األسرار التعبيرية لمعاني الضحكفي القرآن الكريم

دراسة / ياسر بن صالح الَّد�وسري طالب ماجستير في الَّدرسات األدبية

بجامعة القصيم

تعَّد ظاهرة الضحك من الظواهر التي تشترك فيها كل اللغات فلغة الضحك موحَّدة بين البشر جميعا ، وهي إذا اصطنعت تختلف . وإذا جاءت طبيعية تكون موحَّدة .. ولذلك إذا اصطنع أحَّد الضحك فإنك تستطيع أن

تميزه بسهولة عن ذلك االنفعال الطبيعي ، و اختالف الباحثين في تفسير هذه الظاهرة وأسبابها ومسبباتها أزلي ، والذي اتفقوا عليه أن

.من أهم معالمها المفارقة بين شيئين وتمتزج المفارقة بالبالغة كما يمتزج الملح في الماء ، فالمقابلة

والطباق وأسلوب الحكيم تعتمَّد على المفارقة بشكل كبير ، وكثيرة مواضيع البالغة على هذا النمط ومن هنا نجَّد العالقة بين أطراف هذا

.البحث ولقَّد تعَّددت مواطن ذكر القرآن لمعاني الضحك ، وتعَّددت دالالتها ،

.وأغراضها وقَّد شَّدتي الموضوع ؛ الرتباط معاني الضحك بإشارات بالغية ، وألن

كتاب الله يمثل قمة الهرم البالغي فقَّد سعيت جاهَّدا لسبر أغوار هذه .األسرار التعبيرية لهذه الظاهرة في القرآن الكريم

:تنوير المصطلح الضحك هو شكل من أشكال التعبير الذي يظهر على اإلنسان في صورة

مرح وفرح . وتتعَّدد أسباب الضحك الذي يوصف أيضاg بأنه رد فعل فسيولوجي نتيجة للمرور بخبرة ما مثل سماع نكتة أو عنَّد سماع

) ( .مَّداعبة ... وغيرها من األسباب األخرى ويقول ابن منظور في لسانه في فصل الكاف باب الضاد : ) ضحك :

الضحك معروف ، ضحك يضحك ضحكاg أربع لغات ، قال األزهري : ولو قيلعmلl ، قال األزهري : وقَّد جاءت mف mلnع mألن مصَّدر ف gلكان قياسا gضحكا

mفmضmوخ ،gقاnن mه خ mقmن mوخ ،gكا nح mض mك nح mل، منها ضmع mأحرف من المصادر على ف ة الواحَّدة؛ ومنه قول �كmة: المر oح �رnقاg. والض mس mق mر mوس ،gطاnر mض mرط mوض ،gفا nض mخ

كmتnهn رقابp المالn وفي oح mلض oت mقnلmغ gداء، إذا تبسم ضاحكا qر الرoمmر: غqيmثpك ؛ جعل انجالءه عن nك nح �كp أmحسنm الض mح oضmفي mالحَّديث: يبعث الله السحاب

كp عن الث�غoر، وكقولهم nالضاح rرmت oكما يف gاستعارة ومجازا gكا nح mالبرق ض ح�ك وتmضاحmك، فهو ضاحك mتها. وتض mر oه mخرجت نباتها وزmإذا أ pاألرُض nتmك nح mض

حmك منه oضpكة، بالتسكين: ي oح pك. وضnح �كة: كثير الض mح pوك وض pح mاك وض �ح mوض كة: mح rحك منه. والضoضpكة الشيء الذي ي oح rرد على هذا باب. الليث: الض� يط

pتoك nح mال. وض�ع mاك: نعت على ف �ح mعاب عليه. ورجل ضpك ي nح � الرجل الكثير الضكه اللهp عز mح oضmك بمعنى. وأmح oضmت oضاحك الرجل واسmوت . gبه ومنه بمعنى

حnك �حاك:كثيرة الض oضnحك به. وامرأة مoضpوكة: ما ي pح oضpوجل. واأل. ) ( :آيات الضحك في القرآن الكريم

: مرات على النحو التالي10ولقَّد وردت مادة الضحك في القرآن الكريم

1 (( – mونpب nسoكmوا يpانmا ك mمnب gاء mز mا ج gيرnثmوا كpكoبmيoل mو gيالnل mوا قpك mح oضmيoل mف. ) ( )) 2 (( – mاق mح oسnإnا ب mاهmن oر �بmش mف oتmك nح mضmف lة mمnاِئ mق pهpتm أ mر oامmو) ( )) 3 (( – mونpك mح oضmت oم pهoن qم مpتoنpك mو. ) ( ))  ا – )) 4 mهnل oو mن قqا مgك nاح mض mم �تmبmس mف. ) ( )) 5 (( – mونpك mح oضmا ي mهoن qم مpا هmذnا إmنnاتmآيnم بpهmاء mا ج �لmم mف. ) ( ))mبoكmى –)) 6 أ mو mك mح oضmأ mو pه pه�mن أ mو. ) ( ))7 (( – mونpكoبmت mالmو mونpك mح oضmت mو * mونpب mجoعmت nيثnَّد mحoا الmذ mه oنnم mفmأ. ) ( )) 8 (( – lة mر nشoبmت oسrم lةmك nاح mض * lة mر nف oسrذ� مnئ mم oوmي lوه pجpو) ( ))  9 (( – mونpك mح oضmوا يpن mآم mينnذ�مpوا كmانpوا مnنm ال mر oجmأ mينnذ�(( ) ( .إnن� ال

10 (( – mونpك mح oضmي nار �نpوا مnنm الoكpف mآم mينnذ�الoيmوoمm ال mف.) () ( )) :إيضاح هذه اآليات عنَّد المفسرين : الزمخشري – القرطبي

1 (( – mونpب nسoكmوا يpانmا ك mمnب gاء mز mا ج gيرnثmوا كpكoبmيoل mو gيالnل mوا قpك mح oضmيoل mف. ) ( )) لnيالg (( ) أمر ، معناه التهَّديَّد وليس أمراg بالضحك ( ) ( وفي)) mوا قpك mح oضmيoل mف

هذه اآلية الكريمة خرج األمر عن معناه األصلي وهو طلب الفعل لمعنىgآخر وهو التهَّديَّد ) وقيل هو أمر بمعنى الخبر أي أنهم سيضحكون قليال

gويبكون كثيرا. ) (( –mاق mح oسnإnا ب mاهmن oر �بmش mف oتmك nح mضmف lة mمnاِئ mق pهpتm أ mر oامmو) ( )) 

سروراg بزوال الخيفة أو بهالك أهل الخباِئث أو كان ضحكها ضحك إنكار) لغفلتهم وقَّد أضلهم العذاب وقيل كانت تقول إلبراهيم : اضمم لوطاg ابن

أخيك إليك فإني أعلم أن ينزل بهؤالء القوم عذاباg فضحكت سروراg لما أتى األمر على ما توهمت وقيل ضحكت فحاضت ( ) ( وهذا القول مجاهَّد

وعكرمة والعرب تقول ضحكت األرانب : إذا حاضت وقَّد أنكر هذا بعض اللغويين ) ( وقَّد أسهب القرطبي في تفسيره في تعريف الضحك وذكر

.كالم اللغويين فيما ال يتسع البحث لحصرها– )) mهnل oو mن قqا مgك nاح mض mم �تmبmس mف. ) ( ))

تبسم شارعاg في الضحك وآخذاg منه ، يعني أنه تجاوز حَّد� التبسم إلى) الضحك وكذلك ضحك األنبياء عليهم السالم وأما ما روي : أن رسول الله

صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بَّدت نواجذه فالغرُض المبالغة في وصف ما وجَّد من الضحك النبوي ، وإال فتبَّدو النواجذ على الحقيقة إنما

يكون عنَّد االستغراب وقرأ ابن السميفع ضاحكاg فإن قلت : ما أضحكه من قولها ؟ قلت شيئان ، إعجابه بما دل� من قولهما على ظهور رحمته

ورحمة جنوده وعلى سهرة حاله وحالهم في باب التقوى ( ) ( وهنا في اآلية الكريمة يتجلى الضحك في معاملة الغير عاقل معاملة العاقل وهو

.سر من إسرار هذا األسلوب5 (( – mونpك mح oضmا ي mهoن qم مpا هmذnا إmنnاتmآيnم بpهmاء mا ج �لmم mف. ) ( )) أي يسخرون منها ويهزءون بها ويسمونها سحراg وإذا للمفاجأة قلت ؛)

ألن فعل المفاجأة معها مقَّد�ر وهو عامل النصب في محلها كأن قيل ( ) ( .فلما جاءهم بآياتنا فأجلوا وقت ضحكهم

mبoكmى(( ) ( ) خلق قوتي الضحك والبكاء–)) أ mو mك mح oضmأ mو pه pه�mن أ mو) ( ) كpونm وmالm تmبoكpونm (( ) ( تضحكون ) استهزاءg ( ويتكرر هذا الطباق)) mح oضmت mو

gجَّديَّدا gة يكشف أسلوبا .بين الضحك والبكاء وفي كل مر� (( –mونpك mح oضmوا يpن mآم mينnذ�مpوا كmانpوا مnنm ال mر oجmأ mينnذ�(( ) (إnن� ال

هم مشركوا مكة أبو جهل والوليَّد وأشياعهم كانوا يضحكون من عمال) ( ) (وصهيب وخب�اب وبالل وغيرهم من فقر اء المؤمنين ويستهزؤن بهم

.وضحكهم كان على وجه السخرية واالستهزاء والتهكم والغرُض من ضحكهم كان ) على وجه السخرية ( ) ( وهو من أغراُض

 الضحك السخرية وإبَّداء السرور ((mونpك mح oضmي nار �نpوا مnنm الoكpف mآم mينnذ�الoيmوoمm ال mف. ) ( )) أي يضحكون منهم ناظرين إليهم ومام عليه من الهوان والصغار بعَّد)

( ) ( .العزة والكبر ومن ألوان العذاب بعَّد النعيم والترفةةl (( ) ( )مسرورة فرحة)) mر nشoبmت oسrم lةmك nاح mض * lة mر nف oسrذ� مnئ mم oوmي lوه pجpو) ( )

ومن خالل أقوال المفسرين في هذه اآليات تَّدرك هذه الظاهرة التي وضت في عشر مواقف من القرآن الكريم وكشفت عن معان بالغية

.ودالالت متعَّددت تكشف هذا النظم القرآني المعجز

:األسرار التعبيرية والجانب الفني ((mونpب nسoكmوا يpانmا ك mمnب gاء mز mا ج gيرnثmوا كpكoبmيoل mو gيالnل mوا قpك mح oضmيoل mف. ) ( ))  الطباق بين الضحك والبكاء وبين قليل وكثير فهو مقابلة- ) 1 إخراج الخبر في صورة األمر للَّداللة على تحتم وقوع المخبر به ،- 2

وذلك ألن صيغة األمر للوجوب في األصل واألكثر ، فاستعمل في الزما gيرnثmوا كpكoبmيoل mو gيالnل mوا قpك mح oضmيoل m(( .معناه ، وذلك في قوله تعالى ))ف

ا (( فالضحك- 3 gيرnثmوا كpكoبmيoل mو gيالnل mوا قpك mح oضmيoل mالكناية : في قوله تعالى ))ف كناية عن الفرح والبكاء كناية عن الغم ، وأن تكون القلة عبارة عن العَّدم

( ) (.، والكثرة عبارة عن الَّدوام ويضيف محمود درويش بأن ) إخراج الخبر مخرج اإلنشاء ؛ ألن معنا

فسيضحكون قليالg ، وسيبكون كثيراg ولكنه أخرج الخبر مخرج األمر للَّداللة ( ) (على أنه أمر حتمي البَّد منه

ففي هذه اآلية الكريمة ورد سرين بيانيين في المقابلة والكناية وسر معنوي إذا خرج االمر عن غرضه األصلي لغرُض التهَّديَّد وهذا التعبير

القرآني الفريَّد حصر في أربع كلمات فقط وورود الضحك هنا أريَّد به  .الكناية عن سرورهم وتهَّديَّدهم بما صنعوا

وقول سيَّد قطب عن هذه اآلية ) وأنه لضحك في هذه األرُض وآياتها المعَّدودة ، وأنه لبكاء في أيام اآلخرة الطويلة وأن يوماg عنَّد ربك كألف سنة مما يعَّدون ( ) ( ومن خالل كالمه يشير إلى المقابلة الجميلة بين

.الضحك والبكاء والقلة والكثرة في اآلية الكريمةmبoكmى)) أ mو mك mح oضmأ mو pه pه�mن أ mو. ) ( ))

ففي اآلية الكريمة طباق بين الضحك والبكاء وغالباg ما نجَّد ورود هذان اللفظان المتضادان في القرآن الكريم ) إن الضحك والبكاء نقيضان ، وإن اإلنسان يبكي لغير ما يضحك له ، ومَّدار الغبطة معاg على الضحك

والبكاء معاg على الغبطة بالنفس فإذا اغتبط اإلنسان بنفسه ضحك ، وإذاgشعر بالنقص والمهانة بكى ( ) ( وهنا يفسر العقاد هذه المقابلة تفسيرا

.منطقياg عقليا من خالل عقليته الفذ�ة ، وذاِئقته المرهفة ونالحظ اعتماد الضحك على مقابلته مع البكاء في القرآن الكريم بشكل

.كبير ، وخروج المعاني عن المعنى األصلي للسخرية أو االستهزاء والَّدالالت في هذه اآليات العشر تعتمَّد على هذه الحركة من الفكين

والصوت الصادر من الفم وهي ما حاولت أكشف دالالتها التعبيرية من خالل تكثيف الصور والمعاني الخارجة عن األصل في مفارقة بليغة داخل

.هذا النظم الفريَّد

gأخيرا :وقَّد خرجت بعَّد هذا العمل بعَّد�ة نتاِئج

اعتماد معاني الضحك على المفارقة هي نقطة اتصال هذه الظاهرة-1 بالبالغة في مواضيع كثيرة مثل أسلوب الحكيم والطباق والمقابلة وجعل

  .منها أسلوب جميالg يعبر عن معاني بليغة تنوع األسلوب القرآني في التعبير عن دالالت متعَّددة في اإلشارة- 2

والضحك والحركة والصوت يجعل منه أسلوباg فريَّد في التعبير عن المعنى.

رة في هو- 3 معاني الضحك في القرآن إما يكون للَّداللة عن نهاية المس� كثيراg ما يطلق للمؤمنين في اآلخرة أو الضحك استهزاءg بالمؤمنين وقَّد

.يأتي ألغراُض أخرى األسلوب القرآني الرفيع الذي يتجلى في تقَّديم المترادفات-4

.والمتضادات بشكل معجز استطاع القرآن الكريم أن يجسَّد هذه الحركة والصوت في الجسم – 5

 اإلنساني إلى دالالت بليغة في أسلوب معبر ومعنى فريَّد وأخيراg : أتمنى أن أكون قَّدمت ما يشفع لي ويقَّد�م هذا الشتات حول

[CENTER]/ .هذه الظاهرة الجَّديَّدة في أبلغ كتاب وأعظمه :المراجع

القران الكريم- 1 ابن منظور لسان العرب المجلَّد العاشر طباعة دار الفكر دار- 2

م1997 هـ 1417صادر ببيروت عام أبو عبَّد الله القرطبي الجامع ألحكام القرآن الجزء الحادي- 3

عشر تحقيق د . عبَّد الله بن عبَّد المحسن التركي طباعة مؤسسة  م2006 هـ 1427الرسالة ، الطبعة األولى

جمال عبَّد الغفار بَّدوي الضحك الحالل والحرام دراسة- 4gمنشورة إلكترونيا.  

الزمخشري الكشاف عن حقاِئق التنزيل وعيون األقاويل في- 5وجوه التأويل تحقيق عبَّد الرزاق

سيَّد قطب في ظالل القرآن من طباعة دار الشروق بيروت-6م1977هـ 1391

عباس محمود العقاد جحا الضاحك المضحك طباعة دار الكتاب- 7 اللبنانية

محمَّد بسام رشَّدي المعجم المفهرس لمعاني القرآن الكريم-8  هـ1417 من دار الفكر بَّدمشق 10المجلَّد الثاني ُض-

محمود صافي الجَّدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه مع – 9 فواِئَّد نحوية هامة المجلَّد الخامس ، دار الرشيَّد بَّدمشق وبيروت

. م1995هـ 1416عام محمود درويش إعراب القرآن الكريم وبيانه من طباعة دار

م1988 هـ 1408اإلرشاد حمص سوريه 1417المهَّدي ، طباعة دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان - 10 م أ . د مصطفى رجب1997هـ سيكولوجية الضحك عنَّد الجاحظ دراسة نشرت في مجلة-11

-هنري12-9 م 2006/ 1/1 في 284الحرس الوطني في العَّدد برجستون الضحك البحث في داللة المضحك ترجمة سامي

الَّدروبي وعبَّد الله عبَّد الَّدايم من طباعة الهيئة المصرية العامة1998للكتاب في هرجان القراءة للجميع

األسرار التعبيرية لمعاني الضحك في القرآن الكريم  :كpتnب هذا الموضوع

ف ,ياسر الَّدوسري :بقلم,..