١

بسم اهللا الرحمن الرحيم

برتقال يافا غريب الجبوري

. م١٩٩١ هـ ـ ١٤١٢ ـ بسم اهللا الرحمن الرحيم ـ

مقدمة المؤلف بينما الحرب العراقية االيرانية كانت في اوج استعارها على الجبهات، والمخابرات العراقيـة فـي ١٩٨٥عام

كان يحوي الكثير من احـداث هـذه ) برتقال يافا(و سينمائي باسم ذروة نشاطها على االراضي الكويتية، كتبت سيناري مـن وزارة الثقافـة واالعـالم ) برتقال يافـا (الرواية، وبعد جهود مكثفة استطعت ان احصل على اجازة انتاج فيلم

انتاجـه االسالمي في طهران، وبادر احد المنتجين السينمائين االيرانيين واسمه حسن جالير بشراء السيناريو بهـدف وخصصت مبالغ جيده لصناعته، ولكن المنتج اصطدم بعقبة كبيرة لعمله في ايران وهو عدم وجود شـوارع عربيـة واحياء وعمارات تشابه شوارع واحياء احداث القصة التي تجري في العراق والكويت، في المدن االيرانية، كمـا ان

قع احداث القصة تكلفه اضعاف مضاعفة مـن التكلفـة صناعة ديكور يحول اي شارع ايراني الى شارع مشابه لموا المقدرة النتاج الفيلم، فقمت انا والمنتج بتقديم طلبات الى السفارات العربية في طهران نرجو بهـا حـصول موافقـة الجهات الرسمية المختصة في بالدها للسماح بتصوير احداث السيناريو على اراضيها وفـي داخـل مـدنها، اال ان

لها رفضت ولم توافق اية دولة عربية على ذلك الطلب، مما ادى الى تراجع المنتج عن انتـاج الـسيناريو، الطلبات ك ومن ثم حاول عدة منتجين سينمائيين في ايران النتاج ذلك السيناريو ولكن الجميع اصـطدموا بهـذه العقبـة وبقـي

. السيناريو على الرفوف حتى هذا اليوممكتوبـة، ولعلـي ) رواية( تحويل ذلك السيناريو الى فيلم اقبلت على تحويله الى وحينما يئست من قدرتي على

. اقدر على كشف جملة من الحقائق وفضائح النظام الديكتاتوري في العراق للقراء الكرام غريب الجبوري

ـ صرة كانت تقف مفرزة لشرطة المرور على اعتاب باب الطريق الطويل الممتد من بغداد والمنتهي الـى البورجال شرطة المرور يتجولون على اطراف الطريق بشكل عشوائي ليقضوا وقتهم لحين، فتارة ينزلـون الـى نهـر يغسلون به وجوههم ويبللون ايديهم ويريقون على صدورهم المفتوحة السمراء قطرات ماء باردة حملها تيـار النهـر

ع لينجوا من حرارة شـهر حزيـران وشـمس البـصرة عبر بساتين النخيل واخرين يتظللون بفيئ النخيل الباسقة ترف . المحرقة والتي تكوي اشعتها في ذلك الشهر كما يكوي الحالق رؤوس زبائنه بشسوار حراري

ولكن ضابط المفرزة ذلك الشاب االسمر الجنوبي المالمح ذو اللون الداكن القروي والذي وضع نظارة سوداء حتى كادت ان تغطي نصف وجهه وشكلها ولونهـا المائـل لالحمـرار، على عينيه والتي فضحت سوء ذوقه بكبرها

يجعلها نسائية الطراز اكثر من ان تطابق ذوق الرجال، كان جالسا داخل سيارة يا بانية مكيفة ال يحس بشئ مـن حـر

٢

حزيران او مما يعانيه رجاله من ازعاج الصيف ورطوبته والتي تخنق االنفاس مثل كـابوس ثقيـل، كـان الـضابط . ممسكا بجهاز االرسال يتكلم بلسانه ويراقب الطريق العام بعينيه من وراء نظارته

. بقيت ساعات حتى تصل القافلة يرجى ارسال الطعام الى رجال الشرطة… صقر… ـ الضابط ـ صقر … وكان الصوت ينبثق من الالسكي بكل هدوء

… سوف نرسل وجبه الطعام عاجال.. الالسلكي ـ ابو نصير ❁ ❁ ❁

على احد ابواب بغداد حيث الطريق المؤدية الى المحافظات الجنوبية والتي تمر وسط معسكر الرشـيد واحـد . من اكبر معسكرات بغداد والذي تشقه تلك الطريق الى شقين ومن ثم تخترقه لتطل على ارض منبسطة

باللوريـات الثالجـة تـسير مـسرعة باتجـاه يسميها العراقيون ) ثالجات(كانت قافلة تتكون من عدة سيارات عـشرة ) اردن ـ عمان (الجنوب ومما كان يثير فضول مفارز التفتيش على الدرب ارقام تلك الشاحنات والتي كانت

شاحنات اردنية تسير وراء بعضها وراء بعض وباقصى سرعة ممكنه ولوال عشرات نقاط التفتـيش القائمـة علـى واالمن واالستخبارات لما وقفت الشاحنات ولظلت مستمرة في المسير، الـذي اثـار الطريق العام، كمفارز الشرطة

تعجب عبد العظيم سائق احدى الشاحنات االردنية شيئان اوال كان دائما يتصدر بشاحنته القافلة فال احد يحـاول مـن ن سببه هـو وجـود رعايـة السواق االخرين ان يسبقه والشئ الثاني الذي اثار دهشته وجعله يسال نفسه عدة مرات ع

خاصة وتسهيالت في نقاط التفتيش لم يلقها من قبل في سفراته الماضية والتي كان يقطـع بهـا ارض العـراق مـن الحدود االردنية والرطبة حتى البصرة فمنذ االيام االولى للحرب العراقية االيرانية بدات سفراته عبر شركت النقـل

كان ينقل فيها من االردن والى العراق صناديق محملة بالمواد الغذائيـة او االنـشائية والتي ) الملك(االردنية المسماة او الى الكويت فواكه وخضراوات عبر االراضي العراقية، هذه المرة لم يعودوا يؤخرونه دقـائق فـي كـل نقـاط

ما بين كـل محافظـة التفتيش العديدة والتي يصادفها المسافر عند مدخل كل محافظة ومخرجها ووسط الطرق ايضا واخرى حيث يستوجب الوقوف كل ساعتين او كل ساعة ونصف بهدف التفتيش، فاسره ذلك كثيرا وخـصوصا عنـد خروجه من نقطة تفتيش بغداد ـ سلمان باك وهي من اصعب نقاط التفتيش واكثرها دقة واطولهـا وقتـا وازعجهـا

من رجال الشرطة واالنضباط العسكري ورجـال حيث تقف عشرات وعشرات السيارات في الصف ليفتشها عشرات االمن العام ورجال االستخبارات، كل مفرزة تسال عن شئ معين، فما يكاد عبد العظيم ان ينتهي من تفتـيش رجـال الشرطة عن المهربات والممنوعات حتى يبدا رجال االنضباط العسكري بالبحث عن الفارين من الجـيش ومـن ثـم

االمن وهي اكثر تعقيدا حيث تفتش االوراق كامله وبدقة واسـئلة تتبعهـا اسـئلة ومـن ثـم تاتي نوبة مفرزة رجال .. الفرج

وفي االخير مفرزة االستخبارات الغريبة االطوار التي يتكلم افرادها قليال وينظرون كثيرا حتـى فـي بعـض يعرف ماذا يفعل ومـاذا يقـول االحيان يظل احدهم ينظر الى وجه الرجل دقائق دون ان ينبس بكلمة فيظل المرء ال

ولكن عبد العظيم كان يحاول، ان يقطع حيرته ويردها بابتساماته بوجه رجل االستخبارات الذي يظـل واقفـا ينظـر اليه كالتمثال بال حراك وال تعابير وثم يشير براسه بعالمة معناها الحركة فيتحرك السائق ولكن المـرء يظـل ينظـر

… دة ما يحدث وراءه بعد ان استولى عليه الخوف والرهبةفي المراة الجانبية لمشاه

٣

عبد العظيم هذه المرة لم تمر عليه هذه المناظر ولم تصادفه تلك االساليب االرهابية منذ دخوله نقطـة تفتـيش بغداد وزاده تعجبا واستغرابا ابتسامات رجل االستخبارات العراق عند نقطة تفتيش الخروج من بغداد من البدء حيـث

… ال تفتيش وال رجال مفارز وال ازعاجات وسال نفسه عدة مرات عمر رجل االستخبارات ال يبتسم الحد فلماذا يبتسم لي؟ !!! ـ ماذا يحدث؟ عجيب

عبد العظيم تنفس الصعداء وهو ينظر على بعد وبازدراء الى اطالل طاق كسرى التي هي من اثـار حـضارة نظره هذه المرة اكثر نحو ذلك البناء الشامخ الحد شاهات المجوس الفارسـي الفرس القديمة على ابواب بغداد وامعن

ومن ثم امعن نظرة في قبة خضراء جميلة سطعت عليها اشعة الشمس المحرقة فعكست الضوء فبدت كانهـا شـمس . اخرى توهجت من على قبة ضريح العبد الصالح سلمان الفارسي

وظل عبد العظيم قاطعا الطريق الى الجنـوب مودعـا ) ع(ت ومخزن اسرار ال البي ) ص(صاحب رسول اهللا ابي الجليل سلمان الفارسي وتمتم عبد العظـيم بـشفتيه بتحيـة حقضاء سلمان باك وسط زحام الزائرين لضريح الص

. القاها عن بعد اجالال للصحابي الجليل وظل يتابع قيادته لشاحنته نحو البصرة ❁ ❁ ❁

لى السادسة عصرا وحدة حرارة الشمس قد خفت قليال ورجـال شـرطة المـرور تواجـدوا الساعة اشرفت ع وبشكل جدي عند دراجاتهم النارية او بالقرب من سيارة ضابط الشرطة ويبدو ان الـسبب كـان حـضور سـيارتين

. لرجال االستخبارات كانت تقف على بعد امتار من مفرزة شرطة المرور يجلسون في السيارة االولى واربعة في السيارة الثانيـة واكثـرهم كـان يرتـدي ثالثة رجال من االستخبارات

. النظارات الغامقة ويظهر انهم على انتظار الصطياد فريسةخرج احدهم من داخل السيارة كان شاب طويل القامة اسمر اللون حليق الـشارب واللحيـة ارتـدى مالبـس

اتضحت تلك النقطة الخضراء الوشمة والتي يسميها العراقيـون بيضاء اللون وحين سطعت اشعة الشمس على وجهه على طرف انفه والتي يبدو انه حاول ان يمسحها من وجهه ليغطي على اصله القروي فلم يقدر علـى محـو ) بالدكة(

. ذلك االثر كليا . ناداه رجل اخر في السيارة

. رجل ـ فاضل ادخل لئال تصاب بضربة الشمس تسم وقال له بلهجة عراقية جنوبية فاضل نظر اليه واب

… فاضل ـ انه مو بزر جكليت وال شمع عسل . فضحك االخرين من سماع تلك العبارة

. رجل ـ ال زالت هناك ساعة او ساعتان لكي تصل القافلة االردنية … فاضل ـ ونحن في انتظارها

❁ ❁ ❁ ة التي تحيط بجوانب الطريق الطويل الممتد كاالفعى راسـها كان عبد العظيم يمتع نظرة برؤية الطبيعية الجميل

في بغداد وذيلها عند البصرة قاطعا ذلك الممر ببساتين النخيل الباسقة الواقعة كتماثيل االلهة وهي تحمل عذوق التمـر

٤

التمـر الزاهية االلوان بين صفراء وحمراء وسوداء وذهبية وبعض الفالحين ارتقى اعلى نخلة ليقطف ما نضج مـن . وان كان شهر حزيران ليس بشهر قطف التمور وبدا الفالح كانه عصفور يتدلى من اعلى شجرة

نظر عبد العظيم الى الشمس مرة والى ساعته مرة اخرى فتذكر شيئا ونظر عبر المراة الجانبية الى الـسيارات ع وتوقـف ونـزل مـن مقـصورته التي تسير ورائه فخففت السرعة وسرعان ما مال الى الجانب االيمن من الشار

واتجه مسرعا الى نهر صغير اختلطت مياهه بالغرين ورفع اكمامه واخذ يتوضـا اسـتعدادا الداء فريـضة صـالة . العصر واكمل وضوءه واتجه الى ارض منبسطة وبدا باقامة صالته

الى عبـد العظـيم سواق الشاحنات االخرى استمروا في متابعة السير بعد ان نظروا عبر شبابيك مقصوراتهم . ليتاكدوا حيث ال طارئ حدث له وال سبب لوقوفه غير اقامة صالته وتقدموا الى االمام

لكن اخر شاحنة كان يقودها رجل ضخم الجثة مفتول الشارب واسع العينين ابيض اللون اشقر الـشعر توقـف ز السلكي وبشكل خفـي تحـدث فـي على مقربة من شاحنة عبد العظيم ومد سائقها يده الى تحت مقعده واخرج جها

. الجهاز … صقر… االشقر ـ صقر

… صوت الالسلكي ـ نعم طارق اجب . االشقر ـ لقد توقفت الشاحنة لبعض الوقت

الالسلكي ـ ماذا حدث؟ . االشقر ـ السائق عبد العظيم يقيم صالة العصر

. الالسلكي ـ راقب الوضع بدقة . االشقر ـ حاضر سيدي

اقب عبد العظيم عن بعد حتى اكمل صالته ودعاءه ومن ثم اتجه الى شاحنته وحركهـا واتجـه وظل االشقر ير الى االمام ولكنه قبل ان يتحرك الحظ في المراة الجانبية لسيارته وقوف احدى شاحنات القافلة علـى بعـد والـسائق

المراعاة العملية لالصـدقاء ومـن االشقر، لم يستطع ان يدرك سبب انتظار تلك الشاحنة ولكنه فسرها بانها نوع من خالل توقف وانتظار ذلك االشقر ادرك بانه الرجل المسؤول عن سالمة وحركة القافلـة مـن قبـل شـركت النقـل

. وسلوكه دل على ذلك❁ ❁ ❁

كان فاضل يتمشى على حافة نهر صغير يغدق احد البساتين بمائه الفياض ويداعب بيده بعض امواجـه ونظـر : ى صاحبه الذي يبتعد عنه امتارا وقالال

. فاضل ـ لوال الحاجة الماسة لرؤية السائق وشاحنته لما بقيت هنا اتحمل كل هذا الحر الشديد : فضحك صاحبه وقال

… الرجل ـ وتقول باني لست شمع عسل لكي اذوب . شعر فاضل بشئ من الغضب الستهزاء صاحبه به واجاب مستهزءا

. كالم الفارغ هذا الحر ال يتحمله حتى الحمارـ دعنا من هذا ال . ـ ارجع الى السيارة وتمتع بهواء المكيف

٥

… ـ لقد ضجرت من الجلوس ساعات داخل السيارة … في تلك اللحظة سمع صوت من جهاز الالسلكي

.. نحن االن في الطريق اليكم خرجنا من العزيزيه ونحن ندخل محافظة الكوت… صقر.. ـ صقر … روا في التقدمـ استم

.. ـ حاضر سيدي .. ـ مع السالمة … ـ مع السالمة

❁ ❁ ❁ حاول عبد العظيم ان يلحق بالشاحنات التي تقدمته وليلحق بالقافلة فاشتد ضغط الهـواء وفتحـت احـد ابـواب

اديق وينثـره علـى جانـب الثالجة واخذ التيار يعبث بالداخل ويحمل االوراق التي كانت تغلف البرتقال داخل الـصن الطريق وبعض صبية الفالحين على جوانب الشارع كانوا يتراكضون ويجمعون تلك االوراق الملونـة التـي طبـع

بالعربية واالنكليزية في تلك اللحظات عبـد العظـيم كـان ) برتقال يافا (عليها صورة للبرتقال وكتب تحت الصورة الحقه كالظل بسائقها االشقر الصامت والذي ال تحلـو لـه سـوى قيـادة ينظر الى شيئين االول شاحنة الشقر التي ت

الشاحنة والنظر الى االمام والشئ الثاني رؤية الفالحين من رجال ونساء واطفال وهم يجمعون الملـح مـن اطـراف مرء انهـا تلك البرك الصغيرة المنتشرة هنا وهناك والتي قد جفت اطرافها فكونت طبقة ملحية بيضاء حتى ليتصور ال

صحون بلور صيني عظيمة حوت على مياه صافية شفافة غدت كالمراة صور الغيوم البيضاء الصغيرة المتناثرة فـي . السماء

بدا عبد العظيم يقترب من القافلة التي سبقته عدة كيلومترات ووراؤه السائق االشـقر عنـد مـدخل محافظـة المها وشوارعها وبيوتها على الفقر والتخلف الكبير الذي تعيشه ومـن العمارة ولتقطع القافلة تلك المدينة التي تدل مع

ل الـى حـدود محافظـة صثم لتعبر جسرا يمر من فوق نهر الفرات الى الجانب االخر حيث الطريق المعبد والمتوا . البصرة

نظـر، انهـا وتظل تلك القافلة سائرة باتجاه الجنوب لتقطع طريقا قلما يرى االنسان في حياتـه مثـل ذلـك الم االهوار بكبرها الالمتناهي فالعين ال ترى سوى الماء والسماء عن بعد وبرك كبيرة ممتدة عبر مئـات الكيلـومترات وحشائش مائية كثيفة وقصب قد غطى عشرات الكيلو مترات تختبئ وراءه اسراب من الطيور المائيـة والحيوانـات

. النهريةيرة من الجاموس االسود بضخامة جثتـه وكبـر قرونـه ومنظـره واجمل واغرب مناظره تلك القطعات الكب

. المخيفكانت تلك القطع السوداء تسبح في مياه الهور ليل نهار وفي مرات عديدة تسببت في ازعـاج الـسائقين حـين تنتقل من جانب الشارع الى الجانب االخر ولذلك فان السرعة البد وان تخفف حتى تقطع الـسيارة طريـق االهـوار

… وف االصطدام بقطعان الجاموس االسودخالقافلة تقترب من موقع مدخل البصرة والليل يبدا يسدل ظالمـه علـى المنطقـة ورجـال شـرطة المـرور وضابطهم بدؤا يتحركون بعجلة وبشكل سريع في ايقاف السيارات فجاة وتفتيش اجـازات الـسوق وبـدات االسـئلة

٦

ه وتحرك رجال االستخبارت باتجاه القافلة بشكل متفرق وبدات حركـة والمحادثات مع سواق السيارات على حين غر غير طبيعية ومصطنعة لرجال الشرطة واالستخبارات حول الشارع واوقفت القافلة وطلب من سائقيها التوقف علـى جانب الطريق والترجل من مقصوراتهم ونظر احد رجال االستخبارات الى شاحنة عبد العظيم واشـار الـى فاضـل

. لنظر الى الشاحنة والى وجه عبد العظيمباكان رجال شرطة المرور ال هم لديهم وال عمل سوى ايقـاف القافلـة وتفتـيش اوراق سـائقيها، واصـحاب السيارات المارة االخرى كانوا يخففون من سرعة سياراتهم عند مشاهدة تلك المفرزة ولكن سـرعان مـا يندهـشون

راقهم او من يفتش سياراتهم فينطلقون مسرعين مـرة اخـرى وسـرعان مـا حين ال يجدن من يسئل عن شئ من او يعاودون تخفيف السرعة عند مشاهدة سيارات رجال االستخبارات ويتعجبون اكثر حين ال احد يدعوهم الى الوقـوف

ـ ى عقـدة او التفتيش او النظر الى الوجوه ويعاودون المسير باسرع صورة لالبتعاد عن نقطة التفتيش التي تحولت ال . في نفوس العراقيين فال يصدق المرء بانه مر سالما حتى ينتهي من المرور من امام نقطة التفتيش

) جـاي خانـه (رجال شرطة المرور قاموا بجمع سائقي القافلة وقام الضابط بنفسه باهداء السائقين الى قهـوة م او شرب المـاش والـشاي عنـد الـضرورة على جانب الدرب يجتمع عندها السائقون والمسافرون ليتناولوا الطعا

واغتنم بعض رجال الشرطة ذهاب السائقين الى داخل القهوة وبداوا بحمل البرتقال مـن الـصناديق لهـدف االكـل !! كعادتهم وكعادت اكثر شرطة العالم الثالث

المقـصورة والتفت احد افراد الشرطة ونظر الى الشاحنة االخيرة فوجد السائق االشـقر ال زال جالـسا فـي االمامية فاراد التوجه اليه لينزله من مكانه ويبعثه الى داخل القهوة ولكنه الحظ احد رجال االسـتخبارات يـشير لـه عن بعد وبعالمة معناها االبتعاد عن المكان فترك الشرطي السائق االشقر في مكانه وابتسم وبادر باخذ تحية احتـرام

. ورفقاؤه والكل قد ملئ عبه بالبرتقال وكل واحد يحدث االخر بتعجبلرجل االستخبارات وابتعد عن المكان . االول ـ ابو احمد انها لعجيبة برتقال وفي شهر حزيران . الثاني ـ اي واهللا انها لعجيبة برتقال وفي شهر حزيران

. الثالث ـ االردن تصدر البرتقال في الصيف ونحن ال نجده اال في الشتاء . ردني فارض االردن ال تختلف كثيرا عن ارضنااالول ـ اشك انه ا

الثاني ـ وكيف عرفت؟ هل زرت االردن؟ … ايام الحرب مع اسرائيل١٩٦٧االول ـ نعم زرتها في سنة

… وبعد لحظات من الصمت صرخ بقوةكانت الحرب اسمها حرب حزيران وكـان .. نعم… تذكرت نعم كنا هناك في شهر حزيران ايضا نعم … ـ اه

. عض حوانتي اسواق االردن برتقالفي ب … ولكنه كان ياتي من اسرائيل !! ؟..الثاني ـ ماذا من اسرائيل

مـن ال يهمنا ان جـاء … الثالث ـ هيا يا رفاق ابتعدوا عن المكان بسرعة وما علينا اال ان ناكل البرتقال فقط .. االردن او من اسرائيل

٧

… كن عالمة سؤال كبيرة ظلت مرتسمة على وجوههم تقـول ابتعد رجال الشرطة من المكان وهم يضحكون ول . وسرعان ما تناسوها فالبحث في مثل هذه االمور ال يجلب سوى متاعب جمة. هل حقا هذا البرتقال من اسرائيل

رجال االستخبارات تحركوا باتجاه القافلة وتستروا بجنح الظالم الذي بدا يرخي سدوله علـى المكـان بعـد ان س سماء البصرة وغطى وجهه خلف اشجار النخيل التي غدت كاشباح مخيفة عظيمة القامـة تحـيط ودع قرص الشم

بارجاء الدرب وجوانبه، وال ضوء وال ضياء في المكان اال بصيص ينبعث من مـصابيح الـسيارات المـارة عبـر . الشارع

ينظر الى وجه عبد العظـيم وظل فاضل يراقب شاحنته عبد العظيم تارة ويذهب تارة اخرى الى داخال المقهى ل ويتسلل اثنان من رجال االستخبارات وسط الظالم الى اسفل شاحنة عبد العظيم وبدؤا يعبثـون بهـا بعـد ان وقـف

. اخرون على بعد يراقبون المكان ويبعدون كل من يقترب اليهارجـال االسـتخبارات وال احد من سائقي القافلة في الخارج سوى االشقر الذي ظل يتابع ويراقب مـا يفعلـه

بعينيه الواسعتين الثاقبتين ودون ان ينبس بحركة وسط ظالم مقصورته كما ان رجال االستخبارات لـم يقتربـوا منـه . ابدا

واثناء عبث رجال االستخبارات بالشاحنة لم يسمع اال اصوات الالت حديدية توضع وترفع مـن علـى االرض في تلك االثناء سمع دوي طائرات حربية تحلق في السماء وسـرعان مـا كمن يضع شيئا في الشاحنة او يغلق شيئا و

سمع دوي صفارات االنذار عن طريق الراديو الموضوع داخل القهوة وراديو اخر موضوع في احد سيارات رجال . االستخبارات فخرج من اسفل الشاحنة الرجال الذين كانوا يعبثون وكل واحد ينظر الى صاحبه وسط الظالم

ل ـ ماذا تفعل؟ االو هل تكمل العمل؟ .! الثاني ـ ال ادري

… االول ـ ال ادري فاني خائف . الثاني ـ ولكن ال وقت لدينا

. االول ـ لننتظر حتى تنتهي الغارة انها طائرات ايرانية واخاف ان يقصفوا المكان . الثاني ـ حسنا لنبتعد عن المكان ثم نرجع بعد انتهاء الغارة

باتجاه البساتين الموجودة على جانب الدرب وفر االخرون ايضا وما كاد االول يتقدم باتجاه البـستان فر االثنان حتى وجد نفسه قد وقع وسط نهر صغير لم يالحظ في الظالم وما استطاع اال بالكاد ترفـع ان يخلـص نفـسه مـن

. دي صاحبهمستنقع من الطين وقد غطاه من االعلى الى االسفل ومن شدة الغضب صرخ ينا االول ـ ابو انتصار اعطيني يدك بسرعة؟

. فجاءه ابو انتصار مسرعا ومد يده وخلصه من ورطته وهو يغص ضحكا على منظر صاحبه ! االول ـ تضحك علي وانا في هذه الحالة … ولم يجبه صاحبه اال بمزيد من الضحك

وهناك لتختبئ خوف من القصف ومـن وبعد لحظات شاهدوا عشرات من االشباح في الظالم وهي تركض هنا لغو الكالم ادركوا ، كل المجتمعين في القهوة من سواق ورجال شرطة وحتى رجال االستخبارات قد هربـوا بـنفس

. االتجاه الذي اختباوا به في البستان

٨

ـ ذفت دقائق وسرعان ما سمع صوت انفجارات عديدة دوت على بعد منهم ويبدوا ان الطائرات االيرانية قـد قبحمولتها على مناطق في البصرة وشوهدت عن بعد اضواء االنفجارات وهي تشعل سماء البصرة بضوء احمر مـن

. اثر االنفجار وتحول الى ضوء اصفر من اثر لهيب النيران التي اشتعلت بعد االنفجار المختبـؤون مـن ومن ثم ساد المكان صمت عميق قطعته صافرة االنذار ثانية لتعلن انتهاء الغـارة، وخـرج

اماكنهم فرادا يتجهون الى المقهى مرة ثانية على اثر ارشادات رجال الشرطة وقادوا السائقين مـرة اخـرى حتـى . كادوا يدفعونهم دفعا الى داخل الشاي خانة

ظل فاضل يراقب شاحنة عبد العظيم عن بعد ورفاقه يقومون باكمال مهمتهم اسـفل الـشاحنة وسـرعان مـا . سفل واعطوا عن بعد عالمة تدل على انتهاء اكمال الماموريةخرجوا من اال

وابتعد رجال االستخبارات من شاحنات القافلة واتجهوا الى سياراتهم وركب فاضل معهم وغـادروا المكـان .. وسرعان ما اتجه رجال شرطة المرور الى سياراتهم ودراجاتهم النارية وغادروا المكان ايضا بسرعة

الشاحنات ولم يدركوا سبب توقفهم بالضبط حيث كان التفتيش روتينيا الى حد كبيـر ولـم يفعـل وخرج سائقوا ضابط المرور ورجاله شيئا سوى الحديث وقضاء الوقت بالمجامالت والنكت واالحاديث المتقطعة التـي ال تـرتبط

… بعضها باالخرا واعتلى مقصورته وتحرك بـشاحنته كبـاقي واتجه عبد العظيم الى شاحنته دون ان ينتبه الى ما قد حدث اسفله

السواق واراد ان يستدير باتجاه الطريق المبلط فاخرج راسه من الشباك ليراقب الشارع وفي لحظـة شـاهد االشـقر . جالسا في مقصورته يراقب كل شئ كعادته

. الشقراستدار عبد العظيم واستقر في الشارع ومضى بسرعة وسط الظالم متجها الى البصرة يتبعه ا❁ ❁ ❁

ظل فاضل سارحا في فكره وهو يقود سيارته اليابانية ليدخل الى البصرة ومحاوال عدة مرات مـن اسـترجاع السائق عبد العظيم في ذاكرته وصورة شكل شاحنته وعالماته الفارقة ولونها، ومد يده الـى داخـل جيـب بنطلونـه

ثم اسدلها مرة اخرى فـي جيـب منليها ليحفظ منها رقم الشاحنة وواخرجها بعد ان قبض على ورقة صغيرة نظر ا قميصه وتابع السير داخل شوارع البصرة وعند وصوله الى ساحة المعقل كانت الساعة تـشير الـى العاشـرة لـيال

. فاشار له رفيقه الذي كان الى جانبه بالتوقف فتوقف عند الساحة . هيت من الماموريةـ حسنا انا ذاهب الى مهمتي الخاصة فقد انت . ـ قالها وضحك وضحك معه فاضل وقال له

. ـ اعرف كيف تقوم بمهمتك الخاصة . ـ اني ال اجيد العمل مثلما اجيده في مهماتي الخاصة

. ـ وخصوصا مع شكرية الراقصة . ـ انها رائعة انها تفيض بالشهوة واالنوثة

خرج رفيقه وهو يضحك بقوة وسـار ) يضحك(ن امثالك ـ نعم ليس لها مثيل في النوم معك ومع الف واحد م خطى سريعة باتجاه الملهى الليلي الذي كان يطل بواجهته على ساحة ام البروم وعلى بعد مائة متر يـستطيع المـرء ب

. ان يشاهد الصورة الكبيرة للراقصة شكرية

٩

. يارته متجها الى االمامودع فاضل رفيقه بابتسامات سخرية ونظرات ملؤها االحتقار وهز براسه حرك سوظل يسير وسط شوارع البصرة مارا من امام سوق حنا الشيخ وليدور الى كورنيش البـصرة المطـل علـى نهر شط العرب وسرعان ما توقف عند باب بيت كبير اطلت شرفاته على الشارع ونظر الى احـد شـبابيكه فـراى

باب البيت وضغط على الجـرس مـرتين بـسرعة والمـرة المصباح الكهربائي مضيئا فنزل من سيارته واتجه الى الثالثة كانت طويلة فادرك من في داخل البيت العالمة ففتحت الباب بصورة اتوماتيكية وادلف فاضل الـى ان وقـف داخل صالة كبيرة في البيت حيث رجل كثيف الشعر ولوال انه لم يحلق لحيته لوجدته كتلـة مـن الـشعر المهـدول

راسه والى اسفل صدره المفتوح حتى عيونه كادت ان تستر وراء شعر حاجبيـة الكثيفـين ووجـه المجعد من اعلى . االحمر

والذي الح من ورائه كل صدره والكثيـر مـن ) لباسه الليلي(تقدم فاضل من الرجل الذي يضع يديه في جيبي . سيقانه البيضاء

. نظر فاضل الى الرجل وابتسم وقال . وقت غير مناسبـ يبدو اني ازعجتك في

. فنظر اليه الرجل بنظرة لها معنى وقال . ـ دعك من المجامالت فالمهمات الحزبية فوق كل شئ

. وضحك.. فاضل ـ بل قل لدي الوقت الكافي التمام الجوالت االخرى . ـ يا فاضل ال تشكك في والئنا الحزبي

.ـ ال اقصد ذلك ابدا يا سيدي … تعال لدى حديث معك… ل ان تكون خبيثا ـ دعك من كلمة سيدي وال تحاو

تقدم الرجل الى االمام قاطعا باب تلك الصالة الكبيرة الخالية من االثاث اال من كرسـيين ومنـضدة صـغيرة ر صغير يطل عليه بابين وتقدم الرجل نحو الباب الثـاني وكـان البـاب موضعت في زاوية من الصالة ودخل في م

ر فضول فاضل فنظر عبر الشق المفتوح من الباب فراى على بعد وداخل الغرفـة التـي االول مفتوحا قليال مما اثا دلت على انها غرفة للنوم شابة سمراء مليحة الوجه نصف عارية وسرعان ما عرفها فاضل انها احـدى الموظفـات

. العامالت في مديرية امن البصرة والتي طالما مر من امامها عند مراجعته للمديرية . جل الى الغرفة الثانية ودخل وراءه فاضل وقد اعتلت شفتيه ابتسامة فنظر اليه الرجل وقالدخل الر

… ـ ليس هذا وقت مناسب لتوزيع االبتسامات . اسمع يا فاضل

.. ـ نعم يا ابو رائد . ـ انت تعرف جبار جيدا

ـ نعم اعرفه منذ زمن طويل اليس كذلك؟ .. ريم قاسم منذ ايام حكم عبد الك… ـ منذ ايام النضال السلبي

. ـ نعم يا ابا رائد وكنت في ذلك الزمن صغيرا . ـ وانتم اصدقاء ورفاقه كل تلك السنين

١٠

. ـ ولكن يا ابوا رائد كانت صداقتنا ظاهرية ـ هل انت متاكد من ذلك؟

. فهو ال يعجبي في الكثير من سلوكه واني اشك في والئه الحزبي… ـ طبعا متاكدسلت عليك لتنجز مهمة انت افضل من يقدر على اتمامها بـدون ان تـشار اي شـبه او عالمـة ـ ولذلك ار

. استفهام حول الحزب وروابطه بالحزبيين القدماء❁ ❁ ❁

استيشن في الشارع وامام عمارة الربعة طوابق وخرج منها رجل فـي الخامـسة ) فولكس فاجن (وقفت سيارة جثة عريض المنكبين ذو شارب مفتول الحت وسطه شعيرات بيضاء كمـا الح الـشيب واالربعين من عمره ضخم ال

على الشعر المتواجد فوق اذنيه اسمر اللون حتى اقترب سماره الى السواد ودون ان يغلق باب سيارته او حتى يرفـع زل المصعد فدخله عنها سويج السيارة اتجه مسرعا الى داخل العمارة ووقف امام باب المصعد وضغط على زره ون

بسرعة وصعد الى الطابق الرابع واتجه مسرعا نحو باب الشقة في الجانب االيمن من الطابق وطرق البـاب فتحـت . امراة له الباب ووقفت امامه

مال شعرها الطويل على كتفيها وانسدل على صـدرها المفتـوح ) حنطاوية(وكانت امراة طويلة القامة سمراء . راء الثوب الخفيف الذي تلبسه النساء عادة داخل البيوتوالواضح مالمحه من و

. دخل الرجل مسرعا الى الداخل دون ان ينبس بكلمة فنظرت اليه المراة وقالت ـ يا جبار ما بك؟ هذه االيام تدخل دون سالم؟ هسالم

. لكن جبار لم يهتم لقولها واجاب جبار ـ هل تلفن لي احد؟

الليلة؟ لماذا تاخرت… سالمه ـ ال هل مر احد يسئل علي في البيت؟ … جبار ـ دعك من هذه االسئلة

لماذا؟ ماذا حدث؟ .. سالمه ال ـ لم يجب جبار وراح يجلس على اريكة وسط الغرفة كم اعياه تعب كبير وغرق في افكاره وسرح في عـالم

سكون والـصمت الـذي خـيم عليهـا مجهول ونظر لزوجته التي ظلت متعجبة من سلوكه الليلة وارادت ان تقطع ال . وقالت

. سالمة ـ اذهب الى المطبخ العد طعام العشاء التفت اليها جبار بعد ان صحى من شروده الذهني واجاب

.. دعك االن من طعام العشاء… ال .. جبار ـ ال سالمه ـ لماذا؟

… جبار ـ دعك من طعام العشاء !! لم تكن هناكسالمه ـ لقد تلفنت لك ظهرا في محل عملك ف

. جبار ـ سالمه ارجوك يا سالمه دعك من هذه االسئلة الوضع اخطر من ان نخوص في مثل هذا الكالم سالمه ـ ماذا هناك يا جبار؟ ماذا حدث؟

١١

في تلك االثناء ساد الصمت مرة اخرى ارجاء البيت وغرق في شروده وزاد التعجب عند سـالمه وارادت ان الت بيدها الى زر جهاز التلفزيون ورفعت صوته وكان صـوت المـذيع يـتكلم بقـوة فمخرى تقطع الصمت مرة ا

. وحماسةالمذيع ـ اليوم تقدمت قطعاتنا الباسلة المغوارة في الفيلق الثالث وحررت اراضي جديدة مـن لـوث العـدو

… دتهم خسائر جسيمةبالفارسي وك . غلقته مسرعة ونظر اليه فقالنظر جبار الى سالمه واشار لها باغالق جهاز التلفزيون فا

جبار ـ سالمه عليك غدا صباحا ان تسافرين وباسرع وقت سالمه ـ اسافر؟

جبار ـ يجب ان تغادري العراق مسرعة الى الكويت سالمه ـ الكويت؟

ومـن الكويـت .. جبار ـ عند وصولك الى الكويت سوف تلقين صديقا لنا هناك حينما تشاهدينه سوف تعرفيه .مهد لك الخروج الى السويدسوف ي

سالمه ـ الى السويد؟ : ظلت سالمه تسمع تلك الكلمات وهي ال تعرف ماذا تجيب ولكنها خرجت من دهشتها وقالت

.ـ ماذا يجري؟ كيف اترك بيتي واطفالي بهذه السهولة . جبار ـ تسافرين مع االطفال

. سالمه ـ بهذه البساطة . مهجبار ـ لقد رتبت امور سفرك يا سال

. يخرج من سترته جواز سفر وبطاقات سفر . جبار ـ انه جواز سفرك جاهزا للسفر وفيه فيزا للكويت

سالمه ـ متى اتممته؟ . جبار ـ لقد اوصيت اصدقاء لي في مديرية الجوازات والسفر

سالمه ـ اال يحق لي ان اعرف ماذا يحدث؟ وت يا عزيزتي ويجـب ان ال تخبـري اي انـسان عـن جبار ـ ليس هذا وقت الحديث انها مسالة حياة او م

. موضوع سفرك حتى خروجك من ارض العراقفي الخارج كان ثالثة رجال يدورون حول سيارة جبار ويفتشونها جيدا وبدقة واخـذ احـدهم سـويج الـسيارة

. ئي مضاءا في الشقةووضعه في جيبه واشار الى االخرين بالتوجه الى داخل العمارة بعد ان شاهد المفتاح الكهرباووسط الحديث قطع جبار كلماته وصمت لحظة وكان تيارا كهربائيا قد صعقه حين تذكر شـيئا وانـتفظ مـن مكانه وركض باتجاه الشباك المطل على الشارع وفتح الشباك واطل براسه الى الخارج ونظر الـى االسـفل فـراى

ا برؤوسهم الى االعلى لينظـروا باتجـاه جبـار فادخـل وسط الظالم رجلين يدوران حول سيارته وسرعان ما رفعو . جبار براسه الى داخل الغرفة مسرعا باخفاء نفسه لئال يراه من احس بانهم رجال استخبارات

١٢

احست زوجته سالمة بالخطر والخوف العميق والذي لم تحسه منذ سنين طويلة حيـث كانـت تعـيش االمـن . والبعثي القديموالطمانينة في ظل زوجها المسؤول الحزبي

سنين والكثير من الناس واالقارب والجيران يقابلونهم باحترام فائق تملقا لقضاء جملة من حـوائجهم الحياتيـة عن طريق مقام زوجها المسؤول من ذوي الكالم النافد في الكثير من دوائر الدولة وحتى المناوئين واالعـداء مـن

ا نتيجة الخوف والرعب من سوء العاقبة لمن يحاول ان يمـس بـسمعتهم او الناس كانوا يلتزمون الصمت التام امامه . يتجرء باستفزازهم

وان بطلها ورجلها ذا الكالم النافذ تحول الى هـاب وخـائف … سالمة في لحظة احست بانها خسرت كل شئ . ال يامن على حياته كجرذ يطارده قط كبير

د جارت عليه الدوائر وغـدى كـاالخرين مـن الحـزبيين سالمة في لحظة احسست وادركت مليا بان جبارا ق . الذين طالما سمعت عن قصصهم حين قرر الحزب التخلص منهم وطالما سمعت تلك القصص من زوجها جبار

. وقفت سالمة حائرة مندهشة لهول المفاجاة ال تقوى على الكالمذي لم يعد يعرف كيف يهرب او يختبـئ وتحولت الى تمثال ال يتحرك اال عيونها التي تراقب حركة زوجها ال

.. واين يختبئ؟ولم تعد ذلك حينما اغرورقت عيونها بالدموع التي انهمزت بغرارة ودون اراده وتوقف عقلهـا عـن العمـل

. وتحولت الدنيا في عينها الى صفحة سوداء والمستقبل الى ليل مظلم ال بصيص نور ياملها او يانسهااية كل شئ بنته منذ سنين فهي تعرف جيدا ومن قبل ان الحزب ال يرحم والويل لمـن نه.. وادركت انها النهاية

. يقلب الحزب عليهنظر جبار الى وجه زوجته والى عيونها الغارقة بالدموع وادرك ان سالمه ادركت عمـق الخطـر واحـست

. بالنهايةت اضيق بكثير من اني نـبس بكلمـة اراد لحظة ان يهدئها او يخفف عنها الصدمة وااللم ولكنه اسح بان الوق

واحدة فان حياته وموته تتوقف على بقائه او هربه فاندفع مسرعا نحو الباب الخارجية واثناء هروبـه لمحـت عينـاه من خالل الباب المفتوحة لغرفة نوم االطفال، طفليه وهما نائمين ولم يسمح لنفسه حتى بالقـاء نظـره وداع خاطفـة

مسرعا وزاد في سرعته حين راى المصعد الكهربائي يقترب من طابقه مـن خـالل لوحـة لطفليه وسار في الممر . االرقام

. ولم يجد منفذا سوى السلم الذي يذهب به الى سطح العمارة فصعده مسرعافي الشارع كان المسؤول عن دورية االستخبارات التي ذهبت تداهم بيت جبار رجـل قـصير القامـة اكتنـز

ير وعلى بطنه كرش منع من شد حزامه فوقه فنزل الحزام الى تحت بطنه، وقـف يراقـب الـشقة جسمه باللحم الكث . والسطح عن بعد وتكلم في جهاز الالسلكي الذي كان يحمله

… الرفاق يصعدون اليه . ابو النصير ـ .. الالسلكي ـ تاكدوا بانه قد خرج من البيت . ـ لقد اعطيناه وقت كافي للهرب من البيت

. راقبوا المنافذ الخارجية وسدوها عليه اال المنفذ المقرر… حسنا فعلتمـ

١٣

. ـ حاضر سيديفي تلك اللحظة لمح رجل االستخبارات رجل في اعلى السطح يركض مسرعا ومن ثـم ينـزل بـسرعة عـن

: طريق السلم االضطراري للعمارة فقال . انه يهرب عن طريق الساللم االضطرارية.. ـ ابو نصير

. جيد اتركوه يهرب عبر المنفذ المقررـ .ـ حاضر سيدي

وقف المصعد الكهربائي في الطابق الرابع وخرج منه ثالث رجال ذو جثث تشبه جثث الدببه بوجـوه غاضـبة .. كانهم شياطين جهنم اتجهوا نحو باب بيت جبار ودقوا الباب

دوا انها قد لبست الروب الليلي فـوق مالبـسها فتحت الباب وكان وراءها سالمة التي استعدت لهذه اللحظة ويب : لتستر جسمها امام هجمة االغراب، نظر اليها احد الرجال وقال

ـ اين جبار؟ ها الى صغره داكنه وكان الدم قد فارق بـشرتها هقالتها وهي متلكئة والخوف قد اخذ منها ماخذا حول لون وج

… وغدت كبشرة ميتة البيت الى… ياتي.. لم … ـ ال اعرف

فبادرها الرجل بصفعة اسقطتها على االرض ليس لقوة الصفعة فقط بل النها انهارت كليـا وانتابهـا خـوف سلبها كل قوتها ولم تقدر على الصبر فغرقت في البكاء وتقدم رجالن منهم ليفتشوا ارجاء الغرب بحثـا عـن جبـار

فة لسالمة والتي سرعان ما احست بنظراتـه الخبيثـة بشكل مسرحي وبقي الثالث واقفا ينظر الى احد السيقان المكشو : والتفت الى االخرين تقول… الشهوانية، فاسرعت بستر ساقها وتغطيته بروبها الليلي

. ـ ارجوكم ال تيقظوا االطفال انهم نائمونورجعت الى بكائها وبصوت خافت وحين وقع نظرها على احد الرجال وهو يخرج جـواز سـفرها وبطاقـات

. من تحت احد االغطية المرمية فوق احدى االرائك ادركت نهايتها هي ايضا وكمن استسلم لجالده وقدرهالسفرقامت من فوق االرض واتجهت بصوب غرفة نوم االطفال ولكن الرجل الواقف على راسها والذي لم تغـرب

. عيناه المحمرتان عن النظر لمفاتنها، منعها من التحرك بصوب الغرفة الذي ينزل منه جبار في تلك االثناء قد صنع من الحديد يفضح بصوته كل من ينـزل عليـه ولكـن كان السلم

جبار حاول جاهدا ان يخفف من حدة الصوت واحس كانه يقطع مسافة طويلة وان دقائق الهرب تحولت الى سـاعات اللحظـات القليلـة كـان وانتابه خوف ورعب ما احسه من قبل، اخذ من جوارحه ماخذا لم يسبق له مثيل وفي تلـك

ينتابه شعوران متناقضان الشعور االول يدفعه للهرب والخالص من بطش رجـال االسـتخبارات والـشعور الثـاني ن الـشعور كـان يغلبـه كايدفعه لالستسالم والرضوخ لالمر الواقع والتسليم لرفع الشر عن زوجته سالمه وطفليه و

. نجاة نفسهوكان يحاول ان يقنع نفسه بتخليص زوجته بعدوراى ارض الشارع قريبة من اخر درج للسلم فرمى نفسه وبقوة الى ارض شارع وراح ينظر الـى الـشارع

من جانبه فالحظ وجود سيارات

١٤

وبعض رجال احس بانهم من االستخبارات قد طوقوا الشارع من جانبيه ولم يعد لـه سـوى شـارع صـغير . جانبي

مح لنفسه بلحظة من التاخر اندفع صوب الشارع الفرعي ودخلـه وهـو يصب في الشارع الكبير وبدون ان يس يهرول وعلى بعد الح له شبح رجل يتقدم فخاف ان يكون رجال من رجال االستخبارات واختبئ خلف عمـود لبنايـة في الشارع وراح يراقب اقتراب الرجل ليهرب منه ولكنه الشبح كلما اقترب منه بدا له بانه يعرفه وحـين مـر مـن

: فاضل صديقه ورفيقه الحميم حتى كان ان ال يصدق ما راه واتجه اليه وهو يناديه..امامه عرفه جيدا انه فاضل . فاضل… ـ فاضل

: التفت اليه فاضل واالستغراب والدهشة بادية على وجهه وقال .. ـ جبار ماذا تفعل هنا؟ ماذا بك تبدو مضطربا

. ني من هذا المكان ابعدنيارجوك ابعد.. ـ لقد جئت لي كمالك رحمة … سيارتي عند نهاية الشارع لنذهب اليها… حاضر.. ـ حاضر

. واسرع فاضل باتجاه سيارته واسرع جبار يهرول وراءه وهو يلهث بانفاسه من فرط التعبوصل فاضل وجبار الى السيارة التي وقفت في زاوية من نهاية الشارع الجانبي وفتح فاضـل بـاب الـسيارة

ر الذي اسرع بالقاء جسمه على المعقد من التعب وراح يتنفس بصعوبة ويزفر بصورة اصعب ووضع يده علـى لجبا احس بضعف بدنه الذي كان يترنح به سابقا وسط الناس وبدا ذلك الـصدر االثناءفمه من الم حرقة حلقومه وفي تلك

. كاد يخنقهالمكشوف ليل نهار والبارز المرتفع خرج بالسعال منه كطلقات رشاش يحرك فاضل سيارته مسرعا متجها الى االمام وهو ينظر الى جبار الذي يعالج سعاله وضيق نفسه وابتعد عـن المكان مسرعا وبعد دقائق وحين هدا حاله ورجع تنفسه الى وضعه الطبيعي ونظر الى فاضل بعينين تملؤها الـدموع

. بالقاء نظره ليسال جبار عما يحدث اثر الضغط الذي احدثته نوبة السعال وبادره فاضل من . ولكن عيون جبار ظلت تدمع هذه المرة بمرارة ما يجري عليه

فاضل ـ ماذا بك يا جبار اخبرني؟ . ثم قطع صمته حيث وجد ال محالة من الجواب وقال. ظل صامتا ال يعرف ماذا يجيب

. ـ لقد هربت من رجال االستخباراتتابته دهشة كبيرة وعلى اثرها ضغط على بريك السيارة واوقف الـسيارة علـى عند سماع فاضل تلك الجملة ان

: جانب من الطريق وقال انت هارب من رجال االستخبارات؟ ! فاضل ـ ماذا؟ . جبار ـ نعم

فاضل ـ ماذا فعلت؟ . جبار ـ ال اعلم

فاضل ـ كيف ال تعلم؟ اذن لماذا جاؤا وراءك؟ . يةجبار ـ انها صراعات الحزب الداخل

فاضل ـ وعلى اي جهة حسبوك؟

١٥

. جبار ـ اعتقد انهم حسبوني على ماجد عبد الكريم . فاضل ـ ولكن ماجد قد هرب منذ امد من العراق

. جبار ـ كان صديقا لي ومسؤوال عني . فاضل ـ وهل كنت واحد من اعوانه

. جبار ـ حسب اوامر الحزب ؟ .ؤولين وتعلن عن استنكارك لمواقفه المشينة ضد الحزبفاضل ـ لماذا ال تذهب وتبرئ ساحتك امام المس

. جبار ـ احتاج الى وقت لم يمهلوني به . فاضل ـ ولكني استطيع ان اساعدك في ذلك . جبار ـ سوف اكون لك ممنونا لو فعلت ذلك

. ونظر فاضل الى جبار نظرة طويلة ثم حرك سيارته الى االمام فاضل ـ ماذا تفعل االن؟

. اذهب بي الى مكان اختبئ بهجبار ـ . فاضل ـ دعني افكر الجد مكانا ال يعرفه احد

تحركت السيارة باتجاه الشارع العريض الذي يمر خلف المنار ومن ثم محطة القطار والـى خـارج المدينـة تفتـيش واقتربت السيارة من نقطة تفتيش احس جبار بالخوف والرعب يشتد لديه كلما قربت المسافة مـن دوريـات ال

: ولكن فاضل نظر الى جبال وقال . ـ ال تخف وال تبدي على وجهك عالئم الخوف انا سوف اتولى مرورك

. يا فاضل فانت لي صديق ورفيق قديم. ـ ال اعرف كيف اشكرك .. ـ ال باس يا جبار

رته السيارة وصلت الدوريات المسلحة من رجال شرطة وانضباط عسكري واالمن ووقف فاضل وسطهم بـسيا وبمجـرد ) هوية اسـتخبارات (وقبل ان يدلي الرجال برؤوسهم لينظروا من في الداخل اخرج فاضل بطاقته الخاصة

ارة ومـرت الـسيارة يان القى رجال الدوريات النظر اليها ارتفعت االيادي باخذ التحيات ولم يتجرئ احدا بتاخير الس ر وظل فاضل يسير على رؤيه من امـره ويـدركها هـو من امام الدوريات بسالمة متجهة نحو صوب ال يعرفه جبا

فسرعان ما كانت السيارة تسير في طريق وسط الصحراء والحت على بعد منها يتراى ابـار نفـط الرميلـه التـي انارت الصحراء بضوئها االحمر واالصفر متراقصة في السماء كانها تلعب مع الرياح وترقص للنسيم وزاد المنظر

ء البيضاء المنبعثة من البروجكترات التي ملئت ابراج واقسام شركة النفط ومرافق مصافيها فـال جماال لتلك االضوا … اخر لحظة تودعها عيونهى تيسع المرء الى ان يظل ناظرا بجمال تلك االضواء حت

ولكن جبار كان في تلك اللحظات غير قادر على النظر او التمتع بتلك المناظر الخالبـة وسـارحا فـي فكـره صل به فاضل الى مكان يامن به ويطمئن له حتى تهدا االوضاع وتمـرك تلـك يعيدا عن المكان وال هم له سوى ان ب

. العاصفة القوية في حياته ويرجع من حيث هربوصلت سيارة فاضل الى مكان مجهول بالنسبة لجبار ويبدو انه غير ماهول وزاد ظالم الليـل مـن وحـشته،

خيم لشركة غادرت المكان وخلفت وراءها بيوت خشبية مؤقتة جاهزة الـصنع ومقـدارا مـن المكان كان يبدو انه م

١٦

االنابيب والبراميل المتناثرة هنا وهناك واكواما من قطع الحديد على اختالف اشكالها تبعثرت علـى جـانبي المخـيم … بطة بينها باسالك شائكةاواحاطت بجوانب المخيم اعمدة حديدية ر

بالمكان والهواء صحراوي بارد ليال واالشواك تزحف وتدور كالكرة في ساحة المخيم مـن الريح كانت تبعث . اثر الرياح

وقف فاضل بسيارته قرب احد البيوت الخشبية ونزل من السيارة ونزل على اثره جبار واتجه فاضل الى بـاب : البيت وتبعه جبار ووقف فاضل لحظة وقال لجبار

. صل احد اليه وال يعرف عنه احد ابقي فيه وانت مطمئن البالفاضل ـ انه مكان امن وال ي : فالتفت اليه جبار وقد علته عالمة استفهام وقال

ـ من اين لك هذا المكان؟ . ـ سوف ندخل وتعرف من اين لي

زادته تلك الجملة حيرة وتعجبا وفتح فاضل الباب بمفتاحه ودخال الى داخـل باحـة البيـت الـصغير وكـان الكهربائي مضاءا وكان البيت مرتبا يحوي من االثاث ما يحتاجه المرء لمعيشته ورائحـة العطـر تحـف المصباح

بالمكان ورائحة الطعام تخرج من الباب االخر وسرعان ما سمعت اصوات الطباق وصحون من وراء الباب فنظـر : جبار الى فاضل وقال

! ـ من هناك؟ تقول انه ال احد في هذا المكان . ال احد سوى صديقتي ناهده… ـ نعم

في تلك اللحظة خرجت شابة تقترب من العشرين من العمر سواء ذات مالمح جنوبية وليـست مالبـس هـي . اقرب للباس القروي وقد خطت شفاهها بالقلم االحمر الداكن وجمعت شعرها على شكل قصيبه

. نظرت الفتاة الى فاضل وجبار وقالت بلهجة جنوبية قروية . ـ يا اهال بحبيبنا فاضل واصدقائه االعزاءالشابة

… لم يجب جبار بشئ وظل ساكتا الشابه ـ يبدو ان صديقك خجول ال يقدر على الكالم

. قالت ذلك وضحكت : ونظر فاضل الى جبار وقال

ـ حسنا اني اودعك االن وسوف ارجع غدا احمل لك ما تحتاجه من الطعام والمالبس حتى نرى مـاذا نفعـل . مركبا

… ونظر الى الفتاة وقال . ـ اهتمي بضيفنا العزيز فهو رجل جيد

. قالها ضاحكا وخرج من المكان تاركا جبارا في حيرة من امرهبقي جبار داخل البيت الصغير يودع فاضل بنظراته من خلف شباك صغير اطل على الباحة الخارجيـة ونظـر

كر شيئا فاسرع باتجاه الباب وفتح الباب ولحقـه، وكانـت الـسيارة الى فاضل وهو يريد دخول السيارة وعلى غفلة تذ . قد تحركت بضع امتار فوقف فاضل على الفور ونزل فاقترب من جبار

١٧

. فاضل ـ ماذا تريد يا جبار . اقترب جبار من فاضل وقد اعتراه شئ من الخجل يخالطه شعور بالذلة وقال

. ر ان قبض عليها رجال االستخباراتجبار ـ ارجوك ان تفعل شيئا لزوجتي امام صابفاضل ـ ولماذا يقبضون عليها؟ انها ال تملك اي ذنب ابعد عن ذهنك هذه االفكار الخيالية وتاكد بـاني سـوف

. اتدخل بقوة ان حاولوا القاء القبض عليها . جبار ـ ارجوك اخبرها بان تذهب عند بيت اخيها عدنان انه رجل طيب وسوف يعتني بها

هل لديك شئ اخر؟ … حسنا سوف اقول لها ذلكفاضل ـ . ال مع السالمة… جبار ـ ال

ابتعد فاضل بسيارته عن المكان وغاب في الظالم الدامس المحيط بالمنطقة ورجع جبار الـى البيـت الخـشبي . وقد اعتراه شعور بالذلة والضياع من بعد عز ورفاه

ابتسامة خفيفة وحار جبار في الرد عليها فبادرها ببسمة تكـاد دخل البيت فوقعت عيناه على الفتاة التي ابتسمت ال تظهر وتوجه الى الكرسي الموضوع الى جانب فتحة في اسفل الجدار خصصت لجهاز مكيف الهواء وغـط فـي

. بحر هواجسه ومن حيث ال يشعر كان يلوح بيديه يمينا وشماال بجنه وتارة اخرى يمسح شعر راسه او يدلك ذقنه جلست على االرض على بعد امتار تنظر اليه وقد انتابها التعجب والحيرة فيما تراه فلـم يكـن جليـسها الشابة

. على وضعه الطبيعي وادركت انه في مشكلة كبيرة . حاولت قطع الصمت الذي احاط بالغرفة وقالت

الشابة ـ هل احضر لك طعام العشاء؟ انه جاهز؟ . نظر اليها جبار وقال

… ان كنت جائعة… اني لست جائعا تعشي انت… ال… جبار ـ ال . حدة التوتر الذي يعانيه جبار فقالتمنارادت الشابة ان تخفف

. وتعالى نانس بشئ من الطعام… الشابة ـ دعك من مشاكل الدنيا يا ابا الشباب . جبار ـ اعتذر فانا قد اكلت الطعام من قبل

.. الشابة ـ وهل تشر شيئا من الشراب . اضل قد حمل الى هنا شيئا منه وهو يخفيه في المطبخان ف

احس جبار برغبة في الشرب الذي قد ينقله الى عالم النسيان والراحة ولكنه تراجع عن رغبته فـي مثـل هـذا : الوقت العصيب والذي شعر باشد الحاجة به الستفادة من عقله فقال

. ال اريد الشرب…ال … جبار ـ ال … ب وغيره فلماذا جئت الى هناا ترغب في الطعام والشرالشابة ـ ان كنت ال

. هنا انتبه جبار الى ان الشابة قد احست بوضع غير طبيعي لديه فاراد ان يتالف الموقفجبار ـ جئت الرتاح في هذا المكان فانا بحاجة الى راحة ولم يخبرني فاضل بوجودك بل العكـس تـصورت

. ان المكان خال

١٨

اولة ابعاد جبار عن هواجسه وبحر افكاره فسكتت ومالت الـى جهـاز الراديـو وادارت يئست الشابة من مح مؤشره وارتفع صوت مغني خليجي يغني اغانيه الخليجية وظلت تسمعه بشغف بعد ان مالت براسـها الـى الحـائط

كـاد ان وبقيت هي االخرى غارقة في هواجسها وسكوت الليل ال يقطعه في الخارج سوى صوت الريح وعواء كلب . وبعد عدة ساعات من الصمت جلس االثنان بال حراك… يشبه عواء الذئب

نظر جبار الى ساعته فكانت تقترب من الرابعة صباحا وكم اثار دهشته جلوس الفتاة امامه صاحية لـم يخلـج جفونها النوم؟

ـ فانتبه اليها قليال وراح ينظر الى مفاتن جسمها فوجدها مليحة مملوحة بهيـة المن " دكـة "ل وجههـا اظـر جمخضراء رسمت فوق شفتها العليا فغدت كانها زهرة زرعت ما بين االنف والشفاه وتحركـت احاسيـسه ومـشاعر

: الرجولة لديه واراد الدنو منها وهي ما بين الصحوة والنوم ونظرت الى عيون جبار فاحست برغبته نحوها فقالت . نيسالشابة ـ الليل انتهى يا جبار ولم تكن خير ا

. جبار ـ يا ناهد ماذا اقول . انه فاضل الذي سماني بناهد… ـ اسمي تسواهن وليست بناهد

. جبار ـ ولماذا؟ ولعل اسمك االول كان قبيحا انه اجمل من اسمك الثاني . الشابة ـ هكذا اراد فاضل انه يحب االسماء الحضرية وبقوله ال يحب اسماء المعدان

اين التقيت به؟ … وهو واجداده وعشيرته من الشراكوه… فاضل حضرياجبار ـ منذ متى واصبح . الشابة ـ في مفترق الطريق

. جبار ـ وماذا ذهب بك الى مفترق الطريق اليس لك اهل وعشيرة . الشابة ـ لي اهل وعشيرة ولكني هربت منهم

لماذا؟ … جبار ـ اذن انت هاربة . شابة ـ انها قصة طويلة

جبار ـ خالصتها؟شابة ـ عشقت معلما كان يلقي علينا دروس محو االمية وغرني وغررت به ونال ما يريد مني وترك المكـان ورجع الى مدينته وتركني ارتجف في عالم الخوف والرعب من انكشاف الحقيقة وخوف القتل مـن قبـل اخـوتي او

. ان اقتل شر قتله فهربتوادركت والدتي الحقيقة ونصحتني بالهرب والنجاة بحياتي قبل… ابناء عمي ؟..جبار ـ والتقيت بفاضل

. الشابة ـ ورضيت بان اكون لواحد افضل من ان ابيع جسدي في حي الطرب اللف واحد جبار ـ والى متى سوف تبقين على هذا الحال؟

. الشابة ـ الى ان يشاء اهللا ويفعل شيئا لي وقد نكون غدا ثالثة؟ جبار ـ ولكن فاضل حملني اليك واصبحنا االن االثنان

الشابة ـ لقد استسلمت للقدر وياست من البقاء كما اريد وها انا هنا مسجونة منذ ثالث اشهر ال ارى شيئا مـن حولي سوى صحراء واسعة ورجل ياتي في ساعات من النهار والليل يشرب ويعربد ويعبث بي ويتركنـي اصـارع

… وحدتي واستسلم لقدري

١٩

. اضلجبار ـ احقا يفعلها ف … الشابة ـ فاضل ليس بافضل من كثير من الرجال

وسرح جبار في افكاره اكثر وراح هذه المرة يتعمق في حقيقة صاحبه فاضـل … وراحت عيناها تفيض بالدمع . ويبدو انه ندم فيما اوصاه عن زوجته وظل يسال نفسه ايفعل فاضل ماال يحمد عقباه بعرضه؟

بقناعة مفادها ان فاضل قد ينتهز فرصة مع شابة تسواهن ولكنه لن يخـون ولكنه طرد تلك الهواجس من فكره ونظر الى حاله وحال انيسته فوجد نفسيهما هاربين كل على شاكلته ال مفر لهما سـوى االستـسالم … صديقه ورفيقه

. للقدرم ويقضي معها ليلـة جبار لم يكن ذلك النزيه الذي يخلو بفتاة في العشرين من العمر جميلة المحيا وسيمة القوا

دون ان تدني نفسه الى اشباع شهوته منها ولكن جبار كان يحس بانه متورط الى قمة راسه حتى هو كـاد ال يـصدق … وتسلى الليل كل بكل ما يملك من سكائر… ان يبقى كل ذلك الوقت مع فتاة دون ان

لم يدرك الشطر الثـاني كمـا يدركـه االن ايه ايها االنسان يوم لك ويوم عليك طالما سمع جبار تلك الكلمات و … ولكن يبدوا ان االوان قد فات وان لم تكن نهاية حياته فهي نهاية كل ما بناه في حياته

الح ضوء الشمس في افق االرض الصحراوية الممتدة بال نهاية وبدا الهواء يسخن واالرض تلتهـب حـرارة . وكان الرمال اخذت تطبخ على اشعة الشمس

ر الى جهاز التكييف الموضوع في فتحة الغرفة وشغله ليبرد الهواء في الداخل ومال الى اريكـة فـي مال جبا الغرفة ودون ان يشعر غفت جفونه دقائق وسرعان ما صحى من نومه وقد بحلق عيناه كمجنون ثـارت لديـه ثـائرة

ويبدو انه كان كابوس ازعجـه فقـام ونظر من حوله بسرعة من ثم رجع الى حالته الطبيعية حين ادرك انه كان يحلم من مكانه واتجه الى حنفية الماء وفتحها وغسل وجهه وبهدوء مر من فوق جسد تسواهن النائمة لئال يوقـضها مـن نومها واخرج علبه السيكار التي نسيها لحظات وما ان اشعل اخر سيكارة حتى سمع صوت محرك سيارة عـن بعـد

فراى على بعد سيارة فاضل تقترب من المكان فهدا روعه وظل ينظر الى الـسيارة فقفز من مكانه ونظر الى الشباك وهي تقترب ووقفت السيارة ونزل منها فاضل وعن بعد شاهد فاضل جبار ينظر اليه فاشار له فاسـرع جبـار بفـتح

… الباب وخرج الى فاضل وصافحه وسلم عليه واشار فاضل له بان يساعد في نقل ما حمله اليه … دا فاضل وجبار بنقل علب الطعام والخبز ورزم كانت تحوي على مالبس ودخال الغرفةوب

في تلك االثناء صحت تسواهن من غفوتها ونظرت الى فاضل وجبار وهما يفتحان الرزم وبعـض الـصناديق . فابتسمت

. تسواهن ـ صباح الخير . فاضل ـ صباح الخير يا جميلتي وحبيبتي

. ول انك صادقتسواهن ـ من يسمعك يق ..فاضل ـ قالها بدالل ولم ال وانت عزيزتي

: نظر جبار الى فاضل فاراد ان يقطع تلك المسرحية وذلك الدور التمثيلي المفضوح الذي يمثله فاضل وقال جبار ـ ما هي اخبار زوجتي؟

. فاضل ـ انها بخير وفي الدار تعيش بسالم مع اطفالها

٢٠

يها؟ جبار ـ اذن لم يلقوا القبض عل … ما دخلها هي في قضاياك… !ولماذا يلقون القبض عليها… فاضل ـ ال

عند سماع جبار ذلك الخبر شعر بشئ من الراحة وتبدد الكثير من قلقه وتنفس براحة وعمق ونظر الى فاضـل : وقال

. جبار ـ بشرك اهللا بالخير يا عزيزي فاضل … قامت تسواهن من مكانها واتجهت الى الحمام

. فاضل بفك حزم المالبس فاخرج مالبس داخليه رجاليه ونسائية واثواب نوم لجبار وللفتاةوبدا : عالمات تعجب واستفهام اظهرت لدى جبار فالتفت الى فاضل وقال

. جبار ـ لم كل هذه المالبس الداخلية واثواب النوم . فاضل ـ اما النسائية فانها لتسواهن واما الرجالية فهي لك

. عرف ذلك ولكن لماذا كل هذه المالبس الكثيرةجبار ـ افاضل ـ المكان هنا بعيد وتحتاج الى تغيرها كثيرا حيث عليك ان تبقى ايام وايام هنا حتى اعرف كيـف اجـد

. لك مخرجا مع مسؤولي الحزب جبار ـ الم تكلم احدهم؟

. فاضل ـ تكلمت البارحة من احدهم وليس اهمهم جبار ـ مع من؟

. مع ابو عمار معاون مسؤول الفرعفاضل ـ جبار ـ ماذا قال؟

. فاضل ـ قضيتك معقدة وانت متهم بخيانة الحزب جبار ـ كيف وباي دليل؟

. فاضل ـ بدليل اتصاالتك بالبعثيين المنشقين المتواجدين في الكويت . جبار ـ هذا غير صحيح مسالة الرائد ماجد عبد الكريم ليس لها عالقة بي

ـ كيف يا جبار رجال االستخبارات وبعض االفراد الحزبيين كتبوا عنك تقريرا يفيد بان لـك اتـصاالت فاضل . بماجد عبد الكريم حتى بعد هروبه الى الكويت

. جبار ـ نعم والكل يعرف ذلك وال حاجة الى تقارير فانا وماجد كنا ننظم المامورية التي انيطت بنا . فاضل ـ مامورية برتقال يافا

جبار ـ كيف عرفت؟ . فاضل ـ ال تنسى يا جبار انت حزبي فقط وانا حزبي في االستخبارات فمعلوماتي اكثر منك

… جبار ـ صحيحفاضل ـ وانت ترى اني لم اخن بك ولن افعل ذلك النك صديقي ورفيقي في النضال مدة طويلة بل انت اقـدم

مني . جبار ـ واني اضع ثقتي بك

٢١

لماذا؟ .. برتقال يافا . ا رفضت اتمام ماموريةفاضل ـ اخبرني لماذ !! جبار ـ يبدو انك تستجوبني يا فاضل

يجب ان ال يكون هناك سوء تفاهم دعني ادافع عنك امام القيادة اعطني دالئل مقنعه لكـي .. ال… فاضل ـ ال … تسمح لي بطرحها امام القيادة ومن ثم ارجاعك الى حياتك الطبيعية ساعد نفسك وساعدني

: راح جبار لحظات غارقا في افكاره ثم قال . جبار ـ ماجد لم يخبرني بخطته للهرب اال بعد ان وصل الكويت

فاضل ـ ولماذا خرج من الكويت الى لندن؟ . جبار ـ لقد رفض مسؤولو االمن الكويتي قبول لجوئه الى الكويت

فاضل ـ لماذا؟ العراقي وثانيا كانوا ال يثقون بكالمه كثيـرا فخيـروه بـالخروج جبار ـ اوال النهم كانوا يخافون بطش االمن

. الى اي دولة اخرى ! فاضل ـ لماذا لم تخبر الحزب بذلك يا جبار لماذا لم تقل ذلك للفرع وتطلعهم على هذه المجريات؟

. جبار ـ انت تعرف يا فاضل الحزب وقيادته ال ترحم من يضع براسه في مثل هذه المجريات . وحياتك وحياة عائلتك الم تفكر بهافاضل ـ

. جبار ـ لدي اصدقاء يا فاضل ان تكلمت تورطوا . سؤال يا جبار واتمنى ان تجيبني عليه.. فاضل ـ اه فهمت

. جبار ـ قل يا فاضل فانا اثق بك فاضل ـ من اين عرفت كل هذه المعلومات؟ جبار ـ هل من الضروري ان اخبرك بذلك؟

. نت مخيرفاضل ـ ان شئت فا . جبار ـ عن طريق زوج اختك في الكويت

حين قال ذلك جبار انتابت الدهشة على وجه فاضل ووضع يده على راسه ونكس راسه الى االرض وغط فـي . بحر هواجسه ثم انتبه الى نفسه وقال كمن يحدث نفسه … فاضل ـ اذن عبد القادر زوج اختى هو الرابط

.. يا لها من فاجعة.. لقادر هو الرمزذلك شئ لم افكر به ابدا عبد افي تلك االثناء خرجت تسواهن من الحمام وقد اكملت استحمامها فبدت اكثـر جمـاال ووقـع نظرهـا علـى مجموعة المالبس الداخلية وقمصان النوم النسائية المرمية على االريكه فابتسمت واندفعت نحو المالبـس تتفحـصها

ة تنطلق من بين شفاهها وحتى كادت ان ترقص من الفرح والبهجة التي انتابتهـا الواحدة تلو االخرى وضحكات خفيف :والتفتت الى فاضل الذي كان يسبح في بحر من الهواجس وقالت

. حقا انها جميلة… تسواهن ـ شكرا يا فاضل انها مالبس جميلة : فاضل لم يجيبها النه لم يسمع ما قالت والتفت الى جبار وقال

. رف احد غيرك بذلكفاضل ـ وهل يع

٢٢

… ان عالقتي بعبد القادر هي التي منعتني من افشاء ما عرفته من تحركاته… جبار ـ المنذ متى وعبد القادر يقوم باتصاالت برفاقنا البعثيـين : وسكت لحظات وقال… فاضل ـ حسنا فعلت يا جبار

. في العراق … مسؤول عن تنظيم البعثيين المنشقين في الكويتجبار ـ ال ادري ولكن اعرف شيئا واحدا عبد القادر هو

تقدم فاضل خطوات الى االمام ونحو الباب الخارجية كمن يريد ان يغادر المكان ونظر الى جبار وقال فاضل ـ اني ذاهب هل تحتاج الى شئ؟

جبار ـ كال فقط بلغ سالمي الى زوجتي واخبرها باني بخير ان ترسل لها شيئا من المال؟ هل تريد. .. فاضل ـ سوف افعل ذلك

.. نعم… اه… جبار ـ مالمد يده الى جيب قميصه واخرج منه دفتر شيكات صغير وكتب مبلغ الف دينار ووقع على الشك وسـلمه الـى

. فاضل . جبار ـ اعطها هذا الشيك وطمئنها باني سوف اعود

. فاضل ـ حسنا سوف افعل ذلك . الباب لحقت به تسواهن وامسكت بيده وقالتاخذ فاضل الشيك وغادر المكان وعند ! تسواهن ـ هل تودعنا بهذه السرعة؟

… فاضل ـ سوف ارجع اليك ليال جهزي نفسكقالها وضحك وابتسمت له تسواهن ونكست راسها الى االرض وهي تشعر بشئ من الخجل ونظر فاضل الـى

: جبار وقالضحك ضحكة دوى اصداؤها فـي المكـان وغـادر … اللذةانها فياضة ب… فاضل ـ ال تفوتك المتعة بناهد . الغرفة نحو سيارته التي انطلق بها بسرعة

❁ ❁ ❁ دخل فاضل بناية من البنايات التي خصصت العمال رجال االستخبارات والتي ال يدل علـى مظهرهـا علـى

. رة يحرسها بعض الرجال المدنينانها دائرة حكومية تطل شبابيكها على الميناء وحول البناية حديقة كبيدخل من الباب الى الممر وكانت عدة ابواب تطل على ذلك الممر فخرج احد رجال االستخبارات من البـاب

واتجه صوب اخر الممر مارا بفاضل وقال الرجل ـ كيف حالك يا رفيق فاضل؟

اين زوجة جبار؟ … فاضل بخير …الرجل ـ في الغرفة يحقق معها الرجال

اقترب فاضل من شق الباب المفتوحة قليال ونظر عبر الشق فشاهد زوجة جبار بروبها الليلـي وقـد اعتلـى وجهها بعض اثار الضرب التي من اثرها تورمت خدودها وشفاهها، حافية القدمين ال تقدر على رفع راسها من شـدة

ميها فتح الباب ودخل الـى الغرفـة التـي الضعف والنعاس وانتابها الخوف والرعب من اعلى راسها الى اخمص قد

٢٣

كانت تضم منضدة صغيرة يجلس وراءها احد رجال االستخبارات وكرسي فارغ الى جانـب المنـضدة ومـصباح سطح بضوئه على وجه سالمه حتى كان ان يعميها واقترب منها ونظر اليها وقال

فاضل ـ سالمه هل تعرفيني يا سالمه؟ على بصعوبة لتحاول ان تنظر الى المتكلم بعد ان كادت ان تتذكر صوته فنظـرت سالمه رفعت براسها الى اال

. فبكت وظلت تبكي بمرارة… اليه فوجدت انها تعرفه انه فاضل الصديق الحميم لزوجها : فاضل نظر الى الرجل الجالس وراء الكرسي نظرة ذات معنى وصرخ بقوة

فاضل ـ من فعل ذلك بهذه المراة المسكينة؟ … جل ـ هي التي فعلت ذلك بنفسهاالر

فاضل ـ وما ذنب هذه المراة؟ ماذا فعلت؟ وما هي عالقتها بافعال زوجها؟ : عند سماع سالمة تلك الكلمات راحت تبكي بمرارة اكثر وقالت وهي تشهق

ما ذنبي انا ماذا فعلت؟ … سالمة ـ باهللا عليك يا فاضل قل لهم نها ان تتعاون معنا وتخبرنا عن اصدقاء زوجها وعن المكان الذي يختفي بـه الرجل ـ نحن منذ البداية طلبنا م

. وعن تحركاته فلم تفعل ولذلك اضطررنا ان نستعمل معها القوةان المـسؤولين فـي الحـزب ال … على حـدود االخـرين .. انه تجاوز.. انه ظلم… فاضل ـ الى هذا الحد

… يرضون بذلك ابدا . لها ونحن نغادر الغرفةالرجل ـ حسنا تفضل انت واسا

.. قام الرجل من مكانه ليغادر باب الغرفة ونظر الى فاضل وغمز بعينه واجابه فاضل بغمزة مماثلةجلس فاضل امام سالمة بعد ان حمل لها قدح من الماء اخذته منه بسرعة ووضعته بين شفاهها لتشرب فكـان

غزارة على صدرها المفتوح من الوسط وقد بـان مـن بـين الكثير من الماء يتصبب من بين جوانبي القدح ساقطا ب .الثوب المشقوق بالعنف قسم من اثدائها

. فنظر اليها فاضل وكلمها بلين. ومن سرعة الشرب اسعلت سالمه ونكست راسها الى االرضفاضل ـ يا سالمة رجال االستخبارات ال يريدون لك الشر وال هدف لهم من القاء القـبض عليـك سـوى ان

.. خبريهم عن اصدقاء زوجك ومن كان يتصل بهت : رفعت سالمة راسها الى االعلى ونظرت الى فاضل وعيونها تغط بالدموع وقالت

سالمة ـ انهم يسئلوني الف سؤال انهم يطلبون مني ان ادلهم على مكان زوجي وثق يا فاضل باني ال اعـرف . اين يختفي

ال ان يتركوا كل هذه االسئلة ويخلوا سبيلك بـشرط واحـد ان فاضل ـ اسمعي يا سالمة سوف اطلب من الرج . قبلت به فهو في منفعك وهو الطريق الوحيد لخالصك

.. سالمة ـ ما هو قل؟ .. فاضل ـ فقط اخبرينا من هم الذين كانوا يتصلون بزوجك وكم مرة سافر الى الكويت بدون علم احد

… سالمة ـ الم تكن انت واحد من اصدقاء زوجي … فاضل ـ حسنا انا واحد منهم واالخرون

٢٤

هؤالء .. سالمة ـ الذين كانوا يحضرون عنده هم ستار محمد ـ كاظم شعالن ـ ابو انتصار ـ ابو محمد فاضل ـ هؤالء فقط؟

سالمة ـ نعم هؤالء الذين كنت اراهم يحضرون لديه ولم اكن ادور معه في الـشوارع لكـي اعـرف بمـن . يتصل

.. تاكدي باني سوف افعل شيئا الطلق سراحك… جيد.. فاضل ـ عال قالها فاضل وقام من مكانه فنظرت اليه سالمة بعينين قد احمرتا من اثر النعاس والتعب والضرب وكـادت ان

. تقوم من مكانها لكن قوتها خانتها من اثر الضعف فرفعت راسها الى فاضل وقالت بصوت حزين وكئيب . ل افعل شيئا الطالق سراحيسالمة ـ باهللا عليك يا فاضاطمئني سوف اعمل ما بوسعي الطالق سراحك وعليك ان تتعاونين مـع الرفـاق … فاضل ـ حسنا يا سالمة

. اكثر … فسكتت سالمة وغطت في سكون عميقة ولفتها الحيرة في دوامة مخيفة

فكان في داخلها ضـابط خرج فاضل من الباب وترك سالمة وحيدة في الغرفة واخترق الممر الى غرفة فتحها .. االستخبارات ابو رائد، وقد جلس خلف منضدته ووضع على الحائط صورة كبيرة لصدام حسين

فاضل ـ ماذا تفعل بسالمه؟ ابو رائد ـ ماذا تفعل؟ ال شئ؟ اننا نحاول ان نكشف منها شيئا جديدا عن جبار؟

فاضل ـ ويبدو ان ليس لديها من جديد ما ذكرته معروف لدينا واالسماء التي ذكرتها هـم مـن الرفـاق العـادين واالصـدقاء كل.. ابو رائد ـ ال

. المعروفين فاضل ـ هل ستبقى كثيرا؟

ابو رائد ـ وهل علينا ان نطلق سراحها؟ فاضل ـ ال اقصد االساءه او التطفل سيدي ابا رائد ولكنها ال تملك ما تنفعنا به ثم ان اخوتها وبعض اقاربهـا

سالون ويبحثون عنها والكثير منهم رفاق حزبيون وليس من المستحسن ان تثير ضغائنهم واحقـادهم والنتيجـة بداوا ي . ال شئ

. ابو رائد ـ ما تقوله صحيح يا رفيق فاضل ليست من الحكمة ان تثير مشاعر الرفاق االخرين : وبعد برهة من الصمت نظر الى فاضل وقال

.. هل اعطاك جبار معلومات اضافة وهل ترى ضرورة العتقاله؟ ..

. فاضل ـ ال اعتقد الننا ال نملك دليل ضده . ابو رائد ـ لكن التعذيب سيجعله يعترف بالف دليل

فاضل ـ ال ننسى يا سيادة الرائد باننا لسنا رجال شرطة اجرام انها قضية حزبية داخلية قـد تكـشف خططنـا . المستقبلية

٢٥

ضباطنا في االستخبارات واالكثر سـرية وثقـة وسـوف ال نـسمح بـان ابو رائد ـ سوف نسلمه الى انظف . تتسرب اعترافاته الى خارج نطاق مؤسسة االستخبارات

فاضل ـ يبدو انك نسيت يا ابا رائد ان مامورية حلب قد تسلمها ضباط استخبارات كما ذكرت ولكـن الرفـاق . ما ان عبرو الحدود السورية حتى القي القبض عليهم

. الكلب.. الكلب… رائد ـ الكلب حافظ االسد زرع عيونه وعمالءه في عمق مؤسساتناابو اذن ماذا نفعل يا فاضل؟

. فاضل ـ سوف اخرج منه كل ما يعرفه بدون الحاجة الى اعتقال او تعذيب ! ابو رائد ـ ثم؟

. فاضل ـ ثم نرسله الى الدرك االسفل .. لجديدةابو رائد ـ لم تقل لي ما هي المعلومات ا

. انها بالنسبة لي ماساة… فاضل ـ ماذا اقول … ابو رائد ـ يبدو انها معلومات خاصة

. فاضل ـ كشفت الرابط والرمز ما بين رفاقنا الذين غرر بهم وبين خاليا المنشقين االوغاد في الكويت

❁ ❁ ❁ ا طبق مـن البـيض المقلـي وخبـز خرجت تسواهن من باب المطبخ الصغير وهي تحمل صينية وضع فوقه

وصحن من السلطة وتقدمت ووضعت الصينية امام جبار الذي ينفث دخان سيكارته بدون وعي ونظرت اليـه برهـة : من الوقت وقالت

. تسواهن ـ دعك من االفكار يا جبار وكل شيئا من الطعام : جبار انتبه الى نفسه ونظر اليها برهة والى الطعام برهة اخرى وقال

. كلي انت وانا ال اشتهي شيئا.. ال .. جبار ـ ال . يبدو ان كلينا هارب من قدر واحد… تسواهن ـ عجبا للقدر كيف جمعنا

: قال جبار وهو يبتسم … انت هاربه خوفا من اخوتك وعشيرتك..! جبار ـ كيف

… ويبدو انك هارب من نفس القدر.. تسواهن ـ انا هاربة من قدر الموت وخائفة منهدخلت تلك الجملة التي قالتها تسواهن كرصاصة في روحه وتجمدت اعضاء وجه وبرزت عيناه وبحلقت كمـن

: يشهق شهقة الموت برهة ثم نكس براسه الى االسفل وقال . جبار ـ نعم يا تسواهن قلت حقا فانا هارب من الموت ايضا واخاف هذا القدر

. يحصل ان نموتتسواهن ـ اذن مد يدك وكل يا جبار فاكثر ماشعر جبار بخجل كثير حين سمع تلك الكلمات واثرت فيه كثيرا وبدون شعور مد يده الى الطعام وتناول لقمـة ووضعها بتاني في فمه ومضغها ونظر الى تسواهن واشار اليها ان تشاركه الطعام فمدت يدها واكلـت شـيئا منـه

: التونظرت الى جبار فرات عيونه قد اغرورقت بالدموع فق

٢٦

… تسواهن ـ لقد بكيت قبلك كثيرا يا جبار حتى انتهى الدمع من عيوني واستسلمت للواقع وقبلت بالعن نتيجـة . سلم امرك الى اهللا

.. جبار ـ لقد نسيت اهللا منذ امد بعيد . تسواهن ـ لقد تعلمت من امي كلمة طالما رددتها كانت تقول ان اهللا ال ينسى عباده حتى اذا نسوه

ة ولكنها كانت رغم ذلك تمضغ الطعام مضغا فتجلت روحها القرويـة رتها ونزلت الدموع من عيونها بغزا قال … بشكل واضح وراح جبار ينظر الى عفويتها وسذاجتها وهي تتجرع االلم والطعام معا

تسواهن ـ هل قتلت احدا؟ . جبار ـ ال

تسواهن ـ اذن لماذا انت هارب وتخاف القتل؟ .. ار بشئلم يجبها جب

تسواهن ـ هل سرقت وتخاف السجن؟ . جبار ـ ال

تسواهن ـ الست بعثيا؟ قالها وضحك. جبار ـ نعم وعضو شعبه

ولكني اعرف جيدا ان الناس يخـافون البعثيـين .. عضو او غير عضو.. تسواهن ـ انا ال افهم في هذه االشياء ! يخافونهم كثيرا وانت بعثي ممن خائف؟

. ه تسواهن وقد ادرك كم هم بسيطة وبريئةجبار نظر الى وج . جبار ـ البعثيين يخافون ممن هو اعلى منهم . تسواهن ـ لقد قالها ابي مرارا وفهمتها االن

جبار ـ ماذا قال ابوك؟ فلم اصدق ان البعثيين يخافون من الناس كما يخـاف . تسواهن ـ قال ان اهللا قد سلط الناس بعضهم على بعض

.. ايه على اي حال.. الناس منهمقالتها وذهبت الى الراديو وادارت مؤشره وراحت تستمع الى االغاني الخليجية بعد ان بسطت سـاقيها ومـدت

. يدها لتظفر قصيبتهاجبار هذه المرة راح سارحا في النظر الى وجه تسواهن ومد نظره الى شعرها الطويل االسـود وراح ينظـر

مرة في حياته يمعن النظر الى جمال امراة دون ان تدغدغه مـشاعره الـشيطانية الى كل اجزاء جسمها ولكنه الول : ودون ان يحس بحاجة الى التهام جسدها المسموح له بالتهامه كيف يشاء بادرته تسواهن بنظرة وقالت

. تسواهن ـ هل تذكرت االن بانك تجالس امراة : ضحك جبار وقال

. يا تسواهن فسوف افعل كل ما استطيع لنجاتكجبار ـ اذا خرجت من هذه الورطة سالما … ال افضل لدى المراة من ان يقف الى جانبها رجل عند الشدائد… يا ليت.. تسواهن ـ يا ليت

. نظر جبار الى تسواهن لحظة ثم سرح مرة اخرى في افكاره وراحت تسواهن تتابع سماع االغاني الخليجية

٢٧

❁ ❁ ❁ يقفان عند شباك الغرفة وهم ينظرون الى االسفل وقد امسك احد رجال االستخبارات بيـد كان ابو رائد وفاضل

. سالمة وهو يحاول ان يساعدها على الخروج الى الباب الخارجي للحديقة وهي تتقدم بصعوبة الى االمام . ابو رائد ـ سوف يوصلونها الى باب بيتها

فاضل ـ ماذا نفعل بجبار؟ رف يا فاضل ان جبار بعثي قديم منذ االيام االولى لقيام الجمهورية في العراق يعرف كـل ابو رائد ـ انت تع

البعثيين في البصرة والمسؤولين الكبار القبض عليه وتصفيته يحتاج الى دليل دامغ الن الجميع يعرف نزاهتـه فهـو الشهري واالمتيازات المـسموحة ليس مثل اكثر البعثيين يسرقون الدولة بالف شكل وطريقة والرجل عاش على راتبه

والعيب الذي فيه انه ال يملك ذلك االخالص والوالء لقيادة الحزب والثورة ويعرف اشـياء … من قبل الدولة والحزب . عن مهمة برتقال يافا

. فاضل ـ وهو عيب خطيرحزب من الداخل وعلـى ابو رائد ـ البعثيين من امثال جبار هم كقنبلة موقوتة قد تتفجر في اي لحظة فتفجر ال

. ذلك يجب التخلص منهم قبل ان يتخلصوا منا وسوف انهيه لك دون ان تثار اي عالمة استفهام باتجاه الحزب او مؤسساته . فاضل ـ اترك االمر لي ! ابو رائد ـ وهل تقدر؟ … فاضل ـ بل انا قادر

. ابو رائد ـ حسنا ارينا اخالصك للحزب ا رائد؟ فاضل ـ وهل تشك في ذلك ياب

الحزب دائما يطلب المزيد والمزيـد مـن التـضحيات … ال تسئ الفهم يا فاضل… عفوا… ابو رائد ـ عفوا . واالخالص

❁ ❁ ❁ الليل كان يسدل استاره على مخيم الشركة المتروك وال صوت اال صوت الريح الباردة العابثـة بالمكـان وال

ه رمال الصحراء وكون ظالل لالشواك وقطع الحديد المنـشورة هنـا ضوء سوى ضوء القمر الفضي الذي فرش ب وهناك قعدت كاالشباح المنتشرة في ارجاء المكان وضوء اخر خرج من شباك البيت الصغير وعيون جبـار تنظـر

. الى الخارج من خالل زجاج الشباك االمام جيدا ليكتشف االمـر لمح جبار ظال يتحرك هناك فانتابه شئ من الرعب والخوف فاخذ يحدق النظر الى

ولكنه لم ير الظل المتحرك مرة اخرى فاقنع نفسه بفكرة تقول لعله كان وهما او حيوانا مر على المكـان او اشـواكا تسواهن ترتـب نتتطير عابثة في الهواء ولكنه ظل يراقب المكان عن كثب ولم يرتح باله فاتجه الى باب الغرفة وكا

ليها وهي تضعن في داخل الحقيبة وانتبهت اليه وهو خارج مالبسها الجديدة وتنظر ا تسواهن ـ ماذا هناك؟ هل جاء فاضل؟

. ال شئ اريد ان اراقب المكان.. جبار ـ ال

٢٨

تسواهن ـ هل رايت شيئا؟ . ال شئ… جبار ـ ال

… خرج جبار الى وسط الظلمة ليتاكد من حقيقة الظل الذي راه يتحرك في ضوء القمرخطوات الى االمام وهو ينظر يمينا ويسارا وفجاة ومن وراء البراميل خرج ظل اسود سـرعان مـا سار عدة

اندفع اليه مسرعا وفي لحظات كان الظل قريبا منه فراى وجه رجال في ضوء القمر قروي المالمح اسـمر اللـون : كث الشعر بان الغضب على وجهه فتحول الى كتلة من الحقد فصرخ جبار

نت؟ جبار ـ من اودون ان يجيبه الرجل بكلمة انطلقت شرارات نار من مسدس يمسكه في يده سرعان ما اخترقت جـسد جبـار

. واردته قتيال في المكان جثة بال حراكسمعت تسواهن صوت الرصاص فتجمد الدم في وجهها وبدون وعي وضعت اصابعها في فمهـا وعـضتها

وقفت بال حراك تنظر الى شق الباب كمتهم ينتظر جـالده ودون ان دون ان تحس بااللم وزاغت عيونها من مكانها و تنبس بكلمة راح كل اعضاء جسمها يرتجف من شدة الخوف والرعب واخذت اسنانها تصطك وشفاهها ترتجف ومـا هي اال لحظات حتى اطل الرجل الذي قتل جبارا بجسمه من الباب ووقف امام تسواهن وجها الى وجه وقد احمـرت

. ن شدة الغضب وما ان راته تسواهن حتى صرختعيناه م … تسواهن ـ اخي راهي

لقد لطخت شرفنا بالوحـل امـام رجـال .. راهي ـ ظننت انك سوف تقدرين على الفرار من يدي ايتها الزانية . العشيرة يا بنت الكلب

بغـزارة مـن قالها وراح يفرغ كل الرصاصات الباقية في مسدسه بجسد تسواهن فخرت صريعة تنزف الدم … جسدها الممدد على ارض الغرفة

. ورجع الرجل من حيث اتى تاركا اخته تتخبط بالدم وغاب في الظالم

❁ ❁ ❁ كان سائقو سيارات حمولة برتقال يافا جالسين الواحد الى جنب االخر في غرفة مـن غـرف مديريـة النقـل

لحفظ االوراق والنقد ويتحدثون فيما بيـنهم ويجلـس عبـد لمحافظة البصرة، بعضهم ممسك بحقيبة صغيرة خاصة . العظيم وسطهم

: لحظات ويدخل السائق االشقر وبمجرد ان يراه االخرون يقومون من مكانهم ويتجهون صوبه فيقول احدهم ـ ماذا حل بالحمولة؟ ما هي النتيجة؟

ال ان المشكلة سوف تحل خالل يـوم او لقد تحدثت مع احد المسؤولين في مديرية النقل وق… االشقر ـ ال شئ . يومين ال اكثر

. عبد العظيم ـ اية مشكلة؟ نحن نعبر هذا الطرق والى الكويت منذ سنين ولم تحدث لنا مشكلة من قبلاالشقر ـ القوانين هنا تتغير والمسؤولون يقولون بان القانون الجديد يحتم تسليم الحمولة الـى شـركتهم وهـم

. م الى الكويتينقلونها بدوره

٢٩

. عبد العظيم ـ لماذا لم يخبرونا ذلك عند دخولنا الحدود العراقية االردنية . المشكلة االن عند الحدود العراقية الكويتية… االشقر ـ لم تكن هناك مشكلة

رجل اخر ـ واالن ماذا نفعل؟ نترك الحمولة هنا؟ اسالهم ماذا نفعل؟ حال بالتشاور مع المسؤولين واعتقد في االخر باننا سوف ننقـل الحمولـة االشقر ـ ال تستعجلوا سوف اجد لها

... الى الكويتقالها واشار للجميع بالخروج من الغرفـة فتقـدم عبـد . والبرتقال االن مخزون في الثالجات وال خوف عليه

ـ يا ابا مروان هذه السفرة تختلف تماما عن السفرات االخرى؟ : العظيم وقال : الى عبد العظيم بتعجب وبشئ من الحذر وقالنظر االشقر !. ـ كيف؟

عبد العظيم ـ في السفرات الماضية كانت المشاكل عند الحدود العراقية االردنية واثناء الطريق وكنـا نمـر ! بسرعة ودون اي تاخير من البصرة حتى الحدود الكويتية العراقية ولكن هذه المرة كان العكس تماما

: كة مصنوعة وقالضحك االشقر ضح .. ـ ال تهتم يا اخي عبد العظيم سوف نتابع السير عن قريب

: ثم نظر الى االخرين وقاليجب ان ال تبتعدوا عن الفندق كثيرا حتـى اذا حلـت المـشكلة اسـتطيع ان اخبـركم .. االشقر ـ ال تنسوا

. ونتحرك بسرعة باتجاه الكويت : حك االخرون وقال احدهموما ان اكمل الرجل كلماته حتى ض

؟.. ـ ومن يجرئ على االبتعاد عن الفندق في هذا الحر القاتل … وضحك اكثرهم

❁ ❁ ❁ وسط ذلك الحر الشديد الذي كان يحرق الرمال بحرارته كانت جثة جبار مرمية الـى جانـب كومـة براميـل

االبيض وسال شئ منها على االرض والذباب يحـف متناثرة في وسط باحة مخيم الشركة والدماء قد لطخت قميصه . ويطير فوق بقعة الدم ورنين صوته يسمع من امتار وعدد من الذباب يتطاير على وجه جبار المفتوح العيون

ضابط الشرطة وبعض المحققين من رجال شرطة االجرام كانوا منشغلين بتفتيش ارجاء المكان وجمع االدلـة . وهناكوالمصور يلتقط صورا هنا

انتقل احد المحققين من الخارج الى داخل الغرفة وظل ينظر الى جثة تسواهن الممددة وسط الغرفـة الغارقـة … بالدم ثم اخذ ينظر الى المالبس المتناثرة في المكان والى الراديو الذي كان ال يزال يذيع االغاني الخليجية

الملقاة هنا وهناك، اعقاب السكائر، اوانـي الطعـام دخل محقق اخر من رجال االجرام واخذ يتفحص المالبس : لحظات ودخل ضابط الشرطة الذي يرتدي المالبس العسكرية وبرتبة رائد وقال… وكل شئ

الضابط ـ الجريمة حدثت البارحة ليال اذن؟ . المحقق ـ على ما يبدو فاالجساد ال زالت طرية

٣٠

الضابط ـ الم تعرفوا من اتصل بنا صباحا؟ . قق ـ لم يذكر اسمه واالتصال كان من تلفون الشارعالمح

. الضابط ـ اذن الجريمة كانت متعمدة وبسبق اصرار . المحقق يبدو ذلك

. المحقق االول ـ كان رفيقا حزبيا معروفا في البصرة .. الضابط ـ كان

: وقالفي تلك اللحظات كان احد رجال الشرطة يسرع راكضا نحو الضابط فالتفت اليه الضابط ـ ماذا لديك؟

. الشرطي ـ سيدي لقد ابلغ المركز برسالة الضابط ـ ما هي؟

. الشرطي ـ لقد القي القبض على القاتل الضابط ـ ماذا؟ بهذه السرعة؟

. الشرطي ـ نعم سيدي السيد المالزم على الخطلـشرطي وهـو ممـسك عند سماع ذلك توجه الضابط المحقق بسرعة صوب سيارة الشرطة حيث كان يقف ا

… بسماعة الالسلكي

❁ ❁ ❁ كان فاضل ورجل اخر يخترقان الممر الذي يقسم مركز الشرطة الى قسمين حتى وصال الـى اخـر الممـر

ديا التحيـة أهما حتى وقف مأوانحرفا يمينا لينزال الى سرداب تحت االرض وكان عند باب السرداب شرطي ما ان ر تعاد عن المكان فذهب مبتعدا وبقى الرجل االخر مكان الشرطي وفتح فاضل بـاب غرفـة الـسرداب فاشارا له باالب

ـ : ه حتى قال لهأودخلها فوجد اخا تسواهن جالسا على االرض وقد سرح في افكاره وما ان ر فاضل ـ كيف القى القبض عليك بهذه السرعة يا راهي؟

: نظر راهي الى فاضل وقال . دس كنت احمل مسدسا عند نقطة التفتيش فالقي القبض عليراهي ـ انه المس

ـ : ظل فاضل لحظات ينظر الى راهي ثم قال فاضل ـ وكيف عرفوا بانك القاتل؟

. راهي ـ انا الذي اعترفت فاضل ـ لماذا؟

. راهي ـ لكي يسمع الناس وابناء الشعيرة بذلك فاغسل العار الذي لحق بناولكن اياك ان تذكر اسمي واياك ان تخبرهم باني الذي دللتك علـى مكـان اختـك فاضل ـ حسنا، ذلك شانك

. وعشيقها النك لو ذكرت ذلك فال استطيع مساعدتك في التخفيف عن حكمك تساعدني في التخفيف عن حكمي؟ لراهي ـ وه

٣١

. فاضل ـ بل انا قادر على اطالق سراحك بعد عدة شهور ال اكثر مسدس؟ لوني عن الأراهي ـ واذا س

. فاضل ـ ال تقل باني اعرتك المسدس بل قل ان المسدس لي . راهي ـ واذا سالوني من اين حصلت عليه

او اشتريته من جندي استشهد فـي الجبهـة ايـة حجـة … املكه منذ القدم.. مهرب… فاضل ـ قل اي شئ … وال تخف يا راهي فانا عندك وسوف اقف الى جانبك… ممكنة

خل جيبه واخرج قدرا من الدنانير وقدمها الى راهي ولكن راهـي نكـس براسـه الـى مد فاضل يده الى دا . االرض ولم ياخذها

… خذها فانت بحاجة اليها االن… فاضل ـ خذها ارجوك فانا صديقكمد فاضل يده الى جيب راهي ووضع الدنانير فيه وقام من مكانـه وتـرك المكـان … لكن راهي ظل صامتا

…مودعا راهي بنظراته . قفل الباب وراءه وخرج هو والرجل االخر من السرداب

❁ ❁ ❁ في داخل غرفة االستقبال كانت سالمة جالسة والضمادات التي ضمدت بها اثار الضرب على وجههـا باديـة

زال عنهـا ولكنها تبدو احسن حاال واثار التعب من عيونها قد زالت ليدل على انها قضت ليلة هادئة وبنوم عميق قد ا . اثر ما لقيته من ساعات االعتقال في مركز االستخبارات

كان يجلس الى جانبها احد اخوتها شاب ضخم الجثة اسمر اللون ذو شارب عـريض وقـد غـط فـي بحـر هواجسه وافكاره ولكنه بين الحين والحين يرمق اخته بنظرات يراقب منها انفعاالتها عن كثب ولم يكن داخـل البيـت

: على وجود االطفال، نظرت سالمة الى اخيها وقالتصوت يدل . ـ لماذا ذهبت باالطفال الى بيت امي

. اخوها ـ بقاؤهم هناك اسلم وافضل بل بصراحة اني ذهبت بهم الى مكان غير بيت امي سالمة ـ اين؟

يجـب ان اخوها ـ يا سالمة انا ال اطمئن لوضعك ووضع جبار في الوقت الحاضر واخاف ان تحدث كارثـة . ال يكون االطفال ايضا ضحية لها

سالمة ـ هل هناك خطر على جبار؟ . ال اعرف… اخوها ـ ال اعرف يا سالمة : نظر الى اخته برهة وقال

ـ اسمعي يا سالمة تعالي نخرج من البيت واذهب بك الى مكان امن حتى نعرف ماذا يحدث؟ وما هو مـصير . جبار؟ فالحزب ال يرحم

. لكنك بعثي وتستطيع ان تفعل شيئا يا حسينسالمه ـ و . اخوها ـ سلطة الحزب ال تعير لالفراد اية اهمية اذا كان هناك خطر يهددها

٣٢

سالمه ـ وهل تحول جبار الى خطر على الحزبانهـا امـور ! ؟.اخوها ـ ال اعرف يا سالمة وال استطيع ان افهم شيئا مما يحدث وحتى لماذا حدث كل ذلـك

.. ان يتدخل بهايخاف المرء .. سالمه ـ لكني باقية حتى رجوع جبار او معرفة مصيره

. حسين ـ ال تكوني عنيدة يا سالمة فانت لست صغيرة وانظري الى نفسك وما عانيت . …سالمه ـ سوف انتظره

في تلك اللحظة طرق الباب فقامت سالمة من مكانها بسرعة وبدون وعي ارادت ان تتجه الـى البـاب لكـن : اخاها اوقفها واشار لها بعينيه ان تستمهل قليال وتقدم هو صوب الباب وصاح بصوت مرتفع

. حسين ـ من بالباب فجاء الجواب من ورائه

. انا فاضل.. فاضل ـ افتحوتقدمت منـه … اسرع حسين بفتح الباب فدخل فاضل الى الداخل ونظر الى وجه حسين ووجه سالمه الحزين

: سالمه خطوات وقالت . انا ال اعرف كيف اشكرك على مساعدتي حقا ال اعرف كيف اشكرك… ـ اهال فاضل اهال وسهال

. فاضل ـ ال داعي الى الشكر فانا لم افعل شيئا . حسين ـ بل انت فعلت الكثير يا فاضل وال نعرف كيف نشكرك

. واتجه حسين الى فاضل وقبل خده احتراما وتقديرا واشار اليه بالجلوس . ـ تفضل يا فاضل ارجوك تفضلحسين

: لكن فاضل سكت برهة وقال ! فهناك امر هام… ال وقت للجلوس… ـ ال

نظرت سالمة الى فاضل وقد احسست بان هناك خبرا او حدثا مشؤوما قد حل بهـم فـزدادت دقـات قلبهـا ين وسـالمة باتجـاه واعتلت الصفرة محياها وانقبضت روحها وساد الصمت ارجاء الغرفة وقد تسمرت عيون حـس

. فاضل … النني ال اريد ان اكون رسول شؤوم… فاضل ـ ال اعرف ماذا اقول لكم سالمه ـ هل االمر يتعلق بجبار؟

فاضل ـ يا سالمه قبل كل شئ احب ان اقول لك بان جبار ال يستحق حبك ووفاءك بهـذا الـشكل؟ بـصراحة . رة والقي القبض على القاتل وكان اخا لعشيقة جبارلقد وجد جبار مقتوال وعشيقته القروية خارج البص

غابت سالمه عند سماعها تلك الجمل في صمت دوت بها رياح المفاجاة والحيـرة والدهـشة فعقـل لـسانها . وخمدت كل مالمح وجهها وغدت كخشبه يابسة ال حراك فيها اال النفس

د ان يرجعها الى صوابها خوفا لئال يحدث لها ما ال تحمـد نظر حسين الى اخته التي خمد الخبر اوصالها فارا : عقباه فاتجه اليها ومسك بها وقال

. سالمه ـ سالمه ـ لنسمع باقي الخبر

٣٣

… ولكن سالمه قطعت صمتها بصرخة دوت في المكان وخرت مغميا عليها من هول الحدثع بها الى داخل غرفة النـوم، ثـم خـرج مال اخوها حسين الى جسدها المطروح وراح يحملها بين يديه واسر

كالمجنون الذي ال يعرف ماذا يفعل، تارة ينظر الى فاضل وتارة ينظر الى غرفة النوم ثـم اسـرع باتجـاه التلفـون : ورفع السماعة وادار القرص وقال

. دكتور جواد… ـ الو دكتور

❁ ❁ ❁

ونظر الى ارجاء المكان فشاهد عـددا مـن سـائقي ) لعربشط ا(دخل االشقر الى غرفة االستقبال في الفندق : القافلة فتوجه صوب احدهم وقال

ـ اين الباقون؟ . السائق ـ انهم منتشرون في الفندق بعضهم في غرفهم واخرون ذهبوا الى السوق

الـى االشقر ـ اخبر الجميع باننا غدا ظهرا سوف نتوجه الى الثالجات لحمل صناديق البرتقـال ثـم نتوجـه . الحدود العراقية الكويتية

. السائق ـ اعتقد ان الكثير من البرتقال سوف يفسد نتيجة هذا التاخيرال تـنس اخبـر االخـرين … االشقر ـ ال عليك مسؤوليتنا ان نوصل البرتقال فقط ان كان طريا او فاسـدا

. باالستعداد للغد .قالها االشقر االردني ورحل عن المكان

❁ ❁ ❁ في نفس الساعة التي كانت تقترب من السادسة مساء كان فاضل يمر عبر الحديقة الى البـاب الداخليـة لبيـت االستخبارات وقد اسرع بخطاه ليفتح الباب لكن رجلين من رجال المخابرات سبقاه بفتح الباب وخرجا بعـد ان القيـا

. اقل رتبة منه. التحية له باليد ويبدوا انهما كانا : ل واتجه الى الصالة التي يلتقي بها بابي رائد فوجده ينتظر عند مدخل الغرفة وما ان راه حتى قالدخ

. ـ لقد تاخرت يا رفيق . فاضل ـ انها دقائق ال اكثر

. ابو رائد ـ الوقت يفوتنا يا فاضل اسرع وادخل الغرفة : دخل االثنان الغرفة واتجها الى اريكة وسطها وجلسا يتحدثا

و رائد ـ هل تحب ان تشرب شيئا؟ اب . فاضل ـ ليس االناسمع يا فاضل اننا قد انتهينا من االمور الجانبية لمهمة برتقال يافا وعلينا االن ان نـدخل … ابو رائد ـ حسنا

. صلب الموضوع ! فاضل ـ وهل كانت تصفية جبار بهذا الشكل من االمور الجانبية؟

٣٤

بتصفية جبار ضـربنا عـصفورين بحجـر … مور جانبية بالنسبة الصل المهمةابو رائد ـ نعم يا فاضل انها ا واحد اوال تخلصنا من عنصر حزبي ملوث، وقل انت يا فاضل ما هو العصفور الثاني؟

فاضل ـ ما هو؟ . ابو رائد ـ هل نسيت ان جبارا كان مطلعا على المامورية وانه رفض القيام باعبائها

ة قفز فاضل من مكانه وصفق بيديه وراح يسرح بفكره لحظات ثم وضـع اصـبعه وفجاة كمن اصابته صاعق : نظر ابو رائد الى حركات فاضل بدهشة وحيرة… بين اسنانه التي اطبقها بشدة

ابو رائد ـ ماذا هناك يا فاضل؟ ماذا تذكر؟ نسينا ان نسال جبار عنه؟ … فاضل ـ لقد نسينا سؤاال مهما يا ابا رائد

ماذا نسينا؟ ابو رائد ـ فاضل ـ نسينا ان نساله هل اطلع احدا من المنشقين في الكويت على تفاصيل مامورية برتقال يافا؟

علـى ايـة … ومن يعيد االموات الى الحياة حقا لقد تسرعنا في تـصفيته … ابو رائد ـ حتما كان سؤاال مهما . حال يجب ان تعرف ان هناك خطرا اخر على المامورية

هو؟ فاضل ـ ماابو رائد ـ انه الرائد الهارب ماجد عبد الكريم فهو يعرف الكثير عن المامورية ومن اجـل ان ينقـذ نفـسه

. فلربما تحدث لمسؤلي االمن الكويتي بما يعرف . فاضل ـ اذن لماذا نقدم على اتمام مامورية قد كشفت تفاصيلها

البـضاعة كـان .. التفاصيل القديمة وليست التفاصيل الجديدةانها ! .. ابو رائد ـ ولكن اي نوع من التفاصيل؟ المفروض منها ان تصل عن طريق البحر ونحن االن نرسلها عن طريق البر كان المفروض ان تصل عـن طريـق

… غيرنا كل التفاصيل يا فاضل… القوارب واالن نرسلها عن طريق السيارات االردنية . فاضل ـ لقد ارحتني يا ابا رائد

: ابو رائد الى فاضل وضحك وقالنظروما عليك االن اال ان تتحرك بـسرعة الـى بغـداد فالرفـاق … ـ اننا نحسب لكل عمل الف حساب يا فاضل

. ينتظرونك هناك التمام المهمة فاضل ـ ومتى اسافر للكويت؟ ابو رائد ـ منتصف هذه الليلة؟

فاضل ـ عن اي طريق؟ عسكرية تنتظرك في المطار العسكري سوف تركبها وتهبط فـي بغـداد حيـث ابو رائد ـ طائرة الهلوكبتر ال

اسـرع وغـادر المكـان الـى المطـار .. ينتظرك الرفاق وسوف يخبرونك هناك عن اي طريق تسافر وباية هوية . العسكري

سيارة فاضل كانت تسرع بشكل جنوني وسط زحمة شوارع البصرة وكانـت الـسيارات العاديـة تحـاول ان سيارة فاضل وبعض المارة كانوا يركضون مبتعدين من امام السيارة المسرعة خوفا مـن ان تـردمهم، فقـد تتفادى

تعود المواطنون في العراق على منظر السيارات المسرعة وسط الشوارع والتي كانوا يعلمـون ان اكثرهـا تابعـة

٣٥

تها ومن ثم فرارها وكـان شـيئا لـم لرجال االمن واالستخبارات وطالما شاهدوا مناظر لسحق المواطنين تحت عجال . يكن

السيارة كانت تبتعد عن المدينة شيئا شيئا وبدات تمر باراض عسكرية حيث الحت على بعد مفـارز عـسكرية … لجنود كانوا يرتدون مالبس القوة الجوية

كري ومـا ان اوقفت السيارة عند اول مانع للطريق فاسرع فاضل باخراج هويته وابرازها الى االنضباط العس وقعت عينا االنضباط على الهوية حتى القى بتحية عسكرية لفاضل وباشارة منـه رفـع الحـاجز لتـستمر الـسيارة

. بالتحركوهكذا ظلت السيارة تقطع الحاجز تلو االخر حتى كانت تقترب من مطار عسكري حطت فـي سـاحته عـدة

. ان حطت طائرة حتى اقلعت طائرة اخرىطائرات سمتيه عراقية وكانت الطائرات في حركة دائمة ماوضع فاضل سيارته الى جنب عدد من السيارات العسكرية والمدنية واتجه الـى غرفـة كتـب علـى قطعـة

فتح باب الغرفة فكان داخلها ضابط نحيل القـوام ) االستخبارات العسكرية(ومعناها ) س ـ ع (صغيرة فوقها حرفان ـ : ما ان نظر الى فاضل حتى قالطويل القامة ذو شارب رفيع صغير اهال يا رفيق اين انت؟ … الضابط ـ من فاضال اهال

… تقدم اليه فاضل وصافحه وقبل كل واحد االخر . فاضل ـ انني مشتاق الى رؤيتك يا مالزم جابر

. الضابط ـ مع االسف الوقت قصير وال يسعني ان اقوم بخدمتك يا رجل . باسال .. فاضل ـ ال باس

. تحرك الضابط الى منضرته واخرج منها قنينة شراب اجنبية واخرج كاسين زجاجيتين ـ : ومالهما الى النصف ثم اخذ واحدا وقدم االخر الى فاضل وقال

ـ اشرب فوراءك سفرة متعبة الى بغداد اخذ فاضل الكاس وبدا بشربه بتان وما ان اكمال الشرب حتـى نظـر ـ : الالضابط الى فاضل وق

.. اسرع… ـ هيا اسرع فالطائرة بانتظارك منذ عشر دقائقخرج الضابط وفاضل مسرعين من الباب الثانية للغرفة والتي اطلـت علـى ارض المطـار حيـث تجتمـع

.. الطائرات العسكرية وعلى مقربة من المكان كانت طائرة سمتيه تستعد للطيران وتهز مروحتها هزاباتجاه الطائرة حتى وصالها ودون ان يتكلما وسط ضجيج مراوح الطـائرات ركض كل من فاضل والضابط

. صافح كل واحد االخر واشارا باشارة الوداع وابتعد الضابط من المكان ودخل فاضل الطائرة العموديةمنذ ان دخل فاضل الطائرة احس بكابة تلف جو المكان وخصوصا حينما وقع نظره على تـابوت ميـت لـف

ومن ثم لمح الى جانبه ضابطا جريحا ممدا على سدية وقـد ضـمدت … اقي ووضع في نهاية غرفة الطائرةبعلم عر . يداه ورجاله بلفاف ابيض وضمدت احدى عينه

طارت الطائرة متجهة الى بغداد وهي تضم في داخلها فاضل وعددا من خدم الطـائرة العـسكريين والميـت . ن عن نقل الميت والجريحوالجريح وعددا من الجنود المسؤولي

شعر فاضل بالندم اذ لم يكمل شرب كل زجاجة الويسكى التي قدمها له صديقه ضابط

٣٦

االستخبارات من قبل، الجو هنا ال يلفه اال شبح الموت وال تتجول فيه نفحة مسرة، تابوت فـي زاويـة كتـب لم رغم اقراص المسكن التي اعطيت لـه وجنـود د الركن سامر عبد العظيم التكريتي، وجريح يان من اال يعليه العق

اعتلت الغبرة وجوههم ومالبسهم العسكرية ورائحة عرق اجسامهم تكاد تخنق االنفاس وكانهم لم يستحموا منذ شهور وال لمست المياه وجوههم منذ زمن، ومما اثار اشمئزاز فاضل اكثر ما لمحه على ضوء الغروب المنبعث من شباك

صغيرة جدا تسير على رقبة احد الجنود وكانها قمل، وبحركة سريعة ابتعد فاضل عن جـاره الجنـدي الطائرة حشرة . خوفا من انتقال تلك الحشرة اليه

وضاعف اشمئزازه احد الجنود بالتقيوء داخل كيس خصص لذلك واختلط صوت تقيؤه بـصوت المحركـات، سه الى االرض، ولمحه احد خدمـة الطـائرة وكـان ومن اجل ان ال تظهر عالئم نفرة فاضل وسوء حاله نكس برا

برتبة نائب ضابط نظر اليه عن كثب وراى في عينه نظرة احتقار واضحة ال ريب فيها سمر فاضل عينه فـي عـين نائب الضابط ليتاكد من شعوره او ليخجله او ليخيفه من االستمرار في النظر ولكن النائب الـضابط ظـل متابعـا

لذي هو بدوره خجل ونكس راسه الى االسفل وراحت االفكار تجول فـي خـاطره وراح يـسال نظراته الى فاضل ا نفسه، لماذا ينظر الى هذا العسكري بحقارة؟ لعله كان يراقبني ولمحني كيف ابتعـد عـن الجنـدي او لعلـه الحـظ

اشئمزازي من المكان ونفرتي منه؟ ري فـاكثر العـسكريين يحقـدون علـى المـدنيين او لعله يحتقرني الني ارتدي المالبس المدنية وهو عـسك

ويعتبرونهم من المرفهين ولكن ما المه اكثر هو انه في وضع لم يكن بقادر على الرد عليه وغيـر قـادر علـى ان ينزل العقوبة التي تشفي غليله لمن ينظر اليه بهذه النظرة ولفته موجة من الحقد على ذلك النائـب الـضابط جعلتـه

. اخل وهو غير قادر على فعل شئ الطفائهايحترق من الدولم تقطع سلسلة افكاره تلك سوى صفارة االنذار التي دوت في داخل الطائرة والتي انتبه على اثرهـا الجميـع وراحوا ينظرون كل الى البعض االخر تارة من الشبابيك وتارة كانوا يصوبون بنظـراتهم الحـائرة صـوب غرفـة

. خطر وسبب االنذارالقيادة ليعرفوا مصدر التحرك النائب الضابط صوب غرفة القيادة وبقي لحظات هناك ورجع وكانت االنظار متوجهة نحوه فنظر الـى

: الجميع برهة من الزمن حسبها الجالسون ساعات وقال بكل برود . ـ الطائرات المعادية تحلق فوقنا

: فانتبه فاضل الى عظمة الخطر وقال ات؟ ـ اي نوع من الطائر

: فالتفت اليه النائب الضابط ورمقه بنظرة باردة وقال . ـ انها الفانتوم االيرانية

ـ : ورفع الضابط الجريح راسه قليال ونظر الى النائب الضابط وقال بصوت مخنوق ـ هل هناك احتمال لضربنا من قبلها؟

. فانها ليست بالمرة االولى… هناك احتمال قوي… النائب الضابط ـ نعم . حين قال ذلك النائب الضابط احس الجميع وكان شبح الموت قد جثم على صدورهم

٣٧

اما فاضل فقد اعتراه خوف عظيم من حدوث كارثة تادي بحياته فمرة ينظر من الشباك المدور الـصغير الـى نظر الـى غرفـة االفق لعله يلمح الطائرات االيرانية ومرة اخرى ينظر الى الضوء االحمر المشعول وتارة اخرى ي

القيادة وجسمه يميل يمينا ويسارا يعبث بنظراته في وجوه الجميع ويتراقص الرعب على راسه وفضحه خوفـه اكثـر من اي راكب اخر ووسط تلك الحالة النفسية المزرية التي كانت تنتاب جوانب روحه نظـر للنائـب الـضابط فـراه

صيره بكل هدوء اعصاب وتراءت له في تلك اللحظة مفارقـة مـا باردا ساكنا كما هو يقف بال مباالة كمن استسلم لم بين خوفه وشجاعة النائب الضابط ورجع الى نفسه لحظات اغرقت وجهه بعرق الخجل فتسمر فـي مكانـه خجـال، وانطفا الضوء االحمر معلنا االمان مرة اخرى ومرت اللحظات بسالم والتي تحولت الى زمن اطـول مـن زمنهـا

. بكثير … لنائب الضابط للجميع باشارة معناها اننا سوف نصل عن قريباشار ا

الجميع حاول النظر من الشبابيك التي غاب الضوء عنها بغياب الشمس ورحيل النهار، ولـم يـستطع احـد ان . يرى شيئا من االسفل فالظالم يخيم على االرض وال بصيص من نور خوف الغارات الجوية

لطائرة بدات تهبط وهبطت بسرعة كادت ان تخلع القلوب من الـصدور وتوقفـت بعد دقائق احس الجميع بان ا على ارض المطار وفتح النائب الضابط الباب وخرج، وخرج وراءه فاضل مسرعا الى االمام وما ان ابتعد خطـوات

م وابتعـد عن الطائرة حتى وجد رجلين في انتظاره من المدنيين ادرك انهم من رجال االستخبارات صافحاه وصافحه عن المكان وهو يرمق الطائرة بنظرة اخيرة شاهد على اثرها النائب الضابط وجنودا اخرين وهم يخرجـون التـابوت

. من الطائرةاتجه الثالثة الى صالة المطار العسكري ودخلوا الصالة الكبيرة المضاءة بضوء خفيف ومن ثم هـدى احـدهم

الرجالن في الخارج ودخل فاضل ورمق الغرفة بنظرة فشاهد رجلـين فاضل الى غرفة يطل بابها على الصالة وبقي من االستخبارات كانا ينتظرانه وكان يعرف احدهم فاتجه صوبه وصافحه وقبله وصافح الثاني ايـضا ودعـواه الـى

: الجلوس فقال االول واسمه ابو نصيرفة العربية ولكننا مـع االسـف ال نملـك ابو نصيرـ كان بودنا ان يكون متسعا من الوقت لنقوم بواجب الضيا

. شيئا من الوقت . فاضل ـ اني اشكركم على ذلك وادرك ضيق الوقت

. تفضل يا اخ فاضل هذا جواز سفرك اردني انه جواز نظيف ورسمي.. ابو نصير ـ جيد .. ام؟… رسمي… فاضل ـ رسميع الجوازات االردنية المزورة وهذا الجـواز لقد انتهت تلك المرحلة التي كنا نتعامل م… ال… ابو نصير ـ ال

. صادر من مديرية الجنسية والسفر في عمان سافر به بثقة تامة . اخذ فاضل الجواز وفتحه ونظر الى داخله فوجد ان صورته موضوعة بشكل جيد

. فاضل ـ اذن اسمي خليل حمادي . في عمانابو نصير ـ انت تاجر اردني ومندوب لشركة تصدير الفواكه والخضر

فاضل ـ متى السفر؟ … ابو نصير ـ سوف تقلع احدى الطائرات المدنية العراقية بعد ساعة الى عمان وانت احد ركابها

٣٨

؟ …فاضل ـ ثم .. ابو نصير ـ تنزل في عمان

. فقاطعه فاضل وقال ـ اوال باي جواز اسافر االن الى عمان؟

يده الى جواز عراقي موضوع على جانب الطاولـة وسـلمه مد ابو نصير .. ابو نصير ـ طبعا بجواز عراقي : الى فاضل وظل متابعا قوله

.. خذ هذه بطاقة سفرك" مرور"ـ تنزل الى مطار عمان بهذا الجواز العراقي وطبعا فقط . يسلمه بطاقة السفر فينظر فاضل اليها ؟ … فاضل ـ بغداد ـ عمان ـ كويت

ن تنظر ساعة او ساعتين هناك ثم تركب الطـائرة الكويتيـة الذاهبـة في مطار عما" مرور"ابو نصير ـ تنزل . الى الكويت فلديك موافقة داخل الجواز العراقي

. فاضل ـ هل الموافقة مزورة ام صادرة من سفارة الكويت . ابو نصير ـ طبعا مزورة ولكننا لسنا بحاجة اليها اال لدخول الطائرة فقط

فاضل ـ كيف؟ حينما تدخل الطائرة الكويتية تتخلص من الجواز العراقي وتضع الجواز االردني بـدال منـه ابو نصير ـ النك

. في جيبك . فاضل ـ وانزل به الى مطار الكويت

ابو نصير ـ عال، تنزل الى مطار الكويت بصفتك تاجر اردني ولديك موافقة صادرة من سفارة الكويت فـي . الردنية عمان ـ كويتعمان وبطاقة سفر صادرة من مكتب الخطوط ا

❁ ❁ ❁ كان السائق االشقر يقف باجالل امام رجل االسـتخبارات، ابـو رائـد فـي الـصالة الكبيـرة داخـل بيـت

. االستخبارات : نظر ابو رائد الى وجه االشقر وقال . ـ تفضل اجلس يا رفيق زيد القاسم

يعبث في ملف اسود اللون واخـرج منـه صـورة جلس االشقر على كرسي امام منضدة ابو رائد الذي راح . لضابط حدود كويتي ووضعها امام االشقر . ابو رائد ـ انظر الى هذه الصورة

: نظر اليها االشقر مليا وقال . ـ نعم يا سيادة الرائد

ـ ة انظـر ابو رائد ـ انها صورة الضابط الكويتي الذي سوف تلقاه في الساعة الثالثة ظهرا عند الحدود الكويتي . الى وجهه جيدا اسمه خليفة الحمد

٣٩

. واعاد النظر اليها جيدا ثم ارجع الصورة الى ابي رائد . االشقر ـ لقد حفظتها يا سيادة الرائد

. رفاقك الفلسطينيون يقولون انك ذكي وتحفظ كل التفاصيل على ظهر قلب… ابو رائد ـ جيد . توبة او رسالة في مامور ياتي ومهماتي الخاصةاالشقر ـ نعم يا سيادة الرائد لم احمل ورقة مك

العناوين ارقام الشوارع كيف تنقلها؟ .. التلفونات .. ابو رائد ـ ارقام السيارات . االشقر ـ احفظ كل شئ على ظهر قلب

ابو رائد ـ الم تخطئ مرة في مامورية؟ . االشقر ـ ال اتذكر مرة ان حافظتي قد خانتني

. ومد يده مرة اخرى الى الملف واخرج صورة اخرى لضابط اردني… جيد.. يدج) يضحك(ابو رائد . ابو رائد ـ انظر الى هذه الصورة . نظر اليها االشقر ثم ارجعها اليهم

.. ابو رائد ـ انها صورة ضابط اردني اسمه ـ : فقاطعه االشقر وقال

. االشقر ـ العقيد عبد المروان خالد تعرفه؟ وهل ) يتعجب(ابو رائد

. االشقر ـ انا اعرف الكثير من الضباط االردنيين . ابو رائد ـ تعرفهم شخصيا

… االشقر ـ اعرف بعضهم شخصيا واعرف اكثرهم عن بعد بطبيعة عمليابو رائد ـ الحقيقة اننا ال نعرف كيف نشكر المسؤولين في منظمـة التحريـر الفلـسطينية لتقـديمهم رجـال

. نشكرهم على كل المساعدات التي يقدمونها لنا في الكويتمخابرات من امثالك بل ؟ ..واالن ماذا افعل.. االشقر ـ نحن في خدمة رجال االستخبارات العراقيين وفي خدمة قيادة الحزب

ويخرج علبه جميلة المنظـر غلفـت بقمـاش لمـاع ) يمد ابو رائد الى داخل المنضدة. (نعم… ابو رائد ـ اه . ى االشقر فيفتحها بدوره فيرى داخلها قالدة ذهبيه جميلة ثم يطبق العلبهويسلمها ال) احمر

حينما تصل غدا الساعة الثالثة ظهرا الحدود الكويتية سـوف تجـد الـضابط … ابو رائد ـ اسمع يا رفيق زيد انهـا هذه العلبـة علـى اسـاس … تذهب اليه وتقدم له… الكويتي خليفة الحمد هو المسؤول عن النقطة تلك الساعة

مرسلة من قبل صديقه الرائد االردني العقيد عبد المروان خالد بمناسبة زواجه فهذا الضابط قد تزوج قبل مدة ورجع . توا من شهر العسل الى عمله وتعرف كيف تتصرف بعد ذلك

. نظر االشقر الى وجه ابو رائد بكل ثقة . االشقر ـ تاكد باني سوف اقوم باعباء المهمة حد االمكان

. ابو رائد ـ واذا انتهت المهمة بسالم فسوف تجدنا كرماء معك … االشقر ـ ساكون عند حسن ضنكم

… ابو رائد ـ اهال وسهال

٤٠

مد االشقر يده الى ابي رائد وصافحه واتجه الى باب الغرفة وخرج منها مسرعا حيث كانت الـساعة تقتـرب ق بال توقف وصرير الـصراصر يجيـب نقيـق من منتصف الليل وال صوت سوى صوت الضفادع التي راحت تن

. الضفادع

❁ ❁ ❁ وبدا قرص الشمس االحمر يخرج ببهائه وسلطانه من وراء رمال الصحراء الممتدة بـين البـصرة والحـدود الكويتية واطل ضوء الشمس الذهبي بخيوطه اللماعة على االرض وما عليها واشتد الـضوء حتـى كـان ان يعمـي

العظيم الذي كان يقود شاحنته الثالجه عبر الطريق مع باقي طاقم القافلة فانزل عبد العظيم المظلة ليحجـب بصر عبد ضوء الشمس عن عينيه واستمر في المسير عبر تلك االرض المنبسطة الصحراوية الممتدة الى ماال نهاية وابتعـدت

لعظيم تقترب من مفتـرق طريـق فـسلك الطريـق القافلة عن مدينة البصرة وبعد اكثر من ساعة كانت شاحنة عبد ا . المؤدي الى صفوان مع باقي الشاحنات

ظلت القافلة سائرة باتجاه نقطة الحدود العراقية الكويتية صفوان لم يستطع عبد العظيم مـن ان يقطـع مـسيره يـف مـن سـرعته، براحة حيث ال تمر دقائق اال وقد صادفته من الجانب المقابل قافلة عسكرية تضطره الـى التخف

سيارات تحمل جنودا تارة وتارة اخرى شاحنات عسكرية كبيرة تحمل صناديق العتاد والذخيرة واخطرها تلـك التـي كانت تنقل الدبابات ووسط تلك الزحمة التي مالت طريق صفوان البصرة كانت شاحنة عبد العظـيم تـشق طريقهـا

. بصعوبهكرية الذاهبة والقادمة عبر هذا الدرب والتي طالما اوقفت القافلـة تعجب عبد العظيم لمنظر هذه السيارات العس

. على جانب الدرب حتى تمر السيارات العسكرية االتية من البصرة والى صفوان وبالعكس اين تذهب كل هذه القوافل العسكرية ومن اين تاتي؟ … وخطر سؤال في راس عبد العظيم

االتجاه هو اتجاه الحدود العراقية الكويتية السعودية حيـث ال حـرب سال نفسه هذا السؤال والنه يعلم ان هذا بذلك االتجاه، ولكن الجواب جاء سريعا حينما كان يقترب من نقطة صفوان حيث خفف السرعة وتوقفت القافلة علـى

ملـة مقربة من النقطة الحدودية حيث الحظ عبد العظيم ان بعض القوافل العسكرية تذهب الى الكويـت وترجـع مح . بانواع السالح والعتاد الذي افرغ في موانئها لتنقله الى حيث يمكن استخدامه لقتل االيرانيين

نزل االشقر من مقصورته واتجه مسرعا صوب غرفة ضابط الكمارك عند الحدود وما هي اال لحظـات وقـد . وا اليهاخرج ومعه ضابط الحدود ورجل امن بمالبس مدنية واقتربوا من سيارات القافلة ونظر

. الضابط ـ هذه اذن هي القافلة . االشقر ـ نعم يا سيادة المالزم

. الضابط ـ حسنا اجمع جوازات السواق بسرعة وتعال بها الى الغرفة . االشقر ـ حسنا

اتجه االشقر الى السواق واخذ منهم جوازات سفرهم وجمعها واتجه الى غرفة الضابط يرافقه رجـل االمـن . العراقي . شقر ـ تفضل يا سيدي هذه الجوازاتاال

٤١

. الضابط ـ كل الجوازات اردنيه . فكل السواق اردنيون.. االشقر ـ نعم

. الضابط ـ ال باس خالل دقائق نكون قد ختمنا لكم، الخروجية ـ : ثم نظر اليه رجل االمن وقال

. ثم ابتسم وقال انه مجرد تفتيش اعتيادي.. ـ البد من تفتيش القافلة خرج رجل االمن واالشقر الى الخارج وبدءا يفتحان الثالجات واحدة تلو االخرى واخذا ينظـران مـا فـي و

ـ : داخلها ويحمالن من كل ثالجة صندوقا من البرتقال الى الخارج وقال رجل االمن وهو يضحك . ـ انها نقطة كمارك اليس كذلك

شرطي ـ وعلينا ان ناخذ قسما من البضاعة اليس كذلك؟ وما ان اكمل التفتش المعتاد لسيارات القافلة حتى جـاء شـرطي يحمـل جـوازات الـسفر .. وضحك الجميع

واوراق نقل وحمل القافلة وقدمها الى الرجل االشقر وقال الشرطي، تـستطيع القافلـة االن التوجـه الـى الكويـت … تفضلوا

لى داخل غرفة ضابط الكمـارك ورجـال شكر االشقر وحمل الشرطة االخرون صناديق البرتقال وذهبوا بها ا ـ : االمن والتفت رجل االمن الى االشقر وقال

. ـ هناك اوامر خاصة تقول عليك ان تتاخر نصف ساعة فقط االشقر ـ لماذا؟ لقد انتهى كل شئ؟

رجل االمن ـ بقيت ساعة حتى الساعة الثالثة ظهرا والقافلة سوف تصل الى النقطة خالل نـصف سـاعة اذن . تظر نصف ساعة حتى تكون في الثالثة تماما عند الحدود الكويتيةان

قالها رجل االمن وابتعد عن االشقر بعد ان صافحه وتوجه االشقر الى جمع السواق ووزع علـيهم جـوازات . السفر واخبرهم بان ينتظروا نصف ساعة السباب خاصة يقضيها مع ضابط الكمارك العراقي

❁ ❁ ❁ اضل عينيه من غفوة لساعات قضاها داخل طائرة للخطوط الجوية االردنية ونظـر مـن خـالل شـباك فتح ف

. الطائرة فشاهد االفق االحمر يصبغ لون السماء محاوال طرد ظلمة الليل ليفسح للشمس طريقا بعد الغسقول الطائرة الهبوط فـي وادرك ان الصباح طل لينهي ليلة متعبة، قضاها في التنقل بين بغداد وعمان واالن تحا

… الكويت . وها هو صوت احد المضيفين يعلن قرب انتهاء الرحلة واالستعداد للهبوط في مطار الكويت

وما مرت دقائق حتى حطت الطائرة بجثتها العظيمة على ارض المطار وراح دليل المرور بسيارته المرقطـة . ين لهايدل على مكان وقوف الطائرة ولتقف عند المدرج الذي ع

ووضعت الساللم للركاب الذين بداوا بالنزول الواحد تلو االخر وكان بينهم فاضل الذي ارتدى نظارة بيـضاء العدسات وفي يده حقيبة دبلوماسية وسار باتجاه سيارة الركاب مع باقي المسافرين الذين نقلوا الـى صـالة التفتـيش،

توجه بجوازه صوب الشباك الخاص بالتفتيش ونظر الـضابط المـسؤول وبعد ان مال االستمارة الخاصة بالمسافرين

٤٢

في جواز سفره ثم نظر في وجهه ومن ثم ختم جوازه وسلمه فاخذه وتنفس الصعداء النه مـر مـن زاويـة حرجـه ونقطة حساسة تعتبر في العمليات من اخطر نقاط المرور فاي شك يحدث عند المسؤول قد يؤدي منعه مـن الـدخول

ف هويته، ولكنه مر بسالم وتقدم نحو شرطة الكمارك الذي فتشوا امتعته بشكل اعتيـادي وحـزم حقيبتـه وربما كش . وخرج الى صالة االستقبال

. وما ان خطى عدة خطوات حتى تقدم منه رجل يرتدي المالبس الكويتية الشعبيةحسبه ربما رجل امن كـويتي قـد ارتاب فاضل من تقدم الرجل باتجاهه ووقعت العين بالعين وخاف نظراته اذ

. شك به وقد يحدث ما ال يحمد عقباه ـ : ولكن الرجل تقدم منه ووقف امامه وقال

. ـ هل انت السيد خليل حمادي فاضل ـ نعم؟

الرجل ـ اذن انت الذي تبيع برتقال يافا طريا؟ . فاضل ـ نعم ابيعه نقدا ودينا

.. ة بعد ان تاكد كل واحد منهما من سالمة الرمزقالها وضحك واجابه صاحبه بضحكة مماثل . الرجل ـ تفضل النقلك الى فندقك . فاضل ـ تفضل ايها الرفيق العزيز

سار الرجل متقدما الى االمام ليهتدي فاضل الذي يتبعه حتى خارج صـالة االسـتقبال وهـداه الـى سـيارة فيها ثم فتح له الباب االمامية واشار له بالـدخول فـدخل مرسيدس اخر طراز وفتح له الباب الخلفية وادخل الحقائب

فاضل وتوجه الرجل الى القيادة وقاد السيارة عبر طريق المطار وممن ثم ليقطع شارع الملك عبد العزيـز مـسرعا . باتجاه قلب المدينة

ـ : توجه فاضل الى الرجل وقال ـ كيف تتحملون حرارة الصيف في الكويت؟

. انها ال تطاقالرجل ـ نحن مثلك يا رفيق خليل ال نطيقها واننا نكيف دوائرنا ومحالت العمل كذلك وحتى السيارات تعمـل

. فيها المكيفات كلما تحركت . فاضل ـ اذن انتم ال تذوقون الحر اال بضع دقائق اثناء التجوال في الشوارع

. الرجل ـ فقط بضع دقائق … فيفةقالها الرجل وضحك وبادره فاضل بضحكة خ . وانحرفت السيارة الى شارع اخر فقال فاضل

اليس كذلك؟ . …ـ انه الشارع الذاهب الى الشويخ الرجل ـ اذن هذه ليست اول سفرتك الى الكويت ايها الرفيق؟

. قالها وسكت… فاضل ـ ال ليست االولى

٤٣

ه البحر الزرقاء والتي بـدت وظلت السيارة تسير ودخلت شارع الخليج العربي وفاضل يمتع نظره بمشاهدة ميا القوارب الطافية عليها كانها لعب اطفال تتالعب بها امواج البحر كيف تشاء وكانت البنايـات تقطـع علـى النـاظر منظر البحر الممتد على طول شارع الخليج وكلما اقتربت من بناية حساسة اشار فاضـل للرجـل بالتـاني وتخفيـف

ل ما يامره فاضل فقد خفف سرعته عند بنايـة مجلـس االمـة وقـصر الـسيف السرعة وما على الرجل اال ان يفع االميري وظل فاضل يحدق النظر مليا باتجاه قصر السيف وقال كلمة يبدو انها خرجت بال وعـي مـن وراء لـسانه

ـ : فقال . ـ سياتي يوم ايها القصر ونطرد من فيك شر طرده

: ى انتبه اليه فاضل فابتسم واراد ان يتالفى زلت لـسانه فقـال الرجل نظر اليه باستغراب وظل يتابع نظره حت ـ

ـ هل الرفيق كويتي الجنسية؟ . الرجل ـ نعم انا كويتي الجنسية

فاضل ـ تقصد ان الجنسية كويتية فقط؟ . بل انا كويتي من اب وجد.. الرجل ـ كال

فاضل ـ كويتي بعثي الهوية ولست اميريا رجعيا اليس كذلك؟ . رجل ـ لقد قلت صدقا فانا كويتي بعثيال

. فاضل ـ بعثي قديم . الرجل ـ المهم انا رهن اشارة الحزب يا رفيق وليس المهم قدمي

. فاضل ـ انه شعور حزبي وثوري نبيلثم طاف فاضل بنظره من زجاج الشباك فالحت له ابراج الكويت العالية وكانها رؤوس رمـاح تتنـاطح بهـا

ـ : ل صاحبه السحب فسال فاض ـ كم ترتفع هذه االبراج عن االرض؟

. م١٨٤الرجل ـ كما سمعت وظل فاضل يتابع نظره الى االبراج حتى ابتعد عنها واقتربت السيارة من منطقة الدعيه فخفف السائق سـرعته

والتـي زينـت مـن تلقائيا ونظر الى فاضل الذي ادرك ما يقصده صاحبه فنظر عن بعد الى بناية السفارة العراقيـة الخارج بمعمارية عربية فظهرت بطوابقها الثالث وسورها العالي واعمدتها الطويلة وكانها حصن عربي قديم ومـال

ـ : فاضل الى صاحبه وقال . ـ اذا التقيت بالرفاق بلغهم سالمي واخبرهم عن اشواقي الحارة لرؤيتهم

: فقال الرجل وهو يبتسم .. وف تلتقي بهم في ساعة من ساعات الماموريةالرجل ـ على اية حال س

ورجعت السيارة الى فندق هلتون الذي كان يطل على البحر وشارع الخلـيج العربـي ويقـع بـين االبـراج والسفارة العراقية ووقفت السيارة في موقف الفندق حيث اسرع احد الخدم وكان هنديا ووقف امام الـسيارة فخـرج

. فاضل الى الهندي الذي ذهب بها الى الداخلفاضل وصاحبه وسلم حقيبتي

٤٤

ثم اتجه الرجل الى صندوق السيارة وفتحه واخرج منه حقيبة صغيرة حملها بيده ودخال الـى الفنـدق واتجهـا ـ : صوب مسؤول االستقبال وقال له الرجل

. ـ انه السيد خليل حمادي قد حجزت له غرفة في الطابق السابع ـ : وقالفنظر المسؤول في دفتره

. هذا صحيح رجاء جواز سفرك المال هذه االستمارة الخاصة بالمسافرين… ـ نعم . قدم له فاضل جوازه االردني فمال المسؤول االستمارة ومن ثم قدم له الجواز مع مفتاح غرفته

ح واتجه فاضل والرجل صوب الغرفة يتبعهم الهندي وصعدوا جميعا بالمصعد الكهربائي الـى الغرفـة وفـت . فاضل الباب ودخل الجميع ووضع الهندي الحقائب على االرض ثم سلمه الرجل بعض النقود فشكرهم ورحل

ـ : اغلق الرجل الباب وسلم فاضل الحقيبة الصغيرة التي اخرجها من صندوق السيارة وقال … ـ انها البضاعة الخاصة بك

. اخذ فاضل الحقيبة والتي علق مفتاحها بالقبضة هل لديك اوامر اخرى ايها الرفيق؟ الرجل ـ

اال تتفضل وتجلس؟ … شكرا… فاضل ـ ال . اسمح لي مع السالم… الرجل ـ كال شكرا فلدي اعمال وقد انتهيت من توصيلك وتسليمك االمانة

. فاضل ـ شكرا جزيال مع السالمة . خرج الرجل من باب الغرفة بعد ان اغلق الباب وراءه

ايطالي الصنع ومن ثـم اخـرج ) برتا(ب الحقيبة وفتحها فاخرج منها مسدس من نوع توجه فاضل بسرعة صو كاتم صوت جربه على المسدس فراه متقن الصنع ومن ثم اخرج مخزنين مملـوءين بالرصـاص وسـحب اقـسام

ـ ه المسدس وجربه بال عتاد للتاكد من سالمته ومن ثم اخرج ورقة كتب عليها عدة ارقام وبمحاسبة خاصـة يبـدو انتخصص بها استخرج رقم تلفون كتبه بالشكل المقلوب في دفتر تلفوناته ومن ثم اخرج مفتاح سـيارة علقـت ورقـة بسلسلة كتب عليها رقم السيارة فحفظه على ظهر قلب ومن ثم اتلف تلك االوراق الصغيرة واحرقها داخـل منفـضة

. السكائرة وخبا المسدس خلف سترته وخبا كاتم الـصوت فـي وضع المفتاح في جيبه وراح يردد مع نفسه رقم السيار

احد الجيوب وقام من مكان صوب الشباك وفتح الستارة وراح ينظر الى اعماق البحر االزرق وغط هـو فـي بحـر . افكاره

رجع فاضل من الشباك ونظر في ساعته فوجدها تقترب من التاسعة صباحا فرجع الى سريره واسترخى قلـيال وكاد ان ينام من فرط التعب في التجوال طوال اليومين السابقين ولكنه انـتفظ مـن مكانـه وراح وتمدد على السرير

مسرعا باتجاه الحمام بعد ان نزع مالبسه ودخل الحمام وجلس وشرد في افكاره لحظات ومد يده الى سماعة التلفـون . ة ان تعطيه رقم تلفونلوتمهل لحظات ثم رفع السماعة وطلب من البدا

. صوت امراة في التلفونوخرج … الو.. من .. الو… صوت امراة ـ الو

٤٥

لكن فاضل لم يجب واطبق السماعة والذ الى السكون والصمت لحظات اخرى ثم مد يده الى الـسماعة مـرة . اخرى ورفع السماعة وطلب نفس الرقم السابق وجاء صوت المراة بذاتها مرة ثانية

… الو… صوت المراة ـ الو . م عليكم يا فاطمةفاضل ـ سال

صوت المراة ـ من المتكلم ؟ من؟ . فاضل ـ لقد نسيتني يا ام االحرار

اين انت؟ من اين تتصل؟ ! اخي فاضل!. فاضل!! صوت المراة ـ من . فاضل ـ انا اتكلم من الكويت يا ام االحرار

.. فاطمة ـ هل حقا؟ انت في الكويت؟ . يتفاضل ـ نعم يا ام االحرار انا في الكو

كان على الجانب االخر تقف امراة على شبه كبير من فاضل، سمراء طويلة القامـة مليحـة الوجـه وسـيعة العيون عريضة الشفاه والى جانبها طفالن يلعبان ويلهوان داخل صالة البيت احدهما بنت عمرها سبع سـنوات وولـد

… عمره عشرة سنوات . م تعير للطفلة اية اهمية وراحت تكلم اخوها فاضل بشغفاقتربت الطفلة من امها لتشكو اخوها ولكنها ل .. فاطمة ـ ابتعدي يا دالل اريد ان اكلم خالك

اسمع يا فاضل اين انت االن؟ . فاضل ـ انا في الفندق

فاطمة ـ اي فندق؟ . فاضل ـ اسمعي سوف انتظرك انت وزوجك واالطفال الساعة التاسعة ليال عند مطعم قصر النخيل

. انه المطعم الموجود عند راس السالمية.. ـ قصر النخيل؟ اهفاطمة . فاضل ـ نعم يا فاطمة والذي جلسنا فيه معا قبل سنتين

فاطمة ـ تذكرت حسنا لماذا ال تاتي الى البيت لماذا الفندق؟ لماذا في المطعم؟ . فاضل ـ لدي اعمال تجارية علي ان انهيها خالل يومين ثم اتفرغ لكم

يا لك من سيئ االعمال التجارية اهم منا يا فاضل؟ فاطمة ـ . يا فاطمة ال تسيئ الظن سوف اراكم اليوم الساعة التاسعة حسنا مع السالمة… ال… فاضل ـ ال

. فاطمة ـ مع السالمة . واقفل فاضل السماعة

فرحـا لقـرب واقفلت فاطمة السماعة وراحت تغوص في هواجس ومشاعر انتابت روحها وابتسمت مع نفسها . موعد لقاء اخيها ثم التفتت الى طفليها وقالت وهي شاردة الذهن

… فاطمة ـ سوف نرى خالكم فاضل الليلةلكن االطفال كانوا منشغلين في لهوهم وعراكهم وصوتهم كان يرتفع فوق صوت امهم ولكن فاطمـة ظلـت

. مبتسمة وفرحة وقالت مع نفسها وبصوت مرتفع

٤٦

. الليلة شئ رائعفاطمة ـ سوف ارى اخي . وقطع عليها شرود ذهنها صوت جرس الباب

❁ ❁ ❁ انفتح باب المصعد الكهربائي فخرج منه عدد من المسافرين االجانب ووسطهم فاضل الذي يتجه نحو التلفـون

الذي دونه مـن العمومي الموضوع في زاوية من صالة االستقبال لفندق هلتون ورفع سماعة التلفون ونظر الى الرقم . قبل ودار القرص وتكلم في السماعة

شركت الوفاء للفاكهة والخضر؟ .. فاضل ـ الو . فجاء جواب رجل في السماعة

. الرجل ـ نعم تفضل هل المتكلم ابو سالم؟ … فاضل ـ انا خليل حمادي مدير مبيعات الشركة االردنية لتصدير الفواكه والخضر

. يتكلم معكابو سالم ـ نعم ابو سالم . فاضل ـ رجاءا اعطني عنوان الشركة

… ابو سالم ـ حسنا اكتبه … وكتبه فاضل.. فاضل ـ شكرا

. ابو سالم ـ اخ خليل من المفروض ان تصل قافلة برتقال يافا حوالي الساعة الخامسة عصرا … فاضل ـ سوف اتابع تحرك القافلة واخبرك بموعد الوصول بعد ساعات

… التلفون وخرج من باب الفندق الخلفي واتجه صوب كراج الـسيارات التـابع للفنـدق وضع فاضل سماعة واخرج من جيبه مفاتيح السيارة واخذ ينظر الى الرقم المكتوب على الورقة الصغيرة المعلقة بالمفاتيح وبـدا يفـتش

يش عثر علـى الـسيارة عن ذلك الرقم وسط عشرات السيارات المتراصة الى جنب بعضها وبعد عدة دقائق من التفت المعدة له وكانت مارسيدس زرقاء اللون حديثة الصنع فتح الباب ثم ادار المحرك وتحرك بالـسيارة باتجـاه شـارع

… الخليج العربي وراح ينظر عن بعد الى بناية السفارة العراقية من ثم ابتعد عنهاان للبقاليـة واشـترى منـه علكـة وبعد مسير دقائق اوقف سيارته على جانب من الرصيف واتجه صوب دك

. وعلب ماء البرتقال الغازيه ثم توجه نحو التلفون وادار القرص .انا خليل حمادي… فاضل ـ الو

… هل استرحت قليال… صوت الرجل ـ اهال اخ خليل . لقد عرفتك انت الذي اوصلتني اليوم للفندق اليس كذلك… فاضل ـ اه

ر؟ ماذا تام… رجل ـ يا لك من رجل ذكي فاضل ـ اين يجب ان تكون المحطة الثانية؟

هناك من ينتظرك عند قسم السكائر االجنبية الـساعة الثانيـة عـشرة … ـ سوبر ماركت مركز السلطان رجل . ظهرا

. …مع السالمة… فاضل ـ شكرا جزيال

٤٧

. صوت ـ مع السالمة ايها الرفيق توجه فاضل صوب البائع وقال . ارا لسوبر ماركت مركز السلطانفاضل ـ اي طريق اكثر اختص

. البائع ـ الطريق الرئيسي هو اكثر الطرق اختصارابعد ذلك ابتعد عن المكان واتجه نحو سيارته وسار بها مسرعا اتجاه محطته الثانية وما هـي اال دقـائق حتـى

ن من السوبر ماركت ثـم اوقف سيارته ونظر الى اطراف المكان والداخلين والخارجي) مركز السلطان (كان عند باب . نظر الى ساعته فوجدها الساعة الثانية عشرة اال ربع

خرج من داخل السيارة واقفل الباب واتجه صوب سوبر ماركت فوجده ذو مساحة كبيرة تعج بالمـشترين مـن .كل الجنسيات وكانها خلية نحل ال ترى فيه اال حركة دائمة وضوضاء

ى زوايا المكان واقسامه بحثا عن قسم السكائر االجنبيـة ونظـر فـي تفحص كل صوب وزاوية وراح ينظر ال ساعته فوجدها الثانية عشرة اال خمسة دقائق اقترب من الزاوية المخصصة للسجائر وكانت البائعـة امـراة جميلـة

… المحيا شقراء ذوات عيون خضراء كانها من حوريات الجنةنظرات، يرمق بها وجه الـشقراء واراد ان يكلمهـا لعلـه راح فاضل يطل النظر الى انواع السجائر ويخلس

يشفي شيئا من غليل روحه فاقترب منها واخذ يسئلها اسئلة فهمت هي من خاللها بان الرجـل لـيس مـن المـدخنين فنصحته بان ال يشتري سكائر لئال تضر صحته فخجل من جوابها واراد باي شكل في ان يستمر في الحديث ولكنهـا

وب زبون اخر فقد ازعجتها نظراته الشهوانية والتي ركز فيها الكثير نحو صدرها المفتوح وفي تلـك ابتعدت عند ص اللحظة اقترب منه شاب وسيم المنظر متوسط القامة وشك فاضل بان الرسول قد وصل فبادر الشاب التكلم بالعربيـة

سرعة واتجها نحو الـسيارة فركباهـا ورحـال اختلطت باللكنة الفارسية وابتسم االثنان وتصافحا وابتعدا عن المكان ب . بسرعة

ـ : نظر فاضل الى صاحبه االيراني وقال فاضل ـ انت ايراني؟

. الشاب ـ نعم فاضل ما اسمك؟

. الشاب ـ اسمي بهمن . فاضل ـ طبعا هو اسمك الحركي

. بهمن ـ نعم فاضل ـ الى اية منظمة تنتمي؟

السؤال؟ بهمن ـ هل البد ان اجيبك على هذا . اذا احببت ذلك.. فاضل ـ ال

اني انتمي الـى منظمـة مجاهـدي … بهمن ـ سوف اجيبك النه ليس بالسر الذي ياثر على نشاطات تنظيمي … الشعب

. فاضل ـ كيف لم التق بك في العراق .. بهمن ـ ربما التقينا وانت ال تتذكر

٤٨

! انا ال انسى االصدقاء بهذه السرعة… فاضل ـ كيف . ـ لعلنا لم نلتق بشكل مباشربهمن

. فاضل ـ ربما فهل تعرف من اين اعرفك؟ … بهمن ـ ولكني اعرفك

فاضل ـ اعتقد ان المسؤولين من رجالنا في الكويت قد اروك صورتي فعرفتني عندما شاهدتني فـي الـسوق . المركزية

لوقت كان يتاخر في التلفظ بحثـا سكت الشاب قليال فتصور فاضل انه يبحث عن الكلمات العربية والنه طوال ا واخيـرا … عن الكلمات المناسبة فهو ال يجيد العربية بشكل جيد ولكن الحقيقة ان الشاب كان صامتا النه كان يفكـر

ـ : انهى صمته حينما نظر الى فاضل وقال .. ـ بل عرفتك في معسكر الحرية عند اطراف خانقين

.ه ولكن ذاكرته لم تساعدهنظر فاضل مليا الى بهمن وحاول ان يتذكر . فاضل ـ كنتم كثيرين واعتقد ان تلك الوجبة كانت تقدر باربعة االف رجل وامراة اليس كذلك؟

. بهمن ـ هذا صحيح فاضل ـ وانت كنت مع االالف فكيف يتسنى لي ان اتذكرك؟

. بهمن ـ ولكنك كنت االستاذ والمدرس لنا هل كانت الدروس نافعة لكم؟ .. ١٩٨٣فاضل ـ نعم انها كانت حوالي سنة

بهمن ـ تعلمنا منك الكثير يا استاذ فاضل عن التفجير والمتفجرات انا شخصيا استفدت الكثير من المعلومـات . التي علمتني اياها اثناء الدورة في تطبيقاتي العملية

. فاضل ـ يسرني كثيرا ان اسمع ذلك من االصدقاء االيرانيين ـ : ضل وقال لهثم نظر بهمن الى فا

. ـ رجاء عندما نصل الى منطقة الصليبخات توقف عند اول شارع فيها فاضل ـ لماذا؟

. بهمن ـ هناك رفيقان البد ان يرافقاننا السفرنظر فاضل اليه بتعجب ثم غاص في دوامة افكاره حيث ادرك انها نقطة حساسة يمر عبرها ولحظـات مهمـة

مر الذي اصدره له بهمن او الخطوة التي دلـه عليهـا بانـه اسـلوب جديـد تتبعـه وتبدو خطيرة فقد ادرك من اال االستخبارات العراقية في الكويت حيث لم يخبره احد بوجود الشخصين االخرين من قبل انما جاء الخبر عـن طريـق

. العمالء والغرباء ايضا وهذا اسلوب لم يسبق به من قبللوب الرفاق في الكويت ال يعطي االسرار بالجملة حتى ولو كـان يمثـل احس فاضل بحدسه المخابراتي بان اس

. هو للمهمة قطب الرحى، والخطوات ال يعلم عنها اال في الوقت المناسبوادرك ان رجال االستخبارات العراقية في الكويت يعملون بدقة متناهية ويحسبون لالمور الف حـساب وانهـم

… رايستخدمون اكثر االساليب سرية وحذ

٤٩

استمرت السيارة في مسيرها لقطع الدوار بعد الدوار حتى انتهيت بدوار جامعة الكويت ومن ثم اتجـه فاضـل ـ : الى منطقة الصليبخات وبدا يتقرب منها ونظر الى بهمن وقال

فاضل ـ اين يجب ان اقف؟ . قف عند تلك الزاوية… بهمن ـ هناك عند اول شارعاوية واخذ ينظر يمينا ويسارا فاقترب من السيارة شاب في الثالثـين مـن عمـره اوقف فاضل سيارته عند الز

وشابة في الخامسة والعشرين من عمرها ارتدت مالبس طويلة غطت بها سيقانها وارتدت الجواريب لتغطي ما تبقـى ى اشـعة من ساقيها ولبست حذاء خفيفا ووضعت ربطة خفيفة على راسها ولم يعرف هل ارتـدت الربطـة لتتفـاد

وبسرعة فتحا الباب ودخال السيارة فالتفت فاضـل الـيهم ليراهمـا ! ؟.. الشمس ام هي نوع من الحجاب على الشعر وفي خالل لحظة تعرف فاضل على الشاب الجديد الذي ابتسم في وجهه ومد يده ليصافحه ثم ليقبل كل واحد االخـر

ـ : وقال " . ابو ثورة"هوشنك ـ يا اهال باالستاذ

ـ : لتفت بهمن الى هوشنك وقال ا . فهنا ليس معسكر خانقين" ابو ثورة"اسمه االن خليل حمادي وليس .. بهمن ـ هل نسيت

ثم التفت الـى الـشابة . (هوشنك ـ عفوا تعودنا على اسمك منذ ايام التدريب كيف حالك يا رفيق خليل حمادي . انها سيمين رفيقتنا في النضال… )وقال

ى سيمين وصافحها بعد ان القى بنظرة كلية على محياها وعلى نصف اجزاء جـسمها الفتـان مد فاضل يده ال وبدورها حيته ببعض الكلمات العربية حيث ظهر انها ال تعرف من العربية اال بضع كلمات قليلة فـاراد فاضـال ان

. يطيل معها الحديث النه كان يحب النساء كثيرا د قضيت فترة من الزمن في العراق؟ فاضل ـ كيف لم تتعلمي العربية وق

: فالتفت هوشنك اليه وقال . هوشنك ـ ولكنها لم تزر العراق

ـ : فصدم فاضل بهذه االجابة وارتبك قليال وقال . ظننتها من الرفاق الذين كانوا لدينا في العراق… عفوا… اه

… هوشنك ـ لقد جاءت توا من فرنسا ـ : فضحك فاضل وقال

واستمر في الضحك وضـحك االخـرون وضـحكت .. ذن هي من خريجات المعسكرات الفرنسيةفاضل ـ ا . الفتاة في االخر بعد ان ترجم لها هوشنك ما قاله فاضل

..واستمرت السيارة في المسير لتقطع طريق الجهرة نحو الشارع الخارجي وباتجاه منطقة العبدلي الحدودية

❁ ❁ ❁ ملة بالثالجات المملوءة ببرتقال يافا تقطع الطريق بين نقطتي الحدود بحـذر والن ارتـاال كانت الشاحنات المح

.. من الشاحنات العسكرية والمدنية كانت تاتي من الكويت وتذهب باتجاه البصرة

٥٠

تعجب عبد العظيم كثيرا لكثرة ما ينقل من عتاد وذخائر ودبابات ومدافع من الكويت باتجـاه البـصرة وادرك ريق الكويت واحد من اهم المنافذ لنقل االسلحة وذخائرها المداد نيران الحرب العراقية ضـد ايـران وان مـا ان ط

. يشاهده من حركة في نقل الذخائر واالسلحة تفوق ما كان يشاهده في طريق الحدود االردنية العراقية حرية التـي ال تحـاول ان تفـس واستمر عبد العظيم في السير متحفظا خوف االصطدام بتلك الشاحنات العسك

. الطريق ولو للحظات للسيارات القادمة من البصرة باتجاه الكويتوسرعان ما بدات السيارات تقـف فـي االمـاكن ) العبدلي(وبدات القافلة تقترب من النقطة الحدودية الكويتية

ات االخـرى ونـزل مـن المخصصة للوقوف الواحدة تلو االخرى ووقف عبد العظيم بشاحنته الى جنـب الـشاحن . مقصورته وفي يده جواز سفره واوراق السيارة

ومر االشقر كعادته على سائقي الشاحنات واخذ منهم جوازات سفرهم واوراق سياراتهم وجمعها وراح باتجـاه .غرفة الضابط المسؤول وهو يحمل كيسا ونظر الى ساعته فكانت تشير الى الثالثة والربع ظهرا

الضابط االسمر النحيف القوام المتوسط الطول ووقف امامـه بـادب ووضـع الجـوازات دخل االشقر على : واالوراق على المنضدة وقال

ـ سيادة المالزم خليفة الحمد؟ : نظر الضابط الى االشقر باستغراب حيث اعلمه باسمه وقال

من اين تعرف اسمي؟! ـ نعم؟ . مروان خالدالاالشقر ـ من العقيد االردني عبد

. فقام الضابط من مكانه وصافح الرجل وحياه وطلب منه الجلوس فجلس خليفة ـ كيف حال العقيد وما هي اخباره؟

. االشقر ـ انه بخير ويبلغك السالم ويشكرك كثيرا على ارسالك الرسائل له ثم انه ارسل لك هذه االمانة . لضابط ففتحها ونظر اليها وقالفاثارت استغراب ا.. اخرج االشقر العلبة من الكيس وقدمها له

. ـ يا لها من مفاجاة سارة . االشقر ـ انها هدية بمناسبة زواجك وقدومك من شهر العسل

ولكنـه كيـف عـرف .. خليفة ـ ولو عرفت بانه سوف يتحمل كل هذه الزحمة لما اخبرته باني سوف اتزوج اكون هنا اليوم وفي هذه الـساعة؟ سـال سـؤاله وكيف عرفت باني س… باني تزوجت لقد اخبرته باني سوف اتزوج

بسذاجة واحس االشقر بان السؤال لم يكن نتيجة شك او تركيز ولم يكن سؤاال تحقيقيا بل جاء عفويـا والنـه مطلـع : على طبيعة وبساطة الضابط الكويتي فقال

ـ .. ـ لم اكن اعرف االشقر ك ولكـن لحـسن جئت اسال عنك وكنت اتصور باني سوف ال اجدك اال عنـد بيت .الصدف وحسن النية وجدتك في مكان عملك

وسـكت … وظل يتطلع الى القطعات الذهبية المهداة اليـه . حقا لقد حملناك عناء في نقل االمانة .. ـ اه خليفة : لحظات وقال

انا اعـرف ان يعزنا الى هذه الدرجة فقد كلفته هذه الهدايا الذهبية كثيرا والعقيدخليفة ـ حقا لم اكن اعرف ان .رواتب الضباط االردنيين قليلة جدا

٥١

. االشقر ـ ولكن رواتبهم قد ارتفعت في السنين االخيرة . خليفة ـ انها من خيرات الحرب العراقية االيرانية وما يجود به الرئيس صدام على الضباط االردنيين

. قالها وضحكلبرتقال الى الكويت وقد تاخرنا كثيرا فـي العـراق االشقر ـ سيدي المالزم انني المسؤول عن ايصال قافلة ا

بسبب االجراءات االعتيادية والمعقدة في البلد واخاف ان يتاخر موعد وصول البرتقال فيفسد ونخسر الكثير فـارجو . ان تساعدنا في مرور القافلة باسرع ما يمكن

فانت تعـرف البـد … افلة كثيراسوف اطلب من الشرطة ان ال يتاخروا في تفتيش الق… نعم… خليفة ـ نعم .من التفتيش

. االشقر ـ فذلك شئ طبيعي ولكنني ارجو تسهيل االمر بقدر ما يمكن . خليفة ـ حسنا سوف نسهل عليك مرور القافلة اكراما لعيون العقيد عبد مروان خالد

ـ ضابط للـشرطي قام الضابط من مكانه وقام االشقر ايضا وخرج من الغرفة وخرج وراءه االشقر واشـار ال : الرقيب وقال

فتشوا القافلة بسرعة وال تاخروها كثيرا فاني اعرف مسؤول القافلـة فـسهل … خليفة ـ اسمع يا رقيب صقر . عليه المرور

. الرقيب ـ حاضر سيدي : التفت الضابط الى االشقر وقال

ـ تفضل يا اخي مع الرقيب فسوف يساعدكم في المرور . جه االشقر مع الرقيبرجع الضابط الى غرفته وتو

تقدم الرقيب مع عدد من الشرطة وبدؤا يفتحون الثالجات ويفتشون صناديق البرتقـال بـشكل اعتيـادي غيـر مركز وبعضهم كان يضرب على اطارات السيارات واخرون من الشرطة ينظرون في زوايا المقصورات بحثا عـن

. قائق وبشكل سريع وطبيعيالممنوعات ولم يجدوا ما يريب وانتهى التفتيش خالل د : شكر االشقر الرقيب وصافحه وتوجها صوب غرفة الضابط ودخالها ووقفا امام الضابط وقال الرقيب

. ـ سيدي لقد انهينا التفتيشتفضل يا اخي هذه جوازات السفر واوراق السيارات وهـذه اوراق الحمولـة وقـد ختمـت .. الضابط ـ جيد

. بسالمة الى الكويتجميعها تستطيع ان تمر وتذهب . االشقر ـ شكرا جزيال يا سيدي المالزم

ليتملق اكثر ويمثل دور الساذج امام الضابط، واخذ الجـوازات واالوراق ) سيدي(كان االشقر يتعمد ذكر كلمة . منه وشكرهلـى شـوق واخبره عن لساني بـاني انتظـره ع . ـ بلغ تحياتي الحارة الى سيادة العقيد عبد مروان خالد خليفة

. لضيافته في الكويت . االشقر ـ حسنا ساخبره ذلك

٥٢

وتصافحا وحيا كل واحد االخر وخرج االشقر من غرفة الضابط وهو مبتسم واتجه نحـو الـسائقين وسـلمهم جوازات سفرهم واوراق سياراتهم وطلب منهم التحرك بسرعة فارتقى كل سائق سيارته وتحركت القافلة مـن جديـد

ظر االشقر الى الشرطة الكويتية فلم يجد احدا منهم قد حمل برتقالة واحدة من ذلك البرتقـال ولـم صوب الكويت ون . يفعلوا كما كان يفعل شرطة العراق

.. عبد العظيم سار بشاحنته كباقي السائقين وسار وراءه االشقر وتبعه كظله اكثر من اي وقت . ليالقافلة تتجه نحو الكويت بعد ان عبرت منطقة العبد

كان عبد العظيم يمسح بقطعة قماش العرق الذي اعتلى رقبته وجبينه من اثر الرياح الحارة التي كانـت تنقـل حرارة الرمال الملتهبة الى داخل مقصورة الشاحنة من خالل فتحة الشباك، والقافلة تسير وسط صحراء ال ترى فيهـا

تحت اقدام قطعان االبل المنتشرة هنا وهناك وعلى بعد مـن سوى االعشاب الصحراوية المتناثرة والرمال المتموجة المكان كانت ابراج نفط الروضتين بادية وظاهرة جليا بتلك الشعل النارية الوهاجة التي تتراقص مع رياح الـصحراء

. فتزيد حرارة الجو سخونة اكثر بضياء المصابيح وحينمـا لـم الحظ عبد العظيم سيارة مارسيدس تقف الى الجانب االخر للطريق وهي ترمش

لكن االشقر الذي يتبعه انتبه الى االشـارة وادرك .. يجد سببا معقوال لما يفعله سائق المارسيدس لم يعر اهمية لما راه . المقصود فنظر من خالل الشباك الى سيارة المارسيدس فوجد داخلها فاضل وثالثة اخرين

. ون القافلة على بعد مائة مترالقافلة ال زالت تسير وفاضل واالخرون يتبعاالشقر بدا بالرمش ايضا بضياء شاحنته ليقدم اشارة الى عبد العظيم والذي بدوره كان يالحـظ تلـك االشـارة

ة الجانبية لسيارته فاخذ يخفف من سرعتها ليستطلع الخبر والحظ ان سيارة االشقر قد توقفت عند احـد جوانـب أبالمرد حدث له خلل ما في سيارته وانه طلب المساعدة باشاراته فتوقف هو بدوره علـى بعـد الشارع فتصور ان االشقر ق

. امتار ثم نزل من سيارته وترجل واتجه صوب االشقر :اقترب من االشقر الذي راه يتطلع في محرك شاحنته وقال

عبد العظيم ـ ماذا هناك يا ابا الشباب؟ .. نةاالشقر ـ يبدو ان هناك خلال في محرك الشاح

عبد العظيم ـ ماذا فيها؟ . االشقر ـ ال اعرف فجاة هبطت السرعة كثيرا ولم اعد استطع السيطرة عليها

. عبد العظيم ـ دعني ارى ماذا بها . يقال عنك انك كنت مصلحا جيدا… شقر ـ جيداال

. عبد العظيم ـ انا اصلح شاحنتي متى حدث لها خلل شاحنتي توجه عبد العظيم نحو المحرك الـذي ال زال يـشتغل ونظـر االشقر ـ ارجوك اذن اصلح لي عطب

هنا وهناك وحرك بيده قضيب البنزين فوجد ان كل شئ على ما يرام وفحص اجزاء اخرى من المحرك ولم يجد مـا يدل على خلل في محرك سيارة فنزل من فوق السيارة الى االرض وكلم االشقر لكنه لم يجده واقفـا عنـده وال هـو

وجود داخل المقصورة نظر الى بعد منه فوجد ان االشقر قد ركب سيارته وراح يمضي قـدما بهـا الـى داخـل م . الصحراء

٥٣

: ل نفسهأانتاب عبد العظيم العجب والدهشة من تصرفات االشقر وس عبد العظيم ـ ماذا يفعل هذا المجنون بشاحنتي؟

والى ا ين يتجه بها وسط الصحراء؟ تبادرت الى ذهنه فاسرع وركب شاحنة االشقر وراح يـسير بكـل سـرعته وراءه ليوقفـه لكن فكرة سريعة . وليدرك منه حقيقة االمر

وظل االشقر يسير في طريق ترابية يبدو ان السيارات قد مرت بها من قبل او يبدو انها طريق ترابيـة قديمـة . تؤدي الى مكان ما

الشقر في تلك الصحراء القاحلة الخالية من المارة حتـى وجـد وبقي عبد العظيم حوالي عشرين دقيقة يطارد ا . ان الطريق الترابية تقترب وتطل على جرف البحر

توقف االشقر وتوقف وراءه عبد العظيم وقد خلقا وراءهما خط غبار جعل من االتربة تتـصاعد علـى عنـان . من شاحنته ويقفالسماء وبعد لحظات من التوقف نظر عبد العظيم الى االشقر وهو يترجل

جد داعيا للوقوف ولكنه لم يجد ايـضا داعيـا لبقائـه ونظر عبد العظيم يمينا ويسارا فلم يجد احدا عندهم وال داخل مقصورة السيارة فنزل الى االرض واتجه نحو االشقر ومشاعر مخلوطة من الغضب والدهشة تنتابه واقتـرب

. وجههبمنه وصرخ !.احنتي؟ وباي حق تاخذ الشاحنة الى هذا المكان؟عبد العظيم ـ ماذا تفعل بش

. االشقر ـ انا المسؤول عن هذه القافلة وافعل ما اشاء باية شاحنةانني انا المسؤول عنها ولو حدث لهـا مكـروه … عبد العظيم ـ اذهب وافعل ما تشاء بشاحنتك وليس بشاحنتي

. دنفانا الذي اخسر وانا الذي يجب ان اوصلها سالمة الى االر . االشقر ـ خذ شاحنتي وابتعد عن المكان

. انا لست مسؤوال عن شاحنتك) بعصبية(عبد العظيم ـ . االشقر ـ سوف اكتب لك ورقة اتعهد بها باني استلمت شاحنتك وسلمتك شاحنتي

عبد العظيم اوال كان من المفروض ان تفعل ذلك عند مركز الشركة في عمان وليس هنا في هـذه الـصحراء … لنائية وثانيا ماذا اعجبك من شاحنتي ولماذا تريد ان تستبدلها بشاحنتكا

وما ان اكمل عبد العظيم كلماته حتى لمحت في راسه فكرة جعله يدرك شيئا لم يدركه من قبـل وغـاب فـي : صمت لحظات ثم قال

! االوقاتفهمت لماذا كنت تراقبني طوال الوقت وتطاردني وتسير خلفي اكثر… االن فهمت : ـ اه االشقر ـ ماذا فهمت؟

عبد العظيم ـ ايها الكلب انت تهرب شيئا في شاحنة غير شاحنتك حتـى اذا اكتـشفتها الـسلطات المختـصة نعم انها لعبة قديمة كان بعض المسؤولين في شركات النقـل يفعلونهـا مـع .. فغيرك هو الذي يقع فيها ولست انت

.. يالك من قذر… السواقـ ومـا ان اكمـل .. حسنا االن فهمت باني فعلت بك ذلك فاترك الشاحنة وخذ شاحنتي واذهب بسرعةاالشقر

… االشقر كلماته حتى الحت سيارة المارسيدس واقتربت منهم وتوقفت عندهما

٥٤

خرج من السيارة فاضل ورجالن وامراة، اما فاضل فقد اقترب من االشقر واما الرجالن فقـد خرجـا وفـي كالتي يستخدمها المصلحون في نقل لوازم وادوات التصليح واتجه الرجالن مسرعين الى شـاحنة عبـد ايديهما حقيبة

العظيم وناما تحتها وبدءا بفك مشدات عدة مكانات تحت الشاحنة وبدءا يخرجان من تحتها علبا وقوالـب المتفجـرات . التي وضعها رجال االستخبارات عند مدخل مدينة البصرة

ثان هنا وهناك حتى اخرجا ما قد اخفاه رجال االستخبارات من متفجرات واما الفتاة فقـد ذهبـت وهكذا ظال يعب الى الصندوق الموجود خلف المارسيدس وراحت تخرج منه قاربا مطاطيا كالذي يستعمله العسكريون اثناء عبـورهم

وتحول الى قـارب الربعـة اشـخاص الطرق المائية الى االنتفاخ حيث ما ان اخرجته من مكانه وحركته حتى انتفخ . واخذت تجره الى اطراف شاطئ البحر

عبد العظيم كان ينظر الى كل ذلك وقد انتابته دهشة كبيرة وحيرة جعلته كاالصم او كاالبله وسـط عـرس ال . يعرف ماذا يقول وماذا يفعل

مة وسط كل هؤالء الرجـال وفي لحظات ادرك عبد العظيم ان الموقف خطر وان عليه ان يسكت وال ينبس بكل :وادرك االشقر ان عبد العظيم قد ادرك خطورة الموقف فقال له

االشقر ـ حسنا خالل دقائق سوف اسلمك شاحنتك فخذها واذهب بها حيث تشاء ولكن كن هادئا حتـى ننتهـي . من االمر بسالم

رجال وراح يدعو في قلبه بـان يخلـصه لم يجبه عبد العظيم بكلمة انما ظل ساكنا مكانه وينظر الى ما يفعله ال . اهللا من الورطة بسالم

. اما بهمن وهوشنك وفاضل فقد تعاونوا على نقل نصف المتفجرات الى شاحنة االشقر وضعوها في الثالجةثم بدؤا بنقل النصف االخر من المتفجرات الى قرب الشاطئ حيث القارب الذي تمسك بـه سـيمين االيرانيـة

همن وهوشنك باتجاه صندوق المارسيدس واخرجا منه محركا صـغيرا يوضـع خلـف القـوارب وبعد ذلك ذهب ب الصغيرة واسرعا به الى القارب المطاطي ووضعاه خلف القارب وبدءا بنقل المتفجرات اليه وما ان انتهيا من ذلـك

عـن المكـان الـى حتى ركب القارب كل من سيمين وهوشنك وسحبا حبل المحرك فعمل واسرع القارب باالبتعاد ورجع بهمن الى سيارة … وسط البحر بعد ان اشارا بعالمات الوداع واشار لهم فاضل وبهمن باشارات الوداع ايضا

المارسيدس وجلس خلف المقود واسرع فاضل الى السيارة ايضا وجلس الى جنبه وتقدم االشقر مـن عبـد العظـيم : وقال

. عظيمـ سوف اعطيك من المال ما يرضيك يا عبد العبد العظيم ـ وماذا كان ينفعني مالك لو امسك بي عند الحدود وانا اهرب الممنوعات بودي ان اعـرف مـا

هذه القوالب وماذا كان يوجد داخلها هل هو حشيشة ام ذهب ام هيروئين ماذا كان فيها؟ كما اني كنـت افعـل االشقر ـ على اي حال دعك من هذه االسئلة كما انهم لم يمسكوك ولم يعثروا على شئ

الكثير في ان ال يفتش احد شاحنتك؟ . عبد العظيم ـ هذا صحيح فقد الحظت نشاطاتك الغريبة طوال الوقت

. االشقر ـ االن تفضل وخذ شاحنتك الى الكويت سالمة وهناك سوف اعطيك ما تريد من مكافاة . يتطاير من بين عينيهتوجه عبد العظيم مسرعا الى شاحنته وركبها وحركها وشرارة الغضب

٥٥

وسرعان ما رجع عبر الطريق الترابي الذي جاء منه وتبعه االشقر بشاحنته وتبـع االشـقر فاضـل وبهمـن . بالمارسيدس

وظلت الشاحنتان تقطعان الطريق الترابي حتى وصلتا الى الطريق العام ومـال عبـد العظـيم بـشاحنته الـى ظلت السيارات سائرة بسرعة حتى الحت عن بعد الفتة خـضراء كتـب الطريق ومال وراءه االشقر والمارسيدس و

). اربعون كيلو متر الكويت(عليها عبد العظيم حسب في راسه الف حساب وصمم على عدة قرارات وراح طوال الوقت يحدث نفسه فيما يفعـل

لكويتية عما شـاهده؟ ولكـن وكم هي المكافات؟ هل تستحق القبول؟ ام يخبر السلطات ا : هل ياخذ المكافات ويسكت؟ لماذا يخبر السلطات الكويتية واالمر ال يهمه؟ ولكنه خاف ان يحدث شئ في الكويت ويـاتي اسـمه وسـط الحـدث فيتورط في ورطة كبيرة اذن عليه ان يخبر السلطات االردنية عن ذلك؟ وهكذا ظل يسال نفسه الـف سـؤال ويجيـب

المنوال حتى نظر الى جانب الطريق فوجد الفتـة خـضراء اخـرى نفسه بنفسه وتظل تتجدد شكوكه وظل على هذا ). عشرون كيلو متر الكويت(كتب عليها

وسارت السيارة مسافة ووصلت الى محطة بنزين ومرت امامها ثم مرت الشاحنة من امام مركز شرطة يطـل . على دوار المطالع

ها الشارع حتى المطالع ومـا ان وصـلت قمـة وراحت شاحنة عبد العظيم تتسلق االرض العالية التي امتد في . المطالع حتى اقتربت منها المارسيدس

الحظ عبد العظيم ان المارسيدس تقترب من شاحنته في موضع حساس وخطير حيث الشارع في اعلـى نقطـة ـ سوف له عند التل الذي يظهر من فوقه منطقة الجهراء ولكنه قرر في نفسه ان حاولت المارسيدس فعل اي شـئ ف

. يصطدم بها ويقلبها الى جانب من الهاويةاما فاضل فقد كان يمسك بيده مسدسا قد وضع كاتم الصوت فوقه وبسرعة اخرج المسدس من شباك الـسيارة ورمى اطارات الشاحنة بعدة عيارات نارية وبدون صوت ادت تلك الرصاصات الـى حـدوث عـدة ثقـوب فـي

لى فقدان توازن مسير السيارة المسرعة وتراجعت المارسيدس عـن موضـعها االطارات الخلفية للسيارة مما ادى ا حين خفف بهمن السرعة فاصبحت في الخلف وتقدمت شاحنة االشقر بسرعة كبيرة ولطمت شاحنة عبد العظيم بقـوة

سـيطرته من الخلف مما زاد الطين بلة وزاد شاحنة عبد العظيم فقدانا في التوازن وعدم السيطرة وفقد عبد العظـيم على شاحنته وفي لحظات كانت شاحنته قد اشرفت على الهاوية وراحت لتسقط كلعبة مـن فـوق التـل الـى اسـفله وتتقلب بين التالل وتتناثر منها القطع لتتبعثر هنا وهناك مخلفة دويا واصواتا تسمع عن بعد وراحـت تـستقر اسـفل

. الوادي كتلة من حديد مهشم . ه الى االمام نحو الكويت دون توقف وبسرعة كبيرةاالشقر استمر في مسير

اما فاضل وبهمن فقد توقفا عند راس التل ليراقبا سقوط عبد العظيم بشاحنته وما ان استقرت الشاحنة المهـشمة في اسفل الوادي حتى اخرج فاضل من جيبه السلكيا صغيرا وضغط على زر احمر مـن ازراره فتفجـرت عبـوه

عظيم قطعتها الى الف قطعة وراحت النار تشتعل فيما تبقى منها حتى صعد اللهب الى عـشرات داخل شاحنت عبد ال االمتار في السماء ودوي انفجارها سمعه الكثير من رجال الشرطة عنـد دوار المطـالع وسـمعه رجـال مركـز

٥٦

ا يجري اما فاضـل االسعاف ايضا وتحركت سيارات الشرطة واالسعاف باتجاه راس المطالع تستكشف ما يحدث وم . وبهمن وبعد ان تاكدا من ان جسد عبد العظيم تحول الى الف قطعة من اللحم االسود

غادرا المكان بسياراتهم المارسيدس واسرعا بها ليلحقا بشاحنة االشقر الفلسطيني وهي تقطع شـارع الجهـرة . نحو مدينة الكويت

مركـز سـوق ) الشبرة بالـشويخ ( واتجهت صوب منطقة الشاحنة تتقدم داخل مدينة الكويت تتبعها المارسيدس وما ان وقفت السيارة حتى الحـظ االشـقر ان … الخضار ودخلت الجبرة ووقفت حيث تقف سيارات القافلة االخرى … السائقين كانوا بانتظاره فما ان نزل من المقصورة حتى توجهوا له

: وقال احدهم . هذه المخازناجل ـ لمن نسلم البضاعة الى اي مخزن من

. االشقر ـ سوف ادلكم عليهاتجه االشقر نحو مخزن كبيرة من مخازن شراء وبيع الفواكه والخضار بالجملة ودخل المخزن واتجه صـوب

ـ غرفة مديره ودخل الغرفة ذات الشبابيك الزجاجية الواسعة وسلم على رجل جالس وراء منـضدته يحـسب دنانير ال . الكويتية

لم يرفع راسه بل اجاب فقط بتحريك راسه والنه كان مشغوال في عد الدنانير تركـه االشـقر الرجل في البدء حتى انتهى من العد وما ان رفع راسه ليرى الواقف حين وجد االشقر امامه فقام من مكانه مسرعا وصافحه وخـرج

. من وراء منضدته وقبل كل واحد االخر بشوق وقال االشقر . ـ اهال ابا العز

. هل وصلت البضاعة… ال بابن بلدتي ووطنيـ اه . االشقر ـ نعم وصلت البضاعة

. ابو العز ـ حسنا كنت في انتظارك على جمر اختيار االصدقاء موفقا حينما اختاروك لهذه المهمة . ابو العز ـ اشكرك يا عزيزي احمد

. بهذا االسماالشقر ـ سميت نفسي عند العراقيين بزيد القاسم فال تذكرني امامهم االيـا … زيـد … اسمع يا … ال باس عليك اذن انت اسمك زيد القاسم) يضحك(ابو العز ـ ال باس عليك يا زيد

. خذ عددا من الحمالين واجعلهم يفرغون حمولة السيارات التي تحمل البرتقال ثم اترك الشاحنة المعلبة. زيد.. . االشقر ـ ال شاحنة معلبة

ابو العز ـ كيف؟ . شقر ـ البضاعة اخرجت من الشاحنة المعلبة وهي موجودة االن في شاحنتياال

اترك شاحنتك هنا حتى ساعتين لكي يحل الظـالم واذهـب ببـاقي الـشاحنات الـى . جيد… ابو العز ـ جيد وغدا ظهر ترجع انت وباقي الشاحنات من حيث اتيـتم فبقـاؤك … الموقف فسوف نفرغ البضاعة الخاصة هذه الليلة

. نا غير صحيحه . االشقر ـ اعرف ذلك

٥٧

ابو العز ـ اذن اسرع بتفريغ البرتقال ومن ثم اترك الشاحنة في الداخل واذهب الى الفندق واسترح مع بـاقي . السائقين حتى الغد

خرج االشقر من مخزن الخضر وطلب عددا من الحمالين ليقوموا بتفريغ صناديق البرتقال من الثالجات الـى . المخزن

اما فاضل حينما تاكد من وصول الشاحنة الى المخزن المتفق عليه استمر في طريقه فخرج من الجبره واتجـه . صوب الطريق الدائري الرابع وقطعه سريعا صوب شارع الخليج العربي

: وبقي االشقر يراقب نقل الصناديق واثناء ذلك توجه احد السواق الى االشقر وساله .. ا الشباب شاحنة االخ عبد العظيم لم تصل بعديا اب.. الرجل ـ يا اخ

. نظر االشقر الى الرجل وحار كيف يجيبه ولكنه تالفى السؤال بجوابه وقال . ـ ال اعرف ماذا اخره لعله حدث له خلل في سيارته او لعل احدى اطارات شاحنته انفجرت

الرجل ـ ولكنك كنت اخر القافلة؟ الم تره؟ . خر القافلة فقد تاخر هو قليال وانا سبقته في منتصف الطريق وتركته ورائياالشقر ـ ال لم اكن ا

. الرجل ـ وكيف نعرف ماذا حدث له . االشقر ـ عند اكمال نقل الحمولة الى المخزن سوف ارجع الى الطريق واطلع على سبب تاخره

: عندما سمع ذلك الرجل قال . عبد العظيم انه رجل طيب ويستحق المساعدةالرجل ـ باهللا عليك اذهب وانظر ماذا اخر االخ

تركه الرجل وذهب صوب السائقين االخرين وبدا يحدثهم واالشقر يراقبه عن بعد فادرك انه يـذكرهم ايـضا وبعد مدة حينما افرغت الحمولة ارسل االشقر السواق الى موقـف الـسيارات فـذهبوا … بغياب السائق عبد العظيم

. وبقي هو وحدهرة وذهـب الكثيـر مـن بساعة من الوقت وظالم الليل بدا يغشى سماء المدينة وقل المارة في منطقة الج وبعد

العاملين هناك الى بيوتهم اال ما قل وندر واغلقت جملة من المخازن ابوابها تحرك ابو العز صوب االشقر واشار لـه . باشارة معناها ان يتحرك

المخزن ووضعها في زاوية من المكان الواسع ثم اوقفها ونـزل ذهب االشقر صوب شاحنته وحركها وادخلها من مقصورته وسلم المفتاح الى ابي العز وصافحه وترك المكان وما ان ترك االشقر المكان حتى بـادر ابـو العـز الفلسطيني بغلق كل ابواب المخزن واسرع في فتح باب ثالجة االشـقر وبـدء يمـال صـناديق البرتقـال بقوالـب

… رات فمال حوالي اربعة صناديق وكل صندوق يكفي لتفجير ثالث عمارات كبيرةالمتفجوضع الصناديق على جانب من احد االبواب وما هي اال دقائق حتى اقتربت سيارة مارسيدس سـوداء اللـون تحمل رقم هيئة ديبلماسية من ابواب المخزن وتوقفت عنده وخرج منها رجالن ضخمان الجثة وتوجها صـوب بـاب المخزن وطرقاه اربع طرقات ففتح الباب لهم فدخال بسرعة وخرجا وكل واحد منهما يحمل صندوقا من المتفجـرات وضعها في الصندوق الخلفي للسيارة وذهبا مرة اخرى وحمال الصندوقين االخرين ووضعها ايضا خلـف الـسيارة

. سط الظالم وغابا في شوارع الكويتواغلقا الباب بسرعة ودخال السيارة وتركا المكان مسرعين و

٥٨

اما ابو العز فقد خرج من الباب وهو ينظر يسارا ويمينا والى الفوق لئال قد راه احد وحـين تاكـد مـن عـدم . وجود من يراقبه اغلق باب المخزن وابتعد عن المكان وغاب هو ايضا وسط شوارع الجبرة

❁ ❁ ❁ بهمن تسرع في شارع الخليج العربي وتقترب من فندق هلتـون كـان االعيـاء كانت المارسيدس التي يقودها

والتعب قد اخذ ماخذه من فاضل واحمرت عيناه من اثر النعاس وهو يحاول جاهدا ان يغالب انفاسه فطلب من بهمـن . ان يسرع في الوصول الى الفندق فاسرع بهمن وما هي اال دقائق وكانت المارسيدس عند باب الفندق

ـ : نزل فاضل من السيارة ونظر الى ساعته فوجدها التاسعة اال ربعا فقال لبهمن . انتظرني حتى اذهب وابدل مالبسي وارجع

. بهمن ـ حسنا سوف انتظركاتجه فاضل مسرعا الى غرفته في الفندق ودخل الغرفة وبسرعة نزع مالبسه واخذ حماما دافئا وخرج ولـبس

بشئ من النشاط ونزل مسرعا الى االسفل واتجه نحـو المارسـيدس ودخلهـا بـسرعة مالبسه مرة اخرى وقد احس ـ : ونظر الى ساعته فوجدها التاسعة والربع فقال مخاطبا بهمن

. ـ احملني الى راس السالمية ومطعم قصر النخيل فقد تاخرت عن موعد هناك . قائق وكانت السيارة عند قصر النخيلوما هي اال د. فتحرك بهمن باالتجاه المطلوب وباقصى سرعة ممكنة

❁ ❁ ❁ كانت السيارة تقل فاطمة وزوجها عبد القادر شاب متوسط القامة مجعد الشعر حنطاوي اللـون ازرق العينـين وقد بلغ الخمسين من العمر والح الشيب في راسه تلوح الوسامة في قامته وشئ من الجمال في مالمح وجهه وعلـى

. خلفي يلعب طفالهما دالل وعمرها ستة سنوات ورياض وعمره عشر سنواتالكرسي الكان عبد القادر يحاول جاهدا ان يسرع بسيارته ولكنه احس بان هناك خلال في محرك السيارة وادرك ان البـد من التوقف وفحص المحرك فاخذ جانب الطريق وبدا بتخفيف السرعة فنظرت اليه فاطمة واعتلى وجهها شـئ مـن

: لغضب وقالا فاطمة ـ هل حدث خلل في السيارة؟

. عبد القادر ـ سوف ارى ماذا بها . فاطمة ـ يا لك من رجل عندما قلت لك الف مرة بع هذه السيارة واشتر واحدة اخرى فلم تفعل

. عبد القادر ـ كلما حدث خلل في السيارة بدا صراخك يعلو . افاطمة ـ سوف تتاخر عن الموعد وفاضل ينتظرن

عبد القادر ـ لينتظرنا نصف ساعة اضافية ماذا يحدث؟ توقف عبد القادر على جانب من الطريق ونزل من وراء المقود واتجه صوب المحرك فـتح غطـاءه واخـذ

. يفحص وينظف بعض االجزاء ثم ارجع اجزاءها الى مكانها ورجع الى كرسيه وحرك المفتاح فسارت السيارة . اذا يعجبك في هذه السيارة لتحتفظ بها كل هذا الوقتفاطمة ـ انا ال اعرف م

٥٩

عبد القادر ـ يا امراة ال يعجبني في السيارة شئ انما اذا اردت ان ابيعهـا سـوف لـن يـشتريها احـد واذا . اشتروها فسوف يشترونها بسعر الحديد انها من طراز قديم ونحن االن في الثمانينات

. سك وارحنافاطمة ـ اشتر سيارة جديدة وارح نف . عبد القادر ـ من اين اشتري لو كنت املك ماال الشتريت

. فاطمة ـ مهندس في النفط وتعمل عشر ساعات في اليوم وال تقدر على شراء سيارةانها الكويـت يـا فاطمـة .. عبد القادر ـ يا امراة ترين كم نصرف شهريا وانا ال املك سوى راتبي الشهري

. ادوليست البصرة وليست بغد . فاطمة ـ يا عبد القادر ان ارخص ما في الكويت هي السيارات

. عبد القادر ـ هذا صحيح ولكن السيارة ليست سيئة لهذا الحد حتى ابيعها بسعر الحديدوهكذا ظل الجدال دائرا بين عبد القادر وفاطمة واالطفال خلف الكرسي يلهون ويلعبون ثم مالت الطفلـة الـى

ـ : امها وقالت دالل ـ ماما هل سنرى خالي االن؟

. فاطمة ـ نعم يا عزيزتي سوف اريك خالك العزيز ـ : نظر عبد القادر الى فاطمة نظرة استهزاء وقال

. …هه… ياله من عزيز… عبد القادر ـ العزيز ين لـم ار فاطمة ـ ارجوك يا عبد القادر ال تر وجهك الغاضب الخي وال اريد ان نقول ما يغضبه فانا من سنت

. احدا من اهلي . عبد القادر ـ احذري من فاضل يا فاطمة وال تذكري شيئا عني امامه

. فاطمة ـ انت تسئ الظن كثيرا باخي . عبد القادر ـ انا اعرف هذا الرجل يا فاطمة انه ال يؤتمن

. فاطمة ـ انت تكره فاضل يا عبد القادر … اعرفهعبد القادر ـ يا امراة انا ال اكرهه انا

. فاطمة ـ اتركنا من هذا الحديث وابتسم له اذا رايته . عبد القادر ـ حسنا سافعل ذلك من اجلك يا فاطمة

كانت السيارة تقترب من مقهى ومطعم قصر النخيل عند راس السالمية وتوقفت هناك ونزل منها عبـد القـادر احه واخذوا ينظرون هنا وهناك فـشاهدوا فاضـال وفاطمة واالطفال وتوجهوا صوب المطعم ودخلوه ووقفوا وسط الب

يقف على بعد وهو يشير لهم فتوجهوا صوبه واسرعت فاطمة اليه وحضنته وقبلته على خدوده وقبلها علـى جبينهـا في احترامه واظهار المحبة وبيان اشواقه لها ولالطفال وراح يحضنهم ويقبلهم وابدى ما قدر عليه من اظهـار حبـه

ثم توجه الى عبد القادر وصافحه وحضنه وقبله ورغم مالحظته للنظرات الباردة التي كان عبد القـادر ووده لالطفال يرمقه بها فقد ابدى فاضل شوقه ووده له ورغم اختصار سالم عبد القادر ورده البارد لتحيات واشواق فاضـل فقـد

الجميع حـول الطاولـة واالبتـسامة ال ظل فاضل يفيض بجمالت الشوق والثناء عليه واخيرا دعاهم للجلوس فجلس تفارق وجه فاطمة والتي كانت تحاول ان تغطي على موقف زوجها البارد وكان فاضل يحـاول جاهـدا ان يـضحك

٦٠

ويبتسم ويجامل الجميع والنه مضطر لتمثيل دور المحب والمشتاق حاول قدر ما يمكن من ان يغطي علـى ارهاقـه . وتعبه اال ان فاطمة الحظت فيه شيئا

. فاطمة ـ لون عينيك كلون الدم يا فاضل . فاضل ـ ال شئ يا فاطمة انه االستبراد

. عبد القادر ـ يبدو اننا جئناك في وقت سيئ ؟ .فاضل ـ لماذا يا عبد القادر

عبد القادر ـ النك مريض وتبدو تعبا . اننا جئنا هنا لكي ناكل العشاء سوية.. ال … فاضل ـ ال

! لم تات الى البيت يا فاضل؟ لماذا تتصرف كالغرباء؟فاطمة ـ ولماذاحتما سوف ازوركم في البيت ولكني اردت ان اراكم اوال ثـم ازوركـم .. فاضل ومن قال باني سوف ال اتي . عن قريب فلدي شغل هام معك يا فاطمة فاطمة ـ معي يا فاضل وما هو؟ . فاضل ـ سوف اخبرك به فيما بعد

. ير ان شاء اهللاعبد القادر ـ خ . فاضل ـ حتما هو خير

اقترب الخادم من الجميع وسال عما يطلبون فطلب كل واحد منهم ما يشتهي من الطعام وسـجل الخـادم كـل حيـث … شئ على الورقة وذهب وظل فاضل واالخرون يتسامرون ويتحادثون واكثر الحديث كان بين فاطمة واخيها

.قلما كان عبد القادر يحدث فاضالواحضر الطعام وبدأوا بتناوله ومرت دقائق وانتهى الجميع من تناول الطعام واحضر الشاي لهم وطلـب عبـد القادر القهوة ومر الزمن سريعا على فاطمة لشوقها للقاء اخيها ومر الزمن طويال ومتعبا على فاضـل مـن فـرط

. التعبحينما قام عبد القادر من مكانه وشكر فاضل علـى ومرت الساعات ثقيلة ومملة على عبد القادر وانتهى اللقاء

. دعوته واعتذر لترك المكان . عبد القادر ـ علي ان انهض صباحا ومبكرا للذهاب الى عملي

. فاضل ـ كنت اتمنى ان ابقى معكم وقتا اطول . فاطمة ـ يا عبد القادر خذ غدا اجازة عن العمل

. ال كثيرةعبد القادر ـ ال اقدر يا ام رياض لدينا اعمفلما سمعت ذلك فاطمة قامت من مكانها واعدت االطفال للرحيل وودع كل واحد االخر وخرجوا من المطعـم

. واستقلوا السيارة وتوجهوا نحو بيتهم في منطقة قرطبةاما فاضل فقد تنفس الصعداء عند رحيل اخته وزوجها واسرع صوب المارسيدس التي كـان ينتظـره بهمـن

ـ : بسرعة وقال داخلها وركبها . يا بهمن اسرع بي الى الفندق قبل ان انام في الشارع

٦١

فضحك بهمن وقاد السيارة الى فندق هلتون وعندها ودعه هناك ونزل بهمن من السيارة ورحـل بعيـدا عـن المكان وذهب فاضل مسرعا الى غرفته ودخلها واستلقى على الفراش كالمغمي عليه مـن االعيـاء والتعـب ونـام

. البسه ودون ان ينزع حذاءه من رجليهبم . غرق فاضل في نومه العميق وراح يشخر من اثر التعب ومرت الساعات تلو الساعات وهو ممد كالميت

وعلى اثر صوت التلفون المتكرر فتح فاضل عينيه بصعوبة وراح يتطلع حوله ففي لحظات ما بـين الـصحوة وانتبه الى مكانه وعادت الذاكرة له وبدات اذنه تـسمع رنـين التلفـون والنوم نسي اين هو ولكنه جمع شتات افكاره

: فقفز من مكانه جالسا ومد يده الى سماعة التلفون وقال … الو… فاضل ـ الو

اين كنت في الحمام؟ . الرجل ـ االخ خليل حمادي؟ … اخذتني الغفوه كنت تعبا.. ال.. فاضل ـ ال

. عنوان او اكتبهاسمع واحفظ هذا ال… الرجل ـ ال باس … نعم… فاضل ـ نعم

. ٦٠فتناول فاضل ورقة وقلما من على الطاولة وكتب ـ مشرف الشارع الثاني رقم المنزل هل كتبت العنوان؟ : الرجل

. نعم.. فاضل ـ نعم الرجل ـ هل لديك سؤال او استفسار او حاجة؟

ولكن متى اراجع هذا العنوان؟ … شكرا … ال .. فاضل ـ ال . الرجل ـ اليوم وفي اية ساعة تفرغ من اعمالك

. مع السالمة… فاضل ـ حسنا شكراوضع سماعة التلفون ثم وضع يده على راسه فقد احس بدوار وقام من مكانه بصعوبة ونـزع مالبـسه واخـذ

… طارحماما دافئا وخرج منه وتمدد ثانية وغاب في افكاره دقائق ثم قام ولبس مالبسه ونزل الى صالة االف . دخل فاضل الصالة ونظر الى ساعته فوجدها تقترب من العاشرة صباحا

جلس وراء منضدة وحمل الخادم اليه طعام االفطار فاكل ثم قام من مكانه واخرج دفتـر التلفونـات واتـصل . بالرقم السري

. انا خليل حمادي… فاضل ـ الو … مة ونقلت الى المخزن بسالمةاهال البضاعة وصلت بسال… ابو العز ـ اهال باالخ خليل

فاضل ـ هل انتهى كل شئ؟ … ولكن توجد مشكلة… ابو العز ـ بالنسبة للبضاعة نعم

. فاضل ـ ما هي؟ابو العز ـ السائقون سمعوا بحادث االصطدام الذي وقع للسائق عبد العظيم وهم ال يريـدون الخـروج مـن

. م السائقالكويت اال بعد اجراء مراسم التشيع ولدفن زميله فاضل ـ وكم تطول هذه المراسم؟

٦٢

. ابو العز ـ قد تطول اياما فاضل ـ لماذا؟

ابو العز ـ الن الجثة االن لدى الطب الشرعي للتشريح والفحص كما ان الشرطة ايضا تحقـق فـي اسـباب . الحادث

. فاضل ـ حسنا سنرى ماذا تفعل مع السالمة . ووضع سماعة التلفون

لباب الرئيسية للفندق وسار نحو سيارته المارسيدس فتح الباب واطـل براسـه الـى الـداخل خرج فاضل من ا فوجد خارطة مرمية على الكرسي االخر فدخل السيارة وجلس وراء المقود ووضع نظارته الـسوداء علـى عينيـه

ينة الكويت نظـر فيهـا وراح يراقب المكان يمينا ويسارا فلم يجد ما يريب ومد يده الى الخارطة فوجدها خارطة مد بدقة فوجد عالمة في منطقة مشرف ووجد عالمة في منطقة السالمية وعالمة اخرى عند منطقـة ابـار الروضـتين

. وعالمة عند جزيرة صغيرة تبعد كيلو مترات عن ارض الكويت وسط البحردا ان عليه ان يمـر ظل فاضل يتفحص الخارطة جيدا وينظر الى العالمات ولكنه لم يفهم المقصود وادرك جي

كيف؟ … بهذه االمكنة خالل االيام الماضية ولماذا؟

. …ذلك ما سوف يعرفه في الساعات القادمة … خبا فاضل الخارطة داخل الصندوق وراح يفكر في امره وسال نفسه الف سؤال

.من وضع الخارطة؟… بيد من !! هل للسيارة مفاتيح اخرىماذا ارسل هو الى الكويت هل النه خبير في المتفجرات؟ ام انه يعـرف اكبـر ؟ ل.غيره. الرجل االول؟ بهمن؟

عدد من شباب مجاهدي الشعب؟ ام النه يعرف ارض الكويت؟ واذا كانوا يثقون به فلماذا هـذا االسـلوب الملتـوي حوا له مراحـل لماذا لم يشر… المعقد يستخدم معه؟ لماذا تاتي االوامر على مراحل وباسلوب يختلف تماما عما سبق

المامورية بالكامل من قبل؟ … وهكذا ظل يسال نفسه الكثير من االسئلة والتي لم يجد جوابا لها

حرك المارسيدس وتقدم الى االمام وراح مسرعا في مسيرة وادخل يده في جيبه واخرج الورقة الصغيرة التي … كتب عليها عنوان مشرف وحفظ العنوان جيدا

. قترب من منطقة مشرف ان العالمة االولى تدل على هذا العنوانوسار وادرك حينما اووجد نفسه امام بيت كبير ذي باب واسعة وقف تماما امام الباب الواسع واراد ان ينزل من سـيارته ليطـرق

). مركز لالستخبارات العراقية(الباب ولكن الباب انفتح بصورة تلقائية فادرك فاضل انه امام ته الى الداخل وانغلقت الباب وراءه ايضا بصورة تلقائية، نزل من سـيارته واغلـق البـاب دخل فاضل بسيار

ونظر الى ارجاء البيت واطرافه فشاهد رجلين اسمرين يطوفان بارجاء الحديقة ويبدو انهما من رجال االسـتخبارات … يقومان بواجب الحراسة للمركز

ه فسار فاضل وراءه وهداه الحارس الى باب خارجيـة وفتحهـا اشار احدهما له عن بعد باشارة معناها ان يتبع . له فدخل فاضل وبقي الرجل في الخارج

٦٣

حين دخل فاضل وجد نفسه وسط صالون كبير، فرش بانواع الـسجاد االيرانـي وعلـق فـي سـقفه ثريـات واخـرى قـصيرة كريستال جميلة ذات الوان زاهية واحاطت بالمكان اعمدة رخام بعضها طويلة صعدت الى السقف

وضعت فوقها تماثيل رخام بيضاء جميلة لنساء عاريات ومزهريات بلور حمراء وخضراء وزرقاء منقوشة بـالوان . ذهبية

. ولوحات رسم لمناظر وصور نساء شبه عاريات معلقة على الجدران . فوجئ فاضل عند رؤيته لهذه المناظر والمظاهر البرجوازية التي تنم عن الترف والرفاه

وبينما هو يجول بنظره في مشاهدة التحف واالثريات اذ برجل ضخم الجثة مجعد الشعر احمر الوجـه مـا ان ـ : وقعت عينا فاضل عليه حتى صرخ

! ـ من الرفيق سمير التكريتي؟: فاضل . ترب من فاضل وتصافحا وقبل كل واحد االخرفضحك الرجل واق

فاضل ـ ال زلت قنصل السفارة؟ . القنصل ـ نعم ال زلت

… فاضل ـ كان بودي ان التقي بك منذ اول لحظة ولكن .. القنصل ـ اعرف المهمة ال تسمح بذلك

. فاضل ـ تعيش كما يعش البرجوازيين يارفيق سمير . ا يرددها المؤيدونالقنصل ـ ال زلت تردد الشعارات كم

. فاضل ـ الم تعلمني االشتراكية يا سيمر حينما كنت بدرجة مؤيد ). يضحك. (القنصل ـ ولكنك االن اجتزت مرحلة مؤيد ونصير وغيرها ودرجتك اكبر من عضو فرقة

. فاضل ـ كنت اظن ان المنتمي للحزب كلما ارتقت درجته الحزبية تقشف اكثر . نا سنين طويلة اما حان لنا ان نقطف ثمار التقشفالقنصل ـ فاضل لقد تقشق

. فاضل ـ ولكن الحزبي اول من يضحي واخر من يستفيدهل نسيت الماضي منذ ايام عبد الكـريم قاسـم هـل … القنصل ـ هذا صحيح ونحن اول من ضحينا يا فاضل

هل نـسيت كـم تقـشقنا … لرحمن عارفنسيت ما عانينا بعد انقالب عبد السالم عارف هل نسيت ما لقيناه ايام عبد ا وعملنا ليل نهار في السنين االولى للثورة البيضاء هل نسيت؟

. فاضل ـ ال لم انسى . وها نحن اخر من يستفيد… القنصل ـ اذن نحن اول من ضحى

. فاضل ـ اذن حان الوقت لكي تحيا براحة ونعيم عراقي وترى ماذا هناك وكيف يعـيش المـسؤولون القنصل ـ اتمنى ان تزور الكرملن كما زرته انا مع وفد

… هناك . فاضل ـ لكننا لسنا شيوعيين يا رفيق سمير

القنصل ـ هل نسيت ان شعاراتهم اقسى من شعاراتنا وان ايدلوجيتهم اكثـر تقـشفا مـن ايـدلوجيتنا وانهـم لـى مـسؤوليهم كيـف اذهـب وانظـر ا … يطالبون من المنتمي الى الحزب بان يلتزموا باكثر درجات التقـشف

٦٤

دعك من الشعارات يا فاضل دعك من الشعارات انها جيدة لمرحلة الطفولة وسوف تـضحك منهـا عـد … يعيشون . مرحلة الرشد

: فاضل ـ الحقيقة اني اهيم واعشق لذائذ الحياة ونعيمها فضحك سمير كثيرا وقال … القنصل ـ ومن ال يعشق الحياة ونعيمها

البار الموضوع في زاوية من الصالون وراح يصب شـيئا مـن الويـسكي واستمر في ضحكه وذهب صوب … االجنبي في كاسين وتقدم وقدم كاسا الى فاضل فاخذه وبدءا يحتسيان الشراب رشفة رشفة

… فاضل ـ يا رفيق هل تسمح لي بسؤال صريح . القنصل ـ تفضل يا رفيق فاضل

مناه ومارسناه في العراق فما هي العلة؟ فاضل ـ االمور هنا تجري بشكل يختلف تماما عما تعلاسمع يا فاضل اوال مهمتك سرية جدا وامامك مراحل عديـدة لكـي … القنصل ـ اعرف ماذا تريد ان تقول

فقاطعـه … تنهيها كل مرحلة اخطر من التي قبلها واننا نريد بهذه المهمة ان نضرب عشرين عصفورا بحجر واحـد . فاضل

. استلم االوامر من الغرباء العجم وهم في الحقيقة ليسو اال عمالء تحت تصرفناـ انني هنا بعض االحيانالقنصل ـ ال تغضب من ذلك يا فاضل وليس معنى ذلك انهم اكثر قربا منك انه اسلوب مؤقت لسالمة المهمة

. كن ذكيا يا فاضل… ولسالمتك ثم انه اسلوب الستغفالهم واعطائهم دورا وهميا في العمليات . اضل ـ لم اكن اعرف ذلك من قبلف

عمل االستخبارات خارج البلد يختلف كثيـرا عنـه داخـل … القنصل ـ وسوف تتعلم اساليب جديدة يا فاضل فهناك الوطن وطننا والحكومة حكومتنا نفعل اي شئ وكيف نشاء ودون عناء او تعب او حتـى انتظـار ان … الوطن

نا فليس الوطن وطننا وال الحكومة تحت سيطرتنا ولـسنا قـادرين علـى اما ه… نضرب ضربتنا بالشكل الذي يعجبنا . فعل اي شئ وكيفما نشاء هنا محاذير كثيرة

ولكن هل هذا يعني اننا ضعفاء في الكويت؟ … فاضل ـ هذا صحيح . القنصل ـ لسنا ضعفاء كثيرا وال اقوياء بقدر ان نفعل ما تشاء

. الضعيفةفاضل ـ لنكن اقوياء مقابل هذه الحكومةالقنصل ـ يا فاضل انت حزبي وضابط نشط ومخلص ولكن ينقصك الوعي السياسي وعليك ان تـدرك الواقـع

. كما هو وليس كما تتصور ! فاضل ـ ماذا تعني بذلك؟

القنصل ـ نعم حكومة الكويت بجيشها القليل الضعيف ومخابراتها وامنها مقابل حكومتنا ال شئ ولكنها قويـة ن المعادلة الدولية انها جزء هام وحساس من المعادلة الدولية ورقم يحسب له الـف حـساب ضـمن وقوية جدا ضم

. االقتصاد الدولي يا رجل . فاضل ـ مع االسف انا ال افهم كثيرا في مثل هذه االمور

اذن ما عليك اال ان تنفذ االوامر كما هي وثق يا فاضل بانـك بعـد اتمامـك هـذه … القنصل ـ اعرف ذلك . مامورية سوف ترتقي الى درجة اكبر بكثير من درجتك الحالية في جهاز االستخباراتال

٦٥

. فاضل ـ امل ذلك . القنصل ـ بل كن على ثقة بذلك وانا بنفسي سوف اكتب تقريرا ارفعك الى السماء

ـ ى فاضل ـ انت رفيقي وصديقي يا رفيق سمير التكريتي وعليك ان تفعل ذلك والنك تعلـم انـي بحاجـة ال . دعمك

القنصل ـ انت نفذ االوامر وانا وكل رجال االستخبارات سوف نصنع منك بطال امام مـسؤولي القيـادة فـي . بغداد

. فاضل ـ سوف اكون عند حسن ظنكيا فاضل اريـد ان اسـالك .. القنصل ـ حسنا تكلمنا ما فيه الكفاية خارج الموضوع وعلينا ان ندخل الى صلبه

سؤاال؟ …فاضل ـ تفضل

..)قاطعه فاضل وقال(… القنصل ـ نحن ادخلنا المتفجرات الى الكويت بصورة خفيه اليس كذلكوالعجب انه كل يوم عشرات الشاحنات العسكرية تنقـل مئـات االطنـان مـن المتفجـرات … فاضل ـ نعم

. واالسلحة والعتاد من موانئ الكويت الى البصرةوالـشاحنات .. ات من متفجرات ندخلها خفيـة الـى الكويـت القنصل ـ ذلك شئ يختلف كثيرا عن بضع كيلو

… تحمل وتشحن تحت الرقابة الكويتية وتخرج من الحدود تحت الرقابة الكويتية .فاضل ـ نعم افهم ذلك

القنصل ـ اسمع سؤالي ماذا فعلنا بالمتفجرات المهربة؟ . ر جعلناه تحت تصرفنافاضل ـ بعضها اعطيناها الى اعضاء منظمة مجاهدي الشعب والنصف االخ

لماذا سلمنا االيرانيين المتفجرات واالسلحة في الكويـت؟ الـسنا قـادرين .. القنصل ـ حسنا اسالك سؤاال اخر على ان نهرب اضعاف تلك الكمية من المتفجرات واالسلحة الى ايران عن طريق الحدود الـشمالية وعبـر الجبـال

اليست اسهل كثيرا واقل خطرا علينا؟ ولكني اعتقد بان هذه المتفجرات سـوف تـستخدم للتفجيـرات فـي !! ل ـ نعم انها االسهل واالفضل لنا فاض

. المناطق الجنوبية ومن هنا وعبر الخليج اسهل في الوصول من قطع االراضي االيرانية شماال حتى الجنوب . القنصل ـ هل تعرف يا فاضل لماذا انت تتصور ذلك

فاضل ـ لماذا؟ النك عشت في العراق ولم تعيش في ايران اما انا فادرك ماذا يحدث في ايران من خـالل تقـارير القنصل ـ

هل تعرف ان ال نقاط تفتيش في ايران اال عند المدن الحدودية فقط وباستطاعتك ان تعبر البالد مـن … عمالئنا هناك . شمالها الى جنوبها دون ان يسالك احد عن هويتك

فاضل ـ هل ذلك ممكن؟ . القنصل ـ نعم يا فاضل وضع ايران ال يشبه وضع العراق كل محافظة تدخلها تفتش وكلما خرجت تفتش

. فاضل ـ اذن لماذا نريد ان نرسلها الى ايران من الكويت . نحن ال نريد ان نرسلها الى ايران… القنصل ـ هنا بيت القصيد

٦٦

. سلمتموها الى االيرانيين المعارضين للحكومةفاضل ـ ماذا؟ اذن ماذا تريدون ان تفعلوا بها ولماذا . القنصل ـ سوف اخبرك بذلك في وقته

فاضل ـ ولماذا ال تخبرني االن؟ . القنصل ـ النك لو مسكت في مرحلة من مراحل المهمة فسوف تعترف بالمراحل السابقة

فاضل ـ وهل تشك في اخالصي ووفائي للحزب والثورة والقيادة؟ عك من القشريات يا فاضل وال تخبرني بانك سوف تكون قادرا على تحمـل انـواع التعـذيب ان القنصل ـ د

. وقعت بيد المخابرات الكويتية . فنكس فاضل براسه الى االسفل خجال

القنصل ـ كن واقعيا يا فاضل فهناك رجال اكثر منك صالبة اعترفوا بكل شئ واالخالص والوفـاء للحـزب … تحت التعذيب شئ اخرشئ والتكلم واالعتراف

فاضل ـ ما هو المطلوب مني االن؟ . . القنصل ـ حسنا االن انتهينا من الحاشية وعلينا االن ان ندخل الموضوع

يقوم القنصل من مكانه ويذهب صوب منضدة في داخل الصالة ويرفع من فوقها خارطة ويقترب من فاضـل ـ : ويقول

). يقاطعه فاضل(س الخارطة التي وضعت في سيارتك هذا الصباح القنصل ـ يا فاضل هذه الخارطة هي نف فاضل ـ هل استطيع ان اسالك من الذي وضع الخارطة في سيارتي؟

القنصل ـ وهل هذا مهم بالنسبة اليك؟ . فاضل ـ مجرد حب استطالع

. القنصل ـ انه الرجل الذي اوصلك من المطار والذي يتلفن لك دائما . كويتي فلقد كانت لهجته كويتية صرفةفاضل ـ هل هو

. القنصل ـ ستعرفه عن قريب وخصوصا حينما تشاهده في التلفزيون الكويتي !! فاضل ـ التلفزيون الكويتي

. القنصل ـ انظر يا فاضل الى هذه النقطة الموجودة عند ابار الروضتين . فاضل ـ نعم

… ير هذه المضخات التي تضخ النفط لالنابيـب الطويلـة القنصل ـ عليك ان تزرع ثالث قنابل قادرة على تفج … وانظر الى صورها

القنصل يخرج من كيس تحت يديه عدة صور لمضخات نفط ويضعها امام فاضل فيرفعهـا فاضـل وينظـر . …اليها

. القنصل ـ واالهم تفجير نقطة سيطرة المضخة في هذه النقطة . ويريه عدة صور لنقطة السيطرة

. دائرة لها حرس وعمال وموظفونفاضل ـ انها . القنصل ـ نعم وهنا يجب ان تثبت كفاءتك وقدرتك ووفاءك للحزب

٦٧

فاضل ـ انا حاضر لذلك ولكن كيف ادخل هذه الدائرة هل لديكم عمالء او متعاونون هناك؟ . كما ان هذه النقطة ليست حساسة ومهمة الى درجة… وال نملك عميال واحدا… القنصل ـ كال

ـ اذا كان والبد من تقديم مزيد من العناء والتعب والمجازفة فلماذا ال تفجر مكانا اكبر اهميـة واكثـر فاضل . حساسية من هذا المكان

لعبـة الـنفط طالمـا … انها اخطر لعبة تقدم عليها حكومة مـا … انه النفط… القنصل ـ انه النفط يا فاضل ونحن لسنا اسياد العالم لكـي نعبـث … نها اخطر لعبة في العالم اطاحت بحكومات ودمرت قادة ورؤساء يا فاضل ا

. بالنفط كيفما نشاء وخصوصا في مثل هذا الزمن الحرج والوقت الحساس . ماذا يجب ان افعل الدخل هذه المحطة… فاضل ـ حسنا فهمت

. القنصل ـ لديك مفتاح للدخول انه مفتاح ال يملكه احد مثلما تملكه انت فاضل ـ كيف

. القنصل ـ انه نسيبك عبد القادر !! فاضل ـ عبد القادر؟

انه المهندس المسؤول والمشرف على ادارة قـسم مهـم فـي هـذه … القنصل ـ نعم عبد القادر زوج اختك . المحطة فاضل

فكر في اخته واطفالها فكـر فـي نفـسه … حينما سمع باسم زوج اخته انتابته مشاعر عديدة مختلفة ومتناقضة له وطموحاته فكر في القيم والروابط االنسانية وفكر في حاله ومستقبله كل ذلك مر في لحظات واللحظات مـرت واما

عليه رهيبة مخيفة حدية نزلت على راسه كما تنزل الصواعق من السماء وفي لحظة انتبه الى نفـسه وهـو صـامت ى الموقف بذكاء فقد لمعت في ذهنـه حيلـه كحيلـة فخاف ان يالحظ سمير التكريتي ارتيابه للقيام بالمهمة ولكنه تالف

: الثعلب فقال وهو يضحك بسخريةفاضل ـ وهل يمكن لرجل بعثي منشق مثل عبد القادر ان يقبـل بالمهمـة وحتـى لـو قـدمنا لـه ماليـين

. ال ليس عبد القادر بالرجل الذي يقبل ان ينفذ هذه المهمات… الدوالرات . ك ان تعرض عليه قبول المهمةالقنصل ـ ومن قال لك بانك علي

فاضل ـ اذن ماذا افعل؟ . القنصل تعلب سيارته التي ال تفتش بدون ان يعلم بوجود متفجرات داخلها وتنهى المرحلة الثانية من المهمة

فاضل ـ كيف؟ . القنصل ـ وهل تسالني عن الجواب؟ انها مهمتك يا فاضل وانت تعرف كيف تتصرف

. ن اسالك هذا السؤال يا رفيق سميرفاضل ـ يصعب علي ا . القنصل ـ اسال يا فاضل وكن معي صريحا

فاضل ـ ماذا سيكون مصير اختي واطفال اختي؟ سوف نقدم لهم وعـن … القنصل ـ سوف يكون مصيرها ومستقبلهم افضل بكثير من وجودهم مع عبد القادر

مصرفيا يكفيها ان تعيش برفاهيـة طـوال حياتهـا طريقك افضل بيت في الكويت وان شاءت او في العراق وحسابا . ونرسل اوالدها الى افضل المدارس وان شاءت نزوجها من رجل يشرف عبد القادر

٦٨

ـ : قام فاضل من مكانه وصافح القنصل وهو يصطنع االبتسامة وقال … فاضل ـ حسنا سوف ارى ماذا افعل

ها اطول مدة ممكنة فالقيادة في بغداد علـى عجلـة مـن القنصل ـ افعل ما تشاء ولكن خالل ثالثة ايام فقط ان . امرها التمام هذه المهمة

نظر فاضل الى صاحبه القنصل وصافحه وودعه وخرج الى الحديقة وشيعه القنصل حتى باب السيارة ورجـع . الى داره وخرج فاضل من الباب الخارجية التي انفتحت تلقائيا وذهب مسرعا صوب فندق هلتون

❁ ❁ ❁ رجال شرطة الكويت وبعض من موظفي االسعاف كانوا يدورون حول الشاحنة المهشمة المحترقة اسفل تـالل الطلعة وبعضهم كان يجمع ما تبقى من اشالء عبد العظيم المقطعة المحترقة ونظر موظف في االسعاف الى ضـابط

: شرطة وقال . ر وجدناها هناكالموظف ـ سيادة الضابط هذه قطعة وتبدو من الصد

. الضابط ـ انقلها الى الطب الشرعي ليضعوها الى جانب اشالئه االخرى ـ : وتقدم شرطيان اخران من المختصين باالنفجارات وقاال للضابط

الشرطي االول ـ سيدي تهشم الشاحنة والحريق الذي حدث فيها وتناثر اجزاءها بهذا الشكل واشالء الـضحية . حدوث انفجار داخل الشاحنةتدل وبشكل قاطع على

عند الطلعة ام في االسفل؟ … ولكن اين حدث االنفجار… الضابط ـ كان ذلك واضح من اول نظرة الشرطي الثاني ـ سيدي لو حدث عند الطلعة لكانت اجزاءا من الشاحنة بقيت هناك ولكن كل اجزاء الـشاحنة

. مكومة هنا في االسفل . ند سقوط الشاحنةالضابط ـ اذن االنفجار حدث ع

… الشرطي االول ـ بل حدث بالذات حين استقرت الشاحنة اسفل الوادينظر الضابط الى اشالء الشاحنة المقطعة والى صناديق البرتقال المبعثرة هنا وهناك والى البرتقال الـذي راح

ـ : منتشرا في كل زاوية من المكان وقال ! ؟الضابط ـ هل يعني انه كان يحمل متفجرات

. الشرطي الثاني ـ ال تستطيع ان تقول ذلك الن كمية االنفجار تدل على قدر قليل من المتفجرات الضابط ـ حوالي؟

. الشرطي الثاني ـ حوالي كيلو واحد وكانت بقرب خزان الوقود . الضابط ـ هذا معناه ان هناك سوء قصد وانها جريمة قد خطط لها

. جائزالشرطي الثاني ـ ربما كل شئ . الضابط ـ اذن علينا ابالغ مسؤولي االمن في الدولة انها مسالة اكبر من مسؤوليتنا

قالها ضابط الشرطة وترك المكان باتجاه سيارته التي كانت تقف على مرتفع من المكان وظل رجال الـشرطة . االنفجاريجمعون اوصاال صغيرة من الشاحنة والمتخصصون ظلوا يتفحصون القطع الممزقة من اثر

٦٩

❁ ❁ ❁ راح فاضل منذ اللحظة االولى التي دخل بها غرفته غارقا في افكاره فلم تكن االوامر التي صدرت اليه التمام المرحلة الثانية من المهمة بسهلة بل هي من اقسى االوامر التي صدرت اثناء نشاطاته المخابراتية ولـم يسـسبقه ان

انها اوامر ال رحمة فيهـا حتـى اتجـاه … نفسه وامام مسؤولي قيادة جهاز االستخبارات احرج الى هذا القدر امام كيف يخـون اختـه … لم يكن يتصور يوما بانه سوف يوضع في محك االختبار الى هذا الحد… اقربائه وافراد عائلته

.التي تحبه من كل قلبها؟ . كيف ييتم اطفالها ويجعلهم بال اب

صديق والرفيق القديم والمسؤول االول له وهو من شباب البصرة البعثيين ايام النـضال كيف يقتل عبد القادر ال … السلبي والموجه في االيام االولى للثورة

كيف يقتل من كان له الف فضل في صعوده وترقيه في الحزب لقد كان عبد القـادر اقـوى شخـصية بعثيـة حزبيا ال معا من بين االالف الشباب االخرين بفعـل تزكيتـه عبد القادر جعل منه … تدعمه في االيام االولى للثورة

… وتعليمهولكنه تذكر ايضا ان ما فعله جبار له لم يكن باقل مما قدمه عبد القادر من خدمات وان جبارا طالما كان يقـف

ر وراءه في تقدمه ودفعه الى االمام في اوساط الحزب ولكن االوامر حين صدرت له بقتـل روح وشخـصية جبـا لكن جبارا لم يكن زوج اخته وعبد القادر زوج اخته وانه ليس خال اطفال جبار ولكنه خـال اطفـال عبـد … فعلها ـ : … ثم فكر في العمق وراح ينظر الى امد بعيد وقال في نفسه… القادر

عـل لنفرض اني قمت بالمهمة كما يجب ومات عبد القادر كضحية البد منها التمام الماموريـة يظـل الفا .. … مجهوال ولم يعرف من هو فكيف يتسنى لي ان انظر في عيني اختي؟ كيف استطيع ان انظر في عيـون اطفالهـا

… !!كيف؟انتابه صداع اثقل راسه وضاق صدره وفتح الشباك ليتنفس فقد احس بان االنفاس غدت ثقيلة عليه واحـس بـان

فاستلقى على فراشه وراح يجبر نفسه علـى النـسيان … راسه يكاد يتفجر من التفكير والضغط الذي ولده على مخه . ثم رفع سماعة التلفون وطلب رقما داخل الفندق… المؤقت لدقائق

اعـرف انـه … ربع قنينة ويسكي مع قليل من الثلج٧٠٦رجاء احمل للغرفة رقم .. المطعم … فاضل ـ الو … من الممنوعات ولكن احمله لي وسوف ادفع لك ثمنا يرضيك

… السماعة وبقي مستلقيا على الفراشوضع… )ببـسي كـوال (دقائق ودق الباب فنهض وفتحه فكان خادم المطعم يحمل له صينية فيها كاس وثلج وقنينـة

ـ : وقال بعصبية) الببسي كوال(نظر فاضل الى قنينة ". ببسي كوال" فاضل ـ انا لم اطلب

ـ : نظر الخادم له وابتسم وقال . غمد يده الى جيبه واخرج ربع قنينة ويسكي ووضعها فوق الصينية وضحكا… ـ اعرف ذلك

… فمد فاضل يده الى جيبه وسلمه رزمة من الدنانير الكويتية فاخذها وشكره وغادر الغرفة

٧٠

وبقي فاضل يحتسي الخمر بجرعة بعد جرعة ورغم انه حاول ان يسيطر علـى اندفاعـه وحاجتـه الحتـساء . قتل زوج اخته جعلته يحتسي كل ما في القنينة من الشراب وبسرعةالخمرة اال ان فكرة

واكمل ربع القنينة التي كان يتصور بانها كانت قادرة على نقله الى عالم اخـر فوجـد ان ال فائـدة وال اثـر فـي يرتجى في ابعاد افكاره ومن بين كل تلك االفكار طرات فكرة في نفسه وجالت في عقله وضرب يدا بيد واسرع

ـ : رفع سماعة التلفون وطلب رقم دار اخته وجاء صوتها على التلفون من؟ … فاطمة ـ الو

كيف حالك؟ … فاضل ـ انا فاضل يا فاطمة … كيف حالك… فاطمة ـ الحمد هللا

فاضل ـ متى ياتي عبد القادر للبيت؟ .. عد الظهر يكون في البيتاي الساعة الرابعة ب.. انه ياتي بعد انتهاء عمله!! فاطمة ـ عبد القادر

… فاضل ـ قولي له ان ينتظرني فانا اريد ان اراه ؟ .فاطمة ـ لم تقل لي ماذا كنت تريد مني

. فاضل ـ سوف احضر للبيت بعد الساعة الرابعة واخبرك بكل شئ . فاطمة ـ لماذا ال تاتي على الغذاء يا فضل ارجوك تعال تناول الغذاء اليوم لدينا

… اتغدى عندكم غدا يا فاطمة مع السالمة ووضع سماعة التلفون وتمدد في فراشه وغفىفاضل ـ سوفومرت ساعات على نومه بذلك وعلى اثر سقوط طبق من يد الخادم خارج الغرفة في الممر صحى فاضل مـن

هـب الـى قفز من مكانه واسرع في نـزع ثيابـه وذ … نومته ونظر الى الساعة فوجدها الثالثة والنصف بعد الظهر الحمام واستحم وغسل اسنانه جيدا حتى تذهب رائحة الخمر من فمه وخرج من الحمام واسرع في لبس مالبـسه ثـم نزل الى االسفل واستقل سيارته وسار سريعا من مكانه باتجاه منطقة السالمية حيث دار اختـه فاطمـة وصـل الـى

ظر فيها فعرف من خالل العالمة في اي شـارع يكـون السالمية فوقف عند اول شارع واخرج الخارطة التي لديه ون دخل الشارع واخذ ينظر الى البيوت حتى وجـد البيـت الـذي … بيت اخته الذي نسيه وانه لم يمر عليهم منذ سنتين . يعرفه فاوقف سيارته هناك ونزل ودق جرس الباب

ه واوالدها بالترحاب والتحيـات فجاء صوت فاطمة واجاب فاضل وفتحت الباب ودخل الى الداخل استقبلته اخت وادخلته الى داخل البيت حيث كان عبد القادر في انتظاره فسلم عليه وصافحه وجلس وراحـت اختـه تـضع امامـه الشاي والحلوى والفواكه وسالته عن االقارب والجيران القدماء واالهل واالصدقاء وهو يجيبها بما يعرفه عنهم حتـى

: سالته . المة زوجة جبار؟ لقد كانت لي صديقة عزيزةفاطمة ـ كيف حال س

. فاضل ـ حالها ال باس به هل حدث مكروه لها؟ . فاطمة ـ لماذا ال باس به؟

. فاضل ـ لديها مشاكل : التفت عبد القادر الى فاضل وقال

عبد القادر ـ ما هي مشكلتها يا فاضل هل حدث بينها وبين زوجها مشاكل؟

٧١

. قا حميما لك يا عبد القادرفاضل ـ لقد كان جبار صديماذا تقصد بالقد كان؟ هو ال يزال صديقي ولو جاء للكويت البقيته في بيتي الى مـا !! عبد القادر ـ لقد كان ؟

. يشاء . فاضل ـ يؤسفني يا عبد القادر ان انقل لك هذا الخبر

: اضل وقالعبد القادر امتعض وتغير لونه وسكنت كل مالمحه وتوجه بكل احاسيسه صوب ف عبد القادر ـ ماذا حدث لجبار يا فاضل اخبرني بصراحة؟

. فاضل ـ لقد قتل جبار قبل ثالثة ايام في العراق : عندما سمع ذلك عبد القادر قام من مكانه بال شعور وظل واقفا ينظر الى فاضل وقال

عبد القادر ـ ومن قتل جبارا؟ . فاضل ـ قتله اخو عشيقته

! اخو عشيقته وهل يعقل ذلك؟عبد القادر ـ … ساعد اهللا قلبك يا سالمة… فاطمة ـ ال يا فاضل ليس جبار من هذا النوع

. عبد القادر ـ وهل تريدني ان اصدق ذلك .فاضل ـ انا لم اكن حاضرا في البصرة عندما قتل كنت في بغداد ولكني قرات الخبر في جريدة الجمهورية

عبد القادر ـ باي تاريخ؟ وقد نشروا صورته وهو مضرج بدمه والـى جانبـه صـورة معـشوقته .. فاضل ـ تاريخ ثالثة ايام من قبل

وتستطيع ان تحصل على الجريدة من الملحقية الثقافية او مـن … المقتولة وصورة اخيها القاتل وتفاصيل عن الحادثة … المكاتب التي تبيع الجرائد العراقية : اره وساد الصمت لحظات اجواء الجلسة وقطعت فاطمة الصمت وقالتغط عبد القادر في دوامة افك

! جبار يخون سالمة ويقتل ويموت بسبب عشيقة من كان يصدق ذلك؟… فاطمة ـ عجيب . عبد القادر ـ لن يصدق ذلك اال مغفل

. نعم جبار كان رجال طائشا ومراهقا.. فاضل ـ لماذا يا عبد القادر ن من عمره يصبح مراهقا عبد القادر ـ في الخمسي

فاضل ـ لم ال؟ عبد القادر ـ ولو لم اكن اعرف جبارا لصدقت ذلك فالرجل في شبابه لم يكن طائشا وما شهدته مراهقا فكيـف

! في الخمسين يتحول الى مراهق هل هذا يعقل؟ . فاضل ـ هكذا قرات في الجريدة

. ع االباطيل واالكاذيب حول الرفاقعبد القادر ـ وهكذا قرانا في جرائد حزب البعث انوافاضل ـ منذ ان انشققت عن الحزب بدات تكذب كل اخبارهم وتسفه كل تقاريرهم الـسياسية تعـال يـا عبـد

. القادر وناقش الرفاق وارجع الى خطيرة الحزب التي تربيت بها وكبرت داخلها عبد القادر ـ هل ارسلوك لتخبرني بذلك؟

. در انهم حملوني هذه الرسالة بشكل غير مباشرفاضل ـ نعم يا عبد القا

٧٢

. عبد القادر ـ ولماذا بشكل غير مباشر الست بعثيا منهم . فاضل ـ ال يا عبد القادر فانا تركت نشاطي الحزبي منذ سنتين

!! عبد القادر ـ وهل يسمحون لك بفعل ذلك؟ . قالها بسخرية كلي فانت تعرف ذلـك انـه ممنـوع ولكنـي اتحـرك لم اترك نشاطات الحزب بشكل… انا .. فاضل ـ انا

. وسطهم كما يتحرك المؤيدوناعمل بالتجارة ابيع واشتري وال اخفي عليك اعمل مـع المـسؤولين والحـزبيين المعـروفين … انا االن تاجر

… انا االن مجرد تاجر.. بالتجارة اشاركهم ويشاركونني . عبد القادر ـ لماذا قتلوا جبارا

. النه عبث بابنتهم… قلت لك اهل المعشوقة قتلوهفاضل ـ لقد عبد القادر ـ اقصد لماذا قتله رجال االستخبارات؟

فاضل ـ هل تعتقد ذلك؟ ! وهل حملوك رسالة اخرى يا فاضل؟.. عبد القادر ـ بل انا واثق من ذلك

ردان التكريتي ارجع الـى فاضل ـ يا عبد القادر النك زوج اختي فانا ال اريد ان يكون لك مصير كمصير ح . صوابك وجامل المسؤولين في السفارة على االقل

كانت فاطمة تستمع الى ذلك الحوار وهي صامتة تنظر تارة الى زوجها وتارة الى اخيها وتتابع الكالم لتعـرف . ماذا يحدث

. فاطمة ـ ماذا هناك يا فاضل؟ هل حملك رجال السفارة تهديدا لعبد القادرزوجك مهدد بالقتل من قبل االستخبارات العراقية في الكويـت … ا فاطمة اعتقد انهم حملوني تهديدافاضل ـ ي

. انهم يريدون تصفية كل العناصر المنشقة عن الحزب خارج الوطن.. والقرار صادر من بغداد . عبد القادر ـ وقد صفوهم وانهوهم داخل الوطن ومنهم كان جبار

المشهدي وعشرات من الحزبيين ولست يا عبد القادر اكثـر قـوة او … الركابيفاضل ـ جبار ومن قبله فؤاد . الحزب يفعل كل شئ من اجل بقائه… حماية من اولئك

انتبه الى نفسك لو اراد العراقيون تصفيتك في الكويت فلن يستطيع اشـقاؤك الـسوريون مـن … يا عبد القادر . تقديم الحماية لك

! هذا الجرائم يا فاضل؟عبد القادر ـ اين موقفك من . انا برئ من كل جريمة… انا… فاضل ـ انا

عبد القادر ـ لقد اعترفت وانت ال تشعر بان جبارا قد صفي مثل بقية المنشقين واعترفت بانك تعـرف بـاني !! على اتصال باالشقاء السوريين وهذه الحقيقة لم يكن يعرفها اال جبار وال اعرف كيف قالها؟

ائق وادرك انه نتيجة اثر الخمرة ونتيجة نقطة ضعف لديه وهي زالت لسانه ونتيجـة العاطفـة سكت فاضل دق التي اخذته لمصلحة اخته افشى ما يعرفه دون ان يدرك وها هو االن في موقف حرج وفـي ورطـة ال يـستطيع ان

:وراح يقول في قلبه بمرارة.. يتخلص منها ببساطة

٧٣

… اللعنة على كل شئ.. ة على من ارسلني في هذه المهمةاللعن.. اه.. اه من زلة اللسان.. نظر فاضل الى عبد القادر فراه قد دمعت عيناه من الحزن وما مرت لحظات حتى راح يبكي ويمـسح عينيـه

: بيديه وهو يقول . رحمك اهللا يا جبار فقد قتلك المجرمون قتلك السفلة… عبد القادر ـ رحمك اهللا يا جبار

: يرا لسماعها ذلك وظلت صامتة وقالتتالمت فاطمة كثاخبـرهم بـان عبـد … ـ ارجوك يا فاضل توسط لدى مسؤولي السفارة واخبرهم ان ال يتعرضوا لعبد القادر

. القادر ال شان له بالسياسة : نظر فاضل الى عبد القادر الذي امتالت عيناه بالدموع وقال

؟ ..فاضل ـ هل اخبرهم بذلك يا عبد القادر : ليه عبد القادر وقالنظر ا

عبد القادر ـ كن رجال مرة في حياتك وقل لي ماذا تعرف االستخبارات عن نشاطي؟ انا مجرد بعثـي بـسيط .. فاضل ـ ماذا تتصورني يا عبد القادر هل انا مدير االستخبارات ام هل انا عقيد فيها

. ال اعرف اال بما يخبرونني به وقد قلت ما اخبرت به معك دائما صادقا وتصرفت كما يتصرف الرجل فلماذا تسبني؟ ثم اني كنت

… عبد القادر ـ هل نسيت كل الذي فعلته لك في العراق وكم قدمت لك من مساعدات لترقـى فـي الحـزب … نسيت يـا حقيـر … نسيت كيف كتبت ضدي تقريرا للحزب نتيجة نقاش بيني وبين احد الرفاق حيث كنت حاضرا

الم تفكر باختك على االقل؟ … ضدي تقريراكيف ارتضيت نفسك ان تكتب : سكت فاضل وساد الصمت ونكس براسه الى االرض وقال وقد فكر بما يقول

فاضل ـ كنت شابا مندفعا يا عبد القادر وكنت جاهال بالحياة وال تنسى يا عبد القادر بانك انت الـذي علمتنـي الم تعلمني ذلك يا عبد القادر؟ … احارب اقرب الناس ليان اكون وفيا للحزب والثورة حتى لو اقتضى االمر ان

.. قالها بخباثة وهو ينظر الى عين عبد القادر … فاطمة ـ ال يا فاضل لن انسى فعلتك ابدا فقد اخطات بها كثيرا

عبد القادر ـ ومن حسن حظي ان التقرير وصل الى يد صديق حميم والذي بدوره مزقه ومن ثم اخبرني عـن اعلمه الرماية كل يوم فلما اشـتد سـاعده … تاثرت كثيرا يا فاضل وعرفت ذاتك منذ تلك اللحظة … كاتبهمضامينه و

..رمانيفاضل ـ لقد جئت يا عبد القادر هذه المرة الجبر خطا الماضي وها اني احذرك واعلمك بان الـسفارة جـادة

. في محاولة قتلك فارجوك افعل شيئا . مرة فال مصلحة لك في الكذبعبد القادر ـ سوف اصدقك هذه ال

فاضل ـ ارجوك اهرب من الكويت خالل اربع وعشرين ساعة ـ : نظر اليه عبد القادر وقال

ـ ذلك مستحيل ولن افعل ذلك والنك تعرفين باني ال اخاف ببساطة وال اهرب ببساطة انا اخر حزبـي متمـرد … خرج من البصرة

٧٤

. تها اختي ولك الخيارفاضل ـ لقد قلتها لك يا عبد القادر وسمع … وبكت.. خذ حذرك البعثيون ال يرحمون… فاطمة ـ ارجوك يا عبد القادر خذ حذرك … فاضل ـ فكر باالمر يا عبد القادر فكر

ـ : لكن فاضل نظر اليه وقال.. لم يجبه عبد القادر بل غادر الغرفة وخرج منها دون ان يقول كلمة … والنك زوج اختي… اريد صالحكـ يا عبد القادر ال تغضب مني اني

. ذهب عبد القادر الى الصالة االخرى في البيت واتجه نحو التلفون ورفع السماعة وطلب الرقم … كيف حالك يا ابا سهام.. ابا سهام.. عبد القادر ـ الو

. ابو سهام ـ الحمد هللا ما لي اسمع صوتك وقد انتابه الحزن . عبد القادر ـ بكيت قليال

. لماذا انت ساكت.. ام ـ عبد القادر ماذا هناكابو سه .. عبد القادر ـ لقد قتلوا جبارا في البصرة قبل ثالثة ايام

من؟ كيف؟ : ابو سهام ـ ماذا تقولالمهم اخبر الرفاق االخرين بان االستخبارات في البـصرة … عبد القادر ـ سوف اخبرك بالتفاصيل حين اراك

وعلى ذلك فسوف اجمد نفـسي عـن ..طنا وانهم اكتشفوا باني الرمز واني الرابطقد حصلت على معلومات عن نشا .. هذه المهمة واختاروا انتم واحدا غيري

. ابو سهام ـ البد ان اراك . عبد القادر ـ حسنا سوف اراك

تـرك اما فاطمة فقد كانت جالسة الى جانب اخيها وهي تتودد له وتحاول ان تقنعه بان يتوسط لـدى الـسفارة ل .. حال زوجها

… وعدها اخوها بذلك وقام من مكانه واراد وداعها ـ : لكنها صرختجاء عبد القادر بخطى ثقيلة نحو فاضل بهـدف الـوداع … فاضل يريد الذهاب.. عبد القادر … ـ عبد القادر

. وحينما اراد فاضل الخروج من الباب قال عبد القادر … يـ اعتقد باني سوف اترك النشاط السياس

: حين سمع ذلك فاضل ابتسم له وقال .. على االقل تجنب رفاقنا في الكويت… فاضل ـ انت تعمل عين العقل يا عبد القادر

… عبد القادر ـ سوف افعل ذلك . فاضل ـ وسوف انقل ذلك للمسؤولين

قه فاطمة وعبـد وودع كل واحد االخر وداعا باردا وبدون مجامالت وال اشواق وخرج فاضل الى الحديقة تراف . القادر

ـ : وقال فاضل . سوف ازوركم غدا واعتقد انها اخر زيارة وسوف اسافر بعد الغد

٧٥

. عبد القادر ـ البيت بيتك متى جئت او رحلت . فاضل ـ اشكرك على ذلك

… فقد قلت بانك.. فاطمة ـ يا فاضل كنت تريد ان تخبرني بشئ هام . بسا لسلمى اختك والوالدها فقد اوصتني بذلكفاضل ـ اه تذكرت اريدك ان تشتري مال

. فاطمة ـ على عيني سوف افعل ذلك .. فاضل ـ شكرا لك يا فاطمة

خرج فاضل من البيت بقناعة ارضت وجدانه وهدات من روع ضميره حيث تصور بانه قد عمـل مـا كـان يتم المهمة دون ان يمس عبـد القـادر يجب ان يعمله اتجاه اخته واطفالها وقد حذرهم باسلوب ما وبقي االن عليه ان

. بمكروهورجع الى الفندق لكنه وسط الطريق مال الى جرف البحر وكانت الشمس تشرف على الغروب وراح فاضـل يودع قرصها االحمر وهو يغوص في مياه البحر تاركا ورائه لونا غامقا به السماء والغيوم الصغيرة المتنـاثرة هنـا

. وهناكى جرف البحر ويذهب ويجئ ويفكر ماذا يفعل كيف يضرب عصفورين بحجـر واحـد كيـف وظل يتمشى عل

… ينجز المهمة دون ان تمس حياة زوج اختهوبدرت له بادرة والحت له فكرة جعلته يرقص على جوف البحر ويصفق كـالمجنون ولـم يكتـف فقـد راح

عب ورجع الى الرمال ونام عليها وسط الظلمـة يركض ويضحك ويقفز ويلعب باالمواج المنتهية على الساحل حتى ت . الحالكة وراح يسكن روحه بصمت الليل ويطرب مسمعه بصوت االمواج المندفعة من وسط البحر الى الشاطئ

❁ ❁ ❁ في تلك الساعة المتاخرة من الليل كانت مجموعة من الرفاق البعثيين المنشقين تجتمع في بيت ابي سهام وكـان

. والحوار دائر بينهم بحرارة وكان يحضر االجتماع قنصل السفارة السوريةالجد . ابو سهام ـ كم هي كانت معلومات جبار عن نشاطاتك يا عبد القادر

عبد القادر ـ لم يكن يعرف الكثير سوى ان واحدا من الرفاق عرض عليه فكرة االنضمام الى خاليانـا هنـاك . صريحاولكنه كان خائفا ولم يعط جوابا

رجل اخر ـ هل خاف من االنتماء ام كان خائفا من الرفيق الذي فتح معه الموضوع؟ . عبد القادر ـ ال اعرف بالضبط

. القنصل ـ المهم ان نعرف مدى ما يعرفه رجال السفارة عن نشاطاتنا وخاليانا في الداخلداخل واعطيت الرمـز وجـاء الجـواب عبد القادر ـ لقد قمت منذ ساعات بعدة اتصاالت ببعض رفاقنا في ال

. ايجابيا فيبدو ان ال خطر يهدد رفاقنا في الداخلالقنصل السوري ـ علينا مراقبة رجال السفارة وفاضل بدقة في الكويت لنعرف مدى ما عرفوه مـن نـشاطنا

. هنا . ابو سهام ـ اما انت يا عبد القادر فاستمر في تمثيل دورك على فاضل حتى تظلله ورفاقه

٧٦

. عبد القادر ـ فاضل ثعلب ال يمكن ان يخدع بهذه السهولةالقنصل ـ اعتقد ان وراء تحذير فاضل خطط خطيرة وجهنمية لتصفية الرفاق او ان هناك محـاوالت سياسـية

. جديدة لاللتفاف على الوضع في الكويت . مابو سهام ـ سوف نعرف ذلك في المستقبل وعلينا ان نكون حذرين جدا هذه االيا

. عبد القادر ـ المسكين جبار لم يتمكن من الهروب هو وزوجته واطفاله من العراق

❁ ❁ ❁ خرج فاضل من غرفته مبكرا وقبل ان تشرق الشمس كان في سيارته في طريق الجهرة متجها نحـو منطقـة

.. ابار الروضتينهار فالبرودة التي كان يحملها قبل شروق الـشمس كان نسيم الصباح اطيب نسيم يشمه من في الكويت طوال الن

ال يهنا بها الى في تلك الساعات حتى شاع عند المهربين القول ولو اردت ان تدخل الكويت سرا فادخله عنـد نـسيم … )الصباح فكل الحرس والشرطة نائمون سكارى بنسيم الصباح

ومـا ان … حس بنشاط يعتري روحه وجـسده كان ذلك النسيم الداخل من شباك سيارة فاضل يضرب بوجهه في انقضت ساعة من المسير حتى كانت الشمس قد علت السماء وتحول ذلك النسيم البارد الى هواء حار يلهـب البـشرة

. ويسخن الجسد … وكلما قطع مسافة القى نظرة على الخارطة لئال يخطئ مكان الهدف المطلوب

… عته فوجدها تشير الى السابعةحتى وصل الى الغرب من المحطة ونظر في سااوقف السيارة على بعد من المكان واخرج منظارا اسودا وراح يراقب به اطراف المحطة واطـراف المكـان وراح يراقب مكان الحراسة والباب الرئيسية وكل زوايا المكان وظل هكذا لمدة نصف ساعة ثم ذهب ودخل الـسيارة

م خرج من السيارة واخذ يراقب الـداخلين والخـارجين ومكـان وقـوف واخذ ورقة وقلما واخذ يدون مالحظات ث . السيارات وركز في مراقبته على موضع وقوف كل سيارة داخله الى المحطة

وبقي على هذا الحال حتى الحظ عن بعد حضور سيارة عبد القادر فظل يتابع تحركها بدقة وشـاهد مرورهـا ت عند مكان مخصص لها ونزل عبد القـادر منهـا وهـو ممـسك بحقيبتـه عبر البوابة وظل يتابع تقدمها حتى وقف

: الدبلوماسية ودخل من باب تبعد عن السيارة خمسون مترا فابتسم فاضل وقال لنفسه . ـ جيد انك محظوظ يا نسيبي يا عبد القادر

الـسيارة ذهب فاضل مسرعا الى سيارته ودخلها ولينجي نفسه من حرارة تلك الـصحراء الملتهبـة بظـالل … ومكيفها الذي يبعث هواءه البارد

انتظر عشر دقائق داخل السيارة ثم تحرك صوب البوابة الرئيسية للمحطة وعلى بعد حوالي خمسون مترا مـن البوابة اوقف السيارة ونزل منها وفتح الغطاء االمامي وراح يعبث بماكنة السيارة ثم توجه الى الداخل وادار المفتـاح

… محرك فادرك انه قد نجح في ايجاد خلل في سيارته ترك السيارة في مكانها وتحرك صوب البوابةفلم يعمل ال .. وصل البوابة وسلم على البواب واخبره بانه جاء لزيارة موظف في المحطة اسمه مهندس عبد القادر

٧٧

ال عن اسـمه واخيـرا دخل البواب غرفة السيطرة وتلفن الى داخل المحطة فجاء الجواب بالسماح له بعد ان س … دخل فاضل الى الداخل مع الحارس الذي ذهب بتقدمه الى االمام ليدله على مكان المهندس عبد القادر

لكن فاضل كان طوال الوقت ومن خالل نظارته السوداء يراقب المكان خطوة خطوة وزاويـة زاويـة يمينـا ام محطة ضخ البتـرول والـسيطرة ودخـل وراءه ويسارا ودون ان يلفت انتباه الحرس دخل الحارس قسما من اقس

.. فاضل حتى هداه الى محل عمل عبد القادر ـ : تقدم الى عبد القادر وصافحه ولكن عبد القادر بادره بنظرة باردة وقال

… تفضل… ـ اهال فاضل : جلس الى جانب عبد القادر وهو يدور بنظرات حول المكان وقال

فاضل ـ انه مكان عملك اذن؟ لماذا تزورني في مكان عملي؟ . لماذا جئت الى هنا يا فاضل؟… انه مكان عملي… عبد القادر ـ نعم

فاضل ـ اوال جئت اشاهد وضع عملك ثم جئت الخبرك باني قد بلغت رسالتك للرفاق وانهم سـوف يغـضون ..الطرف عنك

؟ .عبد القادر ـ بهذه السرعة وبهذه البساطة . كلمتك جادة وانك تعني ما تقولفاضل ـ انهم يعرفون ان

… اشكرك على وساطتك الخيرة… عبد القادر ـ حسنا … تعال الريك اقسام المحطة

قام فاضل من مكانه وقد سره كثيرا عرض عبد القادر وراح عبد القادر يريه اقسام المحطة ويشرح له عمـل وكان يركز اكثر من اسئلته لعبد القادر حول اكثـر كل قسم من تلك االقسام وفاضل يستمع الى ما يقوله باذن صاغية

االجزاء اهمية في تلك االقسام وعبد القادر كان يجيبه ببساطته وبصفاء نيته حتى مر بقسم وقربه من رجل قـد قـرب ـ : من الستين من عمره قد ابيض شعر راسه والحت الشيخوخة على مالمحه وقال له عبد القادر

. بو سهامـ اعرفك على المهندس ا : وقف فاضل امامه وصافحه بشكل طبيعي ولكنه ظل يركز في نظره بوجه الرجل فبادره الرجل وقال

. ابو سهام ـ هل عرفتني ام تريد ان تتذكرني ؟ .فاضل ـ اعتقد باني رايتك من قبل ورايتك كثيرا ولكن ال اتذكر اين

. فضحك الرجل وضحك عبد القادر . حضر الى بيتكم كنت انت ال زلت صغيراقال ابو سهام ـ حين كنت ا

. فاضل ـ الى بيتنا . عبد القادر ـ رحم اهللا اخاك عباسا كان من اقرب الناس الى ابي سهام

.. ال زلنا في البيت نحتفظ بصورك وانت واقف الى جنب اخي الـشهيد عبـاس … تذكرت االن.. فاضل ـ اني لقد سمعت بانك كنت مسؤوله االول؟

. ـ ابو سهام مسؤول كلنا انا واخوك ومئات الشباب من البعثيين القدماءعبد القادر

٧٨

فاضل ـ لقد سمعت بانك هربت من العراق نتيجة اشتراكك في المؤامرة الفاشلة لمدير االمن العامـة نـاظم . كزار

. ابو سهام ـ ناظم كزار كان صديقي ورفيقيتلوا الرئيس احمد حسن البكر وصدام حسين في ان واحـد فاضل ـ واردتم بتلك المؤامرة ان تصفوا القيادة وتق

… في مطار بغدادولو كان اخوك حيا ان ذاك الشترك معنا فـي تلـك المحاولـة … ابو سهام ـ اردنا ان نطهر القيادة يا فاضل

. االنقالبية . فاضل ـ الحمد هللا انه لم يكن حيا ومات من قبل ان يلوث تاريخه

يا فاضل وتزداد تجاربك سوف تخجل من كلماتك هذه التي تقولها البي سـهام اسـتاذنا عبد القادر ـ حين تكبر … الكبير

. انه مجرد كالم فقد قلت لك باني تركت النشاط الحزبي منذ سـنتين … فاضل ـ لم اقصد االساءة يا عبد القادر .

.عبد القادر ـ حسنا تفضل الى مكاننا االول فقد انتهينا من مشاهدة االقسام ـ : صافح فاضل ابا سهام ورجع مع عبد القادر الى مكانه االول واشار له عبد القادر بالجلوس ولكنه قال

عفوا يا عبد القادر لدي موعد مع مجموعة تجار بهدف تصدير الفواكه والخضر والتمر الـى الكويـت مـن . العراق ويجب ان ال اتاخر

. عبد القادر ـ حسنا كما تشاء … لدي مشكلة؟فاضل ـ ولكن

عبد القادر ـ ماهي؟ . فاضل ـ ان سيارتي في الخارج قد تعطلت وال استطيع الوصول بسرعة بد ون سيارة

عبد القادر ـ ومن اين اتيت بالسيارة؟ . فاضل ـ انها لصديق تاجر كويتي اخذتها منه السرع في تنقلي

الى مكانك وسوف ارسل المـصلح ليـصلح عبد القادر ـ حسنا سوف ارسلك باحدى سيارات الدائرة لتوصلك . خلل سيارتك ثم اتي بها لك عند المساء

ولكن هناك فكرة افضل وهو ان تعطينـي سـيارتك وانـت . فاضل ـ كم انا شاكر لك معروفك يا عبد القادر تصلح سيارتي وتاتي بها الى البيت وانا بدوري سوف امر علـيكم عـصرا السـلمك سـيارتك وتـسلمني سـيارتي

). ضحكي( … عبد القادر ـ ال باس تفضل هذا مفتاح السيارة وتعال لكي ادلك على مكانها

… فاضل ـ وانت تفضل هذا مفتاح سيارتي وتعال اريك مكانهايخرج فاضل وعبد القادر من مكانهما ويتوجهان نحو سيارة عبد القادر من البوابة ويصل الى سيارته ويريهـا

. قادر من السيارة ويودع فاضل ويغادر المكان بسرعة نحو الشارع الرئيسيالى عبد القادر فينزل عبد ال

٧٩

ويظل سائرا في الطريق العام حتى يقطع مسافة حوالي عشرة كيلو مترات ثم يميل الى طريق ترابـي ويظـل رة عبـد سائرا في ذلك الطريق حوالي كيلومترين حتى تلوح له على بعد مضختان للنفط فيخفف السرعة ثم يقف بسيا

القادر ويتستر بربوة صغيرة في المكان وينزل من السيارة وهو يحمل منظار ويظل يراقـب المـضخات والحـرس ويالحظ بعد مدة ان سيارة تابعة للشركة تقترب من المضخات وسرعان ما يترك الحارس االول مكانه ليقـف بـدال

عشرة فيدرك ان كـل سـت سـاعات يحـدث تبـادل من الحارس الثاني وينظر الى ساعته فيراها تقترب من الثانية … للحراس

احس فاضل بان راسه يكاد ان ينفجر من شدة الحر الذي لم يعد يطيقه فاسرع باتجاه الـسيارة وادار المفتـاح فلم يشتغل المحرك وظل يحاول معه كرات ومرات ولم يشتغل فحار في امره ال يعرف مـاذا يفعـل وسـط هـذه

القديمة ولكنه اضطر وسط ذلك الحر ان يدفعها الى االمام مسافة حتى وصل الى منحـدر الصحراء مع هذه السيارة … صغير فدفعها وركب السيارة وادار المفتاح فتحركت بعد ان احس بان انفاسه تكاد تقطع حلقومه

.موسار بالسيارة وهو يلهث من شدة الحر والتعب ووصل الطريق العام وقطعه بكل سرعة ممكنة الى االما

❁ ❁ ❁ مقابل قصر دسمان االميري من منطقة دسمان كان يقع مبنى االدارة العامة المن الدولة وامام المبنـى كـان

… يقف عدد من سواق القافلة االردنية بانتظار زمالئهم حتى ينتهي التحقيق معهمالشقر الى جنبه ويقـف عـدد مـن وداخل ممر احد طوابق المبنى كان يجلس سائق من سائقي القافلة ويجلس ا

.. رجال االمن الى جانبهمداخل غرفة في الطابق الثاني لمديرية االمن الكويتي كان يجلس وراء الطاولة رجل ضخم الجثة اسمر اللـون

اشار بيده الى شرطي االمن باشارة فقال شرطي االمن الحـد الـسواق … عريض المنكبين يرتدي المالبس الكويتية . حقق معهالذي كان ي

. رجل االمن ـ تفضل اخرج من الغرفة وادع االخر للدخول ـ : فخرج السائق من الغرفة وقال لصاحبه … الجاسم ـ تفضل يا اخي وكلم الرائد

ـ : دخل السائق االخر الى غرفة التحقيق وجلس مقابل الرائد احمد الجاسم فنظر اليه الرائد وقال ـ اسمك؟

. لجليلالسائق ـ ابراهيم عبد ا . الجاسم ـ جنسيتك؟ . السائق ـ اردني

الجاسم ـ عملك؟ . لتصدير الفواكه والخضر في عمان) الملك(السائق ـ سائق في شركة

ـ هل تعرف الميت؟

٨٠

السائق ـ رحمة اهللا عليه انه عبد العظيم ناصر كان سائقا ماهرا وهادئ الطبـع ومتـدينا ال يتـرك صـالته .وصيامه طوال العام

الجاسم ـ من كم سنة تعرفه؟ السائق ـ منذ خمسة عشر سنة؟

الجاسم ـ هل كان مهربا؟ السائق ـ الواقع ان بعض السواق يهربون بضاعة كمالبس وساعات او غيرها من الكويت والـى العـراق او

. ولكن عبد العظيم لم اره مرة يفعل ذلك… االردن او سوريا مي الى احزاب اسالمية؟ الجاسم ـ هل كان سياسيا او ينت

السائق ـ لم اسمع عنه ذلك ولم اسمع منه لقد كان مشغوال بعمله ال عالة عياله فلـه سـتة اوالد اثنـان فـي … الجامعة والباقون ايضا في المدارس

الجاسم ـ هل كان له عداوة مع احد في الكويت او مع باقي السائقين؟ . ء لعبد العظيم انه من اطيب السواق في الشركةال احد يضمر عدا… ال… السائق ـ عداء

الجاسم ـ هل انت متاكد؟ . انه متاكد… السائق ـ نعم

الجاسم ـ اذن لماذا قتلوه؟ كيف قتلوه؟ …من الذي قتله؟!. قتلوه: السائق وبدون شعور وقف في مكانه وقد تسمرت عيناه وقال

الجاسم ـ هل كنت تحترم وتحب عبد العظيم؟ . ائق كنت اعزه كاخيالس

الجاسم ـ اذن كن صادقا معنا وقل كل ما تعرفه عن مسير عبد العظيم منذ دخوله الحدود الكويتية حتى اخـر . انها جريمة قتل.. لحظة رايته فيها

عبد العظيم ال يملك اعداء في وطنه فكيـف فـي … من يقتل عبد العظيم… ال اصدق.. السائق ـ ال اصدق .. الكويت

الجاسم ـ تذكر شيئا السائق ـ ماذا اتذكر؟ ماذا؟

… الجاسم ـ اين افترق عبد العظيم عن القافلةالسائق ـ كانت شاحنتي ثاني شاحنة في القافلة عندما دخلنا الحدود ثم اصبحت سابع شـاحنة وسـط الطريـق

ـ … حيث تاخرت عن باقي الشاحنات بسبب االرتال العسكرية احنتي قبـل شـاحنة عبـد نعم تذكرت االن كانـت ش . عبد العظيم خفف من سرعته ثم توقف وظننته قد توقف لسبب غير مهم… نعم اني االن اتذكر.. العظيم

الجاسم ـ ولماذا ظننته توقف لسبب غير مهم اال يمكن ان يحدث له خلل في سيارته؟ .السائق ـ كال ال يمكن

الجاسم ـ لماذا ال يمكن؟

٨١

وهو اذا حدث خلل لسيارة تعطى اشـارة ضـوئية . سير القافلة تعودنا على اسلوب خاصالسائق ـ الننا اثناء كمـا انـي .. للسيارة التي تسبقها واشارة ضوئية للسيارة التي تعقبها وعبد العظيم لم يعط اشارة تدل على احتياجه لي

يـستحق الوقـوف فتابعـت اتذكر اني اعطيته اشارة ضوئية ولكنه لم يجب عليها فادركت انه لم يحدث شـئ مهـم . مسيري الى االمام

الجاسم ـ وهل لحق بكم في باقي الطريق؟ . لم يلتحق بنا ولم نره بعد ذلك حتى سمعنا بالحادث.. السائق ـ ال

الجاسم ـ من كان وراء شاحنة عبد العظيم؟ . ى الشبرة في الشويخنعم انه االشقر االن تذكرت النه اخر رجل جاء ال.. السائق ـ اعتقد انه االشقر

الجاسم ـ بعد مدة وصل االشقر؟ … تاخر حوالي نصف ساعة عن وصولنا الى الجيرة… نعم انه تاخر… السائق ـ لقد تاخر

رحمـك اهللا … ال اله اال اهللا… سكت الجاسم لحظات وظل يفكر في اقوال السائق الذي ظل يردد ال اله اال اهللا . رحمك اهللا.. يا عبد العظيم … حت الدموع في عيون السائق الذي فوجئ بخبر مقتل زميله عبد العظيموال : وقال

. ال اله اال اهللا… اوالده في المدارس… كان يعيلها بعمله… السائق ـ ماذا تفعل االن عائلته … فكر به جيدا وتذكر جيدا… الجاسم ـ اريد ان اسالك سؤاال مهما

. السائق ـ تفضل يا حضرة الرائد م ـ اين توقف عبد العظيم؟ الجاس

.. الطريق طويل ومتشابه.. ال عالمة فارقة في المكان.. انها كانت صحراء .. السائق ـ اين توقفدعنـي اسـهل عليـك … كم كان المكان يبعد عن الكويـت .. اية عالمة.. الجاسم ـ اية عالمة ال تكن ساذجا

ارع الجهرة كم قطعت من الوقت سـاعة نـصف سـاعة منذ ان توقف عبد العظيم وحين وصولك الى ش … التفكير … ساعتين

… السائق ـ وهو يحاول ان يتذكر .. نعم حوالي نصف ساعة… السائق ـ حوالي نصف ساعة

. الجاسم ـ جيد كم كانت سرعة شاحنتك … السائق ـ ال استطيع ان اقدر فتارة كنت اسير بسرعة ثمانين وتارة تسعين وتارة مائة

.. طيع ان تقول تقريبا خمسة وثمانينالجاسم ـ تست … السائق ـ نعم يمكن

. الجاسم ـ بعد توقف شاحنة عبد العظيم الم تصادفك الفتة كتب عليها مقدار الكيلومتر حتى الكويت . السائق ـ نعم صادفني الفتة وقد كان رقمها ممسوحا

. نعم تذكرت االن انها قبل الالفتة التي كان رقمها ممسوحا . سم ـ وهل صادفت الفتة ممسوحة اخرى في الطريق؟الجا

٨٢

… السائق ـ ال الجاسم ـ حسنا لو ذهبنا الى الطريق هل تستطيع ان تحدد لنا المكان؟

… السائق ـ احاول …عفوا على ازعاجك.. بارك اهللا فيك يا اخي… الجاسم ـ جيد

العظيم وان كنت ال اقدر ان اصدق انـه السائق ـ بل العكس اني مسرور بان اقدم خدمة لمعرفة من قتل عبد . مات مقتوال

قام السائق من مكانه وخـرج مـن الغرفـة … الجاسم ـ تفضل يا اخي االن خارجا وانتظر حتى نذهب سوية .. وعلى الفور ادخل االشقر وطلب منه الجلوس فجلس

مش جفونـه وراح االشـقر نظر الجاسم الى االشقر نظرات حادة وظل لحظات على تلك الحالة ودون ان تـر ينظر في عيون الرائد الجاسم الغائره وكانها ابار مظلمة ال حدود لعمقها تخيف النظار وتدخل الرعـب فـي قلـوب

… المتهمينلكن االشقر كان يبادله بنظرات باردة ميتة ومالمح ال ردة فعل فيها وابتسامة هادئة تبعد الشك وترفعـه تمامـا

… جلس بكل سكينة وراحت بالعن عيون الناظرين وراح يظل الرائد الجاسم يراقب حركات وسكنات ونظرات االشقر بدقة وساد الصمت ارجاء الغرفة دقيقة او دقيقتين

والن الرائد احمد الجاسم راح يفكر في قرارة نفسه اما انه امام رجل ساذج هادئ الدخل فيه لما حـدث تمامـا ال .. مما حدث تماما وسبب هدوئه التام وبرودة اعصابه التي لم يالحظها عند الـسواق يهمه من يموت او يعيش وال يهمه

… االخرين والذين كانت على االقل تبدو على وجهوهم عالئم من التعجب والحيرة والخوف وغيرهاو ان هذا الرجل متهم ويحيط بكل جوانب السر الغامض ولو كان كذلك فهو رجل محتـرف يعـرف كيـف

… كيف يتعامل مع رجال االمن والشرطة ويدرك ماذا يقول؟ وماال يقوليحتفظ بالسر والرائد الجاسم رجل مرت عليه عشرات من الجرائم والحوادث وتعامل طوال سنوات عمله مـع انـواع مـن المتهمين والمجرمين والخارجين على القانون وغدا قاموسا ومرجعا لعلم الجريمة ومارس علم النفس الجنائي بـشكل

… ي بطبيعة عملهعملوها هو االن مقابل رجل غامض قد يمتلك مفتاح السر او ال يمتلكه وعلى ذلك فيجب ان يتعامـل معـه بدقـة

قام الرائد الجاسم من مكانه واتجه الى الشباك واخذ ينظر الى خارج البناية وفي الواقع كان يفكر فيمـا يقـول .. بالغة :يحتاج الى مزيد من الوقت ليفكر فالتفت الى احد رجال االمن وقالفاالمر ليس بسهل كان الرائد في الواقع

. الرائد ـ هات لي قدحا من الماء البادرذهب الرجل باتجاه اناء يحوي على ماء بارد وصب الماء في القدح وجاء به الى الرائد فشرب المـاء وظـل

.. ينظر الى الخارج دقائقلوب يختلف عن تعامله مع باقي زمالئه السواق والنه كان يـسال كـل االشقر شعر بان الرائد يتعامل معه باس

سائق يخرج من التحقيق بدقة وقد اطلع على اسلوب التحقيق ونوع االسئلة من زمالئه وحـين دخـل االشـقر الـى ـ ل الغرفة كان على بينة من االسئلة التي تطرح ونوعية المعاملة واسلوب طرح االسئلة وحتى راح في قراراتـه يحل

٨٣

نفسية المحقق والجو الذي يخلقه للسائل في ذاته وادرك مع من يتعامل وكيف يتعامل بحكم تجاربـه الـسابقة وحكـم … الدورات التعليمية التي دخلها من خالل تنظيمه الحركي

ومشكلة االشقر االن والتي كانت تنقصه للسيطرة على مجريات التحقيق ان الفرصة لم تسنح له بـسؤال اخـر خرج من التحقيق حيث بمجرد خروج السائق االخير ادخل هو فلم يقدر ان يعرف ماذا سالوه؟ ومـاذا اجـاب؟ سائق

.. وهنا كانت نقطة الضعف بالنسبة له : التفت الجاسم الى االشقر وقال

الجاسم ـ ال اريد ان اسالك عن اسمك وعملك وجنسيتك فاني اعرف كل ذلك وال اريـد ان اسـالك اي سـؤال .. ولكن اجبني عن هذا السؤال بدقة. .متكرر

؟ اقصد كم كيلومتر يبعد عن الكويت المكان الذي توقفـت …في اي منطقة توقفت شاحنتك وشاحنة عبد العظيم به شاحنتاكما؟

ان اجـاب بانـه لـم .. فهو سؤال حساس يعني كل شـئ … االشقر فوجئ بهذا السؤال ونزل عليه كالصاعقة انه تاخر عن القافلة وستكون هناك عالمة استفهام واضحة وان اجـاب بـنعم فانهـا يتوقف فسوف يعرفون وبسرعة

: المصيبة الكبرى وظل ساكتا لحظات وقال االشقر ـ ومن قال باني توقفت مع عبد العظيم او كان هناك توقف في الطريق؟

. الجاسم ـ زميلك اخبرنا بانك كنت المسؤول عن القافلة . المسؤول عنها من قبل الشركةاالشقر ـ هذا صحيح فانا

. الجاسم ـ اذن انت كنت تراقب مرور القافلة حسب مسؤوليتك . االشقر ـ نعم

الم تالحظ توقف تلك الشاحنة؟ .. الجاسم ـ وشاحنة عبد العظيم توقفت في الطريق حسب اقوال زميلك االخركن ان يسمعها منه وعليه هنا ان يتعامـل االشقر ادرك ان السائق االخير قد ذكر معلومات حساسة وهامة لم يم

: في الرد على االسئلة بذكاء ودقة فقالاالشقر ـ طبعا الحظت توقف عبد العظيم واشرت له باشارة ضوئية معناها هل انت بحاجـة لمـساعدة هـذه

وتقـدمت الـى عالمة نستخدمها نحن السواق بيننا ولكنه اشار بيديه بان ال حاجة له للمساعدة ولذلك تابعت مـسيري .. االمام

الجاسم ـ اذن توقف عبد العظيم في الطريق؟ االشقر ـ نعم توقف؟

الجاسم ـ اين؟ . االشقر ـ ال اتذكر … الجاسم ـ تذكر

. االشقر ـ ال استطع ان احدد المكان فحافظتي ليست جيدة الجاسم ـ لماذا تاخرت عن القافلة نصف ساعة؟

٨٤

ي شاحنتي قد ارتفعت فوقفت عند دوار مركـز الـشرطة وزودت المحـرك االشقر ـ شعرت بان الحرارة ف بالماء وانتظرت حتى هبطت حرارة المحرك وسخونة الماء وعاودت المسير بعد ذلك ويبدو انـي تـاخرت نـصف

. ساعة خالل تلك الفترة … ليل يكذب اقوالهنظر الجاسم الى االشقر وادرك ان الرجل لو كان متهما فقد فلت باجوبته وليس لديه اي د

اما االشقر فقد ادرك انه تالفى الموقف بشكل جيد وانه قد تخلص مـن حـصار الرائـد وعليـه االسـتعداد … للجوالت االخرى

: في تلك االثناء دخل رجل من رجال االمن وقال للرائد بصوت خافت … الرجل ـ سيادة الرائد السيد العقيد البرسلي يريد ان يراك

.. سنا سوف اكون عنده بعد دقيقةالجاسم ـ ح : فالتفت الرائد الى االشقر وقال.. ذهب رجل االمن وغادر الغرفة

الجاسم ـ سوف يبقى جواز سفرك لدينا حتى تنهي التحقيق ابق انت قال الرائد ذلك وغادر الغرفة وراح متجها صوب غرفة العقيد البرسلي وطرق الباب وفتحـه ودخـل فوجـد

سلم علـى العقيـد فاشـار لـه بـان .. وراء منضدته وهو رجل متوسط القامة ابيض اللون نحيف البنيةالعقيد جالسا يصافح رجال اخر في الغرفة فتوجه الرائد صوب الرجل وحياه وصافحه واشار العقيد للجميـع بـالجلوس فجلـسوا

: وقاليستفسر عن قضية االحتجاز والتحقيـق انه جاء . العقيد ـ اقدم لك االخ القنصل المسؤول في السفارة االردنية

. مع السواق االردنيينـ هل اخ العرب جاء يستفسر عن االحتجاز والتحقيق الجاري مع السواق االردنيين ام جاء يـسال ويستفـسر

. عن جريمة القتل التي حلت باحد الرعايا االردنيين : دني فقال العقيدسادت عالئم الحيرة والتعجب على وجه العقيد ووجه القنصل االر

. العقيد ـ ولكنك يا رائد جاسم لم تذكر لي من قبل ان هناك جريمة قتل حدثت الحد الرعايا االردنيين . الرائد ـ الفحوصات االخيرة اثبتت ان انفجارا قد حدث اثناء حادثة انقالب الشاحنة االردنية

ول بانه كان مجرد حـادث انقـالب شـاحنة القنصل االردني ـ ولكن المعلومات التي وصلتنا من الشرطة تق . فقط

. الرائد ـ هذا ما يبدو في بادئ االمر ولكن التحقيق اثبت ان الموضوع ابعد من ذلك القنصل االردني ـ وما عالقة صناديق البرتقال بالمتفجرات؟

. الرائد ـ هذا ما نريد ان نتحقق منه . االمن الوطنيالعقيد ـ حسنا يا رائد قم بمهامك لما فيه صالح

. الرائد ـ اشكرك يا سيدي . القنصل االردني ـ وما عالقة السواق االخرين بالحادثة انهم يريدون ان يرجعوا الى عوائلهم بسرعة

. الرائد ـ ما يضير ان يبقوا عدة ايام في ضيافتنا العربية وهم احرار في التنقل داخل الكويت فال احد يعتقلهم

٨٥

على االقل انهوا التحقيق مع مسؤول القافلة بسرعة لكي يرجع الى الشركة ويقدم تقريـرا القنصل االردني ـ لكي تقوم الشركة باالجراءات الالزمة وثم هناك ضرورة الخبار اهـل الـضحية لكـي .. بوصول الحمولة والحادث

… يقوموا باجراءات الالزمة لنقل الجثة او دفنها في الكويت : ة حساسة لمعت عند حاسته المخابراتية وقالهنا انتبه الرائد الى نقط

. ليذهب اي سائق اخر! الرائد ـ لماذا يذهب المسؤول االشقر؟سكت الرائد ولم يجب بـشئ وقـام مـن .. النه هو المسؤول وهو يعرف كيف يتصرف.. القنصل ـ االشقر

ى غرفته ونظر الى احد ضباط االمـن مكانه وطلب االذن من العقيد فترك الغرفة فاذن له وخرج من الغرفة واتجه ال : قال

قم بتحر وتحقيق دقيق عن دخول هذه القافلة الى الوطن وراقب سواق القافلة بدقـة .. الرائد ـ يا مالزم ناصر . وال سيما االشقر

. الضابط ناصر ـ حاضر سيدي . الرائد ـ تفضل وقم بعملك بسرعة

. فون واخذ رقما خرج الضابط من الغرفة ورفع الرائد سماعة التلالرائد ـ سيادة العقيدة هناك نقطة غامضة في القضية وهو حدوث انفجار بعبوة صغيرة من المتفجـرات فـي

… الشاحنة وهذه مسالة غير طبيعية قد تدلنا على راس خيط يوصلنا الى حقيقة خطيـرة ونحـن االن بـصدد كـشفها . سير التحقيقفارجوك ان ال تسمح الية شخصية دبلماسية من التدخل في

. العقيد ـ لقد قلت لك اذهب وقم باجراء التحقيق حسب ما ترى فيه صالح االمن الوطني . الرائد ـ شكرا سيدي . ووضع سماعة التلفون

❁ ❁ ❁ من غرفة فندق هلتون اتصل فاضل هاتفيا برفيقه القنصل فلم يجده في البيت فقيل له بانه سـوف يرجـع بعـد

. .نصف ساعةوظل فاضل منتظرا على الخط ومضت الدقائق طويلة وانقضت نصف ساعة ورن جرس التلفون فرفع فاضـل

. السماعةنعم احتـاج الـى .. نعم انا اتصلت اريد ان ارى المعمل بسرعة .. كيف حالك يا رفيق.. من … فاضل ـ الو

. ساكون عندك خالل دقائق.. حسنا .. االن.. زيارة المعملماعة التلفون واسرع الى خارج الغرفة ومن ثم الى خارج الفندق وركب سـيارة عبـد القـادر وضع فاضل س

وذهب بها نحو بيت مركز االستخبارات وكالعادة وقف امام باب البيت انفتحت الباب بصورة تلقائية ودخـل فاضـل وجـد القنـصل فـي انتظـاره بالسيارة وانغلق الباب ورائه ونزل من السيارة ثم اتجه الى الداخل ودخل الصالون ف

: وصافحه وحياه وثم قال القنصل ـ اين وصلت مع عبد القادر؟

٨٦

. فاضل ـ اريد ان اكلمك حول زوج اختي عبد القادر بشئ من الصراحة . القنصل ـ تفضل وتكلم يا فاضل

فاضل ـ اال نقدر على اتمام العملية دون الحاجة الى قتل عبد القادر؟ هذا الطلب يا فاضل؟ القنصل ـ لماذا تطلب

. فاضل ـ الني افكر في اختي واطفالها .القنصل ـ الوفاء للحزب يا فاضل اولى من الوفاء للقرابة واالصدقاء

في موضع يناسبك تقول لي دعـك مـن الـشعارات وفـي … فاضل ـ انني اتعجب من امرك يا رفيق سمير بهذه الصورة نحن رفاق منذ عشرين سنة ومرت علينـا موضع ال يناسبك تحدثني بالشعارات ارجوك ال تتعامل معي

. ارجوك كلمني كاصدقاء… مختلف المراحل الصعبة والمتعبة : ضحك القنصل ضحكة طويلة ونظر الى فاضل وقال

القنصل ـ اسمع يا فاضل هناك قرارات تصدر من قيادة الحزب واخطر هذه القرارات التي تصدر من جهـاز ستخبارات وتعرف ذلك جيدا وقرار تصفية وانهاء عبد القادر صادر من اعلى قيـادة فـي االستخبارات وانت رجل ا

االستخبارات فما رايك؟ فاضل ـ ولكننا انا وانت قد نستطيع التاثير على هذه القرارات فكم من القرارات تغيـرت بفعـل الوسـاطات

. والتاثيرات الشخصية قضية عبد القادر تعتبر من اخطر االمور انـه مـتهم كمـا ..القنصل ـ ليس كمثل هذه القرارات يا فاضل

تعرف بخيانة الحزب اوال والتامر لالطاحة بقيادته ثانيا والتجسس ونقل المعلومات ضـد الحـزب والثـورة لـصالح . السوريين واكثرها خطورة تنظيم خاليا مضادة داخل كيان الحزب وداخل مجلس قيادة الثورة

. ت منه ان يرجع الى الحظيرةفاضل ـ ولكني كلمته وطلب ـ : فقاطعه القنصل وقال

! القنصل ـ دخلت معه في حوار في مثل هذا الوقت يا فاضل؟ … فاضل ـ كنت مجبورا يا

. القنصل ـ اعرف ماذا تقول فقد مررت انا شخصيا بمثل هذه الظروف . فاضل ـ ارجو ان ال تخبر احدا من الرفاق بذلك

واين وصلت مع عبد القادر؟ .. ثق بيالقنصل ـ لن اخبر احدا . فاضل ـ لقد وعدني بانه سيترك ويبتعد عن نشاطه السياسي المعادي

! القنصل ـ عبد القادر قال ذلك؟ . فاضل ـ نعم

. القنصل ـ ولكني اعرف عبد القادر جيدا انه رجل عنيد.. ال يقدر على شراء سـيارة جديـدة انه ال يملك شيئا يستحق حتى انه .. فاضل ـ لعله تعب من ضغوط الحياة

. وظروفه االقتصادية ليست جيدة .فهم وراءه.. القنصل ـ اين ذهب عنه السوريون

٨٧

. فاضل ـ السوريون مثله فقراء وكلنا يعرف انهم يعيشون على االعانات الخليجية والدولية . القنصل ـ ليس الى هذا الحد يا فاضل . ال يملك شيئا لقد تعبفاضل ـ انظر الى حياته يا سمير انه

القنصل ـ اسمع يا فاضل القيادة في بغداد ال تخاف من الحاقدين والمناوئين الذين يعيشون في الخـارج حتـى ولو ملؤوا االجواء بقرع طبولهم وبنباحهم ولكن القيادة حذره وحذره جدا من الحاقدين الذين تعقد حلقـاتهم بالـداخل

.. ينفث سمومه الى الداخل فهناك قرار بتصفيتهم وهنا مشكلة عبد القادروكل حاقد في الخارج يحاول ان … ولكن بشرط… ولكن هذا ليس معناه ان ال يحدد الحزب نظرته الى الحاقدين

فاضل ـ ما هو؟ القنصل ـ ان ياتي عبد القادر ويفتح حوارا معنا ونجلس ونتفاهم معا فابواب الحـزب مفتوحـة لمـن يريـد

. انهالرجوع الى احض . فاضل ـ وان انتاب عبد القادر الخوف وعدم الثقة بالرفاق

. القنصل ـ يتعهد لنا بانه يقتطع روابطه كليا بالسوريين وبالخاليا في الداخل على االقل .. فاضل ـ سوف اكلمه يا رفيق سمير وانا ال اعرف كيف اشكرك

. القنصل ـ كلما جلست معي يا فاضل ابتعدت عن اصل الموضوع . فاضل ـ انت لي اخ وصديق يا ابا سالم

عبـد القـادر .. القنصل ـ بالمناسبة احببت ان اسالك سؤاال طالما اردت من قبل سؤالك اياه ولكني كنت انسى ! سني واصله من الزبير وانتم شيعة كيف تزوج اختك وكيف ناسبتموه؟

ـ : ضحك فاضل عند سماع ذلك وقالا حميما الخي الشهيد رحمه اهللا والذي قتل ايام عبد الكريم قاسـم وكـان فاضل ـ انت تعرف اخي كان صديق

. عشق اختي ورضينا به على االقل لرد جميله فتزوج منها.. يتردد علينا كثيرا وله فضل علينا . القنصل ـ حسنا فهمت االن

ـ ماذا انجزت من المهمة؟ اين وصلت؟ .. فاضل ـ سيارة عبد القادر في الحديقة

… القنصل ـ عال جيد . فاضل ـ احتاج الى معمل

ولكن كيف تريد ان تصالح عبد القادر مـع الحـزب وان … القنصل ـ ادخلها الى المعمل وافعل بها ما تشاء . تعلب سيارته في ان واحد؟ واذا حدث االنفجار فعلى الفور سوف يكتشف انك خدعته

عمليا له وما عليه ان ذلك اال االختيار بـين المـصالحة فاضل ـ لن يموت في االنفجار وسوف يكون تحذيرا . او الموت

. هو مجبور ان يعترف ضدك.. القنصل ـ ولكنه سيعترف عليكخطر السفارة اوال وخطر التورط مع المخابرات الكويتية واعتقـد انـه … فاضل ـ سوف احذره من خطرين

. سوف يفضل السكوت

٨٨

. انا ال امتلك اية مصلحة في حياة زوج اختكالقنصل ـ سوف تورطني معك يا فاضل و فاضل ـ كنت تملك مصالح معي يا رفيق، اليس كذلك؟

يخرج فاضل من البيت مسرعا باتجاه الحديقة ويتجه نحو السيارة ويركبها ويخرج من الباب ومـن ثـم يميـل ل ويغلق الباب وينزل من الـسيارة الى باب الكراج فيفتح له الباب احد حراس البيت ويدخل فاضل سيارته الى الداخ

ويبدا يفحصها من االسفل والجوانب ومن الداخل ويظل حوالي نصف ساعة يفحصها بشكل دقيق من اجـل ان يجـد .. افضل مكان يفتحه بسهولة ويعلبه بالمتفجرات ومن ثم يغلقه مرة ثانية

… الخلفي ومكانا اخروبعد تفكير طويل حدد اماكن تعبئة المتفجرات فاختبار تحت الكرسي ـ : ثم خرج فاضل من الباب االخرى للكراج والمطلة على حديقة البيت وتوجه الى الداخل وقال للقنصل

. ـ لقد اخترت المكان الجيد للتعليب واالن؟ .. القنصل ـ جيد

فاضل ـ اين المعمل؟ .. القنصل ـ انه في السرداب

اب وفتح له الباب وانار الضوء فنظر فاضل الى الداخل فوجـد ان اتجه فاضل والقنصل الى االسفل نحو السرد والبالستيكية ومتفجرات من نوع يفوق قدرتـه T. N.Tهناك رفوفا وضع فوق الرفوف انواع من قوالب المتفجرات

T.N.T.وانواع الساعات الخاصة بالتوقيت … ل االنفجار وفتائل االشتعال وثالثة اجهـزة ونظر على يسار الغرفة فوجد ان الرفوف تحوي على انواع من فتائ

… السلكية مرسلة ومستقبله فاضل ـ اي جهاز من هذه االجهزة يصل مداه الى كيلو متر واحد؟

: فاشار القنصل الى احد االجهزة وقال القنصل ـ هذا الجهاز الماني الصنع مداه يصل الى اكثر من كيلو متر ويمكن التحكم بذبذبته فهو يرسل عـدة

. ذبذبات مختلفة والمستقبل ال نظر له وال يحتاج الى هوائي .فاضل ـ حسنا ابدا بالعمل

.اخذ فاضل جهاز االرسال ونزع عنه البطارية ووضعها في جهاز الشحن وسال القنصل . فاضل ـ كم يوم تستطيع ان تعمل هذه البطارية

. القنصل ـ انها قادرة على العمل لمدة ثالثة ايام تقريبا اضل ـ هل لديك بطارية مشحونة؟ ف

القنصل ـ االن؟ فاضل ـ نعم؟

القنصل ـ لماذا؟ . فاضل ـ اريد ان افحص الذبذبة في هذا المكان فاني اخاف حدوث انفجار

القنصل ـ لقد فحصنا المكان من قبلك واعمل براحة بال واذا انتهيت من عملك فافحـصه اوال بالـضوء ثـم . اربطه بالمتفجرات

٨٩

. ـ اخاف ان يخرج فاضل بالسيارة بعد تعليبها ويصادف ذبذبة في طريقه فيتفجر في الشارعفاضل . القنصل ـ اصنع مفتاح امان وسوف اعطيك رقم ذبذبة خاص ال يوجد مثل لها في الكويت اعمل بها بامان

.. كان الرجالن متخصصين في علم التفجير وانواعه وطرقه وكان كل واحد يفهم ما يقوله االخركانت داخل الغرفة منضدة كبيرة وفوق المنضدة ضوء كبير معلق وعلى جانب المنضدة علبة حديديـة كبيـرة وضعت فيها كل انواع الموصالت الكهربائية الالزمة وانواع االدوات لصنع المتفجرات وعلبـة اخـرى وضـعت

. داخلها انواع من الصواعق والتي تعتبر عامال مهما في التفجير … ضل يختار متفجراته حسب خبرته واحتياجه وراح يختار االدوات الالزمة ليصنع منها قنابلهراح فا

ـ : نظر اليه القنصل وقال . ـ حسنا انا ذاهب وانت اكمل عملك واذا احتجت الى شئ فانا فوق

ة صـالحة فاضل ـ رجاء ارسل وراء المصلح المتخصص ليصلح سيارة عبد القادر جيدا اريد ان تكون السيار .مائة في المائة للعمل الن اي خلل يحدث في السيارة سيوف تذهب كل اعمالنا هباء

. هل تريد شيئا اخر… سوف نصلحها.. القنصل ـ حاضر . فاضل ـ قوري شاي بالهيل وسالمتك

.. القنصل ـ سوف ابعث لك قوري شاي بالهيل اتمنى لك التوفيق .. عمل في المعمل ليصنع قنبلة او عدة قنابل تتفجر بطريقة الالسلكياصعد القنصل الى االعلى وترك فاضال ي

. وعمل له الشاي بنفسه ومن ثم جاء به اليه وصعد مرة ثانية الى فوق : وانقضت ساعة من الوقت وصعد فاضل الى االعلى ونظر الى القنصل وقال

. وانا حاضر للتعليب… فاضل ـ لقد انتهى كل شئا لك هذه السيارة المستهلكة وباستطاعتك ان تعتمد عليها على االقل حتى تنتهـي مـن القنصل ـ ونحن اصلحن

. المهمة . فاضل ـ اذن علي ان اعلب السيارة

ثـم اتجـه .. رجع فاضل الى االسفل ثم يعد وهو يحمل كارتونا وداخله المتفجرات التي هياها وحضرها للعمل ت التي وجدها جيدة للتعليب وثم بدا يوضع المتفجـرات فـي االمـاكن صوب السيارة وبدا بفتح المشدات عن المكانا

الالزمة واخذ يثبتها باشرطة الصقة ثم بدا يوصل اسالك الصواعق بالمستقبلة ووضع اكثر من مستقبله حتـى اذا لـم .. تعمل االولى تعمل الثانية واحاط المتفجرات بحبال متفجرة ايضا ليضمن تفجيرها بشكل افضل

.. اعة ونصف من العمل اكمل فاضل تعليب السيارة وهياها كاملة لالنفجار وقت ما يشاء هووبعد سرجع فاضل الى الصالة التي كان فيها القنصل منتظرا وكان طوال المدة يقف عند الشباك ويفكر ووقف امامـه

: وقال … فاضل ـ لقد انتهيت من كل شئ القنصل ـ متى تسلمه السيارة؟

. ه السيارة مساء فهو ال يخرج من البيت اال مساءفاضل ـ اسلم القنصل ـ متى تفجر السيارة؟

٩٠

. فاضل ـ غدا صباحا حين تكون سيارته داخل ساحة المحطة . اسمع يا فاضل االن ارجع الى المعمل واعمل لنا قنبلة اخرى بوزن كيلوين من البالستيك… القنصل ـ جيد فاضل ـ لمن؟

!! الليلة؟القنصل ـ لعملية هذه فاضل ـ اين؟

. القنصل ـ نقطة الضخ الصغيرة فاضل ـ لماذا نبدا بالصغيرة قبل الكبيرة؟

. القنصل ـ النها سوف تكشف من وراء الكبيرةفاضل ـ ال افهم ماذا تقصد ولكني اعرف شيئا واحدا وهو اننا ان فجرنا الصغيرة اليوم فسوف تكـون هنـاك

. طة الكبيرةحراسة مشددة غدا على المح القنصل ـ هل اذا مر عبد القادر بسيارته من خالل بوابة المحطة سوف تفحص السيارة؟

. فذلك شئ بعيد.. فاضل ـ ال . القنصل ـ اذن نحن نضمن دخول سيارة عبد القادر الى داخل الساحة غدا، وهذا كفاية لنا

لكبيرة؟ فاضل ـ ماذا تقصد بان العملية الصغيرة سوف تكشف من وراء ا . القنصل ـ سوف تاخذ معك بهمن

فاضل ـ لماذا بهمن؟ . القنصل ـ النه ايراني ومقيم في الكويت بشكل رسمي

… فاضل ـ نعم …القنصل ـ اجعله يساعدك حتى اخر لحظة

. فاضل ـ نعم . القنصل ـ اقتل الحارس اوال ثم اقتل بهمنا ثانيا

فاضل ـ اقتل بهمنا؟ . القنصل ـ نعم

! ل ـ ولكنه ايراني صديق ومعارض لحكومة الخمينيفاضلقـد قبلنـا .. القنصل ـ اسمع يا فاضل اذا كنت تترحم على هذا وعلى ذلك فلم دخلت سـلك االسـتخبارات

حديثك عن زوج اختك فماذا تريدنا ان نقبل كل ترحماتك؟ انها السياسة يا فاضل ال تعرف قريبـا وال صـديقا انهـا نحن نقول للحزبي العـادي نفـذ .. انه الحكم يا فاضل انه مستقبلك في هذا الحكم هل تفهم ما اقول المصالح السياسية

واني انـصحك يـا فاضـل ان .. هل فهمت… اما رجل االستخبارات فالقيادة تقول له نفذ ونفذ وال تناقش … ثم ناقش . وتنتقل الى وظيفة كتابيةكنت ال تتحمل االستمرار في نشاطات االستخبارات فعليك ان تستقيل بعد هذه

. فاضل ـ انت تطعنني يا رفيق . القنصل ـ اني اعلمك يا فاضل

فاضل ـ متى اتحرك؟

٩١

… القنصل ـ عند المساء

❁ ❁ ❁ كان ضباط االمن الكويتيين وعلى راسهم الرائد يفتشون الشارع العام من المطالع حتى عشرات الكيلـومترات

.. باتجاه العبدليوالسائق ابراهيم عبد الجليل من وراء شباك ينظر الى اطراف الشارع العام بكل اهتمام حتى وصـلت الـسيارة

: الى الفتة في الطريق وقد مسح الرقم منها فنظر اليها الضابط وقال احدهم الضابط ـ هله هذه هي الالفتة التي عنيتها؟

… السائق ـ اعتقد هي . الضابط ـ عليك ان تتاكد

. سائق ـ ان لم يكن هناك غيرها فهي قطعاالاستمرت سيارة االمن في التقدم في الشارع والكل يفتش عن اثار لعجالت الشاحنات وبعد عـدة سـاعات مـن

.. البحث عثر عن اثار عجالت شاحنتان قد خرجت من نطاق الشارع العام وتوغلت داخل الصحراءداخل الصحراء واشرفوا على البحر وبدا الضباط يصورون كـل راح ضباط االمن يتبعون االثر حتى توغلوا

االثار الموجودة على االرض وراح عدد من الشرطة يعمل مقدارا من الجبس االبيض الخاص الخذ اثار العجـالت ثم بدؤوا يصبونها على اثار العجالت ليتصلب ومن ثم لتحمل الى مختبرات التحقيق، التفت احد الضباط الـى الرائـد

ـ : الوق … باالضافة الى سيارة عادية… ـ سيدي هذه اثار شاحنتين وليست شاحنة واحدة

ـ وعن بعد وقريب ساحل البحر اخذ احد الضباط مع شرطي يتابعون اثرا واضحا حتى انتهـى االثـر الـى : البحر فقال الضابط

.الضابط الثاني ـ يبدو انه اثار قارب قد سحب من احد السيارات الى البحر : وجاء شرطي من بعد وهو يركض وسلم احد الضباط ورقة وقال

. الشرطي ـ سيدي هذه الورقة وجدتها هناك عند االشواك : نظر اليها الضابط مليا ثم ذهب وقدمها الى الرائد فنظر اليها الرائد وقال

. الرائد ـ انها احد اوراق التي يغلف بها البرتقال

❁ ❁ ❁ ـ : الى وجه رفيقه سمير وقال نظر فاضل

. ـ اذا كان والبد من اتمام عملية الليلة اذن ما علي اال ان اسلم السيارة االن لصاحبها . القنصل ـ ال خيار امامنا اال اذا احببت ان ترسلها بيد شخص اخر يوصلها له ليال وياخذ منه سيارتنا

. وقد يشك بسبب هذا التصرفذلك غير صحيح النه سوف يجعله ال يطمئن … فاضل ـ ال ؟ .القنصل ـ كيف ومتى سوف نسترجع منه سيارتنا

. فاضل ـ االن سوف اذهب لتسليمه سيارته واخذ سيارتنا

٩٢

القنصل ـ لم تقل ماذا ستفعل ان اتممت العملية وادرك عبد القادر بانك الفاعل؟ صـاف شـخص ال وجـود لـه فـي فاضل ـ لو ان عبد القادر اجبر على االعتراف فسوف يذكر اسم واو

… الكويت : ضحك القنصل ضحكة عالية ذات معنى وقال

القنصل فعال سيبحث االمن الكويتي عن رجل ال وجود له في الكويت وال اسم له في الدخول او الخروج مـن … الحدود

. وظل يضحكلـشارع وراح مـسرعا واقترب منه فاضل وصافحه ثم ودعه واتجه الى الموقف وركب السيارة وخرج الى ا

. باتجاه بيت اختهوظلت السيارة تسير حتى وصلت الى اعتاب بيت اخته فخفف السرعة ووقف عند الباب ونـزل مـن الـسيارة وضغط على الجرس ففتحت له ودخل الى البيت ونظر في اطراف الحديقة عند المدخل فلم يجد سيارته وتوجـه الـى

صافحها وسلم كل واحد على االخر وجلسا يتحـدثان وكـان االطفـال قـد داخل الصالون حيث كانت تنظره اخته ف . انشغلوا بمشاهدة افالم االطفال في التلفزيون فاضل ـ اين عبد القادر يا فاطمة؟

. فاطمة ـ لقد ذهب بسيارتك الى رؤية صديق وسوف يرجع . فاضل ـ راجو ان ال يتاخر

. تتركه مقابل اعدائهفاطمة ـ يا فاضل قف الى جانب عبد القادر والانـت … ليس من صالحه ان يعمل ضد السفارة.. فاضل ـ ارجوك يا فاطمة كلميه انت تستطيعين التاثير عليه

.. تفهمين ماذا اقولفاطمة ـ ال تنس يا فاضل انه كان رفيقا وصديقا حميما للمرحوم اخينا وكانا في تظاهرة واحدة وفـي مكـان

ن هل نسيت؟ واحد يوم قتله الشيوعيولكني اعدك باني سوف اسـاعده … فاضل ـ انا لم انس ذلك يا فاطمة ابدا وال استطيع ان اوضح اكثر من ذلك

. قدر ما يمكنني فاطمة ـ متي تسافر الى البصرة؟ . فاضل ـ خالل اليومين القادمين

.فاطمة ـ اريد ان ارسل معك بعض الهدايا الى اهلي وبعض المال. هل نسيت اسـمك الحركـي؟ .. بعض الرفيقات يسالن عنك يا ام االحرار.. خدمتك يا فاطمةفاضل ـ انا في

. لكن الرفيقات البعثيات لم ينسين اسمك وكلما راتني واحدة من رفيقاتك بلغتني السالم اليك . فاطمة ـ لقد انتهى دوري في الحزب من زمان يا فاضل

. الحرارفاضل ـ لقد كنت حزبية نشطة وجريئة يا ام ا .. فاطمة ـ الفعل ماذا يا فاضل؟ ال كتب التقارير ضد هذا وذاك يا فاضل

!! فاضل ـ لماذا تكلميني بهذه الصورة يا ام احرار

٩٣

. فاطمة ـ اتركني يا فاضل واترك هذا االسم الحركي الذي كرهته لقد كرهته وكرهت كل الماضي فاضل ـ الى هذا الحد اثر عليك عبد القادر؟

هل نسيت كم خرجنا فـي المظـاهرات … انه الواقع المؤلم الذي لمسته بيدي… ال.. ة ـ ال يا فاضل فاطمهل نسيت كم عملنا في االتحادات الطالبيـة والنـسائية وكـم ادرنـا .. بعد انتصار الثورة وانا ال زلت فتاة صغيرة

نسيت؟ الندوات ونظمنا الخاليا النسائية للطالبات في المدارس والكليات هل .. فاضل ـ ال لم انس ولم ينس الحزب ذلك . وهل بقي حزب في العراق.. فاطمة ـ دعك يا فاضل من كلمة الحزب

. فاضل ـ ارجوك يا فاطمةمـن حيـث ال .. فجاة نظرت الى نفسي فوجدتني جاسوسة.. هل تعرف ماذا كانت النتيجة) بعصبية(فاطمة ـ

لما دخلت االجتماع سالونا ما نحمله من التقارير الحزبية والتـي ال تكتـب ك.. اشعر تحولت الى جاسوسة على الناس لقد اجبرنا المسؤولون في الحـزب علـى ان .. وحتى كانت تهدد… تقريرا عن الناس كانت توبخ من قبل المسؤولين ! اليس كذلك؟… نكسر رقاب الناس ونهدم البيوت على الرؤوس … انها قضية سعاد واخيها.. مة فاضل ـ انا اعرف ماذا تقصدين يا فاط

سعاد اشتكت لي من ضغط اخيهـا عليهـا ومنعهـا مـن .. فاطمة ـ قضية سعاد واخيها واحدة من القضايا الخروج من البيت والذهاب الى االجتماعات الحزبية فرفعت انا ضده تقريرا الى الحزب ظنـا منـي بـاني احتـرم

د ايام يلقى القبض عليه وتحت التعذيب يصاب بـضربة قويـة تقتلـه الحزب والثورة والوطن والشعب واذ باخيها بع الطالبات اخذت باالبتعاد عني خوفا، والـداها كلمـا التقيـا .. سعاد كرهتني.. ويرجعون اخاها محموال جثة بال حراك

حتى كنت امشي في الشارع وانظر الى النـاس وهـم ينظـرون لـي بعيـون .. بي في الطريق صرخا بالدعاء علي . حتى كرهت نفسي ولعنت ذلك اليوم الذي اصبحت فيه بعثية.. حاقدة

.. فاضل ـ لوال ازالة الحاقدين عن درب الثورة ما وصل الحزب من القوة في العراق كيومنا هذا يـا فاطمـة اليوم حزب البعث يمتلك اكثر من مليون عضو منظم ان حزبنا اليوم ينافس الحزب الشيوعي الروسـي يـا فاطمـة

. وهذا منتهى القوى والعظمة في تاريخ حزبنا . فاطمة ـ نعم بالقوة تستطيع ان تزيد االعضاء الى عشرة ماليين يا فاضل

. فاضل ـ اية قوة انهم يرتمون في احضان الحزب بكل طواعية ينتمـي فاطمة ـ طبعا طالما اصبحت لقمة العيش ال تاتي وال يحافظ على بقائها اال من خالل الحزب فلماذا ال

! ابناء شعبنا الفقير الجائع؟فاضل ـ انت واهمة يا فاطمة فليس هناك جوع او فقر في العراق الحزب قد اغنـى كـل النـاس واصـبح

… العراقيون من الشعوب الغنية في العالم يا فاطمة تعالي وانظري الى عراق اليومن الهرب من الحدود الكويتية العراقيـة اراهـم فاطمة ـ نعم ارى عراق اليوم من خالل االالف الذين يحاولو

اراهم جيـدا كيـف يهربـون خـوف … كيف يفعلون المستحيل من اجل ان يصلوا الى الكويت وياكلوا لقمة العيش .. الموت في الحرب وكم يالقون من مشاق حتى يصلوا الكويت

. اني ارى العراق جيدا من هنا يا فاضل

٩٤

. وسمم افكاركفاضل ـ لقد لونك عبد القادرال اريـد ان ادخـل .. ال .. فاطمة ـ ظننتك كبرت يا فاضل ولكني اراك ذلك الطفل كما تركتك في العـراق

… معك في نقاش اكثر من ذلك لقد ندمت حين طلبت منك المساعدة . فاضل ـ ال تقولي ذلك يا فاطمة فانا اخوك واعزك مهما اختلفت افكارنا فنحن من دم ولحم واحد

. ة ـ هل تقدر ذلك يا فاضل ام انه مجرد شعار كباقي الشعاراتفاطمعلى اي حال لقد تاخرت يا فاطمة وعلي الرحيل هذه سـيارة .. ال تسيئ الظن بي الى هذا الحد.. فاضل ـ ال

… عبد القادر جئت بها وقد اصلحتها له . فحه وقد هم فاضل بالخروجوفي ذلك االثناء ياتي عبد القادر الى البيت ويدخل ويحي فاضال ويصا

. عبد القادر ـ الى اين يا فاضل لقد رايتك تواواني على عجلة من امري والبد لـي مـن الـذهاب …فاضل ـ اعذرني يا عبد القادر فقد كنت هنا منذ مدة

. وسوف اعود واراك غدا . حتها لكعبد القادر ـ حسنا كما شئت تفضل هذه مفاتيح سيارتك وهي عند الباب وقد اصل

… يشكره فاضل ويودعه ويودع كل واحد االخر ويخرج فاضل ويركب سيارته المارسيدس ويرحل : يلتفت عبد القادر الى فاطمة ويقول

. عبد القادر ـ ان اخاك فاضال ال يزال رجال لعوبا وكاذبا فاطمة ـ لماذا تقول ذلك يا عبد القادر؟

السيارة فقال الحد اصدقائي التجار وحين تحققت مـن امرهـا لـدى عبد القادر ـ سالته في الصباح لمن هذه . الرفاق ظهرت انها عائدة للطبيب رشيد متخصص طب االطفال وهو عميل للسفارة العراقية

. فاطمة ـ على اي حال انهم اصدقاء ورفاق يا عبد القادرجيئة الى بيتنا كان يهدف مـصالحتك فاطمة ـ انا ال اعرف لماذا جاء الى الكويت بالضبط ولكني متاكدة بان م

… مع رفاق السفارة . كل شئ جائز.. عبد القادر ـ ربما

❁ ❁ ❁ وداخل كل سيارة ثالثـة رجـال ) شفروليت(كانت امام دائرة االغاثة تقف سيارتان امريكيتان الصنع من طراز

ق خرج شاب يبلغ من العمر الثالثين ملتح ويبـدو انـه يراقبون بدقة المكان والباب الخارجية لدائرة االغاثة وبعد دقائ .. متدين

… ذهب الشاب صوب سيارته نوع تويوتا يا بانية وركبها وشغل المحرك وسار بهاوسارت سيارة شفروليت في المقدمة وسيارة شفروليت االخرى ظلت تتابع سيارة التويوتا وال تتركهـا لتبتعـد

وحين وصلت سيارة التويوتا الى احـد شـوارع منطقـة الرميثـه … ان الشاب بدقةعنها وهكذا بقيت السيارتان تتابع ويبدو انهم كانوا يعرفون مسير الشاب وهدفه وطريقه فكمنوا له عند منعطف شارع تقل فيه المارة ومـا ان اقتربـت

وقوف سـيارته سيارة الشاب حتى كانت احدى السيارات االمريكية تقف امامه وبسرعة حاول الشاب ان يسيطر على

٩٥

لئال يصطدم بها حتى جاءت الثانية ووقفت ورائه فلم يقدر من الحركة الى االمام او الى الخلف وظل في حيـرة مـن امره وعلى حين غره وبسرعة خرج رجالن من كل سيارة وانقضوا على الـشاب وجـروه الـى الـسيارة الخلفيـة

.. ووضعوه داخلها وفرت السيارة بسرعة وتبعتها الثانيةكان احد المارة في الشارع قد شاهد منظر االختطاف كله فاسرع الى اقرب تلفون عام في الـشارع واتـصل

. بالشرطة وابلغهم بالحادث

❁ ❁ ❁ نزل الرائد الجاسم وعدد من ضباط االمن والشرطة من سياراتهم ونزل ورائهم السائق ابراهيم عبـد الخليـل

… ساعة الخامسة عصراوكان الوقت يقترب من الالرائد ينظر الى ارجاء الشبرة في الشويخ والى الجوانب والمحالت والمخازن هناك وبعد نظرة ملية نظر الـى

: السائق وقال الرائد ـ اين افرغتم الحمولة؟

. نعم في ذلك المخزن الذي يديره الفلسطيني… السائق ـ هناكن وبسرعة دخلوه واغلقـوه االبـواب وتوغلـوا داخلـه وبـداوا اسرع رجال االمن والرائد الى داخل المخز

.. يفتشونهوبسرعة رفـع سـماعة .. فوجئ الرجل الفلسطيني بوجود كل هذه االعداد من رجال االمن وفجاة داخل مخزنه

: التلفون وادار القرص وفتح الخط وقال .. المكان طوق وهوجم بسبب غير معروف.. ابو اسامة.. ابو العز ـ الو

قال تلك الجملة واغلق التلفون وكان احد ضباط االمن قد وصل الى باب الغرفة فدخل وبسرعة اتجه الى سـلك … التلفون وقطعه

ماذا حدث؟ لماذا كل هذه االجراءات؟ . ابو العز ـ ماذا هناك؟ الضابط ـ متى استلمت حمولة البرتقال؟

! ة انه برتقال ال غيرانها حمولة عادية وغير مهرب.. ابو العز ـ البارحة الضابط ـ واين البضاعة؟

. ابو العز ـ اكثرها قد بعتها البارحة واليوم صباحا وهذه اوراق البيع والتلف مرمي هناكواخذ رجال االمن والضباط يندفعون في تفتيش المكان ولكنهم لم يجدوا ما يريب او ما يربط انفجـار الـسيارة

. بهذا المكان ـ : التفتيش نظر الرائد الى الرجل وقالوبعد ان انهوا

. ـ راجع دائرة االمن بعد الساعة الثانية بعد الظهر . ابو العز ـ حاضر يا سيادة الرائد

.. وترك الرجال المكان

٩٦

❁ ❁ ❁ حينما رجع فاضل الى مركز االستخبارات كانت الساعة تشرف على السادسة والنصف بعد الظهر والـشمس

. الة انحدار للغروب وحرارتها قد خفت وهبطت ورطوبة الهواء تثقل االنفاس وسيارة فاضل عند الباب واقفةفي حوداخل الصالون يقف القنصل وهو ينظر الى فاضل وبهمن االيراني وهما ينقالن قنابـل صـغيرة ومحـدودة

. ت لنقل القنابلاالنفجار من السرداب الى االعلى ثم وضعها في حقيبة صغيرة دبلماسية خصصاشار فاضل لبهمن بان يحمل الحقيبة الى السيارة ويمكث هناك حتى ياتيه فحمل بهمن الحقيبة وذهـب صـوب

ـ :السيارة ومكث هناك منتظرا نظر فاضل الى القنصل وقال ـ هل البد من قتل بهمن؟

. القنصل ـ يبدو انك لم تتعلم الطاعة بعد يا فاضل . كثر من عالقة سلسلة المراتب يا سميرفاضل ـ عالقتي بك ا

. ارجع وحدك يا فاضل… القنصل ـ انها االوامر يا فاضل ترغمني وترغمك . وبقي صامتا لحظات… فاضل ـ حاضر

القنصل ـ ماذا لديك بعد يا فاضل؟ … فاضل ـ نسيبي عبد القادر طلب لقاءا معك

وحاضر ان التقيـه الليلـة مـن … حسنا انا حاضر.. لقد فعلت الكثير معه يا فاضل… جيد… القنصل ـ جيد … اجل ان تنهي كل شئ قبل الحدث

. فاضل ـ شكرا وكن لينا معه . القنصل ـ سافعل ذلك من اجلك يا فاضل

. فاضل ـ ومن اجل الحزب … سكت القنصل ولم يجبه واتجه فاضل نحو سماعة التلفون وطلب رقما وتكلم

فـي .. نعم… االخ الرفيق سمير التكريتي حاضر ان يراك الليلة … حالككيف… عبد القادر .. فاضل ـ الو سوف اساله … الساعة التاسعة ليال عند بيت صديق مشترك.. اي مكان تشاء

. وضع يده على سماعة التلفون والتفت الى القنصل وساله … القنصل ـ عند منزل المحامي صابر الصيداوي

ـ : د القادر بالتلفونرفع فاضل يده عن السماعة وقال لعبفاضل ـ يقول الرفيق بانه سوف يراك الساعة التاسعة ليال في بيت المحامي صابر الـصيداوي انـه صـديق

. مع السالمة… اتمنى لك التوفيق يا عبد القادر… مشتركن واتجه الى القنصل وصافحه وودعه وغادر المكان باتجاه الـسيارة التـي كـا … اطبق فاضل سماعة التلفون

… وما ان وصل فاضل حتى تحركت السيارة باتجاه شارع الجهرة. بهمن ينتظره بداخلها … نظر فاضل الى ساعته فكانت تقترب من الثامنة وهم في اول طريق الجهرة

. فنظر الى صاحبه بهمن واشار له باالسراع فضغط على عتلة البنزين لتزيد السرعة ما امكنه

٩٧

ئة كيلومتر بعيدا عن مدينة الكويت باتجاه ابار الروضتين ووصلت الـى مكـان قطعت السيارة مسافة حوالي م ينعطف من الشارع الرئيسي المعبد الى شارع ترابي فرعي فاشار فاضل الى بهمن باالنعطاف الى الشارع الفرعـي

جـل ان ال تـرى فانعطف بالسيارة بعد ان خفف السرعة لتسير بحذر والن الظالم بدا يسدل ستاره على المكان ومن ا السيارة عن بعد فقد كانت االضواء مطفئة وبهمن يقودها بكل حذر حتى راح يقدم راسه ما اسـتطاع الـى االمـام

… فالمس انفه الزجاج االمامي ليقدر على الرؤية ما استطاعم ومع ذلك فقد وقعت السيارة في حفرة عند الطريق جعلت السيارة ترتفع وتـنخفض بقـوة ادت الـى ارتطـا

فاوقف بهمن السيارة في مكان مستور ومنزو ونزال من السيارة بعد ان نظرا في الخارطة التـي … رؤوسهم بالسقف … معهم وادركا انهما على مقربة من الهدف

انزال معها الحقيبة الخاصة بالمتفجرات وحمالها باتجاه الهدف واثناء السير راح كل واحـد يحـضر مـسدسه كان الحرس جالسا على مقربة من المـضخة الـصغيرة . ت دقائق فكانا بالقرب من الهدف ومر) الكاتم(ويضع فوقه

يقوم بواجبه والنه تعود ان يقضي وقته سنين طويلة بامن وامان وان عمله ليس اال صورة متكـررة للحفـاظ علـى . ه الى جنبهالمضخة فقد جلس بكل اطمئنان وراح يدخن سيكارته ويسرح بافكاره حيث يشاء واضعا بندقيت

فاضل وبهمن كمنا للحارس وراحا يزحفان على بطنيهما حتى وصال الى مقربة من المضخة وفي موقع يبعـد . عن الحارس حوالي عشرين مترا جاءاه من الخلف

صوب فاضل مسدسه الذي يحمل الكاتم باتجاه الحارس وراح يطلق عليه الطلقـات الواحـدة تلـو االخـرى . طلقات اردته قتيال على الفورفاصابت الحارس ثالث

ولما ادركا انهما قتال الحارس اسرعا بالركض صوب المضخة واتجه فاضال اوال صوب الحارس وتاكد مـن . موته ثم حمل بندقيته ووضعها بيده

اما بهمن فراح يربط المتفجرات حول المضخة ومن ثم ربط الحبال المتفجرة حولها وربطها ببعض ثم ادخـل ـ : صاعق المتصل في المتفجرات بالساعة ووقت االنفجار لمدت عشر دقائق ونظر الى فاضل وقالاسالك ال

. بهمن ـ لقد انتهى كل شئ وسوف ينفجر المكان بعد عشر دقائق . فاضل ـ اذن لنسرع بالهرب اسرع يا بهمن

..فاسرع بهمن مبتعدا عن المكان وراح فاضل يقضي شيئا من الوقت في مشاهدة الحارس ـ : ثم قال لبهمن

. بهمن لحظة رجاء . وقف بهمن ثم رجع الى فاضل

. فاضل ـ تعال لتحمل هذه الجثة الى بعد حوالي عشرة امتار من المكان بهمن ـ لماذا؟

… فاضل ـ ال اريد ان تحترق الجثة من اثر النيرانثر ورميـاه هنـاك وقـال فاضـل فحمل فاضل وبهمن الحارس الى بعد حوالي عشرة امتار من المكان او اك

: لبهمن . االن تستطيع ان نتجه نحو السيارة

٩٨

وحين كان بهمن يبتعد عن المكان كان فاضل يسحب اقسام بندقية الحارس ويـصوبها نحـو بهمـن وبـسرعة . اطلق ثالث طلقات اصابته في ظهره

ليه النار لكـن اثـر الطلقـات احس بهمن بحرارة الطلقات وهي تخترق بدنه فاراد ان يلتفت ليرى من اطلق ع كان قويا الى درجة لم تجعله قادرا حتى على االلتفات فوقع على وجه قتيال مضرجا بدمه وسكن جـسده علـى بعـد

. حوالي عشرة امتار من جثة الحارسحمل فاضل البندقية ومسح عنها اثار االصابع واقترب من الحارس ومن ثم وضع البندقية فـي يـده وجعلهـا

. ه جثة بهمن حتى يتصور الرائي ان الحارس قد قتل بهمناباتجاثم ذهب صوب بهمن ووضع المسدس الذي قتل به الحارس بيده وجعله صوب جثة الحارس وبالتالي يتـصور المحققون بان الرجلين قد قتال بعضهما وركض فاضل مسرعا باتجاه السيارة لكي يختصر الوقت ويبتعد عن المكـان

ما يقدر وفجاة وسط الظالم ارتطم بشئ اوقعه على وجهه فاحس بالم شديد وقد كاد ان يتوقـف قلبـه فكان يسرع بكل وبعد لحظات لملم نفسه وقام لينظر باي شئ ارتطم فلما نظر اصابته دهشته اوقفت شعر راسه لقد كانت هنـاك جثـة

ثم اسرع فاضـل .. نفس المكانرجل ممد ومقتول بعدة رصاصات والدم نازف منه في نفس الموضع وكانه قتل في . راكضا صوب السيارة وركبها وراح مسرعا ما قدر صوب الشارع العام

وما ان وصلت سيارة فاضل الشارع العام حتى سمع في المكان صوت انفجار هز المكان هـز وراح منظـر … لهيب النار يلوح في السماء من مكان بعيد

ي لحظات توقف ومال الحقيبة الدبلماسية بـبعض االوراق والكتـب فاسرع فاضل باالبتعاد عن المكان ولكنه ف . وشئ من المالبس، خوف التفتيش في الطريق

❁ ❁ ❁ كان النقاش حادا وحارا ما بين سمير التكريتي وعبد القادر في بيت المحامي اللبناني جابر الـصيداوي والـذي

.. ول جاهدا من عقد المصالحة ما بين الصديقينكان يحاول جاهدا من ان يخفف حدة الموقف ويحاالقنصل ـ ان دوافعكم يا عبد القادر للوقوف بوجه قيادة الحزب لم تكن دوافع داخلية بل انهـا كانـت دوافـع مستوردة من الخارج لقد دفعكم السوريون لخلق شرخ داخل تنظيم الحزب وشقه الى كتل متنـاحرة حتـى يـضعف

. مقاليده في العراقفتسيطر قيادة دمشق علىعبد القادر ـ بل دوافعنا كانت داخلية اكثر من ان تكون مستوردة وذلك حينما بدات القيادة في الحـزب تتجـه

لقد ضرب الحزب التركيبـه … ومن ثم تحولت الى ديكتاتورية مطلقة من قبل صدام حسين .. نحو الدكتاتورية الفردية تراف او اهمية العضاء قيادة الثورة وراح يصفي االعـضاء الواحـد تلـو القيادية بعرض الحائط ولم يعد هناك اع

االخر واخرون عزلوا وطردوا من الحزب واخرون ارسلوا سفراء الى خارج الوطن ولم يعد لهم ادنى حضور فـي . قرارات الحزب

ياسية الداخليـة القنصل ـ لو بقي اولئك حتى االن لكانت القرارات الحزبية والسياسية الخارجيـة وحتـى الـس . تصدر من حافظ االسد وغير حافظ االسد

٩٩

عبد القادر ـ ماذا اراد حافظ االسد سوى قيام وحدة عربية وهل ذلك يعاب عليه او لم يكن شعارنا وطموحنـا . كل السنين الماضية هو اقامة وحدة عربية

عن الشعارات التـي نطرحهـا فـي القنصل ـ يا عبد القادر هناك فرق كبير بين الشعار والواقع وال تحدثني قيـام … الحكم شئ وما كتب من حبر على ورق في كتب الحزب ومقررات المؤتمرات الحزبية شئ اخر … الشارع

وذلـك مـا فعلـه … حكم قوي يحتاج الى قيادة حازمة واالوامر والمقررات ال تخرج وال ترجع اال الى رجل واحد . صدام حسين

لم يعـد للمفكـرين واالدبـاء .. لم يعد للحزبي مكان في العراق.. الديكتاتوريةعبد القادر ـ اين اوصلتنا هذه االقتـصاد بيـد … عائلة الرئيس قد اخذت كل مقاليـد الحكـم .. واالساتذة محل في الوطن اكثرهم قد فروا بجلودهم

ت لـصالح سنويا حوالي مليارين دوالر من عائدات النفط واقتصاد الـوطن يـصب فـي ارقـام حـسابا .. التكارته … اهذا ما كان يطمح اليه حزب البعث يا رفيق… حرب ضارية تحرق العراق من الشمال الى الجنوب…الرئيس

. جئت الى هنا للمصالحة ما بين الرفاق… القنصل ـ لم اقدم هنا السمع منك محاضرة

❁ ❁ ❁ وكان فـي كـل … لعاشرة والربع ليال اطل فاضل بسيارته على اول شارع الجهرة وكانت الساعة تشير الى ا

لماذا اصدر القرار بقتـل بهمـن … الزمن الذي قطعة اثناء الطريق يغوص في اعماق افكاره يسال نفسه، الف مرة عند المضخة؟ لماذا؟ لماذا؟ هل النه كان يعرف شيئا من المهمة؟ هل هي عملية لمحو اثار الجرم ما بعد العمليـة؟ ام

لغال؟ وراح يسال نفسه اسئلة اخرى عن الجثة التي كانت ممدة هناك جثة من؟ من قتلـه؟ مـاذا النه كان جاسوسا متغ وهكذا بقي في دوامة افكـاره حتـى .. ياله من غموض عجيب يكاد ان يفجر مخه .. كان يفعل هناك صاحب الجثة؟

فاضـل بـسيارته صـوب المعاكس وظل يقترب .. قطعتها صفارات سيارات الشرطة وهي تنطلق مسرعة باالتجاه مدينة الكويت وعند اول مدخل الحظ وجود عدة سيارات شرطة وامن تقف عند المدخل تفتش الـسيارات الخارجـة

. والداخلة وهو منظر غير مؤلوف في الكويت اال عند الحاالت الطارئة … خفف سرعة سيارته ووقف عند رجال الشرطة الذين اشاروا له بالتوقف

ـ : من براسه من شباك السيارة وقالاطل احد رجال اال . هويتك رجاء

: اخرج فاضل جواز سفره االردني من جيبه وسلمه الى رجل االمن الذي راح يدقق فيه ثم ساله رجل االمن ـ من اين جئت يا اخ العرب؟؟

افلنـا مـن فاضل ـ انا مندوب شركة تسويق الخضار والفواكه االردنية وذهبت الى العبدلي التابع حضور قو . االردن

نظر رجل االمن اليه ثم دون في دفتره اسم ومواصفات جواز سفر فاضل ثم سلمه اليه واشـار لـه بـالتحرك . فتحرك فاضل تاركا المكان بسرعة الى منطقة مشرف

. وبعد برهة من الزمن كان فاضل يدخل صالة االستخبارات ويقف امام القنصل فقية؟ القنصل ـ هل انتهت العملية بمو

١٠٠

. فاضل ـ لقد انتهى كل شئ كما اتفق عليهانت رجل استخبارات ناجح وسيكون لك مستقبل كبيـر فـي … انت داهية يا فاضل… عال… القنصل ـ عال

… جهاز االستخباراتابتسم فاضل للقنصل ابتسامة ميتة ونظر الى زاوية من الصالة فالحظ خمـسة رجـال يبـدو انهـم رجـال

راقيين وهم يجربون عددا من الرشاشات وبعضهم يعد العتاد واخرون يحملـون قنابـل يدويـة وقنابـل استخبارات ع … مسيلة للدموع داخل حقيبة وكانهم ذاهبون الى جبهات القتال او الى معركة حاسمة

… اما القنصل فقد اتجه الى سماعة التلفون وطلب رقماانا سمير التكريتـي قنـصل … اسم موجود رجاء اوصلني بههل الرائد الج.. مديرية االمن… القنصل ـ الو

. كيف حالك يا اخ العرب).. لحظات(السفارة العراقية . ال تبخل علينا برؤيتك ارجوك… ال… اننا لم نرك منذ فترة طويلة ونحن مشتاقون لرؤيتك

ا معلومـات مـن عمالئنـا لقد وفدتن.. الواقع والسبب في ازعاجك في مثل هذه الساعة المتاخرة من الليل هو االيرانيين ومن داخل ايران بان مجموعة من عمالء الخميني قد تسللوا الى داخل االراضي الكويتية وهـم مـدججون

الهدف طبعـا امـا االخـالل بـاالمن .. نعم وهم االن يستقرون في جزيرة .. بالسالح والمتفجرات عن طريق البحر ومن اجل تسهيل عملية القاء القبض عليهم فاننا سـوف نرسـل بعـض … ةالكويتي او الهجوم على السفارة العراقي

انهـا .. الخريطة جاءت من عمالئنا في ايـران … رجالنا والذين يحملون خارطة الجزيرة التي تسلل اليها االيرانيون نـشارككم يجب ان .. ال… ال.. نحن في خدمتكم … مسالة ترتبط بامننا وسالمتنا ايضا كما هي ترتبط بسالمة وطنكم

مـع .. سوف ارسل الرجـال االن .. سالمة الكويت من سالمة بغداد وبالعكس شكرا جزيال .. في القاء القبض عليهم . السالمة

: ثم توجه القنصل الى الرجال المسلحين وقالالقنصل ـ خذوا عدتكم واسرعوا باتجاه مديرية االمن وسوف تجدون الرائد الجاسم ينتظركم هناك مـع عـدد

. جال االمن والشرطة فخذوهم الى الهدف وتعرفون ماذا تفعلون بذلكمن ر . نعرف ماذا يجب ان نفعل.. الرجل ـ نعم

فاذا بقى واحد منهم حيا او مجروحا فسوف تذهب كـل جهودنـا … القنصل ـ ال اريد ان يبقى واحد منهم حيا . اذهبوا بسرعة.. سدى

: وا حقائب المتفجرات ولكن القنصل قالحمل الرجال اسلحتهم الرشاشة وارادوا ان يحملالقنصل ـ اعتقد ان ال حاجة الى حمل القنابل اليدوية بسبب انكـم سـوف تجـدونها عنـد رجـال الـشرطة

. الكويتيين . اذهبوا بسرعة. ثم نحن ال نريد ان نعلمهم باننا نملك القنابل اليدوية

ج وركبوا السيارة وتوجهوا صوب مديريـة خرج الرجال الى خارج الصالة مسرعين وتوجهوا صوب الخار . االمن

. اقترب فاضل من القنصل وساله بتعجب فاضل ـ عمن خبرت يا ابو سالم؟

١٠١

. القنصل ـ كما سمعت عن متسللين ايرانيين من عمالء الخمينيح فاضل ـ اليس هؤالء الذين خبرت عنهم هم من اعضاء منظمة مجاهدي الشعب والـذين زودنـاهم بالـسال

والمتفجرات واالن ينتظرونا الرسال سفينة لنقلهم الى ايران؟ …هم… القنصل ـ نعم

فاضل ـ ومعهم تلك المراة؟ . القنصل ـ نعم هم

ما الفائدة؟ ) بدهشه(فاضل ـ … هل تعرف لماذا قتلنا بهمنا؟ وسوف نقتل االخرين من اصدقائه.. القنصل ـ هل تعرف ما الفائدة؟

ده الى درج منضدته واخرج عدة جوازات ايرانية ووضعها على المنضدة واخـذ ينظـر وسكت لحظات ومد ي . ثم استرسل في الحديث. كان الجواز االول تابع لبهمن والثاني لصديقه والثالث جواز الفتاة… الى صورها

. القنصل ـ سوف نثبت لالمن الكويتي بانهم ايرانيون فاضل ـ ثم؟

. ان نخبرهم بان هؤالء مخربون وانهم ايرانيون والسالميكفينا … القنصل ـ هذا يكفيعند ذلك ادرك فاضل عمق اللعبة وادرك ان الهدف من قتل بهمن واصدقائه وعملية المضخة لم تكن اال لعبـة اعالمية ال هدف وراءها سوى تضليل االمن الكويتي وتشويه سمعة االيرانيين المتواجدين فـي الكويـت ومـن ثـم

… لسياسة االيرانية عند المسؤولين الكويتيينتشويه سمعة ا : ادرك فاضل ذلك جيدا ولكنه ظل يفكر ويسال نفسه عن الهدف من استمرار عملية الغد فقال

فاضل ـ اذن ما فعلناه كان كافيا من الوصول الى الهدف فما فائدة عملية الغد؟ .. القنصل ـ عملية الغد لها اهداف اخرى

فاضل ـ ما هي ؟ واذهـب االن الـى . وسوف تعرف كل شئ بعد اتمام العملية كمـا عرفـت االن .. نصل ـ نفذ وال تناقش الق

… الفندق فحضورك كل ليلة في الفندق ضروري . فاضل ـ حسنا سوف اذهب

. القنصل ـ استرح جيدا ونم جيدا فامامك غدا عمل مهم . فاضل ـ من فرط تعبي ودهشتي نسيت ان اخبرك بشئ

ما هو؟ القنصل ـ . فاضل ـ لقد عثرت على جثة لرجل ال اعرفه عند المضخة ويبدو انه قتل هناك

. ولكن متعجب للصدفة التي جعلتك تتعثر به.. اعرف ذلك.. القنصل ـ نعم فاضل ـ من ذلك الرجل؟

. القنصل ـ سوف تعرفه فيما بعد فاضل ـ ومن قتله؟

… ل العمليةالقنصل ـ الرفاق خطفوه وقتلوه التمام مراح

١٠٢

فاضل ـ متى؟ انا لم ارى احدا هناك؟ . القنصل ـ حدث ذلك قبل وصولك يا رجل فانت لست االول واالخير من رجال االغتياالت في الكويت

: ثم التفت فاضل الى القنصل وقال . نسيت ان اسالك… قال ـ اه

. القنصل ـ انت مشوش االفكار هذه الليلة يا فاضل اردت ان اسالك عن اللقاء بعبد القادر؟ .. ني متعبفقط ا.. فاضل ـ ال

… لم نخرج بصيغه عمل انه مجرد لقاء اولي للمصالحة… القنصل ـ كان مجرد لقاء ونقاشسمع فاضل ونكس راسه الى االرض واسرع الى خارج الصالة صوب الباب الخارجية للبيـت وراح راكبـا

. صل نفسه الى الفندقسيارته ومتوجها بسرعة باتجاه شارع الخليج ليو

❁ ❁ ❁ وقوارب خفر السواحل تشق االمواج باتجاه الجزيرة التـي بلـغ … كانت الساعة تقترب من الثانية نصف الليل

. عنها العراقيونوقف الرائد الجاسم في القارب االول ومن حوله رجال الشرطة واالمن ووقف رجاال االستخبارات العراقيـون

. ن المكان والكل ينظر الى االمام وتبع ذلك القارب قاربان اخران يسيران بنفس السرعةفي زاوية مالقوارب تقترب من ارض الجزيرة الصغيرة والتي يمكن احاطتها ومحاصرتها بعدد قليل من الشرطة ونـزل

. الجميع الى ساحل الجزيرة ووقف العراقيون في المقدمة وفي يد احدهم مصباح صغير ئد الى الرجال واخذ يوزعهمنظر الرا

اسعوا على جلبهم احياء حتى لـو اقتـضى … وانتم اتجهوا بذلك االتجاه. الرائد ـ انتم توجهوا الى ذلك االتجاه . االمر ان نبقى اياما هنا نحاصرهم يجب ان نقبض عليهم احياء

. ضابط امن ـ وان جابهونا بالنارلديهم االن سالح خفيف وشئ من العتاد وسـوف ينفـذ . بات ومدافعالرائد ـ هنا ليست جبهة حرب ليملكوا دبا

اسـرعوا … ردوا عليهم بالنار استنزفوا مالديهم من ذخيرة ثم نخطط للهجوم والقبض علـيهم .. بعد مدة ان جابهونا … ان نفاجئهم وبسرعة اقبضوا عليهم.. االن وحاولوا

: ثم نظر الى العراقيين وقال … وساعدوا الرجالالرائد ـ وانتم اذهبوا

ثم ذهب العراقيون باتجاه زاوية معينة من الجزيرة حيث كان واحد منهم يحمـل بوصـله ويراقـب زاويتهـا . …بالمصباح الصغير

حين اخذ رجال الشرطة واالمن الكويتيون يتغلغلون داخل الجزيرة وسط ذلك الظالم استغل العراقيون التـستر ص وعلى روية من امرهم حتى ابتعدوا عن رجال الشرطة مسافة كبيرة ثـم وقفـوا بالظالم واخذوا يسيرون باتجاه خا

فوق صخرة تقع على الجانب الغربي للجزيرة واضاؤا المصباح الصغير واخذوا يعطـون عالمـات ضـوئية عـن … بعد

١٠٣

على مقربة من المكان كان هناك رجالن وامراة قد جلسوا من خيمة صغيرة وضـعت داخلهـا كميـة مـن … لبات الغذائية واغطية وقناني مياه معدنيةالمع

: نظر احد الرجال االخرين وقال . الرجل ـ لقد تعبنا من االنتظار في هذه الجزيرة وال اعرف ماذا اخر العراقيين عن ارسال السفينة الينا

. سيمين ـ لعل هناك عقبات اجبرتهم على التاخير … اني وها ينقضي اليوم الثالثجمشيد ـ لقد واعدونا بارسالها في اليوم الث

. الرجل ـ اسمع اصواتا غريبة . سيمين انتبهوا لعل احدا هناك

انهـم اصـدقائنا … خـط … نقـط … خط.. نقط خط… نقط .. انها اشارة ضوئية… جمشيد ـ انظروا هناك . العراقيون اخيرا جاؤا لينقلونا

. يتيينالرجل ـ لنذهب اليهم بحذر فقد يكونون من رجال الشرطة الكو . جمشيد ـ لكنها االشارة الضوئية المتفق عليها مع العراقيين بالضبط

… انا وانت نذهب وسيمين تبقى هنا.. الرجال ـ مع ذلك فلناخذ الحذر …جمشيد ـ اسمعي يا سيمين اذا الحظت حركة غريبة او لم نرجع نحن فحاولي الفرار وسط الظالم

… سيمين ـ حسنا ساكون منتبهة … رجالن صوب مكان العالمة الضوئية وبسرعةاتجه ال

على بعد من المكان الحظ احد رجال الشرطة الكويتيين االشارة الضوئية فاخبر االخرين بانـه يـرى اشـارة ضوئية على بعد وبذلك االتجاه فتوجهت تلك السرية مع الضابط المسؤول صوب االشارة والتي لم يعـد يالحظونهـا

… مام فظلوا يسيرون صوب االتجاه فقطعندما اقتربوا الى اال . اما الرجالن االيرانيان حينما بدءا يقتربان من الرجال العراقيين وقفا على بعد منهم وصرخ جمشيد

من هناك؟ . الرجل ـ خفافيش الليل

جمشيد ـ من اين جئتم؟ … الرجل ـ من بيت النسور

. ل قيل كما اتفق عليهفعند ذلك ادرك الرجالن ان الرمز كان صحيحا وسر اللي ـ : فاقتربا اكثر منهم وتواجها وسط الليل وصافح كل واحد االخر فسال احد الرجال

. جمشيد ـ هل جئتم بالسفينة اين الرفيقة؟ … انها تقف هناك لنرحل بسرعة… الرجل ـ نعم

. جمشيد ـ انها هناك عند الخيمة . ا وبالصناديقالرجل ـ قفا هنا والرفاق سوف يذهبون ليجيئوا به

. جمشيد لنذهب معهم

١٠٤

الرجل ـ ال حاجة الرجال قادرون على مساعدتكم اما انتم فاتجهوا معنا الى الـسفينة انهـا تنتظرنـا وعلينـا . االسراع

.. صدق الرجالن قول الرجل وسارا باالتجاه الذي اشير اليهم وذهب رجلين صوب الخيمةتبه الرجالن االيرانيان الى صوت الرصاص واندهشا لـذلك وبعد لحظات من المسير سمع صوت رصاص فان

وارادا السؤال عن سبب اطالق الرصاص اال انهم فوجئا اكثر حين انفتحت افواه الرشاشات باتجاههم وهـي ترشـهم … بوابل من الرصاص ارداهما قتيلين على الفور

ركضون بسرعة صوب مكان وقـوع وسرعان ما احيط المكان برجال الشرطة واالمن الكويتي الذين راحوا ي الحادث حيث كانت السرية االولى قد وصلت الى قرب الخيمة حين سمع صوت الرصاص االول فحاصرت المكـان وطلبت من المتواجدين بتسليم انفسهم والكتيبة الثانية وصلت بعد دقائق صـوب مكـان اطـالق الرصـاص الثـاني

… وحاصرت المكان وطلبت منهم التسليم الشرطة لم يجدوا سوى العراقيين المسلحين وجثتين مرميتين في مكانين مختلفـين اقتـرب الرائـد لكن رجال

ـ : الجاسم من الرجال العراقيين وقال بعصبية الرائد ـ ماذا فعلتم؟ ماذا حدث؟

فعنا فـدا … الرجل العراقي ـ لقد فاجئونا من وراء الصخرة وكان امامنا خيار واحد اما ان نقتلهم او يقتلوننـا .. كنا مضطرين لفعل ذلك يا جناب الرائد. عن انفسنا وقتلناهم

.. اقترب الرائد من الجثث فوجد ان الرجال االيرانيين ال حراك فيهم وقد انتهى كل شئ : في تلك اللحظة جاء احد ضباط الشرطة مسرعا صوب الرائد وهو يلهث ويقول

. لكنها ال زالت تتنفسضابط الشرطة ـ سيدي هناك هناك امراة مصابة ايضا . الرائد ـ اسرعوا باي شكل وباي صورة الى نقلها للمستشفى وحاولوا ان تبقوا عليها حية

. عندما سمع العراقيون بان احد الضحايا ال زالت على قيد الحياة اخذ ينظر كل واحد منهم الى االخر . لجزيرة بحثا عن متسللين اخرينوراح رجال الشرطة واالمن الكويتي يتابعون البحث في ارجاء ا

: واقترب الرائد من الرجال العراقيين وقالالرائد ـ سلمونا االسلحة رجاء وتفضلوا انتم مع المالزم صقر ليذهب معكم الى الساحل فرد الرجل العراقـي

. عليه الرجل ـ اهذا جراء التعاون معكم ومجابهة االخطار من اجل امن بالدكم؟

. تفضلوا رجاء مع المالزم الى الساحل… د كانت مساعدة عظيمة حينما ضيعتم من ايدينا الخيطالرائد ـ لق

❁ ❁ ❁ حين رن جرس التلفون عند الساعة الرابعة صباحا في غرفة نوم العقيد البرسلي شعر بانزعاج كبير والنه لـم

. التي انهى فيها اجتماعه مع سيادة وزير الداخليةيغف اال عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل حيث الساعة : رفع العقيد البرسلي السماعة وهو ما بين اليقظة والنوم وقال بعصبية

ـ من؟

١٠٥

. الرائد ـ سيدي العقيد اعتذر عن ازعاجك في مثل هذه الساعة . العقيد ـ يا رائد ال تكن مزعجا الى هذا الحد يا رجل

. خط واكف عن ازعاجك سيديالرائد ـ عفوا سوف اغلق ال . قل ما عندك.. العقيد ـ تقول ذلك بعد ان اطرت النوم من عيني

.. الرائد ـ سيدي هناك حالة استثنائية في البلد ال نعرف الى اين سوف تصل بالحالة االمنية . العقيد ـ وضح كالمك وال تكلمني بااللغاز

. واالسلحة للبلد ولم نضع ايدينا اال على جزء منهارائد ـ لقد تسربت شحنات كبيرة من المتفجرات العقيد ـ من وراء هذا االرهاب؟ . ولكن المسؤولين العراقيين في السفارة يقولون انهم االيرانيون… الرائد ـ غدا سوف يتضح بدقة

العقيد ـ ماذا يحدث في البلد هل يريد العراقيون وااليرانيون نقل الحرب الى بلدنا؟ . ئد ـ اننا نحقق في االمر ولخطورة الموقف اضطررت الى اعالمكالرا

. العقيد ـ حسنا فعلت ساكون الساعة السادسة صباحا في المكتب … الرائد ـ مع السالمة … العقيد ـ مع السالمة

ال شئ كان يتحرك وسط تلك الصحراء التي تحيط بالمحطة البترولية سـوى حربـاء تـسرع فـي الـدخول ن حجرها وفاضل الذي كان يمسك بمنظاره ليراقب اطراف واجزاء المحطة على بعد حوالي كيلو متـر والخروج م

وكان منبطحا لكي ال يرى يستتر وراء تلة صغيرة وبين الحين والحين يراقب الطريق الذي يمتد من الطريـق العـام .. والى المحطة

وبين فترة وفترة يالحظ فاضل ساعته انها تقتـرب .. حالرمال لم تكن ساخنة بعد والنها الساعات االولى للصبا ثم نظر في منظاره فشاهد سيارة للشرطة تقترب من ابواب المحطة ويخـرج منهـا اكثـر مـن .. من الثامنة صباحا

عشرة شرطة توزعوا في اطراف المكان فادرك ان الحراسة قد شددت وان الوضع خرج من حالته الطبيعية، وفيمـا ة وهي تفتش السيارات الداخلة والخارجة الحظ سيارة عبد القادر وهي تقترب من المكـان فتابعهـا هو يراقب الشرط

… خطوة بخطوة عن بعدالسيارة تقف عند البوابة والشرطة يفتشونها بشكل اعتيادي ومن ثم تدخل السيارة الى داخـل محـيط المحطـة

. وتظل تسير حتى تقترب من مكانها المخصص للوقوفيضع يـده علـى … خرج من كيس الى جانبه جهازا ال سلكيا خاصا بارسال ذبذبه معنية لتشغيل القنبلة فاضل ي

فيضئ ضوءا احمرا ويظل واضعا اصبعه على الزر الثاني منتظـرا منظـر المـضخة .. الزر االول ويضغط عليه . وهي تتحول الى شعلة من النار الملتهبة ودخان اسود يعلو في السماء

١٠٦

❁ ❁ ❁ رجال االمن والشرطة وعلى راسهم الرائد الجاسم يحومون حول المضخة وبعض الرجال يقيـسون المـسافات ما بين المضخة والقتيل وما بين القتيل االخر، ويجمعون ما تمكن من االثار من هنا وهنـاك لتوصـلهم الـى نتـائج

… تحقيقية … ويتفحص كل شئ فيهماالرائد ـ يتطلع بدقة الى جثة الحارس والى جثة بهمن

في تلك االثناء يهرع احـد رجـال االمـن . رجل المباحث يرفع االسلحة بدقة من االرض ويضعها في اكياس ويقف عند راس الجثة ويحركهـا احـد الـشرطة … ويخبر الرائد بالعثور على جثة الثالثة والمطروحة على وجهها

:فيظهر وجه المقتول فينظر اليه الرائد جيدا ويقولانه احد المراجعين لنا في المديرية انه عراقي مقيم في الكويت وهـو مـن .. الرائد ـ اني اعرف هذا الرجل

. المؤيدين لثورة الخميني نعم اني اعرفه جيدافي تلك الساعة تقترب سيارات اطفاء الحريق من المكان وينتشر رجال االطفاء ويحيطـون بالنـار بخـراطيم

… ني اوكسيد الكاربون يهدف اطفاء النارالماء ويرشون غاز ثا : وفي تلك اللحظة يسرع احد رجال االمن باتجاه الرائد وهو يحمل جهازا السلكيا ويقول الرائد

. رجل االمن ـ سيدي لك رسالة . الرائد ياخذ الالسلكي فيسمع

. اجب.. الرائد ـ اجب ناصر وقد ادى االنفجار الى مقتـل رجلـين مـن ٣٦صوت الالسلكي ـ سيدي حدث انفجار في محطة الضخ رقم

.. العمال وجرح اخرين وتهديم جزء من المحطة واشتعال النار فيهاعندما يسمع الرائد بذلك يطير صوابه ويدرك ان الموقف خطير ويبدو ان هـذه االنفجـارات سلـسلة لعمليـة

ارهابية واحدة فيسرع صوب سيارته ويترك المكان وهو يقول .. اصلوا التحقيق بدقة واوافوني بالتقارير باسرع وقتالرائد ـ و

❁ ❁ ❁ سيارات االسعاف كانت تتقاطر على مكان المحطة البترولية ورجال الـشرطة يتراكـضون هنـا وهنـاك ال يعرفون ماذا يفعلون سوى انهم يحاولوا ان يراقبوا المكان من كل اطرافه ورجال االسعاف والعمال بعضهم يحـاول .. اطفاء الحريق واخرون ينقلون الجرحى واخرون يخرجون العاملين من داخـل المحطـة وسـط الـدخان والنـار

ويقترب احد افراد االسعاف الى عبد القادر ويضع ضمادا على جرحه النازف ومن ثم يمسك بيده ويـاتي بـه الـى … سيارة االسعاف القريبة منه

ظر الى سيارته ودخل عبد القادر سيارة االسعاف وتحركـت الـسيارة عبد القادر حتى اخر لحظة كان يتابع الن عبد القادر بدا يستعيد ذاكرته التي توقفت لمدة وبدا يتذكر لحظة االنفجـار حينمـا … نحو الخارج نحو الشارع العام

ثـم بـدا … سمع صوته وهو يكلم صاحبه فنظر الى الوراء ليشاهد سيارته وهي تشتعل بالنار في الهواء عدة امتـار يتذكر سيارته بعد االنفجار وقد اصيبت باضرار اكثر من السيارات االخرى وان اشالءها تفككت اكثر مـن غيرهـا

١٠٧

تذكر اللحظـة التـي .. عند تلك اللحظة ادرك ان االنفجار كان مصدره من سيارته فبحلقت عيناه استياءا من الماضي تذكر اللحظة التي اعـاد بهـا الـسيارة .. اخذ سيارته ورحلتذكر كيف.. ترك فيها فاضل سيارته لديه بحجة خرابها

… تذكر كيف نظر الى سيارته فوجدها قد اصلحت ونظفت… الى البيتادرك ان فاضل ال غيره وراء االنفجار وادرك مليا انه قد استغفله واخذ سيارته واعدها لالنفجار فنكس راسـه

: بصوت خافتالى االرض وراحت الدموع تسيل من عينه وهو يقول . فعلها المجرم.. فعلها الكلب.. عبد القادر ـ فعلها الكلب … قالها مع نفسه عدة مرات

كان القنصل جالسا وراء منضدته داخل غرفته الخاصة في السفارة العراقية ويقف عنده رجالن وهما ينظـران … في الملفات

.. القنصل يرفع السماعة ويطلب رقما ي الصحف الكويتية الواحدة تلو االخرىاطلب ل… القنصل ـ الو

ينتظر لحظات يدق جرس التلفون ؟ .. الو كيف حالك يا اخانا.. رجاء السيد.. القنصل ـ الو

اسمع لقـد القـى القـبض .. نعم.. انها انباء مهمة حول التخريب الذي حصل في الكويت.. لدي لك انباء هامة كما انه عثـر علـى جثـث اليـرانيين … من ايران الى الكويت على مجموعة ايرانية قد سربت اسلحة ومتفجرات

هـذه هـي … خمينيين وعراقيين عمالء لحكومة الخميني قرب االنفجار الذي حدث اول الصباح لمـضخات الـنفط . مع السالمة.. الخطوة العريضة وسوف اتصل بك الحقا الوافيك بالتفاصيل

لى عدد من الجرائد اليومية والتـي كتبـت علـى صـفحاتها يجلس العقيد البرسلي وراء منضدته وهو يتطلع ا عمـالء الخمينـي ) (ايران تهدد االمن الـوطني ) (عمالء ايرانيون وراء االنفجارات االخيرة (االولى وبخط عريض

).. يتسللون الى االراضي الكويتية ويظل يتطلع الى جريدة كتب فيها خبر

وبعـد ) استنكار العمال التخريب التي يقف وراءها االيرانيـون الحكومة الكويتية ترسل الى حكومة الخميني ( مدة من الزمن يرفع راسه عن الصحيفة وينظر الى الرائد الجاسم

: ثم يلتفت ويقول . العقيد ـ يبدو ان المعلومات االمنية تصل الى الجرائد قبل ان تصل الى مديرية االمن

. مات لتضليل االمنالرائد ـ انها ليست معلومات امنية بل هي معلو العقيد ـ وما هو دليلك على ذلك يا حضرة الرائد؟

فما عالقة االيرانيين بقتل سـائق شـاحنة .. الرائد ـ االنفجار االول واالخير ليست له عالقة بايران وااليرانيين المقـربين واالنفجار االخير كان مصدره سيارة مهندس عراقي بعثي منشق عن الحزب ومن … اردني يحمل برتقاال

. للكتلة السورية العقيد ـ او ليست ايران وسوريا تمثالن سياسة واحدة؟

١٠٨

. الرائد ـ وهل يعقل ان تفعل ذلك الحكومة السورية؟ هل هناك مصلحة لفعل ذلك من قبل السوريين وماذا فعلتم بالمهندس العراقي؟ .. ال مصلحة لهم.. العقيد ـ ال

. فر من المستشفى قبل وصولنا اليها وها نحن نبحث عنهلقد … الرائد ـ لم نجده لحد االنالعقيد ـ يبدو ان وزارة الخارجية قد تسرعت بارسال رسالة استنكار الى الحكومة االيرانية وقبـل ان تحـصل

. على نتائج التحقيق . الرائد ـ ال اعرف ما الذي دعى سيادة الوزير لفعل ذلك دون ان يتصل بمديرية االمن

وانت ايها الرائد وافني بنتائج التحقيق بكل دقـة وعلـى … سوف اتابع ذلك مع سيادة وزير الخارجيةالعقيد ـ . الدوام

. الرائد ـ حاضر سيدي . العقيد ـ اعرف بسرعة من وراء تسريب هذه االخبار واالسماء للصحف

االمـن مـن وراء لقد كلمني وزير الداخلية قبل ساعة وكان في منتهى العصبية، وطلب ان تكـشف رجـال . التخريب

❁ ❁ ❁

١٠٩

. داخل الغرفة كان الرائد الجاسم يجلس مقابل ضابط الكمارك خليفة الحمد ويستمع الى اقواله بكل دقة . خليفة الحمد ـ هذه دفاتر التفتيش قد دون السيارات الداخلة والخارجة من الحدود

الرائد ـ متى دخلت اخر قافلة لبرتقال يافا؟ . خليفة ـ دخلت الساعة الثالثة ظهرا ليوم السبت

الرائد ـ ولماذا تتذكرها بدقة؟ خليفة ـ الن احد سواقها والمسؤول عن القافلة حمل لي هدية من احد اصدقائي من الضباط االردنيين والتـي

. ارسلها لي بمناسبة زواجي الرائد ـ ما هي اوصاف ذلك السائق؟

. هو اشقر الصفات. رب اصفر وشعر راسه احمرخليفة ـ ذو جثة ضخمة وشا . وظل يردد مع نفسه… الرائد قام من مكانه وسكت لحظات وكانه تذكر شيئا

ثـم التفـت الـى الـضابط .. لعله كذب عليه .. نعم االشقر كان وراء شاحنة عبد العظيم… الرائد ـ االشقر : وقال

. الرائد ـ وهل منعك ذلك من تفتيش القافلة … ـ كال يا سيدي لقد فتشت القافلة من قبل رجال الكمارك ولكنخليفة

الرائد ـ ولكن ليس بدقة كافية؟ خليفة ـ انت تعرف يا سيدي انها شاحنات اردنية وشاحنات برتقال ولم يـسبق للـشاحنات االردنيـة ان عثـر

. حنات االردنية ال تسبب لنا الشكعلى ممنوعات فيها فلو كانت عراقية او لبنانية لربما استوجبت الشك ولكن الشاتفضل في الغرفة االخرى واتصل برقم هاتف صديقك االردني واسئله عن الهدية لتتاكد هـل .. الرائد ـ حسنا انه فعال ارسلها لك؟

يشير احد الضباط الى ضابط الكمارك فيقوم من مكانه ويخرجان ويذهبان نحو الغرفة المجاورة حيـث يرفـع . في الغرفة المجاورة يقف الرائد ويستمع الى المكالمة.. رقم االردن فيتم االتصال بسرعةالسماعة ويطلب . مديرية شرطة عمان… خليفة ـ الو

تفضل من المتكلم؟ … صوت التلفون ـ نعم . خليفة ـ انا المالزم خليفة الحمد اتكلم من الكويت هل العقيد مروان خالد موجود رجاء

… لحظة رجاء.. ه موجودصوت التلفون ـ نعم ان . صوت العقيد على التلفون

العقيد ـ من المتكلم؟ . خليفة ـ انا المالزم خليفة الحمد

العقيد ـ اهال وسهال كيف حالك يا اخي العزيز لم اسمع اخبارك منذ اكثر من شهر لماذا ال تتصل بي؟ . خليفة ـ اهال وسهال بك يا سيادة العقيد كيف حالك

لحمد هللا وانت كيف حالك؟ العقيد ـ ا . خليفة ـ الحمد هللا يبدو انك ال تعرف شيئا عن اخباري االخيرة

١١٠

. العقيد ـ قلت اني لم اسمع عنك اخبارا منذ شهر . خليفة ـ ولم تسمع عن زواجي

. مبروك والف خير. العقيد ـ زواجك اني اسمعها منك االن . خليفة ـ يعني لم ترسل لي هدية الزواج

… اني االن ال استطيع اال ان اهنئك ولو جئت الى الكويت حتما سوف احمل لك هدية الزواج) يضحك (العقيد خليفة ـ لي سوال يا سيادة العقيد؟

. العقيد ـ تفضل . خليفة ـ هل تعرف سائق شاحنة اسمه زيد القاسم اشقر الوصف

لماذا؟.. ال اعرف مثل هذا الشخص.. العقيد ـ ال سل لي معه رسالة؟ خليفة ـ ولم تر

لماذا هذه االسئلة؟ هل ذكر شخص عندك اسمي؟ … العقيد ـ رسالة؟ ابداعلى اي حال اني اشكرك كثيرا واردت ان اسال عن صـحتك سـالمي الـى … انه مجرد سؤال.. خليفة ـ ال

… االهل وشكرا ومع السالمة . العقيد ـ مع السالمة يا صديقنا العزيز اتصل بنا

: لى احد الضباط ويقولينظر الرائد ا… االن ادركت ان شاحنته كانت الثانية عند ساحل البحـر … الرائد ـ اذهب واجلب االشقر الى مديرية االمن

… هل ربطتم خط التلفون لبيت عبد القادر بالجهاز . نستطيع ان نسمعه من هنا. …الضابط ـ نعم سيدي واي اتصال ببيت عبد القادر

❁ ❁ ❁ فاطمة جالسة في زاوية من غرفة االستقبال وقد لفتها اعاصير الهواجس واالفكار ال تقدر علـى الكـالم كانت

رغم وجود ابي سهام وزوجته امامها وراحت عيناها تذرف الدموع المدرارة بال شعور وبين الحين والحين تمـسحها . هام وزوجته ينظران اليها عن بعدبيديها وفجاة دق جرس التلفون فاسرعت نحو السماعة ورفعتها وظل ابو س

؟ .من… فاطمة ـ الو . عبد القادر ـ انا عبد القادر

. وما ان سمعت فاطمة اسمه حتى غصت بالبكاء فاطمة ـ عبد القادر اين انت؟ ماذا حدث لك؟

… وبحالة جيدة.. ولكني سالم والحمد هللا… عبد القادر ـ حدث ما حدث فاطمة ـ كيف حدث ذلك؟

… انه مجرم لقد فعلها الكلـب .. لقد استغفلني.. انه الجاني لن اجعله يفلت من يدي. القادر ـ فاضل اخوك عبد … وضع سماعة التلفون… ال اقدر على ان اكلمك اكثر والني اخاف ان يكون التلفون مراقب مع السالمة… فعلها

١١١

❁ ❁ ❁ … وبعض ضباط االمن يستمعون الى المكالمةوعلى الجهة الثالثة من الخط كان الرائد الجاسم

. الرائد ـ من اين كان يتكلم عبد القادر . الضابط ـ سيدي من تلفون عمومي في شارع من شوارع الرميثة

. الرائد ـ حاصروا المنطقة وراقبوها جيدا . الضابط ـ حاضر سيدي

الرائد ـ من هو فاضل؟ من هو؟ … الضابط ـ سوف نسال زوجته

❁ ❁ ❁ كان رجال االمن الكويتي يبحثون عن االشقر في الفندق ولكنهم وجدوا ان الرجل قد غادر الفندق وترك بـاقي

… السواق ولم يعرف عنه خبر منذ البارحةاما االشقر فقد كان جالسا في غرفة حيث يقوم احد الرجال بصبغ شعر راسه وشاربه باللون االسود ومـن ثـم

عر راسه وشاربه وبدا يحول خصالت من شعره الى اللون االبيض واضاف عدة لمـسات علـى وجـه قام بتخفيف ش … الرجل حتى بدى الرجل في عمر الستين ووضع له نظارات بيضاء

ثم قام الرجل باخذ صور له وذهب الى الغرفة السوداء وبدا بطبع الصور من ثم تنشيفها ورجع الـى االشـقر وقـام … ح صوب حقيبة واخرج منها بدلة تناسب الطاعنين في السن وقـدمها اليـه ورا… ونظر الى وجهه وضحك

ومن ثم بدا الرجل يلصق الصور على جواز سـفر اردنـي واكمـل .. االشقر ولبسها ولم يعد االشقر شابا كما كان : تزويره بعد ساعة من العمل ثم سلم الجواز الى االشقر وقال

خذ هذه بطاقة سفرك الى اليونان جاهزة وهذا جواز سـفرك … د باطمئنانالرجل ـ تستطيع االن ان تغادر البل ابتسم االشقر للرجل ومد يده الى جيبه واخرج منـه مقـدارا مـن … جاهز وموعد رحيل طائرتك بعد ثالث ساعات

. الدوالرات وسلمها للرجل فاخذها منه وشكره وابتسم

❁ ❁ ❁ رفة في المستشفى االميري ومن ورائه عدد من الضباط واقترب من غرفـة كان الرائد الجاسم مسرعا باتجاه غ

في قسم الجراحة يقف عندها شرطي اخذ التحية للرائد وهو يدخل الغرفة ونظر الى الرائد الى السرير الذي اسـتلقت … الفتاة عليه وراح الدكتور يضمد جراحها

. الدكتور ـ االن غير مسموح بالدخول . رجل امن ويحق لي ان اسال المراة واحقق معهاالرائد ـ ولكني

… الدكتور ـ اوال اني االن اقوم بتضميدها وعلي كشف صدرها وال يجوز ذلك في حضور اي رجل غريـب فارجوك يـا سـيد اخـرج مـن … والنها توا قد خرجت من حالة الخطر… وثانيا حالتها ال تساعدها ابدا على التكلم

… الغرفة حتى نسمح لك

١١٢

سمع ذلك الرائد اضطر للخروج من الغرفة الى الخارج واغلقت المضمدة الباب وراح الطبيـب يتـابع عندما . تضميده للفتاة

: وبقي يتمشى في ممر المستشفى وهو يفكر فاقترب منه احد الضباط وقال . قد اختفى وليس له اثر) االشقر(الضابط ـ سيدي

وزعوا صوره علـى كـل … ول وله علم بكل ما جرى عن الحادثةالرائد ـ اذن االشقر له يد في االنفجار اال . حرس الحدود والمطارات ورجال االمن والشرطة ليلقوا القبض عليه

. الضابط ـ حاضر سيدي . وسار الرائد خارج الممر صوب حديقة المستشفى ويدخل السيارة فتاتي له رسالة عبر الالسلكي

ل العراقي عند المضخة اسمه حسين الترابي من اهل محافظة العمـارة المقتو.. صوت الالسلكي ـ سيد الرائد يـشتغل .. وكان متدينا ومن الموالين للثورة الخمينيه ومن اعداء البعثيين في السفارة وله نشاطات معادية لنظام صدام

ة خرج مـن موظفا في وزارة الشؤون منذ خمس سنوات وله زوجة واربعة اطفال ولم تسجل ضده اي مخالفة قانوني دائرته بعد ظهر يوم اختفاءه حتى عثر على جثته وقد قتل برصاصات مسدس قبـل االنفجـار بحـوالي سـاعتين او

. ثالث ساعات ..!! اذن الرجل العراقي قتل قبل الحادث.. الرائد ـ شكرا على التقرير

❁ ❁ ❁ البرسلي وكل واحد منهما ينظر ويقـرا الملفـات داخل غرفة وكيل وزارة الداخلية كان يجلس الوكيل والعقيد

: التي امامه فطرق الباب وفتح ودخل الرائد الجاسم الى الداخل فنظر اليه العقيد وقال العقيد ـ اين وصلت اخر التحقيقات؟

ـ احنة الرائد ـ سيدي باالضافة الى التقارير التي وافيتكم بها فقد اتضح ان نوع المتفجرات التي فجرت بهـا ش . البرتقال ومضخة النفط لمحطة البترول والتي وجدت في الجزيرة لدى االيرانيين تتشابه في النوعية والصنع

العقيد ـ هل هذا يعني انها ارسلت من مصدر واحد؟ .الرائد ـ ال استطيع ان اوكد ذلك االن ولكنها تبقى واحدة من النظريات

. ن التحقيق اثبت ان الرصاص المنطلق من مسدس المقتول االيرانيواما بالنسبة لمقتل الحارس وااليراني فايتقدم الرائد الى العقيد ومعاون وزير الداخلية فيريهما صورة الحارس المقتول وجثة االيراني مطروحة علـى

. بعد منهالرصاص قد انطلق علـى االقـل مـن مـسافة … الرائد ـ انظر سيدي المسافة، بينهما حوالي عشرة امتار

اي ضعف المسافة كما ان الرصاصات التي اصابت االيراني والتي مصدرها بندقية الحـارس قـد … عشرين مترا .. انطلقت من مسافة اقل مما هي مالحظة في الصورة

: فقاطعه العقيد وقالماذا تريد ان تقول هل يعتقد بان كل ما شوهد عند المضخة كان مرتبا مـن قبـل .. اعرف… العقيد ـ اعرف

ثالث؟ شخص

١١٣

الرائد ـ وجود الجثة الثالثة للعراقي ومقتله بسالح مجهول ياكد تلك النظرية واالثار الموجـودة فـي المكـان . وحضور سيارتين مختلفين وفرارهما من المكان.. تثبت وجود شخص ثالث

العقيد ـ ما هي هوية االيرانيين المقتولين؟ هل هم مع الحكومة االيرانية ام ضـد … سوف يحل نصف اللغزواذا عرفنا هويتهم ف.. الرائد ـ لم نعرف بعد

. الحكومة االيرانية فكل حالة سيكون لها تفسير خاص . العقيد ـ العراقيون سربوا لنا اخبارا وادلة وبشكل غير مباشر اثبتوا بها ان االيرانيين كانوا خمينيين

. ما يتوصل له تحقيقناالرائد ـ العراقيون لهم اهداف سياسية خاصة ونحن ال نصدق اال . العقيد ـ ذلك هو الصحيح؟ اذهب وتابع التحقيق ووافني بالنتيجة بسرعة

. الرائد ـ اني افعل ما اقدر عليه يا سيدي : ويدخل احد الموظفين الى داخل الغرفة ويحيى الوكيل والعقيد بتحية عسكرية ويقول

. كمالموظف ـ سيدي السيد القنصل السوري يريد اللقاء ب . الوكيل ـ ادخله اهال وسهال

❁ ❁ ❁ داخل غرفة القنصل كان فاضل جالسا ينظر الى شاشة التلفزيون والحظ فجاة الرجل الذي استقبله عند المطـار

: والذي كان حلقة الوصل بالبدء وهو يمثل فضحك وقال . فاضل ـ او ليس هذا الرجل هو صاحبنا

… ستقبلك في المطار انه احد رجالنا منذ سنينالقنصل ـ نعم انه الذي ا … فاضل ـ اذن هذا الممثل هو واحد من رجالنا

… وظل يضحك كثيرا وهو يرى الرجل يمثل ادواره الكوميديهلقد احسنت باتمام العملية بالشكل المطلوب وعندما تصل الى العراق سوف تكافـا .. القنصل ـ اسمع يا فاضل

.. واالن امامنا مشكلتان… ى الرفاق فيك البطولة والوفاء للحزببشكل ال تتوقعه سوف ير فاضل ـ ما هما؟

القنصل ـ االمن الكويتي يبحث عن شيئين اوال ما هي هوية االيرانيين مؤيدين او مخـالفين لنظـام الخمينـي وثانيا من هو فاضل؟

فاضل ـ وكيف عرفوا باسمي؟ وامـا بالنـسبة … ب ان تخرج خارج الـبالد باسـرع وقـت ولذلك يج… القنصل ـ من تلفونات بيت اختك

. لاليرانيين فال دليل لديهم سوى شهادة الفتاة المجروحة ويجب علينا ان ننهيها قبل ان تتكلم

❁ ❁ ❁ . رفع الرائد الجاسم السماعة وكان العقيد خلف التلفون

… الرائد ـ نعم سيدي العقيد

١١٤

عرفنا هوية المدعي فاضل انه بعثي عراقي من رجال االستخبارات العراقية ولـدي العقيد ـ اسمع يا رائد لقد االن صورته والتي كانت قد اخذت له من قبل سنتين وفي الكويت تستطيعون من خاللهـا معرفـة مالمـح وجهـه

ى معلوماتـه دون وشكله، اما عبد القادر فسوف يسلم نفسه لك بعد ساعة فعامله باحترام ودون اعترافاته او بـاالحر المهم تاكد مـن صـحة … حاجة الى العنف فقد كشف لنا المسؤولون في السفارة السورية جملة من جوانب القضية

… المعلومات تاكد من صدق اقوال عبد القادر ثم اتصل بي … الرائد ـ حاضر سيدي

وصـل المستـشفى واتجـه خرج الرائد مسرعا بسيارته نحو المستشفى بعد مكالمة تلفونية له من هناك ولمـا بسرعة صوب غرفة الفتاة شاهد ضجة عند باب الغرفة وعددا من رجال الشرطة واطباءا وممرضات ولمـا اقتـرب

. من الباب اخذ احد الشرطة له التحية فساله الرائد؟

. الرائد ـ ماذا حدث فاسـرع الرجـل الشرطي ـ سيدي حاول رجل الدخول الى الغرفة ولكن رجل االمن منعه وطلـب هويتـه

بضرب الحارس بسكين في خاصرته واراد الدخول الى الغرفة ولكن عددا من المضمدين واالطباء اثنـاء المـرور . شاهدوا ذلك فاسرعوا صوبه فهرب الرجل الى الحديقة ومن ثم تسلق اسوار المستشفى وهرب الى الشارع

الرائد ـ وهل لحق به احد؟ . الموظفين في المستشفى وهذا واحد منهم واشار الى رجل فتقدمالشرطي ـ نعم سيدي لحقه به بعض

الرائد ـ ماذا حدث بعد ذلك؟امسكو المجرم فهرع بعض النـاس اللقـاء .. الرجل ـ سيدي خرج الى الشارع ونحن وراءه نصرخ امسكوه

. القبض عليه ولكن سيارة مارسيدس سوداء اقتربت منه وحملته وهربت مسرعة عن المكان … ائد ـ وهل دونتم او حفظتم رقمهاالر

)هيئة دبلماسية(الرجل ـ حضرة الرائد كان رقمها انتم االثنـان اذهبـا واحرسـا … حسنا ليفترق الجميع من هنا عدى رجال الشرطة … الرائد ـ هيئة دبلماسية

… الغرفة من الخلفنظر اليها ثـم … التي فتحت عينيها توادخل الرائد الى الداخل ومعه الطبيب المختص واقترب الرائد من الفتاة

: واراها لفتاة وقال) لبهمن(اخرج صورة من ظرف الرائد ـ هل تعرفين هذا الرجل

. اجابت الفتاة باشارة نعم الرائد ـ الى اي منظمة انتم تنتمون؟

نظر الطبيب اليه وقال انها ال تعرف العربية انها كلمتني بالفرنسية .الرائد ـ اسالها انت

. فسالها الطبيب باللغة الفرنسية فلم تجب فنظر الطبيب الى الرائد وقال انها ال تجيب

١١٥

الرائد ـ اخبرها بان هذا الشاب قد قتل وان الذين كانوا معها في الجزيرة قد قتلوا وان هنـاك مـن يريـد ان . يقتلها ولذلك عليها التكلم

. االخبارالطبيب ـ ولكن اخاف ان تسوء حالتها لسماع كل هذه . الرائد ـ اسالها ايها الدكتور ارجوك

. فترجم لها الدكتور كلمات الرائد ولما سمعت ذلك امالت براسها نحو الجهة االخرى واخذت تذرف الدمعالرائد ـ قل لها انها ضحية مصيدة وربما الذي سلمهم السالح لهم هو الذي وشى بهم فال احد يعـرف عـنكم

. كويتسوى الذي امدهم في الوظل الدكتور يترجم لها االقوال فانتبهت لتلك الكلمات وارادت ان ترفع راسها لتتكلم فلم تقدر فطلبـت ورقـة

. وقلما … فجيئ بسرعة لها بورقة وقلم وكتبت جملة في الورقة ثم سكتت ورجعت الى اغمائها السابقة

: نظر الدكتور الى الورق وقال . هدي الشعبالدكتور ـ انها كتبت منظمة مجا … شكرا يا حضرة الدكتور… الرائد ـ اذن هم من المعارضين

. رجاء اذا رجعت الى وعيها اتصل بي بسرعة والن المسالة ترتبط بامن المواطنين وامن الوطن . الدكتور ـ حاضر سوف اتصل بك

. خرج الرائد مسرعا من الغرفة

❁ ❁ ❁ الداخلية جالسين وراء الطاولة يستمعان الى اقوال قنصل السفارة االيرانيـة كان العقيد البرسلي ووكيل وزارة

. في الكويتالقنصل ـ لقد اتصح الينا ان كل الجوازات االيرانية التي كانت تابعة للمقتولين مزورة وهذه نسخ من صـور

ولـو … والسفر في طهرانالجوازات االصلية وفيها صور اصحابها االصلين قد حصلنا عليها من مديرية الجوازات زودتمونا باالسماء الحقيقة للمقتولين فسوف نوافيكم بمعلومات ادق عنهم ونحن نعتقد بانهم من المخـربين المعـادين

ونرجوا من حكومتكم المـوقرة ان ال تتـسرع . للثورة والحكومة االسالمية ويهدفون الى اخالل العالقات بين البلدين .. ضد حكومتنا الى تسعى الى احترام حق الجوار والسيادة الوطنية للكويتفي اصدار قراراتها وحكمها

. قال تلك الكلمات المختصرة ومن ثم قام من مكانه وصافح الوكيل والعقيد وغادر الغرفة : نظر العقيد الى الوكيل وقال

. العقيد ـ اعتقد ان الرجل محق في كالمه .خاصة انا ال استطيع ان ادركها بدقةالمعاون ـ السيد وزير الخارجية له سياسة

. العقيد ـ اذن قرار اصدار رسالة االحتجاج ضد الحكومة االيرانية كانت بامر السيد وزير الخارجية . المعاون ـ القصر االميري فوجئ بردة الفعل السريعة للسيد الوزير

العقيد ـ لماذا فعل الشيخ ذلك؟

١١٦

عالمية الخارجية والداخلية والتي فعلت الكثير من اجـل اتهـام ايـران المعاون ـ لعله تاثر بردود الفعل اال . بعمليات التخريب االخيرة

العقيد ـ لكننا تاكدنا من خالل مراقبتنا لتحركات رجال الصحافة ومدراء التحرير المقربين للعـراقيين ومـن حول االحداث االخيـرة كـان مـصدره خالل مراقبة التلفونات التي يستخدمونها بان كل ما نشر من اخبار وتفاصيل

. السفارة العراقية وبالذات القنصل العراقي وهي بالنسبة الينا راس خيط مهم في ساق التحقيق في تلك اللحظة رن جرس التلفون فرفعه المعاون ثم سلمه للعقيد

.. العقيد ـ نعموقـد اجرينـا … م راجعتنا زوجته فاطمةالرائد ـ سيدي لقد سلم عبد القادر البصري نفسه الينا عند الصباح ث

. التحقيق الالزم معها . العقيد ـ ما هي نتائج التحقيق

الرائد ـ هي نفس المعلومات التي قدمها القنصل السوري الينا مع اضافات اخرى وجزئيات اكثر دقة وعـددا . من الصور التي جلبتها فاطمة اخت المتهم فاضل

لرائد هل المعلومات صادقة وصحيحة ام انها عملية تمويهة لـصالح الـسياسية العقيد ـ ماذا تتصور يا ايها ا السورية؟

الرائد ـ من خالل معلومات القنصل السوري والمعلومات التي قدمها عبد القادر وزوجته هناك دالئل كثيـرة … لنتيجة عند اتمامهاتثبت صحة االقوال والتقارير وبقي امامنا خطوة تثبت صدق االقوال وصحتها سوف نوافيكم با

. العقيد ـ حسنا انا في انتظار تقاريرك ايها الرائد مع السالمة . وضع العقيد السماعة

❁ ❁ ❁ وخرج الرائد بسرعة من غرفة التحقيق وهو ينظر الى عبد القادر وقد ضمد راسه وصدره ويديـه مـن اثـر

… ة في الحركة وكان يعاني من االم شديدة في جسمهالجراحات التي ادت الى ايجاد صعوبة للتنفس وصعوب : نظر الرائد الى احد ضباط االمن وقال

. الرائد ـ انقلوه الى المستشفى العسكري وضعوا حوله رقابة ان الرجل يتالم فعال من جراحاته . الضابط ـ يجب ان تؤخذ اشعة فالرجل يحس بشظايا داخل جسمه

. ارقدوه في غرفة من الطوابق العليا للمستشفىالرائد ـ حسنا خذوا له اشعة ثم . الضابط ـ حاضر سيدي

قالها الرائد وتحرك صوب الغرفة الثانية وفتحت الباب ونظر الى فاطمة زوجة عبد القادر والتي كان منظرهـا مـن عينيهـا وكانت الدموع تسيل … يدل على انها تعيش انهيارا عصبيا من هول المفاجاة غير المتوقعة من يد اخيها

.. جبـان … مجـرم .. بال انقطاع اثناء الحديث او انقطاعه وبين الحين والحين تطلق كلمات ال ترتبط بالحديث تقـول … جبان

١١٧

كانت تنطلق تلك الكلمات فادرك الرائد ـ اثـر الحـادث وفعلـة اخيهـا علـى .. وفي وسط شرودها الذهني : روحيتها فالتفت الى الضابط نفسه وقال

ل انتهى التحقيق معها؟ الرائد ـ هالضابط ـ نعم سيدي واقوالها كانت تطابق تماما اقوال زوجها عبد القادر وقدمت لنا معلومات اضـافية عـن

. اخيها انه رجل استخبارات عراقي منذ حوالي سبع سنوات تـصاب ليفعل لها شيئا قبل ان… الرائد ـ انقلوها مع زوجها الى المستشفى واعرضوها على طبيب اعصاب

… فهي ضحية من ضحايا االرهاب العراقي ولها طفالن.. بانهيار عصبي كامل الضابط ـ سيدي لقد قلت االرهاب العراقي فهل تاكدت من ان العراقيين وراء سلسلة عمليات التخريب؟

. ساذهب التاكد من ذلك) سكت الرائد لحظات(الرائد ـ . ركب سيارته وراح مسرعا صوب المستشفىتحرك الرائد صوب الباب الخارجية للمديرية و

وصل المستشفى ونزل من سيارته واتجه صوف الغرفة التي ترقد فيها الشابة االيرانية وطرق البـاب ودخـل الغرفة فنظر وشاهد مضمدة ترتب فراش الشابة ويبدو انها اصبحت في حالة افضل من قبل وال تـستطيع ان تحـرك

. صابع يديهامن جسدها اال رمش عينين وبعض ا : نظر الرائد الى المضمدة وقال

الرائد ـ اين الطبيب المختص؟ . المضمدة ـ انه في غرفته

. الرائد ـ رجاء اخبريه باني بحاجة اليهذهبت المضمدة خارج الغرفة وظل الرائد في الداخل وبعد دقائق رجعت المضمدة ومعها الطبيـب فـاقترب

: الرائد منه وقالاسئل الفتاة عن هذه الـصورة وعليهـا .. فوا على ازعاجك ايها الطبيب ولكني احتجت اليك للترجمةالرائد ـ ع

ان تخبرنا بصراحة هل تعرف صاحبها النه يتوقع ان يكون المسبب في قتل زمالئها واخرين واخبرها بان تعاونهمـا . سوف يساعدها كثيرا في التخفيف عن عقوبتها لمخالفتها قوانين البلد

يجاملها ويـسالها عـن صـحتها .. ر الطبيب الى الشابة وابتسم في وجهها وسلم عليها باللغة الفرنسية وبدا نظومن ثم اخذ يعمل لها عدة فحوصات لنبضات قلبها وتنفسها وضغط الدم والرائد ينظر وكم كـان يحرقـه االنتظـار

ل فالتزم الهدوء والسكينة حتى يكمل الطبيـب حتى كاد ان ينفجر ولكنه ادرك ان الطبيب يستخدم عقله في طرح السؤا . عمله

لكن الطبيب ما ان انتهى من فحوصاته حتى راح يطرح سؤاله الى الشابة بكل برود وراح يقدم لهـا النـصيحة واجابته بكلمة نعم من خالل حركة رموشها وحركـة … والحكمة في التعاون مع رجال االمن ومن ثم سالها السؤال

. اصابعها . لطبيب ـ انها حاضرة للرد على السؤال بكل صدقا

.. فاخرج الرائد صورة فاضل من الظرف وجعل الصورة امام وجهها وقال ـ هل رايتي هذا الرجل؟ والطبيب كان يترجم له

١١٨

. ونظر الى عيونها فاجابات برموشها بكلمة نعم الرائد ـ اين في الكويت؟

. منع.. ومرت اخرى اجابت برموشها بكلمة . الرائد ـ وخالل هذه االيام القليلة

. فاجابت بنعم الرائد ـ وهل هو الذي سلمكم االسلحة والمتفجرات؟

. فاجابت بنعم الرائد ـ هل تعرفينه من قبل؟

" كال"فاجابت بـ الرائد ـ هل يعرفه اصدقائك من قبل؟

.. فاجابت بنعم الرائد ـ يعرفونه من الكويت؟ ام في العراق؟

. حركت المراة اصابعها بيدها وكانها تطلب قلما فجئ لها بقلم وورقة وراحت تكتب بكل صعوبة كلمتينف )مدرب(والثانية ) العراق(االولى

: فنظر الرائد الى تلك الكلمتين والتي ترجمها له الطبيب وقال . الرائد ـ رجاء وقعي بامضائك تحت تلك الكلمتين

ئها على تلك الورقة واخذ الرائد تلك الورقة ووضعها في الظرف مع الـصورة فوقعت الشابة بصعوبة بامضا وشكر الطبيب وخرج من الغرفة متجها الى خارج بناية المستشفى ومن ثم الى سيارته واتجه مـسرعا الـى مديريـة

. االمنومـن ثـم ودخل الغرفة الخاصة بقسم العلميات وطلب من المسؤول المختص تكثير عدة نسخ لتلك الـصورة

طلب من المسؤول الثاني ان يوزع تلك النسخ من الصور عند االنتهاء من الطبع الى كل مراكز الحـدود وشـرطة النجدة ورجال االمن وباسرع وقت ثم ذهب الى غرفته وطلب عقد اجتماع فوري باكثر ضباط االمن وما ان مـرت

: رفة وراح الرائد يتكلم فيهمدقائق حتى مرت دقائق حتى كان جمع من الضباط قد ملؤوا الغالرائد ـ بعد اخر نتائج التحقيق التي توصلنا لها اتضح جيدا ان الفاعل الذي يقف وراء العمليـات االرهابيـة االخيرة في بلدنا هم عدد من رجال االستخبارات العراقيين ولكننا ال نملك سوى صورة لواحد مـنهم ونملـك اسـمه

ولذلك يجب علينـا … وال نعرف اين يسكن وكيف يتحرك… اسم دخل وباي جواز سفرالواقعي ولكننا ال نعرف باي ان نتحرك بسرعة ونراقب مراكز الحدود بكل دقة وان ال يهدا لنا بال حتى نلقي القبض عليه لنعرف من يعمل معـه

… ثيرداخل الكويت وال تنسوا ان فلت هذا الرجل فلتت كل العناصر التي تعاملت معه وسوف نخسر الكوظل الرائد يحدث الضابط بكل حرارة واندفاع حيث انتهى من كالمه اخذ الضباط يناقشونه في كيفيـة انتـشار رجال االمن داخل البلد وعند الحدود وراح الكل يعد خطته او مجموعة خطط لاليقاع وبعد حـوالي سـاعتين خـرج

. الكل من الغرفة وتوجه كل واحد منهم الى مهمته

١١٩

المن منتشرون في قاعة مطار الكويت يراقبون كل من يدخل ومن يخرج ينظرون الى الوجه بكـل كان رجال ا … دقة فكل رجل امن لديه صورتان صورة لالشقر وصورة لفاضل

وخلفت كل صورة كتبت بعض التفاصيل الطول والعرض المواصفات الخاصـة لـون العـين لـون الوجـه حتى ان المسافرين احسوا بان المراقبة داخل المطـار . ق بها اكثر من مسؤولالجوازات كان يدق.. والعالمات الفارقة

واكثر مسافر ادرك ذلك هو االشقر المتخفي الذي راح يـسير كمـا يـسير الـشيخ … قد تجاوزت حدودها الطبيعية ـ ل امـن مرتكزا على عصاه وكان يحاول دائما ان ينكس براسه لالسفل ويسير بعيدا عن كل وجه يشك بـه انـه رج

وراح ال يجلس اال في الزوايا الميتة والبعيدة عن العيون في صالة االنتظار حتى اعلـن عـن موعـد الـسفرة مـن الكويت الى اليونان فتحرك الرجل باتجاه المكان الخاص بتفتيش الجوازات وسلم جوازه للمسؤول الـذي راح ينظـر

د اي تتشابه ما بين الصور وما بين وجـه الرجـل وحتـى الى وجهه جيدا وينظر الى الصور التي امامه لكنه لم يج لون العين لم يكن يشبه ما كتب عنده وال هناك عالمات فارقة فختم جوازه وسلمه له واخذ االشقر جـوازه المختـوم وراح متابعا سيره حتى باب الطائرة التي دخلها واستقر فيها وراح ينظر من خـالل شـباك الطـائرة وبـين شـفتيه

وراح … االنتصار وتحولت البسمة الى ضحكة عريضة حينما تحركت الطائرة واقلعت بجناحيها باتجاه اثينـا ابتسامة … ينزع من بؤبؤي عينيه العدسات الملونه

❁ ❁ ❁ كان ضابط االمن من منطقة السالمية يقوم بمهمته كما اوكلت له حيث يراقب الشوارع واالزقة والناس الـذين

. جوانب الشوارعيسيرون علىواثناء تجواله وكانت الساعة تقترب من الخامسة عصرا توقف عند اشارة المرور وانتظر لحظات حتـى تبـدل اللون االحمر باللون االخضر فالتفت الى يمينه ليرى سيارة مارسيدس سوداء اللون وقد وضع في زجـاج الـسيارة

ح ولكن وفي لحظة نزلة الزجاجة المقابلة له ليخرج رجل راسـه نايلون غامق اللون ال يرى المرء ما بداخلها بوضو ومن خالل شق الشباك الذي انفتح في لحظات الحظ الضابط ان هناك رجال اخر فـي الـسيارة .. الى الخارج ويبصق

… يشبه وجهه وجهه صورة المتهم .. التاكد فظل في شكحاول امعان النظر في وجه الرجل ولكن زجاجة الشباك ارتفعت بسرعة ولم يقدر على

لمع اللون االخضر من اشارة المرور وتحركات السيارة المارسيدس بسرعة وتحرك الضابط بسيارته وراءهـا وظلت السيارة تقطع شارع الخليج مسرعة باتجاه شارع التعاون والضابط ممسكا بـسماعة جهـاز الالسـلكي وهـو

: يقول … المركزمن جابر الى… الضابط ـ من جابر الى المركز

فاجابـه .. فسكت ولم ينبس بكلمـة واحـدة ) هيئة دبلماسية(وقبل ان يكمل جملته نظر الى رقم السيارة فوجدها صوت من الالسلكي

.. ماذا حدث.. ماذا حدث… من المركز… تفضل يا جابر.. الالسلكي ـ من المركزرة جعلته ما بين نـارين ال يقـدر علـى اال ان ضابط االمن لم يرد على المكالمة والنه قد لمعت في راسه فك

االجابة خوفا من ان السيارة الدبلماسية تحمل جهازا ال سلكيا يلتقط ذبذبة االتصاالت ما بين سرايا االمـن والـشرطة

١٢٠

والمركز وهو شئ ال يصعب على رجال سفارة العراقية وبذلك سوف ينتبهون الى انهم مراقبون وقـد يفلتـون مـن ان ال يجري اتصاال ويحدث له مكروه في الدرب فال احد يعرف ماذا حدث وال يعرف ما هـي السير كما انه خاف

. مواصفات السيارة المشكوك فيهاوفي لحظات فكر الضابط ماذا يفعل فصمم على التحدث ومتابعة السيارة على مـسؤوليته الخاصـة ولتنتهـي

: المغامرة حيث انتهت وراح يتحدث باالسلكيمن جابر الى المركز اني اتباع سيارة مارسيدس سودءا ذات رقم دبلماسـي .. بر الى المركزالضابط ـ من جا

. الوضع مشكوك… عليها عالمة ورقة اعالنات للمركز التجاري العراقي ملصوقة على الزجاجة خليفةلمركز وهكذا ظل الضابط على اتصال بـا .. وتابع التحدث.. تابع المسير.. صوت الالسلكي ـ الرسالة وصلت

وهو يتابع السيارة من شارع الى شارع بكل حذر حتى دخلت منطقة مشرف وتوقف المرسيدس على بعد مـن بيـت مركز المخابرات وادرك الضابط ان الراكبين قد شكا به او ادركا ان سيارة تراقبهم فدخل في شارع فرعـي ونـزل

. هو من مكانه وترك سماعة الالسلكي مفتوحة .. لى الرائد الجاسم كان يتابع العمليات بدقةونقلت الرسالة ا

فاسـرع … حين نظر الرائد الى الرسالة طلب بسرعة من عدد من رجال االمن والضباط التحرك نحو الخارج الجميع الى سياراتهم وركبوا السيارات وتحركوا باتجاه مشرف وما ان مرت دقائق حتى كانوا عنـد الـشارع الـذي

سالة وراحوا يبحثون عن سيارة الضابط الكويتي فوجدوها عند زاوية شارع واقفـة وبـدون ذكر اسمه ورقمه في الر : الضابط

. نزلوا الى السيارة ونظروا فيها فلم يجدوا شيئا . انتشر رجال االمن بسرعة في اطراف المكان وراحوا يبحثون عن الضابط ولكنهم لم يجدوا اثرا له

ورجال االمن للبحث عن الضابط اال ان الضابط اختفـى وال اثـر لـه قامت اتصاالت عديدة ما بين المركز ولكنهم وجدوا اثار دم على بعد حوالي مائة متر من السيارة فامر الرائد باخذ عينه من قطرات الـدم الـسائلة .. تماما

. على ارض الرصيف وبعثها الى المختبر لتحديد نوعهاسة مشددة ودون ان تكـون محـسوسة مـن قبـل اهـالي امر الرائد الجاسم بوضع منطقة مشرف تحت حرا

فانتشر عشرات من رجال االمن في شوارع واطراف المنطقة وقد تخفـوا بشخـصيات شـتى وباشـكال .. المنطقة . كعمال تنظيف وبائعي المثلجات ومصلحي تلفونات وسائقي تاكسي وغيره.. متنوعة

.وظل الرجال يراقبون المكان شبرا شبرا ساعات طوالفطلب الرائد ان يرجـع ملـف ) - o(صل المركز بالرائد وابلغه بان قطرات الدم كان النسان وان فصيلتها ات

الضابط المفقود ومقارنة هذه الفصيلة بفصيلة وبعد عشرة دقائق جاء الجواب بان فصيلة الضابط المفقود هي ايـضا )o - (او منفي ..

كمين وان تلك القطرات ربما تكون قد سـالت مـن مواضـع عند ذلك ادرك الرائد ان الضابط ربما وقع في .. جسمه

ظل رجال االمن يمشطون المنطقة باساليب امنية مستترة بعدة حاالت واشكال ومضت ساعات طويلة وال اثـر . للسيارة المرموزة وال اثر للضابط

١٢١

: فنظر الرائد الى احد الضباط وقال … السيارات لكل البيوت في هذه المنطقةالرائد ـ ال بد ان نفتش الحدائق ومواقف

الضابط ـ اي اسلوب تستخدم؟ . الرائد ـ اوال ابداوا بتفتيش حدائق البيوت من فوق سيارة كبيرة

الضابط ـ حاضر سيدي؟ وما ان مرت دقائق حتى كان عدد من الشاحنات الكبيرة وقد حملت بالطابوق وجلس فوقها عـدد مـن رجـال

وكان رجال االمن يراقبون وينظرون الى الحدائق من اعلى الشاحنات والتـي كـان علوهـا تجوب شوارع المنطقة . كافيا للمراقبة

وعند احد شوارع الفرعية وكان الوقت يقترب من الساعة الخامسة والنصف صباحا والشمس لم تبزغ بعـد اال تقترب مـن المواصـفات المـذكورة ان النور كان كافيا للرؤية، الحظ بعض الرجال وجود سيارة مارسيدس سوداء

ورقمها هيئة دبلماسية قد وقفت داخل حديقة الحد البيوت فبلغوا عنها وما مرت دقائق حتى كان رجال االمن وعلـى .. راسهم الرائد يحاصرون البيت

.. طرقوا الجرس عدة مرات لم يجبهم احد وظلوا ينتظرون دقائق للرد ولكن ال ردسور الداخل وفتحوا الباب الخارجية والداخلية بطريقة يـستخدمها المتخصـصون فـي عبر الرجال من على ال

فتح االقفال وراحوا اوال يبحثون داخلها فلم يجدوا فيها سوى مجالت وجرائد عراقية وقد ادركوا من اول مـرة انهـا يه وكل شـئ مرتـب وثـم دخلوا في البيت فلم يجدوا احدا ف… احدى السيارات المستخدمة من قبل السفارة العراقية

ذهبوا صوب السرداب والذي كان مغلقا فتحو القفل وفتشوا السرداب فوجدوه خالي تماما اال من بعـض الكراسـي اال ان احد الضباط راح يراقب زوايا المكان وشقوقه فالحظ شيئا صغيرا جدا يلمع فـي ضـوء البـاب .. والرفوف

اح وحمله ونظر فيه واسرع باتجاه الرائد واعطاه فنظر الرائـد المفتوح قد سقط تحت احد الرفوف وعلى االرض فر فادرك ان المكان قد اخلي من قبل وانه ربما استخدم لعمل المتفجرات فماذا يفعل الصاعق هنا؟ ) صاعقا(اليه فوجده

. وان اصحاب البيت قد نسوا او وقع منهم هذا الجزء الصغير الحساسد واعلم العقيد وكيل وزارة الداخلية بالوضع وتم االتـصال مـن قبـل وزارة تم االتصال ما بين الرائد والعقي

وبعد ساعة من محاصرة المنـزل … الداخلية بوزارة الخارجية النها المرجع القادر على مخاطبة السفارات مباشرة . دباالنسحاب من المكان فرفع الرائد السماعة الالسلكي وكلم العقي… جاء الرد الى الرائد الجاسم

من هنا نستطيع ان نمسك عـددا مـن . الرائد ـ سيدي كيف ننسحب من هذا البيت وقد مسكنا فيه راس الخيط … المخربين ومن هنا ربما نستطيع ان نعرف الضابط الذي اختفى في لحظة

نجد ايـة العقيد ـ يقول المسؤول في وزارة الخارجية ان البيت تابع للقنصل العراقي والسيارة تابعة له واننا لم ماذا نفعل؟ .. ممنوعات في البيت وال نملك اي دليل ضده . الرائد ـ لقد وجدنا صاعقا في البيت

العقيد ـ وجود الصاعق دليل حساس ومهم للتحقيق ولكن قانونيا ال اهمية له وال يمكننا من محاصـرة البيـت الى وزارة الخارجية واتهمت رجـال االمـن كما ان السفارة العراقية قدمت اعتراضا شديدا … بهذا الدليل الصغير

يتجاوز القانون القتحامها احد بيوت القنصل العراقي دون اي تهمة موجهة او دليل يثبت وجـود ممنوعـات داخـل

١٢٢

وان السفارة هددت بانها سوف تستخدم نفـس االسـلوب ضـد مـسؤولي .. البيت او اشخاص خارجين على القانون … انسحب بسرعة من البيت.. ها الرائد سفارتنا في بغداد في وضع خطراي… السفارة الكويتية في بغداد

: اضطر الرائد لالنسحاب من البيت وتركه على ما هو وابعد الرجال عن المكان ونظر الى احد الضباط وقال . الرائد ـ حتى ولو بقينا نحاصره فال فائدة فقد فرت الفريسة

لها ونراقب كل الخارجين والداخلين اليها فاين ذهبوا؟ الضابط ـ سيدي اننا كنا نحاصر المنطقة كشددوا الحراسـة والمراقبـة .. الرائد ـ اني اعتقد انهم ال يزالون في هذه المحلة وانهم لم يخرجوا بعد من هنا

.. على اطراف السفارة العراقية وكل مركز عراقي في البلد البد ان نجد الرجلل صغيرة وكبيرة في المنطقة وكان عدد من رجال االمن قد اشرفوا علـى وظل الرائد وسرايا االمن تراقب ك

وكم كانت تلك العملية مسلية لرجال االمن فاحاديـث .. مراقبة كل تلفونات المنطقة ويتابعون المكالمات واحدة واحدة المـراقبين النساء وما يقلن وما يتحدثن عنه من شؤون البيت ومواصفات االزواج كانت تحمل مـن التـسلية جعـل

يتابعون االحاديث بكل اهتمام فاالستماع الى احاديث النساء الخاصة فرصة ال تاتي في العمر اال مرات ووسط تلـك المكالمات الغريبة العجيبة التي تفضح اسرارا من االفراح واالحزان وتفضح عالما من العشق والغرام وعوالم مـن

تلفوني برقم بيت في الشارع الثالث لمنطقـة مـشرف والمكالمـة من وسط ذلك كله حدث اتصال… الماسي واالالم . كانت من تلفون تابع لشركة الخطوط الجوية العراقية

. الطائرة تريد االقالع والضيوف كثرة وال يمكن اجتياز المطار لزحمة المسافرين.. احذروا… الصوت ـ الو . كراامكثوا في البيت حتى موعد اخر القالع الطائرة االخرى وش

.. ولم ياتي جواب على المكالمة واغلق التلفوناعتبر الضابط المسؤول عن مراقبة التلفونات هذه الجمالت رموزا مشكوكا فيها فاتـصل بالرائـد ال سـلكيا

. وابلغه بالمكالمة وعنوان البيت الذي اتصلوا بهي يقع بابه في الشارع الثـاني المـوازي اسرع الرائد الى العنوان فوجدوا انه البيت الخلفي لبيت القنصل والذ

. للشارع الذي يقع فيه بيت القنصل ولكن البيتين يتجاوران مع بعضها من الخلفاتصل الرائد بالعقيد وطلب منه اجازة باقتحام البيت في حالة االضطرار فاصدر العقيد مجوزا باقتحـام البيـت

. عند الضرورةشرطة الى باب البيت وضغطوا على زر الجرس وانتظروا فلـم يجيـبهم تقدم الرائد وعدد من رجال االمن وال

احد وكرروا العملية عدة مرات فلم يجبهم احد فقام عدد من رجال االمن والشرطة يتسلق الجدار وما ان نزلوا الـى ..ساحة الحديقة حتى انفتحت من شبابيك البيت فوهات الرشاشات وامطرت رجال االمن والشرطة بالرصاص

حين سمع الرائـد .. فوجئ رجال االمن بالموقف اال انهم انبطحوا على االرض واصيب احدهم بجرح في ساقه صوت الرصاص اصدر اوامره لجميع السرايا بمحاصرة البيت من كل جهة واصدر اوامر لسرية باقتحـام المكـان

لبيوت المجاورة والتي تعاون اهلهـا باي صورة فذهب رجال االمن والشرطة القناصة مع بنادقهم الى اعلى سطوح ا . وسلموا بيوتهم لرجال الشرطة

وبعيدا عن المكان خرج الناس بالعشرات ينظرون الى ما يحدث في ذلك الشارع وتقاطرت عشرات سـيارات رجال القناصة فوق السطوح استطاعوا ان يصيبوا رجلـين عـن .. النجدة وسيارات تحمل العشرات من رجال االمن

١٢٣

يعرف هل جرحا او قتلوا اال ان النيران التي كانت تنطلق من داخل البيت قد قلت وبقيت تقل حتـى قطعـت بعد ولم : فامر الرائد يوقف اطالق النار ونادى بمكبرة الصوت وقال

. سلموا انفسكم… الرائد ـ انتم محاصرون وال فائدة من المقاومة سلموا انفسكم وسوف نعاملكم باحترام … قائق انفتح الباب الداخلي وخرج رجل وهو يصرخ باللهجة العراقيةبعد عدة د

.. الرجل ـ ال تطلقوا النار سوف نسلم انفسنا .. ال تطلقوا النار

… الرائد حسنا اخرجوا الواحد تلو االخر وايديكم على رؤوسكمومن ورائه رجـالن ثم خرج فاضل .. فدخل الرجل الى داخل البيت وخرج بعد دقائق وخرج وراءه رجل اخر

. اخران وراح رجال االمن يمسكوهم الواحد تلو االخر وبسرعة يذهبون بهم الى مديرية االمنولما قبض على الجميع، دخل رجال االمن والشرطة الى البيت فتشوه فلم يجدوا احدا في الطابق االول سـوى

. قماش واثار الضرب بادية على راسه ووجههالضابط الكويتي والذي ربطت يداه ورجاله بالحبال وسد فمه بقطعة دخل رجال االمن الى السرداب فوجدوا جريحين فنقلوهم بسرعة الى المستشفى العسكري كما وجدوا مقـدارا ليس بالقليل من المتفجرات واالسلحة والذخيرة والساعات المعدة خصيصا للتفجيـرات واجهـزة السـلكي خاصـة

من كل ذلك ووضعوه داخل سيارة وغادروا المكان وبقي عند البيت عدد من رجـال جمع رجال اال . للتفجير من بعد . للحراسة والمراقبة

❁ ❁ ❁ . داخل القنصلية العراقية كان القنصل يجتمع بعدد من مدراء تحرير الجرائد في الكويت

.. كاالنباء والسياسة والقبس . ع عمالئهم الخاصونوعلى راس الشخصيات التي كانت مدعوه لالجتما

القنصل ـ ال تنسوا ايها االصدقاء والرفاق باننا وقفنا معكم عندما احتجتم الينا ودعمناكم مـا اسـتطعنا ماديـا وسياسيا وزودناكم بالمعلومات وكانا لكم معينا في الكثير من تحركاتكم وال تنسوا بانكم مدينون لنـا بالنجـاح وعلـو

لك فاننا نطلب منكم اليوم ان تقفوا الى جانبنا بكل اسـتطاعتكم وبكـل مـا تقـدرون الشان الذي حصلتم عليه وعلى ذ عليه لتعزيز موقف العراق في حربها ضد ايران العدوة وتعزير قيادة القائد صدام حسين وان تاثروا علـى االعـالم

اء مـا اسـتطعنا وسـنكون الداخلي في جر المساندة الى جانب حكومة الثورة في بغداد واننا سنكون دائما معكم كرم .سندا في الوقوف الى جانبكم عند الحاجة

وبعد ان انهى القنصل العراقي خطابه بعمالئه ومرتزقته الصحفيين اخذوا يتجادلون ويتنافسون حول االسـاليب اسـماء الالزمة للتاثير على االعالم الداخلي وخلق جوا معاد الى ايران ومساند للحكومة العراقية وبدات تطرح عدة

لكتاب وصحفيين لجرهم الى هذه الخطة المدبرة وبقيت المناقشات دائرة د اخل القنصلية لمدة ساعتين وبعـدها اتفـق . الجميع الى ترتيب عدة خطط اعالمية الى جانب االعالم العراقي من خالل الصحف الكويتية

ارجية الكويتية واوقـف سـيارته فـي وحين انتهى االجتماع تحرك القنصل العراقي بسيارته باتجاه وزارة الخ ساحة الوزارة وقبل ان يدخل نظر خلفه ليرى من كان يتبعه طوال الدرب فراى عددا من ضـباط االمـن الكـويتي

١٢٤

دخل القنصل غرفة وكيل وزارة الخارجية الذي قام وصافحه واشار له بالجلوس فمـا ان جلـس . يتعقبونه اينما رحل .. لم بعصبية وبدون ان يراعي القوانين واالعراف الدبلوماسية وحتى اللياقة االدبيةالقنصل حتى على صوته وبدا يتك

القنصل ـ ان حكومة الثورة في بغداد تعترض بشدة على التعرضات الشائنة لرجال االمـن الكـويتي وانهـا … تحذر حكومتكم من الخروج على االعراف الدبلماسية ضد رعاياها ودبلماسيها في الكويت

تحام بيتي ومراقبتي بهذا الشكل الشائن لهو امر في غاية الوقاحة من قبل مسؤولي االمـن فـي الكويـت ان اق … وان حكومة الثورة في بغداد سوف لن تبقى ساكنة على هذه التعرضات الغير الئقة والغير متوقعة من قبل دولتكم

. وحين سكت نظر اليه وكيل الخارجية وقال بكل هدوءالكويت ليست مسرحا ليعبث الغرباء بها كيف يشاؤون وال تسمح دولتنا االميرية بـان تنقـل المعاون ـ ارض

… الى ارضها معارك تدور على حدودكم مع ايرانواني اتهمك شخـصيا بانـك .. ان كان لديكم حرب ضد االيرانيين فافعلوا ما شئتم عند حدودكم معها وليس هنا

ئه على ارض الكويت وامامك مدة اسبوع لترتب امـورك وتغـادر ارض اصبحت عنصر دبلماسيا غير مرغوب ببقا . الكوتي الى اي مكان تشاء

… عند ذلك وقف القنصل وصرخ القنصل ـ باي حق تمنعني من البقاء على ارض الكويت؟

.. عند ذلك ضغط الوكيل على زر لمسجل كاسيت فبدا يعمل وخرج صوت فاضل وهو يلي باعترافاته … كنت اعمل حسب اوامر.. اني … عمصوت فاضل ـ ن .. واني.. ويعتبر قنصل السفارة هو القطب المهم الدارة هذه العمليات .. القنصل العراقي

وضغط الوكيل على زر فسكت المسجل : وقال هو

المعاون ـ لوال رعاية المسائل االمنية السمعتك كل االعترافات التي يتردد فيها اسمك عشرات المرات فهـل فنظر القنصل الى وجه الوكيل وقد صدمته المفاجاة وراى نفسه امام دليل قاطع ال نكـران معـه فقـال . ذه يكفي ه

: بصوت عالالقنصل ـ انها كلمات واعترافات من اثر التعذيب فتحت التعذيب يجبر المرء على قول اي شئ يطلـب منـه

ر العالقات بين البلدين واالخـالل بالتقـارب العراقـي وال اعرف من وراء هذه المؤامرة الخبيثة التي تستهدف توتي . وان حكومة الثورة سوف تقف بالمرصاد لمن تسول له نفسه بتخريب العالقات العراقية الخليجية… الكويتي

قالها وخرج من باب الغرفة ودون ان يلقي تحية الوداع … السفارةواتجه الى خارج المبنى الى سيارته وركبها وتوجه مسرعا باتجاه

وما ان دخل السفارة حتى مضت دقائق فخرجت مجموعة من الرجال في سيارة تحمل رقما دبلماسـيا وظلـت واقتربت مـن مبنـى الـسفارة االيرانيـة ) بنيد القار(السيارة تقطع شوارع الكويت مسرعة حتى وصلت الى منطقة

ووضع قذيفة اربـي ) ٧جي . بي. ار( احدهما قاذف ووقفت مقابل السفارة االيرانية خرج رجالن من السيارة وفي يد جي ووجه السالح صوب السفارة االيرانية وضغط على الزناد فانطلقت القذيفة صوب الطابق العلوي مـن الـسفارة

… واصابت السفارة وهدمت جزءا من الحائط وكسر زجاج شبابيك السفارة من اثر االنفجار

١٢٥

ة جنونية وسط شوارع الكويت وقبل ان تصل اليها سيارات الـشرطة ثم ركب الرجالن السيارة وانطلقت بسرع . دخلت باب السفارة واغلقت الباب

ظل رجال االمن والشرطة يحاصرون السفارة العراقية عن بعد ويراقبونها من فوق سطوح المباني المجـاورة ع شوارع المدينة حتى وصـلت بسرية وبعد ساعات خرجت سيارة السفير العراقي عبد الجبار عمر غني وراحت تقط

الى مقر وزارة الخارجية وخرج السفير من سيارته واتجه الى داخل المبنى واتجه الى غرفة الوزير ودخلها وصـافح . وزير الخارجية صباح االحمد الجابر وقدم له مظروفا مرسال من بغداد

مـن وزارة الخارجيـة العراقيـة فتح الشيخ صباح االحمد الجابر المظروف واخرج منه رسالة كانت صادرة : ومن مكتب وزير الخارجية كتب فيها

من وزير خارجية الجمهورية العراقية طارق عزيز الى الشيخ صـباح االحمـد الجـابر وزيـر الخارجيـة … الكويتي

انني اختصر القول معكم ايها االخ العربي بقولي ان امن الكويت هو امن بغداد وامن بغداد هو امن الكويـت ونحن ال نرى ان هناك حدودا تفصل ما بين البلدين وان كانت فهي خطوط وهميـة ال وجـود لهـا فـي خارطتنـا العراقية وان كبح جماح رجالنا ورفاقنا في الكويت سوف يفجر نارا ال تطفئ حتى تحترق ايدي المتامرين والعـابثين

. بامن بغداد والكويت وزير خارجية الجمهورية العراقية

عزيزطارق : نظر وزير الخارجية الكويتي الى السفير عبد الجابر عمر غني وقال

الوزير ـ اننا اعرف كيف نحافظ على امن وطننا من اية جهة اخرى ونحن قادرون على حماية وطننا . بلغ ذلك وزير خارجيتك.. بانفسنا وال نخاف وال تتاثر من التهديدات الخارجية

.. لتك الشفاهيةالسفير ـ حسنا سوف ابلغه رسا ولكن هل فكرت يا سيادة الوزير بما تقول؟

. الوزير ـ لقد فكرت كثيرا من قبل واني اعني ما اقول . السفير ـ حسنا سوف نرى

خرج السفير من باب غرفة الوزير ونزل الى سيارته في الخارج وراح مسرعا صوب السفارة العراقية ومنذ حد ولم يخرج من رجال السفارة احد ومضت اربع وعشرون ساعة على ذلك تلك اللحظة لم يدخل الى السفارة ا

وفي وضح النهار دوت عدت انفجارات في مدينة الكويت سمع صداها في ارجاء المدينة واشتعلت النيران .. اللقاء . ناكفي المقاهي الشعبية وراحت جثث الرجال والنساء واالطفال تتطاير في الهواء مقطعة ومتناثرة هنا وه

.والى هنا تركنا االجواء متشنجة متفجرة وركبنا سفينة صغيرة راحلين الى بلد اخر غريب الجبوري

وانتهت القصة