جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

Upload: icfr

Post on 21-Jul-2016

252 views

Category:

Documents


9 download

DESCRIPTION

 

TRANSCRIPT

Page 1: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر
Page 2: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر
Page 3: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر
Page 4: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر
Page 5: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

جريمة المحاكمات العسكريةللمدنيين فى مصر

- اإلئتالف العالمي للحقوق و الحريات -

Page 6: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 6

المحتوىاملقدمة ......................................................................................................................... 8

القسم األول : واقع املحاكامت العسكرية للمدنيني ىف مرص .................................................. 10

ما قبل ثورة 25 يناير 2011 ..................................................................................................... 10

ما بعد ثورة 25 يناير 2011 ..................................................................................................... 10

خطوات إحالة املدنيني إىل القضاء العسكري بعد أحداث 30 يونيو2013 ........................................ 10

سلسلة الترشيعات التي مهدت بها سلطات االنقالب العسكري ىف مرص لرشعنة املحاكامت العسكرية للمدنيني:

أوال : إقرار الدستور املرصي الجديد .......................................................................................... 11

ثانيا: إصدار التعديالت عىل قانون القضاء العسكري ................................................................... 11

ثالثا : إصدار قانون حامية املنشأت .......................................................................................... 13

رابعا : إصدار الكتاب الدوري للنائب العام رقم 14 لسنه 2014 ................................................... 13

القسم الثاين : الطبيعة القانونية للقايض و القضاء العسكري ................................................. 15

الطبيعة القانونية للقضاء العسكري يف مرص ............................................................................... 15

املركز القانوين للقايض العسكري ............................................................................................... 16

القسم الثالث : انتهاكات املحاكم العسكرية ملعايري حقوق اإلنسان ....................................... 18

أوالً : املحاكم العسكرية وانتهاك ضامنات املحاكمة املنصفة واستقالل القضاء ................................. 19

املالحظة األويل: املحاكم العسكرية انتهاك مستمر الستقالل القضاء والحق يف املحاكمةالعادلةواملنصفة .................................................................................................................... 20

املالحظة الثانية: تعيني قضاة املحاكم العسكرية يتعارض مع استقالل السلطة القضائية ................... 20

املالحظة الثالثة: القضاء العسكري يخرج عىل املبادئ العامة املنصوص عليها يف قانوناإلجراءات الجنائية ................................................................................................................21

املالحظة الرابعة: عدم صالحية الضباط العسكريني كقضاة بخصوص محاكمة املدنيني ......................21

Page 7: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 7

املالحظة الخامسة: القضاء العسكري يخل بالحق يف الدفاع يف حاالت عدة ...................................... 22

املالحظة السادسة: عدم فاعلية القضاء العسكري يف القضاء نهائيا عىل أعامل البلطجة والعنفاإلجرامي أو حوادث التعرض للمنشأت العامة ............................................................................ 22

ضامنات الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة املنصوص عليها يف املواثيق الدولية املعنية بحقوق اإلنسان:

أوالً: الحق يف عدم التعرض للقبض عليه أو االعتقال التعسفي ....................................................... 23

ثانياً : الحق يف إبالغ أرسة املتهم بنبأ القبض عليه ........................................................................ 23

ثالثاً: الحق يف إعادة النظر يف االحتجاز ...................................................................................... 23

رابعاً : الحق يف افرتاض الرباءة .................................................................................................. 23

خامساً: الحق يف رسعة إجراء العدالة ......................................................................................... 23

سادساً: الحق يف عالنية املحاكمة ............................................................................................... 23

سابعاً: إتاحة ما يكفي من الوقت والتسهيالت للدفاع ................................................................. 24

ثامناً: استقالل السلطة القضائية ............................................................................................... 24

الخامتة و التوصيات ....................................................................................................... 25

Page 8: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 8

المقدمة يبدو أننا سنظل نعاين من نزيف املحاكامت العسكرية للمدنيني، الذي مل يتوقف منذ االنقالب العسكري ىف 2591 وإعالن

الجمهورية ليومنا هذا، فمنذ هذا التاريخ أصبح املدنيني ىف مرص عىل موعد مع موجات من املحاكامت العسكرية للمدنيني، ىف مشهد يعطي داللة أن هذا البلد مازال تحت قبضة العسكريني إدارة وسياسة وقضاء .

العسكريني ىف مرص اعتمدوا ىف كل مرة فرضوا فيها املحاكامت العسكرية وقدموا مدنيني أمامها عىل عدد من التربيرات قانونية كانت أو اجتامعية ألنهم يعلمون جيداً أن هذا النوع من املحاكامت منبوذ فقهاً وقانوناً عىل الصعيد الداخيل أو الدويل .

الشاهد أن ذروة استخدام عقاب املحاكامت العسكرية ضد املدنيني ىف مرص كان مرتبطا بشكل كبري باستيالء العسكر عىل السلطة أو وجودهم ىف سدة الحكم، بحيث تأيت معه كل أدواته القمعية فتنزل املجتزرات إىل الشوارع ويعود الحاكم العسكري إىل رئاسة األحياء

واملدن واملحافظات وتعود املحاكامت العسكرية للواجهة إلضفاء املرشوعية الجنائية عىل من يلقي القبض عليه.

واملحاكم العسكرية تعد أقوى صورة من صور انتهاك الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة، فهي ال تختص مبحاكمة العسكريني فقط أو الجرائم العسكرية، بل امتد سلطان اختصاصها ليشمل املدنيني املرتكبني لبعض الجرائم الواردة بالباب األول من الكتاب الثاين من

قانون العقوبات.

لقد أرست العديد من صكوك حقوق اإلنسان الدولية الحق يف محاكمة منصفة وعلنية. وتنص املادة 01 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان عىل أن “لكل إنسان، عىل قدم املساواة التامة مع اآلخرين، الحق يف نظرنا منصفاً وعلنياً...يف أية تهمة جزائية توجه إليه”1. وتضيف املادة 11 أن “كل شخص متهم بجرمية يعترب بريئا إىل أن يثبت ارتكابه لها قانوناً يف محاكمة علنية...” وباإلضافة إىل ذلك،

تنص املادة 41 من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية عىل أنه “...من حق كل فرد لدى الفصل يف أية تهمة جزائية توجه إليه أو يف حقوقه والتزاماته يف أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة وحيادية،

منشأة بحكم القانون.”2

وباإلضافة إىل ذلك، تضمن املعاهدات اإلقليمية الحق يف محاكمة منصفة وعلنية. حيث تنص املادة 8 البند )5( من االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان عىل أن تكون اإلجراءات الجنائية علنية، بينام تُريس املادة 6 من االتفاقية األوروبية لحامية حقوق اإلنسان والحريات

األساسية حق كل شخص يف أن تكون قضيته محل نظر علني “عند الفصل يف حقوقه والتزاماته املدنية أو يف أي تهمة جزائية توجه إليه...3” كام أن املادة 7 من امليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب تضمن أن لكل فرد الحق يف أن يُنظر يف قضيته4.

وعمالً بالبند 3 من املادة 41 من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية، فإن لكل شخص أن يتمتع أثناء النظر يف قضيته وعىل قدم املساواة التامة بالضامنات الدنيا التالية الالزمة للدفاع عنه:

)أ( أن يتم إعالمه رسيعا وبالتفصيل ، ويف لغة يفهمها، بطبيعة التهمة املوجهة إليه وأسبابها.

)ب( أن يُعطى من الوقت ومن التسهيالت ما يكفيه إلعداد دفاعه ولالتصال مبحام يختاره بنفسه.

http://www.un.org/ar/documents/udhr/ 1 أنظر اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان

http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b003.html 2 أنظر العهد الدويل للحقوق املدنية و السياسية

http://www1.umn.edu/humanrts/arab/am2.html 3 أنظر

http://www1.umn.edu/humanrts/arab/a005.html 4 أنظر

Page 9: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 9

)ج( أن يحاكم دون تأخري ال مربر له.

)د( أن يحاكم حضوريا، وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يُخطَر بحقه يف وجود من يدافع عنه، وأن تزوده املحكمة حكام، كلام كانت مصلحة العدالة تقتيض ذلك، مبحام يدافع عنه، دون تحميله أجرا عىل ذلك إذا كان ال ميلك الوسائل

الكافية لدفع هذا األجر.

)هـ( أن يناقش شهود االتهام بنفسه أو من قبل غريه، وأن يحصل عىل املوافقة عىل استدعاء شهود النفي بذات الرشوط املطبقة يف حالة شهود االتهام.

)و( أن يُزوَّد مجانا برتجامن إذا كان ال يفهم أو ال يتكلم اللغة املستخدمة يف املحكمة.

)ز( أال يُكره عىل الشهادة ضد نفسه أو عىل االعرتاف بذنب.5

النظام اإلجرايئ املرصي عرف عدداً كبرياً من املحاكم الخاصة، إال أن أهم تلك املحاكم وأخطرها هي املحاكم العسكرية والتى نظمت بقانون األحكام العسكرية رقم 52 لسنة6691 ، وجعل اختصاصها منوطا مبعايري ثالثة: وهي املعيار الشخيص، واملكاين، واملوضوعي،

فاألول يعني اختصاص املحاكم العسكرية بنظر الدعاوى الجنائية للجرائم التى تقع من األشخاص الخاضعني لقانون األحكام العسكرية، أو تلك التى تقع عىل أحد االشخاص الخاضعني لقانون األحكام العسكرية.

أما املعيار املكاين فهو يقصد به الجرائم التى تقع يف املعسكرات والثكنات أو املؤسسات أو غريها من املنشات العسكرية، واملعيار الثالث وهو املوضوعي فهو يجعل املحكمة العسكرية مختصة بالجرائم التى تقع عىل معدات ومهامت وأسلحة وذخائر ووثائق وأرسار

عسكرية .

ويف هذا اإلطار يأيت تقرير االئتالف العاملي للحريات و الحقوق” جرمية املحاكامت العسكرية للمدنيني ىف مرص “ ، متضمنا النقاط التالية :

أوالُ: واقع املحاكامت العسكرية للمدنيني ىف مرص .

ثانياً :الطبيعة القانونية للقايض و القضاء العسكري .

ثالثاً : انتهاكات املحاكم العسكرية ملعايري حقوق اإلنسان

رابعا : الخامتة والتوصيات .

5 ملزيد من املعلومات التفصيلية عن املعايري الدولية لإلنصاف يف املحاكامت، أنظر التقرير املقدم من أعضاء اللجنة الفرعية ستانيسالف شرينيشينكو ووليام E/CN.4/Sub.2/1994/24 )1994( ،تريت

Page 10: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 10

القسم األول : واقع المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

ما قبل ثورة 52 يناير 1102 .يف غضون التسعينيات من القرن املايض و يف ظل تصاعد حدة أعامل العنف املسلح من قبل بعض الجامعات اإلسالمية املسلحة، بدأ

مسلسل إحالة املدنيني إىل املحاكامت العسكرية، و كانت أوىل تلك القضايا يف اكتوبر 2991 حينام أحال رئيس الجمهورية 84 متهام يف القضية التى عرفت اعالميا باسم العائدون من افغانستان و تنظيم الجهاد، و أصدرت املحكمة العسكرية آنذاك أحكاما مغلظة حيث

حكمت بإعدام مثانية متهمني ، و قد توالت عملية إحالة املدنني إىل املحاكم العسكرية إىل أن أصبح عدد القضايا التى أحيلت إىل املحاكم العسكرية 63 قضية، كان نصيب جامعة اإلخوان املسلمني منها 7 قضايا كان آخرها قضية املحكمة العسكرية التي اتهم فيها

04 شخصا؛ وقد حكمت تلك املحاكم العسكرية بالعديد من أحكام اإلعدام عىل أعداد كبرية من املتهمني املاثلني أمامها وتم تنفيذ تلك األحكام عىل ما ال يقل عن 79 مواطن مرصي لقوا حتفهم شنقاً.

ما بعد ثورة 52 يناير 1102 .مل تشهد مرص ىف تاريخها مثل هذا الكم من املدنيني الذين قدموا إىل املحاكامت العسكرية مثلام شهدته إبان الثورة الشعبية ىف 52

يناير 1102، فقد تم إحالة أكرث من 11 ألف مدين إىل املحاكامت العسكرية مابني الفرتة من 11 فرباير 1102 إىل 03 يونيو 2102 ، وهي الفرتة التي توىل املجلس العسكري فيها قيادة البالد .

و استمر الوضع يف عهد الدكتور مريس، فقد شهد أيضاً إحالة عددا من املعتقلني إىل القضاء العسكري، رغم أنه أطلق رساح أغلبية املحاكمني بقضايا عسكرية ىف عهد املجلس العسكري، إال أنه ورغم ذلك شهد عهده ما يقرب من 86 مدنياً تم إحالتهم إىل املحاكامت

العسكرية أشهرها ىف قضية جزيرة قرصاية .

بعد أحداث 03 يونيو عادت املحاكامت العسكرية مرة أخرى إىل الواجهة بشكل كبري ليعود املئات ويُقدموا إىل املحاكامت العسكرية ىف أحداث جنائية أو سياسية، حيث قُدم إىل املحاكمة العسكرية ما يقارب 1421 مدنياً حتي قبل إقرار قانون املنشأت الذي أقره

السييس ىف 72 أكتوبر4102 املايض معظمهم كان يف مرىس مطروح و السويس و اإلسامعيلية وبورسعيد .

وبعد إقرار قانون املنشأت يف 72 أكتوبر 4102 املايض الذي فوض فيه السييس الجيش ىف حامية املنشأت العامة باعتبارها خاضعة لحامية الجيش وتحويلها إىل منشأت عسكرية يرسي فيها ما يرسي بحق املعسكرات والدشم و الهناجر العسكرية، وحتى كتابة هذه السطور تم إحالة ما اليقل عن 0701 من املعتقلني التابعني لجامعة اإلخوان املسلمني إىل املحاكامت العسكرية ليكون مجموع ما تم

إحالتهم إىل القضاء العسكري منذ أحداث 03 يونيو و حتى اآلن 1132 مدين .

خطوات إحالة املدنيني إىل القضاء العسكري بعد أحداث 03 يونيو3102 .إن التوسع الشديد من قبل السلطة الحاكمة ىف مرص يف إحالة املدنيني للمحاكامت العسكرية منذ 03 يونيو 3102 وحتى اآلن يشكل

يف حقيقة األمر عقاباً جامعياً بهدره لطائفة واسعة من الحقوق والحريات سواء ملن أحيلوا فعالً لتلك املحاكامت الجائرة، أو ملن مل يُحالوا إليها فهو يظل سيفاً معلقاً عىل حقوق املواطنني وحرياتهم، فمن حيث إن الترصف املتعلق بإحالة املدنيني للقضاء العسكري

يستلزم منا تقيص األبعاد القانونية والبحث عن مدى مرشوعية األطر الحاكمة له، من حيث الواقع والقانون عىل حٍد سواء، وخاصة أن هذا الترصف بطبيعته االستثنائية الشاذة يجب أال يتعدى الحدود التي فرضها الواقع، ورسمها القانون.

ومنذ أحداث 03 يونيو3102 كانت هناك سلسلة من الترشيعات مهدت بها سلطات االنقالب العسكري ىف مرص لرشعنة املحاكامت العسكرية للمدنيني وهي تظهر كاآليت:.

Page 11: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 11

أوال : إقرار الدستور الجديد لعام 4102 .

ثانيا : إصدار تعديالت عىل قانون القضاء العسكري .

ثالثا : إصدار قانون حامية املنشأت .

رابعا : إصدار الكتاب الدوري للنائب العام .

أوال : إقرار الدستور املرصي الجديد كان إجراء تحويل املدنيني للقضاء العسكري مطعون بعدم دستوريته أيام مبارك، لهذا سعت املؤسسة العسكرية مع كتابة دستور

جديد للبالد إىل إقرار هذه املحاكامت دستورياً، وكانت املحطة األوىل يف دستور 2102 الذي أقرها.

يف ديسمرب 2102 أسفرت نتائج االستفتاء الشعبي عن اعتامد دستور جديد للبالد، وقد تم التصديق عىل نسخة معدلة منه طبًقا الستفتاء شعبي آخر يف يناير 4102، ورغم أن الدستورين أتيا بالتأكيد عىل ضامن احرتام حقوق اإلنسان خالل فرتة الحبس االحتياطي

وخالل املحاكمة، إال أن الدستورين أقرا جواز محاكمة املدنيني أمام القضاء العسكري، وهو ما يعد انتهاكًا لحقوق اإلنسان يف حد ذاته، تتفاقم تداعياته بالنظر ملا تفتقده اإلجراءات العسكرية من ضامنات للمحاكمة العادلة.

إذ تنص املادة 402 من دستور 4102 عىل أنه “القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غريه بالفصل ىف كافة الجرائم املتعلقة بالقوات املسلحة وضباطها وأفرادها ومن ىف حكمهم، والجرائم املرتكبة من أفراد املخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة.

وال يجوز محاكمة مدين أمام القضاء العسكري، إال ىف الجرائم التى متثل اعتداًء مبارًشا عىل املنشآت العسكرية أو معسكرات القوات املسلحة أو ما ىف حكمها، أو املناطق العسكرية أو الحدودية املقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أرسارها العسكرية أو أموالها العامة أو املصانع الحربية، أو الجرائم املتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التى متثل اعتداًء مبارًشا عىل ضباطها

أو أفرادها بسبب تأدية أعامل وظائفهم. ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبني اختصاصات القضاء العسكري األخرى. وأعضاء القضاء العسكري مستقلون غري قابلني للعزل، وتكون لهم كافة الضامنات والحقوق والواجبات املقررة ألعضاء السلطة القضائية”.6

من ناحية أخرى توسعت املادة 402 يف الجرائم التي سينظر فيها القضاء العسكري، حيث شملت االعتداء املبارش عىل منشآت القوات العسكرية أو معسكراتها أو ما يف حكمها أو املناطق العسكرية أو الحدودية املقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها، أو وثائقها أو أرسارها العسكرية أو أموالها العامة أو املصانع الحربية أو الجرائم املتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التي متثل

اعتداًء مبارشاً عىل ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعامل وظائفهم، ويحدد القانون تلك الجرائم، مام أدى إىل توسيع مجال لهذه املحاكامت “ألسباب ليس لها صلة مبارشة بسالمة وأمن القوات املسلحة.

ثانيا: إصدار التعديالت عىل قانون القضاء العسكري .

كان إلصدار تعديل قانون القضاء العسكري ىف 4 فرباير 4102 والذي عىل أساسه تم تعديل املحاكم العسكرية لتكون مثلها مثل املحاكم الطبيعية، فتم إنشاء محكمة للجنح ومحكمة للجنح املستأنف ومحكمة للجنايات و محكمة للطعون العسكرية .

حيث أصدر الرئيس املؤقت وقتها عدىل منصور قراراً بقانون بتعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري الصادر بالقانون رقم 52 لسنة 6691، مبا يضمن إنشاء درجة ثانية للتقايض بأسم “اللجنة القضائية العليا”، تجيز الطعن عىل قرارات اللجان القضائية للقوات

املسلحة أمامها، إىل جانب رضورة أخذ رأي املفتي يف األحكام الصادرة باإلعدام كضامنة للمحكوم عليهم، وتطبيق اإلجراءات املنصوص عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية بشأن األحكام الغيابية، وتعديل مسمى املحاكم العسكرية ليتامىش مع مسميات املحاكم يف القضاء

العادي، التي وردت بقانون السلطة القضائية .

حيث يكون هناك 4 أنواع للمحاكم العسكرية، هي املحكمة العسكرية العليا للطعون، واملحكمة العسكرية للجنايات، واملحكمة العسكرية للجنح املستأنفة، واملحكمة العسكرية للجنح، وتختص كل منها دون غريها بنظر الدعوى واملنازعات التي ترفع إليها طبقاً

dostour.eg/2013/topics/regime/army-2-5/comment/86125/ 6 أنظر

Page 12: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 12

للقانون.

وسيحل هذا النظام بالكامل بدالً من النظام القائم حالياً، الذي يتضمن محاكم عسكرية مركزية، ومحاكم عسكرية مركزية ذات سلطة عليا، وينتهي باملحكمة العليا للطعون العسكرية. وتشكل املحكمة العسكرية العليا للطعون بذات التشكيل الخاص باملحكمة

العليا للطعون العسكرية السابقة من دائرة واحدة مقرها القاهرة، مؤلفة من رئيس هيئة القضاء العسكري برتبة عقيد عىل األقل، وتختص دون غريها بنظر الطعون املقدمة من النيابة العسكرية أو املحكوم عليهم يف جميع جرائم القانون العام. كام تشكل املحكمة

العسكرية للجنايات من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من 3 قضاة عسكريني برئاسة أقدمهم وال تقل رتبته عن عقيد، وممثل للنيابة العسكرية وتختص بنظر قضايا الجنايات، بينام تشكل املحكمة العسكرية للجنح من عدة دوائر، وتؤلف كل منها عىل قاض واحد ال تقل رتبته عن رائد وممثل للنيابة العسكرية وتختص بقضايا الجنح واملخالفات. وتشكل محكمة الطعن عليها واملسامة بـ”املحكمة

العسكرية للجنح املستأنفة” من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من 3 قضاة عسكريني برئاسة أقدمهم عىل أال تقل رتبته عن مقدم وممثل للنيابة العسكرية أو املحكوم عليهم يف األحكام النهائية الصادرة من املحكمة العسكرية للجنح. وتنص املادة 08 املعدلة من

القانون عىل أنه ال يجوز للمحكمة العسكرية للجنايات أن تصدر حكامً باإلعدام إال بإجامع آراء أعضائها، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية، ويجب إرسال أوراق القضية إليه، فإذا مل يصل رأيه إىل املحكمة خالل األيام العرشة التالية

إلرسال األوراق إليه، يجوز للمحكمة الحكم يف الدعوى.

ومن ثم ميكن إجامل التعديالت الجوهرية فيام ييل:

تقرير حق الطعن يف األحكام الصادرة يف الجنح، لتكون عىل درجتني بداًل من درجة واحدة.

رضورة أخذ رأي املفتي يف األحكام الصادرة باإلعدام كضامنة للمحكوم عليهم ولتحقيق التامثل مع ما يتم يف القضاء العادي

تطبيق اإلجراءات املنصوص عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية بشأن األحكام الغيابية.

تعديل مسمى املحاكم العسكرية لتتامىش مع مسميات املحاكم يف القضاء العادي التي وردت بقانون السلطة القضائية.

ويالحظ أن هذه التعديالت هو مخالفتها للدستور وتحديداً للامدة 651 منه، والتي حددت سلطة رئيس الجمهورية ىف إصدار قوانني ىف غيّبها مجلس النواب فقط ىف حالة “حدوث ما يوجب اإلرساع يف اتخاذ تدابري ال تحتمل التأخري”، وبالتايل فإصدارها ىف غيبة ممثيل

الشعب هو عدوان عىل حق الشعب املرصي ىف النظر فيها ومناقشتها.

كام أن هذه التعديالت لن تفيد املعتقلني الذين تم الحكم عليهم من قبل ويقضون العقوبة، ولكنها من املمكن أن تفيد املعتقلني الجدد. وما يجري ما هو إال محاولة لتجميل القضاء العسكري الذي سيظل قضاء استثنائياً للعسكريني فقط وليس للمدنيني. مؤكدين

أن هذه التعديالت “شكلية” ولكنها لن تلغي محاكمة املدنيني أمام القضاء العسكري، ألنها ستظل موجودة بفضل الدستور الجديد.

وفيام يخص أخذ رأي املفتي يف أحكام اإلعدام فهذه ليست بضامنة، ال أمام القضاء العسكري أو العادي، ألن رأي املفتي غري ملزم عىل اإلطالق وال يغري من الحكم الصادر شيئاً، أما القول بأن التقايض أصبح عىل درجتني فيام يتعلق بالجنح، فالجنح مادياً وعقابياً أخف

وطأة من الجنايات، وحيث أتت التعديالت الدستورية بجواز الطعن يف أحكام الجنايات أمام القضاء العادي، وطاملا تصدى رئيس الجمهورية لعمل تعديالت عىل قانون القضاء العسكري فكان عليه أن يعمم الحكم عىل الجنح والجنايات”.

كم أن هذه التعديالت لن تعطي ميزة جديدة، فالقضاء العسكري كان يتيح التظلم والنظر يف هذا التظلم، ما يعني أن هناك يف كل األحوال درجتني للتقايض .

لذلك كان إقدام السلطة عىل إدخال تعديالت جديدة عىل قانون القضاء العسكري تحت ادعاء أنها تتسق مع مبادئ العدالة والكرامة اإلنسانية هو اعرتاف من الدولة بأن املحاكامت العسكرية التي سبقت هذه التعديالت كانت محاكامت تتناىف مع هذه املبادئ. كام أن مضمون هذه التعديالت ال يتناول املشاكل الرئيسية باملحاكم العسكرية، وأنه أهتم بأمور شكلية تتعلق بإجراءات املحاكمة، مل تتطرق لحرمان املجني عليه يف القضايا العسكرية من توكيل محامني للدفاع عنه، كام مل تتطرق للحاالت التي يجوز فيها محاكمة املدنيني أمام

Page 13: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 13

املحاكم العسكرية، وكذلك مل تتناول نص املادة 84 من القضاء العسكري والتي تعطي املحاكم العسكرية وحدها تحديد اختصاصها. ويف السياق ذاته مازال القضاء العسكري هيئة تابعة لوزارة الدفاع، والقضاة العسكريني خاضعون ألنظمة القوات املسلحة كونهم من

ضباطها، وال يزال نظام التصديق عىل األحكام باملحاكم العسكرية موجوداً، وهو النظام الذي يبيح لضابط من غري أعضاء املحكمة العسكرية إلغاء األحكام القضائية أو تعديلها.

ثالثا : إصدار قانون حامية املنشأت .ىف 72 أكتوبر 4102 والذي عىل أساسه تم تحويل املنشآت العامة لحامية الجيش واعتبارها منشأة عسكرية وأعطي صفة الضبط

القضايئ للقوات املسلحة ملدة عامني .

وكان القرار بالقانون رقم 631 لسنة 4102، والذي يوسع من اختصاص القضاء العسكري، ليشمل جرائم التعدي عىل طيف واسع من املنشئات واملرافق العامة، مبا فيها “محطات وشبكات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البرتول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري وغريها من املنشآت واملرافق واملمتلكات العامة وما يدخل يف حكمها”، عىل أن ميتد العمل بهذا القانون ملدة عامني. وتسمح أحكام القانون مبحاكمة أي مدين متهم بتخريب املمتلكات عامة املشار إليها، أو قطع طرق عامة أمام محكمة

عسكرية، وهي االتهامات التي كثريًا ما توجه إىل املتظاهرين املتهمني مبعارضة الحكومة، والتي سبق وتم توجيهها ملسئولة ملف العدالة االنتقالية يف املبادرة املرصية للحقوق الشخصية، يارا سالم عىل سبيل املثال ال الحرص.

وميثل توسيع اختصاص املحاكم العسكرية يف محاكمة املدنيني خرقًا للامدة 402 من دستور 4102، والتي اشرتطت ملحاكمة املدنيني أمام القضاء العسكري أن يكون هناك اعتداء مبارش عىل املنشآت العسكرية أو معسكرات القوات املسلحة، أما القانون الجديد فهو

مبثابة حالة طوارئ غري معلنة، إذ يتم االلتفاف عىل هذا القيد الدستوري عن طريق تكليف القوات املسلحة بحامية املنشآت واملرافق العامة بالتعاون مع الرشطة، مام يستتبعه مثول املواطنني أمام قايض عسكري، وليس قاضيهم الطبيعي، وقد يؤدي إىل إحالة اآلالف إىل

محاكامت عسكرية تفتقر إىل الحد األدىن من معايري املحاكامت العادلة واملنصفة، وترسيخ نظام قضايئ مواز.

ويرتبط هذا القانون بقانون آخر ما زال ساري املفعول، أصدره الرئيس املعزول محمد مريس، مطلع عام 3102، )رقم 1 لسنة 3102(، وأجاز فيه لرئيس الجمهوريّة أن يطلب من وزير الدفاع كلام اقتضت الحاجة، أن تساعد القوات املسلّحة الرشطة يف حفظ األمن يف

البالد، وأن يصدر وزير الدفاع قراراً بتحديد األماكن التي سيتوىل الجيش حاميتها ومهام أفراده يف هذه الحامية.

لذلك كان لزاما عىل وزير الدفاع صدقي صبحي، أن يقوم بتحديد األماكن التي ستتوىل القوات املسلّحة حاميتها مع الرشطة، باعتبار أنّه ال ميكن تطبيق قانون السييس بدون قانون مريس، حيث أمتنع وزير الدفاع طوال الفرتة السابقة عن إعالن هذه األماكن وطبيعة

التنسيق بني الجيش والرشطة، رغم أنه من الواجب إعالن ذلك أمام العامة حتى ميكن نفاذ آثار القانون، حيث أن هذا القانون مل يُفصح عن جميع املنشآت التي ستُطبّق عليها حامية الجيش، بل ذكر أنّها “املنشآت العامة والحيويّة”، بعبارة غامضة قابلة للتأويل.

يشار أىل أن محكمة القضاء اإلداري كانت قد أصدرت حكام تاريخيا يف شهر يونيو 2102، ببطالن قرار وزير العدل مبنح ضبّاط القوات املسلحة سلطة الضبطية القضائية، والذي شّدد عىل أّن “الدساتري املرصيّة فصلت بني األحكام املنظمة للقوات املسلحة والرشطة، عن

وعي وبصرية، بسبب اختالف الوظيفة واالختصاص بني الجهتني”.

رابعا : إصدار الكتاب الدوري للنائب العام رقم 41 لسنه 4102 .ىف 11 نوفمرب 4102 والذي عىل أساسه رشعن النائب العام وأجاز لوكالء النيابة إحالة ملفات القضايا التي مازلت تحت التحقيق ىف

أحداث سابقة عىل إقرار قانون املنشآت العامة إىل النيابة العسكرية .

أن الكتاب الدوري الصادر من النائب العام رقم 41 لسنه 4102 بتاريخ 11 نوفمرب 4102 املايض، رشعن للنيابة العامة إحالة قضايا سابقة إلقرار قانون حامية املنشآت إىل النيابة العسكرية7.

https://www.facebook.com/Egypt.O.R.f 7 أنظر

Page 14: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 14

كام أن إحالة وقائع سابقة عىل إقرار القانون إىل املحاكم العسكرية تعترب مخالفة واضحة ورصيحة ملبدأ األثر الفوري، حيث تقيض القاعدة العامة يف تطبيق قانون العقوبات من حيث الزمان بإعامل األثر الفوري للنص العقايب .

ويقصد باألثر الفوري يف تطبيق قانون العقوبات أن يتم تطبيق قانون الواقعة . ويُقصد بقانون الواقعة ذلك القانون الذي كان نافذا وقت ارتكاب الجرمية . فإذا صدر قانون جديد ومل يكن أصلح للمتهم فإنه يتعني تطبيق القانون الجنايئ السابق عىل األفعال التي

وقعت قبل إلغائه بالقانون الجديد.

كام أن ذلك أيضاً مخالفة رصيحة وواضحة للدستور املرصي، فاملادة 59 من الدستور املرصي تنص عىل أنه “ العقوبة شخصية، وال جرمية وال عقوبة إال بناء عىل قانون، وال توقع عقوبة إال بحكم قضايئ، وال عقاب إال عىل األفعال الالحقة لتاريخ نفاذ القانون”8.

و الناظر إىل قانون حامية املنشآت و الكتاب الدوري للنائب العام، يجد أنه يشوبها انحراف عن دائرة املرشوعية، وميثل توسيع اختصاص املحاكم العسكرية يف محاكمة املدنيني خرقًا للامدة 402 من دستور 4102، والتي اشرتطت ملحاكمة املدنيني أمام القضاء

العسكري أن يكون هناك اعتداء مبارش عىل املنشآت العسكرية أو معسكرات القوات املسلحة، أما القانون الجديد فهو مبثابة حالة طوارئ غري معلنة، إذ يتم االلتفاف عىل هذا القيد الدستوري عن طريق تكليف القوات املسلحة بحامية املنشآت واملرافق العامة

بالتعاون مع الرشطة، مام يستتبعه مثول املواطنني أمام قايض عسكري وليس قاضيهم الطبيعي .

حيث أنه مخالف لنصوص واضحة و رصيحة ىف الدستور املرصي خصوصا نص املادة 59 منه، و التي نصت عىل أنه “العقوبة شخصية، وال جرمية وال عقوبة إال بناء عىل قانون، وال توقع عقوبة إال بحكم قضايئ، وال عقاب إال عىل األفعال الالحقة لتاريخ نفاذ القانون”

و بالتايل ميىس قرار النيابة العامة مخالف لرصيح القانون، إذ أنها أضفت صفة مرشوعية عىل إحالة قضايا سابقة عىل إقرار و إنفاذ القانون.

وتعترب مخالفة نصوص الدستور ىف إحالة املدنيني ىف وقائع سابقة عىل إقرار القانون للقضاء العسكري انعداماً مطلقاً، هذا اإلنعدام ينعكس أثره يف ناحيتني: األوىل وهي بطالن محاكمة املدنيني أمام املحاكم العسكرية، ومن ناحية ثانية فإن حلول الجيش محل الرشطة

أو مشاركتها صفة الضبطية القضائية كام أعطاها قانون حامية املنشات يرتب آثاراً قانونية بالغة األهمية من حيث اختصاص القضاء العادي ال العسكري بنظر الجرائم التي ارتكبها عسكريون خالل الفرتة التي سيتمتعون فيها بحق الضبطية القضائية .

ألن حلول القوات املسلحة محل الرشطة ألحق بتلك األوىل ذات الحقوق والواجبات، وكذا املراكز واألحكام القانونية التي تخضع لها الثانية، فينعقد االختصاص للقضاء العادي بشأن أي جرائم ترتكب من القوات املسلحة )التي هي يف األصل حلت محل هيئة الرشطة

أو شاركتها الضبطية القضاية (، وهو ما يقتضيه بحكم اللزوم تلك الحالة االستثنائية.

إال أنه وبأي حال من األحوال مل يكن هناك أي سند من الدستور والقانون أو حتى مثة مربر من حاالت الرضورة لحلول القضاء العسكري محل القضاء العادي، حيث أنه ال مجال للحديث عن أن الرشطة العسكرية أو أفراد القوات املسلحة هم الذين يقومون

بأعامل الضبط ـ املنوطة أصالً بهيئة الرشطة املدنية ـ ومن ثم ينعقد االختصاص فيام يقوم به أفراد القوات املسلحة من أعامل الضبط إىل القضاء العسكري، فهذه الحجة باطلة لتجاوزها مقتضيات الظرف االستثنايئ، كام أنها تتعارض مع التنظيم القانوين الحايل

الختصاصات القضاء العسكري.

فضالً عن أنه ولنئ كان الحلول جائزاً يف األعامل اإلدارية إال أنه غري جائز يف األعامل القضائية، كام قىض حكم املحكمة اإلدارية العليا يف الطعن رقم 7211 لسنة 34ق ـ جلسة 12 /5 /0002.

http://dostour.eg/2013/topics/rule-of-law/Legislative-19a-4/ 8 أنظر

Page 15: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 15

القسم الثاني : الطبيعة القانونية للقاضي و القضاء العسكري

وبعد أن ناقشنا واقع إحالة املدنيني إىل القضاء العسكري ومخالفته الواضحة للدستور، بقي أن نوضح وبجالء أنه وبالرغم من الترشيعات املتتالية التي أراد فيها العسكر ىف مرص تحويل القضاء العسكري و إصباغ الصفة الطبيعية عليه بدال من االستثنائية ىف

محاكمته للمدنيني، إال أن القضاء العسكري يفتقر إىل الكثري من الضامنات األساسية للمحاكمة العادلة واملنصفة، حيث يخضع لسلطة وزير الدفاع، وجميع القضاة وأفراد النيابة عسكريون يحملون مختلف الرتب ويخضعون لكافة لوائح الضبط والربط املبينة يف قوانني الخدمة العسكرية، ويقوم وزير الدفاع بناء عىل توصيات رئيس هيئة القضاء العسكري بتعيني القضاة، وهم غري قادرين عىل محاكمة

األعىل منهم رتبة، وال تعترب أحكامهم نافذة قبل التصديق عليها من ضابط ليس عضواً يف املحكمة من صالحياته إلغاء الحكم أو إيقاف تنفيذه أو تخفيفه أو حتى إعادة املحاكمة، وكل ذلك مام ينتزع منهم أي استقالل أو قدرة عىل الحياد حتى وإن أرادوا إظهار غري

ذلك.

ناهيك عن عدم تقيد املحاكم العسكرية بسالمة االجراءات سواء من حيث عدم إبالغ املتهمني بالتهم املوجهة لهم أو احتجازهم لفرتات طويلة دون إبالغ ذويهم بأماكن االحتجاز التي قد تكون سجون عسكرية غري مراقبة مام يصعب من القدرة عىل أثبات أو

التحقيق يف أي انتهاكات أو تعذيب قد يتعرض له املحتجزين ، أو من حيث انعقادها يف ثكنات عسكرية مام يصعب من قدرة املحامني و ذوي املتهمني من الوصول إليها ودخولها مام يضيف إىل معاناتهم نتيجة لتلك املحاكامت الجائرة.

الطبيعة القانونية للقضاء العسكري ىف مرص:تنص املادة األوىل من قانون األحكام العسكرية رقم 52لسنه 6691 القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، تتكون من محاكم ونيابات

عسكرية وفروع قضاء أخرى طبقا لقوانني وأنظمة القوات املسلحة.

ويختص القضاء العسكري دون غريه بنظر الجرائم الداخلة ىف اختصاصه وفق أحكام هذا القانون وغريها من الجرائم التي يختص بها وفقاً ألي قانون آخر .

وتقوم عىل شأن القضاء العسكري هيئة تتبع وزارة الدفاع .9

كام تنص املادة الثانية عىل:- يتكون القضاء العسكري من رئيس وعدد كاف من األعضاء يتوافر فيهم فضال عن الرشوط الواردة بقانون رشوط الخدمة والرتقية لضباط القوات املسلحة الصادر بالقانون 232 لسنة 9591 ، الرشوط الواردة ىف املادة 83 من قانون

السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 64 لسنة 2791 10.

ويكون شأن شاغيل وظائف القضاء العسكري شأن أقرانهم ىف القضاء والنيابة العامة عىل النحو املبني بالجدول املرفق ىف مجال تطبيق هذا القانون ..

ومن مطالعة النصني تتبني خصائص القضاء العسكري وهى:-

1- القضاء العسكري يقوم عىل شأن )هيئة( وهذا مصطلح إداري وظيفي.

9 مادة )1( ) مستبدلة بالقانون 16 لسنة 2007 (

10 مــادة )2() مســتبدلة بالقانــون رقــم 7 لســنة 1968 ثــم اســتبدلت عبــارة وزيــر الحربيــة بوزيــر الدفــاع مبوجــب القانــون 46 لســنة 1979 ثــم

اســتبدلت بالقانــون 16 لســنة 2007 (

Page 16: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 16

2- إنها إحدى إدارات القيادة العليا مثل إدارة املركبات وإدارة املهامت...... إلخ.

3- يرأسها رئيس)يعنى موظف إداري(.

4- يتبع وزير الدفاع )وهو أحد أعضاء السلطة التنفيذية(.

إًذا.... رئيس املحكمة العسكرية العليا هو موظف يف إدارة املحاكم- التي تتبع هيئة ويرتأسها رئيس والتي تتبع وزير الدفاع- الذي يتبع رئيس مجلس الوزراء- الذي يتبع رئيس الجمهورية بصفته رئيس السلطة التنفيذية و بالتايل انتفت صفة االستقاللية عن تلك املحاكم .

إًذا.... رئيس املحكمة العسكرية العليا موظف يف السلطة التنفيذية يأيت بعد كل من: 1- رئيس السلطة التنفيذية. -2- رئيس الوزراء -3- وزير الدفاع -4- رئيس محاكم القضاء العسكري.

وهؤالء جميًعا عسكريون )يعيّنهم رئيس الجمهورية ويعفيهم من مناصبهم عمالً بأحكام الدستور املادة 351 من الدستور التي تنص عىل أن:

“يعني رئيس الجمهورية املوظفني املدنيني، والعسكريني، واملمثلني السياسيني، ويعفيهم من مناصبهم، ويعتمد املمثلني السياسيني للدول والهيئات األجنبية، وفقاً للقانون”11.

هذا باإلضافة إىل ما نص عليه الدستور أيًضا باملادة 861 “يتوىل الوزير وضع سياسة وزارته بالتنسيق مع الجهات املعنية، ومتابعة تنفيذها، والتوجيه والرقابة، وذلك ىف إطار السياسة العامة للدولة. وتشمل مناصب اإلدارة العليا لكل وزارة وكيالً دامئا، مبا يكفل تحقيق

االستقرار املؤسيس ورفع مستوى الكفاءة ىف تنفيذ سياستها”12.

إًذا القايض العسكري هو ينفذ سياسة وزارة يف حدود السياسة العامة للدولة، وليس من اختصاصه إقامة العدالة بني الناس، ويرتتب عىل ذلك بداهة انتفاء استقالل القايض العسكري.

املركز القانوين للقايض العسكري:إذا كان القايض العسكري ليس مستقالً كام بينا فإنه أيًضا ال يتمتع بأي حصانة عىل اإلطالق سواء يف )التعيني أو الندب أو اإلعادة أو

العزل واملساءلة(وذلك عىل النحو التايل:- من خالل أحكام القانون 52لسنه 6691.

1- يصدر بتعيني القضاة العسكريني قرار من نائب القائد األعىل للقوات املسلحة )وزير الدفاع( بناء عىل اقرتاح مدير القضاء العسكري )بدون اشرتاط أي مواصفات خاصة( حيث تنص املادة من القانون عىل أن “يصدر بتعيني القضاة العسكريني قرار من وزير الدفاع بناء

عىل اقرتاح مدير القضاء العسكري” 13.

2- يخضع القضاة العسكريون لكافة األنظمة املنصوص عليها يف قوانني الخدمة العسكرية، حيث تنص املادة 75 من القانون عىل أن “يخضع القضاة العسكريون لكافة األنظمة املنصوص عليها يف قوانني الخدمة العسكرية” 14.

وبالتايل فإنه يظهر من ذلك جيدا أن القضاة العسكريون ليسوا مستقلني ال ىف التعيني وال يف استقالليتهم وخضوعهم للقانون و الدستور و ليس لقوانني الخدمة العسكرية .

ملا كان ذلك وكان الدستور ينص يف املادة 49 منه عىل أنه :

“سيادة القانون أساس الحكم يف الدولة.

http://dostour.eg/2013/topics/regime/Chief-of-state-141-5/ 11 انظر

http://dostour.eg/2013/topics/regime/Justice-system-175-4/ 12 أنظر

http://old.qadaya.net/node/1969 13 أنظر

14 أنظر املصدر السابق

Page 17: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 17

وتخضع الدولة للقانون، واستقالل القضاء، وحصانته، وحيدته، ضامنات أساسية لحامية الحقوق والحريات”15.

إن استقالل القضاء وحصانته ليست مزية للقضاء بقدر ما هي ضامنة لحقوق املواطن وحرياته، وكأن القضاء العسكري مجرد هيئة إدارية لها اختصاص قضايئ ال يتمتع أعضاؤها بأي قدر من الحصانة وال االستقالل، ويتبعون تبعية بعيدة املدى ألكرث من ست سلطات

تنفيذية تابعة للسلطة التنفيذية.

فإنه تضحى الحقوق والحريات بال أدىن قدر من الحامية والرعاية وىف ذلك مصادمة رصيحة ومخالفة مفضوحة ألحكام الدستور.

http://dostour.eg/2013/topics/rule-of-law/Legislative-19-4/ 15 أنظر

Page 18: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 18

القسم الثالث : انتهاكات المحاكم العسكرية لمعايير حقوق اإلنسان

تعترب إحالة املدنيني إىل املحاكم العسكرية من أبرز انتهاكات الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة، وهو أمر يتناقض مع املواثيق الدولية املعنية بحقوق اإلنسان حيث نصت املادة 41من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية عىل أنه:

1. الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد لدى الفصل يف أية تهمة جزائية توجه إليه أو يف حقوقه والتزاماته يف أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون. ويجوز منع

الصحافة والجمهور من حضور املحاكمة كلها أو بعضها لدواعي اآلداب العامة أو النظام العام أو األمن القومي يف مجتمع دميقراطي، أو ملقتضيات حرمة الحياة الخاصة ألطراف الدعوى، أو يف أدىن الحدود التي تراها املحكمة رضورية حني يكون من شأن العلنية يف

بعض الظروف االستثنائية أن تخل مبصلحة العدالة، إال أن أي حكم يف قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إال إذا كان األمر يتصل بأحداث تقتيض مصلحتهم خالف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خالفات بني زوجني أو تتعلق بالوصاية عىل أطفال.

2. من حق كل متهم بارتكاب جرمية أن يعترب بريئا إىل أن يثبت عليه الجرم قانونا.

3. لكل متهم بجرمية أن يتمتع أثناء النظر يف قضيته، وعىل قدم املساواة التامة، بالضامنات الدنيا التالية:

)أ( أن يتم إعالمه رسيعا وبالتفصيل، وىف لغة يفهمها، بطبيعة التهمة املوجهة إليه وأسبابها.

)ب( أن يعطى من الوقت ومن التسهيالت ما يكفيه إلعداد دفاعه ولالتصال مبحام يختاره بنفسه.

)ج( أن يحاكم دون تأخري ال مربر له.

)د( أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه يف وجود من يدافع عنه إذا مل يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده املحكمة حكام، كلام كانت مصلحة العدالة تقتيض ذلك، مبحام يدافع عنه، دون

تحميله أجرا عىل ذلك إذا كان ال ميلك الوسائل الكافية لدفع هذا األجر.

)هـ( أن يناقش شهود االتهام، بنفسه أو من قبل غريه، وأن يحصل عىل املوافقة عىل استدعاء شهود النفي بذات الرشوط املطبقة يف حالة شهود االتهام.

)د( أن يزود مجانا برتجامن إذا كان ال يفهم أو ال يتكلم اللغة املستخدمة يف املحكمة.

)ز( أال يكره عىل الشهادة ضد نفسه أو عىل االعرتاف بذنب.

4. يف حالة األحداث، يراعى جعل اإلجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لرضورة العمل عىل إعادة تأهيلهم.

5. لكل شخص أدين بجرمية حق اللجوء، وفقا للقانون، إىل محكمة أعىل يك تعيد النظر يف قرار إدانته وىف العقاب الذي حكم به عليه.

6. حني يكون قد صدر عىل شخص ما حكم نهايئ يدينه بجرمية، ثم أُبطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه عىل أساس واقعة جديدة أو واقعة حديثة االكتشاف تحمل الدليل القاطع عىل وقوع خطأ قضايئ، يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك

اإلدانة، وفقا للقانون، ما مل يثبت أنه يتحمل، كليا أو جزئيا، املسئولية عن عدم إفشاء الواقعة املجهولة يف الوقت املناسب.

7. ال يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب عىل جرمية سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهايئ وفقا للقانون ولإلجراءات الجنائية يف كل بلد.

Page 19: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 19

والتي تؤكد عىل حق كل فرد يف محاكمة منصفة ومستقلة ومحايدة وقامئة استناداً إىل القانون، وكذا مع اإلعالن الدستوري الصادر عن املجلس األعىل للقوات املسلحة الذي أكد يف مادته 12 عىل حق جميع املواطنني يف املثول أمام قاضيهم الطبيعي.”16

ونصت املادة 01 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان لتؤكد عىل حق جميع املواطنني يف املحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة، حيث نصت عىل أن “ لكل إنسان عىل قدم املساواة التامة مع اآلخرين، الحق يف أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظراً

منصفاً وعلنياً، للفصل يف حقوقه والتزاماته ويف أية تهمة جزائية توجه إليه” 17.

كام جاء املبدأ الخامس من مبادئ األمم املتحدة األساسية بشأن استقالل السلطة القضائية ليؤكد عىل حق كل فرد يف املحاكمة أمام املحاكم العادية، وعدم جواز إنشاء هيئات قضائية تنتزع والية املحاكم العادية حيث نص عىل “ لكل فرد الحق يف أن يحاكم أمام املحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق اإلجراءات القانونية املقررة، وال يجوز إنشاء هيئات قضائية ...ال تطبق اإلجراءات

القانونية املقررة حسب األصول والخاصة بالتدابري القضائية، لتنتزع الوالية القضائية التي تتمتع بها املحاكم العادية أو الهيئات القضائية”18

ومن املعروف أن األنظمة العسكرية املتعاقبة ىف مرص قد دأبت عىل استخدام سالح املحاكم العسكرية يف وجه خصومه ومعارضيه ، ولكن بعد سقوط نظام مبارك كان من املتوقع أن تسقط أدواته كاملة، لكن عىل العكس استمرت إحالة املدنيني إىل املحاكم العسكرية

بعد ثورة 52 من يناير، تلك الثورة السلمية التي انطلقت من الرغبة يف إطالق الحريات العامة للمواطنني والعمل عىل تطبيق كافة املعايري والضامنات الدولية املعنية بحقوق اإلنسان ومنها الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة وصوال ملجتمع دميقراطي.

أوالً : املحاكم العسكرية وانتهاك ضامنات املحاكمة املنصفة واستقالل القضاء يحدد القانون رقم 52 لسنة 6691 اختصاصات وصالحيات وتشكيل املحاكم العسكرية. ويعترب هذا القانون إخالالً مببدأ تجانس القضاء

ووحدته، وهو يسلب من املحاكم العادية اختصاصاتها، ويسلب من الشخص ضامناته املكفولة أمام قاضيه الطبيعي، حيث يقىض القانون مبد اختصاص املحاكم العسكرية عىل املواطنني املدنيني العاملني بالقوات املسلحة وعىل جرائم أمن الدولة املنصوص عليها يف

الباب األول والثاين من قانون العقوبات.

وقد شهد شهر إبريل لعام 7002 موافقة مجلس الشعب عىل تعديل بعض أحكام قانون األحكام العسكرية، وجاء هذا التعديل شكليًا، حيث ما زال هناك قصور شديد يف بنيته الترشيعية، يتمثل يف استمرار محاكمة املدنيني أمام املحاكم العسكرية التي تفتقد للمعايري األساسية للمحاكمة العادلة واملنصفة املكفولة مبقتىض الدستور املرصي واملواثيق الدولية املعنية بحقوق اإلنسان، واستمرار املادة 84 والتي مبوجبها نجد أن السلطات القضائية العسكرية وحدها هي التي تقرر ما إذا كان الجرم داخالً يف اختصاصها أو ال دون أن متلك

أية جهة قضائية أخرى منازعتها يف ذلك، فإذا ما انتهت تلك السلطات إىل اختصاصها بجرمية معينة وجب عىل القضاء العادي أن يتخىل عىل الفور عن نظرها.

وبشكل عام؛ فإن هذا القانون قد تعارض مع مرشوع اإلعالن العاملي الستقالل القضاء الذي يقرص والية املحاكم العسكرية عىل العسكريني فقط، كام أن هذا القانون يخل مببدأ استقالل القضاء ويسلب حق املواطنني يف املثول أمام قاضيهم الطبيعي، حيث يقيض

هذا القانون مبد اختصاص املحاكم العسكرية عىل املواطنني املدنيني العاملني بالقوات املسلحة وعىل جرائم أمن الدولة املنصوص عليها يف الباب األول والثاين من قانون العقوبات. وتخول املادة السادسة من القانون لرئيس الجمهورية يف ظل حالة الطوارئ إحالة أياً من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، وتنزع أحكام هذا القانون املدنيني من قضاتهم الطبيعيني ملحاكمتهم عن جرائم ال متس النظام العسكري سواء يف الظروف العادية أو االستثنائية أمام جهة قضائية ذات طبيعة استثنائية، كام أن العديد

من ضامنات التخصص واالستقالل والحيدة املفرتضة يف القضاء الطبيعي و املكفولة مبوجب أحكام املادة الرابعة عرش من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية تتقلص يف ظل القضاء العسكري، حيث ال يشرتط يف املحاكم العسكرية التي يقترص تشكيلها عىل ضباط القوات املسلحة رغم عدم حصولهم عىل التأهيل القانوين املناسب، كذلك فإن استقالل املحاكم العسكرية مشوب بالعديد من

http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b003.html 16 أنظر

http://www.un.org/ar/documents/udhr/ 17 أنظر

http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b050.html 18 أنظر

Page 20: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 20

أوجه النقض بالنظر إىل أنها جزء من اإلدارة العامة للقضاء العسكري أحدى إدارات القيادة العليا للقوات املسلحة، باإلضافة إىل أن قضاتها يعينون ملدة سنتني قابلة للتجديد بقرار من وزير الدفاع وهو ما يتعارض مع مبدأ قابلية القضاة للعزل.

كام خرج قانون األحكام العسكرية عىل املبادئ العامة املنصوص عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية، فهو مل يحدد أقىص مدة للحبس االحتياطي، كام مل يأخذ مبا ينص عليه قانون اإلجراءات الجنائية بالنسبة للمحاكامت الغيابية من بطالن ما تم من إجراءات املحاكمة،

أو الحكم إذا سلم املتهم نفسه أو ألقي القبض عليه قبل انتهاء املحاكمة مبا يستتبع ذلك من إعادة محاكمته حضوريا.

وهنا فأن إحالة املدنيني إىل املحاكم العسكرية يعد إخالالً بضامنات املحاكمة العادلة واملنصفة التي أكدتها املواثيق الدولية املعنية بحقوق اإلنسان، ونطرح يف ذلك بعض املالحظات عىل قانون األحكام العسكرية وذلك عىل النحو التايل:

املالحظة األويل: املحاكم العسكرية انتهاك مستمر الستقالل القضاء والحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة أصبحت اإلحالة للمحاكم العسكرية شبه قانونية خاصة بعد الفصل يف مدى قانونية قرار رئيس الجمهورية رقم 2991/573 بإحالة

املتهمني يف القضيتني 693، 2991/193 أمن دولة عليا)العائدون من أفغانستان، تنظيم الجهاد( للمحاكمة أمام القضاء العسكري من قبل القضاء اإلداري، حيث أقام محامو املتهمني دعوى أمام القضاء اإلداري ضد رئيس الجمهورية للمطالبة بوقف قرار اإلحالة، ويف

جلسة 2991/2/8 أصدرت محكمة القضاء اإلداري حكمها بوقف هذا القرار وما يرتتب عليه من أثار، فقامت هيئة قضايا الدولة ممثلة للحكومة برفع دعوى رقم 515 لسنة 63 قضائية للمطالبة بإلغاء حكم محكمة القضاء اإلداري ورفض طلب وقف تنفيذ قرار رئيس

الجمهورية.

ويف ذات الوقت تقدمت الحكومة بطلب للمحكمة الدستورية العليا من أجل تفسري نص املادة 6 من قانون األحكام العسكرية التي تنص عىل ) ترسي أحكام هذا القانون عىل الجرائم املنصوص عليها يف البابني األول والثاين من الكتاب الثاين من قانون العقوبات وما

يرتبط بها من جرائم والتي تحال إىل القضاء العسكري بقرار من رئيس الجمهورية، ولرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يحيل إىل القضاء العسكري أي من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر(.

حيث أن أساس الخالف بني الحكمني ) محكمة القضاء اإلداري واملحكمة اإلدارية العليا( هو حول تفسري عبارة أي من الجرائم، حيث ذهبت محكمة القضاء اإلداري إىل أن املقصود بكلمة الجرائم وهي التي حددها املرشع بنوعها تحديدا مجردا أو كانت معينه بذاتها

بعد ارتكابها هذا، يف حني ذهبت املحكمة اإلدارية العليا إىل أن كلمة جرائم يتسع مدلولها ليشمل كل جرمية معاقب عليها قانونا سواء كانت بنوعها تحديدا مجردا أو كانت معينه بذاتها بعد ارتكابها. وانتهت املحكمة الدستورية العليا يف ردها عىل طلب التفسري إىل أن

عبارة أي من الجرائم الواردة بنص املادة 6 من قانون األحكام العسكرية تشمل الجرائم املحددة بذاتها، والجرائم املحددة بنوعها.

املالحظة الثانية: تعيني قضاة املحاكم العسكرية يتعارض مع استقالل السلطة القضائيةيقترص تشكيل املحاكم العسكرية عىل ضباط القوات املسلحة التابعة إلدارة القضاء العسكري، وهي أحدى إدارات القوات املسلحة التي تخضع بدورها لوزير الدفاع، ويعني قضاة املحاكم العسكرية بقرار من وزير الدفاع ملدة عامني قابلة للتجديد بقرار من وزير

الدفاع دون سواه، وذلك وفقا لنص املادة 95 من قانون األحكام العسكرية، وهو ما يتعارض مع مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل واستقاللهم وعدم التأثري عليهم يف أحكامهم، وتخضع األحكام الصادرة من املحاكم العسكرية لسلطة رئيس الجمهورية أو من يفوضه يف ذلك من ضباط القوات املسلحة للتصديق عىل األحكام، وللضابط املصدق أن يصدق عىل الحكم وهو ما يعني تأييد الحكم وله أن

يخفف العقوبة الواردة به أو أن يحفظ القضية، كام له أن يرفض الحكم الصادر ويأمر بإعادة إجراءات املحاكمة مرة أخرى وهو ما يتعارض مع مبدأ حجية األمر املقيض به.

ومن الجدير بالذكر هنا أن ما سبق ذكره يتعارض مع املبادئ 1، 2، 3، 4 من املبادئ األساسية املتعلقة باستقالل السلطة القضائية19، والتي تؤكد عىل أنه ال يجب أن يخضع القضاة كهيئة وكأفراد ألي تدخل سواء من جانب الدولة أو من األشخاص العاديني، ويجب أن

تضمن الدولة هذا االستقالل املكفول بأن تنص عليه قوانينها بل وتحرتمه جميع املؤسسات الحكومية، وينبغي أن تضمن الدولة وجود

http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b050.html 19 للتفاصيل أنظر

Page 21: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 21

ضامنات هيكلية ووظيفية ضد أي تدخل سيايس أو غري سيايس يف تطبيق العدالة.

املالحظة الثالثة: القضاء العسكري يخرج عىل املبادئ العامة املنصوص عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية .يخرج قانون األحكام العسكرية عىل املبادئ العامة املنصوص عليها يف قانون اإلجراءات الجنائية بالنسبة للمحاكامت الغيابية من

بطالن ما تم من إجراءات املحاكمة أو الحكم إذا سلم املتهم نفسه أو ألقي القبض عليه قبل انتهاء املحاكمة مبا يستتبعه ذلك من إعادة محاكمته أو إعادة اإلجراءات بعد صدور الحكم، وهو ما تختلف عنه قواعد قانون األحكام العسكرية والتي ال تنص عىل بطالن اإلجراءات يف حالة املحاكامت الغيابية بل تلزم املقبوض عليه من املحكوم عليه غيابيا بتقديم التامس إعادة نظر وللمحكمة العسكرية

أن تقبله أو ترفضه.

يضاف إىل ذلك خروج قانون األحكام العسكرية عن قانون اإلجراءات الجنائية يف عدم تحديده أقىص مدة للحبس االحتياطي، بينام يحدد قانون اإلجراءات الجنائية مدة أقىص للحبس االحتياطي. كام إن إحالة متهمني مدنيني للمحاكم العسكرية يشكل حجبا للقضاء

العادي يف بسط واليته عىل الوقائع التي يرتكبها املواطنون املدنيون ومتثل افتئاتا عىل حق املتهم يف املثول أمام قاضيه الطبيعي، واعتداءاً عىل حق املجتمع يف الحفاظ عىل استقاللية القضاء ونهوضه باملهام املنوط به أدائها.

املالحظة الرابعة: عدم صالحية الضباط العسكريني كقضاة بخصوص محاكمة املدنينيأقر الدستور املرصي حق كل مواطن يف اللجوء لقاضيه الطبيعي، كام أكد عىل استقالل القضاة وغري قابليتهم للعزل وال سلطان عليهم يف قضائهم، وال يجوز ألي سلطة التدخل يف القضايا أو يف شئون العدالة، وأكدت املادة 76 من قانون السلطة القضائية عىل أن القضاة

غري قابلني للعزل وضامنة عدم القابلية للنقل20، كام اشرتط قانون السلطة القضائية يف مادته رقم 83 فيمن يتوىل القضاء أن يكون حاصالً عىل إجازة الحقوق21.

وننتهي مام سبق إىل أن هناك مجموعة من الخصائص يجب توافرها يف القايض ليك يكون قاضيا طبيعياً، هي الحيدة واالستقالل والحصانة والتأهيل. ويف املقابل نجد أن القايض العسكري يفتقد لكل هذه الضامنات، حيث أنه ال يشرتط فيه أن يكون مجازاً يف

الحقوق حيث مل يتطلب قانون األحكام العسكرية التأهيل القانوين الالزم إال بالنسبة ملدير اإلدارة العامة للقضاء العسكري ) مادة 2 من القانون( دون باقي القضاة أو أعضاء القضاء العسكري.

فضالً عن أن القايض العسكري يخضع لكافة األنظمة املنصوص عليها يف قانون الخدمة العسكرية وذلك مبقتيض نص املادة 75 من قانون األحكام العسكرية، كام أن القايض العسكري قابل للعزل كل عامني يف حالة عدم التجديد له أو بقرار من وزير الدفاع وذلك

وفقا لنص املادة 95 من قانون األحكام العسكرية.

20 مادة 67-رجال القضاء والنيابة العامة – عدا معاوين النيابة – غري قابلني للعزل وال يقل مستشارو محكمة النقض إىل محاكم االستئناف أو النيابة العامة إال برضائهم

21 مادة 38- يشرتط فيام يوىل القضاة:

-1أن يكون متمتعا بجنسية جمهورية مرص العربية وكامل األهلية املدنية:

-2أال يقل سنة عن ثالثني سنة إذا كان التعيني باملحاكم االبتدائية وعن مثان وثالثني سنة إذا كان التعيني مبحاكم االستئناف وعن أربعني سنة إذا كان التعيني

مبحكمة النقض

-3أن يكون حاصال عىل أجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق بجامعات جمهورية مرص العربية أو عىل شهادة أجنبية معادلة لها وأن ينجح يف الحالة

األخرية يف امتحان املعادلة طبقا للقوانني واللوائح الخاصة بذالك

-4إال يكون قد حكم عليه من املحاكم أو املجالس التأديب ألمر محل بالرشف ولو كان قد رد إليه اعتباره

-5أن يكون محمود السرية حسن السمعة

Page 22: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 22

املالحظة الخامسة: القضاء العسكري يخل بالحق يف الدفاع يف حاالت عدةأن حق املتهم يف أن يتاح له الوقت الكايف إلعداد دفاعه قد أهدر يف العديد من القضايا عىل نطاق واسع يف ظل الرسعة الهائلة التي

كان يجري بها نظر القضايا املختلفة من قبل املحاكم العسكرية، وخالل نظر القضايا أمام املحاكم العسكرية تكررت شكاوى املحامني و أعضاء هيئة الدفاع من عدم قدرتهم عىل مجاراة املحكمة يف رسعتها يف الفصل يف الدعاوى وتعرضهم لإلرهاق الشديد بالنظر الستمرار الجلسات ملدد قصرية والفصل فيها من أول جلسة أحياناً ويف أحيان أخرى تم رصد حاالت صدر بشأنهم حكم بالسجن خالل 27 ساعة

من وقت إلقاء القبض عليه .

هذا الترسع يخل بالضامنات التي يتطلبها إعداد الدفاع القانوين وعرضه بصورة كاملة مبا يسمح بتنفيذ كافة االدعاءات وتقديم الدفوع املختلفة، كام يشكل ذلك إخالالً أيضاً بأحكام املادة الرابعة عرش من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية يف إحدى فقراتها التي

تقر بحق كل متهم يف أن مينح من الوقت التسهيالت وما يكفيه إلعداد دفاعه واالتصال مبحام يختاره بنفسه.

كام أن عدد ليس بقليل من املحامني مل ميكن من الحصول عىل نسخ كاملة من ملفات القضايا ومل يتسنى له الوقت الكايف إلعداد دفوعه، ووجد أن قانون األحكام العسكرية ينص يف مادته رقم 13 عىل أن ) تعترب إجراءات التحقيق والنتائج التي تسفر عنها من

األرسار ويجب عىل أعضاء النيابة وأعضاء الضبط القضايئ ومساعديهم من الخرباء وغريهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحرضونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها وأال وقعوا تحت طائلة العقوبات املقررة يف القانون( وهو ما يعترب إخالالً بحق لدفاع يف اإلطالع.

املالحظة السادسة: عدم فاعلية القضاء العسكري يف القضاء نهائيا عىل أعامل البلطجة والعنف اإلجرامي أو حوادث التعرض للمنشآت العامة .

يدعي البعض أن القضاء العسكري له فاعلية كربى يف مواجهة الجرائم والحد منها مستندين يف ذلك إىل أن أحكامه رادعة ورسيعة، لكن هذا مردود عليه بأن املحاكم العسكرية أصدرت مئات بل آالف األحكام بشأن العديد من القضايا وكانت األحكام مشددة يف

حاالت عدة، وعىل سبيل املثال جاء الحكم يف القضية رقم 079، 179 لسنة 1102 جنح عسكرية اإلسكندرية بحق عدد من املواطنني املتهمني بالبناء بدون ترخيص بالسجن املشدد ملدة خمس سنوات، إالّ أن ظاهرة البناء بدون ترخيص مل تتوقف، كام صدرت أحكام

بالسجن املشدد لعرش سنوات وأخرى باإلعدام لعدد من املتهمني بالبلطجة ومثريي الشغب، وبالرغم من ذلك مل تتوقف أعامل البلطجة وفرض اإلتاوات وإثارة فزع املواطنني وبث الرعب يف نفوسهم، وهو ما يدل عىل رضورة أن تحال كافة القضايا للقضاء العادي

بدالً من إحالتها للقضاء العسكري ألنه صاحب الوالية األصيلة.

ويدفع البعض بأن القضاء العسكري هو أحد أبرز صور العدالة الناجزة وهو أمر مردود عليه بأن رسعة الفصل يف القضايا ليست املعيار الوحيد عىل عدالة املحكمة وصحته، بل أن رسعة الفصل يف القضايا قد متثل يف أغلب األحيان إخالالً بحق الدفاع وإضاعة

فرصته يف إثبات براءة املتهمني، وهناك ادعاءات من قبل العديد من املحكوم عليهم من قبل القضاء العسكري وأرسهم بأن االتهامات املوجهة لهم ملفقة بواسطة رجال رشطة إما لخالفات سابقة، أو إلثبات قيام رجال الرشطة بأعاملهم، وصل األمر يف بعض األحيان إىل

ادعاء البعض بأنهم قد تم تلفيق القضايا لهم تنكيال لهم، ويدعي أغلب هؤالء بأنهم مل ميكنوا من إثبات براءتهم نظرا لرسعة الفصل يف القضايا وعدم استطاعتهم إثبات ما يدعونه أو إحضار شهود إثبات، أو عدم األخذ باألدلة املقدمة منهم مثل القضية رقم 3011 لسنه

1102ج ع القاهرة حيث رفضت املحكمة العسكرية األخذ بشهادة شاهد النفي يف القضية؛ ألنه غري مقيم بذات العقار بالرغم من إقامته بالعقار املجاور وحضوره للحادثة منذ بدايتها، ما سبق يتضح أن املحاكامت العسكرية مل تقيض نهائياً عىل الجرائم التي تحاكم

مرتكبيها أو متثل صورة من صور العدالة الناجزة وينبغي إحالة كافة املدنيني أمام قاضيهم الطبيعي.

وميكن القول أنه ويف ضوء اإلطار القانوين الوطني املنظم للقضاء العسكري فإن هناك العديد من املعوقات التي تعيق اعتباره قضاءاً طبيعياً مستقالً، وبالتايل فإنه ميكن القول بأن إحالة املدنيني هي وبحق أحد أكرث صور انتهاك ضامنات الحق يف املحاكمة العادلة

واملنصفة .

Page 23: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 23

وبصفة عامة ميكن القول أن محاكمة املدنيني أمام املحاكم العسكرية تفتقر لضامنات الحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة املنصوص عليها يف املواثيق الدولية املعنية بحقوق اإلنسان ، وعليه فإن الحاالت سالفة الذكر فقد انتهكت حقوقها يف عدم التعرض للقبض أو

االعتقال التعسفي وإبالغ األرسة بنبأ القبض عليه وخالفه، وميكن بيان ما سبق ذلك عىل هذا النحو :

أوالً: الحق يف عدم التعرض للقبض عليه أو االعتقال التعسفي ينص العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية عىل عدم جواز القبض عىل أحد أو اعتقاله تعسفاً، وعىل رفض حرمان أحد من

حريته إال ألسباب ينص عليها القانون وطبقاً لإلجراء املقرر فيه. وقد ذكرت اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان أن مصطلح “ التعسف “ ال يعني فقط أن اإلجراء “مخالف للقانون”، بل يجب تفسريه تفسرياً أوسع ليتضمن بعض العنارص األخرى، مثل عدم اللياقة والظلم

وعنرص املفاجأة.

ثانياً : الحق يف إبالغ أرسة املتهم بنبأ القبض عليه من حق كل شخص إبالغ أرسته بنبأ القبض عليه حيث تنص القاعدة 29 من )القواعد النموذجية الدنيا ملعاملة السجناء( عىل

أنه يجب السامح للمتهم بأن يقوم فوراً بإبالغ أرسته بنبأ احتجازه، وأن يُعطَى كل التسهيالت املعقولة لالتصال بأرسته وأصدقائه واستقبالهم.

ثالثاً: الحق يف إعادة النظر يف االحتجازمن حق كل شخص أن مَيْثُل عىل وجه الرسعة أمام القضاة بعد القبض عليه أو احتجازه؛ بهدف إعادة النظر قضائياً يف أمر احتجازه، وهو ما يعرف يف بعض البلدان باسم “حق الحضور”، وهو حق منصوص عليه رصاحة يف املواثيق الدولية املختلفة والهدف من ذلك

البت فيام إذا كانت هناك أسباب قانونية تربر القبض عىل املتهم، وإذا ما كان احتجازه قبل املحاكمة رضورياً كام يرمي كذلك إىل ضامن سالمة املتهم وعدم تعرُّضه النتهاكات حقوق اإلنسان.

رابعاً : الحق يف افرتاض الرباءةتنص املادة 11 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان عىل أن “ كل شخص متهم بجرمية يُعترب بريئاً إىل أن يثبت ارتكابه لها قانوناً يف

محاكمة علنية تكون قد ُوفِّرت له فيها جميع الضامنات الالزمة للدفاع عن نفسه”، وهذا الحق منصوص عليه يف املادة 41 من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية مام يؤكد رضورة أن افرتاض الرباءة سارياً منذ لحظة إلقاء القبض عىل الشخص؛ حتى يتم

تأكيد اإلدانة يف مرحلة االستئناف النهائية.

خامساً: الحق يف رسعة إجراء العدالة تنص املادة 9 من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية عىل أن: “ كل مقبوض عليه أو ُمحتجز بتهمة جنائية يجب أن

يُحال رسيعاً إىل أحد القضاة أو أحد املوظفني املُخوَّلني قانوناً ُمبارَشَة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يُحاكم خالل مدة معقولة أو أن يفرج عنه”.

سادساً: الحق يف عالنية املحاكمة يعنى حضور ممثلني عن منظامت حقوق اإلنسان لجلساتها من أجل التأكد من نزاهتها، فتكفل املادة 41 من العهد الدويل الخاص

بالحقوق املدنية والسياسية الحق يف املحاكمة العلنية، باعتبار ذلك عنرصاً أساسياً من عنارص املحاكمة العادلة وال يجوز منع الجمهور وأجهزة اإلعالم من حضور جانب من املحاكمة، أو من حضورها كلها، إال عىل ظروف استثنائية كأْن يكون اإلعالن عن بعض املعلومات

الخاصة بالقضية مصدر خطر حقيقي عىل أمن الدولة.

Page 24: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 24

سابعاً: إتاحة ما يكفي من الوقت والتسهيالت للدفاع من حق كل متهم بارتكاب جرمية ما أن يتاح له من الوقت ومن التسهيالت ما يكفي إلعداد دفاعه بنفسه ولالتصال مبحاٍم يختاره

بنفسه وكفالة حقه يف دفاعا قانونيا مناسبا وحقيقيا وليس صوريا، فيلزم أن يتوافر له الدفاع وفرصة لتوضيح براءته بكافة السبل املتاحة ، وذلك تطبيقا لنص املادة 41 من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية.

ثامناً: استقالل السلطة القضائية ليس من املحتمل أن تتسم املحاكمة باألنصاف، بل ولن يرى الناس أنها منصفة إذا كان املسئولون عن إصدار األحكام والعقوبات

يفتقرون إىل االستقالل والحياد، ويقر اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية بأن البعد عن التحيز رشط جوهري، بصفة مطلقة، إلجراء املحاكمة العادلة.

Page 25: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 25

الخاتمة و التوصيات 1. إلغاء كافة القوانني واملحاكم االستثنائية مع توفري ضامنات استقالل السلطة القضائية، والحق يف املحاكمة العادلة واملنصفة.

2. التوقف الفوري عن إحالة املدنيني إىل املحاكم العسكرية وإحالتهم لقاضيهم الطبيعي ، كام ينبغي تعديل قانون األحكام العسكرية رقم 52 لسنة 6691 وتعديالته لتقترص املحاكم العسكرية عىل محاكمة العسكريني املتهمني بارتكاب جرائم عسكرية فقط والجرائم

الواقعة داخل الوحدات والثكنات العسكرية، وكذلك إلغاء املادة 84 من القانون والتى تعطي للقضاء العسكري وحده تحديد اختصاصه.

3. إحالة كافة القضايا املحكوم فيها عسكريا والقضايا التي ال تزال تنظر أمام القضاء العسكري إىل النيابة العامة أو القضاء الطبيعي وإعادة إجراءات املحاكمة فيها وفق قانون العقوبات املرصي ، حتى يتمكن املتهمون من حصولهم عىل حقهم يف كفالة الدفاع القانوين

املناسب التهاماتهم.

ويف هذا اإلطار، وضعت مجموعة العمل يف األمم املتحدة املختصة مبتابعة حاالت االعتقال التعسفي قواعد واضحة بشأن املحاكم العسكرية، حيث اعتربت أنه يف حال استمرار وجود القضاء العسكري فإنه يتعني األخذ باملبادئ التالية:

• أن تكون املحاكم العسكرية غري مؤهلة ملحاكمة املدنيني.

• أن تكون املحاكم العسكرية غري مؤهلة ملحاكمة العسكريني إذا كان املجني عليهم مدنيون.

كام اعتربت اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب يف قرارها الصادر يف نوفمرب 9991 أن “الهدف من املحاكم العسكرية هو تحديد املخالفات ذات الطبيعة العسكرية البحتة املرتكبة من طرف العسكريني. وحتى يف مثل هذه الحاالت، يتعني عىل هذه املحاكم

احرتام رشوط املحاكمة العادلة. ويف مطلق الحاالت ال يجب توليها صالحية محاكمة املدنيني ويف نفس السياق، مينع عىل املحاكم الخاصة النظر يف القضايا التي تدخل ضمن صالحيات املحاكم العادية”. ويأيت هذا االتجاه من جانب اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب ليتسق مع املبادئ التوجيهية بشأن الحق يف املحاكمة العادلة واملساعدة القانونية يف أفريقيا الصادرة عن اللجنة يف تقريرها

الثاين والذي جاء به:

• الهدف الوحيد من وراء املحاكم العسكرية هو تحديد املخالفات ذات الطبيعة العسكرية املرتكبة من قبل العسكريني.

• يجب أال يكون للمحاكم العسكرية يف أية ظروف صالحية محاكمة املدنيني، كام يتعني أال تنظر هذه املحاكم يف الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص املحاكم العادية.

4- اإلفراج الفوري عن املدنيني الصادر بحقهم أحكام من املحاكم العسكرية وإصدار قراًرا من رئيس الجمهورية بإلغاء األحكام الصادرة من املحاكم العسكرية ضد املدنيني وفقا لقواعد التصديق عىل األحكام الواردة ىف قانون القضاء العسكري املادة 89 وحتى 611

وخاصة البند الرابع من املادة 99 من القانون سالف الذكر ، عىل أن يتضمن قرار إلغاء األحكام الصادرة من املحاكم العسكرية بحق املدنيني الفرتة من فرباير1102 وحتى اآلن.

Page 26: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 26

Page 27: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر

اإلئتالف العالمي للحقوق والحريات 27

Page 28: جريمة المحاكمات العسكرية للمدنيين فى مصر