نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

24
( ه ش ت ي ن وص ص ن ض ع ب ل راءة ق ة هذ1844/1900 ا$ ي ي ش رة ي خ$ الأ مه ل ك ل ر ا ي0 ث2 ت ما ب . ر ه ي س ف ب ل ا) " " ال ر وما ر ى دا الذ ل ت و لط ذل ا ج ل ا ب$ ارى ق ل ا رت ك ما د بة . ور ر حي ل واP ك ش ل اS ن م ل ي ل ق ر ي غ ذور ب وس ي ر ي ن و ي ذ د ي ش ا ب$ ا و ت ش راد م ر كل ت ا كذ ه ف ل$ ؤ م ر ع ا ش ل ا وف س ل ي ف ل ول ا ح" " " ه يk مي را ي ن الذ" ، ، ه ف ب خ م ل ا ه ف ب م ع ل ى ا$ رو ل . وا ه ي خ ل ور ا ص ل ا بS ج ه و ت م ل ا وت ل ش الأ ت ح صا ه ي ن ركا لي ا رات ا ي ع ل وا م ل و ه رق مط ل ا ب ف س ل ق ت ى الذP لك ، د وق س ل وا ت ض ع ل ا ب رة ج ف ب م ل ا" " ها س م ع ت م ل واحذة مه ل ك ت ت ك ب ؟ وف س ل ي ف م$ ر ا ع ا و ش ه ل ه، ب ل ق ل دم ا ي ف ؤله– ق ي حذ عل م ل ى الذ ذل ج ل ا ا م هذ س خ ن ل ه و س؟ ف ت م ل ه عا ن$ م ا ع ر ي ق ذة ذب ح له ك ش م ه ي ل ا ف ب ض نS ن$ ا ه ب ي ي تS ن$ ا ي ف ذى ي عP ك لأ شS ن$ ل ا ت مه ، ل$ ه ا2 ي خ ه ب ه ، و ان ه وعذ ون س ن ل ك ر وحذة كي ق ب ل ا ي ف ذ ر وح ك ق م ه ش ت ي ن ر كي ق ب ل ا ق ت ل ب ي لت ا ه ي خ ل ور ا ص ل ا ا ب ي ن ع را ك ق ها ي ف ج ب ض ن ي لت ا مه ق ل اP لك ب ذ ي ع غ ل ي ي ل رد ج م ل ا" وف س ل ي ف ت ي لت ا ارة ي ع ل ر ا ك ذ ي نS ن$ ، وا ت ت ك ما م واحذة رة ق ف ي عل غ ل ط نS ن$ ي ا ف ك ب اة ي خ ل ا" ه ان ي ك ي ف ها ل ا ق ه ؤن م عذ ت ر ش ن غ و م ج مه و ت نS ن$ ذر له ا ق ت م ل ى الذ) وة ق ل ا رادة ا( ر كي$ الأ: " $ ي ش ؤى ق$ و ا ه ر ك ق ل اS ن$ ا حذى ا ي ف ها ب رح ص ي لت ا ارة ي ع ل ، وا اة ي خ ل ا ات وب ت س م ل ك ي ف ذة ج ن" S ن$ ا: رة خ$ ا ي م ل ه ا ان اب ي ك" و ه ف ذى ي ع ما$ ء ، ا ا ق ش اء و ي عS ن ي ر ي ث ك ل رد لذى ا ج م ل ر ا كي ق ب ل ا را ي خ وا وة س ن ذ و ي ع ه ي ن وا م لم ا ا ب$ الأ" ر غي ي لت ه ا اوراق ي ف ها ب دو ي لت ا ارة ي ع ل ة ا هذ ي علرد ي و ت ت ع ل ا ب$ ا ي ي ي نS ن$ ه كا ن$ وكا ه ؤن م عذ ت ها لي ع مه ه ف تS ن ل ها ب$ ر ا ع ش ي لتل ا ا ي ح$ الأ$ ي ش ر ، ولأ كي ق ب ل ه ا هذق ات ي ك، وة ق ل ا رادة ا ه : ف ص ن2 نS ن ل و" " ر كي ق ب ل ر ا ي غ رادة ا جذت2 ت ن ي ف ت ر ي ق ا ي مي ؤل ق ه ن$ س ا ا ي ل ه ا ي ف ر ك ق ب ل غ ض ذ و ه ق ي كيS ن م رة ي غS ن$ ا ه ش ن$ ا ا ش د ا وة ق ل ا

Upload: karim-abdelrady

Post on 28-Oct-2015

144 views

Category:

Documents


8 download

DESCRIPTION

فريدرك نيتشه

TRANSCRIPT

Page 1: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

( "النفسية". ربما تثير1844/1900هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه ) غير قليل من الشك والحيره . وربما ذكرت القارئ الكلمة األخيرة شيئا

حول الفيلسوف الشاعر مؤلف بالجدل الطويل الذى دار وما زال يدور صاحب ،" "هكذا تكلم زرادشت" و "أناشيد ديونيزيوس الديثرامبية

االسلوب المتوهج بالصور الحية . والرؤى العميقة المخيفة ، والعبارات المتفجرة بالغضب والشوق ، ذلك الذي "تفلسف بالمطرقة" البركانية

على حد قوله– في دم القلب ، هل – ولم يكتب كلمة واحدة لم يغمسها ينته بأن نضيف هو شاعر أم فيلسوف ؟ وهل نحسم هذا الجدل الذي لم

إليه مشكلة جديدة فنزعم أنه عالم نفس؟

نيتشه مفكر وجد في التفكير وحده كل نشوته ال شك عندي في أن المجرد ليبلغ عند تلك القمة التي وعذابه ، وبهجته ألمه ، بل أن التفكير

بفيلسوف الحياة".ويكفى "يصبح فيها فكرا غنيا بالصور الحية التي تليق قالها في أن نطلع على فقرة واحدة مما كتب ، وأن نتذكر العبارة التي

كتابة األكبر )إرادة القوة( الذي لم يقدر له أن يتمه وجمع ونشر بعد أن الفكر هو أقوى شئ نجده في كل مستويات الحياة" ، : "موته

كتاباته المتأخرة : "أن التفكير المجرد والعبارة التي صرح بها في إحدى األيام المواتية عيد ونشوة " لدى الكثيرين عناء وشقاء ، أما عندي فهو

عليها بعد موته وكأنه واخيرا هذه العبارة التي دونها في اوراقه التي عثر ولن كأن يتنبأ بالغيب ويرد على األجيال التي شعر أنها لن تفهمه

تنصفه : "إرادة القوة" ، كتاب هدفه التفكير ، وال شئ غير التفكير

القوة إذا شأنه شأن غيره من كتبه قد وضع ليفكر فيه الناس أنه إرادة عن العالم ككل ويتجاوز كل ما يضمه من قول ميتافيزيقى يتحدث

الكبرى – التي أحوال وأشياء . ويصدق الشيء نفسه عن أقواله تعرضت دائما لسؤ الفهم – عن األنسأن األعلى وإرادة القوة – أي إرادة الحياة والمزيد من الحياة – وعودة الشبيه األبدية . فهي أفكار فلسفية

قبل كل شئ ، وصاحبها الذي طالما تفاخر بعدائه وميتا فيزيقية النظري أو السقراطي هو في للميتافيزيقا والمنطق والجدل والعقل

الميتافيزقين رأى معظم الدارسين )وبخاصة هيدجر وتالميذه( اشد تطرفا في تاريخ التفكير الغربي ، بل أنه في رأيهم منتهى غايتها أخر حلقة من حلقات تطورها منذ أفالطون ومن قبله من المفكرين قبل

. سقراط

كل هذا كله ال يتنافى مع الحقيقة التي وصف بها نفسه حين قال بيد أن يتوقف عن سبر أغوارها ، وأنه كما قال في كتابه أنه "خبير بالنفس" لم

مزايا المالحظة النفسية" وراح ""أنسأني ، أنسأني جدا"قد استفاد من السيكولوجي" حين "في كل كتاباته يحلل نفسه وينقدها وينطق بلسان

ينطق عن حاله . يقول على سبيل المثال في كتابة "نيتشه ضد كلما ازدادت خبرة المرء بالنفس واتجه كعالم نفس بالفطرة" : "فاجنر

االستثنائية واألنماط المختارة من البشر زاد والضرورة إلى الحاالت

Page 2: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

عليها …" ولكن ما حاجتنا للجوء الخطر الذي يتهدده باالختناق شفقة بالنفس إلى مثل هذه العبارات وكتابات الفيلسوف تنطق بخبرته

وتعمقه في طبقاتها الدفينة ومتاهاتها المظلمة ؟ أن المطلع على هذه ابتداء من "ميالد التراجيديا من روح الموسيقى" حتى شذراته الكتابات

كتبها في ليل جنونه ووجهها إلى قيصر والمسيح األخيرة وخطاباته التي شهادة كافية على تحليالته وبعض أصدقائه – كل هذه الكتابات تشهد

سبق مؤسس النافذة ونظراته النفسية الثاقبة ، بل أنها لتشهد بأنه التحليل النفسي في هذا المضمار ، وأنه راد طريق علم النفس

النفس الفردي – كما سنرى بعد قليل – واثر عليها جميعا التحليلي وعلم تأثيرا مباشرا أو غير مباشر - وصل في بعض بحدوثه وخواطره الملهمة

كالالوعي وما تحت الوعي وما فوقه – األحيان إلي حد استباق النظريات األولية – بل لقد بلغ ووراءه وكذلك الالوعي الجمعي النماذج أو األنماط

حد التطابق في المصطلحات كما سنرى مثال مع كلمة اإلعالء التي.. تتكرر في كتبة اكثر من أثنى عشرة مرة

النفس "المدرسيين" في عصره الواقع أن نيتشه قد تجاوز علماء المعارف وتخلص من لغتهم التصورية الجافة وسبقهم إلي كثير من

واألنظار التي لم يدروا عنها شيئا. نظر في خفايا النفس الفردية وما خجال أو تحجبه خوفا من نفسها ومجتمعها ، كما نظر في العالقات تنكره

والدين ، وبين المجتمع واألخالق ، وتتبع التطورات الوثيقة بين الحضارة الوعي إلى األجداد وأجداد األجداد واثبت الحضارية التي كونت ما نسميه

، وأن الضرورة تقتضي أن هذا الوعي ليس أال حصيلة األخطاء عريقة التطلع الغوص إلى ما تحته في متاهة الدوافع المستمرة ، كما تقتضي

إلى ما بعده في "وعى جمعي" يحمله جيل من أصحاب األرواح الحرة الخالفة ، جيل راح ينتظره ويعد له ويبشر به بأعلى صوته . وهو المريدة

يكون خبيرا بالنفس يقتفى أثار منابعها الذاتية لم يكتف في كل هذا بأن عند البحث عن هذه المنابع األصيلة الحقة ، ولم تقف تجاربه ومحاوالته

االنتظار والتأهب . : )يقول في إحدى القطع التي كتبها عن زرا دشت يصل انتظار أن تنبثق منابع جديدة . أن ينتظر المرء عطشه ويتركه حتى

إلي أقصى مداه لكي يكتشف منبعه( لم يقف األمر عند هذا بل عرف التي يقصدها "سوماتية" أن ممتدة الجذور في " أن "السيكولوجية

أن يجعل عنوان إحدى حكمة الجسد . ولهذا لم يكن من قبيل المصادفة :التي كتبها ضمن شذرات كتابة األكبر الذى سبقت اإلشارة إليه

االهتداء بالجسد" وأن يقول فيها : "على فرض أن )النفس( كانت" باألسرار الغامضة ولم يستطع الفالسفة – والحق فكرة جذابة غنية

فربما كأن ذلك الذي بدأ يتعلمون معهم – أن ينفصلوا عنها أال مرغمين ، " واألسرار كيف يستبدلونه بها اكثر جاذبية واحفل بالغوامض

وال شك أن نيتشه – بعد شوبنهور وفويرباخ – قد اكتشف أن الجسد فكرة اكثر إثارة للدهشة من فكرة النفس "العتيقة" . وقد ال نعدو

باختصار يحتمه ضيق المقام أن هؤالء الثالثة قد عملوا الصواب إذا قلنا

Page 3: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

ميتافيزيقا العقل – الذي أنهار وخلع عن على تحول الفكر الحديث من واإلرادة والدوافع . عرشه بعد موت هيجل – إلى ميتافيزيقا الجسد

عديدة ولعل نيتشه أن يكون أشدهم من هذه الناحية تأثيرا على تيارات من فلسفة الحياة إلى فلسفة الوجود إلي علم النفس الوجودي إلي

.. الفلسفية إلي مدارس التحليل النفس المختلفة األنثربولوجيا

عالم النفس" كما أصر على وصف "هل يعنى هذا أن نجعل من نيتشه فنوازن نفسه في بعض نصوصه ؟ وهل يصح أن نشق على أنفسنا

موازنة دقيقة بين نصوصه التي تتجلى فيها "أنجازات السيكولوجية" أخرى نستقيها من علماء النفس التحليلين )كما فعل وبين نصوص

في كتابة أنجازات( 1956-1872 )فيلسوف الحياة لودفيج كالجيس مناهجهم نيتشه السيكولوجية)*( مبينا سبقه لهؤالء في العديد من

ونظراتهم ومطلحاتهم( إن البحث العلمي ال يعرف حدا يقف عنده ، وال بابا يطرقة وال طريقا يقتحمه . وكل ما سبقت اإلشارة إليه أمور يتهيب

ولكن المشكلة أن جوانب نيتشه متعددة - مثل . مشروعة ال غبار عليها سيكولوجي" أراد – على "في ذلك مثل كل مفكر حقيقي ضخم – فهو

األساسية حد قوله – أن يجعل من علم النفس "طريقا إلي المشكالت الكبرى"بحيث يصبح "سيد العلم" ويسخر سائر العلوم لخدمته واإلعداد

بجانب ذلك "فسيولوجى" اراد أن يعرف "الفيزيس" فى له . وهو الخاص ، و "فيلولوجى" ضاق الطبيعة وفى حياة اإلنسان وجسده

لها – وبضيق بمناهج فقهاء اللغات القديمة فى عصره – وقد كأن استاذا أفقهم وقصور تفسيراتهم اللغوية المرهقة . ثم هو قبل كل شئ وبعد

مفكر ميتافيزيقى وفيلسوف حضارة عدمية غاربة وأخرى كل شئ . عنه ويدعو إلى خلقه وإبداعه مقبلة في مستقبل يبشر به ويعلن

النصوص المجنحة وتبقى في النهاية مشكلة نصوصه نفسها . أن هذا .المتوهجة بنار الغضب أو النشوة تحير كل من يحاول االقتراب منها

فهل يمكن أن نقف منها. موقفا موضوعيا باردا يقتضيه التحليل ناحية أخرى أن نقى أنفسنا خطر األنجذاب العلمي ، وهل نستطيع من

نيتشه يصف نفسه بأنه لدوامتها واألنجراف مع حماسها وجموحها ؟ أن قدرا لم ليس بشرا وأنما هو ديناميت ! وهو يؤكد باستمرار أنه قدر وأن

تسمع عنه البشرية قد ارتبط به .. ومن يطلع على صفحة واحدة من ينجو من زلزلة تصيبه أو حمم تتناثر من بركانه . ولن ينسى كتاباته ال

اآلبيات التي جعل عنوانها "هو ذا اإلنسان" أحد وصفه لنفسه في هذه: من كتابه الذي يحمل نفس العنوان

! حقا!أنى اعرف أصلى

نهم ال اشبع

أتوهج ، آكل نفسي

Page 4: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

كاللهب المحرق،

نورا يصبح ما امسكه

فحما ما اتركه

! حقا!أني لهب محرق

الجمع بينهما: أن ال مفر أذن من أن نحاول األمرين معا على صعوبة نفهم هذا المفكر الالهب الملتهب ، وأن نتعاطف معه ونجرب أن نرى رؤاه ، وبذلك نرضى مطلب الموضوعية الذي ال غنى عنه ، ونستجيب

الذي ينفح وجوهنا مع كل سطر من لدفئ الوجدان الساحر أو عقد الزواج سطور .األمر عسير كما قلت ، وهو أشبه بإقامة العدل

بين الثلج والنار!أنه يتطلب اتخاذ مسافة البعد الكافية التي تحتمها النظرة العلمية المحايدة ، كما يقتضي القرب المتعاطف الذي يحتمه

الفيلسوف الشاعر بالمعنى االعمق ال بالمعنى التعامل مع مثل هذا البعد السحيق من جهة وهذا التقليدى لهاتين الكلمتين. ولعل هذا

أصيلة التواصل الوثيق من جهة اخرى هما اللذان تفرضهما كل عالقة يمكن أن تنشأ بين األنا واألنت )على حد تاكيد مارتن بوبر فى كتبه

هذه العالقة الجوهرية االصيلة التى اوشكت أن تغيب غيابا العديدة عن!(. والمصرية مطلقا عن حياتنا العربية

أال وهى بقى أن نتم المهمة التى اشرنا إليها فى بداية هذا التقديم ، بيان التأثيرات المباشرة أو الغير مباشرة لكتابات نيتشه " النفسية"

أعالم التحليل النفسي او باألحرى "علم نفس األعماق" كما يوصف على سنحاول أداءها بإيجاز شديد ال يسمح المقام في لغته . وهى مهمة

. بتفصيله

(. ولنذكر1939-1856النفسى ومؤسسه فرويد ) لنبدأ برائد التحليل السن بإثنى عشر عاما اوال أنه كأن معاصرا لنيتشه الذى يكبره فى

فحسب ، وأنه اتخذ منه ومن فلسفته موقف التحفظ الذى لم يكد يتزحزح عنه . ولعل القارئ لم ينس تلك الفقرة المشهورة من نهاية

عشرة من محاضراته التمهيدية عن التحليل النفسى المحاضرة الثامنة الحديث ثالث مرات فى غروره التى يشرح فيها كيف أوذي اإلنسان

عندما تم واعتزازه بنفسه ومكانته فى العالم . كانت المرة األولى التحول األكبر فى عصر النهضة من مركزية األرض إلى مركزية الشمس

( الذي افترض أن أرضنا ليست هى1543-1473كوبرنيقوس ) على يد أن يستخلص اإلنسان من ذلك أنه مركز الكون ، وكأن من الضروري

المرة الثانية ليس تاج الخليقة وأن العالم لم يخلق من اجله . وكانت ( كتابه عن اصل األنواع عن1882-1809عندما قدم تشارلز داورين )

Page 5: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

االنتخاب الطبيعي فاثرت نظريته في التصور الديني بوجه خاص طريق وخليفته علي األرض . أما المرة الثالثة عن كون األنسأن صورة الله

جانب " البحث فكأن األذى اشد قسوة واعمق جرحا ، إذ جاء من السيكولوجي الراهن الذي يريد أن يثبت لألنا أنها ال تملك حتى أن تكون سيدة في بيتها الخاص ، أنما تظل معتمدة علي أنباء شحيحة عما يجري

في حياتها النفسية ". ومع أن فرويد يقرر في تواضع بصورة غير واعية أول من نبه إلي ضرورة الرجوع أن أصحاب التحليل النفسي ليسوا هم

يستطرد فيقول : " إلي الذات وال هم وحدهم اللذين فعلوا ذلك ، اال أنه يبدو أنه كتب علينا أن نعبر عن هذا اقوي تعبير وأن ندعمه بالمادة

التجريبية التي تهم كل فرد ،. ولسنا هنا بصدد مناقشة الطابع التجريبي للتحليل النفسي ، فالجدل حول هذه المسألة يطول ، ولكننا والعلمي

فرويد وتالميذه وحدهم أن يستأثروا " نسأل فحسب أن كأن من حق الباطني المظلم ، ام أن بمجد" إيذاء اإلنسان الحديث وتعرية عالمه

! نيتشه قد سبقهم إلى األخذ من هذا المجد بنصب

يكن األمر فأننا نجد فرويد يشيد في سيرته ) أو صورته الذاتية( – مهما بالفيلسوف شوبنهور ويتحدث عن توجه – 1925التي نشرت سنة

وهو يشهد بأن هذا . التطابق القوي بين التحليل النفسي وفلسفته "األخير لم يصرح فحسب بأولوية " االنفعالية " واألهمية القصوى

للجنسية " ، وأنما توصل كذلك إلى نظرات نافذة في " إليه الكبت " الذاتية ، فرانكفورت غلي نهر الماين ، سلسلة كتب ) راجع سيرة فرويد

الذي كأن فيما يبدو شديد الحرص –()*( ويستدرك فرويد87فيشر ، ص أنه ال يمكن علي عدم المساس بأصالته واكتشافه لالوعي – فيقول

الحديث عن أي تاثير لشوبنهور عليه وعلي بناء نظريته ألنه لم يطلع كتابات الفيلسوف اال في وقت متأخر جدا ولم يكن ينتظر من رجل علي

بثقافته واطالعه األدبي الواسع – أن يتجاهل مثل فرويد الذي عرف السابق من سيرته هذه معاصره نيتشه ، فنجده يسجل في الموضع

ونظراته المالحظة الدالة :" اما نيتشه ، الذي كثيرا ما تتطابق مشاعره بصورة مذهلة مع النتائج المضنية لتحليل النفسي ، فقد تجنبته طويال

يرجع إلى السبق ) أو األولوية ( بقدر ما كأن يرجع إلى حرصي ولم يكن وال يخفي علي القارئ أن هذه العبارة " علي المحافظة علي حريتي

اذ يبدو أنه- في هذه تنطوي علي ما عكس ما أراد عالم النفس الشهير يستطيع النقطة علي األقل – لم يعرف نفسه كما كأن يتوقع منه ، ولم

اخفاء اهتمامه ينفي أي تأثير عليه من نيتشه ، فكأني به قد وقع زلة من ! اللسان او القلم التي تثبت ما حاول أن ينكره ويخفيه زالت

لتناول عالقة فرويد بنتشه بصورة مفصلة ، ويكفي أن وال يتسع المجال حاول مؤسس التحليل النفسي أن نشير – تاكيدا لهذه العالقة التي

وهو العالم – ينفيها أو يقلل من شأنها – إلى أن مؤرخ حياة فرويد اإلنجليزي أرنست جونز ـ يذكر في كتابه عن حياة أستاذه خطابا مؤرخا

يقرر فيه أنه "مشغول بقراءة نيتشه" ، والبد أنه لم1900سنة في

Page 6: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

قبل وأن لم يبدأ العكوف عليه إال في السنة يفته أن يطلع عليه من داللة على العالقة غير المذكورة . ونضيف واقعة أخرى ال تخلو من

المباشرة بينهما. فقد حضرت صديقة نيتشه لو سالومي )وهي التي حاول عبثا أن يخطب ودها !( مؤتمر التحليل النفسي الثالث الذي أنعقد

في مدينة فيمار . والمعروف أنها أنضمت1911سنة في شهر سبتمبر اعتبرها من تالميذه ، كما حاولت في بعد ذلك إلى مدرسة فرويد الذي

نربط نظريات مذكرتها التي كتبتها بعنوان "من مدرسة فرويد" أن التحليل النفسي وتعبيرات نيتشه وصيغه النفسية المختلفة ، وأخيرا

باختصار إلى الرسائل المتبادلة بين فرويد والكاتب الروائي نشير في فترة امتدت من سنة- ( 1887 )**()االشتراكي أرنولد تسفانج

وضع كتاب أو . فقد أخبره تسفايج أنه يزمع1939 حتى سنة 1927 رواية طويلة عن نيتشه ، ثم أرسل إليه في الثاني من ديسمبر سنة

مدينة فينا خطابا يقول فيه أنه ـ أي فرويد ـ قد حقق كعالم من1930 نيتشه بوجد أنه الملهم أنه مكلف بأدائها ، نفس تلك الرسالة التي شعر

إلى حقائق علمية . وأخذ وأن كان قد عجز عن تحويل رؤاه الشعرية إلى الكاتب الروائي يعدد "إنجازات" فرويد التي سبقه الفيلسوف

اإلحساس بها وصياغتها : "لقد حاول نيتشه أن يصور "ميالد التراجيديا فعلت هذا في كتابك عن "الطوطم والمحرم " ) التابو ( " ، وأنت قد

الخير والشر ، وقد استطاعت عن وعبر عن شوقه إلي عالم يقع وراء عبارته ، وأن طريق التحليل النفسي أن تكتشف مملكة تنطبق عليها

"تقلب قيمة كل القيم ، وتتجاوز المسيحية ، وتصوغ " خصم المسيح الحقيقي ، وتحرر مارد الحياة المتصاعدة من الزهد الذي كانت تعتبره

ولقد استطاعت كذلك أن ترد " إرادة القوة " إلي المثل األعلى ، بعض المشكالت الجزئية التي األساس الذي تقومم عليه ، وأن تتناول

فتتطرق منها إلي اهتم بها نيتشه عن األصل اللغوي للمفاهيم األخالقية مشكالت اعظم واهم من الكالم واالفصاح والربط بين األفكار وتبليغها

ونتوصل إلي حلها . أما الروح المنطقية او السقراطية التي رفضها فقد مجاالت الوعي ووضعتها في حدودها بصورة ادق . " ولما قصرتها علي

يتقدم خطوة خطوة فقد أتممت ما تمني كنت باحثا طبيعيا وعالما نفسيا البشرية وجعلها نيتشه أن يتمه ، اال وهو الوصف العلمي للنفس

مفهومة، ثم زدت علي ذلك فبينت – بحكم كونك طبيبا – سبل تنظيمها وعالج امراضها . أنني اعتقد كذلك أن هناك قدرا كبيرا من المالحظات

تتصل بفرو يد " الكاتب " وتمد جسورا بينه وبين نيتشه ، الفردية – التي المتفلسف بالمطرقة " قد فاقتها بسالة الباحث " كما أعتقد أن بسالة

األورفية والديونزية . واكتشاف بأسلوب موضوعي خالص عن الدوافع …." تأثيرها وفعلها في كل واحد منا

رد فعل مؤسس التحليل النفسي علي كل هذا التمجيد ماذا كان واالشادة بدوره ؟

حقا أنها لم تحوله عن تحفظه تجاه الفيلسوف ، بل لعلها قد العجيب

Page 7: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

ينصح الكاتب الروائي بالعدول عن فكره تأليف زادته إصرارا عليه ! فهو أننا ال نعرف اال اقل القليل عن الكتاب ، بل يضيف في خطاباته التإلية

تطبيق ادوات تكوين نيتشه الجنسي ، وهذا القليل ال يساعدنا علي التحليل النفسي اللقاء الضوء علي حياته وقدره .. ويبدو أن الكاتب لم

يقتنع بالحجج التي تذرع بها فرويد ، فارسل إليه هذا االخير – في خطاب – هذه العبارة1930السابع من ديسمبر من السنة نفسها مؤرخ في

تأثير نيتشه وتأثيري بعد أن أموت " الدالة :" اكتب عن العالقة بين تسفانج ، نشرتها ارنست ) ارجع الرسائل المتبادلة بين فرويد وأرنولد

(. وما بعدها25 ، ص 1969فرويد ، فرانكفوت علي الماين ،

لعل هذا الموقف المتحفظ أن يرجع - كما تقدم - إلى خشية فرويد أن األذهان سبق نيتشه وأن يضر ذلك بريادته وأصالته، والرد يستقر في

الوحيد الذي أثر على تفكير فرويد، على هذا بسيط: فليس نيتشه هو أسماء أخرى مثل سواء اعترف به أم أنكره )فثمة تأثيرات مؤكدة من

ليبنتز وجوته وشوبنهور وكاروس - الفيلسوف الطبيعي الرومانتيكى المعروف بكتابه عن النفس وبحديثه عن الالوعي( كما أن عشرات

عبقرية، واالطالع على عشرات الحكم واألفكار المؤثرات ال تصنع ينال من أصالة اكتشاف المنهج الملهمة ال يغنى عن ضرورة تشكيلها وال

إلينبرجر. وسبل الفحص والعالج. هل نقول إذا مع باحث مثل هنرى ف )في كتابه اكتشاف الالشعور، الجزء األول عن نيتشه نبي عهد جديد،

()*( أن تأثير نيتشه يتغلغل1973من الترجمة األلمانية، 385 - 73ص بأكملها؟ أن الحكم الموضوعي النزيه في مدرسة التحليل النفسي

جهد مشروع كما يقتضي المقارنة بين النصوص مقارنة دقيقة. وهو قلت، وسنخرج منه في النهاية بما ال يمس رائد التحليل النفسي في

أصالته، وال يحول فيلسوف إرادة الحياة والقوة إلى عالم نفس! وفي المقارنة الدقيقة – التي نفتقدها حتى اآلن – ستنتهي تقديرى أن هذه

ولكنها ستؤكد فضال عن ذلك أوجه تشابه إلى النتيجة التى أشرت إليها، عما أثير حول علمه عديدة بين فكر المفكر وعلم العالم بغض النظر

"من ظنون وعما بذل من محاوالت لتدعيم أفكاره بالتجارب و"التقنيات أو األساليب العلمية والطبية الدقيقة. سوف نالحظ مثال أن الفيلسوف

يشتركان في االعتقاد بأن كل تفكير اإلنسان وفعله وكل وعالم النفس البشرية عند الفرد والجماعة أنما هى مظاهر أشكال التعبير عن الحياة

الالوعي" هو الذى يقوم في "أو ظواهر معبرة عن "عمق" باطن، وأن لقوى الدافع ذلك بالدور األول واألكبر ال "الوعى"، إذ تكون السيطرة

التى تأتى من مناطق ال واعية في النفس، وهى قوى أو طاقات تعد الوظيفة العقلية، كما تكتشف عن الجانب األكبر من شخصية أقدم من

أن يتستر خلف أقنعة من كل نوع - ويتم اإلنسان الذى يحاول بطبيعته األحالم(. ولهذا هذا الكشف حتى في أحالمه )حسب نظرية فرويد عن

يؤكد نيتشه في مواضع كثيرة من نصوصه أننا نستطيع أن نستخلص من التعبيرات االنفعالية ألي إنسان ما يفوق في حقيقته وداللته كل ما يمكن

من العقل الذى يعمد دائما إلى الوزن والقياس والحساب ان نستخلصه

Page 8: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

. والتخطيط

فرويد - كما سبق القول - بأن كتابات نيتشه تنطوى على ولقد اعترف األحيان متطابقة مع النتائج التجريبية نظرات حدسية نجدها في كثير من

تتناثر فيها مفاهيم وأفكار ال للتحليل النفسي ، والواقع أن هذه الكتابات مصطلحات شك في أهميتها وقيمتها التحليلية والنفسية، ناهيك عن

يمكن أن توصف بأنها بذور نمت منها بعض المصطلحات التى استقرت النفسى )مثل مصطلح "الهو" الذى يقابلنا أكثر من مرة في في التحليل

زرادشت وتبقى النظرات الحدسية - كما الكتاب األول من هكذا تكلم نستبعد أن تكون قد وصفها فرويد بحق - هى األجدر باالهتمام، إذ ال

.أثرت على رائد التحليل النفسي مهما أنكر ذلك التأثير أو تنكر له ولنذكر بعض هذه النظريات باختصار: التصور الدينامى للنفس مع

به كالطاقة النفسية، ومقادير الطاقة الكامنة أو تصورات أخرى مرتبطة آخر، تصور أن النفس نظام أو المعوقة، وتحويل الطاقة من دافع إلى

وتذوب في نسق من الدوافع التى يمكن أن تتصادم وتتصارع أو تندمج بعضها، تقدير أهمية الدافع الجنسي وأن لم يجعله الدافع األول واألهم

فعل فرويد قبل أن يتكلم عن غريزة الموت في كتاباته المتأخرة، إذ كما دوافع العدوان والعدم، فهم العمليات التى سماها أنه يأتى عنده بعد

اإلعالء والتعويض، والتعجيل أو فرويد "إليات دفاعية" وبخاصة عملية وجهة مضادة التعويق - والذى يسميه فرويد الكبت - واتجاه الدوافع

للذات نفسها. كذلك نجد بعض األفكار المهمة متضمنة في نصوص صورة األب واألم، وأوصافه لإلحساس بالحقد والضمير الفيلسوف مثل

سبقت أوصاف فرويد لإلحساسات الكاذب واألخالق الفاسدة التى هذا كله أن العصابية بالذنب كما سبقت وصفه لألنا األعلى، أضف إلى

كتاب فرويد المشهور "الضيق بالحضارة" يكاد أن يوازى كتاب نيتشه تسلسل األخالق" موازاة دقيقة في نقد العصر والحضارة، ولعل "عن

-1713الفيلسوف والكاتب الفرنسى ديدرو ) كليهما قد تأثر بما قاله مرتبط بالمدنية، ( من أن اإلنسان الحديث مصاب بمرض عجيب1784

ألن المدنية تتطلب منه أن يتخلى عن إشباع دوافعه. وغنى عن الذكر االثنين قد عاشا متعاصرين، وأنهما قد مرضا بزمانهما وحضارتهما أن

من أقنعتهما الزائفة. والفرق األساسى بينهما أن وحاوال أن يعرياهما يبدا من الماضي بينما تطلع عالم النفس قد اهتم بالتطور الذى

. الفيلسوف بكل غضبه وحماسه إلى المستقبل

( مؤسس علم النفس الفردي1937 - 1870دور الفرد آدلر ) ويأتى تبدو شديدة القرب من تفكير نيتشه. الذي يدور حول قضية أو فكرة

الضآلة من أهم حقائق فالمعروف أن آدلر قد اعتبر الشعور بالنقص أو الحياة النفسية، كما استخلص منه نتائج مهمة تتعلق بتحديد شخصية

الفرد وبطابع الحياة االجتماعية، وهو يذهب إلى حد القول بأن اإلنسان يسعى سعيا دائبا إلكمال شخصيته، وذلك بفضل هو الكائن الذى

السعى إلى الكمال عائق إحساسه بنقصه وضآلة قيمته، فإذا عاق هذا

Page 9: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

أعراض وحيل بينه وبين الطموح إلى القوة وإثبات الذات ظهرت عليه. المرض العصابى

فلسفة نيشته وبين وال شك أن العبارات السابقة تغرينا بالتقريب بين مذهب آدلر الذى يحركه الطموح إلى القوة أو "إرادة القوة". وقد نسرع إلى الظن بأن هذا المذهب يردد تنويعات مختلفة على لحن

وربما يؤيدنا في هذا الظن أن آدلر نفسه - أساسى من إلحان نيتشه، يوافق على أن "إرادة( - 1921في كتابه عن الشخصية العصبية )

يقول القوة" تصلح للتعبير عن مسعاه وأن هذه الفكرة الموجهة - كما في التمهيد للجزء النظرى في ا لكتاب المشار إليه - "يندرج تحتها

والدافع الجنسى والميل لألنحراف أيا كأن مصدرها جميعا، أن اللبيدو المظهر" عند نيتشه تنطوى على جوانب كثيرة من إرادة القوة و"إرادة

من آراء فيريس وغيره من رأينا الذى يقترب بدوره في بعض النقاط باطالعه المؤلفين القدامى. وال يكتفى آدلر بهذه العبارات التى تشهد

الواسع على فلسفة نيتشه واعترافه بتأثيرها عليه، بل يضيف قوله في نشره باالشتراك مع زميله كارل فورتميلر تحت عنوان كتاب آخر

نيتشه فقد كشفت عن أحد األعمدة "العالج والتربية"، وإذا ذكرت اسم على خبايا نفسه، الشامخة التى يقوم عليها فننا، أن كل فنان يطلعنا

وكل فيلسوف يعرفنا بطريقته في توجيه حياته وجهة عقلية، وكل معلم ومرب يشعرنا بانعكاس العلم على وجدانه، كل هؤالء يهدون بصرنا

الواسعة" - )راجع كتاب يوسف راتنر عن وإرادتنا في أرض النفس المصورة عن ، سلسلة كتب روفلت82، ص 1972الفرد آدلر

()*( 189شخصيات األدباء والفنانين والمفكرين، العدد

إلينا هذا كله بأن مذهب آدلر صورة نفسية من فلسفة ربما أوحى تكون عن هذا الظن، بل ربما جاز القول نيتشه. غير أن الحقيقة أبعد ما

ألفكار فيلسوف القوة. بأن علم النفس الفردي يسير في اتجاه مضاد فالتأثيرات مهما وال يرجع هذا إلى أن آدلر قد تأثر به كما تأثر بغيره،

اشتدت وتنوعت ال تصنع، كما قدمنا - شخصية وال فكرا متميزا، وأنما يرجع إلى الفروق الموضوعية الدقيقة بينهما، فإرادة القوة التي تصورها

عن الطموح إلى القوة الذى يفسح له آدلر مكانا مهما في نيتشه تختلف يعبر األول بفكرته عن إنسانية أعلى ويجعل نظريته عن العصاب، وبينما

وغايتها، نجد آدلر يعتبر الفكرة منها وسيلة تخطى اإلنسانية الحاضرة ونزعة التعويض نفسها وموقف نيتشه بأكمله تعبيرا عن اليأس والقلق

التي تدفع بصاحبها إلى السيطرة على اآلخرين وإثبات القوة والغلبة عليهم )وال ننسى بهذه المناسبة أن فيلسوف القوة كان فاسد المعدة

مصابا باألرق المزمن وشقيا يتجاهل العصر وجحوده مضطرب األعصاب الباحثين أن علم النفس الفردى هو أبلغ بحيث يمكننا أن نقول مع بعض

لنفسه وتدميره لها، اتهام إلرادة القوة وأقسى تعرية لخداع صاحبها وكما وضع فرويد التصميم الواعى والتدبر والحكم العقلى الواضح في

مقابل الدوافع الالوعية، كذلك أقام آدلر من الشعور بالجماعة سدا

Page 10: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

النفسية عن عواصف الطموح إلى القوة والسيطرة يحمى الحياة ثنائية نفسية تذكرنا بما قاله اإلنسانية، صحيح أن آدلر قد سلم بوجود

والحياة ودوافع فرويد عن مبدأ اللذة ومبدأ الواقع، أو دوافع الحب التدمير والموت، ولكن الواقع أن علم النفس الفردي يحاول تحقيق

التوازن بين النزوع الفردي إلى القوة وبين الشعور بالجماعة أو إرادة القوة تمثل الدافع األصلى وتعبر عن غريزة المجتمع. فإذا كانت

حوله الوجود، فأن الشعور الحياة األساسية والمحور الذى يدور إلى القوة بالجماعة هو األصل واألساس في حياة اإلنسان، وما النزوع

إال حركة نفسية نابعة من عقدة الشعور بالنقص )أو ضآلة القيمة(. لإلنسان مدمرة لكيانه مفسدة

فردية أو وليس اإلنسان في نظر علم النفس الفردى مجرد حالة استثنائية تطمح إلى القوة والسيطرة وال تعرف شيئا عن الحب كما

عن تلميذه المنشق ! وأنما يقاس الفرد دائما بمقياس زعم فرويد اللعبة التى يسنها المجتمع ويسير- اإلنسان المثالي الذى يتبع قواعد

اإلنسانية المشتركة على هدى التربية وعلم النفس - إلى تحقيق الحياة. مع إخوته في الجماعة اإلنسانية

الثالث من أعالم "علم نفس األعماق" وهو كارل ونصل أخيرا إلى العلم أى حد تأثر "بالخبير ( لنعرف إلى1961 - 1875جوستاف يونج )

والسلبية. بالنفوس". والحق أن يونج يسلم بهذا التأثير بجوأنبه اإليجابية ونستشهد على هذا برسالة كتبها قبل موته بشهور قليلة إلى أحد رجال

األمريكيين وقال فيها: "أن تقديم تقرير مفصل عن تاثير أفكار الدين لمهمة طموح تتخطى حدود قدرتى. فقد نيتشه على تطورى العقلى

فيها فترة من أمضيت شبابى في المدينة التى كأن نيتشه قد عاش حياته وعمل في تدريس اللغات القديمة في جامعتها، وبذلك شببت في

يزال يرتجف تحت سطوة مذهبه، على الرغم من أن هجماته جو ال أستطع أن أتجنب األثر الذى أحدثه كانت تلقى مقاومة شديدة. لم

يتميز باإلخالص إلهامه األصلي على نفسى وشدنى إليه بقوة. فقد كأن والصدق الذى ال يمكن أن يدعيه عدد غير قليل من األساتذة األكاديميين

الذين يهتمون بمظاهر الحياة الجامعية أكثر مما يهتمون بالحقيقة. أعظم تأثير هو لقاؤه بزرادشت ونقده "للدين"، هذا واألمر الذى أثر في

للعاطفة المتوقدة من حيث هى النقد الذى أفسح في الفلسفة مكانا أنها" قد فتحت دافع أصيل على التفلسف. شعرت أن "التأمالت لغير أو

عيني، أما "تسلسل األخالق" و "العود األبدى" فكأن حظهما من أقل، واستطاعت أحكامه السيكولوجية النفاذة أن تبصرنى اهتمامي

. علم النفس تبصرة عميقة بما يمكن أن يحققه

لى وعلى الجملة، كأن نيتشه بالنسبة إلى هو اإلنسان الوحيد الذي قدم في ذلك العصر إجابات كافية، عن بعض األسئلة والمشكالت الملحة

أكثر مما أفكر فيها )رسائل يونج، الجزء الثالث( ص التى كنت أشعر بها

Page 11: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

(. وما بعدها370

االعتراف الصريح من مؤسس علم النفس التحليلى ال يحتاج إلى هذا إليه اعترافا آخر يسجله بكل العرفان عن تعليق. ويمكن أن نضيف

على قراءة نيتشه في سنوات الطلب والتحصيل في شبابه، فقد أقبل نهم وحماس، ثم قرأ "هكذا تكلم زرادشت" فكانت قراءته لهذا الكتاب

بجانب فاوست لجوته - أقوى تجربة مر بها في شبابه )راجع ليونج: ،1963وأفكار، نشرتها أنبيال جافيه، زيورخ وشتوتجارت، ذكريات وأحالم

أول أثر لهذه القراءة قد ظهر في (. )*(ولعل8 وما بعدها()109ص بالظواهر الخفية رسالته الجامعية عن "سيكولوجية الظواهر المسماة

( فقد درس فيها حالة من حاالت1902وتشخيص أمراضها" ). الكريبتومنيزيا" التذكر الخفي والالشعوري( والتى صادفها عند نيتشه"

تمض سنوات قليلة حتى رجع إلى نفس الموضوع، وحاول أن ولم الالوعي" الذى وقع الفيلسوف تحت يتحسس طريقه إلى "شيطان

هذه االهتزازات تأثيره السحرى. عند تدوينه لكتابه عن زرادشت: "أن الراجفة العميقة للمشاعر، وهى التى تتخطى مجال الوعى وتتجاوزه،

القوى التى أظهرت للنور أقصى التداعيات تطرفا وخفاء، هنا هى بدور العبد الخادم لشيطان الالوعى الذى اقتصر الوعى على القيام

وما من أحد استطاع طغى على الوعى وراح يغمره بالخواطر الغربية، الكلريبتومنيزيا، )أن يصف حالة الوعى بمركب ال واع مثل نيتشه نفسه

( - وما بعدها113في المجلد األول من مؤلفات يونج الكاملة ص ويحاول الطبيب النفسى الشاب أن يتابع هذا الموضوع الشائك عن

اإلغريق وبخاصة عن شخصية ديونيزيوس مع "األرواح" واألرباب عند ابتداء من كتابه "ميالد اإلشارة الصريحة إلى تأثيرها على نيتشه

يبدو أن : " إلى فرويد1909التراجيديا" فيقول في رسالة وجهها سنة نيتشه قد أحس بهذا إحساسا قويا، ويخيل إلى أن الديونيزى" كأن يمثل

ارتداد جنسية لم تقدر قيمتها التاريخية حق قدرها، وقد تدفقت موجة إلى المسيحية، وأن طبقت تطبيقا آخر يتسم بعض عناصرها الجوهرية

(. 35األول، ص باالعتدال والتصالح )رسائل يونج، الجزء

على يونج، وال يقف األمر عند هذه النصوص وأشبابهها لبيان تاثير نيتشه فالواقع أن خيوط هذا التأثير بشخصية نيتشه و"نمط" حياته وتفكيره بل وأحالمه ورؤاه تتخلل كتاباته من بداية حياته إلى نهايتها. وال شك أنه كأن

الصدق عندما قال في كتابه المشهور عن" سيكولوجية صادقا كل بعد ذلك( أنه قد بدأ حياته طبيبا )وطبع طبعات منقحة1912الالوعي"

لعلم النفس الحديث نفسيا وعقليا، ولكن نيتشه هو الذى أعده إعدادا 128)سيكولوجية الالوعي، المجلد السابع من المؤلفات الكاملة، ص (

ولوال ضيق المقام لتعرضنا للتجارب "الدينية" التي مر بها)*(. في صباهما وشبابهما، إذ أنحدر كالهما من الفيلسوف وعالم النفس

الذين عجزوا عن صلب قسيس، ووجد نفسه محاطا بعلماء الالهوت

Page 12: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

. اإلجابة عن األسئلة التي أرقتهما

ننساق وراء التأثير والتأثر - الذى يظل في ولكن األهم من ذلك أال وأن علم أن مؤسس علم!- تقديرى أمرا غامضا على كل المستويات

النفس التحليلى لم يكن مجرد معجب متحمس لفيلسوف اإلرادة والحياة وأنما أتيح له أن يتطور وينضج ويجد ذاته وينظر إليه بعين ناقدة.

هذا الصدد بمثلين نقدمهما من مؤلفاته، فهو في كتابه عن ونكتفى في وهو أول مؤلف كبير بعد كتابه عن( - 1921"األنماط النفسية" )

( -1912/1913 )تحوالت اللبيدو ورموزه الذى شهد أنفصاله عن فرويد ال يكتفى بسرد نصوص يقتبسها من نيتشه، وأنما يتناول شخصيته كمثل

نوع من الوعى الذى يحاول بكل جهده ا لسيطرة على الدوافع على األساسى الذى يعبر عن التضاد الحاسم بين المظلمة. أنه يذكر بالتقابل

نيتشه في كتابه المبكر عن طرفين هما ديونيزيوس وأبوللو - كما عرضه دينامية الدوافع ميالد التراجيديا من روح الموسيقى - ثم يتطرق إلى نقد

الكامنة وراء هذا التضاد، ويسوق أمثلة اخرى من التاريخ الحضارى (1805 - 1759واألدبي نذكر منها رسائل الشاعر الفيلسوف شيلر )

. ليعزز بها نقده عن التربية الجمالية

على لقد أهمل المفكران الشاعران في رأيه البعد الدينى واقتصرا االهتمام بالبعد الجمالى والفنى لشخصيتى أبوللو وديونيزيوس، وهو ال

مضمون التجربة الدينية والتاريخية التى تغلغلت في يكفى لتفسير فضال عن أن نيتشه قد تجاهل "الالوعى الجمعى" لقدماء اإلغريق

الجانب الصوفى والتأملى الذى اتسمت به طقوس ديونيزيوس في أماكن مختلفة من بالد اإلغريق: "لقد اقترب نيتشه من الواقع إلى الحد

تجربته الديونيزية المتأخرة أشبه بنتيجة ضرورية ال مفر منها، الذى جعل في ميالد التراجيديا فهو هجوم على العقالني أما هجومه على سقراط

الديونيزى )األنماط العاجز عن اإلحساس بالنشوة والتوهج ()*(151السيكولوجية(، المجلد السادس من المؤلفات الكاملة، ص

وقد كأن من الطبيعى أن يحاول يونج فحص الخصائص النفسية لهذين وأن يحاول أن يبين العالقة بينهما وبين نظريته النمطين األسطوريين

األنماط األساسية التى تؤدى في عن الوظائف النفسية والمواقف أو الوظائف هى مذهبه دورا كبيرا )والمعروف أنه يحدد أربعة أنماط من

التفكير والشعور واإلحساس والحدس، كما يحدد نمطين أو موقفين االنطواء واالنبساط(. وهكذا يجد أن ما يصفه نيتشه أساسيين هما

الشعور المنبسط المتجه إلى "بالديونيزى" يقترب في تصوره من أنفعاالت الموضوعات الخارجية، إذ تظهر في هذه الحالة تأثيرات أو

دافعية قاهرة وعمياء تعبر عن نفسها في صور جسدية عنيفة، أما ما باألبوللونى" فهو - كما أوضح بنفسه - تعبير عن إدراك "سماه نيتشه

والمشاعر المعتدلة المنظمة. وتبرز الصور الباطنة للجمال والحب الحلم. فهى حالة استبطأن طبيعة الحالة األبوللونية إذا قارنا بينها وبين

باألفكار والمثل وتأمل متجه إلى الباطن مستغرق في عالم الحلم الغنى

Page 13: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

ص األبدية، أى أنه في النهاية تعبير عن حالة األنطواء )المرجع نفسه، ( ثم يتطرق عالم النفس إلى تحليل شخصية نيتشه نفسه فيقول152

الوظيفة النفسية للحدس من ناحية وبين وظيفة أنها تجمع بين يمثل النمط الحدسى أو اإلحساس والدافع من ناحية أخرى، أنه

والفنية في الوجدأنى الذى يميل لالنطواء، يشهد ذلك طريقته الحدسية .األنتاج كما يدل عليه أسلوبه في الكتابة بوجه عام وفي ميالد التراجيديا وزرادشت بوجه خاص. ومع ذلك فأن هذه النزعة االنطوائية تخالطها -

العديدة التى وضعها في صورة حكم منثورة - نزعة من كتبه كما نرى صاحبها نفسه بإعجابه بحكم الكتاب عقلية ونقدية حادة متأثرة باعتراف

الغلبة في نهاية األخالقيين الفرنسيين في القرن الثامن عشر، وتبقى المطاف للنمط الحدسي المنطوى الذى يفتقر عموما إلى التحدد

العقلي والمنهجي. ويميل إلى إدراك "الخارج" عن منظور والتنسيق ويظل الفيلسوف طوال حياته واقعا. "الباطن" ولو على حساب الواقع

تبلغ هذه السمات تحت تأثير السمات الديونيزية لالوعى الباطن، إذ لم سطح الوعى إال بعد أن تفجر مرضه األخير واستسلم لغيبوبته العقلية

الطويلة التى انتهت بموته، ولم تظهر قبل ذلك إال في مواضع قليلة. في صورة رموز وإشارات شبقية متفرقة من كتاباته

يونج بشخصية نيتشه أما المثل الثاني الذي يدل على مدى اهتمام فيمكن أن نسوقه من النصوص المختلفة التي تعرض فيها العالم

السويسري "للقدر" األلماني والمحنة التى جرها األلمان على ماليين عالميتين، فنحن نجد في كتابه السابق الذكر عن البشر في حربين

زرا دشت" نيتشه قد ألقى "األنماط النفسية إشارات يفهم منها أن اإلنسان "الضوء على مضمونات من الالوعى الجمعى مرتبطة بظهور

القبيح" وبالمأساة الالشعورية الفاجعة التى يعبر عنها هذا "النبى - أو المتنبئ المعذب )وقد كأن العصر يفيض في ذلك الحين" الضد

ومقتل األمراء والنبالء والحكام وتطرف بجرائم الفوضويين والعدميين التى فاضت عن الالوعى إليساريين .. الخ( أما عن اللمحات والرموز

أن األوربى للتعبير عن الخطر القادم على يدى الوحش الفاشى فنالحظ يونج يتحدث عن "البربرى الجرماني" في دراسة صغيرة له عن

والغريب في حديثه أنه يعهد إلى. 1918 "الالوعى" ترجع إلى سنة من وعى هذه" المسيحية بمهمة ترويض الجانب "الواضح واألعلى

الجماعة الخطرة، ويترك مهمة التحكم في جانبها "السفلى" للعناية واألغرب من هذا أنه ال يذكر الخطر الجرماني وحده، وأنما يؤكد! اإللهية

األوربى" يتعرض لنفس الخطر النابع من عمق أن "الجنس اآلرى غير خافية حين يقول أن الالوعى الجمعى، ثم يشير إلى نيتشه إشارة

"الوحش األشقر يمكنه في سجنه السفلى أن يستدير إلينا فيهددنا أنفجاره بأفظع النتائج عن هذه الظاهرة تتم كثورة نفسية في داخل

تظهر في صورة ظاهرة اجتماعية، )عن الالوعى، الفرد، كما يمكن أن()*(. 25 المجلد العاشر من المؤلفات الكاملة، ص

Page 14: نيتشه..هذه قراءة لبعض نصوص نيتشه

لقد صدق تاريخ العالم حدس يونج واستيقظ الوحش األشقر وفجر حمم الكارثة، فهل نقول إليوم أنه ظلم نيتشه فصوره )كما فعل توماس مان

الرائعة عن الدكتور فاوستوس التى تحمل مالمح بعد ذلك في روايته األطوار أرنولدج شينبرج ..( من نيتشه ومن المؤلف الموسيقى الغريب

حين أكد أنه في صورة النمط المعبر عن الوحش األشقر، أم أنه أنصفه عبر عن ذلك "البربرى" الكامن في طبقات الالوعى السفلى من كل

أعماق نيتشه نفسه وتجربته؟ مهما يكن األمر فأن يونج جرمأنى وفي البحتة بإبراز قوى الدوافع "النمطية األولية" قد اهتم من الناحية العلمية

عواصفها وصواعقها المقبلة وحذر التى وصفها نيتشه نفسه وأعلن عن الخبير بالنفوس" هو "من أخطارها، وكأنهما كأن هذا الشاعر الفيلسوف

بالكارثة ساحر العصر الذى يستحضر أرواح الشياطين المدمرة، ويتنبأ المحتومة، ويعرى األقنعة الحضارية واألخالقية والفكرية الزائفة لتسقط

الحطام الهائل المتراكم على صدر أوربا العجوز: "ويل لهذه وسط الذى تمنيت أن أشاهد أعمدة النار التى تحترق المدينة العظيمة - وأنا

تسبق الظهر العظيم. ومع ذلك فيها! ألن هذه األعمدة النارية يجب أن!!" فلهذا أوأنه وقدره الخاص

نجده في زرادشت كما نجد أشباهه في كتب نيتشه أن هذا النص الذى فيلسوف الكارثة. ومع ذلك فأن األخرى يدل داللة واضحة على أنه كأن

أن تغرينا أمثال هذه النصوص المزدحمة بصور الخراب ورموزه ال يصح بتفسيرها تفسيرا تاريخيا ضيقا، وال يجوز أن تنسينا لحظة واحدة أنها

تعبيرا رمزيا عن "الزلزلة القادمة" التى ستتبعها إشراقة "الفجر تعبر(. أيضا أن الرموز األصيلة ذات أبعاد عميقة متعددة الجديد" )وال ننسى

الزلزلة؟ وما هو هذا الفجر الجديد؟ ليس من ونسأل أخيرا: ما هى هذه الكلمتين أو بغيرهما من كلماته السهل أن نحدد ما يقصده نيتشه بهاتين

ولكن ليس من. ومصطلحاته الفنية المليئة باإليحاءات واإلشعاعات الصعب كذلك أن نرى - على ضوء ما سبق وما سيأتي بعد أن نيتشه

في تاريخ البشرية" )والتعبير لفيلسوف الحياة لودفيج يمثل "صدعا إليه(. ولقد أكد تأكيدا ال مزيد عليه أنه كالجيس الذى تقدمت اإلشارة

تصدع عصره "آخر العدميين"، وأن رسالته هى الكشف عن "البرجوازى" وأنهياره على رؤوس رجاله الجوف، وتعرية وعيه الكاذب

وتغيير ألواح قيمه التى فقدت قيمتها بعد أن تداعى عامود بأسره، كأن يستند عليه، ولكن من الذى سيطلع هذا النظام الميتافيزيقى الذى

اللوجوس )المنطق والجدل الفجر الجديد؟ من الذى سيحول القيم من وأخيرا من العقلى( إلى البيوس )الحياة وإرادة المزيد من الحياة(؟

الذى سيبدع هذا العالم الجديد؟ أنه جيل المبدعين من أفراد اإلنسان وليس اإلنسان األعلى على اإلنسان المبدع. ومن أجل هذا . األعلى

إليه كتب هذا البحث، تحية للمبدعين اإلنسان الذى اشتدت حاجتنااإلبداع الحقيقيين ولكل من يساعدهم على فهم أسرار