احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

117
ة ي م ل ر عا طي سا وأ ات حكاي وت ق ع ي مد ح : أ مة ح ر ت* هدأء:& ألإ ها ...!! علي دأء ت ع ألإ ي1 ف وأ1 ن مع أ ي لت أ ولة1 ق لط ى أ ل& أ.. دعة ت م ل وأ مة ل حا ل أ ة ي1 ن سا1 ن& الإ لإ ي& أ ي ه يE نG ت لإ لإت ت1 خ ت ي1 ف ق ل ح ت ى ك ولة1 ق لط ى أ ل& أ وت ق ع ي مد ح أ: ة ي1 ن ا ت س& الإ يP وأن1 ن ع ل أOros Viejos Hermino Almendros : P ن ع صادرEditorial Gente Nueva La Habana Cuba ر:W ش1 ن ل دأر أ ة ل ل رأم أP طان ق ل أP ن س خ م ل د أ ت ع ة س س ؤ م

Upload: himeche

Post on 17-Jan-2016

36 views

Category:

Documents


26 download

DESCRIPTION

Ahmed Yakub - Histoires et Romans Légéndaire

TRANSCRIPT

Page 1: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

حكايـات وأساطير عالمية

  ترجمة : أحمد يعقوب *

  

اإلهداء: إلى الطفولة التي أمعنوا في االعتداء عليها ...!!

إلى الطفولة كي تحلق في تخيالت ال تنتهي إال باإلنسانية الحالمة والمبدعة ..

أحمد يعقوب

العنوان باإلسبانية : Oros Viejos

Hermino Almendros

صادر عن: Editorial Gente Nueva

La Habana Cuba

دار النشر: مؤسسة عبد المحسن القطان رام الله

مقدمة

حكايات وأساطير عالمية التي نقدمها هنا للطفولة العربية بشكل عام وللفلسطينية على وجه الخصوص ، هي نصوص في غاية الروعة والجمال . وهذه الغاية

في الروعة تتأتى من جمالية مواضيعها ، وثراء ثيماتها ، وتنوع تواريخ ومكان حدوثها ومصادرها

الجغرافية ، فتشمل القارات القديمة والجديدة . فعن شعوب الهنود الحمر في القارة األمريكية

تتحدث هذه األساطير والحكايات عن التاريخ الشفاهي لتلك الشعوب التي تمت إبادتهم من قبل االستعمار القديم وكانوا قوماV لم يعرف الكتابة بعد

فتنقلنا حكاياتهم وأساطيرهم إلى الذاكرة الساحرة للهندي األحمر عن تاريخ المكان و داللته األسطورية

وربما فلسفته كما عن معتقداتهم الغيبية وطقوسهم في الحياة وتحدثنا عن الحب العذري

وعن الفروسية والبطولة. وعن أساطير النار فثمة إضافة تاريخية كبيرة في تنوع األسطورة فإضافة إلى األسطورة اإلغريقية

المعروفة بأسطورة بروميثيوس فإننا نجد هنا أسطورة من أمريكا الشمالية ومن نيوزيالندا تتحدثان

بسحرية فائقة و مخيلة طفولية خصبة.

Page 2: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

وفي جانب آخر تحدثنا هذه النصوص عن الهند والصين القديمة واليابان وعن الحكمة التي وسمت شعوب تلك البلدان وكذلك عن أفريقيا وعن شعوب الفايكنغ

والجزر البريطانية واألراضي المنخفضة )هولندا(

هذه المختارات من الحكايات واألساطير العالمية ، جاء عنوانها األصلي باللغةاإلسبانية :

VIEJOS هي الجمع لكلمة ذهب ، أما OROS و OROS VIJOS . فهي الجمع لكلمة عتيق أو قديم . لهذا ستكون الترجمة الحرفية: مجموعة ذهب

عتيق !! وعندما أتدخل في الترجمة فإنني أكتبها كنوزn عتيقة علماV أن مفردة كنز ، مع أن مفردة ORO وليست TESOROباللغة اإلسبانية هي :

OROتدخل في نسيج كلمة الكنز !! وهنا يتضح مقدار تدخل المترجم في النص األصلي.

حقاV إنn هذه النصوص هي لقيا أثرية بل إنها كنوز تاريخية . نقدمها إلى أطفالنابكل المحبة واإلخالص للمخيلة البريئة وهي تحلم بمستقبل أفضل.

أحمد يعقوب

Page 3: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

األول الكتاباألزتيــــــــك

  

من شواطئ المحيط األطلسي الدافئة في األرض المكسيكية، يمكن صعود األدراج". Anahuacالحجرية للجبال ،حتى الوصول إلى الهضبة المعروفة باسم "أنهواك/

هذه األرض المرتفعة والمحاطة بجبال جرداء ، وبقمم تغطيها الثلوج، كانت مأهولة بالسكان في غابات شاسعة عند وصول الغزاة اإلسبان. وذاك الوادي الكبير الذي

توجد فيه مدينة المكسيك اليوم كان المركز الرئيس لحضارة الهنود الحمر، المعروفة بحضارة شعب األزتيك.وهو شعب عريق وغني جدا برجاله

المكافحين ،وأصحاب الكفاءة والطقوس الدينية الحازمة. عند وصول الغزاة في القرن السادس عشر كانت إمبراطورية األزتيك في أوج ازدهارها، إذ كانت قد تمددت إلى ابعد من تلك الجبال، وفي البالد كانت هناك

قصور رائعة مزخرفة بشكل جميل، و كانت هناك هياكل ومعابد للحكمة، على شكلأهرامات وتماثيل آلهة وحيوانات مقدسة.

ان أثار تلك الحضارة ال تزال قائمة حتى أيامنا الحالية: أثار مدن ،أثار معابد، ودالئلعلى تلك الحضارة األصيلة وحكاياتها الجميلة والبطولية.

حّب� البراكين

�ار إمبراطور األزتيك. أما مدينة" تينوتش تي تيتالن" العاصمة عظيمة كانت سلطة اإلمبراطور الجبالمستقلة ألرض "أنهواك" الشاسعة فكانت مدينة كبيرة وغنية بالخيرات.

كانت قبائل أخرى ومدن أخرى، قد نمت هنا وهناك، منزرعة بين الغابات، وشيوخ القبائل الصغيرة والكبيرة والعظيمة ،كانوا في خدمة اإلمبراطور األزتيكي. فكانوا يدفعون الضرائّب ،التي كانت

تتعاظم بها "تينوتش تي تيتالن" مدينة اإلمبراطورية. ومع أن إمبراطورية األرض الشاسعة لـ" أنهواك" كانت عظيمة وغنية, لكن لم تكن جميع الشعوب سعيدة ، فالذهّب الكثير والرجال الكثيرون كانوا يذهبون إلى المعبد ، كفرضS كان على "تينوش تي

تيتالن"العظيمة أن تقدمه. كانت الشعوب متعبة من تلك العبودية ، وشيوخ القبائل كانوا بصمت يكظمون تذمرهم ، لخوفهم

من عقاب اإلمبراطور العنيف سيد الجميع. لكن إرادة السماء كانت قد أعد�ت شيئا ما، وما قZد�ر أن يكون فقد كان. فالشيخ العظيم لمملكة" تالكس كاال" كان قد قرأ ذلك، قرأه في ضوء النجوم. ومنذ ذلك اليوم وضع إرادته إلى جانّب إرادة الزعماء اآلخرين وشيوخ القبائل من كل الممالك

والقبائل وقال: سيمضي شعبي في الطريق الذي تقوله اإلرادة العليا لنا جميعا. فلنتحد لنتحرر منتلك العبودية.ال ذهّب بعد اليوم ، وال فتية من أجل مذبح األزتيكيين.لكن، الخوف أوقف الكثيرين.

ا الزعيم الشجاع والمتمرد فلقد بقي وحيدا مع شعبه. وبدأت الحرب بين رجال" تالكس كال" � أمالإلندومابالس , واألزتيكين الشجعان، الذين انضم إليهم آخرون من سبع ممالك.

o تمكن o ساحرا كان الصراع مكتوبا هناك في رسومات النجوم ،صراع الزعيم الشجاع، لكن، كاهنا أيضا من قراءة المغامرة الكبيرة ، التي ستحدث.فهو أيضا استطاع أن يقرأ ،ويفهم،لكنه، لم يقل

ذلك. فلقد حدث أن أسرت فتاة بحبها شيخ القبيلة ، الزعيم "فوفوكاتيفيتي" ، سيد وملك "تالكس كال" .

كانت الفتاة رائعة ،مثل حبات الذرة الناضجة ، وجميلة وبهية ،مثل الصباح. وكل العيون كانت تنظر بحّب إلى األميرة الجميلة "اكستاك سيهوات" ، لكن، األكثر شجاعة من

بين المحاربين وضع عينيه البراقتين وقلبه عليها. وعندما خرج المحاربون ،"التالكس كاليين" إلى خوض المعركة مع الممالك السبع التي كانت قد

اتحدت مع األزتيكيين ، فلقد أعطيت القيادة إلى الربان األكثر قوة وشراسة. أما الشجاع" فوفوكاتيفيتي" صاحّب الحّب الصامت لألميرة ، والذي ال يخضع وال يركع ، فلقد طلّب أمنية واحدة

فقط : "يا سيدي، إذا عدتZ منتصرا فاجعل لي "اكستاك سيهوات" زوجة فأنا أهيم بها بصمت ".

والسيد العظيم وعد ،والوعد كان احتفاال عظيما على شرف انتصارك ، وعلى شرف الزوجة الرائعةمثل الشمس.

Page 4: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

ومضى "فوفوكاتيفيتي" الذي ال يهزم أمام رجاله المحاربين ،يأخذه األمل الجميل لقلبه. اجتاز الغابات، صعد التالل، اجتاز السيول الجارفة والبحيرات, يقاتل ضد مئات ومئات من الجنود،يصارعوينتصر ، ويحارب دون هوادة ،ال يهزمه الوهم، وبعد مئات المعارك فها هو بطل عظيم ومنتصر.

لقد قاتل "فوفوكاتيفيتي" , وهو المحارب األعظم ، وقد انتصر ، و يعود مكلال بريش طيور النسور،يعود ليبحث عن الجائزة التي حلم بها كثيرا.

وفي شوارع مدينته يجد الموسيقى وأفراح النصر، لكن، في القصر الكبير للملك كان هناك صمت يجمد القلّب. عندها خرج سيد "تالكسكال" بخطوة صامتة ، ونظرة فاجعة ، واخذ "فوفوكاتيفيتي"

من يده ، وجعله يمضي معه في أروقة ظليلة ، حتى وصلوا إلى سرداب محفور في الصخر. وهناكرأى األميرة "إكستاك سيهوات" ملفوفة بكفن الموت األبيض.

قال الملك الكبير بالسن بصوت مخنوق بالحشرجات: " لقد خبأتها لك يا ولدي لكن الموت خطفها . "

لكن ،البطل الذي هزم ستة ملوك، وجعلهم يوقعون معاهدة مع األزتيكيين ، البطل لم يتكلم ، فهويشعر أن انتصاراته قد أحبطت, وأن سيده األعظم قد أهانه.

أحس بقوة خفقان دمه، اهتز قوس النشاب بين يديه، نادى على الظالل، ظالل أسالفه ،أطلقصوته إلى السماء التي أعطته النصر لكنها خذلت حبه.

وفي الليل يجيء البطل ، ويذهّب في مكانه ، كأنه يهذي, و على ضوء القمر بدى وكأنه قد أصبح عمالقا ضخما جدا. فينطلق، ويأمر، ويصرخ ، و يحرك آالف المحاربين, ثم ينطلقون عظماء جميعهم

تحت ضوء القمر, فيجتازون الغابات, ويرفعون التراب ، ويحركون األرض ، ويجمعون الجبال فيمدرج هائل ، ويكومون الصخور، ويرفعونها قبالة النجوم.

عندها، يأخذ "فوفوكاتيفيتي" بين ذراعيه الشابة الحبيبة ، ويقفز بها مدرجات الجبال، ويمضي بها. وهناك في القمم يضعها ممددة و بيضاء تحت ضوء القمر والى جانبها ينحني المحارب ، يضيىء

بقبعته شعلة الحلم األبيض لألميرة الهندية الرائعة الجمال. لقد صار الحبيبان "إكستاك سيهوات" و " فوفوكاتيفيتي" صارا جبلين ترعى قمتيهما الثلوج تحت

شمس "أناهواك" كخاتمة حّب خالد.

إله الهواء والحياة

إنها حكاية من حكايات اآللهة ،عند الهنود الحمر، "كيتزا لوكاتل" إله الهواء والحياة ، الذي هبط إلى العالم من أجل أن يفتدي الناس ، ويساعدهم ، ويعيش معهم, حيث شعر جميعهم بحبه ألنه كان

o طيبا وال يمكن أن يأتي منه أي سوء. وعنه يروون : إلها

عندما ولد البشر لم يكن هناك شمس، وال قمر في العالم. عندها اجتمعت اآللهة في "تيوتيهواكان" ليفكروا بالطريقة التي يمكن بها إنارة السماء واألرض ، وبذلك يمكن للبشر أن ترى .

قالت اآللهة كلمات كثيرة في ذلك المجلس. وفي الختام قرروا أن يقوم إله} بالتضحية بنفسه وأنيتحول إلى شمس.

o. هناك o ومريضا o فقيرا o والثاني كان إلها o غنيا وجبارا اثنان من اآللهة تطوعا للتضحية. األول كان إلهاo كبيرة. o ، من الحجر، والى جانبه أضرموا نارا بالضبط، في" تيوتيهواكان" رفعت اآللهة ميزانا

استعدت اآللهة طيلة أربعة أيام متتالية ، و لقد صام الذين سيذهبون إلى التضحية، وفي اليوم الخامس اصطف األلهة اآلخرون ،في صفين طويلين ، وأمامهم كانت تشتعل المحرقة ضخمة

وبراقة.. اإلله الفقير واإلله الغني كانا جاهزين. صعد الغني ثالث مرات إلى الميزان وفي المرات الثالث كان يخاف من الوهج ومن لون الوميض. أما اإلله الفقير فقد صعد لمرة واحدة. أغمض عينيه وقفز إلى

اللهّب مسببا بذلك الخجل لإلله الغني والذي بدوره قذف بنفسه إلى النار أيضا.. أطبق صمت طويل كانت اآللهة فيه تنتظر وتنتظر وانتظرت أياما أربعة حتى خمدت النار . وفي اليوم الرابع بدأت السماء تتحول إلى الحمرة, وأخيرا ظهرت الشمس. وفي الوقت نفسه تقريبا

.o o كالشمس تماما اقا �وفي الجهة المقابلة في السماء ظهر القمر رائعoا وبر

o ، وقذف به نحو القمر، فبدى S فامتعضوا. أخذ أحدهم أرنبا اعتقدت اآللهة أن ذلك كان مجرد{ وهمبياض األرنّب ، وقد تعرض إلى بقعS من الظل، ولم يبق أكثر من النظر لمعرفة أن� ذلك قد حصل.

Page 5: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

كان اآللهة مذهولين، وهم ينظرون إلى الحدث الغريّب، لكن، كانت الشمس في صفحة السماء الo تتحرك وكذلك القمر. وعندما نظروا وهم يتساءلون بعيونهم قالت الشمس:" القوا بأنفسكم أيضا

o في السماء ". علكم تصيرون نجوماo قويةo وغريبةo ضربت األرض وخطفت اآللهة وحو�لتها إلى نجوم ، سم�رتها في وأيقظت الشمس ريحا

السماء . وعندئذ دار كل شيءS في الفضاء بفضل قوة الرياح تلك . ومن ذلك الوقت تتقد النجومعندما تنطفئ الشمس.. وتنطفئ عندما تضيىء .

كل هذا قاله "كيتزا لكوتال" إلى الرجال في مدينة "تويان" العظيمة. لكن ماذا يقول الناس عن�ة ذات الريش" ؟ أي معنى االسم الرائع لـ"كيتزا اإلله الطيّب اله الحياة اله العطاء ، عن "الحي

لكوتال" الذي عاش في "توييان" ،حيث كان الناس سعداء, فلقد عل�مهم كيتزا لكوتال أن يكونواسعداء، ألنه عل�مهم أن يعملوا وأن يتمتعوا بالعمل.

في "توييان" كان الناس يعملون في األرض وكان نبات الذرة ينمو في عرانيس كأنها من ذهّب.والقطن كان ينبت بكل األلوان كي ال يضطر الناس لصبغه بعصير جذور األعشاب .

في "توييان" سبك الناس الفضة والذهّب. وقد صقلوا األحجار الكريمة ، و صنعوا التماثيل والبيوت من الحجارة. زخرفوا فسيفساءات بريش طائر كيتزال* ، وريش طائر "الكوليبري"** وطائر ال

"غواكامايو"***، وكتبوا الشمس والقمر بإشارات، وكذلك حركة األفالك..

لقد عل�م "كيتزالكوتال" كل هذا إلى ناس "توييان". ما عدا فن الحرب ، لهذا لم تصبغ حقولهم أيةo �دوا له قصرا �ـروا كيتزالكوتال. ولهذا السبّب شي� دماء بشرية أبدا ..ولهذا فإن ناس "توييان" وق

o بالخبز والورود والمسك. ومذابح{ مغطاة دائما فقبل مجيىء "كيتزال كوتال" لم يكن ذرة في توييان ، إذ كان الناس يعيشون على جذور النباتات

والصيد. فقد كانت الذرة مختبئة بين الجبال ولم يكن بمقدور أحد أن يجلبها إلى الناس. آلهة كثيرون حاولوا أن يفصلوا الجبال التي كانت تغلق الممر إلى حقول الذرة ولم يتمكنوا من

ذلك.وفي أحد األيام جاء "كيتزا لكوتال" وعرف كيف يصنع األشياء بطريقة ثانية أفضل من طريقة القوة. فلقد حو�ل نفسه إلى نملة سوداء ونملة حمراء. وبدأ يصعد الجبل الذي كان نبات الذرة ينبت

خلفه. ،o كان الجبل شاهقا تكاد قمته تصل إلى السماء ، وحوافه حادة ومنحدرة ، و كان الوادي عميقا

o ذلك الجهد الذي يجّب بذله الجتياز كل تلك المعيقات الخطيرة، لكن كيتزا لكوتال لهذا ، كان جباراكان يشعر بحّب الناس في قلبه ، ولهذا لم يسمح للتعّب أن يهزمه، فنجت النملتان من المعيقات.

صعدت النملتان صخورا حادة وشاهقة ، وعبرتا الحواف الصاعدة باتجاه السماء ، وفي النهاية�ييه" كنملة حبة ذرة ناضجة جدا وعاد وصلتا إلى المكان الذي تنبت فيه الذرة. أخذ كيتزالكوتال بـ"فك

إلى توييان.وهناك زرعها الناس ألول مرة. ومن ذلك الوقت تخلوا عن الصيد ، وبدأو ببناء المدنوالمعابد تغمرهم السعادة.

�ر واحترم جميعهم كيتزال كوتال ، اإلله الطيّب صديق الناس ، إله الهواء� منذ ذلك الوقت ,وقوالحياة .

* طائر الكيتزال طائر من طيور أمريكا الوسطى )المترجم ( ** طائر الكوليبري طائر أمريكي حجمه صغير جدا له منقار طويل ومدبّب له ريش كثيف يسمونه

العصفور الذبابة ) المترجم ( *** طائر العواكامايو طائر ببغاء كبير ريشه أحمر و أزرق و أصفر ) المترجم (

المايا *

Page 6: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

  

Yucatan"هي االسم القديم جدا لما يسمى اليوم " يوكاتان ،Mayabأرض ماياب" " . أرض� يباب� ووعرة� تحت السماء، لكنها من الداخل، تحت التربة الصخرية ، فهي

تفيض بصمت الكهوف الكبيرة وعيون الماء الهادئ ، حيث تأتي إليها األفاعيوالخراف المخملية ، لتشرب.

في تلك األراضي التي يمنحها الندى بريقاV في الصباح قبل أن تبدأ الشمس، Vبطيئا Vحتها الشمس.ويمضي صامتاnبحرقها، هناك ، يمر الهندي بسحنته التي لو

يثبnت نظراته في المشهد الذي يخبئ ذكريات هنود المايا وحضارتهم القديمة. شيء� قليل� هو ما ي�عرف عن ذلك الشعب العريق ،كباقي شعوب العالم القديم.

وعن الرجال الذين في روابي السهول الصفراء شيnدوا قصوراV رائعة ومعابد� منحجر� ، تمتزج فيها منحوتات وجه الهندي مع الزخارف والنقوش البديعة المدهشة. ي�عرف القليل، لكن، يمكن تخمين القوة النادرة والعظيمة لتلك الحضارة من خالل إيماءات وروح الهندي الحالي ،الذي يعرف التاريخ الشعري والمعاني العميقة لكل

شيء في سماء وأرض شعب المايس.

Yucatan* شبه جزيرة "يوكاتان،”

وردة الماياب البيضاء

كل� الذين عاشوا في أرض الماياب كانوا قد سمعوا عن االسم العذب لألميرة الجميلة.جميعهميعلمون أن ساكنيكت تعني الوردة البيضاء.

�ابة" مثل حمامة مطوقة بالهديل كانت مثل القمر العالي الذي يسكن الليالي الهادئة. وكانت "حب العذب ، حمامة بهية وعذبة مثل قطرات الندى ،كانت جميلة مثل الوردة التي تمأل الحقل بالسعادة

المعط�رة، ورائعة مثل ضياء الشمس الذي يضم كل� األلوان، وناعمة مثل النسمة التي تأخذ بينذراعيها كل� األغنيات. هكذا كانت األميرة ساكنيكت التي ولدت في المدينة الشامخة لـ"مايافان".

كان السالم يو�حد المدن الثالث الكبرى كشقيقات على أرض ماياب . والمدن هي: " مايافان الجديدة والغالية و "أوكسمال" الرائعة و"تشي تشين إتزا" التي كان فيها المذبح ومعبد الحكمة. لم

o بان تعيش المدن مثل شقيقات. يكن هناك جيش ، ألن ملوك تلك المدن كانوا قد قطعوا عهدا كل الذين عاشوا في ماياب سمعوا أيضا اسم األمير "كانيك" ؟ الذي يعني "األفعى السوداء" .وo لمدينة " تشي كان مقداما، وقوي القلّب، وعندما أتم� لثالث مرات سبع سنوات، تم تنصيبه ملكا

تشيت إتزا". في ذلك اليوم كان األمير "كانيك "القوي القلّب ،قد رأى ساكنيكت.وفي تلك الليلة لم ينم األمير

الشجاع والقوي القلّب ومنذ ذلك الوقت بدأ يشعر بالحزن طيلة أيامه.

كان عمر األميرة ساكنيكت ثالث مرات خمس سنوات عندما رأت األمير "كانيك" ،وهي تجلس في عرش مدينة " إتزا" ، فخفق قلبها بالسعادة ، ولما حل� الليل نامت وثغرها مشتعل بابتسامة

مضيئة. وعندما استيقظت ساكنيكت عرفت أن� حياتها وحياة األمير "كانيك" قد أصبحتا مثل نهرين�ي أولئك الذين عرفوا ولم ينسوا ذلك التاريخ. �ال البحر. وهذا ما حدث. وهكذا يغن يجريان معا ليقب في اليوم الذي تم فيه تنصيّب األمير "كانيك" ملكا لإلتزيين سكان مدينة "اتزا", صعد إلى معبد

مدينة"اتزمال" المقدسة ليقدم نفسه أمام اإلله. اصطكت قدماه قدمي صياد عندما نزل المدرجات الستة والعشرون للمعبد و ارتخت ذراعاه ذراعى محارب , كل ذلك ألنه رأى األميرة الوردة

البيضاء. كانت الساحة الكبيرة للمعبد محتشدة بالناس ، الذين وصلوا من جميع أنحاء ماياب ليشاهدوا

األمير. وكل الذين كانوا قريبين منه الحظوا ما حدث . الحظوا ابتسامة األميرة ،وشاهدوا األميريغلق عينيه ، ويشد� على صدره بيديه الباردتين.

كان هناك ملوك و أمراء المدن األخرى, جميعهم شاهدوه لكنهم لم يعرفوا أنه اعتبارا من تلك اللحظة بدأت الحياة الجديدة للملك ، و الحياة الجديدة لألميرة بدأتا تركضان مثل نهرين معا ليكمال إرادة القدر في األعالي. وهذا ما لم يفهموه ألنه كان من الضروري العلم أن والد األميرة ساكنيكت

Page 7: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

الملك الجبار ألرض "ماياب" كان قد منحها إلى الفتى "أوليل" . األمير الذي يرث مملكة أوكسمال. كانوا هناك جميعهم ملوكا وأمراء, واألميرة "الوردة البيضاء" اختارت األمير "األفعى السوداء"

لتجعل حياتها تركض معه ، كما يركض نهران معا إلى البحر.

انتهى اليوم الذي تنصّب األمير "كانيك" فيه ملكا على "تشي تشين إتزا". وبدأ العد� لأليام السبعةوالثالثين المتبقية لزواج األمير" أوليل" من األميرة " ساكنيكت".

جاء مبعوثون ورسل من مدينة" مايافان" إلى ملك "إتزا " الشاب وقالوا له: " ملكنا، ادع الصديقوالحليف إلى حفل زواج ابنتك " . فأجاب الملك كانيك بعينين تشتعالن:

" قولوا لسيدكم إنني سأحضر ". و جاء مبعوثون ورسل من مدينة " أوكسمال " إلى الملك "كانيك" وقالوا له: " أميرنا "أوليل"

يطلّب من ملك اإلتزانيين المعظم أن يأتي للجلوس إلى "قداس" زواجه من األميرة ساكنيكت " .فأجاب الملك كانيك و كانت جبهته مليئة بالعرق ويداه مشدودتان:

" قولوا لسيدكم إنه سيراني في ذلك اليوم ". وفيما كان ملك اإليتزانيين وحيدا ينظر إلى النجوم في الماء ليسألها، جاءه سفير عند منتصف

الليل. جاءه قزم غامق وشائخ وقال على مسمعه: " الوردة البيضاء تنتظرك بين األوراق الخضراء، هل ستدع رجال أخر ليذهّب ويقطفها "؟ واختفى القزم مع الهواء أو تحت األرض ، لم يكن قد رآه

أحد سوى الملك, ولم يعلم بذلك أحد. في أوكسمال العظيمة كانت تجري التحضيرات لزفاف األميرة "الوردة البيضاء" واألمير"أوليل".

ومن مدينة "مايافان" خرجت األميرة رفقة والدها والسادة العظماء في موكّب مهيّب ،مأل الطريق بالغناء. وإلى أبعد من بوابة مدينة "أوكسمال" خرج األمير "أوليل" يرافقه العديد من النبالء

والمحاربين الستقبال األميرة، لكنه، عندما شاهدها كانت تبكي.

اقة وكان � كانت المدينة بأسرها مزينة بالرايات وبريش الديك البري وبالفضة وبأقواس ألوان برالجميع يرقصون ، سعيدين وهم ال يدرون ماذا سيحدث.

أقيمت االحتفاالت الكبيرة طيلة أيام ثالث ،أقيمت للمدعوين في مدينة "أوكسمال" و كانت المدينة تهتز بالسعادة، فال أحد كان يدري ماذا سيجري , وفي اليوم الثالث من االحتفاالت والقمر كان بدرا

مدورا كالشمس ، كان ذلك هو اليوم الطيّب لزفاف األمير حسّب طالع السماء. لقد وصل إلى أوكسمال ملوك وأبناء ملوك ،من كل الممالك القريبة والبعيدة ، و جلبوا جميعهم الهدايا للعروسين الجديدين. جاء بعضهم بخراف بيضاء, لها قرون لولبية من ذهّب. آخرون جاءوا

اق.جاء محاربون بزيوت الطيّب وعقود من الذهّب � بأقحاف سالحف ضخمة معبأة بريش كيتزال البر والياقوت. كما جاء موسيقيون بطيور مدربة على الشدو كموسيقى السماء. ومن كل األماكن جاء سفراء مع هدايا ثمينة ما عدا الملك كانيك ملك "تشي تشين إتزا". لقد انتظروه حتى اليوم الثالث

لكنه لم يصل ولم يرسل أي مبعوث له. كان االستغراب والقلق يسيطران على الجميع. ألنهم لم يعرفوا السبّب . لكن قلّب األميرة كان

يعلم وينتظر. لقد انتهى اليوم الثالث لالحتفاالت وتم تحضير المذبح المخصص للقرابين، لكن، سيد اإلتزانيين

األعظم لم يصل. لهذا كف� الذين ال يعرفون السبّب عن انتظاره وقالوا: " في حفل زفاف األميرة�د تشي تشين ثالثة أيام متتالية لكنه لم يصل ". ساكنيكت من األمير أوليل تم انتظار سي

كانت األميرة ساكنيكت تقف قبالة المذبح وهي ترتدي األلوان الصافية والمزدانة بالورود, بينمايقترب الرجل الذي ستقدم نفسها له كزوجة .

وردة ماياب تنتظر تتخيل الطرقات التي سيأتي منها الملك الذي وهبته قلبها.

تنتظر وردة ماياب البيضاء بينما كانيك الملك الشاب الحزين والصياد القوي يبحث يائسا في الظالل عن الطريق الذي سيسلكه ، ليكمل مشيئة السماء. ففي حفل زفاف األميرة ساكنيكت من األمير

أوليل تم انتظار سيد تشي تشين ثالثة أيام متتالية لكنه لم يصل. لكن، الملك كانيك وصل في الساعة التي كان عليه أن يصل فيها. قفز فورا وسط ساحة أوكسمال

يرافقه ستون من رجاله المحاربين المهمين، وصعد إلى المذبح حيث كانت النار تتوهج والكهنة ينشدون. لقد وصل بلباس الحروب وعلى صدره شارة إتزا ،وبدأوا يصرخون: إتزاالنا! إتزاالنا ! كما

يفعلون في ميادين الحروب. لم ينهض أحد ضدهم. حدث كل هذا في لحظة ، دخل الملك كانيك كالريح الحارقة, وأخذ األميرة

بين ذراعيه على مرأى من الجميع. لم يقو أحد على منعه, وعندما أرادوا النظر إليه ،عندها، كان قد اختفى. وأمام المذبح بقي األمير أوليل مع الكهنة فقط. لقد ضاعت األميرة أمام عينيه يحملها

الملك الذي مر� مثل البرق.وهكذا انتهت احتفاالت الزفاف وفجأة قZرعت القواقع ، ودZقت الصنوج، وانطلقت صرخة غضّب أوليل في الشوارع لتجمع رجاله

المحاربين. كان األمير كانيك قد ذهّب من مدينته تشي تشين إلى أوكسمال العظيمة، دون أن يراه أحد, لقد

Page 8: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

ذهّب عبر الطرقات المظلمة ، حيث يوجد ممرات بين الحجارة, تحت التربة، في أرض الماياس المقدسة. هذه الطرقات لم يكن يعرفها أحد سوى أولئك الذين كان عليهم أن يعرفوها. وهكذا

وصل األمير كانيك دون أن يراه أحد ليسرق اليمامة العشيقة الحلوة جدا على أشعة قمر قلبه.

Zرفع رايات الحروب, ويتوحد األوكسماليين والمايابيل Zسن� ثانية في ماياب ، وت لكن نصال األسلحة تضد اإلتزيين.

آه من االنتقام !! سوف يسقط على رأس تشي تشين, وهي لم تنم إال القليل وقد هد�ها التعّبوألعاب األفراح.

أخذت الطرقات تمتلئ بغبار المسير والهواء بالصرخات وتقرع القواقع وتضرب صنوج الحرب!! ماذا سيحل بك يا مدينة تشي تشين المتعبة والنائمة من سعادة أميرك ؟ كيف غادر اإليتزانييون

بيوتهم ومعابدهم في "تشي تشين" وتركوا مدينتهم الجميلة مضطجعة على ضفاف المياه الزرقاء؟

جميعهم كانوا يمضون في الليل ، وهم يبكون على أنوار حملة المشاعل. كلهم مضوا على شكلأرتال ، لينف�ذوا تعاليم اآللهة وحياة الملك ، واألميرة نور ومجد ماياب.

أمام أبناء إيتزا كان الملك كانيك يمضي بين حملة المشاعل وسط الجبال , كان ملتفا برداء أبيض وبال تاج من ريش على جبهته. إلى جانبه كانت األميرة ساكنيكت ، وكانت ترفع يدها وتشير إلى

الطريق والجميع يسيرون في الخلف. وأخيرا وصلوا إلى مكان هادى وأخضر, إلى جانّب بحيرة ساكنة, بعيدا عن جميع المدن. هناك

وضعوا سدة المملكة وبنوا البيوت البسيطة في سالم.وهكذا نجا اإليتزانييون بفضل حّب األميرة ساكنيكت ،التي كانت قد دخلت إلى قلّب األمير األخير لتشي تشين ، لينقذها من العقاب ، ولكي

يصنعوا حياتهما الصافية والبيضاء.

وحيدة وصامتة بقيت تشي تشين وسط الغابة بال عصافير ، ألنها طارت جميعها خلف األميرة ساكنيكت. وصل إليها أعداد كبيرة من جيوش أوكسمال ومايابان لكنهم لم يعثروا فيها على شيء ،

وال على األصداء في القصور أو في المعابد الفارغة. عندها، أشعل حنقهم النيران في المدينة الرائعة ، وبقيت تشي تشين وحيدة وميتة مهجورة إلى جانّب المياه الزرقاء. بقيت وحيدة وميتة

يعط�ر أنقاضها عبير ناعم يشبه البسمة والضوء األبيض للقمر. �ن األشجار وتمأل الهواء بأنفاسها الطيبة. وابن ففي كل ربيع تنبت الوردة البيضاء في ماياب ، تزي

�يها بكل حنان قلبه، وعندها يتم ذكر اسم األميرة ساكنيكت. أرض المايا ينتظرها ليحي

طائر الفوهوي *

الرجل الذي يمشي أو يكمن ليال في طرقات أرض الهنود الحمر/ المايا. يمكنه أن ينتظر سماع صرخة تقول :" فواهو" ، صرخة قوية تخرج من الصمت . وسرعان ما يسمعها إلى جانبه: فواهو !

فواهو! اب. تأتي من هناك من الطريق األمامي التي � تنطلق الصرخة في الليل مثل سهم من قوس نشZسمع طيران يخمد بعيدا في الدرب ، وعندما يقترب الرجل ، على العابر أن يمر� بها. وفيما بعد ي

يعاود الصمت إطالق الصرخة الحادة: فواهو! فواهو! هكذا، يمضي المسافر تخرج له الصرخة مع كل خطوة ، و يجفل ، وتتكرر الجفالت نفسها وربما

حتى الشفق . ترى من يكون هذا المرافق الخفي للرجل؟ هذا الذي يمضي ويكمن ليال في دروب� أرض المايا؟ ولماذا يعتقد أن الرجل قريّب ليقبض عليه بصرخته ؟ ومرة ثانية يبتعد ، ويعود ويحط

في الطريق ثانية لينتظر ، وال ييئس؟ ال أحد يمكنه توضيح ذلك إذا لم يكن أحد الهنود الصامتين والعارفين بأسرار األلغاز و التاريخ وروح

األشجار واألحجار وكل شيء من السماء حتى األرض في المايا. إنها حكاية فوهوي العصفور البريىء وفاقد الثقة الذي يخرج في الطرقات ، ليبحث عن أحد ما ،

يخبره شيئا عن ذاك الذي منذ سنوات عدة سخر من نيته الطيبة وخدعه بال شفقة. والمسكين فوهوي ال يفقد األمل بالعثور على ذلك الخد�اع. وعن ذلك يقول الهنود الحمر في المايا:

أراد الرب األعظم إيقاف العداوة والخصومة بين الطيور ، فحاول أن يضع لها ملكا يحكمها بسالم،أعلن الرب األعظم اقتراحه لكل الطيور ، ودعاها جيمعا كي تختار في يوم محدد الطير

صاحّب الحسنات األكثر بينها. فاحتشدت الطيور جميعها ، وبدأت تفكر بإظهار صفاتها الحميدة ، وكل منها يكاد يكون متأكدا انه

سيكون هو الملك. قال البلبل جازما وهو الطير صاحّب التغريد األكثر حالوة : � " يجّب اختيار الطير صاحّب الشدو األجمل ". وبكل الثقة والمباهاة جر�ب موسيقاه بعد أن حط

Page 9: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

على أعلى أغصان الغابة. �رت البومة في داخلها ، :" بالتأكيد فإن الرب األعظم سيختار الطير الذي ينظر ، ولكن أي من فك

الطيور ال تمتلك النظر مثلي"! وثبتت عينيها الدائريتين في الليل ،وبدأت تتخيل الملوك. قال الطاووس: " بالتأكيد سيتم اختيار األكثر قوة ، وسأكون أنا المسمى ألصدر األوامر بين

المحتشدين الكثيرين". وهز� جناحيه العريضتين ، وكذلك الغصن السميك الذي كان يقف عليه. قال النسر : " بالتأكيد من أجل حكم جيد يجّب رؤية العالم من مكان مرتفع ". وانطلق النسر في

الهواء بطيران عال جدا عبر الغيوم. قال الديك المكسيكي : " بالتأكيد فإن الملك سيكون من يصرخ بقوة أكبر فيجّب إعطاء األوامر

بالشكل الذي يجعل الجميع يسمع وأنا !أنا ! الديك المكسيكي أنا قادر على ذلك فإذا صحت، فإنيم�عZ حتى القمر". أس�

Zلبس فروة من أم�ا طائر الكاردينال** فقد قال : "بالتأكيد سأكون أنا الملك , فمن الملوكية أن تاألرجوان القرمزية فكأن ريشاتي شعلة متقدة ".

وهكذا شعر كل واحد من الطيور باالطمئنان من فوزه. كان الطاووس قد سمع ما قاله اآلخرون من الطيور ، عندئذ كان للطاووس ريشات متسخة وشعثة

وكئيبة. لم يكن قادرا على التفكير في إمكانية اختياره ، ألن بدنه كان ضخما ، وزيّـه كان بشعاوبائسا ، لم يكن كالطاووس الذي نعرفه اليوم.

بدأ الطاووس يفكر دون أن يفقد األمل ، وجاء ليتفق مع صديقه الفواهوي الذي كان له ريش رائع. فقال الطاووس له: " يا صديقي تعال أحادثك بشيء يهمنا جدا نحن االثنين: الرب األعظم سيفكر

بالتأكيد في تسمية الطير األكثر جماال واألكثر هيبة ملكا على الطيور،فأنت لك ريش وفير جدا، لكنك صغير ، وتنقصك العجرفة أم�ا أنا فعلى العكس لدي بدن له حضور كبير وريشات أكثر وفرة .

لكنني ال أقدر أن أعطيك بدني أما أنت فيمكنك إعارتي ريشاتك. كان الفواهوي يستمع إلى صديقه ، فقال الطاووس له: "اسمع تعال ، نعقد صفقة, أنت تعيرني الريش إلى أن يتم اختياري من قبل الرب األعظم ، وعندما أصبح ملكا أرد� الريشات لك ، وأكثر

من ذلك سأتقاسم معك كل خيرات و تشريفات منصبي ". فكر العصفور فواهوي في ذلك للحظة ، لكن الطاووس عاد يغريه بالوعود ، والعصفور الطيّب

والواثق لم يقو على الرفض. وهكذا بدأ الفواهوي بخلع ريشه ، وبوضعها لصديقه فيما الطاووسo بديعا بذيلS رائعS تخرج منه ألوان يثبتها جيدا حسّب مقاسه. وبدأت تنمو وتنمو حتى صارت غطاءا

الفضة والذهّب.

: "أيها الصديق فواهوي ، سوف ترى الخيرات التي سنتقاسمها معا " . قال ذلك الطاووس وهو يختال بالجمال والبهرجة. وبقي المسكين فواهوي منزوع الريش تقريبا ويرتجف من البرد. ولماo أخرى تأتي في الطريق تقترب منه أحس بالخجل واختبأ بين األعشاب كي ال يرونه. رأى طيورا حل� يوم الموعد أمام الرب األعظم ، وحضرت جميع الطيور واثقة متأكدة ، لكنها عندما شاهدت

�ته الجديدة المذهلة فلقد بقيت مناقيرها مفتوحة من العجّب والدهشة. فاختار الرب الطاووس بحلاألعظم الطاووس ملكا وسيدا للطيور.

ومضى الطاووس بعجرفته و بنكرانه للجميل بعد تلك اللحظة التي حقق فيها مبتغاه فلم يعد يتذكرفواهوي الطيّب ، الذي ساعده وضح�ى من أجله.

وفي يوم من األيام عثرت الطيور على فواهوي المسكين مختبئا بين األعشاب الطويلة ، فاستغربت لنحافته وحزنت لذلك ، عندها أعطاه كل واحد منهم ريشة من ريشاته،لهذا السبّب

للفوهويو ريش قليل ، ولهذا السبّب و منذ ذلك الوقت يمضي خجوال ألنه فقد ريشه. ولهذا السبّب� في الليل, يخرج ليبحث عن الصديق النذل الذي خدعه !! وكي ال يرونه بهذه الحالة فإنه ال يخرج إال

وألن الفواهوي طيّب للغاية ، فإنه يظن أن الطاووس سيفي بوعده يوما ما. الفوهوي الطيّب ال يفقد األمل أبدا ، ويخرج إلى الطرقات وعندما يرى اإلنسان ، فإنه يقترب منه

ويصرخ به :فواه!! فواه!! مرة وثانية يسأله إن كان قد شاهد الطاووس. الرب األعظم ال يترك األفعال السيئة دون عقاب, لهذا لم يعد الطاووس يشدو كما كان يفعل سابقا

بصوت عذب. فلقد علم الرب بالفعلة الشائنة التي فعلها فأمر أن ال يشدو الطاووس أبدا. ومنذ ذلك الحين وفي كل� مرة يحاول الطاووس فيها أن يطلق صوته للريح ، فإنه ال يجد سوى

الزعيق والكركرة التي تجعل الطيور األخرى تسخر منه.

* طائر صغير جاء اسمه من طبيعة الصوت الذي يطلقه )المترجم( ** طائر الكاردينال طائر أمريكي لون ريشه رمادي له خصلة شعر سوداء حول المنقار وغرة

مرتفعة ) المترجم (

أمريكا الجنوبية  

Page 10: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

في بالد غووايانا تتكثف الغابات ، وتقل وحيدة وبعيدة عن العالم كأن أدغالهاالرطبة شبك محكم حيث األنهار العريضة تجري ، تلفها ظالل الغابة.

والجبال العمالقة والقمم الشاهقة كأنها تنهض من السهول الخضراء الشاسعةوفي المنحدر تكون األرض دافئة ورطبة ، لكثرة الخضراوات وما تنضح من رذاذ بعض األنهار ، تفرn من الشبك األخضر المحكم وتخرج إلى النور طويلة وعريضة

وتقفز من القمم العالية والشاهقة. في داخل الغابة توجد أماكن خالبة ، يروي زائروها الكثير عن تلك األنهار ، وعن

الشالالت وعن الغابة المسكونة بالببغاوات وبأفاعي الكوبرا وبآالف أصناف الطيور والحيات والنمور وحيوان التابير* والخرفان والقرود الرمادية اللون** ويروون عن

قبائل الهنود التي تعيش حياة بائسة وسط األدغال الهادئة والبعيدة والمنعزلة ، يروون الكثير عن تلك الحياة البدائية القاسية ويروون حكايات حزينة وجميلة

حكايات كهذه التي تتحدث عن سلسلة جبال ايوان في أراضى قبائل الكاريبي.

بالنسبة للهنود األركوانوس فان جبل "إيوان تيفوا" يعتبر جبال مقدسا ، حيث تعيشاآللهة فيه وهي ترعى صحة البشر

فكأن سلسلة الجبال قد نهضت من األرض ، وحطمت السور العظيم للغابة ، وصعدت من األدغال الخضراء وفجأة انطلقت منها صخرة عارية بخط مستقيم

شكnلت الحقا سورا هائال ، تبرز جوانبه المهشمة والحادة باتجاه السماء . في أوقات المطر تختفي قمة ايوان بين الغيوم ، وتنفلت الشالالت من القمم ،

تقفز ، تصطدم ، تتحطم بين الصخور وترشح في الهاوية بينما الجبل العمالق تحيطه أصوات عالية هي إضاءات الغيوم ، وعندما تنير الشمس ذروة جبل "ايوان"

فإنه يبدو جليال ومثيرا للدهشة !! هناك في األعلى تنقسم من الصخور قمم متباعدة منشطرة في أشكال هندسية ،لت على مقاسات خيالية ، وكأن االيادي الخفية لآللهة امتدت لتضع على nكأنها فص

قمة الجبل العمالق سورا من األحجار ، وكأنها بقايا كائنات حية وأشياء غريبة جدا. فمن يقدر على الصعود إلى هناك حيث اإلنسان يعجز عن التسلق ، ومن المستحيل

عليه الوصول إلى هناك؟ ومن هو الذي وضع هناك األكوام العشوائية لتلك األعمدة المقطوعة في الساحات

Vفي حالة ترقب؟ ونسورا Vالمهدمة ؟ ووضع بقايا تماثيل؟ و سقوف أكواخ؟ ووحوشا بأجنحة مفتوحة؟؟ لكن ، لم تكن هذه حالة قمم ايوان دائما وعند الهنود

االرواكانوس الشرح والتوضيح عن األيوان جبلهم المقدس ،و الذي يقولون عنهالتالي:

* حيوان التايبير من الثديات يشبه الخنزير البري لكن ساقاه أطول وأنفه متطاول على شكل بوق له شعر قصير يغطي جسمه وذيل يكاد ال يرى يعيش في مناطق مدارية في أسيا وأمريكا الالتينية

وهناك من يأكل لحمه)المترجم (

** من الثديات الالحمة، سريع، يشبه الفهد ،لكن، جلده أصفر محمر ببقع سوداء، يعيش في غاباتأمريكا قريبا من األنهار)المترجم (

جبل أيوان

” الذي يجري قريبا من خاصرة جبل األيوان كانت هناك مدينة فيEl Caraoعند ضفة نهر "الكاراو " وكانت األكثر غناء وازدهارا بين جميع المدنTey Cupayالزمان الغابر ، اسمها "تي كوفاي

يتوافد الناس إليها من القبائل النائية بكثرة ، ليروا الجبل الذي تسكنه اآللهة الذين يعيدون الصحةوالسالمة المفقودة . ومن بين األكواخ العديدة لمدينة تيي تظهر قمم اإليوان بوضوح.

عندما كانت الصاعقة تطلق الرعد ليدو�ي ثم ينتهي متبخرا في الوديان العميقة للجبال ،كان الهنود يبعدون النظر خائفين من غضّب اآللهة الطيبين ،يخشون أن تحل عليهم الويالت ، ألن األلم

Page 11: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

والمرض يقهران البشر دائما . لهذا كانت نظرات الجميع تتجه متوسلة نحو قمم الجبلة ، كي تنحدرالعطايا منها كمواساة حلوة وتهدئة طيبة.

منذ سنوات كثيرة جدا وفي ظهيرة ربيعية دافئة وصافية، وصلت عدة قوارب إلى الميناء الصغير للنهر، قوارب من قبائل اخرى بعيدة ،جاءت تحمل رجاال ونساء مرضى، ومعهم رجال كثيرون

ليساعدوهم في الوصول إلى جبل األيوان المقدس. خرج الناس في مدينة "تي كوفي" الستقبالهم وليقدموا لهم أغطية ألكواخهم وفي قلّب الهنود

كانت السعادة تقفز من رؤيتهم للعدد الكبير جدا من القبائل المتعددة. Arecunasاالريكوناس

في اليوم التالي نظموا الحفالت على شرف المسافرين، احضر الرجال من الغابات كميات كبيرة من لحم الماشية واألسماك ،جمعوها وقدموها مشوية مع فطائر الذرة واألناناس والموز في مركز

الخمرCachiriالبلد وسط االكواخ الكبيرة .وحولها كانت أواني عريضة مليئة بشراب الكاتشيري*الذي يجعلهم ينتشون ويمرحون.

اجتمع كل الهنود ، وخيمت عليهم السعادة ، فالمزامير والطنابير أعطت موسيقاها اإلذن لبدء الرقص. وبدأت تسمع األغاني وحفيف أوراق األشجار اليابسة من سعف النخيل الذي كان يضعه

الراقصون عليهم .وهكذا تواصلت ساعات وساعات من الغناء والرقص ، كان يقطعها فقط ذهاب الرجال والنساء إلى األواني ، ليشربوا رشفات كبيرة من شراب الحفلة, لكن هناك في الجانّب

األخر بقي المرضى وحيدين مع آالمهم متروكين في أكواخ خوص صغيرة ،ومن جميعها كانت تنطلقنفس الحسرات ونفس التوسالت في طلّب المساعدة :

تعالوا تعالوا أيها االخوة ...خذونا إلى جبل المعجزات ايوان!! لكن ال أحد كان يسمع التوسالت أو يتذكر اآلالم فالحفلة تستمر بالغناء ، وبالصرخات والجرار يعاد ملؤها بالشراب ، وعندما اختبأت الشمس خلف قمم ايوان استمرت الرقصات ، ومن تأثير شراب

الكاتشيري كانت صرخات الفرح تنطلق ، وهيجانات الحفلة ترتفع وتمتزج بأنين المنسيينوالمهملين .

وبسرعة اغمقت الشمس ، وقمة األيوان اختفت خلف غيوم كبيرة و رصاصية اللون ، وفجاة شق السماء برق كبير ، ورعد بعيد صار يقترب حتى جعل األرض تهتز. جاءت عاصفة محمولة على رياح

هائجة ، وتوقفت تهدد فوق مدينة "كوفاي" وبدأت العاصفة تجول في المدينة يرافقها هديرالرعد ،وغيوم تحولت إلى شالالت .

كبرت العاصفة وجعلت األكواخ تهتز و تنتفض !! وكذلك األحجار!! وازدادت الرياح بصفيرها ، وخرج الهنود مذعورين إلى الساحات فاألشجار الغليظة قد اقتلعت من جذورها ، والقي بها بعيدا ،وبعضها

كان يتدحرج ويقفز. فرت الحيوانات هائجة من الغابة ، دفعتها غريزتها نحو السفوح والمروج ، لتختبئ في المكان الذي

يحيا فيه اإلنسان . حيوان الجغوار والمواشي وحيوانات البفري الشاحمة عبرت وأعادت الركض في المرج تزمجر من

الهلع .. حيوانات التبري وحيوانات الباكه** كانت تبحث عن مخبأ في مياه النهر . والطيور الكبيرة كانت

تجاهد بأجنحتها المضروبة ضد اإلعصار. قعقعة الصاعقة ودويها وصرخات الناس وعواء الوحوش كانت تختلط جميعها في صخّب واحد ووحيد ، لقد اهتز وادي "تاي كوفاي" ،واإلعصار اقتلع األشجار ، وطارت األكواخ والخوص في

الهواء. ومثل الريش كانت تعلو الناس والدواب، وتدور في الهواء السقوف المصنوعة من سعف النخيل ،

وكذلك الطيور الكبيرة التي تكسرت أجنحتها ، لكن جبل األيوان فقط بقي ثابتا ومحافظا علىمكانته وشموخه.

فلقد حاول اإلعصار أن يلفه في حلقات زوابعه ، لكن قوة اإلعصار خارت وتفتت ، لكنها رفعتحتى الذروة إلى هناك بين الغيوم ، وجمعت كل ما تم اقتالعه وتخريبه في السهل .

في اليوم التالي أشرقت الشمس ، وقمة ايوان التي كانت من قبل نظيفة بدت مغطاة بمزركشات نادرة وغريبة مقلوبة ، فكان هناك سقوف األكواخ والخوص ،أشجار مقطعة، جثامين هنود مقطوعة

، أنصاف نساء جميالت ،بالعيم وزالقيم وحوش وطيور مفتوحة و مخالّب متشنجة في الصخور،صقور بأجنحة مفتوحة للقفز إلى الجرف.

لقد جم�ع اإليوان المقدس في قمته كل تلك األنقاض ، وهناك بقيت مخزونة ومحفوظة بين األحجاركتذكار لمدينة تي كوفاي وغضّب اآللهة.

Page 12: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

*Cachiri ) مشروب شائع في فنزويال ) المترجم

** حيوان الباكة ثدي قارض جنوب أمريكي يؤكل لحمه ) المترجم (

عذراوات الشمس

هناك في أعلى هضاب األنديس المحاطة بقمم ثلجية توجد وديان خصبة و فاترة المناخ وهي المكان الذي أقام هنود "الكيتشواس" عليه احدى الحضارات األكثر غناء

وإثارة للفضول في أمريكا القديمة هي حضارة االينكا*. " ، البحيرة الكبيرةTiticacaهناك في أراضى البيرو وبوليفيا توجد بحيرة "تيتكاكا /

آالف متر فوق سطح البحر ، وبقربها توجد آثار وبقايا مدن4على ارتفاع اكثر من طاعنة في القدم ، عمرها آالف السنين ، كما توجد آثار قالع وحصون وهياكل

ومعابد تثير اإلعجاب . هناك في البحيرة يوجد المكان الذي تتحدث عنه األسطورة عن األب رب الشمس ،

الذي أرسل اثنين من أبنائه : رجل وامرأة ليقيما أول إمبراطورية اإلنكا . فلقد أرسل أبناءه ليعملوا ويحكموا الهنود الـ "كيتشوواس " في ذلك الوادي.

وكانوا هم الذين بنوا مدينة الـ"الكوزكو" العاصمة والتي منها، وخالل قرون، امتدنطاق اإلمبراطورية ، وتوسع في حكومة جبارة إلمبراطورية االينكا .

لقد أرسل الرب أبناءه ، ليصنعوا الخير لإلنسان ،ولكي يحيا بالعمل والنظام والسالم حسب مشيئة الرب الشمس اإلله الطيب الذي لم يفرض تقديم القرابين

البشرية ، بل أراد أن يرى الناس سعداء.

و"االينكا" أ كثر قدما من "الكيتشواس" الذين طوnروا ثقافتهم في هضبة بوليفيا و البيرو، وكذلك في منطقة "تيتيكاكا" حيث ال تزال ساللة ذاك الشعب العريق تعيش

هناك. كان في مدينة كوزكو عاصمة اإلمبراطورية قصور اV ضخمة ورائعة بمثابة معابد

تعيش فيها أجمل العذراوات اللواتي يكرسن حياتهن لعبادة الشمس. عاشت العذراوات المقدسات من غير أن يرين أحداV أو يتحدثن مع أي شخص ما عدا الملكة زوجة االينكا فقط التي يمكنها أن تزورهن .فلقد كانت عقوبة الموت تنتظر

كل من يجرؤ على حب احدى تلك النساء ، و من أجل أن ال يقدر أحد على الدخول إلى مكان سكناها فلقد تم إحاطة المكان بحصون عالية وحراس أوفياء يحيطون

األديرة حيث كانت عذراوات الشمس .

* الهنود الحمر /االينكاقبائل الكيتشواس و أيما راس

الراعي وعذراوات الشمس

على خاصرة خضراء للجبل الذي تغطيه الثلوج كان يخبئ الماشية البيضاء ، لتقديمها كأضحياتوقرابين كان شعّب الـ"اينكا" يقدمها إلى إله الشمس..

كان الراعي الشاب يدعى "اكويا نافا" لطيفا وله مظهر الئق وحسن ، يمضي خلف ماشيته ،o ، يخرج الناي الذي كان يرافقه دائما ، ويبدأ بعزف وعندما كان يجلس والقطيع يرعى كان سعيدا

موسيقى هادئة وحلوة تجعله يزداد سعادة . وفي يوم كان فيه منشرحا جدا ،وهو يعزف ، جاءته اثنتان من بنات الشمس الالتي كن يعشن في أحد قصور المدينة المجاورة , اذ كان قد سمح لهما بالخروج في النهار كي تتسليان في الحقل ،

لكن لم يكن مسموحا لهما الغياب في الليل عن مسكنهما المحروس جيدا من قبل حراس صارمين ..

وصلت العذراواتان إلى الراعي وسألتاه عن الرعي وعن قطيع أغنامه ، فبقي "كويا نافا" مذعوراً ، ثم أراد أن يطلق ساقيه للهرب ، فهما إضافة إلى انهما مقدستان وابنتان للشمس فهما فائقتا

Page 13: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

� يخاف ، وعاودتا السؤال عن أغنامه ، ثم آخذتاه من ذراعه لينهض . الجمال ، لكنهما طلبتا منه أال�ل يد كل واحدة منهما، وهو مندهش من روعتهما. o و قب وقف الراعي أخيرا

العذراء الكبيرة فيهما واسمها "تشوكي ييانتو" انجذبت للكالم مع "اكويا نافا" بعد أن بانت خفة دمهوبعد لحظات ودعتاه.

بدأت "تشوكيبيانتو" تتحدث مع أختها عن لطافة وبهجة ذلك الراعي ، واستمرتا بذلك طوال الطريق حتى وصلتا إلى قصرهما حيث رآهما حراس البوابة ، وفتشوهما إذ انهم يقولون في تلك

�أت رجال حبيبا على قلبها وجعلته يمر مخفيا بين المالبس !! األيام إنهم وجدوا إحداهن وقد خب

دخلت العذراواتان إلى قصر بنات الشمس وزوجاتها _ الشمس _ اللواتي كن ينتظرن أطيّب األكالت المطبوخة في قدور من الذهّب الناعم، لكن تشوكي ذهبت مباشرة إلى مخدعها ليكون

بمقدورها التفكير منفردة بالراعي ، الذي بدأ قلبها يخفق بالحّب تجاهه . وفي تلك األثناء كان "اكويا نافا" قد دخل إلى خص�ه ليفكر منفردا في المفاجأة العظيمة لتشوكو

الرائعة ، لكنه بدأ يشعر بحزن شديد ، فأخذ الناي وعزف ألحانا شديدة الحزن ، جعلت حتى�ى وهو يبكي: الحجارة تشفق عليه ، ثم غن

" آه ! آخ! منك ! آيها الراعي البائس ! أيها العاجز عن كل شيء .. أه! منك! ال تقدر على رؤية حبيبة قلبك ، ولو رأيتها فإن حبك سينفضح ، وسيقضى عليك وعلى حبك ، وسينتهي الحّب بالموت"

..واستمر يغنى بحزن كبير جدا حتى غفى. لكن أمه العجوز البعيدة عنه فلقد حدست بسبّب عذاب ابنها ، وراحت تهيء نفسها للسفر إليه ،

فحملت معها سلة مزركشة وفاخرة ، وبدأت تمشي في الجبال حتى وصلت إلى الزريبة التييسكن فيها ابنها.

ثارت عواطف الراعي عندما شاهد أمه ، وأخذت هي تواسيه وتقول له إن أحزانه ستزول خالل بضعة أيام ، ومن أجل ذلك ذهبت تحض�ر له طبخة السالحف ، األكلة الموصوفة للحزن عند

الهنود ،وبينما هي تطبخ رأت بنات الشمس قادمات باتجاه الزريبة ، ثم جلست االثنتان عند المدخل ترتاحان من التعّب وعندما شاهدتا المرأة العجوز في الداخل طلبتا منها شيئا لألكل فقدمت لهما

صحنا من السالحف ، أكلتاه بشهية كبيرة.

�ها تعثر على"اكويا نافا" ، لكنها لم بدأت تشوكو تنظر حوالي الزريبة وإلى داخلها برغبة كبيرة عل تجده ألنه في لحظة وصولهما أمرته أمه أن يدخل في السلة التي أحضرتها معها ، ) يقول الهنود

إن ذلك كان ممكنا في تلك األزمان(. ظنت تشوكو أن حبيبها الراعي يحرس القطيع ، لهذا لم تسأل أمه عنه وعندما رأت السلة قالت:" ما أجملها "!! وسألت : لمن هذه السلة؟فأجابتها العجوز : إنها لها وقد تركها لها والداها كميراث ،o ،وأضافت العجوز إنها تقدمها وبنفس طيبة كهدية لها ، وبإمكانها أخذها معها فهي سلة فاخرة جدا

إلى القصر . وبعد قليل ودعت بنات الشمس أم� الراعي ، واتجهن نحو المرج تحمل تشوكي السلة بيدها وفي

عينيها شوق لرؤية راعيها هنا أو هناك فهي لم تره في زريبته. وصلتا إلى القصر، وعند المدخل فتشهما حراس البوابة ولم يجدوا شيئا معهما عدا السلة التي لم

يكن يخفيانها . �تها الجديدة وذهبت إلى مخدعها ، وهناك بدأت تبكي ، وتتذكر وبعد العشاء أخذت تشوكي سل

الراعي الذي أحبه قلبها ، لكنه لم يدعها تذرف الكثير من الدموع عندما أخذ "اكويا نافا" يناديها باسمها ، فارتعبت وهلعت ، لكنها صارت تذرف دموع الفرح عندما رأت حبيبها الراعي ، وراحت

تسأله كيف دخل إلى هناك؟ فأجابها بالحقيقة عن دخوله في السلة التي جاءت تحملها. د له شعره بلطف � عانقته تشوكو و وضع "اكويا نافا" رأسه على رجل تشوكي ، التي راحت تمس

وحنان ، وتنظر إليه بعينيها الرائعتين الساحرتين حتى مطلع الفجر ، عندها دخل الراعي مرة ثانيةإلى السلة ، وحبيبته ابنة الشمس تنظر إلى تلك المعجزة .

�لت األراضي كلها ، خرجت تشوكو من القصر إلى المروج وحيدة ، وبعدما خرجت الشمس وقب تحمل السلة، وفي أحد الكهوف في الجبال جلست مع حبيبها مرة ثانية، لكن حدث أن رآهما أحد

حراس القصر الذي كان يتبعها ، وشاهد كل شيء فبدأ يطلق الصيحات ، يستدعي الحراس اآلخرين فهرب الراعي وحبيبته إلى الجبال القريبة من مدينة "كالكا" ، ومن شدة التعّب نام الحبيبان وعندما

استيقظا كانا مرعوبين من الموت المحتم الذي ينتظرهما كعقاب ، فنهض االثنان يرتعدان خوفا. أخذت هي في يدها فردة من صندلها ، ونظرا إلى الناس في "كالوكا" وصارا يشعران انهما

يتجمدان في مكانهما ، ثم صارا كتلة صلبة كبيرة وضخمة لقد أخذا بالتحول إلى حجارة.. اليوم يمكن رؤيتهما من "كالكو" ومن مناطق أخرى , لقد صارا جبلين كأنهما تمثاالن يذكران

بالحبيبين الراعي وابنة الشمس .

Page 14: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

Oyallanty أويانتي

من بعيد يأتي المحاربون منتصرين.كانوا قد حاربوا وسيطروا على أولئك المتمردين فيالمحافظات التي تشكل إمبراطورية اإلينكا.

يأتون من بعيد إلى " كوزكو" المدينة العظيمة ، ليهدوا انتصارهم إلى اإلنكا ابن الشمس. وفي�انتي" بطل األنديز، القائد المحارب القوي والشاب الطويل و المنتصر . مقدمتهم يأتي "أوي

في مدينة " كوزكو" تم� تزيين القصر اإلمبراطوري من أجل استقبال أويانتي المنتصر ، وفيالعرش الذهبي ينتظر اإلنكا محاطا بهدايا عظيمة إلى القائد المحارب.

�يور" ، ومع أن اسمها يعني"نجمة" فان هناك والى جانّب العرش كانت زوجة اإلنكا واألميرة "كويعينيها كانتا حزينة وخافتة مثل الفوانيس عندما يشرق عليها نور الصباح .

تقترب الحاشية ، وتقترب معها أصوات النايات المصنوعة من قصّب السكر و من العظام، و كذلكتقترب أصوات الطبول الكبيرة ، وتسمع الجوقات وصرخات الشعّب الذي يهتف لألبطال.

�ون والمحاربون ، الذين ينقلون هدايا الذهّب واألحجار وإلى صالة العرش يدخل الموسيقيون والمغنالكريمة.

يعلن المنادي إلى الربان الكبير ابن األنديز ظهور أويانتي بثياب ملونة ، وهو عاري الذراعينوالفخذين ، وفأسه في الخصر ، والخوذة مزركشة برأس النسر .

يصل أويانتي، ويتقدم وينحني أمام العرش ،يتكلم وصوته رصين: _:"سيدي يا ابن الشمس لقد انتصرت كما أردت أنت ، وهنا عند قدميك كما الشعوب التي

هزمتها ، أضع الفأس التي أخذتها إلى المعركة، قل لي إن كنت استحق فضلك ؟ وإن كنت اقدر أنأقول لك رغباتي كما وعدتني، عندما خرجت إلى الحرب"؟.

فنهض اإلينكا واخذ أويانتي بين ذراعيه. ورفع أويانتي رأسه ونظر إلى األميرة" كوييور" ، فبقيتعيناها ثابتة في عيني المحارب القوي كوعد حّب صامت.

قال اإلنكا: م النصر البطولي ألفضل رجالي � =: " اطلّب!! اطلّب أيها الشجاع أويانتي ستجدني جاهزا ألكر

المحاربين.. تكلم وال تصمت.. فكل الخيرات تبدو لي أنها ال تكفي لتكريمك ". وبقي أويانتي صامتا ، تتجه نظراته ثانية لتتقاطع مع نظرات العيون الثابتة لكوييور اسم النجمة..

=:" تكلم اطلّب يا أويانتي "..ألح� اإلنكا,:" قل ما تشاء". فتحدث أويانتي :

�ر عن ذلك بنظراته إلى المحارب . _: "أيها السيد يا سيدي أريد نجمة ..لكن اإلينكا لم يفهم ، وعب-:" نعم أيها السيد العظيم أريد نجمة ، أريد كوييور ابنتك التي تهّب الحّب لقلبي" .

فارتعد اإلينكا ، واشتعلت عيناه كالجمر وبدأ فمه يرتعش قبل أن يتكلم :

=: " مستحيل هذا أبدا يا أويانتي ..فأنت بذلك تطلّب تدمير األعراف السماوية لإلينكا ، ففي جسد األميرة تجري الدماء المقدسة للشمس ، وكذلك دماء القمر ، وال يمكن خلطها بدماء اإلنسان. هذه هي قوانين اإلينكا ابن الشمس التي تريد أن تنتهكها. كيف يمكن أن يتسع قلبك لهكذا رغبة مرعبة

"؟ o وقال: رفع أويانتي نظراته عاليا

_: " أنا ابن األرض األقدم من القمر، وبخفقان من نار الجبال انولد في قلبي حّب� النجمة القوي، الحّب الذي ال ينهزم ، وهكذا تحبني كوييور، ولن تكون هناك قوة في العالم يمكنها أن تعارض ملكا

من األنديز ". =: "ال أيها المتشامخ أويانتي ! ال أريد سماعك ! ابتعد من هنا "..

وفي الوقت الذي تمكن أويانتي فيه من الوصول إلى البوابة، ويهرب ، تابع ملك اإلينكا صراخه: =: "أيها الجند ، يا جنودي اتبعوه! ال تدعوه يخرج من مدينة كوزكو ،فليمت قبل أن يصل إلى قمم

�ق قوانين أبناء الشمس والقمر ". جبال األنديز. أعلنوا الحرب عليه وعلى أتباعه، ولتطب وفيما بعد ثبت اإلينكا نظراته في "كوييور" الجميلة ، وفي عينيه سؤال ملييء بالحسرة .لكن

كوييور تحدثت بصوت واثق: *: "سيدي ابن الشمس .. أنت والدي اإلينكا مالك كل اإلمبراطورية ، لكن قلبي سليل القمر

والشمس قد احتله "أويانتي" نعم لقد احتله ". o، :" أبدا يا ابنة الدم المسمم بحّب إنسان, لن تمزقي قانون القدر. =: "ال ! "، صرخ االينكا مزمجرا

أنا سأمنعك. ستكونين مدفونة في بيت العذراوات المنذورات للشمس. وسوف تنتظرين هناكo لها. هذه هي قوانيننا.القوانين المقدسة ألبناء الشمس ". ساعات حياتك لتكوني عروسا

ماذا سيحل بك, يا كوييور الجميلة والحزينة يا اسم النجمة!؟ ماذا سيحل بك بين عذراوات الشمسفي ذاك المحفل المحاط بأسوار مغلقة وعالية!؟ ماذا سيحل بك بغير حّب أويانتي!؟

سوف يقد�مونك إلى الشمس كزوجة ، بحسّب معتقدات اإلينكا.. وبينما أنت تحلمين ببطلك فهم

Page 15: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

يطاردونه ، وهو يهرب ، يريد االجتماع بمحاربيه في الجبال . انك يائسة من غير أمل. الليل والشفق سيفاجآنك بعينيين مليئتين بالحّب الضائع. أيتها الجميلة والحلوة يا "كوييور" ! الحّب قريّب و يحيط بك مع األسوار العالية. انك ال تعلمين أيتها العذراء الشاحبة ، انك ستمضين إلى لقائه هذه الليلة في الحقل الذي تتمشين فيه مع أحزانك تحت

النجمات. انك ال تعلمين،لكن، "أويانتي" قريّب منك وسيأتي ،ألنه الشيء يمنع رغبته ، فلقد دخلإلى حيث األبواب قد أغلقت وها هو قريّب جدا منك وأنت اآلن تستمعين إلى قلبه في صدرك.

اآلن ستشعرين أنك مأخوذة كما لو كنت تطيرين على الذراعين الجبارتين ألويانتي ، يحمالنكبحالوة كما لو كنت ملتفة بغيمة تحت القمر الذي يرانا.

أنت ال تعلمين إلى أين تذهبين لكنك ستشعرين باألمان بين الذراعين اللتين تحمالنك ، وترفعانك إلى الجبال ، وسوف تشعرين بالنسيم العليل والنقي في القمم الشاهقة التي يصلها نسر

الكوندور.وهناك سوف ترتاحين في خيمة "أويانتي" التي شيدها من الجلود القوية, ستكون قلعةمن قالع األنديز ، يحميك فيها آالف المحاربين ، يحرسون القمم والطرقات واألعناق تحت النجوم. وأنت أيها البطل المقدام ، سوف تشعر بالسعادة ألنك تحديت قوانين اآللهة. إنها قلعة الصخور في

أعلى الجبال ، يحرسها آالف المحاربين األوفياء ألويانتي. وفي كل مكان توجد عيون يقظة فيالقمم وفي النهر الذي يجري في الوادي.

أما خيمة أويانتي فيحرسها المحاربون األكثر وفاء له ، ويصمتون كي ال يعكرون صفو أحالم األميرة�وا األسلحة و Zلعت من بين أبناء الشمس وتم تنصيبها ملكة وأم�ا ألبناء األرض الذين سن التي اقت

هييأوا صدورهم لقتال جيوش اإلينكا إن هي وصلت إليهم. ويمر ليل النجوم صامتا فوق بالد األنديز. ويخرج أويانتي من الخيمة ليتكلم مع قياداته فتصله أخبار

أن اإلينكا أرسل جيوشه ضد القلعة. وكل شيء جاهز للمقاومة ولالنتصار. فال أحد يقدر علىالوصول إلى أعلى قمة ، حيث توجد األميرة.

وفي الحال يأتي أحدهم ليبلغ عن وصول رجل جريح إلى بوابة السور والذي يقول إنه يحمل أخباراإلى "أويانتي".

ف أويانتي على "رومنيهوي" قبطان جيوش افيننكا ورفيق حروب � وعلى ضوء المشاعل تعر كثيرة ،الرفيق الذي كان قد أنقذ حياته. و "رومنيهوي" يأتي جريحا يقول: إن اإلينكا قد أقصاه عن القيادة وعاقبه بشكل قاس ألنه لم يتمكن من منع هروب أويانتي واختطاف األميرة ،وهو اآلن في

حالة حقد ويستعد للقتال ضد السيد القاسي. يأمر أويانتي بعنايته وحراسته ، ألنه ال يعرف أين يختبأ التزلف والخديعة في قلّب رومنيهوي . لكن جيوش اإلينكا أتت بصمت عبر الطرقات والجبال وعند بزوغ الشفق كانوا قد وصلوا إلى

الوادي الذي تسيطر عليه القلعة. ودارت حرب عنيفة بين جيوش اإلينكا ومحاربين اإلنديس فاحترقت الغابات ، وسقط مطر من

النبال و رعود من الحجارة تساقطت من المجنبات ، فالخديعة والخيانة سمحتا لألعداء بالتقدم بيندخان الحرائق.

أمر أويانتي رفاقه أن يأخذوا األميرة كوييور إلى ممر في داخل األرض ، ينفتح بين الصخور، ويتجه نحو السور الذي يحيط بصولجانه، لكن إلى جانّب السور كان الخائن يزحف ، ويتقدم ويقترب من

ظهر أويانتي ، ويفرغ ضربة جبارة من فأسه على رأس البطل، فسقط بطل اإلنديس مضرجoا بالدماء وفاقدا للوعي وسط حصنه المنيع .فبالخيانة فقط أمكن مهاجمة قلعة اإلنديس. فلقد زحف

المحاربون االينكا في الليل حتى السور ، وانتظروا إشارة النار التي أرسلها الخائن رومنيهوي. وتم اسر كوييور و أويانتي، وأخذهما إلى مدينة كوزكو، حيث كان االينكا العظيم قد اعد� لهما

العقاب. وصلت هوادج القضاة مرفوعة على حماالت من ذهّب. وأمام ابن الشمس احضروا كوييور و

أويانتي الجريح وبال خوذة وال سالح!! وفيما يحتفظ الكهنة بصمت مطبق وج�ه االينكا سؤاال إلى أويانتي

:" لماذا انتهكت معبد عذراوات الشمس "؟ وكان صوته يدوي ويهدد.. تقدمت كوييور وقالت:

" كنت أنا يا أبي وسيدي لم يكن الذنّب ذنبه ، بل أنا هربت إلى الجبل التبعه الن قلبي كان يوجهنينحوه ".

لكن ،أويانتي سيقول الحقيقة ، ينظر بحزم إلى االينكا ويقول: "هذه هي الحقيقة أنا اختطفت األميرة إني أحبها على طريقة حّب أبناء األرض وأخذتها معي،

أنقذتها من العقاب الفظيع الذي كان قد أعد� لها. فال يمكن للشمس أن تأخذ لها زوجات من لحم من بنات اإلنسان إنما فظاعتك ووحشيتك هما القادرتان على تقديم حياة األميرة الشابة ..أنا فقطمن يحبها وعندي االستعداد للتضحية بحياتي ألجلها وليس أنت أو الشمس التي تدعي انك ابنها ".

في عيني االينكا لمع برق من الحقد فقال: :" أويانتي أيها الزنديق!! اعترف بذنبك المارق. القانون سيطبق وسيحرق المذنّب بالنار

المخلصة.أما االبنة التي تدنست فسوف تنفى وتلقى إلى التشرد في الصحارى ".

Page 16: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

سمع أويانتي كلمات االينكا ونظر إلى كوييور، وفي النظرات كانت مواساتهم الكبيرة . سار المحارب صاحّب القلّب الذي ال يهزم، سار بخطوات واثقة نحو الموت وهو يفكر في كوييور

الحبيبة الجميلة. دت إلى الحقول والصحارى ، لكن في � مات أويانتي البطل !! أما كوييور النجمة الحلوة فلقد شرإمبراطورية االينكا يتذكر الجميع ذلك الحّب الذي وح�د ألول مرة بين ابن األرض وابنة السماء.

ومنذ ذلك الوقت والجميع يعبرون عن إعجابهم بكوييور اسم النجمة وببطل األنديس الذي أحبهاعلى طريقة أبناء اإلنسان.

الذاكرة الساحرة للهنود

على طول أمريكا الجنوبية تستند التربة إلى الجدار، الذي تشكله جبال األنديز في سلسلة من القمم الشاهقة تصعد وتهبط ، تتجمع وتفترق ، وفي وسطها توجد هضبة كبيرة ، هي الهضبة البوليفية ، حيث توجد هناك البحيرة العمالقة، وكأن

األعمدة الصخرية تحملها على ارتفاع أربعة آالف متر عن سطح البحر.

كان المسافر قد مشى أياما وأياما بين تلك السهول الشاهقة والمنعزلة والصامتة ، التي تشبهعالم ميت.

أحس المسافر بعاطفة قوية في تلك العزلة الجرداء ، في منطقة كأنها بحر من الحجارة , توقف لمرات عدة ، كي يستنشق الهواء الناعم الذي يأتي

من الذروات العمالقة لتلك الجبال الجبارة وقممها الثلجية ، تلمع في السماء الصافية. نظر القروي المسكين إلى البعيد ، حيث عاشت أجيال من الرجال صامتة لقرون ، مثل صمت

�ة بال ذاكرة . القمم الشاهقة .أجيال قديمة أكثر قدما من االينكا قد ضاعت هنا في أزمان مشاعي ومن بعيد رأى المسافر نقطة سوداء ، بدأت تكبر وتكبر مع المسير ، وفيما بعد انفلقت النقطة ،

وأفضت عن رجل هندي اقترب المسافر من الهندي وسارا معا بصمت في التربة الوعرة . مشيا كثيرا ووصال إلى هناك ، حيث األرض تنحدر بمنحنى عنيف ، حتى جرف عميق وواسع قريبا

من سور الجبال المائلة ، وكأنها مضطجعة على المنحدر. ومن عمق الحفرة الكبيرة الضخمة خرجت مثل حكاية عجيبة مدينة السقوف الحمر بأعمدة

بيضاء ، وبشجرات جذورها ضخمة، وبيوت وشوارع تتفرع وتتفرع على جنبات الطريق و السور، * " مدينة عمرها قرون من السنوات هي أعلى العواصم في العالم ، أعلى منla pazإنها " ال باث

أربعة آالف متر فوق سطح البحر ، مقامة على صحن رائع ، وساحر محاط بقمم الجبال والذرواتالتي تشبه عرف الديك.

أشار الهندي بإصبعه إلى المسافر عن المدينة وعن الجبال المقدسة وكانت عيناه تشعان بضياء ، والتي سالتAimaraذاكرة القرون، ذاكرة العرق البشري الذي تسري فيه دماء اإلله أيمارا**

في العصور األولى لمنطقة األنديس الشاسعة. قال الهندي:

�د الحياة للناس فيWirAkocha" انظر يا أخي ! عندما كان اإلله" ويراكوتشا " اله العمار كان يشي " اله الخراب كان يالحق خطوات اإلله الطيّبKjunoكل ما تراه عيوننا اآلن ،لكن اإلله "كجنو،

ويدمر كل شيء يبنيه". بجبال منKjuno " مدينة من الحجر ، فقذفها اإلله "كجنو Wirakochشيد اإلله "ويراكوتشا

الثلج ، فبنى اإلله الطيّب مدينة إضافية كي يحيا الناس ،لكن إله الخراب كان يدمرها ، و يدفنها " اله القوةNineبنفس القوة ،عندها استدعى اإلله "ويراكوتشا" إلها آخر لمساعدته هو "نيني ،

وأب النار. مادت األرض وماجت غاضبة وحارقة وظهرت حلقة من البراكين لحماية اإلله الطيّب "ويراكوتشا"

” مدمر العالم بثلوجه طلّب في الحال حماية من "هواياراKjunoوعمله الصالح. لكن، "كجنوHuayra اله الريح "

o محاطة بجبال من نار ،لكن عندما ينتهي , واستمر "ويراكوتشا" في كل الهضبة الرائعة يبني مدناo أخرى ، كان اله الريح ينفخ في البراكين ويطفئ لهيبها ثم يأتي "كوجنو ويغادرها وينطلق ليعمر مدنا

،Kjunoمتبوعا بثلوجه ويعيد تدمير كل شيء ، فتصارع اإلله "ويراكوتشا" الذي يبنى مع اإلله" "كوجنو" الذي يدمر، واستمر الصراع لوقت طويل.

وهكذا كانت المدن تبنى، محاطة بالبراكين، لتبقى فيما بعد خربة ومدفونة بالبرد. تعّب ويراكوتشا من تلك الحرب التي ال نهاية لها ،ففكر بطريقة يحمي فيها أعماله من غضّب

خصمه، فقام بالتالي: �ل ما تراه اليوم صحنا غرس وبشكل قوي كعّب قدمه الجبارة في تراب السهل الكبير، وهكذا شك

Page 17: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

عظيما ،والذي أقام المدينة عليه الحقا.. هل ترى هناك دروع الثلج في كل القمم الجبلية ؟ إنها جيوش اإلله "كجنو" التي ال تزال تترصد رغم هزيمتها ، فهم ال يجرؤن ، ولن يجرؤا أبدا على النزول إلى المدينة المحمية في هذه الحفرة ، فلقد

" أي مدينة المدن. المدينة األكثر ارتفاعا ،Markaأطلق اإلله وايركوتشا عليها اسم " ماركا ماركا واألكثر قدما لما كان وسيبقى ملجأ لإلنسان خالل قرون ،ملجئ آمن ومحمي في المكان الذي

” أي السالم.. La Pazحفره الكعّب المقدس، وكان اسمها "الباث، صمت الهندي أمام عيون المسافر الغارق في التفكير ، وعاد فيما بعد يحكي ببطء وبلهجة أكيدة

وبذاكرة قديمة: "نحن نعرف كل شيء عن عالمنا هذا ،عالم الجبال الذي ال يعرفه أناس آخرون.أقول لك الحقيقة ،

الن اآللهة أرادت أن يرى الناس هنا كيف انخلقت هذه الروائع؟ انظر إلى هناك !إلى الجبل وقممه الجبارة البراقة من الثلج فوق مدينة السالم "الباث" !!انه "

" سيد األنديس األعظم بين النسور!! Illimamniإييامامني /وسأقول لك ما حدث:

� "في الوقت المظلم ،ربما وتقريبا في الفجر األول عندما كانت األرض والجبال تتحركان ليأخذ كلمنهم مكانه، جاء نسر الكوندور العظيم جدا ليحط على سلسلة جبال يراقّب منها بناء األنديس !! مرت شموس وأقمار كثيرة كانت تتجاذب لتجد لها مكانا ، وفي كل األيام مع الغسق ،عندما كانت تولد النجوم كان نسرالكوندور يطلق جناحيه الهائلتين المشتعلتين ليطير في الليل بإشعاع مذهل ،

وفي النهار كان يعود دوما إلى االختفاء عندما تأتى الظالل. وهكذا استمر سنوات وسنوات وقرون يتحرك من أجل بناء كل هذا العالم الذي تراه ، وفي يوم من األيام، عندما رأى" ويراكوتشا" إله العمل أن مهمته انتهت ،وكانت كل الصخور والمياه والجبال قد

بقيت كل في مكانه بثبات، أراد ،و قرر أن يبقى الطير المشتعل المضيء الذي يراه الجميع، أنيبقى هناك أيضا والى األبد..

خفق نسرالكوندور العجيّب بجناحيه الهائلتين المنتشرتين على قمم األحجار، فسقطت الثلوج من السماء كأنها جبل من البياض البراق وله عدة قمم، تلك القمم الثالث هي في الحقيقة : رأس

الكوندور واألجنحة الهائلة التي ال يمكنها التحرك بعد.. مرة ثانية سكت الهندي أمام العيون الثابتة للمسافر وبعد هذا عاد يقول وكأنه راوي الذاكرة

المتقدة للهنود: "هناك أشياء أخرى نعرفها وال أحد غيرنا يعرفها ما لم يكن قد ولد هنا.. وإن كنت تستطيع استيعابي

فاسمع هذه الحقيقة أيضا: كان الزمن ال يزال ظالما ،واألرض تضخمت كثيرا عدة مرات ،وفي محاولة لها خرجت من الماء،

ونهضت إلى أن شكلت سلسلة الجبال هذه.. تحركت الجبال وجاهدت لتبقى عالية ومرتفعة ولها مكان ، بعضها بإكليل من ثلج وبعضها من نار

البركان، و بفضل تلك األنوار كان الجميع يرونها كمحاربين أشداء و غريبين إذ كان الزمان لم يزلظالما ، والسواد يعم..

أربعة من تلك الجبال تفوقت على ما تبقى بفضل قوتها، وكل واحد منها أراد أن يرتفع ويعلو أكثرويمتاز بالضخامة، وعندما ذهبوا إلى "وايركوتشا" كي يحكم بينها ويقرر، قال اإلله لهم:

"لن يكون أحدكم اكثر قوة من اآلخرين.. سيكون هناك أسياد أربعة لسلسلة الجبال وهم: سيد الضوء

سيد الحجارة سيد الماء

سيد الهواء سيد الحجارة وسيد الهواء اخترقا السماء بقممها الحادة و سيد الضياء وسيد الماء اتسعا وتمددا

مثل مناشير متعجرفة في اآلفاق، لكن في يوم من األيام كان سيد الهواء يغار من سيد الماء فقالإلى سيد الحجارة الذي يحسد بقوة سيد الضياء:

" توحد مع سيد النار فأنا سأقضي على سيد الماء وانطلق االثنان يزمجران ضد خصميهما". كانت المعركة كبيرة وشرسة بين األبطال األربعة المتحاربين ،خاضوها بدون تعّب طوال آالف

السنين ، وال يزالون يخوضون تلك المعركة ، فالثلوج والنيران والرياح والصخور تتعارض بقوة في عواصف وأعاصير و حمم بركانية محترقة و وكوارث طائحة.. مزقوا بعضهم ، وغرق بعضهم ،

لكنهم عادوا يبزغون ويظهرون اكثر عنفا و ال يموتون.. في النهاية وضع وايركوتشا الهدوء على األرض الهائجة والمتحارب عليها ، واصدر إرادته:

يبقى اآلن فقط ثالث أسياد في سلسلة الجبال هم: سيد الضياء ،وسيكون اسمه من اآلن فصاعدااق المشرق،و سيد الماء ، و سيكون اسمه من اآلن فصاعدا" اييمانيIllampu"ايامفو � " البر

Illimaniالرقراق المتأللئ ، وسيد الحجارة ، سيكون اسمه من اآلن فصاعدا " وايانا فوتوسي " Wayana Potosi ..الشاب الهادر الذي يجأر "

وأما أنت يا سيد الهواء فستدفع ثمن تمردك ، لهذا ستبقى وحيدا وفي األسفل. أطلق اإلله بمقالعه اإللهي حجرا من ذهّب على قمة الجبل المدببة ، فقصها كما تقص قصبة سكر،o في قلّب الجبل، وأما القطعة العلوية التي انشطرت عن القمة وهربت طائرة وسوى مكانا سديدا

فقد قال اإلله وايركوتشا لها: أنت ابعدي ابعدي أنت "ساهاما" أي المبعدة !! هكذا أناديك بسبّبتمردك.

Page 18: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

ومن تلك اللحظة بقي فقط ثالثة آلهة في سلسلة الجبال هذه التي تراها اآلن هي: o ووحيدة "ايامفو" و "اييماني" و "ايانا فوتوسي" ، أما " ساهاما “التي هربت ، فإنها موجودة بعيدا

في الجانّب اآلخر من السلسة الجبلية ،لكنها مغطاة بالثلوج متشامخة وعظيمة ورائعة. وصمت الهندي، وأحجم صوته القديم، وأخذ يشير بإصبعه إلى القمم الساحرة التي ال تزال تلمع

وتضييء كأنها ألغاز وأسرار عند الغسق ..

* حرف الزاي يلفظ ثاء باإلسبانبة )المترجم ( ** من اآل لهة التي يعتقد بها شعوب الهنود الحمر الذين سكنوا أعالي البيرو ) المترجم (

Araucanosارواكانوس

إلى الجنوب من تشيلي على شواطئ المحيط الهادئ تقع ارض "األرواكانوس"،ففي أزمان غابرة عاش هناك رجال لهم سحنة رائعة ، يحظون باإلعجاب والوقار، ستة عشر زعيم قبيلة تقاسموا السلطة على أرواكانا ، التي تمتد بين البحر وأعلى

قمم الجبال. عاش الناس على خيرات تلك األرض ، فحرثوها ورعوا أغنامهم، واألطفال كانوا

يدربون في الطريق ، حتى إذا وصلوا إلى أن يكونوا سريعين جدا فيكون بمقدورهم اللحاق بالشاة التي تهرب، وأصحاب العضالت األقوى كان يحتفظ بهم من أجل

القتال ، أو ليحملوا الفؤوس أو دبابيس الحرب الثقيلة ، أو يعدnون الرماح أوليطلقوا المقالع المخيف.

كان األرواكانوس شعبا من رجال أغنياء أقوياء في العمل أشداء أمام الجوع والبرد المجمد والحر الشديد ، لم يكن هناك أبدا من يقدر على السيطرة على قلقهم من

أجل الحرية. فال الملوك األقوياء وال شعوب غريبة اخرى وال قبائل محاربة شرسة قدرت أبدا

على احتالل السهول وجبال األرواكانس ، ولم يقدر أحد أن يطأ الوادي العريض منكل الطامعين بغناه بالفواكه والخيرات وبالمناجم والفضة والذهب.

Caupolicanكاوفوليكان

في يوم من األيام ظهر خلف سلسلة الجبال بعض الرجال البيض على ظهر خيول لم يروها أبدا منo ويملكون الرعد والنار التي قبل ، لم تكن معروفة ، كانوا مسلحين بحديد يلمع، يلبسون حديدا

تخرج من المدافع والبنادق القديمة فتقتل. أثار ظهور المقاتلين اإلسبان مفاجأة وخوفا كبيرين عند االرواكانوس الذين تساءلوا: هل هم آلهة؟ كانوا يقولون، ويصرخون، ويسألون: هل جاءوا من المياه ؟ أية مراكّب عجيبة وغريبة أقلتهم ؟ انهم

يحملون الصواعق بأيديهم، ويركبون دواب سريعة مثل الريح ،انهم آلهة انهم آلهة!! وألول مرة تم غزو أراضيهم ،و ألول مرة انتشر الرعّب والعبودية في قلوب االرواكانوس، فعاشوا

خانعين خاضعين إلرادة كائنات غريبة ، كانوا يبحثون عن الذهّب والفضة. الغزاة البيض أخذوا يتحولون إلى أفظاظ قساة فجبروتهم وإساءاتهم وأفعالهم الشريرة جعلتهم

ضعفاء وحاقدين. :ليسوا آلهة أيها االخوة انهم ليسوا آلهة -هكذا كان يصرخ نبالء االرواكانوس- انهم أناس شريرون

اضطهدونا وأذلونا وبمقدورنا أن نهزمهم فلننهض إلى الحرب نعلن الحرب والموت على هؤالء الغرباء، فلن يكون هناك راحة وسالم في قلوب أطفال االرواكانوس ما لم تنظف أرضنا ، وتتحرر

من هؤالء األبالسة.

Page 19: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

ومن الجبال ومن السهول نهض اإلستنفار ، يركض المراسلون بين غابات أرواكانوس من أجل تحريك وتجميع الناس ، وجعل زعماء القبائل يعقدون االجتماعات الكبيرة للحرب ، وهناك في

السهل الكبير بين الجبال بدأوا يتجمعون: "توكفال" مع ألفين من المحاربين ،"اونغولو" مع أربعة آالف، "كايوكوفيل" مع ستة آالف، "لينكوي"

مع ثالثة "ليموليمو" و" تفورين" و "كولكولو" وآخرين مع آالف من المحاربين الشباب. غاب فقط "كاوفوليكان" القوي والحائز على إعجاب الجميع.

كانت المجادالت قوية و حامية الوطيس بين زعماء القبائل، ليقرروا من الذي سيقود الحرب ضدالغزاة فصرخ "كايوكوفيل":

"عندي تحت األوامر العدد األكبر من المحاربين، وأنا مستعد ألجرب قوتي مع أي كان" فقال"تفورين":

"أنا جاهز للموت مع جميع رجالي ، وال أحد يتفوق علي في الشجاعة واستخدام السالح". المحاربون اآلخرون صرخوا أعلنوا عن حسناتهم وسخ�نت المنافسة الهمم، والمجادالت كادت

تتحول إلى نزاع بين الجميع، فتحدث "ليموليم" الشيخ والحكيم وقدم نصيحته: "أيها الزعماء الشجعان اتركوا سالحكم اآلن ، فاألفضل أن يرفع ضد العدو، جميعكم متساوون

بالنبل والقوة، امتحنوا قوة أذرعكم، وليكن الرئيس هو الذي يقدر على حمل الجذع األضخم فيغاباتنا على كتفيه من غير توقف أو استراحة.

أخذ جميعهم يمتحن أسباب الشيخ"ليموليم" ،والذي راح ينظر إلى الجبال بقلق، يرقّب قدومالعظيم "كاوفوليكان"

أحضروا جذعا ضخما من شجر البلوط ، حملوه بين ستة رجال أصحاب عضالت قوية، ومن شدةثقله فلقد أحضروه يجرونه بين الستة ، وأبقوه وسط حشود المحاربين، الذين يحضرون المسابقة.

يأتي "فايكابي" شاب طويل قاسي اللحم ، يحضن الجذع ويحمله، ويبقيه على كتفيه مدة ستساعات

و "كايوكوفيل" يستسلم قبل أن يصل إلى هذا الوقت بينما "فورين" و "اونغولو" أبقياه طيلة نصفنهار .

أمّـا "لينكويا" ا لقوي فيحمل الجذع بسالسة على كتفيه العريضتين جدا ، ويتمشى ويركضبالجذع ،منذ أن خرجت الشمس والقمر أيضا يفاجئه بنوره الساحر.

وعندما تصل الشمس إلى منتصف السماء، وتبدأ بالنزول نحو المغيّب، يسقط الجذع عن األكتافالقوية للينكويا .

كلهم يصرخون: لينكويا انتصر !! فلتكن قيادتنا له !! فلـ"لينكويا" الحظوة في أن يكون المسؤولاألعلى".

وفي هذه اللحظات يأتي ويتقدم كاوفوليكان، يأتي وحيدا من غير محاربين يرافقونه . كاوفوليكان: طويل، وقوي ومحارب متمرس ،وخفيف الحركة وله هيبة قوية وصارمة، والجميع

يقد�رون األقوى واألنبل.

يأتي "كاوفوليكان" عندما تبدأ الشمس بالغروب ، وكلهم يطلبون وقتا للراحة، ويقررون تمديدالمسابقة حتى اليوم التالي،

وعندما بزغ الفجر في أعالي الجبل حمل "كاوفوليكان" الجذع الثقيل على أكتافه الخارقتين. يطلع النهار، وتعلو الشمس إلى منتصف السماء، وتختفي ثانية خلف الجبال، والليل يظهر النجوم و"كاو فوليك" يروح ويجيء ببطء وبسرعة، دون أن يعطي إشارات تعّب، تعود الشمس للطلوع،

ويمضي نهار كامل ، ويخرج القمر ثانية بطلعته البهية ، ومرة ثانية يأتي الفجر ، ليرى "كاو فوليك"مع الشجرة على كتفيه.

وفي نهاية اليوم الثالث ،عندما تصل الشمس إلى نصف السماء يقفز "كاو فوليك" ، ويرمي الجذعالثقيل إلى بعيد ،فتهيج الحشود باالنفعال :انه األقوى انه األقوى انه "كاوفوليكان".

يضع الشيخ "ليموليم" الفأس الحجري في يد المنتصر، و من تلك اللحظة استعد االرواكانوسللقتال تحت أمر كوافوليك العظيم.

وبطوالته في الحرب ضد الغرباء كانت كثيرة ، ولم تفقدها الذاكرة، فلقد غناها الشعراء كما غنوامماته المفخرة من أجل حرية أرض أرواكانوس.

Guarantiesأرض الفضة

هناك حيث تقترب مياه نهر األروغواي ، قبل أن تتجه إلى المصّب العظيم الكبير للفضة في األرض عندGuaraniasالمقطعة بالجزر بين النهرين الكبيرين ، كانت تعيش قبائل هنود "الغوا رانيين* "

وصول الغزاة إلى هناك والى الجنوب في األراضي التي تحيط بـ"بوينس ايرس**" والى الشمال

Page 20: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

في الغابات على ضفاف االنهار . وآخرين من الهنود كانوا يعيشون هناك ،Querndiesومع الغوارنيون كان الهنود الكيرنديس،

يصطادون األسماك والطيور والحيوانات ، وكان بعضهم يزرع الحقول ، لكنهم كانوا جميعا محاربين. o أشداء كما قال عنهم الغزاة الذين خاضوا معهم معارك كبيرة وكثيرة ، وتركوا ذلك موثقا و مكتوبا

حكاية "اسافي" احدى حكايات الهنود الغواريين وهي موجودة في مؤلف للكاتّب األرجنتيني " ، ميالدي . 1612 " عام Ruy Diaz de Guzmanروي دياث دي غوثمان/ \

* من قبائل الهنود الحمر القدماء الذين يعتقدون باإلله غوارني وتسكن هذه القبائل في المنطقةالممتدة بين انهر الفضة والجبال البركانية )المترجم (

** عاصمة األرجنتين الحالية ) المترجم (

الفتاة " اسافي "*

كانت جميلة جدا تلك الفتاة "اسافي" ، ابنة رئيس القبيلة ،وكان والدها الشيخ ينظر إلى فتاتهبحنان كبير، كما يجّب على األباء أن ينظروا إلى أبنائهم غير السعداء.

كانت الشابة الهندية اسافي رائعة الجمال ، وقد أتاها خيرة المحاربين لرؤيتها ، والتقدم لخطوبتها، لكن اسافي لم تعط إجابة للذين تحببوا اليها ، فالفتاة األكثر جماال في القبيلة ال تبادل الحّب ، ألنها

كانت باردة وقاسية القلّب . o " !! ولم o ، لهذا كانوا يتندرون عليها ويقولون: " التي لم تبك أبدا لم تعشق "إسافي" ولم تطع أحدا

ير أحد دمعة منها في عيونها السود رغم معاناة أهلها . احدى ارتفاعات مياه نهر األرغواي أغرقت، واقتلعت األكواخ والخوص ، وأخذت إلى األبد النساء

واألطفال.. فرفع الشيوخ والشباب نحيبهم وأساهم إلى السماء لكن اسافي لم تبك. كانت عيناها الرائعتان السوداوان تنظران إلى بعيد بال مباالة بآالم اآلخرين ، فبدأوا يفكرون أن اسافي هي سبّب كل المآسي تلك ، فقالت احدى الساحرات :" دموع اسافي فقط تقدر على

تهدئة غضّب االلهة "!! لكن حل�ت مآس أخرى وأخريات ، وفي احدى المعارك مع قوم آخر أقوياء وأشداء كان على القبيلة

أن تهرب ، وتختفي في الجبال بعد أن وقعت الفتيات العذراوات األكثر روعة في أيدي األعداء ، وسقط أشجع المحاربين قتلى ، وتقلصت القبيلة إلى بضع نساء وحفنة من المقاتلين ، الذين أنقذوا

الشيخ الزعيم و لجأ جميعهم إلى الغابة، ومن ضمنهم كانت اسافي ، وفي عينيها لم يكن يلمعالدمع ،

فألقت الساحرة بيدها على طالسمها وسحرها ، علها تتوصل إلى نصيحة الفلك والنجوم ، وفيالنهاية قالت:

" كي تمر المصائّب من جانبنا وال تضربنا ، يجّب على اسافي أن تبكي!! لكن كيف نجعلها تبكي؟ فالشيخ الزعيم يكن� إلبنته حبا كبيرا ال حدود له!! فكيف يمكن جعلها تبكي؟ إذ أنها لم تكن قادرة

على إظهار ابسط عالمات الشفقة مع مآسي ومصائّب اآلخرين!! وهذا ما أراده الكهان والسحرة!!وكان بالضبط امتحان األلم في داخل أعماقها .

في يوم من األيام، كانت اسافي تتمشى في أحد دروب الغابة ،فخرجت للقائها امرأة عجوز محنية الظهر، وترتجف ، وبصوت فيه الكثير من الحسرة طلبت منها أن تقطع لها بعض األغصان اليابسة

لكوخها حيث حفيدها مريض ، ويكاد يموت من البرد . نظرت اسافي إليها بازدراء ، فركعت العجوز على ركبتيها ،وطلبت منها ، وتوسلت بصوت مفجوع ،

لكن الشابة الهندية تابعت طريقها.!! بعد قليل ظهرت لها امرأة ال تزال شابة، وعلي يديها طفل ، والدموع في عينيها.

اقتربت المرآة من اسافي ، كانت مالمحها تشير إلى إنها موجوعة ،وعندها فاجعة. وبصوت فيه الكثير من التوسل كشفت لها عن الطفل الذي يحتضر ، ورجتها أن تبحث لها عن بعض األعشاب

المفيدة القادرة على شفاء ابنها.

كانت اسافي تعلم أين توجد تلك األعشاب ، وفي أي مكان من الغابة ،فتلك األعشاب تطرد الموت، وكان بمقدورها أن تحضرها بمجرد أن تمشي قليال إلى جانّب الطريق ، لكن الشابة الهندية

الغريبة عن األلم تابعت مشيتها غير مكترثة .

Page 21: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

وما أن مشت بضع خطوات حتى ظهرت قوة غريبة ،جعلتها تتوقف ، و من خلف ظهرها سمعتصوت ساحرة القبيلة التي تقمصت الشيطان ، سيد األعمال الشريرة.

:آنيا !! يا سيد الظالل اجعل هذه الفتاة الباردة التي ال تواسي عجوزا و ال أمّـا ، اجعلها أن ال تكون !!o o أبدا أمّـا وال عجوزا

:آنيا !! يا سيدي اجعل هذه المرأة التي بال قلّب والتي لم تبك أبدا ، اجعلها تبكي لمدى الحياة.. :آنيا !!اجعل هذه المرأة التي كان عدم بكائها هو سبّب المآسي، اجعلها تحيا إلى األبد ، تبكي ومن

خالل بكائها تقدم الخير لآلخرين . o ، فتغوص o رويدا اسافي لم تقدر على سماع أكثر من الكلمة األولى للساحرة ،وأخذت تتحول رويدا أقدامها في األرض كجذور قاسية ، وتشعر بجسدها يتصلّب مثل جذع الشجر ، وصار شعرها مثل

األغصان المليئة باألوراق. وبعد انتهاء الساحرة من تقمصها كانت اسافي الجميلة الفاتنة الجمال قد تحولت إلى شجرة

خضراء ورطبة ، ومنذ ذلك الوقت تعيش وتحيا وتنمو في الغابات االستوائية ،هذه الشجرة الكريمةفاعلة الخير التي من أوراقها ينز ندى ناعم ومدرار يرطّب الهواء..

اسافي إنها العذراء التي تبكي دائما من اجل حماية اآلخرين ببكائها.. فالرجل الذي يصل متعباومختنقا من الشمس يشعر أن الشجرة تمنحه العذوبة كهدية..

.. o وتبقى تبكي الشجرة ، التي تحمل اسم العذراء الهندية فاتنة الجمال والتي لم تبك أبدا

*Isape

المرأة والفهدة*

في األوقات التي كانت فيها مدينة "بوينس ايرس"** ال يعدو كونها اكثر بقليل من حصن ،كانيعيش فيها جنود مع عائالتهم وكذلك أناس ليسوا بكثيرين.

هذا الحدث النادر والمثير لالستغراب بقيت ذاكرته لوقت طويل عند الذين عايشوه أو سمعوه ، ففي تلك األوقات كان الذين يعيشون في "بوينس آيرس" يعانون من الجوع القاسي ، لقد كان

ينقصهم أن يأكلوا و بشكل كامل ،فأكلوا األعشاب وكل أصناف الحيوانات في الحقول ،ووصلوا إلىحد من الجوع هدد أولئك الناس البؤساء بأن يأكل أحدهم اآلخر.

آنذاك كان يحكم السكان طاغية ، يفرض شروطا قاسية ، لم يحبه أحد فكلهم كانوا يعيشون حالة من االستياء ، وهذا يضاف إلى مرارة عدم مواساة الجوع والى بعض بلوى الوحوش المفترسة من النمور وفهود األونزا*** وقد اتو الى الغابات القريبة من الحصن ، وهددوا بالتهام كل من يبتعد عن

الحصن. كان الطاغية مسؤول المدينة، وتحت طائلة العقوبة بالموت ، قد منع أن يخرج أحد من مكانه ،

فازداد الجوع ومات ناس كثيرون .

احدى النساء اإلسبانيات لم تقدر على تحمل معاناة تلك الفاقة التي ال تطاق ، فعبرت السور الذي كان مبنيا للدفاع، ودخلت إلى أراضي هندية علها تنقذ حياتها . مضت لوقت ال بأس به على غير

هدى في الطريق وكان عليها االحتماء من عاصفة ، فدخلت لالختباء في كهف القتها في وهادالنهر ،

لكن فزعها كان كبيرا عند الدخول إلى المغارة ووجدت نفسها أمام أنثى فهد كبيرة وقوية كانتترتاح هناك في المغارة ، ولرؤيتها فقط فان المرأة سيئة الحظ سقطت مغميا عليها.

عادت إلى وعيها بعد وقت وعندما نظرت إلى مكان الفهدة رأتها ملقاة تلعق بحرص كبير شبلينكانت تحميهما بين ساقيها .

نظرت الفهدة إلى المرأة وفي عينيها شيء يشبه وهج الحنان والعطف على األشبال المولودينo ،وكل الذي أحست به المرأة هو أنها قامت واقتربت من األم وأشبالها ، وأخذت تمرر يدها ، حديثا

وتداعّب األم واألشبال ، وبعدها عاشت في ألفة صحبة الحيوانات الثالثة . لقد صارت المرأة الطيبة ترعى األشبال عندما تخرج األم الفهدة لتعود بلحم صيد للجميع . لكن في يوم من األيام خرجت المرأة لتسكت عطشها من ماء النهر ، فأفزعها بعض هنود

الذين كانوا قد خرجوا إلى الصيد هناك ، فأخذوها معهم إلى قبيلتهم . Querandiesالكيرنديس/ في هذا الوقت حدث الفعل غير العادي لهذه القصة إذ خرجت مجموعة من الجنود اإلسبان ،

Page 22: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

يبحثون عن األكل من القبائل المجاورة ، فوجدوا المرأة أسيرة عند الهنود فأنقذوها في اللحظةo ، فأمر أن تلقى إلى المناسبة ، وأخذوها إلى مسؤول حصن "بوينس أيرس" والذي لم يرها جيدا

الوحوش ليقطوعها ويأكلوها. أخذها الجنود إلى الخارج ، وتركوها مربوطة جيدا إلى شجرة على بعد فرسخ من القرية ، و في

تلك الليلة أتى رهط من الوحوش إلى المرأة الغنيمة ومن بينهم الفهدة التي كانت المرأة قدعاشت معها .

وعندما رأت الفهدة المرأة اقتربت إلى جانبها ، ولم تسمح ألي وحش باالقتراب منها ،وبقيت تدافععنها طيلة تلك الليلة واليوم التالي بليلته حتى اليوم الثالث .

ذهّب الجنود إلى هناك بأمر من القبطان ليتأكدوا من ميتة المرأة ، وبدهشة كبيرة رأوها ال تزالعلى قيد الحياة والفهدة عند قدميها مع الشبلين .

ابتعدت الحيوانة الوفية قليال عندما رأت الجنود ، وأفسحت لهم الطريق كأنها أشارت إليهم أن يصلوا إلى المرأة ، ويفكوا وثاقها حيث فعل الجنود ذلك ، وهم معجبون بذكاء وإنسانية تلك

الوحشة.. وبعد أن فك الجنود وثاق المرأة أخذوها معهم ليعفوا عنها ، بعد تلك المعجزة التي رأوها وبقيت

الفهدة تصدر إشارات وحركات، وتزأر بحزن كأنه تعبير عن اإلحساس بالوحدة !! بينما كانت المرأةتبتعد وتلتفت إلى الوراء وفي عينيها دموع الشكر واالمتنان للفهدة الطيبة..

* المقصود أنثى الفهد أو اللبوءة األمريكية ) المترجم ( ** عاصمة األرجنتين الحالية ، )سبق ذكرها (

*** الوشق البري

الكتاب الثاني

الكتاب الثاني

أساطير النار

أمريكا الشمالية

Page 23: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

الفتى وذئّب الكويوتي*

هذا ما يحكيه أصحاب السحنة الحمراء ، وقد حدث منذ سنين غابرة. في تلك األيام البعيدة ، حيث كان الناس فيها يفهمون لغة الحيوانات ، والتي كان فيها كلّب

الصحارى ، الذئّب األمريكي الخبيث المحتال، الرمادي اللون كان صديقا طيبا للهنود وقد أسموهكويوتي. في قبيلة هندية كان يعيش فتى له ساقان قويان مطواعان ، وله نظرات ثابتة وثاقبة .

كان يعيش وسط القبيلة ، لكنه كان يكثر القفز بين الغابات ،ويصعد إلى قمم الجبال، وكان يخوض"، رفيقه في الصيد وحتى في المنام . Coyoteفي األنهر، ال يفارقه صديقه حيوان الكويوتي"

وفي مرات كثيرة توقف لينظر كيف كان الرجال يحشرون األسماك بين شقوق صخور النهر، وكيف كانت النساء يقتلعن جذورا طازجة ، ويحفرن األرض بأحجار مسننة ، كان ذلك في أيام الربيع

الدافئة والطويلة ، لكن عند حلول الشتاء كان الناس يتراكضون بين الثلوج يهربون من البرد وكأنهعدوهم فكانوا يغرقون يائسين في أعماق الكهوف المظلمة.

كان الشاب الفتي ينظر بوجه قاس ، وهو يفكر بحسرات شعبه البائس والذي ال حول له تحتالسماء المثلجة، فقال إلى الحيوان الكويوتي:

" أنت ال تحس� بسكاكين البرد ألنك سمين ، ولك جلد كثيف الشعر. أم�ا هم فإنهم يرتجفون ويموتون ، قل لي يا صاحبي وأنت الذي تقود خطواتي في الصيد ، قل لي ماذا علي أن أفعل تجاه

شعبي كي ال يعاني أكثر "؟. � بعد قال الكويوتي:" ال شيء "!!وفي تلك الليلة لم ينم إلى جانّب صاحبه، ولم يعد إلى جانبه إال

انقضاء عدة أيام بلياليها الطويلة.عندئذ قال الكويوتي: " أنا أعرف ماذا عليك أن تفعل ، لكنه صعّب جدا وأكثر صعوبة من أي شيء ، كنت قد فعلته ،ولن

." o تقدر على فعله أبدافأجابه الفتى:

" قل لي ما هو؟ فأنا قادر على فعل كل شيء ما لم يكن مستحيال ".! قال الكويوتي: " اذهّب إلىجبل النار لتسرق قبسات من ذلك الوهج ، وتحضره إلى شعبك" .

سأل الفتى: وما هي النار؟ و ما هو الوهج ؟ أجاب الكويوتي: النار مثل وردة حمراء ،لكنها ليست وردة، إنها تركض بين األعشاب ، وتقضي عليها كما لو كانت دابة ،، لكنها ليست دابة مع إنها قوية ومريعة ، لكنها تتمدد على سرير بين

الحجارة ، وتقدم األشجار أغصانها لها لتأكل ، إنها أخ} طيّب} يداعّب النسمات واألشياء بألسن كبيرةاقة وساخنة. وإذا أمكنك إحضارها فإن شعبك سينعم بالدفء، و يخبئه كما لو أنك تخبئ قطعة � وبر

من الشمس. قال الهندي: نعم سأحضر تلك النار ساعدني. اتجه الفتى نحو شيوخ القبيلة ليطلّب مائة رجل لهم أفخاذ قوية وعضالت وسيقان خفيفة الحركة. فاصطف جميعهم في طابور ، يوجههم الكويوتي نحو

جبل النار.

مع انتهاء اليوم األول تركوا في الطريق الرجل األكثر ضعفا بالركض فيهم. وكان عليه أن يرتاح هناك ، وينتظر ومع انتهاء اليوم الثاني من الركض ابقوا رجال آخر ليرتاح وينتظر، وهكذا بدأوا

o تلو اآلخر مع نهاية كل يوم من األيام المائة للمسيرة. يتناقصون واحدا أم�ا الشاب صاحّب الساقين القويتين والملبيتين له برفقة الكويوتي فلقد بقيا وحدهما إلى المرحلة{را السهول وواجهتهما الجبال وفي النهاية و{ص{ال سوية إلى النهر الكبير الذي األخيرة من المسير ع{ب

يجري فوق رمال جميلة عند سفح جبل النار. كان الجبل يصل حتى الغيوم ، وكان في قمته شيء يشبه قبعة كبيرة من الدخان الكثيف.

في الليل كانت أرواح النار تتراكض ، وترقص في المجنبات على هيئة جذوات كبيرة ، بينما كانالنهر الكبير يلمع كما لو أن مياهه قد اشتعلت. قال الكويوتي للفتى:

o ألنني سأصل o ويقظا " انتظرني هنا سأذهّب ألحضر لك قبسا من وهج الجبل ،انتظرني وكن مستعداo ،وعليك أن تتابع راكضا إذ أن أرواح النار سوف تالحقك ". منهكا

o و وبدأ الكويوتي يصعد الجبل ويختبئ خلف األحجار ، لكن أرواح النار اكتشفته، وعندما رأوه نحيفاo سخروا من رائحته غير العدوانية ، متسخا

لكن عند حلول الليل وعندما بدأت األرواح بألعابها ورقصاتها في ألسنة اللهّب الكبيرة ، تمكن الكويوتي من أخذ لسان كبير و طويل ، وهرب به هابطا الجبل بسرعة. وبطريق مستقيم كانت

ألسنة اللهّب تركض خلفه ، تصدر زئيرا كأنه زئير لبوة تحترق. رأى الشاب صديقه الكويوتي يهبط الليل مثل نجمة تهرب من السماء ، كانت أرواح النار تتبعهكأنها نهر من الوهج ، وراح يتساءل :هل تقترب القبسة المشتعلة؟ هل تقترب ؟ هل تصل؟؟

وقع الحيوان الشجاع أرضا ، يكاد يختنق ، وقواه تخور فأخذ الشاب تلك القبسة المشتعلة وبدأ بالركض والركض ، وأرواح النار في الجذوات تركض خلفه ،والفتى يتابع الركض ، ويمضي مثل

سهم، كي يصل إلى الرجل األول ،الذي تركوه يستريح وينتظر، و يده ممدودةليستقبل الجذوة ،

Page 24: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

ويبدأ بالركض بها سريعا كسهم انطلق من قوس. وهكذا تستمر الجذوة من يد إلى يد دون توقف ، وأرواح النار تركض خلف الشعلة المسروقة ، إلى جبال الثلج التي ال يقوى الناس فيها على البرد . استمرت النار في الهواء تنتقل من يد إلى يد بين

الراكضين ، فكانت صفراء وجميلة في النهار ، وفي الليل حمراء رائعة. o من األحجار وصلت الشعلة إلى الرجل األخير، ومنه إلى القبيلة ،وهناك صنع الرجال لها سريرا

وسط المغارة، بدأوا يطعمونها بحّب يقدمون لها األغصان اليابسة، ومنذ ذلك الوقت ابتهج الناس بحّب تلك الشعلة عدوة البرد ، والفتى الهندي النبيل أصبح معروفا من قبل الجميع انه الشجاع

الذي اكتشف النار . والكويوتي أيضا منذئذ يمكنه إن يعرض والى األبد أثار عمله المعطاء، وحتى هذا اليوم تحتفظ

ساللة الهندي بالجلد األصفر ، وكيف احتمس بالنار كذكرى لمأثرته الشجاعة.

*Coyote ) نوع من الذئاب بحجم الكلّب الكبير يعيش في المكسيك وامريكا الشمالية )المترجم

نيوزيلندا

مانوي الذي أحضر النار

عن البطل يتحدثون ، عن مآثر عجيبة ليست للبشر، كان مانوي هو الذي أخرج من أعماق البحرالجزيرة نيوزيلندا الكبيرة ، وتركها على سطح المياه في نفس المكان الذي تقع فيه اليوم .

كان مانوي هو الذي اخترع نابا للحربة كي تطبق جيدا على األسماك ، وكذلك اخترع سلة بها فخكي يحشر سمك الحنكليس .

كان مانوي هو الذي احضر النار إلى الناس وهو الذي جعل اليوم يطول كفاية كي يتمكن الناس منالعمل جيدا .

ومانوي فعل أشياء كثيرة من أجل خير الناس ، وهي أشياء ال يمكن تعدادها لكثرتها . عندما ولد مانوي كان بشعا ومشوها، فتركته أمه عند شاطئ قاحل ، لكن آلهة البحار حمته ، و

"تامانويكي تي رانجي" وهو أحد أسالفه األجداد ، وكان في السماء ، فقد أخذه إلى هناك ،وعل�مهكل� األشياء غير الطبيعية التي كان يعرفها، وهكذا كان.

عندما شّب� مانوي عاد إلى األرض ليبحث عن عائلته ، وعند وصوله عثر على إخوانه وهم يلعبون بالحراب عند شاطئ البحر ، وعند مشاهدتهم لذلك الفتى البشع انفجروا جميعهم بالضحك لكنه

قال لهم: "لماذا تضحكون؟ أال ترون إنني أخوكم الصغير" ؟ لكنهم لم يصدقوه ، وكذلك أمهم التي قالت له:

" أنت لست ابني "!! فأجابها مانوي: أال تذكرين عندما تركتيني في ذلك الشاطئ القاحل؟

آه!! نعم صحيح ، لقد نسيت !!أنت مانوي!!قالت األم وهي نادمة لكن سعيدة في الوقت نفسه منعودة ابنها ورؤيتها له. فبقي مانوي مع أهله .

وعندما صعد أشقاؤه إلى القارب الصغير بهدف الصيد قال لهم: "أريد الذهاب معكم "، لكنهمرفضوا قائلين:

" ال ، إننا ال نحتاجك " . لكن أخوة مانوي كانوا يصطادون بشكل قليل إذ أن الحراب لم يكن لها أنياب كي تطبقها على

األسماك ، فعلمهم مانوي كيف يعملون حراب بأنياب في طرفها ال يمكن إن تفلت األسماك منها. في يوم أخر ذهّب األخوة الصطياد الحنكليس ، لكنهم اصطادوا الشيء القليل إذ أن اسماك

الحنكليس كانت تخرج من الباب نفسه الذي دخلت منه في سالل الصيد ،عندها اخترع مانوي فخافي باب سلة الصيد، كي تدخل اسماك الحنكليس وال يمكنها الخروج .

وعلى الرغم من ذلك فان أخوة مانوي لم يحبوه ، ولم يرغبوا بان يذهّب معهم في الزورق ، لكنه في يوم من األيام اختبأ مانوي في قاع الزورق ، وتغطى بألواح األرضية ، وعندما كانوا في أعالي

البحار قال اخوته:" ما أحسن أن نمضي من غير مانوي "!!

Page 25: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

لكن صوتا قد خرج من القاع يقول: " إنني هنا !! ورفع مانوي األلواح ، وخرج . فغضّب األخوة كثيراولم يرغبوا بإعطائه صنارة كي يصطاد .

لكن مانوي لم يغضّب ، وبدأ يصطاد بصنارة سحرية كان يخبئها معه ، وكانت مصنوعة من فك أحدأسالفه القدماء.

لم يرغّب أخوته بإعطائه طعما، عندها ادخل مانوي رأس الصنارة في أنفه ، وبللها بالدم ، ثم رمىبها إلى الماء.

o ، لكن مانوي o ، وقد اعتقدوا أن مانوي لن يصطاد أيضا لم يكن أحد من األشقاء قد اصطاد شيئاانتظر حتى ينزل شص الصيد إلى األعماق أكثر.

قال إخوانه له: " لماذا أنت هكذا عنيد جدا ؟ ال يوجد هنا صيد !! هيا نذهّب إلى مكان أخر "!! ضحك مانوي وبقي ينتظر، وفجأة أحس بحركة شد قوية في الخيط الذي جعل الزورق الصغير يكاد ينقلّب ، ثبّـت مانوي الحبل بقوة ، وساعده إخوانه بذلك ، ورويدا رويدا بدأ يصعد شيء مرعّب من

o o جدا األعماق ، وعندما وصل إلى السطح بقي أخوة مانوي مشدوهين ، إذ إن ذلك الشيء كان كبيرا ،غطى كل مساحة البحر على مد النظر ، ولم يكن ذلك أقل من "تي- اكا - آ - مانوي " أي السمكة

التي اصطادها مانوي ، وهي جزيرة نيوزيلندا الكبيرة . o من اللحم ،لكن في كل مكان غرسوا قفز اخوة مانوي فوق الشيء المريع ، كي يقصوا منه قطعا

سكاكينهم فيه ، فقد تحول إلى وهاد، وفي كل مكان سلخوا الجلد منه ،فلقد تحول إلى جبال.. Maoriesوهكذا انولدت نيوزيلندا من أعماق المياه والتي أصبحت الحقا أرض الماورييس*

o، و " تامانويترا "أي الشمس كانت o جدا ومع مرور الوقت انتبه مانوي إلى أن النهار كان قصيراo للناس ، يمكنهم من إتمام o كافيا تنهض ، وتجوب السماء بسرعة ، وتعود من غير أن تمنح وقتا

أعمالهم. فكر مانوي بان عليه أن يجبر الشمس على أن تسير ببطء أكثر ، فقال مانوي إلخوانه: " فلنربط

الشمس كي تسير ببطء وهكذا يكون للناس وقت أطول كي يتموا أشغالهم".

فرد�وا عليه:كيف لنا أن نفعل ذلك؟ أال ترى أن الشمس تحرق كل من يقترب منها؟ فقال مانوي: " لقد رأيتم ماذا أمكنني فعله، ألم أرفع جزيرة تي-آ- مانوي من البحر؟ وكذلك

." o بإمكاني أن أفعل أشياء أخرى بل وأكبر أيضا "، وبحث عن أربطة من حريرHinaاقنع مانوي أشقاءه واقتلع خصلة من شعر رأس أخته "هينا،

اخضر ، حتى يتمكن إخوانه من ضفر الخيوط بقوة. تذكر مانوي ما كان قد علمه إياه سلفه الذيكان في السماء ، وكيف تكون لألوتار قوة سحرية فائقة.

صنعوا بتلك الخيوط شبكة كبيرة ، حملوها ومخروا حتى نهاية العالم إلى المكان الذي تخرج منه الشمس كل صباح، استغرقوا عدة شهور في الوصول إلى نهاية العالم ، ووصلوا إليه في ليلة

مظلمة ،عندها علقوا الشبكة أمام الحفرة التي كانت الشمس ستخرج منها. عند الصباح خرجت "تامانويتيرا" ، ووجدت نفسها مطبقا عليها في الشبك السحري. حاولت أن

ترخيها، ولم تستطع، كان األخوة يمسكون الشبكة بقوة وثبات، و ربطوها بأوتار جديدة. كانت الشمس تنتفض على الجانبين تريد أن تقفز ، وحاولت تقطيع الحبال ، لكن الحبال كانت قوية

جدا. عندها تقدم مانوي حامال عصاه الحربية المصنوعة من عظم أحد أسالفه ، وبدأ يضرب الشمس ،لكنها أخذت تقاوم، وبدأت تنشر جرعات كبيرة وساخنة جعلت األخوة يتراجعون ، لكنها

لم تجعل مانوي يتحرك من مكانه ، وهكذا استمر الصراع بينهما وكانت الشمس تصرخ: : "أنا"تامانويتيرا" الجبارة !! لماذا انتم ضدي" ؟

o ، والناس ال يوجد عندهم الوقت الكافي للبحث عن =: " ألنك تجوبين السماء بشكل بطيء جدااألكل وهم جياع ".

: "وأنا أيضا ال يوجد عندي الكثير من الوقت ألضيعه" !! أجابت تامانويتيرا. عندها استمر مانوي بالضرب ، حتى وهنت الشمس ، واستسلمت عندها قالت: : " كفى من فضلك سأمشي بشكل

أكثر ". وبهذا الوعد سمحوا لها بالخروج من الشبكة ،وهي أوفت بوعدها . ومنذ ذلك اليوم تعبر السماء ببطء ، وأصبح للناس وقت أطول لتجفف مالبسها ، وتحصل على قوتها ، لكن بعض الحبال التي

ربطوا الشمس بها بقيت ملتفة عليها، ويمكن رؤيتها كأشعة تومض ، وهي تخترق الغيوم. كل هذاالمآثر، أنجزها مانوي ، لكن شعبه لم يكن يعرف أبدا كيف يشعل النار.

قرر مانوي إن يكتشف سر مناطق النيران. عندها نزل في حفرة وجدها في األرض ، وكانت فيها "مافوكي" آلهة النار فطلّب مانوي منها جذوة، فأعطته أحد أظفارها المشتعلة ، فخرج مانوي

o "!! لكن أهلي مهتمون بمعرفة كيف يشعلون النار لهذا بالظفر وفكر: " هذا ال ينفعني، إنها نار حقاأطفأ الظفر المتوهج في تيار ماء وعاد يطلّب النار مرة ثانية.

أعطته مافويكي ظفرا مشتعال أخر، لكن مانوي أطفأه وعاد يطلّب النار من آلهة النار ،وللمرة الثانية أعطته مافويكي ظفرا مشتعال آخر ، فأطفأه مانوي في تيار الماء نفسه، وللمرة الثالثة عاد

يطلّب النار من آلهة النار ، وللمرة الثالثة أعطته ظفرا مشتعال.

وأعاد مانوي الكرة لتسع مرات ، إذ أطفأ النار في الماء تسع مرات ، وعندما جاء للمرة العاشرة إلى آلهة النار وطلّب منها آخر أظفارها المشتعلة قبضت عليه ، ودفعته مافويكي إلى النار بشكل

Page 26: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

قوي ، لكن مانوي تمكن من اإلفالت بسرعة كبيرة ، ولم تتمكن من اإلمساك به ، وإثناء هربه كانيشتمها حتى اشتاطت غضبا فاقتلعت آخر أظفارها المتوهجة وألقتها كي تصطاده.

o في الحقول وفي الغابات، وكان على مانوي إن يهرب أمام تقدم السنة اللهّب ، أحدث الظفر ناراوفي النهاية طلّب مساعدة المطر التي هطلت بسيل جارف، حتى أطفأت الحريق الكبير.

�أها داخل أشجار وعندما رأى مانوي أن آخر نار في العالم تكاد تنطفئ التقط بعض الجمرات ، وخبالغابة .وهكذا بقيت النار في العالم.

* تطلق على سكان جزر نيوزيالندا في االقيانوس ) المترجم (

اليونان

بروميثيوس والنار

في البالد التي نسميها اليوم اليونان ، وقبل قرون من الزمن كان قد عاش فيها شعّب الهيلينيين أواإلغريقيين القدماء. وهو من أكثر الشعوب حكمة في ذلك التاريخ القديم.

في تلك البالد يوجد جبل عال تختبئ قمته بين الغيوم، اسماه اإلغريقيون آنذاك بالجبل األولمبي,�ارة ،هي وقد تخيلوا أن قمة الجبل كانت بمثابة السماء حيث تعيش فيها آلهة كثيرة صاحبة قوة جب

التي خلقتها. o فكلما كان كان زيوس بمثابة الملك ، وسيد جميع تلك اآللهة. كان اإلله األعظم واألكثر جبروتا

يغضّب كان يطلق الرعود والصواعق فوق األرض ، فتختبئ الناس وهم يرتجفون من الخوف حتى أن اآللهة اآلخرين كانوا يرتعدون خوفا. كان زيوس قد أخذ من جبل األولمبي مملكة له، يحيط به

اله الشمس والهFebo " اآللهة الملكة وأوالدهم، وفيبوHiraمجلس كبير مؤلف من: زوجته "هيرا ، ، اآللهة القمر آلهة الصيد وحامية الشباب، وبالسArtemisaالموسيقى والشعر، واآللهة ارتميسا

أثينا آلهة الحكمة، وآرس اله الحرب ، وحادس اله الثروات ، وافروديت آلهة الحّب والجمال ،وهيرميس* اله التجارة ،والهة آخرون كثيرون.

بين تلك اآللهة الكثيرين والكائنات فوق الطبيعيين الذين عاشوا في جبل األولمّب كان بينهمبروميثيوس العظيم ، الذي تجرأ على تحدي اإلله الملك المرعّب.

Zخلق الناس بكثير من الزمن. كان بروميثيوس واحدا من الذين خZلقوا على األرض قبل أن ي

فلقد كان بروميثيوس مسؤوال عن خلق اإلنسان نفسه, فقد أخذ حفنات من تراب اليونان ، وعجنها بالماء ، فصنع شكل إنسان، وأعطاه الحياة والقوة كي يمكنه مضاعفة نفسه، وصنع قواما للهيئة البشرية وكما تخفض الحيوانات رؤوسها لتنظر إلى األرض فلقد جعل اإلنسان يرفع رأسه لينظر إلى السماء. أحّب بروميثيوس الناس الذين خلقهم ، وأراد لهم الخير مما تعطيه األرض وكل ما

يمكن أن يمنحهم السعادة. لكن زيوس العظيم شعر بأنه مهتاج ألن بروميثيوس فض�ل الناس بمعاملته ، فلقد أرادهم زيوس أن يكونوا خانعين وبائسين، لم يكن يرغّب في أن تكون لهم أية قوة

لخوفه من أن يجرؤا في يوم ما على االستيالء على مملكته. o ،وهو ينظر إلى الناس وهم يواصلون حياتهم، وهو على أتم االستعداد لكن بروميثيوس كان سعيدا لخدمتهم حتى ولو كان عليه إن يتحدى غضّب زيوس. كان يراهم وهم يروحون ويأتون نشيطين،

سعيدين . ه، رأى بروميثيوس الناس وقد كف�وا عن لكن عندما جاء الخريف وأطلق أول برد الشتاء ص{فير{

الفرح، ورآهم يرتجفون ويظهرون عالمات األسى. كان للحيوانات جلود سميكة كثيفة الشعر، وبإمكانهم أن يلجأوا إلى كهوف األرض لكن اإلنسان لم

يتمكن من حماية نفسه وكان يعاني. �ر أن يحضرها إلى األولمّب الذي ال يقربه فصل تأثر بروميثيوس بآالم المخلوقات التي خلقها.فك

الشتاء ، لكن زيوس كان هناك، ولم يكن يسمح بدخول المخلوقات البشرية إلى هناك ،فكان علىبروميثيوس أن يفكر في طريقة أخرى لمساعدة البشر.

، أحد أبناء زيوس المعاقبين فيHefaistoفكر و فكر ، وجاء يذ�كر اله البركان "هيفايستوس، العمل في إحدى أكوار الحدادة الكبيرة جدا على األرض ، حيث كان يصهر الصواعق والسالح

Page 27: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

لوالده. قال بروميثيوس:" أجل ، يمكن للبركان أن يمنح القليل من نيران المرجل". خرج بروميثيوس ليال

من جبل األولمّب ، وأخذ يهبط من نجمة إلى نجمة كي ال يكتشف زيوس أمر مغامرته هذه . وعندما وصل إلى األرض بحث عن كهف عميق إلى جانّب البحر ، ومن خالل مغارة بين الصخور أخذ ينزل وينزل عبر زوايا حجرية ، وهو يبحث عن كور اإلله، وفي نهاية الطريق المعتم خرجت

شرارة من النار، وهناك وصل وأمام البوابة الضخمة لمحددة البركان نادى بضربات قوية ، اهتزت بين ضجيج السنديان والمطارق ، فانفتحت البوابة وتفاجأ البركان عندما رأى بروميثيوس، كان

بروميثيوس يعلم جيدا أنه يمنع على البركان أن يوقف نيران اآللهة ، لكنه حاول أن يؤثر على قلبهفقال له:

" لقد خلقنا الناس ، وهم يعيشون هنا ، ويعبدون زيوس ، لكن فصل الشتاء قد حل� ، وهم يعانونويموتون من البرد ، وال يمكننا تركهم بال رحمة"!!.

" نعم ! أجاب البركان حقا! ما تقول، لكنك تعلم جيدا إننا ال يمكننا فعل أي شيء من أجل إنقاذهممن غير أن يقول زيوس ذلك"!!

وتابع البركان يصهر األحمر الحي� يحوله إلى صاعقة سماوية. في تلك اللحظة التي تظاهر البركان فيها بأنه منهمك في عمله، قام بروميثيوس وبسرعة بإضرام

شعلة ، وهرب بها وسط العتمة بين الصخور.

في ذلك اليوم لحق الناس ببروميثيوس وأحاطوه ، وهو يحمل وهجا في قبضة يده ، فقدم لهم النارعدوة البرد وقال لهم:

�ة بأن تقدموا لها أغصان األشجار اليابسة ". " يمكنكم إن تحافظوا عليها ، وتبقوها حي وارتفعت صيحات وأغاني االمتنان لصديق الناس الذي أحضر لهم الوهج الذي يعطي الضياء والدفء

، ويصهر المعادن على شكل محراث وأسلحة الصيد و عملة النقود . اشتاط زيوس غضبا ،عندما علم أن الناس امتلكت النار، وهو الذي كان قد أقفل عليها في جوف

األرض ، فهبط إلى السرداب ليسأل البركان: �ئه "ا؟؟ " هل كنت أنت من منح النار التي أعطيتك لتخب

أجاب البركان وهو يتمنى أن ال ينكشف أمر بروميثيوس فقال: "ال !!ال لست أنا!! فأنا من عمل واشتغل عندك ، فصنعت لك أجمل األسلحة والتي لم يكن أحد قد�ع نظرك بهذه األسلحة". لكن زيوس لم يتوقف عن سؤاله حتى يعرف صهرها من قبل ، تعال و مت

الحقيقة، وقال للبركان: �د بروميثيوس بها Zقي " أط�عني اآلن !! اصهر السالسل األكثر صالبة من نيران الكور هذه ، سوف أ

هناك على صخرة في أقصى األرض، وسوف يقوم أحد طيوري الجوارح وليكن النسر بتعذيبه ليالونهارا والى األبد".

وعاد زيوس إلى األولمّب ، بينما بدأ البركان بصهر السالسل ، ولما انتهى أخذها إلى صخرة كبيرةسZلZ زيوس ومعهم بروميثيوس . Zفي القوقاز ، حيث كان هناك ينتظره ر

�ت فيها الحديد ، وربط السالسل في زندي وعقبي بروميثيوس ، ثقّب البركان الصخرة الكبيرة ، وثبوأدار اإلله البركان رأسه وابتعد بخطوات طويلة حتى ال يرى البطل وهو يتعذب.

o نحو السماء ،وفوق الصخرة بدأ طائر النسر o بالسالسل، ووجهه مرفوعا وبقي بروميثيوس مقيداo بعد يوم. يحوم، كي يلتهم أحشاءه يوما

كان بروميثيوس على ثقة بأن� الناس لن تعاني البرد بعد، وهذا ما كان يواسيه في عذابه فلم يدع ** "Herculesاأللم يهزمه ، ولم يفقده األمل بالحرية. وفي يوم صادف فيه أن مر� "هيركوليس،

بالقرب من الصخرة التي قيدوا بروميثيوس عليها و رأى هيركوليس كيف كان النسر يهبط ليلتهم الكبد من الصدر المفتوح للرجل العظيم غير القادر عن الدفاع عن نفسه ، فأحس� بالغضّب من

قسوة التعذيّب . استل هيركوليس قوسه الضخمة ، ووضع السهم القويم وأطلقها على قلّب النسر ، ثم صعد إلى الصخرة وبذراعيه الجبارتين حط�م سالسل القيود ، لكن إحداها بقيت عالقة في قدم بروميثيوس

وبها أيضا القاعدة التي ثبتت مع قطعة من حجر الصخرة . {مضيتZ هنا سنوات وسنوات إلى أن جئت أنت قل لي يا هيركوليس قال بروميثيوس له: " لقد أ

كيف يمكنني مكافأتك " ؟ اصطحّب بروميثيوس هيركوليس ليريه إحدى مآثره ، وعادا فيما بعد إلى حيث يعيش الناس كي

ون برؤيتهم. �يساعدوهم ويسرo ، فغضّب، لكنه ظن� أن� قراره قد تم o طليقا لكن ومن وسط األولمّب رأى زيوس بروميثيوس حرا

تنفيذه ، إذ أن البطل كان يجر السلسلة وهي مثبتة بقدمه ، وكذلك كان القيد مثبتا بقطعة الصخر. عاد بروميثيوس إلى األولمّب ، ليواصل حياته مع اآللهة لكن على األرض لم ينسه الناس أبدا .

كل سنة يقيمون احتفاال على ذكراه ، حيث الشباب األكثر قوة واألكثر سرعة بالركض يتناقلون في قبضاتهم جذوة مشتعلة ، ويركضون بها في المدن اإلغريقية ،في احتفاالت سباق تخليدية للبطل

الذي جلّب النار ، وتكريما لصديق الناس المثال األعلى للتمرد على الجور والطغيان.

Page 28: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

* هذه األسماء أطلقها الرومان على اآللهة اإلغريقية: زيوس)جويبتر(و هيرا)جونو(وفيبو )ابولو( ارتيميسا)ديانا( فاالس اثينا )مينيرفا( آرس) مارتي( حادس )بلوتن( افروديت)فينوس(

هيرمس)ميركوري( ** رمز القوة الجسدية ) المترجم (

الكتاب الثالث  

اليابان

إحدى روائع جزر المحيط الهادئ هي اليابان ، أرض ممتلئة بمناظر طبيعية خالبة وبالحدائق والهضبات الناعمة وبفوهات البراكين. والشعب الياباني صاحب ثقافة

قديمة ،جعل من بلده أحد أهم البلدان الصناعية المتقدمة في العالم. لكن شواطئ اليابان عانت دائما من آثار الزالزل وثورات البراكين ، إذ تدمرت

وانمحت مناطق عدة من الشواطئ اليابانية . حكاية الناطور العجوز تروي إحدى هذه الكوارث :

العجوز غوارديان

أية سعادة نشعر بها عندما ننظر من أعلى إلى السفن في البحر كأنها مرآة!! لكن الصغير الذياسمه "ين " شعر بتلك السعادة ، وهو على قمة الجبل.

كان "ين" الصغير بال والدين ، لهذا ذهّب مع جده ليعيش في ذلك الكوخ الصغير في الجبل، وسط حقول األرز البراقة كالذهّب. وهناك، كان يتمتع بالهواء النقي ، وبالشمس وبالحرية مثل الطيور

فهناك يمكنه الركض واللعّب بسعادة ويقول : " حقا يا لروعة العيش في ذلك الريف الهادئ حيثيعم السالم ! " .

كانت القرية الصغيرة تقبع في أسفل الجبل ، وتمتد على طوال الشاطئ قبالة البحر المتوهج منالسماء .

o ، كأن بعضها نمل كبير واآلخر نمل صغير، أما الشيء والصغير "ين" كان يرى األشياء صغيرة جدا الوحيد الذي كان بين الجبل والبحر فقط فهو حزام من التراب ، حيث أقام الناس عليه أكواخهم

وبيوتهم ، بينما كانت الحقول المزروعة تمتد على طول سفوح الجبل ،حيث كان يعيش الصغير ينإلى كنف جده ، أمام مساحات حقول األرز.والتي كان الصغير ين يعشقها.

o على الدوام للمساعدة في العمل ، فيفتح السواقي للري وال يوجد أحد مثله في كان "ين " جاهزاإعطاء الحبوب للعصافير أثناء الحصاد .

o ، فذلك العجوز القوي والرصين كان أفضل كان "ين " يشعر بالسعادة ألن جده كان يحبه كثيرا الرجال ، وهما يعيشان في الكوخ الصغير اللطيف والنظيف ، فكان "ين" على يقين أن األطفال

اآلخرين كانوا سيحسدونه على ذلك. في يوم من أيام السنابل الصفراء التي تضيىء كالشمس نظر العجوز إلى البعيد إلى أفق البحر

بنظرات ثابتة ، لكنها امتألت بالمفاجأة. كان نوع من الغيوم الضخمة السوداء ترتفع في األفق ،كما لو أن الحياة قد تمردت ضد السماء .

تابع العجوز بنظراته الثابتة، وفجأة عاد إلى البيت وهو يصرخ: " ين !! ين!! احضر غصنا مشتعال بالنار"!!

لكن الصغير "ين" لم يفهم مZراد{ جدÆه إال انه أطاعه في الحال ،وخرج يركض وفي يده الغصنالمشتعل .

o كان العجوز قد أخذ غصنا ثان ، وركض باتجاه حقول األرز األكثر قربا منه ، يتبعه "ين" مذعورا يحكي مع نفسه: هل هذا معقول؟وسرعان ما انفجع ين عندما رأى جده يلقي بالغصن المشتعل

إلى حقول الرز فصرخ ين: ماذا تفعل يا جدي؟ ماذا تريد أن تفعل؟

فرد العجوز : هيا بسرعة ! بسرعة يا "ين" ! عج�ل واقذف بالنار على الحقول!!! بقي " ين " متسمرا في مكانه. ظن� أن جد�ه قد فقد صوابه بعد أن امتأل كل جسمه بالوحل.

Page 29: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

o ، فقذف بالشعلة بين الوحل والطين. تذكر "ين" أن� الطفل الياباني يطيع دائما في البداية كان هناك وميض بطيىء ، ثم تراجعت ، فاتسعت رقعة النار بألسنتها الحمراء ، وتحولت

حقول الرز إلى محرقة حقيقية ، حتى بدا الجبل وكأنه يتمدد نحو السماء بأعمدة من الدخان. ومن هناك من األسفل كان سكان القرية يشاهدون حقولهم وهي تحترق فبدأوا يطلقون صرخات

الغضّب و ركضوا ملتاعين يتسلقون الدروب المتعرجة للجبل يتسلقون حتى خارت قواهم ، ولميبق أحد في الخلف ، حتى النساء تسلقن الجبل وهن يضعن أطفالهن على ظهورهن .

وعندما وصلوا ورأوا حقول الرز مخربة أحسوا بالمهانة وبدأوا يصرخون بغضّب شديد: من كان هذا؟ من هو الذي أضرم النار؟

تقدم الناطور العجوز نحو الرجال وبصوت رصين قال: " أنا " .

فبدأ " ين " يبكي .. أحاطت بهم مجموعة تسيطر عليها حالة الهيجان وهم يصرخون: لماذا فعلت ذلك؟ لماذا؟

عاد العجوز إلى حالة الصرامة وأشار بيده نحو األفق وقال لهم:فلتنظروا إلى هناك !! o كمرآة ، لكنه اآلن يتغير ،يرفع الماء كجدار من قبل بضع ساعات كان سطح ماء البحر مستويا

األشباح المرعبة باتجاه السماء ، كانت موجة غامقة وعاتية تتقدم من التخوم ، كأنها تهدد وتتوعد ، فبدت لحظات الرعّب والقلوب تخفق بقوة ، ولم تبق صرخة في الحلوق ، فلقد تقدم جدار الماء

إلى التربة بهدير صاخّب ، اجتاز الشاطئ يغزو كل شيء ، ويخرب كل شيء ، كانت على شكلصاعقة ستنفجر ضد الجبل وقحة وغاضبة .

بدأ البحر يتراجع بهدير أخرس ، فبدت األرض معصوفة و منكوثة فالقرى الصغيرة اختفت بشكلماحق وبائس بسبّب تلك الموجة الجبارة .

نظر العجوز وهو ممتلئ بالسعادة إلى جميع السكان الذين يقفون في قمة الجبل وقد نجوا. لقد أنقذهم بفعلته من غزوة البحر..

اسوغاي* المسكين

في زمن ما عاش في اليابان رجل فقير اسمه " اسوغاي " ، كان يشتغل كعامل بسيط في أحدمحاجر الصخور الغرانيتية .

o ، ال يكفيه لتحسين حياته البائسة . o جدا كان أجره قليال وفي يوم ما عاد إلى بيته منهكا من شدة التعّب ، كان الرجل الفقير يندب حظه ، وكان يمقت

أصحاب الحياة المريحة والناعمة في القصور الفارهة .

o و محط إعجاب o محبوبا o محترما o فسأكون رجال o جدا Z ما غنيا أخذ " اسوغاي " يفكر: لو أنني أصير يوماكل الناس.

o على الخروج من هذه الحياة o وال ألي شيء ، ولن أقدر أبدا اآلن أنا رجل فقير بائس ،ال أنفع شيئاالتعيسة والحزينة ، آه لو كان عندي ثروات كثيرة!!!

ونام العامل الفقير وهو يفكر بذلك ، فزاره منام رائع ،حيث اسوغاي ! نعم اسوغاي الطيّب ! وقدo !! عنده قصر رائع مشيد بأحجار المرمر ، وفي احدى الغرف الوثيرة تحول إلى رجل ثري جدا

الممتلئة بالحرير صار اسوغاي يرتاح ، ومن خلف النوافذ الواسعة ينظر إلى الناس في المدينة . وفي يوم ما رأى اإلمبراطور على هودج فوق عربة مذهبة ، يتبعه فرسان رائعون وخدم يرفعون

فوق رأسه شمسيات نفيسة وبراقة بزركشتها ، فأخذ الحسد اسوغاي وبدأ يفكر: بماذا يفيدني أن أكون غنيا إذا لم يكن مسموحا لي بالخروج مثل اإلمبراطور على هودج ؟!

. o يرافقني خدم يحمونني من أشعة الشمس بواقيات من ذهّب؟ لهذا سأكون إمبراطورا

وما أن قال سوغاي ذلك حتى تحو�ل إلى إمبراطور ن يتبعه خيالة فرسان رائعون وحواليه خدم ، يحيطونه بشمسيات غاية في الروعة ، لكن حرارة الطقس كانت مريعة فالشمس ساطعة

وحارقة ، وأشعتها عامودية قال أسا غوي: " ال توجد سعادة كاملة "!!. مسكين هذا اإلمبراطور انه أيضا يعاني من شدة حر� الشمس ،ليتني أكون شمسا عندها ساكون

الكائن األكثر قوة في العالم . وفي الحال تحول اساغوي إلى شمس !! الشمس التي تصل إلى أي مكان في األرض ، تدفئ

وتحمس كل شيء : المحاصيل والرجال والجوارح واألمراء ، وتصل بجبروتها إلى الجميع . لكن فجأة جاءت غيمة وبال خجل ، حشرت نفسها بين الشمس واألرض ، فشكلت حاجزا لم

تستطع أشعة الشمس اختراقه ، لهذا أعلنت الشمس غضبها ، وبدأت تصرخ: بأي حق!!؟ وبماذاتقوى غيمة على معارضة قوتي وتحجّب أشع�تي؟ إذا فاألجدر أن أصير غيمة .

وتحول اسوغاي إلى غيمة ، وفي الحال ولكي يمتحن قوته وضع نفسه أمام الشمس بطريقة هزمهافيها، فحجّب أشعتها وألقى بالظالل على األرض .

Page 30: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

فيما بعد هطلت من الغيمة زخة مطر قوية ، وانفجرت الرعود والبروق ، وفاضت األنهر علىالحقول .

وفي السماء كان اسوغاي يتبرم بقوته، وهو في غاية السعادة ، ويقول ال أحد يقدر على مقاومتي ،لكنه سرعان ما تجهم عندما رأى من األعلى شيئا ما في األسفل .

كانت صخرة ال تتحرك ، لم تنفع معها قوة دفع التيار ، وكانت موجاته تتحطم عليها دون أنتزحزحها من مكانها .

عندها فكرت الغيمة وقالت:" إذا لم أملك القوة الكافية ألفرضها على صخرة ، فسيكون من األجدرلي أن أصير صخرة مثلها "!!.

وتحول اساغوي إلى صخرة ، تقاوم لهّب الشمس وغضّب الصواعق والفيضانات ، لكن وعند أسفلo الحجر الصلّب جاء رجل له هيئة فقيرة وبائسة ، أخرج أزاميل حديدية ومطرقة ضخمة ، و رويدا

o بدأ ينقر و ينقر ، ويفتت قطعا من الصخرة ، وبدأ ينحتها بأشكال فنية متعددة . رويدا�لها :كيف هذا ؟صرخت الصخرة! هل يمكن لرجل أن يهزمني بصمت ، ويقتطع مني أجزاء ويشك

o ، وهو في غاية السعادة !!. إذ أن افضل شيء لي أن أعود إنسان . فنياعندها نهض اساغوي من نومه وقد فارقه الحلم...

*ISOGAI

الصين

الصين بلد عظيم صاحب حضارة قديمة كباقي الحضارات القديمة في العالم ، لكنه خضع في مرحلة تاريخية إلى االستعمار ، وعانى الشعب الصيني العذاب والبؤس

جراء ذلك االستعمار ، لكنه استطاع التخلص من عبودية االحتالل ، وأسس جمهورية شعبية حقق فيها مكانة متقدمة في التطور العلمي واالجتماعي ، وأصبحت الصين

إحدى الدول العظمى في التاريخ الحديث . هذه الحكاية تروي التقاليد القديمة للشعب الصيني وعن مناقبه كشعب عظيم

ونبيل وقوي ومكافح .

حكاية اله الخزف " البرسالن "

من هو أول إنسان اكتشف سر� الخزف؟ من الذي اكتشف سر الغبار الناعم الذي يتحول إلى أحجاربلورية بيضاء مثل الثلج في أعالي الجبال؟من هو مكتشف الفن الرائع للبرسالن الخزف؟

، اإلنسان الذي رفعه الصينيون القدامى إلى مرتبة اله واعتقدوا به طيلة قرون ، إنهPuنعم انه فو "فو" إله الخزف البرسالن.

لكن في الحقيقة فان الرجل العبقري الذي عمل في أفران صهر التراب كان قد عاش قبل ذلك بكثير ، فقبل خمسة آالف سنة كانت اإلمبراطورية الصفراء قد علمت رعاياها فن التشكيل بالترابيها في النار المستعرة في األفران، وبعد ذلك بألفي سنة ولد فو الرجل � للجرار الرائعة التي يتم ش

الذي أراد رب السماوات له أن يكون إلها للخزف . حتى اآلن يتم االحتفاظ بأعمال العظيم فو التي خل�فها لتكون ملهمة لعمال الفخار والخزافين الذين

يخبئون سر الفن العظيم. واألشياء التي خلفها فو تشبه كنوز بورسالنات صافية كالسماء ، وبراقة مثل المرآة وأنوار الشفق

مع طيران اللقلق فوق البحيرة والبيضاء مثل الثوب وندى دمعات األرامل اللواتي لم تتممواساتهن.

واألكواب الكبيرة على شكل حرباء فعندما تكون فارغة فإنها تحتوي على بياض الآللئ ، و عندماتفيض بالماء ،تبدو كأنها مليئة بأسماك األرجوان .

والتي للسماء عند المغيّب األزرق مع غبار النجوم وانعكاسات القمر. والخضراء التي لخضار طازجة. مع غيوم المرمر. والشموس محاطة بتنينات سماويات ..والكثير الكثير من األعمال الفنية

Page 31: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

الرائعة لـ" فو". لقد نسي الناس الكثير من األسرار التي علمهم إياها إله الخزف . لكن الذاكرة لم تفقد التاريخ

العاطفي إلله البرسالن.

ربما أحد كبار السن من الذين يطحنون األلوان طيلة اليوم في مصانع البرسالن الضخمة، ربما أحدهم يكون قادرا أن يروي لنا إن فو كان عامال صينيا بسيطا وراح بالتدريج يتطور إلى أن صار

o ، و له قدرة فائقة على الصبر. o عظيما o عبقريا فنانا كان يو�لف بين األلوان ، ويمزج التراب ، وكان يرسم ، و ويجلس على ركبتيه أمام األفران بانتظار

أن يخرج منها عمل كامل وجديد ال يعرفه الناس . o باألسرار التي تبدل الحجارة إلى o ،عالما لقد حصل على سمعة كبيرة ، لقد ظنه الكثيرون ساحرا

م�ح له بقراءة أسرار الكون عبر النجوم. لهذا كان من الممكن أن تخرج من بين يدي Zذهّب ، وقد س "فو " األشكال الرائعة ونغمات النور السحرية من البرسالن الناعم.

في يوم من األيام استطاع العامل الساحر أن يبعث بأحد أعماله المذهلة إلى اإلمبراطور . وراح اإلمبراطور ابن السماء وهو مندهش يتأمل الجرة الرائعة التي تظهر عليها انعكاسات الفضة

والشمس مع العاب نارية ، تغير لونها مع كل حركة لكل من ينظر إليها ، Zخذ البسيط فو إلى صالة العرش فأمر ابن السماء أن يحضروا له ذلك العامل العجيّب. وفي الحال أ

. ركع "فو" أمام اإلمبراطور ثالث مرات كي يلمس األرض بجبهته ثالث مرات متذكرا أوامر الكاهن

. Augustoاغوستوقال اإلمبراطور:

" بني� لقد قبلنا هديتك اللطيفة ، ولكي نثبت لك سعادتنا بعملك المفرح فلقد قررنا منحك خمسةآالف قطعة نقدية من الفضة ،لكن اسمع هذا جيدا:

" سيكون لك ثالثة أضعاف هذا المبلغ إذا تمكنت من صناعة جرة لها ألوان و مالمح اللحم الحي ". o :" لحم يرتعش لكلمات الشعراء المبهجة ، ويتعكر ، ويتأثر باألفكار، فكر بطلبنا هذا اسمع جيدا

وعليك بالطاعة!! " . انسحّب "فو" من القصر ملتاع القلّب ، وهو يسأل نفسه: كيف يمكن لإلنسان أن يمنح للمادة

الميتة نبض الحياة وهو سر المبدأ األعلى؟ كان "فو" يعمل دائما كي يحقق أشياء لم يعرفها أحد من قبل, فلقد تعلم من الزهرة اللمسة

الناعمة والحساسة . واألخضر الزمردي من الجبال ، واألزرق والدم من الشفق ، واللمعة البراقة من الذهّب ، واألخضر المزرق من األفعى ، وقزح الفضي من األسماك، لكن كيف يستطيع اإلنسان أن يمنح التراب مالمح اللحمة الحية ؟ وأن يجعلها قادرة على االرتعاش مع نبرات الكالم وفي ظالل

التفكير؟ في كل األحوال كان عليه أن يطيع ، وينفذ طلّب اإلمبراطور ، كان عليه أن يفنى في المحاولة من

اجل إسعاد ابن السماء. في ورشته مزج التراب واأللوان ،عجن وفرك بيده ، وركع أمام النار، يتوسل اإلله ، لكن من غير

نتيجة .. o كانت توسالته للفرن في أن يساعده . وعلى هذه الحال مرت الشهور ، وعبثا

:" آه !! أنت يا عبقري النار في األفران ساعدني !! كيف اقدر من تلقاء نفسي أن انفخ الحياة فيالصلصال؟ كيف أقدر على منح هذه القطعة الميتة صفات اللحم الذي يقشعر لألفكار؟

فأجابه عبقري النار بلغته العجيبة وهي ألسنة النار: " كبيرة هي نيتك الطيبة ،لكن هل يقدر أي ميت أن يتبع أثار التفكير وارتعاشات الحياة "؟

o كان وعلى الرغم من هذه اإلجابة المخيبة آلماله ، استمر العامل الطيّب بتجاربه بال توقف ، و عبثاكل ذلك ..

لقد نفد منه احتياطي الخزف ، وقد خارت قواه ، وأنهك عبقريته وكذلك نفد صبره المقدس ، وبدأالمرض يأكل منه ، وحلت عليه الفاقة والشقاء.

o o وألوانا وحاول من جديد ، لكن بال قوة ، لكن في اللحظة التي كان على الفرن أن يصهر فيها ترابا في مادة شفافة ، ارتجفت واهتزت الطاولة الفقيرة والمتسخة باأللوان بينما كان "فو" يشتكي

وفي قلبه لوعة .. "آه يا عبقري النار في الفرن!! إذا لم تنقذني فكيف لي أن أضبط رنة ونفخة الحياة التي ينتظرها

ابن السماء؟ " فأجابه صوت النار بشكل غرائبي:

" تريد أنت أن تفعل ما يفعله الملون الالمتناهي الذي يصنع قوس قزح بأقالم ضوئية؟" فعاد " فو"من جديد إلى العمل.

أحيانا كانت األلوان تبدو وقد انصهرت في التدرجات المضبوطة ، وسطح الجرة كان يهتز باأللوان مثل لحم حي� ، لكن عندما راحت تبرد فكانت تتجعد وتتشابك خطوط فيها كأنها جلدة فاكهة

يابسة . وعاد " فو" يتضرع ويتوسل باكيا :

" آه يا عبقري النار!! إذا أنت لم تساعدني !!كيف لي أن أصهر خزفي وأحيله لحما حيا في فرني ؟

Page 32: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

فأجابه عبقري النار بشكل غرائبي للمرة الثانية: "هل تسعى إلعطاء الروح إلى الحجر؟ هل تقدرأنت أن تجعل باطن الروابي الغرانيتية تقشعر وتحس بالتفكير؟"

صرخ فو وهو محبط جدا: " أيها الرب الجبار !! لماذا تتخلى عني؟لماذا نسيتني أنت يا من عبدتك دائما؟"

عندها قال عبقري النار بصوت من نار: " أنت تريد أن تعطي روحا للشيء الذي صنعته ، لكن الروح ال يمكن قسمتها ، ال يمكن أن تعطي

قسما من روحك ؟ إني احتاج إلى روحك كاملة مقابل إعطاء الروح لعملك ". نهض " فو" وقد امتألت عيناه بالحزن ، لكن قلبه كان منفطرا .

o غسله بالماء وللمرة األخيرة أعد "فو" عمله ، نخ�ل الرمل مائة مرة ، وكذلك التراب الناعم جدااألكثر صفوا لمائة مرة وعجنها بحّب .

o رويدoا ليتوصل إلى الدرجات التي حلم بها ابن السماء . راحت األلوان تمتزج رويدا وفيما بعد بدأ العامل الملهم يعطي شكال لتلك العجينة الصافية النقية ، يلمسها ويداعبها بأصابعه ، حتى صار جلد الجرة الرائع كما لو انه قبض على خفة وشفافية الحرير و ونعومة الشمع الزهري

ودم من لحم األميرات . عندها أمر فو المساعدين أن يغذوا الفرن العظيم بأغصان ناعمة وصافية من شجرة الشاي .

وخالل تسعة أيام وتسع ليالي كان الفرن مشتعال أحمر يتغذى على أغصان شجرة الشاي النقيةوالناعمة .

وخالل تسعة أيام وتسع ليالي حرص الرجال على أن تلف� النار الجرة الوحيدة التي كانت تتجسدفي لحم سحري .

مع اقتراب الليلة التاسعة أمر "فو" مساعديه أن يذهبوا ليرتاحوا فلقد بدا العمل ، وقد انتهى ،وقال لهم:

"مع بزوغ الفجر إذا لم تجدوني هنا فاخرجوا الجرة من الفرن، إذ أنه في تلك الساعة ستكون كماأراد ابن السماء ".

و بقي "فو" لوحده قبالة الفرن في الليلة التاسعة ،ركع أمام النار، وقال أمنيته إلى عبقري اللهّب: "آه يارب� النار لقد استوعبت أعماق معاني كلماتك ! إقبل حياتي فداء لحياة عملي وروحي فداء

لروحها ". وقبل أن تنتهي الليلة التاسعة ألقى" فو" بنفسه إلى النار الحية في الفرن .

عند فجر اليوم العاشر جاء العمال ليخرجوا الجرة الغالية من الفرن ، لكنهم لم يجدوا معلمهم!!لكن يا للمعجزة !! كانت الجرة متأججة بحق مثل اللحم الذي يقشعر مع نسق األفكار.

وإذ لمسوها ببصمة إبهام فقط أصدرت صوتا خفيفا كصوت روح موجوعة ، جعلت األسماع تلتقطباألنفاس اسم الذي صار بعد هذا إله الخزف.

هروب الرسام " لي"

إنها الحكاية التاريخية المشوقة للرسام " لي- تشان- جاو" ، الرسام الصيني في أزمان بعيدة ،والذي هرب من القصر اإلمبراطوري ولم يعرف عنه أي شيء أبدا.

ولد " لي" في منطقة رطبة وخضراء ، وكانت حياته الطفولية سعيدة بين أشجار المروج الرمادية�ن ومع النهر �ن المسني والبيضاء واألشجار المزهرة ، وفي القرية قريته الحلوة, ومع والديه الفالحي

الرقراق بين سهول القصّب والخيزران . كان ذلك كل فرحه وحياته. حتى في نومه كان يضحك ، وهو يحلم بالشمس البلورية على الحقل. منذ صغره كان يرسم األسماك والعصافير بالحجارة التي غسلها النهر ، يرسم القطيع والرعاة في

تخشيبات اإلسطبالت . o لتخيالته الطفولية, نما " لي" في القرى والضيعات القريبة كان o سحريا الجس والكربون كانا قلما

الجميع يتحدث عن "لي" . كثير من الناس كانوا يأتون ليروا رسومات الفتى الفنان.فلقد أخذتشهرة موهبته تكبر، وتذيع حتى وصلت إلى قصر اإلمبراطور .

بعث اإلمبراطور بطلّب "لي" ، ولبى "لي" الطلّب إذ ركع أمام اإلمبراطور ثالث مرات أمام ابنالسماء ، ولمست جبهته األرض ثالث مرات ،عندها قال اإلمبراطور له:

�أ لك إحدى " عليك أن تبقى هنا لتعمل على زخرفة ممرات وصاالت القصر، ولقد أمرت أن تهيo من هذا الصاالت كمرسم مليىء باأللوان واللوحات واألخشاب الرائعة. ستتغير حياتك اعتبارا

اليوم ،ولن تعود بعد إلى هناك، حيث ولدت". حزن "لي" ألنه لن يتمكن بعد من رؤية منزله ، في الضيعة الحلوة والبيضاء ذات األشجار المزهرة

Page 33: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

على ضفتي النهر الصافي واألليف ، ويكفيه اآلن أن يحلم بسعادة الريف ، وهو محجوز في صاالتالقصر المحاط بتنينات ضخمة من األحجار.!!

أخذ يعمل بال توقف ،كي يرضي اإلمبراطور، وقد مألت رسوماته جدران الغرف واألبواب الخشبية والحديدية وأسوار المعابد وصاالت التشريفات ، لكن تفكيره كان يحلق في األرض الخالبة والرطبة

التي عاش فيها بسعادة غامرة . اذة ضمنها السماء الصافية لطفولته ، و حقل المروج � في يوم من األيام رسم "لي" لوحة كبيرة وأخ والجسر الصغير المصنوع من العيدان فوق النهر الذي يكتنفه قصّب خيزران الضيعة البيضاء ، و في

العمق كان طيران البط البري وشمس الفجر الحمراء واألخضر الناصع للعشّب المبلل . كانت لوحة كبيرة ورائعة جاء لرؤيتها األمراء والموظفون الساميون ، كانت معلقة في إحدى

الصاالت الفارهة للقصر، وبدت كأنها نافذة مفتوحة في الجدار الصلّب ، على مشهد الريف األكثرحالوة و عذوبة .

كان "لي" قد صنع أفضل أعماله التي حملها دائما في تفكيره وفي أحالمه ، ولم تبدو له كلوحة من بالده ، إنما كانت بالده كلها قد وضعت في اللوحة كمعجزة . لهذا كان يقضي ساعات طويلة أمامها

يشم هواءه النقي والعطر، لكن الرسام العبد لم يكن بمقدوره أن يدخل الصاالت الكبيرةo من المخصصة للحفالت واستقباالت األمراء والنبالء. كان عليه أن يعيش ويعمل في ورشته منسيا

الجميع . تمنى "لي" دائما أن يستطيع رؤية لوحته ولو من عبر األبواب نصف المفتوحة . وفي يوم كان

الحراس والخدم غير موجودين ، دخل "لي" خلسة ، وانتزع لوحته التي تتحدث عن الريف األخضر،ومضى بها بين الممرات المعتمة ليخبئها في مشغله، حيث يستطيع تأملها وهو يتحسر.

انطلقت صافرة الخطر في أنحاء القصر ، وامتدت الصيحات إلى أنحاء المدينة ، وهي تعلن عناختفاء اللوحة العظيمة .

o ، يتهدد و يتوعد. فانتشر ألف جندي يبحثون عن السارق. دخلوا إلى كان اإلمبراطور يشتاط غضبا كل البيوت وفتشوا في كل األماكن وأخيرا عثروا على اللوحة في مرسم "لي" ، وقد خبّـأها بين

األلواح وأقمشة الكتان. أمر اإلمبراطور بسجن "لي" وأن يستمر بالرسم من داخل سجنه ليكمل زخرفة قصره .

لم يقدر "لي" على الرسم. كان النور ينقصه لعينيه والسعادة لقلبه.عندها استدعاه اإلمبراطور وقال له: " ستعود من جديد إلى القصر لتعيش وترسم وحتى تكون سعيدا سأدعك لوحدك مع

لوحتك لدقائق قليلة في كل يوم لكن إذا حاولت القيام بأي شيء قد يغيظني فسوف تعاقّب بالرحمة أو شفقة ".

تابع "لي" عمله ، وفي كل يوم كان جرح روحه يتسع أكثر أمام الحقل الطليق لموطنه األخضر،واستمر يعاني من الحزن المزعج في القصر اإلمبراطوري .

ولم يعد يقوى على المقاومة أكثر، وفي يوم من األيام كان وحيدا في الصالة الواسعة أماماقة والى الحقل �� لوحته ،ينظر إليها بعينين كبيرتين وواسعتين ، ينظر إلى ضيعته الخضراء والبر

الشاسع الذي يمكن الركض فيه من غير الوصول إلى نهايته . ينظر من أجل أن يشم� هواءه الذي تصف�يه أشجار الصفصاف ، وكي يعانق األشجار ويغني مع الريح ، ويسمع فحيح قصّب الخيزران.

لهذا قرر أن يهرب من هذا العالم األسود والثقيل بسجنه، وقال لنفسه: نعم ..هناك .. الحقل واسعوقريّب مني ..طري من كثرة المروج.. ألدوسه واركض فيه مفتوح الذراعين كأنهما جناحي طير.." واقترب "لي" واقترب ، وقفز إلى داخل اللوحة إلى داخل الحقل بين المروج من غير أن يبحث عنo حتى اختفى عند خط األفق o رويدا الطرقات ، وأخذ يركض ويركض دون توقف ، ويبتعد ويصغر رويدا

األزرق . عندما دخل الحراس ليعيدوا "لي" إلى مرسمه لم يجدوه . اشتاط اإلمبراطور غضبا. لقد كان

مستحيال أن يكون "لي" قد خرج من هناك من غير أن يراه أحد ، لكن أحد الحكماء من الموظفين الساميين وجد التفسير لتلك األحجية, لقد هرب "لي" في داخل اللوحة ، وبدأ يركض عبر المنظر

الطبيعي الذي رسمه هو. ولقد شوهدت أثار خطواته على العشّب الندي للمروج.

الهند

في بالد الهند المترامية األطراف في آسيا حيث يحيا مئات ماليين السكان من أصول مختلفة وديانات متعددة هناك، ومنذ السنين الغابرة تشكلت في هذه البالد

حضارة من أغنى ثقافات العالم القديم واإلنسانية. عن حياة هذا الشعب الهندي ، و عن إحساسه العميق باألشياء عن ناسه وحياتهم

تحدثنا أعمالهم الفنية وتفكيرهم الممتلئ بالحكمة..

Page 34: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

البراهما والنمر وابن آوى

مرة عند مرور البراهما بإحدى قرى الهند ، رأى على قارعة الطريق قفصا كبيرا من الخيزران وفي داخله نمر هائج كان الفالحون قد اصطادوه بإحدى شراكهم.وعندما شاهد النمر البراهما قال

بصوت جريح: " أيها األخ البراهما افتح لي األبواب ، واتركني أخرج ألشرب ماء ، فأنا عطشان ولم يضعوا لي ماء

في القفص ." فرد البراهما عليه :

" إذا فتحت لك الباب يا أخي النمر فإني أخشى أن تلتهمني كما تلتهم أغنام القطيع ."!! فقال النمر:

" كيف فكرت بهكذا طريقة ؟ هل تعتقد أني قادر على هذه الفعلة المشينة؟ دعني أخرج للحظةواحدة ، ألخذ رشفة واحدة من الماء، آه أيها األخ البراهما !!".

فتح البراهما باب القفص، وعندما أحس النمر بأنه صار طليقا ، قفز على البراهما ليأكله. :" أيها األخ النمر انتظر !! لقد وعدتني بأنك لن تلحق بي بأي أذى !! وما تفعله اآلن ليس فعال نبيال

oوال عادالً "!! قال النمر:

"هذا ال يهمني ، فأنا سألتهمك ، ألنه بالنسبة لي يبدو األمر عادال ولدي الحق بذلك ". o ، وأخيرا استطاع أن يقنعه بان ينتظرا سماع رأي أول ثالثة عابرين وتوسل البراهما إلى النمر كثيرا

يصادفونهم في الطريق . وأول من عثروا عليه كان الجاموس متمددا على قارعة الطريق ، فتوقف البراهما وقال له:

" أيها األخ الجاموس !!هل يبدو لك عدالً ونبالً أن يلتهمني النمر ، بعد أن أطلقت سراحه منقفص محكم اإلغالق؟".

رفع الجاموس عينيه الحزينتين وببطء قال: o كان مالكي وسيدي يجعلني أعمل بال توقف ، واآلن وقد صرت شائخا o وقويا "عندما كنت أنا فتيا

وخائر القوى ، فلقد أهملني وتركني ألموت هنا من الجوع والعطش ، الناس جاحدون !! فإذا أكلo عادال " . النمر البراهما سيكون ذلك عمالً قفز النمر هائجا على البراهما الذي صرخ:

"ال!! ال !! انتظر !! علينا أن ننتظر اثنين آخرين لنستشيرهما ، لقد وعدتني بذلك !!". وبعد قليل شاهدا نسرا يطير على علو منخفض فوق الرؤوس ، فصرخ البراهما عليه:

o أن يأكلني هذا النمر بعد أن حررته من سجن " أيها األخ النسر !! قل لنا إن كان يبدو لك عدالفظيع ؟!".

أوقف النسر تحليقه في لحظة ، وحط� إلى جانبهما وقال: �o من البشر ، لكن بني البشر يطلقون علي " إنني أمضي حياتي بين الغيوم ، و ال أؤذي أحدا

السهام ، و عندما يصلون إلى عشي فانهم يقتلون فراخي ، أعتقد أن النمر سيقوم بعمل جيد إذاأكلك !!".

فقفز النمر على البراهما والبراهما يصرخ: " ال !! ال !! انتظر يا أخي النمر !! إنها المرة الثانية التي نستشير بها ، ولقد اتفقنا على أن نسأل

ثالثة عابرين وينقصنا واحد بعد !! ومع أن� النمر كان يزمجر فإنه واصل الطريق مع البراهما . o . اقترب البراهما منه وقال له: � لحظات حتى ظهر ابن آوى وهو يمشي ويختال فرحا وما هي إالo أن يلتهمني النمر بعد أن حررته من " أيها األخ ابن آوى !!كيف يبدوهذا األمر لك ؟ هل ترى عدال

القفص؟ ". :"ماذا تقول" ؟ سأله ابن آوى .

أقول :" - أعاد البراهما وبصوت مرتفع-إن كنت تعتقد أنه من النبل والعدل بمكان !! أن السيدالنمر هذا يريد أن يأكلني!! مع أنني شخصيا ساعدته بالخروج من قفص محكم اإلغالق ؟".

. o م�ن� قفص؟ ردد ابن أوى الكالم وكأنه لم يكن منتبها:" نعم!! نعم!! من قفص ، أنا شخصيا فتحت الباب ،واآلن نريد أن نعرف ما هو رأيك؟".

:" آه !! _ قال ابن آوى _ تريدان معرفة رأيي ؟ في هذه الحالة عليكما أن تقصا علي� الحكاية�ها ، و بوضوح فأنا مشوش ، وال افهم األشياء جيدا . هيا لنرى ماذا يجري هنا !! كل

o في o في الطريق عندما شاهدت النمر محبوسا " انظر!! - بدأ البراهما الحديث- كنت ماشياالقفص ، عندها ناداني هو"..

o فلن افهم منك وال كلمة واحدة!! عليك "اسمع !! اسمع -قال ابن آوى- إذا بدأت بحكاية طويلة جداأن تشرح لي بشكل افضل!! أي� قفص تقصد؟ " .

:" إنه قفص عادي ، قفص مصنوع من قصّب الخيزران "، أجابه البراهما . :" طيّب ! لكن هذا ال يكفي، فمن األفضل أن أرى ذلك القفص !! وبذلك أ فهم ما جرى بشكل أ

فضل ". ومشوا في الطريق إلى أن وصلوا ثالثتهم إلى المكان الذي يوجد فيه القفص .

Page 35: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

: " اآلن هيا نرى !!_ قال ابن آوى_ : أين كنت أنت؟ يا أخي البراهما؟ ". :" هنا بالضبط في الطريق" .

:" وأنت يا أخي النمر؟ ". :" أنا في داخل القفص!! أجاب النمر وهو غاضّب و مستعد ليأكل االثنين معا..

:" أوه !! معذرة أيها النمر !! _ قال ابن آوى _ أنا مشوش ، و ال اقدر أن أفهم األشياء بالضبط !!دعني أرى! اسمح لي! كيف كنت حضرتك في القفص؟ في أي وضع؟ ".

: " هكذا ! أيها المعتوه" !! _قال النمر ، وقفز إلى داخل القفص ، _ " وفي هذه الزاوية كنتورأسي بهذا االتجاه ".

:" آه ! نعم نعم لقد بدأت افهم ، لكن لماذا لم تخرج من القفص؟ " سأل ابن آوى . :" أال ترى أن الباب كان مقفال؟ ". قالها النمر وبدأ يزمجر..

:" آه !!... الباب كان مقفال !! وكيف كيف كان مقفال؟ " ، استمر ابن آوى بالحديث.. :" هكذا - قال البراهما وهو يغلق القفص _.

:" لكنني ال أرى قفال " ._أضاف ابن آوى _ وكان بمقدوره أن يخرج !!" . :" هذا هو القفل " ،وأحكم البراهما إغالقه..

:" آه! نعم! يوجد قفل ، إنني أرى قفال "،قال ابن آوى وهو يسخر من النمر بعد أن اطمأن انه في : o القفص ، واستدار ابن آوى باتجاه البراهما قائال

" اآلن والقفص محكم اإلغالق بالقفل ، فإنني أنصحك أن تتركه كما كان ، وأنت يا حضرة السيدo ، فربما يمر� أحد ما وقد يخاطر بإطالق سراحك ". وضرب تعظيم النمر !! بإمكانك أن تبقى هادئا

.. o o فرحا سالم إلى البراهما ، وراح يختال بمشيته سعيدا

كيف نبتت شجرة الخبز في الهند ...؟

في منطقة فقيرة من المنطقة الحارة في الهند ،كان رجل عجوز وفقير يعيش مع ابنه وخادمهo الهدف من الحياة ، ومن غير القديم وكلبه ، ففي سنوات البؤس أضاع ثروته الصغيرة ، فعاد فاقدا

أية رعاية من أحد عاد ومن معه إلى العيش في بيت مهجور عند الريف الصحراوي . في الصندوق المهترىء يمكنهم أن يضعوا أربعة أقراص كبيرة من الخبز فقط ، رغيفا لكل واحد ،

وكان ذلك الغذاء الوحيد لهم الذي يعتمدون عليه طيلة الشهر وحتى يتوقف فصل األمطار . وهم يجلسون حول الطاولة في إحدى الليالي التي مزق البرق الصمت فيها، أخذ األب واإلبن

والخادم يفكرون في شقائهم، وكان الكلّب ينام على قدم سيده . وبين صوت المطر وصفير الرياح سمعت طرقات على الباب ، فسارع الخادم

o ليأكله . ليفتحه، فكان أحد المتشردين يطلّب شيئا ال أحد يقدر أن يعرف أن ذلك الرجل ذا ربطة العنق والبائس هو الرب، البراهما ، يمر هكذا !! وقد

تحول إلى األرض ، ليعرف حياة الناس وعاداتهم ، ولكي يعاقبهم أو يمنحهم الثواب وكل حسّبعمله.

سمع األب طلّب الشريد وقال لخادمه: o مني ، وال يوجد له مكان يلجأ إليه. سأبقى من غير " اعط الرجل حصتي من الخبز، إنه أكثر فقرا

Zخرج من األرض ما ينقصنا " . أكل وسن أطاع الخادم أوامر سيده ،لكن باستياء قدم للفقير حصة سيده . و تواصلت األمطار بالهطول ،

والحزن يخيم على البيت البسيط . وبعد سبعة أيام عاد المتشرد يطرق الباب وطلّب شيئا يسد به رمقه، ويحميه من الجوع والبؤس .

اضطرب األب للحظة ، لكن� نظراته بقيت حادة وثابتة ، فنادى خادمه وقال له: " إذا كنت أنا قد امتنعت عن األكل ،كي أساعد هذا الرجل المسكين ، فعليك أنت أن تفعل الشيء

o وتعيش في بيتي كابن لي ، بينما هذا الرجل الفقير الذي يتسول o وقويا نفسه ، فأنت ال تزال شابافهو عجوز وال معين له، فاعطه خبزك كما أعطيته أنا ".

أطاع الخادم سيده، لكنه كان سعيدا هذه المرة .. o ، يعيش صمتا مطبقا .عاد الشريد مر أسبوع آخر، والسماء ال تزال سوداء مكفهرة والبيت مغلقا

يطلّب بصوت يغشى عليه . اضطرب عجوز البيت للحظة ، لكنه قال بصوت متدهور: " لقد جاءت اللحظة التي يجّب على ابني فيها أن يضحي ، فيجّب التعلم من الصغر على تحمل معاناة بؤس الغير رغم مظهرهم كما لو كانت

معاناته الشخصية ، فاعط الرجل خبز ابني ". أطاع الخادم األمر باستياء هذه المرة .

مرت سبعة أيام أخرى كانت طويلة جدا ،لكنها مليئة باألمل.. وعاد الرب البراهما للمرة األخيرة يتظاهر بالتعّب وبالجوع وبالبؤس ، أراد أن يمتحن ويعرف إلى

o بصوت ضعيف وفيه حسرة . أي� مدى تصل شفقة ورأفة أولئك الناس الفقراء ؟ وطلّب خبزا

Page 36: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

o ، لكنه قال وهو يرافق كلماته بحركات بطيئة: ل المتسول ، فاضطرب قليال �سمع العجوز توس :" لقد أعطيت الرجل خبزي وخبز خادمي وابني.. وبعد هذا أظن أنه بإمكاني أن اقدم له حصة

الكلّب ، فالحيوان الطيّب ال يشعر بمتعة التضحية. اعطه ما تبقى من خبز!! ولنكن محظوظين ألننا . " o استطعنا أن نعطي شيئا

�ا الخادم لوقفته إلى جانّب سيده، لكنه عاد مرة ثانية إلى أخذ المتسول الخبز من األيادي النبيلة وحيالباب ، حيث سمعهم ينادونه باسمه مع الشكر والتبجيل !!

وعلى الضوء الرمادي للمغيّب تحول المتسول وعاد إلى جالله ووهجه كالشمس. كشف الرب البراهما بين أصابعه عن بذور كبيرة كحبات اللوز، وقال: " خذ واعط هذه إلى سيدك

. " o ليزرعها وسوف لن يجوع أبدا عاد الخادم مليئا بالدهشة إلى سيده ، وأعطاه هدية الرب الغريبة ، وبدأ يحكي له عن تحول

المتسول.. o إال الضوء أخذ العجوز ابنه من يده ، وخرج ليرى بعينيه ذلك التحول الغريّب ، لكنه لم يجد أحدا

الرمادي للمغيّب . ومع ابنه وخادمه صعد العجوز إلى مرتفع قريّب وزرع هناك البذور السمراء اللون .

بعد لحظات رأوا أعماق السماء من خالل وميض البرق ،وبدأت أمطار ثقيلة ودافئة بالهطول . o ،أخذ ينمو وينمو ، واتسع مثل جذع غريّب ، وفي o و مستقيما o صلبا لقد منح تراب األرض وبقوة شكال

وقت قصير تشكلت شجرة رائعة ، نبت قطف على أحد أغصانها، والقطف فيه أربع ثمرات كبيرةوغالية .

إنه قطف من الخبز بعجينة بيضاء وحنونة، أربعة أقراص خبز إلى الفقراء األربعة الذين يعيشون فيذلك البيت البائس.

شكروا جميعهم البراهما الذي أحضر إلى أرض الهند شجرة الخبز المعطاءة .

حيوان النمس

كل فجر صباح كان الشاب الحط�اب يخرج إلى الغابة ، وال يعود إال بعد أن تغيّب الشمس . كانت زوجته تبقى وحيدة طوال اليوم في الكوخ الخشبي وسط الحقل ، ولم تكن لترتاح للحظة

واحدة ،وهي تقوم بترتيّب البيت الفقير ، وتلتقط األغصان للنار ، وفي تحضير األكل و رعاية رضيعها الذي كانت تروح وتجيء ، وهي تنظر إليه ، وتعود للنظر إليه في مهده ، وهي سعيدة

لرؤيته ، كان وليدها األول الذي أنجبته قبل عدة شهور، وصار مصدر سعادة األم الشابة ، فهي تحيامن أجل رعايته فقط .وعندما تكون إلى جواره أو تحمله بين ذراعيها تغمرها السعادة . والى جانّب ذلك ، فلقد كانت تعاني من أفكار سود ، ال تجعلها تعيش بسالم و طمأنينة .

كانت عين الماء على بعد مسافة من الخيمة ، وكان عليها الذهاب إلى هناك ، كي تمأل الجرار ،o هناك وسط الحقل . o في مهده ، وحيدا وفي أثناء ذلك كان الطفل يبقى وحيدا

o ، الحيوان الصديق الذي كان يعيش وفي حقيقة األمر كان النمس حيوان البيت يبقى هناك أيضامعهم ، وهو ينظر إليهم بعيون المحبة .

و حين تخرج األم كان الطفل يبقى تحت رعاية النمس، لكن هل يمكن الوثوق بحيوان حتى ولو تربى في البيت؟ ماذا يمكن لحيوان أن يفعل يوما ما إذا أحس انه مهتاج؟ هل يقدر أن يلقي بنفسه

على الطفل الصغير المسالم ، ويصنع منه غنيمته ؟ :" إنه حيوان!! حيوان!! وثقة!! وثقة!! ". قالت األم الشابة ذلك وكانت ترتجف كعادتها كلما فكرت

بذلك . كان زوجها قد قال لها لمرات كثيرة إنها تتعذب من غير مسببات ، فالنمس حيوان كبير و وديع وصديق ، فمن الخطأ عدم الثقة به ، فأخذت األم تلوم أفكارها السيئة ،لكن رغم كل شيء ،لم

تتمكن من اإلحساس بالطمأنينة وتقول: :"ماذا لو أن النمس في يوم ما ...؟ " . وفي أحد الصباحات نزلت المرأة إلى عين الماء وهي تحمل جرتها ، و هناك في الخيمة بقي

الطفل نائما في المهد ،والنمس يتظاهر بالنوم في الزاوية ، وقد كو�ر جسمه كأنه بيضة ، ومن حين ألخر كان يفتح إحدى عينيه ، وكأنه يتفقد شيئاً !! وفجأة و بال ضجيج ،و من ثقّبS كان بين األرضية وخشّب الخيمة انسلت أفعى كبيرة و سوداء ، كانت أفعى سمينة وقوية ، لكن ما يخيف هو السم

الموجود في أسنانها . وبصمت وبسرعة اتجهت نحو سرير المهد ، لكن النمس وثّب لها في اللحظة، ووقف أمامها وشعر ذيله قد إقشعر، وعينيه تشعان بوميض حقد .

الكلّب أو الذئّب ال يقدران على مواجهة األفعى ، ففي ضربة سريعة من رأسها يدلف السم القاتل�ة اللولبية التي تضغط بها إلى أجسام هذه الحيوانات القوية ، وال يمكن لهما أن يقاوما ضغط الطي

كثيرا وبقوة حتى يتم التسمم ، لكن النمس كان هناك ، هذا الحيوان الصغير قبالة األفعى ال يسمحلها بالمرور!!

Page 37: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

كان النيس يستجمع شجاعته ليواجه فم األفعى المفتوح وعينيه متقدتين بالحقد ،كأن األفعى صارتعصا ،وأطلقت رأسها في هجوم مثل السهم .

امتص النيس الضربة بقفزة سريعة إلى الجانّب ، وعاد ثانية يقف قبالتها ال يزيح النظرات عنo وهي تهدد بإظهار أنيابها ، لكن مخالّب النيس كانت تخرمش عدوته، كان شعر النيس مقشعرا

األرض كأنها أمواس حادة.. أحنى ظهره لمرات عدة ، وألصق جسمه في األرض لمرات أخرى، وكذلك حرك عضالته . كان

o ، فلقد جعل جسم األفعى غنيمته ، وقفز واضحا أنه ينتظر اللحظة المناسبة للهجوم، و وثّب مهاجمابسرعة كرة وهي تنطنط !! ومع وثبة ثانية أكثر سرعة تحرر من رأس عدوته التي أخذت تتلوى .

هاجت األفعى السامة وقد أحست أنها انجرحت ، فتقدمت وهاجمت وهي تطلق رأسها ونصفجسمها مثل السهم .

كان النيس يقفز من مكان إلى مكان ، ليمتص الهجمات التي كانت تجيئه مثل الطنين ، وكان عليه أن يتراجع ويقبع، لكن عضالتها كانت تتحرك تحت الجلد ، وفي عينيها كانت نقاط حمر تلمع،

وانطلقت بقفزة بدت أنها وجها لوجه ،لكنها أخفقت بتحديد زاوية الهجوم ، وعندما هاجمت األفعى من الجانّب الثاني ، و مثل البرق هبط عليها النيس من خلف رأسها ، إنها غنيمته هناك !! فهاجمها

بمخالبه وبكل جسمه الضاغط . حافة يتراجع ،كان يرتفع وينطوي ، ويلتف بارتعاشات قوية ، وهناك في الرقبة خلف � وبدأ جسم الز

الرأس كان يضع وزنه الذي حرقها كالجمر. كانت هناك لحظة أخيرة من الضجيج ، كأنه لرياحتكنس أوراق الشجر اليابسة.

ه � أخذ االثنان يتراجعان أحدهما يجرجر اآلخر ممرغين بتراب األرض والغبار ، الذي انبعث من هز لذنبه ، وفي النهاية أخذ القتال ينتهي ، وأخذ جسم األفعى يطول ، ويرسم على األرض وآلخر مرة

" ، وهمدت بال حراك . Sشكل حرف السين " لكن النيس بقي هناك للحظة عند غنيمته يتحسس دم عدوته من الرقبة التي قطعها ، وبعد ذلك

قفز، لكن في داخله يغلي الهيجان والرغبة بالعض، وأخذ يسحّب الجسم المهزوم ويسحله هناo ، لكن سعيدا بانتصاره ، وهناك ممسكا به بمخالبه مرة وبـ"بوزه "مرة أخرى. ورغم أنه كان منهكا

فلقد اتجه النيس نحو مهد الرضيع ، وخرج من الباب شبه المفتوح، وراح ينتظر سيدته عل�ه ينقل لهاالفرح الموجود في قلبه كحيوان!!

كانت المرأة عائدة في الطريق تحمل جرتها الممتلئة بالماء على رأسها ، وعند وصولها ورؤيتهاo بالتراب ،والدم على "بوزه" و مخالبه، وفي عينيه بريق غريّب ، أخذت تفكر باألمر .. للنيس معفرا :" آه آيتها اآللهة! هذا ما كنت أخشاه من هذا الحيوان الملعون!! ها هو قد أكمل التهام رضيعي !!

آه آيتها اآللهة ! ال يوجد عقاب لهذا الحقد الكبير واألعمى ! عقاب وأي عقاب!!؟ الموت ؟!! نعمالموت !! " .

وفي لحظة من اليأس ألقت الجرة بقوة كبيرة على النيس الذي سرعان ما تمدد على الطريق . � وبدأت تركض كأنها تطير باتجاه الكوخ ، وعندما دخلت كان ابنها الرضيع يغفو في المهد ، لكن

قدمها تعثرت بأشالء جسم األفعى السوداء ففهمت كل� شيء ,ونظرت إلى نفسها ،إلى األفكار السيئة والسوداء !! وإلى فورة غضبها الملعونة التي جعلتها تدفع المعروف باإلساءة !! وبدأت

تضرب بقبضتي يديها على صدرها ورأسها ، وهي تركض إلى الطريق ، يأكلها الحزن كما كانت منقبل ، وأخذت تبحث عن الحيوان الوفي .

التقطته من األرض ، وحملته بين ذراعيها بحّب ، ومضت به إلى الكوخ ،وهناك عملت له سريرا منبته من النار ، وأخذت تداعبه وتقول له أحلى الكالم الممزوج بدموعها . � افضل األقمشة لديها ، و قر

وبعد وقت ال بأس به ارتجف النيس، ونظر إلى سيدته بعينيه الطيبتين ، ثم نظر تجاه سرير الطفلالرضيع .

في الليل عندما عاد زوجها الحطاب ، وجد األم تبكي من الفرح ، تجلس قرب النار وطفلها الرضيعوحيوان النيس بين ذراعيها .

الكتاب الرابع  

أوروبا

روسيا

"سنيغورتشكا*" طفلة الثلج

Page 38: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

في البيت القروي البسيط كانت بعض زواياه تلمع بالضياء القادم من النافذة ، حيث كان يدخلالضوء األبيض و البارد لذلك الصباح الثلجي . لقد تعو�د كبيرا البيت على حّب النور.

الجد�ة "ماريوتشا" كانت تحيط القدر بالجمر ، كي يغلي الحساء على نار هادئة . وكانت الجدةحزينة فلقد مرت السنوات ، وأحنتها بأثقالها وبي�ضت شعر رأسها بثلوج فصول الشتاء المتعاقبة .

لقد مرت السنوات وأخذت معها حلم العجوزين في أن يلد لهما طفل يمأل حياتهما بالسعادة. أحضر الجد� "يوتشكو" حزمة من األغصان اليابسة ، ليطيل بها حياة النار في البيت. فامتأل المطبخ

بطقطقات األغصان وهي تشتعل. وفي جوار البيت كانت تعلو فرحة األطفال وهم يلعبون. �لوا من أنفسهم أطل� العجوز "يوتشكو" من النافذة فرأى األطفال يرقصون ويضحكون ، وقد شك

�وا وهم يحيطون بتمثال من الثلج . جوقة كورال ليغن :�وبحماس قال الجد

" اسمعي ياماريوتشا تعالي وانظري إلى الدمية التي صنعها األطفال " . وبدأ العجوزان بالضحك وهما يريان األطفال يضحكون. كانت دمية الثلج سمينة و قصيرة القامة ، فيها شبه كبير من عمدة

القرية إنها شيطنة أطفال!! وفجأة كف‘ يوتشوكو عن الضحك وقال : " ماريوتشا تعالي لنرى إن كان بإمكاننا أن نصنع

صغيرا !! أال ترغبين ؟" . فردت عليه نا يا رجل على أشياء الصغار هذه!! ". خ� = : "ماذا بك؟ أال ترى أن الناس ستضحك منا ؟ لقد ش� -: "ال يهم ! "._ وأصر� يوتشوكو _ وأضاف: " سنتفادى أن يرانا أحد، سنشكل دمية صغيرة مثل

طفلة صغيرة وجميلة جدا . ا � أخذت ماريوتشا القدر عن النار ، ووضعت شاال من الجلد وخرجت مع يوتشوكو وعندما مر

o بالصغار توقفا ، وأخذا يلعبان معهما ويقفزان ويغنيان بكل الفرح الطفولي ثم بدآ باالنسحاب رويداo ، وتوجها إلى دغل صغير كانت أشجاره عالية والثلج عليها شديد البياض. رويدا

ركع العجوزان على ركبتيهما وبدآ يجمعان الثلج ، ويشكالنه على هيئة طفل صغير ، شكال الجسم ثم الرأس ، و وضعا كمية كبيرة من الثلج على الرأس وقاال:" كي ينبت شعر كثيف !!"، ثم أضافا

حفنتين على الخدين وقليال من الثلج لألنف ، وحفرا حفرتين كبيرتين للعينين . �اله، لكن فجأة توقفا و صمتا ، فلقد :" آه ها هو بالضبط! " قاال , وتعانقا وهما ينظران إلى ما شك

o ، ثم تبادال النظرات بصمت . o فشيئا o ، فأخذا يقتربان شيئا o غريبا شاهدا شيئاo كانت الحفرتان في رأس الدمية قد أخذتا تمتلئان بلون ازرق ، ومنه خرجت و بدهشة كبيرة جدا عينان تنظران بثبات ، و لم يعد وجه الدمية ابيض والخدود أخذت تظهر و تتدو�ر ، وبدأ يسري بها

اللون الزهري وتحرك الفم في ابتسامة لذيذة . نفخة من الريح جعلت الثلج يهتز ، و يتحول إلى شعر طويل وملتف ، وعليه غطاء جلدي للرأس ، و

فستان ابيض ال يمكن لناظره أن يفرقه عن ثلج المكان ، لقد تحولت الدمية الثلجية إلى طفلةرائعة !!.

تبادل العجوزان النظرات باندهاش كبير، وقاال سوية : " نعم إنها حقيقية !! لسنا نحلم فهذه طفلةo ، تتحرك وتمد ذراعيها و تنادينا !!". إنها هنا إلى جانبنا قريبة منا جدا

فأخذاها ، فأحسا بدفء وبدآ يداعبانها بالقبل ، عندها شعرا أن الحياة انولدت من جديد في قلّبكل منهما .

عانقا الطفلة وحضناها بين الذراعين ، وعادا بها إلى البيت وهما يرتجفان من شدة فيض عاطفتهماوسعادتهما .

في البيت وضعت الجدة ماريوتشا الطفلة على ساقيها و وراحت تهزهما وهي تردد أغنية حلوةللطفلة كي تنام .

ومن أعلى جدار المدفأة تدلى شال جلدي ، وبالقرب من وهج النار وضعا الحذاء الصغير األبيض . اقترب العجوز يوتشكو وقال بصوت منخفض: " اسمعي ماريوتشا !! لقد صار لنا طفلة صنعناها

من الثلج ، وإنني أفكر باالسم الذي سنعطيه لها فوجدت أن نسميها "سنيغورتشكا" هل يعجبك؟ ".هزت الجدة رأسها بالموافقة وهي تبتسم .

في تلك الليلة نام العجوزان وهما حائران بين فيض سعادتهما وخوفهما أن يكون كل شيء مجردوهم أو حلم جميل قصير .

لكن في الصباح كانت الطفلة معهما ، وفي مكانها تضحك وتحكي تغمرها السعادة فلقد كانتتتكلم بطالقة ، لقد صارت بهجة حقيقية للعجوزين .

في ذلك اليوم أقيمت حفلة كبيرة في البيت ، قامت الجدة ماريوتشا بتحضير كل أنواع الحلويات ، أما الجد يوتشكو فلقد دعا الموسيقيين وكل أوالد وبنات القرية ، ودارت السعادة وطالت األغاني

وامتدت الرقصات حتى ساعة متأخرة . في تلك الليلة حلم األطفال بـ"سنغوروتشكا" وبشعرها الذهبي وعينيها الزرقاوتين ، لقد بدت "سنغوروتشكا " ، وكأنها جاءت من إحدى الحكايات الجميلة ، وهي تلعّب مع األطفال ، أخذت

o من الثلج ، فيها صاالت من المرمر و نوافير ماء كبيرة ، لقد بدا o وقصورا تعل�مهم كيف يبنون قالعاالثلج وكأنه يطيع مخيلة "سنغوروتشيكا" وهي تشكله بهيئات مستحيلة .

وعندما رقصت لتعل�م الصغار كيف يسقط ندف الثلج في البداية بشكل دردور . وفي النهاية بشكل

Page 39: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

بطيىء ، فلقد انذهل األطفال جميعهم لقد كانت "سنغوروتشيكا" إحدى طفالت حكاية ثلجية. لكن فصل الشتاء بدأ بالرحيل ، واألرض المغطاة بالثلوج أخذت تعود إلى خضرتها ، بدأت األشجار

o بالدفء وأغنيات الربيع وأريجه ، ولمعت الشمس ناصعة �وار ، والهواء يأتي محمال تكسو أغصانها بالن .

في أحد الصباحات كانت الجدة ماريوتشا قرب النار ، تحرس القدر المحاط بالجمر ، والجد يوتشكوكان قد انتهى من تجميع حزمة الحطّب إلى المطبخ .

لم يكن هذا الصباح مثل ذاك الصباح الشتائي الذي شاهدوا فيه األطفال مجتمعين حول دميةo بعد أن أبهج البيت والحياة كلها . o ، وذاك صار بعيدا الثلج ، فهذا الصباح كان حزينا

تقف سنغوروتشكا إلى جانّب النافذة ، تنظر إلى المرج وقد أزهر و ازدان واألشجار اخضوضرتأوراقها .

حذ�ر يوتشكو من أن وجه سنغوروتشكا صار شاحبا ، وامتألت عيناها بحزن غريّب وسألسنغوروتشكا :

" ما بك هل تشعرين بسوء؟ ". "ال!! ال !! _ أجابته بحزن _ لكنني افتقد الثلج ، فأنا ال أقدر على العيش بدونه ، والعشّب األخضر

o ، إن أختي البيضاء الرائعة أكثر جماال وروعة ، وبدأت سنغوروتشكا ترتجف. ليس جميالo فيما ينظر العجوزان إليها بهلع . o وحزنا وفي اليوم الثاني بدت أكثر شحوبا

:" ما الذي حل بالطفلة؟ ". سألت ماريوتشا بخوف كبير ، ولم يجبها يوتشكو الذي أمال رأسه ، وأخفى عالمات األلم ، ثم اتجه نحو ستغوروتشكا متظاهرا بالسعادة، وقال : " بماذا تفكرين يا

صغيرتي ؟ لم ال تخرجين إلى اللعّب مع األطفال في الحقول؟أم انك لم تعودي تحبينهم؟ ". :" ال اعرف ياأبتي يوتشكو ، لكنني أشعر هنا في داخلي إنني سأختنق كلما استنشقت الهواء

الدافئ ، وقلبي يكاد يتوقف ". : "هيا تشجعي وتعالي معنا ، سأحملك بين ذراعي ، ولن أدع الريح تصلك ، سترين األزهار والورود

الخالبة التي جلبها الربيع ". أبعدت ماريوتشا القدر عن النار وخرج ثالثتهم إلى الحقل ، يوتشكو يحضن سنيغورتشكا بين ذراعيه

o بعبير الورود ، لكن سنغوروتشكا o ومعطرا o ودافئا ليحميها من النسيم ، فلقد كان الهواء عليال انقبضت ، وأخذت ترتجف ,شج�عها العجوزان وحملوها بين أذرعهما إلى دغلS مزهرS ،لكن ورغم

المرور بمجموعة من أشجار وارفة فلقد جاءت حزمة من أشعة الشمس ، و وصلت إلى الطفلةفجرحتها كأنها سيف .

صرخت سنغوروتشكا بلوعة ومرارة ، ثم بدأت تخرج منها حشرجات ، جحظت عيناها ممتلئةبالدموع على مرأى من "يوتشكو" و "ماريوتشا" وهما مضطربان مذهوالن .

لقد بدأ جسم الطفلة يتقلص ، وأخذ يتحلل شيئا فشيئا ثم ذاب ببطء حتى صار قطرات ندى علىالعشّب ، وعلى الجبال كان الثلج يتحلل مع أول إشعاعات الشمس .

* كلمة روسية تعني طفلة الثلج

اسفياتوغور والعمالقة

o ، تخترق الغيوم بقممها .وهناك ،كانت طيور الجبال المقدسة في روسيا كانت عالية وعالية جداالنسور ، تقوم بطيرانها الهادئ فوق القمم ، وتحط بصمت في أعماق المضائق.

وفي مرج األعشاب الشاسع كانت الصخور الهائلة تطلق بخارا يرتسم في السماء مثل أشباحرمادية .

كان الساكن الوحيد لتلك الجبال المقدسة هو المارد "اسفياتوغور" العمالق ، ولضخامته فقد كانيشبه إحدى تلك الصخور العالية ، وعندما كان يمشي يجعل األرض ترتجف تحت أقدامه .

كان ممتطيا حصانه يتسلق أعلى القمم ، يعبر الوهاد ويجتاز األنهار بقفزات غريبة كأنه يطير. كان "اسفياتاغور" يعيش وحيدا في تلك العزلة الكبيرة ، جعلته قوته ينازل جميع أبطال روسيا ، وعندما كان يخرج إلى الحقول والسهول كانت األشجار تتسمر من مشيته ، واألرض ذاتها كانت

تهتز ووحدها كانت صخور الجبال المقدسة تحتمل المشية الثقيلة للعمالق. o لبؤسه ، إذ كان بمقدوره أن يستغل قوته في أشياء أخرى، كانت قوته غير طبيعية ، وكان ذلك سببا

فلو انه خصصها للعمل أو لخدمة الناس لكانت السعادة تغمره . فعمره على األرض قليل ، لكن "استيفاتاغور" كان جاهال ، بل كان يحو�ل كل� شيء يلمسه إلى

ذرات غبار وكل شيء كان ينسحق بين يديه الجبارتين .

Page 40: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

في يوم ما خرج من جباله ، و وسط مرج األعشاب الشاسع نصّب خيمته الرمادية اللون ، وفيهااضطجع ونام حتى اليوم الثاني ، حيث قرر "اسفياتوغور" أن يتابع المسير .

وأخذ يمر� بقرى وضيعات ومدن ، وبدأ يتعرف ويعشق الناس ،أسره الفالحون بطبيبتهم وعطفهم وكذلك جمال النساء القرويات، وعندما مر� بإحدى القرى رأى شابة رائعة الجمال ، وعندها فكر: "

هذه شابة تصلح أن تكون خطيبة لي وتستحقني بجدارة ", ولم يتأخر البطل بالفوز بقلّب الشابةالقروية الفاتنة الجمال ، وبعد قليل فاز بالزواج منها وبأخذها إلى مملكته في الجبال المقدسة .

في يوم كان فيه "ايليا موروميتس" المحارب الشجاع يبحث عن أماكن فسيحة ، فكان عليه أن يمر بالجبال المقدسة وخالل ثالثة أيام قفز من صخرة إلى صخرة ، وصعد القمم ، واجتاز الوهاد حتى

خارت قواه فنصّب خيمته وربط حصانه ، ونام مع أحالم عميقة . نام "ايليا" لساعات طويلة ، وقبل أن تخرج الشمس حلم بأشياء غريبة وهجينة ، رأى وكأن جواده

o ، فيما بعد سمعه يقول بصوت إنسان: القوي يحفر األرض بحوافره ، و يصهل جافال " إليا! إليا! انهض انجZ من الخطر ! فالبطل اسفياتوغور يقترب ! هيا ! اتركني طليقا في هذه

الحقول واختبئ أنت سريعا في جذع الشجرة! نهض "ايليا" و عمل بنصيحة حصانه ، فتسلق إلى أعلى أغصان شجرة بلوط ، و بعد قليل ظهر

"اسفياتغور" المريع الضخم والقوي مثل الصخر ، يحمل زوجته على أكتافه ، تجلس في هودج من . o الزجاج ، وفي حزامه سيف كبير جدا

ترجل العمالق عن الحصان وبمفتاح من ذهّب فتح القفص الزجاجي الذي خرجت منه زوجته الفاتنةالجمال والرائعة مثل الصباح .

وبينما كان "ايسافايتوغور" يجه�ز خيمته بسطت الشابة على األرض حصيرة ، وأخرجت من الخرجكمية كبيرة من الطعام اللذيذ ومشروبات حلوة مثل العسل .

خالل األكل كان "ايليا" ال يتحرك بين أغصان الشجرة مختفيا عن عيون العمالق لكن المرأة كانت قد رأته وخشيت من غضّب زوجها ، فجعلت "ايليا" وحصانه يختبئان في احدى جيوب ايسافوتوعور"

الضخمة " ، والذي من غير أن يدري مضى بالحمولة ليومين ، وفي اليوم الثالث بدأ حصان "اسفياتوغور" يصدر إشارات تعّب ، فزأر البطل : " آه أيها الحصان !! هل أصبحت شائخا وغير

مفيد!! أال تستطيع المسير بعد؟ ". أجاب الحيوان الذكي :

" كنت أحملك أنت وزوجتك ، لكن منذ ثالثة أيام احمل على ظهري حمولة زائدة ". فت�ش "اسفياتوغور" جيوبه الضخمة فعثر فيها على "ايليا" وحصانه فقال له : " من أنت ؟ " .

فأجابه: " اسمي إيليا ، وكانت عندي رغبة بإبداء إعجابي للبطل ايسافتوغور ". : " ها أنا أمامك ، وهذه فرصة لنكون أصدقاء ، وستكون شاهدا على أفعالي العظيمة ".

o ، واستعد للمشي إلى جانّب صديقه العمالق . وبدأ ايسافوتوغور يعامله كأخ له ، قبل إيليا مشكورايتقاسم معه األكل والشراب من نفس الكأس .

o مغطى في في يوم من األيام كان البطالن يعدوان في المرج الشاسع فعثرا على تابوتS كبيرS جداكومة من الحبوب .

توقف ايسافوتوغور يفكر ، وقال : " فلنفحص لمن كان ذلك معدا ؟ o بالنسبة لمقاسه ، فدخل ايساتفوغور في التابوت o جدا o ، لكن القبر الصخري كان كبيرا دخل إيليا أوال

o لمقاسه العمالق . الغريّب وكأنه كان معد ا : " يبدوا انه معد} لي" ! _ قال ايسفاتوغور وأضاف_ : " يا إيليا !! يا صديقي وآخي !! هل بإمكانك

وأنا هنا في جوف التابوت أن تغلق الغطاء ؟ ". : "ال يا أخي !! إني أخاف ذلك " ،أجاب ايليا .

تدخل ايسافوتوغور واخذ الغطاء الحجري الضخم بإحدى يديه ، وعندما أطبقها أحكمت الجوانّبo أخذ ايسافوتوغور يتحرك ، ويتلوى في الداخل . واقفل التابوت بشكل كامل ، وعبثا

: " إيليا يا أخي العزيز !! خذ سيفي و حط�م جدران هذا القبر اللعين ". أخذ إيليا السالح الفتاك ، وأفرغ ضرباته الجبارة على الحجر ، وهو يسمع زئير ايسافوتوغور يختنق

في الجوف . أحس بان قوته تتضاعف ، فعاد وأخذ السيف وبدأ يضرب من جديد ، ومع الضربات القوية كانت

تتطاير شظايا الصخرة والشرر من السيف . o !! أريد قبل أن أموت : " إني اختنق !! " ، زأر ايسافياتوغور : " تعال يا آليا يا أخي !! اقترب جيدا

أن الصق بك السر الرفيع لقوتي ". وأخذ صوت العمالق يضعف وكأنه يختنق . : "وداعا يا رفيقي لقد لصقت بك قوتي وسيفي الجبار".

كانت هذه الكلمات األخيرة ، وكانت آخر أنفاس العمالق الذي مات وهو يصارع الموت . o إلى سيف ايسفاتوغور وسط صمت المرج الشاسع ، لكنه أحس� بقوة جبارة ، وقف إيليا مستندا

تسري به ، فراح إلى جانّب قبر صديقه ، وأخذ يدور حوله مرات ثالثة ، ثم� ود�عه ، وعاد في الطريق الى روسيا قاصدا قصر عمه "فالديميري نور الشمس" أمير مدينة كييف ، وقد اكتسّب إيليا القوة

والشجاعة اللتين حملتاه إلى أن يحقق المآثر المدهشة مع مردة آخرين في قصص مثيرة . انضم إيليا إلى ستة من المردة وراحوا يمتطون خيولهم ، يعبرون الصحراء إلى أن وصلوا إلى سفح

فيه أشجار بلوط قديمة ، وألنهم كانوا متعبين جدا نزلوا إلى األرض ، ونصبوا خيامهم ، واضطجعواليرتاحوا ، بينما راحت الخيول ترعى في الجانّب .

عندما أعلنت الشمس عن النهار بشفقها األحمر نهض "ايليا موروميتس" ونظر إلى البعيد ، كانت

Page 41: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

مجموعة من التتار تحجّب األفق ، و تتقدم ، تلفها غيمة من الغبار، تغزو السهل، وكأنها إعصارعنيف .

صرخ إيليا : " انهضوا أيها المردة !! فالتتار قادمون نحونا " , فنهضوا وحملوا سالحهم وانطلقوالمواجهة التتار ، وسرعان ما انتصروا عليهم .

كان األعداء المهزومون يمألون السهل ، بينما المردة يطلقون صرخات المنتصرين : " أية قوة يمكن مقارنتها بقوتنا؟ " . وصرخ "اليوشا بوبوفيتش" : "ال يوجد جيش يقدر على هزيمتنا

." !!وقال إيليا:

Zهزم ، لكن في تلك اللحظة وكأن األرض انشقت وأنبثق " السيف الذي منحني إياه اسفياتوغور ال يمنها محاربان مسربالن بمعادن تلمع ، واتجها نحو المردة قائلين:

" جئنا لنمتحن قوتنا نحن اثنان وأنتم سبعة ، لكن ال يهم فلنتحارب !! ". امتأل قلّب "اليوشا بوبوفيتش" بالغضّب ، امتشق سيفه وهجم على خصميه غريبي الشكل ، لكن آه

منك أيتها المعجزة !! فعندما ضربهما "اليوشا" فقد تحوال إلى أربعة . د "دوبينيا نيبريتش" سيفه ، وتقدم نحو األربعة ووقف وسطهم ،لكن وللغرابة أيضا ، فلقد تحول � جر

األربعة إلى ثمانية ، وأخذوا يتقدمون !!. قضى "ايليا موروميتس" بسيفه الجبار على الثمانية ، لكنهم تضاعفوا أيضا أمام دهشة واستغراب

المردة .

وبعزم وبأس وغضّب هجم السبعة سوية على أعدائهم ، لكنهم كلما قاتلوهم كانوا يتضاعفون !! . وطيلة أيام ثالثة وثالث دقائق وثالث ثواني استمرت المعركة ، حتى خارت قوى المردة األبطال ،

واحتلهم الذعر فهربوا إلى الجبل لينجوا بأنفسهم ، وهناك تحولوا إلى حجارة وبقوا إلى األبد وهكذايروون عن نهاية األبطال العمالقة في روسيا المقدسة .

بالد الراين

الماء الصافي في أعالي الجبال ، والبحيرات السويسرية تتطاير مياهها في األبراج سريعة ، وتجري فيما بعد صافية هادئة بين أدغال الغابات السوداء ، تغرق المياه في مسارها بين هوامش في صخور عالية ، مكللة باآلثار والقالع التي تحكي عن

شغل الناس في المدن القديمة وضواحيها ، ويستمر الماء بطيئا و عريضا نحوالبحر عبر األرياف الهولندية .

في حوض الراين عاش سليلو قبائل الجرمان الذين أقاموا هناك أجياالV وراء أجيال ،تركوا في ذاكرة حياتهم اجمل الحكايات .

الفارس األخير

" بين الصخور الكبيرة ، فيصقلها بمياهه ، وينحرف هادئا تحت ظالل الغاباتAerيقفز نهر “المورقة .

يجري في السهل يصعد في تدفقS جارفSS ويدخل في وادي ضيق تحيطه الروابي. إحدى التالل القريبة من ضفاف النهر من منحنياته الصخرية والمتشظية تقبع عليها آثار قلعة التينار

مغطاة بالنباتات المتسلقة . منذ سنين عدة هZجرت القلعة الرائعة ، والعرق البشري األرجواني لمالكيها القدماء قد قZضي عليه

في معركة مأساوية . o o للحرية ، لم يسمح أبدا o و محبا o شجاعا كان الكورت دي التينار أخر ساللة العائلة النبيلة كان فارسا

أن يفرض أحد عليه أي شيء ال يتالءم مع كرامته و عزته ، في مرحلة كان األمراء فيها يفرضونوبشدة الضرائّب والخدمات لصالح اإلقطاع والنبالء .

الفارس كورت اعترض وبقوة على ذلك الجور غير آبه بالتهديدات.وعندها بعث األمراء جيشا كييحاصر القلعة المتشامخة . أغلقوا بوابات الحصن ، و خاض كل الرجال مقاومةo بطولية .

o ، وفي المجنبات المنحدرة كانت تتدحرج الصخور الكبيرة التي كانت كانت السهام تصدر صفيراZقذف من األعلى. ت

Page 42: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

أوا على االختباء في الصخور ، أفادوا من تلك الصخور التي جعلت قفز � والمحاصرون الذين تجر .o المهاجمين مستحيال

امتد الحصار عدة أسابيع ، وصار نقص األكل في الحصن هو العدو األكبر للمدافعين . "كورت التنار " رأى اقتراب اليوم الذي عليه توزيع آخر الخبز بين رجاله . وبعدها عليهم االستسالم

أو الهالك . امتد الحصار من غير أن تهبط معنويات المحاصرين ، وفي العكس، يوم بعد يوم كانت الهمم

تضعف عند الذين يحاولون الهجوم والدخول إلى الحصن أمام الصعوبات للسيطرة واخضاع تلكالقلعة الحصينة التي كان وضعها يجعل محاوالتهم الهجومية ضربا من المستحيل .

o ومستبسلين ، عندها أحس� األمراء بالرعّب واليأس يتفشى بين رجالهم المدافعون كانوا شجعاناo بينهم بين لحظة وأخرى . المحاربين ، فخشوا أن يندلع تمردا

بعض الخدم اإلقطاعي اختفوا هاربين من تلك الحرب غير المفيدة والخطرة. والتمرد سينشرالفوضى وعدم التنظيم في الجيش الذي يفرض الحصار .

وفي صباح دافئ ومشرق ظهر المسن كورت بشعره األبيض فوق أعلى أبراج القلعة يمتطي خيلهومدجج بكل األسلحة .

المظهر النبيل للفارس، بوجهه الشاحّب الذي يداعبه الهواء الطلق ، و بريق سالحه الفوالذي وخيلهاألسود المتألق ، كل ذلك كان يمنح الفارس الهيبة والسحر .

فتثبّـتت كل النظرات عليه، و صمت الجميع حتى الوادي ظل صامتا في ذلك الصباح المشرقوالدافئ!!

مد� "الكورت التنار" ساعده في إشارة تحية وقال بصوت جهوري : : هنا الرجل األخير !! والخيل األخير !! لكل اللذين عاشوا في هذا القلعة الحصينة ! فلقد قضى الجوع على رجالي و أبنائي ! وقد ماتوا جميعا ، لكن بكرامة ألنهم يعشقون الحرية ، ويبغضونo من كل العبودية كأي فارس ا دائما �o سأموت بالطريقة التي عشت فيها حر طغيانكم .. أنا أيضا

حقيقي ". وعندما قال ذلك عند حافة البرج ، لكز خيله بمهمازه ، وأطلق صرخة على الحيوان النبيل الذي

صهل صهلة غضّب ، وانطلق إلى الفضاء بوثبة مخيفة . سقطت خيول من جهة المنحدر الصخري المتشظي ، وتدحرجت محطمة حتى غرقت في ماء

النهر وإلى األبد أمام الخيل األخير لـ"التينار" . ون � لم يتجرأ أي من المحاصرين على دخول الحصن الصامت لألبطال ، فرعّب الميدان جعلهم يفر

من ذلك الوادي المفزع . o طوال الوقت الذي غطى آثارها بوشاح من الحجر . o و وحيدا و هكذا استمرت القلعة حصنا أبيا

الطفلة العمالقة والفالح

منذ زمن بعيد كان في تلك الحقبة الغابرة الناس تروي إنها رأت أشياء رائعة ، و كائنات غير طبيعيةوغريبة .

o في " نييدك " كانت عائلة من العمالقة . في تلك األزمان يقولون انه في القلعة الكبيرة جدا من القلعة ال يبقى اآلن أي شيء أكثر من انقاضها واثارها ، لكن في القرية القادمة التي تجيىء بها

ذاكرة السكان القدماء ، مع ان� الرجال يروون تواريخ مثيرة للفضول ، سمعوها عن آبائهم وأجدادهم ، ويحكون عن القوة والهياكل الضخمة ألولئك العمالقة الذين كانوا يصنعون حياة

، � متقاعدة في تلك القلعة من دون التعامل مع الناس ، لكن دون أن يقوموا بأدنى فعل يضررحيمين متسامحين و طباعهم حلوة .

كل� الناس يتذكرون أن ذلك اإلقليم له سمة نبيلة وأصيلة ، من سمات القالع القديمة في "نييديك"،وعندما يروي الفالحون ذلك فإنهم يحكونه بعاطفة وعلى شرف ذكرى أسالفهم .

�ك القلعة ابتعدت في أحد األيام ، تتمشى بين أشجار الصنوبر يقولون : " إن اإلبنة الوحيدة لمال وكروم العنّب حتى وصلت إلى هضبة قريبة لمركز حكم البلدة ، أي الى المكان الذي يمكن منه

السيطرة علىالقرية ، حيث الوادي ينقسم إلى قطع من اإلراضي الفالحية . الطفلة العمالقة الطويلة مثل أعلى شجرة صنوبر توقفت لتنظر إلى بعض الكائنات الغريبة التي

كانت تتحرك هناك في األسفل ، ويقومون بحراثة األرض .

o يحرث التراب بمحراثه المربوط بزوجين من العجول ، وخالل o فاكتشفت أنه كان رجال تقدمت قليالعدة دقائق راقبت الرجل بفضول وهو يحرث حقله .

Page 43: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

كان ذلك مجهوال وغريبا بالنسبة لها ، فصارت تنظر إليه كما ينظر األطفال إلى تعذيّب النمل فيo طويلة ومتقاربة o وهم يصنعون في األرض خطوطا جحرها ، كان منظر تلك الهيئات المتحركة رائعا

فيما بينها . الطفلة العمالقة قفزت ، و وتطايرت من الفرح ، ومألت الوديان برذاذ قهقهاتها .

o ، والعجول جفلت ، وتوقفت مذعورة ، وقبل أن يأخذ الفالح بالحسبان الفالح العامل توقف متعجبا لما يجري اقتربت الطفلة نحو الرجل والعجول وأخذتهم وهي في هالة من الفرح كما لو كانوا دمى

لألطفال . عادت إلى القلعة ، كانت سعيدة و ومبتهجة وهي تعرض لقيتها إلى والديها .

: "انظروا! انظروا! ماذا عثرت !! ال توجد دمية أجمل من هذا أليس حقا إنها جميلة؟ ، إنها دميةo مستقيمة و متقاربة !!". �ة !! سترون كيف يتحركون ويصنعون خطوطا حقيقية حي

وبينما كانت تتكلم وضعت الفالحين و زوجي العجول و نير الحراثة والمحراث على الطاولة الضخمةكمسرح الحفالت .

و دفعتهم كي يبدؤا بالعمل . لكن الطفلة توقفت عن الكالم والضحك أمام النظرة القاسيةلوالديها .

العمالق صاحّب اللحية الثلجية قال بحنان وجدية: o ماذا أحضرت يا بنيتي؟ هل تعرفي ماذا فعلتي؟ ، هذا الذي تسميه دمية هو رجل " هل تعرفي جيدا

فالح ، لقد أرعبتيه عندما كان يشتغل !! واقتلعتيه من بين الفواكه ، الثمار التي تتغذين عليها وتجعلo أهلك يواصلون الحياة!!فمن غيره ما كانت الحياة ممكنة لنا !! هذا العامل المسكين هو األكثر نفعا وفائدة من كل الرجال ، فاآلخرون يمكنهم الحياة بفضل عمله ،وجهده هو الجهد األكثر نبال وعطاء ، فال المطر و ال البرد وال الشمس الالهبة قادرون على إبعاده عن األرض التي يحرثها ويحرسها بحّب

. كل عامل يستحق االحترام , والفالح هو أكثر الذين يعملون ، ليس دمية !!ال يا بنيتي !! هيا !! خذيهم بحذر شديد وبعناية الى نفس المكان الذي أحضرتيهم منه ، واحمهم من أي مكروه !! و التنسي أن من اليحترم و ال يحّب الفالح والذي يصنع من الفالح ضحية ألنانيته فإنه بذلك يجلّب

اللعنات من السماء " .. الطفلة العمالقة وابنة العمالقة طلبت المعذرة ، وأخذت بانتباه كبير الفالح و زوجي العجول ،

وحملتهم يهتزون في راحة يدها ،وأعادتهم كي يحرثوا في أرضهم أثالما جديدة ..

حكاية المحتال تيل

من حكاية شعبية قديمة في المانيا تروي مغامرات أحد المحتالين الذي عاش بين القرنين الثالثوالرابع عشر ،

، وهو عمل يعتبر من أجمل1876والذي كتّب عنه الروائي الفالمنكو كارلوس دي كوستير في نتاجات الروح اإلنسانية.

عن حكايات الفرح والمغامرات والبطوالت لشخصية "ايولن شفيغيل" و " الم غويدزاك"* و حكايةتيل ايولن شفيغيل **..

كان "ايولون شبيغل" أحد اكبر المحتالين الذين يتفننون في الضحك على الناس وخداعها ومن الذين يحلوا لهم العيش من غير عمل و ال انشغاالت أو مسؤوليات تحررهم من اكتشافهم

ومالحقتهم بسبّب أعمالهم وأآلعيبهم السيئة . o ولم يتأخر في إعطاءSajoniaولد تيل في قرية صغيرة في ساجونيا o معافى منيعا ، شّب� سليما

إشارات حياة مكر ودهاء أدهشت كل من عرفه . سنة عندما انتقل مع عائلته للعيش في قرية قريبة من مدينة "مغديبورغ" إذ مات14كان عمره

والده بعد فترة قصيرة ، ومن ذلك الوقت صار يتصارع مع امه ألنه كان يحصل على مبلغ منo لإلطاعة والخنوع ، وليترك هواياته ، حبه للتعلم في القرقوز التي عمله ،لكن هكذا كان "تيل" جاهزا

كان يصرف فيها أغلّب وقته اليومي . وألن الجزء الخلفي من بيته كان يطل على النهر فلقد ثبت تيل حبال في شباك بيتهم وربطها إلى

شجرة في الضفة الثانية للنهر. o ، قام تيل بالعبور عليه من طرف إلى طرف فتجمع ناس o ومحكما جيدا وعندما صار الحبل مشدودا

كثيرون، وصارت فرجة كبيرة مشاهدة الصبي وهو يرقص على الحبل بظرافة وخفة ويقفز . جاءت أمه وأرادت أن تبعد ابنها عن تلك األالعيّب ، فحذرته ، ثمّ صعدت إلى السدة وقصت الحبل المشدود إلى النافذة ، عندها سقط تيل في الماء ، وفي أثناء سقوطه كان يقوم بحركات دورانية

في الهواء ، أمّـا الذين كانوا يتفرجون عليه من أطفال وكبار فلقد بدأوا يضحكون و يهزأونويصيحون:

" تيل !! حم�ام الهنا !! بالتأكيد لن تشعر بالحر !! وال بالرغبة في معاودة ذلك !! ".

Page 44: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

بعد أيام قليلة سرى خبر في أنحاء القرية أن تيل يستعد إلعادة ألعابه فرغّب الجميع في أن يقضوا وقتا من الضحك والترفيه عن النفس ، فذهبوا ليشاهدوا المغامر المتهور ، ولم يقتصر الذهاب على

األطفال فقط إنما على رجال و نساء القرية . كان " تيل " يتوازن على الحبل بخفة وطرافة ، والجميع يتابعونه بأفواه مفتوحة وعيون جاحظة،

وفي أثناء ذلك صرخ تيل: ." o " دعوني أرى !! من يعيرني فردة حذائه اليسرى؟ سأقدم لكم لعبة مسلية جدا

نزع جميع األطفال أحذيتهم ألنم كانوا مبتهجين و مسحورين بتل �ها و لظمها في حبل ، ثم رماها بين جموع الفضوليين وهو جمع تيل أربعين إلى خمسين حذاء وشك

يقول: " ألرى إن كنتم جاهزين !! ليأخذ كل منكم حذاءه !!".

تدافع الجميع في البحث عن أحذيتهم ، كان هناك أحذية كثيرة ، وبعجلة كانوا يريدون استردادها إذبعد قليل صار هناك كومة من الناس يلعنون ، ويصرخون ويتضاربون .

هرب " تيل" من شباك السدة وهو في غاية السعادة، ومن غير أن يفكر في العقاب الذي ستحضره أمه له طيلة أربعة أسابيع كانت بالنسبة له قرونا من الزمن ، خاللها ظل� تيل محبوسا في

البيت في غرفة مظلمة ، وعندما خرج من حبسه ليأخذ من الحرية ما سلبوه منها ، قرر أن يجول العالم مقتنعا أن القرية صارت صغيرة على مغامراته ، وهذا ما فعله بعد أن ترك ذكرى طيبة من

مسخراته و إساءاته في أماكن عدة . " حيث ضم�ه األمير إلى خدمته ، ووضعه كحارس في برج مراقبة القلعة .Anhaltاتجه نحو إمارة "

وفي يوم من األيام نسي الخدم أن يأخذوا أكال له ، وفي اليوم نفسه تسللت قوى معادية إلىالزريبة الخلفية للقلعة ، وسرقوا كمية كبيرة من الماشية .

واصل "تيل" في مكانه ما كان يعمل به ، ومن غير أية نية بأن يعطي إشارة صافرة إنذار. لكن األمير و رجاله المحاربين تمكنوا من صد� اللصوص ، وأنقذوا المسروقات كلها ، وعند عودتهم

الى القلعة توجه األمير نحو تيل، الذي كان يسترق النظرات من خلف النافذة فقال تيل له: o وعلى o قويا " معاليك !! إن معدتي خاوية وخفت أن انفخ في القرن الذي أعطيتني ألنه يصدر صوتا

. " o o مؤلما معدة خاوية فإنه يسبّب لي طنينا ذهّب األمير و الفرسان لتناول الطعام على طاولة كبيرة وعامرة ، تمت إقامتها لالحتفال بالنصر ، وبينما هم منهمكين بتناول ألذ� المأكوالت وأطيّب األطباق ، أطلق تيل اإلشارات الثالث من صافرة

o ، وأطياب األكل على اإلنذار وعند سماعها نهض الجميع !! ألخذ أسلحتهم تاركين المطعم خاليا�أ o على تيل نيل مراده ، لهذا هبط من برجه بقفزات صامتة ، وعب الطاوالت ، عندئذ لم يكن صعبا

o من تلك الطبخات والمأكوالت اللذيذة في أكياس وفي جيوبه وعاد بهدوء إلى مكانه . قسما�ار ، والذي مشى في الحال ، تلو�ن وجه األمير عندما أحس بخديعة الصافرة ، فطرد الوغد المك

o في وعندما شعر بالتعّب قرر شراء حصان ، وفي السوق عثر على حصان رخيص ، ألنه كان كبيراo وسريع{ الفطنة ، يريد بيعه بالغش السن و قد أسيئت معاملته ، لكن صاحبه الحوذي كان نبيها

فلورين*** . 24والحيلة فطلّب فلورين ". 12 فلورين ، و يبقى تطلبني 12فقال تيل له : "سأدفع لك اآلن

o للحصان. وبعد ثالثة شهور أراد الحوذي وافق الحوذي ، فدفع تيل اثنى عشر فلورين وأصبح مالكاان يقبض الباقي الذي وعده تيل به ، فرد� تيل عليه وكأنه يستغرب:

" ألم نتفق على أن يبقى ذلك المبلغ دينا؟ لهذا بالضبط ال يجّب علي� دفعه ".!! :o غضّب الحوذي ، وتجادل االثنان ، ثم ذهبا إلى القاضي ، وأمامه رفض تيل أن يدفع أي مبلغ قائال

فلورين عد�ا ونقدا وأن أدين له باإلثني عشر12" أنا اشتريت الحصان بشرط وهو أن ادفع له مبلغ المتبقيات ، وإذا دفعت له اآلن فمن الواضح انني لن أدين له ، وهذا ليس ما اتفقنا عليه ، فأنا رجل}

.. o شريف} ويجّب علي� احترام كالمي" . فقبل القاضي بهذه الحجة ، ولم يدفع تيل الدين أبدا ” ،Hesseوبعد عدة حيل نادرة و مغامرات في ذلك البلد انتهى تيل بالوصول الى مجلس امير "

عندها سأله األمير: من أنت؟ o لي في كل المملكة ". o !! إذ لن تجد مثيال ام على مستو عال جدا � :" معاليكم !! أنا فنانZ كبيرZ !! رس

o لتزخرف لنا جدران الصالة برسومات ، تمثل تاريخ أسالفنا وأجدادنا ". :" ابق إذاo ، وليدفع لعددS من الرجال الذين o على الحساب ليشتري ألوانا طلّب تيل مائة فلورين مقدما

o : أن ال يدخل أحد} إلى الصالة طيلة الوقت الالزم إلتمام العمل . سيساعدونه ، و وضع شرطا

وعندما اختلى تيل بمساعديه في الصالة التي سيرسمون فيها اللوحة الرائعة ، قال لهم تيل: " يا أصحابي لقد جاءت الساعة التي سنبدأ بها راحتنا ، يمكنكم أن تناموا كل الوقت الذي ترغبونه ،

o ، إنما سندع الوقت يمضي !! فإياكم أن يتحدث أحدZ عن عمل هنا !!". فهنا لن نفعل شيئا مضت عدة أسابيع ، وفي صالة القصر لم يفعل أحد أي� شيء اكثر من الراحة واألكل من أطيّب و

أفخر المأكوالت التي كانت تأتيهم بأمر من األمير ، وعندما حل� اليوم الذي طلّب األمير فيه أنيشاهد اللوحة الفنية العظيمة، قال تيل له:

"معاليكم !! رغباتكم أوامر !! لكني أريد أن أحذركم من شرط نادر و كبير ، فرسوماتي ال تبدو

Page 45: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

للعيان أمام ناظريها إن كانوا قد كذبوا في مناسبة ما من حياتهم !!". �ر األمير في الكذوبات التي كان قد ارتكبها ، و مع أنها كانت نادرة و قليلة فإنه لن يجعل تيل فك

يعرف ذنوبه . وصال إلى الصالة ، و تيل في حالة كبيرة من القلق ، لكنه رفع ستارةo كانت مخصصة لحماية األلوان

وتغطية الجدران . o !! إنما الجدار o وهي مليئة بالدهشة ، فلم يكن يرى شيئا o ،و أعاد فتحها كثيرا فتح األمير عيونه جيدا

فقط !! نظيف وأبيض ، لكنه كتم ذلك ولم يتحدث خشية أن يعتبره كمخادع . وراح تيل يوضح لوحته الرائعة إلى األمير ، ويقول وهو في غاية السعادة:

"Hesse" انظر يا سيدي!! هذا الرجل صاحّب الهيئة الكبيرة المليئة بالظرافة !! انه األمير "هيس/ أحد أسالفكم البارزين ، وهذه السيدة التي إلى جانبه هي زوجته ابنة أنبل البيوت في بافاريا ، وهذا

الفتى المقابل الذي تراه هنا هو ابنهم ، وهذا هو الحكيم والد األمير غيلليرم !! وكما ترى فإن كلاألجداد أسالف معاليكم قد رسمت بحرفة فريدة ، ولم يبق إال إطاللة و هيئة سيدي األمير " !!.

تشوش األمير ، واحتار ولم يعرف ما يجيّب به ،ويخشى أن ينتقد تيل الغريّب ، فقال األمير: " إن رسوماتك ال تعجبني ، أريد أن يراها أشخاص اختصاصيون يعطونها قيمتها الفنية المناسبة " .

�ر األمير في أن يرسل وزراءه لرؤية ما بدا له حائطا ابيض وخاليا من األلوان، وربما تكون فك مناسبة ليمتحن صدقهم وإخالصهم من زيف المجامالت والتملق ، وعندما علم تيل بذلك قال

لمساعديه: o o سيئا " يا أصدقائي ليهرب كل واحد فيكم من هنا قبل أن يتم اكتشاف الخديعة !! وندفع عندها ثمنا

لما فعلناه ولما لم نفعله بعد ". فهرب جميعهم دون أن يتركوا أي اثر. توجه تيل إلى مدينة براغ ، وأخذ يعيش بالطريقة نفسها التي كان قد عاشها ، فادعى أنه حكيم

عظيم ، يعرف ويعلم كل خفايا و ألغاز العالم والعلوم كلها.!! و النزعاجهم من هذا الحكيم اجتمع أساتذة الجامعة في المدينة ، وقرروا إفشال العالم المختال

الذي يعلن امتالكه للحكمة العليا والرفيعة ، فدعوا تيل للمثول إلى الجامعة للتأكد من علومهوللمناظرة العلنية واإلجابة عن أربعة أسئلة ، قد وضعوها .

حضر تيل في اليوم الثاني إلى الجامعة ، وبعد أن جلس في كرسي الفخامة أمام منتدى العلماء ،وحشد من الشخصيات قال عميد الجامعة الوقور:

" أيها العالم البار أجّب عن هذا السؤال األول: ما هي كمية الماء الموجودة في البحر قطرة قطرةتقريبا؟".

: " أيها المعلم المبجل- أجاب تيل- اجعل األنهار توقف جريانها ، و أن ال ترفع مستوى الماء فيهذه اللحظة ، كي أتمكن من حساب الكمية بالضبط ".

o ، فطرح السؤال الثاني: تشوش عميد الجامعة قليال" قل لنا أين يقع مركز سطح األرض؟".

:" مركز األرض موجود بالضبط هنا حيث أجلس أنا ، وإذا لم تصدق يمكنك قياسه بحبل ،وإن كنتأنا مخطئاً بقرط او قرطين فإني أعترف بخطئي "..

:" قل لنا اآلن ما هي المسافة بالضبط بين األرض والسماء؟" :" ال توجد مسافة كبيرة -قال تيل- فمن السماء يمكن وبشكل جيد سماع أيS كان عندما يصرخ من

هنا من األسفل ، وللتأكد من ذلك فلتصعد فخامتكم ، وسترى كيف تسمعني عندما أناديكم " كتم عميد الجامعة غضبه ، وطرح على تيل السؤال األخير:

: " قل لنا ما هو حجم الجرم السماوي؟ ". أجاب تيل على الفور :

o ، وان كنت الToesas" هل تقصد السماء؟ فالسماء لها ألف تيوسا****/ طوالً وألف عقدة عرضا تريد تصديق ذلك فاطرح منها الشمس والقمر والنجوم ، واحسّب الحجم بنفسك! وعندها سترى

أنني لم أخطئ ". وهكذا أفحم العميد و بقي الجميع ماخوذين بينما خرج تيل من الجامعة يختال بين األساتذة . o ، لكنه كان يخشى أن يثأر العلماء لهزيمتهم ، فقرر هجر مدينة "براغ" وبفوزه ذاع صيته كثيرا

وتوجه إلى" نيورمبيرغ " ، حيث قدم نفسه على انه طبيّب شهير . في ذلك الوقت كانت المشفى مكتظة بالمرضى ، ولم يكن هناك عدد كاف من األطباء في المدينة ليرعوا المرضى ، وفي هذه الظروف ذهّب مدير المشفى إلى الطبيّب الشهير "تيل ايولنسبيغيل" ،o في لحظة واحدة مقابل مائتي فلورين، فوافق o على نفسه بشفائهم جميعا والذي بدوره قطع وعدا

المدير في الحال . وعندما حضر تيل أمام المرضى راح يقترب من كل واحد فيهم ، وفي الوقت الذي كان يجس

نبضهم ، و يكشف عليهم ، كان يقترب من مسمع أذن المريض ويقول له بصوت منخفض: " ال تفش ألحد ما أقوله لك، فأنا أفكر بشفائكم وتخليصكم جميعا من آالمكم ، وألجل ذلك يلزم

ومن الضروري أن نحرق واحدا منكم لنأخذ رماده ، ونصنع منه الدواء الوحيد الذي سيشفي الجميع ، ومن أجل إنقاذ اآلخرين يجّب أن تتم التضحية بواحدS ، وهذا سيكون األكثر مرضا ، فعندما

أصيح بكم : على كل من هو غير مريض في الردهة أن ينهض ، ويخرج منها ويعج�ل في مشيته ،والذي سيتأخر في ذلك سيقع عليه اختيار التضحية وفداء الجميع " .

في اليوم التالي حضر تيل إلى المشفى ، وعندما فعل ما كان قد قاله ، وهو ما كان ينتظرونه ،

Page 46: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

تعجّب الجميع لسرعة المرضى وهم يقفزون أحدهم فوق اآلخر ، بل خرجوا إلى الشارع يصيحون ،انهم يشعرون بتحسن كبير وقد شفووا وكأن معجزة قد حصلت لهم .

ابتهج مدير المشفى ودفع المبلغ المتفق عليه إلى "تيل" لكن، بعد انقضاء ثالثة أيام ،لم يقدرo إلى المشفى يصرخون ، ويستنجدون رعاية األطباء المرضى على التحمل بعد ، فرجعوا جميعا

فترك تيل المدينة قبل أن تنكشف خديعته .

وقد تعّب من حياته ، حياة النصّب واالحتيال ، فقال في سره : " األفضل تغييرها وتوجيه قدراتيإلى العمل الشريف ".

وبعد هذا التفكير جر�ب عدة مهن مختلفة في كل القرى التي مر� بها ،لكن هكذا كانت عادته فيo و تحت التهديد o و مالحقا � مطرودا المسخرة والخديعة واالحتيال ، إذ لم يبق مكان لم يخرج منه إال

والوعيد.. لS صغيرS ليقضي هناك عدة أيام للراحة . Zوفي الطريق إلى مدينة كولونيا توقف تيل في نُـز

o من االنتظار وفي الصباح حلoت ساعة اإلفطار ، ولم يكن الطعام قد جهز بعد ، فانزعج تيل جداومن الجوع الذي كان يعانيه ، فحذ�ره صاحّبZ المتجر من انزعاجه و قال له:

" من ال يوجد عنده صبر على انتظار الطعام كما يجّب ، فيمكنه في ساعة طيبة أن يأكل ما يقعتحت يده ".

بعد هذا التحذير جلس تيل إلى الطاولة ، وأكل قطعة خبز ناشفة ، وبعدها ذهّب إلى جانّب النار ، وجلس يرقّب القدر ريثما تجهز الطبخة ، وعندما جلس جميع النزالء ليأكلوا بقي تيل في المطبخ

دون أن يتحرك فسأله المؤجر : " أال تريد أن تأتى إلى الطاولة؟".

:" ال!! -أجاب تيل- لقد شبعت من رائحة الطنجرة !!". فعت طاولة األكل ، قبض المؤجر المبلغ الذي يدفعه كل واحد من النزالء مقابل حصته من Zوعندما ر

o منه أن يدفع . األكل، واتجه نحو تيل طالبا:" كيف أيها السيد المؤجر -احتج تيل- هل سأدفع مقابل شيء لم آكله؟".

:" بال أعذار- قال المؤجر- عليك دفع المبلغ الذي يقع عليك فلقد أتخمت من رائحة طبختي!! " . أخرج تيل قطعة نقود من معدن الفضة وتركها تقع وترن على األرض و أعادها إلى جيبه ثم قال

للمؤجر: " يا سيد !! هل سمعت صوت قطعة النقود؟ " .

أجاب المؤجر: " نعم .. و أظن أنها مصنوعة من فضة جيدة ". :" هل أنت متأكد انك سمعت رنينها؟ " . وأضاف تيل : " هل تقبض الرنين مقابل رائحة الطبخة؟

."وخرج تيل ، وقصد طريق مدينة "مغديبورغ" .

و بعد دوراته الكثيرة حول العالم حظي تيل بتعاطف أسياد عظام ، قدموا له الحماية وجعلوا منه . o o وديعا إنسانا

لم يكن آنذاك قد شاخ تيل عندما شعر بالمرض ، وقرر العودة إلى مهبط رأسه ،لكن في مدينة قريبة من موطنه اشتد عليه المرض ، فنقلوه إلى المشفى حيث تم� إخبار أم�ه بذلك كي تأتي

لتكون بالقرب من ابنها الذي يحتضر . o قال إنه قدمت العجوز ووصلت في الوقت المناسّب لتحتضن ابنها ، وبالسر أعطاها تيل صندوقا يخبىء فيه ثروة كل ما ادخره وجمعه !! وقبل موته بأيام قليلة وضع تيل وصيته والتي بموجبها

أوصى أن كل طيباته المحفوظة في صندوق مشابه للصندوق الذي أعطاه ألمه ، وأن تقسم بينعائلته وأصدقائه والكاهن ..

وبعد أربعة أسابيع على موته تم فتح الصندوق الذي فيه الميراث ،

لكنهم لم يجدوا فيه شيئا أكثر من حجر !! والذي جعلت شدة وزنه الجميع يتوهمون بكمية ومقدارالثروة التي كانت مخبأة هناك!

o أولئك الذين انتظروا أن يثروا بالميراث !!، لكنهم تبرؤا من من هذه الخديعة األخيرة غضّب كثيرا تيل وندموا على مراسم الدفن الكبيرة التي قاموا بها ،وعلى الزهور والورود ،وعلى بكائهم و

مرافقتهم للتابوت حتى المقبرة ، حيث حدث األمر الغريّب وغير العادي: Zنزل فيها التابوت إلى " فستقية" القبر ، انقطع أحد الحبال التي كانت تحمله في اللحظة التي أ

فسقط التابوت بشكل عامودي !! قال أحد الرجال: " اتركوه هكذا على هذه الحالة ،فهو لم يعش مثل اآلخرين!! دعوه يرتاح في

الموت بشكل مختلف !! القوا به هكذا !! " . وعلى قبره كتبت العبارة التالية :

" أال ال يرفعن أحد} غطاء هذا القبر o هنا يرتاح واقفاتيل اويلشبيغل

Till Eulenspiegel Anno domini ...

Page 47: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

*Eulenspiegal and Lamme Goedzak **Till Eulenspiegel

*** العملة الهولندية ) المترجم ( مليمتر) المترجم ( 949**** مقياس طول فرنسي قديم يعادل مترا واحدا و

لعنة الخبز

" أغنى المدن التجارية في هولندا .كان ميناؤها غابةStavorenقبل مئات السنين كانت "ستافورن/ دائمة بالصواري والمراكّب المحملة بشباك الصيادين ، ومن هناك كانت تنطلق السفن التي تجوب

o واألغلى من كل البلدان . كل البحار ، وتعود محملة بالمنتجات األكثر جماالكانت خيرات "ستافورن" تنمو ، وكذلك تزداد القصور من المرمر المزين بالذهّب.

o كانوا يبعثرون إلى جانّب ذلك كان في المدينة ناس فقراء ، بينما عدد األغنياء المتكبرين كان كبيراثرواتهم في حفالت فاخرة يأكل فيها الغرور والشهوات .

من بين أولئك التجار األغنياء في ستافورن لم يكن أحدهم اكثر ثراءo وسطوة من الشابة "ريشبيرتا/Richbertaكانت قطع أسطولها التجاري كبيرة العدد ، تمخر بحار العالم ، وتعود محملة بالماس "

والمجوهرات والذهّب من أراض بعيدة . o في ستافورين ، ومالبسها كانت كانت ثروة "ريتشبيرتا" ال تحصى ، فقصرها كان األكثر جماال

مشكشكة باألحجار الكريمة الرائعة ، وفي الحفالت كانت تستعرضها كلها ببريقها الكبير الذي كان يثير دهشة المدعوين ، وفي االحتفاالت الكبرى لم تغّب ألذ المأكوالت وأغالها واندرها . وهكذا

كانت تنمو كنوز ريتشبيرتا كما نما غرورها وازدراؤها للناس الفقراء المساكين . في أحد األيام وفي حفلة عشاء حضرها عدد كبير من المدعوين ، حضر رجل مسن قال إنه جاء من

بالد بعيدة ، و يريد أن يقدم إعجابه بثروات ريتشابرتا التي سمع عنها في محافل الملوك األكثر . o جبروتا

وهي تكاد تطير من ذلك المديح رجت ريتشيل من الرجل األجنبي أن يجلس إلى طاولتها . كان الرجل الغريّب يلبس على الطريقة الشرقية، ويظهر إحساسا بالكرامة والنبل عبر حركاته

وإيماءاته ، وفي عينيه كان يخفي نظرات ثابتة فيها طاقة الشباب . وعند اقترابه من ريتشبيرتا كان ينتظر أن يرى في يدها الخبز والملح الذي يقدم في بلده الى

الزائر الضيف في إشارة للترحيّب والضيافة ، لكن على تلك الطاولة المليئة بألذ الطعام و أكثرهo حتى الورود والزجاج ماعدا غذاء الفقراء ندرة لم يكن هناك خبز .!! كل� شيء كان متوفرا

والمساكين. جلس الضيف إلى الطاولة ، وفي نهاية العشاء حكى عن حياته الجوالة بين كل بلدان العالم ،

تحدث عن أراضS بعيدة ورائعة ، وعن عادات شعوب الشرق ، وعن مغامراته الشخصية في الرحالت الطويلة تحدث عن أفراحه وأحزانه بين الناس الفقيرة والناس الثرية ، وعن األراضي

الخصبة الطيبة ، وعن استحالة السعادة البشرية . كل الذين كانوا يأكلون على المائدة كانوا مهتمين بالروايات التذكارية للضيف الغريّب . كلهم ما عدا ريتشبيرتا فلقد كانت تنتظر سماع المدائح فقط عن ثرواتها . فعندما تحدث المسافر عن المحافل الفاخرة للملوك ، قارن قصورهم و كنوزهم بما تملك ريتشبيرتا ، لكنها تفاجات عندما قال :إنه ال يجد على الطاولة الضخمة للدعوة ذلك الشيء الذي يقدره كل العالم كأفضل واكثر ضرورة من كل الخيرات . ولم يقل األجنبي أكثر من ذلك ، وعبثا كان سؤالها وإلحاحها في أن يفسر معاني

�اها باحترام ومضى دون أن يعرف أحد عنه أي شيء . كالمه ، لكنه سرعان ما حي

المتعجرفة ريتشبيرتا لم تقو على مقاومة معاناة الحيرة تلك، فلقد كانت تملك كل األشياء التيo بكل األغراض الثمينة ومن كل الثروات وأطياب أكل األرض والبحار ، تمنتها ، و قصرها كان مليئا

فما هو الشيء الذي كان ينقص؟ والذي يعتبر أفضل كل الخيرات؟ ة على � حاول حكماء كثيرون و منجمون اكتشاف اللغز ، وكانت ريتشبيرتا تفقد الصبر ، وهي مصر

� وقد أن تعثر على ذلك الخير الكبير ، ولذلك أمرت أن ينطلق أسطولها في البحر .. وأن ال يعود إالاستطلع كل البحار وكل اليابسة..

نفخت الريح أشرعة مائة مركّب لرحالت طويلة ، وتشققت قبعات البحارين ، وامتزجت مياه البحراألجاج بالمؤونة المخزونة، فأتلف الملح كميات الخبز وأكياس الطحين .

Page 48: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

لقد نفدت كمية النبيذ الفاخرة واألسماك واللحوم المقددة بالملح ، وصار نقص الخبز معاناة الo من أجل الحصول على الطحين ، وعندها تطاق فطلّب ربان البحارة أن يعود إلى الميناء األكثر قربا

عرف قبطان األسطول ما هو الشيء األفضل بين كل الخيرات .. لم يكن الذهّب أو عطور الشرق وال البهارات الطيبة الفاخرة و ال الأللىء في أعماق البحر . كان

ذلك هو الخبز.. خبز كل� يوم.. غذاء الفقراء واألغنياء.. لقد تم اكتشاف اللغز في كالم ذلك الغريّبالذي قاله في الحفلة الكبيرة..

ومع هذه األفكار اتجه الربان مباشرة نحو ميناء البلطيق ،فحم�ل سفنه بحبوب القمح القويةo منتشيا إلى ستافورين . والمذهبة وعاد سعيدا

: " سيدتي ريتشبيرتا !!هنا أحضر شحنة من الكنز الثمين!! انه الخبز !!انه ما كان ينقص علىالطاولة!! اسمعي كيف وصلت الكتشاف ما كان يفكر فيه ذلك المسافر الغريّب .

o ما آمرك به!! حض�ر تركت ريتشبيرتا القبطان يتكلم وصاحت بحالة من الغضّب: " اسمع جيدارجالك !! وقبل أن يحل� الليل يجّب على شحنتك الغبية أن تلقى في البحر !! ".

o كان احتجاجه ومحاولته للتوضيح ، وعبثا توسل ريتشبيرتا أن ال تدمر ثروة يمكنها أن تنهي وعبثاZلقي بها إلى البحر على مرأى حشودS من بؤس ومجاعة فقراء المدينة ، لكن الشحنة الثمينة أ

الجائعين، كانت تلعن ريتشبيرتا وجبروتها وإساءاتها .. الكمية الهائلة من الحبوب الذهبية اختلطت في البحر مع طمي القاع ، وبعد فترة ال بأس بها بدأت

تنمو هياكل مستقيمة وصلبة وأخذت تنمو وتنمو بقوة ، ارتفعت من أعماق البحر بصخّب مرعّب أكوام من الرمال والطمي التي امتزجت بين غابة كثيفة من القصّب ، فتشكل بذلك ارتفاعات

ل أمام ستافورن حاجزا ال يمكن تفتيته . �ـ كبيرة كالروابي ، لقد نما القمح حتى سطح الماء ، وشك " عاد البحارة و داروا ولفوا أياما وليالي دون أن يقدرواZuiderzeeإلى الميناء الرائع في "زويدرز/

o بدأت األمواج تتحطم على سور الطحين ، و فقدت o رويدا عبور ذلك الجدار المائي ، ورويدا ستافورن بشكل سريع ثرواتها وقوتها . هاج البحر وهدر، يرغي زبده األبيض أمام المياه الهادئة في

الميناء القديم .

وبعد زمن ال بأس فيه جاءت ليلة عاصفة ، وحطمت بقوة الحاجز فوصلت المياه إلى المدينة تسحبها و تجرجرها حتى األعماق على ألواح من القمح البحري ، وغمرت مياه زويدرزي الوادي

العريض حيث كانت ستافيرو . وفي أيام الهدوء يقترب البحارة بحذر من مقدمات سفنهم ، لينظروا إلى األسفل ، إلى المياه

الشفافة ويروا األجراس العالية واألبراج والقصور في المدينة المغمورة بالماء .

اسكندنافيا

من القمم والذروات العالية المغطاة بالثلج تندفع السيول حتى الشواطئالنرويجية ، وتصب في خلجان عريضة و عميقة .

ومن أعلى الذروات الثلجية تأتي السيول واألنهار إلى مسطحات السهول السويدية وتستقر في البحيرات التي ال تحصى حول أشجار التنوب والصنوبر والبتول في

الغابات العمالقة . الرجل االسكندنافي رجل قوي شجاع وجاد ، ويحب العمل . يروي عن أسالفه "الفايكونغ" البحارين العريقين في ركوب البحر ومكتشفي البحار و مكتشفي

أراض�، وخالقي ميثيولوجيات أثّـرت في الحكايات واألساطير وفن شعوب أوروبا .

الملك الذي جاء من البحار

قبل زمن بعيد كانت األساطيل الجبارة للفايكونغ تعبر بحار الشمال ، تتحدى مغامرات الحربo ألولئك األفظاظ و والغزو . في ذلك الزمن كانت الجزر البريطانية الصغيرة مالجئ و حصونا

محترفي القتال المغامرين ،الذين كانوا يصلون الخلجان ، و ينهبون الشعوب والمدن الساحلية . في ذلك الوقت لم يكن للدانيمارك ملك وال حكومة ، وفي الحرب المستمرة مع الفايكونغ اعتاد

األسياد على النهّب والفظائع واستعبدوا الفالحين وصيادي األسماك في تلك البالد .

Page 49: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

في أحد األيام الحظ الناس على الشاطئ ظهور شيء يتقدم مثل الظالل و ملتف في سلسلة غيومبحرية ، لقد كانت سفينة هائلة تأتي من بحار الشمال .

السفينة كانت تتقدم شيئا فشيئا منتفخة أشرعتها المربعة والفاتحة اللون ، وتكشف عن مزخرفات و منحوتات خشبية في مقدمة السفينة ، ثم بدأ يظهر رأس ضخم لتنين بلون احمر والشراع

�اتها . العريض مثل القبعة السحرية بثنياتها وطي الصيادون شاهدوها مذهولين وهي تبرز من بين الضباب مزركشة بالزينة والمرايا ، وتتقدم تلك

السفينة الشبح بصمت حتى ارتطمت بالرمل . o على السفينة اللغز ولم يسمعوا ابتعدوا جميعهم ، وأخذوا ينظرون من بعيد، فلم يشاهدوا أحدا

. o صرخة أو صوتا

ومن األراضي القريبة من الساحل جاء الرجال ، وقد تركوا حراثتهم و قطعان ماشيتهم و الشباكo لم يخرج من والقوارب الصغيرة البحرية لقد تركوا كل شيء وجاءوا ليروا سفينة جبارة ، فأبدا

البحر شيء مثيل من بين الضباب وكل هذا الصمت!! لم يجرؤ أحد على االقتراب ، وفي الليل اجتمعوا كلهم ، وتحدثوا برعّب وخوف. هل كان عليهم

o ؟ هل هي سفينة للفايكونغ الذين الهرب ؟هل كانت تلك السفينة محملة باألعداء المسلحين جيدالن يتأخروا بالخروج وسرقة وحرق القرى الفقيرة؟؟

اخذوا يرقبون وهم يخشون الخطر ، فلم ينم أحد في تلك الليلة ، وفي اليوم التالي عند الفجر ظهر محاربون كثيرون في السهل ، جاءوا ملتفين بغيوم من الغبار الذي تحدثه خيولهم مع وقع حوافرها

القوية . جاءوا تلمع قبعاتهم ودروعهم وأسلحتهم ليقاتلوا ضد السفينة الغريبة للفايكونغ. كان األسياد

يرسلون الجيوش المؤلفة من رجال لهم عضالت مفتولة وعاريين ، و لونهم أحمر ، وشعرهمطويل، و بمالمح وهيئات متوحشة ووجوه محزوزة و مليئة بآثار جراح عميقة .

توقف المحاربون قريبا من السفينة الغريبة مذعورين أمام الزركشة الرائعة للقبعة والتنين فيمقدمة السفينة ، وقد ألبسوه شرائح من ذهّب و بعينين واسعتين و ملونتين براقتين .

صار ينظر أحدهم إلى اآلخر ويتساءلون: " يا ترى من أي مكان قد جاءت هذه السفينة الرائعة الجبارة؟ هل وصلت من أراضي

الـ"ساجوناس" من السويد؟ أم من مناطق الغرب الهجينة؟من هم؟ وماذا يبتغي ركابها ؟ ولماذا يختبئون؟ هل وجدوا أنفسهم مجبرين من قبل الرياح إلى الوصول إلى هنا ؟ وهم خائفون اآلن من

o أقوياء و أشداء !! ". أن يجدوا خصوما بعض المتهورين اقتربوا من السفينة ، وهم في حالة احتراس، وصاحوا : كان من كان هناك !!

أطلّـوا بوجوهكم !! هيا للقتال للقاء رجال الدانمارك !! انزلوا !! فالرمل ميدان جيد و يمتص الدممن الجراح !! تعالوا فمالمح الفايكونغ ال تخيفنا!!

ومن المركّب لم يجّب أحد ، فهاج المحاربون الدانمركيون وبدأ بعضهم يطلق السهام ، وامتشقآخرون الفؤوس ، ووثبوا إلى السفينة ، وهم يطلقون صيحات الحرب.

لكن في السفينة لم يكن هناك أعداء ، إنما إلى جانّب الصارية وفوق سجادة وثيرة وسميكة من الحرير كان وحيدا و مضطجعا على حزمة حطّب مذهّب ، ينام طفل صغير وعاري تقريبا وحول ذلك

أكوام تبرق مثل غنائم مغامرة فاتنة : أسلحة من ذهّب! أسلحة مصقولة!خناجر بقبضات من المرمر! وأحجار صوان مزركشة !وأسنان ذئاب! دروع ضخمة! و منحوتات من البرونز بمزخرفات

مذهبة !قطع من األحجار الكريمة! قبعات تبرق وعليها أجنحة من ذهّب! وغوايش من األحجار الكريمة! و سهام! وقرون حيوان الوعل ملبسة بقشور عرق اللؤلؤ! والفوالذ المسنن مثل ورقة الصفصاف! أبواق وقرون من العاج مليئة بالمجوهرات !أكواب! كؤوس! وجرار منقوش عليها !و

عقود من زمرد وطوباز! والحرير! والطالء! وأمام ذلك الكنز نح�ى المحاربون أسلحتهم جانبا وبدأوا يتأملون الطفل المضطجع على حزمة

حطّب مذهّب .

فاعتقدوا أن اآللهة أرسلت تلك السفينة كإشارة للخير والسالم . وبالزنود القوية للمحاربين األشداء رفعوا الطفل وحملوه كشارة نصر بين الحشود المتجمهرة

o للدينمارك ، الطفل والتي تصيح مبتهجة ، وأمام مجلس السادة تم إعالن من أرسلته اآللهة ملكا الذي جاء من البحر محاطا بالدروع لهذا سيكون الدرع المستقبلي في الدفاع عن البالد ،وتم إطالق

سكويد " أي "درع" على الطفل كاسم له . Skiodكلمة " o من أشجع o أصبح واحدا لقد توافقت قوة وشجاعة ونبل "سكويد " مع آمال الشعّب ، فلما صار شابا

الصيادين ، وفي أحد األيام وبينما كان ذاهبا مع حشمه ضاع في الغابة، فهاجمه دب ضخم ،لكن "Skiod، لم يهرب ،إنما صارع الوحش جسما لجسم، وسيطر عليه ، بل هزمه ثم ربطه بقوة "

حتى وصل رفاقه وفي الخامسة عشرة من عمره تقدم الجيش وهزم الساجونيس ، وهناك في ميدان المعركة انهزم قائدهم ، وفيما بعد تزوج " سكويد" من ابنة ملك المهزومين، فكان طوال

o على رعيته ، كانت أحكامه o وكريما o شديد البأس على األعداء و رحيما o وعادال o للنبل ، طيبا حياته مثاال قويمة وصارمة سواء على القوي كما على الضعيف والمسكين ، لقد خصص حياته الطويلة لخدمة

بالده، وعندما شعر بأن حياته بدأت تنتهي، استدعى نبالء مجلسه وقال لهم : Zغ�لقZ عيناي والى األبد.. خذوا جسمي إلى شاطئ البحر... فهناك في " انظروا يا أبنائي ..عندما ت

Page 50: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

o ... المركّب الذي أحضرني وأنا طفل ... ضعوني فيه.. وانصبوا لسان الخليج ال يزال المركّب راسيا األشرعة واتركوه للبحر وللرياح.. أريد أن أرحل بالشكل الذي جئت فيه.. لقد أتممت مهمتي.. فمن

o o و سعيدا o موحدا بلدS بائسS و منقسمS على نفسه جعلت منه بلداo ، وفي الخصرSkiotمات الملك o حقيقيا " وقد كفنوا جسده بثياب ثمينة ومعطرة ،و وضعوا له إكليال

السيف المنتصر ، ثم رفعه رجاله المحاربون بزهوS بين الحشود التي كانت تبكي ملكها ، وأخذوهإلى البحر ، إلى السفينة وأشرعتها القرمزية والقبعة المطلية والبراقة..

هناك بالقرب من الصارية وضعوا جسم الملك الحكيم ، وجاء الناس من كل حدب وصوب من القرى والبلدات يحملون الهدايا الثمينة، نساء ومحاربون ونبالء وناس بسطاء وفقراء كلهم احضروا

أغلى ما عندهم من ثرواتهم ومما يحتفظون به من األسلحة الفاخرة التي غنموها في المعارك، ومن العقود والخواتم و من األحجار الكريمة ومن صناديق وخزنات مليئة بالحلي و قطع نقود ذهبية

وقبعات ودروع وفؤوس وأبواق وقرون من الياقوت وكؤوس كبيرة وصواني من الفضة مليئةo حول جثمان الملك ،ووضعوا في يده سهم الحرب ، باألحجار الكريمة وكل شيء . لقد جمعوا كنزا

وتحت رأسه حزمة من السنابل التي تم قطعها حديثا .. كل الشعّب كان ينظر ، وأجواء الفجيعة تلف الصمت وأخيرا تم حل الشراع القرمزي اللون ،

o بدأت األمواج تهزها و تبعدها o رويدا وآالف الزنود القوية دفعت السفينة الراسية على الرمال و رويداعن الشاطئ .

، وراحت تبتعد مثلSkiotفي الصباح المعتم بالضباب أبحرت السفينة الجبارة ، سفينة الملك “ الظالل باتجاه بحار مجهولة ، حيث كانت اآللهة قد أرسلتها ,واختفت في األفق مغطاة بضباب كثيف

.

كيف تشكلت جزيرة دي سييالند*

"، المدينةUpsala /" يقيم مجلسه في"أوبساال /Gylfwaقبل زمن بعيد كان الملك الرحيم "غيلفوا القديمة المحاطة بقبور الملوك الوثنيين كانت أراضي المملكة واسعة خضراء كثيفة الغابات ،

Zرى من األبراج العالية للقلعة، ألنه لم يكن o إلى أبعد من األفق الذي ي وتحت سلطته توسعت كثيراo الوصول إلى نهايتها عبر رحالت من ركوب الخيل . ممكنا

Zعرف شيئ عن عائلته ، وربما عاش الملك الشائخ وبشعر مثلج ليتأمل ويحكم مملكته ، ولم يكن يلم يكن له عائلة أو انه كان يفضل الوحدة .

في المجلس كانت تعيش شابة فاتنة الجمال ، إذ كان الشيخ غيلفوا يداعبها ، كأنها ابنته وكان" الرائعة بيضاء وشقراء بل انها تشبه أميرات الحكايات واألساطير. Gelfionاسمها "غيلفيون /

كانت حياة "غيلفيون" يلفها غموض مبهم ، فالبعض يظن أنها كانت ابنة الملك ، و آخرون كانوا يقولون: إن المسن "غيلفوا " تبنّـاها من طفولتها ، وآخرون كثيرون كانوا يؤكدون أن أمها كانت

ابنة ألحد العمالقة أصدقاء ملك الجبال العظيم . كانت غيفلون فاتنة الجمال بشكل مذهل ، فصوتها عذب حلو، وفي أعماق عينيها الشفافتين يتوهج

ضوء النظرات الغريبة، التي تكاد تشبه نظرات اآللهة . " ، وله ابن رائع وشجاع هوOdinفي ذلك الوقت كان يحكم الدينمارك الملك "أودين،

" والذي وصل فجأة إلى مجلس "غيلفوا" مجذوبا بسمعة غيفليون الفاتنةSkioldاألمير"سكيولد، الجمال ، ولما رآها سكولد صار مثل المسحور من روعة غيفليون التي وقعت بحبه أيضا .

كان المسن غيفلوا ينتظر اليوم الذي سيفصله عن غيفلون بالحزن واأللم ، لكنه أخفى حزنه ،وداعّب الضفيرتين المذهبتين لشعر الشابة وقال:

o عندما أراك سعيدة.. فلترع اآللهة o وسأموت مطمئنا " غيفلون !! بنيتي !! سأكون محظوظازواجك.. أريد اآلن أن أقدم لك األعطيات التي طالما تمنيتيها ".

.. o :"ملكي غيلفوا _ أجابت غيفلون_ سأشعر بحزن عميق عند مفارقتي لك ، فأنا أحّب بلدي كثيراo أكثر من سماحك لي أن آخذ حفنة من تراب السويد إلى بلدي الجديد ..فإن ولن أطلّب منك شيئا

شئت احصل لي على حفنة من التراب يمكن لرجل أن يحرثها في لحظة و من غير تعّب " . اث قوي وال يتعّب . �:" حسنا يا غيفلون _ قال الملك _ فليكن كما تشائين " . ونادي على حر

اختفت غيلون من القصر ،فلقد ذهبت إلى الجبل ، حيث كانت أمها قد خرجت من هناك ، وبانقضاء، o اث ، وكان عمالقا ، جاء معه أبناؤه األربعة ، وهم عمالقة أيضا � عدة أيام عادت يرافقها رجل حر

o يجعل األرض تهتز، وكي يمكنه بسط المحراث ، فلقد أحضر أبناءه o ضخما كانوا يحملون محراثااألربعة .

حمل العمالق المحراث وغرس السكة في األرض، وضغط فوصلت إلى األعماق . طحنت الصخر الحي� بينما العمالقة األربعة اآلخرون كانوا يدفعون مقود الحراثة بقوة قادرة على اقتالع أضخم

Page 51: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

أشجار البتول . بدأت األرض تنفطر بين غيوم من الغبار وكسرات حجارة متطايرة ، وظهرت األثالم عميقة وعميقة

مثل األخاديد ، فلقد اشتغل العمالقة دون تعّب ، أطالوا األثالم حتى كادت تختفي في األفق . }طعت ، وكانت غيفيلون سعيدة بذلك . o بانتهاء اليوم كانت قطعة من أرض السويد قد قـ وأخيرا

:" أيها الملك غيلفوا أنظر !! سآخذ إلى بلدي الجديد هذه األرض التي رأتها عيناك وداستها أقدامك ."

اكتفى الملك المسن بالنظرات - وهو يدمع- إلى فرحة غيفليون . وعادت الشابة العذراء إلى ملك الجبال ،وفي إحدى الليالي رجعت ، يرافقها عدد} كبير} من العمالقة

، الذين رفعوا قطعة األرض الشاسعة المحروثة والمهيّـأة ، والتي تم اقتطاعها ، ثم سحبوها حتى البحر، وهناك رفعها العمالقة ومضوا بها كأنها سفينة هائلة تسيّـرها ذراع العذراء الممدودة ، وهي تؤشر وجهتهم وفي المياه المظلمة والعميق بين الدينمارك والسويد وضع العمالقة قطعة األرض

بقوة بحيث استقرت صماء و بال حراك . هكذا يروون كيف ظهرت جزيرة سيالند الخصبة والرائعة .

وهناك في منطقة "أوبساال" ، حيث تم اقتالع الجزيرة فلقد مألت األنهار الحفرة الضخمة ، وشكلت المرآة الكبيرة من الماء والتي أبقتها غيفليون ، كي تكون قطعة من سماءMelarبحيرة ميالر

السويد هناك مقابل األرض التي أخذتها .

*De see land

عبقرية الناس البسطاء

كان رجل وزوجته وهما مسنان بالعمر و فقيران ، يعيشان سعيدين ومتاحبين ومستعدان دائما أنo ، وأن يُـظهر الموافقة على أفعاله بوجهS فرح . o رائعا يجد كل واحد منهم عمل اآلخر عمال

o بعد ..وكانا يعيرانه للجيران في القرية o ، وكان لديهما حصان ال يزال قويا o بسيطا كانا يسكنان كوخادائما إذ كان بعضهم يحتاجونه لحراثة أرضهم أو للمساعدة في نقل األعشاب في موسم الحصاد . وفي مقابل هذه األفضال ، كان العجوزان يتلقيان بعض قطع اللحم من الذبائح التي تقدم للقديس

"سانت مارتين" ، وفي الصيف بعض الهدايا من األسواق التي كانت تقام في القرى المجاورةوهكذا كانا يمضيان حياتهما سعداء و فرحين ،ال يحسدان ثروات اآلخرين . في يوم من األيام أقيم سوق في القرية المجاورة فقال العجوز لزوجته:

o ما إلى بعض : "ما رأيك لو أنني بعت الحصان في السوق ؟ فنحن عجوزان ، وقد نحتاج يوما اإلدخار ليساعدنا ، وعند ذلك إذا أردنا أن نبيع حصاننا فإنهم لن يدفعوا لنا السعر الحقيقي لما

يستحق " . o ، إنها فكرة عظيمة "، قالت الزوجة وقامت تحضر الثياب الجديدة : "يبدوا أنك قد حسبتها جيدا

لزوجها .

o عن القرية فلقد تقاطع في امتطى العجوز حصانه ، واتجه نحو السوق ، و مع أنه لم يبتعد كثيراo والقرون قوية الطريق مع شاب يسوق بقرة ليست كبيرة وليست سمينة ، لكن شعرها كان براقا

o ، توقف العجوز لينظر إلى الحيوان الجميل ، وفي نفس الوقت سأل: جداo من الحليّب؟ ". " اسمع أيها الشاب !! هل تدر هذه البقرة كثيرا

o.. هذا ما يحلو لها كلما حلبتها ، ويمكن حلبها مرتين وثالث في اليوم إذا :" خمس ليترات تقريبا ." o وضعت لها البرسيم جيدا

:" البرسيم لن ينقصها فهو عندي- قال العجوز- أريد أن نقوم بمبادلة ، أعطيك حصاني وأنت تعطيني البقرة ، ستكون زوجتي سعيدة بذلك ، إذ يمكنها أن تصنع الجبن والزبدة ، ويمكننا تناول

o من الحليّب " . o كبيرا مقدارا وافق الشاب ، وتابع العجوز طريقه مع البقرة ، وهكذا كان يتسلى برؤية البقرة ة، تأكل العشّب

o o وثقيال o بدينا الطري من المرج عندما التقى بشاب له عضالت مفتولة ، مكنته أن يجعل خنزيرايمشي إلى السوق !! .

Page 52: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

o بتدويرة أنف الخنزير ، وسأل الشاب : توقف الرجل الطيّب معجبا" كم يمكن أن يزن ؟ وكم حلقة من السجق والنقانق يمكن أن يعطي مع حلول موسم الذبح ؟ "

o إجراء الحسابات ، لكن بالتأكيد لن يكون ثانS مثله في : "آه!!عن هذا ال يمكنا الحديث ، فليس سهالكل السوق ، إنه خنزير حصل على ميدالية في إحدى المسابقات ".

: " ميدالية؟- قال العجوز- اسمع أيها الفتى !! أريد أن أزف السعادة إلى زوجتي ، فهي ستكون فخورة لو إنها امتلكت هذا الحيوان صاحّب الميدالية في السباق ، هل ترغّب بمبادلتي به بالبقرة؟ "

.o{ مع البقرة قبل أن يندم العجوز . فكر الشاب للحظة ، وبعدها وافق على المبادلة ، ثم ابتعد سريعا ولم يمض على ذهابه سوى مائة متر ، حتى صار يتوقف كل دقيقة بسبّب المشية البطيئة والثقيلة

ة رائعة بريش يلمع بيضاء و كبيرة مثل � للخنزير ، وعندما مر� بالقرب من شاب يحمل بين ذراعيه وز�ر o يفكر في ليالي الشتاء الباردة ، ليالي الثلج واألعاصير ، فك البجعة . بقي العجوز الفالح مندهشا

في زوجته وهي ترتجف في الفراش من غير أن يكون هناك لحاف دافئ وناعم ، فسأل في الحال:

: "اسمع أيها الشاب !! هل تقبل بمبادلتي هذه الوزة بهذا الخنزير ؟ وستخرج أنت الرابح ، وأنا . " o o جدا ساكون سعيدا

ومع أن الشاب استغرب لوقت طويل من هذا االقتراح ، فلقد قرر وتمت المبادلة . واصل القروي طريقه والوزة الجميلة بين ذراعيه ، وقبل أن يصل إلى السوق صادف امرأة تنقل على رأسه سلة ، فيها أعشاب} كثيرة ، وبينها يمكن رؤية دجاجة كبيرة سمينة و عريضة لها رجالن

قصيرتان وريش نظيف . كانت شابة شقراء مثل السنابل ، رشيقة} بخدودS مدورةS وزهريةS ونظرةS زرقاء لطيفة ، توقف العجوز للتحدث معها ، وعندما شاهد الدجاجة التي كانت تحملها ، بدأ يسألها إذا كانت بيّـاضة

o ؟ و كم تأكل ؟ فأجابته الفتاة : جيدة ؟ وإذا كانت تأكل كثيراo ، وال تخلف عادتها في وضع بيضة كل� يوم ، و بما يخص األكل ، فإنها " إن هذه الدجاجة جيدة جدا

تكون سعيدة تكتفي بالفتات الذي يسقط عن الطاولة وبقليل من عشّب الحديقة أن وجد ." نسي الرجل الطيّب ما كان قد توه�م به من قبل ،فبادل الوزة بالدجاجة ، وهو يفكر بسعادة زوجته

عندما تأخذ البيضات وتخبئها ،وتعتني بالصيصان التي ستفقص ألول مرة . o من زلS صغير يمكنه أن يرتاح فيه ، ويشرب كأسا Zـ وهكذا وصل إلى السوق ، وذهّب مباشرة إلى نo يحمله على األكتاف ، o كبيرا المنعشات ، وبعد قليل جاء ليجلس إلى جانبه قروي} ، كان يحضر كيسا

وعند وصوله قال العجوز له : " أهال أيها الصديق !! ماذا تحضر في كيس الجوال هذا الممتلئ والثقيل؟ ".

: "ال !! ليس أكثر من تفاح براوة مما يتساقط من األشجار، أجاب القروي ، وستكون غذاء جيدالخنازيرنا " .

o : إذا أعطيتني كيس :" وهل كل الكيس ممتلئ بتفاح براوة؟ انظر يا صاحبي سأقترح عليك شيئاo عنه هذه الدجاجة الرائعة !! عندي رغبة بأن أقدم لزوجتي مفاجأة لطيفة التفاح هذا !! أعطيك بديال ، ففي حقلنا ال يوجد غير شجرة تفاح واحدة ، وكل ما تعطيه في الموسم هو تفاحة خضراء وعجفاء

o ، فتأخذ زوجتي تلك التفاحة وتخبئها بعناية في خزانتها ، ثم تنظر لها وتقول : "علينا ال تنضج أبداباالكتفاء والقبول !! فتفاحة سيئة في النهاية هي هدية صغيرة".

لهذا فإني أرغّب أن آخذ لها هذا اليوم هدية كبيرة من التفاح ، حتى لو كانت سيئة فإنها ستكونسعيدة جدا."

أتم� الرجالن التبادل ، وصار الكيس تحت تصرف مالكه الجديد . كان هناك رجالن غنيان من اإلنكليز قد شاهدا كل ما دار، وكانا جاهزين للضحك على ذلك الرجل

الساذج ، فسأاله عن تجارته في السوق . فروى العجوز لهما كل� شيء حدث له منذ أن خرج من بيته، وكيف تحول الحصان ، وبعد مبادالتo من التفاح البروة ، فلم يستطع اإلنكليزيان أن يوقفا ضحكاتهما أمام هذا الرجل كثيرة وصار كيسا البسيط فقاال له على سبيل المزاح : " سترى عندما ترجع إلى البيت ، كيف ستصير فرجة عندما

تضربك زوجتك !!". . o o جيدا : "تضربني أنا؟!! إنكما ال تعرفان زوجتي، أنا واثق إنها ستعتبر كل شيء قمت به عمال

عندما سمع اإلنكليزيان ذلك ، وكما هو معروف عن اإلنكليز انهم مولعين بالمراهنات والتحقق مناألشياء قاال:

� " هيا لنرى أيها السيد المسكين !! نراهنك بكيسS صغيرس من الذهّب مقابل كيس التفاح ،على أن ." o o و عن كل المبادالت األخرى الحقا زوجتك ستغضّب عندما تحكي لها ما جرى مع الحصان أوال

:" حسنا فلنذهّب ونجرب ." قال العجوز: أمر اإلنكليزيان أن تجهز األحصنة ويحضران عربتهما ، ثم جلسا فيها جلسة مريحة يرافقهما القروي

العجوز دون أن ينسيا كيس الذهّب وكيس التفاح ، ولم يتأخروا جميعا بالوصول إلى كوخ الرجلالطيّب .

كانت زوجته قد خرجت عند الباب عندما سمعت ضجيجا عاليا ، ولقد استغربت كثيرا لرؤية زوجها برفقة أولئك األثرياء ، لكن في تلك اللحظة بدأت ترحّب بهما بأدبٍ جم ، ومدت يديها لزوجها

وصافحته بحرارة وبسعادة . -:" ها أنا أعود من تجارتي ."

Page 53: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

o ، ماذا بخصوص الحصان؟ " o ، فأنت قادر} على إدارة األمور جيدا =: " نعم إنني أرى أنك تعود سعيداسألت العجوز !

-:" حسنا ! في الطريق أبدلته ببقرة " . o ، وسيكون o كثيرا =: "آه شيء جيد !! لقد قلت إنك تعرف الكثير ، واآلن يمكننا أن نتناول حليبا

عندنا زبدة وجبنة ، فالبقرة هي ثروة حقيقية . -: " نعم ، لكني بادلت البقرة فيما بعد بخنزيرS كبيرS نال جائزة في إحدى السباقات " .

o و حبال} من السجق ، لقد تمكنا =:" فكرة رائعة ، فهكذا يكون لدينا لحم} مقدد} و أفخاذ} مدخنة جيدامن امتالك أشياء جيدة كثيرة ".

-:" نعم كان باإلمكان أن نمتلك كل هذا لو إنني لم أبادل الخنزير بالوزة ". =: " وهل فعلت ذلك؟ ما أطيبك!! كنت تفكر بزوجتك الفقيرة و بلحاف الريش في الشتاء ،

o يمكننا أن نقيم حفلة شواءS لذيذة انه..." لتحمي رجليها المتورمتين،كم اشكرك على ذلك! وأيضا�ن !! الوزة بادلتها فيما بعد بدجاجة بياضة ." ري Zـ -:" ست

=:" يبدو لي هذا افضل !! ألن الدجاجة ستعطينا البيض الطازج وكذلك الصيصان ، ما أمتع أنo من الريش ، ونأكل مشويات o يمكنا أن ننجّـد لحافا أراهم يركضون ويوصوصون حوالي أمهم !! أيضا

بين الحين واآلخر". -:"نعم! لكن الدجاجة أبدلتها بكيس بروة التفاح !! "

عندها بدأت المرأة تضحك بأعلى رغبة في الضحك ثم قالت: =: "يا للمصادفة يا رجل !! ال يمكنك أن تخمن كم أسعدتني !! تصور أنني اليوم أردت تحضير

طبخة لذيذة أقدمها لك عندما تعود من السوق ، فذهبت الى الجارة ألطلّب رأسي� بصل إعتزتهما ،o ومرابية فقد قالت لي بصوتها المفتعل: كم أنا متأسفة ال هل تعرف ماذا أجابتني؟ وألنها بخيلة جدا

أمتلك في الحقل وال حتى تفاحة مخمجة. !! فانظر اآلن !! يمكنني أن أقدم لها أكبر كيس من التفاح البراوة ..فلترى كم كنت متيقنة وعندي حدس !! إنني سعيدة.. وليتك تسمح لي بقبلة رغم

أنها أمام هذين السيدين ". �لته بسعادة ،قبلتين أحدثتا صوتا على خديه . وألقت بذراعيها على رقبة زوجها العجوز وقب

لم يتحرك اإلنكليزيان من ذهولهما وقال أحدهم لألخر : o عمل} جيد} :" أرأيت هذه األشياء التي تفرح النفس؟! كل ما يفعله الزوج بالنسبة لزوجته هو دائما

." o o من الذهّب ، حقا o إن زوجةo مثل هذه تساوي كيسا ومحكمZ األداء. حقادفعا ما كان قد راهنا عليه وودعا القرويين بإشارات الفرح والسعادة .

الجزر البريطانية

حكايتان قديمتان من العصور الوسطى ، من زمن� كانت فيه الحياة في الجزرتُـر�ت المغامرين البريطانية حياة فالحية في الغابات الكبيرة ، حيث أدغال البلوط س�

ـتهم بأيكها الذي شهد المآثر الفروسية . nالذين كانوا يعشقون الحرية ، وغط ،

حكاية: وليم دي كالوديزلي*

" التي تحيطها األسوار كان في أزمان أخرى غابة كبيرة وCarlisleبالقرب من مدينة "كاراليزل اعات لتخيف الحيوانات واللصوص . �كثيفة ، حيث كان الملك يخبئ أيائله ، و كذلك فـز

كان خادمو الملك يطاردون بقسوة جماعة من الصيادين الجريئين ، الذين كانوا يعيشون دائما فيالغابة كعشاق للحرية وأعداء للقمع الذي يقوم به األسياد .

والشجعان الثالثة هم : “آدم بيل “ و "كاليم" و "وليم دي كالوديزلي" ، الذين كانوا يقودونمجموعة الصيادين ، وهم يشعرون بالسعادة ، وينعمون بروعة الحرية في الغابة .

كان "ويليم" صاحّب العائلة الوحيد فيهم ، والتي كانت مكونة من : زوجته أليسيا و أبنائه الثالثةالذين يعيشون في أحد أكواخ مدينة "كارليزل".

أحس� ويليم الشجاع بالرغبة لرؤية زوجته وأبنائه بعد غياب طويل ، فأعلم أصدقاءه بذلك كيo ألي شيء حتى وصوله إلى كوخه ، ومن ثم يعودون في الصباح إلى ينتشروا في الطريق تحسبا

Page 54: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

o أنهم بذلك سيتعرضون لخطر وقوعهم في األسر من قبل عسس وجنود "الشريف / الغابة علماالعمدة".

o ، و وصل إلى بيته ثم نادى عند الباب دخل ويليم إلى المدينة عندما كان الظالم قد عـم� تماما بصوت يكاد ال يسمع ، ففتحت زوجته اليسيا الباب ، وهي متفاجئة و مرعوبة من رجال "الشريف"

الذين كانوا يراقبون البيت بشكل متواصل .

نظر األوالد بدهشة كبيرة إلى والدهم ، وفي تلك الليلة امتأل البيت بالسعادة والفرح . لكن أحدهم وشى بوجود الصياد ، ولم تتأخر الوشاية بالوصول إلى الشريف ، وقبل بزوغ الفجر

كانت القرية تقف على أقدامها مرغمة على معاونة الشريف والقاضي في القبض على المغامر . كان جنود الملك يحقدون على الصياد ، بينما كان رجال القرية معجبين به ويتعاطفون معه .

سمع "وليام" خطوات المسلحين فصعد مع زوجته وأبنائه بسرعة إلى الطابق العلوي ، ومن خالل نافذة عريضة شاهد الجنود ، وهم يحاصرون البيت ، كان الصباح قد بدأ يتفتح بصفاء ، لكنه امتأل

باألصوات . o للمقاومة ، ومن النافذة لم يشعر ويليم بالخوف ، كان قد أحضر معه حفنة من السهام استعدادا

الواسعة شاهد القاضي والشريف وكالهما أعداؤه . صو�ب قوسه ، ثم انطلق السهم بقوة ، وهو يصفر ، فحط� على صدر القاضي المحمي بدرع من

مشبك الحديد. :" استسلم يا" ويليم دي كالوديزلي !!" ، كانوا يصرخون عليه من الخارج .

فردت عليهم "اليسيا" الشجاعة بفخر : o مثلكم !! " زوجي ال يستسلم !! زوجي ليس جبانا

كانت سهام "كالوديزلي" صائبة ، وقد جرحت بعض الذين يحاصرونه ، لكن "الشريف" الذي يحتقنبالغضّب أمر بإضرام النار بالبيت دون شفقة أو رحمة للمرأة ولألوالد .

وبدأ البيت يحترق، و وصلت ألسنة اللهّب إلى الغرفة التي كان األطفال فيها يبكون من شدةالخوف .

توقف وليم عن إطالق السهام ، وأخذ عدة شراشف من القماش المتين ، و ربطها مثل الحبل ،بينما "اليسيا" وأوالده تمكنوا من النزول عبر النافذة ، وعندما تأكد" وليم" أنهم نجوا صاح:

" أيها الشريف لقد أرعبت زوجتي وأطفالي ، وجّـه انتقامك نحوي ، لكن حذار أن تمسهم بأقلاألذى " .

واستمر من بين السنة اللهّب يطلق السهام حتى آخر سهم عنده ، فلم تعد المقامة ممكنة وقدصار البيت على شفى أن ينهار .

ومثل وحشS كاسرS قفز "وليم " من النافذة فأطبق الجنود عليه ، و شد�وا وثاقه بقوة ، ثم سجنوهفي قفص مغلق . قال الشريف له:

o في ساعات الصباح األولى ستكون معلّـقا في الساحة العامة ، ولن تُـفتح :"ويليم كالوديزلي !! غداأبوابZ المدينة إالّ بعد موتك ، ال تنتظر اآلن من رفاقك أن يأتوا ليخلصوك !!".

في اليوم الثاني عند الشفق كان سكان المدينة في الساحة العامة ، والجندي الذي كان يحرسأبواب المدينة أمر أن ال تُـفتح إال بأوامر عليا .

أحد الرعيان الذي لم يتمكن من إخراج قطيعه للرعي سأل أحد سكان القرية عن اسم المتهم، فقال الرجل : " إنه النبيل والشجاع "وليم" الذي لم يفعل أي� شيء يؤذي أكثر من الصيد والعيش

في غابات الملك ، إن إعدامه بسّب ذلك و بإسم السماء لهو جور} كبير !!". كان الراعي يعرف" ويليم" الذي تصادق معه في الغابة ..فكر للحظة .. وبعدها تسلل من جدار السور وقفز إلى الحقل دون أن يراه أحد . ركض بكل قوته إلى أن وصل إلى مخيم الصيادين ،

وأخبرهم عما جرى. اخذ "آدم بيل" و "كاليم" أسلحتهما ، وركضا باتجاه أبواب المدينة عندها طرأت فكرة جيدة

لـ"كاليم": " فلنقدم أنفسنا أننا مبعوثون من الملك ، وبهذا يفتحون األبواب لنا ".

o، فبدت أنها أمرٌ رسمي . زو�ر آدم بيل خطّ وختم الملك في صحيفة ، والتي لفها الحقاo من القصر إلى o طارئا طرق االثنان بوابة المدينة بقوة ، وأعلنا انهما مبعوثان يحضران أمرا

القاضي . Zفـتحت البوابات ، و ركع الحراس عندما رأوا الختم الحقيقي، لكن" آدم" و"كاليم" ألقيا بنفسيهماعلى الحارس ،وربطاه بقوة ، ثم حبساه في زنزانة قريبة ، وبعد ذلك ركضا إلى الساحة العامة. كانت جموع الناس يتابعون التحضيرات لتنفيذ حكم اإلعدام. وكان" وليم كالوديزلي" هناك وسط

الساحة موثقا بقوة بالحبال ، لكنه لحظ أصدقاءه األوفياء . صو�ب االثنان سهام قوسيهما على القاضي والشريف اللذين كانا بارزين من فوق حصانيهما من بين

الحشود . اهتز القوسان ، وصفرت السهام ، فسقط القاضي والشريف على األرض بإصابات قاتلة .

سادت لحظة ذهول ، وتبعها فوضى ، استغلها رماة السهام لالقتراب من رفيقهم فقطعا الحبال

Page 55: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

التي كانت تشد وثاقه ، وعندها تسلح " وليم" بفأس أحد الجنود . بدأ الصيادون الثالثة يقاومون القوات التي كانت هناك ، كانوا يقاتلون وظهر كل منهم محمي� بظهر

اآلخر ، بينما يعطون وجوههم للمهاجمين ، كان الصيادون الشجعان يطلقون سهامهم وهميتراجعون خطوة خطوة نحو أبواب المدينة .

نفدت السهام ، و لمعت السيوف ، وخارت قوى المتمردين الثالثة، وبجهد أخير فازوا بالخروج ، وأغلقوا البوابة الكبيرة بالمفتاح الذي استولوا عليه من الحارس ، وانطلقوا بسرعة نحو الملجأ

اآلمن في الغابات التي عاشوا فيها دائما وناضلوا وكافحوا لالحتفاظ بالحرية . مشى الرفاق الثالثة تحت ظالل األشجار الضخمة ، يتندرون على أحداث مغامرتهم الكبيرة،

فسمعوا همهمات وأصوات استغاثة، تخرج من السور الكثيف، فباعدوا األغصان ،واقتربوا من المكان الذي كانت الشكوى تسمع منه ،فعثروا على "اليسيا" الشجاعة هناك ، وقد هربت إلى

الغابة ومعها أطفالها الثالثة . o، وفي نفس المكان جهّـزوا الغذاء o وفيرا كانت منتشية من السعادة ، أحضر "آدم" و"كاليم" صيدا

الذي سيسترد لهم القوة التي بذلوها . وفي وقت الراحة وهم يتسامرون حول النار قال" وليم":

" أظن انه يجّب علينا أن نذهّب في الحال إلى لندن، لنطلّب الصفح من الملك قبل أن تصله األخبار من "كارليزلي" ، فعندي ثقة بأنه سيستمع لنا، لكنني سأترك هنا زوجتي "اليسيا" واثنين من أبنائي

في بستان قريّب ، وسآخذ معي ابني الكبير، حتى يتمكن من نقل أخبار حظنا إلى أمه ." استعد� رماة األقواس الثالثة، وكذلك الطفل الرائع ابن السبع سنوات من العمر، وانطلقوا باتجاه لندن . وبعد ثالث دوريات متعبة من المسير، وصلوا إلى القصر، وأعلنوا انهم صيادون في غابات

الملك وقد جاءوا يطلبون الغفران . o أن يودعوا السجن ، كي يدفعوا استقبلهم الملك يشكل سيئ ، وعندما علم بأسمائهم أمر غاضبا

بحياتهم ثمن إساءاتهم ، لكن نبل و لطافة الصيادين جعلت الملكة تتعاطف معهم، وتطلّب منالملك أن يعفوا عن الثالثة .

فوافق الملك على العفو بسبّب حبه لزوجته، وفي تلك اللحظة وصل أحدهم يحمل رسالة يشرحفيها ما حدث في مدينة "كارليزلي" ، وما فعله الرجال الثالثة أمام المدينة كلها .

o أمام تلك الواقعة المستحيلة ،وأمر رجاله من رماة السهام أن يخرجوا o و حانقا وقف الملك مشدوهاإلى حقل الرماية ، ليمتحنوا مهارة المغامرين.

امتأل الحقل الشاسع بالناس والجنود ينظرون بازدراء إلى الصيادين الثالثة. قام رماة الرماح التابعين للملك والرفاق الثالثة بإطالق سهامهم على دريئات بيضاء ، فقال" وليم

o رامي سهمS جيد للذي يفرح دي كالوديزلي": " يبدو هذا مثل لعبة أطفال ، فأنا ال أسم�ي أبداo، والتي تشبه الدروع في المعارك ، فأي� كان يمكنه القيام بالتسديد على هذه األهداف الكبيرة جدا

بذلك". قال الملك: "فلتختر الدريئة التي تحّب ، وارني ما أنت قادر على فعله ".

قال وليم بصوت جهوري: "من أجل شرف رماة السهام سأقوم بما ال يمكن ألحد القيام به ، فهذا الطفل الموجود هنا هو

ابني ، وعن مسافة أربعمائة قدم سأسدد سهمي على تفاحة تضعها على رأسه. قال الملك : " إن هذا لمغامرة كبيرة وخطرة ، وإن لم تحققها فسوف تدفع الثمن حياتك أنت

وحياة رفاقك ". فاستعد وليم لتنفيذ كلمته. كان الطفل بعينين مفتوحتين جاحظتين، وقد تم ربطه إلى جذع شجرة ، ثابت في األرض و وضعوا تفاحة على رأسه األشقر الجميل .وابتعد كالوديزلي مسافة أربعمائة قدم ، ووضع في قوسه أطول

سهامه واألكثر استقامة . كانت حشود الناس تنظر إليه بأسى ، والنساء تبكي من شدة تأثرهم العاطفي .

استدار كالوديزلي إلى الناس، وقال :" إياكم أن يتحرك أحدكم فيعكر صفائي .. توسلوا لي ". ووسط الصمت ثبت الرامي قدميه ثم سدد فصفر السهم ، وسقطت التفاحة مشطورة إلى نصفين

متساويين . انفجرت الحشود بصرخات كبيرة تعبر عن فرحها ، وجميعهم يصفقون تملؤهم السعادة .

اتخذ الملك الصمت ، وبعدها قال: " أمنحك العفو يا "وليم دي كالوديزلي" ، ومن اآلن أمنحك لقّب كبير حراس غاباتي إن كنت ال تزال

تفضل العيش مع رفاقك تحت حمايتي ". لكن األصدقاء الشجعان اختاروا أن يواصلوا حياتهم ، حياة الحرية والمغامرات في غابات كثيفة من

أشجار البلوط المعمرة مئات السنين .

*William de Cloudlessly

Page 56: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

الفارس جيريان*

)حكاية من القرن الثالث عشر(

تتبعها إحدى سيدات مجلسها ، كانت زوجة الملك أرثر تتجول في مجنبات القلعة . وهما تمتطيانالخيل عبرتا الجسر المقام على النهر ، وابتعدتا في الحقل األخضر بين المروج واألشجار .

توقفت الملكة لسماعها وقع حوافر حصان كان يأتي في االتجاه نفسه . وبعد فترة قصيرة ظهر أمامها فارس شاب من النبالء ، يرتدي معطف عباءة واسعة ومفتوحة ، وعلى جانبه سيف له قبضة

من ذهّب . : " أهال وسهال أيها الفارس _ قالت األميرة له وتابعت _

لم اكن أتوقع هكذا صحبة سعيدة ، تعال فاليوم سنصل إلى مدخل الغابة ". o يرافقه قزمٌ ، يأتيان على حصانيهما o بدينا وقبل الوصول توقفوا عندما شاهدوا بين األشجار رجالم والمصنوع من الذهّب إلى � بخطوات بطيئة ومعهما امرأة كانت تمشي بثوبها الداخلي ، المخر

جانّب فارس له طابع مستبد ومدجج بسالح ثقيل و يلمع . أرسلت األميرة وصيفتها سيدة الشرف لتسأل القزم عن اسم سيده ، وعندما سألته بلطف و أدب

رد القزم: o لالقتراب من سيدي " . o ، فأنت لست أهال " لن أقول لك شيئا

أرادت السيدة أن تتجه نحو الفارس المجهول الهوية ، لكن القزم تدخل وضربها بالسوط علىوجهها .

استعد جيريان ليقتص من تلك الفعلة الدنيئة ، و وضع يده على سيفه ، لكنه توقف ، ألنه اعتبر من غير المشرف أن ينتقم من ذلك الرجل الصغير عديم القيمة ، عندها طلّب اإلذن من الملكة ليتبع

أولئك المجهولين حتى يجد الفرصة ، ليرتدي ثياب الحرب ويعاقّب الفارس الفظ .

: " اذهّب _ قالت الملكة _ وسننتظر عودتك في المجلس بفارغ الصبر ". وصلوا إلى مدينة ، عند مدخلهاuskتابع جيريان أولئك المجهولين ، وبعد أن اجتازوا نهر اليوسك

كانت تقوم قلعة جبارة ، مر� بها الفارس المدجج مع سيدته وقزمه ، فنهض الناس يؤدون طقوساالستقبال و يقدمون التحيات .

كانت البيوت والنوافذ مزينة بدروع ملونة ورايات وردية ، وفي كل محددة كان هناك رجالمنهمكون في صقل السيوف و تدبيّب الرماح وتلميع الخوذات و الدروع .

دخل القزم والسيدة والفارس إلى القلعة وسط صفين من المحاربين كانوا قد خرجوا واصطفواعند ما شاهدوا الفارس وجماعته يصلون .

o ما ، بقي "جيريان" يفكر دون أن يعرف إلى أين يتجه ، لكنه رأى قلعة قديمة مهدمة ونائية شيئافمشى إلى هناك يطلّب مأوى لتلك الليلة .

وعندما أحسوا بقدومه خرج الستقباله رجلٌ مسنٌ ، وله لحية وشعر ابيض، تبدو عليه عالمات�سة ، وقد�م له ضيافة متواضعة . النبل على الرغم من ثيابه البالية والذي رح�ّب بالفارس بعبارات كي

نزل "جيريان" عن حصانه في الحديقة المحاطة بأنقاض آثار، ظن� أنها لقلعة كانت هنا في أزمان أخرى ، مع أنه يرى بعض األسوار واألقواس ، وقد تشققت وبعض األبراج والمنارات مدمرة ، و

بعض سقوف من حجر بقيت واقفة ، وكذلك بعض الغرف التي تكو�ن هذا المأوى المسكين . قد�مه المسن إلى زوجته وابنته "إيناد" التي وان كانت بمالبس بسيطة ، فقد بدت لـ"جيريان" أجمل

النساء وأكثرهن روعة .

o للفارس ". o طيبا قال المسن لـ"إيناد" : " اعتني بحصان ضيفنا ، واجعلي منزلنا الفقير مضيفافقامت الشابة العذراء بترتيّب كل� شيء بطيبة نفس و ثقة .

حض�رت العشاء ، وجلسوا إلى المائدة ، وبقيتالشابة ايناد تقدم الخدمات ، وبعد األكل شرح جيريان عن احترافه كفارس وعن قربه من الملك أرثر ، وبعدها أبدى اهتمامه لمعرفة لمن تعود تلك القلعة

المبادة ؟. قال المسن: " هذه!! إنها آخر ممتلكاتي،الوحيدة المتبقية !! لقد أعلن حفيدي الجاحد الحرب

علي� ، و جرد�ني من كل أمالكي!! أقدم لك نفسي : أنا "الكونت ينيوال" ، أراني اآلن و بسبّب غدرهقد انحدرت إلى هذا الفقر ".

: " سيدي _ سأل جيريان_ من هو الفارس الذي وصل إلى القلعة مع زوجته والقزم ؟ و ما األمرالذي يتم تحضيره في هذه المدينة المزدانة جدا ؟

: " إنه حفيدي الكونت الخائن ، هو من رأيته يدخل القلعة، لقد نظم حفل مبارزة سيقام غدا في السهل الكبير الذي نراه من هنا . إنه سيغرس في وسط الحقل رمحا يكون في طرفه صقر من

Page 57: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

الذهّب كجائزة للمنتصر . والجميع في المدينة يحضرون السالح والخيول ، ولن يأخذ مكانته في تلك المنازلة من ال يذهّب بصحبة زوجته !! إن هذا الشرير الملعون الذي رأيته يصل اليوم إلى المدينة ، كان قد اغتصّب للمرة الثانية الصقر الذهبي ، وإذا استطاع أن ينتصر غدا من جديد فانه سيغتصّب

لقّب الفارس الصقر ". : " سيدي !! قال جيريان : علي� أن انتقم لذلك الجور الذي سببه حفيدك لي وللملكة . وهكذا

o، وان تسمح لي أن أدخل المنازلة ، على شرف ابنتك "إيناد" ، والتي إن أرجوك أن تعيرني درعاخرجت منتصرا فسأبقى أحبها طالما حييت ".

: " إنك تقدم لي سعادة عارمة ، وغدا عند شروق الشمس سيكون لك درعٌ جاهز} وحصانك ، وأناوابنتي سنرافقك " .

وعند الصباح استعد الفارس جيريان ،فارتدى الحديد ، و سن� سيفه ، ثم امتطى الحصان ، وتسربلبالدرع ، وحمل الرمح ليتجه إلى المنازلة .

o من انتصاره ، ويؤشر لزوجته أن تأخذ الصقر عندما وصلوا إلى الحقل كان فارس القلعة متأكداالذهبي جائزة المنتصر ، لكن في تلك اللحظة ظهر الفارس جيريان وقال:

" الصقر الذهبي ليس لك ، وال يمت إليكم بصلة . أدعوك لمنازلتي أيها الفارس الخائن ، إننيسأهزمك ، وعليك أن تعلن أن زوجتي هي السيدة األكثر جماال و روعة ".

o للقتال . وبعد أن قال جيريان ذلك اتجه على وقع حوافر خيله نحو أطراف الحقل ، ليكون مستعداo . وانطلق الغريمان بأقصى سرعة حصانيهما كلٌ باتجاه اآلخر، و o جدا كان الفارس الفظ غاضبا

لثالث مرات تكسرت الرماح على الدروع ، و لثالث مرات قام الكونت المسن ينيوال والقزمo قال الرجل المسن لـ"جيريان": المتعجرف بتقديم السالح للخصمين ، وأخيرا

o ، ولقد قاوم الرمح في الكثير من "هذا الرمح الذي أخذته في شبابي عندما سل�حوني ألكون فارسار ". �المعارك ولم يتكس

ق درعه فيها ، وأسقط الخائن على �o على الفوز ، فرمى خصمه بقوة ، ومز كان جيريان مصممااألرض .

ل جيريان عن خيله ، وبدأ المبارزة حيث راحت السيوف تقعقع ، واقترب المسن إلى المسافة � ترجالتي أمكنه االقتراب إليها وقال :

" يا فارس الملك أرثر تذكر اإلهانة التي سببها لك ".

عندها استجمع جيريان كل طاقته وقوته وركّـزها في المعركة ، وبضربة رهيبة قصم خوذة خصمهo على األرض ، وراح يطلّب الرأفة . الذي سقط مهزوما

فقال جيريان له : " أسامحك بحياتك تحت شرط واحد أن تمثل أمام الملكة ، وأن تطلّب منهاالغفران عن إساءتك ، و عندها سينطق فرسان المجلس بالعقاب الذي تستحق ".

قام جميع رجال الخائن المحاربين ، وجميع فرسان المدينة بتقديم التحية إلى الفارس المنتصر ،الذي رجع مع المسن وعائلته إلى القلعة المهدمة ، وهم مزدانون بالورود و بالمشاعل المنيرة .

حضر الكونت المهزوم إلى هناك ، ليتفرغ جيريان له وقال له: o بـ"إيندا" التي ستصبح زوجة لي ، لكن o إلى البلد الذي أتيت منه ، و سأذهّب مصحوبا " سأعود غدا

قبل أي شيء عليك بإعادة كل شيء اغتصبته من الكونت يونيوال ". وهذا ما كان قبل انطالق إيندا وجيريان نحو مجلس الملك أرثر

*Gerian

الكتاب الخامس  

أفريقيا

بالد النيجر

في شمال غرب أفريقيا وبين حدود الصحراء وغابات النيجر وفي قرى من أكواخ ، الذين يتقاسمون السهل الكبيرFlubesمدورة ،هناك، يعيش فالحون الفلوبيس*

مع قبائل متنقلة من طوارق وعرب و أفارقة . في كل المنطقة تلك تم اكتشاف آثار مدن ، وأنقاض وأسوار وقالع كعالمات عن

Page 58: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

حضارة قديمة ومزدهرة ، قد تقوضت واختفت . شعب الفولبيس المكون من رجال لهم سحنة قمحية وذكاء حاد متخصص بالرعي

وزراعة الحقول و أعمال أخرى . ويمثل شعب الفولبيس تأكيداV كبيراV ألولئك الذين في أزمان أخرى ، صنعوا واحدة

من أهم الحضارات اإلفريقية والمثيرة للفضول . وإلى جانب اآلثار واألنقاض ، فلقد تم اكتشاف والتقاط أساطير وحكايات قيnمة عن الحب والفروسية ، رغم أن شعب تلك المنطقة كباقي شعوب أفريقيا قد عانى من

استعمار القوى الغاشمة .

* تطلق على الشعوب التي تسكن في القسم الغربي من الصحراء االفريقية)المترجم(

سامبا غانا*

" كانت الملكة " أناليا- تو-باري/ Wagnaفي مدينة " واغنا Analia Tu-bario " ، وكان والدها هو أمير واغنا وسيد قرى كثيرة ، وفي إحدى المرات خاض حربا

مع أمير عدو انهزم فيها والد " أناليا " ، فتم تجريده من ممتلكاته ، وكان عليه أن يسل�م احدى قراهo و ورثت أناليا كل� المملكة عن أبيها . o وغما ، لكن كبرياءه لم يسمح له بتحمل ذلك ، فمات كمدا

حضر أعداد} كبيرة من الفرسان إلى مدينة "واغنا" ، يطلبون يدها للزواج ، لكن " أناليا " كانت تحزم بطلبها ، ليس فقط أن يستردوا القرية الضائعة ، إنما ثمانين مدينة أخرى !! لكن ال أحد من

الفرسان تجرأ على هذا المهر الحربي . o في كل يوم ، إال أنها ت السنوات وفقدت " أناليا " كل سعادتها ، ومع أنها كانت تزداد جماال � ومر

o كانت تزداد حزنا في بلدS مجاورS كان ألميرها ولد} يدعى "سامبا - غانا" ، وعندما كبر هجر مدينة أبيه حسّب عادات

البلد ، وخرج ليحتل أراضٍ ومدنٍ أخرى ، كي يقيم عليها مملكته . o من مدينة والده يرافقه اثنان مدرعان . o ، وقد خرج سعيدا o دائما كان "سامبا- غانا" شابا مبتهجا

أعلن سامبا الحرب على أمير مدينة و تحد�اه إلى منازلة فتصارع االثنان ، والمدينة كلها تشاهدهم ،o انتصر "سامبا غانا " فطلّب األمير المهزوم منه أن يعفوعن حياته ، ويقدم له مدينته . فبدأ وأخيرا

سامبا يضحك ويقول: " ابقَ مع مدينتك فهي ال تهمني ".

o كان يعيد كل� ما يحصل عليه بفوزه o تلو األخر ، و دائما تابع " سامبا " طريقه ، وهزم األمراء واحداإلى كل أميرS مهزوم ، ويقول له:

" ابق{ مع مدينتك فمدينتك ال تهمني ". o وال مدينة ، ألنه بعد تمكن " سامبا غانا "من هزيمة كل أمراء البالد ، ومع ذلك لم يكن يملك أرضا

. o o و حالما o مبتهجا كل انتصاراته كان يعيد كلÆ شيءS ، ويمضي ضاحكا�ى المرافق األغنية الرائعة لـ"أناليا- وفي يوم كان يرتاح فيه مع مرافقه عند ضفاف نهر النيجر ، غن

تو- باري" ، و المليئة بالحزن وعزلة األميرة . قال المرافق : " الرجل الذي سيحظى بـ"أناليا" وسيجعلها تضحك هو فقط ذاك الفارس الذي

سيسترد ثمانين مدينة " عندما سمع "سامبا غانا" ذلك وثّب بقفزة سريعة ، وصاح : " هيا يا أصحاب العضالت اسرجوا

الخيول !! هيا بنا إلى بالد أناليا- تو- باري ". o ،حتى o وليالي يمتطون الجياد يوما انطلق سامبا بمسيرة مع المرافقين المدرعين ، واستمروا أياما

وصلوا إلى مدينة " أناليا تو باري " ، فرأى "سامبا غانا" امرأةo رائعة{ الجمال وشديدة الحزن . فقال لها : " أناليا أنا

سأسترد المدن الثمانين ". وقرر أن ينطلق في مسيرة ثانية . قال لمرافقه : "ابق هنا مع أناليا ،غن� لها ورو�حها عن نفسها ، اجعلها تضحك ". فبقي المرافق فيS صار يغني لـ"أناليا " أغنيات عن أبطال بالدها ، وعن مدنها ، وعن مدينة "أناليا توباري " ، وكل� يوم

أفاعي النهر التي تجعل مستوى المياه يرتفع ، فتجعل الناس يخزنون األرز لسبع سنوات ويبقونجائعين لسبع سنين أخرى .

o تلو اآلخر . وكانت اناليا تستمع له ، بينما " سامبا غانا " كان يقطع األمصار ، ويحارب األمراء واحدا

Page 59: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

S منهم كان يقول : o ، ولكل� مهزوم فأخضع ثمانين أميرا" عليك الحضور أمام أناليا توباري ، وأن تقول لها : إن مدينتك صارت لها ".

ذهّب األمراء الثمانون يرافقهم أعداد كبيرة من المحاربين إلى مدينة "واغانا" ، وسكنوا هناك ،فأخذت مدينة أناليا تتسع وتتسع ، إلى أن أصبحت ملكة على األمراء والمحاربين في كل األمصار .

قال سامبا غانا لها: " كل شيء تمنيته قد أصبح ملكاً لك ". فقالت أناليا : " لقد وف�يت بوعدك ،سأكون زوجتك ".

فقال سامبا غانا : " لماذا أنت حزينة؟ إنني لن أتزوج منك إال عندما تعود البسمة إليك ، وأراك تضحكين ".

قالت أناليا : " لقد كان عار والدي المهزوم يبعث الحزن في� ، واآلن ال أقدر على الضحك ، ألنني لمo يقدر على اتمام رغبتي " . أجد أحدا

قال سامبا غانا: " أشيري علي� ماذا علي� أن أفعل ؟ " . قالت : " اقتل األفعى التي في النهر !! فهي تأخذ الخيرات لسنة كاملة فيكون هناك مجاعة لسنة

كاملة ، وأنا سأكون سعيدة لقتلها " . قال سامبا : " لم يجرأ أحد} على ذلك ، لكنني سأقوم به " .

اتجه سامبا غانا مع رجاله الثالثة نحو النهر، و بحث عن األفعى واستمر في المسير والبحث ، فوصل إلى مدينة فلم يعثر على األفعى، واستمر يمشي مع النهر ويبحث عن األفعى ، فوصل إلى

مدينة أخرى ولم يجدها !

o ، وبدأ يتصارع معها !! وفي النهاية انهزمت األفعى واستمر في البحث إلى أن عثر عليها أخيراوكذلك سامبا غانا !!

كان تيار النهر يأخذهما من جهة إلى جهة ، ويمر بين الجبال ، ثم يفتح أراض ويدخل فيها . استمر الصراع ثماني سنوات بين سامبا واألفعى ، وفي العام الثامن هزمها . وخالل هذا الوقت

o ، و أخذ أحد الرماح المليئ بالدم فأعطاه إلى مرافقه كسر سامبا ثمانمائة رمح وثمانين سيفاقائال :

o لترها إن كانت ستضحك " . " خذها إلى أناليا ، وقل لها : إنني هزمت األفعى ، وانظر إليها جيدا . o عاد المرافق وسل�م هدية سامبا غانا ، وعندما سمع سامبا كالم أناليا قال: هذا عظيم جدا . o أخذ سامبا السيف المبلل بالدم و غرسه في صدره وضحك مرة ثانية قبل أن يسقط ميتا

أخذ المرافق السيف المدمي ، و امتطى الخيل ، ومضى باتجاه أناليا ،وعند الوصول قال لها : " هذا سيف سامبا غانا ، والدم الذي عليه هو دم األفعى و دم سامبا الذي ضحك آلخر مرة " .

جمعت أناليا كل� األمراء والمحاربين في المدينة ، وامتطت خيلها ، فامتطى الجميع خيولهم ،وتبعوها نحو البلد الذي مات فيه سامبا غانا .

وصلت أناليا إلى المكان الذي كانت فيه جثة سامبا غانا وقالت: o ، وليكن األعلى بين o ، ليس له مثيل عند من سبقوه ، أقيموا له ضريحا o عظيما " لقد كان بطال

أضرحة الملوك واألمراء واألبطال " .

وبدأ العمل لذلك ، فحفر األرض رجال} حاصل عددهم هو ثمانية أضعاف الرقم ثمانمائة . ونفس العدد من الرجال قاموا ببناء الضريح ،و كذلك الرقم من الرجال قاموا بتجميع التراب فوق

الضريح ، و رصرصوها ثم أحرقوها فظهر هرم} كبير . عند كل غروب كانت أناليا وأمراؤها و رجالها المحاربون يصعدون إلى قمة الهرم وكل مساء كان

المرافق يغني أغنية البطل ، وعند كل صباح كل�ما كانت أناليا تستيقظ كانت تقول: Zرى منه كلÙ مملكة واغانا " . o بما يكفي ، يجّب رفعه كي ت " الهرم ليس عاليا

ثمانية أضعاف العدد ثمانمائة من الرجال حفروا األرض ورصرصوها ثم حرقوها . وطوال ثمانية أعوام كان الهرم يكبر و يطول ويرتفع ، ومع نهاية العام الثامن نظر المرافق بعينيه

الدائريتين وقال: "يا أناليا توباري اليوم يمكنك رؤية "واغنا".. نظرت أناليا نحو الغرب وقالت: " ها أنا أرى "واغنا" و ضريح سامبا غانا هو العظمة التي يستحقها

اسمه " . o !! وقالت: وضحكت أناليا !! نعم ضحكت كثيرا

o مثل سامبا غانا " . " اآلن انفصلوا أيها األمراء ، تفرقوا في أنحاء األرض ، و كونوا أبطاالوضحكت أناليا مرة ثانية قبل أن تسقط ميتة ، ويدفنوها في سرداب الهرم إلى جانّب سامبا غانا .

*Samba Gana

األصيل ابن األصول

Page 60: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

خالل زمن طويل كانت عائلة "األردو" هي التي تحكم بالد الفلوبيس* .وكان "غوربو—ديكي" الشاب القوي تنحدر ساللته من تلك العائلة النبيلة ، وألنه لم يكن اإلبن البكر ، لم تكن له مدينة

" وبمزاجه المعكر ينشر المعاناةBammanaيحكمها ، لهذا كان يمضي هائما في بالد الـ"بام مانا/ . o o و عنيفا بين سكانها ، فجعلهم يخشون بطشه بشدة ألنه كان قاسيا

كان الباممانيون المرعوبون يستعجلون تدبير األمر ، فنادوا على" أآلل" المدرع مرافق "غوربو —ديكي" وقالوا له :

" أنت الوحيد الذي يمكنه إقناع البلدة ، ويا ليتك تقدر أن تجعل "غوربو—ديكي" يرحل عن البالد !!فسوف نعطيك كمية جيدة من الذهّب " .

وبعد انقضاء عدة أسابيع قال" أآلل" لـ"غوربا ديكي": اسمع !! البامانا لم يفعلوا شيئا سيئا لك حتىتعاملهم بهذه الطريقة ، ولو كنت بمكانك ، لذهبت إلى عائلة الفلوبيس ليعطوني مملكة " .

ع : " ما هو رأيك � : " لديك حق— قال غوروبا - لكن أية مدينة تريدني أن اختارها ؟ ". فسأله المدرلو أنك تذهّب إلى بالد "ساريام" التي يحكمها حم�ادي أردو؟ " .

قال غوروبو: " يبدو لي حسنا ، هيا بنا إلى هناك " .

اث . �ووصال قريبا من "ساريام" وفي قرية في الضواحي توقفوا عند بيت فالح حر . " o o ، وأنا أريد أن أرى المدينة لوحدي أوال قال غوربو لحامل الدرع : "ابق أنت هنا مؤقتا

خلع المالبس الفارهة ، وطلّب من الفالح مالبس عمل قديمة ، ارتداها وتوجه نحو المدينة ، و أولشيء فعله تحدث مع حداد وقال له :

" أنا من "الفلوبيس" وأحوالي سيئة اآلن ، ومقابل القليل من الطعام أنا مستعد لمعاونتك فيالعمل ".

قال الحداد: " لم ال !! هل تريد أن تعمل بالكير ؟ ".

قال غوروبو : " سأقوم بذلك بامتنان كبير " . وبينما هو يشتغل سال الحداد : " من هو حاكم هذه المدينة ؟ " .

: "هنا يحكم حم�ادي من عائلة آردو" . أجاب الحداد . : " وهل عند حم�ادي األردو خيول ؟ ".

o ولديه أيضا ثالث بنات . اثنتان : " نعم !! -قال الحداد- لديه الكثير من الخيول ،إنه ثري جدا متزوجتان من اثنين من الفلوبيس ، وهما فارسان شجاعان ، أم�ا البنت الصغرى واسمها "كودي

أردو" فهي أجمل فتيات الفلوبيس في البالد ، فهي تضع في إصبعها البنصر خاتما من الفضة ، وتقول إنها لن تتزوج إال بالرجل الذي يدخل الخاتم في البنصر من أصابعه ، وتقول : " إن الرجل

الفلوبي الحقيقي يجّب أن تكون أطرافه ناعمة وأصابعه لطيفة ". في اليوم التالي ، وكما في كل األيام تجمع صفوة من شباب الفلوبيس أمام بيت "حم�ادي أردو" ، فخرجت ابنة الملك الصغرى والفاتنة الجمال من البيت ، وسحبت الخاتم الفضي من بنصرها ، ثم

بحثت بين الرجال الحضور عمن يدخل الخاتم في بنصره . تمكن بعضهم من إدخاله بصعوبة حتى العقدة األولى من اإلصبع ، وبعضهم أوصله إلى العقدة

o ، عندها فقد الملك "حم�ادي أردو" صبره وقال الثانية ، لكن ، أي منهم لم يتمكن من إدخاله كلياالبنته : "عليك بالزواج من أي� من الحضور " .

الحداد الذي كان يشتغل عنده "غوربو ديكي" سمع تلك الكلمات وقال: " في بيتي يعمل رجل مالبسه رثة ، لكن عالمات الفلوبيس تبدو واضحة عليه " .

: " احضر الرجل لي—قال الملك—وليجرب خاتم ابنتي ". o !! الملك يريد التحدث معك " . ذهّب الحداد ليحضر غوربو وقال له: " تعال حاال

ذهّب غوربو بمالبسه الرثة مع الحداد إلى الساحة ، حيث كان هناك الملك حم�ادي أردو وجميعالشخصيات المعتبرة .

سأله حم�ادي أردو: " هل أنت فلوبيس ؟ " . أجاب غوربو: " نعم أنا فلوبي " .

: " ما اسمك؟ ". أجاب غوربو ديكي: " ال اقدر على ذكره ".

فقال الملك : " جرب إدخال هذا الخاتم في البنصر من أصابع يدك ". أخذ غوربو الخاتم ، وأدخله في إصبعه فاستقر الخاتم بسهولة .

: " أنت من سيتزوج من ابنتي " - قال الملك- فأخذت "كودي أردو" تبكي ، ثم قالت : " ال أريد الزواج من هذا الفالح ، من هذا الرجل البشع والقذر ، وبقيت كودو تبكي طوال النهار ،

o للزواج من الرجل البشع والقذر ، وأقيمت مراسيم الزواج . لكنها اضطرت أخيرا في أحد األيام حدثت حرب بين الملك والطوارق ، وتمكن الطوارق من االستيالء على ماشية الملك

حم�ادي ومواشي مدينة ساريام . o في احدى زوايا تسلح جميع سكان المدينة ، وخرجوا خلف الطوارق ، بينما غوربو كان جالسا

Page 61: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

المدينة ، فقال الملك له: " أال تريد أن تمتطي حصانا وتأتي معنا إلى الحرب ؟ " .

o o في حياتي، أنا ابن ناسS فقراء ، وإذا أعطيتموني جحشا : " أن امتطي حصانا !! أنا لم اركّب حصانافربما أقدر على ركوبه" . فصارت "كودي أردو" تبكي .

ركّب غوربو على الجحش ، وذهّب باتجاهS معاكسS لوجهة للمحاربين ، فقالت "كوردو" وهي تبكي: " آه !! يا أبتي!! آه!! يا أبتي أي حظ تعس!! جلبته لي من تزويجك لي من هذا الرجل؟ " .

لقد ذهّب غوربو ديكي إلى بيت الفالح الذي كان قد ترك خيله هناك ، و سالحه و درعه ، قفز عنالجحش وقال:

" يا أآلل !! لقد تزوجت ". : " ماذا؟ تزوجت؟!! ممن تزوجت؟؟ " .

: "تزوجت أجمل نساء المدينة إنها ابنة الملك "حم�ادي أردو" . : " ماذا ؟! كيف حصلت على هذا الحظ الكبير ؟ ".

: " نعم !!-- قال غوربو—لكن يوجد هناك شيء آخر ، لقد سطا الطوارق على ماشية حماي ،فبسرعة البس وتسلح واسرج الخيل علي أن أتقدم{ الجميع ، واختصر{ الطريق " .

ع كل� شيء وسأله : " هل يمكنني مرافقتك؟ " . �فحض�ر المدرقال "غروبو ديكي" : " ال !! ليس اليوم " .

وانطلق بسرعة كبيرة حتى تمكن من اللحاق بهم فشاهده اثنان من أنسباء الملك حم�ادي ، وشاهده جميع الفلوبيس وهو على حصانه السريع ، يقطع الحقول المجاورة فقال نسيّب للنسيّب

األخر: " يبدو إنه "تشينار المستبد" ، وسيكون لصالحنا لو يقف إلى جانبنا فنفوز بالمعركة ، علينا أن

نتحدث معه . واتجه عدد من المحاربين نحو غوربو وسألوه : " إلى أين تذهّب؟ ما هو غرضك؟ ".

: " اذهّبZ إلى أين تكون هناك حرب ، وأساعد من يحلو لي " . :" أنت !! ألستَ أنت تشينار !!؟ ".

: " نعم ، أنا تشينار " . :" هل تريد مساعدتنا ؟ ".

:" كم عدد أنسباء الملك الذين يسيرون معكم؟ " . : " اثنان " .

:" إذا دفع كلo واحدS منهما أذنه لي فسوف أساعدكم ". :" هذا ليس ممكناً !! ماذا سيقال في المدينة؟ " .

o- قال غوربو- فليقولوا إنهم فقدوها في المعركة فهذا يحدث عادة ، وكذلك :" انه بسيط جداألشرف الناس " .

مضى الرجال على خيولهم نحو المكان الذي يتجمع فيه اآلخرون ، وقص�وا ما سمعوه على نسيبيالملك .

o واحدة من كل واحد منهم ، وبعثوا بهما في البداية لم يوافقا ، وفيما بعد وافقا على أن تقطع أذناإلى غوربو .

أ غوربو األذنين في جيبه ، و تقدم إلى رأس القوات وهو يقول : �ـ خب:" ال تقولوا إن "تشينار" قد ساعدكم " .

: " ال !! ال !! ال لن نقول " ، أجاب الفلوبيس . لحقوا بالطوارق، وتحاربوا معهم ، فربح الفلوبيس الحرب ، ابتعد غوربو، ومضى على خيله نحو بيت

الفالح الذي يختبأ عنده رجله المدرع ،وهناك ترجل عن الحصان ، وخلع مالبسه والسالح ، وارتدىالمالبس الرثة ، وركّب الجحش وعاد إلى المدينة .

وفي طريقه إلى هناك ، وفي طرقات " ساريما " رآه الحداد الذي أم�ن له المأوى في اليوم األول ،فقال له :

."!! o o وال فلوبيا "ال تدق باب بيتي!! أنت لست فلوبيس!! أنت زنديق !! أو عبد !! أنت لست محاربا وفي األثناء عاد الفلوبين مبتهجين منتصرين ، ومعهم القطعان التي استردوها ، وقد خرج الناس

سعداء ليحييوهم ، وكذلك خرج الملك الستقبالهم ، وقال: " ال يزال هنا محاربون شجعان ، ال يزال هنا فلوبيس ، هل عاد الجرحى؟ " .

o o جدا أحد نسائّب الملك قال: " عندما انطلقت إلى المعركة واجهني أحد الطوارق ، وكان ضخمافضربني بسيفه ، فأبعدت رأسي فقطع السيف أذني ، وبفضل ذلك فإنني قد نجوت " .

قال الصهر الثاني : o ، فسارعني من األسفل بطعنة " عندما كنت أهاجم في الجانّب اآلخر أحد الطوارق ، وكان قصيرا

من سيفه الطويل على عنقي، وكاد أن يقطع رأسي ، لكنني انحنيت فاخذ أذني " . قال الملك حم�ادي :

" إن سماع مثل هذه األمور يفرح الروح ، أنتم أبطال ، لكن قولوا لي : ألم تشاهدوا صهريالثالث؟ " .

o . قال الجميع ذلك وهم يهزأون . : " آه ذاك !! منذ البداية اتخذ اتجاه معاكسا وفي هذه اللحظة كان "غوربو" يأتي من الجانّب الثاني ، يركّب على الجحش ، وعندما اقترب منهم

ح الدابة فراحت تخبّب . �، سر

Page 62: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

o بهذه الهيئة المسيئة بدأت "كودو" بالبكاء بمرارة ، وهي تقول: وعند رؤيته قادما" يا أبتي!! يا أبتي!! أية تعاسة جلبتها لي!! " .

خالل االحتفال كان صفوة الفلوبيس يجلسون على شكل دائرة ، يروون ما فعلوه ، فسمعهم"غوربو" من احدى الزوايا ،غقال أحدهم:

" عندما جندلت أول واحد على مرأى من األعداء...." . وقال الثاني :

"عندما استوليت على الخيول... ". وقال ثالث :

" نعم فأنتم لستم مثل زوج "كودي أردو" فأنتم أبطال بحق وحقيق " . كان النسيبان االثنان يكرران نفس الرواية عن فقدانهم آلذانهم في المعركة . وكان غوربو هناك

في الجانّب يستمع إلى كل شيء ،وفي جيبه كانت األذنان . وعندما حل� الليل ذهّب إلى البيت فقالت "كوردو" له :

"أنت جبان !! " . في اليوم التالي هاجم الطوارق المدينة بأعداد كبيرة ، وعند مشاهدتهم من بعيد اجتمع كل رجال المدينة القادرين على حمل السالح ، وركّب غوربو الجحش، ثم انسل خفية من المدينة ، فأخذت

الناس تصيح : " انظروا إلى هناك!! إلى نسيّب الملك!! كيف يهرب نسيّب الملك ؟ " . وبدأت "كوردو" تبكي وتقول: " يا أبتي!! يا أبتي!! أية تعاسة جلبت لي!! ".

ذهّب غوربو إلى بيت الفالح الذي ترك مالبسه عنده وحصانه وسالحه ، وعندما وصل قفز عنالجحش وقال لرجله المدرع :

" بسرعة! بسرعة! هيئ لي خيلي وأشيائي ، فاليوم هناك تطورات مهمة ، لقد هاجم الطوارقo ، وال يوجد هناك من يعرف كيف يصدونهم " . المدينة بأعداد كبيرة جدا

: " وهل يمكنني مرافقتك؟ ". سأل " أآلل" . قال "غوربو ديكي ": "ال ، ليس اليوم " .

ارتدى ثيابه الجيدة ، وأخذ سالحه ، و وثّب إلى حصانه ، وانطلق على وقع الحوافر القوية والسريعة .

o ، و هاجموا المدينة حتى انهم تمكنوا من دخولها ، وقسم في األثناء كان الطوارق قد اقتربوا كثيرامنهم تقدم باتجاه قصر الملك .

o . لقد وصل o وشماال وصل غوربو في الوقت المناسّب ، اخترق صفوف الطوارق يضرب بسيفه يمينافي اللحظة الحاسمة إلى قصر حماه .

في تلك اللحظة ، كان بعض الطوارق يحاصرون "كودو أردو" ، يريدون سبيها ، وعندما رأت "كوديأردو" الفارس الفولبي الشجاع يصل ، استغاثت بصوت عال:

" يا آخي العظيم!! تعال و خلصني !! لقد فر� زوجي بجبن وخسة " . o آخر ، لكن أحدهم تمكن من جرحه قبل وبرمح طويل أبعد "غوربو" أحد الطوارق ، وجرح طوارقيا

أن يفروا جميعهم ، وعندما رأت "كودي أردو" الجرح البالغ والخطير صاحت : " أوآه أيها األخZصبت " . العظيم !! لقد أنقذتني ، لكنك أ

مزقت نصف ثوبها ، وربطت بالقماش فخذه النازف . وفي الحال خرج "غوربو" من هناك وهجم على الطوارق ، يضربهم بسيفه في كل االتجاهات ،

ون ، عندها خرج الفلوبيس يالحقونهم ، لكن غوربو ذهّب الى بيت الفالح ، حيث هناك � ويجعلهم يفر رجله المدرع "أآلل " ، وهناك ربط الحصان وخلع مالبسه و سالحه ، ثم ارتدى مالبسه الرثة ، وعاد

إلى المدينة وهو يركّب الجحش . وعندما رآه الحداد الذي كان قد استقبله أول مرة من قبل صاح الحداد:

" انظروا إلى هذا البائس! الزنديق! هذا الكلّب األجرب! هذا الجبان ! هيا أسرع بالمرور من جانّببيتي !! " .

فقال غوربو: " ماذا تريد؟ منذ أن جئت إلى هنا وأنا أقول إنني ابن ناسSSSS فقراء " . ح الجحش واتجه إلي الساحة الكبيرة ، حيث كان هناك عدد كبير من � وبعد أن قال ذلك ، سر

الفلوبيس مجتمعين في مجلس الملك حم�ادي ، يتحدثون عما جرى ذلك اليوم وكانت كودو بينهم . عندما وصل غوربو بهيئته البائسة ، بدأت كودو تبكي و تقول : " آه ياأبتي آه يا أبتي أية تعاسة

جلبت لي!! فلقد كان من بين الفلوبيس رجال أكثر شجاعة وفروسية " . فقال غوربو :

" منذ اليوم األول لزواجنا قلت لك : إنني ابن ناسSS فقراء ، وقلت ألبيك : إنني ال أفهم في الخيولوال في الحروب " .

فأخذت كودو تبكي وتقول: " جبان ! بائس ! خو�اف!" . وجلس غوربو غير مبالS في إحدى الزوايا .

حل� الليل و ذهّب الفوليبس إلى بيوتهم ، ولم تقدر كودو على النوم ، كانت تفكر في زوجها الجبان وفي الفارس الشجاع الذي أنقذها ، وفي منتصف الليل نظرت إلى مكان نوم زوجها ، فشاهدت آثار دماء ، كانت تنز� من ربطةSSS على فخذه ، والربطة كانت قطعة من ثوبها الذي مزقته من أجل

إسعاف الفارس الشجاع . كانت الربطة مشدودة على فخذ زوجها الذي عاد راكبا على الجحش ، فنهضت كودو وسألت

زوجها:

Page 63: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

" قل لي : من أين جاءتك هذه الجرح؟ " . فرد عليها غوربو:

" خم�ني " . فسألت كودو:

"من قص� الثوب{ لربط جرحك؟ " . قال غوربو: " خم�ني " .

فسألت كودو: " من تكون أنت؟ " . فقال غوربو :

o اآلن ، قومي و حض�ري زبدة لتضعيها على جراحي " . " ابن أحد الملوك ، لكن ال تقولي شيئا�تها على الجرح وربطتها ، وبعدها خرجت لترى أمها ، أحضرت كودو الزبدة ، وسخنتها ثم صب

فجلست إلى جوارها ،وبدأت تبكي وتقول: o ، لم يهرب ، إنه الرجل الذي أنقذ اليوم المدينة من الطوارق ، لكن ال تقولي " زوجي ليس جبانا

ذلك ألحد " . وانسلت بصمت . في اليوم التالي عاد غوربي يركّب الجحش ، وذهّب إلى بيت الفالح الذي ترك فيه رجله المدرع

وأسلحته وثيابه و حصانه. : " اآلل !! قال لرجله المدرع ، لقد حل اليوم الذي علينا فيه أن نقدم أنفسنا إلى ساريام وإلى

الملك العظيم حم�ادي ، اسرج خيلي وخيلك أيضا ". وارتدى غوربو ثيابه الفارهة ،وأخذ سالحه ،ودخل ساريام ممتطيا حصانه يتبعه الرجل المدرع . ع قطعتين � توقف في الساحة الكبيرة ، حيث كانت أعداد من الفلوبيس مجتمعين . غرس المدر

رائعتين من الفضة ليربط بهما رسن الخيل . o وبعدها اتجه نحو الفلوبيس وقال: �اها مبتسما نادى غوربو على زوجته التي جاءت في الحال و حي

أنا غوربو ديكي وهذه زوجتي كودي أردو ، أنا ابن أحد الملوك ، أنا من هزم الطوارق البارحة وأولالبارحة .

: " ال أصدق ذلك " . قال الملك . فرد عليه غوربو: " اسأل من كان معي في القتال " .

فقال الجميع: " هل هذا صحيح ؟ لقد رأيناك تفر� دائما على الجحش " .

لكن نسيبي الملك فقط هما اللذان قاال : " لسنا متأكدين " . عندها أخرج غوربو األذنين من جيوبه ، و قال :

" هل تعرفون هذين األذنين؟ " . اخفض االثنان رأسيهما ولم يقوال كلمة واحدة .

اقترب الملك من غوربو ، وركع أمامه قائال: " اعذرني ، وهاك المZلكZ من يدي " . فقال غوربو: o ابن عائلة من األردو ، و بما أنني أصبحت " أيها الملك حم�ادي أردو ، أنا لست أقل منك ، أنا أيضا

أني وسخر مني لمرات عدة . آمر أن يجلد مائة سوط على �o فإنني آمر بإحضار الحد�اد الذي هز ملكاإليته .

وهذا ما حصل.

*Flubes ) الفلوبيس تطلق على سكان القسم الغربي من الصحراء االفريقية )المترجم:

دان— أوتا

هذه إحدى الحكايات التي يرويها كبار السن في ليالي الشتاء حول مواقد النار عندالقبائل في أراضي مالي الشاسعة .

قبل سنين بعيدة ، في وقت ألقى الزمان به من وراء ظهره ، تزوج رجل من امرأة ، وذهبا وحيدين إلى الغابة ، وهناك زرعا األرض واستخرجا منها ما يكفي حاجتهما ، وبعد انقضاء سنة ولدت لهما

ابنة أسميها "سارا " ، و استمرا وحيدين ، وعندما أصبحت " سارا " شابةo ، جاءهما طفلZ آخر

Page 64: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

أسمياه "دان—أوتا " . وبعد فترة مرض األب فقال لنفسه:" إنني أموت" . ونادى على ابنته سارا وقال لها :

o " . و ما " يبقى " دان أوتا " معك ، ال تتركيه ، وفوق كل شيء اعملي على أن ال يبكي دان أوتا أبداأن قال األب ذلك حتى مات .

وبعد فترة مرضت األم وقالت لنفسها :" إنني أموت " . ونادت سارا وقالت أمها لها: o " . وماتت األم بعد أن قالت " ليبقى دان أوتا معك ، ال تتركيه ، و فوق أي شيء إياك أن يبكي أبدا

ذلك . بقي الطفالن وحيدين في الغابة ، وكان قد تبقى لهما مخزون قليل من الذرة ، ومن الطحين

المستخرج من شجرة الخبز ومن الفاصولياء الناشفة ، فقالت سارا : " بهذا لدينا ما يكفينا ، لنأكلo ويمكنه زراعة األرض " . إلى أن يصبح دان أوتا رجال

o وضعته في إحدى القرعات وبدأت سارا تطحن الذرة لتحض�ر الطعام، و عندما أصبحت الذرة طحيناo يحبو ، وأخذته إلى الكوخ لتخبزه ، وبعدها خرجت لتبحث عن الحطّب ،وقد تركت دان أوتا وحيدا على األرض ، وبالكاد يحاول الوقوف على قدميه ، وعندما شعر أوتا بالملل اقترب من القرعة ، فقلبها ، وأخذ جمرة من الموقد ، وخلطها بالطحين . عندما عادت سارا ورأت ما فعله دان أوتا

صرخت : " أي ! يا أخي دان أوتا ماذا فعلت؟! لقد أتلفت طحين طعامنا اليوم !! " .

فبدأ دان أوتا بالبكاء ، لكن سارا قالت في الحال : " ال !! ال تبك� يا دان أوتأ ، فأبوك وأم�ك قاال لي . " o أالّ أدعك تبكي أبدا

عادت سارا للخروج ، و عاد دان إلى الملل . وعندما رأى الجمرات تتوهج أخذ دان واحدة منها ، و زحف خارج الكوخ ، فأشعل النار في مخزون الذرة وفي طحين شجرة الخبز والفاصولياء ،عندها

وصلت سارا ورأت كل� شيء ، وقد أكلته النار فصرخت : " أي !! يا أخي دان !! ماذا فعلت ؟ لقد حرقت كل� شيء كان عندنا لنأكله !! كيف سنعيش اآلن؟ "

. وعندما سمعها دان ، بدأ بالبكاء ، لكن سارا قالت له بسرعة: " يا أخي دان أوتا ال تبك� لقد أوصاني

o ،وها أنت قد أحرقت كل ما كان عندنا ، ال بأس ، تعال لنرى ماذا نفعل � تبكي أبدا أبوك وأمك أاللنأكل " .

وضعت سارا دان على ظهرها ، وربطته بثوبها وانطلقت نحو الغابة ، فعثرت على طريق مشت فيه حتى وصلت إلى إحدى المدن ، فوجدت نفسها في حي الملك ، وهناك استقبلتهما الزوجة األولى

. o للملك ، وأبقتهما ليسكنا معها ، و صارت تقدم لهما الطعام يومياo تحمل دان أوتا على ظهرها ، فأخذت النساء األخريات يسألنها : كانت سارا دائما

o ؟ لماذا ال تضعيه على األرض و تتركيه يلعّب مع " سارا لماذا تحملين دان على ظهرك دائمااألطفال اآلخرين؟ " .

فأجابت سارا: o ، وعندما أحمله على ظهري فإنه ال يبكي ، � يبكي أبدا " دعوني وحالي فان أبي وأمي أوصياني أال

� يبكي " . علي� أن أحرص أاللكن دان أوتا في يوم من األيام قال لسارا : " أريد أن ألعّب مع إبن الملك " .

ة وخرجت لتبحث عن � فوضعته سارا على األرض ، و أخذ دان يلعّب مع ابن الملك ، تناولت سارا جرo أخر وبدأ االثنان يلعبان باألعواد ، فقلع دان oا فأخذ دان غصنا الماء ، وفي األثناء أخذ ابن الملك غصن

o على األرض . إحدى عيون ابن الملك والذي ارتمى سريعا في هذه اللحظة كانت سارا قد وصلت ، ورأت دان و قد اقتلع عين ابن الملك . لم يكن أحد} هناك ،ة ، وأخذت دان اوتا و خرجت من حي الملك ، ومن ثم � لكن ابن الملك بدأ يصرخ، فتركت سارا الجر

خرجت من المدينة كلها بما أمكنها من عجلة . o عندما اقتلع دان عين ابن الملك ، لكن الطفل استمر بالبكاء والصراخ فسمعه لم يكن أحد} موجودا

الملك وسأل: " لماذا يبكي ابني؟ " .

خرجت نساؤه ليرين ماذا حدث ، وعندما الحظن المصيبة ، أخذن بالصراخ فسمع الملك صرخاتزوجاته األربعين ، فهرع إلى المكان .

: " ما هذا؟ من فعل ذلك؟ " . سأل الملك . فأجابه ابنه: " إنه دان أوتا " . قال الملك لحراسه: " اخرجوا ، اذهبوا في كل أرجاء المدينة ، ابحثوا عن سارا و دان أوتا " .

انطلق الحراس وبحثوا في كل بيت ، لكنهم لم يجدوا ضالتهم، فجمع الملك كل ناسه وكل جنودهالراجلين المشاة والخيالة وقال لهم :

" لقد هربت سارا ومعها أخوها دان أوتا من المدينة ، فابحثوا عنهما في الغابة ، وأنا سأذهّببنفسي مع الخيالة للبحث عنهما " .

لقد مضى يومان متتاليان على سارا وهي تمشي ، ودان أوتا على ظهرها ، ولم تقو بعد ، لكنهارأت من بعيد الملك وجنوده قادمين ، وكان بالقرب منها شجرة ضخمة، فقالت سارا لنفسها :

" سأصعد هذه الشجرة ، وهكذا يمكنني االختباء بين أوراقها " . وصعدت إلى الشجرة يرافقها دان على ظهرها ،واختبآ بين الخضرة الكثيفة ، وبعد قليل وصل

الملك وجنوده إلى الشجرة فقال الملك : " لقد امتطيت خيلي ليومين وأنا متعّب ، ضعوا كرسي� الخيزران تحت هذه الشجرة ، أريد أن أرتاح

Page 65: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

. " نفذ� الجنود ما آمر به الملك ، واسترخى الملك على كرسيه تحت الغصن الذي تجلس عليه سارا

ودان أوتا . تململ دان أوتا ، لكنه شاهد الملك في األسفل فقال : "سارا ! سارا !" .

: " اسكت يا دان أوتا !! اسكت!!". فبدأ دان بالبكاء ، وأخذت سارا تقول له : " ال تبك� يا دانo ، فقل ما تشاء " . � تبك� أبدا أوتا !! ال تبك� فأبوك وأمك قاال لي : أال

فقال دان أوتا : " سارا أريد أن "أسوي بيبي" ، أن أبول على رأس الملك ".

فغضبت سارا و قالت : " أي يا دان أوتا !! سوف يقتلنا إذا فعلت ذلك " . فبدأ دان بالبكاء . فقالت سارا له : ال تبك� ،وافعل ما تشاء " .

وفعل دان ما يريد ، وسقط السائل على رأس الملك ، الذي وضع يده على رأسه ، وتحسس الشيء الذي سقط على رأسه وقال : " هذا براز !! " . فنظر الملك إلى أعلى ، و رأى سارا و دان

أوتا . فصرخ : " احضروا الفؤوس ، وقصوا الشجرة " . فركض رجاله ، و جلبوا الفؤوس ، وبدؤوا يضربون على

جذع الشجرة . أخذت الشجرة تهتز ، وازدادت ضرباتهم القوية ، فانحنت الشجرة ، عندها قالت سارا :" اآلن

سيقبضون علينا ، وسوف يقتلوننا " . في الحال انطلق طائر عمالق فوق الغابة ، وجاء ليحط� على الشجرة التي كانت سارة ودان

يختبئان فيها ، شاهدت سارا الطير و هو يقترب فقالت : " يا طائري العمالق إن رجال الملك سيقتلونني أنا و دان آخي ، إذا أنت لم تنقذنا " .

سمع الطير العمالق ما قالته سارا ، فاقترب منها ومن أخيها ، فوضعت سارا دان على ظهرها ،o فوق الغابة ، لكن الشجرة سقطت في الحال ، فالتقط الطائر سارا وأخيها وطار بهما عاليا

o . نظر دان إلى الطائر، فالحظ أنه يحرك ذيله كأنه مقود، فتمتع برؤية ذلك ، واستمر بالتحليق عاليالكنه بعد قليل تململ وقال : " سارا ! سارا ! " .

ردت سارا : "ماذا تريد بعد يا دان أوتا ؟ " . فبدأ دان بالبكاء . فقالت سارا:

� تبكي ، افعل ما تشاء " . " ال تبك� !! ال تبك� !! فأبوك وأمك أوصياني أال: " أريد أن أضع إصبعي في هذه الفتحة التي تحت ذيل الطائر !! " . فقالت سارا :

" إذا فعلت ذلك فسيدعنا الطير نهوي ، و سوف نموت ، لكن ال تبك ، وافعل ما يحلوا لك " . فأدخل دان إصبعه في المكان الذي قال عنه ، عندها طوى الطائر جناحيه ، فسقطت سارة وهي تحمل دان على ظهرها ، وعندما كانا قريبين من األرض ، بدأت رياح قوية تصفر بزوابعها ، فرأتها

سارا وقالت لها : " أيتها الريح !! إننا نسقط ،و بعد قليل سنرتطم باألرض ، وسنموت إذا لمتنقذيننا " .

فوصلت الريح ، و اختطفت سارا و دان وحملتهما إلى مكان بعيد، ثم ألقت بهما بهدوء علىاألرض ، فكان ذلك المكان غابة في إقليم بعيد .

تقدمت سارا مع دان في الغابة وعثرت على طريق . ومشت فيه ودان على ظهرها ، حتى وصال إلى مدينة كبيرة وأكبر من كل المدن ، يحيط بها سور}

كبير} وقوي� ، وفي الجدار كانت بوابة ضخمة من الحديد ، كانت تغلق عند الليل ألنه كل ليلة وبعدماo مثل البغل ، لكنهDodينقضي النهار بقليل ، كان يظهر شبح مخيف يدعونه " دود/ " ، كان مرتفعا

o مثل الفيل ، لكنه لم o مثل أفعى ضخمة ، لكنه لم يكن أفعى ، كان قويا o ، وكان طويال لم يكن بغالo ،كانت له عينان تتقدان فتضيئان في الليل مثل الشمس في النهار ، وكان له ذنّب . يكن فيال

كل� ليلةS ، كان الدود يزحف باتجاه المدينة ، ولهذا السبّب أقاموا السور والبوابة الضخمة ، ومن تلك البوابة دخلت سارا تحمل دان على ظهرها ، وخلف السور مباشرة ، والى جانّب البوابة ، كانت

تسكن امرأة عجوز، فطلبت سارا منها أن تشفق عليهما ، فقبلت العجوز وقالت لهما : " كل� ليلةS يأتي "دود" المريع أمام المدينة ، ويبدأ بالغناء بصوت قوي� وإذا ردد أحد غناء الدود فإنهo ، فاحذري أن يصرخ دان ، وهذا هو شرطي الوحيد الستقبالكما " . يدخل المدينة ، ويقتلنا جميعا

o ، وفي األثناء سمع دان كل� شيء ، وفي اليوم التالي ذهبت سارا إلى وسط المدينة ، لتحضر طعاماo يابسة وقطعا صغيرة من الخشّب ، وجدها إلى جانّب السور ، وبعد ذلك انطلق أحضر دان أغصانا

o من "الماكودي/ " ، وهو حجر الصوان الذي يستخدمMakodiباتجاه المدينة ، وكلما رأى حجراللجاروشة، كان دان أوتا يأخذه ، وهكذا جمع مائة حجر صوان وبعدها قال :

. o " تبق�ى لي بعض الجمر ، وتابع في المدينة فرأى بعضها ملقى ومهمال وإلى جانّب السور الذي كو�م عنده الحطّب ، وضع أحجار "الماكودي" وأخفى الجمرات تحتها . ولم

يشعر أحد بفعلته هذه . في الليل قالت سارا له : "ادخل بسرعة إلى البيت يا دان أوتا ، فـ"دود" المرعّب سيأتي بعد

قليل ، و يمكن أن يقتلنا " . فأجاب دان أوتا: " هذا اليوم أريد أن أبقى في الخارج " .

قالت سارا :" ادخل إلى البيت " . وبدأ دان بالبكاء ، لكن سارا بسرعة قالت له:

� تبكي ، وإذا أردت البقاء خارج البيت ، فابق " يا أخي دان أوتا !! ال تبك� !! فأبوك وأمك أوصياني أال

Page 66: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية

. "دخلت سارا إلى البيت عند العجوز وبقي دان أوتا في الخارج، يجلس أمام بيت العجوز.

كان كل� سكان المدينة في بيوتهم ، وقد أغلقوا األبواب عليهم ، وكان دان أوتا هو االستثناء الوحيد ،o متقدة ، فركض إلى المكان الذي كو�م فيه الحطّب ، وأشعل فيه النار فصارت أحجار الصوان حمما

o وفي هذه اللحظة أحس بقدوم الوحش "دود" ، فصعد دان أوتا على السور ، وشاهد "دود" قادما من بعيد ، كانت حدقات عينيه تضيئان مثل الشمس ، وسمع دان أوتا "دود" وهو يغني بصوت قوي

و مرعّب : " . ومعناها : من يشبهني فيvuayanni agarinana ni dod: " فوايانني أغارينانا ني "دود " /

هذه المدينة أنا "دود"... عندما سمع دان أوتا ذلك ، وهو يجلس على الجدار ، فلقد بدأ بالغناء و بكل قوته وجه صوته نحو

"دود": " ومعناها: "naiyakay agarinana naiyakai ni auta" ناي ياكاي أغارينانا ناي ياكي ني أوتا/ أنا أشبهك في هذه المدينة أ نا أوتا " .

Z ، وصار o جدا عندما سمع "دود" ذلك ، بدأ يقترب من المدينة ، و يقترب ، ويقترب ، فوصل قريبايغني : " من يشبهني في هذه المدينة أنا "دود" " .

وعندما غنى "دود" ذلك ، بدأت األشجار تهتز في الغابة ، واألعشاب اليابسة بدأت تشتعل ، لكنأوت أجابه : " أنا من يشبهك في هذه المدينة ، أنا أوتا " .

o ، وذهّب إلى جانّب النار التي أشعلها ، فكانت أحجار قفز "دود" عن السور ، ونزل أوتا راكضاالصوان تتوهج متقدة .

o من قبل ، فأجابه دان أوتا مرة ثانية ، بينما كان الناس في �ى الدود ثانية بصوت أكثر رعبا عندها غنالمدينة يرتجفون من شدة الخوف والهلع لسماعهم صوت الشبح المريع .

فاستوحش "دود" واستشرس كما لم يكن من قبل ، و بدأ يردد أغنيته ، وعندما فتح فمه وقال : /من يشبهني .... " . قذفه دان أوت بأحجار الصوان العشرة ، فدخلت إلىvuayanni" فوايانني

حلقه . واستمر "دود" ، يريد إكمال أغنيته وقال: " في هذه المدينة..." . عندها قذفه أوتا بعشرة أحجار اخرى ، فبلع الصوان المتقد ، وهاج ، و

بصوت منخفض أتم� المقطع األخير من أغنيته : أنا"دود"... �ه ، وأدخل فيها ما تبقى من الصوان المشتعل ، فصار الشبح يتلوى ، انتهز دان أوتا فتح الشبح لفكيo . فصعد أوتا إلى الجدار وبدأ يغني بصوته الطفولي: " من يشبهني في ثم� سقط على األرض هامدا

هذه المدينة ؟ أنا أوتا ". ونزل عن السور ،وأخذ سكينا كان قد أخرجها من بيت العجوز وأخفاها عن أخته ، وبتلك السكين

قطع أوت ذيل الشبح ، وأخفاه في مخالة ، ودخل بها إلى غرفة العجوز،حيث انسل إلى فراشسارة ونام .

في صباح اليوم التالي ، خرج جميع الناس سكان المدينة من بيوتهم ، أمّـا أرفعهم شأنا ، فلقدذهبوا للقاء الملك ، الذي سألهم: ما هذا الذي جرى في الليلة الماضية؟ ".

فأجابوه : " ال نعرف ، لقد كدنا نموت من الخوف، ولقد جرى الحادث قرب السور والبوابة الحديدية " .عندها

قال الملك لوزيره المتخصص بشؤون الصيد: " اذهّب ، وانظر ماذا حصل " . o إلى الملك وقال o . فعاد راكضا ذهّب وزير الصيد إلى المكان ، و صعد إلى السور فشاهد "دود" ميتاo قد قتل الدود " . فأراد الملك رؤية ذلك ، وامتطى جواده ، وانطلق إلى السور � جبارا له : " إن� رجال

o وقد فارقته الحياة ، فصاح: ،وهناك رأى الشبح ممدداo !! لقد مات الدود !! و قد قZZطع{ ذيلُـه !! احضروا لي الرجل الشجاع الذي قتله " .أحد الرجال " حقا ممن كان يمتلك لبوة ، قام بقتلها وقطع ذيلها ، وآخر كان عنده جمل فقد ذبحه وقطع ذيله ، وآخر

كانت عنده بقرة فذبحها وقطع ذيلها . و ذهّب كل� واحد منهم إلى الملك و أبرز ذيل حيوانه وكأنه ذيل "دود" ، لكن الملك عرف الخديعة

فقال: " كلكم مخادعون !! ولم تقتلوا "دود"!! فالدود لم يقتله رجل من المدينة ، أنا والجميع سمعنا

صوت طفل " . وسأل: " هل يسكن بالقرب من البوابة الحديدية أي� طفل غريّب؟ ". فذهّب الجنود إلى بيت العجوز وسألوها: " أيتها العجوز !! هل يسكن هنا طفل جاء من الغابة؟ " .

: " يسكن معي سارا وأخيها دان أوتا " . فتوجه الجنود بالسؤال إلى سارا:

" سارا !! هل كان أوتا الصغير هو من قتل "دود" ؟ " . o !! اسألوه هو!! ". أجابت سارا : " أنا ال أعرف شيئا

:" دان أوتا !! هل أنت من قتل "دود" ؟، فالملك يريد أن يعرف ذلك " . لم يجّب دان أوتا ، إنما أخذ المخالة وذهّب مع الجنود إلى الملك ، وهناك فتح المخالة وأخرج ذيل

"دود" ، ثم أبرزه إلى الملك ،عندها قال الملك : " نعم دان أوتا!! دان آوتا هو الذي قتل "دود" المريع " .

وقام الملك بمنح مائة زوجة إلى دان آوتا و مائة حصان و مائة عبد و مائة بقرة ومائة ثوب و مائةنعجة و نصف المدينة .

Page 67: احمد يعقوب - حكايـات وأساطير عالمية