قصة الأيام

154
صة ق ام ي الأ / طه ن سي ح ف ي ر ع ت ل ا طه ب ن سي ح طه ن سي ح( 1889 - 1973 د ي م ع) دب الأ ي ب ر لع ا واحد ن م م8 ظ ع ا م ه وا ن= ا- م ل ن ك ي م ه ا ن ي ر ك ف م ل ا- رب لع ا ي ف رن لق ا ن ي رK ش لع ا لدوره ري ي و نU لت ا م ي8 عظ ل ا ن= وا ت ن كا ه ا^ راو ل ح م دال ح ر يd ب ك. ولد طه ن سي ح ي ف ع ب را ل ا رK ش ع ن م ر مي ف و ن ه ن س1889 ي ف ة ب ر ع ي لت ا) و ل ي لكا( ع ق ت ي عل ة ساف م ر مي و ل ي ك ن م ه8 ط حاق م ب) ة اغ غ م( ا ي مت ل ا د ي لصع ا ي وسط. وكان الأ والده اً ف8 ظ و م اً ر ي صغ ي ف ركةK ش ر سك ل ا، ب ج ن ا ةK لأبK ي رK ش ع اً ولد، م ه ع ت سا طه. ن سي ح َ ّ فُ ك ره ص ب و ه و ل ف ظ ر ي صغ ة ج يU ت نر ق ق ل ا ل ه ج ل وا ريK ش ست م ل ا ي ف) رK شU ت ي م لا( ع م ت ج م ل ا ن م ولة ح د ف ل ف ب ي ص ا رمد ل ا ي ة ج ل غا ف لأق ح ل اً ا لأح ع ب ه د ة ن ت ي ع ت، ة ن لك و ح ف كا ف ك ر ص ب ل ا د ح ا ف م غل ل ا ةْ نَ نُ دُ ا ي لأ غة صات ا ي ر ه ق ف ة ن ه عا را ه ق، 8 ط ف ح و را^ ن لق ا م ي ر لك ا ي ف اسغة ي ل ا ن م ره م ع ل ي ق ن ا ادر غ ت ة ن ن ر ق ي ل= ا ر ه ر الأ اً ي طل م غل ل ل، دّ ر م ب و ي عل رق ط س ي در ي ل ا ر ه ر الأ ي ي عل و ة وخ نK س ي ه ت ن ا , ف ة ب ر م الأ ي ل= ا رد لط ا ة ن م1908 م. ق حU ي ل ا امغة ح ل ا ي ة رب مص ل ا ده ي ل و ل ا( 1 ي لت ا) ل ص ح ها مت ي عل ة درخ وراه ن ك الد ي ل و الأ لة ي ف الأ^ داب ه ن س1914 ن ع ة ن ن د ا لّ ص ف م ل ا ي ب ا لأء لغ ا ري مع ل ا رسالة ي د دي ح ن ها: ع و ص و م" ري ك د ي ب ا لأء لغ ا. " مK ي ر ق سا ي ل= ا سا ي ر ق ول حصل ل ي عل ة درخ وراه ن ك الد وعاد ها مت ه ن س1919 غد ت ن ا رغ ق ن م ة ن ل رسا ن ع ن ي ا لدون ح ل م ع ف, اً اد ي س ا ح ن ار يل ل ي ب ا وي ن ل ا ي ب روما ل وا ي ل= ا ه ن س1925 ، K ب ي ح م ي ة ن ت ي ع ت اً اد ي س ا ي ف م س ق ة لغ ل ا ة نd ن ر لع ا ع م ول ح ن امغة ح ل ا ة ن هل الأ ي ل= ا امغة ح . وما ة ن م و حكK ب ي ل ن ا صدر ا ة اب ي ك ي ف( ر عK ش ل ا ي الد) ي هل ا ح ل اK حدب ا ف ص وا ع ن م ردود ل غ ق ل ا ة غارض م ل ا ة لأ^ راب ي لت ا رها ي ب ع ا ض ع ت ل ا ا^ راء اسده ف وغة ف مد راض ع ا ي ة نd ن ر ع. ي ف ر ي ي ف ة ن ص ا ي مً غا ت ر ش ي حت ح ب ص ا اً د ي م ع ة نل ك ل الأ^ داب ه ن س1930 م، ة ن لك و ن حي ض ق ر ة ق واف م ل ا ي عل ح ب م وراه ن ك الد ة رب خ ف ل ا ار ي لك ن ي ي س ا ي س ل ا ه ن س1932 م ضّ ر ع ت ي ل= ا رد لط ا ن م امغة ح ل ا ي لت ا م ل غد ت ها لت= ا لأ= ا غد ت وط ق س ومة حك ي ف صد اK اس ي كان ه ار ي ج ن اً ما ب دا ن ي نَ ّ غد مل ل ي ف رض الأ دما ي ع ف)راء ق ق لا( نّ يُ ع اً ر ي ور غارف مل ل ي ف اره ور ل ا ة دب وف ل ا ه ن س1950 م د , وح رضة لق ا جة ن سا ق نd ب ط ب ل غارهK س ر يK ب الأ م ي غل ت لا( ماء ل كا واء ه ل وا ق ح ل ك ل، ) ن ط وا م و صدر ب س اارار ق ة ن ن ا ح م ب م ي غل ت ل ا غام ل ا ي حت وي ن س م وي ن اK ي ل ا وكان ا هد لارر لق ا ح ن ا ي ن ة ن س ا ي س ة ن ع ما ت ح وا ة ن ق ا فK ت و لأ ل ف ت ن ع ورهK ن ة ن ع ما ت ح ا35

Upload: mtarek

Post on 08-Apr-2016

57 views

Category:

Documents


0 download

DESCRIPTION

قصة الأيام المقررة على الصف الثالث الثانوي

TRANSCRIPT

حسين / طه األيام قصة حسين بطه التعريف

من واحد العربي األدب ( عميد1973-1889) حسين طه القرن في العرب - المفكرين أهم يكن لم - إن وأهم أعظم

جدال محل آراؤه كانت وإن العظيم التنويري لدوره العشرين. كبير

في1889 سنة نوفمبر من عشر الرابع في حسين طه ولد )مغاغة( من كيلومتر مسافة على تقع )الكيلو( التي عزبة

صغيرا موظفا والده األوسط. وكان بالصعيد المنيا بمحافظةحسين. طه سابعهم ، ولدا عشر ثالثة أنجب ، السكر شركة في

المستشري والجهل الفقر نتيجة صغير طفل وهو بصره كف فعالجه بالرمد أصيب فلقد حوله من المجتمع )المنتشر( في

الحالق العلم فأخذ البصر كف كافح ولكنه ، بعينيه ذهب عالجا في الكريم القرآن وحفظ ، قهرا عاهته فقهر بأصابعه ال بأذنيه

، للعلم طلبا األزهر إلى قريته يغادر أن قبل عمره من التاسعة به , فانتهى شيوخه وعلى باألزهر التدريس طرق على وتمرد. م1908 منه الطرد إلى األمر

على منها حصل ( التي1) الوليدة المصرية بالجامعة التحق أديبه عن1914 سنة اآلداب في له األولى الدكتوراه درجة

ذكرى موضوعها: " تجديد برسالة المعري العالء أبي المفضل" . العالء أبي

منها وعاد الدكتوراه درجة على للحصول فرنسا إلى سافر ثم , فعمل خلدون ابن عن رسالته من فرغ أن بعد1919 سنة

تم حيث ،1925 سنة إلى والروماني اليوناني للتاريخ أستاذا األهلية الجامعة تحول مع العربية اللغة قسم في أستاذا تعيينه

الشعر )في كتابه أصدر أن لبث حكومية. وما جامعة إلى آلرائه المعارضة الفعل ردود من عواصف أحدث الجاهلي( الذي

. غربية بأغراض مدفوعة فاسدة آراء البعض اعتبرها التي

مناصبه في ترقى الدكتوراه منح على الموافقة رفض حين ولكنه ، م1930 سنة اآلداب لكلية عميدا أصبح حتى سريعا باشا صدقي حكومة سقوط بعد إال إليها يعد لم التي الجامعة من الطرد إلى تعرض م1932 سنة السياسيين لكبار الفخرية

انحيازه كان الفرصة , وجد م1950 سنة الوفدية الوزارة في للمعارف وزيرا عين )الفقراء(فعندما األرض في للمعذبين دائما مستوى حتى العام التعليم بمجانية قرارا استصدر و مواطن( ، لكل حق والهواء كالماء )التعليم األثير شعاره لتطبيق سانحةاجتماعية ثورة عن تقل ال وثقافية واجتماعية سياسية نتائج القرار لهذا وكان الثانوي

كاملة. وفكرية

قالدة الثورة عهد في إليه فأهديت الدولة تقدير ونال الثالث( ، )الرئيس اللغوي للمجمع رئيسا م1963 عام ذلك بعد أصبح ثم القالدة تلك تمنح ال و المصرية األوسمة أرفع وهي النيل . الملوك و الدول لرؤساء إال

اإلسالم - مرآة األربعاء : )حديث منها ومترجم مؤلف بين كتاب مائة نحو إلى تصل العربية المكتبة بها أثرى التي مؤلفاته و - وشوقي( وغيرها. - حافظ الكروان - دعاء السيرة هامش - على - الشيخان المتنبي - مع الحق الوعد

1973 سنة أكتوبر26 في توفي.

بالكتاب التعريفاقة جادة ذاتية سيرة أول األيام فيها ليعطينا ؛ م1926 عام نفسه عن حسين طه كتبها وقد ، لغتها وصفاء واقعيتها في سب

السيرة كتب أول األيام وتعد ، والجهل العمى قاوم مثلما ومشقاتها صعوباتها قاوم التي القاسية الصبا حياة عن صادقة صورة. العربي الوطن في الذاتية

أجزاء ثالثة من الكتاب يتكون فيه وما المصري الريف على المطبق الجهل عن ويحدثنا ، معاناة من تحمل بما طفولته عن حسين طه فيه يتحدث األول الجزء

. الوقت ذلك في وسيئة حسنة عادات من

35

لهم الدائم ونقده وشيوخه األزهر مناهج على المستمر وتمرده األزهر دخوله بين امتدت التي المرحلة عن يتحدث الثاني الجزء األهلية. بالجامعة التحاقه وحتى

مصر إلى العودة ثم الدكتوراه على وحصوله فرنسا إلى سفره ثم ، األهلية الجامعة في الدراسة عن فيه يتحدث الثالث الجزء . الجامعة في أستاذا

األول الفصـل الطفولة( )خياالت

يوم مجهولتقريبا الذكرى هذه يقرب , وإنما محددا وقتا له يعرف أن يستطيع وال اسما اليوم لهذا الطفل يذكر ال ,

من شيء تلقى المجهول اليوم ذلك في وجهه ألن , ذلك العشاء أو الفجر في يقع الوقت ذلك أن ويرجح تغطي خفيفا هادئا نورا تلقى أنه يذكر أنه , كما الشمس حرارة تمسه لم الذي البارد الخفيف الهواء

, وإنما قوية بحركة يشعر لم الصبي أن العشاء أو الفجر في كان الوقت هذا أن يؤكد , وما جوانبه الظلمة. منه مستيقظة أو النوم على مقبلة ضعيفة بحركة يشعر كان

السياج واألرنب من ذكريات الطفولة:كان والذي القصب من الطويل السياج ذكرى سوى المجهول اليوم هذا ذكريات من الصبي لهذا يبقى لم

فال قليال الصبي قامة من -السياج- أطول , فهو قصار خطوات إال الباب وبين بينه وليس بالبيت يحيط , قصبه بين من االنسالل من تمنعه لدرجة التالصق لدرجة متقارب قصبه فوقه, وكان من يثب أن يستطيع

خياله في لها , كان بعيدة قناة حيث إلى يمينه نهاية, وعن له يعلم ال حيث إلى شماله عن ممتدا وكان. عظيم تأثيرا

االنسياب , أو السياج خارج الوثب على قدرتها على يحسدها كان التي األرانب اليوم ذلك من يذكر وكذلك هذه من الصبي . ويذكر نباتات من وراءه ما لتأكل شاءت متى البيت من , والخروج قصبه بين من

. خاصة الكرنب النباتات

36

أوقات التفكير وصوت الشاعر:وبخاصة الشمس غروب بعد البيت من الخروج يحب كان أنه اليوم هذا من يذكر كان الصبي فإن وكذلك ,

الواقع أرض عن بعيدا واألفكار التأمالت , وتأخذه السياج قصب على يعتمد , فكان الناس يتعشى أن بعد يستمعون الناس حوله , ويلتف الصبي شماله على يجلس كان الذي الشاعر صوت إال الواقع إلى يرده فال

ودياب. خليفة والزناتي الهاللي زيد أبي عن وحكاياته إنشاده إلىالشهوة تستفزهم , أو الطرب يستخفهم حين إال صوتا لهم تسمع فال سكوت الناس كل أن فتجد ,

بنغمة إنشاده يكمل ثم قصير أو طويل وقت بعد يصمتوا حتى الشاعر , فيسكت ويتخاصمون فيتمارونتتغير. تكاد ال عذبة

ذكريات أليمة :بمجرد أنه يعرف كان أنه , وذلك الذعة بحسرة وشعر إال السياج إلى يوما خرج ما أنه الصبي ويذكر

فيأبى للدخول ستدعوه أنها , وذلك الشاعر إنشاد إلى استماعه نشوة عليه ستقطع أخته فإن الخروج عينيه له فتفتح أمه فخذي على رأسه تضع , حيث أمه إلى به وتجري بالقوة وتحمله إليه ستخرج وبالتالي

بألم يشعر كان وإن ,وهو شيء في يجدي وال عينيه يؤذي الذي السائل ذلك فيهما وتقطر المظلمتين تبكي ما دائما التي الصغيرة كأخته يكون أن يرد لم أنه , وذلك يشكو يكن ولم يبكي يكن لم أنه إال شديد. وتشكو بكاء

وتلقى لحافا فوقها األرض في مبسوط حصير على ينام لكي صغيرة حجرة في زاوية إلى أخته تنقله ثم يخترق أن يريد كأنه سمعه يمد كان الحسرة شدة من أنه , حتى حسراته في وتتركه آخر لحافا عليه

. الشاعر يرددها التي الحلوة النغمات تلك من بعضا يسمع لعله الحائطفي يغطون بجانبه وإخوته نيام والناس استيقظ وقد إال يشعر , فما النوم إال الحسرة تلك عن يصرفه وال

مكشوف ينام أن يخاف كان ألنه والخوف التردد بين وجهه عن اللحاف , فيكشف شديدا غطا النومالوجه.

أوهام وتصورات ومخاوف أثناء النومأحد بها لعبث اللحاف تحت من أطرافه أحد أخرج أو وجهه كشف لو بأنه واثقا الصغير الصبي كان فقد

وأوى الليل جاء فإذا الشمس بزوغ بعد إال األرض تحت تهبط ال , والتي البيت أرجاء كل تمأل التي العفاريت واضطرابا حركة الفضاء ومألت األرض تحت من العفاريت خرج األصوات وهدأت مضاجعهم إلى الناس

. وصياحا وتهامسااالستيقاظ فجرا والضوضاء التي كان يصنعها

األصوات هذه بين يميز أن في ويجتهد والدجاج الديكة صياح فيسمع فجرا يستيقظ ما كثيرا الصبي كان , , الديكة تقلد التي للعفاريت أصوات إال هو ما اآلخر والبعض حقيقية لديكة أصوات بعضها أن يرى فكان. بعيد من تأتيه كانمت أنها , وذلك العفاريت أصوات من يخاف يكن لم ولكنه

يمثل الحجرة زوايا من وضعيفة ضئيلة تصدر التي األصوات تلك من ينبع كان إنما األكبر خوفه ولكن , كان , وكذلك آلخر مكان من ينقل حينما المتاع حركة , وأصوات النار على , يغلي المرجل أزيز بعضها. يتحطم أو يقسم حينما الحطب صوت من يخاف

هناك يتوهم , فهو الواقع من أساس لها يكن لم التي األشياء بعض توهم درجة إلى به وصل الخوف إن بل لحد تشبه وغريبة مختلفة بحركات يقوم الشخص , وهذا منيعا سدا عليه يسده الحجرة باب على يقف من

. الذكر حلقات في المتصوفة حركة كبيريلفه الذي اللحاف ذلك سوى منها حصن له يجد لم الصبي بها يشعر كان التي واألشباح المخاوف هذه

ولو ثغرة تر لو بأنه الثقة كل واثقا كان , فقد ثغرة أو منفذ الهواء وبين بينه يدع أن , دون وجهه حول. إليه يده العفريت منها يدخل أن البد العفريت فإن صغيرة

ما وسرعان قليال , فينام النوم يغلبه حينما إال واألهوال واألوهام المخاوف هذه في ليله يقضي كان ولذلك وهن النساء أصوات يسمع حينما إال الخوف من تستقر ,وال واألوهام المخاوف رحلة ليكمل يستيقظ

وهنا األرض تحت إلى هربت قد العفاريت وأن حضر قد الفجر أن يعرف الله......( فهنا ياليل )الله يتغنين إخوته ويغمز أناشيد من يحفظ بما ويتغنى عال بصوت نفسه غلى يتحدث ,فيظل عفريت إلى هو يتحول

. جميعا يوقظهم حتىاستيقظ الذي الشيخ صوت إال عنها يوقفهم , وال وصيحاتهم أصواتهم تتعالى حتى معهم يلعب ويظل

عادت خروجه بعد الشيخ وراء الباب أغلق ما , فإذا القهوة وشرب القرآن من ورده وقراءة الفجر لصالةالبيت في التي والماشية بالطيور يختلط حتى واللعب الصيحات

37

)ذاكرة صبي( الفصل الثاني حقيقة القناة

خطوات إال وبينها بينه يكن لم , التي القناة بهذه يمينه عن تنتهي الدنيا أن إلى مطمأنا الصبي كان أن يعرف يكن , فلم شيء عنها يعرف ال وهو عندها أعمي لصبي بالنسبة الدنيا تنتهي ال قليله.....ولم

إحدى من يقفز أن النشيط الشاب يستطيع ضؤالء( بحيث ضئيل) صغير/ج/ضئال القناة هذه عرض القناة بعد فيما مستمرة والحيوان والنبات الناس حياة أن يعرف يكن لم , كما األخرى الحافة إلى حافتيها

تحت ما )هو إبطيه إلى الماء يصل أن دون يعبرها أن يستطيع الرجل أن يعرف يكن ,ولم قبلها هي كما آخر وقت من القناة هذه عن ينقطع الماء أن يعرف يمن لم الكتف( , وكذلك ملتقى عند اإلنسان ذراع

بسبب ماتت التي األسماك عن فيبحثوا إليها ينزلوا أن الصبيان يستطيع مستطيلة حفرة مجرد فتصبح. عنها الماء انقطاع

القناة في خيال الصبي فكان فيه يعيش الذي العالم ذلك غير آخر عالم أنها اليقين علم يعلم كان بل سبق ما كل الصبي يقدر لم ,

)تبتلع( تزدري التي التماسيح الكائنات هذه , من غريبة )تملؤه( كائنات تغمره عالم القناة عالم أن يظن غربت أو الشمس أشرقت , فإذا ونهارا ليال الماء تحت يعيشون الذين , والمسحورون ازدرارا الناس. الرجال للنساء وفتنة األطفال على خطر بذلك العليل( وهم النسيم الهواء)يتشممون ليتنسمون خرجوا

الفتى وخاتم سليمان إال وتجد( بطفل )تحصل تظفر ال , والتي العراض الطوال األسماك أيضا العجيبة الكائنات هذه من ولعل

الذي الخاتم , ذلك سليمان خاتم بطنها في يجدوا أن األطفال هؤالء لبعض يتاح , وقد الفور على وابتلعته سيدنا ملك كان الخاتم ,هذا حوائجه كل له يقضيان الجن من خادمين له يخرج فإنه إنسان لبسه إذا

. المختلفة الطبيعة قوى من يشاء وما والرياح الجن سخر وبه سليمانبطنها في , فيجد األسماك هذه إحدى فتبتلعه القناة هذه إلى يهبط أن الطفل لهذا شيء أحب كان لقد

الخاتم لهذا الطريق في له تحدث قد التي األهوال من يخشى كان , ولكنه الخاتم ذلكمن القناة هذه راء ما يعرف لكي األقل , على وخادميه الخاتم ذلك لمثل شديدة حاجة في هو وبالفعل

. غريبة وأشياء عجائبمخاطر على شاطئ القناة من كل ناحية

( بالمخاطر )محاطة محفوفة القناة كانت فقد ال بالطبع ؟ القناة )يختبر( حقيقة يبلو أن يستطيع كان وهل , وشماله يمينه عن

كلبان يحرسها كبيرة دار في يعيشون الصعيد من قوم )العدويون( وهم هناك كان فقد يمينه عن فأما إال المارة من أحد منهما ينجو , فال الكلبين هذين عن الناس حديث كثر , وقد نباحهما ينقطع , ال عظيمان

. ومشقة عناء بعدبشرهما مشهوران )كوابس( , وها األعرابي( وامرأته )سعيد يدعى قاتل هناك كان فقد شماله عن وأما

, كانت كبير حلق أنفها فتحتي إحدى في تضع امرأته كانت الدماء. وقد سفك على وحرصهما ومكرهما الكبير الحق بهذا وتؤذيه فتقبله صاحبنا بيت على تتردد ما دائما

38

الضيقة دنياه في يجد كان فقد ذلك . ورغم حقيقتها ليعرف القناة من يقترب أن يستطيع يكن لم لذلك . نهاره كل تمأل التي والتسلية العبث ألوان من كثير

ذاكرة اإلنسان وأحداث الطفولة أن حاول كلما اإلنسان أن , وذلك عموما اإلنسان ذاكرة أو األطفال ذاكرة من العجب كل الكاتب ويتعجب

الوقت من الحدث وبين بينه يمضي لم كأنه جليا واضحا بعضها يذكر فإنه الطفولة أحداث بعض يتذكر. تكن لم كأنها تمحى األخرى الذكريات , وبعض شيء

وكلبيهما العدويين كذلك , ويذكر كوابس وامرأته وسعيد وقناة سياج من األحداث تلك كل يذكر فالصبي , , ولكنه الذكريات هذه من شيء يجد ال وأصبح ليلة نام , كأنه ذلك كل مصير عن شيء أي يذكر ال ولكنه

ممتدة القناة جسر من كلها تنحدر منظمة وشوارع قائمة , بيوت جديد من تنظيمها أعيد وقد أماكنها يجد رجال من األماكن هذه سكنوا الذين األشخاص من كثيرا , ويذكر للجنوب الشمال من قصيرا امتدادا. الشوارع هذه في يعبثون كانوا وأطفال ونساء

أو وامرأته سعيد يخشى أن دون القناة إلى وشمال يمينا يتقد أن يستطيع كان أنه أيضا ذكرياته ومن من يسمع بما يستمتع القناة هذه على نهاره من ساعات يقضي كان أنه كذلك , ويذكر وكلبيهما العدويين

. القناة من األخر الشاطئ على األرض ليروي بشادوفه الماء يرفع وهو )حسن( الشاعر نغماتالصبي يعبر القناة

وكان سليمان خاتم إلى يحتاج أن , دون إخوته أحد كتف على مرة من أكثر القناة عبر أنه يذكر وكذلك , عن تقدم أنه يذكر فإنه , وكذلك هناك المزروع التوت شجر من ليأكل القناة وراء ما إلى كثيرا يذهب. ونعناع ريحان منها له , وقطف اللذيذ تفاحها من )المعلم( فأكل حديقة حيث إلى مرة من أكثر يمينه

اآلن عليه هو ما على وأصبح ذلك كل تحول كيف يتذكر أن العجز كل عاجز ولكنه .

)أسرتي( الفصل الثالثمكانة الصبي بين أسرته

39

العدد هذا بين يشعر , وكان عشر األحد أشقته , وخامس عشر الثالثة األب أبناء سابع الصبي كان لقد . وأخواته إخوته كل بين بها يمتاز مميزة ومعاملة خاصة مكانة له بأن األخوة من الضخم

ال أنه , والحق إبهام غموض في غال ذلك يتبين ال أنه الحق ؟ يؤذيه كان أنه أم ؟ يرضيه ذلك كل كان فهل لينا أبيه من يجد وكان ورأفة رحمة أمه من يحس , كان صادقا حكما ذلك على يحكم أن اآلن يستطيع

له. ومعاملتهم إليه تحدثهم في االحتياط من بشيء إخوته من يشعر وكان ، ورفقاأحيانا الغلظة ومن أحيانا اإلهمال من شيئا أمه جانب من والرأفة الرحمة هذه جانب إلي يجد كان ولكنه

إلي وقت من واالزورار ، أيضا اإلهمال من شيئا أبيه من والرفق اللين هذا جانب إلي يجد وكان أخري من )مختلطا( بشيء مشوبا اإلشفاق من شيئا فيه يجد كان ألنه يؤذيه وأخواته إخوته احتياط وقت. وكان

)االحتقار( االزدراءالصبي يكتشف سبب هذه المعاملة

عليه كبير فضل الناس من لغيره أن أحس , فقد المعاملة هذه ( سبب )علم تبين حتى طويل وقت يمر لم ,وأحس هو به يقوم أن يستطيع ال بما ,ويقومون هو يستطيع ال ما يستطيعون غيره الناس وسائر , فإخوته

ما , وسرعان يغضبه الحال بطبيعة ذلك عليه( , وكان )تحظر له به تأذن ال بما وأخواته إلخوته تأذن أمه أن أنهم , فعلم شيء عنه هو يعلم ال ما يصفون أخوته سمع فقد عميق صامت حزن إلى الغضب هذا تحول. يرى ال ما يرون

الفصل الرابع )مرارة الفشل(الصبي يفرح باللقب الجديد )الشيخ(

لقب ( وهو ) الشيخ لقب على حصل , وبذلك عمرة من التاسعة يبلغ لم وهو القرآن حفظ الصبي أتم , العزيز اللقب بهذا الجميع فرح . وقد وهيئته سنه عن النظر بغض القرآن حفظ أتم من كل عليه يحصل( . الكتاب ) شيخ وسيدنا وأمه , أبوه بالشيخ تدعوه الناس كل أن فتجد

أبويه أمام أو ما شيء عن يرضى أن يريده حينما أو عنه يرضى عندما بالشيخ يدعوه أن فتعود سيدنا فأما )الواد( . ب يدعوه كان , بل لقب دون باسمه يناديه كان ذلك عدا , وفيما

التحبب من الهدف يكن , ولم العظيم اللقب بهذا وتكبرا تفاخرا بالشيخ يدعوانه فكانا وأبيه ألمه وبالنسبة . إليه التودد أو الصبي إلى

ألوان من آخر شيء ينتظر كان , ولكنه األمر أول في اللقب بهذا كثيرا أعجب فقد نفسه الصبي أما والجبة العمة بارتداء إال ذلك يكون , وال حقا شيخا يكون أن ينتظر كان , فقد والتعظيم والتمجيد المكافأة

. والقفطان40

ولكن والقفطان الجبة في ويدخل العمة يلبس أن من أصغر بأنه إقناعه أسرته على العسير من وكان , . للغاية عسرا أمرا كان فقد ؟ بذلك إقناعه يمكن كيف

من له والهيئة( , ليس الشكل )حقير الهيئة ( زري اللون ) متغير شاحبا نحيفا قصيرا الصغير الصبي وكان كان , وإنما بالشيخ يدعى )جديرا( أن خليقا يكن . ولم قليل وال كثير ال حظ طالعهم وحسن الشيوخ وقار

واحدة مرة تنظف طاقية رأسه , على الهيئة مهمل قبل؛ من يذهب كان كما الكتاب إلى يذهب بأن جديرا. أسبوع كل

اليوم المشئوم يوم نسيانه القرآن بال ويعود , فيذهب شيء أي يفعل وال الكتاب إلى يذهب , والصبي شهر بعد شهرا اللقب ذلك على مضى

. ينساه ولن القرآن حفظ أنه إلى مطمئن , وسيدنا عملوالضعة )العار( والفشل الخزي طعم حياته في مرة ألول ذاق فقد الصبي )شر( على مشئوم يوم وجاء

. اليوم ذلك بسبب كلها حياته كره والمذلة( فقد )الهوانالشيخ( فأقبل بلقبه أبوه دعاه حتى الباب يدخل يكد , ولم مطمئنا راضيا عصرا الكتاب من الصبي عاد(

, عادية أسئلة يسأله بدأ ثم رفق في ( مسرور, وأجلسه )مبتهجا له, وهو صديقان ومعه األب عليه التي الصاعقة وقع الطلب ذلك عليه الشعراء( , فوقع )سورة يقرأ أن منه طلب , حتى يجيب والطفل الرحمن الله , وسمى الرجيم الشيطان من بالله استعاذ ( ثم واستعد ) تهيأ وتحفز فكر , ولكنه أحرقته في سور ثالث إحدى أنها يتذكره ما , كل بعدها ما يتذكر وال ويكررها يكررها بدأ )طسم( ثم , وقرأ الرحيم. السورة يكمل أن يستطع لم ولكنه بعدها بما أبوه عليه ب)طسم( ففتح تبدأ القرآن

الشعراء( )طس( ولكنه )سورة النمل( كأول )سورة أول أن النمل( فتذكر )سورة فاقرأ إذا أبوه له فقال فلم بعده بما أبوه عليه , ففتح اللفظ هذا يردد , وأخذ لألمام واحدة خطوة يتقدم أن يستطع لم أيضا

ب)طسم( وأخذ تبدأ التي الثالثة السورة أنها , فتذكر القصص سورة أقرأ له , فقال يكمل أن يستطع. بعدها ما إتمام على يقدر أن دون يردد

أنك أحسب كنت فقد " قم هدوء في له يقول بأن اكتفى , فقد بعدها بما المرة هذه أبوه عليه يفتح ولم ويشعر صغير مازال بأنه األعذار له يلتمسان الرجالن عرقا, وراح يتصبب خجال " فقام القرآن حفظت. بالخجل

أهمله الذي سيدنا يلوم أم ؟ القرآن نسيانه على نفسه يلوم , هل يلوم من يدري ال مضى الصبي ولكن ؟ امتحنه ألنه أباه يلوم أم ؟ حفظ ما معه يراجع فلم

الفصل الخامس )الشيخ الصغير(فرحة سيدنا بالصبي ألنه استعاد حفظ القرآن

لقب تســتحق اليــوم أنت له وقــال بالشــيخ الصــبي ,فــدعا فرحا مســرورا الغد من الكتاب إلى سيدنا أقبل ة, ولقد يعطيــني ألن أبــوك أمس, واضــطر لحيــتي وشرفت وجهي وبيضت رأسي رفعت الشيخ, فقد الجب

. الذهب كسالسل القرآن تتلو كنتــوم وال سنة تأخذه ال الذي القيوم بالحي أحصنك وكنت تنحرف ( أوتخطأتزل) أن مخافة عليك قلقا وكنت ن

. القراءة من اليوم أعفيك , وأنا االمتحان انتهي , حتىعهد بين سيدنا والصبي

أبــدا العهد هــذا ينقض , فال معه وفيا يكــون وأن عليه يحافظ عهــدا عليه يأخذ أن الصــبي سـيدنا طلب ثم , . العهد هذا أنقض وال وفيا أكون أن علي لك الصبي فقال

يــترجرج عريضا كــان , فقد قط مثله يحس لم غــريب بشــيء الصــبي أحس , وهنا الصــبي بيد سيدنا فأخذ ــبي يد وضع دنايس أن إال ذلك كان , وما األصابع ( فيه بسهوله )تدخل وتغور بالشعر )يهتز( مليء على الص

ــدك إياها أسلمك لحيتي هذه له وقال لحيته القــرآن , وحق " ثالثا العظيم "والله معي , فقل تهينها أال وأري. سيدنا أراد كما الصبي , فأقسم أهينها ال المجيد

وكم سـيدنا , فقـال جـزأ : ثالثون الصبي فقال ؟ القرآن في جزأ كم سيدنا سأله حتى القسم من فرغ فما فكم أسبوع كل القرآن تختم أن أردت فإذا سيدنا ,فقال أيام خمسة الصبي قال ؟ الكتاب في نشتغل يوما .أجزاء ستة الصبي قال ثم قليال الصبي فكر ؟ يوم كل تقرأ جزأ

أن , على األســبوع أيــام من يــوم كل القــرآن من أجــزاء ســتة العريف على لتتلــون فتقسم إذا سيدنا قال إثم( تلعب وال ذنب )ال عليك جنــاح فال منها انتهيت فــإذا و الكتــاب إلى من تــأتي ما أول التالوة هــذه تكون,فتعهد أعمالهم عن الصبيان ( بقية )تشغل تصرف أال ,على تشاء كما وتلهو

عهد آخر على العريف 41

وأودعه القــرآن من أجــزاء ســتة يــوم كل الصــبي من ليســمعن العهد عليه وأخذ و العريف سيدنا دعا ثم , . الوديعة العريف ,فقبل )منزلة( الكتاب ومكانة لحيته وكرامة شرفه

أمامهم يحدث مما ويتعجبون ينظرون الكتاب وصبيان المنظر هذا وانتهى .

الفصل السادس )سعادة ال تدوم(فقيه جديد يحفظ الصبي القرآن

يفعل كــان كما يــأتي يعد فلم الــبيت عن سـيدنا انقطع كما إليه يــذهب يعد فلم الكتاب عن الصبي انقطع , الجديد الفقيه مع القــرآن يتلو الصــبي , فكــان القــرآن ليحفظه جديــدا فقيها الصــبي )طلب( أبو فــالتمس

. يشاء كما اليوم بقية ويلهو يلعب حرا الصبي يظل ثم ساعتين أو ساعةيحــدث كان ما عليه الكتاب, فيقصون من انصرفوا بعدما ورفاقه الصبي أصدقاء حضر العصر جاء إذا حتى

ــيدنا من ــاب, وهو عريف ومن س ــذلك يلهو الكت ــديث, ويظل )يعلب( ب ــاب بهم يعبث الح ــيدنا وبالكت وبس. وبالعريف

الصبي يظهر ما كان يكتم من عيوب سيدنا والعريف أخــرى, مــرة الكتــاب إلى يعــود لن وأنه ســيدنا وبين وانقطــع( بينه )انتهي انبت قد األمر أن الصــبي وظن

العريف عن يكتمها كــان الــتي العيــوب يظهر )فظيعــة( وأخذ شــنيعة بطريقة الــرجلين في لســانه فأطلق. وسيدنا

شــهر( من شــهر)أقل بعض أو شــهرا القــاهرة إلى الســفر ويبن بينه أن ظن أنه ذلك إلى دفعه الذي ولعل الشريف األزهر إلى معه وسيأخذه أجازته ليقضي أيام بعد القاهرة من سيعود أخاه ألن

سعادة لم تتم الكتــاب إلى يذهب ال )أقرانه(, فهو وأترابه رفاقه على تفوقا نفسه في رأى , فقد قلبه تمأل السعادة كانت

حيث القاهرة إلى سيسافر أنه ذلك من سعيا, وأكثر البيت في الفقيه إليه يسعى أنه , كما هم يذهبون كماــيدة الحسين )سيدنا أمثال من الصالحين الله أولياء من قريبا ويكون األزهر في يتعلم وغيرهما زينب والس

الكثير( . الصالحين الله وأولياء األزهر تمثل أنها على القاهرة إلى ينظر كان فقد

يحتمل ولم المقاطعة هــذه على صــبرا يطق لم الصــبي, فســيدنا يتوقع كــان كما الســعادة تــدم لم ولكن بفالن ويتوسل الســبل بكل الصــبي أبي إلى ســعى الجــواد( لــذلك عبد )الســيد عليه الجديد الفقيه انتصارسيدنا( عن الصبي والد )رضي الشيخ قناة النت حتى وعالن

ليستعيد حفظ القرآن ةالصبي يعود للكتاب للمرة الثالثــبرا كارها إليه عاد أخرى, ولكنه مرة الكتاب إلى يعود بأن الصبي( ابنه )والد الشيخ وأمر ما يعلم , ألنه مج

الصــبي يقوله ما كل وســيدنا للعريف ينقلــون الصــبيان كــان , فقد تعنيف من والعريف سيدنا عند سيجده عليه يعيد العريف كان الصبي, فقد على صعبة شديدة األسبوع هذا طوال الغداء أوقات كانت , فقد عنهما

. فيهما الشنيعة أقواله على بشدة يلومه سيدنا ألفاظ, وكان من لسانه به يطلق كان مادروس تعلمها الصبي من عودته للكتاب

الخطل من أنه األلفــاظ, وتعلم في االحتيــاط تعلم فقد األســبوع هــذا في الــدروس من كثــيرا الصبي تعلم األيمان بأغلظ أقسم قد الرجال, فالشيخ لوعود اإلنسان يطمئن وفساده( والحمق)التهور( أن العقل )قلة

)القســم( وهو واأليمــان الطالق يرسل كان فقد سيدنا عاد, وكذلك قد هو أبدا, وها للكتاب الصبي يعود أال – وسيدنا الشيخ – بينهما فرق هناك يعد كاذب, فلم أنه يعلم

42

والعريف لسيدنا حديثه ينقلون ثم معهم ويشتم يسب حتى وسيدنا العريف يشتمون الذين الصبيان وكذلك به يشــمتون الصــبي, وأخوته قاله ما ســيدنا لها اشــتكى عنــدما منه تضــحك أمه هي منهمــا, وها ليتقربــوا)غضبه( )يحركون( سخطه ويثيرون ليغيظوه سيدنا مقالة عليه ويعيدون

إلى القرية تلك يغــادر ما ســرعان أنه يعلم كــان )تحمل( , فقد وجلد صبر , في ذلك كل يتحمل كان ولكنه ذلك كل وينسى القاهرة

الفصل السابع )االستعداد لألزهر(سنة أخرى في القرية :

كان , فقد نفسه الصبي يمني كان كما معه يأخذه لم , ولكنه األزهري أخوه وعاد مضى قد الشهر هو وها سنة يبقى بأن عليهم , فأشار يحتمله أن في أخوه يرغب , فلم القاهرة إلى إرساله الصعب ومن صغيرا

43

أو برضاه )يهتم( أحد يحفل أن دون الصبي , وبقي فيه وللدراسة لألزهر فيها , يستعد القرية في أخرى. غضبه

االستعداد لألزهر بحفظ األلفية ..االستعداد في السنة يقضي بأن أخوه عليه أشار فقد الشيء بعض حياته نمط تغير فقد ذلك ورغم

بن )ألفية األلفية هو األول فكان الثاني من يشاء ما ويقرأ األول ليحفظ كتابين فأعطاه باألزهر للدراسة قراءته منه المتون( وطلب )مجموع فكان الثاني , أما حفظه من عليه بد ال ما النحو( وهو في مالك

. منه استطاع )حفظ( ما واستظهارمن حفظه , ومما شيء منها يفهم لم األخر الكتاب من غريبة أشياء حفظ , كما األلفية الصبي حفظ وقد

من الصبي حفظه ما األفعال( هذا والمية – الرحبية – السراجية – والخريدة – )الجوهرة الكتاب ذلك. أسمائها حتى وال شيء األشياء هذه من يفهم أن المتون( دون الثاني)مجموع الكتاب

أخاه أن , كما لألزهر به يستعد أن يجب , الذي العلم هو ذلك أن بقدر كان , لقد ؟ لحفظها دفعه الذي فما القرية إلى بمقدمه ويتحدث ينتظره , الكل الناس جميع بين عالية مكانة له عالما , فأصبح وفهمها حفظها. أجازته ليقضي

شربا كالمه يشرب الشيخ هو )مسرورين( , وها مبتهجين فرحين الناس عليه أقبل القرية إلى جاء ولما ليقرأ إليه يتوسلون كانوا القرية أهل , حتى ومتباهيا مفتخرا الناس على يعيده , بل مناقشة دون ويقبله

يلقي لكي يستطع لم وما استطاع ما بكل غليه يتوسل كان الشيخ , وكذلك الفقه أو التوحيد في درسا لهم. الجمعة خطبة عليهم

األخ األزهري واحتفال مولد النبي من أي ينله لم ما القرية أهل من والتكريم الحفاوة من األزهري لقي , فقد مشهود يوم اليوم ذلك كان

أهل اشترى , فقد النبي( بأيام مقدمه)مولد قبل اليوم ذلك عن يتحدثون الناس كان , فقد القرية شبان اليوم ذلك أقبل , ولما جديدا ومركوبا جديدا , وطربوشا جديدة ووجبة جديدا قفطانا األزهري للفتى القرية

. قليال إال يأكلوا فلم طعامهم إلى األسرة اتجهت النهار وانتصفأمه , وظلت الكشمير من شاال كتفه على وألقى خضراء , وعمامة الجديدة ثيابه األزهري الفتى ولبس

. القرية أهل من يلقاه وما بابنه فرحا ويخرج يدخ األب , وظل تحفظه التي التعاويذ وتتلوا له تدعوابه , وطافوا البيت خارج ينتظره كان فرس على ووضعوه الناس من جماعة حلمه حتى الفتى خرج أن وما

في النار أعيرة طلق , والبنادق وشماله يمينه وعن وخلفه أمامه مكان كل من الناس , وحوله القرية في. النبي بمدح تتغنى , والناس الهواء

المجاورة والقرى المدينة في به , وطافوا خليفة األزهري التي هذا من اتخذوا القرية أهل ألن ذلك كل , . والجوهرة والخريدة األلفية وحفظ العلم قرأ أزهري ألنه المكانة هذه على حصل وإنما

الفصل الثامن )العلم بين مكانتين(اختالف منزلة العلماء في القرية والمدينة والعاصمة

مثله العلم أن , وذلك العاصمة في لها مثيل ال عالية جالل)عظمة( ومكانة األقاليم ومدن القرى في للعلم وكثرت السلعة زادت كلما أنه على ينص القانون , وهذا والطلب العرض لقانون , يخضع السلع بقية كمثل. وزاد ثمنها غلى كلما وقليلة شحيحة كانت , وكلما ثمنها قل كلما

وال بهم يحفلون يعودوا لم هناك الناس أن لدرجة كثيرون القاهرة في فالعلماء العلم على ينطبق وهذا . تالميذهم إال لهم يستمع فال وفنونه القول يكثرون , فهم أحد لهم يسمع يكاد

والعظمة الجالل من كبير بقدر ,يتمتعون ولذلك جدا قليلون هناك العلماء أن فتجد واألقاليم الريف في أما ولذلك الريف بنفسية متأثر , والصبي بأحاديثهم الناس , ويتأثر لقولهم الجميع استمع قالوا , فإذا والمهابة

فـطروا)خلقوا( من العلماء هؤالء بأن يظن كان , فقد أهله يفعل كما شأنهم من ويعلي العلماء يعظم كان. جميعا الناس بقية من أفضل هم . ولذلك الناس بقية منا فطر التي غير طينة

إعجاب الناس أمام علماء األقاليم وقد قولهم من والدهشة اإلعجاب إلى يدفعه ما واإلجالل اإلعجاب من القرية علماء في الصبي وجد وقد ,

. ذلك في يوفق فلم مشايخها وعظماء القاهرة علماء بين واإلجالل اإلعجاب ذلك مثل يجد أن حاول44

علماء المدينةومودة بإعجاب العلماء هؤالء , فاز علماء أربعة أو ثالث على الصبي مدينة في الناس إعجاب انقسم لقد

وهم.... واحترامهم الناساألول : كاتب المحكمة الشرعية

حينما الفم( باأللفاظ )جانب شدقه الصوت( يمتأل ومرتفع جهوري)عال الصوت غليظ ضخما قصيرا فكان . كصاحبها غليظة ضخمة والمعاني األلفاظ هذه , فتخرج يتكلم

في يفلح فلم سنين من قضى ما فيه قضى , فقد األزهر في يوفقوا لم الذين من الشيخ هذا وكان . الشرعية المحكمة كاتب بمنصب , فقنع القضاء في يفلح العالي(ولم )المؤهل العالمية على الحصول

إلعالء ويدفعه يغيظه كان مما كثيرون حنيفة أبي أتباع من المدينة في يكن ,ولم المذهب حنفي وكان يعفوا أن إال الناس من كان , فما ومالك الشافعي مذهب من , والحط مجلس كل في حنيفة أبي مذهب

. منه ويضحكوا عليهالثاني : إماما المسجد

والصالح بالتقى الناس بين معروفا , وكان والصالة الخطبة وصاحب السجد وإمام المذهب شافعي كان , وقضاء مرضاهم شفاء لديه ويلتمسون به , فيتبركون التقديس يشبه حد إلى الناس . ويعظمه والورع

. الصالحين الله أولياء من ولى أنه نفسه في يرى كاد أنه , حتى حوائجهمنزل حينما بأنه يتحدثون منهم كثير وكان و موته بعد حتى والصالح بالخير يذكرونه المدينة أهل ظل وقد

في له رآه عما يتحدث منهم كثيرا ( , وكان مباركا منزال اجعله ) اللهم المشيعون سمعه بصوت قال قبره. عظيم وجزاء نعيم من المنام

الثالث : الشيخ المالكي الدروس ببعض يكتفي متواضعا , وكان ومزارعا تاجرا كان , فقد للعلم ينقطع , لم المذهب مالكي عالم

)جماعة( قليلة فئة إال )يهتم( به يحفل يكن , ولم بذلك وقته له سمح كلما الحديث علم وبخاصة الدين عن. المدينة أهل من

الرابع : الفتى األزهري )أخو الصبي (الفتى بين شديدة منافسة هناك , وكانت األقاليم أحد قضاء له الدولة أسندت , وقد ممتازا قاضيا كان

, فغاظه سنة كل لهم خليفة ينتخبوا أن عادتهم على الناس كان المحكمة( , فقد )كاتب والشيخ األزهري في الجمعة سيخطب األزهري الفتى أن الناس تحدث , ولما دونه خليفة الفتى ذلك الناس ينتخب أن

الجمعة. يوم جاء حتى انتظر بل شيئا يقل لم المسجدذلك , إن مسموع بصوت وقال المسجد إمام إلى المحكمة كاتب أسرع المنبر ليصعد الفتى أقبل ولما

السن( ) كبار األسنان وأصحاب الشيوخ فيه مسجد في الجمعة يخطب أن ينبغي وال السن حديث الشاب أن أراد من أن الناس في ينادي , وأسرع ينصرف فسوف بالخطبة الشاب لذلك سمح لو بأنه اإلمام وهدد. فليتبعه تبطل وال صالته تصح

بالناس وصلى الخطبة وألقى المنبر هو وصعد المسجد إماما وأسرع المقولة تلك بسبب الناس اضطرب . السنة تلك الخطبة من األزهري الشاب يمنع أن المحكمة كاتب استطاع , وبذلك فتنة تحدث ال حتى

ضاع , كما الجمر من أحر على ينتظرها والده كان , فرصة األزهري الشاب على الكاتب ذلك ضيع وبذلك من أكثر والده على ألقاها كان , وقد الخطبة وحفظ إعداد في بأيام ذلك قبل بذله كبير جهد الفتى على. يخطئ لن أنه ليطمأن مرة

إناء في جمرا ألقت وأسرعت , إال الخطبة يلقى لكي يخرج كاد , فما الحسد من عليه تخاف أمه هي وها الحسد من ابنها , لتحفظ بكلمات وتهمهم تبخرها غرفة كل إلى , قامت ثم البخور أنواع من عليه ووضعت

الكلمات بهذه تهمهم تبخره فقامت و عاد حتى كذلك , واستمرت خطبة إلقاء من ابنه فمنع قلبه والحسد الحقد أكل الذي الرجل ذلك يلعن بشدة غاضب وهو الشيخ ودخل

. الجمعةالعلماء غير الرسميين

لهم , وكان قرية( وريفها )ج وقراها المدينة ( في ) المنتشرين المنبثين العلماء من كثيرا هناك كان لقد . الكتاب يشبه دكانه كان الذي الخياط الحاج ( ,ومنهم الناس× خاصة )عامة الناس دهماء في كبير تأثير

ألنهم جميعا )يحتقر( العلماء يزدري , وكان الطرق أهل كبار من بشيخ )بخيال( , ومتصال شحيحا كان , , الشيوخ عن اإلنسان يأخذه الذي ذلك هو الصحيح العلم بأن يرى كان فقد الكتب من علمهم يأخذون. اللدني بالعلم ويسمى

للكتب الحاجة , دون اإللهام طريق عن اإلنسان قلب في الله يلقيه الذي العلم ذلك : هو اللدني العلم .الصبي والعلماء

45

العلم من ضخما مقدارا جمع حتى أيديهم على ويتعلم العالء هؤالء كل على يتردد أن الصبي استطاع لقد , الصبي تكوين في أثرت التي العوامل أهم من ذلك . وكان التناقض االضطراب االختالف عليه يغلب

. واالضطراب التناقض من عقله يخل لم , حيث العقلي

الفصل التاسع )سهام القدر(

الحياة حلوة ومرة العلم ومجالس المفتش وبيت والمسجد والمحكمة والكتاب البيت بين السنة تلك في حياته الصبي عاش

فاترة أيام , وبينهما أخرى ومرة مرة حلوة , فهي معين بطعم لأليام يشعر ال , وهو الذكر وحلقات. بهجة( سخيفة بال )ضعيفة

أمام شيئا تكن لم الحياة أجلها من كره التي اآلالم كل أن الحقيقي, وعرف األلم طعم ذاق األيام أحد وفي يجعل أن يستطيع كما ويؤذيهم الناس يؤلم أن يمكن الدهر أن عرف , وهنا الفتى به شعر الذي األلم ذلك. )وقت( واحد آن في مبهجة حلوة الحياة لهم

فرحة األسرة... أخت الصبي الصغرى بخفة تتميز , وكانت عمرها من الرابعة في , كانت األسرة أبناء صغرى هي صغيرة أخت للصبي كان

كانت , فقد الخيال قوية الفرح( , وكانت عالمات عليه )ظهر الوجه , ,وطالقة اللسان , فصاحة الروح وتضفي )تفيض على تسبغ , وكانت بالبيت يزورها لمن أمها تتحدث كما معه وتتحدث الحائط أمام تجلس

وتتحدث معهم تلعب ورجال نساء إلى لعبها كل تحول , فكانت والشخصية الحياة صفة شيء عليها( كل. إليهم

أن , دون والعرائس الفتاة بين األحاديث لهذه سماعها أثناء شديد وفرح بلذة تشعر األسرة كل كانت وقد . حديثها ويسمع يراقبها من هناك أن الفتاة تشعر

االستعداد للعيد يستعدون وأبنائها األم أخذت حتى األضحى / بادرة( عيد ومقدمات.م )بشائر بوادر تظهر يكد لم والفطير الخبز , وإعداد بتهيئة)تجهيز(الدار : قامت فاألم .الخياط )يذهبون( إلى , فيختلفون العيد لهذا أيضا االستعداد في منهم )بدأ( كل أخذ الصبي وأخوة

. العيد قدوم بسبب البيت على الطارئة التغيرات بهذه الصغار األحذية( ويلهو والحذاء)صانععلى الطارئة التغيرات بهذه اللهو حتى , وال حذاء أو خياط )التردد( إلى لالختالف يحتاج فلم الصبي أما

والكتب القصص من يستمدها كان التي الخياالت في ويعيش نفسه إلى يخلو بأن يكتفي كان , بل الدار. قراءتها )يزيد( في يسرف كان , ولذلك يقرأها كان التي

إهمال األطفال في الريف( ولم والمرض )الضعف والهمود الفتور من بنوع تشعر يوم ذات الفتاة , وأصبحت العيد بوادر أقبلت

. بكثرة تعمل , واألم العدد كثيرة األسرة كانت إذا وبخاصة الريف أهل عادة , وهي أحد إليها يلتفتنظرتهم , فتعتمد اشتكوا إذا الصغار إهمال على تقوم الريف خاطئة( لنساء )نظرة آثمة فلسفة فهناك

فإنها أمه به اهتمت )يشفى( , وإذا ويبل ويفيق وليلة يوم إال هي وما يشكون األطفال جميع أن على , وهي النساء وأشباه النساء آراء على تعتمد تعرفه( . وبالتالي )ال تجهله أنها )تحتقره( أو الطبيب تزدريبعد. فيما حياتها الطفلة وأفقدت ذلك قبل بصره الصبي أفقدت التي اآلراء

دون الدار نواحي من ناحية في فراشها على أيام بالحمى(عدة )مصابة ومحمومة مريضة ظلت فالطفلة في مستمرة . والحركة آلخر حين من الطعام من شيئا إليها تدفع أختها أو أمها إال تجد , فما حقيقية عناية

46

الجديدة ثيابهم في والشباب لهوهم في . فالصبيان للعيد واالستعداد والخبز الفطير وتجهيز التنظيف الدار الليل وأول النهار آخر في أصحابه إلى ويجلس ويروح يذهب واألب

شبح الموت يحلق على دار الصبي البيت من اقترب قد الموت شبح أن األم ,وعرفت شيء كل توقف الفتاة مرض من الرابع اليوم كان ولما

)إحراقه لذع األم تعرف لم كما سابقا البيت ذلك الشبح هذا يدخل فلم قبل من يعرفه لم الذي. الصحيح وشدته(األلم

ساعة الفتاة صياح , ويشتد إليها وتسرع شيئا كل , فتترك ابنتها صياح تسمع وفجأة عملها في األم كانت األب ويترك حديثهم يتركون والشباب لهوهم يتركون , الصبيان يعملونه كانوا ما الجميع , ويترك ساعة بعد

أن تحاول , األم وألم شدة في مستمر الصياح زال فما جدوى ال , ولكن إليها الجميع ويسرع أصدقائه زال , وما ابنته عن يزيل أن الله ويدعو يصلي شديد ضعف في )الشيخ( يذهب واألب الدواء ألوان تعطيها. وألم شدة في مستمر الصياح

الحزن يسيطر على األسرة إلى يد تمد لم ولكن )األب( واألبناء الشيخ وحضر المائدة الكبرى األخت , فمدت العشاء وقت وجاء

النظر( )تدقق تحدق , واألم مستمر الصياح زال , فما وضعت كم المائدة ورفعت الجميع فتفرق الطعام أبواب , لكن عادتها من تكن ولم رأسها كشفت , وقد آخر حينا السماء إلى يدها وترفع حينا ابنتها في

يتلو , والشيخ تتضرع , فاألم منه بد ال بما القضاء سبق , فقد اليوم ذلك في أغلقت قد كانت السماء. الطبيب إحضار في كلها األسرة في أحد يفكر لم والصياح األلم ذلك كل مع أنه , والغريب القرآن

الطفلة وسكرات الموت أن األم , وتخيلت اضطرابها ويسكن( , وسكن )يضعف يخفت صوتها وأخذ تهدأ بالفتاة فإذا الليل وتقدم

الفتاة هذه الله رحم , فقد نهائيا حال كان الحل هذا , ولكن األزمة انحلت وقد وزوجها دعاءها سمع قد الله في , فهي ستنام ابنتها أن األم , وتخيلت الصوت وخفوت االضطراب هدوء ذلك في آياته وكانت األلم من

فارقت , فقد فجأة يتوقف ثم شفتيها بين يخرج خفيف نفس هو وإنما حركة وال صوت , ال متصل هدوء. الحياة

مظاهر الحزن واأللم لوفاة الطفلةآخر صوت ارتفع , وقد حياتها انتهت كيف يعرف , وال الفتاة أصاب الذي المرض ما يعرف ال والكاتب

وفقد والهالك )الموت بالثكل أحست شديد( فقد )حزن وهلع بجزع شعرت التي األم إنها والبكاء بالصياح تلطم االنطالق( وكانت من ومنعته )حبسته صوتها الدموع قطعت حتى دموعها والولد( وانهمرت الحبيب بيديها )تضرب( صدرها وتصك خديها

من العزاء ليتقبل وأسرع شديد حزن , في دموعه تنهمر , وإنما واحدة بكلمة ينطق ال فكان األب أما وجلد)تحمل( صبر في الجيران

أخته على حزنا الليل فسهر قلبه رق من ومنهم فنام قلبه قسا من فمنهم اختلفوا األبناء أما مثواها حيث إلى الفتاة وحملوا فأسرعوا الرجال بعض ومعه األب أقبل , وقد األضحى عيد يوم كان ثم

التراب!!! ابنته وارى بعدما ظهرا األب عاد حينما وبكاء حزن ساعة من , ويالها األخيرالمصائب تتوالى على األسرة

أبو مات واحدا شهرا , فبعد األسرة هذه وبين األحزان )الصالت( بين األواصر اتصلت اليوم ذلك ومنذ أرذل بلغت )التي الفانية أمها األم فقدت حتى قليلة أشهر إال هي السن( , وما في )الكبير الهرم الشيخ يقفو والحزن األلم , وأصبح المتصل الدائم الحداد سوى يعرف ال البيت طويال( , فأصبح وعمرت العمر

الهادئ )الشديد( ومنه الالذع منه بعضا )يتبع( بعضهاليوم الحزين

قضى فقد أفراح بال متصل حزن كلها حياتها جعل والذي مثيل األسرة له تعرف لم حزين منكر يوم جاء تعرف ال , وجعلها إثر)بعد( ضحكها بكت إال تفرح وأال حياتها طوال السواد تلبس أن األم على اليوم ذلك

)مكرهة,مجبرة( . راغمة كارهة وهي إال لعيد تبتسم , وال خديها الدموع تفارق ,وال الفرح معنىوباء الكوليرا ومرض أخيه الشاب

للنفس محبب )غير منكر حزين الصيف كان , فقد م1902سنة أغسطس21 يوم هو اليوم هذا كان على )قتل مصر بأهل فتك الذي وتفشى( الكوليرا انتشر الذي )المرض وباء انتشر أحزانه( , فقد بسبب

وانبث والكتاتيب المدارس أغلقت , حتى كاملة وقرى مدنا , ودمر بكاملها أسر على غرة( , وقضى وخيامهم أدواتهم ومعهم والمدن القرى الصحة( في )وزارة الصحة مصلحة ورسل )انتشر( األطباء

. والمرضى المصابين فيها يحجزونأن , حتى الدنيا أعينهم في وهانت الناس أصاب الشديد( قد والخوف )الفزع الهلع أن ذلك نتيجة من وكان

تتحدث أسرة كل الشر( وبدأت لمنع الحجاب في تكتب )أدعية والمخلفات الحجب كتابة من أكثر سيدنا, المصيبة من حظها وتنتظر و األخرى األسر أصاب عما

47

النازلة تنزل بمن يوم كل في مرة ألف نفسها , تسأل المستمر الهلع أصابها , فقد الصبي أم أما بوالديه بر أبنائها وأكثر أحب في الجواب أتاها , حتى وبناتها أبنائها )المصيبة( من

صفات الفتى أخي الصبي )المصاب بالكوليرا ( لمدرسة العامة( وانتسب )الثانوية البكالوريا على حصل عمره من عشر الثامنة في فتى لألسرة كان

, إخوته على وأعطفهم بوالديه برا وأكثرهم قلبا وأرقها وأذكاها األسرة أفراد أنجب كان , فقد الطب. دائما مبتهجا سعيدا وكان

على يتمرن بأنه يقول , وكان يذهب حيث إلى يرافقه وكان المدينة بطبيب اتصل الوباء انتشر وعندما م.1902 أغسطس20 يوم جاء حتى صنعته

ما الذي حدث في ذلك اليوم ؟ بعشرين إال اليوم تصب لم المدينة بأن , وقال وداعبها أمه والطف سعيدا مبتسما عادته على الفتى عاد

تكاد حتى المعدة في )اضطراب الغثيان بعض من شكا , ولكنه االنحسار في بدأ الوباء , وأن فقط حالة ليلة كل يذهبون حيث إلى معهم فذهب أصدقائه , وجاء كعادته وحدثه معه فجلس ألبيه خرج تقيء( ثم

إال الجميع فأكل المرض هذا من يقي الثوم أكل أن ألهله وزعم البيت إلى عاد , ثم اإلبراهيمية شاطئ عند. بذلك إقناعهما في فشل فإنه وأمه أبيه

كل مسرعا( لها )استيقظ فهب و ( البيت )نواحي إرجاء مألت غريبة بصيحة , فإذا للنوم الجميع دخل ثم . الصوت مصدر إلى متجهون / دهاليز( البيت ج البيت دهليز)مدخل إلى الجميع , وأسرع البيت في من

المرض واشتداده على الفتى ساعين أو ساعة قضى , فقد القيء صوت يكتم أن جاهدا يحاول كان وقد بالمرض الشاب أصيب لقد

يستطع لم المرض اشتد فلما أحد به يشعر أن دون ويعود فيقيء قدميه أطراف على الحجرة من يخرج. جميعا لها القيء( ففزعوا أثناء الحلق في يتردد )صوت الحشرجة هذه الجميع فسمع و صوته يكتم أن

شيئا يفعل أن يستطع , ولم اللعين المرض بهذا سيصاب أبنائها ومن النازلة تنزل بمن األم عرفت وهنا فأحضر أسرع إخوته وبين بينه بالفصل وأمر حجرته إلى ابنه ويدخل وجلد صبر في نفسه يتمالك أن سوى. الطبيب إلى أسرع ثم جيرانه من جارين

ماذا فعلت األم عندما علمت بمرض ابنها ؟الدهاليز إلى أسرعت القيء توقف إذا , حتى بابنها , تهتم جلدة )خائفة( مؤمنة مروعه الفتى أم كانت

ذلك( , فإذا في واستغرقت )اجتهدت والصالة الدعاء في وفنيت السماء إلى ووجهها يديها فرفعت يشفيه أن الله يدعو لسانها زال وما صدرها على رأسه فوضعت إليه أسرعت ابنها حشرجة سمعت. ويرحمه

اشتداد واجمين به وأحاطوا إليه الجميع أسرع , فقد وإخوته الفتى بين وتفصل تحول أن تستطع ولم( أتي , حتى إخوته صغار مع , ويلعب القيء انتهى كلما أمه يداعب الكالم( وهو من منعهم حتى الحزن

, أما ابنها حجرة في األم فجلست الصباح في يعود أن على انصرف ثم دواء من وصف ما فوصف الطبيب من أحد مع يتكلم وال القرآن يقرأ وال يدعو ال الحجرة من قريبا جلس فقد الطبيب انصرف بعدما الشيخ. إليه يتحدثون الذين

احتضار االبن من يشكو , وهو أخواته له فيدلكها ساقيه في ألما يشكو الفتى شديد( , وأخذ )جهد ألى بعد الصبح أتى

. وألمه شدته من يصيح ومرة يتحمل , فمرة األلم شدةإلى وكذلك ليحضر القاهرة في األزهري أخيه برقيه, تلغراف( إلى إليه يبرق)يرسل بأن الفتى طلب وقد

. يراهما أن دون يموت أن يخشى كان , فقد آلخر حين من الساعة يطلب , وكان اإلقليم أعلى في عمهالصبي شفاء من يئس وقد , وخرج الصباح في الطبيب جاء فقد يراهما حتى يمهله لم فالموت وبالفعل ,

الحجرة الفتى على دخال حتى الرجالن , فأسرع يحتضر الفتى بأن الرجلين سرا( إلى )تحدث أسر وقد الرجال أمام تظهر حياتها في مرة أول تلك وكانت عنده وأمه

النبي من أفضل ليس بأنه لها ويقول أمه ويواسي األلم شدة من يتلوى اللحظات تلك في الفتى وكان . الشيخ عليه يجيب فال يواسيه أن يريد أبيه إلى يتجه ثم زوال إلى الجميع وأن مات الذي

المرض(أنينا شدة من صوتا )يحدث يئن , وأخذ الحركة عن وعجز السرير على نفسه ألقى ثم جسمه في سارت قوية ورعشة قليل باضطراب الصوت انتهى , حتى آلخر وقت يخفت)يضعف( من

. الفتى موت تبعهاالميت( ثم وجه على يشد )رباط لثاما وجهه على وألقيا للدفن( وعصباه )جهزاه فهيآه الرجالن أسرع ثم

لمثواه أعناقهم على الرجال به , وخرج للدفن الفتى تجهيز تم حتى ساعة إال هي . وما للشيخ خرجا الفتى كان الذي الشيخ العم ذلك النعش لقي من أول كان حتى به يخرجوا كادوا , وما )مستقره( األخير

. يراه حتى الموت يتمهل

48

أين كان الصبي ؟أبدا ينسى ال أنه , حتى قلبه الحزن يمزق دهش كئيبا واجما الغرفة أركان أحد في منزو الصبي كان لقد

. لألبد بعدها سكت ثم طويلة ضئيلة نحيلة الفتى أرسلها التي األنة تلكيوضع كما فوضعه الناس بين مكان إلى , وأخذه بشدة فجذبه الرجلين أحد أتى حتى مكانه في وظل

. اهتمام بال الشيءأم الفتى

هوت حتى تقف كادت وصبرها( , فما تحملها )ضعف جلدها ووهى صبرها انتهى , وقد الفتى أم قامت تجاوزتها أن , وبمجرد الغرفة من خرجت حتى نفسها , وتمالكت وأسنداها الرجالن )سقطت( فأسرع

. ألمها وشدة شدتها من قلبه انخلع إال الفتى يذكرها ال عالية )شكوى(وصيحة شكاة أطلقت حتىوالشيخ أمه يواسين الفتى أم إلى النساء , وأسرعت الشيخ يواسون الدار خارج الناس ازدحم وقد ,

. المرض آالم من يعانيه وما بالفتى هؤالء كل عن مشغولون وزوجتهاستقرار الحزن في بيت الصبي , )تغير عادات األسرة(

على يجب شيء واالبتهاج الفرح , وأصبح الصبي بيت )الشديد( في العميق الحزن استقر اليوم ذلك فمن . يتجنبه أن وصغار شبان من الجميع

ساعة ويبكيه الفتى ابنه يذكر أن العشاء أو الغداء مائدة إلى جلس إذا تعود اليوم ذلك منذ الشيخ أن حتى , تعينه زوجته , وأمامه ساعة بعض أو

جميعا بالبكاء يستطيعون( فيجهشون )ال شيئا منهما يبلغون فال األبوين هذين تعزية يحاولون واألبناء بالبكاء( . ويهمون )يتهيئون

قبل من , وكانت آلخر حين من الموتى مقر إلى النيل تعبر أن أيضا األسرة تلك تعودت اليوم ذلك ومن . القبور لزيارة يذهب من على تعيب ذلك

وفاء الصبي ألخيه الشاب ألوان بكل تعالى الله إلى التقرب على وحرص المعرفة حق الله فعرف الحين ذلك منذ الفتى تغير لقد

. القرآن بتالوة وأحيانا بالصدقة وأحيانا بالصالة , فأحيانا الطاعةأن يعلم , وهو عمره من عشر الخامسة من أعماله على يحاسب اإلنسان أن شيوخه من الصبي وعرف

أخيه موت بين الفترة , وحسب الدينية وجباته في الشيء بعض مقصر وكان المدارس طالب من أخيه , ولذلك عمره من عشر الثامنة في مات الفتى ألن سنوات ثالثة فوجدها أعماله على محاسبته وبداية

مرتين رمضان شهر يصوم , وأن ألخيه ومرة له مرة مرتين يوم كل الخمس يصلي أن على الله عاهد فقد. تعالى الله وبين بينه ذلك يجعل وأن أسرته عن كله ذلك يكتم أن على الله , وعاهد وألخيه , له أيضا

أو فقير منه وأطعم إال فاكهة أو طعام من يأكل أال نفسه على عهد أخذ أنه موته بعد بأخيه بره من وكان . منه هو يأكل أن قبل يتيم

األزهر إلى ذهب عندما إال هذه سيرته غير ما , و أشهرا عهده على ظل الفتى أن الله ويشهد ويظل ينام أن يستطيع فال الليل سواد في أخاه يذكر ما دائما )السهر( فكان األرق أيضا الصبي عرف وقد

يقرأه كان ما نحو على شعرا ينظم أخذ . وكذلك الشاب ألخيه ويهبها المرات آالف اإلخالص سورة يقرأ () النبي على فيها وصلى إال قصيدة ينهي وال أخيه على العميق حزنه عن فيه يعبر والقصص الكتب في

. ألخيه أيضا الصالة هذه ووهبويقظته منامه في ليلة كل له تتمثل أخيه علة كانت )المخيفة( فقد المروعة األحالم الصبي عرف وكذلك ,

, ألخيه وفاء من هو كما زال ما , وهو ورجال فتى الصبي أصبح حتى عديدة أعواما الحال هذا واستمر. تقدير أقل على واحدة مرة األسبوع في مرة المنام في يراه

( , وأصدقائه )أقرانه وأترابه أصحابه من نسيه من , ونسيه الفتى ذلك عن )تصبر( األخوة تعزي وقد أن إلى يذكره وسيظل يذكره يظل لم األحيان( , ولكن بعض )في لماما إال الشيخ تزور ال ذكراه وكانتحسين( - طه نفسه )يقصد الصبي وهذا أمه هما اثنين إال يموت

49

الفصل العاشر )بشرى صادقة(أنباء سارة للصبي

على يطلق مجاورا)اسم , وسيكون القاهرة إلى حقا يذهب سوف المرة هذه بأنه البنه الشيخ قال لقد , كبيرا قاضيا األزهري ابنه يرى حتى يهيش أن األب , وتمنى العلم طلب في األزهر( , وستجتهد تالميذ المدى بعيدة واسعة حلقة في الطالب حوله ويلتف عمود إلى يجلس األزهر علماء من عالما الصبي ويرى

)المسافة(.أثر كالم الشيخ على الصبي

األزهري أخيه يأتي كان ما وكثيرا الكالم هذا أبوه له قال ما , فكثيرا يكذبه ولم الكالم هذا الصبي يصدق لم , ولذلك العلماء ومجالس والكتاب المحكمة على ليتردد , ويتركه معه يأخذه أ دون القاهرة إلى ويسافر

. تكذبه أو الكالم هذا لتصدق األيام ينتظر أن فضلهل حققت األيام كالم األب ؟

أخيه برفقة القاهرة إلى يسافر لكي حقا يتجهز نفسه الصبي ووجد الخميس يوم وجاء أيام إال هي فما نعم الشمس( شروق )قبل الشمس تشرق ولما المحطة فيس نفسه يرى , فهاهو األزهري

حزن الصبي أثناء وجوده في المحطة بذلك تكن ال , وقال بلطف األكبر ويغضبه(أخوه ويزجره )عنفه فنهره الرأس منكس حزينا نفسه وجد

, مال الجديدة المرحلة هذه على يشجعه الشيخ له , وقال األزهري أخوك يحزن ال حتى الحزين الوجه اللعب هذا يكفك ألم ؟ تلعب أن تريد أنك ؟أم أمك تفارق أن على قادر ألست رجال؟ ألست ؟ يحزنك الذي

؟ الطويلحقيقة الحزن

الفتى ذلك على حزينا كان , ولكنه لعبه عدم على أو أمه فراق على حزينا يكن لم الصبي بأن الله يشهد في معهما سيكون بأنه يذكر وكان يذكره كان ألنه , وذلك النيل وراء مات( من الذي ينام)أخوه الذي

ترك , ولو باالبتسام اكتفى وإنما حزنا يظهر ولم شيئا يقل لم , ولكنه الطب مدرسة في تلميذا القاهرة. جميعا حوله من وأبكى كثيرا لبكى بطبيعتها نفسه

الصبي في القاهرة من جماعة أقبل , وقد بالفعل القاهرة في )الصبي( نفسه صاحبنا ورأى ساعات ومضت القطار انطلق

. الجمعة وهو اليوم ذلك انقضي , ثم القرية من به لهم أتى ما معه وأكلوا يحيونه أخيه إلى المجاورينبينه فرق , ال والقافات الرائيات فخم الصوت ضخم بشيخ , وإذا الجمعة يصلي األزهر في نفسه وجد ثم

على تعود الذي الحديث ونفس النعوت بنفس هي فكما الخطبة , أما ذلك في إال المدينة خطيب وبين المدينة في التي تلك من أقصر وال أطول ليست هي فكما الصالة , وإما سماعه

الصبي والعلوم التي سيدرسها أخوه , وسأله واألزهر المدينة بين فرق هناك أن يظن كان , فقد أخيه حجرة إلى الظن خائب الصبي عاد

أتن طلب , ولكنه شيء في القراءات يحتاج ’وال التجويد يتقن بأنه , فقال والقراءات التجويد دراسة عن والتوحيد والمنطق والنحو الفقه مثل العلوم يدرس

الصبي مع أخيه في درس الفقه الفتى استيقظ , ثم السنة هذه في والفقه النحو تدرس أن )يكفيك( يكفيك حسبك له وقال األخ رفض

الفجر لنصلي اآلن سنذهب إننا أخوه له التالي)السبت( فقال اليوم في الفجر صالة قبل النوم من وأخوه لك فألتمس األزهر إلى بك أذهب ينتهي عندما , ثم لي ولمنه لك ليس درسا وسنحضر كذا مسجد في

الذي الدرس هذا عن الصبي , فسأله العلم مبادئ عنه عليه( وتأخذ )تتردد إليه تختلف أصحابنا من شيخاالدر( . على عابدين ) ابن عن الفقه في درس هو فمه بملء أخوه فقال سيحضره

شيخ أخيه عالم جليل تعرفه األسرة

50

آالف اسمه سمع قد , ألنه الشيخ ذلك يعجبه , فلم فالن أنه له , فقال الشيخ ذلك عن أخاه الصبي سأل يسأل ما دائما ,وكان لإلقليم قاضيا كان حينما فالن الشيخ عرف بأنه يفتخر كان الذي والده من المرات

. القاهرة من حضر كلما عنه ابنههوج ج )حمقاء هوجاء فتاة بأنها ووصفتها زوجته عرفت أنها , وتذكر االسم هذا تذكر ما دائما أمه وكانت/

شيء في المدن أهل من هي وما المدن أهل زي تتكلف )جافة( فهي ( , وجلفة أهوج مذكرها وهوجاوات.

عالقة الفتى األزهري بالشيخ المسجد في دروسه الفتى يحضر كان , فقد تالميذه أخص من وجعله األزهري الفتى الشيخ عرف لقد ,

تقليده يحاول وكان الكثيرة كتبه تأليف في يساعده أنه , كما البيت في الخاصة دروسه ليحضر يذهب ثم. متعجبا مفتخرا ذلك من األب فيضحك ألبيه

ما عليهم ويقص منه ابنه وقرب الشيخ عن فيحدثهم ألصحابه يخرج كان انه األب على ذلك أثر من وكان الشديد. واإلعجاب االفتخار من شيء في يسمع

الفصل الحادي العاشر )بين أب وابنته(عشر الثالثة في كان عندما , وبخاصة وصباه طفولته )أمينة( عن حسين( وابنته )طه األب بين دار حديث

. عمره منبآبائه يعجبون السن ذلك في واألطفال عمرها من التاسعة في , ألنها والطيبة بالسذاجة ابنته األب اتهم

القول في ويقتدون( بهم , ويتأثرون)يقلدون الحياة في عليا مثال منهم , فيتخذون شديدا إعجابا وأمهاتهم في أنهم والنظير( ,ويتخيلون المثيل وهو قرن )مفرد أقرانهم أمام بهم يفخرون األطفال إن , بل والفعل

)قدوة( حسنة وأسوة عليا مثال اآلن هم كما كانوا طفولتهمنظرة الفتاة إلى أبيها

51

كان أتنه تظن , فهي صغيرا كان عندما وأكرمهم األطفال خير كان , كما وأكرمهم الرجال خير أنه ترى )المشقة( الجهد من كثير يبذل كان أنه تعلم , ولم ونعيم رفاهية في اآلن هي تعيش كما صغره في يعيش

. سنها مثل في كان عندما ظروفه مثل في الحياة بجبنها ,حتى يطيق ماال )يستطيع(, و يطيق مااألب يخفي الماضي المؤلم وكثيرا من فترات حياته عن ابنته

ذلك ما , و أيضا كثيرة مراحل عنها أخفى ولكنه ( حياته طور مفرد )مراحل أطوار من كثيرا لها حكا لقد , وهو واأللم الحزن من بابا عليها يفتح أن يخشى كان , كما أبيها في وأمالها ظنها يخيب أن يخشى ألنه إال

سنها مثل في الحزين الباب ذلك مثل عليها يفتح أن حراما يعتبره

الحديث ذلك من تضحك أن أو شديدا بكاء , فتبكي أبيها بحال الرأفة وتأخذها اإلشفاق يملكها أن ويخشى أن يحب ال , وهو والعبث للهو يميلون الذين األطفال طبيعة يعرف , فهو له مراعاة دون الهية قاسية. أبيه من طفل يضحك

تقرأ أن تستطيع )تكبر( وهنا السن بها تتقدم حتى المؤلمة المراحل تلك يترك )فضل( أن آثر ولذلك أجل من جهد من بذله ما مدى تعرف أن , وتستطيع الفترات تلك في وآالمه معاناته من كان ما وتفهم

. لها الشديد حبه مدى وتعرف إسعادهابكاء الفتاة عند سماعها لقصة ) أوديب ملكا (

وجهه على هائما وسار قصره من وخرج عينيه فقأ الذي الملك , ذلك ملكا أوديب قصة البنته األب حكى فقادته بيده )أنتيجون( وأخذت ابنته عليه أقبلت , حتى يهتدي كيف أو يسير كيف يعرف ال األرض في

. وأرشدتهثم )همت(بالبكاء أجهشت حتى فشيئا )تتغير( شيئا تربد السمحة جبهتها وأخذت الفتاة تغيرت وهنا ,

روعك من وهدأت فأخذتها إليها أمها , فأسرعت )تقبيال( وتقبيال لثما أبيها على )أقبلت(الفتاة انكبت ال أبيها مثل أعمى )أوديب( أصبح أن الفتاة تذكرت , فقد البكاء سبب واألب األم )فزعك( , وفهمت

. اآلخرين بمساعدة إال يتحرك أو يرى أن يستطيعاألب يحكي ألبنته بعض من مراحل حياته

في والدروس العلماء )يتردد( على ليختلف األزهر إلى أبوه أرسله عندما عشر الثالثة فترة عن لها حكى . األزهر

وصف نفسه في تلك الفترة كانت العيون)تحتقره( فقد , تقتحمه الغني من للفقر , أقرب الزي , مهمل اللون شاحب نحيفا كان

يبين الذي قميصه , وكان القاتم السواد إلى استحال)تحول( لونها قد البيضاء , وطاقيته قذرة عباءته )حذائه( باليين , ونعليه طعام من عليه سقط ما كثرة بسبب متعددة ألوانا اتخذ قد عباءته )يظهر( تحت

. يراه من كل عيون تحتقره كانت ذلك أجل مرقعين( , من )قديمينالبصر الحقيرة( , وذلك )البالية الرثة الحالة تلك ترى حين له تبتسم أيضا كانت العيون تلك ولكن

إلى قائده مع الخطى ثغور( مسرع ج الثغر)الفم مبتسم الجبين واضح البصر مكفوف , فهو المكفوف األزهر في , وكان المكفوفين وجوه على تظهر التي الظلمة تلك وجهه على تظهر ال , كما تردد بال األزهر اللهو عليه يظهر والضجر( , وال )الضيق التبرم أو األلم عليه يظهر , ال باهتمام( مبتسما )مستمع مصغيا

)يتطلعون إليه يشرئبون األقل على أو حوله من ويلعبون يلهون كانوا صبيان من حوله من أن رغم( . ويسعون

مظاهر حرمان الصبي في األزهر الطعام من )نوعا(واحدا لونا إال يأكل ال وهو والسنة والشهر واألسبوع اليوم يقضى كان أنه لها حكى لقد ,

, المساء وفي الصباح في يأكله , فكان بحاله راضيا كان )متحمال( , بل تجلد ضجر( أو أو تبرم)ضيق دون بكوب إليها وأسرعت أمها عليها ألشفقت واحدا يوما ولو هو عاشه ما الفتاة تلك عاشت أن حدث ولو

. الفور على الطبيب واستدعت المعدني الماءطعام الصبي أثناء دراسته باألزهر :

من فيه يجدون األزهريون كان , لقد األزهر خبز ما أدراك , وما األزهر خبز على الصبي يعيش كان لقد . يحصى وال يعد ال ما والحشرات والحصى )أنواع( القش ضروب

ورغم تعرفه بأال ودعا األسود العسل تعرف ال , وهي األسود العسل إال الخبز هذا مع يأكل ال كان فقد , هو ذلك في السبب ,ولعل الحرمان هذا عليه يظهر فلم محروما يحيا أنه , ورغم مبتسما يعيش كان ذلك

يكون بأن والده أمنية , وتحقيق العلم وتحصيل األزهري الشاب أخوه إليه وصل ما إلى الوصل في رغبته. األزهر في واسعة حلقه له كبيرا عالما

هل عرف أبواه بما كان يحدث له في القاهرة ؟

52

كل تعود , كما األكاذيب عليهما , قص والشراب الطعام عن أبواه سأله إذا عام كل كان , فقد ال بالطبع وإشفاقا بوالديه رفقه , بل للكذب حبه ذلك إلى يدفعه الحياة( , ولم )نعيم العيش رغد عن , فيتحدث عام. دونه من اللبن من بقليل يستأثر كان الذي األزهري أخيه على

السر في تغير حياته نفوس في يثير أن استطاع , وكيف كريمة وحياة مقبول شكل من عليه هو ما على حسين طه أصبح كيف

هناك إن , بل يجيب أن يستطيع حسين( ال )طه , إنه ؟ وتشجيعه وتقديره وإكرامه حبه الناس من كثير. المالك أمها هو الشخص , ذلك ذلك يمكنه آخر شخص

بم وصف طه حسين زوجته ؟وهذا وابتهاج ومرح سعادة في والنهار الليل عليها, لتستقبل يحنو ابنته سرير على ساهر قائم مالك بأنها ,

إلى فقره , وغير ونعيم أمال إلى وحرمانه بؤسه , فبدل قبل من حسين طه على حنا الذي ذاته هو المالك. سعادة إلى وشقائه غنى

بهذا ألمها للوفاء ابنته دعا , ولذلك نعيم من فيه يعيشان ما بكل المالك األم لهذه مدينان وابنته فهو ولذلك . العظيم الدين

الكتاب الثاني

(من البيت إلى األزهر ) الفصـل األولإلى واتجه الريف ترك انه سوى شيء أمره من يعلم ال وهو أكثر أو أسبوعين القاهرة في الصبي قضى

وهيئات( )أحوال أطوراه أحد بذلك يقضي العلماء, فهو مختلفا)مترددا( إلى فيها المقام , ليطيل القاهرة. يحققها وال يتخيلها التي الثالث

الطريق إلى بيت الصبي األزهر, من عاد إذا اليمين إلى يميل , فهو أيضا غريبا طريقا إليه غريبا, ويسلك بيتا يسكن الصبي كان

العشاء. صالة بعد فجوة)فتحة( ضيقة وسطه في الليل, وتفتح في ويغلق النهار في يفتح باب من فيدخلمصحوبا اليمنى )ناحية( وجهه صفحة )يصل( إلى يبلغ خفيف بحر يمينه عن يشعر الباب هذا تجاوز وإذا

غريب بصوت يمينه على المكان نفس من خيشوم(. وأحس أنفه/م )أقصى خياشيمه إلى يصل بدخان السبب عنه, ولعل يسأل )يخجل( أن ينكره)يجهله( ويستحي سمعه, ولكنه كلما نفسه في العجب يثير العبور عليه ليسهل الطريق في المستقرة المناطق باختيار قائده وانشغال لبصره فقده هو ذلك في

به جهله يظهر أن فاستحى للجميع معلوم الصوت هذا مصدر بأن شعر أنه يسأله, ويبدو أن فاستحى قرقرة صوت هو الصوت ذلك بأن الناس أحاديث من علم أيام بعد ماهيته, ولكنه معرفة عن وعجزه

والدخان الحر ذلك سبب أنها أيضا المقهى, وعلم صاحب لهم ويعدها الحي تجار يدخنها الشيشة, التي. الحي باب من دخل إذا بهما يشعر كان الذي

الماء صب من يكثر كان المقهى صاحب مستقرة, ألن تكن لم فاألرض شديد حذر في الفتى يمضي ثم النهار أول خفيفة تكون غريبة روائح منها وتنبعث ضيقة ولكنها مكشوف آخر طريق إلى يتجه أمامه, ثم

الشمس حرارة وتشتد النهار يتقدم حينما عنيفة شديدة وتكون

53

الشمال وذات اليمين ذات )يميل( به ينحرف كان فقائده أمامه يستقيم الطريق ونادرا( كان )قليل وقلما مازال الطريق, والصبي جانبي على المرصوصة األبنية له يصف كان أمامه, كما التي العقبات لتفادي

بعض(. إلى بعضه )المجتمع المتراكم كالسحاب رأسه فوق تتجمع وكأنها الكريهة الروائح تلك يشمأصوات في الطريق

يتخاصمن, النساء أصوات يسمع المختلفة, فمرة األصوات من كثيرا البيت إلى الطريق في يسمع وكان يسمع )تحمل(, وكذلك وتعتل تحط األثقال رفق, وأصوات في عنف, ويتحدثون في يتنادون الرجال وأوات فرسه, أو بشدة( حماره )يصيح يزجر العربة( وهو )سائق الحوذي الماء, وصوت يبيع وهو السقا صوت وأزيزا( , وربما أزا مصدرها والغليان الحركة شدة عن ناتج )صوت أزا عجالتها تئز العربة صوت وكذلك

. الفرس صهيل أو الحمار نهيق صوت األصوات هذه شق

حال الفتي في الطريق للبيتنسي( كل أغفل منتبه(, وقد )مفرق, وغير الذهن مشرد يسير فإنه البيت إلى مضى كلما الفتى كان(

أحاديث فيه يسمع حيث بعينه مكان )وصل( إلى بلغ إذا لرشده ويعود ينتبه ما سرعان حوله, ولكنه شيء الشمال إلى خطوتين أو خطوة بعد سينحرف أنه يعرف شماله, وهنا عن مفتوح باب من مختلطة, تأتيه

. مسكنه إلى به ينتهي الذي السلم ليصعدوالنزول؟ الصعود في الفتي يواجهها التي المتاعب ما ؟ السلم الصبي وصف كيفبسبب الحجر, ولكن من مبنية درجاته السعة, وكانت شديد وال ضيق هو السعة, فال متوسط السلم كان

التراب عليه , فتراكم إنسان ينظفه ولم أحد يغسله فلم السكان أهمله فقد عليه والنزول الصعود كثرة من سلم على ينزل أو يصعد بأنه عليه صعد من كل وتخيل الحجر فاختفى بعضه على تراكم الكثيف, حتى

. الطينعادة الصبي التي أهملها في مسكنه

هذا في منه, ولكنه هبط أو سلم إلى صعد كلما الدرج ومحبا( بإحصاء ومغرما )مولعا كلفا الصبي كان لقد يعانيه ما بسبب ذلك أن درجاته, ويبدو إحصاء في واحدة مرة ولو يفكر أن دون له الله شاء ما أقام البيت

يجد الطريق, فال في الشديدة معاناته إلى السلم, باإلضافة طول على تفوح كريهة وروائح قذارة منالسلم. درجات ليحصى صدره في متسعا

الطابق األول ليكمل قليال ينحرف أن بد منه, فال قليلة درجات صعد إذا أنه مرات أو مرتين السلم صعد بعدما الفتى علم

الطابق إلى تؤدي أنها يعلم ألنه مطلقا ولوج( إليها مصدرها )يدخل يلج فال فجوة يمينه عن الصعود, ويتركالثاني. الطابق في يسكن إنما وهو البيت من األول

أشياء مع يخلط الشيء وهو )م/ خلط أخالط يسكنه كان العلم, وإنما طالب الطابق هذا يسكن يكن لم والعمال. الباعة متعددة( من أنواع أخرى, والمرادالطابق الثاني

وجده الراحة, لما من والمرهقة( شيئا )المتعبة المكدودة نفسه تجد حتى الثاني الطابق يبلغ الفتى يكاد ال . القذر السلم هذا مألت الروائح من يختنق كاد أن بعد التنفس له يتيح طلق هواء من

صاحبه من الناس إلى يشكوا ينقطع, كأنه ال الذي الببغاء صوت يسمع عندما بالراحة يشعر كان كما األخر هو ليسجنها ثمنه يدفع لمن األيام من يوم في ليبيعه القفص في ويحبسه عليه يقسو الذي الفارسي

من معاناتها نفس لتعاني بدلها )× آجال( اشترى نقدا )استلم( ثمنها قبض ما أخر, فإذا بغيض قفص في الناس يبهج الذي الحزين دعاؤها معها ألخرى, وينتقل يد من لتنتقل وانتظار بغيض قفص في سجن

فيه. تكون مكان كل في ويفرحهمهناك عالقة بين الببغاء والفتى, فما هي ؟ وأثر صوت الببغاء على الفتى

والفتى الفارسي صاحبه لدى القفص في سجين سجين, فالببغاء كالهما أن في بالببغاء الفتى يرتبط , لهما. قدر الذي السجن هذا من لهما مفر الظالم, وال في سجين

الفتى لبيت مجاور بيت في صاحبه مع يسكن كان ولكنه الفتى مع الببغاء يسكن يكن لم .سجنه, بسبب الحزن يشاركه من وجد ألنه بالراحة يشعره كان الصبي, فقد حياة في كبير أثر له وكان

طريقا ليدخل اليمين إلى سينحرف انه عرف الببغاء صوت وسمع السلم أعلى صعد إذا الفتى كان وكذلك السن, ويتصف به تقدمت واآلخر شابا فارس, أحدهما من رجالن يسكنهما بيتين أمام من ويمر ضيقا

والجفاء(. )القسوة والغلظة الناس واالنطواء(عن )االعتزال باالنقباض واالنبساط, واآلخر بالرقة أحدهمامكونات بيت الصبي

فيها والدار( تجمعت الباب من )المدخل الدهليز تشبه األولى غرفتين؛ من يتكون بيته, الذي الصبي يدخل فيها تجمعت مستقيمة غير بأخرى لتنتهي الغرفة هذه والمالبس, وتمتد األطعمة مثل المادية المرافق

54

والطعام, وبها النوم فيها ويكون والكتب والقراءة والسمر والحديث الدرس غرفة فكانت العقلية المرافقالطعام. رقائق وبعض الشاي أدوات بعض

مجلس الصبيشماال يميل الغرفة دخوله فبمجرد ذلك قبل دخلها غرفة أي عن الغرفة هذه في الصبي مجلس يختلف لم

)جيد(, ويسند قيم ولكنه قديم فراش وعليه األرض على مبسوطا حصيرا فيجد خطوتين أو خطوة ومشي )ما وسادة إليه يلقى حيث بالليل ومنامه بالنهار مجلسه يكون جلوسه, وعليها إثناء الحائط إلى ظهره به, ج/ لحف( يلتف القطن من )غطاء ولحافا رأسه عليها وسادات( يضع /ج/ وسائد الرأس تحت يوضعالشيخ. أخيه مجلس )يوازي( مجلسه يحاذي وكان

مجلس أخيه الشيخمن يتكون كثيرا, فكان أو قليال مجلسه من أرقى الشاب, وكان أخيه مجلس الصبي مجلس يوازي كان

اللبد من آخر فراش البساط على ألقي به, ثم بأس ال بساط عليه وألقي وعليه األرض على بساط القطن من عريضة محشو( طويلة )فراش حشية اللبد على ألقي ولبود( ثم /ج/ ألباد الصوف من )بساط

مالءة. الحشية هذه فوق من ثميسندون /م/ صفي( وكانوا المخلصون ) األصدقاء وأصفيائه الشيخ األخ يجلس كان الفراش هذا وعلى

عليه ينام سرير إلى المجلس هذا استحال الليل جاء رصا, فإذا الحشية على رص قد وسائد إلى ظهورهم. الشيخ الفتى

55

حب الصبي لألزهر الفصل الثانيأهم أطوار حياة الصبي في األزهر

واألمان الراحة بين نحوها شعوره اختلف أطوار ثالثة القاهرة في باألزهر دراسته أثاء الصبي عاش هي: األطوار واالضطراب, وهذه

بالوحشة.( والشعور والغربة الوحدة غرفته. )حيث في األول: حياته الطوروالتعب( والتشتت باالضطراب الشعور واألزهر. )وفيه البيت بين الثاني: الطريق الطورواألمان المتعة والعلم. )حيث للدراسة األزهر في وجوده وهو إليه األطوار أحب الثالث: وهو الطور

حد.( له ليس الذي العلم بحر في والغرقالطور األول: حياة الصبي في الغرفة

تشتمل ما يعرف وال يعرفها ال ألنه قلبه, وذلك على القاسية بالغربة ويشعر غرفته في الصبي يعيش هنا فقط. منه القريب القليل إال ومتاع أثاث )تحتوي( من عليه

جعل واألشياء, مما الناس عن غريب الغرفة عن غريب بأنه فيها إقامته فترة طوال يشعر جعله مما حياة. وال فيه راحة ال ثقيل هواء بأنه شعر يتنفسه الذي الهواء حتى فيها ما وبكل الغرفة بهذه ضيقا صدره

بما وحجراته غرفاته كل يعلم كان الذي الريفي بيته عن تختلف الغرفة هذه أن كله ذلك في السبب ولعل وأشياء. ومتاع أثاث من تحويه

الطور الثاني: الطريق من البيت لألزهرباالضطراب شعور عليه مشتت( يسيطر أي النفس )موزع النفس مفرق حياته من الطور هذا في عاش

المادية طريقه في لألمام التقدم إلى وحياته, فتدفعه أمره عليه تفسد ) الشاقة( التي الباهظة والحيرةهدى. بال المعنوية وطريقه

حوله, من المختلفة المضطربة والحركات العالية األصوات ) مشغوال( بتلك نفسه عن مصروفا كان فقد م/خطوة( – )خطواته خطاه اضطراب - خجال( من والمعرة بالخذي ) يشعر نفسه في مستخذيا كان بل

السريعة( العنيفة. )الشديدة العارمة المهتدية صاحبه بمشية الحائرة الهادئة مشيته مجاراة عن وعجزةما المقصود بالطريقة المادية والطريق المعنوية؟

والعكس. لألزهر البيت من الكاتب فيه يمشي الذي الطريق هي المادية الطريقومشاعره. النفسية أحواله فهي المعنوية الطريق أما

الطور الثالث: وجوده في األزهر؟األزهر في حياته لطور الصبي حب على دلل الذي النسيم كان واالستقرار, بل واألمان الراحة فيه يجد كان إليه, فقد القاهرة في حياته أطوار أحب هو

يشبه الفجر بعد صباح التحية( كل ) يوجه وجهه ويحيي األزهر صحن برقة( في ويتحرك ) ينساب يترقرق القصص تلك من بقصة يمتعها حينما آلخر حين من الريف في جبينه على تطبعها كانت التي أمه قبالت شاحبا يخرج حينما الكريم, أو القرآن آيات عليها يقرأ حينما أو الكتب عبثه)لهوه( في أثناء يقرأها التي

وأسرته. )عدية حاجته ليقضى الله إلي بها ويتوسل يس عدية فيها يقرأ كان التي خلوته اللون( من )متغيرمرات(. عدة يس سورة تالوة هي يس

أثر القبالت والنسيم على الصبييتذكره كان ما والحنان, وهو واألمن األمر نفسه في وتشيع قلبه تنعش خديه على أمه قبالت كانت لقد

بعد الهدوء وإلى التعب بعد الراحة إلى يرده حيث خديه على النسيم بذلك أحس كلما به ويشعر)التجهم(. العبوس بعد االبتسام وإلى االضطراب

ما الذي قنع به الصبي من األزهر؟وترتيبه شيئا األزهر عن يعلم لم فإنه األزهر في الصبي به يشعر كان الذي واألمان الكبيرة الراحة مع

وأن المنعش النسيم ذلك وجهه يلمس وأن األزهر أرض الحافيتين قدماه تمس أن يكفيه كان بل وشكلهجديد. من نفسه إليه وتعود وينشط يستيقظ أن يريد هادئا نائما األزهر أن يحس

مشاعر الصبي في األزهر؟كان بل األلم أو بالغربة يشعر فال وأصحابه أهله بين وطنه في أنه يشعر كان األزهر في الصبي وجود أثناء

أن وأراد وأصحابه أهله من اسمه سمع ما لكثرة أحبه ولكنه قل من يعرفه لم شيئا يتلقى ألن قلبه يشتقالعلم. وهو أال االسم هذا وراء ما يعرف

العلم بحر واسع ال ساحل له56

ويفنوا( )يقضوا ينفقوا قد الناس له, وأن حد ال العلم هذا بأن قويا غريبا شعور الصبي على سيطر لقد )أقله( أيسره إال العلم هذا ويحصلون(من )يصلون يبلغون وال كلها حياتهم

أقل هو حياته طوال يحصله ما كان ولو حتى استطاع ما العلم هذا من يأخذ كلها حياته يعيش أن يريد وكان هذه يأخذ لم له., وهو ساحل ال واسع بحر بأنه العلم هذا عن يتكلمون وأصحابه أباه سمع القليل, فقد

فيها. جدال ال التي العلم حقيقة أنها على أخذها حقيقي( بل غير )تعبير تجوز أو تشبيه أنها على المقولةغرقا, فالموت فيه يموت ثم الله شاء ما منه فيشرب البحر هذا في بنفسه ليلقي القاهر إلى جاء وقد

العظيم(. )الشريف النبيل الرجل إلى موت أحب هو اعلم بحر في غرقا

أثر هذه المقولة على الصبيبها كيانه, وينسى الفكرة هذه تمتلك حتى بها نفسه امتألت ومعناها المقولة هذه في الصبي فكر كلما

ومتعة لذة من فيه بما الريف ينسى ألن األمر وصل الملتوي, بل المضطرب والطريق الموحشة غرفته ) سأم يضيق إليه, وأصبح واشتاق باألزهر تعلق )يبالغ( عندما يغالي ولم يخطئ لم بأنه وجمال, وشعر. الريف في ومل( باإلقامة

األزهر بعد صالة الفجرامتأل قد بقلبه )القليلة( شعر اليسيرة األولى درجاته وصعد فجرا األزهر صحن دخل إذا الصبي كان

الطاهر. المكان لهذا وإجالال إكبارا نفسه وامتألت وخضوعا خشوعاالمفروشة المبسوطة الحصر على يمشي م/خطوة( وهو وخطاه)خطواته سرعته من يخفف وكان( ×

للمصلين فتسمح الطاهرة األزهر أرض عن األحيان بعض في تنفرج )الرثة( التي المطوية( الباليةالطاهر. المكان هذا بركة من شيء على الحصول لهم تريد كأنها الطاهرة أرضه يمسوا أن والساعين

أحب لحظات الصبي في األزهرالفجر صالة )ينصرف( من المصلون ينفتل حيث األزهر في لحظاته أحب هي اللحظات تلك وكانت

الشيوخ منتظرين المسجد أعمدة حلقة( حول في )يجلسون ليتحلقوا عيونهم في النعاس ومازالأو.... األصول درس أو الحديث درس أو الفقه درس منهم يسمعون الذين واألساتذة

منذ يمأله العالي( الذي )الصوت الدوي هذا يظهر( فيه )ال يعقد ال هادئا اللحظة هذه في األزهر كان فقد العشاء. حتى الشمس طلوع

ماذا كان يسمع الفتى في هذه اللحظات؟وإنما العشاء صالة حتى الشمس طلوع منذ األزهر يمأل الذي الغريب العالي الصوت هذا يسمع يكن لم

يدرك لم مصل أو معتدل هادئ صوت في القرآن يقرأ فتى أو أصحابها بها يتهامس األحاديث يسمع كان الفجر بعد لنافلة صالة ال أنه واألصل الفرض عن زاد ما وهي النافلة )يصلي يتنفل ولكنه أدركها أو الجماعة

بعد يصليها فإنه القبلية السنة فاتته من إال ساعة ثلث بحوالي الشمس شروق بعد الضحى وقت يأتي حتىالضحا( بعد أو الفجر

شيئا يطعم لم منكسر مستحسن( حلو ضعف ) فيه فاتر بصوت درسه يبدأ أستاذا أو شيخا يسمع وقد والقوة النشاط جسمه في يبعث

والصالة العالمين رب لله والحمد الرحيم الرحمن الله " بسم بقوله منكسر صوت في عادة البداية وتكون تعالي الله رحمه المؤلف أجمعين, قال وصحبه آله وعلى محمد سيدنا المرسلين أشرف على والسالم

آمين......." بعلمه ونفعناأثر صوت الشيخ أو األستاذ على الطالب

وفتوره. الشيخ هدوء )سكون( يشبهان وفتور هدوء في للشيخ الطالب يستمعموازنة الصبي بين حال الشيوخ والطالب في الفجر وبين حالهم في الظهر

الفجر وقت في الدرس بداية بصيغة ينطقون حين الشيوخ أصوات بين يوازن الفتى كان ما كثيرا فيها, يظهر النوم أثر مازال حلوة فاترة الفجر في الظهر, فكانت درس في بها ينطقون وهم وأصواتهم

بطعام البطون امتالء وتظهر كسل من بعض فيها ممتلئة عنيفة قوية أصواتهم فقد الظهر في أماالطعام ألوان من ذلك وأشباه وفول مخلالت من األزهريين

يكاد عنيف هجوم الظهر أصوات االستعطاف, وفي يشبه بالرحمة للمؤلفين دعاء الفجر صوت في وكان عدوانا. يكون

كبيرة. )سرورا( ولذة متاعا نفسه في وتثير الفتى تعجب ما دائما الموازنة هذه وكانتأين يـجلس الصبي ليتلقى درسه؟

57

الداخلية )الساحة اإليوان بهما يبتدئ درجتين يرقى حتى صاحبه مع يمشي فإنه األزهر إلى دخل إذا كان منه غليظة, ويطلب بسلسلة مربوط كرسي على األزهر أعمدة من عمود بجوار يجلسه لألزهر( ثم

يعود ثم صاحبه- درسه – هو ينهي حتى االنتظار منه الحديث, ويطلب درس ليسمع واالنتظار الجلوسليأخذه.

درس أصول الفقه لصاحب الفتى وقائدهكتاب وللطالب له الله- ويدرس –رحمه راضي الشيخ هو أستاذه الفقه, وكان أصول في صاحبه درس كان

همام. بن للكمال التحرير

أثر درس أصول الفقه لصاحب الصبي على الصبيقلبه يمتلئ همام بن راضي, التحرير, الكمال الفقه, الشيخ أصول األلفاظ هذه سمع كلما الصبي كان

هذا وما راضي؟ الشيخ هذا يكون نفسه, من في يتساءل العلم, ثم لهذا ورهبا)خوفا( وشوقا إجالال ونفسههمام! بن الكمال االسمين هذين أعظم وما التحرير؟ الكلمة هذه معنى وما الفقه؟ أصول المسمى العلم

يموت. حتى العلم هذا في الرجل يغرق أن في كله الخير بأن له, ويظن ساحل ال بحر العلم بأن يتذكر ثم

مظاهر إجالل الصبي لعلم أصول الفقه وشوقه لهيقرءون( يطالعون وأصحابه أخاه يسمع أنه خصوصا العلم لهذا وشوقا إجالال يوم بعد يوما يزداد وكان(

نفسه. في حلو ولكنه غريبا كالما فيه ويقولون الدرسهذا يفهم أن ليستطيع سنوات سبع أو ست السن به تتقدم أن يتمنى العلم لهذا شوقه شدة من كان بل

ولكنه البارعون الشبان هؤالء مثل فيه ويتصرف رموزه الكالم( ويفك من يعمى )ما ألغازه ويحل العميفهم. وال يسمع أن مضطر اآلن

جملة تؤرق تفكير الصبييصل فال إليه ترمي ما يفهم لعله نفسه في وأصحابه أخيه من يسمعها التي الجمل يقلب ما كثيرا كان لقد

ولياليه, حياته )كدرت× صفت( عليه ونغصت )عبارة( أرقته كلمة منهم سمع يوم جاء لشيء, حتى المريض, وصرفته رأس مؤقت( في عقلي الحمى) اضطراب هذيان يدور كما عقله في تدور وأصبحت

غير في األولى دروسه يفهم كان أن بعد الكلمة هذه في التفكير شدة من أنه دروسه, حتى بعض عن معظم أيقظته أنها الشبان, حتى هؤالء من سمع فيما التفكير إلى الشيخ حديث عن ينصرف مشقة, أصبح

ليله.الباطل( وما الهدم ينهدم وكيف الكالم؟ هذه معنى ما يفكر الهدم" وبدأ هدم "والحق هي الكلمة وهذه(

تحتاج علمية )مسألة إشكال إال عنها يصرفه لم كذلك وظل حقا؟ الهدم يكون وكيف الهدم؟ هذا شكل هذا بأن يقينا مؤلفه(, وعلم باسم مسمى النحو في كتاب ) عنوان الكفراوي إشكاالت عميق( من فهم

له. ساحل ال بحر حقا العلمحق. الباطل إزالة أن " هو الهدم هدم " الحق عبارة من المقصود المعنى

العنعنة ورواية الحديثتلك إال درسه من ينكر وجالء, وال وضوح في منه ويفهم للشيخ يسمع الحديث درس في الصبي كان

كلمة بينها "حدثنا" ويفصل كلمة تسبقها بعضا بعضها يتبع الطالب على تسقط التي الطويلة األسماء"عن".

روايته في الشيخ بدأ المملة, ولكما العنعنة ولهذه تتابعها أهمية وال األسماء هذه معاني يفهم يكن ولم انتبه ذلك حدث مباشرة, فإذا الحديث إلى يصل وأن الطويلة العنعنة هذه تنقطع أن وتمنى بالملل شعر

من الريف في يسمع كان بما يذكره كان الذي الشيخ تفسير عن وفهمه, وأعرض وحفظه فسمعه الصبيأولى( الفقه. /م وأساسيات )مبادئ أوليات يعلمه كان الذي الشيخ ومن المسجد أمام

استيقاظ األزهر وضوضاء من فيهالعنف حد إلى والطالب الشيوخ أصوات فشيئا, وترتفع شيئا يستيقظ األزهر كان الصبي درس وأثناء

يؤذن التي الصيغة تلك نطق إلى يضطرون ثم الطالب آذان إلى لتصل أصواتهم يرفعون أحيانا, والشيوخأعلم" "والله وهي الدرس ( بانتهاء وتخبر )تعلم

غيره, وهنا من أو نفسه الشيخ من الفقه درس وهو الصباح درس الطالب ينتظر الفجر درس انتهاء وبعد ثم ينقل متاع كأنه رفق غير في آخر مجلس إلى وينقله كالم غير في بيده ويأخذه الصبي صاحب يأتي

عنه. ينصرفالشيخ )ينتهي( وسينصرف منه وسيفرغ سيسمع وانه الفقه درس إلى انتقل قد أنه الصبي فهم وقد

الحسين سيدنا من صاحبه إليه يأتي )ينصرف( حتى عنه يتحول ال مكانه في هو ويبقى الطالب ويتفرق. الله رحمه بخيت الشيخ عليه يلقيه كان الذي الفقه في درسه يتلقى حيث

ينتهي( الدرس ينقطع يكن فلم الجدال في عليه يلحون طالبه أن كما اإلطالة يحب بخيت الشيخ كان وقد( الضحى. مع إال

58

عودة الصبي إلى بيتهالثاني طوره إلى يرده حتى األزهر من يخرجه به ومضى بيده كالم غير في أخذه صاحبه إلي عاد فإذا

عذاب ) نصيبه( من حظه الستقبال معها يتهيأ التي غرفته حيث األول طوره إلى الطريق به فيقطعوالغربة الوحدة

وحدة الصبي في غرفته الفصل الثالثالوحدة وعذاب الصبي

دائم أخوه كان كرهها, فقد التي الغرفة تلك في الصبي عذاب وراء األول السبب هي الوحدة كانت لقد أخوه يأتي حتى يسليه أحد الصبي يجد وال واحد مكان في يستقرون وال الربع غرفات بين وأصحابه التنقل

ليال. األمر آخرمجلس أخي الصبي وأصحابه

وعد أخرى غرفة في والمساء غرفة في الصباح في مستقر, فهم غير التنقل دائم المجلس هذا كان لقد في أصحابه إلى ويذهب الظهر درس بعد الغرفة في يتركه الصبي أخو وهكذا, وكان ثالثة في الليل أول

× التوقير( بالشيوخ ) السخرية والتندر والراحة الدعابة في )يقضون( وقتهم فينفقون الغرفات إحدى لمكانه( المالم ) المستقر الجاثم الصبي أذن إلى تصل حتى كله الربع فتمأل ضحكاتهم وتتعالى والطالبقلبه. لها ويحزن شفتاه لها فتبتسم

فكاهة من الضحى في يسمعه كان ما الوقت ذلك في منهم يسمع ال أنه بسبب وهمه حزنه كان وإنما بهذا تقارن ال نحيلة بابتسامة صامتة مشاركة كانت الضحى في لهم مشاركته أن الرغم ونوادر, على

العريض. الضحكلماذا مألت الحسرة قلب الصبي؟ )كيف كان يقضي أخو الصبي وأصحابه وقت العصر؟(

بالشيوخ يتندرون العصر شاي حول سيجتمعون وأصحابه أخاه أن يعلم ألنه وحزنا حسرة قلبه امتأل وقد يستعيدون ثم المنتظم الهادئ )يبدءون( حديثهم سيستأنفون ثم للراحة ركنوا إذا ويضحكون والطالب

)دالئل كتاب عبده( في )محمد للشيخ المساء درس يعيدون مناظرين, ثم مجادلين الظهر درس من بعضالكريم. القرآن تفسير عليهم يلقي اآلخر البعض األسبوع, وفي أيام بعض في يلقيه اإلعجاز( والذي

في رأيه من يحفظون القول( وما من الطرفة وهي )م/ نادرة ونوادره الشيخ األستاذ حول يتحدثون وكانوا عليه, والمعترضين له السائلين على بها يرد التي أجوبته من يحفظون فيه, وما الشيوخ وآراء الشيوخ

الطالب. زمالءهم منهم ويضحك فيفحمهم

ما أثر حديث العصر على الصبي؟ ولماذا حرم من هذه المتعة؟محبا الحديث, وأصبح هذا إلى مغرما( متشوقا مولعا )محبا كلفا الحديث لهذا محبا الصبي أصبح لقد

يمله وال ومساءا صباحا شربه ويتمنى له محبا أصبح منه, فقد كوبين أو كوب إلى بالحاجة يشعر للشاي) القدر(. النصاب منه يستكمل حتى

الربع, في أخرى غرفة في الشاي ويشربون ويدرسون يتناظرون الطالب كله, ألن هذا من محروم ولكنه يطلب أن يستطيع ال أنه سنه, كما وصغر عماه بسبب كله هذا من شيء في يشاركهم أن يستطيع ال وهو الشيوخ )نوادر العقل )الشاي( ولذة الجسم بلذة ليستمتع مجلسه بالحضور اإلذن الشاب أخيه من

الطالب(. ودروسالصبي يستحي أن يطلب من أخيه مرافقته

يطلب أن إليه شيء أبغض ألن أصدقائه مع مجلسه في مرافقته أخيه من يطلب أن الصبي يستطع لم عقله حاجة ويكتم نفسه ملك أن عنف, ففضل أو برفق أخوه يرده أن خشي أنه ما, كما شيئا أحد إلى

للشاي. وجسمه لالستماع للعلم, وأذنهما الذي يزيد من ألم الصبي ويضعف مقاومته؟

59

هذا في الشديدة رغبته نفسه في وأذنه( ويكتم وعقلية ) جسمية المتعددة حاجاته الصبي يقاوم كان لقد ويشعر يضعف يجعله مما البعيدة األصوات إليه يوصل كان مفتوحا أخوه تركه الذي الباب كله, ولكن

ذلك. تحقيق قدرته لعدم يحب, واأللم فيما بالرغبةأصوات من الباب المفتوح, وأثرها على الصبي

أصوات إليه يضحكون, ويصل وهم وأصحابه أخيه أصوات المفتوح الباب هذا من الفتي إلى يصل كان لقد النار. ليشعل الحطب يحطم الشاي صاحب بأن تنبئه مصمتة

ما واليأس األمل من نفسه في والرهبة, وتثير الرغبة نفسه في تثير إليه تصل التي األصوات هذه وكانت وحزنا. بؤسا قلبه ) يعذبه( ويمأل يضنيه عليه( وما )يشق يعنيه

ما الذي يزيد من حسرة الصبي؟الوصول من تمكنه قليلة خطوات ولو مجلسه من التحرك يستطيع ال أن وحزنه حسرته من يزيد كان لقد

متمهال, ولكنه يقطعها أن ويحفظها, ويستطيع يعرفها كان الطريق, بل يعرف ال ألنه ذلك للباب, وليس ) يخشى( أن يشفق الخطا, وكان مضطرب متمهال يسعى وهو فيراه المارة أحد يفاجئه أن يستحي كان

يتبلغ كان التي الطعام من شيئا أو أداة أو كتابا ليأخذ آلخر وقت من يحضر كان الذي الشاب أخوه يفاجئه؟ تريد أين إلى خطبك؟ ما بها( فيسأله جوعه )يسد الشاي أثناء بها

حسرة. على حسرة ويزداد مكانه في يبقى أن الخير من أنه ورأى والعافية السالمة فآثرشوق الصبي للبيت والريف

يتذكر كان الريف, فقد في منزله إلى الحنين حسرات منها وكان الصبي على تزداد الحسرات أصبحت على ويقص إخوته مع يمزح مجفف, ثم خبز بكسرة يتبلغ ثم يعلب ما فيلعب الكتاب من يعود كان كيف ج/ حوانيت( الشيح )دكان حانوت إلى البيت خارج ينطلق يومه, ثم في الكتاب أنباء من أحب ما أمه

الرجال من المشترين ألقوال مستمعا متندرا متحدثا هناك محمود, فيجلس الحاج وأخيه الواحد عبد محمدالريف. وطرفة سذاجة من فيها بما والنساء

الكتب. من كتابا له يقرأ أو إليه فيتحدث الحانوت صاحبي بأحد الصبي فيخلو المشترون قل وربمالبيته عليه( المالصقة يجلس مرتفع غير )بناء المصطبة إلى ويتجه ذلك عن يعدل األحيان بعض في وكان

صالة حتى العصر صالة بعد من تعقد كانت والتي أصحابه مع الشيخ أبيه ) منصتا( ألحاديث مطرقاالمغرب.

الوعظ, أو كتب من كتابا ومعه الكتاب رفقاء أحد عليه أقبل إذا بيته من يخرج ال األحيان بعض في وكان أو الغربة أو بالوحدة الريف في يشعر يكن المغرب, فلم صالة حتى له المغازي, فيقرأه قصص من قصة

الشاي. أكواب من لكوب يتحرق يكن لم الحرمان, بل أو الجوعصوت مؤذن العصر يصف الحسرات عن نفس الصبي

عنه يصرف الذي بيبرس مسجد في العصر مؤذن صوت يأتيه حتى حسراته في يغرق الصبي كان لقد الريف. في المسجد مؤذن بصوت يذكره منكرا صوتا كان الحسرات, ولكنه هذه من الكثير

مئذنة إلى يصعد ما كثيرا القرية في كان القاهرة, فقد في به له يسمح ال بما له يسمح الريف في ولكن منه. بدال يؤذن األحيان من كثير في كان بل األذان بعد الدعاء المؤذن ويشارك المسجد

ويعرف ) يختبر درجها يبل ولم مئذنته طريق يعرف مطلقا, وال إليه يذهب فلم بيبرس مسجد أما فيها؟ يصعد بمن تضيق الريف كمئذنة هي أم فيها للمصعد تستقيم هل يعرف درجاتها( أبدا, وال

شديدة )أمور ثقاال أهواال طالبه يكلف العلم أن يعتقد المتصل, وأصبح بالسكون إال يشعر ال أصبح ولذلك هول(. /م خطيرة

سكون الصبي ونوم العصرمكانه, في خفيفا( وهو نوما )ينام فيغفوا باإلجهاد وشعور الصبي لتعب سببا المتصل السكون هذا كان لقد

على مذعورا إال ينتبه مجلسه, وما في فيستلقى لطويل للنوم نفسه يسلم أن إلى األمر وصل وربماالعشاء. طعام له يقدم شأنه عن يسأل إليه جاء أنت؟( وقد أنائم ) موالنا له يقول وهو أخيه صوت

مم يتألف طعام عشاء الصبي؟الطحينية, الحالوة من قطعة أو الرومي الجبن المسمى الجبن من وقطع رغيف أخوه له يحضر كان لقد

اإلمام. األستاذ درس ليحضر األزهر إلى ينصرف ثمذلك. عن أخوه يسأله يكن ولم األحيان بعض في الطعام من يقلل فإنه أخيه مع أكل إذا الصبي وكان

فيه يرغب لم وإن حتى شيئا منه يترك ألخيه, فال إرضاءا كله فيأكله عليه يقبل فإنه بالطعام خال إذا ولكنه أخيه نفس في يثير أن يبغض كان الحزن, وقد أو المرض به فيظن الطعام من شيئا أخوه يرى أن مخافة. أوالهم القلق

صوت مؤذن المغربقد الليل أن يعلم ألنه واأللم بالوحدة واإلحساس الوحشة نفسه في يثير المغرب مؤذن صوت كان لقد

. مطفأ المصباح به( وأن )تحيط تكتنفيه أخذت قد الظلمة عليه,وأن أقبل60

المصباح. فيضيئوا الغرفة في معه المبصرين بعض أن لو يتمنى كان وقدما حاجة المكفوف للمصباح ليال؟

الغروب وقت بأن يشعر كان النور, ولكنه أو المصباح إلى يحتاج ال المكفوف أن خطأ يظنون المبصرون وحدته. في له ومؤنسا جليسا أضيئ إذا المصباح في والنور, ويجد الظلمة بين غامضة تفرقة يفرق كان

ما أثر الظلمة في نفسه؟ ومن أين خرج هاذ األثر؟المضطرب. حسه ومن الناشئ عقله من نفسه إلى خرجت أنها وحشة, يبدو الظلمة في يرى كان لقدهذا الشيء. كان بعض غليظ صوت انه إال البعوض طنين كأنه أذنيه يبلغ صوتا للظلمة يجد كان ولقد

وقلق( ) فزع روعا فيمأله قلبه وصل فيؤذيهما أذنيه يصل الصوتالذي الصوت لهذا نفسه يديه, ويسلم بين رأسه ويخفي ركبتيه على بمرفقيه ويعتمد القرفصاء فيجلس

يوقظه. كانقارن بين سكون العصر وسكون العشاء

اليقظة إلى يضطره كان فقد العشاء سكون العميق, أما النوم أو الغفوة إلى الصبي يأخذ العصر سكون والفزع. والقلق

أصوات أخرى في الغرفةتفزعه التي األخرى األصوات من الكثير هناك قليل, ولكن بعد فيألفه الظلمة صوت [أنس الصبي كان لقد

الشقوق بها وكثرت العهد عليها طال أنها أي األوقاف غرف من الغرفة هذه أن عرف وتروعه, فقدالحيوانات. المختلفة, وصغار الحشرات طوائف الشقوق هذه وسكنت

وتأتي ضئيلة أصواتا تبعث الشقوق من تخرج الليل أقبل ما إذا الصغيرة والحيوانات الحشرات هذه وكانت وأضاء أخوه أقبل فزعا, فإذا الصبي قلب يمأل ما البطيئة والحركات السريعة الخفيفة الحركات من

تكن. لم كأنها األصوات هذه انقطعت المصباحرأيه( ويظن ) يحقر رأيه فيسفه المصباح له يضيء أنه من ويطلب ألخيه ذلك يذكر أن يخشى كان وقد

نفسه. في ويكتم العافية يؤثر فكان الظنون وشجاعته بعقلهصوت مؤذن العشاء

يأس يتبعه قصيرا أمال نفسه في يثير فهو الصبي نفس على طيب أثر العشاء مؤذن لصوت كان لقد ليضيء قريب عما سيأتي أخاه عبده, وأن محمد الشيخ األستاذ درس بانتهاء ينبئه الصوت طويل, فهذا

الصبي وحدة به يطرد األنس من شيء الغرفة في فيشيع طعام أو كتب من يشاء ما المصباح, ويأخذوخوفه.

في التف قد أخاه يرى حتى األخ وينتظر وينام به ليلتف ولحفا بوسادة له سيلقي أخاه ان يعرف ولكنه المفتاح ويدير الباب , ويغلق أخرى مرة المصباح يطفئ هادئا, ثم نوما ينام تركه انه اللحاف, ويظن

الغد. درس ويعدون ويدرسوا الشاي ليشربوا أصدقائه إلى ويذهب ويتركهثالث أو ساعتين بعد ذلك كل بعد عودته منتظرا ثانية مرة والفزع للرعب أخاه ترك أنه الشاب يعلم وما

الهانئ. النوم في استغرق قد أخاه أن يظن وهومتى يطمئن الصبي ويسلم نفسه للنوم؟

أصحابه مع ويدرس يذاكر أن بعد األمر آخر في أخوه إليه يعود حتى والفزع بالخوف الفتي يشعر كان لقد الصبي يحس اآلخر, وهنا هو لينام المصباح أخوه يطفئ حتى يطمئن يكن نائم, ولم الصبي أن يظن وهو

نومه. بلحظة يشعر أن دون النوم بلذة وينعم فينام مطمئنا هادئا تفكيره ويصبح والدعة باألمن

61

الحاج علي و شباب األزهر الفصل الرابعمن ويأمن يأنس يكن والوحشة, والخوف, ولم بالغربة يشعر وقته معظم وحيدا الغرفة في الصبي عاش

ليال. األزهري, وخصوصا الشاب أخيه وجود في إال الخوفالليل من األخير الثلث في يزول الغرفة في معه أخيه بوجود الصبي به يشعر الذي األمان هذا ولكن

الغريبين. الصوتين هذين بسببالصوتان الغريبان

والفزع الخوف ) يرجعانه( إلى يردانه غريبين صوتين على الصبي يستيقظ الهادئ اآلمن النوم هذا بعد فيهما, وهما... التفكير في نفسه شيء, فأتعب عنهما يعلم يكن لم أخرى, ألنه مرة

عنيفا. ضربا األرض تضرب غليظة عصا صوتنحيف, هو وال غليظ هو ومترنما(, ال صوته ) مرددا مرجعا ) متقطع( مضطرب متهدج إنساني وصوت

غريبا. طويال مدا ذكره ويمد ويحمده ويسبحه الله صاحبه يذكرتلك صوت إال يقطعه الهادئ, وال الساكن الليل في والقلق االضطراب ينشر الثاني الصوت هذا وكان

الغليظة. العصاشيئا يبتعد( ويضعف والمقصود ) يميل ينحرف قليال, ثم قليال منه يقترب الصوت الصبي يسمع كان وقد

الطريق, ثم له واستقام الربع سلم صاحبه نزل ان بعد ووضوحا قوة يزداد ينقطع, ثم يكاد فشيئا, حتىيختفي. حتى يضعف

أثر الصوتين على الصبيالتفكير في نفسه مرة, وأتعب أول سمعهما حين الصوتين هذين بسبب وفزع( الصبي ) خاف ارتاع لقد

أصحابه وال أخيه سؤال على يجرؤ يكن شيء, ولم إلى يصل لم مصدرهما, ولكنه عن والبحث فيهمامعه. أخيه بوجود به شعر الذي أمانه األول, يفقد األسبوع طوال الحيرة هذه في استمر عنهما, ولذلك

أثر صوت مؤذن الفجر في نفس الصبييقول وهو الفجر قبيل الفجر مؤذن صوت يسمع حينما إال واألمن الطمأنينة إلى الصبي يعود يكن ولم

عنف في أخوه يهب نومه(, بينا مكان من )قام رفق في نومه من يهب النوم", وهنا من خير "الصالة درس أحدهما ليأخذ األزهر إلى متوجهان الربع سلم على يكونا حتى لحظات إال هي وقوة, وما وسرعةاألصول. درس واآلخر الحديث

ليلة الجمعة والصوتان الغريبان

62

الصوتين, هذين من وقلق فزع وفي الليل من األخير الثلث أول في كالعادة واستيقظ الجمعة ليلة جاءت أخوه يقم ولم مترفقا يقم لم اليوم هذا في كالعادة, ولكنه الفجر مؤذن صوت مع الطمأنينة إليه وعادت

األزهر. في دروس الجمعة يوم في لهما يكن عجال, فلم عنيفا نومه منأثر الصوتين على أخي الصبي الشاب األزهري

يتأثر يعد لم أنه حتى عليهما تعود انه قبل, ويبدو من يسمعهما لم كما يسمعهما ولم الصوتين فيه يؤثر لم مطلقا. بهما

ماذا فعل الصبي في ليلة الجمعة؟لصالة أخاه يوقظ أن الحركة, وأشفق عن عاجز السكون )كارها( لهذا ضيق فراشه في الصبي لبث

لطف في تحرك رأسه حرارتها لفحت إذا الغرفة. حتى في الشمس ضوء وانتشر وقتها فات حتى الفجرنومه. من أخاه توقظ عنيفة حركة يتحرك أن ويخشى عنها بعيدا

كيف كان الصوتان في الصباح؟أنهما وذلك الصوتين أمر من الصبي تعجب الضحى في أصبح الغرفة في أشعتها الشمس نشرت عندما

) ضعيفا فاترا اإلنسان صوت كان الصباح الليل, ففي في عليه كانا ما غير الصباح من الوقت هذا فييسيرة. مداعبة ) تالعب( األرض تداعب فكانت العصا هادئ, أما حلو( رفيق

في قويا, ويكونان عنيفا السكون فيه يجب الذي الليل في الصوت يكون كيف عجب في نفسه يسأل وبدأ رفيقين. هادئين واليقظة النشاط حيث الصباح

الحاج علي يوقظ الطالب: )كيف يستقبل الطالب والحاج علي يوم الجمة؟(إليه بأقربهم مبتدءا أبوابهم بطرق الرزاز علي الحاج النوم, فقام في غرقى الطالب ومازال الضحى ارتفع

تنامون! متى هؤالء, أفيقوا! إلى يا " هلم قائال يصيح الصبي, وهو أخي غرفة إلى ينتهي حتى عنف في الصالة يؤدون الضحى, ال يرتفع حتى ينامون علم الضالل! طالب من بالله أعوذ الكفر من بالله أعوذ

الضالل" من بالله أعوذ الكفر من بالله أعوذ هؤالء يا لوقتها, هلمأثر صياح الحاج علي على الطالب وأخي الصبي

ألخرى, أما غرفة من ويتبعونه يضحكون حوله من فيلتفون يصيح وهو الطالب الرزاز على الحاج يوقظ يغرق ساكنا ظل فقد مكانه من يتحرك لم ولكنه علي الحاج صياح على أمره ألول هب فقد الصبي أخو وال يتصل أن ويتمنى منه ويستزيد يسمع ما يحب ممسوك(, كأنه ) مكتوم مكظومة مكتومة ضحكات في

ينقطع.الباب, فاندفع له وفتح يضحك وهو مكانه من الفتى قام الصبي أخي غرفة إلى علي الحاج وصل ولما

الشيطان من أعذنا األذى عنا اصرف اللهم الضالل من بالله أعوذ الكفر من بالله أعوذ يصيح الرجلضالال؟!" أم هدى شيوخكم على كفار؟! أتتعلمون أم أنتم الرجيم, أمسلمون

الحاج أن عرف يفزعانه, فقد كانا اللذين الغريبين الصوتين مصدر عرف اليوم ذلك في فإنه الصبي أما األبواب ) يطرق( بها يقرع التي العصا تلك الليل, وأن سكون في يضطرب الذي الصوت صاحب هو علىاألرض. تقرع كانت التي العصا هي

من هو الحاج علي الرزاز؟والعقلية الجسدية بقوته يحتفظ عمره, ولكنه من السبعين إلى وصل كبير شيخا كان :لبق. ظريف ماهر ماكر كان العقلية, فقد قوته عن أماال كالمه وفي حركته في عنيف البنية متين النشاط شديد القامة معتدل الجسدية, فكان قوته عن وإما

دائما. صائح صوته, فهو يخفت وال الهمس يعرفما سبب تسميته بعلي الرزاز؟

عن أعرض السن به تقدمت لما الرزاز, ولكن بعلي عليه أطلق ولذلك لألرز تاجر علي الحاج كان لقد عنه. الجارة أعرضت أو التجارة

وظرف, وكان وصراحة وعنف قوة من أهلها به يتميز بما واحتفظ فيها ولد حيث اإلسكندرية أهل من وهو هذا األزهر( في ) طالب المجاورين مع المال, فسكن عليه( بعض ) يدر عليه يغل القاهرة في بيت له

الرزاز(. علي ) الحاج وهو فارس من ورجالن غيرهم يسكنه يكن لم الذي الربععالقة الحاج علي بالطالب

بنوادره الطالب أنظار يلفت أن استطاع حتى الربع آخر في غرفته في علي الحاج استقر أن منذ × المكدرة( اتسمت ) الصافية النقية المتينة المودة وبينهم بينه ( فاتصلت ) أعجبوه وراقوه فأضحكهم

(. ) االحتراز التحفظ بعض مع والرقة بالظرفما سبب هذا التحفظ؟

بدأ يحبهم, فإذا جعله واللهو, مما العبث عن وبعدهم للعلم حبهم الطالب عن علي الحاج عرف لقد يشاركهم أن في عليه وألحوا إليه هم سعوا إذا إال يعرفهم ال كأنه إليهم يسعى وال يعتزلهم كان األسبوع

الشاي. شراب أو طعاما63

الحاج علي ويوم الجمعةيرتفع راحتهم( حتى يقلق )لم راحتهم وبين بينهم يخل ) ينتظرهم( ولم يمهلهم لم الجمعة يوم جاء فإذا

والراحة. النوم من يحتاجون ما أخذوا أنهم الضحى, ويتأكدأيقظه( نبهه من ومعه الغرف سائر إلى ينتقل ثم وضجيج عنف في فيوقظه إليه بأقربهم يبدأ وعندئذ (

راحتهم يوم يستقبلون حوله من الطالب, والشباب بقية أيقظ كما فيوقظه الصبي أخي بغرفة ينتهي حتىلهم هي ابتسمت كما للحياة مبتسمين مبتهجين )الجمعة( فرحين

طعام الجمعةأو غرفته في لهم يعده وقد اإلفطار طعام عليهم فيقترح طعامهم تدبير عن المسئول هو علي الشيخ كان

طعام إلعداد يصنعوه أن يجب بما عليهم ويشير العشاء طعام عليهم يقترح كان أحدهم, كما غرفة فييعوج. أن يمكن ما )يصلح( منه ويقوم إعداده على يشرف كان العشاء, كماإفطار الجمعة

دسم غزير إفطار إلى يجتمعون الصديق, فكانوا الشيخ ولهذا الشبان البطون, لهؤالء يوم هو الجمعة يوم كانت مما ادخروها التي الجافة الفطائر بعض مع والبيض وتكوينه(الفول ونظامه صاحب, قوامه)عماده

به. تزودنهم أمهاتهمالفطير والشباب واألسرة

ليبله بالشاي أفواههم ويعبئون قضما اإلفطار, فيقضمونه في يأكل لذيذ طعام للشباب الفطير كان لقد من يضحكون الرزاز, وهو علي الشيخ يوصيهم كان كما الشاي في يغمسونه بلعه, أو عليهم ويسهل أجل من والدموع ) اإلرهاق( والتعب الكد وتحملهم أمهاتهم أو آلبائهم تذكر دون علي الحاج دعاباتلهم. تحضيره

الفرح, تتكلف وهي وتهيئته صنعه على األم تعين التي النقود لكسب يجتهد األب كان فقد لآلباء بالسبة أما القاهرة. في االبن إلى به يذهب لمن تسلمه وهي المنهمرة ودموعها تعبئه وهي الصامت حزنها رغم

الفطير. أكل على الشباب هؤالء تهافت رأى كلما اآلباء مشاعر يذكر كان ما فكثيرا الصبي أماطعام العشاء

الثالثة أو )اللقاء( الثانية الدورة في بينهم فيما يتشاورون حقا, فهم مثير العشاء طعام تدبير كان لقد الطعام ألوان من لونين يخرج( عن )لم يشذ لم العشاء هذا كان بسيط, فقد سريع تشاور للشاي, ولكنه

والطماطم اللحم من خليط في القرع والبصل, وإما والطماطم الحم من خليط في البطاطس أما وهماالحمص. من وشيء والبصل

إعداد طعام العشاء الشيخ إال حصته منهم كل يخرج ثم ثمنها يقدرون ثم األشياء هذه من يشترون ما أقدار على يتفقون كانوا

الطعام, لشراء فيذهب )المال( ألحدهم النقد هذا يدفعوا الغرامة, ثم هذه من يخرجونه كانوا الذي على /ج/ الملتهبة ) جمرته جذوته صفت إذا حتى البلدي الفحم من ناره فأوقد موقده إلى أحدهم نهض عاد وإذا

وهم ينتظرونه الذين البقية إلى وينضم يتركه ثم النار على ويضعه يهيئه الطعام على جذي( أقبل جذاء الطعام, على ليطمئن واآلخر الحين بين نفسه يخطف الطاهي وهذا يدرسون أو علي الحاج إلى جلوس وبدأ عليه اجتمعوا الطعام نضج لهم تم جيدا, فإذا ليعده آلخر وقت من النصائح عليه يلقى علي والحاجألحد. ظلم دون بالعدل الطعام بينهم يقسم علي الشيخ

معركة الطعاماجتمعوا ذلك تم المغرب, فإذا قرب ينضح الطعام أن حتى البال طويلة بطيئة البلدي الفحم نار كانت لقد

إلى يسبقوه أن خوفا أصحابه يراقب الطعام, وكلهم من نصيبه يستوفي ألن يسعى منهم وكل المائدة إلى ولكن الحرص هذا منه يظهر أن يستحي فالكل ذلك ويظلموه( ومع عليه ) يجوروا عليه يشنطوا أو شيء جميعا يراقبهم حرصهم, فكان عن صراحتهم, وتكشف عن تغني التي بصراحته يفضحهم كان علي الحاج

منبها كعادته صاخبا ذلك يعلن اآلخر, فكان على أحدهم يجور ال حتى بالعدل بينهم الطعام يقسم وهو وعلى نفسه على يسرف أنه إلى آخر لحم, ومنبها بقطعة البطاطس قطعة عن نفسه يخدع أنه أحدهم هزل في كلماته يطلق جامده, وهو أو الطعام سائل من الغليظة اللقمة هذه في يغترف فيما أصحابه

حياءهم. يؤذي أو يجرحهم أن دون ويسليهم يضحكهمالصبي ومعركة الطعام

تقدمت عندما ولكنه وخجال انقباضا يحس فإنه العشاء طعام حول الشباب مشاورة سمع إذا الصبي كان نفسه. من وتعجبا لذكراه بحنان أحس السن به

ال يحسن ال يده حركة في النفس )خائف( مضطرب وجال خجال بينهم يجلس كان فقد الطعام أثناء أما ( تلحظه عيونهم أن يظن فمه, وهو في يضعها أن أو طبق في يغمسها أن أو خبز لقمة يقطع يجيد( أن على المرق فيسقط واضطرابه الرتعاشه ذلك علي, فيؤدي الشيخ عين إليه( وبخاصة وتنظر ) تراقبه

ثوبه.64

كانوا أنهم ذلك على وضحكاتهم, ويدلل بأنفسهم عنه شغل في كانوا الشباب هؤالء أن يظن الصبي ولكن وخجال. اضطرابا يزيده مما يده إليه تصل ال ما له يقربون غنه بل الطعام على ويحرضونه فيه يفكرون

ما أثر هذه المعركة على نفس الصبي أثناء وبعد العشاء؟يده يجعل مما والخجل باالضطراب يشعر فكان لقلبه واحزن ألم مصدر المعركة هذه كانت العشاء أثناء

ما كثيرا كان حيث وسرور تسلية مصدر كانت فقد العشاء بعد مالبسه, أما علي الطعام ويسقط ترتعشالشباب. هؤالء يفعله ما وتذكر بنفسه خال إذا المعركة هذه على يضحك

أثر هذا الطعام على فقراء الربعطعام صنع فقرهم( عن ) يمنعهم أيديهم تقصر ما والعمال الزمالء من الربع هذا في كان أنه الصبي يظن

من العمال الرجال هؤالء على ينقلب كان الحرمان هذا أن كذلك ونساءهم, ويظن ألوالدهم أو لهم مماثل لذيذا ألما أو مؤلمة لذة الروائح لهذه يجدون كانوا المحرومين هؤالء أن يظن ثقيال, بل هما نسائهموحرمانهم. لفقرهم

صفات الحاج علي الرزازالثلث في والتهليل بالتسبيح يومه يبدأ كان انه والروع, وذلك ) يتصنع( التقوى يتكلف كبيرا شيخا كان لقد

األرض مداعبا مغمغما يرجع الحسين, ثم سيدنا مسجد في جماعة الفجر يصلي الليل, ثم من األخيروالتسبيح. والقراءة بالتكبير جاهرا غرفته في أداها الصلوات بقية وجبت فإذا غرفته في ويظل بعصاه

نكتة وأعظمهم خاطرا الناس أسرع كان شاي أو طعام على الشباب من أصحابه إلى خال إذا وكان في يتحفظ الغيبة, ال في إغراقا الناس, وأعظمهم لعيوب تتبعا وأشدهم دعابة وأخفهم لسانا وأطولهم

والمعاني واأللفاظ البذاءة في غارقا األلفاظ, فكان أشنع حتى أو نابية كلمة يخرج أن يتحرج وال قط لفظهالقبيحة. والصور

الشباب وأخالق الحاج عليالعلم جد من ويريحهم الدر أطوار من يخرجهم كان اللهو, كأنه لهذا على الحاج يحبون الشباب كان

لم أنفسهم, بل إلى يخلون كانوا ) يدخلوه( حينما يلجوه أن لهم ليس اللهو من بابا لهم والدروس, ويفتححساب. القبيح( بغير )كالمه هراءه عليهم فيصب على الحاج إلى يجلسون كانوا حينما ذلك يستطيعوا

لم ذلك الضحك, ورغم وتتقطع( من ) تنشق تنقد جنوبهم تكاد حتى له ويضحكون منه يسمعون فكانوا بذلك يستمتعون كانوا النابية, فقد ألفاظه من لفظا الفاحشة( أو )القبيحة البذيئة كلماته يعيدون يكونواالقبيح. اللهو ذلك من يقتربوا ان ظروفهم لهم تسمح وال ) يسحون( ألنفسهم يبيحون بعيد, وال من اللهو

اختلف الشباب عن كثير من زمالئهم فكيف كان ذلك؟أنهم إال الفاحشة وألفاظه بذاءته من ويضحكون علي للحاج يسمعون الشباب أن صحيح بشدة النفس فيها( ومعاملة والتحكم ) إمساكها الشهوات بكظم وأقرانهم زمالئهم من غيرهم عن امتازوا

سقط التورط) الوقوع( فيما عن ينبغي( وتردهم )كما وجهه على درسهم في المضي من تمكنهم وقسوةاألخالق. ) يضعفه, ويكسره( ويفسد العزم يفل الذي السهل العبث من زمالئهم من الكثير فيه

موقف الصبي من هذه الدعابات الفاحشةهذا مع والجد العلم طلب لهم يجتمع كيف نفسه ويسأل وستعجب كله لذلك يسمع الصبي كان لقد

وال تحفظ غير فيه( في النفس )ألقاء السخف على والتساقط الهزل الشديد( على ) اإلقبال التهالكحيطة

يسير أال ذكاءهم )يعظمهم( ويقدر يكبرهم الذين الشباب هؤالء سن إلى وصل ما إذا أنه نفسه وعاهد تساقطهم. يسقط وأال سيرتهم

وفراق نهاية :الحياة هذه في الشباب( الصبي سن ) وصل وشب الشيخ هذا مع طويلة أعواما سعادة في الجميع عاش

واألسى. األلم أسباب من يعترضه كان مما الرغم على علي الحاج بفضل الضاحكةزياراتهم وقلت المدينة أطراف في واستقروا الربع وجهته, وتركوا إلى منهم كل وذهب الجميع تفرق ثم

انقطعت. ثم للشيخموت الشيخ على الرزاز

إلى يصعد لم حزن ولكنه جميعا له الشيخ, فحزنوا نعي الجماعة هذه أفراد أحد حمل األيام أحد وفي الصبي ألخي دعاء هو يحتضر وهو الشيخ به نطق ما آخر أن وجوههم, وأخبر حتى وال عيونهم

حنانا إلى موته بعد تحول ذلك أن إال الصبي نفس على الثقيل ظله من الرغم الرجل, فعلى هذا الله فرحم له. للرحمة وطلب عليه

65

اإلمام محمد عبده واألزهر الفصل الخامسالشاب الفكاهي )ساكن الغرفة(

فكاهة مصدر كان مجاور شاب السلم صاعد وأنت شملك على غرفة في الشباب بجوار يسكن كان الطالب. لهؤالء ودعابة

صفات الشابالصوت نحيف وطبقاتهم, وكان جيلهم من ولكنه األزهر في منهم وأقدم قليال منهم أكبر الشباب كان

منه. لتضحك تسمعه أن يكفي بحيثمحصور, فلم محدود كان عقله رأسه, ألن في العلم يستقر ال بحيث العقل ضيق الذكاء قليل وكان

)تنوعها(. اختالفها على الكتب في يقرأه كان ما وراء ما إلى ينفذ أن يستطعتصنع(, تكلف غير في كبير مستقبل في يطمع نفسه من واثقا كان فقد ذلك ورغم(

دروس الشابيحضر الدروس, فكان )ترددون( من إليه يختلفون ما أكثر معهم يعيش الذي أصحابه يشارك الشاب كان

الفقه, ألنه أصول درس يحضر يكن لم عبده, ولكنه محمد الشيخ األستاذ ودروس والبالغة الفقه درس/ج( أضناء(. بها)بخيال ضنينا الراحة يؤثر كان الفجر, ولكنه مع غرفته من يخرج ) يلزمه( أن يقتضيه

الشباب وكتب ومناهج األزهرومناهج كتب في عبده محمد األستاذ بآراء ذلك في األزهر, متأثرين بكتب يضيقون الشباب هؤالء كان

والبالغة النحو في قيمة كتب أسماء على بيته في زاروه أو درسه حضروا كلما يدلهم كان األزهر, الذي. واألدب والتوحيد

موقف الطالب من الكتب التي يدلهم عليها األستاذ محمد عبدهكانوا أنهم ذلك, حتى استطاعوا إذا كتب من يذكر ما شراء إلى يسرعون الطالب وكان هذه استعاروا األمر عليهم تعثر الكتب, فإذا هذه ثمن تدبير في شديدا بالغة, وحرمانا مشقة يتحملون

فهمها. على ويتعاونون يدرسونها عليها وأقبلوا األزهر مكتبة من الكتبالشيوخ وآراء األستاذ محمد عبده في الكتب

لها بعضهم بغض اشتد يألفوها,وربما لم األزهر, ألنهم شيوخ من )مكروهة( لكثير بغيضة الكتب هذه كانت عبده. محمد األستاذ وعظمها( هو ذكرها من ) رفع بها نوه الذي أن لمجرد

طالبه يدل كان من عبده محمد لألستاذ )المشهورين( المنافسين األعالم الشيوخ من هناك كان ولكن أيضا. أخرى قيمة كتب على

حب وغرور الشباب

66

ورغبتهم اإلمام لألستاذ الصادق حبهم ذلك في يدفعهم الكتب هذه شراء مشاق الشباب هؤالء تحمل لقد تالميذ من أنهم زمالئهم بين يفخرون كانوا الشباب, فقد غرور ذلك إلى دفعهم واالطالع, وربما العلم في

راضي. والشيخ خطوة أبي والشيخ بخيت والشيخ عبده محمد األستاذالمقربين التالميذ من هم بل األعالم هؤالء لدى تالميذ مجرد ليسوا بأنهم فخرا أفواههم يمألون كانوا بل

المصطفين.

دلل على صدق حب هؤالء الطالب ألساتذتهم وللعلم.في شيوخهم يزرون كانوا األعالم, بل الشيوخ لهؤالء األزهر في الدرس بحضور الطالب هؤالء يكتف لم

صالة بعد الخميس يوم في خاصة دروسا منهم يستمعون البحث, وربما بعض في شاركوهم بيوتهم, وربماالعشاء. صالة بعد أو الظهر

أثر هذا الحب على الطالببين االمتياز من لشيء وصولهم في األثر أكبر الطالب هؤالء من االجتهاد وهذا المعاملة لهذه كان لقد

ذلك أجل السعيد, ومن )أجدرهم( بالمستقبل وأخلفهم طالبه أنجب أنهم كله األزهر عرف زمالئهم, حتى أنهم عنهم يعرف حين التفوق, واالمتياز يلتمسون الذين الطالب )المتوسطون( من األوساط إليهم سعى

واألساتذة. والعلماء الشيوخ كبار من للتقرب الوسيلة بهم وأصفياؤهم, ويلتمسون أصدقاؤهماألوساط: من صاحبنامنهم, واحد انه زمالؤه ليقول الشباب بهؤالء األوساط, اتصل الطالب الغرفة( من )ساكن صاحبنا وكان

بخيت الشيخ أو اإلمام لألستاذ زياراتهم في يصحبهم أن وليستطيعأثر هذا الغرور واالمتياز على هؤالء الطالب

هؤالء قبول عليهم يهون كان االمتياز, كما من النوع هذا الجماعة هذه إلى يحبب الشباب غرور كان هؤالء )يقدروا( على يحصوا أن لهم يتيح كان وأوساطهم, كما الطالب ضعاف من العلم في الطفيليين السخافات هذه ذكروا بعضهم إلى خلوا إذا ثم الشنيعة وأغالطهم وجهاالتهم سخافاتهم الطفيليينمنها. وضحكوا

كيف تعرف صاحبنا على هذه المجموعةثم زارهم حتى منهم ) يقرب( نفسه يدني بدأ ثم الدروس بعض خالل من عليهم تعرف أنه الظن أكبر

والشاي الدرس في يشاركهم منهم واحدا بجوارهم, وأصبح غرفة لنفسه فاتخذ وجوارهم الربع أعجبه)اإلفصاح(. واإلبانة واإليضاح والفهم العلم في فيشاركهم قط عليه الله يفتح لم والزيارات, ولكنه

حال الشاب الطفيلي )صاحبنا( غليهم, فإذا خال إذا نفسه يقتر) يبخل( على ماال, وكان منهم يدا, وأكثر منهم أوسع الشاب هذا كان لقد

أو عاجل دين أداء أو كتاب لشراء المال إلى حاجة بهم رأى وأنفق, وإذا نفسه على وسع بأصحابه اتصلوتلطف. رفق في المال من يحتاجون ما لهم يقدم كان ملحة حاجة قضاء

كيف قابل هؤالء الشباب إحسان صاحبنا؟في جهله من فضحكوا أنفسهم يملكوا لم جهله, وربما يطيقون يكونوا لم ولكن هذا له يشكرون كانوا

راضيا ذلك يقبل كان )االحتقار( القاسي, ولكنه االزدراء من كثير فيه عنيفا ردا عليه وردوا حضرتهقدره( من )الحط منه والغض له ازدرائهم كثرة على يوما منهم يغضب مبتسما, ولم

ساكن الغرفة )صاحبنا( وعلم العروضالشعر(, وجهله موسيقى يدرس علم العروض) وهو بعلم جهله أو علمه به عليه يتندرون ما أجمل كان

نحويا شاهدا لهم ظهر وكلما النحو في كتابا معهم يطالع كان سواء, فقد هما العم بهذا جهله أو وعلمه وتفعيالته الشعر )أوزان الشعر أبحر إلى الشاهد البيت هذا رد إلى أسرعهم يكون /ج/ شواهد( حتى )دليل من البيت كان وإن البسيط, حتى بحر إلى الشواهد جميع يرد ما دائما الشعر(, وكان موسيقى تصنع التيالبسيط. بحر من عنده فهو الوافر أو الطويل بحر

إلى يسرع كان بل البسيط بحر من الشاهد البيت هذا بأن بإعالنه يكتف لم أنه ذلك من غرابة واألشد وزنه. كان مهما البسيط بحر إلى ورده تقطيعه

أثر جهل صاحبنا بالعروض على الطالبالنظر بغض تقطيعه إلى وأسرع البسيط بحر إلى برده أسرع نحويا قضية على شاهدا بيتا ورد كلما كان

ضحك إلى ويدفعهم درسهم الطالب على يقطع كان ذلك, مما غير أم وافر أم طويال البيت وزن عنيتوقف. ال متواصل

فأسرع بحره إلى رده في العجز أظهروا شاهدا لهم ظهر إذا حتى الشاب هذا في الطالب أطمع األمر هذا وزن على تقطيعه في فأسرع البيت تقطيع على العجز فيظهرون األمر يزيدون البسيط, ثم إلى ورده

الغيظ أو الغضب يعرف ال رض باسم بوجه يلقاهم به, وهو واالستهزاء الضحك يستأنفون البسيط, وهنا67

يأس صاحبنا أنه أحس منه, حتى يغضبون وال منهم يغضب ال الحال هذا على طوال سنوات الطالب مع صاحبنا عاش

يتخلف الميدان, فأصبح ذلك في مجاراتهم يستطيع العلم( وال في السباق )ميدان الحلبة تلك من ليس ) الحجج به( والمعاذير ويشتغل اإلنسان به يتعلل ما وهي )م/ تعلة التعالت ويتكلف قليال قليال الدرس عن

دائما. الزيارات ويشاركهم أحيانا والطعام الشاي إال يشاركهم ال /م/معذرة( وأصبحعطف صاحبنا على الصبي

وبدأ الكتب معه يقرأ أن عليه وعرض الصبي هذا على العطف يظهر بدأ والدرس السن به تقدم ان وبعد الغالم الناشئ, وقرأ الغالم هذا مشاركة ند( إلى – /م/ قرن )أمثاله وأنداده أقارنه مشاركة عن يعرض

فارغا الغالم يكن )نفعا( ولم غناء الصبي هذا في يجد لم والتوحيد, ولكنه والمنطق الحديث في كتبا معه من تخلص حتى النهاية في حيله( صاحبنا )تلمس يحبه, فاحتال وال ذلك على يقدر ال والتندر, فهو للضحك

لشانه. ومضى الصبي هذااالرتقاء االجتماعي للشباب

على ألصحابه مشاركا ظل العلم, ولكنه تركه أو العلم ترك أنه رغم األزهر على محسوبا الشاب ظل حياتهم. من االجتماعية الناحية

ورضا وتفوقهم وجهدهم ذكاؤهم ثم عليهم الله فضل الشيء, نتيجة بعض االجتماعية حياتهم ارتقت فقد لهم. وتقريبه عنهم اإلمام األستاذ

أثر هذا االرتقاء على الطالب وصاحبنابينهم الزيارات األزهر, فاتصلت في يدرسون كانوا الذين األثرياء بأبناء الطالب اتصل فقد لذلك ونتيجة

الشعور في اختلفوا حياتهم, ولكنهم ارتقت كما االجتماعية حياته معهم, ترتقي وصاحبهم الشباب وبيناالرتقاء: بهذا

أنه على له نظرتهم كانت به, بل يتمدحوا ولم به يتحدثوا لم وبالتالي االرتقاء بهذا يحسوا لم فالطالب والتفوق. والجهد التعب نتيجة ومألوف طبيعي شيء

تمنى الغبطة منه يستمد وكان المجد كل المجد الزيارات وهذه االرتقاء هذا في رأى صاحبهم, فقد أما( دائما به ويتحدث أحيانا المادية منافعه لبعض صاحبها( والغرور, ويستغله عند من زوالها غير من النعمة

االستماع. يرد لم ومن له يسمع أن أراد من إلىفراق الطالب

ينساهم )صاحبهم( لم الرجل هذا الحياة, ولكن في طريقه منهم كل وأخذ الطالب وافترق األيام ومضت وإن يزورهم آخر, فكان شيء في فليتبعهم العم في تتبعهم عن عجز كان ينسوه, فإن أن لهم يسمح ولمواألثرياء. المنزلة أصحاب عند زياراتهم في ويلقاهم يزوروه لم

فضيحة ساكن الغرفة صاحب الطالبأتباعه وشيعته باألستاذ صاحبنا معروفة, فاتصل سياسة محنة في األزهر من عبده محمد اإلمام خرج (

السياسة ودخلت المحنة هذه من يضطرب األزهر أخذ وشيعتهم, حتى بخصومه اتصل وأنصاره( وكذلك اإلضراب, في وشاركهم بالمضربين صاحبنا السلطتان, فاتصل فيه واختصمت االضطراب ذلك في

كل فتقطعت بالمحافظة متصل أنه وعرف صاحبنا انكشف يوم اسرارهم, وذات مفشيا بخصومهم واتصلعنيفا. قطعا أصدقائه وبين بينه الصالت

ما أثر كشف حقيقة الرجل )ساكن الغرفة( عليه؟قبع أحد, حتى يستقبله وال بيت كل عن يرد فأصبح عنيفا قطعا أصدقائه وبين بينه الصالت كل فتقطعت

فأنفق األزهر درجة عن همته قصرت أنه أحد, حتى يخسره ولم الناس كل خسر بالربع, وقد غرفته فيبمشقة. حياته )ألم( يتكسب مضض على حياته يتحمل وحيدا بائسا خامال حياته

وفاة صاحب الغرفةتلوا حزن, وغنما نفوسهم مس وحزن( وال وجوم)صمت يأخذهم موته, فلم خبر أصحابه جاء يوم وذات

راجعون} إليه وإنا لله {أنا الناس إلينا ينعى حين دائما نتلوها التي اآلية تلكيحاولوا ولم يعرفون ال الحسرة؟ من أم الحرمان من أم علة من مات, أمات كيف بالهم يشغلوا لم كما

يعرفوا. أن

68

انتساب الصبي لألزهر الفصل السادس

تأثر الصبي بالربع )الدار وما حلوه /ج/ أرباع – رباع( ومن فيهتقل ال كثيرة أشياء وأخالقهم والناس الحياة شئون من فيه وتعلم فيه وكبر الربع في الصبي عاش لقد

وتوحيد. ومنطق ونحو فقه من األزهر في تعلمه وقيمة( عما )أهمية خطرامتى بدأ الصبي دروس في األزهر؟

القاهرة. إلى وصوله من ثالثة أو يومين بعد األزهر في دروسه الصبي بدأأستاذ الصبي وسماته

سن في وهو الصيف أثناء األزهر وحصل( بدرجة )نال ظفر جديد أزهري أستاذ إلى أخوه أسلمه وقد حياته. في مرة ألول التالميذ صغار من األستاذ مجلس سيجلس عمره, وكان من األربعين

سمات األستاذ الجديدمن الرغم على الثانية األزهر درجة ونال )قهر( الحظ والتفوق, غلب الذكاء معروفا الجديد األستاذ كان

األولى. الدرجة فقد لما ظلم بأنه شعر كبيرا, وإن انتصارا ذلك وعد رضي لألولى, ولكنه استحقاقهسذاجة, وكان الناس أكثر أصبح العملية للحياة تجاوز العلم, وإذا على محصورا األستاذ ذكاء وكان

هذا سبب يكن لم متهالك)حريص( عليها, ولكن )المتع( المادية للذات بحبه والعلماء الطالب بين مشهورافقط. مزاجه ولكنه دينه أو خلقه فساد الحرص

عناء كلفه وحدا, مما يوما )يفرط( ولو فيه يسرف أو عنه ينقطع أن يستطيع ال للحم محبا األكل كثير وكان كثير. وتعب

يسمعه فال كالمه أثناء الالزم من أكثر شفتاه وتنفرج الحروف يقطع )متقطع( متكسرا متهدجا صوته وكان شفتاه. وانفراج صوته من وضحك إال أحد

ما اسم الدرجة األزهرية التي حصل عليها األستاذ الجيد؟ وما أول شيء فعله؟العالمية. بشهادة األزهر درجة تسمى

69

يتزين األكمام طويل واسع )ثوب الفراجية ولبس فاتخذها العلماء شارة إلى أسرع عليها حصل أن وبمجرد بالدرجة عهدهم يبعد أن بعد إال الشارة هذه يتخذون يكونوا لم العلماء أن من الرغم الدين( على علماء به

الشيء. بعض المادية حياتهم لهم تيسر العلم األقدمية( في األول في )السابقة وقدمه سابقة لهم وتعرف

أثر تسرع األستاذ إلى الفراجيةالعلماء, وزادهم من وأساتذته الطالب من أصحابه الجميع منه فضحك الفراجية ولبس األستاذ تسرع

عنها, عجزا أو فيها منه جوارب( زهدا بدون النعل )يرتدي نعليه في حافيا ومشي الفراجية لبس أنه ضحكا

األستاذ وهيبة العلماءالشارع في مشي إذا العلماء والعظمة( وهيبة والحلم )الرزانة فيه( الوقار ليس بما )يتظاهر يتصنع وكان

ومشى أناته وفارق وقاره وذهب ذلك كل )دخله( نسي األزهر عتبة خطا متباطئا, فإذا متثاقال فيمشي)مسرعا(. مهروال

كيف عرف الصبي األستاذ الجديد؟فعثر مهروال مرة ألول درسه مكان على أقبل األستاذ أن صوته,وذلك يسمع أن قبل رجله الصبي عرف

وأسند مضى تنقطع, ثم أن كادت حتى الصبي يد الخشن بجلدهما قدماه داست يسقط, فقد وكاد بالصبيمعلما. إليه ظهره يسند أن حلم طالما الذي العمود إلى ظهره

منهج األستاذ الجديدكان تعليمها, فقد طريقة على ساخطا األزهرية العلوم في /م/ قرن( بارع ) أمثاله أقرانه من كغيره كان

خالصا, مما محافظا وال خالصا مجددا يكن األعماق, فلم يبلغ لم تأثر عبده, ولكنه محمد باألستاذ متأثراوإشفاق. ريبة العين( في )بمؤخرة شزرا إليه ينظرون الشيخ دفع

كيف حاول األستاذ الجديد التجديد؟نور على الفالح )مراقي كتاب عليهم يقرأ لن أنه لتالميذه أعلن األول درسه يبدأ أن وقبل األول يومه في

في ما بمقدار كتاب من أكثر في الفقه سيعلمهم المبتدئين, ولكنه للتالميذ الشيوخ يفعل اإليضاح( كماكتابته. إلى يحتاجون ما ويكتبوا يفهموا وان له يسمعوا أن منه الفالح(, وطلب )مراقي كتاب

ما موقف الصبي من األستاذ الجديد؟درس في كذلك للفتى, وكان ممتعا قيما درسه فكان الفقه والنحو, فأما الفقه للصبي يدرس األستاذ كان

التسعة األوجه يعلمهم الكفراوي( ولم ) شح كتاب عليهم يقرأ يسيرا, فلم سهال النحو فأصبح النحو وعرفهم جيدة تهيئة وجهزهم( للنحو ) أعدهم هيأهم إعرابها, وإنما الرحيم( وال الرحمن الله )بسم لقراءةوحرف. وفعل اسم من الكالم أقسام

رأي أخي الصبي وجماعته عن األستاذ الجديدمنه سمعه ما عليهم والفقه, فأعاد النحو في ومنهجه الجديد األستاذ عن العصر شاي أثناء الصبي سئل

التعليم. في طريقته وعن عنه بالرضا فشعرواالصبي ودرس الفقه والنحو

منتظما حضورا والفقه النحو درسي يحضر كان فيه, بل له يوم أول من األزهر إلى الصبي ينتسب لم الفقه أصول درس من أخوه يفرغ حتى انتظاره أثناء فجرا الحديث درس إلى )واجبا(, ويستمع محتوماالفقه. درس ويحين

ما أثر ذلك عليه؟في مقيدا طالبا ويصبح األزهر إلى ينتسب نفسه: متى سأل أنه حتى والحيرة بالضيق الصبي شعر

سجالته؟متى انتسب الصبي إلى األزهر؟ وما أثر ذلك عليه؟

يوطئه الذي القرآن حفظ امتحان إلى سيذهب أنه )أخبر( الصبي وأنبئ المشهود اليوم جاء مدة بعد ألنه يجب كما مستعدا يكن واحدة, فلم ساعة بعد االمتحان بأن عرف األزهر, ولكنه إلى )يهيئه( لالنتساب

واضطراب( قلبه. )تحرك بخفقان القاهرة, وشعر إلى جاء أن منذ القرآن يتلو أن يفكر لم

كيف دخل الصبي زاوية العميان؟ما يراجع ولم القرآن يقرأ لم النفس, ألنه مضطرب الخوف أشد خائف وهو العميان زاوية الصيب دخل

فجأة الخوف هذا عنه زال الممتحنين من واقترب دنا أن بمجرد القاهرة, ولكن وصل أن منذ حفظهذلك: في والسبب

70

له وقال باألعمى يناديه الممتحن أمامه, سمع الذي الطالب من الممتحن فراغ ينتظر كان عندما أنه كان فقد أحد من ذلك قبل يسمعها لم ألنه موقع أسوا أذنه من وقعت جملة أعمى" وهي يا "اقتربأمامه. عاهته ذكر من يتحرز الجميع

ما أثر هذه الكلمة على الصبي؟قط, ووقعت ينساهما لم وألما الذعة خواطر نفسه في وتركت وألما حسرة قلبه الكلمة هذه مألت لقد

بها. المقصود أنه صدق لما الممتحن هذا من وقربه بيده أخذ أخاه أن وقع, ولوال أسوأ أذنه من الجملة هذهلماذا شعر الصبي بهذه الحسرة؟

الحذر معه اعتادوا أهله وألن مرة ألول الكلمة هذه سمع األلم, ألنه وهذا الحسرة بهذه الصبي شعر الرأفة. تلك أهله من يقدر وكان آفته ينس لم فهو ذلك اآلفة, ومع هذه ذكر يتجنبون وكانوا والرفق

كيف كان امتحان الصبي؟سورة يقرأ أ، منه طلب اآليات, حتى بعض قرأ فما الكهف سورة يقرأ أن الممتحنين أحد إليه طلب

عليك" الله فتح أعمى يا "انصرف له قال حتى األولى آياتها بعض يقرأ كاد العنكبوت, وماأثر االمتحان على الصبي

اللجنة تمتحنه أن ينتظر حفظ, وكان على تدل وال شيئا تصور ال التي وطريقته االمتحان من الصبي تعجب )كارها ساخطا النجاح عن راضيا انصرف الكتاب, ولكنه شيخ أو أبوه يمتحنه كان كما تقدير أقل على

المتحانهما. محتقرا غاضبا( لممتحنيهسوار الكشف الطبي

أو الفراشين أحد فتلقاه أركانها أحد إلى أخوه )مال( به عطف حتى االمتحان لجنة من الصبي يخرج لم الرصاص, من مختومة بقطعة طرفيه جمع خيط من سوار اليمنى ذراعه معصم حول )المشدين( فربط

عليك. الله فتح انصرف وقالما داللة هذا السوار

سيظل السوار هذا أن أخبره أخاه ولكن األمر بداية في السوار هذا معنى الصبي يفهم لم التطعيم ويطعمه سنه ويقدر صحته سيمتحن الذي الطبيب أمام يمر حتى كامال أسبوعا معصمه حول

الجدري. ضد الواقياختلفت مشاعر الصبي بعد االمتحان. وضح.

بذلك ,ألنه لألزهر لالنتساب مرشح أنه على يدل ألنه السوار بهذا ويبتهج يفرح بأن جديرا الغالم كان لقد عنه ومشغوال االبتهاج هذا عن مصروفا أياما ظل االنتساب, ولكن مراحل من األولى المرحلة اجتاز قد

بها. ناداه التي الممتحن بكلمةكيف أمضى الصبي أسبوع السوار؟

ليأخذ الفجر مع األزهر إلى فيذهب علي الحاج صوت على يستيقظ كعادته األسبوع هذا الصبي أمضى مجلسه في وقته يعود, فيقضي النحو, ثم درس ليحضر الظهر مع أخرى مرة ويذهب يعود ثم الفقه درسقائما. أو نائما

انتساب الصبي لألزهرلم الطبيب الممتحن, ولكن دعاه كما الطبيب يدعوه )يخشى( أ، يشفق والصبي الطبي االمتحان يوم جاء

عشرة, خمسة وقال ذراعه في خطوطا فخط للطبيب أخوه دفعه وإنما أحدا يدعو يكن لم ألنه يدعهسجالته. في ومقيدا لألزهر منتسبا الصبي أصبح وبذلك

أثر امتحان الطبيب على الصبيالسن بلغ قد يكن لم أنه سجالته, رغم في مقيدا لألزهر منتسبا الصبي أصبح وبذلك الطبيب امتحان انتهى

وفي الممتحنين هؤالء أمانة في لذيذ ولكنه مؤلم شك نفسه وفي غرفته إلى الطبيب, وعاد ذكرها التيالطبيب. هذا صدق

71

قسوة الوحدة الفصل السابعأسباب مشقة الحياة

إلى ويتشوق علم من إليه يقدم ما يستقل الصبي كان معا, فقد أخيه وعلى عليه شاقة الحياة هذه كانت العليمة. حياته به يبدأ كان الذي ذلك من أكثر الدروس من ويبدأ يشهد أن

يتمنى يود يحتملها, وكان يعد لم التي النحو درس بعد غرفته في المستمرة وحدته إلى باإلضافة هذا( الوحدة. هذه من ليتخلص يتكلم مما أكثر ويتكلم يتحرك مما أكثر يتحرك ويرغب( أن

يوم, كل األزهر من وعائدا ذاهبا وممسيا مصبحا الصبي لقيادة اضطراره عليه ثقل فقد ألخيه بالنسبة أما أصدقاءه يهجر أن عليه ثقل الوقت, وأيضا معظم وحيدا الغرفة في الصبي ألخيه تركه أيضا عليه وثقل

غرفته. في الصبي مع ليجلس درسه عن ويتخلفكيف تعامل الصبي وأخوه مع المشكلة؟

أنه عليها, ويبدو معه أخوه يتحدث لم أخيه, وكذلك مع حتى أحد مع هذه مشكلته عن الصبي يتحدث لم مرة. من أكثر المشكلة هذه في أصدقائه مع تحدث

متى وصلت المشكلة ألقصاها ؟الليل( عند حديث )السمر ليسمر وجماعته األخ دعي ليلة, عندما ذات ألقصاها المشكلة وصلت لقد

درس من الجماعة الصديق, وعادت دعوة الجماعة الحي, وقبلت يسكن وال الربع يسكن ال سوري صديقوأوراق. كتب من يحمله مما منهم كل ليتخفف العشاء بعد اإلمام األستاذ

الباب يصل يكد لم الباب, ولكنه عليه وأغلق ليلة كل يفعل مثلما للنوم الصبي أخاه )جهز( الفتي وهيأ )يكتم( يكظم أن حاول بالبكاء(, ولكنه صوته )رفع به فأجهش البكاء فغلبه الصبي على الحزن سيطر حتى

طريقه. في واستمر الباب وأغلق رأيه يغير لم ولكنه سمعه قد أخاه بأن استطاع, ويظن ما صوتهكيف حاول الفتى أن يخفف عن أخيه الصبي؟

في أخيه, ولكن عودة بعد إال النوم يستطيع ال ليلة كل مثل الليلة وانقضت نفسه أرضى ما الصبي بكي في له اشتراها قد كان الحلوى من ألوانا أخوه له قدم وأفطر الفقه درس من الصبي عاد أن بعد الصباح

األمر. عن يتحدثا لم ولكن الفتى وفهم الصبي فهم سمره, وهنا من عودته أثناءكيف انتهت وحدة الصبي؟ ) كيف تم حل المشكلة(

يده فيه, وضع ما )فتحه( وقرأ فضه فيروز, ولما الحاج له سلمه للشيخ كتابا آخر, وصل ويوم يوم بعد الغد, فسيحضر منذ الغرفة في وحيدا تكون والرفق, " لن بالحنان مأله بصوت له وقال الصبي كتف علىورفيقا" مؤنسا منه وستجد للعلم طالبا خالتك ابن

فرحة الصبي الفصل الثامنكيف كانت لعالقة بين الصبي وابن خالته؟

لزيارة اإلقليم أعلى في بلدته من يهبط ما كثيرا أثر)مفضال( وكان وصديقا صباه رفيق خالته ابن كان فيصليان, المسجد وإلى فيلعبان الكتاب إلى )يترددان( معا واألشهر, يختلفان الشهر معه فيمكث الصبي

/ج/ آصال( الغروب )قبيل األصيل مع البيت إلى يعودا ثمن على ويتمنيان, وتعاهدا يحلمان كانا ما وكثيرا ويلعبان والسمر القصص كتب في يقرءان البيت في وكانا

األزهر. في العلم ويطلبان للقاهرة معا يذهبااشترك الصبيان في انتظار األزهر. وضح.

تظن وهي وودعته والزاد النقود أمه أعطته الصيف, وقد في اإلقليم أعلى من يهبط الخالة ابن كان لقد ثم االنتظار في الصبي ويشارك حلمه يضيع ما سرعان األزهر, ولكن إلى األزهري الفتى سيرافق انه

يئن لم مبكرا زال ما أنه رأى األزهري الفتى أو األسرة أن إال ذلك كان والبكاء, وما الحزن ثم الغضب

72

أمه إلى الخالة ابن الصديق ويعود يفترقان األزهر, فكان إلى الخالة وابن الصبي يذهب موعد( أن )يحينمحزونا.

ما أثر هذا الخبر على الصبي؟صداقة من خالته ابن وبين بينه لما حسنا موقعا نفسه على الخبر هذا يقع أن الصبي على غريبا يكن لم

كان كما صوتا لحشرات وال للغرفة يسمع لم مبتهجا ليلته الصبي والفرح. وقضى الحزن في ومشاركة شعر الحشرات, ولكنه صوت عن خالته ابن حضور بخبر وابتهاجه بفرحة مشغوال كان ليلة, فقد كل يحدثالوقت. بطيئا( وتعجل )رآه الصبح استبطأ لما والقلق باألرق

كيف قضى الصبي صباحه في هذا اليوم؟لقائله الحديث نسب هو )السند سندا به يتغنى والشيخ الحديث درس إلى فاستمع األزهر إلى الصبي ذهب

ولم الشيخ يقول بما يهتم لم الحواشي( ولكنه إليه وتضاف يشرح الذي األصل )المتن إليه( ومتنا ورفعهصديقه. بحضور مشغوال كان )اهتماما( قد باال له يلق

يحاوره كان الذي الشيخ به أوصى أخاه ألن واالهتمام االستماع من مفرا يجد فلم الفقه درس جاء ثم والفهم. االستماع إلى ويضطره ويناظره

كيف كان الصبي غرفته وقت الضحى؟ال حتى األمر ظاهر في هادئا كان وقلق, فقد هدوء في )قضى( وقته فأنفق الغرفة إلى عاد ثم

)عمق نفسه دخيلة في قلقا فيه, وكان تغير شيء هناك أن على أصحابه من أحد أو يظهر) يطلع( أخوهالقاهرة. محطة إلى القطار فيه سيصل الذي العصر ويستبطئ الوقت يتعجل /ج/ دخائل( ألنه

طريق ابن الخالة من المحطة إلى الربعالنقل العربة فيه تقطع قصير وقت إال الخالة بابن الصبي لقاء على يبق لم العصر لصالة المؤذن دعا حينما

الذي الباب إلى وتنتهي الشعرية فباب البحر بباب طريقها في والحي, وتمر المحطة بين المسافةالشيشة. وقرقرة القهوة دخان بين فتمر نحوه ستنعطف

وصول ابن الخالةألقى خالته, الذي ابن كان صاحبهما, فقد معرفة في يتردد ولم الربع أرض تضربان قدمان الصبي سمع

يضحكان. وهما وتعانق ضاحكا سالما عليهشيء/م/ طرفة( والزاد. كل من )المستحدث الطرف من األسرة أحضرته ما نقل في العربة سائق وبدأ

ما الذي تأكد منه الصبي؟يخلو لن فيه, وانه سيشاركون جميعهم األصدقاء دسما, وأن سيكون الليلة هذه العشاء أن الصبي تأكد

اإلمام. األستاذ درس ليشهدوا القوم يقوم حتى بعضهما إلى الصبيانما أثر وصول ابن الخالة على حياة الصبي؟

والعزلة الوحدة عنه شامال, فذهبت تغيرا حياته تغيرت الصبي, فقد حياة في كبير أثر الخالة البن كان لقد أخرى. أحيانا به ضاق حتى العلم عليه األحيان, وكثر بعض في فيها رغب أنه حتى

73

الصبي حياة تغير التاسع الفصلأقل ما تغير في حياة الصبي

البساط ذلك هجر أنه -أسهل( ذلك )أقل القاهرة, وأيسر خالته ابن وطأ منذ الصبي حياة تغيرت لقد حين إال يعرفه ال أصبح وقته, بل معظم ذلك قبل عليه يجلس كان البالي)التالف( العتيق)القديم( الذي

يتقدم /ج/مضاجع( حينما نومه )مكان مضجعه ويذهب( إلي )يلجأ يأوي حين أو العشاء أو لإلفطار يجلسالليل.

أين كان يقضي الصبي يومه؟دروسه. بعض إلى فيها يختلف التي المساجد من حوله وما األزهر في أكثره أو كله يومه يقضى كان لقد

على بابها على صاحبه مع ويجلس يخرج ثم عباءته من ليتخفف إال غرفته يدخل لم الربع إلى عاد فإذالبد من فراش إال الطريق ذلك في للمارة يترك يكن ولبود( ولم /ج/ ألباد الصوف من مصنوع ) بساط القدمين. أو قدم موضع

مجلس الصبيين على باب الغرفةكثيرا, ويقرءان قليال ويتحدثان يلهوان كانا ودرس, فقد لهو مجلس للصبيين بالنسبة المجلس هذا كان لقد

له يفسر ثم اآلخر ويسمع أحدهما فيرى أصوات أو أحداث من السفلي الطبقة في يجري لما يفزعان وقديراه. ال ما صاحبه

أثر ابن الخالة على الصبيمن سمع الخالة, فقد ابن وصول قبل يعرف كان مما أكثر وأهله الربع الصبي للربع: عرف بالنسبة

سرا. بينهم يحيا كان أن بعد جهرا وعاش يسمع كان مما أكثر الناس أحاديثمن استراح األزهر, فقد في كانت الربع, وإنما في الحقيقية ولذته الصبي متعة تكن لألزهر: لم بالنسبة

الفقه. درس يدنو حتى الغرفة انتظاره( في )طال )الحديث( وتلبث الفجر درسالذي الطريق نفس الفقه, فيسلك درس اقتراب مع إال غرفته من الصبي يخرج يكن للطريق: لم بالنسبة

حارة عن انحرفا ما بالهزل, وكثيرا وأخرى بالجد مرة متحدثين صاحبه مع يسلكه ولكنه أخيه مع يسلكه سيدنا شارع إلى ينتهيان الحالتين كلتا خان( النظيف, وفي طريق)جعفر )الوطاوط( القذرة, وسلكا

الحسين.

ما العادة التي تعودها الصبي منذ أن جاء ابن الخالة؟المسجد بهذا يمر ذلك, فلم على تعود حتى الحسين بمسجد مر كلما الفاتحة يقرأ أن الخالة ابن علمه

الفاتحة. وقرأ إال حياته أطوار واختلفت السن به تقدمت أن بعد حتى يوماالصبي وصديقة والطعام

74

جاء أن منذ يأكله كان ما اختلف الطعام, فقد في صديقه, حتى بوجود تاما تغيرا الصبي حياة تغيرت لقد وجوده. قبل يأكله كان عما القاهرة إلى الخالة ابن

كم من المال الذي خصصه لهما الفتى أخو الصبي؟يوم كل الواحد القرش يتعد /ج/ نقود( لم النقد)المال من يسيرا مقدارا الفتي األخ لهما خصص فقد

من الفتى األزهر( الشيخ من طالب كل على تجرى األرغفة من )عدد جراية يأخذا أن على إلفطارهما باألزهر( وهي الحنفي المذهب يدرسون الذين الوافدين األزهر لطالب مخصص )مكان الحنفية رواقالعشاء. في ورغيفين اإلفطار في رغيفين منها يأكالن أرغفة أربعة عن عبارة

كيف عرف الصبي وصديقه االحتيال على قلة المال؟ )كيف تعلما االقتصاد؟(طرائف من النفس به تتوق ما بعض أنفسهما ليمتعا يقتصدان كيف خالته وابن لصبي تعلم لقد

..... ذلك والشراب, ومن والتليد( الطعام × التالد /م/ طريفة الطعام من والطيب والغريب )المستحدثطريقهما ليأخذا , واستدارا المقفل الباب من الضيقة الفجوة من وخرجا باكرا مع خرجا إذا )البليلة( وكانا

ما الريف, ولكثرة في منها أكال ما لكثرة شديدا حبا يحبانها كانا التي البليلة بائع عند األزهر, توقفا إلى ال الماء حرارة شدة الحار, ومن مائها في ويذوب البليلة بحبات يختلط الذي السكر من عليها يوضع

الصبيين( على البليلة ) أثرالحلق(. في مدخله ويسهل )يستعذبانه يسيغانه يكادانومتعة, وتهيئهما لذة وأجوافهما أفواههما في وتثير النشاط جسميهما في وتبث النوم بقية عنهما فتطرد

معا. ورءوسهما بطونهما عمرت أن بعد الفقه لدرسالخشب من ضيق مجلس على فيجلسان الحسين سيدنا شارع في الباعة عند المرطب( ويقدم )التين

الذي البائع لين( وينتظران )ناعم وثير األحيان, ولكنه من كثير في مفروش غير أو ضيق بحصير مفروش زبيب من تحته ما يأكالن ثم عبا مائه نم يعبان ثم التهاما فيلتهمانه صغير إناء في المرطب التين لهما يقدموهدوء. أناة في

العشاء ثمن على يجوران كانا عصرا األزهر من عودتهما أثناء األحيان بعض والبسبوسة( وفي )الهريسة الحلوى, من اللونين هذين من البريئة لذتهما يرضي ما ويأكالن البسبوسة بائع أو الهريسة بائع عن فيقفان

والعشاء. اإلفطار طعام على مطمئنين ذلك في وكانامم تكون طعام اإلفطار؟ )كيف ينفق الصبيين القرش؟(

ومعهما النابت الفول باعة أحد عن يقفا أن يكفيهما يسيرا, فكان أمرا اإلفطار طعام تدبير كان لقد طبق البائع لهما كراث, فيقدم حزمة مليم بنصف المليم( واشتريا ونصف )مليمين له ويدفعان الرغيفين

يستطيعان ما ويتصيدان المرق في رغيفهما الفول, فيغمسان حبات فيه وسبحت مرقا امتأل عميق ضخمكراث. من اليسرى يدهما تحمله ما الفول, ويلتهمان حبات من

مرق من تبقى ما على الصديق )يمتآلن( فيقبل يكتظان كادا أو امتآل قد يكونا والكراث الرغيف وبانتهاء المخرق من تبقى ما ويشرب الخالة ابن فيضحك يقبل أن الصبي فيستحي يشربه أن الصبي على فيعرض

نظيفا. البائع إلى يعيده حتىمتعة العقل بعد متعة البطن

العلم, من عقليهما ليرضيا األزهر إلى اإلفطار, أسرعا طعام من بطنيهما وصديقه الصبي أرضى أن وبعد على حرصا المحافظ المجدد الشيخ يد على والحديث الفقه درس حضور على الحرص كل يحرص فكانأخيه. رضا

كيف كان يرضى الصبي أخاه ونفسه في ذات الوقت؟الفقه( طاعة النحو )درس المحافظ المجدد الشيخ درس على وحافظ األزهر إلى أسرع أفطر إذا كان

لنفسه. وإرضاء ألخيهذلك له أتيح العلم, وقد من اللونين هذين غير يذوق وأن الشيخ هذا لغير يسمع أن في يطمع كان ولكنه

إفطارهما. بعد الضحى في الطالب على تلقى التي الدروس هذه بفضلسمات درس شرح الكفراوي

األزهر, تقدمت في قديم الدرجة في جديد شيخ يد على يوم كل من الضحى في يلقى كان الكفراوي( )شرح بقراءة أمثاله يبدأ كما العالمية, وبدأ درجة على حصل حتى االنتظار عليه طال السن به

ما الذي أغرى الصبي بالمواظبة على درس شرح الكفراوي؟عليه سخطهما الكفراوي, يظهر شرح عن األول والشيخ الشاب أخيه من كثيرا كالما الصبي سمع لقد

به. افتتن حتى الدرس لهذا االستماع على شجعه به, مما وعبثهماما أثر استماع الصبي لدرس شرح الكفراوي عليه؟

الرحيم( حتى الرحمن الله )بسم وإعراب لقراءة التسعة لألوجه واستمع وصديقه الصبي حضر أن بمجرد دقة في الدرس لهذا حضوره على يواظب به(, وأصبح )تعلق به وكلف العلم من اللون )أعجب( بهذا افتناألول. الشيخ يد على األول درسه حضور على يواظب كان كما

درس النحو تعلم ولهو لدى الصبي75

يعلمهم كان أخوه له اختاره الذي الشيخ أن وذلك النحو لعلم تعلما األول درسه في يرى الصبي كان هذا في يلهو معا, فكان والشيخ بالدرس يلهو كان فقد الجديد درسه في وأساسياته, وأما النحو مبادئ

شديدا. إلحاحا المنتن على الشارع فيه ألح الذي المتصل باإلعراب الدرسفي يقرأ ما ويفسر منه( والشرح يشرح الذي )األصل المتن يقرأ كان الذي الشيخ بهذا يلهو كان كما

وإنما صدره من يصعد يكن لم غناؤه أن يقرأ, كما وال يغنى كان أنه للضحك, وذلك يدفع غريب صوت فمه( وفي )مملوء مكظوم أصم متناقضتين, فهو صلتين بين يجمع غريبا صوته رأسه, وكان من يهبطعريضا. ممتدا الوقت ذات

صفات الشيخ الجديدوال القراءة أو الكالم في اإلقليمية لهجته يغير لم الصعيد أقصى من هو بل الصعيد أهل من الشيخ كان لقد

سريع عنف, وكان في طالبه علي ويرد عنف في ويسأل عنف في يقرأ الطبع غليظ الغناء, وكان في وإن قريبا كان إذا بيده لكمه السؤال في عليه ألح فإن السائل يشتم حتى طالبه أحد يسأله يكاد ال الغضب

الغريب. بحذائه رماه بعيدا كانحذاء الشيخ

أن )التلف(, حتى البلى من تحفظه التي بالمسامير مليئا وكان كثيابه جافيا كصوته غليظا الشيخ حذاء كان جسده. من كشف ما أو وجهه في بالحذاء يرمى الذي الطالب ذلك مصير في يفكر كان الصبي

أثر طبع وحذاء الشيخ على طالبهوالغناء, والتقرير والتفسير القراءة وبين )تركوا( بينه فخلوا الشيخ سؤال )خافوا( من الطالب أشفق لقد

أنهى وقد وأنهاها الكفراوي بشرح سنته بدأ الطالب, فقد وقت وال الشيخ وقت يضع لم ذلك أجل ومن المجدد الشيخ أن نجد النقيض خالد, وعلى الشيخ شرح من واحدا كتابا إال خالد والشيخ الكفراوي شرح

النحو. من األولى األبواب بطالبه تجاوز قد يكن لم المحافظ

أثر الشيوخ على حياة الصبي النحويةسائر طريق سلك المحافظ, وإنما المجدد شيخه ير فلم األزهر إلى عاد ثم الصيف إجازة الصبي قضى

شرح على العطار )حاشية النحو في الكنز( وحضر على )الطائي شرح الفقه في فدرس األزهرييناألزهرية(.

األزهر. في للصبي األولى السنة في معه نبقى وأن األحداث نستبق أال الكاتب ويطالبناالغد دروس صديقه مع فيطالع غرفته إلى يعود ثم الظهر درس إلى انتقل الضحى درس من انتهى فإذا

يفهم. ال وقد فيها ما يقرأ قد مختلفة كتب قراءة في وقته يمضي الطالب, وقد من الجد أصحاب يفعل كما

عشاء الصديقينمال, من معهما بقي ما بحسب العشاء على الصديقان أقبل الشمس غروب بدأت إذااآلخر وينصفه الطحينية الحلوى من شيئا بنصفه فاشتريا نصفين قسماه قرش نصف معهما تبقى فإن

لذيذا. طعما الغريب المزاج لهذا بأن يشعران الحالوة, وكانا وقطع الجبن من شيئاالطحينة من شيئا به اشتريا صباحا التين أو البليلة شراء في أسرفا أن بعد قرش ربع إال لهما يتبق ولم وإن

الريف. من يأتيهما كان الذي األبيض أو األسود العسل عليها وصباأنهما بالهم, وذلك يشعرا نقدهما, لم على كالهما أو التين أو البليلة جارت أن بعد شيئا يتبق ولم فإن

يجزئ)يكفي األبيض, وذلك العسل صفيحة أو األسود العسل صفيحة في ويغمسانهما رغيفيهما حفظاوالطحينة. والجبن الطحينية الحالوة ويغني( عن

األسود العسل في نصفه فيغمسا الرغيف فيقسما الترف من شيئا البؤس هذا في ألنفسهما يبيحان وقد األبيض. العسل في اآلخر والنصف

درس المنطقدرس الصالة بعد ليحضرا األزهر إلى الصديقين للمغرب, أسرع ليؤذن المئذنة إلى المؤذن صعد ما إذا

لألخضري(. السلم )متن وهو كالكبار المنطقشيخ درس المنطق

له يعترف لم األزهر أن عالم, رغم أنه نفسه في يرى طالب يد على يحضران كانا بل شيخا يكن لم بحكم يرض بها, فلم يظفر لم طلبها, ولكنه في وإلحاحه األزهر في دراسته طول بالعالمية, رغم

أخرى جهة من ويغيظهم واالمتحان الدرس )يجادلهم( بحضور يطاولهم فكان ييئس ولم الممتحنين يقرأ كما المنطق في كتابا عليهم يقرأ الطالب بعض حوله ومن المغرب بعد األعمدة أحد إلى بجلوسهالعلماء. من الممتازون هؤالء إال المنطق تعليم على يقدر يكن الممتازون, ولم العلماء

رأي الصبي في طالب الشيخ

76

من لكل يظهران وعجزه جهله وأن التعليم في ماهرا وال بارعا يكن لم الشيخ الطالب ذلك أن الصبي يرى لعدم يضرب أو يشتم يكن لم ولكنه الغضب سريع الطبع حاد المبتدئين, وكان الطالب لهؤالء حتى يسمعهذلك. ضمنا له تبيح العالمية, والتي درجة على حصوله

ما رأي الصبي في درجة العالمية؟لطالبه. والضرب الشتم حق ضمنا صاحباه تمنح كانت العالمية درجة أن الصبي رأى

من أين جاء هذا الطالب؟ قراءته. أو حديثه في شيء منها يغير ولم بلهجته فاحتفظ الصعيد أقصى من الطالب هذا جاء

تحذير أخو الصبي للصديقين من الطالب الشيخلم ولكنهما الطالب كبار ومن أخيه من الشيخ الطالب ذلك عن األمور هذه كل وصديقه الصبي سمع لقد

)المداومة( عليه. والمواظبة الحضور عن يمتنعاصالة بعد لألزهر يذهبان أنهما ألنفسهما المنطق, وليقوال يدرسان أنهما ألنفسهما يقوال أن أرادا فقد

والمتقدمون. الكبار الطالب يفعل كما العشاء بعد منه ويعودان المغربنهاية العام الدراسي

يتفرقون الطالب والنحو, وأسرع الفقه دروس وختمت الصيف وقدم األزهر في الدراسية السنة انتهت الريف. إلى حنينا ويتحرق األجازة هذه إلى يتشوق الصبي وكان والقرى المدن في أهليهم إلى

الصبي واإلجازةذلك في العودة, وكان عن الريف, وامتنع إلى يعود أن يشأ لم الصبي ولكن اإلجازة ومعه الصيف جاء

الحقيقة( غير )مظهر متكلفا صادقاوالن( فراقها واشتد×سهل )صعب عليه بحبها( وشق )أولع بها وكلف القاهرة أحب ألنه صادقا فكان

والرحيل.منه تكبر األسرة القاهرة, فكانت في اإلجازة معظم إنفاق من أهوه به يقوم ما رأى متكلفا, ألنه وكان

األسرة فيه فتظن أخوه يصنعه ما يصنع أ، واالجتهاد, فأراد الجد على ودليل آية )تعظمه( وتراه ذلكأخيه. في يظنوه ما والناس

هل نفعه حبه أو تكلفه للبقاء في شيء؟القرية, فأخذتهما إلى وصديقه يرسله أن األخ قرر , فقد التكلف ذلك أو الحب ذلك ينفعه لم الحال بطبيعة

في القطار في وضعهما ثم تذكرتين لها أخذ حزمتين, ثم في مالبسهما ومعهما النقل عربات من عربة القاهرة وصديقه الصبي نسي محطتين أو محطة القطار, وبعد بهما الثالثة, وانطلق الدرجة عرباتونعيمه ومتعته الريف يتذكران وبدا والعلم واألزهر

د الصبي الفصل العاشر تمرما الذي أنكره الصبيان عندما عادا إلى المدينة؟

وصال انتظارهما, ولما في أحدا يجدا فلم المدينة في القطار محطة إلى العشاء صالة بعد الصبيان وصل شيء. يتغير لم هو كما شي كل أن وجدا الدر إلى

حياة األسرة المعتادةاألخت ألصحابه, ,أسرعت خرج ثم صالته الشيخ طويل, وأتم وقت منذ العشاء من األسرة فرغت فقد

قد بالنوم( واألم )تظاهروا تناوموا أن بعد مضاجعهم إلى اآلخر تلو واحدا الصبيان تحمل الصغرى حولها بناتهما تجتمع أن بعد تستطيع ال اليوم, ولكنها عناء من تستريح لبد من فراش على اضطجعت

وتصايح الكالب صوت إال يسمع مضاجعها, فال إلى كلها األسرة أوت الشيخ عاد كالعادة, فإذا يتحدثنالقرية. أطراف وفي الدار في الديكة

ما أثر وصول الصبيان على األسرة؟الطريق في بأنهما تخبر لم وحزن( ألنها هم على )السكوت الوجوم أصابها األسرة على الصبيان دخل لما

محطة في ليستقبلهما أحدا إليهما ترسل لم أنها المألوف, كما الطعام حتى وال خاصا طعاما لهما تعد فلمالقطار.

استقبال األسرة وأثره على الصبياألزهري أخاه تستقبل كما األسرة تستقبله أن ينتظر كان يتوقعه, فقد يكن لم استقباال األسرة استقبلت

عظيم. واستعداد اإلكرام( وفرح في )مبالغ بحفاوةفي أخيه عن سأله ثم فقبلها يده أباه صدورهن, وأعطاه إلى أخواته ضمه ثم وقبلته األم نهضت وفقد

الفراش. إلى كلها األسرة أوت القاهرة, ثموكثيرا غيظه من كثيرا يكتم وهو القديم مضجعه على الصبي والحفاوة, ونام االستقبال في أمله خاب فقد

األمل. خيبة من

77

استقبال الناس للصبييتعلم ولم القاهرة إلى يذهب لم كأنه القاهرة, فأصبح إلى يذهب أن قبل هي كما القرية في الحياة مضت

والمنطق. والحديث والفقه النحو األزهر فيوإعراض, ويلقون بفتور الطريق في يقابلونه كانوا بل به ويرحبوا عليه ليسلموا بيته إلى يذهبوا لم فالناس

األزهري. الفتى أخيه عن يسألونه أنت؟, ثم كيف القاهرة؟ من أعدت ذا؟ أنت ها سؤالهم عليهكالمه لسماع واإلكرام, ويضطر بالتحية ويلقاه سيدنا يد ليقبل وعاد أخرى مرة الكتاب إلى للعودة واضطر

للقاهرة. ذهابه قبل يسمعه أن اعتاد الذي الفارغمنهم أحد يسأله لم القاهرة, بل في كاملة سنة عنهم غاب بأنه يشعرون وال كانوا كما يلقونه التالميذ حتى

بالكثير. ألخبرهم سألوه القاهرة, ولو في سمعه أو رآه عماأثر هذا االستقبال على الصبي

األهمية( ضئيل الخطر القاهرة, قليل إلى رحلته قبل كان يزال, كما ما أنه الصبي نفس في استقر( إمعانا ذلك شديدا, وزاده غروره كان غروره, وقد ذلك عنه, فآذى سؤاال وال به عناية يستحق الشأن, ال

إليها. وانصرافا نفسه والتزاما( على نفسه على )إقباال وعكوفا الصمت )تأكيد( في)كيف لفت الصبي أنظار الناس إليه؟(تمرد الصبي:

مودة, ولكنه أو شفقه أو عطف لفت ليس إليه, ولكنه ولفتهم فيه الناس رأي الصبي غير حتى أيام تمر لم وانحراف( )ميل وازورار وإعراض إنكار لفت

لهم يظهر من وعصيان( على إصرار في )يعاند يعرف, ويتمرد كان ما وينكر يألفه كان ما ينكر وأصبح واالزورار اإلنكار منهم أحس فلما األمر أول ذلك في صادقا كان واالنقياد(, وقد )الخضوع اإلذعان

الجماعة(. ومخالفة )االنفراد الشذوذ )زاد( في وغال العناد يقول, تكلف لما والمقاومةكيف تمرد الصبي على والده؟

العصر, فرفع أو الصبح صالة بعد دائما يفعل كان الخيرات( كما )دالئل يقرأ أباه سمع عندما األمر وازداد فيه" غناء ال عبث الخيرات دالئل قراءة "إن إلخوته ضحك, وقال ثم رأسه وهز كتفيه

فلم الشيخ عنيفا, وسمعها ونهرته( زجرا )منعته زجرته الكبرى أخته له, لكن يلتفتوا ولم إخوته به يهتم لم كالمه, فلما عليه فأعاد يقول؟ كان ماذا يسأله باسما هادئا الصبي على أقبل ثم أتمها وإنما قراءته يقطع في تعلمته ما وذاك! هذا أنت "ما ازدراء في له وقال قصيرة ضحكة وضحك كتفيه هز الشيخ سمعه

يضر حرام الكتاب هذا في تقرؤه مما كثيرا أن األزهر في وتعلمت نعم ألبيه وقال الصبي فغضب األزهر؟ وإنما واسطة الناس وبين الله بين يكون أن ينبغي باألولياء, وما وال باألنبياء التوسل ينبغي ينفع, فما والالوثنية من لون هذا

غضب الشيخ وتهديه للصبياألسرة أضحك قوال وقال بابتسامته واحتفظ غيظه كظم ولكنه شديدا غضبا غضب ذلك الشيخ سمع فلما

القرية في ألمسكنك فعلت لئن أقسم وإني الكالم هذا تعد لسانك, وال الله قطع قال: اخرس حيث كلها األسرة تاركا الشيخ انصرف والبيوت" ثم المآتم في القرآن تقرأ فقيها وألجعلنك األزهر عن وألقطعنك

وإصررا. عنادا إال الصبي تزد لم القاسية القصة هذه الصبي, ولكن من تضحكهل استمر الشيخ يؤنب الصبي على كلماته؟

وجلس ساعات بعد الصبي قاله ما نسي قال, بل ما على وزجره الصبي تأنيب في الشيخ يستمر لم األزهري. الفتى أيه عن الشيخ فسأله للعشاء الجميع

سؤال الشيخ عن الفتى األزهريفكان ابنه حوله الحديث إعادة في ولذة متعة يجد األزهري, وكان الفتى عن يسأل أن الشيخ يحب كان

ما إذا يريد, ولكنه بما يخبره الفتى شيء, فكان وكل وكتبه وأساتذته يقضي كيف ووقته حله عن يسأل األبناء أمام صراحة ذلك عليه ينكر فلم اإلجابة في الصبي يبخل كان أخرى مرة األسئلة نفس عليه أعاد

بها. خال ما إذا لزوجته يشكوه كان ولكنهما شعور الشيخ وهو يسمع أحوال ابنه الفتى األزهري؟

وكتبه وشيوخه األزهري الفتى عن المتكررة أسألته عن الصبي إجابات سماع في لذة يجد الشيخ كان لقد محمد واإلمام بخيت الشيخ يزور الذي بابنه ويفتخر أصحابه على الحديث هذا بعض يقص كان وأحواله, بلأحيانا. والضرب بالشتم عليه فيتعدون لهم وإحراجه الدرس أثناء شيوخه على يعترض أنه عبده, وكيف

ما موقف الصبي من تكرار سؤال الشيخ عن الفتى األزهري؟أبيه بلذة يشعر األسئلة, وكان تكرار من يمل وال أبيه على اإلجابة عن يمتنع ال طيعا سمحا الصبي كان لقد

أخيه إلى عاد ما إذا حتى ويحفظه يحدث لم ما يخترع كان ولذلك األحاديث هذه عن ورضاه ومتعتهعليه. قصه القاهرة في األزهري

سخرية الصبي في رده في تلك الليلة78

يزور وكيد, إنه خبث في الفتى فرد وشيوخه وكتبه وحاله الفتى عن سؤاله الشيخ جدد الليلة هذه وفي الخيرات( )دالئل كتاب قراءة في نهاره وينفق األولياء قبور

كان به( بما )غصوا الصغار له شرق شديد ضحك في كلها األسرة أغرقت حتى الكلمات هذه أتم أن وما فيه. إغراقا وأشدهم الضحك إلى أسرعه كان نفسه الشيخ أن وشراب, حتى طعام من أفواههم في

ما مصير نقد الصبي ألبيه؟لهو موضوع واألولياء باألنبياء والتوسل الخيرات دالئل قراءة على ألبيه الصبي )تحول( نقد استحال لقد

في )يغضبه( ويؤذيه الشيخ يحفظ كان األمر أن من الرغم وأعوام, وعلى أعواما لألسرة وفكاهة وعبث لنقده دائما الصبي ابنه يغري تجعله ومتعه لذة فيه يجد أنه وتقاليد, إال عادات من ورثه وفيما نفسه

ذلك. في والحديثخروج تمرد الصبي إلى القرية: )إلى من وصل تمرد الصبي؟(

عبد محمد الشيخ دكان وإلى أبيه مجلس غلى الدار وشذوذه الصبي )تجاوز( تمرد تخطى أن يلبث لم والشباب, للصبية القرآن يقرأ المدينة فقهاء رئيس أحمد أبو محمد الشيخ حيث المسجد الواحد, وإلى

في تعلم الذي التاجر عطية الشيخ إلى الشذوذ وصل أحيانا, وكذلك دينهم في ويفقههم بالناس ويصلي آلخر حين من العصر بعد يجلس فكان الدين عن ينصف ولم بالتجارة وانشغل لريف عاد ثم عواما األزهر

الحديث. من شيئا لهم قرأ وربما ويفقههم الناس يعظكيف تمادى الصبي في نقد العلماء والتمرد عليهم؟

يرى والذي للقاضي يكتب كان الذي الشيخ ذلك إلى الشرعية المحكمة قاضي إلى كذلك كالمه وصل وقد التي الورقة بتلك يظفر لم أنه لوال بالقضاء منه وأحق بالدين منه وأفقه بالشرع القاضي من أعلم أنه

والتملق والحظ القليل واالجتهاد بالجد تنال والتي القضاء منصب لتولي تشترط والتي العالمية تسمىاألحيان أكثر في الكثير

أثر شذوذ وتمرد الصبي على علماء القريةلقاهرة ذهب مضل ضال صبي إنه قالوا باألنبياء التوسل وتحريمه الصبي قاله بما الناس هؤالء سمع لما

الناس. ليضل للمدينة عاد ثم المفسدة الفاسدة وآراءه الضارة عبده محمد الشيخ لمقاالت فاستمعكيف حاول الناس التعامل مع الصبي؟

بعضهم المضلة, وحاول الفاسدة اآلراء صاحب عبده محمد الشيخ يد على تعلم مضل ضال بأنه وصفوه ويأتي الشيخ فيذهب ابنه رؤية ويطلبن وأصحابه أبيه إلى يذهبون عليه, فكانوا ويرد منه ويسمع يراه أن

اتصل ورفق, فإذا بود معه الحديث القادمين بعض بدأ عليهم سلم إخوته, فإذا مع الدر في ملعبه من بابنه غاضبين وانصرفوا القادمون قام ما العنف, كثيرا درجة إلى الحديث وصل الموقف واشتد الحديث

الرجيم. الشيطان من به ويتعوذون الله يستغفرون

أثر هذا الجدال على الشيخ وأصحابه؟بهذه يرضون كانوا ولكنهم الدين في يتفقهوا ولم أصحابه وال األزهر في الصبي أبو الشيخ يدرس لم

الشيوخ وهؤالء النشء الصبي ذلك بين الصراع بهذا ويبتهجون به الجدال,ويعجبون وهذا الخصوماتب. الشي

مسألة في ابه قالها مما واحدة كلمة يصدق لم انه وسرورا, ورغم غبطة أشدهم كان الصبي أبا ولكن أوليائه( يد على الله يظهرها المألوف عن الخارجة ) األشياء الكرامات إحداث عن األولياء وعجز التوسل

شديدا, تعصبا به يتعصب كان محاوريه,ولذلك على ظاهرا مخاصما محاورا ابنه يرى أن يحب كان ولكنه سمعه ما فيقص مساءا يعود الغريب, ثم ابنه أمر من ويخترعونه الناس يقول ما كل ويحفظ يسمع وكانآخر. حينا وساخطا حينا راضيا زوجته على

كيف انتقم الصبي لنفسه من تلك القرية التي لم تستقبله كما كان يحب؟القرية داخل فيه ويفكر عنه يتحدث الجميع وجعل عزلته من فخرج لنفسه ينتقم أن الصبي استطاع لقد

الصلة تعد وإخوته, ولم أمه عنه تعرض ولم أبوه يهمله يعد األسرة, فلم في مكانته والمدينة, وتغيرتالعلم. وهو الصبي نفس في ذلك من أكثر شيء على بل واإلشفاق الرحمة على قائمة بينهم

هل نفذ الشيخ تهديده بحرمان الصبي من الزهر؟في سيبقى اإلجازة, بأنه أول الفتى سمعه الذي بالشر( والتهديد )اإلنذار النذير انقطع ال, فقد بالطبع

مع فنهض يوم ذات أصبح أنه ذلك على والبيوت, والدليل المآتم في القرآن يقرأ فقيها وييصبح القرية فراقه, ثم على الدمع تذرف وهي أمه األزهر, فقبلته إلى عائد وهو تودعه كلها األسرة ونهضت الفجرعليه. يفتح أن الله يسأل الجانب( وهو لين )لطيفا رفيقا القطار عربة في وصاحبه وأجلسه أبوه أخذه

كيف عاد الصبي للربع في القاهرة؟79

ثم له مبتسما ينتظره أخاه وجد القاهرة محطة في نزل خالته, ولما وابن صاحبه مع القطار أبوه أركبه الربع. عنوان السائق وأعطى ركوب عربة بجانبه وأركبه نقل عربة على معه ما حمل

الفصل الحادي العاشر إقبال الصبي على األدب

متى عرف الصبي باألدب؟األدب عن يتحدثون وأصحابه أخوه سمع القاهرة, فقد إلى وصل أن منذ األدب عن الصبي عرف لقد

والعلماء. والعلم واألدباءالشيخ الشنقيطي

اإلمام األستاذ وحماية الله )الشنقيطي( رحمه الشيخ عن يتحدثون كانوا عندما منهم األدب حديث وسمع يسمعه ما عجبه من غريبا, وزاد أثر الصبي سمع على األجنبي االسم لهذا عليه(,وكان )عطفه به وبره له

آخرين. وتغضب قوم تضحك التي وآرائه )أحواله( الشاذة وأطواره الشيخ أعاجيب منصفات الشيخ الشنقيطي

وأضرب( في ج/ضرباء وشبيها )مثيال له ضريبا قط يروا لم وأنهم الشيخ هذا عن الكبار الطالب تحدث قلب. ظهر عن ومتنا سندا الحديث ورواية اللغة حفظ

مثال اتخذوه القول, حتى من يطاق ال بما لسانه وانطالق غضبه وسرعة وشدته حدته عن تحدثوا كذلك األندلس. وزيارته قسطنطينية إلى ورحالته المدينة في إقامته عن المغرب(, وتحدثوا )أهل المغاربة لحدة

80

أوربا, وأنه وفي مصر في والمطبوعات بالمخطوطات غنية مكتبة له أن وذكروا العليمة حياته عن وتحدثوا ضخمة. مكتبة من ليده بما يقنع يكن قارئا, فلم أو ناسخا إما الكتب درا في وقته أغلب يقضى

أغرب عجائب الشيخ الشنقيطيالشر من لكثير لتعرضه سببا بالناس, وكانت وشغلته به االس شغلت كبرى قصة الشنقيطي للشيخ وكان

الصرف. من ممنوعا وليس )عمر( مصروف أن في برأيه تتعلق القصة واأللم, وهذهما أثر الحديث عن كلمة )عمر( على الصبي؟

النحو درس في تقدم بعدما األمر, ولكن بداية في شيئا منه يفهم لم ولكنه الكالم لهذا يسمع الصبي كان الصرف. من والممنوع الصرف درس أنه بوضوح, وذلك القضية هذه من المقصود فهم

مناظرة الشيخ الشنقيطي مع علماء األزهر وذكر هؤالء الشباب أن جماعة من علماء األزهر تناظروا مع الشيخ الشنقيطي حول صرف كلمة )عمر( وضحكوا لما ذكروا تلك المناظرة التي اجتمع فيها علماء األزهر وعلى رأسهم

شيخ الجامع ليتحدثوا في قضية صرف )عمر( فرفض الشيخ الشنقيطي أن يتحدث إليهم إال بعد أن يجلسوا منه مجلس التلميذ من األستاذ, فلما تردد العلماء أسرع أحدهم في مكر

وخبث وجلس بين يديه متربعا على األرض, ثم أخذ الشيخ يعرض رأيه فقال: انشد الخليليا أيها الرازي على عمر

 

قد قلت فيه غير ما تعلم  

الرازي هكذا: يأيها البيت وأنشدني أمس الخليل رأيت وقال, لقد التلميذ مجلس الجالس الشيخ فأسرع قرون منذ الخليل مات كذبت, لقد كذبت وقال غاضبا مسرعا الشنقيطي الشيخ عمر... فقاطعه على

والنحو, فضحك بالعروض وجهله الكذب صاحبهم تعمد على العلماء يشهد وبدأ األموات؟ لقاء يكون فكيفمنعها. )عمر( أو صرف قضية في لحل يصلوا ان دون وقاموا القوم

أثر حديث الطالب الشباب عن هذه المناظرات على الصبي:منه, ويتعجب فهم فيما لذة ويجد فيحفظه الشنقيطي الشيخ حول الشباب لحديث يسمع الصبي كان لقد

منه. يفهم لم لماحفظ بعض المعلقات:

الدرس هذا يسمعون وأصدقاءه الصبي أخو المعلقات, فكان الطالب على يقرأ الشنقيطي الشيخ كان هذه الفتى سمع فقد دروسهم سائر يعدون كما يعدونه أسبوع, وألنهم كل من الجمعة أو الخميس يوم

حياته, في مرة ألول المعلقاتحفظ يحاول ظل الصبي أخو أن يسيغوه, إال لم ألنهم سريعا الدرس هذا عن انصرافهم من الرغم وعلى

العبد. بن طرفة ومنزل... ومعلقة حبيب ذكر من نبك قفا القيس امرئ معلقة فحفظ المعلقاتكيف حفظ الصبي هذه المعلقات؟

ويحفظها, ثم األبيات الصبي فيسمع عال بصوت يحفظ أخوه بالمعلقات, وكان الصبي عهد أول هذا كان ذلك على يزد وطرفة, ولم القيس امرئ معلقتي حفظ أتم حتى الحفظ في الصبي أخاه معه أشرك

األخرى. األزهرية دروسه إلى وانصرفما أثر حفظ المعلقتين على الصبي؟

القليل. إال منهما يفهم لم أنه تاما, إال حفظا المعلقتين حفظ الصبي أن صحيحالكبار ودرس اإلنشاء:

الطالب دفع اإلمام, مما األستاذ خاصة من سوري شيخ يلقيه اإلنشاء صناعة في درس هناك كان وكذلك عدلوا كما عنه عدلوا أن إال يلبثوا لم اإلنشاء, ولكنهم موضوعات وكتابة الدفاتر وشراء إليه االختالف إلى. الشنقيطي درس عن

لماذا اهتم أخو الصبي بدروس الشنقيطي ودرس صناعة اإلنشاء؟كانت األزهر, بل في أساسية غير دروس السوري للشيخ اإلنشاء وصناعة للشنقيطي الدروس هذه كانت

االستماع إلى الطالب أسرع فقد الشيوخ, ولهذا من خاصته ويعلمها اإلمام األستاذ يؤيدها إضافية دروس في أساسية دروس تكن لم ألنها قصيرة فترة بعد بها يهتموا ولم تركوها بها, ولكنهم واالهتمام إليها

األزهر.كيف عرف الصبي فن المقامات؟

يقرأ وكان يحفظها أن الحريري, وحاول مقامات كتاب ومعه البيت إلى الفتى الشيخ دخل األيام أحد في المقامات حفظ في الصبي أخاه الفتى أشرك معه, ثم يحفظ يسمع الصبي فكان مرتفع بصوت ويحفظ

إلى المقامات عن الفتى الشيخ انصرف مقامات, ثم عشر معا فحفظا المعلقات حفظ في أشركه كماواألصول. والفقه التوحيد دروس

عنها أعرض ثم بعضها الهمذاني, حفظ الزمان بديع مقامات مع الشيء نفس وفعل81

كتاب نهج البالغة:الرضي( كل )الشريف المؤلف فيه جمع البالغة, والذي نهج يسمى ضخم كتاب ومعه الشيخ الفتى وأقبل

عليها فأقبل بنفسه األستاذ شرحها وجهه- وقد وكرم عنه الله -رضي طالب أبي بن علي اإلمام خطبغيرها. عن أعرض كما عنها أعرض الصبي, ثم ومعه بعضها فحفظ الفتى

قصيدة أبي فراس الحمداني:عرف الصبي قصيدة أبي فراس الحمداني التي يبدأها بقوله

الصبر شيمتك الدمع عصي أراك 

أمر؟! وال عليك نهي للهوى أما  

القصيدة يقرأ األزهريين, فجعل بعض خمسها أو شطرها ,وقد مخمسة أو مشطرة أخوه بها جاء وقد نفسها. القصيدة يحفظ الصبي مع بدأ ثم والمخمسة المشطرة القصيدة عن أعرض عال, ثم بصوت

ولم يكن اهتمامه بها وذكره لها إال أن أحد أبياتها وقع من أذنه موقعا غريب فأخذ تفكيره, وهو قول أبي فراس:

ألنني حاضرون وأهلي بدوت 

قفر أهلها من لست دارا أن أرى  

فأصبح البيت ) والذي أخذ تفكير الفتى في هذا البيت أنه قرأ )لست( قراءة خاطئة فقد قرأها )الستبهذا الشكل

ألنني حاضرون وأهلي بدوت 

( من دارا أن أرى قفر أهلها )الست  

العباسي, الشعر )الست( في كلمة تأتي أن الغريب من أنه يرى يفهمه, وكان فلم خطأ البيت قرأ وألنه بعض استخدمها )الست( قد الكلمة هذه أن علم معناه, وكذلك ففهم صحيحا البيت وقرأ كبر لما ثم

كذلك. النثر وفي أشعارهم في المحدثين العباسيين الشعراءاتصال متقطع مع األدب

بل وقتا له يخصص وال نفسه له يفرغ يكن لم مستقر, حيث غير مضطرب نحو على األدب صاحبنا اتصل والنثر. الشعر من خليطا نفسه في فرصة, فجمع له أتيحت لكما آلخر حين من به يلم كان

ديوان الحماسة والشيخ المرصفيللشيخ العباسي الرواق في جديد درس على الدراسي العام بداية أيام احد في متحمسين الشباب أقبل

الحماسة( )ديوان عليهم ويقرأ األدب المرصفي( في )سيدأن بعد نفسه الحماسة ديوان شراء بعد إال غرفاتهم إلى يعودا لم الجديد الدرس هذا الشباب سمعوا ولما

أسرع بل فيه وينتظموا الدرس يحضروا أن على الطالب عزم فقد به( ولذلك )أعجبوا الدرس بهذا فتنوا به وزين ظريفا تجليدا الحماسة( وجلده لديوان التبريزي )شرح كتاب لشراء دائما كعادته الصبي اخو

دوالبهالتبريزي. شرح من بعض عليه يقرا معه, وقد الصبي أخاه ويشرك الديوان في يحفظ بدأ ثم

ما الذي أخذه الصبي على أخيه في قراءة شرح التبريزي لديوان الحامية؟نفس على والتوحيد,ويتفهمه والفقه األصول كتب عليه تقرأ الذي النحو على الشرح يقرأ كان الفتى ولكن

تختلف معه والتعامل لقراءته مخالفة طريقة له الكتاب هذا بأن فأحس الصبي يعجب لم ما النحو, وهووالفقه. والتوحيد األصول كتب وفهم قراءة طريقة عن

انصراف الشباب عن درس المرصفيألنهم الدروس من غيره عن انصرفوا كما قصيرة فترة بعد والحماسة األدب درس عن الشباب انصرف

اإلضافية الدروس تلك أحد كان األزهر, بل في األساسية الدروس من ليس وألنه جديدا يقدم ال أنه رأوا تركوا واألدب, وكذلك والحساب الجغرافيا مثل الحديثة العلوم بدروس وسماها اإلمام األستاذ أنشأها التي

العبث. ويبالغ( في الحد )يتجاوز فيغلوا والعبث السخرية في يسرف كان الشيخ ألن الدرسأسباب عبث الشيخ بالطالب

يحتاج الذي الدرس لهذا مستعدين غير أنهم فرأى فيهم الظن ساء أن بعد إال طالبه الشيخ عبث يكن لم بهم. يهتم ولم معهم فعبث طالبا بهم يعترف فلم الفنقلة يحتمل الذوق, وال إلى

كيف واجه الطالب هذا العبثشعر صاحب أنه فيه, ورأوا بارع الصحيح, وغير العلم من متمكن غير فرأوه به الشباب ظن ساء وكذلك

شيء كله ذلك من يبقى ال ثم تضحك يقال, ونكت وكالم ينشدالفرصة ينتهز اإلمام من مقربا كان وألنه يحميه األستاذ الن الدرس حضور على يحرصوا أن حاولوا وقد

في بعضهم فيسرع الطالب على ويمليها له ويرفعها اإلمام األستاذ مدح في قصيدة لينشد واألخرىاإلمام. األستاذ مدح في ألنها قصائده تعجبهم حفظها, وكانت

شايهم إلى عنه, وعادوا فانقطعوا بهم ولهوه عبثه مع الصبر على يقدروا لم األمر نهاية في ولكنهم الضحى. في به يستمتعون

82

ما أثر انقطاع الشباب عن الشيخ المرصفي على الصبي؟جزءا الحماسة من حفظ أن بعد األدب ذكر الصبي عن انقطع المرصفي الشيخ عن الطالب انقطع أن بعد

صالحا.

الصبي والشيخ المرصفي: )كيف اتصل الصبي بالشيخ المرصفي؟(للزمخشري )المفصل لقراءة أسبوع كل من يومين يخصص سوف المرصفي الشيخ )انتشر( أن أشيع ثم

وكلف أحبه ومرة مرة المرصفي للشيخ سمع أن الجديد, وبعد الدرس هذا إلى الصبي النحو( فسعى فيوأصحابه. أخوه عنه انقطع ,والذي الشيخ يقرأه الذي أيضا األدب درس حضر أنه حتى به

قوة ذاكرة الحفظ لدى الصبيقيده إال تفسيرا )فهمه( وال وعاه إال رأيا وال حفظها إال الشيخ من كلمة يسمع ال الذاكرة قوي الصبي كان

أو قبل من الشيخ فسرها كلمة تكررت ما إذا األحيان من كثير في أنه نفسه, حتى وحفظه( في )دونه أو الحماسة لصاحب نقده أو حكايته أو للكلمة تفسيره الشيخ على يعيد كان سابقا الشيخ حكاها قصة

احها. لشرما أثر قوة حفظ الصبي على الشيخ؟

الحديث إليه يوجه كان به, بل كلف حتى وأحبه به اهتم واالجتهاد الجد هذا الصبي من الشيخ رأى لما في يصحبه أن إلى ذلك بعد دعاه ثم األزهر باب إلى الدرس بعد فيصحبه الدرس, ويدعوه أثناء خاصة ذات معه جلس األزهر, حتى حول المنتشرة القهوات من قهوة إلى أخيرا دعاه )جزء( طريقه, ثم بعض مغتبطا سعيدا بيته إلى بالقهوات, فعاد الصبي عهد أول ذلك فكان للعصر أذن حتى الظهر صليت منذ يوم

باألمل النشاط, يتمتع شديدما الذي دار من حديث على القهوة؟

هذا في جدا قاسيا الشيخ التعليمية, وكان المناهج وسوء وشيوخه األزهر على كله الحديث انصب ع ألن ذلك تعدى )موجعا( بل الذعا نقده الموضوع, وكان من وزمالئه السمعه( بأساتذته وشوه )فضح شن

الشيوخ.

ما أثر هذا النقد الشديد على الفتى ومن معه من طالب؟الصبي يقول, أما لما واستحسان هوى القهوة على معه الجالسون الطالب نفوس في الشيخ وجد لقد

تأثير. أبلغ النقد بهذا نفسيته تأثرت فقد

حب الصبي لدرس األدباثنين فضل أن إلى األمر تعدى كلها, بل دروسه على األدب درس فضل أنه إلى بالصبي األمر وصل لقد

ضحى كل يجتمعون نفسه, فكانوا إلى وأقربهم إليه الناس أخص وجعلهم المقربين الشيخ تالميذ من لألزهر العصر بعد يعودون ثم القديم األب فيها فيقرءون الكتب لدار يذهبون ثم للشيخ فيسمعون الكتب, ويعبثون دار في قرءوه وعما الشيخ عن يتحدثون العباسي والرواق اإلدارة بين فيجلسون

ليسمعوا العباسي الرواق دخلوا المغرب صليت ما لألزهر, فإذا والخارجين الداخلين والشيوخ بالطالبتوفي. بعدما اإلمام األستاذ القرآن( مكان )تفسير درس يقرأ وهو بخيت للشيخ

كيف يمكن تدريس األدب في رأي الكاتب؟أو الحماسة تفسير في المرصفي الشيخ به يقوم كان ما هي األدب لتدريس طريقة أفضل أن الكاتب يرى

اختالفهم. على اللغويين للشارح, ينقد للراوي, ثمة ثم للشاعر حر بنقد يبدأ كان الكامل, فقد تفسيرمعرفة خالل والنثر, من الشعر في الجمال باطن على للتعرف الطالب لدى للذوق بامتحان يقوم ثم

والقافية... وتفصيل, والوزن جملة المعنىاألزهري الذوق وغلظة القديم الذوق رقة بين األزهرية, ويقارن البيئة في الحديث للذوق اختبار يجري ثم

القديم. العقل وقوة األزهري )ضعف( العقل كاللة الحديث, وبينوفي والذوق العلم في الشيوخ على والثورة األزهرية القيود كل تحطيم إلى كله ذلك من ينتهي ثم

في متجن األحيان, ومسرف من كثير في محقا وأحاديثهم, وكان سيرتهميعلوه( لم ما بالباطل )مدعي األحيان بعض

ما أثر هذه الطريقة الجديدة على طالب األزهر؟في كثيرين كانوا أن بعد الشيخ عن ينصرفون جعلتهم األزهر طالب على الغريبة الجديدة الطريقة هذه

إلى صوتها وصل صغيرة عصبة االثنان( فكونوا وأصحابه )الصبي الثالثة هؤالء إال معه يثبت األمر, فلم أول

83

تقاليده, ونظمهم على وثورتهم األزهر نقد في كالمهم وباألخص والشيوخ الطالب بها وسمع كله األزهروالطالب. للشيوخ هجاءا الشر

أثر ثورة الثالثة على األزهر؟واحد. وقت في معا الطالب الشيوخ )مكروهة( إلى بغيضة الصغيرة العصبة هذه أصبحت

الشيخ المرصفي أديب وعالم أزهريدام ما العلماء وقار يصطنع أن دفعه مما أيضا أديبا كان أزهري, بل عالم مجرد المرصفي الشيخ يكن لم

عن مطلقة حرية في يتحدث أديب إلى وخاصته, تحول أصدقائه إلى خال إذا الناس, ولكنه مع أو الزهر في أحرار كانوا أنهم يثبت ما القدماء الشعراء سيرة منه للمقربين يروي كان موضوع, بل وكل إنسان كل

ومغاالة(. تنطع)تكلف )تقيد( وال تحفظ دون شيء كل مثله, يقولونما أثر األستاذ على الطالب في صراحته؟

عما والتعفف بالقليل وللرضا المكروه على للصبر أعلى مثال اتخذوه حتى شيخهم الثالثة هؤالء عظم لقد السلطان. وأصحاب بالعلماء يليق ال

بيت الشيخ دليل صبره ورضاهفي المتواضع بيته في زاروه عندما العين رأي ورأوها شيخهم في الصفات هذه الثالثة هؤالء لمس قلد

)الركراكي( حارةمنه تنبعث رطب قذر ضيق ممر ثم بالباب متهدم, يبدأ قذر بيت الحارة, في أقصى في يعيش كان فقد

انه هؤالء, حتى وطالبه أصحابه مع عليها يجلس دكة إال شيء كل من خال الممر الكريهة, وكان الروائحالتراب. منه يتساقط الذي الحائط إلى ظهره يسند

ليصعدوا دعاهم مشغوال كان التكلف, فإذا عن بعيدا راضيا باسما ويحدثهم معهم ليجلس إليهم ينزل وكان غلى دخلوا الشمس, فإذا أشعة فيه انتشرت شيء كل من خاليا دهليزا متهدم,ويسلكون سلم على إليه

شعر مقطوعة عن فيها يبحث الكتب عشرات حوله ومن الظهر منحني األرض على جالس وجدوه غرفتهالقهوة. أدوات يمينه يفسره, وعن أن يريد شعر بيت أو يتمها أن يريد

كيف كان يستقبل تالميذه؟الجلوس إلى يدعوهم فرحا, ثم مستبشرا يلقاهم كان بل لهم يقوم يكن لم الطالب عليه دخل إذا ,

في لمشاركته يدعوهم ثم لحظات يتحدثون وعيهم, ثم عليه وإدارته القهوة يصنع أن أحدهم من ويطلبتحقيقه. أو بحثه

الشيخ المرصفي وأمهفوجدا الدار أعلى إلى العصر, فصعدا بعد األيام أحد المرصفي الشيخ زارا صديقيه وأحد أنه الفتي ويذكر

على تجلس األرض إلى رأسها تصل تكاد حتى ظهرها انحنى السن( قد في طاعنة )كبيرة محطمة امرأة عليهما أقبل يأتيهما, ثم حتى غرفته في باالنتظار أمرهما رآهما بيده, فما الشيخ ويطعمها متواضع فراشأمي(. أعشي )كنت رضى في يقول وهو ضاحكا

فقر من يعانيه بما أحد يحس واليسر, ال والغنى الوقار صورة عليه تظهر فكانت البيت من خرج إذا أما هنيئة. رغدة وعيشة سعيدة حياة وأحياه عليه يسر قد الله أن إليه المتحدث يشك ال وحاجة, بل

التالميذ يعرفون فقر أستاذهمفقرا الناس أشد من كان الثالثة, فقد والتالميذ األصدقاء من إليه الناس أقرب إال فقره عن يعلم يكن لم

الملح. في يغمسه الجراية خبز إال يأكل ال واألسابيع األسبوع ينفقيدلل كان , بل رعاية أفضل األزهر في يتعلمون الذين أبنائه ورعى ممتازا تعليما ابنه علم فقد ذلك ورغم

مؤثرا. تدليال ابنتهراتب الشيخ المرصفي

األزهر من يحصل كان ونصف, فقد جنيهات الثالث يتجاوز لم الذي الضئيل براتبه هذا كل يصنع كان لقد يتقاضى فكان األدب درس كلفه األستاذ الشيخ أن األولى, كما الدرجة أصحاب من ألنه ونصف جنيه علىجنيهان. عليه

راتبه الصراف( ليأخذ والمقصود بنفسه األمر يلي )الذي المباشر إلى الشهر أول يهرول أن يستحي وكان هو ليتولى كطالبه أحد إلى خاتمه يدفع كان األزهر, بل شيوخ من كثير يفعل كان مثلما عليه يتزاحم أن أو

الظهر. بعد له الطالب يدفعه ثم الضحى في الراتب قبض مسألةإعجاب التالميذ بالشيخ المرصفي

عن يسمعون كانوا أنهم وصبر, حتى ورضى تواضع من فيه رأوه لما المرصفي شيخهم الطالب أحب لقد واحتقارا. وغيظا حقدا عليهم يمتلئون فكانوا والغنى اليسر من اآلخرين الشيوخ بعض أحوال

نقد التالميذ للشيخ المرصفي84

فيها يمدحه قصيدة المرصفي الشيخ فيه الشربيني, فنظم الشيخ اإلمام األستاذ بعد األزهر مشيخة تولى لتالميذه القصيدة إمالء من انتهى العبد, ولما بن طرفة معلقة فيها المعلقات( وعارض )ثامنة وسماها

ورفق لطف في الطالب بعض اإلمام, فرده بالستاذ الشيء بعض وعرض الشربيني الشيخ على أثنىخطيئته. من الله واستغفر خجال آسفا ذلك عن فارتد

لماذا نظم الشيخ المرصفي قصيدة في الشيخ الجديد؟كان الشربيني الشيخ أن وذلك الشربيني للشيخ منه ووفاءا حبا ذلك كان بل رياءا وال نفاقا ذلك يكن لم

الحب لذلك أهل الشربيني الشيخ كثيرا, وكان يحبه المرصفي الشيخ وكان المرصفي الشيخ أستاذومكانته. لعلمه واإلعجاب

إقبال الطالب الثالثة على األدبوكتاب سيبويه كتاب قراءة مثل األزهرية الكتب على وتفضيلها القديمة الكتب بقراءة الثالثة الطالب جهر

يتحرجون وال الشعراء دواوين البالغة, ويقرءون في الجرجاني القاهر عبد كتاب النحو, قراءة في المفصل الشعراء هؤالء يقلدون األزهر, بل في أحيانا ماجان شعر من فيها ما بإنشاد بل بذلك الجهر من

التقوا. ما إذا أنشئوا ما ويتناشدونأثر ذلك على الطالب األزهرين

الدوائر بهم وغضبا( ويتربصون احتقارا العين )بمؤخرة شزرا إليهم ينظرون األزهريون الطالب كان والسقطات(. الهزيمة لهم )ينتظرون

الشعر منهم يتعلموا أن ويريدون إليهم ويتحدثون منهم يسمعون الناشئين الطالب من بعض يقبل وقد موجدة)غضبا ويزيدهم الكبار الطالب )زمالئهم( من نظرائهم ويغضب( ذلك )يضايق فيغيظ واألدب

المؤامرات( عليهم. )إعداد وائتمارا وحقدا( عليهمكتاب الكامل وتكفير الحجاج

الحجاج به الفقهاء كفرت )ومما الجملة هذه عند توقفوا للمبرد الكامل لدرس الثالثة الطالب إعداد أثناء /ج/ رمم بالية عظام هي وأعواد( )رمة برمة يطوفون ومنبره: إنما النبي بقبر يطوفون قوله: "والناس

رمام(وتعبيره أدبه الحجاج أساء لقد لتكفيره, وقال يكفي ما الحجاج كالم في يكون )الفتى( أن صاحبنا فأنكر

كله. األزهر عبر وتناقلوه أنكروه ذلك الطالب بعض سمع يكفر. فلما لم ولكنهمحاكة الطالب الثالثة

دخلوا , فلما األزهر شيخ حجرة غلى المشدين عطا( دعاهم الحكيم )عبد الشيخ حول مجلسهم وأثناء الشيخ ومنهم العلماء كبار وهم الشريف األزهر إدارة مجلس أعضاء معه وجدوا حسونة الشيخ غرفةوغيرهم. راضي والشيخ العدوي حسنين والشيخ بخيت

من يدعو أن رضوان المشدين رئيس غضبان( وأمر الوجه )عابس متهجما الشيخ ولقاهم اتهم أحدهم أقبل عندهم عما الشيخ سألهم ولما األزهريين الطالب من جماعة الطالب, فأقبل من عنده

هؤالء أمر من األعاجيب األزهر إدارة مجلس على قص ثم الحجاج في لمقالتهم بالكفر الطالب هؤالءالثالثة.

على به يعبون الثالثة الطالب كان مما والكثير الكثير العلماء على أحصى أنه حتى ماهرا الفتى كان وقد الرفاعي. والشيخ حسنين محمد والشيخ بخيت الشيخ مثل الشيوخ

الثالثة. هؤالء ضد الفتى بصدق اآلخرون الطالب وشهدولم الشيخ شيء, فأسرع منها ينكروا االتهامات, لم هذه عن ردهم عن الشيخ سألهم فلما ألنه األزهر سجالت من الثالثة هؤالء أسماء يمحو ان المشدين رئيس رضوان أمر ولكنه يحاورهم أن يشأ

ماذا يدرون خائفين( ال )فزعين وجلين عنف, فخرجوا في صرفهم الفارغ, ثم الكالم هذه مثل يريد الألهلهم. القصة هذه يقصون كيف وال يصنعون

إلغاء درس الكاملأمر أن إلى األمر , بل فيهم أكثرهم وشماتة منهم الطالب ضحك عند وال الحد هذا عند األمر يتوقف لم

وأقبل المرصفي للشيخ الكامل درس ليسمعوا العشاء بعد أقبلوا فلما الكامل درس بإلغاء األزهر شيخ في ينتظره الكامل,وأنه درس ألغى قد األزهر شيخ أن ولطف أدب في وأخبره رضوان لقيه بالفعل الشيخالغد. في مكتبه

ما أثر هذا العقاب على الطالب والشيخ المرصفي؟محزونا. انصرف فخرج المرصفي للشيخ بالنسبةيتوسلوا أن لهم خطر علهيم( ثم )يهون عنهم يسري والشيخ وجلين خجلين خرجوا فقد الثالثة الطالب أما

سعيكم من تبلغوا فلت تفعلوا )ال المرصفي الشيخ لهم الجامع, فقال شيخ عند لهم ليتوسط بخيت للشيخذلك. على أصروا شيئا( ولكنهم

85

ولكنكم فتور في فقال انفسهم عن الدفاع فحاولوا ضاحكا وتلقاهم عرفهم بخيت الشيخ لبيت ذهبوا فلما إثم. كتابه فدرس المعتزلة من المبرد كان وقد لمبرد الكامل تدرسون

أثر كالم الشيخ على الطالبأغضبوه( أحفظوه حتى الشيخ فجادلوا مستعطفين جاءوا أنهم نسوا منه ذلك سمعوا لما(اليأس. ومألهم لغضب مأله وقد وانصرفواحتى أهلهم عن األمر يخفوا ان عهد على وتفرقوا كلماته بعض وأعادوا الشيخ من تضاحكوا فقد ذلك ورغم

مفعوال. كان أمرا الله يقضيالمرصفي( الشيخ هشام: )عقاب البن المغني بدرس وتكليفه المرصفي الشيخالمغنى بقراءة وكلفه الكامل درس ألغى األزهر شيخ بأن الغد, أخبرهم في المرصفي شيخهم لقوا لما

األزهر. داخل في عمود إلى العباسي الرواق من هشام, ونقله البنعبث المرصفي بشيخ األزهر

العسل ليبيع خلق بل للمشيخة وال للعلم يخلق لم انه وادعى األزهر بشيخ وعبث المرصفي الشيخ أسرع أهل لغة يتكلم كان كما ثاء السين ينطق فكان أسنانه فقد حسونة الشيخ سرياقوس, وألن في األسود

سيرياقوس, كما كلمة في والسين القاف بين الواو يمد همزة, وكان إلى القاف فيها يغيرون التي القاهرة في العثل )بائع وهي حسونة الشيخ بها طبعوا التي الجملة هذه يتذكرون الطالب هامسا, فظل يتكلم كان

ثرياؤوث(صفات الشيخ حسونة

أمره( في حازما شجاع )جلدا الجانب( صارما )مخشي مهيبا حازما شديدا حقا حسونة الشيخ كان لقد يخافونه. كانوا المرصفي الشيخ ومنهم األزهر شيوخ جميع أن حتى

يقرأ ماذا يهتمون ال الذين لتالميذه به ويذهب هشام البن المغنى كتاب يأخذ أن المرصفي الشيخ دفع مما منه. سمعوه ما له ويقولوا له يسمعون وهم يقرأ أنه الشيخ, فالمهم

ما الذي صدم الطالب الثالثة في الشيخ المرصفي؟في وأسكته الشيخ فرده يحدث ما وغضبه سخطه عن الشيء بعض المرصفي ألستاذه يقول أن الفتى هم

األزهر إلى ضر منذ طعما له يعرف لم عميقا حزنا الفتى عيش( فحزن ناكل عايزين أل )ال له يقو وهو رفقالعميق. الحزن يمألهم وصاحباه هو وانصرف

موقف الطالب الثالثة من العقوبة التي فرضها الشيخ حسونةالعقوبة تلك أنفسهم عن يرفعوا كيف وفكروا األزهر شيخ عليهم فرضه التي العقوبة هذه الطالب يقبل لم

ظالمة. بأنها طنوا التيحتى والصديق العدو من بمعزل المؤيد جامع في مجلسا لنفسه واتخذ صاحبيه وفارق العافية أحدهم فآثر

األمور. تهدأاالبن. أفسده ما إصالح في أبوه وسعى األمر أبيه على قص واآلخرواإلدارة العباسي الرواق بين مجلسا فيتخذان صاحبه يلقى كان وإنما يعتزل ولم صاحبه يفارق ولم

والطالب. بالشيوخ العبث في وقتهما ويمضيانوما ) أنت له قال وإنما يعنفه لم ولكنه شيء كل وصله فقد أخيه على األمر يقص أن يحتج فلم الفتى أما

المرارة( شديدة وستجدها العبث هذا ثمرة فستجني تشاءاألزهر فيه يهاجم عنيفا مقاال كتب بأحد, وإنما الشيخ إلى يتوسل ولم أحد إلى يسعى أن الفتى يحاول ولم

يدعو مديرها كان فيها كتب التي الجريدة أن لذلك دفعه الرأي, وقد حرية ويطلب خاصة األزهر وشيخ كلهالرأي. لحرية يوم كل فيها

مقابلة مدير الجريدةالمقال واإلشفاق, وقرأ العطف من كثير فيه حسنا لقاء فتلقاه بمقالته الجريدة مدير إلى صاحبنا ذهب

ما ى عل عوقبت تكن لم وقال: لو قرأ مما الصديق ذلك معه, فغضب صديق إلى يدفعه وهو وضحكلعقابك. كافية وحدها المقالة هذه لكانت ذنب من جنبت

من ذلك الصديق؟صبري( بك )حسن هو يكلمك الذي إن وقال الجريدة مدير أسكته نفسه عن يدافع أن يحاول أن وقبل

هذا عنك ترفع أن أم وشيخه األزهر تشتم أن أتريد رفق في باألزهر, وسأله الحديثة العلوم مفتش إذن لي فدع الجريدة مدير . فقال الحرية من بحقي أستمتع وأن العقاب رفع أريد بل وقال فرد العقاب؟

راشدا. وانصرف القصة هذههل حقا وقعت العقوبة التي قالها الشيخ

من أسمائهم يمح لم األزهر شيخ أن وصاحبيه لصاحبنا تبين الجريدة من انصرف أ، وبعد قصيرة مدة بعد . لمثلها يعودوا ال حتى تخويفهم بذلك أراد بل األزهر

اتصال الفتى بالمدير الجريدة86

يوم. كل فيه يلقاه كان وقت جاء حتى عليه يتردد وعل الجريدة بمدير الفتى اتصل اللقاء ذلك ومنذالعمائم, وذلك طائفة سئم أن بعد الطرابيش بطائفة يتصل أن وهو كثيرا تمناه بشيء الفتى ظفر وبذلك

القاهرة. في الحال سيء أسرته في الحال متوسط فقير وثراء, وهو منزلة أرق الطرابيش طائفة أن

(على باب األزهر الفصل األولالكتاب الثالث ) كم المدة التي أنفقها الفتى في األزهر؟ وكيف كانت في نظره؟

أعوام أربعة األزهر في صاحبنا أنفق .الليل /م/ قطر( وكأنها )نواحيها أقطارها جميع من عليه طالت قد عاما, ألنها أربعين كأنها عليه مرت

المظلم.أسباب طول السنوات أألربع في نظر صاحبنا

يكن لم )السوداء( الثقال, ولكن القاتمة السحب عليه تراكمت األزهر, لقد في بالحياة يضيق فأصبح مألوفا شيئا القصيد وقصر الفقر ألن يريد, وذلك )عجزه( عما يده قصر الضيق, وال ذلك سبب هو الفقر

األزهريين. العلم طالب حياة فيمعاناة الجميع من الفقر وحبهم له

يلقى ما ويبقون يشقى كما يشقون األزهر في الفتي حول العلم طالب من والمئات العشرات كان فقد ( الفقر وأحبوا )تعودوا ألفوا أن إلى األمر بهم وصل ويحبون, حتى يحتاجون ما أبط عن اليد قصر من

تحصيل تعوق والرفاهية( أسباب )الغنى العيش وخفض والسعة الثراء وتحققوا( أن )علموا واستيقنوا والقلوب النفس غنى اعمل( واالجتهاد, وأن في )االشتداد للجد)االجتهاد( والكد شرط الفقر العلم, وأن

بالمال. الجيوب امتالء من أجدى بالعلمملل الفتى من حياة األزهر؟

مطردة حياته كانت جوانبها, فقد جميع من نفسه كلها, وأخذ حياته عليه مأل الذي األم بهذا يضيق وكان ينقضي. أن إلى الدراسي العام بدأ منذ جديد فيها يجد ال )متتابعة( متشابهة

كيف كانت حياة الفتى؟أن بعد الفقه ودرس الفجر صالة بعد التوحيد كاآلتي, درس تنقضي المتشابهة الرتيبة حياته كانت وقد

الضحى. ارتفاع بعد النحو الشمس, ودرس تشرقكثيف فراغ في يعيش الظهر, ثم بعد أيضا النحو في درس , ثم الغليظ الطعام من شيئا الفتى يأكل ثم

المنطق, يسمعه لدرس راح المغرب انتهى إذا الغليظ, ثم الطعام بعض فيه ممل(, يأكل المراد )ثقيلذاك. أو الشيخ هذا من

وال القلب تمس ال وأحاديث معادا كالما يسمع الدروس هذه كل مع الملل, أنه عليه يبعث كان ما وأشد التي الملكة نفسه في تربت جديدا, حتى علما علمه إلى تضيف وال )تفيد( عقله تغذو ذوقه, وال تمس

)فائدة(. طائل غير من الشيوخ, ولكنها هؤالء يقوله ما يفهم أصبح أنه األزهريون, وهي عنها يتحدث

كيف فكر الصبي في هذا الوقت في مستقبله؟السابقة أعوام األربعة عد كما عاما ثمانين أخرى, سيعدها أعوام ثمانية أمامه زال ما أنه الصبي فكر

يختلف أن الثمانية األعوام هذه خالل مجبر يقال, فهو لما وتكرار وسأم ملل من فيها ينتظره أربعين, لما )يقبله( وال يسيغه ال أنه الغرم على ويكرر يعاد الكالم لهذا يسمع وأن يفعل أن تعود كما الدروس هذه إلى)فائدة(. غناء فيه يجد

أثر اسم الجامعة على الفتىقبل, من الكلمة هذه يسمع لم الغريبة, ألنه الغرابة موقع مرة ألول الفتى نفس على الجامعة اسم وقع

وما الجامعة؟ هذه تكون ماذا نفسه يسأل ليله, وبدأ من وشطر نهاره فيه ينفق الذي الجامع إال يعرف ولمشيوخه. إلى فيها يختلف كان التي الجوامع وبين بينها الفرق

مما األزهر عن وطالبهم )يبعدون( بدرسهم ينأون الشيوخ كان التي المساجد من كثير إلى اختلف فقد األزهر. في الحياة سأم عن بعيدا والترفيه للترف فرصه له جعل

الفرق بين الجامعة والجامع87

يعرفها, وأحسن التي كالمدارس ليست ولكن كمدرسة أنها وهي الجامعة لكلمة مقاربا معنى الفتى فهم أصحاب من يكونوا لن طالبها بعيد, وأن أو قريب من األزهر كدروس ليست دروسها أن عنده مميزاتهاالعمامة. أصحاب من أكثر إنهم المطربشون, بل فيها سيكون وحدهم, بل العمامة

التي القشور بتلك أنفسهم يشغلوا آخر,ولن علما األزهري )يسووا( بعلمهم يعدلوا لن المعممين أن وذلك أوقاتهم. المدارس أبناء فيها يضيع

حيرة الفتى في مسألة التقدم للجامعةشدته(, وذلك غمرته وكربه( وانجالء )حزنه غمته بانكشاف إيذانا الجامعة نبأ كان لقد( ويكررها. ويعيدها يسمعها كان التي غير علوم إلى االستماع له تتيح قد أنهايتم حين طالبها بين الجامعة أتقبله )مؤلم(, وتساءل مضض وشك وحيرة قلق في عاش ذلك مع ولكنه

لتعليم الوقت ذلك في الوحيدة الوسيلة ألنه جميل غير ردا األزهر إلى ترده أم أعمى؟ وهو إنشاؤهاالمكفوفين؟

أثر قلق وحيرة الفتى علي نفسهمع إال األمر هذا في يتحدث يكن بالنوم( ولم يهنأ يجعله )ال مضجعه ويقض نفسه يؤلم الشك هذا كان لقد

يتحدث أن حياء إال ذلك منه( وما )المقربين خاصته ذوي مع حتى األمر بهذا ألحد يصرح لم نفسه, فهويفعلون! كانوا ما أكثر عنها, وما إليه اآلخرين حديث بشده يؤذيه كان )عماه( , فقد للناس بآفته

الكبير. األمل محلهما وحل والقلق الخوف عنه ذهب علمها وعلم الجامعة أنشئت ولمااالنشغال بالجامعة عن األزهر

كان شيئا, فقد يفهم ولم شيئا يسمع لم ولكنه األزهر إلى الفتى ذهب الجامعة أنشئت بعد األيام أحد في سمع مرة ألول أنه حتى شديدا انشغاال الجامعة بأمر انشغل ألنه كالنائم, وذلك كالغائب, ويقظا حاضراشيئا. يفهم أن دون الضحا في األدب درس

الجنيه والجامعةواحد كل البالغة, فدفع درس أعقاب في الجامعة إلى زميليه مع أسرع وإنما العصر حتى الفتى ينتظر لم

الجنيه. هذا دفع من البد الجامعة, وكان درس إلى ليستمع جنيها منهمأرغفة يرزقوا أن على تعودوا قليل, فقد كان وإن حتى بالمال العمل يشتروا أن الطالب على غريبا وكان

ما بمقدار الجامعة درس أحبوا عسيرا, ولكنهم عليهم الجنيه ذلك كان األزهر, وقد في العلم لطلبهمثمنه. أداء في العسر من وجدوا

اختالف الدرس األزهري عن الدرس الجامعياختلف بك( الذي زكي )أحمد يد على اإلسالمية الحضارة في الجامعة دروس من درس ألول الفتى استمع

األزهر: في يألفه لم الذي األسلوب وأدهشه( هذا )أعجبه الفتى كليا, وراع اختالفا األزهري الدرس عنأحييكم السادة " أيها فقال اإلسالم تحية بإلقاء أنفسهم للطالب بك( كالمه زكي )أحمد األستاذ بدأ فقد

". الله ورحمة عليكم اإلسالم: السالم بتحيةعلى ويسلمون يصلون ثم عليه فيثنون الله إلى درسهم أول في يتجهون األزهر في الشيوخ كان وقد

طالبهم. يحيون أجمعين, وال وأصحابه آله وسلم( وعلى عليه الله )صلى محمد النبيفي يحفظه كان مما درسه بك, يعرض زكي أحمد األستاذ كان الدرس, فقد أسلوب الفتى أعجب وكذلك

بالمقولة كالمه يبدأ األزهر, ولم شيوخ يفعل كان كما كتابا من يقرأ العلوم, وال من ويفهمه الذاكرةالله(. رحمه المؤلف )قال الشهيرة األزهرية

غريبا كان عليه, بل اعتراض وال فيه فنقلة ال مستقيما سويا واضحا بك زكي احمد األستاذ أسلوب أن كما الجدة. كل الغرابة, جديد كل

ليتاح دقائق بعد الدرس هذا سيعيد بك( أنه زكي )أحمد األستاذ أعلن األول الدرس ينقضي أن وقبل يسمعوه. أن الغرفة دخول يستطيعوا لم الذين الكثيرين للطالب

أثر درس الجامعة على الفتىعقله الفتى على ملك انه الجدة, حتى كل جديدا الغرابة كل غريبا بك زكي أحمد األستاذ أسلوب كان لقد

بعد خرج من مع يخرج لم أنه إلى األمر وصل حوله, بل عمن صاحبيه, وشغل عن كله, فشغل وقلبه كله أول الدخول لهم يتح لم من مع ثانية مرة للدرس واستقر( ليستمع )جلس مكانه في الدرس, وأقام انتهاءمرة.

الفجر لصالة يدعو المؤذن الليلة, وسمع تلك ينم بيته, فلم إلى عاد أن بعد الفتى على الدرس أثر واستمر غرفته في لظل العباسي الرواق في األدب درس الضحا, ولوال ارتفع حتى وتثاقل فراشة من ينهض فلمالمساء. حتى

درس األدب وسخرية الشيخ من الفتىفي )تردد الفتى فلجلج شيء عن سأله الشيخ األمر, ولكن أول به يحفل فلم األدب درس إلى الفتى ذهب

بهما؟ يفعل ماذا رأسه في ركاب الذين المقطفين عن سخرية في الشيخ يبين(, فسأله ولم اإلجابة88

واحدا حرفا الشيخ قول من يضيع قبل, فلم من يقبل كان كما الدرس علي وأقبل فأنصتدرس النحو والمقطف

يمنحه لم مقطفيه, بل )أذن( من واحد مقطف إال أستاذه يمنح ولم الفتى إليه استمع النحو درس وأثناء الحضارة عن بك زكي أحمد سيلقيه الذي المساء في الجامعة بدرس مشغوال كان كله, فقد مقطفه

القديمة. المصريةأثر درس الحضارة المصرية القديمة على الفتى

على له تخطر لم أشياء سمع رحبها, فقد عليه( على )تضيق األرض تسعه لم الدرس هذا الفتى سمع ولما عنها. يتكلموا أن يمن الناس أن كانت, أو قد أنها يتصور بال,ولم

األستاذ اإليطالياألولين, اليومين من شوقا أشد وكان الجامعة درس )تشوقه( إلى تحرقه أشتد الثالث اليوم وفي

قبل من عنه يسمع لم درسا سيسمع الفتى إن بالعربية, بل للطالب وسيتحدث إيطاليا األستاذ فسيكون غريبا وكان آذانهم أنكرته شيء في سيتحدث /ج/ترب( األزهريين, فاألستاذ السن في )زمالؤه أترابه وال

والتاريخ(. الجغرافيا )أدبيات عليهم, وهووالتاريخ؟ الجغرافيا في تكون أدبيات, وكيف كلمة تكون ماذا نفسه في وتساءل

ضياع درس األستاذ اإليطاليشيخا اإليطالي األستاذ كان شيئا, فقد يسمعوا لم ألنهم شيئا يفهموا لم ولكنهم الدرس على الفتية أقبل

فضاع الطالب لضجيج أدى كثيرون, مما منه, والطالب الطالب ألقرب يصل ال نحيف كبيرا, وصوتهفيه. األستاذ تعب أن )فائدة( بعد طائل غير في األول الدرس

عن ليبلغ نطقا وأفصحهم صوتا أرفعهم الطالب, فاختارت من األستاذ عن مبلغ الختيار الجامعة فاضطرت الصالة. في اإلمام عهن المصلين يبلغ كما األستاذ

فجائيأ تغييرا كلها حياته غيرت أنها إال الجامعة في للفتى فقط أيام ثالثة مرور من الرغم وعلى

عندما خفق القلب ألول مرة الفصل الثانيفضل الشيخ عبد العزيز جاويش

العزيز عبد )تعداه(, فالشيخ الحد تجاوز الفتى, حتى على عظيما فضل جاويش العزيز عبد للشيخ كان لقد بعض في الكبار الشعراء يفعل كان الشعر, كما ينشد األيام أحد صباح للناس الفتى قدم من أول هو

)حافظ( العامة, وبخاصة الناسباتاالحتفال برأس السنة الهجرية

عبد الشيخ هجري, وكان عام كل مطلع الهجرية, في السنة برأس االحتفال على )تعود( الناس ألف عبد الشيخ أقام األعوام أحد عام, وفي كل المناسبة بهذه الوطني الحزب يحتفل أن على يحرص العزيز وصغارا كبارا الناس من كبير عدد الحفل )اجتمع( في كامل, فاحتشد مصطفى مدرسة في احتفاال العزيزالخمسين(. إلى الثالثين تجاوز ) من وكهوال

الفتى ينظم الشعرفرضي جاويش العزيز عبد للشيخ وأنشدها الهجري العام قدوم بمناسبة قصيدة نظم قد الفتى وكان

أمثالها. يكتب أن على وحثه عنها الشيخالفتى ينشد الشعر أمام الناس:

أن نفسه في المنصة, فظن على ويجلسه بيده يأخذ من الناس, فوجد بين االحتفال في الفتى وجلس )قدر( ذلك وعد عظيم بسرور الفتى مجلسه, فشعر من ويقربه به يرفق أن إال يريد ال العزيز عبد الشيخعليه. جاويش العزيز عبد للشيخ عظيما فضال

اسمه سماع )يفزعه( إال يرع لم يجده بما مسرور الحاضرون, والفتى وصفق الخطباء خطب أن وبعد فزعا( ال )ساكنا واجما جامدا مكانة في )القوية( لبث العصماء قصيدته سينشدهم أنه للناس يعلن

المائدة على ليقف يده من أخذه من يقول, فأقبل ماذا يعرف يصنع, وال ماذا يدري حراك, وال يستطيعوحياء. خجال ويمتنع يرفض وقصد( أن )عزم القصيدة, فهم الناس فينشد

89

إلى يدفعونه حوله من الناس قويا, وجعل جذبا جذبه فقد لذلك الفرصة يعطه لم بيده أخذ من ولكن وثبته ثابت, قواه قوي صوت في القصيدة, فأنشدها إنشاد من بد يجد جرا, فلم إليها ويجرونه المائدة كان فقد مكانة في مستقرا يكن لم له, ولكنه الحاد الناس تصفيق

يرتجف(. يرتعد جسده(حافظ. من قريب أو حافظا مكانه في أنه إليه واالستحسان, فخيل بالتصفيق قصيدته الناس فقابل

مرور األعوام وذكريات الماضيعظام( وكذلك جسام )أحداث خطوب الفتى وعلى الشيخ )تعاقبت( على واختلفت األعوام ومرت

كل الشعر عن والكهولة, وأعرض الشباب سن الفتى وأحداث, وتجاوز خطوب مصر على تعاقبت األصدقاء أحد مع مساء ذات كثير, وجلس سخفا قال قط, وإنما الشعر يقل لم أنه له وتبين اإلعراض

عمره من أضاع لما الشيخ قصيدته, فرثى بمطلع وذكره كامل مصطفى وبمدرسة بصباه ذكره الذيالشعر(. )قول طائل غير في وجهده وصباه

الفتى ومجلة الهدايةفي يكتب كيف الشيخ علمه فقد أيضا تجاوزه الحد, بل هذا عند الفتى على جاويش الشيخ فضل يقف لم

كاد أو له ترك تحريرها, ثم في يشترك أن الفتى إلى الهداية, وطلب مجلة انشأ قد الشيخ المجالت, وكانفيها. ينشر وما فصولها وتنسيق الصحف إعداد الشيخ علمه التحرير, وكذلك على اإلشراف له يترك

هجوم الفتى على الشيخ رشيدكتب , حيث رضا رشد الشيخ خصمه كان فيه, فقد وأسرف الفتى دفعه عنيف جدال من الهداية تخل لم

الشيخ وعلى نفسه على أسرف له, فقد ذكرت حينما بعد فيما منها استحى الشيخ عن أحاديث الفتى اإلمام, األستاذ طريق عن وانحرافه ومهادنته( للخديو )نفاقه مماألته رشيد الشيخ من يمقت رشيد, وكان

عليه. الناس بثناء واغتراره بنفسه إعجابه واإلسراف الجدال هذا في وزادهفيها. المضي على ويشجعه األحاديث هذه عن رضيا جاويش العزيز عبد الشيخ وكان

الفتى مدرس لألدب بمدرسته بال أجرالغلة ذي من الماء موقع نفسه من وقع الفتى على فضال جاويش العزيز عبد الشيخ أضاف

أتاح الشيخ أن هو الفضل /ج/ صداة(, وهذا / العطشان الشديد العطش الصادي) صاحبذلك وبين بينه األزهر حال أن كثيرون, بعد تالميذ له الذي المعلم مجلس يجلس أن للفتىشيء, بل منها الشيخ يفيد يكن كامل, ولم مصطفى فعل كما ثانوية مدرسة العزيز عبد الشيخ أنشأ وقد

األحيان من كثير في الحرمان, وكان من شيئا نفسه ويكلف رزقه من األحيان بعض في عليها ينفق كان ×يخيرهم( على )يجبرهم يستكرههم كان حتى عليها يعينوه أن الناس وأوساط األغنياء بعض على يلح

ذلك.لمن أجر ال وطنيا عمال المدرسة في العمل كان فقد أجر بال لألدب مدرسا فيها عمل فقد الفتى أما

في ومشاركة األزهر من لغيظه شفاء ذلك في له, يرى مبتهجا به فرحا التعليم على فيه, وأقبل يشاركالخير. عمل

هجرة األستاذ الشيخ عبد العزيز جاويشيره ولم فجأة مصر لهجرة اضطر بالسياسة, ثم عنه وانشغل ذلك كل عن انصرف أن الشيخ يلبث ولم

أهل علم غير على هاجر قد الشيخ عودته, وكان عند طوال سنوات بعد إال سفره ليلة ودعه منذ الفتىعلمهم. غير على أيضا وعاد مصر

معروفا اسما له وجعل العامة الحياة إلى المغلقة بيئته من أخرجه أنه هو الفتى على األعظم فضله ولكن الناس. بين

فضل لطفي السيد على الفتىممن والصحافة األدب رجال من كثير على تعرف بالجريدة مكتبه الفتى, ففي على كبير فضل له كان

ولقي بعد فيما معهم عمل رفاق والشباب, ومنهم الشيوخ طويلة( به, من زيارة )يزرون يلمون كانوا كامل ولسيد عزمي ومحمود )هيكل لسيد لطفي عند الفتى عرفه والشدائد, وممن الخطوب معهم

كثيرون. لهم البنداري( وأترابا وكاملالفتى وتعريفه ب )نبوية موسى(

سيدات لقاء األيام, وهو من يوم في له سيتاح أنه يقدر لم المعرفة من لونا السيد لطفي بفضل عرف لقد لجمالها عنها, ال الحديث في الناس أكثر موسى( التي )نبوية يوم ذات عنده لقي الرائدات, فقد مصر

فتاة أول كانت الشديد, فقد لطموحها عنها الجميع تحدث الخالبة, ولكن لجاذبيتها الفاتن,والالثانوية. شهادة تظفر)تحصل( على

البرزة الكاتبة القارئة منهن يلق لم ولقيهن, ولكنه الريف في النساء عرف قد وكان في فتعنف تنصرف( وتخاصمهم أن وتأبى )تستمر وتحاورهم, فتلج الرجال تجالس )المرأة( التي

موسى. نبوية الفتاة تلك في ذلك وجد الخصام, وقد90

حفل تكريم خليل مطرانالخديو إليه أهدى مطران, فقد خليل بتكريم احتفل القديمة الجامعة حجرات إحدى في مساء ذات

علي( )محمد الخديو شقيق الحفل هذا وساما, وترأسحضور عن الجامعة في ألستاذه الخطباء, فاعتذر , وسيخطب أشعارهم سينشدون الشعراء بأن وعلم

الحفل. فضل الدروس,ولكنه عن يتخلف أن يكره كان الحفل, قد هذا شهود وفضل الدرسأثر الحفل على الفتى

في إبراهيم حافظ شعر يعجبه لم أنه أشعار, حتى من الحفل هذا في سمع بما )يهتم( الشاعر يحفل لم مطران قصيدة تعجبه لم أنه إلى األمر وصل وأشعاره, حتى بحافظ اإلعجاب شديد أنه المقام, رغم ذلك )تجاوز( مطران بإسراف شعر شيئا, وقد منها يذق شيء,ولم منها يفهم لم ألنه الحفل في أنشدها التي تمنحها شمسا األمير من وجعل ضئيلة نبته نفسه الوسام, فجعل إليه أهدى الذي األمير أمام التضاؤل في

والنماء. والقوة الحياةصوت مي زيادة

له وأرق شديدا اضطرابا له فقط, اضطرب واحد صوت إال الحفل ذلك في شيء أي عن الفتى يرض لم الناس من لجمهور الليلة تلك في تتحدث كانت زيادة( التي )مي اآلنسة صوت النوم( وهو عن )امتنع ليلته

األولى. للمرةبه فيفعل خفة في قلبه إلى يصل صافيا(, وكان )حلو رائقا عذبا دقيقا( وكان )هزيال نحيال الصوت كان

/م/ أفعولة(. )األعاجيب األفاعيلشغله شيء, فقد منه يفهم أن يحاول شيء,ولم الصوت ذلك يحمله الذي الحديث من الفتى يفهم ولم

أحاديث. من يحمل كان عما الصوت جمال

كيف عرف الفتى صاحبة الصوت؟الصوت صاحبة منه ليعرف الجريدة مدير إلى صباحا الذهاب من نفسه الفتى يمنع أن الفتى يستطع لم

الحفل. في سمعه الذي العذبإلى الحفل من مطران, وانتهى حفل إلى وصل حتى كثيرة أشياء حول الجريدة مدير مع الحديث ودار

الفتاة قالت عما المدير قبل, فسأله من الفتى عنها يسمع لم والتي الحفل في تحدثت التي الفتاة هذه بأنه )أخبر( الفتى )مي( وأنبأ على األستاذ يبين(.فأثنى ولم الكالم في )تردد لجلج الرد, وإنما يحسن فلم

قريب. يوم في لها سيقدمهأثر وعد األستاذ مدير الجريدة على الفتى

وفاء( بر ينتظر االبتهاج, وظل هذا )يفصح( عن يعرب لم شديدا, ولكنه ابتهاجا الوعد بهذا الفتى ابتهج( تجنب على )أجبر( نفسه به, فحمل يذكره أن الفتى فاستحى وعده نسي األستاذ بوعده, ولكن أستاذه

أستاذه. إلى عنها الحديث أو ذكرها األمر, وتجنبحصول الفتى على الدكتوراه, ومقابلة مي

المعري, وأعطى العالء أبي في وكانت الجامعة من الدكتوراه درجة على الفتى حصل وأشهر أيام وبعد سترد له وقال للفتى يردها لم عنها, ولكنه ورضي المدير العالء, فقرأها أبي عن رسالته الجريدة مديرتقرأها. أن طلبت التي مي اآلنسة تقرأها أن بعد أيام بعد إليك

أثر ذلك على الفتىوعده فتذكر األستاذ ذلك )مي( فالحظ اسم سمع والسكوت( لما )العبوس الوجوم الفتى على بدا

إليها؟ بتقديمك أعدك رفق, أم في له القديم, وقالمعا. فنزورها الثالثاء مساء األستاذ: فالقني ذلك. فقال أذكر أكاد الفتى فقال

صالون )مي(رقيقة )لطيفة حفية الرجال تستقبل فتاة صالون في مرة ألول نفسه الفتى رأى الثالثاء مساء وفي

وحذق(. )كياسة وظرف رشاقة في لهم معاتبة مرحبة( بهمالوهم ملكه حوله, فقد بما يشعر ال مكانه في الشاي, والفتى أكواب ودارت الزائرون وكثر لمجلس طال

تقاليد, أو مراسم من فيه يجري ما يعرف قط,وال المجلس هذا مثل يشهد لم ألنه )الخوف( وذلك والوجلالسيد. لطفي واألستاذ مي إال حوله يكن حوله,ولم من )جهل( وأنكر نفسه أنكر ولذلك

انصراف الزائرينذات في حرجه, ولكنه من التخلص في رغبة )أراده( الفتى فيه رغب االنصراف في الزائرون بدا ولما

االنصراف يحاول لم انه وحديثها, كما مي صوت على وحذر( حرصا )خاف االنصراف من أشفق الوقتويعلمه(. )يخبره بذلك يؤذنه لم األستاذ ألن

رأي اآلنسة مي في رسالة الفتى91

مع الحديث بعض في مي اآلنسة والفتى, وتحدثت ومي السيد لطفي األستاذ إال الصالون في يبق لم الفتى استحيا حتى الثناء في المعري, وبالغت العالء أبي في الفتى رسالة )مدحت( على أثنت األستاذ, ثم

شكرها. يحسن ولمالذي هو ألنه األستاذ على قرأته ثم األمر بداية في مقالها, فترددت تقرأ أن مي من األستاذ طلب ثم

يعلمني, فقالت واضح( كما )غير مجمجم ولفظ مخنوق صوت في الفتى والكتابة, فقال العربية يعلمهازميالن. فنحن إذن مي

هالال( المساء ذلك في )كنت عنوانه كان الذي المقال قرأت ثمالفتاة صوت من والكثير الكثير نفسه في يحمل وهو أستاذها, وانصرفا عنه ورضي بمقالها الفتى وسحر

قرأته. ومما

أساتذتي الفصل الثالثاألساتذة المصريون

فقط(, بل فحسب األجانب األساتذة بسبب ذلك متصال, وليس عيدا الجامعة في الفتى حياة كانت لقد( الفتى. نفس في وإشراق روعة إلهيا أضاف ممن الكثير المصريين األساتذة من فيها كان

كبيرا, فقد تأثيرا حياته في أثروا األساتذة, ألنهم هؤالء )مجموعة( من طائفة ينسى أن الفتى يستطع ولم المستقبل, وأتاحوا إلى نظرته غيروا وجديدها, كما لقديمها وفهمه بها وشعوره بالحياة علمه جددوا

دراسة في تخصصوا غربيون )علماء المستشرقين علم أمام وتثبت تقوى أن العربية المصرية لشخصيتهوعاداته( األجانب. الشرق أدب

92

كيف كان علم األجانب في نفس الفتى؟ وكيف واجه؟دراسة في حياته يفني خطيرا تحويال الفتى يحول أن جديرا المستشرقون به أتى الذي العلم كان لقد

األوربية. العلوماعتدال على عملت التي العربية الثقافة من قوي ركن إلى يلجأ أن له أتاحوا المصريين األساتذة ولكن

دون ووسطية اعتدال في والغرب الشرق علم بين يجمع أن له المصريون األساتذة أتاح فكره, فقداآلخر. دون لجانب انحياز

تفاوت األساتذة المصريينسبقت من المعممون, ومنهم ومنهم المطربشون شديدا,. فمنهم تفاوتا المصريون األساتذة تفاوت لقد

الطربوش. محلها وزالت( وحل )سقطت انحسرت ثم رأسه إلى العمامةثغره يعرف لم لألمر( الذي / الضابط )الشجاع الصارم الحازم مزاجهم, فمنهم في اختلفوا وكذلك

والشدة( إال )الجهم العبوس وجهه يعرف لم الذي )الضاحك( الباسم المازح قليال, ومنهم إال االبتسامة)قليال(. نادرا

ويزكي ويعجب( ويسحر )يدهش يبهر الذي علمه في المتعمق العالم العلم, فمنهم في اختلفوا وكذلك الرقيقة, /ج/ أضحال( والثقافة )القليل الضحل العلم ذو أيضا ويصلح(, ومنهم )ينمي والعقول القلوب

يخلب من منهم كان قيمة(, وكذلك و )أهمية بال ذو شيء وراءه ليس الذي يخلب)يخدع( باللفظ الذيالغزير. والعمل الساحرة والدعابة العذب باللفظ

نماذج ألساتذة الفتى في الجامعةإسماعيل رأفت – رحمه الله-

عابسا عليهم يقبل صبا, فكان علم فيها يصب أن يجب رءوسا يحملون أنهم إال طالبه من يعرف يكن لم ساعة تنتهي حتى القراءة في ويأخذ أوراقه ويبسط درسه على عابسا, يقبل غاضبا( وينصرف )متجهما

تعود الذي السؤال هذا عليهم يلقي كان عندما لتفسير, وأيضا يحتاج ما تفسير إال قراءته يقطع الدرس, المشايخ؟ يا فيها- فاهمين أستاذا وكان – العلوم دار في يلقيه أن

ماذا تعلم الفتى من إسماعيل رأفتأقطارها, سمع اختالف على إفريقيا وصف الفتى منه الجغرافيا, وسمع درس يلقى رأفت إسماعيل كان

ونظم واالقتصاد بالسياسة يتصل ما اإلقليم, ومنها بطبيعة يتعلق ما صورة, منها من بأكثر وصفها منهالسكان. أجناس االجتماعية الحياة

تفوق إسماعيل رأفت على أساتذة فرنساجامعات في ممتازين أساتذة من الجغرافيا في مختلفة دروسا ذلك بعد فرنسا في الفتى سمع وقد

رأفت. إسماعيل العظيم المصري أستاذه على فضال ألحدهم يجد لم فرنسا, ولكنهحفني ناصف – رحمه الله-

الفقه في )كثير( وأصالة الغزير بالعلم يتميز التواضع, وكان أشد ومتواضعا وفكاهي دائما مبتسما كان القديم. األدب من يدرس كان لما والتدبر( وذلك / الفهم إحكام )شدة

أثر علم وابتسام حفني ناصف على الطالبكان بعضهم أن عظيما, حتى طمعا فيه والتعلق(, ويطمعون )الحب كلف أشد الطالب به يكلف كان لقد

فيها يجلس كان النيل( التي قصر )كوبري قهوة في معه ليجلس دروسه عن ينصرف األحيان بعض فيأسبوع. كل من الخميس يوم الدرس قبل ساعة

أكثر, وكانوا أو درسين المقرر على يزيدهم ان دون العام آخر دروسه يختم أن يرفضون كانوا كما وشعرا حينا نثرا إضافية دوسا منه يطلب الذي لسانهم الفتى عنهم, فكان إليه ليتحدث الفتى يختارون

أخرى. مرة ومنذرين مرة آخر, ومستعطفين حينا

ابتزاز الفتى لحفني ناصفويكره الشرح ذلك من يخجل العروض( وكان في )الكافي كتاب األزهر في طالب وهو ناصف حفني شرح

)شرح إليه لينسبن دروسا المقرر على يزدهم لم إن العام آخر يقسم الفتى إليه, فكان أحد ينسبه أن أربعة أضاف وربما درسين ويضيف يستجيب الجريدة, فكان في مقاالته أحد العروض( في في الكافيدروس.

تواضع حفني ناصفالشديد, وعدم تواضعه هو فيه أعجبه ما أشد ناصف, ولكن حفني وصفات خصال من بكثير الفتى أعجب

مجالسهم )يصعدون( إلى يرقون حين األساتذة بعض يتكلفه الذي والرزانة( المصنوع )الهيبة الوقار تكلفهسنا. يكبرهم أنه لوال منهم واحد كأنه بطالبه نفس يخلط كان الدرس, فقد غرفة في

مسابقة شعرية يحكمها الفتى وأستاذه حفني ناصف93

جائزة شعرية, وجعل لمسابقة موضوعا فيه يطرح القراء ألحد حديثا الجريدة في افتى قرأ األيام أحد في وتميذه ناصف حفني األستاذ المسابقة تلك في القالي, ويحكم علي "األملي" ألبي كتاب المسابقة هذه

الغرور. ببعض أستاذه, وأحس مع( إلى )يجمع يقرن أن وعاب( الفتى )رفض الفتى. أنكراألستاذ يجبره على االشتراك في التحكيم

الليل, بهم تقدم حتى الجماميز( يحدثون )بدرب بيته في رفقائه بعض مع الفتى جلس الليالي إحدى وفي الفتى الرفاق. )وكان ودهش عجزا( الفتى )سكت الباب, فوجم ناصف حفني األستاذ طرق ذلك وأثناءالسادسة( الطبقة في يعيش

ساعة به ليخلو الوقت ذلك في للفتى /م/ مستبق( وجاء )المتسابقين المستبقين شعر األستاذ جمع فقد المسابقة. قضية من ليفرغ

الشيخ محمد الخضيري – رحمه الله - الفتى لهجته,وأحب وصفاء إلقائه حسن صوته,و بعذوبة الفتى سحر اإلسالمي, وقد التاريخ مدرس كان

أمية بني ودولة الفتن تاريخ في دروسه وفتوحهم, وأحب الراشدين الخلفاء وتاريخ السيرة في دروسهالعباسيين. دولة من األول والصدر

كيف تعلمت الفرنسية ؟ الفصل الرابعبداية تعلم الفرنسية

مسائية مدرسة عن والمفرد( حدثه )للجمع صديقه بعض أن الفرنسية اللغة بدراسة الفتى عهد أول كان العزيز عبد للشيخ أن الفتى للمجاورين, وعلم من أراد لمن الفرنسية اللغة تعلم األزهر من قريبة أنشئتذهب. من مع الفتى ذهب ذلك, ولكنه من يتحقق لم ولكنه نشأتها في يد جاويش

الدرس األولبالحروف,ولكن لسانه يلوي أن كهل( يحسن كهالن /ج/ كهول50 إلى30 )مابين كهال األول الدرس ألقى

على ويرسمها الحروف ينطق كان األستاذ أن وذلك شيئا يفهم لم أنه إال به الشديد الفتى أعجاب رغم مرسومه, وكان يرها ولم بها ينطق فلم هو أوراقهم, أما في وينقلونها وينطقونها الطالب اللوحة, فيراها

ذلك. منه يطلب ينطقوها, ولم أن حوله الطالب من يطلباثر ذلك على الفتى

األستاذ ولكن ينصرف عزم( أن0 وهم الطالب تفرق )ساكنا( ثم واجما وظل الشديد بالضيق الفتى شعر هدف( أو )حاجة أرب لك ليس له به, قال خال قليال, ولما االنتظار منه وطلب الفتى كتف على يده وضع قهوة في فالقنى أردت عليها, فإن أعينك أن ذلك, فأحب على حرصك أرى ولكني اللغة هذه دراسة من

ذلك. في لنتحدث النيل قصر كوبريصلة قديمة بين األستاذ والفتى

قديمة صلة هناك أن علم أستاذه مع وتحدث الفتى ذهب موعدا, ولما للفتى وعين( األستاذ )حدد ضرب ابن ألفية عليه يقرأ الفتى فيها, وكان نشأ التي الفتى مدينة في شرعيا قاضيا األستاذ أبو كان بينهما, فقد

أبوابها. من بابا ضحا كل النحو في مالككان تكفي( , فقد )لم شيئا الفتى عن تغن لم األستاذ دروس واألستاذ, ولكن الفتى بين المودة واتصلت

آثارهم من بعض عليه قرأ الفتى إلى خال إذا الفرنسيين, وكان والكتاب الشعراء من لكثير محبا األستاذيقرأ. ما بعض له وترجم

أثر دروس األستاذ على الفتى:

94

أسماؤهم كانت أستاذه, فقد من شعرائها عن يسمعه كان ما لروعة الفرنسية لدراسة الفتى شوق ازداد – فني دي ألفريد – فنيي دي ألفريد – )المارتن مثل غريبة أسماء سمع وتملك, فقد وتبهره تسحره

غرابة. أكثر األستاذ يترجمه الذي كالمهم كان األسماء هذه غربة شاتوبريان(, ومعاثر سماع الفتى أسماء وآثار الشعراء والفرنسيين

خاصة, ويدفعه القديم والشعر العربي األدب تنسيه عنهم العجيبة واآلثار الغريبة األسماء هذه كانت لقد فيه)التحرك( حبا( لالضطراب )يزداد يهيم مجهول آخر عالم إلى اإلعجاب

األستاذ النظاميدروس ذلك على منظما, وأقبل تعليما اللغة هذه أساسيات يعمله آخر معلم عن يبحث ألن الفتى اضطر

الكهل, فكان األستاذ مع المودة أبقى ذلك الخامسة, ومع منتصف إلى الثانية الساعة من النظامي المعلمالمعاني. بعض مع وشعرا نثرا منه يسمع مساء األسبوع في مرتين يقابله

تعلم الفرنسية متعة ومشقةيتعلمه لما وروعة متعة التنقل ذلك في لمعلم, ويجد معلم من وينتقل وآخر آخر معلم يلتمس الفتى بدأ

بالغة مشقة يجد الوقت ذات في وأساليبهم, ولكنه حاالتهم واختالف خصائص من فيهم أيديهم, ولما علىاللغة. هذه ليتعلم يدفعه فيما

الصديق القديم يعلمه مقابل النحو والصرفالفرير( )مدرسة من الثانوية بشهادة ظفر قد كان قديم صديق الفتى لقى الجامعة في األيام أحد في

ابن الفتى كان , قد صباه كل تذكر حتى الفتى هذا مع الفتى تحدث أن للفرنسية, وبمجرد متقنا فكانالقرآن. الفتى فيه حفظ الذي الكتاب إلى أخيه مع يذهب القرية, وكان في الزراعي الطريق مالحظ

على يتقنها التي الفرنسية يعلمه أن وهي الله-( مقايضة -رحمه سليمان )محمد صديقه مع الفتى وعقد والصرف. النحو قواعد بعض الفتى يعلمه أن

األولى, الكتب معه قرأ المدرسة, فقد سليمان( في )محمد صديقه تعلمها كما اللغة الفتى تعلم وبفضله في لفولتير( فيتعثر )كانديد قصة صديقه مع يقرأ يوم ذات في الفتى أصبح حتى آلخر كتاب من تدرج ثم

الفرنسي األدب لدروس يختلف نفسه رأى أشياء, كما ويجهل شيئا فيفهم متصال شديدا تعثرا فهمهاأشياء. وتفوته أشياء فيفهم

أصبح بأنه شعر به, حتى ويرفق يعطف الكهل واألستاذ يفوته ما على سليمان( يعينه )محمد الرفيق وظل يتقنها. أن البد يحب, وكان كما أموره سارت أن اللغة هذه يتقن أن على قادر

الجامعة وسيلة ال غايةالشيخ ألقى غاية, فقد به( ال يتقرب )ما له( وسلة )بالنسبة له بالقياس الجامعة أصبحت الوقت ذلك ومنذ

فرنسا, أوربا, وبخاصة إلى السفر فكرة والبال( الفتى والقلب ) العقل روع في جاويش العزيز عبد بها يتحدث أصبح حتى حياته من جزء )خالطت( أصبحت مازجت خياله, بل تفارق ال الفكرة هذه فأصبحت

أسبابه. له تهيأت أن بعد ما أمر فعل أرادته( على )قويت عزيمته صحت من يتحدث كماحلم السفر ألوربا مزاح األخوات

في سيعيش بأنه أخواته ألوربا, ويغيظ سفره قرب عن وأخواته إلخوته تحدث الصيف أقبل إذا الفتى كان غافلة جاهلة مثلهن تكون ممتازة, ولن حياة تحيا مثقفة متعلمة فرنسية زوجا لنفسه يختار ثم أعواما أوربا

الغليظة. الحياة في غارقة والاليوم )أضحكن بقوله ذلك على يرد معهن, فكان وأباه أمه أضحكن وربما حديثه ومن منه يضحكن فكن

غدا( وسترينإعالن الجامعة عن بعثة أوربا

من بعثتين إلى لالستباق الطالب فيه تدعوا للجامعة إعالنا الجرائد أحدى في صاحبنا قرأ األيام أحد في الجغرافيا. لدرس ودراسة( التاريخ, واألخرى )تعلم درس في فرنسا, إحداهما في بعثاتها

أثر هذا اإلعالن على الفتى التاريخ سيدرس البعثتين, وأنه هاتين إحدى صاحب أنه نفسه في استقر حتى اإلعالن هذا الفتى قرأ إن ما

فيه: فؤاد( وكتب )أحمد األمير الجامعة رئيس إلى كتابا فكتب السوربون,وأسرع جامعة فيسترسل أنها قرأت أني الجامعة إدارة مجلس وإلى دولتكم للتعظيم( أرفع تركي )تعبير أفندم دولتلو

شدة - الجغرافيا(, وبين ظواهرها وبيان مواقعها )تعيين البلدان وتقويم التاريخ لدرس وأوربا إلى طالبينالتاريخ. بعثة صاحب يكون أن في ورغبته البعثة هذه على حرصه

هي: التي أسبابه وبينتصريف على )قادر كفئا نفسه في يرى الحقيقية, وهو الكفاءة أساس على مبعوثيها تختار الجامعة أن

مفيد. وأدب نافعة علوم من الجامعة علمته بما /ج/أكفاء( وذلك العملشروط البعثة

95

أنه الثانوية, كما الشهادة على يحصل لم أنه ذلك البعثة, ومن شروط كل عليه تنطبق ال أنه الفتى وبين الشرطين هذين على البصر, ورد مكفوف

شرط الثانوية العامةالعامة الثانوية على حصوله عدم من الرغم على أنه بين أغلبها في نال الجامعة في امتحانات من أداه وما الجامعة في تلقاها التي العلوم بأن ذلك على ورد

يقوم وغائب حاضر عليه أساتذته ورضا تفوقه عن اإلدارة ورضا األجنبية اآلداب في إال العظمى الدرجةشك. بال عليها ويزيد الثانوية الشهادة مقام

أشهر بعد الجامعة دخول من يمكنه لقدر فيها ووصل الفرنسية تعلم )بادئ( في شارع أنه كذلك وبين فرنسا. في يقضيها قليلة

تاريخ درس العظمى, وأتم الدرجة على فيه وحصل القديم الشرق تاريخ )أنهى( درس أتم أنه وبين درجة إال النهاية وبين بينه يفصل ولم الجامعة في طالب نالها درجة أعظم على فيه وحصل اإلسالم

العظمى. الدرجة فيه ونال السامية القديمة اللغات درس أتم واحدة, وكذلكيجعله المصرية, مما الجامعة طالب من ألحد تجتمع لم )فضيلة( له مزية تعد الدرجات هذه أن وبين

التاريخ. لدرس يبعث من أفضلشرط كف البصر

وأستاذ, طالب يكون ويؤديه, أي العلم يسمع أن يمنعه ال ذلك ولكن بها الله ابتاله بلية بأنها عليه ورد البعثة. وبين بينه يحول سببا البلية تلك من يتخذ أن من أعظم المجلس ان يرى انه وأظهر

اعتراف الفتى في يعينه لمن لحاكته النفقات في زيادة فستتحمل إرساله على وافقت ما إذا الجامعة بأن الفتى واعترف

والتضحية النفس كرم دليل هو شيء, بل في الجامعة يضر ال ذلك أن بين مكفوف, ولكنه ألنه فرنساالمساعدة. يحتاج من لمساعدة

مرتبه من ذلك تخصم أن عودته, على بعد وزيادة عليه الجامعة تنفقه ما كل يدفع أن على مستعد أنه وبين )السلف( الجميل القرض بهذا عليه يبخلوا لن وأنهم خيرا فيهم يظن أنه شهر, وبين كل أقساطا

رد الجامعةآفته بحكم الثانوية شهادة يحمل ال صاحبنا رفضه, ألن الذي اإلدارة مجلس على صاحبنا كتاب عرض

الجامعة إلى االختالف على يعينه رفيق له لتعين إضافية نفقات الجامعة يكلف إرساله )العمى( والنكتب. من يحتاج ما وقراءة

كتاب الفتى الثاني للجامعةعلى إصرارا زاده ويعوق( بل )يضعف يثبط الفتى, ولم عزيمة من الرفض ويضعف( هذا )يكسر يفل لم

للجامعة: الثاني بكتابه يرد, وأرسل مافي رفض المجلس فرنسا, وأن إلى مبعوثيها أحد يكون بأن له اإلذن يطلب للجامعة أرسل انه فيه بين

يخالف أنه األول بطلبه يرسل أن قبل جيدا يعرف أنه اإلرسالية, وبين قوانين تطابق لعدم األخيرة جلستهاإلرسالية. قانون

من اكتسبه الجامعة, ولما وخدمة العلم على الشديد حرصه من بينه لما االستثناء طلب انه بين ولكنه المنزلة. هذه يستحق( بلوغ )تجعله تؤهله مميزات

النظر يعيدوا أن منهم القانون, وطلب ينفذ ألنه لطلبه الجامعة إدارة مجلس رفض ينكر ال أنه بين وكذلك وهما: مجتمعين ألمرين أو أمرين ألحد طلبه رفضوا طلبه, فهم في

السبب األول: عدم حمله للشهادة الثانويةفي يقبله انه حسبانا, رغم لذلك يحسب أن به ويترفع المجلس يعظم أنه البصر, وبين مكفوف أنه سبب و

امتحاناتها. ويجتاز دروسها منتسبا, ويحضر طالبا الجامعةأنه تعلم للعلم, الجامعة الفتى حب على الطبيعة لمجلس يعين أن يجب فال طبيعته هي هذه كانت فإذا

المهمة. هذه على قادرالسبب الثاني: زيادة النفقات

أنه نفسه في ير لمرافق, وهو لحاجته أكثر نفقات دفع إلى تضطر فسوف أرسلته إذا الجامعة أن وهو تجده. ال ألنها الكبير المبلغ بهذا خدماته الجامعة تقدر ألن أهل ليس

للدراسة, على يرسل طالب لكل المخصص القدر على إال البعثة في يحصل أال الفتى عرض فقد ولذلك ذلك. على يزيد بما هو يتكفل أن

المشقة من فيه مصر من خروجه أن لهم العلم, وبين ليتعلم طلبه المجلس بقبول يتشرف أن ورجا مشقة. أي يتحمل فهو ولذلك للعلم محب الكثير, ولكنه والعناء

96

رد الجامعة على الكتاب الثانيحق الفرنسية للغة الفتى معرفة عدم ذلك سبب وحددت الفتى طلب الثانية للمرة الجامعة رفضت

يتقن حتى التأجيل صيغة في الرفض صاغ فقد األمر هذا الفتى على يهون أن أراد المجلس المعرفة, وألنالفرنسية. اللغة الفتى

الشديد, ولكن آفته, وفقره ذلك وبين بينه سبيال, ويحول اللغة إلجادة يجد لن الفتى أن المجلس ظن وقد وتصميمه, إصراره زاد فقد ظنهم خيب الفتى

الكتاب الثالثوالتاريخ, الفلسفية العلوم لدراسة السفر في رغبته فيه بين الثالث, والذي كتابه شهور بعد إليهم أرسل

اللغة في الفتى يقوى السنة, حتى لهذه ذلك وأجل الماضي العام في طلبه رفض قد الجامعة مجلس وأنالفرنسية

شهادة سيمتحن أنه كذلك , وبين بها بأس ال درجة إلى اللغة هذه إجادة في وصل قد أنه كتابه في وبين السنة. هذه اآلداب قسم في العالمية

رد الجامعة:ما )الدكتوراه( وهو العالمية شهادة على يحصل حتى الفتى طلب في النظر تؤجل أن إال الجامعة تجد لم

للفتى. التحدي يشبهأثر رد الجامعة على الفتى

بإجازة وظفر لالمتحان وتقدم لالمتحان الرسالة وإعداد الدرس على التحدي, وأقبل هذا الفتى قبل الدكتوراه.

الفتى في فرنسا الفصل الخامسوالرضا, وذلك السعادة بلغه ما أقصى إلى سعيدا راضيا )نابولية( بفرنسا مدينة في الحياة الفتى استقبل

األيام. من يوم في سيحققه أنه يقدر يكن لم أمال حقق أنهمقارنة الفتى بين حياتيه في القاهرة ونابولية:

الشقي( في البائس فرنسا, وصباه في حياته بين يقارن جعلته الفتى بها شعر التي البالغة السعادة( والمعوية. والمادية العلمية األوجه كل من الحياتين بين كبيرا اختالفا واألزهر, فوجد القاهرة

الحياة الماديةأوال في األزهر

أنه , حتى ومساء صباحا األسود العسل على صعبة( فقيرة, تعتمد )شديدة عسيرة األزهر في حياته كانت يتفكه أن حاول األزهريون, وإذا عليه يعيش الذي الغليظ األزهر طعام إال أمامه يجد لم التغيير حاول إذا

الماء. في الغارق التين أو البليلة إال أمامه يجد حلو( لم بطعام نفسه )يمتعفي نابولية

ألوان والعشاء الغداء في عليه تعرض كانت القاهرة, فقد في الحياة عن تماما نابولية في الحياة اختلفت يلحون كانوا الفندق وأصحاب الخدم أن حتى تقتير وال تضييق النضر( بال )الناعم المترف الطعام وأنواع

أصاب. مما أكثر الطعام )يأخذ( من مرة( ليصيب بعد مرة الطلب )يكررون عليهأثر تنوع الطعام في نابولية

97

فيه خشونة ال ليا ناعما الصباح في إليه يحمل الذي الفطور أن حرمان, وذلك وال بجوع الفتى يشعر فلم تذكره كانت والتي المختلفة الطعام ألوان عليه تعرض كانت وآخره, فقد النهار وسط في غلظة, وأما وال

خشنة. غليظة القاهرة وحياة ناعمة نابولية حياة أن الحياتين, فيجد بين فيقارن المتشبه القاهرة بطعامالحياة العقلية )العليمة – المعنوية(

في القاهرةومملة, مما نفع( فقيرة, ومتشابهة فيها )ليس مجدبة القاهرة )العقلية( في المعنوية األزهر حياة كانت

المعنوية. الحياة وفقر المادية الحياة فقر )مشتتا( بين مضيعا جعلهفي نابولية

اآلداب دروس ليسمع الجامعة إلى يذهب كان باستمرار, فقد متجددة فيها العليمة المعنوية الحياة كانت القديم لعلمه وأضاف يعلم يكن لم لما علم قد انه أحس إال درسا يسمع الفرنسية, وال واللغة والتاريخ

قليل. كان الفرنسية من حظه أن رغم دروسه فهم في مشقة يجد لم أنه قيما, حتى جديدا علماهل وجد الفتى مشقة في فهم دروسه بسبب ضعف لغته الفرنسية؟

من حظه قلة من الرغم على بالفرنسية عليه تلقى التي دروسه فيهم في كبرى مشقة الفتى يجد لم )يكفيه( ويرضيه. يغنيه ويفهم( ما )يجمع يلم كان أنه الفرنسية, وذلك اللغة

أثر هذه الموازنة على نفس الفتىجح من حظا الناس أعظم أنه الموازنة هذه بعد يشعر الفتى كان فارق من رآه والتفوق(, لما )النجاح الن

نابولية. في وحاله األزهر في حاله وبني الحياتين بين عظيم

مرتب الفتى الضئيليتجاوز لم الذي الضئيل مرتبه يدبر أن عليه كان فقد الرزق عليه( في )موسعا عليه ميسر الفتى يكن لم

)تعب عناء وال تكلف غير في ذلك في نجح أخيه, وقد وعلى نفسه على منه جنيها( لينفق عشر )اثني لفتيين تتيح وسارة( بحيث )ميسرة هنية كانت الوقت ذلك في فرنسا في الحياة ألن وشقاء( وذلك

مصر في الحياة بقسوة قاسها ما إذا راضية عيشة الضئيل المرتب بهذا يعيشا أن وأخيه مثله أجنبيينوضيقها(. )شدتها وشظفها

هدف الفتى من هذه البعثة وسبيله لتحقيق ذلكهذه إلى أتى والجامعة, بل الفندق بين متنقال مترفا ليعيش البحار يعبر لم أنه أدرك أن الفتى يلبث لم

من أحد ينهلها لم التي الجامعية بالدرجات ويظفر )يتعدى( االمتحان ويجوز ويحصل ليدرس البالدالليسانس. درجة وهي قبل من المصريين

أخذ الفرنسية, وقد اللغة وهي الدرس لغة يتقن أن إال الدرجة هذه على للحصول سبيال الفتى يجد ولم البد التي الالتينية اللغة ويحكمها( وهي )يتقنها يحققها ولم عنها سمع قديمة أخرى يسير, ولغة بحظ منهابها. العلم لتحصيل إتقانها من

عاهة الفتى التي تعوق تقدمهذلك, على يساعده خاصا )طلب( معلما التمس الالتينية, ولكنه الفرنسية, وتعلم إتقان على الفتى عمل

ليمكنه المكفوفين طريقة يتعلم أن عليه يجب أنه إال يجدوا يناسبه, فلم معلم عن أصدقاؤه له فبحثبنفسه. العلم تحصيل

المعلم المكفوفالفتى يساعد أن /ج/ أضراء( يستطيع )أعمى شرير أستاذ فيها المكفوفين مدرسة أن الفتى أصحاب ثم

الفتى يعلم ان )زعيم( كفيل أنه الضرير األستاذ قال إليه ذهبوا المكفوفين, ولما طريقة تعلم على نظره(, )في نفسه في ضئيال أجرا إال لنفسه يطلب والالتينية, ولم الفرنسية باللغتين والكتابة القراءة

واحد. شخص بمرتب يعيشان اللذين الفتيين على ثقيال كان ولكنهتعلم الكتابة البارزة

التي الكتب أن درسه,وذلك في بها ينتفع لم سريعا,ولكنه فأحسنها البارزة الكتابة تعلم على الفتى أقبل فإنه الطريقة بهذه مطبوعا كتابا وجد ما إذا انه غير الطريقة, هذا بهذه طبعت قد تكن لم يحتاجها كان

بأصابعه. ال بأذنيه العلم يأخذ أن تعود ألنه والضيق, وذلك بالنفور يشعر ما سرعانصعوبات االنتفاع بالطريقة البارزة

البارزة النقاط تتبع في مشقة يجد انه الدرس, وذلك تحصيل في جدا عسيرة الطريقة هذه وجد لقد وبصيرته عقله فيه يعمل أن يمكن كالما الجمل من ثم جملة الكلمات من يؤلف ثم الكلمة منها من ليؤلف/ج/ بصائر( والفطنة اإلدراك )قوة

أثر الصعوبات على نفس الفتى98

من يحصل أن بأذنيه يستطيع انه عظيم, وذلك وصعوبة( وسأما )شدة عسرا الطريقة هذه في الفتى وجد الطويل الوقت في بأصابعه يحصله ما القصيرة اللحظات في العلم

ماذا فعل الفتى للتخلص من هذه الصعوباتإلى البارزة, العودة الكتابة )االنصراف( عن العدول قرر والضيق الملل هذا من الفتى يتخلص لكي

أن ومهل, كما أناة في يتعلمها أن حريصا كان التي الالتينية درس في إال درسه كل في ألفها التي الطريقة )التمهل( للتريث)البطء( واألناة الشديدة وحاجته الالتينية درس ابتداءه وتناسب تالئم كانت الطريقة هذهفيها.

درس في تقدم لم أنه جميعا, خصوصا والالتينية الفرنسية عليه يقرأ قارئ إلى يحتاج أنه الفتى قرر كما أصابعه. استخدام من شديد وسأم بملل أحس الالتينية

اللغتين. هاتين يعلمه كان الذي أستاذه عن يستغن ان دون القارئ هذا يدبر أن الفتى واستطاعكيف دبر الفتى المال الالزم للقارئ؟

وعاش وأقساه التقتير أشد نفسه )ضيق( على فقتر جديدا عونا الجامعة من يطلب أن الفتى استحى مصر. في الغليظة حياته من أفضل حال أي على كانت ولكنها خشنة غليظة عيشة

الخالف بين األخوينبما أمرهما فيها يدبران راضية حياة أخيه مع يعيش كان أن الفتى, فبعد يتمناها كان كما الحياة يستمر لم

أصبح حتى بينهما الخالف واشتد أخيه مع اختلف مشقة, فقد من فيها ما على المالية طاقتهما يالئم مسكن في منهما واحد كل يسكن أن على لالفتراق مستمر(, فاضطرا )دائما ملحا وشقاء متصال خصامابه. خاص

أثر الخالف على األخوينالتي النفقات أن أنفسهما, وذلك على والتقتير التضييق في المبالغة إلى والخالف الفراق اضطرهما

واحدة. ومائدة واحدة غرفة في وهما معا يتحمالنها الين كالنفقات ليست المسكن في الفراق يقتضيهاالدرس, كما في جدهما عن تصرفهما ولم صبرهما من تنل وقسوتها, فلم الحياة شدة من الرغم وعلى

أحيانا. يلتقيان كانا بل بينهما الصلة تنقطع لمحياة الفتى بعد فراق أخيه

الصارم الجد بين مزاجا كانت مرة, بل وال حلوة كذلك تكن متصل, لم شقاء تكن لم الفتى حياة أن كما بينهم ليقضي الفتى أصحاب تجمع ما إذا آخره النهار, وتحلو أول تمر الباسم, فهي الجاد( والهزل )القوي

والغرام. الحب مشكالت كانت وأكثرها مشكالت من يعرضون فيماالفتى يحكم بين أصحابه في شئون الحب

إلى ويختلفون فرنسا في يعيشون الذين المصريين الفتية هؤالء قلوب الحب يداعب أن الطبيعي من كان األحيان. من كثير في عليهم يقسو الحفالت, وكان وبعض واألندية القهوات

حدث برضاها أحدهما ظفر إذا حتى )يطلبان( اللقاء ويلتمسان واحدة فتاة منهم )تعجب( اثنان تروق وقد الفرقة. )التنازع( ثم التالحي ثم والخصام التنافس

مسالة والخصام الخالف يتجاوز ما األمل, وسرعان خانه الذي لصديقه عدو الفتاة برضا ظفر من ويصبح بينهما. يحكم للفتى فيحضرا فيها ويشتركان عليها يتعاونان كانا التي الحياة ألوان إلى الحب

لماذا لم يقع الفتى في خصومات الحب؟انه سبيل, وذلك )هدف( وال أرب الحب مسألة في له يكن ولم الخصومات هذه في الفتى يقع لك

كان سبيال, كما راضاهن إلى يبتغي كيف إليهن, أو يتحدث كيف يعرف وال الحسان وجوه يرى ال مكفوف به يلمون يصبح, واألصدقاء حتى يبرحه لم النهار آخر منزله إلى عاد فإذا الجامعة في صباحه يقضي

على لبعضهم ويقضي أحيانا بينهم فيصلح إليه آخره, فيختصمون أو الليل طويل( أول غير زيارة )يزورونهأخرى. أحيانا بعض

وحدة الفتى ليال وخواطر أليمةم/ )األأفكار الخواطر نفسه معينا, وتداعب عليها يجد ال مرة خلوة في ليه قضى األصدقاء عنه تفرق فغذا/

اليأس(, )شدة ولقنوت لليأس ويدفعه يسوؤه واآلخر األمل فيه ويحي يسره خاطرة( المختلفة, بعضها يؤنسه يكن لم والتي القاهرة في عطا حوش في القاسية بوحدة تذكره كانت الوحدة هذه أن حتى

الحشرات. )صوت( بعض أزيز أو الصمت صوت إلى ( فيها وحشته ويذهب )يفرحه

أثر الوحدة على نفس الفتىالباب يجد )السهر( حليفه, وقد األرق ويجعل النوم عن فيمتنع الوحدة وقسوة الخواطر عليه تشتد وقد

الشباب عبث من أخذوا الذين أصحابه أحد عليه الليل, ويدخل يتقدم أن بعد لياليه بعض في عليه يطرق وصل وضيق حزن في الفتى وترك رحل عبثه من صاحبه فرغ عبثه, فإذا عليه يقص أن إال ويأبى أقصاه

99

وال لعقله فيها خير ال فاترة حياة على ويصبح نوم فيها يذوق ال ليلة )منتهاهما( فيقضي غايتهما إلى فيهمالجسمه.

ثقة الفتى بنفسهبدروسها, واالنتفاع الجامعة إلى االختالف في البالغة القاسية, والمشقة الوحدة هذه من الرغم وعلى

أنه في بالثقة يشعر )أهدافه( وهو غاياته إلى ينتهي أن إال يتمنى الرضا, وال كل حياته عن راضيا كان فقد لسانه يحسنها, ويطلق بدأ بالفعل وهو الفرنسية اللغة سيتقن أنه في يريد, فيثق ما الحياة هذه من سيبلغ

يكون أن لعله يدري لالمتحان, ومن وسيتهيأ الالتينية اللغة سيتعلم أنه في يثق كان مشقة, كما يغر فياآلداب. في الليسانس بدرجة يظفر مصري طالب أول

الحياة تبتسم للفتىأخرى, أحيانا ويشقى أحيانا لينة, يفرح وقاسية حلوة كانت الفتى, والتي عاشها التي الغريبة الحياة من الرغم وعلى

رقيقا. حانيا صوتا سماعه خالل من إال ذك كان حياته, وما كل غيرت ابتسامة الحياة له ابتسمت يوم جاء فقد

أبو العالء المعري والفتىكلها الحية أن نسفه في الخير, وألقى من وبغضا, وأيأسه ضيقا الفتى نفس الفتى حياة المعري العالء أبو مأل لقد

وأفزعته. أخافته التي والعواصف والغيوم السحب مألتها التي كالمدينة نفسه وعناء, فأصبحت ومشقة جهدأثر ابتسامة الحياة للفتى

يعد )تثقله( ولم تضنيه وال تؤذي األفكار تعد لم ليال, بل نفسه إلى خال إذا الموحشة الوحدة الفتى يعرف يعد لم البر نفسه في يشع عذب رقيق بصوت البغيضة ووحدته القاسية حياته عن انشغل أنه ليال, وذلك األرق بذلك يشعر

الفتى( حياة على الصوت )أثرالقديمة. الفرنسية األدبية اآلثار بعض عليه قرأ كلما والحنانالنبرات تلك ذاك, في أو الكتاب هذا عليه يقرأ سمعه غال نفسه إلى يخلو يكاد ال لنهار ليل يصحبه الصوت كان لقد

كبير أثر الصوت لهذا كان زوالها( وسرور, وقد غير من النعمة )تمني وغبطة رضا فتملؤه قلبه إلى تسبق كانت التيذلك: ومن حياته كل غير

بالنسبة لنفس الفتىوتشاؤم, فكان وبغض وضيق يأس من فيها المعري العالء أبو ألقاه ما كل الفتى نفس عن الصوت )دفع( هذا ذاد

شعر بعض عليه يقرأ الصوت ذلك سمع أن والتشاؤم, ومنذ اليأس وسحب غيوم بددت التي المشرقة كالشمس في أحبها كما قط الحياة يحب لم بل جديدا. خلقا خلق أنه يشعر كان سبيال, بل قلبه إلى اليأس يعرف )راسين( لم

العام. ذلك في مايو شهر من عشر الثامنبالنسبة لحياة الفتى

يعد )تثقله( ولم تضنيه وال تؤذي األفكار تعد لم ليال, بل نفسه إلى خال إذا الموحشة الوحدة الفتى يعرف يعد لم البر نفسه في يشع عذب رقيق بصوت البغيضة ووحدته القاسية حياته عن انشغل أنه ليال, وذلك األرق بذلك يشعر

القديمة. الفرنسية األدبية اآلثار بعض عليه قرأ كلما والحنانبالنسبة لدرس الفتى

انتفع أنه يعرف لم مايو(, كما18) اليوم ذلك منذ عليه أقبل كما والعلم الدرس العلم على أقبل أنه الفتى يشعر لم أن بعد حتى السعادة هذه في اليوم, واستمر ذلك منذ بهما انتفع كما الكتب في والقراءة الجامعة إلى باالختالف

الصيف. بداية في الرقيق الصوت هذا انقطع

بم شبه الفتى نفسه وشبه الصوتخوفا( وروعا إشفاقا مألتها عواصف وامتألت والسحب الغيوم عليها أطبقت التي بالمدينة نفسه الفتى شبه(

الغيوم هذه كل المدينة ومحت( عن )أزالت فجلت الربيع أيام أحد في أرقت شمس بأنه الصوت )فزعا(, وشبهوإشراقا. نورا والسحب,ومألتها

الجامعة تقضي على سعادة الفتىأن والصوت, ونبأه والوجه النفس مظلم مساء ذات الدرعمي صديقه المتصلة, جاءه السعادة هذه غمرة وفي

قراءة بعد لهم تتاح سفينة أول مع مصر إلى العودة المصرية البعثة طالب جميع من تطلب كتابا أرسلت الجامعةالخطاب. هذا

أثر الكتاب )الرسالة( على الفتىم/ )الهنيئة العذاب آماله تحولت فقد قصرت؟ أم مدته أطالت يدر لم عميق ذهول في فغرق النبأ الفتى سمع/

مؤلمة(. )موجعة ممضة عابسة حياة إلى الباسمة المشرقة حياته كذاب, وتحولت آمال عذبة( إلىالسلطان, ويبرق أو الجامعة عند الخير في له ليسعوا مصر في القادرين أصدقائه إلى بالوهم, ويبرق يتعلق وأخذ

إبطاء. غير في العودة في باإللحاح إال البرق يأتي القصر, وال إلى أخرى مرةيسعيان الدرعمي رفيقه حزين( معه والمراد )محتجب البال كاسف نفسه الفتى رأى سبتمبر شهر من يوم وذات

وطنهما إلى يعودان وليس الموت إلى يساقان كأنهما والهم الحزن يثقلهما السفينة إلى

100

الصوت العذب الفصل السادسكم استغرقت رحلة العودة إلى مصر؟ وكيف قضاها الفتى؟

صباحا صحبهما الهم فيها ثقال, كان طوال أيام ستة السفينة في الدرعمي وصاحبه الفتى استغرق يفترقان حين الليل طوال شيء في يفكرا ولم أملهما خيبة عن إال صباحا التقيا إذا لهما حديث ومساء, فال

عليهما. قاسية المفاجأة كانت فيها, فقد إالبعثة الدرعمي في فرنسا

آماله, فقد من شيء يحقق ولم فرنسا في طوال أعواما وأذهب( الدرعمي )أنهى أنفق لقدالدكتوراه, فجاءت رسالة إلعداد نفسه وهيأ الدرس إلى واختلف الفرنسية تعلم حيث واقترب؛ حاول

األزمة واالمتحان, فردته للرسالة استعداده واستأنف أخرى مرة لفرنسا عاد ذلك, ثم عن لترده الحربشيء. يصنع ولم بشيء يظفر لم خائبا لوطنه الجامعة, فعاد بها تمر التي المالية

بعثة الفتى في فرنساأشرف واآلمال, حتى األحالم والعناء, وداعب المشقة وكافح( واحتمل نفسه على وكد) اشتد الفتى جد

مرارة خاللها ذاق أشهرا وأخيه أبيه )معتمد( على عياال عنها, فعاش رده الحرب إعالن البعثة, ولكن على )مسرور( سعيدا, نشيطا, مغتبطا عمله على فأقبل البعثة له أتيحت شيئا, ثم عنه تغني ال التي الحياةيريد. ما سيبلغ أنه فظن التوفيق من الكثير له أتيح حتى الدرس مع وحاول

من وأفضل الناس مثل يكون أن يستطيع انه ببال, وظن له تطرق لم آماال أحيا ما فرنسا في له عرض ثم يأسه بددت الرحمة, التي والمسرة( وسكون الحال )حسن وغبطة رضا من شعر الناس, بما من كثيرشفقة. وال رحمة منها يذوق لن شقاء الحياة بأن نفسه في المعري العالء أبو ألقاه الذي

بعض )استعد( لينال هم كلما منها, كأنه خرج كما ليعود الجامعة الناعمة, دعته الراضية الحياة تلك وفي والخيبة. اليأس )شرب( مرارة ترجع آماله

يعود الحرب, وهو أعلنت أن بعد مصر في قضاها التي أشهره في الفراغ التبطل عرف قد الفتى وكان أخرى. مرة والفراغ للتبطل اآلن

101

بم وصف الفتى التبطل والفراغ؟رفيقين من أتضجر( لهما بمعنى مضارع فعل )اسم أف قال ولذلك منهما الشديد بالضجر الفتى شعر

والفراغ( )التبطل بغيضينكيف كان الطريق بين مونبلييه, ومارسيليا؟

إال نفسه في يوجد وال الثقيل الليل أثناء ومارسيليا منبوليه /ج/ آماد( بين )الغاية األمد يقطع الفتى كان في يناجيه الليلة تلك في وهو الفرنسي األدب آيات عليه قرأ طالما الذي العذب الصوت وهو واحد شيءالصيف. ينقضي أن بعد نلتقي فلن إذن له ويقول وألم حزن

السفينة( في الفتى على الصوت السفينة: )أثر في الفتى يصاحب العذب الصوتمرة وآمال مرة يأسا يناجيه فكان مصر إلى العودة رحلة في السفينة في الفتى العذب الصوت صحب

إليه سريعا, ويتحدث منها والخروج عليها باالنتصار ويمنيه بها يمر التي األحداث من عليه أخرى, يشفق نهاية أزمة لكل بأن عليه )ينكشفن(, ويهون ينجلين /م/ غمرة( ثم )الشدائد الغمرات بأنها العذب الصوت

)ضيق( فرجا. حرج كل بعد وأنالجاثم الحزن هذا وبين سريعا تختفي التي الخاطف المضيئة االبتسامات بين مضطرب والفتى

العذب. صوت مناجاة إلى يعود ريثما إال يفارقه ال الذي )المستقر( المقيمصعوبات لدخول الوطن

أن يريد ال وكأنه فيهما الوطن بزهد الدرعمي وصاحبه الفتى اإلسكندرية, فشعر ثغر السفينة بلغت )الحكم( في األمر وكان أشدها على كانت الحرب ألن إال ذلك ذارعيه, وما بين يضمهما أن وال يلقاهما

الثغور. على صارمة شديدة ورقابة قيود )لألنجليز( ففرضوا أهلها لغير مصرأن المصري يكفي يكن عنيفا, فلم ردا ردا السفينة من النزول وأرادا الثغر إلى الصديقان وصل أن وما

بالدخول. له يؤذن حتى انتظاره ويطول ينتظر أن عليه يجب ليدخله, بل وطنه إلى يصليبرقان مصر, فأسرعا إلى بالدخول السلطات لهم تأذن حتى السفينة في الصاحبين انتظار وطال

في انتظرا الدخول, ولكنهما إذن لهم ليتعجلوا األصدقاء من يعرفان ومن الجامعة البرقيات( إلى )يرسالنيوم. بعد يوما السفينة

الوطن يفتح أبوابهمصر, ولكنهما أبواب لهم تفتح أن يريدان االضطراب أشد مضطربين السفينة في يومين الصاحبان مكث

مرسيليا. إلى أخرى مرة بالسفينة يعودا وأن األبواب هذه تفتح أال يتمنيانكئيبا ظهر ولكنه أبوابه الوطن لهما فتح وشدة( فقد )تعب ألى بعد بالدخول لهما ويسمح يأتي اإلذن ولكن

جديد. حزن حزنهما إلى أضاف الحال( مما )سيء

ثالثة أشهر في البؤس والفراغوكذلك األشهر هذه في عرفه مما أكثر شقاء كلها حياته في يعرف ال أشهر ثالثة القاهرة في الفتى مكث

قصيرة فكانت السعادة ملحا, أما طويال كان الشقاء األشهر, ولكن هذه في عرف مثلما سعادة يعرف لمخاطفة.

الصوت العذب وسعادة الفتىيناجيه الذي العذب الصوت بهذا فيه, ويسعد يعيش الذي والبؤس والتبطل الفراغ بهذا يشقى كان فقد

الفزع. ذلك مع مسرور ولكنه فزعا نومه من الصوت هذا أيقظه ما واآلخر, وكثيرا الحين بينواألمل, اإلشفاق من كثير وفيها والحين الحين بين تصل التي الرسائل تلك الصوت بهذا سعادته زاد ومما

له ترسل العذب الصوت صاحبة كانت /م/ نائبة(, بل )المصائب النائبات احتمال على التشجيع من وكثير /ج/ تمائم( تذكره حجاب أو )تعويذه تميمة كأنها ليحملها له وأرسلت جففت قد وردة الرسائل بعض فيواحدة. لحطة نسي ما نسي, ولكنه إن

شكوى الفتىوصل الشقاء بالفتى ألن يشكو حاله وهو الذي لم يشكو قط, فلم يعد قادر على أن يصبر, حتى نشر

ذلك في أشعاره في الجريدة حتى عاب عليه بعض أصدقائه ذلك والموه عليه, فقال له أحدهم أينالصبر وأين اإلجمال؟ )العمل الجميل( وأين ذهب عنك الحياء؟ لتكتب في الجريدة هذين البيتين:

أنني على لله الحمد 

حال شر إلى دهري من صرت قد  

أبتغي وال القوت أملك ال 

السؤال بذل منه فاتني ما  

نصيحة أصحاب الفتى لهللناس تشكوه كنت يسمعك, وإن لن للزمان, فهو الزمان شكوت إن نفسك, فإنك عليك املك له قالوا

بأنفسهم. عنك مشغولون فالناس

102

معونتك,ولكنه على قادر شيء, وثانذيهما على لك يقدر ال ولكنه عليك عاطف رجلين, أحدهما بين والناس )اهتمام( باال إليك يلقي ال

هل استمع صاحبنا الفتى لنصيحة أصحابه؟أو الزمان من ينتظر للناس, ولم أو للزمان الزمان يشكو يكن لم شكايته, ألنه عن الفتى صاحبنا يقلع لم

الحزين(. وشأنه )حاله الكئيب وباله المحزونة نفسه غناء الشكوى كانت شيء, وإنما الناسنشر كتاب أبي العالء في جريدة السفور

إلى يطلب أسبوع, وكان كل )السفور( في جريدة الله حمدي( رحمه الحميد )عبد أصدر الفراغ أيام خالل المر. نفسه حديث إليه يرسل الفتى فيها, فكان الكتابة على يعينوه أن وأصحابه الفتى

الفتى المرعي, فشعر العالء أبي عن كتابه ينشر أن األيام تلك حمدي( في الحميد )عبد إليه طلب حتى لبعض يحتاج الذي لغروره وإرضاء لوقته وشغال همه لبعض تسلية ذلك في وجد )السرور( فقد بالحبور هذه رغم كتابا له سيظهر أنه غروره رضا من عليه, وزاد القسوة في الحياة أسرفت أن بعد الرضا

القاسية. الشديدة الحالة وهذه القسوةانفراج أزمة الجامعة

بأنه يستعد أن عليه وأن انفرجت الجامعة أزمة بأن ورفق عطف في وأنبأه باشا علوي دعاه األيام أحد في أيام. بعد البعثة وأعضاء الدرعمي وصديقه هو قريبا سيبحر

مقابلة السلطان حسين كاملأحد ضحا في ذهبوا كامل,و حسين السلطان بمقابلة سيتشرفون البعثة وأعضاء بأنه الجامعة أنبأته ثم

يرد كيف يعرف لم سؤاال الفتى السلطان حسنا, وسأل لقاء السلطان باشا, ولقيهم علوي يقودهم األيام يرد( فقال ) لم جوابا ييرجع ولم الفتى فوجم مصر؟ في التعليم شأن رفع من أول من سأله عليه, فقد ويجعل الله يرحمه باشا( والمعنى إسماعيل مكان )جنة تركية بلهجة كتفيه على يضرب وهو السلطان

الجنة. مكانهمكافأة السلطان

وأجاز تفضل قد السلطان أ، منبئ أنبأهم حتى االستقبال غرفة إلى يصلوا يكادوا ولم الرفاق انصرف في متحدثين أي )متناجين نجيا وخلصوا الرفاق انصرف جنيها. خمسين منهم واحد جائزة( لكل )أعطاه جميلها, لبعض عليهم, وردا بفضلها واعترافا لها معونة للجامعة جوائزهم يهدوا أن خفيض( وقرروا صوتالقرار. بهذا سعداء وكانوا

سخرية علوي باشاالخير, عمل على التشجيع الثناء منه منتظرين قرارهم عليه يعرضون باشا علوي إلى الرفاق وانطلق

لهم, وقال متصل ضحك في أغرق ثم منهم سمع ولكنهعلى ترفهوا أن حقكم الحمقى... فمن وأيها باريس إلى بها واذهبوا أموالكم الفارغ! خذوا الكالم هذا ما

ثقيل. طويل عناء من األشهر هذه في لقيتم ما بعد أياما أنفسكميومئذ, تفعلون أراكم خير, وما من عليه أقدمتم ما فاستأنفوا أغنياء أصبحتم قال: فإذا ثم قليال وسكت

المال. قدر فستعرفونأثر سخرية علوي باشا على الرفاق

في لينفقوها أموالهم على لهم حافظ ألنه يشكروه هل يعرفون ال هو باشا علوي عن الرفاق انصرف مخلصين؟ عليه أقبلوا الذي تبرعهم يقبل لم ألنه عليه ساخطين كانوا باريس,أم

مشكلة السفر لفرنساألما )آلمه وأمضه األذى أشد يؤذيه ما فيسمع تذكرته ليأخذ الجامعة إلى صاحبنا يذهب يوم صباح وفي

)السفارة(, اإليطالية المفوضية من خاص بإذن إال تذكره له تصرف أن السياحة شركة رفضت شديد( فقد يحسن ال ضرير ألنه بالنزول للفتى يؤذن أال تخشى الشركة وكانت نابولي في نزولهم المقرر من كان فقد

الرزق. اكتساب في السعيأثر رفض الشركة على صاحبنا الفتى

ثالثة, ولكن مرة السفر عن سيرد أنه لوعة, وظن بعدها ما ولوعة شديدا حزنا قلبه ودخل شديد بألم شعر إلى )صباحا( القطار غد من سفره, فيركب أمر في يسران فؤاد أحمد واألمير السيد لطفي األستاذ

نابولي إلى البحر به تعبر التي الهولندية السفينة ويصعد بورسعيدالطريق إلى أوربا

حزينة اإلسكندرية إلى العودة رحلة كانت مصر, فقد إلى العودة عن أوربا إلى العودة في األمر واختلف شيء كل أصبح والسرور, حتى والمرح الفرح من نفسه يملك فلم أوربا إلى العودة رحلة في أليمة, أما

واالغتباط. بالبهجة ويغريه يضحكه

103

الجرس سمعتما لهما, إذا يقول وهو الدرعمي صاحبه وعلى عليه الخادم أقبل الليل تقدم إذا حتى قائمة, وإننا الحرب إن تعلم لكما, فإنك المخصص الزورق إلى سرعا ثم النجاة منطق اتخاذ إلى فأسرعا

انصرف. ثم الغواصات إحدى الطريق في لنا تعرض أ، نأمن الأثر حديث الخادم علي الفتى وصاحبه الدرعمي

يسمعه تراه, والفتى ولن يراها لن التي أمه ذاكرا بالبكاء( شاكيا صوته )يرفع يعول الدرعمي صاحبنا أخذ ينقطع يكاد ال الضحك في ويغرق

الوصول إلى نابولي مكتب إلى اإلسراع في الدرعمي صاحبه على الفتى ألح ينابول أذى, وبلغوا ألي السفينة تتعرض ولم

قال الثالثة ومرة, وفي مرة صديقه عليه باريس, فقرأهما من تنتظرانه كانتا رسالتين وجد البريد, وهناكمنكرا:

قلب, ظهر عن حفظناه الذي الكالم هذا ترديد من علينا وأجدى لنا أنفع هو ما نابولي ففي عني إليك لباريس. القطار وركبا الليل جاء حتى نابولي في سعيدا يوما الصاحبان وأنفق

في الحي الالتيني الفصل السابعسعادة الفتى في طريق العودة لفرنسا

انكشفت عنه انجلت /م/ غمرات( قد )الشدة الغمرة بالغة, ألن بسعادة العودة رحلة في الفتى شعر( سيسمع أنه آماله, كما تحقيق , ويحاول بدأه الذي الدرس وسيكمل باريس إلى يعود جلو( وألنه مادتها

الروماني اليوناني )مبادئ( التاريخ وأوليات الفرنسي األب روائع عليه يقرأ أخرى مرة العذب الصوتالالتينية. درس على وسيعينه

أثر مشاعر الفتى عليهعناء من احتمل ما وكل جهد من لقي ما كل الفتى ينسي أن جديرا بعضها أو األسباب هذه كانت لقد

)يجف( أو يغيض ألن سبيل ال الشقاء /ج/ ينابيع( من ماء )بئر ينبوع نفسه في يحمل كان وشقاء, ولكنه )العاهة/ج/ اآلفات( اآلفة تلك هو الينبوع وهذا )يموت( نفسها حياته ينبوع يغيض أن بعد )ينقص( إال ينضب

وشبابه صباه في بها امتحن البغيضة, التي104

أثر عاهة الفتى على حياتهله أتاحت تجاربه شبابه, ولكن وأوائل صباه في بها امتحن التي آفته تنسي أن الغامرة السعادة تستطع لم

اآلفة, هذه صنعتها التي والمشكالت المصاعب ويقهر يقهرها أن له أتاحت )ينشغل(, بل عنها يتسلى أن وأصعب عزمه وأشد( من )أقوى وأمضى منه أقوى واآلخر الحين بين له تظهر كانت فقد ذلك ورغم

حيلة. من ذكاؤه ويخرج(له )يشق يفتق ما كل )معالجة( من مراساأثر هذه العاهة على نفس الفتى

القصد والكيد الخصومة بهذه له تجهر ان دون نفسه, سرا دخيلة في تؤذيه كانت العاهة هذه أن الغريب( )التفوق والنجح التحصيل في التقدم أو الدرس في المضي من تمنعه تكن لم الغير(, فهي إليذاء خفية

/م/ )المنحنيات األحناء بعض في لإلنسان يكمن الذي الشيطان مثل كانت االمتحان, ولكنها والنجاح( في لك يخرج ثم فيه لتتقدم الطريق لك يخلي واآلخر, فالشيطان الوقت /م/ ثني( بين )خالل حنو( واألثناء

أنه الرغم بمكروه, على لك يتعرض لم )ينصرف( كأنه عنك وينثني فيؤذيك هناك أو هنا مكمنه من فجأةوالشقاء. األلم أبواب لك قلبك, وفتح في الدقيقة اإلحساس مواضع أصاب

له, تتعرض لم كأنها تختفي ثم والمصاعب المشكالت له لتصنع له تظهر وفجأة تختفي آفته كانت وكذلك والشقاء. األلم نفسه في تركت أن بعد

الفتى ينسى بصره ألول مرة في السفينةشيئا نسي الجديد األوربي زيه إلى األزهري زيه من وخرج أوربا إلى السفينة مرة ألول الفتى ركب حينما

التي المكفوف, وأجفانه بصره هو الشيء بال, وهذا على له يخطر لم ألنه حسابا له يحسب لم واحداالظلمة. على تتفتح

رأي أبي العالء المعري في العمىأمام يظهره أال المرء على يجب عورة العمى إن فيها يقول المعري العالء ألبي أحاديث الفتى قرأ لقد

عليه يشفق حتى وشرابه بطعامه يستخفى فكان العالء أبو فهمه كما األمر هذا الفتى المبصرين, وفهمالمبصرون.

الحياة األوربية تلزم الكفيف بغضاء العينأن عليه توجب الحديثة األوربية الحياة مطلقا( أن والمراد مضى لما زمان )ظرف قط بباله يخطر ولم

السفينة أيام يقضى كانت مارسيليا, فقد وصل أن بعد إال هذا يعلم ماديا, ولم غطاء عينيه يغطي ذلك إلى نبهوه رفاقه ليال,ولكن إال ذلك يحدث الضرورات, وال في إال يفارقها ال غرفته قابعا)مقيما( في

ليتقوا المبصرون يضعه أسود زجاج من بغطاء أجفانه يغطي أن تقتضي الفرنسيين تقاليد بأن فقالواالشمس. أشعة )يحتموا( به

أثر تنبيه الرفاق على الفتىأن لذلك, وكاد باالرتياح شعر انه تجديدا, كما ذلك في رأى فقد أصدقائه تنبيه من بأذى الفتى يشعر لم

فرنسا في بقائه مدة طول غطائهما وال عينيه أمر في يفكر لم المظلمتين, بل بعينيه الشقاء من يعفىمصر. إلى عاد حتى

الغطاء الذهبيثمنه يزيد ال رخيص إنه , وقال أنكره عينيه على الغطاء ذلك ورأى إخوته أكبر واستقبله مصر إلى عاد ولما

الظاهرة المكانة وأصحاب وأصدقاء رفاق من وتلقاهم تقابلهم الذين بين بمثلك يليق وال قرشين على البارزة المكانة وأصحاب األصدقاء من بين بمكانته يليق ذهبيا غطاء وأهداه مصر. الرفيعة( في )المنزلة

مصر. فيما رأي الفتى في غطاء العين

به ليخفوا يلبسوه العين,وإنما بغطاء مثله يتزين ان ينبغي فما حقيرا أو رخيصا كان إن يبالي ال بأنه يرى أذنيه على يرتدي مصر في عليه, وظل وعطفه رفقه ألخيه شاكرا الذهبي الغطاء قبل ولكنه آفاتهم.الذهبي. الغطاء هذا وعينيه

بم وصف الكاتب أخاه األكبرمرتبه. )الفقر( وضآلة اليد ذات ضيق رغم الترف إلى مياال وكان المطربشين من كان بأنه وصفه

الكتب الثالث المحزنةإلى عاد كتابان, ولما عليه قرئ الجامعة إلى يوم ذات وذهب أخرى مرة فرنسا إلى عودته تقرر أن بعد

وبغضا وغما هما نفسه الثالث الكتب هذه مألت الصباح, وقد هذا وصل ثالث كتاب عليه قرئ بيته وعلوي أصحابه عليه أنكرها التي الكآبة سميكا× رقيقا( من )ثقيال صفيقا غشاء وجهه على للحياة,ألقت

القطار. أركبه عندما الحال بذلك رآه الذي باشا

105

ما أثر كآبة وحزن الفتى على علوي باشا؟على بورسعيد, فرآه إلى القاهرة من سينقلهم الذي القطار إلى البعثة وأعضاء الفتى باشا علوي رافق

مبتهجا سعيدا سيراه )ظن( أنه قدر الذي وهو الحزن ذلك سبب عن فسأله والحزن الكآبة هذه وجههلفرنسا؟ تعود أن يسرك أال وسأله مشرقا

لم وبر حنان كلها قبلة جبهته وقبل باشا علوي إليه فضمه عنينه من دمعتان وانحدرت الفتى يجب فلم فرنسا )الدرعمي( إلى هذا صديقك عاد ما بني يا لك أقسم له وقال أذنه في همس قط, ثم الفتى ينسها

شيئا. تخف وال بالله أجلك..... ثق من إالأثر همس علوي باشا على الفتى

أنها حتى عذابه في وتلح تعذبه سفره أثناء رافقته الثالثة,وغنما الكتب تسكت ولم الفتى عن البكاء سكت نفسه إلى رد سرا( الذي )يحدثه يناجيه كان الذي العذب الصوت نفسه, ولوال إليه تبغض أن جديرة كانت

نفسه. لبغض األمل من شيئا اليائس قلبه وإلى األمن من )المفزعة( شيئا المروعةالكتاب األول

فرضت للجامعة المالية األزمة بأن فيها )المطربش( يخبره الفتى إخوة أكبر إلى باشا علوي من كان كارهة. مصر إلى بعثتها ترد أن عليها

اقتراح علوي باشاأمله يحقق ان دون يعود أن ويكره خيرا )يخيب( فيه يتوسم ألنه بعثته الفتى يكمل أن على حريص وأنه

هو يتحمل وأن للفتى الجامعة تمنحه الذي المرتب نصف ترسل أن أسرته على يقترح فرنسا, ولذلك في الفرنسية الجامعية بالدرجات ظفر وقد وبغيته( ويعود )أمنيته أربه الفتى ليبلغ اآلخر باشا( النصف )علويالمصرية. الجامعة في أستاذا ويصبح

أثر الكتاب على نفس الفتىالنبيل الكريم الرجل لهذا وشكرا وبشرا سرورا الفتى نفس يمأل أن جديرا الكتاب ذلك كان

الكتاب الثاني )رد األخ األكبر على علوي باشا(بأنها األسرة عن فيه وكرمه, ويعتذر فضله للباشا فيه يشكر كان )قبيحا(, فقد بشعا ردا األكبر األخ رد

ألن: منها(, وذلك )يطلب عليه تراد لما ستجيب أن تستطيع ال فقيرةعليهم. ينفق وأسرة بنون فقط, وله جنيه األكبر( عشرين )األخ هو مرتبهعلى ينفق آخرون بنون له القليل,و األكبر( إال )األخ هو مرتبه على يزيد الفتى( ال )أبي الشيخ مرتب

السن. في يتقدم أنه المدارس, كما في تعليمهمطلب سبيال, ثم ذلك إلى جدت لو درسه على البائس ذلك تعين أن تستطيع أنها لو تتمنى األسرة أن وبين

إلى فليرده سبيال ذلك إلى يجد لم تعليمه, فإن على بالسلطان يستعين أن باشا علوي من األكبر األخوعطفه. له رعايته وليستبق مصر

أثر كتاب األخ األكبر على نفس الصبينفقاته ببعض للقيام مستعدا غريبا رجال رأى أنه وسرور, وذلك بشر كل نفسه من األكبر أخيه كتاب محا

لذلك. كارها قريبا أخا أوربا, ورأى فيمم استغرب الفتى؟

علوي تبرع بأمر األزهري الشيخ أخاه وال )يخبر( أباه ينبئ لم الذي األكبر أخيه أمر من الفتى استغرب باشا.

أخرى مرة قليال وتزيد مرة العشرة تبلغ جنيهات واآلخر الحين بين إليه يرسل كان أباه أن ذلك في وعذره أن عليه يسهل لم يده في الجنيهات استقرت الحياة, فإذا على لهما معونة أوربا في أخويه إلى ليرسلهاهو. شأنه بعض في ينفقها كان بل يرسلها

الكتاب الثالثجح له ويتمنى فيه يودعه األكبر أخيه من كان ألنه الذهبي الغطاء إليه يرسل أن منه ويطلب والتوفيق الن

الرخيص. القديم غطائه إلى وعاد الذهبي الغطاء رد أن الفتى على يسيرا فكان إليه شديدة حاجة فيوحزنه. ألمه من زاد أخيه طلبه ولكن

الشقاء. من قليل غير بمقدار )مسرور( مزودا محبورا إلى عاد ذلك ورغمالفتى في القطار بين روما وباريس

باريس, إلى متجها الليل منتصف في روما في النافذة بجانب القطار أركب أنه قط صاحنا ينس لم الوصول منتظرا الموضع ذلك في ألقي متاع كأنه يتحرك لم مكانة في جالس كاملة ساعة ثالثين واستمر

آخر. موضع في ليلقي باريس إلىتفكير المتاع في القطار

مفكر. متاع بالمتاع, ولكنه شيء أشبه الفتى صحبنا كان

106

يتأكد( ليتحقق واآلخر الحين بين يده يرفع وهو اآلن عورة( , وفهمه العمى )إن العالء أبي قول في يفكر( تسترا. أن يجب كان اللتين عينيه يستر الحقير الرخيص الغطاء أن

أكداسا فيكدسونه المال ينفقون كيف يعرفون ال الذين هؤالء أمر والغنى, وفي الفقر أمر في يفكر وكان شيئا. غيرهم على أو )ينفع( عليهم يجدي ال نثرا ينثرونه أو

الطعام(, أو من جسمهم حاجة )يسدوا أودهم ليقيموا ينفقون ما يجدون ال الذين هؤالء أمر في ويفكر آفته. عليهم تفرض حين العمى عورة ويستروا جسمهم ليستروا

إلى المظلمين العينين وتغطية الجسم وستر األود إقامة من أكثر إلى هممهم تسمو الذين أمر في ويفكر عليهم ويبخل القادرون عليهم إليه, فيبخل يحتاجون ما أيسر يجدون ال العلم, ثم طلب في االغتراب

ردا. ذلك عن فيردوا للمساعدة )يتهيأ( األخيار األقربون, ويهمبعض عليه يقرأ به مترفقا له مواسيا واآلخر الحين بين يلقاه الذي العذب الصوت أمر في ثالثة مرة ويفكر

عليه. ليقرأ باريس في ينتظره )مخبر( بأنه الفرنسية, منبئا الكتب فصولإعراض الفتى عن الطعام الشراب

فكان موعده جاء إذا الطعام عليه يعرضون فاق الر يبرحه, وكان لم مكانة في ساعة ثالثين الفتى لبث فكان ذلك )مناقشته( في مراجعته حاولوا الشراب, فإذا مع الرد, وكذلك على وتصميم رفق في يرده

األكل عن واالمتناع الصمت الفتى صديقه على يعيب الدرعمي صمت, )يصدهم( في عنهم يعرضوالشراب:

أمر من يعرف ما وعلى هوله على البحر يخاف ال رجال رأيت معاتبا, ما الدرعمي رفيقه له قال حتى ) كرههما(, والشراب الطعام عن رعبا, ورغب قلبه ويمتأل القطار ركب إذا يخاف والحرب, ثم الغواصات

من تخاف الذي ما والسخرية؟ للهزء مثيرا الجبن يصبح حين وجبن الجبن؟ يستحب كان حين في أشجاعةمصر؟ في القطار ركبت حين قط تأكل ألم بينهما فرق ال مصر كقطار أوربا قطار إن القطار؟

غناء الدرعميفيرضين الفرنسيات الفتيات يعجب كان الذي الغناء ذلك ويغني الفتى مع حديثه عن الدرعمي ينصرف ثم

يسمينه غنائه, وكن عليهن يغني أن تمنين إال يلقينه اإلعجاب, وال أشد به الرضا, ويعجبن أشد عنهأعرابي( ال )غن إلحاح في )أعرابي( فيقلن

بينها األلف ويقصرن الراء غين( في الراء )ينطقن ويلثغن )يحذفن( الغين )أعرابي( فيلغين ينطقن وكن الباء. وبين

أثر إلحاح الفتيات على الدرعميكان يرتاح صاحبنا الدرعمي لهذا اإللحاح فيندفع في غنائه على نحو ما كان يصنع بعض المنشدين في

األذكار :الهادي على صل رب يا

 

اعلم به أنت ما واغفر  

الهادي إلى جاء أعرابي 

يتكلم. ال ضب معه  

أثر غناء الدرعمي على الفتىربما متصل, وكان ضحك في أغرق سمعه كلما الفتى مرقص, وكتان نغم على الغناء يوقع الدرعمي كان

لم القطار ذلك في الفرنسيات, ولكن الفتيات تنطقها كما ينطقها أعرابي, فكان له يغني أن عليه تمنى وانقطع استيأس)يئس حتى الغناء بذلك يتأثر ولم ينشط

والسكون. الصمت وبين بينه فخال الدرعمي صديقه أمله( منهكما واآلخر الحين ويراقبه( بين إليه )ينظر يرمقه وإنما يكلمه وال يحدثه ال صاحبه عن الدرعمي وأعرض

متضاحكا الدرعمي الفتى أقبل الضحا أول باريس القطار بلغ سرقته, ولما من خوفا متاعه يرمقذلك. بعد الناطق الحي المتاع ننقل ثم أوال الهامد الصامت المتاع سننقل يقول بالضحك( وهو )متظاهرا

الوصول للحي الالتينييسكن لم كأنه معه وسار الفتى فنهض يحمله أن يريد كأنه للفتى جاء ثم للحمالين المتاح الدرعمي أسلم

يكد ولم الالتيني الحي فنادق من بفندق رائعة جميلة غرفة في كان قليل ساعة, وبعد ثالثين مكانه في أشفق شهور,وطالما منذ )اشتاقت( للقائه نفسه نازعته شخصا ينتظر كان فقد أنه من أصلح حتى يستقر

أبدا. يلقاه )خاف( أالمنهما واحدا صوت سمع إن وما شخصان ودخل بالدخول الظهر( فأذن )قبيل الضحا آخر بالباب ويطرق

)يبدأ( حياة يستأنف كأنه همه ياسه, وانصرف وزال( عنه )انكشف وانجاب )ذهب( حزنه انجلي حتى صلة( وال أو نسب أو )رابط سبب ال حياة هذا يومه من يبدأ فهو ذلك له قبل, وحق من يحيها لم جديدة

األولى. حياته وبين بينها صلة

107

قصة حب الفصل الثامناستقرار دعة وسع( وال مادة – )نعيما سعة فيها يعرف عسيرة, لم يسيرة مرة حلوة الفتى حياة كانت( –

ولم قبل من يعرفها لم التي الضمير ورضا القلب وراحة النفس نعمة عرف ذلك مع ودع(, ولكنه مادةالحياة. مشقة احمل قط, ولذلك ينسها

راتب الفتى في فرنسا وتدبيرهشهر, فيدفع كل أول معظمه على الفرنكات, ويقضي من الثالثمائة يتجاوز ال مرتب على يحصل كان فقد

تصحبه لسيدة األخير الثلث ومسكنه, ونصف وشرابه لطعامه ثمنا شهر كل من يوم ثاني أو أول في ثلثيه كتب من يشاء ما ذلك بين عليه ولتقرأ اختالفها على التاريخ دروس ليسمع وساء صباحا السوربون إلى

األدب روائع له ليقرأ النهار في معنية ساعات له رتب الذي العذب الصوت )يفرغ( له يخلو ال حينماالفرنسي.

لله كسوته أمر ترك اليومية, وقد حاجاته من له يعرض ما على منه ينفق األخير الثلث نصف معه ويبقى لها. يتسع لم مرتبه ألن تعالى

سجن السنة األولى في باريسخالل قط يذهب باريس, ولم في كالسجين أصبح حتى والبيت السوربون بين األولى السنة الفتى قضى

اآلحاد أيام في أصدقاؤه يفعل كما الراحة أيام في ضواحيها من ضاحية إلى باريس خارج السنة هذه الطالب من الجادون بها يلم التي القهوات من قهوة إلى اختلف أنه يذكر أسبوع(, ولم كل من )األحد

الجامعة. من أكثر بها يلمون المصريين أكثر واآلخر, وكان الحين بين المصريينبه يلم أن غرفته, إلى إلى كله اليوم نفسه إلى خال يفارقه, وربما ال الراحة أيام في بيته لزم فقد هو أما

نهار. من ساعة معه ليقضي العذب الصوتأسباب سجن الفتى في غرفته

إلى األحيان بعض )تشتاق( في نفسه واللهو, وتنازعه الموسيقى ومعاهد المسارح أنباء إلى يستمع كان والرضا, وذلك القناعة إلى يسر في نفسه يرد فيها, ولكنه تمثل التي القصص هذه ليسمع المسارح هذه مشقة وتحمل مرافقته إلى أحد يدعو أن يستطيع وال يريد حيث إلى وحده يذهب أن يستطع ال أنه

العالء أبي قول يذكر ما دائما أخرى, وكان جهة من النفقات من المرافقة تقتضيه ما تحمل أو المرافقةغيري. بمساعدة اإلنجاز على قادر بغيري(, أي مستطيع رجل )أنا كتبه آخر في المعري

أثر قول أبي العالء المعري أنا رجل مستطيع بغيريالقراءة, لذلك أو الدرس ساعة إال تفارقه ال يقظته طوال للفتى مالزمة المعري العالء أبي ذكرى كان لقد

أن يستطيع كذلك بغيري( والفتى مستطيع رجل )أنا كتبه آخر في المعري العالء أبي قول ينسى يكن لم أن بدون األذى وفنون المشقة ألوان ذلك سبيل في له, ويتحمل غيره بمساعدة دائما ولكن يشاء ما يفعلشيء. منها ينكر

يعينونه الذين من غيره من يكره ما يقبل أن بين مخير إكراها, وهو والمشقة األذى احتمال على مكره فهو باريس. غير في أو باريس في حياته ويضيع اضطرارا المطلق العجز إلى فيضطر يرفضه أو حياته على

فتاة تقود الفتى إلى الجامعةكانت فيها, فقد الدروس ليسمع السوربون إلى لتقوده منها البد التي السيدة تلك يتحمل أن مضطر وكان

تنطق أن دون أخرى مرة ردته ثم الجامعة إلى بيته من صحبته أخرى,وربما أحيانا وتعنفه أحيانا به ترفقينطق. وال يفكر ال صامتا متاعا تتجر كأنها واحدة بكلمة

في تنتظر ثم موائدها إحدى إلى فتجلسه الدرس قاعة إلى صامتة معه وتمضي ذراعها تعطيه كانت فقد من الباب وأغلقت بيته غلى وأعادته مجلسه من فأقمته دخلت درسه من األستاذ انتهى إذا حتى الخارج

النهار( من كذا ساعة في اللقاء )إلى خاطف صوت في تقول وهي دونهالثانية السيدة تلك مقامها, فكانت تقوم أخرى سيدة له تجد أن بعد مهمتها من السيدة تلك اعتذرت وربما

المتصل. بصمتها األولى تؤذيه مما أكثر المتصل بحديثها الكالم( فتؤذيه )كثيرة ثرثارةعجز الفتى على كل أمور حياته

األشياء أشد إلى وصل حياته, حتى كل إلى امتد السوربون, بل إلى الذهاب مجرد عن عجزه يقتصر لم )العطف(. عليه واإلشفاق له الرثاء أو منه الضحك يثير أن ويكره شيء كل من يستحي له, فكان لزوما

في به يخلو طعامهم,وإنما في البيت أهل يشارك أال فيه أقام الذي البيت في سكن حين اشترط ولذلك وضع أراد, وربما ما ال استطاع ما )أكل( منه أصاب يديه بين الطعام وضع وقته, فإذا يحين حينما غرفته

الجوع. ألم محتمال ويتركه )يفضل( العافية فيؤثر تناوله يحسن ال ما الطعام من يديه بينمنه يرضي كيف ويعلمه طعامه له يهيئ من له وهيأ الله به رفق حتى أشهرا ذلك على الفتى ظل وقد

حاجته.108

تدريب الفتى على الزي األوربييخرج وكيف فيه يدخل كي سرعة في وتعلم األوربي )لبس( الزي واتخذ األزهر زي الفتى خلع وسريعا

أعنقهم حول الناس يديره الذي السخيف العنق رباط طوال, وهو أعواما يحسنه لم واحدا شيئا منه, إالمعنى. له يفهم به, وال فيتأنقون

في الفتى حار افترقا الرباط, فلما هذا له )منبلييه( يدير في فيها رافقه التي الفتة تلك في أخوه وكان حول تدار وإنما عناء إلى تحتاج ال مهيأة أربطة له واشترى حيرته من الدرعمي صديقه أخرجه حتى أمره فيها عقدها, والتأنق تكلف إلى يحتاج فال عقدتها هيئت وقد يسر في طرفيها بين ويجمع يسر في العنق

)التجويد(.برباط المتصلة واألسابيع األيام يمر كان مالبسه, فقد مع ومالءمته الرباط هذا في يفكر أال مجبرا وكان

الدرعمي صديقه يعينه والمالبس, فكان الرباط )التناقض( بين االختالف ذلك أصحابه الحظ واحد, حتىبينهما. يالئم أن على أحيانه بعض في

كيف نظر الفتى لرباط العنق؟قط. معنى له يفهم ولم سخيف رآه

اإلقبال على الدرس يهون على الفتى حياته الماديةيمر كان فقد طويال عنده يقف لم المعقد,ولكنه المختلط االضطراب هذا في أكثر أو عاما الفتى عاش

والتقدم به باالنتفاع وإحساسه الدرس على ويصبره( إقباله عليه )يهون يعزيه فيه, وكان يفكر وال سريعا مشقة, أو عناء بال واألدب والفلسفة التاريخ كتب ويقرأ جهد دون الفرنسية يفهم أصبح بأنه وشعوره فيه

الحياة. مشقة من يجده ما عليه فهان تاما انقطاعا )تفرغ( للدرس انقطع انه وذلكالحياة العقلية ومشاكلها

دروس إلى االختالف بدأ بعد شعر المادية, فقد حياته من تعقيدا أقل تكن لم العقلية حياته أن الفتى وجد له,وان ينبغي )يستسهلها( كما يسيغها وال يفهمها ال وانه )يجهز( لها يهيأ ولم يعد لم أنه والتاريخ األدبالدروس. بهذه لالنتفاع تهيئة لم والجامعة األزهر في /ج/ دروب( الطويل )طريقه دربه

حل مشكلته العقلية بخالصة المدارس الثانوية الفرنسيةالتالميذ درسه ما يقرأ أن هو الجامعة في تلقى التي الدروس لفهم طريق أقصر أن الفتى وجد

إلى اختلف إذا جامعيا وطالبا بيته في ثانويا تلميذا الثانوية, فأصبح المدارس في طوال أعواما الفرنسيونالسوربون. درس

عزم( ان إليه, وأزمع يحتاج ما منه واستخلص الفرنسية الثانوية )خطة( المدارس برنامج في ونظر( األوربية األجنبية اآلداب عن للتالميذ تلقي التي الخالصات والفلسفة, وبعض والجغرافيا التاريخ منه يدرسوحديثها. قديمها

في )اللين( واستطاع الفتور وال التردد يعرف لم وتصميم الضعف يعرف لم عزم في كله ذلك على وأقبل أن إلى مطمئنا الثانوية للشهادة المتقدم الطالب يحصله كان ما كله ذلك من يحصل أن قصير وقت

حزينا(. )مفضوحا آسفا خزيانا عنها يرده لن الممتحنمعلم ثانوي يعلمه الفرنسية

اللغة يعلمه ثانويا معلما لنفسه ويسيغها, اتخذ يفهما وأصبح السوربون في دروسه استقامت ولما تحث, إذا عنه الناس يفهم أن وال درسه من يسمع ما يفهم أن يكفيه يكن منظما, فلم عليما الفرنسية

يقرؤها. وتغمض( عمن )تخفى تنبو ال كتابة يكتلها وأن اللغة )أسرار( هذه دقائق يعرف أن أراد ولكنهالواجب وأساتذة السوربون

من غيره يكلفون كما المكتوبة الواجبات بعض سيكلفونه السوربون في األساتذة )يعلم( أن يقدر كان للسخرية يعرضه ال وجه على الواجبات هذه لتحيري يتهيأ أن /ج/ أبداب( من )مفر بد له يكن طالبهم. فلم

االحتقار. واالزدراء

معاملة األستاذة للطالب المقصرين: )أسباب اهتمامه بالواجبات(يقرءون كانوا نواحيها, بل بعض في فقصروا الواجبات كتبوا إذا طالبهم من يسخرون األساتذة كان فقد

به )شديدا( ممض)مؤلم( يحرضون الذعا نقدا ينقدونها ثم للنقد تعرضا أشدها ويختارون الواجبات هذه عن أحيانا وتخرجهم الزمالء تضحك السخرية هذه يكتبون, وكانت حين بالواجبات العناية إلى الطالب

أطوارهم.نقد األستاذ له

كلف فيمن الفرنسية الثورة أستاذ كلفه األيام أحد في األساتذة, ولكنه ينقده أن الفتى كره ذلك جل من نبه التي الكتب على الفتى نابليون( فأقبل سقوط بعد فرنسا في الحزبية )الحياة عن موضوعا يكتب أن

متندرا الطالب بعض األستاذ النقد, فنقد يوم جاء ثم استطاع ما وكتب استطاع ما وقرأ األستاذ عليها

109

الفتى آلمت واحدة جملة على يزد لم الفتى اسم جاء أخرى, فلما بالعيوب( أحيانا مصرحا0 وموبخا أحياناالنقد(. يستحق ال )سطحي وهي بشدة

اثر نقد األستاذ لموضوع الفتى عليهكما يتهيأ لم أنه شعر ليلته, حتى )أرقته( في مضجعه وأقضت الفتى نفس على شديدة الجملة هذه كانت

أن كاد حتى الفرنسية درس في وألح والمشقة الجهد نفسه السوربون, فكلف في طالبا ليكون ينبغي أداتها له يتهيأ حتى الواجبات في المشاركة عن وأعرض الدروس من غيره عن الفرنسية درس يصرفه

الفرنسية. اللغة وهيإعالنه حب الفتاة صاحبة الصوت العذب

تمرضه( آخر حينا وتضنيه حينا تشقيه التي والعقلية المادية الحياة هذه بأثقال يمتحن الفتى كان وبينما( فذهب مريضة العذب الصوت صاحبة أن علم قبل, فقد من له سيفتح أنه يقدر لم األمل من بابا له فتح إليها يلقي نفسه سمع ولكنه الحديث يلوي وهو بنفسه يدر ولم إليها يتحدث )يزورها( وجلس ليعودها إليها

ذلك؟ في بأس وأي تحبه., فقال ال بأنها فأجابته يحبها إنه قال هي, فقد أنكرته صوتاصرف ساعة الحديث, وبعد مجرى وغيرت تجبه فحسب, فلم يحبها وإنما جوابا وال صدى لحبه يريد ال فهو

اليوم. ذلك منذ جديدا طريقا ستسلك حياته أن يعرف وهو عنهاأسباب الحب قديمة

حزنه( أثناء جزعه ذلك على طويل, ويدل وقت منذ الفتاة بهذه تعلق أنه ووجد كلمته أمر في الفتى فكر( وجد حين طوره عن خروجه منها, و تصله التي وسروره( بالرسائل )فرحه لمصر, وابتهاجه عودته

, وحرصه قراءتهما ليعيد الدرعمي صديقه على نابولي, وإلحاحه في تنتظرانه كانتا التين الرسالتين أو مشقة تكلف دون الصوت بهذا فيلقاها النهار ساعات من ساعة كل يتردد صوتها يسمع أن على الشديد

عليه تلقي الفتاة, التي هذه بقرب فيه يسكن الذي لبيته بحبه القديم حبه على لنفسه دلل انتظار, وكذلك ألن الشديد مضاجعهم, وحبه إلى البيت في من يأوي حين أو السوربون إلى ذاهبة والمساء الصباح تحية

الفرنسي. األدب روائع عليه تقرأ صوتها يسمعكتمان نبأ حبه لصاحبة الصوت العذب

أنه قلبه, وذلك في مكان أبعد في شعوره ويخفي ينكره الحب, فكان بهذا نفسه يحدث أن يستحي كان له. يخلق لم الشعور هذا الشعور, ,أن هذا لمثل يخلق لم )تأكد( انه استيقن

بان واثقا إليها الحديث من له يتاح بما عواقبه, راضيا ومن منه يائسا نفسه على شعوره يطوي كان ولذلك )غاضبا( واجدا ذلك, وكان من أكثر في يطمع العذب, فلم صوتها هو منها غليه يساق أن يمن نعيم أقصى

الصوت. هذا من أكثر وبين بينه تحول التي والظروف الحياة علىاثر علة الفتاة صاحبة الصوت العذب على الفتى

واإلشفاق, الفتور أصابه قد العذب الصوت رأى أن بعد يخفي كان لما يقول جعلته والزيارة الطارئة العلة التي الكلمة بتلك لسانه وأطلق وحذره( وتحرجه )احترازه تحفظه أنساه مما قلبه عليه اإلشفاق فملك

الفتاة. أنكرها, وأنكرتهاأثر رد الفتاة صاحبة الصوت على حب الفتى لها

مقنطا مؤسا كان الذي الفتاة رد من ألما حتى وال شقاء وال حزنا )حرقة( وال لوعة يحس لم كله لهذا نفسه عليها( عليهما نفسه )حمل وطن والقنوط, وقد اليأس إال منها ينتظر لم والقنوط( فهو لليأس )يدفع

والتحصيل. الدرس من )يجد( فيه يمعن بما وعزاها

اختلفت مشاعر الفتى بعد إعالنه للفتاة عن حبه لها. وضحألنه عليها, راشيا ساخطا نفسه عن راضيا فهو متناقضة حالة في وهو الفتاة صاحبته عن الفتى انصرف

إشفاق أن عظيم, وهو لشر عرضها القول بذلك ألنه نفسه على يقال, وساخطا أن يجب كان ما قالبه, وضيقها عليه الفتاة

م/ عذبة العذاب األسباب يقطع حجابا ونبيه )تضع( بينها تقي وأن )تبعده( عنها تصرفه أن تريد أنها وظن( الفرنسية. اآلداب من يقرآن بما والشعوري العقلي واالستمتاع اللقاء لهما تتيح كانت الجميلة( التي أي

عن له يبحث قد منها, بل خرج أنه ظن التي إلى ترده قد تدبر بدون قالها التي الكلمة هذه أن كذلك وظن سعيدا. راضيا كان بعدما حزينا ساخطا صاحبته, ويعيش وال العذب الصوت فيه يسمع ال ’خر مسكن

للحياة يذق ولم الدرس أو بالقراءة ينتف والسخط, فلم الرضا بين مضطرب أياما الفتى عاش وهكذا طعما.

لقاء صاحبة الصوت العذب بعد شفائهاإقباال تزدد عليها, لم تعود كما صاحبته, وكانت الفتى ولقي أيام المرض( بعد )شدة العلة غمرة وانجلت

كما له وتقرأ به ترفق به عهدها على ظلت منه, وإنما نفورا )صد( أو عنه إعراضا منها يجد ولم عليهالقراءة. أثناء ويلتبس( عليه )يغمض يشكل ما له وتبين تعودت

110

أثر عودة العالقة بين الفتى وصاحبتهحتى ذلك على أياما البال, وانقضت وراحة والدعة األمن ببعض يشعر الفتى جعل يتغير لم الذي الحال هذا

مع يتحدث لم المرة هذه مستقره, ولكنه إلى وعاد استحيا ثم فجأة ظهر الذي الخفي الشعور ذلك برزالضمير. أعماق في مستقره في كمن ووقار(, فقد )حلم وأناة تحفظ في ظهر ولكنه الفتى وال الفتاة

األرق يصيب الفتى بالمرض: )متى كان يظهر حب الفتى لصاحبته؟(عن )يبعد( النوم النوم, فيزود ليستقبل بنفسه يخلو حيث الليل مع إال له الفتى شعور يخرج يكن ولم

قصير لنوم الفتى ويسلم أخرى مرة مكمنه إلى يعود ثم الصبح يوشك حتى عينيهأمره عن العذب, فيسألونه الصوت وصاحبة البيت أهل ويلحظها الفتى على المتصل األرق آثار وتظهر

/ج/ أبؤس(. )شدة بأس به ليس أنه وزعم رفض طبيب على يعرضوه أن أرادوا وإذا بالجواب فيلتويالفتاة تعرف سبب أرق الفتى

بعد حاله عن يوم ذات الفتاة الحال( فتسأله )سوء الضر بعض يصيبه حتى الفتى على سوءا األمر ويزداد بأمره فيخبرها شديدا إلحاحا عليه ويبتعد( فتلح )يهرب بالجواب يلتوي أن له, فيريد لتقرأ إليه خلت أن

كله.شيئا. أريد ال عليها تريد؟, فرد ماذا وإذن رفق في سألته انتهت إذا حتى القراءة في أخذ ثم تسكت ولكنها

وعد بالمراسلة والتفكير في األمروسيفترقان, يقبل أن على الصيف أوشك بعد, وقد لرد تنته ولم به أخبرها فيما طويال فكرت أنها فأخبرته

قضاء إلى تدعوه أنها رسائلها بعض في قرأ فإذا تعودا كما له سترسل أنها ووعدته يصبر ان منه وطلبت الصداقة الصيف, فإنها خالل في تدعه لم يريد, وإن ما على وافقت أنها فليعلم معهم الصيف بقية

غير. ال فقط الصادقةأثر وعد الفتاة على الفتى

شيئا يقل حائرا( ولم )سكت أطرق أنه سعادته آية الحديث, وكانت بذلك بالغة بسعادة شعرقدوم الصيف والدعوة لقضاء الصيف معها

بينهما, الرسائل باريس,واتصلت في الفتى وأقام الجنوب أقص في قرية إلى الفتاة وذهبت الصيف وقدم يطلع ال حتى بينهما للرسائل الكاتبة القارئة هي تكون أن زمالئها من زميلة كلفت تغادر أن قبل ولكنهازمالئه. من أحد عليها

أمله وتحقق لطلبه أجيب قد أنه الشهر, فعلم آخر المرتقبة الدعوة جاءته المراسلة الفراق من شهر وبعد وأسرتها. معها الصيف بقية سيقضي انه المصريين ألصدقائه وأعلن

مساء ذات الدرعمي فصحبه قراره على أصر محاولتهم, فقد تفلح فلم ذلك عن رده األصدقاء فحاول صاحبة تلقاه القطار في الفتى قضاها كاملة ليلة وبعد عنه الركاب, وانصرف بعض به ووصى القطار غلى

جديدا خلقا ولد انه فشعر وحنان رفق في العذب الصوت

111

المرأة التي أبصرت بعينها الفصل التاسعالفتى ومقولة أبي العالء "إنسي الوالدة, وحشي الغريزة"

الوالدة, " إنسي أنه نفسه عن قال الذي المعري العالء أبي بكلمة متأثر جديدة حياة الفتى استأنف ال جعلته غريزية بوحشة يشعر مثلهم, ولكنه ويعيش للناس منتمي بلك, انه الغريزة" ويقصد وحشي

ألحد. يأنسأثر المقولة على الفتى

وقته ويقضي يعيشون كما الناس, ويعيش ولد كما مولود الكلمة, فهو هذه معاني بكل حياته الفتى عاش وبين بينه ضرب شيء, بل إلى يطمئن ولم يسكن( ألحد )لم يأنس لم ذلك مع أوقاتهم, ولكنه يقضون كما

والقلق والخوف السخط وباطنه واألمن الرضا /ج/ حجب( ظاهره )حاجز حجابا واألشياء الناس يسلكه طريقا له يتبين )جبال( وال أعالم وال حدود لها ليس موحشة صحراء في يعيش واالضطراب, فكأنه

إليها. غاي( يسعى /ج/ غايات )هدف غاية فيه( وال )يسيرما الذي خفف على الفتى هذه الحياة

دفعته الفتى, فقد حياة على كبير أثر العذب( له الصوت )صاحبة الفتى إلى الحبيب الشخص كان لقد الناس, ثم بعض إلى األنس بعض الوحشية, ويحس غريزته وإزالة( من )التخلص التخفف إلى لها بحبهالناس. من غيرها إلى االطمئنان إلى الفتى حبيبة ويتخطى األنس هذا يزداد

غربة الفتى المتصلةفرنسا, فهو وبين وطنه بين عنده فرق ونزل(, ال )أقام حل كان, وحيثما أينما غريبا نفسه يرى كان لقد

أحاط حتى الناس وبين )كريها( بينه )سميكا( بغيضا صفيقا حجابا ضرب أنه كالهما, ذلك في غريب أصواتهم يسمع شيئا, فهو عنه تغني ال ظواهر مجرد الناس حياة أن يرى جوانبه, فكان كل من به الحجاباألصوات. تلك أو الحركات هذه وراء ما إلى ينفذ أن يمكنه ال ولكنه حركاتهم ويحس

الطبيعة بالنسبة للفتىشيئا, فكأنما أمرها من يحقق وال يعقلها ال ولكنه يسمعها له( كلمة )بالنسبة إليه بالقياس الطبيعة كانت

وجوده. في وشك نفسه وأنكر األشياء أنكر إليها, حتى منه للنفاذ سبيل ال مغلقا بابا وبينها بينهإنكار الفتى لنفسه وحيرته وأثر ذلك عليه

به يشعر الذي الشخص هذا ما يتساءل واآلخر الحين بين نفسه, فكان أنكر أن إلى بالفتى األمر وصل لقد بعض نفسه )الغفلة( عن الذهول إلى به األمر يصل حتى )أنواع( النشاط؟ ضروب في مضطربا مفكرا

كما يذهل من الناس من هناك هل وتساءل الذهول هذا من أشفق نفسه )رجع( إلى ثاب الوقت, فإذا من به يشعر بما يشعر من هناك وهل ؟ هو ينكرها كما نفسه ينكر من هناك وهل نفسه؟ عن هو يذهلواضطراب؟ وقلق حيرة

يسمع أو الناس إلى يتحدث حين )يتحكم( إال أمره يملك متصلة, ال حيرة نفسه إلى خال إذا حياته كانت لقد عنه هذا ويزول( كل )ينكشف ينجاب ذلك عليه, وعند يقرأ كان لما يصغي أو الدرس إلى يختلف أو لهم

قبل. من يعرفها لم كأنه الحياة في ويدلأثر حبيبته على نفسه وحياته

كان ما متصل وجهد رفق في المنكرة, فألغى غرفته من أخرجه الذي هو إليه الحبيب الشخص كان لقد ... عن يحدثه كان أنه وأستار. وذلك حجب من واألشياء والناس الفتى بين

أعماقهم. إلى وينفذ يراهم وأفكاره( أنه بخواطره )يتخيل روعه في فيلقي النساءعن... حدثه انه قرب, ومنها من يعرفها من شعور بها الفتى فيشعر الطبيعةسهامها ترسل حين السماء مصابيح وعن ظلك األرض يمأل حين نورا, والليل األرض تمأل حين الشمس

حوله من الظل ينشر حين األشجار وعن ناصعة تيجانا الجليد من تتخذ حين الجبال وعن األرض إلى )تنساب( رشيقة تسعى حين والجداول عنيفة تجري حين األنهار الجميلة, وعن والروح

ومن الناس من به يحيطون فيمن القبح ومظاهر الجمال مظاهر من والكثير الكثير ذلك غير عن وحدثته له, كأنه بالقياس غريبة تكن عليه, ولم مستخفيه كانت حقائق عن له يكشف أنه إليه يخيل األشياء, فكان

بها. محبوبته فذكرته نسيها ثم بعيد زمن من عرفهاثقة الفتى بنفسه والراحة لآلخرين

إلى راحة أكثر )ترجع(, وأصبح إليه تثوب بنفسه الثقة أخذت نفسه, فقد على كبير أثر لفتاته كان وقد غلو وال تكثر غير في نفسه عن عبر والوحدة, وقد والملل والضيق بالغربة الشعور عنه غيره,وانكشف نعيما,وظلمته سعة, وبؤسه سعادة,وضيقه شقاءه جعلت تلك فتاته "إن كتب فيما كتب )مبالغة( حينما

نورا".خطوبة الفتى والفتاة )سوزان(

112

الناعمة الهائمة بالحياة التمتع األولى, من حبهم أيام في المحبون ينفقه فيما صيفهما المخطوبان ينفق لم الخيال في والحياة القلب وسرور النفس لرضا وتفرغ الجهد من وتتخفف المشقة من تخلص التي

من فرنسا إلى جاء بما ليقوم محدود وقت أمامه للغاية, فالفتى محدود وقتهما أن عرفا واألحالم, وإنماالعلم. ليطلبوا ألوربا ترسلهم من مع والمزاح التسامح تعرف ال التي الجامعة أمام مسئول أجله, وهو

واالجتهاد. العلم أجل من أرسلتهم والخيال, بل للحب أوربا إلى ترسلهم لم أنها وذلككيف تذكر الفتى أيام الصيف وما بعدها؟

نفسه عن يرضى بعدها, فكان جاءت التي الفتاة, واألشهر فيها خطب التي الصيف أيام كثيرا الفتى تذكر إنكار. أو سخط شائبة بال الرضا كل محبوبته وعن

كيف قضى الفتى والفتاة الصيف )أيام حبهم األولى(؟الفرنسية الترجمة قراءة إلى ينتقالن الضحى يرتفع الالتينية, حين درس مع الصباح أكثر المخطوبان أنفق

تاريخ على يقبالن الطعام, ثم بعض منها فيصيبان بالمائدة يلمان الغداء وقت خلدون, وعند بن لمقدمةلهما. الله يشاء ما منهما فيقرآن والرمان اليونان

الفرنسي األدب إلى واليوناني الروماني األدب عن ينصرفان الخامسة الساعة وفي .التنزه( في للتريض منها أقل أو ساعة )حينما( يخرجان ريثما إال القراءة في كله نهارهما ينفقان كانا فقد(

لتقرأ كلها باألسرة يجتمعان ثم الطعام من شيئا فيصيبان المائدة إلى يقبالن فيها, ثم يعيشان التي القريةما. كتابا العذب الصوت صاحبة عليهما

ماضيه يذكر بنفسه صاحبنا غرفته, وخال إلى منهم واحد كل وأوى الجامعة تفرقت قليال الليل تقدم وإذا المجهول. مستقبله في ويفكر السعيد بحاضره وينعم الغريب

كيف ينفق الفتى ليله؟وحاضره الغريب ماضيه في فكر نفسه إلى الفتى وخال غرفته إلى واحد كل وخال األسرة تفرقت إذا

ينتظر وال األرق يكره النوم( ال عنه )ممتنعا مؤرقا الليل أكثر المجهول, فينفق ومستقبله السعيدأمسه قضى كما يومه قضى أصبح فإذا الليل آخر النوم يغلبه النوم,ولكن

أيام الفتى بعد الصيفإلى مختلفا الجامعية حياته فيستأنف باريس إلى الريف من األسرة مع عاد الصيف انقضى أن وبعد

آخر. يوما الالتينية وأستاذ يوما الفرنسية أستاذ وإلى قارئته إلى ومساءا, خاليا صباحا السوربونعزم الفتى وتمنع المصريين

يكن الدكتوراه, ولم درجة إلى يتقدم ثم الليسانس بدرجة يظفر أن على وجد( الفتى )عزم أزمع والمشقة, العناء من الكثير تكلفهم كانت الليسانس, فقد درجة على يقبلون الوقت ذلك في المصريون

كما العلم, وليكتبوا من يدرسون فيما التحريري االمتحان ليؤدوا أوال الفرنسية إتقان تكلفهم أنها ذلك ومن االمتحان ليؤدوا الالتينية درس إتقان تكلفهم الليسانس كانت أخطاء, كما بال الفرنسيون الطالب يكتب

كذلك. تحريرامصاعب دراسة الالتينية

إال المصريون بها يسمع العالية, فلم المدارس وال العامة الثانوية في ال مصر في تدرس الالتينية تكن لم ست درسوها الذين الفرنسيين زمالئهم مجاراة يستطيعوا لن أنهم رأوا فرنسا,وبالتالي إلى قدومهم بعد

الليسانس. المتحان يتقدموا أن قبل الجامعة في يدرسونها ثم الفرنسي التعليم في كاملة سنواتاللغة. بهذه إال بها للظفر سبيل ال التي الليسانس عن يعرضون عها يعرضون المصريون كان ولذلك

نماذج من المصرين الذين عزموا الحصول على الليسانسالعلة المقبل, ولكن العام االمتحان ليؤدي يستعد أخذ فأخفق, ثم لالمتحان وتقدم وكد األول: جد

والكآبة اليأس بين أياما فعاش مصر غلى الجامعة عقله, فردته واختلط أمره فاضطرب )المرض( أدركتهقليل. زمن بعد الله توفاه حتى

الثاني: الدكتور صبري السوربونيالنص وتلقى لالمتحان تقدم إذا أدركته, فكان الالتينية عقدة ولكن ومرة مرة وتقدم واجتهد جد طالب وهو

بيضاء وقدمها الصفحة طوى ثم سريعة نظرة إليه الفرنسية, نظر إلى ترجمته يجب الذي الالتينياليأس( . )شدة والقنوط اليأس يبن قديما تينيا ال بيتا يتمثل وهو ضاحكا وانصرف للممتحنين

تقدم يوم جاء حتى وألح حاول عقبة, وإنما أو )يستسلم( لصعوبة يذعن ولم اليأس يعرف لم ولكنه وقدم مترجما عليه أقبل بل مرة كل مثل سريعة نظرة إليه ينظر ولم الالتيني النص وتلقى لالمتحان

والنجاح. الفوز له أتاحت صفحة للممتحنينالثالث: طه حسين

113

من يبذالنه وما المشقة من الصاحبان يحتمله ما عرف قد الزميلين, وكان هذين ثالث هو صاحبنا وكان الجامعة وفي بيته في الالتينية درس في مضى عزمه, وإنما يفل إخفاق, فلم من له يتعرضان جهد, وما

العقبات. كانت مهما الدرجة بهذه الظفر على مصمما

أخطر مشكلة هددت الفتى في فرنسامشكلة بالدرسي, ولكنها متعلقة تكن أمره, ولم كل تفسد كادت خطير لمشكلة الفتى تعرض وقد

أعطى أنه نسي أنه أسرتها, وذلك )رفض( من وإباء وامتناع الفتاة من طويل تردد بعد أتت التي خطوبتهللعلم. طالبا مصر خارج إقامته أثناء يتزوج أال وهو يعطونه البعثة أعضاء جميع كان عهدا مصر في الجامعة

هل نقض الفتى العهد؟أمر )متعجل( في عجل كان يتزوج, ولكنه ولم خطب نه وذلك العهد ينقض لم الفتى أن الكاتب يرى

الجامعة. مع العهد ينقض أن أو الجامعة من األذن على يحصل أن قرر الزواج, ولذلكحتى الجامعة؟ له تأذن لم إن له يحدث ماذا كثيرا ,ويتساءل الجامعة من طلبه أمر في طويال فكر ولكنه

منها يطلب الجامعة إلى يرسل أن النهاية في قرر آخر, ولكنه حين من حياته ينغص ذلك في التفكير كان أن بعد إال يعرفها لم )مصائب( كثيرة خطوب بعد له أذنت , فقد )أرحم( به أرأف الجامعة اإلذن, وكانت

لمصر. وعاد بالدرجة ظفركيف تعامل الفتى والفتاة مع إذن الجامعة؟

على يحصل له, حتى تأذن لم الفتاة إن بل لنفسه يأذن لم أرد, ولكنه فيما للفتى أذنت الجامعة أن صحيح كسول نشيط, غير مجد أنه للجامعة يبين قبل, حتى من مصري عليها يحصل لم الليسانس, التي درجة

والتحصيل. الدرس من عليه يجب عما بنفسه مشتغل والوالدكتوراه: الليسانسرسالة يعد كان بل فقط الليسانس لدرجة العالم ذلك في نفسه يجهز يكن لم أنه الفتى أمر من والغربي

العم كان ونشاطه, حتى وكده إصراره من بالزواج له الجامعة إذن زاد الوقت, وقد ذات في الدكتوراهوالعسر. المشقة وخطيبته نفسه فيه كلف غريبا لخطبته األول

التنزه والكتبباريس, ولم في يتنزهان واآلخر الحين بين يخرجان وخطيبته هو اآلحاد آيام قضى أنه قط الفتى ينسى لم

عسرها من القارئين ترهق التي الكتب تلك من ضخما كتابا دائما يصحبهما كان قط, فقد بمفردهما يكوناوشدتها.

إلى يختلفان كانا العسيرة, فقد وألفاظها ومعانيها بأسلوبها عرفت التي كونت أوجست كتب ذلك ومن من صلة حبهما وبين بينه ليس كالما ويقرآن شجرة ل تحت ويجلسان باريس حول المنتشر الغابات إحدىقريب. أو بعيد

التقدم المتحان الليسانسولم يونيو شهر في )تقدم( إليه دفع لالمتحان, ثم يستعد الفتى بدأ أوائل/م/ بادرة( الصيف بوادر ومع

يكن ولم االمتحان لنتيجة مطمئنا يكن لم أنه من الرغم على عناد في )يتباطأ( وأقدم يتلكأ ولم يتردد اإلخفاق, فما علي كتب رام, وإن غير من فرمية النجاح أتيح "إن لنفسه يقول كان بالنجاح, ولكنه واثقاأخفقوا." الذين أكثر

اإلخفاق. عادته ومن يصيب لمن يقال قديم عربي رام: مثل غير من رمية

114

يوم سقطت القنبلة على بيتي الفصل العاشردبلومة الدراسات العالية في التاريخ

درس على أقبل قليلة, ثم األيام من قليال إال الدكتوراه امتحان من فرغ أن بعد نفسه الفتى يمهل لم كذلك. أستاذه وأحب شديدا حبا الدرس هذا أحب ألنه باريس, وذلك في أقام أن منذ تعود كما التاريخ

أن في إذنه يطلب بأنه )خائف( وأخبره وجال خزيانا صاحبنا عليه أقبل الدرس من األستاذ أنهى ولما العليا, الدراسات دبلومة بها لينال القيم التاريخ في له رسالة على يشرف

راضيا الفتي الرسالة, فانصرف موضوع معه ليحدد غدا موعدا له القبول, وضرب أحسن األستاذ فقبل مشفقا.

العظيم. األستاذ هذا مع للعمل راضيا كان فقدبالعسير يكلفهم فهو لطالبه األستاذ حب من الرغم على أن يعلم معه, فهو العمل من مشفقا وكان

لين. وال فيه رفق ال حسابا عليها ويحاسبهم األعمال من والشاقموضوع الرسالة

قيما موضوعا لك اخترت لقد له يقول وهو متضاحكا األستاذ فاستقبله األستاذ على صاحبنا أقبل الغد في القضايا ستدرس له الموضوع, قال عن أستاذه صاحبنا سأل تقرأ, ولما بما التمتع لك سيتيح حقا, ألنه

)انتقصوا( وغضوا الروماني )عظمة( الشعب جالل أهانوا الذين األقاليم حكام على روما في أقيمت التي)ناسيت(. العظيم المؤرخ صورها شرفه, كما من

آخر. مؤرخ أو ألديب قراءته في يسعدها لم سعادة المؤرخ لهذا للقراءة سيسعد صاحبنا أن األستاذ وأكد يقرأ الكتب من أخرى مجموعة عليه أحصى كما يقرأها أن البد الكتب من )عدد( مجموعة له أحصى ثم

الفصول. بعض منهاأثر الموضوع على الفتى

وانصرف وأطاع له سمع العسير, وإنما الرسالة موضوع في يجادله أو أستاذه يناقش أن الفتى يستطع لم خاضعا( )مستسلما مستخذيا قلقا

مشكلة المراجعالفصول, بعض منها يقرأ أن بد ال والتي يقرأها أن البد التي المراجع أمر في فكر ثم لنفسه الفتى خال

ال أنه عليها, كما وترددهم إليها الطالب احتياج لكثرة الجامعة مكتبة من استعارتها يستطيع ال أنه فوجدكاملين. شهرين ومرتب كبيرة مشقة ستكلفه ألنها شراءها يستطيع

كيف حل الفتى مشكلة المراجع؟على مكرهة األمر, وكانت أول في طلبه الجامعة فرفضت الكتب لشراء بها يستعين للجامعة الفتى أرسل

شراء على معاونته منها وطلب الجامعة راجع السبل به ضاقت الصعبة, ولما المالية الظروف بسبب ذلك يردها وأن لها ملكا الكتب تكون أن اشترطت شديدة, ولكنها وأمور خطوب بعد الجامعة فقبلت الكتبمصر. إلى يعود أن بعد الجامعة إلى الفتى

معاملة الجامعة للطالب المبعوثينالصعبة, فلم المادية الظروف بسب ذلك على مكرهة الطالب, وكانت على البخل شديدة الجامعة كانت

الخاصة الدروس من يحتاجون ما وأجر مرتبا تعطيهم الكتب, بل شار على وال المرض على تعينهم تكنتشاء. ما بهم تصنع أو بها يصنعون الحياة وبين )تترك( بينهم تخلي منها, ثم البد أنه تتبين التي

أي جانب من قصور أو تقصير ثبت الدرس, فإن في والتقدم واالجتهاد الجد يثبتوا أن الطالب على وكان نفقاته. وتوفير مصر إلى رده في الجامعة تتردد لم طالب

مشاق الرسالة وموضوعاهاولم قبل من يعهده لم أنه , وذلك خطيرا له بالنسبة كان الخطير, فقد الموضوع لهذا يتهيأ صاحبنا أخذ

التي المصرية الجامعة في وال الموروثة بعلومه األزهر في فيها درس التي مصر في ذلك قبل عنه يسمعشيء. واليونان الرومان تاريخ وبين دروسها بين صلة ال

115

العسير العظيم الروماني المؤرخ هذا )التفرغ( على العكوف هي لصاحبنا بالقياس الثانية الصعوبة وكانت وأساليبه. أسلوبه في

الصعوبة الثالثة )منهج الرسالة(نواحيها من القضايا هذه يفهم القضايا, ثم تلك أخبار من فيها )يعدد( ما يحصي وأن كتبه يقرأ أن البد فكان

مستقيما. واضحا عرضا ذلك بعد يعرضها الخالصة, ثم القانونيةأثر مشاق الموضوع على الفتى

يكلفه ال والذي يحسنه الذي العربي التاريخ في رسالة يختر لم أنه الندم من شيئا نفسه في أحس لقد مشكلته,مهما مواجهة من مفر نفسه, وال ذلك في ورط الالتينية, ولكنه يشبه ما قراءة وال الالتينية قراءةوعناء. جهد من ذلك يكلفه

يوم سقوط القنبلة على بيتيإلى وزوجته بنفسه وفر باريس وترك القراءة عن فجأة قراءته, انقطع مكن أيام بعد أنه الكاتب ويحكي

للخطر. واجتنابا لألمن طلبا فرنسا جنوبمن انصرف حوله, ولما من هادئ شيء كل كان فبراير شهر من الليالي إحدى منتصف في أن وذلك

/ج/ نذر( بالشر )اإلنذار النذير سمع للنوم يسعى /ج/ مضاجع( وهو نومه )مكان مضجعه إلى القراءة فأبى خوفا الخوف( أو )شدة ذعرا البيت ألهل يظهر أن يشأ ولم بها يحفل ولم منها فسخر الجوية بالغارة

زال ما وهو المخبأ إلى السادس الطابق من للهبوط يتهيئون البيت أهل يرى مضجعه, وهو من ينهض أن)يبرح( مضجعه. يريم ال ثابتا

الساخرون, ويكثر المهتمون شيء, فيكثر يحدث ولم والمغرين الغارة من النذير سمعوا ما فكثيرا الليالي. من كغيرها الليلة هذه أن شيء, فظن حدوث دون الغارة وتنجلي

من يلقاه أن يمكن بما يحفل ال مسرعا الهابطين مع يهبط نفسه )مخيف( فوجد مروعا صوتا سمع ولكنه الحي. أهل من إليه الالجئين مع المخبأ في يستقر أن بعد إال نفسه )يرجع( إلى يثوب عقبات,وال

ما أثر هروب الفتى المتسرع مع أهليه على نفسهيصنع ماذا أهله,ولكن من ومستخذا نفسه مستذال( في )ضعيفا مستخذيا الملجأ في جلس من مع جلس

وإرادته؟ عقله من /ج/ غرائز( أقوى )الطبيعة الغريزة كانت وقدأثار الغارة على الفتى وزوجته

عظيما, فقد شرا رأوا الصباح وفي لمضاجعهم الناس والغمة( ويأوي الغمرة)الشدة انجلت إلى صباحا طريقه في الفتى, وأحس درا من قريبة أبنية ودمرت نفسه الالتيني الحي في القنابل سقطت

حدث. عما يتحدثون الناس وسمع التدمير هذا بآثار السوربونحتى مونبيليه إلى معها الهجرة الحامل, فقرر زوجته ظروف بسبب باريس يهجر أن الطبيب بأمر واضطر

ذلك. بعد باريس إلى يعوا ثم المولود يصلتفكير الفتى في دراسة الحقوق

فرنسا في الدرس يبدأ أن القانون, على في ويتخرج الحقوق يدرس أن هم مونبيليه في استقر أن وبعد كثيرا نفسه الزم ذلك, ولكنه عن شغلته يعدها كان التي الرسالة إليها, ولكن عودته بعد مصر في ويتمه

والخطوب. المحن من كثير بها ألمت حياته أن القانون, وذلك دراسة من حاول ما يتم لم ألنه ذلك بعدأسباب ندم الفتى على عدم دراسة القانون: )مسئولية الفتى أمام أسرته(

السلطان يخاصما ولم مصر في يحدث بما لهم دخل ال وأم طفلين من أسرة عن مسئوال صاحبنا كان األيام. تلك في بحقها والقيام أسرته رعاية عن العجز من اقترب أنه يوما, ورأى

لتجنب ذلك أتم لو وظن( أنه )تخيل وقدر تتم, ندم لم التي القانون دراسة في رغبته تذكر إذا كان ولذلك وضيق بؤس من له تعرضت مما األسرة وحمى( هذه )منع وعصم التبطل

حياة الفتى في مونبيليههذا في تشاركه واليونانية, وزوجته واليونانية الالتينية درس )الرسالة( وعلى درسه على الفتى أقبل

ومنه الكثير النعيم من راضية, وفيها مونبيليه في حياته فكانت الدرسالمعرفة. أسباب من جديد بسبب يوم كل واألخذ الدرس في باإلمعان الفتى إليه وصل الذي العقل؛ نعيمورفق. أناة في الحياة إلى يسعى الذي الطفل هذا بانتظار برز الذي األمل؛ نعيمكان × جوادا( فقد البخل )شديد مقترا يكن مهما الذي بالرزق بالقناعة صاحبنا إليه ووصل الرضا؛ نعيم

يحسنان ألنهما نفسيهما عن الزوجين حياته( ويرضي يحفظ أي الجسم أو الظهر أو )الصلب األود يقيمواالحتمال. التدبير

مشكلة المالواالحتمال. التدبير يحسنان الزوجان كان لقد

116

شدة صرامة في ينفد, فيثبتان أن المال ويوشك االنتهاء على الشهر يوشك حين الهم لبعض تعرضا وربما( الشهر. أول العسير اليسير إليها ويعود الغمرة عنهما تنجلي × لين( حتى وعزيمة

رسالة ابن خلدون تنقذ الزوجينشاء كيفما فيها ليتصرف مصر في صديق إلى خلدون ابن عن رسالته من نسخة مئة حوالي الفتى أرسل

األخرى. النسخ من عدد أصدقائه بعض إلى وأهدى نسخة عشرين الجامعة أخذت أن بعدأحد إلى حوالة وفيه الصديق من كتابا ضحا ذات النسخ, فوصل أمر الفتى نسي قصير غير وقت وبعد

المال لهذا البالغة والسعادة بالرضا الزوجين جنيها, فشعر عشرين يبلغ المال من مبلغ وبها المصارف قد قدومه أن قدومه, السيما المنتظر المولود هذا على واإلشفاق والخوف العذاب من أنقذهما الذي

بمقدمه. وترحيب( تليق )تكريم بحفاوة )االستعداد( للقائه والتهيؤ إكرامه من اقترب, والبد

استقبال المولودة الجديدة أمينةموسيقى فكانت الطير بغناء بكاؤها فاختلط الصبح مع أمينة ابنته الكاتب استقبل يونيو شهر أيام احد في

هول. من له تعرضا × سكون( وما )فزع روع من تلك ليلتهما في وجدا ما الزوجين أنست حلوةكيف وجدت أمينه أبويها

خلدون ابن لهم أتاح فقد استقبالها في عليهما مضيقا )حزينين( وال مهتمين غير أبويها فوجدت أمينة جاءت الجديد. المولود استقبال حسن من مكنهما ما السعة من الله رحمه

كيف انقضى الصيف؟ وكيف واجهه الزوجان؟آخره, ولكنهما والضيق الشهر أول السعة الزوجان, بين فيه يضطرب ثقيال, طويال الصيف انقضى

سبتمبر شهر أقبل إذا الرومانية, حتى ودرس الرسالة وإعداد أمينة بتنشئة والضيق السعة على يستعينانباريس. إلى جوهرتهما مع عادا

انشغال الكاتب عن الرسالةحدد الذي أستاذه ويلقى تاما فراغا للدراسة سيفرغ باريس وصوله بمجرد انه وتخيل( صاحبنا )ظن قدر

فهم. وما قرأ ما عليه الجامعي, ليعرض العام أول الرسالة لهوصديقا مصريا رفيقا وجد كاملين, فقد شهرين دام عنيفا صرفا ذلك كل عن ينصرف وصوله بمجرد ولكنه

إدارة أن باريس, خصوصا في يرعاه من يوجد وال خطير عصبي مرض به ألم قد وقبلها البعثة أصدقاء من للجامعة ويكتب لألطباء يعرضه بصديقه, فكان يعتني أن عليه لندن, فكان إلى باريس من نقلت البعثة

بأمره. يزوره مرتفع( وكان )صوت والعجيج والضوضاء باريس عن بعيد مكان إلى فنقله األطباء به أمر ما ونفذ

صاحب من ليسمع صديقه إلى فيسرع الفندق صاحب من دعوة يتلقى كان ما واآلخر, وكثيرا الحين بينحلها. عن يعجز ما المشكالت من أمامه وحرقة( ويثير ) ألما لوعة قلبه يمأل ما الفندق

الجامعة تريح الفتى بعد عناء طويلالمريض على لينفق قليلة أموال ويتلقى متناقضة رسائل البعثة ومدير الجامعة من يتلقى كان ذلك وأثناء

عما الدقيق الحساب بتأدية مطالبته الجامعة من نفسه الوقت في اإلنفاق, ويتلقى في يسرف كان الذي إلى المريض صديقه بإعادة الجامعة من خطابا تلقى )الشدة( حتى الغمرة هذه تنجلي أنفق, ولمالقاهرة؟

السالم وطلب مصر االستقاللالهدنة, قتال( وتعلن هناك يعد ولم الحرب انتهت أي الثقيل )الحمل أوزارها الحرب تضع ذلك أثناء وفي

)ضيوفهم( بذلك. ونزالءهم الفرنسيون فيبتهجأخبار ولكنها عنيفا صرفا الرسالة عن لتصرفه مصر من األخبار وجاءت إال رسالته في يمضى كاد وما

المنتصر المحتل إلى استقاللها تطلب مصر أن وإعجابا, وهي بالنفس وثقة ورضا غبطة قلبه مألت سعيدة)انجلترا(.

تعنت اإلنجليز وثورة المصريينعنوة أخرجوا إنهم وأنكروها, بل المصرية المطالب أمام تعنتوا اإلنجليز أن وهي محزنة أخبار وجاءت

مالطة, وجاءت في رهائن واتخذوهم بالدهم من المصريين )بالقوة( بعضأعدائها. على وثارت ألبنائها غضبت مصر بأن األخبار

أثر األخبار على الفتى والمصريين في فرنسا

117

شديد العطش(الصادي )شدة الغلة ذي من الماء موقع المصريين قلوب على األخبار هذه وقعت( األوربيون فعل مثلما لالستقالل طموحا لكرامتهم اإلفريقية( يثورون )مصر العطش(, فالمصريون

الغربية. الدول من وكثير واألمريكيون والفرنسيون واإلنجليز وأمريكا تداعب المصرييناآلمال

الوقت من كيرا نفوسهم, وأضاعوا الكبرياء ويمأل قلوبهم الواسعة اآلمال تمأل فرنسا في المصريون عاش تنتهي. ال التي والثائرين الثورة ألحاديث للتفرغ الدرس من كثير عن وأعرضوا

معهم وخوضه معهم لقاؤه كثر فقد قليال إال المصريين رفاقه يلتقي العزلة, ال مؤثرا كان فقد صاحبنا أما فيها. يجري وما مصر أنباء تنشر الفرنسية الصحف بدأت أن منذ الثورة أحاديث في

الفتى ورسالتهحفيا عمله في مضى عليها, قد المشرف أستاذه عن عرض ولم يجري ما كل رغم دراسته الفتى يهمل لم

زادته مصر أنباء كأن والتحمل( فيه )الصبر الجلد على حريصا /ج/ حفواء( وكان به لطيفا به )علما به مصر إلى ليعود سريعا دراسته ينهي ألن شوقته األنباء هذه أن إلى باإلضافة وجد, هذا إقدام على إقدامافيها. يشارك أن له يتاح مما بعضها في يشارك أن يستطيع × بعد( لعله )قرب كثب عن األحداث ليشهد

الكاتب يملي رسالته في التاريخ على قارئتهوالفقه المدني الفقه قراءة في , فيغرق الصبح مع قارئته يتلقى كان )أبدا( كيف قط الفتى ينسى لم

)ممش( العظيم األلماني المؤرخ كتابي في الروماني والمني الجنائيمن فيها ما على قصير وقت في عشر األحد المجلدات هذه قرأ السنين هذه بعد أنه الفتى يصدق ولم

األدبية. والنصوص التعليقات وكثرة وشدة عسرالبيت, وكذلك لشئون تفرغ أن لزوجه ليتيح ذراعيه بين أمينة يحمل وهو للقارئة يسمع كان فقد وكذلك

الضيقة غرفته في ويمشي ذراعي /ج/ صبايا( بين )ابنته صبيته يحمل وهو الرسالة فصول يملي كانوتكتب. منه تسمع والقارئة

وتأخذ الكتابة من هي يريحها وأن الفتاة حمل من نفسه يريح أن منه القارئة فطلبت األمر طال وربما الغداء تعد المطبخ في األطفال, وزوجته أغاني بعض لها الغرفة, وتغني في بها وتمشي ذراعيها بين أمينة

العشاء. أو

لقاء الكاتب بسعد زغلول ورفاقهالستقبالهم, يتهيئون وأنهم باريس إلى سيصلون وأصحابه سعد أن يخبروه البعثة رفاق أقبل يوم ذات وفي

األمور. هذه مثل يحسن ال ألنه اعتذر ولكنه مشاركتهم منه وطلبواوقابل وانطلق ضحا ذات زوجته أخذ باريس في ورفاقه الله رحمه سعد استقر إذا حتى الفتى وانتظر

, وكذلك السيد لطفي أحمد عليه العطوف به الرفيق أستاذه يقيمون, وفيهم حيث ورفاقه زغلول سعد في كان حينما والرعاية بالجريدة وكاتبا الجامعة في طالبا بالرعاية شمله والذي له المشجع صديقه فيهم

الله. رحمه فهمي العزيز عبد وهو باريس الجامعية البعثة عضوابعد المودة وبينهم بينه اتصلت ثم بأسمائهم يعرفهم كان آخرون الصديقين ين هذه غير فيهم كان وكذلك

ذلك. بعد الخصومة وبينهم بينه اتصلت كما ذلكيديه أن وأتيح طالبا يؤديه أن استحى لسعد عليه كان دينا يؤدي أن له أتيح سعد وزوجه الكاتب لقي ولما

باريس. في درسه يتم كاد أن بعد

(رفضت أن أحضر مؤتمر للعميان ) الفصل الحادي عشر

حياة الزوجين في مصر متعثرة أخرى, مرة تهجم( الضرورات0 مرة, وعبس األمل تبسم متعثر, بين مصر في الزوجين حياة بدأت

وعسيرة. حلوة تمر فكانت

118

يعيشا أن يجب تطول, وال أن يجب ال الضيافة بأن علما وزوجته, ولكنهما صاحبنا الفتى أخو واستضاف من ينل الجماعات, ال استقالل مثل األفراد استقالل أن يرى بعيد, فهو أو قريب )معتمدين( على عياال

والسبل. )يطلب( الوسائل به يبتغي سعي إلى يحتاج بل األرض من ينجم وال السماءهل كان الفتى يملك هذه الوسائل والسبل؟

وال الوسائل تلك يملك يكن لم ولكنه االستقالل وزوجته له تحقق التي والسبل الوسائل يعرف الفتى كان البعثة من العودة بمكافئة عليه بخلت الجامعة أن دينار, حتى وال درهما المال من يملك ال السبل, فهو تلك

مالية. أزمة من به تمر لما ذلك على مكرهة , وكانتحل مشكلة المسكن

كما فيه يعيشان المأوى, الذي وألسرته له يتيح ما المال من يقترض أن إال أمامه الفتى صاحبنا يجد ولم لهما. يراد كما ال يريدان

المالي التعاون شركة إلى رمضان, فأخذه محمد األستاذ وهو األمر األصدقاء أحد )خفف( عليه وهون )بقيتها(. سائرها أعطته ثم الفائدة جنيه, واقتطعت مائة فأقرضته عندها وضمنه

أثر المال على الفتىاليوم, فقد قبل المال هذا مثل يملك لم أنه ضخمة, ذلك ثروة امتلك أنه بالغة, وقدر سعادة الفتى سعد

يده في يقع ما أقصى آخر زمنا عاش واحدا, ثم جنيها غالبا يبلغ ال يده في يقع ما أقصى طويال زمنا عاشبباريس. السوربون في نجح وحينما المصرية الجامعة في نجح حينما ضخما يراه جنيه. وكان عشرين

كيف تصرف الفتى في المائة جنيهاإلضراب آخر انتظار على أعانه الذي زميله إلى عليه دينا أدى أنه وذلك سريعا الفت يد في المال تناقص

مارسيليا. فيجنيه. لمليون تصل التي الجائزة في ليونيه( طمعا )الكريدي بمصرف سهما لزوجته اشترى ثمأثاثا له ويشتري السكاكيني حي في متواضعا بيتا ليجهز فأسرع جنيها خمسون إال المال من معه يتبق ولم

مرضيا. بيتا يكفي ال المال من بقي ما ألن المتاع سقط منمصرف الكريدي ليوينيه وأحالم الثراء

قرض في سهاما عن يعلن المصرف أن إعالنا زوجته عليه قرأت ليونيه الكريدي بمصرف مروره أثناء يعادل ما فرنسي, أي فرنك بمليون السهام هذه أحد ليفوز والحين الحين بين سحب يجرى فرنسي, وأنه

مصري. جنيه ألف عشرينغال شديدا إلحاحا عليها وألح الضخمة, وأسرع الجائزة بهذه تفوز لعلها لزوجته سهما شراء على فعزم

المصرف. معه وتدخل له تستجيب ألن مكرهة فاضطرت )بالغ( فيهأثر شراء السهم على الفتى

العشرين جنيه( باأللوف )خمسون معه مال من بقي ما يقيس وجعل الفتى تداعب )بدأت( اآلمال جعلت بأخذ )الدوران الدوار يشبه شيئا يأخذه السهم, فكان ذلك من ربحها من لزوجته تساق أن يمكن التي

الرأس(من الفائز في القرعة األولى

رحمه باشا مظلوم سهم كان الفتى, بل زوجة سهم يكن لم ولكنه مصريا سهما وربح األول االقتراع جرى يدعو ال العسر وأن المال يدعو المال بان سمعاه ما صح لما كثيرا ضحكا النبأ هذا الزوجان قرأ الله, فلما

قليال. إال السيرمصير سهم زوجة الفتى

األسهم قيمة )تضعف( معه وتنحل )يضعف( ويتضاءل ينحل الفرنك جعل واألعوام الشهور مرور وبعد كما ذاب كأنه أنباؤه انقطعت ثم ثالثة إلى انتهت ثم خمسة جنيهات( ثم )سبعة السهم قيمة بلغت حتى

الماء. في الملح يذوبدار الفتى في حي السكاكيني

أن من ذراعا يدا, أضيق أقصر نفسه جنيه, فرأى خمسين من أكثر يجد فلم يده في بقي فيما الفتى نظر عنه. وزوجته يرضى تأسيسا يؤسسه أن أو المسكن من يريده ما ييلغ

حي في دارا الله رحمه رمضان محمد األستاذ لهما استأجر فقد وأساس مسكن من لهما البد وألنه ما منه والطعام( فاشتريا المتاع من الحقير )الرديء المتاع سقط )قصدا( إلى السكاكيني, وعمدا

أساس. من يحتاجانأثر قصر اليد على الفتى وزوجته

الضعيف السخف ذلك بين تختار وهي دموعها تغالب يراها وهو زوجته منظر من الفتى على أشد يكن لم( فرجا. ضيقا بعد ويجعل العسر ذلك بعد الله ييسر حتى مفر منه يكن لم الذي األساس الرديء( من

يجب ما إلى ويطمئنان فيها عما الخدعة( نفسيهما )يصدقان يخدعان وهما الدار إلى الزوجان وأوى له. االطمئنان

119

أول درس في الجامعة المصريةأيام, بعد الدراسة بها ستبدأ التي الجامعة في األول درسه إللقاء االستعداد عن طويال وقتا صاحبنا صرف

أن المقرر من الحفل, الذي ذلك في مستمعيه على الدرس هذا إللقاء نفسه ويعد يتهيأ أن له البد فكاناإلدارة. مجلس أعضاء أحد فيه يقدمه

عودة إلى الصوت العذبالحياة في يشتركان الزوجان وعاد له يقرأ العذب الصوت إليه وعاد الكتب إلى فعاد صاحبنا أسرع

تسليهما )يعكرها( الحرمان, والتي ينغصها صفوها( وال ويعكر إليها )يسيء يكدرها لم التي النقية الصافيةوالحرمان. والبؤس اليأس عن

صاحبنا يقدم باشا ثروت صاحبنا فألقى للمستمعين الفتى الجامعة إدارة مجلس أعضاء أحد باشا ثروت قدم الموعود اليوم وفي

باشا. ثروت عنه ورضي الناس عنه فرضي درسهوضر عنهما وأزال األمل قلبيهما الرضا, ومأل كل )مسرورين( راضيين محبورين دارهما إلى الزوجان وعاد

الثاني. لدرسه إلقائه مع الرضا وهذا السعادة هذه شقاء, وزادت من احتماله وألم( ما شر والمراد )قذارةموضوع الدرس تاريخ اليونان

جغرافيا وصفا يقدم أن الدرس ذلك مع له اليونان, والبد تاريخ العام لهذا درسه موضوع صاحبنا اختار وإعجابا, رضا نفوسهم ومال له استمعوا من قلوب فملك الوصف ذلك تاريخها, فقدم يدرس التي للبالدوأطاع. لزوجته سمع أنه إال الدرس هذا إعداد في يصنع لم ولهو

كيف صورت الزوجة لزوجها الوصف الجغرافي لليونانصاغت )شكلتها( كما وصاغتها الورق من قطعة فأخذت لليونان الجغرافي الوصف تفهمه أن أرادت

اليونان. شكل الطبيعةالتي البحار له تصور أخرى, وأن أحيانا وتتسع أحيانا تضيق وسهول جبال من فيها ما له تصور أن أرادت ثم

الورق. على بارزا ذلك جهاتها, فصورت اكثر من )تحيط( اليونان تأخذتنحرف ثم الشمال غلى الجنوب من تبدأ أنها معه افترضت أن بعد الورق على ومررتها الفتى يد أخذت ثم

تقوم كانت أحيانا, والتي وتتسع أحيانا تضيق التي البحر, واألماكن مواقع له أخرى, لتبين وغربا مرة شرقاالقديمة. المدن فيها

إليه. فاطمأنت عليها وأعاده الفهم حق الوصف فهم حتى ذلك )استمرت( على ومازالتطه حسين يستعين بخريطة اليونان لوصفها

قاعة في اليونان خريطة يعرضوا أن الدرس قبل صاحبنا منهم طلب عندما لجامعة في الموظفون تعجب يريد. لما )أخفوا( وأجابوه ذلك أضمروا ولكنهم األمر الدري, وأنكروا

شمالها إلى جنوبها من اليونان بالد وصف عليهم سيعرض أنه المستمعين وأنبأ مجلسه على الفتى أقبل المصورة. اللوحة هذه على بأبصارهم ويتبعوه بآذانهم يسمعوه أن عليهم وأن

للبالد, وكان وصفه الفتى أتم يتردد, حتى )يضطرب( أو يتلجلج أن دون لهم ويصف يشرح صاحبنا وأخذ ومدح( )ثناء وتقريظا ثناء وأشبعه باشا ثروت عليه أقبل انتهى فلما له استمعوا فيمن باشا ثروت

وتشجيعا.مقابلة رئيس الديوان السلطاني

رئيس بأن يخبره لصبي دار على القصر موظفي من شاب أقبل السعيدة الليلة هذه على أيام وبعد يكن يعرف, ولم لم ألنه المقابلة سبب يخبره مقابلته, ولم يرد السلطاني الديوان

مع ذهب ولكنه قط يراه ولم يعرفه لم الديوان رئيس بأن وظن رآه وال الديوان رئيس صاحبنا يعرف . الشاب

صفات رئيس الديوان السلطاني شكري باشافي مشاركة الظل, له خفيف الحديث عذب النفس سمح رجال السلطاني الديوان رئيس أن الفتى وجد

فكاهة. وحسن وتورية وجناس سجع الماضي, من القرن في الناس يحبه الذي العربي األدبيكد واحدا, فلم بيتا إال الفتى منها يحفظ فلم المتأخرين شعر من أبيات ذلك على باشا شكري وروى

رئيس مجلس في والهيبة الوقار من يكون أن يجب ما على الضحك وغلبه إال األشعار هذه الفتى يسمعالفتى. لضحك ضحك الديوان رئيس أن السلطاني, حتى الديوان

البت الذي حفظه الفتى من هذا المجلسلم يحفظ الفتى إال هذا البيت الذي قال عنه شكري باشا في نغمه ال تخلو من حزن أنهم كانوا إذا قرءه

امتألت نفوسهم رضا وإعجابا, أما شباب اليوم فال يملؤهم هذا البيت إال ضحكا وتندرا )سخرية( بهوبأمثاله وهو

الكرى وأحرمني مني الكرا أخذ 

الموقف. ظلوم يا وبينك بيني  

120

الشطر آخر )الكرى( في تقرأ األجر, وأن بمعنى وهي الكاف بكسر البيت أول )الكرا( في تقرأ أن ويجب إلى الناس لتحمل الحمر فيه تقف الذي المكان فهو الموقف النوم, أما بمعنى وهي الكاف بفتح األوليريدون. حيث

عنه )دفع الحد( فذاد )جاوز فيها عليه واشتط األجرة منه أخذ الحمار صاحب يقول, إن أن يريد والشاعر بينهما القيامة يوم الحساب موقف وجعل الحمار صاحب ظلم من الشاعر النوم, فشكا وأبعد( عنه

الله. لينصفهموقف بين الموقف في والكرى( والتورية )الكرا بين الجناس ظاهر الفتى وأضحك الديوان رئيس وفتن

الوزن ضرورة إليها دعت )حرمني( فقد كلمة في زيدت التي الهمزة الحساب,, وأما يوم وموقف الحميرالمحذورات( تبيح )والضرورات

وقبل الديوان رئيس له فأذن الفتى فاستأذن الزائرين بعض أقل ثم الديوان رئيس مع الفتى مجلس طال عليه. يرد كيف صاحبنا يعرف يراه, فلم أن يحب موالنا بأن أذنه في همس ينصرف أن

مقابلة السلطانالتي المقابلة بأ، األمناء كبير من كتابا يحمل وهو أخرى مرة الشاب القصر موظف أقبل المساء وفي

الغد. صباح عشر الحادية تمام لها حدد قد الفتى التشرف التمسفمقابلة ذلك تقل الخوف, ال فيه يجري صوت في الموظف فقال شيئا ألتمس لم ولكني الفتى فقال

دائما. تطلب أن تقتضي السلطان موالناأن أريد الله, كنت شاء ما الموظف فقال الفتى: نعم فقال الردنجوت؟ سترة عندك هل الموظف وسأله

للزواج. يتهيأ كان حين أتخذها بأنه الفتى سترتي, فرد أعيركمقابلة السلطان

أخذ الذي األمناء ألحد وأسلمه القصر إلى الفتى فصحب الله رحمه القصر موظف أقبل غد صباح في السلطان. مكتب إلى الفتى المقابلة, فصحب موعد حان حتى يحدثه

فرنسا, وعن في درس عما وسأله مائدته من بالقرب استقبال, وأجلسه أحسن السلطان واستقبله ألنه عليه وأثنى الرضا السلطان أهر نال وما درس بما الفتى أنبأه نالها, فلما التي الجامعية الدرجات

القديمتين. اللغتين درسوسكت( ولم )نظر الفتى فيها, فأطرق طالبا الفتى كان حينما الجامعة رئيس كان بأنه السلطان وذكره

عون. احتجت أو بشيء ضقت كلما إلي ألدعوك بذلك ذكرتك السلطان, لقد له فقال يجبوأقبل الفتى ووقف الجرس السلطان بالشكر, ودق لسانه فاضطرب السلطان يشكر أن الفتى فحاول

داره. إلى ليرده القصر لموظف وأسلمه فصحبه األمينشعور الفتى قبل أن يلقى السلطان

للجامعة, رئيسا كان عندما السلطان وبين بينه قصة تذكر ألنه السلطان يلقى أن قبل الفتى اضطرب ؟أن لوال أمره على يغلبه أن كاد حتى اضطرابه ازداد للجامعة رئيسا كان بأنه السلطان ذكره ولما

استقباله. وحسن حديثه بلطف الهدوء إلى رده السلطانقصة الفتى مع السلطان ومؤتمر العميان

حديثا فيه بك, وألقى زكي أحمد الجامعة سكرتير له للمكفوفين, واهتم مؤتمر انعقد الوقت ذلك وفي البارزة. الكتابة اختراع إلى سبقوا قد العرب بأن ينبئ قديما عربيا كتابا وقدم

مكان وقفطانه جبته بمجامع وأخذ رجال استوقفه الدرس غرفة إلى ذاهبا مساء ذات في الفتى سير وأثناء( في يبحث مؤتمرا اآلن مصر في أن سليمة( تعرف )غير ملتوية لغة في له الرقبة( وقال عند الثياب التقاءالعميان؟ شئون

خطبة. فيه الرجل: تلقي فقالوذاك؟ أنا عنف: وما في الفتى فقالفاهم. مش فاهم يقول: مش وهو )تركه( ومضى الرجل فخالهشيئا. ألقي الفتى: لن قالهل اإلدارة, وسألوه مجلس أعضاء من أربعة أو ثالثة به أحاط حتى الدرس غرفة إلى الفتى يصل يكد ولم

أعرفه. أن يعنيني وال أعرفه ال كلمه, فقال من يعرفإليك., فلم تتحدث حين أدب في تجيبه أن من أقل وال اإلدارة مجلس رئيس األمير أفندينا أنه أحدهم فقال

شيخ. إنه دعوه يقول وأحدهم عنه فانصرفوا عليهم الفتى يجباستقالة الفتى من الجامعة

تمنحه أن تستطيع ال زوجته أن تبين والجامعة, فقد الفتى بين األمور تعقدت حتى طويل وقت يمض لم تخرج أن الجامعة, وال إلى دائما تصحبه أن تستطيع الدرس, وال وإعداد للقراءة إليه يحتاج ما وقتها مندارها. بأمر تقوم )ابنتها( وأن )تهتم( بصبيتها تعنى أن لها البد أنه ذلك, وذلك أراد كلما معه

من أجره يقتطع أن يمكنه معه, وال ويخرج الجامعة إلى ويصبحه له يقرأ رفيق إلى يحتاج أنه صاحنا فأيقن التعاون. لشركة دينه به يؤدي ما شيء كل منه يقتطع أنه جنيها(, وذلك وثالثين )ثالثة الضئيل مرتبه

ضاقت كأنها طلبه الجامعة فرفضت الرفيق على يعينه ما مرتبه في تزيد أن الجامعة من الفتى فطلب شديدا. غضبا اإلدارة مجلس لها غضب شديدة لهجة في مطالبه, فاستقال بكثرة

121

على ترد بأن يطالبك وأن استقالتك يقبل أن مزمع المجلس أن مساء ذات للطالب الجامعة سكرتير فقال فرنسا في إقامتك أثناء في عليك أنفقت ما الجامعة

نصيحة الزوجة تعيده إلى الجامعةمحزونا زوجته إلى عليه( فعاد أنفقته ما وطلب االستقالة بقبول الجامعة )تهديد ذلك إلى صاحبنا واستمع

في تسرع حين أخطأ ويصيب, وبأنه يخطئ الناس من كغيره بأنه وأقنعته عليه فهونت األمر عليها وقصالخطأ. على اإلصرار من خير ألنه الصواب إلى الرجوع عليه االستقالة, ويجب أمر

في التمادي من خير القصد إلى إليه, والرجوع أحسنت التي للجامعة أساء حين أسرف أنه وأقنعته القاسية. لهجته من يعتذر أن حرج عليه وليس استقالته يسترد )حرج( أن بأس عليه اإلسراف, فليس

الرفيق أجر مرتبه راغما, واقتطع الجامعة إلى )كارها( واعتذر راغما االستقالة فاسترد صاحبنا فأصبح ويروح. معه ويغدو له يقرا كان الذي الشيخ

السلطان يعلم بأمر االستقالةمساء ذات يزوره القصر موظف جد ولكنه األمر إليه وصل كيف الفتى يعلم ولم السلطان إلى األمر ارتفع

المقابلة لهذا حدد السلطان, وقد عظمة بمقابلة التشرف التمست متضاحك, لقد صوت في ويقول غدا سأصحبك يقول وهو وانصرف المعنى بهذا األمناء كبير كتاب إليه الغد, ودفع من عشر الثانية منتصف

القصر. إلىاستقبال السلطان للفتى للمرة الثانية

بأمر علم أنه فجأة أخبره ثم الحديث فأطال إليه وتحدث حسنا استقباال صاحبنا السلطان استقبل الكثير ويحتمل يصبر أن منه وطلب االستقالة هذه )الرجوع( عن بالعدول أحسن بأنه له وقال االستقالة

دائما يذكر أن منه طويل, وطلب وقت الذوق وبين بينهم الجامعة في يعملون الذين هؤالء الجهد, الن مناألولى. المرة في له قاله ما

الغرفة. خارج الفتى وأخذ األمين فأقبل الجرس ودقهدية الفتى للسلطان

بعد له كتاب أول فيها وأتم قليلة شهور , ومضت يؤديه أن البد دينا عليه أن اليوم ذلك منذ الفتى شعر ثالثة مقابلة في للسلطان اليوناني( فأهداه التمثيلي الشعر من مختارة )صحف فرنسا, وهو من عودتهإليها. وأجيب بنفسه هو طلبها

ينتظر كان السلطان ، يبدو به, ولكن وبره عطفه له وشكر عليه السلطان حق أدى قد أنه الفتى وظن العلم. وهو الشكر موضوعه,وهذا يكن مهما كتابا إهداء غير آخر وشكرا آخر شيئا منه

122