رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

43
لصالح الطيب ا* ن عاملية السودالشماروى ، المديرية اد في مركز م أحممد صالح ولد الطيب مح1929 . * وم في الخرطومعلية الدنا وفي كل سي واديمه فيتلقى تعلي. * دنة في لنطانيذاعة البري في ال عمل التدريس ثم مارس. * في دول اليونسكومثلترا ، وشغل منصب مة في إنكل الشؤون الدولي نال شهادة فيي الفترةره قطر فخليج ومق ال1984 - 1989 . * وان صدر حوله مؤلف بعن" ة العربية الرواي صالح عبقري الطيب" لباحثينوعة من ا لمجم بيروت عام في1976 . وإشكالتهئي بأبعادهلمه الروا لغته وعا تناول. * لثانيةن صدور روايته ا كا" شمالوسم الهجرة إلى ال م" شرالذي حققته سببا مباحالنجا وال مكانئ العربي في كلقارول ا وجعله في متنا التعريف في. * شكالي البطلد صورة العتماليد الشرقية والغربية والتقائية اة بتجسيد ثناذه الروايمتاز ه تف صورته الواضحة ،ى خلملتبس عل ال كثيرة قبلهل روائيةة في أعمالشائع ،ا باً با أو إيجاً سل. * ية ورفعها إلىمحلهد اللمشااء واتصاق بالجولح بالطيب صاللز الفن الروائي ل يمتالعالمية مستوى ارات ،لستعاش والية من الرتوقع خامس الواغة تل لل من خل زا في هذاً منجفعها إلى آفاق جديدةة العربية ودء الرواية في تطور بناساهمة جدي م. مؤلفاته* س الزين رواية عر) 1962 ) * ل روايةلشماوسم الهجرة إلى ا م) 1971 ) * د رواية مريو. * جدولى ال نخلة عل* مد رواية دومة ود حا. ------------------------------- عرس الزين لمنةلبنئعة الت حليمة با قال- روق الشمس كعادتها قبل ش وقد جاءت- لها تكيل وهينا بقرش لب:

Upload: naji-mahdi

Post on 04-Jul-2015

520 views

Category:

Technology


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

الصالح الطيب

عام * السودان الشمالية المديرية ، مروى مركز في أحمد صالح محمد الطيب 1929ولد .

الخرطوم * في العلوم كلية وفي سيدنا وادي في تعليمه .تلقى

لندن * في البريطانية الذاعة في عمل ثم التدريس . مارسدول * في اليونسكو ممثل منصب وشغل ، إنكلترا في الدولية الشؤون في شهادة نال

الفترة في قطر ومقره 1989 - 1984الخليج .

بعنوان * مؤلف حوله العربية " صدر الرواية عبقري صالح الباحثين " الطيب من لمجموعة عام بيروت وإشكالته . 1976في بأبعاده الروائي وعالمه لغته تناول .

الثانية * روايته صدور الشمال " كان إلى الهجرة مباشرا " موسم سببا حققته الذي والنجاح مكان كل في العربي القارئ متناول في وجعله التعريف . في

الشكالي * البطل صورة واعتماد والغربية الشرقية التقاليد ثنائية بتجسيد الرواية هذه تمتاز ، الواضحة صورته خلف على قبله الملتبس كثيرة روائية أعمال في الشائعة ، با إيجا أو با سل .

إلى * ورفعها المحلية والمشاهد بالجواء باللتصاق صالح للطيب الروائي الفن يمتازالعالمية ، مستوى والستعارات الرتوش من خالية الواقع تلمس لغة خلل هذا من في زا منج

جديدة آفاق إلى ودفعها العربية الرواية بناء تطور في جدية . مساهمة

مؤلفاته

رواية * الزين 1962( عرس )

رواية * الشمال إلى الهجرة 1971( موسم )

رواية * . مريودالجدول * على نخلة

رواية * حامد ود . دومة-------------------------------

الزين عرس

لمنة اللبن بائعة حليمة الشمس - قالت شروق قبل كعادتها جاءت لها - وقد تكيل وهي

بقرش : لبنا

Page 2: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

" يعرس داير مو الزين ؟ الخبر . " سمعت

آمنة يدي من يسقط الوعاء اللبن . وكاد فغشتها بالنبأ انشغالها حليمة واستغلت . المدرسة فناء فصولهم " الوسطى " كان إلى التلميذ أوى فقد ، الضحى وقت خاويا ساكنا

باب أمام وقف حتى إبطه تحت ردائه طرف وضع وقد ، النفس لهث يهرول صبي بعيد من وبدأ ، الثانية " الناظر " السنة حصة وكانت .

حمار " يا ولد ؟ . يا أخرك إيه "

الطريفي عيني في المكر : ولمع؟ " الخبر سمعت فندي " يا

؟ " بهيم يا ولد يا إيه بتاع " خبر

ضحكته يكتم وهو فقال ، الصبي جأش رباطة من الناظر غضب يزعزع : ولمباكر " بعد له يعقدو ماش " الزين

الطريفي ونجا الدهشة من الناظر حنك . وسقطشك أدنى ثمة ليس ، الوجه محتقن ، علي شيخ دكان على الصمد عبد أقبل السوق وفي

غضبان أنه كامل . في شهرا عليه ماطله دين ، العماري تاجر ، علي شيخ على له قرر - كان وقد بالشر أو بالخير ، اليوم ذلك منه يخلصه . أن

؟ . علي " شنو فكرك ول ، منك قروشي بخلص ما أنا قايل يعني أنت "

الصمد " عبد جبنة . حاج فنجان لك نجيب واقعد ا بسم قول كدى "

ما " بقيت أن كمان ول ، قروشي ادني دي الخزنة افتح قوم ، عليك طايره جبنتك زول يافهمني كمان ضمه " بي

على علي شيخ فمه " السفة " وبصق من دا " بالخبر اتحدثك اقعد " كدى

تطرتش " داير مستهبل عارفك أنا باقي ، خبيراتك لي فاضي ول لك فاضي مو أنا زول ياقروشي الزين " . " على عرس حكاية انحكيلك اقعد كدى ، حاضرات قروشك يمين "

؟ " منو عرس " قلت

الزين " " عرس

إليه ينظر علي وشيخ ، برهة صامتا وظل رأسه على يديه ووضع الصمد عبد وجلسأحدثه الذي بالثر يقول . مغتبطا ما الصمد عبد وجد وأخيرا

ا " رسول محمدا ا إل إله ل ؟ . أي شنودا حديث دار علي شيخ يا الرسول عليك "

اليوم ذلك في دينه الصمد عبد يخلص ولم

أحد كل فم على الخبر كان النهار انتصف يمل . ولما البلد وسط في البئر على الزين وكان

Page 3: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

الطفال حوله فتجمهر كعادته ويضاحكهن بالماء النساء ينشدون . أوعية عرس " وأخذوا ..الزين عرس ومرة " الزين ، وسطها في امرأة يهمز ومرة مرة فتاة ثوب ويجر ، بالحجارة يرميهم فكان

ضحكهم فوق وتعلو ويضحكن يتصارخون والنساء ، يضحكون والطفال فخذها في أخرى يقرسالزين ولد أن منذ البلد من جزءا أصبحت التي الضحكة . جميعا

، الزين أن يروى ولكن المعروف هو هذا ، بالصريخ الحياة فيستقبلون الطفال يولد

هكذا وظل ضاحكا انفجر الرض مس ما أول ، ولدتها حضرون اللئي والنساء أمه على والعهدةحياته نين . طول س غير فمه في وليس السفل . كبر فكه في والخرى العلى فكه في .واحدة

كاللؤلؤ بيضاء بأسنان مليئا كان فمه أن تقول لزيارة . وأمه يوما به ذهبت السادسة في كان ولما مكانه الزين تسمر وفجأة ، مسكونة أنها يشاع خرابة على الشمس مغيب عند فمرا ، لها قريبات

صرخ ثم ، حمى به كمن يرتجف كانت . وأخذ مرضه من قام ولما ، أياما الفراش لزم وبعدها السفل فكه في وأخرى ، العلى فكه في واحدة ، سقطت قد جميعا . أسنانه

بارزة جبهته ، العينين وتحت والفكين الوجنتين عظام ناتئ مستطيل الزين وجه كان

يكن ولم ، وجهه في كهفين مثل غائران محجراهما ، دائما محمرتان صغيرتان عيناه ، مستديرةإطلقا شعر وجهه أو . على لحية له وليست الرجال مبلغ بلغ وقد ، أجفان ول حواجب له تكن لم

. شارب

، طويلة رقبة الوجه هذا الزين ( تحت على الصبيان أطلقها التي اللقاب بين الزرافة" من مثلث " ) شكل في الجسم بقية على تنهدلن قويتين كتفين على تقف طويلتان . والرقبة الذراعان

القرد حادة . كذراعي مستطيلة بأظافر تنتهي مسحوبة أصابع عليهما يظتان ل ( اليدان فالزين أبدا أظافره . ( يقلم

أما ، الكركي كساقي طويلتان رقيقتان والساقان ، قليل محدودب والظهر ، مجوف الصدرقديمة ندوب آثار عليهما مفرطحتين كانتا فقد الحذية ( القدمان لبس يحب ل يذكر ) فالزين وهو

الجروح هذه من جرح كل اليمنى . قصة القدم على الطويل الشلخ هذا الرسغ : مثل من الممتد والثانية الولى الصبع بين الفرجة إلى القدم ظاهر فيقول . على قصته الزين دا : " يحكي الجرح

حكاية ليه جماعة قائل " يا محجوب ضربوك : " ويستفزه تسرق مشيت يا ؟ عوير يا شنو حكاية شوك غصن الزين " . بي نفس في حسنا موقعا هذا ضاحكا . ويقع قفاه على ثم. فيستلقي

الفذة بطريقته يضحك ويظل الهواء في رجليه ويرفع بيديه الرض الغريب . يضرب الضحك ذلك الحمار نهيق يشبه قهقهة . الذي إلى المجلس فتحول ، جميعا الحاضرين أعدى قد ضحكه وكان

نفسه . مدوية الزين ويقول . ويتمالك ، الضحك من وجهه على سال الذي الدمع ثوبه بكم ويمسح

Page 4: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

أسرق .. أي .. أي : جديد " . مشيت من محجوب يمكن : " ويستفزه ؟ مد آمر تسرق مشيت شن تاكله شيتن لك داير جديد " . قت من للضحك ويعود بيديه وجهه الزين ويرجح. ويمسح

طعاما ليسرق بيتا دخل الزين أن يشبع . الحاضرون ل أكل إذا ، بالنهم معروفا كان أنه وفي. إذ تأتي حين أن " سفر " العراس فريق كل يتحاشى ، يأكلون حلقات الناس ويتحلق الطعام

لكل أكل يترك ول ، النية في ما كل على البصر لمح في يأتي حينئذ أنه إذ ، معهم الزين .يجلس الحفيظ عبد له ؟ : " وقال سعيد عرس وقت العملتها العملة طاري وهو " مالك الزين وأجاب

طاري : " يقهقه إسماعيل .. أي موجني كان إن الحبة عدمته أكلته وكت الكل ا أمان عليك لحقني الطاري جيئة " . مقطوع يمشي فكان سعيد عرس في الطعام بنقل أوكل قد الزين كان

بين و " الديوان " وذهابا الرجال اجتمع تكل " حيث بالطهي " ال النسوة تقوم حيث اليت داخل في الوعاء . من الكل له طاب ما ويأكل قليل يتمهل الزين كان الديوان إلى تكل ال من الطريق وفي

يحمله انتباه . الذي لفت حتى مرات ثلث ذلك وفعل خاليا يكون يكاد الناس إلى به يصل وحين بالدجاج مملوءة صينية عن الغطاء ورفع ، الطريق نصف في وقف حتى فتابعه ، إسماعيل أحمد

إسماعيل . المحمر أحمد عليه هجم حتى ، فمه إلى وقربها منها بدجاجة الزين أمسك أن وما ضربا أخرى . وأشبعه مرة محجوب ؟ " وسأله شنو تسرق مشيت فقر يا لنا تقول لحظ " ما ولما

وقال ركبتيه بين ذراعية ووضع قعدته في اعتدل ، آذانهم أرهفوا قد حوله الناس أن "الزين المريق حس وقت الفات ، ... الصيف يلجلج القمر كان زول يا الدنيا ، الساقية في متأخر كنت

، الحلة طرف العند الرملة وصلت وكت لك أقول ، للبيوت سادر وجيت كتفي فوق توبي رميتزغاريت حس لك محجوب ... " اسمع صدق : " وقاطعه بكري : أي عرس كان واستمر" . دا

شنو : " الزين الحكاية أشوف أمشي قت زول يا لك رين . أقول سا الطلحة فريق ناس أتاري قايمة . العرس القيامة لقيت مشيت . مشيت شي أول والزغاريت والدلليك والزمبليطة الزيطة

آكله شيتن لي ألقى كان إن ." .. أهبش

بالضحك المجلس قدروا . وانفجر ما كان أكلتها .. " فقد لحيمات دني أ التكل في .الحريم شربته مر شيتن دني ." وأ

محجوب مسجم : " وقال آ عرقي دا يبقي " .

الزين بعرفوا : " وقال ما العرقي أنا لك قال عرقي مو الشربته .. ل الشي آزول لك أقول راسي في لي طار التكل . دا من مرتحت والدلكة . يعدين والرباح حريم كمشة القالك بيت دخلت

الدرب ديك ي ما سكرتني ... والمحلب الريحة آزول بالطلق ي عل " .

الحفيظ عبد ؟ : " وضحك الرجال مع البطلقها المره بهذا " وين الزين يعبأ ولكنه. لم النشوة أخذته وقد القصة في يحكي العروس " استمر القالك الوسط سميحة . وفي بنيتن

ترمصيص فركة وملبسنها ومدخنة وجوه ". مكبرته في الصغرتين عينيه وأدار الزين صمت وهنا سناه . الحاضرين برز وقد مفتوح يكمل . وفمه أن يستحثه فأخذ ، الصبر على محجوب يقو ولم

Page 5: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

؟ : " القصة سويت شن بعدين ".

العروس " على نطيب ." بعدين

كالضفدعة مكانه من قفز هذا قال الضحك . وحين في الزين وانفجر الحاضرون وضج الهواء في برجليه يضرب وراح بطنه على يزال . واستلقى ما وهو وقال ظهره على انقلب ثم

بالضحك خشمها : " يشهق في عضيتها الشافعة واستغفر ". مسكت محجوب لك . " وتشهد أقول تصرخ بقت العروس والشافعة فار والبيت الكواريك طقن الحريم زول زول . يا إل لك القا وما

سكين بي كراعي أهلي . ضرب وصلت من ل جريه فرد مسكنها مين يا قت لك وفجأة". أقول بالغ وجهه على وظهر جالسا الزين لمحجوب . استوى حديثه يوجه زول : " وقال يا أنت. اسمع

؟ كلم عندك ول علوية بتك لي تعرس يقول " داير ما يعني كأنه وحزم بجد محجوب : "فأجابه ليك مضيتها أنا وتبيعه . البت تمرك وتلم قمحك تحش بعد ديل الحاضرين الناس قدام دحين

لك نعقد نجي القروش الزين " . وتحضر أرضى الوعد وزم . هذا حاجبيه قطب وقد برهة وصمت وأطفال زوجة بأعباء القيام ومسؤولية علوية مع حياته مستقبل في يفكر أخذ قد وكأنه .شفتيه

خوانا . خلص : " وقال يا كلمة . اشهدوا منه مرقت دا يفكر . الرجل يجي ما باكر بعد "باكر جميعا الحاضرون الحفيظ . وقال وعبد ، الرواسي والطاهر ، إسماعيل الريس . أحمد ود .وحمد

بإذن سيتم الزواج وإن محجوب قطعه الذي الوعد على شهود إنهم ،قالوا الدكان صاحب وسعيد . ا

له حب قصة آخر كانت محجوب ابنة لعلوية الزين حب سيسأمها . قصة شهرين أو شهر بعد في تجده ذكرها على وينام يصحو ، بها مشغول الحاضر الوقت في لكنه ، جديدة قصة ويبدأ

على محنيا النهار منتصف في الحفر " طوريته " الحقل عن يكف وفجأة وجهه من يتصبب والعرق صوته بأعلى محجوب : " وينادي حوش في مكتول يكف ". أنا المجاورة الحقول وفي

الناس الزين . عشرات نداء يسمعون حين برهة الرض حفر وبعض . عن ، يضحكون الشبان بتبرم يهمهمون الزين بعبث أحيانا يضيقون الذين يقول : " الشيوخ يرغي دا المطرطش الولد

؟ والفتيات " شنو والصبيان الشبان من كبيرة زفة وسط البيت إلى الحقل في العمل ينتهي وحين بينهم مزهوا يختال وهو ، حوله من يتضاحكون ، هذه . الصغار ويقرص ، كتفه على هذا يضرب

، فوقها نط الطريق قارعة على طلع شجيرة رأى وكلما ، قفزات الهواء في ويقفز خدها فيالشمس عليها غربت التي القرية أرجاء في يتردد صياحا ، صوته بأعلى يصيح والحين الحين وبين

الغريق .. اروك : " ناس الحلة .. يا أهل محجوب ... يا حوش في مكتول أنا ... ".

Page 6: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

الثاني الفصل

الرابعة أو عشرة الثالثة في كان الرجال مبلغ يبلغ لم حدث وهو مرة أول الزين الحب قتليابس عود كأنه هزيل نحيل ، ذوقة . عشرة بسلمة يعترفون فإنهم ، الزين عن الناس قال ومهما

كلما وأحلهن أدبا وأحسنهن جمال البلد فتيات أروع إل يحب ل فهو في . ، العمدة ابنة عزة كانت بعد الماء يأتيها حين الصبية النخلة تنتعش كما فجأة جمالها تفتح وقد عمرها من عشرة الخامسة

في . الظمأ سوداوين واسعتين عيناها وكانت ، الحصاد قبيل الحنطة حقل مثل اللون ذهبية كانت فيحس ببطء ترفعهما ، سوداء طويلة عينيها ورموش ، الملمح دقيق ، الحسن صافي وجه

صوته ارتفع ، عزة جمال إلى البلد شبان نبه من أول الزين وكان ، قلبه في بوخز إليها الناظرحقله لصلح العمدة نفرهم الرجال من عظيم جمع في يوم ذات المبحوح . فجأة صوته ارتفع

الفجر . الحاد طلوع عند الديك صوت يرتفع الحلة : " كما أهل يا البلد . عوك ناس بنت . يا عزه العمدة حوش في مكتول الزين ، كتيل كاتللها الجرأة " . العمدة بتلك الناس والتفت. وفوجئ

صدره في غريزي غضب تحرك وقد الزين ناحية بعنف في . العمدة ، كلهم الناس كأنما وفجأة ، جاف معزة جلد كأنه هنالك واقف وهو ، الزين هيئة بين المضحك التباين أدركوا ، واحد آن

واحد آن في كلهم ضاحكين فأنفجروا ، العمدة بنت عزة العمدة . وبين صدر في الغضب .ومات على القوم يحث ، الشاربين منتفض ، العينين محمر ، نخلة ظل تحت مقعد على جالسا كان

، الزين قول من ضحك قد المرة هذه أنه بيد ، يضحك أن قل جادا مهيبا رجل كان ، العملعزة لك نعرس ، المفرقعة الخشنة ولكن " . ضحكته ، للعمدة مجاراة أخرى مرة القوم وضحك

صامتا ظل الرض . الزين في معولة ضربات وجد يشعر أن ودون ، واهتمام جد وجهه وعلى وتتابعا قوة .تزداد

بزواجها وعده إباها وإن لعزة حبه إل له حديث ل والزين ذلك بعد شهر وقد. ومضى

الجن عنها يعجز شاقة كثيرة أعمال في الزين فسخر ، العاطفة هذه يستغل كيف العمدة .عرف الحجارة منه تئن حر في ، الظهر عز في ظهره على الماء جوز يحمل العاشق الزين ترى كنت

وهناك هنا ل العمدة . مهرو جنينة يكسر . يسقي أو شجرة يقطع منه أضخم بفأس ماسكا وتراه وعجوله . حطبا وخيله العمدة لحمير العلف يجمع منهمكا في . وتراه مرة عزة له تضحك وحين

خطبت عزه أن البلد في شاع حتى ، شهر مضى إن وما ، الفرح من تسعه الدنيا تكاد ل ، السبوعقصة بدأ ولكنه شيئا يقل ولم الزين يثر ولم عشر أبو في طبيبا مساعدا يعمل الذي خالها لبن

. جديدة

Page 7: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

الزين صياح على يوما البلد القوز : استيقظت فريق في مكتول هذه " : أنا ليله وكانت السودان شمال في النيل أطراف على يقيمون الذين البدو من فتاة أرض . المرة من يفدون

في أراضيهم في الماء يشح كردفان في والمريضاب الهواوير ومضاب حمر ودار الكبابيشقحط سنوات بهم تلم وأحيانا ، للري طلبا وأغنامهم بإبلهم النيل على فيفدون ، المواسم بعض

على المقيمين والبديرية الشايقية ديار في المناهل على فيتساقطون بالمطر السماء تضن حينكانت . النيل منهم بعضا ولكن ، أتوا حيث من يعودون ثم الغمة تنكشف حتى يلبثون ل أغلبهم

القوز عرب هؤلء ومن ، فيبقون النيل وادي على الستقرار حياة البدو . تستهويهم هؤلء ظل ويجلبون ، الغنم يرعون ، اللبن يبيعون المزروعة الرض طرف على يرابطون طويلة سنوات

قليل أجر مقابل لصحابه يجمعونه التمر حصاد موسم وفي ، الوقود مع . حطب يتزاوجون ل أجلفا بدوا يعتبرونهم البلد وأهل ، خلصا عربا أنفسهم يعتبرون فهم ، الصليين ولكن. السكان

أقصاها من البلد في سائحا نهاره سحابة يزال ما مكان في يستقر ل كان الحاجز هذا كسر الزينأقصاها عن . إلى يبحث كأنه البيوت حول فحام سبب لغير القوز فريق إلى يوما قدماه وحملته

منه ضاع مكانه . شيء في فتسمر جمالها الزين راع فتاة ، . وخرجت به سمعت قد الفتاة وكانت به تعبث وقالت له فضحكت ، القوز عرب حتى وصلت شهرته ؟ : " فإن بتعرسني ، وتبكم" الزين

حديثها حلوة وأخذته الفتاة جمال فتنه فقد ، صوته , برهة بأعلى صاح أن لبث ما : "لكنه ناس يا الفتاة ". واكتلتي أم وصاحت ، الخيام فرجات وبين البيوت أبواب من كثيرة رؤوس وامتدت

؟ : " دا الدرويش مع شنو الموقفك ولكن " حليمه ، منهم ففر ، الزين على الفتاة إخوان وهب فقد ، الفتاة تزوجت أن إلى يفارقه لم ، عنده هوسا بعد فيما أصبحت ، القوز حسناء ، حليمة

، أبيها من يخطبونها ووجهائها المرموقين وشبانه البلد أثرياء من كثيرون وجاء بها الناس تسامعالقاضي ابن المر آخر . وتزوجها

الثالث الفصل

الزين حياة في تحول نقطة حليمة وزواج العمدة بنت زواج البنات . كان أمهات فطنت فقد

أصبح ، الفتيان عن البنات فيه تحجب ، محافظ مجتمع في لبناتهن به يدعين كبوق ، خطورته إلىما ثم يصيب ما أول قلبه يصيب الحب كان ، مكان إلى مكان من عطره ينقل ، للحب رسول الزين

بعينيه الزين ينظر بريد ساعي أو دلل أو سمسارا فكأنه ، غيره قلبه إلى منه ينتقل أن يلبثشيء منها فيصيبه ، الجميلة الفتاة إلى ، غائرين محجرين في القابعتين ، الفأر كعيني الصغيرتين

ها - يجري ، البلد أركان إلى النحيلتان قدماه فتحمله ، الحب بهذا البكم قلبه وينوء ؟ حب لعله

Page 8: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

فل ، كان حيثما باسمها ويصيح الفتاة بذكر لسانه ويلهج ، جراءها فقدت كلبة كأنه هنا وها هنايد فتأخذ تمتد أن بينهم من فارس يد تلبث وما ، تنبه أن العيون تلبث وما ، ترهف أن الذان تلبث

أو . الفتاة بالماء والزيار القلل يا مسخرا أما فتجده ، الزين عن تفتش ، العرس يقام وحين الصدر عاري الساحة منتصف في في . واقفا النساء بين أو الحطب به يكسر فأس يده في

ضحكته يضحك يفتأ وما ، فمه بها يمل الطعام من قطعا لخر آن من ويعطينه ، يعابثهن المطبخأخرى حب قصة وتبدأ ، الحمار نهيق شبه ، .. التي دخل كما حب قصة كل من يخرج الزين وكان

ما تغيير عليه يبدو بحال . ل يقل ل وعبثه تتغير ل هي هي حمل . ضحكته عن تكلن ل وساقاه البلد أطراف إلى . جسمه

بالحب مفعمة خصب سنوات الزين على وده . ووفدت يخطبن البنات أمهات أصبحت فقد

تلك من الدار الزبن يدخل ، والقهوة الشاي ويسقينه ، الطعام له فيقدمن البيوت إلى ويستدرجنهبالشاي . الدور ذلك بعد ويؤتى ، وأوان صينية في الغداء أو الفطور له ويقدم ، السرير له فيفرش

عصرا الوقت كان إذا باللبن الثقيل والشاي ، ضحى الوقت كان إذا بالنعناع الشاي . السادة وبعد النساء يسمع وما عصرا أو ضحى الوقت كان سواء ، والجنزبيل والحبهان بالقرفة بالقهوة يؤتىوالتي ، موقعا قلبه في تقع من منهن والسعيدة ، عليه يتقاطرن حتى قريبة دار في الزين أن

شهرين أو شهر خلل في زوجا تضمن الفتاة تلك ، فمه على واسمها بفطرة . يخرج ، الزين ولعل دعوة يجيب أن قبل ويتردد البنات أمهات على يتدلل فأصبح ، الجديد مركزه خطورة أدرك ، فيه

للغداء أو للفطار . إحداهن

بعد من تراقب فتاة ، معها يعبث ول ، عنها الزين يتحدث ل واحدة فتاة الحي وفي هذا كلبين من فر بعد من رآها وإذا ، ومزاحه عبثه ويترك يصمت مقبلة رآها كلما ، غاضبة حلوة بعيون

الطريق لها وترك . يديهاا أولياء من ولي ابنها أن الزين أم الحنين . وروجت مع الزين صداقة العتقاد هذا وقوي

إبريقه . يحمل ثم ، وصوم صلة في أشهر ستة البلد في يقيم ، للعبادة منقطعا صالحا رجل كان ذهب أين أحد يدري ول يعود ثم ، أشهر ستة ويغيب ، الصحراء في مصعدا ويضرب .ومصلته

معين وقت في مروى في رآه أنه أحدهم يحلف ، عنه غريبة قصصا يتناقلون الناس بينما. ولكن نفسه الوقت ذلك في كرمه في شاهده أنه آخر أيام - يقسم ستة مسيرة البلدين ويزعم. وبين

قلما والحنين يتعبدون الرض في يضربون الذين السائحين الولياء من برفقة الحنين أن أناسعام كل أشهر ستة يذهب أين سئل وإن ، البلد أهل من أحد مع يجيب . يتحدث يدري . ل أحد ول

الطويلة أسفاره في زادا يحمل ل فهو ، يشرب وماذا يأكل . ماذا

Page 9: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

معه ويتحدث له ويهش الحنين إليه يأنس واحد إنسانا البلد في ، - ولكن الزين هو ذلك يناديه وكان ، رأسه على وقبله عانقه الطريق في قابله إذا أيضا " . المبروك " كان الزين وكان

وعانقه إليه وأسرع وهذره عبثه ترك ، مقبل الحنين رأى في . إذا طعاما يأكل الحنين يكن ولم القهوة أو الشاي أو الغداء بصنع ويأمرها أمه إلى معه الزين يسوقه الزين أهل دار إل ، أحد بيت

سر . الزين من يعرفوا أن البلد أهل ويحاول ، وكلم ضحك في ساعات والحنين الزين ويظل قوله على يزيد فل الحنين وبين بينه التي مبروك : " الصداقة راجل الحنين " .

، الشواذ من البلد أهل يعتبرهم أشخاص مع ، النوع هذا من عديدة صداقات للزين كانت

جنبه ، عليا شفة له ليست ، مشوها ولد الذي وبخيت ، العرج وموسى ، الطرشاء عشمانة مثلوعلى الحقل من قادمة عشمانة رأى إذا ، القوم هؤلء على يحنو الزين كان ، مشلول اليسر

إذا ، أحد كل من تخاف فتاة كانت ، وداعبها لها وهش عنها حمله الحطب من ثقيل حمل رأسهاتأنس كانت ولكنها ، مفترسة وحوش كأنهم ، وفزعت ارتعبت طريقها في رجل أو امرأة صادفت

الناس يذكر ل الذي وموسى ، الدجاج صياح تشبه التي المحزنة البكماء ضحكتها له وتضحك للزينما كثرة من قلبك ينفطر مقبل تراه حين ، السن في طاعن رجل ، العرج يسمونه ولكنهم اسمه

، البلد في موسر لرجل رقيقا عبدا كان ، شاق متعب طريق له بالنسبة الحياة ، مشيه في يعانييحبه به شغوفا موله كان ، موله مع يبقى أن موسى آثر ، حريتهم الرقيق الحكومة منحت ولماموسى وطرد فبددها ، سفيه ابن إلى الثروة آلت توفي ولما ، البن معاملة ويعامله .ويبره

أمره يعنيه أحد ول ، له أهل ل معدم وهو الشيخوخة البلد . وأدركته في الحياة حافة على فعاش عن وتبحث ، الليل في الخرابات إلى تأوي التي ، الضالة العجوزة الكلب بعض تعيش كما ،

بيتا له وبنى ، الرجل هذا على الزين عطف ، الصبيان بها يتحرش ، الحي فجوات في نهارا القوتغروب بعد ويأتيه ، ليله بات كيف فيسأله الصباح في يأتيه كان ملبنة معزة وأعطاه النخل جريد منوقية ومعه يجيء وأحيانا ، يديه بين فيلقيه ، بالطعام منتفخ وثوبه بالتمر جيوبه مالئا ، الشمسالزين وبين بينه التي الصداقة عن العرج موسى وتسأل ، البن من شيء أو سكر رطل أو شاي

الدمع من غشاوة عينيه وفي لك حلل : " فيقول ود الزين عشرة حبابه البلد " . الزين أهل ويرى عجبهم فيزداد الزين من العمال آدمي . هذه هيكل في ا أنزله ملك لعله الخضر ا نبي لعله

كصدر المضحك والسمت المجوف الصدر في حتى يخفق قد الكبير القلب أن عباده ليذكر زريوسمته . الزين

يقول خلقه : " وبعضهم أضعف في سره يرتفع " . يضع أن يلبث ل الزين صوت ولكن الغريق : " مناديا أهل الحلة .. يا ناس مكتول . يا صورة ". أنا وتعود ، الصورة هذه فتتحطم

ويؤثرونها الناس يألفها التي . الزين

Page 10: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

عبثه في الزين تراقب ، العينين غاضبة ، المحيا وقورة ، حلوة صبية الحي وفي هذا كلقائلة فانتهرته ، كعادته يضاحكهن النساء من مجموعة في يوما وجدته ، وهزاره ما: " ومزاحه

؟ أشغالك تشوف تمشي الفارغ والكلم الطرطشة الجميلتين " تخلي بعينيها النساء .وحدجت سبيله في ومضى النساء بين أنسل ثم حياء رأسه وطأطأ الضحك عن الزين . سكت

الرابع الفصل

أذنيها آمنة تصدق العاشرة . لم للمرة ، اللبن بائعة حليمة ؟ " وسألت منو يعرس داير فتي

حليمة " قالت العاشرة الزين . مستحيل " نعمة :" وللمرة تتزوج نعمة عقلها فقدت الفتاة أن بد ل بلغت حين شهرين قبل اليوم ذلك بوضوح وتذكرت بالغضب آمنة صدر في الدهشة واختلطت ؟

في ذلك بعد سعدية تكلم أل حلفت قد كانت ، نعمة أم إلى وذهبت نفسها على وتحاملت كرامتهاسعدية أن آمنة تهتم ولم ، سعدية إل يعزينها جميعا البلد نساء وجاء آمنة أم توفيت فقد ، حياتها

أمها فيه توفيت الذي الوقت في البلد عن غائبة مروى . كانت في المستشفى في مريضة كانت يستفسرن جميعا النساء جاءت مروى من عادت وحين كامل شهرا الفراش طريحة ظلت حيث

آمنة إل صحتها يحتم . عن كان الواجب أن ويقلن سعدية يخطئ فريق ، فريقين النساء وانقسم ويقلن ، لسعدية يتحزب النساء من وفريق المرض من أكبر فالموت ، بالزيارة آمنة تبدأ أن عليها

، المشكلة وتعقدت اللغط وزاد الميت من خير والحي ، حال أي على العمر أرذل بلغت آمنة أم أنآمنة تكلم ل وسعدية سعدية تكلم ل آمنة وأصبحت ، رأيها على المرأتين من كل حتى. وأصرت

نعمة وتخطب تذهب أن عليها آمنة ابن أصر حين شهرين وتحاملت . قبل كرامتها المرأة وبلعت دراها في سعدية على ودخلت نفسها المائدة . على وعلى ، تغلي قهوة النار وعلى الضحى وقت

، بارد بصوت القهوة عليها وعرضت ، فاترا استقبال سعدية استقبلتها وأشياء وسكر فناجينتخصصها ولم تحلفها لم ، سعدية تزد ولم ، آمنة لها . فرفضت تقل لك : " لم يتعرض الرسول

القهوة تشربي يهديك ا ، عليك ، " . النبي كبيرة شجاعة آمنة وتطلبت ، واحدة جملة على تزد لم ريقها وبلعت وجفت عرقت ، سعدية ابنة ونعمة ، أحمد ابنها موضوع في سعدية تحدث . ,لكي

الحتقار هذا لكل عرضها الذي ابنها تلعن داخلها وفي مرتعش صوت في قالت سعدية: " أخيرا كلهم . أختي الناس دون من أنت بحال ، ليكي يجيبني ما الممات ول الحاية تاني حالفه كت أنا

أمي في تعزيني تجي مسامح . ابيتي المؤمن برضه عافالك .. لكين أنا ختي يا الغرض. دحيني نعمة في رغبة عندنا وأنا أحمد أبو ولدي أحمد ، شأنه من الجيتك الشيء ، حسع ليكي الجابني

أحمد وأحست " . لي فمها في الخشب من كقطعة بلسانها شعرت ، حديثها من فرغت ولما

Page 11: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

يداها وارتعشت مرتين فتنحنحت تقلص قد شيئا . بحلقها سعدية تقل بكلمة . ولم فاهت أنها لو قليل آمنة روع لهدأ شأنا . واحدة منها أقل بأنها تشعرها دائما نبيلة . سعدية جميلة امرأة أنها

وأملك ، السبعة أخوانها بثروة السمح الوقور وجهها إلى تنظر وأنت تحس ، والسلوك الملمحالعد يحصيها ل التي ومواشيه وبقره وشجره زوجها ونخل الواسعة أولد . أبيها لها المرأة هذه

والناس ، الفتيان إليها يتطلع جميلة بنت ولها الحكومة في واشتغلوا المدارس في تعلموا ثلثةأهداب سعدية رفعت وأخيرا ؟ شيئا تقول ل لماذا ، الكلم القليلة المرأة هذه ، بالخير يذكرونها

تفهمها لم نظرة آمنة إلى ونظرت ، الطويلة ود . عينيها أو عتاب أو حقد أو غضب فيها يكن .لم يثور ول يهتز ل الذي الهادئ بصوتها خير : " وقالت ا شاء ، . إن البت أبو عند الشورى طبعا

نكلمه يجي يزوجونها " وقت والن ، ذلك بعد رفضوا أنهم كيف وتذكرت ، هذا كل آمنة تذكرت الغشيم - للزين الهبيل الرجل في ! هذا كأن آمنة وشعرت ، الناس سائر دون للزين يزوجونها

آمنة عيني لحظت حين اللبن بائعة حليمة وارتاعت ، عمد عن ، شخصيا يها موجهة إساءة المرلمنة وقالت فزادته ، اللبن غشتها أنها أدركت آمنة أن وحسبت ، بالغضب كي : " تتسعان ها كمان

تزعلي ما عشان زيادة . " دا

ويسيل بالغيظ الرجل صدر يمتلئ كما ، النيل صدر ينتفخ ، عاما يتلو عام ، العوام تتابعت ، البيوت أسفل عند الصحراء حافة إلى يصل حتى المزروعة الرض فيغطي ، الضفتين على الماء

أريج من مزيج هي رائحة تحمل بالندى مفعمة رطبة ريح الشمال من وتهب ، بالليل الضفادع تنقورائحة بالماء ترتوي حين الظمأى الخصبة الرض ورائحة المبتل الحطب ورائحة الطلح زهر

القمر وجه يستدير حين المقمرة الليالي وفي ، الرمل على الموج يلقيها التي الميتة السماكوالماء الشجر وأغصان النخل ظلل صفحتها فوق تتحرك مضيئة ضخمة مرآة إلى الماء يتحولودق زغاريده تسمع ميلين بعد على عرس حفل أقيم فإذا ، كبيرة أبعاد إلى الصوات يحمل

دارك يمين إلى كأنه ومزاميره طنابيره وعزف ذات . طبوله وتستيقظ ، الصعداء النيل ويتنفس يمتد كبير واحد مجرى في يستقر ، الجانبين عن انحسر قد الماء وإذا هبط قد النيل صدر فإذا يوم

المغيب عند فيه وتغطس الصباح في الشمس منه تطلع ، وغربا ممتده . شرقا أرض فإذا وتنظر الطبيعي مجراه إلى هروبه في مصقولة رشيقة دروبا الماء عليها ترك ملساء رائحة. ريانة

اللقاح يتهيأ حين النخل برائحة فتذكرك أنفك تمل الن تحس . الرض ولكنك ، مبتلة ساكنة الرض بعلها لملقاة تستعد الشهوة عارمة امرأة كأنها ، عظيم سر على ينطوي بطنها ساكنة . أن الرض

والخصب الحياة ماء هو دافق بماء تضج أحشاءها ، . ولكن للعطاء تتهيأ ، متوثبة مبتلة الرض الرض أحشاء حادا شيء وعطاء . ويطعن وألم نشوة في . لحظة طعن الذي المكان وفي

حب ودفء حنان في الجنين النثى رحم يضم وكما ، البذور تتدفق ، الرض كذلك. أحشاء وثمر نبات عن الرض وتتشقق ، واللوبيا والذرة القمح حب على الرض باطن . ينطوي

Page 12: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

، حجورهن على يجلسنها كن أمها لزيارة جئن إذا كن النساء أن طفلة وهي نعمة تذكروشفتها خدها على ويقبلنها ، كتفيها على المتهدل الغزير شعرها على بأيديهن ويمسحن

صدورهن إلى ويضممنها ، ضجرت . ويدغدغنها ومرة ، أذرعهن في وتتلوى ، ذلك تمقت وكانت حيوان فكا كأنهما ، عليها تنطبقان الغليظتين المرأة بذراعي وشعرت ، بها بدينة امرأة عبث

أن وحاولت نعمة وتململت ، تخنقها كأنها ، القوي وعطرها المثقلة المرأة وبردفي ، مفترسالمرأة قبضة من بشفتيها . تتخلص وجهها على وانقضت بقوة صدرها إلى ضمتها المرأة ولكن

، قاسية صفعة وجهها على نعمة صفعتها ، وتشمها ، خدها وعلى رقبتها على تقبلها المكتنزتينالغرفة وتركت نعمة وانفلتت ذراعاها وانفك المرأة أصبحت . وذعرت ، طفلة تعد ولم كبرت ولما

الطريق في بهم تمر حين ، إليها تلتفت السواء على والرجال النساء تأبه . رؤوس تكن لم لكنها القرآن لتتعلم تاب ك ال في يدخلها أن أباها أرغمت كيف أيضا وتذكر ، الطفلة . لجمالها كانت

الصبيان بين يقرأون . الوحيدة يكبرونها صبيان إلى تستمع وكانت ، الكتابة تعلمت واحد شهر وبعد وكانت بتلوته وتستلذ ، بنهم تحفظه ، القرآن على وأقبلت ، ذهنها في فتستفر ، القرآن من سورا

الرحمن سورة حفظته مما تؤثر كانت ، السار كالخبر قلبها على تنزل ، منه معينة آيات تعجبهابنشوة وتشعر أيوب عن تقرأ وهي الحزن يعتصره بقلبها وتشعر ، القصص وسورة مريم وسورة

عندنا من رحمة معهم ومثلهم أهله وآتيناه الية إلى تصل حين امرأة . عظيمة رحمة وتتخيل رحمة اسموها أهلها أن لو وتتمنى ، زوجها خدمة في متفانية الحسن بتضحية . رائعة تحلم كانت

الغريب الحساس ذلك فيها ، اليام من يوم في تؤديها ضخمة تضحية ، نوعها تدري ل عظيمةالشعور شخصيتها محور ، وقورة طفلة نعمة ونشأت مريم سورة تقرأ حين تحسه الذي

حديثا أبيها إلى وتتحدث ، شيء كل في وتناقشها ، البيت أعباء في أمها تشارك ، بالمسؤوليةمواصلة على يحثها بعامين يكبرها الذي أخوها كان ، الحيان بعض في يذهله جريئا ناضجا

لها ويقول المدارس في محامية : " التعليم ول دكتورة تبقي بذلك " . يمكن تؤمن تكن لم ولكنها التعليم من الوقار . النوع من الكثيف القناع ذلك وجهها وعلى لخيها في : " تقول التعليم

طرطشة كله الصلة . المدارس وفرايض القرآن ومعرفة والكتابة القراية ويضحك" . كفاية ويقول حججك : " أخوها مع وتنفك يعرسك حلل ود يجي هذا " . باكر لها يقولون أسرتها أفراد

صدرها تضم ، المحيا الوقورة العينين الغاضبة الفتاة هذه أن يدركون فهم ، بالخوف إحساس معيصلحون الذين الفتيان عن تتحدث أمها بدأت و عشرة السادسة بلغت ولما ، عنهم تخفيه أمر على

شيئا . أصهارا تقول ول كتفيها تهز نعمة زواج . ولكن أمر في تحدثها سعدية إلى آمنة جاءت ولما سعدية لها وقالت أحمد من البت : " نعمة أبو عند أن " الشورى نفسها قرارة في تعلم (كانت

نفسها ) الرأي نعمة غير لحد خيارها . ل من لبد وقالت . وكان كتفيها ما : فهزت الليلة لي أنا للعرس حماة ) بقيت تصبح لن متحمسة تكن لم سعدية وأن خاصة ، مناقشتها العبث من وكان

آخر . لمنة خطيب ظهر حتى طويل وقت ذلك بعد يمض كن . إدريس : لم البلد في كثيرات فتيات

Page 13: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

ابتدائية مدرسة في مدرسا يعمل ، متعلما كان فقد له زوجات يصبحن أن دمث . يتمنين وكان التي ، الصل ذوات العوائل من تكن لم عائلته أن ومع البلد أهل بين السيرة حسن ، الخلقأسرة كانت عشرته وحسن بجده الناس بين مكانة لنفسه كون أباه أن إل ، البلد في إليها يشار

إلى يميلون ، الثلثة وأخوانها ، سعدية وأمها ، نعمة والد إبراهيم حاج وكان ، الحال ميسورة طيبةإدريس ذلك . قبول غير رأي لها كان نعمة أن وقالت . بيد كتفيها بدوره : " هزت واحتد) . ما

بصفعها وهم معها كلمه في إبراهيم فجأة . حاج توقف الفتاة . ولكنه تلك محيا في ما شيء صدره في الغضب قتل وجهها . العنيدة على الرزين التصميم لعله ، عينيها تعبير وكأنما. لعله

متمردة ول عاقة ليست الفتاة هذه بأن الرجل القدام . أحس إلى داخلي بإيعاز مدفوعة ولكنها عنه ردها أحد يستطيع ل أمر . على

الزواج أمر في أحد يكلمها لم يومها . ومن

الزواج خواطر ذهنها على وتخطر ، وأفكارها نفسها تفرغ حين نعمة أن . وكانت تحس تحتسب ل حيث من سيجيئها عباده . الزواج على ا قضاء يقع ويموتون . كما الناس يولد ما مثل

ويهطل القمح ينبت كما ، عام كل النخل ويثمر ، العواصف وتهب ، النيل يبيض ما مثل ، ويمرضونتولد أن قبل محفوظ لوح في لها ا قسمها قسمة ، زواجها سيكون كذلك الفصول وتتبدل المطرأو خوف أو بفرح تحس تكن لم ، عليها وما الرض ا يخلق أن وقبل ، النيل يجري أن وقبل ،

، ما وقت في كتفيها على ستوضع كبيرة بمسؤولية تشعر كانت ولكنها ، هذا في تفكر حين أسىمعينة صورة ذهنها وفي تشب فتاة كل ، الحي في صاحباتها ، بعيدا يكون وقد ، قريبا يكون قد

بين من ويختطفها ويدخل ، الدار خارج الضوء ساجي مساء ذات فرسه يربط الذي الفارس عنفي ترتسم فلم نعمة أما ، العيش ورغد السعادة من سحرية عوالم إلى بعيدا بها ويهرب ، أهلها

الرجل يكون قد ما رجل على ما يوما ستسبغه فياض حب معها وكبر كبرت ، محددة صورة ذهنهاعامة من مزارعا أو ، متعلما وسيما شابا يكون قد الولى زوجته على يتزوجها ، أبناء له متزوجاالزين يكون قد ، المعول وضرب خاض ما كثرة من ، والرجلين الكفين مشقق البلد وحين... أهل

الم تحسه الذي الشعور فصيلة من ، قلبها في دافئا إحساسا تحس نعمة بال على الزين يخطريتيم كطفل بالها على الزين يخطر ، بالشفقة ، آخر شعور الحساس بهذا ويمتزج ، أبنائها نحوشيء عليه شفقتها في وما ، حال كل على عمها ابن أنه ، الرعاية إلى حاجة في ، الهل عديم

. غريب الخامس الفصل

Page 14: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

حيثما ، مستقر له ليس قلق كروح كان فقد ، ليله الزين يقضي أين تبالي الزين أم تكن لمالزين تجد عرس ، : أقيم برد يحبسه ل ، بحري أو قبلي في القوز عرب عند أو الطلحة فريق في

زغاريد نادرة بحساسية أذنه تلتقط ، فيضانه موسم في الطامي النيل ول بالليل تهب عاصفة ولالصوت مصدر إلى يجذبه شيئا كأن ويهرول كتفه على ثوبه فيضع ، أميال بعد على .النساء فإذا ، درمان أم من آتية السيارات تعدو حين ، الرمل كثبان وراء من فجأة النور يسطع وأحيانايحث ، الرض إلى تنظران وعيناه قليل المام إلى بجسمه يميل الرمل في يحب نحيل شخص

شرقا متجها فإما . الخطى ، الحي طرف في عرس حفل ثمة أن فيعلمون الزين الركاب يرى به وتحرشوا السيارة أوقفوا وأما ، عليه يمرون حين به ، . صاحوا منهم كوكبة وراءه يسير وأحيانا

معالمها وتتضح النساء زغاريد النساء . وتقترب يميز أن الزين ثم . ويستطيع ، زغردت امرأة أية الجن وادي في شياطين كأنها وتهبط تصعد مجتمعة أشباح وتبدو النوار الغبار . تبدو يظهر ثم

الضوء بخيوط يتشبث ، رقصها في الناس أرجل تثيره يعرفه . الذي نداء عن الليل ينشق وفجأة أحد جاكم : " كل الزين الرقيص ناس يا ، العرس أهل يا كالقضاء " . عوك قفز قد الزين وإذا

الرقص حلقه في جديدة . واستقر طاقة الزين فيه نفث فقد فجأة المكان بعيد . ويفور ومن به يرحبون صيحاتهم المرء عشرة . ابشر . ابشر : " يسمع النساء " . حبابك أصوات تموت وحين

رأسه الزين يسند ، الفجر طلوع قبيل دورهم إلى الناس ويتراوح ، النوار وتطفأ ، حلوقهن فيالطير كنوم خفيفا نوما برهة وينام ، شجرة جذع إلى أو حجر لصلة . إلى المؤذن يؤذن وحين

الشاي لتصنع أمه فيوقظ ، أهله إلى عائدا يقفل ، ولم . الفجر ، صباح ذات أذن قد المؤذن أن بيد الزين الرجل . يعد قامة قدر الشمس ارتفعت ثم ، الشمس طلوع قبيل الشرقي الفق وأحمر

الزين يعد خيرا . ولم تستبشر فلم اليسر جنبها في خفيفة برجفة الزين أم تعتقد . وأحست إنها محالة ل ذويها بأحد أو بها سيلم شرا فإن رجف إذا اليسر جنبها الزين . أن لعم تذهب أن وهمت

قوية . خبطة سمعت ثم ، يصر الكبير الحوش باب وسمعت الحوش باب عند حركة سمعت ولكنها مريعا شيئا أمامها رأت وفجأة بيت . ، رابع في لحمة أبو إبراهيم حاج سمعها صرخة فصرخت

الصباح قهوة يشرب مصلته على جالس الزين . وهو أم وحملوا ونساء رجال بالناس الدار امتلت الوعي نصفين . فاقدة الناس حول . وانشق التفوا الرجال من أغلبهم ونصف ، الم مع راح نصفا

وسرواله وثوبه وصدره ، اليمنى عينه من قريب إلى يصل كبير جرح رأسه على كان ، الزينبالدم رشدهم . ملطخة الناس من . وفقد عيناه احمرت وقد الزين في يصيح الحفيظ عبد وأخذ

؟ : " الغضب الضربك المجرم الكلب مين ؟ دي العملة فيك عمل مين النساء " كلمنا وتصارخت الزين وجه على مركزتان وعيناها ، صامته ، بعد عن تقف نعمة وكانت البكاء في أخذن وبعضهن

عظيم حنو فيهما الغضب محل حل وقد إبراهيم . ، حاج وقع " . الحكيم : " وقال للكلمة وكان محجوب وصاح النساء عويل فهدا ، النار على الحفيظ " الحكيم : " الماء عبد "الحكيم : " وصاح

ليحضره حماره على إسماعيل أحمد . وانطلق

Page 15: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

يلمع نظيفا وجهه كان أسبوعين ظل حيث مروى في المستشفى من الزين عاد .ولما ناصعة بيضاء رأوا . وثيابه ولكنهم ، فمه في صفراوين سنين عهدوا كما الناس ير فلم وضحك

فكه في البحر صدف من كأنها أسنان من وصفا ، العلى فكه في اللمعة السنان من صفاآخر . السفل شخص إلى تحول الزين المستقبلين . وكأنما صفوف بين واقفة وهي لنعمة وخطر

وسامة من يخلو ل الواقع في الزين . أن

لمروى رحلته إل له حديث ول ، طويل زمنا ذلك بعد الزين يجتمع . وظل أن له يلذ كان والطاهر الريس ود وحمد ، إسماعيل وأحمد ، الحفيظ وعبد ، محجوب ، القدامى رفاقه حوله

له جرى ما لهم فيحكي ، التاجر وسعيد ، . الرواسي

نظاف " هدوما ولبسوني هدومي قلعوني زول يا وصلت ما يرقش .. أول .السرير الكراع يزلق والبلط والبطاطين اللبن زي بيض متحرشا ... " المليات محجوب خلك: " وقاطعة

؟ شنو بي ليك ملوها دي الكبيرة كرشك والبلط البطاطين مقبل " من كأنه الزين فم وارتجف وليمة بلش : " على ول مروى استبالية في الكل هل أكل . هل جنس عاد سمك . هو شيتن

دجاج شيتن لحم شيتن بيض أخرى " . شيتن مرة محجوب ما : " وقاطعه الستباليات في الكل ؟ بتشبع كت كيفن ؟ شوية الجديدة " قالوا أسنانه يظهر حتى ، ميدرة كبيرة ابتسامة الزين وابتسم

الكل : " قدام قعد صاحبتي كان التمرجية الحفيظ " . بحال عبد ا : " وصاح إل إله ل ...أي ؟ . آمسنوح التمرجيات على تتعلبس مشيت مكتوم " كمان بضحك الزين جسم أي.. أي : " وارتج

سميحة ... شافعتن مي زول يا دون " . أمانة ويضحك يستمع كان أن بعد الرواسي ود وتدخل شيئا يقول الرسول : " أن لينا ‍! عليك وصفها كدى أن " . الزين يخاف كأنه خلفه الزين والتفت

صوته وخفض أحد صلبن : " يسمعه كبر عليها زول يا أمان وقتا " . عليك الحديث حبل .وانقطع بقية صدره في يزال وما ، قال أنفاسه الريس ود حمد استجمع وحين بالضحك المجلس ضج فقد

ضحك ؟ : " من الطاري آمقطوع معاها سويت هذا " شن يسمع لم كأنه حديثه الزين واصل الخير مشلخة : " السؤال ماها ، مرها ، أمدرمان من سميحة قريبا " . بنيتن الرواسي ود وزحف

أخرى بطريقة سؤاله وأعاد الزين ؟ : " من صلبها كبر أوراك شن الفور " أنت على الزين :وقال ؟ ( بشوفه ما قدامي يبقي وقت الشي ؟ عميان أنا لك الرد " قالوا هذا من سر محجوب وكأن

الريس ود إلى ينظر وهو نجيض : " فقال عويد . الداهي قايلنه يديه ) . ساكت الزين ووضع خبيثة ابتسامة وجهه وعلى ببطء قال ثم ، قليل الوراء إلى ومال رأسه جماعة : " خلف يا دايرين

؟ لها سويت شن بلهفة " تعرفو الريس ود لها : " وقال سويت شن حدثنا الزين " .الرسول المعلق الكبير المصباح ضوء من شيء فانعكس ، ليتكلم فمه فتح ثم ، الزين ابتسامة واتسعت

أسنانه على سعيد دكان وحمد . في ، الرواسي والطاهر محجوب قفز ، واحد وقت وفي ، وفجأة

Page 16: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

الريس الحفيظ . ود عبد الزين ) . امسكوه : ( وصاح كان البصر لمح في منهم أسرع كان لكنه كلهم وانكبوا رقبته من شده ثم ، الرض في رماه ثم بعنف الهواء في ورفعه بالرجل أمسك قد

والطاهر ، اليسرى بذراعه أمسك الحفيظ وعبد ، اليمنى بذراعه أمسك إسماعيل أحمد ، عليهوسطه من به أمسك دكانه . الرواسي في شيئا يزن سعيد وكان ، بساقيه أمسك الريس ود وحمد

يفلحوا لم لكنهم ، أيضا الزين بساقي وأمسك مشرعا فخرج ، .

جميعا البلد أهل بها لحد طاقة ل جبارة مريعة قوة النحيل الزين جسم في تدفقتضد الزين يستعملها ل حتى جهدهم يبذلون الزين وأهل ، ويهابونها الرهيبة القوة هذه يعرفون

الحقل، . أحد في استفزه جامح ثور بقرني مرة أمسك الزين أن ذكروا كلما روعا يرتعدون أنهم ، العظام مهشم أرضا ألقاه ثم به وطرح قش حزمة كأنه الرض عن ورفعه ، قرنيه من به أمسك

ذرة عود وكأنها جذورها من سنط شجرة قلع حمساة فورات من فورة في مرة أنه كلهم. وكيف بشر مقدور في ليست خارقة قوة الضاوي الجسم هذا في أن الدين : يعلم هذه.. وسيف

برهة أصواتهم واختلطت هالك محالة ل أنه ، الن الزين عليها انقض التي الزين . الفريسة كان غضب في أكتله ( يردد لزم الدكر برجل ) - الحمار الزين يلحقه ذم أقصى الدكر .والحمار

وخوف توتر في الحفيظ عبد صوت خليه : ( وارتفع ا عليك الزين محجوب ) . الرسول وأخذ يأس في في . يشتم الزين عض الحيلة أعيته ولما ، وأقواهم سنا أصغرهم إسماعيل أحمد وكان

يعوم . ظهره الليل في السمك عن بحثه في كان ، بقوته مشهورا رجل الرواسي الطاهر وكان نفسه ينقطع فل الساعة نصف الماء في ويغطس وجيئة ذهابا شيئا . النيل تكن لم قوته لكن

الزين برجليه . بجانب يضرب وأوه الدين سيف حلق من يصدر شخيرا سمعوا ضوضائهم وفي الهواء في محجوب . الطويلتين كتله : " وصاح مات " .

الضجة فوق وقورا هادئا ارتفع الحنين صوت عليك . المبروك . الزين : ( لكن يرضى )ا

واحدة دفعة الستة الرجال ووقع ساكنا هامدا الرض على الدين سيف ووقع الزين قبضة وانفكت . ، يدفعونه كانوا أمامهم حائطا فكأن المفاجئ بسكوته الزين وباغتهم الحنين صوت فاجأهم فقد

كان أنه بد ل ، كامل صمت فيها ساد العين طرفة مقدار ، جدا قصيرة برهة ومضت ، بغته إنهدسيف وتذكروا أخرى مرة فيهم الحياة جاشت ذلك بعد ، وأمل وحيرة رعب من مزيجا صمتا

مرتعش فرح بصوت محجوب صاح ثم ، عليه رؤوسهم أنكبت ، لله ( الدين لله . الحمد )الحمد أخذوا خافتة متوترة أصوات وفي سعيد دكان أمام كنبة على ووضعوه الدين سيف وحملوا

ا مطأطئ ركبتيه بين ويداه مؤخرته على جالسا فرأوه الزين تذكروا فقط حينئذ الحياة إلى يعيدونهصوت في إليه يتحدث كان ، بالغ حنان في الزين كتف على يده وضع قد الحنين وكان ، رأسه

بالحب مليء لكنه المبروك : ( حازم ؟ . الزين كده عملت ليه ) .

Page 17: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

أسكنته نظرة إليه نظر الحنين لكن ، الزين وانتهر محجوب محجوب . وجاء قال برهة وبعد

، : للحنين الرواسي والطاهر إسماعيل أحمد إليهم وانضم ، كتله كان شيخنا يا جيت كت ما لو ما وهو الزين قال برهة وبعد ، الدين سيف مع الريس ود وحمد التاجر وسعيد الحفيظ عبد وبقي

محجوب كلم مرددا ، الرأس مطأطئ ، : " يزال الدكر الحمار ، كتلته كت شيخنا يا جيت ما كت إن له اسكت ماش قايل بالفأس رأسي في ضربني . " وقت

وسرت ، الغضب إلى منه الطبيعي مرحه إلى أقرب صوته كان ، غضب صوته في يكن لم

الحنين وقال ، صامتين ظلوا لكنهم ، خفيفة مرح رعشة الحاضرين كت : " في ما أنت لكين ؟ . ( غلطان

كلمه مواصل الحنين فقال ، صامتا الزين في ( وظل بالفأس ضربك الدين سيف متين بالمرح مشبع ووجهه ضاحكا الزين فأجاب ؟ أخته : ( رأسك عرس وفي ) . وصت الحنين واستمر

مرح رنة الخر هو ؟ : ( صوته عرسها يوم أخته لي سويت شن ) .

أنا ) دايراني كانت داك . أخته الباطل للراجل عرسوها مشو )

منه بالرغم إسماعيل أحمد وحنانا . وضحك رقة أكثر صوت في الحنين البنات : ( وقال كل لمبروك يا دي . دايرتنك البلد في بت أحسن تعرس في ) . بارك خفية بخفقة محجوب وأحس

الحنين . قلبه أمثال منهم النساك خاصة ، الدين أهل من دفينة رهبة فيه ويبتعد . كان يهابهم كان معهم يتعامل ول طريقهم اهتمامه . عن عدم من بالرغم ويحس نبوءاتهم يحاذر وكان غامضا أثرا لها بأن ، هدرا . ( الظاهري تذهب ل النساك هؤلء لعل ) نبوءات سره في يقول ،

واحتقار رنة فيه مرتفع بصوت يقول جعله الذي هو على : ( هذا كمان ؟ دا البهيم البتعرس منو جنيه لنا يجيب داير ، فرائض ) . العلية لها ارتعدت ، صارمة نظرة محجوب إلى الحنين ونظر

وقال ، تشجع أنه لول البلد : ( محجوب في بت أحسن يعرس باكر ، مبروك الزين بهيم مو الزين وقال ) . ، طفل ضحكة ، بريئة ضحكة الزين ضحك الدكر ( وفجأة الحمار ، أموته داير كت

؟ أنا دايراني أخته علشان بالفاس يحزم ) يفلقني الحنين تصالحه : ( فقال دايزنك .دحين ضربته وأنت ، ضربك هو ، مات الفات وحوله ) . خلص الطويلة بقامته فجأة ، الدين سيف ونادى

الريس ود وحمد الحفيظ وعبد للزين . سعيد الحنين رأسه ( فقال فوق سلم الزين ) . قوم فقام قبل وأشبعها الحنين رأس على أهوى ثم ، وقبله الدين سيف برأس وأمسك اعتراض أي دون

يقول الحنين : ( وهو المبروك . شيخنا نفوس ) أبونا في الصمت أثارت مؤثرة لحظة وكانت للزين وقال الدين سيف عينا ودمعت ، الرجال سامحني : ( أولئك ، حقك في غلطان وقام) أنا

Page 18: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

الحفيظ وعبد ، محجوب ، كلهم الرجال وجاء ، وقبلها الحنين بيد أمسك ثم الزين رأس وقبلأمسك منهم واحد كل ، التاجر وسعيد ، إسماعيل وأحمد ، الرواسي والطاهر ، الريس ود وحمد

وقبلها صمت في الحنين الوديع . بيد الرقيق بصوته الحنين يجعل : ( وقال ربنا فيكم يبارك ربنا فيكم يده ) البركة في إبريقه وأمسك يستضيفه . ووقف محجوب معانا : ( فسارع تتعشى لزم

الزين ) الليلة كتف الخرى بيده يمسك وهو وقال بلطف رفض الحنين بيت : ( لكن في العشا الظلم ) المبروك في معا وغابا في . ، المعلق المصباح ضوء من قبس برهة رأسيهما على رف

سعيد دكان في المعلق المصباح ضوء كما عنهما الضوء انزلق ثم ، سعيد انزلق . دكان ثم الرجل منكب عن البيض الحريري الرداء ينزلق كما عنهما عبد . الضوء إلى محجوب ونظر

رؤوسهم وهزوا بعض إلى بعضهم كلهم ونظروا ، الدين سيف إلى سعيد ونظر . الحفيظ

كثيرين لحفاد جدا محجوب أصبح حين ، طويلة بأعوام الحادث هذا عبد . بعد أصبح كذلك كان ، للزاوج بناته وصارت أبا إسماعيل أحمد أصبح وحين ، والباقون الرواسي والطاهر الحفيظ

البلد هؤلء - أهل وسيف - وبينهم والحنين الزين حادث وإلى ، العام ذلك إلى بذاكرتهم يعودون بما ، وخشوع برهبة يذكرونه الحادث ذلك في اشتركوا الذين ، سعيد دكان أمام وقع الذي الدين

الرجال أولئك من واحد كل حياة تأثرت لقد ، قبل من لشيء يأبه يكن لم الذي محجوب فيهمبينهم فيما يستعيدون ، الحادث . الثمانية تفاصيل المرات الحقائق . آلف كانت ، مرة كل وفي

سحرا أكثر وقعا في . تتخذ ، يعلمون ل حيث من عليهم هل الحنين أن كيف عجب في يذكرون وكادت الدين سيف خناق على الزين قبضة ضاقت حين ، بعد ول قبل ليس اللحظة عين ، اللحظة

بالفعل مات قد الدين سيف أن يجزم بعضهم أن بل ، به على : تودي ووقع ، الخير نفسه لفظ اللحظة وفي ، بالفعل مات أه يقول ، الزعم هذا يؤكد نفسه الدين وسيف ، هامدة جثة الرضضخما تمساحا ورأى ، البتة الدنيا عن غاب أنه يقول ، حلقه على الزين قبضة فيها ضاقت التي

فمه فاتحا الكبير الثور حجم الجبل . في كأنها كبيرة موجة وجاءت ، عليه التمساح فكا وانطبق رأى أنه الدين سيف يقول ، الوقت هذا في ، قرار لها ليس سحيقة هوة في التمساح فحملت

إلى عاد حين الدين سيف إلى الناس أقرب كان وقد ، الحفيظ عبد ويجزم ، لوجه وجها الموتحين به تفوه شيء أول ، جديد من رئتيه في النفس جاش حين ، بها فاه كلمات أول أن ، وعيه

قال أنه ، عينيه ا : " فتح رسول محمدا أن وأشهد ا إل إله إل أشهد " .

يكن لم تغيرا تغيرت ، اللحظة تلك منذ ، الدين سيف حياة أن فيه شك ل فمما يكون ومهماالصائغ للبدوي الوحيد البن الدين سيف كان ، أحد به حرفته - يحلم كانت تلك لن الصائغ سمي

رجل البدوي كان ، يفارقه فلم السم به لصق صائغا يعد ولم أثرى ولما ، حياته بداية فيوالتجارة الصياغة من ، جبينه بعرق ثروته بعض جمع ، البلد في رجل أثرى ولعله ، موسرا

Page 19: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

زوجته طريق عن إليه آل وبعضها ، البلد . والسفر أهل يقول كما الذراع ( رجل . كان ل) أخضر العدم من كون ، عاما عشرين من أقل في ، مال إلى يديه بين تحول إل شيئا ثروة. يمس وبعضها ، كرمه إلى كرمه من النيل طول على منتشرة تجارة وبعضها ، وضياع أرض بعضها

وبناته زوجته تلبسه كثير ذهب وبعضها ، وعرضا طول النهر تجوب والبضائع بالتمر موسقة مراكبوإيديهن رقابهن يمل حلي شكل ، . في أمه تدلله ، بنات خمس بين واحدا ولدا الدين سيف ونشأ الخمس أخواته وتدلله ، أبوه لله بد . ويد ل كان ، البلد أهل يقول كما أو ، يفسد أن بد ل فكان

منها أكبر شجرة ظل في تنو التي كالشجيرة ، رخوا هشا ينشأ ضوء . أن ترى ل للريح تتعرض ل ابنه من مريرة غصة حلقه وفي البدوي مات ، يتعلم . الشمس لكي كثيرا ل ما عليه فلم. أنفق

فهرب الصناعة ليتعلم بورشة الحقه ثم ، شهر في فأفلس البلد في متجرا له وأنشأ وبعد. يفلح على يعتمد كيف يتعلم لعله الحكومة في صغيرا موظفا تعيينه في نجح وتشفع ووساطة ، لي

تترى . نفسه النباء جاءته حتى أشهر تمضي لم والصدقاء . لكن العداء أفواه من. من أو مرة إل المكتب يرى ول خماره في كله ليله يبيت ابنه أن السواء على والمشفقين الشامتين

السبوع في إلى . مرتين الرجل فسافر ، العمل من بفصله وهددوا مرارا أنذروه رؤساءه وأن الحقل في حياته طول ليسجننه وحلف كالسجين ابنه يسوق وعاد الرقيق - المدينة هكذا. كالعبد

. قال

الحقل أطراف على الماشية ويرعى للبقر العلف يجمع وهو الدين سيف على عام ومضىنهاره ويتأوه . سحابة ويقطع ويحصد بالليل . يزرع تلسية يعدم فلم ذلك أماكن . ومع يعرف كان الخمر يصنعنها . صنع اللئي الجواري رقيقا ) : الخدم - ( ويصادق كن البلد أهل يقول كما

حريته تزوجن . أعطي وبعضهن ، رقهن موطن عن بعيدا وتزوجن البلد من هاجرن بعضهن وبعضهن وتواصل ود السابقين سادتهن وبين بينهن كريمة حياة وعشن البلد في المعتقين الرقيق

البلد في الحياة حافة على فبقين الستقرار حياة تستهوهن واللذة . لم الهوى لطلب .محطا غريبا شيئا كان هذا الجواري مجتمع أن على . والحق والخروج والتمرد المغامرة روح فيه

القش . المألوف من المصنوعة بيوتهن تقبع ، الحي عن بعيدا الصحراء طرف في بالليل. هناك الناس ينام نشوى . حين مخمورة ضحكات منها وتسمع المصابيح أضواء فرجاتها من .ترتعش

الحلفا نبات مثل الحياة إلى عادت لكنها ، فأحرقوها البلد أهل بها يموت . ضاق وطردوا. ل السبل بشتى وعذبوهم على . سكانها يحط الذي كالذباب جديد من تجمعوا أن يلبثوا لم لكنهم

ميتة .بقرة

الجواري ضحكات الليل إليه حمل حين الظلم جنح في قلبه خفق ، مراهق شاب من وكمالمخمورين تلك . وصياح الصحراء ) الواحة ( في حافة يغري . على ، رهيب لذيذ ، مخيف بشيء

إليها . بالستكشاف طريقه يجد أن الدين سيف على عسيرا يكن ، . ولم لياليه يقضي كان هنالك

Page 20: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

خليلة بينهن من له صبر . وكانت في أبوه تحمله هذا يتغاضى . كل فكان ، تأتيه الخبار كانت يثور وأحيانا ، بعد . أحيانا سجادته على وهو ، ليلة ذات الدين سيف جاء حين نفذ صبره لكن

العشاء الشراب . صلة فعل من أجش بصوت ، له وقال ، الخمر رائحة فمه من تفوح كان الساره يحب أنه ، الجواري ( والسهر الرجل ) إحدى وجه في الدنيا اسودت ، يتزوجها أن ويريد

أنه ، مصلته على وهو ، له يقول ، فاسق ، سكران الوحيد ابنه ، صوابه الكلمة" - يحب " وفقد الرجولة وعدم والخمول البطالة معاني كل البلد في الباء عقول في تثير أن - التي يريد وأنه

العين فارغة ماجنة جارية والموت ... يتزوج الحياة بين وهو الب الولد . قام أن الب وحلف قال - الفاسق منه - هكذا براء وأنه ابنه ليس وأنه ، بيته سقف تحت واحدة ليلة يبيت قضى. ل

اختفى الصباح وفي ، خاله بيت في ليلته الدين رجل . سيف مثل حياته بقية الصائغ البدوي وعاش عاهة ابنه . به أن يقول كان ، بالسل المرضى كوجوه معروق ووجهه ، قلبه في يحز اللم كان

بالفعل مات كأنه يذكره ، ابنه وذكر لسانه خانه إذا أحيانا وكان ، . مات

بتهمة الخرطوم في سجن أنه كيف ، الدين سيف عن مريعة أخبار البلد على تترى وكانتالفعلي القاتل وجدوا أنهم لول يشنق وكاد سودان بور في رجل بقتل مرة اتهم أنه وكيف السرقة

يعيش أنه وكيف النهاية فيها " صائعا " في يحل مدينة كل في العاهرات مع فاسقا .سفيها الميناء في ظهره على القطن بالت يحمل حمال يعمل أنه مرة يعمل . يقولون أنه يقولون ومرة

وحاول ، طوكر في القطن يزرع أنه يقولون وأحيانا والبيض الفاشر بين شاحنة لسيارة سواقاوبناته لزوجته كلها ثروته فيها يترك وصية يكتب بأن أبيه إقناع وأخواله الرجال . أعمامه كل

سيفعل بأنه ويتعلل دائما يتهرب كان الب لكن الرأي هذا صواب على أيضا منوا أ البلد في العقلءوصية كتابة إلى به حاجة ل قويا زال ما وأنه ، أجله يدنو حين في . ذلك كانوا العقلء الرجال لكن

صوابه إلى سيعود ابنه أن يأمل زال ما البدوي أن ويقولون ، حسرة رؤوسهم يهزون .مجالسهم ما الحاسمة : شيء الخطوة اتخاذ من الرجل منع ، البلد أهل يفهمه الميراث : لم من ابنه حرمان

.

التراويح صلى أن بعد مصلته على البدوي مات ، رمضان شهر ليالي من ليلة كان. وفي الطيبين الرجال كل ميتة فمات طيبا الثلث : رجل وهو ، منه الخير الثلث في ، رمضان شهر في

وقالوا رؤوسهم البلد أهل وهز ، التراويح صلى أن بعد ، مصلته على ، بركة ا " الكثر يرحم طيبا . البدوي رجل ذاك . كان الفاسق ابنه من خيرا أبناء يستاهل يوم " . كان ما . وذات والناس

على البكاء ( زالوا إقامة ) فراش من لتوهم فرغوا الدين ) الصدقة ( وقد سيف عليهم .دخل متاع معه يكن ولم ، السودان شرق في يستعمل الذي النوع من غليظة عصا يده في يحمل كان

الطلق عاد . على رجل وجه ووجهه متسخة كثة ولحيته ، سيال شجيرة كأنه منفوشا شعره كان

Page 21: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

، وجهه على وبصق قام الكبر عمه لكن ، العيون كل وتجنبته ، أحد على يسلم لم ، الجحيم منعلى الحريم وسط وهي البيت من الخر الجناح في أمه إلى بقدومه النبأ وصل فراش( ولما

لتوه ) البكاء مات زوجها كأن جديد من وخالته . وولولت وعماته ، الدين سيف أخوات وولولت وماج البيت في الحريم جناح فسكتن . وفار وانتهرهن إليهن قام العم أن إل .

أعماله عمله استطاع ما كل ، أبيه أموال على يده يضع أن الدين سيف يمنع لم هذا كل

يده في الثروة لب وبقي ، وأخواته أمه نصيب خلصوا أنهم العذاب . وأخواله حياة تبدأ أيضا هنا الزين صديق العرج - لموسى البلد - موسى أهل يسميه لم . كما أنه بحجة الدين سيف طرده

رقيقا عنه . يعد مسؤول ليس مستهترة . وأنه حياة هذا بعد الدين سيف في . وعاش زاد يده في المال توفر ، . استهتارها الغرب في ومرة الشرق في ومرة ، متواصل سفر في كان

أرضا لبيع إل البلد يجيء ول ، أسمرا في وشهرا القاهرة في وشهرا الخرطوم في شهرا يقضييجافي كما يجافونه ، حياتهم في البلد أهل يعرفه لم الناس من نوعا كان ، ثمر من يتخلص أو

بالجذام إليه . المريض الناس أقرب فسدوا . حتى ، بيوتهم في يأمنونه يكونوا لم وأخواله أعمامه للبلد المتقطعة زياراته إحدى وفي ، ببناتهم يفسق أو أبناءهم يفسد أن مخافة وجهه في الباب

أخته عرس مأتما - وجد يحضر بطبعه هو يكن ولم لفراحهم حضوره يتجنبون كانوا أهله .فإن مأساة إلى بسببه ينقلب العرس ذلك الزين . وكاد حادثة ل مرحه . أو في كعادته الزين جاء

له يأبه أحد يكن ولم وكادت . وهذره رأسه على بفاس فضربه ذلك يعجبه لم الدين سيف لكن بالسجن تنتهي يستحق . المسألة ل الدين سيف أن قالوا الذين البلد أهل من العقلء تدخل لول

المحاكم في عليه ينفقونه الذي تشاجر : ثانيا . الوقت لنه لحظة آخر في رأيه يغير العريس كاد ، العريس أبو فيهم بما ، البلد أهل من العقلء تجمع أخرى ومرة العروس أخي الدين سيف مع

رده يستطيعون ل شر العرس حضوره وأن ، منهم ليس الدين سيف إن في: ثالثا . وقالوا أحد يرهم لم الذين الغرباء الناس من عشرات الدار على انهمر الزواج حفل في الخير السبوع

قبل أحد . من يدري ل حيث من جاؤوا وسفهاء ، وصعاليك النظرات زائغو ورجال ماجنات .نساء أخته زواج لحفل دعاهم الدين سيف أصدقاء بعمل . كلهم القيام من بدا البلد أهل يجد لم .وهنا

إسماعيل أحمد يتقدمهم البلد رجال من بصف إذا جلساتهم في الضيوف هؤلء يستقر أن .قبل وأخواله الدين سيف وأعمام ، الريس ود فحمد ، الرواسي فالطاهر الحفيظ عبد ثم ، محجوب ثم

ضربا وأشبعوهم عليهم البواب أغلقوا ، وفؤوس غليظة عصي أيديهم في رجل ثلثين من نحو ، الدين . سيف منهم ضربوا من الطريق . وأكثر في بهم ألقوا من . ثم تضج بأسرها البلد وبينما

بعد فجأة به إذا ، الدين سيف اسمه الذي البلء الحنين ( ذلك جديد ) حادث من ولد كأنه يتغير .

بجديد يأتي يوم كل أخذ الدين سيف ولكن ، المر بادئ عيونهم الناس يصدق سمعوا. لم

Page 22: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

يديها بين طويل وبكى رأسها وقبل أمه إلى صباحه من ذهب أنه يستجمعون . أول كادوا وما أمامهم واستغفر تاب وأنه وأخواله أعمامه جمع أنه سمعوا حتى لتوبته . أنفاسهم تأكيدا وأنه

تماما صالحا هو يصير حتى عليها وصيا الكبر عمه وجعل ، ذمته من أبيه ثروة من تبقى ما أخرجمسؤوليته الدين . لمباشرة سيف لعجبهم رأوا حتى ، ذلك على آذانهم يعودون البلد أهل كاد

الذين ويقول ، الثياب ونظيف ، الشارب مهذب ، اللحية حليق كان ، الجمعة لصلة المسجد يدخلبالبكاء طويل أجهش ، بالوالدين البر موضوعها وكان ، المام خطبة سمع لما أنه الصلة حضروا

فوره من ذهب ، المسجد من خرج ولما ، خاطره يطيبون الناس حوله وتجمهر ، عليه أغمي حتىأبوه بره كما سيبره أنه له وقال صفحة وطلب حقه في أخطأ أنه له وقال العرج موسى .إلى

عزوفه الدين سيف به قام جديد عمل من يوم كل تلهث وهي شهر قرابة أو شهرا البلد وعاشتمن فسد ما إصلح إلى انصرافه الصلة على مواظبته ، السوء أصدقاء عن ابتعاده ، الخمر عن

بأمه بره أبيه عمه . تجارة لبنت وكان . خطوبته ، العام ذلك الحج فريضة تأدية على عزمه وأخيرا سمع كلما ، الدين سيف في تجلت كما ، الحنين بمعجزة إيمانا الناس أكثر من وكان ، الحفيظ عبد

محجوب إلى به يسرع جديدا خالص . نبأ بوجه منهم والنساك الدين لهل بجفائه معروفا (وكان ثلثة اثنين في ما ، زول يا القلق ) معجزة بذلك جوفه في يحس وهو محجوب ويصمت ،

الحالت هذه إزاء يساوره الذي ؟ ( الغامض زول يا بالله تصدق الحج على عزم الدين سيف شك أدنى دون زول يا معجزة ؟ تآمن ما وأل بدأت ) تآمن لما الحفيظ لعبد يقول محجوب كان

قوله على أو ، السفاهة من شبع الدين سيف أن حدها ( القصة السفاهة بد ) وصل ل وكان ، على حتى قادرا يعد لم مذهل جديدا شيئا يوم كل يسمع وهو لكنه ، اليام من يوم في يتغير أن

بالصمت فلذ ، . الجدال

العام ذلك في البلد على تواردت غريبة لشياء بداية الدين سيف معجزة يعد . كانت ولم أن كله ذلك مرد أن المعجزة تلو المعجزة يرون وهم ، محجوب حتى ، أحد ذهن في شك ثمة

ليلة ذات سعيد متجر أمام الثمانية الرجال لولئك قال البركة : ( الحنين يجعل ربنا فيكم يبارك ربنا أولياء ) فيكم من خاصة ، الدعاء فيه يستجاب وقت وهو ، بقليل العشاء صلة قبيل الوقت كان

بجريد تلعب منعشة خفيفة ريح من إل ، ساكنة هادئة البلد كانت الحنين أمثال الصالحين اجميعا , النخيل ، . إنهم وحقولهم بيوتهم في الناس وبقية الحادث شهدوا الذين الثمانية الرجال

أركان على يريض الكثيف المخملي الظلم وكان البارحة ليلة كانت كأنها بوضوح الليلة تلك يذكرونالكبير المصباح من الساطع والضوء ، البيوت نوافذ من تسربت خافته مصابيح أضواء عدا ، البلد

سعيد متجر الخريف . في إلى الصيف من ، الفصول تحول وقت الوقت صاحب . كان سعيد يذكر سكرا يزن وهو العرق من الوجه رطب يكن لم وأنه كسابقتها قائظة تكن لم الليلة أن الدكان

لما وأنه ، الدين الوقعة ( لسيف بين ) وقعت ليحول دكانه من وخرج ميزانه وترك ، يسميها كما

Page 23: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

وجهه على هب باردا نسيما أن يذكر ، الدين وسيف يسعدهم ! الزين لم الذين الناس ويذكر الليلة تلك في تل المام أن ، المسجد في العشاء لصلة يتهيأون كانوا لنهم الحادث بحضور الحظ

رجل وهو ، نعمة ووالد الزين عم ، إبراهيم وحاج ، مريم سورة من جزءا بهم صلى حين ، رطبا عليك تساقط النخلة بجذع إليك وهزي الية قرأ المام أن تماما يذكر ، بالصدق له مشهود

نجما بأن ، المبالغة إلى والجنوح الخيال بسعة البلد في مشهور وهو ، الريس ود حمد ويصف جنياذنب له نجما يذكر ل غيره أحدا لكن ، المقابر فوق الغربي الفق في الليلة تلك سطح ذنب له

على قال ، الصالح الرجل ذلك ، الحنين أن في شك ل ، حال أي على ، الليلة تلك في سطحبقليل العشاء صلة قبيل ، والخريف الصيف بين المباركة الليلة تلك في ، رجال ثمانية من :مسمع

فيكم ( البركة يجعل ربنا فيكم يبارك واحدا ) ربنا بصوت قالت السماء في خارقة قوي : (وكأنما . ( آمين

معجزة تلو معجزة الخوارق توالت ذلك باللب . بعد يأخذ حياتها . بشكل في البلد تر لم

مثل مباركا رخيا الحنين ( عاما ارتفعت ) عام القطن أسعار أن صحيح يسمونه أخذوا عام بعد بزراعته لهم سمحت التاريخ في مرة لول الحكومة وإن العام ذلك في النظير منقطع ارتفاعا

القطر في معينة مناطق على وقفا ذلك كان من ( أن أكثر ربح منه وباعتراف ، وحده محجوب قطنه من جنيه بنت ) ألف ، يعلمونه ل خفي لسبب أو سبب ما لغير الحكومة أن أيضا وصحيح ،

، ويشربون يأكلون والجنود ، بلدهم من ميلين بعد على الصحراء في للجيش كبيرا معسكراارتفعت التمر أسعار حتى للجيش واللبن والفواكه واللحوم الخضروات توريد من البلد فانتعشت

في يشبهونه الذي المخلوق هذا الحكومة أن أيضا وصحيح ، العام ذلك في نظير له ليس ارتفاعابلدتهم في تبني أن أيضا ظاهر سبب ما لغير قررت ، الحرون بالحمار سائر - نوادرهم دون

يتحدث صوت ول نفوذ ول ، طول ول لهم حول ل قوم وهم القطر من الشممالي الجزء بلدانالحكام محافل في كبيرا - باسمهم مستشفى واحدة دفعة ، بلدهم في تبني أن الحكومة قررت

، البلد على الفائدة عادت أخرى ومرة للزراعة ومدرسة ثانوية ومدرسة ، مريض لخمسمائة يتسعإبناءهم وإن العلج سيضمنون مرضاهم بأن ناهيك الغذاء وتوريد البناء ومواد العاملة اليدي في

هذا الحكومة بأن تفسر فكيف ، تكفي ل الدلة هذه كل كانت وإذا ، التعليم من حقهم (سينالون الحرون أكثر ) الحمار الحنين وفاة على يمض ولم ذاته العام في أيضا قررت ، اعتقادهم في

تشرف كبير زراعي مشروع في كلها أراضيهم تنظم أن شهرين من

بالمساحين تعج فجأة بلدهم وجدوا ؟ وسلطان قوة من لها بما نفسها الحكومة عليهفي يوم إل هو فما تنفيذه على قادرة فإنها أمر على عزمت إذا والحكومة والمفتشين والمهندسين

الحمر الطوب من شامخ بناء بلدهم في النيل ضفة على قام حتى ، شهر يعقبه وشهر يوم أثرإذا الحديد وقرقعة العاملين لغط بين ، بقليل ذلك وبعد ، النيل على ظلله يلقي المعبد مثل

Page 24: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

في ، الشاي الرجل يشفط كما ، النيل ماء من تشفط بمصاصاته وإذا ، تدور المارد ذلك بعجلتعلى بالرض وإذا ، اليام عشرات في سواقيهم من عشرات عليها تقوي ل كميات ، البصر لمحأقدم منذ الماء تر لم أراض بعضها الماء يغمرها الصحراء طرف إلى النيل ضفة من اتساعها

، . السنين لمحجوب يقول فهو ، السر يعلم الحفيظ عبد ؟ هذا تفسر كيف ، بالحياة تموج بها وإذا فكأنه صفوفه فتثني بالقمح تلعب والريح حقله هو الذي الواسع الحقل عينيه بين يجمع وهو

الهواء في شعرها تجفف رشيقة زول ( حوريات يا شك . معجزة أدني في ما ) .

السادس الفصل

خلسة جلس ، الزين عرس بخبر الناظر حدث أن بعد مقعده في خلسة الطريفي جلسسمت من شيء وطبعه سمته في كان فقد ، لحظة أية في للهروب يتهيأ كأنه مؤخرته طرف على

وطبعه اليمين . الضبع من جاره أذن في وهمس ، الماكرتين بعينيه حوله الليلة : ( ونظر نجينا الحصة يتم ما الناظر أشارطك ، الجغرافيا فاتر ) . من صوت في الناظر أعلن الطريفي تنبأ وكما

عاجل لمر خارج أنه مكترث كندا : ( غير في القمح زراعة منطقة بتاع الدرس وخرج ) راجعوا ، ، المدرسة فناء باب وصل حتى يهرول أل يحاول وهو ، الطريفي وراقبه ، متوترة خطوات في

وجهه على مكبا ويهرول ، يده في عباءته بذيل يمسك الناظر رأى حين بخبث الطريفي وضحكالرمل . في

أن إذ ، الحلق جاف ، النفس لهث ، السوق في علي شيخ دكان إلى الناظر ووصلقد والناظر ، القدم فيه تغوص رمل وبينه وبينها السوق من القرب كل قريبة تكن لم المدرسة

المفضل مقره السوق في علي شيخ دكان كان ، الخمسين أيضا . جاوز الصمد عبد رأي لما سر بدونه الطاولة لعب أو المجلس له يطيب ل ، مريرة صداقة وبينه بينه كانت وبين . فقد بينه وكان

صبرا يطق لم لكنه أمتار عشرة مقدار عليهما . المتجر مقبل وهو يتحدث حاج : ( فبدأ ، علي شيخ ؟ دا أيه كلم دا العجايب سنة دي السنة ، الصمد على ) عبد فأجلسوه ، عندهم الجملة وأوصلته

جانبيه على متكآت وله مسند عليه وجبال خشب من وطيء مقعد ، المفضل : مقعدهأمسك ، والجنزبيل والحبهان القرفة رائحة منها تفوح ، ساخنة تزال ما القهوة وكانت

وقال رده أن يلبث لم لكنه ، فمه إلى وقربه ؟ : ( بالفنجان صحيح دا الخبر ) . للناظر وقال الصمد عبد تبرد : ( وضحك قبل القهوة أشرب صحيح . كدى الكلم ) .

في اليسر الجانب إلى اليمن الجانب من الممضوغ التبغ يحرك وهو علي الشيخ وقال

Page 25: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

كمان ( فمه صحيح وأبوه صحيح ؟ موكدي الزين عرس حكاية ) . وأشعل أمامه صغيرة منضدة على وضعه ثم ، الفنجان من كبيرة شفطة الناظر وشفط

عميقا نفسا منها شد سيجارة ؟ ( لنفسه غلطان أنا وأل ، جدا غريبة سنة دي رجل يكن ) يا لم عبارة يستعمل يقول ) شخص ( أي ) زول ( الناظر كان بل ، البلد أهل بداية ) رجل ( كبقية في

. جملةالصمد عبد من : ( وقال القنعن النسوان فعل عجيبة سنة ، الناظر جناب صحيح كلمك

والثلثة الثنين جابت والغنم البقر ، ولدن التي ) . الولدة المعجزات تعداد علي حاج وواصل العام ذلك نزل : ( حدثت الثلج فيها النشيلة الشولت من غلبنا من ل كثير النخيل كلم . تمر !دا

جميعا حيرهم شيئا العام ذلك في أن . الثلج الجغرافيا علم في باعه طول مع الناظر يستطع ولم الناظر وقال ، تعليل له الزين : ( يجد زواج موضوع الكبرى المعجزة ، ) -لكين عادته كانت هذه

حديثه في الفصحى الكلمات . يزجعلي شيخ يصدق : ( وقال يكاد ما بكلماته ) الواحد الصمد وعبد هو يعديه الناظر كان

مجاراته فيحاولن ، . الفصحىالصمد عبد البلد : ( وقال في بت أحسن تعرس باكر له قال ، البحر وقع ما الحنين كلم

) . الناظر وا : ( وقال نعم جمال . أي أي ، إطلقا البلد في بنت أدب ! أحسن حشمة! أي

!). مستفزا الصمد عبد فلوس : ( وقال أبوها ! أي مال عشان عليها عينك خات كت عارفك أنا

نفسه ) عن التهمة يرد وهو الناظر بناتي : ( واحتد عمر في هذه رجل يا ا خاف أنا ).

عنه يسري علي شيخ العمر : ( وقال أرزل في حتى راجل الراجل ؟ شيخ يا ايه بناتك عمر الستين في جنابك زي كان ولو راجل أي من للزواج قابلة أربعتاشر سن من والبنت ،).

شك ) قطع الصمد عبد ومن منك أصغر ، الخمسين في أنا ، رجل يا ا . ( خافوقال صدره جوف من المشهور قهقته الصمد عبد ، : ( وقهقهة العمر موضوع بلش طيب

؟ الزين عرس حكاية في رأيك ( أيهالناظر مدهش : وقال موضوع دا رجل درويش . يا رجل الزين ؟ يقبل إبراهيم حاج ازي

؟ الزواج ومال . ( مالهأيضا علي شيخ عليه : ( وأضاف ا البلد . رحمة في الخير لنا الصمد ) . جاب عبد :وقال

الزين ( خاطر عشان وكله ) . الناظر برضه : ( وقال لكن ؟ الكرامات موضوع في دخلنا ما رجل يا ... )

علي شيخ مره : ( وقاطعه والمره راجل الراجل ، يكون مهما ) . الصمد عبد حال : ( وأضاف كل على عمه بت والبت ) .

Page 26: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

كلمهما على به يرد ما يجد لم فإنه ، الناظر القل - صمت على الشكلية الناحية :من ، عندهم قديم تقليد أنه ، البلد أهل عرف في حجة بعدها ليس حجة العم لبن العم بنت فكون

النوع وحفظ البقاء غريزة ، نفسها الحياة غريزة قدم آمنة . في مثل كان نفسه قرارة في .لكنه بارتياح برهة وأحس ، له موجهة شخصية بلطمة فاتح : يحس بأنه يعلمان ل الصمد وعبد علي أن

السليطين لسانيهما من ينجو أن استطاع لما إذا علما لو نعمة أمر في إبراهيم نفسه . حاج وسأل بناته سن في صغيرة فتاة ؟ يدها طلب لماذا ، علي شيخ قهوة من الخامس الفنجان يشرب وهو

تماما . يدري ل أبيض . أنه ثوبا ترتدي ، الدار من خارجه يوم ذات رآها لوجه . لكنه وجها .صادفها رزين هادئ بصوت سلمة فردت مرتعش بصوت عليها سلم جمالها له . راعه نعمة : ( قال أنت

؟ إبراهيم حاج وجل ) بنت أو تردد دون آخر ) نعم : ( فقالت سؤال عن ذهنه في بحث وبسرعة خيرا يجد فلم تذهب أن قبل به ؟ : ( يستبطئها حاله كيف أحمد أخاها ) - أخوك هذا كان

تلميذه من كان الذي وجهه . الصغر قبالة الجريء ووجهها له ذهبت ) طيب : ( فقالت ...ثم ذهنه تفارق ل وصورتها ليالي ذلك بعد الناظر دفينا . وعاش إحساسا قلبه في أيقظت لم. لعلها

عاما عشرين منذ إليه . يذكره فذهب بأبيها ألمت خفيفة وعكة فانتهز الصبر على يقو لم وأخيرا عيادته المدرسة . بحجة وحال القمح أسعار عن سطحي حديث وبعد ، حظه لحسن وحده وجده

أول شيئا إبراهيم حاج يفهم لم ، أبيها من نعمة يد طلب وبسرعة ، الموضوع في الناظر دخل ، أول له قال نفسه في حزنا جملتين أو جملة في الناظر فاستوضح تغابى لعله أو ، داير: ( المر

؟ منو لي العجرفة ) نعمة من بشيء الناظر طبعا : ( فقال أنا ؟ منو إبراهيم ) . لي حاج وكأنما له قال حين قلبه في أكثر ليثبته مقبضه على ضغط ثم خنجرا ؟ : ( غرس أنت خلصة) ليك

فادحا خطأ كانت زيارته أن طويلة . القول خطبة فألقى الوقع عنه يخفف أن إبراهيم حاج وحاول وو له صهر خير وأنه بطلبه الناظر عليه أسبغه الذي الشرف لكن ... عن ، المهم هو وهذا ، لكن

أخوانها أن ثم ، ضميره يرضي ل بهذا فهو ، يقبل أن يستطيع ل يجعله البنت وسن سنة بين الفرقدار مما شيئا يذكر إل إبراهيم حاج فاستحلف ، الضرر ملفاة الناظر حاول وأخيرا ، سيعترضون

يكن لم كأن المر يعتبر وأن ، لمخلوق دا . ( بينهما محله في وندفنه حفرة نحفر ).

ظنه حسن عند إبراهيم حاج اقتناعه . وكان من الرغم على ، نفسه قراره في الناظر لكن دون للزين ستزف بأنها سمع ولما ، حلقه في المر الطعم من يتخلص أن يستطع لم ، بخطئة

يقول الصمد عبد سمع حين قليل الناظر وذعر ، قلبه في أكثر ينغرس الخنجر ، أحس الناس سائرتعرس : ( له عاوز كنت إذا ، أبدا تزعل ما والراجلها . جنابك المطلقة ، عزبات نسوان مليانة البلد

باليمين علي نسوان أجمل . ( مات

فعل الناظر ثار الصمد . وهنا عبد على كله الداخلي حنقه ؟ : ( انصب مجنون أنت رجل يا صحيح اونطة راجل أنت ما ؟ والهزار الجد بين تفرق تعرف ما . ( ! أنت

Page 27: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

، الفرص هذه يتصيد أنه ، الناظر استثارة في نجح فقد ، عميقة بلذة الصمد عبد وقهقهة

الثيبات النساء ذكر الموضوع في آلمه الذي اشتعال ! لعل النار يزيد علي شيخ يعني: ( وقال أولده أم فوق يتزوج يحب لما الناظر عبد . جناب حاج يا فعل أما ؟ سكندهاند نسوان يتزوج

صحيح اونطة راجل أنت . ( الصمد

بكلمة الصمد عبد المرة ) سكندهاند ( وتمسك هذه علي بها آشيخ : ( يغيظ شنو قت عجايب وا ؟ دهان سكن ؟ الفرنجي ! علي يتكلم الشايب ود علي وشفنا عشنا ) .

شيخ شخص إلى شخصه عن الهجوم تحويل المستطاع قدر محاول بإفراط الناظر وضحك

الصمد عبد هجوم فتجاهل الناظر وحركات الصمد عبد بنزوات عليما كان علي شيخ لكن ، عليالزين زواج موضوع إلى بالحديث قاسي : ( وعاد مو العرس قلنا ما زي راجل . المهم والراجل

الدر شجرة كانت وأن مره والمره رياله بي كان . ( وأن

الدر شجرة اسم علي شيخ عرف كيف سره في الناظر حسنا . تعجب موقعا السم ووقع جهله يفضح أن مخافة السؤال من تحرج لكنه به جاهل وكان الصمد عبد أذن شيخ . على ومضى

الذكاء بارعات نساء تزوجوا ذلك ومع يذكر شأن لهم يكن لم الذين الرجال أسماء لهما يعدد عليالحسن الزمن . مفرطات من قليلة غير مدة خصميه اهتمام على وهو . استحوذ السعادة وغمرته

وجهيهما على يبدوان والعجاب الدهشة قصره . يرى على عزة أحبته الذي كثير بقصة ذكرهما هيئته لهم . وبشاعة فقالت قميئا جلفا رجل تزوجت كيف سألوها التي العرابية لو ( وقصة وا

قالته ) إلخ .. ما سمعا حين الضحك من ظهريهما على يستلقيان الصمد وعبد الناظر وكاد يدعى . العرابية درويش رجل صلب من جميعا انحدروا الذين البراهيمات قبيلة إلى أشار ثم

أنه وكيف ، جبة أبو فقاطعه .. إبراهيم ، علي شيخ لسان بطلوة ذرعا ضاق الصمد عبد لكن قائل الحدة من البوم : ( بشيء سعيد عند ؟ البراهيمات وقبيلة عزة كثير لي ليه بعيد رايح ..أنت

؟ عرسه حكاية طاري لعله ) ماك أم ، خاصة مدة البوم سعيد وبين بينه كان فقد ، الناظر ابتسم في ويخدم الوقود حطب يبيع سعيد وكان ؟ لبيته والماء الحطب جلب في سعيد يستغل كان

ذلك بعد وتباهى ، واستشاره الناظر إلى جاء الزواج أراد ولما ، الناظر عند ماله ويدخر ، البيوتزواجه عقد شهد قدره جللة في الناظر وأنه . أن ، سعيد زواج قصة يعرف البلد في أحد كل

عن سألوه إذا يقول سعيد وكان وتطلقه تيأس وكادت يمسها ل الحلول من قريبا زوجته مع عاشإبطائه بالمهلة : (سبب وبنات ) . التررن أولد أولدها حال أي على بعد فيما لكنه .

، قلبه في يتحرك بالخنجر أحس أخرى ومرة ، نعمة وجه خياله في الناظر لمح وفجأة

Page 28: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

الصمد عبد وحاج علي شيخ عليه قصها التي القصص كل يسمع لم وكأنه تتزوج : ( فقال لكين عجايب وا ؟ رجل يا كلم اسمه دا ؟ ( ! الزين

العام ذلك القرية شهدتها التي العجيبة بالحوداث أيضا المسجد أمام ملحاحا . تأثر رجل كان البلد أهل رأي في ، الكلم كثير الذي . متزمتا بينهم الوحيد كان لنه ، يحتقرونه دخيلتهم في كانوا

واضحا عمل يعمل زعمهم - ل يعيش . في كان ولكنه بها يهتم تجارة ول يزرعه حقل له يكن لم وكان ، خاطر طيب غير عن الناس يدفعها ، مفروضة ضريبة بيت كل في له الصبيان تعليم من

ينسوها أن أحيانا لهم يحلو بأمور أذهانهم في على : يرتبط فعلق والصلة والخرة الموت بالهم على خطر اسمه ذكر إذا ، العنكبوت نسيج مثل كئيب قديم شيء أذهانهم في شخصهوضوء من بذلك يرتبط وما ، الشتاء عز في الفجر صلة تذكروا أو ، لديهم عزيز موت تلقائيا

الفجر غبش في وسير الصقيع لفح إلى الدافئ الفراش من وخروج ، الرجلين يشقق البارد بالماءالمسجد الصلة . إلى إلى بالفعل يذهب منهم الواحد كان إذا ، . هذا محجوب مثل كان إذا أما

النفر من ، الريس ود وحمد ، الرواسي والطاهر ، إسماعيل وأحمد ، الحفيظ "العصاة " وعبد الذي الحساس نوع من ، القلق يثير غامض بإحساس صباح كل يحس فإنه ، يصلون ل الذين

إمام عن سألته إذا محجوب لك ويقول ، جاره امرأة إلى خلسة نظر إذا منهم الواحد يحسهأنه صعب " المسجد يدي . راجل ول يأخذ لم " ل أنه ذلك معنى

أحاديثهم في معهم يخوض أو يسايرهم زراعه - يكن أوان ، يعنيهم كما ، يعنيه يكن لم حصاده أو وقطعه وسماده ريه وسبل عبد . القمح حقل في الذرة موسم هل يهمه يكن لم

في الفول أردب سعر كم ؟ صغر أم كبر الريس ود حقل في البطيخ وهل ، فسد أم نجح الحفيظبطبعه منه ينفر أمور تلك كانت ؟ النخل لقاح تأخر لماذا ؟ البصل سعر هبط هل ؟ السوق

بها جهله بسبب البلد . ويحتقرها من القليلون إل لها يأبه ل بأمور يهتم هو كان ، أخرى ناحية ومن الروس . هل ؟ ل أم الحرب ستقوم هل يناقش أن ويحب والصحف الذاعة من الخبار يتتبع كان

، الحياة بجزئيات مشغولين البلد أهل وكان ؟ تيتو قال وماذا نهرو قال ماذا ؟ المريكان أم أقوىعمومياتها تعنيهم يعترفون . ل كانوا فقد ، يحبوه لم إن لكنهم وبينهم بينه الهوة نشأت وهكذا

إليه منهم . بحاجتهم الواحد يقول ، الزهر في سنوات عشر قضى فقد ، بعلمه مثل : "يعترفون شغلة عنده ما يضيف " . المام كلم : " ثم فصيح لسانه الحق في " لكن ظهورهم يلهب كان

منهم . خطبه لنفسه ينتقم ، . وكأنه والنار والجنة ، والعقاب الحساب عن فصيح متدفق بكلم كالسم حلوقهم في ينزل كلم ، إليه والتوبة ا صلة . ومعصية بعد المسجد من الرجل يخرج

نخل من فيه بما حقله إلى ينظر توقف قد الحياة سير كأن وهلة ويحس العينين زائغ الجمعةنفسه في غبطة بأي يحس فل ، وشجر التي . وزرع الحياة وأن ، زائل عرض جميعا أنها يحس

آخر عالم إلى جسر إل هي ما ، وحزن فرح من فيها بما ماذا . يحياها نفسه يسأل برهة ويقف فكره تشغل أن تلبث ما الحياة جزئيات لكن ؟ الخر العالم لذلك كان : أعد مما أسرع وسريعا

Page 29: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

الطبيعية أوضاعها الشياء وتأخذ ، البعيد الخر العالم صورة تغيب حقله . يتوقع إلى وينظر وجوده مبررات يعطيه الذي القديم الفرح بذلك أخرى مرة يعودون . فيحس فأكثرهم ذلك ومع

الغامض الصراع نفس ليجربوا مرة كل في يخطب . إليه وهو واضح قوي صوته لن إليه يعودون وهو . المور ببواطن عليم حازم ، الموات على يصلي حين مهيب ، القرآن يرتل وهو رخيم عذب

الزواج بعقود يفقد . يقوم حين وقعها منهم الواحد يحس وترفع احتقار نظرة عينيه في وكانت المقبرة وسط الكبير الضريح مثل كان ، بنفسه . ثقته

المام إزاء المعالم واضحة معسكرات إلى منقسمة البلد ينادونه ( وكانت أبدا يكونوا لم

مؤسسة بل شخصا ليس أذهانهم في فكأنه ، العقلء ) . باسمه الكبار الرجال من أغلبه معسكر إبراهيم حاج كل . يتزعمه يحضرون كانوا هؤلء تحفظ يشوبه ود معاملة المام يعامل ، نعمة أبو

يقول ما يفهمون أنهم القل على وجوههم على ويبدو المسجد في الغداء . الصلوات إلى يدعونه بالتناوب يوما يدعوه منهم واحد كل الصلة بعد جمعة يوم الفطر . كل بصدقة إليه يدفعونه كانوا

أعطوه ، بناتهم أو أبنائهم أحد تزوج إذا الضحى عيد في الذبائح جلود ويعطونه ، رمضان عيد فيثوب أو رداء ومعه نقدا طه . حقه ود إبراهيم اسمه السبعين في رجل الفريق هذا عن ل. شذ

الثاني والفريق المام بوجود يعترف ول يزكي ول يصوم ول دون . يصلي الشبان من وأغلبه سافرا عداءا المسجد إمام يعادي المدارس . العشرين في تلميذ وعاد، . بعضهم سافر وبعضهم

تذكير صناعته برجل يحفل فل دمه في قويا حارا الحياة بفيض حال أي على يحس وبعضهمبالموت المغامرين . الناس فريق كان في - هذا بالواحة خفية ويلم سرا الخمر يشرب من منهم

الصحراء وفريق - . طرف ، الجدلية بالمادية سمعوا أو قرأوا الذين المتعلمين وفريق الشتاء عز في الفجر في الوضوء عليهم يصعب الذين الكسالى وفريق ، عجب . المتمردين ومن

، الشعر يقرض كان لكنه ، السبعين جاوز الذي الرجل ، طه ود إبراهيم كان الفئة هذه زعيم أنالرواسي والطاهر الحفيظ وعبد محجوب فريق وزنا المعسكرات أكثر كان وقد ، الثالث والفريق

وسعيد إسماعيل وأحمد الريس ود . وحمد

إسماعيل أحمد إل ، والربعين والخامسة والثلثين الخامسة بين ، العمار متقاربي كانوامنهم واحدا كان تفكيره وطريقة مسؤوليته بحكم لكنه العشرين في كان كانوا . فقد هؤلء

البلد في الفعلي النفوذ أصحاب من . الرجال أكبر الغالب في ، يزرعه حقل منهم واحد لكل كان فيها يخوض وتجارة ، الناس بقية وأولد . حقول زوجة منهم واحد لكل الذين . كان الرجال كانوا

بالبلد يحل جليل أمر كل في عليه . تلقاهم القائمون هم عرس يرتبونه . كل الذين هم مأتم كل ، . وينظمونه التربة يحفرون الذين هم المقبرة إلى حملة ويتناوبون بينهم فيما الميت يغسلون

قبره في الميت وينزلون الماء في . ويجلبون ذلك بعد تجدهم ثم ، التراب عليه (ويهيلون

Page 30: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

أنهم ) الفراش أو النيل فاض إذا ، المرة القهوة فناجين عليهم ويديرون ، المعزين يستقبلون أيديهم وفي ليل الحي على ويطوفون ، التروس ويقيمون ، المجاري يحفرون الذين فهم سيل

السيل أو الفيضان أحدثه الذي التلف ويحصرون ، الناس أحوال يتفقدون أن . المصابيح قيل إذا بنت يعنيهم ل ، يضربونها وأحيانا يكلمونها الذين فهم ، أحد إلى فاجرة نظرة نظرت بنتا أو امرأة

تكون حده . من عند يوقفونه الذين فهم المغيب حول الحي حول حام غريبا أن علموا إذا. إذا معقول وهذا ، فلن على كثير هذا ويقولون ، له يتصدون الذين فهم العوائد لجمع العمدة جاء

معقول غير الحكومة . وهذا رسل أحد بالبلد ألم لماما ( إذا إل يأتون ل الذين ) وهم فهم أن قبل ، الحساب يناقشونه الصباح وفي ، الخروف أو الشاة له ويذبحون ، ويضيفونه يستقبلونه

، زراعي ومشروع ، ومستشفى ، مدارس البلد في قامت وقد والن ، البلد أهل من أحدا يقابلالمتعهدون يحبهم . فهم ل المام كان شيء كل عن المسؤولة اللجنة وهم ، المشرفون وهم

كل آخر مرتبه له يدفعون كانوا الذين هم أنهم إذا ، قبضتهم في سجين أنه يعلم كان ولكنهأن يريد حاجة له من وكل ، بالبلد يحل حكومة موظف كل ، الحي أهل من يجمعونه ، شهر

معهم تفاهم إذا إل عمل له يتم أو مهمة له تنجح فل الفريق هذا يكتشف ما سرعان ، .يقضيها الشخصية نزعاتهم يظهرون ل ونفوذ سلطان صاحب ككل ، كانوا مجالسهم ( لكنهم في إل

سعيد متجر أمام ذمه ) الخاصة عن ألسنتهم فيحبسون منه بد ل شرا يعتبرونه كانوا مثل المام ، ويقومون ، استطاعوا والمجاملة " ما محجوب " بالواجب يقول ولكن . كما ، يصلون يكونوا لم

الغالب في العشاء أو الظهر إما ، الشهر في مرة الصلة يحضر كان القل على منهم واحدابه لهم طاقة ل حينئذ - فالفجر المام لعظة الستماع غير شيئا الواقع في الزيارة غرض ويكون

إصلح إلى يحتاج كان إذا المسجد بناء ويتفقدون مرتبه المام . يعطون

السابع الفصل

كان أنه بل ، محجوب شلة مع أوقاته أعظم يقضي كان ، بذاته قائما فريقا الزين وكانعن إبعاده على يحرصون كانوا عاقتهم على الملقاة الكبيرة المسؤوليات إحدى الواقع في

يشملونه ، أمه تعلم مما أكثر عنه يعلمون كانوا ، منها أخرجوه ورطة في وقع وإذا ، المشاكلبعيد من عيونهم وترعاه ويحبهم . بعنايتهم يحبونه وكانوا .

قادما قابله وإذا ، بفظاظة يعامله ، بذاته قائما معسكرا كان المام موضوع في الزين لكنمجرد كان ، الزين يكرهه الذي الوحيد الشخص كان المام ولعل ، الطريق له ترك بعيد من

لثارته يكفي مجلس في هيجان . وجوده وقار في المام ويتحمل مزاجه ويتعكر ويصرخ فيسب

Page 31: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

ولي الزين كون وإن شاذ شخص كأنه له بمعاملتهم أفسدوه الناس أن أحيانا ويقول ، الزينهو لعله ، يدري من لكن ، الناس كبقية عاديا لنشأ حسنة تربية ربي لو وأنه ، خرافة حديث صالحعند أثير الزين أن يعلم أحد فكل ، نظراته بإحدى الزين حدجه حين صدره في بقلب أحس الخر

نور من قبسا فيه أحس إذا إل أحدا يصادق ل وهو صالح ولي والحنين ، . الحنين

في يسير غير اختلطا اختلطت المور أن الحنين ( إل ، ) خيانة ( فإن ) عام الدين سيف فيه ) ( توبته ( أو أنت الذي المعسكر فريقا ) حسب وقوى فريقا أضعف الدين . ، سيف كان

قلوب في الرعب سرى العقلء التقياء معسكر إلى تحول فلما وزعيمها وفارسها الواحة بطلالقدامى وارثا . أصدقائه ناحية من الحيان . كان غالب في الشراب ثمن يدفع الذي هو .فكان

بعضهم وكان ، عنهم به مشغولة البلد كانت إذ ، مجونهم في وراءه يختفون مفيدا ستارا وكانوالتمرد النطلق لروح حقيقا رمزا فيه سيف . يرى أن ثم ، أرجلهم تحت الرض انهدت وفجأة

لهم خصم أخطر فأصبح ، بخباياهم معرفته استغل الدين . الدين بسيف المام ساعد .واشتد تخلو كانت ما ونادرا ، والشر للفساد رمزا نظره في وتقوم ، الشاغل شغلة دائما الواحة كانت

ذكرها من خطبه من خطب . خطبة زادت فقد ، الصواب جادة إلى الدين سيف عاد وقد والن الخير أن على مرة كل يضربه الذي المثل الدين سيف وأصبح ، قوة حملته وزادت ، قسوة المام

النهاية في الروحانيات . ينتصر عالم في الخفي الجانب يمثل وهو ، الحنين بأن المام يحفل (لم المام به يعترف ل جانب الدين ) وهو سيف توبة في المباشر السبب هو الوسط( معكسر . كان

( ، منه بد ل شرا بسواء سواء كالمام ، الواحة يعتبرون فهم ، كثيرا يتأثر لم محجوب جماعة ، الحياة سيرة على يؤثر ل ذلك دام ما ، يسكرون البلد شبان بعض أن إلى كثيرا يأبهون يكونوا ولم

، الحي أهل من رجل أو أنثى على تهجم سكرانا شابا أن سمعوا إذا إل يتدخلون ل ، الطبيعي ، الناس لبقية تأييدهم وفي ، المام أساليب عن تختلف التي ، الخاصة أساليبهم إلى يلجأون حينئذ

الخير لتغليب محاولة المام له ينظر كما عملهم إلى ينظرون يكونوا لم ، الواحة تهديم محاولة فيالشر فيها . على لهم حاجة ل ، عملية متاعب عن سيغنيهم الواحة زوال لن بل أن . ل المهم

، شخصيا إليه يتحدث وكأنه يتكلم ، خطبه في يذكره أصبح ، عظيما فرحا الدين بسيف فرح الماممعه داخل خارجا والمام . تراه الدين سيف يرى وهو مرة لمحجوب إسماعيل أحمد وقال

ذراع في ذراعا معا للمام : ( يمشيان الخدم من البدوي ود ) . إبراهيم الحاج بنت نعمة من الزين زواج أمر في رأي للمام . وكان

صمت في سعيد فأخذها الطاولة على نقد قطعة ووضع ، سعيد دكان محجوب ودخلمعدنية قطع الباقي ومعها محجوب يد في ووضعها ، بحاري سجاير علبة الرف من وانزل

وتمعن السماء إلى وجهه رفع ثم ثلثة أو نفسين منها شدة سيجارة محجوب أشعل ، صغيرةفتور وقال ، للزراعة تصلح ل رملية أرض قطعة كأنه ، إحساس دون طلعت : " عليها وقت. الثريا

Page 32: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

المريق بتفريغ " زراعة مشغول سعيد وظل

ليس ، الدكان قبالة وجلس محجوب تحرك ذلك بعد الرف على ووضعها صناديق من علبلسانه بطرف يمسهم المصباح ضوء حيث ، المفضل مكانهم الرمل على ولكن الكنبة فإذا. على

بحر في غرقى فكأنهم ، رؤوسهم على والظل الضوء تراقص أحيانا ضحكهم في ماجواعلى بظهره واستلقى ، كعادته رجلية يجرجر إسماعيل أحمد جاء ذلك بعد ، ويطفون يغطسون

وكانا ، الريس ود وحمد الحفيظ عبد جاء ثم ، شيئا يقول أن دون محجوب من قريبا الرملفي آخر شيء ذلك ضحكهما سر عن يسألهما لم وهذان ، صديقهما على يسلما لم يضحكان

الفئة محجوب . تلك وقال ، سؤال دون منهم كل ذهن في يدور ما ، ما بطريقة ، يعلمون كانوا الرض على بصق أن البوم : " بعد سعيد حكايات في لسع قد " أنتو إسماعيل أحمد كان ؟

الرمل يحدث وكأنه فقال بطنه على تطلقه " " انقلب عاوزه المره في " . لزم الحفيظ عبد وقال سعيد من تطلق أن تريد أنها تبكي وهي له وقالت الحقل في جاءته البوم سعيد زوجة أن ، مرح

امرأة . لها وقال الماضية الليلة في قاسيا كلما كلمها سعيد أن له قالت السبب عن سألها "ولما النساء " - جيفة كبقية تنزين ول تتعطر ل لنها وجهها . هكذا على صفعها ، الكلم قارعته ولما

لها الناظر : " وقال بنات من دروس اخدي ذلك " . امشي أثناء وصل قد الرواسي الطاهر وكان الرمل بقعة من النور يصله ل والذي المكان في هدوء في وقال . وجلس المسنوح: " ضحك

بناته من واحده له بيعرس للناظر قايل المرأة " . يمكن خاطر طيب أنه الحفيظ عبد وقال الظهيرة وقت إليهما غدا وفعل سعيد ليكلم سيجيئهم أنه لها وقال بيتها إلى تريث . ودورها لكنه

منشرحة هنيئة ضحكات ، وزوجته سعيد ضحكات داخله وسمع ، مغلقا وجده فقد ، الدار باب عندأذنها يعض وكأنه ، لزوجته يقول سعيد وسمع ابكي : " ، خيتي يا كلهم " . ابكي كل: وضحكوا

طريقته على منهم وصدره : واحد بطنه بين يزمجر بضحك يكركر إسماعيل ومحجوب. أحمد كالطفل يضحك الحفيظ وعبد ، بلسانه طقطقة ويحدث فمه في يضحك . يضحك الريس ود وحمد

وكان ، يضحك حين يديه بجماع رأسه يمسك الرواسي والطاهر رجلية وخاصة ، كله بجسمهمحجوب وقال ، الخشب في المنشار صوت تشبه التي الخشنة ضحكته فضحك ، دكانه في :سعيد

؟ " الحردا في قدر كيفن المسنوح " .

صمت فترات تتخلله منقطع حديث هكذا حديثهم في . واستمر ثغرات صمتهم يكن ولم مبتورة جملة أحدهم يقول ، له امتدادا كان ما بقدر فهم : " ... الحديث عنده الخر " ما :ويقول

قاضي " ... يعمل الخر " . الفاضي قلتول : " ... ويضيف اللجنة من طلعوه لكم قلنا " .زمان الخر ليه : " ... ويقول سنة آخر دي ا يتكلمون " . بإذن عمن عنهم الغريب يدري لكن. ول

بشكل وكأنهم ، تناسق في تتحرك عقولهم وكأن ، جهارا يفكرون وكأنهم يتحدثون ، شأنهم ذلكتثير حادثة أو جميلة عرضا أحدهم يذكر ثم ، هذا مثل رتيبا الحديث يمضي واحد كبير عقل بآخر أو

Page 33: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

، النار فيها أشعلت قش كومة فكأنهم الحياة فيهم تسرى وفجأة ، واحد وقت في جميعا خيالهمكان الذي ويقترب ركبتيه على ذراعيه الخر ويضم ، ظهره على راقدا كان الذي جالسا يستوي

إل بعيد حينئذ . جالسا بعض من بعضهم يقتربون ، دكانه من سعيد نحو . ويخرج يتحركون كأنهم ، المام إلى محجوب يميل جميعا إليه يسعون الذي الوسط في الشيء ذلك ، النقطة تلك

رقبته على بيديه الريس ود ويضغط ، الرمل في إسماعيل أحمد يدا اللحظة . وتنغرس هي هذه ، كلمهم في يحتدون وأحيانا ، بحر في غرقى وكأنهم ، والظلم النور بين ، فيها تلمحهم التيفي يتحدثون ، جملهم تتقاطع ، الصخر من قطع كأنما أفواههم من الكلمات تخرج ، يتشاجرون

لهذا ، الطبع غلظ أنهم عنهم الغريب يظن الحالت هذه مثل في ، أصواتهم ترتفع ، واحد آنصامتين يعتبرونهم البلد أهل بعض ، الناس فيها يراهم التي اللحظات حسب ، عنهم الراء تختلف

عند حديثهم يقف حين ، الحالت تلك إحدى في يصادفونهم لنهم ، الكلم و" أو " و " آ " قليلي أنهم " . نعم " و " ل " عنهم يقولون الناس أن " ضحاكون " وبعض صادف لنهم ، كالطفال

السوق إلى محجوب زامل أنه البصير موسى ويحلف ، غرتهم حالت إحدى في -وجدوهم بالحمار ساعتين واحدة - مسافة كلمة له يقل لنهم . فلم ، مجالسهم عن يبتعدون الناس كان

، توائم كأنهم كانوا ، غريب بينهم يكون أل يفضلون هم وكانوا ، الغريب إحساس يحسون حينئذبذاته قائما فردا منهم كل تجعل التي الختلفات تدرك مدة عاشرتهم إذا . ولكن

في بالخمر انتشى إذا يبالي يكن ولم المرح إلى أميلهم كان ، سنة بحكم إسماعيل أحمد

ل الذين للناس مجاملة أكثرهم كان الحفيظ وعبد العراس في رقصا أحسنهم وكان ، المناسكتفكير مثل الذي " العصابة " يفكرون هو كان ، الناس ويسميهم أنفسهم يسمون كانوا كما ،

السفر من عاد وفلنا ، أبوه مات وفلنا ، تزوج فلن ابن أن إلى الحياء ( ينبههم سكان من حيهم عن للمسجد ) البعيدة يذهب أحيانا وكان ، للتعزية أو للتهنئة الغالب في جماعة فيذهبون

إمساك إلى وأسرعهم الغضب إلى أقربهم الرواسي الطاهر وكان ، لهم يقول أل ويحاول للصلةأوقات في سكينة سحب أو ، ، " الزنقة " عصاه الحكام محاجبة في أحسنهم سعيد وكان ،

أطراف " . القانون " يسمونه من يجمعها الفضائح لخبار حساسة أذن ذا الريس ود حمد وكان البعيدة الحياء من ، مجالسهم . البلد في معينة أوقات في عليهم ويلقيها .

البلد في النسوان مشاكل لمعالجة الغالب في يندبونه أعمقهم . وكانوا محجوب وكان الرمل . وأنضجهم تحت المدفونة الصخرة مثل حفرك . كان في عمقت إذا بها وكانت. تصطدم

الحقيقة الزمات في تظهر يصير : صلبته المركب " حينئذ ينفذون " ريس وهم يأمر جاءهم. ، ومرتين مرة به اجتمعوا للمركز جديد مفتش معه . مرة وتناقشوا ، إليه فيما . تحدثوا قرروا ثم

صالح غير أنه أن . بينهم الناس لبعض المفتش قال فقد ، المور تأزمت شهر عصابة" وبعد البلد " محجوب في شيء كل على ولجان : تسيطر ، المستشفى لجنة في أعضاء فهم

Page 34: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

قال المفتش أن إليهم ووصل الزراعي المشروع لجنة وحدهم وهم ، في : " المدارس فيش ما ؟ دول الجماعة غير رجال للمر " البلد الرضوخ إلى أميل كانوا ، بينهم المر في تشاوروا لما

قال محجوب ولكن ، فيها هو التي اللجان عضوية من يستقيل أن عرض وبعضهم ، ما: " الواقع مكانه من يتحرك إنسان ؟ " في ذلك تم كيف نقل حتى آخر شهر غير المفتش يلبث لم ثم الخاصة أساليبه القصوى . لمحجوب الحالت في .

صوته بأعلى يشتم الزين سمعوا حين ، يضحكون الدكر : " كانوا الحمار ، الباطل "الراجل

عندهم . فوقهم . ووصل برهة العلى . فوقف نصفه كان خصره على ويداه ، منفرجتان ساقاه الرواسي الطاهر قال الطبيعي إحمرارهما من أكثر محمرتان عينيه أن ولحظوا الضوء في :كله

تغور " يا تقعد يا ؟ دمنا تشرب داير مالك فوقنا إسماعيل " . واقف أحمد الزين : " وقال لزم الليلة الحفيظ " . سكران عبد نفس : " وقال لك خد الريس " . اقعد ود حمد قالوا: " وقال

العمدة حوش في كت ؟ . الليلة داير شن تاني ، وعرسوها البث ؟ تكوس مشيث وأمسك" شن بغيظ فيها ينفخ وأخذ صامتا وجلس الحفيظ عبد من السيجاره الرواسي . الزين الطاهر ضحك

له مرمد : " وقال يا كيدي جرها . مو تشريها عارف ماك السيجارة ومتعلهم فنجري نفسك عامل كدي أي ، ورا فيها .. لي تمص كأنك منه " زي فلفث فمه إلى الدخان جذب في الزين ونجح

والخر الضوء نحو نجا بعضها ، دقيقة خيوط في ذابت ثم برهة ساكنه وقفت ، كبيرة غمامةرطل ونص الدكان يقصد القوز عرب من بدوي وجاء المظلم الجانب في الليل سواد مع اختلط

إسماعيل " . شاي أحمد والشاي : " وقال السكر في مودرنها قروشين كل ديل وهنا" . العرب بسعيد الزين باللبن : " صاح مضبوط شاي تعمل المره مضبوط . خلي من " . يكون نادى ثم

خلفه والدار المتجر بين يصل للزعيم : " شباك باللبن ثقيل شاي قوام الزين " اعملوا .وانتعش برمح ؟ : " فقال ل ول دي البلد في راجل راجل الطاهر " أنا له ليه " . " طبعا : " فقال طيب

؟ عرس بتاع راجل مش الزين له ويقول عمي لي ويروح الدكر محجوب " الحمار : "وقال افرنجي بقي ؟ . الداهي عرس بتاع راجل مش ؟ دي الفصاحة عرفت الريس " وين ود :وقال

منك " غاير رقبته . المام لي المره داير " .

الزين عم :" فقال بت له يشوف يروح ؟ ل ول عمي بت " .

بحزم محجوب له الجايي : " قال الخميس يوم ورقيص : العقد طرطشة فيش ما دا يعد فاضي ؟ . وكلم ل ول سمعت " .

الزين : سكتالرواسي الطاهر ؟ : " وسأله لك القال الزين " منو كلمتني " فقال نفسها هي " .

جسمه تشنج ، هذا سمع فلما ذراعيه على متكئا ، الرمل على رجليه ممدا محجوب كانجالسا واستوى ، قرصه أحدا ؟ : " كأن كلمتك بنفسها هي "

Page 35: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

بيتنا . اي " في بدري الصباح مي . جاتني قدام لي على : وقالت لك يعقدوا الخميس يوم سوا . نسكن ومره راجل نبقي أنت و سوا . أنا ونعيش " .

حماسته فرط من محجوب صوت حد . وارتفع له ليس إعجاب في باليمين . " وقال على طلق العين تمل أخت . مره ليها ما محجوب " . بت له فقال الشاي يحمل سعيد : "وجاء

بنفسها كلمته مشت البت ؟ دا الكلم سعيد " . سمعت يستر : " فقال ربنا قوي رأسها عنيدة "بت يمينا يتلفت هو وقال مرات عدة يده براحة فخذه ضرب محجوب ولكن برهة الباقون صمت

وانفعال بحماسة يلخبطه : " وشمال ما العجين فوق تمشيه بتا له يعرس ماش الزين يمين " .

من الكوب وضع وفجأة زئير له مصا الشاي يمص ، كعادته صخب في الشاي الزين وشربسرور في وقال ضحك ثم كلكم : " يده قدامكن في قال في : الحنين بت أحسن تعرس باكر

صوته " . البلد بأعلى وصاح ، العرس في النساء كزغاريد عظيمة بزغرودة انفجر يا :" ثم أروك مكتول الزين ، البلد أهل يا الغريق إبراهيم . ناس الحاج بنت نعمة فلم " كتلته ذلك بعد وصمت

بكلمة . يفهالدين سيف صوت سمعوا أن يلبثوا للمام ( ولم آخر فسرت ) انتصارا العشاء لصلة يؤذن

جدا خفيفة حركة ، . فيهم شعورية ل بطريقة قدمه أصابع إسماعيل أحمد وحرك محجوب تنحنح سعيد قال ، قليل الوراء إلى الرواسي الطاهر ومال ، الحفيظ عبد ا : " وتنهد إل ه أل "أشهد

الذان انتهى ولما يده من له وجود ل رمل في الريس ود حمد ونفخ ، خافت بصوت المؤذن وراءالمسجد صحن في ينادي المام صوت الصلة : " وسمعوا بيته " الصلة إلى منهم واحد كل قام

في جالسين مجتمعين هم سيتعشون ، المسجد في جماعة الناس يصلي وكما عشاءه ليحضرسعيد متجر في المعلق الكبير المصباح ضوء عليهم يرف ، الطعام صحون حول يأكلون. دائرة

المحمر الدجاج يأكلون ، يومهم سحابة الجهد من جباههم تعرق الذين الرجال شأن ، بنهمبالمرق صغيرة . والملوخية شاة إما أحدهم يذبح ليلة كل في الطاجن في المصنوعة والبامية

حمل هذا . وإما فارغا يرتد أن يلبث وما مليئا الصحن ينزل الكل من بمزيد أطفالهم عليهم ويغدو يومهم قمة هو الليل من غروبها : الوقت إلى الشمس طلوع من زوجاتهم تعمل هذا .لمثل

وخبزا الرز يأكلون واسعة بيضاوية صحون في المحمر واللحم عميقة صحون في المرق يأتيهمواللحم السمك يأكلون ، الحديد من ملساء صاجات على تصنع رقيقة وفطائر ، القمح من سميكا

يأكلون ماذا يبالون ل والفجل والبصل ، حادا . والخصار حديثهم ويصبح ، عضلتهم تتوتر حينئذ ملى وأفواههم يتحدثون ، صخب . مبتورا في تمضغ . ويأكلون وهي أسنانهم صرير تسمع

بشفاههم . الطعام ويمصمصون عالية بأصوات يتكرعون بالماء حلوقهم قرقرت شربوا .وإذا ، سيجارة منهم واحد كل ويشعل ، أكوابهم فيملون ، بالشاي يؤتى ، فارغة الواني ترتد وحين

جلسته في ويسترخي رجليه هدوء . ويمد في يتحدثون العشاء صلة من فرغوا قد الناس يكون المطمئن الدافئ الشعور ذلك يشعرون حينئذ ولعلهم يقفون . وقناعة وهم المصلون يحسه الذي

Page 36: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

المام خلف صلواتهم . صفا عندها تلتقي غامضة بعيدة نقطة إلى ينظرون بكتف هذا . كتفا في محجوب عيني في الحدة تخف . الوقت

؟ الظلم ويبدأ المصباح ضوء عند ينتهي الذي الباهت الضئيل الخط في سارحتان )وهما يرد ول يسمع فل أصدقائه أحد سأله وإذا ، وقتذاك صمته فيه . يعمق يقول الذي الوقت هو هذا

الريس بركة . ود في يقع حجر كأنها واحدة جملة حي : " فجأة إسماعيل " ا أحمد ويميل ، هناك من يأتيه صوت إلى يستمع كأنه ، النهر ناحية قليل أيضا . برأسه الوقت هذا مثل في

ويقول صدره ملء الرواسي الطاهر ويتنهد ، صمت في أصابعه الحفيظ عبد يا : " يطقطق روح زمان يا وتعال . " زمان

النقطة أن يدركون تراهم أم ؟ النقطة تلك من قربا يزدادون أنهم حينئذ يحسون هل؟ المرء إليها ينتهي ول الحياة تنتهي أمر ، الوسط في الصامته الغامضة

ايويا... ايوى ... ايوى ... ايوى " " .

الزين أم زغردت من . أولعدة لسباب فرحة ابنها . كانت لزواج الغريزي الم فرح وكل . فرحة ، حاسمة مرحلة تلك

لبنها تقول أموت : " أم أن قبل بزواجك أفرح أن حياتها " . اشتهي أن تحس الزين أم وكانت للغروب الوحيد . تنحدر ابنها كان الزين إن الناس . ثم كبقية يكن ولم ، أنجبت ما كل كان بل

يرعاه من يجد ول تموت أن فيها . فخافت تسترد مناسبة الزين وزواج ، بالها أراح الزواج فهذا وبناتهم أبنائهم زواج في البلد لهل تسارع . هداياها يرونها وهم يتعجبون أحيانا الناس وكان

؟ غاية لية ، العراس في الجنيه ونصف الجنيه ربع عرس " بدفع في سترده أنها تظن هل عامة من امرأة يتزوج لن والزين الشامتين ألسنة قطعت مناسبة الزين عرس فكان ؟ الزين

، والفضل ، الصل كرم على دليل بهذا وناهيك ، إبراهيم الحاج بنت نعمة سيتزوج ولكنه ، الناسالحمر الطوب من المبني الكبير البيت ذلك ستدخل ، والحسب من ( والجاه البلد بيوت كل فليس

الحمر الخطوة ) الطوب ثابتة الرأس مرفوعة تدخل للباب . ، ويوصلونها ، دخلت إذا لها سيقومون مرضت إذا يوم كل ويعودونها خرجت من . إذا وثير فراش في حياتها في الباقية اليام ستقضي

والحب حضنها . الرعاية في حفيدتها أو حفيدها فتحمل يمهلها القدر ، . ولعل الزين أم تزغرد زغاريدها فتشتد ذهنها في الخواطر هذه . وتتوارد

وعشيرتها وأهلها ، وأحبائها جيرانها معها ؟ . وزغرد المعجزة حدثت كيف لكن عرس أنباء من بمزيد تغيظها وكأنها ، لمنة اللبن بائعة حليمة قالت ، القاويل اختلفت

لها فقال منامها في الحنين رأت نعمة أن ، الزين " الزين بتندم . عرسي ما الزين " .التعرس وقالت رأسها آمنة وهزت ، المر على فأجمعوا ، وأمها أباها فحدثت الفتاة "كلم : " وأصبحت

النساء من حشد في الزين وجدت نعمة أن المدرسة في لزملئه الطريفي يغازلهن. وزعم به لهن . ويعبثن وقالت صارمة بنظرة عرسه . " فحدجتهن في وتشربن تأكلن كلكن " .باكر

Page 37: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

ذلك على فوافقا ، وأمها لبيها فقالت وقتها من . وخرجتالسوق في للناس الصمد عبد نعمة . وروى من الزواج طلب الذي هو الزين وأنه. أن

لها فقال الطريق في عمر : " صادفها ؟ " بت نعم " تعرسيني إلى . فقالت ذهب الذي هو وأنه من فيها بما نعمة وأن ، هذا غير حدث الذي أن المرجح أن إل الرجل فقبل المر في وكلمه عمه

. عنادوهو ، بتضحية القيام تأثير تحت أو ، الزين على الشفقة يوازع وربما ، الرأي في واستقلل

حاج بيت في دارت عنيفة معركة أن ويرجح ، الزين تتزوج أن قررت ، طبيعتها مع منسجم أمرالخر الطرف في والبنت ، طرف في والم الب بين لهم . إبراهيم فكتبوا غائبين أخواتها كان .

البتة رفضا الكبيرين الخوين إن لبيه . ويقال جوابه في وقال قبل الصغر الخ أن: " وأن رأيها في عنيدة دائما كانت وشأنها . نعمة فدعوها بنفسها زوجها اختارت وقد خلصة" . والن

فجأة النبأ أعلن إبراهيم حاج إن الحنين . القول حادث بعد يتوقعونه كانوا الناس الغريب. وكأن الزين إلى ينظرون وهم حيرتهم وزادت رؤوسهم هزوا ولكنهم ، يسخر أو يضحك لم أحدا -أن

الخير لها يتمنى من وكل ، وعشيرتها وحبانها وأهلها نظرهم في فيتضخم إليه أيوي" ينظرون أيويا أيوي . " أيوي

عرسه يكن لم العرس أن زغاريدها . لو في منهن كل صوت الزين عبد . لميز بت هذه الخرين أعراس في زغردت ما كثرة من قوية وصرختها عذب صوتها ، عمرها . ا عانسا ظلت

تتزوج الحي . فلم في أحد كل لفراح تفرح كانت لكنا . أجوجا " أجوج أجوج . " أجواج

يسعدها لم ، الحس مرهفة وكانت هكذا الياء تنطق وكانت ، جميلة كانت ، سلمة هذه ، الحديث حلوة ، أولدا تنجب ولم رجل مع تستقر ولم وتزوجت وطلقت وطلقت فتزوجت ، جمالها

الحياة تحب لنها تزغرد ، وحكايات قصص الزين مع لها . مهزارةأيويا " أيوي " أيوي

غيظها شدة من تزغرد آمنة لها . ( هذه فقالوا لبنها البنت أرادت وكيف آمنة تذكر هل ؟ للزواج تصر لم قاصر ( البنت

اووا... اوو .. أوو " " .

الزين عرس في بالحب عربد الصم قلبها الطرشاء عشمانة . هذهإبراهيم حاج دار في الزغاريد من شعلة اشتعلت صوت . ثم مائتي مرة . قرابة انطلقت

الدار نوافذ فارتجت . واحدةجديد من فتزغرد زغاريدهن وتسمع ، النساء عليها فيرد الزين أم . وتزغرد

الزين عرس في تزغرد لم امرأة تبق . لممن جماعة فيه أنزلوا إل بيت يبق لم ، بالوافدين الدور وامتلت ، أركانه من الحي وماج

Page 38: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

، وسعيد الحفيظ وعبد ، محجوب من كل ودور ، امتلت ، سعتها على إبراهيم حاج دار ، القومالريس ود وحمد الرواسي والطاهر ، إسماعيل القاضي . وأحمد وبيت العمدة ودار ، الناظر دار

الشرعيالصمد عبد لحاج علي شيخ زيه : " وقال شفت ما خلقني ا دا زي عرس "

الصمد عبد حاج كدب : " وقال مو صح عرس عرس الزين بالطلق على " .

المسجد " في الزواج مراسم المام ابنته . جرى عن إبراهيم حاج عن . ناب محجوب وناب العقد . الزين تم جنيه . ولما مائة أحد كل يراه حتى ، صحن على المهر ووضع ، محجوب قام

إبراهيم حاج مال حر من وهي ، الرجال . ذهبا في عينيه وأدار ، ذلك بعد المام ووقف بينهم ( المجتمعين الوحيدة المرأة الزين أم هذا ) كانت عارض أنه يعلمون الجميع إن وقال

مباركا سعيدا زواجا يجعله أن وتعالى سبحانه يسأله فهو يتم أن له شاء ا وأن أما ، .الزواج مطرقا كان ولكنه الزين إلى الناس خافت . التفت بصوت الحفيظ لعبد محجوب لزوم : " وقال ايه

؟ الفارغ والكلم المعارضة على " ذكر يده ويضع الزين نحو يمشي المام رأوا حين وعجبوا الدهشة من بشيء الزين إليه فالتفت ، بصوت . كتفه وقال ، بقوة عليها وشد يده المام أمسك

وعيال . مبروك : " متأثر مال بيت يجعله إسماعيل " . ربنا أحمد ولكن ، ببلهة حوله الزين تلفت برأسه فطأطأ صارمة نظرة إليه . نظر

يتكلم أنه يقولون ، وهدر الكبير النحاس طبل لسلمة . دمدم ا عبد بت : "وقالت يقول عرس : النحاس الزين عرس الحلو " . الزين بصوتها سلمة فزغردت .

القوز عرب الحقل على الرواسي . تقاطر الطاهر فاستقبلهم ، جمالهم على يتسابقون والشراب بالطعام لهم وأمر ، الدور إحدى في . وأنزلهم

أبيه بكرة عن الطلحة فريق المثل - وجاء رأي إسماعيل - على أحمد لهم فتصدى وشربوا فطعموا بالطعام لهم أمر ثم ، بالعلف لها وجاء دوابهم ربط ، . وأنزلهم

قبلي من الناس وجاء بحري من الناس . وجاء ، والسيارات والحمير بالخيول ، البلد أطراف من وجاؤوا ، بالمراكب النيل عبر جاؤوا

زمرا زمرا يومهم . فأنزلوهم فهذا ، العصابة أفراد خدمتهم على يقوم ، طائفة بيت كل :في طعاما يمسوا لن كبيرة ول صغيرة تفوتهم ل عدته شيء لكل حتى . يعدون ، شرابا يذوقوا ولن

الناس ويشرب . يأكللصواته كثيرة طبول ثم ، يهمهم وحيد طبل ثم ، زغاريد مجموعة ثم منفردة زغرودة

والسيوف . أصداء بالعصي وهزوا بأيديهم الرجال طلقات . لوح خمس بندقيته من العمدة وأطلق لسعدية . آمنة تكفوها : " وقالت تقدروا ا شاء إن دي شيئا " . المة سعدية تقل ولم .

الثيران وذبحت ، البل جنوبها . نحرت على الضأن من قطعان أكل . ووكئت جاء أحد كل أرتوى حتى وشرب شبع . حتى

Page 39: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

الحرير من قفطانا ألبسوه ، الطاووس مثل ، أجمل بل ل ، الديك مثل يبدو الزين وكانيملها فضفاضة ، الزرق المخمل من عباءة كله ذلك وعلى ، أخضر بحزام ومنطقوه البيض

شراع فكأنها من , الهواء طويل سوط يده وفي ، المام إلى قليل تميل كبيرة عمامة رأسه وعلى التمساح وهج . جلد تحت ويلمع نهارا الشمس ضوء في يتوهج ، الذهب من خاتم اصبعه وفي

من شرب دون منتشيا كان ، الثعبان رأس هيئة في ، الياقوت من فص له ، بالليل المصابيححوله تضج التي الكبيرة ويقفز . الضجة ، بالسوط يهز الناس بين ويخرج يدخل ويضحك يبتسم

هذا على ويحلف ، الكل على هذا ويحث ، يده من هذا ويجر ، هذا كتف على يربت الهواء فيمحجوب له وقال ، يشرب أن أصبح :" بالطلق دوب يا بالطلق حلفتك ، آدم بني أصبحت دحين

مغنى . " ليها

وأعيانها ووجهاؤها وموظفوها البلد تجار الغابة . جاء في المرابطون الحلب أيضا وحضر . وأخذت الطنابير وعازفي الدف ضاربات ، الراقصات وأحسن المغنيات بأحسن جيء

المثير بصوتها تشدو النيل غربي مغنية أشهر وكانت ، فطومةأقداح المديح جيب لسان يا أفراح انطق البلد خل الظريف الزين

الرقص حلبة عنوة وأدخلوه الزين جبهتها . وجرجروا على ووضع المغنية فوق بسوطه فهز الينابيع مثل الزغاريد وتفجرت ، جنيه . ورقة

اليام تلك النقائض وبصره . اجتمعت المام سمع تحت ورقصن غنيين الواحة .جواري يقرعون المداحون بيت في ويغنين يرقصن والجواري ، بيت في القرآن يرتلون المشايخ كان

أفراح مجموعة كأنه فرحا كان ، بيت في يسكرون والشبان ، بيت في الزين . الطار أم وكانت إلى خارجة تهرول ثم ، للقرآن تستمع هنيهة تقف ، المنشدين مع وتنشد ، الراقصين مع ترقص

تنادي وهي مكان إلى مكان من وتجري ، العمل على النساء تحث الطعام يطهى : "حيث بالخير أبشروا ، بالخير . " أبشروا

آمنة تغيظ ، اللبن بائعة ، حليمة السرور : " وقالت عرس يم يا أريته " .

فطومة " الدلليك " نقرت وغنت الدليب دقات متحفزة نشيطة نقرات : بدري البيمرق فكري التمر شاغل نومي سارق

، رأسها عن انحدر ثوبها ، الوسط في ترقص بفتاة تحيط كبيرة دائرة في الرجال وقفنافران ونهداها ، للمام بارز الوزة . وصدرها تمشي كما تحركهما . ترقص جانبيها إلى ذراعاها

ويحمحمون ، بأرجلهم الرض ويضربون الرجال ويصفق ، ورجليها وصدرها رأسها مع تناسق فيثم ، أحدهم وجه على المعطر الممشط شعرها فترمي ، الفتاة على الدائرة وتضيق ، بحلوقهم

الدائرة ويخرج . تتسع ، الرض على الرجل وقع ويقوى ، التصفيق ويشتد ، الزغاريد وتتماوج فطومة حلق من ملحنا سلسا : الغناء

فشابي السكونة بشابي الزول عليه اليل طول

Page 40: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

فصاح الغناء من طه ود إبراهيم عليك . آه : " وانتشى يرضى ا كمان قولي " .

الطرشاء عشمانة أبطأت . رقصت أن الدلليك دقات تلبث ولم ، العرح موسى وصفق الجابودي نقرات هذه ، مكتوم أزير لها ودخلت . وأصبح ، حلوقهم في الرجال حمحمة وقويت

المهرة مثل تختال تزهو وهي ، وجالت صالت ، الرقص حلبة يرقص . سلمة من خير كانت الماء . الجابودي في كالسمكة منه فتنفلت عيونهم ترقبها ، كثيرون معجبون لها كثفت. وكان

التصفيف واشتد ، الرقص تلقاء . حلقة من دخل ، الحلبة الزين ودخل ، الرجال أصوات وهدرت المرة هذه وغمزته . نفسه ، كتفيها فوق المنهدل الطويل بشعرها فلطمته ، سلمة فوق طويل

، . بعينها الدار فناء على يشرف الذي إبراهيم حاج ديوان في ، جماعة مع جالسا المام وكان ، البارز صدرها ورأى ، رقصها في منهمكة وهي سلمة على عينه ووقعت ، التفاته منه فحانت ، بطيخة نصفا كأنهما شقين إلى منقسما ويترجرج يهتز برجلها تضرب حين ، الكبير كفلها ورأىدائرة شكل في جسمها أصبح حتى انثنت قد رقصها في سلمة وكانت ، الثوب فيه هبط واد بينهما

من . وجزءا اليمنى ساقها المام ورأى ، كفلها ونتوء ، صدرها بروز وزاد ، الرض شعرها فمس الممتلئ الثوب .فخذها عنه رفع محدثه . وقد إلى بوجهه المام عاد مريدين . وحين عيناه كانت

العكر الماء . مثل . " اييييييويا "

دقات وتحولت ، العرس أهل من تناله خير في طعما تزغرد ، اللبن بائعة حليمة هذهالعرضة إلى منفردة . الدلليك وأخرى سريعتان تخب . دقتان كما بأقدامهم يرمحون الرجال وأخذ

بأسواطهم . الخيل وطرقعوا وتصايحوا فتواثبوا ، الرقص حلبة على القوز عرب رجال. وتقاطر على يعيشون لنهم الرض لون مثل في ندية ريانة أجسامهم ، العضلت مشدود القامات قصار

كتفيه على طرفيه ويلقي وسطه في يريطه ثوبا منهم الواحد يلبس الغزلن ولحم البل إذا. لبن منهم كل ذراع وفي أخفافا أرجلهم في يلبسون ، الشمس ضوء في جسمه لمع الهواء في قفز

غمده في في . سكين المداحين ونشيد الطار بدقات الدلليك وضربات الراقصين أصوات وتختلط المجاور المداحين . البيت وعميد الكورتاوي أحدهما بالطار ممسك يقول . هناك كان :

وروح العبا شاف نعم الفريش سهل بي الحسين جد زار لوح " العلم

والمدينة مكة وزاروا حجوا الذين خاصة ، بالبكاء يجهش وبعضهم ، الناس أعين وتدمعالمادح يصفها التي . والماكن

بها اشتهر بحة له صوت في ، يهرج الرجل : ويمضيوحاد " العبا : نعم

نادى العلم شاف القريش سهل بيالحسين جد زار

Page 41: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

والحبحب والتين الزبيب له فرشواشرب هاك له قالوا حميا من كاسات

الحسين جد " زار

يهاجر وأحيانا ، الرقص حلبة في النساء بزغاريد المديح حلقة في النساء زغاريد وتختلطالمديح حلقة إلى الرقص حلبة من تدمع . فريق وهنا ، حماسهم ويثور أرجلهم تتحرك هناك

إلى الشوق من يهاجرون ، الرقص حلبة إلى المديح حلقة من فريق يتحول كذلك ، أعينهم . الصخب

محجوب تنبه . وفجأة؟ الزين أين

الفرح بتنظيم عصابته كبقية مشغول عينه . كان عن الزين فاختفى . ساعتين قرابة منذ يره لم منهم أحدا أن فقالوا ، الباقين من كل عنه عبد . سأل وقال

للمداحين يستمع مرة آخر رآه أنه يذكر أنه . الحفيظعنه يبحثون الباقون . بدأوا يقلق أن مخافة ، أحد يحس أن الحشد . دون مع يجدوه لم

جماعات من أي مع يكن ولم ، المديح حلقة في يكن ولم ، الكبير الديوان في المام مع المجتمعالبيوت في المتناثرة فلم . الرقص ، والقدور الفران أمام يزحفن النسوة حيث المطابخ دخلوا

هناك الزين يكنزواجه أمر ينسى قد ، شيء أي يفعل قد الزين فإن ، الذعر أصابهم ويختفي. حينئذ

. كعادتهعنه يبحثون موضعا . وتفرقوا يتركوا الحي . فلم قبالة الصحراء في ضرب ,بعضهم

نخلة كل جذع تحت تفرسوا بيتا بيتا البيوت دخلوا النيل ضفة حتى ، الحقول ناحية ذهب وبعضهمشجرة . وكل

المسجد إل يبق ، . لم الليل أوائل الوقت كان ، حياته في المسجد يدخل لم الزين لكن مظلم نوافذه . كثيف خلل العرس مصابيح من الضوء تسرب قد ، خاويا ساكنا المسجد .وكان

وبعضها ، السقف على وبعضها ، السجاجيد على بعضها انعكس ، النور من مستطيلة خطوط فيإل ، حسا يسمعوا فلم ينصتون وقفوا المحراب . على

فلم ردهاته وفي المسجد أركان في وبحثوا باسمه ونادوا بهم تتناهى العرس أصواتالزين المل . يجدوا هرب . وفقدوا أنه بد عندهم . ل مجتمعة كلها والبلد أين إلى لكن .

فصاح ، محجوب ذهن في خاطر خطر في " . المقبرة : " وبغتة يفعل ماذا ، يصدقوا لم ؟ الليل من الوقت ذلك في المقبرة

بهم تتناهى ، القبور بين محجوب وراء صامتين ساروا فتبعوه أمامهم سار محجوب لكنبعيدة خافتة ثم ، واضحة عالية والزغاريد الغناء شجيرات . أصوات من إل ، بلقعا المكان كان

Page 42: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

سفن كأنها فبدت بالظلم فروعها بين الثغرات وامتلت ، المقابر بين تناثرت التي والسيال السلممخيفا غامضا الكبير الضريح بدا الوسط وفي ، لجة لهم , في وقال محجوب وقف : "وفجأة

بهم " اسمعوا يتناهى خافت بنشيج فإذا ، آذانهم فأرهفوا ، المر أول شيئا يسمعوا لم . وراءه وساروا ، محجوب وقال . سار ، الحنين قبر عند جاثم شبح فوق وقف حتى

؟ . الزين : " محجوب شنو هنا الجابك "

حادا شهيقا أصبح حتى اشتد بكاءه ولكن يرد . لمالنحيب يتخلله ، متقطع صوت في الزين قال ثم حيرة في يراقبونه وقتا أبونا: " وقفوا

العرس حضر كان مات ما كان إن . " الحنين

له وقال برفق الزين كتف على يده محجوب يرحمه : " ووضع ، . ا مبروك راجل كان عرسك ليلة الليلة أرح . لكن ألله يا عرسه ليلة بيبكي ما الراجل " .

معهم وسار الزين . وقاموهلة أول عيونهم وغشيت ، الضجة فاستقبلتهم ، الناس أغلب حيث ، الكبيرة الدار وصلوا

وفي ، تزمجر والدلليك ، تغني فطومة كانت ، المصابيح عشرات من المنبعث الساطع النور منبأرجلهم ويضربون يصفقون الرجال عشرات فيها عظيمة دائرة وحولها ، ترقص فتاة الوسط

بحلوقهم الدائرة . ويحمحمون وسط في فاستقر الهواء في عالية قفزة وقفز ، الزين .انفلت وجهه على المصابيح ضوء بالدموع . ولمع مبلل يزال ما مشهور . فكان ويده صوته بأعلى صاح

الراقصة رأس بالخير : " فوق بالخير ..أبشروا تغلي " أبشروا قدر فكأنه ، المكان نفث . وفار لقد جديدة طاقة الزين وتطفوا . فيه تغطس والصوات ، وتضيق تتسع وتضيق تتسع الدائرة وكانت

النحيل وجسمه الطويلة بقامته ، الدائرة قلب في مكانه في واقف والزين ، وتزمجر ترعد والطبولالمركب صاري فكأنه ، .

فلم ردهاته وفي المسجد أركان في وبحثوا باسمه ونادوا بهم تتناهى العرس أصواتالزين المل . يجدوا هرب . وفقدوا أنه بد عندهم . ل مجتمعة كلها والبلد أين إلى لكن .

فصاح ، محجوب ذهن في خاطر خطر في " . المقبرة : " وبغتة يفعل ماذا ، يصدقوا لم ؟ الليل من الوقت ذلك في المقبرة

بهم تتناهى ، القبور بين محجوب وراء صامتين ساروا فتبعوه أمامهم سار محجوب لكنبعيدة خافتة ثم ، واضحة عالية والزغاريد الغناء شجيرات . أصوات من إل ، بلقعا المكان كان

سفن كأنها فبدت بالظلم فروعها بين الثغرات وامتلت ، المقابر بين تناثرت التي والسيال السلممخيفا غامضا الكبير الضريح بدا الوسط وفي ، لجة لهم , في وقال محجوب وقف : "وفجأة

بهم " اسمعوا يتناهى خافت بنشيج فإذا ، آذانهم فأرهفوا ، المر أول شيئا يسمعوا لم . وراءه وساروا ، محجوب وقال . سار ، الحنين قبر عند جاثم شبح فوق وقف حتى

؟ . الزين : " محجوب شنو هنا الجابك "

Page 43: رواية عرس الزين للروائى السودانى العالمى الطيب صالح

حادا شهيقا أصبح حتى اشتد بكاءه ولكن يرد . لمالنحيب يتخلله ، متقطع صوت في الزين قال ثم حيرة في يراقبونه وقتا أبونا: " وقفوا

العرس حضر كان مات ما كان إن . " الحنين

له وقال برفق الزين كتف على يده محجوب يرحمه : " ووضع ، . ا مبروك راجل كان عرسك ليلة الليلة أرح . لكن ألله يا عرسه ليلة بيبكي ما الراجل " .

معهم وسار الزين . وقاموهلة أول عيونهم وغشيت ، الضجة فاستقبلتهم ، الناس أغلب حيث ، الكبيرة الدار وصلوا

وفي ، تزمجر والدلليك ، تغني فطومة كانت ، المصابيح عشرات من المنبعث الساطع النور منبأرجلهم ويضربون يصفقون الرجال عشرات فيها عظيمة دائرة وحولها ، ترقص فتاة الوسط

بحلوقهم الدائرة . ويحمحمون وسط في فاستقر الهواء في عالية قفزة وقفز ، الزين .انفلت وجهه على المصابيح ضوء بالدموع . ولمع مبلل يزال ما مشهور . فكان ويده صوته بأعلى صاح

الراقصة رأس بالخير : " فوق بالخير ..أبشروا تغلي " أبشروا قدر فكأنه ، المكان نفث . وفار لقد جديدة طاقة الزين وتطفوا . فيه تغطس والصوات ، وتضيق تتسع وتضيق تتسع الدائرة وكانت

النحيل وجسمه الطويلة بقامته ، الدائرة قلب في مكانه في واقف والزين ، وتزمجر ترعد والطبولالمركب صاري فكأنه ، .

-----------------------------------------------------------------------------