كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي...

48

Upload: mezianeazem

Post on 27-Jul-2015

361 views

Category:

Documents


54 download

TRANSCRIPT

Page 1: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني
Page 2: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني
Page 3: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني
Page 4: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني
Page 5: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

بسم اهللا الرمحن الرجيم

وبه نستيعن وعليه التكالن

احلمد هللا الذي أفاض على قلوب أوليائه وأصفيائه أنوار املعرفة، واصطفاهم من بني خلقه باملواصلة واملشاهدة، فاستنارت بأنوار علومهم ومعارفهم صدور اخلليقة، وهدى

يقة ومراتب احلقيقة، فلوالهم ما سلك أحد من تلك م أرباب السلوك إىل معرفة منازل الطر سالكها من ضلع النفوس اعوجاجها، والصالة والسالم على سيدنا السبل فجاجها، وال قوم،

ويقتطف الكل من روض مواهبه وأمثار أشجار , الذي يغترف اخلاص والعام من فيض حبره حممد تعدالن صالة وسالم مجيع أهل حمبته؛ أسراره ومعارفه، وعلى آله وأصحابه صالة وسالما

. آمني . دائمني بدوام ملكه وكلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون

؛ ولد أما بعد ؛ فيقول العبد املذنب الراجي إىل مغفرة اهللا سبحانه حسن حلمي سلك به مسلك ساحمه اهللا تعاىل من فرطاته، و - ي النقشبندي الشاذيل العامل احلاج حممد القح

: أوليائه؛ آمني

قد ورد إيل أسئلة من طرف العامل القاضي حممد الربجي، فحمدت اهللا تعاىل على وجود مثله يف عصري، وشكرته تعاىل على إهلامه إياه أن يسأل تلك املسائل اليت كانت

باطن، ليس له نصيب من علم ال متوطنة يف صدري منذ زمان، ألا كانت مشكلة لدى كل من فكانت املسائل تتضمن مسائل أخرى مشكلة أيضا ال بد من اجنالئها واجلواب عنها، فاحتجنا ألجله جلمع كتاب يشتمل على مباحث مستقل، وأجوبة منقولة من كتب متعددة، فلما كانت املسائل واردة من رجل برجي، وكانت األجوبة املؤيدة مشيدة بالنصوص من الكتاب والسنة

: يه ب ف واألئمة، أردت أن أرتب الكتاب على بروج، وأن أمس وآثار السل

" الربوج املشيدة بالنصوص املؤيده "

. آمني . جعله اهللا تعاىل نافعا للعباد، وال جعله سببا للعناد

Page 6: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

وقد وقع فيه التكرار يف مواضع نادرة ليكون سببا لفهم الكالم، أو مستقلة، ولكل , ملا أن يف كل موضع فائدة , ى املقام احلاجة ليوافق املرام على مقتض لوقوع

مقام حكمة مستبدة ويكفيك مايف القرآن من التكرار كمثل قصص موسى عليه السالم وأرجو من كل ناظر أن يصلح مارأى فيه من اخلطأ والتحريف ، ومعلوم أن اإلنسان ولو بالغ يف

نبغي ملنصف أن يسارع إىل العتاب إال بعد والتصحيف ، وال ي . التصحيح فقل أن يسلم من اخلطأ إحكام الفكر من اول الكتاب إىل آخره فإين قد حررت ما فات يف مسألة يف موضع آخر مع

فأسأله باهللا سبحانه أن يراجع به لدي ! ومن رأى فيه خلال أو أشكل منه شيئا , بيان فائدة زائدة الكالم أعلم مبراده من غريه، وقد صاحب ما دمت حيا ألوضح له العبارة وأحل املشكلة، فإن

بينت فيه مآخذ ونقوال يف كل جواب مع وضع تاريخ الصحيفة مما عندي من الكتب، وإن قوال ما من عند نفسي فاعلم أن غالب كالمي مقتبس من كالم وجدت فيه موضعا ذكرت فيه

ىن؛ ملا أين نسيت لفظه ومل السادات ، ومنتخب من شعاع نور الشريعة والطريقة، نقلته باملع أتذكر يف احلال موضعه، وان كان املعىن راسخا يف القلب وحمفوظا فيه، وذلك ليس إال نادرا

. كما ستراه إن شاء اهللا تعاىل

لكن قد - وإن وقع السائل لذلك سببا أوال - مث اعلم أن تد وين الكتاب ن رعايتها والعمل ا، وغالب مافيه كالسلم ذكرت فيه أشياء مهمة ال بد لسالكي طريق القوم م

هلم لالرتقاء إىل سطوح املعارف واملرجو منهم أن يدعوا هلذا املفلس باملغفرة والوقوف على حد االستقامة واهللا ويل التوفيق، وله احلمد على كل حال ويف كل حني، ومنه نطلب العون للدخول

. التحقيق يف دائرة

: ي هذه الربوج اآلتية وقد بينت الكتاب عل

الزم واحد عبادة اهللا تعاىل مجعة ومجاعة، : يف جواب مسألة : الربج األول من شيخ، فهل يكون سعيه . ذكرا وتالوة، واختذ من عند نفسه وردا صباحا ومساء ومل يأخذه

له و شيخا فشيخه الشيطان، فيحبط عم عبثا؟ ومايقوله أهل التصوف من أن كل من مل يتخذ ؟ و ) إنا ال نضيع أجر احملسنني : ( سعيه عبث، أهو حق أم ال؟ فإن كان حقا فما معين قوله تعاىل

اآلية؟ ) فمن يعمل مثقال ذرة خريا يره : ( قوله تعاىل

فحني إرادة اهللا تعاىل جزاء : يف جواب مسألة ذلك السائل بقوله : الربج الثاىن! معين ختصيص إحباط العمل مبن ليس له شيخ؟ عمل العبد خريه و شره؛ و لو مثقال ذرة، فما

Page 7: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

فهل يكون الفرق بني من له شيخ و بني غريه : يف جواب مسألة : الربج الثالث يف اخلوف من سوء اخلامتة؟

يف بيان درجات شوائب الرياء، و اآلفات املكدرة لإلخالص : الربج الرابع

. س له قلب سليم ىف بيان وجوب اختاذ الشيخ على كل من لي : الربج اخلامس

هم السادات – رضي اهللا عنهم – ىف بيان أن الصحابة : الربج السادس القادات، و أم هم النجوم و من اقتدى م اهتدى و من خرج عن سبيلهم ارتدى و أمنا وقع

. بينهم إمنا وقع باإلجتهاد؛ ال حقدا و ال حسدا، و ال حبا للرياسة و علو الدرجة

. ىف بيان ما ورد ىف التلقني وما يترتب عليه من الفوئد املهمة : ع الربج الساب

. ىف بيان أفضلية علماء الباهن على غريهم : الربج الثامن

ىف بيان كون الشريعة واحلقيقة عني اآلخر، ووجوب تعلم علم : الربج التاسع. الباطن، وبيان من يقول به

. هر ىف بيان غرور علماء الظا : الربج العاشر

بأن املريدين يزعمون : ىف بيان جواب مسألة السائل : الربج احلادى عشربعضهم بعضا وينكرون شيخ بعضهم، ويكون بينهم التحاسد والتعارض، واحلقد والسب واالستهزاء، فإذا كان األمر كذلك؟ يغلب على الظن فما فائدة اختاذ الشيخ؟ فلم أر أستاذا أو

! مريدا ال يهجو آخر

ىف بيان عدم وقوع التنازع واإلنكار بني الصادقني من : ج الثاىن عشر الرب . وبيان أن ترك اإلرشاد بعد التأ هل واإلذن عصيان املشايخ،

وكان أبو احلسن الشاذيل : ىف جواب مسألة حاصله هذ : الربج الثالث عشر من سوء الظن باهللا أن : ضا وكان يقول أي . اه . من الشرك اختاذ األولياء شفعاء من دون اهللا : يقول

فماذا يطلبه املريد من استاذه؟ و ما فائدة ! فإذا كان األمر كذلك . يستنصر بغري اهللا من اخللقاإلختاذ؟

Page 8: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

. ىف بيان جواز التوسل باألنبياء واألولياء : الربج الرابع عشر

. ىف بيان أن اإلنكار على الصوفية سم قاتل : الربج اخلامس عشر

الطرق املشهورة ىف الديار الداغستانية و ذكرها . ىف بيان : لسادس عشر الربج ا . باإلمجال

ىف ذكراوصاف الشيخ وعدم كون اذوب ارد مرشدا : الربج السابع عشر لكونه يف بيان أن الشيخ الكامل ىف قومه كالنيب ىف أمته، وأن متابعته كمتابعته : الربج الثامن عشر

. تكون هللا ال لغرض سواه عنه صلى اهللا عليه و سلم، و بيان أن حمبة الشيخ جيب أن نائبا

ىف بيان مذمة علماء السوء الذين هم يف اسر حمبة الدنيا، : الربج التاسع عشر . ومدح العلماه الزهاد الذين يرغبون عن الدنيا

. ىف ذكر جماهدة النفس واهلوى وترك الشهوات : الربج العشرون

. ىف ذكر معاتبة النفس وتوبيخها : الربج احلادي و العشرون

. يف ذكر أدعية منقولة من كتب األئمة الصوفية : خامتة

ىف ذكر مكفرات الذنوب، واألحزاب النافعة لتفريج الكروب، وذكر : تذنيب . سندها وسند اشياخنا ىف العلوم الظاهرة والباطنة

تفصيل مع األجوبة لكل مسألة، مؤيدة فها أنا ذكرت الربوج املذكورة بال : باملآخذ الصحيحة واألقوال املرحية من كتب األئمة فقلت حامدا هللا تعاىل

الربج األول

ذكرا وتالوة ، الزم واحد عبادة اهللا تعاىل مجعة ومجاعة : يف جواب مسألة عبثا؟ وما يقوله واختذ من عند نفسه وردا صباحا ومساء ومل يأخذه من شيخ، فهل يكون سعيه

أهل التصوف من أن كل من مل يتخذ له شيخأ فشيخه الشيطان فيحبط عمله، وسعيه عبث، : ، وقوله تعايل ) إنا ال نضيع أجر احملصنني : ( فما معىن قوله تعاىل ! أهو حق أم ال؟ فإن كان حقا

! االية؟ ) فمن يعمل مثقال ذرة خريا يره (

Page 9: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

وبه نستمد، وبامسه نتربك، وهللا احلمد فنقول وباهللا التوفيق، ومنه نستعني : واملنة

إن من أخلص يف ذكره وعبادته ال يكون سعيه عبثأ؟ وإن مل يأخذه من شيخ، بيد أن السالك بنفسه اليهتدي كثريا إىل إخالص العمل من الشوائب احملبطة له، بل يرى أنه أحق

وال يعلم املسكني أن كثريا , ورمحته بالثواب بعمله وينجو به من عقابه، وينسى غالبا فضل اهللا وإعجابه مبا عمله وشهوده أنه خري , لرؤيته عمله و أنه خملص فيه ! من أعماله يكون سببا للعقاب

من رأي يف إخالصه إخالصا حيتاج إخالصه إىل : واحلال أن بعض العارفني قد قال , ممن ال يعمل

. كما سيأيت . إخالص

رد األعمال ثواب األعمال بالنيات ال مبج

إمنا األعمال " و , ومن املعلوم أن ترتب الثواب على العمل منوط باإلخالص فيه وأن مقصود أهل اهللا ! إمنا ثواب األعمال بالنيات، ال مبجرد األعمال : أي , كما ورد " بالنيات

اليكون إال العبودية احملضة، وطلب الثواب عندهم كعبادة األصنام احلسية علي حد سواء، كما . انتهى . فحسنات األبرار سيئات املقربني ". لواقح األنوار " و " لطائف املنن " ذكره الشعراين يف

والسالك الذي سلك يف طريق الذكر والرياضة بنغسه قد ال يتنبه إىل دقائقالرياء، فإنه أخفى من دبيب النمل يف الليلة الظلماء، ويقع يف املهالك أحيانا، ويكون له يف كل

الجيوز اإلنتقال إىل غري، وإن انتقل حيصل له من مقامات السالكني عمل خاص بذلك املقام مقام ، كما ورد، فيجتهد يف " و الشيطان جيري من ابن آدم جمرى الدم " الترقي، الترتل وينقنع عن

إغواء العبد وإضالله وتكون نفسه األمارة معينة له، فريى القبيح حسنا فيعمله، واحلسن قبيحا فيمنعه منه بإلقاء الوساوس، فحينئذ يبقى بال وصول وجيره الشيطان إىل سبيله؟ فيكون شيخا له

. يتصرف فيه كيف يشاء، ويركب عنقه كما يركب احلمار

. الرياضة بال شيخ ال تورث إال الوسوسة واجلزبرة : وقد قيل

من : يقول - أمحد الرفاعي رضي اهللا عنه : يعين - وكان ": الفجر املنري " ويف . 21 اه . طلب الطريق بنفسه تاه يف أول قدم

فكذلك املريد حيتاج إىل شيخ وأستاذ يقتدي به ليهديه إىل ": اإلحياء " ويفوسبل الشيطان كثرية ظاهرة، فمن مل يكن له شيخ يهديه سواء السبيل، فإن سبل الدين غامضة،

Page 10: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

. فقد خطر بنفسه وأهلكها ي بغري خفري فمن سلك سبل البواد قاده الشيطان إىل طرقه ال حمالة، حق ثابت يف كتب أهل التصوف، ! ! من مل يكن له شيخ فشيخه الشيطان : وما قيل 183 . اه . وغريمها " اإلحتاف شرح اإلحياء " اإلمام القشريي و " رسالة " ك

عدم خلوصه غالبا من شوائب احملبطات ! وعلة إحباط عمل من ليس له شيخ . والعمل الذي ال إخالص فيه ال يكون حسنا يثاب عليه وطرقه، اليت هي سبل الشيطان

ومعلوم مشهور أن سلوك الطريق ال يكون إال بالذكر وتكراره، وسيأيت يف الربج الثاين ما يؤيده، . كما هو مذكور يف الكتب

إن الذكر املعترب عند أهل اهللا تعاىل ": رماح حزب الرحيم " وقد قال صاحب هو املأخوذ باإلذن والتلقني من شيخ وارث واصل - الفتح والوصول إىل اهللا الذي يكون به -

فراجعه يف الفصل ! ال ما يأخذه اإلنسان بنفسه مرشد؛ تتصل صحبته وطريقته باحلضرة النبوية، . 1 ج 180 السابع والعشرين يف

عن أو اعلم أن الذكر املأخوذ عن غري شيخ : بعد ذلك - قدس سره - وقالقال الشيخ . صاحبه أقرب من سالمته، ال سيما أمساء اهللا تعاىل شيخ غريمفتوح عليه عارف هالك

يتكلم على الذين يذكرون أمساء اهللا - عبد العزيزرضي اهللا عنه : و مسعته يعي : أمحد بن املبارك وإن إن أخذوها عن شيخ عارف مل تضرهم، : - رضي اهللا عنه – تعاىل ىف أورادهم؛ فقال

األمساء : - رضي اهللا – لسبب يف ذلك؟ فقال ! فما : أخذوها عن غري عارف ضرم، فقلت احلسىن هلا أنوار من أنراو احلق سبحانه، فإذا أردت أن تذكر االسم فإن كان مع االسم نوره

مل يضرك،وإن مل يكن مع االسم نوره الذي حيجب من ! الذي حيجب من الشيطان وأنت تذكره حضر الشيطان وتسبب ىف ضرر العبد، والشيخ إذا كان عارفا وهو ىف حضرة احلق ! الشيطان

دائما واراد أن يعطي امسا من أمساء اهللا تعاىل احلسىن أعطاه ذلك االسم مع النور الذي حيجبه، مث النفع به على النية اليت أعطاه الشيخ ذلك االسم ا،فإن أعطاه بنية . فيذكره املريد وال يضر

وأما إن كان اك الدنيا أدركها، أو بنية إدراك اآلخرة أدركها، أوبنية معرة اهللا تعاىل أدركها، إدر فإنه يعطي جمرد االسم من غري نور حاجب فيها، فيهلك املريد، ! الشيخ الذي يلقن االسم حمجوبا

. اه . نسأل اهللا تعاىل السالمة

: لى العبد مالزمتها، أي فع : - رضي اهللا عنه وأرضاه وعنا به - وقال شيخناوالدؤوب على ما يقدر عليه - األحكام التكليفية املتفرقة يف اآليات القرآنية واألحاديث النبوية

Page 11: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

ال الذي يأخذه : الذي يكون بتلقني شيخ واصل : منها؟ بدوام معانقة الذكر معها ونعين بالذكر ن بدوامه على هذه األمور يصل مع دوام االستناد بالقلب إىل شيخ واصل، فإ ! العبد باختياره

العبد إىل أن يناله السر الرباين بسببه يصل إىل التطهري األكرب املذكور أوال، الذي هو غاية الغايات من كشفت له عن صفايت ألزمته : املعبر عنه يف اإلشارة عن اهللا تعاىل يقال عنه : ومنتهى الرغبات

وهذا العطب هو غاية منتهى األرب ومنتهى األدب، ومن كشفت له عن ذايت ألزمته العطب؛ مطلب العبد، فإن هذا العطب هو حمل االستهالك يف احلق، حيث يسلب العبد من أوصافه

انتهى ما أردنا نقله من كالمه رضي اهللا عنه . البشرية، ويلبس خلعة االتصاف باألوصاف الربانية . وعنا به

من أصول التقوى احلقيقية : يعين - اخلامس " حتفة اإلخوان واخلالن " وقال ىف إال بإنه، إال األوراد املخصوصة بطريق : دوام الذكر الذي لقنه له شيخه ال يتجاوزه إىل غريه -

. شيخه

من اآلداب اليت تطلب من املريد يف حق : أي - ومنها : مث قال بعد كالم ، فمن ختلف عنه فقد حرم مالزمة الورد الذي رتبه فإن مدد الشيخ يف ورده الذي رتبه - الشيخ

!! املدد، وهيهات أن يصح يف الطريق

ومن اآلداب اليت تتعلق باملريد يف نفسه أن : يعين - ومنها : مث قال بعد كالم فال ينتظر بذكره وعبادته ثوابا و ال فتحا، وإمنا يعبد اهللا تعاىل إىل أن يأخذ باألجود يف العبادة،

. اه . راد الطريق وما اذن له فيه الشيخ لكنه ال يشتغل إال بأو : قال

كلمة : فذكر العامة ): جواهره ( رضي اهللا عنه يف - وقال السيد حممد الغوث من يكون بتلقني شيخ مرشد؛ عارف بأدواء : والذكر اخلاص الشهادة أو غريها من التسبيحات،

. اه . النفوس يكون أقوى يف إرالة احلجب عند املالزت عن قلب حاضر

اعلم أن الصدر مملوء وحمشو باألخالق الظلمانية : " التطورات " ل يف كتاب وقا اليت تظهر ا من بين آدم اآلثار اخلبيثة فال بد له أن يزكي صدره بأخذ التلقني من الشيخ الكامل حىت يدخل يف طور القلب الذي هو مستعد للتزين باألخالق احلميدة واألنوار املشروحة حبسب

: أي - ومن دخل فيه باخلالء " قد افلح من زكاها " وإليه اشار رب العزة بقوله اإلستعداد، عن األخالق الذميمة بواسطة التوحيد اجلهري يرى شجرة التوحيد نورا مملوءا بأغصان - الرباءة

مث يرى السماء مصفى أو مملوءا بالنجوم، والقمر األمثار يف العلم اإلنساين حبسب االستعداد،

Page 12: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

فيا عن السحاب املعنوي، ويرى البساتني واجلبال مع العيون وغري ذلك، فال بد للسالك يف صا وقت الطلب أن يتقي اهللا تعاىل بالتجرد عن األخالق الذميمة حىت يتزين قلبه ذه املذكورات من

ق احلميدة فيظهرمنه آثاراألخال أنوار ذاته الغيبية، ويفين بعض أفعاله يف نور أفعال اهللا تعاىل، ويرى بنظره وتوجهه إىل مرآته كالتسليم والتفويض وغريها يف طريقه بالنظر إىل بعض املشارب،

إىل - فناء صفاته يف نور صفات اهللا تعاىل : ماذا كسب من االستعداد إىل القيامة الوسطى، أعين يا أيها الذين " زة بقوله وإليه أشار رب الع الفناء يف اهللا حبسب االستعداد، : القيامة الكربى؛ وهي

اعلم أن هذا النذاء للمؤمنني و " آمنوا اتقوا اهللا و لتنظر نفس ما قدمت لغد و اتقو اهللا الطالبني؟ الداخلني يف طريق اهللا تعاىل ألجل مشاهدة أنوار األفعال والصفات وغريمها بأخذ

. سلم اه إىل أن ينتهي إىل حممد صلى اهللا عليه و التلقني من الشيخ املؤذون

): رمحه اهللا تعاىل ( قال الشيخ جربيل اخلرماباذي " اخلالصة املرضية " وقال يف فإن الذكر بدون وعايته ال يوصل إىل املقصود؟ وإن كان ال وههنا أصل أصيل جيب رعايته،

؛ وهو أن يكون تلقني الذكر من شيخ مرشد تتصل صحبته وطريقته باحلضرة خيلو عن فائدة الذكر الذي بدون تلقني مثل النشاب الذي يشتري من صانعه، و مثل الذكر الذي النبوية، فإن

يأخذ بتلقني يأخذ من السلطان فإما و إن تساويا يف النشابية و دفع اخلصم؛ و لكن أين نشاب واهللا ! النبال من نشاب السلطان يف الناس و الواقع و محاية صاحبه و واليته و كل من يتعلق به

. اه . ىل أعلم تعا

فائدة التلقني

إن شيخه عبد العزيز بن مسعود ": اإلبريز " وقال الشيخ أمحد بن املبارك يف سئل وهو حاضر عن فائدة تلقني الورد الذي يعطيه األشياخ؟ فقال ) رضي اهللا عنه ( الدباغ

فقال . عن الصادقني : تسألين عن الصادقني، أو عن الكاذبني؟ فقال : للسائل ) رضي اهللا عنه ( فائدته أن اهللا تعاىل حفظ على هذه األمة دينها ذه الشريعة املطهرة اليت إذا ): رضي اهللا عنه (

فعلت يف الظاهر حفظت اإلميان يف الباطن، و أن الشيخ الصادق معمور الباطن باملشاهدة مع ل يقوهلا بلسانه وقلبه ال إله إال اهللا، قبل أن يلقى الشيخ الكام : احلق سبحانه حىت أن املريد إذا قال

صارت حالته يف ! غافل، و الشيخ يقوهلا بالباطن لعظيم مشاهدته للحق تعاىل، فإذا لقن املريد إن قدر اهللا تعاىل ذلك، مث ضرب مثال حكاية : املريد، وال يزال يترقى إىل أن يبلغ مقام الشيخ

. واء ولد امللك بترك اللحم عجيبة يف د

Page 13: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

ء ولد امللك بترك اللحم يبة يف دوا ج حكاية ع

فقد وقعت مللك له ولد عزيز عليه، مث نزل به ضرر عظيم، فجمع األطباء لدواء ولده و توعدهم بوعد شديد إن مل يربؤا ولده، فاتفق األطباء على أن دواء ولده يف عدم

ال أترك اللحم و لو خرجت روحي يف هذه : أكل اللحم، فذكروا ذلك للولد فأىب عليه و قالفحار األطباء و دهشوا يف أمرهم، و نزل م ما ال يطيقونه، حيث امتنع الولد عن اتباع ! الساعة

. سبب الشفاء

، فذهب رجل منهم و املرة، فلم يزده ذلك إال نفورا و أحلوا عليه املرة بعد اء إىل اغتسل و تضرع إىل اهللا تعاىل، و نوى أن ال يأكل اللحم ما دام املريض ال يأكله، مث ج

فامتثل أمره، ومسع قوله، و برئ حلينه، فتعجب بقية األطباء من . ال تأكل اللحم : املريض فقال له . فأخربهم مبا فعل ! ذلك

و أيضا فإن أهل العرفان من أولياء اهللا تعاىل إذا نظروا ): رضي اهللا عنه ( قال ه، فإم ال يزالون معها بالتربية إىل ذوات احملجوبني فرأوا ذاتا طاهرة قابلة حلمل سرهم مطيقة ل

بتلقني الذكر و غريه، و يكون هذا املطيق للسر هو مقصود الشيخ ال غري، فإذا جاء إىل الشيخ . غريه ممن ليس مبطيق و طلب منه التلقني فإنه ال ميتنع، ألنه اليقطع على أحد

صفة لواء احلمد

ال، مع فائدة أخرى تظهر فلذا جتد الشيوخ يلقنون كل أحد؛ مطيقا كان أم . اه . يكون بيده يوم القيامة لواء احلمد و هو نور اإلميان ) ص ( يف اآلخرة؛ و ذلك أنه

ذكر ": حاشية على اخلرشي " قال اإلمام أبو احلسن علي الصعدي العدوي يف ! عن صفة لواء احلمد ) ص ( أن عبد اهللا بن سالم سأل رسول اهللا ) رضي اهللا عنه ( ابن مسعود

طوله ألف سنة و ست مائة سنة، من ياقوتة محراء، و قضيبه من فضة بيضاء، و زجه من : " فقال ذوائب؛ ذؤابة باملشرق، و ذؤابة باملغرب، و ذؤابة وسط الدنيا، زمردة خضراء، له ثالث األول بسم اهللا الرمحن الرحيم، و الثاين احلمد هللا رب العاملني، و : مكتوب عليه ثالثة أسطر

. صدقت يا حممد : ، قال " ال إله إال اهللا حممد رسول اهللا، طول كل سطر مسرية ألف عام الثالث . انتهي ". شرح الشفاء " ذكره الشهاب يف

لألولياء ألوية و أتباع

Page 14: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

و مجيع اخلالئق خلفه من أمته و من غري : مث قال الشيخ عبد العزيز بن مسعود ، ) ص ( بيها، و لواء نبيها يستمد من لواء النيب أمته مع سائر األنبياء، و تكون كل أمة حتت لواء ن

و هم مع أممهم على أحد كتفيه و أمته املطهرة على الكتف اآلخر، و فيها األولياء بعدد األنبياء، ، و ) ص ( و هلم ألوية مثل ما لألنبياء، و هلم من األتباع مثل ما لألنبياء، و يستمدون من النيب

نبياء عليهم الصالة و السالم فاملريد إذا مل يكن مطيقا فإنه ينتفع يستمد أتباعهم منهم كحال األ و ال ينتفع منه مبجرد التلقني فقط و مطلق ): رضي اهللا عنه ( يف اآلخرة بشيخه الذي لقنه، قال

تلفظه بالذكر حىت يتعلم منه كيفية اإلميان باهللا تعاىل و مالئكته و كتبه و رسله، و ينتفع منه . الباطن بعض النفع يف

إن السالك مبتلي ": حامع األصول " قال القطب األعظم أمحد ضياء الدين يف رمبا ظفر منه الشيطان خبياالت و أوهام، وعقائد فاسدة، و أفكار ! بنفسه، فإذا عمل وحده

كاسدة، و كسل و مكر، و حيل و زندقة و استدراج و غريها؛ و يومهه أن ذلك من األحوال و فإنه يشوش عليه هذه احلالة، فال بد من شيخ بشروطه ! دري، ال سيما املبتدئ األصول و هو ال ي

. السابقة لينجو من هذه الورطة و عقبات الطريق و توقفه

فلما كانت الصحبة من لوازمه و شروطه، و كان ! و أما التلقني و سنده ة مستندة إيل االنتساب إىل شيخ إمنا حيصل بالتلقني و التعليم من شيخ مأذون إجازته صحيح

، و كان الذكر ال يفيد فائدة تامة إال بالتلقني و اإلذن، ) ص ( شيخ صاحب طريق و هو إىل النيب بل جعله األكثر شرطا، و كان الشيخ يف الدين مقدم النسب على األب يف الطني كما قال

: بعضهم

ييف شرع اهلوي بيننا من نسب من أبو أقرب نسب

ال بد من مرشد حسي أو معنوي : مطلب

و كان السالك ال بد له من مرشد حسي كالشيخ، أو معنوي كإلهلام و حسن التفقه يف الكتاب و السنة و إمجاع األمة، مع التيقظ و االعتبار يف التفكر مبساعدة

، و جذبة ا يصل التوقف، و اللطف و العناية، أو يغنيه اهللا تعاىل عن ذلك كله مبنح من فضله). ص ( من غري مشقة، وجب ذكر األسانيد يف كل طريق إىل الرسول

Page 15: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

أن من ال يعرف آباءه و أجداده يف الطريق فهو مطرود، و كالمه و اعلم دعوى غري مقبولة؛ و رمبا انتسب إىل غري أبيه، و قد أمجع السلف كلهم على أن من مل يصح له

للناس، ال جيوز له التصدر إىل إرشاد الناس، و ال أن يأخذ نسب القوم و ال أذن يف أن جيلس عليهم عهدا، و ال أن يلقنهم ذكرا و ال شيئا من الطريق، إذ السر يف التلقني إمنا هو ارتباط القلوب بعضها ببعض إىل الرسول عليه السالم إىل حضرة احلق جل جالله، فمن مل يدخل سلسلة

. 21 انتهي . م القوم فهم غري معدود منه

و قد نري اخليط املمدود احلسي، و احلديد املسلسل املسمي بلغتنا بتل كيف يسمع النداء إذا تكلم بوضع الفم عنده من بعيد، و هكذا يكون أمر املريد إذا أخذ الورد من

فيحصل منه املدد، و أما إذا ) ص ( حيصل بني قلبه و قلبه خط نوراين إىل قلب رسول اهللا ! الشيخيل احملسوس، و بطل ! ترك املريد ذلك الوردينقطع املدد، كما ينقطع اخلرب إذا انقطع خيط الت

: ما نصه " غرائب القرآن " استعداده، و انقطع عليه الطريق و رجع القهقري؛ فقد قال صاحب فإن اإلنسان كالبيضة املستعدة لقبول التصرف دجاجة الوالية فيه و خروج الفرخ فيها، فما مل تتصرف فيها الدجاجة يكون استعداده باقيا، فإذا تصرف الدجاجة فيها و انقطع تصرفها عنها

مرتد : فال ينفعها التصرف بعد ذلك لفساد االستعداد؛ و لذا قالت املشايخ ! بإفساد البيضة . فراجعه من سورة املؤمنني . اه . الطريقة شر من مرتد الشريعة

ن زل به القدم يف عهد شيخه فنقضه؛ فإنه مطرود م : ما حاصله " الصاوي " و يف عن طريقه، و مىت طرد عن طريقه فقد سلب ما وهبه اهللا تعاىل من النور اإلهلي، فال يرجى به

انتهى فراجعه يف . الفتح يف طريقة أخرى، ألن غاية الطرق واحدة، و هو قد طرد عن الغاية . سورة النحل

نقض العهد

القائم حبقوق اهللا و ) ص ( املتمسك بشرع رسول اهللا فالشيخ : و فيه أيضا إذا ! حقوق عباده إذا أخذ العهد بذلك على إنسان وجب عليه اتباعه، و نقض عهده إما كفر

و أما . إذا قصد عدم االلتزام بأوراده ! قصد نقض ما هو عليه من التوحيد و غريه، أو ضالل مبني واجب نقض عهده، ألن من ال عهد له مع اهللا ال عهد فال ! من خالف الشرع و اتبع هوى نفسه

. فراجعه . انتهى . له مع خلقه

Page 16: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

و قد أوردنا طرفا من هذا القبيل يف تأليفاتنا، و اكتفينا هنا ذا القدر اليسري، فإن حفظ العهد و االشتغال بالورد إقبال على اهللا فينبغي للمريد ان يالزم على ما أمره شيخه،

ضه و ترك الورد إعراض عنه، و من أعرض عن اهللا أعرض عنه، و العياذ باهللا و ال ، و نق تعاىل " تائية السلوك " و يف شرح . فإنه مهم ملن له اهتمام ! فافهم . حول و ال قوة إال باهللا العلي العظيم

رضي اهللا ( من شرط الذكر النافع أن يأخذه املريد بالتلقني من أهل الذكر كما أخذ الصحابة : و من مل يكم له شيخ فالشيطان شيخه، ألن النفس اليت هي : وفيه ). ص ( من رسول اهللا ) م عنه

مريدة الشيطان كثرية التلبيس عظيمة التدليس، توهم العبد أنه صادق؛ وهو كاذب، و أنه موف بعهده و هو ناكث، و أنه زاهد و هو راغب، و إمنا يعرف ذلك من نفسه بتنبيه شيخ يلقي إليه

، أو فقيه يستفتيه يف سائر أموره؛ أو صاحب ناصح، فالشيخ أدل دليل، و عليه عند القوم قياده : التعويل، فمن استضاء به فاهتدى، ومن ضل عنه ارتدى؛ على حد ما قيل

من لم يكن خلف الدليل كثرت عليه طرائق األوهام

: و قال آخر

ل فتهوي يف مهاويها ال تسلكن طريقا لست تعرفها بال دلي

فال بد للمريد من شيخ كامل يقتدي بآثاره، و يهتدي ديه و أنواره، فإنه . انتهى . واسطة اخلري، و الوسيلة إىل املنع من الضري

يف االذكار من الشيخ العارف، : يعين – فال بد فيها : ما نصه " الصاوي " و يف . اجعه من سورة األحزاب انتهى ر . دخل الشيطان و مل ينتفع صاحبها ! و إال

فالذكر أفضل األعمال، و هو املقصود من تالوة القرآن و من ": الصاوي " ويف الصالة، و لذلك ورد عن اجلنيد أنه يأتيه العصاة يريدون التوبة فيلقنهم الذكر، و يأمرهم

. فراجعه . باإلكثارمنه، فتنور قلوم

ذ شيخا، بل أطالع كتب الشرع و إين ال أخت : إن قلت ": الفتاوى العمرية " و يف نعم، و لكن اشتغالك بالذكر : التصوف، و أتعلم غوائل النفس و أمراض القلب و عالجها قلت

. و الفكر و نفي اخلواطر ساعة خريلك من اشتغالك مبطالعة الكتب سنني عديدة

Page 17: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

أقرب الطرق إىل اهللا ): قدس سره األجمد ( قال حضرة خواجه شاه نقشبند لكن ال يتم الوصول إال ! في الوجود، و إن كان الصالة و الصيام طريقا إىل اهللا تعاىل عندنا ن

فلذلك كان السالك جيد من . وجودك ذنب ال يقاس عليه ذنب آخر : بنفي الوجود، و قد قيل املدد يف الذكر ما ال جيده يف الصوم و الصالة، فال تلتفت أيها السالك إىل سائر أورادك ما عدا

ض و الواجبات و الرواتب، و اجتهد لقطع عالئق القلب و الفناء إن كنت تريد الوصول الفرائ . إىل املقصود

: جلسة خري من ألف حجة ): قدس سره السامي ( و قال أبو يزيد البسطامي اخلواطر، خري من حجة يف اجللوس ساعة متفكرا يف عظمة اهللا تعاىل، منقطعا عن سائر : أي

األول إىل اهللا تعاىل يف حلظة بسبب التفكر، و أما األخري؛ فكاحلمار حيمل غفلة، ألنه رمبا يصل أسفارا يذهب إىل احلج و يرجع، و ال يتفكر يف شيء من عظمة اهللا تعاىل و وعده و وعيده، و

فهل ال ميكن الذكر و الفكر بال اختاذ شيخ و استاذ؟ : إن قلت . ال يتخلص عن األخالق الذميمة

خ تسليم هللا التسليم للشي

نعم، ميكن إن تعلمت آدابه و أركانه و أصوله، و لكن ال تقطع املسافة : قلت كمثل من ركب الرحي يظن أنه قطع بسريه و مروره مسافة كثرية مع أنه يدور دائما ! الروحانية

، حول دائرة الرحى و عيناه مستورتان، فربكة اليد الصحيحة كثرية، و نفع صاحب النسبة وفرية فال بد لطالب النجاة و مريد الفوز و السعادة أن يتمسك بأذيال املشايخ من أهل الطريق، لقد فاز من كان له شيخ يرشده، و خسر من مل يتخذ له شيخا، فال بد لطالب من شيخ أديب كامل

صدر، و و أستاذ حاذق؛ يبصره بعيوب نفسه، و آفات النفوس، و فساد األعمال، و مداخل ال ينصحه نصيحة األب بال غرض و ال عوض، فإذا و جد مثل هذا فليالزمه و ليصحبه و ليتأدب بآدابه، ليسري من باطنه إىل باطنه حال قوي؛ كسراج من سراج، و ينسلخ من إرادة نفسه

إىل اهللا بالكلية، فإن التسليم له تسليم هللا و لرسوله، ألن سلسلة التسليم تنتهي إىل رسول اهللا و. اه ) روح البيان " ( من يطع الرسول فقد أطاع اهللا : " تعاىل على مقتضى

أدخله اهللا يف احلصن ( هذا ما عندي يف هذا البحث، و لعل األخ الربجي يرضى ذا القدر اليسري، و قد ذكرنا نبذة منه بالتفصيل يف ) املنجي من آفات النفس و اهلوى

خالصة اآلداب ملن أراد " ، و كذا بسطنا الكالم يف حقه يف " ني تنبيه السالكني إىل غرور املتشيخ "

Page 18: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

، فمن راجع إليها جيين مثار املعارف، و اهللا املوفق للسداد، و منه نستمد و هو ويل " فتح األبواب . الرشاد

الربج الثاين

فحني إرادة اهللا تعاىل جزاء عمل العبد : يف جواب مسألة ذلك السائل بقوله و ما الفرق ! قال ذرة، فما معىن ختصيص إحباط العمل مبن ليس له شيخ؟ خريه و شره و لو مث

بني من له شيخ و من ال؛ يف ذلك؟ الفرق بينهما كالفرق بني األعمى الذي ميشي : فنقول و باهللا اإلعانة و التوفيق

بنفسه يف الفالة اليت فيها سبع و أسد و حيات و عقاريب و غريها من املضرات، و بني الذي ميشي خلف البصري الذي يعلم مواضع اهللكة ليحترز منها، و يعلم الطريق الذي ليس فيه شيء منها، و احلال أن يف يده سالحا جيدا مينع من ضرها لو لقيها فجأة، و مما ال خيفى على العاقل أن

ملقصود األعمى الذي ليس له قائد قد يقع كثريا يف مواضع اهللكة فيهلك فيها، و ال يصل إىل ا و هكذا يكون الفرق بني من ! فيحبط سعيه و عمله، خبالف من ميشي خلف الدليل و القائد

سلك بنفسه، و من سلك بأخذ التلقني من شيخه، فإن الغالب على العامي أن ال خيلص عمله من شوائب احملبطات، فالعمل الذي ليس فيه إخالص ال يعد من احلسنات حىت يثاب عليه فاعله،

كما هو مذكور يف األحاديث، . خذ أجرك ممن عملت له : ل يعاقب عليه؛ و يقال له يوم القيامة ب . شاهد عدل لذلك، فافهم " لئن أشركت ليحبطن عملك " و قوله تعاىل ! خبالف السالك

يصل السالك بصحبة واحدة مع الشيخ إىل : و قد قال بعض العارفني ما معناه و ذلك ألن الشيخ يتصرف فيه بتوجهه، فيزيل منه . انتهى . ف سنة ما ال يصله برياضته وحده أل

و يعمل : احلجاب الذي هو سبب إلحباط عمله، و من هنا قال اإلمام الرباين يف بعض مكاتبه . فراجعه ". الدرر املكونات " كما هو مذكور يف . توجههم الواحد عمل مئة من األربعني

ىل وجه الويل ساعة واحدة على جهة النظر إ : للشعراين " لطائف املنن " و يف . فراجعه من اجلزء األول . التعظيم له خري للمريد من عبادته وحده مخسني سنة

حال رجل يف ألف رجل أنفع من وعظ ألف رجل يف رجل ": الصاوي " و يف . فراجعه يف سورة الفرقان . واحد

جلنات إن درج ا ": أو صديقكم " يف تأويل قوله تعايل " غرائب القرآن " و يف يناهلا املرء بربكة اجلليس الصاحل، وقد ينعكس نور والية الشيخ على مرآة قلب املريد الصادق؛

. فراجعه يف سورة النور . فينال به مرتبة مل يصل إليها مبجرد أعماله

Page 19: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

إن السالك بنفسه قد يتخذ ورده وسيلة إىل املقصود، و ال يفعله غالبا : و أيضا . ا مينع من الفتح، أو يبقى يف طريقه زمنا طويال عبودية حمضة، و هذا مم

و قد كنت قبل اجتماعي بأهل الطريق أختذ أعمايل : و قد قال الشعراين حتولت منه، فلما ! ثبت على ذلك، وإال ! وسائل إىل حتصيل أغراض، فإن حصلت تلك األغراض

ا مع اهللا تعاىل، و ال اجعل أعمالك كلها مقاصد لتحضر فيه : اجتمعت بأهل الطريق قالوا يل تتخذها وسائل فتموت؛ و ال تصل إىل املقصود، فقربوا علي الطريق، فلو مل يكن يف االجتماع

. 149 " لطائف املنن " من . انتهى . لكان فيها كفاية ! م إال هذه اخلصلة و مراد مجيع أشياخ الطريق بتسليكهم الناس أن : و قال الشعراين أيضا فيه

يد إىل مقام العمل باإلخالص الذي كان عليه السلف الصاحل، أو بعضه ال غري، فإن يوصلو املر اشتغل أحدهم بعد ذلك بالعلم، أو صلى، أو صام، أو حج، أو زهد كان حمفوظا من الرعونات

. انتهى . اليت جترح مقام اإلخالص، أو حتبط العمل ن بالرياء، مداوم و من املعلوم أن اإلنسان منذ صباه ناظر إىل اخللف، مشحو

يسرع يف إزالتها لئال يراه ! على التزين و التصنع، حىت أنه لو رأى على أنفه و وجهه نقطة سوداء الناس مع هذه النقطة، و قد صارت هذه احلالة عادة له فصعب عليه تركها بنفسه، فكيف؛ و قد

!! فطام العادة أصعب من فطام الرضاع : قال بعض العارفني

اع الطريق العوائد قط . العوائد قطاع على طريق الربية؛ يقطعون الطريق على كل سالك : و قالوا

فإذا كان األمر كذلك؛ و كان الرياء أخفى من . 2 ج 284 يف " املنن " كما ذكره الشعراين يف دبيب النمل يف الليلة الظلماء ال يعرف وقائعه إال البصري الناقد، و كان العمل املشوب به حمبطا

جاز ختصيص ! وابه بالنصوص، و كان سيما الرياء غالبا على كل من ليس له شيخ كامل لث و اعلم . اإلحباط مبن مل يتخذ له الشيخ يف الطريق، ألن احلكم يبىن على الغالب األكثر كما قالوا

ال أن أحسن ح – رزقك اهللا تعاىل التوفيق و االستقامة آمني – أيها األخ العامل حممد دبر الربجي أن يعبده ألجل اجلنة و الفوز بالثواب و الدرجة العالية، – من ليس له شيخ يريه طرق اإلخالص

كما هو مذكور يف . واحلال أن العارفني ينفرون من أهل اآلخرة كما ينفرون من أهل الدنيا قال و . عامل لبطنه و فرجه – العامل ألجل اجلنة ": اإلحياء " ، و قد قال الغزايل يف " الرشحات "

و من مل يسلك على يد شيخ فهو عبد الثواب حىت ميوت ال ": لواقح األنوار " الشعراين يف قل يل كم تعطيين قبل : يتخلص منه أبدا، فهو كاألجري السوء الذي ال يعمل شيئا حىت يقول لك

قصدي و اهللا ما : فيقول !! فأين هو ممن تقول له افعل كذا و أنا أعطيك كذا و كذا ! أن أتعب؟

Page 20: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

أليس إذا ! إال أن أكون من مجلة عبيدك، أو أن أكون حتت نظرك، أو أكون من خدمك ال غري فإنه ! خبالف من شارطك ! اطلعت على صدقه تقربه و تعطيه فوق ما كان يأمل لشرف مهته؟

يثقل عليك، و تعرف أنت خسة أصله و قلة مروءته، مث بعد ذلك تعطيه أجرته و تصرفه عن و رمبا انصرف هو قبل أن تصرفه أنت لعدم رابطة احملبة اليت بينك و بينه؛ فما أقبل حضرتك،

. فاعلم ذلك . إليك إال ألجرته، فلما وصلت إليه ولى و نسيك، و ال هكذا من خيدمك حمبة فيك أصلي ركعتني من نعم اهللا : و مسعت سيدي عليا اخلواص إذا صلى نفال يقول

يرى نفس الركعتني من عني النعمة؛ ال شكرا لنعمة ) رضي اهللا عنه ( ت، فكان علي يف هذا الوق و من أين يكون ملثلي أن يقف بني يدي اهللا عز و ل؟ و اهللا إين : فقال ! أخرى، فقلت له يف ذلك

ألكاد أن أذوب خجال و حياء من اهللا ملا أتعاطاه من سوء األدب معه حال خطابه يف الصالة، ما أظن أين عملت ا بعشرة آداب، فأنا إذا ! ب خطابه تعاىل مائة ألف أدب فإن أمهات آدا

! وقفت بني يديه يف صالة أو غريها من العبادات إىل العقوبة أقرب، فكيف أطلب الثواب؟ مطلب

جيب على العبد أن يستقل عبادته يف جانب : و مسعته مرة أخرى يقول بل و لو عبد هذه العبادة على اجلمر من ابتداء الدنيا إىل ! الربوبية؛ و لو عبد ربه عبادة الثقلني

و كذلك ! انتهائها ما أدى شكر نعمة إذنه له بالوقوف بني يديه يف الصالة حلظة، و لو غافال ينبغي له إذا قلت طاعاته أن يرى مثله ال يستحق ذلك القليل، و من شهد هذا املشهد حفظ من

402 " العهود احملمدية " من . اه . من القنوط من رمحة اهللا تعاىل العجب يف أعماله، و حفظ . من اجلزء األول " املنن " راجعه من هامش

مطلب عدم طليب الثواب : ومما من اهللا تبارك و تعاىل به علي ": لطائف املنن " و قال يف

ارحي؛ إال من اهللا تبارك و تعاىل على شيء من األعمال اليت أبرزها عز و جل على شيء من جو من باب املنة و الفضل، لعلمي بأن نعم الدنيا واآلخرة ما خلقها اهللا تبارك و تعاىل إال لنا، ألنه غين عن العاملني، فمن األدب طلب ذلك الثواب الذي جعله يف مقابلة تلك الطاعة، إظهارا للفاقة

ة؛ إظهارا للفاقة و و احلاجة، و من مل يطلب ذلك الثواب الذي جعله يف مقابلة تلك الطاع . احلاجة، و من مل يطلب ذلك الثواب فهو قليل األدب لإلظهاره الغىن عن فضل ربه جل و عال

. فافهم هامش ". ( مصباح . " نسبته إىل الشناعة : و شنعت عليه األمر ( و قد شنع

يكون له ال يبلغ الفقري مقام الكمال حىت ال : على من قال ) رضي اهللا عنهم ( العارفون ) األصل

Page 21: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

إىل اهللا حاجة، ألن ظاهره وصول العبد إىل الغىن املطلق؛ و ذلك حمال، إذ العبد ال يستغين عن اهللا فتارك النفس ميوت، و يصح أن جياب ! تعاىل طرفة عني، و لو مل يكن إال خروج النفس ودخوله

حلق تعاىل أغناه عن السؤال عن ذلك بأن مراده االكتفاء بعلم اهللا تعاىل فيه و مبا قسمه له، و أن ا . و اهللا سبحانه و تعاىل أعلم . بالقسمة اإلهلية

لفلين للوقوف بني يديه؛ و لو خو واهللا إين ألرى الفضل هللا تعاىل الذي أه مجيع العصاة املارقني الفاسقني؛ رجاء أن يصيبين شيء من الرمحة اليت لعلها أن تناهلم، و أين ملثلي

؟ ! رب العاملني يف صالة أو غريها مع جهله بآداب تلك احلضرة املقدسة أن يقف بني يدي فاحلمد هللا الذي مل يطردين كما طرد تاركي الصالة، فلم ميكن أحدا منهم أن

. يقف بني يديه و من أظلم ممن عبد يل جلنة أو : و يف بعض الكتب اإلهلية يقول اهللا عز و جل

. انتهى !! أمل أكن اهال ألن أطاع نار، لو مل أخلق جنة و ال نارا ال يليق بأحد من أمثالنا : يقول ) رمحه اهللا تعاىل ( و كان سيدي علي اخلواص

ان يسأل اهللا تعاىل ثوابا على عبادته، و إمنا الالئق به أن يسأل العفو عما جناه يف تلك العبادة من يكن فيها خشوع تلف كما يلف سوء األدب و عدم اخلشوع فيها، ملا ورد أن الصالة إذا مل

ال يصح لعبد أن يسأل : و سمعته مرة أخرى يقول . الثواب اخللق، مث يضرب ا وجه صاحبها ربه ثوابا على أعماله من باب املنة و الفضل؛ إال إن أحكم مقام التوحيد هللا تعاىل يف الفعل، و

كما عليه طائفة العباد الذين مل يسلكوا فمن الزمه غالبا طلب الثواب يف مقابلة عمله ! إال و . بل بعملي؛ كما ورد : فيقول . ادخل اجلنة برمحيت : الطريق، فيقول احلق جل و عال ألحدهم

ألنه جهل و خروج عن آداب العبد، فإن من ! لو أن أحدهم ذاق التوحيد مل يقل لربه مثل ذلك ! لعلة أخرى من علل النفوس شأن العبد ان خيدم سيده قياما بواجب حق السيادة، ال

أي خلقا هللا مجلة، ليس للعبد فيها غري ( أن من شهد الفعل هللا : و إيضاح ذلك على طاعته مجلة واحدة، تعاىل كشفا زال عنه طلب الثواب ") هامش األصل " كما سيأيت . النسبة

. ألن احدا ال يطلب ثوابا قط على فعل غريه إمنا شرع للمصلي حني يسلم من صالته : يقول ) ه رضي اهللا عن ( و مسعته أيضا

ليتنبه املصلي على نقص صالته و )! ثالث مرات ( أستغفر اهللا، أستغفر اهللا، أستغفر اهللا : أن يقول عدم احلضور مع اهللا فيها، و كثرة الغفلة، و حديث النفس، و غري ذلك، إذ االستغفار ال يكون

الطاعة إليه مع كونه غافال عن شهود كون احلق هو إال عن ذنب، أقل ما هناك شهوده نسبةإال على وجه التالوة فقط؛ ال على " إياك نعبد و إياك نستعني : " اخلالق هلا، و ما قال عارف قط

Page 22: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

أي – تعاىل فعل اهللا عز و جل عنده . وجه كونه له شركة يف الفعل إال بقدر نسبة التكليف فقط . فافهم . عن الشركة – العارف

ملة فمن تأمل وجد حكم وقوف امثالنا بني يدي اهللا تبارك و تعاىل و باجل حكم العبد ارم الذي فسق يف حرمي الوايل و عرضوه عليه ليعاقبه، فال يكاد خيطر على باله قط انه خيلع عليه خلعة، و إمنا يسأل ربه عز و جل العفو عنه و ترك العقوبة، و ما ابردها على كبد

ذا مسع بأن الوايل عفا عنه، و ترك معاقبته، و حرقه بالنار، و وضع اخلوذة املحماة ذلك ارم إ . فاحلمد هللا رب العاملني . على رأسه

: و مما من اهللا تبارك و تعاىل به علي : أيضا يف موضع آخر " لطائف املنن " و يف من اعتمد غري اهللا تبارك و عدم اعتمادي على شيء من طاعيت دون اهللا تبارك و تعاىل، فإن كل

و واهللا؛ مث و اهللا إين ألنصرف من صاليت و أنا خجل من ريب عز و . تعاىل ختلى عنه يف اآلخرة جل أكثر من خجلي إذا عصيته، لسوء ما يقع يف صاليت من شهودي سوء األدب و الغفلة عما

لك سجدت و بك اللهم : يليق بتلك احلضرة، و ال أجترء أن أقول يف سجودي أو ركوعي سجودا أو ركوعا : إىل آخره، إال إن أعقبت ذلك بقويل ... اللهم لك ركعت : آمنت، أو

أستحق به يف اعتقادي املؤاخذة لوال عفوك و حلمك و شفقتك علي؛ ذلك الفضل الذي مل . انتهى . ختسف يب األرض، و مل متسخ صوريت

عز و ا يستحقه جالل اهللا فلو نظر العبد لوجد سداه و حلمته ذنوبا بالنظر مل و يف منظومة الشيخ إمساعيل . جل، و من كان هذا مشهده ال يقدر أن يرفع له بني العباد رأسا

): رضي اهللا عنه و أرضاه و نفعنا بربكته و إمداداته ( بن املقري ذنوبك يف الطاعات و هي كثرية إذا عددت تكفيك عن كل زلة

صالة مبثلها يكون الفىت مستوجبا للعقوبة تصلي بال قلب صالة أقيمت يعلم اهللا أا بفعلك هذا طاعة كاخلطيئة

). رضي اهللا عنه ( إىل آخر ما قاله فهو غائب عن طلب ثواب ! فعلم ان من كان ما ذكرناه مشهده يف طاعته

فحكمه كارم الذي أتوا به بني يدي اوايل ! بفعلها، بل ال جيترئ أن يطلب ذلك من اهللا أبدا ، أو فجور بامرأة أمري، و ") هامش األصل ". " صحاح . " أي الفساد ( بسبب قتل، أو عمل زغل

و احلمد هللا رب . و اهللا يتولى هداك . فافهم يا أخي، و اعمل على التخلق به ترشد . حنو ذلك . 1 ج 158 اه . العاملني

. يف الطاعات ما يغين عن طلب املعاصي يف غريها و ": شرح سلك العني " و يف

Page 23: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

استكثارها و استعظامها، و السكون إىل ما فيها : و من مجلة ذنوب الطاعات استحالء املريد الطاعات مسوم قاتالت، و من ذنوا طلب : كما قيل . من اللذة و احلالوة

ا، و الفرح على سبيل االعتماد و التشو ق إىل الكرامات العاجلة األعواض عليها، و الراحة . و أما إقامتها باجلهل و استدامتها بالسهو و الغفلة و سوء األدب و اهلواجس

فهذا من كبائر الذنوب عند أرباب القلوب، !! الردية، و مالحظة اخللق رياء و مسعة و حنو ذلك : أي " وم وجلة و الذين يؤتون ما آتوا و قل " ، و فيهم نزل " حسنات األبرار سيئات املقربني " و

. يصلون و يصومون و يقومون؛ و خيافون من اهللا أن ال يقبل منهم ذلك رب صالة لو قسمت ذنوب فاعلها على اهل بلد لوسعتهم، و لو نزلت : وقيل

. انتهى . عقوبتها على أهل قطر لعمتهم ما استحسنت من ): رضي اهللا عنه ( قال أبو سليمان ": شرح احلكيم " و يف

. فسي عمال فاحتسبته ن كل شيء من أفعالك إذا اتصلت به ): رضي اهللا عنه ( و قال علي بن احلسني

رؤيتك فذلك دليل على أنه ال يقبل، ألن املقبول مرفوع مغيب عندك، و ما انقطعت عنه رؤيتك . فذلك دليل على القبول

دليل القبول نسيانك إياه، و : ل قا ! ما عالمة قبول العمل؟ : و قد سئل بعض العارفني " إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصاحل يرفعه : " انقطاع نظرك عنه بالكلية، بدليل قوله تعاىل

أن ال يبقى عندك منه شيء، فإنه إذا بقي يف نظرك منه : فعالمة رفع احلق تعاىل ذلك العمل : قال نديته، فينبغي للعبد إذا عمل عمال أن يكون عنده نسيا شيء مل يرتفع إليه لبينونة بني عنديتك و ع

. 42 انتهى . منسيا مبا ذكرناه من اام النفس، و رؤية التقصري، حىت حيصل له قبوله الذين " و قال يف قوله عز و جل ": لطائف املنن " و قال ابن عطاء اهللا يف

معرض املدح فإمنا جاء ملن كل موضع ذكر فيه املصلني يف " يؤمنون بالغيب و يقيمون الصالة الذين يؤمنون بالغيب و " أقام الصالة؛ إما بلفظ اإلقامة، أو مبعىن يرجع إليها، قال اهللا تعاىل

و أقيموا " ، " أقم الصالة " ، " و أقام الصالة " ، " رب اجعلين مقيم الصالة " ، " الصالة يقيمون فويل للمصلني الذين هو عن " ل ، و ملا ذكر املصلني بالغفلة قا " و املقيمني الصالة " ، " الصالة

أنه إذا صلى املؤمن صالة : و اإلقامة هو ! فويل للمقيمني الصالة : و مل يقل " صالم ساهون خلق اهللا تعاىل من صالته صورة يف ملكوته راكعة ساجدة إىل يوم القيامة، و - فتقبلت منه

. 158 . انتهى . ثواب ذلك لصاحب الصالة

Page 24: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

ال عمل أرجى : البن عطاء اهللا قدس سره " كم الشرقاوي يف شرح احل " و يف من عمل يغيب عنك شهوده؛ بأن تشهد أن الذي وفقك له هو – اي لقبول اهللا تعاىل – للقبول

اهللا تعاىل، و لواله ما صدر منك ذلك العمل، و حيتقر عندك وجوده؛ بأن ال تعتمد عليه يف قرب منه و نيل الدرجات و املقامات، حتصيل أمر من األمور، كالوصول إىل اهللا تعاىل و ال

. انتهى . لرؤيتك التقصري فيه، و عدم سالمته من اآلفات املانعة من قبوله

من يعبد لغرض فاسد عابد لصنم و قد مسعت سيدي ): رضي اهللا عنه ( للشيخ الشعراين " لطائف املنن " و يف

ام و بني من يعبد اهللا لغرض فاسد، ال فرق بني عباد األصن : يقول ) رمحه اهللا تعاىل ( عليا اخلواص فإن األصنام املعنوية كاألصنام على حد سواء، ألن كال من العابدين اختذ من دون اهللا ما مل يأذن

به اهللا، و هم يف ذلك على طبقات؛ من قصد بعلمه و ما يقع على يديه من اخلريات حصول املكانة يف : فمنهم

. قلوب الناس، و دوام الصيت واجلاه من يقصد بعلمه و عمله إعالء الدرجات، و ظهور الكرامات، و : و منهم

. التصريف يف الكون، و املشي على املاء، و الطريان يف اهلواء، و كشف الغيوب من مل يقصد بعلمه و عمله شيئا من أمور هذه الدار، إمنا يقصد بذلك و منهم

. آلخرة احلور احلسان و دخول اجلنة، و غري ذلك من ثواب ا من يقصد بذلك السالمة من النار، و اخلوف من احلساب و العقاب، : و منهم

. و ما أعده اهللا تعاىل بأهل تلك الدار من النكال و الوبال . من يقصد بعلمه و عمله القرب من اهللا تعاىل، و الرضا عنه و احملبة له : ومنهم اق مواله العبادة و من ال قصد له يف عمله و علمه إال علمه باستحق : ومنهم

التذلل و اخلضوع، و الوقوف عند أمره و يه، قد تربأ من االعتماد على حوله و قوته و علمه و عمله و قصده و إرادته؛ فأتى بأعماله على وجه اإلخالص و هو خائف من اهللا تعاىل، ال يرى أنه

به، و من هنا يترقى السالك يف قام بذرة واحدة من األمور اليت كلف ا على الوجه الذي أمر مراتب إخالص اخلواص اليت كل ذرة منها تعدل عبادة ألف سنة من عبادة تلك األقسام السابقة؛

. 1 ج 313 انتهى راجعه يف . فاعلم ذلك، و اعمل، به، و احلمد هللا رب العاملني ته يف هذا بيد أنه ملا وقع االحتياج كرر " تنبيه السالكني " و قد كنت نقلته يف

التأليف، فتدبر أيها األخ السائل يف هذه املذكورات لعلك تعرف الفرق بني عبادة من له شيخ و: اآلية وقد نكر قوله " واعبدوا اهللا وال تشركوا به شيئا " قال تعاىل . و اهللا يتوىل هداك !! من ال

Page 25: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

فات يف عملهم إىل السوى، و و من هنا قد تربأ السالكون يف طريق اهللا تعاىل عن االلت " شيئا " من اختذ " خاضوا يف طريق اخلالص من اتباع اهلوى، و جتنبوا عن الدخول يف دائرة قوله تعاىل

و علموا حقيقة قوله " تعس عبد الدينار و الدرهم و اخلميصة : " و شهدوا مآل حديث " إهله هواه ، و أدركوا " يشرك بعبادة ربه احدا فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمال صاحلا و ال " تعاىل

مبعونة الشيخ و مدده دقائق اإلخالص و مراتبه، فنجوا بفضل اهللا تعاىل عن ربقة السوى، و أتوا أعماهلم مبالحظة الذات املقدسة، حىت مل يالحظوا الصفات و األمساء لعلمهم بنور بصائرهم مثال؛

زوا بالعبودية، و صاروا من أهل الوصلة، و ظفروا إن عبد املنعم ال يكون عبد املنتقم، ففا . باملشاهدة اليت تصحبها مكاملة

اإلخالص سر من أسرار اهللا تعاىل اإلخالص سر من : " حكاية عن اهللا تعاىل ) ص ( و قال النيب ": املتممات " و يف

ب فبذا يعلم أن اطالع سر اهللا عسري، و مرات " أسراري، أستودعه قلب من أحب من عبادي اإلخالص خفية كثرية، فسلوك طريق املشايخ يكون واجبا على كل من ليس له قلب سليم

! فإن مل يسلك الطريق " فهو واجب – ما ال يتم الواجب إال به : " باجلذبة الوهبية من باب . فالغالب عليه عدم خلوص أعماله من دقائق الرياء و شوائبه، و لو برؤية إخالصه يف إخالصه

و قد أمجع األشياخ على أن من شهد يف نفسه : 2 ج 31 يف " املنن " و يف باإلخالص، كما اإلخالص حيتاج إخالصه إىل إخالص، و ال يتخلص العبد من الشيطان إال

. 4 ج 924 فراجعه يف " اإلحياء " صرح به الغزايل يف قد مر أن الذكر املأخوذ من الشيخ يكون معه نور، لكن ينبغي أن يعلم : فائدة

يا أيها الذين آمنوا اذكروا اهللا ذكرا " القلب ال ينجلي من احلجب إال بذكر كثري، قال تعاىل أن و . كثري ال يطيق عليه إال أن يأخذه عن الشيخ بالتلقني ال إن الذكر : و قال بعض العلماء ". كثريا

خالق إن املقصود من السلوك و اجلذبة تطهري النفس من األ ): قدس سره ( قال اإلمام الرباين الردية و األوصاف الرذيلة، و رأس مجيع تلك الذمائم التعلق بالنفس و حتصيل مراداا و هواها، فحينئذ ال يكون بد من السري األنفسي، و ال مندوحة من االنتقال من الصفات الذميمة إىل

. 3 ج 47 يف " املكتوبات " انتهى من . األخالق احلميدة إن السري يف الشريعة على االستقامة و : ه هذا ما خالصت " تنوير الصدر " و يف

. اإلخالص ال يتم إال بصحبة شيخ عارف و سئلت عن الدواء الذي إذا استعمله العبد زال عنه : للشعراين " اجلواهر " و يف

اإلكثار من ذكر اهللا تعاىل حىت يتجلى يف قلبه التوحيد : الرياء و اإلعجاب بنفسه، فقلت

Page 26: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

اله خلقا هللا وحده مجلة؛ ليس للعبد فيها غري النسبة، فهناك ال يصري عنده احلقيقي، و يرى أعم رياء و ال إعجاب و ال تكبر على أحد من العصاة، ألن العبد ال يرائي قط بعمل غريه و ال

فهل له دواء غري التوحيد من األعمال؟ : فإن قيل . يعجب فيه بنفسه، و ال حيصل عنده دعوى اء أسرع من التوحيد، و هو الذي وضعه أهل الطريقة ال أعلم له دو : قلت

للمريدين فطووا به الطريق، و قد أخطأ طائفة من العباد الذين أشغلوا نفوسهم بتالوة القرآن و الصالة و الصوم، و ماتوا على ريائهم و رؤية أعماهلم، و مل خيلصوا يف شيئ منها، كما يشهد

يا رب؛ بل : ، فيقول " ادخل جنيت برمحيت : " تعاىل لذلك حديث العابد الذي يقول له احلق و ذلك لعدم فهمهم أن القرآن يتوقف على جالء القلب، فحكم الذكر كاحلصى . بعملي

". املتممات " و مثله يف . انتهى . للنحاس الصدىء، و حكم غريه كالصابون سنة، و و قد ورد أن عابدا عبد اهللا يف جزيرة سبعني ": املواهب الربيقية " و يف

يا رب بل : فيقول " أدخل اجلنة برمحيت : " يف رواية مخسمائة سنة، و أن احلق يقول له يوم القيامة . بعملي

فلو أن هذا العابد كان سلك الطريق على يدي عارف لعرف من أول ما دخل ! يف الطريق أن العبد ال يدخل اجلنة إال برمحته تعاىل، دون عمله، وإن كان لزم األدب

و ما مل يكثر العبد من ذكر اهللا عز و جل ال حيصل له ": واقح األنوار ل " و يف و لذكر اهللا " قال تعاىل . 312 انتهى . هذا األنس، بل يقع يف كل معصية كالبهائم السارحة

و ذلك جمرب . أكرب يف نفي الكرب و اخليالء و حمو األوصاف الذميمة الفاحشة كلها : أي " أكرب " تنبيه السالكني " و قد نقلت هذه املذكورات بالتمام يف ". تصديق املعارف " عند املشايخ؛ كذا يف

. فراجعه فمن ظن من الناس أنه قد أخلص عمله هللا سبحانه بغري سلوك طريق

و قد مر . و ذا نادر ! اإلخالص؛ فقد أخطأ، إال إن كان قد حفته العناية الربانية باجلذبة املوهوبة أن : و غريه ما حاصله؛ أو ما هذا معناه " اإلحياء " الغالب، و قد رأيت يف أن احلكم إمنا يبىن على

واحدا صلى ثالثني سنة يف الصف األول و قد تأخر يوما فقام يف الصف الثاين، فحصل له احلياء من الناس، فقضى مجيع الصلوات اليت صلى فيها لكونه قد أراد أن يراه الناس يف الصف األول،

فمن يتنبه من الناس . ة مراتب الرياء، بيد أين مل أتذكره اآلن لتعيني موضعه، فافهم فجعله من مجل ؟ عصمنا اهللا من شرور أنفسنا و من سيئآت قبائح أعمالنا، و أدخلنا بفضله ! ألمثال هذه الدقائق

. آمني " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " يف دائرة قوله

Page 27: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

": الفيض " ؛ قال يف " الربيقة " يف ) ه قدس سر ( فائدة أخرى مهمة ذكرها اخلادمي رأيت : قال أبو سعيد اخلراز . و الناس فيه يتفاوتون ! فبعد الشيطان من اإلنسان على قدر ذكره

. تعال : إبليس فأخذ عين ناحية فقلت ما : قلت ! أي شيء أعمل بكم لزمتم الذكر و طرحتم ما أخادع به؟ : فقال

هو؟ بقي يل فيكم لطيفة؛ هي السماع و : قال فوىل، مث التفت؛ و . الدنيا : قال

. صحبة األشرار وجد ! مهما غلب على القلب ذكر الدنيا و مقتضيات اهلوى : قال الغزايل

. ارحتل الشيطان و ضاق جماه ! الشيطان جماال فوسوس، و مهما انصرف القلب إىل ذكر اهللا ي و تزيني ما قد أعطي الشيطان و جنده السبيل إىل فتنة اآلدم : و قال احلكيم

يف األرض له طمعا يف غوايته، فهو يهيج النفوس إىل تلك الزينة يجا يزعزع أركان البدن، و يستقر القلب حىت يزعجه عن مقره، و ال تعتصم بشيئ أوثق من الذكر، ألنه إذا هاج الذكر من

ار الشهوات، و إذا رأى العدو القلب هاجت األنوار فاشتعل الصدر بنار األنوار، و هيج العدو ن . هيجان الذكر من القلب ولى هاربا، و مخدت نار الشهوات، و امتأل الصدر نورا؛ فبطل كيده

أن رجال سأل ربه أن يريه موضع الشيطان من قلب : و عن ابن عبد العزيز ان بصورة اآلدمي، فرأى يف املنام جسد رجل يشبه البلور يرى داخله من خارجه، و الشيط

ضفدع قاعد على منكبه األيسر؛ له خرطوم طويل أدخله يف منكبه األيسر إىل قلبه يوسوس إليه، و مثل هذا قد يشاهد يف اليقظة، و قد رآه بعض املكاشفني بصورة كلب ! فإذا ذكر اهللا خنس

و و القصد أن يصدق بأن الشيطان ينكشف ألرباب القلوب، . جامث على جيفة يدعو الناس إليها إن الشيطان واضع خرطومه على قلب " فراجعه من شرح حديث . 1 ج 541 انتهى ! كذا امللك

. من حبث الرياء . انتهى ". و إن نسي اهللا تعاىل التقم قلبه ! ابن آدم، فإن ذكر اهللا تعاىل خنس ذكر اهللا : و قال بعضهم ): رمحه اهللا تعاىل ( لإلمام اليافعي " نشر احملاسن " و يف

إذا متكن : و قيل . املريدين به يقاتلون أعداءهم، و به يدفعون اآلفات اليت تقصدهم بالقلب سيف الذكر من القلب فإن دنا منه الشيطان يصرع كما يصرع اإلنسان إذا دنا منه الشيطان، فيجتمع

. قد مسه اإلنس : ما هلذا؟ فيقال : عليه الشياطني فيقولون : بعد نقل ما مر يف املنهوات ما نصه " نبيه السالكني ت " و كتبت يف كتابنا

فاحلاصل أن املريد إذا أكثر ذكر اهللا بالقلب ينفي عنه حديث النفسقادقد القلب عند هذا اإلصغاء بالذكر اتبالتدريج، و يرى اإلصغاء إليه ذنبا فيتقيه، و يت

Page 28: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

بعد ! اكب الذكر، فإذا صار كذلك الكواكب يف كبد السماء، و يصري القلب حمفوظا بزينة كو ". العوارف " الشيطان، و يندر يف حق هذا العبد اخلواطر الشيطانية، وملاته، فراجع

و أما قطع حديث النفس و اخلواطر املشغلة عن خطاب احلق جل و عال بغري 51 ه يف ، فراجع " لواقح األنوار " كما هو مذكور يف ! سلوك على يد شيخ ناصح مما ال يصح أبدا

. من اجلزء األول " ملنن الكربى " من هامش مث إن ال إله إال اهللا أعظم أنواع الذكر : ما لفظه " ترصيع اجلواهر " و رأيت يف

. 41 انتهى . تأثريا يف كنس األغيار من القلب و إزالة احلجب الظلمانية رأس الذكر، و – و ال إله إال اهللا : ما لفظه " النور الساطع " و قال صاحب

أنفع ما يعاجل به القلب يف إصالحه و إقباله على املذكور و نفي األغيار و دفع الوساوس و اخلواطرالردية، و أقرب و أقطع يف اجنالء القلب و صفائه، و رياضة النفس و ذيبها، و لذلك

كما نص عليه سيدي علي املرصفي يف . اختارها الصوفية لتربية املريدين و ذيب نفوسهم . انتهى فراجعه ". السالك منهج "

مهم بال ) اهللا، اهللا، اهللا ( و لكن من أكابر املشايخ من خيتار من األذكار لفظة اجلاللة

و قد فسر الشيخ علي . آخرا ) قدس سره ( فرق بني املستعد و غريه، كما اختاره اإلمام الرباين كثريا، و نظري ذلك قوله تعاىل كرروا هذا االسم : أي " اذكروا اهللا ذكرا كثريا " اخلواص لقوله

أكرب من ذكركم سائر األمساء الفروعية الطالبة ) اهللا ( ذكركم االسم : أي " ولذكر اهللا أكرب " لوجود األغيار، كالرمحان و الغفور و الرزاق و حنوها؛ فما يف األذكار أعظم فائدة من ذكر

حدا من األغيار املشهودة يف هذا العامل ، ألنه جامع جلميع احلقائق ال يطلب أ ) اهللا، اهللا ( االسم و " اإلبريز " من هامش 180 فراجعه يف . للشعراين " اجلواهر و الدرر " كما هو مذكور يف كتاب

، فراجعه من " تلخيص املعارف يف ترغيب حممد عارف " قد بسطنا الكالم يف فضائلها يف كتابنا درك مبا فيها من الفوائد و الفضائل، و الترغيب اخلامس فلو اطلعت إىل الرمحة اهلابطة ينشرح ص

تعلم سبب اختيار بعض املشايخ كالنقشبنديني هذا االسم األعظم من بني سائر األذكار، و اهللا . ويل التوفيق

هل يكون الفرق يف : فلما كان يف كالم السائل ذكر سوء اخلامتة؛ و قال ؟ أردت أن أجعله فصال مستقال من اخلوف من سوء اخلامتة بني من له شيخ و بني غريه أم ال

: مباحث هذا الكتاب، فقلت مستعينا باهللا

Page 29: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

الربج الثالث

هل يكون الفرق بني من له شيخ و بني غريه يف اخلف من : يف جواب مسألة سوء اخلامتة أم ال؟

اعلم أيها العزيز؛ أن اخلوف من سوء اخلامتة يف السالكني أكثر مما يف غريهم، ، و تيقنوا ) هؤالء إىل النار و ال أبايل ( دوا اجلالل و العظمة و علموا أنه تعاىل يقول ألم ملا شه

أن أعماهلم غري صافية من الكدورات، و أم قد عملوا سوءا يف كثري من األوقات، خيافون من أكابر فقد كان ! اهللا و من سوء العاقبة كما خيافون من السبع الضاري، و ذا دأم بالليل و النهار

السادات يكادون أن تنقطع أكبادهم من خوف سوء اخلامتة، و ذلك بكوم كلما ترقوا يف مقامات الطريق خيافون من إبليس أكثر منه قبل الترقي، لعلمهم أن العبد كلما قرب من حضرة ربه تشتد عداوة الشيطان له، و جيمع له اجليوش و ال يرجع عنه و ال تنقطع وساوس عن متوجه

. و إن دقت حبيث ال يكاد يشعرها إىل اهللا؛

الذكر قوت الروح إىل ما ذكر، و كلما أكثروا قوت " البحر املورود " و قد نبه الشعراين يف

الروح؛ و هو الذكر؛ و أقلوا قوت النفس؛ و هو االشتغال حبظوظها، يرون باذوق أم أذل خلق ال أرى يف : هذا اإلمام الرباين أمحد الفاروق الذي قيل فيه اهللا، و ال يرون هلم قدرا ما؛ فانظر إىل

إن املريد الصادق من ال يكتب : أنه قال بعد ذكره قول بعضهم . هذه األمة مثل اإلمام الرباين و هذا الفقري اململوء بالتقصري جيد نفسخ بالذوق . انتهى . عليه كاتب مشاله شيئا مدة عشرين سنة

يدري أن كاتب ميينه وجد حسنة يدرجها يف صحيقة أعماله منذ عشرين و الوجدان حبيث ال سنة، علم اهللا سبحانه أنه ال يقول هذا الكالم بالتصنع، و جيد بالذوق أيضا أن كفار اإلفرنج أقضل منه مبراتب، فإن سئل عز لميته ال يعجز عن اجلواب، و يرى نفسه أيضا بطريق الذوق

مشموال بالسيئات، و ما وجد فيه من احلسنات يرى أن كاتب مشاله أحق باخلطيئات و حماطا بكتابته، و يرى أن كاتب مشاله مشغول أبدا، و كاتب ميينه معطل و فارغ سرمدا، و يعلم أن . صحيفة ميينه خالية، و صحيفة مشاله مملوءة؛ ال رجاء له سوى الرمحة، و ال ممد له سوى املغفرة

للهم مغفرتك أوسع من ذنويب، و رمحتك أرمحك أرجى عندي من ا ): دعاء ( . 200 من عينه من اجلزء األول " الدرر املكنونات " انتهى . عملي، موافق حاله

و املقصود : و قال اإلمام الرباين أيضا يف بعض مكاتبه؛ بعد ذكره كالما نفيساانه، و ترغيب طالب هذه الطريقة، ال تفضيل نفس من هذا القيل و القال إظهار نعمة احلق سبح

Page 30: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

و معرفة اهللا سبحانه حرام على من يرى نفسه أفضل من كفار اإلفرنج، فكيف ! على األخرى و مثل قوله قال كثري من األقطاب؛ كخالد شاه، و . 1 ج 254 منه يف ص ! من أكابر الدين؟

الصويف كاألرض يطرح عليها كل ( يد حممود أفندي و غريمها، و حيتمل أن يكون معىن قول اجلن أنه ال يرى من نفسه إال كل قبيح؛ و إن خرج منه بالنسبة ): قبيح، و ال خيرج منه إال كل مليح

. فافهم ! إىل غريه كل مليح و لكن إذا نظرنا إىل اآليات و األحداث يعلم أن حسن العاقبة و سوءها

: ا نصه م " اإلحياء " منوطان باألعمال، فقد قال الغزايل يف فليت شعري ماذا موردي؟ و إىل ماذا مآيل و مرجعي؟ و ما الذي : فإن قلت

سبق به القضاء يف حقي؟ فلك عالمة تستأنس ا، و يصدق رجاؤك بسببها، و هو أن تنظر إىل فأبشر، فإنك ! أحوالك و أعمالك، فإن كال ميسر ملا خلق له، فإن كان قد يسر لك سبل اخلري

ر، و إن كنت ال تقصد خريا إال و حتيط بك العوائق فتندفعه، و ال تقصد شرا إال و مبعد من النا تيسر لك أسبابه؛ فاعلم أنك مقضي عليك، فإن داللة هذا على العاقبة كداللة املطر على النبات،

" الفجار لفي جحيم إن األبرار لفي نعيم و إن " و داللة الدخان على النار، فقد قال اهللا تعاىل . فاعرض نفسك على اآليتني، و قد عرفت مستقرك من الدارين و اهللا أعلم انتهى

املقصود من سلوك طريق الصوفية : - قدس سره – و قد قال اإلمام الرباين ازدياد اليقني حبقية املعتقدات الشرعية اليت هي حقيقة اإلميان، و حصول اليسر يف أداء أحكام

". الدرر املكنونات " ة؛ ال أمر آخر وراء ذلك اه كذا يف الشرعي إن املقصود من سلوك الطريق كون القلب حاضرا : ما معناه " الرشحات " و يف

أن يكون الذكر القليب و احلضور الدائمي مع اهللا تعاىل ملكة : باهللا على سبيل الذوق، يعين اهللا يف البال مل خيطر، و هذا منهم هو راسخة ال تزول و ال تنقطع، حىت لو تكلف إلخطار غري

املرء ميوت على ما عاش : اخلوف من سوء املنقلب، و هو االستعداد لذلك الوقت، و قد قالوا فإذا علمت ما ذكر تعلم أن السالكني هم اخلائفون، و غريهم . عليه، و حيشر على ما مات عليه

و ال يأمن مكر " ميان، عياذا باهللا تعاىل هم اآلمنون، و األمن من سوء العاقبة هو سبب سلب اإل . اآلية " اهللا إال الفوم اخلاسرون

و من املعلوم احملسوس أن تقوى اهللا تعاىل أكثر يف السالكني مما يف غريهم، و يرجع أمره إىل أن ينجو ممسك عروته من زوال اإلميان؛ نظرا إىل ما يف اآليات، فإن مآل كلها و

يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهللا و قولوا قوال سديدا " : املتقي، قال تعاىل مضموا على حسن حاليقبل : و قال البعض . أي يتم أعمالكم : و قد فسر " يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم

Page 31: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

إن " ، و قال " إمنا يتقبل اهللا من املتقني " و قال . " إن اهللا حيب املتقني " و قال تعاىل . أعمالكم الذين آمنوا و كانوا يتقون هلم البشرى يف احلياة الدنيا و " : ، و قال " م عند اهللا أتقاكم أكرمك

: ، و قال " و سيجنبها األتقى الذي " : و قال " مث ينجى اهللا الذين التقوا " : و قال " يف اآلخرة . " أعدت للمتقني "

سبب سوء اخلامتة لباطنة، و اإلصرار على و أيضا إن سبب سوء اخلامتة كثرة الذنوب الظاهرة و ا

الكبائر و الصغائر حىت تعلو الظلمة و النكتة على القلب بسببها، حبيث ال خياف من اهللا و من " كال بل ران على قلوم ما كانوا يكسبون " : سوء العاقبة، قال تعاىل

: ما نصه " إحياء علوم الدين " يف – رمحه اهللا تعاىل – قال اإلمام الغزايل بل هو نيف و سبعون، ! ضرورة بذنوبه ناقص اإلميان، و ليس اإلميان بابا واحدا فالعاصي بال

ليس : ( و مثاله قول القائل . أعالها شهادة أن ال إله إال اهللا، و أدناها إماطة األذى عن الطريق بل هو نيف و سبعون موجودا، أعالها القلب و الروح، و أدناها ! اإلنسان موجودا واحدا

ذى عن البشر؛ بأن يكون مقصوص الشارب، مقلوم األظافر، نقي البشرة عن اخلبث، إماطة األ ، و هذا ) حىت يتميز عن البهائم املرسلة امللوثة بأرواثها املستكرهة الصور بطول خمالبها و أظالفها

فاإلميان كاإلنسان، و فقد شهادة التوحيد يوجب البطالن بالكلية كفقد الروح، و . مثال مطابق هو كإنسان مقطوع األطراف، مفقود العينني، فاقد ! ي ليس له إال شهادة التوحيد و الرسالة الذ

و كما أن من هذه حاله قريب من أن ميوت ! جلميع أعضائه الباطنة و الظاهرة؛ إال أصل الروح لك من ليس له فتزايله الروح الضعيفة املنفردة اليت ختلف عنها األعضاء اليت متدها و تقويها؛ فكذ

إال أصل اإلميان؛ و هو مقصر يف األعمال؛ قريب من أن تقتلع شجرة إميانه إذا صدمتها الرياح العاصفة احملركة لإلميان يف مقدمة قدوم ملك املوت و وروده، فكل إميان مل يثبت يف اليقني أصله،

ظهور ناصية ملك املوت، و و مل تنتشر يف األعمال فروعه، مل يثبت على عواصف األهوال عند خيف عليه سوء اخلامتة، إال ما يبقى بالطاعات على توايل اآليام و الساعات حىت رسخ و ثبت

. من اجلزء الرابع 6 فراجعه يف . اه فاملعاصي لإلميان كاملأكوالت املضرة لألبدان، فال : 7 و فيه أيضا؛ يف صحيفة

و هو ال يشعر ا إىل أن يفسد املزاج، فيمرض دفعة تزال جتتمع يف الباطن مغيرة مزاج األخالط؛ . انتهى . مث ميوت دفعة، فكذلك املعاصي

التوبة و االستغفار، و الصالة على : فأول ما يلقنهم املشايخ ! و أما السالكونو الذين إذا فعلوا فاحشة " : قال تعاىل . ، رجاء أن يبدل اهللا سيئام حسنات ) ص ( النيب املختار

Page 32: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

و من يعمل سوءا أو " و قوله تعاىل . اآلية " اهللا فاستغفروا لذنوم لموا أنفسهم ذكروا أو ظ و . " إن احلسنات يذهنب السيئات " : و قوله . " يظلم نفسه مث يستغفر اهللا جيد اهللا غفورا رحيما

فهو يستغفر اهللا يف كل ! فاملريد، وإن عصى و خالف ". أتبع السيئة احلسنة متحها : " يف احلديث . وم ألف مرة، أو مخسمئة مرة، كما كان أشياخنا يأمروم بذلك ي

لو أخطأمت حىت تبلغ خطاياكم عنان السماء مث تبتم، لتاب : " روى ابن ماجه ". اهللا عليكم

صاحب اليمني أمري على صاحب الشمال، فإذا : " و روى الطرباين و البيهقي أراد صاحب الشمال أن يكتبها قال له عمل العبد حسنة كتبها بعشر أمثاهلا، و إذا عمل سيئة ف

مل يكتب عليه شيئا، و إن ! فيمسك ست ساعات، فإن استغفر اهللا منها . أمسك : صاحب اليمني ! فهذه نعمة جليلة للمريدين ". كتبها سيئة واحدة ! مل يستغفر اهللا

الغفلة من أعظم الذنوب كيف يغفلون فإن أشياخهم يأمروم بعدم غفلتهم عن اهللا حىت يف اخلالء، ف

؟ ! عنه تعاىل يف حالة وقوعهم يف املعصية و املخالفة، مع أم يعدون الغفلة من أعظم الذنوب فالفرق بني من هذا حاله، و بني من ال حيضر قلبه مع اهللا؛ و لو يف الصالة املفروضة إال بالتكلف

. بل حلمته و سداه غفلة ظاهر ال خيفى مع – يعين مبكفرات الذنوب – تغل ا فإن من اش ": الرماح " و يف كتاب

كثرة ذنوبه خفت مؤونة الذنوب عليه، و هو خري من الذي يقتحم الذنوب و ال يأيت مبكفراا، إذا أتيت بسيئة فأتبعها ): " ص ( و قال " إن احلسنات يذهنب السيئات " : قال سبحانه تعاىل

ن يسرع له جتديد اجلراح جبسده ، و ذلك مبرتلة م 1 مما معناه هذا ) ص ( أو كما قال " باحلسنة فيسرع له بالدواء، فكلما وقع عليه جراح أسرع بدوائه، و هو خري من الذي تنصب عليه اجلراح

يصلون على و أيضا إن املريدين ". جواهر املعاين " من هامش . انتهى . 3 ج 359 فال يتداوى يوم، و كوا من املكفرات ألف مرة أو مخسمائة مرة بتلقني مشاخيهم يف كل ) ص ( النيب

. للذنوب معلومة أنه سبحانه و تعاىل عظيم احملبة و العناية : ما حاصله " جواهر املعاين " قال يف

؛ اعتىن به ألجل حتببه ) ص ( فمن رآه سبحانه و تعاىل توجه بالصالة على حبيبه ) ص ( برسوله على الصالة 2 سبحانه و تعاىل إذا ثابر حلبيبه بالصالة على حبيبه، و كانت بلك احملبة و العناية منه

 ) عبد . ( و اهللا تعالى أعلم ..." وأتبع السيئة الحسنة تمحها : " و نصه 1

2 ". هامش األصل " ، " مصباح . " و املالزمة له ". خمتار . " املواظبة عليه : املثابرة على األمر

Page 33: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

لو أتاه بذنوب أهل األرض كلها من أول وجود العامل إىل آخره أضعافا مضاعفة؛ ) ص ( عليه ألدخلها كلها سبحانه و تعاىل يف حبر عفوه و فضله، و واجهه سبحانه تعاىل يف بلوغ أمله يف

كلما : تعاىل، و كان حكمه يف الغيب الدار اآلخرة؛ بتبليغه له يف أعلى مراتب رضاه سبحانه و إن له : صعدت املالئكة إىل اهللا بصحيفة أعماله مملؤة بالسيئات يقول سبحانه وتعاىل للمالئكة

و ال تقع املؤاخذة عليه كما تقع على غريه ! ، ال تكون سيئاته كسيئات غريه ) ص ( عناية حببيبنا . 1 ج 132 انتهى . من أصحاب السيئات

يف حق الفاسق أنفع له ) ص ( إن الصالة على رسول اهللا : و فيه يف موضع آخر . ج 200 2 انتهى . 3 من تالوة القرآن

فإن اهللا سبحانه و تعاىل ضمن لتاليها أن يصلي عليه، و : و فيه أيضا بعيد هذا من صلى اهللا عليه مرة ال يعذبه، و ال وسيلة عند اهللا أعظم نفعا و أرجى يف استجالب رضى

). ص ( عبد يف حق العامة أكرب من الصالة على النيب الرب عن ال

ثواب صالة الفاتح و اعلموا أن الذنوب يف هذا الزمان ال قدرة ألحد على االنفصال : و فيه أيضا

عنها، فإا تنصب على الناس كاملطر الغزير، لكن أكثروا من مكفرات الذنوب و آكد ذلك اللهم صل على : " اه و هي . من الذنوب شاذة و ال فاذة صالة الفاتح ملا أغلق، فإا ال تترك

سيدنا حممد الفاتح ملا أغلق، و اخلامت ملا سبق، ناصر احلق باحلق، و اهلادي إىل صراطك املستقيم، . الف صالة 4 وهي الصيغة تعدل بستمائة ". و على آله حق قدره و مقداره العظيم

ذكره من األذكار و الصلوات على و اعلم أن كل ما ت ": جواهر املعاين " و يف و األدعية لو توجهت جبميعها مائة ألف عام؛ كل يوم تذكرها مائة ألف مرة؛ و مجيع ) ص ( النيب

. 3 ج 157 . اه . ثواب ذلك كله، ما بلغ ثواب مرة واحدة من صالة الفاتح ملا أغلق

3

أي، سل ربك االستزادة من العلوم بسبب نزول " وقل رب زدين علما " : يف قوله تعاىل " ة اجلالل الصاوي حاشي " و يف ز ما يطلب، و من هنا أمر املشايخ للمريدين بتالوة القرآن و التعبد به بعد كماهلم و نظافة ع القرآن؛ فإا أفضل ما يسأل، و أ

و حنوه لتخلص قلوم، و احلكمة يف ذلك أن الغفلة يف الذكر أخف منها يف يأمروم بالذكر ! قلوم، و ما داموا مل يكملوا فجعل العارفون للتوسل للقرآن طرقا جياهدون أنفسهم فيها، . " لقرآن و القرآن يلعنه ل رب قارئ : " القرآن، ملا يف األثر

بل ! راءة يف املبتدء لكون غريه أفضل منه ليزدادوا لقراءم القرآن علوما و معارف و أخالقا، و حينئذ فليس تركهم الق . انتهى فراجعه من سورة طه . لينظفوا أنقسهم للقراءة

) منه رحم اهللا إفالسه ( و قد بسط اإلمام الرباين الكالم يف حق هذا يف بعض مكاتبه، فراجعه . سبعمئة ألف صالة : و في نسخة 4

Page 34: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

5 " تلخيص املعارف " و قد ذكرت بعض فضائل صالة الفاتح ملا أغلق يف كتابنا

. و السالم على من اتبع اهلدى . فلو راجعت إليه العجائب أن من قال هذه الصيغة و كان قائما غفر له قبل : و من صيغ الصالة اليت ورد

اللهم صل على سيدنا حممد و : " أن يقعد، و إن كان قاعدا غفر له قبل أن يقوم، هذه الصالة . 47 فراجعه يف " السادات منهاج " ، و هي مذكورة يف " على آله و صحبه و سلم

فاملالزمة على أمثال هذه املكفرات أكثر يف السالكني من غريهم، فظهر الفرق . بينهم و بني غريهم من العوام

يف شفاعة املشايخ و أيضا إن املشايخ يالحظون أتباعهم يف الشدائد و املضائق، و ينظرون بنور

كرت " يف – قدس سره – نقل شيخنا سيف اهللا بصائرهم إىل أحواهلم، و ميدوم مبددهم، و قد فإذا رجع املريد إىل شيخه بالصدق وجب على شيخه جربان : من احلكم ما لفظه " املعارف

تقصريه مته، فإن املريدين عيال على شيوخهم فرض عليهم أن ينفقوا من قوت أحواهلم ما . اه . يكون جربانا ليقصريهم

" ميزان " عن " شرح املفروض " يف – ه اهللا رمح – و نقل احملقق حممد طاهر إن ائمة الفقهاء و الصوفية كلهم يشفعون يف مقلديهم، و يالحظون أحدهم : الشعراين ما نصه

عند طلوع روحه، و عند سؤال منكر و نكري، و عند احملشر، و عند احلشر و النشر و احلساب . اقف و امليزان و الصراط و ال يغفلون عنهم يف موقف من املو

الشيخ هو الذي : و قال يعين أمحد الرفاعي رضي اهللا عنه ": الفجر املنري " و يف حني الرتع و خروج الروح من اجلسد، : األول : حيضر مع مريده و يالحظه يف أربعة مواضع

عند العبور على الصراط و املرور به، و : عند سؤال امللكني منكر و نكري يف القرب، الثالث : الثاين . 30 انتهى . عند وزن أعماله بامليزان : الرابع

و قد حكت امرأة صاحلة و لية أا كانت تذهب وحدها لدى شيخها ذي اجلناحني احلاج عبد الرمحن العسلي قدس سره، فاجتمعت يف الطريق مع راكب؛ فحمل فروا

لى على فرسه رمحة ا لعجزها وضعفها؛ ففارق منها، مث اجتمعت مع راكب آخر، فأركبها ع فرسه زمنا يسريا، ففارق منها أيضا، مث كانت متشي هوينا، فلقيها راكب آخر، فانزعج فرسه

بزل عدنش عدمل رجنل؟ : خوفا منها، و طرح من فرسه، فغضب عليها و تكلم عنفا؛ فقال

 و ما بعدها من طبعتنا 23 انظر ص 5

Page 35: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

". جن يك خ دروس عنك عدن منك وجنب مخل بزعدن دنك ي : " فقالت له قالت له ذلك حبسب التالعب معه إلطفاء نار غضبه و تطييب قلبه، مث وصلت لدى الشيخ املذكور؛ فباتت عنده، فحني قصدت أن ترجع من لدنه إىل قريتها اهتمت و اغتمت، فإذا نظر

ء و عند اإلياب، و أنا ال ختايف، فإين أكون معك عند اي : الشيخ إىل مهومها و غمومها قال هلا أيضا أكون معك يف حالة االحتضار ألدفع عنك الشيطان، و أكون معك أيضا عند املسألة يف

فذكر مجيع ما وقع هلا مع تلكم الرواكب يف األمس، . القرب ألجيب امللكني منك و أنت ساكتة هذه القصة، و 6 ملذكورة تخرب فكانت املرأة العجوزة ا ". وكلو وكن وكش دن ددخد : " فقال

. 7 كانت من الصاحلات العابدات القانتات أن للقيامة مخسني موقفا؛ أوهلا إذا : للشعراين " األجوبة املرضية " و نقل عن

خرج الناس من قبورهم فيقفون ألف سنة، فليس للشيخ أن يفارق مريده يف ذلك املوقف حىت إىل احملشر فيقفون على أرجلهم ألف عام، فليس للشيخ يلقنه حجته، و ذلك له، مث يساق الناس

فليس للشيخ أن يفارق مريده حىت . و آخر املوقف الصراط . اه . أن يفارق مريده حىت جييب عنه . فانظر يا أخي نفع املشايخ ملريديهم . اه . جياوز الصراط إىل اجلنة

. انتهى اختصارا . و احلمد هللا رب العاملني

مهم و : مبا هذا نصه " البحر املورود " ما ذكره الشعراين يف : حلاقه هنا و مما ينبغي إ

و ! أعلمك يا أخي طريقا متلك به قلوب الفقراء، فال يتخلفون عنك ال يف الدنيا و ال يف اآلخرة اعلم يا أخي أن األولياء أوىل الناس مبكافأة من أحسن إليهم؛ جلودهم و حيائهم ممن دفع هلم

يفا فقد أدخلهم يف منته، و وجب عليهم قضاء حوائجه يف الدارين، و من مل يدفع هدية؛ و لو رغ فراجعه . انتهى . إليهم شيئا من اهلدايا لقضاء حوائجه ليست واجبة عليهم؛ و إمنا ذلك مستحب

. فإنه مهم املرء " و أيضا إن حمبة أهل الطريق هي السبب املنجي من سوء العاقبة، فإن

. فنرجو اهللا تعاىل أن مييت حمب أوليائه على اإلميان ". ب حيشر مع من أح و تصديق طريقة الوالية ! و لو ال أن املريد قد صدق طريق الوالية ملا دخل فيه

، فاحملب للصوفية و املتشبه م، و املتشبه باملتشبه م و ) رضي اهللا عنه ( والية؛ كما قاله اجلنيد6 

 إن الشيخ ال يكون شيخا ما لم يقف عند المريد في المواضع المخوفة له في الدنيا٬ و عند ! يا ولدي ): قدس سره ( ال لي و أيضا ق األهوال و األنكال له في اآلخرة٬ مبتدئا من سؤال القبر٬ إلى التجاوز و العبور على الصراط٬ و أرجو أن أكون لكم أكثر و أشد نفعا

 – اه فاشار . نيا٬ و أرجو أيضا أن يقوم خليفتي حسن أفندي بعدي مقامي فيما لكم به الضر و النفع بأبلغ وجه في اآلخرة مما في الد ". الحقير ) كاتبه ( لزابره " آمين . نفعنا اهللا به في الدارين . بهذا إلى قرب انتقاله إلى دار القرار – رحمه اهللا

 ). منه . ( ­ قدس سره – لي وقبرها في غزانش األعلى؛ لدى قبر ولد شيخنا العس 7

Page 36: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

ك بنسبتهم، و املتصل بسلسلتهم، و العاشق هلم، و احملب لطريقتهم و الالبس خلرقتهم، و املترب رسومهم أفضل من غريه، حلسن ظنه فيهم؛ و إن كان خالفا عنهم و متخلفا عن فعل مثلهم و

فاخلالف منهم يف بركة السالف، فمدد مهمهم العالية على من تعلق ! مائال عن سنن استقامتهم و صفى ودهم و تشبه م و انتسب إليهم طامية، و الكل يف دوائر م و صدق يف حبهم

عقد " نفحات بركام الشاملة، و حصون عنايتهم الكاملة؛ كما هو مذكور بلفظه و عبارته يف . 1 ج 57 يف " اليواقيت

و منهم من يصحبهم و خيالطهم ليناله بركتهم و صاحل دعوام؛ من : و فيه ال عزمية يف االقتداء و التشبه بسريهم، فذلك ال خيلو من بركة و خري غري أن تكون له نية و

51 " هم القوم ال يشقى م جليسهم " كثري، و هو داخل يف عموم ما ورد يف احلديث القدسي . 1 ج

من أحب القوم و كان ال يصر على كبرية فهو حمب حقيقة؛ و إن وقع : و فيه يا رسول اهللا الرجل حيب القوم و ال يلحق : قيل : صحيح يف ذنب أو عيب يوما ما ففي احلديث ال

. 8 " أنت مع من أحببت : " م؟ قال . يبلغ املريد بنظر الشيخ إىل ما مل يبلغ بعبادته واجتهاده ألف سنة : و فيه

هذا بنظرة : - نفعنا اهللا به – قال سيدنا الشيخ أبو بكر بن سامل باعلوي . م يوصلون به إىل أعلى مقام عند اهللا تعاىل مما ال ميكن تعبريه فإ ! الناظر إليهم، و أما نظرهم إليه

. انتهى إن هللا عبادا من نظر يف أحدهم ): " ص ( و يف احلديث ورد ذلك يف قوله : قلت

. 59 انتهى ". نظرة سعد سعادة ال يشقى بعدها ابدا

مهم يف حب العلماء و الصلحاء ة هذه الطائقة رأس كل سعادة دنيوية إن حمب ): قدس سره ( و قال اإلمام الرباين

و أخروية، و التوفيق إلتيان األحكام الشرعية نتيجة هذه احملبة، و حتصيل مجعية الباطن مثرة هذه ينبغي أن ال ! املودة، و لو صبت مجيع ظلمات العامل و كدوراته يف الباطن؛ و هذه احملبة قائمة

من األنوار و األحوال على الباطن؛ و قد زالت مقدار يغتم أصال، و لو أفيضت أمثال اجلبال يف " الدرر املكنونات " انتهى من . ينبغي أن ال يعتقد ذلك غري اخلذالن ! شعرة من هذه احملبة

217 . ! فانظر أيها األخ إىل ما يثمر حمبة الصاحلني و لو ملن ال يعمل بعملهم

 ) هامش األصل ( 2 من ج 99 راحع القسطالني في ف و إن أردت أن تعلم معنى المعية في هذا 8

Page 37: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

ني كان شريكا يف من أحب اخلري للمسلم : ما حاصله " اإلحياء " و رأيت يف . اخلري، و من فاته اللحاق بدرجة األكابر يف الدين مل يفته ثواب احلب هلم مهما أحب ذلك

يا رسول اهللا؛ الرجل حيب القوم ): ص ( و قد قال أعرايب للنيب : و فيه بعيد هذا و هو ) ص ( و قام أعرايب على رسول اهللا ". املرء مع من أحب ): " ص ( فقال النيب ! و ملا يلحق م

ما أعددت هلا من كثري : قال " ما أعددت هلا؟ : " يا رسول اهللا مىت الساعة؟ فقال : خيطب فقال فما : قال أنس " أنت مع من أحببت ): ص ( صالة و ال صيام إال أين أحب اهللا و رسوله، فقال

. إشارة إىل أن أكثر بغيتهم كانت حب اهللا و رسوله . فرح املسلمون كفرحهم يومئذ فنحن حنب رسول اهللا و أبا بكر و عمر و ال نعمل مثل عملهم، و : س قال أن

. نرجو أن نكون معهم الرجل حيب املصلني و ال يصلي، و ! يا رسول اهللا : قلت : و قال أبو موسى

و قال رجل . 9 " هو مع من أحب ): " ص ( حيب الصوام و ال يصوم حىت عد أشياء، فقال النيب إن استطعت أن تكون عاملا؛ فكن عاملا؛ فإن مل تستطع أن : ه كان يقول إن : لعمر بن عبد العزيز

فأحبهم، فإن مل تستطع فال تبغضهم، ! تكون عاملا فكن متعلما؛ فإن مل تستطع أن تكون متعلما . 3 ج 136 انتهى . لقد جعل اهللا لنا خمرجا ! سبحان اهللا : فقال

فضيلة جمالسة العامل إن كعب ): رمحه اهللا تعاىل ( العالمة الشيخ أمحد القليويب العامل " نوادر " و يف

إن اهللا تعاىل حياسب العبد، فإذا رجحت سيئاته على حسناته : قال – رضي اهللا عنه – األحبار هل جلس يف : أدرك عبدي و اسأله : " يؤمر به إىل النار، فإذا ذهبوا به إليها يقول اهللا تعاىل جلربيل

إنك ! يا رب : فيقول جربيل . ال : فيسأله جربيل، فيقول . فاغفر له بشفاعته جملس عامل يف الدنيا؟ هل جلس : سله : فيقول . ال : هل أحب عاملا؟ فيقول : سله : فيقول . ال : عامل حبال عبدك أنه قال

فيقول . ال : هل سكن يف سكة فيها عامل؟ فيقول : سله : فيقول . ال : على مائدة مع عامل؟ فيقول سله هل حيب رجال حيب : فيقول . ال : وافق امسه اسم عامل؛ أو نسبه نسب عامل؟ فيقول سله هل

انتهى . خذ بيده وأدخله اجلنة، فإين قد غفرت له بذلك : فيقول اهللا جلربيل . نعم : عاملا؟ فيقول35 .

كرت " يف – قدس سره – و قال شيخنا السيد األمري سيف اهللا احلسيين الصادق أن التشبه باألخيار و الصاحلني حبسن الظن م يورث احملبة، و أن مث اعلم أيها ": املعارف

على نبينا و عليه الصالة و الصالم – من أحب يكون مع احملبني، أال ترى أن اهللا ملا أرسل موسى

 ). منه . ( راجعه ". اإلتحاف " كذا في . متفق عليه 9

Page 38: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

إىل فرعون كان السامري يتشبه مبوسى بني يدي فرعون ليضحكه؛ استهزاءا منه و استهانة، – !! لتشبه على هذا الوجه جناه اهللا تعاىل من الغرق؛ فلم يغرق مع فرعون و أصحابه فبسبب هذا ا

هذا مبجرد التشبه و احلال على وجه االستهانة و االستهزاء، فكيف إذا كان على غري هذا : قال الشاعر ! و كيف إذا كان حبسن نية و لو مل يقم بالعمل؟ ! الوجه؟

إن التشبه بالكرام فالح فتشبهوا إن مل تكونوا مثلهم قوم ال " ملا أم ! فكم موضع ذكرنا هذا ". املرء مع من أحب : " وقد ورد

. من خطه رمحه اهللا تعاىل . انتهى " عقد النفيس " ذكره السيد أمحد بن إدريس يف " يشقى جليسهم ما " سط و كلبهم با " : يف شرح قوله تعاىل " الصاوي شرح اجلالل " و رأيت يف

و هو من مجلة احليوانات اليت تدخل اجلنة، و ذا تعلم أن حب الصاحلني و التعلق م : نصه . يورث اخلري العظيم و الفوز جبنات النعيم اه فراجعه من سورة الكهف

يقي صاحبه من سوء اخلامتة ، و حيمله على 10 و أيضا أن التضلع من هذا العلم ة، و سلوك ما يوجب الفوز بالسعادة، فقد نقل الشيخ أبو طالب املكي يف كتاب التوبة و اإلناب

من مل يكن له : عن بعض العارفني أنه قال " اإلحياء " ، و اإلمام أبو حامد يف كتابه " قوت القلوب " : و أدىن النصيب منه . نصيب أخاف عليه من سوء اخلامتة ) أي علم الباطن ( من هذا العلم . سليمه ألهله التصديق به و ت

من مل يتغلغل يف علمنا هذا ): رضي اهللا عنه ( و قال الشيخ أبو احلسن الشاذيل ". منية الفقري املتجرد " كذا يف . مات مصرا على الكبائر و هو ال يشعر

أن تعلم مسألة : ما حاصله – رمحه اهللا تعاىل – " أذكار النووي " و رأيت يف . ضل من عبادة سنة واحدة من هذا العلم أف

أن نظر : يف بعض مكاتيبه – قدس سره – و كتب شيخنا األمري سيف اهللا . اه . كتب أهل السلوك جند من جنود اهللا

أن حمبة أهل – رضي اهللا عنهم – فعلم من هذه املنقوالت من كتب األكابر ، من أسباب السعادة و حسن الطريق و تسليمهم و تصديقهم، و التشبه م و االشتغال بعلمهم

اخلامتة، وأن ضدها مما يوجب الشقاوة و العياذ باهللا ، فالفرق بني من دخل يف الطريقة و بني . يرضى ذا القدر من اجلواب – رمحه اهللا – غريه ظاهر، و لعل األخ السائل الربجي

 ). منه . ( أي علم الباطن 10

Page 39: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

فصل أهلينا و أوالدنا يف ذكر شيء مما يكون سببا حلسن اخلامتة، أماتنا اهللا تعاىل مع

. و أحبابنا على دين اإلسالم و اإلميان آمني عقد " من هامش 45 يف " ذخرية املعاد بشرح راتب احلداد " قال صاحب

يا ذا اجلالل و اإلكرام أمتنا على دين : " بعد ذكره كالما يف شرح قول الراتب 1 ج " اليواقيت ؛ من األئمة ) رضي اهللا عنه ( صاحب الراتب مث اعلم أن سيدنا الشيخ عبد اهللا : ما نصه " اإلسالم

الفعال ملا يريد، و بيده اخلري و الشر، والسعادة و الشقاوة، وأن ... العارفني جبالل اهللا تعاىل القدر سر من أسرار اهللا تعاىل؛ ضربت دونه أستار اختص اهللا ا، و حجبها عن عقول خلقه،

اهتم – ال ينكشف ذلك إال بعد املوت على اإلسالم حىت األنبياء و املالئكة و االولياء ، و . بسؤال املوت على اإلسالم؛ إذ العارفون أكثر خوفا من سوء اخلامتة من غريهم

أمرهم أن يوضئوه عند – رضي اهللا عنه – روي أن اإلمام أمحد ابن حنبل يا أبت ما هذا الذي : ه فقال له ابن . ال بعد، ال بعد : االحتضار، مث جعل يعرق، مث يفيق فيقول

ال بعد ال : ؟ فأقول 11 يا أمحد فتين : يا بين إبليس قائم حبذائي عاض بيده يقول : فقال ! لهجت به؟ كما بين ذلك . أعظم الناس خوفا، وأكثرهم سؤاال حلسن اخلامتة فكانوا . انتهى . بعد حىت أموت

. يف نصائحه ان اإلميان أقوى و العمل أصلح كان أنه كلما ك – رمحك اهللا تعاىل – و اعلم

اخلوف أكثر، و كلما كان اإلميان أضعف و العمل أسوأ كان اخلوف أقل، و األمن و االغترار . أغلب، فاعترب ذلك يف نفسك و غريها جتده بينا

فإن املؤمن الصادق هو الذي يعمل الصاحلات و يخلص فيها، : و على اجلملة واب عليها من فضل اهللا تعاىل، و جيانب السيئات و يبعد عنها و خياف أن و يرجو القبول و الث

يبتلى ا، و خيشى العقاب على ما عمله منها، و يرجو املغفرة من اهللا تعاىل بعد التوبة و اإلنابة إىل اهللا تعاىل؛ فمن كان من املؤمنني على غري هذه األوصاف فهو من املخلطني و أمره يف غاية

فافهم هذه اجلملة و طالب نفسك ا تنج و تفز إن شاء اهللا تعاىل؛ إىل آخر ما ذكره، اخلطر، . نفع اهللا به

و لن يقدر اإلنسان على ": ذكر اإلسالم " و كان قد قال قبل ذلك يف مبحث أن مييت نفسه على اإلسالم، و لكن قد جعل اهللا له سببا إىل ذلك، إذا أخذ به كان قد أتى

ه، و امتثل ما أمر به؛ و هو أن خيتار املوت على اإلسالم و حيبه و يتمناه و يعزم بالذي هو علي

 . 190 " شرح سلك العين . " بسالمتي منك ال بعد؛ ما دام روحي في الجسد فال أغتر : فقلت . تفلت مني يا أحمد : و قال 11

Page 40: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

عليه، و يكره املوت على غريه من األديان، و ال يزال داعيا و متضرعا و سائال من اهللا أن يتوفاه مسلما، و بذلك وصف اهللا أنبياءه و الصاحلني من عباده فقال خمربا عن يوسف بن يعقوب

قال و على . " أنت ويل يف الدنيا و اآلخرة توفين مسلما و أحلقين بالصاحلني " : عليهما السالم اإلنسان االجتهاد يف حفظ إسالمه و تقويته؛ بفعل ما أمر به من طاعة اهللا تعاىل، فإن املضيع

هانته للدين و ألوامر اهللا تعاىل متعرض للموت على غري اإلسالم، فإن تركه لذلك دليل على است على االستخفاف به، فليحذر املسلم من ذلك غاية احلذر، و عليه أيضا أن جيانب املعاصي و

كما وقع . اآلثام، فإا تضعف اإلسالم و توهنه و تزلزل قواعده، و تعرضه للسلب عند املوت مث كان عاقبة " : ىل و يف قوله تعا . لكثري من املالبسني و املصرين عليها – والعياذ باهللا – ذلك

و خذ . ما يدل على ذلك " الذين أساؤوا السوأى أن كذبوا بآيات اهللا و كانوا ا يستهزؤون نفسك بامتثال أوامر اهللا تعاىل واجتناب نواهيه، و إن وقعت يف شيء فتب إىل اهللا منه، و احذر

ة، فقد بلغنا أن الشيطان كل احلذر من اإلصرار عليه؛ و ال تزل سائال من اهللا تعاىل حسن اخلامت مىت يعجب هذا بعمله : أقول . قصم ظهري الذي يسأل اهللا حسن اخلامتة : يقول – لعنه اهللا –

و أكثر من احلمد و الشكر على نعمة اإلسالم، فإا أعظم النعم و . 12 أخاف أن قد فطن لكان ذلك وباال عليه، أكربها، فإن اهللا تعاىل لو أعطى الدنيا حبذافريها عبدا و منعه عن اإلسالم

و لو أعطاه اإلسالم و منعه الدنيا مل يضره ذلك، ألن األول ميوت فيصري إىل النار، و هذا الثاين . ميوت فيصري إىل اجلنة

و عليك أن ال تزال خائفا وجال من سوء اخلامتة؛ فإن اهللا تعاىل مقلب القلوب . يهدي من يشاء، و يضل من يشاء

يف غاية احلذر من سوء – رمحة اهللا عليهم – ن السلف الصاحل و قد كا : قال . اخلامتة مع صالح أعماهلم و قلة ذنوم

الذين خيتمون خبامتة السوء كثري و اعلم أن كثريا ما خيتم خبامتة السوء للذين يتهاونون بالصالة املفروضة و

نقصون املكيال و امليزان، و الذين الزكاة الواجبة، و الذين يتتبعون عورات املسلمني، و الذين ي خيدعون املسلمني و يغشوم و يلبسون عليهم يف أمور الدين و الدنيا، و الذين يكذبون أولياء اهللا و ينكرون عليهم بغري حق، و الذين يدعون أحوال األولياء و مقامام من غري صدق، و

. أشباه ذلك من األمور الشنيعة

12

Page 41: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

صاحبه سوء اخلامتة، البدعة يف الدين، و كذلك و من أخوف ما يخاف على إضمار الشك يف اهللا و رسوله و اليوم اآلخر، فليحذر املسلم من ذلك غاية احلذر، و ال عاصم من أمر اهللا إال من رحم، اللهم يا أرحم الرامحني نسألك بنور وجهك الكرمي أن تتوفانا مسلمني،

. ب العاملني و أن تلحقنا بالصاحلني يف عافية يا ر

أسباب حسن اخلامتة كل ما ورد فيه من األخبار دخول اجلنة أو : و اعلم أن العلماء نصوا على أن

أو ) ص ( النجاة من النار، أو املوت على اإلسالم، أو اجلواز على الصراط، أو شفاعة النيب ادة ، فكل ذلك من أسباب حسن اخلامتة، و كذا الشه ) ص ( مرافقته أو الورود على حوضه

األخروية، و املوت على اإلسالم، و االستظالل بظل العرش يوم القيامة، و تفريج كربة من . كرباته، و كل ما تضمن كرامة أخروية

يف كتابه – نفع اهللا به – قال السيد اإلمام أمحد بن علوي باحسن باعلوي ق للعمل مبوجبه، كما و كذا ما يضاهي ذلك من املبشرات حبسن اخلامتة ملن وف : املقدم ذكره

. نص عليه النووي و غريه من األئمة؛ إذ الكرامة مثة إمنا يناهلا من مات على اإلسالم دون غريه . انتهى

املالزمة بعد كل صالة قراءة الفاحتة و : و ذكر من أسباب ذلك هو و غريه إىل آخر " آمن الرسول " اآلية و آية الكرسي و " إهلكم إله واحد " و " املفلحون " إىل " امل "

و أنا أشهد مبا شهد اهللا به، و أستودع : و يقول بعده " العزيز احلكيم " إىل " شهد اهللا " السورة، و " إن الدين عند اهللا اإلسالم قل اللهم مالك امللك " . اهللا هذه الشهادة، و هي يل عند اهللا وديعة

ك أيضا السيد العارف و ذكر ذل . و اإلخالص حشرا و املعوذتني مرة مرة " بغري حساب " إىل . باهللا تعاىل عبد اهللا مريغين فإنه ذكر أن هذه األذكار من األسباب اخلامتة حبصول حسن اخلامتة

صدقة السر فإا تطفئ غضب الرب، و : أذكار الوضوء، و من ذلك : و منها . تدفع ميتة السوء

نة العرش سبحان اهللا ملء امليزان و منتهى العلم و مبلغ الرضا و ز : و منه . ثالث مرات – صباحا و مساء

. و سؤال الوسيلة ) ص ( زيارة رسول اهللا : و منه السالم يف يوم أو ليلة على عشرة أو عشرين مسلما جمموعني أو : و منه

فرادى، و إطعام اليتيم، و سؤال اجلنة ثالثا، و األذان اثين عشر سنة، و إخراج األذى من

Page 42: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

الليلة الباردة، و اإلهالل حبجة أو عمرة من املسجد األقصى، و املسجد، و إسباغ الوضوء يف صباحا و مساء، و إنفاق زوجني يف سبيل اهللا؛ أي شيئني من كل 13 اإلتيان بسيد االستغفار

شيء، و التحميد و الترجيع عند موت الولد، و موت الطفل لإلنسان، و صالة مائة شخص، أو الصرب عند الصدمة األوىل، و صيام مثانية من شهر رجب، و أربعني ثالثة صفوف على امليت، و

؛ يف كل ركعة مخسني مرة، و " اإلخالص " صالة أربع ركعات يف اجلامعة يوم اجلمعة بسورة رمي سهم أو صنعته يف سبيل اهللا تعاىل، و تعلم كلمة أو كلمتني أو ثالثا أو أربعا أو مخسا مما

. لمهن فرض اهللا تعاىل فيتعلمهن أو يع إحسان الوضوء مث صالة ركعتني؛ يقبل بقلبه و بوجهه عليهما و : و من ذلك

رضيت باهللا ربا و باإلسالم دينا و مبحمد نبيا، و اجللوس يف مصاله بعد صالة الفجر : يقول ذاكرا حىت تطلع الشمس، و قراءة خواتيم سورة البقرة من ليل أو ار و املوت من يومه أو ليلته،

أسلمت نفسي إليك، و وجهت وجهي إليك، و فوضت أمري عليك، و أجلأت ظهري " قراءة و عليك؛ رغبة و رهبة إليك، ال ملجأ و ال منجا منك إال إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، و

إذا أتيت مضجعك، فتوضأ مث اضطجع على شقك األمين، : " ، و يف الرواية " نبيك الذي أرسلت و يف رواية أخرى بال ذكر الوضوء، و . إىل آخره، و جيعلهن آخر ما يتكلم به .. . اللهم : مث قل

اللهم أعط حممدا الدرجة و الوسيلة، اللهم اجعل يف املصطفني صحبته، و يف العاملني درجته، : منه و االستغفار يف رجب سبعني ، " قل هو اهللا أحد " و يف املقربني ذكره، و عقب كل صالة قراءة

، و األذان احتسابا سبع ) اللهم الغفر يل و ارمحين و تب على : " و سبعني بالعشي بصيغة بالغداة يا مقلب : ( ، و يف السجود " اللهم اختم لنا خبري و افتح لنا خبري : " سنني، و عند ختم القرآن

يف ذلك – رمحه اهللا تعاىل – إىل غري ذلك، و لإلمام السيوطي ) القلوب ثبت قليب على دينك ختم اهللا لنا بذلك و ألحبابنا و املسلمني بال حمنة " أبواب السعادة يف أسباب الشهادة " مساه مؤلف

. و ال فتنة آمني يا رب العاملني انتهى فائدة نقل عن القطب احلداد أن مما يوجب : ما نصه " بغية املسترشدين " و يف

الذي ال إله إال هو احلي أستغفر اهللا : حسن اخلامتة عند املوت أن يقول بعد املغرب أربع مرات . القيوم الذي ال ميون و أتوب إليه، رب اغفر يل

13

اللهم أنت ريب ال إله إال أنت، خلقتين و أنا : سيد االستغفار أن يقول : " قال ) ص ( عن النيب – رضي اهللا عنه – وهو ما رواه شداد بن أوسما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي و أبوء بذنيب، فاغفر يل فإنه ال يغفر الذنوب عبدك، و أنا على عهدك و وعدك ما التطعت، اعوذ بك من شر ،

من قاهلا يف النهار موقنا فمات قبل أن ميسي، فهو من أله اجلنة و من قاهلا من الليل و هو موقن، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل . إال أنت). منه . ( 1 ج " عقد اليواقيت " من هامش 81 فراجعه يف " ذخرية املعاد " كذا يف . رواه البخاري ". اجلنة

Page 43: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

اللهم : من قال بعد صالة املغرب أيضا قبل أن يتكلم : و عن بعض العارفني مات ) عشر مرات ( صل على سيدنا حممد و على آله و صحبه بعدد كل حرف جرى به القلم

و فيه يف موضع 45 . انتهى ". بغية املسترشدين " ان، لباسود " حدائق االرواح . " اه . على اإلميان : آخر

أن من واظب على هذين البيتني يف كل يوم : فائدة نقلت عن اإلمام الشعراين : مجعة توفاه اهللا تعاىل على اإلسالم من غري شك و مها

إهلي لست للفردوس أهال و ال أقوى على نار اجلحيم م توبة و اغفر ذنويب فإنك غافر الذنب العظي فهب يل

فراجعه يف ) باجوري ( و نقل عن بعضهم أما يقرآن مخس مرات بعد اجلمعة. 77 سنن اجلمعة يف

اللهم إين أعوذ بك أن تصد : يسن أن يقول بعد تكبرية اإلحرام : فائدة : و فيه اللهم اختم لنا : و عند ختم القرآن . حيين مسلما و أمتين مسلما عين وجهك يوم القيامة، اللهم أ

. 40 فراجعه يف " حدائق األرواح . " فكال هذين ورد به الوعد لفاعلها باملوت على اإلسالم . خبري هذا حزب : و ذكر القطب أمحد ضياء الدين يف جمموعة األحزاب ما نصه

السالم، من دعى ذا الدعاء صباحا و مساء دعاء الفرج أليب جعفر املنصور بتعليم اخلضر عليه هدمت ذنوبه و دام سروره، و حميت خطاياه، و استجيب دعاؤه، و بسط له يف رزقه، و أعطي

اللهم كما لطفت يف : أمله، و أعني على عدوه ، و كتب عند اهللا صديقا؛ و ال ميوت إال شهيداتلوون اللطفاء، و عد تكظمعلى العظماء، و علمت ما حتت أرضك كعلمك مبا ع تكربقد

فوق عرشك، و كانت وساوس الصدر كالعالنية عندك، و عالنية القول كالسر يف علمك،و خضع كل ذي سلطان لسلطانك، و صار أمر الدنيا و اآلخرة كله ،تكظمفانقاد كل شي لع

م أصبحت و أمسيت فيه فرجا و خمرجا، اللهم إن عفوك عن بيدك؛ اجعل يل من كل هم و غ ذنويب و جتاوزك عن خطيئيت و سترك على عملي أطمعتين أن أسألك ما ال أستوجبه مما قصرت فيه، أدعوك آمنا و أسألك مستأنسا، و إنك احملسن إيل و أين ملسيء إىل نفسي فيما مضى بيين و

نعمتك و أتبغض إليك باملعاصي، و لكن الثقة بك حملتين على اجلرأة عليك، بينك، تتودد إيل بالرحيم فوؤإنك أنت الر د اللهم بفضلك و إحسانك علي1 ج 37 . اه . فع .

و من األسباب اليت تسهل ا سكرات املوت و ال يذوق مرارته ما ذكره فمن " السالم عليك أيها النيب ورمحتاهللا و بركاته " و أما : مبا لفظه " رماح حزب الرحيم " مؤلف

. أن من داوم على قراءته يف كل يوم مائة مرة ال يذوق سكرات املوت : بعض فضائله

Page 44: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

و قد أخربين سيدي حممد الغايل رضي اهللا عنه؛ و أنا معه يف املدينة املنورة، كان حيض – عنه و أرضاه عنا به رضي اهللا – أن الشيخ : على ساكنها أفضل الصالة و السالم

. إن املداوم عليه ال يذوق مرارة املوت أصال : على ذلك و الدوام عليه و يقول قد رأيت يف بعض الكتب أن بعض الصاحلني داوم عليه فمات و هو : قلت

. 2 ج 106 . اه . ساجد يف الصالة ضي اهللا ر – نقال عن القطب سيدي عبد اهللا العيدروس " املشرع الروي " و يف

". تقريب األصول . " يما عند املوت من قرأ آية الكرسي يثبت اهللا ا القلب ال س : - عنه يف كتاب ذكر فيه – اهللا رمحه – ذكر الشيخ اإلمام برهان الدين إبراهيم بن حسن الكوراين : فائدة

احلكيم الترمذي عن عن – رضي اهللا عنهما – و من حديث ابن عباس : مجلة من األذكار و الدعات، قال اللهم إين أقدم إليك بني : ( من قال دبر كل صالة مكتوبة مرة واحدة : إن ربك يقول : " جربيل عليه السالم

نفس و حلظة و حملة و طرفة يطرف ا أهل السماوات و أهل األرض و كل شيء هو يف علمك يدي كل ، فإن " العلي العظيم " إىل ..." أهللا ال إله إال هو احلي القيوم " كائن أو قد كان أقدم إليك بني يدي ذلك كله

الليل و النهار أربعة و عشرون ساعة ليس فيها ساعة إال يصعد إيل فيها سبعون ألف ألف حسنة حىت ينفخ يف الباب السادس – قدس سره – يف الصور، و تشتغل املالئكة بذلك؛ و هذا ما أوصى به الشيخ حميي الدين

اللهم إين إقدم إليك : و كذلك تقول يف إثر كل صالة فريضة قبل الكالم : ؛ قال " الفتوحات " ني من و اخلمس . 14 انتهى ذكره الكوراين . إىل آخر ما مر ... بني يدي كل نفس

ما املراد منه؟ . إىل آخره . اللهم إين أقدم إليك بني يدي كل نفس : و قد وقع السؤال عن قوله اد تكثري املضاعفة و التحصني؛ بأن يكون ما ورد يف هذه اآلية الكرمية من األجور اليت يتعذر إن املر : فأجبت

حصرها، و من الثواب اجلزيل و الكرامة لقارئها يف الدنيا و اآلخرة كائن و واقع بني يدي تلك األزمنة اليت يف احلفظ، و ما فيها من الثواب ال يكاد يظهر هلا تقدير يف الزمن، فتستغرق تلك اللحظات مجيع األوقات

من كل ما ورد، و اختصت به مما علم، و مما مل يعلم، يكون مقدما بني يدي تلك الدقائق من الزمن لتشمل اإلحاطة و التحصن و احلفظ و الثواب العظيم، فيكون ذلك معدودا و معدا له بني يدي تلك اآلنات و

. الشيئات و : على قوله " حزب اإلمام النووي " أمحد السجاعي املصري يف شرحه على و يؤيد هذا املفهوم ما ذكره

اجعل ذلك مقدما يف : إىل آخرها، أي ..." قل هو اهللا أحد " أقدم بني يدي و أيديهم بسم اهللا الرمحن الرحيم معىن اليواقيت ففيه كالم آخر يف ذكر راجعه من هامش عقد 84 " ذخرية املعاد . " التحصني و اإلحاطة انتهى

. ما ذكر خلصنا حساب ليلة مثامنائة ألف ألف و أربعني ألفا و : قال الترمذي ": تنوير الصدر شرح حزب الرب " و يف

بالنهار مثله، فذلك ألف ألف ألف و ست مائة ألف ألف؛ هذا يف اليوم و الليلة، فحقيق أن يشتغل املالئكة . 1 ج " جمموعة األحزاب " من هامش 123 . بذلك

 ". هامش االصل . " 84 في صحيفة " ذخيرة المعاد " قاله صاحب 14

Page 45: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

يف احلديث ) كل شيء ( ، بدل من ) إخل ... و كل شيء هو يف علمك : ( قاله الشاذيل يف حزب الرب هكذا و ما " كل " باجلر عطف على – هكذا، و أقدم إليك قبل كل " تنوير الصدر " املذكور، و فسر لذلك صاحب

. " جمموعة األحزاب " من هامش 119 فراحعه و تدبره يف . انتهى . شيء هو يف علمك – األوىل : هذه فائدة عظيمة

باسم ريب و الصالة و السالم للنيب مث لآلل الكرمي بعد هذا، فاستمعنا يا مهام نذكر تسبيح ريب باهتمام قد أتينا بالنقول عن إمام رمحة اهللا عليه و السالم

عد تسعني و تسع بالتمام قد رأى اهللا تعاىل يف املنام ب من يسبح يا إمام بالغداة و العشي بالدوام : قال فيه

خالصا تسبيح آت يف الكالم فهو ناج من عذاب بالسالمفهو تاج رأس حقي و املرام ذكر تسبيح اإلله يف اخلتام

سبحان األبدي األبد، سبحان الواحد األحد، سبحان بسم اهللا الرمحن الرحيم : هذه هي التسبيحات املنجية الفرد الصمد، سبحان رافع السماء بغري عمد، سبحان من بسط األرض على ماء مجد، سبحان من خلق

، سبحانه من قسم الرزق و مل ينس أحدا، سبحانه الذي مل يتخذ صاحبة؛ و ال 15 اخللق و أحصاهم عدد . 44 من كتاب ألفه سليمان حقي . انتهى . و مل يكن له كفوا أحد ولدا، سبحان الذي مل يلد و مل يولد

). راجعه ( حكى إبراهيم بن أدهم عن بعض األبدال أنه قام ذات ليلة يصلي على شاطئ البحر، فسمع صوتات عاليا

أنا ملك من املالئكة موكل : من أنت؟ أمسع صوتك و ال أرى شخصك، فقال : بالتسبيح و مل ير أحدا فقال ذا التسبيح مذ خلق ح اهللا تعاىلن قال هذا التسبيح، فقال . اذا البحر، اسبن قاله مائة : فسأله عن ثواب مم

سبحان اهللا العلي الديان الشديد األركان، : مرة مل ميت حىت يرى مقعده يف اجلنة أو يرى له؛ و هو هذا غله شأن عن شأن، سبحان اهللا احلنان املنان، سبحان من يذهب بالليل و يأتى بالنهار، سبحان من ال يش

. 32 فراجعه يف " مصباح الظالم " كذا يف . سبحان اهللا املسبح يف كل مكان

 البرج الرابع

في بيان درجات شوائب الرياء و اآلفات المكدرات لإلخالص ؛ اردت أن أورد هنا فلما كان معرفتها للسالك و لغريه من املهمات، و كان ذكر الرياء يف مسألة السائل

نبذة يسرية ال بد لكل أحد من اطالعها و التدبر ملا فيها، فالكتب، وإن كانت مشحونة بذكر الرياء و غريه من اآلفات احملبطة للعمل، لكنها ال يظفر عليها كل أحد، و أرجو اهللا تعاىل أن يوصل إىل هذا الكتاب نظرة

. و اهللا املوفق لكل خري، و احملول عن كل شر موفق فيعمل مبا فيها و لو بأدىن شيء،

15 

 . عله يحذف الحركة و التنوين لضرورة الفاصلة و السجع؛ إذ الفاصلة في النثر بمنزلة القافية في الشعر : وجه الفهم ). منه ( كذا في األصل؛ فافهم. كذا في كتب العروض

Page 46: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

اعلم ان اآلفات املشوشة لإلخالص بعضها جلي و ": اإلحياء " يف – رمحه اهللا – قال حجة اإلسالم الغزايل بعضها خفي، و بعضها ضعيف مع اجلالء، و بعضها قوي مع اخلفاء، و ال يفهم اختالف درجاا يف اخلناء و

: ، و أظهر مشوشات اإلخالص الرياء، فلنذكر منه مثاال فنقول اجلالء إال مبثال

درجات الرياء الشيطان يدخل اآلفة على املصلي مهما كان خملصا يف صالته، مث نظر إليه مجاعة او دخل عليه داخل، فيقول

خشع احلاضر بعني الوقار و الصالح و ال يزدريك و ال يغتابك، فت حسن صالتك حىت ينظر إليك هذا : له جوارحه، و تسكن أطرافه، و حتسن صالته، و هذا هو الرياء الظاهر، و ال خيفى ذلك على املبتدئني من

. املريدين يكون املريد قد فهم هذه اآلفة و أخذ منها حذره، فصار ال يطيع الشيطان فيها و ال يلتفت : الدرجة الثانية

أنت متبوع و مقتدى بك و منظور : و يقول عليه و يستمر يف صالته كما كان، فيأتيه يف معرض اخلري إليك، و ما تفعله يؤثر عنك و يتأسى بك غريك، فيكون لك ثواب اعماهلم إن أحسنت، و عليك الوزر إن أسأت، فأحسن عملك بني يديه فعاساه يقتدي بك يف اخلشوع و حتسني العبادة؛ و هذا أغمض من األول،

و أيضا عني الرياء و مبطل لإلخالص، فإنه إن كان يرى اخلشوع و قد ينخدع به من ال ينخدع باألول، وه و ال ميكن أن تكون نفس غريه ! و حسن العبادة خريا ال يرضى لغريه تركه، فلم يرض لنفسه ذلك يف اخللوة؟

وره أعز عليه من نفسه، فهذا حمض التلبيس، بل املقتدى به هو الذي استقام يف نفسه و استنار قلبه فانتشر ن فمحض النفاق و التلبيس فمن اقتدى به أثيب عليه، و أما هو ! على غريه، فيكون له ثواب عمله، فأما هذا

. فيطلب بتلبيسه و يعاقب على إظهاره من نفسه ما ليس متصفابه ان خمالفته أن جيرب العبد نفسه يف ذلك، و يتنبه لكيد الشيطان، و يعلم : الدرجة الثالثة؛ و هي أدق مما قبلها

بني اخللوة و املشاهدة للغري حمض الرياء، و يعلم أن اإلخالص يف أن تكون صالته يف اخللوة مثل صالته يف املأل، و يستحي من نفسه و من ربه ان يتخشع ملشاهدة خلقه ختشعا زائدا على عادته، فيقبل على نفسه يف

، و يصلي يف املأل أيضا كذلك، فهذا أيضا من الرياء اخللوة و حيسن صالته على الوجه الذي يرتضيه يف املأل الغامض، ألنه حسن صالته يف اخللوة لتحسن يف املأل؛ فال يكون قد فرق بينهما، فالتفاته يف اخللوة و املأل إىل اخللق، بل اإلخالص أن تكون مشاهدة البهائم لصالته و مشاهدة اخللق على وترية واحدة، فكأن نفس هذا

تسمح بإساءة الصالة بني أظهر الناس، مث يستحي من نفسه أن يكون يف صورة املرائني، و يظن أن ليست بل زوال ذلك بأن ال يلتفت إىل اخللق كما ال !! ذلك يزول بأن تستوي صالته يف اخلالء و املأل و هيهات

إىل اجلمادات يف اخلالء و املأل مجيعا، و هذا من شخص مشغول اهلم باخللق يف املأل واخلالء مجيعا، و يلتفت . هذا من املكائد اخلفية للشيطان

: أن ينظر عليه الناس و هو يف صالته فيعجز الشيطان عن أن يقول له : ؛ و هي أدق و أخفى الدرجة الرابعة و من تفكر يف عظمة اهللا تعاىل و جالله : فإنه يعرف أنه قد تفطن هلذا، فيقول له الشيطان . أخشع ألجلهم

أنت واقف بني يديه، و استح من أن ينظر اهللا إىل قلبك وهو غافل عنه، فيحضر لذلك قلبه و ختشع جوارحه، و يظن أن ذلك عني اإلخالص، و هو عني املكر و اخلداع، فإن خشوعه لو كان لنظره إىل جالله

ه، و عالمة األمن من هذه لكانت هذه اخلطرة تالزمه يف اخللوة، و لكان ال خيتص حضورها حبالة حضور غري

Page 47: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني

أن يكون هذا اخلاطر مما يألفه يف اخللوة كما يألفه يف اجللوة، و ال يكون حضور الغري هو السبب يف : اآلفة حضور اخلاطر، كما ال يكون حضور البهيمة سببا، فما دام يفرق يف أحواله بني مشاهدة إنسان و مشاهدة

خالص، مدنس الباطن بالشرك اخلفي من الرياء، و هذا الشرك أخفى يف يمة؛ فهو بعد خارج عن صفو اإل آدم من دبيب النملة السوداء يف الليلة الظلماء على الصخرة الصماء؛ كما ورد به اخلرب، و ال ) ابن ( قلب

زم فالشيطان مال ! يسلم من الشيطان إال من دق نظره، و سعد بعصمة اهللا تعاىل و توفيقه و هدايته، و إال للمتشمرين بعبادة اهللا تعاىل، ال يغفل عنهم حلظة حىت حيملهم على الرياء يف كل حركة من احلركات؛ حىت يف كحل العني، و قص الشارب، و طيب يوم اجلمعة، و لبس الثياب، فإن هذه سنن يف أوقات خمصوصة و

يدعوه الشيطان إىل فعل ذلك؛ و للنفس فيها حظ خفي، الرتباط نظر اخللق ا، و الستئناس الطبع ا، ف و يكون انبعاث القلب باطنا فيها ألجل تلك الشهوة اخلفية، أو مشوبة . هذه سنة ال ينبغي أن تتركها : يقول

ا شوبا خيرج عن حد اإلخالص بسببه، و ما ال يسلم عن هذه اآلفات كلها ليس خبالص، بل يعتكف يف لطبع، فالشيطان يرغبه فيه و يكثر عليه من فضائل االعتكاف، مسجد معمور نظيف حسن العمارة يأنس به ا

و قد يكون احملرك اخلفي يف سره و هو األنس حبسن صورة املسجد و استراحة الطبع إليه، و يتبني ذلك يف ميله إىل أحد املسجدين أو أحد املوضعني إذا كان أحسن من اآلخر، و كل ذلك امتزاج بشوائب الطبع و

! لعمري الغش الذي ميزج خبالص الذهب له درجات متفاوتة . س، و مبطل حقيقة اإلخالص كدورات النف فمنها ما يغلب، و منها ما يقل، لكن يسهل دركه، و منها ما يدق حبيث ال يدركه إال الناقد البصري، و غش

. الشيطان، و خبث النفس، أغمض من ذلك و أرق كثريا 16 القلب، و دغل

من جاهل سنة فضل من عبادة ركعتان من عامل أ

و أريد به العامل البصري بدقائق آفات األعمال . ركعتان من عامل أفضل من عبادة سنة من جاهل : و هلذا قيل حىت خيلص عنها، فإن اجلاهل نظره إىل ظاهر العبادة و اغتراره ا كنظر السوادي إىل محرة الدينار املموه و

سه، و قرياط من اخلالص الذي يرتضيه الناقد البصري خري من دينار استدارته؛ و هو مغشوش زائف يف نف يرتضيه الغر الغيب، فهكذا يتفاوت أمر العبادات، بل أشد و أعظم، و مداخل اآلفات املتطرقة إىل فنون بليد ال األعمال ال ميكن حصرها و إحضاؤها، فالينتفع مبا ذكرناه مثاال، و الفطن يغنيه القليل عن الكثري، و ال

. 4 ج 298 يغنيه التطويل أيضا؛ فال فائدة يف التفصيل انتهى

 ). مش األصل ها " ( مختار . " الفساد : الدقل 16

Page 48: كتاب البروج المشيدة بالنصوص المؤيدة للشيخ حسن حلمي النقشبندي الداغستاني