الطب النبوى

333
اﻟﻄﺐ اﻟﻨﺒﻮى اﺑﻦ ﻗﯿﻢ اﻟﺠﻮزﯾﺔﯾﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻰ ﻣﻦ ھ وﻗﺪ أﺗﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺟ اﻟﻤﻐﺎزى واﻟﺴﯿﺮ واﻟﺒﻌﻮث واﻟﺴﺮاﯾﺎ، واﻟﺮﺳﺎﺋﻞ، واﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻰ ﻛﺘﺐ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻮك وﻧﻮاﺑﮭﻢ. ﯾﮫ ﻓﻰ اﻟﻄﺐ اﻟﺬى ﺒﻊ ذﻟﻚ ﺑﺬﻛﺮ ﻓﺼﻮل ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻓﻰ ھ وﻧﺤﻦ ﻧ ﱠﺐ ﺑﮫ، ووﺻﻔﮫ ﺗﻄﺒ ﻜﻤﺔ اﻟﺘﻰ ﺗ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺤ ﻟﻐﯿﺮه، وﻧﺒﯿﱢﻦﺒﮭﻢ إﻟﯿﮭﺎ اﻷﻃﺒﺎء ﻋﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯿﮭﺎ، وأن ﻧﺴﺒﺔ ﻃ أﻛﺜﺮ ﻋﻘﻮلﺒﮭﻢ، ﻓﻨﻘﻮل وﺑﺎﷲ اﻟﻤﺴﺘﻌﺎن، وﻣﻨﮫ ﻧﺴﺘﻤﺪ ﺐ اﻟﻌﺠﺎﺋﺰ إﻟﻰ ﻃ ﺴﺒﺔ ﻃ ﻛﻨل واﻟﻘﻮة اﻟﺤ: اﻟﻤﺮض ﻧﻮﻋﺎن: اﻷﺑﺪان اﻟﻘﻠﻮب، وﻣﺮض ﻣﺮض. وھﻤﺎ ﻣﺬﻛﻮران ﻓﻰ ا ﻟﻘﺮآن. وﻣﺮض اﻟﻘﻠﻮب ﻧﻮﻋﺎن: ﺒﮭﺔ وﺷﻚ، ﻣﺮض ﺷ ﱟ، وﻛﻼھﻤﺎ ﻓﻰ اﻟﻘﺮآن ﻮة وﻏ وﻣﺮض ﺷ. ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻰ ﻣﺮض اﻟﺸﱡﺒﮭﺔ: } ﺿﺎ اﷲ ھ اد ض ﱠﺮﻢ ﻣ ﻮﺑ ﻰ ﻗ { ] اﻟﺒﻘﺮة: 10 . [ وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ: } ﻢ ﻣﱠ ﻮﺑ ﻰ ﻗ ﯾﻦ ﱠﺬ اﻟ ﻮل ﯿ و ون ﺎﻓ اﻟ و ض ا ﻣ اﷲ اد ر ا أ ﺎذ { ] اﻟﻤﺪﺛﺮ: 31 .[ ﱠﺔ،ﻋﻰ إﻟﻰ ﺗﺤﻜﯿﻢ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﱡـﻨ ﱢ ﻣﻦ د وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻰ ﺣﻰ وأﻋﺮض ﻓﺄﺑ: } ﯾﻖ ا ﻓ إذ ﯿ ﯿ ﻮﻟ ر و ﻰ اﷲ إﻟ ﻮا ا د إذ و ﻮن ﺿ ﻣﱡﻌ ﻣﱢﻨ* و ﯿﻦ ﯿ إﻟ ﻮا ﻖﱡ ﯾ اﻟ ﻦ ﻟﱠﮭ إن ﯾ* أ، ﻮﻟ ر و ﯿ اﷲ ﯿﻒ ن ﯾ أ ﻮن ﺎﻓ م أ ﻮا ﺎﺑ ار م أ ض ﻢ ﻣﱠﺮ ﻮﺑ ﻮن ﱠﺎﻟ اﻟﻈ ھ وﻟ أ { ] اﻟﻨﻮر: 48 - 50 [ ﱡﺒﮭﺎت ، ﻓﮭﺬا ﻣﺮض اﻟﺸ واﻟﺸﻜﻮك.

Upload: -

Post on 13-May-2015

1.021 views

Category:

Documents


44 download

TRANSCRIPT

Page 1: الطب النبوى

الطب النبوى

ابن قیم الجوزیة وقد أتینا على جمل من ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى

المغازى والسیر والبعوث والسرایا، والرسائل، والكتب التى كتب . بھا إلى الملوك ونوابھم

ونحن نتبع ذلك بذكر فصول نافعة فى ھدیھ فى الطب الذى لغیره، ونبین ما فیھ من الحكمة التى تعجز تطبب بھ، ووصفھ

عقول أكثر األطباء عن الوصول إلیھا، وأن نسبة طبھم إلیھا كنسبة طب العجائز إلى طبھم، فنقول وباهللا المستعان، ومنھ نستمد

: الحول والقوة

وھما . مرض القلوب، ومرض األبدان: المرض نوعان . لقرآنمذكوران فى ا

مرض شبھة وشك، : ومرض القلوب نوعان قال تعالى فى مرض . ومرض شھوة وغى، وكالھما فى القرآن

] . 10: البقرة [}فى قلوبھم مرض فزادھم اهللا مرضا{: الشبھة

رض والكافرون ولیقول الذین فى قلوبھم م{: وقال تعالى ]. 31:المدثر [}ماذا أراد اهللا بھذا مثال

وقال تعالى فى حق من دعى إلى تحكیم القرآن والسـنة، وإذا دعوا إلى اهللا ورسولھ لیحكم بینھم إذا فریق {: فأبى وأعرض

أفى * إن یكن لھم الحق یأتوا إلیھ مذعنین و* منھم معرضون قلوبھم مرض أم ارتابوا أم یخافون أن یحیف اهللا علیھم ورسولھ،

، فھذا مرض الشبھات ]50-48: النور [}بل أولئك ھم الظالمون . والشكوك

Page 2: الطب النبوى

یا نساء النبى لستن {: الشھوات، فقال تعالىوأما مرض كأحد من النساء، إن اتقیتن فال تخضعن بالقول فیطمع الذى فى

واهللا .. ، فھذا مرض شھوة الزنى]32: األحزاب [}قلبھ مرض . أعلم

...) یتبع)

@

فصل

ن فى مرض األبدا

لیس على األعمى حرج {: فقال تعالى.. وأما مرض األبدان : الفتح [} وال على األعرج حرج وال على المریض حرج

وذكر مرض البدن فى الحج والصوم والوضوء ]. 61: النور][17ھمھ وعقلھ لسر بدیع یبین لك عظمة القرآن، واالستغناء بھ لمن ف

حفظ الصحة، : عن سواه، وذلك أن قواعد طب األبدان ثالثةفذكر سبحانھ ھذه . والحمیة عن المؤذى، واستفراغ المواد الفاسدة

. األصول الثالثة فى ھذه المواضع الثالثة

فمن كان منكم مریضا أو على سفر {: فقال فى آیة الصوم ، فأباح الفطر للمریض لعذر ]184: البقرة [}من أیام أخرفعدة

المرض؛ وللمسافر طلبا لحفظ صحتھ وقوتھ لئال یذھبھا الصوم فى السفر الجتماع شدة الحركة، وما یوجبھ من التحلیل، وعدم الغذاء الذى یخلف ما تحلل؛ فتخور القوة وتضعف، فأباح للمسافر الفطر

. حفظا لصحتھ وقوتھ عما یضعفھا

فمن كان منكم مریضا أو بھ أذى من {: وقال فى آیة الحج ، فأباح ]196: البقرة [}رأسھ ففدیة من صیام أو صدقة أو نسك

للمریض، ومن بھ أذى من رأسھ، من قمل، أو حكة، أو غیرھما، ن یحلق رأسھ فى اإلحرام استفراغا لمادة األبخرة الردیئة التى أ

أوجبت لھ األذى فى رأسھ باحتقانھا تحت الشعر، فإذا حلق رأسھ،

Page 3: الطب النبوى

تفتحت المسام، فخرجت تلك األبخرة منھا، فھذا االستفراغ یقاس . علیھ كل استفراغ یؤذى انحباسھ

الدم إذا : ومدافعتھا عشرةواألشیاء التى یؤذى انحباسھا ھاج، والمنى إذا تبیغ، والبول، والغائط، والریح، والقىء،

وكل واحد من ھذه العشرة . والعطاس، والنوم، والجوع، والعطش . یوجب حبسھ داء من األدواء بحسبھ

وقد نبھ سبحانھ باستفراغ أدناھا، وھو البخار المحتقن فى أس على استفراغ ما ھو أصعب منھ؛ كما ھى طریقة القرآن الر

. التنبیھ باألدنى على األعلى

وإن كنتم {: فقال تعالى فى آیة الوضوء.. وأما الحمیة مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو المستم النساء

، ]6: المائدة ][43: النساء [}دوا ماء فتیمموا صعیدا طیبافلم تجفأباح للمریض العدول عن الماء إلى التراب حمیة لھ أن یصیب

جسده ما یؤذیھ، وھذا تنبیھ على الحمیة عن كل مؤذ لھ من داخل أو خارج، فقد أرشد سبحانھ عباده إلى أصول الطب، ومجامع

اعده، ونحن نذكر ھدى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فى ذلك، قو . ونبین أن ھدیھ فیھ أكمل ھدى

فمسلم إلى الرسل صلوات اهللا .. فأما طب القلوب وسالمھ علیھم، وال سبیل إلى حصولھ إال من جھتھم وعلى

رفة بربھا، وفاطرھا، أیدیھم، فإن صالح القلوب أن تكون عاوبأسمائھ، وصفاتھ، وأفعالھ، وأحكامھ، وأن تكون مؤثرة لمرضاتھ

ومحابھ، متجنبة لمناھیھ ومساخطھ، وال صحة لھا وال حیاة ألبتة إال بذلك، وال سبیل إلى تلقیھ إال من جھة الرسل، وما یظن من

لط ممن یظن ذلك، وإنما ذلك حصول صحة القلب بدون اتباعھم، فغحیاة نفسھ البھیمیة الشھوانیة، وصحتھا وقوتھا، وحیاة قلبھ وصحتھ، وقوتھ عن ذلك بمعزل، ومن لم یمیز بین ھذا وھذا،

Page 4: الطب النبوى

فلیبك على حیاة قلبھ، فإنھ من األموات، وعلى نوره، فإنھ منغمس . فى بحار الظلمات

فصل

ن فى أن طب األبدان نوعا

: فإنھ نوعان.. وأما طب األبدان

نوع قد فطر اهللا علیھ الحیوان ناطقھ وبھیمھ؛ فھذا ال یحتاج فیھ إلى معالجة طبیب، كطب الجوع، والعطش، والبرد،

. والتعب بأضدادھا وما یزیلھا

ما یحتاج إلى فكر وتأمل، كدفع األمراض .. والثانى ابھة الحادثة فى المزاج، بحیث یخرج بھا عن االعتدال، إما المتش

إلى حرارة، أو برودة، أو یبوسة، أو رطوبة، أو ما یتركب من إما مادیة، وإما كیفیة، أعنى إما أن : اثنین منھا، وھى نوعان

یكون بانصباب مادة، أو بحدوث كیفیة، والفرق بینھما أن أمراض ل المواد التى أوجبتھا، فتزول موادھا، ویبقى الكیفیة تكون بعد زوا

. أثرھا كیفیة فى المزاج

وأمراض المادة أسبابھا معھا تمدھا، وإذا كان سبب المرض معھ، فالنظر فى السبب ینبغى أن یقع أوال، ثم فى المرض

أو األمراض اآللیة وھى التى تخرج . ثانیا، ثم فى الدواء ثالثاعن ھیئتھ، إما فى شكل، أو تجویف، أو مجرى، أو العضو

خشونة، أو مالسة، أو عدد، أو عظم، أو وضع، فإن ھذه األعضاء إذا تألفت وكان منھا البدن سمى تألفھا اتصاال، والخروج عن

االعتدال فیھ یسمى تفرق االتصال، أو األمراض العامة التى تعم . المتشابھة واآللیة

ھى التى یخرج بھا المزاج عن : واألمراض المتشابھة االعتدال، وھذا الخروج یسمى مرضا بعد أن یضر بالفعل إضرارا

. محسوسا

Page 5: الطب النبوى

أربعة بسیطة، وأربعة مركبة، : وھى على ثمانیة أضرب الحار : والمركبة. البارد، والحار، والرطب، والیابس: فالبسیطة

رطب، والحار الیابس، والبارد الرطب، والبارد الیابس، وھى إما الأن تكون بانصباب مادة، أو بغیر انصباب مادة، وإن لم یضر

. المرض بالفعل یسمى خروجا عن االعتدال صحة

حال طبیعیة، وحال خارجة عن : وللبدن ثالثة أحوال بھا یكون البدن : ولىفاأل. الطبیعیة، وحال متوسطة بین األمرین

ھى متوسطة : والحال الثالثة. بھا یكون مریضا: صحیحا، والثانیةبین الحالتین، فإن الضد ال ینتقل إلى ضده إال بمتوسط، وسبب خروج البدن عن طبیعتھ، إما من داخلھ، ألنھ مركب من الحار یكون والبارد، والرطب والیابس، وإما من خارج، فألن ما یلقاه قد

موافقا، وقد یكون غیر موافق، والضرر الذى یلحق اإلنسان قد یكون من سوء المزاج بخروجھ عن االعتدال، وقد یكون من فساد العضو؛ وقد یكون من ضعف فى القوى، أو األرواح الحاملة لھا، ویرجع ذلك إلى زیادة ما االعتدال فى عدم زیادتھ، أو نقصان ما

عدم نقصانھ، أو تفرق ما االعتدال فى اتصالھ، أو االعتدال فى اتصال ما االعتدال فى تفرقھ، أو امتداد ما االعتدال فى انقباضھ؛ أو خروج ذى وضع وشكل عن وضعھ وشكلھ بحیث یخرجھ عن

. اعتدالھ

ھو الذى یفرق ما یضر باإلنسان جمعھ، أو یجمع فیھ ما : فالطبیبقھ، أو ینقص منھ ما یضره زیادتھ، أو یزید فیھ ما یضره تفر

یضره نقصھ، فیجلب الصحة المفقودة، أو یحفظھا بالشكل والشبھ؛ ویدفع العلة الموجودة بالضد والنقیض، ویخرجھا، أو یدفعھا بما یمنع من حصولھا بالحمیة، وسترى ھذا كلھ فى ھدى رسول اهللا

لم شافیا كافیا بحول اهللا وقوتھ، وفضلھ صلى اهللا علیھ وس ومعونتھ

فصل

Page 6: الطب النبوى

فى ھدى النبى صلى اهللا علیھ وسلم فى التداوى واألمر بھ

فكان من ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فعل التداوى فى نفسھ، واألمر بھ لمن أصابھ مرض من أھلھ وأصحابھ، ولكن لم

أصحابھ استعمال ھذه األدویة المركبة التى یكن من ھدیھ وال ھدى ، بل كان غالب أدویتھم بالمفردات، وربما ))أقرباذین((تسمى

أضافوا إلى المفرد ما یعاونھ، أو یكسر سورتھ، وھذا غالب طب األمم على اختالف أجناسھا من العرب والترك، وأھل البوادى

لروم والیونانیون، وأكثر طب الھند قاطبة، وإنما عنى بالمركبات ا بالمفردات

وقد اتفق األطباء على أنھ متى أمكن التداوى بالغذاء ال یعدل عنھ إلى الدواء، ومتى أمكن بالبسیط ال یعدل عنھ إلى

. المركب

وكل داء قدر على دفعھ باألغذیة والحمیة، لم یحاول : قالوا وال ینبغى للطبیب أن یولع بسقى األدویة، فإن : قالوا.باألدویةدفعھ

الدواء إذا لم یجد فى البدن داء یحللھ، أو وجد داء ال یوافقھ، أو وجد ما یوافقھ فزادت كمیتھ علیھ، أو كیفیتھ، تشبث بالصحة،

وعبث بھا، وأرباب التجارب من األطباء طبھم بالمفردات غالبا، . ھم أحد فرق الطب الثالثو

والتحقیق فى ذلك أن األدویة من جنس األغذیة، فاألمة والطائفة التى غالب أغذیتھا المفردات، أمراضھا قلیلة جدا، وطبھا

بالمفردات، وأھل المدن الذین غلبت علیھم األغذیة المركبة ك أن أمراضھم فى الغالب یحتاجون إلى األدویة المركبة، وسبب ذل

مركبة، فاألدویة المركبة أنفع لھا، وأمراض أھل البوادى فھذا . والصحارى مفردة، فیكفى فى مداواتھا األدویة المفردة

. برھان بحسب الصناعة الطبیة

إن ھھنا أمرا آخر، نسبة طب األطباء إلیھ : ونحن نقول قیة والعجائز إلى طبھم، وقد اعترف بھ حذاقھم كنسبة طب الطر

Page 7: الطب النبوى

. ھو قیاس: وأئمتھم، فإن ما عندھم من العلم بالطب منھم من یقولھو إلھامات، : ومنھم من یقول. ھو تجربة: ومنھم من یقول

أخذ كثیر منھ من : ومنھم من یقول. ومنامات، وحدس صائبسنانیر إذا أكلت ذوات السموم الحیوانات البھیمیة، كما نشاھد ال

تعمد إلى السراج، فتلغ فى الزیت تتداوى بھ، وكما رؤیت الحیات إذا خرجت من بطون األرض، وقد عشیت أبصارھا تأتى إلى ورق

وكما عھد من الطیر الذى یحتقن . الرازیانج، فتمر عیونھا علیھال ذلك مما ذكر فى مبادئ بماء البحر عند انحباس طبعھ، وأمثا

. الطب

وأین یقع ھذا وأمثالھ من الوحى الذى یوحیھ اهللا إلى رسولھ بما ینفعھ ویضره، فنسبة ما عندھم من الطب إلى ھذا

الوحى كنسبة ما عندھم من العلوم إلى ما جاءت بھ األنبیاء، بل د إلیھا عقول ھھنا من األدویة التى تشفى من األمراض ما لم یھت

أكابر األطباء، ولم تصل إلیھا علومھم وتجاربھم وأقیستھم، من األدویة القلبیة، والروحانیة، وقوة القلب، واعتماده على اهللا،

والتوكل علیھ، وااللتجاء إلیھ، واالنطراح واالنكسار بین یدیھ، واإلحسان والتذلل لھ، والصدقة، والدعاء، والتوبة، واالستغفار،

إلى الخلق، وإغاثة الملھوف، والتفریج عن المكروب، فإن ھذه األدویة قد جربتھا األمم على اختالف أدیانھا ومللھا، فوجدوا لھا

من التأثیر فى الشفاء ما ال یصل إلیھ علم أعلم األطباء، وال . تجربتھ، وال قیاسھ

ھذا أمورا كثیرة، ورأیناھا وقد جربنا نحن وغیرنا من تفعل ما ال تفعل األدویة الحسیة، بل تصیر األدویة الحسیة عندھا

بمنزلة األدویة الطرقیة عند األطباء، وھذا جار على قانون الحكمة اإللھیة لیس خارجا عنھا، ولكن األسباب متنوعة، فإن القلب متى

الداء والدواء، ومدبر الطبیعة اتصل برب العالمین، وخالقومصرفھا على ما یشاء كانت لھ أدویة أخرى غیر األدویة التى

یعانیھا القلب البعید منھ المعرض عنھ، وقد علم أن األرواح متى قویت، وقویت النفس والطبیعة تعاونا على دفع الداء وقھره،

Page 8: الطب النبوى

ھ، وفرحت بقربھا من بارئھا، فكیف ینكر لمن قویت طبیعتھ ونفسوأنسھا بھ، وحبھا لھ، وتنعمھا بذكره، وانصراف قواھا كلھا إلیھ،

وجمعھا علیھ، واستعانتھا بھ، وتوكلھا علیھ، أن یكون ذلك لھا من أكبر األدویة، وأن توجب لھا ھذه القوة دفع األلم بالكلیة، وال ینكر

لناس، وأغلظھم حجابا، وأكثفھم نفسا، وأبعدھم عن ھذا إال أجھل ااهللا وعن حقیقة اإلنسانیة، وسنذكر إن شاء اهللا السبب الذى بھ

أزالت قراءة الفاتحة داء اللدغة عن اللدیغ التى رقى بھا، فقام . حتى كأن ما بھ قلبة

هللا نتكلم فھذان نوعان من الطب النبوى، نحن بحول ا علیھما بحسب الجھد والطاقة، ومبلغ علومنا القاصرة، ومعارفنا

المتالشیة جدا، وبضاعتنا المزجاة، ولكنا نستوھب من بیده الخیر . كلھ، ونستمد من فضلھ، فإنھ العزیز الوھاب

فصل

فى األحادیث التى تحث على التداوى وربط األسباب بالمسببات

من حدیث أبى الزبیر، عن )): صحیحھ((روى مسلم فى لكل : ((جابر بن عبد اهللا، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )). داء دواء، فإذا أصیب دواء الداء، برأ بإذن اهللا عز وجل

قال : عن عطاء، عن أبى ھریرة قال)): الصحیحین((وفى ما أنزل اهللا من داء إال أنزل لھ : ((اهللا صلى اهللا علیھ وسلم رسول )). شفاء

من حدیث زیاد بن عالقة عن )): مسند اإلمام أحمد((وفى كنت عند النبى صلى اهللا علیھ وسلم، : ((أسامة ابن شریك، قال

: ى ؟ فقالیا رسول اهللا؛ أنتداو: وجاءت األعراب، فقالوا

نعم یا عباد اهللا تداووا، فإن اهللا عز وجل لم یضع داء إال وضع )) )). الھرم: ((ما ھو ؟ قال: ، قالوا))لھ شفاء غیر داء واحد

Page 9: الطب النبوى

إن اهللا لم ینزل داء إال أنزل لھ شفاء، علمھ : ((وفى لفظ )). وجھلھ من جھلھ من علمھ

إن اهللا : ((من حدیث ابن مسعود یرفعھ)): المسند((وفى عز وجل لم ینزل داء إال أنزل لھ شفاء، علمھ من علمھ، وجھلھ

)). من جھلھ

: قلت: عن أبى خزامة، قال)): السنن((و)) المسند((وفى یا رسول اهللا؛ أرأیت رقى نسترقیھا، ودواء نتداوى بھ، وتقاة

)). ھى من قدر اهللا: ((نتقیھا، ھل ترد من قدر اهللا شیئا ؟ فقال

فقد تضمنت ھذه األحادیث إثبات األسباب والمسببات، ، ))لكل داء دواء((كون قولھوإبطال قول من أنكرھا، ویجوز أن ی

على عمومھ حتى یتناول األدواء القاتلة، واألدواء التى ال یمكن لطبیب أن یبرئھا، ویكون اهللا عز وجل قد جعل لھا أدویة تبرئھا، ولكن طوى علمھا عن البشر، ولم یجعل لھم إلیھ سبیال، ألنھ ال

ولھذا علق النبى صلى اهللا علیھ علم للخلق إال ما علمھم اهللا، وسلم الشفاء على مصادفة الدواء للداء، فإنھ ال شىء من

المخلوقات إال لھ ضد، وكل داء لھ ضد من الدواء یعالج بضده، فعلق النبى صلى اهللا علیھ وسلم البرء بموافقة الداء للدواء، وھذا

الدواء متى جاوز درجة الداء فى قدر زائد على مجرد وجوده، فإنالكیفیة، أو زاد فى الكمیة على ما ینبغى، نقلھ إلى داء آخر، ومتى

قصر عنھا لم یف بمقاومتھ، وكان العالج قاصرا، ومتى لم یقع المداوى على الدواء، أو لم یقع الدواء على الداء، لم یحصل

دواء، لم ینفع، ومتى الشفاء، ومتى لم یكن الزمان صالحا لذلك الكان البدن غیر قابل لھ، أو القوة عاجزة عن حملھ، أو ثم مانع

یمنع من تأثیره، لم یحصل البرء لعدم المصادفة، ومتى تمت المصادفة حصل البرء بإذن اهللا وال بد، وھذا أحسن المحملین فى

. الحدیث

Page 10: الطب النبوى

مراد بھ الخاص، ال سیما أن یكون من العام ال: والثانى والداخل فى اللفظ أضعاف أضعاف الخارج منھ، وھذا یستعمل فى كل لسان، ویكون المراد أن اهللا لم یضع داء یقبل الدواء إال وضع

لھ دواء، فال یدخل فى ھذا األدواء التى ال تقبل الدواء، وھذا كقولھ تدمر كل شىء بأمر { : عاد تعالى فى الریح التى سلطھا على قوم

كل شىء یقبل التدمیر، ومن شأن : أى] 25: األحقاف [}ربھا . الریح أن تدمره، ونظائره كثیرة

ومن تأمل خلق األضداد فى ھذا العالم، ومقاومة بعضھا ن لھ لبعض، ودفع بعضھا ببعض، وتسلیط بعضھا على بعض، تبیكمال قدرة الرب تعالى، وحكمتھ، وإتقانھ ما صنعھ، وتفرده

بالربوبیة، والوحدانیة، والقھر، وأن كل ما سواه فلھ ما یضاده . ویمانعھ، كما أنھ الغنى بذاتھ، وكل ما سواه محتاج بذاتھ

افى وفى األحادیث الصحیحة األمر بالتداوى، وأنھ ال ین التوكل، كما ال ینافیھ دفع داء الجوع، والعطش، والحر، والبرد

بأضدادھا، بل ال تتم حقیقة التوحید إال بمباشرة األسباب التى نصبھا اهللا مقتضیات لمسبباتھا قدرا وشرعا، وأن تعطیلھا یقدح فى نفس التوكل، كما یقدح فى األمر والحكمة، ویضعفھ من حیث

یظن معطلھا أن تركھا أقوى فى التوكل، فإن تركھا عجزا ینافى التوكل الذى حقیقتھ اعتماد القلب على اهللا فى حصول ما ینفع العبد

فى دینھ ودنیاه، ودفع ما یضره فى دینھ ودنیاه، وال بد مع ھذا االعتماد من مباشرة األسباب؛ وإال كان معطال للحكمة والشرع،

. فال یجعل العبد عجزه توكال، وال توكلھ عجزا

إن كان الشفاء قد : وفیھا رد على من أنكر التداوى، وقال وأیضا، فإن . قدر، فالتداوى ال یفید، وإن لم یكن قد قدر، فكذلك

المرض حصل بقدر اهللا، وقدر اهللا ال یدفع وال یرد، وھذا السؤال . لذى أورده األعراب على رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلمھو ا

وأما أفاضل الصحابة، فأعلم باهللا وحكمتھ وصفاتھ من أن یوردوا مثل ھذا، وقد أجابھم النبى صلى اهللا علیھ وسلم بما شفى وكفى،

Page 11: الطب النبوى

ھذه األدویة والرقى والتقى ھى من قدر اهللا، فما خرج شىء : فقالفال سبیل إلى . دره، بل یرد قدره بقدره، وھذا الرد من قدرهعن ق

الخروج عن قدره بوجھ ما، وھذا كرد قدر الجوع، والعطش، والحر، والبرد بأضدادھا، وكرد قدر العدو بالجھاد، وكل من قدر

. الدافع، والمدفوع، والدفع: اهللا

ھذا یوجب علیك أن ال تباشر : ویقال لمورد ھذا السؤال سببا من األسباب التى تجلب بھا منفعة، أو تدفع بھا مضرة، ألن

المنفعة والمضرة إن قدرتا، لم یكن بد من وقوعھما، وإن لم تقدر اد لم یكن سبیل إلى وقوعھما، وفى ذلك خراب الدین والدنیا، وفس

العالم، وھذا ال یقولھ إال دافع للحق، معاند لھ، فیذكر القدر لیدفع لو شاء اهللا ما أشركنا {: حجة المحق علیھ، كالمشركین الذین قالوا

لو شاء اهللا ما عبدنا من دونھ من { ، و]148: األنعام [}وال آباؤنا، فھذا قالوه دفعا لحجة اهللا ]35: النحل [}ال آباؤناشىء نحن و

. علیھم بالرسل

بقى قسم ثالث لم تذكره، وھو : وجواب ھذا السائل أن یقال أن اهللا قدر كذا وكذا بھذا السبب؛ فإن أتیت بالسبب حصل المسبب،

. وإال فال

ر لى السبب، فعلتھ، وإن لم یقدره لى إن كان قد: فإن قال . لم أتمكن من فعلھ

فھل تقبل ھذا االحتجاج من عبدك، وولدك، وأجیرك : قیل إذا احتج بھ علیك فیما أمرتھ بھ، ونھیتھ عنھ فخالفك ؟، فإن قبلتھ،

ك، فال تلم من عصاك، وأخذ مالك، وقذف عرضك، وضیع حقوق.. وإن لم تقبلھ، فكیف یكون مقبوال منك فى دفع حقوق اهللا علیك

یا رب؛ ممن : أن إبراھیم الخلیل قال: ((وقد روى فى أثر إسرائیلىفما بال : قال. منى: فممن الدواء ؟ قال: قال. منى: الداء ؟ قال

)) ء على یدیھ رجل أرسل الدوا:الطبیب؟ قال

Page 12: الطب النبوى

، تقویة ))لكل داء دواء: ((وفى قولھ صلى اهللا علیھ وسلم لنفس المریض والطبیب، وحث على طلب ذلك الدواء والتفتیش

علیھ، فإن المریض إذا استشعرت نفسھ أن لدائھ دواء یزیلھ، تعلق أس، وانفتح لھ باب قلبھ بروح الرجاء، وبردت عنده حرارة الی

الرجاء، ومتى قویت نفسھ انبعثت حرارتھ الغریزیة، وكان ذلك سببا لقوة األرواح الحیوانیة والنفسانیة والطبیعیة، ومتى قویت ھذه األرواح، قویت القوى التى ھى حاملة لھا، فقھرت المرض

أمكنھ طلبھ وكذلك الطبیب إذا علم أن لھذا الداء دواء .ودفعتھوأمراض األبدان على وزان أمراض القلوب، وما . والتفتیش علیھ

جعل اهللا للقلب مرضا إال جعل لھ شفاء بضده، فإن علمھ صاحب . الداء واستعملھ، وصادف داء قلبھ، أبرأه بإذن اهللا تعالى

فصل

فى في ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى االحتماء من التخم، والزیادةاألكل على قدر الحاجة، والقانون الذى ینبغى مراعاتھ فى األكل

والشرب

: عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال: وغیره)) المسند((فى ما مأل آدمى وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم لقیمات یقمن ((

لت لطعامھ، وثلث لشرابھ، وثلث صلبھ، فإن كان ال بد فاعال، فث )). لنفسھ

أمراض مادیة تكون عن زیادة مادة : األمراض نوعان أفرطت فى البدن حتى أضرت بأفعالھ الطبیعیة، وھى األمراض

األكثریة، وسببھا إدخال الطعام على البدن قبل ھضم األول، ى یحتاج إلیھ البدن، وتناول األغذیة القلیلة والزیادة فى القدر الذ

النفع، البطیئة الھضم، وإالكثار من األغذیة المختلفة التراكیب المتنوعة، فإذا مأل اآلدمى بطنھ من ھذه األغذیة، واعتاد ذلك،

أورثتھ أمراضا متنوعة، منھا بطئ الزوال وسریعھ، فإذا توسط فى در الحاجة، وكان معتدال فى كمیتھ وكیفیتھ، الغذاء، وتناول منھ ق

Page 13: الطب النبوى

كان انتفاع البدن بھ أكثر من انتفاعھ بالغذاء الكثیر ومراتب الغذاء : والثالثة. مرتبة الكفایة: والثانیة. مرتبة الحاجة: أحدھا: ثالثة

أنھ یكفیھ لقیمات : فأخبر النبى صلى اهللا علیھ وسلم. مرتبة الفضلةھ، فال تسقط قوتھ، وال تضعف معھا، فإن تجاوزھا، یقمن صلب

فلیأكل فى ثلث بطنھ، ویدع الثلث اآلخر للماء، والثالث للنفس، وھذا من أنفع ما للبدن والقلب، فإن البطن إذا امتأل من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد علیھ الشراب ضاق عن النفس،

لھ بمنزلة حامل الحمل الثقیل، ھذا وعرض لھ الكرب والتعب بحمإلى ما یلزم ذلك من فساد القلب، وكسل الجوارح عن الطاعات، وتحركھا فى الشھوات التى یستلزمھا الشبع، فامتالء البطن من

وأما إذا . ھذا إذا كان دائما أو أكثریا. الطعام مضر للقلب والبدنو ھریرة بحضرة النبى كان فى األحیان، فال بأس بھ، فقد شرب أب

والذى بعثك بالحق ال : صلى اهللا علیھ وسلم من اللبن، حتى قال أجد لھ مسلكا، وأكل الصحابة بحضرتھ مرارا حتى شبعوا

والشبع المفرط یضعف القوى والبدن، وإن أخصبھ، وإنما . ، ال بحسب كثرتھیقوى البدن بحسب ما یقبل من الغذاء

ولما كان فى اإلنسان جزء أرضى، وجزء ھوائى، وجزء مائى، قسم النبى صلى اهللا علیھ وسلم، طعامھ وشرابھ ونفسھ

فأین حظ الجزء النارى ؟ : على األجزاء الثالثة فإن قیل

فى البدن إن : ھذه مسألة تكلم فیھا األطباء، وقالوا: قیل . جزءا ناریا بالفعل، وھو أحد أركانھ وأسطقساتھ

ونازعھم فى ذلك آخرون من العقالء من األطباء وغیرھم : لیس فى البدن جزء نارى بالفعل، واستدلوا بوجوه: وقالوا

أن ذلك الجزء النارى إما أن یدعى أنھ نزل عن : أحدھا إنھ تولد : ھذه األجزاء المائیة واألرضیة، أو یقالاألثیر، واختلط ب

أن النار بالطبع : فیھا وتكون، واألول مستبعد لوجھین، أحدھما. صاعدة، فلو نزلت، لكانت بقاسر من مركزھا إلى ھذا العالم

Page 14: الطب النبوى

أن تلك األجزاء الناریة ال بد فى نزولھا أن تعبر على كرة : الثانىھى فى غایة البرد، ونحن نشاھد فى ھذا العالم أن الزمھریر التى

النار العظیمة تنطفئ بالماء القلیل، فتلك األجزاء الصغیرة عند مرورھا بكرة الزمھریر التى ھى فى غایة البرد ونھایة العظم،

. أولى باالنطفاء

إنھا تكونت ھھنا فھو أبعد : وھو أن یقال: وأما الثانى ألن الجسم الذى صار نارا بعد أن لم یكن كذلك، قد كان قبل وأبعد،

صیرورتھ إما أرضا، وإما ماء، وإما ھواء النحصار األركان فى ھذه األربعة، وھذا الذى قد صار نارا أوال، كان مختلطا بأحد ھذه

األجسام، ومتصال بھا، والجسم الذى ال یكون نارا إذا اختلط بنار وال واحد منھا، ال یكون مستعدا ألن بأجسام عظیمة لیست

ینقلب نارا ألنھ فى نفسھ لیس بنار، واألجسام المختلطة باردة، فكیف یكون مستعدا النقالبھ نارا ؟

لم ال تكون ھناك أجزاء ناریة تقلب ھذه األجسام، : فإن قلتم وتجعلھا نارا بسبب مخالطتھا إیاھا ؟

الكالم فى حصول تلك األجزاء الناریة كالكالم : قلنا فىاألول

إنا نرى من رش الماء على النورة المطفأة : فإن قلتم تنفصل منھا نار، وإذا وقع شعاع الشمس على البلورة ظھرت النار

منھا، وإذا ضربنا الحجر على الحدید، ظھرت النار، وكل ھذه ختالط، وذلك یبطل ما قررتموه فى القسم الناریة حدثت عند اال

. األول أیضا

نحن ال ننكر أن تكون المصاكة الشدیدة : قال المنكرون محدثة للنار، كما فى ضرب الحجارة على الحدید، أو تكون قوة

تسخین الشمس محدثة للنار، كما فى البلورة، لكنا نستبعد ذلك جدا ام النبات والحیوان، إذ لیس فى أجرامھا من االصطكاك ما فى أجر

Page 15: الطب النبوى

یوجب حدوث النار، وال فیھا من الصفاء والصقال ما یبلغ إلى حد البلورة، كیف وشعاع الشمس یقع على ظاھرھا، فال تتولد النار

ألبتة، فالشعاع الذى یصل إلى باطنھا كیف یولد النار ؟

أن األطباء مجمعون على : فى أصل المسألة: نىالوجھ الثا أن الشراب العتیق فى غایة السخونة بالطبع، فلو كانت تلك

السخونة بسبب األجزاء الناریة، لكانت محاال إذ تلك األجزاء الناریة مع حقارتھا كیف یعقل بقاؤھا فى األجزاء المائیة الغالبة

ع أنا نرى النار العظیمة تطفأ بالماء دھرا طویال، بحیث ال تنطفئ م . القلیل

أنھ لو كان فى الحیوان والنبات جزء نارى : الوجھ الثالث بالفعل، لكان مغلوبا بالجزء المائى الذى فیھ، وكان الجزء النارى

مقھورا بھ، وغلبة بعض الطبائع والعناصر على بعض یقتضى طبیعة الغالب، فكان یلزم بالضرورة انقالب طبیعة المغلوب إلى

انقالب تلك األجزاء الناریة القلیلة جدا إلى طبیعة الماء الذى ھو . ضد النار

أن اهللا سبحانھ وتعالى ذكر خلق اإلنسان فى : الوجھ الرابع كتابھ فى مواضع متعددة، یخبر فى بعضھا أنھ خلقھ من ماء، وفى

من تراب، وفى بعضھا أنھ خلقھ من المركب بعضھا أنھ خلقھمنھما وھو الطین، وفى بعضھا أنھ خلقھ من صلصال كالفخار،

وھو الطین الذى ضربتھ الشمس والریح حتى صار صلصاال كالفخار، ولم یخبر فى موضع واحد أنھ خلقھ من نار، بل جعل ذلك

. خاصیة إبلیس

عن النبى صلى اهللا علیھ )): صحیح مسلم((وثبت فى خلقت المالئكة من نور، وخلق الجان من مارج من : ((وسلم قال

)). نار، وخلق آدم مما وصف لكم

Page 16: الطب النبوى

وھذا صریح فى أنھ خلق مما وصفھ اهللا فى كتابھ فقط، مادتھ شیئا من ولم یصف لنا سبحانھ أنھ خلقھ من نار، وال أن فى

النار

أن غایة ما یستدلون بھ ما یشاھدون من : الوجھ الخامس الحرارة فى أبدان الحیوان، وھى دلیل على األجزاء الناریة، وھذا

ال یدل، فإن أسباب الحرارة أعم من النار، فإنھا تكون عن النار خونة تارة، وعن الحركة أخرى، وعن انعكاس األشعة، وعن س

الھواء، وعن مجاورة النار، وذلك بواسطة سخونة الھواء أیضا، . وتكون عن أسباب أخر، فال یلزم من الحرارة النار

من المعلوم أن التراب والماء إذا اختلطا : قال أصحاب النار فال بد لھما من حرارة تقتضى طبخھما وامتزاجھما، وإال كان كل

ج لآلخر، وال متحدا بھ، وكذلك إذا ألقینا البذر فى منھما غیر ممازالطین بحیث ال یصل إلیھ الھواء وال الشمس فسد، فال یخلو، إما

أن یحصل فى المركب جسم منضج طابخ بالطبع أو ال، فإن حصل، فھو الجزء النارى، وإن لم یحصل، لم یكن المركب مسخنا بطبعھ،

عرضیا، فإذا زال التسخین العرضى، لم بل إن سخن كان التسخینیكن الشىء حارا فى طبعھ، وال فى كیفیتھ، وكان باردا مطلقا، لكن من األغذیة واألدویة ما یكون حارا بالطبع، فعلمنا أن حرارتھا إنما

. كانت، ألن فیھا جوھرا ناریا

یكون فلو لم یكن فى البدن جزء مسخن لوجب أن .. وأیضا فى نھایة البرد، ألن الطبیعة إذا كانت مقتضیة للبرد، وكانت خالیة عن المعاون والمعارض، وجب انتھاء البرد إلى أقصى الغایة، ولو

كان كذلك لما حصل لھا اإلحساس بالبرد، ألن البرد الواصل إلیھ إذا كان فى الغایة كان مثلھ، والشىء ال ینفعل عن مثلھ، وإذا لم

ل عنھ لم یحس بھ، وإذا لم یحس بھ لم یتألم عنھ، وإن كان ینفعدونھ فعدم االنفعال یكون أولى، فلو لم یكن فى البدن جزء مسخن

وأدلتكم إنما تبطل : قالوا. بالطبع لما انفعل عن البرد، وال تألم بھاألجزاء الناریة باقیة فى ھذه المركبات على حالھا، : قول من یقول

Page 17: الطب النبوى

إن صورتھا : وطبیعتھا الناریة، ونحن ال نقول بذلك، بل نقول . النوعیة تفسد عند االمتزاج

...) یتبع)

إن األرض والماء : لم ال یجوز أن یقال: قال اآلخرون @والھواء إذا اختلطت، فالحرارة المنضجة الطابخة لھا ھى حرارة

عند كمال نضجھ مستعد الشمس وسائر الكواكب، ثم ذلك المركبلقبول الھیئة التركیبیة بواسطة السخونة نباتا كان أو حیوانا أو

معدنا، وما المانع أن تلك السخونة والحرارة التى فى المركبات ھى بسبب خواص وقوى یحدثھا اهللا تعالى عند ذلك االمتزاج ال من

اإلمكان ألبتة، أجزاء ناریة بالفعل ؟ وال سبیل لكم إلى إبطال ھذا وقد اعترف جماعة من فضالء األطباء بذلك

ھذا یدل على أن : وأما حدیث إحساس البدن بالبرد، فنقول فى البدن حرارة وتسخینا، ومن ینكر ذلك ؟ لكن ما الدلیل على

انحصار المسخن فى النار ؟ فإنھ وإن كان كل نار مسخنا، فإن ھذه . بعض المسخن نار: س كلیة بل عكسھا الصادقالقضیة ال تنعك

وأما قولكم بفساد صورة النار النوعیة، فأكثر األطباء على بقاء صورتھا النوعیة، والقول بفسادھا قول فاسد قد اعترف

، وبرھن ))الشفاء((بفساده أفضل متأخریكم، فى كتابھ المسمى بـ وباهللا .. لى طبائعھا فى المركباتعلى بقاء األركان أجمع ع

. التوفیق

فصول

فى عالج النبى صلى اهللا علیھ وسلم للمرضى باألدویة الطبیعیة ] ] وكان عالجھ صلى اهللا علیھ وسلم للمرض ثالثة أنواع

. باألدویة الطبیعیة: أحدھا

. باألدویة اإللھیة: والثانى

Page 18: الطب النبوى

. ب من األمرینبالمرك: والثالث

ونحن نذكر األنواع الثالثة من ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم، فنبدأ بذكر األدویة الطبیعیة التى وصفھا واستعملھا، ثم نذكر

. األدویة اإللھیة، ثم المركبة

وھذا إنما نشیر إلیھ إشارة، فإن رسول اهللا صلى اهللا علیھ ھادیا، وداعیا إلى اهللا، وإلى جنتھ، ومعرفا باهللا، وسلم إنما بعث

ومبینا لألمة مواقع رضاه وآمرا لھم بھا، ومواقع سخطھ وناھیا لھم عنھا، ومخبرھم أخبار األنبیاء والرسل وأحوالھم مع أممھم، وأخبار تخلیق العالم، وأمر المبدأ والمعاد، وكیفیة شقاوة النفوس

. وسعادتھا، وأسباب ذلك

فجاء من تكمیل شریعتھ، ومقصودا .. وأما طب األبدان لغیره، بحیث إنما یستعمل عند الحاجة إلیھ، فإذا قدر على

االستغناء عنھ، كان صرف الھمم والقوى إلى عالج القلوب دھا واألرواح، وحفظ صحتھا، ودفع أسقامھا، وحمایتھا مما یفس

ھو المقصود بالقصد األول، وإصالح البدن بدون إصالح القلب ال ینفع، وفساد البدن مع إصالح القلب مضرتھ یسیرة جدا، وھى

. وباهللا التوفیق.. مضرة زائلة تعقبھا المنفعة الدائمة التامة

ذكر القسم األول وھو العالج باألدویة الطبیعیة

فصول

عالج النبى صلى اهللا علیھ وسلم للمرضى باألدویة الطبیعیة فى

وكان عالجھ صلى اهللا علیھ وسلم للمرض ثالثة أنواع

. باألدویة الطبیعیة: أحدھا

. باألدویة اإللھیة: والثانى

. بالمركب من األمرین: والثالث

Page 19: الطب النبوى

لثالثة من ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم، ونحن نذكر األنواع ا فنبدأ بذكر األدویة الطبیعیة التى وصفھا واستعملھا، ثم نذكر

. األدویة اإللھیة، ثم المركبة

وھذا إنما نشیر إلیھ إشارة، فإن رسول اهللا صلى اهللا علیھ فا باهللا، وسلم إنما بعث ھادیا، وداعیا إلى اهللا، وإلى جنتھ، ومعر

ومبینا لألمة مواقع رضاه وآمرا لھم بھا، ومواقع سخطھ وناھیا لھم عنھا، ومخبرھم أخبار األنبیاء والرسل وأحوالھم مع أممھم، وأخبار تخلیق العالم، وأمر المبدأ والمعاد، وكیفیة شقاوة النفوس

. وسعادتھا، وأسباب ذلك

فجاء من تكمیل شریعتھ، ومقصودا .. بدانوأما طب األ لغیره، بحیث إنما یستعمل عند الحاجة إلیھ، فإذا قدر على

االستغناء عنھ، كان صرف الھمم والقوى إلى عالج القلوب واألرواح، وحفظ صحتھا، ودفع أسقامھا، وحمایتھا مما یفسدھا

بدون إصالح القلب ال ھو المقصود بالقصد األول، وإصالح البدن ینفع، وفساد البدن مع إصالح القلب مضرتھ یسیرة جدا، وھى

. وباهللا التوفیق.. مضرة زائلة تعقبھا المنفعة الدائمة التامة

فصل

فى ھدیھ فى عالج الحمى

عن نافع، عن ابن عمر، أن النبى )): الصحیحین((ثبت فى إنما الحمى أو شدة الحمى من فیح : ((لم قالصلى اهللا علیھ وس

)). جھنم، فأبردوھا بالماء

وقد أشكل ھذا الحدیث على كثیر من جھلة األطباء، ورأوه منافیا لدواء الحمى وعالجھا، ونحن نبین بحول اهللا وقوتھ وجھھ

: وفقھھ فنقول

عام ألھل : طاب النبى صلى اهللا علیھ وسلم نوعانخ : كقولھ: كعامة خطابھ، والثانى: األرض، وخاص ببعضھم، فاألول

Page 20: الطب النبوى

ال تستقبلوا القبلة بغائط وال بول، وال تستدبروھا، ولكن شرقوا، ((فھذا لیس بخطاب ألھل المشرق والمغرب وال العراق، )). أو غربوا

: وكذلك قولھ. لكن ألھل المدینة وما على سمتھا، كالشام وغیرھاو )). ما بین المشرق والمغرب قبلة((

وإذا عرف ھذا، فخطابھ فى ھذا الحدیث خاص بأھل الحجاز، وما واالھم، إذ كان أكثر الحمیات التى تعرض لھم من

الحادثة عن شدة حرارة الشمس، نوع الحمى الیومیة العرضیةوھذه ینفعھا الماء البارد شربا واغتساال، فإن الحمى حرارة غریبة

تشتعل فى القلب، وتنبث منھ بتوسط الروح والدم فى الشرایین والعروق إلى جمیع البدن، فتشتعل فیھ اشتعاال یضر باألفعال

. الطبیعیة

: وھى تنقسم إلى قسمین

وھى الحادثة إما عن الورم، أو الحركة، أو : عرضیة . ونحو ذلك... إصابة حرارة الشمس، أو القیظ الشدید

وھى ثالثة أنواع، وھى ال تكون إال فى مادة : ومرضیة فإن كان مبدأ تعلقھا بالروح . أولى، ثم منھا یسخن جمیع البدن

الغالب تزول فى یوم، ونھایتھا ثالثة سمیت حمى یوم، ألنھا فى أیام، وإن كان مبدأ تعلقھا باألخالط سمیت عفنیة، وھى أربعة

وإن كان مبدأ . صفراویة، وسوداویة، وبلغمیة، ودمویة: أصنافتعلقھا باألعضاء الصلبة األصلیة، سمیت حمى دق، وتحت ھذه

. األنواع أصناف كثیرة

بالحمى انتفاعا عظیما ال یبلغھ الدواء، وقد ینتفع البدن وكثیرا ما یكون حمى یوم وحمى العفن سببا إلنضاج مواد غلیظة

لم تكن تنضج بدونھا، وسببا لتفتح سدد لم یكن تصل إلیھا األدویة . المفتحة

Page 21: الطب النبوى

وأما الرمد الحدیث والمتقادم، فإنھا تبرئ أكثر أنواعھ برءا عجیبا سریعا، وتنفع من الفالج، واللقوة، والتشنج االمتالئى،

. وكثیرا من األمراض الحادثة عن الفضول الغلیظة

إن كثیرا من األمراض : وقال لى بعض فضالء األطباء نستبشر فیھا بالحمى، كما یستبشر المریض بالعافیة، فتكون

شرب الدواء بكثیر، فإنھا تنضج من األخالط الحمى فیھ أنفع من والمواد الفاسدة ما یضر بالبدن، فإذا أنضجتھا صادفھا الدواء

. متھیئة للخروج بنضاجھا، فأخرجھا، فكانت سببا للشفاء

وإذا عرف ھذا، فیجوز أن یكون مراد الحدیث من أقسام مكان باالنغماس فى الماء الحمیات العرضیة، فإنھا تسكن على ال

البارد، وسقى الماء البارد المثلوج، وال یحتاج صاحبھا مع ذلك إلى عالج آخر، فإنھا مجرد كیفیة حارة متعلقة بالروح، فیكفى فى

زوالھا مجرد وصول كیفیة باردة تسكنھا، وتخمد لھبھا من غیر . حاجة إلى استفراغ مادة، أو انتظار نضج

وز أن یراد بھ جمیع أنواع الحمیات، وقد اعترف ویج بأن الماء البارد ینفع فیھا، قال فى )): جالینوس((فاضل األطباء

ولو أن رجال شابا )): ((حیلة البرء((المقالة العاشرة من كتاب حسن اللحم، خصب البدن فى وقت القیظ، وفى وقت منتھى الحمى،

ورم، استحم بماء بارد، أو سبح فیھ، النتفع ولیس فى أحشائھ )). ونحن نأمر بذلك بال توقف: ((وقال)). بذلك

إذا كانت القوة قویة، : (( وقال الرازى فى كتابھ الكبیر والحمى حادة جدا، والنضج بین وال ورم فى الجوف، وال فتق،

العلیل خصب البدن والزمان حار، ینفع الماء البارد شربا، وإن كان )). وكان معتادا الستعمال الماء البارد من خارج، فلیؤذن فیھ

، ھو شدة لھبھا، ))الحمى من فیح جھنم: ((وقولھ ، وفیھ ))شدة الحر من فیح جھنم: ((وانتشارھا، ونظیره قولھ

. وجھان

Page 22: الطب النبوى

ك أنموذج ورقیقة اشتقت من جھنم لیستدل أن ذل: أحدھما بھا العباد علیھا، ویعتبروا بھا، ثم إن اهللا سبحانھ قدر ظھورھا

بأسباب تقتضیھا، كما أن الروح والفرح والسرور واللذة من نعیم الجنة أظھرھا اهللا فى ھذه الدار عبرة وداللة، وقدر ظھورھا

. بأسباب توجبھا

أن یكون المراد التشبیھ، فشبھ شدة الحمى : والثانى ولھبھا بفیح جھنم وشبھ شدة الحر بھ أیضا تنبیھا للنفوس على شدة عذاب النار، وأن ھذه الحرارة العظیمة مشبھة بفیحھا، وھو

. ما یصیب من قرب منھا من حرھا

بقطع الھمزة : ، روى بوجھین))ھافابردو: ((وقولھ إذا صیره باردا، مثل )): أبرد الشىء((من : وفتحھا، رباعى

. إذا صیره سخنا)): أسخنھ((

برد الشىء ((بھمزة الوصل مضمومة من : والثانى ، وھو أفصح لغة واستعماال، والرباعى لغة ردیئة عندھم، ))یبرده

: الق

إذا وجدت لھیب الحب فى كبدى أقبلت نحو سقاء القــــوم أبترد

ھبنى بردت ببرد المـاء ظاھره فمن لنار على األحشــــاء تتقد ؟

أنھ كل ماء، وھو : فیھ قوالن، أحدھما )) بالماء: ((وقولھ . الصحیح

أنھ ماء زمزم، واحتج أصحاب ھذا القول بما : والثانى ، عن أبى جمرة نصر بن عمران ))صحیحھ((رواه البخارى فى

: كنت أجالس ابن عباس بمكة، فأخذتنى الحمى فقال: الضبعى قال: بماء زمزم، فإن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال أبردھا عنك

بماء : ((أو قال)) إن الحمى من فیح جھنم، فأبردوھا بالماء((

Page 23: الطب النبوى

وراوى ھذا قد شك فیھ، ولو جزم بھ لكان أمرا ألھل مكة )). زمزم . بماء زمزم، إذ ھو متیسر عندھم، ولغیرھم بما عندھم من الماء

إنھ على عمومھ، ھل المراد بھ الصدقة : ثم اختلف من قال والصحیح أنھ استعمال، وأظن . بالماء، أو استعمالھ ؟ على قولین

المراد الصدقة بھ أنھ أشكل علیھ استعمال : أن الذى حمل من قالالماء البارد فى الحمى ولم یفھم وجھھ مع أن لقولھ وجھا حسنا،

أن الجزاء من جنس العمل، فكما أخمد لھیب العطش عن وھوالظمآن بالماء البارد، أخمد اهللا لھیب الحمى عنھ جزاء وفاقا،

ولكن ھذا یؤخد من فقھ الحدیث وإشارتھ، وأما المراد بھ . فاستعمالھ

م إذا ح: ((وقد ذكر أبو نعیم وغیره من حدیث أنس یرفعھ )). أحدكم، فلیرش علیھ الماء البارد ثالث لیال من السحر

الحمى : ((عن أبى ھریرة یرفعھ)) سنن ابن ماجھ((وفى )). كیر من كیر جھنم، فنحوھا عنكم بالماء البارد

سن، عن سمرة وغیره، من حدیث الح)) المسند((وفى ، ))الحمى قطعة من النار، فأبردوھا عنكم بالماء البارد: ((یرفعھ

وكان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إذا حم دعا بقربة من ماء، . فأفرغھا على رأسھ فاغتسل

ذكرت الحمى : من حدیث أبى ھریرة قال)): السنن((وفى عند رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، فسبھا رجل، فقال رسول اهللا

ال تسبھا فإنھا تنفى الذنوب، كما تنفى : ((صلى اهللا علیھ وسلم )). النار خبث الحدید

ناول لما كانت الحمى یتبعھا حمیة عن األغذیة الردیئة، وت األغذیة واألدویة النافعة، وفى ذلك إعانة على تنقیة البدن، ونفى أخباثھ وفضولھ، وتصفیتھ من مواده الردیة، وتفعل فیھ كما تفعل

النار فى الحدید فى نفى خبثھ، وتصفیة جوھره، كانت أشبھ

Page 24: الطب النبوى

األشیاء بنار الكیر التى تصفى جوھر الحدید، وھذا القدر ھو . علوم عند أطباء األبدانالم

وأما تصفیتھا القلب من وسخھ ودرنھ، وإخراجھا خبائثھ، فأمر یعلمھ أطباء القلوب، ویجدونھ كما أخبرھم بھ نبیھم رسول

اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، ولكن مرض القلب إذا صار مأیوسا من . برئھ، لم ینفع فیھ ھذا العالج

مى تنفع البدن والقلب، وما كان بھذه المثابة فسبھ فالح . ظلم وعدوان

: وذكرت مرة وأنا محموم قول بعض الشعراء یسبھا

زارت مكفرة الذنوب وودعت تبا لھا من زائــــر ومــودع

: لى ترحالھا مـاذا ترید ؟ فقلتقالت وقد عزمت ع أن ال ترجعى

تبا لھ إذ سب ما نھى رسول اهللا صلى اهللا علیھ : فقلت : ولو قال. وسلم عن سـبھ

أھال بھا من زائر : زارت مكفرة الذنـوب لصبھا ومـــودع

: قالت وقد عزمت على ترحالھا ماذا ترید ؟ فقلت أن ال تقلعى

. فأقلعت عنى سریعا. لكان أولى بھ، وألقلعت عنھ

حمى یوم كفارة سـنة :((وقد روى فى أثر ال أعرف حالھ أن الحمى تدخل فى كل األعضاء : الن؛ أحدھما، وفیھ قو))

والمفاصل، وعدتھا ثالثمائة وستون مفصال، فتكفر عنھ بعدد كل . مفصل ذنوب یوم

Page 25: الطب النبوى

أنھا تؤثر فى البدن تأثیرا ال یزول بالكلیة إلى : والثانى لم من شرب الخمر: ((سنة، كما قیل فى قولھ صلى اهللا علیھ وسلم

إن أثر الخمر یبقى فى جوف العبد، )): تقبل لھ صالة أربعین یوما . واهللا أعلم.. وعروقھ، وأعضائھ أربعین یوما

قال أبو ھریرة ما من مرض یصیبنى أحب إلى من الحمى، كل عضو ألنھا تدخل فى كل عضو منى، وإن اهللا سبحانھ یعطى

. حظھ من األجر

من حدیث رافع بن خدیج )) جامعھ((وقد روى الترمذى فى إذا أصابت أحدكم الحمى وإن الحمى قطعة من النار : ((یرفعھ

ة الماء فلیطفئھا بالماء البارد، ویستقبل نھرا جاریا، فلیستقبل جریبسم اهللا، اللھم اشف : بعد الفجر وقبل طلوع الشمس، ولیقل

وینغمس فیھ ثالث غمسات ثالثة أیام، فإن . عبدك، وصدق رسولكبرىء، وإال ففى خمس، فإن لم یبرأ فى خمس، فسبع، فإن لم یبرأ

)). تكاد تجاوز تسعا بإذن اهللافى سبع فتسع، فإنھا ال

وھو ینفع فعلھ فى فصل الصیف فى البالد الحارة : قلت على الشرائط التى تقدمت، فإن الماء فى ذلك الوقت أبرد ما یكون لبعده عن مالقاة الشمس، ووفور القوى فى ذلك الوقت لما أفادھا

تمع فیھ قوة القوى، وقوة النوم، والسكون، وبرد الھواء، فتجالدواء، وھو الماء البارد على حرارة الحمى العرضیة، أو الغب

الخالصة، أعنى التى ال ورم معھا، وال شىء من األعراض الردیئة والمواد الفاسدة، فیطفئھا بإذن اهللا، ال سیما فى أحد األیام

بحران األمراض المذكورة فى الحدیث، وھى األیام التى یقع فیھاالحادة كثیرا، سیما فى البالد المذكورة، لرقة أخالط سكانھا،

. وسرعة انفعالھم عن الدواء النافع

فصل

فى ھدیھ فى عالج استطالق البطن

Page 26: الطب النبوى

من حدیث أبى المتوكل، عن أبى سعید )): الصحیحین((فى إن أخى : اهللا علیھ وسلم، فقال أن رجال أتى النبى صلى((الخدرى،

، ))اسقھ عسال: (( استطلق بطنھ فقال: یشتكى بطنھ وفى روایةفلم : قد سقیتھ، فلم یغن عنھ شیئا وفى لفظ: فذھب ثم رجع، فقال

اسقھ : ((یزده إال استطالقا، مرتین أو ثالثا كل ذلك یقول لھصدق اهللا، وكذب بطن : ((الثة أو الرابعةفقال لھ فى الث)). عسال )). أخیك

إن أخى عرب : ((فى لفظ لھ)) صحیح مسلم((وفى بفتح )) العرب: ((، أى فسد ھضمھ، واعتلت معدتھ، واالسم))بطنھ

. أیضا)) الذرب((الراء، و

جالء لألوساخ التى فى والعسل فیھ منافع عظیمة، فإنھ العروق واألمعاء وغیرھا، محلل للرطوبات أكال وطالء، نافع

للمشایخ وأصحاب البلغم، ومن كان مزاجھ باردا رطبا، وھو مغذ ملین للطبیعة، حافظ لقوى المعاجین ولما استودع فیھ، مذھب

در، مدر للبول، موافق لكیفیات األدویة الكریھة، منق للكبد والصللسعال الكائن عن البلغم، وإذا شرب حارا بدھن الورد، نفع من

نھش الھوام، وشرب األفیون، وإن شرب وحده ممزوجا بماء نفع من عضة الكلب الكلب، وأكل الفطر القتال، وإذا جعل فیھ اللحم

شھر، وكذلك إن جعل فیھ القثاء، الطرى، حفظ طراوتھ ثالثة أوالخیار، والقرع، والباذنجان، ویحفظ كثیرا من الفاكھة ستة

وإذ لطخ بھ . أشھر، ویحفظ جثة الموتى، ویسمى الحافظ األمینالبدن المقمل والشعر، قتل قملھ وصئبانھ، وطول الشعر، وحسنھ،

ة البصر، وإن استن بھ بیض ونعمھ، وإن اكتحل بھ، جال ظلماألسنان وصقلھا، وحفظ صحتھا، وصحة اللثة، ویفتح أفواه

العروق، ویدر الطمث، ولعقھ على الریق یذھب البلغم، ویغسل خمل المعدة، ویدفع الفضالت عنھا، ویسخنھا تسخینا معتدال،

والكلى والمثانة، وھو أقل ضررا ویفتح سددھا، ویفعل ذلك بالكبد . لسدد الكبد والطحال من كل حلو

Page 27: الطب النبوى

وھو مع ھذا كلھ مأمون الغائلة، قلیل المضار، مضر بالعرض للصفراویین، ودفعھا بالخل ونحوه، فیعود حینئذ نافعا لھ

. جدا

ع وھو غذاء مع األغذیة، ودواء مع األدویة، وشراب م األشربة، وحلو مع الحلوى، وطالء مع األطلیة، ومفرح مع

المفرحات، فما خلق لنا شىء فى معناه أفضل منھ، وال مثلھ، وال قریبا منھ، ولم یكن معول القدماء إال علیھ، وأكثر كتب القدماء ال ذكر فیھا للسكر ألبتة، وال یعرفونھ، فإنھ حدیث العھد حدث قریبا،وكان النبى صلى اهللا علیھ وسلم یشربھ بالماء على الریق، وفى

ذلك سر بدیع فى حفظ الصحة ال یدركھ إال الفطن الفاضل، وسنذكر . ذلك إن شاء اهللا عند ذكر ھدیھ فى حفظ الصحة

: مرفوعا من حدیث أبى ھریرة)) سنن ابن ماجھ((وفى غدوات كل شھر، لم یصبھ عظیم من من لعق العسل ثالث ((

، ))العسل والقرآن: علیكم بالشفاءین: ((، وفى أثر آخر))البالءفجمع بین الطب البشرى واإللھى، وبین طب األبدان، وطب

. األرواح، وبین الدواء األرضى والدواء السمائى

ى وصف لھ النبى صلى اهللا علیھ إذا عرف ھذا، فھذا الذ وسلم العسل، كان استطالق بطنھ عن تخمة أصابتھ عن امتالء،

فأمره بشرب العسل لدفع الفضول المجتمعة فى نواحى المعدة واألمعاء، فإن العسل فیھ جالء، ودفع للفضول، وكان قد أصاب

اء فیھا للزوجتھا، فإن المعدة أخالط لزجة، تمنع استقرار الغذالمعدة لھا خمل كخمل القطیفة، فإذا علقت بھا األخالط اللزجة، أفسدتھا وأفسدت الغذاء، فدواؤھا بما یجلوھا من تلك األخالط،

والعسل جالء، والعسل من أحسن ما عولج بھ ھذا الداء، ال سیما . إن مزج بالماء الحار

سقیھ العسل معنى طبى بدیع، وھو أن الدواء وفى تكرار یجب أن یكون لھ مقدار، وكمیة بحسب حال الداء، إن قصر عنھ،

Page 28: الطب النبوى

لم یزلھ بالكلیة، وإن جاوزه، أوھى القوى، فأحدث ضررا آخر، فلما أمره أن یسقیھ العسل، سقاه مقدارا ال یفى بمقاومة الداء، وال

ن الذى سقاه ال یبلغ مقدار الحاجة، یبلغ الغرض، فلما أخبره، علم أفلما تكرر ترداده إلى النبى صلى اهللا علیھ وسلم، أكد علیھ

المعاودة لیصل إلى المقدار المقاوم للداء، فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء، برأ، بإذن اهللا، واعتبار مقادیر األدویة،

. ن أكبر قواعد الطبوكیفیاتھا، ومقدار قوة المرض والمریض م

صدق اهللا وكذب بطن : ((وفى قولھ صلى اهللا علیھ وسلم ، إشارة إلى تحقیق نفع ھذا الدواء، وأن بقاء الداء لیس ))أخیك

لقصور الدواء فى نفسھ، ولكن لكذب البطن، وكثرة المادة الفاسدة . فیھ، فأمره بتكرار الدواء لكثرة المادة

ولیس طبھ صلى اهللا علیھ وسلم كطب األطباء، فإن @طب النبى صلى اهللا علیھ وسلم متیقن قطعى إلھى، صادر عن

وطب غیره أكثره حدس . الوحى، ومشكاة النبوة، وكمال العقلوظنون، وتجارب، وال ینكر عدم انتفاع كثیر من المرضى بطب

إنما ینتفع بھ من تلقاه بالقبول، واعتقاد الشفاء بھ، النبوة، فإنھوكمال التلقى لھ باإلیمان واإلذعان، فھذا القرآن الذى ھو شفاء لما فى الصدور إن لم یتلق ھذا التلقى لم یحصل بھ شفاء الصدور من أدوائھا، بل ال یزید المنافقین إال رجسا إلى رجسھم، ومرضا إلى

وأین یقع طب األبدان منھ، فطب النبوة ال یناسب إال مرضھم، األبدان الطیبة، كما أن شفاء القرآن ال یناسب إال األرواح الطیبة والقلوب الحیة، فإعراض الناس عن طب النبوة كإعراضھم عن

االستشفاء بالقرآن الذى ھو الشفاء النافع، ولیس ذلك لقصور فى واهللا .. ث الطبیعة، وفساد المحل، وعدم قبولھالدواء، ولكن لخب

. الموفق

فصل

Page 29: الطب النبوى

یخرج من بطونھا {: وقد اختلف الناس فى قولھ تعالى ، ھل الضمیر ]69: النحل [} شراب مختلف ألوانھ فیھ شفاء للناس

على قولین؛ راجع إلى الشراب، أو راجع إلى القرآن ؟)) فیھ((فى رجوعھ إلى الشراب، وھو قول ابن مسعود، وابن : الصحیح

عباس، والحسن، وقتادة، واألكثرین، فإنھ ھو المذكور، والكالم سیق ألجلھ، وال ذكر للقرآن فى اآلیة، وھذا الحدیث الصحیح وھو

. واهللا تعالى أعلم.. كالصریح فیھ)) صدق اهللا: ((قولھ

فصل

لطاعون، وعالجھ، واالحتراز منھ في ھدیھ في ا

عن عامر بن سعد بن أبى وقاص، عن )) الصحیحین((فى ماذا سمعت من رسول اهللا : أبیھ، أنھ سمعھ یسأل أسامة بن زید

قال رسول اهللا : صلى اهللا علیھ وسلم فى الطاعون؟ فقال أسامةز أرسل على طائفة من بنى الطاعون رج: ((صلى اهللا علیھ وسلم

إسرائیل، وعلى من كان قبلكم، فإذا سمعتم بھ بأرض، فال تدخلوا )). علیھ، وإذا وقع بأرض وأنتم بھا، فال تخرجوا منھا فرارا منھ

: عن حفصة بنت سیرین، قالت: أیضا)) الصحیحین((وفى : قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ابن مالك قال أنس

)). الطاعون شھادة لكل مسلم((

نوع من الوباء، قالھ صاحب : الطاعون من حیث اللغة ورم ردئ قتال یخرج معھ : ، وھو عند أھل الطب))الصحاح((

ھ فى تلھب شدید مؤلم جدا یتجاوز المقدار فى ذلك، ویصیر ما حول. األكثر أسود أو أخضر، أو أكمد، ویؤول أمره إلى التقرح سریعا

فى اإلبط، وخلف األذن، : وفى األكثر، یحدث فى ثالثة مواضع . واألرنبة، وفى اللحوم الرخوة

Page 30: الطب النبوى

أنھا قالت للنبى صلى اهللا علیھ : وفى أثر عن عائشة دة كغدة البعیر غ: ((الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: وسلم

)). یخرج فى المراق واإلبط

إذا وقع الخراج فى اللحوم الرخوة، والمغابن، : قال األطباء وخلف األذن واألرنبة، وكان من جنس فاسد، سمى طاعونا،

وسببھ دم ردئ مائل إلى العفونة والفساد، مستحیل إلى جوھر سد العضو ویغیر ما یلیھ، وربما رشح دما وصدیدا، سمى، یف

ویؤدى إلى القلب كیفیة ردیئة، فیحدث القىء والخفقان والغشى، وھذا االسم وإن كان یعم كل ورم یؤدى إلى القلب كیفیة ردیئة حتى

یصیر لذلك قتاال، فإنھ یختص بھ الحادث فى اللحم الغددى، ألنھ داءتھ ال یقبلھ من األعضاء إال ما كان أضعف بالطبع، وأردؤه ما لر

حدث فى اإلبط وخلف األذن لقربھما من األعضاء التى ھى أرأس، . والذى إلى السواد، فال یفلت منھ أحد. وأسلمھ األحمر، ثم األصفر

ولما كان الطاعون یكثر فى الوباء، وفى البالد الوبیئة، ھو كل : وقیل. الطاعون: الوباء: ھ بالوباء، كما قال الخلیلعبر عن

. مرض یعم

والتحقیق أن بین الوباء والطاعون عموما وخصوصا، فكل طاعون وباء، ولیس كل وباء طاعونا، وكذلك األمراض العامة أعم

من الطاعون، فإنھ واحد منھا، والطواعین خراجات وقروح . رام ردیئة حادثة فى المواضع المتقدم ذكرھاوأو

ھذه القروح، واألورام، والجراحات، ھى آثار : قلت الطاعون، ولیست نفسھ، ولكن األطباء لما لم تدرك منھ إال األثر

. الظاھر، جعلوه نفس الطاعون

: والطاعون یعبر بھ عن ثالثة أمور

. ھذا األثر الظاھر، وھو الذى ذكره األطباء: دھاأح

Page 31: الطب النبوى

الموت الحادث عنھ، وھو المراد بالحدیث : والثانى )). الطاعون شھادة لكل مسلم: ((الصحیح فى قولھ

السبب الفاعل لھذا الداء، وقد ورد فى الحدیث : والثالث : ، وورد فیھ))نى إسرائیلأنھ بقیة رجز أرسل على ب: ((الصحیح

)). أنھ دعوة نبى: ((، وجاء))أنھ وخز الجن((

وھذه العلل واألسباب لیس عند األطباء ما یدفعھا، كما لیس عندھم ما یدل علیھا، والرسل تخبر باألمور الغائبة، وھذه

ن تكون اآلثار التى أدركوھا من أمر الطاعون لیس معھم ما ینفى أبتوسط األرواح، فإن تأثیر األرواح فى الطبیعة وأمراضھا وھالكھا أمر ال ینكره إال من ھو أجھل الناس باألرواح وتأثیراتھا، وانفعال

األجسام وطبائعھا عنھا، واهللا سبحانھ قد یجعل لھذه األرواح تصرفا فى أجسام بنى آدم عند حدوث الوباء، وفساد الھواء، كما

یجعل لھا تصرفا عند بعض المواد الردیئة التى تحدث للنفوس ھیئة ردیئة، وال سیما عند ھیجان الدم، والمرة السوداء، وعند ھیجان المنى، فإن األرواح الشیطانیة تتمكن من فعلھا بصاحب

ھذه العوارض ما ال تتمكن من غیره، ما لم یدفعھا دافع أقوى من ن الذكر، والدعاء، واالبتھال والتضرع، والصدقة، ھذه األسباب م

وقراءة القرآن، فإنھ یستنزل بذلك من األرواح الملكیة ما یقھر ھذه وقد جربنا نحن . األرواح الخبیثة، ویبطل شرھا ویدفع تأثیرھا

وغیرنا ھذا مرارا ال یحصیھا إال اهللا، ورأینا الستنزال ھذه األرواح ة واستجالب قربھا تأثیرا عظیما فى تقویة الطبیعة، ودفع الطیب

المواد الردیئة، وھذا یكون قبل استحكامھا وتمكنھا، وال یكاد ینخرم، فمن وفقھ اهللا، بادر عند إحساسھ بأسباب الشر إلى ھذه

األسباب التى تدفعھا عنھ، وھى لھ من أنفع الدواء، وإذا أراد اهللا ذ قضائھ وقدره، أغفل قلب العبد عن معرفتھا عز وجل إنفا

وتصورھا وإرادتھا، فال یشعر بھا، وال یریدھا، لیقضى اهللا فیھ . أمرا كان مفعوال

Page 32: الطب النبوى

وسنزید ھذا المعنى إن شاء اهللا تعالى إیضاحا وبیانا عند دعوات، الكالم على التداوى بالرقى، والعوذ النبویة، واألذكار، وال

وفعل الخیرات، ونبین أن نسبة طب األطباء إلى ھذا الطب النبوى، كنسبة طب الطرقیة والعجائز إلى طبھم، كما اعترف بھ حذاقھم

وأئمتھم، ونبین أن الطبیعة اإلنسانیة أشد شىء انفعاال عن األرواح، وأن قوى العوذ، والرقى، والدعوات، فوق قوى األدویة،

. ى إنھا تبطل قوى السموم القاتلةحت

أن فساد الھواء جزء من أجزاء السبب التام، : والمقصود والعلة الفاعلة للطاعون، فإن فساد جوھر الھواء الموجب لحدوث الوباء وفساده، یكون الستحالة جوھره إلى الرداءة، لغلبة إحدى

نتن، والسمیة فى أى وقت الكیفیات الردیئة علیھ، كالعفونة، والكان من أوقات السنة، وإن كان أكثر حدوثھ فى أواخر الصیف،

وفى الخریف غالبا لكثرة اجتماع الفضالت المراریة الحادة وغیرھا فى فصل الصیف، وعدم تحللھا فى آخره، وفى الخریف لبرد الجو، وردغة األبخرة والفضالت التى كانت تتحلل فى زمن

صیف، فتنحصر، فتسخن، وتعفن، فتحدث األمراض العفنة، وال السیما إذا صادفت البدن مستعدا، قابال، رھال، قلیل الحركة، كثیر

. المواد، فھذا ال یكاد یفلت من العطب

إن فى )): بقراط((وأصح الفصول فیھ فصل الربیع؛ قال وأما الربیع، فأصح الخریف أشد ما تكون من األمراض، وأقتل،

األوقات كلھا وأقلھا موتا، وقد جرت عادة الصیادلة، ومجھزى الموتى أنھم یستدینون، ویتسلفون فى الربیع والصیف على فصل

. الخریف، فھو ربیعھم، وھم أشوق شىء إلیھ، وأفرح بقدومھ

العاھة عن إذا طلع النجم ارتفعت: ((وقد روى فى حدیث وفسر بطلوع الثریا، وفسر بطلوع النبات زمن الربیع، )). كل بلد، فإن كمال ]6: الرحمن [} والنجم والشجر یسجدان{: ومنھ

طلوعھ وتمامھ یكون فى فصل الربیع، وھو الفصل الذى ترتفع فیھ . اآلفات

Page 33: الطب النبوى

تكثر وقت طلوعھا مع الفجر وأما الثریا، فاألمراض . وسقوطھا

أشد أوقات السنة )): مادة البقاء((قال التمیمى فى كتاب وقت سقوط : فسادا، وأعظمھا بلیة على األجساد وقتان، أحدھما

وقت طلوعھا من : والثانى. الثریا للمغیب عند طلوع الفجرنزلة من منازل القمر، المشرق قبل طلوع الشمس على العالم، بم

وھو وقت تصرم فصل الربیع وانقضائھ، غیر أن الفساد الكائن . عند طلوعھا أقل ضررا من الفساد الكائن عند سقوطھا

ما طلعت الثریا وال نأت إال : یقال: وقال أبو محمد بن قتیبة . بعاھة فى الناس واإلبل، وغروبھا أعوه من طلوعھا

وفى الحدیث قول ثالث ولعلھ أولى األقوال بھ أن المراد اآلفة التى تلحق الزروع والثمار فى : الثریا، وبالعاھة: بالنجم

فصل الشتاء وصدر فصل الربیع، فحصل األمن علیھا عند طلوع الثریا فى الوقت المذكور، ولذلك نھى صلى اهللا علیھ وسلم عن

الكالم على : والمقصود. مرة وشرائھا قبل أن یبدو صالحھابیع الث . ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم عند وقوع الطاعون

فصل

نھى النبى صلى اهللا علیھ وسلم عن الدخول إلى األرض التى ھو بھا أو الخروج منھا

وقد جمع النبى صلى اهللا علیھ وسلم لألمة فى نھیھ عن األرض التى ھو بھا، ونھیھ عن الخروج منھا بعد الدخول إلى

وقوعھ كمال التحرز منھ، فإن فى الدخول فى األرض التى ھو بھا تعرضا للبالء، وموافاة لھ فى محل سلطانھ، وإعانة لإلنسان على نفسھ، وھذا مخالف للشرع والعقل، بل تجنب الدخول إلى أرضھ

سبحانھ إلیھا، وھى حمیة عن من باب الحمیة التى أرشد اهللا . األمكنة، واألھویة المؤذیة

Page 34: الطب النبوى

: وأما نھیھ عن الخروج من بلده، ففیھ معنیان

حمل النفوس على الثقة باهللا، والتوكل علیھ، : أحدھما . والصبر على أقضیتھ، والرضى بھا

محترز من أنھ یجب على كل: ما قالھ أئمة الطب: والثانى الوباء أن یخرج عن بدنھ الرطوبات الفضلیة، ویقلل الغذاء، ویمیل إلى التدبیر المجفف من كل وجھ إال الریاضة والحمام، فإنھما مما

یجب أن یحذرا، ألن البدن ال یخلو غالبا من فضل ردىء كامن فیھ، وذلك یجلب . فتثیره الریاضة والحمام، ویخلطانھ بالكیموس الجید

علة عظیمة، بل یجب عند وقوع الطاعون السكون والدعة، وتسكین ھیجان األخالط، وال یمكن الخروج من أرض الوباء

والسفر منھا إال بحركة شدیدة، وھى مضرة جدا، ھذا كالم أفضل األطباء المتأخرین، فظھر المعنى الطبى من الحدیث النبوى، وما

. البدن وصالحھمافیھ من عالج القلب و

ال : ((ففى قول النبى صلى اهللا علیھ وسلم: فإن قیل ، ما یبطل أن یكون أراد ھذا المعنى الذى ))تخرجوا فرارا منھ

ذكرتموه، وأنھ ال یمنع الخروج لعارض، وال یحبس مسافرا عن سفره ؟

س یتركون لم یقل أحد طبیب وال غیره إن النا: قیل حركاتھم عند الطواعین، ویصیرون بمنزلة الجمادات، وإنما ینبغى فیھ التقلل من الحركة بحسب اإلمكان، والفار منھ ال موجب لحركتھ إال مجرد الفرار منھ، ودعتھ وسكونھ أنفع لقلبھ وبدنھ، وأقرب إلى

غنى عن وأما من ال یست. توكلھ على اهللا تعالى، واستسالمھ لقضائھالحركة كالصـناع، واألجراء، والمسافرین، والبرد، وغیرھم فال

اتركوا حركاتكم جملة، وإن أمروا أن یتركوا منھا ما ال : یقال لھم . واهللا تعالى أعلم.. حاجة لھم إلیھ، كحركة المسافر فارا منھ

ة وفى المنع من الدخول إلى األرض التى قد وقع بھا عد : حكم

Page 35: الطب النبوى

. تجنب األسباب المؤذیة، والبعد منھا: أحدھا

. األخذ بالعافیة التى ھى مادة المعاش والمعاد: الثانى

أن ال یستنشقوا الھواء الذى قد عفن وفسد : الثالث . فیمرضون

ضوا بذلك، أن ال یجاوروا المرضى الذین قد مر: الرابع . فیحصل لھم بمجاورتھم من جنس أمراضھم

)). إن من القرف التلف: ((مرفوعا)) سنن أبى داود((وفى

. القرف مداناة الوباء، ومداناة المرضى: قال ابن قتیبة

حمیة النفوس عن الطیرة والعدوى، فإنھا تتأثر : الخامس . الطیرة على من تطیر بھا بھما، فإن

وبالجملة ففى النھى عن الدخول فى أرضھ األمر بالحذر وفى النھى عن . والحمیة، والنھى عن التعرض ألسباب التلف

تأدیب : الفرار منھ األمر بالتوكل، والتسلیم، والتفویض، فاألول . تفویض وتسلیم: وتعلیم، والثانى

أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام، حتى إذا )):الصحیح((وفى كان بسرغ لقیھ أبو عبیدة بن الجراح وأصحابھ، فأخبروه أن

ادع لى : الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال البن عباسفدعوتھم، فاستشارھم، وأخبرھم أن : المھاجرین األولین، قال

خرجت ألمر، فال : وا، فقال لھ بعضھمفاختلف. الوباء قد وقع بالشاممعك بقیة الناس، وأصحاب : وقال آخرون. نرى أن ترجع عنھ

رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، فال نرى أن تقدمھم على ھذا ادع لى األنصار، : ارتفعوا عنى، ثم قال: الوباء، فقال عمر

لمھاجرین، واختلفوا فدعوتھم لھ، فاستشارھم، فسلكوا سبیل اادع لى من ھھنا من : ارتفعوا عنى، ثم قال: كاختالفھم، فقال

مشیخة قریش من مھاجرة الفتح، فدعوتھم لھ، فلم یختلف علیھ

Page 36: الطب النبوى

نرى أن ترجع بالناس وال تقدمھم على ھذا : منھم رجالن، قالواھر، فأصبحوا إنى مصبح على ظ: الوباء، فأذن عمر فى الناس

یا أمیر المؤمنین؛ أفرارا من قدر : فقال أبو عبیدة بن الجراح. علیھلو غیرك قالھا یا أبا عبیدة، نعم نفر من قدر اهللا : اهللا تعالى ؟ قال

تعالى إلى قدر اهللا تعالى، أرأیت لو كان لك إبل فھبطت وادیا لھ ما خصبة، واألخرى جدبة، ألست إن رعیتھا عدوتان، إحداھ

الخصبة رعیتھا بقدر اهللا تعالى، وإن رعیتھا الجدبة رعیتھا بقدر فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغیبا فى : قال. اهللا تعالى ؟

إن عندى فى ھذا علما، سمعت رسول اهللا : بعض حاجاتھ، فقالإذا كان بأرض وأنتم بھا فال تخرجوا : ((لصلى اهللا علیھ وسلم یقو

)). فرارا منھ، وإذا سمعتم بھ بأرض فال تقدموا علیھ

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى داء االستسقاء وعالجھ

: من حدیث أنس بن مالك، قال)): الصحیحین((فى

وعكل على النبى صلى اهللا علیھ وسلم، قدم رھط من عرینة ))فاجتووا المدینة، فشكوا ذلك إلى النبى صلى اهللا علیھ وسلم، فقال

لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالھا وألبانھا، ففعلوا، فلما صحوا، عمدوا إلى الرعاة فقتلوھم، واستاقوا اإلبل، وحاربوا

فبعث رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فى آثارھم، اهللا ورسولھ،فأخذوا، فقطع أیدیھم، وأرجلھم، وسمل أعینھم، وألقاھم فى

)). الشمس حتى ماتوا

والدلیل على أن ھذا المرض كان االستسقاء، ما رواه إنا اجتوینا: ((فى ھذا الحدیث أنھم قالوا)) صحیحھ((مسلم فى

وذكر تمام )).... المدینة، فعظمت بطوننا، وارتھشت أعضاؤنا . الحدیث

Page 37: الطب النبوى

مرض مادى : داء من أدواء الجوف واالستسقاء: والجوى سببھ مادة غریبة باردة تتخلل األعضاء فتربو لھا إما األعضاء

الظاھرة كلھا، وإما المواضع الخالیة من النواحى التى فیھا تدبیر لحمى وھو أصعبھا وزقى، : األخالط، وأقسامھ ثالثةالغذاء و

. وطبلى

ولما كانت األدویة المحتاج إلیھا فى عالجھ ھى األدویة الجالبة التى فیھا إطالق معتدل، وإدرار بحسب الحاجة وھذه

األمور موجودة فى أبوال اإلبل وألبانھا، أمرھم النبى صلى اهللا شربھا، فإن فى لبن اللقاح جالء وتلیینا، وإدرارا علیھ وسلم ب

وتلطیفا، وتفتیحا للسدد، إذ كان أكثر رعیھا الشیح، والقیصوم، والبابونج، واألقحوان، واإلذخر، وغیر ذلك من األدویة النافعة

. لالستسقاء

وھذا المرض ال یكون إال مع آفة فى الكبد خاصة، أو مع شاركة، وأكثرھا عن السدد فیھا، ولبن اللقاح العربیة نافع من م

. السدد، لما فیھ من التفتیح، والمنافع المذكورة

. لبن اللقاح یشفى أوجاع الكبد، وفساد المزاج: قال الرازى لبن اللقاح أرق األلبان، وأكثرھا مائیة وحدة، : وقال اإلسرائیلى

فلذلك صار أقواھا على تلطیف الفضول، وإطالق . أقلھا غذاءوالبطن، وتفتیح السدد، ویدل على ذلك ملوحتھ الیسیرة التى فیھ

إلفراط حرارة حیوانیة بالطبع، ولذلك صار أخص األلبان بتطریة الكبد، وتفتیح سددھا، وتحلیل صالبة الطحال إذا كان حدیثا، والنفع

ء خاصة إذا استعمل لحرارتھ التى یخرج بھا من من االستسقاالضرع مع بول الفصیل، وھو حار كما یخرج من الحیوان، فإن

ذلك مما یزید فى ملوحتھ، وتقطیعھ الفضول، وإطالقھ البطن فإن . تعذر انحداره وإطالقھ البطن، وجب أن یطلق بدواء مسھل

من أن طبیعة : ت إلى ما یقالوال یلتف: قال صاحب القانون واعلم أن لبن النوق دواء نافع : قال. اللبن مضادة لعالج االستسقاء

Page 38: الطب النبوى

لما فیھ من الجالء برفق، وما فیھ من خاصیة، وأن ھذا اللبن شدید المنفعة، فلو أن إنسانا أقام علیھ بدل الماء والطعام شفى بھ، وقد

عوا إلى بالد العرب، فقادتھم الضرورة إلى جرب ذلك فى قوم دف.. بول الجمل األعرابى، وھو النجیب: وأنفع األبوال. ذلك، فعوفوا

. انتھى

دلیل على التداوى والتطبب، وعلى طھارة : وفى القصة بول مأكول اللحم، فإن التداوى بالمحرمات غیر جائز، ولم یؤمروا

سالم بغسل أفواھھم، وما أصابتھ ثیابھم من مع قرب عھدھم باإل . أبوالھا للصالة، وتأخیر البیان ال یجوز عن وقت الحاجة

وعلى مقاتلة الجانى بمثل ما فعل، فإن ھؤالء قتلوا )). صحیح مسلم((الراعى، وسملوا عینیھ، ثبت ذلك فى

. وعلى قتل الجماعة، وأخذ أطرافھم بالواحد

وعلى أنھ إذا اجتمع فى حق الجانى حد وقصاص استوفیا معا، فإن النبى صلى اهللا علیھ وسلم قطع أیدیھم وأرجلھم حدا هللا

. على حرابھم، وقتلھم لقتلھم الراعى

وعلى أن المحارب إذا أخذ المال، وقتل، قطعت یده ورجلھ . فى مقام واحد وقتل

وعلى أن الجنایات إذا تعددت، تغلظت عقوباتھا، فإن ھؤالء ارتدوا بعد إسالمھم، وقتلوا النفس، ومثلوا بالمقتول،

. وأخذوا المال، وجاھروا بالمحاربة

وعلى أن حكم ردء المحاربین حكم مباشرھم، فإنھ من ر القتل بنفسھ، وال سأل النبى المعلوم أن كل واحد منھم لم یباش

. صلى اهللا علیھ وسلم عن ذلك

Page 39: الطب النبوى

وعلى أن قتل الغیلة یوجب قتل القاتل حدا، فال یسقطھ العفو، وال تعتبر فیھ المكافأة، وھذا مذھب أھل المدینة، وأحد

. الوجھین فى مذھب أحمد، اختاره شیخنا، وأفتى بھ

فصل

ھ وسلم فى عالج الجرح فى ھدیھ صلى اهللا علی

عن أبى حازم، أنھ سمع سھل بن سعد )) الصحیحین((فى . یسأل عما دووى بھ جرح رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یوم أحد

جرح وجھھ، وكسرت رباعیتھ، وھشمت البیضة على : ((فقالى اهللا علیھ وسلم تغسل رأسھ، وكانت فاطمة بنت رسول اهللا صل

الدم، وكان على بن أبى طالب یسكب علیھا بالمجن، فلما رأت فاطمة الدم ال یزید إال كثرة، أخذت قطعة حصیر، فأحرقتھا حتى إذا

صارت رمادا ألصقتھ بالجرح فاستمسك الدم، برماد الحصیر فى حبس الدم، ألن فیھ ، ولھ فعل قوى))المعمول من البردى

تجفیفا قویا، وقلة لذع، فإن األدویة القویة التجفیف إذا كان فیھا لذع ھیجت الدم وجلبتھ، وھذا الرماد إذا نفخ وحده، أو مع الخل

. فى أنف الراعف قطع رعافھ

. ھالبردى ینفع من النزف، ویمنع: وقال صاحب القانون ویذر على الجراحات الطریة، فیدملھا، والقرطاس المصرى كان قدیما یعمل منھ، ومزاجھ باردیابس، ورماده نافع من أكلة الفم،

. ویحبس نفث الدم، ویمنع القروح الخبیثة أن تسعى

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى العالج بشرب العسل، والحجامة، ى والك

عن سعید بن جبیر، عن ابن )): صحیح البخارى((فى : الشفاء فى ثالث: ((عباس، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم، قال

Page 40: الطب النبوى

شربة عسل، وشرطة محجم، وكیة نار، وأنا أنھى أمتى عن )). الكى

إما أن : ض االمتالئیةاألمرا: قال أبو عبد اهللا المازرى فإن كانت . تكون دمویة، أو صفراویة، أو بلغمیة، أو سوداویة

دمویة، فشفاؤھا إخراج الدم، وإن كانت من األقسام الثالثة الباقیة، فشفاؤھا باإلسھال الذى یلیق بكل خلط منھا، وكأنھ صلى اهللا علیھ

الفصد، وقد نبھ بالعسل على المسھالت، وبالحجامة على: وسلم؛ فإذا ))شرطھ محجم: ((إن الفصد یدخل فى قولھ: قال بعض الناس

فذكره صلى اهللا علیھ وسلم فى . أعیا الدواء، فآخر الطب الكىاألدویة، ألنھ یستعمل عند غلبة الطباع لقوى األدویة، وحیث ال

، وفى ))متى عن الكىوأنا أنھى أ: ((وقولھ. ینفع الدواء المشروبإشارة إلى أن یؤخر )). وما أحب أن أكتوى: ((الحدیث اآلخر

العالج بھ حتى تدفع الضرورة إلیھ، وال یعجل التداوى بھ لما فیھ من استعجال األلم الشدید فى دفع ألم قد یكون أضعف من ألم

. انتھى كالمھ... الكى

إما أن تكون : األمراض المزاجیة: طباءوقال بعض األ بمادة، أو بغیر مادة، والمادیة منھا، إما حارة، أو باردة، أو رطبة،

أو یابسة، أو ما تركب منھا، وھذه الكیفیات األربع، منھا كیفیتان وھما : وھما الحرارة والبرودة؛ وكیفیتان منفعلتان: فاعلتان

ن غلبة إحدى الكیفیتین الفاعلتین الرطوبة والیبوسة، ویلزم ماستصحاب كیفیة منفعلة معھا، وكذلك كان لكل واحد من األخالط

. فاعلة ومنفعلة: الموجودة فى البدن، وسائر المركبات كیفیتان

فحصل من ذلك أن أصل األمراض المزاجیة ھى @حرارة والبرودة، فجاء التابعة ألقوى كیفیات األخالط التى ھى ال

كالم النبوة فى أصل معالجة األمراض التى ھى الحارة والباردة على طریق التمثیل، فإن كان المرض حارا، عالجناه بإخراج الدم،

بالفصد كان أو بالحجامة، ألن فى ذلك استفراغا للمادة، وتبریدا ود فى وإن كان باردا عالجناه بالتسخین، وذلك موج. للمزاج

Page 41: الطب النبوى

العسل، فإن كان یحتاج مع ذلك إلى استفراغ المادة الباردة، فالعسل أیضا یفعل فى ذلك لما فیھ من اإلنضاج، والتقطیع،

والتلطیف، والجالء، والتلیین، فیحصل بذلك استفراغ تلك المادة . برفق وأمن من نكایة المسھالت القویة

فألن كل واحد من األمراض : وأما الكى المادیة، إما أن یكون حادا فیكون سریع اإلفضاء ألحد الطرفین، فال

یحتاج إلیھ فیھ، وإما أن یكون مزمنا، وأفضل عالجھ بعد ألنھ ال یكون . االستفراغ الكى فى األعضاء التى یجوز فیھا الكى

فى العضو، وأفسدت مزمنا إال عن مادة باردة غلیظة قد رسخت مزاجھ، وأحالت جمیع ما یصل إلیھ إلى مشابھة جوھرھا، فیشتعل

فى ذلك العضو، فیستخرج بالكى تلك المادة من ذلك المكان الذى . ھو فیھ بإفناء الجزء النارى الموجود بالكى لتلك المادة

ادیة فتعلمنا بھذا الحدیث الشریف أخذ معالجة األمراض الم جمیعھا، كما استنبطنا معالجة األمراض الساذجة من قولھ صلى

إن شدة الحمى من فیح جھـنم، فأبردوھا : ((اهللا علیھ وسلم )) بالماء

فصل

من حدیث جبارة )) سنن ابن ماجھ((وأما الحجامة، ففى سمعت أنس بن : یم، قالبن المغلس وھو ضعیف عن كثیر بن سل

ما مررت لیلة : ((قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : مالك یقول )). یا محمد؛ مر أمتك بالحجامة: أسرى بى بمإل إال قالوا

من حدیث ابن عباس ھذا )) جامعھ((وروى الترمذى فى )). امة یا محمدعلیك بالحج: ((الحدیث، وقال فیھ

من حدیث طاووس، عن ابن عباس، )) الصحیحین((وفى )). احتجم وأعطى الحجام أجره((أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم

Page 42: الطب النبوى

أیضا، عن حمید الطویل، عن أنس، )) الصحیحین((وفى یبة، فأمر لھ أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم حجمھ أبو ط

: بصاعین من طعام، وكلم موالیھ، فخففوا عنھ من ضریبتھ، وقال )). خیر ما تداویتم بھ الحجامة((

سمعت : عن عباد بن منصور، قال)) جامع الترمذى((وفى امون، فكان اثنان كان البن عباس غلمة ثالثة حج: ((عكرمة یقول

وقال : قال. یغالن علیھ، وعلى أھلھ، وواحد لحجمھ، وحجم أھلھنعم العبد الحجام : ((قال نبى اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: ابن عباس

إن رسول اهللا : وقال)). یذھب بالدم، ویخف الصلب، ویجلو البصر علیھ وسلم حیث عرج بھ، ما مر على مأل من المالئكة إال صلى اهللا

: وقال)). علیك بالحجامة: ((قالوا

إن خیر ما تحتجمون فیھ یوم سبع عشرة، ویوم تسع عشرة، ))م بھ السعوط إن خیر ما تداویت: ((، وقال))ویوم إحدى وعشرین

واللدود والحجامة والمشى، وإن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ال یبقى أحد فى : ((فقال. ؟ فكلھم أمسكوا)) من لدنى: ((لد، فقال

ھذا حدیث غریب، ورواه ابن : قال)). البیت إال لد، إال العباس . ماجھ

فصل

منافع الحجامة فى

فإنھا تنقى سطح البدن أكثر من : وأما منافع الحجامة الفصد، والفصد ألعماق البدن أفضل، والحجامة تستخرج الدم من

. نواحى الجلد

والتحقیق فى أمرھا وأمر الفصد، أنھما یختلفان : قلت ، واألسنان، واألمزجة، فالبالد الحارة، باختالف الزمان، والمكان

واألزمنة الحارة، واألمزجة الحارة التى دم أصحابھا فى غایة النضج الحجامة فیھا أنفع من الفصد بكثیر، فإن الدم ینضج ویرق

Page 43: الطب النبوى

ویخرج إلى سطح الجسد الداخل، فتخرج الحجامة ما ال یخرجھ أنفع للصبیان من الفصد، ولمن ال یقوى على الفصد، ولذلك كانت

. الفصد

وقد نص األطباء على أن البالد الحارة الحجامة فیھا أنفع . وأفضل من الفصد، وتستحب فى وسط الشھر، وبعد وسطھ

وبالجملة، فى الربع الثالث من أرباع الشھر، ألن الدم فى أول وتبیغ، وفى آخره یكون قد سكن، وأما الشھر لم یكن بعد قد ھاج

. فى وسطھ وبعیده، فیكون فى نھایة التزید

ویؤمر باستعمال الحجامة ال فى أول : قال صاحب القانون الشھر، ألن األخالط ال تكون قد تحركت وھاجت، وال فى آخره ألنھا

ون األخالط ھائجة تكون قد نقصت، بل فى وسط الشھر حین تكوقد روى عن النبى . بالغة فى تزایدھا لتزید النور فى جرم القمر

خیر ما تداویتم بھ الحجامة : ((صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال خیر الدواء الحجامة : ((وفى حدیث)). والفصد

. انتھى)).. والفصد

خیر ما تداویتم بھ : ((وقولھ صلى اهللا علیھ وسلم إشارة إلى أھل الحجاز، والبالد الحارة، ألن دماءھم )) الحجامة

رقیقة، وھى أمیل إلى ظاھر أبدانھم لجذب الحرارة الخارجة لھا إلى سطح الجسد، واجتماعھا فى نواحى الجلد، وألن مسام أبدانھم

جامة تفرق واسعة، وقواھم متخلخلة، ففى الفصد لھم خطر، والحاتصالى إرادى یتبعھ استفراغ كلى من العروق، وخاصة العروق

التى ال تفصد كثیرا، ولفصد كل واحد منھا نفع خاص، ففصد ینفع من حرارة الكبد والطحال واألورام الكائنة فیھما : الباسلیق

لجنب من الدم، وینفع من أورام الرئة، وینفع من الشوصة وذات ا . وجمیع األمراض الدمویة العارضة من أسفل الركبة إلى الورك

ینفع من االمتالء العارض فى جمیع البدن : وفصد األكحل . إذا كان دمویا، وكذلك إذا كان الدم قد فسد فى جمیع البدن

Page 44: الطب النبوى

ینفع من العلل العارضة فى الرأس والرقبة : وفصد القیفال . م أو فسادهمن كثرة الد

ینفع من وجع الطحال، والربو، والبھر، : وفصد الودجین . ووجع الجبین

. تنفع من وجع المنكب والحلق: والحجامة على الكاھل

تنفع من أمراض الرأس، : والحجامة على األخدعین ألنف، والحلق وأجزائھ، كالوجھ، واألسنان، واألذنین، والعینین، وا

. إذا كان حدوث ذلك عن كثرة الدم أو فساده، أو عنھما جمیعا

كان رسول اهللا صلى اهللا : ((قال أنس رضى اهللا تعالى عنھ )). علیھ وسلم یحتجم فى األخدعین والكاھل

كان رسول اهللا صلى اهللا علیھ : ((عنھ)) الصحیحین((وفى )) واحدة علىكاھلھ، واثنتین على األخدعین: ثالثا وسلم یحتجم

أنھ احتجم وھو محرم فى رأسھ : ((عنھ)) الصحیح((وفى )). لصداع كان بھ

نزل جبریل على : ((عن على)) سنن ابن ماجھ((وفى )). النبى صلى اهللا علیھ وسلم بحجامة األخدعین والكاھل

أن النبى صلى : ((من حدیث جابر)) سنن أبى داود((وفى )). اهللا علیھ وسلم احتجم فى وركھ من وثء كان بھ

فصل

فى مواضع الحجامة وأوقاتھا

: واختلف األطباء فى الحجامة على نقرة القفا، وھى . القمحدوة

Page 45: الطب النبوى

: حدیثا مرفوعا)) لطب النبوىا((وذكر أبو نعیم فى كتاب علیكم بالحجامة فى جوزة القمحدوة، فإنھا تشفى من خمسة ((

. ، ذكر منھا الجذام))أدواء

علیكم بالحجامة فى جوزة القمحدوة، : ((وفى حدیث آخر )). فإنھا شفاء من اثنین وسبعین داء

إنھا تنفع من جحظ العین، : طائفة منھم استحسنتھ وقالتف والنتوء العارض فیھا، وكثیر من أمراضھا، ومن ثقل الحاجبین

. والجفن، وتنفع من جربھ

وروى أن أحمد بن حنبل احتاج إلیھا، فاحتجم فى جانبى . قفاه، ولم یحتجم فى النقرة

إنھا تورث : ، وقال))القانون((صاحب وممن كرھھا النسیان حقا، كما قال سیدنا وموالنا وصاحب شریعتنا محمد صلى

اهللا علیھ وسلم، فإن مؤخر الدماغ موضع الحفظ، والحجامة . انتھى كالمھ.. تذھبھ

الحدیث ال یثبت، وإن ثبت : ورد علیھ آخرون، وقالوا إنما تضعف مؤخر الدماغ إذا استعملت لغیر ضرورة، فالحجامة

فأما إذا استعملت لغلبة الدم علیھ، فإنھا نافعة لھ طبا وشرعا، فقد ثبت عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ احتجم فى عدة أماكن من

قفاه بحسب ما اقتضاه الحال فى ذلك، واحتجم فى غیر القفا بحسب . إلیھ حاجتھ ما دعت

فصـــل

والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع األسنان والوجھ . والحلقوم، إذا استعملت فى وقتھا؛ وتنقى الرأس والفكین

Page 46: الطب النبوى

والحجامة على ظھر القدم تنوب عن فصد الصافن؛ وھو خذین والساقین، عرق عظیم عند الكعب، وتنفع من قروح الف

. وانقطاع الطمث، والحكة العارضة فى األنثیین

والحجامة فى أسفل الصدر نافعة من دمامیل الفخذ، . وجربھ، وبثوره، ومن النقرس، والبواسیر والفیل وحكة الظھر

فصل

جامة فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى أوقات الح

: من حدیث ابن عباس یرفعھ)) جامعـھ((روى الترمذى فى إن خیر ما تحتجمون فیھ یوم سابع عشرة، أو تاسع عشرة، ((

)). ویوم إحدى وعشرین

كان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ((وفیھ عن أنس ، وكان یحتجم لسبعة عشر، وتسعة یحتجم فى األخدعین والكاھل )). عشر، وفى إحدى وعشرین

من أراد : ((عن أنس مرفوعا)) سنن ابن ماجھ((وفى الحجامة فلیتحر سبعة عشر، أو تسعة عشر، أو إحدى وعشرین،

). )ال یتبیغ بأحدكم الدم، فیقتلھ

: من حدیث أبى ھریرة مرفوعا)) سنن أبى داود((وفى من احتجم لسبع عشرة، أو تسع عشرة، أو إحدى وعشرین، ((

. ، وھذا معناه من كل داء سببھ غلبة الدم))كانت شفاء من كل داء

باء، أن وھذه األحادیث موافقة لما أجمع علیھ األط الحجامة فى النصف الثانى، وما یلیھ من الربع الثالث من أرباعھ

أنفع من أولھ وآخره، وإذا استعملت عند الحاجة إلیھا نفعت أى . وقت كان من أول الشھر وآخره

Page 47: الطب النبوى

حدثنا حنبل، : أخبرنى عصمة بن عصام، قال: قال الخالل د بن حنبل یحتجم أى وقت ھاج بھ الدم، كان أبو عبد اهللا أحم: قال

. وأى ساعة كانت

الساعة : أوقاتھا فى النھار)): القانون((وقال صاحب الثانیة أو الثالثة، ویجب توقیھا بعد الحمام إال فیمن دمھ غلیظ،

. انتھى.. فیجب أن یستحم، ثم یستجم ساعة، ثم یحتجم

ھم الحجامة على الشبع، فإنھا ربما أورثت سددا وتكره عند : وفى أثر. وأمراضا ردیئة، وال سیما إذا كان الغذاء ردیئا غلیظا

الحجامة على الریق دواء، وعلى الشبع داء، وفى سبعة عشر (( )). من الشھر شفاء

واختیار ھذه األوقات للحجامة، فیما إذا كانت على سبیل وأما فى مداواة . حتیاط والتحرز من األذى، وحفظا للصحةاال

. األمراض، فحیثما وجد االحتیاج إلیھا وجب استعمالھا

، داللة على ))ال یتبیغ بأحدكم الدم فیقتلھ: ((وفى قولھ ، ثم حذفت ))أن((ذلك، یعنى لئال یتبیغ، فحذف حرف الجر مع

الھیج، وھو مقلوب البغى، وھو بمعناه، فإنھ )): التبیغ((و )). أن))وقد تقدم أن اإلمام أحمد كان یحتجم أى وقت . بغى الدم وھیجانھ . احتاج من الشھر

فصل

وأما اختیار أیام األسبوع للحجامة، فقال الخالل فى تكره : ألحمدقلت : أخبرنا حرب بن إسماعیل، قال)): جامعھ((

. قد جاء فى األربعاء والسبت: الحجامة فى شىء من األیام ؟ قال

عن الحسین بن حسان، أنھ سأل أبا عبد اهللا عن : وفیھ فى یوم السبت، ویوم األربعاء؛ : أى وقت تكره ؟ فقال: الحجامة . یوم الجمعة: ویقولون

Page 48: الطب النبوى

وأبى سعید المقبرى، عن وروى الخالل، عن أبى سلمة من احتجم یوم األربعاء أو یوم السبت، : ((أبى ھریرة مرفوعا

)). فأصابھ بیاض أو برص، فال یلومن إال نفسھ

أخبرنا محمد بن على بن جعفر، أن یعقوب : وقال الخالل لنورة والحجامة یوم سئل أحمد عن ا: (( بن بختان، حدثھم، قال

بلغنى عن رجل أنھ تنور، : وقال. السبت ویوم األربعاء ؟ فكرھھاكأنھ تھاون : فقلت لھ. واحتجم یعنى یوم األربعاء فأصابھ البرص

)). نعم : بالحدیث ؟ قال

قال : للدارقطنى، من حدیث نافع قال)) األفراد((وفى كتاب تبیغ بى الدم، فابغ لى حجاما؛ وال یكن : ((اهللا ابن عمرلى عبد

صبیا وال شیخا كبیرا، فإنى سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم الحجامة تزید الحافظ حفظا، والعاقل عقال، فاحتجموا على : ((یقول

معة، والسبت، واألحد، اسم اهللا تعالى، وال تحتجموا الخمیس، والجواحتجموا االثنین، وما كان من جذام وال برص، إال نزل یوم

تفرد بھ زیاد بن یحیى، وقد رواه أیوب : قال الدارقطنى)). األربعاءواحتجمــوا یوم االثنین والثالثاء، وال : ((عن نافع، وقال فیھ

)). یوم األربعاء تحتجموا

من حدیث أبى بكرة، أنھ )) سننھ((وقد روى أبو داود فى إن رسول اهللا صلى اهللا : كان یكره الحجامة یوم الثالثاء، وقال

یوم الثالثاء یوم الدم وفیھ ساعة ال یرقأ فیھا : ((علیھ وسلم، قال )). الدم

فصل

ضمن ھذه األحادیث المتقدمة استحباب التداوى، وفى واستحباب الحجامة، وأنھا تكون فى الموضع الذى یقتضیھ الحال؛

وإن آل إلى قطع شىء من الشعر، فإن ذلك : وجواز احتجام المحرموفى وجوب الفدیة علیھ نظر، وال یقوى الوجوب، وجواز . جائز

أن رسول اهللا صلى )) صحیح البخارى((فى احتجام الصائم، فإن

Page 49: الطب النبوى

ھل یفطر بذلك، أم ال : ، ولكن))احتجم وھو صائم((اهللا علیھ وسلم الفطر بالحجامة، لصحتھ عن رسول اهللا : ؟ مسألة أخرى، الصواب

صلى اهللا علیھ وسلم من غیر معارض، وأصح ما یعارض بھ ن ال یدل على عدم الفطر إال بعد حدیث حجامتھ وھو صائم، ولك

. أنھ كان مقیما: الثانى. أن الصوم كان فرضا: أحدھا. أربعة أمورأن : الرابع. أنھ لم یكن بھ مرض احتاج معھ إلى الحجامة: الثالث

)). أفطر الحاجم والمحجوم: ((ھذا الحدیث متأخر عن قولھ

دمات األربع، أمكن االستدالل بفعلھ فإذا ثبتت ھذه المق صلى اهللا علیھ وسلم على بقاء الصوم مع الحجامة، وإال فما

المانع أن یكون الصوم نفال یجوز الخروج منھ بالحجامة وغیرھا، أو من رمضان لكنھ فى السفر، أو من رمضان فى الحضر، لكن

ن بھ مرض إلى الفطر، أو دعت الحاجة إلیھا كما تدعو حاجة میكون فرضا من رمضان فى الحضر من غیر حاجة إلیھا، لكنھ

، ناقل ))أفطر الحاجم والمحجوم: ((وقولھ. مبقى على األصلفیتعین المصیر إلیھ، وال سبیل إلى إثبات واحدة من ھذه . ومتأخر

. المقدمات األربع؛ فكیف بإثباتھا كلھا

دلیل على استئجار الطبیب وغیره من غیر عقد : وفیھا . إجارة، بل یعطیھ أجرة المثل، أو ما یرضیھ

دلیل على جواز التكسب بصناعة الحجامة، وإن : وفیھا كان ال یطیب للحر أكل أجرتھ من غیر تحریم علیھ، فإن النبى صلى

جره، ولم یمنعھ من أكلھ، وتسمیتھ إیاه اهللا علیھ وسلم أعطاه أ . خبیثا كتسمیتھ للثوم والبصل خبیثین، ولم یلزم من ذلك تحریمھما

دلیل على جواز ضرب الرجل الخراج على عبده كل : وفیھا یوم شیئا معلوما بقدر طاقتھ، وأن للعبد أن یتصرف فیما زاد على

ع من التصرف، لكان كسبھ كلھ خراجا ولم یكن خراجھ، ولو منلتقدیره فائدة، بل ما زاد على خراجھ، فھو تملیك من سیده لھ

. واهللا أعلم.. یتصرف فیھ كما أراد

Page 50: الطب النبوى

فصل

في ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم في قطع العروق والكي

النبى من حدیث جابر بن عبد اهللا، أن )) الصحیح((ثبت فى صلى اهللا علیھ وسلم بعث إلى أبى بن كعب طبیبا، فقطع لھ عرقا

. وكواه علیھ

ولما رمى سعد بن معاذ فى أكحلھ حسمھ النبى صلى اهللا . الكى: ھو)) الحسم((و. علیھ وسلم، ثم ورمت، فحسمھ الثانیة

أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم كوى سعد : وفى طریق آخر بن معاذ فى أكحلھ بمشقص، ثم حسمھ سعد بن معاذ أو غیره من

. أصحابھ

أن رجال من األنصار رمى فى أكحلھ : وفى لفظ آخر . بمشقص، فأمر النبى صلى اهللا علیھ وسلم بھ فكوى

...) یتبع)

وقد أتى النبى صلى اهللا علیھ وسلم : وقال أبو عبید @: قال أبو عبیدة)). اكووه وارضفوه: ((برجل نعت لھ الكى، فقال

. الحجارة تسخن، ثم یكمد بھا: الرضف

حدثنا سفیان، عن أبى الزبیر، عن : وقال الفضل بن دكین . ن النبى صلى اهللا علیھ وسلم كواه فى أكحلھأ: جابر

من حدیث أنس، أنھ كوى من )) صحیح البخارى((وفى . ذات الجنب والنبى صلى اهللا علیھ وسلم حى

وفى الترمذى، عن أنس، أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم

)). ن الشوكةكوى أسعد بن زرارة م))

وما أحب أن : ((وقد تقدم الحدیث المتفق علیھ وفیھ

Page 51: الطب النبوى

)). وأنا أنھى أمتى عن الكى: ((، وفى لفظ آخر))أكتوى

وغیره عن عمران بن حصین، أن )) جامع الترمذى((وفى فابتلینا فاكتوینا فما : قال النبى صلى اهللا علیھ وسلم نھى عن الكى

فما أفلحن وال : نھینا عن الكى وقال: وفى لفظ. أفلحنا، وال أنجحنا . أنجحن

إنما كوى سعدا لیرقأ الدم من جرحھ، وخاف : قال الخطابى وى من والكى مستعمل فى ھذا الباب، كما یك. علیھ أن ینزف فیھلك

. تقطع یده أو رجلھ

وأما النھى عن الكى، فھو أن یكتوى طلبا للشفاء، وكانوا . یعتقدون أنھ متى لم یكتو، ھلك، فنھاھم عنھ ألجل ھذه النیة

إنما نھى عنھ عمران بن حصین خاصة، ألنھ كان : وقیل ، فنھاه عن كیھ، فیشبھ أن یكون بھ ناصور، وكان موضعھ خطرا

. واهللا أعلم.. النھى منصرفا إلى الموضع المخوف منھ

كى الصحیح لئال یعتل، فھذا : الكى جنسان: وقال ابن قتیبة ، ألنھ یرید أن یدفع القدر ))لم یتوكل من اكتوى: ((الذى قیل فیھ

. عن نفسھ

كى الجرح إذا نغل، والعضو إذا قطع، ففى ھذا : نىوالثا . الشفاء

وأما إذا كان الكى للتداوى الذى یجوز أن ینجع، ویجوز أن . انتھى.. ال ینجع، فإنھ إلى الكراھة أقرب

فى حدیث السبعین ألفا الذین )) الصحیح((وثبت فى الذین ال یسترقون، وال یكتوون، ((أنھم یدخلون الجنة بغیر حساب

)). وال یتطیرون، وعلى ربھم یتوكلون

Page 52: الطب النبوى

فعلھ، : فقد تضمنت أحادیث الكى أربعة أنواع، أحدھا : الثناء على من تركھ، والرابع: عدم محبتھ لھ، والثالث: والثانى

اهللا تعالى، فإن فعلھ یدل على النھى عنھ، وال تعارض بینھا بحمد وأما الثناء على . جوازه، وعدم محبتھ لھ ال یدل على المنع منھ

وأما النھى عنھ، فعلى . تاركھ، فیدل على أن تركھ أولى وأفضلسبیل االختیار والكراھة، أو عن النوع الذى ال یحتاج إلیھ، بل یفعل

. هللا أعلموا.. خوفا من حدوث الداء

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الصرع

من حدیث عطاء بن أبى رباح، )) الصحیحین((أخرجا فى . بلى: أال أریك امرأة من أھل الجنة ؟ قلت: قال ابن عباس: قال: ى اهللا علیھ وسلم فقالتھذه المرأة السوداء، أتت النبى صل: قال

إن شئت صبرت : ((إنى أصرع، وإنى أتكشف؛ فادع اهللا لى، فقال. أصبر: ، فقالت))ولك الجنة؛ وإن شئت دعوت اهللا لك أن یعافیك

. فإنى أتكشف، فادع اهللا أن ال أتكشف، فدعا لھا: قالت

صرع من األرواح الخبیثة : الصرع صرعان: لتق ھو الذى یتكلم فیھ : والثانى. األرضیة، وصرع من األخالط الردیئة

. األطباء فى سببھ وعالجھ

وأما صرع األرواح، فأئمتھم وعقالؤھم یعترفون بھ، وال الخیرة یدفعونھ، ویعترفون بأن عالجھ بمقابلة األرواح الشریفة

العلویة لتلك األرواح الشریرة الخبیثة، فتدافع آثارھا، وتعارض فى بعض كتبھ، )) بقراط((أفعالھا وتبطلھا، وقد نص على ذلك

ھذا إنما ینفع من الصرع الذى : فذكر بعض عالج الصرع، وقالاح، فال وأما الصرع الذى یكون من األرو. سببھ األخالط والمادة

. ینفع فیھ ھذا العالج

Page 53: الطب النبوى

وأما جھلة األطباء وسقطھم وسفلتھم، ومن یعتقد بالزندقة فضیلة، فأولئك ینكرون صرع األرواح، وال یقرون بأنھا تؤثر فى

بدن المصروع، ولیس معھم إال الجھل، وإال فلیس فى الصناعة وجود شاھد بھ، وإحالتھم ذلك على الطبیة ما یدفع ذلك، والحس وال

. غلبة بعض األخالط، ھو صادق فى بعض أقسامھ ال فى كلھا

المرض اإللھى، : وقدماء األطباء كانوا یسمون ھذا الصرع . إنھ من األرواح: وقالوا

وغیره، فتأولوا علیھم ھذه التسمیة، )) جالینوس((وأما ا سموه بالمرض اإللھى لكون ھذه العلة تحدث فى إنم: وقالوا

. الرأس، فتضر بالجزء اإللھى الطاھر الذى مسكنھ الدماغ

وھذا التأویل نشأ لھم من جھلھم بھذه األرواح وأحكامھا، وتأثیراتھا، وجاءت زنادقة األطباء فلم یثبتوا إال صرع األخالط

. وحده

ن لھ عقل ومعرفة بھذه األرواح وتأثیراتھا یضحك من وم جھل ھؤالء وضعف عقولھم

أمر من جھة المصروع، : وعالج ھذا النوع یكون بأمرین وأمر من جھة المعالج، فالذى من جھة المصروع یكون بقوة

نفسھ، وصدق توجھھ إلى فاطر ھذه األرواح وبارئھا، والتعوذ صحیح الذى قد تواطأ علیھ القلب واللسان، فإن ھذا نوع ال

محاربة، والمحارب ال یتم لھ االنتصاف من عدوه بالسالح إال أن یكون السالح صحیحا فى نفسھ جیدا، وأن یكون : بأمرین

الساعد قویا، فمتى تخلف أحدھما لم یغن السالح كثیر طائل، فكیف یكون القلب خرابا من التوحید، والتوكل، : ن جمیعاإذا عدم األمرا

. والتقوى، والتوجھ، وال سالح لھ

من جھة المعالج، بأن یكون فیھ ھذان األمران : والثانى ، أو ))اخرج منھ: ((أیضا، حتى إن من المعالجین من یكتفى بقولھ

Page 54: الطب النبوى

، والنبى ))قوة إال باهللا ال حول وال: ((، أو بقول))بسم اهللا: ((بقولاخرج عدو اهللا، أنا رسول : ((صلى اهللا علیھ وسلم كان یقول

)). اهللا

وشاھدت شیخنا یرسل إلى المصروع من یخاطب الروح اخرجى، فإن ھذا ال یحل لك، : قال لك الشیخ: التى فیھ، ویقول

ربما خاطبھا بنفسھ، وربما كانت الروح ماردة فیفیق المصروع، وفیخرجھا بالضرب، فیفیق المصروع وال یحس بألم، وقد شاھدنا

. نحن وغیرنا منھ ذلك مرارا

أفحسبتم أنما {: وكان كثیرا ما یقرأ فى أذن المصروع ]. 115: المؤمنون [}رجعون خلقناكم عبثا وأنكم إلینا ال ت

: وحدثنى أنھ قرأھا مرة فى أذن المصروع، فقالت الروح فأخذت لھ عصا، وضربتھ بھا فى عروق : قال. نعم، ومد بھا صوتھ

عنقھ حتى كلت یداى من الضرب، ولم یشك الحاضرون أنھ یموت ھو ال : أحبھ، فقلت لھاأنا : ففى أثناء الضرب قالت. لذلك الضرب

ھو ال یرید أن یحج : فقلت لھا. أنا أرید أن أحج بھ: قالت. یحبكال ولكن طاعة هللا : قلت: أنا أدعھ كرامة لك، قال: معك، فقالت

فقعد المصروع یلتفت یمینا : فأنا أخرج منھ، قال: ولرسولھ، قالتوھذا : ما جاء بى إلى حضرة الشیخ ؟ قالوا لھ: الوشماال، وق

وعلى أى شىء یضربنى الشیخ ولم أذنب، ولم : الضرب كلھ ؟ فقال . یشعر بأنھ وقع بھ الضرب ألبتة

وكان یعالج بآیة الكرسى، وكان یأمر بكثرة قراءتھا .المصروع ومن یعالجھ بھا وبقراءة المعوذتین

فھذا النوع من الصرع، وعالجھ ال ینكره إال قلیل الحظ .. وبالجملةمن العلم والعقل والمعرفة، وأكثر تسلط األرواح الخبیثة على أھلھ

تكون من جھة قلة دینھم، وخراب قلوبھم وألسنتھم من حقائق تلقى الروح الذكر، والتعاویذ، والتحصنات النبویة واإلیمانیة، ف

Page 55: الطب النبوى

الخبیثة الرجل أعزل ال سالح معھ، وربما كان عریانا فیؤثر فیھ . ھذا

ولو كشف الغطاء، لرأیت أكثر النفوس البشریة صرعى ھذه األرواح الخبیثة، وھى فى أسرھا وقبضتھا تسوقھا حیث

لفتھا، وبھا الصرع شاءت، وال یمكنھا االمتناع عنھا وال مخااألعظم الذى ال یفیق صاحبھ إال عند المفارقة والمعاینة، فھناك

. یتحقق أنھ كان ھو المصروع حقیقة، وباهللا المستعان

وعالج ھذا الصرع باقتران العقل الصحیح إلى اإلیمان بما صب عینیھ وقبلة قلبھ، جاءت بھ الرسل، وأن تكون الجنة والنار ن

ویستحضر أھل الدنیا، وحلول المثوالت واآلفات بھم، ووقوعھا خالل دیارھم كمواقع القطر، وھم صرعى ال یفیقون، وما أشد داء ھذا الصرع، ولكن لما عمت البلیة بھ بحیث ال یرى إال مصروعا،

ا، بل صار لكثرة المصروعین عین لم یصر مستغربا وال مستنكر . المستنكر المستغرب خالفھ

فإذا أراد اهللا بعبد خیرا أفاق من ھذه الصرعة، ونظر إلى أبناء الدنیا مصروعین حولھ یمینا وشماال على اختالف طبقاتھم،

ویعود فمنھم من أطبق بھ الجنون، ومنھم من یفیق أحیانا قلیلة،إلى جنونھ، ومنھم من یفیق مرة، ویجن أخرى، فإذا أفاق عمل

. عمل أھل اإلفاقة والعقل، ثم یعاوده الصرع فیقع فى التخبط

فصل

فى صرع األخالط

وأما صرع األخالط، فھو علة تمنع األعضاء النفسیة عن منعا غیر تام، وسببھ خلط غلیظ لزج األفعال والحركة واالنتصاب

یسد منافذ بطون الدماغ سدة غیر تامة، فیمتنع نفوذ الحس والحركة فیھ وفى األعضاء نفوذا تاما من غیر انقطاع بالكلیة، وقد

تكون ألسباب أخر كریح غلیظ یحتبس فى منافذ الروح، أو بخار

Page 56: الطب النبوى

و كیفیة الذعة، فینقبض ردىء یرتفع إلیھ من بعض األعضاء، أالدماغ لدفع المؤذى، فیتبعھ تشنج فى جمیع األعضاء، وال یمكن

أن یبقى اإلنسان معھ منتصبا، بل یسقط، ویظھر فى فیھ الزبد . غالبا

وھذه العلة تعد من جملة األمراض الحادة باعتبار وقت د من جملة األمراض المزمنة باعتبار وجوده المؤلم خاصة، وقد تع

طول مكثھا، وعسر برئھا، ال سیما إن تجاوز فى السن خمسا وعشرین سنة، وھذه العلة فى دماغھ، وخاصة فى جوھره، فإن

إن الصرع یبقى فى )): أبقراط((قال . صرع ھؤالء یكون الزما . ھؤالء حتى یموتوا

عرف ھذا، فھذه المرأة التى جاء الحدیث أنھا كانت إذا تصرع وتتكشف، یجوز أن یكون صرعھا من ھذا النوع، فوعدھا النبى صلى اهللا علیھ وسلم الجنة بصبرھا على ھذا المرض، ودعا

لھا أن ال تتكشف، وخیرھا بین الصبر والجنة، وبین الدعاء لھا . ان، فاختارت الصبر والجنةبالشفاء من غیر ضم

وفى ذلك دلیل على جواز ترك المعالجة والتداوى، وأن عالج األرواح بالدعوات والتوجھ إلى اهللا یفعل ما ال ینالھ عالج

األطباء، وأن تأثیره وفعلھ، وتأثر الطبیعة عنھ وانفعالھا أعظم من ة، وانفعال الطبیعة عنھا، وقد جربنا ھذا مرارا تأثیر األدویة البدنی

نحن وغیرنا، وعقالء األطباء معترفون بأن لفعل القوى النفسیة، وانفعاالتھا فى شفاء األمراض عجائب، وما على الصناعة الطبیة

. أضر من زنادقة القوم، وسفلتھم، وجھالھم

ه المرأة كان من ھذا النوع، ویجوز أن صرع ھذ: والظاھر أن یكون من جھة األرواح، ویكون رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

قد خیرھا بین الصبر على ذلك مع الجنة، وبین الدعاء لھا . واهللا أعلم.. بالشفاء، فاختارت الصبر والستر

فصل

Page 57: الطب النبوى

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج عرق النسا

من حدیث محمد بن سیرین، )) سننھ((روى ابن ماجھ فى سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : عن أنس بن مالك، قال

دواء عرق النسا ألیة شاة أعرابیة تذاب، ثم تجزأ ثالثة : ((یقول )). أجزاء، ثم یشرب على الریق فى كل یوم جزء

وجع یبتدىء من مفصل الورك، وینزل من : عرق النساء خلف على الفخذ، وربما على الكعب، وكلما طالت مدتھ، زاد

نزولھ، وتھزل معھ الرجل والفخذ، وھذا الحدیث فیھ معنى لغوى، . ومعنى طبى

واز تسمیة ھذا المرض فدلیل على ج: فأما المعنى اللغوى النسا ھو العرق : بعرق النسا خالفا لمن منع ھذه التسمیة، وقال

. نفسھ، فیكون من باب إضافة الشىء إلى نفسھ، وھو ممتنع

أن العرق أعم من : وجواب ھذا القائل من وجھین؛ أحدھما كل الدراھم أو : نحوالنسا، فھو من باب إضافة العام إلى الخاص

. بعضھا

أن النسا ھو المرض الحال بالعرق؛ واإلضافة فیھ : الثانى وسمى بذلك ألن : قیل. من باب إضافة الشىء إلى محلھ وموضعھ

ألمھ ینسى ما سواه، وھذا العرق ممتد من مفصل الورك، وینتھى الوحشى فیما بین عظم إلى آخر القدم وراء الكعب من الجانب

. الساق والوتر

فقد تقدم أن كالم رسول اهللا صلى اهللا : وأما المعنى الطبى عام بحسب األزمان، واألماكن، : علیھ وسلم نوعان؛ أحدھما

. واألشخاص، واألحوال

خاص بحسب ھذه األمور أو بعضھا، وھذا من : والثانى ھذا خطاب للعرب، وأھل الحجاز، ومن جاورھم، ھذا القسم، فإن

وال سیما أعراب البوادى، فإن ھذا العالج من أنفع العالج لھم، فإن

Page 58: الطب النبوى

ھذا المرض یحدث من یبس، وقد یحدث من مادة غلیظة لزجة، اإلنضاج، والتلیین، : فیھا الخاصیتان)) األلیة((فعالجھا باإلسھال و

وھذا المرض یحتاج عالجھ إلى ھذین . ج، واإلخراجففیھا اإلنضا . األمرین

وفى تعیین الشاة األعرابیة لقلة فضولھا، وصغر مقدارھا، ولطف جوھرھا، وخاصیة مرعاھا ألنھا ترعى أعشاب البر

الحارة، كالشیح، والقیصوم، ونحوھما، وھذه النباتات إذا تغذى ھا الحیوان، صار فى لحمھ من طبعھا بعد أن یلطفھا تغذیة بھا، ب

ویكسبھا مزاجا ألطف منھا، وال سیما األلیة، وظھور فعل ھذه النباتات فى اللبن أقوى منھ فى اللحم، ولكن الخاصیة التى فى

قدم أن وھذا كما ت. األلیة من اإلنضاج والتلیین ال توجد فى اللبنأدویة غالب األمم والبوادى ھى باألدویة المفردة، وعلیھ أطباء

. الھند

وأما الروم والیونان، فیعتنون بالمركبة، وھم متفقون كلھم على أن من مھارة الطبیب أن یداوى بالغذاء، فإن عجز فبالمفرد،

. فإن عجز، فبما كان أقل تركیبا

وقد تقدم أن غالب عادات العرب وأھل البوادى األمراض البسیطة، فاألدویة البسیطة تناسبھا، وھذا لبساطة أغذیتھم فى

وأما األمراض المركبة، فغالبا ما تحدث عن تركیب األغذیة . الغالبواهللا تعالى .. وتنوعھا واختالفھا، فاختیرت لھا األدویة المركبة

. علمأ

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج یبس الطبع واحتیاجھ إلى ما یمشیھ ویلینھ

Page 59: الطب النبوى

من )) سننھ((وابن ماجھ فى )) جامعھ((روى الترمذى فى قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ : حدیث أسماء بنت عمیس، قالت

: لشبرم، قالبا: ؟ قالت)) بماذا كنت تستمشین: ((وسلم

لو كان شىء : ((ثم استمشیت بالسنا، فقال: قالت)). حار جار)) )). یشفى من الموت لكان السنا

: عن إبراھیم بن أبى عبلة، قال)) سنن ابن ماجھ((وفى سمعت عبد اهللا ابن أم حرام، وكان قد صلى مع رسول اهللا صلى

سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ : لقبلتین یقولاهللا علیھ وسلم اعلیكم بالسنا والسنوت، فإن فیھما شفاء من كل داء : ((وسلم یقول

: یا رسول اهللا؛ وما الســـام ؟ قال: ، قیل))إال السام

)). الموت))

تلینین الطبع حتى : ؟ أى)) بماذا كنت تستمشین: ((قولھ ولھذا . ، وال یصیر بمنزلة الواقف، فیؤذى باحتباس النجویمشى

ألن المسھول : وقیل. سمى الدواء المسھل مشیا على وزن فعیل . یكثر المشى واالختالف للحاجة

بالشبرم، وھو من : ؟ فقالت)) بماذا تستشفین: ((وقد روى وھو حار یابس قشر عرق شجرة،: جملة األدویة الیتوعیة، وھو

فى الدرجة الرابعة، وأجوده المائل إلى الحمرة، الخفیف الرقیق الذى یشبھ الجلد الملفوف، وبالجملة فھو من األدویة التى أوصى

. األطباء بترك استعمالھا لخطرھا، وفرط إسھالھا

حار : ((ویروى)) حار جار: ((وقولھ صلى اهللا علیھ وسلم وفیھ قوالن، : قلت. وأكثر كالمھم بالیاء: قال أبو عبید)) اری

الشدید اإلسھال؛ فوصفھ : أن الحار الجار بالجیم: أحدھما . قالھ أبو حنیفة الدینورى.. بالحرارة، وشدة اإلسھال وكذلك ھو

أن ھذا من اإلتباع الذى یقصد بھ تأكید : والثانى وھو الصواب ول، ویكون بین التأكید اللفظى والمعنوى، ولھذا یراعون فیھ األ

Page 60: الطب النبوى

. كامل الحسن: حسن بسن، أى: إتباعھ فى أكثر حروفھ، كقولھمشیطان لیطان، وحار جار، مع : ومنھ. حسن قسن بالقاف: وقولھم

أن فى الجار معنى آخر، وھو الذى یجر الشىء الذى یصیبھ من إما لغة فى )) یار((و. حرارتھ وجذبھ لھ، كأنھ ینزعھ ویسلخھشدة

صھرى وصھریج، والصھارى والصھاریج، : كقولھم)) جار(( . وإما إتباع مستقل

المد والقصر، وھو نبت : ، ففیھ لغتان))السنا((وأما حجازى أفضلھ المكى، وھو دواء شریف مأمون الغائلة، قریب من

ل، حار یابس فى الدرجة األولى، یسھل الصفراء والسوداء، االعتداویقوى جرم القلب، وھذه فضیلة شریفة فیھ، وخاصیتھ النفع من

الوسواس السوداوى، ومن الشقاق العارض فى البدن، ویفتح العضل وینفع من انتشار الشعر، ومن القمل والصداع العتیق،

والحكة، والصرع، وشرب مائھ مطبوخا أصلح والجرب، والبثور، : من شربھ مدقوقا، ومقدار الشربة منھ ثالثة دراھم، ومن مائھ

وإن طبخ معھ شىء من زھر البنفسج والزبیب . خمسة دراھم . األحمر المنزوع العجم، كان أصلح

السناء والشاھترج یسھالن األخالط : قال الرازى والشربة من كل واحد . المحترقة، وینفعان من الجرب والحكة

. منھما من أربعة دراھم إلى سبعة دراھم

: ففیھ ثمانیة أقوال)) السنوت((وأما

. أنھ العسل: أحدھا

أنھ رب عكة السمن یخرج خططا سوداء على : والثانى . السمن

. ھما عمرو بن بكر السكسكىحكا

أنھ حب یشبھ الكمون ولیس بھ، قالھ ابن : الثالث . األعرابى

Page 61: الطب النبوى

. أنھ الكمون الكرمانى: الرابع

. أنھ الرازیانج: الخامس

. حكاھما أبو حنیفة الدینورى عن بعض األعراب

. نھ الشبتأ: السادس

. أنھ التمر: السابع

. حكاھما أبو بكر بن السنى الحافظ

...) یتبع)

أنھ العسل الذى یكون فى زقاق السمن، حكاه : الثامن @ . عبد اللطیف البغدادى

وھذا أجدر بالمعنى، وأقرب إلى : قال بعض األطباء السناء مدقوقا بالعسل المخالط للسمن، ثم یخلط: الصواب؛ أى

یلعق فیكون أصلح من استعمالھ مفردا لما فى العسل والسمن من . واهللا أعلم.. إصالح السنا، وإعانتھ لھ على اإلسھال

: وقد روى الترمذى وغیره من حدیث ابن عباس یرفعھ )). واللدود والحجامة والمشى إن خیر ما تداویتم بھ السعوط((

ھو الذى یمشى الطبع ویلینھ ویسھل خروج : والمشى . الخارج

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج حكة الجسم وما یولد القمل

من حدیث قتادة، عن أنس بن مالك )) الصحیحین((فى رخص رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم لعبد الرحمن بن (( :قال

Page 62: الطب النبوى

عوف، والزبیر بن العوام رضى اهللا تعالى عنھما فى لبس الحریر )). لحكة كانت بھما

أن عبد الرحمن بن عوف، والزبیر بن : ((وفى روایة قمل إلى النبى صلى اهللا العوام رضى اهللا تعالى عنھما، شكوا ال

علیھ وسلم، فى غزاة لھما، فرخص لھما فى قمص الحریر، )). ورأیتھ علیھما

: فقھى، واآلخر: ھذا الحدیث یتعلق بھ أمران؛ أحدھما . طبى

فالذى استقرت علیھ سـنتھ صلى اهللا علیھ : فأما الفقھى للنساء مطلقا، وتحریمھ على الرجال إال لحاجة وسلم إباحة الحریر

ومصلحة راجحة، فالحاجة إما من شدة البرد، وال یجد غیره، أو ال لباسھ للجرب، والمرض، والحكة، وكثرة : ومنھا. یجد سترة سواه

. القمل كما دل علیھ حدیث أنس ھذا الصحیح

اإلمام أحمد، وأصح قولى أصح الروایتین عن : والجواز الشافعى، إذ األصل عدم التخصیص، والرخصة إذا ثبتت فى حق

بعض األمة لمعنى تعدت إلى كل من وجد فیھ ذلك المعنى، إذ الحكم . یعم بعموم سببھ

أحادیث التحریم عامة، وأحادیث : ومن منع منھ، قال اختصاصھا بعبد الرحمن بن عوف والزبیر، الرخصة یحتمل

وإذا احتمل األمران، كان األخذ . ویحتمل تعدیھا إلى غیرھمافال أدرى : بالعموم أولى، ولھذا قال بعض الرواة فى ھذا الحدیث

أبلغت الرخصة من بعدھما، أم ال ؟

لشرع فى عموم الرخصة، فإنھ عرف خطاب ا: والصحیح ذلك ما لم یصرح بالتخصیص، وعدم إلحاق غیر من رخص لھ

: أوال بھ، كقولھ ألبى بردة فى تضحیتھ بالجذعة من المعز

Page 63: الطب النبوى

، وكقولھ تعالى لنبیھ صلى ))تجزیك ولن تجزى عن أحد بعدك))ون خالصة لك من د{: اهللا علیھ وسلم فى نكاح من وھبت نفسھا لھ

]. 50: األحزاب [}المؤمنین

إنما كان سدا للذریعة، ولھذا أبیح للنساء، : وتحریم الحریر وللحاجة، والمصلحة الراجحة، وھذه قاعدة ما حرم لسد الذرائع،

فإنھ یباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة، كما حرم النظر سدا ما تدعو إلیھ الحاجة والمصلحة لذریعة الفعل، وأبیح منھ

الراجحة، وكما حرم التنفل بالصالة فى أوقات النھى سدا لذریعة المشابھة الصوریة بعباد الشمس، وأبیحت للمصلحة الراجحة،

وكما حرم ربا الفضل سدا لذریعة ربا النسیئة، وأبیح منھ ما تدعو شبعنا الكالم فیما یحل ویحرم من إلیھ الحاجة من العرایا، وقد أ

التحبیر لما یحل ویحرم من لباس : ((لباس الحریر فى كتاب )). الحریر

فصل

فى األمر الطبى للحریر

فھو أن الحریر من األدویة المتخذة من : وأما األمر الطبى انیة، ألن مخرجھ من الحیوان، ولذلك یعد فى األدویة الحیو

الحیوان، وھو كثیر المنافع، جلیل الموقع، ومن خاصیتھ تقویة القلب، وتفریحھ، والنفع من كثیر من أمراضھ، ومن غلبة المرة السوداء، واألدواء الحادثة عنھا، وھو مقو للبصر إذا اكتحل بھ،

حار یابس فى والخام منھ وھو المستعمل فى صناعة الطب وإذا اتخذ منھ . معتدل: وقیل. حار رطب فیھا: وقیل. الدرجة األولى

ملبوس كان معتدل الحرارة فى مزاجھ، مسخنا للبدن، وربما برد . البدن بتسمینھ إیاه

اإلبریسم أسخن من الكتان، وأبرد من القطن، : قال الرازى اس خشن، فإنھ یھزل، ویصلب البشرة یربى اللحم، وكل لب

. وبالعكس

Page 64: الطب النبوى

قسم یسخن البدن ویدفئھ، : والمالبس ثالثة أقسام: قلت وقسم یدفئھ وال یسخنھ، وقسم ال یسخنھ وال یدفئھ، ولیس ھناك ما یسخنھ وال یدفئھ، إذ ما یسخنھ فھو أولى بتدفئتھ، فمالبس األوبار

سخن وتدفىء، ومالبس الكتان والحریر والقطن واألصواف تفثیاب الكتان باردة یابسة، وثیاب الصوف حارة . تدفىء وال تسخن

یابسة، وثیاب القطن معتدلة الحرارة، وثیاب الحریر ألین من . القطن وأقل حرارة منھ

بل ولبسھ ال یسخن كالقطن، )): ((المنھاج((قال صاحب ھو معتدل، وكل لباس أملس صقیل، فإنھ أقل إسخانا للبدن، وأقل عونا فى تحلل ما یتحلل منھ، وأحرى أن یلبس فى الصیف، وفى

)) البالد الحارة

ولما كانت ثیاب الحریر كذلك، ولیس فیھا شىء من الیبس حكة، إذ الحكة ال والخشونة الكائنین فى غیرھا، صارت نافعة من ال

تكون إال عن حرارة ویبس وخشونة، فلذلك رخص رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم للزبیر وعبد الرحمن فى لباس الحریر

لمداواة الحكة، وثیاب الحریر أبعد عن تولد القمل فیھا، إذ كان . مزاجھا مخالفا لمزاج ما یتولد منھ القمل

وأما القسم الذى ال یدفىء وال یسخن، فالمتخذ من الحدید، فإذا كان : ونحوھا، فإن قیل... والرصاص، والخشب، والتراب

لباس الحریر أعدل اللباس وأوفقھ للبدن، فلماذا حرمتھ الشریعة الكاملة الفاضلة التى أباحت الطیبات، وحرمت الخبائث؟

ھذا السؤال یجیب عنھ كل طائفة من طوائف : قیل المسلمین بجواب، فمنكرو الحكم والتعلیل لما رفعت قاعدة التعلیل

. من أصلھا لم یحتاجوا إلى جواب عن ھذا السؤال

ومثبتو التعلیل والحكم وھم األكثرون منھم من یجیب عن یعة حرمتھ لتصبر النفوس عنھ، وتتركھ هللا، فتثاب ھذا بأن الشر

. على ذلك ال سیما ولھا عوض عنھ بغیره

Page 65: الطب النبوى

ومنھم من یجیب عنھ بأن خلق فى األصل للنساء، كالحلیة بالذھب، فحرم على الرجال لما فیھ من مفسدة تشبھ الرجال

. بالنساء

حرم لما یورثھ من الفخر والخیالء : الومنھم من ق . والعجب

حرم لما یورثھ بمالمستھ للبدن من األنوثة : ومنھم من قال والتخنث، وضد الشھامة والرجولة، فإن لبسھ یكسب القلب صفة

ال وعلى من صفات اإلناث، ولھذا ال تكاد تجد من یلبسھ فى األكثر إشمائلھ من التخنث والتأنث، والرخاوة ما ال یخفى، حتى لو كان

من أشھم الناس وأكثرھم فحولیة ورجولیة، فال بد أن ینقصھ لبس الحریر منھا، وإن لم یذھبھا، ومن غلظت طباعھ وكثفت عن فھم

أنھ یحرم : أصح القولینھذا، فلیسلم للشارع الحكیم، ولھذا كان . على الولى أن یلبسھ الصبى لما ینشأ علیھ من صفات أھل التأنیث

وقد روى النسائى من حدیث أبى موسى األشعرى، عن إن اهللا أحل إلناث أمتى : ((النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )). ورھاالحریر والذھب، وحرمھ على ذك

حرم لباس الحریر والذھب على ذكور أمتى، : ((وفى لفظ )). وأحل إلناثھم

نھى رسول : ((عن حذیفة، قال)) صحیح البخارى((وفى اهللا صلى اهللا علیھ وسلم عن لبس الحریر والدیباج، وأن یجلس

)). ھم فى الدنیا، ولكم فى اآلخرةھو ل: ((، وقال))علیھ

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج ذات الجنب

Page 66: الطب النبوى

من حدیث زید بن أرقم، أن )) جامعھ((روى الترمذى فى تداووا من ذات الجنب بالقسط : ((النبى صلى اهللا علیھ وسلم، قال

)). البحرى والزیت

. حقیقى وغیر حقیقى: وذات الجنب عند األطباء نوعان ورم حار یعرض فى نواحى الجنب فى الغشاء المستبطن : فالحقیقىألم یشبھھ یعرض فى نواحى الجنب عن : وغیر الحقیقى. لألضالع

ریاح غلیظة مؤذیة تحتقن بین الصفاقات، فتحدث وجعا قریبا من نب الحقیقى، إال أن الوجع فى ھذا القسم ممدود، وفى وجع ذات الج

. الحقیقى ناخس

قد یعرض فى الجنب، )): القانون((قال صاحب والصفاقات، والعضل التى فى الصدر، واألضالع، ونواحیھا أورام

وقد . مؤذیة جدا موجعة، تسمى شوصة وبرساما، وذات الجنبأوجاعا فى ھذه األعضاء لیست من ورم، ولكن من تكون أیضا

. ریاح غلیظة، فیظن أنھا من ھذه العلة، وال تكون منھا

واعلم أن كل وجع فى الجنب قد یسمى ذات الجنب : قال صاحبة الجنب، : اشتقاقا من مكان األلم، ألن معنى ذات الجنب

عرض فى الجنب ألم عن أى والغرض بھ ھھنا وجع الجنب، فإذا إن : فى قولھ)) بقراط((سبب كان نسب إلیھ، وعلیھ حمل كالم

المراد بھ كل من بھ : قیل. أصحاب ذات الجنب ینتفعون بالحماموجع جنب، أو وجع رئة من سوء مزاج، أو من أخالط غلیظة، أو

. لذاعة من غیر ورم وال حمى

وأما معنى ذات الجنب فى لغة الیونان، : ل بعض األطباءقا فھو ورم الجنب الحار، وكذلك ورم كل واحد من األعضاء الباطنة،

. وإنما سمى ذات الجنب ورم ذلك العضو إذا كان ورما حارا فقط

الحمى، : ویلزم ذات الجنب الحقیقى خمسة أعراض، وھى . ناخس، وضیق النفس، والنبض المنشارىوالسعال، والوجع ال

Page 67: الطب النبوى

والعالج الموجود فى الحدیث، لیس ھو لھذا القسم، لكن للقسم الثانى الكائن عن الریح الغلیظة، فإن القسط البحرى وھو

العود الھندى على ما جاء مفسرا فى أحادیث أخر صنف من خلط بالزیت المسخن، ودلك بھ مكان القسط إذا دق دقا ناعما، و

الریح المذكور، أو لعق، كان دواء موافقا لذلك، نافعا لھ، محلال لمادتھ، مذھبا لھا، مقویا لألعضاء الباطنة، مفتحا للسدد، والعود

. المذكور فى منافعھ كذلك

لبطن، حار یابس، قابض یحبس ا: العود: قال المسیحى ویقوى األعضاء الباطنة، ویطرد الریح، ویفتح السدد، نافع من . ذات الجنب، ویذھب فضل الرطوبة، والعود المذكور جید للدماغ

ویجوز أن ینفع القسط من ذات الجنب الحقیقیة أیضا إذا كان : قالواهللا .. حدوثھا عن مادة بلغمیة، ال سیما فى وقت انحطاط العلة

. علمأ

من األمراض الخطرة، وفى الحدیث : وذات الجنب بدأ رسول اهللا صلى اهللا علیھ : عن أم سلمة، أنھا قالت: الصحیح

وسلم بمرضھ فى بیت میمونة، وكان كلما خف علیھ، خرج وصلى مروا أبا بكر فلیصل : ((بالناس، وكان كلما وجد ثقال، قال

، واشتد شكواه حتى غمر علیھ من شدة الوجع، فاجتمع ))ناسبالعنده نساؤه، وعمھ العباس، وأم الفضل بنت الحارث، وأسماء

: بنت عمیس، فتشاوروا فى لده، فلدوه وھو مغمور، فلما أفاق قال، وأشار ))من فعل بى ھذا ؟ ھذا من عمل نساء جئن من ھھنا((

یا : ى أرض الحبشة، وكانت أم سلمة وأسماء لدتاه، فقالوابیده إل)) فبم لددتمونى: ((قال. رسول اهللا؛ خشینا أن یكون بك ذات الجنب

: فقال. بالعود الھندى، وشىء من ورس وقطرات من زیت: ؟ قالواعزمت علیكم أن ال : ((قال، ثم ))ما كان اهللا لیقذفنى بذلك الداء((

)). یبقى فى البیت أحد إال لد إال عمى العباس

عن عائشة رضى اهللا تعالى عنھا )) الصحیحین((وفى لددنا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، فأشار أن ال تلدونى، : قالت

Page 68: الطب النبوى

ألم أنھكم أن : ((قالكراھیة المریض للدواء، فلما أفاق : فقلناتلدونى، ال یبقى منكم أحد إال لد غیر عمى العباس، فإنھ لم

)). یشھدكم

ما یسقى اإلنسان فى : اللدود: قال أبو عبید عن األصمعى : وأما الوجور. أحد شقى الفم، أخذ من لدیدى الوادى، وھما جانباه

. فھو فى وسط الفم

: والسعوط. ھو الدواء الذى یلد بھ: واللدود بالفتح : قلت . ما أدخل من أنفھ

وفى ھذا الحدیث من الفقھ معاقبة الجانى بمثل ما فعل سواء، إذا لم یكن فعلھ محرما لحق اهللا، وھذا ھو الصواب

قد ذكرناھا فى موضع آخر، وھو المقطوع بھ لبضعة عشر دلیالمنصوص أحمد، وھو ثابت عن الخلفاء الراشدین، وترجمة

المسألة بالقصاص فى اللطمة والضربة، وفیھا عدة أحادیث ال . معارض لھا ألبتة، فیتعین القول بھا

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الصداع والشقیقة

أن : حدیثا فى صحتھ نظر)) سننھ((ن ماجھ فى روى اب النبى صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا صدع، غلف رأسھ بالحناء،

)). إنھ نافع بإذن اهللا من الصداع: ((ویقول

ألم فى بعض أجزاء الرأس أو كلھ، فما كان منھ : والصداع ى شقیقة؛ وإن كان شامال لجمیعھ فى أحد شقى الرأس الزما یسم

الزما، یسمى بیضة وخودة تشبیھا ببیضة السالح التى تشتمل على . الرأس كلھ، وربما كان فى مؤخر الرأس أو فى مقدمھ

سخونة : وحقیقة الصداع. وأنواعھ كثیرة، وأسبابھ مختلفة ار یطلب النفوذ من الرأس، الرأس، واحتماؤه لما دار فیھ من البخ

Page 69: الطب النبوى

فال یجد منفذا، فیصدعھ كما یصدع الوعى إذا حمى ما فیھ وطلب النفوذ، فكل شىء رطب إذا حمى، طلب مكانا أوسع من مكانھ الذى

كان فیھ، فإذا عرض ھذا البخار فى الرأس كلھ بحیث ال یمكنھ . السدر: التفشى والتحلل، وجال فى الرأس، سمى

: والصداع یكون عن أسباب عدیدة

. من غلبة واحد من الطبائع األربعة: أحدھا

یكون من قروح تكون فى المعدة، فیألم الرأس : والخامس . لذلك الورم التصال العصب المنحدر من الرأس بالمعدة

، فتصعد إلى من ریح غلیظة تكون فى المعدة: والسادس . الرأس فتصدعھ

یكون من ورم فى عروق المعدة، فیألم الرأس : والسابع . بألم المعدة لالتصال الذى بینھما

صداع یحصل من امتالء المعدة من الطعام، ثم : والثامن . ینحدر ویبقى بعضھ نیئا، فیصدع الرأس ویثقلھ

الجماع لتخلخل الجسم، فیصل إلیھ یعرض بعد: والتاسع . من حر الھواء أكثر من قدر

صداع یحصل بعد القىء واالستفراغ، إما لغلبة : والعاشر . الیبس، وإما لتصاعد األبخرة من المعدة إلیھ

صداع یعرض عن شدة الحر وسخونة : والحادى عشر . الھواء

یعرض من شدة البرد، وتكاثف األبخرة ما : والثانى عشر . فى الرأس وعدم تحللھا

. ما یحدث من السھر وعدم النوم: والثالث عشر

Page 70: الطب النبوى

ما یحدث من ضغط الرأس وحمل الشىء : والرابع عشر . الثقیل علیھ

ما یحدث من كثرة الكالم، فتضعف قوة : والخامس عشر . جلھالدماغ أل

ما یحدث من كثرة الحركة والریاضة : والسادس عشر . المفرطة

ما یحدث من األعراض النفسانیة، : والسابع عشر . كالھموم، والغموم، واألحزان، والوساوس، واألفكار الردیئة

ما یحدث من شدة الجوع، فإن األبخرة ال : والثامن عشر . فیھ، فتكثر وتتصاعد إلى الدماغ فتؤلمھتجد ما تعمل

ما یحدث عن ورم فى صفاق الدماغ، ویجد : والتاسع عشر . صاحبھ كأنھ یضرب بالمطارق على رأسھ

ما یحدث بسبب الحمى الشتعال حرارتھا فیھ : والعشرون . واهللا أعلم.. فیتألم

فصل

فى سبب صداع الشقیقة

وسبب صداع الشقیقة مادة فى شرایین الرأس وحدھا حاصلة فیھا، أو مرتقیة إلیھا، فیقبلھا الجانب األضعف من جانبیھ،

وتلك المادة إما بخاریة، وإما أخالط حارة أو باردة، وعالمتھا وإذا ضبطت . الخاصة بھا ضربان الشرایین، وخاصة فى الدموى

. ربان، سكن الوجعبالعصائب، ومنعت من الض

أن ھذا : لھ)) الطب النبوى((وقد ذكر أبو نعیم فى كتاب النوع كان یصیب النبى صلى اهللا علیھ وسلم، فیمكث الیوم

. والیومین، وال یخرج

Page 71: الطب النبوى

خطبنا رسول اهللا صلى اهللا : عن ابن عباس قال: وفیھ . علیھ وسلم، وقد عصب رأسھ بعصابة

)). وارأساه: ((أنھ قال فى مرض موتھ)): الصحیح((وفى وكان یعصب رأسھ فى مرضھ، وعصب الرأس ینفع فى وجع

. الشقیقة وغیرھا من أوجاع الرأس

@

فصل

فى عالج صداع الشقیقة

وعالجھ یختلف باختالف أنواعھ وأسبابھ، فمنھ ما عالجھ نھ ما عالجھ بتناول الغذاء، ومنھ ما عالجھ باالستفراغ، وم

بالسكون والدعة، ومنھ ما عالجھ بالضمادات، ومنھ ما عالجھ بالتبرید، ومنھ ما عالجھ بالتسخین، ومنھ ما عالجھ بأن یجتنب

. سماع األصوات والحركات

ناء، ھو إذا عرف ھذا، فعالج الصداع فى ھذا الحدیث بالح جزئى ال كلى، وھو عالج نوع من أنواعھ، فإن الصداع إذا كان من

حرارة ملھبة، ولم یكن من مادة یجب استفراغھا، نفع فیھ الحناء نفعا ظاھرا، وإذا دق وضمدت بھ الجبھة مع الخل، سكن الصداع،

ھ، وھذا ال وفیھ قوة موافقة للعصب إذا ضمد بھ، سكنت أوجاعیختص بوجع الرأس، بل یعم األعضاء، وفیھ قبض تشد بھ

. األعضاء، وإذا ضمد بھ موضع الورم الحار والملتھب، سكنھ

، وأبو داود فى ))تاریخھ((وقد روى البخارى فى أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ما شكا إلیھ أحد )) السنن((

، وال شكى إلیھ وجعا فى ))احتجم: ((فى رأسھ إال قال لھوجعا )). اختضب بالحناء: ((رجلیھ إال قال لھ

Page 72: الطب النبوى

عن سلمى أم رافع خادمة النبى صلى اهللا : وفى الترمذى كان ال یصیب النبى صلى اهللا علیھ وسلم قرحة : علیھ وسلم قالت

وضع علیھا الحناء وال شوكة، إال

فصل

فى الحناء ومنافعھ وخواصھ

والحناء بارد فى األولى، یابس فى الثانیة، وقوة شجر الحناء وأغصانھا مركبة من قوة محللة اكتسبتھا من جوھر فیھا

مائى، حار باعتدال، ومن قوة قابضة اكتسبتھا من جوھر فیھا . دأرضى بار

ومن منافعھ أنھ محلل نافع من حرق النار، وفیھ قوة موافقة للعصب إذا ضمد بھ، وینفع إذا مضغ من قروح الفم

ویبرىء القالع الحادث فى أفواه الصبیان، . والسالق العارض فیھوالضماد بھ ینفع من األورام الحارة الملھبة، ویفعل فى الجراحات

عل دم األخوین، وإذا خلط نوره مع الشمع المصفى، ودھن الورد، ف . ینفع من أوجاع الجنب

ومن خواصھ أنھ إذا بدأ الجدرى یخرج بصبى، فخضبت أسافل رجلیھ بحناء، فإنھ یؤمن على عینیھ أن یخرج فیھا شىء

عل نوره بین طى ثیاب وإذا ج. منھ، وھذا صحیح مجرب ال شك فیھالصوف طیبھا، ومنع السوس عنھا، وإذا نقع ورقھ فى ماء عذب یغمره، ثم عصر وشرب من صفوه أربعین یوما كل یوم عشرون

درھما مع عشرة دراھم سكر، ویغذى علیھ بلحم الضأن الصغیر، . فإنھ ینفع من ابتداء الجذام بخاصیة فیھ عجیبة

وحكى أن رجال تشققت أظافیر أصابع یده، وأنھ بذل لمن یبرئھ ماال، فلم یجد، فوصفت لھ امرأة، أن یشرب عشرة أیام

حناء، فلم یقدم علیھ، ثم نقعھ بماء وشربھ، فبرأ ورجعت أظافیره . إلى حسنھا

Page 73: الطب النبوى

حسنھا ونفعھا، وإذا والحناء إذا ألزمت بھ األظفار معجونا عجن بالسمن وضمد بھ بقایا األورام الحارة التى ترشح ماء أصفر

نفعھا، ونفع من الجرب المتقرح المزمن منفعة بلیغة، وھو ینبت الشعر ویقویھ، ویحسنھ، ویقوى الرأس، وینفع من النفاطات،

. جلین، وسائر البدنوالبثور العارضة فى الساقین والر

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى معالجة المرضى بترك إعطائھم ما یكرھونھ من الطعام والشراب، وأنھم ال یكرھون على تناولھما

، وابن ماجھ، عن عقبة بن ))جامعھ((روى الترمذى فى ال : ((وسلم قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ: عامر الجھنى، قال

تكرھوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإن اهللا عز وجل یطعمھم )). ویسقیھم

ما أغزر فوائد ھذه الكلمة : قال بعض فضالء األطباء النبویة المشتملة على حكم إلھیة، ال سیما لألطباء، ولمن یعالج

المریض إذا عاف الطعام أو الشراب، فذلك المرضى، وذلك أن الشتغال الطبیعة بمجاھدة المرض، أو لسقوط شھوتھ، أو نقصانھا لضعف الحرارة الغریزیة أو خمودھا، وكیفما كان، فال یجوز حینئذ

. إعطاء الغذاء فى ھذه الحالة

واعلم أن الجوع إنما ھو طلب األعضاء للغذاء لتخلف لطبیعة بھ علیھا عوض ما یتحلل منھا، فتجذب األعضاء القصوى ا

من األعضاء الدنیا حتى ینتھى الجذب إلى المعدة، فیحس اإلنسان بالجوع، فیطلب الغذاء، وإذا وجد المرض، اشتغلت الطبیعة بمادتھ

وإنضاجھا وإخراجھا عن طلب الغذاء، أو الشراب، فإذا أكره لى استعمال شىء من ذلك، تعطلت بھ الطبیعة عن المریض ع

فعلھا، واشتغلت بھضمھ وتدبیره عن إنضاج مادة المرض ودفعھ، فیكون ذلك سببا لضرر المریض، وال سیما فى أوقات البحران، أو

ضعف الحار الغریزى أو خموده، فیكون ذلك زیادة فى البلیة،

Page 74: الطب النبوى

ینبغى أن یسـتعمل فى ھذا الوقت وال . وتعجیل النازلة المتوقعةوالحال إال ما یحفظ علیھ قوتھ ویقویھا من غیر استعمال مزعج

للطبیعة ألبتة، وذلك یكون بما لطف قوامھ من األشربة واألغذیة، واعتدل مزاجھ كشراب اللینوفر، والتفاح، والورد الطرى، وما

المعتدلة الطیبة فقط، أشبھ ذلك، ومن األغذیة مرق الفراریجوإنعاش قواه باألراییح العطرة الموافقة، واألخبار السارة، فإن

. الطبیب خادم الطبیعة، ومعینھا ال معیقھا

واعلم أن الدم الجید ھو المغذى للبدن، وأن البلغم دم فج قد ر، نضج بعض النضج، فإذا كان بعض المرضى فى بدنھ بلغم كثی

وعدم الغذاء، عطفت الطبیعة علیھ، وطبختھ، وأنضجتھ، وصیرتھ دما، وغذت بھ األعضاء، واكتفت بھ عما سواه، والطبیعة ھى

القوة التى وكلھا اهللا سبحانھ بتدبیر البدن وحفظھ وصحتھ، . وحراستھ مدة حیاتھ

ار المریض واعلم أنھ قد یحتاج فى الندرة إلى إجب على الطعام والشراب، وذلك فى األمراض التى یكون معھا اختالط

العقل، وعلى ھذا فیكون الحدیث من العام المخصوص، أو من أن المریض : المطلق الذى قد دل على تقییده دلیل، ومعنى الحدیث . قد یعیش بال غذاء أیاما ال یعیش الصحیح فى مثلھا

فإن اهللا : ((وفى قولھ صلى اهللا علیھ وسلم معنى لطیف زائد على ما ذكره األطباء ال )) یطعمھم ویسقیھم

یعرفھ إال من لھ عنایة بأحكام القلوب واألرواح، وتأثیرھا فى طبیعة البدن، وانفعال الطبیعة عنھا، كما تنفعل ھى كثیرا عن

النفس إذا حصل لھا ما : ن نشیر إلیھ إشارة، فنقولالطبیعة، ونحیشغلھا من محبوب أو مكروه أو مخوف، اشتغلت بھ عن طلب

الغذاء والشراب، فال تحس بجوع وال عطش، بل وال حر وال برد، بل تشتغل بھ عن اإلحساس المؤلم الشدید األلم، فال تحس بھ، وما

د فى نفسھ ذلك أو شیئا منھ، وإذا اشتغلت من أحد إال وقد وجالنفس بما دھمھا، وورد علیھا، لم تحس بألم الجوع، فإن كان

Page 75: الطب النبوى

الوارد مفرحا قوى التفریح، قام لھا مقام الغذاء، فشبعت بھ، وانتعشت قواھا، وتضاعفت، وجرت الدمویة فى الجسد حتى تظھر

دمویتھ، فإن الفرح یوجب فى سطحھ، فیشرق وجھھ، وتظھرانبساط دم القلب، فینبعث فى العروق، فتمتلئ بھ، فال تطلب

األعضاء حظھا من الغذاء المعتاد الشتغالھا بما ھو أحب إلیھا، وإلى الطبیعة منھ، والطبیعة إذا ظفرت بما تحب، آثرتھ على ما ھو

. دونھ

مؤلما أو محزنا أو مخوفا، اشتغلت وإن كان الوارد بمحاربتھ ومقاومتھ ومدافعتھ عن طلب الغذاء، فھى فى حال

فإن ظفرت فى ھذا . حربھا فى شغل عن طلب الطعام والشرابالحرب، انتعشت قواھا، وأخلفت علیھا نظیر ما فاتھا من قوة

ھا بحسب الطعام والشراب، وإن كانت مغلوبة مقھورة، انحطت قواما حصل لھا من ذلك، وإن كانت الحرب بینھا وبین ھذا العدو

سجاال، فالقوة تظھر تارة وتختفى أخرى، وبالجملة فالحرب بینھما على مثال الحرب الخارج بین العدوین المتقاتلین، والنصر للغالب،

. والمغلوب إما قتیل، وإما جریح، وإما أسیر

لھ مدد من اهللا تعالى یغذیھ بھ زائدا على ما : فالمریض ذكره األطباء من تغذیتھ بالدم، وھذا المدد بحسب ضعفھ وانكساره وانطراحھ بین یدى ربھ عز وجل، فیحصل لھ من ذلك ما یوجب لھ

قربا من ربھ، فإن العبد أقرب ما یكون من ربھ إذا انكسر قلبھ، عندئذ قریبة منھ، فإن كان ولیا لھ، حصل لھ من ورحمة ربھ

األغذیة القلبیة ما تقوى بھ قوى طبیعتھ، وتنتعش بھ قواه أعظم من قوتھا، وانتعاشھا باألغذیة البدنیة، وكلما قوى إیمانھ وحبھ

لربھ، وأنسھ بھ، وفرحھ بھ، وقوى یقینھ بربھ، واشتد شوقھ إلیھ وجد فى نفسھ من ھذه القوة ما ال یعبر عنھ، وال ورضاه بھ وعنھ،

. یدركھ وصف طبیب، وال ینالھ علمھ

ومن غلظ طبعھ، وكثفت نفسھ عن فھم ھذا والتصدیق بھ، فلینظر حال كثیر من عشاق الصور الذین قد امتألت قلوبھم بحب

Page 76: الطب النبوى

و مال، أو علم، وقد شاھد الناس ما یعشقونھ من صورة، أو جاه، أ . من ھذا عجائب فى أنفسھم وفى غیرھم

عن النبى صلى اهللا )): الصحیح((وقد ثبت فى علیھ وسلم، أنھ كان یواصل فى الصیام األیام ذوات العدد، وینھى

طعمنى لست كھیئتكم إنى أظل ی: ((أصحابھ عن الوصال ویقول )). ربى ویسقینى

ومعلوم أن ھذا الطعام والشراب لیس ھو الطعام الذى یأكلھ اإلنسان بفمھ، وإال لم یكن مواصال، ولم یتحقق الفرق، بل لم یكن

)). أظل یطعمنى ربى ویسقینى: ((صائما، فإنھ قال

م فى نفس الوصال، وأنھ یقدر وأیضا فإنھ فرق بینھ وبینھ : منھ على ما ال یقدرون علیھ، فلو كان یأكل ویشرب بفمھ، لم یقل

، وإنما فھم ھذا من الحدیث من قل نصیبھ من ))لست كھیئتكم ((غذاء األرواح والقلوب، وتأثیره فى القوة وإنعاشھا، واغتذائھا بھ

. واهللا الموفق.. الجسمانىفوق تأثیر الغذاء

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج العذرة وفى العالج بالسعوط

خیر ما تداویتم بھ : ((أنھ قال)) الصحیحین((ثبت عنھ فى الحجامة، والقسط البحرى، وال تعذبوا صبیانكم بالغمز من

)). ةالعذر

عنھ من حدیث جابر بن عبد )) المسند((و)) السنن((وفى دخل رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم على عائشة، : اهللا قال

بھ : ؟ فقالوا)) ما ھذا: ((وعندھا صبى یسیل منخراه دما، فقالوالدكن، أیما ویلكن، ال تقتلن أ: ((العذرة، أو وجع فى رأسھ، فقال

امرأة أصاب ولدھا عذرة أو وجع فى رأسھ، فلتأخذ قسطا ھندیا

Page 77: الطب النبوى

فأمرت عائشة رضى اهللا عنھا )) فلتحكھ بماء، ثم تسعطھ إیاه . فصنع ذلك بالصبى، فبرأ

تھیج فى الحلق من : ةالعذر: قال أبو عبید عن أبى عبیدة . انتھى.. قد عذر بھ، فھو معذور: الدم، فإذا عولج منھ، قیل

قرحة تخرج فیما بین األذن والحلق، : العذرة: وقیل . وتعرض للصبیان غالبا

وأما نفع السعوط منھا بالقسط المحكوك، فألن العذرة علیھ البلغم، لكن تولده فى أبدان الصبیان أكثر، مادتھا دم یغلب

وفى القسط تجفیف یشد اللھاة ویرفعھا إلى مكانھا، وقد یكون نفعھ فى ھذا الداء بالخاصیة، وقد ینفع فى األدواء الحارة، واألدویة

)) القانون((وقد ذكر صاحب . الحارة بالذات تارة، وبالعرض أخرى . القسط مع الشب الیمانى، وبذر المـرو: اللھاةفى معالجة سقوط

ھو العود الھندى، : والقسط البحرى المذكور فى الحدیث وكانوا یعالجون . وھو األبیض منھ، وھو حلو، وفیھ منافع عدیدة

شىء یعلقونھ على الصبیان، : أوالدھم بغمز اللھاة، وبالعالق، وھولنبى صلى اهللا علیھ وسلم عن ذلك، وأرشدھم إلى ما ھو فنھاھم ا

. أنفع لألطفال، وأسھل علیھم

ما یصب فى األنف، وقد یكون بأدویة مفردة : والسعوط ومركبة تدق وتنخل وتعجن وتجفف، ثم تحل عند الحاجة، ویسعط

بین كتفیھ ما بھا فى أنف اإلنسان، وھو مستلق على ظھره، ویرفعھما لتنخفض رأسھ، فیتمكن السعوط من الوصول إلى دماغھ،

ویستخرج ما فیھ من الداء بالعطاس، وقد مدح النبى صلى اهللا . علیھ وسلم التداوى بالسعوط فیما یحتاج إلیھ فیھ

أن النبى صلى اهللا علیھ )): ((سننھ((وذكر أبو داود فى )). تعطوسلم اس

فصل

Page 78: الطب النبوى

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج المفؤود

من حدیث مجاھد، عن سعد، )) سننھ((روى أبو داود فى مرضت مرضا، فأتانى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ((قال

ال یعودنى، فوضع یده بین ثدیى حتى وجدت بردھا على فؤادى، وقإنك رجل مفؤود فأت الحارث بن كلدة من ثقیف، فإنھ رجل : لى

یتطبب، فلیأخذ سبع تمرات من عجوة المدینة، فلیجأھن بنواھن، )). ثم لیلدك بھن

الذى أصیب فؤاده، فھو یشتكیھ، كالمبطون الذى : المفؤود . یشتكى بطنھ

. ما یسقاه اإلنسان من أحد جانبى الفم: واللدود

وفى التمر خاصیة عجیبة لھذا الداء، وال سـیما تمر المدینة، وال سـیما العجوة منھ، وفى كونھا سبعا خاصیة أخرى،

د بن من حدیث عامر بن سع)): الصحیحین((تدرك بالوحى، وفى : قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: أبى وقاص، عن أبیھ قال

من تصبح بسبع تمرات من تمر العالیة لم یضره ذلك الیوم سم (( )). وال سحر

من أكل سبع تمرات مما بین البتیھا حین : ((وفى لفظ )). سم حتى یمسى یصبح، لم یضره

. رطب فیھا: وقیل. والتمر حار فى الثانیة، یابس فى األولى معتدل، وھو غذاء فاضل حافظ للصحة ال سیما لمن اعتاد : وقیل

الغذاء بھ، كأھل المدینة وغیرھم، وھو من أفضل األغذیة فى البالد لدرجة الثانیة، وھو لھم أنفع الباردة والحارة التى حرارتھا فى ا

منھ ألھل البالد الباردة، لبرودة بواطن سكانھا، وحرارة بواطن سكان البالد الباردة، ولذلك یكثر أھل الحجاز والیمن والطائف، وما

یلیھم من البالد المشابھة لھا من األغذیة الحارة ما ال یتأتى ھم یضعون فى أطعمتھم من لغیرھم، كالتمر والعسل، وشاھدنا

Page 79: الطب النبوى

الفلفل والزنجبیل، فوق ما یضعھ غیرھم نحو عشرة أضعاف أو أكثر، ویأكلون الزنجبیل كما یأكل غیرھم الحلوى، ولقد شاھدت من یتنقل بھ منھم كما یتنقل بالنقل، ویوافقھم ذلك وال یضرھم لبرودة

ظاھر الجسد، كما تشاھد میاه اآلبار أجوافھم، وخروج الحرارة إلىتبرد من الصیف، وتسخن فى الشتاء، وكذلك تنضج المعدة من

. األغذیة الغلیظة فى الشتاء ما ال تنضجھ فى الصیف

وأما أھل المدینة، فالتمر لھم یكاد أن یكون بمنزلة الحنطة ة من أجود أصناف لغیرھم، وھو قوتھم ومادتھم، وتمر العالی

تمرھم، فإنھ متین الجسم، لذیذ الطعم، صادق الحالوة، والتمر یدخل فى األغذیة واألدویة والفاكھة، وھو یوافق أكثر األبدان، مقو

للحار الغریزى، وال یتولد عنھ من الفضالت الردیئة ما یتولد عن من تعفن األخالط غیره من األغذیة والفاكھة، بل یمنع لمن اعتاده

. وفسادھا

وھذا الحدیث من الخطاب الذى أرید بھ الخاص، كأھل المدینة ومن جاورھم، وال ریب أن لألمكنة اختصاصا ینفع كثیر من األدویة فى ذلك المكان دون غیره، فیكون الدواء الذى قد ینبت فى ھذا المكان

نفع إذا نبت فى مكان غیره نافعا من الداء، وال یوجد فیھ ذلك اللتأثیر نفس التربة أو الھواء، أو ھما جمیعا، فإن لألرض خواص وطبائع یقارب اختالفھا اختالف طبائع اإلنسان، وكثیر من النبات یكون فى بعض البالد غذاء مأكوال، وفى بعضھا سما قاتال، ورب

من أمراض ھى أدویة أدویة لقوم أغذیة آلخرین، وأدویة لقومآلخرین فى أمراض سواھا؛ وأدویة ألھل بلد ال تناسب غیرھم، وال

. تنفعھم

وأما خاصیة السبع، فإنھا قد وقعت قدرا وشرعا، فخلق اهللا عز وجل السموات سبعا، واألرضین سبعا، واألیام سبعا،

وار، وشرع اهللا سبحانھ لعباده واإلنسان كمل خلقھ فى سبعة أطالطواف سبعا، والسعى بین الصفا والمروة سبعا، ورمى الجمار

وقال صلى اهللا . سبعا سبعا، وتكبیرات العیدین سبعا فى األولى

Page 80: الطب النبوى

وإذا صار للغالم سبع ((، ))مروھم بالصالة لسبع: ((علیھ وسلم . روایة فى)) سنین خیر بین أبویھ

أمھ : ((، وفى ثالثة))أبوه أحق بھ من أمھ: ((وفى روایة أخرىوأمر النبى صلى اهللا علیھ وسلم فى مرضھ أن یصب )) أحق بھ

علیھ من سبع قرب، وسخر اهللا الریح على قوم عاد سبع لیال، على قومھ بسبع ودعا النبى صلى اهللا علیھ وسلم أن یعینھ اهللا

كسبع یوسف، ومثل اهللا سبحانھ ما یضاعف بھ صدقة المتصدق بحبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة، والسنابل التى رآھا صاحب یوسف سبعا، والسنین التى زرعوھا دأبا سبعا،

عاف كثیرة، ویدخل وتضاعف الصدقة إلى سبعمائة ضعف إلى أض . الجنة من ھذه األمة بغیر حساب سبعون ألفا

فال ریب أن لھذا العدد خاصیة لیست لغیره، والسبعة : والشفع. جمعت معانى العدد كلھ وخواصھ، فإن العدد شفع ووتر

. شفع أول، وثان: كذلك، فھذه أربع مراتب: والوتر. أول وثانأول، وثان، وال تجتمع ھذه المراتب فى أقل من سبعة، وھى ووتر

عدد كامل جامع لمراتب العدد األربعة، أعنى الشفع والوتر، واألوائل والثوانى، ونعنى بالوتر األول، الثالثة، وبالثانى الخمسة؛

وبالشفع األول االثنین، وبالثانى األربعة، ولألطباء اعتناء عظیم كل شىء فى )): بقراط((وقد قال . ، وال سیما فى البحارینبالسبعة

ھذا العالم فھو مقدر على سبعة أجزاء، والنجوم سبعة، واألیام سبعة، وأسنان الناس سبعة، أولھا طفل إلى سبع، ثم صبى إلى أربع عشرة، ثم مراھق، ثم شاب، ثم كھل، ثم شیخ، ثم ھرم إلى

تعالى أعلم بحكمتھ وشرعھ، وقدره فى منتھى العمر، واهللا تخصیص ھذا العدد، ھل ھو لھذا المعنى أو لغیره ؟

ونفع ھذا العدد من ھذا التمر من ھذا البلد من ھذه البقعة بعینھا من السم والسحر، بحیث تمنع إصابتھ، من الخواص التى

األطباء، لتلقاھا وغیرھما من )) جالینوس((و)) بقراط((لو قالھا عنھم األطباء بالقبول واإلذعان واالنقیاد، مع أن القائل إنما معھ

Page 81: الطب النبوى

الحدس والتخمین والظن، فمن كالمھ كلھ یقین، وقطع وبرھان . ووحى، أولى أن تتلقى أقوالھ بالقبول والتسلیم، وترك االعتراض

تكون بالخاصیة وأدویة السموم تارة تكون بالكیفیة، وتارة . واهللا أعلم.. كخواص كثیر من األحجار والجواھر والیواقیت

فصل

ویجوز نفع التمر المذكور فى بعض السموم، فیكون الحدیث من العام المخصوص، ویجوز نفعھ لخاصیة تلك البلد،

وتلك التربة الخاصة من كل سم، ولكن ھھنا أمر ال بد من بیانھ، وھو أن من شرط انتفاع العلیل بالدواء قبولھ، واعتقاد النفع بھ؛

فتقبلھ الطبیعة، فتستعین بھ على دفع العلة، حتى إن كثیرا من المعالجات ینفع باالعتقاد، وحسن القبول، وكمال التلقى، وقد شاھد

الناس من ذلك عجائب، وھذا ألن الطبیعة یشتد قبولھا لھ، وتفرحالنفس بھ، فتنتعش القوة، ویقوى سلطان الطبیعة، وینبعث الحار

الغریزى، فیساعد على دفع المؤذى، وبالعكس یكون كثیر من األدویة نافعا لتلك العلة، فیقطع عملھ سوء اعتقاد العلیل فیھ،

واعتبر ھذا . وعدم أخذ الطبیعة لھ بالقبول، فال یجدى علیھا شیئااألدویة واألشفیة، وأنفعھا للقلوب واألبدان، والمعاش بأعظم

والمعاد، والدنیا واآلخرة، وھو القرآن الذى ھو شفاء من كل داء، كیف ال ینفع القلوب التى ال تعتقد فیھ الشفاء والنفع، بل ال یزیدھا

إال مرضا إلى مرضھا، ولیس لشفاء القلوب دواء قط أنفع من شفاؤھا التام الكامل الذى ال یغادر فیھا سقما إال أبرأه، القرآن، فإنھ

ویحفظ علیھا صحتھا المطلقة، ویحمیھا الحمیة التامة من كل مؤذ ومضر، ومع ھذا فإعراض أكثر القلوب عنھ، وعدم اعتقادھا

الجازم الذى ال ریب فیھ أنھ كذلك، وعدم استعمالھ، والعدول عنھ بنو جنسھا حال بینھا وبین الشفاء بھ، إلى األدویة التى ركبھا

وغلبت العوائد، واشتد اإلعراض، وتمكنت العلل واألدواء المزمنة من القلوب، وتربى المرضى واألطباء على عالج بنى جنسھم وما وضعھ لھم شیوخھم، ومن یعظمونھ ویحسنون بھ ظنونھم، فعظم

وعلل أعیا علیھم المصاب، واستحكم الداء، وتركبت أمراض

Page 82: الطب النبوى

عالجھا، وكلما عالجوھا بتلك العالجات الحادثة تفاقم أمرھا، : وقویت، ولسان الحال ینادى علیھم

ومن العجائب والعجائب جمة قرب الشفاء وما إلیھ وصول

والماء فوق ظھورھا كالعیس فى البیداء یقتلھا الظما محمول

دفع ضرر األغذیة والفاكھةفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فىبما یدفع ضررھا، ویقوى نفعھاوإصالحھا

رأیت : ((من حدیث عبد اهللا بن جعفر، قال)) الصحیحین((ثبت فى )).ثاءاهللا صلى اهللا علیھ وسلم یأكل الرطب بالقرسول

ویوافقھا، حار رطب فى الثانیة، یقوى المعدة الباردة،: والرطبویزید فى الباه، ولكنھ سریع التعفن، معطش معكر للدم، مصدع

مولد للسدد، ووجع المثانة، ومضر باألسنان، والقثاء بارد رطب بشمھ لما فیھ من مسكن للعطش، منعش للقوىفى الثانیة،

الملتھبة، وإذا جفف بزره، ودق العطریة، مطفىء لحرارة المعدةوأدر البول، ونفع من واستحلب بالماء، وشرب، سكن العطش،

وإذا دق وإذا دق ونخل، ودلك بھ األسنان، جالھا،. وجع المثانة .نفع من عضة الكلب الكلب ورقھ وعمل منھ ضماد مع المیبختج،

فھذا حار، وھذا بارد، وفى كل منھما صالح اآلخر، : وبالجملةألكثر ضرره، ومقاومة كل كیفیة بضدھا، ودفع سورتھا وإزالة

كلھ، وھو أصل فى حفظ الصحة، بل باألخرى، وھذا أصل العالج وأمثالھ فىوفى استعمال ذلك. علم الطب كلھ یستفاد من ھذا

األغذیة واألدویة إصالح لھا وتعدیل، ودفع لما فیھا من الكیفیاتالمضرة لما یقابلھا، وفى ذلك عون على صحة البدن، وقوتھ

Page 83: الطب النبوى

سمنونى بكل شىء، فلم : عائشة رضى اهللا عنھاوخصبھ، قالت .والرطب، فسمنتأسمن، فسمنونى بالقثاء

البارد بالحار، والحار بالبارد، والرطب فدفع ضرر: وبالجملةبالیابس، والیابس بالرطب، وتعدیل أحدھما باآلخر من أبلغ أنواع

ونظیر ھذا ما تقدم من أمره بالسنا . الصحةالعالجات، وحفظمن السمن یصلح بھ السنا، والسنوت، وھو العسل الذى فیھ شىء

القلوب ھ على من بعث بعمارةویعدلھ، فصلوات اهللا وسالم .واألبدان، وبمصالح الدنیا واآلخرة

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى الحمیـة

فإذا وقع التخلیط، احتیج . حمیة وحفظ صحة: الدواء كلھ شیئاناالستفراغ الموافق، وكذلك مدار الطب كلھ على ھذه القواعد إلى

.الثالثة

حمیة عما یجلب المرض، وحمیة عما یزیده، :والحمیة حمیتانحمیة : والثانیة. حمیة األصحاء: فیقف على حالھ، فاألولى

احتمى، وقف مرضھ عن التزاید، فإن المریض إذا. المرضىوإن كنتم {: تعالىواألصل فى الحمیة قولھ. وأخذت القوى فى دفعھ

الغائط أو المستم النساء اء أحد منكم منمرضى أو على سفر أو ج، فحمى المریض ] 6:المائدة [} صعیدا طیبافلم تجدوا ماء فتیمموا

.یضرهمن استعمال الماء، ألنھ

وغیره، عن أم المنذر بنت قیس )) سنن ابن ماجھ((وفى ل على رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ومعھ دخ: قالتاألنصاریة،

ولنا دوالى معلقة، فقام رسول اهللا على، وعلى ناقھ من مرض،یأكل منھا، فطفق صلى اهللا علیھ وسلم یأكل منھا، وقام على. حتى كف))إنك ناقة: ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یقول لعلى

وسلقا، فجئت بھ، فقال النبى صلى اهللا علیھوصنعت شعیرا : قالت

Page 84: الطب النبوى

من : ((، وفى لفظ فقال))من ھذا أصب، فإنھ أنفع لك: ((وسلم لعلى )).فأصب، فإنھ أوفق لكھذا

قدمت على النبى: أیضا عن صھیب، قال)) سنن ابن ماجھ((وفى ، ))ادن فكل: ((فقالصلى اهللا علیھ وسلم وبین یدیھ خبز وتمر،

یا : ؟ فقلت)) أتأكل تمرا وبك رمد: ((فأكلت، فقالفأخذت تمراالناحیة األخرى، فتبسم رسول اهللا صلى اهللا رسول اهللا؛ أمضغ من

.علیھ وسلم

إن اهللا إذا أحب: (( وفى حدیث محفوظ عنھ صلى اهللا علیھ وسلمیا، كما یحمى أحدكم مریضھ عن الطعامعبدا، حماه من الدن

)).والشراب

)).الدنیاإن اهللا یحمى عبده المؤمن من: ((وفى لفظ @

الحمیة رأس: ((وأما الحدیث الدائر على ألسنة كثیر من الناسھذا ف)) الدواء، والمعدة بیت الداء، وعودوا كل جسم ما اعتاد

ھو من كالم الحارث ابن كلدة طبیب العرب، وال یصح الحدیث إنماعلیھ وسلم، قالھ غیر واحد من أئمة رفعھ إلى النبى صلى اهللا

أن المعدة )):ویذكر عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم. الحدیثحوض البدن، والعروق إلیھا واردة، فإذا صحت المعدة صدرت

)).ق بالصحة، وإذا سقمت المعدة، صدرت العروق بالسقمالعرو

رأس الطب الحمیة، والحمیة عندھم للصحیح فى: وقال الحارثالمضرة بمنزلة التخلیط للمریض والناقھ، وأنفع ما تكون الحمیة

المرض، فإن طبیعتھ لم ترجع بعد إلى قوتھا، والقوة للناقھ منقابلة، واألعضاء مستعدة، فتخلیطھ ھاضمة ضعیفة، والطبیعةال

.یوجب انتكاسھا، وھو أصعب من ابتداء مرضھ

واعلم أن فى منع النبى صلى اهللا علیھ وسلم لعلى من األكل منالدوالى، وھو ناقھ أحسن التدبیر، فإن الدوالى أقناء من الرطب

Page 85: الطب النبوى

لألكل بمنزلة عناقید العنب، والفاكھة تضر بالناقھ تعلق فى البیتالمرض لسرعة استحالتھا، وضعف الطبیعة عن دفعھا، فإنھا من

وھى مشغولة بدفع آثار العلة، وإزالتھا لم تتمكن بعد من قوتھا، .من البدن

وفى الرطب خاصة نوع ثقل على المعدة، فتشتغل بمعالجتھحھ عما ھى بصدده من إزالة بقیة المرض وآثاره، فإما أن وإصال

تتزاید، فلما وضع بین یدیھ السلق تقف تلك البقیة، وإما أنأنفع األغذیة للناقھ، فإن والشعیر، أمره أن یصیب منھ، فإنھ من

والتلیین، وتقویة فى ماء الشعیر من التبرید والتغذیة، والتلطیفالسلق، فھذا و أصلح للناقھ، وال سیما إذا طبخ بأصولالطبیعة ما ھ

من أوفق الغذاء لمن فى معدتھ ضعف، وال یتولد عنھ من األخالط .ما یخاف منھ

حمى عمر رضى اهللا عنھ مریضا لھ، حتى إنھ: وقال زید بن أسلم .من شدة ما حماه كان یمص النوى

حمیة من أنفع األدویة قبل الداء، فتمنع حصولھ، وإذافال: وبالجملة .حصل، فتمنع تزایده وانتشاره

فصل

ومما ینبغى أن یعلم أن كثیرا مما یحمى عنھ العلیل والناقھوالصحیح، إذا اشتدت الشھوة إلیھ، ومالت إلیھ الطبیعة، فتناول

ھضمھ، لم یضره الذى ال تعجز الطبیعة عنمنھ الشىء الیسیرالطبیعة والمعدة تتلقیانھ بالقبول تناولھ، بل ربما انتفع بھ، فإن

یكون أنفع من تناول والمحبة، فیصلحان ما یخشى من ضرره، وقدصلى اهللا ما تكرھھ الطبیعة، وتدفعھ من الدواء، ولھذا أقر النبى

التمرات الیسیرة، وعلم علیھ وسلم صھیبا وھو أرمد على تناول .أنھا ال تضره

Page 86: الطب النبوى

ومن ھذا ما یروى عن على أنھ دخل على رسول اهللا صلى اهللا وسلم وھو أرمد، وبین یدى النبى صلى اهللا علیھ وسلم تمر علیھ

؟ ورمى إلیھ بتمرة، ثم بأخرى )) یا على؛ تشتھیھ)):یأكلھ، فقال )).حسبك یا على: ((سبعا، ثم قالإلیھ حتى رمى

من حدیث عكرمة، عن )) سننھ((ومن ھذا ما رواه ابن ماجھ فى : عباس، أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم عاد رجال، فقال لھابنأشتھى كعكا فقال : أشتھى خبز بر وفى لفظ: فقال؟)) ما تشتھى((

من كان عنده خبز بر، فلیبعث إلى : ((وسلمصلى اهللا علیھالنبى )).مریض أحدكم شیئا، فلیطعمھإذا اشتھى: ((، ثم قال))أخیھ

ففى ھذا الحدیث سر طبى لطیف، فإن المریض إذا تناول ما عن جوع صادق طبیعى، وكان فیھ ضرر ما، كان أنفع یشتھیھ

كان نافعا فى نفسھ، فإن صدق ا مما ال یشتھیھ، وإنوأقل ضررالطبیعة وكراھتھا شھوتھ، ومحبة الطبیعة یدفع ضرره، وبغض

.للنافع، قد یجلب لھا منھ ضررا

فتھضمھ فاللذیذ المشتھى تقبل الطبیعة علیھ بعنایة،: وبالجملةالنفس إلیھ بصدق الشھوة، على أحمد الوجوه، سیما عند انبعاث

.واهللا أعلم.. القوةوصحة

فصل

والدعة، بالسكون،فى عالج الرمدفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم وترك الحركة، والحمیة مما یھیج الرمد

التمر، وقد تقدم أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم حمى صھیبا منوھو أرمد، وحمى علیا من الرطب لـما أصابھ وأنكر علیھ أكلھ،

.الرمد

أنھ صلى اهللا علیھ )): الطب النبوى((وذكر أبو نعیم فى كتاب كان إذا رمدت عین امرأة من نسائھ لم یأتھا حتى تبرأ ))وسلم )).عینھا

Page 87: الطب النبوى

ین، وھوورم حار یعرض فى الطبقة الملتحمة من الع: الرمدبیاضھا الظاھر، وسببھ انصباب أحد األخالط األربعة، أو ریح حارة

الرأس والبدن، فینبعث منھا قسط إلى جوھر تكثر كمیتھا فىفترسل الطبیعة إلیھا من الدم العین، أو ضربة تصیب العین،

لھا، وألجل عرض والروح مقدارا كثیرا، تروم بذلك شفاءھا مما .ذلك یرم العضو المضروب، والقیاس یوجب ضده

حار : واعلم أنھ كما یرتفع من األرض إلى الجو بخاران، أحدھماحار رطب، فینعقدان سحابا متراكما، ویمنعان : واألخریابس،

فكذلك یرتفع من قعر المعدة إلى أبصارنا من إدراك السماء،عنھما علل شتى، فإن فیمنعان النظر، ویتولدمنتھاھا مثل ذلك،

الزكام، وإن قویت الطبیعة على ذلك ودفعتھ إلى الخیاشیم، أحدثالجنب، دفعتھ إلى اللھاة والمنخرین، أحدث الخناق، وإن دفعتھ إلى

أحدث الشوصة، وإن دفعتھ إلى الصدر، أحدث النزلة، وإن انحدر القلب، أحدث الخبطة، وإن دفعتھ إلى العین، أحدث رمدا، وإن إلى

أحدث السیالن، وإن دفعتھ إلى منازل الدماغ، انحدر إلى الجوف،أوعیة الدماغ منھ وامتألت بھ عروقھ، أحدث النسیان، وإن ترطبت

وإن. والسھر یابساأحدث النوم الشدید، ولذلك كان النوم رطبا،الصداع طلب البخار النفوذ من الرأس، فلم یقدر علیھ، أعقبھ

والسھر، وإن مال البخار إلى أحد شقى الرأس، أعقبھ الشقیقة، قمة الرأس ووسط الھامة، أعقبھ داء البیضة، وإن برد وإن ملك

سخن أو ترطب وھاجت منھ أریاح، أحدث منھ حجاب الدماغ أوحتى غلب الحار ، وإن أھاج الرطوبة البلغمیة فیھالعطاس

الغریزى، أحدث اإلغماء والسكات، وإن أھاج المرة السوداء حتىأظلم ھواء الدماغ، أحدث الوسواس، وإن فاض ذلك إلى مجارى

الطبیعى، وإن ترطبت مجامع عصب الرأس العصب، أحدث الصرعالبخار من مرة الفالج، وإن كانوفاض ذلك فى مجاریھ، أعقبھ

الصدر صفراء ملتھبة محمیة للدماغ، أحدث البرسام، فإن شركھ .فى ذلك، كان سرساما، فافھم ھذا الفصل

Page 88: الطب النبوى

أن أخالط البدن والرأس تكون متحركة ھائجة فى حال: والمقصودحركة كلیة للبدن الرمد، والجماع مما یزید حركتھا وثورانھا، فإنھ

فأما البدن، فیسخن بالحركة ال محالة، والنفس . والروح والطبیعةطلبا للذة واستكمالھا، والروح تتحرك تبعا لحركة تشتد حركتھا

الروح من البدن بالقلب، ومنھ ینشأ النفس والبدن، فإن أول تعلقفألجل أن ترسل الطبیعة، وأما حركة. الروح، وتنبث فى األعضاء

.إرسالھما یجب إرسالھ من المنى على المقدار الذى یجب

فالجماع حركة كلیة عامة یتحرك فیھا البدن وقواه،: وبالجملةوطبیعتھ وأخالطھ، والروح والنفس، فكل حركة فھى مثیرة

دفعھا وسیالنھا إلى األعضاء الضعیفة، لألخالط مرققة لھا توجبفأضر ما علیھا حركة لعین فى حال رمدھا أضعف ما تكون،وا

.الجماع

وقد یدل ركوب السفن أن)): الفصول((فى كتاب )) بقراط((قال ھذا مع أن فى الرمد منافع كثیرة، منھا ما . الحركة تثور األبدان

من من الحمیة واالستفراغ، وتنقیة الرأس والبدن یستدعیھعما یؤذى النفس والبدن من فضالتھما وعفوناتھما، والكف

وفى . الشاقةالغضب، والھم والحزن، والحركات العنیفة، واألعمال .ال تكرھوا الرمد، فإنھ یقطع عروق العمى: أثر سلفى

ومن أسباب عالجھ مالزمة السكون والراحة، وترك مس العینوقد . أضداد ذلك یوجب انصباب المواد إلیھا واالشتغال بھا، فإن

مثل أصحاب محمد مثل العین، ودواء العین ترك: السلفقال بعضعالج الرمد : ((وقد روى فى حدیث مرفوع، اهللا أعلم بھ. مسھا

لحار، وھو من أنفع األدویة للرمد ا)) البارد فى العینتقطیر الماءیستعان بھ على إطفاء حرارة الرمد إذا كان فإن الماء دواء بارد

رضى اهللا عنھ، المرأتھ زینب حارا، ولھذا قال عبد اهللا بن مسعودصلى اهللا علیھ لو فعلت كما فعل رسول اهللا: وقد اشتكت عینھا

الماء، ثم ینكوسلم كان خیرا لك وأجدر أن تشفى، تنضحین فى عشفاء أذھب البأس رب الناس، واشف أنت الشافى، ال: ((تقولین

Page 89: الطب النبوى

خاص وھذا مما تقدم مرارا أنھ)). إال شفاؤك، شفاء ال یغادر سقماببعض البالد، وبعض أوجاع العین، فال یجعل كالم النبوة الجزئى

الكلى العام جزئیا خاصا، فیقع من الخطإ، كلیا عاما، والالخاص .واهللا أعلم.. یقعوخالف الصواب ما

فصل

یجمد فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الخدران الكلى الذى معھ البدن

: النھدىمن حدیث أبى عثمان)) غریب الحدیث((ذكر أبو عبید فى جرة فأكلوا منھا، فكأنما مرت بھم ریح،أن قوما مروا بش

قرسوا الماء فى : ((فأجمدتھم، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم: ، ثم قال أبو عبید))وصـبوا علیھم فیما بین األذانینالشنان،

قد قرس البرد، إنما ھو من : وقول الناس. بردوایعنى)): قرسوا((یقال : األسقیة والقرب الخلقان: والشنان.بالسین لیس بالصاد ھذا

وإنما ذكر الشنان دون الجدد ألنھا . شـنة:شن، وللقربة: للسقاءأذان الفجر : ، یعنى))بین األذانین)):وقولھ. أشد تبریدا للماء

.كالمھانتھى.. واإلقامة، فسمى اإلقامة أذانا

وھذا العالج من النبى صلى اهللا علیھ وسلم من: بعض األطباء قالأفضل عالج ھذا الداء إذا كان وقوعھ بالحجاز، وھى بالد حارة

الغریزى ضعیف فى بواطن سكانھا، وصب الماء یابسة، والحارأبرد أوقات الیوم یوجب جمع البارد علیھم فى الوقت المذكور وھو

قواه، فیقوى القوة غریزى المنتشر فى البدن الحامل لجمیعالحار الالدافعة، ویجتمع من أقطار البدن إلى باطنھ الذى ھو محل ذاك

الداء، ویستظھر بباقى القوى على دفع المرض المذكور، فیدفعھ وجل،بإذن اهللا عز

أو غیرھما، وصف ھذا الدواء)) جالینوس((أو )) بقراط((ولو أن .الداء، لخضعت لھ األطباء، وعجبوا من كمال معرفتھلھذا

Page 90: الطب النبوى

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى إصالح الطعام الذى یقع فیھ الذباب وإرشاده إلى دفع مضرات السموم بأضدادھا

من حدیث أبى ھریرة، أن رسول اهللا صلى اهللا )) الصحیحین((فى وقع الذباب فى إناء أحدكم، فامقلوه، فإن فى إذا: ((وسلم قالعلیھ )).جناحیھ داء، وفى اآلخر شفاءأحد

عن أبى سعید الخدرى، أن رسول اهللا )) سنن ابن ماجھ((وفى أحد جناحى الذباب سم، واآلخر شفاء، : ((اهللا علیھ وسلم قالصلى )).الشفاءام، فامقلوه، فإنھ یقدم السم، ویؤخروقع فى الطعفإذا

أمر فقھى، وأمر طبى: ھذا الحدیث فیھ أمران

مات فھو دلیل ظاھر الداللة جدا على أن الذباب إذا.. فأما الفقھىفى ماء أو مائع، فإنھ ال ینجسھ، وھذا قول جمھور العلماء، وال

ووجھ االستدالل بھ أن النبى . سلف مخالف فى ذلكالیعرف فىبمقلھ، وھو غمسھ فى الطعام، ومعلوم صلى اهللا علیھ وسلم أمر

فلو كان ینجسھ . الطعام حاراأنھ یموت من ذلك، وال سیما إذا كانإنما أمر لكان أمرا بإفساد الطعام، وھو صلى اهللا علیھ وسلم

دى ھذا الحكم إلى كل ما ال نفس لھ سائلة، كالنحلةبإصالحھ، ثم عإذ الحكم یعم بعموم علتھ، . والزنبور، والعنكبوت، وأشباه ذلك

النتفاء سببھ، فلما كان سبب التنجیس ھو الدم المحتقن فى وینتفىمفقودا فیما ال دم لھ سائل انتفى الحكم الحیوان بموتھ، وكان ذلك

.یس النتفاء علتھبالتنج

إذا كان ھذا ثابتا فى: ثم قال من لم یحكم بنجاسة عظم المیتةالحیوان الكامل مع ما فیھ من الرطوبات، والفضالت، وعدم

الذى ھو أبعد عن الرطوبات والفضالت، الصالبة، فثبوتھ فى العظم .لىفالمصیر إلیھ أوواحتقان الدم أولى، وھذا فى غایة القوة،

Page 91: الطب النبوى

ال ما: وأول من حفظ عنھ فى اإلسالم أنھ تكلم بھذه اللفظة، فقالنفس لھ سائلة؛ إبراھیم النخعى وعنھ تلقاھا الفقھاء والنفس فى

یعبر بھا عن الدم، ومنھ نفست المرأة بفتح النون إذا :اللغة .ولدتحاضت، ونفست بضمھا إذا

اغمسوه)): امقلوه((معنى : أبو عبیدوأما المعنى الطبى، فقال ھما یتماقالن، : لیخرج الشفاء منھ، كما خرج الداء، یقال للرجلین

.الماءإذا تغاطا فى

والحكة واعلم أن فى الذباب عندھم قوة سمـیة یدل علیھا الورم،یؤذیھ، العارضة عن لسعھ، وھى بمنزلة السالح، فإذا سقط فیما

بسالحھ، فأمر النبى صلى اهللا علیھ وسلم أن یقابل تلك اتقاهسبحانھ فى جناحھ اآلخر من الشفاء، السمیة بما أودعھ اهللا

السمیة المادة النافعة، فیغمس كلھ فى الماء والطعام، فیقابل المادة، بل وأئمتھموھذا طب ال یھتدى إلیھ كبار األطباء. فیزول ضررھا

ھو خارج من مشكاة النبوة، ومع ھذا فالطبیب العالم العارفالموفق یخضع لھذا العالج، ویقر لمن جاء بھ بأنھ أكمل الخلق

.وأنھ مؤید بوحى إلھى خارج عن القوى البشریةعلى اإلطالق،

كوقد ذكر غیر واحد من األطباء أن لسع الزنبور والعقرب إذا دلموضعھ بالذباب نفع منھ نفعا بینا، وسكنھ، وما ذاك إال للمادة التى

الشفاء، وإذا دلك بھ الورم الذى یخرج فى شعر العین فیھ من .رؤوس الذباب، أبرأهالمسمى شعرة بعد قطع

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج البثرة

تابھ عن بعض أزواج النبى صلى اهللا علیھ ذكر ابن السنى فى كدخل على رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وقد خرج : قالتوسلم،

.نعم: ؟ قلت)) عندك ذریرة)):فى أصبعى بثرة، فقال

Page 92: الطب النبوى

ومكبر اللھم مصغر الكبیر،: ((، وقولى))ضعیھا علیھا: ((قال )).بى الصغیر، صغر ما

دواء ھندى یتخذ من قصب الذریرة، وھى حارة یابسة: الذریرة تنفع من أورام المعدة والكبد واالستسقاء، وتقوى القلب لطیبھا،

طیبت رسول اهللا صلى : عن عائشة أنھا قالت)) الصحیحین((وفى .حل واإلحرامعلیھ وسلم بیدى بذریرة فى حجة الوداع للاهللا

خراج صغیر یكون عن مادة حارة تدفعھا الطبیعة، : والبثرةمكانا من الجسد تخرج منھ، فھى محتاجة إلى ما ینضجھا فتسترق

ما یفعل بھا ذلك، فإن فیھا إنضاجا ویخرجھا، والذریرة أحدلتى فى تلك تبریدا للناریة اوإخراجا مع طیب رائحتھا، مع أن فیھا

النار إنھ ال أفضل لحرق)): القانون((المادة، ولذلك قال صاحب .من الذریرة بدھن الورد والخل

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج األورام والخراجات التى] [تبرأ بالبط والبزل

لم دخلت مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وس: یذكر عن على أنھ قال: قال. یا رسول اهللا؛ بھذه مدة: رجل یعوده بظھره ورم، فقالواعلى

فما برحت حتى بطت، والنبى صلى اهللا : قال على،))بطوا عنھ(( .علیھ وسلم شاھد

أن أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أمر طبیبا: ویذكر عن أبى ھریرة یا رسول اهللا؛ ھل ینفع الطب؟: فقیلیبط بطن رجل أجوى البطن،

)).الذى أنزل الداء، أنزل الشفاء، فیما شاء: ((قال

مادة فى حجم العضو لفضل مادة غیر طبیعیة تنصب إلیھ،: الورمویوجد فى أجناس األمراض كلھا، والمواد التى تكون عنھا من

Page 93: الطب النبوى

تمع الورم سمى والمائیة، والریح، وإذا اجاألخالط األربعة،إما تحلل، : أحد ثالثة أشیاءخراجا، وكل ورم حار یؤول أمره إلى

كانت القوة قویة، فإن. وإما جمع مدة، وإما استحالة إلى الصالبةاستولت على مادة الورم وحللتھ، وھى أصلح الحاالت التى یؤول

، وأحالتھا حال الورم إلیھا، وإن كانت دون ذلك، أنضجت المادةوإن نقصت عن ذلك . لھا مكانا أسالتھا منھمدة بیضاء، وفتحت

النضج، وعجزت عن فتح مكان أحالت المادة مدة غیر مستحكمةلبثھا فیھ، فى العضو تدفعھا منھ، فیخاف على العضو الفساد بطول

المادة فیحتاج حینئذ إلى إعانة الطبیب بالبط، أو غیره إلخراج تلك .الردیئة المفسدة للعضو

.إخراج المادة الردیئة المفسدة: وفى البط فائدتان؛ إحداھما

.منع اجتماع مادة أخرى إلیھا تقویھا: والثانیة

إنھ أمر طبیبا أن یبط بطن رجل: ((وأما قولھ فى الحدیث الثانىالمنتن الذى الماء: ، فالجوى یقال على معان منھا))أجوى البطن

.البطن یحدث عنھ االستسقاءیكون فى

وقد اختلف األطباء فى بزلھ لخروج ھذه المادة، فمنعتھ طائفة ال : لخطره، وبعد السالمة معھ، وجوزتھ طائفة أخرى، وقالتمنھم

فإنھ . عندھم إنما ھو فى االستسقاء الزقىعالج لھ سواه، وھذاالذى ینتفخ معھ البطن بمادة وھو: طبلى: نواعكما تقدم ثالثة أ

: ولحمىریحیة إذا ضربت علیھ سمع لھ صوت كصوت الطبل،وھو الذى یربو معھ لحم جمیع البدن بمادة بلغمیة تفشو مع الدم

وھو الذى یجتمع معھ : وھو أصعب من األول، وزقىفى األعضاء،ع لھا عند الحركة خضخضة یسمفى البطن األسفل مادة ردیئة

األكثرین من كخضخضة الماء فى الزق، وھو أردأ أنواعھ عند .بھلعموم اآلفة)) اللحمى((أردأ أنواعھ : وقالت طائفة. األطباء

Page 94: الطب النبوى

ومن جملة عالج الزقى إخراج ذلك بالبزل، ویكون ذلك بمنزلة م، وإن ثبت العروق إلخراج الدم الفاسد، لكنھ خطر كما تقدفصد

.واهللا أعلم.. على جواز بزلھھذا الحدیث، فھو دلیل

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى تغذیة المریض بألطف ما اعتاده األغذیةمن

أنھا كانت إذا : من حدیث عروة، عن عائشة)) الصحیحین((فى إلى أھلھن، المیت من أھلھا، واجتمع لذلك النساء، ثم تفرقنمات

من تلبینة فطبخت، وصنعت ثریدا، ثم صبت التلبینة أمرت ببرمةمنھا، فإنى سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ كلوا: علیھ، ثم قالت

لفؤاد المریض تذھب ببعض التلبینة مجمة: ((وسلم یقول )).الحزن

قال رسول اهللا : ، قالتمن حدیث عائشة أیضا)) السنن((وفى : ، قالت))علیكم بالبغیض النافع التلبین: ((علیھ وسلمصلى اهللا

صلى اهللا علیھ وسلم إذا اشتكى أحد من أھلھ لم وكان رسول اهللا .یعنى یبرأ أو یموت. ینتھى أحد طرفیھتزل البرمة على النار حتى

إن فالنا: لى اهللا علیھ وسلم إذا قیل لھكان رسول اهللا ص: وعنھا، ))إیاھاعلیكم بالتلبینة فحسوه: ((وجع ال یطعم الطعام، قال

تغسل والذى نفسى بیده إنھا تغسل بطن أحدكم كما: ((ویقول )).إحداكن وجھھا من الوسخ

اشتق رقیق الذى ھو فى قوام اللبن، ومنھھو الحساء ال: التلبینسمیت تلبینة لشبھھا باللبن لبیاضھا ورقتھا،: اسمھ، قال الھروى

وھذا الغذاء ھو النافع للعلیل، وھو الرقیق النضیج ال الغلیظ النىء، شئت أن تعرف فضل التلبینة، فاعرف فضل ماء الشعیر، بل وإذا

فإنھا حساء متخذ من دقیق الشعیر بنخالتھ، اء الشعیر لھم،ھى میطبخ صحاحا، والتلبینة تطبخ والفرق بینھا وبین ماء الشعیر أنھ

Page 95: الطب النبوى

الشعیر بالطحن، وقد منھ مطحونا، وھى أنفع منھ لخروج خاصیةة وكانت عادتقدم أن للعادات تأثیرا فى االنتفاع باألدویة واألغذیة،

القوم أن یتخذوا ماء الشعیر منھ مطحونا ال صحاحا، وھو أكثر وأقوى فعال، وأعظم جالء، وإنما اتخذه أطباء المدن منھ تغذیة،

وألطف، فال یثقل على طبیعة المریض، وھذا صحاحا لیكون أرقوثقل ماء الشعیر المطحون بحسب طبائع أھل المدن ورخاوتھا،

ینفذ سریعا، أن ماء الشعیر مطبوخا صحاحا: والمقصود. اعلیھكان وإذا شرب حارا. ویجلو جالء ظاھرا، ویغذى غذاء لطیفا

جالؤه أقوى، ونفوذه أسرع، وإنماؤه للحرارة الغریزیة أكثر، .المعدة أوفقوتلمیسھ لسطوح

، یروى))ة لفؤاد المریضمجم: ((وقولھ صلى اهللا علیھ وسلم فیھا: واألول. بوجھین؛ بفتح المیم والجیم، وبضم المیم، وكسر الجیم

:مریحة لھ، أىأنھا: ومعناه. أشھر

تذھب: ((وقولھ. وھو الراحة)) اإلجمـام((تریحھ وتسكنھ من ، ھذا واهللا أعلم ألن الغم والحزن یبردان المزاج، ))ببعض الحزن

الحرارة الغریزیة لمیل الروح الحامل لھا إلى جھة القلب انویضعفالحساء یقوى الحرارة الغریزیة بزیادتھ الذى ھو منشؤھا، وھذا

.الغم والحزنفى مادتھا، فتزیل أكثر ما عرض لھ من

إنھا تذھب ببعض الحزن بخاصیة فیھا من: وقد یقال وھو أقرب فرحة، فإن من األغذیة ما یفرح جنس خواص األغذیة الم

.أعلمواهللا.. بالخاصیة

إن قوى الحزین تضعف باستیالء الیبس على أعضائھ،: وقد یقالوعلى معدتھ خاصة لتقلیل الغذاء، وھذا الحساء یرطبھا، ویقویھا،

ویفعل مثل ذلك بفؤاد المریض، لكن المریض كثیرا ما ویغذیھا،مرارى، أو بلغمى، أو صدیدى، وھذا ى معدتھ خلطیجتمع ف

ویسروه، ویحدره، ویمیعھ، ویعدل الحساء یجلو ذلك عن المعدةوال سیما لمن عادتھ االغتذاء كیفیتھ، ویكسر سورتھ، فیریحھا

Page 96: الطب النبوى

وكان ھو غالببخبز الشعیر، وھى عادة أھل المدینة إذ ذاك، .واهللا أعلم.. قوتھم، وكانت الحنطة عزیزة عندھم

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج المرضى بتطییب نفوسھم قلوبھموتقویة

: من حدیث أبى سعید الخدرى، قال)) سننھ((روى ابن ماجھ فى إذا دخلتم على المریض، : ((اهللا صلى اهللا علیھ وسلمقال رسول

األجل، فإن ذلك ال یرد شیئا، وھو یطیب نفس سوا لھ فىفنف )).المریض

وفى ھذا الحدیث نوع شریف جدا من أشرف أنواع العالج، وھو إلى ما یطیب نفس العلیل من الكالم الذى تقوى بھ اإلرشاد

غریزى، فیتساعد وینبعث بھ الحار الالطبیعة، وتنتعش بھ القوة، .تأثیر الطبیبعلى دفع العلة أو تخفیفھا الذى ھو غایة

وتفریح نفس المریض، وتطییب قلبھ، وإدخال ما یسره علیھ، لھتأثیر عجیب فى شفاء علتھ وخفتھا، فإن األرواح والقوى تقوى

سكثیرا فتساعد الطبیعة على دفع المؤذى، وقد شاھد الناس بذلك،بعیادة من یحبونھ، ویعظمونھ، ورؤیتھم من المرضى تنتعش قواه

أحد فوائد عیادة لھم، ولطفھم بھم، ومكالمتھم إیاھم، وھذانوع: المرضى التى تتعلق بھم، فإن فیھا أربعة أنواع من الفوائد

یرجع إلى المریض، ونوع یعود على العائد، ونوع یعود على أھل .على العامةض، ونوع یعودالمری

وقد تقدم فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ كان یسأل المریض @یشتھیھ، ویضع یده على شكواه، وكیف یجده ویسألھ عماعن

ثدییھ، ویدعو لھ، ویصف لھ ما ینفعھ جبھتھ، وربما وضعھا بینوربما من وضوئھ، فى علتھ، وربما توضأ وصب على المریض

Page 97: الطب النبوى

، وھذا من))ال بأس، طھور إن شاء اهللا: ((كان یقول للمریض .كمال اللطف، وحسن العالج والتدبیر

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج األبدان بما اعتادتھ من األدویة واألغذیة، دون ما لم تعتده

، وإذا أخطأهھذا أصل عظیم من أصول العالج، وأنفع شىء فیھالطبیب، أضر المریض من حیث یظن أنھ ینفعھ، وال یعدل عنھ إلى

األدویة فى كتب الطب إال طبیب جاھل، فإن مالءمة ما یجده مناستعدادھا وقبولھا، وھؤالء أھل األدویة واألغذیة لألبدان بحسب

والورد اللینوفر البوادى واألكارون وغیرھم ال ینجع فیھم شرابأھل الطرى وال المغلى، وال یؤثر فى طباعھم شیئا، بل عامة أدویة

الحضر وأھل الرفاھیة ال تجدى علیھم، والتجربة شاھدة بذلك،ومن ذكرناه من العالج النبوى، رآه كلھ موافقا لعادة العلیل تأمل ما

لعالج یجب فھذا أصل عظیم من أصول ا.وأرضھ، وما نشأ علیھحتى قال طبیب العرب االعتناء بھ، وقد صرح بھ أفاضل أھل الطب

الحمیة :بل أطبھم الحارث ابن كلدة، وكان فیھم كأبقراط فى قومھوفى. رأس الدواء، والمعدة بیت الداء؛ وعودوا كل بدن ما اعتاد

ك عن األكل یعنى بھ الجوع، اإلمسـا: األزم دواء، واألزم: لفظ عنھاألدویة فى شــفاء األمراض االمتالئیة كلھا بحیث وھو من أكبر

المستفرغات إذا لم یخف من كثرة إنھ أفضل فى عالجھا من .وغلیانھااالمتالء، وھیجان األخالط، وحدتھا

فعضو عصبى مجو: المعدة)). المعدة بیت الداء: ((وقولھكالقرعة فى شكلھا، مركب من ثالث طبقات، مؤلفة من شظایا

تسمى اللیف، ویحیط بھا لحم، ولیف إحدى الطبقات دقیقة عصبیةوالثالثة بالورب، وفم المعدة أكثر بالطول، واألخرى بالعرض،

خمل، وھى محصورة فىعصبا، وقعرھا أكثر لحما، فى باطنھاھذه وسط البطن، وأمیل إلى الجانب األیمن قلیال، خلقت على

Page 98: الطب النبوى

الصفة لحكمة لطیفة من الخالق الحكیم سبحانھ، وھى بیت الداء، للھضم األول، وفیھا ینضج الغذاء وینحدر منھا بعد وكانت محال

ویتخلف منھ فیھا فضالت قد عجزت القوة ذلك إلى الكبد واألمعاء،الغذاء، أو لرداءتھ، أو لسوء لھاضمة عن تمام ھضمھا، إما لكثرةا

بعضھا مما ال ترتیب فى استعمالھ، أو لمجموع ذلك، وھذه األشیاءیتخلص اإلنسان منھ غالبا، فتكون المعدة بیت الداء لذلك، وكأنھیشیر بذلك إلى الحث على تقلیل الغذاء، ومنع النفس من اتباع

.والتحرز عن الفضالتالشھوات،

طبع العادة: ((فألنھا كالطبیعة لإلنسان؛ ولذلك یقال.. وأما العادة، وھى قوة عظیمة فى البدن، حتى إن أمرا واحدا إذا قیس ))ثان

وإن كانت تلك . مختلفة العادات، كان مختلف النسبة إلیھاإلى أبدانرى مثال ذلك أبدان ثالثة حارة األخاألبدان متفقة فى الوجوه

تناول األشیاء الحارة، عود: المزاج فى سن الشباب، أحدھاعود تناول األشیاء :والثالث. عود تناول األشیاء الباردة: والثانى

متى :والثانى. المتوسطة، فإن األول متى تناول عسال لم یضر بھفالعادة ركن عظیم فى . ضر بھ قلیالی: والثالث. تناولھ، أضر بھ

ومعالجة األمراض، ولذلك جاء العالج النبوى حفظ الصحة،األغذیة واألدویة وغیر بإجراء كل بدن على عادتھ فى استعمال

.ذلك

فصل

بخیبر فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج السم الذى أصابھ من الیھود

ن معمر، عن الزھرى، عن عبد الرحمن بن ذكر عبد الرزاق، عأن امرأة یھودیة أھدت إلى النبى صلى اهللا علیھ : ابن مالككعب

ھدیة، وحذرت : ؟ قالت)) ما ھذه: ((مصلیة بخیبر، فقالوسلم شاة من الصدقة، فال یأكل منھا، فأكل النبى صلى اهللا علیھ:أن تقول

ھل : ((، ثم قال للمرأة))أمسكوا: ((ثم قالوسلم، وأكل الصحابة،

Page 99: الطب النبوى

ھذا العظم : ((أخبرك بھذا ؟ قالمن: ؟ قالت)) سممت ھذه الشاةأردت إن : ؟ قالت)) لم)):قال. نعم: ، وھو فى یده، قالت))لساقھا

: م یضرك، قاللكنت كاذبا أن یستریح منك الناس، وإن كنت نبیافاحتجم النبى صلى اهللا علیھ وسلم ثالثة على الكاھل، وأمر

.أصحابھ أن یحتجموا؛ فاحتجموا، فمات بعضھم

واحتجم رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم على: ((وفى طریق أخرىن كاھلھ من أجل الذى أكل من الشاة، حجمھ أبو ھند بالقر

وھو مولى لبنى بیاضة من األنصار، وبقى بعد ذلك ثالث والشفرة،ما زلت أجد من : ((توفى فیھ، فقالسنین حتى كان وجعھ الذى

خیبر حتى كان ھذا أوان انقطاع األكلة التى أكلت من الشاة یومهللا علیھ وسلم شھیدا، قالھ ا، فتوفى رسول اهللا صلى))األبھر منى

.موسى بن عقبة

معالجة السم تكون باالستفراغات، وباألدویة التى تعارض فعلفمن عدم الدواء، . السم وتبطلھ، إما بكیفیاتھا، وإما بخواصھا

االستفراغ الكلى وأنفعھ الحجامة، وال سیما إذا كان فلیبادر إلىحارا، فإن القوة السمیة تسرى إلى الدم، انالبلد حارا، والزم

تصل إلى القلب، فیكون فتنبعث فى العروق والمجارى حتىواألعضاء، فإذا الھالك، فالدم ھو المنفذ الموصل للسم إلى القلب

التى بادر المسموم وأخرج الدم، خرجت معھ تلك الكیفیة السمیةستفراغا تاما لم یضره السم، بل إما أن یذھب، خالطتھ، فإن كان ا

.أن یضعف فتقوى علیھ الطبیعة، فتبطل فعلھ أو تضعفھوإما

ولما احتجم النبى صلى اهللا علیھ وسلم، احتجم فى الكاھل، وھوأقرب المواضع التى یمكن فیھا الحجامة إلى القلب، فخرجت المادة

خروجا كلیا، بل بقى أثرھا مع ضعفھ لما یرید الدم الالسمیة معتكمیل مراتب الفضل كلھا لھ، فلما أراد اهللا إكرامھ اهللا سبحانھ من

األثر الكامن من السم لیقضى اهللا أمرا بالشھادة، ظھر تأثیر ذلكما أفكل{: ألعدائھ من الیھودكان مفعوال، وظھر سر قولھ تعالى

أنفسكم استكبرتم ففریقا كذبتم وفریقاجاءكم رسول بما ال تھوى

Page 100: الطب النبوى

بالماضى الذى قد )) كذبتم((، فجاء بلفظ ]87: البفرة [}تقتلونبالمستقبل الذى )) تقتلون: ((وتحقق، وجاء بلفظوقع منھ،

.لمأعواهللا.. یتوقعونھ وینتظرونھ

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج السحر الذى سحرتھ بھالیھود

ال یجوز ھذا علیھ، وظنوه: قد أنكر ھذا طائفة من الناس، وقالوانقصا وعیبا، ولیس األمر كما زعموا، بل ھو من جنس ما كان

علیھ وسلم من األسقام واألوجاع، وھو مرض یعتریھ صلى اهللاوقد ثبت .ال فرق بینھمااألمراض، وإصابتھ بھ كإصابتھ بالسممن سحر )):عن عائشة رضى اهللا عنھا، أنھا قالت)) الصحیحین((فى

رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم حتى إن كان لیخیل إلیھ أنھ یأتى .، وذلك أشد ما یكون من السحر))نساءه، ولم یأتھن

والسحر مرض من األمراض، وعارض من : ضى عیاضقال القاعلیھ صلى اهللا علیھ وسلم كأنواع األمراض مما ال العلل یجوز

وأما كونھ یخیل إلیھ أنھ فعل الشىء ولم ینكر، وال یقدح فى نبوتھ،داخلة فى شىء من صدقھ، یفعلھ، فلیس فى ھذا ما یدخل علیھ

یجوز اع على عصمتھ من ھذا، وإنما ھذا فیمالقیام الدلیل واإلجمطروه علیھ فى أمر دنیاه التى لم یبعث لسببھا، وال فضل من

فیھا عرضة لآلفات كسائر البشر، فغیر بعید أنھ یخیل أجلھا، وھو .حقیقة لھ، ثم ینجلى عنھ كما كانإلیھ من أمورھا ما ال

فى عالج ھذا المرض، وقد روى عنھ فیھ ذكر ھدیھ: والمقصود :نوعان

استخراجھ وإبطالھ، كما صح عنھ صلى اهللا: أحدھما وھو أبلغھما علیھ وسلم أنھ سأل ربھ سبحانھ فى ذلك؛ فدل علیھ، فاستخرجھ

مشط ومشاطة، وجف طلعة ذكر، فلما من بئر، فكان فى

Page 101: الطب النبوى

كأنما أنشط من عقال، فھذا من أبلغ ھ، حتىاستخرجھ، ذھب ما بإزالة المادة الخبیثة وقلعھا من ما یعالج بھ المطبوب، وھذا بمنزلة

.الجسد باالستفراغ

االستفراغ فى المحل الذى یصل إلیھ أذى السحر،: والنوع الثانى، وتشویش فإن للسحر تأثیرا فى الطبیعة، وھیجان أخالطھا

أثره فى عضو، وأمكن استفراغ المادة الردیئة مزاجھا، فإذا ظھر .من ذلك العضو، نفع جدا

لھ بإسناده، عن عبد)) غریب الحدیث((وقد ذكر أبو عبید فى كتاب الرحمن بن أبى لیلى، أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم احتجم على

.سحر: أى: معنى طب: أبو عبید حین طب، قالرأسھ بقرن

وما ما للحجامة والسحر ؟: وقد أشكل ھذا على من قل علمھ، وقالالرابطة بین ھذا الداء وھذا الدواء ؟ ولو وجد ھذا القائل

أو غیرھما قد نص على ھذا العالج، )) ابن سینا))، أو))أبقراط((قد نص علیھ من ال یشك فى معرفتھ : وقالم،لتلقاه بالقبول والتسلی

.وفضلھ

فاعلم أن مادة السحر الذى أصیب بھ صلى اهللا علیھ وسلم انتھتإلى رأسھ إلى إحدى قواه التى فیھ بحیث كان یخیل إلیھ أنھ یفعل

یفعلھ، وھذا تصرف من الساحر فى الطبیعة والمادة الشىء ولمالبطن المقدم منھ، فغیرت بت تلك المادة علىالدمویة بحیث غل

.مزاجھ عن طبیعتھ األصلیة

ھو مركب من تأثیرات األرواح الخبیثة، وانفعال القوى: والسحرالطبیعیة عنھا وھو سحر التمریحات وھو أشد ما یكون من

الموضع الذى انتھى السحر إلیھ، واستعمال السحر، وال سیما فىأفعالھ بالسحر من أنفع جامة على ذلك المكان الذى تضررتالح

.المعالجة إذا استعملت على القانون الذى ینبغى

Page 102: الطب النبوى

تستفرغ األشیاء التى ینبغى أن تستفرغ یجب أن)): أبقراط((قال .من المواضع التى ھى إلیھا أمیل باألشیاء التى تصلح الستفراغھا

إن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم لما: سوقالت طائفة من الناأصیب بھذا الداء، وكان یخیل إلیھ أنھ فعل الشىء ولم یفعلھ،ظن

مادة دمویة أو غیرھا مالت إلى جھة الدماغ، وغلبت أن ذلك عنمزاجھ عن الحالة الطبیعیة لھ، على البطن المقدم منھ، فأزالتوأنفع المعالجة، من أبلغ األدویة،وكان استعمال الحجامة إذ ذاك

فاحتجم، وكان ذلك قبل أن یوحى إلیھ أن ذلك من السحر، فلماجاءه الوحى من اهللا تعالى، وأخبره أنھ قد سحر، عدل إلى العالج

استخراج السحر وإبطالھ، فسأل اهللا سبحانھ، فدلھ الحقیقى وھوأنشط من عقال، وكان غایة كأنماعلى مكانھ، فاستخرجھ، فقام

جوارحھ، ال على عقلھ ھذا السحر فیھ إنما ھو فى جسده، وظاھرالنساء، بل وقلبھ، ولذلك لم یكن یعتقد صحة ما یخیل إلیھ من إتیان

یعلم أنھ خیال ال حقیقة لھ، ومثل ھذا قد یحدث من بعض .واهللا أعلم..األمراض

فصل

اإللھیة ھى أنفع عالجات السحر فى أن األدویة

ومن أنفع عالجات السحر األدویة اإللھیة، بل ھى أدویتھ النافعةبالذات، فإنھ من تأثیرات األرواح الخبیثة السفلیة، ودفع تأثیرھا

یعارضھا ویقاومھا من األذكار، واآلیات، والدعوات التى یكون بماا كانت أقوى وأشد، كانت أبلغ فى وتأثیرھا، وكلمتبطل فعلھا

جیشین مع كل واحد منھما عدتھ النشرة، وذلك بمنزلة التقاءلھ، فالقلب إذا كان وسالحھ، فأیھما غلب اآلخر، قھره، وكان الحكم

ممتلئا من اهللا مغمورا بذكره، ولھ من التوجھات والدعواتل بھ یطابق فیھ قلبھ لسانھ، كان ھذا واألذكار والتعوذات ورد ال یخ

األسباب التى تمنع إصابة السحر لھ، ومن أعظم من أعظم .العالجات لھ بعد ما یصیبھ

Page 103: الطب النبوى

الضعیفة أن سحرھم إنما یتم تأثیره فى القلوب: وعند السحرةالمنفعلة، والنفوس الشھوانیة التى ھى معلقة بالسفلیات، ولھذا

غالب ما یؤثر فى النساء، والصبیان، والجھال، وأھل فإنمن الدین والتوكل والتوحید، ومن ال البوادى، ومن ضعف حظھ

.والتعوذات النبویةنصیب لھ من األوراد اإللھیة والدعوات

فسلطان تأثیره فى القلوب الضعیفة المنفعلة التى یكون.. وبالجملةوالمسحور ھو الذى یعین على نفسھ، : لیات، قالوامیلھا إلى السف

متعلقا بشىء كثیر االلتفات إلیھ، فیتسلط على قلبھ فإنا نجد قلبھواألرواح الخبیثة إنما تتسلط على بما فیھ من المیل وااللتفات،

بمیلھا إلى ما یناسب تلك أرواح تلقاھا مستعدة لتسلطھا علیھاللعدة ة، وبفراغھا من القوة اإللھیة، وعدم أخذھااألرواح الخبیث

التى تحاربھا بھا، فتجدھا فارغة ال عدة معھا، وفیھا میل إلى ما.. یناسبھا؛ فتتسلط علیھا، ویتمكن تأثیرھا فیھا بالسحر وغیره

.أعلمواهللا

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى االستفراغ بالقىء

عن معدان بن أبى طلحة، عن أبى)) جامعھ((ترمذى فى روى الأن النبى صلى اهللا علیھ وسلم قاء، فتوضأ فلقیت ثوبان : الدرداء

صدق، أنا صببت لھ : دمشق، فذكرت لھ ذلك، فقالفى مسجد .أصح شىء فى البابوھذا: قال الترمذى. وضوءه

ة التى ھى أصول االستفراغ، أحد االستفراغات الخمس: القىء. اإلسھال، والقىء، وإخراج الدم، وخروج األبخرة والعرق:وھى

.السـنةوقد جاءت بھا

))خیر ما تداویتم بھ المشى: ((فقد مر فى حدیث.. فأما اإلسھالفقد تقدم فى أحادیث .. وأما إخراج الدم)). السنا((وفى حدیث

.الحجامة

Page 104: الطب النبوى

.فنذكره عقیب ھذا الفصل إن شاء اهللا.. راغ األبخرةوأما استف

الطبیعة فال یكون غالبا بالقصد، بل بدفع.. وأما االستفراغ بالعرق .لھ إلى ظاھر الجسد، فیصادف المسام مفتحة، فیخرج منھا

من والقىء استفراغ من أعال المعدة، والحقنة من أسفلھا، والدواء .اأعالھا وأسفلھ

.والطلبنوع بالغلبة والھیجان، ونوع باالستدعاء: والقىء نوعان

التلف، فال یسوغ حبسھ ودفعھ إال إذا أفرط وخیف منھ: فأما األولفأنفعھ عند الحاجة إذا : وأما الثانى. فیقطع باألشیاء التى تمسكھ

.زمانھ وشروطھ التى تذكرروعى

..وأسباب القىء عشرة

غلبة المرة الصفراء، وطفوھا على رأس المعدة، فتطلب: ھاأحد .الصعود

من غلبة بلغم لزج قد تحرك فى المعدة، واحتاج إلى: الثانى .الخروج

أن یكون من ضعف المعدة فى ذاتھا، فال تھضم الطعام،: الثالث فتقذفھ إلى جھة فوق

إلیھا، فیسىء ھضمھا، أن یخالطھا خلط ردىء ینصب: الرابع فعلھاویضعف

أن یكون من زیادة المأكول أو المشروب على القدر الذى : الخامس .المعدة، فتعجز عن إمساكھ، فتطلب دفعھ وقذفھتحتملھ

أن یكون من عدم موافقة المأكول والمشروب لھا، : السادس .لھ، فتطلب دفعھ وقذفھوكراھتھا

Page 105: الطب النبوى

یثور الطعام بكیفیتھ وطبیعتھ، فتقذف أن یحصل فیھا ما: السابع .بھ

.القرف، وھو موجب غثیان النفس وتھوعھا: الثامن

من األعراض النفسانیة، كالھم الشدید، والغم، والحزن،: التاسعوغلبة اشتغال الطبیعة والقوى الطبیعیة بھ، واھتمامھا بوروده

ضاجھ، وھضمھ، فتقذفھ وإصالح الغذاء، وإنعن تدبیر البدن،عند تخبط النفس، فإن كل المعدة، وقد یكون ألجل تحرك األخالط

.كیفیتھواحد من النفس والبدن ینفعل عن صاحبھ، ویؤثر فى

نقل الطبیعة بأن یرى من یتقیأ، فیغلبھ ھو القىء من غیر: العاشر .استدعاء، فإن الطبیعة نقالة

كان لى ابن أخت حذق فى: األطباء، قالوأخبرنى بعض حذاق فكان إذا فتح عین الرجل، ورأى الرمد . الكحل، فجلس كحاال

فما : قلت لھ. وتكرر ذلك منھ، فترك الجلوسوكحلھ، رمد ھو،وأعرف آخر، كان : نقالة، قالنقل الطبیعة، فإنھا: سبب ذلك ؟ قال

ذلك رجل یحكھ، فحك ھو رأى خراجا فى موضع من جسم .الموضع، فخرجت فیھ خراجة

وكل ھذا ال بد فیھ من استعداد الطبیعة، وتكون المادة ساكنة: قلتفیھا غیر متحركة، فتتحرك لسبب من ھذه األسباب، فھذه أسباب

.الموجبة لھذا العارضلتحرك المادة ال أنھا ھى

فصل

الباردةة واإلسھال أنفع فى البالدفى أن القىء أنفع فى البالد الحار

وتنجذب ولما كانت األخالط فى البالد الحارة، واألزمنة الحارة ترقولما كانت فى األزمنة الباردة . إلى فوق، كان القىء فیھا أنفع

Page 106: الطب النبوى

الباردة تغلظ، ویصعب جذبھا إلى فوق، كان استفراغھا والبالد .باإلسھال أنفع

تكون بالجذب واالستفراغ، والجذب یكون وإزالة األخالط ودفعھا أبعد الطرق، واالستفراغ من أقربھا، والفرق بینھما أن المادة من

فى االنصباب أو الترقى لم تستقر بعد، فھى إذا كانت عاملةجذبت من أسفل، وإن محتاجة إلى الجذب، فإن كانت متصاعدة

قرت فى موضعھا،كانت منصبة جذبت من فوق، وأما إذا استاستفرغت من أقرب الطرق إلیھا، فمتى أضرت المادة باألعضاء

أسفل، ومتى أضرت باألعضاء السفلى، اجتذبت العلیا، اجتذبت منمكان إلیھا، ولھذا من فوق، ومتى استقرت، استفرغت من أقرب

احتجم النبى صلى اهللا علیھ وسلم على كاھلھ تارة، وفى رأسھ، وعلى ظھر قدمھ تارة، فكان یستفرغ مادة الدم المؤذى من أخرى

.واهللا أعلم..أقرب مكان إلیھ

فصل

فى بعض فوائد القىء

الرأس، والقىء ینقى المعدة ویقویھا، ویحد البصر، ویزیل ثقلكالجذام، : وینفع قروح الكلى، والمثانة، واألمراض المزمنة

.، والرعشة، وینفع الیرقانوالفالجواالستسقاء،

وینبغى أن یستعملھ الصحیح فى الشھر مرتین متوالیتین من غیر لیتدارك الثانى ما قصر عنھ األول، وینقى الفضالت التى حفظ دور،

منھ یضر المعدة، ویجعلھا قابلة للفضول، انصبت بسببھ، واإلكثارع عرقا، ویجب أن صدویضر باألسنان والبصر والسمع، وربما

یجتنبھ من بھ ورم فى الحلق، أو ضعف فى الصدر، أو دقیق .الرقبة، أو مستعد لنفث الدم، أو عسر اإلجابة لھ

وأما ما یفعلھ كثیر ممن یسىء التدبیر، وھو أن یمتلئ من الطعام، قع فى أنھ یعجل الھرم، ویو: یقذفھ، ففیھ آفات عدیدة؛ منھاثم

Page 107: الطب النبوى

والقىء مع الیبوسة، . ویجعل القىء لھ عادةأمراض ردیئة، .أو ضعف المستقىء خطروضعف األحشاء، وھزال المراق،

وأحمد أوقاتھ الصیف والربیع دون الشتاء والخریف، وینبغى عندبماء بارد القىء أن یعصب العینین، ویقمط البطن، ویغسل الوجھ

یشرب عقیبھ شراب التفاح مع یسیر من اغ؛ وأنعند الفر .بینامصطكى، وماء الورد ینفعھ نفعا

والقىء یستفرغ من أعلى المعدة، ویجذب من أسفل، واإلسھال وینبغى أن یكون االستفراغ فى الصیف )): أبقراط))بالعكس، قال

.وفى الشتاء من أسفلمن فوق أكثر من االستفراغ بالدواء،

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى اإلرشاد إلى معالجة أحذق@ الطبیبین

عن زید بن أسلم، أن رجال فى زمان )): موطئھ((ذكر مالك فى . اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أصابھ جرح، فاحتقن الجرح الدمرسول

ما أن رسول رجلین من بنى أنمار، فنظرا إلیھ فزعوأن الرجل دعاأو فى : ؟ فقال))أیكما أطب: ((قال لھمااهللا صلى اهللا علیھ وسلم،

)).أنزل الدواء الذى أنزل الداء)):الطب خیر یا رسول اهللا ؟ فقال

ففى ھذا الحدیث أنھ ینبغى االستعانة فى كل علم وصناعة بأحذق .قربمن فیھا فاألحذق، فإنھ إلى اإلصابة أ

وھكذا یجب على المستفتى أن یستعین على ما نزل بھ باألعلم .فاألعلم، ألنھ أقرب إصابة ممن ھو دونھ

وعلى ھذا وكذلك من خفیت علیھ القبلة، فإنھ یقلد أعلم من یجده،فطر اهللا عباده، كما أن المسافر فى البر والبحر إنما سكون نفسھ،

Page 108: الطب النبوى

طمأنینتھ إلى أحذق الدلیلین وأخبرھما، ولھ یقصد، وعلیھ یعتمد، و .اتفقت على ھذا الشریعة والفطرة والعقلفقد

، قد))أنزل الدواء الذى أنزل الداء: ((وقولھ صلى اهللا علیھ وسلمجاء مثلھ عنھ فى أحادیث كثیرة، فمنھا ما رواه عمرو بن دینار

دخل رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ((یساف، قالبن عن ھاللوأنت : ، فقال قائل))أرسلوا إلى طبیب)):على مریض یعوده، فقال تقول ذلك یا رسول اهللا ؟

)).لھ دواءنعم، إن اهللا عز وجل لم ینزل داء إال أنزل: ((قال

ما أنزل اهللا : ((ھریرة یرفعھمن حدیث أبى )) الصحیحین((وفى .، وقد تقدم ھذا الحدیث وغیره))داء إال أنزل لھ شفاءمن

إنزالھ: ، فقالت طائفة))أنزل الداء والدواء((واختلف فى معنى إعالم العباد بھ، ولیس بشىء، فإن النبى صلى اهللا علیھ وسلم

وأكثر الخلق الیعلمون ذلك، لكل داء ودوائھ، أخبر بعموم اإلنزال )).وجھلھ من جھلھعلمھ من علمھ،: ((ولھذا قال

خلقھما ووضعھما فى األرض، كما فى: إنزالھما: وقالت طائفة، وھذا ))إن اهللا لم یضع داء إال وضع لھ دواء: ((الحدیث اآلخر

أخص من لفظة )) اإلنزال((أقرب من الذى قبلھ، فلفظة وإن كانفال ینبغى إسقاط خصوصیة اللفظة بال ،))الوضع((و)) الخلق((

.موجب

إنزالھما بواسطة المالئكة الموكلین بمباشرة الخلق: وقالت طائفةمن داء ودواء وغیر ذلك، فإن المالئكة موكلة بأمر ھذا العالم،

ھ فى رحم أمھ إلى حین موتھ، اإلنسانى من حین سقوطوأمر النوع. المالئكة، وھذا أقرب من الوجھین قبلھفإنزال الداء والدواء مع

ھى بواسطة إنزال الغیث إن عامة األدواء واألدویة: وقالت طائفةواألدویة، واألدواء، من السماء الذى تتولد بھ األغذیة، واألقوات،

المعادن بھ ومكمالتھ؛ وما كان منھا منوآالت ذلك كلھ، وأسبا

Page 109: الطب النبوى

العلویة، فھى تنزل من الجبال، وما كان منھا من األودیة واألنھاروالثمار، فداخل فى اللفظ على طریق التغلیب واالكتفاء عن الفعلین

یتضمنھما، وھو معروف من لغة العرب، بل وغیرھا بفعل واحد :من األمم، كقول الشاعر

عیناھـاتھا تبنا وماء باردا حتى غدت ھمالةعلف

:وقول اآلخر

ورمحــاورأیت زوجك قد غدا متقلدا سیفـا

:وقول اآلخر

والعیوناإذا ما الغانیات برزن یوما وزججن الحواجب

.واهللا أعلم.. هوھذا أحسن مما قبلھ من الوجو

ابتلى وھذا من تمام حكمة الرب عز وجل، وتمام ربوبیتھ، فإنھ كماعباده باألدواء، أعانھم علیھا بما یسره لھم من األدویة، وكما

بالذنوب أعانھم علیھا بالتوبة، والحسنات الماحیة ابتالھممن الشیاطین، باألرواح الخبیثةوالمصائب المكفرة، وكما ابتالھم

المالئكة، وكما ابتالھم أعانھم علیھا بجند من األرواح الطیبة، وھممن بالشھوات أعانھم على قضائھا بما یسره لھم شرعا وقدرا

المشتھیات اللذیذة النافعة، فما ابتالھم سبحانھ بشىء إال أعطاھم بقى التفاوت یستعینون بھ على ذلك البالء، ویدفعونھ بھ، ویما

وباهللا .. والعلم بطریق حصولھ والتوصل إلیھبینھم فى العلم بذلك، .المستعان

فصل

وھوفى تضمین من طب الناسفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم جاھل بالطب

Page 110: الطب النبوى

روى أبو داود، والنسائى، وابن ماجھ، من حدیث عمرو ابن صلى اهللا علیھ قال رسول اهللا: أبیھ، عن جده، قالشعیب، عن

)).منھ الطب قبل ذلك، فھو ضامنمن تطبب ولم یعلم: ((وسلم

أمر لغوى، وأمر فقھى، وأمر: ھذا الحدیث یتعلق بھ ثالثة أمور .طبى

.منھا اإلصالح. فالطب بكسر الطاء فى لغة العرب، یقال على معانلطف : أى. لھ طب باألمور: ویقال. إذا أصلحتھ: طببتھ: یقال

:الشاعرقال. وسیاسة

برأى ثاقبوإذا تغیر من تمیم أمرھا كنت الطبیب لھا

كل حاذق طبیب عند العرب، قال أبو: قال الجوھرى. الحذق: ومنھاطب : یقال للرجل. الحذق باألشیاء والمھارة بھا: أصل الطب: عبیدوقال . كذلك، وإن كان فى غیر عالج المریضإذا كان: بیبوط

قال . لحذقھ وفطنتھحاذق، سمى طبیبا: رجل طبیب؛ أى: غیره :علقمة

النساء طبیبفإن تسألونى بالنســـاء فإننى خبیر بأدواء

ودھن نصیبلھ من إذا شاب رأس المرء أو قل مالـھ فلیس

:وقال عنترة

الفارس المستلئمإن تغدفى دونى القــناع فإننى طب بأخذ

إن ترخى عنى قناعك، وتسترى وجھك رغبة عنى، فإنى خبیر: أى .حاذق بأخذ الفارس الذى قد لبس ألمة حربھ

عادتى، قال فروة بن: ذلك بطبى، أى لیس: العادة، یقال: ومنھا :مسیك

آخرینافما إن طبنا جبن ولكن منایانا ودولة

Page 111: الطب النبوى

:وقال أحمد بن الحسین المتنبى

الجاھل المتعاقلوما التیھ طبى فیھم غیر أننى بغیض إلى

مسحور، وفى : جل مطبوب، أىر: السحر؛ یقال: ومنھاحدیث عائشة لـما سحرت یھود رسول اهللا صلى من)) الصحیح((

عند رأسھ وعند رجلیھ، فقال اهللا علیھ وسلم، وجلس الملكان: من طبھ ؟ قال: قال.مطبوب: ما بال الرجل ؟ قال اآلخر: أحدھما

.فالن الیھودى

بالطب عن مطبوب؛ ألنھم كنوا: ا للمسحورإنما قالو: قال أبو عبیدوكما سلیم تفاؤال بالسالمة،: السحر، كما كنوا عن اللدیغ، فقالوا

مفازة : كنوا بالمفازة عن الفالة المھلكة التى ال ماء فیھا، فقالواقال ابن أبى . ویقال الطب لنفس الداء. بالفوز من الھالكتفاؤال :لتاألس

جنون ؟أال من مبلغ حسان عنى أسحر كان طبك أم

:وأما قول الحماسى

فال برئ السحرفإن كنت مطبوبا فال زلت ھكذا وإن كنت مسحورا

العلیل: فإنھ أراد بالمطبوب الذى قد سحر، وأراد بالمسحور .بالمرض

إن : ومعناه. وأنشد البیت. مسحور: ویقال للعلیل: ىقال الجوھرالذى قد عرانى منك ومن حبك أسأل اهللا دوامھ، وال أرید كان ھذا

.سحرا أو مرضازوالھ، سواء أكان

ھو العالم باألمور، وكذلك: مثلث الطاء، فالمفتوح الطاء: والطبفعل الطبیب، : سر الطاءبك: والطب. طب أیضا: الطبیب یقال لھ

:قالھ ابن السید، وأنشد. اسم موضع: الطاءوالطب بضم

التى طاب طینھــافقلت ھل انھلتم بطب ركابكم بجائزة الماء

Page 112: الطب النبوى

ألن من طب،: ولم یقل)) من تطبب: ((وقولھ صلى اهللا علیھ وسلمكلف الشىء والدخول فیھ بعسر وكلفة، وأنھ لفظ التفعل یدل على ت

أھلھ، كتحلم وتشجع وتصبر ونظائرھا، وكذلك بنوا تكلف لیس من :قال الشاعرعلى ھذا الوزن،

*وقیس عیالن ومن تقیسا *

فإیجاب الضمان على الطبیب الجاھل، فإذا : وأما األمر الشرعىب وعملھ، ولم یتقدم لھ بھ معرفة، فقد ھجم بجھلھ علم الطتعاطى

وأقدم بالتھور على ما لم یعلمھ، فیكون قد على إتالف األنفس، .لذلك، وھذا إجماع من أھل العلمغرر بالعلیل، فیلزمھ الضمان

فتلف ال أعلم خالفا فى أن المعالج إذا تعدى،: قال الخطابىا، والمتعاطى علما أو عمال ال یعرفھ متعد، فإذا المریض كان ضامن

الدیة، وسقط عنھ القود، ألنھ ال یستبد من فعلھ التلف ضمنتولدوجنایة المتطبب فى قول عامة الفقھاء بذلك بدون إذن المریض

.على عاقلتھ

األقسام خمسة: قلت

فتولد من طبیب حاذق أعطى الصنعة حقھا ولم تجن یده،: أحدھاالمأذون فیھ من جھة الشارع، ومن جھة من یطبھ تلف فعلھ

صفة، فھذا ال ضمان علیھ اتفاقا، فإنھا العضو أو النفس، أو ذھابالصبى فى وقت، وسـنھ قابل سرایة مأذون فیھ، وھذا كما إذا ختن

، لم یضمن، الصبىللختان، وأعطى الصنعة حقھا، فتلف العضو أوالوجھ وكذلك إذا بط من عاقل أو غیره ما ینبغى بطھ فى وقتھ على

الذى ینبغى فتلف بھ، لم یضمن، وھكذا سرایة كل مأذون فیھ لم وسرایة القصاص . الفاعل فى سببھا، كسرایة الحد باالتفاقیتعد

بھا، وسرایة ألبى حنیفة فى إیجابھ الضمان عند الجمھور خالفاالصبى، والمستأجر التعزیر، وضرب الرجل امرأتھ، والمعلم

ذلك، الدابة، خالفا ألبى حنیفة والشافعى فى إیجابھما الضمان فىأن : وقاعدة الباب إجماعا ونزاعا. واستثنى الشافعى ضرب الدابة

Page 113: الطب النبوى

رة الجنایة مضمونة باالتفاق، وسرایة الواجب مھدسرایةفأبو حنیفة أوجب ضمانھ مطلقا، . النزاعباالتفاق، وما بینھما ففیھ

الشافعى بین المقدر، فأھدر وأحمد ومالك أھدرا ضمانھ، وفرقحنیفة نظر إلى أن فأبو. ضمانھ، وبین غیر المقدر فأوجب ضمانھ

اإلذن فى الفعل إنما وقع مشروطا بالسالمة، وأحمد ومالك نظرا أن اإلذن أسقط الضمان، والشافعى نظر إلى أن المقدر ال یمكن إلى

فھو بمنزلة النص، وأما غیر المقدر كالتعزیرات، النقصان منھ،تلف بھا، ضمن، ألنھ فى مظنة والتأدیبات فاجتھادیة، فإذا

.العدوان

فصل

بھ، فھذا ن یطبھ، فتلفمتطبب جاھل باشرت یده م: القسم الثانىإن علم المجنى علیھ أنھ جاھل ال علم لھ، وأذن لھ فى طبھ لم

وال تخالف ھذه الصورة ظاھر الحدیث، فإن السیاق وقوة یضمن،غر العلیل، وأوھمھ أنھ طبیب، ولیس كذلك، الكالم یدل على أنھ

طبھ ألجل معرفتھ، ضمن ىوإن ظن المریض أنھ طبیب، وأذن لھ فوالعلیل الطبیب ما جنت یده، وكذلك إن وصف لھ دواء یستعملھ،

یظن أنھ وصفھ لمعرفتھ وحذقھ فتلف بھ، ضمنھ، والحدیث ظاھر .صریحفیھ أو

فصل

طبیب حاذق، أذن لھ، وأعطى الصنعة حقھا، لكنھ: القسم الثالثأن سبقت ید : حیح فأتلفھ، مثلأخطأت یده، وتعدت إلى عضو ص

الكمرة، فھذا یضمن، ألنھا جنایة خطإ، ثم إن كانت الخاتن إلىعلى عاقلتھ، فإن لم تكن عاقلة، فھل تكون الثلث فما زاد، فھو

على قولین، ھما روایتان عن الدیة فى مالھ، أو فى بیت المال ؟مسلما، ففیھ یا، ففى مالھ؛ وإن كانإن كان الطبیب ذم: وقیل. أحمد

الروایتان، فإن لم یكن بیت المال، أو تعذر تحمیلھ، فھل تسقط .سقوطھا: الدیة، أو تجب فى مال الجانى ؟ فیھ وجھان أشھرھما

Page 114: الطب النبوى

فصل

الطبیب الحاذق الماھر بصناعتھ، اجتھد فوصف : القسم الرابع، فھذا یخرج على دواء، فأخطأ فى اجتھاده، فقتلھللمریض

أنھا : والثانیة. المریض فى بیت المالأن دیة: روایتین؛ إحداھمافى خطإ اإلمام على عاقلة الطبیب، وقد نص علیھما اإلمام أحمد

.والحاكم

فصل

طبیب حاذق، أعطى الصنعة حقھا، فقطع سلعة من : القسم الخامسولیھ، أو ختن صبیا أو صبى، أو مجنون بغیر إذنھ، أو إذنرجل

یضمن، ألنھ تولد من فعل غیر : فتلف، فقال أصحابنابغیر إذن ولیھالبالغ، أو ولى الصبى والمجنون، لم مأذون فیھ، وإن أذن لھ

محسن، وما على یضمن، ویحتمل أن ال یضمن مطلقا ألنھیا، فال أثر إلذنوأیضا فإنھ إن كان متعد. المحسنین من سبیل

.الولى فى إسقاط الضمان، وإن لم یكن متعدیا، فال وجھ لضمانھ

.ھو متعد عند عدم اإلذن، غیر متعد عند اإلذن: فإن قلت

العدوان وعدمھ إنما یرجع إلى فعلھ ھو، فال أثر لإلذن : قلت .فیھ، وھذا موضع نظروعدمھ

فصل

ل من یطب بوصفھ وقولھ، وھو والطبیب فى ھذا الحدیث یتناویخص باسم الطبائعى، وبمروده وھو الكحال، وبمبضعھ الذى

الجرائحى، وبموساه وھو الخاتن، وبریشتھ وھو ومراھمھ وھوالحجام، وبخلعھ ووصلھ الفاصد، وبمحاجمھ ومشرطھ وھو

وبقربتھ وھو كواء،ورباطھ وھو المجبر، وبمكواتھ وناره وھو ال .الحاقن

Page 115: الطب النبوى

وسواء أكان طبھ لحیوان بھیم، أو إنسان، فاسم الطبیب یطلق لغةعلى ھؤالء كلھم، كما تقدم، وتخصیص الناس لھ ببعض أنواع

.كتخصیص لفظ الدابة بما یخصھا بھ كل قوماألطباء عرف حادث،

فصل

:عشرین أمراھو الذى یراعى فى عالجھ : والطبیب الحاذق

النظر فى نوع المرض من أى األمراض ھو ؟: أحدھا

النظر فى سببھ من أى شىء حدث، والعلة الفاعلة التى: الثانى كانت سبب حدوثھ ما ھى ؟

قوة المریض، وھل ھى مقاومة للمرض، أو أضعف منھ ؟ : الثالثمقاومة للمرض، مستظھرة علیھ، تركھا والمرض، ولم فإن كانت

.یحرك بالدواء ساكنا

مزاج البدن الطبیعى ما ھو ؟: الرابع

.المزاج الحادث على غیر المجرى الطبیعى: الخامس

.سن المریض: السادس

.عادتھ: السابع

.الوقت الحاضر من فصول السنة وما یلیق بھ: الثامن

...)یتبع)

.بلد المریض وتربتھ: التاسع @

.وقت المرض حال الھواء فى: العاشر

.النظر فى الدواء المضاد لتلك العلة: الحادى عشر

Page 116: الطب النبوى

النظر فى قوة الدواء ودرجتھ، والموازنة بینھا وبین : الثانى عشر .المریضقوة

إزالتھا أال یكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط، بل: الثالث عشریأمن على وجھ یأمن معھ حدوث أصعب منھا، فمتى كان إزالتھا ال

علة أخرى أصعب منھا، أبقاھا على حالھا، وتلطیفھا معھا حدوثالعروق، فإنھ متى عولج بقطعھ ھو الواجب، وھذا كمرض أفواه

.وحبسھ خیف حدوث ما ھو أصعب منھ

أن یعالج باألسھل فاألسھل، فال ینتقل من العالج: الرابع عشر، وال ینتقل إلى الدواء المركب إال بالغذاء إلى الدواء إال عند تعذره

تعذر الدواء البسیط، فمن حذق الطبیب عالجھ باألغذیة بدل عند .البسیطة بدل المركبةاألدویة، وباألدویة

أن ینظر فى العلة، ھل ھى مما یمكن عالجھا أو ال : الخامس عشرلھ الطمع فإن لم یمكن عالجھا، حفظ صناعتھ وحرمتھ، وال یحم؟

وإن أمكن عالجھا، نظر ھل یمكن زوالھا . شیئاعلى عالج ال یفیدنظر ھل یمكن تخفیفھا أم ال ؟ فإن علم أنھ ال یمكن زوالھا،

اإلمكان وتقلیلھا أم ال ؟ فإن لم یمكن تقلیلھا، ورأى أن غایةإیقافھا وقطع زیادتھا، قصد بالعالج ذلك، وأعان القوة، وأضعف

دةالما

أال یتعرض للخلط قبل نضجھ باستفراغ، بل یقصد : السادس عشر .فإذا تم نضجھ، بادر إلى استفراغھإنضاجھ،

أن یكون لھ خبرة باعتالل القلوب واألرواح : السابع عشروذلك أصل عظیم فى عالج األبدان، فإن انفعال البدن وأدویتھا،

الطبیب إذا كان عارفا مشھود، ووطبیعتھ عن النفس والقلب أمرالكامل، والذى بأمراض القلب والروح وعالجھما، كان ھو الطبیب

ال خبرة لھ بذلك وإن كان حاذقا فى عالج الطبیعة وأحوال البدنوكل طبیب ال یداوى العلیل، بتفقد قلبھ وصالحھ، . نصف طبیب

واإلقبال بالصدقة، وفعل الخیر، واإلحسان، وتقویة روحھ وقواه

Page 117: الطب النبوى

ومن . متطبب قاصرعلى اهللا والدار اآلخرة، فلیس بطبیب، بلأعظم عالجات المرض فعل الخیر واإلحسان والذكر والدعاء،

والتضرع واالبتھال إلى اهللا، والتوبة، ولھذه األمور تأثیر فى دفع الشفاء أعظم من األدویة الطبیعیة، ولكن بحسب العلل، وحصول

.ذلك ونفعھفس وقبولھا وعقیدتھا فىاستعداد الن

.التلطف بالمریض، والرفق بھ، كالتلطف بالصبى: الثامن عشر

أن یستعمل أنواع العالجات الطبیعیة واإللھیة، : التاسع عشربالتخییل، فإن لحذاق األطباء فى التخییل أمورا عجیبة ال والعالج

ستعین على المرض بكل فالطبیب الحاذق ییصل إلیھا الدواء، .معین

وھو مالك أمر الطبیب أن یجعل عالجھ وتدبیره دائرا : العشرونحفظ الصحة الموجودة، ورد الصحة المفقودة : ستة أركانعلى

العلة أو تقلیلھا بحسب اإلمكان، واحتمال بحسب اإلمكان، وإزالةالمصلحتین وتفویت أدنىأدنى المفسدتین إلزالة أعظمھما،

العالج، وكل لتحصیل أعظمھما، فعلى ھذه األصول السـتة مدارواهللا.. طبیب ال تكون ھذه أخیتھ التى یرجع إلیھا، فلیس بطبیب

.أعلم

فصل

ابتداء، وصعود، وانتھاء،: ولما كان للمرض أربعة أحوالل المرض وانحطاط؛ تعین على الطبیب مراعاة كل حال من أحوا

بھا، ویستعمل فى كل حال ما یجب استعمالھ بما یناسبھا ویلیقالطبیعة محتاجة إلى ما یحرك فإذا رأى فى ابتداء المرض أن. فیھا

تحریك الطبیعة الفضالت ویستفرغھا لنضجھا، بادر إلیھ، فإن فاتھفى ابتداء المرض لعائق منع من ذلك، أو لضعف القوة وعدم

لالستفراغ، أو لبرودة الفصل، أو لتفریط وقع، فینبغى أن الھااحتمذلك فى صعود المرض، ألنھ إن فعلھ، یحذر كل الحذر أن یفعل

تدبیر المرض تحیرت الطبیعة الشتغالھا بالدواء، وتخلت عن

Page 118: الطب النبوى

أن یجىء إلى فارس مشغول بمواقعة : ومقاومتھ بالكلیة، ومثالھآخر، ولكن الواجب فى ھذه الحال أن فیشغلھ عنھ بأمرعدوه،

.أمكنھیعین الطبیعة على حفظ القوة ما

فإذا انتھى المرض ووقف وسكن، أخذ فى استفراغھ، واستئصال ومثال ھذا مثال . فإذا أخذ فى االنحطاط، كان أولى بذلكأسبابھ،

وفرغ سالحھ، كان أخذه سھال، فإذا ولى العدو إذا انتھت قوتھ،وحدتھ وشوكتھ إنما ھى فى أخذ فى الھرب، كان أسھل أخذا،و

.والدواء سواءابتدائھ، وحال استفراغھ، وسعة قوتھ، فھكذا الداء

فصل

ومن حذق الطبیب أنھ حیث أمكن التدبیر باألسھل، فال یعدل إلىة األصعب، ویتدرج من األضعف إلى األقوى إال أن یخاف فوت القو

أن یبتدىء باألقوى، وال یقیم فى المعالجة على حال حینئذ، فیجبویقل انفعالھا عنھ، وال تجسر على األدویة واحدة فتألفھا الطبیعة،

تقدم أنھ إذا أمكنھ العالج بالغذاء، القویة فى الفصول القویة، وقدو أم بارد ؟ فال المرض أحار ھفال یعالج بالدواء، وإذا أشكل علیھ

وال بأس بتجربتھ یقدم حتى یتبین لھ، وال یجربھ بما یخاف عاقبتھ، .بما ال یضر أثره

:وإذا اجتمعت أمراض، بدأ بما تخصھ واحدة من ثالث خصال

أن یكون برء اآلخر موقوفا على برئھ كالورم والقرحة،: إحداھا .فإنھ یبدأ بالورم

العفنة، فإنھ ھما سببا لآلخر، كالسدة والحمىأن یكون أحد: الثانیة .یبدأ بإزالة السبب

أن یكون أحدھما أھم من اآلخر، كالحاد والمزمن، فیبدأ: الثالثةوإذا اجتمع المرض . ومع ھذا فال یغفل عن اآلخر. بالحاد

أن یكون العرض أقوى كالقولنج، والعرض، بدأ بالمرض، إالأمكنھ أن یعتاض عن وإذا. ع أوال، ثم یعالج السدةفیسكن الوج

Page 119: الطب النبوى

المعالجة باالستفراغ بالجوع أو الصوم أو النوم، لم یستفرغھ،وكل صحة أراد حفظھا، حفظھا بالمثل أو الشبھ، وإن أراد نقلھا

.منھا، نقلھا بالضدإلى ما ھو أفضل

فصل

اء المعدیةفى التحرز من األدوفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم وإرشاده األصحاء إلى مجانبة أھلھا ،بطبعھا

من حدیث جابر بن عبد اهللا، أنھ كان فى )) صحیح مسلم((ثبت فى : (( ثقیف رجل مجذوم، فأرسل إلیھ النبى صلى اهللا علیھ وسلموفد

)).بایعناكارجع فقد

ھریرة، عن تعلیقا من حدیث أبى )) صحیحھ((وروى البخارى فى فر من المجذوم كما تفر من: ((صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قالالنبى )).األسد

من حدیث ابن عباس، أن النبى صلى اهللا )) سنن ابن ماجھ((وفى )).ال تدیموا النظر إلى المجذومین: ((وسلم قالعلیھ

قال رسول اهللا : ریرة، قالمن حدیث أبى ھ)) الصحیحین((وفى )).ال یوردن ممرض على مصح: ((علیھ وسلمصلى اهللا

وبینھ قید كلم المجذوم، وبینك: ((ویذكر عنھ صلى اهللا علیھ وسلم )).رمح أو رمحین

البدن كلھ، ىعلة ردیئة تحدث من انتشار المرة السوداء ف: الجذامفیفسد مزاج األعضاء وھیئتھا وشكلھا، وربما فسد فى آخره

.اتصالھا حتى تتأكل األعضاء وتسقط، ویسمى داء األسد

أنھا لكثرة ما تعترى: وفى ھذه التسمیة ثالثة أقوال لألطباء؛ أحدھالھ فى ألن ھذه العلة تجھم وجھ صاحبھا وتجع: والثانى. األسد

Page 120: الطب النبوى

أنھ یفترس من یقربھ، أو یدنو منھ بدائھ : والثالث.سحنة األسد .افتراس األسد

وھذه العلة عند األطباء من العلل المعدیة المتوارثة، ومقاربالمجذوم، وصاحب السل یسقم برائحتھ، فالنبى صلى اهللا علیھ

ھاھم عن األسباب على األمة، ونصحھ لھم نوسلم لكمال شفقتھأجسامھم وقلوبھم، وال التى تعرضھم لوصول العیب والفساد إلى

الداء، ریب أنھ قد یكون فى البدن تھیؤ واستعداد كامن لقبول ھذاوقد تكون الطبیعة سریعة االنفعال قابلة لالكتساب من أبدان من

لك ووھمھا وتخالطھ، فإنھا نقالة، وقد یكون خوفھا من ذتجاورهالعلة لھا، فإن الوھم فعال مستول على من أكبر أسباب إصابة تلك

العلیل إلى الصحیح فتسقمھ، القوى والطبائع، وقد تصل رائحةالعدوى، وھذا معاین فى بعض األمراض، والرائحة أحد أسباب

لداء، ومع ھذا كلھ فال بد من وجود استعداد البدن وقبولھ لذلك االنبى صلى اهللا علیھ وسلم امرأة، فلما أراد الدخول بھا، وقد تزوج

)).الحقى بأھلك: ((فقالوجد بكشحھا بیاضا،

أخر وقد ظن طائفة من الناس أن ھذه األحادیث معارضة بأحادیثما رواه الترمذى، من حدیث عبد اهللا بن : تبطلھا وتناقضھا، فمنھا

رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أخذ بید رجل مجذوم، ان(عمر كل باسم اهللا، ثقة باهللا، وتوكال : ((وقالفأدخلھا معھ فى القصعة،

.، ورواه ابن ماجھ))علیھ

، عن أبى ھریرة، عن النبى صلى اهللا ))الصحیح((وبما ثبت فى )).یرةال عدوى وال ط: ((وسلم أنھ قالعلیھ

فإذا وقع. ال تعارض بحمد اهللا بین أحادیثھ الصحیحة: ونحن نقولالتعارض، فإما أن یكون أحد الحدیثین لیس من كالمھ صلى اهللا

فیھ بعض الرواة مع كونھ ثقة ثبتا، فالثقة علیھ وسلم وقد غلطقبل النسخ، ناسخا لآلخر إذا كان مما ییغلط، أو یكون أحد الحدیثین

فى نفس كالمھ صلى اهللا أو یكون التعارض فى فھم السامع، ال فى

Page 121: الطب النبوى

حدیثان وأما. علیھ وسلم، فال بد من وجھ من ھذه الوجوه الثالثةصحیحان صریحان متناقضان من كل وجھ، لیس أحدھما ناسخا

صادق یوجد أصال، ومعاذ اهللا أن یوجد فى كالم اللآلخر، فھذا الشفتیھ إال الحق، واآلفة من المصدوق الذى ال یخرج من بین

ومعلولھ، أو التقصیر فى معرفة المنقول، والتمییز بین صحیحھمن القصور فى فھم مراده صلى اهللا علیھ وسلم، وحمل كالمھ على

ومن ھھنا وقع من االختالف . عناه بھ، أو منھما معاغیر ما .التوفیقهللاوبا.. والفساد ما وقع

لھ حكایة عن أعداء )) اختالف الحدیث((قال ابن قتیبة فى كتاب حدیثان متناقضان رویتم عن النبى صلى : قالوا : وأھلھالحدیث

إن : وقیل لھ )) . ال عدوى وال طیرة)):اهللا علیھ وسلم أنھ قال ، فیجرب لذلك اإلبلالنقبة تقع بمشفر البعیر ،

على ال یورد ذو عاھة: ((؟ ، ثم رویتم )) فما أعدى األول: ((قال ، وأتاه رجل )) وفر من المجذوم فرارك من األسد((و)) مصح

لیبایعھ بیعة اإلسالم ، فأرسل إلیھ البیعة ، وأمره مجذومدار الشؤم فى المرأة وال: ((وقال ،باالنصراف ، ولم یأذن لھ

.مختلف ال یشبھ بعضھ بعضا وھذا كلھ: قالوا )) .. والدابة

إنھ لیس فى ھذا اختالف ، ولكل : ونحن نقول : قال أبو محمد منھا وقت وموضع ، فإذا وضع موضعھ زال االختالفمعنى

عدوى الجذام ، فإن المجذوم تشتد: والعدوى جنسان ؛ أحدھما یسقم من أطال مجالستھ ومحادثتھ ، وكذلك المرأة رائحتھ حتى

المجذوم ، فتضاجعھ فى شعار واحد ، فیوصل إلیھا تكون تحتوكذلك ولده ینزعون فى الكبر إلیھ ، وكذلك األذى ، وربما جذمت ،

واألطباء تأمر أال یجالس المسلول وال .من كان بھ سل ودق ونقب وإنما یریدون بھ معنى مجذوم ، وال یریدون بذلك معنى العدوى ،ال

واألطباء أبعد تغیر الرائحة ، وأنھا قد تسقم من أطال اشتمامھا ،الناس عن اإلیمان بیمن وشؤم ، وكذلك النقبة تكون بالبعیر وھو

Page 122: الطب النبوى

كھا ، وصل جرب رطب فإذا خالط اإلبل أو حاكھا ، وأوى فى مبارالذى یسیل منھ، وبالنطف نحو ما بھ ، فھذا ھو المعنى إلیھا بالماء

ال یورد ذو عاھة على : ((اهللا علیھ وسلم الذى قال فیھ النبى صلىالصحیح ، لئال ینالھ من نطفھ ، كره أن یخالط المعیوه)) مصح

.وحكتھ نحو مما بھ

خر من العدوى ، فھو الطاعون ینزل ببلد ،وأما الجنس اآل: قال إذا : ((فیخرج منھ خوف العدوى ، وقد قال صلى اهللا علیھ وسلم

)) وأنتم بھ ، فال تخرجوا منھ ، وإذا كان ببلد ، فال تدخلوهوقع ببلد ال تخرجوا من البلد إذا كان فیھ كأنكم تظنون أن: بقولھ یرید.

:اهللا ینجیكم من اهللا ، ویرید بقولھ الفرار من قدر

مقامكم فى الموضع الذى ال: ، أى )) وإذا كان ببلد فال تدخلوه))طاعون فیھ أسكن لقلوبكم ، وأطیب لعیشكم ، ومن ذلك المرأة

: الدار ، فینال الرجل مكروة أو جائحة ، فیقول تعرف بالشؤم أوالذى قال فیھ رسول اهللا صلى شؤمھا ، فھذا ھو العدوىأعدتنى ب

)) .ال عدوى: ((اهللا علیھ وسلم

بل األمر باجتناب المجذوم والفرار منھ على: وقالت فرقة أخرى وأما األكل معھ ، ففعلھ لبیان . االستحباب ، واالختیار ، واإلرشاد

.وأن ھذا لیس بحرام الجواز ،

.بل الخطاب بھذین الخطابین جزئى ال كلى : رقة أخرى وقالت ففكل واحد خاطبھ النبى صلى اهللا علیھ وسلم بما یلیق بحالھ ،

قوى اإلیمان ، قوى التوكل تدفع قوة توكلھ فبعض الناس یكونالطبیعة قوة العلة فتبطلھا ، وبعض قوة العدوى ، كما تدفع قوة

واألخذ بالتحفظ ، قوى على ذلك ، فخاطبھ باالحتیاطالناس ال یاألمة وكذلك ھو صلى اهللا علیھ وسلم فعل الحالتین معا ، لتقتدى بھ

فیھما ، فیأخذ من قوى من أمتھ بطریقة التوكل والقوة والثقة باهللا ویأخذ من ضعف منھم بطریقة التحفظ واالحتیاط ، وھما طریقان ،

للمؤمن الضعیف ، : للمؤمن القوى ، واآلخر :ھما أحد. صحیحان

Page 123: الطب النبوى

وقدوة بحسب حالھم وما فتكون لكل واحد من الطائفتین حجةعلى یناسبھم ، وھذا كما أنھ صلى اهللا علیھ وسلم كوى ، وأثنى

تارك الكى ، وقرن تركھ بالتوكل ، وترك الطیرة ، ولھذا نظائر ة حسنة جدا من أعطاھا حقھا ، ورزق وھذه طریقة لطیفكثیرة ،

عنھ تعارضا كثیرا یظنھ بالسـنة الصحیحة فقھ نفسھ فیھا ، أزالت.

وذھبت فرقة أخرى إلى أن األمر بالفرار منھ ، ومجانبتھ ألمرطبیعى ، وھو انتقال الداء منھ بواسطة المالمسة والمخالطة

ا یكون مع تكریر المخالطة وھذوالرائحة إلى الصحیح ،الزمان لمصلحة والمالمسة لھ ، وأما أكلھ معھ مقدارا یسیرا من

راجحة ، فال بأس بھ ، وال تحصل العدوى من مرة واحدة ولحظة فنھى سدا للذریعة ، وحمایة للصحة ، وخالطھ مخالطة ما ،واحدة

.تعارض بین األمرین للحاجة والمصلحة ، فال

یجوز أن یكون ھذا المجذوم الذى أكل معھ : وقالت طائفة أخرى الجذام أمر یسیر ال یعدى مثلھ ، ولیس الجذمى كلھم سواء بھ من

حاصلة من جمیعھم ، بل منھم من ال تضر مخالطتھ ، ، وال العدوىذلك شىء یسیر ، ثم وقف واستمر وال تعدى ، وھو من أصابھ من

غیره أولى لھ ، ولم یعد بقیة جسمھ ، فھو أن ال یعدىعلى حا .وأحرى

إن الجاھلیة كانت تعتقد أن األمراض المعدیة: وقالت فرقة أخرى تعدى بطبعھا من غیر إضافة إلى اهللا سبحانھ ، فأبطل النبى صلى

اهللا اعتقادھم ذلك ، وأكل مع المجذوم لیبین لھم أناهللا علیھ وسلمویشفى ، ونھى عن القرب منھ لیتبین سبحانھ ھو الذى یمرض

مفضیة إلى مسبباتھا ، ففى لھم أن ھذا من األسباب التى جعلھا اهللابشىء ، بل نھیھ إثبات األسباب ، وفى فعلھ بیان أنھا ال تستقل

الرب سبحانھ إن شاء سلبھا قواھا ، فال تؤثر شیئا ، وإن شاء .قواھا فأثرت قى علیھاأب

Page 124: الطب النبوى

بل ھذه األحادیث فیھا الناسخ والمنسوخ ، : وقالت فرقة أخرى فى تاریخھا ، فإن علم المتأخر منھا ، حكم بأنھ الناسخ ، فینظر

.وإال توقفنا فیھا

بل بعضھا محفوظ ، وبعضھا غیر محفوظ ، : وقالت فرقة أخرى قد كان أبو ھریرة : ، وقالت )) ىال عدو: ((فى حدیث وتكلمت

سمعناك : فتركھ ، وراجعوه فیھ ، وقالوا یرویھ أوال ، ثم شك فیھ .تحدث بھ ، فأبى أن یحدث بھ

فال أدرى ، أنسى أبو ھریرة ، أم نسخ أحد: قال أبو سلمة الحدیثین اآلخر ؟

،م أخذ بید مجذومأن النبى صلى اهللا علیھ وسل: وأما حدیث جابر فأدخلھا معھ فى القصعة، فحدیث ال یثبت وال یصح ، وغایة ما قال

وقد قال شعبة . إنھ غریب ، لم یصححھ ولم یحسنھ :فیھ الترمذى ویروى ھذا من فعل : قال الترمذى. الغرائب اتقوا ھذه: وغیره

لذین عورض بھما الحدیثین العمر ، وھو أثبت ، فھذا شأن ھذینبھ وأنكره رجع أبو ھریرة عن التحدیث: أحادیث النھى ، أحدھما

ال یصح عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، واهللا : ، والثانى ، )) المفتاح((وقد أشبعنا الكالم فى ھذه المسألة فى كتاب أعلم ،

.التوفیقوباهللا.. بأطول من ھذا

فصل

بالمحرمات علیھ وسلم فى المنع من التداوىفى ھدیھ صلى اهللا

من حدیث أبى الدرداء رضى اهللا عنھ )) سننھ((روى أبو داود فى إن اهللا أنزل الداء : ((قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم :قال

.))حرموجعل لكل داء دواء ، فتداووا ، وال تداووا بالموالدواء ،

:عن ابن مسعود )) صحیحھ((وذكر البخارى فى

.))إن اهللا لم یجعل شفاءكم فیما حرم علیكم))

Page 125: الطب النبوى

نھى رسول اهللا صلى اهللا : عن أبى ھریرة ، قال )) السنن((وفى .وسلم عن الدواء الخبیث علیھ

، أنھ سأل عن طارق بن سوید الجعفى)) صحیح مسلم((وفى صلى اهللا علیھ وسلم عن الخمر ، فنھاه ، أو كره أن یصنعھا النبى

إنھ لیس بدواء ولكنھ داء : ((أصنعھا للدواء ، فقال إنما: ، فقال . ((

أنھ صلى اهللا علیھ وسلم سئل عن الخمر یجعل فى)) السنن((وفى رواه أبو داود ،)) اء ولیست بالدواءإنھا د: ((الدواء ، فقال

.والترمذى

قلت : عن طارق بن سوید الحضرمى ؛ قال )) صحیح مسلم((وفى : اهللا ؛ إن بأرضنا أعنابا نعتصرھا فنشرب منھا ، قال یا رسول: إن ذلك : ((إنا نستشفى للمریض قال : قلت فراجعتھ ،)) . ال((

)) .داءاء ولكنھلیس بشف

أن طبیبا ذكر ضفدعا فى دواء عند رسول)) سنن النسائى((وفى .اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فنھاه عن قتلھا

بالخمر ، من تداوى: ((ویذكر عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )) .فال شفاه اهللا

ذكرنا ة عقال وشرعا ، أما الشرع فماالمعالجة بالمحرمات قبیحوأما العقل ، فھو أن اهللا سبحانھ إنما. من ھذه األحادیث وغیرھا

حرمھ لخبثھ ، فإنھ لم یحرم على ھذه األمة طیبا عقوبة لھا ، كما منافبظلم من الذین ھادوا حر{: على بنى إسرائیل بقولھ حرمھ

، وإنما حرم على ھذه]160: النساء [}علیھم طیبات أحلت لھماألمة ما حرم لخبثھ ، وتحریمھ لھ حمیة لھم ، وصیانة عن تناولھ

أن یطلب بھ الشفاء من األسقام والعلل ، فإنھ وإن أثر ، فال یناسبأعظم منھ فى القلب بقوة الخبث الذى یعقب سقمافى إزالتھا ، لكنھ

.قد سعى فى إزالة سقم البدن بسقم القلب فیھ ، فیكون المداوى بھ

Page 126: الطب النبوى

وأیضا فإن تحریمھ یقتضى تجنبھ والبعد عنھ بكل طریق ، وفىاتخاذه دواء حض على الترغیب فیھ ومالبستھ ، وھذا ضد مقصود

كما نص علیھ صاحب الشریعة ، فال داءالشارع ، وأیضا فإنھ .یجوز أن یتخذ دواء

وأیضا فإنھ یكسب الطبیعة والروح صفة الخبث ، ألن الطبیعةتنفعل عن كیفیة الدواء انفعاال بینا ، فإذا كانت كیفیتھ خبیثة ،

الطبیعة منھ خبثا ، فكیف إذا كان خبیثا فى ذاتھ ، ولھذا اكتسبتعباده األغذیة واألشربة والمالبس الخبیثة ، م اهللا سبحانھ علىحر

.وصفتھ لما تكسب النفس من ھیئة الخبث

تمیل وأیضا فإن فى إباحة التداوى بھ ، وال سیما إذا كانت النفوسإلیھ ذریعة إلى تناولھ للشھوة واللذة ، ال سیما إذا عرفت النفوس

مزیل ألسقامھا جالب لشفائھا ، فھذا أحب شىء إلیھا نافع لھا أنھالذریعة إلى تناولھ بكل ممكن ، وال ریب أن بین سد ، والشارع سد

.وفتح الذریعة إلى تناولھ تناقضا وتعارضا الذریعة إلى تناولھ ،

یظن اوأیضا فإن فى ھذا الدواء المحرم من األدواء ما یزید على مفیھ من الشفاء ، ولنفرض الكالم فى أم الخبائث التى ما جعل اهللا

فیھا شفاء قط ، فإنھا شدیدة المضرة بالدماغ الذى ھو مركز لنا .وكثیر من الفقھاء والمتكلمین ،العقل عند األطباء

ضرر الخمرة: فى أثناء كالمھ فى األمراض الحادة )) أبقراط((قال ویرتفع بارتفاعھ األخالط . ألنھ یسرع االرتفاع إلیھ . رأس شدید بال

.البدن ، وھو لذلك یضر بالذھن التى تعلو فى

إن خاصیة الشراب اإلضرار بالدماغ)) : الكامل((وقال صاحب .والعصب

:وأما غیره من األدویة المحرمة فنوعان

Page 127: الطب النبوى

اعدتھ الطبیعة على دفع تعافھ النفس وال تنبعث لمس: أحدھما بھ كالسموم ، ولحوم األفاعى وغیرھا من المستقذرات ، المرض

.لھا ، فیصیر حینئذ داء ال دواء فیبقى كال على الطبیعة مثقال

مثال ما ال تعافھ النفس كالشراب الذى تستعملھ الحوامل: والثانى یم ذلك ، فالعقل ، فھذا ضرره أكثر من نفعھ ، والعقل یقضى بتحر

.مطابق للشرع فى ذلك والفطرة

وھاھنا سر لطیف فى كون المحرمات ال یستشفى بھا ، فإن شرطالشفاء بالدواء تلقیھ بالقبول ، واعتقاد منفعتھ ، وما جعل اهللا فیھ

الشفاء ، فإن النافع ھو المبارك ، وأنفع األشیاء أبركھا ، من بركةالناس أینما كان ھو الذى ینتفع بھ حیث حل ، بارك منوالم

ھذه العین مما یحول بینھ وبین ومعلوم أن اعتقاد المسلم تحریموتلقى طبعھ لھا اعتقاد بركتھا ومنفعتھا ، وبین حسن ظنھ بھا ،

وأسوأ بالقبول ، بل كلما كان العبد أعظم إیمانا ، كان أكره لھادا فیھا ، وطبعھ أكره شىء لھا ، فإذا تناولھا فى ھذه الحال ، اعتقاداء لھ ال دواء إال أن یزول اعتقاد الخبث فیھا ، وسوء الظن كانت

بالمحبة ، وھذا ینافى اإلیمان ، فال یتناولھا المؤمن والكراھة لھا .واهللا أعلم ..قط إال على وجھ داء

فصل

لیھ وسلم فى عالج القمل الذى فى الرأسفى ھدیھ صلى اهللا ع وإزالتھ

كان بى أذى من : عن كعب بن عجرة ، قال )) الصحیحین((فى فحملت إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم والقمل یتناثر رأسى ،

، )) ما كنت أرى الجھد قد بلغ بك ما أرى: ((فقال على وجھى ،وأن یطعم فرقا بین سـتة ، أو ،یحلق رأسھفأمره أن: ة وفى روای

.یصوم ثالثة أیام یھدى شاة ، أو

Page 128: الطب النبوى

خارج عن البدن وداخل : القمل یتولد فى الرأس والبدن من شیئین الوسخ والدنس المتراكم فى سطح الجسد ، : فالخارج ،فیھ

دفعھ الطبیعة بین الجلد واللحم ، تمن خلط ردىء عفن: والثانى بعد خروجھا من المسام ، فیتعفن بالرطوبة الدمویة فى البشرة

واألسقام ، فیكون منھ القمل ، وأكثر ما یكون ذلك بعد العللوبسبب األوساخ ، وإنما كان فى رؤوس الصبیان أكثر لكثرة

قمل ، ولذلك حلق النبى وتعاطیھم األسباب التى تولد الرطوباتھم .رؤوس بنى جعفر صلى اهللا علیھ وسلم

ومن أكبر عالجھ حلق الرأس لتنفتح مسام األبخرة ، فتتصاعداألبخرة الردیئة ، فتضعف مادة الخلط ، وینبغى أن یطلى الرأس

.التى تقتل القمل ، وتمنع تولده بعد ذلك باألدویة

بدعة: والثانى . نسك وقربة : نواع ؛ أحدھا وحلق الرأس ثالثة أ .حاجة ودواء : والثالث . وشرك

.الحلق فى أحد النسكین ، الحج أو العمرة : فاألول

كما یحلقھا المریدون. حلق الرأس لغیر اهللا سبحانھ : والثانى أنا حلقت رأسى لفالن ، وأنت حلقتھ : لشیوخھم ، فیقول أحدھم

سجدت لفالن ، فإن حلق الرأس : أن یقول ن ، وھذا بمنزلةلفالتمام الحج ، حتى إنھ عند خضوع وعبودیة وذل ، ولھذا كان منالنواصى بین فإنھ وضع. الشافعى ركن من أركانھ ال یتم إال بھ

یدى ربھا خضوعا لعظمتھ ، وتذلال لعزتھ ، وھو من أبلغ أنواع، ولھذا كانت العرب إذا أرادت إذالل األسیر منھم وعتقھ ، العبودیة

وأطلقوه ، فجاء شیوخ الضالل والمزاحمون للربوبیة حلقوا رأسھالشرك والبدعة ، فأرادوا من مریدیھم الذین أساس مشیختھم على

رؤوسھم لھم ، كما زینوا لھم أن یتعبدوا لھم ، فزینوا لھم حلقالرأس بین ھو وضع: د لھم ، وسموه بغیر اسمھ ، وقالوا السجو

یدى الشیخ ، ولعمر اهللا إن السجود هللا ھو وضع الرأس بین یدیھ وزینوا لھم أن ینذروا لھم ، ویتوبوا لھم ، ویحلفوا ،سبحانھ

Page 129: الطب النبوى

اتخاذھم أربابا وآلھة من دون اهللا ، قال تعالى بأسمائھم ، وھذا ھویؤتیھ اهللا الكتاب والحكم والنبوة ثم یقول ما كان لبشر أن{ :

كنتم كونوا عبادا لى من دون اهللا ولكن كونوا ربانیین بماللناسركم أن تتخذوا یأموال* تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون

آل [}أیأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمونالمالئكة والنبیین أربابا ، ].80- 79: عمران

وأشرف العبودیة عبودیة الصالة ، وقد تقاسمھا الشیوخ @ما بالعلماء والجبابرة ، فأخذ الشیوخ منھا أشرفوالمتشبھون

المتشبھون بالعلماء منھا الركوع ، فیھا ، وھو السجود ، وأخذالمصلى لربھ سواء ، فإذا لقى بعضھم بعضا ركع لھ كما یركع

رؤوسھم وأخذ الجبابرة منھم القیام ، فیقوم األحرار والعبید علىعبودیة لھم ، وھم جلوس ، وقد نھى رسول اهللا صلى اهللا علیھ

األمور الثالثة على التفصیل ، فتعاطیھا مخالفة هوسلم عن ھذال ینبغى ألحد أن : ((اهللا وقال صریحة لھ ، فنھى عن السجود لغیر

)) . مھ: ((لما سجد لھ وقال وأنكر على معاذ)) . یسجد ألحدمن جوزه لغیر وتحریم ھذا معلوم من دینھ بالضرورة ، وتجویز

فإذا جوز مراغمة هللا ورسولھ ، وھو من أبلغ أنواع العبودیة ،اهللاوقد ھذا المشرك ھذا النوع للبشر ، فقد جوز العبودیة لغیر اهللا ،

:قیل)) . ال: ((الرجل یلقى أخاه أینحنى لھ ؟ قال : صح أنھ قیل لھ .))نعم: ((أیصافحھ ؟ قال : قیل )) . ال: ((أیلتزمھ ویقبلھ ؟ قال

:فاالنحناء عند التحیة سجود ، ومنھ قولھ تعالى.. وأیضا

فال یمكن منحنین ، وإال: أى ] 58: البقرة [}وادخلوا الباب سجدا}الدخول على الجباه ، وصح عنھ النھى عن القیام ، وھو جالس ،

بعضھا بعضا ، حتى منع من ذلك فى الصالة ، تعظم األعاجمكماجالسا أن یصلوا جلوسا ، وھم أصحاء ال عذر وأمرھم إذا صلى

جالس ، مع أن قیامھم هللا ، لھم ، لئال یقوموا على رأسھ وھو .فكیف إذا كان القیام تعظیما وعبودیة لغیره سبحانھ

Page 130: الطب النبوى

الضالة أسقطت عبودیة اهللا أن النفوس الجاھلة .. والمقصود وأشركت فیھا من تعظمھ من الخلق ، فسجدت لغیر اهللا ، ،سبحانھ

یدیھ قیام الصالة ، وحلفت بغیره ، ونذرت وركعت لھ ، وقامت بینوطافت لغیر بیتھ ، ،لغیره ، وحلقت لغیره ، وذبحت لغیره

عة ، كما یعظموعظمتھ بالحب ، والخوف ، والرجاء ، والطاالخالق ، بل أشد ، وسوت من تعبده من المخلوقین برب العالمین ،

المضادون لدعوة الرسل ، وھم الذین بربھم یعدلون ، وھؤالء ھمتاهللا إن {: النار مع آلھتھم یختصمون وھم الذین یقولون وھم فى

، ] 98: الشعراء [}برب العالمیننسویكم كنا لفى ضالل مبین إذومن الناس من یتخذ من دون اهللا أندادا }:وھم الذین قال اهللا فیھم

: البقرة [}كحب اهللا ، والذین آمنوا أشد حبا هللایحبونھمفھذا فصل . رك بھ كلھ من الشرك ، واهللا ال یغفر أن یشوھذا]165

فى حلق الرأس ، ولعلھ أھم مما قصد الكالم فیھ معترض فى ھدیھ .واهللا الموفق ..

فصول

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى العالج باألدویة الروحانیة اإللھیة المفردة ، والمركبة منھا ، ومن األدویة الطبیعیة

فصل

عالج المصاب بالعینفىفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم

قال رسول اهللا : عن ابن عباس ، قال )) صحیحھ((روى مسلم فى العین حق ولو كان شىء سابق القدر ، : ((علیھ وسلم صلى اهللا

)) .العینلسبقتھ

أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم: ((أیضا عن أنس )) صحیحھ((وفى ))من الحمة، والعین والنملة رخص فى الرقیة

قال رسول اهللا : من حدیث أبى ھریرة ، قال )) الصحیحین((وفى )) .العین حق: ((علیھ وسلم صلى اهللا

Page 131: الطب النبوى

كان : عن عائشة رضى اهللا عنھا ، قالت )) سنن أبى داود((وفى .العائن فیتوضأ ، ثم یغتسل منھ المعین یؤمر

أمرنى النبى صلى اهللا : عن عائشة قالت )) الصحیحین((وفى .أو أمر أن نسترقى من العین علیھ وسلم

وذكر الترمذى ، من حدیث سفیان بن عیینة ، عن عمرو بن دینار عروة بن عامر ، عن عبید بن رفاعة الزرقى ، أن أسماء ، عن

؛ إن بنى جعفر تصیبھم العین ، رسول اهللا یا: بنت عمیس قالت فلو كان شىء یسبق القضاء لسبقتھ نعم: ((أفأسترقى لھم ؟ فقال

.صحیح حدیث حسن: قال الترمذى )) العین

وروى مالك رحمھ اهللا ، عن ابن شھاب ، عن أبى أمامة بن سھل بن حنیف یغتسل ، رأى عامر بن ربیعة سھل: حنیف ، قال بن

فلبط سھل ، : رأیت كالیوم وال جلد مخبأة ، قال واهللا ما: فقال : اهللا علیھ وسلم عامرا ، فتغیظ علیھ ، وقال فأتى رسول اهللا صلى

، فغسل لھ عامر )) ؟ أال بركت ؟ اغتسل لھعالم یقتل أحدكم أخاه((وركبتیھ ، وأطراف رجلیھ ، وداخلة إزاره دیھ ومرفقیھوجھھ وی

.الناس فى قدح ، ثم صب علیھ ، فراح مع

وروى مالك رحمھ اهللا أیضا عن محمد بن أبى أمامة بن سھل ، ، )) إن العین حق ، توضأ لھ: ((ھذا الحدیث ، وقال فیھ عن أبیھ

.فتوضأ لھ

، عن معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبیھ وذكر عبد الرزاقالعین حق ، ولو كان شىء سابق القدر ، لسبقتھ العین )) :مرفوعا

.، ووصلھ صحیح )) استغسل أحدكم ، فلیغتسل، وإذا

یؤمر الرجل العائن بقدح ، فیدخل كفھ فیھ ،: قال الزھرى ض ، ثم یمجھ فى القدح ، ویغسل وجھھ فى القدح ، ثم فیتمضم

فیصب على ركبتھ الیمنى فى القدح ، ثم یدخل یدخل یده الیسرى ،ركبتھ الیسرى ، ثم یغسل داخلة إزاره ، یده الیمنى ، فیصب على

Page 132: الطب النبوى

ى یصب على رأس الرجل الذوال یوضع القدح فى األرض ، ثم .تصیبھ العین من خلفھ صبة واحدة

أم سلمة ، فقد صح عن. عین إنسیة ، وعین جنیة : والعین عینان أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم رأى فى بیتھا جاریة فى وجھھا

)) .استرقوا لھا ، فإن بھا النظرة: ((سفعة ، فقال

نظرة ، : أى )) سفعة((وقولھ : الفراء قال الحسین بن مسعودبھا عین أصابتھا من نظر الجن أنفذ من : من الجن، یقول یعنى

.أسـنة الرماح

والجمل ،إن العین لتدخل الرجل القبر: ((ویذكر عن جابر یرفعھ )) .القدر

وسلم كان یتعوذ منوعن أبى سعید ، أن النبى صلى اهللا علیھ .الجان ، ومن عین اإلنسان

فأبطلت طائفة ممن قل نصیبھم من السمع والعقل أمر العین ،إنما ذلك أوھام ال حقیقة لھا ، وھؤالء من أجھل الناس : وقالوا

ومن أغلظھم حجابا ، وأكثفھم طباعا ، وأبعدھم ،بالسمع والعقلوصفاتھا وأفعالھا وتأثیراتھا ، رواح والنفوس ،معرفة عن األ

تدفع أمر العین ، وال وعقالء األمم على اختالف مللھم ونحلھم ال .تنكره ، وإن اختلفوا فى سببھ وجھة تأثیر العین

انبعث إن العائن إذا تكیفت نفسھ بالكیفیة الردیئة ،: فقالت طائفة وال یستنكر: قالوا . میة تتصل بالمعین ، فیتضرر من عینھ قوة س

ھذا ، كما ال یستنكر انبعاث قوة سمیة من األفعى تتصل باإلنسان ، أمر قد اشتھر عن نوع من األفاعى أنھا إذا وقع فیھلك ، وھذا

.العائن بصرھا على اإلنسان ھلك ، فكذلك

ینبعث من عین بعض الناسال یستبعد أن : وقالت فرقة أخرى جواھر لطیفة غیر مرئیة ، فتتصل بالمعین ، وتتخلل مسام جسمھ

.، فیحصل لھ الضرر

Page 133: الطب النبوى

قد أجرى اهللا العادة بخلق ما یشاء من الضرر: وقالت فرقة أخرى عند مقابلة عین العائن لمن یعینھ من غیر أن یكون منھ قوة وال

أصال ، وھذا مذھب منكرى األسباب والقوى تأثیر سبب والقد سدوا على أنفسھم باب العلل والتأثیرات فى العالم ، وھؤالء

.والتأثیرات واألسباب ، وخالفوا العقالء أجمعین

وال ریب أن اهللا سبحانھ خلق فى األجسام واألرواح قوى وطبائعت مؤثرة ، وال یمكن مختلفة ، وجعل فى كثیر منھا خواص وكیفیا

األرواح فى األجسام ، فإنھ أمر مشاھد محسوس لعاقل إنكار تأثیرحمرة شدیدة إذا نظر إلیھ من ، وأنت ترى الوجھ كیف یحمر

من یخافھ یحتشمھ ویستحى منھ ، ویصفر صفرة شدیدة عند نظرقواه ، وھذا إلیھ ، وقد شاھد الناس من یسقم من النظر وتضعف

بواسطة تأثیر األرواح ، ولشدة ارتباطھا بالعین ینسب الفعل كلھواألرواح . الفاعلة ، وإنما التأثیر للروح إلیھا ، ولیست ھى

وخواصھا ، فروح الحاسد مختلفة فى طبائعھا وقواھا وكیفیاتھاأن رسولھولھذا أمر اهللا سبحانھ. مؤذیة للمحسود أذى بینا

وتأثیر الحاسد فى أذى المحسود أمر ال ینكره . یستعیذ بھ من شره من ھو خارج عن حقیقة اإلنسانیة ، وھو أصل اإلصابة بالعین إال

الحاسدة تتكیف بكیفیة خبیثة ، وتقابل ، فإن النفس الخبیثةاألفعى ، وأشبھ األشیاء بھذا ،المحسود ، فتؤثر فیھ بتلك الخاصیة

عدوھا ، انبعثت منھا قوة فإن السم كامن فیھا بالقوة ، فإذا قابلتتشتد كیفیتھا غضبیة ، وتكیفت بكیفیة خبیثة مؤذیة ، فمنھا ما

وتقوى حتى تؤثر فى إسقاط الجنین ، ومنھا ما تؤثر فى طمس ر ، وذى كما قال النبى صلى اهللا علیھ وسلم فى األبتالبصر ،

)) إنھما یلتمسان البصر ، ویسقطان الحبل: ((الحیات الطفیتین من.

ما تؤثر فى اإلنسان كیفیتھا بمجرد الرؤیة من غیر اتصال : ومنھا لشدة خبث تلك النفس ، وكیفیتھا الخبیثة المؤثرة ، والتأثیر ،بھ

، كما یظنھ من قل علمھ االتصاالت الجسمیةغیر موقوف علىالتأثیر یكون تارة باالتصال ، ومعرفتھ بالطبیعة والشریعة ، بل

Page 134: الطب النبوى

الروح نحو من وتارة بالمقابلة ، وتارة بالرؤیة ، وتارة بتوجھبالوھم یؤثر فیھ ، وتارة باألدعیة والرقى والتعوذات ، وتارة

تأثیرھا على الرؤیة ، بل قد والتخیل ، ونفس العائن ال یتوقففیوصف لھ الشىء ، فتؤثر نفسھ فیھ ، وإن لم یره ، ،یكون أعمى

المعین بالوصف من غیر رؤیة ، وقد وكثیر من العائنین یؤثر فىكفروا لیزلقونك بأبصارھم لما وإن یكاد الذین{:قال تعالى لنبیھ

من شر * قل أعوذ برب الفلق { : وقال [51:القلم [} ذكرسمعوا ال* ومن شر النفاثات فى العقد * غاسق إذا وقب ومن شر*ما خلق فكل عائن حاسد ، ولیس كل حاسد عائنا} حاسد إذا حسد ومن شر

من أعم من العائن ، كانت االستعاذة منھ استعاذةفلما كان الحاسد العائن ، وھى سھام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود

تارة وتخطئھ تارة ، فإن صادفتھ مكشوفا ال وقایة والمعین تصیبھبد ، وإن صادفتھ حذرا شاكى السالح ال علیھ ، أثرت فیھ ، وال

وربما ردت السھام على صاحبھا للسھام ، لم تؤثر فیھ ، منفذ فیھالنفوس واألرواح ، ، وھذا بمثابة الرمى الحسى سواء ، فھذا من

وأصلھ من إعجاب العائن بالشىء ،. وذاك من األجسام واألشباح ثم تتبعھ كیفیة نفسھ الخبیثة ، ثم تستعین على تنفیذ سمھا بنظرة

وقد یعین الرجل نفسھ ، وقد یعین بغیر إرادتھ ، بل ،لمعینإلى ایكون من النوع اإلنسانى ، وقد قال أصحابنا بطبعھ ، وھذا أردأ مابذلك ، حبسھ اإلمام ، وأجرى إن من عرف: وغیرھم من الفقھاء

.قطعا لھ ما ینفق علیھ إلى الموت ، وھذا ھو الصواب

فصل

ى أنواع المقصود بالعالج النبوى لھذه العلةف

أبو العالج النبوى لھذه العلة ، وھو أنواع ، وقد روى: والمقصود مررنا بسیل ، : عن سھل بن حنیف ، قال )) سننھ((داود فى فاغتسلت فیھ ، فخرجت محموما ، فنمى ذلك إلى رسول فدخلت ،

: قال )) . مروا أبا ثابت یتعوذ: ((فقال وسلم ،اهللا صلى اهللا علیھ

Page 135: الطب النبوى

ال رقیة إال فى نفس ، : ((صالحة ؟ فقال یا سیدى ؛ والرقى: فقلت )) .أو حمة ، أو لدغة

والنافس .عین : أصابت فالنا نفس ، أى : العین ، یقال : والنفس ة وغین معجمة وھى ضربة العقرب واللدغة بدال مھمل. العائن :

.ونحوھا

فمن التعوذات والرقى اإلكثار من قراءة المعوذتین ، وفاتحة .الكتاب ، وآیة الكرسى ، ومنھا التعوذات النبویة

)) .أعوذ بكلمات اهللا التامات من شر ما خلق: ((نحو

وھامة ، ومن ، من كل شیطانأعوذ بكلمات اهللا التامة : ((ونحو )) .كل عین المة

بر وال فاجر ، أعوذ بكلمات اهللا التامات التى ال یجاوزھن: ((ونحو ومن من شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر ما ینزل من السماء ،

ألرض ، ومن شر ما شر ما یعرج فیھا ، ومن شر ما ذرأ فى امنھا ، ومن شر فتن اللیل والنھار ، ومن شر طوارق اللیل یخرج

)) .طارقا یطرق بخیر یا رحمن، إال

ومن شر أعوذ بكلمات اهللا التامة من غضبھ وعقابھ ،: ((ومنھا )) .عباده ، ومن ھمزات الشیاطین وأن یحضرون

التامات من اللھم إنى أعوذ بوجھك الكریم ، وكلماتك: ((نھا وموالمغرم ، اللھم شر ما أنت آخذ بناصیتھ ، اللھم أنت تكشف المأثم

)) .وبحمدكإنھ ال یھزم جندك ، وال یخلف وعدك ، سبحانك

م الذى ال شىء أعظم منھ ،أعوذ بوجھ اهللا العظی: ((ومنھا وبكلماتھ التامات التى ال یجاوزھن بر وال فاجر ، وأسماء اهللا

ما علمت منھا وما لم أعلم ، من شر ما خلق وذرأ وبرأ الحسنى ،شر ال أطیق شره ، ومن شر كل ذى شر أنت ، ومن شر كل ذى

)).على صراط مستقیمن ربىآخذ بناصیتھ ، إ

Page 136: الطب النبوى

وأنت رب اللھم أنت ربى ال إلھ إال أنت ، علیك توكلت ،: ((ومنھا العرش العظیم ، ما شاء اهللا كان ، وما لم یشأ لم یكن ، ال حول والقوة إال باهللا ، أعلم أن اهللا على كل شىء قدیر ، وأن اهللا قد أحاط

ء علما ، وأحصى كل شىء عددا ، اللھم إنى أعوذ بك من شىبكلوشر الشیطان وشركھ ، ومن شر كل دابة أنت آخذ شر نفسى ،

)) .على صراط مستقیمبناصیتھا ، إن ربى

وإلھ كل تحصنت باهللا الذى ال إلھ إال ھو ، إلھى: ((وإن شاء قال شىء ، واعتصمت بربى ورب كل شىء ، وتوكلت على الحى الذى

یموت ، واستدفعت الشر بالحول وال قوة إال باهللا ، حسبى اهللاالونعم الوكیل ، حسبى الرب من العباد ، حسبى الخالق من المخلوق

سبى ، حسبى الرازق من المرزوق ، حسبى الذى ھو ح، حسبىوھو یجیر وال یجار علیھ ، حسبى اهللا الذى بیده ملكوت كل شىء ،

وراء اهللا مرمى ، حسبى اهللا ال وكفى ، سمع اهللا لمن دعا ، لیس )) .العظیمإلھ إال ھو ، علیھ توكلت ، وھو رب العرش

وشدة ار منفعتھا ،ومن جرب ھذه الدعوات والعوذ ، عرف مقدالحاجة إلیھا ، وھى تمنع وصول أثر العائن ، وتدفعھ بعد وصولھ

إیمان قائلھا ، وقوة نفسھ ، واستعداده ، وقوة توكلھ بحسب قوة .والسالح بضاربھ وثبات قلبھ ، فإنھا سالح ،

فصل

فى ما یدفع بھ إصابة العین

إصابتھا للمعین ، فلیدفع شرھاوإذا كان العائن یخشى ضرر عینھ واللھم بارك علیھ ، كما قال النبى صلى اهللا علیھ وسلم : بقولھ

قلت : أى )) أال بركت : ((ربیعة لما عان سھل بن حنیفلعامر بن .اللھم بارك علیھ:

Page 137: الطب النبوى

، )) باهللاما شاء اهللا ال قوة إال: ((ومما یدفع بھ إصابة العین قول روى ھشام ابن عروة ، عن أبیھ ، أنھ كان إذا رأى شیئا یعجبھ ،

)) .ما شاء اهللا ، ال قوة إال باهللا: ((حائطا من حیطانھ، قال أو دخل

التى ومنھا رقـیة جبریل علیھ السالم للنبى صلى اهللا علیھ وسلمأرقیك ، من كل شىءباسم اهللا )) : ((صحیحھ((رواھا مسلم فى

یؤذیك ، من شر كل نفس أو عین حاسد اهللا یشفیك ، باسم اهللا )) .أرقیك

ورأى جماعة من السلف أن تكتب لھ اآلیات من القرآن ، ثمال بأس أن یكتب القرآن ، ویغسلھ ، ویسقیھ : قال مجاھد . یشربھا

أنھ أمر : ویذكر عن ابن عباس . ومثلھ عن أبى قالبة ض ،المریعلیھا والدھا أثر من القرآن ، ثم یغسل أن یكتب المرأة تعسر

كتب كتابا من القرآن ، ثم رأیت أبا قالبة: وقال أیوب . وتسقى .غسلھ بماء ، وسقاه رجال كان بھ وجع

فصل

غابنھ وأطرافھ وداخلة إزارهفى أمر العائن بغسل م

،أن یؤمر العائن بغسل مغابنھ وأطرافھ وداخلة إزاره: ومنھا أنھ طرف إزاره : والثانى . أنھ فرجھ : وفیھ قوالن ؛ أحدھما

جسده من الجانب األیمن ، ثم یصب على رأس الداخل الذى یلىنالھ عالج األطباء ، وال ینتفع یالمعین من خلفھ بغتة ، وھذا مما ال

أو فعلھ مجربا ال یعتقد ،بھ من أنكره ، أو سخر منھ ، أو شك فیھ .أن ذلك ینفعھ

بل ھى وإذا كان فى الطبیعة خواص ال تعرف األطباء عللھا ألبتة ،ره عندھم خارجة عن قیاس الطبیعة تفعل بالخاصیة ، فما الذى ینك

وجھلتھم من الخواص الشرعیة ، ھذا مع أن فى زنادقتھمالعقول الصحیحة ، وتقر المعالجة بھذا االستغسال ما تشھد لھ

وأن عالج تأثیر ،لمناسبتھ ، فاعلم أن تریاق سم الحیة فى لحمھا

Page 138: الطب النبوى

النفس الغضبیة فى تسكین غضبھا ، وإطفاء ناره بوضع یدك علیھالمسح علیھ ، وتسكین غضبھ ، وذلك بمنزلة رجل معھ شعلة و ،

یقذفك بھا ، فصببت علیھا الماء ، وھى فى من نار ، وقد أراد أن)) اللھم بارك علیھ: ((العائن أن یقول یده حتى طفئت ، ولذلك أمر

عین ، بالدعاء الذى ھو إحسان إلى الملیدفع تلك الكیفیة الخبیثةالكیفیة الخبیثة تظھر فى ولما كانت ھذه. فإن دواء الشىء بضده

تجد أرق من المواضع الرقیقة من الجسد ، ألنھا تطلب النفوذ ، فالفإذا ،المغابن ، وداخلة اإلزار ، وال سیما إن كان كنایة عن الفرج

ا فھذه المواضع غسلت بالماء ، بطل تأثیرھا وعملھا ، وأیض .الشیطانیة بھا اختصاص لألرواح

أن غسلھا بالماء یطفىء تلك الناریة ، ویذھب بتلك: والمقصود .السمیة

وفیھ أمر آخر ، وھو وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق وأسرعھا تنفیذا ، فیطفىء تلك الناریة والسمیة بالماء ، المواضع

كما أن ذوات السموم إذا قتلت بعد لسعھا ، ین ، وھذافیشفى المعووجد راحة ، فإن أنفسھا تمد خف أثر اللسعة عن الملسوع ،

قتلت ، خف األلم ، فإذا. أذاھا بعد لسعھا ، وتوصلھ إلى الملسوع واشتفاء نفسھ وإن كان من أسبابھ فرح الملسوع ،. وھذا مشاھد

.قتل عدوه ، فتقوى الطبیعة على األلم ، فتدفعھ ب

غسل العائن یذھب تلك الكیفیة التى ظھرت منھ ، وإنما.. وبالجملة .ینفع غسلھ عند تكیف نفسھ بتلك الكیفیة

فقد ظھرت مناسبة الغسل ، فما مناسبة صب ذلك الماء : فإن قیل المعین ؟على

بة ، فإن ذلك الماء ماء طفىء بھ تلكھو فى غایة المناس: قیل الناریة ، وأبطل تلك الكیفیة الردیئة من الفاعل ، فكما طفئت بھ

بالفاعل طفئت بھ ، وأبطلت عن المحل المتأثر بعد الناریة القائمةالذى یطفأ بھ الحدید یدخل فى مالبستھ للمؤثر العائن ، والماء

Page 139: الطب النبوى

طفىء بھ ناریة طباء ، فھذا الذىأدویة عدة طبیعیة ذكرھا األ .العائن ، ال یستنكر أن یدخل فى دواء یناسب ھذا الداء

فطب الطبائعیة وعالجھم بالنسبة إلى العالج النبوى ،.. وبالجملة كطب الطرقیة بالنسبة إلى طبھم ، بل أقل ، فإن التفاوت الذى بینھم

تفاوت الذى بینھم وبین الطرقیة األنبیاء أعظم ، وأعظم من الوبیناإلنسان مقداره ، فقد ظھر لك عقد اإلخاء الذى بین بما ال یدرك

أحدھما لآلخر ، واهللا یھدى من الحكمة والشرع ، وعدم مناقضةالتوفیق منھ كل باب یشاء إلى الصواب ، ویفتح لمن أدام قرع باب

.لبالغة ، ولھ النعمة السابغة ، والحجة ا

فصل

فى ستر محاسن من یخاف علیھ العین بما یردھا عنھ

ومن عالج ذلك أیضا واالحتراز منھ ستر محاسن من یخاف علیھ)) شرح السـنة((العین بما یردھا عنھ ، كما ذكر البغوى فى كتاب

ونتھ دسموا ن: عثمان رضى اهللا عنھ رأى صبیا ملیحا ، فقال أن: )) دسموا نونتھ((ومعنى : العین ، ثم قال فى تفسیره ، لئال تصیبھ

النقرة التى تكون فى ذقن الصبى : والنونة سودوا نونتھ ،: أى .الصغیر

إنھ رأى : لھ عن عثمان )) غریب الحدیث((وقال الخطابى فى سألت : أبو عمرو فقال. دسموا نونتھ : تأخذه العین ، فقال صبیا

. النقرة التى فى ذقنھ : أراد بالنونة : فقال أحمد بن یحیى عنھ ،سودوا ذلك الموضع من ذقنھ ، لیرد :أراد . التسوید : والتدسیم

اهللا صلى اهللا علیھ قال ومن ھذا حدیث عائشة ان رسول. العین سوداء: أى وسلم خطب ذات یوم ، وعلى رأسھ عمامة دسماء

:أراد االستشھاد على اللفظة ، ومن ھذا أخذ الشاعر قولھ

العینما كان أحوج ذا الكمال إلى عیب یوقیـھ مـن

فصل

Page 140: الطب النبوى

فى الرقى التى ترد العین

أنھ ،ومن الرقى التى ترد العین ما ذكر عن أبى عبد اهللا الساجىض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارھة ، وكان فى كان فى بع

عائن ، قلما نظر إلى شىء إال أتلفھ ، قیل ألبى عبد اهللا الرفقة رجللیس لھ إلى ناقتى سبیل ، فأخبر : العائن ، فقال احفظ ناقتك من:

فنظر غیبة أبى عبد اهللا ، فجاء إلى رحلھ ،العائن بقولھ ، فتحینأبو عبد اهللا ، فأخبر أن إلى الناقة ، فاضطربت وسقطت ، فجاءفدل ، . علیھ دلونى: العائن قد عانھا ، وھى كما ترى ، فقال

بسم اهللا ، حبس حابس ، وحجر یابس ،: فوقف علیھ، وقال ناس إلیھ ، وشھاب قابس ، ردت عین العائن علیھ ، وعلى أحب ال

ینقلب ثم ارجع البصر كرتین* البصر ھل ترى من فطور فارجع{حدقتا فخرجت] 4-3: الملك [}إلیك البصر خاسئا وھو حسیر

.العائن ، وقامت الناقة ال بأس بھا

فصل

العام لكل شكوى بالرقیة فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى العالج اإللھیة

: من حدیث أبى الدرداء ، قال )) : سننھ((روى أبو داود فى من اشتكى منكم : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یقول سمعت

ربنا اهللا الذى فى السماء ، تقدس : فلیقل شیئا ، أو اشتكاه أخ لھاء واألرض كما رحمتك فى السماء ، فاجعل السماسمك ، أمرك فى

حوبنا وخطایانا أنت رب الطیبین ، رحمتك فى األرض ، واغفر لناشفائك على ھذا الوجع ، فیبرأ أنزل رحمة من رحمتك ، وشفاء من

)) .بإذن اهللا

علیھ عن أبى سعید الخدرى ، أن جبریل )) صحیح مسلم((وفى یا محمد ؛ أشتكیت ؟ : أتى النبى صلى اهللا علیھ وسلم فقال السالمباسم اهللا أرقیك من : ((فقال جبریل علیھ السالم )) .نعم: ((فقال

Page 141: الطب النبوى

شر كل نفس أو عین حاسد اهللا یشفیك ، كل شىء یؤذیك ، من )) .باسم اهللا أرقیك

ال رقیة: ((ون فى الحدیث الذى رواه أبو داود فما تقول: فإن قیل ذوات السموم كلھا ؟: ، والحمة )) إال من عین، أو حمة

فى أنھ صلى اهللا علیھ وسلم لم یرد بھ نفى جواز الرقیة: فالجواب ال رقیة أولى وأنفع منھا فى العین والحمة : غیرھا ، بل المراد بھ

لیھ سیاق الحدیث ، فإن سھل ابن حنیف قال لھ لما ع، ویدل ال رقیة إال فى نفس: ((الرقى خیر ؟ فقال أو فى: أصابتھ العین

ویدل علیھ سائر أحادیث الرقى العامة والخاصة ، وقد)) أو حمةقال رسول اهللا صلى اهللا علیھ : روى أبو داود من حدیث أنس قال

)) .إال من عین ، أو حمة ، أو دم یرقأال رقیة: ((وسلم

رخص رسول اهللا صلى اهللا :((عنھ أیضا )) صحیح مسلم((وفى )) .وسلم فى الرقیة من العین والحمة والنملةعلیھ

فصل

بالفاتحةفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى رقیة اللدیغ

:من حدیث أبى سعید الخدرى ، قال )) لصحیحینا((أخرجا فى @انطلق نفر من أصحاب النبى صلى اهللا علیھ وسلم فى سفرة ))

نزلوا على حى من أحیاء العرب ، فاستضافوھم ، سافروھا حتىفلدغ سید ذلك الحى ، فسعوا لھ بكل شىء ال فأبوا أن یضیفوھم ،

لو أتیتم ھؤالء الرھط الذین نزلوا : بعضھم فعھ شىء ، فقالینیا أیھا الرھط : فأتوھم ، فقالوا .لعلھم أن یكون عند بعضھم شىء

بكل شىء ال ینفعھ ، فھل عند أحد ؛ إن سیدنا لدغ ، وسعینا لھألرقى ، ولكن واهللا إنىنعم: منكم من شىء ؟ فقال بعضھم

حتى تجعلوا لنا جعال ، استضفناكم ، فلم تضیفونا ، فما أنا براق

Page 142: الطب النبوى

: علیھ ، ویقرأ فصالحوھم على قطیع من الغنم ، فانطلق یتفلفانطلق یمشى ، فكأنما أنشط من عقال ،}الحمد هللا رب العالمین {

فقال ،فأوفوھم جعلھم الذى صالحوھم علیھ: قال وما بھ قلبة،ال تفعلوا حتى نأتى رسول : اقتسموا ، فقال الذى رقى : بعضھم

علیھ وسلم ، فنذكر لھ الذى كان ، فننظر ما یأمرنا ، اهللا صلى اهللاصلى اهللا علیھ وسلم ، فذكروا لھ ذلك ، فقدموا على رسول اهللا

قد أصبتم ، اقسموا : ((ثم قال ؟ ،)) وما یدریك أنھا رقیة(( :فقال )) .واضربوا لى معكم سھما

قال رسول : من حدیث على قال )) سننھ((وقد روى ابن ماجھ فى )) .خیر الدواء القرآن: ((اهللا علیھ وسلم اهللا صلى

الظن ومنافع مجربة ، فماومن المعلوم أن بعض الكالم لھ خواص بكالم رب العالمین ، الذى فضلھ على كل كالم كفضل اهللا على خلقھ

ھو الشفاء التام ، والعصمة النافعة ، والنور الھادى ، الذىلو أنزل على جبل لتصدع من عظمتھ والرحمة العامة ، الذى

القرآن ما ھو شفاء ورحمة من وننزل{: قال تعالى . وجاللتھ ھھنا لبیان الجنس ال )) من((و] .82: اإلسراء [}للمؤمنین

وعد اهللا الذین }:للتبعیض ، ھذا أصح القولین ، كقولھ تعالى ] 29:تح الف[}وأجرا عظیماآمنوا وعملوا الصالحات منھم مغفرة

الظن بفاتحة الكتاب وكلھم من الذین آمنوا وعملوا الصالحات ، فماوال فى التى لم ینزل فى القرآن ، وال فى التوراة ، وال فى اإلنجیل ،

الزبور مثلھا ، المتضمنة لجمیع معانى كتب اهللا ، المشتملة على ، والرب ، اهللا: أسماء الرب تعالى ومجامعھا ، وھى ذكر أصول

توحید الربوبیة ، : وذكر التوحیدین والرحمن ، وإثبات المعاد،سبحانھ فى طلب اإلعانة وتوحید اإللھیة ، وذكر االفتقار إلى الرب

وطلب الھدایة ، وتخصیصھ سبحانھ بذلك ، وذكر أفضل الدعاءوھو على اإلطالق وأنفعھ وأفرضھ ، وما العباد أحوج شىء إلیھ ،

صراطھ المستقیم ، المتضمن كمال معرفتھ وتوحیده الھدایة إلىواجتناب ما نھى عنھ ، واالستقامة علیھ وعبادتھ بفعل ما أمر بھ ،

وانقسامھم إلى منعم إلى الممات ، ویتضمن ذكر أصناف الخالئق

Page 143: الطب النبوى

علیھ بمعرفة الحق ، والعمل بھ ، ومحبتھ ، وإیثاره ، ومغضوب. بعدولھ عن الحق بعد معرفتھ لھ ، وضال بعدم معرفتھ لھعلیھ

مع تضمنھا إلثبات القدر ، والشرع ، وھؤالء أقسام الخلیقةوتزكیة النفوس ، واألسماء ، والصفات ، والمعاد ، والنبوات ،

وإصالح القلوب ، وذكر عدل اهللا وإحسانھ ، والرد على جمیع أھلمدارج ((نا ذلك فى كتابنا الكبیر البدع والباطل ، كما ذكر

وحقیق بسورة ھذا بعض شأنھا ، أن .فى شرحھا )) السالكین .یستشفى بھا من األدواء ، ویرقى بھا اللدیغ

فما تضمنتھ الفاتحة من إخالص العبودیة والثناء على.. وبالجملة وكل علیھ ، اهللا ، وتفویض األمر كلھ إلیھ ، واالستعانة بھ ، والت

النعم كلھا ، وھى الھدایة التى تجلب النعم ، وتدفع وسؤالھ مجامع .األدویة الشافیة الكافیة النقم ، من أعظم

إیاك نعبد وإیاك{:إن موضع الرقیة منھا : وقد قیل قوى ، وال ریب أن ھاتین الكلمتین من أ] 4: الفاتحة [}نستعین

الدواء ، فإن فیھما من عموم التفویض والتوكل ، أجزاء ھذاوالطلب ، والجمع بین أعلى وااللتجاء واالستعانة ، واالفتقار

الغایات ، وھى عبادة الرب وحده ، وأشرف الوسائل وھىاالستعانة بھ على عبادتھ ما لیس فى غیرھا ، ولقد مر بى وقت

قدت الطبیب والدواء ، فكنت أتعالج بھا ، آخذ وفبمكة سقمت فیھ ،علیھا مرارا ، ثم أشربھ ، فوجدت شربة من ماء زمزم ، وأقرؤھا

من األوجاع ، بذلك البرء التام ، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثیر .فأنتفع بھا غایة االنتفاع

فصل

ذوات عالج فى أن لتأثیر الرقى بالفاتحة وغیرھا سرا بدیعا فى السموم

وفى تأثیر الرقى بالفاتحة وغیرھا فى عالج ذوات السموم سربدیع ، فإن ذوات السموم أثرت بكیفیات نفوسھا الخبیثة ، كما تقدم

Page 144: الطب النبوى

حماتھا التى تلدغ بھا ، وھى ال تلدغ حتى تغضب ، فإذا ، وسالحھالتھا ، وقد جعل اهللا سبحانھ لكل فتقذفھ بآ ،غضبت ، ثار فیھا السم

الراقى تفعل فى نفس المرقى داء دواء ، ولكل شىء ضدا ، ونفسوالدواء ، ، فیقع بین نفسیھما فعل وانفعال ، كما یقع بین الداء

فتقوى نفس الراقى وقوتھ بالرقیة على ذلك الداء ، فیدفعھ بإذنألدواء على الفعل واالنفعال ، وھو كما اهللا ، ومدار تأثیر األدویة وا

الداء والدواء الطبیعیین ، یقع بین الداء والدواء یقع بینوالطبیعى ، وفى النفث والتفل استعانة الروحانیین ، والروحانى ،

للرقیة ، والذكر والدعاء بتلك الرطوبة والھواء ، والنفس المباشرصاحبھا شىء من الراقى وفمھ ، فإذا، فإن الرقیة تخرج من قلب

وأقوى أجزاء باطنھ من الریق والھواء والنفس ، كانت أتم تأثیرا ،فعال ونفوذا ، ویحصل باالزدواج بینھما كیفیة مؤثرة شبیھة

.الحادثة عند تركیب األدویة بالكیفیة

تزیدفنفس الراقى تقابل تلك النفوس الخبیثة ، و.. وبالجملة بكیفیة نفسھ ، وتستعین بالرقیة وبالنفث على إزالة ذلك األثر ،

كیفیة نفس الراقى أقوى ، كانت الرقیة أتم ، واستعانتھ وكلما كانت .تلك النفوس الردیئة بلسعھا بنفثھ كاستعانة

وفى النفث سر آخر ، فإنھ مما تستعین بھ األرواح الطیبة والخبیثة ومن {: قال تعالى . لھذا تفعلھ السحرة كما یفعلھ أھل اإلیمان و،

، وذلك ألن النفس تتكیف بكیفیة الغضب }النفاثات فى العقدشروترسل أنفاسھا سھاما لھا ، وتمدھا بالنفث والتفل والمحاربة ،

ة ، والسواحر الریق مصاحب لكیفیة مؤثرالذى معھ شىء منتتصل بجسم المسحور ، بل تستعین بالنفث استعانة بینة ، وإن لم

فى تنفث على العقدة وتعقدھا ، وتتكلم بالسحر ، فیعمل ذلكالمسحور بتوسط األرواح السفلیة الخبیثة ، فتقابلھا الروح الزكیة

بالنفث ، فأیھما بكیفیة الدفع والتكلم بالرقیة ، وتستعین الطیبةلھ ، ومقابلة األرواح بعضھا لبعض ، ومحاربتھا قوى كان الحكم

ومحاربتھا وآلتھا سواء ، بل وآلتھا من جنس مقابلة األجسام ،وجندھا ، األصل فى المحاربة والتقابل لألرواح واألجسام آلتھا

Page 145: الطب النبوى

أفعالھاولكن من غلب علیھ الحس ال یشعر بتأثیرات األرواح ووانفعاالتھا الستیالء سلطان الحس علیھ ، وبعده من عالم األرواح

.وأحكامھا ، وأفعالھا ،

،أن الروح إذا كانت قویة وتكیفت بمعانى الفاتحة.. والمقصود واستعانت بالنفث والتفل ، قابلت ذلك األثر الذى حصل من النفوس

.واهللا أعلم .. فأزالتھ الخبیثة ،

فصل

بالرقیةفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج لدغة العقرب

، من حدیث عبد اهللا بن مسعود )) مسنده((روى ابن أبى شیبة فى بینا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یصلى ، إذ سجد : قال ،

هللا علیھ أصبعھ ، فانصرف رسول اهللا صلى افلدغتھ عقرب فىثم : ، قال )) ما تدع نبیا وال غیرهلعن اهللا العقرب: ((وسلم وقال

یضع موضع اللدغة فى الماء دعا بإناء فیھ ماء وملح ، فجعل .حتى سكنت } والمعوذتینقل ھو اهللا أحد ،{: والملح ، ویقرأ

الطبیعى: ج بالدواء المركب من األمرین ففى ھذا الحدیث العالواإللھى ، فإن فى سورة اإلخالص من كمال التوحید العلمى

األحدیة هللا ، المستلزمة نفى كل شركة عنھ ، االعتقادى ، وإثباتالمستلزمة إلثبات كل كمال لھ مع كون الخالئق وإثبات الصمدیة

تقصده الخلیقة ، وتتوجھ إلیھ، :ھ فى حوائجھا ، أى تصمد إلیوالكفء عنھ المتضمن علویھا وسفلیھا ، ونفى الوالد والولد ،

لنفى األصل، والفرع والنظیر ، والمماثل مما اختصت بھ وصارتإثبات كل الكمال ، وفى )) الصمد((تعدل ثلث القرآن ، ففى اسمھ

نفى كل )) األحد((وفى . لتنزیھ عن الشبیھ والمثال انفى الكفء .األصول الثالثة ھى مجامع التوحید شریك لذى الجالل ، وھذه

وفى المعوذتین االستعاذة من كل مكروه جملة وتفصیال ، فإناالستعاذة من شر ما خلق تعم كل شر یستعاذ منھ ، سواء أكان فى

Page 146: الطب النبوى

م أو األرواح ، واالستعاذة من شر الغاسق وھو اللیل ، األجساالقمر إذا غاب ، تتضمن االستعاذة من شر ما ینتشر وآیتھ وھو

التى كان نور النھار یحول بینھا وبین فیھ من األرواح الخبیثة .القمر ، انتشرت وعاثت االنتشار ، فلما أظلم اللیل علیھا وغاب

ذة من شر النفاثات فى العقد تتضمن االستعاذة من شرواالستعا .السواحر وسحرھن

واالستعاذة من شر الحاسد تتضمن االستعاذة من النفوس الخبیثة .المؤذیة بحسدھا ونظرھا

تتضمن االستعاذة من شر شیاطین اإلنس والجن : والسورة الثانیة ذة من كل شر ، ولھما شأن عظیم فقد جمعت السورتان االستعا،

من الشرور قبل وقوعھا ، ولھذا أوصى فى االحتراس والتحصنبقراءتھما عقب كل النبى صلى اهللا علیھ وسلم عقبة بن عامر

وفى ھذا سر عظیم فى)) جامعھ((صالة ، ذكره الترمذى فى ما تعوذ : وقال . استدفاع الشرور من الصالة إلى الصالة

وقد ذكر أنھ صلى اهللا علیھ وسلم سحر فى .المتعوذون بمثلھما علیھ بھما ، فجعل كلما قرأ إحدى عشرة عقدة ، وأن جبریل نزل

كلھا ، وكأنما أنشط من آیة منھما انحلت عقدة ، حتى انحلت العقد .عقال

،فإن فى الملح نفعا لكثیر من السموم وأما العالج الطبیعى فیھ ،یضمد بھ مع )) : القانون((وال سیما لدغة العقرب ، قال صاحب

وفى الملح من . العقرب ، وذكره غیره أیضا بذر الكتان للسعالسموم ویحللھا ، ولما كان فى القوة الجاذبة المحللة ما یجذب

جمع بین الماء ج إلى تبرید وجذب وإخراجلسعھا قوة ناریة تحتاالمبرد لنار اللسعة ، والملح الذى فیھ جذب وإخراج ، وھذا أتم مایكون من العالج وأیسره وأسھلھ ، وفیھ تنبیھ على أن عالج ھذا

.واهللا أعلم .. والجذب واإلخراج الداء بالتبرید

Page 147: الطب النبوى

جاء رجل : عن أبى ھریرة قال )) صحیحھ((وقد روى مسلم فى یا رسول اهللا ؛ ما لقیت من : النبى صلى اهللا علیھ وسلم ، فقال إلى

أعوذ : أما لو قلت حین أمسیت : ((البارحة فقال عقرب لدغتنى التامات من شر ما خلق ،بكلمات اهللا

)) .لم تضرك

نفع من الداء بعد حصولھ ،واعلم أن األدویة الطبیعیة اإللھیة توتمنع من وقوعھ ، وإن وقع لم یقع وقوعا مضرا ، وإن كان

الطبیعیة إنما تنفع ، بعد حصول الداء ، مؤذیا ، واألدویةوقوع ھذه األسباب ، وإما أن فالتعوذات واألذكار ، إما أن تمنع

وتھ وضعفھ وقتحول بینھا وبین كمال تأثیرھا بحسب كمال التعوذ، فالرقى والعوذ تستعمل لحفظ الصحة ، وإلزالة المرض ، أما

من حدیث عائشة كان رسول اهللا )) الصحیحین((فكما فى : األول قل ھو {: إذا أوى إلى فراشھ نفث فى كفیھ صلى اهللا علیھ وسلم

، وما بلغت یده من ثم یمسح بھما وجھھ. والمعوذتین اهللا أحد .}جسده

ال اللھم أنت ربى: ((وكما فى حدیث عوذة أبى الدرداء المرفوع ، وقد تقدم )) إلھ إال أنت علیك توكلت وأنت رب العرش العظیم

من قالھا أول نھاره لم تصبھ مصیبة حتى یمسى ، ومن )) :وفیھ )) .م تصبھ مصیبة حتى یصبحنھاره لقالھا آخر

البقرة من قرأ اآلیتین من آخر سورة)) : ((الصحیحین((وكما فى )) .فى لیلة كفتاه

من: ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم )) صحیح مسلم((وكما فى لم ما خلق ، أعوذ بكلمات اهللا التامات من شر: نزل منزال فقال

)) .یضره شىء حتى یرتحل من منزلھ ذلك

أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم )) سنن أبى داود((وكما فى یا أرض ؛ ربى وربك اهللا ، أعوذ :((فى السفر یقول باللیل كان

Page 148: الطب النبوى

یدب علیك ، أعوذ باهللا من شرك وشر ما فیك ، وشر ماباهللا منوأسود ، ومن الحیة والعقرب ، ومن ساكن البلد ، ومن والد أسد )) .ولدوما

فكما تقدم من الرقیة بالفاتحة ، والرقیة للعقرب: وأما الثانى .وغیرھا مما یأتى

فصل

ملةفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى رقیة الن

أنھ صلى اهللا )) صحیح مسلم((قد تقدم من حدیث أنس الذى فى )) .رخص فى الرقیة من الحمة والعین والنملة((وسلم علیھ

دخل : عن الشفاء بنت عبد اهللا ، قالت )) سنن أبى داود((وفى : ل رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وأنا عند حفصة ، فقاعلى

)) .رقیة النملة كما علمتیھا الكتابةأال تعلمین ھذه((

نملة قروح تخرج فى الجنبین ، وھو داء معروف ، وسمى: النملة ، ألن صاحبھ یحس فى مكانھ كأن نملة تدب علیھ وتعضھ ،

زعمون أن كان المجوس ی: ثالثة ، قال ابن قتیبة وغیره وأصنافھاخط على النملة ، شفى صاحبھا ، ومنھ ولد الرجل من أختھ إذا

:قول الشاعر

نخط على النملوال عیب فینا غیر عرف لمعشر كرام وأنا ال

الجاھلیة أن الشفاء بنت عبد اهللا كانت ترقى فى: وروى الخالل ملة ، فلما ھاجرت إلى النبى صلى اهللا علیھ وسلم وكانت قدمن الن

یا رسول اهللا ؛ إنى كنت أرقى فى الجاھلیة : بایعتھ بمكة ، قالت : وإنى أرید أن أعرضھا علیك ، فعرضت علیھ فقالت من النملة ،

ھم من أفواھھا ، وال تضر أحدا ، اللبسم اهللا ضلت حتى تعودترقى بھا على عود سبع مرات ، :اكشف البأس رب الناس ، قال

Page 149: الطب النبوى

حجر بخل خمر حاذق ، وتطلیھ وتقصد مكانا نظیفا ، وتدلكھ على .تعلیم النساء الكتابة دلیل على جواز: وفى الحدیث . على النملة

فصل

رقیة الحیة فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى

بضم : الحمة ،)) ال رقیة إال فى عین ، أو حمة: ((قد تقدم قولھ .الحاء وفتح المیم وتخفیفھا

رخص رسول اهللا : ((من حدیث عائشة )) سنن ابن ماجھ((وفى )) .اهللا علیھ وسلم فى الرقیة من الحیة والعقربصلى

لدغ بعض أصحاب رسول : لزھرى ، قال ویذكر عن ابن شھاب ا: صلى اهللا علیھ وسلم حیة ، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم اهللایا رسول اهللا ؛ إن آل حزم كانوا یرقون : ؟ فقالوا ))ھل من راق((

ادعو عمارة : ((نھیت عن الرقى تركوھا ، فقال رقیة الحیة ، فلما)) ال بأس بھا: ((رقاه ، فقال فدعوه ، فعرض علیھ)) حزمبن

.فأذن لھ فیھا فرقاه

فصل

والجرحفى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى رقیة القرحة

كان رسول اهللا : ((عن عائشة قالت )) الصحیحین((أخرجا فى علیھ وسلم إذا اشتكى اإلنسان أو كانت بھ قرحة أو جرحصلى اهللا

سفیان سبابتھ باألرض ، ثم رفعھا ھكذا ووضع: ، قال بأصبعھ بریقة بعضنا ، یشفى سقیمنا بإذن بسم اهللا ، تربة أرضنا: ((وقال )) .ربنا

ھذا من العالج المیسر النافع المركب ، وھى معالجة لطیفة یعالجسیما عند عدم غیرھا من بھا القروح والجراحات الطریة ، ال

موجودة بكل أرض ، وقد علم أن طبیعة التراب األدویة إذ كانت

Page 150: الطب النبوى

لرطوبات القروح والجراحات التى الخالص باردة یابسة مجففةسیما فى تمنع الطبیعة من جودة فعلھا ، وسرعة اندمالھا ، ال

ن القروح والجراحاتالبالد الحارة ، وأصحاب األمزجة الحارة ، فإیتبعھا فى أكثر األمر سوء مزاج حار ، فیجتمع حرارة البلد

وطبیعة التراب الخالص باردة یابسة أشد من ،والمزاج والجراحفتقابل برودة التراب حرارة ،برودة جمیع األدویة المفردة الباردةوجفف ، ویتبعھا أیضا غسلالمرض ، ال سیما إن كان التراب قد

لھا ، مزیل كثرة الرطوبات الردیئة ، والسیالن ، والتراب مجففلشدة یبسھ وتجفیفھ للرطوبة الردیئة المانعة من برئھا ، ویحصل

ذلك تعدیل مزاج العضو العلیل ، ومتى اعتدل مزاج العضو بھ مع .إذن اهللا عنھ األلم بقویت قواه المدبرة ، ودفعت

أنھ یأخذ من ریق نفسھ على أصبعھ السبابة ، ثم : ومعنى الحدیث على التراب ، فیعلق بھا منھ شىء ، فیمسح بھ على الجرح یضعھا

من بركة ذكر اسم اهللا ، وتفویض األمر ، ویقول ھذا الكالم لما فیھوى إلى اآلخر ، فیقإلیھ ، والتوكل علیھ ، فینضم أحد العالجین

.التأثیر

جمیع األرض أو أرض)) تربة أرضنا: ((وھل المراد بقولھ المدینة خاصة ؟ فیھ قوالن ، وال ریب أن من التربة ما تكون فیھ

بخاصیتھ من أدواء كثیرة ، ویشفى بھا أسقاما ردیئة خاصیة ینفع.

ین رأیت باإلسكندریة مطحولین ، ومستسق)) : جالینوس((قال یستعملون طین مصر ، ویطلون بھ على سوقھم ، ،كثیرا

وأضالعھم ، فینتفعون بھ وأفخاذھم ، وسواعدھم ، وظھورھم ،لألورام وعلى ھذا النحو فقد ینفع ھذا الطالء: قال . منفعة بینة

وإنى ألعرف قوما ترھلت أبدانھم: العفنة والمترھلة الرخوة ، قال ن كثرة استفراغ الدم من أسفل ، انتفعوا بھذا الطین نفعا بینا كلھا م

وقوما آخرین شفوا بھ أوجاعا مزمنة كانت متمكنة فى بعض ، .فبرأت وذھبت أصال األعضاء تمكنا شدیدا ،

Page 151: الطب النبوى

قوة الطین المجلوب من )) : الكتاب المسیحى((وقال صاحب و وتغسل ، وتنبت اللحم وھى جزیرة المصطكى قوة تجل))كنوس((

.انتھى ..فى القروح ، وتختم القروح

وإذا كان ھذا فى ھذه التربات ، فما الظن بأطیب تربة على وجھاألرض وأبركھا ، وقد خالطت ریق رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

باسم ربھ ، وتفویض األمر إلیھ ، وقد تقدم أن ، وقارنت رقیتھالراقى ، وانفعال المرقى عن رقیتھ ، قیة وتأثیرھا بحسبقوى الر

فإن انتفى أحد وھذا أمر ال ینكره طبیب فاضل عاقل مسلم ، .األوصاف ، فلیقل ما شاء

فصل

في ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم في عالج الوجع بالرقیة

أنھ ((عن عثمان بن أبي العاص ، )) صحیحھ((روى مسلم في اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وجعا یجده في جسده شكى إلى رسول

ضع یدك على الذي : ((وسلم منذ أسلم ، فقال النبي صلى اهللا علیھأعوذ بعزة : ثالثا ، وقل سبع مرات بسم اهللا: تألم من جسدك وقل

الج من ذكر اهللا ، ففي ھذا الع)) وأحاذراهللا وقدرتھ من شر ما أجدمن شر األلم ما یذھب والتفویض إلیھ ، واالستعاذة بعزتھ وقدرتھ

المادة ، بھ ، وتكراره لیكون أنجع وأبلغ ، كتكرار الدواء إلخراجأن )) : الصحیحین((وفي السبع خاصیة ال توجد في غیرھا ، وفي

بیده كان یعوذ بعض أھلھ ، یمسح((علیھ وسلم ، النبي صلى اهللاالناس ، أذھب الباس ، واشف أنت اللھم رب: ((الیمنى ، ویقول

ففي ھذه )) . یغادر سقماالشافي ، ال شفاء إال شفاؤك ، شفاء البالشفاء ، وأنھ الرقیة توسل إلى اهللا بكمال زبوبیتھ ، وكما رحمتھ

لتوسل إلیھوحده الشافي ، وأنھ ال شفاء إال شفاؤه ، فتضمنت ا .بتوحیده وإحسانھ وربوبیتھ

فصل

Page 152: الطب النبوى

في ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم في عالج حر المصیبة وحزنھا

إنا: وبشر الصابرین الذین إذا أصابتھم مصیبة قالوا {: قال تعالى هللا وإنا إلیھ راجعون أولئك علیھم صلوات من ربھم ورحمة

عنھ صلى )) ندالمس((وفي . [155:البقرة[}وأولئك ھم المھتدونإنا : مصیبة فیقول ما من أحد تصیبھ: ((اهللا علیھ وسلم أنھ قال

وأخلف لي خیرا هللا وإنا إلیھ راجعون ، اللھم أجرني في مصیبتى )).منھامنھا ، إال أجاره اهللا في مصیبتھ ، وأخلف لھ خیرا

أنفعھ لھ في عاجلتھ وھذه الكلمة من أبلغ عالج المصاب ، وفأنھا تتضمن أصلین عظیمین إذا تحقق العبد بمعرفتھما وآجلتھ ،

.تسلى عن مصیبتھ

أن العبد وأھلھ ومالھ ملك هللا عز وجل حقیقة ، وقد جعلھ : أحدھما العبد عاریة ، فإذا أخذه منھ ، فھو كالمعیر یأخذ متاعھ من عند

عدم قبلھ ، وعدم بعده ، :محفوف بعدمین المستعیر ، وأیضا فإنھوأیضا فإنھ لیس الذي وملك العبد لھ متعة معارة في زمن یسیر ،

أوجده من عدمھ، حتى یكون ملكھ حقیقة، وال ھو الذي یحفظھ مناآلفات بعد وجوده ، وال یبقى علیھ وجوده ، فلیس لھ فیھ تأثیر ،

وأیضا فإنھ متصرف فیھ باألمر تصرف العبدوال ملك حقیقي ،ال یباح لھ من المأمور المنھي ، ال تصرف المالك ، ولھذا

.التصرفات فیھ إال ما وافق أمر مالكھ الحقیقي

أن مصیر العبد ومرجعھ إلى اهللا مواله الحق ، وال بد أن: والثاني یخلف الدنیا وراء ظھره ، ویجيء ربھ فردا كما خلقھ أول مرة بال

سنات والسیئات ، فإذا كانت والعشیرة ، ولكن بالحأھل وال مالونھایتھ ، فكیف یفرح بموجود ، أو ھذه بدایة العبد وما خولھ

عالج ھذا یأسى على مفقود ، ففكره فى مبدئھ ومعاده من أعظمالداء ، ومن عالجھ أن یعلم علم الیقین أن ما أصابھ لم یكن

صاب من ما أ{: قال تعالى . أخطأه لم یكن لیصیبھ لیخطئھ ، وماوال فى أنفسكم إال فى كتاب من قبل أن نبرأھا ، مصیبة فى األرض

Page 153: الطب النبوى

تفرحوا بما لكیال تأسوا على ما فاتكم وال* ذلك على اهللا یسیر إن .[22 :الحدید[}ورواهللا ال یحب كل مختال فخ* آتاكم

ومن عالجھ أن ینظر إلى ما أصیب بھ ، فیجد ربھ قد أبقى علیھ أو أفضل منھ ، وادخر لھ إن صبر ورضى ما ھو أعظم من مثلھ ،

بأضعاف مضاعفة ، وأنھ لو شاء لجعلھا أعظم فوات تلك المصیبة .مما ھى

ى بأھل المصائب ،ومن عالجھ أن یطفئ نار مصیبتھ ببرد التأسولیعلم أنھ فى كل واد بنو سعد ، ولینظر یمنة ، فھل یرى إال محنة

یسرة ، فھل یرى إال حسرة ؟ ، وأنھ لو فتش العالم لم ؟ ثم لیعطفإما بفوات محبوب ، أو حصول مكروه ، وأن یر فیھم إال مبتلى ،

ن أضحكت قلیال ، أبكت إشرور الدنیا أحالم نوم أو كظل زائل ،قلیال ، منعت كثیرا ، وإن سرت یوما ، ساءت دھرا ، وإن متعت

طویال ، وما مألت دارا خیرة إال مألتھا عبرة ، وال سرتھ بیوم .سرور إال خبأت لھ یوم شرور

لكل فرحة ترحة ، وما ملىء بیت: قال ابن مسعود رضى اهللا عنھ .فرحا إال ملىء ترحا

.ما كان ضحك قط إال كان من بعده بكاء : وقال ابن سیرین

وأشدھم لقد رأیتنا ونحن من أعز الناس: وقالت ھند بنت النعمان ملكا ، ثم لم تغب الشمس حتى رأیتنا ونحن أقل الناس ، وأنھ حق

.مألھا عبرة على اهللا أال یمأل دارا خیرة إال

أصبحنا ذا صباح ، : وسألھا رجل أن تحدثھ عن أمرھا ، فقالت فى العرب أحد إال یرجونا ، ثم أمسینا وما فى العرب أحد إال وما

.یرحمنا

: لھا وبكت أختھا حرقة بنت النعمان یوما ، وھى فى عزھا ، فقیل، ولكن رأیت غضارة فى ال: ما یبكیك ، لعل أحدا آذاك ؟ قالت

.وقلما امتألت دار سرورا إال امتألت حزنا أھلى ،

Page 154: الطب النبوى

كیف رأیت: دخلت علیھا یوما ، فقلت لھا : قال إسحاق بن طلحة ما نحن فیھ الیوم خیر مما كنا فیھ األمس : عبرات الملوك ؟ فقالت

فى خیرة إال فى الكتب أنھ لیس من أھل بیت یعیشون، إنا نجدالدھر لم یظھر لقوم بیوم یحبونھ إال سیعقبون بعدھا عبرة ، وأن

:بطن لھم بیوم یكرھونھ ، ثم قالت

فیھم سوقة نتنصففبینا نسوس الناس واألمر أمرنا إذا نحن

بنا وتصرفاراتفأف لدنیا ال یدوم نعیمھـا تقلب ت

أن یعلم أن الجزع ال یردھا ، بل یضاعفھا ، وھو : ومن عالجھا .الحقیقة من تزاید المرض فى

أن یعلم أن فوت ثواب الصبر والتسلیم ، وھو : ومن عالجھا والرحمة والھدایة التى ضمنھا اهللا على الصبر الصالة

.الحقیقة ة فىواالسترجاع ، أعظم من المصیب

أن یعلم أن الجزع یشمت عدوه ، ویسوء صدیقھ ،: ومن عالجھا ویغضب ربھ ، ویسر شیطانھ ، ویحبط أجره ، ویضعف نفسھ ،

شیطانھ ، ورده خاسئا ، وأرضى ربھ ، وإذا صبر واحتسب أنضىوعزاھم ھو قبل وسر صدیقھ ، وساء عدوه ، وحمل عن إخوانھ ،

،ن یعزوه ، فھذا ھو الثبات والكمال األعظم ، ال لطم الخدودأ .وشق الجیوب ، والدعاء بالویل والثبور ، والسخط على المقدور

أن یعلم أن ما یعقبھ الصبر واالحتساب من اللذة: ومن عالجھا ى علیھ والمسرة أضعاف ما كان یحصل لھ ببقاء ما أصیب بھ لو بق

بیت الحمد الذى یبنى لھ فى الجنة على حمده ، ویكفیھ من ذلكالمصیبتین أعظم ؟ مصیبة العاجلة أى: لربھ واسترجاعھ ، فلینظر

؟، أو مصیبة فوات بیت الحمد فى جنة الخلد

جلودھم كانت یود ناس یوم القیامة أن: ((وفى الترمذى مرفوعا )) .البالءرض بالمقاریض فى الدنیا لما یرون من ثواب أھلتق

Page 155: الطب النبوى

.لوال مصائب الدنیا لوردنا القیامة مفالیس: وقال بعض السلف

فإنھ من أن یروح قلبھ بروح رجاء الخلف من اهللا ،: ومن عالجھا :كل شىء عوض إال اهللا ، فما منھ عوض كما قیل

ضیعتھ عوضمن كل شىء إذا ضیعتھ عوض وما من اهللا إن

أن یعلم أن حظھ من المصیبة ما تحدثھ لھ ، فمن : ومن عالجھا فلھ الرضى ، ومن سخط ، فلھ السخط ، فحظك منھا ما ،رضى

لھ سخطا الحظوظ أو شرھا ، فإن أحدثتأحدثتھ لك ، فاختر خیرأحدثت لھ جزعا وتفریطا وكفرا ، كتب فى دیوان الھالكین ، وإن

المفرطین ، فى ترك واجب ، أو فى فعل محرم ، كتب فى دیوانوإن أحدثت لھ شكایة وعدم صبر ، كتب فى دیوان المغبونین ،

ع أحدثت لھ اعتراضا على اهللا ، وقدحا فى حكمتھ ، فقد قروإنوإن أحدثت لھ صبرا وثباتا هللا ، كتب فى باب الزندقة أو ولجھ ،

عن اهللا ، كتب فى دیوان دیوان الصابرین ، وإن أحدثت لھ الرضىدیوان الراضین ، وإن أحدثت لھ الحمد والشكر ، كتب فى

الشاكرین ، وكان تحت لواء الحمد مع الحمادین ، وإن أحدثت لھ .اشتیاقا إلى لقاء ربھ ، كتب فى دیوان المحبین المخلصین ومحبة

والترمذى ، من حدیث محمود بن لبید)) مسند اإلمام أحمد((وفى إن اهللا إذا أحب قوما ابتالھم ، فمن رضى فلھ الرضى ،: ((یرفعھ

)) .فلھ الجزع ومن جزع : ((زاد أحمد )) . ومن سخط فلھ السخط

أمره أن یعلم أنھ وإن بلغ فى الجزع غایتھ ، فآخر: ومن عالجھا إلى صبر االضطرار ، وھو غیر محمود وال مثاب ، قال بعض

یفعل فى أول یوم من المصیبة ما یفعلھ الجاھل العاقل: الحكماء و البھائمالكرام ، سال سلبعد أیام ، ومن لم یصبر صبر

.))الصبر عند الصدمة األولى: ((مرفوعا )) الصحیح((وفى

...)یتبع)

Page 156: الطب النبوى

إنك إن صبرت إیمانا واحتسابا ، وإال: وقال األشعث بن قیس @ .سلوت سلو البھائم

فیما أن یعلم أن أنفع األدویة لھ موافقة ربھ وإلھھ: ومن عالجھا لھ ، وأن خاصیة المحبة وسرھا موافقة المحبوب ، أحبھ ورضیھ

محبة محبوب ، ثم سخط ما یحبھ ، وأحب ما یسخطھ ، فمن ادعى .وتمقت إلى محبوبھ ،فقد شھد على نفسھ بكذبھ

.إن اهللا إذا قضى قضاء ، أحب أن یرضى بھ: وقال أبو الدرداء

إلیھ ، أحبھ إلى أحبھ: فى علتھ وكان عمران بن حصین یقول .وكذلك قال أبو العالیة

أحد أن وھذا دواء وعالج ال یعمل إال مع المحبین ، وال یمكن كل .یتعالج بھ

وأدومھما أن یوازن بین أعظم اللذتین والتمتعین ،: ومن عالجھا ظھر لھ فإنة تمتعھ بثواب اهللا لھ ،لذة تمتعھ بما أصیب بھ ، ولذ:

الرجحان ، فآثر الراجح ، فلیحمد اهللا على توفیقھ ، وإن آثر كل وجھ ، فلیعلم أن مصیبتھ فى عقلھ وقلبھ ودینھ المرجوح من

فى دنیاهأعظم من مصیبتھ التى أصیب بھا

وأرحم مین ،أن یعلم أن الذى ابتاله بھا أحكم الحاك: ومن عالجھا الراحمین ، وأنھ سبحانھ لم یرسل إلیھ البالء لیھلكھ بھ ، وال

وال لیجتاحھ ، وإنما افتقده بھ لیمتحن صبره ورضاه ،لیعذبھ بھتضرعھ وابتھالھ ، ولیراه طریحا ببابھ ، عنھ وإیمانھ ، ولیسمع

شكوى إلیھ رافعا قصص ال ،الئذا بجنابھ ، مكسور القلب بین یدیھ.

لتھلكك ، یا بنى ؛ إن المصیبة ما جاءت: قال الشیخ عبد القادر ،وإنما جاءت لتمتحن صبرك وإیمانك ، یا بنى ؛ القدر سبع

.والسبع ال یأكل المیتة

Page 157: الطب النبوى

أن أن المصیبة كیر العبد الذى یسبك بھ حاصلھ ، فإما: والمقصود :ھبا أحمر ، وإما أن یخرج خبثا كلھ ، كما قیل یخرج ذ

الحدیدسبكناه ونحسبـــھ لجینا فأبدى الكیر عن خبث

فإذا فإن لم ینفعھ ھذا الكیر فى الدنیا ، فبین یدیھ الكیر األعظم ،الكیر علم العبد أن إدخالھ كیر الدنیا ومسبكھا خیر لھ من ذلك

وأنھ ال بد من أحد الكیرین ، فلیعلم قدر نعمة اهللا علیھ ،والمسبك .فى الكیر العاجل

أن یعلم أنھ لوال محن الدنیا ومصائبھا ، ألصاب: ومن عالجھا العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما ھو سبب

أرحم الراحمین أن یتفقده فى وآجال ، فمن رحمةھالكھ عاجالتكون حمیة لھ من ھذه ،األحیان بأنواع من أدویة المصائب

الفاسدة األدواء ، وحفظا لصحة عبودیتھ ، واستفراغا للموادالردیئة المھلكة منھ ، فسبحان من یرحم ببالئھ ، ویبتلى بنعمائھ

:قیلكما

بعض القـوم بالنعمعظمت ویبتلى اهللا قد ینعم اهللا بالبلوى وإن

فلوال أنھ سبحانھ یداوى عباده بأدویة المحن واالبتالء ، لطغوا ،وبغوا ، وعتوا ، واهللا سبحانھ إذا أراد بعبد خیرا سقاه دواء من

واالمتحان على قدر حالھ یستفرغ بھ من األدواء المھلكة ،االبتالءوصفاه ، أھلھ ألشرف مراتب الدنیا ، وھى حتى إذا ھذبھ ونقاه

: رؤیتھ وقربھ ومن عالجھا عبودیتھ ، وأرفع ثواب اآلخرة ، وھویقلبھا اهللا ،أن یعلم أن مرارة الدنیا ھى بعینھا حالوة اآلخرة

ینتقل سبحانھ كذلك ، وحالوة الدنیا بعینھا مرارة اآلخرة ، وألنفإن . من مرارة منقطعة إلى حالوة دائمة خیر لھ من عكس ذلك

حفت الجنة : ((فانظر إلى قول الصادق المصدوق خفى علیك ھذا ، ))النار بالشھواتبالمكاره ، وحفت

Page 158: الطب النبوى

وفى ھذا المقام تفاوتت عقول الخالئق ، وظھرت حقائق الرجال ،الحالوة المنقطعة على الحالوة الدائمة التى ال تزول ، فأكثرھم آثر

مرارة ساعة لحالوة األبد ، وال ذل ساعة لعز األبد ، وال ولم یحتمللعافیة األبد ، فإن الحاضر عنده شھادة ، والمنتظر محنة ساعة

وسلطان الشھوة حاكم ، فتولد من ذلك غیب ، واإلیمان ضعیف ،النظر الواقع على ثار العاجلة ، ورفض اآلخرة ، وھذا حالإی

یخرق ظواھر األمور ، وأوائلھا ومبادئھا ، وأما النظر الثاقب الذى .حجب العاجلة ، ویجاوزه إلى العواقب والغایات ، فلھ شأن آخر

فادع نفسك إلى ما أعد اهللا ألولیائھ وأھل طاعتھ من النعیم المقیم ، األبدیة ، والفوز األكبر ، وما أعد ألھل البطالة واإلضاعة سعادةوال

والحسرات الدائمة ، ثم اختر أى القسمین ألیق من الخزى والعقابشاكلتھ ، وكل أحد یصبو إلى ما یناسبھ ، وما بك ، وكل یعمل علىالحاجة إلیھ من تستطل ھذا العالج ، فشدةھو األولى بھ ، وال

.التوفیقالطبیب والعلیل دعت إلى بسطھ ، وباهللا

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الكرب والھم والغم والحزن

من حدیث ابن عباس ، أن رسول اهللا )) الصحیحین((أخرجا فى ال إلھ إال اهللا العظیم : ((صلى اهللا علیھ وسلم كان یقول عند الكرب

الحلیم ، ال إلھ إال اهللا رب العرش العظیم ، ال إلھ إال اهللا رب السموات السبع ، ورب األرض

)) .رب العرش الكریم

عن أنس ، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ )) جامع الترمذى((وفى یا قیوم برحمتك یا حى : ((كان إذا حزبھ أمر ، قال ((وسلم ، )) .أستغیث

Page 159: الطب النبوى

أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ، كان إذا : ((وفیھ عن أبى ھریرة )) سبحان اهللا العظیم: ((أھمھ األمر ، رفع طرفھ إلى السماء فقال

)) .یا حى یا قیوم: ((، وإذا اجتھد فى الدعاء قال

بكر الصدیق ، أن رسول اهللا ، عن أبى)) سنن أبى داود((وفى اللھم رحمتك : دعوات المكروب : ((صلى اهللا علیھ وسلم قال

أرجو ، فال تكلنى إلى نفسى طرفة عین ، وأصلح لى شأنى كلھ ، ال )) .إلھ إال أنت

صلى قال لى رسول اهللا: وفیھا أیضا عن أسماء بنت عمیس قالت أال أعلمك كلمات تقولیھن عند الكرب أو فى : ((اهللا علیھ وسلم

:الكرب

)) .اهللا ربى ال أشرك بھ شیئا((

.وفى روایة أنھا تقال سبع مرات

عن ابن مسعود ، عن النبى صلى اهللا )) مسند اإلمام أحمد((وفى اللھم إنى : ھم وال حزن فقال ما أصاب عبدا: ((علیھ وسلم قال

عبدك ، ابن عبدك ، ابن أمتك ، ناصیتى بیدك ، ماض فى حكمك ، عدل فى قضاؤك ، اسألك بكل اسم ھو لك سمیت بھ نفسك ، أو

، أو استأثرت بھ فى أنزلتھ فى كتابك ، أو علمتھ أحدا من خلقكأن تجعل القرآن العظیم ربیع قلبى ، ونور : علم الغیب عندك

صدرى ، وجالء حزنى ، وذھاب ھمى ، إال أذھب اهللا حزنھ وھمھ ، )) .وأبدلھ مكانھ فرحا

قال رسول اهللا : عن سعد بن أبى وقاص ، قال)) الترمذى((وفى دعوة ذى النون إذ دعا ربھ وھو فى بطن : ((صلى اهللا علیھ وسلم

ال إلھ إال أنت سبحانك إنى كنت من الظالمین ، لم یدع {: الحوت )) .بھا رجل مسلم فى شىء قط إال استجیب لھ

: لمة ال یقولھا مكروب إال فرج اهللا عنھ إنى ألعلم ك: ((وفى روایة )) .كلمة أخى یونس

Page 160: الطب النبوى

دخل رسول : عن أبى سعید الخدرى ، قال )) سنن أبى داود((وفى اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ذات یوم المسجد ، فإذا ھو برجل من

ك یا أبا أمامة ؛ ما لى أرا: ((أبو أمامة ، فقال : األنصار یقال لھ ھموم لزمتنى ، ودیون : ؟ فقال )) فى المسجد فى غیر وقت الصالة

أال أعلمك كالما إذا أنت قلتھ أذھب اهللا عز : ((یا رسول اهللا ، فقال : بلى یا رسول اهللا، قال : قلت : ؟ قال )) وجل ھمك وقضى دینك

اللھم إنى أعوذ بك من الھم : إذا أمسیت قل إذا أصبحت و((والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن

ففعلت : ، قال )) والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدین وقھر الرجال .ى عنى دینى ذلك ، فأذھب اهللا عز وجل ھمى ، وقض

قال رسول اهللا : ، عن ابن عباس ، قال )) سنن أبى داود((وفى من لزم االستغفار ، جعل اهللا لھ من كل : ((صلى اهللا علیھ وسلم

))ھم فرجا ، ومن كل ضیق مخرجا ، ورزقھ من حیث ال یحتسب

صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا حزبھ أمر أن النبى )) : المسند((وفى }واستعینوا بالصبر والصالة{: ، فزع إلى الصالة ، وقد قال تعالى

علیكم بالجھاد ، فإنھ باب من أبواب الجنة ، )) : ((السنن((وفى )) .یدفع اهللا بھ عن النفوس الھم والغم

من : ((عن ابن عباس ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ویذكر ال حول وال قوة إال : كثرت ھمومھ وغمومھ ، فلیكثر من قول

)) .باهللا

.أنھا كنز من كنوز الجنة )) : الصحیحین((وثبت فى

.أنھا باب من أبواب الجنة )) : الترمذى((وفى

األدویة تتضمن خمسة عشر نوعا من الدواء ، فإن لم تقو ھذه على إذھاب داء الھم والغم والحزن ، فھو داء قد استحكم ،

..وتمكنت أسبابھ ، ویحتاج إلى استفراغ كلى

Page 161: الطب النبوى

.توحید الربوبیة : األول

.توحید اإللھیة : الثانى

.التوحید العلمى االعتقادى : الثالث

تنزیھ الرب تعالى عن أن یظلم عبده ، أو یأخذه بال سبب : ع الراب .من العبد یوجب ذلك

.اعتراف العبد بأنھ ھو الظالم : الخامس

التوسل إلى الرب تعالى بأحب األشیاء ، وھو أسماؤه : السادس .الحى القیوم : وصفاتھ ، ومن أجمعھا لمعانى األسماء والصفات

.ستعانة بھ وحده اال: السابع

.إقرار العبد لھ بالرجاء : الثامن

تحقیق التوكل علیھ ، والتفویض إلیھ ، واالعتراف لھ بأن : التاسع ناصیتھ فى یده ، یصرفھ كیف یشاء ، وأنھ ماض فیھ حكمھ ، عدل

.فیھ قضاؤه

الربیع أن یرتع قلبھ فى ریاض القرآن ، ویجعلھ لقلبھ ك: العاشر للحیوان ، وأن یستضىء بھ فى ظلمات الشبھات والشھوات ، وأن

یتسلى بھ عن كل فائت ، ویتعزى بھ عن كل مصیبة ، ویستشفى .بھ من أدواء صدره ، فیكون جالء حزنھ ، وشفاء ھمھ وغمھ

.االستغفار : الحادى عشر

.التوبة : الثانى عشر

.الجھاد : ث عشر الثال

.الصالة : الرابع عشر

Page 162: الطب النبوى

البراءة من الحول والقوة وتفویضھما إلى من ھما : الخامس عشر .بیده

فصل

فى بیان جھة تأثیر ھذه األدویة فى ھذه األمراض

خلق اهللا سبحانھ ابن آدم وأعضاءه ، وجعل لكل عضو منھا كماال لكھا وھو القلب كماال ، إذا فقده ، إذا فقده أحس باأللم ، وجعل لم

.حضرتھ أسقامھ وآالمھ من الھموم والغموم واألحزان

فإذا فقدت العین ما خلقت لھ من قوة اإلبصار ، وفقدت األذن ما خلقت لھ من قوة السمع ، واللسان ما خلق لھ من قوة الكالم ،

فقدت كمالھا

خلق لمعرفة فاطره ومحبتھ وتوحیده والسرور بھ ، :والقلب واالبتھاج بحبھ ، والرضى عنھ ، والتوكل علیھ ، والحب فیھ ،

والبغض فیھ ، والمواالة فیھ ، والمعاداة فیھ ، ودوام ذكره ، وأن یكون أحب إلیھ من كل ما سواه ، وأرجى عنده من كل ما سواه ،

ا سواه ، وال نعیم لھ وال سرور وال لذة ، بل وأجل فى قلبھ من كل موال حیاة إال بذلك ، وھذا لھ بمنزلة الغذاء والصحة والحیاة ، فإذا فقد غذاءه وصحتھ وحیاتھ ، فالھموم والغموم واألحزان مسارعة

.من كل صوب إلیھ ، ورھن مقیم علیھ

لة واالستھانة بمحابھ الشرك والذنوب والغف: ومن أعظم أدوائھ ومراضیھ ، وترك التفویض إلیھ ، وقلة االعتماد علیھ ، والركون

.إلى ما سواه ، والسخط بمقدوره ، والشك فى وعده ووعیده

وإذا تأملت أمراض القلب ، وجدت ھذه األمور وأمثالھا ھى اء لھ سواه ما أسبابھا ال سبب لھا سواھا ، فدواؤه الذى ال دو

تضمنتھ ھذه العالجات النبویة من األمور المضادة لھذه األدواء ،

Page 163: الطب النبوى

فإن المرض یزال بالضد ، والصحة تحفظ بالمثل ، فصحتھ تحفظ .بھذه األمور النبویة ، وأمراضھ بأضدادھا

یفتح للعبد باب الخیر والسرور واللذة والفرح .. فالتوحید ، والتوبة استفراغ لألخالط والمواد الفاسدة التى ھى واالبتھاج

سبب أسقامھ ، وحمیة لھ من التخلیط ، فھى تغلق عنھ باب الشرور ، فیفتح لھ باب السعادة والخیر بالتوحید ، ویغلق باب

.الشرور بالتوبة واالستغفار

م ، من أراد عافیة الجس: قال بعض المتقدمین من أئمة الطب فلیقلل من الطعام والشراب ، ومن أراد عافیة القلب ، فلیترك اآلثام

.

راحة الجسم فى قلة الطعام ، وراحة الروح فى : وقال ثابت بن قرة .قلة اآلثام، وراحة اللسان فى قلة الكالم

، وال بد ، والذنوب للقلب ، بمنزلة السموم ، إن لم تھلكھ أضعفتھ وإذا ضعفت قوتھ ، لم یقدر على مقاومة األمراض ، قال طبیب

:القلوب عبد اهللا ابن المبارك

رأیت الذنوب تمیت القلـوب وقد یورث الذل إدمانھـا

وترك الذنوب حیاة القلـوب وخیر لنفســك عصیانھا

لھوى أكبر أدوائھا ، ومخالفتھ أعظم أدویتھا ، والنفس فى فااألصل خلقت جاھلة ظالمة ، فھى لجھلھا تظن شفاءھا فى اتباع ھواھا ، وإنما فیھ تلفھا وعطبھا ، ولظلمھا ال تقبل من الطبیب الناصح ، بل تضع الداء موضع الدواء فتعتمده ، وتضع الدواء

فتجتنبھ ، فیتولد من بین إیثارھا للداء ، واجتنابھا موضع الداء للدواء أنواع من األسقام والعلل التى تعیى األطباء ، ویتعذر معھا

والمصیبة العظمى ، أنھا تركب ذلك على القدر ، فتبرىء . الشفاء حتى یصرح نفسھا ، وتلوم ربھا بلسان الحال دائما ، ویقوى اللوم

.بھ اللسان

Page 164: الطب النبوى

وإذا وصل العلیل إلى ھذه الحال ، فال یطمع فى برئھ إال أن تتداركھ رحمة من ربھ ، فیحییھ حیاة جدیدة ، ویرزقھ طریقة حمیدة ،

فلھذا كان حدیث ابن عباس فى دعاء الكرب مشتمال على توحید ة والحلم ، اإللھیة والربوبیة ، ووصف الرب سبحانھ بالعظم

وھاتان الصفتان مستلزمتان لكمال القدرة والرحمة ، واإلحسان والتجاوز ، ووصفھ بكمال ربوبیتھ للعالم العلوى والسفلى ،

والربوبیة التامة . والعرش الذى ھو سقف المخلوقات وأعظمھا تستلزم توحیده ، وأنھ الذى ال تنبغى العبادة والحب والخوف

وعظمتھ المطلقة تستلزم إثبات . الرجاء واإلجالل والطاعة إال لھ ووحلمھ یستلزم كمال . كل كمال لھ ، وسلب كل نقص وتمثیل عنھ

.رحمتھ وإحسانھ إلى خلقھ

فعلم القلب ومعرفتھ بذلك توجب محبتھ وإجاللھ وتوحیده ، فیحصل ألم الكرب والھم لھ من االبتھاج واللذة والسرور ما یدفع عنھ

والغم ، وأنت تجد المریض إذا ورد علیھ ما یسره ویفرحھ ، ویقوى نفسھ ، كیف تقوى الطبیعة على دفع المرض الحسى ،

.فحصول ھذا الشفاء للقلب أولى وأحرى

ثم إذا قابلت بین ضیق الكرب وسعة ھذه األوصاف التى تضمنھا المناسبة لتفریج ھذا الضیق ، دعاء الكرب ، وجدتھ فى غایة

وخروج القلب منھ إلى سعة البھجة والسرور ، وھذه األمور إنما .یصدق بھا من أشرقت فیھ أنوارھا ، وباشر قلبھ حقائقھا

فى دفع ھذا )) یا حى یا قیوم ، برحمتك أستغیث: ((وفى تأثیر قولھ ة متضمنة لجمیع صفات الداء مناسبة بدیعة ، فإن صفة الحیا

الكمال ، مستلزمة لھا ، وصفة القیومیة متضمنة لجمیع صفات األفعال ، ولھذا كان اسم اهللا األعظم الذى إذا دعى بھ أجاب ، وإذا

ھو اسم الحى القیوم ، والحیاة التامة تضاد جمیع : سئل بھ أعطى ت حیاة أھل الجنة لم یلحقھم ھم وال األسقام واآلالم ، ولھذا لما كمل

ونقصان الحیاة تضر باألفعال ، . غم وال حزن وال شىء من اآلفات وتنافى القیومیة ، فكمال القیومیة لكمال الحیاة ، فالحى المطلق

Page 165: الطب النبوى

التام الحیاة ال یفوتھ صفة الكمال ألبتة ، والقیوم ال یتعذر علیھ فعل تة ، فالتوسل بصفة الحیاة والقیومیة لھ تأثیر فى إزالة ما ممكن ألب

.یضاد الحیاة ، ویضر باألفعال

ونظیر ھذا توسل النبى صلى اهللا علیھ وسلم إلى ربھ بربوبیتھ لجبریل ومیكائیل وإسرافیل أن یھدیھ لما اختلف فیھ من الحق

وقد وكل اهللا سبحانھ ھؤالء بإذنھ ، فإن حیاة القلب بالھدایة ، األمالك الثالثة بالحیاة ، فجبریل موكل بالوحى الذى ھو حیاة القلوب ، ومیكائیل بالقطر الذى ھو حیاة األبدان والحیوان ،

وإسرافیل بالنفخ فى الصور الذى ھو سبب حیاة العالم وعود بربوبیة ھذه األرواح األرواح إلى أجسادھا ، فالتوسل إلیھ سبحانھ

.العظیمة الموكلة بالحیاة ، لھ تأثیر فى حصول المطلوب

أن السم الحى القیوم تأثیرا خاصا فى إجابة الدعوات : والمقصود .، وكشف الكربات

اسم اهللا األعظم : ((مرفوعا )) صحیح أبى حاتم((و)) السنن((وفى إلھ واحد ، ال إلھ إال ھو الرحمن وإلھكم{: فى ھاتین اآلیتین

اهللا ال إلھ إال * آلم { : ، وفاتحة آل عمران ]163: البقرة [}الرحیم حدیث صحیح: ، قال الترمذى ]2- 1: آل عمران [}ھو الحى القیوم

من حدیث أنس أن : أیضا )) صحیح ابن حبان((و)) السنن((وفى اللھم إنى أسألك بأن لك الحمد ، ال إلھ إال أنت : ال دعا ، فقال رج

المنان ، بدیع السموات واألرض ، یاذا الجالل واإلكرام ، یا حى یا لقد دعا اهللا باسمھ : ((قیوم ، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم

)) .ب ، وإذا سئل بھ أعطىاألعظم الذى إذا دعى بھ أجا

: ولھذا كان النبى صلى اهللا علیھ وسلم إذا اجتھد فى الدعاء ، قال )) .یا حى یا قیوم((

اللھم رحمتك أرجو ، فال تكلنى إلى نفسى طرفة عین : ((وفى قولھ تحقیق الرجاء لمن من )) ، وأصلح لى شأنى كلھ ال إلھ إال أنت

Page 166: الطب النبوى

الخیر كلھ بیدیھ واالعتماد علیھ وحده ، وتفویض األمر إلیھ ، والتضرع إلیھ ، أن یتولى إصالح شأنھ ، وال یكلھ إلى نفسھ ،

والتوسل إلیھ بتوحیده مما لھ تأثیر قوى فى دفع ھذا الداء ، وكذلك . ))اهللا ربى ال أشرك بھ شیئا: ((قولھ

، ففیھ من )) اللھم إنى عبدك ابن عبدك: ((بن مسعود وأما حدیث االمعارف اإللھیة ، وأسرار العبودیة ما ال یتسع لھ كتاب ، فإنھ

یتضمن االعتراف بعبودیتھ وعبودیة آبائھ وأمھاتھ ، وأن ناصیتھ وال بیده یصرفھا كیف یشاء ، فال یملك العبد دونھ لنفسھ نفعا

ضرا ، وال موتا وال حیاة ، وال نشورا ، ألن من ناصیتھ بید غیره ، فلیس إلیھ شىء من أمره ، بل ھو عان فى قبضتھ ، ذلیل تحت

.سلطان قھره

متضمن ألصلین )) ماض فى حكمك عدل فى قضاؤك: ((وقولھ .عظیمین علیھما مدار التوحید

ت القدر ، وأن أحكام الرب تعالى نافذة فى عبده إثبا: أحدھما .ماضیة فیھ ، ال انفكاك لھ عنھا ، وال حیلة لھ فى دفعھا

أنھ سبحانھ عدل فى ھذه األحكام ، غیر ظالم لعبده ، بل : والثانى ال یخرج فیھا عن موجب العدل واإلحسان ، فإن الظلم سببھ حاجة

،أو سفھھ ، فیستحیل صدوره ممن ھو بكل شىء الظالم ، أو جھلھعلیم ، ومن ھو غنى عن كل شىء ، وكل شىء فقیر إلیھ ، ومن

ھو أحكم الحاكمین ، فال تخرج ذرة من مقدوراتھ عن حكمتھ وحمده ، كما لم تخرج عن قدرتھ ومشیئتھ ، فحكمتھ نافذة حیث

ل نبى اهللا ھود صلى اهللا على نبینا نفذت مشیئتھ وقدرتھ ، ولھذا قاإنى أشھد اهللا واشھدوا {:وعلیھ وسلم ، وقد خوفھ قومھ بآلھتھم

من دونھ ، فكیدونى جمیعا ثم ال تنظرون *أنى برىء مما تشركون ما من دابة إال ھو آخذ * م إنى توكلت على اهللا ربى وربك*

، أى مع ] 57-54: ھود [}بناصیتھا ، إن ربى على صراط مستقیمكونھ سبحانھ آخذا بنواصى خلقھ وتصریفھم كما یشاء ، فھو على

Page 167: الطب النبوى

صراط مستقیم ال یتصرف فیھم إال بالعدل والحكمة ، واإلحسان ما من {: ، مطابق لقولھ )) ماض فى حكمك((: فقولھ . والرحمة

، )) عدل فى قضاؤك: ((، وقولھ } دابة إال ھو آخذ بناصیتھا :مطابق لقولھ

، ثم توسل إلى ربھ ] 57: ھود [} إن ربى على صراط مستقیم{. العباد منھا وما لم یعلموا بأسمائھ التى سمى بھا نفسھ ما علم

ما استأثره فى علم الغیب عنده ، فلم یطلع علیھ ملكا مقربا : ومنھا ، وال نبیا مرسال ، وھذه الوسیلة أعظم الوسائل ، وأحبھا إلى اهللا ،

.وأقربھا تحصیال للمطلوب

لحیوان ، ثم سألھ أن یجعل القرآن لقلبھ كالربیع الذى یرتع فیھ اوكذلك القرآن ربیع القلوب ، وأن یجعلھ شفاء ھمھ وغمھ ، فیكون

لھ بمنزلة الدواء الذى یستأصل الداء ، ویعید البدن إلى صحتھ واعتدالھ ، وأن یجعلھ لحزنھ كالجالء الذى یجلو الطبوع واألصدیة

استعمالھ أن وغیرھا ، فأحرى بھذا العالج إذا صدق العلیل فى واهللا .. یزیل عنھ داءه ، ویعقبھ شفاء تاما ، وصحة وعافیة

.الموفق

فإن فیھا من كمال التوحید والتنزیھ للرب .. وأما دعوة ذى النون تعالى ، واعتراف العبد بظلمھ وذنبھ ما ھو من أبلغ أدویة الكرب

سبحانھ فى قضاء الحوائج ، والھم والغم ، وأبلغ الوسائل إلى اهللافإن التوحید والتنزیھ یتضمنان إثبات كل كمال هللا ، وسلب كل

واالعتراف بالظلم یتضمن إیمان العبد . نقص وعیب وتمثیل عنھ بالشرع والثواب والعقاب ، ویوجب انكساره ورجوعھ إلى اهللا ،

افتقاره إلى ربھ ، واستقالتھ عثرتھ ، واالعتراف بعبودیتھ ، والتوحید ، والتنزیھ ، : فھھنا أربعة أمور قد وقع التوسل بھا

.والعبودیة ، واالعتراف

، )) اللھم إنى أعوذ بك من الھم والحزن: ((وأما حدیث أبى أمامة فقد تضمن االستعاذة من ثمانیة أشیاء ، كل اثنین منھا قرینان

Page 168: الطب النبوى

فالھم والحزن أخوان ، والعجز والكسل أخوان ، مزدوجان ، والجبن والبخل أخوان ، وضلع الدین وغلبة الرجال أخوان ، فإن

المكروه المؤلم إذا ورد على القلب ، فإما أن یكون سببھ أمرا ماضیا ، فیوجب لھ الحزن ، وإن كان أمرا متوقعا فى المستقبل ،

، وتخلف العبد عن مصالحھ وتفویتھا علیھ ، إما أن أوجب الھم یكون من عدم القدرة وھو العجز ، أو من عدم اإلرادة وھو الكسل

، وحبس خیره ونفعھ عن نفسھ وعن بنى جنسھ ، إما أن یكون منع نفعھ ببدنھ ، فھو الجبن ، أو بمالھ ، فھو البخل ، وقھر الناس

الدین ، أو بباطل فھو غلبة الرجال ، فقد لھ إما بحق ، فھو ضلع .تضمن الحدیث االستعاذة من كل شر

وأما تأثیر االستغفار فى دفع الھم والغم والضـیق ، فلما اشترك فى العلم بھ أھل الملل وعقالء كل أمة أن المعاصى والفساد توجب

والحزن ، وضیق الصدر ، وأمراض القلب ، الھم والغم ، والخوفحتى إن أھلھا إذا قضوا منھا أوطارھم ، وسئمتھا نفوسھم ،

ارتكبوھا دفعا لما یجدونھ فى صدورھم من الضیق والھم والغم ، :كما قال شیخ الفسوق

اوكأس شربت على لذة وأخرى تداویت منھا بھ

وإذا كان ھذا تأثیر الذنوب واآلثام فى القلوب ، فال دواء لھا إال التوبة واالستغفار

فشأنھا فى تفریح القلب وتقویتھ ، وشرحھ .. وأما الصالة وابتھاجھ ولذتھ أكبر شأن ، وفیھا من اتصال القلب والروح باهللا ،

قوف بین یدیھ ، وقربھ والتنعم بذكره ، واالبتھاج بمناجاتھ ، والوواستعمال جمیع البدن وقواه وآالتھ فى عبودیتھ ، وإعطاء كل

عضو حظھ منھا ، واشتغالھ عن التعلق بالخلق ومالبستھم ومحاوراتھم ، وانجذاب قوى قلبھ وجوارحھ إلى ربھ وفاطره ،

وراحتھ من عدوه حالة الصالة ما صارت بھ من أكبر األدویة

Page 169: الطب النبوى

وأما . واألغذیة التى ال تالئم إال القلوب الصحیحة والمفرحات .القلوب العلیلة ، فھى كاألبدان ال تناسبھا إال األغذیة الفاضلة

فالصالة من أكبر العون على تحصیل مصالح الدنیا واآلخرة ، ودفع مفاسد الدنیا واآلخرة ، وھى منھاة عن اإلثم ، ودافعة ألدواء

ردة للداء عن الجسد ، ومنورة للقلب ، ومبیضة القلوب ، ومطللوجھ ، ومنشطة للجوارح والنفس ، وجالبة للرزق ، ودافعة

للظلم ، وناصرة للمظلوم ، وقامعة ألخالط الشھوات ، وحافظة للنعمة ، ودافعة للنقمة ، ومنزلة للرحمة ، وكاشفة للغمة ، ونافعة

.ن كثیر من أوجاع البطن م

من حدیث مجاھد ، عن أبى )) سننھ((وقد روى ابن ماجھ فى رآنى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وأنا نائم أشكو : ھریرة قال

: ؟ قال )) یا أبا ھریرة ؛ أشكمت درد: ((من وجع بطنى ، فقال لى ، فإن فى الصالة قم فصل: ((نعم یا رسول اهللا ، قال : قلت )) .شفاء

وقد روى ھذا الحدیث موقوفا على أبى ھریرة ، وأنھ ھو الذى @ : ومعنى ھذه اللفظة بالفارسى . قال ذلك لمجاھد ، وھو أشبھ

أیوجعك بطنك ؟

فإن لم ینشرح صدر زندیق األطباء بھذا العالج ، فیخاطب بصناعة الصالة ریاضة النفس والبدن جمیعا ، إذ كانت :الطب ، ویقال لھ

تشتمل على حركات وأوضاع مختلفة من االنتصاب ، والركوع ، والسجود ، والتورك ، واالنتقاالت وغیرھا من األوضاع التى

یتحرك معھا أكثر المفاصل ، وینغمز معھا أكثر األعضاء الباطنة ، آالت النفس ، والغذاء ، فما ینكر أن كالمعدة ، واألمعاء ، وسائر

یكون فى ھذه الحركات تقویة وتحلیل للمواد ، وال سیما بواسطة .قوة النفس وانشراحھا فى الصالة ، فتقوى الطبیعة ، فیندفع األلم

Page 170: الطب النبوى

ولكن داء الزندقة واإلعراض عما جاءت بھ الرسل ، والتعوض دواء إال نار تلظى ال یصالھا إال األشقى عنھ باإللحاد داء لیس لھ

الذى كذب وتولى

وأما تأثیر الجھاد فى دفع الھم والغم ، فأمر معلوم بالوجدان ، فإن النفس متى تركت صائل الباطل وصولتھ واستیالءه ، اشتد ھمھا

أبدل اهللا ذلك الھم وغمھا ، وكربھا وخوفھا ، فإذا جاھدتھ هللاقاتلوھم یعذبھم اهللا {: والحزن فرحا ونشاطا وقوة ، كما قال تعالى

بأیدیكم ویخزھم وینصركم علیھم ویشف صدور قوم ، فال شىء أذھب ]15- 14: التوبة [}ویذھب غیظ قلوبھم*مؤمنین

.واهللا المستعان .. لجوى القلب وغمھ وھمھ وحزنھ من الجھاد

فى دفع ھذا الداء ، فلما فیھا )) ال حول وال قوة إال باهللا((وأما تأثیر من كمال التفویض ، والتبرى من الحول والقوة إال بھ ، وتسلیم

وعموم ذلك لكل األمر كلھ لھ ، وعدم منازعتھ فى شىء منھ ، تحول من حال إلى حال فى العالم العلوى والسفلى ، والقوة على

ذلك التحول ، وأن ذلك كلھ باهللا وحده ، فال یقوم لھذه الكلمة شىء .

إنھ ما ینزل ملك من السماء ، وال یصعد إلیھا : وفى بعض اآلثار ، ولھا تأثیر عجیب فى طرد )) ة إال باهللاال حول وال قو((إال بـ

.واهللا المستعان .. الشیطان

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج الفزع ، واألرق المانع من النوم

شكى خالد إلى النبى : عن بریدة قال )) جامعھ((روى الترمذى فى ؛ ما أنام اللیل من یا رسول اهللا : صلى اهللا علیھ وسلم ، فقال

:األرق ، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم

Page 171: الطب النبوى

اللھم رب السموات السـبع وما أظلت : إذا أویت إلى فراشك فقل ((، ورب األرضین ، وما أقلت ، ورب الشیاطین وما أضلت ، كن لى

لقك كلھم جمیعا أن یفرط على أحد منھم ، أو یبغى جارا من شر خ )) .على ، عز جارك ، وجل ثنـاؤك ، وال إلھ غیرك

عن عمرو بن شعیب ، عن أبیھ ، عن جده أن رسول : وفیھ أیضا أعوذ بكلمات : ((اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، كان یعلمھم من الفزع

اهللا التامة من غضبھ ، وعقابھ ، وشر عباده ، ومن ھمزات وكان عبد اهللا : ، قال )) الشیاطین ، وأعوذ بك رب أن یحضرون

بن عمرو یعلمھن من عقل من بنیھ ، ومن لم یعقل كتبھ ، فأعلقھ .، وال یخفى مناسبة ھذه العوذة لعالج ھذا الداء علیھ

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج داء الحریق وإطفائھ

قال رسول اهللا : یذكر عن عمرو بن شعیب عن أبیھ عن جده قال إذا رأیتم الحریق فكبروا ، فإن التكبیر : ((صلى اهللا علیھ وسلم

)) .یطفئھ

لما كان الحریق سببھ النار ، وھى مادة الشیطان التى خلق منھا ، وكان فیھ من الفساد العام ما یناسب الشیطان بمادتھ وفعلھ ، كان

للشیطان إعانة علیھ ، وتنفیذ لھ ، وكانت النار تطلب بطبعھا العلو ساد ھما ھدى والفساد ، وھذان األمران وھما العلو فى األرض والف

الشیطان ، وإلیھما یدعو ، وبھما یھلك بنى آدم ، فالنار والشیطان كل منھما یرید العلو فى األرض والفساد ، وكبریاء الرب عز وجل

.تقمع الشیطان وفعلھ

ولھذا كان تكبیر اهللا عز وجل لھ أثر فى إطفاء الحریق ، فإن عز وجل ال یقوم لھا شىء ، فإذا كبر المسلم ربھ ، أثر كبریاء اهللا

تكبیره فى خمود النار وخمود الشیطان التى ھى مادتھ ، فیطفىء

Page 172: الطب النبوى

واهللا أعلم .. الحریق ، وقد جربنا نحن وغیرنا ھذا ، فوجدناه كذلك .

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى حفظ الصحة

ل البدن وصحتھ وبقاؤه إنما ھو بواسطة الرطوبة لما كان اعتداالمقاومة للحرارة ، فالرطوبة مادتھ ، والحرارة تنضجھا ، وتدفع

فضالتھا ، وتصلحھا ، وتلطفھا ، وإال أفسدت البدن ولم یمكن قیامھ ، وكذلك الرطوبة ھى غذاء الحرارة ، فلوال الرطوبة ،

وأفسدتھ ، فقوام كل واحدة منھما ألحرقت البدن وأیبستھبصاحبتھا ، وقوام البدن بھما جمیعا ، وكل منھما مادة لألخرى ، فالحرارة مادة للرطوبة تحفظھا وتمنعھا من الفساد واالستحالة ،

والرطوبة مادة للحرارة تغذوھا وتحملھا ، ومتى مالت إحداھما إلى زاج البدن االنحراف بحسب ذلك ، الزیادة على األخرى ، حصل لم

فالحرارة دائما تحلل الرطوبة ، فیحتاج البدن إلى ما بھ یخلف علیھ ما حللتھ الحرارة لضرورة بقائھ وھو الطعام والشراب ، ومتى زاد

على مقدار التحلل ، ضعفت الحرارة عن تحلیل فضالتھ ، فى البدن ، وأفسدت ، فحصلت فاستحالت مواد ردیئة ، فعاثت

األمراض المتنوعة بحسب تنوع موادھا ، وقبول األعضاء وكلوا واشربوا {: واستعدادھا ، وھذا كلھ مستفاد من قولھ تعالى

، فأرشد عباده إلى إدخال ما یقیم ] 31: األعراف [}وال تسرفواوض ما تحلل منھ ، وأن یكون بقدر ما البدن من الطعام والشراب ع

ینتفع بھ البدن فى الكمیة والكیفیة ، فمتى جاوز ذلك كان إسرافا ، وكالھما مانع من الصحة جالب للمرض ، أعنى عدم األكل والشرب

.، أو اإلسراف فیھ

فحفظ الصحة كلھ فى ھاتین الكلمتین اإللھیتین ، وال ریب أن البدن ى التحلل واالستخالف ، وكلما كثر التحلل ضعفت الحرارة دائما ف

لفناء مادتھا ، فإن كثرة التحلل تفنى الرطوبة ، وھى مادة الحرارة

Page 173: الطب النبوى

، وإذا ضعفت الحرارة ، ضعف الھضم ، وال یزال كذلك حتى تفنى الرطوبة ، وتنطفئ الحرارة جملة ، فیستكمل العبد األجل الذى كتب

فغایة عالج اإلنسان لنفسھ ولغیره حراسة .ھ أن یصل إلیھ اهللا لالبدن إلى أن یصل إلى ھذه الحالة ، ال أنھ یستلزم بقاء الحرارة

والرطوبة اللتین بقاء الشباب والصحة والقوة بھما ، فإن ھذا مما لم یحصل لبشر فى ھذه الدار ، وإنما غایة الطبیب أن یحمى

عن مفسداتھا من العفونة وغیرھا ، ویحمى الحرارة عن الرطوبةمضعفاتھا ، ویعدل بینھما بالعدل فى التدبیر الذى بھ قام بدن

اإلنسان ، كما أن بھ قامت السموات واألرض وسائر المخلوقات ، إنما قوامھا بالعدل

ى یمكن ومن تأمل ھدى النبى صلى اهللا علیھ وسلم وجده أفضل ھدحفظ الصحة بھ ، فإن حفظھا موقوف على حسن تدبیر المطعم

والمشرب ، والملبس والمسكن ، والھواء والنوم ، والیقظة والحركة ، والسكون والمنكح ، واالستفراغ واالحتباس ، فإذا حصلت ھذه على الوجھ المعتدل الموافق المالئم للبدن والبلد

، كان أقرب إلى دوام الصحة أو غلبتھا إلى انقضاء والسن والعادة األجل

ولـما كانت الصحة والعافیة من أجل نعم اهللا على عبده ، وأجزل عطایاه ، وأوفر منحھ ، بل العافیة المطلقة أجل النعم على اإلطالق ، فحقیق لمن رزق حظا من التوفیق مراعاتھا وحفظھا وحمایتھا

.ما یضادھا ع

: من حدیث ابن عباس ، قال )) صحیحھ((وقد روى البخارى فى نعمتان مغبون فیھما كثیر : ((قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

)) .الصحة والفراغ: من الناس

وغیره من حدیث عبید اهللا بن محصن األنصارى )) الترمذى((وفى من أصبح معافى : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال: ، قال

Page 174: الطب النبوى

فى جسده ، آمنا فى سربھ ، عنده قوت یومھ ، فكأنما حیزت لھ أیضا من حدیث أبى ھریرة ، عن النبى )) الترمذى((وفى )) . الدنیا

عبد یوم أول ما یسأل عنھ ال: ((صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال ألم نصح لك جسمك ، ونروك من : القیامة من النعیم ، أن یقال لھ

: ومن ھاھنا قال من قال من السلف فى قولھ تعالى )) . الماء البارد عن الصحة: قال ] 8: التكاثر [}ثم لتسئلن یومئذ عن النعیم{

أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم قال )) : اإلمام أحمد مسند((وفى یا عباس ، یا عم رسول اهللا ؛ سل اهللا العافیة فى : (( للعباس

)) .الدنیا واآلخرة

سمعت رسول اهللا صلى اهللا : وفیھ عن أبى بكر الصدیق ، قال اة ، فما أوتى أحد بعد سلوا اهللا الیقین والمعاف: ((علیھ وسلم یقول

الیقین خیرا من

، فجمع بین عافیتى الدین والدنیا ، وال یتم صالح العبد )) العافیةفى الدارین إال بالیقین والعافیة ، فالیقین یدفع عنھ عقوبات اآلخرة

.، والعافیة تدفع عنھ أمراض الدنیا فى قلبھ وبدنھ

سلوا اهللا : ((دیث أبى ھریرة یرفعھ من ح)) سنن النسائى((وفى العفو والعافیة والمعافاة ، فما أوتى أحد بعد یقین خیرا من

وھذه الثالثة تتضمن إزالة الشرور الماضیة بالعفو ، )) . معافاةوالحاضرة بالعافیة ، والمستقبلة بالمعافاة ، فإنھا تتضمن المداومة

.عافیة واالستمرار على ال

ما سئل اهللا شیئا أحب إلیھ من : ((مرفوعا )) الترمذى((وفى )) .العافیة

یا رسول : عن أبى الدرداء ، قلت : وقال عبد الرحمن بن أبى لیلى اهللا ؛ ألن أعافى فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر ، فقال رسول

)) .هللا یحب معك العافیةورسول ا: ((اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

Page 175: الطب النبوى

ویذكر عن ابن عباس أن أعرابیا جاء إلى رسول اهللا صلى اهللا : ما أسأل اهللا بعد الصلوات الخمس ؟ فقال : علیھ وسلم ، فقال لھ

سل اهللا : ((، فأعاد علیھ ، فقال لھ فى الثالثة )) سل اهللا العافیة(( )) .اآلخرةالعافیة فى الدنیا و

وإذا كان ھذا شأن العافیة والصحة ، فنذكر من ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى مراعاة ھذه األمور ما یتبین لمن نظر فیھ أنھ أكمل ھدى على اإلطالق ینال بھ حفظ صحة البدن والقلب ، وحیاة الدنیا

حول وال قوة إال واآلخرة ، واهللا المستعان ، وعلیھ التكالن ، وال .باهللا

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى المطعم والمشرب

فأما المطعم والمشرب ، فلم یكن من عادتھ صلى اهللا علیھ وسلم حبس النفس على نوع واحد من األغذیة ال یتعداه إلى ما سواه ،

انا ، فإن لم فإن ذلك یضر بالطبیعة جدا ، وقد سیتعذر علیھا أحییتناول غیره ، ضعف أو ھلك ، وإن تناول غیره ، لم تقبلھ الطبیعة

، واستضر بھ ، فقصرھا على نوع واحد دائما ولو أنھ أفضل بل كان یأكل ما جرت عادة أھل بلده بأكلھ من .األغذیة خطر مضر

ى ھدیھ اللحم ، والفاكھة ، والخبز ، والتمر ، وغیره مما ذكرناه ف فى المأكول ، فعلیك بمراجعتھ ھناك

وإذا كان فى أحد الطعامین كیفیة تحتاج إلى كسر وتعدیل ، كسرھا وعدلھا بضدھا إن أمكن ، كتعدیل حرارة الرطب بالبطیخ ، وإن لم یجد ذلك ، تناولھ على حاجة وداعیة من النفس من غیر إسراف ،

فال تتضرر بھ الطبیعة

ذا عافت نفسھ الطعام لم یأكلھ ، ولم یحملھا إیاه على كره ، وكان إوھذا أصل عظیم فى حفظ الصحة ، فمتى أكل اإلنسان ما تعافھ

: قال أنس . نفسھ ، وال تشتھیھ ، كان تضرره بھ أكثر من انتفاعھ

Page 176: الطب النبوى

ما عاب رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم طعاما قط ، إن اشتھاه ولما قدم إلیھ الضب المشوى لم . إال تركھ ، ولم یأكل منھ أكلھ ، و

ال ، ولكن لم یكن بأرض : ((أھو حرام ؟ قال : یأكل منھ ، فقیل لھ فراعى عادتھ وشھوتھ ، فلما لم یكن )) . قومى ، فأجدنى أعافھ

ولم یعتاد أكلھ بأرضھ ، وكانت نفسھ ال تشتھیھ ، أمسك عنھ ، .یمنع من أكلھ من یشتھیھ ، ومن عادتھ أكلھ

وكان یحب اللحم ، وأحبھ إلیھ الذراع ، ومقدم الشاة ، ولذلك سم أتى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم )) : ((الصحیحین((وفى .فیھ

وذكر أبو عبیدة وغیره )) .بلحم ، فرفع إلیھ الذراع ، وكانت تعجبھضباعة بنت الزبیر ، أنھا ذبحت فى بیتھا شاة ، فأرسل إلیھا عن

رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أن أطعمینا من شاتكم ، فقالت ما بقى عندنا إال الرقبة ، وإنى ألستحى أن أرسل بھا إلى : للرسول

:رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فرجع الرسول فأخبره ، فقال أرسلى بھا ، فإنھا ھادیة الشاة وأقرب إلى : ارجع إلیھا فقل لھا ((

وال ریب أن أخف لحم الشاة لحم )) الخیر ، وأبعدھا من األذىالرقبة ، ولحم الذراع والعضد ، وھو أخف على المعدة ، وأسرع

مع ثالثة أوصاف ؛ انھضاما ، وفى ھذا مراعاة األغذیة التى تجخفتھا على : الثانى . كثرة نفعھا وتأثیرھا فى القوى : أحدھا

سرعة ھضمھا ، وھذا أفضل : الثالث . المعدة ، وعدم ثقلھا علیھا والتغذى بالیسیر من ھذا أنفع من الكثیر من . ما یكون من الغذاء

.غیره

اللحم والعسل : الثالثة أعنى وكان یحب الحلواء والعسل ، وھذه والحلواء من أفضل األغذیة ، وأنفعھا للبدن والكبد واألعضاء ، ولالغتذاء بھا نفع عظیم فى حفظ الصحة والقوة ، وال ینفر منھا

وكان یأكل الخبز مأدوما ما وجد لھ إداما ، . إال من بھ علة وآفة )) ھو سـید طعام أھل الدنیا واآلخرة: ((ول فتارة یأدمھ باللحم ویقوتارة بالبطیخ ، وتارة بالتمر ،فإنھ وضع ((رواه ابن ماجھ وغیره

وفى ھذا من )) . ھذا إدام ھذه: ((تمرة على كسرة شعیر ، وقال تدبیر الغذاء أن خبز الشعیر بارد یابس ، والتمر حار رطب على

Page 177: الطب النبوى

خبز الشعیر بھ من أحسن التدبیر، ال سیما أصح القولین ، فأدم نعم : ((لمن تلك عادتھم، كأھل المدینة ، وتارة بالخل ، ویقول

، وھذا ثناء علیھ بحسب مقتضى الحال الحاضر ، ال )) اإلدام الخلتفضیل لھ على غیره ، كما یظن الجھال ، وسبب الحدیث أنھ دخل

؟ )) ھل عندكم من إدام: ((، فقدموا لھ خبزا ، فقال على أھلھ یوما: والمقصود )) . نعم اإلدام الخل: ((فقال . ما عندنا إال خل : قالوا

أن أكل الخبز مأدوما من أسباب حفظ الصحة ، بخالف االقتصار ، وجعلھ إلصالحھ الخبز : وسمى األدم أدما . على أحدھما وحده

إنھ : ((ومنھ قولھ فى إباحتھ للخاطب النظر . مالئما لحفظ الصحة أقرب إلى االلتئام والموافقة ، فإن : ، أى )) أحرى أن یؤدم بینھما

.الزوج یدخل على بصیرة ، فال یندم

وكان یأكل من فاكھة بلده عند مجیئھا ، وال یحتمى عنھا ، وھذا أسباب حفظ الصحة ، فإن اهللا سبحانھ بحكمتھ جعل أیضا من أكبر

فى كل بلدة من الفاكھة ما ینتفع بھ أھلھا فى وقتھ ، فیكون تناولھ من أسباب صحتھم وعافیتھم ، ویغنى عن كثیر من األدویة ، وقل

من احتمى عن فاكھة بلده خشیة السقم إال وھو من أسقم الناس وما فى تلك الفاكھة من .دھم من الصحة والقوة جسما ، وأبع

الرطوبات ، فحرارة الفصل واألرض ، وحرارة المعدة تنضجھا وتدفع شرھا إذا لم یسرف فى تناولھا ، ولم یحمل منھا الطبیعة فوق ما تحتملھ ، ولم یفسد بھا الغذاء قبل ھضمھ ، وال أفسدھا

، وتناول الغذاء بعد التحلى منھا ، فإن القولنج بشرب الماء علیھا كثیرا ما یحدث عند ذلك ، فمن أكل منھا ما ینبغى فى الوقت الذى

.ینبغى على الوجھ الذى ینبغى ، كانت لھ دواء نافعا

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى ھیئة الجلوس لألكل

إنما أجلس كما : ((، وقال )) كئاال آكل مت: ((صح عنھ أنھ قال )) .یجلس العبد ، وآكل كما یأكل العبد

Page 178: الطب النبوى

أنھ نھى أن یأكل الرجل وھو منبطح )) سننھ((وروى ابن ماجھ فى وقد فسر االتكاء بالتربع ، وفسر باالتكاء على الشىء .على وجھھ

واألنواع . لى الجنب ، وھو االعتماد علیھ ، وفسر باالتكاء عالثالثة من االتكاء ، فنوع منھا یضر باآلكل ، وھو االتكاء على

الجنب ، فإنھ یمنع مجرى الطعام الطبیعى عن ھیئتھ ، ویعوقھ عن سرعة نفوذه إلى المعدة ، ویضغط المعدة ، فال یستحكم فتحھا

فال یصل الغذاء إلیھا للغذاء ، وأیضا فإنھا تمیل وال تبقى منتصبة ،فمن جلوس الجبابرة المنافى : وأما النوعان اآلخران . بسھولة

وكان یأكل وھو مقع )) آكل كما یأكل العبد: ((للعبودیة ، ولھذا قال ، ویذكر عنھ أنھ كان یجلس لألكل متوركا على ركبتیھ ، ویضع

اضعا لربھ عز وجل ، بطن قدمھ الیسرى على ظھر قدمھ الیمنى تووأدبا بین یدیھ ، واحتراما للطعام وللمؤاكل ، فھذه الھیئة أنفع ھیئات األكل وأفضلھا ، ألن األعضاء كلھا تكون على وضعھا

الطبیعى الذى خلقھا اهللا سبحانھ علیھ مع ما فیھا من الھیئة األدبیة لى وضعھا الطبیعى ، وأجود ما اغتذى اإلنسان إذا كانت أعضاؤه ع

، وال یكون كذلك إال إذا كان اإلنسان منتصبا االنتصاب الطبیعى ، وأردأ الجلسات لألكل االتكاء على الجنب ، لما تقدم من أن المرىء ، وأعضاء االزدراد تضیق عند ھذه الھیئة ، والمعدة ال تبقى على

رض ، ومما یلى وضعھا الطبیعى ، ألنھا تنعصر مما یلى البطن باأل الظھر بالحجاب الفاصل بین آالت الغذاء ، وآالت التنفس

وإن كان المراد باالتكاء االعتماد على الوسائد والوطاء الذى تحت الجالس ، فیكون المعنى أنى إذا أكلت لم أقعد متكئا على األوطیة

كنى والوسائد ، كفعل الجبابرة ، ومن یرید اإلكثار من الطعام ، ل .آكل بلغة كما یأكل العبد

فصل

Page 179: الطب النبوى

وكان یأكل بأصابعھ الثالث ، وھذا أنفع ما یكون من األكالت ، فإن األكل بأصبع أو أصبعین ال یستلذ بھ اآلكل ، وال یمریھ ، وال یشبعھ إال بعد طول ، وال تفرح آالت الطعام والمعدة بما ینالھا فى كل أكلة

ذھا على إغماض ، كما یأخذ الرجل حقھ حبة أو حبتین أو ، فتأخنحو ذلك ، فال یلتذ بأخذه ، وال یسر بھ ، واألكل بالخمسة والراحة

یوجب ازدحام الطعام على آالتھ ، وعلى المعدة ، وربما انسدت تمالھ ، اآلالت فمات ، وتغصب اآلالت على دفعھ ، والمعدة على اح

وال یجد لھ لذة وال استمراء ، فأنفع األكل أكلھ صلى اهللا علیھ وسلم .وأكل من اقتدى بھ باألصابع الثالث

فصل

ومن تدبر أغذیتھ صلى اهللا علیھ وسلم وما كان یأكلھ ، وجده لم یجمع قط بین لبن وسمك ، وال بین لبن وحامض ، وال بین غذائین

باردین ، وال لزجین ، وال قابضین ، وال مسھلین ، حارین ، والوال غلیظین ، وال مرخیین ، وال مستحیلین إلى خلط واحد ، وال

بین مختلفین كقابض ومسھل ، وسریع الھضم وبطیئھ ، وال بین شوى وطبیخ ، وال بین طرى وقدید،وال بین لبن وبیض ، وال بین

طعاما فى وقت شدة حرارتھ ، وال طبیخا لحم ولبن ، ولم یكن یأكل بائتا یسخن لھ بالغد ، وال شیئا من األطعمة العفنة والمالحة ،

وكل ھذه األنواع ضار مولد . كالكوامخ والمخلالت ، والملوحات وكان یصلح ضرر .ألنواع من الخروج عن الصحة واالعتدال

یال ، فیكسر حرارة ھذا بعض األغذیة ببعض إذا وجد إلیھ سبببرودة ھذا ، ویبوسة ھذا برطوبة ھذا ، كما فعل فى القثاء

والرطب ، وكما كان یأكل التمر بالسمن ، وھو الحیس ، ویشرب نقیع التمر یلطف بھ كیموسات األغذیة الشدیدة وكان یأمر بالعشاء

، ذكره )) العشاء مھرمة ترك: ((، ولو بكف من تمر ، ویقول ))سننھ((، وابن ماجھ فى )) جامعھ((الترمذى فى

وذكر أبو نعیم عنھ أنھ كان ینھى عن النوم على األكل ، ویذكر أنھ أن : یقسى القلب ، ولھذا فى وصایا األطباء لمن أراد حفظ الصحة

Page 180: الطب النبوى

بھ ، فإنھ یمشى بعد العشاء خطوات ولو مائة خطوة ، وال ینام عقأو یصلى عقیبھ لیستقر الغذاء بقعر : مضر جدا ، وقال مسلموھم

ولم یكن من ھدیھ أن . المعدة ، فیسھل ھضمھ ، ویجود بذلك یشرب على طعامھ فیفسده ، وال سیما إن كان الماء حارا أو باردا

:قال الشاعر . ، فإنھ ردىء جدا

كل سخن وبرد ودخول الحمـام تـشرب ماءال تكن عند أ

فإذا مـا اجتنبت ذلـك حقا لم تخف ما حییت فىالجوف داء

ویكره شرب الماء عقیب الریاضة ، والتعب ، وعقیب الجماع ، وعقیب الطعام وقبلھ ، وعقیب أكل الفاكھة ، وإن كان الشرب

قیب بعضھا أسھل من بعض ، وعقب الحمام ، وعند االنتباه من عالنوم ، فھذا كلھ مناف لحفظ الصحة ، وال اعتبار بالعوائد ، فإنھا

.طبائع ثوان

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى الشراب

وأما ھدیھ فى الشراب ، فمن أكمل ھدى یحفظ بھ الصحة ، فإنھ العسل الممزوج بالماء البارد ، وفى ھذا من حفظ كان یشرب

الصحة ما ال یھتدى إلى معرفتھ إال أفاضل األطباء ، فإن شربھ ولعقھ على الریق یذیب البلغم ، ویغسل خمل المعدة ، ویجلو

لزوجتھا ، ویدفع عنھا الفضالت ، ویسخنھا باعتدال ، ویفتح بالكبد والكلى والمثانة ، وھو أنفع للمعدة سددھا ، ویفعل مثل ذلك

من كل حلو دخلھا ، وإنما یضر بالعرض لصاحب الصفراء لحدتھ وحدة الصفراء ، فربما ھیجھا ، ودفع مضرتھ لھم بالخل ، فیعود حینئذ لھم نافعا جدا ، وشربھ أنفع من كثیر من األشربة المتخذة

كثرھا ، وال سیما لمن لم یعتد ھذه األشربة ، وال من السكر أو أألفھا طبعھ ، فإنھ إذا شربھا ال تالئمھ مالءمة العسل ، وال قریبا منھ ، والمحكم فى ذلك العادة ، فإنھا تھدم أصوال ، وتبنى أصوال

Page 181: الطب النبوى

وأما الشراب إذا جمع وصفى الحالوة والبرودة ، فمن أنفع شىء ، ومن أكبر أسباب حفظ الصحة ، ولألرواح والقوى ، والكبد للبدن

والقلب ، عشق شدید لھ ، واستمداد منھ ، وإذا كان فیھ الوصفان ، حصلت بھ التغذیة ، وتنفیذ الطعام إلى األعضاء ، وإیصالھ إلیھا

.أتم تنفیذ

والماء البارد رطب یقمع الحرارة ، ویحفظ على البدن رطوباتھ ألصلیة ، ویرد علیھ بدل ما تحلل منھا ، ویرقق الغذاء وینفذه فى ا

.العروق

فأثبتت طائفة : ھل یغذى البدن ؟ على قولین : واختلف األطباء التغذیة بھ بناء على ما یشاھدونھ من النمو والزیادة والقوة فى

.البدن بھ ، وال سیما عند شدة الحاجة إلیھ

: بین الحیوان والنبات قدر مشترك من وجوه عدیدة منھا و: قالوا النمو واالغتذاء واالعتدال ، وفى النبات قوة حس تناسبھ ، ولھذا كان غذاء النبات بالماء ، فما ینكر أن یكون للحیوان بھ نوع غذاء

.، وأن یكون جزءا من غذائھ التام

غذاء ومعظمھ فى الطعام ، وإنما ونحن ال ننكر أن قوة ال: قالوا وأیضا الطعام إنما : قالوا . أنكرنا أن ال یكون للماء تغذیة ألبتة

: قالوا .یغذى بما فیھ من المائیة ، ولوالھا لما حصلت بھ التغذیة وألن الماء مادة حیاة الحیوان والنبات ، وال ریب أن ما كان أقرب

ذیة ، فكیف إذا كانت مادتھ إلى مادة الشىء ، حصلت بھ التغوجعلنا من الماء كل شىء {: األصلیة ، قال اهللا تعالى

، فكیف ننكر حصول التغذیة بما ھو مادة ]30: األنبیاء [}حى الحیاة على اإلطالق ؟

وقد رأینا العطشان إذا حصل لھ الرى بالماء البارد ، : قالوا ونشاطھ وحركتھ ، وصبر عن الطعام ، وانتفع تراجعت إلیھ قواه

Page 182: الطب النبوى

بالقدر الیسیر منھ ، ورأینا العطشان ال ینتفع بالقدر الكثیر من الطعام ، وال یجد بھ القوة واالغتذاء ، ونحن ال ننكر أن الماء ینفذ

الغذاء إلى أجزاء البدن ، وإلى جمیع األعضاء ، وأنھ ال یتم أمر ، وإنما ننكر على من سلب قوة التغذیة عنھ ألبتة ، الغذاء إال بھ

.ویكاد قولھ عندنا یدخل فى إنكار األمورالوجدانیة

وأنكرت طائفة أخرى حصول التغذیة بھ ، واحتجت بأمور یرجع حاصلھا إلى عدم االكتفاء بھ ، وأنھ ال یقوم مقام الطعام ، وأنھ ال

ال یخلف علیھا بدل ما حللتھ الحرارة ، یزید فى نمو األعضاء ، وونحو ذلك مما ال ینكره أصحاب التغذیة ، فإنھم یجعلون تغذیتھ

بحسب جوھره ، ولطافتھ ورقتھ ، وتغذیة كل شىء بحسبھ ، وقد شوھد الھواء الرطب البارد اللین اللذیذ یغذى بحسبھ ، والرائحة

.ء ، فتغذیة الماء أظھر وأظھر الطیبة تغذى نوعا من الغذا

أنھ إذا كان باردا ، وخالطھ ما یحلیھ كالعسل أو : والمقصود الزبیب ، أو التمر أو السكر ، كان من أنفع ما یدخل البدن ، وحفظ

علیھ صحتھ ، فلھذا كان أحب الشراب إلى رسول اهللا صلى اهللا ر ینفخ ، ویفعل ضد ھذه والماء الفات. علیھ وسلم البارد الحلو

.األشیاء

ولما كان الماء البائت أنفع من الذى یشرب وقت استقائھ ، قال النبى صلى اهللا علیھ وسلم وقد دخل إلى حائط أبى الھیثم بن

؟ فأتاه بھ، فشرب منھ ، )) ھل من ماء بات فى شـنة: ((التیھان ك ماء بات فى شنة وإال إن كان عند: ((رواه البخارى ولفظھ

والماء البائت بمنزلة العجین الخمیر ، والذى شرب لوقتھ )) .كرعنابمنزلة الفطیر ، وأیضا فإن األجزاء الترابیة واألرضیة تفارقھ إذا

بات ، وقد ذكر أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم كان یستعذب لھ الماء كان رسول اهللا صلى اهللا : وقالت عائشة . ائت منھ ، ویختار الب

.علیھ وسلم یستقى لھ الماء العذب من بئر السقیا

Page 183: الطب النبوى

والماء الذى فى القرب والشنان ، ألذ من الذى یكون من آنیة الفخار واألحجار وغیرھما ، وال سیما أسقیة األدم ، ولھذا التمس

ء بات فى شـنة دون غیرھا من النبى صلى اهللا علیھ وسلم مااألوانى ، وفى الماء إذا وضع فى الشنان ، وقرب األدم خاصة

لطیفة لما فیھا من المسام المنفتحة التى یرشح منھا الماء ، ولھذا كان الماء فى الفخار الذى یرشح ألذ منھ ، وأبرد فى الذى ال یرشح

مل الخلق ، وأشرفھم نفسا ، وأفضلھم ، فصالة اهللا وسالمھ على أكھدیا فى كل شىء ، لقد دل أمتھ على أفضل األمور وأنفعھا لھم فى

القلوب واألبدان ، والدنیا واآلخرة

كان أحب الشراب إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ : قالت عائشة ب ، كمیاه وھذا یحتمل أن یرید بھ الماء العذ. وسلم الحلو البارد

ویحتمل أن . العیون واآلبار الحلوة ، فإنھ كان یستعذب لھ الماء یرید بھ الماء الممزوج بالعسل ، أو الذى نقع فیھ التمر أو الزبیب

یعمھما جمیعا: وقد یقال وھو األظھر .

إن كان عندك ماء بات فى شن وإال : ((وقولھ فى الحدیث الصحیح ، فیھ دلیل على جواز الكرع ، وھو الشرب بالفم من )) اكرعن

الحوض والمقراة ونحوھا ، وھذه واهللا أعلم واقعة عین دعت الحاجة فیھا إلى الكرع بالفم ، أو قالھ مبینا لجوازه ، فإن من

إنھ یضر : الناس من یكرھھ ، واألطباء تكاد تحرمھ ، ویقولون بالمعدة ، وقد روى فى حدیث ال أدرى ما حالھ عن ابن عمر ، أن

النبى صلى اهللا علیھ وسلم نھانا أن نشرب على بطوننا ، وھو :الكرع ، ونھانا أن نغترف بالید الواحدة وقال

ى ال یلغ أحدكم كما یلغ الكلب ، وال یشرب باللیل من إناء حت(( ))یختبره إال أن یكون مخمرا

وحدیث البخارى أصح من ھذا ، وإن صح ، فال تعارض بینھما ، إذ ، )) وإال كرعنا: ((لعل الشرب بالید لم یكن یمكن حینئذ ، فقال

والشرب بالفم إنما یضر إذا انكب الشارب على وجھھ وبطنھ ،

Page 184: الطب النبوى

والغدیر ، فأما إذا شرب منتصبا بفمھ من كالذى یشرب من النھر .حوض مرتفع ونحوه ، فال فرق بین أن یشرب بیده أو بفمھ

فصل

وكان من ھدیھ الشرب قاعدا ، ھذا كان ھدیھ المعتاد

وصح عنھ أنھ نھى عن الشرب قائما ، وصح عنھ أنھ أمر الذى .عنھ أنھ شرب قائما شرب قائما أن یستقىء ، وصح

بل مبین أن النھى : ھذا ناسخ للنھى ، وقالت طائفة : فقالت طائفة ال : لیس للتحریم ، بل لإلرشاد وترك األولى ، وقالت طائفة

تعارض بینھما أصال ، فإنھ إنما شرب قائما للحاجة ، فإنھ جاء إلى قى فناولوه الدلو ، فشرب وھو زمزم ، وھم یستقون منھا ، فاست

.قائم ، وھذ كان موضع حاجة

أنھ ال یحصل بھ الرى التام ، وال : وللشرب قائما آفات عدیدة منھا یستقر فى المعدة حتى یقسمھ الكبد على األعضاء ، وینزل بسرعة

، ویشوشھا ، وحدة إلى المعدة ، فیخشى منھ أن یبرد حرارتھا ویسرع النفوذ إلى أسفل البدن بغیر تدریج ، وكل ھذا یضر

بالشارب ، وأما إذا فعلھ نادرا أو لحاجة ، لم یضره ، وال یعترض بالعوائد على ھذا ، فإن العوائد طبائع ثوان ، ولھا أحكام أخرى ،

.وھى بمنزلة الخارج عن القیاس عند الفقھاء

فصل@

كان رسول : من حدیث أنس بن مالك ، قال )) صحیح مسلم((فى وإنھ : ((اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یتنفس فى الشراب ثالثا ، ویقول

: الشراب فى لسان الشارع وحملة الشرع )) .أروى وأمرأ وأبرأإبانتھ القدح عن فیھ ، : ھو الماء ، ومعنى تنفسھ فى الشراب

تنفسھ خارجھ ، ثم یعود إلى الشراب ، كما جاء مصرحا بھ فى وإذا شرب أحدكم فال یتنفس فى القدح ، ولكن : ((الحدیث اآلخر

))لیبن اإلناء عن فیھ

Page 185: الطب النبوى

وفى ھذا الشرب حكم جمة ، وفوائد مھمة ، وقد نبھ صلى اهللا علیھ : فأروى )) إنھ أروى وأمرأ وأبرأ: ((وسلم على مجامعھا ، بقولھ

أفعل من البرء ، وھو الشفاء ، : أشد ریا ، وأبلغھ وأنفعھ ، وأبرأ أى یبرىء من شدة العطش ودائھ لتردده على المعدة الملتھبة دفعات ، فتسكن الدفعة الثانیة ما عجزت األولى عن تسكینھ ،

الثانیة عنھ ، وأیضا فإنھ أسلم لحرارة المعدة ، والثالثة ما عجزت وأبقى علیھا من أن یھجم علیھا البارد وھلة واحدة ، ونھلة واحدة

وأیضا فإنھ ال یروى.

لمصادفتھ لحرارة العطش لحظة ، ثم یقلع عنھا ، ولما تكسر خالف كسرھا سورتھا وحدتھا ، وإن انكسرت لم تبطل بالكلیة ب

.على التمھل والتدریج

وأیضا فإنھ أسلم عاقبة ، وآمن غائلة من تناول جمیع ما یروى دفعة واحدة ، فإنھ یخاف منھ أن یطفىء الحرارة الغریزیة بشدة

برده ، وكثرة كمیتھ ، أو یضعفھا فیؤدى ذلك إلى فساد مزاج دیئة ، خصوصا فى سكان البالد المعدة والكبد ، وإلى أمراض ر

الحارة ، كالحجاز والیمن ونحوھما ، أو فى األزمنة الحارة كشدة الصیف ، فإن الشرب وھلة واحدة مخوف علیھم جدا ، فإن الحار

.الغریزى ضعیف فى بواطن أھلھا ، وفى تلك األزمنة الحارة

: عام والشراب فى بدنھ ھو أفعل من مرئ الط)) : وأمرأ: ((وقولھ فكلوه ھنیئا {: ومنھ . إذا دخلھ ، وخالطھ بسھولة ولذة ونفع

: وقیل . ، ھنیئا فى عاقبتھ ، مریئا فى مذاقھ ] 4: النساء [}مریئامعناه أنھ أسرع انحدارا عن المرىء لسھولتھ وخفتھ علیھ ،

.نحداره بخالف الكثیر ، فإنھ ال یسھل على المرىء ا

ومن آفات الشرب نھلة واحدة أنھ یخاف منھ الشرق بأن ینسد مجرى الشراب لكثرة الوارد علیھ ، فیغص بھ ، فإذا تنفس رویدا ،

.ثم شرب ، أمن من ذلك

Page 186: الطب النبوى

أن الشارب إذا شرب أول مرة تصاعد البخار : ومن فوائده والكبد لورود الماء البارد علیھ الدخانى الحار الذى كان على القلب

، فأخرجتھ الطبیعة عنھا ، فإذا شرب مرة واحدة ، اتفق نزول الماء البارد ، وصعود البخار ، فیتدافعان ویتعالجان ، ومن ذلك

یحدث الشرق والغصة ، وال یھنأ الشارب بالماء ، وال یمرئھ ، وال .یتم ریھ

بن المبارك ، والبیھقى ، وغیرھما عن النبى وقد روى عبد اهللا إذا شرب أحدكم فلیمص الماء مصا ، وال : ((صلى اهللا علیھ وسلم

والكباد بضم الكاف وتخفیف الباء ھو )) .یعب عبا ، فإنھ من الكبادحدة على وجع الكبد ، وقد علم بالتجربة أن ورود الماء جملة وا

الكبد یؤلمھا ویضعف حرارتھا ، وسبب ذلك المضادة التى بین ولو . حرارتھا ، وبین ما ورد علیھا من كیفیة المبرود وكمیتھ

ورد بالتدریج شیئا فشیئا ، لم یضاد حرارتھا ، ولم یضعفھا ، وھذا ھ مثالھ صب الماء البارد على القدر وھى تفور ، ال یضرھا صب

.قلیال قلیال

ال : ((عنھ صلى اهللا علیھ وسلم )) جامعھ((وقد روى الترمذى فى تشربوا نفسا واحدا كشرب البعیر ، ولكن اشربوا مثنى وثالث ،

)) .وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنتم فرغتم

، وحمد اهللا فى آخره تأثیر وللتسمیة فى أول الطعام والشراب .عجیب فى نفعھ واستمرائھ ، ودفع مضرتھ

إذا ذكر اسم : إذا جمع الطعام أربعا ، فقد كمل : قال اإلمام أحمد اهللا فى أولھ ، وحمد اهللا فى آخره ، وكثرت علیھ األیدى ، وكان من

.حل

فصل

ر بن عبد اهللا ، قال من حدیث جاب)) صحیحھ((وقد روى مسلم فى غطوا اإلناء ، : ((سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یقول :

Page 187: الطب النبوى

وأوكوا السقاء ، فإن فى السنة لیلة ینزل فیھا وباء ال یمر بإناء لیس علیھ غطاء ، أو سقاء لیس علیھ وكاء إال وقع فیھ من ذلك

)) .الداء

ھذا مما ال تنالھ علوم األطباء ومعارفھم ، وقد عرفھ من عرفھ و: قال اللیث بن سعد أحد رواة الحدیث . من عقالء الناس بالتجربة

.األعاجم عندنا یتقون تلك اللیلة فى السنة ، فى كانون األول منھا

وفى .وصح عنھ أنھ أمر بتخمیر اإلناء ولو أن یعرض علیھ عودا عرض العود علیھ من الحكمة ، أنھ ال ینسى تخمیره ، بل یعتاده

أنھ ربما أراد الدبیب أن یسقط فیھ ، فیمر : حتى بالعود ، وفیھ .على العود ، فیكون العود جسرا لھ یمنعھ من السقوط فیھ

وصح عنھ أنھ أمر عند إیكاء اإلناء بذكر اسم اهللا ، فإن ذكر اسماهللا عند تخمیر اإلناء یطرد عنھ الشیطان ، وإیكاؤه یطرد عنھ الھوام ، ولذلك أمر بذكر اسم اهللا فى ھذین الموضعین لھذین

.المعنیین

من حدیث ابن عباس ، أن رسول )) صحیحھ((وروى البخارى فى .اهللا صلى اهللا علیھ وسلم نھى عن الشرب من في السقاء

أن تردد أنفاس الشارب فیھ یكسبھ : عدیدة ، منھا وفى ھذا آدابأنھ ربما غلب : ومنھا . زھومة ورائحة كریھة یعاف ألجلھا

أنھ ربما كان فیھ : ومنھا . الداخل إلى جوفھ من الماء ، فتضرر بھ أن الماء ربما كان فیھ قذاة أو : ومنھا . حیوان ال یشعر بھ،فیؤذیھ

أن الشرب : ومنھا . راھا عند الشرب ، فتلج جوفھ غیرھا ال یكذلك یمأل البطن من الھواء ، فیضیق عن أخذ حظھ من الماء ، أو

.یزاحمھ ، أو یؤذیھ ، ولغیر ذلك من الحكم

أن رسول اهللا )) : جامع الترمذي((فما تصنعون بما فى : فإن قیل اخنث فم : ((د ، فقال صلى اهللا علیھ وسلم دعا بإداوة یوم أح

نكتفى فیھ بقول الترمذى : قلنا .، ثم شرب منھا من فیھا )) اإلداوة

Page 188: الطب النبوى

ھذا حدیث لیس إسناده بصحیح ، وعبد اهللا ابن عمر العمرى : انتھى ... یضعف من قبل حفظھ ، وال أدرى سمع من عیسى ، أو ال

.اه عنھ ، عن رجل من األنصار یرید عیسى بن عبد اهللا الذى رو.

فصل

: من حدیث أبى سعید الخدرى ، قال )) سنن أبى داود((وفى نھى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم عن الشرب من ثلمة القدح ((

وھذا من اآلداب التى تتم بھا مصلحة )) . ، وأن ینفخ فى الشراب :دح فیھ عدة مفاسد الشارب ، فإن الشرب من ثلمة الق

أن ما یكون على وجھ الماء من قذى أو غیره یجتمع إلى : أحدھا .الثلمة بخالف الجانب الصحیح

أنھ ربما شوش على الشارب ، ولم یتمكن من حسن : الثانى .الشرب من الثلمة

ل إلیھا أن الوسخ والزھومة تجتمع فى الثلمة ، وال یص: الثالث .الغسل ، كما یصل إلى الجانب الصحیح

أن الثلمة محل العیب فى القدح ، وھى أردأ مكان فیھ ، : الرابع فینبغى تجنبھ ، وقصد الجانب الصحیح ، فإن الردىء من كل شىء ال خیر فیھ ، ورأى بعض السلف رجال یشترى حاجة ردیئة ، فقال

.لمت أن اهللا نزع البركة من كل ردىء ال تفعل ، أما ع:

أنھ ربما كان فى الثلمة شق أو تحدید یجرح فم الشارب : الخامس .، ولغیر ھذه من المفاسد

فإنھ یكسبھ من فم النافخ رائحة كریھة .. وأما النفخ فى الشراب فأنفاس : ة وبالجمل. یعاف ألجلھا ، وال سیما إن كان متغیر الفم

النافخ تخالطھ ، ولھذا جمع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم بین النھى عن التنفس فى اإلناء والنفخ فیھ ، فى الحدیث الذى رواه

نھى : الترمذى وصححھ ، عن ابن عباس رضى اهللا عنھما ، قال

Page 189: الطب النبوى

فیھ رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أن یتنفس فى اإلناء ، أو ینفخ.

من حدیث أنس ، )) الصحیحین((فما تصنعون بما فى : فإن قیل )) أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كان یتنفس فى اإلناء ثالثا(( .؟

نقابلھ بالقبول والتسلیم ، وال معارضة بینھ وبین األول ، فإن : قیل ألنھ آلة الشرب معناه أنھ كان یتنفس فى شربھ ثالثا ، وذكر اإلناء

أن إبراھیم ابن رسول اهللا : ، وھذا كما جاء فى الحدیث الصحیح .فى مدة الرضاع : صلى اهللا علیھ وسلم مات فى الثدى ، أى

فصل

وكان صلى اهللا علیھ وسلم یشرب اللبن خالصا تارة ، ومشوبا لحارة خالصا وفى شرب اللبن الحلو فى تلك البالد ا. بالماء أخرى

ومشوبا نفع عظیم فى حفظ الصحة ، وترطیب البدن ، ورى الكبد ، وال سیما اللبن الذى ترعى دوابھ الشیح والقیصوم والخزامى وما

أشبھھا ، فإن لبنھا غذاء مع األغذیة ، وشراب مع األشربة ، .ودواء مع األدویة

إذا أكل : ((اهللا علیھ وسلم عنھ صلى)) الترمذى((وفى جامع اللھم بارك لنا فیھ ، وأطعمنا خیرا منھ ، وإذا : أحدكم طعاما فیلقل

اللھم بارك لنا فیھ ، وزدنا منھ ، فإنھ لیس شىء : سقى لبنا فلیقل ھذا حدیث : قال الترمذى )) . یجزئ من الطعام والشراب إال اللبن

.حسن

فصل

أنھ صلى اهللا علیھ وسلم كان ینبذ لھ )) صحیح مسلم((وثبت فى أول اللیل ، ویشربھ إذا أصبح یومھ ذلك ، واللیلة التى تجىء ، والغد ، واللیلة األخرى ، والغد إلى العصر ، فإن بقى منھ شىء

.سقاه الخادم ، أو أمر بھ فصب

Page 190: الطب النبوى

ح فیھ تمر یحلیھ ، وھو یدخل فى الغذاء ھو ما یطر: وھذا النبیذ والشراب ، ولھ نفع عظیم فى زیادة القوة ، وحفظ الصحة ، ولم

.یكن یشربھ بعد ثالث خوفا من تغیره إلى اإلسكار

فصل

فى تدبیره صلى اهللا علیھ وسلم الملبس

وكان من أتم الھدى ، وأنفعھ للبدن ، وأخفھ علیھ ، وأیسره لبسا لعا ، وكان أكثر لبسھ األردیة واألزر ، وھى أخف على البدن وخ

.من غیرھا ، وكان یلبس القمیص ، بل كان أحب الثیاب إلیھ

وكان ھدیھ فى لبسھ لما یلبسھ أنفع شىء للبدن ، فإنھ لم یكن یطیل أكمامھ ، ویوسعھا ، بل كانت كم قمیصھ إلى الرسغ ال یجاوز

الید ، فتشق على البسھا ، وتمنعھ خفة الحركة والبطش ، وال .تقصر عن ھذه ، فتبرز للحر والبرد

وكان ذیل قمیصھ وإزاره إلى أنصاف الساقین لم یتجاوز الكعبین ، فیؤذى الماشى ویؤوده ، ویجعلھ كالمقید ، ولم یقصر عن عضلة

.لبرد ساقیھ ، فتنكشف ویتأذى بالحر وا

ولم تكن عمامتھ بالكبیرة التى یؤذى الرأس حملھا ، ویضعفھ ویجعلھ عرضة للضعف واآلفات ، كما یشاھد من حال أصحابھا ، وال بالصغیرة التى تقصر عن وقایة الرأس من الحر والبرد ؛ بل

: وسطا بین ذلك ، وكان یدخلھا تحت حنكھ ، وفى ذلك فوائد عدیدة تقى العنق الحر والبرد ، وھو أثبت لھا ، وال سیما عند فإنھا

ركوب الخیل واإلبل ، والكر والفر ، وكثیر من الناس اتخذ الكاللیب عوضا عن الحنك ، ویا بعد ما بینھما فى النفع والزینة ، وأنت إذا

تأملت ھذه اللبسة وجدتھا من أنفع اللبسات وأبلغھا فى حفظ صحة .بدن وقوتھ ، وأبعدھا من التكلف والمشقة على البدن ال

Page 191: الطب النبوى

وكان یلبس الخفاف فى السفر دائما ، أو أغلب أحوالھ لحاجة .الرجلین إلى ما یقیھما من الحر والبرد ، وفى الحضر أحیانا

البرود : وكان أحب ألوان الثیاب إلیھ البیاض ، والحبرة ، وھى .المحبرة

من ھدیھ لبس األحمر ، وال األسود ، وال المصبغ ، وال ولم یكن المصقول

وأما الحلة الحمراء التى لبسھا ، فھى الرداء الیمانى الذى فیھ سواد وحمرة وبیاض ، كالحلة الخضراء ، فقد لبس ھذه وھذه ،

ما وقد تقدم تقریر ذلك ، وتغلیط من زعم أنھ لبس األحمر القانى ب .فیھ كفایة

فصل

فى تدبیره صلى اهللا علیھ وسلم ألمر المسكن

لـما علم صلى اهللا علیھ وسلم أنھ على ظھر سیر ، وأن الدنیا مرحلة مسافر ینزل فیھا مدة عمره ، ثم ینتقل عنھا إلى اآلخرة ،

لم یكن من ھدیھ وھدى أصحابھ ومن تبعھ االعتناء بالمساكن وتعلیتھا وزخرفتھا وتوسیعھا ، بل كانت من أحسن وتشییدھا ،

منازل المسافر تقى الحر والبرد ، وتستر عن العیون ، وتمنع من ولوج الدواب ، وال یخاف سقوطھا لفرط ثقلھا ، وال تعشش فیھا

الھوام لسعتھا وال تعتور علیھا األھویة والریاح المؤذیة الرتفاعھا فتؤذى ساكنھا ، وال فى غایة االرتفاع ، ولیست تحت األرض

علیھا ، بل وسط ، وتلك أعدل المساكن وأنفعھا ، وأقلھا حرا وبردا ، وال تضیق عن ساكنھا ، فینحصر ، وال تفضل عنھ بغیر منفعة وال فائدة ، فتأوى الھوام فى خلوھا ، ولم یكن فیھا كنف تؤذى

ا من أطیب الروائح ألنھ كان یحب ساكنھا برائحتھا ، بل رائحتھالطیب ، وال یزال عنده ، وریحھ ھو من أطیب الرائحة ، وعرقھ

Page 192: الطب النبوى

من أطیب الطیب ، ولم یكن فى الدار كنیف تظھر رائحتھ ، وال ریب .أن ھذه من أعدل المساكن وأنفعھا وأوفقھا للبدن ، وحفظ صحتھ

فصل

مر النوم والیقظةفى تدبیره صلى اهللا علیھ وسلم أل

من تدبر نومھ ویقظتھ صلى اهللا علیھ وسلم وجده أعدل نوم ، وأنفعھ للبدن واألعضاء والقوى ، فإنھ كان ینام أول اللیل ،

ویستیقظ فى أول النصف الثانى ، فیقوم ویستاك ، ویتوضأ ویصلى ھا من النوم ما كتب اهللا لھ ، فیأخذ البدن واألعضاء والقوى حظ

والراحة ، وحظھا من الریاضة مع وفور األجر ، وھذا غایة صالح ولم یكن یأخذ من النوم فوق . القلب والبدن ، والدنیا واآلخرة

القدر المحتاج إلیھ ، وال یمنع نفسھ من القدر المحتاج إلیھ منھ ، لى النوم وكان یفعلھ على أكمل الوجوه ، فینام إذا دعتھ الحاجة إ

على شقھ األیمن ، ذاكرا اهللا حتى تغلبھ عیناه ، غیر ممتلئ البدن من الطعام والشراب ، وال مباشر بجنبھ األرض ، وال متخذ للفرش المرتفعة ، بل لھ ضجاع من أدم حشوه لیف ، وكان یضطجع على

فى النوم ونحن نذكر فصال . الوسادة ، ویضع یده تحت خده أحیانا ، والنافع منھ والضار

النوم حالة للبدن یتبعھا غور الحرارة الغریزیة والقوى : فنقول طبیعى ، وغیر : إلى باطن البدن لطلب الراحة ، وھو نوعان

.طبیعى

إمساك القوى النفسانیة عن أفعالھا ، وھى قوى الحس : فالطبیعى ه القوى عن تحریك البدن والحركة اإلرادیة ، ومتى أمسكت ھذ

استرخى ، واجتمعت الرطوبات واألبخرة التى كانت تتحلل وتتفرق بالحركات والیقظة فى الدماغ الذى ھو مبدأ ھذه القوى ، فیتخدر

.ویسترخى ، وذلك النوم الطبیعى

Page 193: الطب النبوى

وأما النوم غیر الطبیعى ، فیكون لعرض أو مرض ، وذلك بأن الرطوبات على الدماغ استیالء ال تقدر الیقظة على تستولى

تفریقھا ، أو تصعد أبخرة رطبة كثیرة كما یكون عقیب االمتالء من الطعام والشراب ، فتثقل الدماغ وترخیھ ، فیتخدر ، ویقع إمساك

.القوى النفسانیة عن أفعالھا ، فیكون النوم

سكون الجوارح وراحتھا مما : إحداھما وللنوم فائدتان جلیلتان ،یعرض لھا من التعب ، فیریح الحواس من نصب الیقظة ، ویزیل

.اإلعیاء والكالل

ھضم الغذاء ، ونضج األخالط ألن الحرارة الغریزیة فى : والثانیة وقت النوم تغور إلى باطن البدن ، فتعین على ذلك ، ولھذا یبرد

.النائم إلى فضل دثار ظاھره ویحتاج

أن ینام على الشق األیمن ، لیستقر الطعام بھذه : وأنفع النوم الھیئة فى المعدة استقرارا حسنا ، فإن المعدة أمیل إلى الجانب

األیسر قلیال ، ثم یتحول إلى الشق األیسر قلیال لیسرع الھضم بذلك كبد ، ثم یستقر نومھ على الجانب األیمن ، الستمالة المعدة على ال

لیكون الغذاء أسرع انحدارا عن المعدة ، فیكون النوم على الجانب األیمن بداءة نومھ ونھایتھ ، وكثرة النوم على الجانب األیسر

.مضر بالقلب بسبب میل األعضاء إلیھ ، فتنصب إلیھ المواد

ى الظھر ، وال یضر االستلقاء علیھ للراحة من وأردأ النوم النوم عل)) المسند((غیر نوم ، وأردأ منھ أن ینام منبطحا على وجھھ ، وفى

مر النبى صلى اهللا : ، عن أبى أمامة قال )) سنن ابن ماجھ((وعلیھ وسلم على رجل نائم فى المسجد منبطح على وجھھ ، فضربھ

)) .اقعد فإنھا نومة جھنمیة قم أو: ((برجلھ ، وقال

وأما نوم المریض على )) : التقدمة((فى كتاب )) أبقراط((قال بطنھ من غیر أن یكون عادتھ فى صحتھ جرت بذلك ، فذلك یدل

على اختالط عقل ، وعلى ألم فى نواحى البطن ، قال الشراح لكتابھ

Page 194: الطب النبوى

لى ھیئة ردیئة من غیر سبب ظاھر وال ألنھ خالف العادة الجیدة إ: .باطن

والنوم المعتدل ممكن للقوى الطبیعیة من أفعالھا ، مریح للقوة النفسانیة ، مكثر من جوھر حاملھا ، حتى إنھ ربما عاد بإرخائھ

ونوم النھار ردئ یورث األمراض . مانعا من تحلل األرواح سد اللون ، ویورث الطحال ، ویرخى الرطوبیة والنوازل ، ویف

العصب ، ویكسل ، ویضعف الشھوة ، إال فى الصیف وقت الھاجرة ، وأردؤه نوم أول النھار ، وأردأ منھ النوم آخره بعد العصر ، قم : ورأى عبد اهللا بن عباس ابنا لھ نائما نومة الصبحة ، فقال لھ

لتى تقسم فیھا األرزاق ؟، أتنام فى الساعة ا

نومة : فالخلق . خلق ، وحرق ، وحمق : نوم النھار ثالثة : وقیل : والحرق . الھاجرة ، وھى خلق رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

نومة : والحمق . نومة الضحى ، تشغل عن أمر الدنیا واآلخرة ، فاختلس عقلھ ، من نام بعد العصر : قال بعض السلف . العصر

:وقال الشاعر . فال یلومن إال نفسھ

أال إن نومات الضحى تورث الفتى خباال ونومات العصیـر جنون

ونوم الصبحة یمنع الرزق ، ألن ذلك وقت تطلب فیھ الخلیقة ال لعارض أو أرزاقھا ، وھو وقت قسمة األرزاق ، فنومھ حرمان إ

ضرورة ، وھو مضر جدا بالبدن إلرخائھ البدن ، وإفساده للفضالت وإن . التى ینبغى تحلیلھا بالریاضة ، فیحدث تكسرا وعیا وضعفا

كان قبل التبرز والحركة والریاضة وإشغال المعدة بشىء ، فذلك .الداء العضال المولد ألنواع من األدواء

فى الشمس یثیر الداء الدفین ، ونوم اإلنسان بعضھ فى والنومالشمس ، وبعضھ فى الظل ردىء ، وقد روى أبو داود فى

قال رسول اهللا صلى اهللا : من حدیث أبى ھریرة ، قال )) سننھ((إذا كان أحدكم فى الشمس فقلص عنھ الظل ، فصار : ((علیھ وسلم

)) .س وبعضھ فى الظل ، فلیقمبعضھ فى الشم

Page 195: الطب النبوى

وغیره من حدیث بریدة بن الحصیب ، )) سنن ابن ماجھ((وفى أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم نھى أن یقعد الرجل بین الظل ((

.، وھذا تنبیھ على منع النوم بینھما ))والشمس

، أن رسول اهللا صلى اهللا عن البراء بن عازب )) الصحیحین((وفى إذا أتیت مضجعك فتوضأ وضوءك للصالة ، ثم : ((علیھ وسلم قال

اللھم إنى أسلمت نفسى إلیك ، : اضطجع على شقك األیمن ، ثم قل ووجھت وجھى إلیك ، وفوضت أمرى إلیك ، وألجأت ظھرى إلیك ،

غبة ورھبة إلیك ، ال ملجأ وال منجا منك إال إلیك ، آمنت بكتابك رواجعلھن آخر كالمك ، فإن مت . الذى أنزلت ، ونبیك الذى أرسلت

)) .من لیلتك ، مت على الفطرة

عن عائشة أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ )) صحیح البخارى((وفى كان إذا صلى ركعتى الفجر یعنى سـنتھا اضطجع على ((وسلم ،

)) .شقھ األیمن

إن الحكمة فى النوم على الجانب األیمـن ، أن ال یستغرق : وقد قیل النائم فى نومھ ، ألن القلب فیھ میل إلى جھة الیسار ، فإذا نام على

األیسر ، وذلك یمنع جنبھ األیمن ، طلب القلب مستقره من الجانبمن استقرار النائم واستثقالھ فى نومھ ، بخالف قراره فى النوم

على الیسار ، فإنھ مستقره ، فیحصل بذلك الدعة التامة ، فیستغرق .اإلنسان فى نومھ ، ویستثقل ، فیفوتھ مصالح دینھ ودنیاه

ولھذا یستحیل ولما كان النائم بمنزلة المیت ، والنوم أخو الموت على الحى الذى ال یموت ، وأھل الجنة ال ینامون فیھا كان النائم

محتاجا إلى من یحرس نفسھ ، ویحفظھا مما یعرض لھا من اآلفات ، ویحرس بدنھ أیضا من طوارق اآلفات ، وكان ربھ

لیھ علم النبى صلى اهللا ع. وفاطره تعالى ھو المتولى لذلك وحده وسلم النائم أن یقول كلمات التفویض وااللتجاء ، والرغبة والرھبة

، لیستدعى بھا كمال حفظ اهللا لھ ، وحراستھ لنفسھ وبدنھ ، وأرشده مع ذلك إلى أن یستذكر اإلیمان ، وینام علیھ ، ویجعل

Page 196: الطب النبوى

ن التكلم بھ آخر كالمھ ، فإنھ ربما توفاه اهللا فى منامھ ، فإذا كااإلیمان آخر كالمھ دخل الجنة ، فتضمن ھذا الھدى فى المنام

مصالح القلب والبدن والروح فى النوم والیقظة ، والدنیا واآلخرة ، فصلوات اهللا وسالمھ على من نالت بھ أمتھ كل خیر

جعلتھا مسلمة لك تسلیم : ؛ أى )) أسلمت نفسى إلیك: ((وقولھ .لعبد المملوك نفسھ إلى سیده ومالكھ ا

یتضمن إقبالھ بالكلیة على ربھ ، وإخالص : وتوجیھ وجھھ إلیھ القصد واإلرادة لھ ، وإقراره بالخضوع والذل واالنقیاد ، قال تعالى

وذكر الوجھ إذ . فإن حاجوك فقل أسلمت وجھى هللا ومن اتبعن {: رف ما فى اإلنسان ، ومجمع الحواس، وأیضا ففیھ معنى ھو أش

:التوجھ والقصد من قولھ

أستغفر اهللا ذنبا لست محصیھ رب العباد إلیھ الوجھ والعمل

رده إلى اهللا سبحانھ ، وذلك یوجب سكون : وتفویض األمر إلیھ رضى بما یقضیھ ویختاره لھ مما یحبھ القلب وطمأنینتھ ، وال

ویرضاه ، والتفویض من أشرف مقامات العبودیة ، وال علة فیھ ، .وھو من مقامات الخاصة خالفا لزاعمى خالف ذلك

یتضمن قوة االعتماد علیھ ، والثقة : وإلجاء الظھر إلیھ سبحانھ من أسند ظھره إلى ركن بھ ، والسكون إلیھ ، والتوكل علیھ ، فإن

.وثیق ، لم یخف السقوط

قوة الطلب ، وھى الرغبة ، وقوة الھرب ، : ولـما كان للقلب قوتان وھى الرھبة ، وكان العبد طالبا لمصالحھ ، ھاربا من مضاره ،

رغبة ورھبة : ((جمع األمرین فى ھذا التفویض والتوجھ ، فقال )) .إلیك

ربھ ، بأنھ ال ملجأ للعبد سواه ، وال منجا لھ منھ غیره ثم أثنى على، فھو الذى یلجأ إلیھ العبد لینجیھ من نفسھ ، كما فى الحدیث اآلخر

أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك : ((

Page 197: الطب النبوى

سھ الذى ھو ، فھو سبحانھ الذى یعیذ عبده وینجیھ من بأ)) منكبمشیئتھ وقدرتھ ، فمنھ البالء ، ومنھ اإلعانة ، ومنھ ما یطلب

النجاة منھ ، وإلیھ االلتجاء فى النجاة ، فھو الذى یلجأ إلیھ فى أن ینجى مما منھ ، ویستعاذ بھ مما منھ ، فھو رب كل شىء ، وال

فال كاشف لھ إال وإن یمسسك اهللا بضر{: یكون شىء إال بمشیئتھ قل من ذا الذى یعصمكم من اهللا إن أراد بكم { ، ]17: األنعام [}ھو

]17: األحزاب [}سوءا أو أراد بكم رحمة

ثم ختم الدعاء باإلقرار باإلیمان بكتابھ ورسولھ الذى ھو مالك .واآلخرة ، فھذا ھدیھ فى نومھ النجاة ، والفوز فى الدنیا

لو لم یقل إنى رسول لكا ن شاھد فى ھدیھ ینطق

فصل

وأما ھدیھ فى یقظتھ ، فكان یستیقظ إذا صاح الصارخ وھو الدیك ، فیحمد اهللا تعالى ویكبره ، ویھللھ ویدعوه ، ثم یستاك ، ثم یقوم

وئھ ، ثم یقف للصالة بین یدى ربھ ، مناجیا لھ بكالمھ ، إلى وضمثنیا علیھ ، راجیا لھ ، راغبا راھبا ، فأى حفظ لصحة القلب

.والبدن ، والروح والقوى ، ولنعیم الدنیا واآلخرة فوق ھذا

فصل

...)یتبع(

@

منھا فصال وأما تدبیر الحركة والسكون ، وھو الریاضة ، فنذكریعلم منھ مطابقة ھدیھ فى ذلك ألكمل أنواعھ وأحمدھا وأصوبھا ،

:فنقول

من المعلوم افتقار البدن فى بقائھ إلى الغذاء والشراب ، وال یصیر الغذاء بجملتھ جزءامن البدن ، بل ال بد أن یبقى منھ عند كل ھضم

Page 198: الطب النبوى

ع منھا شىء لھ كمیة بقیة ما ، إذا كثرت على ممر الزمان اجتموكیفیة ، فیضر بكمیتھ بأن یسد ویثقل البدن ، ویوجب أمراض

االحتباس ، وإن استفرغ تأذى البدن باألدویة ، ألن أكثرھا سمیة ، وال تخلو من إخراج الصالح المنتفع بھ ، ویضر بكیفیتھ ، بأن

یضعف الحرارة یسخن بنفسھ ، أو بالعفن ، أو یبرد بنفسھ ، أو .الغریزیة عن إنضاجھ

وسدد الفضالت ال محالة ضارة ، تركت أو استفرغت ، والحركة أقوى األسباب فى منع تولدھا ، فإنھا تسخن األعضاء ، وتسیل

فضالتھا ، فال تجتمع على طول الزمان ، وتعود البدن الخفة ء ، وتصلب المفاصل ، وتقوى األوتار والنشاط ، وتجعلھ قابال للغذا

والرباطات ، وتؤمن جمیع األمراض المادیة وأكثر األمراض المزاجیة إذا استعمل القدر المعتدل منھا فى وقتھ ، وكان باقى

.التدبیر صوابا

ووقت الریاضة بعد انحدار الغذاء ، وكمال الھضم ، والریاضة حمر فیھا البشرة ، وتربو ویتندى بھا البدن ، المعتدلة ھى التى ت

وأما التى یلزمھا سیالن العرق فمفرطة ، وأى عضو كثرت ریاضتھ قوى ، وخصوصا على نوع تلك الریاضة ، بل كل قوة فھذا شأنھا ، فإن من استكثر من الحفظ قویت حافظتھ ، ومن

قوتھ المفكرة ، ولكل عضو ریاضة تخصھ استكثر من الفكر قویت، فللصدر القراءة ، فلیبتدئ فیھا من الخفیة إلى الجھر بتدریج ، وریاضة السمع بسمع األصوات ، والكالم بالتدریج ، فینتقل من

األخف إلى األثقل ، وكذلك ریاضة اللسان فى الكالم ، وكذلك .لمشى بالتدریج شیئا فشیئا ریاضة البصر ، وكذلك ریاضة ا

وأما ركوب الخیل ، ورمى النشاب ، والصراع ، والمسابقة على األقدام ، فریاضة للبدن كلھ ، وھى قالعة ألمراض مزمنة ، كالجذام

.واالستسقاء والقولنج

Page 199: الطب النبوى

وریاضة النفوس بالتعلم والتأدب ، والفرح والسرور ، والصبر واإلقدام والسماحة ، وفعل الخیر ، ونحو ذلك مما والثبات ،

الصبر والحب ، : ترتاض بھ النفوس ، ومن أعظم ریاضتھا والشجاعة واإلحسان ، فال تزال ترتاض بذلك شیئا فشیئا حتى

.تصیر لھا ھذه الصفات ھیآت راسخة ، وملكات ثابتة

وسلم فى ذلك ، وجدتھ أكمل وأنت إذا تأملت ھدیھ صلى اهللا علیھ .ھدى حافظ للصحة والقوى ، ونافع فى المعاش والمعاد

وال ریب أن الصالة نفسھا فیھا من حفظ صحة البدن ، وإذابة أخالطھ وفضالتھ ، ما ھو من أنفع شىء لھ سوى ما فیھا من حفظ

یام اللیل من أنفع صحة اإلیمان ، وسعادة الدنیا واآلخرة ، وكذلك قأسباب حفظ الصحة ، ومن أمنع األمور لكثیر من األمراض المزمنة ، ومن أنشط شىء للبدن والروح والقلب ، كما فى

یعقد : ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ، أنھ قال )) الصحیحین((ضرب الشیطان على قافیة رأس أحدكم إذا ھو نام ثالث عقد ، ی

علیك لیل طویل ، فارقد ، فإن ھو استیقظ ، فذكر : على كل عقدة اهللا انحلت عقدة ، فإن توضأ ، انحلت عقدة ثانیة ، فإن صلى

انحلت عقده كلھا ، فأصبح نشیطا طـیب النفس ، وإال أصبح خبیث )) .فس كسالنالن

وفى الصوم الشرعى من أسباب حفظ الصحة وریاضة البدن .والنفس ما ال یدفعھ صحیح الفطرة

وأما الجھاد وما فیھ من الحركات الكلیة التى ھى من أعظم أسباب القوة ، وحفظ الصحة ، وصالبة القلب والبدن ، ودفع فضالتھما ،

مر إنما یعرفھ من لھ منھ نصیب ، وزوال الھم والغم والحزن ، فأوكذلك الحج ، وفعل المناسك ، وكذلك المسابقة على الخیل ،

وبالنصال ، والمشى فى الحوائج ، وإلى اإلخوان ، وقضاء حقوقھم

Page 200: الطب النبوى

، وعیادة مرضاھم ، وتشییع جنائزھم ، والمشى إلى المساجد .ال ، وغیر ذلك للجمعات والجماعات ، وحركة الوضوء واالغتس

وھذا أقل ما فیھ الریاضة المعینة على حفظ الصحة ، ودفع الفضالت ، وأما ما شرع لھ من التوصل بھ إلى خیرات الدنیا

.واآلخرة ، ودفع شرورھما ، فأمر وراء ذلك

فعلمت أن ھدیھ فوق كل ھدى فى طب األبدان والقلوب ، وحفظ مھما ، وال مزید على ذلك لمن قد أحضر رشده صحتھا ، ودفع أسقا

.وباهللا التوفیق ..

فصل

فى الجماع والباه وھدى النبى صلى اهللا علیھ وسلم فیھ

وأما الجماع والباه ، فكان ھدیھ فیھ أكمل ھدى ، یحفظ بھ الصحة ، وتتم بھ اللذة وسرور النفس ، ویحصل بھ مقاصده التى وضع

لھا ، فإن الجماع وضع فى األصل لثالثة أمور ھى مقاصده ألج :األصلیة

حفظ النسل ، ودوام النوع إلى أن تتكامل العدة التى قدر : أحدھا .اهللا بروزھا إلى ھذا العالم

.إخراج الماء الذى یضر احتباسھ واحتقانھ بجملة البدن : الثانى

نیل اللذة ، والتمتع بالنعمة ، وھذه وحدھا قضاء الوطر ، و: الثالث ھى الفائدة التى فى الجنة ، إذ ال تناسل ھناك ، وال احتقان

.یستفرغھ اإلنزال

. یرون أن الجماع من أحد أسـباب حفظ الصحة : وفضـالء األطباء ، الغالب على جوھر المنى النار والھواء)) : جالینوس((قال

ومزاجھ حار رطب ، ألن كونھ من الدم الصافى الذى تغتذى بھ األعضاء األصلیة ، وإذا ثبت فضل المنى ، فاعلم أنھ ال ینبغى

Page 201: الطب النبوى

إخراجھ إال فى طلب النسل ، أو إخراج المحتقن منھ ، فإنھ إذا دام الوسواس والجنون ، : احتقانھ ، أحدث أمراضا ردیئة ، منھا

، وغیر ذلك ، وقد یبرئ استعمالھ من ھذه األمراض والصرعكثیرا ، فإنھ إذا طال احتباسھ ، فسد واستحال إلى كیفیة سمیة

توجب أمراضا ردیئة كما ذكرنا ، ولذلك تدفعھ الطبیعة باالحتالم إذا .كثر عندھا من غیر جماع

أن ال : ثالثا ینبغى للرجل أن یتعاھد من نفسھ: وقال بعض السلف یدع المشى ، فإن احتاج إلیھ یوما قدر علیھ ، وینبغى أن ال یدع

األكل ، فإن أمعاءه تضیق ، وینبغى أن ال یدع الجماع ، فإن البئر .إذا لم تنزح ، ذھب ماؤھا

من ترك الجماع مدة طویلة ، ضعفت قوى : وقال محمد بن زكریا ورأیت جماعة : قال . مجاریھا ، وتقلص ذكره أعصابھ ، وانسدت

تركوه لنوع من التقشف ، فبردت أبدانھم ، وعسرت حركاتھم ، .انتھى .. ووقعت علیھم كآبة بال سبب ، وقلت شھواتھم وھضمھم

غض البصر ، وكف النفس ، والقدرة على العفة عن : ومن منافعھ حصیل ذلك للمرأة ، فھو ینفع نفسھ فى دنیاه وأخراه ، الحرام ، وت

وینفع المرأة ، ولذلك كان صلى اهللا علیھ وسلم یتعاھده ویحبھ ، )) .النساء والطیب: حبب إلى من دنیاكم : ((ویقول

لإلمام أحمد فى ھذا الحدیث زیادة لطیفة ، )) الزھد((وفى كتاب )) .عن الطعام والشراب ، وال أصبر عنھن أصبر : ((وھى

تزوجوا ، فإنى مكاثر بكم : ((وحث على التزویج أمتھ ، فقال )) .األمم

.خیر ھذه األمة أكثرھا نساء : وقال ابن عباس

إنى أتزوج النساء ، وأنام وأقوم ، وأصوم وأفطر ، فمن : ((وقال )) .عن سـنتى فلیس منى رغب

Page 202: الطب النبوى

یا معشر الشباب ؛ من استطاع منكم الباءة فلیتزوج ، : ((وقال فإنھ أغض للبصر ، وأحفظ للفرج ، ومن لم یستطع ، فعلیھ

))بالصوم ، فإنھ لھ وجاء

)) .بكھال بكرا تالعبھا وتالع: ((ولما تزوج جابر ثیبا قال لھ

من حدیث أنس بن مالك قال ، قال )) سننھ((وروى ابن ماجھ فى من أراد أن یلقى اهللا طاھرا : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

أیضا من حدیث ابن )) سننھ((وفى )) . مطھرا ، فلیتزوج الحرائر )) .ل النكاحلم نر للمتحابین مث: ((عباس یرفعھ ، قال

قال : من حدیث عبد اهللا بن عمر ، قال )) صحیح مسلم((وفى الدنیا متاع ، وخیر متاع الدنیا : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

)) .المرأة الصالحة

وكان صلى اهللا علیھ وسلم یحرض أمتھ على نكاح األبكار الحسان سئل : عن أبى ھریرة قال )) سنن النسائى((، وذوات الدین ، وفى

التى : ((أى النساء خیر ؟ قال : رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم تسره إذا نظر ، وتطیعھ إذا أمر ، وال تخالفھ فیما یكره فى نفسھا

)) .ومالھ

: قال عنھ ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ، )) الصحیحین((وفى تنكح المرأة لمالھا ، ولحسبھا ، ولجمالھا ، ولدینھا ، فاظفر ((

)) .بذات الدین ، تربت یداك

وكان یحث على نكاح الولود ، ویكره المرأة التى ال تلد ، كما فى عن معقل بن یسار ، أن رجال جاء إلى النبى)) سنن أبى داود((

إنى أصبت امرأة ذات حسب وجمال : صلى اهللا علیھ وسلم ، فقال ، ثم أتاه الثانیة ، فنھاه ، )) ال: ((، وإنھا ال تلد ، أفأتزوجھا ؟ قال

)) تزوجوا الودود الولود ، فإنى مكاثر بكم: ((ثم أتاه الثالثة ، فقال .

Page 203: الطب النبوى

: أربع من سنن المرسلین : ((عنھ مرفوعا )) مذىالتر((وفى )) الجامع((روى فى )) . النكاح ، والسواك ، والتعطر والحناء

: الصواب : بالنون و والیاء ، وسمعت أبا الحجاج الحافظ یقول أنھ الختان ، وسقطت النون من الحاشیة ، وكذلك رواه المحاملى

.عن شیخ أبى عیسى الترمذى

ومما ینبغى تقدیمھ على الجماع مالعبة المرأة ، وتقبیلھا ، ومص لسانھا ، وكان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، یالعب أھلھ ،

ویقبلھا

كان ((أنھ صلى اهللا علیھ وسلم )) : سننھ((وروى أبو داود فى )) .ھایقبل عائشة ، ویمص لسان

نھى رسول اهللا صلى اهللا علیھ : ((ویذكر عن جابر بن عبد اهللا قال )) .وسلم عن المواقعة قبل المالعبة

وكان صلى اهللا علیھ وسلم ربما جامع نساءه كلھن بغسل واحد ، صحیحھ (( وربما اغتسل عند كل واحدة منھن ، فروى مسلم فى

صلى اهللا علیھ وسلم كان یطوف على نسائھ عن أنس أن النبى)) .بغسل واحد

عن أبي رافع مولى رسول اهللا صلى )) سننھ((وروى أبو داود فى اهللا علیھ وسلم ، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم طاف على

یا : نسائھ فى لیلة ، فاغتسل عند كل امرأة منھن غسال ، فقلت ھذا أزكى وأطھر : ((لو اغتسلت غسال واحدا ، فقال رسول اهللا ؛

)) .وأطیب

وشرع للمجامع إذا أراد العود قبل الغسل الوضوء بین الجماعین ، من حدیث أبى سعید الخدرى ، قال )) صحیحھ((كما روى مسلم فى

ھ ، ثم إذا أتى أحدكم أھل: ((قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : )) .أراد أن یعود فلیتوضأ

Page 204: الطب النبوى

وفى الغسل والوضوء بعد الوطء من النشاط ، وطیب النفس ، وإخالف بعض ما تحلل بالجماع ، وكمال الطھر والنظافة ،

واجتماع الحار الغریزى إلى داخل البدن بعد انتشاره بالجماع ، خالفھا ما ھو من أحسن وحصول النظافة التى یحبھا اهللا ، ویبغض

.التدبیر فى الجماع ، وحفظ الصحة والقوى فیھ

فصل

ما حصل بعد الھضم ، وعند اعتدال البدن فى حره : وأنفع الجماع وضرره عند . وبرده ، ویبوستھ ورطوبتھ ، وخالئھ وامتالئھ

عند امتالء البدن أسھل وأقل من ضرره عند خلوه ، وكذلك ضرره كثرة الرطوبة أقل منھ عند الیبوسة ، وعند حرارتھ أقل منھ عند

برودتھ ، وإنما ینبغى أن یجامع إذا اشتدت الشھوة ، وحصل االنتشار التام الذى لیس عن تكلف ، وال فكر فى صورة ، وال نظر

.متتابع

فسھ وال ینبغى أن یستدعى شھوة الجماع ویتكلفھا ، ویحمل نعلیھا ، ولیبادر إلیھ إذا ھاجت بھ كثرة المنى ، واشتد شبقھ ، ولیحذر جماع العجوز والصغیرة التى ال یوطأ مثلھا ، والتى ال شھوة لھا ، والمریضة ، والقبیحة المنظر ، والبغیضة ، فوطء

من قال ھؤالء یوھن القوى ، ویضعف الجماع بالخاصیة ، وغلط إن جماع الثیب أنفع من جماع البكر وأحفظ للصحة ، : من األطباء

وھذا من القیاس الفاسد ، حتى ربما حذر منھ بعضھم ، وھو مخالف لما علیھ عقالء الناس ، ولما اتفقت علیھ الطبیعة

.والشریعة

مجامعھا ، وفى جماع البكر من الخاصیة وكمال التعلق بینھا وبینوامتالء قلبھا من محبتھ ، وعدم تقسیم ھواھا بینھ وبین غیره ، ما

ھال : (( وقد قال النبى صلى اهللا علیھ وسلم لجابر . لیس للثیب ، وقد جعل اهللا سبحانھ من كمال نساء أھل الجنة )) تزوجت بكرا

قبل من جعلن لھ ، من أھل من الحور العین ، أنھن لم یطمثھن أحد

Page 205: الطب النبوى

أرأیت لو مررت : وقالت عائشة للنبى صلى اهللا علیھ وسلم . الجنة بشجرة قد أرتع فیھا ، وشجرة لم یرتع فیھا ، ففى أیھما كنت ترتع

ترید أنھ لم یأخذ بكرا )) . فى التى لم یرتع فیھا : (( بعیرك ؟ قال .ا غیرھ

وجماع المرأة المحبوبة فى النفس یقل إضعافھ للبدن مع كثرة استفراغھ للمنى ، وجماع البغیضة یحل البدن ، ویوھن القوى مع

قلة استفراغھ ، وجماع الحائض حرام طبعا وشرعا ، فإنھ مضر .جدا ، واألطباء قاطبة تحذر منھ

لجماع أن یعلو الرجل المرأة ، مستفرشا لھا بعد وأحسن أشكال االمالعبة والقبلة ، وبھذا سمیت المرأة فراشا ، كما قال صلى اهللا

، وھذا من تمام قوامیة الرجل )) الولد للفراش : (( علیھ وسلم }الرجال قوامون على النساء{: على المرأة ، كما قال تعالى

:، وكما قیل ] 34: النساء[

إذا رمتھا كانت فراشا یقلنى وعند فراغى خادم یتملق

، ] 187: البقرة[} ھن لباس لكم وأنتم لباس لھن{: وقد قال تعالى ھ وأكمل اللباس وأسبغھ على ھذه الحال ، فإن فراش الرجل لباس ل، وكذلك لحاف المرأة لباس لھا ، فھذا الشكل الفاضل مأخوذ من

ھذه اآلیة ، وبھ یحسن موقع استعارة اللباس من كل من الزوجین .لآلخر

وفیھ وجھ آخر ، وھو أنھا تنعطف علیھ أحیانا ، فتكون علیھ :كاللباس ، قال الشاعر

ا تثنت فكانت علیھ لباساإذا ما الضجیع ثنى جیدھ

وأردأ أشكالھ أن تعلوه المرأة ، ویجامعھا على ظھره ، وھو خالف الشكل الطبیعى الذى طبع اهللا علیھ الرجل والمرأة ، بل نوع الذكر واألنثى ، وفیھ من المفاسد ، أن المنى یتعسر خروجھ كلھ ، فربما

.ضو منھ فیتعفن ویفسد ، فیضر بقى فى الع

Page 206: الطب النبوى

.فربما سال إلى الذكر رطوبات من الفرج : وأیضا

فإن الرحم ال یتمكن من االشتمال على الماء واجتماعھ : وأیضا .فیھ ، وانضمامھ علیھ لتخلیق الولد

فإن المرأة مفعول بھا طبعا وشرعا ، وإذا كانت فاعلة : وأیضا .فت مقتضى الطبع والشرع خال

وكان أھل الكتاب إنما یأتون النساء على جنوبھن على حرف ، .ھو أیسر للمرأة : ویقولون

وكانت قریش واألنصار تشرح النساء على أقفائھن ، فعابت الیھود وا حرثكم نساؤكم حرث لكم فأت{: علیھم ذلك ، فأنزل اهللا عز وجل

].223: البقرة[} أنى شئتم

إذا : كانت الیھود تقول : عن جابر ، قال )) الصحیحین (( وفى أتى الرجل امرأتھ من دبرھا فى قبلھا ، كان الولد أحول ، فأنزل اهللا

: البقرة[} ئتمنساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى ش{: عز وجل 223.[

إن شاء مجبیة ، وإن شاء غیر مجیبة ، غیر : (( وفى لفظ لمسلم )) .أن ذلك فى صمام واحد

)) : الصمام الواحد((المنكبة على وجھھا ، و)) : المجببة (( و .الفرج ، وھو موضع الحرث والولد

قط على لسان نبى من األنبیاء ، ومن نسب فلم یبح : وأما الدبر .إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة فى دبرھا ، فقد غلط علیھ

قال رسول اهللا : عن أبى ھریرة ، قال )) سنن أبى داود (( وفى )) .ملعون من أتى المرأة فى دبرھا : (( صلى اهللا علیھ وسلم

ال ینظر اهللا إلى رجل جامع امرأتھ : ((وفى لفظ ألحمد وابن ماجھ )).فى دبرھا

Page 207: الطب النبوى

من أتى حائضا ، أو امرأة فى دبرھا ، : ((وفى لفظ للترمذى وأحمد أو كاھنا فصدقھ ، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى اهللا علیھ

)) .وسلم

ل والنساء فى األدبار من أتى شیئا من الرجا: ((وفى لفظ للبیھقى )).فقد كفر

حدثنى زمعة بن صالح ، عن ابن )) : مصنف وكیع (( وفى طاووس ، عن أبیھ ، عن عمرو بن دینار ، عن عبد اهللا بن یزید ؛

قال رسول اهللا صلى : قال عمر بن الخطاب رضى اهللا عنھ : قال الحق ، ال تأتوا النساء إن اهللا ال یستحیى من : (( اهللا علیھ وسلم )) .فى أدبارھن : (( ، وقال مرة )) فى أعجازھن

قال رسول اهللا : عن على بن طلق ، قال )) : الترمذى (( وفى ال تأتوا النساء فى أعجازھن ، فإن اهللا ال : (( صلى اهللا علیھ وسلم

)) .یستحى من الحق

من حدیثھ عن المحاملى ، عن سعید : البن عدى )) الكامل (( وفى حدثنا محمد بن حمزة ، عن زید بن رفیع : بن یحیى األموى ، قال

ال تأتوا : (( ، عن أبى عبیدة ، عن عبد اهللا بن مسعود یرفعھ )) .النساء فى أعجازھن

رفوعا وروینا فى حدیث الحسن بن على الجوھرى ، عن أبى ذر م )) .من أتى الرجال والنساء فى أدبارھن ، فقد كفر : ((

وروى إسماعیل بن عیاش ، عن سھیل بن أبى صالح ، عن محمد استحیوا من اهللا ، فإن اهللا ال : (( ابن المنكدر ، عن جابر یرفعھ

)) .ى حشوشھن یستحیى من الحق ، ال تأتوا النساء ف

إن اهللا ال یستحیى : (( ورواه الدارقطنى من ھذه الطریق ، ولفظھ )) .من الحق ، ال یحل مأتاك النساء فى حشوشھن

Page 208: الطب النبوى

سئل قتادة عن : حدثنا ھدبة ، حدثنا ھمام ، قال : وقال البغوى حدثنى عمرو بن شعیب ، عن : ل الذى یأتى امرأتھ فى دبرھا ؛ فقا

تلك : (( أبیھ ، عن جده ، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال )) .اللوطیة الصغرى

حدثنا : حدثنا عبد الرحمن ، قال )) : مسنده (( وقال أحمد فى ھمام ، أخبرنا عن قتادة ، عن عمرو بن شعیب ، عن أبیھ ، عن

.، فذكره جده

: أنزلت ھذه اآلیة : عن ابن عباس : أیضا )) المسند (( وفى فى أناس من األنصار ، أتوا ] 223: البقرة[} نساءكم حرث لكم{

ائتھا على كل : (( رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فسألوه ، فقال )) .حال إذا كان فى الفرج

جاء عمر بن : عن ابن عباس ، قال : ضا أی)) المسند (( وفى یا رسول اهللا : الخطاب إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فقال

حولت رحلى : ؟ قال )) وما الذى أھلكك : (( فقال . ھلكت : : فلم یرد علیھ شیئا ، فأوحى اهللا إلى رسولھ: البارحة ، قال

أقبل ] 223: البقرة[} م فأتوا حرثكم أنى شئتمنساءكم حرث لك{ )) .وأدبر ، واتق الحیضة والدبر

ال ینظر اهللا إلى : (( عن ابن عباس مرفوعا )) : الترمذى (( وفى )) .رجل أتى رجال أو امرأة فى الدبر

ن الحسین بن دوما ، عن وروینا من حدیث أبى على الحسن ب: كفر باهللا العظیم عشرة من ھذه األمة : (( البراء بن عازب یرفعھ

القاتل ، والساحر ، والدیوث ، وناكح المرأة فى دبرھا ، ومانع الزكاة ، ومن وجد سعة فمات ولم یحج ، وشارب الخمر ،

تن ، وبائع السالح من أھل الحرب ، ومن نكح ذات والساعى فى الف )) .محرم منھ

Page 209: الطب النبوى

حدثنا عبد اهللا بن لھیعة ، عن مشرح بن : وقال عبد اهللا بن وھب ھاعان ، عن عقبة بن عامر ، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

أدبارھن : ؛ یعنى )) ملعون من یأتى النساء فى محاشھن: (( قال .

من حدیث أبى ھریرة ، )) مسند الحارث بن أبى أسامة (( وفى خطبنا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قبل : وابن عباس قاال

وفاتھ ، وھى آخر خطبة خطبھا بالمدینة حتى لحق باهللا عز وجل ، دبرھا أو رجال أو صبیا ، من نكح امرأة فى: (( وعظنا فیھا وقال

حشر یوم القیامة ، وریحھ أنتن من الجیفة یتأذى بھ الناس حتى یدخل النار ، وأحبط اهللا أجره ، وال یقبل منھ صرفا وال عدال ،

، قال أبو )) ویدخل فى تابوت من نار ، ویشد علیھ مسامیر من نار .ھذا لمن لم یتب: ھریرة

وذكر أبو نعیم األصبھاني ، من حدیث خزیمة بن ثابت یرفعھ ، )).إن اهللا ال یستحي من الحق ، ال تأتوا النساء في أعجازھن((

: أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع ، قال : وقال الشافعي عن عمرو بن أحیحة بن أخبرني عبد اهللا بن علي بن السائب ،

الجالح ، عن خزیمة بن ثابت ، أن رجال سأل النبي صلى اهللا علیھ ، فلما ولى ، )) حالل: ((وسلم عن إتیان النساء في أدبارھن ، فقال

كیف قلت ، في أي الخربتین ، أو في أي الخرزتین ، : ((دعاه فقال أم من دبرھا في . في قبلھا ؟ فنعم أو في أي الخصفتین أمن دبرھا

دبرھا ، فال ، إن اهللا ال یستحیي من الحق ، ال تأتوا النساء في )).أدبارھن

عمي ثقة ، وعبد : فما تقول ؟ فقال : فقیل للشافعي : قال الربیعن اهللا بن علي ثقة ، وقد أثنى على األنصاري خیرا ، یعني عمرو ب

الجالح ، وخزیمة ممن ال یشك في ثقتھ ، فلست أرخص فیھ ، بل .انھي عنھ

Page 210: الطب النبوى

ومن ھاھنا نشأ الغلط على من نقل عنھ اإلباحة من السلف : قلت واألئمة ، فإنھم أباحوا أن یكون الدبر طریقا إلى الوطء في الفرج ،

)) في((بـ )) من((فیطأ من الدبر ال في الدبر ، فاشتبھ على السامع ولم یظن بینھما فرقا ، فھذا الذي أباحھ السلف واألئمة ، فغلط

.علیھم الغالط أقبح الغلط وأفحشھ

قال ] 222: البقرة[} فأتوھن من حیث أمركم اهللا{: وقد قال تعالىفأتوھن من حیث {: سألت ابن عباس عن قولھ تعالى : مجاھد

تأتیھا من حیث أمرت أن : ، فقال ] 222: بقرةال[} أمركم اهللافي : وقال علي بن أبي طلحة عنھ یقول . تعتزلھا یعني في الحیض

.الفرج ، وال تعده إلى غیره

: أحدھما : وقد دلت اآلیة على تحریم الوطء في دبرھا من وجھین أنھ أباح إتیانھا في الحرث ، وھو موضع الولد ال في الحش الذي

من {: ضع األذى ، وموضع الحرث ھو المراد من قولھ ھو موفأتوا حرثكم أنى {: اآلیة قال ] 222: البقرة[} حیث أمركم اهللا

وإتیانھا في قبلھا من دبرھا مستفاد من ] 223: البقرة[} شئتممن أین شئتم من أمام أو : أنى شئتم ، أي : اآلیة أیضا ، ألنھ قال

.الفرج : فأتوا حرثكم ، یعني : قال ابن عباس . ن خلف م

وإذا كان اهللا حرم الوطء في الفرج ألجل األذى العارض ، فما الظن بالحش الذي ھو محل األذى الالزم مع زیادة المفسدة بالتعرض النقطاع النسل والذریعة القریبة جدا من أدبار النساء إلى أدبار

.الصبیان

)...یتبع(

فللمرأة حق على الزوج في الوطء ، ووطؤھا في : وأیضا @ .دبرھا یفوت حقھا ، وال یقضي وطرھا ، وال یحصل مقصودھا

Page 211: الطب النبوى

فإن الدبر لم یتھیأ لھذا العمل ، ولم یخلق لھ ، وإنما الذي : وأیضا ھیئ لھ الفرج ، فالعادلون عنھ إلى الدبر خارجون عن حكمة اهللا

.ا وشرعھ جمیع

فإن ذلك مضر بالرجل ، ولھذا ینھي عنھ عقالء األطباء : وأیضا من الفالسفة وغیرھم ، ألن للفرج خاصیة في اجتذاب الماء

المحتقن وراحة الرجل منھ والوطء فى الدبر ال یعین على اجتذاب .جمیع الماء ، وال یخرج كل المحتقن لمخالفتھ لألمر الطبیعى

ن وجھ آخر ، وھو إحواجھ إلى حركات متعبة جدا یضر م: وأیضا .لمخالفتھ للطبیعة

فإنھ محل القذر والنجو ، فیستقبلھ الرجل بوجھھ ، : وأیضا .ویالبسھ

فإنھ یضر بالمرأة جدا ، ألنھ وارد غریب بعید عن الطباع : وأیضا .، منافر لھا غایة المنافرة

.ث الھم والغم ، والنفرة عن الفاعل والمفعول فإنھ یحد: وأیضا

فإنھ یسود الوجھ ، ویظلم الصدر ، ویطمس نور القلب ، : وأیضا ویكسو الوجھ وحشة تصیر علیھ كالسیماء یعرفھا من لھ أدنى

.فراسة

فإنھ یوجب النفرة والتباغض الشدید ، والتقاطع بین : وأیضا .عول ، وال بد الفاعل والمف

فإنھ یفسد حال الفاعل والمفعول فسادا ال یكاد یرجى بعده : وأیضا .صالح ، إال أن یشاء اهللا بالتوبة النصوح

كما . فإنھ یذھب بالمحاسن منھما ، ویكسوھما ضدھا : وأیضا .یذھب بالمودة بینھما ، ویبدلھما بھا تباغضا وتالعنا

Page 212: الطب النبوى

فإنھ من أكبر أسباب زوال النعم ، وحلول النقم ، فإنھ : ا وأیضیوجب اللعنة والمقت من اهللا ، وإعراضھ عن فاعلھ ، وعدم نظره إلیھ ، فأى خیر یرجوه بعد ھذا ، وأى شر یأمنھ ، وكیف حیاة عبد

قد حلت علیھ لعنة اهللا ومقتھ ، وأعرض عنھ بوجھھ ، ولم ینظر .إلیھ

فإنھ یذھب بالحیاء جملة ، والحیاء ھو حیاة القلوب ، فإذا : أیضا وفقدھا القلب ، استحسن القبیح ، واستقبح الحسن ، وحینئذ فقد

.استحكم فساده

فإنھ یحیل الطباع عما ركبھا اهللا ، ویخرج اإلنسان عن : وأیضا ن الحیوان ، بل ھو طبع طبعھ إلى طبع لم یركب اهللا علیھ شیئا م

منكوس ، وإذا نكس الطبع انتكس القلب ، والعمل ، والھدى ، فیستطیب حینئذ الخبیث من األعمال والھیئات ، ویفسد حالھ

.وعملھ وكالمھ بغیر اختیاره

.فإنھ یورث من الوقاحة والجرأة ما ال یورثھ سواه : وأیضا

لمھانة والسفال والحقارة ما ال یورثھ فإنھ یورث من ا: وأیضا .غیره

فإنھ یكسو العبد من حلة المقت والبغضاء ، وازدراء : وأیضا الناس لھ ، واحتقارھم إیاه ، واستصغارھم لھ ما ھو مشاھد

بالحس ، فصالة اهللا وسالمھ على من سعادة الدنیا واآلخرة فى ، وھالك الدنیا واآلخرة فى مخالفة ھدیھ ھدیھ واتباع ما جاء بھ

.وما جاء بھ

فصل

.نوعان ؛ ضار شرعا ، وضار طبعا : والجماع الضار

. المحرم ، وھو مراتب بعضھا أشد من بعض : فالضار شرعا والتحریم العارض منھ أخف من الالزم ، كتحریم اإلحرام ،

Page 213: الطب النبوى

لمظاھر منھا قبل التكفیر ، والصیام ، واالعتكاف ، وتحریم اونحو ذلك ، ولھذا ال حد فى ھذا الجماع ... وتحریم وطء الحائض

.

فنوعان ؛ نوع ال سبیل إلى حلھ ألبتة ، كذوات : وأما الالزم المحارم ، فھذا من أضر الجماع ، وھو یوجب القتل حدا عند طائفة

اهللا وغیره ، وفیھ حدیث من العلماء ، كأحمد ابن حنبل رحمھ .مرفوع ثابت

ما یمكن أن یكون حالال ، كاألجنبیة ، فإن كانت ذات زوج : والثانى فإن كانت مكرھة ، . حق هللا ، وحق للزوج : ، ففى وطئھا حقان

ففیھ ثالثة حقوق ، وإن كان لھا أھل وأقارب یلحقھم العار بذلك ن كانت ذات محرم منھ ، صار فیھ صار فیھ أربعة حقوق ، فإ

.فمضرة ھذا النوع بحسب درجاتھ فى التحریم . خمسة حقوق

نوع ضار بكیفیتھ كما تقدم ، : وأما الضار طبعا ، فنوعان أیضا ونوع ضار بكمیتھ كاإلكثار منھ ، فإنھ یسقط القوة ، ویضر

لتشنج ، ویضعف البصر بالعصب ، ویحدث الرعشة ، والفالج ، واوسائر القوى ، ویطفئ الحرارة الغریزیة ، ویوسع المجارى ،

.ویجعلھا مستعدة للفضالت المؤذیة

وأنفع أوقاتھ ، ما كان بعد انھضام الغذاء فى المعدة وفى زمان معتدل ال على جوع ، فإنھ یضعف الحار الغریزى ، وال على شبع ،

اضا شدیدة ، وال على تعب ، وال إثر حمام ، وال فإنھ یوجب أمر .استفراغ ، وال انفعال نفسانى كالغم والھم والحزن وشدة الفرح

وأجود أوقاتھ بعد ھزیع من اللیل إذا صادف انھضام الطعام ، ثم یغتسل أو یتوضأ ، وینام علیھ ، وینام عقبھ ، فتراجع إلیھ قواه ،

.الحركة والریاضة عقبھ ، فإنھا مضرة جدا ولیحذر

فصل

فى ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فى عالج العشق

Page 214: الطب النبوى

ھذا مرض من أمراض القلب ، مخالف لسائر األمراض فى ذاتھ وأسبابھ وعالجھ ، وإذا تمكن واستحكم ، عز على األطباء دواؤه ،

انھ فى كتابھ عن طائفتین وأعیا العلیل داؤه ، وإنما حكاه اهللا سبحمن النساء ، وعشاق الصبیان المردان ، فحكاه عن : من الناس

امرأة العزیز فى شأن یوسف ، وحكاه عن قوم لوط ، فقال تعالى وجاء أھل المدینة {: إخبارا عنھم لـما جاءت المالئكة لوطا

واتقوا اهللا وال * فى فال تفضحون قال إن ھؤآلء ضی* یستبشرون قال ھؤآلء بناتى إن كنتم *قالوا أو لم ننھك عن العالمین * تخزون ] .73-68: الحجر [}لعمرك إنھم لفى سكرتھم یعمھون* فاعلین

رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم حق وأما ما زعمھ بعض من لم یقد: قدره أنھ ابتلى بھ فى شأن زینب بنت جحش ، وأنھ رآھا فقال

وأخذت بقلبھ ، وجعل یقول لزید بن )) . سبحان مقلب القلوب((وإذ تقول للذى أنعم اهللا {: حتى أنزل اهللا علیھ )) أمسكھا: ((حارثة وأنعمت علیھ أمسك علیك زوجك واتق اهللا وتخفى فى نفسك علیھ

] 37: األحزاب [}ما اهللا مبدیھ وتخشى الناس واهللا أحق أن تخشاه، فظن ھذا الزاعم أن ذلك فى شأن العشق ، وصنف بعضھم كتابا

شق األنبیاء ، وذكر ھذه الواقعة ، وھذا فى العشق ، وذكر فیھ عمن جھل ھذا القائل بالقرآن وبالرسل ، وتحمیلھ كالم اهللا ما ال

یحتملھ ، ونسبتھ رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إلى ما برأه اهللا منھ ، فإن زینب بنت جحش كانت تحت زید بن حارثة ، وكان

زید بن ((وسلم قد تبناه ، وكان یدعى رسول اهللا صلى اهللا علیھ، وكانت زینب فیھا شمم وترفع علیھ ، فشاور رسول اهللا )) محمد

صلى اهللا علیھ وسلم فى طالقھا ، فقال لھ رسول اهللا صلى اهللا ، وأخفى فى نفسھ )) أمسك علیك زوجك واتق اهللا: ((علیھ وسلم

د ، وكان یخشى من قالة الناس أنھ تزوج أن یتزوجھا إن طلقھا زیامرأة ابنھ ، ألن زیدا كان یدعى ابنھ ، فھذا ھو الذى أخفاه فى

نفسھ ، وھذه ھى الخشیة من الناس التى وقعت لھ ، ولھذا ذكر سبحانھ ھذه اآلیة یعدد فیھا نعمھ علیھ ال یعاتبھ فیھا ، وأعلمھ أنھ

فیما أحل اهللا لھ ، وأن اهللا أحق أن ال ینبغى لھ أن یخشى الناس

Page 215: الطب النبوى

یخشاه ، فال یتحرج ما أحلھ لھ ألجل قول الناس ، ثم أخبره أنھ سبحانھ زوجھ إیاھا بعد قضاء زید وطره منھا لتقتدى أمتھ بھ فى

ذلك ، ویتزوج الرجل بامرأة ابنھ من التبنى ، ال امرأة ابنھ لصلبھ ، وحالئل أبنائكم الذین من {: فى آیة التحریم ولھذا قال

ما كان محمد {: ، وقال فى ھذه السورة ] 23:النساء [}أصالبكموما جعل {: ، وقال فى أولھا ] 40: األحزاب [}أبا أحد من رجالكم

، فتأمل ] 4: األحزاب [} م بأفواھكمأدعیاءكم أبناءكم ، ذلكم قولكھذا الذب عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، ودفع طعن

.الطاعنین عنھ ، وباهللا التوفیق

كان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یحب نساءه ، وكان .. نعم ا وال أحبھن إلیھ عائشة رضى اهللا عنھا ، ولم تكن تبلغ محبتھ لھ

لو كنت متخذا : ((ألحد سوى ربھ نھایة الحب ، بل صح أنھ قال وإن : ((، وفى لفظ )) من أھل األرض خلیال التخذت أبا بكر خلیال

)) .صاحبكم خلیل الرحمن

فصل

وعشق الصور إنما تبتلى بھ القلوب الفارغة من محبة اهللا تعالى ، ضة عنھ ، المتعوضة بغیره عنھ ، فإذا امتأل القلب من محبة المعر

اهللا والشوق إلى لقائھ ، دفع ذلك عنھ مرض عشق الصور ، ولھذا كذلك لنصرف عنھ السوء والفحشاء ، {: قال تعالى فى حق یوسف على أن اإلخالص ، فدل] 24: یوسف [}إنھ من عبادنا المخلصین

سبب لدفع العشق وما یترتب علیھ من السوء والفحشاء التى ھى ثمرتھ ونتیجتھ ، فصرف المسبب صرف لسببھ ، ولھذا قال بعض

العشق حركة قلب فارغ ، یعنى فارغا مما سوى معشوقھ : السلف ، إن ]11: قصص ال[}وأصبح فؤاد أم موسى فارغا{: قال تعالى .

فارغا من كل شىء إال من موسى لفرط : كادت لتبدى بھ أى محبتھا لھ ، وتعلق قلبھا بھ

Page 216: الطب النبوى

استحسان للمعشوق ، وطمع فى : والعشق مركب من أمرین الوصول إلیھ ، فمتى انتفى أحدھما انتفى العشق ، وقد أعیت علة

تكلم فیھا بعضھم بكالم یرغب عن العشق على كثیر من العقالء ، و .ذكره إلى الصواب

قد استقرت حكمة اهللا عز وجل فى خلقھ وأمره على وقوع : فنقول التناسب والتآلف بین األشباه ، وانجذاب الشىء إلى موافقھ

ومجانسھ بالطبع ، وھروبھ من مخالفھ ، ونفرتھ عنھ بالطبع ، العالم العلوى والسفلى ، إنما ھو فسر التمازج واالتصال فى

التناسب والتشاكل ، والتوافق ، وسر التباین واالنفصال ، إنما ھو بعدم التشاكل والتناسب ، وعلى ذلك قام الخلق واألمر ، فالمثل إلى

مثلھ مائل ، وإلیھ صائر ، والضد عن ضده ھارب ، وعنھ نافر ، الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منھا ھو{: وقد قال تعالى

، فجعل سبحانھ علة ]189: األعراف [} زوجھا لیسكن إلیھاسكون الرجل إلى امرأتھ كونھا من جنسھ وجوھره ، فعلة السكون

المذكور وھو الحب كونھا منھ ، فدل على أن العلة لیست بحسن صورة ، وال الموافقة فى القصد واإلرادة ، وال فى الخلق والھدى ال

.، وإن كانت ھذه أیضا من أسباب السكون والمحبة

: عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )) الصحیح((وقد ثبت فى األرواح جنود مجندة ، فما تعارف منھا ائتلف ، وما تناكر منھا ((

وغیره فى سبب ھذا الحدیث )) مسند اإلمام أحمد((وفى )) . فاختلأن امرأة بمكة كانت تضحك الناس ، فجاءت إلى المدینة ، فنزلت :

: على امرأة تضحك الناس ، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم .الحدیث )) ... األرواح جنود مجندة((

بحانھ أن حكم الشىء حكم مثلھ ، فال تفرق وقد استقرت شریعتھ سشریعتھ بین متماثلین أبدا ، وال تجمع بین مضادین ، ومن ظن

خالف ذلك ، فإما لقلة علمھ بالشریعة ، وإما لتقصیره فى معرفة

Page 217: الطب النبوى

التماثل واالختالف ، وإما لنسبتھ إلى شریعتھ ما لم ینزل بھ سلطانا كون من آراء الرجال ، فبحكمتھ وعدلھ ظھر خلقھ وشرعھ ، ، بل ی

وبالعدل والمیزان قام الخلق والشرع ، وھو التسویة بین .المتمائلین ، والتفریق بین المختلفین

: قال تعالى . وھذا كما أنھ ثابت فى الدنیا ، فھو كذلك یوم القیامة من دون اهللا *زواجھم وما كانوا یعبدون احشروا الذین ظلموا وأ{

].22: الصافات [}فاھدوھم إلى صراط الجحیم

: قال عمر بن الخطاب رضى اهللا عنھ وبعده اإلمام أحمد رحمھ اهللا .أزواجھم أشباھھم ونظراؤھم

قرن كل : أى ] 7: التكویر [}وإذا النفوس زوجت{: وقال تعالى صاحب عمل بشكلھ ونظیره ، فقرن بین المتحابین فى اهللا فى الجنة ، وقرن بین المتحابین فى طاعة الشیطان فى الجحیم ،

وغیره )) مستدرك الحاكم((فالمرء مع من أحب شاء أو أبى ، وفى وما إال حشر ال یحب المرء ق: ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم

)) .معھم

المحبة فى اهللا وهللا ؛ : والمحبة أنواع متعددة ؛ فأفضلھا وأجلھا .وھى تستلزم محبة ما أحب اهللا ، وتستلزم محبة اهللا ورسولھ

محبة االتفاق فى طریقة ، أو دین ، أو مذھب ، أو نحلة ، : ومنھا .ما أو قرابة ، أو صناعة ، أو مراد

محبة لنیل غرض من المحبوب ، إما من جاھھ أو من مالھ : ومنھا أو من تعلیمھ وإرشاده ، أو قضاء وطر منھ ، وھذه ھى المحبة

العرضیة التى تزول بزوال موجبھا ، فإن من ودك ألمر ، ولى عنك .عند انقضائھ

محب والمحبوب ، وأما محبة المشاكلة والمناسبة التى بین الفمحبة الزمة ال تزول إال لعارض یزیلھا ، ومحبة العشق من ھذا النوع ، فإنھا استحسان روحانى ، وامتزاج نفسانى ، وال یعرض

Page 218: الطب النبوى

فى شىء من أنواع المحبة من الوسواس والنحول ، وشغل البال ، .والتلف ما یعرض من العشق

العشق ما ذكرتم من االتصال والتناسب فإذا كان سبب : فإن قیل الروحانى ، فما بالھ ال یكون دائما من الطرفین ، بل تجده كثیرا من

طرف العاشق وحده ، فلو كان سببھ االتصال النفسى واالمتزاج .الروحانى ، لكانت المحبة مشتركة بینھما

شرط ، أو أن السبب قد یتخلف عنھ مسببھ لفوات: فالجواب لوجود مانع ، وتخلف المحبة من الجانب اآلخر ال بد أن یكون ألحد

:ثالثة أسباب

علة فى المحبة ، وأنھا محبة عرضیة ال ذاتیة ، وال یجب : األول .االشتراك فى المحبة العرضیة ، بل قد یلزمھا نفرة من المحبوب

محبوبھ لھ ، إما فى خلقھ ، مانع یقوم بالمحب یمنع محبة : الثانى .أو خلقھ أو ھدیھ أو فعلھ ، أو ھیئتھ أو غیر ذلك

مانع یقوم بالمحبوب یمنع مشاركتھ للمحب فى محبتھ ، : الثالثولوال ذلك المانع ، لقام بھ من المحبة لمحبھ مثل ما قام باآلخر ،

فال یكون قط إال من فإذا انتفت ھذه الموانع ، وكانت المحبة ذاتیة ، الجانبین ، ولوال مانع الكبر والحسد ، والریاسة والمعاداة فى

الكفار ، لكانت الرسل أحب إلیھم من أنفسھم وأھلیھم وأموالھم ، ولما زال ھذا المانع من قلوب أتباعھم ، كانت محبتھم لھم فوق

.محبة األنفس واألھل والمال

فصل

العشق لما كان مرضا من األمراض ، كان قابال أن: والمقصود للعالج ، ولھ أنواع من العالج ، فإن كان مما للعاشق سبیل إلى

وصل محبوبھ شرعا وقدرا ، فھو عالجھ ، كما ثبت فى

Page 219: الطب النبوى

قال : من حدیث ابن مسعود رضى اهللا عنھ ، قال )) الصحیحین((ر الشباب ؛ من استطاع یا معش: ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

منكم الباءة فلیتزوج ، ومن لم یستطع فعلیھ بالصوم ، فإنھ لھ وأمره . أصلى ، وبدلى : فدل المحب على عالجین )) . وجاء

باألصلى ، وھو العالج الذى وضع لھذا الداء ، فال ینبغى العدول .عنھ إلى غیره ما وجد إلیھ سبیال

عن ابن عباس رضى اهللا عنھما ، )) سننھ((روى ابن ماجھ فى ولم نر للمتحابین مثل : ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال

وھذا ھو المعنى الذى أشار إلیھ سبحانھ عقیب إحالل )) . النكاحف یرید اهللا أن یخف{: النساء حرائرھن وإمائھن عند الحاجة بقولھ

فذكر تخفیفھ فى ھذا ] 28: النساء [}عنكم ، وخلق اإلنسان ضعیفاالموضع ، وإخباره عن ضعف اإلنسان یدل على ضعفھ عن احتمال

ھذه الشھوة ، وأنھ سبحانھ خفف عنھ أمرھا بما أباحھ لھ من أطایب النساء مثنى وثالث ورباع ، وأباح لھ ما شاء مما ملكت

یمینھ ، ثم أباح لھ أن یتزوج باإلماء إن احتاج إلى ذلك عالجا لھذه .الشھوة ، وتخفیفا عن ھذا الخلق الضعیف ، ورحمة بھ

فصل

وإن كان ال سبیل للعاشق إلى وصال معشوقھ قدرا أو شرعا ، أو ھو ممتنع علیھ من الجھتین ، وھو الداء العضال ، فمن عالجھ ،

نفسھ الیأس منھ ، فإن النفس متى یئست من الشىء ، إشعار استراحت منھ ، ولم تلتفت إلیھ ، فإن لم یزل مرض العشق مع

الیأس ، فقد انحرف الطبع انحرافا شدیدا ، فینتقل إلى عالج آخر ، وھو عالج عقلھ بأن یعلم بأن تعلق القلب بما ال مطمع فى حصولھ

، وصاحبھ بمنزلة من یعشق الشمس ، وروحھ نوع من الجنون متعلقة بالصعود إلیھا والدوران معھا فى فلكھا ، وھذا معدود عند

.جمیع العقالء فى زمرة المجانین

Page 220: الطب النبوى

وإن كان الوصال متعذرا شرعا ال قدرا ، فعالجھ بأن ینزلھ منزلة لعبد ونجاتھ موقوف المتعذر قدرا ، إذ ما لم یأذن فیھ اهللا ، فعالج ا

على اجتنابھ ، فلیشعر نفسھ أنھ معدوم ممتنع ال سبیل لھ إلیھ ، وأنھ بمنزلة سائر المحاالت ، فإن لم تجبھ النفس األمارة ، فلیتركھ

إما خشیة ، وإما فوات محبوب ھو أحب إلیھ ، وأنفع : ألحد أمرین سرورا ، فإن العاقل متى وازن بین لھ ، وخیر لھ منھ ، وأدوم لذة و

نیل محبوب سریع الزوال بفوات محبوب أعظم منھ ، وأدوم ، وأنفع ، وألذ أو بالعكس ، ظھر لھ التفاوت ، فال تبع لذة األبد التى ال خطر لھا بلذة ساعة تنقلب آالما ، وحقیقتھا أنھا أحالم نائم ، أو

فتذھب اللذة ، وتبقى التبعة ، وتزول الشھوة ، خیال ال ثبات لھ ، .وتبقى الشقوة

حصول مكروه أشق علیھ من فوات ھذا المحبوب ، بل : الثانى فوات ما ھو أحب إلیھ من ھذا : یجتمع لھ األمران ، أعنى

المحبوب ، وحصول ما ھو أكره إلیھ من فوات ھذا المحبوب ، فإذا إعطاء النفس حظھا من ھذا المحبوب ھذین األمرین ، تیقن أن فى

ھان علیھ تركھ ، ورأى أن صبره على فوتھ أسھل من صبره علیھما بكثیر ، فعقلھ ودینھ ، ومروءتھ وإنسانیتھ ، تأمره باحتمال

الضرر الیسیر الذى ینقلب سریعا لذة وسرورا وفرحا لدفع ھذین جھلھ وھواه ، وظلمھ وطیشھ ، وخفتھ و. الضررین العظیمین

یأمره بإیثار ھذا المحبوب العاجل بما فیھ جالبا علیھ ما جلب ، .والمعصوم من عصمھ اهللا

فإن لم تقبل نفسھ ھذا الدواء ، ولم تطاوعھ لھذه المعالجة ، فلینظر ما تجلب علیھ ھذه الشھوة من مفاسد عاجلتھ ، وما تمنعھ من

، فإنھا أجلب شىء لمفاسد الدنیا ، وأعظم شىء تعطیال مصالحھا لمصالحھا ، فإنھا تحول بین العبد وبین رشده الذى ھو مالك أمره

.، وقوام مصالحھ

فإن لم تقبل نفسھ ھذا الدواء ، فلیتذكر قبائح المحبوب ، وما یدعوه إلى النفرة عنھ ، فإنھ إن طلبھا وتأملھا ، وجدھا أضعاف

Page 221: الطب النبوى

محاسنھ التى تدعو إلى حبھ ، ولیسأل جیرانھ عما خفى علیھ منھا ، فإن المحاسن كما ھى داعیة الحب واإلرادة ، فالمساوئ داعیة

البغض والنفرة ، فلیوازن بین الداعیین ، ولیحب أسبقھما وأقربھما منھ بابا ، وال یكن ممن غره لون جمال على جسم أبرص

وم ولیجاوز بصره حسن الصورة إلى قبح الفعل ، ولیعبر من مجذ .حسن المنظر والجسم إلى قبح المخبر والقلب

فإن عجزت عنھ ھذه األدویة كلھا لم یبق لھ إال صدق اللجأ إلى من یجیب المضطر إذا دعاه ، ولیطرح نفسھ بین یدیھ على بابھ ،

، مستكینا ، فمتى وفق لذلك ، فقد مستغیثا بھ ، متضرعا ، متذلالقرع باب التوفیق ، فلیعف ولیكتم ، وال یشبب بذكر المحبوب ، وال

.یفضحھ بین الناس ویعرضھ لألذى ، فإنھ یكون ظالما متعدیا

وال یغتر بالحدیث الموضوع على رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، عن على بن مسھر ، عن أبى یحیى الذى رواه سوید بن سعید

القتات ، عن مجاھد ، عن ابن عباس رضى اهللا عنھما ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ، ورواه عن أبى مسھر أیضا ، عن ھشام بن عروة ، عن أبیھ ، عن عائشة ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم ،

لملك ابن عبد العزیز بن ورواه الزبیر بن بكار ، عن عبد االماجشون ، عن عبد العزیز بن أبى حازم ، عن ابن أبى نجیح ،

عن مجاھد ، عن ابن عباس رضى اهللا عنھما ، عن النبى صلى اهللا وفى )) من عشق ، فعف ، فمات فھو شھید: ((علیھ وسلم أنھ قال

لھ ، وأدخلھ من عشق وكتم وعف وصبر ، غفر اهللا: ((روایة )) .الجنة

فإن ھذا الحدیث ال یصح عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، وال یجوز أن یكون من كالمھ ، فإن الشھادة درجة عالیة عند اهللا ، مقرونة بدرجة الصدیقیة ، ولھا أعمال وأحوال ، ھى شرط فى

.عامة وخاصة : حصولھا ، وھى نوعان

.الشھادة فى سبیل اهللا : فالخاصة

Page 222: الطب النبوى

. لیس العشق واحدا منھا )) الصحیح((والعامة خمس مذكورة فى وكیف یكون العشق الذى ھو شرك فى المحبة ، وفراغ القلب عن اهللا ، وتملیك القلب والروح ، والحب لغیره تنال بھ درجة الشھادة

لصور للقلب فوق كل إفساد ، ، ھذا من المحال ، فإن إفساد عشق ابل ھو خمر الروح الذى یسكرھا ، ویصدھا عن ذكر اهللا وحبھ ،

والتلذذ بمناجاتھ ، واألنس بھ ، ویوجب عبودیة القلب لغیره ، فإن قلب العاشق متعبد لمعشوقھ ، بل العشق لب العبودیة ، فإنھا كمال

، فكیف یكون تعبد القلب لغیر الذل ، والحب والخضوع والتعظیماهللا مما تنال بھ درجة أفاضل الموحدین وساداتھم ، وخواص

األولیاء ، فلو كان إسناد ھذا الحدیث كالشمس ، كان غلطا ووھما ، وال یحفظ عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم لفظ العشق فى

.حدیث صحیح ألبتة

منھ حرام ، فكیف یظن بالنبى صلى اهللا ثم إن العشق منھ حالل ، وعلیھ وسلم أنھ یحكم على كل عاشق یكتم ویعف بأنھ شھید ، فترى

من یعشق امرأة غیره ، أو یعشق المردان والبغایا ، ینال بعشقھ درجة الشھداء ، وھل ھذا إال خالف المعلوم من دینھ صلى اهللا

یف والعشق مرض من األمراض التى علیھ وسلم بالضرورة ؟ كجعل اهللا سبحانھ لھا األدویة شرعا وقدرا ، والتداوى منھ إما

واجب إن كان عشقا حراما ، وإما مستحب

وأنت إذا تأملت األمراض واآلفات التى حكم رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ألصحابھا بالشھادة ، وجدتھا من األمراض التى ال

لھا ، كالمطعون ، والمبطون ، والمجنون ، والحریق ، عالجوالغریق ، وموت المرأة یقتلھا ولدھا فى بطنھا ، فإن ھذه بالیا من

اهللا ال صنع للعبد فیھا ، وال عالج لھا ، ولیست أسبابھا محرمة ، وال یترتب علیھا من فساد القلب وتعبده لغیر اهللا ما یترتب على العشق ، فإن لم یكف ھذا فى إبطال نسبة ھذا الحدیث إلى رسول

اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ، فقلد أئمة الحدیث العالمین بھ وبعللھ ، فإنھ ال یحفظ عن إمام واحد منھم قط أنھ شھد لھ بصحة ، بل وال بحسن ، كیف وقد أنكروا على سوید ھذا الحدیث ، ورموه ألجلھ

Page 223: الطب النبوى

قال أبو أحمد بن عدى . م ، واستحل بعضھم غزوه ألجلھ بالعظائھذا الحدیث أحد ما أنكر على سوید ، وكذلك قال )): كاملھ((فى

إنھ مما أنكر علیھ ، وكذلك قال ابن طاھر فى : البیھقى أنا : ، وقال )) تاریخ نیسابور((وذكره الحاكم فى )) الذخیرة((

إنھ لم یحدث بھ عن غیر سوید ، وھو أتعجب من ھذا الحدیث ، ف، )) الموضوعات((ثقة ، وذكره أبو الفرج بن الجوزى فى كتاب

وكان أبو بكر األزرق یرفعھ أوال عن سوید ، فعوتب فیھ ، فأسقط النبى صلى اهللا علیھ وسلم وكان ال یجاوز بھ ابن عباس رضى اهللا

.عنھما

ل جعل ھذا الحدیث من حدیث ھشام بن ومن المصائب التى ال تحتمعروة ، عن أبیھ ، عن عائشة رضى اهللا عنھا ، عن النبى صلى

ومن لھ أدنى إلمام بالحدیث وعللھ ، ال یحتمل ھذا . اهللا علیھ وسلم البتة ، وال یحتمل أن یكون من حدیث الماجشون ، عن ابن أبى

ابن عباس رضى اهللا حازم ، عن ابن أبى نجیح ، عن مجاھد ، عنعنھما مرفوعا ، وفى صحتھ موقوفا على ابن عباس نظر ، وقد رمى الناس سوید بن سعید راوى ھذا الحدیث بالعظائم ، وأنكره

ھو ساقط كذاب ، لو كان لى فرس : علیھ یحیى بن معین وقال وقال . متروك الحدیث : ورمح كنت أغزوه ، وقال اإلمام أحمد

كان قد عمى فیلقن ما لیس : لیس بثقة ، وقال البخارى : ى النسائیأتى بالمعضالت عن الثقات یجب : من حدیثھ ، وقال ابن حبان

.انتھى .. مجانبة ما روى

إنھ صدوق كثیر : وأحسن ما قیل فیھ قول أبى حاتم الرازى كبر كان ربما ھو ثقة غیر أنھ لما: التدلیس ، ثم قول الدارقطنى

.انتھى .. قرئ علیھ حدیث فیھ بعض النكارة ، فیجیزه

وعیب على مسلم إخراج حدیثھ ، وھذه حالھ ، ولكن مسلم روى من حدیثھ ما تابعھ علیھ غیره ، ولم ینفرد بھ ، ولم یكن منكرا وال

.واهللا أعلم .. شاذا بخالف ھذا الحدیث

Page 224: الطب النبوى

فصل

علیھ وسلم فى حفظ الصحة بالطیبفى ھدیھ صلى اهللا

لما كانت الرائحة الطیبة غذاء الروح ، والروح مطیة القوى ، والقوى تزداد بالطیب ، وھو ینفع الدماغ والقلب ، وسائر

األعضاء الباطنیة ، ویفرح القلب ، ویسر النفس ویبسط الروح ، مة لھا ، وبینھ وبین الروح وھو أصدق شىء للروح ، وأشده مالء

كان أحد المحبوبین من الدنیا إلى أطیب . الطیبة نسبة قریبة .الطیبین صلوات اهللا علیھ وسالمھ

أنھ صلى اهللا علیھ وسلم كان ال یرد )) : صحیح البخارى (( وفى .الطیب

من عرض : ((عنھ صلى اهللا علیھ وسلم )) صحیح مسلم (( وفى )).علیھ ریحان ، فال یرده فإنھ طیب الریح ، خفیف المحمل

، عن أبى ھریرة رضى اهللا )) النسائي((و)) سنن أبى داود((وفى من عرض علیھ طیب ، : ((عنھ ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم )).رائحةفال یرده ، فإنھ خفیف المحمل طیب ال

: عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال )) : مسند البزار((وفى إن اهللا طیب یحب الطیب ، نظیف یحب النظافة ، كریم یحب ((

الكرم ، جواد یحب الجود ، فنظفوا أفناءكم وساحاتكم ، وال تشبھوا .الزبالة : األكب )). بالیھود یجمعون األكب فى دورھم

وذكر ابن أبى شیبة ، أنھ صلى اهللا علیھ وسلم كان لھ سكة یتطیب .منھا

إن هللا حقا على كل مسلم أن یغتسل فى كل : ((وصح عنھ أنھ قال )).كان لھ طیب أن یمس منھ سبعة أیام ، وإن

Page 225: الطب النبوى

وفى الطیب من الخاصیة ، أن المالئكة تحبھ ، والشیاطین تنفر عنھ ، وأحب شيء إلى الشیاطین الرائحة المنتنة الكریھة ،

فاألرواح الطیبة تحب الرائحة الطیبة ، واألرواح الخبیثة تحب ح تمیل إلى ما یناسبھا ، فالخبیثات الرائحة الخبیثة ، وكل رو

للخبیثین ، والخبیثون للخبیثات ، والطیبات للطیبین ، والطیبون للطیبات ، وھذا وإن كان فى النساء والرجال ، فإنھ یتناول األعمال واألقوال ، والمطاعم والمشارب ، والمالبس والروائح ، إما بعموم

.لفظھ ، أو بعموم معناه

یھ صلى اهللا علیھ وسلم فى حفظ صحة العینفى ھد

عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد )): سننھ((روى أبو داود فى بن ھوذة األنصارى ، عن أبیھ ، عن جده رضى اهللا عنھ ، أن

رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أمر باإلثمد المروح عند النوم وقال .المطیب بالمسك : المروح : قال أبو عبید )) . ھ الصائملیتق: ((

وغیره عن ابن عباس رضى اهللا عنھما )) سنن ابن ماجھ((وفى كانت للنبى صلى اهللا علیھ وسلم مكحلة یكتحل منھا ثالثا فى : قال

.كل عین

كان : ل عن ابن عباس رضى اهللا عنھما ، قا)) : الترمذي((وفى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إذا اكتحل یجعل فى الیمنى ثالثا ،

.یبتدىء بھا ، ویختم بھا ، وفى الیسرى ثنتین

من اكتحل : ((وقد روى أبو داود عنھ صلى اهللا علیھ وسلم فھل الوتر بالنسبة إلى العینین كلتیھما ، فیكون فى ھذه )) . فلیوتر

وفى ھذه ثنتان ، والیمنى أولى باالبتداء والتفضیل ، أو ھو ثالث ، بالنسبة إلى كل عین ، فیكون فى ھذه ثالث ، وفى ھذه ثالث ،

.وھما قوالن فى مذھب أحمد وغیره

Page 226: الطب النبوى

وفى الكحل حفظ لصحة العین ، وتقویة للنور الباصر ، وجالء @ ھا مع الزینة فى بعض لھا ، وتلطیف للمادة الردیئة ، واستخراج ل

أنواعھ ، ولھ عند النوم مزید فضل الشتمالھا على الكحل ، وسكونھا عقیبھ عن الحركة المضرة بھا ، وخدمة الطبیعة لھا ،

.ولإلثمد من ذلك خاصیة

علیكم : ((عن سالم ، عن أبیھ یرفعھ )) سنن ابن ماجھ((وفى )) .ر ، وینبت الشعرباإلثمد ، فإنھ یجلو البص

فإنھ منبتة للشعر ، مذھبة للقذى ، مصفاة : ((وفى كتاب أبى نعیم )) .للبصر

عن ابن عباس رضى اهللا عنھما : أیضا )) سنن ابن ماجھ((وفى )) .خیر أكحالكم اإلثمد ، یجلو البصر ، وینبت الشعر: ((یرفعھ

فصل

دویة واألغذیة المفردة التى جاءت على لسانھ فى ذكر شىء من األ صلى اهللا علیھ وسلم مرتبة على حروف المعجم

حرف الھمزة

ھو حجر الكحل األسود، یؤتى بھ من أصبھان، وھو أفضلھ، : إثمدویؤتى بھ من جھة المغرب أیضا، وأجوده السریع التفتیت الذى

.یھ شىء من األوساخلفتاتھ بصیص، وداخلھ أملس لیس ف

ومزاجھ بارد یابس ینفع العین ویقویھا، ویشد أعصابھا، ویحفظ صحتھا، ویذھب اللحم الزائد فى القروح ویدملھا، وینقى أوساخھا،

ویجلوھا، ویذھب الصداع إذا اكتحل بھ مع العسل المائى الرقیق، خ على حرق النار، لم وإذا دق وخلط ببعض الشحوم الطریة، ولط

تعرض فیھ خشكریشة، ونفع من التنفط الحادث بسببھ، وھو أجود أكحال العین ال سیما للمشایخ، والذین قد ضعفت أبصارھم إذا جعل

.معھ شىء من المسك

Page 227: الطب النبوى

عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ )): الصحیح((ثبت فى : أترجیقرأ القرآن، كمثل األترجة، طعمھا طیب، مثل المؤمن الذى: ((قال

)).وریحھا طیب

قشر، : وفى األترج منافع كثیرة، وھو مركب من أربعة أشیاءولحم، وحمض، وبزر، ولكل واحد منھا مزاج یخصھ، فقشره حار

.یابس، ولحمھ حار رطب، وحمضھ بارد یابس، وبزره حار یابس

أنھ إذا جعل فى الثیاب منع السوس، ورائحتھ : رهومن منافع قشتصلح فساد الھواء والوباء، ویطیب النكھة إذا أمسكھ فى الفم، . ویحلل الریاح، وإذا جعل فى الطعام كاألبازیر، أعان على الھضم

وعصارة قشره تنفع من نھش األفاعى )): القانون((قال صاحب .انتھى.. شره ضمادا، وحراقة قشره طالء جید للبرصشربا، وق

فملطف لحرارة المعدة، نافع ألصحاب المرة الصفراء، : وأما لحمھ.. أكل لحمھ ینفع البواسیر: وقال الغافقى. قامع للبخارات الحارة

.انتھى

ر، نافع فقابض كاسر للصفراء، ومسكن للخفقان الحا: وأما حمضھمن الیرقان شربا واكتحاال، قاطع للقىء الصفراوى، مشھ للطعام،

عاقل للطبیعة، نافع من اإلسھال الصفراوى، وعصارة حمضھ یسكن غلمة النساء، وینفع طالء من الكلف، ویذھب بالقوباء،

لثیاب قلعھ، ولھ ویستدل على ذلك من فعلھ فى الحبر إذا وقع فى اقوة تلطف، وتقطع، وتبرد، وتطفئ حرارة الكبد، وتقوى المعدة،

وتمنع حدة المرة الصفراء، وتزیل الغم العارض منھا، وتسكن .العطش

خاصیة حبھ، : وقال ابن ماسویھ. فلھ قوة محللة مجففة: وأما بزرهشرب منھ وزن مثقال مقشرا بماء النفع من السموم القاتلة إذا

وإن دق ووضع على موضع اللسعة، نفع، . فاتر، وطالء مطبوخوھو ملین للطبیعة، مطیب للنكھة، وأكثر ھذا الفعل موجود فى

.قشره

Page 228: الطب النبوى

خاصیة حبھ النفع من لسعات العقارب إذا شرب منھ : وقال غیرهماء فاتر، وكذلك إذا دق ووضع على موضع وزن مثقالین مقشرا ب

.اللدغة

حبھ یصلح للسموم كلھا، وھو نافع من لدغ الھوام : وقال غیره .كلھا

وذكر أن بعض األكاسرة غضب على قوم من األطباء، فأمر بحبسھم، وخیرھم أدما ال یزید لھم علیھ، فاختاروا األترج، فقیل

ألنھ فى العاجل ریحان، : اخترتموه على غیره ؟ فقالوا لم: لھمومنظره مفرح، وقشره طیب الرائحة، ولحمھ فاكھة، وحمضھ أدم،

.وحبھ تریاق، وفیھ دھن

وحقیق بشىء ھذه منافعھ أن یشبھ بھ خالصة الوجود، وھو إلیھ لما المؤمن الذى یقرأ القرآن، وكان بعض السلف یحب النظر

.فى منظره من التفریح

فیھ حدیثان باطالن موضوعان على رسول اهللا صلى اهللا : أرز ، الثانى )) لو كان رجال ، لكان حلیما((أنھ : علیھ وسلم ؛ أحدھما

فإنھ : كل شىء أخرجتھ األرض ففیھ داء وشفاء إال األرز : ((ھا وتحذیرا من نسبتھما إلیھ صلى ذكرناھما تنبی)) شفاء ال داء فیھ .اهللا علیھ وسلم

فھو حار یابس ، وھو أغذى الحبوب بعد الحنطة ، .. وبعد وأحمدھا خلطا ، یشد البطن شدا یسیرا ، ویقوى المعدة ، ویدبغھا

وأطباء الھند تزعم أنھ أحمد األغذیة وأنفعھا إذا . ، ویمكث فیھا خ بألبان البقر ، ولھ تأثیر فى خصب البدن ، وزیادة المنى ، طب

.وكثرة التغذیة ، وتصفیة اللون

ذكره النبى صلى . وھو الصنوبر: أرز بفتح الھمزة وسكون الراء مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع، : ((اهللا علیھ وسلم فى قولھ

Page 229: الطب النبوى

قیمھا مرة، وتمیلھا أخرى، ومثل المنافق مثل تفیئھا الریاح، ت )).األرزة ال تزال قائمة على أصلھا حتى یكون انجعافھا مرة واحدة

وحبھ حار رطب، وفیھ إنضاج وتلیین، وتحلیل، ولذع یذھب بنقعھ وھو جید للسعال، فى الماء، وھو عسر الھضم، وفیھ تغذیة كثیرة،

ولتنقیة رطوبات الرئة، ویزید فى المنى، ویولد مغصا، وتریاقھ .حب الرمان المز

، عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال فى ))الصحیح((ثبت فى : إذخرإال : ، قال لھ العباس رضى اهللا عنھ))ال یختلى خالھا: ((مكة

)).إال اإلذخر: ((ا رسول اهللا؛ فإنھ لقینھم ولبیوتھم، فقالاإلذخر ی

واإلذخر حار فى الثانیة، یابس فى األولى، لطیف مفتح للسدد، وأفواه العروق، یدر البول والطمث، ویفتت الحصى، ویحلل

ا وضمادا، وأصلھ األورام الصلبة فى المعدة والكبد والكلیتین شرب .یقوى عمود األسنان والمعدة، ویسكن الغثیان، ویعقل البطن

حرف الباء

روى أبو داود والترمذى، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم، : بطیخنكسر حر ھذا ببرد ھذا، : ((أنھ كان یأكل البطیخ بالرطب، یقول

)).ر ھذاوبرد ھذا بح

وفى البطیخ عدة أحادیث ال یصح منھا شىء غیر ھذا الحدیث الواحد، والمراد بھ األخضر، وھو بارد رطب، وفیھ جالء، وھو

أسرع انحدارا عن المعدة من القثاء والخیار، وھو سریع االستحالة إلى أى خلط كان صادفھ فى المعدة، وإذا كان آكلھ

محرورا انتفع بھ جدا، وإن كان مبرودا دفع ضرره بیسیر من الزنجبیل ونحوه، وینبغى أكلھ قبل الطعام، ویتبع بھ، وإال غثى

إنھ قبل الطعام یغسل البطن غسال، : وقال بعض األطباء. وقیأ .ویذھب بالداء أصال

Page 230: الطب النبوى

من حدیث ھشام )): ھماسنن((روى النسائى وابن ماجھ فى : بلحقال رسول : ابن عروة، عن أبیھ، عن عائشة رضى اهللا عنھا قالت

كلوا البلح بالتمر، فإن الشیطان إذا : (( اهللا صلى اهللا علیھ وسلمبقى ابن آدم حتى أكل : نظر إلى ابن آدم یأكل البلح بالتمر یقول

)).الحدیث بالعتیق

كلوا البلح بالتمر، فإن الشیطان یحزن إذا رأى ابن : ((روایة وفىرواه )) عاش ابن آدم حتى أكل الجدید بالخلق: آدم یأكلھ یقول

.، وھذا لفظھ))مسنده((البزار فى

قال . كلوا ھذا مع ھذا: ؛ أى))مع (( الباء فى الحدیث بمعنى : قلتإنما أمر النبى صلى اهللا علیھ وسلم بأكل : سالمبعض أطباء اإل

البلح بالتمر، ولم یأمر بأكل البسر مع التمر، ألن البلح بارد یابس، والتمر حار رطب، ففى كل منھما إصالح لآلخر، ولیس كذلك البسر

مع التمر، فإن كل واحد منھما حار، وإن كانت حرارة التمر أكثر، .وال ینبغى من جھة الطب الجمع بین حارین أو باردین، كما تقدم

التنبیھ على صحة أصل صناعة الطب، ومراعاة : وفى ھذا الحدیثالتدبیر الذى یصلح فى دفع كیفیات األغذیة واألدویة بعضھا

.ببعض، ومراعاة القانون الطبى الذى تحفظ بھ الصحة

سة، وھو ینفع الفم واللثة والمعدة، وھو وفى البلح برودة ویبوردىء للصدر والرئة بالخشونة التى فیھ، بطىء فى المعدة یسیر

التغذیة، وھو للنخلة كالحصرم لشجرة العنب، وھما جمیعا یولدان ریاحا، وقراقر، ونفخا، وال سیما إذا شرب علیھما الماء، ودفع

.لتمر، أو بالعسل والزبدمضرتھما با

أن أبا الھیثم بن التیھان، لما ضافھ )): الصحیح((ثبت فى : بسرالنبى صلى اهللا علیھ وسلم وأبو بكر وعمر رضى اهللا عنھما،

ھال : ((جاءھم بعذق وھو من النخلة كالعنقود من العنب فقال لھ .ت أن تنتقوا من بسره ورطبھأحبب: فقال)) انتقیت لنا من رطبھ

Page 231: الطب النبوى

حار یابس، ویبسھ أكثر من حره، ینشف الرطوبة، ویدبغ : البسرالمعدة، ویحبس البطن، وینفع اللثة والفم، وأنفعھ ما كان ھشا

.وحلوا، وكثرة أكلھ وأكل البلح یحدث السدد فى األحشاء

أن نبیا من : أثرا مرفوعا)) شعب اإلیمان((فى ذكر البیھقى: بیضوفى . األنبیاء شكى إلى اهللا سبحانھ الضعف، فأمره بأكل البیض

.ثبوتھ نظر

یختار من البیض الحدیث على العتیق، وبیض الدجاج على سائر .بیض الطیر، وھو معتدل یمیل إلى البرودة قلیال

حار رطب، یولد دما صحیحا : ھومح)): القانون((قال صاحب محمودا، ویغذى غذاء یسیرا، ویسرع االنحدار من المعدة إذا كان

.رخوا

مسكن لأللم، مملس للحلق وقصبة الرئة، : مح البیض: وقال غیرهنافع للحلق والسعال وقروح الرئة والكلى والمثانة، مذھب

ذ بدھن اللوز الحلو، ومنضج لما فى للخشونة، ال سیما إذا أخالصدر، ملین لھ، مسھل لخشونة الحلق، وبیاضھ إذا قطر فى العین

الوارمة ورما حارا، برده، وسكن الوجع، وإذا لطخ بھ حرق النار أو ما یعرض لھ، لم یدعھ یتنفط، وإذا لطخ بھ الوجع، منع

خلط بالكندر، ولطخ على االحتراق العارض من الشمس، وإذا .الجبھة، نفع من النزلة

وھو وإن لم : فى األدویة القلبیة، ثم قال)) القانون((وذكره صاحب یكن من األدویة المطلقة فإنھ مما لھ مدخل فى تقویة القلب جدا،

سرعة االستحالة إلى الدم، : أعنى الصفرة، وھى تجمع ثالثة معانالدم المتولد منھ مجانسا للدم الذى یغذو القلب وقلة الفضلة، وكون

خفیفا مندفعا إلیھ بسرعة، ولذلك ھو أوفق ما یتالفى بھ عادیة .األمراض المحللة لجوھر الروح

Page 232: الطب النبوى

عن عائشة رضى اهللا عنھا، )): سننھ((روى أبو داود فى : بصلرسول اهللا إن آخر طعام أكلھ: ((أنھا سئلت عن البصل، فقالت

)).صلى اهللا علیھ وسلم كان فیھ بصل

أنھ منع آكلھ من دخول )): ((الصحیحین((وثبت عنھ فى )).المسجد

حار فى الثالثة، وفیھ رطوبة فضلیة ینفع من تغیر المیاه، : والبصلویدفع ریح السموم، ویفتق الشھوة، ویقوى المعدة، ویھیج الباه،

زید فى المنى، ویحسن اللون، ویقطع البلغم، ویجلو المعدة، ویوبزره یذھب البھق، ویدلك بھ حول داء الثعلب، فینفع جدا، وھو

بالملح یقلع الثآلیل، وإذا شمھ من شرب دواء مسھال منعھ من ھ، نقى القىء والغثیان وأذھب رائحة ذلك الدواء، وإذا استعط بمائ

الرأس، ویقطر فى األذن لثقل السمع والطنین والقیح، والماء الحادث فى األذنین، وینفع فى الماء النازل فى العینین اكتحاال

یكتحل ببزره مع العسل لبیاض العین، والمطبوخ منھ كثیر الغذاء ول، ویلین ینفع من الیرقان والسعال، وخشونة الصدر، ویدر الب

الطبع، وینفع من عضة الكلب غیر الكلب إذا نطل علیھا ماؤه بملح .وسذاب، وإذا احتمل، فتح أفواه البواسیر

فإنھ یورث الشقیقة، ویصدع الرأس، ویولد أریاحا، : وأما ضررهویظلم البصر، وكثرة أكلھ تورث النسیان، ویفسد العقل، ویغیر

حة الفم والنكھة، ویؤذى الجلیس، والمالئكة، وإماتتھ طبخا رائ .تذھب بھذه المضرات منھ

أمر آكلھ وآكل الثوم أن (( أنھ صلى اهللا علیھ وسلم : وفى السنن )).یمیتھما طبخا

.ویذھب رائحتھ مضغ ورق السذاب علیھ

على رسـول اهللا صلى اهللا فى الحدیث الموضوع المختلق : باذنجان :علیھ وسلم

Page 233: الطب النبوى

، وھذا الكالم مما یستقبح نسبتھ إلى آحاد ))الباذنجان لما أكل لھ((أبیض وأسود، : فھو نوعان.. العقالء، فضال عن األنبیاء، وبعد

أنھ حار، وھو مولد : وفیھ خالف، ھل ھو بارد أو حار ؟ والصحیحوالسرطان والجذام، ویفسد اللون للسوداء والبواسیر، والسدد

.ویسوده، ویضر بنتن الفم، واألبیض منھ المستطیل عار من ذلك

حرف التاء

من تصبح : ((عنھ صلى اهللا علیھ وسلم)) الصحیح((ثبت فى : تمرمن تمر العالیةلم یضره ذلك الیوم سم : (( وفى لفظ)) بسبع تمرات

)). سحروال

)).بیت ال تمر فیھ جیاع أھلھ: ((وثبت عنھ أنھ قال

.وثبت عنھ أنھ أكل التمر بالزبد، وأكل التمر بالخبز، وأكلھ مفردا

. وھو حار فى الثانیة، وھل ھو رطب فى األولى، أو یابس فیھا ؟الباه، وال سیما وھو مقو للكبد، ملین للطبع، یزید فى . على قولین

مع حب الصنوبر، ویبرىء من خشونة الحلق، ومن لم یعتده كأھل البالد الباردة فإنھ یورث لھم السدد، ویؤذى األسنان، ویھیج

ودفع ضرره باللوز والخشخاش، وھو من أكثر الثمار . الصداعھ على الریق تغذیة للبدن بما فیھ من الجوھر الحار الرطب، وأكل

یقتل الدود، فإنھ مع حرارتھ فیھ قوة تریاقیة، فإذا أدیم استعمالھ على الریق، خفف مادة الدود، وأضعفھ وقللھ، أو قتلھ، وھو فاكھة

.وغذاء، ودواء وشراب وحلوى

لما لم یكن التین بأرض الحجاز والمدینة، لم یأت لھ ذكر فى : تینن أرضھ تنافى أرض النخل، ولكن قد أقسم اهللا بھ فى السـنة، فإ

ھو التین : أن المقسم بھ: كتابھ، لكثرة منافعھ وفوائده، والصحیح .المعروف

األبیض الناضج : وھو حار، وفى رطوبتھ ویبوستھ قوالن، وأجودهذى القشر، یجلو رمل الكلى والمثانة، ویؤمن من السموم، وھو أغ

Page 234: الطب النبوى

من جمیع الفواكھ وینفع خشونة الحلق والصدر، وقصبة الرئة، ویغسل الكبد والطحال، وینقى الخلط البلغمى من المعدة، ویغذو

.البدن غذاء جیدا، إال أنھ یولد القمل إذا أكثر منھ جدا

قال. محمـود ویابسھ یغذىوینفـع العصب، وھو مع الجـوز واللوز

وإذا أكل مع الجوز والسذاب قبل أخذ السم )): ((جالینوس(( ))القاتل، نفع، وحفظ من الضرر

أھدى إلى النبى صلى اهللا علیھ وسلم طبق : ویذكر عن أبى الدرداء :من تین، فقال

ت من الجنة إن فاكھة نزل: لو قلت: (( ، وأكل منھ، وقال))كلوا((قلت ھذه، ألن فاكھة الجنة بال عجم، فكلوا منھا فإنھا تقطع

.وفى ثبوت ھذا نظر)). البواسیر، وتنفع من النقرس

واللحم منھ أجود، ویعطش المحرورین، ویسكن العطش الكائن عن ول، ویفتح سدد الكبد البلغم المالح، وینفع السعال المزمن، ویدر الب

والطحال، ویوافق الكلى والمثانة، وألكلھ على الریق منفعة عجیبة فى تفتیح مجارى الغذاء، وخصوصا باللوز والجوز، وأكلھ مع

األغذیة الغلیظة ردىء جدا، والتوت األبیض قریب منھ، لكنھ أقل .تغذیة وأضر بالمعدة

د تقدم أنھا ماء الشعیر المطحون، وذكرنا منافعھا، وأنھا ق: تلبینة .أنفع ألھل الحجاز من ماء الشعیر الصحیح

حرف الثاء

: عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال)) الصحیح((ثبت فى : ثلج )).اللھم اغسلنى من خطایاى بالماء والثلج والبرد((

أن الداء یداوى بضده، فإن فى الخطایا : دیث من الفقھوفى ھذا الحمن الحرارة والحریق ما یضاده الثلج والبرد، والماء البارد، وال

Page 235: الطب النبوى

إن الماء الحار أبلغ فى إزالة الوسخ، ألن فى الماء البارد من : یقال: تصلیب الجسم وتقویتھ ما لیس فى الحار، والخطایا توجب أثرین

نیس واإلرخاء، فالمطلوب مداواتھا بما ینظف القلب ویصلبھ، التد .فذكر الماء البارد والثلج والبرد إشارة إلى ھذین األمرین

حار، وشبھتھ تولد : فالثلج بارد على األصح، وغلط من قال.. وبعدالحیوان فیھ، وھذا ال یدل على حرارتھ، فإنھ یتولد فى الفواكھ

لباردة، وفى الخل، وأما تعطیشھ، فلتھییجھ الحرارة ال لحرارتھ افى نفسھ، ویضر المعدة والعصب، وإذا كان وجع األسنان من

.حرارة مفرطة، سكنھا

من أكلھما فلیمتھما : ((ھو قریب من البصل، وفى الحدیث: ثومرسل بھ إلى أبى أیوب وأھدى إلیھ طعام فیھ ثوم، فأ)). طبخا

: یارسول اهللا؛ تكرھھ وترسل بھ إلى ؟ فقال: األنصارى، فقال ))إنى أناجى من ال تناجى((

وبعد فھو حار یابس في الرابعة، یسخن تسخنیا قویا، ویجفف تجفیفا بالغا، نافع للمبرودین، ولمن مزاجھ بلغمي، ولمن أشرف

ج، وھو مجفف للمني، مفتح للسدد، محلل على الوقوع في الفالللریاح الغلیظة، ھاضم للطعام، قاطع للعطش، مطلق للبطن، مدر للبول، یقوم في لسع الھوام وجمیع األورام الباردة مقام التریاق،

وإذا دق وعمل منھ ضماد على نھش الحیات، أو على لسع في العقارب، نفعھا وجذب السموم منھا، ویسخن البدن، ویزید

حرارتھ، ویقطع البلغم، ویحلل النفخ، ویصفي الحلق، ویحفظ صحة أكثر األبدان، وینفع من تغیر المیاه، والسعال المزمن،

ویؤكل نیئا ومطبوخا ومشویا، وینفع من وجع الصدر من البرد، ویخرج العلق من الحلق وإذا دق مع الخل والملح والعسل، ثم

أسقطھ، وعلى الضرس الوجع، وضع على الضرس المتأكل، فتتھ ووإن دق منھ مقدار درھمین، وأخذ مع ماء العسل، . سكن وجعھ

.أخرج البلغم والدود، وإذا طلي بالعسل على البھق، نفع

Page 236: الطب النبوى

أنھ یصدع، ویضر الدماغ والعینین، ویضعف البصر : ومن مضارهوالباه، ویعطش، ویھیج الصفراء، ویجیف رائحة الفم، ویذھب

.لیھ ورق السذابرائحتھ أن یمضغ ع

: عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال)) الصحیحین((ثبت في : ثرید )).فضل عائشة على النساء كفضل الثرید على سائر الطعام((

والثرید وإن كان مركبا، فإنھ مركب من خبز ولحم، فالخبز أفضل .األقوات، واللحم سید اإلدام، فإذا اجتمعا لم یكن بعدھما غایة

ناس أیھما أفضل ؟ والصواب أن الحاجة إلى الخبز أكثر وتنازع الوأعم، واللحم أجل وأفضل، وھو أشبھ بجوھر البدن من كل ما

: عداه، وھو طعام أھل الجنة، وقد قال تعالى لمن طلب البقلأتستبدلون الذي ھو أدنى {: والقثاء، والفوم، والعدس، والبصل

لف على أن الفوم ، وكثیر من الس]62: البقرة[} بالذي ھو خیر .الحنطة، وعلى ھذا فاآلیة نص على أن اللحم خیر من الحنطة

حرف الجیم

عن عبد اهللا بن عمر )): الصحیحین((قلب النخل، ثبت في : جماربینا نحن عند رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم جلوس، إذ أتي : قال

إن من الشجر : ((بجمار نخلة، فقال النبي صلى اهللا علیھ وسلم: والجمار)). الحدیث.. جرة مثل الرجل المسلم ال یسقط ورقھاش

بارد یابس في األولى، یختم القروح، وینفع من نفث الدم، واستطالق البطن، وغلبھ المرة الصفراء، وثائرة الدم، ولیس

برديء الكیموس، ویغذو غذاء یسیرا، وھو بطيء الھضم، هللا علیھ وسلم وشجرتھ كلھا منافع، ولھذا مثلھا النبي صلى ا

.بالرجل المسلم لكثرة خیره ومنافعھ

أتي النبي صلى : ((عن عبد اهللا بن عمر قال)) السنن((في : جبنرواه )) اهللا علیھ وسلم بجبنة في تبوك، فدعا بسكین، وسمى وقطع

أبو داود، وأكلھ الصحابة رضي اهللا عنھم بالشام، والعراق،

Page 237: الطب النبوى

ین السلوك في األعضاء، والرطب منھ غیر المملوح جید للمعدة، ھیزید في اللحم، ویلین البطن تلیینا معتدال، والمملوح أقل غذاء من

الرطب، وھو رديء للمعدة، مؤذ لألمعاء، والعتیق یعقل البطن، وھو بارد رطب، . وكذا المشوي، وینفع القروح ویمنع اإلسھال

ھ، فإن استعمل مشویا، كان أصلح لمزاجھ، فإن النار تصلحھ وتعدلوالعتیق المالح، حار . وتلطف جوھره، وتطیب طعمھ ورائحتھ

یابس، وشیھ یصلحھ أیضا بتلطیف جوھره، وكسر حرافتھ لما تجذبھ النار منھ من األجزاء الحارة الیابسة المناسبة لھا، والمملح

منھ یھزل، ویولد حصاة الكلى والمثانة، وھو رديء للمعدة، .یذھا لھ إلى المعدةوخلطة بالملطفات أردأ بسبب تنف

حرف الحاء

قد تقدمت األحادیث في فضلھ، وذكر منافعھ، فأغنى عن : حناء .إعادتھ

...)یتبع(

من حدیث أبي سلمة، )): الصحیحین((ثبت في : حبة السوداء@عن أبي ھریرة رضي اهللا عنھ، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

شفاء من كل داء إال علیكم بھذة الحبة السوداء، فإن فیھا: ((قال .الموت: السام)). السام

ھي الشونیز في لغة الفرس، وھي الكمون : الحبة السوادءإنھا : األسود، وتسمى الكمون الھندي، قال الحربي، عن الحسن

أنھا الحبة الخضراء ثمرة البطم، وكالھما : الخردل، وحكى الھروي .أنھا الشونیز: وھم، والصواب

، مثل قولھ ))شفاء من كل داء: ((جدا، وقولھوھي كثیرة المنافع كل شيء : أي] 25: األحقاف[} تدمر كل شيء بأمر ربھا{: تعالى

یقبل التدمیر ونظائره، وھي نافعة من جمیع األمراض الباردة،

Page 238: الطب النبوى

وتدخل في األمراض الحارة الیابسة بالعرض، فتوصل قوى األدویة .یسیرھاالباردة الرطبة إلیھا بسرعة تنفیذھا إذا أخذ

وغیره، على الزعفران في قرص )) القانون((وقد نص صاحب الكافور لسرعة تنفیذه وإیصالھ قوتھ، ولھ نظائر یعرفھا حذاق

الصناعة، وال تستبعد منفعة الحار في أمراض حارة بالخاصیة، األنزروت وما یركب معھ من : فإنك تجد ذلك في أدویة كثیرة، منھا

ه من المفردات الحارة، والرمد ورم أدویة الرمد، كالسكر وغیر .حار باتفاق األطباء، وكذلك نفع الكبریت الحار جدا من الجرب

والشونیز حار یابس في الثالثة، مذھب للنفخ، مخرج لحب القرع، نافع من البرص وحمى الربع، والبلغمیة مفتح للسدد، ومحلل

ل، وان دق وعجن بالعس. للریاح، مجفف لبلة المعدة ورطوبتھاوشرب بالماء الحار، أذاب الحصاة التي تكون في الكلیتین

والمثانة، ویدر البول والحیض واللبن إذا أدیم شربھ أیاما، وإن سخن بالخل، وطلي على البطن، قتل حب القرع، فإن عجن بماء الحنظل الرطب، أو المطبوخ، كان فعلھ في إخراج الدود أقوى،

الزكام البارد إذا دق وصیر في ویجلو ویقطع، ویحلل، ویشفي من .خرقة، واشتم دائما، أذھبھ

ودھنھ نافع لداء الحیة، ومن الثآلیل والخیالن، وإذا شرب منھ ثقال بماء، نفع من البھر وضیق النفس، والضماد بھ ینفع من الصداع

البارد، وإذا نقع منھ سبع حبات عددا في لبن امرأة، وسعط بھ .ا بلیغاصاحب الیرقان، نفعھ نفع

وإذا طبخ بخل، وتمضمض بھ، نفع من وجع األسنان عن برد، وإذا استعط بھ مسحوقا، نفع من ابتداء الماء العارض في العین،

وإن ضمد بھ مع الخل، قلع البثور والجرب المتقرح، وحلل األورام البلغمیة المزمنة، واألورام الصلبة، وینفع من اللقوة إذا تسعط

رب منھ مقدار نصف مثقال إلى مثقال، نفع من لسع بدھنھ، وإذا شالرتیالء، وإن سحق ناعما وخلط بدھن الحبة الخضراء، وقطر منھ

Page 239: الطب النبوى

في األذن ثالث قطرات، نفع من البرد العارض فیھا والریح .والسدد

وإن قلي، ثم دق ناعما، ثم نقع في زیت، وقطر في األنف ثالث .ض معھ عطاس كثیرقطرات أو أربع، نفع من الزكام العار

وإذا أحرق وخلط بشمع مذاب بدھن السوسن، أو دھن الحناء، وطلي بھ القروح الخارجة من الساقین بعد غسلھا بالخل، نفعھا

.وأزال القروح

وإذا سحق بخل، وطلي بھ البرص والبھق األسود، والحزاز .الغلیظ، نفعھا وأبرأھا

بماء بارد من وإذا سحق ناعما، واستف منھ كل یوم درھمین عضھ كلب كلب قبل أن یفرغ من الماء، نفعھ نفعا بلیغا، وأمن على

وإذا استعط بدھنھ، نفع من الفالج والكزاز، . نفسھ من الھالك .وقطع موادھما، وإذا دخن بھ، طرد الھوام

وإذا أذیب األنزروت بماء، ولطخ على داخل الحلقة، ثم ذر علیھا لجیدة العجیبة النفع من البواسیر، الشونیز، كان من الذرورات ا

ومنافعھ أضعاف ما ذكرنا، الشربة منھ درھمان، وزعم قوم أن .اإلكثار منھ قاتل

قد تقدم أن النبي صلى اهللا علیھ وسلم أباحھ للزبیر، ولعبد : حریرالرحمن بن عوف من حكة كانت بھما، وتقدم منافعھ ومزاجھ، فال

.حاجة إلى إعادتھ

ھذا ھو الحب الذي یتداوى بھ، : نیفة الدینوريقال أبو ح: حرفوھو الثفاء الذي جاء فیھ الخبر عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم،

: الرشاد، وقال أبو عبید: الحرف، وتسمیھ العامة: ونباتھ یقال لھ .ھو الحرف: الثفاء

Page 240: الطب النبوى

والحدیث الذي أشار إلیھ، ما رواه أبو عبید وغیره، من : قلتهللا عنھما، عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم حدیث ابن عباس رضي ا

رواه أبو )) ماذا في األمرین من الشفاء ؟ الصبر والثفاء: ((أنھ قال .داود في المراسیل

وقوتھ في الحرارة والیبوسة في الدرجة الثالثة، وھو یسخن، ویلین البطن، ویخرج الدود وحب القرع، ویحلل أورام الطحال،

وإذا ضمد .الجرب المتقرح والقوباء ویحرك شھوة الجماع، ویجلوبھ مع العسل، حلل ورم الطحال، وإذا طبخ مع الحناء أخرج

الفضول التي في الصدر، وشربھ ینفع من نھش الھوام ولسعھا، وإذا دخن بھ في موضع، طرد الھوام عنھ، ویمسك الشعر

المتساقط، وإذا خلط بسویق الشعیر والخل، وتضمد بھ، نفع من .وحلل األورام الحارة في آخرھا عرق النسا،

وإذا تضمد بھ مع الماء والملح أنضج الدمامیل، وینفع من االسترخاء في جمیع األعضاء، ویزید في الباه، ویشھي الطعام، وینفع الربو، وعسر التنفس، وغلظ الطحال، وینقي الرئة، ویدر الطث، وینفع من عرق النسا، ووجع حق الورك مما یخرج من

الفضول، إذا شرب أو احتقن بھ، ویجلو ما في الصدر والرئة من .البلغم اللزج

وإن شرب منھ بعد سحقھ وزن خمسة دراھم بالماء الحار، أسھل الطبیعة، وحلل الریاح، ونفع من وجع القولنج البارد السبب، وإذا

.سحق وشرب، نفع من البرص

ما، وینفع من وإن لطخ علیھ وعلى البھق األبیض بالخل، نفع منھالصداع الحادث من البرد والبلغم، وإن قلي، وشرب، عقل الطبع ال سیما إذا لم یسحق لتحلل لزوجتھ بالقلي، وإذا غسل بمائھ الرأس،

.نقاه من األوساخ والرطوبات اللزجة

قوتھ مثل قوة بزر الخردل، ولذلك قد یسخن بھ : قال جالینوسأوجاع الرأس، وكل واحد من أوجاع الورك المعروفة بالنسا، و

Page 241: الطب النبوى

العلل التي تحتاج إلى تسخین، كما یسخن بزر الخردل، وقد یخلط أیضا في أدویة یسقاھا أصحاب الربو من طریق أن األمر فیھ معلوم أنھ یقطع األخالط الغلیظة تقطیعا قویا، كما یقطعھا بزر

.الخردل، ألنھ شبیھ بھ في كل شيء

هللا علیھ وسلم، أنھ عاد سعد بن أبي یذكر عن النبي صلى ا: حلبةادعوا لي طبیبا، فدعي الحارث : وقاص رضي اهللا عنھ بمكة، فقال

لیس علیھ بأس، فاتخذوا لھ فریقة، وھي : بن كلدة، فنظر إلیھ فقالالحلبة مع تمر عجوة رطب یطبخان، فیحساھما، ففعل ذلك، فبرئ

الیبوسة في وقوة الحلبة من الحرارة في الدرجة الثانیة، ومن األولى، وإذا طبخت بالماء، لینت الحلق والصدر والبطن، وتسكن السعال والخشونة والربو، وعسر النفس، وتزید في الباه، وھي جیدة للریح والبلغم والبواسیر، محدرة الكیموسات المرتبكة في

األمعاء، وتحلل البلغم اللزج من الصدر، وتنفع من الدبیالت تستعمل لھذا األدواء في األحشاء مع السمن وأمراض الرئة، و

.والفانیذ

وإذا شربت مع وزن خمسة دراھم فوة، أدرت الحیض، وإذا ودقیقھا إذا خلط .طبخت، وغسل بھا الشعر جعدتھ، وأذھبت الحزاز

بالنطرون والخل، وضمد بھ، حلل ورم الطحال، وقد تجلس المرأة ھ من وجع الرحم في الماء الذي طبخت فیھ الحلبة، فتنتفع ب

وإذا ضمد بھ األورام الصلبة القلیلة . العارض من ورم فیھالحرارة، نفعتھا وحللتھا، وإذا شرب ماؤھا، نفع من المغص

.العارض من الریاح، وأزلق األمعاء

وإذا أكلت مطبوخة بالتمر، أو العسل، أو التین على الریق، حللت فعت من السعال البلغم اللزج العارض في الصدر والمعدة، ون

.المتطاول منھ

Page 242: الطب النبوى

وھي نافعة من الحصر، مطلقة للبطن، وإذا وضعت على الظفر المتشنج أصلحتھ، ودھنھا ینفع إذا خلط بالشمع من الشقاق

.العارض من البرد، ومنافعھا أضعاف ما ذكرنا

قال رسول اهللا صلى : ویذكر عن القاسم بن عبد الرحمن، أنھ قاللو علم : وقال بعض األطباء)) فوا بالحلبةاستش: ((اهللا علیھ وسلم

.الناس منافعھا، الشتروھا بوزنھا ذھبا

حرف الخاء

، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم، أنھ ))الصحیحین((ثبت فى : خبزتكون األرض یوم القیامة خبزة واحدة یتكفؤھا الجبار بیده : ((قال

)).م خبزتھ فى السفر نزال ألھل الجنةكما یكفؤ أحدك

من حدیث ابن عباس رضى اهللا )): سننھ((وروى أبو داود فى كان أحب الطعام إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ : ((عنھما، قال

.،والثرید من الحیس))وسلم الثرید من الخبز

رضى اهللا أیضا، من حدیث ابن عمر) سننھ(وروى أبو داود فى وددت أن عندى : ((قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم: عنھ، قال

، فقام رجل من ))خبزة بیضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن؟ )) فى أى شىء كان ھذا السمن: ((القوم فاتخذه، فجاء بھ، فقال

)).عھارف: ((فقال. فى عكة ضب: فقال

أكرموا : ((وذكر البیھقى من حدیث عائشة رضى اهللا عنھا ترفعھوالموقوف أشبھ، فال )). الخبز، ومن كرامتھ أن ال ینتظر بھ اإلدام

.یثبت رفعھ، وال رفع ما قبلھ

وأما حدیث النھى عن قطع الخبز بالسكین، فباطل ال أصل لھ عن النھى عن قطع : لم، وإنما المروىرسول اهللا صلى اهللا علیھ وس

.اللحم بالسكین، وال یصح أیضا

Page 243: الطب النبوى

سألت أحمد عن حدیث أبى معشر، عن ھشام بن : ((قال مھناعروة، عن أبیھ، عن عائشة رضى اهللا عنھا، عن النبى صلى اهللا

ال تقطعوا اللحم بالسكین، فإن ذلك من فعل : ((علیھ وسلملیس بصحیح، وال یعرف ھذا، وحدیث عمرو بن : فقال)). عاجماأل

كان : أمیة خالف ھذا، وحدیث المغیرة یعنى بحدیث عمرو بن أمیةوبحدیث المغیرة . النبى صلى اهللا علیھ وسلم یحتز من لحم الشاة

.أنھ لما أضافھ أمر بجنب فشوى، ثم أخذ الشفرة، فجعل یحز

فصل

فى أنواع الخبز

وأحمد أنواع الخبز أجودھا اختمارا وعجنا، ثم خبز التنور أجود أصنافھ، وبعده خبز الفرن، ثم خبز الملة فى المرتبة الثالثة،

.وأجوده ما اتخذ من الحنطة الحدیثة

خالتھ، وأكثر أنواعھ تغذیة خبز السمیذ، وھو أبطؤھا ھضما لقلة ن .ویتلوه خبز الحوارى، ثم الخشكار

وأحمد أوقات أكلھ فى آخر الیوم الذى خبز فیھ، واللین منھ أكثر .تلیینا وغذاء وترطیبا وأسرع انحدارا، والیابس بخالفھ

ومزاج الخبز من البر حار فى وسط الدرجة الثانیة، وقریب من بوسة، والیبس یغلب على ما جففتھ النار االعتدال فى الرطوبة والی .منھ، والرطوبة على ضده

وفى خبز الحنطة خاصیة، وھو أنھ یسمن سریعا، وخبز القطائف یولد خلطا غلیظا، والفتیت نفاخ بطىء الھضم، والمعمول باللبن

.مسدد كثیر الغذاء، بطىء االنحدار

بارد یابس فى األولى، وھو أقل غذاء من خبز وخبز الشعیر .الحنطة

Page 244: الطب النبوى

عن جابر بن عبد اهللا رضى اهللا )): صحیحھ((روى مسلم فى : خلعنھما، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم سأل أھلھ اإلدام،

نعم اإلدام : ((ما عندنا إال خل، فدعا بھ، وجعل یأكل ویقول: فقالوا )).نعم اإلدام الخل الخل،

عن أم سعد رضى اهللا عنھا عن النبى )) سنن ابن ماجھ((وفى :صلى اهللا علیھ وسلم

نعم اإلدام الخل، اللھم بارك فى الخل، فإنھ كان إدام األنبیاء قبلى، (( )).ولم یفتقر بیت فیھ الخل

ة، والبرودة أغلب علیھ، وھو یابس فى مركب من الحرار: الخلالثالثة، قوى التجفیف، یمنع من انصباب المواد، ویلطف الطبیعة،

وخل الخمر ینفع المعدة الملتھبة، ویقمع الصفراء، ویدفع ضرر األدویة القتالة، ویحلل اللبن والدم إذا جمدا فى الجوف، وینفع

دبغ المعدة، ویعقل البطن، ویقطع العطش، ویمنع الورم الطحال، ویحیث یرید أن یحدث، ویعین على الھضم، ویضاد البلغم، ویلطف

.األغذیة الغلیظة، ویرق الدم

وإذا شرب بالملح، نفع من أكل الفطر القتال، وإذا احتسى، قطع مسخنا، نفع من العلق المتعلق بأصل الحنك، وإذ تمضمض بھ

.وجع األسنان، وقوى اللثة

وھو نافع للداحس، إذا طلى بھ، والنملة واألورام الحارة، وحرق النار، وھو مشھ لألكل، مطیب للمعدة، صالح للشباب، وفى الصیف

.لسكان البالد الحارة

دیث أبى أیوب یروى من ح: فیھ حدیثان ال یثبتان، أحدھما: خالل :األنصارى یرفعھ

Page 245: الطب النبوى

یا حبذا المتخللون من الطعام، إنھ لیس شىء أشد على الملك من ((، وفیھ واصل بن السائب، قال ))بقیة تبقى فى الفم من الطعام

متروك : منكر الحدیث، وقال النسائى واألزدى: البخارى والرازى .الحدیث

سألت : روى من حدیث ابن عباس، قال عبد اهللا بن أحمدی: الثانىمحمد بن عبد : أبى عن شیخ روى عنھ صالح الوحاظى یقال لھ

نھى رسول : الملك األنصارى، حدثنا عطاء عن ابن عباس، قالإنھما : ((اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أن یتخلل باللیط واآلس، وقال

رأیت محمد ابن عبد الملك : ، فقال أبى))یسقیان عروق الجذام .وكان أعمى یضع الحدیث ویكذب

فالخالل نافع للثة واألسنان، حافظ لصحتھا، نافع من تغیر .. وبعدالنكھة، وأجوده ما اتخذ من عیدان األخلة، وخشب الزیتون

.والخالف، والتخلل بالقصب واآلس والریحان والباذروج مضر

الدال حرف

من حدیث أنس بن )) الشمائل((روى الترمذى فى كتاب : دھنكان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ((مالك رضى اهللا عنھما، قال

یكثر دھن رأسھ، وتسریح لحیتھ، ویكثر القناع كأن ثوبھ ثوب )).زیات

نھ، وإذا استعمل بعد الدھن یسد مسام البدن، ویمنع ما یتحلل ماالغتسال بالماء الحار، حسن البدن ورطبھ، وإن دھن بھ الشعر

.حسنھ وطولھ، ونفع من الحصبة، ودفع أكثر اآلفات عنھ

: من حدیث أبى ھریرة رضى اهللا عنھ مرفوعا: وفى الترمذى .هللا تعالىوسیأتى إن شاء ا)).. كلوا الزیت وادھنوابھ((

والدھن فى البالد الحارة كالحجاز ونحوه من آكد أسباب حفظ الصحة وإصالح البدن، وھو كالضرورى لھم، وأما البالد الباردة،

.فال یحتاج إلیھ أھلھا، واإللحاح بھ فى الرأس فیھ خطر بالبصر

Page 246: الطب النبوى

.الزیت، ثم السمن، ثم الشیرج: وأنفع األدھان البسیطة

فمنھا بارد رطب، كدھن البنفسج ینفع من الصداع : بةوأما المركالحار، وینوم أصحاب السھر، ویرطب الدماغ، وینفع من الشقاق،

وغلبة الیبس، والجفاف، ویطلى بھ الجرب، والحكة الیابسة فینفعھا، ویسھل حركة المفاصل، ویصلح ألصحاب األمزجة الحارة

وفیھ حدیثان باطالن موضوعان على رسول اهللا فى زمن الصیف، فضل دھن البنفسج على سائر : ((صلى اهللا علیھ وسلم، أحدھما

فضل دھن : ((والثانى)). األدھان، كفضلى على سائر الناس )).البنفسج على سائر األدھان، كفضل اإلسالم على سائر األدیان

دھن زھره، بل دھن حار رطب، كدھن البان، ولیس: ومنھایستخرج من حب أبیض أغبر نحو الفستق، كثیر الدھنیة والدسم،

ینفع من صالبة العصب، ویلینھ، وینفع من البرش، والنمش، والكلف، والبھق، ویسھل بلغما غلیظا، ویلین األوتار الیابسة،

: ل مختلق ال أصل لھویسخن العصب، وقد روى فیھ حدیث باطومن منافعھ أنھ )).ادھنوا بالبان، فإنھ أحظى لكم عند نسائكم((

یجلو األسنان، ویكسبھا بھجة، وینقیھا من الصدأ، ومن مسح بھ وجھھ وأطرافھ لم یصبھ حصى وال شقاق، وإذا دھن بھ حقوه

.، وتقطیر البولومذاكیره وما واالھا، نفع من برد الكلیتین

حرف الذال

: عن عائشة رضى اهللا عنھا قالت)): الصحیحین((ثبت فى : ذریرةطیبت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم بیدى، بذریرة فى حجة ((

)).الوداع لحلھ وإحرامھ

.تقدم الكالم فى الذریرة ومنافعھا وماھیتھا، فال حاجة إلعادتھ

تقدم فى حدیث أبى ھریرة المتفق علیھ فى أمره صلى اهللا : بابذعلیھ وسلم بغمس الذباب فى الطعام إذا سقط فیھ ألجل الشفاء الذى

Page 247: الطب النبوى

فى جناحھ، وھو كالتریاق للسم الذى فى الجناح اآلخر، وذكرنا .منافع الذباب ھناك

لنبى صلى اهللا علیھ وسلم أن ا: ((روى أبو داود، والترمذى: ذھبرخص لعرفجة ابن أسعد لما قطع أنفھ یوم الكالب، واتخذ أنفا من ورق، فأنتن علیھ، فأمره النبى صلى اهللا علیھ وسلم أن یتخذ أنفا

.ولیس لعرفجة عندھم غیر ھذا الحدیث الواحد)). من ذھب

الدنیا، وطلسم الوجود، ومفرح النفوس، ومقوى زینة: الذھبالظھور، وسر اهللا فى أرضھ، ومزاجھ فى سائر الكیفیات، وفیھ

حرارة لطیفة تدخل فى سائر المعجونات اللطیفة والمفرحات، وھو .أعدل المعادن على اإلطالق وأشرفھا

اب، ولم ینقصھ ومن خواصھ أنھ إذا دفن فى األرض، لم یضره الترشیئا، وبرادتھ إذا خلطت باألدویة، نفعت من ضعف القلب، والرجفان العارض من السوداء، وینفع من حدیث النفس،

والحزن، والغم، والفزع، والعشق، ویسمن البدن، ویقویھ، ویذھب ع الصفار، ویحسن اللون، وینفع من الجذام، وجمیع األوجا

واألمراض السوداویة، ویدخل بخاصیة فى أدویة داء الثعلب، وداء الحیة شربا وطالء، ویجلو العین ویقویھا، وینفع من كثیر من

.أمراضھا، ویقوى جمیع األعضاء

وإمساكھ فى الفم یزیل البخر، ومن كان بھ مرض یحتاج إلى الكى، نفط موضعھ، ویبرأ سریعا، وإن اتخذ منھ میال وكوى بھ، لم یت

واكتحل بھ، قوى العین وجالھا، وإن اتخذ منھ خاتم فصھ منھ وأحمى، وكوى بھ قوادم أجنحة الحمام، ألفت أبراجھا، ولم تنتقل

.عنھا

فى الحرب ولھ خاصیة عجیبة فى تقویة النفوس، ألجلھا أبیح والسالح منھ ما أبیح، وقد روى الترمذى من حدیث مزیدة

دخل رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : العصرى رضى اهللا عنھ، قال .یوم الفتح، وعلى سیفھ ذھب وفضة

Page 248: الطب النبوى

وھو معشوق النفوس التى متى ظفرت بھ، سالھا عن غیره من زین للناس حب الشھوات من النساء {:محبوبات الدنیا، قال تعالى

والبنین والقناطیر المقنطرة من الذھب والفضة والخیل المسومة ].14: آل عمران [}واألنعام والحرث

لو كان : ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم)): الصحیحین((وفى بن آدم واد من ذھب البتغى إلیھ ثانیا، ولو كان لھ ثان، البتغى ال

إلیھ ثالثا، وال یمأل جوف ابن آدم إال التراب، ویتوب اهللا على من )).تاب

ھذا وإنھ أعظم حائل بین الخلیقة وبین فوزھا األكبر یوم معادھا، بھ، وبھ قطعت األرحام، وأریقت الدماء، وأعظم شىء عصى اهللا

واستحلت المحارم، ومنعت الحقوق، وتظالم العباد، وھو المرغب فى الدنیا وعاجلھا، والمزھد فى اآلخرة وما أعده اهللا ألولیائھ

بھ ظالم، فیھا، فكم أمیت بھ من حق، وأحیى بھ من باطل، ونصر :وما أحسن ما قال فیھ الحریرى. وقھر بھ مظلوم

تبا لھ من خـادع ممـــاذق أصفر ذى وجھیـن كالمنافـق

یبـدو بوصفین لعین الرامـق زینة معشوق ولون عاشــــق

یدعو إلى إرتكاب سخـط الخالق وحبھ عند ذوى الحقائـــق

لواله لم تقطع یمین السـارق وال بدت مظلمة مـن فاســق

وال اشمأز باخل من طــارق وال اشتكى الممطول مطل العائق

...)یتبع(

ما فیھ من الخـــــالئق وال استعیذ من حسود راشـق وشر@

أن لیس یغنى عنك فى المضـایق إال إذا فر فــــرار اآلبــق

Page 249: الطب النبوى

حرف الراء

وھزى إلیك بجذع النخلة تساقط {: قال اهللا تعالى لمریم: رطب ].25: مریم [}رى عینا فكلى واشربى وق* علیك رطبا جنیا

رأیت رسول : ((عن عبد اهللا بن جعفر، قال)) الصحیحین((وفى )).اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یأكل القثاء بالرطب

كان رسول اهللا صلى اهللا : ((، عن أنس قال))سنن أبى داود((وفى لم تكن رطبات علیھ وسلم یفطر على رطبات قبل أن یصلى، فإن

)).فتمرات، فإن لم تكن تمرات، حسا حسوات من ماء

طبع الرطب طبع المیاه حار رطب، یقوى المعدة الباردة ویوافقھا، ویزید فى الباه، ویخصب البدن، ویوافق أصحاب األمزجة الباردة،

.ویغذو غذاء كثیرا

وافقة ألھل المدینة وغیرھا من البالد التى وھو من أعظم الفاكھة مھو فاكھتھم فیھا، وأنفعھا للبدن، وإن كان من لم یعتده یسرع

التعفن فى جسده، ویتولد عنھ دم لیس بمحمود، ویحدث فى إكثاره منھ صداع وسوداء، ویؤذى أسنانھ، وإصالحھ بالسكنجبین

.ونحوه

صلى اهللا علیھ وسلم من الصوم علیھ، أو على وفى فطر النبىالتمر، أو الماء تدبیر لطیف جدا، فإن الصوم یخلى المعدة من

الغذاء، فال تجد الكبد فیھا ما تجذبھ وترسلھ إلى القوى واألعضاء، والحلو أسرع شىء وصوال إلى الكبد، وأحبھ إلیھا، وال سیما إن

د قبولھا لھ، فتنتفع بھ ھى والقوى، فإن لم یكن، كان رطبا، فیشتفالتمر لحالوتھ وتغذیتھ، فإن لم یكن، فحسوات الماء تطفىء لھیب

.المعدة، وحرارة الصوم، فتنتبھ بعده للطعام، وتأخذه بشھوة

فروح وریحان * فأما إن كان من المقربین {: قال تعالى: ریحانوالحب ذو العصف { : وقال تعالى]. 88: الواقعة [}جنت نعیم و

]12: الرحمن [}والریحان

Page 250: الطب النبوى

من : ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم)) صحیح مسلم((وفى عرض علیھ ریحان، فال یرده، فإنھ خفیف المحمل طـیب

)).الرائحة

من حدیث أسامة رضى اهللا عنھ، عن )): بن ماجھسنن ا((وفى أال مشمر للجنة، فإن الجنة : ((النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال

ال خطر لھا، ھى ورب الكعبة، نور یتألأل، وریحانة تھتز، وقصر ة، وزوجة حسناء جمیلة، وحلل مشید، ونھر مطرد، وثمرة نضیج

كثیرة فى مقام أبدا، فى حبرة ونضرة، فى دور عالیة سلیمة : نعم یا رسول اهللا، نحن المشمرون لھا، قال: ، قالوا))بھیة

.إن شاء اهللا: ، فقال القوم))إن شاء اهللا تعالى: قولوا((

ب الریح، فكل أھل بلد یخصونھ بشىء من الریحان كل نبت طیذلك، فأھل الغرب یخصونھ باآلس، وھو الذى یعرفھ العرب من

.الریحان، وأھل العراق والشام یخصونھ بالحبق

فأما اآلس، فمزاجھ بارد فى األولى، یابس فى الثانیة، وھو مع ألرضى البارد، ذلك مركب من قوى متضادة، واألكثر فیھ الجوھر ا

وفیھ شىء حار لطیف، وھو یجفف تجفیفا قویا، وأجزاؤه متقاربة .القوة، وھى قوة قابضة حابسة من داخل وخارج معا

وھو قاطع لإلسھال الصفراوى، دافع للبخار الحار الرطب إذا شم، شھ فى مفرح للقلب تفریحا شدیدا، وشمھ مانع للوباء، وكذلك افترا

.البیت

ویبرىء األورام الحادثة فى الحالبین إذا وضع علیھا، وإذا دق ورقھ وھو غض وضرب بالخل، ووضع على الرأس، قطع الرعاف، وإذا سحق ورقھ الیابس، وذر على القروح ذوات

ء الرطوبة نفعھا، ویقوى األعضاء الواھیة إذا ضمد بھ، وینفع داالداحس، وإذا ذر على البثور والقروح التى فى الیدین والرجلین،

.نفعھا

Page 251: الطب النبوى

وإذا دلك بھ البدن قطع العرق، ونشف الرطوبات الفضلیة، وأذھب نتن اإلبط، وإذا جلس فى طبیخھ، نفع من خراریج المقعدة والرحم،

لعظام التى لم ومن استرخاء المفاصل، وإذا صب على كسور ا .تلتحم، نفعھا

ویجلو قشور الرأس وقروحھ الرطبة، وبثوره، ویمسك الشعر المتساقط ویسوده، وإذا دق ورقھ، وصب علیھ ماء یسیر، وخلط

بھ شىء من زیت أو دھن الورد، وضمد بھ، وافق القروح الرطبة .الحادة، والشرى والبواسیروالنملة والحمرة، واألورام

وحـبھ نافع من نفث الدم العارض فى الصدر والرئة، دابغ للمعدة ولیس بضار للصدر وال الرئة لجالوتھ، وخاصیتھ النفع من

استطالق البطن مع السعال، وذلك نادر فى األدویة، وھو مدر یالء، ولسع العقارب، للبول، نافع من لذع المثانة، وعض الرت

.والتخلل بعرقھ مضر، فلیحذر

وأما الریحان الفارسى الذى یسمى الحبق، فحار فى أحد القولین، ینفع شمھ من الصداع الحار إذا رش علیھ الماء، ویبرد، ویرطب . بالعرض، وبارد فى اآلخر، وھل ھو رطب أو یابس ؟ على قولین

أن فیھ من الطبائع األربع، ویجلب النوم، وبزره حابس : والصحیحلإلسھال الصفراوى، ومسكن للمغص، مقو للقلب، نافع لألمراض

.السوداویة

]68: الرحمن [}فیھما فاكھة ونخل ورمان{:قال تعالى: رمان

مان من رمانكم ما من ر: ((ویذكر عن ابن عباس موقوفا ومرفوعاوذكر . والموقوف أشبھ)) ھذا إال وھو ملقح بحبة من رمان الجنة

كلوا الرمان بشحمھ، فإنھ دباغ : ((حرب وغیره عن على أنھ قال )).المعدة

حلو الرمان حار رطب، جید للمعدة، مقو لھا بما فیھ من قبض نافع للحلق والصدر والرئة، جید للسعال، وماؤه ملین لطیف،

Page 252: الطب النبوى

للبطن، یغذى البدن غذاء فاضال یسیرا، سریع التحلل لرقتھ ولطافتھ، ویولد حرارة یسیرة فى المعدة وریحا، ولذلك یعین على

الباه، وال یصلح للمحمومین، ولھ خاصیة عجیبة إذا أكل بالخبز وحامضھ بارد یابس، قابض لطیف، .نعھ من الفساد فى المعدةیم

ینفع المعدة الملتھبة، ویدر البول أكثر من غیره من الرمان، ویسكن الصفراء، ویقطع اإلسھال، ویمنع القىء، ویلطف

الفضول، ویطفىء حرارة الكبد، ویقوى األعضاء، نافع من راوى، واآلالم العارضة للقلب، وفم المعدة، ویقوى الخفقان الصف

المعدة، ویدفع الفضول عنھا، ویطفئ المرة الصفراء والدم

وإذا استخرج ماؤه بشحمھ، وطبخ بیسیر من العسل حتى یصیر كالمرھم، واكتحل بھ، قطع الصفرة من العین، ونقاھا من

خ على اللثة، نفع من األكلة العارضة الرطوبات الغلیظة، وإذا لطلھا، وإن استخرج ماؤھما بشحمھما، أطلق البطن، وأحدر .الرطوبات العفنة المریة، ونفع من حمیات الغب المتطاولة

وأما الرمان المز، فمتوسط طبعا وفعال بین النوعین، وھذا أمیل ، وحب الرمان مع العسل طالء للداحس إلى لطافة الحامض قلیال

ومن ابتلع ثالثة من : والقروح الخبیثة، وأقماعھ للجراحات، قالوا .جنبذ الرمان فى كل سنة، أمن من الرمد سنتھ كلھا

حرف الزاي

ة وال یوقد من شجرة مباركة زیتونة ال شرقی{: قال تعالى: زیت ]35: النور [}غربیة یكاد زیتھا یضىء ولو لم تمسسھ نار

وفى الترمذى وابن ماجھ من حدیث أبى ھریرة رضى اهللا عنھ، عن كلوا الزیت وادھنوا بھ، فإنھ : ((النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال

)).من شجرة مباركة

Page 253: الطب النبوى

قال : عن ابن عمر رضى اهللا عنھ، قال: بیھقى وابن ماجھ أیضاوللائتدموا بالزیت، وادھنوا بھ، : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

)).فإنھ من شجرة مباركة

یابس، والزیت بحسب : الزیت حار رطب فى األولى، وغلط من قالضیج أعدلھ وأجوده، ومن الفج فیھ زیتونھ، فالمعتصر من الن

برودة ویبوسة، ومن الزیتون األحمر متوسط بین الزیتین، ومن األسود یسخن ویرطب باعتدال، وینفع من السموم، ویطلق البطن، ویخرج الدود، والعتیق منھ أشد تسخینا وتحلیال، وما استخرج منھ

، وألطف وأبلغ فى النفع، وجمیع أصنافھ بالماء، فھو أقل حرارة .ملینة للبشرة، وتبطىء الشیب

وماء الزیتون المالح یمنع من تنفط حرق النار، ویشد اللثة، وورقھ ینفع من الحمرة، والنملة، والقروح الوسخة، والشرى،

.ویمنع العرق، ومنافعھ أضعاف ما ذكرنا

، عن ابنى بسر السلمیین رضى ))سننھ((ى أبو داود فى رو: زبددخل علینا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، : اهللا عنھما، قاال

.فقدمنا لھ زبدا وتمرا، وكان یحب الزبد والتمر

الزبد حار رطب، فیھ منافع كثیرة، منھا اإلنضاج والتحلیل، التى تكون إلى جانب األذنین والحالبین، وأورام ویبرىء األورام

الفم، وسائر األورام التى تعرض فى أبدان النساء والصبیان إذا استعمل وحده، وإذا لعق منھ، نفع في نفث الدم الذى یكون من

الرئة، وأنضج األورام العارضة فیھا

الصلبة العارضة من المرة وھو ملین للطبیعة والعصب واألورام السوداء والبلغم، نافع من الیبس العارض فى البدن، وإذا طلى بھ على منابت أسنان الطفل، كان معینا على نباتھا وطلوعھا، وھو

نافع من السعال العارض من البرد والیبس، ویذھب القوباء یضعف شھوة والخشونة التى فى البدن، ویلین الطبیعة، ولكنھ

الطعام، ویذھب بوخامتھ الحلو، كالعسل والتمر، وفى جمعھ صلى

Page 254: الطب النبوى

اهللا علیھ وسلم بین التمر وبینھ من الحكمة إصالح كل منھما باآلخر

نعم الطعام الزبیب : ((أحدھما. روى فیھ حدیثان ال یصحان: زبیب.نعم الطعام الزبیب یذھب (( :والثانى)). یطیب النكھة، ویذیب البلغم

النصب، ویشد العصب، ویطفىء الغضب، ویصفى اللون، ویطیب وھذا أیضا ال یصح فیھ شىء عن رسول اهللا صلى اهللا )). النكھة

فأجود الزبیب ما كبر جسمھ، وسمن شحمھ .. وبعد. علیھ وسلموجرم الزبیب حار .زع عجمھ، وصغر حبھولحمھ، ورق قشره، ون

: رطب فى األولى، وحـبھ بارد یابس، وھو كالعنب المتخذ منھالحلو منھ حار، والحامض قابض بارد، واألبیض أشد قبضا من

غیره، وإذا أكل لحمھ، وافق قصبة الرئة، ونفع من السعال، ووجع .قوى المعدة، ویلین البطنالكلى، والمثانة، وی

والحلو اللحم أكثر غذاء من العنب، وأقل غذاء من التین الیابس، ولھ قوة منضجة ھاضمة قابضة محللة باعتدال، وھو بالجملة

یقوى المعدة والكبد والطحال، نافع من وجع الحلق والصدر والرئة .ثانة، وأعدلھ أن یؤكل بغیر عجمھوالكلى والم

وھو یغذى غذاء صالحا، وال یسدد كما یفعل التمر، وإذا أكل منھ بعجمھ كان أكثر نفعا للمعدة والكبد والطحال، وإذا لصق لحمھ على

األظافیر المتحركة أسرع قلعھا، والحلو منھ وما ال عجم لھ نافع .الرطوبات والبلغم، وھو یخصب الكبد، وینفعھا بخاصیتھ ألصحاب

من أحب أن یحفظ الحدیث، فلیأكل : قال الزھرى: وفیھ نفع للحفظعجمھ : وكان المنصور یذكر عن جده عبد اهللا بن عباس. الزبیب

.داء، ولحمھ دواء

كان مزاجھا ویسقون فیھا كأسا{: قال تعالى: زنجبیل ]17:اإلنسان [}زنجبیال

Page 255: الطب النبوى

من حدیث أبى سعید )) الطب النبوى((وذكر أبو نعیم فى كتاب أھدى ملك الروم إلى رسول اهللا صلى : الخدرى رضى اهللا عنھ قال

اهللا علیھ وسلم جرة زنجبیل، فأطعم كل إنسان قطعة، وأطعمنى .قطعة

یة، رطب فى األولى، مسخن معین على الزنجبیل حار فى الثانھضم الطعام، ملین للبطن تلیینا معتدال، نافع من سدد الكبد

العارضة عن البرد والرطوبة، ومن ظلمة البصر الحادثة عن الرطوبة أكال واكتحاال، معین على الجماع، وھو محلل للریاح

.المعدةالغلیظة الحادثة فى األمعاء و

فھو صالح للكبد والمعدة الباردتى المزاج، وإذا أخذ منھ .. وبالجملةمع السكر وزن درھمین بالماء الحار، أسھل فضوال لزجة لعابیة،

.ویقع فى المعجونات التى تحلل البلغم وتذیبھ

، ویسخن والمزى منھ حار یابس یھیج الجماع، ویزید فى المنىالمعدة والكبد، ویعین على االستمراء، وینشف البلغم الغالب على البدن، ویزید فى الحفظ، ویوافق برد الكبد والمعدة، ویزیل بلتھا

الحادثة عن أكل الفاكھة، ویطیب النكھة، ویدفع بھ ضرر األطعمة .الغلیظة الباردة

حرف السین

:أیضا، وفیھ سبعة أقوال)) سنوت((دم، وتقدم قد تق: سـنا

أنھ رب عكة السمن یخرج خططا : الثانى. أنھ العسل: أحدھا. أنھ حب یشبھ الكمون، ولیس بكمون: الثالث. سوداء على السمن

أنھ : السادس. أنھ الشبت: الخامس. الكمون الكرمانى: الرابع .أنھ الرازیانج: السابع .التمر

من حدیث إسماعیل ابن )): سننھ((روى ابن ماجھ فى : سفرجلمحمد الطلحى، عن نقیب بن حاجب، عن أبى سعید، عن عبد الملك

دخلت على : الزبیرى، عن طلحة بن عبید اهللا رضى اهللا عنھ قال

Page 256: الطب النبوى

دونكھا یا ((: النبى صلى اهللا علیھ وسلم وبیده سفرجلة، فقال )).طلحة، فإنھا تجم الفؤاد

أتیت النبى صلى اهللا علیھ : ((ورواه النسائى من طریق آخر، وقالوسلم وھو فى جماعة من أصحابھ، وبیده سفرجلة یقلبھا، فلما

دونكھا أبا ذر؛ فإنھا تشد : ((جلست إلیھ، دحا بھا إلى ثم قال ))لب، وتطیب النفس، وتذھب بطخاء الصدرالق

.وقد روى فى السفرجل أحادیث أخر، ھذه أمثلھا، وال تصح

والسفرجل بارد یابس، ویختلف فى ذلك باختالف طعمھ، وكلھ بارد قابض، جید للمعدة، والحلو منھ أقل برودة ویبسا، وأمیل إلى

حامض أشد قبضا ویبسا وبرودة، وكلھ یسكن العطش االعتدال، والوالقىء، ویدر البول، ویعقل الطبع، وینفع من قرحة األمعاء، ونفث الدم، والھیضة، وینفع من الغثیان، ویمنع من تصاعد

األبخرة إذا استعمل بعد الطعام، وحراقة أغصانھ وورقھ المغسولة .لتوتیاء فى فعلھاكا

وھو قبل الطعام یقبض، وبعده یلین الطبع، ویسرع بانحدار الثفل، واإلكثار منھ مضر بالعصب، مولد للقولنج، ویطفىء المرة

.الصفراء المتولدة فى المعدة

وإن شوى كان أقل لخشونتھ، وأخف، وإذا قور وسطھ، ونزع فیھ العسل، وطین جرمھ بالعجین، وأودع الرماد حبھ، وجعل

.الحار، نفع نفعا حسنا

وأجود ما أكل مشویا أو مطبوخا بالعسل، وحـبھ ینفع من خشونة الحلق، وقصبة الرئة، وكثیر من األمراض، ودھنھ یمنع العرق،

عدة والكبد، ویشد القلب، ویقوى المعدة، والمربى منھ یقوى الم .ویطیب النفس

تفتحھ وتوسعھ، من جمام الماء، : وقیل. تریحھ: ومعنى تجم الفؤادقال . وھو اتساعھ وكثرتھ، والطخاء للقلب مثل الغیم على السماء

Page 257: الطب النبوى

: ما فى السماء طخاء، أى: الطخاء ثقل وغشى، تقول: أبو عبید .لمةسحاب وظ

لوال أن : ((عنھ صلى اهللا علیھ وسلم)) الصحیحین((فى : سواك )).أشق على أمتى ألمرتھم بالسواك عند كل صالة

أنھ صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا قام من اللیل یشوص فاه : وفیھما .بالسواك

: یھ وسلمتعلیقا عنھ صلى اهللا عل)) صحیح البخارى((وفى )).السواك مطھرة للفم، مرضاة للرب((

أنھ صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا دخل بیتھ، )): صحیح مسلم((وفى .بدأ بالسواك

واألحادیث فیھ كثیرة، وصح عنھ من حدیث أنھ استاك عند موتھ أكثرت ((: بسواك عبد الرحمن بن أبى بكر، وصح عنھ أنھ قال

)).علیكم فى السواك

وأصلح ما اتخذ السواك من خشب األراك ونحوه، وال ینبغى أن یؤخذ من شجرة مجھولة، فربما كانت سما، وینبغى القصد فى

استعمالھ، فإن بالغ فیھ، فربما أذھب طالوة األسنان وصقالتھا، لمعدة واألوساخ، ومتى وھیأھا لقبول األبخرة المتصاعدة من ا

استعمل باعتدال، جال األسنان، وقوى العمود، وأطلق اللسان، .ومنع الحفر، وطیب النكھة، ونقى الدماغ، وشھى الطعام

قال . وأجود ما استعمل مبلوال بماء الورد، ومن أنفعھ أصول الجوزتاك بھ المستاك كل زعموا أنھ إذا اس)): ((التیسیر((صاحب

))خامس من األیام، نقى الرأس، وصفى الحواس، وأحد الذھن

یطیب الفم، ویشد اللثة، ویقطع البلغم، : وفى السواك عدة منافعویجلو البصر، ویذھب بالحفر، ویصح المعدة، ویصفى الصوت،

ى الكالم، وینشط للقراءة، ویعین على ھضم الطعام، ویسھل مجار

Page 258: الطب النبوى

والذكر والصالة، ویطرد النوم، ویرضى الرب، ویعجب المالئكة، .ویكثر الحسنات

ویستحب كل وقت، ویتأكد عند الصالة والوضوء، واالنتباه من النوم، وتغییر رائحة الفم، ویستحب للمفطر والصائم فى كل وقت

ولحاجة الصائم إلیھ، وألنھ مرضاة للرب، لعموم األحادیث فیھ،ومرضاتھ مطلوبة فى الصوم أشد من طلبھا فى الفطر، وألنھ

.مطھرة للفم، والطھور للصائم من أفضل أعمالھ

رأیت : عن عامر بن ربیعة رضى اهللا عنھ، قال)): السنن((وفى .، وھو صائمرسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ما ال أحصى یستاك

.یستاك أول النھار وآخره: قال ابن عمر: وقال البخارى

وأجمع الناس على أن الصائم یتمضمض وجوبا واستحبابا، والمضمضة أبلغ من السواك، ولیس هللا غرض فى التقرب إلیھ

بالرائحة الكریھة، وال ھى من جنس ما شرع التعبد بھ، وإنما ذكر یب الخلوف عند اهللا یوم القیامة حثا منھ على الصوم؛ ال حثا ط

.على إبقاء الرائحة، بل الصائم أحوج إلى السواك من المفطر

.وأیضا فإن رضوان اهللا أكبر من استطابتھ لخلوف فم الصائم

.وأیضا فإن محبتھ للسواك أعظم من محبتھ لبقاء خلوف فم الصائم

ضا فإن السواك ال یمنع طیب الخلوف الذى یزیلھ السواك عند وأیاهللا یوم القیامة، بل یأتى الصائم یوم القیامة، وخلوف فمھ أطیب

من المسك عالمة على صیامھ، ولو أزالھ بالسواك، كما أن الجریح ح المسك، یأتى یوم القیامة، ولون دم جرحھ لون الدم، وریحھ ری

.وھو مأمور بإزالتھ فى الدنیا

وأیضا فإن الخلوف ال یزول بالسواك، فإن سببھ قائم، وھو خلو المعدة عن الطعام، وإنما یزول أثره، وھو المنعقد على األسنان

.واللثة

Page 259: الطب النبوى

ى وأیضا فإن النبى صلى اهللا علیھ وسلم علم أمتھ ما یستحب لھم فالصیام، وما یكره لھم، ولم یجعل السواك من القسم المكروه، وھو یعلم أنھم یفعلونھ، وقد حضھم علیھ بأبلغ ألفاظ العموم والشمول،

وھم یشاھدونھ یستاك وھو صائم مرارا كثیرة تفوت اإلحصاء، ال تستاكوا بعد: ویعلم أنھم یقتدون بھ، ولم یقل لھم یوما من الدھر

.واهللا أعلم.. الزوال، وتأخیر البیان عن وقت الحاجة ممتنع

روى محمـد بن جریر الطبرى بإســناده، من حدیث صھیب : سـمنعلیكم بألبان البقر، فإنھا شفاء، وسمنھا دواء، ولحومھا ((یرفعھ

رواه عن أحمد بن الحسن الترمذى، حدثنا محمد ابن موسى )) داءحدثنا دفاع ابن دغفل السـدوسى، عن عبد الحمید بن النسائى،

.صیفى بن صھیب، عن أبیھ، عن جده، وال یثبت ما فى ھذا اإلسناد

والسمن حار رطب فى األولى، وفیھ جالء یسیر، ولطافة وتفشیة األورام الحادثة من األبدان الناعمة، وھو أقوى من الزبد فى

أنھ أبرأ بھ األورام الحادثة )): جالینوس((ذكر اإلنضاج والتلیین، وفى األذن، وفى األرنبة، وإذا دلك بھ موضع األسنان، نبتت سریعا،

وإذا خلط مع عسل ولوز مر، جال ما فى الصدر والرئة، والكیموسات الغلیظة اللزجة، إال أنھ ضار بالمعدة، سیما إذا كان

.بلغمیامزاج صاحبھا

وأما سمن البقر والمعز، فإنھ إذا شرب مع العسل نفع من شرب : السم القاتل، ومن لدغ الحیات والعقارب، وفى كتاب ابن السنى

لم یستشف الناس : عن على بن أبى طالب رضى اهللا عنھ قال .بشىء أفضل من السمن

من )): سننھ((اجھ فى روى اإلمام أحمد بن حنبل، وابن م: سمك: حدیث عبد اهللا بن عمر، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال

)).السمك والجراد، والكبد والطحال: أحلت لنا میتتان ودمان((

أصناف السمك كثیرة، وأجوده ما لذ طعمھ، وطاب ریحھ، وتوسط ، ولم یكن صلب اللحم وال یابسھ، وكان مقداره، وكان رقیق القشر

Page 260: الطب النبوى

فى ماء عذب جار على الحصباء، ویتغذى بالنبات ال األقذار، وأصلح أماكنھ ما كان فى نھر جید الماء، وكان یأوى إلى األماكن

الصخریة، ثم الرملیة، والمیاه الجاریة العذبة التى ال قذر فیھا، وال .، المكشوفة للشمس والریاححمأة، الكثیرة االضطراب والتموج

والسمك البحرى فاضل، محمود، لطیف، والطرى منھ بارد رطب، عسر االنھضام، یولد بلغما كثیرا، إال البحرى وما جرى مجراه، فإنھ یولد خلطا محمودا، وھو یخصب البدن، ویزید فى المنى،

.ویصلح األمزجة الحارة

أجوده ما كان قریب العھد بالتملح، وھو حار یابس، وأما المالح، فوكلما تقادم عھده ازداد حره ویبسھ، والسلور منھ كثیر اللزوجة،

وإذا أكل طریا، كان ملینا للبطن، . ویسمى الجرى، والیھود ال تأكلھا دق وإذا ملح وعتق وأكل، صفى قصبة الرئة، وجود الصوت، وإذووضع من خارج، أخرج السلى والفضول من عمق البدن من

.طریق أن لھ قوة جاذبة

وماء ملح الجرى المالح إذا جلس فیھ من كانت بھ قرحة األمعاء فى ابتداء العلة، وافقھ بجذبھ المواد إلى ظاھر البدن، وإذا احتقن

.بھ، أبرأ من عرق النسا

أجود ما فى السمك ما قرب من مؤخرھا، والطرى السمین منھ و .یخصب البدن لحمھ وودكھ

...)یتبع(

من حدیث جابر بن عبد اهللا رضى اهللا )): الصحیحین((وفى @ بعثنا النبى صلى اهللا علیھ وسلم فى ثالثمائة راكب، : ((عنھ قال

ساحل، فأصابنا جوع شدید، وأمیرنا أبو عبیدة بن الجراح، فأتینا العنبر، فأكلنا منھ : حتى أكلنا الخبط، فألقى لنا البحر حوتا یقال لھا

نصف شھر، وائتدمنا بودكھ حتى ثابت أجسامنا، فأخذ أبو عبیدة )).ضلعا من أضالعھ، وحمل رجال على بعیره، ونصبھ، فمر تحتھ

Page 261: الطب النبوى

دخل على : عن أم المنذر، قالتروى الترمذى وأبو داود، : سلقرسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ومعھ على رضى اهللا عنھ، ولنا

دوال معلقة، قالت

فجعل رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یأكل وعلى معھ یأكل، فقال : : ، قالت))مھ یا على فإنك ناقھ: ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

یا : ((جعلت لھم سلقا وشعیرا، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلمفحدیث حسن : قال الترمذى)). على؛ فأصب من ھذا، فإنھ أوفق لك

.غریب

مركب : رطب فیھا، وقیل: السلق حار یابس فى األولى، وقیلمنھ وفى األسود . منھما، وفیھ برودة ملطفة، وتحلیل، وتفتیح

قبض ونفع من داء الثعلب، والكلف، والحزار، والثآلیل إذا طلى بمائھ، ویقتل القمل، ویطلى بھ القوباء مع العسل، ویفتح سدد الكبد

.والطحال

وأسوده یعقل البطن، وال سیما مع العدس، وھما ردیئان، ئھ لإلسھال، وینفع من یلین مع العدس، ویحقن بما: واألبیض

القولنج مع المرى والتوابل

وھو قلیل الغذاء، ردىء الكیموس، یحرق الدم، ویصلحھ الخل .والخردل، واإلكثار منھ یولد القبض والنفخ

حرف الشین

.الحبة السوداء، وقد تقدم فى حرف الحاء: ھو: شونیز

ن ماجھ فىروى الترمذى واب: شبرم

قال رسول اهللا : من حدیث أسماء بنت عمیس، قالت)): سننھما(( صلى اهللا علیھ وسلم

)).حار جار: ((قال. بالشبرم: ؟ قالت)) بماذا كنت تستمشین: ((

Page 262: الطب النبوى

الشبرم شجر صغیر وكبیر، كقامة الرجل وأرجح، لھ قضبان حمر جمة من ورق، ولھ نور صغار ملمعة ببیاض، وفى رؤوس قضبانھ

أصفر إلى البیاض، یسقط ویخلفھ مراود صغار فیھا حب صغیر مثل البطم، فى قدره، أحمر اللون، ولھا عروق علیھا قشور حمر،

.والمستعمل منھ قشر عروقھ، ولبن قضبانھ

، والكیموسات وھو حار یابس فى الدرجة الرابعة، ویسھل السوداءالغلیظة، والماء األصفر، والبلغم، مكرب، مغث، واإلكثار منھ یقتل،

وینبغى إذا استعمل أن ینقع فى اللبن الحلیب یوما ولیلة، ویغیر علیھ اللبن فى الیوم مرتین أو ثالثا، ویخرج، ویجفف فى الظل،

ثیراء، ویشرب بماء العسل، أو عصیر ویخلط معھ الورود والكالعنب، والشربة منھ ما بین أربع دوانق إلى دانقین على حسب

أما لبن الشبرم، فال خیر فیھ، وال أرى شربھ : القوة، قال حنین ألبتة، فقد قتل بھ أطباء الطرقات كثیرا من الناس

كان رسول اهللا : ن حدیث عائشة، قالتم: روى ابن ماجھ: شعیرصلى اهللا علیھ وسلم إذا أخذ أحدا من أھلھ الوعك، أمر بالحساء

إنھ لیرتو : ((من الشعیر، فصنع، ثم أمرھم فحسوا منھ، ثم یقولبالماء فؤاد الحزین ویسرو فؤاد السقیم كما تسرو إحداكن الوسخ

)).عن وجھھا

.یكشف ویزیل)): یسرو((و . یشده ویقویھ)): یرتوه((ومعنى

وقد تقدم أن ھذا ھو ماء الشعیر المغلى، وھو أكثر غذاء من سویقھ، وھو نافع للسعال، وخشونة الحلق، صالح لقمع حدة

دة، قاطع للعطش، مطفىء الفضول، مدر للبول، جالء لما فى المع .للحرارة، وفیھ قوة یجلو بھا ویلطف ویحلل

أن یؤخذ من الشعیر الجید المرضوض مقدار، ومن الماء : وصفتھالصافى العذب خمسة أمثالھ، ویلقى فى قدر نظیف، ویطبخ بنار

ھ مقدار معتدلة إلى أن یبقى منھ خمساه، ویصفى، ویستعمل من .الحاجة محال

Page 263: الطب النبوى

قال اهللا تعالى فى ضیافة خلیـلھ إبراھیم علیھ السالم : شــواء ]79: ھود [}فما لبث أن جاء بعجل حنیذ{ : ألضیافھ

.المشوى على الرضف، وھى الحجارة المحماة)): الحنیذ((و

قربت إلى أنھا ((عن أم سلمة رضى اهللا عنھا، : وفى الترمذىرسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم جنبا مشویا، فأكل منھ ثم قام إلى

.حدیث صحیح: قال الترمذى)). الصالة ولم یتوضأ

أكلنا مع رسول اهللا : عن عبد اهللا بن الحارث، قال: وفیھ أیضاعن المغیرة بن : وفیھ أیضا.صلى اهللا علیھ وسلم شواء فى المسجد

فت مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ذات لیلة، ض: ((شعبة قال: فأمر بجنب، فشوى، ثم أخذ الشفرة، فجعل یحز لى بھا منھ، قال

)).ما لھ تربت یداه: ((فجاء بالل یؤذن للصالة، فألقى الشفرة فقال

ین، وھو أنفع الشواء شواء الضأن الحولى، ثم العجل اللطیف السمحار رطب إلى الیبوسة، كثیر التولید للسوداء، وھو من أغذیة األقویاء واألصحاء والمرتاضین، والمطبوخ أنفع وأخف على

.المعدة، وأرطب منھ، ومن المطجن

وأردؤه المشوى فى الشمس، والمشوى على الجمر خیر من .المشوى باللھب، وھو الحنیذ

أن یھودیا أضاف رسول اهللا (( عن أنس)) مسندال((ثبت فى : شحم، ))صلى اهللا علیھ وسلم، فقدم لھ خبز شعیر، وإھالة سنخة

.المتغیرة)): السنخة((و. الشحم المذاب، واأللیة)): اإلھالة((و

دلى جراب :(( عن عبد اهللا بن مغفل، قال)): الصحیح((وثبت فى واهللا ال أعطى أحدا منھ شیئا، : یوم خیبر، فالتزمتھ وقلت من شحم

فالتفت، فإذا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یضحك، ولم یقل )).شیئا

Page 264: الطب النبوى

أجود الشحم ما كان من حیوان مكتمل، وھو حار رطب، وھو أقل م رطوبة من السمن، ولھذا لو أذیب الشحم والسمن كان الشح

.أسرع جمودا

وھو ینفع من خشونة الحلق، ویرخى ویعفن، ویدفع ضرره باللیمون المملوح، والزنجبیل، وشحم المعز أقبض الشحوم،

وشحم التیوس أشد تحلیال، وینفع من قروح األمعاء، وشحم العنز .أقوى فى ذلك، ویحتقن بھ للسحج والزحیر

حرف الصاد

واستعینوا بالصبر والصالة، وإنھا لكبیرة { : قال اهللا تعالى: صالة ]45: البقرة [}إال على الخاشعین

یا أیھا الذین آمنوا استعینوا بالصبر والصالة، إن اهللا مع {: وقال ].44: البقرة [}الصابرین

وأمر أھلك بالصالة واصطبر علیھا، ال نسئلك رزقا، {: تعالىوقال ]132: طھ [}نحن نرزقك، والعاقبة للتقوى

كان رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إذا حزبھ )): ((السنن((وفى )).أمر، فزع إلى الصالة

ستشفاء بالصالة من عامة األوجاع قبل وقد تقدم ذكر اال .استحكامھا

والصالة مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة لألذى، مطردة لألدواء، مقویة للقلب، مبیضة للوجھ، مفرحة للنفس، مذھبة

للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر، مغذیة ظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة، للروح، منورة للقلب، حاف

.مبعدة من الشیطان، مقربة من الرحمن

Page 265: الطب النبوى

فلھا تأثیر عجیب فى حفظ صحة البدن والقلب، .. وبالجملةوقواھما، ودفع المواد الردیئة عنھما، وما ابتلى رجالن بعاھة أو

.، وعاقبتھ أسلمداء أو محنة أو بلیة إال كان حظ المصلى منھما أقل

وللصالة تأثیر عجیب فى دفع شرور الدنیا، وال سیما إذا أعطیت حقھا من التكمیل ظاھرا وباطنا، فما استدفعت شرور الدنیا

واآلخرة، وال استجلبت مصالحھما بمثل الصالة، وسر ذلك أن لة العبد بربھ عز وجل الصالة صلة باهللا عز وجل، وعلى قدر ص

تفتح علیھ من الخیرات أبوابھا، وتقطع عنھ من الشرور أسبابھا، وتفیض علیھ مواد التوفیق من ربھ عز وجل، والعافیة والصحة،

والغنیمة والغنى، والراحة والنعیم، واألفراح والمسرات، كلھا .محضرة لدیھ، ومسارعة إلیھ

، فإنھ ماھیة مركبة من صبر ))الصبر نصف اإلیمان: ((صبرنصف صبر، : اإلیمان نصفان: وشكر، كما قال بعض السلف

إن فى ذلك آلیات لكل صبار {: ونصف شكر، قال تعالى ].5: إبراھیم [}شكور

: د، وھو ثالثة أنواعوالصبر من اإلیمان بمنزلة الرأس من الجسصبر على فرائض اهللا، فال یضیعھا، وصبر عن محارمھ، فال

یرتكبھا، وصبر على أقضیتھ وأقداره، فال یتسخطھا، ومن استكمل ولذة الدنیا واآلخرة ونعیمھا، . ھذه المراتب الثالث، استكمل الصبرأحد إال على جسر الصبر، كما والفوز والظفر فیھما، ال یصل إلیھ

ال یصل أحد إلى الجنة إال على الصراط، قال عمر ابن الخطاب .خیر عیش أدركناه بالصبر: رضى اهللا عنھ

وإذا تأملت مراتب الكمال المكتسب فى العالم، رأیتھا كلھا منوطة صاحبھ علیھ، ویدخل تحت بالصبر، وإذا تأملت النقصان الذى یذم

قدرتھ، رأیتھ كلھ من عدم الصبر، فالشجاعة والعفة، والجود .واإلیثار، كلھ صبر ساعة

فالصبر طلسم على كنز العلى من حل ذا الطلسم فاز بكنزه

Page 266: الطب النبوى

ر، فما حفظت وأكثر أسقام البدن والقلب، إنما تنشأ من عدم الصبصحة القلوب واألبدان واألرواح بمثل الصبر، فھو الفاروق األكبر،

والتریاق األعظم، ولو لم یكن فیھ إال معیة اهللا مع أھلھ، فإن اهللا مع الصابرین ومحبتھ لھم، فإن اهللا یحب الصابرین، ونصره ألھلھ،

ولئن صبرتم لھو خیر {ھلھ، فإن النصر مع الصبر، وإنھ خیر ألیا أیھا الذین آمنوا {: ، وإنھ سبب الفالح]126: النحل [}للصابرین

: آل عمران [}اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا اهللا لعلكم تفلحون200[

من حدیث قیس ابن )) یلالمراس((روى أبو داود فى كتاب : صبرماذا فى : ((رافع القیسى، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال

)).األمرین من الشفاء ؟ الصبر والثفاء

دخل على : من حدیث أم سلمة، قالت: ألبى داود)) السنن((وفى و سلمة، وقد جعلت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، حین توفى أب

إنما ھو صبر یا : ؟ فقلت)) ماذا یا أم سلمة: ((على صبرا، فقالإنھ یشب الوجھ، فال تجعلیھ إال : ((رسول اهللا، لیس فیھ طیب، قال

.ونھى عنھ بالنھار)) باللیل

ضول الصبر كثیر المنافع، ال سیما الھندى منھ، ینقى الفالصفراویة التى فى الدماغ وأعصاب البصر، وإذا طلى على

الجبھة والصدغ بدھن الورد، نفع من الصداع، وینفع من قروح .األنف والفم، ویسھل السوداء والمالیخولیا

والصبر الفارسى یذكى العقل، ویمد الفؤاد، وینقى الفضول یة من المعدة إذا شرب منھ ملعقتان بماء، ویرد الصفراویة والبلغم

الشھوة الباطلة والفاسدة، وإذا شرب فى البرد، خیف أن یسھل دما

الصوم جنة من أدواء الروح والقلب والبدن، منافعھ تفوت : صوماإلحصاء، ولھ تأثیر عجیب فى حفظ الصحة، وإذابة الفضالت،

نفس عن تناول مؤذیاتھا، وال سیما إذا كان باعتدال وحبس ال .وقصد فى أفضل أوقاتھ شرعا، وحاجة البدن إلیھ طبعا

Page 267: الطب النبوى

ثم إن فیھ من إراحة القوى واألعضاء ما یحفظ علیھا قواھا، وفیھ خاصیة تقتضى إیثاره، وھى تفریحھ للقلب عاجال وآجال، وھو أنفع

زجة الباردة والرطبة، ولھ تأثیر عظیم فى حفظ شىء ألصحاب األم .صحتھم

وھو یدخل فى األدویة الروحانیة والطبیعیة، وإذا راعى الصائم فیھ ما ینبغى مراعاتھ طبعا وشرعا، عظم انتفاع قلبھ وبدنھ بھ،

وحبس عنھ المواد الغریبة الفاسدة التى ھو مستعد لھا، وأزال الحاصلة بحسب كمالھ ونقصانھ، ویحفظ الصائم مما المواد الردیئة

ینبغى أن یتحفظ منھ، ویعینھ على قیامھ بمقصود الصوم وسره وعلتھ الغائیة، فإن القصد منھ أمر آخر وراء ترك الطعام

والشراب، وباعتبار ذلك األمر اختص من بین األعمال بأنھ هللا ة بین العبد وبین ما یؤذى قلبھ سبحانھ، ولـما كان وقایة وجن

یا أیھا الذین آمنوا كتب علیكم {: وبدنھ عاجال وآجال، قال اهللا تعالى: البقرة [}الصیام كما كتب على الذین من قبلكم لعلكم تتقون

وھى حمیة عظیمة فأحد مقصودى الصیام الجنة والوقایة، ]. 188اجتماع القلب والھم على اهللا تعالى، : النفع، والمقصود اآلخر

وتوفیر قوى النفس على محابھ وطاعتھ، وقد تقدم الكالم فى بعض .أسرار الصوم عند ذكر ھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فیھ

حرف الضاد

رسول من حــدیث ابن عباس، أن )) الصحیحین((ثبت فى : ضـب: اهللا صلى اهللا علیھ وسلم سئل عنھ لما قدم إلیھ، وامتنع من أكلھ

ال، ولكن لم یكن بأرض قومى، فأجدنى أعافھ، : ((أحرام ھو ؟ فقال ))وأكل بین یدیھ وعلى مائدتھ وھو ینظر

من حدیث ابن عمر رضى اهللا عنھما، عنھ )) الصحیحین((وفى :لیھ وسلم قالصلى اهللا ع

)).ال أحلھ وال أحرمھ((

Page 268: الطب النبوى

وھو حار یابس، یقوى شھوة الجماع، وإذا دق، ووضع على .موضع الشوكة اجتذبھا

الضفدع ال یحل فى الدواء، نھى رسول : قال اإلمام أحمد: ضفدعاه فى اهللا صلى اهللا علیھ وسلم عن قتلھا، یرید الحدیث الذى رو

أن (( من حدیث عثمان بن عبد الرحمن رضى اهللا عنھ)) مسنده((طبیبا ذكر ضفدعا فى دواء عند رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

)).فنھاه عن قتلھا

من أكل من دم الضفدع أو جرمھ، ورم بدنھ، : قال صاحب القانونترك األطباء استعمالھ وكمد لونھ، وقذف المنى حتى یموت، ولذلك

.خوفا من ضرره

.مائیة وترابیة، والترابیة یقتل أكلھا: وھى نوعان

حرف الطاء

حبب : ((ثبت عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال: طیب )).النساء والطیب، وجعلت قرة عینى فى الصالة: إلى من دنیاكم

لیھ وسلم یكثر التطیب، وتشتد علیھ الرائحة وكان صلى اهللا ع .الكریھة، وتشق علیھ

والطیب غذاء الروح التى ھى مطیة القوى، والقوى تتضاعف وتزید بالطیب، كما تزید بالغذاء والشراب، والدعة والسرور،

ن تسر ومعاشرة األحبة، وحدوث األمور المحبوبة، وغیبة مغیبتھ، ویثقل على الروح مشاھدتھ، كالثقالء والبغضاء، فإن

معاشرتھم توھن القوى، وتجلب الھم والغم، وھى للروح بمنزلة الحمى للبدن، وبمنزلة الرائحة الكریھة، ولھذا كان مما حبب اهللا

فى معاشرة سبحانھ الصحابة بنھیھم عن التخلق بھذا الخلقإذا دعیتم {: رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم لتأذیھ بذلك، فقال

إن ذلكم كان * فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا وال مستأنسین لحدیث

Page 269: الطب النبوى

: األحزاب[}یؤذى النبى فیسـتحى منكم، واهللا ال یسـتحى من الحق52 -53[

والمقصود أن الطیب كان من أحب األشیاء إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، ولھ تأثیر فى حفظ الصحة، ودفع كثیر من اآلالم

.وأسبابھا، بسبب قوة الطبیعة بھ

: ورد فى أحادیث موضوعة ال یصح منھا شىء مثل حدیث: طینیا : ((، ومثل حدیث))أعان على قتل نفسھمن أكل الطین، فقد ((

حمیراء؛ ال تأكلى الطین فإنھ یعصم البطن، ویصفر اللون، ویذھب )).بھاء الوجھ

وكل حدیث فى الطین فإنھ ال یصح، وال أصل لھ عن رسول اهللا وق، صلى اهللا علیھ وسلم، إال أنھ ردىء مؤذ، یسد مجارى العر

وھو بارد یابس، قوى التجفیف، ویمنع استطالق البطن، ویوجب .نفث الدم وقروح الفم

، قال أكثر ]29: الواقعة[}وطلح منضود{: قال تعالى: طلحھو الذى قد نضد بعضھ )): المنضود((و. ھو الموز: المفسرین

:وقیل. على بعض، كالمشط

شجر ذو الشوك، نضد مكان كل شوكة ثمرة، فثمره ال)): الطلح((قد نضد بعضھ إلى بعض، فھو مثل الموز، وھذا القول أصح،

واهللا .. ویكون من ذكر الموز من السلف أراد التمثیل ال التخصیص .أعلم

وھو حار رطب، أجوده النضیج الحلو، ینفع من خشونة الصدر ل، وقروح الكلیتین، والمثانة، ویدر البول، ویزید فى والرئة والسعا

المنى، ویحرك الشھوة للجماع، ویلین البطن، ویؤكل قبل الطعام، ویضر المعدة، ویزید فى الصفراء والبلغم، ودفع ضرره بالسكر أو

] 10: ق[}ع نضیدوالنخل باسقات لھا طل{: قال تعالى: العسل طلع ]148: الشعراء [}ونخل طلعھا ھضیم{: ، وقال تعالى

Page 270: الطب النبوى

ما یبدو من ثمرتھ فى أول ظھوره، وقشره یسمى : طلع النخلالمنضود الذى قد نضد بعضھ على بعض، )): النضید((الكفرى، و

وإنما یقال لھ

.فلیس بنضید ما دام فى كفراه، فإذا انفتح)) نضید((

فھو المنضم بعضھ إلى بعض، فھو كالنضید )): الھضیم((وأما .أیضا، وذلك یكون قبل تشقق الكفرى عنھ

ذكر وأنثى، والتلقیح ھو أن یؤخذ من الذكر وھو : والطلع نوعان، فیكون ذلك ))التأبیر((مثل دقیق الحنطة فیجعل فى األنثى، وھو

.بین الذكر واألنثى بمنزلة اللقاح

عن طلحة بن عبید اهللا رضى اهللا )): صحیحھ((وقد روى مسلم فى مررت مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فى نخل، : ((عنھ، قال

یأخذون : ؟ قالوا)) ما یصنع ھؤالء: ((فرأى قوما یلقحون، فقال :قال. من الذكر فیجعلونھ فى األنثى

، فبلغھم، فتركوه، فلم یصلح، فقال النبى ))ك یغنى شیئاما أظن ذل((إنما ھو ظن، فإن كان یغنى شیئا، : ((صلى اهللا علیھ وسلم

فاصنعوه، فإنما أنا بشر مثلكم، وإن الظن یخطئ ویصیب، ولكن ما .انتھى.. ))قلت لكم عن اهللا عز وجل، فلن أكذب على اهللا

ودقیق طلعھ إذا . طلع النخل ینفع من الباه، ویزید فى المباضعةتحملت بھ المرأة قبل الجماع أعان على الحبل إعانة بالغة، وھو فى البرودة والیبوسة فى الدرجة الثانیة، یقوى المعدة ویجففھا،

.ویسكن ثائرة الدم مع غلظة وبطء ھضم

یحتملھ إال أصحاب األمزجة الحارة، ومن أكثر منھ فإنھ ینبغى والأن یأخذ علیھ شیئا من الجوراشات الحارة، وھو یعقل الطبع،

ویقوى األحشاء، والجمار یجرى مجراه، وكذلك البلح، والبسر، واإلكثار منھ یضر بالمعدة والصدر، وربما أورث القولنج،

.وإصالحھ بالسمن، أو بما تقدم ذكره

Page 271: الطب النبوى

حرف العین

من حدیث حبیب بن یسار، عن ابن عباس )) الغیالنیات((فى : عنبرأیت رسـول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یأكل : رضى اهللا عنھ قال

.العنب خرطا

بن وفیھ داود: ال أصل لھذا الحدیث، قلت: قال أبو جعفر العقیلى .كان یكذب: عبد الجبار أبو سلیم الكوفى، قال یحیى بن معین

أنھ كان یحب العنب : ویذكر عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم .والبطیخ

وقد ذكر اهللا سبحانھ العنب فى ستة مواضع من كتابھ فى جملة ھو من نعمھ التى أنعم بھا على عباده فى ھذه الدار وفى الجنة، و

أفضل الفواكھ وأكثرھا منافع، وھو یؤكل رطبا ویابسا، وأخضر ویانعا، وھو فاكھة مع الفواكھ، وقوت مع األقوات، وأدم مع اإلدام، ودواء مع األدویة، وشراب مع األشربة، وطبعھ طبع

حمد الحرارة والرطوبة، وجیده الكبار المائى، واألبیض أ: الحباتمن األسود إذا تساویا فى الحالوة، والمتروك بعد قطفھ یومین أو

ثالثة أحمد من المقطوف فى یومھ، فإنھ منفخ مطلق للبطن، والمعلق حتى یضمر قشره جید للغذاء، مقو للبدن، وغذاؤه كغذاء

لطبیعة، التین والزبیب، وإذا ألقى عجم العنب كان أكثر تلیینا ل .واإلكثار منھ مصدع للرأس، ودفع مضرتھ بالرمان المز

...)یتبع(

ومنفعة العنب یسھل الطبع، ویسمن، ویغذو جیده غذاء حسنا، @ وھو أحد الفواكھ الثالث التى ھى ملوك الفواكھ، ھو والرطب

.والتین

.قد تقدم ذكر منافعھ: عسل

Page 272: الطب النبوى

.علیك بالعسل، فإنھ جید للحفظ: قال الزھرى: یجقال ابن جر

وأجوده أصفاه وأبیضھ، وألینھ حدة، وأصدقھ حالوة، وما یؤخذ من الجبال والشجر لھ فضل على ما یؤخذ من الخالیا، وھو بحسب

مرعى نحلھ

من حدیث سعد بن أبى وقاص رضى )): الصحیحین((فى : عجوةمن تصبح : ((ن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قالاهللا عنھ، ع

)).بسبع تمرات عجوة، لم یضره ذلك الیوم سم وال سحر

من حدیث جابر، وأبى سعید : وابن ماجھ)) سنن النسائى((وفى العجوة من : ((رضى اهللا عنھما، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم

، وھى شفاء من السم، والكمأة من المن ، وماؤھا شفاء الجنة )).للعین

إن ھذا فى عجوة المدینة، وھى أحد أصناف التمر بھا، : وقد قیلومن أنفع تمر الحجاز على اإلطالق، وھو صنف كریم، ملذذ، متین

.للجسم والقوة، من ألین التمر وأطیبھ وألذه

ذكر التمر وطبعھ ومنافعھ فى حرف التاء، والكالم على وقد تقدم .دفع العجوة للسم والسحر، فال حاجة إلعادتھ

من حدیث جابر، فى قصة أبى )) الصحیحین((تقدم فى : عنبرعبیدة، وأكلھم من العنبر شھرا، وأنھم تزودوا من لحمھ وشائق

لى النبى صلى اهللا علیھ وسلم، وھو إلى المدینة، وأرسلوا منھ إأحد ما یدل على أن إباحة ما فى البحر ال یختص بالسمك، وعلى أن

.میتتھ حالل

واعترض على ذلك بأن البحر ألقاه حیا، ثم جزر عنھ الماء، فمات، وھذا حالل، فإن موتھ بسبب مفارقتھ للماء، وھذا ال یصح، فإنھم

وه میتا بالساحل، ولم یشاھدوه قد خرج عنھ حیا، ثم جزر إنما وجد .عنھ الماء

Page 273: الطب النبوى

فلو كان حیا لما ألقاه البحر إلى ساحلھ، فإنھ من المعلوم : وأیضا .أن البحر إنما یقذف إلى ساحلھ المیت من حیواناتھ ال الحى منھا

شرطا فى فلو قدر احتمال ما ذكروه لم یجز أن یكون : وأیضااإلباحة، فإنھ ال یباح الشىء مع الشك فى سبب إباحتھ، ولھذا منع النبى صلى اهللا علیھ وسلم من أكل الصید إذا وجده الصائد غریقا

فى الماء للشك فى سبب موتھ، ھل ھو اآللة

أم الماء ؟

وأما العنبر الذى ھو أحد أنواع الطیب، فھو من أفخر أنواعھ بعد مسك، وأخطأ من قدمھ على المسك، وجعلھ سید أنواع الطیب، ال

ھو : ((وقد ثبت عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال فى المسك، وسیأتى إن شاء اهللا تعالى ذكر الخصائص ))أطیب الطیب

والمنافع التى خص بھا المسك، حتى إنھ طیب الجنة، والكثبان .مقاعد الصدیقین ھناك من مسك ال من عنبرالتى ھى

والذى غر ھذا القائل أنھ ال یدخلھ التغیر على طول الزمان، فھو كالذھب، وھذا ال یدل على أنھ أفضل من المسك، فإنھ بھذه

.الخاصیة الواحدة ال یقاوم ما فى المسك من الخواص

، فمنھ األبیض، واألشھب، فضروبھ كثیرة، وألوانھ مختلفة.. وبعد .واألحمر، واألصفر، واألخضر، واألزرق، واألسود، وذو األلوان

.األسود: وأردؤه. األشھب، ثم األزرق، ثم األصفر: وأجوده

ھو نبات ینبت فى : وقد اختلف الناس فى عنصره، فقالت طائفةفتھ رجیعا، قعر البحر، فیبتلعھ بعض دوابھ، فإذا ثملت منھ قذ

.فیقذفھ البحر إلى ساحلھ

طل ینزل من السماء فى جزائر البحر، فتلقیھ األمواج إلى : وقیل .الساحل

Page 274: الطب النبوى

.روث دابة بحریة تشبھ البقرة: وقیل

.زبد: بل ھو جفاء من جفاء البحر، أى: وقیل

حر، ھو فیما یظن ینبع من عین فى الب)): القانون((وقال صاحب .انتھى.. إنھ زبد البحر، أو روث دابة بعید: والذى یقال

ومزاجھ حار یابس، مقو للقلب، والدماغ، والحواس، وأعضاء البدن، نافع من الفالج واللقوة، واألمراض البلغمیة، وأوجاع

المعدة الباردة، والریاح الغلیظة، ومن السدد إذا شرب، أو طلى بھ وإذا تبخر بھ، نفع من الزكام، والصداع، والشقیقة من خارج،

.الباردة

یستعمل فى األدویة وھو : العود الھندى نوعان؛ أحدھما: عود .القسط، وسیأتى فى حرف القاف: الكست، ویقال لھ

األلوة: یستعمل فى الطیب، ویقال لھ: الثانى

ن عمر رضى اهللا عنھما، عن اب)): صحیحھ((وقد روى مسلم فى ، ))أنھ كان یستجمر باأللوة غیر مطراة، وبكافور یطرح معھا((

ھكذا كان یستجمر رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، وثبت : ویقول )).مجامرھم األلوة: ((عنھ فى صفة نعیم أھل الجنة

ر بھ من عود وغیره، جمع مجمر؛ وھو ما یتجم)): المجامر((و .الھندى، ثم الصینى، ثم القمارى، ثم المندلى: أجودھا: وھو أنواع

ما : األسود واألزرق الصلب الرزین الدسم، وأقلھ جودة: وأجوده .خف وطفا على الماء

إنھ شجر یقطع ویدفن فى األرض سنة، فتأكل األرض منھ : ویقالطیب، ال تعمل فیھ األرض شیئا، ویتعفن ما ال ینفع، ویبقى عود ال

.منھ قشره وما ال طیب فیھ

Page 275: الطب النبوى

وھو حار یابس فى الثالثة، یفتح السدد، ویكسر الریاح، ویذھب بفضل الرطوبة، ویقوى األحشاء والقلب ویفرحھ، وینفع الدماغ، ویقوى الحواس، ویحبس البطن، وینفع من سلس البول الحادث

.عن برد المثانة

العود ضروب كثیرة یجمعھا اسم األلوة، : قال ابن سمجونویستعمل من داخل وخارج، ویتجمر بھ مفردا ومع غیره، وفى

الخلط للكافور بھ عند التجمیر معنى طبى، وھو إصالح كل منھما باآلخر، وفى التجمر مراعاة جوھر الھواء وإصالحھ، فإنھ أحد

.اء الستة الضروریة التى فى صالحھا صالح األبداناألشی

قد ورد فیھ أحادیث كلھا باطلة على رسول اهللا صلى اهللا : عدسإنھ قدس على لسان : (( علیھ وسلم، لم یقل شیئا منھا، كحدیث

))سبعین نبیا

إنھ یرق القلب، ویغزر الدمعة، وإنھ مأكول : (( وحدیث، وأرفع شىء جاء فیھ وأصحھ، أنھ شھوة الیھود التى ))نالصالحی

.قدموھا على المن والسلوى، وھو قرین الثوم والبصل فى الذكر

: إحداھما. وطبعھ طبع المؤنث، بارد یابس، وفیھ قوتان متضادتانیطلقھا، وقشره حار یابس فى الثالثة، : واألخرى. یعقل الطبیعة

ق للبطن، وتریاقھ فى قشره، ولھذا كان صحاحھ أنفع حریف مطلمن مطحونھ، وأخف على المعدة، وأقل ضررا، فإن لبھ بطىء

الھضم لبرودتھ ویبوستھ، وھو مولد للسوداء، ویضر بالمالیخولیا .ضررا بینا، ویضر باألعصاب والبصر

جنبھ أصحاب السوداء، وإكثارھم وھو غلیظ الدم، وینبغى أن یتكالوسواس، والجذام، وحمى الربع، : منھ یولد لھم أدواء ردیئة

ویقلل ضرره السلق، واإلسفاناخ، وإكثار الدھن، وأردأ ما أكل بالنمكسود، ولیتجنب خلط الحالوة بھ، فإنھ یورث سددا كبدیة،

یعسر البول، ویوجب األورام وإدمانھ یظلم البصر لشدة تجفیفھ، و

Page 276: الطب النبوى

األبیض السمین، السریع : وأجوده. الباردة، والریاح الغلیظة .النضج

وأما ما یظنھ الجھال أنھ كان سماط الخلیل الذى یقدمھ ألضیافھ، فكذب مفترى، وإنما حكى اهللا عنھ الضیافة بالشواء، وھو العجل

.الحنیذ

سئل ابن المبارك عن الحدیث الذى : كر البیھقى عن إسحاق قالوذوال على : جاء فى العدس، أنھ قدس على لسان سبعین نبیا، فقالسلم بن : لسان نبى واحد، وإنھ لمؤذ منفخ، من حدثكم بھ ؟ قالوا

وعنى أیضا،،؟: قال. عنك: عمن ؟ قالوا: سالم، فقال

حرف الغین

ذكور فى القرآن فى عدة مواضع، وھو لذیذ االسم على م: غیثالسمع، والمسمى على الروح والبدن، تبتھج األسماع بذكره،

والقلوب بوروده، وماؤه أفضل المیاه، وألطفھا وأنفعھا وأعظمھا بركة، وال سیما إذا كان من سحاب راعد، واجتمع فى مستنقعات

.الجبال

ائر المیاه، ألنھ لم تطل مدتھ على األرض، وھو أرطب من سفیكتسب من یبوستھا، ولم یخالطھ جوھر یابس، ولذلك یتغیر

.ویتعفن سریعا للطافتھ وسرعة انفعالھ

.وھل الغیث الربیعى ألطف من الشتوى أو بالعكس ؟ فیھ قوالن

ینئذ أقل، فال حرارة الشمس تكون ح: قال من رجح الغیث الشتوىتجتذب من ماء البحر إال ألطفھ، والجو صاف وھو خال من األبخرة

الدخانیة، والغبار المخالط للماء، وكل ھذا یوجب لطفھ وصفاءه، .وخلوه من مخالط

Page 277: الطب النبوى

الحرارة توجب تحلل األبخرة الغلیظة، : وقال من رجح الربیعى، فیخف بذلك الماء، وتقل أجزاؤه وتوجب رقة الھواء ولطافتھ

األرضیة، وتصادف وقت حیاة النبات واألشجار وطیب الھواء

: وذكر الشافعى رحمھ اهللا عن أنس بن مالك رضى اهللا عنھما، قالكنا مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، فأصابنا مطر، فحسر

إنھ حدیث عھد : ((قالرسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ثوبھ، و، وقد تقدم فى ھدیھ فى االستسقاء ذكر استمطاره صلى اهللا ))بربھ

.علیھ وسلم وتبركھ بماء الغیث عند أول مجیئھ

حرف الفاء

وأم القرآن، والسبع المثانى، والشفاء التام، والدواء : فاتحة الكتابة، ومفتاح الغنى والفالح، وحافظة القوة، النافع، والرقیة التام

ودافعة الھم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارھا وأعطاھا حقھا، وأحسن تنزیلھا على دائھ، وعرف وجھ االستشفاء

.والتداوى بھا، والسر الذى ألجلھ كانت كذلك

. قتھولما وقع بعض الصحابة على ذلك، رقى بھا اللدیغ، فبرأ لو )).وما أدراك أنھا رقیة: ((فقال لھ النبى صلى اهللا علیھ وسلم

ومن ساعده التوفیق، وأعین بنور البصیرة حتى وقف على أسرار ھذه السورة، وما اشتملت علیھ من التوحید، ومعرفة الذات

واألسماء والصفات واألفعال، وإثبات الشرع والقدر والمعاد، ید الربوبیة واإللھیة، وكمال التوكل والتفویض إلى من وتجرید توح

لھ األمر كلھ، ولھ الحمد كلھ، وبیده الخیر كلھ، وإلیھ یرجع األمر كلھ، واالفتقار إلیھ فى طلب الھدایة التى ھى أصل سعادة الدارین،

وعلم ارتباط معانیھا بجلب مصالحھما، ودفع مفاسدھما، وأن اقبة المطلقة التامة، والنعمة الكاملة منوطة بھا، موقوفة على الع

التحقق بھا، أغنتھ عن كثیر من األدویة والرقى، واستفتح بھا من .الخیر أبوابھ، ودفع بھا من الشر أسبابھ

Page 278: الطب النبوى

وھذا أمر یحتاج استحداث فطرة أخرى، وعقل آخر، وإیمان آخر، دة، وال بدعة باطلة إال وفاتحة الكتاب وتاهللا ال تجد مقالة فاس

متضمنة لردھا وإبطالھا بأقرب الطرق، وأصحھا وأوضحھا، وال تجد بابا من أبواب المعارف اإللھیة، وأعمال القلوب وأدویتھا من

عللھا وأسقامھا إال وفى فاتحة الكتاب مفتاحھ، وموضع الداللة ائرین إلى رب العالمین إال وبدایتھ علیھ، وال منزال من منازل الس

.ونھایتھ فیھا

وما تحقق . ولعمر اهللا إن شأنھا ألعظم من ذلك، وھى فوق ذلكعبد بھا، واعتصم بھا، وعقل عمن تكلم بھا، وأنزلھا شفاء تاما،

وعصمة بالغة، ونورا مبینا، وفھمھا وفھم لوازمھا كما ینبغى وال شرك، وال أصابھ مرض من أمراض القلوب إال ووقع فى بدعة

.لماما، غیر مستقر

وإنھا المفتاح األعظم لكنوز األرض، كما أنھا المفتاح لكنوز .. ھذاالجنة، ولكن لیس كل واحد یحسن الفتح بھذا المفتاح، ولو أن طالب الكنوز وقفوا على سر ھذه السورة، وتحققوا بمعانیھا،

كبوا لھذا المفتاح أسنانا، وأحسنوا الفتح بھ، لوصلوا إلى تناول ور .الكنوز من غیر معاوق، وال ممانع

ولم نقل ھذا مجازفة وال استعارة؛، بل حقیقة، ولكن هللا تعالى حكمة بالغة فى إخفاء ھذا السر عن نفوس أكثر العالمین، كما لھ

والكنوز المحجوبة قد . نھمحكمة بالغة فى إخفاء كنوز األرض عاستخدم علیھا أرواح خبیثة شیطانیة تحول بین اإلنس وبینھا، وال

تقھرھا إال أرواح علویة شریفة غالبة لھا بحالھا اإلیمانى، معھا منھ أسلحة ال تقوم لھا الشیاطین، وأكثر نفوس الناس لیست بھذه

یقھرھا، وال ینال من سلبھا المثابة، فال یقاوم تلك األرواح وال شیئا، فإن من قتل قتیال فلھ سلبھ

ھى نور الحناء، وھى من أطیب الریاحین، وقد روى : فاغیةمن حدیث عبد اهللا بن بریدة، )) شعب اإلیمان((البیھقى فى كتابھ

Page 279: الطب النبوى

خرة سید الریاحین فى الدنیا واآل: (( عن أبیھ رضى اهللا عنھ یرفعھ، وروى فیھ أیضا، عن أنس بن مالك رضى اهللا عنھ، ))الفاغیة

كان أحب الریاحین إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ((قالواهللا أعلم بحال ھذین الحدیثین، فال نشھد على رسول )). الفاغیة

.اهللا صلى اهللا علیھ وسلم بما ال نعلم صحتھ

بس، فیھا بعض القبض، وإذا وضعت وھى معتدلة فى الحر والیبین طى ثیاب الصوف حفظتھا من السوس، وتدخل فى مراھم

.الفالج والتمدد، ودھنھا یحلل األعضاء، ویلین العصب

ثبت أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كان خاتمھ من : فضةة، ولم یصح عنھ فى فضة، وفصھ منھ، وكانت قبیعة سیفھ فض

المنع من لباس الفضة والتحلى بھا شىء البتة، كما صح عنھ المنع من الشرب فى آنیتھا، وباب اآلنیة أضیق من باب اللباس

والتحلى، ولھذا یباح للنساء لباسا وحلیة ما یحرم علیھن استعمالھ .والحلیة آنیة، فال یلزم من تحریم اآلنیة تحریم اللباس

فالمنع )). وأما الفضة فالعبوا بھا لعبا: (( عنھ)) السنن((وفى یحتاج إلى دلیل یبینھ، إما نص أو إجماع، فإن ثبت أحدھما، وإال

ففى القلب من تحریم ذلك على الرجال شىء، والنبى صلى اهللا ھذان : ((علیھ وسلم أمسك بیده ذھبا، وباألخرى حریرا، وقال

)).رام على ذكور أمتى، حل إلناثھمح

والفضة سر من أسرار اهللا فى األرض وطلسم الحاجات، وإحسان أھل الدنیا بینھم، وصاحبھا مرموق بالعیون بینھم، معظم فى النفوس، مصدر فى المجالس، ال تغلق دونھ األبواب، وال تمل

ستثقل مكانھ، تشیر األصابع إلیھ، مجالستھ، وال معاشرتھ، وال یوتعقد العیون نطاقھا علیھ، إن قال سمع قولھ، وإن شفع قبلت

شفاعتھ، وإن شھد زكیت شھادتھ، وإن خطب فكفء ال یعاب، وإن .كان ذا شیبة بیضاء فھى أجمل علیھ من حلیة الشباب

Page 280: الطب النبوى

والغم والحزن، وضعف وھى من األدویة المفرحة النافعة من الھمالقلب وخفقانھ، وتدخل فى المعاجین الكبار، وتجتذب بخاصیتھا ما

یتولد فى القلب من األخالط الفاسدة، خصوصا إذا أضیفت إلى .العسل المصفى، والزعفران

ومزاجھا إلى الیبوسة والبرودة، ویتولد عنھا من الحرارة والجنان التى أعدھا اهللا عز وجل ألولیائھ یوم والرطوبة ما یتولد،

جنتان من ذھب، وجنتان من فضة، آنیتھما وحلیتھما : یلقونھ أربع .وما فیھما

وقد ثبت عنھ صلى اهللا علیھ وسلم

الذى یشرب فى : ((من حدیث أم سلمة أنھ قال)) الصحیح((فى )).جرجر فى بطنھ نار جھنمآنیة الذھب والفضة إنما ی

ال تشربوا فى آنیة : ((وصح عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قالالذھب والفضة، وال تأكلوا فى صحافھما، فإنھا لھم فى الدنیا ولكم

)).فى اآلخرة

ى فاتت علة التحریم تضییق النقود، فإنھا إذا اتخذت أوان: فقیلالعلة : الحكمة التى وضعت ألجلھا من قیام مصالح بنى آدم، وقیل

العلة كسر قلوب الفقراء والمساكین إذا : وقیل. الفخر والخیالء .رأوھا وعاینوھا

وھذه العلل فیھا ما فیھا، فإن التعلیل بتضییق النقود یمنع من لیس بآنیة وال نقد، والفخر التحلى بھا وجعلھا سبائك ونحوھا مما

والخیالء حرام بأى شىء كان، وكسر قلوب المساكین ال ضابط لھ، فإن قلوبھم تنكسر بالدور الواسعة، والحدائق المعجبة، والمراكب

الفارھة، والمالبس الفاخرة، واألطعمة اللذیذة، وغیر ذلك من د العلة، ویتخلف المباحات، وكل ھذه علل منتقضة، إذ توج

.معلولھا

Page 281: الطب النبوى

فالصواب أن العلة واهللا أعلم ما یكسب استعمالھا القلب من الھیئة، والحالة المنافیة للعبودیة منافاة ظاھرة، ولھذا علل النبى صلى اهللا علیھ وسلم بأنھا للكفار فى الدنیا، إذ لیس لھم نصیب من العبودیة

بھا فى اآلخرة نعیمھا، فال یصلح استعمالھا لعبید اهللا التى ینالون فى الدنیا، وإنما یستعملھا من خرج عن عبودیتھ، ورضى بالدنیا

.وعاجلھا من اآلخرة

حرف القاف

وننزل من القرآن ما ھو شفاء ورحمة { : قال اهللا تعالى: قرآن ] 82: راءاإلس[} للمؤمنین

.ھھنا لبیان الجنس ال للتبعیض)) من((أن : والصحیح

یا أیھا الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما {: وقال تعالى ] .57: یونس[}فى الصدور

فالقرآن ھو الشفاء التام من جمیع األدواء القلبیة والبدنیة، وأدواء نیا واآلخرة، وما كل أحد یؤھل وال یوفق لالستشفاء بھ، وإذا الد

أحسن العلیل التداوى بھ، ووضعھ على دائھ بصدق وإیمان، وقبول .تام، واعتقاد جازم، واستیفاء شروطھ، لم یقاومھ الداء أبدا

لى وكیف تقاوم األدواء كالم رب األرض والسماء الذى لو نزل عالجبال، لصدعھا، أو على األرض، لقطعھا، فما من مرض من

أمراض القلوب واألبدان إال وفى القرآن سبیل الداللة على دوائھ .وسببھ، والحمیة منھ لمن رزقھ اهللا فھما فى كتابھ

وقد تقدم فى أول الكالم على الطب بیان إرشاد القرآن العظیم إلى لتى ھى حفظ الصحة والحمیة، واستفراغ أصولھ ومجامعھ ا

.المؤذى، واالستدالل بذلك على سائر أفراد ھذه األنواع

وأما األدویة القلبیة، فإنھ یذكرھا مفصلة، ویذكر أسباب أدوائھا أو لم یكفھم أنا أنزلنا علیك الكتاب یتلى { : قال. وعالجھا

Page 282: الطب النبوى

، فمن لم یشفھ القرآن، فال شفاه اهللا، ] 51: عنكبوتال[}علیھم .ومن لم یكفھ، فال كفاه اهللا

من حدیث عبد اهللا بن جعفر رضى اهللا عنھ )): السنن((فى : قثاء)). أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم كان یأكل القثاء بالرطب((

.ورواه الترمذى وغیره

طب فى الدرجة الثانیة، مطفىء لحرارة المعدة القثاء بارد رالملتھبة، بطىء الفساد فیھا، نافع من وجع المثانة، ورائحتھ تنفع

من الغشى، وبزره یدر البول، وورقھ إذا اتخذ ضمادا، نفع من .عضة الكلب

وھو بطىء االنحدار عن المعدة، وبرده مضر ببعضھا، فینبغى أن یستعمل معھ ما یصلحھ ویكسر برودتھ ورطوبتھ، كما فعل رسول

اهللا صلى اهللا علیھ وسلم إذ أكلھ بالرطب، فإذا أكل بتمر أو زبیب أو .عسل عدلھ

:قسط وكست

من حدیث أنس رضى اهللا عنھ، )): الصحیحین((وفى . بمعنى واحدتم بھ الحجامة خیر ما تداوی: ((عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم

)).والقسط البحرى

من حدیث أم قیـس، عن النبى صلى اهللا علیھ )): المسند((وفى علیكم بھذا العود الھندى، فإن فیھ سـبعة أشــفیة منھا : ((وسلم

)).ذات الجنب

: رواآلخ. البحرى: األبیض الذى یقال لھ: أحدھما. نوعان: القسطالھندى، وھو أشدھما حرا، واألبیض ألینھما، ومنافعھما كثیرة

.جدا

وھما حاران یابسان فى الثالثة، ینشفان البلغم، قاطعان للزكام، وإذا شربا، نفعا من ضعف الكبد والمعدة ومن بردھما، ومن حمى

Page 283: الطب النبوى

ن السموم، وإذا طلى بھ الدور والربع، وقطعا وجع الجنب، ونفعا م .الوجھ معجونا بالماء والعسل، قلع الكلف

ینفع من الكزاز، ووجع الجنبین، ویقتل حب )): جالینوس((وقال .القرع

...)یتبع(

وقد خفى على جھال األطباء نفعھ من وجع ذات الجنب، @ لنزلھ )) جالینوس((نقل عن فأنكروه، ولو ظفر ھذا الجاھل بھذا ال

منزلة النص، كیف وقد نص كثیر من األطباء المتقدمین على أن القسط یصلح للنوع البلغمى من ذات الجنب، ذكره الخطابى عن

.محمد بن الجھم

وقد تقدم أن طب األطباء بالنسبة إلى طب األنبیاء أقل من نسبة ة والعجائز إلى طب األطباء، وأن بین ما یلقى بالوحى، طب الطرقی

وبین ما یلقى بالتجربة، والقیاس من الفرق أعظم مما بین القدم .والفرق

ولو أن ھؤالء الجھال وجدوا دواء منصوصا عن بعض الیھود ، ولم والنصارى والمشركین من األطباء، لتلقوه بالقبول والتسلیم

.یتوقفوا على تجربتھ

نحن ال ننكر أن للعادة تأثیرا فى االنتفاع بالدواء وعدمھ، .. نعمفمن اعتاد دواء وغذاء، كان أنفع لھ، وأوفق ممن لم یعتده، بل

.ربما لم ینتفع بھ من لم یعتده

وكالم فضالء األطباء وإن كان مطلقا فھو بحسب األمزجة واألماكن والعوائد، وإذا كان التقیید بذلك ال یقدح فى واألزمنة،

كالمھم ومعارفھم، فكیف یقدح فى كالم الصادق المصدوق، ولكن نفوس البشر مركبة على الجھل والظلم، إال من أیده اهللا بروح

.اإلیمان، ونور بصیرتھ بنور الھدى

Page 284: الطب النبوى

: ة الصحیحة فى الحوضجاء فى بعض ألفاظ السـن: قصب السكرفى الحدیث إال فى )) السكر((وال أعرف )) ماؤه أحلى من السكر ((

.ھذا الموضع

والسكر حادث لم یتكلم فیھ متقدمو األطباء، وال كانوا یعرفونھ، وال .یصفونھ فى األشربة، وإنما یعرفون العسل، ویدخلونھ فى األدویة

سعال، ویجلو الرطوبة وقصب السكر حار رطب ینفع من الوالمثانة، وقصبة الرئة، وھو أشد تلیینا من السكر، وفیھ معونة

قال عفان بن مسلم . على القىء، ویدر البول، ویزید فى الباهمن مص قصب السكر بعد طعامھ، لم یزل یومھ أجمع فى : الصفار .انتھى.. سرور

لحلق إذا شوى، ویولد ریاحا دفعھا وھو ینفع من خشونة الصدر وا .بأن یقشر ویغسل بماء حار

األبیض : وأجوده. بارد: والسكر حار رطب على األصح، وقیلالشفاف الطبرزد، وعتیقھ ألطف من جدیده، وإذا طبخ ونزعت

فیھا رغوتھ، سكن العطش والسعال، وھو یضر المعدة التى تتولد الصفراء الستحالتھ إلیھا، ودفع ضرره بماء اللیمون أو النارنج،

.أو الرمان اللــفان

وبعض الناس یفضلھ على العسل لقلة حرارتھ ولینھ، وھذا تحامل منھ على العسل، فإن منافع العسل أضعاف منافع السكر، وقد جعلھ

ة، وأین نفع السكر من منافع اهللا شفاء ودواء، وإداما وحالومن تقویة المعدة، وتلیین الطبع، وإحداد البصر، وجالء : العسل

ظلمتھ، ودفع الخوانیق بالغرغرة بھ، وإبرائھ من الفالج واللقوة، ومن جمیع العلل الباردة التى تحدث فى جمیع البدن من الرطوبات،

جمیع البدن، وحفظ صحتھ وتسمینھ فیجذبھا من قعر البدن، ومن وتسخینھ، والزیادة فى الباه، والتحلیل والجالء، وفتح أفواه

العروق، وتنقیة المعى، وإحدار الدود، ومنع التخم وغیره من العفن، واألدم النافع، وموافقة من غلب علیھ البلغم والمشایخ

Page 285: الطب النبوى

شىء أنفع منھ للبدن، وفى فال : وبالجملة.. وأھل األمزجة الباردةالعالج وعجز األدویة، وحفظ قواھا، وتقویة المعدة إلى أضعاف ھذه المنافع، فأین للسكر مثل ھذه المنافع والخصائص أو قریب

منھا ؟

حرف الكاف

بلغ أبا عبد اهللا أنى حممت، فكتب لى : قال المروزى: كتاب للحمىبسم اهللا الرحمن الرحیم، بسم اهللا، وباهللا، : رقعة فیھامن الحمى

قلنا یا نار كونى بردا وسالما على إبراھیم {محمد رسول اهللا، ، اللھم ]70-69: األنبیاء [}وأرادوا بھ كیدا فجعلناھم األخسرین*

ل، اشف صاحب ھذا الكتاب رب جبرائیل، ومیكائیل، وإسرافی .بحولك وقوتك وجبروتك، إلھ الحق آمین

وقرأ على أبى عبد اهللا وأنا أسمع أبو المنذر عمرو : قال المروزىسألت أبا جعفر محمد بن : بن مجمع، حدثنا یونس بن حبان، قال

تاب اهللا أو كالم عن إن كان من ك: على، أن أعلق التعویذ، فقالأكتب ھذه من حمى : قلت. نبى اهللا فعلقھ واستشف بھ ما استطعت

أى : إلى آخره ؟ قال.... باسم اهللا، وباهللا، ومحمد رسول اهللا: الربع .نعم

وذكر أحمد عن عائشة رضى اهللا عنھا وغیرھا، أنھم سھلوا فى .ذلك

وكان ابن : قال أحمد. مد بن حنبلولم یشدد فیھ أح: قال حربوقال أحمد وقد سئل عن التمائم . مسعود یكرھھ كراھة شدیدة جدا

.أرجو أن ال یكون بھ بأس: تعلق بعد نزول البالء ؟ قال

رأیت أبى یكتب التعویذ : وحدثنا عبد اهللا بن أحمد، قال: قال الخالل .بالءللذى یفزع، وللحمى بعد وقوع ال

: حدثنى عبد اهللا بن أحمد، قال: قال الخالل: كتاب لعسر الوالدةرأیت أبى یكتب للمرأة إذا عسر علیھا والدتھا فى جام أبیض، أو

Page 286: الطب النبوى

ال إلھ إال اهللا : شىء نظیف، یكتب حدیث ابن عباس رضى اهللا عنھ رب الحلیم الكریم، سبحان اهللا رب العرش العظیم، الحمد هللا

كأنھم یوم یرون ما یوعدون لم یلبثوا إال ساعة من { : العالمینكأنھم یوم یرونھا لم یلبثوا إال {، ] 35: األحقاف[}نھار، بالغ

]46: النازعات[}عشیة أو ضحاھا

أن أبا عبد اهللا جاءه رجل : بكر المروزىأنبأنا أبو : قال الخاللیا أبا عبد اهللا؛ تكتب المرأة قد عسر علیھا ولدھا منذ یومین : فقال

یجئ بجام واسع، وزعفران، ورأیتھ یكتب لغیر : قل لھ: ؟ فقال .واحد

مر عیسى صلى اهللا على : ویذكر عن عكرمة، عن ابن عباس، قالیا : علیھ وسلم على بقرة قد اعترض ولدھا فى بطنھا، فقالتنبینا و

یا خالق : فقال. كلمة اهللا؛ ادع اهللا لى أن یخلصنى مما أنا فیھالنفس من النفس، ویا مخلص النفس من النفس، ویا مخرج

مة فرمت بولدھا، فإذا ھى قائ: قال. النفس من النفس، خلصھاوكل ما تقدم . فإذا عسر على المرأة ولدھا، فاكتبھ لھا: قال. تشمھ

.من الرقى، فإن كتابتھ نافعة

ورخص جماعة من السلف في كتابة بعض القرآن وشربھ، وجعل .ذلك من الشفاء الذي جعل اهللا فیھ

* إذا السماء انشقت {: یكتب في إناء نظیف: كتاب آخر لذلك} وألقت ما فیھا وتخلت* وإذا األرض مدت * قت وأذنت لربھا وح

.، وتشرب منھ الحامل، ویرش على بطنھا]4- 1: االنشقاق[

كان شیخ اإلسالم ابن تیمیة رحمھ اهللا یكتب على : كتاب للرعافوقیل یا أرض ابلعي ماءك، ویا سماء أقلعي وغیض {: جبھتھ

ر واحد كتبتھا لغی: وسمعتھ یقول]. 44: ھود[} الماء وقضي األمروال یجوز كتابتھا بدم الراعف، كما یفعلھ الجھال، فإن : فبرأ، فقال

.الدم نجس، فال یجوز أن یكتب بھ كالم اهللا تعالى

Page 287: الطب النبوى

خرج موسى علیھ السالم برداء، فوجد شعیبا، فشده : كتاب آخر لھ ].39: الرعد[} یمحو اهللا ما یشاء ویثبت وعنده أم الكتاب{بردائھ

فأصابھا إعصار فیھ نار، {: كتب علیھی: كتاب آخر للحزاز .بحول اهللا وقوتھ] 266: البقرة[} فاحترقت

یا أیھا الذین {: عند اصفرار الشمس یكتب علیھ: كتاب آخر لھآمنوا اتقوا اهللا وآمنوا برسولھ یؤتكم كفلین من رحمتھ ویجعل لكم

].28: الحدید[} نورا تمشون بھ، ویغفر لكم واهللا غفور رحیم

بسم اهللا : یكتب على ثالث ورقات لطاف: ر للحمى المثلثةكتاب آخفرت، بسم اهللا مرت، بسم اهللا قلت، ویأخذ كل یوم ورقة، ویجعلھا

.في فمھ، ویبتلعھا بماء

بسم اهللا الرحمن الرحیم، اللھم رب كل : كتاب آخر لعرق النساشيء، وملیك كل شيء، وخالق كل شيء، أنت خلقتني، وأنت

، فال تسلطھ علي بأذى، وال تسلطني علیھ بقطع، خلقت النسا .واشفني شفاء ال یغادر سقما، ال شافي إال أنت

من حدیث )): جامعھ((روى الترمذي في : كتاب للعرق الضاربأن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ابن عباس رضي اهللا عنھما

بسم اهللا: ((كان یعلمھم من الحمى، ومن األوجاع كلھا أن یقولواالكبیر، أعوذ باهللا العظیم من شر كل عرق نعار، ومن شر حر

)).النار

بسم اهللا : یكتب على الخد الذي یلي الوجع: كتاب لوجع الضرسقل ھو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع واألبصار {: الرحمن الرحیم

ولھ ما {: ، وإن شاء كتب]78: النحل[} واألفئدة قلیال ما تشكرون ].13: األنعام[} النھار وھو السمیع العلیمسكن في اللیل و

ویسألونك عن الجبال فقل ینسفھا ربي {: یكتب علیھ: كتاب للخراج: طھ[} نسفا فیذرھا قاعا صفصفا ال ترى فیھا عوجا وال أمتا

105.[

Page 288: الطب النبوى

الكمأة من : ((ثبت عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال: كمأة )).الصحیحین((ه في ، أخرجا))المن وماؤھا شفاء للعین

جمع، واحده كمء، وھذا خالف قیاس : الكمأة: قال ابن األعرابيالعربیة، فإن ما بینھ وبین واحده التاء، فالواحد منھ بالتاء، وإذا

وھل ھو جمع، أو اسم جمع ؟ على قولین . حذفت كان للجمعكمأة وكمء، : ولم یخرج عن ھذا إال حرفان: مشھورین، قالوا

: بل ھي على القیاس: وقال غیر ابن األعرابي وجبأة وجبء،الكمأة تكون واحدا : الكمأة للواحد، والكمء للكثیر، وقال غیرھما

.وجمعا

واحتج أصحاب القول األول بأنھم قد جمعوا كمئا على أكمؤ، قال :الشاعر

ولقد جنیتك أكمؤا وعساقال ولقد نھیتك عن بنات األوبر

.جمع)) وكمأة((رد، مف)) كمء((وھذا یدل على أن

والكمأة تكون في األرض من غیر أن تزرع، وسمیت كمأة إذا سترھا وأخفاھا، والكمأة مخفیة : الستتارھا، ومنھ كمأ الشھادة

تحت األرض ال ورق لھا، وال ساق، ومادتھا من جوھر أرضي بخاري محتقن في األرض نحو سطحھا یحتقن ببرد الشتاء،

ولد ویندفع نحو سطح األرض متجسدا، وتنمیھ أمطار الربیع، فیتجدري األرض، تشبیھا بالجدري في صورتھ : ولذلك یقال لھا

ومادتھ، ألن مادتھ رطوبة دمویة، فتندفع عند سن الترعرع في .الغالب، وفي ابتداء استیالء الحرارة، ونماء القوة

: وھي مما یوجد في الربیع، ویؤكل نیئا ومطبوخا، وتسمیھا العربت الرعد ألنھا تكثر بكثرتھ، وتنفطر عنھا األرض، وھي من نبا

أطعمة أھل البوادي، وتكثر بأرض العرب، وأجودھا ما كانت .أرضھا رملیة قلیلة الماء

Page 289: الطب النبوى

منھا صنف قتال یضرب لونھ إلى الحمرة یحدث : وھي أصناف .االختناق

وھي باردة رطبة في الدرجة الثالثة، ردیئة للمعدة، بطیئة الھضم، ا أدمنت، أورثت القولنج والسكتة والفالج، ووجع المعدة، وإذ

وعسر البول، والرطبة أقل ضررا من الیابسة ومن

أكلھا فلیدفنھا فى الطین الرطب، ویسلقھا بالماء والملح والصعتر، ویأكلھا بالزیت والتوابل الحارة، ألن جوھرھا أرضى غلیظ،

ى لطیف یدل على خفتھا، وغذاءھا ردىء، لكن فیھا جوھر مائواالكتحال بھا نافع من ظلمة البصر والرمد الحار، وقد اعترف

وممن ذكره المسیحى، . فضالء األطباء بأن ماءھا یجلو العین .وصاحب القانون، وغیرھما

:، فیھ قوالن))الكمأة من المن: (( وقولھ صلى اهللا علیھ وسلم

نزل على بنى إسرائیل لم یكن ھذا الحلو أن المن الذى أ: أحدھمافقط، بل أشیاء كثیرة من اهللا علیھم بھا من النبات الذى یوجد عفوا من غیر صنعة وال عالج والحرث، فان المن مصدر بمعنى المفعول

بھ فكل ما رزقھ اهللا العبد عفوا بغیر كسب منھ وال )) ممنون((أى سائر نعمھ منا منھ على عبده، عالج، فھو من محض، وإن كانت

، فإنھ من ))المن((فخص منھا ما ال كسب لھ فیھ، وال صنع باسم ، وھى ))الكمأة((بال واسطة العبد، وجعل سبحانھ قوتھم بالتیھ

، وھو یقوم مقام اللحم، ))السلوى((تقوم مقام الخبز، وجعل أدمھم ینزل على األشجار یقوم لھم مقام الذى )) الطل((وجعل حلواھم

.فكمل عیشھم. الحلوى

الكمأة من المن الذى أنزلھ : (( وتأمل قولھ صلى اهللا علیھ وسلمفجعلھا من جملتھ، وفردا من أفراده، )) اهللا على بنى إسرائیل

والترنجبین الذى یسقط على األشجار نوع من المن، ثم غلب .فا حادثااستعمال المن علیھ عر

Page 290: الطب النبوى

أنھ شبھ الكمأة بالمن المنزل من السماء، ألنھ : والقول الثانى .یجمع من غیر تعب وال كلفة وال زرع بزر وال سقى

فإذا كان ھذا شأن الكمأة، فما بال ھذا الضرر فیھا، ومن : فإن قلت أین أتاھا ذلك ؟

وأحسن كل شىء فاعلم أن اهللا سبحانھ أتقن كل شىء صنعھ،خلقھ، فھو عند مبدإ خلقھ برىء من اآلفات والعلل، تام المنفعة لما

ھیىء وخلق لھ، وإنما تعرض لھ اآلفات بعد ذلك بأمور أخر من مجاورة، أو امتزاج واختالط، أو أسباب أخر تقتضى فساده، فلو

.ساد بھ، لم یفسدترك على خلقتھ األصلیة من غیر تعلق أسباب الف

ومن لھ معرفة بأحوال العالم ومبدئھ یعرف أن جمیع الفساد فى جوه ونباتھ وحیوانھ وأحوال أھلھ، حادث بعد خلقھ بأسباب اقتضت

حدوثھ، ولم تزل أعمال بنى آدم ومخالفتھم للرسل تحدث لھم من ألمراض، الفساد العام والخاص ما یجلب علیھم من اآلالم، وا

واألسقام، والطواعین، والقحوط، والجدوب، وسلب بركات األرض، وثمارھا، ونباتھا، وسلب منافعھا، أو نقصانھا أمورا

.متتابعة یتلو بعضھا بعضا

ظھر الفساد فى البر {: فإن لم یتسع علمك لھذا فاكتف بقولھ تعالى، ونزل ھذه اآلیة على ]41:الروم [}ى الناسوالبحر بما كسبت أید

أحوال العالم، وطابق بین الواقع وبینھا، وأنت ترى كیف تحدث اآلفات والعلل كل وقت فى الثمار والزرع والحیوان، وكیف یحدث

من تلك اآلفات آفات أخر متالزمة، بعضھا آخذ برقاب بعض، وكلما را، أحدث لھم ربھم تبارك وتعالى من أحدث الناس ظلما وفجو

اآلفات والعلل فى أغذیتھم وفواكھھم، وأھویتھم ومیاھھم، وأبدانھم وخلقھم، وصورھم وأشكالھم وأخالقھم من النقص

.واآلفات، ما ھو موجب أعمالھم وظلمھم وفجورھم

ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغیرھا أكبر مما ھى الیوم، كما أنھ وجد : وقد روى اإلمام أحمد بإسناده. فیھا أعظمكانت البركة

Page 291: الطب النبوى

فى خزائن بعض بنى أمیة صرة فیھا حنطة أمثال نوى التمر وھذه القصة، ذكرھا فى . ھذا كان ینبت أیام العدل: مكتوب علیھا

على أثر حدیث رواه)) مسنده((

م وأكثر ھذه األمراض واآلفات العامة بقیة عذاب عذبت بھ األمالسالفة، ثم بقیت منھا بقیة مرصدة لمن بقیت علیھ بقیة من

أعمالھم، حكما قسطا، وقضاء عدال، وقد أشار النبى صلى اهللا إنھ بقیة رجز أو عذاب : (( علیھ وسلم إلى ھذا بقولھ فى الطاعون

)).أرسل على بنى إسرائیل

لى قوم سبع لیال وثمانیة وكذلك سلط اهللا سبحانھ وتعالى الریح عأیام، ثم أبقى فى العالم منھا بقیة فى تلك األیام، وفى نظیرھا عظة

.وعبرة

وقد جعل اهللا سبحانھ أعمال البر والفاجر مقتضیات آلثارھا فى ھذا العالم اقتضاء ال بد منھ، فجعل منع اإلحسان والزكاة والصدقة سببا

لسماء، والقحط والجدب، وجعل ظلم المساكین، لمنع الغیث من اوالبخس فى المكاییل والموازین، وتعدى القوى على الضعیف سببا لجور الملوك والوالة الذین ال یرحمون إن استرحموا، وال یعطفون

إن استعطفوا، وھم فى الحقیقة أعمال الرعایا ظھرت فى صور اهللا سبحانھ بحكمتھ وعدلھ یظھر للناس أعمالھم فى والتھم، فإن

قوالب وصور تناسبھا، فتارة بقحط وجدب، وتارة بعدو، وتارة بوالة جائرین، وتارة بأمراض عامة، وتارة بھموم وآالم وغموم

تحضرھا نفوسھم ال ینفكون عنھا، وتارة بمنع بركات السماء بتسلیط الشیاطین علیھم تؤزھم إلى أسباب واألرض عنھم، وتارة

. العذاب أزا، لتحق علیھم الكلمة، ولیصیر كل منھم إلى ما خلق لھوالعاقل یسیر بصیرتھ بین أقطار العالم، فیشاھده، وینظر مواقع

عدل اهللا وحكمتھ، وحینئذ یتبین لھ أن الرسل وأتباعھم خاصة علىسبیل النجاة، وسائر الخلق على سبیل الھالك سائرون، وإلى دار

.. البوار صائرون، واهللا بالغ أمره، ال معقب لحكمھ، وال راد ألمره وباهللا التوفیق

Page 292: الطب النبوى

)) وماؤھا شفاء للعین : (( وقولھ صلى اهللا علیھ وسلم فى الكمأة :فیھ ثالثة أقوال

ى األدویة التى یعالج بھا العین، ال أنھ أن ماءھا یخلط ف: أحدھا .یستعمل وحده، ذكره أبو عبید

أنھ یستعمل بحتا بعد شـیھا، واستقطار مائھا، ألن النار : الثانى .تلطفھ وتنضجھ، وتذیب فضالتھ ورطوبتھ المؤذیة، وتبقى المنافع

بھ من المطر، وھو أول أن المراد بمائھا الماء الذى یحدث : الثالثقطر ینزل إلى األرض، فتكون اإلضافة إضافة اقتران، ال إضافة

.جزء، ذكره ابن الجوزى، وھو أبعد الوجوه وأضعفھا

إن استعمل ماؤھا لتبرید ما فى العین، فماؤھا مجردا شفاء، : وقیل .وإن كان لغیر ذلك، فمركب مع غیره

أصلح األدویة للعین إذا عجن بھ اإلثمد ماء الكمأة: وقال الغافقىواكتحل بھ، ویقوى أجفانھا، ویزید الروح الباصرة قوة وحدة،

.ویدفع عنھا نزول النوازل

من حدیث جابر بن عبد اهللا رضى اهللا )): الصحیحین((فى : كباثالكباث، كنا مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم نجنى : عنھ، قال

:فقال

)).علیكم باألسود منھ، فإنھ أطیبھ((

الكباث بفتح الكاف، والباء الموحدة المخففة، والثاء المثلثة ثمر وھو بأرض الحجاز، وطبعھ حار یابس، ومنافعھ كمنافع . األراكیقوى المعدة، ویجید الھضم، ویجلو البلغم، وینفع من : األراكإذا شرب طحینھ، : قال ابن جلجل. ع الظھر، وكثیر من األدواءأوجا

Page 293: الطب النبوى

یقوى المعدة، ویمسك : أدر البول، ونقى المثانة، وقال ابن رضوان .الطبیعة

عن عثمان بن عبد اهللا ابن )): صحیحھ((روى البخارى فى : كتمعنھا، فأخرجت إلینا دخلنا على أم سلمة رضى اهللا: موھب، قال

شعرا من شعر رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم، فإذا ھو مخضوب .بالحناء والكتم

: عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال)): السنن األربعة((وفى )).إن أحسن ما غیرتم بھ الشیب الحناء والكتم((

هللا عنھ، أن أبا بكر رضى عن أنس رضى ا)): الصحیحین((وفى .اهللا عنھ اختضب بالحناء والكتم

مر : عن ابن عباس رضى اهللا عنھما، قال)): سنن أبى داود((وفى :على النبى صلى اهللا علیھ وسلم رجل قد خضب بالحناء، فقال

: قال؟، فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم، ف)) ما أحسن ھذا((ھذا : (( ، فمر آخر قد خضب بالصفرة، فقال))ھذا أحسن من ھذا((

)).أحسن من ھذا كلھ

الكتم نبت ینبت بالسھول، ورقھ قریب من ورق : ((قال الغافقىالزیتون، یعلو فوق القامة، ولھ ثمر قدر حب الفلفل، فى داخلھ

وإذا استخرجت عصارة ورقھ، وشرب منھا نوى، إذا رضخ اسود، وأصلھ إذا طبخ . قدر أوقیة، قیأ قیئا شدیدا، وینفع عن عضة الكلب

.بالماء كان منھ مداد یكتب بھ

بزر الكتم إذا اكتحل بھ، حلل الماء النازل فى العین : وقال الكندى .وأبرأھا

ھو الوسمة، وھى ورق النیل، وھذا وقد ظن بعض الناس أن الكتمالكتم )): ((الصحاح((قال صاحب . وھم، فإن الوسمة غیر الكتم

والوسمة نبات لھ : قیل. نبت یخلط بالوسمة یختضب بھ: بالتحریك

Page 294: الطب النبوى

ورق طویل یضرب لونھ إلى الزرقة أكبر من ورق الخالف، یشبھ .ؤتى بھ من الحجاز والیمنورق اللوبیاء، وأكبر منھ، ی

عن أنس رضى اهللا عنھ، أنھ )) الصحیح((قد ثبت فى : فإن قیل )).لم یختضب النبى صلى اهللا علیھ وسلم: ((قال

قد شھد بھ غیر أنس : قد أجاب أحمد بن حنبل عن ھذا وقال: قیلولیس . رضى اهللا عنھ على النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ خضب

شھد بمنزلة من لم یشھد، فأحمد أثبت خضاب النبى صلى اهللا من .علیھ وسلم، ومعھ جماعة من المحدثین، ومالك أنكره

النھى عن الخضاب بالسواد )) صحیح مسلم((قد ثبت فى : فإن قیلفى شأن أبى قحافة لما أتى بھ ورأسھ ولحیتھ كالثغامة بیاضا،

.والكتم یسود الشعر)). وا ھذا الشیب وجنبوه السوادغیر: ((فقال

أن النھى عن التسوید البحت، فأما : فالجواب من وجھین، أحدھماإذا أضیف إلى الحناء شىء آخر، كالكتم ونحوه، فال بأس بھ، فإن

الوسمة، الكتم والحناء یجعل الشعر بین األحمر واألسود بخالف .فإنھا تجعلھ أسود فاحما، وھذا أصح الجوابین

أن الخضاب بالسواد المنھى عنھ خضاب التدلیس، : الجواب الثانىكخضاب شعر الجاریة، والمرأة الكبیرة تغر الزوج، والسید بذلك، وخضاب الشیخ یغر المرأة بذلك، فإنھ من الغش والخداع، فأما إذا

یتضمن تدلیسا وال خداعا، فقد صح عن الحسن والحسین رضى لماهللا عنھما أنھما كانا یخضبان بالسواد، ذكر ذلك ابن جریر عنھما

، وذكره عن عثمان ابن عفان، وعبد اهللا ))تھذیب اآلثار((فى كتاب بن جعفر، وسعد بن أبى وقاص، وعقبة بن عامر، والمغیرة بن

.د اهللا، وعمرو بن العاصشعبة، وجریر بن عب

عمرو بن عثمان، وعلى بن : وحكاه عن جماعة من التابعین، منھمعبد اهللا بن عباس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن

Page 295: الطب النبوى

األسود، وموسى بن طلحة، والزھرى، وأیوب، وإسماعیل بن .معدى كرب

، وحكاه ابن الجوزى عن محارب بن دثار، ویزید، وابن جریجوأبى یوسف، وأبى إسحاق، وابن أبى لیلى، وزیاد بن عالقة، وغیالن بن جامع، ونافع بن جبیر، وعمرو بن على المقدمى،

والقاسم بن سالم

@

شجرة العنب، وھى الحبلة، ویكره تسمیتھا كرما، لما روى : كرمال : ((قال عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ)) صحیحھ((مسلم فى

: وفى روایة)). الرجل المسلم: یقولن أحدكم للعنب الكرم، الكرمالكرم، : ال تقولوا: ((، وفى أخرى))إنما الكرم قلب المؤمن((

)).العنب والحبلة: وقولوا

:وفى ھـذا معنیـان

الكرم، لكثرة منافعھا أن العرب كانت تسمى شجرة العنب: أحدھماوخیرھا، فكره النبى صلى اهللا علیھ وسلم تسمیتھا باسم یھیج

النفوس على محبتھا ومحبة ما یتخذ منھا من المسكر، وھو أم .الخبائث، فكره أن یسمى أصلھ بأحسن األسماء وأجمعھا للخیر

لیس ((، و))رعةلیس الشدید بالص: ((أنھ من باب قولھ: والثانىأنكم تسمون شجرة العنب كرما لكثرة : أى)). المسكین بالطواف

منافعھ، وقلب المؤمن أو الرجل المسلم أولى بھذا االسم منھ، فإن المؤمن خیر كلھ ونفع، فھو من باب التنبیھ والتعریف لما فى قلب

والنور، والھدى، والتقوى، المؤمن من الخیر، والجود، واإلیمان،والصفات التى یستحق بھا ھذا االسم أكثر من استحقاق الحبلة

فقوة الحبلة باردة یابسة، وورقھا وعالئقھا وعرموشھا .. وبعد.لھمبرد فى آخر الدرجة األولى، وإذا دقت وضمد بھا من الصداع

وعصارة قضبانھ إذا . عدةسكنتھ، ومن األورام الحارة والتھاب الم

Page 296: الطب النبوى

شربت سكنت القىء، وعقلت البطن، وكذلك إذا مضغت قلوبھا وعصارة ورقھا، تنفع من قروح األمعاء، ونفث الدم . الرطبة

ودمع شجره الذى یحمل على القضبان، . وقیئھ، ووجع المعدة كالصمغ إذا شرب أخرج الحصاة، وإذا لطخ بھ، أبرأ القوب

والجرب المتقرح وغیره، وینبغى غسل العضو قبل استعمالھا بالماء والنطرون، وإذا تمسح بھا مع الزیت حلق الشعر، ورماد

قضبانھ إذا تضمد بھ مع الخل ودھن الورد والسذاب، نفع من الورم العارض فى الطحال، وقوة دھن زھرة الكرم قابضة شبیھة

.ن الورد، ومنافعھا كثیرة قریبة من منافع النخلةبقوة دھ

روى فى حدیث ال یصح عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ : كرفسمن أكلھ ثم نام علیھ، نام ونكھتھ طیبة، وینام : ((وسلم، أنھ قال

، وھذا باطل على رسول اهللا ))آمنا من وجع األضراس واألسنانوسلم، ولكن البستانى منھ یطیب النكھة جدا، وإذا صلى اهللا علیھ

.علق أصلھ فى الرقبة نفع من وجع األسنان

رطب مفتح لسداد الكبد والطحال، وورقھ : وھو حار یابس، وقیلرطبا ینفع المعدة والكبد الباردة، ویدر البول والطمث، ویفتت

قال . قوى فى ذلك، ویھیج الباه، وینفع من البخرالحصاة، وحبھ أ .وینبغى أن یجتنب أكلھ إذا خیف من لدغ العقارب: الرازى

فیھ حدیث ال یصح عن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم بل : كراثمن أكل الكراث ثم نام علیھ نام آمنا من ریح : ((ھو باطل موضوع

)).واعتزلھ الملك لنتن نكھتھ حتى یصبح البواسیر

البقل الذى یوضع على : نبطى وشامى، فالنبطى: وھو نوعانالذى لھ رؤوس، وھو حار یابس مصدع، وإذا : والشامى. المائدة

وإن سحق . طبخ وأكل، أو شرب ماؤه، نفع من البواسیر الباردةن بقطران، وبخرت بھ األضراس التى فیھا الدود نثرھا بزره، وعج

وأخرجھا، ویسكن الوجع العارض فیھا، وإذا دخنت المقعدة ببزره .خفت البواسیر، ھذا كلھ فى الكراث النبطى

Page 297: الطب النبوى

وفیھ مع ذلك فساد األسنان واللثة، ویصدع، ویرى أحالما ردیئة، ینتن النكھة، وفیھ إدرار للبول والطمث، وتحریك ویظلم البصر، و

.للباه، وھو بطىء الھضم

حرف الالم

الطور [}وأمددناھم بفاكھة ولحم مما یشتھون{: قال اهللا تعالى: لحم ] .21: الواقعة[}ولحم طیر مما یشتھون{ : ، وقال]22:

من حدیث أبى الدرداء، عن رسول اهللا )) بن ماجھسنن ا((وفى )). سید طعام أھل الدنیا وأھل الجنة اللحم: ((صلى اهللا علیھ وسلم

)).خیر اإلدام فى الدنیا واآلخرة اللحم: ((ومن حدیث بریدة یرفعھ

على فضل عائشة:((عنھ صلى اهللا علیھ وسلم)) الصحیح((وفى )).النساء كفضل الثرید على سائر الطعام

:قال الشاعر. الخبز واللحم)): الثرید((و

إذا ما الخبز تأدمـھ بلحم فذاك أمانــة اهللا الثریـــد

: أكل اللحم یزید سبعین قوة، وقال محمد بن واسع: وقال الزھرىد فى البصر، ویروى عن على بن أبى طالب رضى اهللا اللحم یزی

:عنھ

كلوا اللحم، فإنھ یصفى اللون، ویخمص البطن، ویحسن ((كان ابن عمر إذا كان رمضان لم یفتھ اللحم، : ، وقال نافع))الخلق

بعین لیلة من تركھ أر: ویذكر عن على. وإذا سافر لم یفتھ اللحم .ساء خلقھ

: وأما حدیث عائشة رضى اهللا عنھا، الذى رواه أبو داود مرفــوعاال تقطعوا اللحم بالسكین، فإنھ من صنیع األعاجم، وانھشوه، ((

فرده اإلمام أحمد بما صح عنھ صلى اهللا علیھ )). فإنھ أھنأ وأمرأ .حدیثین، وقد تقدماوسلم من قطعھ بالسكین فى

Page 298: الطب النبوى

واللحم أجناس یختلف باختالف أصولھ وطبائعھ، فنذكر حكم كل .جنس وطبعھ ومنفعتھ ومضرتھ

حار فى الثانیة، رطب فى األولى، جیده الحولى، یولد : لحم الضأنالدم المحمود القوى لمن جاد ھضمھ، یصلح ألصحاب األمزجة

لة، وألھل الریاضات التامة فى المواضع والفصول الباردة والمعتدولحم . الباردة، نافع ألصحاب المرة السوداء، یقوى الذھن والحفظ

لحم الذكر : الھرم والعجیف ردىء، وكذلك لحم النعاج، وأجودهاألسود منھ، فإنھ أخف وألذ وأنفع، والخصى أنفع وأجود، واألحمر

مین أخف وأجود غذاء، والجذع من المعز أقل من الحیوان الس .تغذیة، ویطفو فى المعدة

وأفضل اللحم عائذه بالعظم، واألیمن أخف وأجود من األیسر، والمقدم أفضل من المؤخر، وكان أحب الشاة إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم مقدمھا، وكل ما عال منھ سوى الرأس كان أخف

: جود مما سفل، وأعطى الفرزدق رجال یشترى لھ لحما وقال لھوأ )).خذ المقدم، وإیاك والرأس والبطن، فإن الداء فیھما((

ولحم العنق جید لذیذ، سریع الھضم خفیف، ولحم الذراع أخف .اللحم وألذه وألطفھ وأبعده من األذى، وأسرعھ انھضاما

ھ كان یعجب رسول اهللا صلى اهللا علیھ أن)): الصحیحین((وفى .وسلم

سنن ابن ((وفى . ولحم الظھر كثیر الغذاء، یولد دما محمودا )).أطیب اللحم لحم الظھر: ((مرفوعا)) ماجھ

قلیل الحرارة، یابس، وخلطھ المتولد منھ لیس بفاضل : لحم المعزولحم التیس ردىء مطلقا، . غذاءولیس بجید الھضم، وال محمود ال

.شدید الیبس، عسر االنھضام، مولد للخلط السوداوى

Page 299: الطب النبوى

یا أبا عثمان؛ إیاك ولحم : قال لى فاضل من األطباء: قال الجاحظالمعز، فإنھ یورث الغم، ویحرك السوادء، ویورث النسیان، ویفسد

.الدم، وھو واهللا یخبل األوالد

إنما المذموم منھ المسن، وال سیما للمسنین، : ل بعض األطباءوقا و. وال رداءة فیھ لمن اعتاده

جعل الحولى منھ من األغذیة المعتدلة المعدلة )) جالینوس(( .للكیموس المحمود، وإناثھ أنفع من ذكوره

: سلمعن النبى صلى اهللا علیھ و)): سننھ((وقد روى النسائى فى أحسنوا إلى الماعز وأمیطوا عنھا األذى، فإنھا من دواب ((

.وفى ثبوت ھذا الحدیث نظر)). الجنة

وحكم األطباء علیھ بالمضرة حكم جزئى لیس بكلى عام، وھو بحسب المعدة الضعیفة، واألمزجة الضعیفة التى لم تعتده،

أھل الرفاھیة من أھل المدن، واعتادت المأكوالت اللطیفة، وھؤالء .وھم القلیلون من الناس

قریب إلى االعتدال، خاصة ما دام رضیعا، ولم یكن : لحم الجدىقریب العھد بالوالدة، وھو أسرع ھضما لما فیھ من قوة اللبن،

ملین للطبع، موافق ألكثر الناس فى أكثر األحوال، وھو ألطف من .دم المتولد عنھ معتدللحم الجمل، وال

بارد یابس، عسر االنھضام، بطىء االنحدار، یولد دما : لحم البقرسوداویا، ال یصلح إال ألھل الكد والتعب الشدید، ویورث إدمانھ األمراض السوداویة، كالبھق والجرب، والقوباء والجذام، وداء

وحمى الربع، وكثیر من األورام، الفیل، والسرطان، والوسواس،وھذا لمن لم یعتده، أو لم یدفع ضرره بالفلفل والثوم والدارصینى

.والزنجبیل ونحوه، وذكره أقل برودة، وأنثاه أقل یبسا

ولحم العجل وال سـیما السمین من أعدل األغذیة وأطیبھا وألذھا .، وإذا انھضم غذى غذاء قویاوأحمدھا، وھو حار رطب

Page 300: الطب النبوى

عن أسماء رضى اهللا عنھا، )) الصحیح((ثبت فى : لحم الفـرسنحرنا فرسا فأكلناه على عھد رسول اهللا صلى اهللا علیھ : قالتوثبت عنھ صلى اهللا علیھ وسلم أنھ أذن فى لحوم الخیل، . وسلم

.أخرجاه فى الصحیحین. ونھى عن لحوم الحمر

ثبت عنھ حدیث المقدام بن معدى كرب رضى اهللا عنھ أنھ نھى وال ی قالھ أبو داود وغیره من أھل الحدیث. عنھ

واقترانھ بالبغال والحمیر فى القرآن ال یدل على أن حكم لحمھ حكم لحومھا بوجھ من الوجوه، كما ال یدل على أن حكمھا فى السھم فى

بحانھ یقرن فى الذكر بین المتماثالت الغنیمة حكم الفرس، واهللا س: تارة، وبین المختلفات، وبین المتضادات، ولیس فى قولھ

ما یمنع من أكلھا، كما لیس فیھ ما یمنع من غیر } لتركبوھا{الركوب من وجوه االنتفاع، وإنما نص على أجل منافعھا، وھو

.حان ال معارض لھماالركوب، والحدیثان فى حلھا صحی

فلحمھا حار یابس، غلیظ سوداوى مضر ال یصلح لألبدان .. وبعد .اللطیفة

فرق ما بین الرافضة وأھل السـنة، كما أنھ أحد : لحم الجملفالیھود والرافضة تذمھ وال . الفروق بین الیھود وأھل اإلسالمدین اإلسالم حلھ، وطالما أكلھ تأكلھ، وقد علم باالضطرار من

رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم وأصحابھ حضرا وسفرا

ولحم الفصیل منھ من ألذ اللحوم وأطیبھا وأقواھا غذاء، وھو لمن اعتاده بمنزلة لحم الضأن ال یضرھم ألبتة، وال یولد لھم داء، وإنما

ى أھل الرفاھیة من أھل الحضر الذین ذمھ بعض األطباء بالنسبة إلال یعتادوه، فإن فیھ حرارة ویبسا، وتولیدا للسوداء، وھو عسر

االنھضام، وفیھ قوة غیر محمودة، ألجلھا أمر النبى صلى اهللا علیھ وسلم بالوضوء من أكلھ فى حدیثین صحیحین ال معارض لھما،

ألنھ خالف المعھود من الوضوء فى وال یصح تأویلھما بغسل الید، كالمھ صلى اهللا علیھ وسلم، لتفریقھ بینھ وبین لحم الغنم، فخیر

Page 301: الطب النبوى

ولو حمل . بین الوضوء وتركھ منھا، وحتم الوضوء من لحوم اإلبلمن مس : ((الوضوء على غسل الید فقط، لحمل على ذلك فى قولھ

)).فرجھ فلیتوضأ

آكلھا قد ال یباشر أكلھا بیده بأن یوضع فى فمھ، فإن فإن: وأیضاكان وضوؤه غسل یده، فھو عبث، وحمل لكالم الشارع على غیر

كان آخر األمرین : ((معھوده وعرفھ، وال یصح معارضتھ بحدیث من رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ترك الوضوء مما

:لعدة أوجھ)) مست النار

.ھذا عام، واألمر بالوضوء منھا خاص أن: أحدھا

أن الجھة مختلفة، فاألمر بالوضوء منھا بجھة كونھا لحم : الثانىإبل سواء أكان نیئا، أو مطبوخا، أو قدیدا، وال تأثیر للنار فى

وأما ترك الوضوء مما مست النار، ففیھ بیان أن مس . الوضوءء، فأین أحدھما من اآلخر ؟ ھذا فیھ إثبات النار لیس بسبب للوضو

سبب الوضوء، وھو كونھ لحم إبل، وھذا فیھ نفى لسبب الوضوء، .فال تعارض بینھما بوجھ. وھو كونھ ممسوس النار

أن ھذا لیس فیھ حكایة لفظ عام عن صاحب الشرع، وإنما : الثالثدم على اآلخر، متق: ھو إخبار عن واقعة فعل فى أمرین، أحدھما

أنھم قربوا إلى النبى صلى : ((كما جاء ذلك مبینا فى نفس الحدیثاهللا علیھ وسلم لحما، فأكل، ثم حضرت الصالة، فتوضأ فصلى، ثم قربوا إلیھ فأكل، ثم صلى، ولم یتوضأ، فكان آخر األمرین منھ ترك

، فاختصره الراوى ، ھكذا جاء الحدیث))الوضوء مما مست النارلمكان االستدالل، فأین فى ھذا ما یصلح لنسخ األمر بالوضوء منھ،

حتى لو كان لفظا عاما متأخرا مقاوما، لم یصلح للنسخ، ووجب .تقدیم الخاص علیھ، وھذا فى غایة الظھور

تقدم الحدیث فى حلھ، ولحمھ حار یابس، یقوى شھوة : لحم الضب .الجماع

Page 302: الطب النبوى

الغزال أصــلح الصید وأحمده لحما، وھو حار یابس، : ـ لحم الغـزالمعتدل جدا، نافع لألبدان المعتدلة الصحیحة، وجیده : وقیل

.الخشف

حار یابس فى األولى، مجفف للبدن، صالح لألبدان : ـ لحم الظبى .الرطبة

بى مع میلھ وأفضل لحوم الوحش لحم الظ)): القانون((قال صاحب .إلى السوداویة

عن أنـس بن مالك، )): الصـحیحین((ثبت فى : ـ لحم األرانبأنفجنا أرنبا فسعوا فى طلبھا، فأخذوھا، فبعث أبو طلحة :(( قال

)).بوركھا إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فقبلھ

ھا وركھا، معتدل إلى الحرارة والیبوسة، وأطیب: لحم األرنبوأحمده أكل لحمھا مشویا، وھو یعقل البطن، ویدر البول، ویفتت

.الحصى، وأكل رؤوسھا ینفع من الرعشة

من حدیث أبى قتادة )): الصحیحین((ثبت فى : ـ لحم حمار الوحشأنھم كانوا مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم : ((رضى اهللا عنھره، وأنھ صاد حمار وحش، فأمرھم النبى صلى اهللا فى بعض عم

)).علیھ وسلم بأكلھ وكانوا محرمین، ولم یكن أبو قتادة محرما

أكلنا زمن خیبر الخیل : ((عن جابر قال)): سنن ابن ماجھ((وفى )).وحمر الوحش

ا، إال أن لحمھ حار یابس، كثیر التغذیة، مولد دما غلیظا سوداویشحمھ نافع مع دھن القسط لوجع الظھر والریح الغلیظة المرخیة للكلى، وشحمھ جید للكلف طالء، وبالجملة فلحوم الوحوش كلھا

.تولد دما غلیظا سوداویا، وأحمده الغزال، وبعده األرنب

Page 303: الطب النبوى

ولیست بحرام لقولھ غیر محمودة الحتقان الدم فیھا،: لحوم األجنة )).ذكاة الجنین ذكاة أمھ: ((صلى اهللا علیھ وسلم

ومنع أھل العراق من أكلھ إال أن یدركھ حیا فیذكیھ، وأولوا الحدیث فھو حجة على : قالوا. على أن المراد بھ أن ذكاتھ كذكاة أمھأنھم سألوا رسول اهللا صلى التحریم، وھذا فاسد، فإن أول الحدیث

یا رسول اهللا؛ نذبح الشاة، فنجد فى بطنھا : اهللا علیھ وسلم، فقالوا )).كلوه إن شئتم فإن ذكاتھ ذكاة أمھ: ((جنینا، أفنأكلھ ؟ فقال

فالقیاس یقتضى حلھ، فإنھ ما دام حمال فھو جزء من : وأیضااتھا ذكاة لجمیع أجزائھا، وھذا ھو الذى أشار إلیھ أجزاء األم، فذك

، كما تكون ذكاتھا ذكاة ))ذكاتھ ذكاة أمھ: ((صاحب الشرع بقولھسائر أجزائھا، فلو لم تأت عنھ السـنة الصریحة بأكلھ، لكان

.القیاس الصحیح یقتضى حلھ

: اهللا عنھ قالمن حدیث ثوبان رضى )): السنن((فى : لحم القدیدذبحت لرسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم شاة ونحن مسافرون،

.فلم أزل أطعمھ منھ إلى المدینة)) أصلح لحمھا: ((فقال

أنفع من النمكسود، ویقوى األبدان، ویحدث حكة، ودفع : القدید .ضرره باألبازیر الباردة الرطبة، ویصلح األمزجة الحارة

حار یابس مجفف، جیده من السمین الرطب، یضر : مكسودوالنبالقولنج، ودفع مضرتھ طبخھ باللبن والدھن، ویصلح للمزاج

.الحار الرطب

فصل

فى لحوم الطیر

].21: الواقعة[}ولحم طیر مما یشتھون{ : قال اهللا تعالى

Page 304: الطب النبوى

إنك لتنظر إلى الطیر فى : ((وغیره مرفوعا)) مسند البزار((وفى )).الجنة، فتشتھیھ، فیخر مشویا بین یدیك

ذو المخلب، كالصقر والبازى : فالحرام. ومنھ حالل، ومنھ حراموالشـاھین، وما یأكل الجیـف كالنسر، والرخـم، واللقـلق،

ألبقع، واألسـود الكبیر، وما نھى عن قتلھ والعـقـعـق، والغـراب ا .كالھدھـد، والصرد، وما أمر بقتلھ كالحـدأة والغراب

:والحالل أصناف كثیرة، فمنھ

أن النبى ((من حدیث أبى موسى )) الصحیحین((ففى : الدجاج )).صلى اهللا علیھ وسلم أكل لحم الدجاج

ى، خفیف على المعدة، سریع الھضم، جید وھو حار رطب فى األولالخلط، یزید فى الدماغ والمنى، ویصفى الصوت، ویحسن اللون،

إن : ویقوى العقل، ویولد دما جیدا، وھو مائل إلى الرطوبة، ویقال .مداومة أكلھ تورث النقرس، وال یثبت ذلك

جا، وأقل رطوبة، والعتیق منھ دواء ینفع أسخن مزا: ولحم الدیكالقولنج والربو والریاح الغلیظة إذا طبخ بماء القرطم والشبث،

وخصیھا محمود الغذاء، سریع االنھضام، والفراریج سریعة .الھضم، ملینة للطبع، والدم المتولد منھا دم لطیف جید

یابس فى الثانیة، خفیف لطیف، سریع االنھضام، حار : لحم الدراج .مولد للدم المعتدل، واإلكثار منھ یحد البصر

.یولد الدم الجید، سریع االنھضام: لحم الحجل

حار یابس، ردىء الغذاء إذا أعتید، ولیس بكثیر : ـ لحم اإلوز .الفضول

عسر االنھضام، غیر موافق حار رطب، كثیر الفضول، : ـ لحم البط .للمعدة

Page 305: الطب النبوى

من حدیث بریھ بن عمر بن سفینة، )) السنن((فى : ـ لحم الحبارىأكلت مع رسول اهللا صلى :(( عن أبیھ، عن جده رضى اهللا عنھ قال

)).اهللا علیھ وسلم لحم حبارى

.التعبوھو حار یابس، عسر االنھضام، نافع ألصحاب الریاضة و

...)یتبع(

یابس خفیف، وفى حره وبرده خالف، یولد دما : لحم الكركى@ سوداویا، ویصلح ألصحاب الكد والتعب، وینبغى أن یترك بعد ذبحھ

.یوما أو یومین، ثم یؤكل

من حدیث )): سننھ((روى النسائى فى : ـ لحم العصافیر والقنابراهللا عنھ، أن النبى صلى اهللا علیھ وسلم عبد اهللا بن عمرو رضى

ما من إنسان یقتل عصفورا فما فوقھ بغیر حقھ إال سألھ اهللا : ((قالتذبحھ : ((یا رسول اهللا؛ وما حقھ ؟ قال: قیل)). عز وجل عنھا

)).فتأكلھ، وال تقطع رأسھ وترمى بھ

سمعت : عن عمرو بن الشرید، عن أبیھ قال :أیضا)) سننھ((وفى من قتل عصفورا عبثا، : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یقول

یا رب؛ إن فالنا قتلنى عبثا، ولم یقتلنى : عج إلى اهللا یقول )).لمنفعة

ومرقھ یلین ولحمھ حار یابس، عاقل للطبیعة، یزید فى الباه، الطبع، وینفع المفاصل، وإذا أكلت أدمغتھا بالزنجبیل والبصل،

.ھیجت شھوة الجماع، وخلطھا غیر محمود

حار رطب، وحشـیھ أقل رطوبة، وفراخھ أرطب : ـ لحم الحمامخاصیة، ما ربى فى الدور وناھضھ أخف لحما، وأحمد غذاء، ولحم

شفاء من االسترخاء والخدر والسكتة والرعشة، وكذلك ذكورھاوأكل فراخھا معین على النساء، وھو جید . شم رائحة أنفاسھا

Page 306: الطب النبوى

للكلى، یزید فى الدم، وقد روى فیھا حدیث باطل ال أصل لھ عن : أن رجال شكى إلیھ الوحدة، فقال: رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

وأجود من ھذا الحدیث أنھ صلى اهللا )). زوجا من الحمام اتخذ((شیطان یتبع : ((علیھ وسلم رأى رجال یتبع حمامة، فقال

)).شیطانة

وكان عثمان بن عفان رضى اهللا عنھ فى خطبتھ یأمر بقتل الكالب .وذبح الحمام

وھو من شر یابس، یولد السوداء، ویحبس الطبع، : ـ لحم القطا .الغذاء، إال أنھ ینفع من االستسقاء

حار یابس، ینفع المفاصل، ویضر بالكبد الحار، : ـ لحم السمانىودفع مضرتھ بالخل والكسفرة، وینبغى أن یجتنب من لحوم الطیر

.ما كان فى اآلجام والمواضع العفنة

المواشى، وأسرعھا ولحوم الطیر كلھا أسرع انھضاما من انھضاما أقلھا غذاء، وھى الرقاب واألجنحة، وأدمغتھا أحمد من

.أدمغة المواشى

: عن عبد اهللا بن أبى أوفى قال)): الصحیحین((فى : ـ الجــرادغزونا مع رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم سبع غزوات، نأكل ((

)).الجراد

الحوت والجراد، : حلت لنا میتتان ودمانأ: ((عنھ)) المسند((وفى یروى مرفوعا وموقوفا على ابن عمر رضى )). والكبد والطحال

.اهللا عنھ

وھو حار یابس، قلیل الغذاء، وإدامة أكلھ تورث الھزال، وإذا تبخر ھ بھ نفع من تقطیر البول وعسره، وخصوصا للنساء، ویتبخر ب

للبواسیر، وسمانھ یشوى ویؤكل للسع العقرب، وھو ضار .ألصحاب الصرع، ردىء الخلط

Page 307: الطب النبوى

فالجمھور على حلھ، وحرمھ : وفى إباحة میتتھ بال سبب قوالنمالك، وال خالف فى إباحة میتتھ إذا مات بسبب، كالكبس والتحریق

.ونحوه

فصل

فى ضرر المداومة على أكل اللحم

ى أن ال یداوم على أكل اللحم، فإنھ یورث األمراض الدمویة وینبغواالمتالئیة، والحمیات الحادة، وقال عمر بن الخطاب رضى اهللا

إیاكم واللحم، فإن لھ ضراوة كضراوة الخمر، وإن اهللا یبغض : عنھ .ذكره مالك فى الموطأ عنھ. أھل البیت اللحمى

تجعلوا أجوافكم مقبرة للحیوانال)): أبقراط((وقال

فى األلبان: فصل

وإن لكم فى األنعام لعبرة، نسقیكم مما فى { : قال اهللا تعالى: ـ اللبن: النحل[} بطونھ من بین فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربین

66.[

ھا أنھار من ماء غیر آسن وأنھار من لبن لم فی{ : وقال فى الجنة ]15: محمد[}یتغیر طعمھ

اللھم بارك : من أطعمھ اهللا طعاما فلیقل: ((مرفوعا)) السنن((وفى ھم بارك الل: لنا فیھ، وارزقنا خیرا منھ، ومن سقاه اهللا لبنا، فلیقل

لنا فیھ، وزدنا منھ، فإنى ال أعلم ما یجزئ من الطعام والشراب إال )).اللبن

وإن كان بسیطا فى الحس، إال أنھ مركب فى أصل الخلقة : اللبن. الجبنیة، والسمنیة، والمائیة: تركیبا طبیعیا من جواھر ثالثة

معتدلة الحرارة : والسمنیة. بة، مغذیة للبدنباردة رط: فالجبنیة. والرطوبة مالئمة للبدن اإلنسانى الصحیح، كثیرة المنافع

Page 308: الطب النبوى

واللبن على . حارة رطبة، مطلقة للطبیعة، مرطبة للبدن: والمائیةقوتھ عند حلبھ الحرارة : وقیل. اإلطالق أبرد وأرطب من المعتدل

.معتدل فى الحرارة والبرودة :والرطوبة، وقیل

وأجود ما یكون اللبن حین یحلب، ثم ال یزال تنقص جودتھ على ممر الساعات، فیكون حین یحلب أقل برودة، وأكثر رطوبة، والحامض بالعكس، ویختار اللبن بعد الوالدة بأربعین یوما،

ھ، وكان فیھ حالوة وأجوده ما اشتد بیاضھ، وطاب ریحھ، ولذ طعمیسیرة، ودسومة معتدلة، واعتدل قوامھ فى الرقة والغلظ، وحلب .من حیوان فتي صحیح، معتدل اللحم، محمود المرعى والمشرب

وھو محمود یولد دما جیدا، ویرطب البدن الیابس، ویغذو غذاء األمراض السوداویة، وإذا حسنا، وینفع من الوسواس والغم و

وشربھ . شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من األخالط العفنة .مع السكر یحسن اللون جدا

والحلیب یتدارك ضرر الجماع، ویوافق الصدر والرئة، جید ألصحاب السل، ردىء للرأس والمعدة، والكبد والطحال، واإلكثار

سنان واللثة، ولذلك ینبغى أن یتمضمض بعده بالماء، منھ مضر باألأن النبى صلى اهللا علیھ وسلم شرب لبنا، ثم )): الصحیحین((وفى

)).إن لھ دسما: ((دعا بماء فتمضمض وقال

وھو ردىء للمحمومین، وأصحاب الصداع، مؤذ للدماغ، والرأس لبصر والغشاء، ووجع والمداومة علیھ تحدث ظلمة ا. الضعیف

المفاصل، وسدة الكبد، والنفخ فى المعدة واألحشاء، وإصالحھ .بالعسل والزنجبیل المربى ونحوه، وھذا كلھ لمن لم یعتده

أغلظ األلبان وأرطبھا، وفیھ من الدسومة والزھومة : ـ لبن الضأنغمیا، ویحدث فى ما لیس فى لبن الماعز والبقر، یولد فضوال بل

الجلد بیاضا إذا أدمن استعمالھ، ولذلك ینبغى أن یشاب ھذا اللبن بالماء لیكون ما نال البدن منھ أقل، وتسكینھ للعطش أسرع،

.وتبریده أكثر

Page 309: الطب النبوى

لطیف معتدل، مطلق للبطن، مرطب للبدن الیابس، : ـ لبن المعز .الیابس، ونفث الدمنافع من قروح الحلق، والسعال

واللبن المطلق أنفع المشروبات للبدن اإلنسانى لما اجتمع فیھ من التغذیة والدمویة، والعتیاده حال الطفولیة، وموافقتھ للفطرة

.األصلیة

أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم أتى )): ((الصحیحین((وفى ر، وقدح من لبن، فنظر إلیھما، ثم أخذ لیلة أسرى بھ بقدح من خم

الحمد هللا الذى ھداك للفطرة، لو أخذت الخمر، : اللبن، فقال جبریلوالحامض منھ بطىء االستمراء، خام الخلط، )). غوت أمتك

.والمعدة الحارة تھضمھ وتنتفع بھ

صبھ، ویطلق البطن باعتدال، وھو یغذو البدن، ویخ: ـ لبن البقرمن أعدل األلبان وأفضلھا بین لبن الضأن ولبن المعز، فى الرقة

.والغلظ والدسم

علیكم : ((من حدیث عبد اهللا بن مسعود یرفعھ)): السنن((وفى )).بألبان البقر، فإنھا ترم من كل الشجر

فصل، وذكر منافعھ، فال حاجة تقدم ذكره فى أول ال: ـ لبن اإلبل .إلعادتھ

: قد ورد فیھ عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم: ھو الكندر: ـ لبان، وال یصح عنھ، ولكن یروى ))بخروا بیوتكم باللبان والصعتر((

علیك باللبان، فإنھ : عن على أنھ قال لرجل شكا إلیھ النسیانویذكر عن ابن عباس رضى اهللا . ویذھب بالنسیان یشجع القلب،

ویذكر . عنھما أن شربھ مع السكر على الریق جید للبول والنسیانعلیك : عن أنس رضى اهللا عنھ أنھ شكا إلیھ رجل النسیان، فقال

، بالكندر وانقعھ من اللیل، فإذا أصبحت، فخذ منھ شربة على الریق .فإنھ جید للنسیان

Page 310: الطب النبوى

ولھذا سبب طبیعى ظاھر، فإن النسیان إذا كان لسوء مزاج بارد رطب یغلب على الدماغ، فال یحفظ ما ینطبع فیھ، نفع منھ اللبان،

وأما إذا كان النسیان لغلبة شىء عارض، أمكن زوالھ سریعا عھ سھر، وحفظ األمور والفرق بینھما أن الیبوسى یتب. بالمرطبات

.الماضیة دون الحالیة، والرطوبى بالعكس

وقد یحدث النسیان أشیاء بالخاصیة، كحجامة نقرة القفا، وإدمان أكل الكسفرة الرطبة، والتفاح الحامض، وكثرة الھم والغم، والنظر

، واإلكثار من فى الماء الواقف، والبول فیھ، والنظر إلى المصلوبقراءة ألواح القبور، والمشى بین جملین مقطورین، وإلقاء القمل

.فى الحیاض، وأكل سؤر الفأر، وأكثر ھذا معروف بالتجربة

أن اللبان مسخن فى الدرجة الثانیة، ومجفف فى : والمقصودن األولى، وفیھ قبض یسیر، وھو كثیر المنافع، قلیل المضار، فم

أن ینفع من قذف الدم ونزفھ، ووجع المعدة، واستطالق : منافعھالبطن، ویھضم الطعام، ویطرد الریاح، ویجلو قروح العین، وینبت

اللحم فى سائر القروح، ویقوى المعدة الضعیفة، ویسخنھا، ویجفف البلغم، وینشف رطوبات الصدر، ویجلو ظلمة البصر،ویمنع القروح الخبیثة من االنتشار، وإذا مضغ وحده، أو مع

الصعتر الفارسى جلب البلغم، ونفع من اعتقال اللسان، ویزید فى الذھن ویذكیھ، وإن بخر بھ ماء، نفع من الوباء، وطیب رائحة

.الھواء

حرف المیم

كان العالم، بل ركنھ مادة الحیاة، وسید الشراب، وأحد أر: ماءاألصلى، فإن السموات خلقت من بخاره، واألرض من زبده، وقد

.جعل اهللا منھ كل شىء حى

ھل یغذو، أو ینفذ الغذاء فقط ؟ على قولین، وقد : وقد اختلف فیھ .تقدما، وذكرنا القول الراجح ودلیلھ

Page 311: الطب النبوى

حفظ على البدن رطوباتھ، ویرد وھو بارد رطب، یقمع الحرارة، وی .علیھ بدل ما تحلل منھ، ویرقق الغذاء، وینفذه فى العروق

:وتعتبر جودة الماء من عشرة طرق

.من لونھ بأن یكون صافیا: أحدھا

.من رائحتھ بأن ال تكون لھ رائحة البتة: الثانى

النیل من طعمھ بأن یكون عذب الطعم حلوه، كماء : الثالث .والفرات

.من وزنھ بأن یكون خفیفا رقیق القوام: الرابع

.من مجراه، بأن یكون طیب المجرى والمسلك: الخامس

.من منبعھ بأن یكون بعید المنبع: السادس

من بروزه للشمس والریح، بأن ال یكون مختفیا تحت : السابع .ارتھاألرض، فال تتمكن الشمس والریح من قص

.من حركتھ بأن یكون سریع الجرى والحركة: الثامن

.من كثرتھ بأن یكون لھ كثرة یدفع الفضالت المخالطة لھ: التاسع

من مصبھ بأن یكون آخذا من الشمال إلى الجنوب، أو من : العاشر .المغرب إلى المشرق

وإذا اعتبرت ھذه األوصاف، لم تجدھا بكمالھا إال فى األنھار .النیل، والفرات، وسیحون، وجیحون: األربعة

قال : من حدیث أبى ھریرة رضى اهللا عنھ قال)) الصحیحین((وفى سیحان، وجیحان، والنیل، : ((رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم

)).والفرات، كل من أنھار الجنة

Page 312: الطب النبوى

عة قبولھ للحر سر: وتعتبر خفة الماء من ثالثة أوجھ، أحدھاالماء الذى یسخن سریعا، ویبرد سریعا )): أبقراط((قال . والبرد

.أخف المیاه

.بالمیزان: الثانى

أن تبل قطنتان متساویتا الوزن بماءین مختلفین، ثم یجففا : الثالث .بالغا، ثم توزنا، فأیتھما كانت أخف، فماؤھا كذلك

اردا رطبا، فإن قوتھ تنتقل وتتغیر والماء وإن كان فى األصل بألسباب عارضة توجب انتقالھا، فإن الماء المكشوف للشمال

المستور عن الجھات األخر یكون باردا، وفیھ یبس مكتسب من .ریح الشمال، وكذلك الحكم على سائر الجھات األخر

ذلك المعدن، ویؤثر والماء الذى ینبع من المعادن یكون على طبیعة .فى البدن تأثیره

والماء العذب نافع للمرضى واألصحاء، والبارد منھ أنفع وألذ، وال ینبغى شربھ على الریق، وال عقیب الجماع، وال االنتباه من النوم،

وأما على . وال عقیب الحمام، وال عقیب أكل الفاكھة، وقد تقدمبھ إذا اضطر إلیھ، بل یتعین وال یكثر منھ، بل الطعام، فال بأس

یتمصصھ مصا، فإنھ ال یضره ألبتة، بل یقوى المعدة، وینھض .الشھوة، ویزیل العطش

والماء الفاتر ینفخ ویفعل ضد ما ذكرناه، وبائتھ أجود من طریھ خارج، والحار والبارد ینفع من داخل أكثر من نفعھ من. وقد تقدم

بالعكس، وینفع البارد من عفونة الدم، وصعود األبخرة إلى الرأس، ویدفع العفونات، ویوافق األمزجة واألسنان واألزمان

واألماكن الحارة، ویضر على كل حالة تحتاج إلى نضج وتحلیل، ان كالزكام واألورام، والشدید البرودة منھ یؤذى األسنان، واإلدم

.علیھ یحدث انفجار الدم والنزالت، وأوجاع الصدر

Page 313: الطب النبوى

والبارد والحار بإفراط ضاران للعصب وألكثر األعضاء، ألن أحدھما محلل، واآلخر مكثف، والماء الحار یسكن لذع األخالط

الحادة، ویحلل وینضج، ویخرج الفضول، ویرطب ویسخن، ویفسد ھ، ویطفو بالطعام إلى أعلى المعدة ویرخیھا، وال الھضم شرب

یسرع فى تسكین العطش، ویذبل البدن، ویؤدى إلى أمراض ردیئة، ویضر فى أكثر األمراض على أنھ صالح للشیوخ،

وأنفع ما استعمل من . وأصحاب الصرع، والصداع البارد، والرمد .خارج

بالشمس حدیث وال أثر، وال كرھھ أحد وال یصح فى الماء المسخن .من قدماء األطباء، وال عابوه، والشدید السخونة یذیب شحم الكلى

.وقد تقدم الكالم على ماء األمطار فى حرف الغین

عن النبى صلى اهللا )): الصحیحین((ثبت فى : ـ ماء الثلج والبرداللھم اغسلنى : ((رهعلیھ وسلم أنھ كان یدعو فى االستفتاح وغی

)).من خطایاى بماء الثلج والبرد

الثلج لھ فى نفسھ كیفیة حادة دخانیة، فماؤه كذلك، وقد تقدم وجھ الحكمة فى طلب الغسل من الخطایا بمائھ لما یحتاج إلیھ القلب من

ن التبرید والتصلیب والتقویة، ویستفاد من ھذا أصل طب األبدا .والقلوب، ومعالجة أدوائھا بضدھا

وماء البرد ألطف وألذ من ماء الثلج، وأما ماء الجمد وھو الجلید والثلج یكتسب كیفیة الجبال واألرض التى یسقط .فبحسب أصلھ

علیھا فى الجودة والرداءة، وینبغى تجنب شرب الماء المثلوج لطعام الحار، وألصحاب عقیب الحمام والجماع، والریاضة وا

.السعال، ووجع الصدر، وضعف الكبد، وأصحاب األمزجة الباردة

میاه اآلبار قلیلة اللطافة، وماء القنى المدفونة : ماء اآلبار والقنىتحت األرض ثقیل، ألن أحدھما محتقن ال یخلو عن تعفن، واآلخر

على الفور حتى یصمد محجوب عن الھواء، وینبغى أال یشرب

Page 314: الطب النبوى

للھواء، وتأتى علیھ لیلة، وأردؤه ما كانت مجاریھ من رصاص، أو كانت بئره معطلة، وال سیما إذا كانت تربتھا ردیئة، فھذا الماء

.وبىء وخیم

سید المیاه وأشرفھا وأجلھا قدرا، وأحبھا إلى النفوس : ماء زمزمسھا عند الناس، وھو ھزمة جبریل، وسقیا اهللا وأغالھا ثمنا، وأنف

.إسماعیل

عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم، أنھ قال )): الصحیح((وثبت فى ألبى ذر وقد أقام بین الكعبة وأستارھا أربعین ما بین یوم ولیلة،

م إنھا طعا: ((لیس لھ طعام غیره؛ فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلم )).وشفاء سقم: ((وزاد غیر مسلم بإسناده)). طعم

من حدیث جابر بن عبد اهللا، عن النبى )): سنن ابن ماجھ((وفى وقد )). ماء زمزم لما شرب لھ: ((صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال

ضعف ھذا الحدیث طائفة بعبد اهللا ابن المؤمل راویھ عن محمد بن قد روینا عن عبد اهللا بن المبارك، أنھ لما حج، أتى و. المنكدر

اللھم إن ابن أبى الموالى حدثنا عن محمد بن : زمزم، فقالالمنكدر، عن جابر رضى اهللا عنھ، عن نبیك صلى اهللا علیھ وسلم

، وإنى أشربھ لظمإ یوم ))ماء زمزم لما شرب لھ: ((أنھ قالوابن أبى الموالى ثقة، فالحدیث إذا حسن، وقد صححھ . .القیامة

.بعضھم، وجعلھ بعضھم موضوعا، وكال القولین فیھ مجازفة

وقد جربت أنا وغیرى من االستشفاء بماء زمزم أمورا عجیبة، واستشفیت بھ من عدة أمراض، فبرأت بإذن اهللا، وشاھدت من

قریبا من نصف الشھر، أو أكثر، وال یتغذى بھ األیام ذوات العدد یجد جوعا، ویطوف مع الناس كأحدھم، وأخبرنى أنھ ربما بقى

علیھ أربعین یوما، وكان لھ قوة یجامع بھا أھلھ، ویصوم، ویطوف .مرارا

أحد أنھار الجنة، أصلھ من وراء جبال القمر فى أقصى : ـ ماء النیلع ھناك، وسیول یمد بعضھا بعضا، بالد الحبشة من أمطار تجتم

Page 315: الطب النبوى

فیسوقھ اهللا تعالى إلى األرض الجرز التى ال نبات لھا، فیخرج بھ ولما كانت األرض التى یسوقھ . زرعا، تأكل منھ األنعام واألنام

إلیھا إبلیزا صلبة، إن أمطرت مطر العادة، لم ترو، ولم تتھیأ رت المساكن والساكن، للنبات، وإن أمطرت فوق العادة، ض

وعطلت المعایش والمصالح، فأمطر البالد البعیدة، ثم ساق تلك األمطار إلى ھذه األرض فى نھر عظیم، وجعل سبحانھ زیادتھ فى

أوقات معلومة على قدر رى البالد وكفایتھا، فإذا أروى البالد م المصلحة بالتمكن من وعمھا، أذن سبحانھ بتناقصھ وھبوطھ لتت

الزرع، واجتمع فى ھذا الماء األمور العشرة التى تقدم ذكرھا، .وكان من ألطف المیاه وأخفھا وأعذبھا وأحالھا

: ثبت عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال فى البحر: ماء البحرملحا وقد جعلھ اهللا سبحانھ)). ھو الطھور ماؤه الحل میـتتھ((

أجاجا مرا زعاقا لتمام مصالح من ھو على وجھ األرض من اآلدمیین والبھائم، فإنھ دائم راكد كثیر الحیوان، وھو یموت فیھ

كثیرا وال یقبر، فلو كان حلوا ألنتن من إقامتھ وموت حیواناتھ فیھ لك، وینتن وأجاف، وكان الھواء المحیط بالعالم یكتسب منھ ذ

ویجیف، فیفسد العالم، فاقتضت حكمة الرب سبحانھ وتعالى أن جعلھ كالمالحة التى لو ألقى فیھ جیف العالم كلھا وأنتانھ وأمواتھ

لم تغیره شیئا، وال یتغیر على مكثھ من حین خلق، وإلى أن یطوى وأما الفاعلى، . ب لملوحتھاهللا العالم، فھذا ھو السبب الغائي الموج

.فكون أرضھ سبخة مالحة

فاالغتسال بھ نافع من آفات عدیدة فى ظاھر الجلد، وشربھ .. وبعدمضر بداخلھ وخارجھ، فإنھ یطلق البطن، ویھزل، ویحدث حكة

وجربا، ونفخا وعطشا، ومن اضطر إلى شربھ فلھ طرق من العالج .ھیدفع بھ مضرت

...)یتبع(

Page 316: الطب النبوى

أن یجعل فى قدر، ویجعل فوق القدر قصبات وعلیھا : منھا@ صوف جدید منفوش، ویوقد تحت القدر حتى یرتفع بخارھا إلى الصوف، فإذا كثر عصره، وال یزال یفعل ذلك حتى یجتمع لھ ما یرید، فیحصل فى الصوف من البخار ما عذب، ویبقى فى القدر

.عاقالز

أن یحفر على شاطئھ حفرة واسعة یرشح ماؤه إلیھا، ثم : ومنھاإلى جانبھا قریبا منھا أخرى ترشح ھى إلیھا، ثم ثالثة إلى أن یعذب

وإذا ألجأتھ الضرورة إلى شرب الماء الكدر، فعالجھ أن . الماء یلقى فیھ نوى المشمش، أو قطعة من خشب الساج، أو جمراملتھبا یطفأ فیھ، أو طینا أرمنیا، أو سویق حنطة، فإن كدرتھ

.ترسب إلى أسفل

، عن أبى سعید الخدرى رضى ))صحیح مسلم((ثبت فى : مسـكأطیب الطیب : ((اهللا عنھ، عن النبى صلى اهللا علیھ وسلم أنھ قال

)).المسك

كنت أطیب : (( عنھاعن عائشة رضى اهللا)) الصحیحین((وفى النبى صلى اهللا علیھ وسلم قبل أن یحرم ویوم النحر قبل أن یطوف

)).بالبیت بطیب فیھ مسك

ملك أنواع الطیب، وأشرفھا وأطیبھا، وھو الذى تضرب بھ : المسكة، وھو األمثال، ویشبھ بھ غیره، وال یشبھ بغیره، وھو كثبان الجن

حار یابس فى الثانیة، یسر النفس ویقویھا، ویقوى األعضاء نافع . الباطنة جمیعھا شربا وشما، والظاھرة إذا وضع علیھا

للمشایخ، والمبرودین، ال سیما زمن الشتاء، جید للغشى والخفقان، وضعف القوة بإنعاشھ للحرارة الغریزیة، ویجلو بیاض

عین، وینشف رطوبتھا، ویفش الریاح منھا ومن جمیع األعضاء، الویبطل عمل السموم، وینفع من نھش األفاعى، ومنافعھ كثیرة

.جدا، وھو أقوى المفرحات

Page 317: الطب النبوى

علیكم بالمرزنجوش، : ((ورد فیھ حدیث ال نعلم صحتھ: مرزنجوش .لزكاما)): الخشام((و)). فإنھ جید للخشام

وھو حار فى الثالثة یابس فى الثانیة، ینفع شمھ من الصداع البارد، والكائن عن البلغم، والسوداء، والزكام، والریاح الغلیظة، ویفتح السدد الحادثة فى الرأس والمنخرین، ویحلل أكثر األورام

ة، وإذا الباردة، فینفع من أكثر األورام واألوجاع الباردة الرطباحتمل، أدر الطمث، وأعان على الحبل، وإذا دق ورقھ الیابس، وكمد بھ، أذھب آثار الدم العارض تحت العین، وإذا ضمد بھ مع

ودھنھ نافع لوجع الظھر والركبتین، . الخل، نفع لسعة العقربلماء، وإذا ویذھب باإلعیاء، ومن أدمن شمھ لم ینزل فى عینیھ ا

استعط بمائھ مع دھن اللوز المر، فتح سدد المنخرین، ونفع من الریح العارضة فیھا، وفى الرأس

سـید : ((من حدیث أنس یرفعھ)): سننھ((روى ابن ماجھ فى : ملحھو الذى یصلحھ، ویقوم علیھ، : وسید الشىء)). إدامكم الملح

.الملحوغالب اإلدام إنما یصلح ب

سیوشك أن تكونوا فى الناس : ((مرفوعا)) مسند البزار((وفى )).مثل الملح فى الطعام، وال یصلح الطعام إال بالملح

عن عبد اهللا بن عمر رضى اهللا )): تفسیره((وذكر البغوى فى ء إلى إن اهللا أنزل أربع بركات من السما: ((عنھما مرفوعا

.والموقوف أشبھ)). الحدید، والنار، والماء، والملح: األرض

الملح یصلح أجسام الناس وأطعمتھم، ویصلح كل شىء یخالطھ حتى الذھب والفضة، وذلك أن فیھ قوة تزید الذھب صفرة، والفضة

الغلیظة، وتنشیف بیاضا، وفیھ جالء وتحلیل، وإذھاب للرطوبات لھا، وتقویة لألبدان، ومنع من عفونتھا وفسادھا، ونفع من الجرب

وإذا اكتحل بھ، قلع اللحم الزائد من العین، ومحق . المتقرحواألندرانى أبلغ فى ذلك، ویمنع القروح الخبیثة من . الظفرة

أصحاب االستسقاء، االنتشار، ویحدر البراز، وإذا دلك بھ بطون

Page 318: الطب النبوى

نفعھم، وینقى األسنان، ویدفع عنھا العفونة، ویشد اللثة ویقویھا، ومنافعھ كثیرة جدا

حرف النون

عن )): الصحیحین((مذكور فى القرآن فى غیر موضع، وفى : نخلبینا نحن عند رسول اهللا صلى اهللا : ابن عمر رضى اهللا عنھما، قال

: ذ أتى بجمار نخلة، فقال النبى صلى اهللا علیھ وسلمعلیھ وسلم، إإن من الشجر شجرة مثلھا مثل الرجل المسلم ال یسقط ورقھا، ((

أخبرونى ما ھى ؟ فوقع الناس فى شجر البوادى، فوقع فى نفسى ذا أنا أصغر ھى النخلة، ثم نظرت فإ: أنھا النخلة، فأردت أن أقول

ھى : ((القوم سنا، فسكت، فقال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلمألن تكون قلتھا أحب إلى من كذا : ، فذكرت ذلك لعمر، فقال))النخلة

ففى ھذا الحدیث إلقاء العالم المسائل على أصحابھ، . وكذا .وتمرینھم، واختبار ما عندھم

.مثال والتشبیھوفیھ ضرب األ

وفیھ ما كان علیھ الصحابة من الحیاء من أكابرھم وإجاللھم وفیھ فرح الرجل بإصابة ولده، . وإمساكھم عن الكالم بین أیدیھم

وتوفیقھ للصواب وفیھ أنھ ال یكره للولد أن یجیب بما یعرف بحضرة أبیھ، وإن لم یعرفھ األب، ولیس فى ذلك إساءة أدب

یھ ما تضمنھ تشبیھ المسلم بالنخلة من كثرة خیرھا، ودوام وف.علیھ .ظلھا، وطیب ثمرھا، ووجوده على الدوام

وثمرھا یؤكل رطبا ویابسا، وبلحا ویانعا، وھو غذاء ودواء وقوت وحلوى، وشراب وفاكھة، وجذوعھا للبناء واآلالت واألوانى،

األوانى والمراوح، وغیر ویتخذ من خوصھا الحصر والمكاتل وذلك، ومن لیفھا الحبال والحشایا وغیرھا، ثم آخر شىء نواھا

علف لإلبل، ویدخل فى األدویة واألكحال، ثم جمال ثمرتھا ونباتھا وحسن ھیئتھا، وبھجة منظرھا، وحسن نضد ثمرھا، وصنعتھ وبھجتھ، ومسرة النفوس عند رؤیتھ، فرؤیتھا مذكرة لفاطرھا

Page 319: الطب النبوى

خالقھا، وبدیع صنعتھ، وكمال قدرتھ، وتمام حكمتھ، وال شىء و .أشبھ بھا من الرجل المؤمن، إذ ھو خیر كلھ، ونفع ظاھر وباطن

وھى الشجرة التى حن جذعھا إلى رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم لما فارقھ شوقا إلى قربھ، وسماع كالمھ، وھى التى نزلت تحتھا

.ا ولدت عیسى علیھ السالممریم لم

أكرموا عمتكم النخلة، فإنھا : ((وقد ورد فى حدیث فى إسناده نظر )).خلقت من الطین الذى خلق منھ آدم

وقد اختلف الناس فى تفضیلھا على الحبلة أو بالعكس على قولین، أحدھما وقد قرن اهللا بینھما فى كتابھ فى غیر موضع، وما أقرب

من صاحبھ، وإن كان كل واحد منھما فى محل سلطانھ ومنبتھ، .واألرض التى توافقھ أفضل وأنفع

علیكم بشـم النرجس فإن فى القلب : ((فیھ حدیث ال یصح: نرجس )).حبة الجنون والجذام والبرص، ال یقطعھا إال شم النرجس

الثانیة، وأصلھ یدمل القروح الغائرة إلى وھو حار یابس فى العصب، ولھ قوة غسالة جالیة جابذة، وإذا طبخ وشرب ماؤه، أو

أكل مسلوقا، ھیج القىء، وجذب الرطوبة من قعر المعدة، وإذا ت طبخ مع الكرسنة والعسل، نقى أوساخ القروح، وفجر الدبیال

.العسرة النضج

وزھره معتدل الحرارة، لطیف ینفع الزكام البارد، وفیھ تحلیل قوى، ویفتح سدد الدماغ والمنخرین، وینفع من الصداع الرطب

والسوداوى، ویصدع الرؤوس الحارة، والمحرق منھ إذا شق شمھ فى الشتاء بصلھ صلیبا، وغرس، صار مضاعفا، ومن أدمن

أمن من البرسام فى الصیف، وینفع من أوجاع الرأس الكائنة من البلغم والمرة السوداء، وفیھ من العطریة ما یقوى القلب والدماغ،

شمھ )): ((التیسیر((وقال صاحب . وینفع من كثیر من أمراضھا )).یذھب بصرع الصبیان

Page 320: الطب النبوى

ن حدیث أم سلمة رضى اهللا عنھا، أن م: روى ابن ماجھ: نورةالنبى صلى اهللا علیھ وسلم كان إذا اطلى بدأ بعورتھ، فطالھا

.بالنورة، وسائر جسده أھلھ، وقد ورد فیھا عدة أحادیث ھذا أمثلھا

سلیمان بن : إن أول من دخل الحمام، وصنعت لھ النورة: وقد قیل .داود

كلس جزآن، وزرنیخ جزء، یخلطان بالماء، ویتركان فى : أصلھاوثم یطلى بھ، . الشمس أو الحمام بقدر ما تنضج، وتشتد زرقتھ

ویجلس ساعة ریثما یعمل، وال یمس بماء، ثم یغسل، ویطلى .مكانھا بالحناء إلذھاب ناریتھا

إن آدم : ((مرفوعا)) لطب النبوىا((ذكر أبو نعیم فى كتابھ : نبق )).لما أھبط إلى األرض كان أول شىء أكل من ثمارھا النبق

وقد ذكر النبى صلى اهللا علیھ وسلم النبق فى الحدیث المتفق على أنھ رأى سدرة المنتھى لیلة أسرى بھ، وإذا نبقھا مثل قالل : صحتھ

.ھجر

ثمر شجر السدر یعقل الطبیعة، وینفع من اإلسھال، ویدبغ : نبقوالالمعدة، ویسكن الصفراء، ویغذو البدن، ویشھى الطعام، ویولد بلغما، وینفع الذرب الصفراوى، وھو بطىء الھضم، وسویقھ یقوى الحشا، وھو یصلح األمزجة الصفراویة، وتدفع مضرتھ

. واختلف فیھ، ھل ھو رطب أو یابس ؟ على قولین. الشھدب .أن رطبھ بارد رطب، ویابسھ بارد یابس: والصحیح

حرف الھاء

ورد فیھا ثالثة أحادیث ال تصح عن رسول اهللا صلى اهللا : ھندباكلوا : ((أحدھا.. علیھ وسلم، وال یثبت مثلھا، بل ھى موضوعة

فضوه فإنھ لیس یوم من األیام إال وقطرات من الجنة الھندباء وال تنمن أكل الھندباء، ثم نام علیھا لم یحل فیھ : ((الثانى)). تقطر علیھ

Page 321: الطب النبوى

ما من ورقة من ورق الھندباء إال : ((الثالث)). سم وال سحر )).وعلیھا قطرة من الجنة

یلة المزاج، منقلبة بانقالب فصول السنة، فھى فھى مستح.. وبعدفى الشتاء باردة رطبة، وفى الصیف حارة یابسة، وفى الربیع

والخریف معتدلة، وفى غالب أحوالھا تمیل إلى البرودة والیبس، وھى قابضة مبردة، جیدة للمعدة، وإذا طبخت وأكلت بخل، عقلت

منھا، فھى أجود للمعدة، وأشد قبضا، وتنفع البطن وخاصة البرى .من ضعفھا

وإذا تضمد بھا، سلبت االلتھاب العارض فى المعدة، وتنفع من وإذا تضمد بورقھا وأصولھا، . النقرس، ومن أورام العین الحارة

وھى تقوى المعدة، وتفتح السدد العارضة .نفعت من لسع العقربالكبد، وتنفع من أوجاعھا حارھا وباردھا، وتفتح سدد الطحال فى

.والعروق واألحشاء، وتنقى مجارى الكلى

وأنفعھا للكبد أمرھا، وماؤھا المعتصر ینفع من الیرقان السددى، وال سیما إذا خلط بھ ماء الرازیانج الرطب، وإذا دق ورقھا،

ع على األورام الحارة بردھا وحللھا، ویجلو ما فى المعدة، ووض .ویطفئ حرارة الدم والصفراء

وأصلح ما أكلت غیر مغسولة وال منفوضة، ألنھا متى غسلت أو نفضت، فارقتھا قوتھا، وفیھا مع ذلك قوة تریاقیة تنفع من جمیع

.السموم

ن العشا، ویدخل ورقھا فى التریاق، وإذا اكتحل بمائھا، نفع موینفع من لدغ العقرب، ویقاوم أكثر السموم، وإذا اعتصر ماؤھا،

وصب علیھ الزیت، خلص من األدویة القتالة، وإذا اعتصر أصلھا، وشرب ماؤه، نفع من لسع األفاعى، ولسع العقرب، ولسع

.العینالزنبور، ولبن أصلھا یجلو بیاض

حرف الواو

Page 322: الطب النبوى

من حدیث زید بن أرقم، عن )): جامعھ((ذكر الترمذى فى : ورسأنھ كان ینعت الزیت والورس من (( النبى صلى اهللا علیھ وسلم

.یلد بھ، ویلد من الجانب الذى یشتكیھ: ، قال قتادة))ذات الجنب

: ید بن أرقم أیضا، قالمن حدیث ز)) سننھ((وروى ابن ماجھ فى نعت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم من ذات الجنب ورسا ((

)).وقسطا وزیتا یلد بھ

كانت النفساء تقعد بعد : ((وصح عن أم سلمة رضى اهللا عنھا قالتھا من نفاسھا أربعین یوما، وكانت إحدانا تطلى الورس على وجھ

)).الكلف

الورس یزرع زرعا، ولیس ببرى، ولست : قال أبو حنیفة اللغوى. أعرفھ بغیر أرض العرب، وال من أرض العرب بغیر بالد الیمنوقوتھ فى الحرارة والیبوسة فى أول الدرجة الثانیة، وأجوده

ینفع من الكلف، والحكة، األحمر اللین فى الید، القلیل النخالة، والبثور الكائنة فى سطح البدن إذا طلى بھ، ولھ قوة قابضة

صابغة، وإذا شرب نفع من الوضح، ومقدار الشربة منھ وزن وھو فى مزاجھ ومنافعھ قریب من منافع القسط البحرى، .درھم

فعة نفع منھا، وإذا لطخ بھ على البھق والحكة والبثور والس .والثوب المصبوغ بالورس یقوى على الباه

ورق النیل، وھى تسود الشعر، وقد تقدم قریبا ذكر : ھى: وسمة .الخالف فى جواز الصبغ بالسواد ومن فعلھ

حرف الیاء

: وھو الدباء والقرع، وإن كان الیقطین أعم، فإنھ فى اللغة: یقطینقال اهللا . ر ال تقوم على ساق، كالبطیخ والقثاء والخیاركل شج

]146:الصافات[}وأنبتنا علیھ شجرة من یقطین {: تعالى

ما : ما ال یقوم على ساق یسمى نجما ال شجرا، والشجر: فإن قیلشجرة من { : لھ ساق قالھ أھل اللغة فكیف قال

Page 323: الطب النبوى

أن الشجر إذا أطلق، كان ما : فالجواب.؟] 146:فاتالصا[}یقطینلھ ساق یقوم علیھ، وإذا قید بشىء تقید بھ، فالفرق بین المطلق

.والمقید فى األسماء باب مھم عظیم النفع فى الفھم، ومراتب اللغة

ھو نبات الدباء، وثمره یسمى الدباء: والیقطین المذكور فى القرآنمن حدیث )): الصحیحین((وقد ثبت فى .والقرع، وشجرة الیقطین

أنس بن مالك، أن خیاطا دعا رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم فذھبت مع رسول اهللا صلى : لطعام صنعھ، قال أنس رضى اهللا عنھ

اهللا علیھ وسلم، فقرب إلیھ خبزا من شعیر، ومرقا فیھ دباء وقدید، فرأیت رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم یتتبع الدباء من : ل أنسقا

وقال أبو .حوالى الصحفة، فلم أزل أحب الدباء من ذلك الیومدخلت على أنس بن مالك رضى اهللا عنھ، وھو یأكل : طالوت

صلى یا لك من شجرة ما أحبك إلى لحب رسول اهللا: القرع، ویقول .اهللا علیھ وسلم إیاك

من حدیث ھشام بن عروة، عن أبیھ، عن )): الغیالنیات((وفى قال لى رسول اهللا صلى اهللا علیھ : عائشة رضى اهللا عنھا قالت

یا عائشة؛ إذا طبختم قدرا، فأكثروا فیھا من الدباء، فإنھا : ((وسلم )).تشد قلب الحزین

بارد رطب، یغذو غذاء یسیرا، وھو سریع االنحدار، وإن : قطینالیلم یفسد قبل الھضم، تولد منھ خلط محمود، ومن خاصیتھ أنھ

یتولد منھ خلط محمود مجانس لما یصحبھ، فإن أكل بالخردل، تولد منھ خلط حریف، وبالملح خلط مالح، ومع القابض قابض، وإن

.خ بالسفرجل غذا البدن غذاء جیداطب

وھو لطیف مائى یغذو غذاء رطبا بلغمیا، وینفع المحرورین، وال یالئم المبرودین، ومن الغالب علیھم البلغم، وماؤه یقطع العطش،

ویذھب الصداع الحار إذا شرب أو غسل بھ الرأس، وھو ملین ، وال یتداوى المحرورون بمثلھ، وال أعجل منھ للبطن كیف استعمل

أنھ إذا لطخ بعجین، وشوى فى الفرن أو التنور، : ومن منافعھ.نفعا

Page 324: الطب النبوى

واستخرج ماؤه وشرب ببعض األشربة اللطیفة، سكن حرارة الحمى الملتھبة، وقطع العطش، وغذى غذاء حسنا، وإذا شرب

.رجل مربى أسھل صفراء محضةبترنجبین وسف

وإذا طبخ القرع، وشرب ماؤه بشىء من عسل، وشىء من نطرون، أحدر بلغما ومرة معا، وإذا دق وعمل منھ ضماد على

.الیافوخ، نفع من األورام الحارة فى الدماغ

طر منھا فى وإذا عصرت جرادتھ، وخلط ماؤھا بدھن الورد، وقاألذن، نفعت من األورام الحارة، وجرادتھ نافعة من أورام العین

وھو شدید النفع ألصحاب األمزجة .الحارة، ومن النقرس الحارالحارة والمحمومین، ومتى صادف فى المعدة خلطا ردیئا، استحال

فع مضرتھ إلى طبیعتھ، وفسد، وولد فى البدن خلطا ردیئا، ودفھو من ألطف األغذیة، وأسرعھا .. وبالجملة. بالخل والمرى

انفعاال، ویذكر عن أنس رضى اهللا عنھ أن رسول اهللا صلى اهللا .علیھ وسلم كان یكثر من أكلھ

فصول متفرقة

من الوصایا النافعة فى العالج والتدبیر

لباب بفصل مختصر عظیم النفع وقد رأیت أن أختم الكالم فى ھذا ا فى المحاذر، والوصایا الكلیة النافعة لتتم منفعة الكتاب

نقلتھ بلفظھ، )) المحاذیر((ورأیت البن ماسویھ فصال فى كتاب ومن .من أكل البصل أربعین یوما وكلف، فال یلومن إال نفسھ:((قال

.ق أو جرب، فال یلومن إال نفسھافتصد، فأكل مالحا فأصابھ بھ

ومن جمع فى معدتھ البیض والسمك، فأصابھ فالج أو لقوة، فال .یلومن إال نفسھ

.ومن دخل الحمام وھو ممتلئ، فأصابھ فالج، فال یلومن إال نفسھ

Page 325: الطب النبوى

أو ومن جمع فى معدتھ اللبن والسمك، فأصابھ جذام، أو برص .نقرس، فال یلومن إال نفسھ

ومن جمع فى معدتھ اللبن والنبیذ، فأصابھ برص أو نقرس، فال .یلومن إال نفسھ

ومن احتلم، فلم یغتسل حتى وطىء أھلھ، فولدت مجنونا أو مخبال، .فال یلومن إال نفسھ

اردا، وامتأل منھ، فأصابھ ربو، فال یلومن ومن أكل بیضا مسلوقا بومن جامع، فلم یصبر حتى یفرغ، فأصابھ حصاة، فال . إال نفسھ

.یلومن إال نفسھ

ومن نظر فى المرآة لیال، فأصابھ لقوة، أو أصابھ داء، فال یلومن )).إال نفسھ

فصل

مكفى التحذیر من الجمع بین البیض والس

احذر أن تجمع البیض والسمك، فإنھما : ((وقال ابن بختیشوع ))یورثان القولنج والبواسیر، ووجع األضراس

وإدامة أكل البیض یولد الكلف فى الوجھ، وأكل الملوحة والسمك .المالح واالفتصاد بعد الحمام یولد البھق والجرب

.كلى الغنم یعقر المثانةإدامة أكل

.االغتسال بالماء البارد بعد أكل السمك الطرى یولد الفالج

.وطء المرأة الحائض یولد الجذام

.الجماع من غیر أن یھریق الماء عقیبھ یولد الحصاة

)).طول المكث فى المخرج یولد الداء الدوى ((

Page 326: الطب النبوى

، ))اإلقالل من الضار، خیر من اإلكثار من النافع: ((طوقال أبقرااستدیموا الصحة بترك التكاسل عن التعب، وبترك : ((وقال

)).االمتالء من الطعام والشراب

من أراد الصحة، فلیجود الغذاء، ولیأكل : ((وقال بعض الحكماءویتمدد بعد على نقاء، ولیشرب على ظمإ، ولیقلل من شرب الماء،

الغداء، ویتمش بعد العشاء، وال ینم حتى یعرض نفسھ على الخالء، ولیحذر دخول الحمام عقیب االمتالء، ومرة فى الصیف خیر من عشر فى الشتاء، وأكل القدید الیابس باللیل معین على

قم أبدان الفناء، ومجامعة العجائز تھرم أعمار األحیاء، وتس )).األصحاء

ویروى ھذا عن على رضى اهللا عنھ، وال یصح عنھ، وإنما بعضھ .من كالم الحارث بن كلدة طبیب العرب، وكالم غیره

من سره البقاء وال بقاء فلیباكر الغداء، ولیعجل : (( وقال الحارث )).ن النساءالعشاء، ولیخفف الرداء، ولیقل غشیا

الجماع على البطنة، : أربعة أشیاء تھدم البدن: ((وقال الحارثولما )).ودخول الحمام على االمتالء، وأكل القدید، وجماع العجوز

مرنا بأمر ننتھى إلیھ : احتضر الحارث اجتمع إلیھ الناس، فقالواة، وال تأكلوا من ال تتزوجوا من النساء إال شاب: ((فقال. من بعدك

الفاكھة إال فى أوان نضجھا، وال یتعالجن أحدكم ما احتمل بدنھ الداء، وعلیكم بتنظیف المعدة فى كل شھر، فإنھا مذیبة للبلغم،

مھلكة للمرة، منبتة للحم، وإذا تغدى أحدكم، فلینم على إثر غدائھ )).ساعة، وإذا تعشى فلیمش أربعین خطوة

لعلك ال تبقى لى، فصف لى صفة آخذھا : وقال بعض الملوك لطبیبھال تنكح إال شابة، وال تأكل من اللحم إال فتیا، وال : ((عنك، فقال

تشرب الدواء إال من علة، وال تأكل الفاكھة إال فى نضجھا، وأجد ، وإذا أكلت لیال فال مضغ الطعام، وإذا أكلت نھارا فال بأس أن تنام

تنم حتى تمشى ولو خمسین خطوة، وال تأكلن حتى تجوع، وال

Page 327: الطب النبوى

تتكارھن على الجماع، وال تحبس البول، وخذ من الحمام قبل أن یأخذ منك، وال تأكلن طعاما وفى معدتك طعام، وإیاك أن تأكل ما

عدتك عن ھضمھ، وعلیك فى كل تعجز أسنانك عن مضغھ، فتعجز مأسبوع بقیئة تنقى جسمك، ونعم الكنز الدم فى جسدك، فال تخرجھ

إال عند الحاجة إلیھ، وعلیك بدخول الحمام، فإنھ یخرج من األطباق )).ما ال تصل األدویة إلى إخراجھ

وشم الطیب، أكل اللحم، : أربعة تقوى البدن: ((وقال الشافعى@ ))وكثرة الغسل من غیر جماع، ولبس الكتان

كثرة الجماع، وكثرة الھم، وكثرة شرب الماء : وأربعة توھن البدن .على الریق، وكثرة أكل الحامض

الجلوس حیال الكعبة، والكحل عند النوم، : وأربعة تقوى البصر .المجلس والنظر إلى الخضرة، وتنظیف

النظر إلى القذر، وإلى المصلوب، وإلى فرج : وأربعة توھن البصر .المرأة، والقعود مستدبر القبلة

أكل العصافیر، واإلطریفل، والفستق، : وأربعة تزید فى الجماع .والخروب

ترك الفضول من الكالم، والسواك، : وأربعة تزید فى العقل )).مجالسة الصالحین، ومجالسة العلماءو

قصر ذات الید، : خمس یذبن البدن وربما قتلن: ((وقال أفالطونوفراق األحبة، وتجرع المغایظ، ورد النصح، وضحك ذوى الجھل

)).بالعقالء

علیك بخصال من حفظھا فھو جدیر أن ال : ((وقال طبیب المأمونال تأكل طعاما وفى معدتك طعام، وإیاك أن : علة الموتیعتل إال

تأكل طعاما یتعب أضراسك فى مضغھ، فتعجز معدتك عن ھضمھ، وإیاك وكثرة الجماع، فإنھ یطفىء نور الحیاة، وإیاك ومجامعة

Page 328: الطب النبوى

العجوز، فإنھ یورث موت الفجأة، وإیاك والفصد إال عند الحاجة )).ھ، وعلیك بالقىء فى الصیفإلی

)).كل كثیر فھو معاد للطبیعة: ((ومن جوامع كلمات أبقراط قولھ

ألنى لم أجمع بین : (( ما لك ال تمرض ؟ فقال: وقیل لجالینوسطعامین ردیئین، ولم أدخل طعاما على طعام، ولم أحبس فى المعدة

)).طعاما تأذیت بھ

فصل

ى أن أربعة أشیاء تمرض الجسمف

الكالم الكثیر، والنوم الكثیر، واألكل : وأربعة أشیاء تمرض الجسم .الكثیر، والجماع الكثیر

.یقلل مخ الدماغ ویضعفھ، ویعجل الشیب: فالكالم الكثیر

ل یصفر الوجھ، ویعمى القلب، ویھیج العین، ویكس: والنوم الكثیر .عن العمل، ویولد الرطوبات فى البدن

یفسد فم المعدة، ویضعف الجسم، ویولد الریاح : واألكل الكثیر .الغلیظة، واألدواء العسرة

یھد البدن، ویضعف القوى، ویجفف رطوبات : والجماع الكثیرضرره جمیع البدن، البدن، ویرخى العصب، ویورث السدد، ویعم

ویخص الدماغ لكثرة ما یتحلل بھ من الروح النفسانى، وإضعافھ أكثر من إضعاف جمیع المستفرغات، ویستفرغ من جوھر الروح

.شیئا كثیرا

وأنفع ما یكون إذا صادف شھوة صادقة من صورة جمیلة حدیثة المزاج ورطوبتھ، وبعد السن حالال مع سن الشبوبیة، وحرارة

العھد بھ وخالء القلب من الشواغل النفسانیة، ولم یفرط فیھ، ولم یقارنھ ما ینبغى تركھ معھ من امتالء مفرط، أو خواء، أو

Page 329: الطب النبوى

استفراغ، أو ریاضة تامة، أو حر مفرط، أو برد مفرط، فإذا راعى یھا فقد فقد حصل لھ من فیھ ھذه األمور العشرة، انتفع بھ جدا، وأ

.الضرر بحسبھ، وإن فقدت كلھا أو أكثرھا، فھو الھالك المعجل

فصل

فى أن الحمیة المفرطة فى الصحة كالتخلیط فى المرض

والحمیة . والحمیة المفرطة فى الصحة، كالتخلیط فى المرضبوا ثالثا، وعلیكم اجتن: ((وقال جالینوس ألصحابھ. المعتدلة نافعة

اجتنبوا الغبار، والدخان، والنتن، : بأربع، وال حاجة بكم إلى طبیبوعلیكم بالدسم، والطیب، والحلوى، والحمام، وال تأكلوا فوق

شبعكم، وال تتخللوا بالباذروج والریحان، وال تأكلوا الجوز عند قفاه، وال یأكل من بھ غم المساء، وال ینم من بھ زكمة على

حامضا، وال یسرع المشى من افتصد، فإنھ مخاطرة الموت، وال یتقیأ من تؤلمھ عینھ، وال تأكلوا فى الصیف لحما كثیرا، وال ینم صاحب الحمى الباردة فى الشمس، وال تقربوا الباذنجان العتیق

شتاء قدحا من ماء حار، أمن من المبزر، ومن شرب كل یوم فى الاألعالل، ومن دلك جسمھ فى الحمام بقشور الرمان أمن من الجرب

والحكة، ومن أكل خمس سوسنات مع قلیل من مصطكى رومى، وعود خام، ومسك، بقى طول عمره ال تضعف معدتھ وال تفسد،

سكر، نظف الحصى من معدتھ، وزالت ومن أكل بزر البطیخ مع ال )).عنھ حرقة البول

فصل

فى بعض المحاذر والوصایا الطبیة

.الھم، والحزن، والجوع، والسھر: أربعة تھدم البدن

Page 330: الطب النبوى

النظر إلى الخضرة، وإلى الماء الجارى، : وأربعة تفرح .والمحبوب، والثمار

حافیا، والتصبح والتمسى بوجھ المشى: وأربعة تظلم البصرالبغیض والثقیل والعدو، وكثرة البكاء، وكثرة النظر فى الخط

.الدقیق

لبس الثوب الناعم، ودخول الحمام المعتدل، : وأربعة تقوى الجسم .وأكل الطعام الحلو والدسم، وشم الروائح الطیبة

الكذب، : ھجتھ وطالوتھوأربعة تیبس الوجھ، وتذھب ماءه وب والوقاحة، وكثرة السؤال عن غیر علم، وكثرة الفجور

المروءة، والوفاء، والكرم، : وأربعة تزید فى ماء الوجھ وبھجتھالكبر، والحسد، والكذب، : وأربعة تجلب البغضاء والمقت. والتقوى .والنمیمة

اللیل، وكثرة االستغفار باألسحار، قیام: وأربعة تجلب الرزق .وتعاھد الصدقة، والذكر أول النھار وآخره

نوم الصبحة، وقلة الصالة، والكسل، : وأربعة تمنع الرزقإدمان أكل الحامض : وأربعة تضر بالفھم والذھن. والخیانة

.والفواكھ، والنوم على القفا، والھم، والغم

فراغ القلب، وقلة التملى من الطعام : وأربعة تزید فى الفھموالشراب، وحسن تدبیر الغذاء باألشیاء الحلوة والدسمة، وإخراج

.الفضالت المثقلة للبدن

إدمان أكل البصل، والباقال، والزیتون، : ومما یضر بالعقلوالوحدة، واألفكار، والسكر، وكثرة والباذنجان، وكثرة الجماع،

.الضحك، والغم

Page 331: الطب النبوى

قطعت فى ثالث مجالس ، فلم أجد لذلك : ((قال بعض أھل النظر علة إال أنى أكثرت من أكل الباذنجان فى أحد تلك األیام ، ومن

)) .الزیتون فى اآلخر ، ومن الباقال فى الثالث

فصل

یعرف مقدارھا إال من حسن فھمھفى أسرار وحقائق ال

قد أتینا على جملة نافعة من أجزاء الطب العلمى والعملى، لعل الناظر ال یظفر بكثیر منھا إال فى ھذا الكتاب، وأریناك قرب ما بینھا

وبین الشریعة، وأن الطب النبوى نسبة طب الطبائعیین إلیھ أقل .جائز إلى طبھممن نسبة طب الع

واألمر فوق ما ذكرناه، وأعظم مما وصفناه بكثیر، ولكن فیما ذكرناه تنبیھ بالیسیر على ما وراءه، ومن لم یرزقھ اهللا بصیرة

على التفصیل، فلیعلم ما بین القوة المؤیدة بالوحى من عند اهللا، صائر التى منحھم اهللا والعلوم التى رزقھا اهللا األنبیاء، والعقول والب

.إیاھا، وبین ما عند غیرھم

ما لھدى الرسول صلى اهللا علیھ وسلم، وما لھذا : ولعل قائال یقولالباب، وذكر قوى األدویة، وقوانین العالج، وتدبیر أمر الصحة ؟ وھذا من تقصیر ھذا القائل فى فھم ما جاء بھ الرسول صلى اهللا

ھذا وأضعافھ وأضعاف أضعافھ من فھم بعض ما علیھ وسلم، فإنجاء بھ، وإرشاده إلیھ، وداللتھ علیھ، وحسن الفھم عن اهللا

.ورسولھ من یمن اهللا بھ على من یشاء من عباده

فقد أوجدناك أصول الطب الثالثة فى القرآن، وكیف تنكر أن تكون مشتملة على صالح شریعة المبعوث بصالح الدنیا واآلخرة

األبدان، كاشتمالھا على صالح القلوب، وأنھا مرشدة إلى حفظ صحتھا، ودفع آفاتھا بطرق كلیة قد وكل تفصیلھا إلى العقل

الصحیح، والفطرة السلیمة بطریق القیاس والتنبیھ واإلیماء، كما ھو فى كثیر من مسائل فروع الفقھ، وال تكن ممن إذا جھل شیئا

Page 332: الطب النبوى

ولو رزق العبد تضلعا من كتاب اهللا وسـنة رسولھ، وفھما . عاداهتاما فى النصوص ولوازمھا، الستغنى بذلك عن كل كالم سواه،

.والستنبط جمیع العلوم الصحیحة منھ

فمدار العلوم كلھا على معرفة اهللا وأمره وخلقھ، وذلك مسلم إلى هللا علیھم وسالمھ، فھم أعلم الخلق باهللا وأمره الرسل صلوات ا

.وخلقھ وحكمتھ فى خلقھ وأمره

أصح وأنفع من طب غیرھم، وطب أتباع خاتمھم : وطب أتباعھموسیدھم وإمامھم محمد بن عبد اهللا صلوات اهللا وسالمھ علیھ

.أكمل الطب وأصحھ وأنفعھ: وعلیھم

ال من عرف طب الناس سواھم وطبھم، ثم وازن وال یعرف ھذا إبینھما، فحینئذ یظھر لھ التفاوت، وھم أصح األمم عقوال وفطرا، وأعظمھم علما، وأقربھم فى كل شىء إلى الحق ألنھم خیرة اهللا

من األمم، كما أن رسولھم خیرتھ من الرسل، والعلم الذى وھبھم .والحلم والحكمة أمر ال یدانیھم فیھ غیرھمإیاه،

من حدیث بھز بن حكیم، عن )): مسنده((وقد روى اإلمام أحمد فى قال رسـول اهللا صلى اهللا علیھ : أبیھ، عن جده رضى اهللا عنھ، قال

)) . أنتم توفون سبعین أمة أنتم خیرھا وأكرمھا على اهللا: ((وسلم كرامتھا على اهللا سبحانھ فى علومھم وعقولھم ، فظھر أثر

وأحالمھم وفطرھم ، وھم الذین عرضت علیھم علوم األمم قبلھم وعقولھم ، وأعمالھم ودرجاتھم ، فازدادوا بذلك علما وحلما

وعقوال إلى ما أفاض اهللا سبحانھ وتعالى علیھم من علمھ وحلمھ

یة لھم، والصفراویة للیھود، والبلغمیة ولذلك كانت الطبیعة الدموللنصارى، ولذلك غلب على النصارى البالدة، وقلة الفھم والفطنة،

وغلب على الیھود الحزن والھم والغم والصغار، وغلب على .المسلمین العقل والشجاعة والفھم والنجدة، والفرح والسرور

Page 333: الطب النبوى

قائق إنما یعرف مقدارھا من حسن فھمھ، ولطف وھذه أسرار وح .وباهللا التوفیق.. ذھنھ، وغزر علمھ، وعرف ما عند الناس

ولذلك كانت الطبیعة الدمویة لھم ، والصفراویة للیھود ، والبلغمیة للنصارى ، ولذلك غلب على النصارى البالدة ، وقلة الفھم والفطنة

، وغلب على الیھود الحزن والھم والغم والصغار ، وغلب على .المسلمین العقل والشجاعة والفھم والنجدة ، والفرح والسرور

وھذه أسرار وحقائق إنما یعرف مقدارھا من حسن فھمھ ، ولطف .لتوفیق وباهللا ا.. ذھنھ ، وغزر علمھ ، وعرف ما عند الناس