مالحظة: هـ.1407 عام لبنان بيروت العلوم دار في المطبوع الكتاب حسب يكون الصفحات * ترتيب

)) ((. بين ما جعلت أضيفت التي * العناوين

الفقهالمائة بعد السادس الجزء

1

2

الفقهاإلسالمي الفقه في استداللية موسوعة

المائة بعد السادس الجزء

العظمى الله آيةالشيرازي الحسيني محمد السيد

ظله دام

السياسة كتابالثاني الجزء

3

السادسة الطبعةم1987 ـ هـ1407

العلوم: طباعة. نشر. توزيع. دار اللبناني البنك مقابل العبد، بئر حريك، العنوان: حارة

الفرنسي

4

السياسة كتابالثاني الجزء

5

الرحيم الرحمن الله بسم

الحمد لله رب العالمين، والصــالة والســالم على أشــرف خلقــه سيدنا محمــد وعلى آلــه الطيــبين الطــاهرين، واللعنــة الدائمــة على

أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

6

الثالث والقوى الدولة اســتقر رأي جماعــة من السياســيين على أن(:ــ 28)مســألة

المؤسسات السياسية في الدولة يجب أن تقسم إلى ثالثة أقسام:( القوة التشريعية.1( القوة التنفيذية.2( القوة القضائية.3

))القوة التشريعية المقننة((ــات فالقوة التشريعية: عبارة عن الذين تنتخبهم األمة في انتخاب حــرة ليكونــوا نــوابهم في جعــل القــوانين الصــالحة، ألجــل رفــاههمــها ــدرات نفس ــيطرة على مق ــة مس ــون األم ــذلك تك ــدمهم، وب وتق

بواسطة نوابها. حيث إن األمة غالبــا ال تقــدر على التشــريع المباشــر، وإن كــان

ربما يمكن ذلك بصعوبة كما في اإلنتاج. ويقول بعض السياسيين بإمكــان تشــريع األمــة مباشــرة، وذلــك

غــير الجانبيــه ـــ ليســت كثــيرة، فكلمــا رأتـ ألن القــوانين المهمــة الدولة الصــالح، أو رأى المنتخبــون الصــالح في ســن قــانون تجمهــر

كل بلد بلد، إذا كــانت البالد صــغيرة،أو ،الناس، في كل محلة محلة وأدلوا بآرائهم حول القانون، وترفع اآلراء إلى مجلس األمــة، ويقــرر

األكثر صوتا. فيقع الكالم في القوة المقننة في عدة أمور.،وكيف كان

7

وحدة القوة المقننة أم تعددها األمــر األول: في وحــدة مجلس القــوة المقننــة، وفي المســألة

ثالثة آراء: لزوم وحدة القــوة المقننــة، ألن تعــددها يــوجبالرأي األول:

التضارب، باإلضافة إلى عدم الحاجــة إلى تعــدده، ألن مجلس األمــة نــواب لألمــة انتخبــوا بمأل إرادتهــا فقــولهم قــول األمــة، وتشــريعهم تشريع األمة، فلماذا الحاجــة إلى مجلس ثــان، ثم كمــا ال حاجــة إلى

المجلس الثالث كذلك ال حاجة إلى المجلس الثاني.ــات ــزوم وحــدة المجلس بين الحكوم ــرق في ل ــذا ال ف وعلى ه الفدرالية والحكومــات الواحــدة، فــالالزم أن تالحــظ كميــة الجمعيــة مطلقا، ويجعل لكل فئة منها مائــة ألــف أو مليــون أو أكــثر أو أقــل، نائب في مجلس التشريع، أو يجعل لألكثر صوتا بــدون تعــيين العــدد

حق النيابة. حــق خمســةمثال إذا كــان للمليــونوهكذا إلى العدد المطلوب،

غــيرهم، ولــو كــان هنــاك عشــرون هم األكــثر صــوتا منفالخمسةــاز أ ــحا ح ــعين،مرش ــر تس ــوت واآلخ ــة ص ــدهم مائ ــازح إلى أن ح

.للخمسة األولعاشرهم عشرة أصوات فالفوز حينئذ العــبرةاألصوات، قد تكــون: إنه قد تكون العبرة بعدد والحاصل

وكــل نــوع من االعتبــارين جــار في بعض البلــداناألصوات، باكثرية الديمقراطية.

لزوم تعدد القوة المقننة، والتعدد له أشكال:الرأي الثاني: : شكل االنتخاب في كال المجلسين من قبل األمــة، وذلــك ألن1

يكون نضج الحكم المشرع أكثر، حيث يشرف المجلس الثــاني على مالئم أوقفهمن المجلس األول حكم غير وإذا خرج المجلس األول،

المجلس الثاني، وحيث تكون الرقابــة بين المجلســين يكــون الحكم كما يقف ،المقنن أكثر نضجا وصالحا لألمة

8

المجلس أمام طغيان المجلس األول.ــل2 ــاني مجلس األعيــان من قب ــاب المجلس الث ــكل انتخ : ش

الســلطة التنفيذيــة أو من قبــل الملــك، وذلــك حيث ينتخب أحــدهما جماعة من عقالء القوم وكبار الســن المجــربين منهم، ويكــون هــذا

المجلس كالمجلس االستشاري للسلطة التنفيذية أو الملك. وقـــد ينتخب بعض هـــذا المجلس األمـــة، وبعض هـــذا المجلس السلطة التنفيذية أو الملك حسب المقرر بينهمــا، وقــد يكــون بعض أعضاء هذا المجلس بالوراثة العتبار مــالي أو نحــو ذلــك، وقــد كــان ،مثل هذا المجلس في العراق وإيــران قبــل حكم الجمهوريــة فيهما

كما في بريطانيا وغيرهما.ــذا المجلس3 ــة ه ــلطة التنفيذي ــة أو الس ــاب األم ــكل انتخ : ش

ــات في مثال،الثاني، من جماعة من المثقفين أو الحرفــيين أو النقابــان ــا ك ــا من المنتجين، وفي إيطالي ــان المجلس مركب يوغســالفيا ك

إلى غير ذلك.،مركبا من الحرفيينــاني بين الحكومــاتالرأي الثالث: التفصــيل في المجلس الث

الفدرالية المتشكلة من حكومات متعددة، وبين الحكومات الواحدة، ففي األولى يحتاج األمر إلى المجلس الثاني، فلكل حكومة مجلسه النيابي، وللكل مجلس آخر قــد يكــون الممثلـون فيــه حســب أفــراد

األمة، وقد يكون الممثلون فيه حسب أعداد الحكومة.ــة مجلسمثال ــل والي ــة، فلك ــون والي ــا خمس ــانت إلمريك إذا ك

برلمان، ثم يكون للكل مجلس برلمان مشترك، قد يكون لكل والية عشــرة نــواب بالتســاوي، وقــد يكــون لكــل واليــة حســب أفرادهــا،ــتي فللوالية التي نفوسها عشرة ماليين عدد النواب ضعف الوالية ال

نفوسها خمسة ماليين وهكذا. ،وسيأتي في مســألة واليــة الفقيــه أن األقــرب جمعــا بين األدلة

في الدولة اإلسالمية وجود مجلسين: مجلس

9

األمة ومجلس الفقاهة، حيث تنتخب األمة كليهما بأسلوب مالئمــبرر ــان فال م لمصالح اإلسالم ولمصالح المسلمين، أما مجلس األعي

ومجلس الحرف ونحوه فهو تابع لمجلس األمة.،له

التفكيك بين القوة التشريعية والقوة التنفيذية األمر الثاني: استقالل القوة المشرعة عن القوة المنفذة، وهــذا ما تصر عليه الديمقراطية في الحال الحاضر أشد إصرار، بينما كان

في الزمان السابق خلط بينهما. وذلك ألنه لوال االستقالل التام للقوة التشريعية لسيطرت عليها

أو ال أقــل لم تكن،القوة التنفيذيــة، فكــانت من أدوات الديكتاتورية تقــدر على العمــل الجــاد المســتمر في جــو من المنطــق والعقــل

والمصلحة العامة، وذلك ألمور. : إذا لم يكن استقالل للقوة المشرعة، كانت اللوائح والتنظيم1

وقــد، وبذلك تكــون الديكتاتورية،والتدوين للقوانين خاضعة للمنفذة والــديكتاتور ال يكــون، (1)من ملك استأثرقال علي )عليه السالم(:

ديكتاتورا إال ألن بيده التشريع والتنفيذ. بالمظــالم، ألنهــا إمــا ال تســمح إنمــا تضجوالحكومــات االنقالبية

بمجلس التشريع إطالقا، أو تســمح لكن تحت نظرهــا، ممــا يســقط وإنما تكون آلة بيد الديكتاتور.،القوة التشريعية عن الواقعية

ــد، حيث إن ــزب الواح ــات ذات الح ــال في الحكوم ــذلك الح وكالحزب الواحد يسيطر على المجلس فيفعل ما يشاء.

ولــذا فــأي مــبرر لالنقالب العســكري والحــزب الواحــد ليس إالخداعا يخفى وراءه الديكتاتور، وقد كان )ماو( يقول

.160( نهج البالغة: الحكمة ?)110

قبل وصوله إلى الحكم: دعوا ألف زهــرة تتفتح، وألــف مدرســة تفتح. لكن لما وصل إلى الحكم بحزبــه الواحــد، أوصــل الصــين إلى أسفل سافلين، مما أعاد االستعمار الغربي إلى بالده فورموتــه بعــد

ثالثين سنة من حكمه. وكان بكــر العــراق ينتقــد تصــرف الدولــة قبلــه إذا أفــرطت في دينار، أو سجنت إنسانا، ولما وصل إلى الحكم بحزبه الواحد، ضجتــل العراق بالمظالم بما لم يشاهد مثله منذ أيام نمرود، باســتثناء مث

.قتل اإلمام الحسين )عليه السالم(ــال ــابق وفي الح ــيرة في الس ــة الكث ــك من األمثل ــير ذل إلى غ

الحاضر. : إذا لم يكن استقالل للقــوة المشــرعة يكــون مواعيــد انفتــاح2

المجلس وغلقه وما أشبه ذلك بيد القوة المنفــذة، ومن الواضــح أن في مثل هذا الحال ال فعالية للقوة المشرعة، حيث إنها كلما أرادت تشــريعا ليس في صــالح الــديكتاتور أغلــق المجلس أو عطلــه، كمــا

فيفعل ذلك )محمد علي شــاه( و)البهلــوى األول( بمجلس األمــة، يفعله )أتــاتورك( بمجلس تركيــا، وإلى غــير ذلــكإيران، وكذلك كان

من األمثلة القديمة والمعاصرة. : إذا لم تكن حصــــانة للقــــوة المشــــرعة، وهي نــــوع من3

ــة،،االستقالل تمكن القوة التنفيذية من عقوبة كل عضو ينتقد الدولــاطات ــة، وللحــد من نش ــالح األم ــانون لص ــع ق ــر على وض أو يصــة لألعضــاء، الديكتاتور، واألمثلة كثيرة في معاقبة الدول الديكتاتوري بما أخفها سحب الجواز، وأشدها اإلعدام، مرورا بالسجن والتعــذيب

وهتك العرض ومصادرة األموال. : وقد كان من أسباب خــوف القــوة التشــريعية من التنفيذيــة،4

حيث كــان ألفــراد،إقالته عن وظيفته فيما كانت له وظيفة حكومية وقد كــانت التنفيذيــة تجعــل ذلــك،القوة التشريعية وظائف حكومية

سيفا مسلطا على العضو، والعضو خوفا من قطع راتبــه الــذي كــانيعيش به لم يكن يجرؤ على التشريع أو االقتراح الذي ال ترضى

11

به الدولة، فجاء نص القانون على حظــر الجمــع بين الوظيفــتينــريع ألعضاء البرلمان، حيث يهدد ذلك استقالله في إبداء الرأي وتش

القانون. : وحاولت بعض السلطات التنفيذية الحيلولة دون نشــر أخبــار5

مجلس األمة حيث يكون فيه النقد للحكومة، حيث إنه يوجب توعيــة الناس، والحد من ديكتاتورية التنفيذية، ولذا قــرر القــانون اســتقاللــق ــف وســائل اإلعالم، حيث ال ح ــاره بمختل المجلس في نشــر أخب للسلطة التنفيذية في الوقوف دون ذلك، فإذا كانت الئحة في صالح األمة يجب أن تنفذ، وإذا كان نقد للدولة فعلى الدولــة أن تكــف عن

مقنعا.عملها، أو تجيب جوابا فالالزم تشــريع إرادة األمــة على ألســنه نوابهــا:،وعلى أي حال

المجلس، وتنفيذ ذلك التشريع على أيدي خدامها: الحكومــة، فلمـاذا ال تعرف األمة ما يدور في المجلس، ومــا المــبرر في عــدم معرفــة

األمة ما يفعله بائبها أو خادمها. : وقد قررت بعض القوانين لمزيد االستقالل واإلنتــاج، مجانبــة6

أعضاء البرلمان لكل نوع من أنواع العمل، ألن ذلك قد يوجب نقصــغط على العضــو، ــه الض ــل يمكن ــتقالل، حيث إن طــرف العم االس

إذا كانفيكون ذلك من وسائل الدولة في الضغط على العضو، مثالــو ــغط على العض ــة الض ــدة، أمكنت الدول ــررا في جري ــو مح العض بواسطة إدارة الجريدة وهكذا. أما أن العمل يحد من نشاط العضــو

في صالح األمة فمما ال شك فيه.7 ــائب راتب من بيت المــال،،: وأخــيرا لم يكن في الســابق للن

وكان ذلك يعني عدم تمكن الفقير من ترشيح نفسه، حيث إن نيابته وكـان ذلـك يقـف دون تمكن األمـة من،كـانت تمنعـه عن االرتـزاق

تحييد المجلس حسب إرادتها، الضطرارها إلى انتخاب غــير الفقــير، ولــذا شــرع قــانون وجــوب،وفي ذلــك صــدمة الســتقاللية المجلس

إعطاء الراتب للعضو.

12

))اإلسالم والقوة المشرعة((أما رأي اإلسالم في هذه األمور فـ :

( البد وأن تكــون القــوة المشــرعة ـــ أي المــؤطرة والمطبقــة1ــوانين اإلســالمية المســتقاة ــة األربعةللق ، في إطــار يالئمعن األدل

التطبيق في كل زمن زمن ـ تعمل بكامل استقاللها في التقنين. ( وتعمل بكامل استقاللها في مواعيد انفتاح المجلس وانغالقه2

وعطالتــه ومــا أشــبه ذلــك، ألنهم وكالء األمــة الجــامعون للشــرائط النـــاس مســـلطون على أمـــوالهم و، فال واليـــة عليهم،اإلســـالمية

.(1)وأنفسهم ( والقوة المشرعة محصنة إذا لم تخالف اإلسالم، وإذا خالفت3

لزم إعطاؤها عقوبتها الشرعية، وإذا اختلفت في أنها خــالفت أم ال،كان القضاء المستقل تماما والعادل كامال المرجع في التشخيص.

( وال مانع من جمــع العضــو بين العضــوية والوظيفــة، وال حــق4 للدولة في إقالتــه إال بســبب مشــروع يقبلــه المجلس، أمــا إذا كــان عمله اآلخر ينافي نيابته عن األمة فالالزم أن يترك أحدهما، ألنه حر

في انتخابه أي العملين، كما أن األمة حرة في إبقائه أو إقالته.( وأخبار المجلس يجب أن تنشر حسب الموازين الشرعية.5 ( وقد عــرفت حكم عمــل العضــو من الــذي ذكرنــاه في البنــد6

الرابع.ــه، ولمــا7) ( أما الراتب من بيت المال فيصح ألنه من سبيل الل

ورد في ارتزاق القاضي من بيت المال، وقد ذكرنا تفصيل ذلــك في والله سبحانه العالم.،كتاب )القضاء(

.272 ص2( راجع بحار األنوار: ج?)113

وجود اللجان المختلفة في مجلس األمة يجب أن تكــون في داخــل مجلس األمــة تجمعــاتاألمر الثالث:

وكتل، تنقسم في أقسامها األولية إلى: ( تجمعات دائمة، أمثال الكتلــة االقتصــادية، والكتلــة الثقافيــة،1

والكتلة القضائية. ( تجمعات غير دائمة، وتلــك بالنســبة إلى األمــور الــتي تحــدث2

في وقت كارثة أو حرب أو أزمة أو ما أشبه ذلك. والـواجب على المجلس أن يجمـع حــول نفسـه المثقفين وذوي

وفرع الزراعــة،، كفرع التجارة،االختصاص، ويجعل لكل مهمة فرعا وفرع الصناعة، وفرح السياحة، وفرع األقليــات، من غــير فــرق بين أن تكون األقلية قومية أو دينية أو لغوية أو غيرهما، كما ال فرق بينــا لهم ــات غالب ــائب في المجلس أم ال، إذ األقلي ــة ن ــون لألقلي أن يك

مشكالت بحاجة إلى الحلول. وقد ذكرنا في كتب )الجهاد( و)القضــاء والشـهادات(، و)الحــدود والتعزيزات( طرفا من المسائل المرتبطة باألقليات، ورجحنــا هنــاك أن ال فرق بين أقسام الكفار في أنــه يصــح أن يــدخلوا تحت حمايــة اإلسالم إذا التزموا بالموازين للمواطنة الصالحة، كمــا فعــل رســول

حيث إنهم لمــا،الله )صلى الله عليــه وآلــه( بمشــركي مكــة وغيرها.ألقوا السالح عمل معهم أحسن عمل عرفه التاريخ

))األقليات((وبهذا تبين أن األقلية االصطالحية على قسمين:

وهـــذا ال يســـمى أقليـــة، بـــل كـــل،األول: من يكـــون مســـلما المسلمين متساوون في الحقــوق والواجبــات، من غــير تفــاوت بين

األلوان واللغات والقوميات وغيرها. وهذا القسم يســمى في االصــطالح،الثاني: من ال يكون مسلما

اإلسالمي

14

ـراه في﴿ إذ ،بالـذمي، وهـؤالء يـتركون وشـأنهمأو ،باالقلية ال إكــروا،(2)﴾لكم دينكم ولي دين﴿ و،(1)﴾الدين ولهم شعائرهم إذا لم يظه

ــوا قضــاتهم أو قضــاتنا، وأحــوالهم ــاكير، ويحــق لهم أن يراجع بالمن الشخصية تجري حسب مــا عنــدهم، فال يجــبرون على اتبــاع فقهنــا،

.(3)ألزموهم بما التزموا بهويجرى في حقهم قانون لكن إذا رأى المسلمون الصالح في دخــولهم في مجلس األمــة،

ــون لهم إال ــير ال يكـ ــوكليهم من غـ حـــق التصـــرف في شـــؤون مـ المسلمين، كما لهم المطالبة بمـا هــو حقهم في الدولـة اإلسـالمية، من حفظ النفس والمال والعرض، وما جعــل اإلســالم لهم من حــق

في قبال ما يؤخذ منهم من المال. أما األقلية السياسية، وهي عبارة عن تجمع األقلية، والتي يجب

أن الدولـة لإلسـالم، ألن المفـروض في اإلطار اإلسـالمي،أن تكون كمــا،فلهم حق نقدهم واجتهادهم، ومعارضــتهم في إطــار النصــيحة

بـالمعروف والنهي واألمر،(4)الـدين النصـيحةقال )عليه السـالم(: عن المنكر، والمعاونة على البر، والمشورة.

أشــيرواأيهــا النــاسوفي الحديث عنه )صلى الله عليه وآلــه(: كمــا ورد في، وتقدم قول علي )عليه السالم( في المشــورة،علي

خـــير اإلخـــوان من أهـــدى إليحـــديث عنهم )عليهم الســـالم(: إلى غير ذلك مما سنذ كره إن شاء الله تعالى.،(5)عيوبي

وال يخفى أن الحقوق المــذكورة ثابتــه حــتى لألفــراد، وال تختصباألقليات السياسية، إلطالق أدلتها.

.256( سورة البقرة: ?)1.6( سورة الكافرون: ?)2.2 من أبواب ميراث الجد ح3 الباب 598 ص17( الوسائل: ج?)3.7 من فعل المعروف ح35 الباب 595 ص11( الوسائل: ج?)4.1 من العشرة ح24 الباب 32 ص18( الوسائل: ج?)5

15

الحكومات وأنواع التنفيذية القوة ذكرنا في المســألة الســابقة القــوة التشــريعية(:ـ 29)مسألة

واآلن نذكر شيئا من شؤون،من القوى الثالث السياسية في الدولة القوة التنفيذية، وهي القوة التي تتكفل اإلجراء، وال ترتبط بالتشريع

إال نادرا، كما يأتي بيان النادر في مسألة تفكيك القوى الثالث.والصور التي تتصور في القوة اإلجرائية اثنتى عشرة صورة:

ــنين ــد، أو اث ــد واح ــون الحكم بي ــثر،هي أن يك ــل من، أو أك وكــا األقسام الثالثة إما بالوراثة أو باالنقالب أو باالنتخاب، واالنتخاب إم من قبل األمة أو من قبل المجلس، ونحن نذكر من هذه الصــور مــا

هي اآلن واقعة في الخارج.

))الملكية الوراثية(( ( أن تكون القــوة اإلجرائيــة بالملوكيــة الوارثيــة، وليس المهم1

ــيغة،اســـم الملك ــا المهم هـــذه الصـ ــون باســـم، وإنمـ ــد يكـ إذ قـ )السلطان( أو )األمير( أو )الخليفــة( أو )الشــيخ( أو مــا أشــبه ذلــك،

.كما في الخلفاء في اإلمارات المطلة على الخليج كما أن اإلرث قد يكون في األوالد، وقد يكـون في القبيلـة، كمـا

إذا مات أحدهم ورثه ابن عمه أو ما أشبه ذلك. من ملــك فــإن ،والغالب أن ترافق هذه الصورة حالة االستبداد

، لكن ال مالزمة، إذ(1)كما قاله أمير المؤمنين )عليه السالم( استأثر

.160( نهج البالغة: الحكمة ?)116

، ويكون حسب رضى األمة.من الممكن أن يكون الملك عادالــذا ورد في القــرآن الحكيم: ــد بعث لكم طــالوت﴿ول ــه ق إن الل

ومن الواضح أنه إذا كان بـأمر اللـه سـبحانه اليكـون لألمـة،(1)﴾ملكااالختيار.

موك فيما شجر بينهم﴿قال تعالى: ى يحك ك ال يؤمنون حت فال ورب موا تسليما .(2)﴾ثم ال يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسل

ال شــك أن الــذي ينتخبــه اللــه إلدارة األمــة يكــون في قمــةنعم العدالة، وإنما قولنــا )إلدارة األمــة( فهــو إلخــراج المنتخب لالنتقــام،

ـادا﴿كما هو قول بعض المفسرين في قوله سبحانه: ـ بعثنا عليكم عب نا أولي بأس شديد فجاسوا خالل الديار وكان وعدا مفعوال .(3)﴾لــال﴿كمــا ورد ذكــر الملــك في آيــة أخــرى قــال ســبحانه: وإذ ق

ـاء ـه عليكم إذ جعـل فيكم أنبي موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمـة الل ، أمــا مــا ورد(4)﴾وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين

ــوا﴿ :في القــرآن دوها وجعل ـة أفسـ ـوك إذا دخلــوا قري قـالت إن الملة ة أهلها أذل ، فهو عام مخصص كسائر العمومات.(5)﴾أعز

ــة غــير ــة في بعض األزمــان ملوكي وربمــا كــانت القــوة التنفيذيوراثية، فكان إذا مات الملك انتخبــوا ملكا آخــر مكانــه، وكــان ملكــا

إلى آخر العمر. وقد ظهر مما تقدم أن الخالفة األموية والعباسية والعثمانية وما

أشبه لم تكن إال ملوكية

.247( سورة البقرة: ?)1.65( سورة النساء: ?)2.5( سورة اإلسراء: ?)3.20( سورة المائدة: ?)4.34( سورة النمل: ?)5

17

ــذا ــا، ول ــة لم تكن على واقعه ــم الخالف ــة، وتســميتها باس وراثيسميت في األحاديث بـ )الملك العضوض(.

))الملكية الرمزية(( : أن تكون القوة اإلجرائيــة بالســلطنة المشــروطة، فيكــون2)

الملك السيد المطلق، ولكن ال تنفذ األحكــام الــتي يريــد تنفيــذها إالــ إذا كــان ــل األمــة، وفي هــذه الصــورة ـ بموافقــة المجلس من قب

ــريعية هي واقعية ـ ال يكون الملك إال رمزا، وإنما تكون القدرة التش السيدة في البالد، وبريطانيا الحاضرة حالها هكــذا حيث نجــد الملــك وهو رمز، وإلى جانبه القوة التشــريعية في البالد والقــوة التنفيذيــة، لكن ال وجه في الحقيقة لهذه الملوكيــة، بــل الالزم أن تنسـحب من الميدان بعد أن لم يكن مبرر لبقــاء الملــك، بــل هــو إرهــاق لخزانــة

األمة. في إيــران، حيثوأما إن لم تكن واقعية، كما في أيام البهلويين

ــاتورا، والمجلس لم يكن إال ــان ديكت ــك ك ــة، إن المل صــورة ديكوري وعلى هــذا فصــورة الجمــع بين.فــالمجلس ليس لــه أمــر وســلطة

الملك والمجلس، ليست إال كالجمع بين الحجــر واإلنســان، أحــدهمازائد ال فائدة فيه.

تعــالى حكايــة عنبين األمرين بقولهوقد استدل بعضهم للجمع ــرا﴿بلقيس: ــة أم ها المأل أفتوني في أمري مــا كنت قاطع قالت يا أي

ــك ى تشهدون، قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد واألمــر إلي حتــأمرين هم حيث استشــارتهم الملكــة، وأرجعــوا ،(1)﴾فــانظري مــاذا ت

بعد إعطائهم لهــا وجــه الــرأي، لكن فيــه إن قــولهم ليساألمر إليهاــل استشــارت الملكــة ــة استشــارية، ب حجــة، ولم تكن القــوة ملكي

.يكن األمر مشروطةوزراءها، فلم

))انتخاب القوة التنفيذية(( ( أن يكون رئيس القوة التنفيذية باالنتخاب، فقد يكون انتخابه3من

.33 ـ 32( سورة النمل: ?)118

قبل األمة مباشرة، كما في رئيس إمريكا، ورئيس فرنسا، حيث إن الشــعب مباشــرة ينتخبونــه، لكن ال يحــق للــرئيس اتخــاذ القــرار بدون مشاركة المجلس التقنيني، بل الكــونجرس وغــيره دخيــل في

.قرارات الرئيس وناظر على أعماله وحاصل ذلك أن األمــة تتصــرف في شــؤون نفســها بإشــرافين،

إشراف الرئيس المنتخب وإشراف المجلس المنتخب. وقــد يكــون انتخابــه بواســطة جماعــة خاصــة، مثــل مجلس الشورى، أو مجلس األعيان، أو ما أشبه، أو كال المجلســين، وحينئــذ فاألمة انتخبت نوابهــا، ونوابهــا انتخبــوا خــادم األمــة )رئيس التنفيــذ: كرئيس الجمهورية(، وال شك أن لالمة أن تختار إحدى الكيفيتين، إال

أن الكيفية األولى أقرب إلى إشراف األمة على مقدرات نفسها.

((دد الرئيس التنفيذي))تع ( أن يكون الرئيس التنفيذي اثــنين أو أكــثر، والغــالب في هــذا4

النحو من الحكم أن يكون أحد الرئيســين بيــده التنفيــذ وليســت لــهــؤول،مسؤولية والرئيس الثاني يشارك األول في التنفيذ إال أنه مس

أيضا، ويكون أحــدهما رئيس الجمهوريــة، واآلخــر رئيس الــوزراء، أوــا،يكون أحدهما رئيس مجلس الجمهورية، واآلخر رئيس الوزراء كم

.كان في العراق في أيام قاسم، وإن كان األمر صوريا ل عن التنفيــذ وعن إدارة البالدووفي هــذا الحــال يكــون المسؤ

ودوائرها أحــدهما، كــرئيس الــوزراء مثال، وحينئــذ قــد يكــون مجلسالسيادة ذا فرد واحد، وقد يكون ذا أفراد.

ــنين، فيكــون للقــوة ــثر من اث ــذي أك ــرئيس التنفي ــا ال أمــا إذا ك التنفيذية أفراد في مجلس أعلى، مثل مجلس السوفيت األعلى في روســـيا، وكـــذلك في سويســـرا، وإن كـــان أولهمـــا أقـــرب إلى

ــة حــتى في مجلس الســوفيت ــة،الديكتاتوري وذلــك ألن الديكتاتوريعجلة إذا تحركت ال تعرف نظاما وال قانونا وإنما يسود

19

ــل أصــدقائه، ــذا تمكن ســتالين من قت ــاب، ول فيهم شــريعة الغ وبرجــنيف من إقالــة خروشــوف، ففي سويســرا يكــون المجلس األعلى للقوة التنفيذية مركبا من سبعة أشخاص ينتخبون لمدة أربــع

سنوات.

))من عالئم الحكم الدكتاتوري((ــاتوري أو ــه إذا أريــد معرفــة أن الحكم ديكت ويجب أن يعــرف أن

استشاري، يجب أن يالحظ أمران:األول: هل في البلد حزب واحد أو أكثر.

ال الـرئيسـ الثاني: هل أن الـرئيس الـذي بيـده التنفيـذ حقيقـة أكــثرأو الصوري كملكة بريطانيا ـ هل يبدل كل أربع سنوات أو أقل

أم ال. فإن كان البلد ذا حزب واحــد، أو أن الــرئيس ال يبــدل، فــالحكم ديكتاتوري، والناس ال قيمة لهم، وإن كان في البلــد حزبــان أو أكــثر

.والرئيس يبدل فالحكم استشاريــه في بعض ــزاب وعدم ــدد األح ــألة تع ــيأتي الكالم في مس وس

المسائل اآلتية إن شاء الله تعالى.

((ة التنفيذية واالنقالب العسكري))القو ( أن تكون القوة التنفيذية بيــد الــرئيس الــذي جــاء إلى الحكم5

ــا، ــون إال ديكتاتوری ــذا الحكم ال يك ــل ه ــكري، ومث ــاالنقالب العس بوالناس تحت مثل هذا الحكم ال يكونون إال أسوأ من العبيد.

ــل في شــأن االنقالب العســكري فليس إال اســتئثارا ــا قي ومهم ال،بالسلطة بالقوة والسلطة المتكية على القــوة دون اآلراء الحــرة

شرعية لها ال في ميزان العقل وال في ميزان الدين.،هذا مع الغض عن أنا لم نر منذ الحــرب العالميــة الثانية انقالبــا

عسكريا في آسيا وإفريقيا، إال كان انقالب استعماريا.

بقي الكالم في أمرين:))األقرب إلى النظرة اإلسالمية((

ــام ) ــة عن اإلم ــرب إلى االستشــارة والنياب ــهاألول: إن األق علي أن يكون الحكم ذا رتبتين طوال، فتنتخب األمة،في اإلسالمالسالم(

نوابها لمجلس األمة، وتنتخب 20

الفقيه الجــامع للشــرائط، ألن يكــون ســلطة أعلى في الدولــة، وهذان المنتخبان يتعاونان في انتخــاب الســلطة التنفيذيــة، كــرئيس الجمهوريــة إمــا مباشــرة، وإمــا ترشــيحا في عــدد ينتخب الجمهــور

ــه المشــرف االستشــاري األعلى والمجلس،أحــدهم، فيكــون الفقي يقنن ـــ أي يــؤطر القــوانين اإلســالمية ويــرى التطــبيق األليــق لهــا ـ ورئيس الدولة ينفذ، مــع أن يكــون في الدولــة أحــزاب متعــددة، وال فرق بعد ذلك أن تكــون قيـادة الفقيــه على نحــو الجماعيــة والتعـدد

والشورى، أو تكون على نحو الوحدة.وسيأتي تفصيل الكالم في ذلك في مسألة والية الفقيه.

كيف تتوفر الحرية الحقيقية الثاني: إن الحرية الحقيقية ال تكــون لألمــة، إذا لم يتــوفر هنــاك

أمران:( الوعي الكافي لألمة.1 ( عدم وجــود جهــة مزيفــة إلدارة األمــة، كاالقتصــاد المنحــرف2

بسبب رأس المال. وذلــك لوضــوح أن عــدم الــوعي الكــافي يــوجب ســيطرة أهــل المكائد والحيل على األمة، ولــو كــان النظــام ذا أحــزاب وانتخابــات

حرة فيتبدل الرئيس األعلى كل أربع سنوات مرة. كمــا أن منهــاج المــال لــو كــان منحرفــا إلى الرأســمالية، حيث يستغل األثرياء العمال والفالحين والمعلمين ومن إليهم، وذلــك بــأن ال يكون المال إزاء األمــور الخمســة: )العمــل الفكــري، والجســدي،ــه ــاب: الفق ــلناه في كت ــا فص ــروط، كم ــات والش ــواد، والعالق والم

وبذلك يتجمع لدى الرأسماليين المــال الزائــد عن حقهم،،االقتصاد( ،وال يكون التوزيع على األمة توزيعا عادال

21

في تحــوير،فيستعمل فــائض هــذا المــال الــذي جمــع بغــير حق االنتخابات حسب صالح الرأسمالي، وال يكــون حينئــذ حســب صــالح

ــال ــور الم ــون المح ــل يك ــة، والحاص ــعة من،األم ــه بض وعلى قمتــة ــه إرادة األم ــة وعلى قمت ــور األم ــون المح ــماليين، وال يك الرأس

وصالحها. وهذا هو الذي يشاهد في بالد الرأسمالية، وعلى رأسها إمريكــا، حيث إن الحرية الموجودة فيها بانتخابات وتبــدل الــرئيس كــل أربــع

شــكلية، حيث إن الكلمــة الحقيقيــة لجماعــة من سنوات، ليست إال الرأسماليين، ال للشعب، وقد ذكرنا بعض تفصــيل ذلــك في )الفقــه:

االقتصاد(.

22

القضائية القوة تقــدم الكالم حــول القــوة التشــريعية والقــوة(:30)مســألة

.التنفيذية، والكالم اآلن حول القوة القضائيةــا إطالق ــية الثالث، بينم ــوى السياس ــد من الق ــوة تع ــذه الق وه

إذ السياســة،السياسة على هــذه القــوة إنمــا هــو بنــوع من التوسعــدير، بــل المــدير حقيقــة للبالد القــوة معناهــا اإلدارة، والقضــاء ال ي التنفيذية، وإذا أريد مالحظة القوى الثالث، فالتشــريعية شــأنها قبــل التنفيذية، ألن التشريعية هي الــتي تقنن أو تــؤطر، وبعــد ذلــك يــأتي

دور التنفيذية لتدير البالد حسب تلك التشريعات.ــراد وأما القضائية فهي تتدخل في موارد النزاع، ســواء بين األف أو المنظمات في دولة، أو بينهما وبين الدولة، أو بين الــدول، ألجــل أن تقــول كلمتهـا في أن القـانون الـذي صـدق عليــه التشـريع مــاذا

يقتضي، وبذلك يفصل بين الدعاوي.

في اإلسالمطة القضاء بسا وقد كانت )القوة التشــريعية( في اإلســالم متمثلــة في الفقهــاء الــذين يســتنبطون األحكــام من األدلــة األربعــة، و)القــوة التنفيذيــة(

متمثلة في الدولة ممن يسمى بالخليفة

23

أو غيره، و)القوة القضائية( متمثلـة في القضــاة الـذين تخرجــواعلى أيدي الفقهاء.

ــم من ــذا القس ــزم ه ــالم ال يل ــابقا أن في اإلس ــدم س ــد تق وقاالنفكاك، الذي يشاهد اآلن بين القوى الثالث.

كما أن القوة القضائية في اإلسالم كانت لها صـالحيات واسـعة، فالذي جعل في القانون الحــديث دوائــر، كــانت في اإلســالم ضــمن

ــرة القضــاء، من األوقــاف ــام وســائر القاصــرين،دائ ، وأمــوال األيت والحدود والديات والقصاص، واألحــوال الشخصــية ومــا أشــبه ذلــك، والسبب في ذلك بساطة الدوائر اإلسالمية، حيث تعددت في الدول

الحديثة، وقد كان وجه تلك البساطة أمران:ــااألول: إن اإلسالم يربي األمة على خوف الله والفضــيلة، مم

ــيلة يقلالن ــتزام الفض ــان وال ــاء، إذ اإليم ــاج إلى القض ــل االحتي يقل الجــرائم والمنازعــات ومــا إلى ذلــك، ولــذا نــرى مدينــة ذات أربعــة ماليين ـ كمــا يقــول بعض المــؤرخين ـــ مثــل الكوفــة يــدير شــؤونها

القضائية رجل واحد فقط. إن اإلســالم ال يعــرف االلتــواء في قوانينــه، إذ قــوانينالثاني:

كما ألمعنــا إلى ذلــك اإلسالم وضعت ألجل اإلنسان، ال ألجل المادة،ــانية، ــالمية إنس ــوانين اإلس ــون الق ــذلك تك ــابقة، وب ــألة س في مس والقانون اإلنساني المتحــري للحقيقــة ال يكــون فيــه التــواء، وإذا لم

كمــا فصــلنا الكالم يكن التواء لم يحتج األمور إلى كثرة المــوظفين،حول ذلك في جملة من كتبنا اإلسالمية.

ى الثالث(())مهام القوــة، ــع من ناحي ــظ المجتم ــريعية تالح ــالقوة التش ــان ف ــف ك وكي والمنظمات واألحزاب والدوائر من ناحية ثانية، فتضــع لهــا القــوانين المالئمة، الكفيلــة بســالمتها وتقــدمها، وفي اإلســالم حيث القــوانين

موضوعة من قبل الله سبحانه فالقوة التشريعية تعمل أمرين:

24

: استنباط القوانين المالئمة من األدلة األربعة.1: تفهم كيفية تطــبيق القــوانين المســتنبطة على الخــارج، مثال2

في بــاب االقتصــاد يســتنبط المجلس كيفيــة االقتصــاد في اإلســالم، وهــل أنــه رأســمالي أو شــيوعي أو اشــتراكي أو تــوزيعي أو قســم

وبعــد هــذا،خــامس، وهــو مــا ذكرنــاه في كتــاب )الفقــه: االقتصــاد( االستنباط يأتي دور التطبيق، وأن هذا المــيزان كيــف يمكن تطبيقــه في المعمل، فأي قدر من النتائج للمعمل، ولرأس المال، وللعامــل،

وللمدير، وهكذا. والقوة التنفيذية توفر األجواء المالئمة لتنفيــذ تلــك القــوانين، أو

ــوانين التنفيذية ــوظفين واإلدارات، وتشــرع الق ــل الم ــق،تجع وتطبــارج، مثال ــريعية على الخ ــوانين التش ــلالق ــالت تجع وزارة المواص

المــوظفين المراقــبين للطــرق، وتجعــل قــوانين للمــرور، وتشــرع عقوبــات للمخــالف، كــل ذلــك مســتقى من قــوانين مجلس األمــة،

بينمــا قــوانين،فقوانين المواصالت في الدرجة الثانيــة من القــوانينمجلس األمة في الدرجة األولى.

أما القوة القضــائية، فهي تنفــذ قــوانين مجلس األمــة في حقــل خاص، هو حقــل المنازعــات، فيمــا إذا راجعهــا المتنــازعون، أو كــان األمر يتطلب تــدخل القضــاء ألنــه من صــالحية االدعــاء العــام، ولــذا كــانت القــوة القضــائية كــالقوة التنفيذيــة في جعــل المــوظفين واإلدارات الخاصة بالقضاء، وتشريع القوانين المرتبطة بهذا الشأن،

بشرط أن تكون تلك القوانين مستقاة من قوانين مجلس األمة. وقـد سـبق الفـرق بين سـعة دائــرة القضـاء اإلسـالمي، وضـيق دائرة القضاء على األسلوب الغربي، وبهذا تبين أن القــوة القضــائية

وما،في اإلسالم تشمل أمثال األحوال الشخصية والحدود واألوقافإلى ذلك.

ثم إن القوة القضائية في بعض البالد الغربية تهتم بموضوع آخر باإلضافة إلى المنازعات، وهو التوفيق بين القــانون األساســي للبالد

ــد المجلس وضــعها ــتي يري ــوانين ال ــانون،وبين الق ــذلك بين الق وكاإلساسي وبين إجراءات

25

يقول: كل إنسان حــر في أن يتصــرف في مالــه وفي،الدستورنفسه بما ال يضره وال يضر اآلخرين.

ــازة ــة، بإج ــذه الحري ــتفادة من ه ــد االس ــة تري ــوة التنفيذي والق مصارعة الثيران، فالقوة القضائية تأتي لتنظر هــل أن هــذا اإلجــراء

، في األول منعهيالئم المستثنى أو المســتثنى منــه، فــإن كــان داخال إلى غير ذلك من األمثلة.، في الثاني أجازهوإن كان داخال

وفي الحقيقة إن هذا العمل من القوة القضائية، عبارة عن حــل النزاع بين القــوة التشــريعية والقــوة التنفيذيــة، ألنــه مالحظــة أن ال تخالف القوة التنفيذية القوة التشريعية، وعليه يشكل القضاء شعبةــوتين ــة بين الق ــذه المنازع ــير في ه ــع األخ ــون المرج ــة، لتك خاص المـــذكورتين، ويعين لهـــذه الشـــعبة أقـــدر الخـــبراء المحنكين في

القوانين وفصل المنازعات.

كيفية نصب القضاةــة اإلســالمية هيعــرفت أن أعلى ســلطة فيوحيث قــد الدول

ســلطة الفقيــه الجــامع للشــرائط المنتخب من قبــل أكثريــة األمــة، فالالزم أن يكون نصب قضاة هذه الشعبة القضائية بيد الفقيه، لكن

أو يعين بعضــهم الفقيــه،األفضل أن يكــون مــع استشــارة المجلس وبعضهم المجلس، ويكون النظر ألكثرية اآلراء، كما إذا كانوا خمسة

أو سبعة مثال. وقــد تعرضــنا في كتــاب القضــاء أنــه ال مــانع من تعــدد القضــاة وحكمهم بأكثرية اآلراء، بــل هــذا هــو األقــرب في القضــايا المهمــة،

حيث إن الشــورى قاعــدة عقليــة، قررهــا،أمثال عمل هذه الشــعبةوإطالق أدلة وإجماعا، اإلسالم كتابا وسنة

26

الشـورى يشـمل المقـام، بـل يشـمله المنــاط في قولــه )عليـه بل والمنــاط واإلطالق في،(1)خذ بما اشتهر بين أصحابكالسالم(:

استشــارات الرســول )صــلى اللــه عليــه وآلــه( وأقــوال علي )عليــهكما تقدم. الصالة والسالم(

وبعــد ذلــك يســهل األمــر في أن القضــاة الــذين يعينــون لهــذه الشعبة، يكونون دائمين أو موقتين، فإن الخصوصــيات يعين حســب

رأي الفقيه القائد والمجلس. ال إشكال في لزوم أن يتوفر فيهم العلم والعدالة والخــبرة،نعم

وغير ذلك من الشروط اإلسالمية. والظــاهر أن هــذا النــوع من القضــاء داخــل في إطالقــات أدلــة القضاء، فال حاجة إلى القــول بــأن هــذا النــوع يفهم من منــاط أدلــة

القضاء. وجه ما ذكرنــاه أن التعــارض بين القــانون األساســي والقــوانينــانين أو ــارض بين حقين إلنس ــه إلى التع ــع في حقيقت ــة يرج الثانوي

ألدلــةلجمــاعتين، وإعطــاء الحــق إلى مســتحقه بالقضــاء مشــموال وبين،القضاء، وأي فرق بين الفصــل عنــد منازعــة حقين شخصــيين

الفصل عند منازعة حقين تقمصتهما شخصيتان حقوقيتان.ــة، مثال ــك المنازعــة بين مختلــف أجهــزة الدول ــل ذل طلبتومث

ــر الشــؤون إعطــاء ــاد في المحــل الفالني، وأراد وزي جماعــة فتح ن اإلجازة استنادا إلى قانون الحريات اإلسالمية، وأراد وزيــر البلــديات

ــانون ــتنادا إلى ق ــع اس ــررالمن ــادي،(2)ال ض ــاء الن حيث إن ضوض يسلب راحة المارة أو الجيران، فمنــع هيئــة القضــاة لهــذا الــوزير أو ذاك، يرجع بالنتيجة إلى تــرجيح حــق المــارة أو حــق الطــالبين لفتح

،النادي صحيح أن الوزيرين يتنازعــان في شخصــيتهما الحقوقيــة، إال أن الشخصية الحقوقية راجعة باآلخرة إلى الحق الفردي، كما تقــدم

الكالم في ذلك.

.2 من صفات القاضي ح9 الباب 185 ص3( مستدرك الوسائل: ج?)1.651 ح147 ص7، والتهذيب: ج8 ح292 ص5( الكافي: ج?)2

27

بين القوة القضائية والقوة التنفيذية لها حقــوق بالنســبة إلى القــوة التنفيذيــة،ئية ثم إن القوة القضا

هي ألجــل اســتقالل القضــاء وتــوفر اإلمكانــات لهــا لتعمــل حســبالعدالة التامة، وهي:

1 ــان، إال : ال يحق للقوة التنفيذية نقل القضاة من مكان إلى مك لتعرض كـل قــاض ال يطيــع القـوةحسب القوانين الدقيقة جدا، وإال

التنفيذية في أوامرها إلى النقل، لتــأتي التنفيذيــة مكانــه بمن يطيــعــلتا على رأس ــيفا مص ــة س ــل للتنفيذي ــق النق ــون ح ــا، ويك أوامره القاضي، وبذلك ال يتمكن من إجراء العدالة في القضــايا الــتي تــدير

التنفيذية طرفا من أطراف القضية المتنازع فيها.ــرائط2 ــان والشـ ــال والمكـ ــير المـ ــة توفـ : يجب على التنفيذيـ

المالئمة للقاضي ومن إليــه، ليتمكن القاضــي من اســتفراغ الوســع أو بين،في تحري الحق في كافة القضايا، ســواء كــانت بين النــاس

أو بين الدولــة وبين،النــاس والدولــة، أو بين المنظمــات واألحــزاباألحزاب والمنظمات، أو بين الناس واألحزاب والمنظمات.

: يجب على التنفيذيــة تنفيــذ آراء القضــاة المتعلقــة بفصــل3 المنازعات، واذا تكاســل بعض موظفــط التنفيذيــة من التنفيــذ تجب عقوبته بماقرره اإلسالم)اوالقانون في الدولة غير اإلسالمية( وااللم

يكن ضمان الجراء العدالة. بــأن تصــدر،: ال يحق للتنفيذية أن تتدخل في شــؤون القضــاة4

كــان ذلــك نقضــا للعدالــة وتجميــدا لفعاليــةإليهم األمر والنهي، وإالالقضاء.

علىأ: يجب أن يكــون كــل أفــراد األمــة بمــا فيهم الــرئيس ال5 للدولة خاضعا للقضاء، فالكل أمام القانون سواء، والقــوة التنفيذيــةيجب عليها إطاعة القضاء فيما يأمر بالنسبة إلى أي فرد أو جماعة. وفي قضايا الرسول )صلى الله عليه وآله( وعلي )عليه السالم(

على للدولة في زمانه، ما يدل على أوكل منهما كان الرئيس ال

28

بمــا يجب أن،احترام اإلســالم للقضــاء وخضــوع كــل األفــراد له.يكون درسا وعبرة

بموافقــة القضــاء، : ال حق للتنفيذية في التعرض ألي شــأن إال6 إذ التنفيذ بــدون القضــاء معنــاه الحكم على أحــد المتنــازعين بــدون

ــاء، مثال ــوع إلى القضـ ــاء القبض علىالرجـ ــرطي إلقـ إذا أراد الشـ إنسان، ال يحق له ذلك إال بعد جلب موافقة القضاء، حيث إن جــوهر

وتقــديم أحــد،القضية نزاع بين حــق الشــرطة وحــق ذلــك اإلنســانالحقين على اآلخر بدون الرجوع إلى القضاء خرق لقانون العدالة.

إلى غير ذلك من األمور التي لسنا نحن بصددها اآلن. وقد قرر بعض القــوانين عــدم الحــق للقاضــي في االنتمــاء إلى األحزاب والمنظمات السياسية أو ما أشــبه السياســية، ممــا يجعــل

وذلك نقض لحياد القضاء.،القاضي مظنة للتحيز وهذا الشرط في الشــريعة اإلســالمية قــد يمكن أن يســتند إلى بعض األدلة في بعض الحــاالت، مثــل اشــتراط أن ال يكــون الشــاهد

ــه النص،متهمــا ــإذا كــان محظــورا في(1) كمــا دل علي واإلجمــاع، فالشاهد كان أولى أن يكون محظورا في القاضي، فتأمل.

وعلى هذا فلمجلس الشورى أن يقرر هــذا الشــيء، أو لقاضــي القضاة، أو لوزير العــدل، أن يــراعي هــذا األمــر في القضــاة الــذين

يريد استخدامهم.

من الشهادات.32 الباب 287 ص18( انظر: الوسائل: ج?)129

الدولة مهماتــة(:ــ 31)مســألة ــا الثالث التشــريعية والتنفيذي ــة بقواه الدول

ــة( ــان( و)العدالـ ــوق اإلنسـ ــانون( و)حقـ ــراعي )القـ ــائية، تـ والقضـ ومن،و)الرفاهية( و)حسن التدبير( و)رعاية النظام( و)تقديم األمــة(

ــة الصــالحة ــون الدول ــة تتك ــذه المجموع ــة،ه ــون األم وبســببها تكالرشيدة.

))الدولة والقانون((ــة،1 : القانون، فعلى الدولة أن تطبق نصوص القانون على األم

وال تحيد عنها إرضاء لفئة أو للحاكم، وال فــرق في ذلــك بين الدولــةاإلسالمية وبين غيرها.

ففي اإلسالم يجب على الدولة تطبيق القــوانين اإلســالمية على الجميع وإن لم يفهم الحــاكم وجــه القــانون، بــل وإن زعم أنــه غــير

كامل.ــانوي ــانون الث ــك إال إلى الق ــاكم عن ذل ــد الح والالزم أن ال يحي اإلسالمي أيضا، فقد يكون ذلــك القــانون الثــانوي بســبب )قاعــدة الــك من ضرر( أو )قاعدة ال حرج( أو )قاعدة األهم والمهم( أو غير ذل

القواعد الثانوية. الصــالح في،ومنها ما إذا رأى الحاكم اإلسالمي الذي بيده األمر

ــه( العفو أو ما أشبه ذلك، كما عفى رسول الله )صلى الله عليه وآل وعفى، وعفى علي )عليه السالم( عن أهــل البصــرة،عن أهل مكة

ــرةعن سارق، فقال له )عليه السالم( إلى،(1)وهبتك لســورة البقغير ذلك مما ألمعنا إليه في كتب )الحكم في اإلسالم( و)القضاء(

.1 من أحكام األرضين ح72 الباب 120 ص11( الوسائل: ج?)130

و)الحدود( وغيرها. وفي الدولة غير اإلسالمية واجب الدولة تنفيذ القانون، حــتى إذا كان ال ينصف المواطن وال يقـوم على أسـاس من العدالـة، وال يـرد الحقوق إلى أربابها، بــل الالزم الســعي إلســقاط القــانون باســتفتاء الشعب في تبديلــه إلى القــانون الصــالح، وبإثــارة الشــعب إلى حــد الهياج ليعدل المشرعون القانون، وبإصدار الهيئة التشريعية قــوانين

جديدة. وذلك ألن مراعاة القانون أهم من مراعاة األفراد الــذين يطبــق عليهم قانون غير عادل، حيث إن الفوضــى الــتي تــترتب على عــدم

مراعاة القانون أضر من ذهاب حق بعض المواطنين. بل قد نجــد في اإلســالم مثــل ذلــك تقنينــا وتطبيقــا، فيقــال: إن

لكن العــدة تجــري بالنســبة إلى،)العدة( ألجل عــدم اختالط الميــاه العقيم، ضــربا للقاعــدة وتوحيــدا للقــانون، مــع أن في عــدتها ذهابــا

إن لم نقــل بـأن العـدة لمصـلحة احـترام الـزوج أيضـا، وهي،لحقهاموجودة في العقيم.

وفي التطبيق نرى أنــه إذا كــان خــوف ســراية الوبــاء جــاز منــع استعمال أنواع اللبن ومشتقاته، مع أنــه ليس كــل لبن فيــه جــراثيم

وذلك لتقديم مصلحة حفظ الصحة العامة على مصــلحة حــق،الوباءصاحب اللبن في ماله.

))بين روح القانون وصورته((ــورة ــاة )ص ــانون( أو مراع ــاة )روح الق ــة مراع ــل للدول ــا ه أم

القانون( في صورة التعارض بينهما؟قوالن:

األول: لزوم مراعاة روح القــانون، ألن القــانون وضــع لروحــه ال لصورته، كما قال الفقهاء في العمل بالمركوز في ذهن الواقف، إذا

لم يمكن العمل بالوقف مصدرا أو مصرفا. الثاني: مراعاة صــورة القــانون، بحجــة أنــه لــو تــرك األمــر إلى الروح، التسع المجال لكل مخالف للقانون أن يخــالف القــانون بأنــه

رجح روح

31

القانون على صورة القانون، وفســاد ذلــك أكــثر من صــالح روحالقانون.

فــإذا لم تعمــل جهــة من جهــات الدولــة بالقــانون،،وكيــف كــان عــوقبت على ذلــك العقوبــة القانونيــة في دول القــانون، والعقوبــة

والعقوبة قــد تكــون بدنيــة كالســجن،الشرعية في الحكم اإلسالمي والتعزير، وقد تكون ماليــة كــالتغريم، وقــد يجمــع بينهمــا، إال أن منــير المقصر ،مختصات الشريعة اإلسالمية عدم العقوبة الجســدية لغ فبينما ترتب العقوبة المالية حتى للجاهل القاصر كما في اإلتالفات،

على مــا،ال تــرتب العقوبــة الجســدية إال للعامــد والجاهــل المقصرفصل في كتب الحدود والديات والقصاص وغيرها.

نعم قد ترتب العقوبة الجسدية في موارد نادرة، كسجن المتهم كما في حديث عن رسول اللــه )صــلى اللــه عليــه،بالقتل ستة أيام

ــدال رجح ــاك أب ــه(، وذلــك لقاعــدة األهم والمهم، وإذا كــانت هن وآل البدل األنسب بالحرية وبحقوق اإلنسان، مثل أخذ الكفيل الــذي هــو

على ما ذكرناه في كتاب القضاء.،مقدم على السجن

الدولة وحقوق اإلنسان : وحقـوق اإلنسـان هي مسـتقى القـانون، سـواء في اإلسـالم2

أمـــا الـــدول، أو في الـــدول الديمقراطيـــة )صـــورة(،)حقيقـــة(ــا الكالم الديكتاتورية فمستقى القانون فيها رأي الديكتاتور، وال يهمن

حولها، وإنما نذكر األولين فقط. فاإلسالم جعل اإلنسان محور العالم، كما ذكر في آيات مكررة،

ماءقال سبحانه: ماوات واألرض وأنزل من الس ذي خلق الس ﴿الله الكم مرات رزقا ل ماء فأخرج به من الث

32

ر لكم األنهـار خ ـأمره وسـ ر لكم الفلك لتجـري في البحـر ب وسخــاكم هار وآت يل والن ر لكم الل مس والقمر دآئبين وسخ وسخر لكم الشوها إن اإلنسـان ـه ال تحصـ ألتموه وإن تعـدوا نعمت الل من كل ما سـ

.(1)﴾لظلوم كفار ، وخلقتك ألجلي،خلقت األشياء ألجلكوفي الحديث القدسي:

ــك المنتهىومعنى الجملة الثانية تفسير لقوله سبحانه: وإن إلى رب(2)،حيث إن )كــل مــا بــالغير البــد وأن ينتهي إلى مــا بالــذات( كمــا

تقول بذلك القاعدة الفلسفية. وحيث إن القــانون اإلســالمي وضــع ألجــل اإلنســان، فالقاســم المشترك في كل قوانين اإلسالم السياســية واالقتصــادية والعباديــة والجزائية والشخصية هــو فائــدة اإلنسـان، إبقــاء وإنمــاء، ولـذا كــان

أكرمكم، وكان (3)الناس في نظر اإلسالم سواسية كأسنان المشط ،(5)كلكم راع وكلكم مســؤول عن رعيته، وكــان (4)عند الله أتقاكم

ــان ــوالهم وأنفســهموك ــاس مســلطون على أم ــان(6)الن ــذا ك ، ول من ســاوى يومــاه فهــواإلســالم دين الحريــة والكفــاءة والتقــدم، و

، إلى غير ذلك.(7)مغبون

األنظمة الغربية تسحق حقوق اإلنسانــة إال بعــد ــة فلم تصــل إلى الديمقراطي أمــا الدولــة الديمقراطي

أي عــبر القــرنين الســابع،قــرنين من الكفــاح والحــروب والثــوراتعشر والثامن عشر المسيحي،

.34( سورة إبراهيم: ?)1.43( سورة النجم: ?)2.الناس كأسنان المشط سواء وفيه: 379 ص4( انظر من ال يحضره الفقيه: ج?)3.13( سورة الحجرات: ?)4.51 ب184 ص1إرشاد القلوب: ج( ?)5.272 ص2( انظر بحار األنوار: ج?)6.5 من جهاد النفس ح9 الباب 376 ص11( الوسائل: ج?)7

33

ثم بعد ذلك الكفــاح الطويــل، لم يحصــل اإلنســان الغــربي علىمزيجا بأخطاء كبار نلخصها في خمسة: حقوق اإلنسان إال

))أخطاء الديمقراطية الغربية(( تقييد الحريات، فترى الشعوب الغربية مقيدة في أغلباألول:

ــاء والزراعــة والصــناعة والتجمــع شــؤونها، فالســفر واإلقامــة والبن ولمــاذا اإلذن، أليس،وغيرها كلها مقيدة باإلذن والرخصة من الدولة

ذلك تقييدا للحرية. ، و)نريــدها حكومــة(1)وقد ذكرنــا في كتــاب )إلى حكم اإلســالم(

ــة الممنوحــة لإلنســان في ظــل، وغيرهما(2)إســالمية( ســعة الحري النظام اإلسالمي، بما ال يوجد مثلهــا في أي قــانون أو دســتور حــتى في الدســـتور األمـــريكي والقـــانون الفرنســـي، وإن تبجح بهمـــا

.أصحابهما، وغالوا في إطرائها حتى أوجب ذلك، السماح لرأس المال بالتراكم الجائرالثاني:

ــة واالقتصــادية سيطرته على مختلف الشؤون السياسية واالجتماعي وغيرها، فحرية الرجل الغربي وحقوق اإلنسان بالنسبة إليه، مثلهمــا مثل حرية الطائر وحقه وهو في القفص، إنه حر هناك، وله حق في

وهل مثل هذا يسمى حرية وحقا.،داخله الحركة وقد ذكرنا في بعض الكتب االقتصادية ومنها )الفقــه: االقتصــاد( كيف أن رأس المال سلب اإلنسان الغربي سيادته وحريته وحقوقه،

ــق النفسي،بل وحتى صحته وراحته ، فأورثه المرض الجسدي والقل وكتاب )دع القلـق( يكشـف السـتار عن بعض جـوانب هـذا المـرض والقلــق، ولــذا نــدد بــالحقوق القانونيــة والحقــوق السياســية أمثــال

ــلي( ــل( و)هاكس ــرب،)راس ــاء الغ ــد من علم ــير واح ــر غ ــد ذك وق وفالسفته أن )ثــورة فرنســا( والــتي أســموها )كــبرى( اســما بــدون

مسمى، إن الثورة وقفت في منتصف الطريق.

( طبع في بيروت مؤسسة الوفاء.?)1( طبع في إيران دار القرآن الحكيم.?)2

34

أقول: بل الالزم أن يقال: انتكست على عقبيهــا، بينمــا اإلســالم د رأس المــال بمــا ال يتمكن من الطغيــان، وطبقــا لــذلك ال يقــدرقي

رأس المال على تقييد الحريات وتضييع الحقوق. االستعمار للخارج، فحقوق اإلنســان في الغــرب تنظــرالثالث: حالها حال القومية وما أشبه، فليســت لإلنســان وإنمــا،بعين واحدة

للسادة فقط، وال فرق بينها وبين قانون سيادة السادة على استعباد العبيد، ولذا نرى أبشع اســتعمار عرفــه العــالم في تاريخــه مارســتهــا بالنســبة إلى آســيا ــا وإمريكــا وســائر دول أوروب فرنســا وبريطاني

إمــا أخ لــك فيوإفريقيا وغيرهمــا، بينمــا يــرى اإلســالم أن النــاس كما في نهج البالغة. ،(1)الدين أو نظير لك في الخلق

ــة الظلم وال يخفى أن االستعمار للخارج، لم ينحصر في ممارس للخارج، إذ عادت هذه الحالة إلى اإلنسان الغربي نفسه، إذ الملكــة إذا حصلت في اإلنسان لم يميز في موضوع ممارستها بين الغــريب والقريب، حاله حال ســائر الملكــات، وهــذه الملكــة الســيئة وإن لمــارج ــا تنفســت في خ ــل م ــرب بمث ــل الغ ــدر أن تتنفس في داخ تقــل البالد الغرب، إال أنها أظهرت نفسها بشكل أو بآخر بما أضرت أه

وهذا ما ســبب انزعــاج جملــة من فالســفة الغــرب وحكمائهــا،أيضا فنددوا بالممارسات االستعمارية ال في المستعمرات بل في بالدهم

أنفسهم. وللمارســات، رد الفعل للقوانين الموضوعة في الغربالرابع:

والتطبيقات لتلك القوانين حيث إن ذلــك خلــق الشــيوعية ممــا أتت بأبشع الثمار، ومن يعرف داخــل روســيا والصــين وأوروبــا الشــرقية وكوبا وأمثالها، يعرف كيف يهان اإلنسان في هذه البالد، بمــا ال يجــد

له على طول التاريخ المحفوظ، مثيال

.53( نهج البالغة: الكتاب ?)135

والشيوعية وإن أخذت منــذ عشــرين ســنة في النقص ووصــلتــبراء ــة من الخـ ــتى أن جملـ ــزوال، حـ ــراف على الـ اآلن إلى اإلشـ

إال أن،اليقدرون باقي عمرها بأكثر من عشــر ســنوات أو مــا أشــبه إهانة زهاء ربع البشرية في مدة طويلة ـ أكــثر من ربــع قــرن ـــ هي من ســيئات الممارســات الغربيــة، وقــد كــان شــأن الغــرب التــذرع بحقــوق اإلنســان إلقامــة الحــروب والثــورات ونصــب الــديكتاتوريين وصنع االنقالبات، أمثال اغتصاب فلســطين ولبنــان وإقامــة البهلــوي

إلى كثير من األمثلة.،وأتاتورك وانقالبات مصر والعراق أمــا القــوانين اإلســالمية فحيث كــانت عادلــة لم يكن لهــا األثــرــمي السيء، بل كان لها االطراد والتقدم حتى أن الغرب بنفسه يس

ــاء العلم والحرية ــلمين آبـ ــفون منهم أن علم،المسـ ــر المنصـ وذكـالغرب وما فيه من الحرية إنما هو من آثار اإلسالم.

االضطراب الذي أوجدوه حــول المــرأة، فمن ناحيــةالخامس: جعلوا المرأة سلعة رخيصة وأداة إطفاء الشهوات، فجعلوها وســيلة لجلب المال، وفتحوا لها المواخــير ومراكــز الفســاد، وبــذلك أهــانوا المــرأة أكــبر إهانــة، حيث ســبب ذلــك تبــذلها ورخصــها من ناحيــة،

وبقاءها عانسة تتسكع في دروب الحياة الصعبة من جهة أخرى. ومن ناحية أخــرى زعمــوا أنهــا تســاوي الرجــل في كــل شــيء،

عليهــا، حيث لم تتمكن أن تقــدم كمــا تقــدم الرجــلفصار ذلك وباالــا لشــؤون في الوزارات والسفارات والنيابات ونحوها، ألنها بطبيعته غير هذه الشؤون، بينما ألقيت عليها خشـونة الحيــاة الصــناعية ممــا أضرت بجمالها وأنوثتها وسائر شــؤونها الطبيعيــة، الـتي خلقهــا اللـه سبحانه لها، ولــذا أخــذ علمــاء الغــرب يفكــرون في وضــع القــوانين

العادلة للمرأة

36

إلخراجها من اإلهانــة والخشــونة، كمــا ذكــر ذلــك في جملــة من الكتب، وقد ذكرنــا نحن جملــة من شــؤون المــرأة في اإلســالم في

وفي غيره.(1)كتاب )في ظل اإلسالم(

حسانإالدولة بين العدل وال : والمراد بالعدالة في اصطالح القانون هو ما يســميه اإلســالم3

باإلحسان، واالصـطالح اإلسـالمي أقــرب إلى الحقيقــة، وكيــف كـانــأمر﴿ قــال ســبحانه: ،فهناك )مساواة( و)عدل( و)إحسان( ــه ي إن الل

.(2)﴾بالعدل واإلحسان وقـد الفالمساواة معنـاه التسـاوي، وقـد يكــون التسـاوي عـدال

، وكــذلك النســبة في العكس، فبينهمــا عمــوم من وجــهيكــون عــدال على االصــطالح المنطقي، فــإذا ســاوى األخــوين في اإلرث كــان

، وإذا ساوى الكبير والصغير في إعطاء قماش اللبــاستساويا وعدال بقدر حاجته كـان عــدال، وإذا أعطاهما متفاوتا كالكان تساويا ال عدال

.ال مساواة فالعدل إعطاء كل ذي حق حقه، وإدانــة كــل ذي جــرم بجرمــه، واإلحسان إعطاء المزيد من الحق فيما ال يضــر بحــق آخــر، والعفــو

عن المجرم فيما ال يكون العفو سيئا لبطالن حق.ــات واإلحسان فوق القانون، فإن القانون مجرد الحقوق والواجب

، أما اإلحسان فهو مراعاة تــرطيب الحيــاة وتلطيــف الجو،واإلدانات والدولة يلزم عليها مراعات ذلك، ليجعل من القانون واحــة خضــراءــط بين ــة الرواب فيها الرحمة والحنان على اإلنسان، وهو يوجب تقوي الدولة واألمة وتقديم األمة إلى األمــام، إذ العالقــة المتبادلــة تــوجب

أجواء من الثقة والحرية والرفاه، وكل

( طبع في دار الصادق بيروت، ومطبعة اآلداب العراق.?)1.90( سورة النحل: ?)2

37

ذلك من مقومات التقدم، بله االطمينان والسكينة ورفع القلق. كمــا،ولهذا القانون يشرع المشرعون نصوصا ألجل رفــاه األمة

ــع القضــاة عن،ينفــذ المنفــذون أكــثر من النصــوص المرفهة ويمتنــر أو ــة حكم اإلعــدام أو التعزي ــات الثقيلــة ســواء كــانت اإلدان اإلدان

السجن أو الغرامة.ــذي يمكن ــار ال ــاء اإلط ــدود والقض ــاب الح ــا في كت ــد ذكرن وقــد عفى ــات، وق ــد المســلمين أن يخفــف من العقوب للقاضــي ولقائ

، وقــرر القــانون(1)رسول الله )صلى الله عليــه وآلــه( من أهــل مكة وعفى عن غــيرهم، كمــا عفى علي،(2)اإلسالمي بـــ )جب مــا قبلــه(

)عليه الســالم( والحســن والحســين )عليهمــا الســالم( وغــيرهم من كأهــل البصــرة،،األئمــة )عليهم الســالم( عن جملــة من المجــرمين

وكان علي )عليه السالم( يعطي جوائز الخوارج، إلى غير ذلك. والفرق بين العــدل واإلحســان: أن العــدل واجب إطالقــا، بينمــاــد أو القاضــي أو مــا إليهمــا، ــة، فال يحــق للقائ اإلحســان في الجمل

، بل الالزم أن يتخللــه إحســان في الجملة،تطبيق القانون بحذافيره وهذا هو الفــارق بين وجــوب العــدل ووجــوب اإلحســان، حيث قــال

ــالى: ــأمر...تع ــر في األول على الوجــوب وفيي ــل األم ــا حم ، أمــاهر أوال ــو خالف الظ ــاني على االســتحباب، فه ــاهرالث ، وخالف لظ

)ينهى...( الذي هو في سياقه، فكما أن النهى تحريمي كــذلك األمــروجوبى.

ال يقال: وحمل )اإلحسان( على الجملة خالف الظــاهر أيضــا، إذالظاهر في كل من )العدل( و)اإلحسان( اإلطالق.

ألنه يقال: نحن أمام أحد خالفي الظاهر، وما ذكرنــاه أولى، لمــانعلم من

.1 من أحكام األرضين ح72 الباب 120 ص11( الوسائل: ج?)1.230 ص40( بحار األنوار: ج?)2

38

فهذه قرينة على،الخارج من عدم وجوب كل إحسان بالضرورةكون وجوب اإلحسان في الجملة.

ــة: إن بل يمكن أن يقال في تقريب وجوب اإلحســان في الجمل ألنها توجب انفضاض الناس، والتسبيب،خالفه فظاظة وهي محرمة

فبما رحمــة من﴿ إذ هو نقض للغرض، قال سبحانه: ،في ذلك محرمــك فــاعف الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حول

تغفر لهم ــالعرف وقــال ســبحانه: ،(1)﴾عنهم واســ ﴿خــذ العفــو وأمــر ب.(2)﴾وأعرض عن الجاهلين

ثم إنه ال حاجة إلى تقييد اإلحسان بأن ال يكون موجبا للتجري أو إذ ال يكــون ذلــك حينئــذ إحســانا، بــل إســاءة،،إضاعة حــق اآلخــرين

والفرق بينهما في هذا المورد دقيــق، ولــذا كــان الالزم على القــوى لئال يقع الخطــأ في التطــبيق، حــتى،الثالث )السياسية( تفهم الفرق

ــال يقع في إفراط مر القانون، أو تفريط اإلساءة بزعم اإلحسان، قالشاعر:

ووضع الندا في موضع السيف بالعالمضر كوضع السيف في موضوع الندا

وقــد يصــطلح على العــدل المــذكور، )اإلحســان( في اصــطالح وال مشاحة في االصطالح.،اإلسالم بالعدالة االجتماعية

توفير الرفاهية لألمة : أما الرفاهيــة الــتي هي واجبــة على القــوى السياســية، فهي4

عبارة عن أن

.159( سورة آل عمران: ?)1.198( سورة األعراف: ?)2

39

يكون التشريع والتنفيذ والقضاء موجبا للرفاه بقدر اإلمكان. فالقانون يلزم أن يكون بحيث يسبب وجود العمل لكــل عامــل،

مع وضــع ســاعات العمــل،ويجعل األجر المجزي الكافي لكل عامل بقدر اليســر ال بقــدر العســر، وتكــون للعمــال اإلجــازات والعطالت، وزيادة األجور بزيادة التضخم، والعطلة للنساء العامالت أيام الوالدة

ــد،وقبلها وبعدها بمدة معقولة وتسهيل وسائل الزواج بإعطاء المزي لذلك منحا وسلفا، وتسهيل وسائل العالج والدراسة والســياحة ومــا

ــل المــدارس والمستشــفيات والمستوصــفات ودور،أشــبه ذلك مث العجزة، والحدائق والمخيمات ودور الرياضــة والنــوادي، ومــا أشــبه

ذلك. وتكثــير الميــاه في المنــاطق الحــارة،،وتلطيف الهواء بالتشجير

وعكس ذلــك في المنــاط البــاردة، ومــد الجســور والطــرق وتكثــير وجعــل، مــع جعــل القــوانين المســهلة للمــرور،وسائل المواصــالت

وكــون القضــاء وإجــراء،الــدوائر المرفهــة للمــوظفين والمــراجعين وقــد ذكرنــا في كتــاب القضــاء مــا يرتبــط،الحدود في أجواء مالئمة

بهذا الشأن، فالحاجة إلى تكراره. أما الــدليل الشــرعي على هــذه األمــور، فألن الدولـة موضـوعة للمصالح العامة والخاصة، فالالزم عليها مراعاتها، واإلجحاف محرم، فالواجب على الدولة أن تحفظ الموازين حــتى ال يحجــف عامــل وال

فالح بصاحب العمل واألرض، وال العكس. بينما نرى في الشرق إجحافا من العمال والفالحين )ديكتاتوريــة

البروليتاريا(. وفي الغــرب إجحافــا من أصــحاب األعمــال واألراضــي )طغيــان

.رأس المال(، وكذا حال ما يدور في فلكهماه بكم اليسر وال يريد ﴿وكذا ال عسر في اإلسالم: يريد الل

40

.(1)﴾بكم العسر.(2) األيتام والنساء،اتقوا الله في الضعيفينوفي الحديث:

إلى،(3)المرأة ريحانــة وليســت بقهرمانةوقال )عليه السالم(: غيرها من األدلة النقلية والعقلية.

ومع ذلك فالالزم على الدولة الجمع بين حقي الحريــة والرفــاه، في مثل العامل وصاحب العمل وما أشبه ذلك، حيث إنه ال يصح لها

رفــع اإلجحــاف من الطــرفين، وكــذا من البــائع والمبتــاع وســائر إال أطــراف المعاملــة، ال أن تضــغط الدولــة على حريــة طــرف ألجــل

التوفير على طرف آخر. وهذه األمور التي ذكرناها جارية على القوة التشــريعية بالنســبة

)تــأطير القــوانين اإلســالمية( وعلى القــوة التنفيذيــة،إلى التشــريعبالنسبة إلى التنفيذ.

ومن أهم ما تجب على الحكومة مراعاته: الحفاظ على حريــات الناس، فإن كل قانون كابت وكل إجراء كابت خالف جعــل اإلســالم

إال بقـدر المصـلحة العامـة،الناس مسلطين على أنفسهم وأموالهم ال مــا تتــذرع بهــا الــدول من المصــلحة العامــة الــتي تختفي،حقيقة

وراءها جهلهم وأنانيتهم، كما تعارف اآلن في أغلب الدول من سلبالناس حرياتهم في كثير من الشؤون.

الدولة وحسن التدبير : ويأتي بعد ذلــك دور حســن التــدبير من الدولــة في الشــؤون5

وذلك:،العامة والخاصة

.185( سورة البقرة: ?)1.2 من مقدمات النكاح ح88 الباب 121 ص14( الوسائل: ج?)2 من مقــدمات87 البــاب 120 ص14، ورواه الوســائل: ج31( نهج البالغة: الكتــاب ?)3

.1النكاح ح41

أ( بالعمل اإليجابي، بأن تسهر الدولة على مصالح األمة، وتبــادر إلى إنجاح طلبها وإسعافها في الساعات الحرجة، فالدولة ليست إال خادمــة لألمــة ووكيلــة لهــا، والــدائرة ليســت محــل إهانــة المــواطنــرع وإرهاقه، بل محل إكرامه وتسهيل أمره، فعلى الموظف أن يس في إعطاء المراجع حاجته، وفي إرشــاده إلى موضــع حاجتــه إن لم تكن حاجته عنده، وعلى كل موظف أن يهــيئ األجــواء المالئمــة في دائرته، سواء األجواء العملية أو األجواء المناخية، فإذا احتاج تســريع األمر إلى جعل كاتب وخادم ومــا أشــبه جعلهمــا، وإذا احتــاج الهــواء

إلى مدفئة ومروحة وفرهما، إلى غير ذلك. وكذلك بالنسبة إلى القــوة التشــريعية، حيث يجب عليهــا تقــنينــدم القوانين المؤدية إلى ذلك، فإن من أهم أسباب نجاح الدولة وتق األمة تسهيل األمور واإلجراءات بالمقدر الممكن، وفي حــدود عمــل

كل قوة من القوى الثالث السياسية. ب( وبالعمــل الســلبي، وذلــك بــأن ال يوضــع القــانون، وال ينفــذ

سواء في التنفيذيــة أو القضــائية الـذي ينــبي عن،القانون الموضوع ومــا يــوجب عــدم أمن واســتقرار المــواطن من،التعسف والتجــاوز

جهة نفسه أو ماله أو عرضه. فإن الالزم على الدولــة أن تكــون بحيث يشــعر المــواطن تحت لوائها بالراحــة الجسـدية والفكريــة، ال بـالقلق والعـذاب، وال يسـمحللدولة بأي حال من األحوال أن يفضل مواطنا على مواطن، وطبقة على طبقــة، في جعــل القــانون أو تنفيــذه، بــل الالزم عليهــا النظــرــدة أو عمال، إليهم بحــد ســواء، وحــتى في اإلنســان المنحــرف عقي الالزم على الدولة مراعاة قاعدة )الضرورات تقدر بقدرها( وقاعدة

)األهم والمهم(.ــاب ــدة في ب ــحيح العقي ــالم حيث أراد تص ــذا نجــد في اإلس ول األديان، وإصالح المجرم في باب األعمال، الحظ هــاتين القاعــدتين،

وقد ألمعنا إلى طرف من

42

حكم األقليات الدينية، وفي كتاب القضاء:ذلك في كتاب الجهادوالحدود ونحوهما.

الدولة ومراعاة النظامــانون،: وأخيرا مراعاة النظام6 فإن القانون العادل وتطبيق الق

ــل الالزم ــرام، ب ــا ي ــدوائر ال يكفي في ســير النظــام على م على ال حسن التدبير في اإلدارة، وصنع جهاز المراقبة والتنســيق والكفــاءة

وما أشبه ذلك. فاألجهزة الثالثة للدولة ـ التشريع والتنفيــذ والقضــاء ـــ البــد وأن تسود فيهــا روح تســيرها على أحســن وجــه، وذلــك بــأن تمكن تلــك

الروح من إعطاء الدولة حقها، وإعطاء الفرد حقه. وديــوان،ولهــذا األمــر عينت الــدول الحديثــة إدارة التنســيق

وإدارة مراقبــة أعمــال الدولــة واألمــة، ومجلس الدولــة،،المحاسبة وقواعد التأديب للمخالف، إلى غير ذلك، كما هيــأت الــدول الحديثــة

وغــير،لذلك اآلالت الحاسبة، والعقــول االلكترونيــة، وآالت اإلنصــاتذلك.

بل قد جعلت بعض الدول أسلوبا حديثا لبناء الدوائر، حيث تبــنىــط، وتكــون منصــة مشــرفة على كــل الغــرف الغــرف بنصــف حائ فيجلس فيها المراقب الكفوء، ويشــرف دائمــا على المــوظفين لئال

.يعطلوا المراجع أكثر من قدر االحتياجــال وهذه األمور في الدولة اإلسالمية بين الواجب ومســتحب، ق

.(1) فأتقنهرحم الله امرءا عمل عمال)صلى الله عليه وآله(: وقال )صلى الله عليه وآله(:

.1 من الدفن ح60 الباب 883 ص2( الوسائل: ج?)143

لعن الله من ضيع من يعول(1). كلكم راع وكلكم مســؤول عنوقال )صــلى اللــه عليــه وآلــه(:

إلى غير ذلك..(2)رعيتهتطعتم من﴿هذا باإلضــافة إلى شــمول مثــل: أعــدوا لهم مــا اســ

ــوة اإلســالم يعلــو وال يعلى وقولــه )صــلى اللــه عليــه وآلــه(: ،(3)﴾ق حيث يجب أن تكون البالد اإلسالمية في مقدمة البالد، وأن،(4)عليه

ال يكون غير المسلمين أعلى من المسلمين، وغير ذلك مما يستفاد والــتي منهــا شــؤون السياســة،منه الدقــة واإلتقــان في كــل شــيء

.بشعبها الثالثة: التشريعية والتنفيذية والقضائية أمــا تفصــيل كيفيــة هــذا األمــر )مراعــاة النظــام( فموكــول إلى

الكتب المعنية بهذا الشأن.

.ملعون ملعون من ضيع من يعول وفيه: 9 ح12 ص4ظر الكافي: ج( ان?)1.3 ح8 ف129 ص1، وغوالي اللئالي: ج75 ف119( جامع األخبار: ص?)2.62( سورة األنفال: ?)3.11 من موانع اإلرث ح1 الباب 376 ص17( الوسائل: ج?)4

44

التشريعية؟ القوة استقالل نضمن كيف القوى الثالث )التشريعية والتنفيذية والقضائية((ـ: 32)مسألة

تتفاعــل وتتــدخل بعضــها في بعض، ويقــع الكالم حــول ذلــك فيمباحث:

))تدخل التنفيذية في التشريعية(( األول: في تدخل القــوة التنفيذيــة في القــوة التشــريعية، وذلــك

بأمور: ( إن القوة التنفيذية كثيرا ما يكون بيدها المال، كمــا أن بيــدها1

ــريعية من ــدخل في التش ــا الت ــنى له ــذلك يتس ــوة واإلعالم، وب القناحيتين.

ألف: ناحية النصب والعزل، ففي انتخــاب مجلس األمــة تتــدخل بــتزيف إرادة األمــة،القوة التنفيذيــة في الســر لنصــب المــوالين لها

وانتخابهم لغير الصالح لهم، الصالح للقــوة التنفيذيــة. وكــذلك تعــزل القــوة التنفيذيــة فــروع القــوة التشــريعية الــتي ال تكــون في صــالح التنفيذية، بل أحيانا توجد مبررات إلسقاط النــائب أو تجميــده إذا لم يكن في صالح التنفيذية، وفي بعض األحيــان تنصــب التنفيذيــة نوابــا

وبــذلك ال يكــون لمجلس،ومشرعين بالشــكل الخفي غــير الصــريح األمــة ومــا أشــبهه من أجهــزة التشــريع فعاليــة مطلوبــة في صــالح

األمة، بل يكون األمر في صالح التنفيذية. ب: ناحية الترغيب والترهيب بالنســبة إلى نــواب األمــة حقيقــة،

فإن القوة

45

التشريعية ال تملك التنفيــذ، وحيث إنهــا نائبــة األمــة، واألمــة لهــا تضطر التشريعية للتنازل أمــام التنفيذيــة ألجــل،حوائج بيد التنفيذية

تمشية أمور األمــة، هــذا باإلضــافة إلى الــترغيب والــترهيب المــاليونحوه.

وهذا النحــو من التــدخل ممــا يعتــاد في البالد المتــأخرة، كآســيا.وإفريقيا وإمريكا الالتينية وغيرها

ــة ــار بالمصــالح العام ــدخل الض ــذا الت ــير له والعالج األول واألخــة،والخاصة رشد األمة ــة الوراثي فإذا رشدت األمة لم تقبل بالتنفيذي

كما راقبت تحركات التنفيذية فال تدعها تنصــب المـوالين،،وما أشبهأو تتصرف ترغيبا وترهيبا بالنسبة إلى المشرعين.

ومن أهم ما يفسد على األمة مصــالحها في البالد الــتي تســمى بالديمقراطية ــ أمــا البالد الشـيوعية فهي خارجـة عن محــل البحث حيث إن التنفيذ والتشريع والقضاء وكل شــيء بيــد فئــة خاصــة هي الحزب ـ هــو طغيــان رأس المــال، حيث إن الرأســماليين يصــرفون المال لتسنيم من في صالحهم، سواء في التشريعية أو التنفيذية أو القضاء أو اإلعالم أو غيرها، وبــذلك تكــون األمــة مكتــوفي األيــدي ال

أمام التشريع فحسب بل أمام كل شيء. ولذا فالواجب لتحرير إرادة األمــة من قص أجنحــة رأس المــال الطاغي، وإال فكل اإلجراءات لعدم تــدخل التنفيذيــة في التشــريعية

غير مجد.

))استقاللية التشريعية(( ( يلزم أن تكون كل شؤون القوة التشريعية بيد نفســها، حــتى2

ــد قدر المال المحتاج إليه، والحماية المحتاج إليها في التشريع، إذ ق تحتاج التشريعية إلى قدر من المال لموظفيها المســاعدين لهــا في التشريع، وقد تحتاج إلى الحماية لحفــظ الهــدوء المحتــاج إليــه عنــد

التشريع. وقد تتدخل التنفيذية في مجلس التشريع ألجل التشريع أو ألجل

عدم التشريع في نفع التنفيذية، ولذلك صور:

46

لــف: أن تحيــط المجلس بالمتظــاهرين، ألجــل تشــريع حكم أوأ عدم تشريع حكم، فيكون ضغط المتظاهرين موجبــا لتشــريع الحكم أو عــدم تشــريعه، ومثــل اإلحاطــة بالمتظــاهرين صــنع المتظــاهرين

داخل المجلس. ب: حيث إن القوة التشريعية بحاجة إلى المؤسسات واللجــان، مثــل الهيئــة الرئيســية واللجــان االقتصــادية والخارجيــة ومــا أشــبه، فالالزم أن ال تكون تلــك المؤسســات واللجــان منصــوبة من طــرف

إذ لو كانت منصـوبة من قبلهـا كـانت تحت نفوذهــا،،القوة التنفيذيةمما يفسد على التشريعية استقاللها.

ج: يلــزم أن يكــون اختيــار عقــد المجلس التشــريعي بيــد نفس إذ لو كان اختيار عقد المجلس بيد التنفيذية،،النواب ال بيد التنفيذية

تحول دون عقده فيما إذا علمت أنهم يريــدون عقــده ألجــل تشــريع قــانون ال تــرغب فيــه التنفيذيــة، أو ألجــل إلغــاء قــانون تــرغب فيــه التنفيذية، وكــذلك تحــول دون عقــده فيمــا إذا علمت أن التشــريعية

تريد إسقاط الدولة. د: أن يكون اختيار جدول أعمــال التشــريعية بيــد نفســها، إذ لــوــا كان اختيار الجدول بيد التنفيذية، أدرجت في الجدول ما تريد، ال م

تريده األمة أو يريده نواب األمة. إلى غيرهــا من االختيــارات، فــالالزم أن تكــون التشــريعية حــرةــة طليقة في كل شؤون نفسها بدون أدنى قدر من التــدخل للتنفيذي

في شؤونها.

))كيفية تقديم اللوائح(( ( يلزم أن يكون جواز تقديم اللوائح ألجل التصــديق عليهــا بيــد3

ال بيد التنفيذية فحسب.،كلتا القوتين التنفيذية والتشريعية أما أن يكون بيد كلتيهما فألن كلتيهما تحتكان بــالواقع المعــاش، وينقدح في أنفسهما االحتياج إلى ســن القــانون، فال معــنى الحتكــار

أحدهما حق تقديم اللوائح، كما ال وجه ألن ال يكون

47

ــق للتنفيذية أن تقدم اللوائح بنفسها، بأن يقال إن التنفيذية ال ح لها في تقديم اللوائح، بل إذا رأت من الصالح تشريع قانون كان لها

بــأن تلمس من التشــريعية أن،أن تتوسل إلى التقــديم بالتشــريعية تقدم الالئحة، أو أن تتوسل باألمة لتضغط األمة على نوابهــا لتقــديم

الالئحة. وإنما قلنا )ال وجــه( إذ يقــال: مــا هــو المــبرر لســلوك التنفيذيــة الطريق الملتوي إلى تقديم الالئحة دون الطريق المستقيم، بتقــديم

نفسها الالئحة إلى المجلس. لكن كما ال ينبغي أن تطرد التنفيذية من تقديم الالئحة، كذلك ال يحــق أن يكــون حــق التقــديم خاصــا بالتنفيذيــة، إذ لــو كــان خاصــا

بالتنفيذية، أوجب ذلك:ــد التشــريعية، ويقــع المجلس تحت ألــف: خــروج الزمــام من ي التنفيذية، حيث إنها تقدم ما في نفعها ولو في ضرر األمة، وال تقدم

ما في ضررها ولو في نفع األمة. صحيح أن التشريعية مختارة في تصديق أو عدم تصديق ما قدم من قبل التنفيذية، لكنها ليســت مختــارة حينئــذ في تقــديم مــا تــراه صالحا في حق األمة، وبذلك تكون التنفيذية ســيدة المجلس وبيــدها

الزمام. ب: يجب أن ال يكون للتنفيذيـة الحـق المطلـق في التــدخل في مذاكرات التشريعية في المجلس، إذ لو لم يحدد هذا الحق لتمكنت التنفيذية من التدخل في المــذاكرات، وتحريــف سياســة التشــريعية ،إلى نفع التنفيذية، والتقليل من أهمية المجلس أمــام الــرأي العــامــذاكرات المجلس ــة في م ــدخل التنفيذي ــق ت ــون ح ــالالزم أن يك ف محدودا، لتستريح التشريعية في مالحظة األمور بكل تجرد ألن تضع

لها القانون أو أن ال تضع.ــل المجلس ج: يلزم أن يكون حق نشر القانون المصدق من قب في الوقت المطلوب باختيار التشريعية، ال باختيــار التنفيذيــة، إذ لــو

كان بيد التنفيذية

48

ــذي يصــلح استغل هذا الحق في أن تنشر القانون في الوقت ال لها ال لألمة، إذ القانون إذا لم ينشــر لم يكن صــالحا للتنفيــذ، فكــون االختيــار في وقت النشــر بيــد التنفيذيــة نــوع آخــر من أنــواع تــدخل

التنفيذية، مما يخرج الزمام عن يد نواب األمة.ــديم ــة في تق ــق للتشــريعية أن تعطي الصــالحية للتنفيذي د: يح

كمــا يحــق لهــا أن تمنــع التنفيذيــة من التقــديم ولكن لمــدة،اللوائح أما أن تعطي الصالحية للتنفيذية بأن تكون المقدم الوحيد،محدودة

وائح، فــذلك تسـليط للتنفيذيــة على مقــدرات األمــة، اللهم إال أنــلل يكون إعطاء التشــريعية للتنفيذيــة هــذا الحــق لمــدة محــدودة جــدا، وذلك محل نظر أيضا، إذ بأية صالحية تسقط التشريعية حق نفســها

في التقديم، وتعطي الحرية لمن يسلبها الحرية.ــل،نعم في بعض الحاالت االضطرارية التي ال تتحمــل البطء مث

حـــاالت الحـــرب المفاجئـــة، يعطي المجلس الصـــالحية للتنفيذيـــةــة، وهــذا أمــر اضــطراري، وفي القاعــدة اإلســالمية لمصــلحة ثانوي

المعروفة: )الضرورات تقدر بقدرها(.تساؤالت في حل الدولة لمجلس األمة

( من وسائل نفوذ التنفيذية في التشريعية حق األولى في حل4 وهنا أسئلة وهي: ،المجلس

هل التنفيذية لها حق حل التشريعية، وما المبرر لهذا الحــق مــع أن التنفيذية ليست إال مثل الخادم بينما التشــريعية وكيــل، والوكيــل فوق الخادم، ولو كان هناك مجلسان لألمة واألعيان أو غير األعيان،

فهل للتنفيذية حق حل

49

كليهما، ولماذا تحل التنفيذية المجلس، ومــا هي منــافع وأضــرارحل التنفيذية للمجلس.

أما هل للتنفيذية حق الحل.الف: فالجواب: إنه تــابع للقــانون المجعــول المصــدق من قبــل األمــة

لم يجــز، ومثــل ذلــك وإال، فإن سمح القــانون جــاز،بواسطة نوابهم مثل أن يعطي صاحب الدار الصالحية لخادمه بعزل وكيله، والــدليل

إذ التشــريعية وكالء، شــامل للمقــامالنــاس مســلطونالشــرعي .األمة، والتنفيذية خدامها

والمبرر لهذا الحق.ب: إنه قــديكون تضــاد حــاد بين القــوتين التنفيذيــة والتشــريعية، وال يمكن حل التضاد، فإذا حلت التنفيذية التشــريعية، كــان معــنى ذلــك إرجاع األمــر إلى األمــة، هــل ينتخبــون نفس هــؤالء النــواب، لتنتخب التنفيذية أو ينتخبون غيرهم، فيكون لهؤالء النــواب الجــدد أن يقبلــوا

بالتنفيذية، أو يبدلوها. وفي صورة التضاد الحاد، يمكن حلول أخــرى مثــل اإلرجــاع إلى األمة في استفتاء عام، هـل يريـدون التنفيذيـة أو التشـريعية، وعنـدــد إرادة األمة إحداهما، يجب انسحاب األخرى، ألن الكلمة لألمة، وقــراد ــد األف ــة أن تنتخب أح ــورى( أن لالم ــألة )الش ــرفت في مس ع

كما دل عليه النص والفتوى.،الجامعين للشرائطــون تضــاد بينج: ــالب أن يك ــة مجلســان، فالغ ــان لألم ــو ك ول

ــة، بحكم المجلسين، ألن األعيان كثيرا ما يرد تشريعات مجلس األم تســتغل التنفيذيــة ذلــك التضــاد،،أكثرية خبراته، فيكون بينهما تضاد

ألحــد المجلســين، وحينــذاك لتقترب من أحدهما، فاليكون العمل إال ،يستقل المجلس اآلخـر بالتشـريع إلى حين انفتـاح المجلس الثــانيوقد تحل التنفيذية كال المجلسين، فيما لو خولتها األمة ذلك، لكن

50

لمصـــلحة تفـــوق خطـــر الالزم أن ال يحـــق للتنفيذيـــة ذلـــك إالالديكتاتورية التي تمارسها التنفيذية بعد حل المجلسين.

والتنفيذية تحــل المجلس، إمــا ألجــل التضــاد بين التشــريعيةد: وأما ألجل إرادة العجلة في األمور مما ينافيها تداول،وبين التنفيذية

المجلس للقضايا، كمــا في حــاالت الحــرب ونحوهــا، وإمــا ألجــل أن التنفيذيــة تــرى الجــو المالئم لــدخول أنصــارها في المجلس فتحــل المجلس في أيام االنتخابات ليفوز الحزب الموالي لها، وهذه الحالةــل ــباب حـ ــير ذلـــك من أسـ ــة، أو لغـ ــد في بعض البالد الغربيـ توجـ

المجلس. أما ضرر حل المجلس، فهو شدة قبضة التنفيذية على البالد،ه:

من أمور أهمها فضــح المجلس لهــا، فــإذا انغلــقإذ هي ال تخاف إالالمجلس تصرفت التنفيذية كما تشاء، إذ ال سوط من االنتقاد عليها.

يكفي في نكــوص،بل أن يكون للتنفيذية حق الحل وتهدد بذلك التشريعية عن المجاهرة بمصالح األمة وانتقادها للتنفيذية، إذ النائبــا بعــد إنما وصل إلى المجلس بشق األنفس، وال يأمن الوصــول ثاني االنحالل، فإذا هددته التنفيذية بالحل سكت عن النقد ولم يفعــل مــا

يغضب التنفيذية. وأما نفع حل المجلس، فهو إعطاء الفرصــة لألمــة بانتخــاب من ــا تريدها، وللحد من النزاع بين القوتين، وألن التشريعية تلتجئ أحيان

ــر الســذج ــة،،لتغري ــوم عن نفســها وإلقائهــا على التنفيذي برفــع الل وبالتشديد على انتقاد التنفيذية بينما هي المقصــرة أو الشــريكة في التقصير، فتصلت التنفيذية سيف تهديــد الحــل على رقبتهــا، وبــذلك تقطع عليها طريق التغرير وتبرئة ساحة نفســها لتقــوي جاههــا عنــد

األمة.ــرة ــل المجلس لمـ ــا تتمكن من حـ ــة إنمـ وال يخفى أن التنفيذيـ

إذ ،واحدة مثال

51

ال يعطيها القانون حق الحــل مكــررا، فــإن إعطاءهــا هــذا الحــق ، وبــذلك ال تتمكنيــوجب تســليطها على التشــريعية تســليطا كــامال

التشــريعية من تشــريع القــوانين الصــالحة لألمــة إذا كــانت ممــا الترضى بها التنفيذية.

للتنفيذيــة، في الدولــة(1)وال يخفى أن قانون حق حل التشريعية اإلسالمية يجب أن يكون في إطار المصلحة العامة، وواليــة الفقيــه،ــيت ــة، وإن رض ــرار بالعام ــوز اإلض ــة، إذ ال يج ــة األم ورضــى أكثري األكثرية، وإن كان التفكيك بين األمرين صرف فــرض، والفقيــه ولي من قبلهم )عليهم السالم(، فالتصرف يجب أن يكــون برضــاه، فــإنــب ــون حس ــلمين والبالد يجب أن يك ــؤون المس ــرف في ش أي تص دستوره، ومن الواضح أن اإلطار الذي يعمل فيه الفقيــه في صــورة

واليته هو:. مثل كون الحق المالي خمسا أو زكاة،( النصوص الشرعية1 ( والقواعــد العامــة الــتي بيــده انطباقهــا، مثــل ســجن المتهم2

بالحبس أو أخذ الكفيل عنه أو أخذ مال عنه أو وثيقة وما أشبه، مماه ال يحب الفسـاد﴿ ،يدخل في ضـمن دائــرة دفــع الفسـاد أو،(2)﴾والل

دفع المنكر، أو ما أشبه ذلك. بعد القطع بــأن المــورد من صــغريات ( وقاعدة األهم والمهم،3

كما ذكروا في مسألة قتــل المســلم الــذي تــترس بــه،هذه القاعدةالكفار، إلى غير ذلك.

وقد ذكرنا بعض ذلك في الفقــه )القضــاء، والشــهادات، والحكمــه تعــالى في في اإلسالم( كما سيأتي تفصيل الكالم فيه إن شاء الل

بعض المسائل اآلتية. (3) فالالزم تشــريع قــانون حــل التنفيذيــة للتشــريعية،وكيف كان

فإن التنفيذية من، ومراعاة عدم مصادرة الحريات،بكمال االحتياطشأنها الطغيان، فإنها قوة وغنى،

( هذا من إضافة المصدر إلى مفعوله، و)للتنفيذية( متعلق بـ )حق( ال )حل(.?)1.205( سورة البقرة: ?)2( هذا من إضافة المصدر إلى فاعله، و)للتشريعية( متعلق بـ )حل(.?)3

52

، وقــد قــال اإلمــام أمــير(1)اإلنسان ليطغى * أن رآه استغنىو فــالالزم أن ال يجعــل،(2)من ملــك اســتأثرالمؤمنين عليه الســالم:

للتنفيذية القدرة الطاغية، يقول الشاعر:والظلم من شيم النفوس فإن تجد

ذا عفة فلعلة ال يظلم ولإلمام )عليه السالم( كلمة أجمل من هذا الشــعر مــذكورة في

نهج البالغة.ــات ــثرة المؤسسـ ــة، وكـ ــد في األمـ ــوة الرشـ وال يخفى أن قـــا ــع حله ــتى م ــة ح ــد من نشــاط التنفيذي ــة، تح ــیة والثقافي السياس

للتشريعية، بينما لوكان العكس كانت ضراوة التنفيذية أكثر.

.7 ـ 6( سورة العلق: ?)1.168( نهج البالغة: الحكمة ?)2

53

التنفيذية القوة في التشريعية تدخل حدودــ 33)مســألة ــوة(: ــدخل الق ــابقة ت ــألة الس ــا في المس ذكرن

التنفيذيـــة في القـــوة التشـــريعية، وكيفيـــات التـــدخل، وأضـــرارهاومنافعها.

وهــو عكس ذلــك، أي،وفي هذه المسألة نــذكر المبحث الثــانيتدخل التشريعية في التنفيذية، وذلك يكون بصور:

ألـــف(: إن نصـــب أعضـــاء التنفيذيـــة غالبـــا يكـــون بواســـطةالتشريعية، وإنما ذكرنا غالبا، ألن هناك منهجين:

وحينذاك،األول: كون نصب رئيس الجمهورية بيد األمة مباشرةال يتدخل المجلس في نصبه.

الثاني: كون نصبه بيد مجلس األمة. ولكل واحد من هــذين المنهجين محاســن ومســاوئ، وإن كــانت المحاســن أكــثر في األول، حيث إن إشــراف األمــة على نوابهــا، ومنفذي إرادتها يكون أكــثر، وال يهمنــا اآلن بحث ذلــك، وإنمــا محــل

أو بعضا له صورتان: البحث أن نصب التشريعية للتنفيذية كال األولى: أن يحصر القانون أفراد التنفيذية الذين يحق للتشــريعيةــب ــال النص ــون مج ــذلك يك ــة، وب ــاق مجلس األم ــبهم في نط نص للتشريعية ضــيقا، باإلضــافة إلى أنــه حيث ينصــبهم األكثريــة، وحيث

نواب األمة، تكون سلطة كانوا هم قبال

54

ــاء، وكالهمــان ــذ أكف ــة، ألنهم حينئ ــة قليل المجلس على التنفيذيــذين لم ــة في المجلس ال ــان بانتخــاب األمــة لهم، وألن األقلي يتمتع يصوتوا النتخاب أفراد التنفيذية يكونون خارج حلبة المنفوذ حيث لم

يصوتوا. الثانية: أن ال يحصر القانون أفراد التنفيذية في نطاق المنتخبين في مجلس األمة، وحينئذ ترتفــع المحــذورات الثالثــة المركــوزة في

األولى. وهاتان الصورتان وإن كــانت حســب اختيــار نــواب األمــة، إال أن الصورة الثانية لعلها أقرب إلى اإلتقان، وأبعد عن إيجاد التضــاد بين

ومن المعلوم أن كلما كان انســجام بينهمــا كــانت األعمــال،القوتين تسير في صالح األمة بسرعة أكثر، فيشمل ذلك وجوبــا أو اســتحبابا

وغيره.،(1) فأتقنهرحم الله امرءا عمل عمالمثل ــا بآرائها ــأن تلزمه ــة، ب ،ب( للتشــريعية اإلشــراف على التنفيذي

ــة، وذلك ألنه قد تقدم أن المجلس نواب األمة، والتنفيذية خدام األم والوكيـــل أعلى ســـلطة من الخـــادم، ولـــو لم تســـتجب التنفيذيـــة للتشريعية في طلباتهــا، تمكنت التشــريعية من استيضــاح التنفيذيــة في المجلس، وذلك يحرج وضع التنفيذيــة ممــا يحــوج التنفيذيــة إلى

وربما ال يوافــق أكثريــة المجلس إعطــاء،أخذ االعتماد من المجلس وحينــذاك،االعتماد على التنفيذيــة بعــد االستيضــاح وإجابــة التنفيذية

تسقط التنفيذية وتضطر إلى االستقالة، وإذا كانت التشــريعية قويــةخافت التنفيذية من العمل المخالف.

ج( وقــد تتــدخل التشــريعية في شــؤون التنفيذيــة، بجعــل لجنــة دائمة في المجلس لتلقي الشكايات الموجهة إلى التنفيذيــة، وإعالم التشريعية بها، وحينذاك تخاف التنفيذيــة من أي عمــل مخــالف، ألن

ذلك سيف سلط على رقبة التنفيذية، بسببه

.1 من الدفن ح60 الباب 883 ص3( الوسائل: ج?)155

ــة الزمــة وإن كــانت ال تتمكن من االنحــراف، ومثــل هــذه اللجنمتداولة في بعض الحكومات فقط.

د( ومن أقســام تــدخل التشــريعية في شــؤون التنفيذيــة: جعــلــة المنحــرف من أســرة ــذي يحــول التشــريعية بمحاكم ــانون ال الق التنفيذية، وفرض العقوبات السياسية أو الجزائية عليــه، فــإذا فعلت التنفيذية خالفا حاكمتها التشريعية، فإذا ثبتت اإلدانة فرضت العقوبة

المناسبة عليها. وقـــد أراد مجلس الشـــيوخ محاكمـــة )نكســـون( في فضـــيحةــه ــا الصــالح في محاكمت ــات العلي ــة الجه ــرغيت( لكن عــدم رؤي )وت

أوجبت نصحها له سرا باالســتقالة، فاســتقال وبــذلك،ألسباب دوليةنجى نفسه عن المثول أمام المحكمة.

وال يخفى أن القضـاء في اإلسـالم، يصــلح للنظـر في الشــكايات المرفوعة حتى ضد رئيس الدولة، كمــا راجــع الرســول )صــلى اللــه عليه وآله( وعلي )عليه السالم( القضاء في قصة الناقة وقصــة درع

على ما ذكرنا تفصيله في كتاب القضاء.،طلحة وغيرهما نعم ال يمنع اإلسالم عن تخصيص لجنة خاصــة في مجلس األمــة أو غيره للنظر في قضايا التنفيذية، بشرط أن تكون اللجنــة صــالحة للنظــر، حيث تتــوفر فيهــا شــروط القضــاء المقــررة في الشــريعة

اإلسالمية.

))مسؤوليات التنفيذية قبال التشريعية(( ثم إن مسؤولية التنفيذية أمــام التشــريعية قــد تكــون سياســية،ــام، والمراد بها أن تكون التنفيذية قصرت في تقــديم البالد إلى األم وإذا ثبت ذلك لزم على التنفيذية التنحي ليمأل الفــراغ األكــثر كفــاءة منها، فإن هذا األمر وإن لم تكن قضية قضائية مقررا لها عقوبة في

القانون، إال أنه تقصير، وأقل جزاء المقصرر أن ينحى. لعن اللهوال يبعد أن يعد في اإلسالم قضية قضائية، حيث ورد:

من ضيع

56

وهذا نوع من التضييع. (1)من يعول ، وتخلفها عن(2)﴾وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة﴿وقال تعالى:

ذلك منكر، وفاعل المنكر يحد أو يعزر، إلى غير ذلك.لكن ذلك إذا عد عدم تقديم البالد تضييعا ومخالفة ألمر اإلعداد.ــوة ــدخل الق ــا في بعض المســائل الســابقة ت ــا حيث ذكرن ثم إنــا إلى ــائية ال داعي هن ــدخلهما في القض ــوتين، وت ــائية في الق القض

تكرار ذلك. ثم إن مسألة تدخل القوتين في القضائية وبالعكس، غير مسألة تدخل سائر القوى االجتماعية كالسياسـية واالقتصـادية واالجتماعيـة وغيرها في القضائية، إذ فيما إذا كان أحد طرفي النزاع يتمتع بمــال أو جــاه أو قــوة، شــفع لنفســه قوتــه في إنجــاح القضــية في جعــل القضاء إلى جانبه، والقاضي دائما بين محذورين، فإن كان اجتماعيا عملت الضـــغوط االجتماعيـــة لتحريفـــه، وإن لم يكن اجتماعيـــا لم ،يتمكن من فهم الموازين االجتماعية التي لهــا مدخليــة في القضــاءــانون، وركن االطالع على ــنين: ركن الق ــد على رك ــاء يعتم إذ القض

االجتماع، ليعرف كيف يتمكن أن يطبق القانون. فهــذا بحث خــارج عن مــرمى نظــر هــذا الكتــاب،،وكيــف كــانونتركه لمظانه.

.6 من مقدمات النكاح ح88 الباب 122 ص14( انظر الوسائل: ج?)1.60( سورة األنفال: ?)2

57

الديمقراطية في بحوثــ 34)مســألة ــت على(: ــة أسس ــرفت أن الديمقراطي ــد ع ق

ــتي التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، فالبد من البحث عن األمور الــائر ــافع وس ــرار والمن ــرائط واألض ــة، من الش ــف الديمقراطي تكتن

الخصوصيات، فنقول:

الديمقراطية أفضل أنواع الحكم ونســـميها ــــاألمـــر األول: إن الديمقراطيـــة )االستشـــارية(

، ألن في(2)شــاورهم، و(1)أمــرهم شــورىاستشــارية أخــذا من: االستشارية ال تشريع بمعنى جعل القانون، وإنما فيها تأطير القانون

الوارد في األدلة األربعة، بينما في الديمقراطية تشريع للقانون ـ. نقــول: إن الديمقراطيــة )االستشــارية( أفضــل أســاليب الحكم، ألنها تهيؤ الجو الكامل للحرية، وفي الحرية تظهر الكرامة اإلنســانية

ــبرز،من جانب، والكفاءة اإلنسانية من جانب آخر فتنموا لملكات وتالعبقريات، ويعمل النقد البريء

.38( سورة الشورى: ?)1.159( سورة آل عمران: ?)2

58

على إظهار عيوب االستنباطات، ومؤاخذة التطبيقات للقوانين. وبذلك يظهر في الحيــاة األصــلح فاألصــلح، وهــو يــوجب إعطــاء اإلنسان حاجاتـه ويقـدم اإلنسـان إلى األمــام، ألن التنــافس الـبريءــوجب ــاء ت سوط لتقديم اإلنسان، كما أن المراقبة الدائمة من الرقب

سد اإلنسان خلله وستر عيوبه. وخوفــا من ألســنة النــواب في أروقــة المجلس تقــف الســلطة التنفيذية موقف الحذر، كمــا أن النــواب البــد لهم من العمــل الجــاد

وإذا حادوا سقطت،المثمر، ألنهم جاؤوا إلى المجلس من أجل ذلك حرمتهم عند الجماهير، وفضحتهم الصــحافة المســؤولة حیث األمــر بالمعروف والنهي عن المنكر، وانقطع أملهم في انتخاب األمــة لهم

في المستقبل. و)االستشــارية( ليســت باأللفــاظ، وال بتســطير دســتور يتضــمن نصــه الحريــات والعدالــة ومــا أشــبه ذلــك، بــل عالمــة االستشــارية الصادقة انتخاب األمــة لنوابهــا بكــل حريــة، وجعـل النــواب أو األمــة مباشرة للسلطة التنفيذية، وتمكن النواب من إبــداء الــرأي وتــأطير القوانين، وأن يعطى كل فــرد وجماعــة حريتــه في نطــاق الدســتور

ولكــل أن،اإلسالمي، وحينذاك يكــون المــيزان في التقــدم الكفــاءةيعمل حسبما يريد في إطار الدستور، ويكون لكل إنسان كرامته.

وبذلك يتوفر لكل إنسان العيش الكريم، وتكون الدولــة ســاهرة على مصلحة األمة، وفي مثــل هــذا الجــو تتقــدم األمــة إلى األمــام،

ويكون السائد رأيها في كل شيء. حالهــا حــال الــروح،فاالستشــارية حقيقــة في بــاطن الحكم

ــتور فحسب ــاظ واألعالم والدس ــد، ال في األلف ــائدة في الجس ،الســار، ــك اآلث ــرت تل ــإن ظه ــا، ف ــدمها من آثاره ــا وع ــرف وجوده ويع

فهي مفقودة.فاالستشارية موجودة وإال

59

دول االستبداد(())العالم الثالث و ، وهــو مــا يقولــه العقــل ويؤيــده اإلســالم،وإذا كان الميزان هذاــديكتاتوريون،فالعالم الثالث خال عنه ال في بالده المسلط عليهــا ال

باالنقالبات العسكرية والحكومـات الوارثيــة ــ فـإن بين االستشـاريةــة وبينهما تضادا ال يمكن جمعهما، فهل الذي جــاء إلى الحكم بالوراث أو باالنقالب العسكري جاء باالستشارة ـ فحسب، بــل حــتى في بالد

العالم الثالث التي لها صورة ديمقراطية.ــ الديمقراطيــة فيهــا، وأظهر دليل على عدم وجود االستشارية ـ عدم حرية األحــزاب، وعــدم حريــة الصــحف، وعــدم وجــود العدالــة االجتماعية، وعدم حرية بناء المدارس والمستشفيات، وكون الحكم لألقربــاء واألنســباء، ال للناضــجين واألكفــاء، إلى غيرهــا من آثــار

االستبداد والفردية، وإن تغلفت بصورة الديمقراطية واالستشارية.

لكي ال تكون الديمقراطية عقيمة األمر الثاني: قد تقدم أن الحكم االستشــاري الــديمقراطي، هــو

أفضل أقسام الحكم، لكن يجب أن يقال:ــنى الكلمــة، وإن ــا بمع ــون الحكم ديمقراطي ــد ال يك ــه ق أوال: إنــذنب تظاهر بمظهر الديمقراطية، وحينذاك يكون منبع السيئات، فال

على التطبيق ال على المبدأ. وبعبارة أخرى: ال إشكال في الكبرى الكلية، وإنما اإلشــكال في الصغرى، فهو كما إذا قال: هذا إنسان، وكل إنســان نــاطق، مــع أن الصـــغرى خطـــأ، حيث إن المتكلم أشـــار إلى صـــورة اإلنســـان المجسمة، ال إلى اإلنسان الخارجي، وأزمة الحكم الغربي هي هذه،

مع الغض عن أن كل حكم اتكأ في تشريعاته على اإلنسان

60

ال على خالق اإلنسان البد وأن يكون خط ، فإن رأس المال قــدأ أخذ بأزمة البالد األروبية واألمريكية، فــالحكم رأســمالي في صــورة

الديمقراطية ال أنه ديمقراطي. سواء بشــر،ومن الواضح أن رأس المال يعمل لنفسه ال للبشر

ــداخل أو بشــر الخــارج ــداخل،ال ــع في ال ــذا كــان البــؤس الفظي ولواالستعمار البغيض في الخارج.

ومنــه يعلم أن هتلــر وموســيلين وأشــباههما لم ينبتــوا في منبت الديمقراطية، بل في منبت االســتبداد، كمــا أن الشــيوعية نبتت في نفس المنبت، ومن نفس المنطـــق المكـــذوب انطلقت الحربـــان

العالميتان، ويهيؤ اآلن للحرب الثالثة.

))معايب الحكم الديمقراطي((ثانيا: إن الحكم االستشاري الديمقراطي له معايب:

ــريعية1 ( مثل أن الخطأ يضيع غالبا بين الفئات واألحزاب والتش مهم يلقي الخطــأ على اآلخــر، ويتنصــل عن حيث إن كال،والتنفيذية

قــال كــل:، فإذا عقدت صفقة أسلحة وظهــر خطــأ ذلك،المسؤولية إن اآلخر هو السبب في هذا العقد، وال يشخص المجــرم حــتى ينــال عقابــه، وهــذا وإن أمكن تداركــه بإظهــار المجــرم الحقيقي بســبب

ــالب،القضاء العالي كما تقدم في مسألة القوة القضــائية إال أن الغإضاعة الخطأ في متاهات السياسة.

( ومثل أن الرقابة والتنافس بين األحــزاب والكتــل البرلمانيــة2ــاألخرى،وما أشبه توجب عدم تقدم األمة حيث إن كل فئة تتربص ب

أن ال تتقــدم، وأن تظهــر عيوبهــا، وخوفــا من الوقــوع في المشــكلة تتجمــد الفئــات، بــل أحيانــا تنتكص فــترفع اليــد عن مشــروع حيــوي ابتدأته خوفا من توجية النقد، أو تحرزا عن تفــاقم األمــر ضــد الفئــة

فإن عنصر الخوف يســيطر على الساســة وعلى،البادية بالمشروع المحكومين في وقت واحد، حيث يتخذ كــل منهم حــذره من اآلخــر،

وذلك سبب آخر من أسباب التجمد وعدم التقدم.

61

( والشعب في الحكم الديمقراطي كثيرا ما يستهين بالقــانون3ــي وبالقائمين بالحكم، وذلك ألن القانون خصوصا الجزائي منه يمش في الحكومة الديمقراطية مشي السلحفاة، حيث إن تشابك الحكام بالشــعب يقــف دون إجــراء القــانون، فــإن الوســاطات والصــداقات

والرشوات تجد في الحكم الديمقراطي سوقا رائجة. ( كما أن الدائرات ضد الحكم من المتنفذين كاألحزاب والكتل4

وبذلك أحيانا تتساقط الحكومات إحداها،تقوم على أنشط ما يكون وبــذلك تضــعف،تلو األخرى بــدون أي مــبرر إال المــؤامرات الحزبية

ــير،الحكومة ــدور كب كما أن رأس المال والصحافة وما أشبه تقوم ب وإذا ضــــعفت الحكومــــة لم تتمكن من القيــــام،في هــــذا األمر

بالخطوات اإلصالحية في الداخل وال كبح جماح األعداء في الخارج. ( وحيث تتوفر الحريــات الكثــيرة في الحكومــة الديمقراطيــة،5

تنحــرف،ويجد المخرب والمتأمر مآربــه في ظــل القــانون المهلهل الديمقراطية عن مسيرها الشعبي إلى المسير التــآمري، فال تعطي ثمارها المتوخاة، ولذا كان المحكي عن )أرسطو( أنه قال: )إذا كان يسهل إنشاء حكومة ديمقراطية فإنــه يصــعب الســهر على تقويمهــا

واالحتفاظ بكيانها(. لكن ال يخفى أنه اإلسالم يخفف من هذه المشاكل التي تتعرض

سبيل االستشارية، بأمور: األول: إن الفقيــه العــادل يكــون المشــرف األعلى على الدولــة

كمــا ســيأتي في بعض المســائل اآلتيــة، وبــذلك،حسب والية الفقيه والمقوم النحراف الدولة وما إليهــا،،يكون هو المرجع األول واألخيروقد كان غاندي الزعيم الهندي

62

بعد تسلم حزبه الحكم، يقول: البــد من بقــاء زمــرة صــالحة من المكافحين خارج الحكم، ليكونوا قــائمين على ســالمة الحكم، وبقي

هو خارجا أيضا. الثاني: إن اإليمان الذي يتمتع به الحكــام في الدولــة اإلســالمية

أفضل مقوم لإلنسان. الثالث: مع الغض عن أن نفس القانون اإلسالمي قانون إلهي ال

والمنحــرف حيث،يمكن التالعب بــه، وفي ظلــه ال يمكن االنحــرافــارة أخــرى عن يعرف كره المجتمع له يحذر من االنحراف، وهذا عبــالمعروف والنهي عن المنكــر وإرشــاد ــذ األمــة قــانون األمــر ب تنفي

، وغير ذلــك من المعــايير(1)الدين النصيحة و،الجاهل وتنبية الغافلاإلسالمية التي تقف دون االنحراف.

الصراع بين القوة والحقيقة األمر الثالث: هناك تنازع دائم بين القوة وبين الحقيقــة، فــالقوة

كمــا يفعلــه،تريــد تزييــف الحقيقــة، واســتخدامها في ســبيل مآربها الديكتاتوريون غالبا، بينما الحقيقة تريــد اســتخدام القــوة وترويضــها

والغلب، كمــا يفعلــه األكفــاء االستشــاريون،لصالح القوة واإلنسانيةأخيرا للثاني، وإن كان األول قد يجول في الساحة.

وقبــل ذلــك قــال،(3)للباطــل جولة، و(2)للحــق دولةولذا ورد ــرآن الحكيم: اس﴿الق ــع الن ــا ينف ــاء وأما م ـذهب جف ـ ـد في ـ ب فأما الز

.(4)﴾فيمكث في األرضذين كفــروا في﴿وقال سبحانه في آيــة أخــرى: ب ال ك تقل ن ال يغر

البالد متاع

.15494 ح6 ب327 ص13( مستدرك الوسائل: ج?)1.924 ح68غرر الحكم: ص( ?)2.1024 ح71( غرر الحكم: ص?)3.17( سورة الرعد: ?)4

63

.(1)﴾قليل إلى غيرها من اآليــات والروايــات المشــيرة إلى حقيقــة واحــدة هي: إن الباطل سواء كان في العقيــدة أو في العمــل، خالف نظــام

ــني على الحــق والعــدل فالســائر في طريــق الباطــل،الكــون المب كالـذي،يصطدم أخيرا بالقوانين الكونية، ممــا يسـقطه من االعتبــار

يسير في الطريق المسدود حيث يصطدم أخيرا بالحائط.ــيران،بينما الحق والعدل يسيران في الطريق المفتوح ولذا يس

ــالعبر والعظــات من هــذه الجهــة، ــة ب ــاريخ مليئ دائمــا، وقصــص الت واالستشــارية تحــاول دائمــا إخضــاع القــوة واســتخدامها في ســبيل إقامة العدل، بينما االستبدادية تريد العكس، ولكن العاقبــة للمتقين،

وكما قال الشاعر:للمتقين من الدنيا عواقبها

وإن تعجل فيها الظالم اآلثم( والعاقبة قد تكون لشخصه بانتصار صاحب الحق.1 كمــا قــال )عليــه الصــالة،( وقد تكــون لســمعة صــاحب الحق2

.(2)واجعل لي لسان صدق في اآلخرينوالسالم(: .( وقد تكون للمبدأ الذي عمل ألجله صاحب الحق3

بل الثالث أهم األقســام، ولــذا قــال ســبحانه:،وكل ذلك انتصارذين آمنوا في الحياة الدنيا﴿ ا لننصر رسلنا وال ــق،(3)﴾إن إذ صاحب الح

ال ألجل الشـخص والسـمعة، وإن أراد،إنما يعمل دائما ألجل الهدفالسمعة أرادها لذلك أيضا.

ومع الغض عن األمثلة المشهورة المستقاة من الكتاب والســنةــة وتاريخ األنبياء واألئمة والصالحين )عليهم السالم(، مما هي متداول

ــل النــاس، نــذكر مثــاال ــارية وزوالعنــد ك ــاء االستش واحــدا لبق االستبدادية مما حفظه التاريخ، وبقيت آثاره إلى اآلن وهو )حكومتا:

.أثينا وإسبارطة(

إسبارطة(())بین أثینا و ـ على فاألولى كانت ديمقراطية تعمل ـ نسبیا

.197 ـ 196( سورة آل عمران: ?)1.17( سورة الرعد: ?)2.84( سورة الشعراء: ?)3

64

ــة، ــة والعملي تقوية روح الحرية وإبراز المواهب اإلنسانية الفكري ووضع العدل في نصابه، واستخدام القوة لحفــظ اإلنســان وتقديمــه إلى األمــام، وقــد أثمــرت تلــك الجهــود في والدة دولــة ديمقراطيــة نعمت بالحرية والرفاه، وتقدم فيهــا العلم والمعرفــة، وتفتقت فيهــا المواهب اإلنسانية، وصارت نبراسا لإلنسان، منــذ ذلــك الــوقت إلى

هذا اليوم. وأصــبحت مدينــة أثينــا الصــغيرة تربــة خصــبة للعلمــاء والعلــوم،

والفالسفة والمفكرين، صــحيح أن في بعضــهم،والجهابذة والحكماء كــان االنحــراف، لكن األشــواك تســقى ألجــل األوراد، وأبــو ســفيان يتنعم باإلسالم ألجل أبي ذر، وقد قال بعض العلمــاء: إنــه ال يســتبعد أن تكون تلك الحضارة مستندة إلى بعض األنبياء الذين بعثوا هنــاك،

ــذيرنإو﴿وقد قال سبحانه: ة إال خال فيها ن ــد،(1)﴾ من أyم ــل ق بــاء ــد الحكم ــان، بأح ــك الزم ــبي ذل ــرب ن ــاء الغ ــخص بعض علم ش

المعروفين. فقد تربى تحت ظل الحريــات، ســقراط وأفالطــون،وكيف كان

، وفيدياس الفريــد في عــالم الفن، آباء الحكمة والفلسفة،وأرسطو وبــركليس السياســي،وآرخميدس صاحب نظريــة العــوم في المــاء

وديموستين أشهر رجــال الخطابــة، وموســتوكليس الــذي،المشهور عد من أكبر قادة الجيوش في ذلك اليوم، وأشيل وسوفوكل صاحبا القصص التراجيدية، وأرســطفان المبــدع في تمثلياتــه الهزليــة، إلى

فســر فيغيرهم، وقد قال اإلمام أمير المؤمــنين )عليــه الســالم(: .(2)ديارهم وانظر إلى آثارهم

وهكــذا كلمــا الحت الحريــات وظهــرت االستشــاريات تفتقتالعبقريات، وفي

.24( سورة فاطر: ?)1.31( نهج البالغة: الكتاب ?)2

65

نجــد هــذهعليهم الســالم( نهج البالغة في فلسفة بعثة األنبيــاء ) ليثـــيروا لهم دفـــائن العقـــول ويـــروهم آيـــاتالجملـــة الحكميـــة:

رهم﴿ وقبل ذلــك قــال القــرآن الحكيم: ،(1)المقدرة ع عنهم إصــ يضــتي كانت عليهم .(2)﴾واألغالل ال

ــران،وهذه الظاهرة نجدها في اإلسالم بأجلى مظاهرها فمثال إيــل ) ــا إلى25كانت بالد الكبت واإلرهاب منذ تأسيس الدولة قب ( قرن

،تل مع آياتــه البــاهرات( قرنا، وحتى أن نبي المجوس ق14ما قبل ) والحكيم المشــهور )بــوذرجمهر(،كما روي عن علي )عليه الســالم(

صــلب عاريــا بعــد أن ســجن مــدة مديــدة، في ســجن ذي شــفرات محددة اليتمكن من الحركة فيــه، ولمــا ســيطر عليهــا اإلســالم عنــد مقدم الرسول )صلى الله عليه وآله( صارت منطلق العلم والحكمة

ونبع فيه العلمــاء العظــام من كــل لــون،والنور وكل فنون المعرفة وصنف، أمثــال المحمــدين الثالثــة، والمحمــدين األربعــة، وابن ســيناــيين ــين، والنراق ــدرا، والفياض ــائي، والص ــا، والبه ــد بن زكري ،ومحم

وتلميــذه األنصــاري، والمجلســيين، والــداماد،،وشــريف العلمــاء والفندرسكي، ونصير الدين الطوسي، والشــيرازيين، وغــيرهم ممن

وسيبقون كذلك إلى ما شاء الله.،هم مفخرة العالم إلى اليوم أما )سبارطة( التي اعتمدت الديكتاتورية، وجعلت تهتم بالسـالح

فــذهبت أدراج،وتقويــة العضــالت وقضــت على الحريــة والعدالة وقد تحطمت شر تحطم ولم يبــق منهــا إال ذكــرى االســتبداد،الرياح

ــا بقيت، وال ســمعة ــق األصــوات، فال عين منه ــات وخن وكبت الحري بينما آثار)أثينا( ،طيبة، وال هدف يتصاعد ويستضاء به

.1( نهج البالغة: الخطبة ?)1.154( سورة األعراف: ?)2

66

نقلها المسلمون بضميمة ما أضافوا عليهــا من عبقريــاتهم، ومــا تعلموها من دينهم إلى كل العالم، ممــا أخــذ منهم العــالم الصــناعي اليوم، ولـذا يســمى المســلمون بـــ )آبــاء العلم( كمــا اعــترف بــذلك )راسل( و)لبون( وغيرهما من فالسفة الغرب والشــرق، ممــا لســنا

بصدد تفصليه اآلن.

قوة الباطل((زوال )) والبــد هنــا من إشــارة عــابرة إلى أن القــوة ليســت إال لتقــويم

فإنالباطل، والتوجيه بالفرد والمجتمع إلى الطريق المستقيم، وإالاستعملت القوة في وجه الحق والنبل منه كان أخيرها الفشل.

وقد لخص الله سبحانه قوة الباطل أمــام الحــق في هــذه اآليــةذين استضعفوا في األرض ونجعلهم﴿الكريمة: ونريد أن نمن على ال

ـوارثين ـري فرعــــون وأئمة ونجعلهم الـــ ـــ ن لهم في األرض ون نمك فــالحق المجــرد عن،(1)﴾وهامان وجنودهما منهم مــا كــانوا يحــذرون

القوة المادية البد وأن يقوى وينمو حتى يأخذ مكان الباطــل المــزود فالحق يجعل إماما ووارثا، والباطــل،بالقوة المادية وينقلب الميزان

ــه يكــون مصــيره إلى الهالك والجحيم ــوا﴿ ،ومستشــاره وقدرت أغرق .(2)﴾فأدخلوا نارا

مــع المســتكبرين،)عليهم الســالم( وهكذا كان حال أنبيــاء اللــه وكـذلك رأينـا حـال األمم المستضـعفة مـع المسـتعمرين وعمـالهم، ومن نظر في القرن الحاضر إلى أمثال )بهلوي، وأتاتورك، وياسين(

ــوان الباطل ــيرهم من أع ــة،وغ ــف تحطمت إمبراطوري ــرف كي وع اليابان وهولندا وبريطانيــا وإيطاليــا ومــا إلى ذلــك، لم يشــك في أن الحق هو المنتصر، وأن المســتكبر وقوتــه ينــدمر بمــا ال يبقى لــه إال

الخزي والشنار.

.6 ـ 5( سورة القصص: ?)1.26( سورة نوح: ?)2

67

البيئة الصالحة ضرورة الستمرار الديمقراطية األمر الرابع: قــد عــرفت أن النظــام االستشــاري خــير األنظمــة

وإظهــار الكفــاءات،البشرية الــتي عرفهــا العــالم في حفــظ العــدل والتقــديم باألمــة ومنحهــا الرخــاء والرفــاه، والســير بهــا إلى مــدارج الــرقي والكمــال، لكن يجب أن يعــرف أن النظــام الــديمقراطي )االستشــاري( إنمــا يتمكن من العمــل على أحســن وجــه في البيئــة الصالحة، فكلما كانت البيئة أصــلح كــان النظــام أقــدر على العمــل، فإن الدولة إنما تتكــون من األمــة، واألمــة إنمــا تتكــون من األفــراد،

وكيف كانت األفراد كانت الدول. ، فإن الثمرة إنما تكون منكيفما تكونوا يولى عليكموقد ورد وهل يظهر التفــاح من شــجرة الحنظــل، وهــل يعطي،نحو الشجرةالعنب شوكا.

ــوا وعلى هذا فالالزم على المصلحين تعاهد األمم بأفرادها ليكونــاني الســامية فيهم ــود المع ــان،،صــالحين بوج من التواضــع واإليم

وصحة المواعيد، واحترام الكلمة، والشورى في األمور، وحب الخير وتقــبيح القــبيح وتحســين الحســن،،للنــاس، والتعــاون واألريحية

واإلتقان، والتضحية واالندفاع وغيرها، وقد قال الشاعر:وإنما األمم األخالق ما بقيت فإن هم ذهبت أخالقهم ذهبوا

نعم لألفراد والمنظمات واألحزاب والكتل أن تختلف في الــذوق والعمل واالجتهاد، لكن ليس لهم االختالف واالنطــواء على المعــانيــل بعضــهم من بعض ،الشــريرة، والمــؤامرات وتحــيين الفــرص لني

فكلمــا كــانت األمــة بأفرادهــا،وغيرها من أسباب التأخر واالنحطاط في الصعود، كانت الديمقراطية )االستشارية( أحسن وأكمــل وأتقن

وأقدر، والعكس بالعكس.ــاريخ الحــديث فضال ــذينوفي الت ــة له ــابر، أمثل ــاريخ الغ عن الت

النوعين من

68

األمة، حيث ظهرت فيها الديمقراطيــة فســقطت بعضــها وبقيت العراق ومصر والسودان وباكســتان ومــا أشــبه،بعضها اآلخر، فمثال

لكن لمــا لم يكن كــل،ازدهرت فيهــا الديمقراطيــة ولــو في الجملةــك بالمعاني السامية، لم يمر زمان إالالشعب آهال وسقطت فيها تل

الصورة، وسيطر عليها الديكتاتوريون بمعونــة االســتعمار الخــارجي، على تلك الفضائل لم يتقبل الديكتاتور،بينما لو كان الشعب منطويا

إلى اإلطاحـة بالديمقراطيـةولم يجد عمالء الغـرب والشـرق سـبيالولو الصورية منها.

االستشارية ضمانة تطبيق القانونــة، أمــران األمر الخامس: االستشارية الديمقراطية والديكتاتوري

فالحكومـــة إذا كـــانت ديكتاتوريـــة لم تكن استشـــارية،،متقـــابالنوبالعكس، والديكتاتورية لها سببان:

: السبب الداخلي، بأن يتسلط على الحكم من ال يحترم إرادة1األمة، مهما جاء لذلك بأعذار.

ســواء، بــأن تســتعمر دولــة هــذه الدولة،: الســبب الخــارجي2 باالســتعمار العســكري أو بســائر أنحــاء االســتعمار، فتنصــب للحكم ديكتاتورا يعمل لصالح المستعمر ال لصالح البلد، ومثل هذا الحكم الــة، ــير األم ــارة تنتهي إلى خ ــاريا، إذ االستش ــون استش يمكن أن يك

.واالستعمار جاء بهذا الحكم لينتهي إلى فائدة المستعمرــول به ــحيح المعم ــتور الص ــر أن الدس ــذا يظه ال يمكن،ومن ه

وجوده في الحكومة الديكتاتورية، إذ لو وضع الدستور في الحكومــةالديكتاتورية، أي ألوانها

69

فالبـد وأن ال يكــون صـحيحا، فـإن الـديكتاتور يقــف دون،كـانت يريــد الــديكتاتور دوام الســلطة لــه، أووضع الدستور الصــحيح، مثال

حتى لورثته، أو وضــع منهــاج السياســة أو االقتصــاد لينفعــه أو ينفــعأسياده.

يمنــعو بهذا البد له أن يقــف أمــام صــحة بنــود الدســتور، فــأوال الديكتاتور وضع الدستور صحيحا. ولو كان الدستور قد وضع صحيحا بأن كان قد وضع قبل زمان الــديكتاتور، حيث كــان المنهج صــحيحا،

وقف الديكتاتور دون تطبيق مواده، إما بالتزييف أو بالقوة. فتطبيق الدستور الصحيح واالستشــارية وجهــان لعملــة واحــدة، فإذا رأى المواطن الدستور غير صحيح، أو رأى التطبيق غير صحيح، علم بوجود الديكتاتورية، ولزم عليه أن يعمل ألجل تقويضــها، لتأخــذ

مكانها االستشارية.

))الدكتاتورية الداخلية(( ألــف: والغــالب في العــالم الســابق كــون الديكتاتوريــة داخليــة، ففرعون ونمرود ومعاوية وهــارون وعبــد الحميــد، ومن إليهم كــانوا ديكتاتوريين داخليين، يريدون كل خيرات البالد ألنفسهم، فبينما كان في بغداد عشرات األلوف من الــذين ال يجــدون حــتى لقمــة الخــبز، كان الخليفة وأتباعه يتقيؤون الغذاء ليأكلوا ما يشتهون مرة أخــرى، وكان يفرش في قصر عبد الحميد سبعمائة مائدة لســبعمائة زوجــة

وحظية، وإلى غير ذلك. حيث إن،وقد كان الدستور في عهد فرعون ونمرود غير صحيح

الدستور كان رأي الديكتاتور. بينما كان التطبيق في زمن بني أميــة وبني العبــاس والعثمــانيين غــير صــحيح، إذ الدســتور كــان اإلســالم،ــة واإلسالم منهاج مستقيم، وانما حرف تطبيقه الحكام، فكان معاوي

وينصب من بعده الملك، وال مكان لألمة واالستشارة التي أمرملكا وجاء هارون ،بها اإلسالم في أي من العهدين

70

،إلى الحكم بالوراثة، وأعطى عهده لألمين والمأمون والمعتصم له وألوالده، كل ذلك في الــوقت الــذي يقتــل فيوكأن الحكم ملكا

ليلة واحدة ستين علويا ممن يطالبون بتطــبيق الدســتور اإلســالمي،ويلقى بجثثهم في حفائر بال غسل وال صالة وال مراسيم.

وقد كان من أسباب بقاء الصليبيين في فلسطين، أخطاء صالح الـدين األيـوبي، حيث إن الدكتاتوريـة الـتي سـيطرت عليـه، بضـربهــوريا إلى ــر وس ــيم مص ــببت تقس ــط، س ــرض الحائ ــارية ع االستش

مدينتين، وبذلك ضعفت المقاومة اإلسالمية للصليبية. ثم اشــعل نــار الطائفيــة ممــا جــزأ ســوريا إلى قســمين أيضــا، وأحــرق المكتبــات وقتــل العلمــاء وطــاردهم، ولمــا ضــعفت الجبهــة

، فاضــطر إلى مهــادنتهم،الداخلية لم يتمكن من مقاومة الصــليبيين ولم يكتف بهذا بل قسم البالد من بعده بين أبنائــه، كأنــه إرث ورثــه

ولذا بقي الصليبيون في البالد )باستثناء بعض ما استرجعه،من أبيه منهم( في زمانه، وبعد زمانه عندما انقسمت البالد أكــثر فــأكثر بين

أوالده.

((ية))الدكتاتورية الخارجــة في البالد ــون الديكتاتوريـ ــا، كـ ــالب في زماننـ ــا الغـ ب: بينمـ

حيث إن الــــدول القويــــة تــــأتي بالحكــــام،الضــــعيفة خارجية الديكتاتوريين، أو تحــالف من كــان منهم موجــودا، الســتخدامهم في ،مصــالح المســتعمر، فيصــبح كــل واحــد من الحكــام عبــدا لألجنــبي

ــاعف، وسيدا ديكتاتورا على األمة، وبذلك تسام األمة الخسف المض.والذل المكرر

سد علي وفي الحروب نعامةأفتخاء تنفر من صفير الصافر

واألمثلة لذلك في العصر الحديث كثيرة، فقد جــاء البريطــانيونــا بالبهلوي األول، فجعل بالد إيران طعمة لنفسه ولهم، يعيث فيها م

، ثم نصــب من بعــده ولــده وسلبا ونهبا وسرقةشاء من الفساد قتال فلم يترك حرمة لله سبحانه إال انتهكها، ،وليا للعهد

71

ــان إلى ــه األمريك ولما أرادت األمة إسقاطه قبل ربع قرن أرجعأريكة الحكم وفعل ما فعل في قصص مشهورة.

فمثال بينما كان نصف أطفال إيران يموتون من جهة عدم وجودــده ـ،حسب اإلحصاءات الدقيقة الدواء وسوء التغذية، سرق هو وح

مع الغض عما ســرقه آل البهلـوي من إخوانــه وأخواتـه و... ــ زهــاءخمسين مليارا من الدوالرات حسب إحصاء بعض الصحف.

))الدكتاتورية واالستعمار(( إن من الطبيعي أن تصطدم أهواء الديكتاتور مــع مصــالح البالد، كمــا أن من الطــبيعي أن تصــطدم رغبــات المســتعمر مــع مصــالح

الديكتاتورية واالستعمار فالويــل للبالد، إذ،األمة، وإذا اجتمع األمرانــل يكــون ــذاك باالقتصــاد والسياســة، ب ال يكتفي المســتعمرون حين

همهم إذالل األمة وإفراغ حقدهم. فعبد الناصر الذي جاء به األمريكيــون، كــان من جملــة تعذيباتــهــلطها على ــة ليس ــا جائع ــية ويتركه ــربي الكالب الوحش ــان ي ــه ك أن

السجناء. وينقل أن بوكاســا، كــان يحشــي بطن الميت باإلطعمــة ويجعلــه

في األفران ثم يتغذى به هو وأصحابه. وصدام كان يشرب من دم ضحيته، حيث إن كاهنه قــال لــه إنــه

يقوي القلب، وإنه بحاجة إلى قوة القلب. وعيدي أمين، كان يعبث بجثث الضحايا بمشرطه ليفــرغ حقــده،

ثم يغرق في ضحك هستيري.وهؤالء الثالثة كانوا من عمالء بريطانيا وإسرائيل.

ــات ــتان والجمهوري ــروس في أفغانس ــاد عمالء ال ــص أحق وقصــالفتح ــة عن،اإلســالمية المســتعمرة ب وعمالء )مــاو( مشــهورة غني

الذكر. واالســتقالل )االستشــارية( هــو،فالدســتور الصــحيح هــو الجسد

ــديكتاتور،الروح فإذا حرمت أمة استشاريتها واســتقاللها، ونكبت بال أصــبح الدســتور الصــحيح في خــبر كــان، وإذا،مــع االحتالل أو بدونه

كتب فرضا كان حبرا على ورق،

72

وصارت الحريات اسما بال مسمى، ويكــون للــديكتاتور وأســياده بينما األمة لهم العرق والجوع والسجون والمشانق.،كل الرغائب

الحرية بحاجة إلى ضوابط األمر السادس: االســتقالل والحريــة متالزمــان، إذ كــل مســتقل حر، وكــل حــر مســتقل، إذ ال يمكن أن تجتمــع إرادتــان متعارضــتان على شــخص واحــد أو أمــة واحــدة، فــإذا كــانت اإلرادة النافــذة في إنسان أو أمــة إرادة غــيره، لم تكن إرادة نفســه نافــذة، وبــذلك فال حرية وال استقالل، وبالعكس إذا كان الفــرد واألمــة صــاحب اإلرادة،لم تكن إرادة أجنبية نافذة فيه، فتحرير اإلنسان يعنى تحرير إرادته. والحرية الصحيحة )االســتقالل( في األمــة، بحاجــة إلى إطــارات

وإال انقلبت الحريه فوضــى، أو عبوديــة، فــإن الحريــة هي،وضوابطفراط والتفريط.إالخط الفاصل بين األمرين، وطرفاها ال

ــني،والضوابط واإلطارات نفسية وخارجية فاإلنسان يجب أن يبــان ــد واالســتقامة واإلتق ــاء بالوع على الضــوابط، كالشــورى والوف

أخذت اإلنانية واألثرة مكان كل ذلك، وبهمــاوالتعاون وما أشبه، وإال يحصل التضارب حيث يصل األمر إلى الفوضى، أو إلى تسلط بعض

ســواء،األفراد على بعض حيث الدكتاتوريــة، فال حريــة وال اســتقالللوحظ ذلك في سطح األمة، أو في سطح األفراد. إذا تركــوا األمــروإلى هــذا يشــير مــا في الحــديث الشــريف:

بالمعروف والنهي

73

.(1)عن المنكر نزعت عنهم البركات وسلط بعضهم على بعض والمنكــر عبــارة عن عــدم،فإن المعروف عبــارة عن الضــوابط

الضوابط، فإن لمن يكن معروف وكان منكر كان معنى ذلك انهــدام الضوابط، واذا انهدمت انجــر األمــر إلى الفوضــى، والفوضــى تنتهي

، وحيث ال تعــاون حينــذاك ال بركة،إلى تســلط األقــوى )الــديكتاتور( باإلضــافة إلى أن الــديكتاتور ينهب الخــيرات فال يــدع البركــة، وقــد

ذكرنا في كتاب )الفقه: االقتصاد( مسألة البركة.

ط الحرية(())ضواب وقايــة لهــا عن ـــثم إن معنى جعل الضــوابط الخارجيــة للحرية

االنحراف وإنماء لها إلى الحدود الممكنة ـ :ــة1 ــة، فال تتعــدى الحري ــل بحــدود الحري ( وضــع القــانون الكفي

حدودها المعقولة، وال تتقلص الحرية عن حدودها المعقولة. ( تطبيق القانون على الخارج، فيكــون الخــارج وعــاء للحريــة،2

فلها أوعية منطبقة ال ضيقة وال مهلهة، ولنمثل لألمرين بـحرية إبداءالرأي لسانا وقلما وأفالما.

فالالزم أوال أن يحدد القــانون كميــة وكيفيــة تلــك الحريــة، فهــل في إبــداءأو في إبــداء اآلراء السياســية، أو حرية في إبداء العقيدة،

؟ في إبداء اآلراء االجتماعية، وهكذاأواآلراء االقتصادية، ثم الحرية في كل ذلك مثال هل بكيفية خاصة من اإليجابية فقطــو حــدد ــرأي، أو بالســلبية أيضــا بنقــد اآلراء المخالفــة، ول ــداء ال بإب القانون جواز النقد، فهل نقدا الذعا أو نقدا مالئما، إلى غير ذلك من

حدود الكم والكيف.

.4 من األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ح1 الباب 394 ص11( الوسائل: ج?)174

أوعية الحرية ،هذا بالنسبة إلى تحديد القانون، ثم يأتي بعــد ذلــك دور الخــارج

بتكوين األوعية الخارجية لهذه الحريات القانونية. واألوعية، هي )اإلعالم(: الصحف والراديو والتلفزيون وما أشــبه

ــات،،ذلك ــل والمنظمـ ــات والكتـ ــزاب والجمعيـ ــات(: األحـ و)الهيئـــز اإلشــعاع ــات، و)مراك ــات والجامع و)المعاهــد(: المــدارس والكلي

الثقافي(: المكتبات والكتب واألفالم والنوادي، إلى غير ذلك.ــانون وتحفظـــه عن خطـــر فـــإن هـــذه هي الـــتي تـــرعى القـ

الديكتاتوريين، كما تحفظه عن خطر الفوضى والترجرج. ثم الالزم أن يكــون كــل ذلــك بنســبة معقولــة، تســتوعب كميــة

بال زيادة فتكون هدرا، وال نقصان فتكون فوضى أو،الحرية وكيفيتها ديكتاتوريـــة، حـــال ذلـــك حـــال المدرســـة والطالب، فـــإذا لم تكنــانت المدرسة بقدر الطالب بقي فائض الطالب بدون تثقيف، وإذا ك

أكثر منهم كان الزائد هدرا. بقي: إن أوعيــة الحريــة البــد لهــا من )مــال( يمــدها، إذ ال يمكن بقاء المؤسسات بدون األموال الكافية، ومن )قــوة( تمنــع خصــومهاــه وآلــه( من االعتداء عليها، وقد ورد عن رسول الله )صلى الله علي

، وفي اآليــاتلــوال مــال خديجــة وســيف علي عليــه الســالمقوله: كاة﴿المباركات: .(2)﴾أعدوا لهم ما استطعتم من قوة﴿ و،(1)﴾آتوا الز

إذ،ثم ال يخفى أن أوعية الحرية كما تحفظ الحرية تنمي الحريةكل

.43( سورة البقرة: ?)1.60( سورة األنفال: ?)2

75

مثال،من الحرية والديكتاتورية قابلة للنمو، كاألشجار القابلــة لها المستبد يحدد أسفار النــاس، ثم بنــاءهم للعمــارات، ثم كتــابتهم، ثمإبداءهم لآلراء، ثم مداخلهم للمال، ثم مصارفهم له، إلى غير ذلك.

وبالعكس أوعية الحريــة تحـررهم عن الضــرائب الباهضــة، وعنقيود سفرهم وحضرهم، وزواجهم وبنائهم، وغير ذلك.

ولذا كان من الضروري في الحكومات االستشــارية وجــود كتلــة في مجلس األمة للتحرير، شأنها ســن القــوانين المحــررة تــدريجيا، وذلــك باإلضــافة إلى أنــه عمــل إنســاني يحكم بــه العقــل، هــو أمــر

النــــاس مســــلطون على أمــــوالهم لقاعــــدة ،شــــرعي واجب ، فكــل ســلب لحريــة من حريــاتهم إســقاط لجــانب من(1)وأنفسهم

الالتسلط على أنفسهم وأموالهم، فهو منكر تجب إزالته، ولقاعدة ــرئ مســلم ــق ام ــوى ح ــه(2)يت ــد حكم ب ــل إذا حكم فق ، وألن العق

ــير،الشرع لتالزمهما في سلسلة العلل كما قرر في األصول، إلى غذلك من األدلة.

نعم لو دخل هــذا في بــاب الترفيــه على األمــة ولم يكن عنــوان جعل الطرق وتنظيم المرور، بحيثثانوي يوجبه كان مستحبا، فمثال

،ال يكون فيها وقوف ولــو لحظــة ممــا يعطي حريــة الســير الســريعترفيه مستحب.

ــة( الكالم في ــية )الحريـ ــائل السياسـ ــل الكالم في المسـ ومثـ فــإن الالزم أن تكــون كتلــة برلمانيــة،المســائل االقتصــادية وغيرها

،ألجل تخفيض األسعار على المستهلك فإنــه إن كــان الغالء إجحافــا كان ترفيها مستحبا، قال سبحانه: كان واجبا، وإال

.272 ص2( انظر بحار األنوار: ج?)1.5 من الشهادات ح46 الباب 215 ص3( مستدرك الوسائل: ج?)2

76

ر﴿ ه بكم اليســ من نفس عن مــؤمنوفي الحــديث: ، (1)﴾يريد الل.(2)كربة

إلى غــير،(3)أحب لغــيرك مــا تحب لنفسكوفي حــديث آخــر: ذلك.

وفي بعض الحكومـــات الديمقراطيـــة كلمـــا اجتمعت اللجنـــة الخاصة بتخفيض األسعار استبشــر الشــعب، لكن ال يخفى أن الالزمــعار ــ ــاء االس ــ ــة األهم والمهم من بق ــ ــاب التخفيض، مالحظ ــ في ب وتخفيضها، فقد ذكرنا في كتاب )الفقه: االقتصاد( آراء االقتصــاديين

فالمســألة،في تثبيت األسعار وتخفيضها تــدريجيا وترفيعهــا تــدريجيافي ما نحن فيه مبنية على تلك المسألة.

يبقى الكالم في مســألة فســح المجــال أمــام الحريــات، وجعــل الضــوابط الحافظــة والمنميــة لهــا، فــإن هنــاك أمــرا آخــر، وهــو أن

فإذا لم يكن الموضوع كان عدمها،الحرية قد توجد بإيجاد موضوعها.من باب السالبة بانتفاء الموضوع

مثال حرية إبداء لرأي بواسطة المذياع، لم يكن لها موضوع قبل اختراع المذياع، وحرية الســفر بالطــائرة لم يكن لهــا موضــوع قبــلــدها ــة، وبع اختراع الطائرة، وهكذا وهكذا، فقبل اآللة ال معنى للحري ال وجه لكبتها، وإيجــاد الموضــوع لهــا يكــون مســتحبا، ألنــه نــوع من التيسير والترفيه وما أشبه، وإن كان قد يكون واجبا أو حراما، ألمــر

ثانوي.

.185( سورة البقرة: ?)1.2 من فعل المعروف ح29 الباب 586 ص11( الوسائل: ج?)2.21( نهج البالغة: الكتاب ?)3

77

القومية أم الكفاءة األمر السـابع: القوميــة في الحكم تقابـل اإلنسـانية بكــل معـنى

ألن القوميــة تــرى تقــدم القـوم، وال تعتــني بالكفــاءة، بينمــا،الكلمة اإلنسانية ال تقدم إال الكفــاءة، ولــذا كــانت القوميــة حــتى في الفــرد نوعا من القوقعــة واالنغالق، واالنحطــاط إلى األســوأ، فــإذا طبيبــان أحــدهما أفهم لكنــه ليس من القــوم، واآلخــر أقــل فهمــا لكنــه من

وهكــذا في كــل األمــور إلى،القوم، قدم القومي الثــاني على األولأن يصل إلى الحكم، بينما المعيار عند غير القومي الكفاءة.

أكرمكمنإوجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ﴿وقد قال سبحانه: ه أتقاكم بينما قال الشاعر القومي:،(1)﴾عند الل

سالم على كفر يوحد بيننا بعده بجهنم وسهالوأهال

وهــل الخــير يكــون بعــده جهنم، إال إذا أنبتت شــجرة البرتقــال حنظال، أليس ما يكون بعده جهنم نواة لجهنم، ثم هــل الكفــر يوحــد

واألنانية فرقة دائما، بينما اإليمــان تواضــع،أو يفرق، إن الكفر أنانية والتواضع وتحري الحقيقة سبب التجمع.، للحقيقةوتحر

كم﴿ولذا قال سبحانه: .(2)﴾إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربعف﴿وقــال ســبحانه: يعا يستضــ عال في األرض وجعــل أهلهــا شــ

ح أبناءهم ويستحيي نساءهم .(3)﴾طائفة منهم يذب

.13( سورة الحجرات: ?)1.92( سورة األنبياء: ?)2.3( سورة القصص: ?)3

78

وبقدر تأصل النظام القومي في بلد يكون التــأخر بكــل أســبابه، فإن من يقول القوم أفضل من غيره، البد وأن يقول القطر أفضــل

والمحلــة أفضــل من غيرهــا،،من غيرهــا، والبلــد أفضــل من غــيره وهو بنفسـه أفضـل من ســائر عائلتــه، فـإن،والدار أفضل من غيره

،الحكماء يقولون: )حكم األمثــال فيمــا يجــوز وفيمــا ال يجــوز واحــد(وقد رأينا كيف أن القوميات الضيقة جنت على البالد القومية.

ومن أوضح األمثلة لــذلك )القوميــة العربيــة( فهي يــوم تحكمت في الجزيــرة العربيــة قبــل بــزوغ شــمس اإلســالم كــانت من أســوأــه ــا قالت ــتى أوصــلتهم إلى م ــة ح ــأخر والتفرق ــل والت أســباب الجه

ــا(: ــه عليه ،كنتم تشــربون الطــرقالصــديقة الطــاهرة )ســالم الل.(1) أذلة خاسئين،وتقتادون القد والورق

ثم وحدهم كما وحد غيرهم معهم اإلســالم، إلى أن جــاء الغــرب بالقوميـــة مـــرة ثانيـــة إلى البالد العربيـــة في غيـــاب من التعقـــل

، وإذا بنفس الحالة تعاد إلى البالد، فصــاروا أذلــة خاســئين،واإلدراكة﴿تدمغهم حتى أذل األمم والذين قال الله عنهم: ضربت عليهم الذل

.(2)﴾و المسكنة ولذا كــان الــواجب أن يكــون الحكم إنســانيا، حــتى وإن لم يكن إسالميا، لكنا نعتقد أن اإلنسانية اليمكن وجودها إال باإلسالمية، ولقد أخطأ القوميون من المسلمين سواء بالنسبة إلى القوميــة العربيــة،

حيث تحطمت االمبراطوريــة العثمانيــة بســبب،أو ســائر القوميــات حيث كما تحطمت غيرها بمثل هذا أيضــا،،تمسكها بالقومية التركية

رأوا الغـرب تقــدم باسـم القوميـة فلم يعرفــوا أن القوميــة الغربيــةكانت تحطيما للسجن األصغر إلى السجن األكبر، بينما

.12( انظر بالغات النساء: ص?)1.61( سورة البقرة: ?)2

79

ــا ــا تحطيم كانت القومية العربية أو التركية أو الفارسية أو غيرهللحرية إلى العبودية.

إن البالد الغربيــة كــانت يحكمهــا البابــا في أســلوب ديكتــاتوري ــا ــا ودني وحيث لم يكن،فردي يجمع بين أصابعه مقدرات النــاس دين

ــة الغرب يعرف اإلنسانية في الحكم أراد تحطيم الديكتاتورية الفردي وهكــذا نبتت القوميــة الغربيــة في،إلى القومية، ألنهــا أوســع دائــرة

وغــير،منبت الجهل باإلنســانية، بينمــا العــرب الــذين قلــدوا الغــرب العرب من سائر المسلمين القومــيين، حطمــوا اإلنســانية المتمثلــة

.في اإلسالم إلى القومية الضيقةفإن الحكم قد يتقمص:

كمــا كــان يفعلــه البابــا، يحكم باســم اإللــه،،( اإللهيــة المزيفة1ــا يشــاء، و)باســتيل( ــل من يشــاء ويفعــل م ــا يشــاء ويقت فينهب م و)حروب الكثلكة( و)محاكم التفتيش( وعشـرات األمثلـة غيرهــا من

أوضح الشواهد لذلك. ،( وقد يكون الحكم شعبيا، أي يكون الشعب مصدر السلطات2

ــة وبهذا يخرج الحكم عن الفردية إلى الشعبية، فال تكون الديكتاتوريالمسماة باإللهية.

3 ، فرديا كالملك،( وقد يكون الحاكم ديكتاتوريا زمنيا ــا أو جماعي والقوميـــة في الحكم نـــوع من،كحكومـــة األشـــراف، أو قوميـــا

الديكتاتوريـــة، ألن الحكم ينحصـــر في دائـــرة القـــوم، وأليس كـــلانحصار ضد الكفاءة.

( بينما اإلسالم جاء بالحكم الذي يجمع فيه رضى اللــه ورضــى4 األمة، فهــو إنســاني صــرف أكــثر من اإلنســان الــذي ال يالحــظ فيــه اإلطار اإللهي المستفاد من الكتاب والسنة، فإرادة اإلنسان بما هــو

إنسان هي سيدة الموقف في إطار

80

إرادة اللــه ســبحانه، فــإذا كــان فقيهــان للــدنيا والــدين عــادالن كفوءان للحكم، كان لألمــة أن تختــار أحــدهما، وأين هــذا من الحكم

بله اإللهية المزيفة.،القومي الضيق المصادم للكفاءة كيف يكون الحكم إلهيا

ومعنى كــون الحكم مرضــيا للــه باإلضــافة إلى انتخــاب النــاس،أمران:

األول: أن يكون الحاكم ممن يرضــاه اللــه ســبحانه، بــأن يكــون مــرفقيهــا، صــائنا لنفســه، حافظــا لدينــه، مخالفــا لهــواه، مطيعــا ال

ــأن(1)مواله ــع ب ، فإن الصائن لنفسه بأن ال يأتي بالمحرمات، والمطيــأن ال يتطلب المحر ــواه ب ــالف له ــاألوامر، والمخ ــأتي ب ــياي ،م نفس

فاألربعــة المــذكورة،والحافظ لدينه بأن تقــف نفســه على الــواجب اثنان منها تــذكر األعمــال إيجابيــا وســلبيا، واثنــان منهــا تــذكر صــفة

النفس سلبية وإيجابية. والصفات النفسية وإن لم تكن ذات تأثير في الطاعة والعصيان في غير مثل الكفر واإليمان، كما قرره الشيخ في الرســائل وغــيره في غيره، إال أن العدالة حيث كانت )ملكة( كما ذهب إليه المشهور

أن يعرف بالســتر والعفــاف(: ليه السالم لقوله )ع،من المتأخرين ولغيره، كانت لها مدخليه في خالفة النــبي )صــلى اللــه عليــه وآلــه(

اللهمواإلمام )عليه الســالم(، حيث قــال )صــلى اللــه عليــه وآلــه(: وقال ،(2)ارحم خلفائي

.9 من صفات القاضي ح11 الباب 101 ص18( الوسائل: ج?)1.7 من صفات القاضي ح11 الباب 101 ص18( الوسائل: ج?)2

81

إلى غير ذلك.،(1)ما الحوادث الواقعةأ)عليه السالم(: الثــاني: أن يؤخــذ القــانون من األدلــة األربعــة، ومن الواضــح أن

الحكم الذي وضعه الله سبحانه خير من حكم البشر من جهة:

))ميزات الحكم اإللهي على القانون البشري(( بخالف الثاني.،ألف( عدم تأثير الظروف واألهواء في األول

ــل ــر، وجه ــلح البش ــا يص ــبحانه بم ــه س ــة علم الل ب( ومن جهالمشرعين مهما كانوا نزيهين ومعتدلين.

ج( ومن جهــة أن الحكم المســتند إلى اللــه يــوجب اطمينــان بخالف الحكم الموضوع من قبــل البشــر،،اإلنسان في االستناد إليه

حيث ال يصلح لالستناد، فإن كل شــيء من الخلــق واألمــر البــد وأنينتهي إلى ما بالذات وإال كان وراءه شيء.

ــق و األمر﴿ولذا قال سبحانه: ــه الخل وأن﴿ وقــال ســبحانه: ،(2)﴾لك المنتهى .(3)﴾إلى رب

ولنفــرض أن أغلبيــة المجلس في الحكم الــديمقراطي وضــعت ،قانونــا بكــل نــزاه، فهــل األقليــة الــذين هم نــواب الماليين مثال

ــانون، يعتمــدون عليه ــذلك الق ــك،المخــالفون ل ــد أولئ وإذا لم يعتم نفسيا فهل مثل هذا القانون يكــون مبعث رضــا الجمــاهير، وحيث ال

اعتماد عليه عند أقلية الجماهير اليهمهم خرق القانون. وهذه هي من مشاكل القانون الذي تحير فيه عقالء الغــرب، وال

.يجدون له حال

))كيف سيطر الغرب على بالدنا(( وقد رأى الغرب أن أهم ما يتمكن بــه من تمزيــق أوصــال البالد

اإلسالمية،

.283 ص2( االحتجاج: ج?)1.54( سورة األعراف: ?)2.42( سورة النجم: ?)3

82

ــات ــ ــا بالقومي ــ ــا، أن يفرقه ــ ــتعباد أهله ــ ــيراتهم، واس ــ ونهب خ وأن يضــع القــانون الوضــعي مكــان القــانون،واإلقليميــات واللغــات

اإللهي، وأن يوصــل إلى الحكم عمالءه الــذين يطيعــون أوامــره فيضرب اإلسالم والمسلمين.

ولقــد قــال )غالدســتون(: مــا دام القــرآن قــانون بالد اإلســالم، والعلماء مسيطرين على األمة، والكعبة محل اجتمــاعهم، ال تســتقر

ــل،أرجل بريطانيا في بالد اإلسالم قالوا له: وهل نحرق القرآن ونقت العلمــاء ونهــدم الكعبــة، قــال: ال، قــالوا: فمــاذا نفعــل، قــال: ضــعوا القانون مكان القرآن، وفرقوا بين الــدين والدولــة، وارمــوا العلمــاء بما يفرق الشعب عن حولهم، واجعلوا الكعبة محل ظهور خالفاتهم،

.(1)حتى تكون مبعثا للتفرقة بدل كونها مبعثا للتأليف وهكذا فعل الغربيون كما أوصى، ومطالعــة كتــاب )الغــارة على العالم اإلســالمي( و)مــذاكرات المس بــل( و)التبشــير واالســتعمار( و)مذاكرات كينياز( و)مذكرات مستر همفر( وعشرات الكتب األخر،

تدل على هذه الحقيقة المرة. هذا باإلضافة إلى ما رآه المسلمون في هذا القرن، من تطــبيق

تلك المبادئ الغالدستونية.ــا1 ــ ــد وتركي ــ ــرب والهن ــ ــات في بالد الع ــ ــاء القومي ــ ( من إحي

وأفغانستان وإيران وإندونيسيا، وغيرها وغيرها. ( ومن فصل الدين عن الدولة، ليأخذ مكانه القانون الوضعي،2)

في إمعانا،حيث صار لكل بلد قانون خالف القــانون في البلــد اآلخر أخذ القانون في إيــران )العهــد الملكي( من )بلجيكــا(،التفرقة، مثال

وفي العراق من )بريطانيا(، وهكذا.

.17( انظر: شبهات حول اإلسالم: ص?)183

وكل مسلم في غــير،( ومن إحياء االقليميات، فلكل بلد حدود3 بينما الكافر وطني أهلي.،بلده أجنبي

4 ــوا جهــرا ــاتورك،( والعلمــاء حورب ــان وأت كمــا حــاربهم البهلويــاع )دروزة( وناصـــر، والمســـيطرون على الحكم في بغـــدادهم أتبـ

ــق وفهد ومن إليهم من الصــليبيين والصــهيونيين،والحــوراني وعفلوالشيوعيين وفروعهم.

( كما أوجدوا في الحجاز عائلة ســعود والوهابيــة، فصــار الحج5ــقاق بين ــاد الش ــق كلمتهم، وإيج ــلمين، وتفري ــير المس ــز تكف مرك

فئاتهم، إلى غير ذلك مما لسنا بصدده في هذا الكتاب.

الحروب الفردية والحروب الهدفية األمر الثامن: كانت الحروب في الزمان السابق حروب األفــراد

ــوك الــديكتاتورييين أو حــروب،غالبــا، ســواء كــانت حــروب المل الزيجات، أو الحروب الدينية المزيفة، حيث إن البابا يريد االســنتئثار بالسلطة، فيشعل نار الحرب ألجل السيطرة على أكثر ما يقدر من

البالد والعباد. وأما حروب القبائل في الجاهلية ونحوهــا لألطمــاع، فقــد كــانت حروبــا أطماعيــة، أشــبه بــالحروب الفرديــة، ألن شــيخ القبيلــة كــان

المقرر للحرب. وقد كانت حروب الصــليبيين للبالد اإلسـالمية، وحــروب المغــول كلها حروبا ذات شعارات دينية وأهداف دنيوية تقمصت لباس الدين

فإن المغول وإن كانوا وثنيين، إال أن المحرك لهم،لألطماع الدنيوية كانت المسيحية، كما ثبت في التاريخ، ولذا كانوا يهدمون المســاجد

ويبنون مكانها الكنائس.

84

ــه( ولوال الشيخ الجليل نصير الدين الطوسي ) ــقرحمه الل لم يب لإلسالم أثــر كبــير على أقــل تقــدير في ذلــك الزمــان، فقــد رأى أن السيل جارف ومن الممكن أن يزمه بمسايرته، وهكذا فعــل، وكــان

من أثر ذلك:ــف يتغلب ــيرى كي ــوم ل ــك أن ينظــر في النج أن طلب من المل الملك على األعداء، وذلك بعد أن اطمأن الملك بصدقه، ألن الشــيخ أظهر له عدة أعمال جليلة، أمثال تبريد غرفة الملــك بواســطة نــوع

وإسكات نقيق الضــفادع بواســطة أمعــاء البقــر،، خاص من الشوكوغير ذلك، مما ذكر في التواريخ المفصلة.

ــة إلى الكتب ــك بحاج ــه: إن ذل ــال ل ــك ق ــه المل ــل من ــا قب ولم واألوقاف والعلماء، ولذا منح الملك إياه أن يحفــظ مــا يشــاء فجمــعــا بلغت زهــاء حــول نفســه علمــاء كثــيرين نجــاهم من القتــل، وكتب أربعمائة ألف، وحفظ أوقافا كثيرة، باسم أن تكون مادة الســتخراج

ــاء،الفلكيات حيث بنى مرصد )مراغة( المشهور، وهكذا حفــظ علموعتبات النجف وكربالء والحلة وغيرهم.

ــآمر مــع أما اتهام بعض المتعصبين البن العلقمي والطوسي بالت الملك انتقاما من الســنة، فليس ذلــك إال كــذبا صــريحا، يفضــحه أن الشــيعة في بغــداد كالســنة كالهمــا أصــابهما إعصــار المغــول، كمــا يفضحه أن الطوسي حفظ علماء الطرفين وكتبهما وأوقافهما، وفي

المثل: )ما أسهل كيل التهم، وأصعب إقامة الدليل على ذلك(.

الحروب اإلسالمية كانت دفاعية أما الحروب اإلسالمية في زمان الرسول )صلى الله عليه وآله( فقد كــانت دفاعيــة بأجمعهــا، كمــا ذكرنــا ذلــك في كتــاب )في ظــل

فــإن الجهــاد االبتــدائي وإن كــان جــائزا في ســبيل اللــه،اإلســالم( إال أن الرسول )صلى الله عليه وآله( ،والمستضعفين

85

أراد إتمام الحجة بعد أن كان يعلم أنه البد من االصطدام، فما أفضـــل أن يبـــدأها الكفـــار، وبنفس هـــذه الفلســـفة لم يبـــدأ علي والحســن والحســين )عليهم الســالم( حــروبهم في الجمــل وصــفين

والنهروان وكربالء وغيرها، مع أنه كان لهم البدء بالحرب. ومن نظر إلى كتــاب )الــدعوة إلى اإلســالم( وهــو تــأليف لبعض المسيحيين، يرى كيــف أن اإلســالم دخــل أغلب البالد بــدون حــرب، وإذا كانت حرب كان األكثر تعــدى غــير المســلمين على المســلمين

، فــإن من طبيعــة اإلســالم الســالم، فــإن من أســامي اللــهأوالالم﴿ وليلة القدر في كل سنة ، وتحية المسلم )السالم(،)السالم( سـ

لم كافة﴿ وقد قال سبحانه: ،(1)﴾هي وقــد ألمعنــا، (2)﴾ادخلوا في الســ.(3)إلى بعض ذلك في كتاب )كيف انتشر اإلسالم(

ــا وبهذه المناسبة في الحروب الدينية واألطماعية وما أشبه، ممــاآلخرة طــابع الفردية ــة،تأخــذ ب ــا لألمبراطوري ــذكر حــروب أوروب ن

العثمانية، وحروب العثمانيين لبالد إيران، وحروب روســيا القيصــريةــال ــزقت أوص ــتي م ــروب ال ــرق، والح ــمال والش ــرف الش من ط اإلمـــارات األلمانيـــة والممالــك األروبيـــة، وحـــروب الكثلكـــة ضــد البروتستانيتة، وكفــاح رجــال الــدين المســيحي أمثــال )إيراســمس(

و)لوثر( و)كالفن( لإلصالح ضد البابا، إلى غير ذلك.ــبحت ثم تطور الباعث للحروب من الفردية إلى األمة، حيث أص الحروب الفرديــة باســم الــدين والملــوك والزيجــات في خــبر كــان، وصارت الحروب استعمارية تخوضها األمــة المســتعمرة من جــانب،

والبالد التي تريد استقاللها

.5( سورة القدر: ?)1.208( سورة البقرة: ?)2يل األكثر انظر )فقه السلم والسالم( لإلمام الشيرازي )قدس سره(.( للتفص?)3

86

أمثال حروب بريطانيا ضــد،من جانب آخر، واألمثلة عليها كثيرة ،الصين، وضد العراق، حيث قتلوا في األولى عشرين مليون إنســان

تي ألف إنســان من ثالثــةئ وفي الثانية ما،فيما سمي بحرب األفيون ماليين عراقيين، ويلحق بذلك قتل البريطانيين زهــاء خمســة ماليينــاح ،من الهنود، في ثورتهم الالعنفية لالستقالل بزعامة غاندي والجن

حيث قتلوا قسما من هؤالء تجويعـا، وقسـما في السـجون، وقسـماعند انفصال باكستان عن الهند.

ومن هذا القبيل كانت حروب )بونابرت( وحروب تحريــر إمريكــا الشمالية من إنكلترا، وإمريكا الالتينية من إسبانيا والبرتغال، وحرب الترنسفال، وحروب البلفان، وحــرب الريــف في بالد المغــرب ضــدــة، فرنسا وإسبانيا، وحروب جنوب شرق آسيا، وكفاح البالد اإلفريقيــدأ ــك، حيث ب ــير ذل وحــروب البالد اإلســالمية مــع إســرائيل، إلى غ المستعمرون بالحرب ألجل السيطرة، أو بدأتها الــدول الــتي وقعت

تحت االحتالل. وقــد امتــدت هــذه الحــروب حــتى اآلن في أطــراف فلســطين المحتلة، وفي إرتريا، والفليــبين، كمــا تجــددت في أفغانســتان حيث غزتها الروس، كما غزت الروس من ذي قبــل الجمهوريــات الســت

اإلسالمية، والحكومات الالمركزية اإلسالمية السبع عشرة.كما أن بعض الحــروب كــانت بين دولــتين اســتعماريتين، ألن كال

كمــا في الحــرب،منهما يريد االستعمار، واستغالل مــوارد بالد اآلخرــة، حيث ســبقهما اشــتداد ــة الثاني ــة األولى والحــرب العالمي العالميــرب ــات الغ ــات إمبراطوري ــوه بين كبري ــادي ونح ــافس االقتص التنــبر والبحــر، الصناعية، وتسابقهما في سبيل السيادة على مسالك الــوارد ــدر ممكن من م ــبر ق للســيطرة على الشــعوب واســتغالل أك

البالد، ولذا أطلق عليهما الحرب االستعمارية.ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية،

87

إلى سنة ثمانين م، تحدث في كل شهر ونصــف حــرب أو ثــورةأو انقالب صغير أو كبير، ووراء الكل مطامع الشرق والغرب.

والحاصل أن الحروب غير التحريرية ـــ أمثــال حــروب الشــعوبــ ربمــا كــانت المستضعفة، والحروب اإلسالمية الدفاعية واإلنقاذية ـ فردية، من ملك يريــد الســيطرة، أو بابــا يريــد االســتغالل، أو زوجــة تريد فرض الرأي، أو ما أشبه، وربما كانت جماعية، ألجل االقتصــاد،

أو توسيع رقعة السيادة، أو غير ذلك. والقســم األول كــان الطــابع العــام للحــروب الســابقة، كمــا أن

القسم الثاني هو الطابع العام للحروب الحاضرة.ــي ــق السياس ــق من المنطل ــروب تنطل ــم من الح ــذا القس وهــان إلى المنتهى ــدة، وتنتهي ــة واح ــان لعمل ــا وجه ــادي، ألنهم االقتص

السياسي االقتصادي أيضا.

الدولة وتنظيم الحياة االقتصادية األمــر التاســع: كــان لالقتصــاد واليــزال الــدور الفعــال في حيــاة

،من ال معاش له ال معــاد لهاألفراد واألمم، وقد ورد في اإلسالم: و،(1)الفقر سواد الوجه في الدارينو .(2)كاد الفقر أن يكون كفرا

.26 ذيل ح94 باب 30 ص69( بحار األنوار: ج?)1.4 من جهاد النفس ح55 الباب 293 ص11( الوسائل: ج?)2

88

فالظــاهر،(1)الفقــر فخــريأما قوله )صلى اللــه عليــه وآلــه(: إرادته )صلى الله عليه وآله( أنه فخره حيث إنه كان قائــدا، والقائــد إذا كان فقيرا كان سلوة للفقــراء، ولــذا قــال علي )عليــه الســالم(:

لئال يتبيغ الفقير بفقره(2). باإلضافة إلى إيجابه التفـاف النـاس حولـه أكـثر، ألنهم يعرفونــهــإنهم إذا مخلصا، ولكي يتخذه )صلى الله عليه وآله( القادة أسوة، ف كــانوا فقــراء معــوزين عرفــوا مــا يعانيــه الفقــراء، ممــا يحثهم على العمل لمصلحة الشــعب أكــثر، فــإن الجــائع يعــرف ألم الجــائع، أمــا الشــبعان فهــو يعيش في قصــر عــاجي فال يعــرف مشــاكل ســكنة

وقيــل غــير ذلــك في معــنى الحــديث المتقــدم، ممــا لسـنا،كـواخأالبصدده.

والدولــة مكلفــة بتنظيم اقتصــاد النــاس بحيث يكــون لكــل فــرد وقــد ذهبت المــذاهب، بمــا للرفــاه من شــمول في المعــنى،الرفاه

االقتصــادية إلى أنــواع خاصــة من تنظيم االقتصــاد، لكن كلهــا أبــدى فشله، حيث لم يعالج أي منهــا مشــكلة التــأخر االقتصــادي بالنســبة

إلى أغلبية األمة. فالرأسمالية بكال قسميها )الرأســمالية الغربيــة، حيث إن المــالــؤس. ــاه، أو البـ ــعب يعيش دون الرفـ ــة الشـ ــار، وأغلبيـ ــد التجـ بيـــة من ــة الرفيع ــد الطبق ــال بي والرأســمالية الشــرقية، حيث إن المــتراكية، ــؤس(، واالش ــعب يعيش الب ــل الش ــيوعي، وك ــزب الش الح

كلهــا لم تحــل، وهمــا مزيجــان من قســمي الرأســمالية،والتوزيعية كما فصلنا ذلك في كتاب )الفقه: االقتصاد(..المشكلة االقتصادية

.38 ح39 ص1ي اللئالي: ج( غوال?)1.209( نهج البالغة: الخطبة ?)2

89

اإلسالم والمشكلة االقتصاديةــكلة ــل المش ــذي تمكن من ح ــد ال ــدأ الوحي ــو المب ــالم ه واإلس االقتصادية، حيث أباح االتجار والمضاربة والميراث والملكية الفردية

، وأن، والمصرف حالالمن ناحية، وحدد ذلك بأن يكون المصدر حالال ال يكون إجحاف وإضرار، وأن يعطي الحق في المال، على تفصــيل

ذكرناه في كتاب االقتصاد. والزم كل ذلك التحفظ على الحرية االقتصادية من ناحية، وعلى

عدم طغيان المال من ناحية ثانية.ــل فليس موقف الدستور اإلسالمي من االقتصاد موقفا سلبيا، ب إنه قد عين بكل دقة المنهج االقتصادي السليم، كما أنــه تبعــا لــذلك ليس موقف الحكومة موقفا سلبيا، فالالزم أن تراعي الدولة تطبيقــام ــوم من األي الدستور في الحياة الخارجية، ولم يكن اإلسالم في ي مثــل الشــرق والغــرب، ســواء في الســابق أو في الحــال، أمــا في السابق فكانت دول العالم غير المسلمة تصب جهودها على شؤونــد الجيش والقضاء واألمن، وال شأن لها باالقتصاد ال في أصله وال عنــا األزمات، كما لم تكن تهتم بالبطالة واألسواق والغالء والقحــط وم

أشبه.ــاد ــة تهتم باقتصـ ــدول الغربيـ ــر، فالـ ــال الحاضـ ــا في الحـ وأمـــة ــة الكاســحة، فغاي ــا ســائر الشــعب وهم األكثري الرأســماليين، أم اهتمام الدولة لها رعاية بعض شؤونها االقتصادية، مما هــو أقــل من الرفاه، وتحت ظــل مثــل هــذه الــدول يعيش كثــير من الشــعب في

حالة البؤس. والدول الشرقية، الشعب عندها أقل من األغنام، بل الفرد حاله حال آلة في معمل كبير، قيمته قيمة الجماد، ولــذا فــالبؤس والعــوز

كما دل على ذلك قانون الشيوعيين، ،والمرض هي الحالة العامة

90

وخطابات زعمائهم، ومشاهدة من رأى بالدهم عن كثب.ــدخال ــادية، ال ت ــؤون االقتص ــدخل في الش ــالم يت ــإيراثواإلس ب

بــالكبت وســلب الحريــات وال تــدخال،الفوضــى واإلفــراط والتفريطوإلغاء الملكية الفردية ولوازمها، بــل تشــرف الدولــة إشــرافا فعــاال على الشؤون االقتصادية، من العمــل واألربــاح والمعامــل والمــزارع

والمعادن وغيرها. وتضع حدا لالحتكار والربا واإلجحاف وإرهاق المستهلك وحدوث

األزمات االقتصادية، وذلك بأمرين: ( تأطير القوانين االقتصادية اإلســالمية بــأطر تناســب العصــر،1

ألن كيفية تطبيق القوانين العامة تختلــف حســب اختالف الظــروف،ــي فإن الحكم يتبع الموضوع، مثال إذا كانت مائة كيلومتر من األراض البائرة، وكان الذين يريدون تعميرها مائة إنسان كل له قابلية تعمير

أما إذا كانوا ألفــا كــذلك،كيلومتر، قررت الدولة لكل واحد كيلومتراشر كيلومتر.قررت الدولة لكل واحد ع

وهكــذا ســائر الشــؤون االقتصــادية، فقــد يكــون ربح واحــد في عشرة ليس بإجحاف، وقد يكون حتى ربح عشر العشــرة في واحــد إجحافا، فالذي استورد مــا يكــون ربحــه بقــدر قوتــه لم يكن العشــر بالنسبة إليه إجحافا، بينما من استورد مــا يكــون ربحــه بقــدر مئــات أضعاف قوته يكون ربح عشر العشــرة لــه أيضــا إجحافــا غالبــا، إلى

وال يخفى أن هــذا،غير ذلــك من تغــير األحكــام بتغــير الموضــوعاتالتأطير هو شأن مجلس األمة.

وعليه فالالزم أن يكون في مجلس األمة كتلة اقتصــادية، تحــف بهــا جمهــرة من الــدكاترة االقتصــاديين، وفقهــاء اإلســالم، والخــبراءــه واالقتصــاد واالجتمــاع، ــوازين الفق ــوا م ــا يعرف االجتمــاعيين، كيم

فيصبوا القوانين االقتصادية بحيث

91

تطابق اإلسالم وتكــون صــالحة في نفس الــوقت إلعطــاء حيــاةاقتصادية مرفهة لألمة.

أما السير في المنهاج االقتصادي اعتباطيــا بالتــأميم، أو بــإطالق حريات اقتصادية ضارة، أو بجعل المنابع الكبرى والتجارة عمومــا أوــير، خصوصا بيد الدولة، أو ما أشبه ذلك، فليس إال طفولة في التفك

. ال تزيد األمر إال إعضاال،وبدائية في وضع المنهاجــوازين ــة للم ــادية المطابق ــوانين االقتص ــع الق ــالمهم أن توض ف

وهي التي تجعل للفـرد حريـة العمـل والملكيـة الفرديـة ـاإلسالمية على أساس العدالة االجتماعية والمساواة القانونيــة ـــ على أســاســا في الكتب ــد ذكرن الكفاءة والجد بما ال يكون ضررا وال إجحافا، وق

االقتصادية بعض مشخصات هذه الموازين. ( ضــمان إجــراء تلــك القــوانين المــؤطرة، وهــذا شــأن القــوة2

بــل الالزم في، كمــا ربمــا يــزعمالتنفيذية، فــإن التنفيــذ ليس ســهال التنفيــذ إجــراء المحاســبات الدقيقــة، وإعطــاء كــل ذي حــق حقــه،

وصعوبة هذا ليس بأقل من صعوبة التأطير، مثالأ( لزيد المعمل.

ب( ولعمرو رأس المال.ج( وهناك مدير يدير المحل، ويشرف على العمال.

كالصــوف الــذي يصــنع منــه،)د( ورابع لجلب رأس المال الخام ولتسويقه بعد الصنع.،القماش

ه( والعمال باختالف درجاتهم ومراتبهم. ولنفرض أن المعمل كانت قيمتــه ألفــا، والصــوف قيمتــه أربعــة

وكان ناتج الربح خمسة آالف، بأن كانت قيمة ،آالف

92

البيع تسعة آالف، فإن صاحب الصــوف يأخــذ أربعــة آالف قيمــة صوفه الخام، وبعــد ذلــك يجب أن تقســم خمســة آالف بين صــاحب

المعمل، ومالك الصوف، والمدير، والعمال. لكل واحد منهم كم من هذه الخمسة، ألن:،وهنا المشكلة

ــه، أ: صاحب المعمل يريد حقه من جهة تحطم شــيء من معملوربح ذلك أيضا، فإن المعمل عمل مجسم وله ربحه.

وصاحب الصوف يريد ربح صوفه.ب: ج: والمدير يريد ما يقابل عمله الفكري والجسدي.

د: وكذلك الدالل الجالب والمسوق.هـ: والعمال يريدون بقدر عملهم الجسدي.

ومن الواضح أن مثل هذا التقسيم بحاجة إلى عــدة من الفقهــاء واالقتصــاديين واالجتمــاعيين ليعرفــوا الشــرع والعــرف والمــوازين

االقتصادية. ومثل هذا الكالم يجري باختالف، في كل انــواع التجــارة والمهن والزراعة وغيرهــا، فكم يكــون لكــل من المتضــاربين حــتى ال يكــون إجحاف من أحدهما على اآلخر، وكم يكون أجر الطبيب بمختلف مــا ،يقوم به من العمليات الجراحية وغيرها، وكم يكون أجــر المهنــدس

ــذي،والمعلم ــك األرض ال وصــاحب المطبعــة و...، وكم يكــون لمالــزارع ــدون اســتغالل وأخــذ الفــرص من اآلخــرين، ولل ــا ب تعب عليهــائل ــرات المسـ ــير ذلـــك من عشـ ــل، إلى غـ ــوقين للحاصـ وللمسـ

االقتصادية العويصة.

93

بين نص القانون وروحه األمر العاشــر: الدســتور اإلســالمي في الحكم لــه روح تنبــع من

اس﴿ كما قال سبحانه: ،الفطرة اإلنسانية تي فطــر الن ه ال فطرت الل وحيث إن اإلنسان بني في خلقته على الســماح والتعــاون،(1)﴾عليها

والحرية واحترام اإلنسان ومســاواة أفــراده والخضــوع للقــوة الــتيخلقته، فقد وضع الدستور اإلسالمي على تلك المبادئ.

خذ العفو﴿كما أشار إلى كل تلك المبادئ القرآن الحكيم بقوله: .(2)﴾و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين

قوى﴿و: .(3)﴾تعاونوا على البر و الت.(4)﴾و يضع عنهم إصرهم و األغالل التي كانت عليهم﴿و: ــارفوا ﴿و: عوبا وقبائل لتع ــ ــاكم ش هنإوجعلن ـد الل ـ ـرمكم عن ـ أك.(5)﴾أتقاكمذي فطر السماوات واألرض حنيفا ومــا﴿و: ي وجهت وجهي لل إن

.(6)﴾أنا من المشركينإلى غير ذلك من اآليات والروايات.

ــع اإلنســان ــد ال يتالءم م ــانون بنفســه ق الختالف،وحيث إن الق فقد الحظ اإلسالم في،البيئات والمناخات والشعوب وما أشبه ذلك

جعل القوانين ثالثة أمور:( األمور األصيلة التي ال تختلف إطالقا، كالمبادئ السابقة.1ــتي هي إطــارات تصــح ضــمنها مختلــف2 ــة ال ( القــوانين الكلي

التطبيقات، فلكل ظرف تطبيقه الخاص به.

.30( سورة الروم: ?)1.199( سورة األعراف: ?)2.2( سورة المائدة: ?)3.157( سورة األعراف: ?)4.13( سورة الحجرات: ?)5.79( سورة األنعام: ?)6

94

( األحكــام الثانويــة الــتي تطبــق عنــد تعــذر أو تعســر األحكــام3ــوانين ــل ق ــة، مث ــوناألولي ــا ال يعلم ــطروا، وم ــا اض ــا، و(1)م م

، وقاعدة العــدل واإلنصــاف،(2)الحدود تدرء بالشبهات واستكرهوا وقاعدة األهم والمهم وغيرها، وبسبب هذا التنويع في األحكام أصبحــات في ــا التطبيق للدســتور اإلســالمي جســم وروح، تســتقي منهم

مختلف الظروف واألحوال. أما القوانين الوضعية، فقد اختلف القائمون بهــا، بين أن يعملــوا بالنص أو بــالروح عنــد التضــارب، ســواء في التشــريعية، إذا خــالفــد المتشــرعون في وضــع القــوانين الدســتور الظــروف، فهــل يتقي الجديــدة بإطــار الدســتور، أم لهم الخــروج عنــه إلى المماشــاة مــع

الظروف. أو التنفيذية، فيمــا كــانت الســلطة التنفيذيــة تــرى المضــادة بين

قوانينها وبين متطلبات الظروف الخارجية. أو القضــائية، كمــا إذا رأى القاضــي المخالفــة بين روح القــانون الموضوع ألجل الحق والعــدل، وبين القــانون الموضــوع، مثال كــانت

البينة في جانب المدعي، لكن كانت القرائن في جانب المنكر. ولهذا التضاد والتنــاقض تجــبر الدولــة على تعــديل القــوانين بين

،تقييــدا لمطلــق القــانون حين وحين، وليس التعديل في الحقيقة إالأو إطالقا لمقيده، أو شطبا لقانون لتضع مكانه قانونا مالئما.

لكن اإلسالم كمـا عــرفت غـني عن كــل ذلــك، حيث إن قوانينــه وضــعت ذات روح وجســد، واألمــر ال يخــرج عنهمــا أبــدا، ولــذا ورد:

وحــرام،حالل محمد )صلى الله عليه وآلــه( حالل إلى يــوم القيامة .(3)محمد )صلى الله عليه وآله( حرام إلى يوم القيامة

من جهاد النفس.56 الباب 295 ص11( انظر الوسائل: ج?)1.4 من الحدود ح21 الباب 219 ص3( مستدرك الوسائل: ج?)2.47 من صفات القاضي ح11 الباب 124 ص18( الوسائل: ج?)3

95

الترقيع في القوانينــتعمرون وعمالؤهم في ــا المس ــد أن دخله ــد وقعت البالد بع وق اضطراب شديد من جهــة الدســتور، حيث إن المشــرعين الغربــيين حقيقة أو ائتمارا وقعوا في حيرة بين قــوانين اإلســالم الســائدة في

وبين،البالد، والتي ال يتمكن المسلمون بحكم دينهم أن يغضــوا عنها القوانين الوضعية الــتي أرادوا إجراءهــا لتلــوين البالد بلــون الغــرب،

حتى يكون ذلك ضمانا لتبعية البالد للغرب. ومن،وهكذا كان شأن البالد اإلسالمية التي اســتعمرها الشــرق

ــركيب ــل ت هذه الجهة حدثت ترقيعات مشينة في القوانين، مثلها مث فهد مــع طــائر، وأصــبحت الدســاتير متهافتــة متناقضــة، كمــا أصــبح

المجرون لتلك القوانين كيفيين يحملون حسب أمزجتهم. وفي بعض البالد كــالعراق، جعــل المســتعمر بريطانيــا منــذ أول الملكيين وإلى اليوم حيث يحكم البعث، ثالثة أشــكال من القــوانين: القانون المدني المتهافت والقانون الشــرعي والقــانون العشــائرى، والثالثة متناقضة بعضها مــع بعض، باإلضــافة إلى تنــاقض نفس كــل واحـــد في مـــواده المتعـــددة، حيث إنهم أرادوا خـــداع المســـلمين

وقــد،فأدخلوا في كل واحد من الثالثة أمورا إسالمية وغير إســالمية مثل أحد ظرفاء شعراء إيران حكومة رضا خان البهلوى بـ )بعير ثور

.(1)نمر( أمــا دســاتير ســائر البالد، فمن الواضــح أنــه لم يكن للمســيحية وغيرها من األديان السائدة إلى مــا قبــل الحضــارة الحديثــة دســتور

سياسي اقتصادي اجتماعي، بل

( قال: )اين است حكومت شتر كاو بلنــك( تشــبيها بالزرافــة الــتى يســميها الفــرس?)1 بهذا المزيج من األسماء الثالثــة، ألنهــا تشــبه البعــير في رقبتهــا، والثــور في ضــخامتها،

والنمر في لون جلدها.96

كــان الشــعار: )دع مــا لقيصــر لقيصــر، ومــا للــه للــه(، ولمــا أن وضعت الدساتير تداخلت األطماع مع اإلخالص، فالمخلصــون الــذين أرادوا تحرير اإلنسان ورفاهه كان لهم اتجاه في كتاباتهم وأشعارهم

ــة والمســاواة وتخليص اإلنســان من،وشــعاراتهم ــة والحري كالعدال اســتغالل اإلنســان. وأصــحاب االطمــاع واألهــواء أمثــال الرأســماليةــة والشيوعية، كان لهم اتجاه آخر، من النفعية والسيطرة )ديكتاتوري

ــا( ــعت،البروليتاري ــامع، وض ــاهين: المخلص والط ــذين االتج وبين هــذا كــانت الدســاتير ترقيعــا مشــينا، باإلضــافة إلى أن الدســاتير، ول

التطبيقات صارت حسب األهواء. هذا باإلضافة إلى أنه قد اختلفت الدساتير من بلد إلى بلــد، مــع أن اإلنسان فيها واحد، فإذا أغمضنا النظــر عن المناخــات المختلفــة والطبائع المختلفة، لم يكن وجــه لالختالف في الدســاتير، باإلضــافةــع أن ــر المشــترك، م ــير من األم ــائع ال تغ ــات والطب إلى أن المناخ الدساتير تختلف في األمر المشترك، مثال تجــد بلــدا يحكم باإلعــدام

بينما ترى بلدا آخر يبيح بيعها.،بالنسبة إلى بائع المواد المخدرة وحينما كان بلد غربي أو شرقي يريد تصدير دستوره، كــان البــد له من مالحظة البيئة والمناخ ومزاج الشعوب المصدر إليهم، فكــان يأقلمه بصفات البالد المصــدر إليهــا، وبــذلك كــان يقــع التنــاقض بين

دستور المستعمر بالكسر والمستعمر بالفتح. وحسب هـذه األمــور والـتي ذكـرت جملـة منهـا وضـع الدسـتور الغـــربي غالبـــا على العقيـــدة المســـيحية والفكـــر الرأســـمالي الــديمقراطي، بينمــا وضــع الدســتور الشــرقي على اإللحــاد والفكــرــة ــدان الغربي ــه اختلفت البل ــع العلم أن ــديكتاتوري، م ــيوعي ال الش والشرقية في وضع الدستور المأخوذ من نفس تلــك المبــادئ الــتي

آمن بها زعماؤها، بين متشدد ومستهسل.

97

األحزاب في بحوث نتكلم في هذه المسألة حــول األحــزاب بالقــدر(:ـ 35)مسألة

فنقول:،المحتاج إليه في هذا الكتاب الجماعة من الناس إذا لم يكن لهم لون بنائي، أي لم يبنوا على

ــون خــاص، تســمى )شــعبا( ــدي، والشــعب،ل ــال الشــعب الهن فيق اإلندونيسي، حيث إن الذين يعيشون في الهند أو إندونيسيا لم يبنــوا على هذا اللون، بل ولدوا في ذلك البلد بغير إرادتهم، وإذا بنوا على

.شيء سمي )أمة( مثل األمة اإلسالمية ثم في داخــل الشــعب واألمــة قــد تتكــون مجموعــة لهــا هــدف خاص، من سياسة أو ثقافة أو مال أو نحوهــا، فيســمى )جماعــة( أو

ــا(،)جمعية( أو )هيئة( أو )فرقة( إذا كــان، وفي الغالب تسمى )حزبلها هدف سياسي، أي إدارة البالد.

وقد تنسب الجماعة إلى محل جلوســهم مثــل )مجلس العمــومــون،البريطاني( ويقال: )مجلس األمة( باعتبار أن نواب األمة يجلس

في ذلك المجلس، ومثله )مجلس اللوردات( وما أشبه ذلك. وهذه األسامي اصطالحات ـ وال مشاحة في االصطالحات ـ وإن كانت هنالك واقعيــة باعتبــار )الالبنــاء( أي ال بشــرط، و)البنــاء( على

وقد يكون، والبناء قد يكون واسعا كاألمة،شيء من عقيدة أو عملخاصا

98

كالحزب والجماعــة، وفي البنــاء الخــاص قــد تكــون النســبة إلى المحتوى بالكسر كالمجلس، وقد تكون النسبة إلى المحتوى بــالفتح

كالجماعة والحزب.ــالمعنى ــ ــرآن الحكيم، ال ب ــ ــزب في الق ــ ــم الح ــ ــد ورد اس ــ وق االصطالحي في الحال الحاضــر، فهنــاك ســورة في القــرآن الحكيم

باسم )سورة األحزاب(.ــرين، مثــل حــزب﴿واستعماله في القرآن الحكيم تــارة في الخي

ه .(1)﴾اللــه ســبحانه: ــل قول ــارة في الشــريرين، أو االعم، مث ﴿وت ولما رأ

.(2)﴾المؤمنون األحزابــزب﴿وقوله سبحانه: ــل ح قوا دينهم وكانوا شيعا ك ذين فر من ال

.(3)﴾بما لديهم فرحونــديهم﴿وقوله تعالى: ــا ل فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بم

.(4)﴾فرحونكيف تتكون األحزاب

وأصل تكون الحزب إنمــا هــو من وجــود الفــوارق النفســية بينــاس الناس، فكل جماعة وأمة وشعب وقبيلة البد وأن يوجد بينهم أن لهم صفات نفسية متمايزة وكفــاءات خاصـة، وتلـك الصــفات تــدعو

وإلى المشاركة الوجدانية أخرى.،أولئك األفراد إلى األنانية تارة وبــذلك يجمــع ذلــك اإلنســان حــول نفســه جماعــة يصــبهم في اتجاهه، إما إلشباع رغبته في السيادة واألنانية، وإمــا لجعلهم خدمــة الناس بالقيام بحوائجهم لحسه بالمشاركة مــع النــاس في أحــزانهم

وهذا ما يصطلح عليه بالمشاركة الوجدانية.،وآالمهم وآمالهم

.56( سورة المائدة: ?)1.22( سورة األحزاب: ?)2.32( سورة الروم: ?)3.53( سورة المؤمنون: ?)4

99

األحزاب والتواجد الدائم وحيث إن التجمع الصغير في داخل التجمع الكبير نابع عن داخل اإلنسان كما عــرفت، فقــد كــان الحــزب موجــودا منــذ األول، وإنمــا اختلفت الضـوابط والخصوصـيات وتطـورت حسـب تطـور الزمـان، وحيث إن الحكم كــان في كــل تجمــع حــتى البــدائي منــه، إذ رئيس القبيلة يحكم في قبيلته، فالتجمع السياسي )الحزب( كــان موجــودا

منذ ذلك الحين. ثم إنه فرق بين )الحزب السياسي( وبين )الجمعيــة السياســية(

في المصطلح الحديث. فاألول: عبارة عن جماعة ذات ضوابط خاصة تريد الوصول إلى

.الحكم بينما الثاني: يكون في هامش الحكم، مثل ما يسمى بـ )جمعيــة

حيث يكــون في البلــد جماعــة يهــوون حكومــة خاصــة،،الصــداقة( حيث يــرون أن من،ويدافعون عن مصــلحتها، إمــا عمالــة أو أصــالة

فمثــل هــذه الجمعيــة ال تريــد،صــالح البالد االرتبــاط بتلــك الحكومةــا تقــوي الوصــول إلى الحكم، وإنمــا تكــون في هــامش الحكم ألنه

الحكم. وإذ قد عرفت أن لفظ )الحــزب( ليس إال اصــطالحا، فقــد كــان هذا اللفظ غير متداول في الســابق، ولــذا خلى الدســتور الفرنســي

ثم لمــا دون الدســتور البلجيكي،( م عن هذا اللفظ1831المدون ) مقتبسا عن الدستور الفرنسي لم يذكر فيه هــذا اللفــظ، ولمــا أخــذــتورية ــة الدسـ ــان الحركـ ــراني عن البلجيكي في أبـ ــتور اإليـ الدسـ )المشروطة( خلي عن هذا اللفظ، وإن ذكر فيــه لفــظ آخــر بمعنــاهــل ــراني: )إن ك ــي اإلي ــانون األساس ــر في متمم الق ــا، مثال ذك أيض مجلس وتجمع ال يولد فتنة دينية أو دنيوية وال يــوجب الفوضــى فهــو

حر في عمله(.

100

نظرة على الحركة الدستورية ومما يجب التنبيــه عليــه بهــذا الصــدد، أن العلمــاء الــذين قــادوا

أمثال الزعيم الرشيد الــواعي آيــة اللــه اآلخونــد،الحركة الدستوريةصاحب الكفاية، لم يخطؤوا في الحركة:

( فإن تسليمهم بالملوكية كــان من بــاب جعلهم الملــك يســود1ــو ليس إال،وال يحكم ــل الالبدية فه ــزا ألج ــة،رم ــون في الدول فيك

نفران: رمز وحاكم. كمــا في رئيس الجمهوريــة ورئيس الــوزراء. أو .ملك انكلترا والحكومة، فقرروا ملكا رمزا

ولسنا نحن اآلن بصدد وجه االحتياج إلى الرمز، وإن كان يلخص في كونه وجــه المحبوبيــة في الدولــة ممــا يســتلزم االلتفــاف حــول الدولة أكثر، وإن كنا نحن ال نرى هــذا الــرأي، واختالف رأينــا ورأيهم

.من باب اختالف االجتهاد، ال من باب التخطئة ( كما أن انحراف الدستورية كان مما البــد منــه، حــتى وإن لم2

ــزءا من تكن مشروطة، بل إنا نعتقد أنه لوالها لكانت إيران اليوم جاإلمبراطورية الروسية الشيوعية.

ــوح أن أما أنه لوال الحركة الدستورية لكانت إيران كذلك، فلوض تجدد الحياة في الغرب والشرق وجمود الدولــة اإليرانيــة ممــا جمــد

كان قد أوصل إيران إلى حافة الهاوية، ومن الطبيعي،بسببه شعبها كلمــا كــان ضــعيف،أن األمة النشطة تأكل األمــة الخاملــة الجامــدة

أكلته األقوياء، ولذا كان البد وأن تؤكل إيران، وحيث إن الغرب بعيد عن إيران، كان البد من أكل الشرق الشيوعي لهــا، فــإن الشــيوعيةــل بالد ــذا تمكنت من أك ــا، ول ــطة في أول تكونه ــة نش ــانت غازي ك

اإلسالم وتحويلها إلى الشيوعية في الجمهوريات الست وغيرها.

101

ــد وقد كان من وصايا )لينين(: خذوا إيران فإنها باب الشرق، وقــد رأينا محاولة الشيوعية اقتطاع آذربايجان ودخولهم شرق إيران بع الحرب العالمية الثانية، كما نــرى اآلن دخــولهم أفغانســتان بالحديــد

.والنار وأمـــا كيـــف أن الدســـتورية وقفت دون تلـــك المحاولـــة، فألن المشروطة أيقظت الشعب اإليراني مما حال دون ابتالع دولــة لهــا، لكن الخطــأ وقــع في أن من بعــد اآلخونــد )رحمــه اللــه( لم يقــدروا الغرب االستعماري حق قدره، وعذرهم في ذلك هـو عـدم اطالعهم على األوضاع العالمية، فقد مات اآلخوند )رحمــه اللــه( بالســم عنــد

ــد،بزوغ المشروطة والذين جاؤوا من بعده، لم تكن لهم قوة اآلخون االجتماعية ونفوذه الشعبي، باإلضــافة إلى أنــه لم تكن عنــدهم تلــك

الرؤية المستقبلية، ولذا وقعت إيران في أنياب االستعمار الغربي. وبمثل هذا السبب وقــع العــراق في أنيــاب االســتعمار، حيث إنــيزا ــه الم ــة الل ــو آي ــورة ضــد المســتعمر، وه ــد المخطــط للث القائ الشيرازي )رحمه الله( مــات ســما عنــد بــزوغ االســتقالل، ولم يكن لمن خلفه الرؤية والشعبية التي تمكنه من إيصال سفينة االستقالل إلى الشاطئ بســالم، وبين عــدم الرؤيــة المســتقبلية وعــدم النفــوذ

الشعبي سقط العراق في أنياب المستعمر البريطاني العجوز.وكيف كان، فالكالم اآلن في مهية الحزب وبعض خصوصياته.

أركان التكتل الحزبي إن السياســين قــالوا: بــأن الحــزب البــد وأن تكــون لــه أركــان

خمسة.

102

ة((ي))االستمرار مســتمرا، كــالنهر الجــارياألول: يجب أن يكــون الحــزب شــالال

الذي ال يوقت بزمان دون زمان، بل الالزم أن يكون بحيث ال يرتبط وجوده ببقاء زعمائه، كلمــا مــات زعيم قــام آخــر مكانــه، وحــتى لــو ،مات جميع الزعماء دفعة واحدة بقي الحزب، وإنمــا سـميناه شـالال

فلــو ســار ألن الواجب في الحــزب النشــاط المتزايــد المنــدفع، وإالــا، لتوقــف عن التزايــد الكمي والكيفي، وكــل الحــزب ســيرا جرياني

ومنشيء ليس فيه تزايد أفل إلى الزوال، كما ورد في الحــديث: ، إذ األحــداث تلطمــه وتلطمــهلم يكن في زيــادة فهــو في نقصــان

حتى تمحيه من الوجود.

الفلسفة الحزبية الثاني: أن يكون له فلســفة حزبيــة ينبعث منهــا، فليس الحــزب

خارجيا فقط، وإنمــا فلســفة تــوجب شــد بعض أجزائــه ببعض،عمال وتحدد له هدفا ووســيلة، وتكــون هي المرجــع عنــد االختالف، وذلــك مثــل فلســفة اســتمرار الرأســمالية أو االشــتراكية أو الشــيوعية أو تعميمهــا أو مــا أشــبه، ومثــل فلســفة تطــبيق عقيــدة أو شــريعة أوــتي ترجــع بالنتيجــة إلى تعميمهــا، إلى غــير ذلــك من الفلســفات ال

العقيدة، أو النظام، أو كيفية التطبيق.ــا نريــد التعميم للعقيــدة اإلســالمية، أو تطــبيق الشــريعة مثال إن اإلسالمية، ويكون التطبيق للشريعة بأسلوب الالعنف المستفاد من

ك﴿ لم كافة﴿ أو ،(1)﴾...ادع إلى سبيل رب إلى غــير،(2)﴾ادخلوا في السذلك.

.125( سورة النحل: ?)1.208( سورة البقرة: ?)2

103

فروع الحزب الثالث: يجب أن يكون الحزب ذا تنظيمــات ومؤسســات محليــة ترتبط كلها بالنواة المركزية للحــزب، ألن تلــك التنظيمــات المحليــة إذا لم تكن، لم يقدر الحزب على العمل في ذلك المحل، ولو كـانتــالمركز حصــل االنفصــام المخــرج للحــزب عن ولكنهــا لم ترتبــط ب

ــدا،، فال يكون بينهما ترابط،الوحدة وبذلك يخرج عن كونه حزبا واح بل كان مثله في عالم الحكومات مثل الملوك للطوائف، أو كالبــدن

المقطوع أجزاؤه.

ارتباط الحزب بالجماهير الرابع: يلزم أن يكون الحزب مرتبطا بالنــاس ارتباطــا وثيقــا، إذــة ــة والكيفي ــزب من التوســعة الكمي ــذي يمكن الح ــو ال ــك ه إن ذل

ال فلو انحصر الحزب بأعضــاء خاصــين بــدون االرتبــاطإوالتصاعد، و بالناس، كان كأقلية في أكثرية، مثل قلـة من اليهـود في ضـمن بالد المسيحيين، فإن الناس هم مصــدر االســتمرار والتوســع والتصــاعد، وكمــا ال يتمكن غصــن بعــد قطعــه عن الشــجرة من االســتمرار في الحياة وإعطاء الزهــر والــورق والثمــر، كــذلك يكــون الحــزب الــذي

قطعت صلته بالناس. ولذا يجب على الحزب أن يكــون مــع النــاس، فيشــرح فلســفته للنــاس ويخــدم النــاس ويعطي ويأخــذ منهم، وبــدون هــذه األعمــال الثالثة يقطع النــاس عالقتهم بــه، إذ النــاس ال يريــدون دكتــاتورا في

الفكر، وال دكتاتورا في العمل، وال من

104

ومن،يريد الســيادة عليهم، بــل يريــدون من يفهمونــه ويفهمهم وإذا قطع الناس، ومن يخدمهم ال من يستخدمهم،يعطونه ويعطيهم

ــراغ ــا في الف ــالحزب بقي حزب ــذوي،عالقتهم ب ــان إال وي ال يمــر زمويموت كما يموت الغصن المنقطع عن شجرته.

وال يخفى أن الحزب السري أكثر احتياجا إلى مثل هذا الشــيء، إذ طبيعة الناس الخوف من األعمال السرية، حيث ال يعلمــون مــاذا

وراءها، ألنها ليست في النور حتى يرونها. ولذا يكون من الضــروري في الحــزب الســري أن يكــون هدفــه معلوما للناس، وإنما الذي يخفى عليهم هو أفراده، وإذا علم الناس بالهــدف وبالوســيلة الــتي يســلكها الحــزب في الوصــول إلى ذلــك الهدف، وإنما كان المجهول األفراد فقط وأقنعوا بأن اختفاء األفـراد

وثقــوا بــالحزب والتفــوا حولــه،،إنما هــو خوفــا من بطش الســلطةوحفظوه عن قمع السلطة.

فإن مثل الحزب الصحيح السري في النــاس مثــل السـمكة في فكما أنه إذا نضب الماء ظهــرت الســمكة ومــاتت، كــذلك إذا،الماء

انحســر النــاس عن أطــراف الحــزب، لم يقــدر على التحــرك وعلى االزديــاد في األفــراد، وعلى االزديــاد في الكيــف بالتصــاعد الفكــري

وإعطاء فكرته للناس، وبذلك يذوى ويموت.

الهدف: الوصول إلى السلطة الخامس: يلزم على زعماء الحــزب أن يكــون هــدفهم الوصــول إلى الحكم، سواء كان قصدهم الوصول وحــدهم كمــا في األحــزاب

أو بمعاونـــة األحـــزاب األخـــر كمـــا في،المبنيـــة على الديكتاتورية فإذا لم يقصد الحــزب ذلــكاألحزاب المبنية على الديمقراطية، وإال

لم يكن له هدف سياسي، وهو خارج عن محل الكالم،

105

وفي االصطالح الحديث ال يسمى مثل ذلك حزبا. وما ذكرناه من أن قصد الحزب إذا كان االستئثار بالحكم لوحده

هــو فيمــا إذا لم يكن هنــاك جناحــان حقيقيــان في،كــان ديكتاتوريــاــزبين أو أجنحة ــة ح ــا بمنزل ــزب هم ــا إذا وإال،الح لم يكن ديكتاتوري

ــزاب ــوفر في األح ــا يت ــاحين م ــة أو الجن ــك األجنح ــوفرت في تل ت وسيأتي الكالم حول ذلك.،المستقلة أو الحزبين المستقلين

ــف ــزب يتجلى تعري ــة للح ــات الخمس ــدم من المقوم ــا تق ومم وهو )الجماعة المترابطة من الناس الــذين لهم تنظيم على،الحزب

. وهدفهم الوصول إلى الحكم(،سطح الدولة، ولهم فلسفة خاصةوهناك تعاريف أخر للحزب ال يهمنا التعرض لها.

لكي يكون الحزب ناضجاوأهم شيء في الحزب هو النضج، والنضج عبارة عن:

( فهم السياسة واالقتصاد واالجتماع فهما كامال.1ــورى2 ــ ــتقامة وروح الش ــ ــالحزم واللين واالس ــ ــاف ب ــ ( االتص

.والواقعيةقال الشاعر:

وأحزم الناس من لم يرتكب عمالحتى يفكر ما تجني عواقبه

أمــيروهــذا المعــنى هــو شــيء من الحــزم، وقــد وصــف اإلمــامكان والله بعيد المــدى تالميذه بقوله: أحد(المؤمنين )عليه السالم

. وقد قال الرسول )صلى الله عليه وآلــه( لعلي )عليــه الســالم(:

كارم األخالقن من مإ

106

.الدنيا واآلخرة اللين والعفو والسخاء وقد نظمه الشاعر بقوله:

مكارم األخالق في ثالثة منحصرة لين الكالم والسخا والعفو عند المقدرة

ــالحزب، قــال ســبحانه: ــاس ب ــان الن ــوجب اطمين واالســتقامة ت واالســتقامة تكــون في الكم وفي الكيــف،،(1)﴾فاستقم كما أمــرت﴿

فالسيارة التي تمشي بسرعة أو ببطء غير مســتقيمة، كمــا إنهــا إذامشت تارة ذات اليمين وأخرى ذات الشمال ليست مستقيمة.

ــة ــد الديكتاتوري وروح الشــورى، أن يكــون الحــزب بحيث ال يري وذلك ألن. (2)من استبد برأيه هلكواالستبداد برأيه، ففى الحديث:

األعضاء يتفرقون عن الحزب، وال ينضــم إليــه أعضــاء جــدد، وبــذلكيضمحل الحزب.

،والشورى وإن كانت تدمغ األنانية الكامنة في بعض النفوس إالأن دمغة التأخر والسقوط أشد إيالما من دمغة الشورى.

ــة، ــك الرؤي والواقعية عبارة عن رؤية الواقع كما هو، والعمل بتل وذلك باإلضافة إلى أنه صدق، يوجب التفاف النــاس حــول الحــزب، فإن الكذب والخداع وما أشبه أمــور وقتيــة، ثم تتبخــر ويبقى عادهــا

الموجب النفضاص الناس من حول الحزب.اس﴿قــال ســبحانه: ــع الن ــذهب جفــاء وأما مــا ينف ــد في ب فأما الز.(3)﴾فيمكث في األرض

.112( سورة هود: ?)1.161( نهج البالغة: الحكمة ?)2.17( سورة الرعد: ?)3

107

نعم شجرة الحق كسائر األشجار، قد تكون بطيئة الثمر كثمــرةــال ــذا ق ــر كشــجرة اليقطين، ول ــون ســريعة الثم ــد تك ــاح، وق التف

ــة﴿سبحانه: ب جرة طي ــة كشــ ب ه مثال كلمــة طي رب الل أ لم تر كيف ضــماء .(1)﴾أصلها ثابت وفرعها في الس

وعلى أي حال، فــالحزب مثلــه مثــل الفــرد، في أنــه كلمــا كــان متصفا بالعلم والفضيلة كــان تقدمــه في المجتمــع أســرع، والتفــاف الناس حوله أكثر، واحتمال سقوطه أقل، وكلما كـان بــالعكس كــان األمر بعكس ذلك، وقــد ســأل رجــل عن اإلمــام )عليــه الســالم( مــا

، فــإن الحيلــة ال تفتــؤ أن تنكشــففي تــرك الحيلةالحيلة، فقــال: وعند ذلك السقوط الذي ال قيام بعده.

ومما تقدم يفهم وجــوب كــون الحــزب متصــفا بالدقــة في فهمــير اآلن ــل آن غ ــاري ك ــالنهر الج ــان ك ــه، إذ الزم ــان ومتغيرات الزم

يتقلب بأهلـه من حــال إلىالسابق، وكما قال علي )عليه السالم(: فإذا لم يفهم الحزب متغيرات الزمان تغير فجأة بمــا يســقط،حال

الحزب في كثير من األحيـان، ويجعلـه تاريخـا في ثنايـا الكتب، وقـد حزبا في العراق كلهــا ســقطت في أقــل منالثة وأربعينرأيت أنا ث

ربع قرن، وذلك بسبب عدم امتالكها لشرائط الحزب الصحيح. وال يخفى أن من شرائط الحزب: االنسجام مع ذهنيــات وعقائــدــد المــؤمن ال يمكن األمة التي يريد الحزب أن يعيش فيها، ففي البل

فــإذا،أن يعيش حزب ليس مقيدا باإليمــان فكيــف بــالحزب الكــافر أراد حزب أن يعيش في بلد اإلسـالم وجب عليــه أن يتقيــد باإليمـان

ونظاما، وبهذا السبب سقطت وشريعةعقيدة

.24( سورة ابراهيم: ?)1108

ــع البالد ــة في جميـ ــتراكية والبعثيـ ــيوعية واالشـ ــزاب الشـ األحـ اإلسالمية، مهما كان الشرق والغرب وراءها وكــانت مــزودة بالمــال

ــا لم تكن ــر أنهـ ــاب، والسـ ــة عن واإلرهـ ــابخاليـ ــداع واإلرهـ الخـواالستظهار باالستعمار.

بين حزب الحاكم والحزب الحاكمثم إن الحزب على قسمين:

( الحزب الحاكم.1( وحزب الحاكم.2

ــات فاألول: هو الحزب الذي وصل بالطرق االستشارية واالنتخاب الحرة إلى الحكم بأكثرية اآلراء، ومثل هــذا الحــزب البــد وأن يكــون من األمة وتكون له قواعد في األمة، بينما الثاني بالعكس، حيث إنه

يصدق في مقامين: أ( ما إذا كان حزبا ديكتاتورا ضرب سائر األحزاب، وبقي الحزب الوحيد في الساحة، فهو حزب وحاكم في نفس الوقت، ومثــل هــذا الحزب يعتمــد دائمــا على القــوة: قــوة المــال وقــوة الســالح وقــوة الخداع، ألن الناس بطبعهم ضد الديكتاتورية، فالبد لمثل هذا الحزب

وينهــار مثــل هــذا من القــوة وســيلة لبقائــه، ولكن ال يمــر زمــان إال أمثــال الحــزب الفاشسـتي والنـازي، طال الزمــان أم قصر،الحزب

وغيرهما.ب( ما إذا كو ن الحاكم الحزب، فإن مثل هذا الحزب ال يكون إال

وال هــدف ســامي لــه، وال وســيلة، نفعيا، ال تالئم بين أفــرادهمهلهال ويحــدوهم الحكم لمجــرد الحكم،،صــحيحة، وإنمــا يجمعهم االنتفــاع

وهذا أيضا في سبيل االنهيار، أمثال

109

نــه ناصــر مصــر، وحــزب رســتاخيزالحزب االشــتراكي الــذي كو الذي كونه شاه إيران، ومن الواضح أن مثل هذا الحزب يبقى ببقــاء

فــإذا زال الحــاكم زال، وقــد يكــون الحــاكم بنفســه يحــل،الحــاكمالحزب.

أما الحزب بالمعنى السياسي الصحيح لهذه الكلمــة، فهــو جــزءــد، ودرء،من األمة له هدف تقديم األمة إلى األمام، وإصالح المفاس

وكــثرة التفهم،األخطار، فهــو جــزء من األمــة يمتــاز عنهــا بــالتنظيمــة، وإذا وصــل إلى،للواقع وكثرة العمل، فيكون من األمة وإلى األم

الحكم وسع خدماته وإصالحاته، حيث يتمتع حينذاك بالمال والقدرة، فهــو يتكلم،وحيث إن الحزب جزء من األمة يريــد خدمــة كــل األمة

ــذا عن األمة ككل، ويناضل ألجل الوصول إلى الحكم ألجل الكل، وليعد من يخالفه مخالفا لألمة.

ثم إنه وكثيرا مــا يوحــد الحــزب القــوي الــذي هــو خــارج الحكم جهوده مــع سـائر األحــزاب الضـعيفة، ألجــل أن يقفــوا ضـد الحــزب الحاكم، أو ضد حزب الحــاكم، ألجــل الوصــول إلى الحكم وإســقاط

ــاتهمالدولة، ويعد األحزاب والمنظمات الضــعيفة بإعطــاء بعض رغبإذا ساعدوه في الوصول إلى الحكم.

أحزاب غير سليمة ثم إن الحزب بالمفهوم الحالي، لما لم يكن بعيد عهد بــالتكون، وإنما كان في السابق الحزب بمعنى الجماعة العاملـة، أو مـا أشـبه كما تقدم، وقع العالم في اضطراب كبير حول تكوين األحزاب، كمــاــزوال( هو شأن كل سريع النمو، وفي المثل: )سريع النمو ســريع ال

.و)سريع النمو كثير االضطراب(

110

فقد قال بعض السياسيين: إنه لم يكن قبل مائة وثالثين ســنة حزب سياســي بــالمفهوم الحــديث في أي من بالد العــالم باســتثناء إمريكا الشمالية، بينما صار الحزب علنا أو ســرا يعمــل في كــل بالد

العالم بعد مائة عام من ذلك التاريخ.وألجل هذا التسرع في تكون األحزاب حدث أمران:

( والدة األحزاب الديكتاتوريــة، كــاألحزاب الشــيوعية في البالد1ــة واالشــتراكية ومــا إليهمــا في البالد الشــيوعية، وكــاألحزاب البعثي

أنانيــة، ال يمكن أنالديكتاتوريــة، وذلــك ألن الديكتاتوريــة ليســت إال تنمــو إال في بالد ضــعف الرشــد الفكــري فيهــا، فكمــا أن اإلنســان األنــاني ال يمكن أن يعيش إال في مجتمــع جاهــل، كــذلك الحــزب الواحد الديكتاتوري ال يمكن أن يعيش في مجتمع رشيد ناضج، ولــذا

نرى أنه كلما نضج المجتمع اشتد صراعه مع الحزب الديكتاتوري.ــار الســرعة،( األحزاب الفجة، فإن الفجاجة ال تكون إال2 من آث

فكما أن رجل الشارع إذا وضع في مكان مدير قــدير لم يتمكن من باألعمـــال الفجـــة، كـــذلك إذا تكـــون الحـــزب بـــدونىاإلدارة وأت

المقومــات األساســية لــه فإنــه يكــون فجــا، وإذا كــان ســريا كــانتــيات الفجاجة فيه أكثر، حيث لم ينبت في جو طبيعي، وتعقدت نفس

كوادره. وكلما كان الحزب أكــثر فجاحــة كــان أعمالــه الالإنســانية أكــثر،ــع، فال وكان عنفه واعتباطياته أكثر، وذلك يوجب اجتثاثه عن المجتم

ــيء إال ــل ش ــع، وال يتمكن من عم ــه في المجتم ــل ل ــاندةمح بمس االستعمار وبالعنف، وبقاء هذين النــوعين من األحــزاب رهين بجهــل األمة، ولذا يمارس كالهما سياســة التجهيــل، ويحــارب الرشــد بكــل

قوة وخداع.ــوين ــدر على تكـ ــعبية، يقـ ــع بالشـ ــذي يتمتـ ــزب الـ ثم إن الحـــذين ــدر على ه ــان الحــزب أق ــا ك المظــاهرات واإلضــرابات، وكلم

على كـثرة شـعبيته، وبـالقوة الشـعبية المتزايــدةاألمرين كـان دلياليتمكن الحزب من فرض إرادته على الدولة،

111

وتحقيق المصالح االجتماعيــة حســب مــا يــراه صــالحا، والعكسبالعكس.

دماجهااتحاد األحزاب وان ثم إنه في كثــير من األحيــان تشــكل األحــزاب المتعــددة وحــدة واحدة ألجل الوصول إلى الحكم، من جهة تقويــة إعالم كــل حــزب،

ــات ــارف االنتخاب ــل من مص ــة التقلي ــدمج بعض،أو من جه ــد تن وق األحــزاب في بعض، وذلــك لقــرب أهــدافها، أو إلمكــان وقوفهــا في مواجهة الحزب القوي الذي هو ضد أهداف كل هــذه األحــزاب، مثالــا الرأســمالية تتحــد ضــد الحــزب ــتي تجمعه ــددة ال األحــزاب المتع

االشتراكي. تتحــد ضــد،وكذلك األحزاب المتعددة الــتي تجمعهــا االشــتراكية

إلى غير ذلك من األمثلة.،الحزب الرأسمالي وكثيرا ما تتعارض األحزاب عند إرادتهــا التوحــد أو التجمــع تحت

وحدة واحدة ألجل تحديد كيفية وكمية تقسيم األضرار واألرباح. وإذا حصل لهم تجمع أو توحد عينوا المرشــحين في االنتخابــات،

ــة والســلطة القضــائية فيعرفــونهم،والمرشــحين للســلطة التنفيذي للمنتخــبين ليــدلوا بــآرائهم لهــؤالء المرشــحين دون من ســواهم، أو ليعينهم المرشــحون إذا فــازوا في االنتخابــات للســلطتين التنفيذيــة والقضائية، ومثل هـذا الترشـيح يكــون بالنسـبة إلى الحــزب الواحــد

كيمــا تــدلي بأصــواتها ألولئــك،حيث يرشح من يختاره ليعرفــه لألمةالمرشحين.

ومن الطبيعي بعد ذلك أن يتقيــد النــائب أو الحــاكم أو القاضــي في السلطتين بآراء أكثرية حزبه في عالج األوضاع، لكن في اإلطار

المعين دستوريا أو

112

تنفيذيا أو قضائيا، مثال الحزب الحاكم ال يــرى محاربــة دولــة، فال يصوت نوابه للحــرب مــع تلــك الدولــة، أو يــرى لــزوم قبــول زيــد ال

أو يكون الحزب ضد أن يدخل القاضي الفالني،عمرو لوزارة المال ضمن القضــاة الــذين هم مرجــع التضــارب بين الدســتور والقــوانينــة، إلى الجزئية التي يضعها مجلس األمة، أو تضعها السلطة التنفيذيــون غير ذلك من األمثلة، لوضوح أن من يرشحه الحزب البد وأن يك

لكن في ضــمن اإلطــار المقــرر فإنــه ال يتمكن،مقيدا بآراء الحــزبــرر من أي ــار المق ــاوز اإلط ــة أن يتج ــدول الديمقراطي ــد في ال أح

السلطات الثالث كان.

فوائد تعدد األحزابونظام األحزاب في الدولة، يسبب:

حيث إن كل حزب يخاف من الحزب،( توفير الحريات للناس1 فيعمــل جهــده في إصــالح شــأنه وخدمــة النــاس، لئال يتقــدم،اآلخر

،الحزب اآلخر عليه ال يتمكن أن يكبتهم، وبذلك يعيش الناس أحراراأحدهم إال في إطار القانون.

ــدافهم2 ــة إلى أه ــذه األنظم ــل ه ــاس في مث ــل الن ــا يص ( كم وحاجاتهم، وذلك ألن الحزب يعمل جاهدا إلعطــاء حاجــة النــاس لئال ينفرط منه أحد إلى الحزب اآلخر، فهــو نــوع تنــافس يســبب ظهــور

ــالبالد إلى األمــام ــذا قــال،الكفــاءات ودرء المظــالم والتقــديم ب ول السياسيون: إن األحزاب السياسية المتعددة تسبب للجماهير تنسم

الحريات والتعبير عن آرائها وإبداء رغباتها والوصول إلى أهدافها. ،ومن الواضح أن مثــل هــذا النظــام يقــوم على حــزبين أو أكــثر

واألكثر يجب

113

فإنــه كمــا يكــون الحــزب الواحــد،أن يكــون بقــدر تحمــل األمةــدد،ديكتاتوريا كذلك تكون كثرة األحزاب فوضى وفي النظــام المتع

وإذا أســفر،األحزاب يتعين أن تكون الجولة االنتخابية حرة وصريحةــافس والتصــارع، ولم االنتخاب عن فوز فريق على اآلخر انقطع التن تكن أحقاد، وينتهي األمر بوضــع كـل يــده في يــد اآلخــر في صــداقة

وإلى جولــة انتخابيــة أخــرى، ويبــدأ الجميــع الفــائز وغــيره في ،تامةالعمل في إطار القانون.

وال يتعجب من أنــه كيــف ينقلب العــدو صــديقا، ألنــه لم تكن وإنما تنافس على الفوز، فــإذا انتهى األمــر انتهى،صداقة وال عداوة

ومن الواضــح أن التربيــة،التنافس، ألن الطرفين قد ربيــا على ذلك وحــال الوصــول إلى،لها أثرهــا، حـال ذلــك حـال األلعـاب الرياضـية

الدور في السابق أو الالحق. فهي حاصــلة لكــل متــأخر على كــل،نعم تبقى بقايــا المــرارات

متقدم، وحتى إذا وصل أحدهم إلى إمامــة الجماعــة أو التــدريس أوما أشبه ذلك.

نعم في البالد المتخلفــة حيث ال تربيــة انتخابيــة يكــون األمــر فكثــيرا مــا ينتهي األمــر إلى صــراع دام وإلى صــدام بين،بــالعكس كما شــاهدنا مثــل ذلــك في العــراق وســوريا والباكســتان،األطراف

.وغيرها ولذا فــالالزم تأصــل روح الشــورى في مثــل هــذه البالد حــتى ال

يسبب الفوز مثل هذه المآسي.ــد في ــزب الواح ــة إلى الح ــثر البالد المتخلف ــوح أك ــا أن جن كم

، إنما هو أيضا وليد الحالة الديكتاتورية المتأصلة في النفوس،الحكم فإذا ما أرادوا العمــل الحــزبي جنحــوا،حيث توارثها األبناء عن اآلباء

.إلى احتكار األمر في أنفسهم وضرب األحزاب األخر وقد كان )ماو( قبل وصوله إلى الحكم يقول: دعوا ألف مدرسة

فلمــا وصــل إلى الحكم أظهــر ديكتاتوريــة، وألف زهــرة تتفتح،تفتح ،هائلة، وكذلك كان حال حزبي البولشــفيك والمنشــفيك في روســيا

إلى غير ذلك.

114

أما حزب البعث والحزب الشــيوعي ونحوهمــا، فال يمكن عــدهم،في هذا الصراط وإنما جــاء بهم، ألنهم لم يكونوا من الوطن إطالقا

المستعمر إلى الشرق األوســط لضــرب بالد اإلســالم ونهب خيراتــه وقــد عمــل كلهم حســب المخطــط،وتمكين إســرائيل أكــثر فــأكثر

المرسوم له، فهم في الحقيقة جيش احتالل ال حزب أمة وبرلمان.

األحزاب السياسية وبرامج اإلصالحــة ولألحزاب السياسية برامج في إصالح أداة الحكم وجهاز الدول

، وفي عالج مشكالت النقد واألجور واألسعار،وتوفير الرفاهية لألمةــة، وفي ــات االقتصــادية، وحــل مشــكلة البطال وفي مكافحــة األزم

وتكثــير، وتنميــة اإلنتــاج،تعميم الثقافــة، وفي توفــير وســائل العمل وفي، وتصــنيع البالد، أو التقــديم بهــا في هــذا المضــمار،الزراعة

والتبعــد مهمــا،التقارب مهما أمكن مع الشعوب وبــاألخص الجــيرانأمكن عن الحرب.

وإذا كان الحزب دينيا في فكرتــه أو في أفــراده، حــاول توســيعالمناهج الدينية وتضييق دائرة اإللحاد والرذيلة والفساد.

إذ،وال يخفى أن اإلصــالح الــذي يبرمجــه الحــزب اليكــون قفزيــا القفز العـالي يـوجب السـقوط واالنكسـار غالبـا، بـل ينظم الحـزبــة للتســيير باألمــة صــعدا، ولحــل ــة معقول ــرامج في جــداول زمني ب

المشاكل بأسلوب معقول. ولذا يحتـاج الحــزب إلى جيش من المثقفين والخــبراء والفنــيينــد من مختلف قطاعات الثقافة، سواء قبل وصوله إلى الحكم، أو بع وصوله إلى الحكم، إذ عرض البرنامج على الجماهير لكسبهم حــتى يصــوتوا للحــزب عنــد االنتخابــات، ال يمكن أن يكــون غــير مــدروس

بدقة، وإال لم يتمكن الحزب من اكتساب الجماهير

115

الذين فيهم المثقف والعالم والخبــير، ومــا إلى ذلــك ممن يمــيزبين الشعار والواقع.

كمــا أن الحــزب إذا وصــل إلى الحكم ولم يقــدر على تنفيــذ مــاوعده سقط عن االعتبار.

116

األحزاب تجاه اإلسالم موقف حيث قد عــرفت في المســألة الســابقة مهمــة(:ـ 36)مسألة

وهــل،الحزب وبعض خصوصياته، نبين هنا رأي اإلسالم في الحــزبأنه جائز أو حرام، فنقول:

( الحزب إذا كـان مقدمــة البرلمــان الــذي يحكم حســب اآلراء1 واألهواء كان حراما، وذلــك ألنــه مقدمــة الحــرام وتعــاون على اإلثم والعدوان، بل يعد في عرف المتشـرعة من أبشـع المنكـرات، حيث

وانتهــاك األعــراض،إنه یهيؤ لهدم اإلسالم كلــه، وإحيــاء الباطــل كله وال يخفى أن مثــل هــذه األمــور تجعــل،واألنفس واألموال والحقوق

الشيء من أشــد المحرمــات وإن قيــل في )األصــول( بعــدم حرمــةمقدمة الحرام.

( وكذلك يحرم الحزب إذا كان سببا لقبض أزمة السياســة في 2 البالد من دون االنضواء تحت لواء الفقيه العادل الجــامع للشــرائط، إذ اإلسالم قرر الوالية للــه ســبحانه، ثم الرســول )صــلى اللــه عليــه

وآله(، ثم اإلمام )عليه السالم(، ثم الفقيه الذي هو نائبهم. ( ويحرم أيضا إذا كان الحزب سببا لتســليط من ال ترضــى بــه3

، إذ قــد ذكرنــا في كتــاب )الحكمأكثرية األمة، ولو كان فقيهــا عــادالــة في البالد اإلســالمية يجب أن ــا أن رئيس الدول في اإلســالم( وهن

يكون باإلضافة إلى كونه مرضيا لله سبحانه،

117

منتخبا من قبل أكثرية األمة، فإذا كان الحزب ســائرا إلى جعــل على خالف المــوازين اإلســالمية، وذلــكمن ليس كذلك كــان عــامال

محرم. ومنــه يعلم حرمــة الحــزب الواحــد، أي اســتئثار الحــزب الواحــد بــالحكم، حيث إنــه يــوجب الديكتاتوريــة المحرمــة في اإلســالم، ألن ،اإلسالم دين بني على الشورى وحرية اآلراء في اإلطــار اإلســالمي

كمــا قــال علي،هذا مع الغض عن أن الحزب الواحد يكبت ويســتبد ، فــإذا انضــمت إلى ذلــك كلمتــه(1)من ملك استأثر)عليه السالم(:

ظهــر،(2)من اســتبد برأيــه هلك)عليه السالم( األخرى حيث قــال: وجه حرمة الحزب الواحد من جهة ثانية أيضا.

أما الحزب الذي ليس أساسا لتشريع األحكام، وكان الهدف منه إقامة حكم اللــه وإيصــال الفقيــه المرضــي للــه ولألمــة إلى رئاســة

وكان ال يســتبد بــاألمر بــأن يســمح،البالد حسب الشورى اإلسالمية بعمــل ســائر األحــزاب المكونــة في اإلطــار اإلســالمي، فمثــل هــذا

ــانت،الحزب إن توقف عليه إقامة حكم الله كان واجبا تعيينيا وإن ك هناك صورة أخرى إلقامة حكم الله، كــان واجبــا تخيــيرا، بيــان ذلــك

في أمور:

الحكم لله األول: مجلس األمــــة المنتخب يجب أن يحكم بحكم اللــــه، ال

وحكم غير الله له صورتان:،بحكم غير الله

.161( نهج البالغة: الحكمة ?)1.9275 و7921( انظر غرر الحكم: رقم ?)2

118

األولى: الحكم المخالف للحكم الصريح لله سبحانه، مثــل وضــعع﴿حكم ينافي الحريات الممنوحة لإلنســان، حيث قــال تعــالى: ويضــ

تي كــانت عليهم رهم و األغالل ال أو رفــع حكم حرمــة،(1)﴾عنهم إصــر و األنصــاب و﴿الخمــر، حيث قــال ســبحانه: مــا الخمــر و الميســ إن

يطان فاجتنبوه .(2)﴾األزالم رجس من عمل الشــلمين، أي أن يكــون ــلحة المس ــالف لمص ــة: الحكم المخ الثاني التطــبيق غــير مالئم، مثال كــان الــدخول في السـلم صــالحا، فيقــول

أو أن يكـــون الالزم تقـــديم الصـــناعة على،بـــالحرب، أو بـــالعكس الزراعة، فيخصص المال للزراعة دون الصــناعة، إلى غــير ذلــك من

األمثلة.

الحزب ومقررات البرلمان الثاني: قد يكون الحــزب ال يهمــه مــاذا يكــون الحكم، إذا وصــل إلى البرلمان وهذا غير جائز، إذ التربيــة الفكريــة اإلســالمية مقدمــة للتطــبيق اإلســالمي، وبــدونها ال يمكن التطــبيق اإلســالمي، فــإذا لمــل ــدر على العم ــبيق، لم يق ــريع وكتط ــالم كتش ــزب باإلس يهتم الح باإلسالم بعــد الوصــول إلى مجلس األمــة، وإلى الســلطة التنفيذيــة

ــو أرادوا﴿والقضائية، وفي ذلك هدم اإلسالم، وقــد قــال ســبحانه: ول.(3)﴾الخروج ألعدوا له عدة

ومن الواضــح أن كــون هم الحــزب إقامــة حكم اللــه يالزمــه أنيربي أفراده على

.157( سورة األعراف: ?)1.90( سورة المائدة: ?)2.46( سورة التوبة: ?)3

119

هذا اللون من الحكم تشريعا وتطبيقــا، فحينــذاك يقــدر على أن كمــا ذكرنــا مثالــه،يؤطر األحكام اإلسالمية حسب متطلبات الزمان

كما أنه يقدر على أن يصوت في المجلس ويعمل في،في ما سبق التنفيذ حسب الموازين اإلسالمية، ومثاله ما إذا كان جــاران للدولــة كالهما متساويان من جهة صالح البالد اقتصاديا، لكن أحدهما أقــرب

فيمــا تتمكن، اختار الحزب صـداقة هــذا على ذاك،إلى روح اإلسالم إلى غـير ذلـك من األمثلـة التشـريعية،الدولة من صداقة أيــة منهما

والتطبيقية.

الوالية للفقيه العادل الثـالث: الـذي يصـح أن يجعـل في اإلســالم رئيسـا للدولــة، هــو

، فــالحزب يلــزم عليــه أن يكــون(1)الفقيه العــادل الجــامع للشــرائط كان حائــدا عن اإلســالم، فال يجــوز لــه أن ينصــبمقصده ذلك، وإال

للرئاسة العليا غير المؤهل، كما ال يجوز له أن يصوت لغير المؤهل.

التزوير االنتخابي الرابــع: ال يجــوز للحــزب أن يجنح إلى األســاليب الملتويــة غــير أسلوب الشورى وأكثرية األمة في ســبيل تقــديم مرشــحه للرئاســة

، إذ ذلـك هـدم للشـورى اإلسـالمية،وإن كـان ذلـك المرشــح مــؤهال ال يتـوى حــق امـرئوإضاعة لحق األمـة، وقـد قـال عليــه السـالم:

ومثل هذا جار في انتخاب أعضاء،(2)مسلم

. أو شورى الفقهاء إن كان هناك أكثر من فقيه( ?)1 وفيه: )لئال يتوى(. 21826 ح46 ب446 ص17( انظر مستدرك الوسائل: ج?)2

120

مجلس األمة، لوضوح أن هناك أمرين: بنظر اإلسالم.( كون الرئيس والمنتخب مؤهال1( كونه حائزا ألكثرية األصوات.2

فكما ال يجوز ترشيح غير المؤهل فقهيــا، كــذلك ال يجــوز تقــديمــة األمة ــه أكثري والوصــول إلى تقديمــه،المؤهــل الــذي ال ترضــى ب

باألساليب الملتوية غير الشرعية.

ال لنظام الحزب الواحد الخامس: أن ال يستبد الحزب باألمر، فالحزب الواحد استبداد ال

يجوز شرعا، ألنه إضاعة لحق سائر المسلمين. فال،ال يقال: إن كان الحزب اآلخر يريد اإلسالم تشريعا وتطبيقــا

داعي إلى تنظيم حزب ثان، بل ينضم من يريد ذلك إلى هذا الحزب الواحــد، وإن كــان ال يريــد اإلســالم تشــريعا أو تطبيقــا فال يجــوز لــهــه عن تشــكيل الحــزب السياســي، ولم ال يحــق للحــزب األول منع

التشكيل. ألنه يقال: نختــار الشــق األول ونقــول: إن الحــزب الثــاني يريــد إقامة اإلسالم لكن له رأي خاص في كيفية التأطير وكيفية التطبيق، فمثل الحزبين في ذلك مثل المجتهدين الــذين كالهمــا يســتنبط في

فكال، لكن يختلـــف اســـتنباط هـــذا عن ذاك،دائـــرة األدلـــة األربعة الحزبين يعمالن استنباطا وتطبيقا في دائرة اإلسالم وإن كــان لهمــا

واختالف في انتخــاب األصــلح لحــال األمــة في،اختالف في االجتهادالسلطة التنفيذية وما أشبه.

121

ال يقال: إذا كان األمر كذلك بأن يكون عدم إجازة الحزب الثاني كــان، إلى الديكتاتوريــة ومحرمــا من جهــة أنــه إضــاعة الحقــوقآئال

ــر إلى ــؤول األم ــتى ي ــذا ح ــع، وهك ــالث وراب ــزب ث ــازة ح الالزم إجالفوضى.

ــدم الفوضى ،ألنه يقال: الالزم إجازة كل حزب، مؤطرا بإطار ع ومن الواضــح عــدم التالزم بين أن،ألن ذلــك ال يجــوز شــرعا وعقال

ــا أن من الواضــح أن أي ــاني وبين الفوضــى، كم يجــوز الحــزب الثاستدالل للحزب الواحد ليس إال جنوحا لالستبداد.

،والحاصل: إنه يلزم أن يكون اإلطار إســالميا تشــريعيا وتنفيــذياثم بعد ذلك فلكل اجتهاده المستند إلى األدلة.

ثم الــذي قــد يمكن أن يســتنبط من القــرآن الحكيم والســنة المطهرة والســيرة العطــرة، أن ســيرة اإلســالم كــان على تشــقيق المسلمين إلى جماعتين، فمثال في عهد الرسول )صــلى اللــه عليــه

ــه،وآله( كانت جماعتان، جماعة المهاجرين، وجماعة األنصار فمع أنــوم والحج لم يكن بينهما أي تفاوت في األمور الدينية كالصالة والص

وقــدر،ومــا إلى ذلــك، وفي األمــور الدنيويــة كالرئاســة في الجهــاد الحقــوق الــذي كــانوا يعطونــه لــدى التقســيم، وفي الــزواج واإلرث والحــدود ومــا أشــبه ذلــك، مــع ذلــك جعال جمــاعتين متمــايزتين في االسم والتكتل، والرسول )صلى الله عليه وآله( يمــدح هــؤالء تــارة، ،وأولئك أخرى، كما كان يلتجأ إلى هؤالء تارة إذا ضــغط عليــه أولئك

وإلى أولئك أخرى إذا ضغط عليه هؤالء، كما ال يخفى على من راجعسيرته الطاهرة )صلى الله عليه وآله(.

ابقون األولــون من المهــاجرين واألنصــار﴿قــال ســبحانه: والســبعوهم ذين ات وال

122

ه عنهم و رضوا عنه .(1)﴾بإحسان رضي اللبي والمهـاجرين واألنصــار﴿وقـال تعـالى: ه على الن لقـد تــاب الل

بعوه في ساعة العسرة ذين ات .(2)﴾الــأموالهم﴿وقــال ســبحانه: ــدوا ب ــاجروا وجاه ــوا وه ذين آمن إن ال

هم أوليــاء روا أولئك بعضــ ذين آووا ونصــ ه وال بيل الل وأنفسهم في ســ.(3)﴾بعض

ــدوا في﴿وقــال ســبحانه وتعــالى: ــاجروا وجاه ــوا وه ذين آمن والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا .(4)﴾سبيل الله وال

ــاجرين ــا لفــظ المه ــتي تكــرر فيه ــات ال ــك من اآلي إلى غــير ذلواألنصار بمختلف اشتقاقاتهما.

حين،وقد قال النبي )صــلى اللــه عليــه وآلــه( في غــزوة حــنين أجزل قسمة الغنائم للمؤلفة قلوبهم، وجعــل لألنصــار شــيئا يســيرا:

،لو سلك الناس واديا وسلك األنصار شعبا لسلكت شــعب األنصــار .(5)اللهم اغفر لألنصار وألبناء األنصار وألبناء أبناء اإلنصار

وقد وصى )صلى الله عليــه وآلــه( لألنصــار قــرب وفاتــه، وقــال فلمــا،نكم ســترون بعــدى أثــرةإ)صلى الله عليه وآلــه( لالنصــار:

تولى معاوية منعهم العطاء. جــاءت األنصــاروفي الحديث، عن اإلمام الباقر )عليه السالم(:

إلى رسول الله

.100( سورة التوبة: ?)1.117( سورة التوبة: ?)2.72( سورة األنفال: ?)3.74( سورة األنفال: ?)4.28 ب171 ص21( بحار األنوار: ج?)5

123

)صلى الله عليه وآله( فقالوا: إنا قد آوينــا ونصــرنا فخــذ طائفــةمن أموالنا فاستعن بها على ما نابك.

.إلى غير ذلك مما يجده اإلنسان بكثرة في سيرته المطهرة فهمــا فريقــان يتصـارعان،وهكــذا كـان األمــر في زمن الخلفــاء

أحيانا، كما يظهر من قصة سورة المنافقين، وقــولهم بعــد الرســول ، وكذلك كان في زمنمنا أمير ومنكم أمير)صلى الله عليه وآله(:

ــه الســالم( ثم تحــول األمــر إلى جمــاعتين أخــريين همــا علي )علي وفي أيام العباسيين إلى فرقتين طرفي دجلــة،،)المضرية واليمنية(

ويــدل كــل ذلــك على وجــود طــائفتين اعتــنى،كما في قصــة )قثم( ببقائهمـا متمـايزتين في إطــار الكتـاب والسـنة، وتبــع ذلـك الخلفـاء

بنفس اللون اإلسالمي أو بلون آخر.

موقف اإلسالم من األحزاب غير اإلسالميةــير ــزب غ ــالم الح ــوز اإلس ــاذا ال يج ــه لم ــو أن ــيء، وه بقى ش اإلسالمي، أليس ذلك كبتا للحريــات، وأليس ذلــك يــوجب أن تكــون حكومة اإلسالم أقل حرية من حكومة إمريكــا وفرنســا مثال، مــع أن

اإلسالم دين الحريات، ال دين الكبت والخنق. والجـــواب: إن اإلســـالم دين بـــني على العقيـــدة الصـــحيحةــازة الصــحيح ــة، وليس من الصــحيح إج ــة باألدل والشــريعة المدعم

للغلط، والمستقيم للمنحرف. أما الصغرى فقد استدل له في الكتب االعتقادية، وأمــا الكــبرى فلوضوح أن االنحراف في العقيدة ينتهي إلى االنحراف في العمــل،ــاة، فإجــازة الحــزب غــير ــاه هــدم الحي واالنحــراف في العمــل معن

،الصحيح مثل اجازة التحزب للصوص والقتلة

124

،أما أن االنحــراف في العقيــدة ينتهي إلى االنحــراف في العمل فألن العمل تابع للعقيدة، مثال الذي يعتقد بأن اآللهة ثالثة ينتهى إلى

جملة )دعوا ما لقصير لقيصر، وما لله لله(. ومن الواضح أنه تقرير للديكتاتورية، والتي تنتهي إما إلى الظلم في داخل البالد كما في عهود الكنيسة، وإما إلى الظلم خــارج البالدــدر ــالم بق ــرب بالد الع ــال الحاضــر حيث يســتعمر الغ ــا في الح كمــرب ــر لبالد الغ ــال الحاض ــود الظلم في الح ــه، وال يخفى وج إمكان بالنسبة إلى داخل بالدها أيضا، كما ألمعنا إلى ذلــك هنــا وفي كتــاب

)الفقه: االقتصاد وغيرهما. وهل يجوز أن يفسح المجال للقاتــل، أو نعطي الحريــة للظلمــة

ليوسعوا الظلم والفساد. وبما ذكرناه ظهر الجــواب عن اإلشــكال الثــاني أيضــا: أي كيــف يكون بلــد اإلســالم أقــل حريــة من مثــل إمريكــا وفرنســا، وحاصــل

الجواب: إن تلك ليست حرية بل فوضى.فال يقال: إن بلد اإلسالم أقل حرية.

بل يقال: إن إمريكا بجهلها أجازت الفوضــى، كمــا أبــاحت الزنــا وكما أجازت استغالل اإلنسان القوي الرأسمالي، لإلنسان الضعيف،

.أغلب أفراد الشعب هذا باإلضافة إلى جواب ثان عن هـذا اإلشـكال الثـاني، وهـو أن إمريكا وفرنسا وبريطانيا، مثال لم تجز إال األحــزاب الــتي تعمــل في إطار الوطنية، وال تجيز األحزاب التي تعمل في خــارج هــذا اإلطــار، فال يكــون لهــا حريــات أكــثر من حريــات اإلســالم، منتهى األمــر أن اإلسالم أجاز األحزاب الكائنة في إطار العقيــدة بينمــا البالد الغربيــة

تجيز األحزاب الكائنة في إطار الوطنية، مع وضوح أن

125

، إذ ليس ذلــك مبنيــا على الكفــاءات،إطار الوطنيــة باطــل عقال ، حيث إنه مبــني على الكفــاءة، فــإنبينما إطار اإلسالم صحيح عقال

معنى كون اإلسالم دين العقل كونه دين الكفاءة. فهل إذا ولد اإلنسان في هذا البلد أو ذاك يؤهلــه، ألن يكــون لــه

هذا الحق أو يسلب عنه أهلية هذا الحق. أما أن اإلنسان لو اختار هذا الطريق الصحيح في العقيــدة، دونــه ذلك الطريق في العقيدة التي قام على بطالنها الدليل، فإنه يؤهل

ألن االهليــة ترجــع في الثــاني إلى االختيــار،،ألن يكون له هذا الحقوليس كذلك في األول.

ال يقال: كل من اإلسالم والغرب يدعي صحة عقيدتــه وشــريعتهوطريقته.

ألنه يقال: باإلمكان الكشــف عن صــحة وزيــف االدعــاء بــالبحث الحر في التلفزيون، فإن ظهرت صحة عقيدة من يريد طلب إجــازة تشكيل األحزاب غير اإلسالمية أباح اإلسالم لــه ذلــك، ولكن من أين

له إثبات عقيدته. وبعبارة أخرى: لو أراد مسلم غير مــواطن في الغــرب تأســيس حزب لم يجزه قــانون الغـرب، ويعللـه بأنــه ليس من أهــل الــوطن،ــد اإلســالم تأســيس حــزب لم يجــزه ــافر في بل ــو أراد ك ــذلك ل وك اإلسالم، ويعلله بأنه ليس من أهل العقيــدة، وإلى هنــا ال يكــون بلــد

اإلسالم أضيق دائرة من بلد الغرب. ثم يأتى الكالم في أن بلد اإلسالم لم يجز الحزب الكــافر لوجــه صحيح عقلي، وبلد الغرب لم يجز الحزب المســلم لوجــه باطــل، إذ اإلسالم لم يجز لفقد العقيدة وهو بمعنى عــدم الكفــاءة في طــالب

أمــا الغــرب فلم يجــز،الحزب، ألن عدم إسالمه يرجــع إلى اختيــاره الحــزب المســلم لفقــد الوطنيــة، وهــو بمعــنى االعتبــاط، ألن عــدم والدته في ذلك الوطن يرجع إلى ما ليس باختيــاره، وبهــذا ظهــر أن اإلسالم له حرية مبنية على الصــحيح، والغــرب لــه كبت مبــني على

الباطل، وكم من فرق بين األمرين.

126

معطيات األحزاب السياسية األحزاب السياسية ذكرت لهــا فوائــد وأضــرار،(:ــ 37)مسألة

وفي هذه المسألة نذكر جملة من الفوائد التي ذكرت لها.

: انتخاب األصلح1ــبيق ــة لتط ــيغة الكامل ــو الص ــي ه ــزب السياس األولى: إن الح الشرط الثاني اإلسالمي في باب الحكم في الواقع الخــارجي، فــإن اإلسالم كما تقدم يشترط في الحاكم أن يكون مرضيا للــه وحســب شورى األمة، أي برضاهم الذي هو رضى األكثرية، كما هو المستفاد من الشورى، إذ انتهاء الشورى إلى توافق آراء الكل أمر نادر غالبا،

ــا بين متعــدد كــل واحــد منهم يحمــل،فــالالزم كــون الحــاكم منتخبمواصفات الفقيه العادل، مرضيا ألكثرية األمة.

ــا أما الشرط األول: أي الفقاهة والعدالة و...، فذلك واضــح غالبألهل الخبرة الذين يتوفرون في المراكز العلمية.

ويبقى الشرط الثاني: وهــو اختيــار أكثريــة األمــة لــه، وذلــك مــا يحصل باالنتخاب، وتلك غالبا تتحقــق بواســطة األحــزاب السياســية،

حيث إنهم أهل الخبرة

127

في تحديد األصلح إلدارة الدين والدنيا بين المتعدد. ال يقال: فلماذا لم يكن من هذا األمر )االنتخاب( أثر في ســالف

.الزمان ألنه يقال: لم يكن الحكم بيد المسلمين حسب موازين اإلســالم بل بيد الديكتاتوريين من الملوك وما أشــبه، فكــان التقليــد وتوابعــه بيد المسلمين، وفي تعيين األعلم واألعدل واألورع كــان يكفي أهــل

الخبرة العلمية الدينية بدون االحتياج إلى أهل الخبرة السياسية. هذا باإلضافة إلى أنــا ال نــدعي أن الحكم الصــحيح يتوقــف على األحزاب السياسية مطلقا، بل ذكرنا سابقا وهنا أنه أفضــل الطــرق، فإذا رضيت األمة بأكثرية آرائها بملك عادل، أو بمن يعينه أهل الحل والعقد، كفى ذلك في وجود الشرط الثاني في الحاكم، فــالمهم أن يكون الحاكم مرضيا لله ومرضــيا ألكثريــة األمــة في دائــرة المتعــدد الذين كلهم فقهاء عدول، فإذا عين الفقيه العــادل الــذي رضــيت بــه

واذا، عن نفسه، ملكا أو رئيســا، تــوفر الشــرطانأغلبية األمة وكيال عينت األمة باألكثرية أهل الحلق والعقــد، وهم عينــوا الفقيــه، تــوفرــ كمــا في النظــام ــة ـ ــوا هم بأنفســهم باألكثري الشــرطان، وإذا عين

وهذا الطريق خــير الطــرق، الفقيه، كذلك توفر الشرطاني ـالحزب وعليــه،بالنسبة إلى الطرق الثالثة، كما دل عليه العقل واالســتقراء

ــرة من ــاء إلدارة الحكم كعش ــار جماعــة من الفقه ــة أن تخت فلألمــة آرائهم في اإلدارة ــاء يكــون بينهم الشــورى، ويؤخــذ بأغلبي ،الفقه

.والظاهر أن هذا أفضل أيضا ( ألنه أقرب إلى الشــورى المطلقــة الشــاملة، لشــورى األمــة1

ــة ــورى المرجعي ــة( وش ــواب )مجلس األم ــورى الن ــة( وش )األكثري)شورى الفقهاء(.

128

ــل فرقــة﴿( وألنه أقرب إلى قولــه ســبحانه: 2 ــو ال نفــر من ك فل مما يلمع إلى كــون الفقهــاء طائفــة، ومن المعلــوم،(1)﴾منهم طائفة

وإلى األداء من ناحيــة،أن الطائفة أقــرب إلى االســتيعاب من ناحيةثانية.ــه أقــرب إلى جمــع الكلمــة، وإلى اصــابة الواقــع، وإلى3 ( وألن

،الهيبة لدآ الجماهير، وإلى سعة العمــل، فــإن يــد اللــه مــع الجماعة فإنه عقلي شرعي كما هو واضح.،كما في الحديث

: تحكيم إرادة الشعب2 الثانية: إن األفراد بمــا هم أفــراد قــوى مبعــثرة ال يقــدرون على تنفيذ آرائهم بالنسبة إلى مصير أنفسهم، فإن الحكم كما هو واضــح،

إدارة األفراد والتصرف في شؤونهم. كمــا في البالد الــتي الوهذه اإلدارة والتصــرف ســواء كــان كليا

تؤمن بعقيدة أو شريعة، حيث إن الحكام يضعون القــانون وينفــذون القــانون بالســلطتين التنفيذيــة والقضــائية، أو في الجملــة كمــا فيــدون ــدة والشــريعة، حيث إن الحكــام مقي ــؤمن بالعقي ــتي ت البالد ال باإلطار الخاص كما في البالد اإلسالمية، البد وأن تكــون تصــرفا في

الناس، ولماذا هذا التصرف دون إرادة المتصرف فيه؟ ومن هنا ينشأ لزوم كون الحاكم هو الذي يريــده النــاس، ســواء كــانت إرادة مطلقــة، كمــا في البالد غــير المؤمنــة، أو إرادة مقيــدة

بإطار خاص، كما في اإلسالم

.122( سورة التوبة: ?)1129

ــالالزم ــة و...، فـ ــة والعدالـ ــاكم الفقاهـ ــترط في الحـ حيث يشـ تجميعهم في وحدات كبار تستقي من وحدات صــغار، إلى أن يصــل

كالقطرات التي تتجمع فتكون العيون الصغار، ثم،الدور إلى األفرادالكبار، ثم األنهر، حتى ينصب الجميع في النهر الكبير أو البحر.

فالبــد وأن يكــون هنــاك جماعــة من الزعمــاء، يعرفــون األمــور السياسة حق معرفتها، يســتقون من المجتمــع بواســطة التجمعــات الصغيرة، االتجاهات واألفكار واآلراء، ويوصلون إلى المجتمــع، بتلــك الوسائط آراءهم حول األمور، وبذلك تتجمــع القــدرات واألفكــار في سواقي خاصة، وتتمركز حتى تأتي بالنتائج المطلوبة التي تكون في صالح المجتمع، فال يكــون الفــرد الضــعيف في مقابــل قــوى الدولــة المتمركزة وحيدا ال يقدر على أمــر وال على تغيــير، وعليــه فــالحزب يعطي القدرات المبعثرة الضعيفة غير المتمركزة القدرة والتمركــز

والجمع. ومثله مثل الزجاج الجامع ألشعة الشــمس، حيث إن ألــف كيلــو من نور الشمس ال يسبب إشــعال شــيء، أمــا إذا تجمــع النــور ولــو

وقد ورد عن الرسول،بمقدار كف في مثل هذا الزجاج أعطى النار فــإن اليــد بمعــنى(1)يــد اللــه مــع الجماعة)صلى الله عليه وآلــه(:

القوة والقدرة، والجماعة تكــون معهم قــوة اللـه، ألن اللـه سـبحانهجعل القوة في التجمع.

فال يقال: كيف وفاقد الشيء ال يعطيه، ببيان أن كل فرد فاقــد، فكيف بجمع الفاقدين يكون الشيء الذي فقدوه، وأليس ذلــك مثــل

أو يكون العلم بتجمع أفــراد من،أن يكون اإلنسان بتجمع الحيوانات وهكذا.ةالجهل

.127( نهج البالغة: الخطبة ?)1130

فإن الجواب واضح، إن التجمع صفة جديدة، والله سبحانه جعلــير من ــذلك في كث ــدرة، وك ــفة الق ــدة ص ــفة الجدي ــذه الص في هــة التجمعات، فإن تجمع القطرات يكون الشالل الذي له قدرة خارق عن قدرة القطرات، وبتجمع الــبيوت تكــون المدينــة، وبتجمــع ذرات الحديد يكون الفاس القادر على هــدم الجــدران، إلى غــير ذلــك من

األمثلة.

: مدرسة السياسة التطبيقية3 الثالثــة: الحــزب مدرســة السياســة التطبيقيــة للجمــاهير، فــإن المــدارس ال ترتبــط بالسياســة ال علميــا وال تطبيقيــا، ومـــدارس السياسة الخاصة بها ال تعمل إال تعليم السياسة علميا، ومن الواضح أن العلم غير العمل، فالذي يدرس الطب غــير الــذي لــه خــبرة في الطبابة، وكذلك من درس الهندسة غير من عمل مدة في األعمــال

الهندسية، إلى غير ذلك. فالحزب يوجــد الفهم السياســي في أفــراده، كمــا أنــه مدرســة علمية للسياسة، حيث إن األفراد الذين علمــوا السياســة ســواء في المدارس السياسة أو في الحزب يطبقونهــا تطبيقــا عمليــا خارجيــا، حيث التــداول اليــومي للمواضــيع السياســية، والتهيــؤ الــدائم لألخــذ

والعطاء السياسيين، فحالهم حال البناء الذي يبني الدور كل يوم. وبهذه المدرسة الحزبية يكون التعلم والتعليم السياســيين، كمــا أن هذه المدرسة تعطي الرشد السياسي لكل أفراد المجتمع، حيثــة عرفت أن الحزب تيار كبير يصب فيه أنهر المجتمع، األنهر المكونــرد في من العيون الصغيرة، المكونة من القطرات، وبهذا يندفع الف الحزب إلى تعلم السياسة وتطبيقهــا العملي، فــإن ورد في الحــزب

تعلمها، وفي كال عالما بالسياسة تقدم علمه، وإن ورده جاهال

131

الحالين يتدرب عمليا على التطبيق الخارجي.

: تحمل المسؤولية السياسية4 الرابعة: المجتمع بحاجة إلى من يحمــل المســؤولية السياســية، والحزب هو الذي يقدر على حمل هذه المسؤولية، بينما الفرد ليس

كذلك، ولذا فالمجتمع بحاجة إلى الحزب. وهذا ما يعبر عنه في االصطالح السياسي بأن الحــزب مدرســةــا في علم ــطلح عليهـ ــتي يصـ ــرادهم األخالق الـ األخالق، إذ ليس مـ الفلســفة واألخالق، بـــل األخالق الــتي يجب أن تتــوفر في حملــة

السياسة. فنقول:،ولتوضيح هذا األمر البد من تحليل كل أجزائه األربعة

أ( أما أن المجتمع بحاجة إلى من يحمل المســؤولية السياســية، فلوضــوح أنــه كمــا تقــدم عبــارة عن إدارة النــاس، والتســلط علىــالالزم أن يكــون في أمــوالهم وأعراضــهم ودمــائهم ومقــدراتهم، فــد السياســة إليه ــاء مقالي ــه في إلق ــاع ب ــق االجتم ــع من يث ،المجتم

فيحمل مسؤولية السياسة. ب( والحزب هــو الــذي يقــدر على حمــل هــذه المســؤولية، ألن الحزب عبارة عن جماعة كبــيرة من نفس النــاس، وبالنتيجــة يكــون معنى الحزب أن الناس يديرون أنفسهم بواسطة جمهرة كبيرة من

أبنائهم وإخوانهم الذين يثقون بهم.ج( أما الفرد فال يتمكن من تحمل المسؤولية، ألن الفرد:

: ال قدرة لــه على اإلدارة السياســية الطويلــة العريضــة مهمــا1كانت قدراته كثيرة.

: وال دوام له، فإنه يموت أو يمرض أو ما أشبه ذلك، فال يمكن2أن يكون

132

موضع الثقة. : وال ضمان لبقاء نزاهته، حيث إنه كثيرا ما ينقلب الفرد النزيه3

في أنظار الناس إلى فرد غير نزيه، بينما الحزب لكــثرة أفــراده لــه قدرة اإلدارة السياسية، والستمرار حياته له دوام وبقاء ممتــد، وألن مفاهيم الحزب ال تتغير بمثل تغير الفرد فإذا كان الحزب نزيهــا بقي

على نزاهه نسب ، وبذلك يكون الحزب مــورد ثقــة النــاس سياســيا،يا من جهة السعة العلمية، ومن جهة االمتداد الزماني، ومن جهة بقــاء

،النزاه الذي تحتاجه األمة في من تضــع ثقتهــا عنــده أي كمــا وكيفــا.وجهة

د( ومما تقدم ظهر وجه األمر الرابــع، أي وجــه تســمية الحــزب بمدرسة األخالق، فإن الفرد كما قد يكون صدوقا مستقيما متواضعا

لخير المجتمع، وبذلك يقال: فالن ذو أخالق رفيعة،محبا للخير عامال كذلك الحزب المبني على تلك الصفات الخيرة، وحيث وجد حزب ال

من الناس وإلى الناس، ال يمكن أن يوجد حزب ليس بهذه يكون إالالصفات.

))األحزاب المنحرفة(( نعم، قد يوجد في األحزاب السرية التي يصــنعها المســتعمرون، أو األفــراد المنحرفــون، من ال توجــد فيــه هــذه الصــفات، لكن ليس

حيث إن مــا يصــنعه االســتعمار رتــل،الكالم في مثل هذه األحــزابــزب خامس، وليس بحزب وإن یسمى باسمه زورا، وذلك أمثال الح الشيوعي والبعثي في البالد اإلسالمية، كمــا أن مــا يصــنعه منحــرف داخلي اليكون حزبا بالمفهوم الصــحيح للحــزب، بــل تجمــع أصــحاب عقد النتقام أو وصول إلى هدف شخصــي، ولــذا اليكــون ألي منهمــا أخالقيات، وال يعتمد عليهما الناس، وسرعان مــا يتشــتت أفرادهمــا، بقطع االستعمار عونــه في األول، وبمــوت زعمائــه المنحرفــون في

الثاني.

133

: مدرسة االنضباط الفكري والعملي5 الخامسة: الحزب مدرسة االنضباط الفكري والعملي، وذلك ألن الحزب يحاول الوصول إلى الحكم، وسحب البساط من تحت أقدامــد تطبيقــه في ــك ألن للحــزب برنامجــا إصــالحيا يري منافســيه، وذل المجتمـــع، والتطـــبيق ال يمكن إال بالوصـــول إلى مقاليـــد القـــدرة، ومقاليــد القــدرة هي الحكم، وحيث إنــه يحــاول منافســة الحكومــة، والحكومة مؤسسة كبيرة ذات قدرة وانضباط، كان البد للحزب من االنضباط الشديد في أفــراده وبرامجــه حــتى يتمكن من المنافســة، فيعطي الحزب ألفراده االنضباط الفكري، بــأن يفكــروا بموضــوعية

وصحة واستقامة. إذ لــوال االنضــباط الفكــري لم يحصــل االنضــباط العملي، ولــوالاالنضباط العملي ال يمكن مقابلة االنضباط الموجود لدى الحكومة.

كمــا يعطي الحــزب ألفــراده االنضــباط العملي، حيث إن كــثرة العمل الفكري والجســدي هي الــتي تــوجب التفــاف النــاس وثقتهم وإعطاءهم الرأي للحزب في االنتخابات، وبــدون االنضــباط ال يكــون

علم وال عمل. كان أقــرب،وكلما كان انضباط الحزب أحسن، وكان عمله أكثر

إلى النجاح، وهذا االنضباط العلمي ال تعطيه المدارس إال بقدر، كماــة ــل المؤسســات الحكومي أن االنضــباط العملي ال يوجــد إال في مثــط ــوه ال يرتب ــومي ونح ــباط الحك ــوم أن االنض ــا، ومن المعل وغيره بالمجتمع، ليدخلوا في مدرسته ويتعلموا االنضــباط، فينحصــر األمــر

في الحزب. ولذا نجد األحزاب يطردون من ال نشاط له وال انضباط، إما من الحزب رأسا وإما من المهام الحزبيــة، وإذا ربي الفــرد في الحــزب على االنضباط الفكري والعملي، يكون عضوا صالحا حــتى إذا خــرج عن الحــزب، وحــتى في أعمالــه الخارجــة عن أعمــال الحــزب وهــو

وبهذا الميزان )االنضباط والنشاط( ،داخل في الحزب

134

يتقدم فــرد وأفـراد في الحــزب على اآلخــرين، وقــد يكــون هـذاــدخول الفرد أو األفراد في رتبة متأخرة من الســابقين عليهم في ال

في الحزب. ولذا يكون هناك تصارع دائم بين القدمة والجدة، فالقــديم يريــد احترامه وتقديمه ألنه قديم، والجديد يريد شق الطريــق إلى الصــف األمامي، ألنه أليق وأنشــط، بينمــا القــديم قــد ترهـل وكسـل، ولكنــديم ــل على تق ــع جب ــالحية، إذ المجتم ــثرهم ص ــا ألك ــة دائم العاقب

األحسن.اس﴿قــال ســبحانه: ــع الن ــذهب جفــاء وأما مــا ينف ــد في ب فأما الز.(1)﴾فيمكث في األرض

: صنع التنافس الخالق6 السادسة: حيث إن الحزب يوجد التنافس بين أفراده من ناحية، وبين هذا الحزب والحزب اآلخر من ناحيــة ثانيــة، وبين أفــراده وبين أفراد المجتمع المبعثرين من ناحية ثالثة ـ حيث إن اإلنســان بطبعــه ال يتمكن أن يرى تــأخر نفســه وتقــدم غــيره عليــه ـــ يكــون الحــزب مضمارا للتقدم والتقــديم، ولــذا نجــد الحكومــات ذات األحــزاب في

تسابق دائم، سواء في العلم أو الفن، أو غير ذلك. وقــد أرشــد القــرآن الحكيم إلى التنــافس في الخــير، فقــال

ــبحانه: ــارعوا﴿س تبقوا﴿ و،(2)﴾وس ــ ــافس﴿ و،(3)﴾فاس ــك فليتن وفي ذل.(4)﴾المتنافسون

: تقديم الشعب إلى االمام7 السابعة: الحزب له قيمة المؤسسة، كســائر المؤسســات الــتي لها قيمها، فكما أن المؤسســات االجتماعيــة واالقتصــادية والتربويــة ومــا أشــبه لهــا قيمهــا، حــتى أن وجودهــا خــير من عــدمها، كــذلك المؤسسات السياسية، فإن المؤسسة تقدم األمــة في الجهــة الــتي وضــعت المؤسســة ألجلهــا، وهكــذا بالنســبة إلى الحــزب، حيث إنــه

يقدم األمة بالنسبة إلى السياسة.

.17( سورة الرعد: ?)1.133( سورة آل عمران: ?)2.148( سورة البقرة: ?)3.26( سورة المطففين: ?)4

135

والظــاهر أن هــذه الفائــدة ليســت فائــدة جديــدة غــير الفوائــدالسابقة، وإنما هذه إجمال لتلك الفوائد.

وكيف كان، فلهذه الجهــة يتقــدم األعضــاء إلى اختيــار العضــويةــزب فيه، كما يقدمون النشاط والعون المالي ألجل تقويته، فإن الح لما لم يكن من قبيل األشياء الضــارة، والعقالء يقــدمون عليــه كــان

على حسنه، مثل سائر ما يقدم العقالءالبد وأن يؤخذ إقدامهم دليالعليه، حيث إن اقدامهم دليل على حسنه.

وقــد قــررت جملــة من الحكومــات إعانــة األحــزاب السياســية أمثــال،بالمال ألجــل تقــديم شــؤونها، تصــديقا منهــا بفائــدة الحــزب

إيطاليا وإمريكا الشــمالية وألمانيــا الغربيــة واليابــان وغيرهــا، وذلــكــة ،بحجة أن الحزب حتى المخالف منه للدولة ــديم األم يسير في تق

فليس على،إلى األمام في هذا المجــال، وأنــه ممــا يريــده الشــعبالحكومة أن تالحظ موافقته للدولة باألكثرية أو مخالفته باألقلية.

ــاعد ــددة ال تس ــزاب المتع ــالم ذات األح ــثر دول الع نعم في أك الدولة الحزب، وإنما عليــه أن يحصــل مــا يحتاجــه من األمــوال، من أمثال بيع الجرائد وبطاقات العضوية وتبرعات المحســنين، إلى غــير

ذلك.ــا ــزب، فحيث إنهـ ــدة الحـ ــة على وحـ ــات المبنيـ ــا الحكومـ أمـ

ديكتاتورية، يتصرف الحزب في أموال األمة كيف يشاء.

136

وال يخفى أن اإلسالم ال يخالف ما تقــدم من البنــود الســبعة، إذالم تكن فيها أضرار، إذ ال شيء أهم من فوائد وجود الحزب:

( كتفريغ إرادة األمة في المنتخب.1( وتجميع القوى المبعثرة في الشعب.2( والتقديم باألمة سياسيا.3( وتكوين المسؤولية النظيفة الصالحة.4( وصنع مدرسة االنضباط الفكري والعملي.5( وإيجاد التنافس الحر الصحيح لتقديم األمة.6 ( وتكــوين قيمــة جديــدة في المجتمــع في ناحيــة من النــواحي7

والتي منها السياسية.

137

ومعارضيه مؤيديه بين الحزب قد ذكرنا في المسألة السابقة فوائــد الحــزب،(:ــ 38)مسألة

ــدم ــزب، ولنق ــرار الح ــاذكروا من أض ــألة م ــذه المس ــذكر في ه ون وما يمكن أن يكون أهم،المذكورات ونرى وزن كل عيب في نفسه

من األضرار والمنافع المتقدمة، حــتى يــوجب الجــواز أو الحرمــة أو الوجوب، فإن كل شــيء ثبت أن لــه أضــرارا ومنــافع، إن تســاويا أو

ــامه الثالثة وإن،زاد أحدهما بما ال يمنع النقيض كان جائزا بأحد أقسزاد أحدهما بما يمنع النقيض كان واجبا أو حراما.

والمذكور من األضرار أمور:

))مزاحمة الحرية الفردية(( األول: إن الحــزب يــزاحم الحريــة الفرديــة، فــإن اإلنســان قبــل دخوله في الحــزب حـر في آرائــه وأعمالـه، فــإذا دخــل في الحــزب

طــرد من يجب عليه بأن يتقيد بآراء األكثرية في قولــه وعملــه، وإال الحزب، ولذا لم يكن للفرد في الحــزب أهميــة خاصــة، بــل األهميــة

لألكثرية.ــة ــك بعض اإلســالميين إن تحطيم الحري ــا أضــاف على ذل وربم الفردية خالف اإلسالم الــذي جعــل النــاس مســلطين على أمــوالهم

وأنفسهم.وفيه:

: إن اإلنسان يدخل في الحزب باختياره، ويحـق لإلنسـان أنأوال يحــدد من حريــة نفســه بنفســه، بمــا ال يصــل إلى القــدر المحــرم،

ومقتضى كون اإلنسان

138

النــاسمختــارا في شــؤونه غــير المحرمــة أن لــه ذلــك، فــإن .(1)مسلطون على أموالهم وأنفسهم

ثم إن الفــرد حـر في أن يخـرج من الحـزب في أي وقت شـاء،فهو حتى بعد الدخول لم يفقد حريته، فالحزب لم يناف الحرية.

وثانيا: إن التقيد بــرأي األكثريــة في نفــع الفــرد إلى جنب ضــرر وهو مزيد قوة اإلنسان وقدرته كما تقدم من مثال القطرات،التقيد

المتجمعة، واإلنسان كثيرا ما يقــدم المصــلحة األهم على المصــلحةالمهم.

وثالثا: إن الفرد في الرأي والعمــل ليس دائمــا يقــع في الصــف المقابل لألكثرية، ونفع كونــه في الصــف الموافــق أحيانــا يــوازي أوــذا ــرق بين ه يغلب على ضرر كونه في الصف المخالف أحيانا، والف وسابقه أن السابق كان يقول: إن ضرر المخــالف يقابــل بنفعــه في كونه قويا باالنضمام، وهذا يقول: إن ضرر المخالف في هــذا الــرأي

يقابل بنفعه في الرأي اآلخر الموافق.المخالف مثال

))خالف وحدة األمة(( الثــاني: إن وجــود الحــزب يخــالف وحــدة األمــة، ســواء في

حيث،الحكومات ذات األحــزاب، أو الحكومــات ذات الحــزب الواحد والحزب الواحد يوجب تشقيق،األحزاب تفرق كلمة األمة في األول

فلــو لم يكن حــزب كــان،األمة إلى الحــزبي والالحــزبي في الثــاني ، ورأى الكــل أنهم أفــراد أســرة واحــدة،جميع األفــراد بشــكل واحد

بخالف ما إذا تشكل الحــزب داخــل األمــة، حيث تتكــون االنتمــاءاتالمختلفة، ويحدث التضارب واالختالف.

وتعددا.وال يخفى أن هذا الرأي يخالف أصل الحزب وحدةوهناك رأيان آخران:

.11 ح272 ص2( انظر بحار األنوار: ج?)1139

ألنــه يــوجب الديكتاتوريــة،: الرأي الذي يخالف الحزب الواحد1لمن كان في اتجاهه فقط. وال يفسح المجال إال

بحجــة ضــرر،: الرأي الذي يخالف األحزاب المتكثرة المتعددة2األحزاب المتعددة دون الحزب الواحد.

موقف الشيوعية تجاه األحزابالشيوعية والفاشية من أنصار الرأي الثاني.

أما الشيوعية، فقد اســتدلت لرأيهــا، بــأن الالزم قيــادة الشــعب ــان ســببا إلى االشتراكية حيث ال طبقات، والحزب إذا كان متعددا ك

فال ينتهي األمر إلى االشتراكية.،للطبقات وأما الفاشــية، فقــد اســتدلت لرأيهــا، بــأن األمــة واحــدة وتعــدد

فالجمع بين فائدة الحزب حيث إنهــا،األحزاب يوجب تحطم الوحدة مدرسة السياسة، وبين ضرر تعــدد األحــزاب، يــوجب أن يكــون في

البلد حزب واحد. وحيث قد تقدم فوائد الحزب المتعدد في المسألة السابقة، البد وأن نتعرض لرد الرأیين اآلخــرين، أي عــدم الحــزب وعــدم الحــزب

المتعدد.فنقول: أما ما ذكر للحزب من الضرر، فالجواب عنه:

ــو أول الكالم، وإن إنه إن أريد بتشقق األمة التشقق الضــار، فه أريد التشقق غير الضار، كان التشقق غير مهم، فال يمكن أن يكــون

التشقق سببا إللغاء الحزب..إن قلت: كل تشقق ضار

فــإن األخــذ ببعض األمــة لتقــديم األمــة إلى،قلت: ليس كــذلك وهو كذلك،األمام نافع

140

في كل مؤسسة اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو غيرها، بـل ه﴿وحتى الدين كذلك، قال سبحانه: اس أمة واحدة فبعث الل كان الن

ــالحق ليحكم بين ــزل معهم الكتــاب ب ــذرين وأن رين ومن ين مبشــ بي النذين أوتوه اس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إال ال .(1)﴾الن

وسبب ذلك أن كثيرا من الناس ال يتحملون التقدم، في أية جهة كان التقدم، سياسية أو اجتماعيــة أو اقتصــادية أوغيرهــا، حســدا، أو

بظنهم ضــرر ذلــك التقــدم، ولــذا حــارب النــاس حــتى األنبيــاءجهالوالمصلحين.يهم السالم( واألئمة )عل

﴿قال سبحانه: ول إال ــأتيهم من رســ رة على العبــاد مــا ي يــا حســ.(2)﴾كانوا به يستهزؤن

ولهم ليأخــذوه وجــادلوا﴿وقــال تعــالى: ــ ـل أمة برس ـ وهمت ك.(3)﴾بالباطل ليدحضوا به الحق

ه من﴿وقال عزمن قائل: ــاهم الل اس على مــا آت أم يحسدون الن.(4)﴾فضله

إلى غير ذلك من اآليات واألخبار. فإذا تكون حزب لتوعية األمة، وللسير بهم في طريق الشــورىــل بعض ــد وأن يجه ــديكتاتوريون، الب ــتغلهم ال ــحيحة، كي ال يس الص فوائد ذلك، كمــا البــد وأن يحــارب من يريــد االســتبداد هــذا العمــل،

وبذلك تتشقق األمة. هذا باإلضافة إلى أنه لـو قيـل بضـرر التشـقق، لكــان ربحـه من

ولدى الموازنــة البــد وأن يقــدم،الجهة التي ذكرناها أكثر من ضررهــار، أو الربح على الضرر، فمثله مثل عمل الجراح، إما ألنه ليس بض

أنه ضار البد منه، ألن ما يتبعه من الصحة فائدة ترجح

.213( سورة البقرة: ?)1.30( سورة يس: ?)2.5( سورة غافر: ?)3.54( سورة النساء: ?)4

141

على ضرره. على لزوم وحــدة الحــزب، فــيردوأما ما ذكره الشيوعيون دليال

وال ربــط لــذلك،عليه أنهم يريدون ضــرب االســتغالل كمــا يزعمــونــدده ــزب وتع ــدة الح ــار،بوح ــزب في إط ــدد الح إذ من الممكن تع

العمال، كما كان من الممكن تعدد الحزب في إطــار االســتغالل في.إمريكا ونحوها

وقولهم: البد وأن ينتهي تعدد األحزاب إلى تسلل االستغالل إلى بعضها، قول لم يقم عليه دليل، والحقيقة: إن بناة الشــيوعية حليت الديكتاتورية في مذاقهم فأرادوهــا، ولمــا قوبلــوا بــاالعتراض أجــابوا بهذا الجواب، الذي بمثلــه يجيب كــل ديكتــاتور، أليس إنهم يجيبــون:ــال ــر، وقبلهم ق ــزب آخ ــوا بح ــا رض ــدد البالد إذا م ــر يه ــأن الخط ب

ل دينكم أو أن يظهــر﴿الديكتاتور الكبير فرعــون: ــد ي أخــاف أن يب إن إلى غير ذلك من التبريرات الــتي يتــذرع بهــا،(1)﴾في األرض الفساد

المستبدون إلخفاء جوهر مآربهم.

موقف الفاشية تجاه األحزاب ويأتي بعد ذلك دور الفاشــيين، وأي منــا ال يعلم ديكتاتوريــة هــذا

ــذلك دليال ــلالحــزب، ويكفي ب ــبرير مهله على أن كالمهم صــرف ت فهل سحق إرادة نصف األمة الــذين وإال،تختفي وراءه الديكتاتورية

أو إعطــاء اإلرادة لكــل األمــة،،ال يــرون رأي الحــزب الواحــد أفضلفيريدون ما يشاؤون.

هذا مع الغض عما تقدم من

.26( سورة غافر: ?)1142

أن كل تقدم يوجب تشقق األمة، وأنه ال ضرر في ذلك إطالقا. هذا مــع أنــا نســلم أن بعض األحــزاب كبعض األفــراد انتهــازيون وصوليون نفعيون، ال تصح إجازتهم وإطالق سـراحهم، لكن انحـراف البعض ليس مالزما النحــراف كــل بعض، وقــد قــالت الفالســفة من

القديم: )الجزئي ال يكون كاسبا وال مكتسبا(. ثم إنه ينتقض من يحارب تعــدد األحــزاب ويســلم أصــل الحــزب

ــقق ــبب التش ــدد يس ــة أن التع ــد، أليس،بحج ــزب الواح بنفس الح الحزب الواحد أيضا يسبب تشقق األمة إلى الحزبي والالحزبي، وإذا

يعود المحذور بالحزب الواحد أيضا. ثم يأتي دور النتائج، فهل اإلنسان في ظل الحزب الواحــد أكــثر

أو اإلنسان في ظل األحزاب المتعددة، ومن يقــول بالثــاني،،مأساةالبد وأن يكون غالطا أو مغالطا.

المشاكل إعضاالهل يزيد الحزب الثــالث: إن الحــزب يلــون كــل مشــكلة بــاللون السياســي، وإن كانت المشكلة اجتماعية أو اقتصادية أو نحوهمــا، وذلــك لكي يجــني الحزب من وراء ذلك أرباحا سياسية، في تقويـة نفسـه، أو تضــعيف

ليسحب البساط من تحت أقدامه.،الحزب المخالف له أما وجه ضرر تلوين كل مشكلة باللون السياســي فهــو أن حــل المشكلة يصعب حينئذ، بينما إذا لم تلون باللون السياسي كان حلها

ــوجب تضــررسهال ، وببقاء المشكلة تتضرر األمة، فالحزب باآلخرة ياألمة.

مثال قد تغلق الدولة الجامعات ألجل تعديل مناهجها، حيث كانتتلك

143

ــدم العلم والصــناعة ــة ال تســاير تق ــاهج قديم ــذه،المن وحــل ه المشكلة أن تتعاون األحزاب في وضع الــبرامج الصــحيحة التقدميــة للجامعــات، كيمــا تفتح بعــد مــدة قليلــة، وإذا حصــل ذلــك التعــاون انتفعت األمــة بفتح الجامعــات، بينمــا الحــزب السياســي المخــالف للدولة علنا كان أو سرا يفسر غلق الجامعات بأن الدولــة ال تتحمــل انتقـــاد الطالب واألســـاتذة لســـوء تصـــرف الدولـــة، ولـــذا أغلقت الجامعات لتســتريح من انتقــادهم ومظــاهراتهم وإضــراباتهم أطــول مدة ممكنة، وبذلك يبرر الحزب المناوئ عــدم اشــتراكه في إصــالح المناهج، وبــذلك تتضــرر األمــة من خـبرة وعمـل األفـراد الصـالحين ،الذين ال يشاركون بتــأثير من الحــزب المنــاوئ في إصــالح المنــاهج

إلى غير ذلك من األمثلة. وال يخفى أن هـــذا النقـــد إنمـــا يوجهـــه إلى الحـــزب أصـــحاب السلطات، وذلك بقصد أن يظهروا الحزب أمام الرأي العــام مضــرا بمصالح األمة، فيكون لهم المــبرر في الديكتاتوريــة، الــتي يريــدونها

النفسهم، ويختفون وراء المبررات البقاء صفتهم االصالحية.ــذه ــل ه ــزاب مث ــاذ بعض األح ــبرير أن اتخ ــذا الت ــرد على ه وي التهجمات على الدولة ال يوجب أن يكون الحزب غير ذي فائدة أكثر من ضرر هذا النحو من التهجم، واألمة ليست جاهلة إلى هــذا الحــد حتى ال تدرك أن أية من الجهتين الدولة أو الحزب المخالف صــادقة في مدعاها، والمفروض أن كلتيهما تملك وســائل اإلعالم والدعايــة،

سواء كان الحزب المناوئ محظورا أو مجازا.

144

هل يضيق التحزب من آفاق الفكر الرابع: إن الحزب ضيق، اي يوجب تضييق إطــار فكــر أعضــائه، فاليهم عندهم الحق والباطل، بل المهم عنــدهم رأى الحــزب مهمــا

بينمــا الفــرد(1)﴾كل حزب بما لديهم فرحون﴿كان ولذا قال سبحانه: غير الداخل في الحزب ليس له هــذا االفــق الضــيق، بــل يكــون مــعالحق اين وجده، ولذا اشتهر عند الناس لفظة )الحزبيات الضيقة(.

: إن هذا حــال كــل انتمــاء إلى دين أو قــوم أو أرض أووفيه أوال وهل يمنع كل انتماء لذلك,،لغة أو ما أشبه

ــع ــة هم في المجتم ــزاب الطبيعي ــا: ال تالزم، حيث إن األح وثاني ومن المجتمع وإلى المجتمع، ومثل هذا الحزب البــد وأن يحس كمــا يحس المجتمع، وإذا كان هناك ضيق حتى في مثل هذا الحزب فالبد وأن يتحمل هــذا الضــيق، لمــا فيــه من الفوائــد المتقدمــة، من بــاب

قاعدة األضرار واألرباح. وهذا اإلشكال نشأ من غلبة كون األحزاب في الشــرق األوســط أحزابــا اســتعمارية ليســت من المجتمــع، وال إلى المجتمــع، وال في المجتمع، بل هي أحزاب ديكتاتورية تطبق أوامــر األســياد، وليــذهب

ــزب،المجتمع بعد إلى الجحيم! كما هو الحال في حزب البعث والح االشتراكي والحزب الشيوعى وغيرهم، ولذا كان شعارهم: )نفــذ ثم

ــاقش( ــرى،،ن ــدنهم الفرديــة، والمطــارة لألحــزاب األخ ــان دي وكواالستبداد بالسلطة، وإلى آخره.

نعم البــد للحــزب من المراقبــة الكاملــة حــتى ال ينحــرف، فإنــهباعتباره قوة،

.53( سورة المؤمنون: ?)1145

وجب كبريــاء أفــراده،(1)اإلنسـان ليطغى * أن رءاه اســتغنىو إذا لم يواظبــوا مواظبــة كاملـة، حالـه حــال ســائر القــدرات، أمثــالــة الالزمــة في العلم والمال والسالح والعشيرة وغيرها، بل المواظب الحزب أكثر من المواظبة الالزمة في الفرد، من جهة أنه مؤسسة،

كــل ذي و،والمؤسسات لها أعداء كثيرون، بينما ليس األفراد كذلك فــإذا لم يكن ألفــراد الحــزب، كمــا في الحــديث(2)نعمــة محســود

.المواظبة الكاملة ـ ولو مشوا مشيا عاديا ـ كان لهم خطر السقوط هذا باإلضافة إلى أن سلبيات الفرد في الحزب، تسري إلى كــل

ــهم،الحزب، ألنهم وحدة واحدة ما لبعضهم لجميعهم، وما على بعضعلى جميعهم.

الحزب والوسائل الالأخالقية الخامس: إن الحزب مدرسة االنحراف، حيث إن الذين يرأسونــد لهم من ــة، الب ــائهم في الرئاس ــداد بق ــدون امت ــزب حيث يري الح

إذ بدون هذه األمــور يقصــر بقــاؤهم، بــل،الكذب والخداع والتضليل وال يقدرون على الســيطرة الكاملــة على الحــزب وإظهــار أنفســهم بمظهر النشط العامل لخير المجموع، إلى غــير ذلــك من المحــاذير

المقارنة للسلطة.وفيه:

: ال نسلم كليــة التالزم، فهــذه الكليــة مثــل كليــة التالزم بينأوال التسـلط على البالد وبين انحـراف الطبقــة المتسـلطة، ومثــل كليــة

التالزم بين كل قدرة من علم ومال وجاه و... وبين االنحراف. وثانيا: إذا سلم بالتالزم، فالالزم المقارنة بين األضرار والمنــافع، وال شك أن المنافع أكثر، حيث الترشيد الفكري لألمة والوقوف في

وجه طغيان السلطة

.127 ص1. مجموعة ورام: ج48( تحف العقول: ص?)1.53( سورة المؤمنون: ?)2

146

والتنافس الحــر للتقــدم، إلى غــير ذلــك ممــا تقــدم في مســألةمنافع الحزب.

هل الحزب عدو للديمقراطية السادس: إن الحزب يأتي إلى المجتمع بعنــوان كونــه مؤسســةــك ألن ــة، وذل ــداء الديمقراطي ــزب من أع ــا الح ــة، بينم للديمقراطي الحزب إنما يتكون ألجل جعل الناس متساويين في الحقوق، وإتاحة الفرصة لكل فرد في التقدم والتمتع بكل مزايا المجتمع، من المـال والرفاه والسلطة وغيرها، وحيث يصل بعضــهم إلى قيــادة الحــزب، ينسى مصالح حــتى قاعــدة الحــزب من األفــراد، بــل مصــالح ســائر األمــة، وإنمــا كــل همــه مصــالح نفســه إبقــاء لمــا حصــله، واكتســابا

لمصالح جديدة. ولــذا نجــد أن رؤســاء األحــزاب يتنعمــون بأضــعاف أضــعاف مــا

يحصله أفراد القاعدة. وحينــذاك تقــوم فئــة من الحــزب بنقــد الزعمــاء، حــتى يقوضــوا عروشهم، ويأتي بعدهم جماعة أخــرى إلى الرئاســة يكــررون نفس المنهج السابق إذا وصلوا إلى القيادة، فــالحزب مطيــة لالســتغاليين

والديكتاتوريين أعداء الديمقراطية والعدالة االجتماعية.وفيه:

ــأتي بالنســبة إلى الحكومــة، فهــل هــؤالءأوال ــر ي : إن هــذا األم الناقدون للحزب يرون مثل هذا الرأي في الحكومة، وإذا لم يكونــوا يرون ذلك ـ وهم اليرون ذلك بالفعل ـ فمــا هــو مــبررهم لتجــويزهم

الحكومة، بينما ال يجوزون مثل ذلك في الحزب. وثانيا: ال نسلم أن كــل حــزب يعيش في الحريــات حالــه هكــذا،ــذي يعيش في فإن الرقابة الجماهيرية تمنع مثل ذلك، أما الحزب ال

إذ مطرح نقد أولئك في األحزاب،حالة ديكتاتورية فليس الكالم فيهالديمقراطية.

147

وثالثا: نسأل هل إطالق السلطة تفعل مــا تشــاء خــير أم وجــود أحزاب تراقب السلطة، وإن كان بعض رؤساء األحزاب يفعلــون مــا

ذكرتم. وفي الحــديث:،وكيف كان، فالمجتمع والرقابة جناحــان للتقــدم

يـد اللـه مـع الجماعة(1)،وقـد شـرع األمــر بـالمعروف والنهي عن فانســالخ المجتمــع عن أحــدهما معنــاه هبــوط،المنكر ألجل الرقابة

المجتمع، كما هو المشــاهد في البالد الديكتاتوريــة، حزبيــة كــانت أوغير حزبية.

وإن كــان لنــا مأخــذ،وبعكسه مــا يشــاهد في البالد االستشــاريةــارية ــق االستش ــرفت عن طري ــا انح ــة، بأنه على البالد الديمقراطي والعدالـة االجتماعيـة إلى الرأســمالية الـتي تتـدخل في كـل شـيء، سياسة كانت أو اجتماعا أو اقتصادا أو ثقافة أو غيرها، فتحرفه، كما

ألمعنا إلى شيء من ذلك في كتبنا االقتصادية.

.127( نهج البالغة: الخطبة ?)1148

149

وأشكاله التجمع صورــ 39)مســألة ــا في(: ــا إلى إجماله ــور، ألمعن ــه ص ــع ل التجم

،السابق، ولتوضيح الصور المذكورة لما فيها من الفائــدة السياســية فنقول:،نأتي في هذه المسألة إلى تفصيل بعض تلك الصور

: التكتالت النقابية1 من التجمعات النقابة، وقد أسست النقابات في األصل لتجميــع

قطعة خاصة من األمة، ألجل رعاية مصالحها.ه﴿وقد ذكر في القرآن الحكيم، حيث قال سبحانه: ولقد أخذ الل

ي ه إن ر نقيبــا و قــال الل رائيل و بعثنــا منهم اثني عشــ ميثاق بني إســكاة .(1)﴾...معكم لئن أقمتم الصالة و آتيتم الز

وقد كان بيد والــد المرتضــى والرضــي )قــدس اللــه أســرارهم(نقابة الطالبيين.

وحيث انتقلت علوم المسلمين إلى الغرب وعرفــوا بفائــدة هـذا الشيء، شكلوا هم أول نقابة في بريطانيا كمــا يقــال للعمــال، وقــد اعـترفت بمشـروعيتها الـدول الصـناعية، وأخـذت تنتشـر هنــاك في

النصف الثاني من القرن التاسع عشر

.12( سورة المائدة: ?)1150

المسيحي، وكان االعتراف بها في المملكة المتحدة على نطاق وهكــذا تــوالت، م(1884واسع، ثم اعترفت بالنقابــة فرنســا عــام )

البالد الصناعية في تكوين النقابات للعمال.

هدف تشكيل النقابات وإنما يكون العمال النقابات للدفاع عن مصــالحهم، الــتي أهمهــا زيادة األجور وتخفيض ساعات العمــل، وليس ذلــك اعتباطــا وظلمــا من العمال ألصحاب العمل، سواء كان صــاحب العمــل رأســماليا أو

بــأن يكــون األجــر، أو حكومة، بل ألجل األجر العــادل للجسدشركة بقدر العمــل، بمــا يســبب الرفــاه للعامــل، وأن يكــون بقــدر العمــل

والفكر، فيما يكون العمل جسديا فكريا كما في المدير ونحوه. والغالب أن التضخم يسبب ارتفاع األسعار، بينما األجور ال ترفــع

ــك الغالء ــدر ذل ــه:،بق ــاب )الفق ــك في كت ــيل ذل ــا تفص ــا ذكرن كم.االقتصاد(

كما أن النقابة تهتم لحماية العامل ضد إصابات العمــل وأخطــارــا ــة، حيث نعومته ــورة خاص ــة بص ــرأة العامل ــة الم ــة، وحماي المهن الطبيعيــة، وحيث لهــا واجبــات الحمــل والــوالدة والرضــاع وحقــوق

.الزوج، وكذلك حماية األطفال العاملين، إذا كان هناك طفل عامال وأوقات الرفاه واإلجــازات،وتهتم بتوفير ساعات الراحة للعمال

وصـناديق ادخــار تسـاهم الدولــة،السنوية، وإنشاء تأمينــات جماعية فيها للتأمين في حال البطالة والعجز والشــيخوخة، وضــمان التعليم للعامــل، وتوفــير الوســائل الصــحية والمدرسـية ومــا أشــبه للعامــل

وأسرته، وإذا كان إجحاف على العمال دعت النقابة

151

إلى اإلضراب والمظاهرات مما يوجب إعطاءهم حقهم. وفي نظر اإلسالم ال بــأس بهــذا األمــر، بــل هــو الزم شــرعا، إذا كان من طرق إنقاذ الحــق، واألمــر بــالمعروف والنهي عن المنكــر، والتقــديم بهــذا القطــاع من األمــة إلى األمــام، وقــد جعــل اإلســالم دساتير خاصة ومناهج محددة للعمال والفالحين، مذكورة في الفقــه اإلســالمي، وفي األحــاديث الشـريفة، وقـد جمــع جملــة من علمائنــا

حقوقهم في كتب خاصة، فعلى الطالب مراجعتها.

نقابات جديدة ولم يتوقف أمر النقابات إلى حد نقابــة العمــال، بــل تعدتــه إلى

ــات الفالحين ــاء، والمعلمين،نقاب والمهندســين، والصــيادلة،، واألطب والطيــارين، والمــوظفين، إلى غــير ذلــك من ســائر أصــحاب المهن

وعمال المصالح. وهناك مجلس إدارة، وأعضاء منتخبين، وانتخابات حرة للجمعية

إلى غير ذلك.، مرةاإلدارية، كل سنة مثالــابقا إلى ــذكورة س ــور الم ــات من األم ــاط النقاب ــدى نش ثم تع

وكــانت هي النــواة األولى لتكــوين األحــزاب العماليــة في،السياسة مختلف البلدان الصــناعية في الغــرب وغــيره، وحــاولت أن تســتغلــاء ــه ســلما إلى تســلمها الســلطة وبن ــك الشــيوعية فتجعل ــل ذل مث

مما لسنا بصدد تفصيله اآلن.،الديكتاتورية على أكتافهم وإنما تدخلت النقابــات في السياســة، ألجــل أن توصـل أصـوات

ــامع مجلس األمة ــار الســـلطة،العمـــال ومطـــالبهم إلى مسـ إلجبـالتنفيذية على االتخاذ اإلجراءات الالزمة بشأن إنصاف العمال.

وبقيت نقابات لم تربط نفسها بالسياسة كاملة

152

وإن كان لها دلو من الدالء في هذا المجال. وحيث إن النقابات تحتاج إلى المال، ألجل شؤون العمــال حــال البطالة والمــرض والشـيخوخة ومــا أشــبه، كــان البــد لهــا من وضــع

واالتجار بذلك المال لالســترباح، بغــرض وفــاء،صناديق لجمع المال خــرجت عنالحاجات ال لغرض التجــارة على غــرار الشــركات، وإال

وذلك غير مقصود للنقابة.،نظام النقابات إلى نظام الشركات

: القوى الضاغطة2 ب( القوى الضاغطة، وهي عبارة عن جماعــات من النــاس لهم مطالب معينــة في إطــار مصــلحتهم أو المصــلحة العامــة، يشــكلونــانون، أو ــاء ق ــة، إللغ ــات إلى الدول ــاهرات وإضــرابات ومراجع مظ

تشريع قانون، أو تعديل قانون. ويرمــز بهــذه،وقــد يطلــق على هــذه الجماعــات كلمــة )لــوبي(

الكلمة إلى الممرات وغرف االنتظار والمــداخل واألشــخاص الــذين يــترددون على المجــالس التشــريعية للتــأثير على أعضــائها، وهمــة أن ــالس النيابي ــة وممثليهم من المج ــال الحكوم ــون من رج يطلبــانون وفــق طلبهم ،يستجيبوا لمطالبهم، بتشريع أو إلغاء أو تعديل ق

أو إعطاء الجماهير ذلك الحق، أو،إلعطائهم حقا أو رفع كلفة عنهمرفع الكلفة عن الجماهير.

،وهذا الممر أو غرفة االنتظــار بمثابــة المــأوى لحقــوق الجماعة ومنها يتوجهون لتفسير مطالبهم، والدفاع عن حقــوقهم، ويعــبر عن

اللوبي في اللغة العربية باللولب.وأهم الشرائط في هذه القوى الضاغطة:

( استخدام الضغط بدون العنــف، وال شــق عصــا الطاعــة، وإال1كان فوضى

153

واضــطرابا، وال تســتعمل هــذه القــوى الضــغط بتحطيم األمالكــاب ــالت وإره ــة المواص ــة، وال عرقل ــة، وال األمالك الخاص الحكومي

ــاس في الشــوارع ــل،الن ــاني ونهب الحــوانيت والقت وال حــرق المبــة والجرح وما أشبه، فالضغط أدبي باإلضراب والمظاهرات ومراجع

القوى. ( أن يكون الضغط في خطوط مدروســة لفــترة معينــة، تبــدي2

فيها الجماعة احتجاجها على السلوك المتبع في رعاية مصــالحها، أوالمصالح العامة.

وذلك مثــل إضــراب عمــال المــوانئ وشــحن الســفن والمنــاجم والمواصالت وغيرها، في فرنسا وإمريكا وبريطانيا وإيطاليا واليابان وغيرها. فقد شكل )مــارتن( مســيرة ســلمية كبــيرة لالحتجــاج على التميز العنصري في إمريكا، كمــا فعــل جماعــة إضــرابا لمنــع مطــار

خاص في اليابان.ــات، وهذا دائم ومستمر في البالد الغربية الــتي لهــا بعض الحري بينما اليوجد مثل هذا الشيء في البالد الشــيوعية إطالقــا، إذ تقابــل مثل هذه الحركــة بمنتهى القســوة والعنــف والقتــل الجمــاعي، إذ ال قيمــة لإلنســان في هــذه البالد، وإنمــا قيمتــه قيمــة آلــة حقــيرة في

فلم،معمل كبير، إال ما حــدث في بولونيــا في هــذه اآلونــة األخــيرةــا من ــل خوفه ــدة، ألج ــه بش ــيوعية من قمع ــة الش تتمكن الحكومــد ــا ال يحم ــرب بم ــدخل الغ ــالم، ومن ت ــادة في الع ــة المض الدعاي

للشيوعيين عقباه. وقـــد تبعت البالد الشـــيوعية في القمـــع القاســـي البالد ذات االنقالبات العسكرية الغربية، أمثال إيران الشاه، ومصر عبد الناصر والسادات، وعراق قاسم وسالم والبعث وغيرها، حيث إن اإلضراب والمظاهرة تقابــل بأقســى العنــف، وذلــك ألن حكومــات هــذه البالد عميلة يأتي بها الغرب األمريكي أو البريطــاني أو اإلســرائيلي أو مــا

أشبه، إلمالء جيوب المستعمر، وتحطيم بالد اإلسالم، ومن

154

الواضــح أن األحــزاب والمظــاهرة ومــا أشــبه تنــافي مثــل هــذهــتعمر ــلحة للمس ــون في بالد العمالء،المص ــة تك ــذه الحال ــل ه ومث

الوراثيين.

موقف السلطة تجاه القوى الضاغطةــيرا وســائل الحكومات الديمقراطية ولو الصورية منها، تتخــذ كثــة، وذلــك الســلم في إرجــاع القــوى الضــاغطة إلى حالتهــا الطبيعي

بإعطاء بعض حقوقها وإرضائها للتنازل عن بعض دعاواها األخر. مثال إذا كان التضخم بمقدار خمسة في المائة، وطــالب العمــالــة ــادة في األجــور، أعطتهم الدول بواسطة القوى الضاغطة تلك الزي ثالثة في المائة، وأقنعتهم بالتنازل عن االثنين اآلخرين، بحجج تكــون

في الصورة صحيحة.ــاع األســعار، ــوم جاهــدة على عالج ارتف وتعمــل الحكومــات الي والتوفيــق بين أربــاب األعمــال والعمــال، كمــا ينشــأ ضــمن النظــام السياسي في الدولة مجلس اقتصادي، أو لجنة خاصـة للتوفيـق بين األسعار واألجور حتى ال يؤدي اتساع الهــوة إلى موجــة من الســخط

والتذمر تنتهي بتهديد النظام السياسي. وقد ذكرنا في كتاب )الفقــه: االقتصــاد( أن الغــالب في أســبابــات ــة الحكوم ــو أناني ــذي أورث التضــخم، ه ــاحش ال ــذا الغالء الف ه

حيث إنهــا تصــرف مبــالغ،الرأســمالية والشــيوعية على حــد ســواء طائلة في التسلح، وهــذا يــوجب صــرف الشــيء الكثــير من المــواد

والنقود في هذه الجهة وبه يحدث التضخم. ثم إن مطالب القوى الضاغطة، قد تكون غير عادلة، ممــا يضــر

إعطاؤها باآلخرين

155

خصوصا إذا كانت القوى الضــاغطة قــوة مرتبطــة بخــارج البالد، كما هو الحال بالنسبة إلى الصهيونية المتواجدة في إمريكا وفرنســا وبريطانيا، فإن القــوة اليهوديــة حيث إنهــا تالحــظ الشــبكة العالميــة لليهود من ناحية، ومصلحة إسرائيل من ناحية ثانية، ال تهتم بمصالح البالد الــتي تقطنهــا، وإنمــا تضــغط على تلــك البالد ألجــل مصــالحها

الخاصة، وبذلك يختل توازن البالد. فـــالالزم أن تالحـــظ القـــوى الثالث ــــ التشـــريعية والتنفيذيـــة والقضائية ـ قدر العدل في القوة الضاغطة، فتعطيها وال تتعــدى عن ذلك، حيث يــورث التعــدي الفوضــى واالضــطراب واختالل التــوازن، فقد تزعج القوى الضاغطة السلطة التشريعية فتشــرع قانونــا ليســلطة ــ ــاغطة تنحي الس ــ ــوة الض ــ ــلحة البالد، أو تطلب الق ــ في مص التنفيذية عن الحكم بحجة عجز التنفيذيــة عن حــل المشــاكل، فــإذا استجابت التشريعية لذلك كان معنــاه ضــعف السياســة، إال إذا كــان

الحق مع القوى الضاغطة.ــة، والقوى الضاغطة البريئة لها أهميتها في البلــدان الديمقراطي ألنها القــوى المعـبرة عن مطـالب الجماعـات في ميــادين االقتصــاد

والزراعة والتجارة والعمل والمهن وما إلى ذلك. وكل قوة لجماعة معينة تنبؤ عن نشاط تلك الجماعة في الدفاع عن مصالحها، وعن عدالة القضية أو عدم عدالتها، فالجماعـة إن لم تكن مربوطة بالخــارج وكــانت ناضــجة، كــانت مصــالحها أقــرب إلى

العدالة، بخالف العكس. وتستعين الهيئات التشريعية بــآراء جمعياتهــا في الحصــول على رأي الجماعات الضاغطة، فالالزم على القوة التشــريعية أن تعــرف قدر وقيمة الجماعــات الضــاغطة، حــتى ال تخطئ في إعطائهــا دونــا عن ــل انحراف قدر العدالة، أو فوق قدر العدالة، إذ كال األمرين يمث الحــق، باإلضــافة إلى أن إعطاءهــا فــوق حقهــا يشــكل خطــرا على

، ورؤوس أمــــوال الشــــركات وأرباحها،اقتصــــاد البالد وميزانيتهاوالنظام

156

االجتماعي.ــاال ــا إجم ــا هن ــد ذكرن ــيالوق ــادية تفص ، أن، وفي الكتب االقتص

االقتصاد السليم هو الذي يعترف بالملكيــة الفرديــة بمــا في فلكهــا، في إطار الحق العادل للعمل الجسدي والفكري والمواد والشرائطــد إعطــاء والعالقات، فالالزم على التشريعية مالحظة هذه الجهة عن

فالالزم أن ال تكون القــوى الضــاغطة كال،القوى الضاغطة مطاليبهاــة على النظام الديمقراطي ومحرفة له، بل عونا له في وضع العدال

في نصابها، وجعل االستشارة واألكثرية ميزانا في أمورها. ولذا فالالزم زم المتطرفين في القوى الضاغطة، حتى ال يتعدواــولهم في ــنيب المســؤولين عن النظــام عن دخ ــدودهم، وتج عن ح

بالتوازن. كان ذلك تمهيدا لالنحراف واختالالالقوى الضاغطة، وإال والجماعات الضاغطة تكون إسالمية، إذا قــامت بــواجب إحقــاق الحق وإبطال الباطــل، واألمــر بــالمعروف والنهي عن المنكــر، فلم

يــد اللــهتتعد الحق ولم تطلب األمر الجائر، فهي بالنتيجة جماعة، و بشرط أن تلتزم باإلطار اإلسالمي.مع الجماعة

: الجمعيات التعاونية3 ج( الجمعيات التعاونية، تؤسس على أساس إعطاء كل ذي حق من المنتج والمستهلك حقه، باإلضافة إلى التخفيــف عن المســتهلك مهما أمكن، حتى يتمكن من الوصول إلى حاجاتــه، فــإن المســتهلك قد ال يصل إلى حاجة إطالقا، وقد يصل إلى حاجة بــأكثر من قيمتــه،

وكذلك المنتج قد ال يتمكن من اإلنتاج إطالقا، كما

157

قد يتمكن من اإلنتاج لكن بصعوبة أكثر من الصعوبة المتعارفة، وقد يستغل فيعطي إنتاجه بأقل مما يجب أن يعطيه.

ولذا كانت الجمعيــات التعاونيــة وســيلة وضــع الحــق في نصــابهبواسطة شعبها الثالث:

( شعبة تعاونيات المنتج.1( وشعبة تعاونيات الموزع.2( وشعبة تعاونيات المستهلك.3

فـــإن هـــذه الجماعـــات الثالث حيث تجمـــع كـــل طائفـــة منهم المصــلحة المشــتركة، يشــكلون تعاونيــات ألجــل الوصــول إلى تلــكــة أو المصــلحة، ســواء كــانت تعاونيــات زراعيــة أو صــناعية أو بنائي

ثقافية أو غيرها.ــذ، وهذه التعاونيات لها أنظمة خاصة، وتشريعات وأســاليب تنفي ونجاح التعاونيات يؤدي إلى كون الكســب مشــروعا، وإلى الوقــوف في وجه الربا واالحتكار واإلجحاف، وإلى الوقــوف في وجــه اختفــاء المواد األوليــة والســلع، حيث لوالهــا لعمــل المحتكــرون ذلــك حــتى يبيعوهــا بأســعار باهضــة، كمــا أنهــا تقــف دون ســوء التوزيــع، ودون استغالل حاجة المنتج لبيع منتوجاتــه بأقــل من القيمــة العادلــة، إلى غير ذلك من الفوائــد، والــتي منهــا أيضــا عــدم تمكن الشــيوعية منــه كال ــف بوجـ ــال والفالحين، فهي تقـ ــذوب للعمـ ــتغالل المكـ االسـ

االنحرافين الرأسمالي والشيوعي. وأحيانا تمتد نشاط التعاونيات إلى إعانة األقسام الثالثة في غير األمور االقتصادية، كزواج عزابهم وعالج مرضــاهم وثنقيــف جهــالهم

إلى غير ذلك.ــرف والتعاونيات تأخذ العون من الدولة غالبا، كما أن الدولة تش على صحة ســيرها، وتــراقب نشــاطها حــتى ال تتحــول إلى شــركات

تجارية غرضها الربح وتكوين رأس المال بهذا االسم.

158

جمعيات أخرى وإلى جــانب الجمعيــات التعاونيــة المتقدمــة، تؤســس جمعيــات

تعاونية من نوع آخر: ( مثل الجمعيــات الــتي تؤســس في صــورة صــناديق إلقــراض1

طائفــة معينــة كــالفالحين، أو كــل من يطلب العــون، والالزم في المنهج اإلسالمي أن ال يكــون القــرض بربــا، كمــا يلــزم أن ال يكــون اقتراض الصندوق من الناس بربا، بل يمكن تــدارك األمــرين بجعــل قسم من المال في المضـاربة، فيعطي الصـندوق أجـور عمالـه من األرباح المقررة له بالنســبة ال بقــدر خــاص، سـواء كــانت المضــاربة

موال النــاس الــذينأباألموال التبرعية التي هي ملك الصندوق، أو بــ رباحهــاأرادة أرباحهــا، أو مــع طلبهم إأودعوها في الصــندوق بــدون

المضاربية النسبية. السلف،يقراض الزراعإ الجمعيات التعاونية لليوكثيرا ما تعط

يداع حاصــالت الــزارع في مخــازن الجمعيــة إلى حين ارتفــاعإنظير ســعار وبيعهــا بمــا يتفــق وجهــد الفالح المقــترض، حــتى ال يدفعــهأال

االضــطرار إلى بيــع حاصــله بخســارة أو بأقــل من الــربح المناســبلعمله. عطــاء ســائر المحتــاجينإ( والجمعيــات الــتي تؤســس ألجــل 2

حــوائجهم، مثــل جمعيــة الــزواج، وجمعيــة بنــاء المســاكن، وجمعيــة أو تجميلهــا، وجمعيــة تشــغيل العــاطلين،، أو تصــنيعها،تشجير البالد

وجمعية بناء المستشفيات، ودور العجزة، ودور الحضانة، وغيرها.

159

ــة بالشــروط اإلســالمية، وفي النظر اإلسالمي كل جمعية تعاونيــر و﴿حسنة ومرغوب فيها، يشملها قوله ســبحانه: وتعــاونوا على الب

قوى (2)يــد اللــه مــع الجماعة وقوله )صلى الله عليه وآلــه(: ،(1)﴾الت

وغيرهما. كمـــا أن الرأســـمالية والشـــيوعية من أشـــد النـــاقمين على

،نهــا تريــد امتصــاص جهــود النــاسأالجمعيــات، أمــا الرأســمالية فل نهــا تريــد زيــادة نقمــةأوالجمعية تقف دون ذلك، وأمــا الشــيوعية فل

الناس لتتسنم السلطة باسم العامل والفالح، والجمعيات تقف دونهذا الهدف.

: التكتالت الرأسمالية4 د( التكتل الرأسمالي، وذلك بتجمع أصــحاب رأس المــال الــذينــد من منهجهم في االقتصاد منهج الرأسمالية، ألجل امتصــاص المزي

جحاف واالستغالل، وصنع وعمل ماإأموال األمة، بالربا واالحتكار وال يدر ربحا من دون نظر إلى ضرره على الشعب، مثــل صــنع المــواد

الضارة وفتح المواخير وغير ذلك. وحيث إن مثل هذا التكتل ينكشف أمــره فــورا فيحــول القــانون

مثاله من السيطرة على األحزاب السياسيةأدون عملهم، كان البد ل عالم، حــتى تكــون أكثريــةإوالقضاة والســلطة التنفيذيــة ووســائل ال

نصاف النــاس،إالمجلس لهم، فال يشرعون قانونا ضد رأس المال ل وصــل األمــرأذا إذا كان قانون هكذا لم تنفــذه القــوة التنفيذيــة، وإو

عالم الذي سيطرواإدانتهم، وأخذ الإإلى القضاء، توقف القضاء عن عليه

.2( سورة المائدة: ?)1.137( نهج البالغة: الخطبة ?)2

160

يضلل الرأي العام، فال يكون الرأي العام ضدهم، وهكــذا يســخررأس المال كل القوى ألجل بقائه وامتداد سيطرته.

حكــام قدرتــه في األمــة، يفعــل مــاإوبعد ما يطمئن التكتــل من يشاء في كنز أفراده الــثروات الفاحشـة، على حسـاب كـد الفقـراء وعــرق العمــال ودمــاء الــذين يقتلــون في ســاحات الحــرب بســالح

سلحة، ويريدون رواج هذا السوق.أالرأسماليين الذين هم تجار ال وتقيم،وبالجملة تعمــل هــذه التكتالت ضــد الغالبيــة في الخفــاء

حكومات وتسقط أخرى، بمختلف االتهامات التي ال أســاس لهــا، إال ثر الفعــالأرادت الوقوف دون نشاط الكتلة، وهذا الوضع له الأنها أ

لمانيا الغربية وما أشبه تلك البالد.أفي بالد رأس المال، كإمريكا و بــل،ومثــل هــذه األمــور كلهــا محرمــة في الشــريعة اإلســالمية

ــرب من﴿بعضها من أشد المحرمات كالربا الذي ورد فيه: فأذنوا بح ثما من ســبعين زنيــة كلهــاإن درهما منه أعظم أو ،(1)﴾الله و رسوله ، إلى غيرهــا(3)غبن المسترسل سحتكما ورد أن ،(2)بذات محرم

من النصوص. شــياء الخمســة:أوالعالج أن ينظم االقتصــاد ليكــون في قبــال ال

ذا كــان االقتصــادإ و،)العمل والفكر والمواد والشــرائط والعالقــات(ــال المجحــف، ــون رأس الم ــادل لم يتك ــون اإلســالمي الع ــذا الل به

نف الذكر.آليتكون التكتل الرأسمالي ال

.279( سورة البقرة: ?)1.93 ص1( انظر تفسير القمي: ج?)2.14 باب آداب التجارة ح153 ص5الكافي: ج( ?)3

161

السياسية األحزاب تقسيمات تقسم األحزاب السياسية إلى عــدة تقســيمات(:ـ 40)مسألة

وفــق بالقواعــدأ وال،صــلح منهــا عقالأ وال،همها، لــنرى مزاياهاأنذكر اإلسالمية شرعا، فنقول:

األحزاب العلنية واألحزاب السرية ، وقد ينشأ خارج اإلطاري( الحزب قد ينشأ في اإلطار الحكوم1

ي.الحكومــازات ــل االمتي ــه ك ــا ول ــون علني ــد في القســم األول أن يك والب

ن تكــون الحــزب،أالقانونية، وقد يسبق مثل هذا الحزب الحكومة بــ ثم وصل إلى الحكم وقرر له القانون وجعلت له االمتيازات، كما أنه

ت الدولــة وقــررت قــانونءقد تسبق الحكومــة الحــزب، كمــا إذا جااألحزاب.

فمثال في العراق قبل حكم الملكــيين لم يكن حــزب، ولمــا جــاءــون نظمــوا األحــزاب وقــرروا قوانينهــا، وكــذلك كــان األمــر الملكي

.بالنسبة إلى بعض األحزاب في إيران أما في إيران قبل الحركــة الدســتورية فلم تكن هنــاك أحــزاب،

ــتيإو نما كانت جمعيات ومنظمات ومجالس شكلتها االضطرابات ال رســت المشــروطة دعائمهــا تحــولتأحدثت من ثــورة التبــغ، فلمــا

ليها إلى جماعات سياسية إالمنظمات وما

162

انتهت إلى تكون األحزاب، أما قبل الثورة فقد كــانت في إيــرانــاو ــة، ومن ة للحكومــة، نشــطت لموافقــةءأحــزاب سياســية حكومي

)رســتاخيز( وبقيت بعضــها اإلســالمية تعمــل بتلكــؤ، ومنـالملكية كدون موافقة الحكومة لها. ن كــانت الحكومــة ضــعيفة عمــل الحــزبإأما القسم الثاني، فــ

ــا، وحيث تضــعف الحكومــة ال تتمكن من منعــه أو تحديــده، بــل علن ن كــانت الحكومــة قويــةإ و،يكون هو والحكومة في منافســة دائمة

اضطر الحزب إلى العمل سرا، ووقع مطرود الحكومة. يكون قويا في المعــنى، بــليلكن هذا القسم المطرود المختف

ــانأأقوى من الحكومة في بعض ال حيان، ألن مثل هذا الحزب لما ك لتقويض الحكومــة، البــدخارج النظام مبغوضا عند الحكومة، وعامال

. نفسه كما وكيفا، ليتمكن من مقابلة النظاميله أن يقو وسالح مثل هذا الحزب في مقابل النظام الدعاية الواسعة ضــد النظام، والتهجم على أركانه، والتشكيك في كــل مــا يتبنــاه النظــام

شــخاصأولئــك الأمن مشاريع، ولو كان الحزب في الحقيقة مؤمنا بأو بتلك المشاريع.

واألحزاب السرية غالبا تتشقق وتلتحم، وذلك ألن سرية الحزب ذ ال مناقشــات وال شــورى حقيقيــةإنانيات، أتفسح المجال لظهور ال

غالبا، وال جماهير تقف دون التشقق، ولذا قلما تجــد حزبــا ســريا إال.حيانا حدثت منه عدة انشقاقاتأوتجده قد انشق على نفسه، و

كما أن حزبين سريين قد يلتحمان لتوحيد جهودهمــا ضــد الحكمالقائم، خصوصا إذا كان الضغط شديدا.

حوال ربما يوجد حزب جديد أقــدر من الحــزبأوفي مثل هذه ال حيانا يضمحل الحــزب الســابقأالسابق على قيادة دفة المعارضة، و

خالء المكان للحزب الجديد.إأو الحزبان السابقان، ل وحالة التشقق وااللتحام توجد في األحزاب العلنية أيضــا، بجهــة

االختالف في النظر وقلة النضج، وبسبب توحيد الجهود

163

للتحصيل على مغانم أكثر، سواء المغانم الشخصــية أو المغــانم هــداف يعــدون الوصــول إلى أهــدافهم منأن أصــحاب الإالهدفية، ف

أكبر المغانم.

األحزاب الشخصية ســواءيي أن الشــخص القوأ( األحزاب قــد تكــون شخصــية، 1

نانيةأ يكون حزبا، فقد يكون هدفه ال،كان في الحكم أو خارج الحكم صــالحية أو ثوريــة، يريــدإوحب الظهــور، وقــد يكــون هدفــه بــرامج

ءجراإ ها في المجتمع، وغالبا إذا كان الشخص الموجد للحــزب أنانيــا لم يبق الحزب، إذا ضعفت تلك الشخصية أو ماتت، ألن هذا الحزب

ليس هدفيا حتى يمتد بعد ضعف أو موت مؤسسه.ــا على عناصــر أما إذا كان الحزب وجد ألجل الهدف، وكان حاوي

.ن مات أو ضعف المؤسس لهإالدوام، دام و ،ومن عناصر الــدوام الشــورى، واالهتمــام باقتصــاديات الحــزب

وبثقافــة أفــراده، وســعة االرتبــاط بالنــاس، حيث إن الشــورى تمنــعــةأاالســتبداد وال ــوب، واالقتصــاد والثقاف ــة لتفــرق القل ــرة الموجب ث

جواء الصالحة.أواالرتباط أسباب بقاء الماديات والمعنويات وال إلى حــد أن األحــزاب تســتمد منــهة قويــةوقــد تكــون الشخصي

تحت ظالله حتى بعد موته، كما حدث مع )ديغول(ؤالشخصية وتتفين لم يكن هو حزبيا وال مؤسس حزب.إرئيس فرنسا، و

164

األحزاب الوقتية والدائمية ح( وقد تكون األحزاب وقتية، فيتشكل الحــزب في وقت خــاص

ذا انتهى ذلــك الهــدف انتهى الحــزب، كمــا إذاإوألجل هدف خاص، ف أراد أحــد الحصــول على مقــام في مجلس األمــة، أو في الســلطة

نه يشكل جماعــة ويتخــذ مقــرا ويخــرج جريــدة، ويعمــلإالتنفيذية، ف شــبه أو لمأذا فاز في االنتخابات أو ما إألجل التفاف الناس حوله، ف

غلق محله وحل حزبــه، وانفض النــاس من حولــه، وكــذلك إذاأ ،يفز تشكل الحزب ألجل عدو خارجي، أو كارثــة داخليــة، أو اضــطرابات،

أو ما أشبه ذلك.ــجام حقيقأوهذه األحزاب الوقتية يشبه بالتجمعات، وغالبا انس

دامــة عمرهــا بعــد انتهــاء الــوقتإبين أفرادهــا، ولــذا ال تتمكن من المذكور.

اليعضائها الفرصــة لتشــكيل حــزب حقيقأنعم، قد ينتهز بعض ينتهى بانتهاء الفصل المذكور.

وكثيرا ما تتوحد تجمعات واقعيـة عنـد األمــور المـذكورة، لطـرد ، أو الكارثة الداخلية، فتشكل حزبا واحدا، كما فعلتيالعدو الخارج

ويسمى هــذا،ذلك تجمعات الجزائر، وشكلت )جبهة تحرير الجزائر(ــل ــذا فعـ ــك، وهكـ ــبه ذلـ ــا أشـ ــاد أو مـ ــة أو االتحـ ــع بالجبهـ التجمـ

لوية متعددة منها )منظمة فتح(.أالفلسطينيون حين تجمعوا تحت

ثغرتان في الكفاح الفلسطيني وإن كان ربما يؤخذ على بعض المنظمات الفلســطينية مأخــذان

ويبعد أن ،مهمان

165

وهما:،تنجح هذه المنظمات بسبب وجود هاتين الثغرتين فيها نها تجمع تحت لواء فلسطين أو العرب، ومن الواضحإ األولى:

ن شــعورإأنــه ال تنجح في بالد اإلســالم إال التجمعــات اإلســالمية، فــ الناس وعواطفهم مع اإلسالم، والقوميــة والوطنيــة ال أســاس لهمــا

من الصحة في نظر المسلمين. ضافة إلى أن اليهود يحــاربون تحت لــواء دينهم، والــدينإهذا بال

سالح ليس عند هؤالء مثله، ألنهم لم يحاربوا تحت لواء الدين. وثانيا: التجمع تحت لواء الوطنيــة والقوميــة أوجب ابتعــاد ســائر

ــلمين منهم الإالمس ــا ــا أحيان ــتاني، عاطفي ــارب الباكس ــاذا يح فلم.ندونيسي مثال ألجل وطن جماعة أو قوم غير قومهإوال

ســرائيليإوالمظنـــون أن األســتعمار البريطــاني األمـــريكي ال الروسي، هو الذي أوقــع أهــل فلســطين في هــذا الفخ، حــتى يبتعــد عنهم سائر المسلمين، فال يقدروا على الحرب الحقيقية، كما حصل

ذلك بالفعل. ما الخطب والتجمعات والجرائد وما أشبه، فال تخرج عن كونهــاأ

ــدخل في المتن، لتنهأ ــورا هامشــية، ال تتمكن أن ت الحــرب فييمهل البالد من المسلمين الفلسطينيين.أصالح

رضــاءإنــه البــد لهم من تجنب اســم اإلســالم، ألجــل أوعذرهم بــرآن الحكيم: ،المســيحيين ــره الق ــالجواب ذك ــنى عضــر تنلو ف ك

ــيرأضافة إلى أن إ، بال(1)مهتل معبتى تتصارى ح وال النهودالي ،يهما خ ( مليــون عــربي15( مليــون مســلم غــير عــربي، أو )850رضــاء )إ

وتــأتي، على تقدير أن يكون عدد المســيحيين هــذا الــرقم،مسيحيــة اإلســالمية، أو ــاع األكثري ــة، فــالالزم اتب بعــد ذلــك مســأله األكثري

العربية، أو

. 120( سورة البقرة: ?)1166

قليــة أن ال ترضــى الأالفلســطينية وهم المســلمون وال حــق لل ــاه أو صــحة،شرعا وال عرفا والزمان كفيل بأن يظهر صحة ما ذكرن

نأ ل،ن كان التــاريخ أيضــا يــدل على صــحة مــا ذكرنــاهإ و،ما عملوه ول ماأ فاإلسالم نجى فلسطين من الظلم ،مستقبل الدنيا كماضيها

ن اليســتردهاآفتحها اإلسالم، ثم استردها بعد الحروب الصــليبية، والإال اإلسالم. دخـال هـؤالءإن هناك محاوالت جادة من المستعمرين لإالثانية:

في لعبة األمم، والثــوري إذا دخــل في اللعبــة ســقط، كمــا دل على سعوديا كان، ذلك سالف التاريخ وحاضره، والثوري ال يوالي العمالء

سرائيلي واألمريكي، إلىإأو عراقيا، لمثلت االستعمار البريطاني والغير ذلك مما هي معروفة.

ألجــل تحصــيل المــال،،نهم مضــطرونأوقــد يجــاب عن ذلــك بــ.عالم، وألجل أن ال يضربهم هؤالء العمالءإوألجل ال

المــاليللكن هذا الجواب غير مقنــع، فمن هــدف الثــورة تحصــ ،تاجرا، وعمل التجارة غير عمل الثورةي النظيف، ال أن يكون الثور

عالم المرتبــط بــالعمالء يضــر بــدل أن ينفــع، أمــا أن ال يضــربهمإوالــرب،إالعمالء ف ن العمالء ال يتجاوزون خط أسيادهم في الكف والض

من ضربهم.أوكفهم خدعة أسو وهذا شيء معلوم في الفنون الدبلوماسية، كما هو معروف في

الموازين العسكرية.

167

كيف ننقذ فلسطين؟ نقــاذ فلســطين كلهــا من أيــديإلماع إلى كيفية إوال بأس هنا بال

ــرفأاليهود، كما نقذت كلها من ذي قبل من الصليبيين، والكيفية تع من سبب سقوط فلسـطين، وهي ضـعف الحكومـة العثمانيـة الـتي

وأعــدوا﴿كانت حامية فلسطين، ألنها لم تــر أهميــة لقولــه ســبحانه: ولغير ذلك من الموازين اإلسالمية.،(1)﴾لهم ما استطعتم من قوة

داخــل كــل بالدن، فــالالزم أن يشــكل المســلمون تكتالآأمــا ال اإلسالم وغيره، مثل تكتل اليهــود في العــالم تحت لــواء الصــهيونية،ــال ــوة من العلم والصــناعة والم ــذ بأســباب الق ــل يأخ ــك التكت وذل

ذا وصــلت قــوتهم التنظيميــة وســائرإوالسالح والدعايــة وغيرهــا، فــ يمان، قــابلوا بقــواهم الماديــةإقواهم بقدر قوة الصهاينة، وزودوا بال يمــان( قــوى من وراء اليهــودإقوة الغاصبين، وبقــواهم المعنويــة )ال

ذنإمن المستعمرين الشرقيين والغربيين، وبــذلك يحصــل النصــر بــالله تعالى.

منــه بهــذا القــدر،ينقــاذ فلســطين طويــل، نكتفإوالكالم حــول حيث إنــه خــارج عن صــلب البحث في هــذا البــاب، واللــه العاصــم

الناصر.

األحزاب الهدفية ي تشــكل للوصــول إلى هــدفأد( وقد تكون األحــزاب هدفيــة،

خاص،

.60نفال: أ( سورة ال?)1168

ن لم تكن بهــدف تقويــةإوهذه األحزاب هي األحزاب الحقيقية، . كانوا عمالء، وال كالم لنا فيهمالإو، المستعمرين

ومثل هذه األحزاب تتكون من الجماعة الذين تتقارب أفكارهم، ن األحــزاب الثوريــة غالبــا تشــكل من الشــباب، حيث إنأولذا نجــد

التغيير وتجديد البناء يالئم أفكار الشباب، بينما األحــزاب المحافظــة تشــكل غالبــا من الشــيوخ وكبــار الســن، حيث إن المحافظــة على القديم والسير في ركاب التقاليد أقرب إلى أفكــار الشــيوخ، ونــادرا ينعكس األمر، فالشاب قد يدخل في المحافظين، والشيخ قد يدخل

في الثوريين، ألن بنيتهم الفكرية تالئم غير طبقتهم. وهكـــذا تشـــكل األحـــزاب الدينيـــة من المتـــدينين، واألحـــزاب

لحاديــة والحياديــة من الملحــدين والحيــاديين، وينطبــق على ذلــكإالــل يعمــل على شــاكلته﴿قولــه ســبحانه: ــل ك وقــد قــال أحــد،(1)﴾ق

.ي رجل هوأالحكماء: قل لي في ماذا يفكر المرء أقول لك ــتقبل ــر إلى المس ــد تنظ ــاألحزاب ق ــيم ف ــذا التقس ــب ه وحس

وقد تنظر إلى الدنيا، )الشيوخ(ي وقد تنظر إلى الماض،)الشباب(ــاديون(،واآلخرة )المتدينون( ، وقد تنظر إلى الدنيا )الملحدون والحي

ادارك علمهم﴿ن كان نظره إلى اآلخرة سلبيا، كما قال ســبحانه: إف كان ملحــدا،(2)﴾في اآلخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون

.ن كان بغير مباالة كان حياداإو

األحزاب اليمينية واليسارية ه( وقــد تصــنف األحــزاب إلى اليمييــة واليســارية، وكــل منهمــا

فراطي، إ

.84سراء: إ( سورة ال?)1.66( سورة النمل: ?)2

169

.واعتدالي فــراطي هــو الــذي يريــد الرجــوع إلى القــديم،إقالوا: فاليمين ال

.وينظر إلى الحاضر والمستقبل شرراــه ــد حفــظ الحاضــر، ال نظــر ل ــذي يري واليمين المتعــدل هــو ال

. أو المستقبليبالنسبة إلى الماض ي ما فيه الالءاتأواليسار االفراطي هو الذي يهدف الشيوعية،

.خالق، ال حرية، ال ملكية، ال عائلة(أالخمسة )ال دين، ال .واليسار المعتدل هو الذي يريد االشتراكية

وأكثر هذه األربعة رجعية هو اليسار المتطرف، ألنه يقول: كــانــان شــيوعيا، وال ــديم الزم ــكآاإلنســان في ق ــود إلى ذل ن يجب الع

.القديمــتراك ــ ــده االش ــ ــرف، ثم اليمينيثم من بع ــ ، ثم اليمين المتط

ن تعــدأالمعتدل، لكن هذه األحزاب التي ال تنظر إلى اآلخــرة البــد و رجعيــة، حيث ال نظــرة لهم إلى المســتقبل، كمــا قــال ســبحانه:

.(1)﴾يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن اآلخرة هم غافلون﴿ــذأضافة إلى إهذا بال نهم يرجعون في التشــريع والتنظيم والتنفي

، حيث إنةإلى الهوى والشهوات والميول النفسية، وهذا رجعية بحتــذا ورد في ــة المســتقبلية، ول ــه تســتمد الرؤي ــدمي، ومن ــل تق العق

.(2)من ساوى يوماه فهو مغبونالحديث: ﴿وقال سبحانه: .(3)﴾قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا

وقال الشاعر اإلسالمي: المسلمين تقدموا يوقال بن

لينا أن نكون المقدماإحبب أو

.7( سورة الروم: ?)1.5 من جهاد النفس ح95 الباب 376 ص11( الوسائل: ج?)2.13( سورة الحديد: ?)3

170

األحزاب اإلسالمية والكافرةــزاب ــالمية واألح ــزاب اإلس ــزاب إلى األح ــم األح ــد تقس و( وق

.الكافرة عــادة حكمإ بمعناه الصحيح، هو الذي يعمــل ليفالحزب اإلسالم

.عادة توحيد المسلمينإاإلسالم، ول واألحزاب الكافرة هي التي تعمل لتقوية سيطرة الكفار، أمثال: )البعث: الغــربي( و)الشــيوعي: الشــرقي( أمــا مــا يخلــط بين هــذا

حرى بــه أن ينطبــقأوذاك، أو يقف حيادا من العقيدة والشــريعة، فــــؤالء﴿عليه قوله سبحانه: ﴾مذبذبين بين ذلك ال إلى هؤالء و ال إلى ه

(1).

من مقومات الحزب اإلسالميومن معالم الحزب اإلسالمي الصحيح:

بالنسبة إلى المستقبل، كمــا قــال ســبحانه:( أن يكون متفائال1عفوا في األرض ونجعلهم أئمة﴿ ــ ــ ذين استض ــد أن نمن على ال ــ ونري

ــان ــون وهام ـري فرع ـ ن لهم في األرض ون ـوارثين ونمك ـ ونجعلهم الــا منهم مــا كــانوا يحــذرون ــاتآإلى غــير ذلــك من ال ،(2)﴾وجنودهم ي

الكريمات، والروايات المباركات. كمــا قــال ،نما الفــارق التقــوىإ( أن يعتقد بتساوى اإلنسان، و2

عوبا وقبائل لتعــارفوا ﴿ســبحانه: هنإوجعلنــاكم شــ ــد الل ــرمكم عن أك.(3)﴾أتقاكم

.143( سورة النساء: ?)1.6 ـ5( سورة القصص: ?)2.13( سورة الحجرات: ?)3

171

ــه(: ــه وآل ــه علي ــلى الل ــال )ص ــية كوق ــاس سواس ــنانأالن س.(1)المشط

ــكوقال )عليه السالم(: الناس أما أخ لك في الدين أو نظــير لإلى غيرها.،(2)في الخلق

ونؤ( يرى تساوي الرجل والمــرأة في كــل الشــؤون، إال الشــ3 النابعة من الفــرق بينهمــا خلقــة، حيث وضــعت الشــريعة اإلســالمية

مــا من يريــد تنقيص الرجــلأثار تلك الفوارق الخلقيــة، آفروقا تبعا ل عمــال الخشـنةأحقه أو سحب المرأة إلى مراكز الفساد، وفـرض ال

ال تناسب مع خلقتها الجســدية عليهــا، ومــع وظائفهــا الطبيعيــةيالتــة، ومــع جمالهــا وعواطفهــا ــوالدة والرضــاع والتربي من الحمــل وال

فحســب، بــل وخارجــا عن رجعيانوثتها، فال ينبغي أن يسمى حزباأودائرة العقالنية.

يمــانإيمان، إذ العلم بــدون الإ( أن يرى لزوم اقتران العلم بال4 عطاء السالح بيد الشهوات، كمــا نــرى ذلــك في العــالمين الغــربيإ

والشــرقي، ونتيجتــه حربــان عالميتــان، وتهيــؤ لحــرب ثالثــة، وألــف السجون و... كمــا أنأ والقلق والحروب والثروات ومل،مليون جائع

ه﴿يمان بدون العلم سطح بدون عمق، ولذا قال سبحانه: إال شهد الل .(3)﴾أنه ال إله إال هو و المالئكة و أولوا العلم

قيمة كل امــرئ مــامام أمير المؤمنين )عليه السالم(: إوقال اليات والروايات.آ إلى غير ذلك من ال،(4)يحسن

.341ص ( االختصاص:?)1.53( نهج البالغة: الكتاب ?)2.17( سورة آل عمران: ?)3.81الحكمة ( نهج البالغة:?)4

172

( أن يرى عدم التفكيــك بين الــدين والسياســة، بــل السياســة5 جزء من الدين، ولزوم االنتخابات الحرة، وكون الحــاكم مرصــيا للــه

كثرية األمــة، ولــزوم وحــدة بالد اإلســالم، ولــزوم رفــاه األقليــاتأول.عطائهم حقوقهمإتحت الحكم اإلسالمي، و

( أن يرى في االقتصاد، بطالن الخطين الشيوعي والرأسمالي6 وصحة الخط اإلسالمي الذي يجعل المال في،وما يدور في فلكهما

ــا ســبق ــال خمســة أشــياء كم ــل متســاويين،قب ــذلك يعيش الك وب اقتصاديا حسب العدل، وينعمون بالرفاه، وإعطاء الحاجات، وينالون

ــا﴿ما يسبب تقدمهم وظهــور كفــاءاتهم، كمــا قــال ســبحانه: وإذ قلن ــدا ئتم رغ إلى غيرهــا من،(1)﴾ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شــ

اآليات والروايات الواردة بهذا الصدد. ( وقــد حــاول المســتعمر الغــربي والشــرقي لتربيــة األحــزاب7

ــح أن ــالم، وال يص ــة في بالد اإلس ــة أو المذبذب ــة أو الحيادي اإللحادييسمى أحدها بالحزب اإلسالمي، أو بحزب المسلمين.

ونذكر هنا نموذجا واحدا من تلك األحزاب، والتي شكلها جماعــة ممن أحسن ما يقال فيهم إنهم كانوا مغفلين، قبل ثالثة أربــاع قـرن في إيران، والذي كان يسمى بالحزب الديمقراطي العمــومي، وقــد كان منهج حزبهم الذي طبعــوه مؤلفــا من مقدمــة وســبعة فصــول،

واثنتین وثالثين مادة، وعناوين الفصول هي هذه:األول( التربية اإلسالمية.الثاني( الحقوق المدنية.

الثالث( االنتخابات.الرابع( القضاء.

.58( سورة البقرة: ?)1173

الخامس( األمور الدينية والمعارف.السادس( الدفاع القومي.

السابع( االقتصاد.ثم اشتمل البرنامج المذكور فصل الدين عن السياسة و...

ومن غير الخفي استعمارية: كمــا،( جعل الدين في زاوية خاصة، غير مرتبط بسائر األمــور1

في البند الخامس.( وفصل الدين من السياسة، كما ذكر في المنهج.2( وتسمية الحرب دفاعا، ال جهادا.3( وإضافة القومية عليه بدل اإلسالمية. 4

إلى غير ذلك مما ذكر في داخل البرنامج.

أحزاب األقليات ز( وقد تشكل األقليات أحزابا للدفاع عن مصالحها، سواء كانت

أو لغوية، أو نــازحين من بلــد آخــر، أو مــا أشــبه ذلــك،،األقلية دينية ومثل هذه األحزاب ال تسمي نفسها األحــزاب المدافعــة عن األمــة،

في تلــكوال تجمع حــول نفســها كــل من تمكن، بــل من كــان داخالاألقلية.

وفي البالد التي فيها جملة من األقليات، مثل الكرديــة والعربيــة في تركيا وما أشــبه، تشــكل كــل أقليــة منهم،واليهودية والمسيحية

حزبا، وذلــك لتحصــيل منــافع أكــثر، من مــدارس ومصــحات وإذاعــةوثقافة خاصة بهم، وما أشبه ذلك.

174

وفي اإلســالم نســمي غــير المتــدين بــدين اإلســالم أقليــة، أمــا المتدين بهذا الــدين فال فــرق بين أفــراده في أي جهــة من الجهــات

كما هو واضح. ولذا ال يصح تشكيل حزب أقلية من جهــة اللغــة أو القــوم أو مــا

أشبه. وكثيرا ما يصل من أحزاب األقليــة منــدبون إلى المجلس، مثــل وصــول اإليرلنــديين إلى مجلس العمــوم البريطــاني، ومثــل وصــولــة في ــة في الدول ــب رفيع ــردي إلى مناص ــزب الك ــاء من الح أعض

. م(1960العراق عام ) وينبغي هنا اإللماع إلى أن تشكيل األكراد حزبا في العراق، إنما كــان ألجــل اضــطهاد القوميــة العربيــة لألكــراد ممــا اضــطرهم إلى تشكيل حزب األقلية وحمل السالح في وجه الحكم، فإنهم قالوا إذا كنتم أنتم أيها العراقيون قوما عربا فنحن قــوم كــرد، فلمــاذا يكــون لكم كل شيء وال يكون لنا شيء، لكن العــراق إذا صــارت إســالمية زالت الفــوارق، وكــان المــيزان الكفــاءة، فال فــرق بين الكــردي والعربي والفارسي وغيرهم، وإنما كل مسلم متساوي الحقــوق مــع

اآلخرين. وفي إيران شكلت األرامنة في أوائل الحركة الدســتورية حــزب

إلى غير ذلك من أمثلة األحــزاب لألقليــات في البالد،)دشناكسيون(اإلسالمية وغيرها.

وكلما كان حـزب األقليـة أكـثر نضـوجا، تمكن من الوصـول إلىأهدافه أسرع.

ــاد، إذا لم ــزب سياســي ح ــة إلى ح ــزب األقلي ــدل ح ــا يتب وربم تستجب الدولة إلى مطاليبهــا، كمـا تبــدل حـزب )االتحــاد اإلسـالمي

زعما منه،األحمر( الذي تشكل في إندونيسيا إلى الحزب الشيوعي.أنه بهذه الطريقة يتمكن من إنقاذ حقوق المسلمين

كما أن حزب األقلية قد يتبدل إلى حــزب األكثريــة إذا ســار في هذا الطريــق، مثــل الحــزب )الــديمقراطي المســيحي( في ألمانيــا،ــتانت، ــك والبروتسـ ــير من الكاثوليـ ــوذ في كثـ حيث تمكن من النفـ

لألكثرية.فصاروا من أنصاره وبذلك صار حزبا

175

الدولة وأحزاب االقلية ثم إن من الضروري على الدولة أن تالحظ أحزاب األقلية، لكي ال تســبب تجــزأة الدولــة فيمــا كــان الحــزب قويــا، كمــا حــدث ذلــك بالنسبة إلى الجنــاح اإلســالمي في حــزب المــؤتمر في الهنــد، حيث سبب تجزأة الهند إلى الهند والباكستان، وذلك أثر عدم قبول حزبــبة إلى المؤتمر إعطاءهم حق األكثرية في األقلية، بأن يعملوا بالنس

ــاؤون ــونهم مــا يش ــانوا يمثل ــذين ك ــلمين ال ــاح،المس ــال الجن فق اإلســـالمي: اآلن وأنتم تحت االســـتعمار البريطـــاني وضـــعفاء، ال تقررون لنا ذلك الحق، فإذا وصلتم إلى الحكم وكــانت لكم األكثريــة ذاب المسلمون في أكــثريتكم، ولــذا جنح الجنــاح اإلســالمي بقائــده

)جناح( إلى االستقالل.ــلمين في ــتان والمس ــلمين في الباكس ــاك خالف بين المس وهن

هـــل كـــان اســـتقالل الباكســـتان في نفـــع البالد، حيث لـــوال،الهند االستقالل لذاب المسلمون في األكثرية غــير اإلســالمية كمــا يقولــه الباكستانيون، أو كان األصلح العكس، بأن التستقل الباكســتان حيث تكون القوة اإلسالمية في القارة الهندية ضمان رجوع الهند إلى كما كانت في أيديهم قبل استعمار بريطانيا للهند، منذ ثالثمائة وخمسين سنة، حيث إن اإلسالم دخل الهند من زمــان اإلمــام الســجاد )عليــه السالم( وأخذ البريطانيون الهند من أيدي المسلمين بعد كونهــا في

أيدي المسلمين قرابة عشرة قرون، كما يقوله الهنديون. وقد ابتلي باكستان بابتالء التجزأة من جهة حــزب األقليــة الــذيــذا تشكل في الباكستان الشرقي باسم حزب )العوام( حيث قوى ه الحزب وبمساعدة الهند وســائر الحكومــات االســتعمارية تمكن من

ــذلك حكومــة )بنغالدش( ــة باكســتان، وتولــدت ب والالزم على،تجزئمسلمي هذه البلدان الثالثة )الهند

176

وبنغالدش وباكستان( أن يكونوا حزبا قويا واحــدا، إلرجــاع قــارة الهند إلى الحكومة الواحدة اإلسالمية، وذلــك ممكن بعــد أن نعــرف أن الهنود منذ القديم أهل حكمة وتأمل وإنصاف، فإذا وجــدوا الحــق

رجعوا إليه. ولهذا السبب رجعوا إلى االستقالل لما وجد حزب المؤتمر، ولمــا أن ــا، كم ــا خاضــعة لتاجه ــا في إبقائه ــل أالعيبه ــا ك ــع بريطاني ينف الشيوعية لم تتمكن أن تجد موضع قدم فيهــا مــع كونهــا جــارة لهــا،ــزب ــاء الح ــتى أن أعض ــد، ح ــؤس في الهن ــر والب ــدة الفق ــع ش وم

( ألفا، مع أنــه30( مليون هندي، ال يتجاوز عن )800الشيوعي في ) حزب مجاز قانونا، كمــا أن إمريكــا لم تتمكن من جــذبها إلى جــانب نفسها، وكذلك لم تتمكن روسيا مع كثرة ما أغريا به الهنــد للــدخول

في فلكهما. ثم إنه قد تتشكل أحزاب األقليــة بالنســبة إلى الصــنائع والمهن، مثل حزب أصحاب الصنائع، وحزب التجار، ومــا أشــبه، لكن الغــالب فشل هذه األحزاب، حيث إن األمة ال تقف وراء هذه األحزاب، وكل

حزب ال يستمد نشاطه وقوته من األمة البد وأن يفشل باآلخرة.

األحزاب العمالية أ( األحزاب العمالية، وهذه األحزاب تشكلت أول ما تشكلت في البالد الغربيــة، ألجــل إنقــاذ حقــوق العمــال من أيــدي الرأســماليين، الــذين كــانوا يظلمــونهم بأخــذ كثــير من أتعــابهم، وقــد كــانت تلــك األحزاب تشــكل ســرية، ألن الحكومــات كــانت بأيــدي الرأســماليين

وهي تمنع مثل هذه األحزاب، ثم تسربت الشيوعية

177

إلى هذه األحــزاب، وقــد زعم أولئــك العمــال أن في الشــيوعية خالصهم، ألنها أداة هدم وإذا تمكنوا من هدم الحكم بالعنف ووصلوا

ــ تحســنتـ هم إلى الحكم كمــا وعــدهم الشــيوعيون المتســللون ـــذت ــا أنق ــرعان م ــماليون، لكن س ــتغلهم الرأس ــوالهم، ولم يس أح

األحزاب العمالية من زيف الشيوعية: ( بتشكيل النقابــات للعمــال، وقــد كــانت تلــك النقابــات حــرة،1

فتحسنت أحوال العمــال نســبيا بمــا لم يحتــاجوا إلى االنضــواء تحتلواء الشيوعية.

( إن الشــيوعية الــتي وصــلت إلى الحكم في روســيا أظهــرت2 نواياها تجــاه العمــال، فالحكومــة صــارت ديكتاتوريــة إلى أبعــد حــد، فسحقت العمال تحت أرجلها، كمــا ســحقت ســائر النــاس، والقتــل والموت والسجن والتعــذيب الــتي شــاهدها العمــال والفالحــون في أيام لينين وستالين لم يحدث مثلها في كل تاريخ العــالم حســب مــا

حفظه التاريخ مما سبب عداء العمال في كل مكان للشيوعية. ثم البالد الغربية أجــازت األحــزاب العماليــة الشــيوعية، فأخــذت

نــدرة تعمــل ببعض حريــة، لكن لم ينضــو بعــد ذلــك تحت لوائهــا إال وأمــامي كتــاب مطبــوع قبــل ســت،يــدارون غالبــا من بالد الــروس

ســنوات أحصــى أفــراد األحــزاب الشــيوعية في كــل البالد حســب ويجــد اإلنسـان في ذلــك اإلحصــاء،اإلحصاءات الرسمية لتلــك البالد

ضئالة أفراد األحزاب الشيوعية في البالد الغربية ونحوهــا، فعــددهمــاء ثال ــة وثالثينفي فرنســا زه ــث ألف ــة تســعةا ــا الغربي ، وفي ألماني

يـــةوثالثـــون ألفـــا، وفي سويســـرا ثالثـــة آالف، وفي انكلـــترا ثمان ، وفي كــل من البلجيــك والســويد خمســة وعشــرون ألفاوعشــرون

، إلى غير ذلك.ألفا كما إني رأيت في إحصاء رسمي آخــر أن عــدد الشــيوعيين في

إمريكا الشمالية زهاء خمسين ألفا.

178

وليس معنى ذلك أنا نقول بأن الغرب أعطى العمــال والفالحين حقهم، بــل معنــاه إن العمــال والفالحين رضــوا بلقمــة العيش الــتي

من االنضــواء تحت ألويــةيحصــلونها تحت مظلــة النقابــات بــدالالشيوعية التي تحرمهم حتى لقمة العيش.

ولو أن البالد الشــيوعية أعطت لعمالهــا وفالحيهــا مهلــة أســبوع واحد إلبداء آرائهم في أجــواء حــرة، لم يبــق من العمــال والفالحين في الحزب الشيوعي حــتى أمثــال أعــداد األحــزاب الشــيوعية الــتي تتواجــد في البالد الغربيــة، وإن كــانت الــدول الشــيوعية تنكــر ذلــك فلتجرب التجربة التي تجعلها )المادية الديالكتيكيــة( الــدليل الوحيــد

في كل العلوم والمعارف، وفي المثل: )التجربة أكبر برهان(. ومما يؤيد ما ذكرناه تجربة شيء من الحرية في مصر والعــراق والسودان وإيران وغيرها، فقد خرج العمــال من الحــزب الشــيوعيــزاب بمجرد أن أتيحت لهم فرصة ضئيلة، حيث لم يبق في تلك األح

المرتبطون بروســيا والصــين ومــا يــدور في فلكهمــا، واآلن منهم إال نجد الصين حيث صــار لشــعبها بعض التنفس بعــد مــوت الــديكتاتور

تنزل تصــاوير مــاركس ولــنين وســتالين ومــاو عن الســاحات،)ماو( والـــدوائر والمحالت وغيرهـــا، ويخرجـــون من الحـــزب الشـــيوعي

زرافات، مع أن الديكتاتورية بعد باقية في تلك البالد. هذا مع العلم أن البالد الرأسمالية ال تعطي حق العامل والفالح،

كما ال تعطيهما الحرية الصحيحة. ولو وصل اإلســالم إلى تلــك البالد، فــأعطى العمــال والفالحــونــا خطوطهمــا حقهم الشــرعي في المــال وفي الحريــة، على مــا بين العريضة في كتابي: )االقتصاد( و)نريدها حكومة إسالمية( وغيرهما،

لرأوا ما لم يكونوا يحلمون به.

179

مصائر األحزاب العمالية وكيف كــان، فقــد آلت حالــة األحــزاب العماليــة في العــالم إلى

ثالثة مصائر: األول: حال األحزاب العماليــة في البالد الــتي أعطيت لهم بعض الحرية في العمل، وفي هذه البالد تقلصت إلى أدنى حــد، كمــا أنهــا

ما.، بل صارت عمالء للشيوعية العالمية نوعالم تستقل كامال الثاني: حالهم في البالد التي لم تعط لهم حرية، فأخــذت تعمــلــير ــة من تكث ــذه البالد تمكنت الشــيوعية العالمي في الســر، وفي ه أعداد المنتمين إليها، بالمال واإلغراء والدعاية، وساعدتها على ذلــك

ضغوط الحكومات المحلية. الثالث: حالهم في البالد التي تحكمها الشيوعية، وفي هذه البالدــة ــاألمر زمــرة ديكتاتوري حلت مثل هذه األحزاب إطالقا، واستبدت ب

تسحق العمال بكل قسوة.

قلة أفراد األحزاب الشيوعية ولذا نجد أن أعضاء الحزب الشيوعي مع ما لهم من االمتيازات،ــدخول في ــوا ال ــة إذا لم يقبل ــا يخشــون من بطش الحكوم ــع م وم الحزب بــل دخــولهم، ومن الخــروج من الحــزب بعــد دخــولهم، قلــة بالنسبة إلى أهالي البالد مما يدل على أن أعضاء الحزب لــو وجــدوا الحريــة لم يــدخلوا فيــه أو خرجــوا عنــه، حــتى يكــون حــال الحــزبــير الشيوعي في البالد الشيوعية حال الحزب الشيوعي في البالد غ

الشيوعية، التي أعطي فيها للحزب الشيوعي الحرية.

180

وال بأس بهذه المناسبة أن نذكر أعضــاء الحــزب الشــيوعي فيالبالد الشيوعية حسب اإلحصاءات الرسمية إلى قبل ست سنوات:

فعددهم في الصين ذات األلـف مليـون زهـاء خمسـة وعشــرينمليون ، وفي االتحاد السوفياتي ذات أكثر من ربــع مليــار زهــاء اثــنيا

ــ ــر مليونـ عشـ ــان، وفيا ــا مليونـ ــا وبولونيـ ــل من رومانيـ ، وفي كـ چيكوسلفاكيا مليون ونصف، وفي كوبا ثمن مليــون، إلى غــير ذلــك، مع أنا نظن أن األعداد المــذكورة مبــالغ فيهــا، حيث إن اإلحصــاءاتــوم أن ــ ــة، ومن المعل ــ ــا وال رقاب ــ ــة فيه ــ ــمية في بالد ال حري ــ رس الديكتاتوريين يبالغون في كل شيء منســوب إليهم، بينمــا يــذكرون

ضئالة كل شيء مرتبط بخصومهم. وقد رأينــا المبالغــة في طــرفي التضــخيم والتقليــل، في عــراق

والديكتاتوريين الــذين قفــزوا على الحكم بعــده، وفي إيــران،قاسمالبهلويين، وفي غيرهما.

وال بــأس باإللمــاع إلى بعض هــذه المظــاهر في جملــة من بالدالعالم:

أن أكثريــة،ففي البرتغال كانت الدولــة تعلن لمــدة ثالثين ســنة ولما سقط النظام قبل سبع سنوات ظهر أنه،الجماهير تريد الدولة

وأنــه كــان يحكم بالحديــد،إلى أي حــد كــان الشــعب يكــره النظــاموالنار.

وفي الحبشــة )أثيوبيــا( حيث إن االســتعمار من عادتــه تغيــير أسامي البالد اإلسالمية لقطع صلتها بماضيها اإلسالمي المجيد، كانــاء الحــرب ــذ انته ــة من )هيالسيالســي( يحكم البالد بأبشــع ديكتاتوريــاس ــر أن الن ــل ســبع ســنوات، ويظه ــا قب ــة، إلى م ــة الثاني العالمي يريدونه، وهم في بحبوبة الحرية والرفاه، ولما سقط ظهــر أنــه إلى

أي حد كان الشعب في كبت وفقر وإرهاب.

181

وفي اليونان لمــا ســقط الــديكتاتوريون العســكريون قبــل ســبع خرج الناس إلى الشوارع يظهــرون االبتهــاج والفــرح،سنوات تقريبا

بتحرير بالدهم من الطغاة المســتبدين، بينمــا كــان العســكريون من باستثناء زمرة عميلة خائنة!.،قبل يظهرون حب الشعب لهم

182

اإلسالمية البالد في األحزاب دور قــد تقــدم أن األحــزاب اإللحاديــة ممنوعــة في(:ـ 41)مسألة

البالد اإلســـالمية، وكمـــا ال يحـــق لمســـلم أن يمنح إجـــازة حـــزب رأســمالي إمــريكي، ألن الرأســمالية منهج منحــرف وإمريكــا دولــة اسـتعمارية، كـذلك ال يحــق لمسـلم أن يمنح إجــازة حـزب شــيوعي روســي أو صــيني، ألن الشــيوعية منهج منحــرف، وكــل من روســيا والصين دولة استعمارية، ولهذا الميزان ال تجاز األحــزاب المنحرفــة

واألحزاب المرتبطة باالستعمار. أما األحزاب اإلسالمية التي تهتم بالشؤون اإلســالمية خاصــة، أو بكــل شــؤون البالد اإلســالمية بصــورة عامــة، واألحــزاب الــتي تهتم بشــؤون البالد خاصــة، كــاألحزاب العماليــة، واألحــزاب االقتصــادية، واألحزاب االجتماعيــة، ومــا أشــبه، فتمنح لهــا اإلجــازة بشــرط أن ال

تخرج عن اإلطار اإلسالمي. ووجه الجواز جمع قانوني الحرية اإلسالمية والتعاون، وقــد قــال

ــر﴿ وقال تعالى: ،(1)﴾ويضع عنهم إصرهم﴿سبحانه: وتعــاونوا على البقوى ــه مــع الجماعة وقال )صلى الله عليه وآله(: ،(2)﴾والت ،(3)يد الل

إلى غير ذلك.

.157( سورة األعراف: ?)1.2( سورة المائدة: ?)2.127( نهج البالغة: الخطبة ?)3

183

وإننا ال يهمنــا اســم الحــزب، بــل المهم أن يكــون هنــاك جماعـة واعون نزيهون يتكتلون لبناء )األفكار( و)األشياء( في ضوء اإلسالم، ،مع جزئياته مــع العصــر الحــديث، إلخــراج البالد عن االســتعمار أوال

ولبناء بالد اإلسالم بناء حضاريا إسالميا ثانيا، ولجعل زمام العالم فييد اإلسالم ليقود العالم إلى الرفاه والسالم ثالثا.

وإنما قلنا لبناء األفكار واألشياء، ألن العالم اإلسالمي تخلف عن العصر الحديث فكريا وشيئيا، وما دام لم يبن البلد بهذين البناءين الــالمرحلتين ــف بـ ــتعمار، فكيـ ــروج عن حبائـــل االسـ يتمكن من الخـ الثــانيتين، ولتوضــيح مــا ذكرنــاه نقــول: إن المســلمين منــذ النهضــة

الغربية مروا بأدوار ثالثة، كأدوار الطفل: ( فإن الطفل أول ما يولــد يكــون حالـه أشـبه بحــال النــائم، ال1

يفهم فكرا وال شيئا. ( ثم بعد مدة يفهم األشــياء، وال يفهم األفكــار، ولــذا يأخــذ في2

األكــل واللعب وســائر األعمــال اإلراديــة، لكن بــدون فكــر، وبــدون االطالع على مــا وراء األشــياء، ولــذا نــراه يمــد يــده ليأخــذ القمــر، ويشعل الثقاب بدون مباالة الجتنــاب النــار، ويقفــز في المــاء بــدون مالحظة أنه يغرق، ويبدل الذهب بالتمر، بدون إدراك أن قيمة األول

ألوف أضعاف قيمة الثاني، إلى غير ذلك من األمثلة. وسبب كل ذلك أنه أدرك األشياء ولم يدرك األفكار، وإنما يفعل

، والصــحة والســقم،األشــياء تقليــديا، وبــدون إدراك الحســن والقبحوالشرائط والمزايا والخصوصيات.

( وفي الدور الثالث حين يكبر الطفل، يشرع في فهم األفكار،3 أي ما وراء األشياء، ولو لم يفهم الطفــل في هــذه المرحلــة الثالثــة

األفكار، كان ناقصا

184

يجب عالجه، كما أنه إذا لم يقلــد في المرحلــة الثانيــة ولم يفهماألشياء كان ناقصا.

( وهكذا مر المسلمون بحالة النوم والتقليــد، عنــد مــا صــدموا4بالغرب الناهض في مدة مائة وخمسين سنة األخيرة.

فلم يصل إليــه،أما الدور الثالث، وهو دور اإلدراك وفهم األفكار المسلمون، فصار مثلهم مثل الطفل الذي وصل إلى دوره الثــالث، لكنه بعد لم يتجاوز الدور الثاني، وقد قلنا إن مثلــه مــريض يجب أن يراجع بشأنه الطبيب، بيما نرى أن اليابان وفي نفس الــوقت مــرت

بالمرحلة األولى ثم الثانية ثم الثالثة. وعليه فما تقدم من وجوب التكتل للبناء الفكري الشــيئي، ليس المقصــود منــه تكــوين الحــزب فقــط، وأنــه عصــى ســحرية لإلنقــاذ وغيره، بل المقصود منه اإليصــال بالمســلمين إلى المرحلــة الثالثــة

في فترة زمنية معقولة تتناسب وبناء األفكار واألشياء.واألحزاب التي تتمكن من أن تقوم بهذه المهمة يجب أن تكون:

تفهم أعماق السياسية ولها نضج سياسي.،)سياسية( و)حرة( ال تخاف مطاردة الســلطة، لتتمكن من أن تعمــل بكــل حرية، حتى تظهـر كفـاءات أفرادهـا في مختلـف الميــادين المحتـاج

.إليها و)شعبية( مرتبطة بالشعب بأن يكون منهم وإليهم، فهي ليست إال جزءا من الشعب عاملة إلنقاذه، وحينئذ يلتف الشعب حولها بمــا

يمكنها الوصول إلى هدفها.

185

ومناصريه اعضائه بين الحزب االرتبــاط بين األفــراد وبين الحــزب على ثالثــة(:ــ 42)مسألة

أقسام: أعضــاء الحــزب، الــذين ســجلوا أنفســهم كأعضــاء، والاألول:

إال إذا عرفــه الحــزب بالــذات، أو كــان لــه شــاهديكون فــرد عضــوا كفاءة وتزكية، وإذا قبل في الحزب وضع تحت التجربـة لمـدة، فـإن ظهــر منــه اإلخالص والنشــاط واإليمــان بمبــادئ الحــزب فهــو، وإال

طردوه عن العضوية. والنـواة المركزيـة للحـزب تنتخب األعضـاء، لتجعـل لكـل واحـد منهم مهمة، أخــذا من الــرئيس، وانتهــاء بالعضــو العــادي، الــذي لــه مهمة سائر األعضاء، ويشترك كل األعضــاء في كــل بــرامج الحــزبــع الصــحف، ــات، ونشــر المناشــير، وبي ــال االنتخاب ــة، أمث الجماهيري

والمظاهرات، وغير ذلك. وبقدر نشاط أعضــاء الحــزب وصــالحيتهم لالنســجام مــع األمــة،

يكون تقدم الحزب. ومن الواضح أن في األعضاء من يعملون للحزب ليــل نهــار، فالــا عمل لهم سوى ذلك، وهؤالء يتقاضون من الحزب أجــورهم، وكلم

بضئالة األجــور الــتيكان العضو أكثر إخالصا للهدف كان أكثر قناعةــراتب ــزب ب ــارج الح ــل خ ــه أن يعم ــان بإمكان ــا ك ــاها، فبينم يتقاض

خمسمائة دينار يعمل للحزب بربع هذا

186

ــف ــون، بمختل ــا موظف ــة له ــالحزب مؤسس ــذا، ف ــراتب وهك النشاطاتهم واندفاعاتهم وأجورهم وأعمالهم.

المناضرون للحــزب، وإن لم يقبلــوا العضــوية، وهــؤالءالثاني: هم الذين لهم نفس هدف الحزب ويتعــاطفون مــع الحــزب لكنهم ال

وهؤالء يشتركون في االنتخابــات والمظــاهرات،،يستعدون للعضويةــدر ويقرؤون نشرات الحزب وجرائده، ويدافعون عنه، ويســددونه ق إمكانهم، ويكونون عيونه وآذانه وألسنته في المجتمع، ومن المعلوم أن دائــرة هــؤالء أوســع من دائــرة األعضــاء. ومن المناصــرين غالبــا

ينتخب األعضاء لدى االحتياج. الجماهير الذين ليسوا بأعضاء وال مناصرين، وإنما لهمالثالث:

هوى في الحزب، يشتركون في انتخاباته، كــل مــرة يكــون للحــزبــاهرات ــتركوا في مظ ــبه، وإن لم يش ــا أش ــنوية أو م ــات س انتخاب

الحزب، ولم يعقدوا عالقات قريبة معه. وكلمـا كـانت الجمـاهير الملتفـة حـول الحـزب أكـثر، كـان فـوزــف ــرب، وال تلت ــيره أق ــة أو غ ــات لمجلس األم الحــزب في االنتخاب الجماهير حول حزب مــا إال إذا رأوا منــه برنامجــا صــحيحا، ونشــاطا واسعا، وخدمة صادقة، وصــداقة مــع النــاس بریئــة، ولــذا قــد ينشــأ

م الصعود بسرعة، بينما قد ينشأ حزب ويبقى مدةحزب ويترقى سلثم يزول ويتالشى.

وقد رأيت في العراق ثالثة وأربعين حزبــا تالشــت شــيئا فشــيئا،ــك إال حتى لم يبق منها إال االسم في بعض ثنايا التاريخ، ولم يكن ذل لفقدان تلك األحزاب للمقومات األساسية للحــزب، وإنمــا كــان لهم

مثلهــا مثــل )ســحابة صــيف عن قــريب،تجمــع وقــتي لهــدف عــابرتقشع(.

187

التشكيالت المتدرجة للحزب يشـكلون بين،وهو األمر األول الـذي ذكرنـاه ثم أعضاء الحزب، بعضها فــوق بعض، ومؤسســتين مركزيــتين،أنفسهم ثالثة تشكيالت

كمــا ويشــكلون مــؤتمرا عامــا بين كــل فــترة،إحداهما فوق اآلخرىوأخرى.

،( التشكيل األول: )الوحدة الصغيرة( المكونة من عــدد محــدد1 كثالثة أو خمسة أو سبعة أو ما أشــبه، الــتي تتشــكل في المحلــة أو الشارع أو السوق، ولهذه الوحدة مســؤول هــو الرابــط بين الوحــدة

ويجتمع أفراد هذه الوحــدة كــل أســبوع أو،وبين التشكيالت الفوقيةــؤون ــداول في الش ــدة للت ــرة واح ــثر، م ــل أو أك ــبوعين، أو أق أس السياســـية أو المرتبطـــة بالسياســـة، كالشـــؤون االقتصـــادية أو االجتماعية أو الثقافيــة أو غيرهــا، ويــدير الجلســات ذلــك المســؤول

الذي ينتخب من قبل الوحدة بين فترة وفترة بأكثرية األصوات. ،وحيث إن مثل هــذه الوحــدة يســكن أعضــاؤها في محــل واحد

ــتى إذا لم،يمكن إعالمهم بما يجري في الحزب أو البالد بسرعة وح ،تسمح الدولة بــالحزب وكــان غــير مجــاز أمكن اجتمــاعهم بســهولة

ألن كونهم في محل واحد طبيعي،لبعد نظر الرقابة الحكومية عنهمفال يلفت اجتماعهم األنظار.

المواصفات الضرورية للوحدة الحزبيةــة ــ ــا، بالمطالع ــ ــع من معنوياته ــ ــدة أن ترف ــ والالزم على الوح

والمذاكرة والمناقشة،

188

جيدا.فمجرد االجتماع الفارغ ال يعطي مفعوال وإالــجام بين كما أن الوحدة الناجحة هي التي تتمكن أن توجد االنس أفكار الحزب وأفكار المجتمع، ال بمعنى أن تســف إلى المجتمــع إذاــع إلى ــد المجتم كان مجتمعا متأخرا، بل بمعنى أن تتمكن من أخذ ي الصعود خطوة خطوة، باللطف واللين واإلقناع ، كمــا قــال ســبحانه:

ــالتي﴿ نة و جــادلهم ب ك بالحكمة و الموعظة الحســ ادع إلى سبيل رب.(1)﴾هي أحسن

ومن أخطــر مــا يوقــع الوحــدة في االنــزالق، أن ترفــع الوحــدة نفسها عن طبقة الشــعب إلى طبقــة الكــبراء، وأن تأخــذها األنانيــة، فتفعل عن وحي ذلــك، وقــد أشــار القــرآن الحكيم إلى كال األمــرين

في آيتين:

))اآلية األولى((ي يريــدون﴿فقــال ســبحانه: هم بالغــداة والعشــ ــدعون رب ذين ي ال

ــا وجهه وال تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا وال تطع من أغفلن بع هواه وكان أمره فرطا .(2)﴾قلبه عن ذكرنا وات

ففي المؤمنين ثالث صفات حميدة:﴾.يريدون وجهه﴿: قلبهم مع الله: 1هم بالغداة﴿: وجسمهم مع الله: 2 .﴾يدعون رب.﴾والعشي﴿: وهم مستمرون في هذا الطريق: 3

ــتكبرين ثالث ــدوا إلى األرض من المس ــذين أخل ــا أن في ال كمصفات سيئة، ضد صفات المؤمنين:

ــه،﴾من أغفلنا قلبه عن ذكرنا﴿( قلبه غافل: 1 ومن غفل عن اللوا﴿غفل عن نفسه ولم يفهم مصالح شخصه، كما قال سبحانه: ــ نس

ه فأنساهم أنفسهم .(3)﴾الل

.125( سورة النحل: ?)1.28( سورة الكهف: ?)2.19( سورة الحشر: ?)3

189

ــع﴿( ويتبعون في أعمالهم القطب المخالف للــه ســبحانه: 2 ب وات.﴾هواه

ــوم3 ــل ي ( وليس لهم استقامة في أمورهم، فإن الهوى تميل ك﴿إلى جانب: .﴾وكان أمره فرطا

ولذا فعليك أيها الرسول )صلى الله عليــه وآلــه( وكــل من كــانعلى طريقك اتباع ثالثة أمور:

ذين﴿: ال تطرد المؤمنين حتى تبتعد منهم جسما: 1 ﴾وال تطــرد ال(1).

.(2)﴾وال تعد عيناك عنهم﴿: وال ينحرف قلبك عنهم: 2ــة الحيــاة﴿: وال تجعل قطب اتجاهك غير الله سبحانه: 3 تريد زين.(3)﴾الدنيا

))اآلية الثانية((اس وال تمش في األرض﴿ب( وقال سبحانه: وال تصعر خــدك للن

﴿، (4)﴾مرحا ك لن تخرق األرض و لن تبلغ الجبال طوال .(5)﴾إنــة وعــدم ــبر واألناني ــر الك ــاس، ال في مظه ــع الن ــا م فكن مالئم االعتناء بهم، وكن في نفسك متواضــعا وإن لم يكن هنــاك نــاس فال تضرب برجلك األرض كما يفعله الجبــارون إلرضــاء أنانيــة أنفســهم،ــي كبريــاء واســتعالء على وال ترفــع صــدرك وعطفــك حين المش الطبيعة، فمهمــا ضــربت األرض فــإن األرض ال تنشــق تحت رجلــك، وإنما تتعب رجلك، ومهما مددت قامتك كما يفعله األنانيون، فإنك ال تصل إلى طول الجبـال، فكيـف بمـا هـو أطـول وأرفـع من الجبـال،

وإنما تتعب جسمك. والحاصل: كن متواضعا مع الناس، ومع الطبيعة التي خلقها الله

سبحانه، فإن السماء واألرض ال تتكبران،

.52( سورة األنعام: ?)1.28( سورة الكهف: ?)2.28( سورة الكهف: ?)3.18( سورة لقمان: ?)4.37( سورة اإلسراء: ?)5

190

فال ينبغى الكبرياء لمن هو أصغر منهما.قالتا أتينا طائعينفقد ،ثم أليس الحزب إنمــا شــكل لخدمــة النــاس وان كــان إســالميا

لخدمة الله ســبحانه أيضــا، وهــل يمكن خدمــة اللــه وخدمــة النــاسبالتكبر واالستعالء.

وبعد فالحزب يحتـاج إلى جمــع النــاس حــول نفسـه، والنــاس ال يجتمعون حــول األنــانيين، وفي المثــال: )قطــرة من العســل تجمــع

حول نفسها من الذباب ما ال يجمعه طن من العلقم(. وما ذكرناه في )الوحدة( جار في سائر أعضــاء الحــزب، وكلمــا كان اتساع دائرة عمــل الفــرد في الحــزب أكــثر، كــان احتياجــه إلى اتباع ما ذكرناه في الوحــدة أكــثر، ألنــه بقــدر دائــرة االتســاع تكــون مسؤولية الصالح واإلصالح، فمن كان معاشرا مع عشرة كان الالزم عليه مراعاة األخالقيات مع عشـرة، بينمــا الــذي يعاشــر مائــة يلــزم

عليه مراعاة األخالقيات مع مائة، وهكذا. والالزم على أفــراد الوحــدة إيجــاد االلتئــام بين سياســة الحــزبــتي وبين السياسة العامة في الدولة ـ في غير الدول الديكتاتورية ال يجب على الحزب هدمها بكل حال ـ وذلــك ألن الغــالب أن سياســة الجماعة الصغيرة تخــالف سياســة الجماعــة الكبــيرة، ألن الجماعــة الصغيرة تريد فتح المجــال لنفســها للتقــدم، والجماعــة الكبــيرة قــد مألت المجال فال تريد فسح المجال للجماعــة الصــغيرة، ولــذا فــإذا كانت الوحدة تريد تقديم الحزب لــزم عليهــا أن تعــرف كيــف تقــدم من الخلل والفرج ومواضع الثغرة حتى ال تصطدم بالسياسة العامة

للدولة.ــة، ولنفرض أن سياسة الحزب تقديم عضو منه لــوزارة الخارجي وسياسة الدولة بقاء الوزير السابق في مثال التعارض في الســلطة التنفيذية، فإن الحزب يجب أن يدرك كيف يتمكن من التقديم بما الــوة ــاس الق ــوجب انتك ــالب ي ــوجب التصــادم، إذ التصــادم في الغ ي

الصغيرة أمام القوة الكبيرة.

191

الوحدة المدنية للحزب حيث يجتمــع في هــذه،( التشــكيل الثــاني: )الوحــدة المدنيــة(2

الوحدة المســؤولون في الوحــدات الصــغيرة، مثــل أن في المدينــةــرة ــإن عش ــا، ف ــواقها ومحالته ــوارعها وأس ــدات، في ش ــر وح عش مسؤولين يشكلون وحدة المدينــة، وإذا كــانت المدينــة كبــيرة يمكن

تشكيل وسط بين الوحدة الصغيرة وبين وحدة المدينة. فمثال مدينة ذات مليون إنســان، ال يمكن جمــع المســؤولين في الوحــدات الصــغيرة فيهــا في وحــدة المدينــة، بــل الالزم وحــدةــدة متوســطة، وللشــوارع ــدتين، فللمحالت وح متوســطة بين الوح

ــيين وحــدة،وحدة أخرى، وللمؤسسات الحكومية وحدة ثالثة وللمهن رابعة، وللعمال وحدة خامسة، وهكــذا، وهــذه الوحــدات المتوســطة

.يجتمع مسؤولوها في وحدة المدينةــدات ــطات بين الوح ــدات متوس ــر إلى وح ــاج األم ــا يحت وأحيان الصــغيرة وبين وحــدة المدينــة، بحيث تكــون بين تلــك الوحــدات المتوسطة أيضا سلسلة مراتب، فوحدات شوارع محلــة تجتمــع في وحـــدة المحلـــة، ووحـــدات المحالت تجتمـــع في وحـــدة المنطقـــة

الشرقية للمدينة م ،، ووحدات المناطق تجتمــع في وحــدة المدينةثالوهكذا.

الوحدة العامة للحزب الــتي تجتمــع فيهــا كــل،( التشكيل الثــالث: )الوحــدة العامــة(3

ــا تجعــل عاصــمة البالد مقــرا لهــا، فمثال في وحــدات المــدن، وغالبشوارع كربالء:

: وحدات 1

192

أولية، ثم لهـذه الوحـدات مسـؤول عـام، ولوحـدات )المسـيب( و)الطويريج( و)الشفاثة( ثالثة مسؤولين عامين، فهؤالء المسؤولون

يشكلون: ثم المسؤولون في كـل،: وحدة فوق على مستوى المحافظة2

محافظة محافظة يشكلون: : وحدة فوق هي اللجنة المركزية للحزب.3

( حسب التقســيمات اإلداريــة للبالد2وقد ال تكون الوحدة رقم ) بل تكون حســب التقســيم الصــالح بنظــر،كالمحافظات في المثال

الحزب، مثل شرق البالد وغربها وجنوبها وشمالها، ومثل القوميــات التي تقطن البالد، مثل: )عرب خوزستان( و)أكراد ســنندج( وغيرهــا و)أتراك آذربيجان( و)فارس الوسط( في إيــران، إلى غــير ذلــك من

( في البالد.2التقسيمات الصالحة لتشكيل الوحدة رقم )ثم هناك أمر رابع وخامس وســادس مرتبــط بالتشــكيالت رقم )

( فـ:3، 2، 1ــة للوحــدة رقم )4 ــة التنفيذي ــو اللجن ــال،(2: ه ــك ألن أعم وذل

فالبــد للوحــدة المــذكورة أن تنتخب بعض،( كثــيرة2الوحــدة رقم ) أعضــائها ليشــكلوا وحــدة منبثقــة منهم، ألن يكونــوا المشــرف على

سير األعمال وتنظيم األمور. وهــذه تشــكل لكــثرة،(3: وهو اللجنة التنفيذية للوحدة رقم )5

أعمال الوحدة المركزيــة ممــا البــد لهــا من انبثــاق لجنــة من خــيرةأفرادها لألشراف العام والتنظيم العام.

ــة رقم ) ــذه اللجن ــون ه ــالب أن تك ــل5والغ ــة في ك ( أهم جه الحزب، وإذا أوتوا العلم والفهم واألخالق والنشاط تمكنوا من ترفيع

وبــاآلخرة من ترفيــع البالد، ســواء كــانوا في الحكم أو في،الحــزب المعارضة أو حتى إذا كانوا يعملون في الســر، لتقــديم الحكومــة أو

تقويضها.

193

الحزب والفكر هي،وحيث ذكرنا الفكر، ال بأس هنــا باإللمــاع إلى حقيقــة مهمة

أن الفكــر لــه مكــان الصــدارة، ألنــه الــذي يقــود الفــرد واألمــة إلى الصــالح والفســاد، فــالطبيب والمهنــدس واالقتصــادي والفقيــه إنمــا

ــزوم الســير وصلوا إلى هذه الدرجات، ألن فكرهم أوال قادهم إلى ل في هذا الخط، وكذلك كل مجرم وسفاك وطــاغوت وديكتــاتور إنمــا

سار في خطه ألن فكره سبب له ذلك. نية المؤمن خــيرولعل ما ورد من قوله )صلى الله عليه وآله(:

ــاه،(1)من عمله، ونية الكافر شر من عمله كمــا، يشير إلى ما ذكرن جعلــه كشــف الغطــاء )رحمــه اللــه( أحــد احتمــاالت الروايــة، حيث

.احتمل فيها أكثر من ثالثين احتماال ولذا فالواجب على الحزب، أن يهتم بالتفكير أكــثر من اهتمامــه

فــإن العمــل وراء الفكــر، وقــد يعطي الفكــر للعمــل قيمــة،بالعملكبيرة، بينما قد يكون العمل بدون الفكر ذا قيمة قليلة جدا.

وكما أن العمل إذا زاد أو نقص يفقد مفعولــه أحيانــا، بــل ينقلب كما إذا خالط الماء شيء من العفص حيث يــوجب المــاء،إلى ضده

مزيــــدا من العطش عــــوض أن يرفــــع العطش، أو إذا نقص منــدل أن ينقص من الصــفراء، الســكنجبين الخــل زاد في الصــفراء ب

انقلب الفكــر في كثــير من،كــذلك إذا زيــد في الفكــر أو نقص منهاألحيان ضارا عوض كونه نافعا.

مثال إن الحزب اإلسالمي يفكر في تشــكيل وحــدات عاملــة في كل قطــر إســالمي، لتنمــو تلــك الوحــدات حــتى تتمكن من إســقاط

الجدر االستعمارية، لترجع األمة الواحدة إلى حكومتها

.3 من مقدمات العبادات ح6 الباب 35 ص1( الوسائل: ج?)1194

الواحدة، التي هي حالتها الطبيعية، وإذا باالستعمار يأتي ليضيف إلى هذه الفكرة، فكرة أن تكون من مبــادئ هــذا التشــكيل تســاوي البشــر في البالد اإلســالمية من غــير فــرق بين مســلمهم وكــافرهم أمام القانون، فإن هذه الزيادة في أصــل الفكــرة تــوجب أن ينقلب

التشكيل ضارا.ــة، ــرة اآلنف وهكذا إذا نقص من الفكر، كما إذا انضمت إلى الفك

فال يــدخل في األمــر،فكرة وجوب الشروع من البالد العربيــة فقط غير عربي، فــإن نقص الفكــر عن اإلســالمية العامــة إلى اإلســالمية العربية فقط، يوجب تشقيق المســلمين، وهــو ضــار بالعمــل، ال أنــه

ليس بنافع فحسب.

المؤتمرات العامة للحزب : والمؤتمرات العامة للحزب، فان الحزب يعقد في كــل فــترة6

زمنية خاصة، مثل كل سنة مرة، مــؤتمرا عامــا من األعضــاء الــذين هم أعضاء في كل الوحدات واللبــان المــذكورة آنفــا، وذلــك إلجــراء

االنتخابات العامة. وكيفيته أن يكون لكل فرد صوت بمقدار خدماته، أو يكون لكــل

فرد مهما كان صوت واحد، باألسلوب الذي يقرره منهج الحزب. ويخطب في المؤتمر الرؤساء، فيــذكرون إنجــازات الحــزب في العــام المنصــرم، ومــا يحتاجــه الحــزب في الحــال الحاضــر، ورؤيــةــا يتكلم ــدة، وأحيان الحزب للمستقبل، وما يحتاجه المستقبل من الع غير الرئيس في الوحدة ونحوها، كما يقــررون األعمــال المســتقبلية إما بأكثرية اآلراء، وإما باالقتراع، أو بغيرهما مما يساعد عليه منهاج

الحزب.ــؤتمر، ــرون الم ــذين يحض ــاء ال ــاب لآلعض والالزم أن يتم االنتخ

والذين يصوت

195

النتخابهم، في أجــواء حــرة، وحينــذاك يكــون الحــزب استشــارياــا، ــا، فــإن لم تكن األجــواء حــرة، كــان الحــزب ديكتاتوري ديمقراطي

كمــا حــدث في روســيا،ونتيجة ذلك هي تصفية الديكتاتور ألصدقائهوفي الصين وفي غيرهما من البالد الشيوعية.

فقد قتل ستالين أصدقاءه، كما قتل مــاو أصــدقاءه، وكمــا قتــل عبد الناصر عبد الحكيم عامر وأصدقاءه اآلخرين، وقتل بكر وصـدام أصدقاءهما أمثال ناصر الحاني وحــردان التكريــتي، إلى غــيرهم من

الديكتاتوريين، هذا غير قتلهم سائر أفراد الشعب.ــدة دون ــوا بشـ ــزاب أن يقفـ ــاء األحـ ــالالزم في أعضـ ــذا فـ ولـ

تنتهي الديكتاتوريــة المــذكورة إلى ديكتاتوريــة الكلمــة والعمــل، وإالديكتاتورية التصفيات الجسدية.

ــؤتمرات وكذلك يلزم أن يقف أعضاء الحزب دون عدم عقد الم المقرر في المنهاج، ألن معنى عدم عقد المؤتمرات أن الرؤســاء الــزب، وهــو نــوع آخــر من يرغبــون في زحزحــة مكــانتهم في الح

الديكتاتورية. ويجب أن ال يخدع األعضاء بممارسة الرؤساء النوعين السابقينــاد ــدم انعق ــات، وع ــواء االنتخاب ــة أج ــدم حري ــة: ع من الديكتاتوري

المؤتمرات.ــتجب وأحيانا يهدد بعض الرؤساء بالخروج عن الحزب إذا لم يس األعضاء لقوله، وحينئذ يكون الالزم قبولهم استقالته، ألن ذلك أهون من بقائه ديكتاتورا مسلطا على رقابهم، من فقــدهم عضــوا نشــطا

كما يتفــق غالبــا أن العضــو النشــط هــو الــذي يمــارس،كثير العملالديكتاتورية.

والالزم أن يعرف األعضاء أن كــل عــذر لعــدم انعقــاد المــؤتمر،ولسلب الحرية في األجواء الحزبية، غير مقبول.

فإن الرؤســاء قــد يعتــذرون لعــدم عقــدهم المــؤتمر، أو ســلبهم حرية األجواء بأن الحــزب يعمــل في خفــاء، وذلــك مــا ال يالئم عقــد

المؤتمر، وقد يعتذرون بأن حرية

196

األجواء تظهر التناقضات الموجودة في الحــزب، وقــد يعتــذرونــرى ــة أخ ــذار واهي ــة،بأع ــا ديكتاتوري ــبريرات تختفي وراءه ــا ت وكله

الرؤساء. فكلما ابتعد المؤتمر عن المؤتمر اآلخــر في الفواصــل الزمنيــة،

على كــان ذلــك دليال،وكلما كانت األجواء في داخــل الحــزب خانقة ديكتاتوريته، وأنه يسبر إلى تأليه الفرد وتسليطه على رقاب الحزب

ليفعل مايشاء.

اختالف االتجاهات الحزبية ثم إن قيـــادة الحـــزب يجب أن تالحـــظ بعين االعتبـــار أمـــرين

مهمين: إن رؤساء الفروع الذين يتجمعــون في المــؤتمر، كــانتاألول:

لهم أجـــواء خاصـــة في بالدهم، خصوصـــا إذا كـــانت البالد متنائيـــة واللغات مختلفة، والحكومــات المسـيطرة على تلـك البالد متعـددة،

وتلك األجواء تفرغ العضو إفراغا فكريا وعمليا خاصا. ولذا يمكن االصطدام بين القيادة وبين أولئك الرؤسـاء، فـالالزم تفــادي هــذا األمــر بالجلســات التحضــيرية الــتي تقــرب من وجهــات النظر، حــتى ال يقــع االصــطدام ثم الشــقاق، كمــا يحــدث كثــيرا في

األحزاب. واألحزاب الشيوعيه المنشقة بعضــها على بعض شــاهدة لــذلك، حيث إن األحزاب الشيوعيه مبنية على الديكتاتورية والعنف، وبــذلك يقع التشقق الفظيع بين أعضائها، فإن كــان الحــزب مســيطرا على الدولة قتل المسيطرون المنشقين، وإن لم يكن مســيطرا نشــطت

والتعاون مع السلطة لضربها البعض غير المرغوب،االغتياالت بينهم إلى غير ذلك من أساليبهم التصفوية.،فيه

197

بين الحزبيين القدامى والجدد إن الصغار الحزبيين يكبرون ثقافيــا وسياســيا، ومكانــةالثاني:

وهــؤالء يريـــدون أن يفتحــوا طــريقهم إلى التقـــدم في،اجتماعيةــزب درجات الحزب، وكثيرا ما تكون لهم كفاءات إن صبوها في الح

تقدم الحزب، وتمكن من الوصول إلى أهدافه. ومن المعلوم أن القدامى في الحزب يقفون دون تقــدمهم، ألن ذلـــك يكـــون على حســـاب تـــأخر القـــدامى، أو التنـــازل عن بعض امتيازاتهم، فالالزم على القادة العقالء للحزب أن يجمعوا بين تقــدم األفراد الجدد وبقاء األفراد القــدامى على نشــاطهم، فــإن القــدامى لهم الخبرة والسابقة، والجدد لهم النشاط والكفــاءة المتناميــة ممــا

يوجب عدم االستغناء عن أي منهما.اس أشياءهم﴿وقد قال سبحانه: .(1)﴾وال تبخسوا الن

إلى غيرهمــا من،(2)ال يتوى حــق امــرئ مســلموفي الحديث: اآليات والروايات الشاملة لما نحن فيه.

المحسوبية والمنسوبية في الحزبــا، هي مشــكلة كما أن هناك مشكلة أخرى يقع فيها الحزب غالب المحسوبية والمنسوبية، فكثــير من القيــاديين يريــدون إدخــال بعض

ذويهم في المناصب

.85( سورة األعراف: ?)1.5 من الشهادات ح46 الباب 215 ص3( مستدرك الوسائل: ج?)2

198

الحساسة، وفي كل من اإلدخــال وعدمــه محــذور، حيث إن في اإلدخال محذور عدم كفاءة ذلك العضو، فهو يضر الحزب أحيانا بدل أن ينفعه، وفي عدم اإلدخــال محــذور خــروج القيــادي المــذكور عن الحــزب، وفي ذلــك خســارة الحــزب، والالزم حــل هــذه المشــكلة بالموازنة بين أكثر األمرين نفعــا، أو أقلهمــا ضــررا من بــاب قاعــدة

األهم والمهم. نعم إذا كانت التربية الحزبية نظيفــة، والرقابــة االجتماعيــة على

ــاني،الحزب شديدة يكون وقع هذه المشــكالت الثالث: )األولى والثوالمحسوبية( أقل، وحلها أسهل.

وال يخفى أن هذه المشكالت كلها أو بعضها هي مشاكل اجتماع في حالة تقـدم، أو ممكن التبـدل، كالجمعيـات والنقابـات والتكتالت

والحكومات وغيرها. وكلما كانت الرقابة االجتماعية على هذه التجمعات أكثر وكــانت التربية صحيحة، واالنســجام العــام بين األفــراد أقــوى وأمتن، كــانت المشاكل المــذكورة أقــل بــروزا، وأســرع حال، والتربيــة واالنســجام يمكن تقويتهمـا بتكـثيف الحـوار والمناقشـات الحـرة، وخصوصـا إذا كــانت تحت إشــراف المجتمــع أو عقالء الحــزب، حيث يظهــر لكــل

طرف جوانب القوة والضعف في آرائه ومتطلباته.

199

واألحزاب السياسية األنظمة بين األنظمة السياسية المبنيــة على األحــزاب على(:ــ 43)مسألة

قسمين: : النظام السياسي ذو الحزب الواحد.1: والنظام السياسى ذو األحزاب.2

والقسم الثاني ينقسم إلى ما كان بعض األحزاب مسيطرا على الحكم مع حرية األحزاب األخــر، وذلــك لقلــة أعضــاء تلــك األحــزاب

األخر، وما ليس كذلك. وما ليس كذلك ينقســم إلى النظــام ذي الحــزبين فقــط، أو ذي

األحزاب، فاألقسام أربعة:( ذو الحزب الواحد.1( ذو الحزبين.2( ذو أحزاب أحدها مسيطر.3( ذو أحزاب كلها تتصارع على الحكم.4

وال يخفى أن الحكومات كانت قبل أن تكون األحــزاب لهــا هــذه وإن كان واقع الحزب موجودا في كل حكومة،،الشخصية الحاضرة

إما بصورة القبائل وإما بصــورة الطبقــة الممتــازة لثروتهــا أو قوتهــا العسكرية أو أمور أخــر، وعليــه فــاألحزاب بهــذه الصــورة الحاضــرة تشكل حــديث غالبـا، يتكـون في ظـل الدولـة الـتي لهـا مشخصـات جغرافية ودينية وقوميــة خاصــة، ثم يــترعرع ويكــبر حــتى يتمكن أن

يصل إلى الحكم.وتأثير الحكومة والحزب أحدهما في اآلخر من

200

قبيل تأثير الولد والعائلــة أحــدهما في اآلخــر، فالولــد يكــون في ولما يكبر يؤثر في العائلة، وتدريجيا يغير وجه،العائلة ويتأثر بالعائلة

العائلة إلى وجهة نفسه.

: في النظام الحزبي الواحد1 كما قال بذلك،والنظام الحزبي الواحد أول ما حدث في التاريخ

ــا ذا،بعض السياســيين ــه )م ــف كتاب ــنين، حيث أل ــان لي هــو في زم وطرح هناك لــزوم وحــدة الحــزب، وبــرر بــذلك ديكتاتوريتــه،نصنع(

والتي انتهت إلى جعل روسيا أسوأ مكان يضطهد فيــه البشــر، وقــد كانت قبل هذا النظام مكانا للحريات النسبية، واألحــزاب المتعــددة، وكـــان اضـــطهاد قيصـــر لإلنســـان الروســـي، أقـــل من اضـــطهاد

الشيوعيين له بأقل من نسبة الواحد إلى األلف.ــيا ــات إلى روسـ ــوع الحريـ ــطهاد إال برجـ ــذا االضـ ،وال ينتهي هـ

والظاهر من الغليان داخل روسيا وتحرك اإلنسان الروسي للخالصمن هذا النير االستعبادي أن خالصهم قريب بإذن الله تعالى.

ولــوال مســاعدة إمريكــا والجبهــة الغربيــة لســتالين في الحــرب العالمية الثانية، لكانت الديكتاتورية الشــيوعية خــبرا ينقــل في ثنايــا

لكنهم ساعدوا الشيوعية حتى تمكنت من إبقاء ديكتاتوريتها،التاريخ واالستمرار في اضطهاد الشــعوب المتســلطة على رقابهــا بالحديــد والنار، وال تزال إمريكا تساعدها بــالقمح وبــالعلم، ولكن من طبيعــة

ــل على الحرية ــة أن ال تبقى، ألن اإلنســان جب ــة،الديكتاتوري والحريهي صاحبة الكلمة أخيرا.

وقد كانت إيطاليا وألمانيا وإسبانيا والبرتغال وغيرها ذات حــزبــاء ــا بانته ــا وألماني ــة إيطالي ــاتور، لكن تحطمت ديكتاتوري واحــد ديكت

الحرب العالمية

201

ــال تحطمت ــية، والبرتغ ــة والفاش ــزمت النازي ــة، حيث انه الثاني ديكتاتوريتها قبــل ســبع ســنوات بــاالنقالب الــذي حــدث هنــاك، كمــا

والصــين وبولنــدا أخــذتا،تحطمت ديكتاتورية إسبانيا بموت )فرانكو(ــد تتملمالن للخروج عن هذا الطرق بعد موت )ماو( في الصين، وبع

التحرك العمالي في بولندا. أما الديكتاتوريات العميلــة الصــغيرة، أمثــال: )الشــاه( و)بــبرك(

فمنها ما سقطت، ومنها ما تترنح للســقوط،،و)السادات( و)صدام( نظـام روســيا ومــا يــدور في ولم يبــق من األنظمــة الديكتاتوريــة إال

فلكها من أوروبا الشرقية ونحوها، والالزم تظافر الجهود لتحطيمها،ألجل خالص اإلنسان من هذا المرض العضال.

وما لكم ال تقاتلون في سبيل الله والمستضعفينقال سبحانه: (1).

كما أن الالزم خالص البالد الرأســمالية، كإمريكــا من أخــذ رأس المال بخناق الناس، وقد ذكرنا أسلوب الخالص من هذين النظامين

ــة من كتبنا ــف،في جمل ــل )الفقــه: االقتصــاد( و)إلى حكومــة أل مثمليون مسلم( وغيرهما، والله سبحانه المستعان.

بطالن منطق األحزاب الفاشسية والشيوعية ثم إن األحزاب الفاشسية واألحزاب الشيوعية، وإن اختلفتا في

لكنهما ال يختلفان في الجــوهر، حيث إن كلتيهمــا،التكتيك والمنطقتحطمان الحرية، وتطاردان االستشارية الديمقراطية.

فالشــيوعية تقــول: إن الديمقراطيــة كــذب لبســها رأس المــال ليخفى جشعه تحت هذا الثــوب المهلهــل، ولــذا يجب تحطيمهــا إلى

الديكتاتورية بقصد تحطيم رأس المال.

. 75( سورة النساء: ?)1202

انتهــاز والفاشسية تقول: إن الديمقراطية ضعيفة، ال أثــر لهــا إال الشيوعية هذا الضعف لتقــوي نفســها وتتســلط على البالد، فتطبــق

ولــذا فــالالزم تحطيم الديمقراطيــة،منهاجهــا بالــدم والنــار والحديدالمهلهلة بقصد تحطيم الشيوعية المنتهزة.

ــود والصحيح بطالن كلتيهما كبطالن الرأسمالية، وإنما الالزم وج الحكومة االستشارية التي ال يأخذ برقبتها رأس المال، وقد تقدم أن

الصحيح في الحكومة أن تكون في اإلطار اإلسالمي.

أضرار الحزب الواحد والحكومــة ذات الحــزب السياســي الواحــد، عرضــة للــزوال السريع، بينمــا الحكومــة ذات األحــزاب ليســت كــذلك، والســبب أن

وحــتى أعضــاء الحــزب الواحــد تكــون،الناس ال يتحملون الديكتاتورــا ال تفهم ــركت عجلتهـ ــة إذا تحـ ــة، إذ الديكتاتوريـ بينهم الديكتاتوريـ

ولــذا نجــد، وتســحق كــل من وقــف في طريقها،الغــريب والقــريب الديكتاتوريين يقتلون حتى أقرب المقربين إليهم، فشاه إيــران قتــل

وعبد الناصر قتل زميله عامر، والبكــر وصــدام قتال زمالءهمــا،،أخاهكرشيد مصلح وحردان التكريتي.

أما ماو وستالين وهتلر، فلقد أكثروا القتل في أصحابهم. ومن الواضح أن الوضــع بهــذه الحالــة ال يــدوم، وال يقصــد عــدم

ــدوام على اإلطالق ــر،ال ــة، فعم ــترقب من الحكوم ــدوام الم ــل ال بالحكومات الديكتاتورية أقصر من عمر الحكومات الديمقراطية.

203

ــأخرة ــة دائمــا مت هــذا باإلضــافة إلى أن الحكومــات الديكتاتوري بالنسبة إلى الحكومــات الديمقراطيــة، وذلــك ألن الديكتاتوريــة ضــد ظهور الكفاءات، بينما الديمقراطيــة مهــد ظهــور الكفــاءات، وكلمــا

ظهرت الكفاءات وأعطيت لها فرص العمل كان التقدم أكثر. حــتى،ولذا نجد الشيوعيين دائمــا محتــاجين إلى الــديمقراطيين

الديمقراطيين في الجملة، كما هو الحال في الحكومات الغربية. وكلما كانت الديكتاتورية أكثر كــان التــأخر أكــثر، كمــا أنــه كلمــا

كانت الديمقراطية أكثر كان الدوام والثبات أكثر. أما كيف بقيت روسيا إلى الحال، فقد تقدم وجهه، فــإن إمريكــا وسائر البالد االسـتعمارية الغربيــة هي الـتي أوجـدتها، كمـا أنهــا هي التي أنقذتها في الحرب العالمية الثانية، وهي التي أبقتهــا، حيث إن

بسببها:ــاهم1 ( تتمكن من امتصاص أموال الناس بالباطل، لتخويفهم إي

ــذه من الشيوعية، كما تستدر إمريكا وبريطانيا بالد النفط العربية بهالوسيلة.

( وتجعل منها سوقا لقمحها تكنولوجيتها، ولذا نرى أن الغــرب2 لما لم يرد بقاء شيوعية الصين، أخذ يجرها إلى جــانب الغــرب منــذ

أواخر )ماو(.

زب الواحد(())من سمات الح والتصفيات الجسدية والسجن والتعذيب بــدون المحاكمــة حــتى المحاكمة الصورية، من أظهر سمات الحكومة ذات الحزب الواحــد، كما أن الكذب والــدجل وقلب الحقــائق ظــاهرة أخــرى من ظــواهر

.هذه الحكومات، كيف ال، وقد قال زعمائهم: )ال دين، وال أخالق(ــا صــفى وحــتى رؤســاء الحــزب لم يســتثنوا من التصــفية، كم بلغــانين وبيريــا، بــل والمشــهور أن ســتالين هــو الــذي قتــل ليــنين،ــنزاع على ــة هي ال ــات الديكتاتوري وأســاس التصــفيات في الحكوم

الكرسي والسيطرة. والطبقية داخل الحكومات الديكتاتورية تدور رحاها على أشدها،

204

فهناك طبقة الحاكم التي لها كل شــيء، وطبقــة الشــعب الــتيليس لها حتى الشبع من الخبز.

ولذا تجد الطبقية في روسيا الشيوعية بشكل لم يوجد لها مثيلــثرة، والحكم طول التاريخ، فمثال في إمريكا المال بيد التجار وهم كــة، إال أن بيد الحكام، وبين التجار والحكام وإن كان تقــارب من ناحي بينهما تدافعا من ناحيــة ثانيــة، بينمــا في روســيا المــال والحكم بيــد

طبقة واحدة هي الطبقة المستكبرة التي تفعل ما تشاء. وإنــا نعتقــد خطــأ كال النظــامين، إذ الالزم أن يكــون المــال بيــد

ــة بين﴿الكل، والحكم بيد الكل، كما قــال ســبحانه: ــون دول كي ال يك.(1)﴾األغنياء منكم

.(2)﴾وأمرهم شورى بينهم﴿وقال تعالى: وقــد ذكرنــا في كتــاب )الفقــه: االقتصــاد( و)الفقــه: الحكم في اإلسالم( كيفية توزيع المال بما يخالف المناهج األربعة )الرأسمالية،

وكيفية توزيع الحكم بما يكون،واالشتراكية، والشيوعية، والتوزيعية(شورى حقيقية، ال شورى صورية كا في إمريكا والبالد الرأسمالية.

ثم إن بريطانيا وفرنســا وبلجيكــا ومــا أشــبه، حيث أخــذت البالدــرر، واضــطروا ــا تتح ــوذهم في آســيا وإفريقي المســتعمرة تحت نفــروا ــك البالد، مك ــة إلى االنســحاب من تل بســبب الضــغوط العالمي لرجوعهم إليها بنشر مبادئ الديكتاتورية في تلــك البالد، كمــا أخــذوا أزمة الــديكتاتوريين الــذين جــاؤوا باســم التحــرر إلى منصــة الحكم، وكان هدفهم من ذلك تضــجر أهــل البالد من الــديكتاتوريين وطلبهم رجــوع االســتعمار، ألنهم كــانوا أقــل عنتــا في حــال االســتعمار من

عنتهم

.7( سورة الحشر: ?)1.38( سورة الشورى: ?)2

205

حال االستقالل المزعوم.

: النظام ذو الحزبين2ــل والنظام ذو الحزبين هو الذي يقوى فيه حزبان سياســيان، مث بريطانيا وإمريكا الشمالية، وليس معنى ذلــك أن ال حــزب سياســي

بل هناك تجمعات صغيرة في جــانب هـذين،آخر في مثل هذه البالد مثال في إمريكـــا إلى جـــانب الحـــزبين الـــديمقراطي،الحـــزبين

مثــل،والجمهوري أحزاب صغار تنصــب في نهــر الحــزبين الكبــيرين الحــزب العمــالي والحــزب االشــتراكي وحــزب المــزارعين وحــزب

تحريم المسكرات والحزب التقدمي.ــا في ــد، وإن اختلف ــار واح ــا إط ــدين لهم ــان في كال البل والحزب االجتهادات الحزبية، مثال أحد الحزبين يهتم بالــداخل أكــثر، والحــزب اآلخـــر يهتم بالخـــارج أكـــثر، وأحـــد الحـــزبين يهتم بصـــنع الســـالحــة ــياء التجميليـ ــر يهتم باألشـ ــناعات الثقيلـــة، والحـــزب اآلخـ والصـ كالثالجــات والمــبردات والمــدافئ ومــا أشــبه وهكــذا، والعمــدة فيــائر في الدولة ذات الحزبين، أن الحزبين يكونان بمنزلة جناحي الط

طيران األمة. يطــير المــرءوفي كلمة لإلمام أمير المؤمنين )عليــه الســالم(:

فكــل حــزب يهتم لجمــع النــاس،(1)بهمته كما يطير الطائر بجناحيه كمــا أن،حول نفسه، ولذا يخدمهم ويتقرب إليهم ويقضي حــوائجهم

كل واحد منهما يقف بالمرصاد للحزب اآلخر،

.47( نهج البالغة: الحكمة ?)1206

فكلمــا رأى زلــة نشــرها، وبــذلك يعيش الشــعب في راحــة من الديكتاتورية واألحكام التعسفية التي يبتلون بها في الحكومات ذاتــزب الحزب الواحد، حيث ال محاسبة وال مراقبة، كما أنه ال دافع للح الواحد في جلب رضاية الناس، ولــذا يكــثر غــير الراضــين، وحيث ال مســـؤول فـــالحزب يتخـــذ منهج الديكتاتوريـــة والقتـــل والتعـــذيب

وقــد قــال علي )عليــه،ومصــادرة األمــوال مخلصــا لتصــفية أعدائه.(1)من ملك استأثرالسالم(:

وجملة من بالد العالم اتخذوا مسلك الحزبين في الحكومة، لكن فلم ينفع الحزبــان فيهــا في،جملة منها وقعت في شباك االستعمار

توفــير الرفــاه وإيجــاد جــو الحريــات الصــادقة في الشــعب، إذ ليس بل الالزم وجــود ســائر مقومــات،وجود حزبين في الدولة كل شيء

الحرية والرفاه واالستقالل. ال يقال: إن كان وجود حزبين يكفي في رفع الظلم، فلماذا نرى أن بريطانيا وإمريكا من أكثر بالد العالم ظلما، ال بالنســبة إلى البالد

بل بالنسبة إلى شــعوب أنفســها، حيث الطبقيــة،المستعمرة بالفتحالحادة، فبطون تتخم وبطون تحرم.

ألنه يقال: إن الحــزب في كال البلــدين وقــع أســير رأس المــال، ورأس المــال يتحــرك لتقويــة نفســه من دون مالحظــة الغــريب والقريب، فالشــعب مثالــه مثــال طــائر في قفص، بينمــا شــعب ذي حزب واحد كطائر ملفوف بالقيود، وال خالص للعالم من االستعمار،

إال بتحطيم،وال لشعوب البلدان المستعمرة بالكســر من االســتغالل، حسب األمور رأس المال المنحرف، وتوزيع الثروة توزيعا عادال

.3 من العشرة ح21 الباب 424 ص8( الوسائل: ج?)1207

الخمسة، التي ذكرناها في )الفقه: االقتصاد(. أما التحرر الحقيقيهذا فقط من ناحية التحرر من حيث المال،

رهم﴿فليس إال في ظل اإلسالم، كما قال سبحانه: ع عنهم إصــ ويضــتي كانت عليهم .(1)﴾واألغالل ال

: النظام ذو األحزاب المسيطر أحدها3ــان أما النظام ذو أحزاب أحدها مسيطر، فذلك ال يكون إال إذا كــه أنصــار ــان ل ــثر إلدارة الحكم، وك ــؤهالت أك ــزاب م ــد األح في أح كثيرون، إما لسوابقه وإما ألنه تمكن من اســتقطاب رضــاية النــاس

أكثر، وحفظ نفسه عن االنزالق.ــد،من أصلح فاسده أرغم حاسدهفقد ورد في الحديث: والهن

حيث، م( إلى اآلن كذلك1948منذ استقاللها من يد بريطانيا عام ) يسيطر على الحكم فيها )حزب المؤتمر( الذي تحمل أكــثر األتعــاب في تحريرهـــا، ولـــذا فهـــذا الحـــزب لـــه األكثريـــة في المجلســـين التشريعي والتنفيذي، وأما سائر األحزاب المجازة فليس لهــا شــيء يذكر، وإن كــانت لهم الحريــات في مجــال السياســة، أمــا األحــزاب األخر في الهند، مثــل الحــزب الشــيوعي والحــزب االشــتراكي، فلم

يتمكنوا من أخذ الزمام عن يد حزب المؤتمر. والسبب أن ذينك الحزبين ثبت ارتباطهمــا بــاألجنبي، فلم يلتــف حولهما الناس، كما أنه لم يكن لهما سوابق نضال، باإلضافة إلى أن

الحرية الموجودة

.157( سورة األعراف: ?)1208

منفي الهنــد تقــف دون هــذين الحــزبين بالمرصــاد، ألن كال الحــزب الشــيوعي واالشــتراكي ال يتمكن أن يعيش إال في جــو منــل هــذا الجــو لم يتمكن أي ــإذا لم يجــد مث ــة والظالم، ف الديكتاتوري

ــا أن يعيش إال ــإن كال منهم ــا وال يحــيى، ف منعيشــة ال يمــوت فيه كمــا بينــا ذلــك في،الشــيوعية واالشــتراكية خالف العقــل والمنطق

كتبنا االقتصادية. أما بعض األحزاب األخر في الهند، فليس لها ســوابق وال بــرامج

ــد حــاولت كــل من،مغرية ــة، وق ــل القافل ــا بقيت في ذي ــذا فإنه ول بريطانيا وإمريكا وروسيا والصين جــر الهنــد إلى تبعيتهــا، لكنهــا آبت بالفشل، وليس معنى ما ذكرناه أنا نرضى بالنظام في الهند، وإنمــا هذا بيان لسبب تسلط الحزب الواحد، أو كيف أن سائر األحزاب لم

تتقدم منذ ثلث قرن.

: النظام ذو األحزاب المتصارعة4 وأخيرا يأتي دور النظــام ذي األحــزاب المتكــثرة والــتي تتصــارع

كمــا تقــدم في،كلها على الحكم، من غير انصــباب في نهــر حــزبين.حزبي إمريكا

وفي مثل هــذا النظـام يمكن أن ال يفـوز أحــد األحـزاب بأكثريـة اآلراء، ولذا ال يتمكن أحد األحزاب أن يأخذ بأزمــة القــدرة في يــده، وإنما تتشكل منهم الحكومة االئتالفية، وبقدر قدرة كــل واحــد منهم في الفــوز السياســي تكــون بيــده الــوزارات، فــإذا فــرض أن أحــد

%، والثالث له30 والثاني له ، % من المجلس50األحزاب كان له %، وزعــوا الــوزراء فيمــا بينهم بتلــك النســبة، فــإذا كــان عــدد20

وللثــاني ســتة، وللثــالث أربعــة،،الوزراء عشرين كان لألول عشــرةوهكذا.

209

وإذا لم تأتلف الدولة من قدرات األحزاب سقطت الدولة، وقد كان إليطاليا قبل سبع سنوات هذا النوع من الحكم.

لكن إذا كان تعــيين رئيس الجمهوريــة من قبــل األمــة مباشــرة،ــوة ــة، لم تتمكن القـ ــوزراء من قبـــل رئيس الجمهوريـ ــرئيس الـ فـ التشريعية )مجلس األمة( في صــورة ائتالف الدولــة من إســقاطها، ألن القــوة التشــريعية في أغلب األحيــان ال تتمكن من تعبئــة الــرأي

.العام إلسقاط منتخبهم للقوة التنفيذية: )رئيس الجمهورية( م( حينمــا اختــير ديغــول1958كما كان الحال في فرنسا عام )

وفائــدة هــذا النحــو: )الحكم في،رئيسا للجمهورية في المرة الثانية فرنســا( أنــه يمنــع من إســقاط الدولــة كلمــا لم تــرغب فيهــا القــوة المقننة، ومن الواضح أن ســقوط الدولــة يــوجب الضــعف وفوضــى

البرامج المقررة لإلصالح والتقدم. ثم ال يخفى أن االنتخابات قد تكون ذات درجة، وقــد تكــون ذات

فاألولى عبـارة عن فـوز من لـه أكثريـة األصـوات بالنسـبة،درجتينــلوا على لكرسي مجلس األمة، فإذا كان هناك عشر مرشحين، حص

( كان الفائز من16ـ، 14ـ، 13ـ، 12ـ، 10ـ، 9ـ، 8ـ، 7ـ، 6ـ، 5األصوات ) ألنه أكثر المرشحين أصواتا بالنسبة.،(16حصل على )

( صــوتا، ال16 فمن حصــل على )،أمــا االنتخابــات ذات درجــتينــة المطلقــة، ــه لم يحصــل على األكثري يفــوز بكرســي المجلس، ألن

( من مجمــوع األصــوات الــذي هــو مائــة51واألكثرية المطلقة هي ) صوت، وإذا كانت االنتخابــات ذات درجــتين تتحــد األحــزاب الصــغار، ويتنازل المنتخبون بعضهم لبعض، ويبقى في الميدان فــائزان فقــط يجربان حظهما في االنتخابــات الثانيــة، فمن فــاز بأكثريــة األصــوات

لكن،( في المثـــال، حصـــل على كرســـي المجلس51المطلقـــة ) األحــزاب الــتي انــدمجت في االنتخابــات وتنــازلت بعضــها لبعض، ال

تفعل ذلك

210

اعتباطا، بل في مقابل ضمانات وغنــائم يوفرهــا الحــزب الفــائزبمنتخبه للحزب الذي لم يفز.

طريق معرفة أحجام األحزابثم إن معرفة أحجام األحزاب إنما تكون:

،: في األحزاب السرية بقدرتها على نشر اإلشاعة ضــد الحكم1ــة خلــق الفوضى كــانت وإال،فيمــا إذا لم يصــل الحــزب إلى إمكاني

على حجم الحزب.مظاهر الفوضى دليالــاهرات ــ ــى بالمظ ــ ــاد الفوض ــ ــزب من إيج ــ ــو تمكن الح ــ مثال ل

كــان،واإلضرابات وإحراق المباني الحكومية وما أشبه في بلد واحد على أن له قوة خمس الحزب الذي يتمكن من فعــل ذلــك فيدليال

خمسة بالد.ــذا بالنســبة إلى نشــر اإلشــاعات، مثال الحــزب الشــيوعيوهك

،السري في بلد كذا، ضد إدخال مادة الدين والفضيلة في المدارســة على بناء على قول ماركس: ال دين، ال أخالق، فإذا صــممت الدولــل خالف ذلك أخذ الحزب الشيوعي السري في إشاعة أن هذا العم

ــوراء ــوع إلى ال ــة، ورج ــزب،التقدمي ــوة الح ــة ق ــد معرف ــإذا أري ف القوة الكيفية، وإن لم يظهر بذاك القوة الكمية في عدد،الشيوعي

أفراده، علم ذلك من إمكانية إشاعتهم في البلدان، فإن تمكنــوا من على قـوتهم بهـذااإلشاعة ضد المشروع في عشـر البلـد كـان دليال

القدر، وهكذا. : أما معرفة أحجام األحزاب العلنية، فقد ذكــروا لهــا مقــاييس2ثالثة: ( معرفــة كميــة المنتســبين وكيفيتهم، هــل لهــذا الحــزب ألــف1

منتسب أو عشرة

211

ــال ــين ورجـ ــاء والمعلمين والمهندسـ ــه من األطبـ آالف، وكم لـالدين، إلى غير ذلك.

( معرفة كمية الناخبين وكيفيتهم، والكيفية وإن لم تكن تعطي2 الصوت الزائد، فإن لكل ناخب صـوتا واحـدا، إال أنهـا تعطي الـوزن،

.حيث إن الناس تبع للمثقفين مثال ( معرفة عدد المقاعــد البرلمانيــة، وكيفيــة أفــراد الحــزب في3

ألن الكيفية لها وزن في التأثير على ســائر األعضــاء وفي،البرلمان الرأي العام الضاغط على أعضاء البرلمــان، ومن الواضــح أنــه يقــل

ألن وزنه في المقررات يخف،احترام الحزب عند ما يقل عدد نوابه ويتضائل إمكــان حصــوله على مقاعــد أو مكاســب أو معلومــات منالناخبين، وتبعا لقلة احترامه وقلة مكاسبه يقل نموه في المجتمع.

وال يخفى أن البحث في األحــزاب طويــل يصــل إلى مجلــد أو ، لكنا ذكرنــا بعضأكثر، ولذا ألف فيه )موريس( وغيره كتابا مستقال

تلك المباحث هنا إلماعا إلى الخطوط العامة لهذا الشأن السياســي الــذي لــه وزنــه في عــالم اليــوم، ومن شــاء التفصــيل فلــيرجع إلى

والله الموفق المستعان.،المفصالت

212

الحرية أصالة األصل في اإلنسان )الحرية( في قبال اإلنسان(ـ: 44)مسألة

ــان، بجميع أقسام الحرية(1)اآلخر إذ ال وجه لتسلط إنسان على إنسآخر وهو مثله.

كما أن األصل في اإلنسان العبودية لله سبحانه، فإنه هــو الــذي حيث،خلقه ورزقه وكل أموره بيده، ال تصرفا فقــط بــل بقــاء أيضــا

إن اإلنسان باق بــإرادة اللــه تعــالى، فــإن أقــل لحظــة یصــرف اللـه لطفه عن اإلنسان يلحقه بالعدم، وقد مثل الحكماء لذلك ـ واألمثال تقرب من جهة وتبعد من جهة ـ بالصور الذهنية، فإنهــا موجــودة في الذهن ما دام الالحظ يعيرها االنتباه، فإذا صرف ذهنــه عنهــا لم تكن

شيئا. فيما حاصله،ولعل اإلمام الصادق )عليه السالم( أشار إلى ذلك

أن إنسانا سأله )عليه السالم( عن شأن اللــه في الكــون بعــد كونــه سبحانه ال يحتاج إلى أكثر من لحظــة في خلــق الكــون وإبقائــه إلى األبد، كما لإلنسان الذي يصنع ماكنة ثم يشغلها ويــدعها وشــأنها، فالــالم(: إن شأن له سبحانه بعد ذلك، وحاصل جواب اإلمام )عليه الس

االستمرارية مستندة إليه سبحانه في كل لحظة. وعليه فال يطابق المثل مع شأن الله في الخلــق، كمــا أن قولــه

كل ﴿سبحانه:

( فال عبودية لشخص على شخص. ?)1213

لعله إشارة إلى ذلك.(1)﴾يوم هو في شأن وكيف كان، فيــدل على أصــالة حريــة اإلنســان قــول علي أمــير

المؤمنين )عليه السالم(: .(2)ال تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراوقد ذكر هذه األصالة الفقهاء في مسألة الرق، فراجع كالمهم.

وقد خرج عن هذا األصل استعباد أسراء الحرب، إذا رأى اإلمــام ذلك صالحا، فإنه مخير بين أمور: )القتــل، والســجن،يه السالم( )عل

واالسـترقاق(، ومن يـزعم أنـه إهانـة،والفك ببـدل، والفـك بال بـدل لكرامة اإلنســان نســأله هــل هــو أكــثر إهانــة أم ســجنه، ال شــك أن السجن أكثر إهانة، ألنه تقييد لحريات كثيرة، بينما االســترقاق تقييــد

لحريات قليلة، فإذا جاز السجن جاز االسترقاق بطريق أولى. كما أن من يزعم أن القصــاص في العضــو قســوة، نســأله هــل القتل أكثر قسوة أو القصاص، فإذا كان القتــل جــائزا كــان قصــاص بعض األعضاء جــائزا بطريــق أولى، وحيث ذكرنــا في كتــاب )الفقــه االقتصــاد( و)القصــاص( تفصــيل الكالم حــول ذين األمــرين، لم يكن

داع إلى اإلعادة.

أقسام الحريات والمقصود في المقام اإللماع إلى بعض الحريات وخصوصــياتها،

فنقول: قد تبين مما سبق أن الحريــة ليســت من الحقــوق الموضــوعة ،

حتى يعطيها إنسان إلنسان آخر، أو يسلبها إنسان عن إنسان آخر.

.30( سورة الرحمن: ?)1.31( نهج البالغة: الكتاب ?)2

214

نعم، لمــولى العبــد ـــ العبــد المتقــدم ـــ أن يحــرره، كمــا ذكــره وفي ما عدا ذلك فاإلنسان حر، ســواء أقــر،الفقهاء في كتاب الرق

.به فرد أو جماعة أو دولة، أو ال يجــاد الــتزلزل فيإن كــانت حــق اإلنســان وال يمكن إوالحرية و

طر المعقولــة، ونــذكر ذلــك ضــمنأسسها، لكنه قابلــة التــأطير بــالأمور:أ

الحرية الجسديةاألول: في الحرية الجسدية والعملية:

في غير المورد المسـتثنى،ملك( فكل إنسان حر في بدنه ال ي1 سابقا، وما كان يفعله الغرب من سرقة اإلنســان وبيعــه واالســتيالء

في نظر العقل واإلسالم، إلى أن ألغاه باطالعليه بالقوة، كان عمال نهم في فــترة خاصــة اســتعبدواأ وقد أحصى التــاريخ ،بعض عقالئهم

مليون إنسان كما في كتاب )تشــريح جثــةيتئبمثل ذلك الطريق ماــا ــتي تبعته ــة االســتعمارية وال ــة الغربي ــيره، والعقلي االســتعمار( وغ الشــرقية الشــيوعية في االســتعمار وهضــم حقــوق الشــعوب، هيــر، ــوب العص ــت ث ــة، لبس ــتعبادية القديم ــة االس ــك العقلي نفس تل

بشع.أن ظهرت في صورة آن كانت الإوالحقيقة هي الحقيقة، و

حرية العملأحد أن يجبر أ( كما أن كل إنسان حر في عمله، فال يحق ل2 حدا

ــك، وهي مــا إذا كــان،على عمل نعم يمكن اســتثناء صــورة عن ذلإنسان قادرا على عمل يتناسب

215

نهإ على الناس، فالوشأنه، لكنه ال يعمل ويجعل نفسه وعائلته ك فسـاد لـه،إجبـار، ألن تركـه يتسـول إال يبعد أن يكون للدولة حــق ال

ــذا منها ضــافة إلىإ بال،والدولة اإلسالمية مكلفة برعاية المصالح وهأنه تضييع لعائلته.

فيمــا إذا كــانت لـه،(1)لعن اللـه من ضـيع من يعـولوقد ورد: .عائلة

،جبــار على العمــل ألجــل رزق نفســه ورزق عائلتهإومن بــاب ال ينه، فيما إذا كــان قــادرا على العمــلجبار على العمل ألجل أداء دإال

ذا لم يقــدرإفــتى بعض الفقهــاء بــذلك، وأالذي يتناسب وشأنه، كما الشخص على العمل وعلى أداء دينه بالعمل، كــان على بيت المــال

حــاديث، وفصــلنا الكالم حــول ذلــكأ كما ورد في ال،رزقه وأداء دينه.في )كتاب الزكاة( من )الفقه(

حرية خصوصيات العمل ( وكذلك كل إنسان حــر في خصوصــيات العمــل، من ســاعاته3

النــاس مســلطونن أوكميته وكيفيته وزمانه ومكانــه وغــير ذلــك، ل.(2)على أموالهم وأنفسهم

ــدة ــه بالمعاه ــة عن نفس ــذه الحري ــلب ه ــان أن يس نعم لإلنس ن كون حق السلب له نــوع من الحريــة، كمــا إذا آجــرإوالمعاملة، ف

،نفسـه عشـرة أيـام ليعمـل لزيـد عمـل كـذا بشـرط كونــه مــؤطراباإلطار اإلسالمي ن الشروط والخصوصيات، إذ ال يحق

.6مات النكاح حد من مق88 الباب 122 ص14( الوسائل: ج?)1.11 ح272 ص2نوار: جأبحار ال ظر( ان?)2

216

لإلنسان المعاملة خارج هذا اإلطار، ولذا قال الفقهــاء: النــاس نفسهم وأموالهم، ال على أحكامهم.أمسلطون على

بين األفراديالتساو يسود، والعــربأبيض والأ ال،( وهل التساوي بين أفراد اإلنسان4

ومــا أشــبه ذلــك، نــوع من الحريــة، كمــا قــال بــذلك بعضيوالعجمــةإ احتماالن، و،السياسيين، أو أنه داخل في باب آخر ن كانت النتيج

أنه ال حق في منطق اإلسالم في أي نوع من التمييز الــذي ال يرجــع،إلى الكفاءات . والدين من الكفاءات كما ذكرناه سابقا

فال حق للدولة أن تجعل بعض مؤسساتها أو ما أشبه ذلك خاصا كمــا كــان، أو لغــة كــذا دون لغــة كــذا، وهكــذا،سودأبيض دون الأبال

خــر يــوجب التميــيزأالقــانون األمــريكي وبعض البالد االســتعمارية ال ن التمــايز فيإن ذلك خالف موازين العقل والشرع، فــإ، فيالعنصر

منطق الشرع للتعارف ال للتناكر. أكرمكم عندنإوجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ﴿قال سبحانه:

ه أتقاكم .(1)﴾اللــه(: ــه وآل ــه علي ــلى الل ــال )ص ــية كوق ــاس سواس ــنانأالن س

إلى غير ذلك.،(2)المشط فهل يحق،ما المؤسسات الخاصة كفندق لزيد، ومطعم لعمروأ

، الظاهر أن له ذلك بمقتضى تسلط الناس على أموالهم،له التمييزلكن بشرط أن ال يكون

.13( سورة الحجرات: ?)1.341( االختصاص: ص?)2

217

يحــق لــه أن يجعــل مطعمــههانة لكرامة اإلنســان، مثالإتمييزه ــة كمــاإما إذا كان أخاصا بالرجال، أو فندقه خاصا بأهل بلد كذا، هان

صحاب الفنــادق على عــدم الســماح للســود بــدخولها، لمأ ىإذا تبان يكن لهم حق في ذلك، والالزم على الدولة كسر هــذا التبــاني، ألنــه

هانة غيره.إهانة وال حق لإلنسان في إ

حرية الدينــراه في الــدين﴿الثاني: حرية الدين، كما قال ســبحانه: ،(1)﴾ال إك

وفي هذا األمر صور وفروع: أ( ال يجبر إنسان أن يبــدل دينــه إلى اإلســالم، ســواء كــان أهــل

يـةآظهــر، بــدليل إطالق الأهـل كتــاب على الأ أو غــير ،كتاب إجماعا حــدا منأالمتقدمــة، والرســول )صــلى اللــه عليــه وآلــه( لم يجــبر

هــلأســارى بــدر وأهــل مكــة وأالمشــركين على اإلســالم، كمــا في إال إذا ثبت أنه، الطائف وغيرهم، وعمله )صلى الله عليه وآله( حجة

ــك فيأ، كقاعدة اليمر ثانوأل هم والمهم ونحوها، وحيث لم يثبت ذلــام فمقتضــى القاعــدة المســتفادة من ) أســوة(ال ليطــاع( و)إالمق

. يلزم اتباعه )صلى الله عليه وآله( فيهيوغيرهما أن الحكم أول يجبر كــافرا غــير كتــابأكما لم يؤثر عن علي )عليه السالم( أنه

على اإلسالم، مع وضــوح كــثرة الوثنــيين في زمانــه )عليــه الســالم(تحت حكمه.

راد أن يبدل دينهأب( كما ال يجبر إنسان أن يبقى على دينه، إذا إلى دين

.256( سورة البقرة: ?)1218

أن يتنصــر، أو المجوســي أنيراد الوثنأ آخر غير اإلســالم، مثال صل عدمه، و)منأذ ال دليل على الجبر، فالإشبه ذلك، أ أو ما ،يتهود

.بدل دينه فاقتلوه( منصرف إلى المسلم يريد تبديل دينه جبــار فال فــرق بين تبــديل الــدين إلىإصــل عــدم الأذ كــان الإو

والثــانيي،و المســاوئ، فــاألول كتهــود النصــرانأحسن أو الأ أسوأال والثالث كانتقال عباد الشمس إلى عباد القمر.،عكسه

ــه إذا غــير ــانأنعم مقتضــى القاعــدة أن حــدهم دينــه إلى دين ث ،لزموهم بما التزموا بهأجريت عليه أحكام الدين الجديد، لقاعدة أ

ألنــه كلمــا،وغيره ممــا ذكرنــاه في )الفقــه: كتــاب القضــاء( وغــيرهتحقق الموضوع تبعه الحكم.

ــا حكم،ج( ال يحق لمسلم أن يبدل دينه، نصا وإجماعا وقد ذكرن نه لماذا ال يســمح اإلســالمأالمرتد في )كتاب الحدود والتعزيرات( و

ن ما قرره مما يؤيده العقل أيضا، كما أن لــه شــبيها فيأ و،لالرتدادسائر بالد العالم سواء الديمقراطية منها أو غيرها.

وقد ذكرنا هناك الفرق بين الرجل والمرأة في العقــاب إذا بــدال دينهما، والفرق بين المعاند والشاك المشتبه حقيقة، كما أنــه ذكرنــا

ن كــان االرتــداد عن فطــرة،إهناك أنه إذا تاب المرتد قبلت توبتــه و ،كما أن أحكام االرتداد ال تترتب على ما إذا كــان االرتــداد جماهيريــا

نما األحكام تــترتب علىإ و،بأن حدثت فتنة ارتد فیها جماعات كبيرةاالرتدادات الفردية.

بــرازإد( الكفار الذين يعيشون في بالد اإلسالم، لهم الحرية في ليهــا، كمــا أن لهم الحريــة فيإعقيدتهم بدون أن يدعوا المســلمين

وال يتعــرض مسـلم لهم بسـوء، ولهم أن،جــراء مراسـيم عبــاداتهمإ رثهم وعبــاداتهم،إيعملوا حســب شــريعتهم في عقــدهم ونكــاحهم و

، ولهم الحرية في (1)بشرط أن ال يظهروا بالمناكير اإلسالمية

( أي ما يراه اإلسالم منكرا.?)1219

لى قاضيهم،إموارد نزاعاتهم أن يرجعوا إلى قاضي المسلمين و بحكميذا رجعــوا إلى قاضــي المســلمين حــق للقاضــي أن يقضــإو

ــ ــلمين أو ال يقض ــار أو بحكم المس ــردهم إلىإ بينهم ويالكف ــا ي نم ونهم الــتي ال تضــرؤقضــاتهم، وال يحــق للدولــة التــدخل في شــ

مصلحة البالد.يالمسلمين، وال تناف ويأخذ المسلمون منهم المال المســمى بالجزيــة، كمــا يأخــذون من ســائر المســلمين المــال المســمى بــالخمس والزكــاة، أمــا هم

والجزية يجب أن تكــون غــير مجحفــة،فليس عليهم خمس وال زكاة وفي،خذ المال منهم إنمــا هــو في قبــال حمايــة الدولــة لهمأبهم، و

عطاء فقيرهم.إقبال القيام بمصالحهم، و فليس،ذا فعل الكفـار المنكــرات في دينهم لم تمنعهم الدولةإو

عن المنكــــر إال بالنســــبة إلىيواجب األمــــر بــــالمعروف والنهالمسلمين.

ــد ــرام عنـ ــا ليس بحـ ــاعدهم فيمـ ــالمية أن تسـ ــة اإلسـ وللدولـ وللدولــة الحــق، كما أن الدولة تساعد المسلمين كــذلك،المسلمين

ال ينهــا كمحســان اليهم، على مــا قــال ســبحانه: إفي بر الكفار وال الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديــاركم أن

.(1)ليهمإتبروهم وتقسطوا وقد ذكرنا مدارك هذه األحكــام في كتــاب )القضــاء( و)الجهــاد(

بعضيو)الزكــاة( و)االقتصــاد( وغيرهــا من الكتب الفقهيــة، وســيأتن شاء الله تعالى.إالكالم في األقليات أيضا في مسألة آتية

حرية البيان والقلممور:أالثالث: حرية البيان والطبع، وفي هذه المسألة

.8( سورة الممتحنة: ?)1220

وشرعا.قيمت على لزوم هذه الحرية عقالأأ( في األدلة التي ــة، و ــذه الحري ــدأب( في حــدود ه ــرويج العقائ ــل يجــوز ت ــه ه ن

السياســية ونحوهــا الضــارة، وفي مطــاردة الدولــة للبيــان والطبــع فنقول:،وحدودها

األدلــةيقيمت على لــزوم هــذه الحريــة فهأ( أما األدلة الــتي 1ــال ســبحانه: ــز، حيث ق ــاب العزي ــل الكت ــة، مث ع عنهم﴿األربع ــ ويض

تي كانت عليهم ، وإجمــاع علمــاء المســلمين،(1)﴾إصرهم و األغالل ال وقــد جعلــك اللــهوإطالق السنة في الحرية، كقوله )عليه السالم(:

.(2)حراأما العقل فقد استدل به لها بوجوه:

: لو لم يكن البيان والطبع حرا لم تطلع الحكومة على مواضع1 النقص فيها، كما لم تطلع على احتياجات المجتمــع، مــع لــزوم رفــع

عطائها االحتياجات، فالالزم على األفرادإالحكومة لمواضع النقص وــون، بحيث الأأن يكونوا ــا يكتب حرارا في كل ما يقولون، وفي كل م

يخافون من مطاردة السلطة لهم، وحينذاك يقولون ويكتبون فتطلع خــوان منإخير الالحكومة على الحاجات والنقائص، وفي الحديث:

. عيوبيليإهدى أــ 2 ــتربإ: ــرا لم ي ــع ح ــان والطب ــةذا لم يكن البي ــاس تربي الن

ــان ــد من المناقشــة وبي ــة السياســية إنمــا تتول سياســية، ألن التربي قــوالأ فينظــر النــاس إلى ال،الفضــائل والرذائــل والحســن والقــبيح

.المتضاربة واآلراء المختلفة ويختاروا الحسن ويتركوا القبيح ضافة إلى أن حرية البيان والطبع توجب كون الناس فيإهذا بال

نه كما يقــال: )الحــرب دوالبإ، فيمتن السياسة ال االنزواء السياس يــؤول األمــرالإالتقدم( كذلك المنازعات السياسية دوالب التقدم، و

مور أطاعة الناس للإإلى

.157( سورة األعراف: ?)1.31( نهج البالغة: الحكمة ?)2

221

بداء الرأي ورفض السيء وقبول الحسن.إالسياسية بدون رهــابإن صــار الكبت والأذا لم يكن البيان والطبــع حــرا، بــإ:ـ 3

حول ذلك، أوجب االنفجار، إذ الناس جبلوا على مقاومة الكبت، كما جبلــوا على التحقيــق والتعمــق في األمــور الممنوعــة، وفي المثــل:

.)الضغط يوجب االنفجار( كمــا أن الكفــاءات تظهــر في جــو االحتكــاك، ألن الغــالب كــون

من أصــلح فاســدهاإلنسان يسمو بنفسه عن النقد، وفي الحــديث: .أرغم حاسده

إذ،: عدم حرية البيــان والطبــع يــؤدي إلى ديكتاتوريــة الحكــام4ــف دون المعارضة واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي التي تق

ه وشهواته، وحتى إذاؤسير الحاكم في طريقه الذي تميله عليه أهوا ، وفي(1)كــل حــزب بمــا لــديهم فرحــون في نفســه، إذ كان عــادالــيرألن تقــدس الحــديث: ــا حــق ضــعيفها غ مــة ال يؤخــذ من قويه

.(2)متمتع

حدود حرية البيان القلم،ت( أما حدود هذه الحرية فالالزم أن تحد بمــا ال يــوجب ضــررا

ألنهــا حينئــذ،على الغير، وال كذبا، سواء كان الغير فــردا أو مجتمعــا تعد تجاوزا وليست حرية، ويكون حالها حال حريــة القتــل والســرقة

عراض.أوانتهاك ال ولو اختلف المبين والطابع مع الدولة في أن ما أبداه في حــدود

،المستثنى منه أو المستثنى ــة، كما قد يتفق كثيرا كان المرجع الهيئالمنصفة القضائية التي تقضي هل أن ما قاله

.32، سورة الروم: 53( سورة المؤمنون: ?)1.31( نهج البالغة: الكتاب ?)2

222

خالق والدين نقــدا خارجــا عن أســاليبأأو كتبه داخل في نقد الــابهم البحث والتحقيق، ونشرا للصور القبيحة، وتحريكا لألفراد بارتك

ــة ألعــداء ــة واألعمــال الالإنســانية أو ال، وفي المثــل: )ال حري الجنايالحرية(.

ومما ذكرناه تبين الجواب عن إشكاالت القــائلين بلــزوم إعطــاءالبيان والطبع كل حرية، بدون أي قيد أو شرط، مستدلين بأمور:

أوال: ألنه إذا قيدت الحرية لم يطلع المجتمــع عن حقــائق نافعــة فإلن عــدم اطالعهم مــوجب لحرمــانهم عن كثــير من النضـج،تنفعه

والتقدم ورفع النقائص. وثانيا: إذا قيدت الحرية بقيد ما، لــزم فســح المجــال أمــام قــوة الشرطة للمنع عن األشــياء النافعــة أيضــا، ألن الشــرطة ال يمــيزون بين المستثنى والمستثنى منه في كثير من األحيان، فيمنعون النافع

بزعم أنه ضار.ــدد ــدة تح ــار، وال قاع ــافع والض ــل بين الن ــط فاص ــا: ال خ وثالث

فتقييـد،األمرين، فإن النافع عند إنسـان ضـار عنـد آخـر، وبـالعكسالحرية يوجب كبت الحرية.

وجــه الجــواب: إن النــافع والضــار أمــران عرفيــان، كســائر ولو وقــع لبس في مصــداق كــان المرجــع الهيئــة،المواضيع العرفية

القضائية المنصفة، وعليه فال يــوجب االســتثناء فســح المجــال أمــامقوة الشرطه للكبت، كما ال يوجب حرمان الناس من الحقائق.

واالستدالالت المذكورة مثل أن يقال: يجب ترك الناس وشأنهم في أن يفعلوا ما يشاؤون من غير تحديد بعدم العمل الضار، استنادا إلى اإلشكاالت الثالثة على التحديد، فإذا لم يسلم المستشكل حرية العمل المطلق من غير نظر إلى المصلحة والمضرة، يقال له: كيف لم تقبل الحرية المطلقــة في العمــل، وقبلت الحريــة المطلقــة في

مع أن اإلشكاالت الثالثــة مشـتركة الـورد في العمــل،البيان والطبعوالقول والطبع.

وحاصل جوابنا عن اإلشكاالت

223

بالحل أوال .، وبالنقض ثانيا ومما تقدم ظهر أنه ال حــق شــرعا وال عرفــا في إطالق حريــات

وال الــذين يهــدفون إلى،الذين يهدفون إلى تقويض النظام الصــحيح تقويض النظام أي نظام كان بدون أن يكــون هنــاك احتمــال عقالئي

فإنه من رفع الفاســد،ألن يخلف نظام أحسن مكان النظام السابق باألفسد، ولذا فالالزم عدم السماح للشيوعيين بإبداء آرائهم بيانــا أو طباعة، ونحن نسأل أمثال هؤالء هــل الحريــة حــق أو ليســت بحــق، فــإن قــالوا: إنهــا حــق، قلنــا: فلمــاذا تــدعون إلى الديكتاتوريــة

وإن قالوا: إنها ليســت بحــق، قلنــا: فلمــاذا،)ديكتاتورية البروليتاريا(تطالبوننا بإعطائكم الحرية.

كتب الضالل وقد ظهر بما تقدم أنه ال حق للدولة في مطــاردة كتب مختلــف العقائــد والمبــادئ إذا لم تكن تلــك الكتب ضــارة، بــأن كــانت محــل متناول العلماء الذين ال يخشى خــداعهم، فــإن الكتــاب الضــار مثلــه مثل الدواء الضار، فكما أنه ال يجوز للدولة الســماح بتنــاول الطفــل له ألنه محل خطر استعماله والتضرر به، بينما يجوز للدولة السماح بتناول الدكاترة الناضجين له ألنه يؤمن عاقبتــه، كــذلك بالنســبة إلى الكتب الضالة المنحرفة، كمــا ذكــر ذلــك الفقهــاء في مســألة )كتب

الضالل(. بعــدوليس معنى ما ذكرناه أن الدولة تمنــع عن طبــع الكتب إال

الرقابة، فإنه تحديد للحرية بال مبرر، مثله مثــل دولــة تمنــع التجــول وذلــك ألن، بحجــة المنــع عن الســرقةفي الشــوارع واألســواق ليال

األصل الحرية إال ما خرج بالدليل. بــل معنــاه أن الدولــة لهــا حــق المصــادرة إذا طبــع شــيء ضــار

بالعامة، مما يعد

224

كمــا أن للدولــة معاقبــة الســارق إذا ظهــرت،كتــاب الضــالل سرقته.

بقي شيء، وهو أن للدولــة حــق منــع المطبوعــات الضــارة في حالة الحرب، مما يوجب تضعيف الجيش أو كشف أسراره للعدو أو

.ما أشبه ذلك، ألنه داخل في المستثنى على ما تقدم نعم البــد وأن تثبت الدولــة لــدى الهيئــة المنصــفة القضــائية أن

ففي بعض األحيــان وإال،المطبوعات المــذكورة داخلــة في الضــارة تكون المطبوعات الناقــدة للدولـة في حــال الحــرب ألجــل التبصــير

إذ الديكتاتوريــة في حــال الحــرب نفس،بمواقــع الخطــأ والصــواب فكما أن الديكتاتور في حال السلم إذا،الديكتاتورية في حال السلم

فــالالزم، كذلك الديكتاتور في حال الحرب،سكت عنه تصرف سيئا مالحظة الهيئة المنصــفة القضــائية أن المطبوعــات الــتي هي مــورد التنازع بين الدولة وبين أصحاب تلــك المطبوعــات، هــل إنهــا ضــارة

بالقضية أو إنها صد أمام الديكتاتورية. فإن من المعلوم أن الديكتاتورية في حال الحرب قد تضر األمة

ــة في حــال الســلم ــر،أضــعاف الديكتاتوري ــة هتل كمــا أن ديكتاتوري وديكتاتورية ناصر قســمت اليمن وألقت،أسقطت ألمانيا إلى الحال وديكتاتورية قاسم شطرت العراق إلى،بمصر في أحضان إسرائيل

ــه ــيز بواســطة عمالئ ــه في أحضــان اإلنكل الشــمال والجنــوب وألقتالبعث.

حرية التجمعات الرابع: حرية التجمعــات واالجتماعــات، ويــدخل في هــذا األصــل

سواء كــان وقتيــا بعقــد مجلس وتــداول رأي، أو،كل اجتماع وتجمعغير وقتي كالشركات،

225

والنقابات والجمعيات، والهيئات وما أشبه ذلك، حيث إن العصــرالحاضر عصر أمثال هذه االجتماعات.

وهــذه،: فإن الصناعة وضعت في يد اإلنسان امتدادات كبيرة1 االمتدادات حيث ال يتمكن الفرد من االستفادة منهــا في حــال كونــه

اضــطر األفــراد إلى التجمــع لالســتفادة من هــذه االمتــدادات،،فردا سواء في المواصــالت أو المعامــل أو األســلحة أو أجهــزة اإلعالم أو

غير ذلك.ــدرة2 ــ ــال الق ــ ــيرة، أمث ــ ــدرات كب ــ ــذلك حيث تجمعت ق ــ : وك

وهــذه القــدرات الكبــيرة تضــطهد،الرأسمالية، والقــدرة الشــيوعية ،دون بالفتح إلى انضــمام بعضــهم إلى بعض اضطر المضطه،األفراد

ليكونوا قدرة في قبال تلك القدرات حتى يحدوا من نشــاط القــدرة )فإن القدرة ال تروضها إال القدرة(.،المناوئة

أو لــدفع الضــرر، وفي،والحاصــل: إن التجمــع إمــا لجلب النفع الديكتاتوريين )قــو نفســك، وشعار(1)يد الله مع الجماعةالحديث:

ــول،حتى احترمك( وقد تقدم في بعض المسائل السابقة مباحث ح كـــانت كـــالنيران وإال،القـــدرة وأن القـــدرة تحتـــاج إلى الـــترويض

المحرقة والمياه المغرقة.

وهنا بحوث: أ( ال حق للدولة في منع التجمع، ســواء كــان تجمعــا وقتيــا مثــل مجلس احتفال أو عزاء أو تبادل رأي، أو تجمعا استمراريا مثل عقد الجمعيات والنقابات والهيئات وما أشبه ذلــك، وذلــك لمــا تقــدم من

أصالة حرية اإلنسان.

.127( نهج البالغة: الخطبة ?)1226

نعم، إذا أثبتت الدولة لدي القضاء أو الهيئة المنصفة أنها ضارة، كما يحق لها المنع عن كل عمل ضار ولو كان القــائم،حق لها المنع

به فردا. ومنه ظهر أنه ال حق للدولة في حل الجمعيات، ألنه تصرف في

وكذلك في المنع عن المدارس وسائر المؤسسات،حريات أفرادهااألهلية، ألنه تصرف في شؤون األفراد وحرياتهم.

ومنه يظهر وجه بطالن تأميم المــدارس والمصــارف والمعامــلــه: ــك في )الفق ــا بعض الكالم في ذل ــد ذكرن ــك، وق ــبه ذل ــا أش وم

االقتصاد(.

كسر اإلضرابات إال إذا كــان،ب( ال حــق للدولــة في كســر اإلضــراب عن العمل

خالف الوفاء بالعقد. ،أمــا المســتثنى منــه فألن لإلنســان حريــة أن يعمــل أو ال يعمل

وقــد،(1)الناس مســلطون على أمــوالهم وأنفســهمحسب قاعدة: تقدم في بعض المسائل السابقة حكم ترك العمل وأنه جائز إال في

.صور خاصة ألمحنا إليها هناك فإذا استأجرت الدولة الشرعية أو رئيس العمل،وأما المستثنى

أجراء، بدون إكراه وال إجحاف، لم يحق لهم اإلضراب عن العمل. واإلضــرابات الــتي تتفــق في الحــال الحاضــر ال تخــرج عن أحــد

عاملين: ( عامل ظلم رئيس األعمال للعمــال، فيضــرب العمــال ألجــل1

تقاضي حقوقهم المشروعة، فإن كل مؤسسة صناعية أو زراعية أودولية لها طرفان

.272 ص2( راجع بحار األنوار: ج?)1227

فإذا لم توزع الثمار بين الكل بالعدل كان للمهضــوم،أو أطرافحق اإلضراب للوصول إلى حقه.

مثال في المعامل يجب أن يقسم الربح بين )المعمل( ألنه عمــل متراكم له بقدر استهالكه وبقدر ربحــه، وبين )صــاحب رأس المــال(

كل بقدر جهده الفكري والجسدي.،وبين )المدير( وبين )العمال( وحيث إن الغــالب في الحكومــات الرأســمالية ظلم الرأســمالي للعمال، كان لهم حق اإلضراب حــتى يصــلوا إلى حقهم، ومقصــودنا بالحكومات الرأسمالية ما كان رأس المال آخذا بالزمام، سواء كان الرأسمالي التجار كما في إمريكا، أو كان الرأسمالي الحكومة كمــا

في روسيا الشيوعية. وكذلك الحكم بالنسبة إلى الدولة والموظفين، حيث يجب عليهاــذا بالنســبة إلى ــري، وهك ــدر حقهم الجســدي والفك أن تعطيهم بق

وقد ذكرنــا في كتــاب )الفقــه: االقتصــاد(،صاحب األرض والفالحين وشرعا.صحة ملك األرض واستيجار الفالحين للزرع فيها عقال

( عامــل إرادة الشــيوعيين ونحــوهم فوضــى العمــال حــتى2 فإن من أساليب وصول روســيا الشــيوعية وســائر،يفرضوا إرادتهم

ــات ــا على الحكوم ــرض إرادته ــتعمارية إلى ف ــرقية االس البالد الش الضعيفة أنها تكون نواة الشيوعية في المعامل واألراضــي والــدوائر وما أشبه، ثم لما تريـد تلـك الحكومـة االسـتعمارية مغـانم من تلـك

ــعيفة ــة الض ــالح،الحكوم ــرب مص ــة لض ــيوعية المحلي ــرك الش تحــة ــروط الحكوم ــول ش ــطر إلى قب ــتى تض ــعيفة، ح ــة الض الحكوم المستعمرة، وأحيانا تكون الشيوعية المحلية وليدة بريطانيا وإمريكا

وما أشبه، فتشرب هذه الحكومات الغربية حسوا في ارتغاء.

228

ــا في ــا، ظلم ــا بحت ــذا اإلضــراب ظلم ــون ه ــال، يك وعلى أي ح وهو شــروط االســتعمار،اإلضراب، وظلما في الهدف من اإلضراب

الواقف وراء اإلضراب، ومثــل هــذا اإلضــراب يكــون تخريبــا، ال حقــاللعمال والفالحين ومن إليهم، ولذا لم تكن من الحرية في شيء.

حرية المظاهرات ج( ال حـــق للدولـــة في منـــع المظـــاهرات وتوقيفهـــا، حيث إنــال ــق العم ــاج على بخس ح ــع لالحتج ــوع من التجم ــاهرات ن المظ والفالحين ومن إليهم، لكن يــأتي هنــا الكالم المتقــدم في اإلضــراب

ألن كال األمرين من باب واحد.،من حيث المستثنى منه والمستثنى وال يخفى أن المظاهرات واإلضــراب وإن أوجبت توقــف العمــل الموجب للخسـائر، إال أن توقــف العمــل لــو كــان حقــا كـان حقهمــا مقدما، ألنهما من مظاهر الحرية التي تقدم أنها من الحق الطــبيعي

لإلنسان. والدولــة لهــا الحــق في أن تتــدخل في عمــل العمــال، وربطــه

بالمعمل ورأس المال والمدير: : فتعين حق كل من األربعة، بحيث ال يكون إجحاف من جانب1

لجانب آخر، بأن يوزع الربح بينهم بالعدل.ــع االختالف بين2 ــوانين في اإلطــار اإلســالمي لرف ــرر الق : وتق

األطراف. : وتقرر العقوبات للمتخلف في إطــار الحــدود اإلســالمية، أمــا3

أن تكون للدولة فوق ذلــك فاألصــل العــدم، ألنــه منــاف للحريــة، أوخارج عن المقررات اإلسالمية.

229

حرية اإلضراب عن الطعامــإن د( ويمكن أن يلحق بهذا الباب، حق اإلضراب عن الطعام، فــة اإلســالمية، فيمــا إذا لم يكن ــك جــائز شــرعا، وتقتضــيه الحري ذل

اإلضراب موجبا للموت أو شل قوة أو عضو.أما المستثنى منه فلألصل.

وأمــا المســتثنى فلحرمــة إهالك اإلنســان نفســه، وضــرره علىنفسه ضررا بالغا..(1)﴾وال تقتلوا أنفسكم﴿قال سبحانه: هلكة﴿وقال تعالى: .(2)﴾وال تلقوا بأيديكم إلى الت

.(3)ال ضرر وال ضرار في اإلسالموقال )صلى الله عليه وآله(: إلى غيرها من اآليات والروايات المذكورة في محلها.

على ذلــك، بــأن كــان األمــر من بــاب األهمنعم إذا توقــف حق والمهم، وعلم الموضــوع قطعــا يمكن احتمــال جــوازه، كمــا يجــوز الذهاب إلى العدو مع أنه يعلم أنــه يقتلــه إذا توقــف نصــرة اإلســالم على ذلك، وكما يجوز قتل المسلم إذا تــترس بــه الكفــار، بــل ربمــاــع قيل إن إقدام األئمة )عليهم الصالة والسالم( على شرب السم م أنهم كانوا يعلمون أنه سم، كان من بــاب األهم والمهم، مثال اإلمــامــو لم يشــرب الســم قتلــه ــه ل ــه الســالم( كــان يعلم أن الرضــا )علي المأمون بالســيف، ومن المعلــوم أن المــوت بالســيف فضــيع جــدا، ودونه أن يموت )عليه السالم( بالسم، بــل ربمــا كــان اتهمــه بتهمــة أوجبت تحطيم شخصـــية اإلمـــام )عليـــه الســـالم(، وهـــل يســـتبعد

المؤامرة لتحطيم

.29( سورة النساء: ?)1.195( سورة البقرة: ?)2.8 ح292 ص5( الكافي: ج?)3

230

ــه الســالم( في الشخصية بمثل مؤامرة قارون ضد موسى )علي وللكالم موضع آخر.،قصة اتهامه

وكيف كان، فإذا كان لإلنســان حريــة اإلضــراب عن الطعــام فال سواء بواســطة إيجــاره المــاء،حق للسلطة في كسر إضرابه قسرا

والطعام، أو بواسطة ربطه باألبر المغذيــة أو غــير ذلــك، وإن حــدث خالف بينه وبين السلطة في أنه حــق أم ال، كــان مقتضــى القاعــدة الرجوع إلى الهيئة المنصفة القضــائية، فــإن حكمت للمضــرب تــرك

وشأنه، وإن حكمت للسلطة كان لها حق اإليجار ونحوه. وال بأس باإللماع إلى ما نقصده من )الهئية المنصفة القضائية(، وإن كـــان تفصـــيل الكالم حـــول ذلـــك خارجـــا عن بحثنـــا اآلن في

السياسة، فنقول: إن األمــور الـتي يقــع فيهــا الـنزاع بين السـلطة وبين األفــراد أو الجماعــات، قــد تتعلــق بالموضــوعات وقــد تتعلــق باألحكــام، ومن

ــرف ــأن الع ــها من ش ــوعات تشخيص ــح أن الموض ــا أن،الواض كمــل األحكام شأنها مرتبط بالفقهاء والقضاة، وحيث إن الغالب في مثــيح ــا إلى توض ــات، احتياجه ــراد أو الجماع ــلطة واألف ــات الس نزاع

،األمرين كان الالزم تشــكيل جماعــة من، أي الموضوع والحكم معاــول العرف الخبير والقاضي البصير ليدققوا في األمر، ويضــعوا الحل

الشرعية للنزاع.

في حرية أنواع االكتسابــان الكســب الخامس: حرية أنواع االكتساب والمعاملة، سواء ك

أو العمــل الفكــري كــاإلدارة، أو العمــل المهــني،بالعمــل الجســدي كالطبابة، أو كان الكسب بحيازة المباحات، من غير فــرق بين الــبيع

والشراء واإلجارة والمضاربة والمزارعة

231

والمساقاة وغير ذلــك، بشــرط أن ال يكــون إجحافــا، وأن يكــونــب حالال ــاب،المكس ــلناه في كت ــا فص ــررا على م ــون ض وأن ال يك

)الفقه: االقتصاد(.نعم، الالزم أمران:

: أن ال يكون التعامل خارجا عن الموازين اإلسالمية المذكورة1 وبمطالعة الفقه يظهر أن المســائل الفقهيــة كلهــا مبنيــة،في الفقه

باإلضافة إلى وجود األدلة الشرعية لها.،على األدلة العقلية : أن يعطي اإلنســـان الحـــق المقـــرر في الشـــريعة للدولـــة2

وإذا لم تكن دولــة إســالمية مشــروعة أعطي،اإلسالمية المشروعة الحق لنــواب اإلمــام )عليــه الســالم(، وذلــك ألن الدولــة إذا لم تكن مشــروعة فــالواجب تقويضــها ال مســاعدتها، وإذا كــانت مشــروعة فــالواجب إبقاؤهــا وتأييــدها، وليس المــال الــذي تأخــذه الدولــة

اتباعـــا لـــرأي األكثريـــة في األخـــذ، باإلضـــافة إلى المشـــروعة إال مشروعية األخذ بعنوان الخمس أو الزكاة أو ما أشــبه، من الحقــوق

المالية المذكورة في الشريعة. ولــذا ال يحــق للدولــة المنــع عن أي لــون من ألــوان االكتســاب

تجارة داخلية كانت أو خارجية، ألنه قــوف أمــام الحريــة،،المشروعــاس ــة ســلب الن ــرع على حرم ــل والش ــابق العق ــرفت تط ــد ع وق

حرياتهم. ومنه يعلم عدم حق الدولــة في مصــادرة أمــوال النــاس، سـواء األموال المنقولة أو األموال غــير المنقولــة، كمــا ال حــق للدولــة في

كالبحــار والمعــادن، أو غــير،وضع اليد على المنابع العامــة الطبيعية الطبيعية كالمعامل الكبار على ما هو أسلوب االقتصــاد االشــتراكي،

بل للدولة أمران: : الرقابــة لئال يفــوت إنســان الفرصــة على إنســان آخــر، كــان1

بحيث يمنــع اآلخــرين من االنتفــاع بهــا، ألنيستولي على الغابة مثالخلق مقتضى الجمع بين

232

ــبق و(1)لكم ــار،(2)من س ــق الســبق في إط ــد ح ــل أح أن لك وقد ذكرنا تفصيل ذلك في كتاب )الفقه: االقتصاد(.،)لكم( : الرقابة لئال يجحف إنســان بحــق إنســان آخــر، مثال الالزم أن2

يكون إنتاج المعمل بين العامل والمدير وصــاحب المعمــل وصــاحبرأس المال بالعدل ال اإلجحاف، كما تقدم اإللماع إلى ذلك.

الحريات في الظروف االستثنائيةنعم يحق للدولة:

: سلب مالكية األفراد.1: أو توقيف نوع خاص من التصرف.2 : وجعل العقوبات الرادعة لمن تصرف ذلك النوع، في مــوارد3

خاصة. ( مثال إذا احتاجت المدينة إلى شـوارع أو حـدائق، ممـا بـدونها1

ــة تتفشــى األمــراض، أو يكــون العســر والحــرج العــام، حــق للدول المشروعة سلب مالكية أصحاب الدور واألراضــي ونحوهــا الواقعــة في طريــق الشــارع ونحــوه، وإنمــا يحــق للدولــة ذلــك ألهميــة المشروعات المذكورة بالنسبة إلى دليل المالكية، فإن في المقــام تعارضا بين دليل )الناس مسلطون( وبين دليل )ال ضــرر وال حــرج(،

وحيث أهمية الثاني يقدم على األول. لكن الالزم في هذا الحال إعطاء الدولة القيمــة العادلــة ألربــاب

كما ذكـروا مثـل،تلك الدور ونحوها، ألنه مقتضى الجمع بين الحقينذلك في األخذ من أموال الناس في حال المخمصة، وإذا كان في

.29رة البقرة: ( سو?)1.20905 ح1 ب111 ص17 مستدرك الوسائل: ج(?)2

233

مسير الشارع وقــف عــام أو خــاص أعطت الدولــة بقــدر بدلــه، الوقـوف حسـبليؤسس مثل ذلك الوقف في مكان آخر، لقاعدة:

ــا،ما وقفها أهلها ــواقفين، كم بعد ضمها إلى قاعدة ارتكاز أذهان ال ذكرها الفقهاء في كتاب الوقف، وألمع إليه الشيخ المرتضى )رحمه

الله( في كتاب المكاسب.ــدر ــراد ضــرورة، والضــرورات تق ــة األف وحيث إن ســلب مالكي بقدرها، ال يحق للدولة ســلب القــدر الزائـد من المحتـاج إليـه، كـان

كمــا اعتــادت الحكومــات الجــائرة اســتمالك،تستملك بقيــة العرصة ، فالباقي من القدر المحتاج إليــه لــرب األرض ونحوها،بقية العرصة

إن شــاء باعهــا للدولــة، وإن شــاء تصــرف فيــه كمــا يشــاء، لقاعــدة.(1))الناس مسلطون(

( ومما تقدم ظهر وجه حق الدولة المشروعة في توقيف نــوع2 خاص من تصرف المالك، وذلــك لتقــديم األهم على المهم، كمــا إذاــبرة في ــل المق ــل، أو المقصــب، أو جع ــاء المعام ــة بن وقفت الدول طرف من المدينــة ألجــل كــون ذلــك ضــررا على النــاس، أو عســرا وحرجا عليهم، فلمالك األرض أن يتصرف في أرضه كيف يشاء لكن ال يحق له أن يتصرف التصرف الذي منعته الدولة، وحقيقة ذلك أنه إسقاط حرية أقل لحريات أكثر، فهــو ممارســة الحريــة وليس منعــا

عن الحرية. يبقى الكالم في أنه إذا منعت الدولة نوعــا خاصـا من التصــرف، وسبب المنــع نقصــان قيمــة الشــيء الممنــوع التصــرف فيــه، فهــل

ذاإالدولة مكلفة بــدفع التفــاوت من بيت المــال أم ال، احتمــاالن، فــأكانت ال وبعـد المنــع،رض قبل منع نصب المعمل فيهــا تسـوى ألفــا

، احتماالن،تينئعطاء الماإثمانمائة، فهل الدولة مكلفة ب

.272 ص2( بحار األنوار: ج?)1234

ضــرار من الدولــة فــالالزم تداركــه، ومن أن الدولــة لمإمن أنه رض هــذا الحــق واقعــا،أتوجه الضرر المذكور بل لم يكن لصاحب ال

ــة نبهتإضــرار اآلخــرين، وإحيث إن المالــك ال يحــق لــه نمــا الدول المالك على ذلــك، ونفــذت المنــع الشــرعي الــذي كــان موجهــا إلى

ن كان في بعض مصــاديق المســألةإ أقرب، ويالمالك واقعا، والثاننوع من التأمل.

همأبين أن يكون ال( 2و 1ثم ال فرق في المسألتين السابقتين ) المقدم على المهم معينا أو مرددا، والمردد كما إذا دار أمر الشارع

نــه إذاإفتح في ملك زيد أو في ملك عمــرو، فيالمزمع فتحه بين أن حــدهما المنــعأت، وال يحــق لءيهما شاأجاز فتحه كان للدولة ترجيح

وكــذا فيمــا إذا كــان،نه ال يتعين أن يكون الفتح في دارهأن يحتج بأب أمــر منــع نصــب المعامــل مــرددا بين منعــه في شــمال المدينــة أو

.جنوبها، فاختارت الدولة المنع عن النصب في الجنوب مثال نــه للجمــع بينأ فل،أما لماذا يكون للدولة حق كل عقوبــة رادعة

وبين،دليل والية الفقيه الجامع للشرائط المنتخب من قبل األكثرية فالتعزير الذي هو العقــاب،مام المنكر )دفع المنكر(أدليل الوقوف

األولي للمحرمات، حســب مــا ذكــروا في بــاب الحــدود، إذا لم يكنرادعا لم تصل الدولة إلى هدفها.

وقد فرض وجوب وصول الدولة، حيث إن الهــدف من المصــالح فعــدم وضــع العقــاب الــرادع،العامة الــتي وضــعت الدولــة لرعايتها

ومن،تضييع لحق الناس، وقــد ورد )لعن اللــه من ضــيع من يعــول( نه إذا كانت سرعة ســير الســيارات في الشــارعإباب المثال نقول:

يالفالن ولم يكن منع الدولة السواق وتعزير، تورث االصطدام كثيرا رواحأالمسرع منتجا، فهل تــترك الدولــة األمــر ممــا يســبب تلــف ال

، أو تجعل العقاب الرادع مثل السجن والغرامة وما أشبه،والنفوسال شك أن مقتضى األدلة

235

ــاب )الحــدود الثاني، وقد ذكرنا طرفا من الكالم في ذلك في كتوالتعزيرات( وكتاب )الحكم في اإلسالم( وغيرهما.

سائر الحريات.ون اإلنسانؤالسادس: حرية سائر ش

: مثل نكاحه وطالقــه، وفي نفس الـوقت نكاحهـا وطالقهـا، إذ1 ن كــان بيــد الرجــلإ برضاية الــزوجين، والطالق والإالنكاح ال يكون

فقط إال أن لها أن تجعل شرطا لنفسها حال النكاح، أن تكــون وكيال ،عن الرجل في طالق نفسها، بشرط خاص مثل أن يسيء معاملتها

شــبه ذلــك منأو مــا أمورهــا الجنســية أأو ال يقوم بواجب نفقتها أو ، العقدىالشروط التي ليست مخالفــة للكتــاب والســنة وال لمقتضــ

على التفصيل الذي ذكروه في باب الشروط.: ومثل بنائه كيف شاء.2: ودراسته.3: وسفره واقامته.4: وزراعته وصناعته، إلى غير ذلك من الحريات.5

نعم للدولة التدخل في الحد من بعض الحريات إذا كــانت هنــاك ولــه حينئــذ،أحكام أهم من تلك الحريــة، ولكن بعنــوان حكم ثــانوي

هم والمهم، حالــه حــال قــانون االضــطرارأمفعوله مــا دام قــانون الالذي له مفعوله ما دام موضوع االضطرار باقيا.

يجنبأمثال إذا كــان فتح حــدود بالد اإلســالم في وجــه بضــاعة اليوجب

236

جــانب بالد اإلســالم ببضــائعهم، ممــا يــوجب االســتعمارأغــزو ال ذلـــك على المخــاطر، من توقــف عجلــةينطوي بمـــا ياالقتصــاد

وانتشار البطالة وتأخر بالد اإلسالم، حــق للدولــةياالقتصاد اإلسالم بشــروط وقيــودالإجنبيــة، أاإلسالمية المنــع عن اســتيراد البضــائع ال

ــع عن ــتيرادها، أو المن ــار عن اس ــداع التج ــوجب ارت ــا ي ــة، مم ثقيلاالستيراد مطلقا.

ون اإلنســانؤكراه المباشر بالتدخل في شإثم إنه كما ال يحق ال ن يكره صاحب المعمل العامــل على العمــل، ســواءأ ك،لمنع حرياته

على أصل العمـل أو على بعض خصوصـيات العمـل، كـذلك ال يحـق جــواء بحيثأو جماعــة أو دولــة الأ إنســان أ بأن يهييجوائأكراه الإال

أ، أو بكيفية ما مثل ما يتضمن يضطر اإلنسان أن يعمل عمال ــرارا ض.شبه ذلكأجحافا أو ما إأو

كــثرأ المينــاء يصحاب البضائع أن ال يعطوا لحمــالأكما إذا اتحد ــةإجرة كذا مما كان أمن جحافا بحقهم، أو اتحد الحمالون على قيم

ــة في عملهم لإ ــك، لأجحافي أنهصــحاب البضــائع، إلى غــير ذل أيضــاــة،إكراه كما يشمل الإن إطالق المنع عن الإكراه، فإ كراهات الفردي

.جوائيةإيشمل االكراهات ال ومن قبيل ذلك ما لـو اتحـد التجــار الكبــار على تنزيــل البضــاعة

الفــرد عن العمــل، حيث ال ينفعهميبحيث أوجب ذلك لتعطيل بــائعــررهم ــذلك لتض ــبيع ك ــرةإ مثال، الم ــدة بعش ــل وح ــترون ك نهم يش

ذا خفض التجار البضــاعة إلى ثمانيــة، لمإحدى عشرة، فإويبيعونها بــة ال يكف ــ ــل، حيث إن ربح الثماني ــ ــؤالء من العم ــ إدارةييتمكن ه

ونهم، وقد ذكرنــا طرفــا من الكالم في ذلــك في كتــاب )الفقــه:ؤشاالقتصاد(.

( وكذلك حقه في أن يتكلم أو ال يتكلم، أو يحضر أو ال يحضــر،6في موارد

237

الشهادات، إذا لم يكن دليل شرعي يوجب الحضور أو الشهادة،هداء إذا مــا دعــوا﴿كما ورد في مثل: على التفصــيل (1)﴾وال يأب الشــ

.المذكور في كتاب الشهادات ويدخل في هذا الباب عــدم الحــق للدولــة في أخــذ اإلقــرار عن الناس بالجبر، كما اعتادت الحكومات الغربية والشــرقية في الحــال الحاضر ذلك، حيث يعذبون الناس في السجون والمحاكم، ألجل أن يعترف بما يعلمه أو بمــا يريــدون منــه، فإنــه خالف الحريــة وكرامــة

وقــد منعــه اإلســالم أشــد المنــع، كمــا ذكرنــاه في كتــاب،اإلنســان)القضاء( و)الحدود( وغيرهما.

نعم، للحــاكم تكــرار االســتنطاق فيمــا إذا اشــتبه في صــدق الشخص، حتى يظهر صدقه أو كذبه، كما فعلــه داود وعلي )عليهمــا السالم( في قصص مشهورة، وهذا التكرار في االستنطاق وإن كان

منافيا للحرية، إال أنه البد منه من باب األهم والمهم. ومنه يعلم أنه لــو لم يســتعد للتكــرار حــق للدولــة حبســه حــتى

.يستبين األمر ومن هذا القبيل إذا كان يعلم بشيء البــد للدولــة كشــفه، لكنــه

كمــا إذا كــان شــريكا جــرم هــرب أحــدهما ووقــع،يأبى من البوح به ولم يســتعد المجــرم المقبــوض عليــه من،اآلخر في قبضــة العدالة

إعطاء اسم صديقه، كان للدولة سجنه إلى أن يعترف.ــراف ويلحق بهذا الباب حق أطراف النزاع، سواء كان أحد األط الدولة أو ال، في جعل المحــامين ألنفســهم عنــد المنازعــات، وذلــك

لنفسه في وقد جعل علي )عليه السالم( وكيال،إلطالق دليل الحريةنزاع كما ذكر في الكتب الفقهية.

وكذلك ال يحق للدولة دخول مساكن النــاس إللقــاء القبض علىالمتهمين، فإنه

.282( سورة البقرة: ?)1238

حرق لحرياتهم، إال إذا أمر القاضي بــذلك، وإنمــا يحــق للقاضــيــات ــظ الحري ــه أن حف ــدة األهم والمهم، وبيان ــذلك لقاع ــأمر ب أن ي الفردية يقتضي أن يكون كل إنسان قادرا من أن يعمل أعماله بكل

وشرط تمكن كــل فــرد من من االســتفادة من،حرية على ما تقدمــرض ــع في مع ــع المجتم ــوال األمن وق ــه ل ــود األمن، ألن ــه وج حريات مهاجمة اللصوص والمختطفين والقتلــة والســراق ومــا أشــبه، وفي مثــل هــذا الجــو ال أثــر للحريــات، وحيث يجب على الدولــة مراعــاة

وكــان الزم،المصالح العامــة، والــتي من أهمهــا حفــظ أجــواء األمن ذلك توقيف المشتبه بهم والمجرمين الذين ثبت جــرمهم، كــان البــد أن يكون للقاضي حــق إعطــاء الشــرطة إجــازة اقتحــام المســاكن،

إلى غــير،وتوقيــف األفــراد وجلبهم واســتجوابهم وعقــاب المتخلفذلك مما ذكرناه في كتاب )الحدود والتعزيرات(.

ويؤيد ذلك استمرار السيرة منذ زمان الرسول )صلى الله عليهوآله( إلى يومنا هذا على ذلك، مما لسنا بصدد تفصيله اآلن.

تأطير القوانين بمقتضى الحرية بقى شيء، وهو أن الحكومــة الصــحيحة لمــا كــانت جامعــة بين إرادة الله وإرادة اإلنسان، فالمعنى الذي ذكرناه في بعض المسائل

السابقة أي:: أن تكون القوانين إسالمية.1: أن يكون الرئيس مرضيا لله سبحانه.2: أن يكون الرئيس مرضيا ألكثرية األمة.3

239

: أن توضــع القــوانين بســبب نــواب األمــة في إطــار اإلســالم4ورضاية األمة.

كـــان الالزم أن تنطلـــق القوتـــان: التأطيريـــة )التشـــريعية( والتنفيذية، من الحريــة اإلنســانية الــتي هي األصــل في كــل إنســان

، فال تؤطر القوانين اإلســالمية بــاألطر الكابتــة للحرية،على ما تقدمبل الالزم أن يراعى في التأطير أمران:

أ( اإلسالم. ب( العقـــد االجتمـــاعي للنـــواب في المجلس الـــذين هم وكالء

وللقـــوة التنفيذيـــة وكالء األمـــة مباشـــرة أو، والوكالـــة عقد،األمةــاب رئيس ــ ــة انتخ ــ ــواب المجلس، على اختالف كيفي ــ ــطة ن ــ بواس

الجمهورية، مباشرة من األمة أو بسبب النواب. فالالزم أن يكــون التــأطير للقــوانين اإلســالمية حســب مصــلحة

ألنهم لم يوكلوا الوكالء وكالة تشمل العمل خالف مصــلحتهم،،األمة ومن الواضح أن حفظ حريات األمــة من أهم مصــالحهم الــتي يجب على وكالئهم في التشــريعية والتنفيذيــة مالحظتهــا واالنطالق منهــا،ــييق ــة في تض ــلحة األم ــالم أو خالف مص ــانون خالف اإلس ــل ق فك

حرياتها باطل مردود.األول: ألنه ليس بإسالمي.

الثاني: ألنه تصرف في شؤون الموكل بدون رضاه.

أسباب الخضوع للسلطةــة الفــرد ــذي هــو حري ــا ال ــاه لربطــه بمبحثن ،وهــذا البحث ذكرن وتوضيحه يتوقف على وجه لزوم إطاعة النــاس للحكومــة، هــل هــو

ــأخوذة،من جهة الدين أو الحق الطبيعي، أي ألن قوانين الحكومة ممن القوانين الطبيعية، فكلما كان

240

القانون االجتماعي أوفق بالقانون الطبيعي كانت النتائج أحسن،ــراد ــة واألف ــل بين الحكوم ــوع تعام ــه ن ــاعي أي أن ــد االجتم أو العق كالتعامل بين الوكيل والموكل، أو ألن قــوانين الدولــة أحســن إطــار لتنمية الحريات والملكات في األفراد وتشغيل الطاقات الكامنة في

؟النوع لنفع اإلنسانــة ــوه األربع ــك على الوج ــيين في ذل ــد اختلفت آراء السياس فق

وتفصيل الكالم في األقــوال المــذكورة بقــدر مــا يتحملــه،المذكورةهذا الكتاب، هو:

أنه لما لم يكن أمــر الحكومــة بمجــرد أنــه أمــر الحكومــة واجب اإلطاعة، إذ ليس ذلك آخر الحلقة، البد وأن ينتهي إلى ما يكون آخر الحلقة، ليقتنع الناس بلزوم اإلطاعة، وآخر الحلقة هو )اللذة واأللم(

سواء كانــا جســديين أو،فإن اإلنسان ميال إلى اللذة ويفر من األلم وبذلك ظهر أنه ليس آخر الحلقة )الضار والنافع( كما ربمــا،روحيين

إذ يبقى مجال السؤال بعد إثبــات كونــه ضــررا أو نفعــا، بأنــه،توهملماذا أجلب النفع وأدفع الضرر.

وما ذكرناه من أن آخر المطاف اللذة واأللم، إنما هو مـع الغض عن مرتبة أرقى من ذلك ممن ال يطلب دفع األلم واستجالب اللذة، وإنما يفعل للحســن ويــترك للقبح، كمــا قــال علي )عليــه الســالم(:

للعبادةوجدتك أهال (1)،ومن نافلة القول أن قوله )عليه السالم( ال ينــافي قولــه ســبحانه: إذ ليس في االيــة رغبــا في،(2)رغبــا ورهبــا

،جنته، ورهبا من ناره، فيمكن أن يكون المراد رغبا في رضاه ورهبا. للعبادةوجدتك أهالمن عدم لطفه، وهذا يساوي معنى

.175( تحف العقول: ص?)191( سورة األنبياء: ?)2

241

ــة، وكيف كان، حيث ال يصلح أمر الحكومة بنفسه مصدرا للطاعانقسم السياسيون إلى أربع طوائف:

األول: المتدينون، حيث قالوا: إن أمر الحكومــة واجب اإلطاعــة من جهة أمر الدين بــه، ومن الواضــح أن الــدين أصــوله مبنيــة على العقل، وفروعه مبنيــة على وجــوب شــكر المنعم، ولــذا كــان لــزوم

إذ مــا، وهذا هو الذي نرجحه نحن،إطاعة الحكومة مبنيا على العقلعدا ذلك ال يصلح أن يكون مصدرا.

الثاني: القائلون بــالحق الطــبيعي، قــالوا: إن الكــون لــه طبيعــة خاصة في سيره، وكل مخالف لتلـك الطبيعــة البــد وأن يـرتطم بمـا يوجب هالكه، والقوانين الوضعية التي تنفذها الحكومة هي ما طابقــدم ــل ع ــا هي ألج ــة إنم ــة الحكوم ــة، فإطاع ــوانين الكوني ــك الق تل االرتطام بالقوانين الكونيــة، مثال الطبيعــة تقتضــي أن يتهيــأ الجســم إلفــراغ المــني إذا وصــل العمــر إلى السادســة عشــرة، فــإذا وضــع القــانون على طبــق ذلــك وتــزوج اإلنســان ســعد واســتراح، وإذا لم يوضع القانون على طبق ذلك أو لم يطبق اإلنسان القانون، فهو إما أن يســلك ســبيل االنحــراف، وفي ذلــك األمــراض الزهريــة والعقــد

، وفيــه األمــراض الــتي تتولــد منالنفســية، وإمــا أن ال يباشــر أصالالرواسب المنوية.

ــع وهذا وإن كان صحيحا، إال أنه ال يغني عن الدين، إذ الدين وض أحكامه على المصلحة والمفســدة، كمــا قــرر في الكتب األصــولية، فالذي يكشف عن القانون الطبيعي إنما هو الدين، إذ واضــع الكــون

وهو الله هو الذي يعلم قوانين الكون. وعليــه فالقائــل بهــذا القــول وإن اصــاب في الكــبرى: القــوانينــأ في ــه أخط ــة، إال أن ــوانين الطبيعي ــابق الق ــعية يجب أن تط الوض الصغرى: الذي يطابق القوانين الطبيعيــة هــو مــا يضــعه النــاس من

عند أنفسهم.

242

ــأن وجــوب الثالث: القائلون بالعقد االجتماعي، وهؤالء يقولون ب إطاعة الحكومة إنما هو ألجل القرار الذي عقده الجانبان: الحكومــةــة ــام الثاني ــال قي ــة، في قب ــام األولى بمصــالح الثاني ــة، في قي واألم

بإطاعة األولى، فاإلطاعة وفاء بالمعاملة التي جرت بين الطرفين. لــزم أقول: هذا إنما يتم إذا لم نقل نحن بالموازين الدينيــة، وإال

أن يكــون هــذا القــول في اإلطــار الــديني، إذ كــل عقــد خــارج عن الموازين الدينية فهو باطل ال يجب الوفاء به، أما اإلشــكاالت األخــر

التي أوردوها على هذا القول فغير تامة.ــات وتشــغيل الرابع: إن قوانين الدولة أحسن إطار لتنمية الحري

ولذا يطيعها الناس، وهذا يتم إذا كانت القوانين صــحيحة،،الطاقات وصحة القوانين ال تكون إال إذا كانت مستندة إلى الله سبحانه وكان

فــأي دليــل على كــون القــانون التطــبيق بيــد المجتهــد العــادل، وإالكذلك.

243

واإليجاب السلب بين الدستور الدستور اصــطالح في العصــر الحاضــر لمــوجز(:ـ 45)مسألة

ــة اإلطارات التي تعمل الدولة بمقتضاها في مختلف األمور المرتبطبالشؤون الداخلية والخارجية.

وقد استدلوا الحتياج الدول إليه بأمور:ــه1 ــاج الشــعب إلى أن يفهم عالقت ــدلت احت ــة إذا تب : إن الدول

بالسياســة الجديــدة، فالبــد لهمــا بــالتوافق بينهمــا من وضــع كليــات القوانين بصورة موجزة، حتى يعــرف الجميــع حقــوقهم وواجبــاتهم،

والهند وباكستان والسيالن،كما جعلت إيران عند الحركة الدستورية بعد استقاللهم عند انتهاء الحرب العالميــة، وجملــة أخــرى من البالد مثل هذا القانون، ومثال ذلك مــا لــو أخــذ جماعــة من النــاس وكالء للتصرف في أموالهم، احتاج الموكلون والــوكالء إلى جعــل ضــوابط

للوكالة المذكورة، تعين الحق والواجب لكال الجانبين.ــات2 ــان وقومي ــزاب وأدي ــات وأح ــا جماع : إن أغلب البالد فيه

ــذي يكــون لكــل تلــك ولغــات، فــالالزم أن يعين الدســتور العــام ال ،الفئات، في أمورهم التقنينية والتنفيذية والقضائية والماليــة وغيرها

وال يقــع،وبذلك تكون أمة واحدة، أو شــعبا واحــدا في دولــة واحــدة بينهم الشجار والخصام بدون وضوح اإلطار العام للدولة مما يكــون

مرجعا لجميعهم.

244

ــراف ال3 ــة األط ــيعة المترامي ــالب أن البالد الوس : حيث إن الغ تتمكن فيها الدولة من إعطاء حقــوق األفــراد النائيــة عن العاصــمة،ــوجب ضــعف ــك ي ــة، وذل ــاف والقــرى الحدودي ممن يســكنون األري

ــبا فيعالقتهم بالدولة وانفصالهم أحيانا، والمؤامرات تجد محال خص رة مختلفــون فيو وخصوصــا الغــالب أن الــدول المتجا،مثــل أولئك

أمور مما يسبب أن يتآمر أحدهم ضد اآلخر، كــان الدســتور كصــمام أمان الطمينان الكــل بوحــدة نظــر الحكومــة إليهم جميعــا، وإعطــاءــة من ــرى القريب ــدن والق ــوق من في الم ــا لحق ــوقهم كإعطائه حق

العاصمة. : إن الدستور يوجب توحيد البلـدان المتحــدة، حيث إنـه يكــون4

للجميع قانون واحد يرجعون إليه، فالدول األعضاء يعرفون حقوقهم والكــل خاضــع للقــانون، ألن الكــل اشــترك في وضــعه،وواجبــاتهمباألكثرية.

أقول: إن تم مــا ذكـروه مــبررا لتــدوين الدسـتور في البالد غــير،اإلســالمية ــه ال تتم هــذه األمــور مــبررا ــك بأن ــاقش في ذل فقــد ين

ــا، إذللتدوين في البالد اإلسالمية باعتباره أصال سياسيا وأساسيا ثابتتلك األسباب غير موجودة في البالد اإلسالمية.

( فالدولة اإلســالمية أنشــأت منــذ أربعــة عشــر قرنــا، أسســها1 رسول الله )صلى الله عليه وآله( في المدينة المنورة، كمــا ســيأتي في بعض المسائل اآلتية كيفيته تأسيس الرسول )صــلى اللــه عليــه

وآله( لها. ( والبلد اإلسالمي مشتمل على أكثرية مسلمة كلهم خاضعون2

وفروعا وال خالف، واألحزاب والمنظمــات السياســيةلإلسالم أصوالــلمون، ــ ــالم بحكم أنهم مس ــ ــابلون باإلس ــ ــون في ق ــ ــا يختلف ــ وإنم

االجتهــادات وكيفيــة التطبيقــات، أمــا األقليــات غــير اإلســالمية فهميعملون في أمورهم الخاصة حسب موازينهم،

245

وفي أمورهم العامة حسب موازين الدولة المقررة للذميين.3 ــع القــانون األساســي ســلبا ( وإعطــاء الحقــوق لألفــراد ال يتب

وإيجابا، ســواء كــانوا في أطــراف البالد أو في قلب العاصــمة، فــإنــون القانون اإلسالمي وضع بالعدالة، كما أن المطبق له يجب أن يك

، وفيه ال ظلم، فأين مكان القــانون األساســي من الشــريعة أوعادالالتنفيذ.( ومنه يعلم النقد على األمر الرابع.4 ( فإذا فرضــنا عــدم وجــود حكومــة واحــدة إســالمية لكــل بالد5

، فال نفع لقانون أساسي مدون في التوحيداإلسالم، وأنها كانت دوالوعدمه.

ولتوضــيح األمــر في عــدم احتيــاج البالد اإلســالمية إلى القــانون األساسي نقول: هل القــانون األساســي مــوجز عن األدلــة األربعــة: الكتاب والسنة واإلجماع والعقل، أم ال، فإن كان مــوجزا عنهــا، فمــا

نـه، بـل تدوينــة ربمـا يضـر ألنـه يصـرف المرجعيــةيالفائـدة في تدو للكتاب والسنة إلى نفسه لدى االختالف، حيث نــراهم يرجعــون إلى القــانون األساســي، ال إلى المصــدر الحجــة شــرعا وعقال، وإن كــان

مخالفا لها كان مرفوضا. ال يقـال: إنمــا يـدون القـانون األساسـي وهـو مــوجز عن األدلـة

األربعة ليكون مرجعا عند االختالف. فإنه يقال: كيف صار الموجز مرجعا، ولم يكن المفصل مرجعــا، بينما الرجوع إلى المفصــل يحــل االختالف، لتقبــل الكــل لــه بخالف

الموجز.إن قيل: في المفصل تختلف االجتهادات.

قلنا: في الموجز كذلك أيضا.إن قلت: فما هو الحل.

246

قلت: واضحات الكتاب والسنة ال اختالف فيها، واألمور المجملة سواء في الحكم أو في التطبيق ـ مثل كيـف نطبــق قـانون الخمس والزكاة في الحال الحاضر ليقوم بواجبــات الدولــة الماليــة ـــ يرجــع بشأنها إلى رأي أكثرية الفقهاء المراجع للمسلمين، فإن كان عشرة فقهاء في أربعة مدن هم مراجع التقليد، واختلف مجلس األمــة في الحكم أو في الموضوع، رجع فقهاء الشورى في مجلس األمــة إلى

فمــا اســتقر عليــه رأي،أولئك الفقهــاء المراجــع في اســتجالء األمراألكثرية من المراجع طبق في البالد.

ال يقال: كيف يؤخذ برأي أكثرية الفقهاء ويترك اآلخرون.قلنا:

: يقال: كيف يؤخذ برأى أكثريــة فقهــاء الشـورى في مجلسأوال األمــة لــدى االختالف في المجلس، مــع أن الرجــوع إلى الفقهــاء

ألنهم مورد تقليد الجماهير، واعتماد الجمــاهير عليهم،المراجع أولىبالذات. وأوال

وثانيا: إطالق دليل الشورى يحكم بذلك. وثالثا: األولويــة في المقــام من اختالف القاضــي والمراجــع في االجتهاد فيما كان المراجــع المخاصــم مجتهــدا، أو في التقليــد فيمــا

وقد اشــتهر بينهم لــزوم الرجــوع إلى،كان المراجع المخاصم مقلداالقاضي، وأن فصله حجة على المتنازعين وإن تخالفا اجتهادا.

فتدوين موجز عن الكتــاب والسـنة، إن لم يكــثر،وعلى أي حال المشكلة ال یحلها، بل وال یقلل منها، ولمــا ذكرنــاه من أن الجمــاهير المسلمة الينظرون نظر االحترام إال إلى الكتــاب والســنة واإلجمــاعــان المســلمون أول من ــران المشــروطة ك ــل، وجــدنا في إي والعق

أداروا ظهرهم على الدستور، وكذلك حدث في كل

247

بلــد إســالمي، جعــل لــه وثيقــة أو قــانون أو غــير ذلــك مناالصطالحات.

وال يستغرب من قولنــا عــدم االحتيــاج إلى الدســتور، فبريطانيــا عاشت منذ تسعمائة سنة بدون أن يكون لها قانون أساسي مــدون،

مع أنه ليس لهم مرجع كالكتاب والسنة مما يقبله كل األمة. ويؤيــد عــدم احتيــاج البالد اإلســالمية إلى القــانون األساســي أن النــاس ال يمكن جمعهم باســم هــذا القــانون، وإنمــا يمكن جمــع

المسلمين باسم الكتاب والسنة. وقد جمع العلماء المسلمين في إيران باسم الكتاب والسنة في حربهم مع روسيا قبل قرن ونصــف، وفي حــربهم مــع بريطانيــا فيــارجي ثورة التبغ، وفي حربهم مع االستبداد الداخلي واالستعمار الخ في الثورة الدســتورية، وفي حــربهم مــع الشــيوعية في آذربايجــان، وفي حربهم مــع االســتعمار وعمالئــه في قصــة تــأميم النفــط، وفي

حربهم مع إمريكا في العصر الحاضر. وكذلك جمع شعب العــراق العلمــاء باســم الكتــاب والســنة في حربهم مع بريطانيا قبل ســتين ســنة، واآلن يجمــع العلمــاء الشــعب العراقي بنفس ذلك االسم لحربهم مع بريطانيــا وإسـرائيل وإمريكــا

الذين استعمروا العراق في قفاز البعث. وهكذا حدث األمر في كل بالد اإلسالم في حربهم مع االستعمار

الخارجي واالستبداد الداخلي. هــذا ولكن األمــر حــول االحتيــاج أو عــدم االحتيــاج إلى القــانون

والله العالم.،األساسي بحاجة إلى تأمل أكثر

تقسيمات الدستورثم إن علماء السياسة قسموا القوانين األساسية إلى أقسام:

أ( القانون المشكل تغييره، والقانون السهل تغييره.

248

فاألول: هــو مــا ال يغـير إال بصــعوبة، مثــل قــانون اتحــاد إفريقيــا الجنوبيــة حيث إن تغيــيره يحتــاج إلى تصــديق أغلبيــة ثلــثي أعضــاء المجلســين، وقــانون الهنــد حيث صــرح بأنــه ال يمكن تغيــير قــوانينــة الواليات الهندية إال إذا وافق على ذلك أكثرية أعضاء المقننة لكاف الواليات، وقانون أستراليا حيث إن قانونها ال يغير إال إذا وافــق علىذلك أكثرية أربع واليات من والياته الست في استفتاء شعبي عام.

والثاني: هو مــا يســهل تغيــيره، كمــا إذا وافــق أكثريــة المجلس فيكون حال تغيــير الدســتور حــال جعـل وحــذف ســائر،على التغيير

وهــذه الحالــة موجــودة في إنكلــترا، فإنــه وإن لم،القــوانين العادية يدون فيها دستور إال أن مجموعة من األعراف والتقاليــد ومــا أشــبه لها حال الدستور، فإذا إريد تتميم أو تغيير بعضها كان للمجلس ذلك

بأكثرية اآلراء. وفي اإلسالم حيث قد عرفت عدم االحتياج إلى الدستور، يكــونــاد المجتهــدين، حســب رأي ــا اجته ــير الحكم حيث يختلــف أحيان تغي الفقهاء المراجع المشرفين على الدولـة بكافـة أجهزتهـا، أمــا تغيــيرــدم، التأطير للقوانين اإلسالمية بما تالئم العصر كما مثلنا له فيما تق فيكفي فيه رأى أكثرية المجلس مــع تصــويب أكــثر شــورى الفقهــاء

المتواجدين في المجلس. نعم إذا كان تغيير التأطير من األهمية بمكان لــزم الرجــوع فيــه

أمــا الحــوادث الواقعــةإلى الفقهاء المراجع، قال )عليــه الســالم(: ــا لي رواة أحاديثنا ــارجعوا فيه ــير الحكم من،(1)ف ــا تغي ــا جعلن وإنم

اختصاصات المراجع، ألن المفروض

.9 من صفات القاضي ح11 الباب 101 ص18( الوسائل: ج?)1249

تقليد أكثرية األمة لهم، فال شــأن للمجلس وشــورى فقهائــه فيالتغيير بدون مراجعتهم.

ب( الدســتور لدولــة واحــدة، والدســتور لدولــة متحــدة، فــاألول كالدولة الواحدة والثاني كالدول المتعــددة الــتي أتحــدت فيهــا بينمــا لكن لم تصــبح دولــة واحــدة، فالقســم األول لــه دســتور واحــد، أمــا

القسم الثاني فله قسمان من الدستور:.: قسم يشترك فيه الجميع1 فال القــانون،: وقسم يختص بكل دولــة دولــة من تلــك الــدول2

بكله واحد في الجميع حتى تتشكل من الجميع دولة واحدة، وال لكل دولة قانون خـاص بهـا من غـير قـوانين مشـتركة بين الجميــع حـتى

.تكون دوال أما الداخليــة،مثال الخارجية والمالية والدفاع مشتركة بين الكل

والقضاء وما أشــبه فلكــل دولــة قانونهــا الخــاص بهــا، وربمــا حــدث التناقض بين الدول المذكورة في قوانينها، مثال بعض الدول تبيح بيع

كمــا هــو الحــال،األفيون، بينما دولة أخرى تحرم ذلك أشد التحــريمفي الواليات المتحدة األمريكية.

أمــا في اإلســالم فقــد عــرفت فيمــا تقــدم أن الالزم أن يكــون لجميع المسلمين حكومة واحدة، ويكون كلهــا بلــدا إســالميا واحــدا، أما إذا فرض عدم إمكان ذلك فــدخلت البالد في اتحــاد، فــالالزم أن

يتحد قانون الجميع، ألن اإلسالم ال يتغير قانونه بتغيير المناطق. نعم يمكن أن يكون المشـرف األعلى على هــذه الدولــة العضــوــة أخــرى من دول عدة من الفقهاء، بينما المشرف األعلى على دول

ويختلفون في بعض الفتاوى وحسب اختالفهم،األعضاء عدة آخرين تختلــف قــوانين هــذه الدولـة من تلـك، كمــا أن اختالف الفتــوى بين

مجتهدين يوجب اختالف عمل مقلديهم.

250

ج( ربما يقسم بعض السياسيين القانون اإلساسي إلى:: القانون الجمهوري.1: والقانون البرلماني.2

فاألول: ما إذا كانت القوة التنفيذية بمــوازاة القــوة التشــريعية،ــا في ــة، كم ــذلك تعين رئيس الجمهوري ــا ك ــة نوابه ــا تعين األم فكم

وكمـــا في الواليـــات المتحـــدة،الجمهوريـــة اإلســـالمية في إيـــراناإلمريكية.

،والثاني: كما إذا كانت القوة التنفيذيــة تابعــة للقــوة التشــريعية بأن تعين األمة نوابهــا، والنــواب ينصــبون القــوة التنفيذيــة، كمــا في

بريطانيا وبعض البالد اآلخر. من القســمين ال مــانع منــه فيوقد ذكرنــا في مــا تقــدم أن كال

وإن كان األقرب إلى الشــورى والرقابــة الشــعبية،الدولة اإلسالمية المستفادة من قانون األمــر بــالمعروف والنهي عن المنكــر القســم

األول.

التناقض بين القوانين د( قد سبق في بعض المسائل السابقة اإللماع إلى أن القوانين

المتداولة في البالد الديمقراطية على أربعة أقسام:.( الدستور1( القوانين العادية التي يقررها مجلس األمة.2 ( القوانين التي تضعها الســلطة التنفيذيــة في مجــال صــالحية3

القوة التنفيذية.

251

( القوانين التي تضعها الســلطة القضــائية في مجــال صــالحية4القوة القضائية.

وعليــه فربمــا يقــع التضــاد بين الدســتور وبين قــانون أحــد من المقننين الثالثة اآلخرين، كما قــد يقــع التضــاد بين قــوانين المجلس وبين قوانين التنفيذية والقضائية، أو يقع التضاد بين قوانين التنفيذية

وقوانين القضائية.ــذه المتضــادات، لكن ــة عالج ه ــوال في كيفي ــد اختلفت األق وق األقرب إلى المنطق أن يقدم الدستور على كــل الثالثــة األخــر عنــد تضـــادهما، وأن يقـــدم قـــانون المجلس على قـــوانين القضـــائية والتنفذية، ألن الدستور هو األصل بالنسبة إلى الثالثة، كما أن قانون المجلس أصــل بالنســبة إلى التنفيذيــة والقضــائية، أمــا مــع تعــارض التنفيذية والقضائية فالالزم جعل الحكم القانون األساسي، فان فقد فالحكم قانون المجلس، فإن فقد فــالمرجع هــو الســلطة القضــائية

العليا في الدولة، ألنها المرجع في مثل هذه األمور. أما في اإلسالم فالمرجع األصل هم الفقهاء المراجع، ألن الالزم

.الحوادث الواقعةالرجوع إليهم في والكالم حول شؤون القــوانين األساســية وغيرهــا طويــل نكتفي

منه بهذا القدر، والله سبحانه العالم.

طرق الحيلولة دون طغيان الحكومة ثم إن القانون ال يكفي بنفسه ضمانا إلجرائه، وإن كان في غاية

بــل الحكومــة هي الــتي تضــمن اإلجــراء، ومن،الــنزاه واالســتقامة إن﴿طبيعة الحكومة الفساد، حيث إنها قدرة كبيرة والقــدرة تطغى:

فإن اإلنسان ،(1)﴾رآه استغنى أناإلنسان ليطغى

.8 و7( سورة العلق: ?)1252

يأخذه الغرور إذا رأى نفسه غنيا، مهما كـان نزيهــا قبــل وصــوله إلى الحكم، إال في األنبيــاء واألئمــة )عليهم الســالم( والقليــل من النـــاس جـــدا، وال مخلص من الفســـاد الطـــارئ على الحكومـــة إال بضبطها ضبطا دقيقا بكل شدة، وقد ذكر علماء السياسة أن الضبط

يكون بأمور. لين الــدينيين، حيث إنهم غالبــا خــارجواألول: كثرة وقــوة المسؤ

ــة، ــاس، تخــافهم الدول ــوقت متنفــذون في الن الحكم، وفي نفس ال وكلما كثر عدد هؤالء وزاد نفــوذهم كــان،ويقفون صدا دون فسادها

ضبطهم للدولة أكثر. الثاني: أخــذ التــدابير الالزمــة لضــبط الدولــة من جهــة القــوانين

المتضمنة لعزل وإخراج العاتي من أفرادها.ــة ــراد الدول ــاء ألف ــنزيهين واألقوي ــالث: جعــل المشــاورين ال الث

كرئيس الجمهورية والوزراء ومن إليهم.،المقتدرين منهم الرابع: في الموارد الالزمة تعرض أمورهم على العامة، ليكونــوا

رقباء على الدولة، فتخاف الدولة الرأي العام. الخـامس: تكــوين وتنظيم وتوسـعة المؤسسـات المهنيــة، حــتى يدافع كل صنف عن أفراده بواســطة المؤسســة المرتبطــة بــه، وال شك أن الحكومة مجبورة على اتباع هــؤالء، حيث إن األفــراد الــذين يشكلون المؤسسة المهنية لهم خــبرة وتجربــة ومعرفــة بالمشــاكل وحلولها، والناس لذلك ملتفون حولهم، وحيث إن الدولة تخاف على

سمعة نفسها إذا أرادت مخالفتهم تضطر إلى األخذ برأيهم. وذلــك يحــد من ديكتاتوريــة الدولــة، لخشــيتها من الــرأي العــام

الملتف حول المؤسسات المذكورة. أما لدى اختالف الدولة والمؤسســات المهنيــة، فــالمرجع القــوة

القضائية.

253

السادس: تكثــير الجرائــد والمجالت النزيهــة، حيث إن الحكومــة تخاف نقدها، لعلمها بتأثيرها على الرأي العام، وذلــك يــوجب ضــبط القوى الثالث عن االنحراف، وقد كان نــابليون الــديكتاتور المشــهور

.يقول: )ترهبني أربع صحف أكثر مما ترهبني مائة ألف بندقية(لكن الالزم في المطبوعات أمران:

: أن تكون بأيدي نزيهة واعية، لوضوح أن غير مثل هذه األيدي1 ال تدرك مواقع الضعف والخطأ في الدولة، ولعل ضرها يكون أقرب

من نفعها.ــة،2 ــوالب مالئم ــائق في ق ــة بالحق ــحف مهتم ــون الص : أن تك

فاإلهانة والهتك والتهريج والكــذب ومــا أشــبه ال تفيــد في المقصــودالمذكور من إيقاف الدولة عند حدها.

السابع: الوقوف بكل شدة دون بقــاء غــير الــنزيهين في أي منالسلطات الثالث، فإن البقاء يورث الغرور والتمادي في الغي.

الثامن: تكثير االجتماعات، حيث إن االجتماع محل تبــادل الــرأي وتداول المشورة، وفيها تظهر مســاوئ الدولــة، ممــا يجعلهــا الــرأي العام آلة للضغط على الدولــة المنحرفــة، ولــذا تمنــع الــدول أحيانــا االجتماعات، وتكره الدول مراكــز االجتمــاع حيث تعــرف أنهــا محــل النقد وكشف ســوءاتها، أمثــال المســاجد والحســينيات والمــدارس،ــا وتتخذ الدول حيطة أيام شهر رمضان والمحرم ونحوهمــا حيث إنه

مراسم االجتماع. التاسع: االهتمــام لصــحة االقتصــاد العــام، إذ انحــراف االقتصــاد سواء كان بسبب األثرياء كمــا في الرأســمالية، أو بســبب الحكومــة كمــا في الشــيوعية، حيث كلتاهمــا تســلط فئــة خاصــة على جهــود

الناس وأتعابهم، يوجب أمرين:ــداء5 ــاس بلقمــة عيشــهم عن نقــد الحكومــة وإب ( اشــتغال الن

معايبها.

254

( تســلط القلــة على كــل مقاليــد البالد، بســبب مــا بيــدها من6 الثروة، حتى أن النقد يكون كصــيحة في واد، والــرأي العــام ال يهيــؤ

حتى يضعط على الدولة. العاشر: توسعة وتعميق الثقافة الحيويــة، حيث إن الجهــل يمنــع معرفة النــاس بمواضــع العيب في الدولــة، وكلمــا توســعت الثقافــةــه ال تتمكن ــاد خبرويت ــة، وبازدي ــام خبروي ــرأي الع وتعمقت ازداد ال

الدولة من إعمال الديكتاتورية والفساد.

255

اإلسالميه الحكومه تشكيل ضرورة نذكر في هذه المسألة بعض األمــور المرتبطــة(:ـ 46)مسألة

بالحكومة اإلسالمية، وإن كنا قد ذكرنا بعض األمور المرتبطــة بهــذه وألمعنــا إلى بعضــها اآلخــر،الشؤون في كتاب )الحكم في اإلسالم(

فنقول: ،في مسائل آنفة في هذا الكتاب ويــدل،يجب إرسـاء الحكومــة اإلسـالمية، وجوبــا عينيــا ضـروريا

على ذلك:

الرسول ص قدوة إذ الالزم العمــل على طبــق،أ( كونــه من بــاب األســوة الواجبةأعمال الرسول )صلى الله عليه وآله(.

نة لمن﴿قال سبحانه: وة حســ ه أســ ول الل لقد كان لكم في رســــوم اآلخر ه والي واآليــة تــدل على الوجــوب كمــا ال،(1)﴾كان يرجــوا الل

يخفى، إلى غير ذلك من أدلة وجوب األسوة. فال فليتــأس متــأس بنبيــه وإالوقــد قــال علي )عليــه الســالم(:

.(2)يأمنن الهلكةوالرسول

.22( سورة األحزاب: ?)1.160( نهج البالغة: الخطبة ?)2

256

)صلى الله عليه وآله( قــد أرســى الحكم في المدينــة المنــورة، بعد أن اشــتغل في مكــة المكرمــة طيلــة ثالث عشــرة ســنة بتربيــة الرجــال الــذين يمكن االعتمــاد عليهم في إرســاء ذلــك، فقــد كــون

وجــبى المــال،،)صلى الله عليه وآله( في المدينــة المنــورة الجيشــإدارة البالد، وبعث وجعل موازين القضاء، وبين القوانين المرتبطة ب السفراء والرسل، أي إنه )صلى اللــه عليــه وآلــه( جعــل الســلطات

الثالث وإن لم تكن منفصلة بعضها عن بعض. وفي القــرآن الحكيم والســنة المطهــرة آيــات وروايــات بشــأن

ه﴿الحكم، قال سبحانه: .(1)﴾فاحكم بينهم بما أنزل اللبع أهواءهموأن﴿وقال سبحانه: ه وال تت ﴾ احكم بينهم بما أنزل الل

(2).بع الهوى﴿وقال سبحانه: اس بالحق وال تت .(3)﴾فاحكم بين الن

ه فأولئك هم﴿وقـــال ســـبحانه: ـزل الل ــ ومن لم يحكم بمـــا أن.(4)﴾الفاسقون

﴾هم الكافرون﴿... ، (5)﴾هم الظالمون﴿... وفي آية أخرى وثالثة: (6).

اس﴿وقال سبحانه: ــالحق لتحكم بين الن ــاب ب ا أنزلنا إليك الكت إنه .(7)﴾بما أراك الل

جر﴿وقال سبحانه: مــوك فيمــا شــ ى يحك ــون حت ك ال يؤمن فال ورب ليما موا تســ ﴾بينهم ثم ال يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسل

(8).إلى غيرها من اآليات

.48( سورة المائدة: ?)1.49( سورة المائدة: ?)2.26( سورة ص: ?)347( سورة المائدة: ?)4.45( سورة المائدة: ?)5.44( سورة المائدة: ?)6.105( سورة النساء: ?)7.65( سورة النساء: ?)8

257

هـذاوأن﴿المباركـات، بـل وآيـات أخـر مرتبطـة بـالحكم، مثـل: ق بكم بل فتفر بعوا الس بعوه وال تت .(1)﴾صراطي مستقيما فات

قوا﴿وقال سبحانه: .(2)﴾واعتصموا بحبل الله جميعا وال تفر.(3)﴾فتفشلوا وتذهب ريحكم﴿وقال سبحانه: ت منهم﴿وقال سبحانه: يعا لســ قوا دينهم وكانوا شــ ذين فر إن ال

.(4)﴾في شيءــأمرون﴿وقــال ســبحانه: ــر وي ــدعون إلى الخي ولتكن منكم أمة ي

.(5)﴾بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحونما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم﴿وقال سبحانه: .(6)﴾إن

ــة ومن الواضح أن الوحدة ال يمكن توفرها إال تحت ظل الحكوم كما أن الدعوة إلى الخير واألمر والنهي واألخوة ال يمكن،اإلسالمية

إال بالحكومة اإلسالمية. أو كماالإيجادها أصال

األئمة والعلماء قدوة ب( وقد عين الرسول )صلى الله عليه وآله( من بعــده الخلفــاء بالنص بأسمائهم تــارة، وباإلجمــال أخــرى كقولــه )صــلى اللــه عليــه

الخلفاء وآله(:

.153( سورة األنعام: ?)1.103( سورة آل عمران: ?)2.46( سورة األنفال: ?)3.159( سورة األنعام: ?)4.104( سورة آل عمران: ?)5.10( سورة الحجرات: ?)6

258

.(1)بعدي اثنى عشر.(2)األئمة من قريشوقوله )صلى الله عليه وآله(:

اللهم ارحموبــالعموم ثالثــة، كقولــه )صــلى اللــه عليــه وآلــه(: خلفائي، قيل يا رسول الله: ومن خلفــاؤك، قــال: الــذين يــأتون من

.(3)بعدي ويروون حديثي وسنتي على إرســاء الحكمومن الواضح أن نصــب الخلفــاء يكــون دليال

والدولة، وقد قام األئمة )عليهم الصالة والسالم( بعــده )صــلى اللــه كما فعله علي،عليه وآله( بدور الحكم إما مباشرة حيث أمكن ذلك

وإما تسبيبا،، عند تمكنهميهما السالم()عليه السالم( والحسنان )عل كالثورات الــتي أقاموهــا )عليهم الســالم( بســبب أوالدهم ومــواليهم

وأقربائهم. ــويين ــورات ضــد األم ــودون الث ــانوا )عليهم الســالم( يق ــد ك فق

ــتار ــيين من وراء الس ــائرين في،والعباس ــون الث ــانوا يرب ــد أن ك بعــد مقتلهم ،بيوتهم وحجورهم، ثم كانوا يمدونهم بالدعاء، وينعونهم بع

ويلعنون قتلتهم، وإنما لم يكن،ويدفعون األموال إلى من بقي منهم هو الذي يقوم بالثورة الظاهرة، ألجــل تكميــلعليه السالم( اإلمام )

المسيرة الفكرية، عقيدة وشريعة، على مــا فصــلنا ذلــك في كتــاب وأخــيرا كــان يظهــر أمــرهم )عليهم الســالم( في،)الفقه: االقتصاد(

ولذا كان الجائرون يلقون عليهم،معارضة السلطة والعمل الجتثاثها القبض وينهبــون أمــوالهم ويحرقــون دورهم ويســجنونهم وأخــيرا

ــونهم ــير وإال،يقتل ــك بغ ــل ذل ــل مث ــائرة تفع ــلطات الج ــل الس فهالمعارضين لها المقوضين لدولها.

ولذا نجد عصور األئمة )عليهم الصالة والسالم( مليئــة بــالثوراتــذهم ــاؤهم وتالمي ــة وأقرب ــا أوالد األئم ــان يتزعمه ــتي ك الشــعبية ال

وأتباعهم، ففي عهد اإلمام السجاد

.7 ح51 المجلس 255( أمالي الصدوق: ص?)1.8 ح51 المجلس 255( أمالي الصدوق: ص?)2.50 من صفات القاضي ح8 الباب 65 ص18( الوسائل: ج?)3

259

)عليه السالم( ثار التوابون وحكم المختار وثارت أهل المدينة. وفي عهد اإلمام الباقر )عليه السالم( قــام بــالثورة أخــو اإلمــام

وبعـد مقتلـه ثـار ولـده،زيد بن علي بن الحسـين )عليهمـا السـالم(.يحيى بن زيد

وفي عهد اإلمام الصادق )عليه السالم( حدثت ثورة عبد الله بن وبعــده تفجــرت،معاويــة بن جعفــر بن أبي طــالب )عليهم الســالم(

ثورة محمد بن عبد الله ذي النفس الزكية من أحفاد اإلمام الحســن)عليه السالم(، وكذلك ثار أخوه إبراهيم بن عبد الله.

وفي عهد اإلمام الكــاظم )عليــه السـالم( ثـار الحسـين بن عليشهيد فخ بجمع كبير من بني هاشم، وثار يحيى وإدريس.

وفي عهد اإلمام الرضــا )عليــه الســالم( ثــار أخــو اإلمــام )عليــه السالم( زيد، وثار محمد بن إبراهيم أبو السرايا، ومحمد الديباج ابن اإلمام الصادق )عليــه الســالم( وإبــراهيم بن اإلمــام الكــاظم )عليــه

.السالم(ــد ــورة عب ــه الســالم( ظهــرت ث ــد اإلمــام الجــواد )علي وفي عهــه الســالم( ــام الجــواد )علي ــاء عم اإلم ــان بن أحمــد من أبن ،الرحم

.ومحمد بن القاسم من أحفاد اإلمام أمير المؤمنين )عليه السالم( إلى غيرها مما يجدها الطــالب في كافــة التــواريخ المعنيــة بهــذا

الشأن. وإظهار بعض األئمــة )عليهم الصــالة والســالم( مــا ينــافي بعض الثورات المذكورة، كان إظهارا من باب التقية اإليجابيــة، كمــا كــانوا

ــذكور في علمأحيانا يظهرون التبري عن أخص أصحابهم، مما هو م وا عنه في خفاء أن مثلهم مثــلؤالرجال، ولذا كانوا يقولون لمن تبر

ــك﴿السفينة، حيث خرقها العــالم حفظــا لهــا، فيمــا كــان وراءهم مل .(1)﴾يأخذ كل سفينة غصبا

.79( سورة الكهف: ?)1260

وقــد أثــرت تلـك الثــورات ومــا رافقهــا من تهجم األئمــة )عليهمالصالة والسالم( على الحكام أمورا:

: تهييج الرأي العام ضد تلك الحكومــات الجــائرة، ولــذا قــامت1ثورات أخر ضدهم.

سقاط بعضهم كما أسقطوا األمويين ومحوهم عن الوجود.إ: 2ــون،: إسقاط شرعيتهم، وإظهار أنهم غصاب ديكتاريون3 ال يمت

والتي بسببها أنقذوا األمة من الضالل.،إلى اإلسالم بصلة : الحــد من ديكتــاتوريتهم، وإنقــاذ المستضــعفين من بــراثنهم،4

وجعلهم يرتعدون من الرأي العام اإلسالمي. : وأخيرا أسست حكومــات في عــرض حكومــاتهم ممــا ذهبت5

بشوكتهم، أمثال حكومة المختــار وطباطبــا في الكوفــة، زهــاء عــام المائتين من الهجــرة، وحكومــة األدارســة في عهــد اإلمــام الصــادق

)عليه السالم( في المغرب، إلى غير ذلك. وبعــد األئمــة )عليهم الصــالة والســالم( قــام العلمــاء الــذين هم خلفاء الرســول )صــلى اللــه عليــه وآلــه( حســب الحــديث المتقــدم بنفس الدور، فحاربوا السلطات الجائرة، وأسسـوا الحكومــات قـدر اإلمكان، وأوقفــوا الطغــاة إلى حــد مــا، وتعرضــوا للطــرد والســجن

،والقتل والحرق ألنفسهم ولمكتباتهم، وإلى غير ذلك، وتمكنوا كثيراما من تسديد بعض الحكومات ولو بقدر.

ــي، ــر، والرضـ ــواريخ الناصـ ــع تـ ــك لمن راجـ ــا ال يخفى ذلـ كمـ والمرتضى، والمفيــد، والطوســي، ونصــير الــدين، وأبنــاء طــاووس، والشهيدين، والعالمة، وابن فهد، والمجلسيين، والبهائي، والكــركي، والشــيرازيين، وكاشــف الغطــاء، والمجاهــد، واآلخونــد، والخالصــي،

والشفتي، والسيد نور الدين صاحب التفسير، والقمي،

261

واألصفهاني، والحبــوبي، وشــرف الــدين، وغــيرهم )قــدس اللــه.أسرارهم( ممن ذكرت أحوالهم في جملة من التواريخ

ــة ــواعين، لكتاب ــاء ال ــة من العلم ــدى لجن ــدير أن يتص ومن الجتفاصيل هذه األمور، ولعلها تبلغ مجلدات ضخام، والله المستعان.

الدولةإقامة تطبيق قوانين اإلسالم متوقف على ج( وقوانين اإلسالم شاملة لقوانين الحكم، ولو لم يــرد اإلســالم

الحكم لم يكن وجه لجعل هذه القوانين: ( مثل قوانين الحرب المــذكورة في كتــاب الجهــاد، المنقســم1إلى:

ــة،1 ــاس من الخراف ــاذ الن ــبيل إنق ــدائي، في س ــاد االبت : الجهــا﴿وإنقاذهم من المستكبرين الذين يظلمونهم، كما قال سبحانه: وم

.(1)﴾لكم ال تقاتلون في سبيل الله والمستضعفينــاطوقال ســبحانه: ب تطعتم من قــوة ومن ر ﴿وأعــدوا لهم ما اســ

.(2)﴾الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم﴿وقال سبحانه: ذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطــوا ها ال ،(3)﴾يا أي

والرباط الكون في الثغر اإلسالمي لمراقبة تحرك العدو. : وإلى الجهاد الدفاعي.2: وإلى الجهاد مع البغاة.3

ــة الطــاهرين وفي كلمات الرسول )صلى الله عليه وآله( واألئمهذا الجانب، وقد ذكرنا ي )عليهم الصالة والسالم( ثروة كبيرة ف

.75( سورة النساء: ?)1.61( سورة األنفال: ?)2.200( سورة آل عمران: ?)3

262

جملة من الروايات واألحكام في كتاب )الفقه: الجهاد(. ( وقــوانين األمــوال، من الخمس والزكــاة والخــراج والجزيــة،2

ومن الواضح أن الخــراج والجزيــة من شــؤون الدولــة، أمــا الخمســا أيضــا من شــؤون ــدل على أنهم ــددة ت ــا المتع ــاة فأحكامهم والزكــتي اشــتراها من ــذمي ال ــل كــون الخمس على أرض ال ــة، مث الدولــف يدفعــه المسلم، إذ من الواضح أن الذمي ال يعتقد بالخمس، فكي بدون القوة، ومثل إرسال الجبات ألجل الزكوات، ومثل كون اإلمام

ومثــل أحكــام بيت المــال، ومــا ذكرنــاه في،الزائد له والمعوز عليهــا طرفــا من الكالم في الخراج والجزية ال يحتاج إلى بيان، وقد ذكرن

األمور المالية اإلسالمية في كتاب )الفقه: االقتصاد(.ــاص3 ــدود والقصـ ــات، والحـ ــة بالمرافعـ ــام المرتبطـ ( واألحكـ

والديات، فإن القضاء والشهادات ومعاقبة المجرمين حــدا وقصاصــاــان، من شــؤون الدولةودية ــان باإلمك ــور وإن ك ــذه األم إذ بعض ه

إجراؤه بــدون الدولــة، إال أن المجمــوع من حيث المجمــوع ال يمكن ل الدولـة كــان تشــريع هــذاعــأن يقــوم بــه إال الدولــة، بحيث لــوال ج

المجموع من دون فائدة. ( هـذا باإلضـافة إلى األحكـام المتفرقـة في مختلـف األبـواب،4

مثل إذا حضر الوالي جنازة فهو أحق بها، وصــالة الجمعــة من شــأن كمـا في دعــاء اإلمــام السـجاد، والخلفاء ابتزوا هذا المنصب،اإلمام

إلى غير ذلك.، وأحكام الحج المرتبطة باإلمام،)عليه السالم( حالل محمــد )صــلى اللــه عليــه وآلــه( حالل إلىوفي الحديث:

وحرام محمد )صـلى اللـه عليــه وآلــه( حـرام إلى يــوم،يوم القيامة.(1)القيامة

.11 باب فضل العلم ح58 ص1( الكافي: ج ?)1263

ثالثة خيارات د( األمــر ال يخلــو إمــا من قيــام النــاس بــدون الحكومــة، أو مــع

أو مــع حكومــة عادلــة، وحيث يبطــل األوالن يتعين،حكومــة جــائرةالثالث.

أما بطالن األول: فواضح، وإن زعم ماركس أنه يأتي يوم يعيش الناس فيه بــدون حكومــة، ألن االختالف بين الطبقــات يــزول، حيث يتساوى تقسيم المــال فال حاجــة إلى الحكومــة، لكن يــرد على هــذا

الكالم. حــتى،: إن االقتصاد ليس البناء التحتي لكل شيء كمــا زعمأوال

إذا زال االختالف تزول كل األبنية األخرى التي جعلها فوقية. وثانيا: إن الناس بحاجة إلى إدارة شؤونهم، واإلدارة العامــة هي

كما تقدم في بعض المسائل السابقة.،الحكومة وثالثــا: إن االختالف والظلم موجــودان، وال يمكن رفــع االختالفــذا رد آراء مــاركس حــتى المفكــرون من والظلم إال بالحكومــة، ول

الشيوعين الذين جاؤوا من بعده.ــه ســبحانه نهى عن الجــور وأمــر ــاني: فألن الل ــا بطالن الث وأم بالعــدل وحــرض على إزالــة العــدوان، فكيــف يقــر الظلم وال يــأمر

بإقامة حكومة عادلة. وإذا.. لم يبق إال الثالث، وهذا باإلضافة إلى أنه عقلي، قد أشــير

إليه في اآليات والروايات:ذين﴿مثل قوله سبحانه: ذين آمنوا ال ه ورسوله وال كم الل ما ولي إن

كاة وهم راكعون حيث إن والية سائر،(1)﴾يقيمون الصالة ويؤتون الز والعلمــاء امتــداد لواليــة من ذكــر في اآليــةعليهم الســالم( األئمــة )

الكريمة، ومعنى الوالية هو حقه في

.55( سورة المائدة: ?)1264

النــاس مســلطون علىالتصــرف في شــؤونهم، فــإن مقتضــى أنه ال حق ألحد في التصرف في أمورهم، واآليــةأموالهم وأنفسهم

ــال: إن الحكم مســتلزم ــولي، فال يق ــدل على اســتثناء تصــرف ال ت يمنع كل تصرف.والناس مسلطون ،للتصرف

ول وأولي األمــر﴿وقــال ســبحانه: ســ ــوا الر ــوا اللــه وأطيع أطيع.(1)﴾منكم

سـواء،و)أولو األمر( هم خلفاء الرسول )صلى الله عليـه وآلـه(ــائيعينهم باالسم، أو بالصفة الكلية كما تقدم في اللهم ارحم خلف

(2). مــا والــذي فلــقأ( في )نهج البالغــة(: ليه الســالموقال علي )ع

لــوال حضــور الحاضــر، وقيــام الحجــة بوجــود،الحبــة، وبــرأ النســمة الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن ال يقاروا على كظــة ظــالم وال سغب مظلوم، أللقيت حبلهــا على غاربهــا، ولســقيت آخرهــا بكــأس

فالله ســبحانه أخــذ على العلمــاء تــولي الحكم، ألن اإلمــام،(3)أولهاكان في صدد وجه تقبله لإلمارة بعد عثمان.)عليه السالم(

يعمــل،البد للناس من أمــير بــر أو فــاجروقال )عليه السالم(: ويستمتع فيهــا الكــافر، ويبلــغ اللــه فيهــا األجــل،،في إمرته المؤمن

وتؤخــذ بــه، وتــأمن بــه الســبل،ويجمع به الفيء، ويقاتــل بــه العــدو فــإن في أثــر النظم واالســتقرار المــؤمن، (4)للضــعيف من القــوي

يعمــل لــدنياه وآخرتــه، والكــافر يتمتــع لــدنياه، كمــا قــال ســبحانه:هم﴿ ــوى ل ار مث ــام والن ــل األنع وكــل تحت حكمــه،(5)﴾يأكلون كمــا تأك

يصل إلى أجله المقرر الطبيعي فال فوضى حتى يحترم القتل الناسقبل

.59( سورة النساء: ?)1.5 من صفات القاضي ح8 الباب 65 ص18( الوسائل: ج?)2.31( نهج البالغة: الخطبة ?)3.40( نهج البالغة: الخطبة ?)4.12( سورة محمد: ?)5

265

ــالح، آجالهم الطبيعية، وبواسطة الحاكم يجمع المال ألجل المص ويقاتل به المعتدون، وال ينتشر قطاع الطرق حــتى ال يتمكن النــاس

من السفر، وال يأكل القوي الضعيف. إذ،ولذا قال اإلمام )عليــه الســالم(: )فــاجر( ولم يقــل )ظــالم(

الظالم تجب إزالته، أمــا الفــاجر الــذي هــو عــاص في نفســه، لكنــه يراعي النظام فيترتب عليه ما ذكره )عليه السالم( من الفوائد وإن

لم يكن حاكما شرعيا. إناوروى الفضل بن شاذان، عن الرضا )عليه السالم( أنه قال:

ال نجد فرقــة من الفــرق وال ملــة من الملــل بقــوا وعاشــوا إال بقيم لما البد لهم منه في أمر الدين والدنيا، فلم يجز في حكمة،ورئيس

،الحكيم أن يترك الخلق ــه وال قــوام لهم إال لما يعلم أنه البد لهم من ويقســمون بــه فــيئهم، ويقيم بــه جمعهم، فيقــاتلون بــه عــدوهم،به

.(1) ويمنع ظالمهم من مظلومهم،وجماعتهم اتقــوا الحكومــة، فــإن الحكومــةوقال الصادق )عليه الســالم(: فــإن،(2) العــادل في المســلمين،إنمــا هي لإلمــام العــالم بالقضــاء

الظاهر منه أن العادل العالم جعل حاكما من قبل الله سبحانه. وفي حديث القداح: إن اإلمام الصادق )عليه السالم( قال: قــال

ن العلمــاء ورثــة األنبيــاء، إنإرسول الله )صلى اللــه عليــه وآلــه(: ــه،األنبياء لم يورثوا دينارا وال درهما، ولكن ورثوا العلم فمن أخذ من

بناء على أن الوارث يقوم مقام المورث، فكمــا،(3)أخذ بحفظ وافرحكاما، يكون العلماء كذلك.عليهم السالم( كان األنبياء )

.1 ح34 الباب 99 ص2( عيون أخبار الرضا عليه السالم: ج?)1.3 من صفات القاضي ح3 الباب 7 ص18( الوسائل: ج?)2.1 من صفات القاضي ح11 الباب 99 ص18( الوسائل: ج?)3

266

(، قال: قــال رســوليه السالم عن الصادق )عل،وروى السكونيــدخلوا فيالله )صلى الله عليه وآله(: الفقهاء أمناء الرسل ما لم ي

الدنيا، قيل: يا رسول الله وما دخولهم في الـدنيا، قــال )صـلى اللـهــاع الســلطان ــه(: اتب ــه وآل ــك فاحــذروهم على،علي ــوا ذل ــإذا فعل ف

وإطالق األمانة يشمل الحكم.،(1)دينكمــه الســالم(: ينظــروفي خبر عمر بن حنظلة، عن الصادق )علي

ــا،،إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حاللنــا وحرامن وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما، فــإني قــد جعلتــه عليكم حاكمــا،

وعلينا رد،،فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخفــه يشــمل،(2) وهو حد الشــرك بالله،والراد علينا الراد على الله فإن

ــايخ الحكم إما بالمناط أو باإلطالق، والحديث موجود في كتب المشالثالثة.

يها الناس أنأوقال علي )عليه السالم( كما في )نهج البالغة(: أحق الناس بهذا األمر، اقومهم عليه، واعلمهم بامر الله فان شــغب

.(3)شاغب استعتب، وان ابى قوتلــه ــين )علي ــام الحس ــول( عن اإلم ــف العق ــبر رواه )تح وفي خ

قال )عليه السالم(:،السالم( سيأتي نقله بتمامه إن شاء الله تعالىاألمنــاء،ذلك بأن مجاري األمور واألحكــام على أيــدي العلمـاء بالله

.(4)على حالله وحرامهــه، عن الباقر )عليه السالم(،وروى الكافي قال: قال رسول الل

ــال،)صلى الله عليه وآله(: ال تصلح اإلمامة إال لرجل فيه ثالث خصورع يحجزه عن

.5 ح64 ص1( الكافي: ج?)1 من صفات القاضي.9 الباب 76 ص18( الوسائل: ج?)2.173( نهج البالغة: الخطبة ?)3.172( تحف العقول: ص?)4

267

معاصي اللـه، وحلم يملــك بــه غضــبه، وحســن الواليــة على من.(1)يلي، حتى يكون لهم كالوالد الرحيم

الحديد، عن اإلمــام الحســن )عليــه الســالم( أنــهأبي وروي ابن إنما الخليفة من سار بكتاب الله وسنة نبيــه صـلى اللـه عليــهقال: .(2)وآله

ن أحــق النــاسإوفي )نهج البالغة( قــال علي )عليــه السـالم(: .(3)بهذا األمر أقومهم عليه

وعن )روضــة الــواعظين(: إن اإلمــام الحســين )عليــه الســالم( القــائم بالقســط،،فلعمــري مــا اإلمــام إال الحــاكم بالكتــابقــال:

.(4) الحابس نفسه على ذات الله،والداين بدين الله أنه روى عن اإلمام علي )عليه السالم( أنه، وعن كامل ابن أثير

،أيها الناس إن هذا أمركم ليس ألحد فيــه حــق إال من أمــرتمقال: .(5)وإنه ليس لي دونكم إال مفاتيح ما لكم معي

ويؤيد ذلك أن خازن عثمان لما ألقى المفاتيح أمام عثمان، قالما حاصله: إنه خازن مال المسلمين ال خازن الخليفة.

باب ما يجب من حق اإلمام على الرعيـة وحـق الرعيـة على407 ص1كافي: ج( ال?)1 . ثم قال الكليني رحمه الله: وفي رواية أخـرى: )حـتى يكــون للرعيـة كـاألب8اإلمام حالرحيم(.

.49 ص16( شرح نهج البالغة: ج?)2.173( نهج البالغة: الخطبة ?)3(.يه السالم في ذكر مقتل الحسين )عل173 ص1( روضة الواعظين: ج?)4 ذكر بيعة أمير المؤمنين )عليه السالم(.193 ص3( الكامل ألبن األثير: ج?)5

268

اإلسالمي الحاكم هو منالحاكم اإلسالمي هو الذي يجمع بين شرطين:(: 47)مسألة

األول: كونه مرضيا لله سبحانه تعالى.الثاني: كونه منتخبا من قبل أكثرية األمة.

وشــرعا، فالأما الشــرط األول: فــإن الواليــة للــه ســبحانه عقاليحق ألحد تولي األمر بدون رضاه سبحانه.

وكمــا ال،: فألن الله سبحانه خالق الخلق ومالــك الملكأما عقال برضــاه، كــذلك ال يجــوز يجوز عقال أن يتصرف أحد في ملك أحد إال

برضاه. التصرف في ملك الله إال وأما شرعا: فلورود اآليات والروايــات بلــزوم أن يكــون من يلي

أطيعوا الله﴿وآية ،(1)إنما وليكماألمور مرضيا له سبحانه، مثل آية سول وأولي األمر منكم ــل ،(2)﴾وأطيعوا الر ــدم، ومث وغيرهما مما تق

الروايات المتقدمة.ــه،(3)﴾أمرهم شورى﴿وأما الشرط الثاني: فلقوله سبحانه: وقول

ــدون،(4)﴾وشاورهم في األمر﴿تعالى: فإن إطالق اآليتين يعطي أنه بالشورى ال يصح الحكم إال فيما

.55( سورة المائدة: ?)1.59( سورة النساء: ?)2.37( سورة الشورى: ?)3.154( سورة آل عمران: ?)4

269

، وحكمعليهما الســالم(خرج، مثل حكم الرسول وحكم اإلمام ) من عيناه نصا، مثل تعيين الرسول )صــلى اللــه عليــه وآلــه( أســيدا

فإنــه ال مجــال، على مكة، وتعيين علي )عليه الســالم( مالكــا لمصر للشــورى مــع النص في الموضــوعات، كمــا ال مجــال للشــورى مــع

النص في األحكام. وحيث إنه ال حكم إال مــا ورد بــه كتــاب أو ســنة، كمـا ورد بـذلك النصوص وقد ذكرنا بعضها في مســألة آنفــة، يبقى مجــال الشــورى في الموضوعات، فمــا دل على أن الشــورى فيــه ليس على ســبيل

فظاهر اآلية الوجوب، الوجوب نقول بعدم وجوب الشورى فيه، وإال ولذا نقول بوجوب الشورى في الحكم، وقد ذكرنا في كتاب )الفقه: الحكم في اإلســالم( أدلـة الشـورى في الحكم الـواردة في الكتـاب

والسنة.وعلى هذا يكون هناك انتخابان للناس:

األول: انتخابهم للفقيــه العــادل الجــامع للشــرائط، كمــا ســيأتي بيان الشرائط حتى يكون هــو الــذي يتــولى عامــة األمــور، وهــذا مــا يسمى بوالية الفقيه، فإذا كــان هنــاك جماعــة من الفقهــاء العــدول،

ويحق لهم أن يختــاروا،اختار المسلمون أحدهم رئيسا أعلى للدولة وهــذا،جماعة منهم ليكونوا رؤســاء الدولــة باالستشــارة فيمــا بينهم

الثاني أقرب إلى روح اإلسالم، حيث إن اإلسالم استشاري، كما أنــه رحم اللــه وقــد قــال )صــلى اللــه عليــه وآلــه(: ،أقرب إلى اإلتقــانــل عمال ــرءا عم ــررون،(1) فأتقنهام ــذين يق ــاء هم ال ــؤالء الفقه وه

السياسة العليا للدولة باالستشارة فيما بينهم، إما

.1 من الدفن ح60 الباب 883 ص2( الوسائل: ج?)1270

بــأن يجعــل بعضــهم رئيســا والبقيــة مشــاورون، وإمــا بــأن تنفــذاألمور بالهيئة الجماعية.

ــاني: انتخــابهم لنــواب األمــة، الــذين يكونــون بــدورهم تحت الث أي تكون والية الفقيه المشرفة العليا على النــواب،إشراف الفقهاء

ــة، وعلى غيرهم، وبعد ذلك إن شاءت األمة انتخبت رئيس الجمهوري وبالتشــاور بين الثالثــة يكــون انتخــاب الــوزراء )الســلطة التنفيذيــة(ــاب رئيس ــة جعلت انتخ ــاءت األم ــاء، وإن ش ــا للقض ــة العلي والهيئ الجمهورية على السلطة التشــريعية مــع الســلطة الفقهائيــة، ولعــل انتخاب األمة لرئيس الجمهورية أقرب إلى روح التشــاور، وإن كــان

يجعل األمر أصعب.

حكم التعارض بين المرجع وشورى الفقهاءــه عن منصــبه ــاء ال يســقط الفقي ــه بانتخــاب الفقه وال يخفى أن

كــان في،التقليدي المخول إليه شرعا، فهو مرجع إذا قلــده النــاســد بين ــد المقلـ ــر عنـ الحكم أو ال، وإذا لم يكن في الحكم ودار األمـ

فالظاهر،طاعته أو طاعة شورى الفقهاء في مورد اختالف نظرهما لزوم اتباع المقلد لشورى الفقهاء، فهو من قبيــل تــردد المقلــد بين رأي مجتهــده ورأي القاضــى فيمــا حــدث نــزاع رجعــا إلى القاضــي، حيث ذكروا لزوم أخذ رأي القاضي، وقد فصلنا البحث في ذلــك في

كتاب القضاء.وإنما نرجح اتباع المقلد لشورى الفقهاء على اتباعه لمرجعه:

: للمناط في مسألة القاضي.أوال وثانيا: لظهور بعض الروايات في ذلك، مثل ما في )نهج البالغة(

حيث قال

271

ــه الســالم(: ــاجرين واألنصــار)علي ــإذا،وإنمــا الشــورى للمه ف اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضى، فإن خــرج من

فإن أبى قاتلوه،أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه واختصــاص األمــر بالمهــاجرين،(1)على اتباعه غير سبيل المؤمــنين

واألنصار دون كل المسلمين:ــه1 ــا يفعل ــانوا راضــين بم ــوم ك ــك الي ــل المســلمين ذل : ألن ك

المهاجرون واألنصار. وألن اإلسالم كان في بدو أمره، حيث كان إيكال األمر إلى كــل.المسلمين خطرا على الدولة من جهة تربص الفرس والروم باألمة

أما حمل كالمه )عليه السالم( على أنه من بــاب إلــزام الخصــمــو خالف الظــاهر، ألن الكتاب موجه إلى معاوية،بما التزم به إذ، فه

الالزم حمل الكالم على البرهان إال إذا لم يكن مساق له إال الجدل. بل يمكن أن يستفاد ترجيح رأي شورى الفقهاء على رأي مرجع

ــة في،تقليده في مورد االختالف مما يرتبط بشؤون الدولة من العل خذ بما اشتهر بين أصحابك، ودع الشاذ النادر،قوله )عليه السالم(:

إذ المراد بــالمجمع عليــه الشــهرة،(2)فإن المجمع عليه ال ريب فيهبقرينة الصدر، والعلة آتية في المقام، فهو من قبيل منصوص العلة.

وفي المقام روايات أخر يمكن أن يستفاد منها ذلك: قال: ســمعت رســول، كما عن الخصال،مثل ما رواه أبو أمامة

يهــا النــاس أطيعــوا والة أمــركمأالله )صلى الله عليه وآله( يقول: .(3)تدخلوا جنة ربكم

إلى معاوية.6( نهج البالغة: الكتاب ?)1.2 من صفات القاضي ح9 الباب 186 ص3( مستدرك الوسائل: ج?)2.6 باب السنة ح321 ص1( الخصال: ج?)3

272

وعن الصدوق )رحمة اللــه عليــه( أنــه روى عن الصــادق )عليــه ، وإيتــاء الزكــاة،المحمدية السمحة إقــام الصــالةالسالم( أنه قال:

وأداء حقــوق، والطاعــة لإلمــام، وحج الــبيت،وصيام شــهر رمضــان.(1)المؤمن

أنــه ســأل عن حــق،وروى أبو حمزة، عن الباقر )عليه الســالم( ،حقه عليهم أن يسمعوا لـه ويطيعـوااإلمام، فقال )عليه السالم(:

ــال: ــه، ق ــا حقهم علي ــدل فيقلت فم يقســم بينهم بالســوية، ويع.(2)الرعية

أنــه، عن الصادق )عليه السالم(، عن عبد األعلى،وروى الكافي السمع والطاعة أبواب الخير، السامع المطيــع ال حجــة عليــه،قال:

والسامع العاصي ال حجة له، وإمام المسلمين تمت حجته واحتجاجه.(3)يوم يلقى الله عزوجل

أنه روى عن اإلمام أمير المؤمــنين )عليــه،وعن ابن أبي الحديدــه قــال: ، فــإن اللــه جعلكم في الحــق ســواء،مــا بعدأالســالم( أن

بمنزلــة،أسودكم وأحمركم، وجعلكم من الوالي وجعل الوالي منكمــديل الولد من الوالد والوالد من الولد، فحقكم عليه إنصافكم، والتع

والكف عن فيئكم، فإذا فعل ذلك وجبت عليكم طاعته، فيمــا،بينكم .(4)وافق الحق

إلى غير ذلك. وقــد تقــدم اإللمــاع إلى أن واليــة الفقيــه امتــداد لواليــة النــبي

)عليهمــا كامتــداد واليــة النــبي واإلمــام ،واإلمــام )عليهمــا الســالم( إلى من نصـــبوه باالســـم، فال يقـــال: إن بعض الروايـــاتالســـالم(

فال تشمل ما نحن فيه.)عليه السالم( المذكورة خاصة باإلمام

.1 من مقدمات النكاح ح48 الباب 74 ص14( الوسائل: ج?)1.1 في ما يجب من حق اإلمام على الرعية ح405 ص1( الكافي: ج?)2.17 في فرض طاعة األئمة ح189 ص1( الكافي: ج?)3.195 ص3( شرح نهج البالغة: ج?)4

273

))من شروط الوالة(( ، الوبعد ما تقــدم من اشــتراط أن يكــون الــوالي مجتهــدا عــادال

إذ أن أي،حاجة إلى ذكـر أنـه البـد أن يعمـل بقـوانين اللـه سـبحانه انحــراف عنهــا يســقط عدالتــه، وإذا ســقطت لــزم على المســلمين

وأنه ال طاعة له،إسقاطه وسحب الثقة عنه وتبديله بالرجل الصالح على المسلمين، أما عدم وجوب طاعته في المعصــية، فأوضــح من

.ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق فإنه ،أن يخفى وعن الخصـــال: إنـــه روى ســـليم بن قيس، عن علي )عليـــه

أتــاهورجال إلى أن قــال: احــذروا على دينكم ثالثة قال: ،السالم( ومعصـيته معصـية اللـه،الله سلطانا، فـزعم أن طاعتـه طاعــة الله

ال إلى أن قــال: وكذب، ألنه ال طاعة لمخلوق في معصــية الخــالق طاعــة لمن عصــى اللـه، إنمـا الطاعــة للـه ولرســوله ولـوالة األمــر

.(1)يهم السالمعل هذا باإلضافة إلى أن جملة من الروايات حذرت عن اتباع العالم

مما تدل على المقام بالطريق األولى، مثــل مــا تقــدم في،العاصيالفقهاء أمناء الرسلخبر السكوني المتقدم في المسألة السابقة:

(2). روى عن،ومثــل مــا عن محجــة الكاشــاني )رحمــة اللــه عليــه(

العلماء أمنــاء الرســل علىرسول الله )صلى الله عليه وآله( قال: عباد الله عزوجل مــا لم يخــالطوا الســلطان فــإذا فعلــوا ذلــك فقــد

.(3)خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهم وعن خراجية الفاضل القطيفي، قال: روي عن المعصوم )عليه

العلماء أحباء الله ما أمروا بالمعروف ونهــوا عن المنكــر،السالم(: ولم يميلــوا في الــدنيا، ولم يختلفــوا أبــواب الســالطين، فــإذا رأيتم

مالوا إلى الدنيا واختلفوا أبواب السالطين

من النكاح.82 الباب 588 ص14( الوسائل: ج?)1.65 ح77 ص4( غوالي اللئالي: ج?)2 الباب السادس.128 ص1( المحجة البيضاء: ج?)3

274

، وال تعــودوا مرضــاهم، وال تصلوا خلفهم،فال تحملوا عنهم العلم يفســدون، فــإنهم آفــة الــدين وفســاد اإلســالم،وال تشيعوا جنائزهم

.الدين كما يفسد الخل العسلــه،وعن الديلمي في مسنده ــه علي إنه روي عن النبي )صلى الل

إذا رأيت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة، فاعلموآله( قال: . أنه لص

إلى غيرها من الروايات التي تــأتي جملــة أخــرى منهــا أيضــا إنشاء الله.

وال يخفى أن شورى فقهــاء حفظــة مجلس األمــة، غــير شــورى الفقهاء المراجع الذي تقدم الكالم حوله، حيث إنهم المرجــع األعلى للدولــة، بــل شــورى الفقهــاء المراجــع هم الــذين يعينــون )شــورى

أو بالتعاون مع سائر وكالء األمة. إما مستقال،الحفظة(

275

البيعة نظرية مناقشة قد ظهر مما تقدم أن الدولة اإلسالمية رئيســها(:ـ 48)مسألة

األعلى هو الفقيه الجامع للشــرائط، ســواء كــان بصــورة فرديــة، أو حسب اختيار األمة أحد األمرين.،بصورة اجتماعية

ــرئيس بالبيعة ،وقد ذكر بعض الكتاب اإلسالميين إمكان تعيين الأو بسبب أهل الحل والعقد.

ــه واستدلوا لذلك، بأن المسلمين بايعوا الرسول )صلى الله علي وبأن أهل الحل والعقد عينوا الخليفــة الثــالث، بــل بمــا تقــدم،وآله(

من كالم علي )عليه السالم( من كفاية اختيار المهاجرين واألنصار. إذ البيعة إنمــا تكــون بعــد االنتخــاب،لكن كال األمرين محل نظر

ــا تعين رئيس الحكومة ــه، ال أنه ــرة ل ــد أن،ومظه ــلمون بع فالمس ولــو لم تكن،صدقوا رسالة الرسول )صلى الله عليه وآلــه( بــايعوه

البيعة كانوا مصدقين له، وكذلك كانت بيعــة بعض الخلفــاء، فالبيعــة كانت نوعا من التأكيد، فالبائع يبيع نفسه وأهله وماله لله، في قبــال

ــال ســبحانه: ــة، كمــا ق ــه الجن ــه الل ترى من﴿أن يعطي إن اللــه اشــة .(1)﴾المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجن

.111( سورة التوبة: ?)1276

ألنه رسول،هذا باإلضافة إلى أنه لم تكن البيعة انتخابا للرسول الله )صلى الله عليه وآله( بايعوه أم ال، بــل كــانت إظهــارا وتأكيــدا، ولذا بايعوه )صلى الله عليه وآله( تحت الشجرة في صــلح الحديبيــة مع أنهم كانوا قد بايعوه قبل ذلك، وكــانت علــة هــذه البيعــة التأكيــد

ولذا إذا انتخبوا بدون البيعة كان،وإرهاب الكفار، فالبيعة ال شأن لهاالزما، وإذا بايعوا بدون المؤهالت كانت باطلة.

فمن نكث فإنمــا ينكث على ،نعم من بايع كان األمــر عليــه آكد كما أن حجة الــوالي عليــه تكــون أقــوى، حيث إن الــوالي،(1)نفسه

يستدل ببيعته على أنــه قبـل وانتخب، فال حــق لــه في النقض، ولـذاــايعوه، ولــذا كــان استدل اإلمام )عليه السالم( على الناكثين بأنهم بــد خلفاء الجور يجبرون الناس على البيعة بالسيف، حتى يستدلوا بع

ذلك لجهلة الناس بأنه بويع لهم بالخالفة. وقد قال خطيب مرتزق في مجلس معاوية بحضور يزيد: )أمــيرــد. المؤمنين هذا، وأشار إلى معاوية. فإن مات فهذا، وأشار إلى يزي ومن أبى فهــذا، وأشــار إلى الســيف( فقــال لــه معاويــة مستبشــرا:

اجلس فأنت أخطب الخطباء. حيث إن،حال ذلك حــال تزييــف االنتخابــات في الــزمن الحاضر

ــع ــبر النـــاس على اإلدالء بأصـــواتهم لنفـ ــة تجـ ــدول الديكتاتوريـ الـ الــديكتاتور، والظريــف في األمــر أن الــديكتاتور يخــرج فــائزا بتســع وتسعين صوتا من المائة، بينما في ما يكون االنتخاب فيه شبه الحر

ال يخرج الفائز إال بأكثرية ضئيلة غالبا. فالبيعة ال شأن أساسي لها في تشكيل الحكومة.،وكيف كان

.10( سورة الفتح: ?)1277

مناقشة نظرية اهل الحل والعقد فدليله وهــو الشــورى الــتي أتت،وأما انتخاب أهل الحل والعقد

فإن الشورى الواردة في الكتــاب والســنة، غير تام،بالخليفة الثالث فبــأى حــق تســقط آراء،معناهــا شــورى الجميــع ال شــورى جماعة

اآلخرين. وقد تقدم الجواب عن االستدالل بكالم علي )عليه السالم( وأنه

باإلضــافة إلى،كان فيمــا قبلت األمــة مــا يفعلــه أهــل الحــل والعقد تعسر االنتخابات من جميع األمة في ذلــك الزمــان، كمــا أشــار إليــه

ولعمــريعلي )عليه السالم( في كلمة لــه كمــا في )نهج البالغــة(: لئن كانت اإلمامة ال تنعقد حتى تحضرها عامة الناس فمــا إلى ذلــك

ــبيل ــاب عنها،من سـ ــون على من غـ ــا يحكمـ ثم ليس، ولكن أهلهـ.(1)للشاهد أن يرجع وال للغائب أن يختار

هذا مع اإلشكاالت األخر التي ذكروها في قصــة الشــورى، وقــد ،(2)فيــا للــه وللشــورىأشار إليها علي )عليــه الســالم( في قولــه:

فراجــع شــروح نهج البالغــة وشــرح تجريــد االعتقــاد للعالمــة الحليوللقوشجي وغيرها مما لسنا نحن بصدده هنا.

نعم ربمــا أورد على انتخــاب األكثريــة، دون أهــل الحــل والعقــد ولذا تشــترى أصــواتهم،،فقط، بأن األكثرية غالبا جاهلون بالسياسة

بخالف ما إذا كان زمام االنتخاب بيد،وكثيرا ما ينتخبون غير الصالح أهل الحل والعقد فــإنهم لــدرايتهم السياســية ال يخــدعون، فال يــأتي

غير الصالح إلى الحكم. مع الغض عن أدلــة الشــورى الظــاهرة،لكن هذا اإليراد غير تام

في العموم، وعن أنه لماذا تسقط حق الجماهير

.6( نهج البالغة: الكتاب ?)1.3( نهج البالغة: الخطبة ?)2

278

في اختيــار من يتــولى شــؤونهم، إذ ال نســلم جهــل األكثريــة، إذ األكثرية حيث تتجمع آراؤهم لهم رؤية حسنة، ولــذا يقــال: )محكمــة االجتماع( وهم المرجع في أن أي األطباء والمهندسين و... خير من

.غيره واشتراء الصوت أحيانا ال يخدش حسن رأي األكثرية، وال نســلم

أنهم ينتخبون غير الصالح، فإن انتخابهم لغير الصالح نادر. فهــل هم ال،ثم يبقى المجــال للنقض بــرأي أهــل الحــل والعقد

ــبيعون يقعون تحت تأثر الدعايات، وال يراعون مصالح أنفسهم، وال ي أصواتهم، وقد ذكــر التــاريخ أخطــاء آراء أهــل الحــل والعقــد بمــا لم

يذكر مثله، في آراء العامة.ــع﴿وقد تقــدم إطالق دليــل الشــورى، وفي القــرآن الحكيم: ب ويت

ى ه ما تول وقد ذكرنا في كتــاب )الفقــه:،(1)﴾غير سبيل المؤمنين نولالحكم في اإلسالم( جملة من أدلة الشورى فراجع.

.116( سورة النساء: ?)1279

اإلسالمي الحاكم شروطيشترط في الحاكم اإلسالمي أمور عشرة:(: 49)مسألة

وقــد ذكــر،أ( البلوغ، فإن غير البالغ مولى عليه، فال يكــون وليــافي الروايات أنه ال يجوز أمر الغالم.

ــه ــاه إتمامـ ــل أقصـ ــرعي في الرجـ ــوغ الشـ وال يخفى أن البلـــتي ــوانين ال الخامسة عشرة والدخول في السادسة عشرة، أما القــة عشــرة، فهي مخالفــة للعقــل ــد اكتمــال الثامن ــوغ عن تجعــل البل

ــدليل،والشرع ــة ب ولماذا التأخير إلى هذا السن وقد اكتملت الطبيع اإلمناء، وإن اريد اكتمال العقل فال إشكال في أنه أمر تــدريجي كــل

درجة الحقة يكون العقل فيها أنضج من الدرجة السابقة.والحرية أيضا شرط، بنفس الدليل السابق.

ــق على ــد أطب ــل، وق ــاج إلى دلي ــل، واشــتراطه ال يحت ب( العقــبه كلهم ــوه ومن أش ــفيه والمعت ــرع، والس ــل والش ــتراطه العق اش

داخلون في من ال عقل له. ولن يجعل﴿ج( اإليمان، فإنه ال يصح انتخاب غير المؤمن رئيسا،

هذا باإلضــافة إلى أنــه ربمــا،(1)﴾الله للكافرين على المؤمنين سبيال حيث إن األكثرية اإلسالمية ترغب في اختيار،يستدل لذلك باألكثرية

المؤمن، إلى غير ذلك من األدلة التي

.141( سورة النساء: ?)1280

ــه: ــاب )الفق ــا نحن في كت ــد ذكرناه ــعها، وق ــرت في مواض ذكــد( تفصــيال ــذا ال داعي إلى تكرارهــا هنا،االجتهــاد والتقلي ســواء، ول

بالنسبة إلى هذا الشرط أو الشرائط األخر. د( العلم عن اســتنباط من األدلــة األربعــة، أي الكتــاب والســنة واإلجماع والعقل، حيث قد ثبت حجية األمــور المــذكورة في أصــول الفقه، وقــد ألمعنــا إلى جملــة من أدلــة بعضــها في بعض المســائل

السابقة.ــه الســالم(: ــال )علي ــد ق ــة، وق ــة التام ــان منه( العدال من ك

مطيعــا ألمــر، مخالفــا لهــواه،الفقهــاء صــائنا لنفســه، حافظــا لدينه.(1)مواله، فللعوام أن يقلدوه

وقد روى المشايخ الثالثة، عن الصادق )عليه السالم( أنــه قــال:فــإن الحكومــة إنمــا هي لإلمــام، العــالم بالقضــاء،اتقــوا الحكومة ،

.(2)العادل في المسلمين، لنبي أو وصي نبي وروي )روضة الواعظين( عن اإلمام الحسين )عليه السالم( أنه

ــال: ــابق ــام إال الحــاكم بالكت ــا اإلم ــائم بالقسط،فلعمــري م ، الق.(3)والدائن بدين الله، الحابس بنفسه على ذات الله

وستأتي بعض الروايات األخر دالة على ذلك.،إلى غيرها و( طهارة المولد، بأن ال يكون ولد زنا، بــأن قــد ثبت شـرعا أنــه ولد زنا، فإنه وإن لم يــذنب لكنــه ال يصــلح إلمامــة المسـلمين، وقـد

وشــرعا في كتــاب )الفقــه: االجتهــاد والتقليــد(ذكرنا أدلة ذلك عقالو)كتاب الشهادات( وغيرهما.

وإن كان، وهذا الشرط واضح بالنسبة إلى قائد األمة،ز( الحياة فيه خفاء بالنسبة إلى مرجع التقليد، وجه الوضوح أن الميت ال يقدر

فال يصح ،على القيادة

.20 من صفات القاضي ح10 الباب 95 ص18( الوسائل: ج?)1 217 ص6. والتهذيب: ج1 باب أن الحكومة إنما هي لإلمام ح406 ص7( الكافي: ج?)2

. 1 في اتقاء الحكومة ح3 الباب 4 ص3. والفقيه: ج3 في من إليه الحكم ح87الباب في ذكر مقتل الحسين )عليه السالم(.173 ص1( روضة الواعظين: ج?)3

281

أن تبقى األمة بدون المرجع األعلى ليقودهم.

المرأة والقيادة ح( الذكورة، وليس اشتراط الذكورة في المرجع القائــد تنقيصــا للمرأة وإهانة لها، بــل من جهــة أنهــا خلقت غــير خشــنة، فال تكلــف باألشــياء الــتي تحتــاج إلى الخشــونة، كمــا أن الرجــل خلــق خشــنا،

فيكون حمل األمور الخشنة عليه.ــا بقســمي الســيارة، وقســمي ــا لــذلك في بعض كتبن وقــد مثلنــير ــنوعة لحمـــل المســـافر غـ المعامـــل، حيث إن الســـيارة المصـ المصـــنوعة لحمـــل الحديـــد، فعـــدم حمـــل الحديـــد على ســـيارة المسافرين ليس إهانة وتنقيصــا بالنســبة إليهــا، وكــذلك عــدم صــنع ــة لهــا وتنقيصــا األشــياء الخشــنة في المعامــل اللطيفــة، ليس إهان

لقدرها، وإنما من باب وضع كل شيء موضعه. كما أن أقليــة إرث المــرأة وديتهــا إنمــا كــانت ألجــل أن الرجــل

وأمـا وأختـا، فحيث كلـف الرجـلمكلف بنفقـة المـرأة، بنتــا وزوجةبالنفقة جعل حظه أكثر.

ــه القــادر على األعمــال أمــا لمــاذا كلــف الرجــل بالنفقــة، فألنالخشنة دون المرأة.

ويدل على أن للمرأة شأنا غير شأن الرجل، أنا نجد في العــالم الغربي والشرقي، حيث يقولون بأنهم ســاووا بين الجنســين، وحيث إن الطريق مفتوح أمام المرأة لنيل كل ما يتمكن الرجــل من نيلــه،ــوزارة أنه لم تصل المرأة إلى ما وصل إليه الرجل، من الرئاسة وال والسفارة وقيادة الجيش واالختراع واالكتشاف ومــا أشــبه، ولمــاذا،

إن عدم وصول المرأة إلى تلك المناصب واألمور: إما ألن فطرة المرأة لم تخلــق لمثــل هــذه الشــؤون، وإمــا ألن

الرجل لم يدع

282

لها مجاال، وإما ألن القانون جار عليها ففرق بينهما. لكن المفـــروض أن القـــانون يســـاوي بين الجنســـين، كمـــا أن

قضـــية الفطـــرة، الطريـــق مفتـــوح أمـــام كال الجـــانبين، فليس إال والفطرة لم تكن جائرة، ولوال المرأة كــان الخلــق ناقصــا، كمــا أنــه

حمن من تفاوت﴿لوال الرجل كان كذلك: .(1)﴾ما ترى في خلق الر وعلى المثل السابق لو لم تكن في البالد السيارة الكبــيرة كــان البلــد محتاجــا إليهــا، كمــا أنــه إذا لم تكن فيهــا الســيارة ألجــل

المسافرين كان البلد محتاجا إليها. ال يقــال: إن أفــرادا من النســاء وصــلن إلى الــوزارة والرئاســة

واالكتشاف. ألنه يقال: لماذا أفراد، أليس لو كانت الخلقة فيهما واحدة، كان الالزم تساويهما، إن لم تكن المرأة أكثر أفرادا حيث إنها اكثر عــددا

من الرجل. وبهذا تبين أن المراد )بــأنهن نــواقص( كمــا في بعض الروايــات، ،يراد بالنقص عدم كونها بقدر الرجل، ال النقص بمعنى عــدم التمــامــد واحــدة ــه ي ــذي ل ــل اإلنســان ال ــل المــرأة والرجــل مث فليس مث واإلنســان الـذي لـه يـدان، حيث إن األول نــاقص، بــل حالهمــا حــال الحمام والبازي، حيث إن صــغر جثــة األول وعــدم تــزوده بــالمخلب ليس نقصا، بل إن األول أعطي كيلــوا من اللحم ولم يعــط المخلب

ــة﴿بينما أعطى الثاني كيلوين والمخلب، قال ســبحانه: فســالت أودي.(2)﴾بقدرها

نظرة اإلسالم إلى المرأة وبما ذكرنا يجمع بين الروايات الواردة الــتي يتــوهم أنهــا في ذم

المرأة

.4( سورة الملك: ?)1.17( سورة الرعد: ?)2

283

والروايــات الــواردة في مــدحها، والجمــع يكــون بقرينــة اآليــات.(1)﴾ولهن مثل الذي عليهن﴿ مثل قوله سبحانه: ،والروايات اآلخر

ه أحسن الخالقين﴿وقوله سبحانه: .(2)﴾فتبارك الل.(3)﴾و صوركم فأحسن صوركم﴿وقوله سبحانه: ه أتقاكم﴿وقوله سبحانه: .(4)﴾إن أكرمكم عند اللحمن من تفاوت﴿وقوله سبحانه: .(5)﴾في خلق الرى مطلع الفجر﴿وقوله سبحانه: إلى غير ذلك.،(6)﴾سالم هي حت

ــه فال نقص في حقها، وهي مشمولة كالرجل بأن الله مدح نفسه أحسن الخــالقين :في خلقها في خلــق هــذا وهــذه،،(7)فتبارك الل

وهي مصــورة بأحســن صــورة، واألتقى منهمــا أكــرم عنــد اللــه، وال وهي،(8)فما ترى في خلــق الــرحمن من تفــاوتنقص في خلقها:

جاءت إلى الدنيا سالما كما جاء الرجل كذلك. ولذا نجد إلى جنب الرجال العظام نساء عظيمات، كآدم وحواء، وإبراهيم وهاجر، وموسى وآسية، وعيسى ومريم، ومحمد وخديجــة، وعلى وفاطمة، والحسنين والزينبين، والصادق وأم حميدة، والهادي

وحكمية، والمهدى ونرجس، صلوات الله عليهم أجمعين.

.228( سورة البقرة: ?)1.14( سورة المؤمنون: ?)2.64( سورة غافر: ?)3.13( سورة الحجرات: ?)4.3( سورة الملك: ?)5.5( سورة القدر: ?)6.14( سورة المؤمنون: ?)7.3الملك: ( سورة ?)8

284

لجعلها في والروايات التي يتصور أنها في ذم المرأة، ليست إال المكان الالئق بها، فــإذا قــال إنســان: إن ســيارة المســافرين قليلــة األجهزة ال تقدر على نقل الحديد، ليست مهيأة للسير في الصحاري الخشنة والطرق الوعرة، أفهل يعد ذلك ذما لتلك الســيارة، أم أنهــا لبيان واقعها حتى ال تحمل ما ال طاقة لهــا بــه، ثم لمــاذا الــذم، هــل الذم لخلقة الله، وهل هي خلقت نفسها حتى تذم بفعلها االختياري،ــذم ــذم على شــيء ليس من صــنعها، وهــل ي ــا، أم ال ــار له وال اختي اإلنســان على مــا ليس باختيــاره، وحيث ال يرجــع الــذم ال إلى صــنع

ــراد،الله، وال إلى ذاتها حيث إنها لم تخلق نفسها البد وأن يكون المبيان حقيقتها، حتى ال تدخل في مجال ليس من مجالها.

وهــذا الوجــه جــار في كثــير من الروايــات الــواردة في األبــواب المختلفة، مثل الواردة مما ظاهره ذم )الغنى( أو ذم )الفقــر( أو ذم

.)البكاء والندبة وما أشبه على الميت( والبحث حول المرأة طويل، لم نكن بصدد التعرض له إال إلماعا

بالمناسبة لجعلها بمعزل عن قيادة األمة.ــه )صــلى فقد روى الشيخ الطوسي في الخالف، عن رسول الل

.(1)ال يفلح قوم ولتهم امرأةالله عليه وآله(: وال تــوليوروى الخصال، عن الباقر )عليــه الســالم( أنــه قــال:

.(2)المرأة القضاء، وال تلي اإلمارة ط( وهل يشترط أن يكون القائد الذي تختــاره األمــة أعلم ممن

تبعا لما ذكـر جمـع من اشـتراط تقليــد،سواه، قال به بعض الفقهاءاألعلم.

والظاهر عندنا عدم االشتراط، تبعا لمــا ذكرنــاه في التقليــد منعدم وجود

.6 كتاب القضاء المسألة 228 ص3( الخالف: ج?)1.12 ح73 باب 585 ص2( الخصال: ج?)2

285

دليل كاف على لزوم األعلمية، ولــذا نفي اشــتراطه غــير واحــد كصاحبي المســالك والجــواهر وغيرهمــا، أو في،من الفقهاء مطلقا

الجملة حتى أن في المسألة عشرة أقوال أو أكثر. وقد فصلنا أدلة الطرفين في )كتاب التقليد( من شرح العــروة،ــه أعلم أفضــل، والالزم أن يكــون المــراد وإن كــان ال شــك أن كونــة إلى ــدنيا، ألن اإلدارة بحاج ــدين وال ــأمور ال ــا األعلم ب ــاألعلم هن ب

كليهما.

صفات أخرى للقائد ي( قــد ذكـر في جملـة من الروايـات بعض الصــفات األخــر في القائد، أو مطلقا مما يمكن أن ينطبــق األمــر على القائــد، والظــاهر

وإن كان من الممكن وجوب بعضها.،أن أغلبها على سبيل األفضلية يها الناسأفعن علي )عليه السالم( في )نهج البالغة( أنه قال:

وأعلمهم بــأمر اللــه، فــإن،إن أحق الناس بهذا األمــر أقــومهم عليه.(1) وإن أبى قوتل،شغب شاغب استعتب

وعن االحتجاج، عن رسول الله )صلى الله عليه وآله( أنه قــال:لم يــزل أمــرهم، وفيهم من هــو أعلم منهمــا ولت أمــة قــط رجال

.(2) حتى يرجعوا إلى ما تركواسفاال وقــدوقال أمير المؤمنين )عليه السالم( كما في )نهج البالغة(:

ــانم ــدماء والمغ علمتم أنه ال ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والواألحكام وإمامة المسلمين البخيل

.173( نهج البالغة: الخطبة ?)1 ط األعلمي.286 ص2( االحتجاج: ج?)2

286

وال، وال الجــافي فيقطعهم بجفائه،فتكــون في أمــوالهم نهمتهــا دون قــوم، وال المرتشــي في الحكم ــدول فيتخــذ قوم الحــائف لل فيذهب بالحقوق ويقف به دون المقاطع، وال المعطل للسنة فيهلــك

.(1)األمة عن اإلمام البــاقر )عليــه الســالم( أنــه قــال: قــال،وفي الكافي

لرجــل فيــه ال تصلح اإلمامــة إالرسول الله )صلى الله عليه وآله(: الله، وحلم يملــك بــه غضــبه،يثالث خصال، ورع يحجزه عن معاص

.(2)وحسن الوالية على من يلي حتى يكون لهم كاألب الرحيمــاروفي اآلية الكريمة: وال تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم الن

(3).خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجــاهلينوفي آية أخرى:

(4).وقــال ســبحانه: فبمــا رحمــة من اللــه لنت لهم ولــو كنت فظــا

ــتغفر لهم ــاعف عنهم واسـ ــك فـ ــوا من حولـ ــظ القلب النفضـ غليـ.(5)وشاورهم في األمر

.(6)نك لعلى خلق عظيمإوقال تعالى: الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجههوقال تعالى:

ــه ــا قلب وال تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا وال تطع من أغفلن.(7)عن أمرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا

عبس وتــولى * أن جــاءهوقــال تعــالى في ذم بعض الصــحابة: . اآليات(8)األعمى

.131( نهج البالغة: خطبة ?)1.8 باب ما يجب من حق اإلمام ح407 ص1( الكافي: ج?)2113( سورة هود: ?)3.199( سورة األعراف: ?)4.159( سورة آل عمران: ?)5.4( سورة القلم: ?)6.28كهف: ( سورة ال?)7.2 ـ 1ة عبس: ( سور?)8

287

ــف ــذلك فكي ــلم ك ــون المس ــدل على أن الالزم أن ال يك ــا ي ممبالقائد.

والوروي عن اإلمام أمير المؤمــنين )عليــه الســالم( أنــه قــال: تقبلن في استعمال عمالــك وأمرأئــك شــفاعة، إال شــفاعة الكفــاءة

.(1)واألمانةــه( كمــا عن )تحــف ــه وآل ــه علي ــه )صــلى الل وقــال رســول الل

نا والله ال نولي هــذا العمــل أحــدا ســأله أو أحــدا حــرصإالعقول(: .عليه

وعن )اإلمامة والسياسة(: إن ابن عباس توســط لنصــب اإلمــام )عليه السالم( طلحة والزبير واليين عنه )عليه السالم( في البصــرة

ويحك إن العراقيين بهما الرجال واألمــوال، ومــتىوالكوفة، فقال: تملكا رقاب الناس يستميال السفيه بالطمع، ويضربا الضعيف بالبالء، ويقويا على القوي بالسلطان، ولو كنت مستعمال أحدا لضره ونفعه، الستعملت معاوية على الشام، ولوال ما ظهر لي من حرصــهما على

.(2)الوالية لكان لي فيهما رأيــك منإوفي )نهج البالغة( أنه قال )عليه السالم(: ن شر وزرائ

كان لألشرار قبلك وزيــرا، ومن شــركهم في اآلثــام، فال يكــونن لــك.(3)بطانة

كــان تــرك جعلــه،أقول: فإذا كان األفضل ترك مثل هذا الــوزير لم يصــح نصــبه لخروجــه وإال،قائدا لألمة أولى، فيما إذا كــان عــادال

بشرط العدالة. ومما تقدم ظهر لزوم اطالع القائد على مجــاري الزمــان، فإنــهــات داخل في جملة من اإلطالقات المتقدمة، هذا باإلضافة إلى رواي خاصة، مثل ما قاله الصــادق )عليــه الســالم( لمفضــل )رحمــة اللــه

، أي ما يـوجب اللبس(4)العالم بزمانه التهجم عليه اللوابسعليه(: ويــوجب ذلــك ســقوطه في ،والشــبهة حــتى ال يعــرف كيــف يصــنع

المشكالت.

.276 ص20( شرح نهج البالغة: ج?)1.52 ص1( اإلمامة والسياسة: ج?)2.53( نهج البالغة: الخطبة ?)3.261( تحف العقول: ص?)4

288

ــوافي ــال:،وعن ال ــه ق ــه الســالم( أن ــام الصــادق )علي عن اإلمال تزيده سرعة،العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق

.(1)السير من الطريق إال بعدا

الحاكم اإلسالمي واالستشارة كمــا أن الالزم على الحــاكم اإلســالمي كــثرة االستشــارة، وفي القــرآن الحكيم آيــات حــول االستشــارة، تقــدمت جملــة منهــا، كمــا

تقدمت بعض الروايات حول ذلك.ــددة وقد استشار الرسول )صلى الله عليه وآله( حول أمور متع

كما استشار علي )عليه السالم( في قضايا متعددة.،في حروبهــوا الطاغوت﴿وعن مجمع البيــان في ذيــل آيــة: ذين اجتنب ،(2)﴾وال

ما من أحد يشــاورأنه روي عن رسول الله )صلى الله عليه وآله(: .(3)أحدا إال هدي إلى الرشد

ــة(: فال تكلمــونيوقال علي )عليه السالم( كما في )نهج البالغ وال تتحفظــوا مــني بمــا يتحفــظ بــه عنــد أهــل،بما تكلم به الجبابرة

في حــق وال تظنــوا بي اســتثقاال،البادرة، وال تخالطوني بالمصــانعة قيل لي، وال التمــاس إعظــام لنفســي، فإنــه من اســتثقل الحــق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمــل بهمــا أثقــل عليــه، فال

.(4)تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدلــا )عليــه الســالم( قــال لطلحــة،وعن شــرح نهج البالغة أن علي

ولــو وقــع حكم ليس في كتــاب اللــه بيــان وال في الســنةوالزبــير: .(5)برهانه لشاورتكما

.22 س 39 ص1( الوافي: ج?)1.17( سورة الزمر: ?)2.146 ص13جزء 5( انظر مجمع البيان: مجلد ?)3.216( نهج البالغة: الخطبة ?)4.22 ص32نوار: جأ، وبحار ال39 ص7( شرح نهج البالغة: ج?)5

289

أنه سئل عن رســول،وعن المحاسن، عن الباقر )عليه السالم( مشــاورة ذوي الــرأيالله )صلى الله عليه وآله( مــا الحــزم، قــال:

.(1)واتباعهم ال غــنى كالعقــل،وفي )نهج البالغة( قال علي )عليــه الســالم(:

.(2)وال فقر كالجهل، وال ميراث كاألدب، وال ظهير كالمشاورة ومن شاور الرجال،من استبد برأيه هلكوقال )عليه السالم(:

.(3)شاركها في عقولهاإلى غيرها من الروايات.

لكن الالزم أن تكــون المشــورة بموازينهــا، إذ ليس كــل أحــد يستشار، كما ليس في األحكام الشرعية استشارة، بــل االستشــارة

في أمرين:( في اإلطارات، بعد لزوم أن يكون المحتوى األدلة األربعة.1 ( في التطبيقـــات في مجلس الشـــورى، والهيئـــة التنفيذيـــة،2

وال حــق لهم في أن يستشــيروا في حكم شــرعي،والقوة القضائيةــه الشــارع أو ال، وال في تطــبيق الحكم على ــا قال ــوه كم ــل يجعل ه الموضوع المتبين أنه موضوع لذلك الحكم، فإن حالل محمد )صــلى

الله عليه وآله( وحرامه ال يتغيران إلى األبد.ــد وقد وردت روايات بالنسبة إلى المشورة بصدد ما ذكرناه، فق

وال تــدخلن فيقــال علي )عليــه الســالم( كمــا في )نهج البالغــة(: يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر، وال جبانا يضعفكمشورتك بخيال

ــإن البخــل والجبن،عن األمور وال حريصا يزين لك الشره بالجور، ف.(4)والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله

اقــول: ألن البخيــل يســيء الظن بــأن اللــه ال يكفيــه إذا احتــاج،والحريص يسيء

.14( المحاسن: كتاب المنافع، باب االستشارة ح?)1.54( نهج البالغة: الحكمة ?)2.161( نهج البالغة: الحكمة ?)3.53( نهج البالغة: الرسالة ?)4

290

الظن بالله بأنه ال ينزل عليه رزقه، والجبان يســيء الظن باللــهبأنه سبحانه ال ينصره إذا أقدم في الحق.

وروى معاوية بن وهب، عن الصــادق )عليــه الســالم( أنــه قــال:استشر في أمرك الذين يخشون ربهم(1).

استشــر عنه )عليه السالم( أنــه قــال: ،وروى سليمان بن خالد.(2) فإنه ال يأمر إال بالخير،العاقل من الرجال الورع

ن المشــورة الإ عنــه )عليــه الســالم( أنــه قــال: ،وروى الحلبي كــانت مضــرتها علىتكــون إال بحــدودها، فمن عرفهــا بحــدودها وإال

المستشير أكثر من منفعتها له،.فأولها: أن يكون الذي تشاوره عاقال

الثانية: أن يكون حرا متدينا.الثالثة: أن يكون صديقا مؤاخيا.

ــرك ــه على س ــة: أن تطلع ــك،والرابع ــه كعلم ــه ب ــون علم فيكبنفسك، ثم يستر ذلك ويكتمه.

انتفعت بمشورته، وإذا كان حرا متــدينا أجهــدفإنه إذا كان عاقالــا كتم ســرك إذا،نفســه في النصــيحة لك ــان صــديقا مؤاخي وإذا ك

وإذا أطلعته على سرك فكان علمه بــه كعلمــك،أطلعته على سرك.(3)تمت المشورة وكملت النصيحة

الزهدضرورة ملحة للقائد لزم الصفات في القائد: أن يكون زاهدا في الدنيا بطبعه،أومن

وذلك ينفع

.17 من كتاب المنافع ح3 الباب 601( المحاسن: ص?)1.24 من كتاب المنافع ح3 الباب 602( المحاسن: ص?)2.28 من كتاب المنافع ح3 الباب 602( المحاسن: ص?)3

291

ــه ال يطمــع في أمــوالهم، وال يفــرط في ــة أن المجتمــع من ناحي تكثير الزوجات لنفسه فيذرها كالمعلقة ال ذات بعل وال مطلقــة، والــة ــيرة والرئاس ــمعة الكب ــول إلى الس ــدون للوص ــيء ال ــل الش يفع العريضة، ومن ناحية أن وقته كله مصروف في خير العبــاد وإنهــاض

البالد، بينما الراغب يصرف كثيرا من وقته في شهواته.عنا به أزواجا منهم﴿وقد قال سبحانه: وال تمدن عينيك إلى ما مت

.(1)﴾زهرة الحياة الدنيا الدنياء داء والعــالمويروى عن المسيح )عليه السالم( أنه قال:

.(2) فإذا رأيتم الطبيب يجر الداء إلى نفسه فاتهموه،طبيب ،(3)الــدنيا قنطــرة فاعبروهــا وال تعمروهاوقال )عليه السالم(:

ومراده )عليه السالم( عمارة راغب في مقابل عمارة مسافر. ،وفي )نهج البالغة( كلمات لإلمــام )عليــه الســالم( بهــذا الشــأن

ال وإن لكــل مــأموم إمامــا يقتــدي بــهأفقــد قــال )عليــه الســالم(: ــاه بطمريه،ويستضيء بنور علمه ، أال وإن إمامكم قد اكتفى من دنيــوني، أال وإنكم ال تقدرون على ذلك،ومن طعمه بقرصيه ولكن أعين

.(4) وعفة وسداد،بورع واجتهاد

.131( سورة طه: ?)1.22 ح319 في مواعظ النبي عيسى )عليه السالم( ص14( بحار األنوار: ج?)2.12 ح319 في مواعظ النبي عيسى )عليه السالم( ص14( بحار األنوار: ج?)3.45( نهج البالغة: الكتاب ?)4

292

ــالجور فيمنأوقال )عليه السالم(: تأمروني أن أطلب النصــر بــا أم نجم في،وليت عليه ــا ســمر ســمير، وم ــه م ــه ال أطــور ب والل

فكيــف وإنمــا المــال،السماء نجما، لو كان المال لي لســويت بينهم وهــو،مال الله، أال وإن إعطاء المال في غير حقــه تبــذير وإســراف

يرفــع صــاحبه في الــدنيا ويضــعه في اآلخــرة، ويكرمــه في النــاس.(1)ويهينه عند الله

وإني أقســم باللــه صــادقا لئن بلغــني أنــكوقــال لبعض والتــه: ،خنت من فيء المسلمين شيئا ألشدن عليك شــدة، صغيرا أو كبيرا

.(2) ضئيل األمر، ثقيل الظهر،تدعك قليل الوفر ن الله جعلني إماما لخلقه،إوروى عنه )عليه السالم( أنه قال:

ففــرض علي التقــدير في نفســي ومطعمي ومشــربي وملبســي.(3) وال يطغي الغني غناه، كي يقتدي الفقير بفقري،كضعفاء الناس

إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدرواوقال )عليه السالم(: .(4)أنفسهم بضعفة الناس كي ال يتبيغ بالفقير فقره

الفقــروروي عن رسول الله )صلى الله عليه وآلــه( أنــه قــال: .(5)فخري

وقد ذكرنا وجهه في بعض المسائل.

بقى شيء: وهو أن الحــاكم الســالمي يتســاوى في القــانون اإلســالمي مــع

في العبادات والمعامالت والزواج والطالق والحــدود والــديات،غيرهــولي والقصاص وغير ذلك، حتى أنه إذا قتل جنينا ولجته الروح حق ل

الجنين أن يقتله قصاصا، إذا كان قتله إياه عمدا. وإذا كانت له منازعة، حضر مع طرفــه عنــد القاضـي، ولـو كـان طرفه ذميا، فموازين القضاء تطبق عليه كما تطبــق على غــيره من

غير فرق.

.126( نهج البالغة: الخطبة ?)1.20( نهج البالغة: الرسالة ?)2.1 في سيرة اإلمام ح410 ص1( الكافي: ج?)3.3 في سيرة اإلمام ح410 ص1( الكافي: ج?)4.85 ح55 ص69( بحار األنوار: ج?)5

293

الحاكم اإلسالمي والظالمات والالزم عليــه إغاثــة الملهــوف وقضــاء الحــوائج واالســتماع إلى

كــثر الفســاد في البالد، ويئس النــاس الشكاوي ورد الظالمات، وإال وبذلك يسقط عن العدالة، وكان الالزم عزله.،من العدل

ــدؤلي، وقد ورد أن عليا )عليه السالم( عزل قاضيه أبا األسود ال فلما أتاه قال: يا أمير المؤمــنين لم عزلتــني ومــا خنت ومــا جــنيت،

.(1)ألنك يعلو صوتك صوت الخصمينقال )عليه السالم(: كما طلب )عليه السالم( واليه حيث اشتكت عليــه عنــده امــرأة

.في قصة ذات مغزى كبيرةــا إلى ــه الســالم( في قصــة شــاكية على زوجه ــؤخر )علي ولم يــيرة وأصــلح العصر حيث تبرد الهواء، بل رافقها إلى دارها في الظه

، فكيف بالسكوت على الظلم، أو مساعدة الظالم بإبقائه.(2)بينهماــاكتين على وقد كتب اإلمام السجاد )عليه السالم( إلى أحد الس

واعلم أن أدنى ما كتمت وأخف مــا احتملتالظالمين الموالين له: ــه حين،أن آنست وحشة الظالم وسهلت له طريق الغي، بدنوك من

فمــا أخوفــني أن تكــون تبــوء بإثمــك، وإجابتك له حين دعيت،دنوت ، وأن تسأل عمــا أخــذت بإعانتــك على ظلم الظلمة،الخونةغدا مع

ــد،إنك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك ودنوك ممن لم يرد على أح ــا ــاطال،حق ــرد ب ــاك ولم ت ــاد الله، حين أدن أو ليس، وأحببت من ح

،بدعائه إيــاك حين دعــاك جعلــوك قطبــا أداروا بــك رحى مظــالمهم ،وجسرا يعبرون عليك إلى بالياهم

.548 ص8( إحقاق الحق: ج?)1 في جوامع مناقبه.113 ص40( بحار األنوار: ج?)2

294

يــدخلون، ســالكا ســبيلهم، داعيا إلى غيهم،وسلما إلى ضاللتهمــغ، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم،بك الشك على العلماء فلم يبل

ــالح ــا بلغت من إصـ ــوانهم إال دون مـ ــوى أعـ أخص وزرائهم وال أقـ فما أقل مــا أعطــوك في، واختالف الخاصة والعامة إليهم،فسادهم

ــك،،قدر ما أخذوا منك ــوا علي وما أيسر ما عمروا لك فكيف ما خرب وحاســبها حســاب رجــل،فــانظر لنفســك فإنــه ال ينظــر لهــا غــيرك

.(1)مسؤول ونختم هذه المسألة برواية رواهــا صــاحب )تحــف العقــول( عن

اإلمام الحسين )عليه السالم(: اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائهقال:

لــوال ينهــاهم الربــانيون واألحبــار عن قــولهمعلى األحبار، إذ يقول: رائيل﴿ وقــال: ،(2)﴾اإلثم ــني إســ ــروا من ب ذين كف إلى قولــه:لعن ال

وإنما عاب اللــه ذلــك عليهم ألنهم كــانوا(3)﴾لبئس ما كانوا يفعلون ، يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكــر والفســاد فال ينهــونهم

ورهبة ممــا يحــذرون، واللــه، رغبة فيما كانوا ينالون منهم،عن ذلكاس واخشون﴿يقول: ــون﴿، وقال ســبحانه: (4)﴾فال تخشوا الن والمؤمن

ــون عن ــالمعروف وينه ــأمرون ب ــاء بعض ي هم أولي ــ ــات بعض والمؤمن فبدأ اللــه بــاألمر بــالمعروف والنهي عن المنكــر فريضــة،(5)﴾المنكر

هينهــا، لعلمــه بأنهــا إذ أديت وأقيمت اســتقامت الفــرائض كلها،منه وصعبها ... وذلك أن األمر بــالمعروف والنهي عن المنكــر دعــاء إلى

اإلسالم مع رد المظالم

.198( تحف العقول: ص?)1.63( سورة المائدة: ?)2.79 ـ 78( سورة المائدة: ?)3.44( سورة المائدة: ?)4.71( سورة التوبة: ?)5

295

وأخــذ الصــدقات من،ومخالفة الظالم، وقسمة الفيء والغنــائم. ووضعها في حقها،مواضعها

، وبالخير مذكورة، عصابة بالعلم مشهورة،ثم أنتم أيتها العصابة وبالنصـــيحة معروفـــة، وباللـــه في أنفس النـــاس مهابـــة، يهـــابكم

وال يد، ويؤثركم من ال فضل لكم عليه، ويكرمكم الضعيف،الشريف تشفعون في الحــوائج إذا امتنعت من طالبهــا، وتمشــون،لكم عنده

أليس كــل ذلــك إنمــا،في الطريــق بهيبــة الملــوك وكرامــة األكــابر وإن كنتم عن أكــثر،نلتموه بما يرجى عنــدكم من القيــام بحــق الله

حقه تقصرون. فاستخففتم بحق األئمة، فأما حق الضعفاء فضيعتم، وأما حقكم

بــذلتموه، وال نفســا خــاطرتم بهــا للــذي فال مــاال،بــزعمكم فطلبتم خلقها، وال عشيرة عاديتموها في ذات اللــه، أنتم تتمنــون على اللــه

لقــد خشــيت عليكم أيهــا،جنتــه ومجــاورة رســله وأمانــا عن عذابهــه، ألنكم بلغتم من ــة من نقمات المتمنون على الله أن تحل بكم نقم

ومن يعــرف باللــه ال تكرمــون، وأنتم،كرامة الله منزلــة فضــلتم بها بالله في عباده تكرمون، وقد ترون عهود الله منقوضة فال تفزعون، وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون، وذمة رسول الله )صلى الله عليه

.وآله( محقورة والعمي والبكم والزمن في المدائن مهملـة ال ترحمــون، وال في منزلتكم تعملون، وال من عمــل فيهــا تعنــون، وباالدهــان والمصــانعة

كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي،عند الظلمة تأمنون وأنتم عنه غافلون، وأنتم أعظم النــاس مصــيبة لمــا غلبتم عليــه من

منازل العلماء لو كنتم تسعون ...ــدي العلمــاء بالله ــأن مجــاري األمــور واألحكــام على أي ،ذلــك ب

األمناء على حاللــه وحرامــه، فــأنتم المســلوبون تلــك المنزلــة، ومــا سلبتم ذلك إال بتفرقكم عن الحق واختالفكم في الســنة بعــد البينــة

الواضحة، ولو صبرتم على األذى وتحملتم

296

ــرد وعنكم تصــدر المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم تــنزلتكم ــة من م ــع، ولكنكم مكنتم الظلم ــلمتم،وإليكم ترج واستس

،أمور الله في أيديهم، يعملون بالشــبهات ويســيرون في الشــهوات و؛عجــابكم بالحيــاة الــتي،ســلطهم على ذلــك فــراركم من المــوت

مفارقتكم. فأسلمتم الضعفاء في أيــديهم، فمن بين مســتعبد مقهــور، وبينــآرائهم، ــك ب ــون في المل ــوب، يتقلب ــته مغل ــعف على معيش مستض

ــار، وجرأة، اقتداء باألشرار،ويستشعرون الخزي بأهوائهم على الجب ، فــاألرض لهم شــاغرة،في كل بلد منهم على منــبره خطيب يصــقع

فمن،وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم حول ال يدفعون يد المس بين جبار عنيد، وذي ســطوة على الضــعفة شــديد، مطــاع ال يعــرف

المبدأ المعيد. ومتصدق، وما لي ال أعجب، واألرض من غاش غشوم،فيا عجبا

ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيهتنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا.

وال،اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافســا في ســلطان ونظهــر،التماسا من فصول الحصام، ولكن لنرى المعــالم من دينك

ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك،اإلصالح في بالدك تنصــرونا وتنصــفونا قــوي الظلمــةإن ال وســننك وأحكامــك، فــإنكم

وحســبنا اللــه وعليــه توكلنــا،، وعملوا في إطفاء نــور نــبيكم،عليكم.(1)وإليه أنبنا واليه المصير

.171( تحف العقول: ص?)1297

البشرية والقوانين الله قوانين بينلقد وضع اإلسالم قوانين ألمور ستة:(: 50)مسألة

( عالقة اإلنسان بربه.1( عالقة اإلنسان بنفسه.2( عالقة اإلنسان باإلنسان.3( عالقة اإلنسان بالحيوان.4( عالقة اإلنسان بالنبات.5( عالقة اإلنسان بسائر األمور الطبيعية المخلوقة في الكون.6

وقد وضع اإلسالم لهذه األمــور عشــرات األلــوف من القــوانين، مما قد جمع جملة منها بعض الفقهاء فكــانت أكــثر من ربــع مليــون

دون قضـايا العقيــدة واألخالق واآلداب ومــا،قـانون في الفقــه فقطإلى ذلك.

والقوانين الــتي قررهــا اللــه ســبحانه أصــلح من القــوانين الــتييضعها البشر لثالثة أمور:

أ( إن الله عالم بحقيقة اإلنسان وحقيقــة الكــون، فيعلم الصــالح من القوانين من فاسدها، واإلنســان مهمــا كــان نزيهــا ليس بمطلــع

على الحقائق، ولذا نجده

298

تمكن من الوصول إلى القمر وإلى أعمــاق البحــر، حيث عــرف حقائقهمــا في الجملــة، بينمــا لم يتمكن من وضــع القــانون لنفســه، بحيث يتخلص من الفقــر والجهــل والمــرض والفوضــى والرذيلــة

والحرب وما أشبه ذلك. ب( إن الله سبحانه ال تملي الشــهوات عليــه شــيئا، ولــذا يكــون قانونه في صالح اإلنسان بما هو إنسان، أما البشر فمهما كان نزيها عنــد نفســه، تملى عليــه الشــهوات واألهــواء والمجتمــع مــا يســبب

تحريف قانونه الذي يضعه، مما ال يصلح لكل البشر. ولذا نجد المقننين في بالد الشـيوعية يضـعون القــانون في نفـعــانون ديكتاتورية الحكام، والمقننين في البالد الرأسمالية يضعون الق في نفع الرأسماليين وهكذا، ومن المعلوم أن كلتا الطريقتين خطــأ،

فالقانون المتولد منهما يكون خطأ ال محالة. حيث إن المنفذ له هــو البــوليس،،ج( أن قانون األرض ال يحترم

ــاهرة ولـــذلك ال يســـيطر إال على بقـــع خاصـــة من المجتمـــع الظـ للبوليس، ولذا كثرت الجرائم والمفاسد في كل األرض، بينما قانون الله سبحانه يحترم من األعماق، حيث احترام المؤمن للــه وخشــيته منه، ولذا تقــل الجــرائم عنــد المتــدينين إن لم تتعــدم رأســا، وليس

كذلك غير المتدينين حيث تكثر عندهم الجرائم. وعلى هذا فالالزم اتباع قوانين الســماء، مــع الغض عن الثــواب

له أصــلح بحــال البشــر، أمــا إذاإوالعقاب في اآلخرة، فإن قوانين ال لوحظت اآلخرة والجنة والنار، فالقوانين اإللهية هي المنجيــة فقــط،

بينما في اتباع سائر القوانين العقاب والنكال.

كيف يمكن إجراء قوانين اإلسالم وحيث إن تبديل قوانين الشرق والغرب التي غزت بالد اإلســالم

بقوانين

299

من ناحيــة االســتنباط ومن ناحيــة التطــبيق،،اإلسالم أمر صعب ألنه قد حدث في االجتماع متغيرات كثيرة كلها بحاجة إلى اســتنباط

أحكامها من األدلة األربعة. كما أن وضع قانون السماء مكان قانون األرض أمــر يحتــاج إلى مزيد الدراية والخبروية لئال تحــدث الفوضــى في المجتمــع، فــالالزم أن يستعين مجلس الشورى اإلسالمي بمئات الخــبراء والفنــيين في مختلف مجاالت الحياة، وبمئات العلماء الراشــدين الفــاقهين للــدين عن اجتهاد واستنباط، فيقســم المجلس إلى لجــان، لجنــة للشــؤون االقتصــادية، ولجنــة للشــؤون الزراعيــة، ولجنــة للشــؤون التجاريــة،

ولجنة للشؤون العسكرية، ولجنة للشؤون الثقافية، وهكذا. وبمعاونــة القســمين من الخــبراء، خــبراء الــدين وخــبراء الــدنيا،ــديني، والمالئمــة للتطــبيق يضــعون القــوانين المــؤطرة باإلطــار ال الدنيوي، ثم يطبقون تلك القوانين على الحيــاة، بمعونــة الســلطتين

التنفيذية والقضائية.ــه وبدون ذلك ال يمكن تطبيق قوانين اإلسالم بيسر، إن ســلم أنــه مســتحيل، فــإن صــالحية ذلــك هي من شــأن ممكن ولم نقــل إن

والمجلس وحده ال يقدر إال باألسلوب الذي ذكرناه.،المجلس

300

الحكم مناهج ( يضعالسالم يه)عل المؤمنين أمير ،وملحقا بهــذه المســألة حيث قــد أشــرف الكتــاب على االنتهــاء

)عليه السالم( المذكورةأمير المؤمنين نذكر جملة من كلمات علي في )نهج البالغة( المرتبطة بمختلف شــؤون الحكم، لتكــون نبراســا

للذي يريد االهتداء بهدي اإلمام )عليه السالم( في هذا الباب. ،حجة)عليه السالم( ومن المعلوم أن قول وفعل وتقرير اإلمام

وحيث إن اإلمـام،حيث إنها من السنة الـتي هي أحــد األدلـة األربعة قد طبق حكم اإلسالم إبــان مزاولتــه للخالفــة، واللــهعليه السالم( )

المستعان.

العدل والظلمقال عليه السالم:

أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لوال حضور الحاضر، وقيــام الحجة بوجود الناصر، وما أخــذ اللــه على العلمــاء أن ال يقــاروا على كظة ظالم، والسغب مظلوم، أللقيت حبلهــا على غاربهــا، ولســقيتآخرها بكأس أولها، وأللفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عــنز

(1).

.3( نهج البالغة: الخطبة ?)1301

فيما أراد رده على المسلمين من قطائع عثمانيه السالم:قال عل

فإن،والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به اإلماء لرددته .(1)في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق

ولئن أمهل الظالم فلن يفــوت أخــذه، وهــو لــه بالمرصــاد على .(2)مجاز طريقه، وبموضع الشجا من مساغ ريقه

ولقد أصبحت األمم تخاف ظلم رعاتهــا، وأصــبحت أخــاف ظلم .(3)رعيتيأتأمروني أن أطلب النصــر بــالجور فيمن وليت عليــه، واللــه ال

.(4)أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجماأيها الناس، أعينوني على أنفسكم، وأيم الله ألنصفن المظلوم

ــل الحــق وإن من ظالمه، وألقودن الظالم بخزامته، حتى أورده منه .(5)كان كارها

فهم أسراء إيمان لم يفكهم من ربقته زيغ وال عدول وال ونى... .(6)فحنوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم

وقســمها على الضــيق والســعة فعــدل فيهــا ليبتلي من أراد ــذلك الشــكر والصــبر من غنيهــا ــبر ب بميســورها ومعســورها، وليخت

.(7)وفقيرهاووسعهم عدله، وعدلت بلساني عن مدائح اآلدميين(8).واجــزه من ابتعاثــك لــه مقبــول الشــهادة، مرضــي المقالــة، ذا

. (9)منطق عدل، وخطبة فصل

وحكمــهيرته القصــد، وســنته الرشــد، وكالمــه الفصــل، ســ .(10)العدل

.15( نهج البالغة: الخطبة ?)1.97( نهج البالغة: الخطبة ?)2.97( نهج البالغة: الخطبة ?)3.126( نهج البالغة: الخطبة ?)4.136( نهج البالغة: الخطبة ?)5.91( نهج البالغة: الخطبة ?)6.91( نهج البالغة: الخطبة ?)7.91( نهج البالغة: الخطبة ?)8.72( نهج البالغة: الخطبة ?)9

.94( نهج البالغة: الخطبة ?)10302

،فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمــام عــادل، هــدي وهــدى فأقام سنة معلومة، وأمــات بدعــة مجهولــة، وإن الســنن لنــيرة لهــا أعالم، وإن البدع لظاهره لها أعالم. وإن شر الناس عنــد اللــه إمــامــة. وإني جائر ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة، وأحيا بدعة متروك سمعت رسول الله )صلى الله عليه وآله( يقول: يؤتى يــوم القيامــةــار جهنم، باإلمــام الجــائر وليس معــه نصــير وال عــاذر، فيلقى في ن

.(1)فيدور فيها كما تدور الرحى، ثم يرتبط في قعرهاواقدموا على الله مظلومين، وال تقدموا عليه ظالمين(2).

الظلم ثالثة

يه السالم:قال علأال وإن الظلم ثالثـــة، فظلم ال يغفـــر، وظلم ال يـــترك، وظلم

مغفور ال يطلب. فأما الظلم الذي ال يغفر فالشرك بالله، قــال اللــهــه﴿تعالى: رك ب ه ال يغفــر أن يشــ وأمــا الظلم الــذي يغفــر،(3)﴾إن الل

فظلم العبــد نفســه عنــد بعض الهنــات، وأمــا الظلم الــذي ال يــترك فظلم العباد بعضهم بعضا، القصــاص هنــاك شــديد، ليس هــو جرحــا

.(4)بالمدى وال ضربا بالسياط، ولكنه ما يستصغر ذلك معهفالله الله في عاجل البغي، وآجل وخامة الظلم، وســوء عاقبــة

.(5)الكبر، فإنها مصيدة إبليس العظمىــواء ــة، واأله ــانت األمالء مجتمع ــانوا حيث ك ــف ك ــانظروا كي ف

مؤتلفة، والقلوب

.157( نهج البالغة: الخطبة ?)1.151( نهج البالغة: الخطبة ?)2.48( سورة النساء: ?)3.176( نهج البالغة: الخطبة ?)4.192( نهج البالغة: الخطبة ?)5

303

معتدلة، واأليدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصــائر نافــذة، والعزائم واحدة، ألم يكونوا أربابا في أقطار األرضــين، وملوكــا على رقاب العالمين، فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخــر أمــورهم، حين وقعت الفرقة، وتشتت األلفة، واختلفت الكلمــة واألفئــدة، وتشــعبوا مختلفين، وتفرقــوا متحــاربين، قــد خلــع اللــه عنهم لبــاس كرامتــه،ــبرين وسلبهم غضارة نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعت

.فــاعتبروا بحــال ولــد إســماعيل وبــني إســحاق وبــني إســرائيل

فمـــا أشـــد اعتـــدال األحـــوال، وأقـــرب اشـــتباه،)عليهم الســـالم(.(1)األمثال،ــرونه ــق ال يبص ــارى عن الح ــوم حي ــير إلى ق ــتعدوا للمس اس

وموزعين بالجور ال يعدلون به، جفاة عن الكتاب، نكب عن الطريق(2).

الذي صدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده، وقام بالقســط .(3)في خلقه، وعدل عليهم في حكمه

وكان الجور هواهما فمضيا عليه، وقــد ســبق اســتثناؤنا عليهمــا .(4)في الحكومة بالعدل، والصمد للحق سوء رأيهما، وجور حكمهما

ــا ــني بم ــابرة، وال تتحفظــوا م ــه الجب ــا تكلم ب فال تكلمــوني بمــوا بي يتحفظ به عند أهل البادرة، وال تخالطوني بالمصانعة، وال تظن

في حــق قيــل لي، وال التمــاس إعظــام لنفســي، فإنــه مناستثقاال استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما

.(5)أثقل عليه، فال تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل واللــه ألن أبيت على حســك الســعدان مســهدا، أو أجــر في

األغالل مصفدا،

.192( نهج البالغة: الخطبة ?)1.125( نهج البالغة: الخطبة ?)2.185( نهج البالغة: الخطبة ?)3.127( نهج البالغة: الخطبة ?)4.216( نهج البالغة: الخطبة ?)5

304

أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يــوم القيامــة ظالمــا لبعض العباد، وغاصبا لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحــدا لنفس يســرع

.(1)إلى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها

( مع عقيليه السالمقصته )علعليه السالم:قال

وقــد أملــق حــتى اســتماحني من بــركمواللــه لقــد رأيت عقيال ــا صاعا، ورأيت صبيانه شعث الشعور، غبر األلوان من فقرهم، كأنم

ــالعظلم ــدا، وكــرر على القــول،ســودت وجــوههم ب وعــاودني مؤك مرددا، فأصـغيت إليـه سـمعي، فظن أني أبيعـه ديـني، وأتبــع قيـاده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديــدة، ثم أدنيتهــا من جســمه ليعتــبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكــاد أن يحــترق من ميســمها،

أتئن من حديــدة أحماهــا إنســانها،يا عقيلفقلت له: ثكلتك الثواكل للعبه، وتجــرني إلى نــار ســجرها جبارهــا لغضــبه، أتئن من األذى وال

.أئن من لظىوأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفــة في وعائهــا، ومعجونــة

شنئتها، كأنمــا عجنت بريــق حيـة أوقيتهـا، فقلت: أصـلة أم زكـاة أم صدقة، فذلك محرم علينا أهــل الــبيت، فقــال: ال ذا وال ذاك، ولكنهــا

فقلت: هبلتك الهبول، أعن دين الله أتيتني لتخذعني، أمختبطهدية.ــا تحت أنت أم ذو جنة أم تهجر، والله لو أعطيت األقاليم السبعة بم أفالكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته،

ــا لعلي، وإن دنياكم عندي ألهون من ورقة في فم جرادة تقضمها مــه من ســبات العقــل، وقبح ــذة ال تبقى، نعــوذ بالل ولنعيم يفــنى، ول

.(2)الزلل، وبه نستعين

.224( نهج البالغة: الخطبة ?)1.224( نهج البالغة: الخطبة ?)2

305

ظلم الضعيفيه السالم:قال عل

ظلم الضعيف أفحش الظلم(1).ــه يســعى في مضــرته وال يكــبرن عليــك ظلم من ظلمــك، فإن

.(2) وليس جزاء من سرك أن تسوءه،ونفعكوتركا الحق وهمــا يبصــرانه، وكــان الجــور هواهمــا، واألعوجــاج

وقد طبق استثناؤنا عليهما في الحكم بالعدل والعمل بالحق،رأيهما.(3)سوء رأيهما وجور حكمهما

،اللهم أيما عبد من عبادك ســمع مقالتنــا العادلــة غــير الجــائرة .(4)والمصلحة غير المفسدة في الدين والدنيا

من عبد الله علي أمير المؤمنين، إلى القوم الذين غضــبوا للــه حين عصى في أرضه وذهب بحقه، فضرب الجور سرادقه على البر

.(5)والفاجر، والمقيم والظاعنإذا رجفت الراجفة، وحقت بجالئلها القيامة، ولحق بكل منســك

أهله، وبكل معبود عبدته، وبكــل مطــاع أهــل طاعتــه، فلم يجــز في عدلــه وقســطه يومئــذ خــرق بصــر في الهــواء، وال همس قــدم في

.(6)األرض إال بحقه .(7)وكونا للظالم خصما، وللمظلوم عوناوإن البغي والزور يوتغان المرء في دينه ودنياه، ويبــديان خللــه

.(8)عند من يعيبه

(9)( لمالكليه السالمعهده )ع

يه السالم:قال عل

.31( نهج البالغة: الرسالة ?)1.31( نهج البالغة: الرسالة ?)2.177( نهج البالغة: الخطبة ?)3.212( نهج البالغة: الخطبة ?)4.38( نهج البالغة: الكتاب ?)5.223( نهج البالغة: الخطبة ?)6.47( نهج البالغة: الرسالة ?)7.48( نهج البالغة: الرسالة ?)8.53( نهج البالغة: الخطبة ?)9

306

ثم اعلم يا مالك، أني قد وجهتك إلى بالد قد جــرت عليهــا دول قبلك، من عدل وجور، وأن الناس ينظرون من أمورك في مثــل مــا كنت تنظر فيه من أمور الوالة قبلك، ويقولون فيــك مــا كنت تقــول فيهم، وإنما يستدل على الصالحين بما يجــرى اللــه لهم على ألســن

فليكن أحب الــذخائر إليــك ذخــيرة العمــل الصــالح، فأملــك،عبــاده هواك، وشح بنفسك عما ال يحل لك، فــإن الشــح بــالنفس اإلنصــاف

.منها فيما أحبت أو كرهتوأشعر قلبك الرحمة للرعيــة، والمحبــة لهم، واللطــف بهم، وال

تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في. يفرط منهم الزلل،الدين، أو نظير لك في الخلق

ــك، ومن أنصف الله وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهل لك فيه هوى من رعيتــك، فإنــك إن ال تفعــل تظلم، ومن ظلم عبــاد الله كان الله خصمه دون عبــاده، ومن خاصــمه اللــه أدحض حجتــه،

حــتى يــنزع أو يتـوب، وليس شـيء أدعى إلى تغيــيروكان للــه حربا فإن الله سميع دعوة،نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم

.المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصادوليكن أحب األمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل،

.وأجمعها لرضى الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصةــل والجبن ــإن البخ ــالجور، ف ــره ب ــك الش ــزين ل ــا ي وال حريص

.والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله فيإن شر وزرائك من كان لألشرار قبلك وزيرا، ومن شركهم فال يكونن لك بطانة، فإنهم أعـوان األثمـة، وإخــوان الظلمـة،، اآلثام

وأنت واجد منهم خير الخلف ممن لــه مثــل آرائهم ونفــاذهم، وليس عليه مثل آصــارهم وأوزارهم وآثــامهم، ممن لم يعــاون ظالمــا على

.ظلمه، وال آثما على إثمهوإن أفضل قرة عين الوالة استقامة العدل في البالد.ــك ــف من ــور، وينتص ــة األم ــك أغطي ــف عن ــل تنكش ــا قلي وعم

. املك حمية أنفك، وسورة حدك،للمظلوموإنمــا أنت أحــد رجلين: إمــا امــرؤ ســخت نفســك بالبــذل في

الحق، ففيم

307

من واجب حق تعطيه، أو فعل كريم تسديه، أو مبتلى،احتجابكــبالمنع، فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من ب لك، مــعذ

أن أكثر حاجات النــاس إليــك ممــا ال مؤونــة فيــه عليــك، من شــكاة.مظلمة، أو طلب إنصاف في معاملة

،أما بعد، فإني خرجت من حيي هــذا إمــا ظالمــا وإمــا مظلومــا وإما باغيا وإما مبغيا عليه، وإني أذكر الله من بلغــه كتــابي هــذا لمــا

.(1)نفر إلي، فإن كنت محسنا أعانني، وإن كنت مسيئا استعتبنيــة طالمــا ــإن الفتن فاحــذر الشــبهة واشــتمالها على لبســتها، ف

.أغدفت جالبيبها، وأغشت األبصار ظلمتهاوقد عرفوا العدل ورأوه، وسمعوه ووعــوه، وعلمــوا أن النــاس

.عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى األثرة فبعدا لهم وسحقاإنهم والله لم ينفروا من جور، ولم يلحقوا بعدل(2).للظالم من الرجال ثالث عالمــات: يظلم من فوقــه بالمعصــية،

.(3)ومن دونه بالغلبةعالمات الظالم

يه السالم:قال علويظاهر القوم الظلمة(4).وأفضل من ذلك كله كلمة عدل عند إمام جائر(5).ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن(6).والعدل منها على أربع شعب: على غـائص الفهم، وغــور العلم،

ومن علم، فمن فهم علم غور العلم، ورساخة الحلم،وزهرة الحكم غور العلم صــدر عن شــرائع الحكم، ومن حلم لم يفــرط في أمــره

.(7)وعاش في الناس حميدابئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد(8) .وبالسيرة العادلة يقهر المناوئ(9).

.57( نهج البالغة: الرسالة ?)1.70( نهج البالغة: الرسالة ?)2.350( نهج البالغة: الحكمة ?)3.350( نهج البالغة: الحكمة ?)4.374( نهج البالغة: الحكمة ?)5.220( نهج البالغة: الحكمة ?)6.30( نهج البالغة: حكمه ?)7.221( نهج البالغة: الحكمة ?)8.224( نهج البالغة: الحكمة ?)9

308

رy بالعــدل واإلحســان﴿ yــأم ــدل اإلنصــاف،: (1)﴾إن الله ي الع.(2)واإلحسان التفضل

ــوم يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظل(3).

،أحلفوا الظالم إذا أردتم يمينه بأنه بريء من حول اللــه وقوتــه فإنه إذا حلف بها كاذبا عوجل العقوبة، وإذا حلف باللــه الــذي ال إلــه

.(4)إال هو لم يعاجل ألنه قد وحد الله تعالىيوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم(5).

وقــد اســخلفه لعبــد اللــه بن،وقال )عليه السالم( لزياد بن أبيهالعباس على فارس وأعمالها، في كالم طويل كان بينهما:

فــإن العسـف يعــود،استعمل العــدل، واحــذر العسـف والحيف .(6) والحيف يدعو إلى السيف،بالجالءمن كفــارات الــذنوب العظــام إغاثــة الملهــوف، والتنفيس عن

.(7)المكروب

الحق والباطلاليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان، عــزب رأى امـرئ تخلـف

عـني، مـا شـككت في الحـق مـذ أريتـه، لم يـوجس موسـى )عليـه السالم( خيفة على نفسه بل أشفق من غلبة الجهال ودول الضالل،

.اليوم تواقفنا على سبيل الحق والباطل

.90( سورة النحل: ?)1.231( نهج البالغة: الحكمة ?)2.241( نهج البالغة: الحكمة ?)3.253( نهج البالغة: الحكمة ?)4.341( نهج البالغة: الحكمة ?)5.476( نهج البالغة: الحكمة ?)6.24( نهج البالغة: الحكمة ?)7

309

.(1)من وثق بماء لم يظمأ ولعمري ما علي من قتال من خالف الحــق، وخابــط الغي، من

.(2)أدهان وال إيهانوإني والله ألظن أن هــؤالء القــوم ســيدالون منكم باجتمــاعهم

على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، وبمعصيتكم إمــامكم في الحــق،.(3)وطاعتهم إمامهم في الباطل

والله يميت القلب ويجلب الهم من اجتمــاع هــؤالء القــوم على .(4)باطلهم، وتفرقكم عن حقكم

أال وإنه من ال ينفعه الحق يضره الباطل(5).وال يدرك الحق إال بالجد(6).الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق لـه، والقـوي عنــدي ضــعيف

.(7)حتى آخذ الحق منه،فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين

ولـــو أن الحـــق خلص من لبس الباطـــل، انقطعت عنـــه ألســـن المعاندين، ولكن يؤخذ من هــذا ضــغث ومن هــذا ضــغث فيمزجــان،

بقت لهم﴿ وينجــو ،فهنالك يســتولي الشــيطان على أوليائه ذين ســ الا الحسنى .(9)(8)﴾من

وأيم الله، ألبقرن الباطل حتى أخرج الحق من خاصرته(10).فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه، وركب الجهـل مراكبــه، وعظمت

ت الطاغية وقل

.4( نهج البالغة: الخطبة ?)1.24( نهج البالغة: الخطبة ?)2.25( نهج البالغة: الخطبة ?)3.27( نهج البالغة: الخطبة ?)4.28( نهج البالغة: الخطبة ?)5.29( نهج البالغة: الخطبة ?)6.37( نهج البالغة: الخطبة ?)7.102( سورة األنبياء: ?)8.50( نهج البالغة: الخطبة ?)9

.104( نهج البالغة: الخطبة ?)10310

الداعية، وصال الدهر صيال السبع العقور، وهــدر فــنيق الباطــل.(1)بعد كظوم

وإن الكتــاب لمعي مــا،ها إني للمحــق الــذي يتبعووالله إن جئت (لى اللــه عليــه وآله فلقد كنا مع رسول الله )صــ،فارقته مذ صحبته

وإن القتل ليدور على اآلباء واألبناء واإلخوان والقرابات، فمــا نــزداد.(2)على كل مصيبة وشدة إال إيمانا ومضيا على الحق

ــذهب﴿أحملهم من الحــق على محضــه، وإن تكن اآلخــرى فال ته عليم بما يصنعوننإنفسك عليهم حسرات .(4)(3)﴾ الل

يموجون فيهــا موجــا ويمرجــون،فال يبصرون الحق من الباطل .(5)فيها مرجا

وال يوحشنك إال الباطل،ال يؤنسنك إال الحق (6).أيها الناس، من عرف من أخيه وثيقــة دين وســداد طريــق، فال

أمــا إنــه قــد يــرمي الــرامي وتخطيء،يسمعن فيه أقاويــل الرجــالــهإالسهام ويحيل الكالم وباطل ذلك يبور، والله سميع وشهيد، أما ن

ليس بين الحق والباطل إال أربع أصــابع، ثم قــال: الباطــل أن تقــول.(7)سمعت، والحق أن تقول رأيت

فال تنفروا من الحق نفار الصحيح من األجرب، والبارئ من ذي .(8)السقمــوا عن أيهــا النــاس، لــو لم تتخــاذلوا عن نصــر الحــق، ولم تهن

لم يطمــع فيكم من ليس مثلكم، ولم يقــو من قــوي،توهين الباطل عليكم، لكنكم تهتم متاه بني إسرائيل، ولعمري ليضــعفن لكم التيــه

.(9)من بعدي أضعافا بما خلفتم الحق وراء ظهوركم

.108( نهج البالغة: الخطبة ?)1.122( نهج البالغة: الخطبة ?)2.8( سورة فاطر: ?)3.162( نهج البالغة: الخطبة ?)4.164( نهج البالغة: الخطبة ?)5.130( نهج البالغة: الخطبة ?)6.141( نهج البالغة: الخطبة ?)7.147( نهج البالغة: الخطبة ?)8.166( نهج البالغة: الخطبة ?)9

311

الذي يستحق الحكموأعلمهم،أيها الناس، إن أحق الناس بهــذا األمــر أقــواهم عليه

ولعمــري، فإن شغب شاغب استعتب، فإن أبى قوتل،بأمر الله فيهــك لئن كانت اإلمامة ال تنعقد حتى يحضرها عامة الناس، فما إلى ذل

.سبيلوال يحمــل هــذا العلم إال أهــل البصــر والصــبر والعلم بمواضــع .(1) أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق، وألهمنا وإياكم الصبر،الحقفــإن جماعــة،وأخرجــوا إلى اللــه بمــا افــترض عليكم من حقه

فيما تكرهون من الحق خير من فرقة فيما تحبون من الباطل، وإن.(2)الله سبحانه لم يعط أحدا بفرقة خيرا ممن مضى وال ممن بقي

وتركا الحق وهمــا يبصــرانه، وكــان الجــور هواهمــا، واالعوجــاج وقد سبق استثناؤنا عليهما في الحكم بالعدل والعمل بالحق،رأيهما

سوء رأيهما وجور حكمهمــا، والثقــة في أيــدينا ألنفســنا، حين خالفــا.(3)سبيل الحق

فإنه من مــات منكم على فراشــه وهــو على معرفــة حــق ربــه وأهل بيته )عليهم السالم( مــات)صلى الله عليه وآله( وحق رسوله

.(4)شهيدا ووقع أجره على اللهفإنها حق الله عليكم، والموجبة،عباد الله، أوصيكم بتقوى الله

.(5)على الله حقكم، وأن تستعينوا عليها باللهإني لعلى جــادة الحــق وإنهم لعلى مزلــة،فو الذي ال إله إال هو

.(6)الباطلــان، رأى حقا فأعان عليه، أو رأى جورا فردهرحم الله رجال وك

.(7)عونا بالحق على صاحبه

.173( نهج البالغة: الخطبة ?)1.176( نهج البالغة: الخطبة ?)2.177( نهج البالغة: الخطبة ?)3.190( نهج البالغة: الخطبة ?)4.191( نهج البالغة: الخطبة ?)5.197( نهج البالغة: الخطبة ?)6.205( نهج البالغة: الخطبة ?)7

312

تبادل الحق بين الحاكم واألمةيه السالم:قال عل

،أما بعد، فقد جعل الله ســبحانه لي عليكم حقــا بواليــة أمــركم ولكم علي من الحق مثــل الــذي لي عليكم، فــالحق أوســع األشــياء

ــه، ال يجري ألحد إال،في التواصف، وأضيقها في التناصف جــرى علي جرى له، ولو كــان ألحــد أن يجــري لــه وال يجــري وال يجري عليه إال

عليه، لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه، لقدرتــه على عبــاده، ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضــائه، ولكنــه ســبحانه جعــل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليــه مضــاعفة الثــواب

. منه، وتوسعا بما هو من المزيد أهلهتفضالثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على فجعلهـــا تتكـــافؤ في وجوههـــا، ويـــوجب بعضـــها بعضـــا، وال،بعض

وأعظم مــا افــترض ســبحانه من تلــك،يســتوجب بعضــها إال ببعضــة الحقوق حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الوالي، فريض فرضها الله ســبحانه لكــل على كــل، فجعلهــا نظامــا أللفتهم، وعــزا

لدينهم، فليست تصلح الرعية إال بصالح الــوالة، وال تصــلح الــوالة إال باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعيــة إلى الــوالي حقــه، وأدى الــوالي

عز الحق بينهم، وقامت منــاهج الــدين، واعتــدلت معـالم،إليها حقها العدل، وجرت على إذاللها السنن، فصلح بذلك الزمــان، وطمــع في بقاء الدولة، ويئســت مطــامع األعــداء، وإذا غلبت الرعيــة واليهــا، أوــالم ــك الكلمــة، وظهــرت مع ــه، اختلفت هنال ــوالي برعيت أجحــف الــركت محــاج الســنن، فعمــل ــدين، وت الجــور، وكــثر اإلدغــال في الــالهوى، وعطلت األحكــام، وكــثرت علــل النفــوس، فال يســتوحش بــز لعظيم حق عطل، وال لعظيم باطل فعل، فهنالك تذل األبرار، وتع األشرار، وتعظم تبعات اللــه ســبحانه عنــد العبــاد، فعليكم بالتناصــح

فليس أحد ،في ذلك، وحسن التعاون عليه

313

وإن اشتد على رضا الله حرصه، وطال في العمل اجتهاده ببالغ.حقيقة ما الله سبحانه أهله من الطاعة له

،ولكن من واجب حقوق الله على عباده النصيحة بمبلغ جهدهم والتعــاون على إقامــة الحــق بينهم، وليس امــرؤ وإن عظمت في

بفــوق أن يعــان على مــا،الحق منزلته، وتقدمت في الدين فضــيلتهــه ــرؤ وإن صــغرته النفــوس، واقتحمت ــه، وال ام ــه من حق ــه الل حمل

. بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه،العيون

أسخف حاالت الوالة إن من حــق من عظم جالل اللــه ســبحانه في نفســه، وجــل موضعه من قلبـه، أن يصـغر عنـده لعظم ذلـك كـل مـا سـواه، وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت نعمة اللــه عليــه، ولطــف إحســانه إليــه، فإنــه لم تعظم نعمــة اللــه على أحــد إال ازداد حــق اللــه عليــه

وإن من أسخف حــاالت الــوالة عنــد صــالح النــاس، أن يظن،عظما بهم حب الفخر، ويوضع أمــرهم على الكــبر، وقــد كــرهت أن يكــون جــال في ظنكم أني أحب اإلطــراء، واسـتماع الثنــاء، ولسـت بحمــد الله كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه

.عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياءوربما استحلى النــاس الثنــاء بعــد البالء، فال تثنــوا علي بجميــل

ثناء إلخراجي نفسي إلى الله سبحانه وإليكم من التقيــة في حقــوق لم أفــرغ من أدائهــا، وفــرائض البــد من إمضــائها، فال تكلمــوني بمــاــاردة، تكلم به الجبابرة، وال تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل الب

في حــق قيــل لي،وال تخالطوني بالمصانعة، وال تظنوا بي اســتثقاال وال التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحــق أن يقــال لــه أو العدل أن يعرض عليه كــان العمــل بهمــا أثقــل عليــه، فالتكفــوا عن مقالة بحــق، أو مشــورة بعــدل، فــإني لســت في نفســي بفــوق أن أخطئ، وال آمن ذلك من فعلي، إال أن يكفي الله من نفسى مــا هــو

أملك به مني، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب ال رب

314

غيره، يملك منا ما ال نملك من أنفســنا، وأخرجنــا ممــا كنــا فيــه إلى ما صلحنا عليه، فأبدلنا بعد الضــاللة بالهــدى، وأعطانــا البصــيرة

.(1)بعد العمى،واعلموا رحمكم الله أنكم في زمان القائل فيــه بــالحق قليــل

.(2)واللسان عن الصدق كليل، والالزم للحق ذليل،أال ومن أكله الحق فإلى الجنة، ومن أكله الباطــل فــإلى النــار

.(3)وال المحق كالمبطل

قول الحق واطاعتهيه السالم:قال عل

فأسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحق(4).وقوال بالحق(5).من تعدى الحق ضاق مذهبه(6). وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرا

محتسبا، واقعا ذلك من قرابتـك وخاصـتك حيث وقـع، وابتـغ عاقبتـه فــإن المن يبطــل،بما يثقــل عليــك منــه، فــإن مغبــة ذلــك محمــودة

.(7)اإلحسان، والتزيد يذهب بنور الحقوإنه لن يفنيك عن الحق شــيء أبــدا، ومن الحــق عليــك حفــظ

.(8)نفسك، واالحتساب على الرعية بجهدكــرى لنا حق، فإن أعطيناه، وإال ركبنا أعجاز اإلبل وإن طال الس

(9).ــل الحــق على ــالى جع ــه تع ــإن الل ــنين، ف ــون المؤم ــوا ظن اتق

.(10)ألسنتهم

.216( نهج البالغة: الخطبة ?)1.233( نهج البالغة: الخطبة ?)2.17( نهج البالغة: الرسالة ?)3.38( نهج البالغة: الرسالة ?)4.47( نهج البالغة: الرسالة ?)5.31( نهج البالغة: الرسالة ?)6.53( نهج البالغة: الرسالة ?)7.59( نهج البالغة: الرسالة ?)8.21( نهج البالغة: الحكمة ?)9

.309( نهج البالغة: الحكمة ?)10315

فمن تعمــق لم ينب إلى الحــق، ومن كــثر نزاعــه بالجهــل دام .(11)عماه عن الحق

الراضي بفعل قــوم كالــداخل فيــه معهم،عليه السالم(: وقال ).(2)وعلى كل داخل في باطل إثمان، إثم العمل به، وإثم الرضا به

ولم ينزل الكتاب للعباد عبثا، وال خلق الســماوات واألرض ومــا ارذلـك ﴿ ،بينهما باطال ذين كفـروا من الن ـل لل ذين كفـروا فوي ﴾ظن ال

(3)(4).ولكن إطفاء باطل أو إحياء حق(5).أما بعد، فإنما أهلــك من كــان قبلكم أنهم منعــوا النــاس الحــق

.(6) وأخذوهم بالباطل فاقتدوه،فاشتروه من قضــى حــق من ال يقضــى حقــه فقــدوقال )عليه السالم(:

.(7)عبده.(8)ما شككت في الحق مذ أريتهوقال )عليه السالم(: .(9)من أبدى صفحته للحق هلكوقال )عليه السالم(:

ال حكم إال لله، كلمة حق يراد بها باطل(10).

.31( نهج البالغة: الحكمة ?)11.154( نهج البالغة: الحكمة ?)2.27( سورة ص: ?)3.78( نهج البالغة: الحكمة ?)4.66( نهج البالغة: الرسالة ?)5.79( نهج البالغة: الرسالة ?)6.164( نهج البالغة: الحكمة ?)7.184( نهج البالغة: الحكمة ?)8.188( نهج البالغة: الحكمة ?)9

.198( نهج البالغة: الحكمة ?)10316

إن لله في كل نعمة حقا، فمن أداه زادهوقال )عليه السالم(: .(1)منها، ومن قصر فيه خاطر بزوال نعمته

ن أســررتم علمــه، وإن أعلنتم كتبــه، قــد وكــل بــذلك حفظــةإ .(2)كراما، ال يسقطون حقا، وال يثبتون باطال

ولكـل حي قـاتال، ولكـل قـائم مـائالقد أعدوا لكل حق بـاطال ،، .(3)ولكل باب مفتاحا، ولكل ليل مصباحا

.244( نهج البالغة: الحكمة ?)1.183( نهج البالغة: الحكمة ?)2.194( نهج البالغة: الخطبة ?)3

317

أوامره لعماله باتباع العدل في الرعية

)عليه السالم(:قال ،ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المــرأة المســلمة

واألخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها وقالئدها ورعثهـا، مـا تمتنـع مــا نــال رجال، ثم انصــرفوا وافــرين،منه إال باالسترجاع واالسترحام

منهم كلم، وال أريق لهم دم، فلو أن امرء مسلما مات من بعــد هــذا .(1)أسفا ما كان به ملوما، بل كان به عندي جديرا

وأمــا حقي عليكم فالوفــاء بالبيعــة، والنصــيحة في المشــهد .(2)والمغيب، واإلجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم

اتقوا الله في عباده وبالده، فإنكم مسـؤولون حـتى عن البقـاع .(3)والبهائم

ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلهـــا تتكـــافؤ في وجوههـــا، ويـــوجب بعضـــها بعضـــا، وال

ببعض، وأعظم مــا افــترض ســبحانه من تلــك يســتوجب بعضــها إالــة،الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي، فريض

فرضها الله ســبحانه لكــل على كــل، فجعلهــا نظامــا أللفتهم، وعــزا بصالح الــوالة، وال تصــلح الــوالة إال لدينهم، فليست تصلح الرعية إال

باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعيــة إلى الــوالي حقــه، وأدى الــوالي عز الحق بينهم، وقامت منــاهج الــدين، واعتــدلت معـالم،إليها حقها

العدل، وجرت على إذاللها السنن، فصلح بذلك الزمــان، وطمــع فيبقاء الدولة، ويئست

.27( نهج البالغة: الخطبة ?)1.34( نهج البالغة: الخطبة ?)2.167( نهج البالغة: الخطبة ?)3

318

ــوالي ــا، أو أجحــف ال ــة واليه مطــامع األعــداء، وإذا غلبت الرعي برعيته، اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت معالم الجور، وكثر اإلدغــال في الدين، وتركت محاج السنن، فعمــل بــالهوى، وعطلت األحكــام، وكثرت علل النفوس، فال يســتوحش لعظيم حــق عطــل، وال لعظيم باطل فعل، فهنالك تذل األبرار، وتعز األشــرار، وتعظم تبعــات اللــه

.(1)سبحانه عند العبادــك بطعمة ــك ليس ل ــة، وأنت،وإن عمل ــه في عنقــك أمان ولكن

مسترعى لمن فوقك، ليس لك أن تفتــات في رعيــة، وال تخــاطر إال.(2)بوثيقةباإلمــارة يجبههم وال يعضههم، وال يــرغب عنهم تفضالوأمره أال

عليهم، فـــإنهم اإلخـــوان في الـــدين، واألعـــوان على اســـتخراج.(3)الحقوق

الوالي الزاهديه السالم(:قال )عل

ولو شئت الهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القر، ولكن هيهـات أن يغلبـني هـواي، ويقـودنيــه جشعي إلى تخير األطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من ال طمع ل

أو أبيت مبطانــا وحــولي بطــون،في القــرص، وال عهــد لــه بالشــبع أو أكون كما قال القائل:، وأكباد حرى،غرثى

وحسبك داءا أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحن إلى القد

أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، وال أشاركهم في.(4)مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش

.216( نهج البالغة: الخطبة ?)1.5( نهج البالغة: الكتاب ?)2.26( نهج البالغة: الرسالة ?)3.45( نهج البالغة: الكتاب ?)4

319

أما بعد، فإنك ممن استظهر بــه على إقامــة الــدين، وأقمــع بــه نخوة األثيم، وأسد به لهاة الثغــر المخــوف، فاســتعن باللــه على مــا أهمــك، واخلــط الشــدة بضــغث من اللين، وارفــق مــا كــان الرفــق

الشدة، واخفض للرعية أرفق، واعتزم بالشدة حين ال تغني عنك إال جناحـــك، وأبســـط لهم وجهـــك، وألن لهم جانبـــك، وآس بينهم في اللحظــة والنظــرة واإلشــارة والتحيــة، حــتى ال يطمــع العظمــاء في

.(1) والسالم،حيفك، وال ييأس الضعفاء من عدلكيغيره على رعيته فضل نالــه، أما بعد، فإن حقا على الوالي أال

منوال طول خص به، وأن يزيده مــا قسـم اللـه لـه من نعمــه دنـوا.(2)عباده، وعطفا على إخوانه

ــك بن الحــارث هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين، مال األشتر في عهده إليه، حين واله مصر: جباية خراجها، وجهاد عدوها،

.واستصالح أهلها، وعمارة بالدهاأمره بتقوى الله، وإيثار طاعته، واتباع ما أمر به في كتابه، من

فرائضه وســننه، الــتي ال يســعد أحــد إال باتباعهــا، وال يشــقى إال مــع جحودها وإضاعتها، وأن ينصر الله سبحانه بقلبه ويده ولســانه، فإنــه

.جل اسمه قد تكفل بنصر من نصره، وإعزاز من أعزه،وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات، ويزعهــا عنــد الجمحــات

.فإن النفس أمارة بالسوء، إال ما رحم اللهثم اعلم يا مالك، أني قد وجهتك إلى بالد قد جــرت عليهــا دول

قبلك، من

.46( نهج البالغة: الكتاب ?)1.50( نهج البالغة: الكتاب ?)2

320

عدل وجور، وأن الناس ينظــرون من أمــورك في مثــل مــا كنت تنظر فيه من أمور الوالة قبلك، ويقولون فيك مــا كنت تقــول فيهم، وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألســن عبــاده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح، فأملك هواك، وشح بنفسك عما ال يحــل لــك، فــإن الشــح بــالنفس اإلنصــاف منهــا فيمــا

.أحبت أو كرهتوأشعر قلبك الرحمة للرعيــة، والمحبــة لهم، واللطــف بهم، وال

تغتنم أكلهم، فــإنهم صــنفان: إمــا أخ لــك،تكونن عليهم سبعا ضاريا في الدين، أو نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعــرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطــأ، فــأعطهم من عفــوكــوه ــه من عف ــك الل ــى أن يعطي ــذي تحب وترض ــل ال ــفحك مث وص

فإنـك فـوقهم ووالي األمـر عليـك فوقـك، واللـه فـوق من،وصفحه والك، وقد استكفاك أمرهم وابتالك بهم، وال تنصــبن نفســك لحــرب الله فإنه ال يد لك بنقمته، وال غنى بك عن عفوه ورحمته، وال تندمن على عفو، وال تبجحن بعقوبــة، وال تســرعن إلى بــادرة وجــدت منهــا

ر آمــر فأطــاع فــإن ذلــك إدغــال فيمندوحــة، وال تقــولن: إني مــؤم.القلب، ومنهكة للدين، وتقرب من الغير

ــك، ومن أنصف الله وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهل لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إال تفعل تظلم، ومن ظلم عبــاد اللــهــه، وكــان كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجت

وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله،لله حربا حتى ينزع أو يتوب وتعجيـــل نقمتـــه من إقامـــة على ظلم، فـــإن اللـــه ســـميع دعـــوة

.المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد،وليكن أحب األمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل

وأجمعها لرضا الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة، وإنسخط الخاصة

321

يغتفر مع رضى العامة، وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونــة في الرخــاء، وأقــل معونــة لــه في البالء، وأكــره لإلنصــاف،

وأقل شكرا عند اإلعطاء، وأبطأ عذرا عنــد المنــع،،وأسأل باإللحاف وإنما عماد الدين،وأضعف صبرا عند ملمات الدهر من أهل الخاصة

وجماع المسلمين والعدة لألعــداء العامــة من األمــة، فليكن صــغوك.لهم، وميلك معهم

ــائب ــدك، أطلبهم لمع ــك وأشــنأهم عن ــك من ــد رعيت وليكن أبع الناس، فإن في الناس عيوبا، الوالي أحق من ســترها، فال تكشــفن

واللـه يحكم،عما غاب عنك منها، فإنمـا عليـك تطهـير مـا ظهـر لك يستر اللــه منــك مــا، فاستر العورة ما استطعت،على ما غاب عنك

تحب ستره من رعيتك، أطلق عن النــاس عقــدة كــل حقــد واقطــع عنك سبب كل وتر، وتغاب عن كــل مــا ال يضــح لــك، وال تعجلن إلى

. تصديق ساع، فإن الساعي غاش وإن تشبه بالناصحينوال يكونن المحسن والمســيء عنــدك بمنزلــة ســواء، فــإن في

ذلك تزهيدا ألهل اإلحسان في اإلحسان، وتدريبا ألهل اإلســاءة على اإلســاءة، وألــزم كال منهم مــا ألــزم نفســه، واعلم أنــه ليس شــيءــه ــانه إليهم، وتخفيف ــه من إحس ــن ظن راع برعيت ــأدعى إلى حس ب

، وتــرك اســتكراهه إيــاهم على مــا ليس لــه قبلهم،المؤونات عليهم فـإن،فليكن منك في ذلك أمر يجتمـع لـك بـه حسـن الظن برعيتك

ــه،حسن الظن يقطع عنك نصبا طويال وإن أحق من حســن ظنــك ب لمن حسن بالؤك عنده، وإن أحق من ساء ظنك به لمن ساء بالؤك

.عندهوال تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه األمة، واجتمعت بها

وال تحــدثن ســنة تضــر بشــيء من،األلفــة، وصــلحت عليهــا الرعية فيكــون األجــر لمن ســنها، والــوزر عليــك بمــا،ماضــي تلــك الســنن

.نقضت منها

322

وأما بعد، فال تطولن احتجابك عن رعيتك، فإن احتجــاب الــوالة عن الرعية شعبة من الضيق، وقلــة علم بــاألمور، واالحتجــاب منهم

فيصــغر عنــدهم الكبــير، ويعظم،يقطع عنهم علم مــا احتجبــوا دونه ، ويشــاب الحــق بالباطل، ويحســن القــبيح،الصــغير، ويقبح الحسن

،وإنما الوالي بشــر ال يعــرف مــا تــوارى عنــه النــاس بــه من األمــور ،وليست على الحق سمات تعرف بهــا ضــروب الصــدق من الكــذب

وإنما أنت أحد رجلين إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيمــك من واجب حــق تعطيه ــريم تســديه، أو مبتلى،احتجاب ــل ك أو فع

ــبالمنع، فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من ب لك، مــعذ من شــكاة،أن أكثر حاجــات النــاس إليــك ممــا ال مؤونــة فيــه عليك

.مظلمة أو طلب إنصاف في معاملةــة وبطانة ــوالي خاص ــاول،ثم إن لل ــتئثار وتط ــة، فيهم اس وقل

، فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك األحوال،إنصاف في معاملةــك في وال تقطعن ألحد من حاشيتك وحامتك قطيعة، وال يطمعن من اعتقاد عقدة، تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك

وعيبــه، فيكــون مهنــأ ذلــك لهم دونك،يحملون مؤونته على غــيرهم.عليك في الدنيا واآلخرة

وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرا محتسبا واقعا ذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع، وابتغ عاقبته بمــا

. فإن مغبة ذلك محمودة،يثقل عليك منهوإن ظنت الرعية بك حيفـا فأصـحر لهم بعـذرك، واعــدل عنـك

ــا ــك لنفســك، ورفق ــك رياضــة من ــونهم بإصــحارك، فــإن في ذل ظن.برعيتك، وإعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحق

فإنــه ليس شــيء أدنى لنقمة،إياك والدماء وسفكها بغير حلها ، من ســفك، وال أحــرى بــزوال نعمــة وانقطــاع مــدة،وال أعظم لتبعة

والله سبحانه ،الدماء بغير حقها

323

ــة، مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيام فإن ذلك ممــا يضــعفه ويوهنــه،فال تقوين سلطانك بسفك دم حرام

ألن، وال عذر لك عند الله وال عندي في قتـل العمد،بل يزيله وينقله وإن ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك أو سيفك أو،فيه قود البدن

يدك بالعقوبة فــإن في الــوكزة فمــا فوقهــا مقتلــة، فال تطمحن بــك.نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقهم

ــا، وحب ــك منه ــا يعجب ــة بم ــك، والثق ــاب بنفس ــاك واإلعج وإي اإلطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفســه ليمحــق مــا

.يكون من إحسان المحسنينعلى رعيتــك بإحســانك، أو التزيــد فيمــا كــان منوإيــاك والمن

ــإن المن ــك، أو أن تعــدهم فتتبــع موعــدك بخلفــك، ف يبطــلفعل اإلحسان، والتزيد يذهب بنور الحق، والخلف يوجب المقت عند الله

ــوا مــا ال﴿والنــاس، قــال اللــه تعــالى: ه أن تقول ــد الل ــا عن ــر مقت كب.(1)﴾تفعلون،وإياك والعجلة باألمور قبل أوانها، أو التسقط فيها عند إمكانها

أو اللجاجة فيها إذا تنكرت، أو الوهن عنها إذا استوضحت، فضع كــل.أمر موضعه، وأوقع كل أمر موقعه

عــنى بــهوإياك واالستئثار بما الناس فيه أسوة، والتغابي عمــا ت ــل تنكشــف مما قد وضح للعيون، فإنه مأخوذ منك لغيرك، وعما قلي

املــك حميــة أنفــك،، وينتصــف منــك للمظلــوم،عنك أغطية األمــور وغرب لسانك، واحترس من كــل ذلــك،وسورة حدك، وسطوة يدك

بكف البادرة وتأخير السطوة، حتى يسكن غضــبك فتملــك االختيــار،ــاد إلى ربك ولن تحكم ذلك من نفسك حتى تكثر همومك بذكر المع

.

.3( سورة الصف: ?)1324

والواجب عليــك أن تتــذكر مــا مضــى لمن تقــدمك من حكومــة أو،عادلة، أو سنة فاضلة، أو أثــر عن نبينــا )صــلى اللــه عليــه وآلــه(

فتقتــدي بمــا شــاهدت ممــا عملنــا بــه فيهــا،،فريضة في كتــاب الله وتجتهد لنفسك في اتباع ما عهدت إليك في عهدي هذا، واســتوثقت به من الحجة لنفسي عليك، لكيال تكون لك علة عند تســرع نفســك

.(1)إلى هواهارهم بأيــام اللــه، واجلس لهمــأما بعد، فــأقم للنــاس الحج، وذك

م الجاهــل، وذاكــر العــالم، وال يكن فأفت المستفتي، وعل،العصرينــك، وال تحجبن ذا لك إلى الناس سفير إال لسانك، وال حاجب إال وجه

حاجة عن لقائك بها، فإنها إن ذيــدت عن أبوابــك في أول وردهــا لم.(2)تحمد فيما بعد على قضائها

ما تكفونني أنفسكم، فكيف تكفونني غيركم، إن كانت الرعايــا قبلي لتشكو حيف رعاتها، وإنني اليوم ألشكو حيــف رعيــتي، كــأنني

.(3)المقود وهم القادة، أو الموزوع وهم الوزعة

.53( نهج البالغة: الكتاب ?)1 67( نهج البالغة: الكتاب ?)2.261( نهج البالغة: الحكمة ?)3

325

طبقات الرعيةيه السالم:قال عل

واعلم أن الرعيــة طبقــات ال يصــلح بعضــها إال ببعض، وال غــنى اب العامــة والخاصــة،ــببعضها عن بعض، فمنها جنود اللــه، ومنهــا كت

ومنهــا قضــاة العــدل، ومنهــا عمــال اإلنصــاف والرفــق، ومنهــا أهــل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهــل

ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة، وكــل،الصناعات فريضة في كتابه أو ســنة،قد سمى الله له سهمه ووضع على حده

.نبيه )صلى الله عليه وآله( عهدا منه عندنا محفوظا فالجنود، بإذن اللــه حصــون الرعيــة، وزين الــوالة، وعــز الــدين،

بهم، ثم ال قوام للجنــود إال بمــا وسبل األمن، وليس تقوم الرعية إال ،يخــرج اللــه لهم من الخــراج الــذي يقــوون بــه على جهــاد عــدوهم

ــوام، ويكون من وراء حاجتهم،ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ثم ال ق لهذين الصنفين إال بالصنف الثــالث من القضــاة والعمــال والكتــاب،

ويؤتمنــون عليــه، ويجمعــون من المنــافع،لما يحكمــون من المعاقد من خواص األمــور وعوامهــا، وال قـوام لهم جميعــا إال بالتجـار وذوي الصناعات فيما يجتمعون عليه من مرافقهم ويقيمونه من أســواقهم ويكفونهم من الترفق بأيديهم ما ال يبلغــه رفــق غــيرهم، ثم الطبقــة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة الذين يحــق رفــدهم ومعــونتهم،

وليس،وفي الله لكل سعة، ولكل على الوالي حق بقدر ما يصــلحهــك إال ــه من ذل ــه الل ــا ألزم ــة م ــوالي من حقيق ــام يخــرج ال باالهتم

ــا،واالستعانة بالله وتوطين نفسه على لزوم الحق والصبر عليه فيم.(1)خف عليه أو ثقل

.53( نهج البالغة: الكتاب ?)1326

الوزراء والمشاورونعليه السالم:قال

يعــدل بــك عن الفضــل ويعــدكوال تــدخلن في مشــورتك بخيال وال جبانا يضــعفك عن األمــور، وال حريصــا يــزين لــك الشــره،الفقر

بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن.بالله إن شر وزرائك من كان لألشرار قبلك وزيرا، ومن شركهم في فال يكونن لك بطانة، فــإنهم أعــوان األثمــة وإخــوان الظلمــة،،اآلثام

ممن له مثــل آرائهم ونفــاذهم، وليس،وأنت واجد منهم خير الخلف عليه مثــل آصــارهم وأوزارهم وآثــامهم ممن لم يعــاون ظالمــا على ظلمه، وال آثما على إثمه، أولئك أخــف عليــك مؤونــة، وأحســن لــك

فاتخــذ أولئــك خاصــة،معونة، وأحنى عليك عطفا، وأقل لغيرك ألفــا لخلواتك وحفالتك، ثم ليكن آثــرهم عنــدك أقــولهم بمــر الحــق لــك، وأقلهم مساعدة فيما يكون منك مما كره الله ألوليائــه، واقعــا ذلــك

وألصق بأهل الــورع والصــدق، ثم رضــهم على،من هواك حيث وقع يطروك وال يبجحوك بباطل لم تفعله، فإن كــثرة اإلطــراء تحــدثأال

.الزهو وتدني من العزةــبيت مــا صــلح وأكثر مدارسة العلماء، ومناقشة الحكماء في تث

. وإقامة ما استقام به الناس قبلك،عليه أمر بالدكثم أمور من أمورك البد لك من مباشرتها، منهــا إجابــة عمالــك

ابك، ومنها إصدار حاجات النــاس يــوم ورودهــا عليــكبما يعيا عنه كتبما تحرج به صدور

327

.(1)أعوانك، وامض لكل يوم عمله، فإن لكل يوم ما فيه من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجالوقال )عليه السالم(:

.(2)شاركها في عقولها وقال )عليه السالم( لعبد الله بن العباس، وقــد أشــار عليــه في شــيء لم يوافــق رأیــه لــك أن تشــير على وأرى، فــإن عصــيتك

.(3)فأطعنيفــإني لســت في،فال تكفوا عن مقالة بحق، أو مشــورة بعــدل

نفســي بفــوق أن أخطي وال آمن ذلــك من فعلي، إال أن يكفي اللــهــرب من نفسي ما هو أملك به مني، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون ل

وأخرجنا مما كنــا فيــه، يملك منا ما ال نملك من أنفسنا،ال رب غيره وأعطانــا البصــيرة، فأبدلنا بعد الضــاللة بالهــدى،إلى ما صلحنا عليه

.(4)بعد العمىــه إاليه السالم(: وقال )عل ب في ــر ــان ال يق اس زم يأتي على الن

ف فيــه إال الفــاجر،الماحــل ف، وال يظــر عف فيــه إال المنصــ ، وال يضــ ،يعدون الصدقة فيه غرما حم وصلة الر تطالة على،منا ــ والعبادة اس

اس بيان،الن ــارة الصــ ساء وإم لطان بمشورة الن فعند ذلك يكون الس.(5)وتدبير الخصيان

وال ظهير كالمشاورة(6).وال مظاهرة أوثق من المشاورة(7).واالستشارة عين الهداية(8).الحة ــات الصــ ثم الصق بذوي المروءات واألحساب وأهل البيوت

وابق الحسنة ماحة،والس خاء والســ جاعة والســ جدة والشــ ثم أهل النهم جماع من الكرم وشعب من العرف ــا،فإن ثم تفقد من أمورهم م

وال يتفاقمن ،يتفقد الوالدان من ولدهما

.53( نهج البالغة: الكتاب ?)1.161( نهج البالغة: الحكمة ?)2.321( نهج البالغة: الحكمة ?)3.216( نهج البالغة: الخطبة ?)4.102حكمة ( نهج البالغة: ال?)5.54( نهج البالغة: الحكمة ?)6.113( نهج البالغة: الحكمة ?)7.211( نهج البالغة: الحكمة ?)8

328

ــه،في نفسك شيء قويتهم به وإن، وال تحقرن لطفا تعاهدتهم بصيحة لك ه داعية لهم إلى بذل الن وال تدع، وحسن الظن بك،قل فإنيمها كاال على جســ ير من لطفــك،تفقد لطيف أمورهم ات ــإن لليســ ف

.(1) وللجسيم موقعا ال يستغنون عنه،موضعا ينتفعون به

.53( نهج البالغة: الرسالة ?)1329

ابالكتقال عليه السالم:

ابك ــرهم،ثم انظر في حال كت ص، فول على أمــورك خي واخصــالح ــأجمعهم لوجــوه صــ تي تدخل فيها مكايدك وأسرارك ب رسائلك ال

ــك،األخالق ــرئ بهــا علي ــك، ممن ال تبطره الكرامة فيجت في خالف ل ــك،بحضرة مإل ــك علي ــات عمال ، وال تقصر به الغفلة عن إيــراد مكاتب

وال، فيما يأخذ لك ويعطي منك،وإصدار جواباتها على الصواب عنكــك ــك،يضعف عقدا اعتقــده ل وال، وال يعجــز عن إطالق مــا عقــد علي

ــون،يجهل مبلغ قدر نفسه في األمور ه يك فــإن الجاهــل بقــدر نفســــل ــ ـره أجه ــ ـ ــدر غي ــ تك،بق ــ ــ اهم على فراس ـارك إي ــ ـ ثم ال يكن اختي

ــك ات،واستنامتك وحسن الظن من ون لفراســ ضــ جــال يتعر ــإن الر فعهم ن ــوالة بتصــ ن خــدمتهم،ال يحة، وحســ صــ ــك من الن وليس وراء ذليء ــة شــ ــك،واألمان الحين قبل وا للصــ ــرهم بمــا ول فاعمــد، ولكن اختب

ــرا ،ألحسنهم كان في العامة أث ــة وجهــا ــك، وأعــرفهم باألمان فــإن ذليت أمره ه ولمن ول واجعل لرأس كل أمر من،دليل على نصيحتك لل

ــا ومهمــا ــه كثيره ت علي ت أمورك رأسا منهم ال يقهره كبيرها وال يتشــابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته .(1)كان في كت

.53( نهج البالغة: الرسالة ?)1330

القضاةيه السالم:قال عل

ك ــك في نفســ ت ل رعي اس أفضــ ــر للحكم بين الن ممن ال،ثم اختــه األمــور يق ب وم،تضــ ــه الخصــ ة، وال تمحك ل وال، وال يتمــادى في الز

، وال تشرف نفسه على طمع،يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفهبهات،وال يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه وآخــذهم، وأوقفهم في الشــ

ــالحجج ،ب م ــة الخصــ مــا بمراجع هم تبر ف، وأقل برهم على تكشــ وأصــ،األمــور اح الحكم ضــ ــد ات رمهم عن وال، ممن ال يزدهيــه إطــراء، وأصــ

. وأولئك قليل،يستميله إغراءائه ــه،ثم أكثر تعاهــد قضـ ت ــذل مـا يزيـل عل ح لــه في الب ، وافسـ

اس وأعطه من المنزلة لديك مــا ال يطمــع،وتقل معه حاجته إلى النــدك،فيه غيره من خاصتك جال له عن فــانظر، ليأمن بذلك اغتيال الر

فإن هذا الدين قد كان أسيرا في أيدي األشرار،في ذلك نظرا بليغا.(1)يعمل فيه بالهوى وتطلب به الدنيا

أهلمن يتصدى للحكم وليس بقال عليه السالم:

ه،إن أبغض الخالئق إلى الله رجالن ه إلى نفســ ــه الل رجــل وكلفهو جائر

.53( نهج البالغة: الكتاب ?)1331

بيل ـة، مشغوف بكالم بدعة ودعاء ضاللة،عن قصد الس ـ فهو فتنــه،لمن افتتن به ــه، ضال عن هدي من كان قبل ــدى ب ل لمن اقت مضــ

. حمال خطايا غيره رهن بخطيئته،في حياته وبعد وفاتهــة ورجل قمش جهال موضع في جهال األمة عاد في أغباش الفتنر ــه بك اس عالما و ليس ب عم بما في عقد الهدنة قد سماه أشباه النــوى من مــاء ى إذا ارت ــر حت فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثامنا لتخليص يا ضــ اس قاضــ آجن و اكتثر من غير طائل جلس بين النا أ لها حشوا رث ما التبس على غيره فإن نزلت به إحدى المبهمات هيج ــل نســ بهات في مث ـه فهــو من لبس الشــ ـ ـع ب ـه ثم قطـ ـ من رأيــد ــون ق اب خــاف أن يك ــإن أصــ العنكبوت ال يدري أصاب أم أخطأ فاط جهاالت عاش أخطأ و إن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب جاهل خب

وات لم يعض على العلم اب عشــ ــات رك واي ــذرو الر رس قــاطع ي بضــــه و ال أهــل لمــا ه بإصدار مــا ورد علي يح الهشيم ال ملي و الل ذرو الرــرى أن من وراء ظ به ال يحسب العلم في شيء مما أنكره و ال ي قرــل ما بلغ مذهبا لغيره و إن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهه ــه المــواريث إلى الل نفسه تصرخ من جور قضائه الــدماء و تعج منلعة ال ليس فيهم ســ ال ــون ضــ أشكو من معشر يعيشون جهاال و يموتلعة أنفــق بيعــا و ال أغلى ــه و ال ســ أبور من الكتاب إذا تلي حق تالوتـر من ـ ـدهم أنك ـ عه و ال عن ف عن مواضــ ـاب إذا حــر ـ ثمنــا من الكت

.(1)المعروف و ال أعرف من المنكره ب فإن اك و الغضـ ك و حكمـك و إي اس بوجهك و مجلسـ سع الن

ار و ه يباعدك من الن بك من الل يطان و اعلم أن ما قر طيرة من الشا بك من الن ه يقر .(2)رما باعدك من الل

.17( نهج البالغة: الخطبة ?)1.76( نهج البالغة: الكتاب ?)2

332

إ .(1)ن للخصومة قحماليس من العدل القضاء على الثقة بالظنوقال )عليه السالم(:

(2).

في ذم التصويب في الفتياقال عليه السالم:

ــا ــام فيحكم فيه ة في حكم من األحك ي ــرد على أحــدهم القضــ تــه ــا بخالف،برأي ــره فيحكم فيه ــا على غي ة بعينه ي ــك القضــ ــرد تل ثم توب،قوله اهم فيصــ ذي استقضــ ثم يجتمع القضاة بذلك عند اإلمام ال

ــابهم واحــد،آراءهم جميعا هم واحــد وكت ــأمرهم، وإلههم واحد ونبي أفه سبحانه باالختالف فأطاعوه أم نهاهم عنه فعصوه .الل

تعان بهم على إتمامــه ه سبحانه دينا ناقصا فاســ أم،أم أنزل اللى ــه أن يرضــ ــه فلهم أن يقولــوا وعلي ركاء ل ــانوا شــ ه،ك ــزل الل أم أن

سول ــهلى الله عليــه وآلــه(ص)سبحانه دينا تاما فقصر الر عن تبليغه سبحانه يقــول،وأدائه يء : والل طنــا في الكتــاب من شــ ،(3)مــا فر

،وفيه تبيان لكل شيء ــا ه بعض ــ ه ال، وذكر أن الكتاب يصدق بعض وأنــه :اختالف فيه فقال سبحانه ه لوجــدوا في ــر الل ولو كان من عند غي

.)4((5)اختالفا كثيراروقال )عليــه السـالم(: ومة أثم و من قصــ ــالغ في الخصــ من ب

ه من خاصم قي الل .(6)فيها ظلم و ال يستطيع أن يت

.3 ة( نهج البالغة: الحكم?)1.220( نهج البالغة: الحكمة ?)2.39( سورة األنعام: ?)3. 85( سورة النساء: ?)4 18( نهج البالغة: الخطبة ?)5.298( نهج البالغة: الحكمة ?)6

333

العمالعليه السالم(:قال )

هم محاباة،ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا وال تولــة،وأثرة عب الجــور والخيان همــا جمــاع من شــ ــوخ منهم أهــل، فإن وت

ــاء جربة والحي ،الت الم الحة والقــدم في اإلســ ــات الصــ من أهــل البيوتــامع،المتقدمة ح أعراضــا وأقــل في المط ــرم أخالقــا وأصــ هم أك فــإن

.إشراقا وأبلغ في عواقب األمور نظرابغ عليهم األرزاق ــ الح،ثم أس ــ ــوة لهم على استص ــك ق ــإن ذل ف

هم ــ ـديهم،أنفس ـ ــا تحت أي ـاول م ـ ة عليهم إن، وغنى لهم عن تن وحجـون من، أو ثلموا أمانتك،خالفوا أمرك ثم تفقد أعمـالهم وابعث العي

ــدوة،أهل الصدق والوفاء عليهم ــورهم ح ر ألم فإن تعاهدك في السة عي ــق بالر ف ــة والر تعمال األمان ــ ــوان،لهم على اس وتحفظ من األع

ــار ــدك أخب ــه عن فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بهــا علي اهدا ــذلك شــ ــك اكتفيت ب ــه،عيون ــة في بدن ــه العقوب طت علي ــ فبســه اب من عمل ــ ــا أص ــه بم مته،وأخذت ــ ة ووس ــام المذل بته بمق ــ ثم نص

همة دته عار الت .(1)بالخيانة وقل

.53( نهج البالغة: الخطبة ?)1334

التجار وذوي الصناعاتيه السالم(:قال )عل

ناعات جار وذوي الصــ ،ثم استوص بالت ــرا ، وأوص بهم خي المقيمـه ـ ـه والمترفق ببدن ـ طرب بمال ــ ـافع،منهم والمض ـ ــواد المن هم م ــإن ف

ــارح بها من المباعد والمط ك وبحــرك،وأسباب المرافق وجال ــر في بـــك هلك وجبل عها،وســـ اس لمواضـــ ـرءون، وحيث ال يلتئم الن ــ وال يجت

هم سلم ال تخاف بائقته،عليها . وصلح ال تخشى غائلته، فإني بالدك رتك وفي حواشـ ـك،وتفقد أمورهم بحضـ واعلم مـع ذل

يقا فاحشـا ـير منهم ضـ ،أن في كث حا قبيحـا ـافع، وشـ ـارا للمن ، واحتكما في البياعات ــوالة،وتحك ة للعامة وعيب على ال ر ــاب مضــ ، وذلك ب

ه ،فامنع من االحتكار ـه)صلى الله عليه وآله( فإن رسول الل ـ منع من.

ــدل ــوازين ع محا بم ــا ســ ــع بيع ــف،وليكن البي عار ال تجح ــ وأسل،بالفريقين من البائع والمبتاع اه فنك فمن قارف حكرة بعد نهيك إي

.(1) وعاقبه في غير إسراف،به)ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله )صلى الله عليه وآله

.(2)عن بيع المضطرينــه الســالم(: ــير فقــه فقــد ارتطم فيوقــال )علي من اتجــر بغ

.(3)الربا

.53( نهج البالغة: الخطبة ?)1.468( نهج البالغة: الحكمة ?)2.447( نهج البالغة: الحكمة ?)3

335

المحرومونيه السالم(:قال )عل

ـة لهم ـ ذين ال حيل فلى من ال ــ ــة الس ه في الطبق ه الل من،ثم اللمنى ــز ى وال ــ ــل البؤس ــاجين وأه اكين والمحت ــذه،المســ ــإن في ه ف

ــرا تحفظك من حقه فيهم،الطبقــة قانعــا ومعت ه مــا اســ ، واحفــظ لل الم ــ ت صوافي اإلس واجعل لهم قسما من بيت مالك وقسما من غال

ذي لألدنى وكل قد استرعيت،في كل بلد فإن لألقصى منهم مثل الك عنهم بطر،حقه افه إلحكامك، وال يشغلن ك ال تعذر بتضييعك الت فإن

خص همك عنهم، الكثير المهم عر خــدك لهم،فال تشــ وتفقد، وال تصــجــال ــون وتحقــره الر ،أمور من ال يصل إليك منهم ممن تقتحمه العي

واضع غ ألولئك ثقتك من أهل الخشية والت فليرفع إليك أمورهم،ففرــاه ــوم تلق ه ي ــذار إلى الل ــل فيهم باإلع ــؤالء من بين،ثم اعم ــإن ه ف

ــرهم اف من غي ة أحــوج إلى اإلنصــ عي ه في،الر ــذر إلى الل ــل فأع وك.تأدية حقه إليه

ــه وال ن ممن ال حيلــة ل قة في الســ ــل اليتم وذوي الر وتعهد أهه ه ثقيــل،ينصب للمسألة نفســ ــوالة ثقيــل والحــق كل ــك على ال ، وذل

هم ووثقــوا روا أنفســ ب ه على أقوام طلبوا العاقبة فصــ وقد يخففه الله لهم .بصدق موعود الل

ك غ لهم فيـه شخصــ ما تفــر ــك قسـ ــذوي الحاجــات من ،واجعل ل ذي خلقــك،وتجلس لهم مجلســا عامــا ه ال ــه لل ع في ــد، فتتواضــ وتقع

مهم مــك متكل ى يكل رطك حت عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشــه ، غير متتعتع ي سمعت رسول الل يقــول)صلى الله عليــه وآلــه(فإن

لن تقدس أمة ال يؤخذ للضعيف :في غير موطن

336

.فيها حقه من القوي غير متتعتعــرق منهم والعي ــل الخـ يق،ثم احتمـ ــ ــف ونح عنهم الضـ ـ ،واألن

ــه ــاف رحمت ه عليك بذلك أكن ــه،يبسط الل ــواب طاعت ــك ث ــوجب ل ، وي .(1) وامنع في إجمال وإعذار،وأعط ما أعطيت هنيئا

وظلم الضعيف أفحش الظلم(2). وشركاء،وإن لك في هذه الصدقة نصيبا مفروضا وحقا معلوما

كنة ــ ــل مسـ ــة،أهـ عفاء ذوي فاقـ ــ ا موفوك حقك، وضـ ــوفهم، وإن فـــوقهم ــة،حق ــوم القيام وما ي اس خصــ ــر الن ك من أكث ــل فإن ، وإال تفع

ائلون ــ اكين والس ــ ــراء والمس ه الفق ـد الل ـ مه عن ــ ى لمن خص ــ وبؤسبيل ــع،والمدفوعون والغارمون وابن الســ ــة ورت تهان باألمان ومن اسـ

ه الــذل ــد أحــل بنفســ ــا فق ــه عنه ه ودين ه نفســ ــز ــة ولم ين في الخيانـة، وهو في اآلخرة أذل وأخزى،والخزي في الدنيا ـ وإن أعظم الخيان

الم،خيانة األمة .(3) وأفظع الغش غش األئمة والســاخفض لهم جناحــك ــك،ف ــك، وألن لهم جانب ط لهم وجه ، وابســ

ظرة ــك،وآس بينهم في اللحظة والن ى ال يطمع العظماء في حيف حتائلكم، وال ييأس الضعفاء من عدلك عليهم،لهم ــالى يســ ه تع فإن الل

ـيرة والظاهرة ــ ــالكم والكب غيرة من أعمـ ــ ـاده عن الصـ ــ ر عب ــ معشـ.(4)والمستورة فإن يعذب فأنتم أظلم وإن يعف فهو أكرم

.53( نهج البالغة: الكتاب ?)1.31( نهج البالغة: الكتاب ?)2.26( نهج البالغة: الكتاب ?)3.27( نهج البالغة: الكتاب ?)4

337

ونة ألراملهم ــ ــوالهم المص ـه من أم ـ ــدرت علي ــا ق واختطفت ميرة،وأيتامهم ــة المعــزى الكسـ ــه، اختطاف الـذئب األزل دامي فحملت

م من أخــذه ــأث ــر مت ــه غي ــا،إلى الحجاز رحيب الصدر بحمل ك ال أب كأنــك من أبيــك وأمك ــك تراث ه أمــا،لغيرك حدرت إلى أهل بحان الل فســ

ــدنا، أو ما تخاف نقاش الحساب،تؤمن بالمعاد ــان عن ها المعدود ك أيــل،من أولي األلباب ك تأك رابا وطعامــا وأنت تعلم أن يغ شــ كيف تســ

ساء من أموال اليتامى،حراما وتشرب حراما وتبتاع اإلماء وتنكح النــذه ه عليهم ه ــاء الل ذين أف ــدين ال ــؤمنين والمجاه اكين والم ــ والمس

.(1) وأحرز بهم هذه البالد،األموال ـام ـــــ ه في األيت ه الل وا أفــــــواههم،الل يعوا، فال تغب وال يضــــــ

.(2)بحضرتكم رة،أما بعد ــ يا ابن حنيف فقد بلغني أن رجال من فتية أهل البص

ــك، تستطاب لك األلوان،دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها ــل إلي وتنقك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو،الجفان هم، وما ظننت أن وغني،مدعو م مه من هــذا المقضــ ــك، فانظر إلى ما تقضــ تبه علي فمــا اشــ

.(3) وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه،علمه فالفظه

.41( نهج البالغة: الكتاب ?)1.47( نهج البالغة: الكتاب ?)2.45( نهج البالغة: الكتاب ?)3

338

بيت المال( يكتب إلى عماله على الخراج:ليه السالمكان )ع

أما بعــد،من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى أصحاب الخــراج ه مــا يحرزها ــه لم يقــدم لنفســ ائر إلي ،فإن من لم يحــذر مــا هــو صــ

ير ـه يسـ فتم ب ـير،واعلموا أن ما كل ـه كث ـو لم يكن فيمـا، وأن ثواب ولــه من البغي والعــدوان عقــاب يخــاف ه عن ــواب،نهى الل ــان في ث لك

ــه ــرك طلب ــه مــا ال عــذر في ت كم،اجتناب اس من أنفســ فوا الن ، فأنصــــوائجهم بروا لح ــ فراء،واص ــ ة ووكالء األمة وس عي ان الر ــز كم خ ــإن ف

ــه،األئمة موا أحــدا عن حاجت ــه، وال تحشــ وه عن طلبت وال، وال تحبســيف تاء وال صــ وة شــ اس في الخراج كســ ة يعتملــون،تبيعن للن وال داب

،عليها ــدا ، وال عب ــان درهم وطا لمك ربن أحــدا ســ ن، وال تضــ وال تمســاس مصل وال معاهد ،مال أحد من الن الحا إال أن تجــدوا فرســا أو ســ

ــك في،يعدى به على أهل اإلسالم ــدع ذل ه ال ينبغي للمسلم أن ي فإن ، وال تدخروا أنفسكم نصيحة،أيدي أعداء اإلسالم فيكون شوكة عليه

ــة،وال الجند حسن سيرة ة معون عي ــوة، وال الر ه ق ــوا، وال دين الل وأبلتوجب عليكم ه مــا اســ طنع،في سبيل الل بحانه قــد اصــ ه ســ فــإن الل

ــدنا كره بجه ره بمــا بلغت قوتنا،عندنا وعندكم أن نشــ وال، وأن ننصــ ه العلي العظيم .(1)قوة إال بالل

.51( نهج البالغة: الكتاب ?)1339

))إلى عامل الصدقات((( يكتبها لمن يستعمله على الصدقات:يه السالمكان )عل

انطلق على تقوى الله وحده ال شريك له، لما ــروعن مســ ، وال ت ــه،وال تجتازن عليه كارها ه في مال ــر من حــق الل ، وال تأخذن منه أكث

ـاتهم ـ ثم،فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبيــار كينة والوق م عليهم،امض إليهم بالس ل ــوم بينهم فتســ ى تق وال، حتــول ة لهم ثم تقـ حي ــدج بالت ه:تخـ لني إليكم ولي الل ــ ه أرسـ ـاد الل ــ عب

ه في أمـوالكم،وخليفته ه في أمـوالكم، آلخـذ منكم حـق الل فهـل لله .من حق فتؤدوه إلى ولي

ــك منعم فــانطلق معــه، فال تراجعه،فإن قال قائل ال وإن أنعم لفه أو ترهقــه ــاك،من غير أن تخيفه أو توعده أو تعســ فخــذ مــا أعط

ــه،من ذهب أو فضة ــدخلها إال بإذن ــل فال ت ية أو إب ، فإن كان له ماشــــه وال،فإن أكثرها له لط علي ــا دخــول متســ فإذا أتيتها فال تدخل عليه

ــه ها، وال تنفرن بهيمــة،عنيــف ب احبها فيها، وال تفزعن وأن صــ ، وال تســره ـاره،واصدع المال صدعين ثم خي ن لمـا اخت ، فإذا اختار فال تعرضـ

ره دعين ثم خي ــاقي صــ دع الب ــا،ثم اصــ ن لم ــ ــار فال تعرض ــإذا اخت فــه،اختاره ه في مال ى يبقى ما فيه وفــاء لحــق الل ، فال تزال كذلك حت

ه منه فإن استقالك فأقله ثم اخلطهما ثم اصنع مثل،فاقبض حق اللذي صنعت أوال ه في ماله،ال ى تأخذ حق الل . حت

ة وال ذات ورة وال مهلوســ ــة وال مكســ ــودا وال هرم وال تأخــذن عى، وال تأمنن عليها إال من تثق بدينه،عوار لمين حت رافقا بمال المســ

مه بينهم هم فيقســ له إلى ولي ــ ،يوص فيقا حا شــ ــا إال ناصــ ل به وال توك.وأمينا حفيظا غير معنف وال مجحف وال ملغب وال متعب

ـدك ــه،ثم احدر إلينا ما اجتمـع عن ه ب ره حيث أمـر الل ي فــإذا، نصــأخذها أمينك

340

يلها ــة وبين فصــ ــه أال يحــول بين ناق ــأوعز إلي ــا،ف ر لبنه وال يمصــــدها ،فيضر ذلك بول ها ركوبــا واحباتها في، وال يجهــدن وليعــدل بين صــ

غب،ذلك وبينها قب والظالع، وليرفه على الال وليوردها، وليستأن بالنــدر ـه من الغ ـ ــر ب ــا تم ــواد،م ــا عن نبت األرض إلى ج ــدل به وال يع

اعات،الطرق اب، وليروحها في الس ــاف واألعشــ ط ــد الن وليمهلها عنــودات ـات وال مجه ـ ـر متعب ـ ـات غي ـ ـدنا منقي ـ ه ب ـإذن الل ـ ـا ب ـ ى تأتين ،حت

ه ة نبي ه وسن ــك)صلى الله عليه وآله(لنقسمها على كتاب الل فإن ذل.(1)أعظم ألجرك وأقرب لرشدك إن شاء الله

))التسوية في العطاء((( لما عوتب على التسوية في العطاء:يه السالمقاله )عل

ــه يت علي ــالجور فيمن ول ر ب صــ ي أن أطلب الن ــأمرون والله ال،أتمير مر ســ ،أطور به ما ســ ماء نجمــا ــان، ومــا أم نجم في الســ ــو ك له،المال لي لسويت بينهم ما المال مال الل أال وإن إعطاء، فكيف وإن

راف ـذير وإسـ ــر حقه تب احبه في الـدنيا،المال في غي وهـو يرفــع صـه،ويضعه في اآلخرة ــد الل ــه عن اس ويهين ع، ويكرمــه في الن ولم يضــ

كرهم،امرؤ ماله في غير حقه ه شــ ــه إال حرمــه الل ــر أهل ، وال عند غيــاج إلى معــونتهم،وكان لغيره ودهم عــل يومــا فاحت ــه الن ت ب فــإن زل

.(2)فشر خليل وأألم خدين

))المال فيء المسلمين(( كلم به عبد الله بن زمعــة وهــو من)عليه السالم(ومن كالم له

،شيعته، وذلك أنه قدم عليه في خالفته يطلب منه ماال

.25( نهج البالغة: الكتاب ?)1.2 من جهاد العدو ح39 الباب 80 ص11( الوسائل: ج?)2

341

ــو،إن هذا المال ليس لي وال لكليه السالم(: )عفقال مــا ه وإنــك، وجلب أسيافهم،فيء للمسلمين فإن شركتهم في حربهم كان ل

.(1) وإال فجناة أيديهم ال تكون لغير أفواههم،مثل حظهم هدا ــ عدان مسـ ــ ك السـ ــ ــر في،والله ألن أبيت على حسـ أو أجـ

فدا ــة،األغالل مصــ ــوم القيام وله ي ه ورســ أحب إلي من أن ألقى الل،ظالما لبعض العباد ــام ، وغاصبا لشيء من الحط ــف أظلم أحــدا وكي

رى حلولها،لنفس يسرع إلى البلى قفولها .(2) ويطول في الثكم ــر تماحني من ب ى اســ ــق حت ــد أمل ــد رأيت عقيال وق ه لق والل ــرهم،صاعا عور غبر األلوان من فق ــا، ورأيت صبيانه شعث الش م كأن

ـالعظلم ـ ــوههم ب ودت وج ــ ،س دا ــاودني مؤك ــول، وع ر علي الق ـر ـ وك معي،مــرددا ــه ســ غيت إلي ــاده، فأصــ ــع قي ب ــه ديني وأت ي أبيع فظن أن

ــر،مفارقا طريقتي مه ليعتب ــا من جســ فأحميت لــه حديــدة ثم أدنيتهمها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها،بها ــرق من ميســ ــاد أن يحت ، وك

واكل يا عقيل:فقلت له انها، ثكلتك الث ــا إنســ أتئن من حديــدة أحماهبه،للعبه ارهـا لغضـ جرها جب ــار سـ ني إلى ن وال، أتئن من األذى، وتجر

.(3)ىأئن من لظـة األرض ـ وال ينبغي لي أن أدع الجند والمصر وبيت المال وجباي

ظر في حقوق المطالبين .(4)والقضاء بين المسلمين والن

.233( نهج البالغة: الخطبة ?)1.224( نهج البالغة: الخطبة ?)2.224( نهج البالغة: الخطبة ?)3.119( نهج البالغة: الخطبة ?)4

342

))إلى عماله ووالته((كتب )عليه السالم( إلى بعض العمال:

ك خنت من فيء ادقا لئن بلغني أن ما صــ م بالله قســ ي أقســ وإن ــيرا ــدعك قليــل،المسلمين شيئا صغيرا أو كب دة ت ــك شــ دن علي ألشــ

الم، ضئيل األمر، ثقيل الظهر،الوفر .(1) والسوصيته )عليه السالم( إلى بعض عماله:

دا راف مقتصــ ،فــدع اإلســ ــوم غــدا ــر في الي ك من، واذك وأمســ أ ترجو أن يعطيك، وقدم الفضل ليوم حاجتك،المال بقدر ضرورتك

رين ـــده من المتكب عين وأنت عن ه أجـــر المتواضـــ وتطمـــع وأنت،اللــواب ــك ث ــوجب ل عيف واألرملــة أن ي ــه الضــ عيم تمنع غ في الن متمــر

لف،المتصدقين ما المرء مجـزي بمـا أسـ ، وقـادم على مـا قـدم، وإنالم .(2)والس

إلى بعض عمالــه وقــد بعثــه على)عليــه الســالم(ومن عهد لــه :الصدقة

ات عمله حيث ال شهيد،أمره بتقوى الله في سرائر أمره وخفيه فيمــا، وال وكيل دونه،غيره يء من طاعــة الل وأمــره أال يعمــل بشـ

ر ــه،ظهر فيخالف إلى غيره فيما أســ ه وعالنيت ر ــف ســ ومن لم يختل. وأخلص العبادة،وفعله ومقالته فقد أدى األمانة

.20( نهج البالغة: الكتاب ?)1.21( نهج البالغة: الكتاب ?)2

343

ال باإلمــارة،وأمره أال يجبههم وال يعضههم ــرغب عنهم تفضــ وال يهم اإلخوان في الدين،عليهم . واألعوان على استخراج الحقوق، فإن

ركاء،وإن لك في هذه الصدقة نصيبا مفروضا وحقا معلوما ــ وشا موفوك حقك فوفهم حقوقهم،أهل مسكنة وضعفاء ذوي فاقة ، وإن

اس خصوما يوم القيامة ك من أكثر الن .وإال تفعل فإنائلون اكين والســ ه الفقــراء والمســ ــد الل مه عن وبؤسى لمن خصــــع ــة ورت تهان باألمان بيل ومن اســ والمدفوعون والغــارمون وابن الســ

ــه عنها ه ودين ه نفســ ــز ــة ولم ين ه الــذل،في الخيان فقــد أحــل بنفســـة، وهو في اآلخرة أذل وأخزى،والخزي في الدنيا ـ وإن أعظم الخيان

الم،خيانة األمة .(1) وأفظع الغش غش األئمة والسخطت،أما بعــد ــه فقــد أســ ــك أمــر إن كنت فعلت فقــد بلغني عنك ــك،رب يت إمامــك وأخــزيت أمانت دت األرض، وعصــ ك جــر بلغني أن

ابك،فأخذت ما تحت قدميك وأكلت ما تحت يديك ــارفع إلي حســ ، فاس ه أعظم من حساب الن الم،واعلم أن حساب الل . والس

ــد ــانتي،أما بع ركتك في أم ــ ي كنت أش ــإن عاري، ف ــك شــ وجعلت لمواساتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي،وبطانتي

ــة إلي مــان على ابن عمك قــد،وموازرتي وأداء األمان فلما رأيت الزاس قــد خــزيت، والعدو قد حــرب،كلب ــة الن وهــذه األمة قــد، وأمان

غرت ــ ــ ــر المجن،فنكت وش ــ ــع، قلبت البن عمك ظه ــ ـه م ــ ـ ففارقتـه مـع الخــائنين، وخذلته مع الخاذلين،المفارقين فال ابن عمك، وخنت

. وال األمانة أديت،آسيته تريــد بجهــادك ك لم تكن الل ــة من،وكأن ن ك لم تكن على بي وكأن

ك ،رب

.26( نهج البالغة: الكتاب ?)1344

ــاهم ما كنت تكيد هذه األمة عن دني ك إن تهم عن،وكأن ــوي غــر وتنة،فيئهم ـر ــ رعت الك ــ ـة األمة أسـ ــ دة في خيان ــ ــك الشـ ـ ، فلما أمكنت

ونة،وعاجلت الوثبة ــه من أمــوالهم المصــ ــدرت علي واختطفت مــا قيرة،ألراملهم وأيتامهم ــة المعــزى الكســ ، اختطاف الذئب األزل دامي

م من أخذه،فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله ك، غير متأث كأن. حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك،ال أبا لغيرك

ه اب، أما تؤمن بالمعاد،فسبحان الل ــاش الحســ ، أو ما تخــاف نقها المعدود كان عندنا من أولي األلباب ،أي ــا كيف تسيغ شرابا وطعام

رب حرامــا ــل حرامــا وتشــ ك تأك ــاع اإلمــاء وتنكح،وأنت تعلم أن وتبتذين ساء من أموال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين ال الن

ه عليهم هذه األموال ه واردد، وأحرز بهم هذه البالد،أفاء الل ق الل فاتــك،إلى هؤالء القــوم أمــوالهم ه من ــل ثم أمكنني الل ك إن لم تفع فإن

ذي ما ضربت به أحدا إال،ألعذرن إلى الله فيك ك بسيفي ال وألضربنار .دخل الن

ــانت ذي فعلت مــا ك و والله لو أن الحسن والحسين فعال مثل الــدي هــوادة ى آخــذ الحــق منهما،لهما عن ــإرادة حت ي ب ، و ال ظفــرا من

ني،وأزيح الباطل عن مظلمتهما ر ــ ه رب العالمين ما يس وأقسم باللــدي ــه ميراثــا لمن بع ح،أن ما أخذته من أموالهم حالل لي أترك فضــ

رى ك قــد بلغت المــدى ودفنت تحت الث ــك،رويدا فكأن ت علي وعرضــع ي ى المضــ رة ويتمن ــادي الظالم فيــه بالحســ ذي ين أعمالك بالمحل ال

جعة .(1)(2)والت حين مناصفيه الر

.38( سورة ص: ?)1.41( نهج البالغة: الكتاب ?)2

345

وكتب )عليه السالم( إلى مصقلة وهو عامله على أردشير خرة:يت خطت إلهــك وعصــ ــه فقــد أســ بلغني عنك أمر إن كنت فعلت

ــولهم،إمامك ــه رمــاحهم وخي لمين الذي حازت ك تقسم فيء المســ أنــراب قومــك ــو،وأريقت عليه دمــاؤهم فيمن اعتامــك من أع ذي ف ال

ــك علي هوانــا ــك حقــا لتجــدن ل سمة لئن كان ذل ة وبرأ الن ،فلق الحب ك،ولتخفن عندي ميزانا ــاك بمحــق، فال تستهن بحق رب وال تصلح دني

أال وإن حق من قبلك وقبلنا من، فتكون من األخسرين أعماال،دينكـــه ـــدي علي ـــردون عن واء ي مة هـــذا الفيء ســـ لمين في قســـ المســـ

.(1)ويصدرون عنهــه الحهم،وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهل الحه وصــ فــإن في صــ

هم، وال صالح لمن سواهم إال بهم،صالحا لمن سواهم اس كل ألن الن.عيال على الخراج وأهله

تجالب ــغ من نظــرك في اســ وليكن نظرك في عمارة األرض أبلــارة،الخــراج ــدرك إال بالعم ــك ال ي ــر، ألن ذل ومن طلب الخــراج بغي

ــاد ــك العب تقم أمــره إال قليال،عمارة أخرب البالد وأهل فــإن، ولم يســــة أرض اغتمرهــا ة أو إحال رب أو بال ــاع شــ ة أو انقط شكوا ثقال أو علــه لح ب ــا ترجــو أن يصــ ــا عطش خففت عنهم بم ــرق أو أجحــف به غ

ــة عنهم،أمرهم ــه المئون يء خففت ب ــك شــ ه ذخــر، وال يثقلن علي فإنــك ــزيين واليت ــك في عمــارة بالدك وت تجالبك،يعودون به علي مــع اســ

ــوتهم، وتبجحك باستفاضة العدل فيهم،حسن ثنائهم معتمدا فضل قبما ذخرت عندهم

.101 والخطبة 43( انظر نهج البالغة: الكتاب ?)1346

ــدلك عليهم ــودتهم من ع ــا ع ــة منهم بم ق ــك لهم والث من إجمامما حــدث من األمــور مــا إذا عــولت فيــه عليهم من،ورفقك بهم فرب

بة أنفسهم به ما، فإن العمران محتمل ما حملته،بعد احتملوه طي وإنــواز أهلها ــؤتى خــراب األرض من إع راف،ي ــا إلشــ ــوز أهله مــا يع وإن

ــاعهم ة انتفـ ــاء وقل هم بالبقـ وء ظن ــ ــع وسـ ـوالة على الجمـ ــ أنفس ال.(1)بالعبر

وكتب )عليه السالم( إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة:رفه إلى من ه فاصــ ــدك من مــال الل وانظــر إلى مــا اجتمــع عن

ت ومــا ع الفاقــة والخال ــه مواضــ قبلك من ذوي عيال مجاعة مصيبا ب.(2)فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا

وروي أنه )عليه السالم( رفع إليــه رجالن ســرقا من مــال اللــه، أحدهما عبد من مال الله، واآلخر من عــروض النـاس، فقـال )عليــه

هالسالم(: ــه،أما هذا فهــو من مــال الل ــل، وال حــد علي ه أك مــال الل ديد فقطع يده،بعضه بعضا .(3) وأما اآلخر فعليه الحد الش

وكتب )عليه السالم( إلى عامل له:ــة ــك بطعم ــك ليس ل ــة،وإن عمل ــك أمان ه في عنق وأنت، ولكن

،مسترعى لمن فوقك

.53( نهج البالغة: الكتاب ?)1.67( نهج البالغة: الكتاب ?)2.271( نهج البالغة: الحكمة ?)3

347

ة ــة،ليس لك أن تفتات في رعي ــديك، وال تخاطر إال بوثيق وفي يــز وجــل ــال الله ع ــال من م مه إلي،م ل ــ ى تس ــه حت ان ، وأنت من خزي أال أكون شر والتك لك الم،ولعل .(1) والس

.5( نهج البالغة: الكتاب ?)1348

اإلسالمية البالد في األقليات حكم قد تقدمت في بعض مسائل الكتــاب إلماعــات(:ـ 51)مسألة

إلى أحكام األقليات القاطنين في بالد اإلسالم، وقد قلنا إن األقليات وعرضا إذا وفوا بشروط الذمة، غير اإلسالمية محترمون نفسا وماال

مما ذكرناها في كتاب )الفقه: الجهــاد( حيث إن اإلســالم ال يتعــرضلهم بسوء ويدافع عنهم.

فاإلســالم ال يجــبر أحــدا على الــدخول في اإلســالم، ولــذا قــال.(1)﴾ال إكراه في الدين﴿سبحانه:

ــدوا و﴿وقال سبحانه: ــكنإفإن أسلموا فقد اهت مــا علي وا فإن توله بصير بالعباد ــه،(2)﴾البالغ والل ــه علي فليس شأن الرسول )صلى الل

وآله( مع أهل الكتاب ومع المشركين إال الدعوة.ك بالحكمة والموعظة الحسنة﴿وقال سبحانه: ادع إلى سبيل رب

تي هي أحسن .(3)﴾وجادلهم بال

.256( سورة البقرة: ?)1.20( سورة آل عمران: ?)2.125( سورة النحل: ?)3

349

﴿وقال تعالى: ن إال تي هي أحســ ــال ــل الكتــاب إال ب وال تجادلوا أهــزل إليكم وإلهنــا ا بالذي أنزل إلينــا وأن ذين ظلموا منهم وقولوا آمن ال

.(1)﴾وإلهكم واحد ونحن له مسلمونــع﴿وقال سبحانه: ب ــل نت ه قــالوا ب بعوا ما أنزل الل وإذا قيل لهم ات

.(2)﴾ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم ال يعقلون شيئا وال يهتدون وعليه فهم أحرار في قبول اإلسالم وعدم قبوله، وإن كان عدم

ومن أعــرض عن﴿ ،قبــولهم يــؤدي بهم إلى مشــاكل الــدنيا واآلخــرة.(3)﴾ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى

فــإذا لم يقبلــوا تركــوا وشــأنهم، وإذا كــان اإلســالم يحــارب حيث إن حكومــة،الحكومــات الكــافرة ألجــل إعطــاء الحريــة لألمم

رهم﴿فإن اإلسالم الكفر عبارة أخرى عن االستعباد، ع عنهم إصــ يضــتي كانت عليهم على الشروط اإلسالمية.(4)﴾واألغالل ال

فقــد قــالين،كما أمر اإلسالم بمــداراة الكــافرين غــير المحــاربــبحانه: ــدين ولم﴿سـ ــاتلوكم في الـ ذين لم يقـ ه عن ال ــاكم الل ال ينهـ

طوا إليهم يخرجــوكم من ديــاركم أن وهم وتقســ ـر ـ ه يحبنإ تب الل.(5)﴾المقسطين

وإذا قبلــوا اإلســالم كــان لهم مــا لغــيرهم من المســلمين، فــإن المسلمين كأسنان المشط ال فرق بين جديدهم وقــديمهم، ولغــاتهم

وأقوامهم، وإنما أكرمهم عند الله أتقاهم.ــة ــة والتاريخي وتفصيل الكالم في ذلك موكول إلى الكتب الفقهي

والتفسيرية

.46( سورة العنكبوت: ?)1.170( سورة البقرة: ?)2.170( سورة البقرة: ?)3.157( سورة األعراف: ?)4.8( سورة الممتحنة: ?)5

350

حيث تبين األحكام، وتبين سيرة الرسول )صلى الله عليه وآلــه(وعلي )عليه السالم( بالنسبة إلى األقليات.

وأسـأله سـبحانه أن،وهذا آخر ما أردنا إيــراده في هـذا الكتــابيتقبله بقبول حسن ويجعله مقدمة:

ــون مســلم في ظــل1 ــف ملي : لتطــبيق حكم اإلســالم على ألحكومة إسالمية واحدة.

.: ولهداية غير المسلمين إلى اإلسالم2إنه لما يشاء قدير، وهو الموفق المستعان.

سبحان ربك رب العزة عمــا يصــفون، وســالم على المرســلين، والحمد للــه رب العــالمين، وصــلى اللــه على محمــد وآلــه الطيــبين

الطاهرين.محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

351

المحتويات

7................................................................................الثالث والقوى الدولة7............................................................................المقننة التشريعية القوة8.....................................................................تعددها أم المقننة القوة وحدة

10................................................التنفيذية والقوة التشريعية القوة بين التفكيك13.........................................................................المشرعة والقوة اإلسالم

14.......................................................األمة مجلس في المختلفة اللجان وجود14..............................................................................................األقليات

16................................................................الحكومات وأنواع التنفيذية القوة16....................................................................................الوراثية الملكية18....................................................................................الرمزية الملكية18............................................................................التنفيذية القوة انتخاب

19.............................................................................التنفيذي الرئيس ددتع20.....................................................................الدكتاتوري الحكم عالئم من20.............................................................العسكري واالنقالب التنفيذية ةالقو

20....................................................................اإلسالمية النظرة إلى األقرب21......................................................................الحقيقية الحرية تتوفر كيف23......................................................................................القضائية القوة

23.......................................................................اإلسالم في القضاء طةبسا24.................................................................................الثالث ىالقو مهام26................................................................................القضاة نصب كيفية

28............................................................التنفيذية والقوة القضائية القوة بين30......................................................................................الدولة مهمات30.....................................................................................والقانون الدولة

31.........................................................................وصورته القانون روح بين32............................................................................اإلنسان وحقوق الدولة

33.........................................................اإلنسان حقوق تسحق الغربية األنظمة34......................................................................الغربية الديمقراطية أخطاء37......................................................................حسانإوال العدل بين الدولة39...............................................................................لألمة الرفاهية توفير41..............................................................................التدبير وحسن الدولة43............................................................................النظام ومراعاة الدولة45........................................................التشريعية؟ القوة استقالل نضمن كيف

45...................................................................التشريعية في التنفيذية تدخل46...............................................................................التشريعية استقاللية

47................................................................................اللوائح تقديم كيفية49.........................................................األمة لمجلس الدولة حل في تساؤالت

54.....................................................التنفيذية القوة في التشريعية تدخل حدود352

56...........................................................التشريعية قبال التنفيذية مسؤوليات58...........................................................................الديمقراطية في بحوث

58................................................................الحكم أنواع أفضل الديمقراطية60....................................................................االستبداد دولو الثالث العالم

60...............................................................عقيمة الديمقراطية تكون ال لكي61.......................................................................الديمقراطي الحكم معايب63......................................................................والحقيقة القوة بين الصراع

64.................................................................................إسبارطةو نایأث نیب67...................................................................................الباطل قوة زوال68................................................الديمقراطية الستمرار ضرورة الصالحة البيئة

69..............................................................القانون تطبيق ضمانة االستشارية70...............................................................................الداخلية الدكتاتورية71..............................................................................يةالخارج الدكتاتورية72............................................................................واالستعمار الدكتاتورية

73........................................................................ضوابط إلى بحاجة الحرية75........................................................................................الحرية أوعية

78.................................................................................الكفاءة أم القومية الحكم يكون كيف 81............................................................................إلهيا

82....................................................البشري القانون على اإللهي الحكم ميزات82...................................................................بالدنا على الغرب سيطر كيف

84.............................................................الهدفية والحروب الفردية الحروب85.................................................................دفاعية كانت اإلسالمية الحروب

88.................................................................االقتصادية الحياة وتنظيم الدولة90....................................................................االقتصادية والمشكلة اإلسالم

94...........................................................................وروحه القانون نص بين96...............................................................................القوانين في الترقيع98................................................................................األحزاب في بحوث99...............................................................................األحزاب تتكون كيف

100........................................................................الدائم والتواجد األحزاب101.................................................................الدستورية الحركة على نظرة102............................................................................الحزبي التكتل أركان

103.......................................................................................ةياالستمرار103.................................................................................الحزبية الفلسفة

104......................................................................................الحزب فروع104........................................................................بالجماهير الحزب ارتباط

105.................................................................السلطة إلى الهدف: الوصول الحزب يكون لكي 106.......................................................................ناضجا109.............................................................الحاكم والحزب الحاكم حزب بين

110...............................................................................سليمة غير أحزاب112........................................................................دماجهاوان األحزاب اتحاد113..............................................................................األحزاب تعدد فوائد

115...........................................................اإلصالح وبرامج السياسية األحزاب

353

117..................................................................األحزاب تجاه اإلسالم موقف118..........................................................................................لله الحكم119.....................................................................البرلمان ومقررات الحزب120............................................................................العادل للفقيه الوالية120.................................................................................االنتخابي التزوير

121..........................................................................الواحد الحزب لنظام ال124..................................................اإلسالمية غير األحزاب من اإلسالم موقف

127...................................................................السياسية األحزاب معطيات127................................................................................األصلح : انتخاب1129.........................................................................الشعب إرادة : تحكيم2131................................................................التطبيقية السياسة : مدرسة3132................................................................السياسية المسؤولية : تحمل4

133...............................................................................المنحرفة األحزاب134.......................................................والعملي الفكري االنضباط : مدرسة5135........................................................................الخالق التنافس : صنع6135...................................................................االمام إلى الشعب : تقديم7

138..................................................................ومعارضيه مؤيديه بين الحزب138.........................................................................الفردية الحرية مزاحمة

139................................................................................األمة وحدة خالف140................................................................األحزاب تجاه الشيوعية موقف142..................................................................األحزاب تجاه الفاشية موقف

143.............................................................إعضاال المشاكل الحزب يزيد هل145............................................................الفكر آفاق من التحزب يضيق هل

146...................................................................الالأخالقية والوسائل الحزب147..................................................................للديمقراطية عدو الحزب هل

150............................................................................وأشكاله التجمع صور150..............................................................................النقابية : التكتالت1

151...........................................................................النقابات تشكيل هدف152.....................................................................................جديدة نقابات

153..............................................................................الضاغطة : القوى2155........................................................الضاغطة القوى تجاه السلطة موقف

157..........................................................................التعاونية : الجمعيات3159....................................................................................أخرى جمعيات

160.........................................................................الرأسمالية : التكتالت4162..................................................................السياسية األحزاب تقسيمات162............................................................السرية واألحزاب العلنية األحزاب164...............................................................................الشخصية األحزاب165......................................................................والدائمية الوقتية األحزاب165................................................................الفلسطيني الكفاح في ثغرتان

168............................................................................فلسطين؟ ننقذ كيف168..................................................................................الهدفية األحزاب169.....................................................................واليسارية اليمينية األحزاب

354

171...................................................................والكافرة اإلسالمية األحزاب171.................................................................اإلسالمي الحزب مقومات من

174..................................................................................األقليات أحزاب176...........................................................................االقلية وأحزاب الدولة

177.................................................................................العمالية األحزاب180........................................................................العمالية األحزاب مصائر

180...................................................................الشيوعية األحزاب أفراد قلة183..............................................................اإلسالمية البالد في األحزاب دور

186.................................................................ومناصريه اعضائه بين الحزب188...................................................................للحزب المتدرجة التشكيالت

188.......................................................الحزبية للوحدة الضرورية المواصفات192..........................................................................للحزب المدنية الوحدة192...........................................................................للحزب العامة الوحدة194....................................................................................والفكر الحزب

195......................................................................للحزب العامة المؤتمرات197......................................................................الحزبية االتجاهات اختالف

198..................................................................والجدد القدامى الحزبيين بين198...........................................................الحزب في والمنسوبية المحسوبية

200..............................................................واألحزاب السياسية األنظمة بين201..................................................................الواحد الحزبي النظام : في1

202...............................................والشيوعية الفاشسية األحزاب منطق بطالن203............................................................................الواحد الحزب أضرار

204......................................................................الواحد زبالح سمات من206...........................................................................الحزبين ذو : النظام2208......................................................أحدها المسيطر األحزاب ذو : النظام3209.............................................................المتصارعة األحزاب ذو : النظام4

211.................................................................األحزاب أحجام معرفة طريق213......................................................................................الحرية أصالة214..................................................................................الحريات أقسام215..................................................................................الجسدية الحرية215.......................................................................................العمل حرية216........................................................................العمل خصوصيات حرية

217.............................................................................األفراد بين يالتساو218........................................................................................الدين حرية220...............................................................................والقلم البيان حرية222.........................................................................القلم البيان حرية حدود224.......................................................................................الضالل كتب225...................................................................................التجمعات حرية227..................................................................................اإلضرابات كسر229................................................................................المظاهرات حرية230.....................................................................الطعام عن اإلضراب حرية

231.......................................................................االكتساب أنواع حرية في

355

233.............................................................االستثنائية الظروف في الحريات236....................................................................................الحريات سائر239...............................................................الحرية بمقتضى القوانين تأطير

240........................................................................للسلطة الخضوع أسباب244.................................................................واإليجاب السلب بين الدستور

248...............................................................................الدستور تقسيمات251............................................................................القوانين بين التناقض

252..........................................................الحكومة طغيان دون الحيلولة طرق256...........................................................اإلسالميه الحكومه تشكيل ضرورة

256................................................................................قدوة ص الرسول258.............................................................................قدوة والعلماء األئمة262...........................................الدولة إقامة على متوقف اإلسالم قوانين تطبيق

264......................................................................................خيارات ثالثة269........................................................................اإلسالمي الحاكم هو من

271.................................................الفقهاء وشورى المرجع بين التعارض حكم274................................................................................الوالة شروط من

276............................................................................البيعة نظرية مناقشة278..............................................................والعقد الحل اهل نظرية مناقشة280.......................................................................اإلسالمي الحاكم شروط282...................................................................................والقيادة المرأة283.......................................................................المرأة إلى اإلسالم نظرة

286..............................................................................للقائد أخرى صفات289.................................................................واالستشارة اإلسالمي الحاكم

291.......................................................................للقائد ملحة الزهدضرورة294...................................................................والظالمات اإلسالمي الحاكم

298............................................................البشرية والقوانين الله قوانين بين299..............................................................اإلسالم قوانين إجراء يمكن كيف301............................................الحكم مناهج ( يضعالسالم يه)عل المؤمنين أمير

301.....................................................................................والظلم العدل302............................................عثمان قطائع من المسلمين على رده أراد فيما

303........................................................................................ثالثة الظلم305.................................................................عقيل ( معالسالم يه)عل قصته306.....................................................................................الضعيف ظلم307.....................................................................( لمالكالسالم ليه)ع عهده

308...................................................................................الظالم عالمات309....................................................................................والباطل الحق312.............................................................................الحكم يستحق الذي313.................................................................واألمة الحاكم بين الحق تبادل

314.............................................................................الوالة حاالت أسخف315..............................................................................واطاعته الحق قول

318........................................................الرعية في العدل باتباع لعماله أوامره319.....................................................................................الزاهد الوالي

356

326....................................................................................الرعية طبقات327............................................................................والمشاورون الوزراء331.............................................................................................القضاة

331.................................................................أهلب وليس للحكم يتصدى من333......................................................................الفتيا في التصويب ذم في

334.............................................................................................العمال335..........................................................................الصناعات وذوي التجار

336.......................................................................................المحرومون339.........................................................................................المال بيت340.............................................................................الصدقات عامل إلى

341..............................................................................العطاء في التسوية341...........................................................................المسلمين فيء المال

343.................................................................................ووالته عماله إلى349.............................................................اإلسالمية البالد في األقليات حكم

352.........................................................................................المحتويات

357