الدر المنثور في الرد على عثمان بن منصور

66

Upload: aboothman1

Post on 14-Nov-2014

240 views

Category:

Documents


1 download

TRANSCRIPT

تقديم

سابغ النعم ودافع النقم والصالة والسالم على سيد األمم وعلى آله وصـحبه الحمد هللا .وبعد. سلمو

فقد شاء اهللا أن يظهر بعض من المترسمين للعلم والتعليم بمظهر القناعة والتسليم لمـا جاء به أعالم الدعوة المباركة من إحياء منهج السلف في المعتقد الصحيح والتوجـه إلـى اهللا تعالى في األقوال واألعمال والمقاصد غير أن النوايا قد تظهر وتبرز عند البعض فـي لحـن القول وعلى فلتات اللسان وربما كان ذلك بالقلم الساخر والنكتة والتندر وهذا ما حدث للشـيخ عثمان بن منصور التميمي النجدي عفا اهللا عنه وغفر له زالته وخطاياه فقـد أبـرز مكنونـه وظهر فيح مخزونه بما كتبه وألفه في كتابه كشف الغمة عن تكفير هذه األمة بل زاد على ذلك

المبتور ونثره الموتور في مدح داود بن جرجيس البغدادي فأما كتابه كشف الغمة فقـد بشعرهعرى حقيقته وكشف عواره الشيخ الجليل عبداللطيف ابن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ فـي كتابه مصباح الظالم في الرد على من كذب على الشيخ اإلمام يعنى بذلك عثمان بن منصـور

ذلك قام العالمة المجدد الثاني الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشـيخ الذي كذب وافترى وقبلبتتبع ما شاع في خطوطه وأذاعه في اخبوطه بتقليص منابع الفتنة وسد أبواب الشبهات التـي أثارها ابن منصور وقد جمعتُ في هذه العجالة ست رسائل حررها لإليضاح واإلفصاح عمـا

ركز على موضوع التكفير وتشبيه أهل هـذه الـدعوة توهمه ابن منصور ومجموع الرسائل يتعلماء وليس له سند في التعليم وهذا تجن سافر وأسلوب بالخوارج وأن إمامها لم يتخرج على

ساخر وهو يعلم علم اليقين بما عليه أئمة هذا الدين وعلماء المسلمين من أهل هـذه الجزيـرة تكرار لمعاني واحدة ولعل هذا كان من باب المباركة وقد يرى القارئي أن في الرسائل بعض ال

اإليضاح أو أن الشيخ عبدالرحمن كان يراسل ويبث رسائله في األقطار واألقاليم وكل جهة أو قطر يكتب له مضمون الرد على ابن منصـور مـع اخـتالف العبـارات وإتفـاق المعـاني

ان موضع فتنة وربما والتصورات فالشيخ عبدالرحمن رحمه اهللا أكثر من ردوده ألن الرجل ككان له التالميذ من المعجبين به سيما وأنه يتولى منصب قضاء واله اإلمام فيصل بـن تركـي

رحمه اهللا في جهة سدير وأخذا بقول بعض السلف احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهـل جـدال منـافق فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون وهل تدري ما يهدم اإلسالم؟ يهدمه زلـة العـالم و

بالقرآن وألن ما شبه به ابن منصور من الشبه الواهية ال تزال تتكرر على األسماع ويقول بها البعض ممن تجافى عن منهج السلف ومشرب المعتدلين من الخلف ولعل القارئ يجد بغيته في

أو . هذه الردود سيما وأن هذا من معتقد أهل السنة والجماعة وليس الخالف في فرعيات فقهيةنظرات تصورية ولكنه حول التكفير وهل يقع الشرك في هذه األمة؟ أم أن أمة محمـد داخلـة

وحسبنا من نشـر هـذا التـراث . في مسمى اإليمان؟ وال يفرق بين أمة الدعوة وأمة اإلجابةوإشاعته والتعريف بذويه ما نرجو أن يكون دعوة كاشفة عن غياهب الظالم لمن التبس عليـه

دعوة وأهلها عسال أن يكون ذلك من األعمال الصالحة وما يقربنا إلى اهللا عز وجل شأن هذه ال .واهللا العادي إلى سواء السبيل وصلى اهللا على محمد وآله وصحبه وسلم

إسماعيل بن سعد بن عتيق

16/6/1412

الرسالة األولى

بسم اهللا الرحمن الرحيم .ى سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعينالحمد هللا رب العالمين، وصلى اهللا عل

فإنا قد اطلعنا على أشياء وجدناها في كتب عثمان بن منصور بعد وفاته، فمن : أما بعدذلك منظومة أنشأها في مدح داود بن جرجيس، وتعظيمه بما تصـدى لـه مـن الـرد علـى

إلـى توحيـد اهللا المسلمين الموحدين فاتفقا على تأييد الشرك، ونصرته واإلنكار على من دعابالعبادة الذي دلت عليه اآليات المحكمات، واألحاديث الصحيحة، واعتقد إسالم عبدة األوثـان الذين بنوا المساجد والمشاهد على القبور وعبدوها بأنواع العبادة فزعما وغيرهما من الـدعاة

رداً علـى إلى الشرك أن هذا الشرك ال يخرج من فعله عن ملة اإلسالم، ووجدنا فـي كتبـه

﴿: شيخنا رحمه اهللا لما استدل على تحريم موادة المشركين بقوله تعالىإن موادتهم تحرم يعنـي : ﴾ فقال في رده من هم هؤالء الذين تقول

ى شيخنا في دعوتـه النـاس أنه ال وجود لهم، وأن األمة ليس فيها من تحرم موادته، وشنع عل .إلى أن يعبدوا اهللا وحده، ويتركوا عبادة ما سواه فبنى أمره على هذا األصل الفاسد

وكالم هؤالء يدور على أن هذا الشرك الذي وقع في األمة إما جـائز، أو مسـتحب، ومن طالبهم بتركه فقد أخطأ وشق عليهم، وعرضهم لما يكرهونه، وزعم أن شيخنا رحمـه اهللا

وأمرهم به من إخالص العبادة هللا وحـده ال عالى شق على الناس فيما نهاهم عنه من الشرك، تشريك له، وعرضهم لحرب الدول وذكر هذا في رده الذي وجدناه بعد وفاته بخطه في بريـدة

حكايتـه، أتى فيه من السب، والشتم، والكذب والزور على شيخنا ما يطول عده، وال تنبغـي أنه اجتمع بعبداهللا بن سليمان في المدينة المنورة فاستشاره هل يقـدم علـى وزعم في رده هذا

المسلمين بنجد أم ال؟ فأشار إليه المذكور أن ال يقدم عليهم في زعمه أنه أنكر هـذه الـدعوة، وعبداهللا بن سليمان هذا قدم نجداً، وقرأ على شيخنا شيخ اإلسالم وعد هذا من حججه الواهية،

صار يكتب ألوالده ال يبرح عندهم يكتب الرسائل والكتب، فإن كان ما أشـار في االقتضاء، و

به عليه نصيحة فإنه لم ينصح نفسه بها فقبل عنه بزعمه ما أشار به عليـه فقصـد الزبيـر، وكانا من أهل نجد فتركاها كراهيـة لهـذه والبصرة فوجد بالزبير محمد بن سلوم وابن جديد،

التوحيد ووجد بالبصرة ابن سند وهو أشد منهمـا عـداوة لكـل إلىالدعوة، وعداوة لمن دعا موحد وحبا لكل ملحد فتلقى عن هؤالء الثالثة هذه البلوى التي ابتلى بها من عداوة شيخنا ومن

.استجاب له

ثم بعد ذلك خرج إلى نجد فصار يبدر منه ما يدل على انحرافه عن التوحيد من ذكـر روا من يفعل هذه األمور الشركية، والخوارج إنما كفـروا أحاديث الخوارج في زعمه أنهم كف

اعبدوا ربكم، وافردوه بالعبادة، واتركوا عبادة ما تعبدونه من : بالمعاصي، وهذا كفر من يقولدونه من قبر أو مشهد أو طاغوت أو شجر أو حجر، والنهي عن هذا الشرك والـدعوة إلـى

رحمه اهللا، وهذا الذي أنكره هو الذي دعت إلـى التوحيد هو الذي بالغ في إنكاره على شيخنا كمـا قـال أبـو rإنكاره، وتركه والبراءة منه الرسل من أولهم إلى آخرهم، ودعا إليه النبي

يقول اعبدوا اهللا وال تشركوا بـه شـيئا «: قال rسفيان لهرقل لما سأله عما يأمرهم به النبي .»واتركوا ما يقول آباؤكم

الدعوة، وناله ومن استجاب له من قريش األذى العظـيم عنـد ينادي بهذه rوالنبي إخالص العبادة هللا، والدعوة إلى ذلك، وإنكار الشرك في العبادة، وقد أخبـر اهللا عـنهم أنهـم

﴿: وقال تعالى) اجعل اآللهة إله واحدا إن هذا لشيء عجاب: (قالوا فاستكبروا عن هذه الكلمـة لعلمهـم إنهـا ﴾

تتضمن ترك عبادة ما كانوا يعبدونه من دون اهللا، وهذا هو الشرك الذي نهاكم عنه من عبـادة الالت والعزى، ومناة وغيرها من األصنام، وكانوا يعبدون المالئكة والصالحين كما دلت عليه

﴾، ﴿: يس معهم من الحجة إال ما ذكر اهللا عنهم بقولهاآليات المحكمات، ول

.﴾﴿: وقول فرعون

فسلك هؤالء الذين انكروا على شيخنا التوحيد مسلك أولئك المشركين من كفار قـريش فـي rبي وغيرهم سواء بسواء، وسلك من دعا إلى التوحيد ونفى الشرك، مسلك من اتبع الن

هذا الدين من السابقين األولين، واآليات في بيان التوحيد، وما ينافيه من الشرك والتنديد أكثـر والقرآن كله من أوله إلى آخـره يـدل من أن تحصى، وال يقدر مبطل أن يعارض آية منها،

دعوته في ابتداء rعلى هذا التوحيد، ونفى الشرك مطابقة وتضمنا، والتزاما، وقد أخبر النبي أنه لم يتبعه إال أبو بكر وبالل كما في حديث عمرو بن عبسة لما اجتمع به بمكة، وأخبره بمـا

إن اإلسـالم يعـود rفأخبر النبـي » حر وعبد«: فمن معك قال: بعثه اهللا به من التوحيد قالالـذين «وفـي روايـة » طوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس«: غريبا كما بدا، وقال

وأخبر أنهم النزاع من القبائل وإن من يعصيهم أكثر ممن يطـيعهم، » لحون ما أفسد الناسيصوقع بعد القرون المفضلة لما حدثت بدعة الجهمية، وظهـرت فـي rوكل هذا أخبر به النبي

آخر القرون الثالثة، وكفرهم من العلماء نحو من خمسمائة أو أكثر، ألنهم جحدوا ما وصـف من صفات الكمال، ونعوت الجالل على مـا يليـق بـاهللا rوصفه به رسوله اهللا به نفسه، أو

تعالى، فلم يفهموا من صفات اهللا إال مثل ما يعرفونه من صـفات المخلـوقين فشـبهوا أوال، .وعطلوا ثانيا فهذا إلحاد منهم في التوحيد العلمي االعتقادي

لك وقع لما صار لبني بويـه وأما اإللحاد في التوحيد العملي توحيد القصد، والطلب فذالديلمي في المشرق دولة فاظهروا الغلو في أهل البيت، وبنوا المشهد بزعمهم أنه علـى قبـر

الحسين وغيره من قبـور أهـل البيـت، أمير المؤمنين على رضى اهللا عنه، وبنوا على قبر ـ تجلبوا غيـرهم وبالغوا في الغلو وزخرفة البناء على قبورهم، وعبدوهم بأنواع العبادة، واس

لعبادتهم، وتبعهم على ذلك أهل مصر بنو عبيد القداح، وزعموا أنهـم وجـدوا رأس الحسـين .بعسقالن فدفنوه بالقاهرة، وبنوا عليه مسجدا عظيما

فلما كان بعد زمن البخاري من عهد بني بويه الـديلمي فشـا فـي : قال شيخ اإلسالمالقرامطة ظهورا كثيـرا وجـرت حـوادث الرافضة التجهم وأكثر أصول المعتزلة، وظهرت

عظيمة، وعبدت األموات في هذا المصر وغيره حتى ادعوا فيهم التصرف في الكون من دون اهللا تعالى فما زال هذا الشرك يزداد حتى مأل األرض قاصيها ودانيهـا، ومـا زال الغربـاء

قرون قرني ثـم الـذين خير ال«: rينكرونه لكنهم أقل القليل ال يسمع لهم، وال يطاع وقد قال يلونهم ثم الذين يلونهم ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما ال يفعلـون ويفعلـون مـا ال يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو

بـو داود وفي حديث ثوبان الذي رواه مسلم، أ» مؤمن وليس وراء ذلك من اإليمان حبة خردلالساعة حتى يلحق قبائل من أمتـي وإنما أخاف على أمتي األئمة المضلين وال تقوم«وغيرهما

بالمشركين وحتى يعبد فئام من أمتي األوثان وأنه سيكون في أمتي كذابون ثالثون كلهم بـزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين ال نبي بعدي وال تزال طائفة من أمتـي علـى الحـق منصـورة ال

:»ضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر اهللا تبارك وتعالىي

وفي الحديث الصحيح الذي جاء من طرق يشد بعضها بعضا كما قاله العماد بن كثيـر :في تفسيره وخرجه اإلمام أحمد وأبو داود، والترمذي، وغيرهم، عن عبداهللا بن عمـرو قـال

يل حذو النعل بالنعـل حتـى إن ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائ«: rقال رسول اهللا كان فيهم من أتى أمه عالنية لكان في أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسـرائيل تفرقـت علـى

قـالوا » ثنتين وسبعين ملة وتفرقت أمتي على ثالث وسبعين ملة كلهم في النار إال ملة واحـدة ـ » ما أنا عليه اليوم وأصحابي«: ومن هي يا رسول اهللا؟ قال د، وأبـي داود وفي روايـة أحم

ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة وأنه يخرج في أمتي قوم تتجـارى «وعن أبي » بهم تلك األهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه ال يبقى منه عرق وال مفصل إال دخله

هذا أوان يخـتلس فيـه «: فشخص ببصره إلى السماء فقال rكنا مع رسول اهللا : الدرداء قال .رواه الترمذي» العلم من الناس حتى ال يقدروا منه على شيء

ومن المعلوم أن العلم في الكتاب والسنة، اختلس باإلعراض عن اآليـات المحكمـات، ، وهو علم من أعالم النبـوة، rواتباع األهواء والشبهات فوقع ما أخبر به الصادق المصدوق

منكوس القلب من أعداء الرسـل، نسـأل اهللا وال يشك في وقوع ما أخبر به في هذه األمة إالالعفو والعافية، وكيف ينكر ما هو موجود في العيان مسموع باآلذان؟ وال يجحـد كونـه هـو الشرك األكبر إال من استحوذ عليه الشيطان، نسأل اهللا لنا وإلخواننا المسلمين معرفـة الحـق

.وقبوله، ومعرفة الباطل وإنكاره والثبات على اإليمان

وقد غلط في مسمى التوحيد طوائف مـن أهـل النظـر : ال شيخ اإلسالم رحمه اهللاقوالكالم، ومن أهل اإلرادة والعبادة حتى قلبوا حقيقته إلى آخره؛ وذكر في كتابه العقل والنقـل أن أهل الكالم غلطوا في معنى ال إله إال اهللا، وظنوا أن معناها القادر على االختـراع، وهـذا

بوبية وإنما مدلولها توحيد اإللهية، وهو صرف العبادة هللا وحده، وهذا الذي ظنوه من توحيد الرمعنى ال إله إال اهللا قد أقر به مشركو العرب وغيرهم، ولم يجحدوه، وأما الذي جحـدوا فهـو توحيد اإللهية، وهي العبادة فأبوا أن يخلصوا العبادة هللا وحده، وأن يتركوا عبادة ما سواه مـن

﴾ وقال عـن قـوم ﴿: واألوثان كما تقدم ذلك من قول كفار قريش األصنام،

﴾ وهذا صريح في أنهم إنما ﴿: اعبدوا اهللا: هود لما قال

.جحدوا توحيد العبادة

ما تقدم، كما دلت علـى وأما القدرة على االختراع فلم يجحدوه، بل أقروا به هللا وحده ك

﴿: ﴾ إلـى قولـه ﴿: ذلك اآليات المحكمات كقوله تعالى وأمثال هذه اآليات كثيرة في القرآن، وبسبب هذا الغلط وقع في الشرك مـن وقـع ﴾

ـ كأبي معشر رة وغيـرهم، البلخي، والفخر الرازي، ومحمد بن النعمان الشيعي، وثابت بن قوبهذا الجهل اشتدت غربة اإلسالم، وعاد المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والسـنة بدعـة،

:والبدعة سنة، نشأ على هذا الصغير، وهرم عليه الكبير، وفيه يقول الشاطبي

كقبض على جمر فتنجو من البال وهـذا زمـان الصبر من لك بالتي

﴾ ﴿: الىقال العماد بن كثير في قول اهللا تع

يخبر تعالى عما دار بين الكفار وبين رسلهم من المجادلة، وذلك أن أممهم لما واجهوهم بالشك

﴾ وهذا يحتمل شـيئين ﴿: فيما جاءوهم من عبادة اهللا وحده ال شريك له قالت الرسل

ة بوجوده مجبولة على اإلقرار به، فإن االعتـراف أفي وجوده شك، فإن الفطر شاهد: أحدهماضروري في الفطر السليمة، ولكن قد يعرض لبعضها شك، واضطراب فيحتاج إلى النظر في

فإنـه فـاطر : الدليل الموصل إلى وجوده، ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفتهفإن شواهد الحدث والخلـق، السموات واألرض الذي خلقهما، وأبدعهما على غير مثال سبق،

والتسخير ظاهر عليها فال بد لها من صانع وهو اهللا ال إله إال هو خالق كـل شـيء، وآلهـه

﴾ أفي آلهيته شك وتفرده بوجـوب العبـادة لـه ﴿: ومليكه والمعنى الثاني في قولهم

ك له؛ فإن غالـب شك، وهو الخالق لجميع الموجودات فال يستحق العبادة إال هو وحده ال شري

األمم كانت مقرة بالصانع، ولكن تعبد معه غيره من الوسائط التي يظنونها تنفعهم، أو تقـربهم إلى اهللا تعالى، وهذا اإلمام هو من بقايا أهل السنة، وكالم العلماء في ما حدث مـن الشـرك،

ابن أبي شـامة، ومن أنكره كثير، وقد ذكرنا في غير هذا الجواب كالم أبي الوفاء بن عقيل، ووابن وضاح وصنع اهللا الحلبي، وشيخ اإلسالم ابن تيمية وابن القيم، والحافظ بن عبـدالهادي، وابن رجب وغيرهم ممن ال يحصى ومنهم من ابتلى عند إنكاره هذا األمر الـذي وقـع مـن

.الشرك والبدع كشيخ اإلسالم ابن تيمية وابن القيم

من حدوث الشرك في األمـة، واتبـاع أهـل r والمقصود بيان أن ما أخبر به النبيالكتاب من اليهود والنصارى فيما غيروا وبدلوا، وافتراق األمة إلى ثالث وسبعين كـل هـذا وقع، ومن جهل عثمان أنه اعترض على شيخنا رحمه اهللا تعالى، وأنكـر قولـه فـي كتـاب

فإنه لم يجعل التلفظ بهـا :ناإلى آخره قال شيخ» من قال ال إله إال اهللا«: rالتوحيد على قوله عاصماً للدم والمال؛ بل وال معرفة معناها مع لفظها؛ بل وال اإلقرار بذلك؛ بـل وال كونـه ال يدعو إال اهللا وحده ال شريك له؛ بل ال يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بمـا يعبـد

مخذول الضال واغوثاه من هذا هذا ال: من دون اهللا، فإن شك أو تردد لم يحرم ماله ودمه، قال .الكالم

: وهذا الذي ذكره شيخنا هو معنى ال إله إال اهللا مطابقة، وهو معنى قوله تعـالى : قلت

﴿ وهذا ال يشك فيه مسلم بحمد اهللا، ومـن ﴾

ترض، وبيانا لجهله بالتوحيد الذي هـو شك فيه فلم يكفر بالطاغوت، وكفى بهذا حجة على المعأصل دين اإلسالم، وأساسه فرحم اهللا محمد بن شهاب الزهري حيث يقـول لعبـدالملك بـن

إنما هو دين من حفظه ساد، ومن ضيعه سقط فلقـد : مروان لما ذكر العلماء في األمصار قالرجل أنه لم يعرف ال إله إال ساد شيخنا بهذا التوحيد، وبيانه والدعوة إليه وهذا يبين حال هذا ال

اهللا، ولو عرف معنى ال إله إال اهللا لعرف أن من شك، أو تردد في كفر من أشـرك مـع اهللا غيره أنه لم يكفر بالطاغوت، وقد تقدم له من نصرة الشرك وتأييده من نصره ما يدل على أنه

مـن الشـرك، وهـذا لم يتبين له معنى كلمة اإلخالص، وما دلت عليه من التوحيد، وما نفتهال يخفى على من له بصيرة في دينه، فظهر من حاله فيما وضعه وكتبه أنـه : ظاهر من قوله

يؤيد الشرك، ويوالي أهله، وينكر التوحيد ويعادي أهله، وهذا حقيقة مـا وجـدناه فـي كتبـه .بخطوطه، واهللا أعلم بما آل إليه أمره في آخر حياته هل راجع اهللا أم ال

رحمه اهللا فقد أقر له بالفضل كل من بلغته دعوته إلى التوحيد من قريـب وأما شيخناأو بعيد، وقد خصه اهللا تعالى بمعارضة أهل البدع في بدعتهم، وأهل الشـرك فـي شـركهم، وأهل األهواء في أهوائهم، وألف في دحض أقوالهم، وتزييف أمثالهم، وأجـاب عـن شـبههم

بما منحه اهللا تعالى مـن البصـائر ريعة الحنيفية المحمديةالنفسانية للشالشيطانية، ومعارضتهم الرحمانية، والدالئل النقلية حتى انكشف قناع الحق، وبان بما جمعه في ذلك وألفه الكذب مـن الصدق، حتى لو أن أصحابها أحياء ووفقوا لغير الشقاء ألذعنوا له بالتصديق ودخلوا في الدين

عليها، وفهم ما لديها أن يحمد اهللا على حسن توفيقه هذا العتيق، ولقد وجب على كل من وقف اإلمام بنصرة الحق بالبراهين الواضحة العظام، ومن أراد اختبار صحة ما قلته فلينظر بعـين اإلنصاف العرى من الحسد واالنحراف؛ ولكن عدم التوفيق وغلبة الهواء أوقع من أوقـع فـي

.﴾الضالل ﴿

، وإخوانه من المرسـلين مـن rوقد حصل في دعوته مشابهو لما جرى لنبينا محمد العز والظهور، والتمكين كما قال شيخ اإلسالم رحمـه اهللا، ويسـتدل بتخصـيص األنبيـاء، وأتباعهم بالنصر وحسن العاقبة، وتخصيص مكذبيهم بالخزي، وسوء العاقبة على أنـه يـأمر

به الرسل ويكره، ويسخط ما كان عليه مكـذبوهم، ألن النـوعين ويحب، ويرضى ما جاءتباإلكرام والنجاة، والذكر الحسن والدعاء، وتخصيص اآلخر بالعذاب والهالك، وقـبح الـذكر واللعنة يستلزم محبة ما يفعله الصنف األول، وبغض ما فعله الصنف الثاني انتهى، وقد جـرى

أظهر األدلة على صحة هذه الدعوة، وأنها هي الحـق مثل هذا في هذه الدعوة بحمد اهللا، وهو

﴿: كما دلت عليه اآليات المحكمات، والبراهين الواضحات كما قال تعالىوقال شيخنا أبو بكر حسين ابن غنام رحمه اهللا فيه ﴾:

لقد رفـع المـولى بـه رتبـة الهـدى فهــم مــواله فــارتوىســقاه نميــر ال

ــد بعــد اندراســه ــه التوحي ــا ب فأحي سما ذروة المجد التي مـا ارتقـى لهـا ــد ــنة أحم ــاج س ــي منه ــمر ف وشــي ــنة الت ــات والس ــاظر باآلي ين فآثـــاره فيهـــا ســـوام ســـوافر

بوقت بـه يعلـو الضـالل ويرفـع ــع ــارف يقط ــار المع ــام بتي وع وأوهى به من مطلع الشـرك مهيـع ــا ســميدع ســواه وال حــاذى فناه يؤيـد ويحمـي مـا تعفـى ويرقـع أمرنا إليهـا فـي التنـازع نرجـع ــع ــيء وتلم ــا تض ــواره فيه وأن

فلقد أظهر اهللا دعوته، ونشرها على كثرة من خالفه في الدين، وناوأه وأقر عينه بهالك من تصدى لحربه، وعاداه فلله الحمد ال نحصى ثناء عليه أن جعل هذا الشـيخ إمامـاً للـدين

.﴾ويدعوهم إليه ويجاهدهم عليه ﴿يعرف الناس به،

وقد ابتلى رحمه اهللا في دعوته بجهلة المنتسبين إلى العلم لمخالفة مـا نشـأوا عليـه، واعتقدوه من الشرك بأرباب القبور، والطواغيت وغيرهم فإن حالهم وحال أسالفهم ما ذكـره

وما زال الشيطان يوحي إلـى عبـاد : رحمه اهللا تعالى عن جنس هؤالء فقال العالمة ابن القيمالقبور ويلقي إليهم أن البناء والعكوف عليها من محبة أصحابها من األنبياء والصـالحين، وإن الدعاء عندها مستجاب ثم ينقلهم من هذه المرتبة إلى الدعاء به، واإلقسام على اهللا به، فإن شأن

ن يقسم عليه، أو يسأل بأحد من خلقه، وإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم إلى دعائـه، اهللا أعظم من أوعبادته وسؤاله الشفاعة من اهللا، واتخاذ قبره وثنا تعلق عليه الستور، والقناديل ويطاف بـه، ويستلم ويحج إليه؛ فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم إلى دعاء الناس إلى عبادتـه، واتخـاذه عيـدا

أن ذلك أنفع لهم في دنياهم، وأخراهم، وكل هذا مما قد علم باالضطرار مـن ومنسكا، ورأوا .دين اإلسالم أنه مضاد لما بعث اهللا به رسله من تجريد التوحيد، وأن ال يعبد إال اهللا

فإذا تقرر ذلك نقلهم منه إلى من نهى عن ذلك فقد تنقص أهل الرتب العالية، وحطهـم لهم وال قدر، وغضب المشركون واشمأزت قلوبهم كما قال عن منزلتهم، وزعم أنهم ال حرمة

ــالى ﴿: تع

وسرى ذلك في نفوس كثير من الجهال والطغام، وكثير ممن ينتسـب إلـى العلـم ﴾

بالعظائم، ونفروا الناس عنهم، ووالوا أهـل الشـرك والدين حتى عادوا أهل التوحيد ورموهم

وعظموهم، وزعموا أنهم أولياء اهللا وأنصار دينه، ويأبى اهللا ذلك ﴿ال من أنكـر علـى شـيخنا ـ﴾ انتهى فهذا الذي ذكره العالمة ابن القيم رحمه اهللا هو ح

األكبر من قلوبهم فاعتقدوه دينا، وهذا ظاهر ال خفاء به بحمد دعوته إلى التوحيد لتمكن الشرك .اهللا

وهؤالء قلبوا مدلول كلمة اإلخالص فأثبتوا ما نفته من الشرك، وجحدوا ما أثبتته مـن :التوحيد، وهم أعداء الرسل بال ريب، ولهذا استحسنوا قول صاحب البردة

الحادث العممسواك عند حلول يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به

﴾ وقـال ﴿: واهللا تعالى يقول

.﴾، واآليات في هذا المعنى أكثر من أن تحصر﴿: تعالى

يجوز أن يدعي أحد وقد أجمع العلماء على أن خطاب الموتى بالحوائج شرك عظيم المالي من ألوذ به سواك قصر اللياذ على العبـد : دون اهللا كائنا من كان؛ وقول صاحب البردة

دون المعبود، وهو نوع من أنواع العبادة كالعياذ فإن العياذ لدفع الشر، واللياذ لجلـب الخيـر، في أشد مقام يحتاج عند حلول الحادث العمم أي: وهذا هو معناه لغة وشرعا واستعماال، وقوله

ال «: بقولـه rفيه العبد إلى آخر أبياته، وهذا محض الشرك الذي نهـى عنـه رسـول اهللا فإذا كـان أئمـة » تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبداهللا ورسوله

ـ ر التابعين كعلي بن الحسين، والحسن بن علي أنكروا على من أتى عند فرجة يدعو عنـد قبيدعو اهللا، ورأوا أن ذلك من اتخاذه عيداً، ولم يفعل ذلك أحد من الخلفاء، وال السابقين rالنبي

األولين من المهاجرين واألنصار؛ فكيف بمن أخلص الدعاء لغير اهللا تعالى، ولم يجعل اهللا في .مطلبه إذنا وال رضى

ة فيها شـرك فهـي وقد نهى اهللا في كتابه عن اتخاذ الشفعاء في مواضع، وكل شفاع

﴿: ﴾ اآلية وقـال ﴿: منفية كما نفاها القرآن كما قال تعالى

وقال ﴾ :﴿ وقـال ﴾ :

﴿﴿ ﴾ وأخبر أن اتخـاذ الشـفعاء هـو ديـن ﴾

﴾ فأخبر ﴿: المشركين قال تعالى

﴿: أن الشفاعة ال تقع لهم على هذا الوجه، وبين أن هذا هـو الشـرك بقولـه وقوله ﴾ :﴿ ﴾ فكل من اتخذ لـه شـفيعا فقـد ضـاهى

.المشركين في دينهم، وأشرك مع اهللا غيره

وقد أخبر اهللا تعالى إن المدعو دونه ال يسمع دعاء الـداعي، وال يسـتجيب لـه، وأن

﴿: المدعو ينكر ذلك، وإن ذلك شرك عظيم، وضالل مبين كما قال تعالى إلـى قولـه ﴾ :﴿ ﴾

فتدبر هذه اآليات وما فيها من البيان، ومعرفة الحق من الضالل، وهذا مبسوط في غير هـذا .الموضع، وفي هذا كفاية لمن أراد اهللا به خيرا وباهللا التوفيق

فصل

إن شـيخ اإلسـالم محمـد بـن : أهل الجدل بقلب الحقائق من ذلك قولـه وقد ابتلى وهذا هو وصف القائـل : عبدالوهاب لم يعرف من معنى ال إله إال اهللا ما عرفه أبو جهل قلت

رمتني بدائها وانسلت، ومن المعلوم عند القريب والبعيد، والموافق والمخـالف –كما في المثل ناس ما جهلوه من معنى ال إله إال اهللا فأرشدهم إلى هذه الكلمة أن شيخ اإلسالم هو الذي بين لل

ال إلـه، وأوجبـت : دلت على أمرين األول نفى اإللهية عن كل ما سوى اهللا نفيا عاما بقولـه إال اهللا، وهذا الثاني داللتها عليه داللة مطابقة، وهـذا هـو اإلخـالص : اإللهية هللا وحده بقوله

﴾ اآلية، ﴿: به رسله، وأنزل به كتبه قال تعالى الذي هو دين اهللا الذي بعث

﴾ اآلية، فكـل مـا ﴿: ﴾ وقال﴿: وقال تعالى

ن تعبد اهللا به عباده من األعمال الباطنة، والظاهرة فهو من الدين، فأوجب اهللا علـى عبـاده أ

﴿: تكون أقوالهم وأعمالهم هللا وحده، وحرم عليهم أن يصرفوا منها شيئا لغيره كما قال تعالى فالذي لم يعرف معنى ال إله إال اهللا هو الذي يعتقـد أن عبـادة ﴾

م، ونهـى عنـه أرباب القبور دين يدان اهللا به، واهللا تعالى لم يشرع ذلك بل حرمه أشد التحري

﴾ اآلية فحرم الشرك ونهى عنه فسبحان من طبـع ﴿: بقوله

أن ال يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، والحمد هللا الـذي عافانـا على قلوب المشركين نسأل اهللا تعالى .مستعانمما ابتلى به هؤالء الجهلة الضالل الذين صادموا الحق بالزور والمحال واهللا ال

وقد بين اهللا تعالى معنى ال إله إال اهللا في آيات كثيرة من القرآن أصرح شيء وإنه ال

﴿: يخفى إال على من امتأل قلبه بمحبة الشرك، وعبادة األوثان كقوله تعالى ى﴾ فيه معنى ال إله إال اهللا وأمثال هذه اآلية كثيرة في القـرآن كقولـه تعـال :﴿

فمن لم يوفق لمعرفة هذه اآليـات فـال ﴾

﴿: حيلة فيه قال أبو جعفر بن جرير رحمه اهللا تعالى في تفسيره في قولـه اإلسالم وقال مجاهد﴾ على قراءة األفراد ذكر مجاهد عن ابن عباس أنه فسرها ب :

﴿وعن ابن عباس أيضا أنها ال إله إال : ال إله إال اهللا قال: ﴾ قال

ظاهرة على األلسن قوال، وعلى األبدان وجوارح الجسـد عمـال، : ﴾ يقول﴿: اهللا وقوله

﴾ ﴿: ﴾ في القلوب اعتقادا ومعرفة، وقوله﴿: قوله

ومن الناس من يخاصم في توحيد اهللا، وإخالص الطاعة والعبادة لـه بغيـر : يقول تعالى ذكرهوال بيان يبين به صحة ما يقول، وال كتاب منير يقـول : علم عنده بما يخاصم، وال هدى يقول

.اهللا على محمدوال بتنزيل من اهللا تعالى جاء بما يدعي يبين حقيقة دعواه وصلى

الرسالة الثانية

بسم اهللا الرحمن الرحيمالحمد هللا رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى اهللا على سيد المرسلين محمـد وآلـه

.وصحبه أجمعين وسلم تسليما

أما بعد فإنا قد وجدنا في كتب عثمان بن منصور بخطوطه أموراً تتضمن الطعن على م شيخ اإلسالم محمد بن عبدالوهاب رحمه اهللا فيما دعـا إليـه مـن المسلمين، وتضليل إمامه

التوحيد، وإظهار ما يعتقده في أهل هذه الدعوة من أنهم خوارج تنزل األحاديث التـي وردت في الخوارج عليهم، وساق جملة من األحاديث التي وردت في الحث على قتال الخوارج منهـا

وما في معناه من األحاديث التي »ي قتلهم أجرا لمن قتلهمأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن ف«حديث فيهم فنذكر أوال سبب هذه الفتنة التي وقع فيها وأسرها في نفسـه، وظهـرت rصحت عنه

على صفحات وجهه، وفلتات لسانه، وفي خطوطه لمن يظن أنه يرى رأيه، أو يسـمع منـه، والحاضرة طلبت نفسه السفر إلى بـالد وذلك أنه لما ظهر هذا الدين بنجد، وانتشر في البادية

وعداوته، منهم محمد بن سلوم جال من سدير بسبب كراهة اإلسالم، والمسـلمين فـاجتمع بـه وقرأ عليه، وأقام عنده مدة من السنين فصار معظما عنده ثم أنه تردد إلى البصـرة، واجتمـع

لهذا الدين، ومن دعـا إليـه بابن سند وقرأ عليه، واتخذه له شيخاً، وهو من أشد الناس عداوةذلك قدم الفرعة من بلد الوشم فأخرجه أهلهـا مـن يصرح بسبهم، وعداوتهم ثم أن عثمان بعد

الصف األول كراهة له، ولما كان عليه في تلك الحال التي ذكرنا فهو حقيق بأن يمقت ويهان، ر فصارت حـالهم، ثم إنه سكن سديراً في حال اختالف أهل نجد لما ابتلوا به من عساكر مص

وحال أهل الزبير والشمال واحداً في المواالة والمحبة، واإلكرام وصاروا يزوجونهم نسـاءهم فصار فيهم قاضيا إلى أن ظهر ما كان يعتقده في أهل اإلسالم لكنه بين مصدق ومكذب، فمـن

.كانت له غيره في الدين عرف حاله وكرهه ومن لم يكن كذلك غره جهله

ه ثالثة ـا وجدنا له في كتبه بخطه فقد تضمنت ورقته التي وجدناها لفخذ الجواب عمـ ـاألول سياقة أح: أمور اديث علـى المسـلمين، وأنهـم ـاديث الخوارج، وتنزيله تلك األح

.خوارج

قد خرجوا في rإن الخوارج الذين أخبر عنهم رسول اهللا : فالجواب من وجوه األولل صفين، فأظهروا تكفير الصحابة بما جرى بيـنهم خالفة علي بن أبي طالب منصرفة من قتا

من القتال كفروا عليا رضي اهللا عنه بذلك فدعاهم إلى الرجوع إلى الحق، واستدل عليهم ابـن

﴾ فسماهم مؤمنين مع االقتتـال، ﴿: بقوله تعالى tعباس

﴿: ال هللا فناظرهم ابن عباس في ذلك أيضا، واستدل بقولهال حكم إ: وأنكروا التحكيم وقالوا إلى غير ذلك مما هو مذكور فـي كتـب ﴾

الحديث والسير وأجمع الصحابة رضي اهللا عنهم والتابعون واألئمة إن هؤالء هم الذين عنـي أنهـم tتالهم، وعرف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في األحاديث، وأمر بق rرسول اهللا

أنها توجد فيهم، وهو المخدج الذي له ثـدي rهم المعنيون، وظهرت العالمة التي أخبر النبي .tكثدي المرأة فوجد في القتلى فسر بذلك علي

وأما أهل هذه الدعوة اإلسالمية التي أظهرها اهللا بنجد، وانتشرت واعترف بصـحتها من العلماء والعقالء، وأدحض اهللا حجة من نازعهم بالشهادة فهم بحمد اهللا أبعـد النـاس كثير

ودينهم هو الحق يدعون إلى مـا بعـث اهللا بـه عن مشابهة الخوارج وغيرهم من أهل البدع، رسله من إخالص العبادة هللا وحده ال شريك له، وينهون عن دعوة األموات والغائبين، وطلـب

أنكروا ما يعتقده المشركون من أن األموات والغائبين يملكون الضر والنفـع، الشفاعة منهم، ووالتصرف والتدبير فإن جماع الدين أال يعبد إال اهللا وأال يعبد إال بما شرع فخالفوا من خـرج عن هذا الدين، وجاهدوا من قدروا على جهاده حتى أظهر اهللا هذا الدين، وأبطل كيد الكائدين،

، ولم يكفروا أحداً من الصحابة رضـي اهللا عـنهم، بـل أحبـوهم ووالـوهم، وشبه المشبهينوأعرضوا عما شجر بينهم، وعلموا أن لهم حسنات عظيمة يمحو اهللا بها السيئات، وتضـاعف

.بها الحسنات

وهذه الطائفة بحمد اهللا على منهج الصحابة في أصول الدين وفروعه، والحجة عندهم ا كان عليه الصحابة والتابعون، وأئمة اإلسالم، وفارقوا أهل الشـرك اهللا ورسوله وم: فيما قاله

وعبادة األوثان، وأظهروا عداوتهم في الجملة، وخالفوا أهل كل بدعة فـي بـدعتهم كالجميـة والمعتزلة والمرجئة، وغيرهم من أهل البدع كالباطنية، والفالسـفة وغيـرهم فمـا نـاظرهم

دحضوا حجته بالكتاب والسنة، فالحمد هللا الـذي هـدانا صاحب بدعة إال والجأوه المضائق، والإلسالم، وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا اهللا، ولكن السبب في تنزيله لهم منزلة الخـوارج أنهـم

العابدة حق اهللا ال يصلح : ينهون عن دعوة غير اهللا، وعبادته من األموات والغائبين، ويقولونأربـاب وينكرون ما وقع في كثير من البالد من دعوة منها شيء لملك مقرب وال نبي مرسل،

القبور، والتذلل لهم والرغبة إليهم، وإنزال الحوائج بهم، والتقرب إليهم بالنحر والـذبح لهـم، وغير ذلك مما يطول عده؛ فمن أنكر هذا الشرك سماه خارجياً العتقـاده أن هـذا الشـرك ال

اء المساجد والمدارس، والنداء إلى الصالة وفعلها يضر، وال يناقض اإلسالم، واإلسالم عنده بنوالصدقة، وغير ذلك فهذا عنده هو الدين الذي ال يضر معه اعتقاد وال عمل، وسيأتي الجواب

.عن هذا إن شاء اهللا تعالى

فسبب محبته ألهل الشرك، ومواالتهم عنهم اعتقد في المسلمين ما اعتقد؛ يبـين ذلـك ؤه عليه فيما ألقاه من الشبهات الواهية فـي مصـادمة اآليـات نظمه لداود بن جرجيس، وثنا

التوحيد، وهو يقرر أن االسـتغاثة بـاألموات جـائزة المحكمات، وصحيح األحاديث في بيان فاطنب بالثناء عليه برده على المسلمين بما كذب فيه وشبه، وما حل وعاند فصار هـذا عنـد

هذا لم نجده إال في كتبه، وقد قدم على مـا عثمان هو الحق الذي يمدح صاحبه ويمجد وشعرهقدم فهذا ما ظهر منه في حياته، وأما الخاتمة فعلمها عند اهللا نسأل اهللا الثبات واالستقامة، لكـن نذكر ما يلزمه على ما اعتقده في المسلمين من أنهم خوارج، وإن من قاتلهم من أهـل بغـداد

أن لهم أجراً في قتالهم، وهذا الالزم ال محيـد ونواحيه، ومن قاتلهم من أهل مصر، وقتل منهم .له عنه فتدبر ما أوجبه هذا القول من الضالل البعيد

اعتراضه على شيخنا الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه اهللا فإنه قال : المسألة الثانيةقال محمد بن عبدالوهاب في مواضعه التي تكلم بها علـى السـيرة، إذا عرفـت أن : بعد ذلك

سان ال يستقيم له إسالم وإن وحد اهللا، وترك الشرك إال بعداوة المشركين، والتصريح لهـم اإلن

﴾ ﴿: بالعداوة والبغضاء كما قال تعـالى

.اآلية

هو الذي هذا الذي أنكره على شيخنا رحمه اهللا: فالجواب قبل ذكر االعتراض أن نقول

﴿: نطق به القرآن كما قال تعالى

ذا القول فقد أنكر مـا فـي الكتـاب ﴾ ونظائر هذه اآليات كثيرة في القرآن؛ فمن أنكر ه

ظاهر هذا الكالم أن النجاشي ملـك الحبشـة : والسنة، إذا عرفت ذلك فإنه قال في االعتراضكافر حيث لم يصرح بعداوة قومه من النصارى، وأيضا جعفر وأصـحابه كفـار حيـث لـم

عـن يصرحوا بعداوة الحبشة، وكذلك مؤمن آل فرعون فياهللا العجب ما أعمى عـين الهـوى .تأمل كيف جعل ما تضمنه الكتاب والسنة عنى عن الهدى: الهدى فنقول

لقد عميت بصيرته عن فهم كالم شيخنا رحمه اهللا : وأما الجواب عن االعتراض فأقولفإنه رحمه اهللا أراد أنه ال يستقيم إسالم أحد حتى يصرح بعداوة المشركين وبغضـهم، وهـذا

ن لحق بالمشركين في بالدهم، وحصل لهم منـه مـوادة صريح كالمه ومراده رحمه اهللا أن مومداهنة، ومواالة فعل ذلك باختياره أنه قد عرض نفسه للوعيد الشديد، وفعل ما ينافي إسالمه؛

﴿: ولهذا المعنى استدل رحمه اهللا بقوله تعـالى المه فيمن أظهر الموادة ألهل الشرك والمداهنة لهم﴾ اآلية فعلم أن ك.

، وبالقرآن لمـا قـرأ عليـه rوأما النجاشي فإنه أظهر المخالفة لهم، واإليمان بالنبي صدر سورة مريم أذعن وصدق، وقبل وشهد بأن هذا هو الحق، وشهد بأن هذا هـو tجعفر

بعض المفسرين أنه بكى حتى الذي يعتقده في عيسى عليه السالم بمحضر من بطارقته، وذكرإنهم خمسـون : قال بعض المفسرين rأخضل لحيته، وبعث الوفد من الحبشة إلى رسول اهللا

القرآن بكـوا rثالثة فلما قرأ عليهم النبي : دون ذلك أقوال: أكثر وبعضهم قال: وبعضهم قال

حتى اخضلوا لحاهم فانقلبوا مؤمنين مصدقين، وأنزل اهللا فيهم ﴿

،فأثبت لهم اإليمان في اآلية فلهم أجران على اإليمان بنبـيهم، واإليمـان ﴾

.rبمحمد

ليرد إليهم من هاجر إليـه وأيضاً فإن قريشاً لما بعثوا عمرو بن العاص إلى النجاشيفغضب غضبا شديداً خاف عمرو أن يقع به ورد هداياهم إليهم، وحضـر جعفـر وأصـحابه

كما هو مذكور في السير والتفسـير، rرضي اهللا عنهم فتكلم بالحق الذي بعث اهللا به محمداً م، اذهبوا فأنتم سيوم بأرضـي مـن سـبكم غـر : وقال لهم النجاشي مخاطباً لجعفر وأصحابه

فاظهروا دينهم، ووحدوا ربهم ال يمنعهم منه مانع، وال يعارضهم معارض فما حصـل مـنهم لمن كان هناك من النصارى مواالة وال ركون إليهم وال شيء مما يكرهه اهللا؛ وإنما صـاروا

داهن وركـن، وأظهـر دعاة إلى اهللا وصاروا سببا إلسالم من أسلم من الحبشة فأين هذا ممن شركين في شركهم كحال المعترض فإنه ينادي في رسائله بمـوادة أهـل الشـرك الموافقة للم

ومحبتهم، والثناء عليهم وتعظيمهم بانتصابهم لمعاداة اإلسالم وأهله، فمثلك أيها المعترض هـو الذي عناه شيخنا ألن من فعل هذا الفعل الذي فعلته لم يكن مسـلما لمحبـة الشـرك وأهلـه،

ذا ينافي حقيقة اإلسالم نعوض باهللا من سوء الخاتمة، فـأي فائـدة وبغضه التوحيد وأهله، وه .حصلت له من الكتب التي جمعها إذا كان حاله ما ترى وتسمع

وأما مؤمن آل فرعون فقد قام على فرعون ومالئه مقاماً عظيماً فنصحهم وحـذرهم، ﴿يـا قـوم : لوأنذرهم وخوفهم عقاب الدنيا واآلخرة، وأبدى وأعاد في نصحهم ودعوتهم وقا

﴿فوقاه اهللا سيئات مـا : اتبعون أهدكم سبيل الرشاد﴾ فأظهر لهم إيمانه ودعاهم إليه وقال تعالىوال كتمه، بل أظهر المخالفـة . مكروا﴾ وقد قام على آل فرعون مقام أنبيائهم فماداهن في دينه

ابه وأثنى عليـه، ولهذا ذكره اهللا في كت. لفرعون وقومه فما حصل منه إال ما يحبه اهللا ويرضاهفأين هذا ممن قال للمشركين الذين اتخذوا األنداد وجعلوهم شركاء هللا في عبادته فتقربوا إلـيهم بمدحهم وتعظيمهم، وتهنئتهم بعداوة اإلسالم وأهله فشرح لهم صدره وأحبهم لما بدر منهم مـن

.نصرة الشرك وإنكار التوحيد

ــر سـارت مشرقـة وسرت مغربـا ــين مش ــتان ب ــربش ق ومغ

منهم هؤالء المشركون الذين يطلب عداوتهم وهم يعمـرون : قوله ثانياً: المسألة الثالثة﴿ربنا ال تزغ ! المدارس والمساجد ويدعون بداعي الفالح على رؤوس المنابر، ما هذا العمى؟

.قلوبنا بعد إذ هديتنا﴾ انتهى كالمه

ما يقع فـي مصـر والشـام فالجواب أن هذا هو محط رحله الذي عليه اعتماده، وأنوالعراق من تعظيم األموات وعبادتهم، وبناء المساجد على قبورهم والرغبة إلـيهم، وسـؤالهم

وكثير منهم يعتقد أنهم أسرع فرجا من اهللا إذا دعى في كشف قضاء حاجاتهم وتفريج كرباتهم، د، وال ريـب أن كربة، وكل هذا عنده جائز ال ينقص إسالمه ألنهم يعمرون المدارس والمساج

إال من هو أجهل خلق اهللا وأبعدهم عن دين اهللا، وقد عرفت أن ديـن اهللا : هذا المعتقد ال يقولهالذي بعث به رسله هو أن ال يعبد إال اهللا، وأن ال يعبد إال بما شرع كما تقـرر فـي اآليـات،

خـالص العبـادة ونفيه وإ. وبينه تعالى في دعوة الرسل فإنه أرسلهم باإلنذار عن هذا الشرك

﴿: بجميع أنواعها هللا تعالى كما قال تعـالى وقال تعالى ﴾ :﴿﴾.

سنتهم وأعمالهم ليجلبـوا لهـم وهؤالء الذين ذكرنا قد ألهوا أرباب القبور بقلوبهم، وأل

المنافع، ويدفعوا عنهم المضار وقد أخبر تعـالى أنهـم ﴿ ،وقد نزلت هذه اآلية فيمن عبدالمسيح وأمه، والعزيز والمالئكة بالدعاء رجاء ورغبـة ﴾

ذكـر فكيـف بمـن وغير ذلك مما كان يقصده عباد القبور، فإذا كانت هذه اآلية نزلت فيمندونهم، ومن المعلوم أن هؤالء قد جاوزوا ما كان عليه مشركو العرب، فإن أولئك أشركوا اهللا في العبادة وأقروا له بالربوبية، وهؤالء بلغ من شركهم أنهم جعلوا التـدبير والتصـرف فـي

الـذي الكون لألموات الذين كانوا يعبدونهم من دون اهللا، وهذا األصل مقرر في كتـب هـذا جمعها، فإن فيها من كتب شيخ اإلسالم، وابن القيم وأمثالهما من أهل السـنة، وفيهـا بيــان هـذا الشرك الذي وقع في هذه األمة في زمانهم وقبله، وبعده بـأحسن بيان، فليت شعري ما الـذي صده عن محكم القرآن، وصريح السنة وتقرير العلماء، واألئمة فسبحان المتصرف في

بعلمه وحكمته وعدله كيف جاز في عقل من يدعي العلم جعل الشرك إسالمـاً، ويجعل القلوباالنتصار لهذا الشرك والدعوة إليه دينـا، ويعظم عند ذلك ويثنى عليه ألـيس يـدعي أنــه حنبلي، وكثب الحنـابلة عنده وفيها باب حكم المرتد، وحكـاية اإلجماع على أن مـن جعـل

يدعوهم، ويسألهم كفر إجماعا قاله شيخ اإلسـالم وتلقـاه العلمـاء عنـه بينه وبين اهللا وسائط .بالقبول ورضوه

عمارة المدارس والمساجد، والدعاء إلى الصالة على المنابر ال تصح إال : ويقال أيضاًبشرط اإلسالم فسبحان اهللا كيف يذكر العمل، ويترك شرطه الذي ال تصح األعمـال إال بـه،

تصـح : مذهبه، ومذهب غيره من العلماء لما ذكروا الصـالة قـالوا وهذا الشرط مذكور فيبشروط أولها اإلسالم، وكذلك ذكروه في الصيام والزكاة، والحج وغير ذلك مـن العبـادات،

القبور تنافي اإلسالم فإن أساسه التوحيد واإلخالص، وال يقـوم اإلخـالص إال وعبادة أرباب

﴿: عـالى بنفي الشرك، والبراءة منه كما قـال ت ﴿ وهذه األعمال مع الشرك تكون ﴾ وتكـون هبـاء ﴾

فال إله إال اهللا؛ كيف خفـي . ﴾ اآليةمنثورا ﴿

ه دينا تجب نصرته؛ وأجمع العلماء سـلفا وخلفـاً مـن الصـحابة على هذا الشرك حتى اتخذوالتابعين، واألئمة وجميع أهل السنة أن المرء ال يكون مسلماً إال بالتجرد من الشرك األكبـر، والبراءة منه وممن فعله، وبعضهم ومعاداتهم بحسب الطاقة، والقدرة وإخالص األعمال كلهـا

فإن حق اهللا على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به «صحيحين هللا كما في حديث معاذ الذي في ال .»شيئاً

وما ينافيه من الشرك، والتنديد، وفي حـديث ابـن والقرآن كله في بيان هذا التوحيد، .»أن تجعل هللا نداً وهو خلقك«: أي الذنب أعظم؟ قال: مسعود قلت يا رسول اهللا

:ولقد أحسن ابن القيم رحمه اهللا في قوله

ــق والع ــل موف ــب ك ــدخل قل ــم ي ل هـذالنـن خـروم مـمحـرده الـوي

ــتئذان ــواب وال اس ــر ب ــن غي م ذالنـخـم بالـهـا اللـنـشقـال ت

:وقال شيخنا أبو بكر بن غنام رحمه اهللا تعالى

ــا ــل ركونه ــورى إال القلي ــوس ال نفــد ــت أي موح ــك التثبي ــل رب فس

رـة سائـد الضاللـي بيـيرك فـوغ

ن حنينهـا إلى الغـي ال يلفـي لـدي فأنت علـى السـمحاء بـاد يقينهـا

اـهـدينـبور يـه إال القـيس لـول

وصدق رحمه اهللا تعالى فلقد جعلوا عبادة القبور دينـاً، وكـم فـتن بهـذه الشـبهات والجهاالت من الخلق ما ال يحصيهم إال اهللا الذين هم كاألنعام السائمة يطيرون مع كل ريح لـم

لجأوا إلى ركن وثيق، اللهم إنـا نسـألك الثبـات علـى اإلسـالم يستضيئوا بنور العلم، ولم ي .واالستقامة، واالعتصام بحبلك واالهتداء بهداك، واتباع نبيك محمد

.وله أيضا قدس اهللا روحه

الرسالة الثالثة

بسم اهللا الرحمن الرحيم

حمة أنـك الحمد هللا رب العالمين، ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك ر .أنت الوهاب

وبعد فإنه قد بلغنا عمن ال نتهم عن عثمان بن منصور أنه قد كتب له نسخة نال فيهـا من إمام الدعوة اإلسالمية محمد بن عبدالوهاب، ومن تابعه على ملة اإلسالم أنهم كـالخوارج

ما حضـر يكفرون المسلمين، وذكرت ذلك لإلمام فيصل بن تركي فاستبعد هذا، واتهم القائل فلابن منصور حلف باهللا جهد إيمانه أنه لم يقل، ولم يكتب ذلك، ولعله تأول لإلمـام، وكنـت ال أبعده عن ذلك وأن حلف، لما قد استبان لي من أحواله مع شهادة من هو أصـدق منـه؛ فلمـا استقضاه اإلمام على أهل سدير لكونهم طلبوه أظهر ذلك تنفيراً لهم عـن جماعـة المسـلمين،

راً لألمر الذي قد عرفوه من الدين ليصدفهم عنه، وعن متابعة أهل اإلسالم والدخول فـي وتغييجماعتهم، فوقعت تلك النسخة في يد بعض من أنكرها من المسلمين فبعث بها إلينا فـإذا هـي

.تشتمل على أمور

إن المسلمين القائمين بهذا الدين بعد غربته، ودروس معالمه قد زعم أنهم أهـل :أحدهابدعة كالخوارج الذين يكفرون بالذنوب العتقاده إنما يفعل عند القبور من عبادة األموات لـيس بشرك يكفر فاعله، وأنهم وإن فعلوا ذلك فهم مجتهدون مخطئون، وأن أولئك الذين يقـع فـيهم مثل ذلك هم الجماعة الذين وردت األحاديث في وعيد من فارقهم، وساق األحاديث الواردة في

رج، وفي من فارق الجماعة، وجعل هذه الطائفة الذين يأمرون بالتوحيد، ويدعون إليـه، الخواوينهون عن الشرك، ويقاتلون عليه كالخوارج الذين يكفرون الصحابة، وأنهم فارقوا الجماعة،

إنهم ال يكفرون المعـين ولـم يفـرق : وذكر من كالم العلماء في رسالته كالماً يتناقض بقوله .)1(بين

.بياض باألصل) 1(

الكبائر على نوعين نوع يكفر فاعله كما ذكر العلماء في حكم المرتد، وذكـر فـي إن من جعل بينه وبين اهللا وسـائل يـدعوهم : اإلقناع وغيره عن شيخ اإلسالم ابن تيمية أنه قال

ويسألهم، ويتوكل عليهم كفر إجماعاً انتهى؛ وما ذكر العلماء سلفاً وخلفاً أن الشرك يسوغ فيـه عذر فاعله باجتهاده، وهذا كذب على الكتاب والسنة، وإجمـاع علمـاء األمـة؛ االجتهـاد، وي

بـل المعاصي كلها ال يعذر أحد ارتكبها بدعوى أنه مجتهد، والوعيد من اهللا لفاعلها، ولو قدر أن لبعضهم تأويالت فكل ما يخالف حكم اهللا ودينه ال يسوغ، ولو ساغ ذلك لتعطلت الشـرائع

ا بينه اهللا من دينه الذي دعت إليه رسله من أولهم إلى آخــرهم عـذر والحدود، وليس مع م .ألحد

﴾ ﴿: والقرآن حجة اهللا على األمة مشركهم وكتابيهم كما قال تعالى

﴿: ﴾ ولم يستثن أحداً من الناس وقـال ﴿: وقال تعالى فالبيان عام، والهدى والرحمة خاص فذلك عدله وحجته، وهذا القرآن ينـادي ﴾

بدعوة كل رسول إلى التوحيد، والنهي عن الشرك ويذكر ما ردوا به على من جحده، وذكـر تعالى ما وعد على ذلك من عذاب االستئصال؛ واالجتهاد إنما هو مختص بأهل العلم والـدين،

في خواص من المتقدمين؛ فإذا كانت يا هذا ال تعرف هذا فما هذا وله شروط ال توجد تامة إال .العلم الذي تدعي معرفته

.)2(إن من الذنوب ما ال يكفر فاعله عند أهل السنة والجماعة: األمر الثاني

ما كان من أعظم الكبائر من المعاصي كالزنا والسرقة، وشرب الخمـر؛ والخـوارج ل غير سائغ، وقد اجتهدوا ولكنهم لم يحسنوا، ولـم يوفقـوا بتأوي rكفروا أصحاب رسول اهللا

بين األدلة فما نفعهم اجتهادهم، واستداللهم بالكتاب والسنة؛ ومن المعلـوم أن هللا حججـاً ومـا بذلك االجتهاد واالستدالل حتى أمر بقتلهم، ومن حجة أهل الحق عليهم قولـه rعذرهم النبي

﴾ فسماهم مؤمنين مع االقتتال، وألهل الحق أدلـة ﴿: تعالى

أخر ليس هذا موضع ذكرها؛ إذ الغرض التنبيه على ضالل هذا الضال الملبس، وشيخنا رحمه

.بياض باألصل) 2(

قتل rاهللا ينكر على الخوارج، وعلى من قال بقولهم، ويعتقد بطالنه أما علمت أن رسول اهللا لنضر وعقبة بن أبي معيط، والحاصل أن هذه الطائفـة لـم يعـاملوا أناساً بأعيانهم لكفرهم كا

.)3(المسلمين إال بمعاملة

ولو بسطنا القول في هذا وبيان نقضه من الكتاب والسنة، وأقـوال السـلف والعلمـاء وقد اكتفيت بما ذكره شيخنا في رده على سـليمان بـن )4(كشيخ اإلسالم ابن تيمية، وابن القيم

.صدره بحديث عمرو بن عبسة عبدالوهاب الذي

.كذا باألصل ولعل لفظه والحاصل أن هذه الطائفة لم يعاملوا المسلمين إال بمعاملة المشركين) 3(

.بياض باألصل) 4(

الرسالة الرابعة

بسم اهللا الرحمن الرحيم

.الحمد هللا رب العالمين، وصلى اهللا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد فاعلم أيها الناظر إلى هذا التعليق أن عثمان بن منصور ابتلى بكراهـة هـذه محمد بن عبدالوهاب مجدد الـدين بعـد اندراسـه الدعوة اإلسالمية التي قام بها شيخ اإلسالم

وذهابه، فاطنب في الكذب والزور والبهتان على من تصدى لهذا الشـأن العظـيم، والخطـب الجسيم فحسيبه اهللا تعالى فيما قال فيه مما هو ليس له بأهل، وكان يخفي أمره هـذا، وربمـا

وخطوطه ومؤلفاته، وهو في الحقيقة ظهر ألناس من فلتات لسانه ما يتبين من حاله بعد وفاته، أن هـذه : إنما جني على نفسه فبنى ما زوره على أصلين فاسدين ينقض أحدهما اآلخر األول

األمة كلها صالحة من أولها إلى آخرها ليس فيها شرك ينافي التوحيد فتذكر من حال األمة مـا هاب رحمه اهللا كفر األمـة، أن الشيخ محمد بن عبدالو: يبين جهله وضالله فيما زعمه، الثاني

.فنبين ما يبطل هذين األصلين الضالين الباطلين إن شاء اهللا تعالى: وليس فيها كافر

الذين توفي فيهم، وهم على rفأقول وباهللا التوفيق أما األمة ففيها أصحاب رسول اهللا مـن rوفاة النبي التوحيد الذي دعاهم إليه وجاهدوا عليه فجاهدوا أهل الردة الذين ارتدوا بعد

قبائل العرب حتى دخلوا من الباب الذي خرجوا منه فاجتمعوا كلهم على اإلسـالم، وجاهـدوا عليهم الشام ومصر، والعراق وما زالوا كـذلك فـي زمـن الخلفـاء فارس والروم ففتح اهللا

الراشدين، ووالية بني أمية وصدراً من بني العباس، وكل من ظهـرت بدعتـه إذ ذاك قمـع على السيف، وفيهم األئمة األعالم الذين أخذ عنهم العلم كعلماء التفسير والحديث، والفقه وحمل

من غير تكلف وال تعسف فما زال الحال كذلك في زمن األئمة األربعة، وأمثالهم من المحدثين خير القرون قرني ثـم «: أنه قال rوالفقهاء، قد ثبت في الصحاح والمسانيد والسنن عن النبي

ين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما ال يفعلون ويفعلون مـا الذال يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهـدهم بقلبـه

أن األمة ال بـد أن يقـع rفأخبر النبي » فهو مؤمن وليس وراء ذلك من اإليمان حبة خردل .الجهاد بحسب قدرة المؤمنفيها ما يوجب

أن أمته ستفترق على ثالث وسـبعين فرقـة كمـا افترقـت اليهـود rوأخبر النبي والحديث له طـرق : والنصارى وكلها في النار إال واحدة قال العماد بن كثير رحمه اهللا تعالى

كثيرة وكل هذا سيقع في األمة بخبر الصادق المصدوق الذي ال ينطق عن الهوى إن هـو إال بوحي يوحى وأول ما ظهر من البدع بدعة الجهمية والمعتزلة فأنكرها العلماء مـن الفقهـاء، وأهل الحديث وكفرهم أكثر أهل الحديث حتى استخلف المأمون بـن الرشـيد فعـرب كتـب اليونان، واستماله أهل البدع والضالل من الجهمية والمعطلة، فامتحن أهل الحديث وألزمهم أن

القرآن فعظمت الفتنة، وظهرت، وامتحن اإلمـام أحمـد رحمـه اهللا بالضـرب بخلق : يقولوا :بالسياط في والية المعتصم والواثق، قال العالمة ابن لقيم رحمه اهللا تعالى

ــة اإل ــرى ألئم ــا ج ــتم م ــد رأي فلقــاهال ــتمالوا ج ــا اس ــيما لم ال ســين ــك ب ــل أف ــه بك ــعوا إلي وسـ أن النصيحة قصدهم كنصـيحة الشيـ

ــائم ــرى عم ــىفي ــاب عل ذات أذنــر ــول للمنص ــوال ال ته ــرى هي وي

سالم مـن محـن علـى األزمـان ــلطان ــع س ــاس م ــدرة للن ذا قــان ــأغلظ اإليم ــموهم ب ــل قاس ب ـــطان حــين خــال بــه األبــوان تلــك القشــور طويلــة األردان وتهول أعمـى فـي ثيـاب جبـان

في أهـل وبعد ذلك تفرقت األمة على بني العباس فظهر بنو بويه في المشرق، وغلوا على القبور، وعبدوها من دون اهللا، وظهرت دولة القرامطـة، وأنكـروا البيت وبنوا المساجد

الشرائع، وزعموا أن لها باطناً غير ظاهرها، ولما استولى بنو عبيد القداح على مصر فعلـوا ، فبعثـوا ركبـاً rمثل ما فعل بنو بويه من الغلو لزعمهم أنهم من ولد فاطمة بنت رسول اهللا

إلى عسقالن في زعمهم أن رأس الحسين بن علي بن أبي طالب مدفون هناك، وقد كذبوا فـي ذلك فدفنوا في القاهرة ما جاءوا به وبنوا عليه مسجداً يعظم، وصاروا يعبـدون هـذا الـوثن ويعظمونه، وحدث في وقتهم أوثان كثيرة بنيت عليها المساجد، وفي أيامهم ظهرت اإلسماعليلة

والفالسفة وأهل الوحدة، والمتكلمون كل أعلن بمذهبـه وطريقتـه، ودعـا إليهـا والنصيرية، كالمعتزلة، واألشاعرة، ومذاهبهم مذكورة في كتب أهل العلم، والسنة موجودة في أهلها لكـنهم يقلون تارة ويكثرون أخرى كلما تقدم عهد النبوة اشتدت الكربـة، وعظمـت الغربـة، وعـاد

عروفاً نشأ على هذا الصغير، وهرم عليه الكبير وفي ذلـك يقـول المعروف منكراً والمنكر م :الشاطبي

كقبض على جمر فتنجو من البـال وهـذا زمان الصبر من لك بـالتي

:وقال يحيى الصرصري

أو عـالم تخشى الرعيـة ظـلمه لـم يبـق إال حـاكم هـو مـرتش

ضح تـأتمـهلـم يبـق نـهج وا لـوال بقـأيـا سنـة ورجـالـهـا

لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام عدلوا عن أوضاع : قال أبو الوفاء بن عقيلالشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها ألنفسهم فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت حكم غيرهم،

وهم عندي كفار بهذه األوضاع مثل تعظيم هذه القبور، وإكرامها مما نهى عنـه الشـرع : قالد النيران وتقبيلها، وتخليقها وكتب الرقاع فيها يا موالي افعل بي كـذا، وكـذا، وأخـذ من إيفا

تربتها تبركاً وإفاضة الطيب على القبور، وشد الرحال إليها، وإلقاء الخرق على الشجر اقتـداء بمن عبدت الالت والعزى، والويل عندهم لمن لم يقبل مشهد الكف ويتمسـح بـآجرة المسـجد

جنازته الصديق أبو بكر، أو محمد أو علي، أو األربعاء، ولم يقل الحمالون على الملموسة يوملم يعقد على قبر أبيه الجص واآلجر، ولم تخرق ثيابه إلى الذيل ولم يرق ماء الورد على القبر

.انتهى

بن إسماعيل المعروف بابن أبي شامة فـي كتابـه وقال الحافظ أبو محمد عبدالرحمنومن هذا القسم ما قد عم االبتالء به من تزيين الشـيطان : ر البدع والحوادثالباعث على إنكا

للعامة من تخليق الحيطان والعمد، وسرج مواضع مخصوصة في كل بلد يحكى لهم حاك أنـه رأى في منامه بها أحد ممن شهر بالصالح، والوالية ويفعلون ذلك، ويحـافظون عليـه مـع

أنهم تقربون بذلك، ثم يتجاوزون ذلك إلى أن يعظم وقع تضييعهم فرائض اهللا وسننه، ويظنونتلك األماكن في قلوبهم فيعظمونها، ويرجون الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم بالنذر لهـا،

وهي من عيون وشجر وحائط وحجر، وفي مدينة دمشق من ذلك مواضـع متعـددة كعوينـة ، والشجرة الملعونة فـي نفـس الحمى خارج باب توماء، والعمود المخلق خارج باب الصغير

قارعة الطريق سهل اهللا قطعها، واجتثاثها من أصلها، فما أشبهها بذات أنـواط الـواردة فـي .الحديث انتهى

فما حدث في هذه األمة من األمور الشركية هو الذي أنكره شيخنا رحمه اهللا على أهل من ذلك كثير فنذكر منـه مـا زمانه لما استعظم، وعمت به البلوى، وكالم العلماء فيما حدث

تحصل به الفائدة، ورد شبهات المشبهين كهذا الذي تحن بصدد الرد عليه وأمثالـه، ومـا زال الشر يزيد بعد من ذكرت كالمه إلى أن ظهر شيخ اإلسالم ابن تيمية فوجد الشرك والبدع قـد

دات فمـا أبقـى طم، وعم في األمة فرد على كل طائفة من المبتدعة رد على الرافضة في مجللهم حجة، وال شبهة إال أبطلها، ورد على الفالسفة في مجلد ضخم، ورد على أهل الوحدة ابن عربي ومن وافقه على بدعته، ورد على أهل المنطق اليونان، وذكر أن الصحيح منه موجـود خ في أصول الفقه وأبطل باطله، ورد على ابن األخنائي بمجلد، ورد على من اعتقد في المشائ

أن لهم كرامات توجب الغلو فيهم، وتعظيمهم كما في الرسالة السنية له، ورد على ابن البكـري وأبطل ما زخرفه من الشبهات، وما جوزه من االستغاثة بالغائبين واألموات، ورد على أهـل الحيل من فقهاء المتأخرين، وغير ذلك مما ال يمكن عده من الكتب والرسائل، ولتلميذه العالمة

بن القيم مثل ذلك، وكذلك الحافظ محمد بن عبدالهادي فأحيا اهللا بهم وبأصحابهم مـا درسـت اآثاره من السنة في ذلك الوقت، وحصل على شيخ اإلسالم من المحن من القضاة والـوالة مـا هو مذكور في ترجمته رحمه اهللا تعالى أعظم مما جرى على اإلمام أحمـد، وحـبس بمصـر

، وعزر ابن القيم رحمه اهللا، وما ذاك إال لظهور البدع وغربـة الحـق والشام، ومات بالحبس :كما قال العالمة ابن القيم رحمه اهللا تعالى

لها أضحت األعداء فينا تحكم وأي اغتراب فوق غربتنا التي

ثم بعـد » بدأ اإلسالم غريبا وسيعود غريبا كما بدأ«: بقوله rوهذا ما أخبر به النبي صحابه، ومن وافقه على ما قام به عادت الغربة أعظم مما كان حتى أن بعـض طبقة الشيخ وأ

المصنفين من متأخري الحنابلة ظنوا أن عقيدة األشاعرة عقيدة اإلمام أحمد، ونسـبوها إليـه،

وأما الشرك بعبادة القبور والطواغيت، والجن واألشجار واألحجار فهم وطم حتـى ال ينكـره الصدق من الكذب، وصار العلماء فيه ما بين مستحسـن أو مجيـز منكر ممن له عقل يميز به

لفعله، حتى أظهر اهللا شيخنا محمد بن عبدالوهاب رحمه اهللا تعالى فقام بهذا الدين الذي بعـث اهللا به الرسل، وأنزل به الكتب فبين للناس من التوحيد ما جهلوه، وأنكر من الشرك ما ألفـوه

بدعة، وال منكر فطهر اهللا به نجداً من كل خبيث من الشرك فلم يوجد عند من اتبعه شرك والوالمنكرات، فلم يوجد فيها شرك حتى عم ذلك نجدا وأكثر الحجاز، وعمان وشهد له الخـاص والعام بحسن هذا المقام، وأنه هو حقيقة دين اإلسالم، وصنف بعض العلماء في البالد البعيـدة

ضائله في العلم والرأي، وحسن البيان والزهد في الدنيا على منوال ما دعا إليه من التوحيد، وفمما يشهد به القريب والبعيد ال ينازع فيه منازع إال من استحوذ عليه الشيطان، واختار الكفـر على اإليمان بغيا وعناداً، وجهالً وفساداً، ونذكر من كالم شيخ اإلسالم أحمد بن تيمية رحمـه

اطل، وما كان ينكره من ذلك على كل معاند أو جاهل، وشـيخنا اهللا تعالى ما يبين الحق من البرحمه اهللا حذا حذوه ألنه إمام عظيم به األسوة والقدوة، وال يقـول قـوال إال مؤيـدا بالـدليل

.مستقيما على سواء السبيل

والذي يجري عند المشاهد من جنس مـا يجـري عنـد : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللاق المتعددة ما يشرك به من دون اهللا من صنم، ووثن أو قبر قد يكون األصنام، وقد ثبت بالطر

عنده شياطين تضل من أشرك به، وأن تلك الشياطين يقضـون بعـض أغراضـهم، وإنمـا يقضونها إذا حصل منهم الشرك والمعاصي؛ ومنهم من يأمر الداعي أن يسجد، وقد ينهاه عمـا

الخمس وقراءة القرآن ونحو ذلك، وقد وقـع أمره اهللا به من التوحيد واإلخالص، والصلوات في هذا النوع كثير من الشيوخ الذين لهم نصيب من الدين والزهد، والعبادة لعدم علمهم بحقيقة الدين الذي بعث اهللا به رسله طمعت فيهم الشياطين حتى أوقعوهم فيما يخالف الكتاب والسـنة،

أحدهم أحد أصحابهم فيرى الشـيخ جـاء وقد جرى لغير واحد من أصحابينا المشائخ يستغيث بفي اليقظة، وإنما هو الشياطين تتمثل للذين يدعون غير اهللا فالكافر للكافر، والفـاجر للفـاجر

.والجاهل للجاهل انتهى

أن سؤال الميت والغائب نبيـاً كـان أو : وقال أيضاً بعد كالم له سبق الوجه السادسلمسلمين، لم يأمر اهللا به وال رسوله، وال فعلـه أحـد غيره من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة ا

من الصحابة وال التابعين لهم بإحيان، وال استحبه أحد من أئمة المسلمين فإن أحداً منهم ما كان يا سيدي فالن أنا فـي حسـبك، أو اقـض : يقول إذا نزلت به شدة أو عرضت له حاجة لميت

هم من الموتى والغائبين، وال أحد من الصحابة لمن يدعون: حاجتي كما يقوله هؤالء المشركونبعد موته، وال بغيره من األنبياء ال عند قبورهم، وال إذا بعدوا عنها؛ بل وال rاستغاث بالنبي

أقسموا بمخلوق على اهللا تعالى أصال، وال كانوا يقصدون الدعاء عند قبور األنبياء، وال عنـد يـدعو rالك وغيره أن يقوم الرجل عند قبـر النبـي غير قبور األنبياء، وقد كره العلماء كم

لنفسه، وذكروا أن هذا من البدع التي لم يفعلها السلف، وأما ما يروى عن بعضهم أنه قال قبر إذا كانت : فالن يدعى عند قبره وقول بعض الشيوخ: الترياق المجرب وقول بعضهم: معروف

عند قبري ونحو ذلك فإن هذا قد وقع فـي استغث: لك حاجة إلى اهللا تعالى فاستغث بي أو قالكثير من المتأخرين وأتباعهم، وكثير من هؤالء إذا استغاث بالشيخ رأى صورته، وربما قضى بعض حاجته فيظن أنه الشيخ نفسه، أو أنه ملك تصور على صورته وأن هذا من كرامته، وال

تـراءى أحيانـاً لمـن يعبـدها يعلم أن هذا من جنس ما تفعله الشياطين بعباد األوثان بحيث توتخاطبهم ببعض األمور الغائبات وتقضي لهم بعض الطلبات؛ ولكن هذه األمور كلهـا بـدع

.محدثة في اإلسالم بعد القرون الثالثة المفضلة

وكذلك المساجد المبنية على القبور التي تسمى المشاهد محدثة في اإلسـالم، والسـفر من ذلك في القرون المفضلة؛ بل ثبت في الصحيح عـن إليها محدث في اإلسالم لم يكن شيء

يحذر مـا فعلـوا » لعن اهللا اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد«: أنه قال rالنبي إن من كان قبلكم كـانوا يتخـذون «: الحديث، وفي الصحيح عنه أنه قال قبل أن يموت بخمس

وقد تقدم؛ فأمـا قـول » جد فإني أنهاكم عن ذلكقبور أنبيائهم مساجد أال فال تتخذوا القبور مساأللهم إني أسألك بفالن أو بجاه فالن، أو بحرمة فـالن : القائل عند ميت من األنبياء والصالحين

وال الصحابة وال عن التابعين، وقد نص غير واحد من العلماء على rفهذا لم ينقل عن النبي إنـي : بغير مستند فكيف يقول القائل لميـت لكن : أنه ال يجوز، ونقل عن بعضهم جوازه قلت

استغيث بك، أو استجير بك، أو أنا في حسبك، فتبين أن هذا ليس من األسباب المشروعة لـو قدر أن له تأثيراً فكيف إذا لم يكن له تأثير صالح بل مفسدته راجحة على مصلحته كأمثال مـن

أو ميت تتمثل لهم الشياطين، وربمـا دعا غير اهللا، وذلك أن من الناس الذين يستغيثون بغائب

بعض حوائجه كما تفعل شياطين كانت في صورة الغائب، وربما كلمته وربما قضت له أحيانا .األصنام، وهذا مما جرى لغير واحد فينبغي أن يعرف هذا

ومن هؤالء من يؤذي الميت بسؤاله إياه أعظم مما يؤذيه لو كان حياً، وربما قضـيت إن أحدكم يسألني «: أحياناً فيعطيه ويقول rقه كما كان الرجل يسأل النبي حاجته مع ذنب يلح

اللهم ال تجعـل قبـري «: وقال» ال تتخذوا قبري عيداً«: rالمسألة فيخرج يتأبطها ناراً وقال وقد قال غيـر واحـد مـن » وثناً يعبد اشتد غضب اهللا على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد

: ﴾ قـال ﴿: السلف في قوله تعالى

كانوا قوماً صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلـى قـومهم أن انصـبوا إلـى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك

.دت انتهىونسي العلم عب

وما زال الشيطان يوحى إلى عبـاد القبـور، : وقال العالمة ابن القيم رحمه اهللا تعالىويلقي إليهم أن البناء والعكوف عليها من محبة أصحابها من األنبياء والصالحين، وأن الـدعاء

أعظم عندها مستجاب ثم ينقلهم من هذه المرتبة إلى الدعاية، واإلقسام على اهللا به فإن شأن اهللامن أن يقسم عليه أو يسأل بأحد من خلقه، فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إلى دعائه وعبادتـه، وسؤاله الشفاعة من دون اهللا، واتخاذ قبره وثناً تعلق عليه الستور والقناديل يطاف به، ويسـتلم

إلـى عبادتـه، ويقبل ويحج إليه ويذبح عنده، فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إلى دعاء الناسواتخاذه عيداً ومنسكاً، ورأوا أن ذلك أنفع في دنياهم وأخراهم، وكـل هـذا ممـا قـد علـم

من تجريد التوحيـد، وأن ال rباالضطرار من دين اإلسالم أنه مضاد لما بعث اهللا به رسوله رتـب يعبد إال اهللا، فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إلى أن من نهى عن ذلك فقد تنقص أهـل ال

العالية، وحطهم عن منزلتهم، وزعم أنهم ال حرمة لهم وال قدر، وغضب المشركون واشمأزت

﴿: قلوبهم كما قال تعالى ـ ب إلـى ﴾ وسرى ذلك في نفوس كثير من الجهال والطغام، وكثير ممن ينتس

العلم والدين فعادوا أهل التوحيد، ورموهم بالعظائم ونفروا الناس عنهم، ووالوا أهـل الشـرك وعظموهم، وزعموا أنهم أولياء اهللا وأنصار دينه ورسوله؛ ويأبى اهللا ذلك وما كانوا أولياءه إن

ن أهل السـنة وهذا الذي قرره شيخ اإلسالم وابن القيم، وإخوانهم م. أولياؤه إال المتقون انتهىرحمهم اهللا تعالى هو معنى ال إله إال اهللا، وهو الذي ذكر تعالى في كتابه عن رسله، وأنبيائـه

﴾ فمن لم يعرف هذا على الحقيقة، ويقبله ويـدين اهللا ﴿: من قوله

.به فليس من اإلسالم في شيء

داود، وأقره على إنكاره وقبول الشرك المنافي وهذا التوحيد توحيد الرسل الذي أنكره له عثمان بن منصور في كتبه الموجودة بعد موته، ونصره نظماً ونثراً، وأنكر علـى شـيخنا

﴾ واألصل في خطـأ ﴿ ﴾﴿: قوله

ما أخطأوا في معنى ال إله إال اهللا؛ فال ريـب أن هذين المذكورين، ومن تلقى عنهم شبهاتهم إنكل كلمة مستعملة في اللغة العربية فاالستعمال يعبر بها عن مدلولها، وهو معناها الـذي دلـت عليه ووضعت له، وال إله إال اهللا خير الكالم، وأفضله وتناولت الدين كله، ودلت عليه مطابقـة

نفي اإللهية عن كل ما سـوى اهللا : اس الدين األولوتضمناً والتزاماً، وتضمنت أمرين هما أستعالى نفياً عاماً، وهي العبادة كما نطق به القرآن في مواضع كثيرة فال هي أداة النفي دخلـت

المستثنى بإال وهو اهللا وحده دون كل مـا : على المنفى بها فانتفى إذا قاله الموحد، األمر الثانير أو غير ذلك فال يقصد بشيء من أنواع العبادة شـيئاً سواه من قبر أو وثن أو شجر، أو حج

﴿: سوى اهللا تعالى وحده فدلت على هذين األمرين مطابقة وهو معنى قولهوبعدها قوله تعالى ﴾ :﴿

هو المستثنى في كلمـة » إال اهللا«أن ال نعبد هو معنى ال إله وقوله : ﴾ فقوله

﴿: اإلخالص، وأمثال هاتين اآليتين في القرآن كثير ال يكاد يحصر كقوله ففي هذه اآلية األمر أن نفياً، وإثباتاً كما في كلمة اإلخالص، وكقـول يوسـف عليـه ﴾

﴾ ففي هذه اآلية األمر أن نفياً، وإثباتاً كمـا فـي ﴿: لسالما

﴾ وهذا هـو ﴿: كلمة اإلخالص، وكقول يوسف عليه السالم

فمبناهـا علـى الحكم الشرعي الديني الذي أرسلت به الرسل، وأنزلت به الكتب، وكل شريعة

ال إله إال اهللا معناها نفي الشرك فداللتها عليه داللة تضمن، أو قيـل : األصل األصيل فإذا قيل

﴿: دلت على إخالص العبادة هللا فداللتها على ذلك داللة تضمن، ومثله في القـرآن قولـه ﴾ عرفا علـى شـركهم

.أنها دلت على ترك عبادتهم آللهتهم

وهذه المعرفة لم تحصل من هؤالء المجادلين في هذا الدين؛ بل قلبوا الحقيقة واتخـذوا الذي أنكروه على من دعـا إليـه الشرك المنفى بها ديناً وقربة، والمثبت بها عندهم هو المنكر

ور ال يدعون وال يستغاث بهم منكر، فانكروا ما أثبتتـه كلمـة إن دعواه أن أرباب القب: وقالاإلخالص، وأثبتوا ما نفته من الشرك وعبادة األوثان؛ فانظر إلى هذا الجهل العظيم والضـالل المبين هذا الذي أوقعهم فيما أوقعهم فيه، وشابهوا أهل الكتاب والفالسفة في شبهاتهم وترهاتهم،

.اء السبيلوأضلوا كثيراً وضلوا عن سو

وأدلة هذه الدعوة التي قام بها شيخنا رحمة اهللا تعالى من الكتـاب والسـنة، واعتبـار الواقع أبين من الشمس في نحر الظهيرة ليس دونها قتر وال غمام؛ وذلك أنه قام بهـذا الـدين

لـه وحده لم يساعده غيره على معرفته فدعا إليه فما زال يزيد واحداً بعد واحد حتى أتاح اهللاأنصاراً فأنكر الجم الغفير، والخلق الكثير من أهل نجد والقرى واألمصار، وبذلوا الجد والجهد في إطفاء هذا النور من كل ناحية، وكل قبيلة فما ظفروا بما أرادوا، وأبى اهللا إال أن يتم نوره

ته، نجـد فانقلب المعادي لهم مسالماً، وأقروا له بصحة ما قام به من الدين، وشهد لـه بصـح والحجاز وعمان، وتابعوه ودانوا بهذا الدين وقبلوه، وأيده العلماء بالتصانيف في تقريـر هـذه الدعوة منهم محمد بن إسماعيل الصنعاني صنف تطهير االعتقاد في درن اإللحـاد، والشـيخ حسين بن غنام صنف العقد الثمين وغيرهم، وبعضهم نظم ذلك في شعر أنشأه من أهل فـارس

حرين وغيرهم؛ فلو ذهبنا نذكر من أقر بذلك من أهل األمصار لطال الجواب، وما توفيقي والب .إال باهللا عليه توكلت وإليه أنيب

ويكفي في حق من جادل في التوحيد ما ذكره اهللا في كتابه من خلود األبد فـي النـار ك باهللا واتبـاع سـبل لمن أشرك باهللا غيره في العبادة أجارنا اهللا وأخواننا المسلمين من الشر

﴿: الشيطان، وهي البدع والشبهات كما فسر العلماء بذلك قوله تعالى

والحمد هللا على رؤية الحق والبصيرة في الدين، ونسأله الثبـات واالسـتقامة علـى ﴾

ا الذي ذكرنا ظـاهر اإلخالص والسنة حتى نلقى اهللا تعالى باإلسالم الذي يحبه ويرضاه، وهذبحمد اهللا ال يخفى إال على الجلة الذين ليست لهم التفات إلى العلم، أو منكوس القلب زيـن لـه الشيطان الباطل فرآه في صورة الحق، وصدقه حتى صار عنده بمنزلة الباطل فأخـذ يجـادل

.ويماحل، ويفتري الكذب عليه ويجتري

rه األمة من هذا الشرك الذي أخبر النبـي وشيخنا رحمه اهللا إنما أنكر ما وقع في هذوقد وقع بعد القرون المفضلة، وعظمت القبور ببناء المساجد عليها، وعبدت من دون بوقوعه،

اهللا رغبة إليها وخوفاً، ورجاء وتعظيماً ومحبة، وصرفوا لها خصائص اإللهية التي ال يصـلح لسنة ينكرون هذا الشكر كابن عقيل وابن منها شيء لغير اهللا تعالى، وما زال العلماء من أهل ا

أبي شامة، وابن وضاح وغير هؤالء مما ال يمكن حصرهم، وممن اشتهر عنه إنكاره وبيانـه والجواب عما شبه به المشركون، والرد على من اعتقد هذا الشرك وأجازه شيخ اإلسالم ابـن

هل السنة، وبعدهم بمدة رجع تيمية، وابن القيم وتبعهم على هذا في عصرهم الخلق الكثير من أأكثر األمة على ذلك لكثرة المخالفين للحق في تلك األعصار، وفي أكثر األمصار حتى غلـب الشرك ونسي العلم الذي بعث اهللا به رسله من توحيـد اهللا تعـالى، وإخـالص العبـادة لـه

.فاستحكمت الغربة وعظمت البلية

د من العلماء تكلم بالتوحيد ودعا إليـه، وفي حدود القرن العاشر وما بعده ال يعرف أحوعرف هذا الشرك ونهى عنه حتى أظهر اهللا هذا الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه اهللا فـي آخر هذه األمة، وهي نعمة عظيمة فبين حقيقة التوحيد، وأنواعه على ما كان عليه سلف األمة

والسنة، وأحي السنن وحمـل مـن وأئمتها ال يعدل عن طريقتهم، فأنكر كل بدعة بأدلة الكتاب وشرائع اإلسالم والنهي عن جميع المحارم واآلثام فأخرج . اتبعه وأطاعه على العمل بالتوحيد

اهللا به الكثير من الظلمات إلى النور فتركوا عبادة األشجار واألحجار، والطواغيـت والقبـور ى ما ذكره المفسرون مـن ، واعتمد علrوالتزموا ما شرعه اهللا في كتابه وعلى لسان رسوله

أهل السنة كأبي جعفر ابن جرير، والعماد ابن كثير وغيرهما كتفسير ابن أبي حـاتم الـرازي وغيرهما، والبغوي وغير هؤالء ممن سلمت عقائدهم، واعتمد كتب الحـديث التـي اجتمعـت

ه اهللا أدلة األمة في الجملة على قبولها كالصحيحين، والسنن والمسانيد ففهم من هذه الكتب رحمالتوحيد وبيانه، والشرك المنافي للتوحيد وبيانه مع أن األكثر لم يعرفوا ذلـك منهـا تفصـيالً، واعتمد ما رجحه المحققون من الفقهاء في كتب الفقه باألدلة من الكتاب والسنة فطريقته رحمه

صـنفاته اهللا لم تخرج عن هذا وبين اختالف الفقهاء، وصنف في ذلك المصنفات وانتشـرت م .بمضمون ما ذكرناه

وإذا عرفت ذلك فال عبرة بما يقوله المخالف المغاند الذي أشرب قلبه بالشرك، والبدع والضالل ونصرة المشركين، وفتنة الجهال فصار هؤالء ضحكة بـين النـاس فينـا كـذبوه

بالـك وافتروه؛ فإذا كان الرسل لم يسلموا من الطعن فيهم ونسبتهم إلى الجنون والضالل فمـا لطن بحمد اهللا صار الغلبة للحق على الباطل، والصدق على الكـذب بمن هو دونهم بإضعاف؛

فال يقدر مبطل أن يكذب أو يفتري إال وكذبه كل لسان من بعيد وقريب، فلله الحمد ال نحصـي .ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه وصلى اهللا على محمد وآله وصحبه وسلم

الرسالة الخامسة

م اهللا الرحمن الرحيمبس

الحمد هللا رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى اهللا على سيدنا محمـد وعلـى آلـه وصحبه وسلم تسليماً؛

أما بعد فإنا قد رأينا أوراقاً بخط عثمان بن منصور بعد وفاته تنبئ عن سوء اعتقـاده بهـا الخلـق الكثيـر مـن في هذه الدعوة التي من اهللا بها في آخر هذه األزمان، وأخرج اهللا

الظلمات إلى النور فصار يعتقد خالف ما يعتقده المسلمون؛ فالمسلمون عرفوا أنه هـو الحـق الذي دعت إليه الرسل فصار يعتقد خالف ذلك، فمن ذلك أنا وجدنا له منظومـة لـداود بـن

ـ ر جرجيس يعظمه وينصره لكونه أنكر التوحيد، وجوز الشرك األكبر، وفي ورقة أخـرى ذكفيها أحاديث الخوارج يعني بذلك أن أهل هذه الدعوة خوارج لتكفيرهم من كفروا، وهو يـرى أن هذه األمة ليس فيها من يعمل الكفر كما هو صريح كالمـه، وذكـر فـي هـذه الورقـة

﴿: االعتراض على شيخنا محمد بن عبدالوهاب رحمه اهللا في استدالله بقوله اآلية يعني أنه ال يصدق االستدالل بهذه اآلية على أحد مـن ﴾

.هذه األمة

فالجواب أما تأييده لداود فكل من سمع به أنكره واستعظمه، وقد أجبت داود عما كتبـه فيما في عدة كراريس فليرجع إليه، وعلى هذا يصلح جوابنا لشبهات داود في الرد على عثمان

وهللا الحمد على فضله وعظم منتـه علينـا وعلـى أورده من االعتراض، ومن أيده ونصره، المسلمين في معرفة الحق والصدق، وإنكار الشرك والفساد، فالحمد هللا حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي وال مكفور، وال مودع وال مستغنى عنه، وأما اسـتدالله بأحاديـث الخـوارج

له المسلمين منزلتهم فهم أبعد الناس شبهاً بالخوارج؛ بل رأيهم في الخـوارج هـو رأي وتنزيالصحابة رضي اهللا عنهم؛ وأما ابن منصور وشيعته فهم أقرب الناس شبهاً بالخوارج بل هـم

أعظم لتكفيرهم المسلمين بالتوحيد، وهو إخالص العبادة هللا وحده ال شـريك لـه فمـن كفـر :فهو أعظم بدعة من الخوارج كما قال العالمة ابن القيم رحمه اهللا تعالىالمسلمين بالتوحيد

من لـي بمثـل خـوارج قـد كفـروا ولهم نصـوص قصـروا فـي فهمهـا ــذي ــا بال ــد كفرون ــومنا ق وخص

ــان ــال بره ــأويال ب ــذنب ت بال فأتوا مـن التقصـير فـي العرفـان ــان ــق والبره ــة التحقي ــو غاي ه

رأى الخوارج هو إنكار الشرك على من أشـرك وهذا هو الذي زعم ابن منصور أنه باهللا في عبادته كما قد أطبق عليه أهل الوقت الذي أنكر عليهم شيخنا فال تكاد تجد بلدة أو قبيلة إال وهم يعبدون أرباب القبور، والطواغيت الذين يدعون علم الغيب، وأنهم ينفعون مـن أرادوا

على القرب منهم والبعد، ويعبـدون األشـجار نفعه ويضرون من أرادوا ضره بالنية، والقصدواألحجار من غير أن ينكره منكر؛ ولهذا أنكروا على من أنكره حتى العلماء وأهـل الفتـوى والتدريس، وهذا هو الشرك الذي أرسلت الرسل، وأنزلت الكتـب بتحريمـه، والنهـي عنـه

رك رأساً، ويخلصوا العبادة هللا والوعيد عليه بالنار فدعاهم شيخنا رحمه اهللا إلى أن يتركوا الش

﴿ي: ﴾ وقال تعالى﴿: وحده كما قال تعالى إلـى قولـه ﴾ :﴿ ﴾

﴾ ﴿: وقال

فالصراط المستقيم هو عبادة اهللا وحده، وترك ما زينه لهم الشيطان من عبادة األوثان، وقـال

ــالى ــال﴿: تع ﴿: ﴾ وق﴾.

فكل من أنكر إخالص العبادة هللا، وأجاز الشرك بأرباب القبور وغيرهم فهـو كـافر بنصوص الكتاب المتظاهرة، وقد حكى العلماء اإلجماع على ذلك، وهذا هو أصل دين اإلسالم وأساسه، وهو معنى شهادة أن ال إله إال اهللا، فدعاهم شيخنا رحمه اهللا إلى معنى هذه الكلمـة،

رك في العبادة، وإخالصها بجميع أنواعها هللا وحده، وأمرهم بفعل ما أوجـب اهللا وهو ترك الش

عليهم من حقوق التوحيد، وأعمال اإلسالم فدعاهم إلى العمل بأركان اإلسالم والتـزام أركـان rالشريعة والعمل بها، وترك البدع، فتناولت دعوته الناس والعمل بكتاب اهللا، وسنة رسـوله

يد، واألعمال الصالحة، والنهي عن الشرك والبدع والفساد، فصـار ال يوجـد من األمر بالتوحفيمن أطاعه واتبعه شرك وال بدعة، وال فساد ومن ترك شيئا من أحكام الشرع ألزمـه فعلـه، وبهذا أيد اهللا من آواه ونصره على من نأواه من الملوك، والدلول لما قاتلوهم عند هذه الـدعوة

.والمخالف لهم في كل جهة وبلدة وإقليم على كثرة من المقاتل،

﴿: ومن المعلوم أن أعداء الرسل األكثرون وأتباعهم هم األقلون كما قال تعالى وقال في ثمانية مواضع من سورة الشعراء عند ذكر دعوة كل رسول يدعو قومـه ﴾

﴾ وذلك في سور كثيرة ﴿: إلى التوحيد في آخر كل قصة

أيضاً فتدبر، فليس العجب ممن هلك كيف هلك إنما العجب ممن نجا كيف نجا؛ وقد أظهـر اهللا هذه الدعوة وأعز من قام بها، وتمسك بها، ودمر من ناوأهم وعاداهم، وأعـز مـن أطـاعهم

وكثير مـن العلمـاء وواالهم فما بقي لمن ينكر هذه الدعوة من مدة سنين إال الواحد واإلثنان،صنفوا في هذه الدعوة المصنفات المفيدة كما ال يخفى فنذكر اعتراض ابن منصور على شيخنا بجهله وضالله عن الهدى فإنه قال في أوراقه التي وجدنا في كتبه وهي ينادى عليها تباع بعـد

أن اإلنسـان إذا عرفت: موته قال محمد بن عبدالوهاب في مواضعه التي تكلم بها على السيرةال يستقيم له إسالم، وأن وحد اهللا وترك الشرك إال بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعـداوة

.﴾ اآلية﴿: والبغضاء كما قال تعالى

حيث لـم يصـرح قال في االعتراض ظاهر هذا الكالم أن النجاشي ملك الحبشة كافر بعداوة قومه من النصارى، وأيضاً جعفر وأصحابه كفار حيث لم يصرحوا بعـداوة الحبشـة،

.وكذلك مؤمن آل فرعون فيا هللا العجب ما أعمى عين الهوى عن الهدى انتهى

فالجواب أما اعتراضه على شيخنا في استدالله باآلية على تحريم مـوادة المشـركين إن من فعل الشرك األكبـر تحـرم : تعالى إنما قال بحكم القرآنفخطأ بين، فشيخنا رحمه اهللا

موادته، وكذلك أرباب المعاصي إذا أصروا عليها تحرم موادتهم، كما هو الواقع في كثير مـن

األمصار، فهذا هو الحق الذي دلت عليه اآليات ال ينازع في هذا من عرف الواقع في األمـة شرك األكبر؛ فإذا كان عبـادة األمـوات بسـؤالهم قضـاء بعد القرون الثالثة المفضلة من ال

الحاجات، وتفريج الكربات وقع ممن كان يعبدهم كما يفعل عند عبدالقادر بالعراق، وكما يفعل بالشام ومصر، ومن نحا نحوهم من األعاجم وغيرهم؛ فإن هذا هو الشرك األكبر الذي األدلـة

الذي دلت عليه اآليـة مـن تحـريم مـوادة عليه، وعلى تحريمه أكثر من أن تحصر فإنه هوالمشركين، وصح االستدالل بها كما عليه عمل الصحابة فيمن عبد الـالت والعـزى، ومنـاة واألصنام وغيرها من قريش وغيرهم سواء بسواء؛ فإن شرك هؤالء أغلظ من شرك أولئـك

يفعل عند القبـور المشركين من وجوه ال تخفى على ذوي البصائر فإذا كان يعتقد أن هذا الذيوالمشاهد ليس بشرك فقد وافق على هذا االعتقاد من كان يعبد الالت والعزى، ومنـاة وهبـل

لما نهاهم عن عبادة هذه األوثان فهـذا rسواء من قريش وغيرهم، فإنهم نصبوا العداوة للنبي شـرك أصل عظيم يتبين به المسلم من الكافر والمخلص من المشرك، وال عبرة بمن زيـن ال

﴿: ورضيه، وهم األكثرون عدداً في السالفين والخالفين كما قـال تعـالى إلى قوله ﴾ :﴿﴾.

وأما قوله ظاهر هذا الكالم أن النجاشي ملك الحبشة كافر حيث لم يصرح بعداوة قومه .من النصارى

أنه ال اعتراض على حكم القـرآن بتحـريم مـوادة : ولفالجواب من وجوه الوجه األأن المهاجرين إلى الحبشة هاجروا ليأمنوا على دينهم حيث لم يجـدوا : المشركين الوجه الثاني

عن ذلك بداً إذ لم يجدوا بلداً وال قبيلة يأمنوا فيها غير الحبشة، وهذا في أول الـدعوة قبـل أن ام، وبيان الحالل من الحرام، وأعظم الفرائض بعـد تفرض الفرائض وتنزل اآليات في األحك

التوحيد الصالة، وأخذوا عشراً بمكة لم تفرض عليهم صالة وال زكاة، وال صـوم وال حـج، أن النجاشـي : وكذلك أحكام الهجرة والجهاد كل هذا إنما نزل بعد ذلك بعد البعثة، الوجه الثالث

وذلك معروف في السير والتفسير فـإذا ،ظهورأسلم وطائفة من قومه كذلك أسلموا فلهم حكم الظهر اإلسالم في بلد لم تحرم اإلقامة بها على من صان دينه، وأظهره كذلك جعفر وأصـحابه صان اهللا دينهم بما جرى لهم من النجاشي قال من سبكم غرم فمن تابعهم في تلك البالد قبلـوا

تفتوا إليه فأظهروا دينهم على رغم من كـره، منه، ومن لم يتابعهم لم يتبعوه ولم يلتفتوا إليه فالواآلية ال تتناول مثل هؤالء بحمد اهللا بحيث لم تحصل منهم موادة لمشرك، وال موافقـة لهـم فأين هذا ممن يواد المشركين، ويظهر لهم محبتهم ومعاشرتهم؟ فهذا الذي ال يبقى معه إيمانـه،

والترهيب، وخوفهم من الكفر والتكذيب وأما مؤمن آل فرعون فحذر وأنذر ودعاهم بالترغيب

﴾ اآلية فأخرجه اهللا منهم، ونجا مع بني إسرائيل لمـا ﴿: قال اهللا تعالى

أغرق آل فرعون فسبحان اهللا أين ذهب عقل هذا الرجل؟ فال يدري ما يقول ففاته مـن العلـم .المعقول والمنقول

الهدى هذا وصف القائل بعينه، فإنه أجاز الشـرك وأما قوله ما أعمى عين الهوى عنال : ونصره وخاصم أهل التوحيد في حق ربهم تبارك وتعالى، وشيخنا رحمه اهللا تعالى يقـول

يدعى إال اهللا وال يعبد سواه، وهذا يقول يدعى ويستغاث بغير اهللا فيما ال يقدر عليه إال اهللا قال

.﴾﴿: اهللا تعالى

ثانياً من هؤالء المشركون الذين يطلب عداوتهم وهـم يبنـون : ثم قال في هذه الورقة .المساجد والمدارس، ويدعون بداعي الفالح

في زمانه وما فالجواب هذا هو الذي حوله يدندن تارة ويصرح، وتارة يلوح بأن األمة من تحرم موادته؛ بل كلهم لهم حكم اإلسالم في زعمه، وهذا غاية الضالل أمـا قبله ليس فيهم

علم ما يقع عند قبور أهل البيت من الشرك العظيم، وغيرها من القبور التـي بنيـت عليهـا المساجد، وبنيت بأسمائهم المشاهد، وكثر عبادها بسؤالهم من األموات قضاء حاجاتهم، وتفريج

وما ينذر لهم، وغير ذلك مما ال يخفى على من له أدنـى مسـكة مـن كرباتهم، وما ينحر لهمعقل، والتفات إلى ما وقع وقد عمت البلوى بهذا الشرك العظيم فكيف يخفى هذا ويجحد، لكـن لما لم يفهموا التوحيد الذي دعت إليه الرسل، ولم يفهموا الشرك الذي نهى اهللا عنه في اآليـات

، وأخبر به أنه يقع في األمة من التفرق واالختالف rا بينه النبي المحكمات، ولم يلتفتوا إلى مفي الدين، ومشابهة أهل الكتاب، وأن الدين يعود غريبا كما بدا فخفي على هذا وأمثالـه هـذا

من العلم ما يهديهم وال ينجيهم، نعوذ باهللا من موت القلوب وريـن الشرك الجلي؛ فليس لهؤالء

﴾ ﴿: الذنوب وقد قال تعالى

﴾ ونحو ﴿: اآلية وقال تعالى

هذه اآليات، وهي في القرآن أكثر من أن تحصر في بيان الشرك، وأنواع العبادة التـي وقـع في األولين واآلخرين بدعاء األموات، والغائبين ممن ال يسمع دعاء الـداعي، وال الشرك بها

.يستجيب، وال يحبه منه وال يرضاه

.أما قوله وهم يبنون المساجد والمدارس ويدعون بداعي الفالح

أن اليهود والنصارى بنوا الكنائس والبيع، والصوامع : فالجواب من وجوه الوجه األولفلم يتركوا دينهم رأسا، ويقرؤون التوراة واإلنجيل، ويحكمون بكثير من األحكام ويتعبدون فيها

﴿: وقد قال تعالى. الشرعية مع ما وقع منهم من الكفر والشركاآليات وقال قبلها في حق عيسى ﴾ :﴿

وذكرهم في صدر سورة البقرة لما وقع مـنهم مـن عظـائم ﴾

أن الشرك مبطل لألعمال فال ينفع معه عمل المـرئ، وإن قـام ليلـه : الذنوب، الوجه الثانيوصام نهاره فصورة العمل ال تنفع إال باإلخالص والمتابعة، وكثير من الجهال اغتروا بصورة

﴿: ألعمال، ولم يأتوا بشرطها وهو التوحيد فصارت كسراب بقيعة كمـا قـال تعـالى ا اآلية، فهذه حال األعمال مع الشرك كالسراب الـذي يحسـبه ﴾

﴿: الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً قال الفضيل بن عياض في قولـه تعـالى إن : ما أخلصـه وأصـوبه قـال : أخلصه وأصوبه قيل له يا أبا علي: ال﴾ ق

العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبـل حتـى .يكون خالصاً صواباً، فالخالص أن يكون هللا، والصواب أن يكون على سنة رسول اهللا

أن الرجل قد يكفر بقول يقوله أو عمل يعملـه، رتد وأيضاً فقد ذكر الفقهاء في حكم الموأن كان يشهد أن ال إله إال اهللا وأن محمداً رسول اهللا ويصلي، ويصوم ويتصدق فيكون مرتداً تحبط أعماله ما قال أو فعل خصوصاً إن مات على ذلك فيكون حبوط أعماله إجماعاً، بخالف

أن األعمال ال ينفع منها شيء مـع الشـرك؛ ما إذا تاب قبل الموت ففيه الخالف، والمقصود

ولهذا ذكر الفقهاء أن الردة تنقض الوضوء لفوات النية بالردة فيفوت استصحابها، وكـل هـذا بين ال يخفى إال على البلداء األغبياء؛ فبهذه األمور يبطل ما احتج به من أن الصـالة واآلذان

عقل واهللا أعلم، نسأل اهللا الثبـات علـى ينفع مع الشرك، وهذا ال يقوله من له أدنى مسكة مناإلسالم والسنة، وأن ال يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى اهللا علـى

.محمد وآله وصحبه وسلم

السادسةالرسالة

بسم اهللا الرحمن الرحيم

ليماً كثيـراً وحده والصالة والسالم على من ال نبي بعده محمد وآله وسلم تسالحمد هللا فليعلم أن هذا الذي علقته في هذه الورقات قد اقتصدت فيه واقتصرت علـى : وصحبه أما بعد

ما تحصل به الفائدة وحصل به الثواب من الرب الكريم الوهاب ألنه من أفضل الجهـاد فـي الدين والنصيحة لعامة المسلمين ولمن يصل إليه ممن له رغبة في معرفة حقيقة الـدين الـذي

إن عثمان بن منصـور : عث اهللا به األنبياء والمرسلين فأقول قبل الشروع في تحرير الجوابباعترض على شيخنا رحمه اهللا تعالى فيما دعا إليه من توحيد اهللا تعـالى مـن الحنيفيـة ملـة إبراهيم وما بعث به محمد النبي الكريم صلوات اهللا وسالمه عليهما وعلى جميـع المرسـلين

يتخرج على أشياخ في العلم وهذا مما افتراه واختلقه عمن استند إليه مـن شـيوخه فقال إنه لمالثالثة ابن سند وابن جديد وابن سلوم وهذا من جهلهم بحال شيخنا وشدة عداوتهم له فتلقى عن

.هؤالء الثالثة ما زعموه من الكذب والبهتان فالجواب عن هذا من وجوه

ث نشأ كما يعرفه الخبير بحاله ممن يقـول الحـق أنه ال يعرف شيخنا وال حي: األولويقصده ويتحرى الصدق ويؤثره فال ريب أنه لما قدم جده سليمان بن علي بن الروضة ونزل العيينة كان أفقه أهل نجد في وقته فتخرج عليه خلق كثير من أهل نجد منهم ابناه عبـدالوهاب

وكان عمه يسافر إلى ما حـولهم الوهاب وإبراهيم وكان المتولي للقضاء في العارض أبوه عبدمن البالد لحاجتهم إليه في اإلفتاء وما يقع بينهم من بيع العقارات وكان عليه اعتمـادهم فيمـا كتبه وأثبته وأكثر إقامته مع أخيه عبدالوهاب فظهر شيخنا بين أبيه وعمه فحفظ القرآن وهـو

ية في طلب العلم فصار يناظر أبـاه صغير وقرأ في فنون العلم وصار له فهم قوي وهمة عالوعمه في بعض المسائل بالدليل على بعض الروايات عن اإلمام أحمد والوجوه عن األصحاب فتخرج عليهما في الفقه وناظرهما في مسائل قرأها في الشرح الكبير والمغني واألنصاف لمـا

تفسير والحـديث فسـافر فيها من مخالفة ما في متن المنتهى واإلقناع وعلت همته إلى طلب ال

إلى البصرة غير مرة كل مرة يقيم بين من كان فيها من العلماء فأظهر اهللا له من أصول الدين ما خفي على غيره وكذلك ما كان عليه أهل السنة في توحيد األسماء والصفات واإليمان فيقال

وأقامتـك بـين في الجواب أنت يا بن منصور إنما افتخرت في رحلتك إلى البصرة والزبيـر أشياخك الثالثة فما الذي خصك بأخذ العلم منها دونه إذا كان الكل قد سـافر إليهـا وجـالس العلماء وتميز عنك باألخذ عمن ال يتهم في حقه بالكذب والزور وأنت قبلت فيـه قـول أهـل الريب والفجور وصنف في البصرة كتاب التوحيد الذي شهد له بفضله بتصنيفه لـه القريـب

عيد أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة من كتب الحديث وأما أنت يا بن منصور فأي والبعلم جئت به من رحلتك ضيعت زمانك وأخمدت شأنك وصرت ضحكة عند من أخذ عن هـذا الشيخ وقد عدوا عليك من الغلطات ما ال فائدة في عده ها هنا وأ،ت لم تنقـل عـنهم واحـدة

صلوه ممن أخذ عن شيخ اإلسالم محمد بن عبـدالوهاب فكيـف غلطوا فيها وذلك ببركة ما ححالك لو رأيت من أخذ عنه لكنت في نفسك أحقر ومن الدليل على ما ذكرته هنا أنّـه طلـب اإلجازة من مملي هذا الكالم فأجازه بمرياته في الحديث وغيره ظناً مني أنه على هدى وأنـه

تعالى بعد رحلته إلى البصرة وتحصيل ما حصـل بأهل العلم قد اقتدى ثم أن شيخنا رحمه اهللا بنجد وهناك رحل إلى اإلحساء وفيها فحول العلماء منهم عبداهللا بن فيروز أبو محمد الكفيـف ووجد عنده من كتب شيخ اإلسالم بن تيمية وابن القيم ماسر به وأثنى على عبداهللا هذا بمعرفته

ظمهم عبداهللا بن عبداللطيف القاضي وطلب بعقيدة اإلمام أحمد وحضر مشايخ اإلحساء ومن أعمنه أن يحضر األول من فتح الباري على البخاري وبين له ما غلط فيه الحافظ فـي مسـألة اإليمان وبين أن األشاعرة خالفوا ما صدر البخاري كتابه من األحاديث واآلثار وبحث معهـم

ن أهل نجد فإذا خفي عليـك في مسائل وناظر هذا أمر مشهور يعرفه أهل اإلحساء وغيرهم م .يا بن منصور هذا أو جحدته فغير مستغرب والعدو يجحد فضايل عدوه

دينـاداك في الـداوة من عـإال ع ها ـرجى مودتـد تـداوة قـكـل الع

إن شيخنا رحمه اهللا رجع من اإلحساء إلى البصرة وخرج منها إلى نجـد قاصـداً ثم له بما فتح اهللا تعالى عليه ضالل من ضل باتخاذ األنـداد الحج فحج رحمه اهللا تعالى وقد تبين

وعبادتها من دون اهللا في كل قطر وقرية إال من شاء اهللا فلما قضي الحج وقف فـي الملتـزم وسأل اهللا تعالى أن يظهر هذا الدين بدعوته وأن يرزقه القبول من الناس فخرج قاصدا المدينة

اق الحجيج فضربوه وسلبوه وأخذوا ما معه وشجوا مع الحاج يريد الشام فعرض له بعض سررأسه وعاقه ذلك عن مسيره مع الحاج فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها فأقام بها وحضـر عند العلماء إذ ذاك منهم محمد حياة السندي وأخذ عنه كتب الحديث إجازة في جميعها وقـرآة

ي البن القيم بيده وكتـب مـتن البخـاري لبعضها ووجد فيها بعض الحنابلة فكتب كتاب الهدوحضر في النحو وحفظ الفية ابن مالك ثم رجع إلى نجد وهم على الحال التي ال يحبها اهللا وال يرضاها من الشرك بعبادة األموات واألشجار واألحجار والجن فقام فيهم يدعوهم إلى التوحيد

كانوا يعبدونه من قبـر أو طـاغوت أو وأن يخلصوا العبادة بجميع أنواعها هللا وأن يتركوا ما شجر أو حجر والناس يتبعه منهم الواحد واإلثنان فصاح به األكثرون وحذروا منـه الملـوك وأغروهم بعداوته حتى إن ابن حميد ملك اإلحساء والقطيف والبادية أرسل إلى ابن معمر أمير

سـعود رحمـه اهللا تعـالى وأوالده العيينة أن يقتله أو ينفيه فنفاه إلى الدرعية وتلقاه محمد بنوأخوته فصبروا على حرب القريب والبعيد حتى أظهر اهللا هذا الدين فنجا بدعوته من نجاه اهللا من الشرك والضالل وهلك بدعوته من هلك ممن بغى وطغى واستكبر وحسد وكل مـن دعـا

ذكر نعمة اهللا تعـالى إلى ما دعت إليه الرسل ال بد أن يقع له من الناس ما وقع لهم والمقصود نشأ في طلب العلم وتخرج على أهله في سن الصبا ثـم على شيخنا وبيان كذب المفتري وأنه

ولإلحساء ثم إلى المدينة والمعول على ما وهبه اهللا تعالى من رحل لطلب العلم للبصرة مراراًالشـرك األكبـر الفهم والحفظ وتمييز الحق من الباطل ومعرفة حقيقة التوحيد وما ينافيه مـن

وسبيل أهل السنة ومعرفة ما خالف السنة من البدع أعطاه اهللا في ذلك علماً عظيمـاً فصـار بذلك يشبه أكابر علماء السنة وما كان عليه السلف الصالح فصار آية فـي العلـوم ونفـع اهللا

أهل نجد بدعوته الخلق الكثير والجم الغفير وبقيت علومه في الناس يعرفها العام والخاص من وغيره وما أنكر هذه الدعوة اإلسالمية بعد ظهورها في نجد ومـا وااله إال جاهـل معانـد ال يدري وال يدري أنه ال يدري فدحضت بحمد اهللا حجة كل مجادل ومما حل فأتم اهللا نعمته على من قبل هذه الدعوة اإلسالمية وقد قال بعض العلماء رحمهم اهللا اإلخـالص سـبيل الخـالص

سالم مركب السالمة واإليمان خاتم األمان فالحمد هللا على هذه النعمة العظيمة التي ال نعمة واإلأكب رمنها وال أعظم منها وال أنفع إذا عرف مما تقدم ما افتراه ابن منصور على شيخنا وأنه صدر عن غير علم وال معرفة بحاله في نشأته وطلبه فينبغي أن نزيد ما تقدم مـن االنتصـار

م الدعوة اإلسالمية النبوية رحمه اهللا عليه فنقول ما أدراه عن حال شيخنا رحمه اهللا تعالى إلماوقد تقدم ما يدل على أنه ال دراية له وال عناية بحاله يعرف ذلك مما قدمناه ومن المعلوم أنـه ال يعتني بمعرفة حال مثله إال من حبه وأحب ما قام به ودعا إليه وأما من انحرف عنه وعـن دعوته في مبدأ نشأته وتوجه برحلته إلى من اشتدت عداوته له في دينه كابن سند وابن سـلوم وابن جديد فهؤالء الثالثة المذكورون قد أشربوا عداوة التوحيد ومن دعا إليـه فصـار أهـل التوحيد هم أعداؤهم بما أشربوه من كراهته وكراهة من دان به فأخذ عنهم ما وضعه في كتبـه

والكذب والفجور وانتصر فيها لعباد القبور وزعم أنهم مسلمون ألنهم يقولون ال إله من الزورإال اهللا ويصلون والعدو ال يرى محاسن عدوه خصوصاً إذا عاداه في الدين وصـاروا أعـداء لكل موحد ونصرة لكل مشرك ملحد فأخذ عنهم هذه البضاعة وامتنع على إمام المسلمين بمـا

اعة وال ريب أن شره إنما يعود إليه ويرجع وبال ذلك كله عليه والمقصود أودعه كتبه من الشنعليهم بـاالنحراف عـن الـدين وتضـليل أن يعلم أن هؤالء الثالثة هم أشياخه الذين تخرج

الموحدين ولوال أنه شحن كتبه بذلك لما ذكرناه فهذا هو المحصول الذي حصله واألساس الذي الدين فصار حظـه المقام عند أولئك الملحدين المنحرفين عنأسسه وأصله فقد نجدا بعد طول

جمع الكتب من غير رواية لها وال دارية ولم ير للعلم عليه أثر مع أن هؤالء مع ما فيهم مـن العداوة صاروا أعقل منه فلم يكتبوا شيئا من هذه األكاذيب والزندقة والتخليطات الفاسدة وهـذا

منه ما جرى وبالجملة فقد قال العالمة ابن القيم رحمه اهللا تعـالى لقلة عقله وفساد قصده جرى فالحاسد يحمله بغض المحسود على مماداته والسعي في أذاه بكل ممكـن مـع علمـه بفضـله وعلمه وأنه ال شيء فيه يوجب عداوته إال محاسنه وفضائله وهذا قيل للحاسـد عـدو الـنعم

محسود جهله بفضله أو كماله وإنما حمله علـى ذلـك والمكارم فالحاسد لم يحمله على معاداة الفساد قصده وإرادته كما هي حال أعداء الرسل مع الرسل انتهى وقال العماد بـن كثيـر فـي

﴾ واآليات في هـذا المعنـى ﴿: تفسيره قال تعالى

الخير بالتوفيق له ومن قصد الشر بالخذالن كثيرة دالة على أن اهللا عز وجل يجازي من قصدوكل ذلك بقدر مقدر ونسأل اهللا الكريم رب العرش العظيم بكلماته وبيناته التي أنزلها على نبيه

لهداية عباده أن يجعل ما كتبناه في هذا وغيره نصرة لهذا الدين الذي أكرم به عبـاده rمحمد

ال لسلفنا إنه ولي ذلك والقادر عليه ونسـأله العفـو المؤمنين وأن ال يجعله انتصاراً ألنفسنا ووحسبنا اهللا ونعم الوكيل وصلى اهللا على سـيد المرسـلين وإمـام . والعافية في الدنيا واآلخرة

.المتقين وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

قه أنه كان في ابتداء طلبه للعلم وتحصيله في فن الف وقد أخبرنا شيخنا رحمه اهللا تعالىوغيره لم يتبين له الضالل الذي كان الناس عليه من عبادة غير اهللا مـن جـن أو غائـب أو طاغوت أو شجر أو حجر أو غير ذلك، ثم أن اهللا جعل له نهمة في مطالعـة كتـب التفسـير والحديث وتبين له من معاني اآليات المحكمات واألحاديث الصحيحة أن هذا الذي وقـع فيـه

رك أنه الشرك الذي بعث اهللا رسله وأنزل كتبه بالنهي عنه وإنه الشرك الذي الناس من هذا الشال يغفره اهللا لمن لم يتب منه فبحث في هذا األمر مع أهله وغيرهم من طلبة العلم فاستنار قلبه

وبذل نفسه لذلك على كثـرة بتوحيد اهللا الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه فأعلن بالدعوة إليه وصبر على ما ناله من األذى العظيم في ابتداء دعوته فلما اشتهر أمره أجلبوا عليـه المخالفين

بالعداوة خصوصاً العلماء والرؤساء وحرصوا على قتله فأتاح اهللا له من ينصره على قلة منهم وحاجة وتصدي لحربهم القريب والبعيد واستجلبوا على حربهم الدول ونذكر بعض ما جـرى

وتأييد اهللا لهم ونصره على قلة منهم وضعف وقوة من عدوهم وكثرة لمـا عليهم ممن عاداهمفيه من العبرة والشهادة لهم أنهم على الحق وعدوهم على الباطل فأخذت مـن حفـظ بعـض

من عدوه ونصـر rالوقائع التي جرت عليهم من عدوهم في الدين وفيها شبه بما جرى لنبينا .اهللا له فأقول

المقام األول

شيخ اإلسالم محمد بن عبدالوهاب رحمه اهللا تعالى لما ألهمه اهللا رشده وفتح ناإن شيخبصيرته في تمييز الحق من الضالل وأنكر ما عليه الناس مـن الشـرك فبـادروه بالعـداوة واإلنكار لمخالفتهم ما قد اعتادوه ونشأوا عليه هم وأسالفهم من الشرك والبـدع وأعظـم مـن

وته العلماء والرؤساء كما قال تعالى فلما جاءتهم رسـلهم بالبينـات عاداه ونفّر الناس عن دعفيمـا نالـه rفرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون وفيه مشابهة لنبينا

من الرؤساء واألحبار في االبتداء فإن شيخنا رحمه اهللا تعالى أظهر هذه الدعوة في بلد العيينة

يفة فاستحسن دعوته من استحسنها وقبلها من قبلها وأنكرها من أنكرها وهي في أعال وادي حنثم أن أهل اإلحساء لما استصرخوا وقبلها من قبلها وأنكرها من أ،كرها ثم أن أهل اإلحساء لما استصرخوا شيخهم سليمان المحمد شيخ بني خالد أرسل إلى ابن معمر شيخ العيينة بأن يقتلـه

حمد بن سعود فتلقاه هو وأوالده بالقبول وتابعهم على ذلك أكثر أهـل فهاجر إلى الدرعية بلد مبلده وقبيلته على قلة منهم وضعف كما قدمناه، فصبروا على مخالفة النـاس والملـوك ممـن حولهم والبعيد عنهم وكذلك اإليمان حين تخالط بشاشته القلوب ولهذا تحمل هذا الرجل وأتباعه

﴾ وقـد قـال ﴿: ال تعالىعداوة كل من عادة هذا الدين ق

هرقل ألبي سفيان وسألتك هل يرتد أحد منهم سخطه لدينه فذكرت أن ال فكذلك اإليمان حـين تخالط بشاشته القلوب فأشبه أمر هذا الشيخ رحمه اهللا تعالى ما جرى لخاتم النبيين حتـى فـي

وناواه في االبتداء كما هو حال الحق فـي المبـادي يـرده مهاجره وأنصاره وكثرة من عاداهالكثير وينكروه ويقبله القليل وينصرونه فأول من عاداهم أقرب الناس إليهم بلداً وأقواه كثـرة وماالً بالد دهام بن داوس وهو أول من شن الغارة عليهم على غفلة وغرة وعـدم االحتسـاب

جاالً منهم فيصل بن محمد بن سـعود وسـعود بـن منهم فخرجوا إليه على عجل فقتل منهم رمحمد بن سعود فسبحان من قوى جأش هذا الرجل على نصرة هذا الدين حين قتل إبنـاه ثـم سطا عليهم مرة ثانية فقتل كثير ممن سطا بهم فأخذ المسلمون الثأر منهم ثم بعد ذلـك اسـتمر

سنة أو أكثر أعانه على حربهم أهـل الحرب بينهم وبينه أكثر من ثالثين سنة وفي تلك الثالثين نجران وبن حميد شيخ بني خالد مراراً فيأتونهم بأنواع الكيد والكثرة فينصرهم اهللا عليهم وفي

ه دواس ذلك أعظم عبرة وبعد هذه المدة وقع بينه وبين المسلمين وقعة بين البلدين فقتل فيها ابناصيف شديد الحر وتبعه من تبعه فصارت وسعدون فانتهى أمره فخرج من بلده هارباً في يوم

.بلده فيئاً للمسلمين ولم يبق آلل دواس بعد ذلك عين تطرف فاعتبروا يا أولي األبصار

:المقام الثاني

في أول دعوته قريشـاً rما في دعوة هذا الشيخ ابتداء من المشابهة لما جرى للنبي » اإلسالم غريباً وسيعود غريباً كما بدأبدأ « rوالعرب إلى التوحيد واإليمان بالقرآن وقد قال

فـي أول rوفي حديث عمرو بن عبسة الذي رواه مسلم وغيره أنه قدم مكة فاجتمع بـالنبي

بعثته فأخبره أن اهللا بعثه بأن يعبد اهللا وحده وال يشرك به شيء وغير ذلك مما هو مذكور في له عمرو من معك على هذا قـال الحديث من نفي عبادة األوثان واألمر بمكارم األخالق فقال

حر وعبد ومعه يومئذ أبو بكر وبالل فما زال الحق يزيد بزيادة من قبله ودخل فيه حتى أكمل : rاهللا هذه األمة الدين وأتم عليهم النعمة وقد قال هرقل ألبي سفيان لما سأله عن اتباع النبـي

وبهذه المشابهة يتحقـق . الرسولوكذلك اتباع : أيزيدون أم ينقصون قال بل يزيدون قال هرقلكما دلـت rالمنصف أن هذا الدين الذي دعا إليه هو الحق وأنه هو الذي دعا إليه رسول اهللا

اآليات المحكمات التي ال يخفى معناها إال على من عميت بصـيرته وفسـدت سـريرته عليه لحال وقلة مـن فتأمل حماية اهللا ونصره لمن قبل هذه الدعوة ونصرها على ضعف منهم في ا

العدد والرجال مع كثرة من خالفهم من قريب وبعيد وكثير وقليل مع الكيد الشـديد فأبطـل اهللا .كيدهم وصارت الغلبة للحق وأهله ومحق اهللا الباطل وأهله

:المقام الثالث

وفيه حجة أيضاً ومعتبر ودليل على صحة هذا الدين ومدكر لمن عقل وافتكر وذلك أن هذه الدعوة من الدول الكبار والشيوخ وأتباعهم من أهل القرى واألمصار أجلبوا الذين أنكروا هذا العدد القليل في حال تختلف األسباب عنهم وفقرهم فرموهم عن قوس العـداوة على عداوة

من أهل نجد دهام بن دواس المتقدم وابن زامل وآل بجاد أهل الخرج ومحمد بن راشد راعـي وزيد ومن واالهم من األعراب والبوادي كذلك العنقري فـي الوشـم الحوطة وتركي الهزاني

ومن تبعه وشيوخ قرى سدير والقصيم وبوادي نجد وابن حميد ملك اإلحساء ومن تبعـه مـن حاضر وباد وكلهم تجمعوا لحرب المسلمين مراراً عديدة مع عريعر وأوالده منها نزولهم على

واب والبناء وقد أشار إلى ذلك العالمة حسين بـن الدرعية وهي شعاب ال يمكن تحصينها باألب .غنام رحمه اهللا حيث يقول

ـ ـاؤوا بأسباب من الكيد مزعج، مـوج زلوا ـدافعهم يزجـي الوحـوش رنينهـا، فنـ ـالد واجتمع من اجتمع من أهل نجد حتى من يدعي أنه من العلماء ولمـالب ل ـا قيـل لرج

ل عليكم أمر عريعر وفسـاده وظلمـه وأنـتم منهم وهو من أمثل علمائهم وعقالئهم كيف أشكلو أن الذي حاربكم إبليس كنا معه والمقصود أن اهللا تعالى رد لهم : تعينونه وتقاتلون معه فقال

بغيضهم لم ينالوا خيراً وحمى اهللا تلك القرية فلم يشربوا من آبارها وأما وزير العراق فمشـى د الشديد وأجرى اهللا تعالى عليهم من الـذل مـا ال مراراً عديدة بما يقدر عليه من الجنود والكي

يخطر ببال قبل أن يقع بهم ما وقع من ذلك أن ثويني في مرة من المرار مشى بجنـوده إلـى اإلحساء بعدما دخل أهلها في اإلسالم في حال حداثتهم بالشرك واإلضالل فلما قرب من تلـك

من المسلمين فقتلـه فمـات فنصـر اهللا البالد أتاه رجل مسكين ال يعرف من غير مماالة أحد ذا الدين برجل ال يعرف وذلك مما به يعتبر فانفلت تلك الجنود وتركـوا مـا معهـم مـن ـه

المواشي واألموال خوفاً من المسلمين ورعباً فغنمها من حضر وقد قال الشيخ حسين بن غنام .في ذلك

ـا شطرفللروم شطر والبوادي له تقـاسمتم االحساء قبل منالهاه

ثم جددوا أسباباً لحرب المسلمين وساروا بدول عظيمة يتبع بعضها بعضها وكيد عظيم فنزلوا اإلحساء وقائدهم علي كيخيا فتحصن من ثبت على دينه في الكوت وثغر صاهود فنزل بهم وصار يضربهم بالمدافع والقنابل وصفر اللغوب فأعجزه اهللا ومن معه ممـن ارتـد عـن

دبراً بجنوده فاجتمع سعود بن عبدالعزيز في تاج وغزوه الذين معه رحمـه اهللا اإلسالم فولى مأو الظفير الذين مع الكيخيا فـألقى اهللا الرعـب فـي والذين معه من المسلمين أقل من المنتفق

قلوبهم على كثرتهم وقوتهم فصارت عبرة عظيمة فطلبوا الصلح على أن يدعهم سعود يرجعوا ماناً على الرجوع فذهبوا في ذل عظيم فلما قدم كل منهم مكانـه مـات إلى بالدهم فأعطاهم أ

سليمان باشا وذلك من نصر اهللا لهذا الدين فأهلك اهللا من أنشأ هذه الدول ثم قام علـي كيخيـا فصار هو الباشا فأخذ يجدد آلة الحرب فجمع من الكيد واألسباب أعظم مما كان معه في تلـك

ع الجموع فلم يبق إال خروجه لحرب المسلمين لينتقم من أهل هذا الكرة فلما كملت أسبابه وجمالدين سلط اهللا عليه صبيين مملوكين عنده يبيتون فقتلوه آخر الليل فخمدت تلك النيران وتفرقت تلك األعوان فما قام لهم قائمة حتى اآلن فيا لها عبرا ما أظهرها لمن له أدنى بصيرة فاعتبروا

ذهب عقل من أنكر هذا الدين وجادل وكابر في دفع األدلة على التوحيد يا أولي األبصار فأين .وما حل

:المقام الرابع

ما جرى من العبر في حرب أشراف مكة لهذه الدعوة اإلسالمية والطريقـة المحمديـة رجوعه إلى أشراف مكة وذلك إنهم من أول من بدأ المسلمين بالعداوة فحبسوا حـاجهم فمـات

عدد كثير ومنعوا المسلمين من الحج أكثر من ستين سنة وفي أثناء هذه المـدة في الحبس منهم الشريف بعسكر كثيف وكيد عنيف فقدم أخاه عبدالعزيز قبله في الخروج فنزل سار إليهم غالب

على قصر بسام فأقام مدة يضرب بالمدافع والقنابل وجر عليه الزحافات فأبطل اهللا كيده علـى اؤه القليل رجاله فشد منه ووافى غالباً ومعه أكثر الجنود ومعه من الكيد هذا القصر الضعيف بن

مثل ما كان مع أخيه أو يزيد فنزلوا جميعاً الشعرا فجد في حربهم بكل كيد فأعجزه اهللا تعـالى عن ذلك البناء الضعيف الذي لم يتأهب أهله لحرب بالبنا وال بالسالح فأبطـل اهللا كيـده ورده

واإلفالس فسلط اهللا المسلمين على من كان معه مـن األعـراب خصوصـاً عنهم بعد األياسمطير فأوقع اهللا بهم في العداوة ومعهم مطلق الجربا فهزمهم اهللا تعالى وغنم المسلمون جميـع ما كان معهم من اإلبل والخيل وسائر المواشي فصار ما ذكرناه من نصر اهللا وتأييـده ألهـل

ملة قتالهم حصان إبليس وبعد ما ذكرناه جد غالب في الحـرب هذا الدين عبرة عظيمة وفي جواجتهد لكن صار حربه لألعراب ولم يتق النير فيغدوا على من استضعفه ويغير فـأعطى اهللا أعراب المسلمين الظفر عليه في عدة وقعات من أعظمها وقعة الخرمة على يد ربيع وغَـزوه

واشتد القتل في عسكره فأخذوا جميع ما كان من أهل الوادي وبعض قحطان فهزمه اهللا تعالىمعه من المواشي وغيرها فصار بعد ذلك في ذل وهوان ففتح اهللا الطائف للمسـلمين وصـار أميره عثمان ابن عبدالرحمن فاجتمع فيه دوله للمسلمين وسـاروا لحـرب الشـريف ومعهـم

زلوا دون الحرم فخـرج عبدالوهاب أبو نقطة أمير عسير وسالم ابن شكبان أمير أهل بيشة فنإليهم عسكر من مكة فقتلوه فطلب الشريف المذكور منهم األمان فلم يقبلوا منه إال الدخول فـي اإلسالم والبيعة لإلمام سعود فأعطاهم البيعة على يد رجال بعثوهم إليه هذا بعد وقعات تركنـا

هذه الدعوة من النصـر ذكرها كراهة اإلطالة ألن القصد بهذا الوضع االعتبار بما جرى ألهل والتأييد والظهور على قلة أسبابهم وكثرة عدوهم وقوته وذلك من آيات اهللا وبيناته على أن مـا قام به الشيخ في حال فساد الزمان أنه الدين الذي بعث اهللا به المرسلين وتبين أن هذه الطائفـة

مـن أمتـي علـى الحـق وال تزال طائفة rفي هذه األزمنة هي الطائفة المذكورة في قوله

منصورة ال يضرهم من خذلهم وال من خالفهم حتى يأتي أمر اهللا وهم على ذلك وقد كانت هذه الطائفة قبل ظهور الشيخ فيما تقدم موجودة في الشام والعراق ومصر وغيرها بوجـود أهـل

ـ نة السنة وأهل الحديث في القرون المفضلة وبعدها فلما اشتدت غربة اإلسالم وقل أهـل السواشتد النكير عليهم وسعى أهل البدع في إيصال المكر إليهم من اهللا بهذه الدعوة فقامـت بهـا الحجة واستبانت الحجة فيا سعادة من قبلها وأحبها ونصرها وذلك في فضل اهللا يؤتيه من يشاء

ن واهللا ذو الفضل العظيم وأهل العلم من اتباع السلف واألئمة لهم المصنفات المفيـدة فـي بيـا التوحيد الربوبية وتوحيد األلوهية وتوحيد األسماء والصفات والكثير منها موجود بأيدي علماء المسلمين وما علمنا أحداً بعد القرن الثامن في حال اشتداد غربة اإلسالم يذكر بمعرفة ما عليـه

فلذلك لم أهل السنة في أنواع التوحيد أو يلتفت إلى كتبهم وال عرفوا الشرك الذي ال يغفره اهللاينكره فيهم منكر وال أخبر بوقوعه من علمائهم مخبر حتى أظهر اهللا هذا النور وشفى اهللا بـه الصدور وظهرت كتب أهل السنة وعظمت بمعرفتها والدعوة إليها المنه يعرف ذلك من عرفه

.وشكره وأحبه وقبله فال عبرة بمن أخلد إلى أرض الغفلة واإلعراض وجهله

:المقام الخامس

كل من ذكرنا ممن عاداهم من أهل نجد واإلحساء وغيرهم من البوادي أهلكهم اهللا إن ولحقتهم العقوبة حتى في الذراري واألموال فصارت أموالهم فيئاً ألهل اإلسالم كما يروى عن

:زيد بن عمرو بن نفيل

ــير عجبـت وفـي الليالي معجبـات ــا البص ــام يعرفه ــي األي وفــور ـى رجــاالًبـأن اهللا قـد أفـن ــأنهم الفج ــان ش ــراً ك كثي

ــغير وأبـقى آخـريـن بـدار قــوم ــل الص ــنهم الطف ــو م فيرب

وانتشر ملكهم وصار كل من بقي في أماكنهم سامعاً مطيعاً إلمام المسلمين القائم بهـذا الدين فانتشر ملك أهل اإلسالم حتى وصل إلى حدود الشام مـع الحجـاز وتهامـة وعمـان

مد اهللا في أمن وأمان يخالفهم كل مبطل وشيطان ففي هذا معتبر ألهل االعتبار مع وصاروا بحما وقع بمن حاربهم من الخراب والدمار واستيالء المسلمين على ما كـان لهـم مـن العقـار

يرتاب في هذا الدين بعد هذا البيان إال من عميـت بصـيرته وفسـدت عالنيتـه والديار فال .وسريرته

:المقام السادس

إن كّل من أظهر النفاق الشقاق صار مكروهاً مبغضاً ممقوتاً وكل ما أبداه المشـبهون والمموهون من زخرفهم وكذبهم وباطلهم وعنادهم وفسادهم في أقوالهم وأحوالهم انعكس عليهم المراد وحرموا التوفيق والسداد صاروا مثله حتى استوحش منهم أكثر العبـاد ومقـتهم كـل

صار لهم باطل يظهر وال شبهة تذكر اللهم إال ما كانوا يتخفون به عن الناس حاضر وباد فما حين ظهرت أنوار التوحيد واستغلت وزال بها االلتباس مخافة المقت والشناعة حين فسدت لهم

.تلك البضاعة وهذه العبر يعتبر بها األريب إذ هو من الحق وقبول العلم قريب

:المقام السابع

ابتداء تبين له صحة ما دعا إليه هذا الشيخ وأنه الحق الذي بعث داهم إن كثيراً ممن عااهللا به رسله وأنزل به كتبه وأنه علّم من اتبعه ما أوجب اهللا عليهم وحرمـه وعلمهـم مكـارم األخالق ونهاهم عن سفسافها فمن ذلك ما حدثنا به عثمان بن عبدالرحمن المضايفي لما أتانـا

اسر الحسيني الذي جال من حرمه لعداوته هذا الدين سكن بغداد ثـم راغبا في هذا الدين إن جصار في سنين ظهور اإلسالم في نجد وما وااله حضر عند الشريف غالب مجـاوراً فسـمع

يا شريف لـك علـي مـن : الشريف المذكور يسب شيخ اإلسالم محمد بن عبدالوهاب فقال لهخ محمد بن عبدالوهاب فإنه قام بنجد وهم المعروف ما يوجب أن أنصح لك ال تقل هذا في الشي

في أسوأ حال من الفساد والظلم فجمعهم اهللا تعالى بعد التفرق واالخـتالف وعلمهـم مكـارم األخالق حتى ما ينبغي أن يقولوه في مخاطباتهم ومـا ال ينبغـي أن يقولـوه مـن األلفـاظ

عترف به كثير حتى مـن وهذا الذي ذكره جاسر للشريف ا. المستكرهة فاحذر أن تذكره بسوءأهل مصر والشام والعراق اعترفوا بصحة هذه الدعوة اإلسالمية والسنة المحمديـة وأكثـروا الدعاء له وهذا من العبر والداللة على صحة ما جدده شيخ اإلسالم من الدين بعـدما اشـتدت

مـا غربته في كل زمان ومكان وصار من يطلب العلم ويعلمه ال يعرف حقيقة التوحيـد وال ينافيه من الشرك والتنديد مع قراءتهم للقرآن واألحاديث لكن جهلوا ما هو المراد مـن الحـق

العالمين فظهر الحق بعد الخفا وتبين ما دلت عليـه اآليـات المحكمـات الذي يأمرهم به رب والبراهين البينات وتبين الحق بعد أن كان مجهوالً وعرف الباطل فصار بهذه الدعوة مخـذوالً

هذا مقام ال يخفى إال على من جحد الحق وكابر وعاند ممن عميت بصيرته نعوذ بـاهللا مـن ف .رين الذنوب وموت القلوب

:المقام الثامن

إن اهللا تعالى ألبس هذه الطائفة أفخر لباس واشتهر في الخاصة والعامة من الناس فـال المؤمنين مـن أصـحاب سـيد يسميهم أحد إال بالمسلمين وهو االسم الذي سمى اهللا به عباده

فهذا االسم ألحقه اهللا أصـحاب رسـوله . المرسلين فقال هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذاوألحقه هذه الطائفة كما ألحقه هذه إخوانهم من السابقين األولين فيا لها عبرة ما أقطعها لحجـة

أناب فهذا تمـام الثمانيـة من شك وارتاب وما أنفعها في االعتبار لمن أراد الحق وطلبه وإليه فاقرأها وتدبرها سراً وعالنية وقد اقتصرت فيها غاية االقتصار وأشرت إلى بعـض الوقـائع بإيجاز واختصار نسأل اهللا أن يجعلها نافعة ولمن أبداها وكتبها وانتفع بها شـافعة والحمـد هللا

آله وصـحبه أجمعـين رب العالمين وصلى اهللا على سيد المرسلين وإمام المتقين محمد وعلى .هـ1383وسلم تسليماً كثيراً سنة

:وهذا هو المقام التاسع

وأما الدول التركية المصرية فابتلى اهللا بهم المسلمين لما ردوا حجاج الشام عن الحـج بسبب أمور كانوا يفعلونها في المشاعر فطلبوا منهم أن يتركوا وأن يقيموا الصالة جماعة فمـا

سعود رحمه اهللا تعالى، فغضبت الدولة التركية وجرى عنـدهم أمـور حصل منهم ذلك فردهميطول عدها وال فائدة في ذكرها فأمروا محمد على صاحب مصر أن يسـير إلـيهم بعسـكره

القوة والكيد فبلغ سعوداً ذلك فأمر ابنه عبداهللا أن يسير لقتـالهم وأمـره وبكل ما يقدر عليه من كر الحجاز على عثمان بن عبدالرحمن المضـايفي وأهـل أن ينزل دون المدينة فاجتمعت عسا

بيشة وقحطان وجميع العربان فنزلوا الجديدة فاختار عبداهللا ابن سعود القدوم عليهم واالجتماع بهم وذلك أن العسكر المصري في ينبع فاجتمع المسلمون في بلد حرب وحفروا فـي مضـيق

المسلمين أهل نجد وصار عثمان ومن معه الوادي خندقاً وعبوا الجموع فصار في الخندق من

من أهل الحجاز في الجبل فوق الخندق فحين نزل العسكر أرزت العساكر خيولهم وعلموا أنه ال طريق لها إلى المسلمين فأخذوا يضربون بالقبوس فدفع اهللا شر تلك القبوس الهائلـة عـن

ب فهذه عبرة وذلـك أن المسلمين إن رفعوها مرت وال ضرت وإن خفضوها اندفعت في التراأعظم ما معهم من الكيد أبطله اهللا في الحال ثم مشوا على عثمان ومن معه في الجبل فتـركهم حتى قربوا منه بما احتسبوهم به وما أعدو لهم حين أقبلوا عليهم فما أخطأ لهم بنـدق فقتلـوا

منهم بأضعاف ومع كل العسكر قتالً ذريعاً وهذه أيضاً من العبر ألن العسكر الذي جاءهم أكثر واحد من الفرود والمزاندات أكثر فما أصابوا رجالً من المسلمين وصار القتل فيهم وهذه أيضا عبرة عظيمة هذا كله وأنا أشاهده ثم مالوا إلى الجانب األيمن من الجبال بجميع عسكرهم مـن

هل بيشة وقحطـان الرجال وأما الخيل فليس لها فيه مجال فانهزم كل من كان على الجبل من أوسائر العربان إال ما كان من حرب فلم يحضروا فاشتد على المسلمين لما صاروا في أعلـى الجبل فصاروا يرمون المسلمين من فوقهم فحمي الوطيس آخر ذلك اليوم ثم من الغد فاستنصر

لين أهل اإلسالم ربهم الناصر لمن ينصره فلما قرب الزوال من اليوم الثاني نظرت فإذا بـرج قداتيا فصعدا طرف ذلك الجبل فما سمعنا منهم بندقاً ثارت إال أن اهللا كسر ذلك البيرق ونحـن ننظر فتتابعت الهزيمة على جميع العسكر فولوا مدبرين وجنبوا الخيـل والمطـرح وقصـدوا لطريقهم الذي جاءوا معه فتبعهم المسلمون يقتلون ويسلبون هذا ونحن ننظر إلى تلك الخيـول

رت وخارت وظهر عليهم عسكر من الفرسان من جانب الخندق ومعهم بعض الرجـال قد حافولت تلك الخيول مدبرة فتبعهم خيول المسلمين في أثرهم وليس معهم زاد وال مـزاد فـانظر إلى هذا النصر العظيم من اإلله الحق رب العباد ألن اهللا هزم تلك العساكر برجلين فهذه ثالث

فأخذوا بعد ذلك مئة من السنين ثم بعد ذلك سارطلسـون كبيـر ذلـك عبر لكن أين من يعتبرالعسكر الذي هزمه اهللا فقصد المدينة فوراً وأمر سعود على عبداهللا ومن معه من المسلمين أن ينهضوا لقتالهم فوجدوهم قد هجموا على المدينة ودخلوها وأخرجوا من كان بها من أهل نجـد

فأقبل ذلك العسكر فنزلوا رابغ ونزل المسلمون وادي فاطمة وعسير فحج المسلمون تلك السنة فخان لهم شريف مكة وضمهم إليه وجاؤوا مع الخبت على غفلة من المسلمين فعلم المسـلمون أنه ال مقام لهم مع ما جرى من الخيانة فرجعوا إلى أوطانهم فخاف عثمان وهو بالطـائف أن

من شدة عدواتهم فخـرج بأهلـه وتـرك لهـم يكون الحرب منهم ومن الشريف عليه لما يعلم

الطائف أيضا مخافة أن يجتمعوا على حربه وليس معه إال القليل من عشيرته وال يأمن أهـل الطائف أيضا فنزل المسلمون بتربة بعد ذلك نحوا من شهر ثم رجعوا حين أكلوا ما معهم مـن

اإلطالة بـذكرها والمقصـود أن الزاد فجرى بعد ذلك وقعات بينهم وبين المسلمين ال فائدة في استيالءهم على المدينة ومكة والطائف كان بأسباب قدرها الملك الغالب، فيريك عزته ويبـدي لطفه، والعبد في الغفالت عن ذا الشأن، وفيها من العبر أن اهللا أبطل كيد العدو وحمى الحـوزة

دينة ومكة فـي نحـو وعافى المسلمين من شرهم وصار المسلمون يغزوهم فيما قرب من المثالث سنين أو أربع فتوفى اهللا سعودا رحمه اهللا تعالى وهم من الوالية ما كانوا عليـه أوالً إال ما كان من مكة والطائف وبعض الحجاز وبعد وفاة سعود تجهزوا للجهاد على اختالف كـان

الحناكيـة من أولئك األوالد فصاروا جانبين جانب مع عبداهللا وجانب مع فيصل أخيه فنـزل عبداهللا ونزل فيصل تربة باختيار وأمر من أخيه له فوافق أن محمد على حـج تلـك السـنة

واجه فيصل هناك فطلب منه أن يصالحه على الحرمين فأبى فيصل وأغلـظ لـه الجـواب ـف :الـوفيما ق

ال أصلح اهللا منا من يصالحكم، حتى يصالح ذيب المعز راعيها، فأخذت محمـد علـى فة فسار إلى بسٍل الظاهر أنه كان حريصا على الصلح فاستعجل فيصل بمن معـه العزة واألن

مما جرى منهم فأقبلوا وهم في منازلهم فسـارت فساروا إليه في بسل وقد استعد لحربهم خوفاً فحبس عنهم تلك الدول والخيول عليهم العساكر والخيول فولوا مدبرين لكن اهللا أعز المسلمين

ول فسلم أكثر المسلمين من شرهم واستشهد منهم القليل وال بد في القتـال حتى وقفوا على التل

: ﴾ اآليـات، وقـال تعـالى ﴿: من أن ينال المسلم وينال منه قال تعالى

﴿﴿ إلى قوله ﴾ اآليات وقـد ﴾

سجال ينال منا وننال منه فهذه سـنة اهللا : فما الحرب بينكم وبينه؟ قال: ل هرقل ألبي سفيانقاوأما عبداهللا فرجع بمن . في العباد زيادة للمؤمنين في الثواب وتغليظا على الكافرين في العقاب

نـاوأهم معه فلم يلق كيداً دون المدينة فتفكر في حماية اهللا لهذه الطائفة مع كثرة من عـاداهم و ومع كثرة من أعان عليهم ممن أرتاب في هذا الدين وكرهه وقبل الباطل وأحبـه فمـا أكثـر هؤالء لكن اهللا قهرهم باإلسالم ففي هذا المقام عبرة وهو أن اهللا أعزهم وحفظهم من شر مـن

إلـى عاداهم فلله الحمد والمنة وبعد ذلك رجع محمد بن علي إلى مصر وبعث الشريف غالبوأمر ابنه طلسون أن ينزل الحناكية دون المدينة وأمر العطاس بالصلح بينهم وبـين اسطنبول

عبداهللا بن سعود ويركب له من مكة وأراد اهللا أن أهل الرس يخافون ألنهم صاروا في طرف العسكر وصار عندهم ربيع من المغاربة وصار في أوالد سعود نوع من العجلة فـي األمـور

لمسير إلى الرس فنزلوا الرويضة فتحصن أهل الـرس بمـن عنـدهم فأمروا على الرعايا بافأوجبت تلك العجلة أن استفزعوا أهل الحناكية فلما جاء الخبر بإقبالهم ارتحلوا يلتمسون مـن أعانهم من حرب ما بينهم وبين المدينة فصادفوا أهل الرس بمن عندهم فأوجبت تلك العجلة أن

الخبر بإقبالهم ارتحلوا يلتمسون من أعانهم من حرب ما بينهم استفزعوا أهل الحناكية فلما جاء وبين المدينة فصادفوا خزانة العسكر فقتلوا وأخذوا ما معهم فهذا مما يسره اهللا لهم من النصـر من غير قصد وال دراية فرجع المسلمون إلى عنيزة والعسكر نزلوا الشبيبية قريباً منهم ويسـر

لك من توفيق اهللا ونصره وجاهدوا جيشاً وخيالً فأغاروا على جانب اهللا للمسلمين سبباً آخر وذالعسكر فخرجوا عليهم فهزمهم اهللا وقتل المسلمون فيهم قتالً كثيراً فألقى اهللا الرعب في قلوبهم على كثرة من أعانهم وقوة أسبابهم وذلك من نصر اهللا لهذا الدين فرجعوا إلى الرس خوفاً من

فتبعهم المسلمون ونزلوا الحجناوي خوفاً من قدوم المسلمين عليهم فقـدم هجوم المسلمين عليهممحمد علي فوجد الحال قد تغير فقصدهم ابتـداء فمنعـوه العطاس على األمر الذي عمده عليه

مما جاء له ثم إنهم سعوا في الصلح والمسلمون على الجحناوي وكل يوم يجري بـين الخيـل قامة فلم يبق منهم إال شرذمة قليلة فجاء منهم أنـاس يطلبـون طراد فمل أكثر المسلمين عن اإل

الصلح فأصلحهم عبداهللا رحمه اهللا تعالى وطلبوا منه أن يبعث معهم رجالً من أهل بيشة خوفـاً أن يعرض لهم أحد من المسلمين في طريقهم فمشى محمد بن حسين بن مشاري إلـى المدينـة

وألقى الرعب في قلوبهم وحفظ المسلمين من شرهم بل والمقصود أن اهللا سبحانه وتعالى أذلهم غنهم مما بأيديهم من حيث بذلهم المال في شراء الهجن فاشتروا من المسلمين الذلول بضـعفي ثمنها وهذا كله مما يفيد صحة هذا الدين وأنه الذي يحبه اهللا ويرضاه وهو الذي يسـر أسـباب

هذا الدين فتفكر يا من له قلب ولـوال مـا نصر من تمسك به وخذالن من ناوأهم وعاداهم فيصار في أهل هذا الدين من مخالفة المشروع في بعض األحوال لصار النصـر أعظـم ممـا جرى لكن اهللا تعالى عفى عن الكثير وحمى دينه عمن أراد إطفاءه فلله الحمد ال نحصي ثنـاء

لوقائع وما فيها من األلطاف عليه هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه خلقه فتدبر هذه االعجيبة والدالالت الظاهرة على صدق هذه الدعوة إلى التوحيد وإخالص العبادة هللا والتجريـد وإنكار الشرك والتنديد واالهتمام بإقامة حقوق اإلسالم على ما شـرعه اهللا تعـالى ورسـوله

ي آخر هذه األمة لكـن والنهي عما حرمه اهللا ورسوله من الشرك والبدع والفساد الذي وقع فخفي على أهل الشقاق والعناد فلو ساعد القدر وتم هذا الصلح لكان الحال غير الحال لكن مـا أراده اهللا تعالى وقع على كل حال لكن جرى من عبداهللا ابن سعود رحمه اهللا تعالى ما أوجـب

أن يكونـوا نقض ذلك الصلح وهو أنه بعث عبداهللا به كثير لغامد وزهران بخطوط مضمونهافي طرفه وفي أمره فبعثوا بها إلى محمد علي فلم يرض بذلك وقال إنهم من جملة مـن وقـع عليهم الصلح فهذا هو سبب النقض وأنشأ عسكراً مع إبراهيم باشا ونزل الحناكية ودار الـرأي

كذلك أهل البلدان» أضبط ديرتك واحتسب بالزهبة«عند عبداهللا بن سعود وأهل الرأي يقولون وأتركوه على هيبته فإن مثنى تبين لكن الرأي وربما إن اهللا يوفقكم لرأي يصير سـبب كسـره وجاء حباب وغصاب يريدون أن يخلوا بعبداهللا في السفر ومالزمتـه فـي مجلسـه ومأكلـه

بالمسلمين والعربان فوصـلوا الماويـة وفيهـا ومشربه ونومه ويقظته فأدركاه على الخروجز في المدفع ووقع هزيمة وقى اهللا شرها وغدى فيها قليل من المسلمين عسيكر فضربوهم بالدي

إبراهيم باشا على القدوم فنزل القصيم وحربهم قدر شرين وأيدهم اهللا بالنصر لما وبعدها جسر كانوا مستقيمين صابرين وعزم على الرجوع عنهم لكن قوى عزمه فيصل الـدويش وطمعـه

عبداهللا بمن معه في عنيزة وأقفى لبلده وأشـار علـيهم وخوفه وبعد هذا صالحوه أهل الرس واألشدة ويشيل عليها كل ما كان له وال يخلي في الدرعية له طارفة ويصد مع عربان قحطـان ونحوهم وكل من كان له مروءة من بدوي أو حضري راح معه كذلك الذي يخاف فلو سـاعد

قد ظهر وغيرهم وهللا فيما جرى حكم القدر لم يظفر به عدوه وتبرأ منهم من أعانهم من مطير بعضها لمن تدبر وتفكر وهذا الرأي أسلم له وللذي يريد القعود ويكون ظهـره علـى السـعة ويذكر له أنك يا عبداهللا إذا صرت كذلك صار لك في العسكر مكائد منها قطع سابلة مـا بينـه

غالبة ولو قدر هذا لكان فنزل وبين المدينة وهذا رأي سديد ولكن لم يرد اهللا قبوله ألن األقدار الدرعية وأخذ قدر ثمانية أشهر متحصنين عنه وهو يضربهم بالقنابر والقبوس فوقى اهللا شـره

يزحمهم مع أماكن خالية ما فيها أحد ألن البلد مطاول وليس فيها سـور وأراد اهللا بعد ذلك أنه

الميثاق على ما فـي البلـد مـن ينفع والمقاتلة قليل وانتهى األمر إلى الصلح فأعطاهم العهد ورجال أو مال حتى التمرة التي على النخل لكن لم يف لهم بما صالحهم عليه لكـن اهللا تعـالى وفى شره عن أناس معه عليهم حنانة بسبب أناس من أهل نجد يكثرون فيهم عنده فكف اهللا يده

بسبب البغدادي الخبيـث ويد العسكر وعذروا سليمان ابن عبداهللا وآل سويلم وابن كثير عبداهللاحداه عليهم فاختار اهللا لهم وبعد هذا شتت أهل البلد عنها وقطع النخيل وهدم المساكن إال القليل وانتقل للحور بعسكره وروح من روح لمصر بعد روحة عبداهللا بن سعود رحمـه اهللا تعـالى

ه الفنـاء وال وصـل تبعه عياله وإخوانه وكبار آل الشيخ وبعد ذلك حج فسلط اهللا على عسكرمصر إال بالقليل فلما وصل مصر حل بهم عقوبات أهل اإلسالم فمشـى علـى السـودان وال أظفره اهللا فرجع مريضاً ثم إن محمد علي بعث ابنه إسماعيل وتمكن منهم بصلح فلما رأوا منه

م دفتـر الخيانة بأخذ عبيد وجوار أحرقوه بالنار في بينه ومن معه من العسكر ثم بعده روح لهدار وال ذبل منهم شيئاً وأما عساكر الحجاز التي وصلت مصر قبل إبراهيم باشا حسـن بيـه الذي صار في مكة وعابدين بيه الذي صار في اليمن فسيرهم محمد علي قبـل هـذا الحـرب

فاستمده السلطان على حربهم فأمده بهذين العسـكرين موره وجريد لما خرجوا على السلطانخرهم ولم يفلت منهم عين تطرف وذلك أن مورة وجريـد فـي األصـل واليـة فهلكوا عن آ

للسلطان فخرجوا عليه فهلك من عسكر السلطان والعساكر المصرية في حربهم ما ال يحصـى وهذه عقوبة أجراها اهللا عليهم بسبب ما جرى منهم على أهل اإلسالم حتى العرنـاووط فـي

وجريد وبعد هذا اشتد األمر على السلطان وبعث جبلهم عصوا على السلطان قبل حادثة مورةيستنصر محمد علي فبعث لهم عسكراً كبيرهم قار علي فهلكوا في البحر قبل أن يصلوا ثـم أن السلطان بعث نجيب أفندي لمحمد علي يطلب منه أن يسير بنفسه فبعث إليه يعتـذر بـالمرض

لذي سبا أهل نجد وقتل منهم الـبعض وأن إبراهيم باشا يقوم مقامه وقبل ذلك بعث حسين بيه افي ثرمدا وفزع للسلطان قبل روحة إبراهيم باشا بعسكره الذي كان معه في نجد وتبعه إبراهيم باشا يمده ونزلوا موره لحرب أهلها فأذلهم اهللا لهم فقتلوا فيهم قتالً عظيماً فأما عسكر حسـين

رى نفسه منهم باألموال فانظر إلى هـذه بيه فال قدم مصر منه إال صبي وأما إبراهيم باشا فاشتالعقوبات العاجلة التي أوقعها اهللا على اآلمر والمأمور وأكثر الناس ال يدري بهذه األمور وهذا الذي ذكرناه فيه عبرة عظيمة وشاهد ألهل هذا الدين أن اهللا لما سلط عليهم عدوهم ونال منهم

على دينه واستقام على دين اإلسالم ثـم أن اهللا ما نال صار العاقبة السالمة والعافية لمن ثبت تعالى أوقع بعدوهم ما ذكرنا وأعظم لكن ذكرنا الواقع على سبيل االختصار لقصـد االعتبـار فاعتبروا يا أولي األبصار ثم إن اهللا أجرى على فئة أعانهم من أهل نجد ممن شك مـنهم فـي

أفناهم وهذه أيضاً من العبر لم يبـق أحـد هذا الدين وأكثر الطعن على المسلمين أن اهللا تعالىممن ظهر شره وإنكاره وعداوته للمسلمين إال عوجل بالهالك والذهاب وال فائدة في اإلطالـة بعدهم ومن سألنا أخبرناه عنهم بأعيانهم وأما ظهور خالد وإسماعيل فإنهم لما جاء الخبر بأنهم

تعالى في الغزو أو اإلقامة فأشرت بأن منها استشار فيصل رحمه اهللاوصلوا المدينة وخرجوا يخرج بالمسلمين ويكون في البطينيات من الدجاني إلى ما دونه وينزل قريباً من العربـان ألن أكثر رعيهم من الدهنا ويؤلف كبارهم بالزاد وينقل الحب مـن سـدير والوشـم وزاد الحسـا

مـن معـه مـن المسـلمين والقطيف من تمر وعيش ويقرب منه كبار العربان بالزاد وكذلكويصير له رجاجيل في القصيم عند من ثبت وينتظر فلو ساعد القدر تم هذا الرأي لـم يقـدر العسكر أن يتعدى القصيم للوشم والعارض وخافوا من قطع سابلتهم وال لهم قدرة على حـرب فيصل وهو في ذلك المكان فلو قدرنا أن يصير بعض عسكرهم يبون يقصـدونه هلكـوا فـي

دهنا والصمان إذا ماج عن وجوههم يوماً أو يومين فلو قدر أن يفعل هذا الرأي لما ظفروا به الوال وصلوا إلى بلده ألسباب معروفة لكن لما أراد اهللا سبحانه خيانة أهل الرياض فـي اإلمـام فيصل وهم معه في الصريف قدم الرياض وخالها لهم خوفاً منهم فمشوا علـى الفـرع هـم

من البادية والحاضرة وصار هالكهم هجموا على الحلوة على غفلة أخلـى أهـل والذين معهمالحلوة البلد لهم وأراد اهللا أن تركي الهزاني وبعض أهل الحوطة يفزعون وكسر اهللا العسـاكر العظيمة ما بين قتيل وهالك وصاروا يتتبعونهم موتى تحت الشجر يأخذون السـالح والمـال

شير معشارهم فصارت آية عظيمة ورجع فلهـم إلـى الريـاض والذي فزع عليهم ما يجي عوساعدهم من ساعدهم واهللا حسبهم وتجلوا معهم إلى أن جاءهم خرشد فزاع ونزل فيصل الدلم وشير عليه أنه ما يقعد فيه ويتحصن بمن معه من المسلمين في بعـض الشـعاب التـي بـين

هدهم بأهل القرايا وال أراد اهللا أنه الحوطة ونعام ويجعل ثقلته وراه فإن حصل منهم ممشى جايفعل فلما تمكنوا من فيصل وأخذوه أرسلوه إلى مصر صار عسكرهم في ذهاب وعذاب وفساد فأوقع اهللا الحرب بين السلطان ومحمد علي ورد اهللا الكرة ألهل نجد فرجعوا كما كـانوا أوالً

سرائيل ﴿ثم رددنا لكـم الكـرة على ما كانوا عليه قبل حرب هالدولة كما قال تعالى في بني إبأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم ألنفسـكم وإن أسـاءتم عليهم وأمددناكم

فلما﴾ نسأل اهللا أن يمن باإلحسان وينفي عنا أسباب التغيير إنه ولينا وهو على كل شيء قـدير االعتبار بأن اهللا حفظ هذا الـدين وال حول وال قول إال باهللا العلي العظيم والمقصود بما ذكرنا

ومن تمسك به وأيدهم بالنصر على ضعفهم وقلتهم وأوقع بأسه بهذه الدول على قوتهم وكثرتهم وأسباب كيدهم ثم أن اهللا تعالى أهلك تلك الدول بما أجرى عليهم من حرب النصارى في بـالد

طرف وكـانوا ال يحصـي الروم فكل دولة مشت على نجد والحجاز لم يبق منهم اليوم عين تعددهم إال اهللا فهلكوا في حرب النصارى فصارت العاقبة والظهور لمن جاهدهم في اهللا مـن الموحدين فجمع اهللا لهم بعد تلك الحوادث العظيمة من النعم والعز والنصر ما ال يخطر بالبـال

أعمـى اهللا وال يدور في الخيال فال يشك في هذا الدين بعد ما جرى ممـن ذكرنـاه إال مـن بصيرته وجعل على قلوبهم أكنة عن فهم أدلة الكتاب والسنة ولم يعتبروا بما جرى لهذا الـدين من ابتدائه إلى يومنا هذا وكل من ذكرنا من الدول والبادي والحاضر رام إطفاءه وكلما أرادوا

علـى اطفاءه استضاءت أنواره وعز أنصاره فلله الحمد ال نحصي ثناء عليه فهذا مـا جـرى الدول الذي زعم ابن منصور أن شيخنا جرها على أهل نجد وما جرى بسبب تلك الدول مـن ظهور هذا الدين والعز والتمكين وذهاب من ناوأهم من هذه الدول وغيرهـا فللـه الحمـد ال نحصي ثناء عليه وهو المرجو أن يوزعنا شكر ما أنهم به علينا من هذا الدين الـذي رضـيه

المؤمنين وصلى اهللا على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعـين وسـلم لعباده وخص به تسليماً كثيراً ومن عجبت ما اتفق ألهل هذه الدعوة أن محمد بن سعود عفى اهللا عنه لما وفقـه اهللا لقبول هذا الدين ابتداء بعد تخلف األسباب وعدم الناصر شمر في نصرته ولم يبـال بمـن

ى أن بعض أناس ممن له قرابة له عذله عن هذا المقام الذي شـمر خالفه من قريب أو بعيد حتلوم الئم وال رأي مرتاب بل جد في نصرة هذا الدين فملكـه إليه فلم يلتفت إلى عذل عاذل وال

تعالى في حياته كل من استولى عليه من القرى ثم بعد وفاته صار األمر في ذريته يسوسـون ما جاهدوا في االبتداء فزادت دولتهم وعظمت صولتهم على الناس بهذا الدين ويجاهدون فيه ك

الناس بهذا الدين الذي ال شك فيه وال التباس فصار األمر في ذريته ال ينازعهم فيه منازع وال يدافعهم عنه مدافع وأعطاهم اهللا القبول والمهابة وجمع عليهم من أهل نجد وغيـرهم ممـن ال

هذا الدين وظهرت آلثار اإلسالم في كثيـر مـن األقـاليم يمكن اجتماعهم على إمام واحد إال بوغيرها مما تقدم ذكره وأصلح اهللا بهم ما أفسدت تلك الدول التي حـاربتهم ودافعـتهم النجدية

عن هذا الدين ليطفؤه فأبى اهللا ذلك وجعل لهم العز والظهور كما تقدمت اإلشـارة إلـى ذلـك هدى وأن يوفقهم لما وفق له خلفاءه الراشـدين الـذين فنسأل اهللا أن يديم ذلك وأن يجعلهم أئمة

لهم التقدم في نصرة هذا الدين وعلينا وعلى المسلمين أن ندعو لمن واله اهللا أمرنا مـن هـذه الذرية أن يصرف عنا وعنهم كل محنة وبلية وأحيا اهللا بهم ما درس من الشـريعة المحمديـة

.اهللا على محمد وعلى آله وصحبه وسلم وأصلح لهم القلوب وغفر لنا ولهم الذنوب وصلى

تم بحمد اهللا

تمت مقابلة المطبوع على نسخة خطية بقلم مصعب بن عبداهللا التويجري ولم يذكر لـه تـاريخ هـ28/4/1410في

المؤلف في سطورهو العالمة المشهور صاحب التأريخ الحافل بالجهاد والكفاح الشيخ عبدالرحمن بن حسـن -1

.ام محمد بن عبدالوهاب رحمهم اهللابن الشيخ اإلم

.هـ في بلدة الدرعية موطن الدعوة ومهد علمائها وعاصمة دولتها األولى 1193ولد سنة -2

نشأ بها وقرأ القرآن وحفظه وهو في السنة التاسعة من عمره ثم الزم دروس العلم وحلق -3حمد بن ناصـر بـن الذكر فقرأ على جده شيخ اإلسالم محمد بن عبدالوهاب وعلى الشيخ

معمر وعلى الشيخ عبداهللا بن فاضل من علماء الدرعية وقرأ على عمه عالمة نجـد فـي زمنه وخليفة والده الشيخ عبداهللا بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب كما قـرأ علـى الشـيخ عبدالرحمن بن خميس وعلى الشيخ العالمة حسين بن غنام صاحب التأريخ المشهور حتى

.لم في أصوله وفروعهأدرك فنون الع

وبعد هذا جلس لطالب العلم يدرسهم التوحيد والفقه وتتلمذ عليه خلق كثير قبل وبعد فتنـة -4 .الدرعية

ولي قضاء الدرعية زمن اإلمام سعود بن عبدالعزيز وزمن ابنه اإلمام عبداهللا بـن سـعود -5 .بجانب التدريس

األوطان فصحب اإلمام عبداهللا بن سـعود جند الشيخ عبدالرحمن نفسه للدفاع عن الدين و -6في مسيره لقتال طوسون في وادي الصفراء بالقرب من المدينة وهزم طوسـون هزيمـة

وجهاده حتى قدر اهللا سقوط الدرعية واستيالء إبراهيم منكرة وهكذا احتل الشيخ في كفاحهـ 1233سنة باشا على الجزيرة العربية ه حرمـه هـ فنقله إبراهيم باشا إلى مصـر ومع

.هـ1441وعائلته وبقي في مصر ثمان سنوات عاد منها إلى نجد سنة

التقى بجملة من كان سفره إلى مصر من أسباب التحصيل المتفوق في العلم واإلدراك وقد -7العلماء وتتلمذ على البعض منهم في مصر إبان إقامته الجبرية فيها وممن قرأ عليهم فـي

مود الجزائري الحنفي والشيخ حسن القويسني والشـيخ مصر مفتي الجزائر محمد بن محوبقـي فـي . إبراهيم العبيدي المقرئ وحضر على الشيخ محمد علي الدمنهوري وغيرهم

عبـد اهللا مصر ينهل من العلوم إلى أن رد اهللا الكرة ألهل نجد على يد اإلمام تركي بـن .وأخرج جميع األتراك والغزاة منها

ازرة اإلمام تركي خير قيام واستعان به اإلمام علـى تأسـيس بمؤ قام الشيخ عبد الرحمن -8 .الدولة اإلسالمية ونشر الدعوة السلفية فأصلح اهللا بهما ما أفسدته تلك العساكر التركية

أخذ الشيخ عبد الرحمن ينشر العلم ويناصح أهل نجـد بالرسـائل والمكاتبـات يـأمرهم -9لزوم جماعة المسلمين والسمع والطاعة لـولي بالمعروف ونهاهم عن المنكر ويحثهم على

.أمرهم

كتب وخطب وعلم وحمل السالح وناصح الوالة والرعية حتى استتم البناء وظهرت كلمة -10ومن مآثره رحمـه اهللا مـا . وآخراً وظاهراً وباطناًاهللا فكانت هي العلياء والحمد هللا أوالً

:كتبه من مؤلفات ومرسالت هي

.كتاب التوحيد الذي هو حق اهللا على العبيد فتح المجيد شرح -أ

.قرة عيون الموحدين باختصار شرح كتاب التوحيد -ب

القول الفصل النفيس في الرد على المفتري داود بن جرجيس طبع في مجلد ومعـه -ـج .المورد العذب الزالل ومختصر منهاج السنة

/ المحجـة / شمل المقامـات مقاصد التوحيد طبع في مجلد ي المطلب الحميد في بيان -حـالرسائل والفتوى ما هـو وله من . بيان كلمة التوحيد/ المراسالت/ إرشاد طالب الهدى

مطبوع في الدرر السنية ومجموعة الرسائل والمسائل النجدية هذا وصـلى اهللا علـى .محمد وآله وصحبه وسلم

فهرس

2 .....................................................................تقديم

4 ...........................................................الرسالة األولى

15 ............................................................الرسالة الثانية

23 ...........................................................الرسالة الثالثة

26 .........................................................الرسالة الرابعة

37 .........................................................الرسالة الخامسة

44 .........................................................الرسالة السادسة

64 .......................................................المؤلف في سطور