1

2

لم يستوعب الفاعلون السياسيون في تونس جوهر لقد أضفوا ..الثورة وقيمتها وإن عبروا عن ذلك

قراءاتهم السياسية و اإليديولوجية على حراك الفقراء و المهمشين فحادوا بالثورة عن مسارها الحقيقي ، و التجاذبات السياسية التي يشهدها المشهد السياسي

. المكشوفة العام هو أحد اإلفرازات

3

.حركة النهضة بين االنفتاح و الهيمنة

كان بإمكان حركة النهضة باعتبارها الحزب الفائز في

االنتخابات أن تؤكد منذ البداية أنها ستقود البالد في هذه

المرحلة المؤقتة بالطريقة التي تراها مناسبة ، دون أن

كد أن تضطر إلى بعث رسائل اطمئنان و دون أن تؤ

الحكومة المؤقتة ستكون حكومة ائتالف وطني مفتوحة

. أمام الجميع للمساهمة في إنجاح هذه المرحلة

ال أحد كان سيلومها على ذلك باعتبارها الحزب الفائز

في انتخابات شرعية وبالتالي فإن قيادتها لهذه المرحلة

.هي قيادة شرعية مصدرها الناخب

حكومة ائتالف وطني و لكن أن تدعو حركة النهضة إلى

إلى االنفتاح على كافة األطراف ، وفي الوقت ذاته تعمل

من أجل الهيمنة على السلطة التنفيذية و التشريعية مما

يجعل بقية األطراف مجرد ديكور ، فهذا غير معقول و

.غير مقبول

مؤشرات نزعة الهيمنة المطلقة لحركة النهضة تظهر

:من خالل ما يلي

استئثارها بأغلب الوزارات بما في ذلك وزارات -

.السيادة

السلطة شبه المطلقة لرئيس الحكومة و في -

) المقابل تحديد صالحيات بقية أعضاء السلطة التنفيذية

4

مشروع قانون تنظيم السلط العمومية الذي قدم للمجلس

.(التأسيسي

سيسي و نزعة الهيمنة على أشغال المجلس التأ -

. سيطرتها على اللجان

ربما من حق حركة النهضة أن تستثمر األغلبية التي

أكتوبر للمحطات المقبلة 32حصلت عليها في انتخابات

وهو أمر مشروع و كان يمكن أن يمارسه أي حزب فاز

خطابها الداعي لالنفتاح باألغلبية ، لكن هذا يتناقض مع

مرحلة التي تمر على الجميع و يتناقض مع خصوصية ال

بها تونس التي تتطلب مشاركة الجميع في إعادة بناء

مشاركة حقيقية و ...الدولة و مؤسساتها و اقتصادها

.ليست مشاركة صورية

5

أوقفوا هذا المسار

ثّمة مسار يجب أْن يتوقّف، ألن في استمراره وتواصله

جانفي وما جاءت به من 41خطورة ليس فقط على ثورة

ومبادئ وإنما أيضا على وحدة التونسيين والمشترك قيم

.بينهم

هذا المسار الذي يسعى البعض للنفخ فيه وتضخيمه

ليكون من األولويات المطروحة ليس أمام النخب

المواطن "أمام بل أيضا والناشطين السياسيين فحسب

، هو تحويل قاعدة الفرز بين من يدفع لتنجز "العادي

ياسية واالقتصادية واالجتماعية وبين الثورة مهامها الس

من يبحث بكافة الوسائل لاللتفاف عليها وحصرها في

أفق محدود، إلى قاعدة فرز جديدة بين المؤمنين

وبين " الغيورين على المقدسات"والعلمانيين، بين

".المشككين فيها"

قاعدة الفرز هذه التي يحرص البعض إليجاد المبررات

لها، تبقى مسقطة ومفتعلة ألنها تمس الميدانية والواقعية

من وحدة التونسيين حول دينهم وعروبتهم، وتشكك في

.المشترك بينهم منذ قرون

6

الموقف من المسالة الدينية لم يكن في يوم من األيام

عنصر خالف بين التونسيين وعامل صراع بينهم، فلماذا

ه النفخ في هذه النقطة وتحويلها إلى واجهة رئيسية في هذ

المرحلة الدقيقة والحرجة من عمر الثورة؟

جانفي مازالت تترصد بها المخاطر الداخلية 41ثورة

وتوجيه بوصلة الشعب الذي أنجز هذه .والخارجية

الثورة إلى وجهة غير حماية ثورته ودفعها النجاز كافة

مهامها نعتقد انه أمر مشبوه، وال يخدم إال أغراض

.المتربصين بها

7

معركة مواقف أم مواقع: ة اآلداب بمنوبة كلي

ما تشهده كلية اآلداب بمنوبة هو حلقة غير ُمنفصلة عن

سلسلة كاملة من الممارسات الُممنهجة بدأت بعدد من

المساجد و الجوامع و الكتاتيب و الفضاءات العمومية

.لتصل إلى الجامعة في انتظار بقية الحلقات

المجتمع المدني و اكتفت هياكل الدولة و مؤسسات

األحزاب السياسية بمراقبة ما يحدث دون أن تتدخل

لوضع حّد لتزايد حلقات السلسلة و أقصى ما قامت به

بيانات اإلدانة التي تعبّر عن القلق، فيما اآلخرون يفتكون

.المساحة تلوى المساحة

المعركة من وجهة نظر المجتمع المدني و األحزاب

قف ، فيما هي معركة مواقع السياسية هي معركة موا

افتكاك أوسع ما يمكن من : بالنسبة للسلفيين شعارهم

.المساحات وفرض األمر الواقع

هياكل ومؤسسات الدولة لم تتحرك إما ألنها مشلولة أو

ألنها تمارس الحياد في وقت ال حياد فيه مع مكتسبات

.المجتمع و بنيته

يا ذراعك" المعركة مازالت ستتواصل تحت شعار

ما دامت الدولة مستقيلة و المجلس التأسيسي " عالّف

مهتم بخالفات صلوحيات الرئاسات الثالث و األحزاب

منها المهتم بالحقائب الوزارية و منها من يبحث عن

آليات ممارسة المعارضة

8

هناك من يسعى إلعادة إنتاج القيود على حرية الرأي و

التعبير

شعار و مطلب حرية كان 3144جانفي 41ثورة قبل

الرأي و التعبير حلقة رئيسية في العمل النقابي الصحفي

و النشاط الحقوقي و السياسي في تونس ، أغلب القوى

رفعت هذا الشعار و دافعت عن هذا المطلب ألن حرية

الرأي و التعبير هي إحدى المداخل الرئيسية ألي عملية

. تغيير

ممارسة هذه و بعد الثورة سقطت أغلب القيود عن

اإلعالميين باعتبارهم الحرية خاصة المفروضة على

الجهة األولى المعنية بهذه الحرية من خالل األشكال

. الصحفية التي ينتجونها

وكشف المناخ الجديد قوة التعدد و االختالف و هي

.مسالة طبيعية لصيقة بأي مجتمع

ود لكن ما ياُلحظ أن هناك من يسعى إلعادة إنتاج القي

على حرية الرأي و التعبير بأشكال جديدة مثل التكفير و

فقط لالختالف في ..التخوين و التشكيك حتى في النوايا

. الرأي

االختالف في الرأي مبدأ أساسي ألي عملية تقدم و شرط

هام ألي نقاش و جدل حقيقيين ، ومن يعمل على تقييد

تقدم حرية الرأي و التعبير فإنه يضع القيود أمام أي

.حقيقي وجاد

9

و أعتقد أن ما يتعرض له عدد من اإلعالميين خاصة من

تكفير وتخوين بسبب أراء عبروا عنها تختلف نسبيا أو

كليا مع أراء آخرين هي مسألة خطيرة و تمس بالدرجة

األولى من مساحة حرية الرأي و التعبير التي تحققت بعد

. جانفي 41ثورة

10

الحلقة المفقودة في المخرج من :ةالحكومة الجديد

الوضع الراهن

تُدرك حركة النهضة وحليفاها أن عوائق كثيرة ومتنوعة

تمأل الطريق أمام الحكومة الجديدة ، أهم هذه العوائق و

أخطرها الملف االقتصادي و تداعياته االجتماعية

،خاصة في الجهات التي كانت تنتظر نصيبها من التنمية

.علي و تنتظر اليوم نصيبها من الثورةفي فترة بن

خطورة الملف االقتصادي و االجتماعي ال تكمن فقط في

المؤشرات الحالية التي تنذر بأزمة حقيقة حسب

األخصائيين و الفاعلين االقتصاديين ، بل أيضا في خطط

و آليات الخروج من هذا الوضع الذي يرفض التعامل

.ة االيجابيةبالعواطف و حسن النوايا و اإلراد

الحكومة الجديدة تغيب عنهم " مهندسي"ال نخال أن

حقيقة أنهم سيحاسبون على نتائج أعمالهم و أدائهم

الملموس و ليس على شعارات الوفاء للثورة و الصدق

في العمل، و هو األمر الذي يتطلب منهم فهما دقيقا لواقع

. دقيق يتداخل فيه أكثر من ُمعطى

لجديدة بعد في عملها و تنفيذ مخططاتها لم تبدأ الحكومة ا

للحكم لها أو عليها و حتى إن بدأت فإن األمر يتطلب

لكن ذلك ال يمنع من ..منحها الوقت الكافي للتقييم

اإلشارة أن المقدمات و الخطوات األولى في اتجاه

11

ممارسة الحكومة تدفع للتساؤل عن مدى التآلف

النهضة واع الحكومي الجديد وعموده الفقري حركة

. بحجم التحديات و خاصة بمخارج األزمة

الحلقة الرئيسية في مخرج األزمة هي الوفاق الحقيقي

بين الفاعلين السياسيين و االقتصاديين و االجتماعيين

على أرضية مشاركة هذه األطراف مع بعضها في رسم

خطة الخروج من الوضع الراهن، هذه الحلقة ال يبدو أنه

.على األقل إلى حد اللحظة تم المسك بها

:ويظهر ذلك من خالل

توزيع المسؤوليات الحكومية لم يتم على قاعدة ما

يتطلبه الوضع في البالد من وفاق بين الفاعلين السياسيين

و االقتصاديين و االجتماعيين ، بل تم على قاعدة حزبية

. ضيقة

تعمق الهوة بين عدد من الفاعلين السياسيين بسبب

منطق األغلبية و األقلية، رغم أن المرحلة سيطرة

.الحالية للبالد ال تحتمل هذا التقسيم وهذا الفرز

تعدد اإلشارات و التصريحات حول وجود

مؤامرات لعرقلة الحكومة المقبلة ، وهي إشارات خطيرة

ألنها ربما تضع من اآلن تفسيرا ألسباب فشل الحكومة

.(إن فشلت) الجديدة

12

ي مع بعض التحركات االحتجاجية التعاطي السلب

ذات الطابع االجتماعي و النظر إليها فقط من زاوية

. المؤامرة

التقليل من حجم األزمة االقتصادية و اعتبار

بعض التصريحات في هذا الصدد، تصريحات سياسية

.باألساس

نأمل كما يأمل أي تونسي أن تثبت الحكومة الجديدة أن

ن فترة إدارتها لشؤون البالد و أ.هذه المؤشرات ظرفية

. ستؤسس لمرحلة جديدة سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا

13

!الصورة المقلوبة

ال يبدو المشهد العام في البالد واضحا أو على األقل يدفع

لالطمئنان فالضبابية والخوف من االنزالق نحو

المجهول عناصر مازالت تلقي بظاللها ويرددها

.ادي كما المراقب السياسيالمواطن الع

وهو مستمد " البالد وين ماشية ؟: " السؤال الذي يتردد

من الوقائع الميدانية وما يحدث على األرض ، اقتصاد

تكاد تالمس نسبة نمّوه صفر بالمائة و مصانع ال تعمل و

ارتفاع في نسبة البطالة و القطاع السياحي يعاني

.قةوتجاذبات سياسية عمي صعوبات

هذا هو المشهد العام رغم حصول انتخابات أفرزت

مجلسا تأسيسيا أنتخب حكومة لتسيير البالد و الخروج

. بها من عنق الزجاجة

لم تنجز إلحداث هذا 3144جانفي 41األكيد أن ثورة

إنما أنجزها الشباب وأبناء . في البالد " االنقالب السلبي"

أجل الحرية والتشغيل الجهات الداخلية المعدمون من

.والتنمية العدالة ، من أجل وجه جديد لتونس

14

حدث؟ ماذا

في السياسة التبرير وتركيب الجمل لرسم صورة معينة

مسألة سهلة ويمكن ألي ناشط سياسي أن يجد بدل

كالقول إن المرحلة . التبرير الواحد عشرات التبريرات

تعيش المرحلة الحالية استثنائية، أو أن تونس مازالت

االنتقالية ، أو أن قوى الثورة المضادة مازالت تتحرك

...إلفشال الثورة

قد ال يختلف عاقالن حول هذه العوائق وأهمية تأثيرها

لكنها وحدها ال تفسر ما يحدث عن األرض في الواقع

ثمة عناصر أخرى ال تقل أهمية وخطورة أهمها أن

لنصيب األكبر في العملية السياسية ما زالت تحتل ا

مسار ) اهتمامات الفاعلين السياسيين مما جعل مسارها

يسير في طريق عكسي لمسار التنمية ( العملية السياسية

وهو ما يذكر بإحدى مفارقات . واإلصالح االجتماعي

نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي كان

وقت يفتخر بتقدم نسبة النمو وسالمة االقتصاد وفي ال

ذاته كان منغلقا سياسيا وال يسمح بالحريات ويقمع الرأي

. اآلخر

أما اليوم فإن الصورة أصبحت مقلوبة فالفاعلون

السياسيون يشيدون بفضاءات الحرية والديمقراطية وتقدم

15

العملية السياسية وفي الوقت ذاته هناك صعوبات

. اقتصادية واجتماعية خطيرة تنذر بأزمة حقيقية

جانفي اكتشف الجميع أن الرفاه االجتماعي 41عد ب

والتقدم االقتصادي لنظام بن علي كانت أكذوبة فهل

نكتشف بعد مدة أن كل ما يقال حول الحرية

!!! والديمقراطية هو أيضا أكذوبة

16

خريطة : "حول بيان السيد الباجي القائد السبسي

قديمة لوضع جديد" طريق

د الباجي القائد السبسي في حجم لم يأت بيان السي

التسريبات التي سبقته من ناحية توصيفه للوضع العام

في البالد ودليل الخروج من مظاهر األزمة التي مازالت

. تحيط به

البيان تمت صياغته بطريقة مكثفة شبيهة بالبيانات

التأسيسية التي تكتفي بطرح الخطوط العريضة بعيدا عن

" بديل" عطى صورة واضحة على ومع ذلك أ.التفاصيل

.السيد القائد السبسي

إن قول إن الوضع في البالد يتميز بالضبابية هو أمر

معلوم لدى عديد الفاعلين السياسيين والمراقبين وإن كان

كما أن .هناك خالف في تحديد أسباب هذه الضبابية

اختالط المهام التي سادت أعمال المجلس " التأكيد على

هو أمر سبقت اإلشارة إليه من قبل " تأسيسي الوطني ال

وهذا يدفع للقول إن السيد .عديد المختصين و السياسيين

الباجي القائد السبسي يتفق في بيانه مع توصيف العديد

من األطراف للوضع العام في البالد هو وضع دقيق و

يهدد األمن و االقتصاد والوضع االجتماعي " خطير و

."عموما

تقاء في توصيف الوضع ال يعني أن السيد غير أن االل

" بديل" الباجي القائد السبسي يتفق مع اآلخرين في

17

تتكون " خريطة طريق "الخروج من األزمة فقد طرح

نقاط كبرى اعتبارها أساسية لعودة الثقة السياسية 2من

وهي أن يحدد المجلس الوطني التأسيسي مدة عمله و

ور و الدعوة النتخابات الشروع فورا في اإلعداد للدست

ثم إعادة تفعيل مؤسسة الهيئة أكتوبر المقبل 32يوم

" حاال"العليا المستقلة للبالد وتمكينها من استئناف عملها

ودعا أيضا إلى تجميع طاقات القوى السياسية والفكرية و

."التطرف والعنف" تأبى"الوطنية التي

عمومها هذه ال تختلف في" خريطة الطريق "إن -1

عن تلك التي جاء بها السيد الباجي القائد السبسي نهاية

ومكنته من قيادة البالد في مرحلة ..شهر فيفري الفارط

أكتوبر 32صعبة و الوصول بها إلى االنتخابات يوم

هل أن أولويات البالد :السؤال الذي يطرح هنا . 3144

هي ذاتها أولويات 3144إلى ديسمبر 3144من مارس

.الد اآلن ؟الب

السيد الباجي القائد السبسي يعتبر أن المسألة -2

السياسية مازالت تحتل األولوية في الخروج من مظاهر

فيما العديد .األزمة التي تميز الوضع العام في البالد

يعتبرون أن المسألة االقتصادية واالجتماعية وعدم قدرة

و اجتماعي الحكومة الحالية على تقديم برنامج اقتصادي

واضح وعدم قدرتها على تقديم حلول ملموسة لملفات

اقتصادية واجتماعية هي السبب في تواصل حالة

. االحتقان و التوتر االجتماعي واألمني

18

السيد الباجي القائد السبسي لم يتعرض إلى -3

المطلوب من الحكومة الحالية في الجوانب االقتصادية

التي ستوفر المناخ اآلمن واالجتماعية وهي القاعدة

وهو ما بذلك يثبت السير في .لتنظيم االنتخابات المقبلة

المسار وهما مسارين غير متوازيين إلى حد اآلن

. السياسي و المسار االقتصادي و االجتماعي

أما دعوته إلى تجميع طاقات القوى السياسية و الفكرية و

ت الفارطة الوطنية فهي دعوة انطلقت منذ االنتخابا

وقطعت عديد األطراف خطوات هامة فيها وبالتالي فإنها

الدور فقط إذا نظرنا إليها من زاوية ليست دعوة جديدة

الذي يمكن أن يقوم به في هذا التجمع وهو ما لم يشر إليه

.بوضوح

19

في حكومة " صنيعة الثورة المضادة" االعتصامات من

في حكومة " اباتإفشال االنتخ"الغنوشي مرورا بـ

إفشال حكومة االئتالف الثالثي"القائد السبسي إلى

إلى اليوم لم تتوقف االعتصامات 0272ديسمبر 71من

و الحركات االحتجاجية من أجل المطالبة بالتشغيل،

حقيقة يجب أن نقر بها حتى نفهم لماذا تواصلت هذه

االعتصامات في عدد من المدن خاصة التي عانت

غياب مجهود تنموي حقيقي، رغم تشكيل طويال من

.حكومة ُمنتخبة من مجلس تأسيسي منتخب

ديسمبر 71مطالب أبناء الجهات الداخلية هي ذاتها من

إلى اليوم، لكن التعامل مع هذه المطالب تغيّر من فترة

:إلى أخرى

وحدت 0277جانفي 71الى 0272ديسمبر 71من

نسي وتم الدفع بها في هذه المطالب كافة فئات الشعب التو

اتجاه تصعيدها لتتحول هذه الحركة االحتجاجية إلى

.حركة تشمل البالد كلها

20

تغير مسار 0277فيفري 01جانفي إلى 71من

المطالب بعد أن كانت المطالب االجتماعية و الحق في

الشغل هي الحلقة الرئيسية أصبحت اإلصالحات

منح –التشريعي العام العفو )السياسية هي الحلقة األولى

منح تراخيص –التراخيص ألكثر من مائة حزب

، تم ذلك على خلفية أن المدخل (الخ...لعشرات النشريات

لكن في الوقت . الرئيسي لإلصالح هو المدخل السياسي

ذاته ظلت مطالب حق التشغيل دون حلول حقيقية وبقي

أبناء الجهات ينتظرون حقهم في التشغيل و حق جهاتهم

.في التنمية

في هذه الفترة تم التعامل مع عديد االعتصامات و

الحركات االحتجاجية على أنها من صنع قوى الثورة

المضادة التي تريد إجهاض الثورة ومن صنع أيادي

خفية كما جاء على لسان السيد محمد الغنوشي في كلمة

.استقالته

عندما استلم 0277إلى ديسمبر 0277من مارس

يد الباجي قائد السبسي رئاسة الحكومة طرح خريطة الس

ورغم أن ( انتخابات المجلس التأسيسي)طريق سياسية

21

فإن المسار 0هذا المطلب كان مطلب اعتصام القصبة

بعد ذلك كان مسارا سياسيا، اهتمت األحزاب باإلعداد

لالنتخابات و تمحور الجدل داخل هيئة تحقيق أهداف

سية، بمعنى أن قضايا التشغيل و الثورة حول قضايا سيا

قضايا التنمية بقيت أيضا في المرتبة متأخرة في

.اهتمامات السياسيين

في هذه الفترة تواصلت االعتصامات و الحركات

االحتجاجية و تم التعامل معها أيضا على أنها من صنع

أيادي خفية مع إضافة أن هناك مخطط إلفشال

.االنتخابات

إلى اآلن وجدت الحكومة الجديدة 0277من ديسمبر

المنتخبة من المجلس التأسيسي نفسها أمام ملفات عالقة

ورغم دعوتها لهدنة اجتماعية و 0272ديسمبر 71منذ

تأكيدها على خطورة الوضع االقتصادي و تداعياته

المستقبلية فإن حركة االعتصامات و االحتجاجات

التشغيل و وهو أمر بديهي ألن ملف.مازالت متواصلة

التنمية الجهوية العادلة الذي كان الحلقة الرئيسية في

22

ثورة الشعب التونسي لم يحتل المرتبة الرئيسية في

.المتابعة من طرف السياسيين منذ سقوط بن علي

ويتم التعامل مع هذه االعتصامات و الحركات على أنها

تندرج ضمن مخطط إلفشال حكومة االئتالف الثالثي و

.ها الفقري حركة النهضةعمود

ال ندعو إلى استمرار هذه االعتصامات الُمضرة بالعجلة

لكننا في الوقت ذاته ندعو إلى التعامل معها ..االقتصادية

أبناء الجهات الداخلية و العاطلون عن : بوعي و فهم

العمل لن يتوقفوا عن المطالبة باالرتقاء بأوضاعهم

ك فعال خطوات حقيقية االجتماعية ما لم يلمسوا أن هنا

.في هذا االتجاه

23

.....الحركات االحتجاجية ال تُفسر بالمؤامرة فقط

اخطأ النظام السابق حين حاول تفسير االنتفاضة الشعبية

ديسمبر بأنها 41التي انطلقت من سيدي بوزيد يوم

مؤامرة ضد مكاسب و انجازات تونس ، وأن أطرافا

تحرك الشباب و تحرضهم و مجهولة وملثمة و إرهابية

.تدفعهم إلى التظاهر و االحتجاج

أخطأ النظام السابق في قراءته لحقيقة ودوافع انتفاضة

العاطلين عن العمل و المهمشين و الفقراء ، ألنه لم

يبحث عن األس

باب في الوقائع الملموسة ، إنما ذهب إلى ما يُرضيه وما

ألنها األسهل يدين اآلخر ، ذهب إلى نظرية المؤامرة

.للتفسير و ترمي المسؤولية على اآلخرين

وعلى قاعدة هذا التفسير التآمري جاء خطاب التهديد و

الذي أثبت مسار " بكل حزم"الوعيد و تطبيق القانون

الثورة في تونس أنه زاد المنتفضين قوة و إرادة للوصول

باالنتفاضة إلى آخر مراحلها أي الثورة و إسقاط رأس

.امالنظ

*****

إن تعاطي النظام السابق مع مطالب العاطلين عن العمل

و المهمشين و الفقراء هو بمثابة الدرس لكافة

الحكومات،درس جوهره أن التفسير التآمري

لالحتجاجات االجتماعية ورمي المسؤولية على اآلخرين

24

ال يزيد األوضاع إال تأزما ، وهو درس ال يبدو أن

جانفي قد 41على قيادة البالد بعد الحكومات التي تتالت

.استوعبته جيدا

لم تستوعبه حكومة السيد محمد الغنوشي فاضطرت

، وقال السيد 3لالستقالة تحت ضغط اعتصام القصبة

محمد الغنوشي إن أيادي خفية كانت تحرض على

اإلضرابات و االعتصامات و تضع العصا في عجلة

.جها اإلصالحي الحكومة و ال تريدها أن تنجز برنام

ولم تستوعبه أيضا حكومة السيد الباجي القائد السبسي

التي وزعت االتهامات في أكثر من مناسبة إلى مجهولين

و أيادي خفية تعمل لعرقلة خريطة الطريق التي تقدمت

بها

.

أكتوبر بدورها قد 32وال يبدو أيضا أن حكومة

استوعبت الدرس، فهي بصدد تفسير االحتجاجات

.لمؤامرة ضدها و بالتخطيط إلسقاطهابا

*****

دون شك أن فلول النظام البائد وكافّة العناصر التي كانت

مرتبطة بهذا النظام والتي فقدت مصالحها وامتيازاتها

" تجتهد"وسقطت بسقوط النظام تعمل على خلق التوتّر و

حتى ال يتفّرغ أبناء الشعب الذين أنجزوا الثورة للبناء

بل جديد لتونس بل ويحرصون على عرقلة ولرسم مستق

25

كل خطوة إيجابية إلى األمام باإلشاعات وإثارة النعرات

المتخلفة من نعرات جهوية وقبلية وغيرها هدفهم الوحيد

.أن ال تنهض البالد على قدميها

هذا أمر مفهوم ومعلوم و كل تجارب الثورات في العالم

لقديم ولن عرفت الثورات المضادة وميليشيات الحرس ا

جانفي 41تكون تونس استثناء في هذا الصدد ألن ثورة

.ليست استثناء في تاريخ اإلنسانية

" الثورة المضادة"لكن ما هو غير مفهوم أن تصبح

الشماعة التي تعلق عليها الحكومات أخطاءها وعدم

في هذه المرحلة " برأس الخيط"قدرتها على المسك

.ّر بها البالداالنتقالية والدقيقة التي تم

أكتوبر مهامها أن 32كنا نبهنا عندما استلمت حكومة

عوائق كثيرة ومتنوعة تمأل الطريق أمامها ، أهمها و

أخطرها الملف االقتصادي و تداعياته االجتماعية

،خاصة في الجهات التي كانت تنتظر نصيبها من التنمية

وهو . في فترة بن علي و تنتظر اليوم نصيبها من الثورة

ملف يرفض التعامل بالعواطف و حسن النوايا و اإلرادة

ألنه يتطلب فهما دقيقا لواقع دقيق يتداخل فيه .االيجابية

.أكثر من ُمعطى

26

:صورة تونس في الخارج

رة األصلية وحدها القادرة على اإلشعاعالصو

من ( ُمشرقة كانت أم عكسها) صورة تونس في الخارج

يرسمها ؟ هل ترسمها الحكومات ؟ أم الشعوب؟ أم

يرسمها اإلعالم من خالل القضايا والملفات التي ينشرها

؟

أسئلة تطرح اليوم على خلفية تصريحات عدد من

الحكوميين ، تقول أن الفاعلين السياسيين و المسؤولين

صورة تونس في الخارج أصبحت مهزوزة بسبب أداء

اإلعالم وما ينشره وتركيزه على ملفات اال

، وغير " الخطر السلفي"عتصامات و اإلضرابات و

ذلك من المسائل التي تعطل قدوم االستثمارات األجنبية

وتثير الخوف لدى السياح ، و الحال أن البالد اليوم في

إلى رسائل طمأنة لكافة الجهات ، طمأنة حاجة

.المستثمرين و السياح و الشركاء االقتصاديين

أغلب الفاعلين السياسيين و الحقوقيين و اإلعالميين في

تونس يدركون أن صورة تونس في الخارج كانت إحدى

عليها النظام السابق ،وسخر من " اشتغل"الواجهات التي

شرية من أجل أن تكون أجلها اإلمكانات المادية والب

و " بلد األمن و االستقرار"تونس في عيون اآلخرين

" .بلد االنجازات والمكاسب"

27

ويدركون أيضا الدور الذي كانت تقوم به الوكالة

التونسية لالتصال الخارجي في هذا االتجاه ،

والضغوطات التي كانت تُمارس على المؤسسات

يم على الملفات و اإلعالمية واإلعالميين في تونس للتعت

إلى صورة تونس " تسيء "القضايا التي من شأنها أن

ومع ذلك لم تنجح منظومة النظام السابق في .في الخارج

رسم صورة مشرقة لتونس في الخارج ، ألن الوقائع

.الميدانية كانت دائما أقوى من إرادة التضليل و التعتيم

أداء لم تنجح منظومة النظام السابق ألنها استبعدت

حكومات بن علي من تفاصيل الصورة التي أرادت

رسمها ، استبعدت الفساد و المحسوبية والرشوة والخلل

في البرامج التنموية ، واعتقدت أن تقريرا صحفيا في

إحدى الصحف األجنبية أو الفضائيات من شأنه أن

.يغطي عن الحقائق الملموسة

الل تلك إن أفضل صورة لتونس في الخارج منذ االستق

41التي رسمها الشعب التونسي بكافة مكوناته من

، صورة أصلية 3144جانفي 41إلى 3141ديسمبر

عكست إرادة الشعب التونسي في التغيير و التمسك بقيم

.الحرية و الديمقراطية والعدالة االجتماعية

برز في تلك الصورة أبناء الشعب التونسي ، برز محمد

م النار في جسده ليمهد الطريق البوعزيزي الذي أضر

سنة ،وبرزت 32أمام ثورة أسقطت مؤسسات حكمت

صورة أبناء سيدي بوزيد و القصرين وتالة و الشمال

28

الغربي و األحياء الفقيرة ينتفضون ضد الحيف

41االجتماعي ، وبرزت صورة الحناجر تهتف يوم

" .ديقاج"جانفي

لتونسي هذه الصورة األصلية التي رسمها الشعب ا

أسقطت أيضا الصورة المركبة التي حاول النظام السابق

رسمها من خالل شراء التقارير الصحفية في وسائل

اإلعالم األجنبية وفرض الوصاية على اإلعالم المحلي ،

والتقليل من حدة " المكاسب و االنجازات"وإبراز

.المشاكل السياسية و االقتصادية واالجتماعية

جانفي أن الصورة األصلية 41ت ثورة في المحصلة أثبت

وحدها القادرة على اإلشعاع ، أما الصورة المركبة فإنها

.غير قادرة على الصمود طويال

29

" مؤامرة"ومة أم المعارضة إلسقاط الحك" مؤامرة

الحكومة إلسقاط المعارضة

ين التأكيد و التشكيك يراوح الجدل في تونس مكانه حول

أكتوبر المنتخبة ، ال 32إلسقاط حكومة " المؤامرة"

المسؤولين في الحكومة الذين أثاروا الملف قدموا

اإلثباتات و الدالئل و األطراف المورطة ، وال المشككين

وفي الحقيقة يعكس هذا .بغيابها أصالتمكنوا من اإلقناع

الجدل في جانب منه ما بلغته حالة التجاذب بين الفرقاء

أكتوبر التي فازت فيها 32السياسيين بعد انتخابات

حركة النهضة اإلسالمية بأغلب المقاعد في المجلس

.الوطني التأسيسي

حركة النهضة تقول إن الخاسرين في االنتخابات أو

كما يحلو ألنصارها أن يصفوهم " صلجماعة صفر فا"

، لم يقبلوا نتائج صناديق االقتراع ويعملون من أجل

عرقلة عمل الحكومة من خالل التحريض على

االعتصامات و اإلضرابات وخلق مناخ متوتر ، وفي

المقابل ترفض األحزاب اليسارية والوسطية المتهمة

تبر أن بعرقلة عمل الحكومة االتهامات الموجهة لها و تع

أكتوبر هي المسؤولة عن حالة الالاستقرار 32حكومة

االجتماعي لعدم تعاطيها مع الملفات االقتصادية

واالجتماعية ألوسع فئات المجتمع ، وتذهب إلى حد

30

اعتبار أن الحكومة ال تملك برنامجا واضح المعالم من

.شأنه أن يُخرج البالد من عنق الزجاجة

ن غائبا عن المشهد السياسي ورغم أن هذا الجدل لم يك

العام في تونس منذ سقوط زين العابدين بنعلي ، فقد سبق

أن وّجهت الحكومة األولى للسيد محمد الغنوشي

االتهامات ذاتها لخصومها السياسيين وكذلك فعلت

الحكومة الثانية للسيد الباجي القائد السبسي، رغم ذلك

تونس ولم يتم لم ُتلق المؤامرة بضاللها على المشهد في

وذلك .التسويق لها كما هو الحال بالنسبة للحكومة الحالية

:على األقل لألسباب التالية

أكتوبر هي حكومة منتخبة تستمد 32إن حكومة

شرعيتها من صناديق االقتراع وهو ما يعني أن التآمر

.عليها، هو تآمر على الشرعية

يير أكتوبر عملت منذ أن تولت تس 32إن حكومة

شؤون البالد إلى خلق قاعدة فرز جديدة بين الفاعلين

السياسيين تقوم على من مع الشرعية ومن ضدها ، بعد

أن كانت قبل انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بين من

مع استكمال مهام الثورة وبين من يعمل على االلتفاف

.عليها

31

أكتوبر على خالف الحكومتين األولى 32إن حكومة

الثانية، تستند إلى قاعدة واسعة من األنصار و و

المتعاطفين تدافع عنها وتروج لخطابها بما في ذلك القول

.إن مؤامرة تُحاك ضد الحكومة إلضعافها و إسقاطها

ال بد من القول إن الحديث عن مؤامرة تشترك فيها

أطراف تدعي الديمقراطية وعدد من رموز النظام "

هو من أخطر االتهامات التي " السابق وجهات خارجية

، ألنها 0277جانفي 71وجهت ألطراف سياسية منذ

ترتقي إلى مستوى التآمر على أمن الدولة و البالد مع ما

يعميه ذلك من ضرورة لمحاكمة األطراف المورطة

.على قاعدة هذه التهمة

غير أن عدة إشكاالت حقيقية تطرح حول جدية هذا

:ؤامرة، من ذلكاالتهام، بل حول وجود م

إن الجهات الُمتهمة غير معلومة إلى حد اآلن وترفض

األطراف التي تتحدث عن المؤامرة الكشف عنها رغم

.تصاعد نسق الحديث عن هذه المؤامرة وخطورتها

إن الفريق الحكومي غير متفق على وجود مؤامرة

بالحجم الذي تحدث عنه كل من المستشار السياسي

.ووزير النقل لرئيس الحكومة

32

إن مسؤوال في وزارة الداخلية أكد غياب المؤامرة بل

وذهب إلى حد القول إن الحديث عنها يدخل في خانة

.حرية التعبير

إن األطراف التي قد تكون معنية ضمنيا بتهمة التآمر

تطالب الحكومة بالكشف عن خيوط هذه المؤامرة و

.تفاصليها

جزء من الحكومة يتحدث : وعليه فإن الصورة كالتالي

عن مؤامرة وجزء آخر ينفيها، معارضة تطالب بالكشف

عن المؤامرة فيأتي الرد سيكون ذلك في الوقت المناسب،

لكن دون توضيح هل الوقت المناسب للجزء من

الحكومة الذي يتحدث عن المؤامرة أم الوقت المناسب

لمصلحة تونس؟

33

حكممؤتمر التمكن من ال..مؤتمر النهضة

في كلمته في افتتاح المؤتمر التاسع لحركة النهضة ،

الذي لم تحضره أغلب قيادات أحزاب السياسية بما في

ذلك شريك النهضة في الحكم المؤتمر من أجل

الجمهورية ، وجه السيد حمادي الجبالي رسالة غير

مشفرة إلى المؤتمرين، هي الفوز في االنتخابات

مريحة التشريعية المقبلة بأغلبية

األمين العام لحركة النهضة يدرك ما يقول وإن جاءت

رسالته بعد كلمة رئيس الحركة السيد راشد الغنوشي

الذي وجه رسائله إلى المجتمع السياسي عموما داعيا

للوفاق و الشراكة و الوحدة

بين الرسالتين سلك متين ال تستطيع حركة النهضة ردمه

المجتمع السياسي دون الوفاق و الشراكة مع مكونات:

وهو الدرس .ضغوط التحالفات وما تفرضه من تنازالت

الذي ربما استفادت منه حركة النهضة من تجربتها

القصيرة في الحكم مع حزبي التكتل الديمقراطي

والمؤتمر من أجل الجمهورية

34

ويبدو أن رسالة السيد حمادي الجبالي وصلت إلى

ل الخالفات و المؤتمرين واضحة دون تشويش ، ك

التباينات في تقييم مختلف المحطات التي مرت بها حركة

النهضة يجب أن ال تُبعد البوصلة عن وجهتها الصحيحة

أي االنتخابات المقبلة التي ستعطي للحركة شرعية حكم

32أقوى من الشرعية المؤقتة التي منحتها لها انتخابات

. 3144أكتوبر

بغبار السرية و الهجرة ال الحركة التي جاءت إلى الحكم

يمكن أن تفرط فيه بعد أن المست معنى الحكم وإن

هذا . بشرعية يمنحها نظام مؤقت للسلطات العمومية

يجعلنا نفهم لماذا تمت الدعوة إلى مؤتمر استثنائي بعد

سنتين ولماذا تم تأجيل فتح عدد من الملفات الداخلية لهذا

.المؤتمر

لحركة النهضة الذي انعقد تحت في كلمة المؤتمر التاسع

هو مؤتمر التمكن من الحكم" مستقبلنا بين أيدينا" شعار

.

35

:حول جدل التعويض للمساجين السياسيين

الخطاب ال يغير الواقع و الملفات الملموسة تتطلب

حلوال ملموسة

ال يخلو الجدل حول موضوع التعويضات المادية

ية مستمدة من حالة للمساجين السياسيين من جوانب شعبو

. التجاذب التي يعرفها المشهد السياسي العام في البالد

و انتقاء " مع أو ضد التعويض " وحصر الجدل في

األمثلة والمبررات من الجانبين ال أعتقد أنه يدفع بالنقاش

التعويض المادي و المعنوي لمساجين الرأي هو احد

في هذا الصدد مبادئ العدالة االنتقالية وثمة عدة تجارب

منها التجربة المغربية و إن كانت مختلفة عن الوضع

وبالتالي إن الذين يدعون إلى . الذي تمر به حاليا تونس

تعويض المساجيين السياسيين في نهاية األمر لم يأتوا

. هذه حقيقة يجب االعتراف بها..ببدعة

لكن الحكمة في األداء الحكومي هي القدرة على تحديد

في تونس " الترويكا"يات وبالنسبة لحكومة األولو

: 3144جانفي 41األولوية مازالت أهداف ثورة

36

النهوض بالجهات المحرومة التي انطلقت منها الثورة ،

ملف البطالة والتشغيل ، ملفات شهداء و جرحى الثورة ،

وهي ملفات مازالت لم تعرف بعُد طريقها إلى بداية

.التسوية

انطلقت قبل أيام ( مهد الثورة التونسية )في سيدي بوزيد

احتجاجات عمال الحضائر ، وفي القصرين التي دفعت

) أكبر عدد من الشهداء و الجرحى مقر الوالية

الشمال الغربي )مغلق منذ أسابيع ، في الكاف ( المحافظة

وكذلك الشأن ..الوضع االجتماعي مازال يتسم بالتوتر( ..

.في أغلب مدن البالد

ا يقول أبناء القصرين و سيدي بوزيد و قفصة و وعندم

غيرها من المناطق الداخلية المهمشة أنهم مازالوا

وعندما تكون البطالة احد ..ينتظرون نصيبهم من التنمية

الملفات الرئيسية في الوضع االجتماعي في البالد بعد

وعندما تؤكد األرقام ..أكثر من سنة و نصف من الثورة

صادي في البالد مازال في مرحلة حرجة أن الوضع االقت

وعندما يصيح شهداء و جرحى الثورة أنهم مازالوا في ..

37

تكون اإلجابة دائما أن تسوية هذه ..انتظار تسوية ملفاتهم

وقد يكون األمر كذلك فعال..الملفات يتطلب سنوات

في ظل هذا الوضع هل من الحكمة طرح مشروع

وإعطائه هذه األولوية ؟التعويض للمساجين السياسيين ؟

تمر هذه " الترويكا"ربما ليس مبالغة التأكيد أن حكومة

األيام بأصعب فتراتها بسب الملفات المفتوحة أمامها و

عليها ، فباإلضافة إلى الوضع االجتماعي و االقتصادي

استقالة وزير المالية وقبل ذلك إقالة محافظ البنك

للمسؤولين ورغم أن الخطاب المعلن . المركزي

لكن .الحكوميين يحاول التخفيف من حدة هذه الصعوبات

الخطاب ال يغير الواقع ألن الملفات الملموسة تتطلب

حلوال ملموسة

قد تتراجع الحكومة عن أولوية ملف التعويض للمساجين

، لكنها ال يمكن أن تتراجع ( ولن تفرط فيه)السياسيين

ألن أي ( د الثورةوقو) عن مطالب الفقراء و المحرومين

تراجع يعني مزيد الصعوبات ، وما حدث في سيدي

بوزيد قبل أيام هو بمثابة ناقوس إنذار حقيقي لمن يريد

أن يستوعب الدروس في حينها

38

حكومة الترويكا التي تمثل حركة النهضة اإلسالمية

عمودها الفقري في موقف حرج و الخروج منه يبدأ أوال

من ضغوطات " سياسية الحكومة ال"بتخلص هذه

االنتخابات المقبلة ألن الحكومات دورها التعامل مع

مطالب مواطنيها االجتماعية و االقتصادية و السياسية

وليس العمل من أجل مكاسب يتم توظيفها في االنتخابات

المقبلة

39

الثورة المغدورة…تونس

بعد أكثر من سنة ونصف من ثورة تونس ، ال يبدو أن

اك من استوعب جوهرها أكثر من الذين أشعلوا هن

إنهم ..شرارتها ودفعوا بها إلى أن سقط رأس النظام

.الفقراء و المهّمشين و العاطلين عن العمل

جوهر الثورة اجتماعي واقتصادي ،ثورة من أجل التنمية

العادلة والتوزيع العادل للثروة والحق في التشغيل ،

التشغيل استحقاق يا ” لّخصها بشكل مكثف وقوي شعار

.”عصابة السّراق

ال يمكن ألي جهة في الداخل أو الخارج أن تنفي هذه

الحقيقة وتعطي للثورة مضمونا آخر غير هذا المضمون

، وال يمكن ألي طرف أن يعتبر استكمال أهداف الثورة

. بعيدا عن هذا المضمون االجتماعي و االقتصادي

الفقراء و المهّمشون والعاطلون عن العمل استوعبوا

أكثر من غيرهم جوهر الثورة ألنهم مازالوا بعد أكثر من

عام ونصف يرفعون المطالب ذاتها ومازال الحق في

التشغيل والحق في التنمية الشعار الرئيس في

احتجاجاتهم وان اختلفت القراءات السياسية لهذه

.كم إلى المعارضةاالحتجاجات من الحزب الحا

****

40

لم يستوعب الفاعلون السياسيون في تونس جوهر الثورة

لقد أضفوا قراءاتهم ..وقيمتها وإن عبروا عن ذلك

السياسية و اإليديولوجية على حراك الفقراء و المهمشين

فحادوا بالثورة عن مسارها الحقيقي ، و التجاذبات

م هو أحد السياسية التي يشهدها المشهد السياسي العا

. اإلفرازات المكشوفة

ال أحد اجتهد قوال وفعال لمحاصرة هذا التجاذب الذي

بدأا يتوسع و يتطور ليصل إلى معتقدات الناس و نمط

!! عيشهم، يحدث كل هذا باسم الثورة

وأخطر مظاهر هذا التجاذب زرع بذور الفتنة بين

ل التونسيين على خلفية انتماءاتهم و معتقداتهم ، وما فش

االستعمار المباشر وغير المباشر في تحقيقه ثمة اليوم

. من ينفخ في الشرارة لتلتهم وحدة التونسيين

ماحدث في القيروان وقابس و بنزرت هو نفخ في شرارة

.الفتنة وضرب لوحدة التونسيين وطعن للثورة في الظهر

بعد أكثر من عام ونصف من انجاز التونسيين لثورتهم

تبدو الثورة التونسية مطعونة ومغدورة..مالتي هزت العال

41

!!لفك الضغط على الحكومة " ..اكبس"

، مبادرة من ( أي اضغط" )اكبس" أن تكون حملة

داخل حركة النهضة أو من خارجها، ذلك أمر غير

مهم ، المهم هو هل أن هذه المبادرة لدعم الحكومة

.أم للضغط عليها من أجل انجاز أهداف الثورة

في فترة تزايدت فيها " اكبس" ت حملة جاء

االنتقادات ألداء الحكومة وخاصة ضعفها في

التعاطي مع ملفات التنمية وكشف ملفات الفساد و

فرض األمن ، وربما أكثر هذه االنتقادات رمزية

ما جاء على لسان رئيس الجمهورية ذاته الذي

حذر من ثورة ثانية في مناسبة أولى و لّمح إلى

يمنة حركة النهضة على مفاصل الدولة خطورة ه

.في مناسبة ثانية

و المتابع ألداء الحكومة يالحظ أن أغلب

االنتقادات الموجهة إليها ، لم تأت من فراغ ،

فالوقائع الميدانية تؤكد أن هذا األداء مازال لم

يرتق إلى ما انتظره أبناء الجهات الفقيرة

ى ما والمحرومة و شهداء وجرحى الثورة و إل

.الخ..انتظره ضحايا الفساد

حاولت الحكومة في أكثر من مناسبة تبرير ضعف

42

وبإرباك " الثورة المضادة" أدائها مرة بـ

المعارضة ألدائها ، وأخرى بحجم الملفات التي

ورثتها عن النظام السابق وأيضا عن الحكومة التي

، ( حكومة السيد الباجي القايد السبسي) سبقتها

أن -رغم ذلك -القفز إلى األمام والقول وأحيانا ب

الحكومة الحالية هي األقوى في تاريخ تونس منذ

االستقالل ، دون أن تقدم ما يؤكد ذلك باستثناء أنها

.حكومة شرعية ومنتخبة

وال يبدو أن هذه التبريرات وجدتها صداها القوي

لدى عموم الشارع في تونس ، فأبناء الجهات

الذين لم يكفوا عن االحتجاج الداخلية المحرومة

رفضوا أن تفسر احتجاجاتهم بأنها من أفعال الثورة

المضادة ، والمعارضة رفضت دائما أن يتم تفسير

كل ما يحدث من حراك في الشارع بأنه مؤامرة

.منها إلسقاط الحكومة

مثلت هذه العومل عناصر ضغط حقيقية على

م أنضاف ، ث" ( كبسة"بالتونسي نقول ) الحكومة

إليها عنصر آخر ال يقل أهمية ،هو اقتراب موعد

أكتوبر الذي تعتبر عديد األطراف أنه موعد 32

انتهاء الشرعية االنتخابية للحكومة حسب المرسوم

.الذي نظم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي

43

" في هذا اإلطار وفي هذا التوقيت جاءت حملة

لتطهير وفتح رافعة شعارات المحاسبة و ا" اكبس

ملفات الفساد ، وهي من الشعارات الرئيسية للثورة

واليمكن معارضتها ، إنما من المفروض دعمها و

االنخراط فيها من المعارضة التي رفعت هذه

.الشعارات لمحاججة الحكومة

لكن دائما بين الشعارات و األفعال مساحة ،

فشعارات المحاسبة و التطهير التي رفعتها حملة

أوت 24وقفة الجمعة ) ، اثبت األفعال " بساك"

( سبتمبر في صفاقس 4وقفة السبت -في العاصمة

أنها في جانب منها ال تختلف عن التبريرات التي

كانت تقدمها الحكومة من كونها عرضة للمؤامرة

بل أن عديد ..من المعارضة و من الثورة المضادة

الشعارات التي رفعت في هذه التظاهرات كانت

وجهة للمعارضة وتدعم الحكومة و حضور م

بعض المسؤولين الحكوميين ضمنها هو دليل قوي

.

فهل الحكومة الشرعية في حاجة لالنخراط في

حملها تحثها على فتح ملفات الفساد ؟ وهل الحزب

في حاجة للنزول للشارع ( حركة النهضة) الحاكم

للضغط على الحكومة التي شكلتها؟

تكون فكرتها تتماشى و أهداف قد " اكبس" حملة

44

الثورة ، لكن أدائها يشير أنها لدعم الحكومة و

الضغط على الشارع ليدعمها

45

بين قوة الشعار وعراقيل ..أكتوبر 32بعد " الوفاق"

الواقع

، بدأت مساحة 3143أكتوبر 32قبل أسابيع من موعد

في" الترويكا "النقاش حول مستقبل حكومة

تتوّسع ، بين من يعتقد أن الشرعية االنتخابية التي تونس

تستند إليها هذه الحكومة تنتهي بحلول التاريخ المذكور

،وبين من يتمسك بشرعيتها إلى حين انتهاء المجلس

.الوطني التأسيسي من إعداد الدستور

قاش يتداخل فيه القانوني مع السياسي مع االلتزام الن

،ويشمل إلى جانب ( 3144سبتمبر 41وثيقة ) األخالقي

الفاعلين السياسيين المعنيين بممارسة الحكم ،

األخصائيين في القانون الدستوري ، كّل يقدم حججه

23ومبرراته لما يمكن أن تكون عليه مرحلة ما بعد

ى حد اآلن إلى وفاق حقيقي أكتوبر ، دون التوصل إل

.يحدد عناصر هذه المرحلة ومسارها

****

غياب الوفاق له ما يفسره على أرض الواقع، وأيضا في

46

العالقة بين األحزاب السياسية ألن هذا الجدل حول ما

:أكتوبر يجري في مناخ سياسي يتسم ب 32بعد

غياب إطار واضح للحوار الوطني بين الفاعلين .

وكافة المتدخلين في الشأن الوطني ،وهو السياسيين

على بعثه " الترويكا"اإلطار الذي لم تحرص حكومة

.رغم النداءات المتكررة

ارتفاع نسق التجاذبات السياسية استعدادا لالنتخابات .

المقبلة خاصة أن كافة األحزاب بدأت تعدل بوصلتها

من على االنتخابات المقبلة المزمع تنظيمها بعد االنتهاء

.إعداد الدستور

، بين المعارضة "الترويكا "تباين في تقييم فترة حكم .

التي تصفها بالفاشلة لعدم قدرة الحكومة على التعاطي مع

أهم ملفات استحقاقات الثورة ، وبين الحكومة التي تعتبر

أنها كانت عرضة لتعطيل دورها وعرقلة نشاطها

.والتآمر عليها من أجل إسقاطها

ا النقاش أيضا في ظل مناخ اقتصادي و ويجري هذ

اجتماعي يتسم بالهشاشة و االضطراب ، فإلى جانب

تواصل اإلضرابات و االعتصامات، خاصة في الجهات

47

الداخلية ، تشير التقارير االقتصادية إلى صعوبة الظرف

وحاجته إلى مناخ من األمن و تونس االقتصادي في

.االستقرار لينتعش و ينمو

وإضافة إلى ذلك فإن ملف العنف في المجتمع و التباين

الواضح بين الحكومة و المعارضة في تفسير دوافعه

وأسبابه وحدود مسؤولية الحكومة في توّسعه وانتشاره

ة أصبح بدوره عنصرا هاما ال يمكن التغافل عنه ، خاص

أن الملف كانت له خالل المدة األخيرة تداعيات ملموسة

االعتداءات على ) في الخارج تونس على صورة

.(..األمريكية حادثة السفارة –المبدعين

****

في ظل هذا المناخ يدور الجدل و النقاش حول مرحلة

، و ال تونس دقيقة من مراحل االنتقال الديمقراطي في

إرادته جدية ونواياه نعتقد أن أي نقاش مهما كانت

صادقة يمكن أن يفضي إلى وفاق إذا لم يتم تخليص

المشهد العام في البالد من العناصر و األسباب التي تعيق

الوصول إلى قاعدة توافق حقيقية

48

ونعتقد أن التأسيس آللية حوار وطني تجمع كافة الفاعلين

السياسيين تمثل الخطوة األولى المطلوبة حاليا ، وتتحمل

الحكومة المسؤولية في الحرص على بعثها ضمانا لسد

. األبواب أمام أي مأزق جديد يمكن أن يهدد البالد

49

التصادم غير المتكافئ: النهضة والسلفيون

عندما دوى رصاص السلفية الجهادية في احدى

الضواحي الجنوبية للعاصمة التونسية في كانون

الجدل بين النخب والفاعلين ، انطلق 6002ديسمبر /أول

السياسيين حول حجم هذا التيار واألسباب الخاصة

وكان للسيد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة . لظهوره

رأيا في هذا الموضوع عبر عنه من مقر اقامته وقتها في

رأس جبل "لندن قائال أن ما ظهر من السلفية هو

".الجليد

عتبروا أن رأي الذين تابعوا ذلك الجدل والنقاش ا

. الغنوشي تضمن رسائل متعددة الى نظام بن علي

الرسالة األولى تحذر من توسع قاعدة السلفية الجهادية

ال مفر من التعاطي "في البالد، والثانية تحاول إقناعه أن

.في مواجهة التطرف" مع االسالم المعتدل

وهي في )عموما لم يكن موقف حركة النهضة

من السلفية الجهادية ( في الخارج المعارضة وقيادتها

بعيدا عن هذه الرؤية المستمدة أصال من مواقف حكومية

، 6001سبتمبر / أيلول 11ودولية ظهرت بعد أحداث

دفعت في اتجاه المزيد من التعاطي مع االسالم السياسي

.المعتدل

50

وهروب زين 6011يناير /كانون الثاني 11بعد

ووجدت ي في تونس، العابدين، تغير المشهد السياس

حركة النهضة نفسها طرفا أساسيا في المعادلة الجديدة،

ليس من موقع المعارضة وإنما من موقع أحد المكونات

الرئاسية للوفاق الذي حكم تونس في مرحلة أولى، ثم من

تشرين 62 موقع الحزب الحاكم بعد انتخابات

.6011أكتوبر /أول

ى سطح المشهد الجديد في المقابل برز الملف السلفي عل

بعد العفو عن الذين شاركوا في المواجهة المسلحة في

والبروز العلني لعدد من قياداتهم وحضورهم 6002

.الميداني في أكثر من محطة

وبدا واضحا لكافة المراقبين أن مسار حركة النهضة في

التعاطي مع الوضع في تونس لن يكون هو مسار التيار

حركة النهضة دخول اللعبة السلفي، فقد اختارت

السياسية الجديدة من بابها الكبير مع ما تفرضه من

تحالفات وتنازالت وتوافقات، هدفها الوصول الى

.السلطة من بوابة العملية االنتخابية

اختار التيار السلفي االستفادة من حضوره العلني

.الفتكاك مواقع ميدانية دون التورط في العملية السياسية

ز ذلك من خالل سيطرة السلفيين على العديد من بر

المساجد وخوضهم لمعركة النقاب في الجامعة التونسية

51

الى جانب النشاط االجتماعي في عديد األحياء الفقيرة

.والجهات الداخلية المحرومة

ورغم التباين الظاهري بين المسارين، فإن كل طرف

د معطى حاول االستفادة من مسار الطرف اآلخر، لتأكي

رّوج له بعض مشايخ وحكومات الخليج، وهو أن ثورات

الربيع العربي هي ثورات إسالمية، سترد االعتبار

.لمكانة االسالم ودوره في المجتمع

هذا ما يفسر غياب التصادم بين حركة النهضة و التيار

وقد حرصت حركة النهضة . السلفي في أكثر من محطة

على تأجيل هذا ( ةالمنخرطة في العملية السياسي)

التصادم، وهو تأجيل تحركه اعتبارات سياسية تقود

الحزب الحاكم الجديد الذي عمل على توسيع قاعدة حزام

في مواجهة " مشروع الحكم اإلسالمي "المتعاطفين مع

وربما تطلب األمر غض الطرف . المشروع العلماني

من ذلك . عن التجاوزات التي يقوم بها السلفيون

بالقوة على المساجد وهجومهم على الحانات سيطرتهم

.وغلقها بالقوة ومنعهم لعديد التظاهرات الثقافية

اقصى ما كان يصدر عن حركة النهضة والمسؤولين

. الحكوميين أن التعاطي مع السلفيين يكون فقط بالحوار

حيث تحدث زعيم الحركة السيد راشد الغنوشي في أكثر

ع السلفيين، لكن دون من مناسبة عن ضرورة الحوار م

52

أن تبرز نتائج هذا الحوار باستثناء التصريحات التي

أدلى بها في بعض المناسبات بعض زعماء ما يُعرف بـ

".السلفية العلمية"

لكن أمام توسع حجم تجاوزات السلفيين وتراخي السلطة

لوضع حد لهذه التجاوزات، تحرك المجتمع التنفيذية

بالطرفين، ووصلت أصداء المدني في تونس للتشهير

وأصبحت صورة الثورة . ذلك الى االعالم االجنبي

التونسية التي وصفت بثورة الياسمين وثورة الحرية و

.الكرامة، مرتبطة بما أفرزته من عنف سلفي

وما أحرج بالدرجة األولى حركة النهضة، خاصة، تفاقم

األوضاع االقتصادية واالجتماعية الهشة التي تتطلب

.االستثمارات وانجاز المشاريع تدفق

إن الضغط الداخلي على حركة النهضة من طرف

المجتمع المدني والمجتمع السياسي الى جانب الضغط

. الدولي دفع الحكومة للتلويح بالتصادم مع السلفيين

وكانت أولى تلميحات النهضويين أن جزء منهم

وأن من يحركهم" صنيعة النظام السابق"هم ( السلفيين)

الى التأكيد أنهم يخدمون " فلول النظام السابق"هم

، ثم انطلقت حملة اعتقاالت "أجندة الثورة المضادة"

شملت بعض عناصر هذا التيار على خلفية تورطهم في

.أعمال عنف

53

هذه الحملة وإن يعتبرها مراقبون ال ترتقي إلى ما

يستحقه هذا الملف من تعامل، إال أنها أعادت كل من

لنهضة والتيار السلفي إلى بداية مسارهما في حركة ا

.التعاطي مع الوضع في تونس

حركة النهضة بينت أنها الحركة السياسية المنخرطة في

اللعبة السياسية مع ما يتطلب ذلك من تقديم تنازالت حتى

على حساب أقرب التيارات الفكرية واإليديولوجية اليها،

أما التيار السلفي . من أجل ضمان استمرارها في السلطة

الذي يرفض االنخراط في السياسة الوضعية، يبدو أنه

.اختار سياسة الهروب إلى األمام

اليمكن التكهن بنتائج هذا التصادم والدرجة التي يمكن أن

ليس من ناحية التيار السلفي الذي بين منذ ظهوره . يبلغها

العلني أنه ثابت على مواقفه وإنما من ناحية حركة

ضة التي لم تخف أنها حركة براغماتية تتعامل مع النه

الوضع من خالل موازين القوى وما يضمن لها

.االستمرار في السلطة

54

االنتخابية".. اكبس"حملة

على " اكبس"في جميع تحركاتهم حرص منظمو حملة

" النهضة"التذكير بأنها مستقلة ال ترتبط بحزب

الضغط على اإلسالمي، وأنها عنوانها الكبير هو

".من أجل تسريع تحقيق أهداف الثورة"الحكومة

لكن النشاطات التي انطلقت قبل أسابيع في العاصمة

سبتمبر /تونس وبلغت ذروتها في السابع من أيلول

الجاري في اعتصام ساحة القصبة قرب مقر رئاسة

الحكومة تضع عالمات استفهام كبيرة على مزاعم

.االستقاللية

هم من أنصار التيار اإلسالمي شاركوا خمسة آالف جلّ

في التظاهرة، كان يتقدمهم أحد أبرز قيادات النهضة

الحبيب اللوز والمستشار السياسي لرئيس الحكومة لطفي

.زيتون

الشعارات التي هتف بها المشاركون في القصبة كانت

هي نفسها التي حملها الحزب الحاكم في المجلس الوطني

عالم واإلعالميين جاءت بالطريقة مهاجمة اإل. التأسيسي

ذاتها التي تتردد على ألسنة المسؤولين في الحكومة، ما

حلقة جديدة في سلسلة دعم الحكومة " اكبس"يجعل من

.المؤقتة ومساندتها في مواجهة االنتقادات الموجهة إليها

55

جاءت هذه المبادرة في فترة تزايدت فيها االنتقادات

فها في التعاطي مع ملفات ألداء الحكومة وخاصة ضع

ربما أكثر . التنمية وكشف ملفات الفساد و فرض األمن

ما جاء على لسان رئيس هذه االنتقادات رمزية

الجمهورية المؤقت ذاته الذي حذر من ثورة ثانية في

مناسبة أولى، ولّمح إلى خطورة هيمنة حركة النهضة

.على مفاصل الدولة في مناسبة ثانية

اء الحكومة يلحظ أن أغلب االنتقادات الموجهة المتابع ألد

إليها لم تأت من فراغ، فالوقائع الميدانية تؤكد أن هذا

األداء مازال لم يرتق إلى ما انتظره أبناء الجهات الفقيرة

والمحرومة وشهداء وجرحى الثورة وما انتظره ضحايا

.الفساد

حاولت الحكومة في أكثر من مناسبة تبرير ضعف أدائها

وبإرباك المعارضة ألدائها، " الثورة المضادة" مرة بـ

وأخرى بحجم الملفات التي ورثتها عن النظام السابق

حكومة السيد الباجي )وأيضا عن الحكومة التي سبقتها

رغم -، وأحيانا بالقفز إلى األمام والقول (القايد السبسي

أن الحكومة الحالية هي األقوى في تاريخ تونس -ذلك

ستقالل، دون أن تقدم ما يؤكد ذلك باستثناء أنها منذ اال

.حكومة شرعية ومنتخبة

56

ال يبدو أن هذه التبريرات وجدت صداها القوي لدى

عموم الشارع في تونس، فأبناء الجهات الداخلية

المحرومة الذين لم يكفوا عن االحتجاج رفضوا أن تفسر

رضة احتجاجاتهم بأنها من أفعال الثورة المضادة، والمعا

رفضت دائما أن يتم تفسير كل ما يحدث من حراك في

.الشارع بأنه مؤامرة منها إلسقاط الحكومة

. هذه العوامل مثّلت عناصر ضغط حقيقية على الحكومة

يضاف إلى كل ذلك عنصر آخر ال يقل أهمية، هو

أكتوبر، وهو موعد / تشرين أول 62اقتراب موعد

مة، حسب المرسوم الذي انتهاء الشرعية االنتخابية للحكو

نظم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي قبل أقل من

.سنة

" اكبس"في هذا اإلطار وفي هذا التوقيت جاءت حملة

التي لم يعد خافيا أنها حملة أنصار الحكومة لدعم

الحكومة وحملة أنصار حركة النهضة إلبراز أن

.حركتهم مازال لها قاعدتها الشعبية

كما أرادها منظموها اكتفت إلى حد اآلن "اكبس"حملة

الحقيقية التي " اكبس"بوقفة احتجاجات، لكن حملة

العاطلون عن العمل وأبناء الجهات الداخلية يمارسها

57

المحرومة و أبناء األحياء الفقيرة الذين كانوا وقود ثورة

يناير مازالت مستمر/ كانون ثاني 11

عاصمة إلضرابات الجوع..تونس

أكثر من سنة ونصف على سقوط النظام السابق، بعد

. مازالت اضرابات الجوع في تونس تسجل حضورا بقوة

فقد دخل أعضاء من المجلس الوطني التأسيسي

اكتوبر الجاري إضرابا / مطلع تشرين أول( البرلمان)

عن الطعام احتجاجا على حملة مداهمات واعتقاالت

لتي قدمت شملت متظاهرين من مدينة منزل بوزيان ا

.أول شهيد في الثورة التونسية

كما قام شيوخ وعجائز بعضهم تجاوز العقد الثامن،

بإضراب عن الطعام في المدينة ذاتها للمطالبة بإطالق

سراح أبنائهم، الذين احتجوا وتظاهروا للمطالبة بالحق

.في التشغيل ونصيب الجهة من التنمية

السور صحفيون وصحافيات من دار الصباح وصحيفة

األسبوعية، أيضا دخلوا في اضراب جوع دفاعا عن

استقاللية المؤسسات االعالمية وعن حق الصحف في

.اإلعالنات العمومية

58

وقبل ذلك كان عشرات من جرحى الثورة وعائالت

الشهداء ومن العاطلين عن العمل دخلوا في اضرابات

.عن الطعام في أكثر من مدينة وقرية

وصل الى وسائل االعالم صدى هذه االضرابات

االجنبية في مشهد يذكر تماما بما كان عليه األمر قبل

الثورة، حتى أن بعض المسؤولين الجدد رددوا العبارات

ثمة من "ذاتها التي كان يرددها المسؤولون السابقون

".يعمل على تشويه صورة تونس في الخارج

بدأت قصة التونسيين مع اضرابات الجوع عندما أصبح

هذا الخيار هو الوسيلة الوحيدة أمام الحقوقيين والناشطين

السياسيين واالعالميين لمواجهة االستبداد، وهو خيار

صعب ألنه يضع حياة المضرب عن الطعام أمام خطر

معلوم، لكنه كان الخيار الذي ال مفر منه في مواجهة

.االستبداد والتضييق على الحريات

من مراكمة 6000نة وتمكن التونسيون بدًء من س

تجربة نوعية في تنظيم هذا النوع من االضرابات، ففي

تلك السنة أضرب الصحفي توفيق بن بريك عن الطعام

احتجاجا على منعه من الكتابة وهو اضراب كسر حاجز

الخوف لدى العديد من التونسيين وفتح األبواب أمام

11سلسلة أخرى من االضرابات يبقى أهمها اضراب

الذي شارك فيه حقوقيون وناشطون 6002بر أكتو

59

سياسيون وإعالميون من ضمنهم وزير حقوق االنسان

.والعدالة االنتقالية الحالي سمير ديلو

كان هذا االضراب هو األهم ألنه وّحد المعارضة

السياسية باختالف مرجعياتها االيديولوجية وجّمع

الحقوقيين واالعالميين حول مطالب حرية االعالم

.وحرية التنظيم

وأضربت أيضا المحامية والحقوقية راضية النصراوي

أكثر من ثالثين يوما احتجاجا على المضايقات التي

تعرضت لها، وأضرب في السجون مساجين حركة

النهضة، وهي االضرابات التي قال عنها الناشط

األطول في السجون "الحقوقي السوري هيثم مناع إنها

".األفريقية

همت هذه االضرابات، وقتها، في وضع ملف لقد سا

حقوق االنسان والحريات في تونس تحت المجهر،

وحظيت بمتابعة في أعلى الهيئات االوروبية

واألمريكية، وهو ما أحرج كثيرا النظام السابق الذي

عجز عن رسم صورة أخرى لتونس غير صورة البلد

.الذي تنتهك فيه الحريات و حقوق االنسان

ورة، سقطت كافة القيود التي كانت مفروضة على بعد الث

الحريات وعلى حقوق االنسان في تونس، ووجد بعض

60

من كانوا يشاركون في اضرابات الجوع أنفسهم في

مواقع قيادية في الدولة، وكأن الثورة كافأتهم على تلك

.النضاالت

الثورة التونسية كانت في جوهرها ثورة على الخيارات

جتماعية للنظام السابق، التي حرمت االقتصادية واال

جهات وأقاليم كاملة من تنمية حقيقية، فتوسع الفقر

وارتفعت نسب البطالة وغرق الشباب في قوارب الموت

.نحو الضفة الشمالية للبحر االبيض المتوسط

وكان من المفروض أن يعي المسؤولون الجدد الذين

من جاؤوا للحكم من النضال السياسي والحقوقي و

اضرابات الجوع داخل السجون وخارجها، جوهر الثورة

وبالتالي جوهر انتظارات ابناء الجهات المحرومة

.والمهمشة والعاطلين عن العمل و سكان األحياء الفقيرة

11لكن ما حصل أن كل الحكومات التي تعاقبت منذ

بما في ذلك الحكومة المنتخبة 6011يناير /كانون الثاني

، جعلت من االصالحات 6011ر اكتوب 62يوم

االقتصادية واالجتماعية تحتل مراتب متأخرة في

أولوياتها، معوضة االجراءات الملموسة بالوعود مرة

وباإلشارة الى صعوبة ودقة الوضع االقتصادي في

.أغلب األحيان

61

لم يلمس الشباب الذي كان وقود الثورة ثمار دوره في

حال الجهات الداخلية اسقاط النظام السابق، ولم يتغير

التي بقيت محرومة ومهمشة، ولم تفلح الوعود والحلول

اللفظية في اقناع هؤالء، فكان من الطبيعي أن تبرز من

.جديد الحركات االحتجاجية وتتوسع الحركة المطلبية

إن المتمعن في التوزيع الجغرافي والقطاعي لهذه

ي التحركات يالحظ أنها في الجهات والقطاعات الت

.انطلقت منها شرارة الثورة

وقد تعاملت الحكومة الحالية مع هذه التحركات بأساليب

بيد الثورة "مختلفة، فمن وصف المحتجين بأدوات

الى استعمال الحل " أزالم النظام السابق"و" المضادة

االمني، دون أن تتقدم في ايجاد حلول لألسباب الحقيقية

.والتنمية لهذه االحتجاجات أي الحق في الشغل

( محافظة سيدي بوزيد)ويبقى مثال مدينة منزل بوزيان

هو األبرز، فقد استعمل ابناء هذه المدينة كافة االشكال

للفت انتباه الحكومة الى حقيقة أوضاعهم لكن دون

جدوى، مما اضطرهم الى التصعيد في حركة احتجاجهم

ت وهو ما قابلته الحكومة بجملة من المداهمات واالعتقاال

.شملت العديد من الشبان أغلبهم ممن شاركوا في الثورة

62

وأمام هذه االعتقاالت ورفض الحكومة اطالق سراح

المعتقلين لم يبق اال خيار اضراب الجوع الذي شارك فيه

شيوخ تجاوز بعضهم عقده الثامن وساندهم أعضاء من

.المجلس الوطني التأسيسي

را، فرغم وفي قطاع االعالم ال يبدو االمر مغاي

التحذيرات التي اطلقها المهنيون وهياكلهم الممثلة من

محوالت الحكومة إلعادة انتاج الهيمنة على قطاع

11االعالم، ليكون اداة بيدها مثلما كان الشأن قبل ثورة

.6011يناير

اعتبرت الحكومة دائما أن االعالم غير محايد وال

تعاطي مع يتعاطى مع الحكومة المنتخبة بما يتطلب ال

، وبلغ األمر بأنصار "تمثل إرادة الشعب"حكومة

الحكومة واألحزاب المكونة لها الى حد توصيف االعالم

بل وذهبت الحكومة في ". بيد الثورة المضادة"أنه أداة

خطوات عملية اكدت انها بصدد وضع يدها على االعالم

من أجل السيطرة عليه وذلك من خالل سلسلة من

ى راس بعض المؤسسات االعالمية من التعيينات عل

.ضمنها دار الصباح

تمت هذه التعيينات بشكل فوقي دون التشاور بين الهيكل

الممثلة وهو ما صعد من شدة االحتجاجات انتهت

63

بإضراب الجوع الذي شنه مجموعة من الصحفيين ألكثر

.االعالمية من شهر دفاعا عن استقاللية المؤسسة

ضرابات الجوع رغم الثورة تونس مازالت عاصمة ا

التي حصلت وهو ما يعني ان اهداف الثورة مازالت لم

تحقق ألن في تحقيقها سيرحل هذا التوصيف

64

عودة إلى صحافة بن علي

منذ إعالن تشكيلها قبل أقل من سنة ترى الحكومة

المؤقتة أن االعالم التونسي غير محايد وال يتعاطى معها

بل إن ". إرادة الشعب"منتخبة تمثل بصفتها حكومة

األمر بلغ باألحزاب الثالثة المكونة للحكومة إلى حد

".أداة بيد الثورة المضادة"وصف االعالم بأنه

في المقابل تتهم النقابات اإلعالمية الحكومة بالعمل على

إعادة انتاج الهيمنة على قطاع االعالم، متحدثة عن

هضة اإلسالمي على لدى حزب الن" حساسية مفرطة"

.وجه الخصوص إزاء حرية التعبير

التجاذب بين الطرفين مازال قائما، بل تحول إلى معركة

بين مدافعين ومتمسكين باستقاللية االعالم وبين محاولين

11لتركيعه والسيطرة عليه مثلما كان الشأن قبل ثورة

.6011جانفي

زب المؤتمر في هذا المناخ من االتهامات المتبادلة قّدم ح

حزب رئيس الجمهورية منصف )من أجل الجمهورية

مشروع قانون جديد للصحافة وحرية التعبير ( المرزوقي

.من هذا التجاذب -حسب رأي الحزب –يخفف

65

حرية "ويستند المشروع على ثالثة أفكار أساسية هي

الحد منها للمصلحة العامة "و" االعالم هي المبدأ

الحد منها ال ينبغي التوسع "و" ومصلحة األفراد جائز

".فيه و ال أن يتجاوز ما هو ضروري

من حرية االعالم في " الحد"ومن المالحظ ورود كلمة

لكل تشريع يخص "عنصرين من أصل ثالثة رئيسة

، باإلضافة إلى تأكيد واضعي المشروع على "االعالم

وضع حد لالفراط في حرية االعالم التي "ضرورة

..".اتغافل عنها تشريعن

وتتضمن عديد الفصول الواردة في مشروع القانون

عقوبات مالية وجسدية بحق الصحفيين عند ارتكابهم

11، من ذلك مثال ما ورد في الفصل "مخالفات"

قدرها ( غرامة)يعاقب بالسجن لمدة ستة أشهر وبخطية )

(.الف ومائتا دينار تحقير األديان القائمة في البالد

انون معنى احتقار االديان، فتقديم ولم يوضح مشروع الق

عبارة فضفاضة دون توضيح من شأنه أن يحد من حرية

.التعبير

يعاقب بالسجن لمدة "ينص على أن 14كما أن الفصل

خبرا ...سنة والخطية بألف ومائتي دينار من ينشر

وتعتبر هذه العقوبة قاسية ألن تحديد الخبر ". زائفا

66

ة الى اجتهاد، وتطرح الزائف من دونه مسألة في حاج

.ملفا أوسع هو حق الصحفي في الخطأ

كما يتضمن المشروع عدة فصول أخرى ذات طابع

زجري عقوبتها قاسية من شأنها أن تحد من حرية

.الصحفي

من المهم التذكير في هذا الصدد أن أغلب القوانين

جانفي بما في ذلك مجلة 11المنظمة لقطاع اإلعالم قبل

كانت تعتمد على قوانين ( ن الصحافةقانو)الصحافة

زجرية تستند على مصطلحات فضفاضة كثيرا ما وقع

استغاللها للحد من حرية التعبير والزج بإعالميين في

المصلحة " ومن بين هذه المصطلحات . السجون

".األمن العام" و" الوطنية

وهو ما يدفع للقول إن جوهر المشروع الذي قدمه حزب

يستند الى رؤية حزب سياسي في الحكم الرئيس الحاكم

وال يمكن أن يكون مشروعا لتجاوز حالة التجاذب

.الراهنة بين اإلعالميين والحكومة

ويطرح تقديم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية هذا

المشروع المتعلق بحرية اإلعالم أسئلة أخرى تهم

األحزاب السياسية في تقديم مشاريع قوانين " أحقية"

67

لها هياكلها النقابية الممثلة دون الرجوع إليها قطاعات

.كما هو الشأن بالنسبة لقطاع االعالم

صحيح أن قطاع اإلعالم شأن عام يهم كافة مكونات

المجتمع المدني والسياسي، لكن مسألة التشريع وتنظيم

.القطاع ترجع باألساس الى الهياكل المنظّمة للمهنة

عالم من طرف فتقديم مشروع قانون حول حرية اال

حزب سياسي، ال يمنع في المستقبل أي حزب آخر من

المبادرة بتقديم مشروع آخر يهم قطاع المحاماة أو الطب

أو القضاء دون استشارة أهل المهنة، وهو ما يذّكر

.بتعاطي النظام السابق مع مختلف القطاعات

إّن حرية االعالم في تونس هي مكسب من مكاسب

ي حزب أن ينسبها لنفسه ومحاوالت الثورة وال يمكن أل

الحد منها تحت أي عنوان هو سعي لسلب أحد مكاسب

.الثورة

وإذا كان مطروحا اليوم تنظيم النشاط االعالمي في

تونس فيجب أن يكون على قاعدة هذه الحرية مع فسح

المجال أمام المهنيين و هياكلهم الممثلة لالضطالع

بدورهم في هذا المجال

68

رلماني، األنسب لمن؟رئاسي ب

لم يوّضح بيان الهيئة التنسيقية العليا ألحزاب االئتالف

حركة النهضة وحزب التكتل وحزب )الحاكم الثالثة

، الصادر األحد الماضي (المؤتمر من أجل الجمهورية

تفاصيل وخصوصيات النظام ( 1201006016)

اختيار "السياسي الجديد الذي اقترحته، إذ جاء في البيان

نظام سياسي مزدوج يُنتخب فيه رئيس الجمهورية

مباشرة من الشعب يضمن التوازن بين السلطات وداخل

".السلطة التنفيذية

ورغم التباس البيان، فإن هذا المقترح حسم جدال محتدا،

منذ الثورة التونسية، حول طبيعة النظام السياسي، وأثار

.ستوريردود الفاعلين السياسيين وخبراء القانون الد

السيدة مية الجريبي، األمينة العامة للحزب الجمهوري

عبرت عن ارتياح حزبها لهذا المقترح، خاصة في نقطته

المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب،

وهذا االرتياح مفهوم للمراقبين والمهتمين بالشأن

السياسي في تونس، فالحزب الجمهوري من األحزاب

ت دائما أن النظام الرئاسي هو األنسب للبالد التي اعتبر

69

وأن رئيس الجمهورية يجب أن يُنتخب مباشرة من

.الشعب

أما األستاذ الجامعي المختص في القانون الدستوري قيس

سعيد فقد أبدى تحفظات حول اختيار هذا النظام السياسي

قد " رأسين"من ناحية أنه يوزع السلطة التنفيذية بين

ونبه الى . التعاطي مع الملفات الملموسة يصطدمان عند

مخاطر هذا النظام السياسي الجديد اذا لم يتم بشكل دقيق

.تحديد صالحيات كل من رئيس الجمهورية والحكومة

ومن المنتظر أن يرتفع نسق الجدل حول هذا المقترح

داخل المجلس الوطني التأسيسي، السلطة األصلية

. ام السياسي الجديد لتونسالمؤهلة تشريعيا الختيار النظ

جدل قد يُبرز حجم التباين بين الفاعلين السياسيين لكنه

لن يؤثر على نتائج التصويت طالما أن التحالف الثالثي

الحاكم يتمتع بأغلبية األصوات داخل المجلس الوطني

.التأسيسي

التجاذب حول هذا المقترح يمس أيضا جوانب أخرى

ف الثالثي الحاكم على هذا تتعلق بدوافع توافق التحال

.النظام السياسي

فحركة النهضة االسالمية، أهم طرف في التوافق، كانت

قد دافعت دائما عن خيار النظام البرلماني، واعتبرت أن

70

النظام البرلماني هو األقدر على القطع مع االستبداد

وتغّول السلطة، مستندة في ذلك على تجربة الحكم

تونس منذ االستقالل مع الرئيس الرئاسي الذي عرفته

.األسبق الحبيب بورقيبة وخلفه زين العابدين بن علي

وقد تضمن البرنامج االنتخابي الذي تقدمت به النهضة

، تأكيدا 6011أكتوبر / تشرين اول 62في انتخابات

كما دافع النهضويون في . على خيار النظام البرلماني

التأسيسي في لجنة التشريع التابعة للمجلس الوطني

النقاشات االولية حول النظام السياسي على النظام

.البرلماني

إن قبول حركة النهضة بالنظام المزدوج، هو تراجع

واضح من طرفها للحفاظ على بعض التوافقات، وخاصة

وهي الزالت تعمل . على تحالفاتها مع شريكيها في الحكم

على أنه من أجل الحفاظ على هذا التحالف الذي تسوقه

انموذجا تونسيا في التحالف بين االسالميين المعتدلين "

".والعلمانيين المعتدلين

الواضح إن النظام المزدوج المقترح من التحالف الثالثي

الحاكم هو النظام األنسب للحفاظ على وحدة التحالف،

وليس بالضرورة هو األنسب للتونسيين، كما جاء على

. ئيس كتلة حركة النهضةلسان السيد الصحبي عتيق ر

فالقول إن النظام المزدوج هو األنسب للتونسيين يفترض

71

كحد أدنى التوافق عليه داخل المجلس الوطني التأسيسي

باعتباره ممثال للشعب أو في مرحلة أخرى االستفتاء

.عليه إن تتطلب األمر

أما النظام المزودج بحد ذاته، فلم يعرفه التونسيون إال

ويؤكد الخبراء في القانون . ارب اآلخرينمن خالل تج

الدستوري أنه ال يوجد من الناحية النظرية نظام يسمى

النظام المزدوج، بل إن المقصود هنا هو نوع من النظام

البرلماني أدخلت عليه تعديالت زادت من قوة السلطة

التنفيذية عبر توسيع صالحيات رئيس الجمهورية مقارنة

لذا . في النظام البرلماني التقليدي بما يتمتع به الرئيس

النظامين الرئاسي والبرلماني فهو يجمع بين

ويؤكد الخبراء في القانون الدستوري أن تونس لم تعرف

الذي " الرئاسوي"النظام الرئاسي، بل عرفت النظام

كما " الحقيقي"يعتبر نسخة مشوهة من النظام الرئاسي

.هو في الواليات المتحدة األمريكية

ومن مظاهر النظام الرئاسي أن يكون رئيس الجمهورية

منتخب من الشعب، ويتولى رئاسة مجلس الوزراء، كما

يعين الوزير األول، ويعين الوزراء و يقيلهم بناًء على

اقتراح رئيس الحكومة، ويعين رئيس الجمهورية أيضا

كبار موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين يتمتع

.و خاصة إصدار القراراتبالسلطة التنظيمية

72

ولم تعرف تونس أيضا النظام البرلماني، رغم أن

النظام "التجربة الحالية للحكم التي يطلق عليها

، أي أن السلطة األولى بيد المجلس الوطني "المجلسي

.التأسيسي

ويقيم العديد من المحللين السياسيين التجربة الحالية بأنها

لذي كانت تدعو اليه حركة انموذج النظام البرلماني ا

حيث تتمركز أغلب السلطات التنفيذية بيد . النهضة

رئاسة الحكومة فيما ال يتمتع رئيس الجمهورية اال

.بصالحيات محدودة تجعل مجال تحركه محدودا

ومن مظاهر النظام البرلماني، ثنائية السلطة التنفيذية اذ

ومة، يوجد رئيس حكومة، و البرلمان يراقب نشاط الحك

كما أن الحكومة مسئولة أمام البرلمان و يستطيع أن

يسحب منها الثقة، ويمكن للسلطة التنفيذية حل البرلمان،

وتشارك السلطة التنفيذية في الوظيفة التشريعية باقتراح

.القوانين و مناقشتها داخل البرلمان

إن خيار النظام المزدوج الذي يمزج بين النظامين

ني المقترح من طرف التحالف الثالثي الرئاسي والبرلما

الحاكم في تونس، مازال مقترحا سيعرض على المجلس

وفي انتظار . الوطني التاسيسي للنقاش و المصادقة عليه

73

هذه المصادقة ستعرف الحياة السياسية في تونس حراكا

وجدال حول هذا المقترح الذي سيرسم مالمح المستقبل

السياسي لتونس