النظام واللعب بنار الفتنة الطائفية

3

Click here to load reader

Upload: muhammad-naseh-abdulla

Post on 14-Jun-2015

357 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: النظام واللعب بنار الفتنة الطائفية

النظام واللعب بنار الفتنة الطائفية

٢٠١٢يناير ٢٩، األحد

روزا ياسين حسن

بعد مضي عشرة شهور على اندالع الثورة السورية صار واضحًا، بالنسبة الى عموم المعارضة، أن التدخل الخارجي في

) المعنية(بين الدول سورية أمر من الصعب أن يتحقق، خصوصًا بعد تكّشف شبكات معقدة من العالقات والمصالح

. بالتدخل والنظام السوري، كما تبدو فاتورة التدخل مرتفعة وليست تلك الدول في وارد دفعها لعيون الشعب السوري

فشهور العنف الوحشي ضد الشعب لم تجعل أياً من تلك الدول تقوم بإجراءات حقيقية، ال كاريكاتورية، إلجبار النظام على

يبدو كنكتة ابتدعها أحد الخبثاء، حيث الدول الكبرى أم متثاقلة على كرسيها وتريد عقاب ابنها ويكاد الوضع. وقف العنف

وهكذا، ال هي تقوم وال ... فتصيح به ليأتي كي تضربه، وذاك االبن يشير اليها من بعيد ساخراً بأنه لن يأتي) النظام السوري(

!هو يأتي

أزق بعدما مّنى الشعب بالتدخل اآلتي ال محالة إلنقاذه، وها هم الشهداء وأعتقد أن المجلس الوطني وقع في ما يشبه الم

يسقطون يوميًا، والمعتقلون يزدادون، والفاّرون يغادرون البالد، وسبل العيش تضيق، إضافة إلى التهديد المستمر باألمان

الضرب «ي، بل على العكس سيعّمق فالنظام، كما بات واضحاً، لن يتراجع قيد أنملة عن خياره األمن. وعمليات الترهيب

.وهذا يُدخل الشعب نفقاً معتماً مسدوداً، فهو والطغيان وحدهما وجهاً لوجه في المعركة. »بيد من حديد

، والتي بدأت قبل شهور، تلقى اليوم رواجًا أكثر من أي وقت مضى كأنها )عسكرتها(كل ذلك جعل دعوات تسليح الثورة

ينفق أموال ) المشتعلة(ى أعداد راحت تتزايد من الجنود المنشقين، طفق الكثير من المناطق فباإلضافة إل! الحل الوحيد

وهذا لم يعد سّرياً، فالثوار . اإلعانة في تأمين األسلحة، التي يساعدهم في تأمينها، أحيانًا كثيرة، رجال من قلب النظام

وأعتقد أن بعض هذه الحاالت ستصّنف في باب الدفاع عن . يجهرون به باعتباره حقًا أو طريقة مشروعة في الكفاح الثوري

لكن األمر تطّور أخيرًا . النفس، المنصوص عليه في شرعة حقوق اإلنسان، بعدما بلغت وقاحة العنف حدًا ال يمكن وصفه

شّكل إلى ما يشبه المبادرات المسلحة يقوم بها بعض الثوار، وهذا ما فتح الباب لدخول عناصر غريبة عن الثورة، ي

االنفالت األمني تربة خصبة لها، إضافة إلى كثير من األيدي التي تعبث بالثورة لمصلحتها الخاصة، والتي تعمل على إزكاء

وهذا أيضًا ما يبرر لرجال النظام األمني، على رغم أنهم ال . هذه النزعات واستغالل الحالة الصعبة التي زّج النظام بها البالد

. ، القيام بمبادرات عنفية مضادة أشرسيحتاجون الى أي تبرير

Page 2: النظام واللعب بنار الفتنة الطائفية

فما حدث في ! هكذا، فمقارنة تسليح الثورة السورية بالثورة الليبية، الذي أدى في النهاية إلى نجاحها، غير صحيح هنا

، فالثورة الليبية كانت تنطوي على اقتتال سياسي بصبغة قبلية. ليبيا، على رغم كل مشاكله، ال يشبه بحال الوضع في سورية

أما النظام السوري، من حيث أنه يفضل خراب البالد . ما جعل قبيلة القذافي تباشر االندماج مع المجتمع شيئًا فشيئًا اليوم

على أن تكون خلوًا منه، فعمل في شكل ممنهج ومدروس على شرخ المجتمع، بل تفتيته، طبقيًا وسياسيًا واجتماعيًا

وكانت له في ذلك دروب عدة، . الطائفية، التي كانت بذورها تنمو في السّر منذ عقود وطائفيًا وحتى عشائرياً، وتزكية الفتنة

، كتدنيس الجوامع وإهانة المتظاهرين )من الطرفين(منها ما راح يتقّصده من تسريب لفيديوات ُتظهر أعمال عنف طائفية

اإلعالم التي بالغت في عرض تلك بعض وسائل ) المكشوفة(بناء على خلفية طائفية، وكان المساهم في تلك الخطة

كما راح النظام يتقّصد إنزال رجال أمن وشبيحة من طائفة معينة ليقتلوا المتظاهرين، . »الحنق الطائفي«الفيديوات إلثارة

وهذا ما حدث في عديد المدن التي تعيش الطوائف فيها متجاورة كحمص والالذقية، والحديث يطول عن تفننه في

. يةالعداوات الطائف

وقد تجوز مقارنة الثورة السورية بالثورة اليمنية مثًال، المصّرة على سلميتها، على رغم أن العنف في سورية ال تمكن مقارنته

لكن ينبغي أال ننسى مجموعة التصرفات الخطيرة التي راح النظام األمني يقترفها، ومنها إعطاء . بحال مع العنف هناك

المستحدثة لمجموعات من شباب األقليات، ومعها أسلحة وذخائر، ليشكلوا ما يسمى عشرات آالف الهويات األمنية

بهدف قتلهم، » السلفيون والمتطرفون«التي ستحمي حارات األقليات وقراهم ومناطقهم حين سيهجم » اللجان الشعبية«

في وسائل إعالمه الرسمية أو عبر في حال سقوط النظام، وهو ما دأب ليل نهار على إقناع هذه األقليات الخائفة به، سواء

وهذا السبب نفسه الذي يجعل عناصر الجيش الصادرين عن األقليات مقتنعين، عبر . شبكة متخصصة بالعمل على األرض

آلية التعبئة تلك، بأنهم يحاربون الشر األعظم، وربما كانت صدمتهم في حاالت كثيرة بأنهم يقتلون مدنيين سوريين هي

. يغامر بحياته وينشق أو يهرب التي تجعل بعضهم

كل هذا جعل السالح في سورية اليوم متاحًا لطوائف مختلفة ومجّيشة ضد بعضها، يحرّكها لعب يومي قذر، يجعل أطياف

وبالتالي يضحي المشهد مفتوحاً . الشعب أشبه بجماعات تسّيرها حادثة من هنا وفيديو أو إشاعة ال صحة لها من هناك

. رب أهلية، يبدو أن النظام يعّدها لتكون ورقته األخيرة في المعركةوسط كل هذا على ح

يستطيعون إشعال حرب ال أحد » أزعر«وليس المقصود هنا أن الطوائف ستهجم في شكل درامي على بعضها، لكن مئة

. يعرف إلى أين يمكن أن تقود البالد

Page 3: النظام واللعب بنار الفتنة الطائفية

ة المسلحة وتنظيمها أمر إيجابي، ولكْن مع هذا يبدو من بمثابة حل ما، فقوننة المقاوم» الجيش الحر«بهذا تبدو تقوية

؟ سيحارب، »الجيش الحر«الصعب، ضمن اإلمكانات الحالية، أن يصل إلى كل األماكن لمساندة شعبه، ثم من سيحارب

. وأكثرهم مغرر به أو محكوم بالخوف! بالمختصر، سوريين آخرين، هم إخوته في الوطن

من ويالت ستجعله يستعجل تحقيق الثورة بأية طريقة، وفي الحقيقة ليس لدى أحد إن ما يتحمله الشعب السوري

سيناريوات فعالة وسريعة لتحقيق ثورتنا، سوى التدخل اإلنساني لألمم المتحدة وما جاء في الفصل السابع من ميثاقها حول

بلوماسية، ومن ثم إنشاء المناطق وقف الصالت االقتصادية مع النظام، وكذلك وسائل المواصالت وقطع العالقات الدي

والممرات اآلمنة للمدنيين، وأخيرًا تحويل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية لمعاقبة مجرمي الحرب ضد الشعب

وأعتقد أن الثورات ال تقاس بطول زمنها وأثمانها بل بتحقيق أهدافها، واألهداف األولى لهذه الثورة كانت الحرية . السوري

.والديموقراطية والمدنية، وهذا ما لن يتحقق في ظل شبح اقتتال طائفي ال يعلم إال اهللا كم ستكون أثمانه والكرامة

Uhttp://www.daralhayat.com/portalarticlendah/355881U

copyright © daralhayat.com