التبر المسبوك في نصيحة الملوك

148
ر ب ت ل ا وك ب س م ل ا ي ف حة ي ص ن وك ل م ل ا ة ب ت ك م كاة# ش م لامة س* لا ا ر ب ت ل ا وك ب س م ل ا ي ف حة ي ص ن وك ل م ل ا ة ح ح لام س* لا ا و ب1 ا حامد مد ح م ي ل ا ز لغ ا ي س و لط ا ي ع ف ا# ش ل ا ع م ج ة ب فF ة ف ل1 ؤ م ح1 ئ صا ن وك ل م ل ل ولاة ل وا ت ل م# ش ي علF ؤل ص1 اY ن ي الد از ت م ي و وب ل س1 ا ي ل ا ز لغ ا ولة ه س ب داء1 لا ا ازة ز غ و ي عن م ل ا ؤل ص1 اY مان ي* لا اo ل ص1 لا ا ول1 لا ا اعدة ق اد ق ت علا ا ي الد و ه ل ص1 اY مان ي* لا اo ل ص1 لا ا ي ن ا# ت ل ا ي ف ة ي ر بv ي ق ل ا خ ل ا ي ل عا تo ل ص1 لا ا ع ب را ل ا ي ف م عل ل اo ل ص1 لا ا س م ا خ ل ا شادس ل وا ي ف ة ي1 ا ع ت م ش ر صب نo ل ص1 لا ا ع ب شا ل ا ي ف لام لك اo ل ص1 لا اY ن م ا# ت ل ا ي ف عالة ف1 ا ي ل عا تo ل ص1 لا ا ع س ا ت ل ا ي ف ر ك د زة خ لا اo ل ص1 لا ا ر# ش عا ل ا ي ف ر ك د ؤل س ز لة ل ا ي صل لة ل ا ة ب ل ع م سل و ؤل ص1 ا عدل ل ا صاف ن* لا وا رة# ش ع1

Upload: wiliwili

Post on 27-Jul-2015

397 views

Category:

Documents


2 download

TRANSCRIPT

Page 1: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الملوك نصيحة في المسبوك التبر الطوسي الغزالي محمد حامد أبو اإلسالم حجة 

 الشافعي أصول على شملت والوالة للملوك نصائح مؤلفه فيه جمع

وغزارة األداء بسهولة الغزالي أسلوب ويمتاز الدينالمعنى

اإليمان أصول o  أصل هو الذي االعتقاد قاعدة األول األصل

اإليمانo  تعالى الخالق تنزيه في الثاني األصل o  العلم في الرابع األصل o  بصير سميع أنه في والسادس الخامس األصل o  الكالم في السابع األصل o  تعالى أفعاله في الثامن األصل o  اآلخرة ذكر في التاسع األصل o  الله صلى الله رسول ذكر في العاشر األصل

وسلم عليه  عشرة واإلنصاف العدل أصول

o  األول األصل o  الثالث األصل o  الرابع األصل o  الخامس األصل o  السادس األصل o  السابع األصل o  الثامن األصل o  التاسع األصل o  العاشر األصل

  شجرة مشرب هما اللتين العينين بيان اإليمان

o  فيها أوجد ولم الدنيا معرفة في األولى العين اإلنسان

1

Page 2: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

o  األخير النفس معرفة الثانية العين   األولى الحكاية   الثانية الحكاية   الثالثة الحكاية   الرابعة الحكاية   الخامسة الحكاية

  الملوك وذكر والسياسة العدل ذكر في وسيرهم

o  مع يطوف الخطاب بن عمر عن حكاية العسس

o  لبيت خازن مع العزيز عبد بن لعمر حكاية المال

o  وضل الحج قافلة من انقطع رجل حكاية الطريق

o  ووالته المأمون عن حكاية o  شهريار بن يزدجر عن حكاية o  أزدشير عن حكاية o  العجم ملوك عن حكاية

  وسيرة الوزارة سياسة في الثاني الباب الوزراء

o  السالم عليه سليمان عن حكاية   وآدابهم الكتاب ذكر في الثالث الباب

o  وزرائه مع لشاهنشاه حكاية   الملوك همم سمو في الرابع الباب

o  حمزة بن عمارة األمير عن حكاية o  الهادي موسى بن لجعفر حكاية o  له نديم مع شروان النو حكاية o  عبدين تفاخر حكاية

  الحكماء حلم ذكر في الخامس الباب   والعقالء العقل شرف في السادس الباب

o  المنصور الخليفة عن حكاية o  السالم عليه لسليمان حكاية

2

Page 3: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

  النساء ذكر في السابع الباب o  عفيفة امرأة مع لفاسق حكاية o  العدوية رابعة مع البصري للحسن حكاية o  الزهراء لفاطمة حكاية o  أبرويز بن لخسرو حكاية

أصول اإليمان

اإليمان األصل األول قاعدة االعتقاد الذي هو أصل 

اعلم أيها السلطان أنك مخلوق ولك خالق وهو خالق العالم وجميع ما في العالم وأنه ال شريك له فرد ال مثل له كان في األزل وليس لكونه زوال

وليس لبقائه فناء وجوده في األبد واألزل وما للعدم إليه ويكون مع األبد أحد محتاج إليه وليس له إلى أحد احتياج وجوده سبيل وهو موجود بذاته وكل

به ووجود كل شيء به.

األصل الثاني في تنزيه الخالق تعالى 

يحل في اعلم أن البارئ تعالى ذكره ليس له صورة وال مثل وأنه ال ينزل وال_ وال ه عن الكيف والكم وعن لماذا وكم وأنه ال يشبه شيئا bقالب وأنه تعالى منز

يشبه شيء وكلما يخطر في الوهم والخيال والفكر من التخيل والتمثيله عن ذلك ألن ذلك من صفات المخلوقين وهو خالقها فال والتكيف فانه bمنز

ليس في مكان وال على مكان فإن المكان ال يوصف بها وأنه تعالى جدbه وعرشه تحت قدرته وتسخيره يحصره وكل ما في العالم فإنه تحت عرشه

بل العرش وأنه قبل العرش كان فترها عن المكان وليس العرش بحامل له وحملته يحملهم لطفه وقدرته.

األصل الرابع في العلم 

وأنه تعالى عالم بكل معلوم وعلمه محيط بكل شيء فليس شيء في العال إلى الثرى إال قد أحاط به علمه ألن األشياء جميعها بعلمه ظهرت وبإرادته

وبقدرته كونها وأنه تعالى يعلم عدة رمال القفار وقطرات األمطار خلقها األفكار وما دارت عليه الرياح والهواء في علمه وورق األشجار وغوامض

ظاهر مثل عدد نجوم السماء.

صغير وأن جميع ما في العالم بإرادته ومشيئته وليس شيء من قليل أو كثير أو كبير خير أو شر نفع أو ضر زيادة أو نقصان راحة أو تعب صحة أو صب إال

وتدبيره ومشيئته وتقديره. بحكمه

كوا في العالم mذرة لو اجتمع األنس والجن والمالئكة والشياطين على أن يحر أو يسكنوها أو ينقصوا منها أو يزيدوا فيها بغير إرادته وحوله وقوته لعجزوا

3

Page 4: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

ذلك ولم يقدروا وما شاء الله كان وما ال يشاء ال يكون وال ترد مشيئته عن ويكون أو هو كائن فإنه بتدبيره وأمره وتسخيره. ومهما كان

األصل الخامس والسادس في أنه سميع بصير 

وكما أنه عالم بجميع المعلومات فإنه سميع لكل مسموع بصير لكل مبصر وأنه بسمع واحد وبصر واحد يرى دبيب النملة في الليلة المظلمة وال يخفى

الدود تحت أطباق األرض وأن سمعه ليس بأذن وبصره عن سمعه صوت ليس بعين.

وكما أن علمه ال يصدر عن فكرة ففعله بغير آلة وعدة يقول للشيء كن فيكون.

األصل السابع في الكالم 

وأن أمره تعالى على جميع الخلق نافذ واجب مهما أخبره من وعد ووعيد فانه حق وأمره كالمه.

لسان وكما أنه عالم مريد قدير سميع بصير فهو متكلم وكالمه بغير حلق واللة على mوال فم وال أسنان والقرآن والتوراة واإلنجيل والزبور والكتب المنز

األنبياء عليهم السالم جميعها كالمه.

وكالمه صفته وكل صفاته قديمة وكما أن الكالم عند اآلدمي حرف وصوته عن األصوات والحروف. mفكالم الله منز

األصل الثامن في أفعاله تعالى 

وأن جميع ما في العالم مخلوق له تعالى وليس معه شريك وال خالق بل هو الخالق الواحد ومهما خلقه من تعب ومرض وفقر وعجز وجهل فعدل منه وال

أفعاله ألن الظالم هو الذي يتصرف في ملك غيره والخالق يمكن الظلم في وليس معه مالك سواء وكل ما يكون وهو كائن تعالى ال يتصرف إال في ملكه

وليس ألحد عليه اعتراض بلم فهو ملك له وهو المالك بال شبيه وال شريك التسليم والنظر وكيف ولكن له الحكم واألمر في كل أفعاله وما ألحد غير

إلى صنعه والرضا بقضائه.

األصل التاسع في ذكر اآلخرة 

_ للروح وأنه تعالى خلق العالم من نوعين جسد وروح وجعل الجسد منزال_ آلخرتها من هذا العالم وجعل لكل روح مدة مقدbرة تكون في لتأخذ زادا

المدة هو أجل تلك الروح من غير زيادة وال نقصان فإذا جاء الجسد فآخر تلكق بين الروح bوالجسد وإذا وضع الميت في قبره أعيدت روحه إلى األجل فر

شخصان هائالن عظيمان فيسأالنه من جسده ليجيب سؤال منكر ونكير وهما حيات وعقارب. ربك ومن نبيك فإن استعجم ولم يجب عذbباه ومآل قبره

4

Page 5: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

إلى ويوم القيامة يوم الحساب والمكافأة والمناقشة والمجازاة تردb الروح الجسد وتنشر الصحف وتعرض األعمال على الخالئق فينظر كل إنسان في

أعماله ويشاهد أفعاله ويعلم مقدار طاعته ومعصيته وتوزن كتابه فيرى يؤمر بالجواز على الصراط. أعماله في ميزان األعمال ثم

والصراط أدق من الشعرة وأحدb من الشفرة فكل من كان في هذا العالم على الطريقة المستقيمة الصالحة وسلوك المحجة الواضحة عبر على

واستراحة وإن لم يكن على السيرة المحمودة الصراط وجازه في راحةmبع هواه فأنه ال يجد الطريق واألعمال الصالحة الرشيدة وعصي مواله على وات

الصراط وال يهتدي إلى الجواز ويقع في جهنم.

vسأل الصادقون عن vسألون عن أفعالهم في والكل يوقفون على الصراط وي صدقهم ويمتحن المراؤون والمنافقون ويفضحون فمن الناس قوم يدخلون

وجماعة يحاسبون بالرفق والمسامحة وجماعة يحاسبون الجنة بغير حساب يسحب الكفار إلى نار جهنم بحيث ال بالصعوبة والمناقشة والمحاققة ثم

_ ويدخل أهل الجنة ويؤمر بالعصاة إلى النار وكل من نالته يجدون خالصا عوقب شفاعة األنبياء والعلماء واألكابر عvفي عنه وكل من ليس له شفيع

بمقدار إثمه وعvذب بقدر جرمه ثم يدخل الجنة إن كان قد سلم معه أيمانه.

وسلم األصل العاشر في ذكر رسول الله صلى الله عليه 

وأعماله ولما قدbر الله تعالى هذا التقدير وجعل اإلنسان وأحواله واكتسابه منها ما هو سبب لسعادته ومنها ما هو سبب لشقاوته واإلنسان ال يقدر أن

ذلك من تلقاء نفسه خلق الله تعالى بحكم فضله ورحمته وطوله ومنته يعرف أشخاص قد حكم لهم بالسعادة في األزل وهم األنبياء مالئكة وبعثهم إلى

الخلق ليوضحوا لهم طرق السعادة عليهم الصالة والسالم فأرسلهم إلى_ صلى الله عليه والشقاوة لئال يكون للناس على الله حجة وأرسل نبينا محمدا

_ فأوصل نبوbته إلى درجة _ ونذيرا _ وجعله بشيرا الكمال فلم يبقm وسلم آخرا الخالئق من للزيادة فيه مجال ولهذا جعله خاتم األنبياء فال نبي بعده وأمر

األنس والجن بطاعته واتباعه وجعله سيد األولين واآلخرين وجعل أصحابه خير أصحاب األنبياء صلوات اللbه عليهم أجمعين.

اإلنسان ذكر فروع شجرة اإليمان إعلم أيها السلطان أن كل ما كان في قلب_ على أعضائه السبعة من معرفة واعتقاد فذلك أصل اإليمان وما كان جاريا

الطاعة والعدل فذلك فرع اإليمان. من

_ دلb على ضعف األصل فإنه ال يثبت عند الموت وعمل فإذا كان الفرع ذاويا البدن عنوان إيمان القلب.

واألعمال التي هي فروع اإليمان هي تجنب المحارم وأداء الفرائض وهما قسمان: أحدهما بينك وبين الله تعالى مثل الصوم والصالة والحج والزكاة

الشراب والعفة عن الحرام. واجتناب شرب

واألخرى بينك وبين الخلق وهي العدل في الرعية والكف عن الظلم.

5

Page 6: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

واألصل في ذلك أن تعمل فيما بينك وبين الخالق تعالى من طاعة أمره واالزدجار بزجره وما تختار أن تعتمده عبيدك في حقك وأن تعمل فيما بينك

ما تؤثر أن يعمل معك من واعلم أنb ما كان بينك وبين الخالق وبين الناس وأما ما يتعلق بمظالم الناس فإنه ال يتجاوز به عنك سبحانه فإن عفوه قريب

عظيم وال يسلم من هذا الخطر أحد من على كل حال يوم القيامة وخطره يطلب العدل واإلنصاف الملوك إال ملك عمل بالعدل واإلنصاف ليعلم كيف

يوم القيامة.

أصول العدل واإلنصاف عشرة 

األصل األول 

_ قدر الوالية وتعلم خطرها فإن الوالية نعمة من نعم من ذلك هو أن تعرف أوال الله عز وجل من قام بحقbها نال من السعادة ما ال نهاية له وال سعادة بعده

ومن قصbر عن النهوض بحقها حصل في شقاوة ال شقاوة بعدها إال الكفر بالله تعالى.

والدليل على عظم قدرها وجاللة خطرها ما روي عن رسول الله صلى الله_ أحب إلى الله من عبادة _ واحدا عليه وسلم أنه قال: )عدل السلطان يوما

سنة(. سبعين

ملجأ إال ظل وقال عليه الصالة والسالم: )إذا كان يوم القيامة ال يبقى ظل وال الله وال يستظل بظله أال سبعة أناس: سلطان عادل ي رعيته وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل يكون في السوق وقلبه في المسجد ورجالن تحابا في الله

في خلوته فأذرى دمعه من مقلته ورجل دعته امرأة ذات ورجل ذكر الله_ بيمينه حسن وجمال ومال إلى نفسها فقال إني أخاف الله وجل يتصدق سرا

ولم تشعر بها شماله(.

إليه وقال عليه الصالة والسالم: )أحب الناس إلى الله تعالى وأقربهم السلطان العادل وأبغضهم إليه وأبعدهم منه السلطان الجائر(.

للسلطان وقال عليه الصالة والسالم: )والذي نفس محمد بيده إنه ليرفعbيها تعدل العادل إلى السماء من العمل مثل عمل جملة الرعية وكل صالة يصل

سبعين ألف صالة(.

فإذا كان كذلك فال نعمة أجلb من أن يعطى العبد درجة السلطنة ويجعل ساعة من عمره بجميع عمر غيره ومن لم يعرف قدر هذه النعمة واشتغل

عليه أن يجعله الله من جملة أعدائه. بظلمه وهواه يخاف

الله ومما يدلb على خطر الوالية ما روي عن ابن عباس أن رسول الله صلى عليه وسلم أتى بعض األيام فلزم حقه باب الكعبة وكان في البيت نفر من

فقال: )يا سادات قريش عاملوا رعاياكم وأتباعكم بثالثة أشياء: إذا قريش الرحمة فارحموهم وإذا حكموكم فاعدلوا فيهم واعملوا بما تقولون سألوكم

_(. فمن لم يعمل بهذا _ وال نفال فعليه لعنة الله ومالئكته ال يقبل الله منه فرضا

6

Page 7: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

على وقال عليه الصالة والسالم: )من حكم بين إثنين بظلم فلعنة الله الظالمين( وقال عليه الصالة والسالم: )ثالثة ال ينظر الله إليهم: سلطان

كجائز كاذب وشيخ زان{ وفقير متكبر يعني أنه متكبر للطمع(.

_ للصحابة: )سيأتي عليكم يوم تفتحون فيه وقال عليه الصالة والسالم يوما جانبي الشرق والغرب ويصير في أيديكم وكل عمال تلك األماكن في النار إال

من اتقى الله وسلك سبيل التقوى وأدbى األمانة(.

bه الله أمر رعية فغشهم ولم ينصح وقال عليه الصالة والسالم: )ما من عبد والم الله عليه الجنة(. mلهم ولم يشفق عليهم اال حر

كحفظة وقال عليه الصالة والسالم: )من ولmي أمور المسلمين ولم يحفظهم أهل بيته فقد تبوأ مقعده من النار(.

ظالم وقال عليه الصالة والسالم: )رجالن من أمتي يحرمان شفاعتي: ملك ومبتدع غال في الدين يتعدى الحدود(.

_ يوم القيامة السلطان الظالم(. وقال عليه الصالة والسالم: )أشدb الناس عذابا

وقال عليه الصالة والسالم: )خمسة قد غضب الله عليهم إن شاء أمضى غضبه ومقرهم النار: أمير قوم يطيعونه يأخذ حقه منهم وال ينصفهم من

الظلم عنهم ورئيس قوم يطيعونه وال يساوي بين القوي نفسه وال يرفع ورجل ال يأمر أهله وأوالده بطاعة الله وال والضعيف ويحكم بالميل والمحاباة

_ فتمم يعلمهم أمور الدين وال يبالي من أين أطعمهم ورجل استأجر أجيرا عمله ومنعه أجرته ورجل ظلم زوجته في صداقها(.

_ جنازة فتقدم رجل فصلى ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تبع يوما عن الجنازة فلما دفن الميت وضع ذلك الرجل يده على القبر وقال: اللهم إن

عذبته فبحقك ألنه عصاك وأن رحمته فإنه فقير إلى رحمتك وطوبي لك أيها_. الميت إن لم _ أو جابيا _ أوعوانيا _ أو كابتا _ أو عريفا تكن أميرا

فلما تكلم بهذه الكلمات غاب شخصه عن عيون الناس فأمر عمر بطلبه فلم يوجد فقال عمر: هذا الخضر عليه السالم.

للعوانية وقال النبي صلى الله عليه وسلم: )ويل لألمراء وويل للعرفاء وويل فإنهم أقوام يعلقون من السماء بذوائبهم في القيامة ويسحبون على وجوههم

_ قط(. إلى النار يودون لو لم يعلموا عمال

إال وقال عليه الصالة والسالم: )ما من رجل ولي أمر عشرة من الناسbفك _ وجيء به يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه فإن كان عمله صالحا

_ زيد عليه غل آخره(. الغل عنه وإن كان عمله سيئا

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ويل لقاضي األرض من قاضي السماء حين يلقاه إال من عدل وقضى بالحق ولم يحكم بالهوى ولم يمل مع

7

Page 8: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ لخوف أو طمع لكن يجعل كتاب الله مرآته ونصب أقاربه ولم يبدل حكما عينيه ويحكم بما فيه.

فيقول الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )يؤتى بالوالة يوم القيامة جلb وعال: )أنتم كنتم رعاة خليقتي وخزنة ملكي في أرضي(.

ثم يقول ألحدهم: )لم ضربت عبادي فوق الحد الذي أمرت به(.

فيقول: يا رب ألنهم عصوك وخالفوك.

فيقول جلb جالله: )ال ينبغي أن يسبق غضبك غضبي(.

فيقول: يا ثم يقول لآلخر: )لم ضربت عبادي أقل من الحد الذي أمرت به( رب رحمتهم.

الوالة سواء فيقول تعالى: قال حذيفة بن اليمان: أنا ال أثني على أحد من_ أو غير صالح ألني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم كان صالحا

يقول: )يؤتي بالوالة العادلين والظالمين يوم القيامة فيوقفون على الصراط الله إلى الصراط أن ينفضهم إلى النار مثل من جار في الحكم أو أخذ فيوحي

أو أعار سمعه ألحد الخصمين دون اآلخر فيسقطون من رشوة على القضاء حتى يصلوا إلى قرارها(. الصراط فيهوون سبعين سنة في النار

_ بحيث _ متنكرا ال يعرفه وقد جاء في الخبر أن داود عليه السالم كان يخرج ليال_ فجاءه جبريل في صورة أحد وكان يسأل كل من يلقاه عن حال داود سرا

له داود: ما تقول في داود فقال: نعم العبد إال أنه يأكل من بيت رجل فقال من كدbه وتعب يديه. المال وال يأكل

_ وقال: إلهي علمني صنعة آكل _ حزينا بها من كدي فعاد داود إلى محرابه باكيا وتعب يدي.

الزرد. فعلمه الله تعالى صنعة

_ وكان عمر بن الخطاب يخرج كل ليلة يطوف مع العسس حتى يرى خلال_ جرباء على جانب ساقية لم تدهن لخشيت يتداركه وكان يقول: لوتركت عنزا

عنها في القيامة. أن أسئل

فانظر أيها السلطان إلى عمر مع احتياطه وعدله وما وصل أحد إلى تقواه_ عن وصالته كيف يتفكر ويتخوف من أهوال يوم القيامة وأنت قد جلست الهيا

_ عم أهل واليتك. أحوال رعيتك غافال

عمر في قال عبد الله بن عمر وجماعة من أهل بيته: كنا ندعو الله أن يرينا المنام فرأيته بعد أثني عشر كأنه قد اغتسل وهو متلفع فقلت: يا أمير

المؤمنين كيف وجدت ربك وبأي حسناتك جازاك فقال: يا عبد الله كم لي منذ فقلت: إثنتا عشرة سنة. فارقتك

8

Page 9: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

جواد فقال: منذ فارقتكم في الحساب وخفت أن أهلك إال أن الله غفور رحيم كريم.

فهذا حال عمر ولم يكن له من دنياه شيء من أسباب الوالية سوى درة.

_ إلى عمر بن الخطاب لينظر أحواله حكاية: أرسل قيصر ملك لروم رسوال ويشاهد فعاله فلما دخل المدينة سأل أهلها وقال: أين ملككم قالوا: ليس لنا

بل لنا أمير قد خرج إلى ظاهر المدينة. ملك

_ في الشمس على األرض فوق الرمل فخرج الرسول في طلبه فوجده نائما الحار وقد وضع درته كالوسادة تحت رأسه والعرق يسقط منه إلى أن بل

على هذه الحالة وقع الخشوع في قلبه وقال: رجل تكون األرض فلما رآه قرار من هيبته وتكون هذه حالة ولكنك يا عمر جميع ملوك األرض ال يقر لهم

_. عدلت فأمنت فنمت وملكنا يجور ال جرم أنه _ خائفا ال يزال ساهرا

_ ألسلمت ولكن سأعود بعد أشهد أن دينكم لدين الحق ولوال أني أتيت رسوال هذا وأسلم.

أيها السلطان خطر الوالية عظيم وخطبها جسيم والشرح في ذلك طويل وال يسلم الوالي اال بمقارنة عمالء الدين ليعلموه طرق العدل ويسهلوا عليه

األمر. خطر هذا

_ إلى رؤية العلماء ويحرص على استماع نصحهم وأن يحذر من أن يشتاق أبدا علماء السوء الذين يحرصون على الدنيا فإنهم يثنون عليك ويغرونك ويطلبون

_ فيما في يديك من خبث الحطام ووبيل الحرام ليحصلوا منه رضاك طمعا_ بالمكر والحيل. شيئا

والمقال. والعالم هو الذي ال يطمع فيما عندك من المال ومنصفك في الوعظ

_ البلخي دخل على هارون الرشيد فقال له: أنت شقيق كما يقال أن شقيقا الزاهد فقال: أنا شقيق ولست بزاهد.

فقال له: أوصني.

فقال: إن الله تعالى قد أجلسك مكان الصديق وأنه يطلب منك مثل صدقة وأنه أعطاك موضع عمر بن الخطاب الفاروق وأنه يطلب منك الفرق بين

وأنه أقعدك موضع عثمان بن عفان ذي النورين وهو الحق والباطل مثله موضع علي بن أبي طالب وهو يطلب يطلب منك مثل حيائه وكرمه وأعطاك منك مثل العلم والعدل كما يطلب منه.

فقال له: زدني من وصيتك.

فقال: نعم.

9

Page 10: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ تعرف بجهنم وأنه قد جعلك بواب تلك الدار وأعطاك اعلم أنا لله تعالى دارا ثالثة أشياء بيت المال والسوط والسيف وأمرك أن تمنع الخلق من دخول

_ فال تمنعه من بيت المال ومن خالف أخر النار بهذه الثالثة فمن جاء محتاجا_ بغير حق فاقتله بالسيف بإذن ولي ربه فأدبه بالسوط ومن قتل نفسا

فأنت الزعيم ألهل النار والمتقدم إلى البوار. المقتول فإن لم تفعل ما أمرك

فقال له: زدني.

السواقي فقال: إنما مثلك كمثل معين الماء وسائر العلماء في العالم كمثل_ ال ينفع _ ال يضر كدر السواقي وإذا كان المعين كدرا فإذا كان المعين صافيا

صفاء السواقي.

حكاية

_ زيارة الفضيل بن عياض فلما وصال إلى بابه خرج هارون الرشيد والعباس ليالmوvا )وجداه يتلو هذه اآلية: vهvم كالذ�ينm آمن mات أن نجmعل mرحوvا السيئ أم حmس�بm الذين إجت

ويعملون األعمال ومعناها: أيظن الذين اكتسبوا الخطايا ( وعmم�لوvا الصmال�حات� المذمومة أن نسوي بينهم في اآلخرة وبين الذين يعملون الخيرات وهم

مؤمنون.

كال ساء ما يحكمون.

فقال هارون: إن كنا جئنا للموعظة فكفى بهذه موعظة.

ألمير ثم أمر العباس أن يطرق عليه الباب فطرق بابه فقال: افتح الباب المؤمنين.

المؤمنين وافتح فقال الفضيل: ما يصنع عندي أمير المؤمنين فقال: أط�ع أمير الباب.

mطوف _ والمصباح يتقد فأطفأه وفتح الباب فدخل الرشيد وجمل ي وكان ليال بيده ليصافح بها الفضيل فلما وقعت يده عليه قال: الويل لهذه اليد الناعمة

تنج من العذاب في القيامة. إن لم

مع كل ثم قال له: يا أمير المؤمنين استعد لجواب الله تعالى فانه يوقفك واحد مسلم على حدة يطلب منك إنصافك إياه.

_ وضمه إلى صدره. فبكى هارون الرشيد بكاء شديدا

_ فقد قتلته. فقال له العباس: مهال

فقال الرشيد للعباس: ما جعلك هامان إال وجعلني فرعون.

10

Page 11: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

صداق ثم وضع الرشيد بين يديه ألف دينار وقال له: هذه من وجه حالل من أمي وميراثها.

وأنت فقال له الفضيل: أنا آمرك أن ترفع يديك عما فيها وتعود إلى خالقك.bتلقيه إلي

فلم يقبلها وخرج من عنده.

نكتة

سأل عمر بن عبد العزيز محمد بن كعب القرظي فقال: صف لي العدل.

_ ومن كان أصغر منك فكن _ فكن له ولدا _ فقال: كل مسلم أكبر منك سنا له أبا_ وعاقب كل مجرم على قدر جرمه وإياك أن ومن كان مثلك فكن له أخا

_ _ على حقد منك فإن ذلك يصيرك إلى النار. تضرب مسلما _ واحدا سوطا

نكتة

المؤمنين حضر بعض الزهاد بين يدي خليفة فقال له: عظني فقال: يا أمير إني سافرت الصين وكان ملك الصين قد أصابه الصمم وذهب سمعه

_ وهو يبكي: والله ما أبكي لزوال سمعي وإنما أبكي فسمعته يقول يوما فال أسمع استغاثته ولكن الشكر لله إذ بصري لمظلوم يقف ببابي يستغيث

سالم.

_ أحمر. _ ينادي أال كل من كانت له ظالمة فليلبس ثوبا وأمر مناديا

_ أحمر دعاه واستمع شكواه وأنصفه فكان يركب الفيل فكل من رأى عليه ثوبا من خصمائه.

مؤمن فانظر يا أمير المؤمنين إلى شفقة ذلك الكافر على عباد الله وأنت من أهل بيت النبوة فأنظر كيف تريد أن تكون شفقتك على رعيتك.

نكتة أخرى

عهد آدم حضر أبو قالبة مجلس عمر بن عبد العزيز فقال له: عظني قال: من إلى وقتنا هذا لم يبق خليفة سواك.

فقال: زدني.

فقال: أنت أول خليفة يموت.

فقال: زدني.

تلتجىء. فقال: إن كان الله معك فممن تخاف وإن لم يكن معك فإلى من

11

Page 12: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

قال: حسبي ما قلت.

_ وقال: قد تنعمت في حكمة: كان سليمان بن عبد الملك خليفة فتفكر يوما_ فكيف حالي في اآلخرة وأتى إلى أبي حازم وكان عالم أهل الدنيا طويال

_ من قوتك الذي تفطر عليه. زمانه وزاهد أوانه وقال: أنفذ لي شيئا

_ من نخالة وقد شواها فقال: هذا فطوري. فأنفذ له قليال

فيقال فلما رأي سليمان ذلك أفطر الليلة الثالثة على تلك النخالة المشوية إنه في تلك الليلة تغشى أهله فكان منها عبد العزيز وجاء منه عمر بن عبد

العزيز.

وكان واحد زمانه في عدله وإنصافه وزهده وإحسانه وكان على طريقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل أن ذلك ببركة نيته وصيامه وأكله من ذلك

الطعام.

نكتة

_ _ سئل عمر بن عبد العزيز: ما كان سبب توبتك قال: كنت أضرب يوما غالما قلبي. فقال لي: اذكر الليلة التي تكون صبيحتها القيامة فعمل ذلك الكالم في

نكتة أخرى

رأى بعض األكابر هارون الرشيد في عرفات وهو حاف{ حاسر قائم على الرمضاء الحارة وقد رفع يديه وهو يقول: إلهي أنت أنت وأنا أنا الذي دأبي

أعود إلى عصيانك ودأبك أن تعود إليb برحمتك. كل يوم

السماء. فقال بعض الكبراء: انظروا إلى تضرع جبار األرض بين يديb جبار

نكتة أخرى

_ حازم الموعظة فقال له أبو حازم: إذا نمت سأل عمر بن عبد العزيز يوماbفضع الموت تحت رأسك وكل ما أحببت أن يأتيك الموت وأنت عليه مصر

ماال تريد أن يأتيك الموت وأنت عليه فاجتنبه فربما كان الموت فالزمه وكل._ منك قريبا

المواعظ فينبغي لصاحب الوالية أن يجعل هذه الحكاية نصب عينيه وأن يقبل_ سأله أن يعظه وينبغي للعلماء أن يعظوا التي وعظ بها غيره فكلما رأى علماوهم وال يدbخروا عنهم كلمة الحق وكل من bالملوك بمثل هذه المواعظ وال يغر

هم فهو bمشارك لهم والله سبحانه وتعالى أعلم غر

األصل الثالث 

12

Page 13: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وأصحابك من ذلك ينبغي أن ال تقنع برفع يدك عن الظلم لكن تهذbب غلمانكvسأل عن vسأل عن ظلمهم كما ت وعمالك ونوابك فال ترضى لهم بالظلم فإنك ت

نفسك. ظلم

نكتة

)أما كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عامله أبي موسى األشعري: فإن أسعد الوالة من سعدت به رعيته وإن أشقى الوالة من شقيت به رعيته

كمثل دابة رأت مرعى والتبسbط فإن عمالك يقتدون بك وإنما مثلك فإياك_ _ فأكلت كثيرا حتى سمنت فكان سمنها سبب هالكها ألنها بذلك السمن مخضرا

تذبح وتؤكل(.

وفي التوراة كل ظلم علمه السلطان من عماله فسكت عنه كان ذلك الظلم_ إليه وأخذ به وعوقب عليه. منسوبا

_ ممن باع دينه وآخرته بدنيا وينبغي للوالي أن يعلم أنه ليس أحدv أشد غبنا غيره وأكثر الناس في خدمة شهواتهم فانهم يستنبطون الحيل ليصلوا إلى

الشهوات. مرادهم من

عنده وكذلك العمال ألجل نصيبهم من الدنيا يغرون الوالي ويحسنون الظلم فيلقونه في النار ليصلوا إلى أعراضهم وأي عدو أشد عداوة ممن يسعى في

وهالك نفسه ألجل درهم يكتسبه ويحصله. هالكك

bب غلمانه وفي الجملة ينبغي لمن أراد حفظ العدل على الرعية أن يرت وعماله للعدل ويحفظ أحوال العمار وينظر فيها كما ينظر في أحوال أهله

_ من باطنه وذلك أن ال وأوالده ومنزله وال يتم له ذلك إال بحفظ العدل أوال عقله ودينه وال يجعل عقله ودينه أسرى شهوته يسلbط شهوته وغضبه على

ودينه. وغضبه بل يجعل شهوته وغضبه أسرى عقله

وأن ويجب أن يعلم أن العقل من جوهر المالئكة ومن جند البارئ جلbت قدرته الشهوة والغضب من جند الشيطان.

فمن يجعل جند الله ومالئكته أسرى جند الشيطان كيف يعدل في غيرهم وأول ما تظهر شمس العدل في الصدر ثم ينشر نورها في أهل البيت

شعاعها إلى الرعية ومن طلب الشعاع في غير وخواص الملك فيصل ينال. الشمس فقد طلب المحال وطمع فيما ال

bن أن ظهور العدل من كمال العقل وكمال العقل أن واعلم أيها السلطان وتبي ترى األشياء على ما هي وتدرك حقائق باطنها وال تغتر بظاهرها.

_ إذا كنت تجور على الناس ألجل الدنيا فينبغي أن تنظر أي شيء مثال مقصودك من الدنيا فإن كان مقصودك من الدنيا أكل الطعام الطيب فيجب

شهوة بهيمة في صورة آدمي ألن الشهوة إلى األكل من أن تعلم أن هذه التاج فإنك امرأة في صورة رجل ألن طباع البهائم وإن كان مقصودك لبس

13

Page 14: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

أن تمضي غضبك على التزين والرعونة من أعمال النساء وإن كان مقصودك أعدائك فأنت أسد أو سبع في صورة آدمي ألن إحضار الغضب للقلب من طباع السباع وإن كان مقصودك أن تخدمك الناس فأنت جاهل في صورة

_ لعلمت أن الذين يخدمونك إنما هم خدم وغلمان عاقل فإنك لو كنت عاقال خدمتهم وسجودهم ألنفسهم ال لك وعالمة لبطونهم وفروجهم وشهواتهم وإن

_ بأن الوالية تؤخذ منك وتعطى لسواك أعرضوا ذلك أنهم لو سمعوا إرجافا الموضع بأجمعهم عنك وفي أي موضع علموا الدرهم خدموا وسجدوا لذلك

فعلى الحقيقة ليست هذه خدمة وإنما هي ضحكة.

والعاقل من نظر أرواح األشياء وحقائقها وال يغتر بصورها وحقيقة هذه األعمال ما ذكره وأوضحناه فكل من لم يتيقن ذلك فليس بعاقل ومن لم يكن

_ لم يكن _ مأواه جهنم فلهذا السبب كان رأس عاقال _ ومن لم يكن عادال عادال العقل. مال السعادات كلها

األصل الرابع

_ ومن التكبر يحدث عليه السخط الداعية إن الوالي في األغلب يكون متكبرا إلى االنتقام والغضب غول العقل وعدوه وآفته وقد ذكرنا ذلك في كتاب

ربع المهلكات. الغضب في

_ فينبغي أن يميل في األمور إلى جانب العفو ويتعود وإذا كان الغضب غالبا الكرم والتجاوز فإذا صار ذلك عادة لك ماثلت األنبياء واألولياء ومتى جعلت

إمضاء الغضب عادة ماثلت السباع والدواب.

حكاية

فقال: يقال أن أبا جعفر المنصور أمر بقتل رجل والمبارك بن الفضل حاضر_ قبل أن تقتله: روى الحسن البصري عن رسول يا أمير المؤمنين أسمع خبرا الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )إذا كان يوم القيامة وجمع الخالئق في

واحد نادي مناد{ من كان له عند الله يد فليقم فال يقوم إال من عفا عن صعيد أطلقوه فأني قد عفوت عنه(. الناس فقال

السالم: إذا وأكثر ما يكون قال عيسى عليه السالم ليحيى بن زكريا عليهما_ فازدد _ فاشكر الله وإن قال فيك كذبا من ذكرك أحد بشيء وقال فيك صحيحا

ذكر الشكر فإنه يزيد في ديوان أعمالك وأنت مستريح يعني أن حسناته تكتب ديوانك. لك في

_ رجل قوي وذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقيل إن فالنا_ إال صرعه فقال شجاع فقال: كيف ذاك فقالوا: يقوى بكل أحد وما صارع أحدا

الصالة السالم: )القوي الشجاع من قهر نفسه ال من صرع غيره(. عليه

كظم وقال عليه الصالة والسالم: )ثالث من كانت فيه فقد كمل إيمانه من غيظه وأنصف في حال رضاه وغضبه وعفا عند المقدرة(.

14

Page 15: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الغضب. وقال عمر ابن الخطاب: ال تعتمد على خلق رجل حتى تجربه عند

حكاية

قيل عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه بلغه عن رجل كالم يكرهه_ من التمر الجني وحمله بنفسه إلى دار ذلك الرجل فطرق _ مملوأ فأخذ طبقا

الرجل وفتح الباب فنظر إلى الحسين ومعه الطبق فقال: وما هذا الباب فقام قال: خذه فأنه بلغني عنك إنك أهديت إليb حسناتك يا ابن بنت رسول الله

فقابلت بهذا.

حكاية أخرى

bه رجل خرج زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه إلى المسجد فسب فقصده غلمانه ليضربوه ويؤذنه فنهاهم زين العابدين وقال: كفوا أيديكم عنه

إلى ذلك الرجل وقال: يا هذا أنا أكثر مما تقول وما ال تعرفه مني ثم التفت عرفته فإن كان لك حاجة في ذكره ذكرته لك فخجل واستحيى أكثر مما قد

وأمر له بألف درهم فمضي الرجل وهو فخلع عليه زين العابدين قميصه الله عليه وسلم. يقول: أشهد أن هذا الشاب ولد رسول الله صلى

_ له وناداه مرتين فلم يجبه فقال له ويروى أن زين العابدين استدعى غالما زين العابدين: أما سمعت ندائي فقال: بلى قد سمعت قال: فما حملك على

إجابتي عليb قال: أمنت وعرفت طهارة أخالقك فتكاسلت فقال: الحمد تركك مني عبدي. لله الذي أمن

فعلت ويروى عنه أنه كان له غالم فعمد إلى شاة فكسر رجلها فقال له: لم_ ألغيظك قال: ما أنا أغيظ من الذي علمك وهو إبليس هذا قال: فعلته عمدا

أذهب فأنت حر لوجه الله تعالى.

_ سبه فقال له زين العابدين: يا هذا بيني وبين جهنم عقبة إن ويروى أن رجال أنا أجزتها فما أبالي وإن أنا لم أجزها فأنا أكثر مما تقول.

درجة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )قد يبلغ الرجل بحلمه وعفوه الصائم القائم ويكون رجل يكتب في جريدة الجائرين وال والية له وال حكم إال

أهل منزله(. على

أشياء ويروى أن إبليس رأى موسى عليه السالم فقال: يا موسى أعلمك ثالثة وتطلب لي من الله حاجة واحدة فقال: وما الثالثة أشياء فقال يا موسى

الغضب والحرد فإن الحmردان يكون خفيف الرأس وأنا ألعب به كما أحذر من وأحذر من البخل فإني أفسد على البخيل دنياه ودينه يلعب الصبيان بالكرة

_ اعتمد عليه مثل النساء. وأحذر من النساء فإني ما نصبت للخلق شركا

اليكظمه مأل وقال عليه الصالة والسالم: )من كظم غيظه وهو قادر على أن_ من التكبر والخيالء _ خوفا _ طويال ألبسه الله قلبه باإليمان ومن لم يلبس ثوبا

الله تعالى حلل الكرامة(.

15

Page 16: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وقال عليه الصالة والسالم: )ويل لمن يغضب وينسى غضب الله(.

_ ادخل به الجنة جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني عمال فقال: ال تغضب.

عنك قال: ثم ماذا قال: استغفر الله قبل صالة العصر سبعين مرة لتكفر ذنوب سبعين سنة فقال: ما لي ذنوب سبعين سنة فقال: ألمك قال: وما

ذنوب سبعين سنة قال: ألبيك قال: وما ألبي ذنوب سبعين سنة قال: ألمي نعم. ألخوتك قال:

_ _ وروى ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم يوما ماال فقال له رجل: ما هذه القسمة يعني أنها ليست بإنصاف فحكيت ذلك لرسول

_ سوى أن قال: الله صلى الله عليه وسلم فغضب واحمرb وجهه ولم يقل شيئا موسى فإنه أوذي فصبر على األذى. رحم الله أخي

فهذه الجملة من الحكايات واألخبار تقنع في نصيحة الوالة إذا كان أصل_ اثر فيه هذا القدر فإن لم يؤثر ما ذكرناه فيهم فقد أخلوا قلوبهم إيمانهم ثابتا

اإليمان وإنه ما بقي من إيمانهم إال الحديث باللسان. من

عامل يتناول من أموال المسلمين في كل سنة كذا وكذا ألف درهم ويبقى في ذمته ويطالب بها في القيامة ويحصل بمنفوعها ويبؤ بالعقوبة والعذاب

والمآب كيف تؤثر عنده هذه األسباب وهذا نهاية الغفلة وقلة يوم المرجع الدين وضعف النحلة.

األصل الخامس 

إنك في كل واقعة تصل إليك وتعرض عليك تقدر إنك واحد من جملة الرعية وإن الوالي سواك فكل ما ال ترضاه لنفسك ال ترضى به ألحد من المسلمين

بما ال ترضاه لنفسك فقد خنت رعيتك وغششت أهل واليتك. وإن رضيت لهم

_ يوم بدر في ظل فهيط روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعدا األمين جبريل عليه السالم فقال: يا محمد أتقعد في الظل وأصحابك في

الشمس.

فعوتب بهذا القدر.

الجنة وقال عليه الصالة والسالم: )من أحب النجاة من النار والدخول إلى فينبغي أن يكون بحيث إذا جاءه الموت وجد كلمة الشهادة بلسانه وكل ما ال

به لنفسه ال يرضى به ألحد من المسلمين(. يرضى

من وقال عليه الصالة والسالم: )من أصبح في قلبه همة سوى الله فليس الله في شيء ومن لم يشفق على المسلمين فليس منهم(.

مس....

16

Page 17: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فعوتب بهذا القدر

الجنة وقال عليه الصالة والسالم: )من أحب النجاة من النار والدخول الى فينبغي أن يكون بحيث إذا جاءه الموت وجد كلمة الشهادة بلسانه وكل ما ال

به لنفسه ال يرضى به ألحد من المسلمين(. يرضى

من وقال عليه الصالة والسالم: )من أصبح في قلبه همة سوى الله فليس الله في شيء ومن لم يشفق على المسلمين فليس منهم(.

األصل السادس 

ومتى أن ال تحتقر انتظار أرباب الحوائج ووقوفهم ببابك وأحذر من هذا الخطر كان ألحد من المسلمين إليك حاجة فال تشتغل عن قضائها بنوافل العبادات

حوائج المسلمين أفضل من نوافل العبادات. فإن قضاء

نكتة

_ عمر بن عبد العزيز يقضي حوائج الناس فجلس إلى الظهر وتعب كان يوما فدخل بيته ليستريح من تعبه فقال له ولده: وما الذي يؤمنك أن يأتيك الموت

الساعة وعلى بابك. في هذه

األصل السابع 

األطعمة أن ال تعود نفسك االشتغال بالشهوات من لبس الثياب الفاخرة وأكل الطيبة لكن تستعمل القناعة في جميع األشياء فال عدل بال قناعة.

نكتة

سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعض الصالحين فقال: هل رأيت من_ تكرهه قال: سمعت أنك وضعن على مائدتك رغيفين وأن لك حالي شيئا

لليل واآلخر للنهار فقال: غير هذين شيء فقال: ال. قميصين أحدهما

._ قال: والله إن هذين ال يكونان أبدا

األصل الثامن 

والعنف. إنك متى أمكنك أن تعمل األمور بالرفق واللطف فال تعملها بالشدة

به يوم قال صلى الله عليه وسلم: )كل وال{ ال يرفق برعيته ال يرفق الله القيامة(.

_: )اللهم الطف بكل وال{ يلطف برعيته واعنف ودعا عليه الصالة والسالم يوما على كل وال{ يعنف على رعيته(.

17

Page 18: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

نكتة: كان وقال عليه الصالة والسالم: )الوالية واإلمرة حسنتان لمن قام_ أبا حازم وكان من هشام بن عبد الملك من خلفاء بني أمية فسأل يوما

العلماء: ما التدبير في النجاة من أمور الخالفة قال: أن تأخذ الدرهم الذي من وجه حالل وان تضعه في موضع حق. تأخذه

قال: من يقدر عل هذا قال: من يرغب في نعيم الجنان ويرهب من عذاب النيران.

األصل التاسع 

أن تجتهد أن ترضى عنك رعيتك بموافقة الشرع قال النبي صلى الله عليه وسلم ألصحابه: )خير أمتي الذين يحبونكم وتحبونهم وشر أمتي الذين

وتبغضونهم ويلعنونكم وتلعنونهم وينبغي للوالي أن ال يغتر بكل من يبغضونكم عليه وأن ال يعتقد أن الرعية مثله راضون عنه وأن الذي يثني وصل إليه وأثنى

خوفه منه بل ينبغي ترتيب معتمدين يسألون عن عليه إنما يفعل ذلك من الناس(. حاله من الرعية ليعلم عيبه من ألسنة

األصل العاشر 

إن ال يطلب رضا أحد من الناس بمخالفة الشرع فإن من سخط بخالف ال يضر سخطه. الشرع

كان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول: إني ألصبح ونصف الخلق علي ساخط والبد لكل من يؤخذ منه الحق أن يسخط وال يمكن أن يرضى

_ من ترك الحق ألجل رضا الخلق. الخصمين وأكثر الناس جهال

كتب معاوية إلى عائشة رضي الله عنهما أن عظيني عظة مختصرة فكتبت إليه تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )من طلب رضا

في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن طلب الله تعالى الله عليه وأسخط الخلق عليه مثل أن رضا الناس بسخط الله تعالى سخط

ويطعمهم الحرام ويمنع األجير ال يأمرهم بالطاعة وال يعلمهم أمور الدين الناس( أجرته والمرأة مهرها سخط الله عليه وأسخط عليه

بيان العينين اللتين هما مشرب شجرة اإليمان 

وإذ قد عرفت أصول شجرة اإليمان وعرفت فروعها فاعلم أن هناك عينين للعلم تستمد الشجرة منهما الماء.

اإلنسان العين األولى في معرفة الدنيا ولم أوجد فيها 

مسافر اعلم يا سلطان العالم أن الدنيا منزلة وليست بدار قرار واإلنسان فأول منازله بطن أمه وآخر منازله لحد قبره وإنما وطنه وقراره ومكثه

بعدها. واستقراره

18

Page 19: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فكل سنة تنقضي من اإلنسان فكالمرحلة وكل شهر ينقضي منه فكاستراحة المسافر في كريقه وكل أسبوع فكقرية تلقاه وكل يوم فكفر سوف يقطعه

يخطوها وبقدر كل نفس يتنفسه يقرب من اآلخرة. وكل نفس كخطوة

وهذه الدنيا قنطرة فمن عمر القنطرة واستعجل بعمارتها فني فيها زمانه_ غير عاقل وإنما العاقل ونسى المنزلة التي هي مصيره ومكانه وكان جاهال

يشتغل في دنياه إال الستعداده لمعاده ويكتفي منها بقدر الحاجة الذي ال_ ويتمنى أن تكون جميع خزائنه وسائر ومهما جمعه فوق _ ناقعا كفايته كان سما

_ ال _ وترابا _ ولو جمع مهما جمع فإن نصيبه ما يأكله ذخائره رمادا فضة وال ذهبا يكون عليه حسرة وندامة ويصعب عليه ويلبسه ال سواه وجميع ما يخلفه

قد جمع المال من نزعه عند موته فحاللها حساب وحرامها عذاب أن كان حالل طلب منه الحساب وإن كان قد جمع من حرام وجب عليه العذاب وكان

_ لحضرة الديان فال وجه ليأسه من الرحمة والرضوان _ سالما إيمانه صحيحا كريم غفور رحيم. فإن الله جواد

مشوب واعلم أيها السلطان أن راحة الدنيا أيام قالئل وأكثرها منغص بالتعب بالنصب وبسببها تفوت راحة اآلخرة التي هي الدائمة الباقية والملك الذي ال نهاية له وال فناء فيسهل على العاقل أن يصبر في هذه األيام القالئل لينال

دائمة بال انقضاء. راحة

نكتة

لو كان لإلنسان معشوقة وقيل له إن صبرت عنها هذه الليلة سلمت إليك_ فإنه كان ألف ليلة بال تعب وال نصب وإن كنت تزورها فإنك ال تراها أبدا

_ لكن يهون عليه صبره على البعد عنها عشقه لها _ وصبره عنها أليما عظيما اآلخرة بل الدنيا ليست بشيء في جنب اآلخرة وال شبه ليلة واحدة لينال

vدرك بالوهم طولها. بينهما ألن اآلخرة ال نهاية لها وال ي

_ لكنا نقتنع اآلن بما نورده من حال الدنيا وقد وقد أفردنا في صفة الدنيا كتابا أوضحنا حالها على عشرة أمثلة.

المثال األول في بيان سحر الدنيا

وماروت قد قال صلى الله عليه وسلم )أحذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وأول سحرها أنها تريك أنها ساكنة عندك مستقرة معك وإذا تأملتها خلتها

هاربة منك نافرة عنك على الدوام وإنما تتسلسل عل التدريج ذرة ذرة وهي_ _(. ونفسا نفسا

_ وكذلك _ وهو يمر دائما عمر ومثل الدنيا مثل الظل إذا رأيته حسبته ساكنا اإلنسان يمر بالتدريج عل الدوام وينقص كل لحظة وكذلك الدنيا تودعك

وأنت غافل ال تخبر وذاهل ال تشعر ولذلك قال بعض الشعراء وتهرب عنك في المعني:

mت ** بها اللذاتv إال كالسmراب� vرت وطاب mا وإن كث وما الدvني

19

Page 20: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ مرb السحاب� �لتذاذ� ** ويمض�ي ذاهبا يمvرv نعيمvها بعدv ا

المثال الثاني من ذلك

ومن سحرها أنها تظهر لك محبة لتعشقها وتريك أنها لك مساعدة وأنها ال تنتقل عنك إلى غيرك ثم تعود عدوة لك على غفلة.

إلى ومثلها مثل امرأة فاجرة خداعة للرجال حتى إذا رأوها عشقوها ودعتهم بيتها فاغتالتهم وأهلكتهم.

نكتة

رأى عيسى عليه السالم الدنيا في بعض مكاشفاته وهي على صورة عجوز هرمة فقال لها: كم كان لك من زوج فقالت: ال يحصون كثرة فقال عيسى:

_ ومن دواهيك ماتوا أم طلقوك فقالت: بل أنا قتلتهم وأفنيتهم فقال: يا عجبا وهم فيك راغبون وعليك يقتتلون وبمن مضى ال يعتبرون. هذا صنعك بأهلك

المثال الثالث من ذلك

باطنها ومن سحرها أنها تزين ظاهرها بمحاسنه وتخفي محنتها وقواتلها في لتغر الجاهل بما يرى من ظاهرها ومثلها كمثل عجوز قبيحة المنظر تخفي

وتلبس حسن الثياب وتتزين وتتجمل لتفتن الخلق من بعد فإذا كشفوا وجهها والقوا عنها إزارها ندموا على محبتها لما شاهدوه من عنها غطاءها وخمارها

فضائح وعاينوه من قبائحها.

قبيحة وقد جاء في الخبر أن الدنيا يؤتى بها يوم القيامة في صورة عجوزرت عن أنيابها فإذا رآها الخالئق bمشوهة زرقاء العين وحشة الوجه قد كش

نعوذ بالله من هذه القبيحة المشوهة فيقال لهم هذه الدنيا التي كنتم قالوا وألجلها كنتم تتحاقدون وتسفكون الدماء بغير حق وتقطعون عليها تتحاسدون

يؤمر بها إلى النار فتقول: إلهي أين أحبابي أرحامكم وتغترون زخرفها ثم فيؤمر بهم فيلقون في نار جهنم.

المثال الرابع من ذلك

مدة إن اإلنسان يحسب كم كان في األزل قبل أن يوجد في الدنيا وكم يكون عدمه بالموت وكم قدر هذه المدة التي بين األبد واألزل وهي مدة حياته في

فيعلم أن مثال الدنيا كطريق المسافر أوله المهد وآخره اللحد وفيما الدنيا معدودة وأن كل سنة كمنزل وكل شهر لفرسخ وكل يوم كميل بينهما منازل

_ فيبقى لواحد من طريقه فرسخ وآلخر وكل نفس كخطوة وهو يسير دائما وقد اشتغل بتدبير أكثر وهو قاعد ذاهل وساكن غافل كأنه مقيم ال يبرح

أعمال ال يحتاج إليها بعد عشر سنين وربما يحصل بعد عشرة أيام تحت التراب.

المثال الخامس من ذلك

20

Page 21: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الفضائح اعلم أن مثل الدنيا تتحف أهلها فيها بشهواتهم ولذاتهم من األمور التي يشاهدونها في اآلخرة كمثل إنسان أكل فوق حاجته من طعام حلو

أن هاض هاضت معدته فرأى فضيحته من هالك معدته ونتونة سمين إلى بعد ذهاب لذته وبقاء فضيحته من هالك نفسه وكره برازه وحاجته فندم

معدته.

وكذلك كلbما ألف اإلنسان لذات الدنيا وتبين له ذلك كانت عاقبته أصعب ويبتلي بمثل ذلك عند نزعه خروج روحه كمن كان له نعم كثيرة وذهب وفضة

وكروم وبساتين وفارقه كان ألم فراق روحه عليه أصعب ممن وجوار وغلمان األلم والعذاب ال يزول بالموت بل يزيد ألن تلك ليس له إال القليل فإن ذلك

يموت. المحبة صفة القلب والقلب بحاله ال

المثال السادس من ذلك

مختصرة اعلم أيها السلطان أن أمور الدنيا أول ما تبدو يظنها اإلنسان قريبة وأن شغلها ال يدوم وربما كان من بعض أشغالها وأحوالها أمر يتسلسل منه

وينفق فيه بضاعة العمر فإن عيسى عليه السالم قال: طالب الدنيا أمر_ فال يزال يشرب حتى كشارب ماء البحر _ ولهبا _ ازداد عطشا كلما ازداد شربا

يهلك وال يروى.

يناله قال النبي صلى الله عليه وسلم: )كما ال يمكن من خاض البحر أن ال البلل كذلك ال يمكن من دخل في أمور الدنيا أن ال يتدنس(.

المثال السابع من ذلك

مثل من حصل في الدنيا كمثل ضيف دvعي إلى مائدة ومن عادة المضيف أن_ بعد فوج ويضع بين يدي _ بعد قوم وفوجا يزين داره لألضياف ويدعو إليها قوما

_ بالجوهر ومجمرة من فضة من عود وبخور أضيافه _ من ذهب مملوءا طبقا وينالهم طيب رائحتها ثم يعاودون الطبق والمجمرة بحالهما ليتطيبوا ويتبخروا

دعاهم. لمالكهما ليدعو غيرهم كما

_ برسم الدعوات وضع من ذلك البخور على النار _ عارفا وتطيب فمن كان عاقال وانصرف ولم يطمع أن يتناول الطبق والمجمرة وتركهما بطيبة من قلبه

البيت وربه. وشكر لصاحب

يريدون ومن كان أبله أحمق توهم أن ذلك الطبق والمجمرة قد أعدا له وهم أن يهبوهما له فلما همb بالخروج أخذ الطبق والمجمرة فلم يمكن من الخروج

واستعادوهما منه فضاق صدره وتعب قلبه وطلب األقالة إذ ظهر ذنبه بهما المسافر ودار الضيافة ليتزودوا منها لطريقهم وال يطمعوا فالدنيا كمثل طريق

في الدار.

المثال الثامن

21

Page 22: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

اآلخرة مثل أهل الدنيا واشتغالهم بأشغالهم واهتمامهم بأحوالها ونسيان_ في البحر فعدلوا إلى جزيرة ألجل الطهارة وإهمالها كمثل قوم ركبوا مركبا

bح يناديهم ال تطيلوا المكث لئال يفوت وقضاء الحاجة فنزلوا إلى الجزيرة والمالقوا الوقت bوال تشتغلوا بغير الوضوء والصالة فإن المركب سائر فمضوا وتفر

وانتشروا في نواحيها فالعقالء منهم لم يمكثوا وشرعوا في في الجزيرة فأصابوا األماكن خالية فجلسوا في أطهر الطهارة وعادوا إلى المركب

األماكن وأوفقها وأرفعها.

ومنهم قوم نظروا إلى عجائب تلك الجزيرة ووقفوا يتنزهون في زهرتهاbم أطيارها ويتعجبون من وثمارها وروضاتها وأشجارها ويسمعون طيب ترن

_ وال رأوا حصبائها الملونة وأحجارها فلما عادوا إلى المركب لم يجدوا موضعا_ فقعدوا في أضيق مواضعه وأظلمها. متسعا

ومنهم قوم لم يقنعوا بالنزهة ولم يقتصروا على الفرجة لكنهم جمعوا من_ وال فرجة تلك الحصباء الملونة ثم حملوها معهم إلى المركب فلم يجدوا مكانا

في أضيق المواضع وحملوا ما استصحبوا من تلك األحجار على فقعدوا يومان حتي تغيرت ألوان تلك األحجار واسودت أعناقهم فلم يمض إال يوم أو

_ من الزحام ليلقوا ثقلها عن أعناقهم وفاح منها أكره رائحة ولم يجدوا مخلصا أعناقهم إذ كانوا بتحصيلها فندموا على ما فعلوا وحصلوا بثقل األحجار على

اشتغلوا.

يتفكروا ومنهم قوم وقفوا مع عجائب تلك الجزيرة وتنزهوا وفي الرجوع لم حتى سار المركب فبعدوا عنه وانقطعوا في أماكنهم وتخلفوا إذ لم يصيحوا

المنادي ولم يسمعوا فمنهم من أكلته السباع وتهشه الضباع. إلى

الهالكون فالقوم المتقدمون هم القوم المؤمنون المتقون والقوم المتخلفون هم الكفار المشركون الذين نسوا الله ونسوا اآلخرة سلموا كليتهم إلى الدنيا

vوا }وركنوا إليها كما قال عز من قائل: ب mستح� �أنهم ا { الحmياة الدvنيا على اآلخرة� ذلك ب أي ركنوا إليها.

لم وأما الجماعة المتوسطون فهم العصاة الذين حفظوا أصل اإليمان لكنهم يكفوا أيديهم عن الدنيا فمنهم من تمتع بغناه ونعمته ومنهم من تمتع مع فقره

وحاجته إلى أن غلبت أوزارهم وكثرت أوساخهم وأوضارهم.

)يا أبا المثال التاسع: روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وانطلق هريرة أتريد أن أريك الدنيا( قلت: نعم يا رسول الله. فأخذ بيدي

حتى وقف بي على مزبلة فيها رؤوس اآلدميين وبقايا عظام نخرة وخرق قد وتلوثت بنجاسات اآلدميين فقال: )يا أبا هريرة هذه الرؤوس التي تمزقت

رؤوسكم مملوءة من الحرص واالجتهاد على جمع الدنيا. تراها كانت مثل

كانوا يرجون من طول األعمار ما ترجون وكانوا يجدون في جمع المال وعمارة الدنيا كما تجدون فاليوم قد تغيرت عظامهم وتالشت أجسامهم كما

كانت أثوابهم التي كانوا يتزينون بها وقت الرعونة والتجمل ترى وهذه الخرق

22

Page 23: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

في النجاسات وهذه النجاسات كانت أطعمتهم والتزين قد ألقتها الريح وينهبها بعضهم من بعض قد القوها اللذيذة التي كانوا يحتالون في تحصيلها

فهذه جملة أحوال الدنيا كما عنهم بهذه الفضيحة التي ال يقربها أحد من نتنها موضع البكاء(. تشاهد وترى فمن أراد أن يبكي علي الدنيا فليبك� فإنها

قال أبو هريرة: فبكى جملة الحاضرين.

المثال العاشر

_ كان في زمن عيسى عليه السالم ثالثة سائرين في طريق فوجدوا كنزا._ فقالوا: قد جعنا فليمض� واحد منا ويبتاع لنا طعاما

_ _ قاتال في فمضى أحدهم ليأتيهم بطعام فقال: الصواب أن أجعل لهما سما الطعام ليأكال منه فيموتا وانفرد بالكنز دونهما ففعل ذلك وسم الطعام.

دونه. واتفق الرجالن اآلخران أنه إذا وصل إليهما قتاله وانفردا بالكنز

فلما وصل ومعه الطعام المسموم قتاله وأكال من الطعام فماتا.

كيف فاجتاز عيسى عليه السالم بذلك الموضع فقال للحواريين: هذه الدنيا قتلت هؤالء الثالثة وبقيت من بعدهم ويل لطالب الدنيا من....

العين الثانية معرفة النفس األخير 

حال اعلم يا سلطان العالم أن بني آدم طائفتان: طائفة نظروا إلى شاهد الدنيا وتمسكوا بتأميل العمر الطويل.

وطائفة عقالء جعلوا النفس األخير نصب أعينهم لينظروا إلى ماذا يكون مصيرهم وكيف يخرجون من الدنيا ويفارقونها وإيمانهم سالم وما الذي ينزل

الدنيا في قبورهم وما الذي يتركونه ألعدائهم من بعدهم ويبقى معهم من وهذه الفكرة واجبة على الخلق وهي على الملوك وأهل عليهم وباله ونكاله،

_ أزعجوا قلوب الخالئق وأنفذوا إلى الناس الغلمان الدنيا أوجب ألنهم كثيرا قلوبهم الرعب فإن بحضرة الحق بالسيئات وأفزعوا الخليقة وأدخلوا في

_ اسمه عزرائيل ال مهرب ألحد من مطالبته وتشتيته وكل موكلي تعالى غالما_ وصاحب هذا التوكيل ال _ وفضة وطعاما يأخذ سوى الملوك يأخذون جعلهم ذهبا

_ وسائر موكلي السالطين تنفع عندهم الشفاعة وهذا الموكل ال الروح جعال عنده شفاعة شافع وجميع الموكلين يمهلون من يوكلون إليه اليوم تنفع

_ وعجائب أحواله كثيرة إال والليلة والساعة وهذا _ واحدا الموكل ال يمهل نفساbا نذكر من أحواله خمس حكايات. أن

الحكاية األولى 

ملك وهو ما رواه وهب بن منبه وكان من علماء اليهود وأسلم روى أنه كان_ في جملة أهل مملكته ويري الخلق عجائبه وزينته عظيم أراد أن يركب يوما

23

Page 24: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

أمراءه وحجابه وكبراء دولته رتبة بالركوب ليظهر للناس سلطنته فأمر فأمر الثياب وأمر بعرض خيوله المعروفة وعتاقه الموصوفة فاختار بإحضار فاخر

_ يعرف السبق فركبه بالمركب والطوق المرصع بالجوهر من جملتها جوادا وتجبره فجاء إبليس فوضع وجعل يركض الحصان في عسكره ويفتخر بتيهه

في فمه في منخره ونفخ هواء الكبر في أنف أنفته فقال في نفسه من العالم مثلي وجعل يركض بالكبرياء ويزهو بالخيالء وال ينظر إلى أحد من تيهه

وعجبه وفخره فوقف بين يديه رجل عليه ثياب رثة فسلم عليه فلم وكبره على عنان فرسه فقال له الملك: إرفع يدك فإنك ال يرد عليه سالمه. فقبض

فقال: لي إليك حاجة. فقال: اذكر حاجتك. تدري بعنان من قد أمسكت. أذنك فأصغى إليه بسمعه. فقال: أنا ملك فقال: إنها سرv وال أقولها إال في

بقدر ما أعود إلى بيتي وأودbع الموت أريد أن أقبض روحك فقال: أمهلني_ فإنك قد فنيت مدة عمرك وأخذ أوالدي وزوجتي. فقال: كال ال تعود تراهم أبدا

._ روحه وهو على ظهر الفرس فخر ميتا

_ قد رضي ربه عليه فسلم _ صالحا عليه وعاد ملك الموت من هناك فأتى رجال فرد عليه السالم فقال: لي إليك حاجة وهي سر فقال الصالح: قل حاجتك

_ بك الحمد لله على مجيئك فإني في أذني فقال: أنا ملك الموت فقال: مرحبا_ إلى قدومك كنت كثير الترقbب لوصولك ولقد طالت علي غيبتك وكنت مشتاقا

إن كان لك شغل فاقض�ه فقال: ليس لي شغل أهم فقال له ملك الموت: تحب أن أقبض روحك فإني أمرت عندي من لقاء ربي عز وجل فقال: كيف

ونقله الى أنا سجدت فخذ روحي وأنا ساجد ففعل ملك الموت ما أمره به رحمة ربه جل وعال.

 

الحكاية الثانية

_ من كل نوع خلقه _ عظيما الله روي أنه كان ملك كثير المال قد جمع ماال_ طائلة تعالى من متاع الدنيا ليرفbه نفسه ويتفرغ ألكل ما جمعه فجمع نعما

_ يصلح للملوك واألمراء واألكابر والعظماء وبني _ ساميا _ مرتفعا _ عاليا قصراbب عليه بابين محكمين وأقام عليه الغلمان األجالد والحرسة واألجناد ورك

والبوابين كما أراد.

وأمر ببعض األيام أن يصطنع له من أطيب الطعام وجمع أهل مملكته وأصحابه وخدمه ليأكلوا عنده وينالوا رفده وجلس على سرير وحشمه

وقال: يا نفس قد جمعت نعم الدنيا بأسرها فاآلن مملكته واتكأ عل وسادته بالعمر الطويل والحظ الجزيل. أفرغي بالك وكلي هذه النعم مهنأة

فلم يفرغ مما حدث به نفسه حتى أتى رجل من ظاهر القصر عليه ثياب رثة خلقة ومخالته في عنقه معلقة على هيئة سائل يسأل الطعام فجاء وطرق

هائلة بحيث تزعزع القصر وتزلزل وخاف الغلمان ووثبوا الباب طرقة عظيمة وقالوا: يا ضعيف ما هذا الحرص وسوء األدب إلى الباب وصاحوا بالطارق

24

Page 25: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

لهم: قولوا لصاحبكم ليخرج إلي اصبر حتى نأكل ونطعمك مما يفضل فقال فلي إليه شغل مهم وأمر ملم.

فقال: أنتم فقالوا تنح أيها الضعيف من أنت حتى تأمر صاحبنا بالخروج إليكفوه من الطرقة األولى فنهضوا من أماكنهم bفوه ما ذكرت فلما عر bعر

بالعصي والسالح وقصدوه ليحاربوا فصاح بهم صيحة وقال: إلزموا أماكنكم الموت فارتعدت فرائضهم وبطلت عن الحركة جوارحهم ورعبت فأنا ملك

_ عني. قلوبهم وطاشت عقولهم فقال _ مني وعوضا الملك: قولوا له ليأخذ بدال

النعم التي فقال: ما آخذ إال أنت وال أتيت إال ألجلك ألفرق بينك وبين هذه خولتها.

وكنت فقال: لعن الله هذا المال الذي غرني وأضرني ومنعني عن عبادة ربي أظن أنه ينفعني فاليوم صار حسرتي وبالئي وخرجت صفر اليدين منه وبقي

ألعدائي.

تعالى فأنطق الله المال حتى قال: ألي شيء تلعنني إلعن نفسك فإن الله خلقني وإياك من تراب وجعلني في يدك لتتزود بي إلى آخرتك وتتصدbق بي

الفقراء وتتزكي بي على الضعفاء ولتعمر بي الربط والمساجد والجسور على_ فى اليوم اآلخر وأنت جمعتني وخزنتني وفي هواك والقناطر ألكون لك عونا

فاآلن تركتني العدائك وأنت بحسرتك أنفقتني ولم تشكر حقي بل كفرتني وضرائك.

فأي ذنب لي حتى تلعنني ثم إن ملك الموت

 

الحكاية الثالثة

في قال يزيد الرقاشي: كان في زمن بني إسرائيل جبار من الجبارة وكان_ قد دخل من باب الدار ذا _ على سرير ملكه فرأى رجال بعض األيام جالسا

وهيئة هائلة فلشدة خوفه من هجومه وهيبة قدومه وثب في صورة منكرة الرجل ومن أمرك بالدخول إلى داري فقال: صاحب وجهه وقال: من أنت أيها

أحتاج في دخولي على ملك إلى إذن وال الدار وأنا الذي ال يحجبني حاجب وال من قبضتي فرار. أرهب من سياسة سلطان وال يفزعني جبار وال ألحد

فلما سمع هذا الكالم خر على وجهه ووقعت الرعدة في جسده فقال له: أنت ملك الموت قال: نعم.

_ ألتوب من ذنبي _ واحدا وأطلب قال: أقسم بالله عليك أال ما أمهلتني يوما العذر من ربي وأرد األموال التي أودعتها خزانتي فال أتحمل مشقة عذابها في

اآلخرة.

25

Page 26: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فقال: كيف أمهلك وأيام عمرك محسوبة وأوقاته مثبوتة مكتوبة فقال: أمهلني ساعة.

فقال: إن الساعات في الحساب وقد عبرت وأنت غافل وقد استوفيت أنفاسك ولم يبق لك نفس واحد.

فقال: من يكون عندي إذا نقلتني إلى لحدي قال: ال يكون عندك سوى عملك.

فقال: مالي عمل.

قال: ثم قبض روحه فخر من سريره ووقه وعال الضجيج من أخل مملكته وارتفع ولو علموا ما يصير إليه من سخط ربه لكان بكاؤهم اكثر وعويلهم

أوفر.

 

الحكاية الرابعة

يقال أن ملك الموت دخل على سليمان بن داود عليهما السالم فجعل يحد نظره ويطيل بصره إلى رجل من ندمائه فلما خرج قال ذلك الرجل: يا بني

ذلك الرجل الذي دخل فقال: ملك الموت. الله من كان

فقال: أخاف أن يريد قبض روحي فخلصني من يده.

بالد فقال: كيف أخلصك فقال: تأمر الريح أن تحملني في هذه الساعة إلى الهند لعله يضل عني وال يجدني.

فأمر سليمان الريح فحملته في الوقت والحال فعاد ملك الموت ودخل على سليمان بن داود عليهما السالم فلما دخل عليه قال له: ألي سبب كنت تطيل

vمرت أن أقبض روحه في النظر إلى ذلك الرجل قال: كنت أتعجب منه ألني أ_ عنها إلى أن اتفق بحمل الريح له إلى هناك فكان ما أرض الهند وكان بعيدا

قدره الله تعالى.

 

الحكاية الخامسة

_ من أسباب الدنيا وقد حفروا يروى أن ذا القرنين مر بقوم ال يملكون شيئاbسونها قبور موتاهم على أبواب دورهم وهم كل يوم يتعمbدون تلك القبور يكن

وينظbفونها وينخرونها ويزورونها ويعبدون الله فيها وما لهم طعام إال الحشيش األرض. ونبات

_ فدعا ملكهم فلم يجبه وقال: ما لي وله. فبعث إليهم ذو القرنين رجال

26

Page 27: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ من ذهب وال فضة فجاء ذو القرنين وقال: كيف حالكم فإني ال أرى لكم شيئا_ من نعم الدنيا قال: ألن نعم الدنيا ال يشبع منها أحد قط. وال أرى عندكم شيئا

فننظر إليها وقال: لم حفرتم القبور على أبوابكم فقال: لتكون نصب أعيننا عبادة ويتجدد لنا ذكر الموت ويبرد حب الدنيا في قلوبنا فال نشتغل بها عن

_ ربنا فقال: ولم تأكلون الحشيش فقال: ألنا كرهنا أن نجعل بطوننا قبورا للحيوانات وألن لذة الطعام ال تتجاوز الحلق.

يا ثم مد يده إلى طاقة فاخرج منها قحف رأس آدمي فوضعه بين يديه وقال: ذا القرنين أتعرف من كان صاحب هذا قال: كان صاحب هذا القحف ملكا من

الدنيا وكان يظلم رعيته ويجور عليهم وعلى الضعفاء ويستفرغ زمانه ملوك فقبض الله روحه وجعل النار مقره وهذا رأسه ثم مد في جمع حطام الدنيا

_ آخر فوضعه بين يديه وقال له: أتعرف من كان يده إلى الطاقة وأخرج قحفا_ _ عادال v ألهل مملكته صاحب هذا قال: كان هذا ملكا _ على رعيته محبا مشفقا

وضع يده على رأس ذي فقبض الله روحه وأسكنه جنته ورفع درجته ثم انه القرنين القرنين وقال: ترى أىb هذين الرأسين يكون هذا الرأس فبكى ذو_ وضمه إلى صدره فقال: هيهات ما لي رغبة في ذلك. بكاء شديدا

_ أعداؤك بسبب المال والمملكة وكلهم قال: ولم قال: ألن الناس جميعا أصدقائي بسبب القناعة والصعلكة فالله تعالى معك.

فاآلن يجب أن تعرف حكايات النفس األخير وتتيقن معرفتها.

يبرد حب واعلم أن أهل الغفلة المغتربين ال يحبون استماع حديث الموت لئال الدنيا في قلوبهم وتتنغص عليهم لذة مأكولهم ومشروبهم.

من وقد جاء في الخبر أن من أكثر ذكر الموت وظلمة اللحد كان قبره روضة رياض الجنة ومن نسي الموت وغفل عن ذكره كان قبره حفرة من النار

_ يصف أجر الشهداء وثواب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الكفار فقالت عائشة رضي الله عنها: السعداء الذين قتلوا في معركة حرب

_ فقال عليه الصالة يا رسول الله هل ينال ثواب الشهداء من لم يمت شهيدا مثل أجر الشهداء والسالم: )من ذكر الموت في كل يوم عشرين مرة كان له

ودرجتهم(.

ويبرد وقال عليه الصالة والسالم: )أكثر من ذكر الموت فإنه يمحو الذنوب الدنيا في القلوب(.

الناس سئل عليه الصالة والسالم: من أعقل الناس وأحزمهم فقال: أعقل._ _ وأحزمهم أحسنهم له استعدادا أكثرهم للموت ذكرا

ذكر له شرف الدنيا وكرامة اآلخرة فمن عرف الدنيا كما ذكره وكرر في قلبه النفس األخير سهلت عليه أمور دنياه وقوي أصل شجرة اإليمان في قلبه

النمو والزيادة ونمت فروع شجرة اإليمان عنده ولقي الله وإيمانه وأخذ في سالم.

27

Page 28: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

bور بصيرة سلطان العالم ليرى األشياء على والله جلت قدرته وعلت كلمته ين ما هي عليه ويجتهد في آخرته ويحسن إلى عباد الله وبريته فإن في رعيته

من الخالئق إذا عدل فيهم كان الكvل شفعاءه ومن شفع فيه من ألف ألف_ يوم القيامة من العذاب وإن ظلمهم هؤالء الخالئق من المؤمنين كان آمنا

عظيم الخطر شديد الغرر وإذا صار الشفيع كان الكل خصماءه وعاد أمره_ أشكل األمر. خصما

 

في ذكر العدل والسياسة وذكر الملوك وسيرهم

األنبياء اعلم وتيقbن أن الله سبحانه وتعالى اختار من بني آدم طائفتين وهم عليهم الصالة والسالم ليبينوا للعباد على عبادته الدليل ويوضحوا لهم إلى معرفته السبيل واختار الملوك لفظ العباد من اعتداء بعضهم على بعض

اإلبرام والنقض فربط بهم مصالح خلقه في معايشهم بحكمته وملكهم أزمةلbهم أشرف محل بقدرته mكما يسمع في األخبار السلطان ظل الله في وأح

أرضه.

vعلم أن من أعطاه الله درجة الملوك وجعله ظله في األرض فإنه فينبغي أن ي يجب على الخلق محبته ويلزمهم متابعته وطاعته وال يجوز لهم معصيته

ومنازعته.

vوا أط�يعvوا الله وأط�يعvوا الرسvول وأوvلي }قال الله تعالى: vها الذين آمن vم يا أي { األمرm م�نك والسالطين وأن يعطيهم فيما فينبغي لكل من آتاه الله الدين أن يحب الملوك

يؤتي ملكه من يأمرون ويعلم أن الله تعالى يعطي السلطنة والمملكة وأنهاء }يشاء كما قال في محكم تنزليه: mن تشmلك مvي الم� vؤت اء ت mلك م�من تشvع الم mوتنز

�ك اء بيد�ك الخير إن mن تشmم vذ�لv اء وت mن تشmم vع�زv vل شيء قmدير وت . { على ك

والسلطان العادل من عدل بين العباد وحذر من الجور والفساد والسلطان الظالم شؤم ال يبقى ملكه وال يدوم ألن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

يبقى مع الكفر وال يبقى مع الظلم(. )الملك

فيهم وفي التواريخ أن المجوس ملكوا العالم أربعة آالف سنة وكانت المملكة وإنما دامت المملكة بعدلهم في الرعية وحفظهم بالسوية وإنهم ما كانوا

الظلم والجور في دينهم وملتهم جائز وعمروا بعدلهم البالد وأنصفوا يرون العباد.

�ه� وقد جاء في الخبر أن الله جلb ذكره أوحى إلى داود عليه السالم أن آن قومك عن سب ملوك العجم فإنهم عمروا الدنيا وأوطنوها عبادي.

_ فينبغي أن تعلم أن عمارة الدنيا وخرابها من الملوك فإذا كان السلطان عادال عمرت الدنيا وأمنت الرعايا كما كانت عليه في عهد أزدشير وأفريدون

وكسرى أنو شروان. وبهرام كور

28

Page 29: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ خربت الدنيا كما كانت في عهد الضحاك وافراسيان وإذا كان السلطان جائرا وبرزدكنها الخاطىء وأمثال هؤالء وهكذا إلى أن استولى أهل اإلسالم وغلبوا العجم وأزاحوهم عن بالدهم وعن الملك وقويت دولة دين اإلسالم ببركة نبينا

الصالة والسالم وذلك في عهد خالفة عمر بن الخطاب رضي الله محمد عليه عنه.

وملوك فأعلم وتيقmن أن هؤالء الملوك الذين ذكرناهم كانوا أصحاب الدنيا األرض وأنهم بلغوا من الدنيا مرادهم وصرفوا باللذات أوقاتهم ومضوا وبقيت

أسماؤهم وسماتهم كما عددناه من أفعالهم وأوردناه من خصالهم لتعلم أن الحديث الذي يبقي بعدهم فكل إنسان يذvكر بالذي كان يفعله الناس إنما هم

_ فشر. وينسب إليه ما كان يعمله _ فخير وإن شرا إن خيرا

فيجب على اإلنسان أن يزرع بذر اإلحسان وأن يبقى عن نفسه العيوب�سم الفاحشات والخطايا الموبقات ال سيما الملوك ليبقى بعدهم حسن اإل

لئال يذكر بالقبيح وقد حل بالضريح كما قال الشاعر: وصالح الرسم

mدا م�نك فعvد واندم mى ** وإن ب vب يا فmت اهرvب م�ن الذmنب� وت

لم mخ�ف تس vي الدهرvها ** ومن مساوm ان mوانف� عن نفس�ك ما ش

vتغنم _ _ حسنا vن حmديثا vبق�ى الذ�كرm ال غmيره ** فك vعدvك ي وب

العقالء يقال أن ذكر الرجال بعدهم حياتهم الثانية في الدنيا فواجب على بالؤها قراءة أخبار الملوك والنظر في أحوال هذه الدنيا القليل وفاؤها والكثير

طالح. وأن ال يعقلوا قلوبهم بأمانيها فإنها ال يبقى عليها صالح وال يسلم فيها

وليجتهد العاقل أن ال يكثر خصومه فإن أمر الخصوم صعب هائل والباري تعالى حاكم عادل ال بد أن ينصف يوم القيامة بين الخصوم ويأخذ من الظالم

_ ألجلها كما جاء في للمظلوم فال تساوي الدنيا بأسرها أن تجعل الناس خصوما الحكاية.

حكاية

_ عند الشيخ أبي علي كان أبو علي بن إلياس إسفهسالر نيسابور فحضر يوما_ زمانه وعالم أوانه. الدقاق رحمه الله وكان زاهدا

فقعد على ركبتيه بين يديه وقال له: عظني.

نفاق. فقال له أبو علي: أيها األمير أسألك مسألة وأريد الجواب عنها بغير

فقال: أجل أجيبك.

أحب إليb من فقال: أيها األمير أيما أحب إليك المال أو العدو فقال: المال العدو.

29

Page 30: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فقال: كيف تترك ما تحبه بعدك وتصطحب العدو الذي ال تحبه معك فبكى األمير ودمعت عيناه وقال: نعم الموعظة هذه.

وجميع الوصايا والحكم تحت هذا الكالم.

_ _ صلى الله عليه وسلم أخيرا حتى والخالق سبحانه وتعالى أرسل نبينا محمدا عادت ببركته دار الكفر دار اإليمان وأظهره في أسعد وقت وأوان وعمر

بشريعته وختم األنبياء بنبوbته. الدنيا

وكان الملك في ذلك الزمان كسرى أنو شروان وهو الذي فاق ملوك إيران بعدله ونصفته وتدبيره وسياسته وذلك جميعه ببركات نبينا محمد صلى الله

ألنه ولد في زمانه ووجد في أوانه. عليه وسلم

وعاش أنو شروان بعد مولده صلى الله عليه وسلم سنتين والنبي صلى الله عليه وسلم افتخر بأيامه فقال: ولدت في زمن الملك العادل كسرى واإلسم

األشياء. الجيد خير

الرعية والملوك الذين كانوا قبله كانت همتهم في عمارة الدنيا والعدل بين وحفظ الجسم بالسياسة وحسن اإلنالة وآثار عمارتهم التي أثروها إلى اليوم

ظاهرة في العالم وكل بلد يعرف بإسم ملكه ألنهم عمروا المواضع وبنوا_ من الضياع والمزارع واستخرجوا القنوات والمصانع واظهروا ما كان خافيا

كان أنو شروان يعمره بعدله وإنصافه مع تجنبه مياه العيون وجميع ما ذكرناه اإلسراف في عفافه.

حكاية

_ من أيام ملكه انه مريض وأنفذ ثقافته يقال أن أنو شروان العادل أظهر يوما وأمناءه أن يطوفوا أقطار مملكته وأكناف واليته وأن يتطلبوا له لبنة عتيقة

قرية خربة ليتداوى بها. من

وعادوا وذكر ألصحابه أن األطباء وصفوا له ذلك فمضوا وطافوا جميع واليته_ وال لبنة عتيقة. _ خرابا فقالوا: ما وجدنا مكانا

mهه وقال: إنما أردت هذا ألجرب واليتي وأختبر ففرح أنو شروان وشكر إل مملكتي وألعلم هل بقي في الوالية موضع خراب ألعمره فاآلن لم يبق مكان

عامر فقد تمت أمور المملكة وانتظمت األحوال ووصلت العمارة إلى إال هو درجة الكمال.

والياتهم واعلم: أن أولئك الملوك القدماء همتهم واجتهادهم في عمارة بعدهم.

روي أنه كلما كانت الوالية أعمر كانت الرعية أوفى وأشكر.

30

Page 31: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فيه وكانوا يعلمون أن الذي قالته العلماء ونطقت به الحكماء صحيح ال ريب وهو قولهم: إن الدين بالملك والملك بالجند والجند بالمال والمال بعمارة

البالد وعمارة البالد بالعدل في العباد.

_ على الجور والظلم وال يرضون لحشمهم بالخرق فما كانوا يوافقون أحدا_ منهم أن الرعية ال تثبت على الجور وأن األماكن تخرب إذا والغشم علما

الظالمون ويتفرق أهل الواليات ويهربون في واليات غيرها استولى عليها البالد الدخل وتخلو الخزائن من األموال ويقع النقص في الملك ويقل في

_ _ فال ويتكدر عيش الرعايا ألنهم ال يحبون جائرا وال يزال دعاؤهم عليه متواترا يتمتع بمملكته وتسرع إليه دواعي هلكته.

قال مؤلف الكتاب: الظلم نوعان

أحدهما: ظلم السلطان لرعيته وجور القوي على الضعيف والعني على الفقير.

vرفع عنك الظلم والثاني: ظلمك لنفسك وذلك من شؤم معصيتك فال تظلم لي كما جاء في الخير.

حكاية

يقال أنه كان في بني إسرائيل رجل يصيد السمك ويقوت من صيده أطفاله وزوجته فكان في بعض األيام يتصيد فوقعت في شبكته سمكة كبيرة ففرح

بهذه السمكة وأبيعها وأخرج ثمنها في نفقة العائلة فلقيه بها وقال: أمضي له: أتبيع هذه السمكة فقال في نفسه: إن بعض العوانية في طريقه وقال

ما أبيعها. قلت له نعم أخذها بنصف ثمنها فقال له:

فضربه العواني بخشبة كانت معه على صلبه ضربة موجعة وأخذ السمكة منه_ _ وخلقته قويا _ ضعيفا _ فدعا الصياد عليه وقال: إلmهي خلقتني مسكينا غصبا

._ عنيفا

اللهم فخذ بحقي منه في الدنيا فإني ال أصبر إلى اآلخرة.

ثم إن الغاصب انطلق بالسمكة إلى منزله وسلمها إلى زوجته وأمرها أن تشويها فلما شوتها وضعتها بين يديه على المائدة فمد يده ليأكل منها ففتحت

فاها ونكزت أصبعه نكزة سلبت قراره وأزالت لشدة نكزتها السمكة اصطبارة.

هذه فشكا حاله إلى الطبيب وذكر ما ناله فقال له الطبيب: ينبغي أن تقطع األصبع لئال يسري األلم إلى جميع الكف.

فرائضه فقطع أصبعه فانتقل األلم إلى الكف وازداد تألمه وارتعدت من خوفه فقال له الطبيب: ينبغي أن تقطع اليد من المعصم لئال يسري األلم إلى

31

Page 32: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فقطع يده من المعصم فانتقل األلم إلى ساعده فقال له الطبيب: الساعد لئال يسرى األلم إلى الكتف. ينبغي أن تقطع الساعد

_ على وجهه _ فقطع الساعد فانتقل األلم إلى الكتف وتوجع فخرج هائما داعيا إلى ربه ليكشف ما نزل به فرأى شجرة فانكفأ إليها فأخذه النوم.

_ يقول له: يا مسكين إلى كم تقطع يدك امض� إلى فرأى في منامه كأن قائال خصمك وأرضه.

_ وأوجعت الصياد _ فانتبه وتفكر وتذكر وقال: إنني أخذت السمكة غصبا ضربا وهي التي نكزتني.

فنهض وقصد المدينة وطلب الصياد فوجده فوقع بين يديه والتمس اإلقالة_ من ماله وتاب من فعله فرضي عنه خصمه ففي الحال سكن وأعطاه شيئا

الليلة على فراشه وتاب واقلع عما كان يصنع ونام على توبة ألمه وبات تلك تداركته رحمة ربه ورد يده كما كانت بقدرته فنزل خالصة ففي اليوم الثاني

يا موسى وعزتي وجاللي وقدرتي لوال الوحي على موسى عليه السالم: أن حياته. أن الرجل أرضى خصمه لعذبته مهما امتدت به

حكاية

مناجاته: كان موسى عليه السالم يناجي ربه عز وجل على الطور فقال في إلmهي أرني عدلك وإنصافك.

فقال له: أنت رجل عجول حاد جريء ال تقدر أن تصبر.

فقال: أقدر على الصبر بتوفيقك.

بالغيوب. فقال: اقصد العين الفالنية واختف بأزائها وانظر إلى قدرتي وعلمي

_ فوصل إلى العين فمضى موسى وصعد إلى تل بأزاء تلك العين وقعد مختفيا فارس فنزل عن فرسه وتوضأ من العين وشرب من مائها وحل من وسطه

_ فيه ألف دينار فوضعه إلى جانبه وصلى ثم ركب ونسى الهميان في هميانا العين وأخذ الهميان فجاء بعد موضعه وسار فجاء صبي صغير فشرب من

فذكر الفارس الصبي شيخ أعمى فشرب من الماء وتوضأ ووقف في الصالة الهميان فعاد من طريقه إلى العين فوجد الشيخ فلزمه وقال: إني نسيت

_ فيه ألف دينار في هذا الموضع هذه الساعة وما جاء إلى هذا المكان هميانا سواك.

فقال األعمى: تعلم أني رجل أعمى فكيف أبصرت هميانك فغضب الفارس كالمه وجذب السيف فضرب األعمى فقتله وفتشه عن الهميان فلم يجده من

قال موسى: إلmهي وسيدي قد نفد صبري وأنت عادل فمضى وتركه فعند ذلكفني كيف هذه األحوال فهبط جبريل bعليه السالم وقال: يا موسى الباري فعر تعلم. تعالى يقول: أنا عالم األسرار أعلم ما ال

32

Page 33: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الصبي أما الصبي الصغير الذي أخذ الهميان فأخذ حقه وملكه وذلك أن أبا_ لذلك الفارس فاجتمع عليه بقدر ما في الهميان فالذي أخذه كان أجيرا

حقه. الصبي

وأما ذلك األعمى فإنه قبل أن يعمى قتل أبا ذلك الفارس فقد اقتص منه ووصل كل ذي حق إلى حقه وعدلنا وإنصافنا دقيق.

فلما علم موسى ذلك تحير واستغفر.

bباء أن الله جلb ذكره ال يخفي وهذه الحكاية أوردناها ليعلم العقالء ويتصور األل عليه شيء وأنه يتصف من الظالم في الدنيا ولكن نحن غافلون عما جاءنا ال

ندري من أين أتانا.

_ فقال: شيئان أحدهما سئل ذو القرنين فقيل له: أي شيء أنت به أكثر سرورا العدل واإلنصاف.

والثاني أن أكافىء من أحسن إلى بأكثر من إحسانه.

كل وقال النبي صلى الله عليه وسلم: )إن الله تعالى يحب اإلحسان في_ إذا ذبح شاة أن يمهي لها المدية ليعجل خالصها شيء حتى إنه يحب إنسانا

الذبح(. من ألم

_ في األرض أفضل من وقال موسى عليه السالم: إن الله تعالى لم يخلق شيئا العدل والعدل ميزان الله في أرضه من تعلق به أوصله الجنة.

منازل حتى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إن للمحسنين في الجنة المحسن إلى أهله وأتباعه(.

ان� أال تطmغوvا ف�ي }وقال قتادة في تفسير هذه اآلية mقال: أراد به العدل: { الم�يز عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ابن آدم أعدل كما وعن

األرض أوحى إليه أربع كلمات وقال: يا قال: )إن الله تعالى لما أهبط آدم إلى األربع وهي كلمة لي وكلمة آدم علمك وعلم جميع ذريتك على هذه الكلمات

لك وكلمة بيني وبينك وبين الناس.

._ أما الكلمة التي لي فهي أن تعبدني ال تشرك بي شيئا

وأما التي هي لك فأنا أجازيك بعملك.

وأما الكلمة التي هي بيني وبينك فمنك الدعاء ومني اإلجابة.

بينهم(. وأما الكلمة التي بينك وبين الناس فهي أن تعدل فيهم وتنصف

وظلم وقال قتادة: الظلم ثالثة أضرب: ظلم ال يغفر لصاحبه وظلم ال يدوم يغفر لصاحبه.

33

Page 34: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

إن الش�ركm } فأما الذي ال يغفر لصاحبه فهو الشرك بالله تعالى قال الله تعالى:

} . { عmظيم لظvلم

وأما الظلم الذي ال يدوم فهو ظلم العباد بعضهم لبعض.

يرجع وأما الظلم الذي يغفر لصاحبه فهو ظلم العبد نفسه بارتكاب الذنوب ثم إلى ربه فإن الله يغفر له برحمته ويدخله الجنة بفضله.

نكتة

ويجتنب الدين والملك توأمان مثل أخوين ولدا من بطن واحد فيجب أن يهتم الهوى والبدعة والمنكر والشبهة وكل ما يرجع بنقصان الشرع وإن علم أن

واليته من يتهم بدينه ومذهبه أمر بإحضاره وتهديده وزجره ووعيده فإن في عليه العقاب ونفاه عن واليته ليطهر الوالية من إغوائه وبدعته تاب وإال أوقع

ويعز اإلسالم ويستديم عمارة الثغور بإنفاذ العساكر وتخلو من أهل األهواء الحق وإعادة رونق السنة النبوية والسيرة والحماة إليها ويجتهد في إعزاز

الخلق هيبته وتخاف سطوته المرضية لتحمد عند الله طريقته وتعظم في ويعظم عند أنداده. أعداوه ويعلو قدره وبهاؤه ومنزلته ويكبر في عين أضداده

ويجب أن يعلم أن صالح الناس في حسن سيرة الملك فينبغي للملك أن في أمور الرعية ويقف على قليلها وكثيرها وعظيمها وحقيرها وال ينظر

األشياء المذمومة واألفعال المشؤومة. يشارك رعيته في

الفعل ويجب عليه احترام الصالحين وأن يثيب على الفعل الجميل ويمنع من الرديء الوبيل ويعاقب على ارتكاب القبيح وال يحابي من أصر على المعصية

الناس في الخيرات ويحذروا من السيئات. ليرغب

على ومتى كان السلطان بال سياسة وكان ال ينهي المفسد عن فساده ويتركه مراده أفسد في سائر بالده.

ينتحلون وقالت الحكماء أن طباع الرعية نتيجة طباع الملوك ألن العامة إنما ويركبون الفساد وتضيق أعينهم اقتداء بالكبراء فإنهم يتعلمون منهم ويلزمون

طباعهم.

كان أال ترى أنه قد ذكر في التواريخ أن الوليد بن عبد الملك من بني أمية مصروف الهمة إلى العمارة وإلى الزراعة.

وكان سليمان بن عبد الملك همته في كثرة األكل وطيب المطعم وقضاء األوطار والمهمات وبلوغ الشهوات وكانت همة عمر بن عبد العزيز في

والزهادة. العبادة

قال محمد بن علي بن الفضل: ما كنت اعلم أن طباع الرعية تجري على عادة ملوكها حتى رأيت الناس في أيام الوليد قد اشتغلوا بعمارة الكروم

واهتموا ببناء الدور. والبساتين

34

Page 35: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وعمارة القصور ورأيتهم في زمن سليمان ابن عبد الملك قد اهتموا بكثرة األكل وطيب المطعم حتى كان الرجل يسأل صاحبه أي لون اصطنعت وما

في أيام عمر بن عبد العزيز قد اشتغلوا بالعبادة وتفرغوا الذي أكلت ورأيتهم الخيرات وإعطاء الصدقات ليعلم أن في كل زمن لتالوة القرآن وأعمال

وإتباع الشهوات وإدراك اإلرادات. يقتدون بأفعاله من القبيح والجميل

حكاية: ذكروا أن في زمن الملك العادل كسرى انو شروان ابتاع رجل من_ إلى البائع وأخبره بذلك فقال: إنما _ فمضى سريعا _ فوجد فيها كنزا رجل أرضا

ولم أعلم ما فيها والكنز الذي وجدته فهو لك ومبارك عليك فقال: ال بعتك في أموال الناس فترافعا بهذه الدعوى إلى الملك العادل انو أريده وال أطمع

بذلك وقال هل لكما أوالد فقال أحدهما لي ابن شروان ففرح انو شروان أن يكون بينكما قرابة ووصلة وإن وقال اآلخر لي بنت فقال انو شروان أحب

ليكون لكما ولولديكما ففعال تزوجا الولد بالبنت وتنفقا هذا الكنز في جهازهما زمن سلطان جائر ما أمر به وتراضيا ما رسم لهما ولو أن الرجلين كانا في

_ الحق لقال كل واحد منهما الكنز لي ولكنهما لما علما أن ملكهما عادل طلبا وآثرا الصدق.

وقالت الحكماء الملك كالسوق فكل أحد يحمل إلى السوق ما يعلم أنه فيه نافق وما يعلم أنه كاسد ال يحمله إلى ذلك السوق.

والعدل والرجالن اللذان وجدا الكنز وترافعا إلى السلطان علما إن الزهد والصدق يعزعند الملك وأن الحق عنده نفاق فلذلك حماله إليه وعرضاه

عليه.

فهو وأما اآلن في هذا الزمان فكلما يجري على يد أمرائنا وألسنة والتنا أمانة. جزاؤنا واستحقاقنا كما إننا رديئو األعمال قبيحو األفعال ذوو خيانة وقلة

فأمراؤنا ظلمة جائرون وغشمة معتدون.

عائدة إلى )كما تكونوا يول عليكم( فقد صح بهذا الحديث أن أفعال الخلق أفعال الملك أما ترى أنه إذا وصف بعض البالد بالعمارة وأن أهله في أمان

وراحة ودعة وغبطة فإن ذلك دليل على عدل الملك وعقله وسداده وحسن أهل واليته وأن ليس ذلك من الرعية فقد صح ما قالته نيته في رعيته ومع

منهم بزمانهم(. الحكماء )الناس بملوكهم أشبه

_ )الناس على دين ملوكهم(. وقد جاء في الخبر أيضا

_ من _ ألقى في مكان حمال وكان من سياسة انو شروان أن بحيث لو أن رجال ذهب وبقي مهما بقي في موضعه لم يقدر أحد على إزالته من مكانه إال

_: أيها الملك ال صاحبه وكان يونان _ عنده فقال له يوما وزير انو شروان متقدما واليتك وتفقر رعيتك فيصير حينئذ ملكك إلى الخراب تركن لألشرار فتخرب

الدنيا فكتب انو شروان إلى عماله: إن وسلطانك إلى الفقر ويقبح إسمك في سوى أرض سبخة ال تقبل أخبرت أنه قد بقى في جميع مملكتي أرض خراب

الزرع صلبت عامل تلك األرض.

35

Page 36: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وخراب األرض من شيئين: أحدهما عجز الملك.

والثاني جوره.

وكان الملوك في ذلك الزمان يتفاخرون بالعمارة ويتحاسدون على إجتماع المملكة.

حكاية

_ إلى الملك العادل كسرى انو شروان فقال أنا أرسل ملك هندوستان رسوال أولى بالملك منك فأنفذ لي خراج واليتك فأمر أنو شروان بإنزال الرسول ثم

اليوم الثاني أرباب دولته وأعيان مملكته وأذن للرسول في الدخول جمع في يديه قال له أسمع جواب رسالتك ثم أمر أنو شروان إليه فلما مثل بين

_ وأخرج منه قبضة من كبر بإحضار صندوق ففتحه وأخرج منه _ صغيرا صندوقا قال نعم من هذا عندنا كثير وسلمه إلى الرسول وقال هل في بالدكم من هذا

واليتك فإنها فقال أنو شروان: أرجع وقل لملك الهند يجب عليك أن تعمر خراب ثم تطمع بعد ذلك في والية عامرة فإنك لو طفت جميع واليتي وطلبت_ _ واحدا _ من كبر لم تجده ولو سمعت أن في موضع من واليتي أصال _ واحدا أصال

لصلبت تلك الوالية على الملك أن سيلك طريق الملوك الذين من كبر ويقرأ كتب مواعظهم وقضاياهم فإنهم كانوا تقدموه ويعمل على سننهم

_ وإنهم _ وأكثر تجارب وإعتبارا فرقوا بين الجيد والرديء وعرفوا أطول أعمارا الجلbي من الخفي.

وكان أنو شروان مع حسن سيرته يقرأ كتب مواعظهم ويطلب إستماع ويمضي على مناهجهم وسننهم وملوك هذا الزمان أجدر أن يفعلوا حكايتهم

ذلك.

حكاية

_ وزيره يونان وقال أريد أن تخبرني بسيرة سأل أنو شروان العادل يوما الملوك المتقدمين فقال له يونان تريد أن أمدحهم بثالثة أشياء أم بشيئين أم

واحد فقال أنو شروان أمدحهم بالثالثة فقال يونان ما وجدت لهم في بشيء_. شغل من األشغال وال عمل من األعمال قط كذبا

._ وال رأيت لهم بشيء جهال

._ وال رأيت لهم في حال من األحوال غضبا

_ يسارعون إلى فقال أنوشروان أمدحهم بالشيئين فقال يونان كانوا دائما الخبر وعمله.

_ يحذرون من أعمال الشر. وكانوا دائما

36

Page 37: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فقال أمدحهم بشيء واحد فقال كانت سلطنتهم وجرأتهم على أنفسهم أكثر مما كانت على غيرهم فطلب أنو شروان الكأس وقال ولهذا سرور بالكرام

بعدنا ويملكون تاجنا وتختنا ويذكروننا كما نذكر نحن من تقدمنا. الذين يأتون

يعيش وأشقى الناس من إغتر بملكه وعمر الدنيا وهو ال يدري كيف ينبغي أن فيها فيعبر دنياه بالتعب ويحصل في آخراه بالندم السرمد والعذاب المؤبد.

بعدهم وإنما كان قصد أولئك الملوك وإجتهادهم في عمارة الدنيا ليبقى فيها طيب الذكر مدى األيام والدهر.

كما جاء في الحكاية.

حكاية

_ فيه قيصر ملك الروم كان ألنو شروان كرم يعرف بهزاركام فإجتمع يوما ويعفورجين ملك هندوستان في ضيافة أنو شروان فتكلم كل واحد منهم

بكلمة حكمة.

فقال قيصر الروم ليس شيء في هذه الدنيا أجود من فعل الخير واإلسم_ فيقال بعده لم ال نكون نحن الصالح والذكر الطيب فإنه يذكر به صاحبه دائما

مثله.

إذا فقال أبو شروان تعالوا حتى نفعل الخير ونتفكر في الخير فقال قيصر تفكرت في الخير عملت الخير وإذا عملت الخير نلت المراد فقال يعفورجين

الله من فكرة إن نحن أظهرناها استحييناها وأن ذكرناها خجلنا وأن أعاذنا فقال قيصر ألنو شروان أي شيء أحب إليك قال أحب األشياء أخفيناها ندمنا

_ لقضاء حاجته فقال قيصر بل أنا أحب أن ال إلى أن أقضي حاجة من رآني أهال_ كان هذا كالمهم. أذنب حتى ال أخاف ملوكا

أنظر كيف كانت سيرتهم مع رعيتهم يا سلطان اإلسالم فيجب أن تسمع أقوال هؤالء وتنظر أعمالهم وتقرأ حكاياتهم من الكتب وما ينظر فيها من

وإنصافهم وحسن سيرتهم وطيب خبرهم وذكرهم الجاري على نعت عدلهم ألسنة الخلق إلى يوم القيامة.

كان ألمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من العدل والسياسة إلى حد أقام فيه الحد والعقاب على ولده حتى مات.

_ إلى أعمال قال لهم إشتروا دوابكم وأسلحتكم من وكان إذا أنفذ عماال أرزاقكم وال تمدوا أيديكم إلى بيت مال المسلمين وال تغلقوا أبوابكم دون

الحوائج. أرباب

قال عبد الرحمن ابن عوف دعاني عمر بن الخطاب ذات ليلة وقال قد نزل بباب المدينة قافلة وأخاف عليهم إذا ناموا أن يسرق شيء من متاعهم

وصلنا قال لي نم أنت ثم جعل يحرس القافلة طول ليلته. فمضيت معه فلما

37

Page 38: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وقال عمر رضي الله عنه يجب علي أن أسافر ألقضي حوائج الناس في األرض ألن بها ضعفاء ال يقدرن على قصدي في حوائجهم لبعد المكان أقطار

البالد ألشاهد أحوال العمال وأسير سيرتهم وأقضي حوائج فينبغي أن أطوفbعمر أبرك من هذه السنة. المسلمين فال يكون في سني

حكاية

قال زيد بن أسلم رأيت ليلة عمر بن الخطاب يطوف مع العسس فتبعته_ من وقلت أتأذن لي أن أصاحبك قال نعم فلما خرجنا من المدينة رأينا نارا

يكون قد نزل هناك مسافر فقصدنا النار فرأينا إمرأة أرملة بعد فقلنا ربماv على النار وهي تقول ومعها ثالثة أطفال وهم يبكون وقد وضعت لهم قدرا

فإنه شبعان ونحن جياع فلما سمع الmهي أنصفني من عمر وخذ لي منه بالحق أدنو إليك فقالت أن عمر بن الخطاب ذلك تقدم وسلم عليها وقال أتأذنين أن

مني دنوت بخير فبسم الله فتقدم وسألها عن حالها وحال جياع وقد بلغ ومنهم الجهد والجوع وقد منعهم عن الهجوع فقال عمر وأي شيء في هذه

تركت فيها ماء ألشاغلهم به ليظنوا أنه طعام فيصبروا. القدر فقالت

_ ومضى إلى قال زياد فعاد أمير المؤمنين وقصد دكان الدسم فإبتاع منه دسما دكان الدقيق فإبتاع منه ملء جراب ثم وضع الجميع على كاهله ومضى به

واألطفال. يطلب المرأة

يحمل فقلت يا أمير المؤمنين ناولنيه ألحمله عنك فقال إن حملته عني فمن عني ذنوبي ومن يحول بيني وبين دعاء تلك المرأة واألطفال عليb وجعل

يبكي إلى أن وصلنا إلى المرأة فقالت المرأة جزاك الله عنا خير يسعى وهو_ من الدسم فوضعهما في القدر الجزاء فأخذ عمر جزأ من الدقيق وشيئا

نفخها والرماد يسقط على وجهه وجعل يوقد النار وكلما أرادت أن تخمد وقال للمرأة كلي ومحاسنه إلى أن إنطبخت القدر فوضع الطبيخ في القصعة

فإنه لم فأكلت المرأة واألطفال فقال عمر أيتها المرأة ال تدعين على عمر يكن عنده منك وال من أطفالك خبر.

عنه وأول من دvعي بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فإن أبا بكر رضي الله دعوه بخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وصل األمر إلى عمر

يا خليفة خليفة رسول الله فكان يطول ذلك فقال يا أيها كانوا يقولون_ فإني أميركم وإن دعوتموني أمير المؤمنين فأنا ذلك المؤمنون سموني أميرا

عمر بن الخطاب.

حكاية

سئل خازن بيت المال هل إنبسط عمر في بيت المال فقال كان في أول_ برسم القوت فإذا حصل عنده األمر إذا لم يكن له شيء يتقوت به أخذ قليال

إلى بيت المال. شيء أعاده

_ فقال أيها الناس قد كان الوحي ينزل عي عهد رسول الله صلى وخطب يوما الله عليه وسلم فكنا نعرف به ظاهر الناس وباطنهم وجيدهم ورديئهم واآلن

38

Page 39: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الوحي عنا فنحن ننظر من كل أحد إلى عالنيته والله أعلم بسريرته قد إنقطع_ بغير حق. وأنا على الجهد _ بغير حق وال تعطي شيئا وعمالي أن ال نأخذ شيئا

فإن شئت أن تعلم أن عدل السلطان وتقيته سبب لجميل ذكره ونيل فخره فإنظر في أخبار عمر بن عبد العزيز فإنه لم يكن ألحد من بني أمية وبني

_ مروان مثل مدحه ومحمدته وال يدعي إال له وال يثني إال عليه ألنه كان عادال_ حسن _ كريما السيرة تقي السريرة. تقيا

حكاية

كان في زمن عمر بن عبد العزيز قحط عظيم فوفد عليه قوم من العرب_ لخطابه فقال ذلك الرجل يا أمير المؤمنين أنا أتيناك من فاختاروا منهم رجال

عظيمة وقد يبست جلودنا على أجسادنا لفقد الطعام وراحتنا في ضرورة يخلو من ثالثة أقسام: أما أن يكون لله أو لعباد الله بيت المال وهذا المال ال

أو لك.

لك فإن كان لله فالله غني عنه وإن كان لعباد الله فآتهم إياه وأن كان فتصدق به علينا إن الله يجزي المتصدقين.

فتغرغرت عينا عمر ابن عبد العزيز بالدموع وقال هو كما ذكرت وأمر بحوائجهم فقضيت من بيت المال فهم األعرابي بالخروج فقال له عمر أيها

كما أوصلت إلي حوائج عباد الله وأسمعتني كالمهم فأوصل اإلنسان لحر تعالى فحول األعرابي وجهه قبل السماء وقال كالمي وارفع حاجتي إلى الله

في عبادك فما استتم األعرابي إلmهي أصنع مع عمر ابن عبد العزيز كصنيعه_ وجاء في المطر _ غزيرا بردة كبيرة كالمه حتى إرتفع غيم فأمطر مطرا

فوقعت على آجرة فإنكسرت فخرج منها كاغد عليه مكتوب هذه براءة من العزيز لعمر ابن عبد العزيز من النار. الله

حكاية

_ فيقصص الرعية وروزناتهم في يقال أن عمر بن عبد العزيز كان ينظر ليال ضوء السراج فجاء غالم له فحدثه في سبب كان يتعلق ببيته فقال له عمر

وحدثني فإن هذا الدهن من بيت مال المسلمين فال يجوز أطفيء السراج المسلمين. إستعماله إال في اشغال

_ كما جاء في الحكاية. كذا يكون حذر السلطان وتوقيه إذا كان عادال

حكاية 

_ لبيت المال وكان لعمر بنات جئنه كان لعمر بن عبد العزيز غالم وكان خازنا_ العيد ونساء الرعية وبناتهم يلمننا وقلن أنتن بنات يوم عرفة وقلن له غدا

المؤمنين ونراكن عريانات ال أقل من ثياب بيضاء تلبسنها وبكين عنده أمير فدعا غالمه الخازن وقال له أعطني مشاهرتي لشهر واحد فضاق صدر عمر

_ أتظن أن فقال الخازن يا أمير المؤمنين تأخذ المشاهرة من بيت المال سلفا

39

Page 40: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وقال نعم ما قلت أيها الغالم لك عمر شهر فتأخذ مشاهرة شهر فتحير عمر فإن الجنة ال بارك الله فيك ثم التفت إلى بناته وقال اكظمن شهواتكن

يدخلها أحد إال بمشقة.

حكمة

هو لما كان األمراء كذلك كان حواشيهم وخدعهم على قاعدتهم والعدل التام أن تساوي بين المجهول الذي ال يعرف وبين المحتشم صاحب الجاه

_ بعين واحدة وال تفضل المعروف في مقام واحد في الدعاوي وتنظر أيضا فقير واالخر غني فإن الجوهر والخزف أحدهما على اآلخر ألجل أن أحدهما

لحشمة األغيار. في اآلخرة بسعر واحد وال يحرق عاقل نفسه بالنار

وإذا كان لرجل ضعيف على سلطان من السالطين دعوى فينبغي أن يقوم صدر مملكته ويعمل بحكم الله تعالى وينصف ذلك العبد الضعيف ويرضيه من

�العmدmل� }يسحي من الحق ويعمل بقول الله وال يحيف عليه وال إن الله يأمvر بان mكان للملك على آخر حق أن يسامحه ويمن به وحقيقة ذلك إن { واإلحس

ويعملوا بسيرته لئال يسئل عنه يوم عليه ويأمر عماله الثقات أن يقتدوا بمثاله القيامة.

فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل راع يسئل عن غنمه وكل إنسان يسئل عن رعيته والحال على هذه الصفة والمآل.

حكاية

يقال أن إسماعيل بن أحمد أمير خراسان نزل بمرو وكان رسمه في كل ينزله أن يامر المنادي أن ينادي في العسكر إن الجند ما لهم في موضع

من الخرنبدية ودخل مبطخة قوم فتناول من الرعية شغل فمضى رجل_ فجاءوا إلى باب الملك _ يسيرا واستغاثوا فأمر بإحضاره فأحضر البطيخ قدرا

أخطأت قال ال أقدر بين يديه فقال له ما حملك على أن آذيت رعيتي قال ألجل خطئك على دخول النار ثم أمر به فقطعت يده.

حكاية

يحكى عن إسماعيل الساماني في كتاب سير الملوك أنه كان ينزل بحذاء موليان وكان يصل كل وقت إلى مدينة كغد ويأمر المنادي أن ينادي في

الحجاب ويزيح البواب ليجيء كل من له ظالمة ويقف على الناس وكان يرفع الحاجة. جانب البساط ويخاطبه ويعود مقضي

وكان يقضي بين الخصوم مثل الحكام إلى أن تفي الدعاوي ثم يقوم من موضعه ويقبض على محاسنه ويوجه وجهه نحو السماء ويقول: إلmهي هذا

بذلتهما وأنت عالم األسرار تعلم نيتي وال أعلم على أي جهدي وطاقتي قد ظلمت. عبد من عبادك حفت وال أليهم

_ من أصحابي فأغفر لي يا ألmهي من ذلك ما ال أعلم. وماأنصفت أنا واحدا

40

Page 41: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فلما كان نقي النية جميل الطوية ال جرم عال أمره وارتفع قدره وكان عسكره ألف فارس معتدين بالسالح مقنعين بالحديد وببركة ذلك العدل

تعالى بعمرو بن ليث حتى قبض عليه وفتح خراسان. واألنصاف ظفره الله

كثيرة ثم أن عمرو ابن ليث أنفذ إليه من السجن فقال: لي بخراسان أموال وكنوز موفورة.

وأنا أسلم الجميع إليك وأطلقني من السجن فلما سمع إسماعيل ذلك ضحك وقال إلى اآلن لم يستقم معي عمرو ابن ليث يريد أن يجعل المظالم التي

احتقبها.

قولوا له والمآثم التي ارتكبها في عنقي ويتخلص من ثقل أوزارها ي القيامة مالي في مالك حاجة.

_ إلى بغداد فنال من أمير المؤمنين ثم أنه أخرجه من السجن وأنفذه رسوال الخلع والتشريق.

_ فارغ البال حسن الحال. وجلس إسماعيل في مملكته بخراسان آمنا

إلى وبقيت المملكة في عنصر السامانية مائة وثالثين سنة فلما إنتقل األمر أصاغرهم وصبيانهم ظلموا الخلق وتعدوا الحق فزال ملكهم.

_ خير _ واحدا من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )عدل السلطان يوما عبادة سبعين سنة(.

وقال عليه الصالة والسالم )من سل سيف الجور سل عليه سيف الغلبةm وال تقتل أن mعا mاس� ما تهوmى إستما �لن والزمه الغم( كما قال الشاعر: فmقvل ل

_ _ فرأى شيئا mرتv البقاء� جاء في الخبر أن داود عليه السالم كان ينظر يوما اخت من السماء مثل النخالة فقال: إلmهي ما هذا قال هذه لعنتي أنزلها على ينزل الجائرين. بيوت

حكاية

لما قعد انو شروان في المملكة كتب إليه يونان الوزير فقال إعلم أيها السطان أن أمور الملك على ثالثة أشياء: أما أن ينصف رعيته وال ينتصف

الدرجة العليا. منهم وذلك هو

أعلم أن أو ينتصف وينصف أيها الملك إلى هذه الثالثة وأختر أيها أردت وأناmص�ف بفضله� موالنا يختار األولى كما قال الشاعر: من أنصفm الناسm ولم ينت

منهvم فذاك األمير ومن ير�د إنصmاف�هم م�ثلمmا أنصفm أضحmى مالهv من نظير� ومن. vء الحقيرvم فهو الدنيvفهmافه وهو ال ينصmر�د إنصv ي

_ على المهدى فقال يا أمير ]نصيحة وموعظة[ دخل شبيب بن شيبة يوما_ من طيب عيشك المؤمنين إن الله قد أعطاك الدنيا فأعط رعيتك قسطا

41

Page 42: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الذي ينبغي أن تعطي الرعية فقال العدل فإنه إذا نامت فقال المهدي وما_ في قبرك. الرعية في أمن منك نمت آمنا

بعدها وقال أحذر يا أمير المؤمنين من يوم ال ليلة بعده ومن ليلة ال يومmعارv mها فلن ي �التقmوى وزين وأعدل ما استطعت فإنك تجازي بالعدل فحل� نفmسك بvورأس _ mاس� من رجل� وليسُ تبلى يدv المعروف� فاحظ بها تربح كثيرا تقيv في الن

ل. mالمال� لم يز

حكاية

وصل كتاب من قيصر ملك الروم إلى الملك العادل أنوشروان يقول بماذا_ يكون دوام الملك فكتب إليه في الجواب جواب ذلك أني ال أعمل شيئا

بأمر تممته وال أتركه لخوف وال لرجاء يريد أنني إذا أمرت بجهالة وإذا أمرت_ أمرت به. بشيء ال أبطله ألجل من يرجوني أو يخافني وأن ال أغير شيئا

حكمة

_ غير الله تعالى فقال من سئل ارسطاطاليس هل يجوز أن يدعي أحد ملكا وجدت فيه هذه الخصال وإن كانت عارية: العلم والعدل والسخاء والحلم

_ بالظل اإللmهي وضياء الحس والرقة وما ناسبها ألن الملوك إنما كانوا ملوكا العقل والعلم وقدم الدولة وشرف األصل والدولة التي وطهارة النفس وتزايد

_ وسالطين ومعنى قولهم كانت في محتدهم وأصولهم فبذلك كانوا ملوكا_ العقل والعلم وحدة ]فرابرذي[ وهو الظل اإللmهي يظهر في ستة عشر شيئا

والشجاعة الذكاء وتدارك األشياء والصور التامة واأللمعية والفروسية واإلقدام والتأني وحسن الخلق وإنصاف الضعيف ومحبة الرعية وإظهار

واإلحتمال والمدارة في مكانها والرأى والتدبير في األمور واإلكثار الزعامة وحفظ سير الملوك والفحص عن األحوال واألعمال التي من قراءة األخبار

هذه الدنيا بقية دول المتقدمين الذين اعتمدوها الملوك وعملوا بها ألن_ للناس يذكر كل إنسان بفعله. تملكوها ثم مضوا وانقضوا وصاروا تذكارا

وكنزاآلخرة ولآلخرة كنز وللدنيا كنز هذه الدنيا حسن الثناء وطيب الذكر العمل الصالح واكتساب األجر.

حكمة

كان االسكندر في بعض األيام قد ركب في مركب مملكته فقال رجل من_ فاستكثر من النساء لتكثر _ عظيما مقدمي عسكره إن الله تعالى أعطاك ملكا

فتذكر بهم بعدك فقال ليس ذكر الرجال بعدهم بكثرة األوالد لكن أوالدك النية ورجل غلب رجال الدنيا ال يجوز أن تغلبه النساء. بحسن السيرة وعدل

حكمة

سأل اإلسكندر ارسطاطاليس أيما أفضل للملوك الشجاعة أم العدل فقال ارسطاطاليس إذا عدل السلطان لم يحتج إلى شجاعة.

42

Page 43: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

حكاية

_ من عماله من عمل كثير خطير وواله أمر عمل خفيف عزل اإلسكندر عامال حقير فجاء في بعض األيام ذلك الرجل إلى الدركاه فقال له األسكندر كيف

أطال الله بقاء الملك الرجال ال تشرف باألعمال بل األعمال تجد عملك فقال السيرة واإلنصاف والعدل وتجنب اإلسراف. تشرف بالرجال وذلك بحسن

فأحسن األسكندر مقاله وأعاد إليه أعماله.

حكمة

يستقر. قال سقراط العالم مركب من العدل فإذا جاء الجور ال يثبت وال

حكمة أخرى

سئل بزرجمهر فقيل بأي شيء يظهر عز الملك فقال بثالثة أشياء: حفظ األطراف مع دفع العدو عن الحوزة وإكرام العلماء وإعزازهم وحب أهل

جار السلطان خاف أهل األطراف وإن كانت نعمهم كثيرة الفضل ألنه كلما كانت النعم قليلة إنساغت مع األمن كما جاء فإنها مع الخوف ال تنساغ وإن

في الحكاية.

حكاية 

يقال أنه إنقطع رجل من قافلة الحج وضل الطريق ووقع في الوحل فجعل_ _ ورأى على باب الخيمة كلبا يسير إلى أن وصل إلى خيمة فرأى إمراة عجوزا

_ فسلم _ فقالت العجوز امض إلى نائما الحاج على العجوز وطلب منها طعاما الحيات بقدر كفايتك ألشوي لك منها واطعمك فقال ذلك الوادى واصطد من

فقالت العجوز أنا أتصيد معك فلما الرجل أنا ال أجسر أن أصطاد الحيات كفايتهما فأتت العجوز مضت وأياه وتبعهما الكلب فأخذا من الحيات بقدر

_ وخاف أن يهلك من وجعلت تشوي له الحيات فلم ير الحاج من األكل بدا الجوع والهزال فأكل ثم أنه عطش وطلب منها الماء ليشرب فقالت له دونك

_ والعين _ ولم يجد من شربه بدا _ مرا فأشرب فمضى إلى العين فوجد ماء مالحا العجوز وقال أعجب منك أيتها العجوز ومن مقامك في هذا فشرب وعاد إلى

فقال يكون في بالدنا الدور الرحيبة الموضع فقالت كيف تكون بالدكم العذبة واألطعمة الطيبة واللحوم الواسعة والفواكه اللذيذة اليانعة والمياه السمينة والغنم الكثيرة والعيون الغزيرة.

فقالت العجوز قد سمعت هذا كله فقل لي هل تكونون تحت يد سلطان يجور عليكم وإذا كان لكم ذنب أخذ أموالكم واستأصل أحوالكم وأخرجكم عن

_ يعود ذلك الطعام اللطيف والعيش مسرتكم فقال قد يكون ذلك فقالت إذا_ وتعود أطعمتنا مع األمن الظريف والنعم اللذيذة مع الجور _ ناقعا والظلم سما

_ أو ما سمعت أن أجل النعم _ نافعا بعد نعمة اإلسالم الصحة واألمن. درياقا

43

Page 44: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

واألمن إنما يكون مع سياسة السلطان فيجب على السلطان أن يعمل_ ألن السلطان خليفة الله ويجب أن بالسياسة وأن يكون مع السياسة عادال

_ وسلطان هذا الزمان تكون هيبته بحيث إذا رأته الرعية خافوا ولو كانوا بعيدا أوى سياسة وأتم هيبة أن أناس هذا الزمان ليسوا ينبغي أن يكون له

الوقاحة والسفهاء وأهل القسوة كالمتقدمين فإن زماننا هذا زمان ذوي والشحناء.

_ أو كان غير ذي سياسة وهيبة فال شك أن ذلك وإذا كان السلطان منهم ضعيفا يكون سبب خراب البالد وأن الخلل يعود إلى الدين والدنيا وفي األمثال جور السلطان مائة عام وال جور الرعية بعضهم على بعض سنة واحدة وإذا جارت

_ كما جاء في الحكاية. الرعية سلط _ قاهرا _ وملكا _ جائرا الله عليها سلطانا

حكاية

vعطي الحجاج بن يوسف الثقفي في بعض األيام قصة مكتوب فيا اتق الله أ_ فقال وال تجر على عباد الله كل هذا الجور فرقى الحجاج المنبر وكان فصيحا

الناس إن الله سلطني عليكم بأعمالكم فإن أنا مت فال تخلصون من أيها_ وإذا لم أكن الجور مع هذه األعمال السيئة فإن الله تعالى خلق أمثالي كثيرا

أنا كان من هو أكثر من.

قال الشاعر:

� vبلى بأظلم وما م�ن يد{ إال يدv الله� فوقmها ** وال ظالمv إال سي

حكمة

سئل بزرجمهر أي الملوك أطهر فقال من أمنه الطاهرون وخاف منه الخطاؤؤن.

بل وأما السلطان الذي ال سياسة له فليس له في أعين الناس خطر وال محل يكون الخلق عليه ساخطين ثم يذكرونه كل وقت بالقبيح أال ترى أن اإلنسان

من عوام الوالية وتولى عليها وأراد أن يطلب الحساب من الرعية إذا كان ويظهر جاهه بالسياسة لعلمه أن الرعية إنما ينظرونه أول ما يكلمهم بالهيبة

بالعين األولى.

زياد وفي هذا الباب حكاية عجيبة كان ألبي سفيان بن الحارث ولد وكان يدع بن أبيه وكان قد ولد في أيام الجاهلية ونفاه وتبرأ منه وقال ما هو لي بولد فلما وصل األمر إلى معاوية قربه وأدناه وواله والية العراق فلما وصل إلى

_ عابثين يفسدون ويسرقون فقصد زيارة العراق وجد أهل العراق قوما خطبة ثم قال بعد خطبته والله لئن المسجد الجامع ورقى المنبر وخطب

فليعلم الشاهد الغائب. خرج أحد بعد العشاء اآلخرة آلخذن رأسه عن جسده

_ بذلك ثالثة أيام فلما كان في الليلة الرابعة خرج زياد وقد مضى ثم أمر مناديا_ ومعه غنم له من الليل ثلثه فركب وجعل يطوف محال البلد فرأى إعرابيا

44

Page 45: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ أستقر وهو قائم فسأله زياد ما تصنع هاهنا فقال أتيت مساء ولم أجد موضعا مكاني إلى أن أصبح وأبيع غنمي فقال له زياد أنا أعلم إنك صادق فيه فنزلت

_ يقول ما ال يفعل فتفسد وأن أطلقتك خفت أن يذيع الخبر عني أن زيادا مما هنا ثم ضرب عنقه وجعل يسير سياستي وتنكسر هيبتي والجنة خير لك

قد أخذ رؤوس فكل من رآه ضرب عنقه وحز رأسه فلما أصبح من الغد كان ألف وخمسمائة رجل ثم جعلها على باب داره مثل البيدر فتهوله الناس

وحزعوا لما رأوا من فعله كان الليل خرج وطاف فلقي ثالثمائة رجل فأخذ يقدر أحد بعد ذلك أن يخرج من منزله بعد العشاء اآلخرة. رؤوسهم فلم

دكانه فلما كان يوم الجمعة رقى المنبر وقال أيها الناس ال يغلق أحد منكم بالليل ومهما سرق منكم كان غرامته على فلم يجسر أحد منهم أن يغلق

الليلة فلما كان من الغد أتاه رجل صيرفي وقال قد سرق مني دكانه تلك فقال له زياد تقدر أن تحلف على صحة قولك فقال البارحة أربعمائة دينار

_ نعم فحلفه وغرم له أربعمائة دينار وقال له اكتم هذا األمر وال تشعر به أحدا لصالة الجمعة وصعد زياد المنبر فلما كان في الجمعة الثانية اجتمع الناس

_ وأنتم كلكم وقال اعلموا أنه قد سرق من دكان الصيرفي أربعمائة دينارا فقد حاضرون فإن رددتم ذلك فقد عاد إلى الرجل ماله وإن لم تردوا ذلك

أمرت أن ال يمكن أحد منكم أن يخرج من الجامع وأمرت بقتلكم في هذه الحال لوموا من كان يتهمونه بالسرقه وقدموه بين يديه فرد الساعة ففي

بصلبه في الحال. الذهب الذي كان سرقه فأمر

ثم أنه سأل بعد ذلك أي محلة في البصرة ليس فيها أمن فقيل محلة بني_ بحيث ال يراه أحد فبقي األزد فأمر أن يترك فيها ثوب ديباح له قيمة ثقيلة ليال

_ ملقى بحاله ولم يكن ألحد جسارة أن يقربه وال يرفعه من مكانه فقال أياما_ له أقاربه بعد ذلك أن السياسة خير األشياء إال أنك لم ترحم المسلمين أوال

_ _ كثيرا فقال قد أخذت عليهم الحجة قبل ذلك بثالثة أيام ومن أهلكت خلقا أصابهم كان من شؤم أعمالهم. شؤم مخالفتهم لم ينتهوا والذي

_ بلعب الشطرنج والنرد وشرب فصل وال ينبغي للسلطان أن يشتغل دائما الخمر وضرب الكرة والصولجان والصيد ألن ذلك يمنعه ويشغله عن أمور

_ فإن الملوك الرعية فإن لكل _ فإذا فات الوقت عاد الربح خسرانا عمل وقتا أقسام. القدماء قسموا النهار أربعة

قسم منها لطاعة الله وعبادته وقسم للنظر في الرعية وإنصاف المظلومين والجلوس بين العلماء والعقالء ولتدبير األمور وسياسة الجمهور وتنفيذ

واألوامر وكتابة الكتب وإرسال الرسل وقسم لألكل والشرب المراسم الحظوظ من الفرح والسرور وقسم للصيد ولعب والتزود من الدنيا وأخذ

كور قسم نهاره قسمين وجعله الشطرنج والكرة وما حكمة: يقال أن بهرام شطرين.

ففي النصف األول كان يقضي حوائج الناس وفي النصف الثاني كان يطلب_ بعمل واحد. _ تاما الراحة ويقال أنه في جميع عمره ما أشتغل يوما

45

Page 46: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

في وكان أنو شروان العادل يامر أصحابه الثقات أن يصعدوا إلى أعلى مكان البلد فينظروا إلى بيوت الناس فكل بيت ال يخرج منه دخان نزلوا وسألوا عن

أولئك القوم وما خطبهم فإن كانوا في غم أعملوا الملك فكان يحمل حال ويزيل هموهم.

_ من الرعية بغير ويجب على السلطان أن ال يرضى لغلمانه أن يتناولوا شيئا حق كما جاء في الحكاية.

حكاية

_ فأنفذ العامل إليه زيادة في الخراج يقال أنه كان قد ولى أنو شروان عامال ثالثة آالف درهم فأمر شروان بإعادة الزيادة إلى أصحابها وأمر بصلب

العامل.

_ بالجور والغصب وخزنه في خزائنه كان وكل سلطان أخذ من الرعية شيئا مثله رجل عمل أساس حائط ولم يصبر حتى يجف ثم وضع البنيان عليه فلم

الحائط. يبق األساس وال

ألن ينبغي للسلطان أن يأخذ ما يأخذه من الرعية وأن يهب ما يهبه بقدره_ كما جاء في الحكاية. _ محدودا لكل واحد من هذين حدا

حكاية 

_ أربعة نفر واليات فأعطى لواحد منهم منشور يقال أن المأمون ولى يوما خراسان خلع عليه ثالثة آالف دينار وولى اآلخر والية مصر وخلع عليه خلعة

اآلخر والية ارمينية وأعطاه خلعة مثلها ثم إستدعى يومئذ موبذان مثلها وولى كان لملوك العجم مثل هذه الخلع فإنه بلغني أن خلعهم وقال يا دهقان هل

آالف درهم فقال الموبذان أطال الله بقاء أمير ما كانت تبلغ أكثر من أربعة لكم )أحدها( أنهم كانوا يأخذون ما المؤمنين كان لملوك العجم ثالثة ليست )والثاني( أنهم كانوا يأخذون من يأخذونه من الرعية بقدر ويعطونه بقدر

)والثالث( أنهم ما كان موضع يجوز األخذ منه ويعطون لمن ينبغي أن يعطى_. يخافهم إال أهل الريب فقال المأمون صدقت ولم يعد عليه جوابا

وألجل هذا لما كشف المأمون تربة كسرى أنو شروان وفتح تابوته وفتشه وجد صورته وهي بمائها ما بليت والثياب بجدتها ما تغيرت وال خلقت والخاتم

_ مثله وكان على في يده ياقوت أحمر كثير الثمن ما رأى المأمون قبله فصا مه به. فصه مكتوب به مه نه

ومعنى ذلك األجود أكبر وليس األجود أكبر فأمر أن يغطى بثوب نسج من الذهب وكان مع المأمون خادم فأخذ الخاتم من أصبع كسرى ولم يشعر

المأمون خادم فأخذ الخاتم من أصبع كسرى ولم يشعر المأمون وكان مع بإهالك الخادم وقال كاد يفضحني بحيث المأمون فلما علم به أعاده وأمر

_ وأنه فتح تربة كسرى وأخذ يقال عني إلى يوم القيامة إن المأمون كان نباشا خاتمه من أصبعه.

46

Page 47: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

حكاية

_ من حكمائه وكان قد عزم على سفر فقال _ حليما سأل االسكندرية يوما_ أحكم فيه أشغالى وأتقن فيه أعمالي. أوضحوا لي من الحكمة سبيال

القلب فقال كبير الحكماء أيها الملك ال تدخل قلبك حب شيء وال بغضه ألن_ واجعل _ لتقبله وأعمل الفكر وإتخذه وزيرا خاصته كإسمه وإنما سvميm قلبا

_ وال تشرع في عمل أمر بغير العقل _ واجهد أن تكون متيقظا _ ومشيرا صاحبا والمحابة في وقت العدل واإلنصاف فإذا فعلت ذلك مشورة وتجنب الميل

بإختيارك وينبغي أن يكون الملك جرت األشياء على آثارك وتصرفت فيها._ _ عجوال _ وإن ال يكون طائشا _ حليما وقورا

الملوك قالت الحكماء ثالثة أشياء قبيحة وهي في ثالثة أقبح: الحدة في والحرص في العلماء والبخل في األغنياء.

حكاية

ينبغي يا كتب الوزير يونان إلى الملك العادل أن شروان وصايا ومواعظ فقال ملك العالم أن يكون معك أربعة أشياء دائمة: العقل والعدل والصبر والحياء

وينبغي يا ملك الزمان أن تنفي عنك الحسد والكبر وضيق الصدر ويريد به واعلم يا ملك الزمان أن الذين كانوا قبلك من الملوك مضوا البخل والعداوة

يصلوا فاحتهد أن يكون جميع ملوك الزمان محييك والذين يأتون من بعدك لم ومشتاقيك.

حكاية

_ من أيام الربيع على سبيل الرجة فجعل يسير يقال أن أنو شروان ركب يوما في الرياض المخضرة ويشاهد األشجار المثمرة وينظر إلى الكروم العامرة

_ فنزل عن _ ووضع خده على التراب زمانا _ لربه وخر ساجدا فرسه وسجد شكرا_ فلما رفع رأسه قال ألصحابه إن خصب السنين من عدل السالطين طويال

وحسن نيتهم إلى رعيتهم.

ذلك ألنه فالمنة لله تعالى الذي أظهر حسن نيتنا في سائر األشياء وإنما قال جربه في األوقات.

حكاية

_ إلى الصيد فإنفرد من عسكره يقال أن أنو شروان الملك العادل خرج يوما خلف الصيد فرأى ضيعة بالقرب منه وكان قد عطش فقصد الضيعة وأتى

وطلب ماء ليشرب فخرجت صبية فأبصرته ثم عادت إلى البيت باب دار قوم ومزجت ما عصرته منها بالماء ووضعته فدقت قصبة واحدة من قصب السكر

_ _ وقذى فشرب منه قليال _ حتى انتهى آلخره في القدح فرأى فيه ترابا قليال )يا شرهيك( أنا وقال للصبية )سادناس( أي نعم الماء لوال قذى كدره فقالت

_ ألقيت فيه القذى فقال ولم فعلت ذاك فقالت رأيتك شديد العطش ولو عمدا

47

Page 48: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

لم يكن فيه القذى لشربته نوبة واحدة وقد يضرك شربه فتعجب أنو شروان كالمها وعلم أنها قالته عن ذكاء وفطنة. من

ثم قال لها من كم عصرت ذلك الماء فقالت من قصبة واحدة فتعجب أنو شروان وأضمر في نفسه أنع إذا عاد يأمر بزيادة الخراج على تلك الناحية.

_ وطلب ثم عاد إلى تلك الناحية بعد وقت آخر واجتاز على ذلك الباب منفردا ماء فخرجت إليه تلك الصبية بعينها فعرفته ثم عادت لتخرج الماء فأبطأت

فأستعجلها أنو شروان وقال ألي شيء أبطأت قالت ألنه لم يخرج من عليه وقد دققت ثالث قصبات ولم يخرج منها قدر ما كان قصبة واحدة قدر حاجتك

وما سبب ذلك العجز فقالت سببه يخرج من قصبة واحدة فقال أنو شروان على قوم طارت تغير نية السلطان فقد قيل أنه إذا تغيرت نية السلطان

بركتهم وقلت خيراتهم فضحك أنو شروان وعجب من قول الصبية وأزال من ما كان أضمره لهم وتزوج الصبية لحسن ذكائها وفصاحة كالمها. نفسه

حكمة

السكر يقال أن الصادقين من الناس ثالثة األنبياء والملوك والمجانين وقيل جنون وإن المجنون يخاف من السكران ألن المجنون سكره باطن والسكران

_ كما قال الشاعر: من جنونه ظاهر والويل لمن يبقى في سكر الغفلة دائماvه الخمرv في ت mلك� ذا أسكرvن بالمv m من خجل� ومن يك عقل�ه ليس عليه� إن صحا

_ من كان من سكر سلطنته سكرة يصح إذا ما الملكv عنه انتقلm والقليل جدا_ وكان المقدم على أعماله ثقة _. صاحيا _ معينا نصوحا

وعالمة سكر السلطان أن يسلم وزارته إلى محتاج ومعوز ثم يستديمه ويتمسك به إلى أن تزول حاجته وتنقضي فاقته ثم يعزله وينصب غيره فيكون

_ إلى أن قيل أربعة أشياء على الملوك من مثله مثل من _ صغيرا يربي طفال األدنياء عن مملكتهم وعمارة المملكة بتقريب جملة الفرائض وهي إبعاد

vولى الحكمة والتجربة والزيادة في أمر الملك العقالء وحفظ المشايخ وأ باإلقالل من األعمال المذمومة.

إشارة لطيفة

لما تولى األمر عمر بن عبد العزيز كتب إلى الحسن البصري أن أعني بأصحابك فكتب إليه الحسن البصري أما طالب الدنيا فال ينصح لك وأما

_ من طالب اآلخرة فال يرغب فيك وال يجوز للسلطان أن يسلم وزارته وال عمال سلم األعمال إلى ذلك الرجل فقد أفسد ملكه أعماله إلى من ليس بأهل فإن

جانب كما قال الشاعر: البيتv وظهر له الخلل الوافر من كل وجه ومن كل

ابه ظهmر التخلخvلv م�ن أساس� mرmخ mغير إذا ما حان vلكvالم mالحائط� وإذا تولى vل� فدم ساقط� وينبغي لمن vوا األمورm لك خدم الملوك أن يكون كما ر�جالهv ول

mفالبس م�ن التوق�ي اعز mت الملوكmل إذا ما قال الشاعر: إذا خدمvملبس وأدخ ج إذا ما خرجmت أخرسm وأما من تبسط مع السلطان vت أعمى واخرmفقد دخل

ظلم نفسه ولو كان ولد السلطان فليس لالنبساط معهم في خدمتهم وجه

48

Page 49: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

ومثل من تبسط مع السلطان كمثل الحواء الذي يكون دهره كقول الشاعر: معها أو كرجل في البحر بين التماسيح التي تبلع مع الحيات يأكل معها وينام

._ الناس فال يزال مخاطرا

حكمة

قيل ويل لن ابتلى بصحبة السالطين فإنهم ليس لهم صديق وال قرابة وال خادم وال ولد وال احترام إال من كانوا محتاجين إليه لعلمه أو لشجاعته فإذا

حاجتهم منه لم يبق لهم عنده مودة ولم يبق له عندهم وفاء وال حياء أخذوا رياء يستصغرون كبار ذنوبهم وسيتعظمون صغار ذنوب وأكثر أشغالهم

غيرهم.

_ أتعبك قال سفيان ال تصحب السلطان وإياك وخدمته ألنك إن كنت له مطيعا وإن خالفته قتلك وأعطيك.

حكاية

يقال أن يزدجر بن شهريار دخل على والده في وقت لم يكن ألحد إذن في الدخول فقال شهريار لبهرام أمض وأضرب الحاجب الفالني ثالثنين خشبة

الدركاه وأقم عوضه فالنا الحر. واطرده عن

وكان عمر يزدجرد يومئذ ثالث عشرة سنة فعزل ذلك الحاجب األول عن الباب فعاد يزدجرد في بعض األيام وأراد أن يدخل على والده شهريار فجعل

في صدره ورده على عقبه وقال إن عدت ورأيتك ههنا ضربتك الحاجب يده المعزول وثالثين لئال تعود تدخل على الملك ستين خشبة ثالثين ألجل الحاجب

إلى الضرب والهوان والطرد. في غير وقت اآلذن وإن كنت ولده لئال تجلب

_ وأصلح األشياء للملك أن ال يباشر األسباب بنفسه ويحفظ ناموسه ألن كثيرا من األرواح يتعلق بروحه وصالح الرعية في حياته.

وكذا ينبغي أن ال يجور على نفسه وال يجور على الناس.

وال ينبغي للملك أن يجازف في األشغال وال يتساهل فيها.

ويجب عليه أن ينيم على فراشه كل ليلة غيره ويتحول بنفسه عن ذلك الموضع حتى إذا قصده عدو التالف نفسه وجد في مكانه غيره فال تصل يد

جاء في الحكاية. عدوه إليه كما

حكاية

يقال أنه انهزم خسروبن ابرويز من بهرام جور وقال خربت وإن كان هربي_ الخلص بهربي أرواح جماعة من أصحابي ألني إن هلكت بسببي ألوف عيبا

من الخالئق.

49

Page 50: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الفعل والمقصود من المقال أن زماننا هذا غير موافق والناس فيه بين قبيح وعاقل الملوك مشغولون بالدنيا وحب المال وال يجوز اإلهمال والتغافل بين

السوء. أناس

المثل في أمثال العرب )العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه اإلشارة( وهذا يضرب في من له أصل ومن ال أصل له وقد كان للناس وقت وزمان يؤمن

جميع أهل الدنيا ويسخرهم بدرة كان يحملها على عاتقه وهو فيه رجل واحد والفضل في ذلك الزمان للوقت والرعية عمر بن الخطاب رضي الله عنه

ولبدا فيها الفساد. مشغولون ولو عوملوا بتلك المعاملة لم يحتملوا

لكن ينبغي للسلطان في هذا الوقت أن يكون له أتم سياسة وهيبة ليشتغل كل إنسان بشغله ويأمن الناس بعضهم من بعض.

_ يستفيد به القارىء والسامع: سئل أمير المؤمنين على ونحن اآلن نورد خبرا بن أبى طالب كرم الله وجهه ألي شيء ال تنفع الموعظة هؤالء الخلق فقال الخبر المعروف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أوصى عند وفاته

الثالث وقال ال تسألوني عن حال أولئك فقال قوم من الصحابة أشار بأصابعه قوم إلى ثالث سنين وقال قوم إلى ثالثين سنة أشار إلى ثالثة أشهر وقال

ثالثمائة سنة فال تسألوني عن حال وقال قوم ثالثمائة سنة يعني إذا مضت ال تسألوني عن حال أولئك الرجال فإذا قال النبي صلى الله عليه وسلم

أولئك فكيف ينفع الوعظ فيهم.

_ وكان العلماء وسئل عن هذا السؤال فقال كان الناس في ذلك الوقت نياما_ واليوم العلماء نيام والخلق موتى فأي نفع لكالم النائم مع الميت. أيقاظا

أعمال أما زماننا هذا فهو الزمان الذي هلك فيه الخالئق جميعهم وقد خبثت الناس ونياتهم وإذا لم يكن فيه للسلطان سياسة على الخالئق ال هيبة لم

على الطاعة والصالح. يثبتوا

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم العدل من الدين وفيه صالح السلطان وقوة الخاص والعام وفيه يكون خير الرعية وأمنهم وعافيتهم وكل األعمال

العدل. توزن بميزان

mابm }وقال عز وجل في موضع آخر: �ت �الحق�� والم�يزان� الذي أنزلm الك وأحق { ب للعدل وبيته مقر ذوي الدين الناس بالجاه والمملكة من كان في قلبه مكان

ومشورته يدvه والفضل ورأيه من أرباب الدين والعقل وصحبته مع العقالء_ لطلب� _ت أبوابهm أبدا انة جvود�ه والقلبv خازنv قصده� قد رتب mعدله� قال خ�ز

_ عظيم القدر الحسن البصرى كل ملك عظم أمر الدين كان عند رعيته مهيبا واألمر ومن عرف الله تعالى تعرف الخلق به واختاروا أن يكونوا معارفه كما

الشاعر: قال

mه vلv الخلق عرفات مmه� ** آثرm ك vاس mتعالى vهm من عرفm الل

بحانه vمعرفة الخالق س ** vوبي لمن أول ما حازهvط

50

Page 51: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

قال بزر جمهر ينبغي للملك أن ال يكون في مملكته أقل من البستاني ف حفظ بستانه إذا زرع الريحان ونبت بينه الحشيش إستعجل في قلع الحشيش

_ يضبط أماكن الريحان. كيال

_ في نفسه قال أفالطون عالمة السلطان المظفر على العدو أن يكون قويا_ _ في ملكه شريفا _ في رأيه وتدبيره بقلبه وان يكون عاقال _ لصمته مفكرا الزما

_ لعهد من في نفسه _ في سائر أعماله مجربا _ في قلوب الرعية رفيقا حلوا_ بأعمال من _ في دينه وعزمه. تقدمه خبيرا هو أقدم منه صلبا

وكل ملك تجمعت فيه هذه الخالل وحصلت له هذه الخصال كان في عين_ إذا كان الملك يرى أن حوله وقوته بالله عدوه _ وال يجد العائب له معيبا مهيبا

_ فإنه يظفر به وينتصر عليه مثاله قول الله جلت قدرته وإن كان عدوه قويا_ت عز وجل vله مع نكتة: قال { فئة_ كثيرة بإذن� الله� }كم م�ن فئة{ قليلة� غلب وال

السلطان الذي يدوم ملكه أن يكون الدين والعقل منه سقراط الحكيم عالمة_ وأن حيين في قلبه ليكون في قلوب _ وأن يكون العقل قريبا الرعية محبوبا

_ للعلم ليعلم من العلماء وأن _ ليعظم يكون طالبا _ وبيته كبيرا يكون فضله غزيرا وأن يبعد عن مملكته متطلبي عند الفضالء ويربي األدباء ليتفرع عنه األدباء

العيوب لتبعد عنه العيوب.

وكل ملك لم يكن له مثل هذه الخصال ال يفرح بمملكته وتسرع إليه دواعي هلكته ويتلف أقرباؤه على يده وجلساؤه ألن القيل يظهر من عدم العقل كما

فيه� أسد� تحفظv الشاعر: يقولv الحكيمv المقالm األسدm دع المvزح إذ لستv قال�ي ك فعينك للملك� تجني الحرد� وخف أن تنازعmه مvلكهv وفي بنفس�ك مع مvفلت

ابتعد� سم�ع_تv عن الخمر� أن المليكm يسكرv م�نها قvبيل األمد� حالة� السخط� عنه إشارة وحكمة

أنتا سأل معاوية األحنف بن قيس فقال يا أبا يحيى كيف الزمان فقال الزمان إن صلحت صلح الزمان وإن فسدت فسد الزمان.

وقال األحنف بن قيس أن الدنيا عمرت بالعدل فكذلك تخرب بالجور ألن العدل يصفو نوره وتلوح تباشيره من مسيرة ألف فرسخ والجور يتراكم

من مسيرة ألف فرسخ. ظالمه ويسود قتامه

_ لم أدع به لغير السلطان وقال الفضيل بن عياض لو كان دعائي مستجابا العادل ألن السلطان العادل صالح العباد وزينة البالد وقد جاء في الخبر عن

صلوات الله وسالمه )عليه المقسطون على منابر اللؤلؤ يوم سيد البشر القيامة(.

حكاية

_ على تخت مملكته وقد وقع الحجاب فقدم بين يديه لص كان االسكندر يوما فأمر فقال أيها الملك سرقت ولم يكن لي شهوة السرقة ولم يطلبها قلبي

االسكندر ال جرم تصلب وال يطلب قلبك الصلب وال يريده فواجب فقال له وينظر غاية النظر فيما يأمر به من السياسة لينفذ على السلطان أن يعدل

51

Page 52: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ من سياسة ذلك في أصحابه مثل وزيره وحاجبه ونائبه وعامله ألن كثيرا بالبراطيل ويغرب وقته السلطان وعدله ونظره وحسن تأمله يغطي عليه

في تدارك ذلك وذلك من تغافل الملك وتهاونه فينبغي أن يجتهد غاية االجتهاد كما جاء في الحاية.

حكاية

كان للملك كستاشب وزير اسمه راشت روش وبهذا االسم كان يظن أنه تقي صالح وما كان يسمع فيه كالم أحد يقدح فيه ولم يكن يخبر كستاشب

لخليفة الملك أن الرعية قد بطرت اآلن من كثرة حاله فقال راشت روش إذا عدل السلطان جارت الرعية واآلن عدلنا فيهم وقلة تأديبنا لهم وقد قيل

ونزجرهم ونبعد قد قامت منهم رائحة الفساد ويجب علينا أن نؤدبهم المعتدين ونقرب الصالحين ثم إنه كان كل من ألزمه الخليفة أن يؤدبه

ارتشى منه راشت روش وأطلقه إلى أن ضعفت الرعية وضاقت بها األحوال األموال فظهر لكستاشب عدو فاعتبر خزائنه فلم يجد وخلت الخزائن من

_ يصلح به أمور عسكره _ في شغل عليه وسار في البرية فيها شيئا فركب يوما_ فرأى من بعد قطيع غنم فقصده فرأى خيمة مضروبة واألغنام نيام ورأى كلبا

_ فلما قرب من الخيمة خرج إليه شاب فسلم عليه وسأله النزول مصلوبا فأكرمه وقدم بين يديه ما حضر كما وجب فقال كستاشب اخبرنا عن حال

_ لي على أعنامي فصادف هذا الكلب وصلبه قال يا موالنا كان هذا الكلب أمينا_ بعد ذئبة فكان ينام معها ويقوم معها والذئبة كل يوم تأتي من الغنم رأسا

األيام صاحب الموضع وطلب مني حق المرعى فقعدت رأس فجاء في بعض_ أخذ شاة اتفكر واحسب حساب الغنم وهي تنقص في الحساب ورأيت ذئبا

كان يخون أمانته والكلب ساكت مكانه فعلمت أنه كان سبب تلف الغنم وانه أغنامنا فلزمته وصلبته فاعتبر كستاشب جعل يتفكر في نفسه وقال رعيتنا

_ عنها لنصل إلى حقيقة أمرها فرجع إلى دراه فيجب أن نسأل نحن أيضا_ فجعل ينظر في الوزمجات فإذا جميعها شفاعات راشت روش فضرب مثال

الفساد بقي بغير زاد ومن خان في الزاد بقي وقال من اغتر باالسم من ذوي مكتوبة في كتاب بادركارنامه بال روح ثم أمر بصلب الوزير وهذه الحكاية

تسميتv كي تحmتال في طلب� وفيها يقول الشاعر: وما أنا بالمvغتر� باسمك� إنما بأبي جعفر بن الرزق� حكاية: يقال أنه كان لعمرو بن ليث نسيب يعرف

_ ومن جملة محبته له أنه كان يصله من هراة في زيدويه وكان عمرو به حفيا كل سنة مائة جمل حمر الوبر على كل جمل حمل من الحوائج فانفذ عمرو

_ إلى دار أبي جعفر بن زيدويه وقال ليوسع عليه في من كل حاجة حمال_ له وقد ضربه مطبخه فقيل لعمرو بن ليث أن أبا جعفر قد بطح عالما

فقال يا أبا جعفر عشرين خشبة فأمر أن يحضر ثم أمر بكل سيف في خزائنه وينتقي اختر من هذه السيوف أجودها واعزله ناحية فجعل أبو جعفر يتخير

إلى أن أفرد منها مائة سيف فقال اختر اآلن منها سيفين فاختار أبوجعفر منها سيفين أجودها فقال عمرو ارسم اآلن أن يجعال في قراب واحد فقال أبو

كيف يمكن أن يكون سيفان في قراب واحد فقال عمرو بن جعفر أيها األمير بلد واحد فعلم أبو جعفر أنه أخطأ ليث فكيف يمكن أن يكون أميران في

ليث لوال حق القرابة ما فقبل األرض والتمس العفو واإلقالة فقال عمرو بن جئت بيتك فخل عن هذا األمر لنا فقد عفونا هذه النوبة عنك.

52

Page 53: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

حكمة

_ عن اصالح خواصه ومنعهم عن الظلم قال ازدشير إذا كان الملك عاجزا وأنذر عشيرتك }فكيف يقدر على رد العوام الى الصالح قال الله تعالى:

فالعرب تقول أنه ليس شيء أضيع للملك وأفسد للرعية من تعذر { األقربين اإلذن في الدخول وتكاثر الحجاب وصعوبة الحجاب.

وخافت وإذا كان الملك سهل الحجاب لم يكن للعمال أن يجوروا على الرعايا الرعية من جور بعضهم على بعض ومن سهولة الحجاب يكون للملك على

بعضهم على بعض ومن سهولة الحجاب يكون للملك على الرعية من جور سائر العمال اطالع.

_ لتكون الهيبة من ناموس المملكة باقية ال يجوز للسلطان أن يكون غافال ويستريح من الهموم الحادثة عن الغفلة.

حكاية 

_ ذا فطنة باألمور بحيث إذا جاءه ندماؤه من الغد يقال أن ازدشير كان متيقظا حدث كل واحد منهم بما صنعه وكان يقول ألحدهم انك البارحة فعلت الشيء

_ من السماء الفالني ونمت مع زوجتك ومع جاريتك الفالنية ويظنون أن ملكا بأفعالهم وكذلك كان السلطان محمود بن سبكتكين رحمه الله. يأتي ويعرفه

حكمة

قال أرسطاطاليس خير الملوك من كان في حدة نظره على مثال العقاب الذين حوله كعقبان ال كالجيف يعني إذا كان السلطان جيد النظر ذا وكان

فكرة في العاقبة وكان المقربون منه وخواص دولته بهذه يقظة باألمور ذا واستقامت أمور أهل واليته. الصفة انتظمت أحوال مملكته

حكمة

قال االسكندر خير الملوك من بدل السنة السيئة بالسنة الحسنة وشر الملوك من بدل السنة الحسنة بالسنة السيئة.

حكمة

من قدح قال أبرويز ثالثة ال يجوز للملك التجاوز عنهم وال يصفح عن ذنوبهم: في ملكه أو أفسد حرمه أو أفشى سره.

األشياء قال سفيان الثوري خير الملوك من جالس أهل العلم ويقال أن جميع_ من تتجمل بالناس يتجملون بالعلم وتعلو أقدراهم بالعقل وليس شيء خيرا

والعلم فإن العلم بقاء العز ودوامه والعقل بقاء السرور ونظامه. العقل

53

Page 54: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

العفة ومن اجتمع العلم والعقل فيه فقد اجتمعت فيه اثنتا عشرة خصلة: واألدب والتقى واألمانة والصحة والحياء والرحمة وحسن الخلق والوفاء

والحلم والمدارة في مكانها وهذه من خواص آداب الملك. والصبر

وينبغي أن يكون مع العقل العلم كما أن مع النعمة الشكر ومع الصباحة الحالوة ومع االجتهاد الدولة فإذا جاءت الدولة حصل المراد جميعه.

حكاية

اسمه قال عبد الله بن ظاهر أن يعقوب بن ليث عال أمره وارتفع قدره وظهر وذكره وملك كرمان وفارس وخورستان وقصر الواق وكان الخليفة في ذلك

_ فمن أين تعملت الزمان _ صفارا المعتمد فكتب إليه المعتمد انك كنت رجال_ وقال إن المولى الذي آتاني الدولة آتاني تدبير الملك فكتب إليه يعقوب جوابا

التدبير.

وفي عهد ازدشير كتوب كل عزيز ال يضع قدمه على بساط العلم كانت_ فإن مصيره _ وكل عبد ليس معه خوف من الله تعالى وإن كان تاما عاقبته ذال

_ ألبيه كم تبقى هذه الدولة فينا وتبقى في حكمة: قال عبد الله بن طاهر يوما_ في هذه اإليوان. بيتنا قال مادام بساط العدل واإلنصاف مبسوطا

حكمة

كان المأمون قد جلس في بعض األيام لفصل الدعاوى واألحكام فرفعت إليه فسلم القصة إلى وزيره الفضل بن سهل وقال اقض قصته ارفع هذه القصة

الفلك في سرعة دروانه قل أن يثبت على حاله. في هذه الساعة فإن

في قال مؤلف الكتاب يجب على الملوك العقالء واالفاضل األلباء أن ينظروا_ من أيام دولتهم وينصفوا المظلومين ويقضوا حوائج هذه األخبار ليأخذوا نصيبا

السائلين ويتيقنوا أن هذا الفلك ال يثبت على دور واحد ألنه ال اعتماد على وإن القضاء سماوي ال يرد بالعساكر وكثرة األموال والذخائر وإذا الدولة

األموال وتفانت الرجال فال ينفع الندم إذا زلت القدم انحلت الدولة وتالشت كما جاء في الحكاية.

حكاية

بالعدد أن مروان آخر خلفاء بني أمية عرض العسكر فكان ثالثمائة ألف رجل الكاملة فقال وزيره إن هذا لمن أعظم الجيوش فقال له مروان اسكت فإنه

انقضت المدة لم تنفع العدة وإذا نزل القضاء السماوي وإن كان العسكر إذا_ _ كثيرا _ ولو ملكنا الدنيا بأسرها فال بد أن تنزع منا ولمن عظيما _ حقيرا بان قليال

تفي لنا. وفت الدنيا حتى

حكمة

54

Page 55: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

لشارب وال قال أبو الحسن االهوازي في كتاب الفرائد والقالئد الدنيا ال تصفو_ من يومك لغدك فال يبقى يوم عليك وال غد. تبقى لصاحب فخذ زادا

_ هذه األبيات عملها قبل موته ويقال أنه كان على قبر يعقوب بن ليث مكتوباvور� الدوار�س vهم وأمر أن تكتب على قبره وهي هذه: سmالمv عmلىm أهل� القvب كأن

vوا م�ن بار�د� الماء� شربة ولم رب mال�س� ولم يشmوا ف�ي المج vوا ما بين لم يجل�سv يأكل�ي ألف mغن عن �سكرة{ فلم ت �ي الموتv المهولv ب �س� فقد جاءن آالف� رطب{ وياب

m زائرv القبر� اتعظ �نا وال تك ف�ي الدvنيا هvد�يتm بآنس� فار�س� فيا اسان واعتبر ب mرvخ

mعلى vالمmلك� الع�راق� بآيس� سvعن م mنتv الدvنيا نحويها وأطرافv فارس� وما ك�جالس� سؤال وجواب: سئل ملك vن يعقvوبv ف�يها ب كان وط�يب� نع�يم{ها كأن لم يك

قد زال عنه الملك فقيل الي سبب انتقلت الدولة عنك وسلمت إلى غيرك فقال الغتراري بالدولة والقوة ورضاي برايي وعلمي وغفلتي وسلبت منك

العمال على اكابر األعمال وتضييعي الحيلة في عن المشورة وتوليتي آلصاغر وقت الحاجة إليها والتباطؤ والوقفة وقتها وقلة تفكري في الحيلة وإعمالها

الحوائج. في مكان العجلة والفرصة واالشتغال عن قضاء

_ فقال الرسل الخونة الذين يخونون في الرسالة وقيل أي االشرار أكثر شرا الجل اطماعهم فكل خراب المملكة منهم كما قال ازدشير ف يحقهم كم

الدماء وكم هزموا من الجيوشن وكم هتكوا من أستار ذوي سفكوا من كذبوها بخيانتهم وكم من عهود نقضوها بقلة الحرمات االحرار وكم من يمين

العجم يتحرزن وما كانوا ينفذون أمانهم وكم اجتاحوا من األموال وكان ملوك_ إال بعد أن يجربوه ويمتحنوه. رسوال

_ إلى الملوك أرسلوا معه حكمة: يقال أن ملوك العجم كانوا إذا أرسلوا رسوال_ ليكتب ما قال وما سمعه فإذا عاد الرسول قابلوا كالمه بالنسخة جاسوسا التي كتبها الجاسوس فإن صح مقاله علموا أنه صادق فكانوا يرسلونه بعد

األعداء. ذلك إلى

حكاية

_ إلى الملك دارا فلما عاد الرسول وأعاد الجواب شك أرسل االسكندر رسوال االسكندر في كلمة من كالمه فلزمها عليه فقال الرسول يا موالي أنا سمعت

الكلمة منه بأذني هاتين فأمر االسكندر أن يكتب ذلك اللفظ بعينه وأنفذه هذه آخر إلى دارا بن دارا فلما وصل وعرض المكتوب عليه قرأه على يد رسول

_ وقطع تلك الكلمة من الكتاب وأعاده إلى االسكندر وكتب إليه وطلب سكينا وأساس صحة السلطان أن إسb الملك على حسن نية الملك وصحة طبعه

ما على صحة لفظ السفراء وصدق مقالة الرسل األمناء ألن الرسول يقول قاله عن لسان الملك ويسمع ما يسمعه من الجواب بسمع املك واآلن فقد

_ إلى قلعت تلك الكلمة من الكتاب آلنها لم تكن من كالمي ولم أجد سبيال عاد الرسول وأعاد الجواب إلى االسكندر استدعى قطع لسان رسولك فلما

وضعك وقال إنه قصر في حقي الرسول وصاح عليه وقال له ويلك من أمورك أو وأسخطني فقال اسكندر سبحان الله ظننت أنا أرسلناك لتصلح تسعى في حقوق الناس إلينا ثم أمر به فسل لسانه من قفاه.

55

Page 56: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فصل

يجب على السلطان أنه متى وقعت رعيته في ضائقة أو حصلوا في شدة أن يعينهم ال سيما في أوقات القحط وغالء األسعار حيث يحجزون عن وفاقه

علىاالكتساب فينبغي حينئذ للسلطان أن يعينهم بالطعام التعيش وال يقدرون_ من حشمه وخدعه وأتباعه أن ويساعدهم من خزائنه بالمال وال يمكن أحدا

غير واليته ويتحولوا إلى يجور على رعيته لئال يضعف الناس وينتقلوا إلى المنفعة سوى مملكته فينكسر إرتفاع السلطان ويقل حاصل اليوان وتعود

على ذوي االحتكار الذين يسرون بغالء األسعار ويقبح ذكر الملك ويدعى عليه والجل هذا كان الملوك المتقدون يحذرون من هذا غاية الحذر ويراعون

خزائنهم ويساعدونهم من ذخائرهم ودفائنهم. الرعايا من

حكاية 

أيام يقال أنه كان رسم ملوك العجم أنياذنوا لرعاياهم في الدخول إليهم في النوروز والمهرجان وكان المنادي ينادي قبل ذلك بثالثة أيام أن استعدوا لليوم

الفالني ليأخذ كل من الناس أهبته ويصلح أمره ويكشف قصته ويتيقن حجته يعلم أنه يتألم منه عند الملك طلب رضاه فإذا كان ذلك ومن كان له خصم

_ من الدخول اليوم وقف المنادي على باب الملك ونادى أن منه إنسان إنسانا_ من دمه ثم كانت تؤخذ القصص من الناس على الملك كان الملك بريئا

االنفراد وموبذان وتوضع بين يدي الملك وكان ينظر في كل واحدة منها على قاعد عن يمينه وموبذان بلسانهم قاضي القضاة وإن كان في القصص قصة

يتألم فيها من الملك قام الملك من مقامه وبرك بين يدي موبذموبذان مقابل_ هذا الرجل مني وال تخلد إلى الميل والمجاباة وال خصمه وقال انصف أوال

الله إذا أهدى الحظوظ إلى عباده اختار لهم وولى تخترني عن نفسك ألن عباده أي قدر لذلك الخليفة عنده اطلق عليهم خير خلقه وإذا أراد أن يرى

الموبذان فإن كان بين على لسانه ما لم يطلق على لسانك ثم كان ينظر بتمامه الملك وخصمه دعوى صحيحة وقامت البينة على الملك أخذ الحق منه

وكماله وإن لم يكن بين الملك وخصمه دعوى صحيحة وكانت دعواه باطلة ال على صحتها حجة أمر بعقوبة ونادى عليه هذا جزاء من يريد عيب الملك يثبت

الملك إذا فرغ من الدعاوي واستوى على سرير ملكه وضع والمملكة وكان جماعته وخاصته وقال إنما انصفت من نفسي التاج على مفرقه وأقبل على

فلك من كان له منكم خصم لئال يطمع أحد منكم في الظلم والجور على أحد_ منه ومن _ ضعف فليرضه وكان يبعد في ذلك اليوم كل من كان قريبا كان قويا

عنده وكانت الملوك على هذا السبيل وعلى هذا المذهب إلى أيام يزدجرد االثيم فانه عبر قواعد بني ساسان وظلم الخلق وافسد حتى جاء في بعض

غاية الجودة والكمال بحيث أنه لم ير أحد في ذلك الزمان األيام فرسه في هيئته فدخل من باب الدار واجتهد جميع من مثله في حسن خلقته وجمال

على إمساكه حتى وصل في عسكره أن يلزموه فامتنع منهم ولم يقدروا_ فقال يزدجرد _ من يزدجرد فوقف إلى جانب االيوان ساكنا تنحوا عن هذا قريبا

الفرس فال يقربه أحد منكم فإنه هدية من الله تعالى خاصة لي فنهض من_ ثم أمر يده على ظهر الفرس والفرس ساكن مكانه وجعل يمسح وجهه قليال

فاستدعى يزدجرد السرج فأسرجه بيده وجذب حزامه وأوثقه ال يتحرك

56

Page 57: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فيه فرفسه الفرس على فؤاده رفسة محكمة وانحرف نحو كفله ليضع التفر_ في الحال وخرج الفرس ولم يعلم أحد من أين جاء وال إلى أين فخر ميتا

_ أرسله الله تعالى ليهلكه ويخلصنا من ذهب فقال الناس كان هذا الفرس ملكا جوره وظلمه.

حكاية

قال القاضي أبو يوسف حضر عندي ف مجلس حكمي يحي ابن خالد خصم له مجوسي فادعي المجوسي عليه فطلب منه الشاهد البرمكي مع

بن خالد وأرضيت خصمه بأحالفه فقال مالي شاهد فحلفه فحلفت يحي وما ملت قط مع وساويت في الحكم بين يحيى وبين الجوسي لعزة اإلسالم

_ أن يسألني الله تعالى عن ذلك بل يجب أن _ خوفا يعرفوا أحد وال حابيت أحدا قدر الزعماء واألكابر وينبغي أن ال يظلموا أصاغرهم وإن يعظموا أمر الحق

ويطيعوا أمر السلطان وال يعصوه في حال ليكونوا قد عملوا بقول الله تعالى:{ mلهm �عvوvا ال vم أطي ومن يجعل الله له هذه { وأطيعvوvا الرmسولm وأول�ي األمر� م�نك

المرتبة الشريفة والدرجة المنيفة ويقرن طاعته بطاعته جل اسمه وطاعة عليه وسلم فالواجب على الخلق أن يطيعوه ويخافوه رسوله صلى الله

والطاعة لربه تعالى وامتثال ما أمره ويجب على السلطان شكر هذه النعمة به من العدل واإلحسان والرأفة بالمظلومين.

فقد قيل احذروا من دعاء المظلومين وخافوا من ظلم من ال ينتصر من ظلمه إال بدمع عينيه فما دون دعاء المظلوم حجاب ودعاؤه مستجاب ال سيما

األسحار والتضرع في هدوء الليالي إلى الجبار كما قال الشاعر: الدعاء في_ فآخره إثمv وخوفv عذاب� تنامv وما المظلومv فال تعجلن بالجvور� ما دvمتm قادرا

� ودعوته ال تنثني بحجاب� وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك بنائم على أنوشروان لعدله وحاتم الطائي )تأسفت على موت أربعة من الكفار

لسخائه وأمرىء القيس لشعره وأبي طالب لبره(.

الباب الثاني في سياسة الوزارة وسيرة الوزراء 

_ _ اعلم أن السلطان يرتفع ذكره ويعلو قدره بالوزير إذا كان صالحا _ عادال كافيا ومن ألنه ال يمكن ألحد من الملوك أن يصرف زمانه ويدير سلطانه بغير وزير

انفرد برأيه زل من غير شك.

أال ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم مع جاللة قدره وعظم درجته وفصاحته أمره الله تعالى بالمشاورة ألصحابه العقالء العلماء فقال عز من

او�ر�هvم في� }قائل: mاألمر� وش } .

_ من أهلي }وأخبر في موضع آخر عن موسى عليه السالم: واجعل لي وزيرا وإذا لم يستغن األنبياء عليهم { هارون أخي اشدد به أزري واشركه في أمري

السالم عن الوزراء واحتاجوا اليهم كان غيرهم من الناس أحوج.

المتقن سئل ازدشير بن بابك أي األصحاب أصلح للملك فقال الوزير العاقل األمين الصالح التدبير ليدبر معه أمره ويشير اليه بما في نفسه.

57

Page 58: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وعلى السلطان أن يعامل الوزير بثالثة أشياء.

الثاني: إذا أحدها: إذا ظهرت منه زلة وجدت منه هفوة ال يعاجله بالعقوبة استغنى في خدمته وأينع ظله في دولته ال يطمع في ماله وثروته.

من ثالثة الثالث: إذا سأله حاجة ال يتوقف في قضاء حاجته وينبغي أن ال يمنعه أشياء وهي متى أحب أن يراه ال يمنعه من رؤيته وأن ال يسمع في حقه كالم

_ من سره ألن الوزير الصالح حافظ سر السلطان مفسد وال يكتم عنه شيئا المملكة وعمارة الواليات والخزائن وزينة المملكة وشدة الهيبة ومدبر أحوال

على األعمال واستماع األجوبة وبه يكون سرور الملك والقدرة وله الكالم باالستماع له وتفخيم القدر وتعظيم األمر. وقمع أعدائه وهو أحق الناس

يوافقك عليه. وقال لقمان البنه أكرم وزيرك ألنه إذا رآك على أمر ال يجوز أن

_ من الشر _ في األمور إلى الخير متوقيا وإذا كان وينبغي للوزير أن يكون مائال_ على ذلك وأمره _ على العباد كان له عونا سلطانه حسن االعتقاد مشفقا

باالزدياد وإذا كان سلطانه ذا حنق أو كان غير ذي سياسة كان على الوزير أن_ بألطف وجه ويهديه إلى الطريق المحمودة وينبغي أن يعلم يرشده _ قليال قليال

بالوزير وان دوام الدنيا بالملك وينبغي أن يعلم أنه ال يجوز له أن دوام الملك ويعلم أنه أول إنسان يحتاج إليه السلطان. أن يهتم بغير الخير

بالسرور وسئل بهرام جور إلى كم يحتاج السلطان حتى تتم سلطنته وتتكامل دولته؟

رأيه فقال إلى ستة من األصحاب: الوزير الصالح ليظهر إليه سره ويدبر معه ويسوس أمره والفرس الجواد لينجيه يوم الحاجة إلى النجاة والسيف القاطع

الحصين والمال الكثير الذي يخف حمله ويثقل ثمنه كالجوهر واللؤلؤ والسالح الحسناء لتكون مؤنسة لقلبه مزيلة لكربه والطباخ الخبير والياقوت والزوجة

_ دبره بلطفه. الذي إذا أمسك شيئا

حكمة

_ ألربعة فإذا وجدهم احتفظ قال ازدشير: حقيق على الملك أن يكون طالبا_ بهم: الوزير األمين والكاتب العالم والحاجب المشفق وإذا كان الكاتب عالما

_ دل على رضا الملك دل على عقل الملك ورزانته وإذا كان الحاجب مشفقا_ دل على عن رعيته ولم يغضب على أهل مملكته وإذا كان النديم صالحا

انتظام األمر وصالحه.

حكمة

قال موبذان في عهد أنو شروان أنه ال يمكن حفظ السلطنة إال باألصحاب_ أنه ينبغي الناصحين المساعدين وال ينفع خير األصحاب إال إذا كان الملك تقيا

_ ثم الفرع ومعنى تقوى السلطان وصدقه وصحته أن أن يكون األصل جيدا_ في سائر األمور يأمر بالصحة بأقواله وأفعاله ليصح بصحته يكون صحيحا

58

Page 59: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ بالله تعالى وأن يرى أن قوته وقدرته سائر حشمه ورعيته وأن يكون واثقا تعالى وأن ال يعجب وظفره بأعدائه ونصرته ووصوله إلى مرداه من الله

بنفسه فإن أعجب خشي عليه الهالك كما جاء في الحكاية.

حكاية

_ على سرير ملكه وقد حملته الريح يقال ان سليمان عليه السالم كان جالسا في الجو فنظر سليماه إلى مملكته وطاعة اإلنس والجن وانقيادهم لعظيم

وسياسته فاضطرب السرير وهم باالنقالب فقال سليما للسرير استقم هيبته استقم أنت حتى نستقيم نحن كما قال عز من قائل: فنطق السرير وقال

{ } vغير ما بقوم � إن اللهm ال ي هم vغيروvا ما بأنفس� وقال أبو عبيدة في أمثاله { حتى ي_ )من سلك منهج _ شيخا _ عاقال الجد أمن العثار( ويجب أن يكون الوزير عالما

_ ال يكون في التجربة كالشيخ والذي يتعلمه الناس ألن الشاب وإن كان عاقال من المشايخ والوزير زين السلطن والزين يجب من تجارب األيام ال يتعلم إال

_ من الشين ويحتاج _ طاهرا الوزير إلى خمسة أشياء لتحمد أن يكون صالحا وجه المخرج خبرته وتحسن سيرته التيقظ ليظهر في كل أمر يدخل فيه له

منه والعلم حتى تتضح له األمور الحقيقية والشجاعة حتى ال يخاف من شيء غير موضع الخوف والصدق لئال يعمل مع أحد غير الصحيح وكتمان سر في

الموت. السلطان إلى أن يدركه

_ واسع _ شجاعا _ متمهال الصدر قال أزدشير بابك يجب أن يكون الوزير ساكنا_ إذا _ حيث يحسن الصمت ومتكلما _ صامتا حسن المقال مليح الوجه مستحييا

_ حسن المذهب ليطهر نفسه وينفي حسن الكالم ومع ذلك يجب أن يكون تقيا وال بد من حسن االعتقاد وينبغي أن يكون ذا تجارب عنها كل ما ال يليق

_ لينظر عواقب األمور ويخاف عليه من ليسهل األمور على الملك متيقظا_ تصاريف الدهور ويتحفظ أن يصيبه عيب الزمان وكل ملك كان وزيره له محبا

_ كان ذلك الوزير كثير األعداء وكان أعداؤه أكثر من أصدقائه وال وعليه مشفقا يجوز للسلطان أن يسمع في وزيره كالم المحرضين عليه الساعين به إليه

ليحسده أصدقاؤه وتنكبت أعداؤه.

ويجب أن يكون الوزير محمود الطريقة حتى إذا رأى ي الملك خلة مذمومة غير رشيدة رده إلى العادة المستقيمة الحميدة من غير غلظة شديدة ألن

_ الملك إذا كان على ما ال يريده وسمع ما يكرهه منه من التقريع عمل شرا البارىء تعالى لما أرسل موسى إلى فرعون من ذلك والدليل على ذلك أن

_ }بأمره قال عز من قائل: _ فقvوال لهv قوال وإذا كان الحق سبحانه وتعالى { لينا_ فالناس أجدر أن يلينوا أقوالهم أمر نبيه عليه السالم أن يقول _ لينا لعدوه قوال

يجوز للوزير أن يحقد بما يريد. وإن كان السلطان يخشن كالمه فال

_ _ للملك صحيح المقال حسن الفعال كان له عونا على وإذا كان الوزير محبا ذلك وأمره بالمالزمة لذلك وال يجوز أن يعلم الوزير وسائر خاصة الملك انهم

فعلوه من حسن فإن ذلك بإقبال الملك وببركة ظله انفعل فالمنة حينئذ مهما على الناس وأعظم فساد ينشأ في دولة الملك يكون من تصلح أن تكون له

والثاني من نية الملك الرديئة الفاسدة. أمرين أحدهما من الوزير الخائن

59

Page 60: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

قال أنو شروان شر الوزراء من جرأ السلطان على الحرب وجرأه على القتال في موضع يمكن أن ينصلح الحال بغير حرب ألن الحرب في سائر

األموال وفيها تبذل كرائم النفوس ومصونات األرواح. األحوال تفني ذخائر

حكمة

في كتاب وصايا أرسطاطاليس: كل أمر ينقضي على يد غيرك بال حرب وال خشونة فهو خير مما تقضيه بيدك.

تتأت وترتيب الوزراء انهم متى أمكنهم أن يحاربوا بالكتب فليحاربوا وان لم األمور باالحتيال والتدبير فليحتالوا في تأتيها بعطاء األموال وبذل الصالت

والنوال ومتى انهزم عسكر عفوا عن جنود الجند وال يستعدجلوا بقتلهم ألنه_ في أربعين قد يمكن قتل األحياء وال يمكن أحياء القتلى فإن الرجل يصير رجال

رجل يصلح لخدمة الملوك وان أسر احد من الجند م سنة ومائة رجل يكون ويفديه ويخلصه ويشتريه ليسمع أصحاب الملك كان على الوزير ان يفكه

الوزير أن يحفظ الجند بصنيعه فتقوى قلوبهم إذا باشروا حروبهم وعلى أرزاق الجند كل إنسان على قدره وإن يدرب الرجال الشجعان بأالت الحرب وان يخاطبهم بأحسن كالم ويلين لهم في الخطاب ويلطف بهم في الجواب

_ من الوزراء في قديم األيام وسالف األعوام ومن فان الجند قد قتلوا كثيرا_ سعادة السلطان ويمن _ ومشيرا _ صالحا طالعه وتوحده أن يسهل الله له وزيرا

._ ناصحا

_ قيض له وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إذا أراد الله بأمير خيرا_ إن نسي ذكره وإن إستعان به أعانه(. _ صبيحا _ صادقا _ نصيحا وزيرا

وزمان قال المؤلف الكتاب إن الله سبحانه وتعالى يظهر قدرته في كل حين ووقت وأوان ومن عجائب الزمان حديث البرامكة الذين لم يوجد لهم في

في الكرم والعطاء وبذل المعروف والسخاء. الدنيا نظير

وكان تحت حكمهم الواليات الوافرة المرتفعات وبعد انقراضهم فسدت أحوال الوزراء ولم يبق لخدمة الملوك رونق وال نضارة إلى أن أوجد الله

آل سلجوق وظل دولتهم إلى النظام وأوصلهم إلى درجة تعالى بركات لم يبق أحد في الدنيا من أهل الفضل الوزراء المتقدمين وأرفع بحيث أنه

إال هو مشمول بإحسانهم واالدباء وأبناء السبيل الغرباء من شريف ووضيع_ وإنما ذكرنا هذا ليعلم من مغمور بامتنانهم ولم يكن أحد من خيرهم محروما

يقرأ كتابنا هذا الفرق بين الصالح وغير الصالح.

حكمة

كل قال بزرجمهر: ال تقاس األشياء بعضها ببعض ألن جوهر الناس أجل من جوهر وانما زينة الدنيا جميعها بالناس والباري تعالى ال ينسب إلى الخطأ وهو

الصالح لمن يشاء وأنه يؤتي كل أحد ما يصلح له ويليق به فينبغي أن واهب ومدبرو دولتهم على هذه الصفة وأن يحفظوا رسوم يكون وزراء الملوك

األموال التي تؤخذ من الرعية في أوقاتها المتقدمين وطرائفهم وأن يلتمسوا

60

Page 61: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الرسم ويحملوا الرعية بحسب طاقتها وأحيانها وعند وجوبها واتيانها وليعرفوا قاتل العصفور. وقدرتها وأن يكونوا في تصيدهم كصائد الكركي ال

_ وال يجوز أن يحرصوا على تناول أموال المواريث مادام الوارث موجودا فالطمع في ذلك مشؤوم غير جائز ويجب عليهم استمالة قلوب الرعية

والنعم ليعلموا أن كفايتهم وسمو مرتبتهم وصالحهم والحشم بهبات الفوائد الدنيا وينالوا جزيل الثواب في منوط بصالح الرعية ليحسن ذكرهم في

العقبى.

الباب الثالث في ذكر الكتاب وآدابهم 

قالت العلماء ليس شيء أفضل من القلم ألنه به يمكن اعادة السالف والماضي.

ن }ومن فضل القلم وشرفه أ الله تعالى اقسم به فقال عز من قائل: mقلmم وما ون{ وال mيسطر .

نسان� }وقال تعالى: mمm اإل� � عmل mقلم �ال mمm ب mرمv الذ�ي عmل بكm األك vأ ور mقر�� . { ما لم يعmلم ا

فجرى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم )أول ما خلق الله تعالى القلم بما هو سائر إلى يوم القيامة الحديث(.

السالم: قال عبد الله بن عباس في تفسير هذه اآلية حكاية عن يوسف عليه . { على خزائن األرض إني حفيظ عليم اجعلني }

قال معناه كاتب حاسب.

وقال إن القلم صائغ الكالم.

حكمة: قال ابن المعتز القلم معدن والعقل جوهر والقلم صائغ والخط صناعة.

قال جالينوس القلم طبيب الكالم.

قال بليناس القلم طلسم كبير.

قال اسكندر الدنيا تحت شيئين السيف والقلم والسيف تحت القلم والقلم أدب المتعملين وبضاعتهم وبه يعرف رأي كل إنسان من قريب وبعيد ومهما

_ للزمان فانه ما لم ينظر في الكتب ال يكون كامل العقل كان الرجل مجربا_ أن في هذه المدة القريبة والعمر ألن مدة عمر اإلنسان معلومة ومعلوم أيضا

_ كم يمكنه أن يحفظ بقلبه. قصير كم يمكنه أن يدرك بتجربته ومعلوم أيضا

السيف والقلم حاكمان في جميع األشياء ولوال السيف والقلم ما قدمت الدنيا.

61

Page 62: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

لخدمة وأما الكتاب فال يجوز لهم أن يعرفوا أكثر من حدود الكتابة ليصلحوا االكابر.

_ بعشرة وقالت الحكماء والملوك القدماء: ينبغي أن يكون الكاتب عالما أشياء.

زيادة األول بعد الماء وقربه تحت األرض ومعرفة استخراج االفتاء ومعرفة الليل والنهار ونقصانهما في الصيف والشتاء وسير الشمس والقمر والنجوم

االجتماع واالستقبال والحساب باألصابع وحساب الهندسة والتقويم ومعرفة يصلح للمزارعين ومعرفة الطب واألدوية ومعرفة ريح واختيارات األيام وما

والقوافي. الجنوب ولشمال وعلم الشعر

_ ببراية ومع هذا كله ينبغي أن يكون الكاتب خفيف الروح طيب اللقاء عالما القلم وتدبيره وقطه ورفعه وخطه ومهما كان في قلبه أظهره بسنان قلمه

_. وان يحرس _ متصال نفسه أن يكون مجتمعا

_ ويعطي كل حرف حقه كما يحكى أنه كان المير وأن يكون الخط مبنيا المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنع عامل فكتب إلى عمرو بن العاص

_ لم يظهر سين سم الله الرحمن الرحيم فاستدعاه عمرو وقال له اظهر كتابا_ سين بسم الله ثم توجه بعد ذلك إلى عملك. أوال

الخط وأول ما ينبغي للكاتب أن يعلم براية القلم فإن اإلنسان إذا كان يحسن._ ويعرف أن يبري قلمه فإن الخط على كل حال يجيء صالحا

حكاية 

كان لشاهنشاه عشرة من الوزراء وكان في حملتهم لصاحب إسماعيل بن فاجتمع الوزراء على تنكيسه واتفقوا على التضريب عليه وقالوا أن عباد

يبري قلمه فلما علم بذلك شاهنشاه جمعهم وقالوا أن الصاحب ال يقدر أن حتى تتجاسروا أن تتحدثوا عني بحضرة الصاحب أي أدب فيكم ليس لي مثله

التجارة أقل أدبي براية القلم شاهنشاه وأن أبي علمني الوزارة ولم يعلمني_ بقلم مكسور _ تاما الرأس فجز الجماعة وهل فيكم من يقدر أن يكتب كتابا

_ وكسر رأسه وكتب عن ذلك فقال له شاهنشاه اكتب أنت فأخذ الصاحب قلما_ فأقر الجماعة بفضله واعترفوا بسداده ونبله وأجود األقالم ما _ تاما به درجا_ أصفر اللون رقيق الوسط والقلم المحرف من جانبه االيمن كان مستقيما

العربي والفارسي والعبري واللسان الدري يجب أن يكون قلمه يصلح للخط_ من الجانب األيسر وخير األقالم ما وصفه يحيى بن جعفر البرمكي في محرفا

غليظ وال رقيق وسطه دقيق يجب أن كتاب كتبه إلى يحيى بن ليث قلم ال وان تكون براية القلم تكون السكين التي يبرى بها األقالم في غاية الحدة

_ من الجانب االيمن وينبغي أن يكون المقط على شكل منقار الكركي محرفا الذي يقط عليه في غاية الصالبة ويجب أن تكون االنقاش فارسية خفيفة

_ وان يجوز مده النه يتوحش بذلك الخط وأن الوزن _ متساويا والكاغد صقيال

62

Page 63: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ وال يقدر ذلك إال حكيم عاقل أو من تكون صور الحروف يشبه بعضها بعضا تعودت بذلك أنامله.

_ المير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وكان عبد الله بن رافع كاتبا_ فقال لي أمير المؤمنين ألق دواتك وأطل جلفة وجهه فقال كنت أكتب يوما

ووسع ما بين السطور واجمع ما بين الحروف وكان عبد الله بن جبلة قلمك_ فقال _ محسنا لغلمانه لتكون أقالمكم بحرية فإن لم تكن بحرية فلتكن كاتبا

_ واقطعوا عقد األقالم لئال تنعقد األمور وال يجوز انفاذ كتاب بغير ختم صفرا فإن كرم الكتاب ختمه.

mاب{ }وقال عبد الله بن عباس في تفسير قوله تعالى: �ت �لي ك �ي ألق�ي إ أن

} mر�يم . { ك

أي مختوم.

_ إلى العجم وقال انهم ال وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب كتابا_ بغير ختم فختمه بخاتمه المبارك وكان عليه ثالثة أسطر محمد يريدون كتابا

الله. رسول

_ خبر روى صخر بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كتب كتابا إلى النجاشي رماه على التراب ثم أنفذه فال جرم أنه أسلم.

_ إلى كسرى أنوشروان لم يلقه على التراب ال جرم أنه لم ولما كتب كتابا يسلم وقال صلى الله عليه وسلم تربوا كتبكم فإنه أنجح لحوائجكم.

فإن وقال تربوا الكتاب فإن التراب مبارك وإذا كتب الكتاب فليقرأ قبل طيه رأى فيه خطأ تدراكه وأصلحه.

_ وأن _ والمعنى طويال ال يكرر وينبغي أن يجتهد الكاتب أن يكون الكالم قصيرا._ كلمة يكتبها وأن يحترز من األلفاظ الثقيلة الغثة ليكون كاتبها محمودا

بهذا وفي باب الكتابة كالم طويل كثير ان ذكرناه طال الكتاب ونقتنع منه القدر فقد قيل خير الكالم ما قل ودل وجل ولم يمل.

 

الباب الرابع في سمو همم الملوك

دنيء قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه اجتهد أن ال تكون الهمة فاني ما رأيت أسقط لقدم اإلنسان من تداني همته.

وقال عمرو بن العاص المرء حيث وضع نفسه يريد إن أعز نفسه عال أمره وان أذله ذل وهان قدره.

63

Page 64: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

النهم وتفسير معنى الهمة أن يرفع نفسه فإن أنفة القلب من همم االكابر يعرفون قدر أنفسهم فيعزونها وال يرفع قدر أحد حتى يكون هو الرافع لقدر

نفسه.

لمثله واعزاز المرء نفسه أن ال يختلط باالراذل وال يشرع في عمل ما ال يجوز أن يعمله وال ما يعاب به والهمة واآلنفة للملوك ألن الله ركب فيهم الخصلة

ليتعلمها منهم الوزراء والندماء كما جاء في الحكاية.

حكاية

أمر أبو الدوانيق لرجل بخمسمائة درهم فقال أحمد بن الخصيب ال يجوز للملك أن يهب ما دون األلف من االعداد.

_ في موكبه فسقط فرس رجل من عسكره _ راكبا وكان هارون الرشيد يوما فقال هارون ليعط خمسمائة درهم فأشار إليه يحيى بعينه وقال هذا خطأ

الرشيد أي خطأ بدا مني حتى أشرت ألي بعينك فقال ال يجوز فلما نزلوا قال الملوك أقل من األلف من االعداد فقال الرشيد أن يجري على لسان أحد من

من خمسمائة درهم مثل هذا فكيف فإن اتفق أمر ال يجوز أن يعطى فيه أكثر_ فيدفع إليه فرس على جاري العادة والرسم وتكون قد يقال قل ليعطى فرسا

نزهت همتك عن ذكر الحقير.

ولهذا خلع المأمون ولده من والية عهده وذلك أن المأمون اجتاز بحجرة_ فخذ _ حسنا العباس فسمعه يقول لغالمه يا غالم قد رأيت بباب الرصافة بقال

وصل إلى باب الرصافة وائتني بشيء منه فناداه المأمون من نصف درهم_ فأنت ال تصلح لوالية العهد وتدبير المملكة وال اآلن علمت أن للدرهم نصفا

يأتي منك صالح وال فالح.

حكمة

_ فاجتهد في وصية نامة أزدشير لولده إذا أردت أن تهب الحد من ولدك شيئا أن ال يكون عطاؤك أقل من دخل والية أو قرية أو قيمة بلد أو رستاق

الشخص الذي تهبه تزول حاجته ويستغني اعقابه به وأوالده ما يستغني به االحياء ال في حساب األموات واجتهد انك ال عاشوا فيحصل بذلك في حساب

يدل على دناءة همة الملك. ترغب في التجارة بوجه من الوجود فإن ذلك

حكمة

_ يذكر فيه يقال أنه أنه وصل كان الملك هرمز بن سابور وزير فكتب إليه كتابا من جانب البحر تجار معهم اللؤلؤ والياقوت والجواهر النفيسة القيمة وانني ابتعت منهم برسم الخزانة بمبلغ ألف دينار واآلن قد حضر فالن التاجر وهو

بربح كثير فإن رغب موالنا فليرسم بما يرى. يطلب الجوهر

فكتب هرمز جوابه وقال مائة ألف ومائة ألف مثلها وأمثالها ليس لها في أعيننا خطر وال نرغب فيها بوجه من الوجوه لنفسك وال تعد لمثل هذا الكالم

64

Page 65: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ من أرباح التجارة فإن ذلك وال تخلط _ فردا _ وال دانقا _ واحدا في أموالنا درهما الملك ويزري بحسن اسمه ويعود بقبح قاعدته ورسمه ويضر يسقط قيمة

وفاته. بصيته في حال حياته وبعد

حكاية 

_ في مجلس حكى أن األمير عمارة بن حمزة كان في بعض األيام جالسا الخليفة المنصور وكان يوم نظره في المظالم فنهض رجل على قدميه وقال

من ظلمك فقال عمارة بن حمزة اغتصب ضياعي وابتز انا مظلوم فقال من مقامه ويساوس خصمه ملكي وعقاري فأمره المنصور أن يقوم

أنازعه فيها للمحاكمة فقال عمارة يا أمير المؤمنين ان كانت الضياع له فما وإن كانت لي فقد وهبتها له ومالي حاجة في محاكمته وما ابيع مكاني الذي

أكرمن به أمير بضياع وال غيرها فتعجب األكابر الحاضرون من علو همته ومروءته الهة والنهمة على شكل واحد وكل إنسان له منهما وشرف نفسه

الطعام وآخر بالعلم وآخر بالعبادة والقناعة نصيب فواحد بالسخاء وإطعام بطلب الزيادة. والزهادة وترك الدنيا وطلب العقبى وآخر

جاء في وأما الهمة بالسخاء وبذل المال واسداء النوال فينبغي أن تكون كما الحكاية.

حكاية

_ إلى داره _ من دار الخالفة راكبا فرأى على يقال أن يحيى بن خالد خرج يوما_ وسلم عليه وقال يا أبا جعفر أنا _ فلما قرب نهض قائما محتاج باب الدار رجال

إلى ما في يدك وقد جعلت الله وسيلتي اليك فأمر يحيى أن يفرد له موضع وان يحمل إليه في كل يوم ألف درهم وأن يكون طعامه من طعامه في داره

_ فلما انقضى الشهر كان قد وصل المختص به فبقي على ذلك _ كامال شهرا وانصرف فقيل ليحيى في ذلك إليه ثالثون ألف درهم فأخذ الرجل الدراهم

قطعت عنه فقال والله لو أقام مدة عمره وطول دهره ما منعته صلتي وال ضيافتي.

حكاية 

كان لجعفر بن موسى الهادي جارية عوادة تعرف ببدر الكبرى ولم يكن في_ منها وال أحذق بصناعة الغناء وضرب األوتار منها وكانت زمانها أحسن وجها

الكمال ونهاية الجمال فسمع بخبرها محمد ابن زبيدة األمين في غاية فقال له جعفر أنه ال يجيء من مثلي بيع الجواري فالتمس منه أن يبيعها له

مزينة داري ألنفذتها إليك ولم أبخل بها وال المساومة في السراري ولوال أنها عليك.

وأمر ثم بعد ذلك بأيام جاء محمد ابن زبيدة إلى داره فرتب مجلس الشراب_ أن تغني له وتطربه فأخذ محمد في الشراب والطرب ومال على جعفر بدرا

الشرب حتى اسكره وأخذ الجارية معه ألى داره ولم يمد اليها يده من بكثرة رسم من الغد باستدعاء جعفر فلما حضر قدم بين شرف نفسه وهمته ثم

65

Page 66: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وراء الستر فسمع جعفر غناءها فلم يديه الشراب وأمر الجارية أن تغني من_ في محاضرته ثم أمر محمد األمين ينطق من شرف نفسه ولم يظهر تغيرا

بدرة أن يمأل ذلك الزورق الذي ركب فيه جعفر أليه دراهم فكانت الفي ألف وجملتها عشرون ألف الف درهم حتى استغاث المالحون وقالوا ما بقي

_. الزورق يحمل _ آخر وأمر بحمله ألى دار جعفر والجارية أيضا شيئا

هكذا كانت همم األكابر.

_ فقال أعالهم همة وأكثرهم _ وسئل بعض الحكماء من أعال الناس حاال علما_ فقيل له فمن ينبغي أن يتوصل ليخلص من _ واصفاهم حاال وأغزرهم فهما

وضائقته فقال بالملوك واألكابر وذوي الهمم العالية والنفوس نحوسة حظه_. الشريفة السامية كما قيل _ أن ملكا جاور بحرا

حكاية

قال سعد بن سالم الباهلي اشتدت بي الحال في زمن الرشيد واجتمع علي ديون يعجزني بعض قضائها وعسر علي أداؤها واحتشد ببابي أرباب الديون

والزمني الغمرماء فضاقت حيلتي وازدادت فكرتي فقصدت وتزاحم الطالبون منه أن يمدني برأيه وإن يرشدني ألى عبد الله بن مالك الخزاعي التمست

من محنتك وهمك باب الفرج فقال عبد الله ال يقدر أحد على خالصك وضائقتك وغمكم أال البرامكة فقلت ومن يقدر على احتمال تكبرهم والصبر

على تيههم وتجبرهمز فقال تصبر على ذلك لمصلحة أحوالك فنهضت إلى يحيى بن خالد فقصصت عليهما قصتي وأبديت لهما الفضل وجعفر ابني

غصتي.

الصدر فقاال أعانك الله وأقام لك الكفاية فعدت إلى عبد الله ابن مالك ضيق منقسم الفكر منكسر القلب وأعدت عليه ما قااله فقال يجب أن تكون عندنا

لننظر ما يقدره الله تعالى فجلست عنده ساعة وإذا بغالمي قد أقبل اليوم أن يكون قد جاء الفرج فقم وانظر ما الشأن فنهضت فقال عبد الله أرجو

_ معه _ فرأيت ببابي رجال رقعة مكتوب فيها انك لما عدت من وأسرعت عدوا أليه يصرفها إلى عندنا مضيت إلى الخليفة وعرفته ما قد أفضت بك الحال

غرمائه فمن أين يقيم وجوه نفقاته فأمر بثمانمائة ألف درهم أخرى وقد حملت أنا من خاصتي الف الف درهم فصارت الجملة الفي ألف درهم

أصلح بها أحوالك. وثمانمائة ألف درهم

حكاية 

يقال انه كان النو شروان نديم وكان في مجلس الشراب جام من ذهب باللؤلؤ والجواهر النفيسة فسرقه النديم ونظر اليه انو شروان فرآه مرصع

الشرابي وطلب الجام فلم يجده فنادى يا أهل المجلس قد وهو يخفيه فجاء يخرجن أحد حتى يرد الجام فقال أنو شروان ضاع لنا جام مرصع بالجواهر فال

يرده والذي رآه ال يقر عليه فأين مكنهم من الخروج فإن الذي سرق الجام ال

66

Page 67: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

ينكر االحسان ويحجد كان السخاء وعلو الهمة كانت الراحة والخير ولكن من االمتنان ال أصل حكاية

_ في التاريخ الذي تغير فيه علىالبرامكة وقال يقال أن الرشيد استدعى صالحا صالح صر إلى منصور بن زياد وقل له لنا عليك عشرة اآلف ألف درهم نريد

في هذه الساعة وان لم يحصلها ألى المغرب فخذ رأسه عن أن تحصلها في شيء من أمره. جسده وأتني به واياك ومراجعتي

قال صالح فصرت إلى منصور وعرفته ما ذكره الرشيد من سياسته فقال له هلكت وحلف أن جميع أسبابه وأمالكه ال يقوم بمائة ألف درهم فمن أين يقوم

اآلف ألف درهم قال صالح فقلت له دبر حيلة في امرك فاني بتحصيل عشرة أمر به أمير المؤمنين فقال احملني إلى بيتي ال أقدر أن أمهل احابي فيما

فجعل منصور يودع أهل بيته أودع أوالدي وأهلي وصبيتي وأوصي أقاربي وارتفع ف منزله البكاء واالستغاثة والصراخ.

اليهم قال صالح فقلت له ربما يكون لك فرج على أيدي البرامكة فامض بنا فأخذ يبكي ويصرخ حتى أتينا يحيى بن خالد فقصصت عليه القصة وشرحت

_ ثم رفع رأسه ثم عليه ما ناله _ زمانا فاغتم لذلك وأطرق إلى األرض ساكنا في خزانتنا من الدراهم فقال مقدار ألف ألف استدعى خازنه وقال له كم

_ إلى الفضل ولده فقال للرسول قل له انه درهم فأمر باحضارها وأنفذ قاصدا فانفذ ألفي ألف درهم عرض بيع ضياع جليلة فانفذ ما عندك من الدراهم

فيه إلى وأنفذ بآخر إلى جعفر وقال للرسول قل له اتفق لنا شغل ونحتاج شيء من الدراهم فانفذ جعفر ألفي ألف درهم فقال منصور يا موالي قد

وما اعرف خالصي إال منك واتمام بقية ديني فاطرق يحيى إلى تمسكت بك إن أمير المؤمنين هارون الرشيد كان وهب جاريتنا األرض وبكى وقال يا غالم

فامض إليها وقل لها تنفذ تلك الجوهرة العوادة منانير وجوهرة عظيمة القيمة أنا ابتعت هذه المير المؤمنين فمضى الغالم وأتى بها إليه فقال يحيى يا صالح

لدنانير العوادة وإذا رآها من التجار بمائتي ألف درهم ووهبها أمير المؤمنين المؤمنين ليهب لنا عرفها وقد بم اآلن مال مصارة منصور يا صالح قل المير

._ منصورا

أنا قال صالح فحملت المال والجوهرة إلى الخليفة فبينما نحن في الطريق ومنصور إذ سمعته يتمثل ببيت من الشعر فتعجبت من ردائته وفساده.

وخبث أصله وميالده وهو هذا البيت.

�بال� قال � الن �ي ولكن خفت م�ن ألم _ ب �ي مvتمmسكا mن mت صالح فحردت فما استوهب عليه وقلت ما على األرض خير من البرامكة وال شر منك اشتروك وانقذوك

الهالك ومنوا عليك بالفكاك ولم تشكرهم وتحمدهم ولم تفعل فعل من مضيت إلى الرشيد وقصصت عليه القصة وعرفته االحرار وقلت ما قلت ثم

الطوية مخافة على نفسه ما جرى وكتمت عنه ما جرى من منصور من خبث وهبناه ال من الرشيد فعند ذلك تعجب وأمر برد تلك الجوهرة وقال شيء

67

Page 68: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

يجوز ان نعود فيه فأعدتها إلى يحيى وقصصت عليه القصة وما جرى من سوء فعله. منصور من

_ وجعل يطلب العذر لمنصور. قال يحيى إذا كان اإلنسان مقال

_ مثلك في الوجود فوا قال صالح فبكيت وقلت ال يعود الفلك الدائريخرج رجال_ كيف يتوارى رجل مثلك له خلق مثل أخالقك تحت التراب. أسفا

حكاية

الحزاعي يقال أنه كان بين يحيى بن خالد البرمكي وبين عبد الله بن مالك عداوة في السر ما كانا يظهرانها وكان سبب تلك العداوة التي بينهما أن

الرشيد كان يحب عبد الله بن مالك إلى ابعد غاية بحيث أن يحيى بن هارون يقولون إن عبد الله يسحر أمير المؤمنين حتى مضى على خالد وأوالده كانوا

وقلوبهما فولى الرشيد والية أومينية لعبد ذلك زمان والحقد في صدورهما وسيره إليها. الله

_ من أهل العراق كان له أدب وذكاء وفطنة فضاق ما بيده وفني ثم أن رجال_ عن يحيى بن خالد إلى عبد الله بن مالك ماله واختل عليه حاله فزور كتابا

به إلى أرمينية فحين وصل إليها قصد باب عبد الله وسلم الكتاب إلى وسافر الحاجب الكتاب وسلمه إلى عبد الله بن مالك ففضه وقرأه بعض حجابه فأخذ

للرجل فدخل عليه فقال له حملت بعض وتدبره وعلم أنه مزور فأذن_ فانا ال نخيب سعيك فقا الرجل المشقة وجئني بكتاب مزور ولكن طب نفسا

في منعي أطال الله بقاء األمير إن كان قد ثقل عليك وصولي إليك فال تحتج لحجة فأرض الله واسعة والرازق حي متين والكتاب الذي وصل صحيح غير

مزور.

فقال عن حال هذا الكتاب الذي اتيت به فأن الف درهم مع الفرس والجنيب والحلة والتشريف.

_ أمرت أن تضرب مائتي خشبة وان تحلق محاسنك. وان كان الكتاب مزورا

اليه ثم أمر عبد الله أن يحمل إلى حجرة الحبس وان يحمل اليه ما يحتاج_ الى وكيله ببغداد أنه قد وصل الينا رجل معه كتاب يذكر أنه من وكتب كتابا

بن خالد وأن سيء الظن في هذا الكتاب فيجب أن تتحقق الحال في يحيى من سقمه وعرفني الجواب فلما وصل كتاب عبد هذا الكتاب لتعلم صحته

بن خالد فوجده مع ندمائه الله الى وكيله ركب ومضى الى باب دار يحيى_ فسلم الكتاب إليه فقرأه يحيى بن خالد ثم قال للوكيل عد وخواصه جالسا

الينا من الغد ألكتب لك الجواب ثم التفت الى ندمائه وقال لهم ما جزاء من_ من _ يصف نوعا _ الى عدوي فقال كل واحد منهم شيئا _ مزورا حمل عني كتابا

_ من العقاب فقال يحيى كلكم أخطأتم وهذا الذي ذكرتم العذاب ويذكر جنسا تعرفون قرب عبد الله من أمير المؤمنين من خسة األصل ودنائته وكلكم

الله هذا الرجل وجعله وتعرفون ما بيني وبينه من البغض واآلن قد سبب_ في الصلح بيننا ووفقه لذلك وقيضه ليمحو حقد عشرين سنة من متوسطا

68

Page 69: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

قلوبنا وتنصلح بواسطته شؤوننا وقد وجب علي أن أفي لهذا الرجل بتأميله_ إلى عبد الله ليتوفر على اكرامه واعزازه وأصدق ظنونه واكتب له كتابا

همته. واحترامه وسمو

ثم إنه طلب الكاغد والدواة وكتب إلى عبد الله بخط يده.

بسم الله الرحمن الرحيم وصل كتابك أطال الله بقائك وقرأته وفهمته وسررت بسالمتك وابتهجت باستقامتك وكان ظنك أن ذلك الحر زور عني

_ ولفق عني _ وليس كذلك فإن الكتاب أنا الذي كتبته وعلى يديه كتابا خطابا وتوقعي من كرمك وحسن شيمك أن تفي لذلك أنفذته وليس بمزور عني

تخصه منك بغامر اإلحسان الحر الكريم بأمله وتعرف له حرمة قصده وان عليه. ووافر االمتنان فمهما فعلته في حقه فأنا المعتد به والشاكر

فحين ثم عنون الكتاب وختمه وسلمه الى الوكيل فأنفذه الوكيل الى عبد الله قرأه ابتهج بما حواه وأحضر الرجل وقال أي األمرين اللذين ذكرتهما تختار أن أفعل معك فقال الرجل العطاء أحب الي فامر له بمائتي ألف درهم وعشرة

_ أفراس عربية منها خمسة بالمراكب المحالة وخمسة بالحالل وعشرين تختا ركاب الخيول وما يليق بذلك من الجواهر المثمنة من الثياب وعشرة مماليك

بغداد فلما وصل الى أهله قصد باب من الثياب وسيره بصحبة مأمونه الى موالنا ببابنا رجل دار يحيى بن خالد وطلب اإلذن فدخل الحاجب وقال يا

الدخول ظاهر الحشمة جميل الهيئة حسن الجمال كثير الغلمان فاذن له في فدخل اليه وقبل األرض بين يديه.

_ من جور الزمان فقال له يحيى ما أعرفك فقال أنا الرجل الذي كنت ميتا وغدر الحدثان فنشرتني واحييتني أنا الذي فعل معك وأي شيء أعطاك

ووهب لك.

فقال من بركاتك وظلك وكرمك وهمتك وفضلك أعطاني ونولني وأغنائي وقد حملت جميع عطيته وها هي ببابك واألمر اليك والحكم في يديك فقال له

أكثر من صنيعي معك ولك على المنة العظيمة واليد يحيى صنيعك معي كانت بين وبينك وبين ذلك الرجل الجسيمة إذ بدلت تلك العداوة التي

المال مثل ما المحتشم بالصداقة وأنت كنت في ذلك السبب وأنا أهب من وهب لك.

ثم أمر له من المال بمثل ما اعطاه عبد الله ابن مالك.

عالية ال وإنما أوردنا هذه الحكاية ليعلم من يقرؤها أن اإلنسان إذا كانت همته_ كما لم يضع ذلك الرجل ولو كان خسيس الطبع اللتجأ ألى عمل يضيع أبدا

وتعلق بلئام الناس ولكنه لما كانت له همة سامية تهور وأقدم وخاطر دنيء األخالق طاهر األعراق فوصل بذلك التهور الى مراده. مع رجل محتشم كريم

انظر الى الرجلين الكريمين المحتشمين الزعيمين السيدين وإلى سمو همتهما بماذا عاماله وبماذا قاباله ولم يريا في مروءتهما عقوبته وعذابه ونال

69

Page 70: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

بركتهما طالبه وتخلص من شدة زمانه وضائقته وأفلت من شر محنته من ورتبة علية وحصل بجميل الذكر على جزيل األجر. وعاد ذا نعمة سنية

حكاية

منهما قال يقال أنه تفاخر عبدان: عبد لبني هاشم وعبد لبني أمية فكل واحد موالي أكرم من مواليك فقاال نمضي ونجرب فمضى مولى بني أمية إلى

مواليه وشكا حالته وضائقته وتألم من فاقته فأعطاه عشرة آالف واحد من من مواليه فاجتمع له مائة ألف درهم فأخذها درهم حتى طاف على عشرة

أنت الى بني هاشم وجربهم وأحضرها بين يدي مولى بني هاشم وقال امض الله عنهما وانظر كرمهم فأتى مولى بني هاشم الى الحسين بن علي رضي

وشكا حاله وذكر فقره وما أفضى به الحال إليه فأمر له بمائة الف درهم ثم مضى الى عبد الله بن جعفر وشكا اليه فأعطاه مائة الف درهم ثم مضى

ربيعة فأعطاه مائة ألف درهم فمضى بالمال الى مولى بني الى عبد الله بن تعلموا الكرم من موالي ولكن عد بنا اليهم لنجربهم أمية وقال له: إن مواليك

_ ونعيد المال إليهم فمضى مولى بني أمية الى مواليه وقال لهم قد ثاينا من مكان ما أسدb به فقري استغنيت عن هذا المال وقد سهل الله تعالى لي

منهم دراهمه ولم يبق لي في هذه الدراهم حاجة وقد اعدتها فأخذ كل واحد وحمل مولى هاشم الدراهم الى مواليه قال لهم قد تيسر لي من مكان ما

به حاجتي وانقضت وقد أعدت المال الذي أخذت منكم فاستعيدوه زالت_ قد وهبناه والتعود هباتنا تختلط بأموالنا. فقالوا نحن ال نأخذ شيئا

حكمة

من قال بعض الحكماء اجالل األكابر من الكرم وحسن الخالل واحتقار الناس لؤم األصل وقبح الخالل والهمة بغير آلة خفة وإنما الهمة مع الجد تجمل

وتحسن وتظرف ألن الرجل إذا كان ذا همة وجدة غير مساعد لم وتلطف_ يكن له من همته سوى االنحطاط ألنه يجب أن تكون الهمة علوية والجد عاليا

_ الكالم بالدرجة والعمل بالقدرة. وقد قيل أيضا

وينبغي أن تكون الهمة الى بغداد والزاد الى فرسخين وكذا الجالل.

حكاية

_ بمصر فركب ذات يوم واجتاز بموضع وإذا كان عبد العزيز بن مروان أميرا برجل ينادي ولده يا عبد العزيز فسمع األمير نداءه فأمر له بعشرة اآلف

لينفقها على ذلك الولد الذي هو سميه ففشا الخبر بمدينة مصر فكل درهم ولد سماه عبد العزيز. من ولد في تلك السنة

_ بصيارف وبضد ذلك كان الحاجب تاش األمير الكبير بخراسان فإنه اجتاز يوما بخارى ورجل ينادي غالمه وكان اسم الغالم تاس فأمر بإزالة الصيارف

وقال إنما أردتم االستخفاف باسمي. ومصادرتهم

فانظر اآلن بين الحر القرشي وبين المتشرف بالدراهم.

70

Page 71: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وفي هذا الباب كالم طويل ونكتفي بهذا لئال يطول الكتاب.

_ من وينبغي أن تعلم أن الهمة وإن تأخرت فإنها توصل صاحبها الى مراده يوما الزمان قال الشاعر:

vبه vنتv أطل mدرك ما قد ك �ي سأ m ص�دقv معmرفتي ان سmعيي ل�مجد� ولوال

vنت م�ن اد� ما ك mز� لطان� ذا طلب� لل vف�ي خ�دمة� الس vنتv حmام�يه� أخmطvبه لو ك

وإنما المحمود في الرجال أن ال يتجاوز بهمته فوق قدره وقدرته

_ طول زمانه ومدته لئال يعيش مغتما

كما قال الشاعر:

mه م�نكmهر� أرفmالد� vن ب �الك�فmاية� لmم يك mقmنعv ب vنتm ت _ ف�يه لو ك عmيشا

�ما mا ب _ لم تكف�ك الدvني _َ فوقm ذmل�كm طmامعmا vوmما vنتm ي mحو�يه أو ك ت

الباب الخامس في ذكر حلم الحكماء 

أما الحكمة فإنها عطاء من الله جلت قدرته يؤتيها من يشاء من عباده

قال سقراط مثل من أعطاه الله الحكمة وهو يعرف قدرها وهو بحرصه للدنيا وللمال الكثير كمثل من يكون في صحة وسالمة فيبيعها بالتعب يعمل

الحكمة الراحة والعالء وثمرة المال التعب والبالء. والنصب فإن ثمرة

الفيلة قال ابن المقفع كان لملوك الهند كتب كثيرة بحيث كانت تحمل على فامروا حكماءهم أن يختصروها فاتفق العلماء في اختصارها فاختصروها على

كلمات أحداها للملوك وهي العدل والثانية للرعية وهي الطاعة والثالثة أربعة االمساك عن الطعام الى وقت الجوع والرابعة لالنسان وهي أن للنفس وهي

ال ينظر الى غير نفسه.

حكمة

قال بعض الحكماء الناس أربعة: رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فاتبعوه ورجل يدري وال يدري وذلك ناس فذكروه ورجل ال يدري أنه ال يدري

فأرشدوه ورجل ال يدري وال يدري أنه ال يدري فذلك جاهل فذلك مسترشد فاحذروه.

حكمة

سئل بعض الحكماء أي شي أقرب فقال األجل فقيل أي شيء أبعد قال األمل.

71

Page 72: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

حكمة

بعدهما قال لقمان الحكيم لولده: شيئان إذا حفظتهما ال تبالي بما ضيعت درهمك لمعاشك ودينك لمعادك.

حكمة

_ قال ألن سأل أنو شروان بزر جمهر الي شيء يمكن أن يجعل العدو صديقا_ أسهل تخريب العامر أسهل من عمارة الخراب وكسر الزجاج إذا كان صحيحا

_. من تصحيحه إذا كان مكسورا

وقال صحة الجسم خير من شرب األدوية وترك الذنب خير من االستغفار وكظم الشهوات خير من كظم الحزن ومخالفة الهوى في االستكبار خير من

دخول النار.

حكمة

كان رجل من الحكماء المتقدمين يطوف البالد عدة سنين وكان يعلم الناس هذه الكلمات الست وهي: من ليس له علم فليس له عز في الدنيا وال في

_ لم ينتفع اآلخرة ومن ليس له صبر فما له سالمة في دينه ومن كان جاهال عند الله كرامة ومن ال سخاء له فما له من بعمله ومن ال تقوى له فما له

حجة. ماله نصيب ومن ال طاعة له فما له عند الله

حكمة

_ فقال العز في خدمة السلطان سئل بزر جمهر أي عز يكون بالذل متصال والعز مع الحرص والعز مع السفه.

حكمة

ويستخدموا سئل بزر جمهر بماذا يؤدب البله فقال بان يؤمروا بكثرة األعمال_ قيل _ وال فراغا في مشقات األشغال بحيث ال يجعل لهم الى الفضول طريقا

وبماذا يؤدب االخساء فقال باهانتهم واحتقارهم ليعرفوا وضاعة أقدارهم.

قيل فبماذا يؤدب االحرار قال بالتوقف في قضاء حوائجهم.

_ من الكريم فقال الذي يهب وال يذكر أنه وهب. وسئل أيضا

حكمة

المال قيل الي سبب تتلف الناس نفوسهم الجل المال فقال النهم يظنون أن خير األشياء وال يعلمون أن الذي يراد من أجله المال خير من المال.

حكمة

72

Page 73: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

قيل له أيكون شيء أعز من الروح بحيث تعطي الناس فيه أرواحهم وال يبالون فقال ثالثة هي أعز من الروح الدين والعقل والخالص من الشدائد.

_ في أي شيء يكون العلم والكرم والشجاعة فقال زينة العلم وسئل أيضا الصدق وزينة الكرم البشر وزينة الشجاعة العفو عند القدرة.

حكمة

المال قال يونان الوزير أربعة أشياء من عظيم البالء: كثرة العيال مع قلة والجار المسيء الجوار والمرأة التي ال تقية لها وال وقار.

:_ خمسة واتفق أهل الدنيا على أن أعمال الخالئق كلها خمسة وعشرون وجها منها بالقضاء والقدر وهي طلب الزوجة والولد والمال والملك والحياة

بالكسب واالجتهاد وهي العلم والكتابة والفروسية ودخول الجنة وخمسة منها والنجاة من النار.

وخمسة منها بالطبع وهي الوفاء والمداراة والتواضع والسخاء.

والبول وخمسة منها بالعادة وهي المشي في الطريق واألكل والنوم والجماع والتغوط.

والدناءة. وخمسة منها باإلرث وهي الجمال وطيب الخلق وعلو الهمة والتكبر

حكمة

والصاحب ستة أشياء تساوي الدنيا: الطعام السائغ والولد السليم األعضاء الموافق واألمير المشفق والكالم الصحيح النظام والعقل التام.

حكمة

قال الحكيم خمسة أشياء ضائعة: السراج في الشمس والمطر في السباخ المالحة والمرأة الحسناء عند األعمى والطعام الطيب يقدم بين يدي الشبعان

سبحانه في صدر الظالم. وكالم الله

حكمة

سئل االسكندر لم تكرم معلمك فوق كرامة أبيك فقال ان أبي سبب حياتي الفانية ومعلمي سبب حياتي الباقية.

حكمة

قال الحكيم إذا كنت بقسمة الله تجري األمور فاالجتهاد محظور وتاركه مشكور.

73

Page 74: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وقال إذا لم يمش معك الزمان كما تريد فامش مع الزمان كما يريد فإن اإلنسان عبد الزمان والزمان عدو اإلنسان وكل تنفس تنفسه فبقدره عن

الممات. الحياة ويقرب من

حكمة

سأل قوم من الحكماء بزر جمهر فقالوا عرفنا من أبواب الحكمة ما ينفع أرواحنا وأشباحنا لنجتهد فيه وما يضرنا فيه وما يضرنا للبعد عنه فقال اعلموا

وتيقنوا أن أربعة من األشياء تزيد في نور العين وتحد النظر.

واربعة تنقص نورها وأربعة تسمن الجسم وتخصبه وأربعة تضعفه وتهزله_ وأربعة وأربعة أشياء تحيي القلب وأربعة تميتهن وأربعة يصح بها الجسم دائما

البدن. تكسر

والشراب أما األربعة التي تزيد في نور العين فهي الخضرة والماء الجاري الصافي والنظر الي وجوه األحباب.

على وأما األربعة التي تنقصه فهي أكل المالح واللحم القديد وصب الماء الرأس والنظر الدائم في عين الشمس ورؤية العدو.

من وأما األربعة التي تسمن الجسم وتخصبه فهي الثوب الناعم وخلو البال األحزان والرائحة الزكية والنوم في المكان الساخن.

وطول وأما األربعة التي تضعفه وتهزله فأكل اللحم القديد وكثرة الجماع المكث في الحمام ونوم العشايا.

األشياء وأما األربعة التي يصح به الجسم فأكل الطعام في قته وحفظ مقادير ومجانية األعمال الشاقة وترك الحزن على غير موجب.

_ فسلوك الطريق الصعب وركوب الفرس وأما األربعة التي تكسر البدن دائما الحرون والمشي على التعب ومجامعة العجائز وأما األربعة التي تحيي القلب

فالعقل النافع واألستاذ العالم والشريك األمين والزوجة الموافقة والصديق المساعد.

ومخافة وأما األربعة التي تميته فبرد الزمهرير وحر السموم والدخان الكريه العدو.

وقال سقراط الحكيم خمسة أشياء يهلك األنسان فيها نفسه: خديعة االصدقاء وااللتفات عن حكمة: قال سقراط خمسة أشياء ال يشبع منها

نظر وأنثى من ذكر وأذن من خبر ونار من حطب وعالم من خمس: عين من علم.

حكمة

74

Page 75: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

استماع سئل حكيم ما أمر األشياء في الدنيا وما أحالها فقال أمر األشياء الحسن ممن ال قيمة له والدين الفادح وضائقة اليد وأحلى األشياء الولد

والكالم الطيب واليسار.

نوم حكمة: سئل حكيم ما الموت وما النوم فقال النوم موت خفيف والموت ثقيل.

حكمة: سئل حكيم ما الغنى فقال القناعة والرضا فقيل ما العشق فقال مرض الروح وموت في حسرة.

حكمة: سئل ارسطاطاليس أي صديق أوثق وأي صاحب أشفق فقال الصديق األصيل أوثق والصاحب القديم أشفق وتدبير العقالء أفضل.

الخشن وال حكمة: قال حالينوس سبعة أشياء تجلب النسيان: استماع الكالم يصوره القلب والحجامة على خرزة العتق والبول في الماء الراكد وأكل

الحوامض والنظر في وجه الميت والنوم الكثير والنظر في األماكن الخراب.

_ في كتاب األدوية أن النسيان يحدث من سبعة أشياء وهي البلغم وقال أيضا وضحك القهقهة وأكل المالح واللحم السمين وكثرة الجماع والسهر مع التعب

البرودات والرطوبات فإن أكلها يضر ويجلب النسيان. وسائر

قائل األخبار حكمة: قال أبو القاسم الحكيم فتن الدنيا تنشأ من ثالثة نفر من الندامة. وطالب استماع األخبار ومتلقي األخبار وهؤالء الثالثة ال يخلصون من

الشهوات حكمة: قيل ثالثة أشياء ال تجتمع مع ثالثة أكل الحالل مع اتباع والشفقة مع ارتكاب الغضب وصدق المقال مع كثرة الكالم.

حكمة: قال بزر جمهر الحكيم إن شئت إن تصبر من جملة االبدال فحول أخالقك الى أخالق الصبيان األطفال.

فقيل كيف ذلك فقال في األطفال خمس خصال لو كانت في الكبار لكانوا_ وهي أنهم ال يغتمون للرزق وإذا مرضوا لم يشكوا من خالقهم تعالى أبداال

يأكلون الطعام فيجتمعون وإذا تخاصموا لم يتحاقدوا ويساعون الى وانهم فيخافون بأدنيى تخويف وتدمع أعينهم. الصلح وانهم يخوفون

لم حكمة: قال وعب بن منبه ف التوراة أربع كلمات مكتوبة وهي كل عالم_ فهو كاللص وكل رجل خال عن العقل فهو والبهيمة على مثال يكن متورعا

واحد.

حكمة: قال بعض الحكماء أصل الزعامة العطف وأصل الذنب العجلة وأصل الذل البخل.

_ وبقلبه _ حكمة: قال الحكيم ينبغي أن ال يكون االنسان لقلبه خادما متقدما وبعادته أبله أي يتجاوز عن الجيد والرديء وينبغي أن يسمع كالم الحكمة من

75

Page 76: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

غير حكيم فإنه قد يصيب الغرض حكمة: قال االحنف بن قيس ال صديق لكذوب وال راحة لحسود وال مروءة لدنيء وال زعامة لسيء لملول وال وفاء

الخلق.

حكمة: قال ذو الرياستين اشتكى رجل من خصم له الى االسكندر فقال له االسكندر أتحب أن أسمع كالمك فيه بشرط أن أسمع كالمه فيك فخاف

االسكندر كفوا أنفسكم عن الناس لتأمنوا من أناس الرجل وأمسك فقال السوء.

عافية حكمة: قال بزر جمهر العوافي أربعة وهي عافية الدين وعافية المال الجسم وعافيت األهل.

فأما عافية الدين ففي ثالثة أشياء:

._ أن ال تتابع الهوى وأن تعمل بأوامر الشرع وأن ال تحسد أحدا

الحق من وعافية المال في ثالثة أشياء: إنعام النظر وأداء األمانة واخراج المال.

النوم. وعافية الجسم في ثالثة قلة الكالم واالقالل من الكالم واالقالل من

وعافية األهل في ثالثة القناعة وحسن العشرة وحفظ طاعة الله تعالى.

فاتكم وسئل حاتم األصم ألي شيء ال نجد ما وجده المتقدمون فقال: ألنكم خمسة أشياء: المعلم الناصح والصاحب الموافق والجهد الدائم والكسب

والزمان المساعد. الحالل

أقبل خبر: جاء في الخبر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا علي على بوجهك واخل إلى قلبك وسمعك كل وغط واجمع وهب وتشدد فقال

الكلمات يا رسول الله فقال كل الغضب وغط عيب أخيك علي ما معنى هذه المظلم وتشدد في دين اإلسالم. وهب ظلم الظالم وأجمع لذلك القبر

حكمة

سئل حكيم أي شيء أكثر بين الخلق فقال: كثرة التدبير وليس قدرة ومع االستكثار ال تزول الحاجة والعبد يحرص على كل شيء اال على الفقر فليس

ألن الخلق كلهم يطلبون الغنى وال يحرص أحد على الغم يحرص عليه أحد على الفرح ال يحرص أحد على الموت ألن الكل يطلبون السرور ويحرصون

النهم يحرصون على الحياة.

حكمة

بالرأي. قال أبو القاسم الحكيم هالك العبد في شيئين المعصية واالنفراد

76

Page 77: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

البله حكمة: قال الحكيم بالء الخلق من ثالثة: العلماء المضلين والقراء والعوام الحسدة.

وقيل ال تطلب صحبة من طامع وال تطلب وفاء من خسيس األصل.

وقال الحكيم شيئان غريبان في هذا الزمان الدين والفقر.

حكمة

قال الحكيم اربعة أحوال ان حفظتها كنت من جملة الرجال: أحدها سرك يجب أن يكون بحيث إذا علمه الناس رضيت والثاني عالنيتك يجب أن تكون

بك الناس جاز لك. بحيث لو اقتدى

والثالث أن تعامل الناس بما لو عاملوك به اخترته لنفسك.

والرابع أن تكون حالتك للناس بحيث لو كانت لك رضيت بها.

حكمة

الفقراء بعين قال الحكيم ينبغي أن تنظر ثالثة أشياء بعين ثالثة وهي أن تنظر الحسد. التواضع ال بعين التكبر وأن تنظر األغنياء بعين النصح ال بعين

وأن تنظر النساء بعين الشفقة ال بعين الشهوة.

حكمة

والحرص قال وهب بن منبه: في التوراة مكتوب أن أم المعاصي ثالثة الكبر والحسد وانها نتيجة خمسة أشياء األكل والنوم وراحة الجسم وحب الدنيا

الناس. ومدح

والمالمة وقال من خلص من ثالثة أشياء فمأواه الجنة وهي المنة والمؤونة إذا أحسن لم يمن باحسانه وأن يخفف مؤونته عن الناس وإذا رأى في أحد

_ لم يلمه. عيبا

حكمة: يقال ان ابن القرية دخل على الحجاج وكان من أكابر أهل زمانه_ فسأله الحجاج وقال له ما الكفر قال البطر بالنعمة واالياس من فطنة وعلما

الرحمة.

الحلم فقال ما الرضى قال الثقة بقضاء الله والصبر على المكاره فقال ما قال اظهار الرحمة عند القدرة والرضى عند الغضب.

فقال ما الصبر قال كظم الغيظ واالحتمال لما يراد.

فقال ما الكرم قال حفظ الصديق وقضاء الحقوق.

77

Page 78: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

قال ما القناعة قال الصبر على الجوع والعري عن اللباس.

قال ما الغنى قال استعظام الصغير واستكثار القليل.

فقال ما الرفق قال اصابة األشياء الكبيرة باآللة الصغيرة الحقيرة.

فقال ما الحمية قال الوقوف على رأس من هو دونك.

قال ما الشجاعة قال الحملة في وجوه االعداء والكفار والثبات في موضع الفرار.

فقال ما العقل قال صدق المقال وارضاء الرجال فقال ما العدل قال ترك المراد وصحة السيرة واالعتقاد.

فقال ما االنصاف قال المساواة عند الدعاوي بين الناس.

فقال ما الذل قال المرض من خلو اليد واالنكسار من قلة الرزق.

فقال ما الحرص قال حدة الشهوة عند الرجال.

فقال ما األمانة قال قضاء الواجب.

وإدراك فقال: ما الخيانة قال التراخي مع القدرة قال فما الفهم قال التفكر األشياء على حقائقها.

على حكمة: قال الحكيم ثمانية تجلب الذل على أصحابها وهي جلوس الرجل مائدة لم يدع اليها ومن تأمر على صاحب البيت والطامع في االحسان من

والمصغي الى حديث اثنين لم يدخاله بينهما ومحتقر السلطان ومن اعدائه تكلم عند من ال يستمع ومن صادق من ليس بأهل. جلس فوق مرتبته ومن

حكمة

_ قال مدح سئل بزر حمهر أي شيء يقبح باالنسان ذكره وإن كان صحيحا_ _ وال عاقال _ وال ذا غضب مسرورا _ ممدوحا اإلنسان نفسه ألنك ال تجد بخيال

_ وال _. حريصا _ وال تجد لملول صديقا _ عتيا _ وال قنوطا _ حاسدا ترى كريما

حكمة

قال الحكيم خمسة يفرحون بخمس ثم يندمون بعدها الكسالن إذا فاتته األمور والمنقطع عن اخوانه إذا نالته شدة ومن أمكنته فرصة على اعدائه ثم

انتهازها ومن ابتلى حكمة: سئل بزر جمهر هل يقلب المال قلوب عجز عن فقال من قلب المال قلبه فليس بعالم. العلماء من الرجال

حكمة: قال الحكيم العتاب الظاهر خير من الحقد الباطن.

78

Page 79: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

حبيبه حكمة: قال بزرجمهر أصحاب الغم والحزن في الدنيا ثالثة: محب فارق._ ووالد شفوق ضل عنه ولده وغني عاد فقيرا

أقسى حكمة: قال عمرو بن معدي كرب الكالم اللين يلين القلوب التي هي من الصخر والكالم الخشن يخشن القلوب التي هي أنعم من الحرير.

حكمة: قال الحكيم الحزن مرض الروح كما ان الوجع مرض الجسد والفرح غذاء الروح كما أن الطعام غذاء الجسد.

_ فلم يفعل فقال الحكيم لم يكن من وطلب حكيم من رجل أن يدينه دينارا منعك إياي اال أن احمر وجهي من الحياء مرة واحدة ولوأعطيتني لم يصفر

مطالبتك مرة بل الف مرة. وجهي من

._ حكمة: قال الحكيم من يزرع وطينه رطب لم يساو قيمته شيئا

وقال من ليس له لب وال خطر فهو شجر بال ثمر.

وقال من سل سيف الجور قتل به ومن لم ينصف من نفسه لم يخلص من ومن أطلق يده بالعطاء أشرق وجهه بالضياء. حسرته

وقال من لم يجترز من ذنبه فقد تعلق به.

وقال الشباب رضيع الجنون والشيب قرين التوفيق والسكون.

وقال تزود طاهر الزاد وال تخف من االضداد.

_ عليه مسح فقلت ما انت عظة: قال لقمان كنت أسير في طريق فرأيت رجال أيها الرجل فقال آدمي فقلت ما اسمك فقال حتى انظر بماذا اسمى فقلت

قال ترك األذى فقلت ماذا تأكل قال الذي يطعمني ويسقيني ماذا تصنع حيث شاء فقلت طوبى لك وقرة عين فقال فقلت من أين يطعمك فقال من

ما الذي يمنعك عن هذه الطوبى وقرة العين.

حكمة: قيل ثالثة تذهب عن القلب العمى: صحبة العالم وقضاء الدين ومشاهدة الحبيب.

والمراء مع وقيل شيئان يجلبان الحزن الى القلب: الطمع في وجود البخالء الوضعاء.

الحسد حكمة: قال الحكيم تجنب أربعة أشياء تخلص من أربعة أشياء: تجنب لتخلص من الحزن وال تجالس جليس السوء وقد تخلصت من المالمة وال

وقد خلصت من النار وال تجمع المال وقد خلصت من ترتكب المعاصي العداوة.

79

Page 80: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الدنيا حكمة: قال الحكيم أربعة أعمال مذمومة يعملها الناس فيجازون بها في واآلخرة.

_ والثاني احتقار العلماء ألن من احتقر الغيبة فقد قيل فارس يلحق سريعا_ والثالث كفران نعم الله عز وجل والرابع قتل النفس بغير _ عاد حقيرا عالما

�قتل� حق _ ل mفا ك�ين� ك mالس� mنتm ب ولألكابر والحكماء مثل قديم كل قاتل إذmا مك

mاس� _ الن �ه� طmويال mام�ل �ق� فعmضm عmلى أن _ ف�ي طmري �يال mر الmسبيال رأى ع�يسmى قmت فاذك_ وmقاتلك الذي �يال mما أرى مvلقmى قmت mك حmتى غmدوت ك mرا mلm ل�من قmتلmت ن ادك وقا mار

mذوvقm القmتلm فmاليطل العويال _ ي الباب السادس في شرف العقل . أيضmا وتعالى خلق العقل على أحسن صورة وقال له أقبل إن الله سبحانه والعقالء

_ فاقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال وعزتي وجاللي ما خلقت في خلقي شيا أعاقب. أحسن منك بك آخذ وبك أعطي وبك أحاسب وبك

موقوفان والدليل على صحة هذا أن الله تعالى على العباد شيئين وكالهما على العقل وهما األمر والنهي كما جاء في محكم التنزيل قوله جل ذكره:

. { األلباب فاتقوا الله يا أولي }

وهم ذوو العقول واشتقاق العقل من العقال والمعقل المنيع القلعة على رأس الجبل ال يصل إليها يد أحد المتناعها وقوتها واحكامها.

_ فقال للعاقل أربع عالمات يعرف سئل حكيم الفرس لم سمي العاقل عاقال بها.

وهي أن يتجاوز عن ذنب من ظلمه وان يتواضع لمن دونه وان يسابق الى فع_ وان يتكلم عن العلم ويعرف الخير لمن هو أعلى منه وان يذكر ربه دائما

في موضعه وإذا وقع في شدة التجأ الى الله تعالى. منفعة الكالم

وكذلك الجاهل له عالمات وهو أن يجور على الناس ويظلمهم ويعسف بمن دونه وأن يتكبر على الزعماء والتقدمين وأن يتكلم بغير علم وأن يسكت عن

في شدة أهلك نفسه وإذا رأى أعمال الخير لفت عنها وجهه. خطأ وإذا وقع

_ أشرف من العقل إن حكمة: قال سعيد بن جبير: ما رأيت لإلنسان لباسا انكسر صححه وان وقع أقامه وان ذل أعزه وإن سقط في هوة جذبه بضبعه

منها وان افتقر أغناه وأول شيء يحتاج إليه البليغ العلم منها واستنقذه الحكاية. الممتزج بالعقل كما جاء في

جميع حكاية: يقال انه ما كان في خلفاء بني العباس اعلم من المأمون في العلوم فكان له في كل أسبوع يومان يجلس فيهما لمناظرة الفقهاء وكان

الفقهاء والمناظرون والعلماء والمتكلمون فدخل في بعض األيام يجتمع عنده عليه ثياب بياض رثة فجلس في أواخر الناس وقعد الى مجلسه رجل غريب

ابتدأوا في المسائل وكان رسمهم من وراء الفقهاء في مكان مجهول فلما زيادة لطيفة او يديرون المسألة على جماعة أهل المجلس فكل من وجد

نكتة غريبة ذكرها فدارت المسألة الى ان وصلت الى ذلك الرجل الغريب

80

Page 81: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

فتكلم بكالم عجيب فاستحسنه المأمون فأمر أن يرفع الى أعلى من تلك المرتبة.

فلما وصلت الثالثة أجاب بجواب أحسن من أجوبة الفقهاء كلهم فأمر أن يرفع الى أعلى من تلك المرتبة.

فلما وصلت الثالثة أجاب بجواب أحسن وأصوب من الجوابيين األولين فأمر_ منه فلما اتقضت المناظرة أحضر الماء وغسلوا المأمون أن يجلس قريبا

الطعام فأكلوا ثم نهض الفقهاء وخرجوا وقرب المأمون ذلك أيديهم ثم أحضر ووعده باالحسان إليه واإلنعام عليه. الرجل وأدناه وطيب قلبه

ثم عبي مجلس الشراب ونضد وحضر الندماء المالح ودارت الراح.

_ وقال ان أذن أمير المؤمنين تكلمت فلما وصل الدور الى الرجل نهض قائما_ ان بكلمة واحدة فقال قل ما تشاء فقال قد علم الرأي العالي زاده الله علوا العبد كان في مجلس الشريف من مجاهيل الناس ووضعاء الجالس وان أمير

_ على درجة غيره المؤمنين بقدر يسير من العقل الذي أبداه جعله مرفوعا اليها همته وإن العبد إذا شرب الشراب تباعد عنه وبلغ به الغاية التي لم تسم

فعاد الى تلك الدرجة ووقع في اعين العقل وقرب منه الجهل وسلب أدبه_ فإن رأى الرأي العالي أن ال يفرق بينه وبين ذلك القدر الناس كما كان ذليال

بمنه وفضله وكرمه اليسير من العقل الذي أعزه بعد الذلة وكثرة بعد القلة._ _ وأنعم متفضال وسيادته وحسن شيمه فعل متطوال

فلما سمع المأمون منه ذلك مدحه وشكره وأجلسه في رتبته ووفره وأمر له بمائة ألف درهم وحمله على فرس وأعطاه ثياب تجمل وكان كل مجلس

الفقهاء حتى صار أرفع منهم درجة وأعلى منزلة. يرفعه على جماعة

درجة وإنما أوردنا هذه الحكاية ألجل نعت العقل ألن العقل يوصل صاحبه الى عالية ومرتبة سامية وان الجهل يحط صاحبه عن درجته ويهبط به من علو

مكانته.

حكاية

يقال أنه جاء في بعض األيام رجل الى باب الخليفة المنصور فقال أيها_ من أهل العلم واسمه عاصم الحاجب أعلم أمير المؤمنين أن بالباب رجال

كان في الزمن الماضي بينه وبين أمير المؤمنين صحبة مدة وهو يذكر أنه والدرس وقد وصل األن للسالم ولتجديد العهد سنة وأكثر بالشام في التعليم

باالمام.

فلما عرفه الحاجب أذن له فلما دخل وسلم عليه ثقل قدومه ووصوله على قلب أبي الوانيق لغاثة منطقه وسوء أدبه فأجلسه وسأله وقال له في أي

لرؤية أمير المؤمنين بوسيلة تلك الصحبة القديمة فأمر له حاجة قدمت فقال وانصرف ثم عاد بعد سنة أخرى وكان قد مات بألف درهم فأخذها الرجل

وسلم عليه ودعا له فقال للمنصور ولد وهو جالس في العزاء فدخل الرجل

81

Page 82: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

_ فيم قدمت قال أنا ذلك الرجل الذي كنت معك في الشام وقد قدمت معزيا_ حق تعزيتك فأمر له بخمسمائة درهم فأخذها ثم عاد بعد سنة برزيتك ومؤديا

فلم يجد حجة يحتج بها في الدخول إال أنه دخل في جملة الناس وسلم أخرى ألي سبب وصلت فقال أنا ذلك الرجل الذي كنت معك في فقال له الخليفة

األخيار واستماع األحاديث وكنت قد كتبت الشام في التعليم والدرس وكتابة قضى الله حاجته وقد ضاع معك دعاء الحاجة وان كل من دعا به في حاجة

_ المنصور ال تتعب في طلب ذلك الدعاء فانه غير أخلص ولو كان مستحبا لتخلصت منك فخجل ذلك الرجل لما سمع هذا الكالم.

_ ولم يكن له عقل سقط وإنما أوردنا هذه الحكاية ألن اإلنسان إذا كان عالما جاهه ومرتبته.

حكاية: كان في ذلك العصر وصل رجل من مدينة الرسول صلى الله عليه_ فلما وصل خليفة وسلم الى المنصور بحكم الصداقة التي كانت بينهما قديما

_. الزمان قدم _ ولم يكن عالما _ لبيبا عليه ووفد إليه وكان الرجل عاقال

فلما رآه المنصور قربه وأدناه وأزلفه واستدعاه.

مخلص فقال له الرجل يا أمير المؤمنين أنا محب لك شديد المحبة والوالء في الطاعة والدعاء غير انني ال أصلح لخدمة الملوك فكيف ينبغي أن أزروك

يظهر مني سوء انني ال أصلح لخدمة الملوك فكيف ينبغي أن أزورك بحيث ال أدب فقال المنصور أخر الزيارة وإذا زرتني فاجعل بحيث ال يظهر مني سوء

فيها لم أنسك وإذا حضرت لم أملك بين زيارتك وانقطاعك مدة إذا غبت._ وازدادت محبتك عندي عما كانت عليه أوال

_ مني حتى يقربك الحاجب بالتدريج وال تطل جلوسك وإذا دخلت فاجلس بعيدا فتنسب الى سوء األدب وال تسأل حاجتك لئال تثقل على قلبي وإذا أحسنت

فاشكرني في كل محلة تحلها ومنزلة تنزل بحيث إذا بلغني سررت اليك تذكر في المجالس ما جرى بيني وبينك في بشكرك وازددت في برك وال

الزمان الماضي.

فامتثل الرجل هذه الوصايا فكان في كل سنة يمضي الى سالمه مرتين وكان المنصور يعطيه في كل مرة يسلم عليه ألف درهم.

_ فان وانما ذكرت هذه الحكاية ليعلم أن من كان له عقل وان لم يكن عالما_ ومن كان ذا علم وليس له عقل عادت أموره كلها عقله يكون له دليال

_ أو منعكسة منقلبة _ أو حكيما ومن كان تام العقل والعلم كان في الدنيا نبيا وعزه ومرتبته وصالح أحوال دنياه وآخرته بالعقل إماما فان جمال االنسان

mالv المmرءv أوmجm وتمامه فتتكامل صفاته وأقسامه كما mن �العmقل� ي قال الشاعر: ب�ه الجmاه mدر� والmعقلv ب vغسmلv عmارm الو�زر� ف�ي العmقل� الب �ه ي ام�ي القmدر� والعmقmلv ب mوس

mاجv مmع mفاذ� األمر� والعقل أول اإليمان ووسط اإليمان وآخر اإليمان. الت ن

قال بعض القدماء ليس العقل أن اإلنسان إذا وقع في أمر اجتهد في حسن خالصه منه بل العقل ان ال يوقع نفسه في أمر يحتاج الى الخالص منه.

82

Page 83: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

آفتك حكمة: قال أبرويز الملك لولده احفظ الرعية ليحفظك العقل واصرف عن الرعية ليصرف العقل آفته عنك.

واعلم انك حكم بين الناس والعقل حكم جليل فكما ينبغي أن يقبل الناس أمرك فكذلك ينبغي أن تقبل أمر العقل.

حكمة

_ الى الملك العادل كسرى انو شروان وأدى رسائل في كتب يونان الوزير كتابا باب العقل وما يأمر به العقل فشكره أنو شروان وأمر الكاتب أن يكتب اليه_ وقال أيها الحكيم لقد أحسنت في تأدية رسالة العقل ألننا ومن تقدمنا جوابا

الملوك إنما تحلينا بالعقل فكيف يمكننا مخالفته فان العاقل أقرب الناس من تعالى والعقل كالشمس في الدنيا وهو قلب الحسنات والعقل حسن الى الله

األكابر والزعماء أحسن كالرطوبة في الشجرة مادامت في كل واحد وهو في ونشر أزهارها وطيب ثمارها ونضارتها طرية رطبة كان الناس من رائحتها

رطوبتها وقحلت وطراوتها في سرور وغيظة ونزهة وفرحة فاذا جفت_ نضارتها فال تصلح حينئذ لسوى القلع وكذلك اإلنسان مادام عقله قويما

_ صحبته مباركة ومواصلته حسنة نافعة فاذا زال عقله وغلب وجسمه سليما عليه جهله.

فحينئذ ال يصلح للحياة وال يستره غير الوفاة.

العقل وقال أنو شروان كيف يسعني أن أخالف العقل وال أفعل ما يامرني به وأنه ليس لملك وال رعية خير من العقل فان بضيائه يفرق بين المليح والقبيح

والجيد والردئ والحق والباطل والصدق والكذب.

قال بزرجمهر شيئان ال يمكن وجودهما في شخص كاملين العقل والشجاعة.

_ فانه ال ينتفع بعلمه ما لم حكمة: قال لقمان الحكيم مهما كان الرجل عالما._ يكن العقل لعلمه مصاحبا

العدو حكمة: سأل أنو شروان بزرجمهر من تحب أن يكون أعقل الناس فقال إذا عاداني فقال حمكمة: قيل لبزرجمهر أي شيء ال بد لإلنسان منه وال

له عنه فقال العقل فقيل له ما قدر العقل فقال شيء ال يوجد في مندوحة_ كيف يعرف قدره. اإلنسان كامال

حكمة

قال بعض الحكماء جميع األشياء مفتقرة الى العقل والعقل مفتقر الى التجربة وال غنى أعم من العقل وال فقر أشد من الجهل وكل من كان علمه

حاجته الى العقل أوفر والمرء في هذا كراع ضعيف معه قطيع أكثر كانت عقل له. كبير يضرب للعالم الذي ال

والفهم. حكمة: قالت العلماء العقل أمير وله جنود وجنوده التمييز والحفظ

83

Page 84: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وسرور الروح العقل ألن به ثبات الجسم والروح سراج نوره العقل ثم_ ألنه ال يفعل ما يوجب االغتنام ينبسط في جميع الجسد والعاقل ال يغتم أبدا

في أمر ال يجوز لمثله االهتمام به. وال يشرع

حكمة

سئل ابن عباس العقل أم األدب فقال ألن العقل من الله تعالى واألدب تلكيف من العبد.

وسئل عبد الله بن المبارك العقل خير أخ األدب فقال العقل فقيل له ما العقل فقال العقل تعلم العلم والعمل بالعلم أن تعلم أنه ينبغي أن تعمل

متى علمت عملت. والعقل أنك

_ من العقل ونوم وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما قسم الله لعباده خيرا العاقل خير من عبادة الجاهل والعاقل المفطر خير من الجاهل الصائم

العاقل خير من بكاء الجاهل. وضحك

أو حكمة: قال رجل ألقليدس ال أستريح أو أتلف روحك فقال أنا ال أستريح أخرج الحقد من حكمة: قال الحكيم كما تفوح من الميتة الرائحة المكروهة

الجاهل نتونة الجهل فتضرb به وبجيرانه وأهله وأقاربه. يفوح من

_ فلوال حكمة: سئل الحكيم ما العقل فقال سداد وعقد بين ثالثة وعشرين شيئا هذه العقود الختلط الجيد بالردىء.

_ هو عقد بين التوحيد والشرك وبين االيمان والكفر وبين الحقد والتهور أوال وبين اإلسالم والغفلة وبين اليقين والشك وبين العاقبة والبالء وبين الكرم

والبخل وبين حسن الخلق والقباحة وبين التواضع والتكبر وبين الصداقة العلم والجهل وبين الحياء والوقاحة وبين الحق والباطل وبين والعداوة وبين

الظلمة والضياء وبين الكرامة والزلة وبين الطاعة الرزانة والخفة وبين والغفلة وبين النصيحة والحسد وبين السنة والمعصية وبين ذكر الله تعالى

والحمق. والبدعة وبين الرحمة والقساوة وبين الحلم

وقال صاحب الكتاب رحمه الله تعالى جميع محاسن الدنيا في العقل وسائر العلوم واألعمال مرجعها الى العقل كما جاء في الحكاية.

حكاية 

روي أن الريح حملت كرسي سليمان بن داود عليهما السالم وجعلت تسير به فالح لسليمان بلد فامر الريح أن تحطه فنزل على باب ذلك البلد فرأى على

_: أجرة اجتهاد يوم واحد درهم والحسن والجمال أجرتهما في يوم بابه مكتوبا وعلم ساعة واحدة ال تحصى قيمته وجميع األشياء منوط بالعلم مائتا مثقال

_ والعلم أسير والتدبير مع _ كثيرا العقل توأمان ون آتاه الله العقل فقد آتاه خيراmنتv vوسف الحmسmن ولدv كما قال الشاعر: ان ك م�ن أصل� جvوهmر{ مmنسوvب أو ي

mعق�لك� mت مvجmالسv ب mعقvوب ما أن mاس� س�وى مvحقرv معيوب� لتعلم ي vوب� ف�ي الن المحب

84

Page 85: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

قيمته فيجب عليك أيها العاقل الحمد أيها األخ كنه العقل ونفاسته وعلو. والشكر لواهب الشكر الباري جلت قدرته

الباب السابع في ذكر النساء 

خير النساء وأبركهن الحسناء الولود الخفيفة المهر.

وأبرك(. قال عليه الصالة والسالم )عليكم بالمرأة الحرة فإنها أطهر

شرار وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه )التجئوا الى الله عز وجل من النساء واحذورا خيارهن(.

بها قال صاحب الكتاب من أراد صالحه وتدبيره ولم يجد المرأة الحسناء يلهو فعليه بالمرأة الدينة فذات الدين خير وأبرك وإذا جاءت الديانة أتى المال

أبرك ألن المرأة ال دين لها فما لها أصل ال معها بركة وببركة الديانة وكان كما في حكاية: كان بمدينة مرو رجل اسمه نوح بن مريم وكان يوجد كل خير

له نعمة كبيرة وحال موفورة وكانت له ابنة ذات رئيس مرو وقاضيها وكان من األكابر والرؤساء وذوي حسن وجمال وبهاء وكمال قد خطبها جماعة

ولم يدر أليهم يزوجها النعمة والثروة فلم ينعم بها ألحد منهم وتحير في أمرها_ وكان له غالم هندي تقي اسمه مبارك وقال ان زوجتها لفالن أسخطت فالنا

وكان له كرم عامر األشجار والفاكهة والثمار.

ناولني فقال للغالم أريد أن تمضي وتحفظ الكرم لينظره فقال له يا مبارك_ فقال له سيده أعطني _ من العنب فوجده حامضا عنقود عنب فناوله عنقودا

_ فقال له سيده ما السبب في أنك ال تناولني غير هذا _ حامضا فناوله عنقودا الحامض فقال ألني ال أعلم أحامض هو أم حلو فقال له من هذا الكثير غير

شهر كامل ما تعرف الحامض من الحلو سيده سبحان الله لك في هذا الكرم أحامض أم حلو فقال له لم ال فقال وحقك أيها السيد انني ما ذقته ولم أعلم

كنت أخونك أكلت منه فقال ألنك أمرتني بحفظه ولم تأمرني بأكله فما فعجب القاضي منه فقال له حفظ الله عليك أمانتك وعلم القاضي أن الغالم

غزير العقل فقال له القاضي أيها الغالم قد وقع لي رغبة فيك وينبغي أن به فقال الغالم أنا مطيع لله ولك فقال القاضي: إعلم أن لي تفعل ما آمرك

_ جميلة وقد خطبها كثير من الرؤساء والتقدمين وال أعلم لمن أزوجها بنتا الكفار في زمن الجاهلية كانوا يريدون فأشر علي بما ترى فقال الغالم: إن

يطلبون الحسن والجمال األصل والنسب والبيت والحسب واليهود والنصارى وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس يطلبون الدين

والتقى.

تريد أما وفي زماننا هذا فالناس يطلبون المال فاختر من هذه األربعة ما فقال القاضي قد اخترت الدين واألمانة وجربت منك العفة والصيانة.

تزوجني فقال الغالم أيها السيد أنا عبد رقيق هندي أسود أبتعتني بمالك كيف بإبنتك وترضاني فقال له القاضي قم بنا إلى البيت لندبر هذا األمر فلما صارا الى المنزل قال القاضي لزوجته اعلمي أن هذا الغالم الهندي دين تقي وقد

85

Page 86: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

صالحه وأريد أن أزوجه ابنتي فما تقولين فقالت األمر إليك ولكن رغبت في وأخبرها وأعيد عليك جوابها فجاءت المرأة الى الصبية أمضي الى الصبية

مهما أمرتماني به فعلته وال أخرج من تحت وأدت إليها رسالة أبيها فقالت فزوج القاضي ابنته بالمبارك حكمكما وال أعاندكما بالمخالفة بل أبركما

_ وسماه عبد _ فأولدها المبارك ولدا _ عظيما الله وهو معروف في واعطاهما ماال األحاديث جميع العالم وهو عبد الله بن المبارك صاحب العلم والزاهد ورواية

فما دامت الدنيا يحدث عنه يروى.

نعم أيها األخ إذا تزوجت فاطلب ذات الدين وال تطلب ذات الصيت والمال_ وال تعطيكه المرأة وإذا أردت أن تطلب زوجة فال تطلبها فإن المال يعود وباال

وتخطبها ألجل بلوغ الشهوة وارغب فيها بنية أنها دينة وصالحة لتكون في_ من النار. خدرك وطاعتك وتكون لك سترا

حكاية

عنده نزل بعبد الله بن المبارك في بعض األيام عشرة من العلماء ولم يكن ما يضيفهم به وما كان يملك سوى فرس يحج عليها سنة ويغزو سنة فذبح

وطبخ منه وقدمه بين يدي أضيافه فقالت له زوجته سبحان الله ذلك الفرس_ الى بيته ما كنت تملك سوى هذا الفرس من الدنيا فلم ذبحته فدخل سريعا

وطلقها في وقته وساعته وقال امرأة تبغض وأخرج من متاع بيته بقدر مهرها رجل وقال له يا امام المسلمين لي األضياف ال تصلح لنا فأتاه بعد ذلك بأيام

_ واليوم بنت وقد توفيت أمها وهي في كل يوم تمزق دست ثياب _ وغما حزنا_ لعل قلبها يرق فلما جلس على تريد أن تقصد مجلسك فقل في تسليتها شيئا

المنبر ذكر من هذا الباب ما تسلت به الصبية عن أمها فلما عادت الى البت قالت يا أبت قد تبت وال أعود أسخط الله تعالى ولكن لي اليك حاجة قال وما

_ أرباب األحوال وأبناء الدنيا يطلبونك ويخطبونك حاجتك قالت أنت تقول دائما التزوجني لغير عبد الله بن المبارك فإن كان ماله دنيا فإن لنا فناشدك الله

_ دنيا فزوجها أبوها _ كبيرا _ وماال _ كثيرا بعبد الله بن المبارك وحمل اليه جهازا ليجاهد عليها في سبيل الله فرأى عبد الله في وأنفذ اليه عشرة أفراس

_ يقول ان _ فقد بعض الليالي في منامه قائال كنت طلقت من أجلنا عجوزا_ فقد _ واحدا _ وان كنت ذبحت فرسا أعطيناك عشرة أعطيناك صبية بكرا

أفراس وعوضها لتعلم أن الحسنة بعشر أمثالها عندنا وال يضيع عندنا أجر المحسنين وما عاملنا احد فخسر وال حكاية: حكى أبو سعيد أنه كان في بني

رجل صالح وله زوجة دينة تقية ذات رأي وحزم فأوحى الله تعالى اسرائيل لذلك العبد الصالح أني قدرت له أن يمضي نصف الى نبي الزمان أن قل

يكون غناه في شبيبته اغنيناه وإن عمره بالغنى ونصفه بالفقر فإن اختار أن له. اختار أن يكون في شيخوخته قدرنا له ذلك فيسرناه

تعالى لما أعلم الرجل ذلك اخبر به زوجته وقال لها قد جاء خطاب من الله وقص عليه ما سمعه وقال لها ما تريد فقالت له االختيار اليك فقال الرجل قد

_ احتملت وصبرت عليه فإذا _ فقيرا رأيت الفقر في الشبيبة فإذا كنت شابا_ _ كان لي ما أتقوت به وأشتغل بطاعة ربي وعبادته فقالت صرت كبيرا غنيا

كنا في الشبيبة في ضنك ولم نقدر على طاعة ربنا المرأة أيها الرجل إذا

86

Page 87: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

الخيرات واعطاء الصدقات فالواجب أن تختار تعالى ولم تصل أيدينا الى فعل وطاعة فنقدر حينئذ على الغنى في زمان الشباب فيكون لنا شباب وغنى

نفعل فنزل عبادته باجسمامنا وأموالنا فقال الرجل نعم ما رأيت وكذلك الوحي على ذلك النبي عليه السالم فقال قل لذلك الرجل إذا آثرت طاعتنا

واستفرغت جهدك في عبادتنا واتفقت نيتك ونية زوجتك على طاعتنا فقد أقضي جميع عمرك في الغنى وكن أنت وزوجتك على قضيت وقدرت أن

الدنيا واآلخرة. بريتي ليكون لكما حظ عبادتي ومهما رزقتكما فتصدقا به على

الصالحة وما قال صاحب الكتاب وما أوردنا هذه الحكاية إال لتعلم قدر الزوجة فيها من النعمة من الله تعالى.

فصل

وهيهات واعلم أن ديانة المرأة وسترها نعمة من نعم الله تعالى على عباده أن يقدر على المرأة العفيفة طامع كما جاء في الحكاية.

حكاية 

يقال أنه اراد رجل فاسق أن يكابر امرأة عفيفة فقال لها امضي وأغلقي أبواب الدار جميعها واحكمي اغالقها فمضت المرأة ثم عادت فقالت قد

األبواب وأوثقت اغالقها سوى باب واحد فقال أي األبواب ذلك أغلقت سائر التي بيننا وبين الخلق قد أغلقتها وقد بقي الباب الباب فقالت تلك األبواب

ما قدرت عليه وال استطعت أن أغلقه الذي بيني وبين الخالق جلت عظمته الكالم الهيبة فاخلص لله وهو بحاله مفتوح فرقع في نفس هذا لرجل من هذا

التوبة وأقلع عن ذنبه وعاد الى طاعة ربه األعلى.

حكاية مثلها

_ على باب داره يقال أنه كان رجل علوي بسمرقند في بعض األيام قائما_ فقبض العلوي فاجتازت عليه امرأة ذات حسن وجمال وكان الدرب خاليا

وجذبها الى داخل الدار وهم أن يفسد معها فقالت له المرأة على زند المرأة وافعل ما بدا لك فقال اذكري ما تريدين فقالت إذا أسألك مسألة اجبني عنها

_ وحبلت منك وولدت _ أو أنت وطئتني حراما _ هل يكون ذلك الولد علويا ولدا_ فقالت _ فقال إنه يكون علويا _ عاميا المرأة ال شك أنك أنت من خبيثي خبيثا

_ لم تفعل مثل هذا فخجل العلوي في الحال ورفع العلويين ولو لم تكن خبيثا_ أنه ال يعود ينظر الى امرأة محرمة عليه يده عنها ونذر على نفسه لله نذرا

نظرة فساد.

وينبغي أن يكون الرجل صاحب حمية وغيرة على حرمه وناسه فإن الحمية الدين الى حد أنه ال يجوز للرجل األجنبي أن يسمع دق المرأة األجنبية من

دق رجل أجنبي باب الدار فال يحل للمرأة أن تجيبه بلين وسهولة بالهاون وإذا بأقل األشياء وأكثرها وان كان البد للمرأة أن تجيبه ألن قلوب الرجال تتعلق

_ بصوت العجائز واليجوز فلتضع أصبعها في فمها ولتجبه ليصير صوتها شبيها كان المنظور أعمى. للنساء أن ينظرن الى الرجال األجانب ولو

87

Page 88: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

وجاء في الخبر إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل الى بيت_ النساء فقال يا عائشة رضي الله عنها فرأى عبد الله بن أم مكتوم قاعدا

للمرأة أن تقعد عند غير ذي محرم فقالت يا رسول الله إنه عائشة ال يحل فانك تريه. أعمى فقال ان كان ال يراك

حكاية 

الله يقال أن الحسن البصري رحمة الله عليه قصد زيارة رابعة العدوية رضي عنها في جماعة من اصحابه فلما وصلوا الباب قالوا اتأذنين لنا في الدخول

_ وأذنت لهم فدخلوا فقالت تمهلوا ساعة وجعلت الكساء بينها وبينهم سترا_ وسلموا عليها فأجابتهم من وراء الستر فقالوا لم علقت بيننا وبينك سترا

mء ح�جmاب� }تعالى: فقالت أمرت بذلك في قوله mوvه�ن م�ن وmرا وواجب { فmاسأل ال ينظر الى امرأة أجنيبة بحال فإنه قبل أن يجازي به في على الرجل أن

كما جاء في الحكاية. اآلخرة يجازي به في الدنيا

حكاية

سنة كان بمدينة بخارى رجل سقاء يحمل الماء الى دار رجل صائغ مدة ثالثين وكان لذلك الصائغ زوجة في نهاية الحسن والجمال والظرف والكمال

موصوفة بالستر والصيانة. معروفة بالديانة

_ وقلب الماء في البات وكانت المرأة قائلة في فجاء السقاء على عادته يوما وسط الدار فدنا منها واخذ بيدها ولواها وفركها وعصرها ثم مضى وتركها.

فلما جاء زوجها من السوق قالت له أريد أن تعرفني أي شيء صنعت اليوم_ فقالت في السوق لم يكن لله تعالى فيه رضا فقال الرجل ما صنعت شيئا

تصدقني وتعرفني فال أقعد في بيتك وال تعود تراني وال أراك المرأة ان لم_ من فقال اعلمي أن في يومنا هذا اتت امرأة الى دكاني فصنعت لها سوارا

في ساعدها فحيرت من بياض ذهب فأخرجت المرأة يدها ووضعت السوارvوار vا سmاع�د�ه mيدها وحسن زندها فتذكرت هذا المثنوي ف�ي س mارm ى كن mبر� وأر� ت

mلvوحv فmوmقm ماء{ جmار�ي ثم أخذت يدها فعصرتها ولويتها فقالت المرأة الله أكبر ي منذ لم فعلت مثل هذا الحال ال جرم أن ذلك الرجل الذي كان يدخل البيت

ثالثين سنة ولم نر منه خيانة أخذ اليوم يدي فعصرها ولواها فقال الرجل أيتها المرأة مما بدا مني فاجعلني في حل فقالت المرأة الله األمان

أمرنا الى خير فلما كان من الغد جاء الرجل المسؤول أن يجعل عاقبة وأغواني فقالت المرأة امض السقاء اجعليني في حل فإن الشيطان أضلني

الشخص في حال سبيلك فأن ذلك الخطأ لم يكن منك وانما كان من ذلك صاحب الدكان فاقتص الله منه في الدنيا.

وكذلك ينبغي أن تكون المرأة مع زوجها ظاهرها وباطنها واحد وتقنع معه بالقليل إن لم يقدر على الكثير وتقتدي بعائشة وفاطمة رضي الله عنهما من

كما جاء في الحكاية. أهل الجنة

حكاية 

88

Page 89: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

كانت فاطمة رضي الله عنها تطحن الجاروشة الى أن أدمت أناملها فشكت ذلك في بعض األيام الىبعلها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقال قولي

خادمة فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول ألبيك يبتع لك تعينني على اشغالي وتحمل عني بعض اثقالي الله إني مفتقرة الى خادمة

خير لك من خادم وأعز من سبع فقال عليه الصالة والسالم أال أعلمك ما هو الله عليه سموات وسبع أرضين فقالت يا رسول الله علمني فقال صلى

وسلم اذا أردت فقولي قبل منامك ثالث مرات سبحان الله والحمد لله وال اال الله والله اكبر. إله

رؤوسهم وفي األخبار انهم لم يكن لهم في البيت إال كساء كانوا إذا غطوا به_ وزفت الى علي بن انكشفت أرجلهم وفي الليلة التي كانت فاطمة عروسا

رضي الله عنه كان تحتها جلد شاة وكانا ينامان عليه وما كان أبي طالب سوى كساء ومخدة من أدم حشوها ليف الجرم ينادي لفاطمة من متاع البيت

أبصاركم حتى سيدة النساء فاطمة لها يوم القيامة يا أهل الموقف غضوا الزهراء.

المره وقت والمرأة تعز عند زوجها وتنو محبتها في قلبه باكرامها له وكاعتها واكتنافها خلوته ومجامعته لها وبحفظها منافعه واجتنابها مضاره وتربيتها ولده

في بيته وقلة خروجها من خدرها وأن تكون عنده كاتمة للسر محتملة لألمر تحفظ وقت طعامه ومهما علمت أن يشتهيه اصطنعته بطالقة وجه وبشر وأن

ثقيلة وان ال تكون لجوجة وان تستر نفسها عند منامها وان ال تكلفه حاجة وحضوره. وان تحفظ سر زوجها في غيبته

قال صاحب الكتاب وواجب على الرجال أن يؤدوا حق النساء العورات وأن_ يتحفظوا بهن من وجه الرحم واإلحسان والمدارة ومن أحب أن يكون مشفقا

_ لها فليذكر عشرة أشياء من أحوالها لينصفها بها. على زوجته رحيما

وانها أولها أ المرأة ال تقدر أن تطلقه بغير اذن وهو قادر على ذلك متى شاء_ بغير اذنه وهو يقدر على ذلك وانها ما دامت في حباله ال ال تقدر ان تأخذ شيئا

تقدر على زوج سواه وهو يقدر على الزواج عليها وانها ال يجوز لها أن تخرج بغير إذنه وهو يجوز له ذلك وانها ال يمكنها ان تعزي وهو يمكنه ذلك من البيت

وهو ال يخافها وأنها تفارق أمها وأباها وجميع أقاربها وإنها وانها تخاف منه_ وهو _ وهو اليغتم تخدمه دائما _ وإنها تتلف نفسها إذا كان مريضا اليخدمها دائما

لو ماتت.

النساء فلهذه الوجوه التي ذكرناها يجب على العقالء أن يكونوا رحماء على وال يظلمونهن وال يجوروا عليهن فإن المرأة أسير الرجل ويجب على الرجال

مداراة النساء لنقص عقولهن وبسبب نقص عقولهن ال يجوز ألحد أن يتدبر يتلفت إلى أقوالهن ومن اعتمد على آرائهن ودبر نفسه بمشورتهن برأيهن وال

الحكاية. كان كما جاء في

 

89

Page 90: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

حكاية

_ وشيرين _ جالسا يقال أن خسرو بن أبرويز كان يحب أكل السمك فكان يوما معه فجاء الصياد ومعه سمكة كبيرة فأهداها لخسرو ووضعها بين يديه

بأربعة آالف درهم فقالت شيرين بئس ما فعلت فقال ولم فأعجبته فأمر له_ من حشمك بعد هذا مثل هذه العطية احتقرها فقالت ألنك إذا أعطيت أحدا

لقد صدقت ولكن يقبح وقال أعطاني مثل ما اعطى الصياد فقال الملك هذا بالملك استرجاع ما وهبه وقد فات ذلك األمر فقالت شيرين أنا أدبر

الحال فقال وكيف ذاك فقالت تدعو الصياد وتقول له هذه السمكة ذكر أم_ وان قال ذكر فقل إنما أردت أنثى أنثى فإن قال أنثى فقل إنما أردت ذكرا

ذكاء وفطنة فقال خسرو هذه السمكة ذكر أم أنثى فنودي الصياد وكان ذا إقبال الملك هذه السمكة خنثى ال ذكر وال فقبل الصياد األرض وقال أدام الله

آالف درهم أخرى فمضى أنثى فضحك خسرو من كالمه وأمر له بأربعة كان معه الصياد إلى الخازن وقبض منه ثمانية آالف درهم ووضعها في جراب

وحملها على كاهله وهم بالخروج فوقع من الجراب درهم واحد فوضع الصياد عن كاهله وانحنى على الدرهم والملك وشيرين ينظران إليه فقالت الجراب

إلى خسة هذا الصياد وسفالته سقط منه درهم واحد شيرين لخسروا أرايت وانحنى على ذلك الدرهم فأخذه ولم فألقى عن عنقه ثمانية آالف درهم

فحرد خسرو من ذلك يسهل عليه أن يتركه فكان يأخذه بعض غلمان الملك هذا ثم أعاد الصياد إليه وقال له يا ساقط الهمة ألست بإنسان وضعت مثل

المال عن عنقك ألجل درهم واحد وأسفت أن تتركه فكان يتبلغ به بعض الصياد األرض وقال أطال الله إقبال الملك لم أرفع ذلك الصعاليك فقبل

رفعته عن األرض ألن على أحد وجهيه اسم الملك الدرهم لخطره عندي وإنما أحد بغير علم فيضع قدمه عليه وعلى وجهه اآلخر صورته فخشيت أن يجيء

_ باسم الملك وصورته فاكون أنا المأخوذ بهذا الذنب فيكون ذلك استخفافا ومعه فعجب خسرو من كالمه وأمر له بأربعة آالف درهم أخرى فعاد الصياد

_ ينادي ال يتدبر أحد برأي النساء فإن اثنا عشر ألف درهم وأمر خسرو مناديا تدبر بآرائهن أو ائتمر بمشورتهن خسر درهمه درهمين. من

قال صاحب الكتاب رضي الله عنه عمارة الدنيا وتناسل بني آدم بالنساء والعمارة ال تصح بغير رأي وتدبير وقيل شاورهن وخالفوهن ويجب على

المتيقظ أن يحتاط في خطبة النساء وطلبهن وليزوج البنت ال الرجل الفاضل الغدر والعيب ومرض الروح وتعب القلب. سيما إذا بلغت لئال يقع في

كما وعلى الحقيقة كلما ينال الرجل من البالء الهالك والمحن فبسبب النساء قال الشاعر:

ى mخشm mى ** الرحmمmنَ أو ي mفت mعص�ى ال �سوان� قmد ي mة� الن لطmان� م�ن ف�تن vم�ن الس

�أرخmص� األيمmان� �لvروح� م�نه ب _ ** ل �عا mائ اللصv لواله�ن لmم يك ب

mنز�يل� � الت mم vوس�فv ** ف�ي مvحك عm آدmمv معm ي mرmهن قv �العvصmيان� م�ن ب

90

Page 91: التبر المسبوك في نصيحة الملوك

مكتبة الملوك نصيحة في المسبوك التبر اإلسالمة مشكاة

عر� ف�ي �الش� mكmسv ** ومvعلmقv ب �ل� مvن mاب �ب وت ب vارmك هm جmذعmان� وكذا

mد ند�با ا ** ف�ي الس� mس� vونv عmام�ر� هmامm م�ن أجل� الن �سوان� مmجن عmجmائبv الن

�ي مmدى األزمmان� �ي والوفmا ** م�نهvن ال يأت �هvن يأت vل البال من ك

91