يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ل يضركم منضل إذا اهتديتم إلى ال مرجعكم جميعا فينبئكم

بما كنتم تعملونالمائدة 105

فإنه لما ذكر مكابرة المشركين وإعراضهم عن دعوة الخير عقبهإذا ظهرتحدود انتهاء المناظرة والمجادلة بتعليم المسلمين

المكابرة ، وعذر المسلمين بكفاية قيامهم بما افترض الليس تحصيلعليهم من الدعوة إلى الخير ، فأعلمهم هنا أن

، بل على الداعي بذلأثر الدعاء على الخير بمسؤولين عنهجهده وما عليه إذا لم يصغ المدعو إلى الدعوة ، كما قال تعالى

}إنك ل تهدي من أحببت ولكن ال يهدي من يشاء : { : 56] .القصص [

أي} أنفسكم { هو بنصب } عليكم أنفسكم : { فقوله تعالى والمقام يبين. ، أي احرصوا على أنفسكم الزموا أنفسكم

إذا: { بقرينة قوله ملزمة الهتداء المحروص عليه ، وهو :، وهو يشعر بالعراض عن الغير وقد بينه بقوله } اهتديتم

ل يضركم من ضل { } .

تتنزل من التي قبلها منزلة البيان} ل يضركم من ضل { فجملة فلذلك فصلت ، لن أمرهم بملزمة أنفسهم مقصود منه دفع ما

اعتراهم من الغم والسف على عدم قبول الضالين للهتداء ،عليكم: وخشية أن يكون ذلك لتقصير في دعوتهم ، فقيل لهم

أي اشتغلوا بإكمال اهتدائكم أنفسكم ، .

{ظرف يتضمن معنى الشرط يتعلق ب } إذا اهتديتم : { وقوله .وقد شمل الهتداء جميع ما أمرهم به ال تعالى } . يضركم

المر بالمعروف والنهيومن جملة ذلك دعوة الناس إلى الخير و ، فلو قصروا في الدعوة إلى الخير والحتجاج لهعن المنكر

وسكتوا عن المنكر لضرهم من ضل لن إثم ضلله محمول.عليهم

فل يتوهم من هذه الية أنها رخصة للمسلمين في ترك الدعوةإلى الخير والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لن جميع ذلك

{فكان ذلك داخل في شرط . بأدلة طفحت بها الشريعة واجب . {إذا اهتديتم

من الشعار بالعراض عن} عليكم أنفسكم { ولما في قوله إذا{ ، ولما في قوله } من ضل { فريق آخر وهو المبيين ب

من خفاء تفاريع أنواع الهتداء؛ عرض لبعض الناس} اهتديتم قديما في هذه الية فشكوا في أن يكون مفادها الترخيص في

.ترك المر بالمعروف والنهي عن المنكر

وقد حدث ذلك الظن في عهد النبي صلى ال عليه وسلمسألت عنها: أخرج الترمذي عن أبي أمية الشعباني أنه قال

سألت عنها خبيرا ، سألت: أبا ثعلبة الخشني ، فقال لي بل ائتمروا ": عنها رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال

بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوىمتبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة

" نفسك ودع العوام

أن أبا بكر» السنن«أخرج أصحاب : وحدث في زمن أبي بكر الصديق بلغه أن بعض الناس تأول الية بسقوط وجوب المربالمعروف والنهي عن المنكر فصعد المنبر فحمد ال وأثنى

يأيها الناس إنكم تقرأون هذه الية يأيها الذين: { عليه ثم قال وإنكم} آمنوا عليكم أنفسكم ل يضركم من ضل إذا اهتديتم

تضعونها على غير موضعها وإني سمعت رسول ال صلى الإن الناس إذا رأوا المنكر ول يغيرونه يوشك: عليه وسلم يقول

ال أن يعمهم بعقابه ، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا.على يديه أوشك أن يعمهم ال بعذاب من عنده

إن هذا ليس: وعن ابن مسعود أنه قرئت عنده هذه الية فقال ولكن يوشك أن يأتي) أي النصيحة ( بزمانها إنها اليوم مقبولة

يريد أن ل( زمان تأمرون فل يقبل منكم فحينئذ عليكم أنفسكم إذا اختلفت: وعنه أيضا ) . يجب عليهم قتال لتقبل نصيحتهم

.القلوب وألبستم شيعا وذاق بعضكم بأس بعض فامرؤ ونفسه

ليست) أي هذه الية ( إنها : وعن عبد ال بن عمر أنه قال أل ليبلغ الشاهد: " لي ول لصحابي لن رسول ال قال

فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب ، ولكن هذه الية" الغائب .لقوام يجيؤون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم

فماصدق هذه الية هو ماصدق قول النبي صلى ال عليه من رأى منكم منكرا فليغيره بيده: " وسلم في تغيير المنكر

فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفدون ضرفإن معنى الستطاعة التمكن من التغيير " اليمان فالية تفيد العراض عن. كالفتنة أو يلحق عموم الناس يلحقه

بعد الشروع في ذلك ، ويلحقتحقق عدم الجدوى ذلك إذا بذلك إذا ظهرت المكابرة وعدم النتصاح كما دل عليه حديثأبي ثعلبة الخشني ، وكذلك إذا خيف حصول الضر للداعي

، كما دل عليه كلم ابن مسعود المذكور آنفا بدون جدوى .

عذر للمهتدي ونذارة} إلى ال مرجعكم جميعا : { وقوله وقدم المجرور للهتمام بمتعلق هذا الرجوع وإلقاء. للضال

:المهابة في نفوس السامعين ، وأكد ضمير المخاطبين بقوله للتنصيص على العموم وأن ليس الكلم على} جميعا {

.التغليب

والمراد بالنباء بما كانوا يعملون الكناية عن إظهار أثر ذلك من الثواب للمهتدي الداعي إلى الخير ، والعذاب للضال المعرض

.عن الدعوة

المام الشيخمحمد الطاهر بن عاشور

رحمه ال