1

دور الحراك االجتماعي في الحصول على المكانة االجتماعية

وعالقة ذلك ببنية ونظام المجتمع

بحث من إعداد

مولود زايد الطبيب. د

عضو هيئة تدريس

جامعة الزاوية

2

:ملخص

واقع تلك هدف هذا البحث إلى دراسة الحراك االجتماعي بوصفه سمة مالزمة للمجتمعات البشرية حيث أن المجتمعات يميزها بالتفاعل المستمر والموّجه عقليًا ما ينتج عنه عالقات اجتماعية تؤسس إلى تكّون نظم اجتماعية وأنساق اجتماعية يطلق عليها علماء األنثروبولوجيا واالجتماع مصطلح البناء االجتماعي ، وما

مع على مكانات اجتماعية مختلفة وبالتالي تتباين ينتج عن ذلك من حراك اجتماعي يتوزع تبعًا له أفراد المجت :األدوار والوظائف االجتماعية بينهم ، وقد تمت دراسة ذلك من خالل

دراسة وتحليل مفهوم الحراك االجتماعي. هل أن المجتمعات في عمومها منفتحة للحراك االجتماعي أم أن هناك مجتمعات ُمغلقة ال تسمح

بذلك ؟ االجتماعي على اكتساب المكانة االجتماعية والدور االجتماعي وبالتالي تأثر مدى تأثير الحراك

.الُنظم والُبنى االجتماعية وتغّيرها

هل يؤثر الحراك االجتماعي في تكوين بنية المجتمع ، : وقد تناول البحث ما تقدم من خالل سؤال مهم وهو الجتماعي ليكون متنفسًا للضغوطات التي يواجهها أم أن البناء االجتماعي هو الذي يفسح المجال للحراك ا

المجتمع؟

وخلص البحث إلى أن لكلتا الحالتين تأثيرهما الذي يخضع أيضًا إلى عوامل موضوعية أخرى ، ترجع إلى .العوامل الديمغرافية والثقافية والتاريخية

3

Abstract

This research aims to study social mobility as an inherent characteristic of human societies , The reality of those societies is characterized by continuous communication that is mentally oriented , This results social relations established to formulate social systems and formats social construction , This also results the variety of social mobility according to the various divisions of individuals in terms of their social position, role and functions.

This study investigates :

1. The study and analysis of concept of social mobility .

2. Do societies are open for the social mobility in general, or isolated?

3. The influence of social mobility on the acquirement of social roles and

positions which leads to the influence and change of the social systems and

structures.

What was discussed through an interesting question is: is it affects social mobility

in the formation of the structure of society, or social construction that allows for

social mobility to be an outlet for the pressure faced by society?

The research found that both cases influence on the social mobility caused by

other subjective factors due to demographic, cultural and historical factors.

4

: مقدمةال

الحراك سمة مالزمة للمجتمعات البشرية المختلفة حيث ال يخلو مجتمع ما من تحرك األفراد والجماعات المغلقة التي يقل فيها الحراك االجتماعي عدا تلك المجتمعات ، من مركز اجتماعي إلى مركز اجتماعي آخر

تحت النظام االجتماعي ليست كائنات ةيالمنضو ويرى العلماء أن الكائنات البشرية ، إلى أدنى مستوياته لذلك فإنها تؤثر سلبًا و إيجاباً ، بل أنها كائنات تتميز بالعقل، جامدة الحركة أو أن حركتها بفعل آلية محددة

تحدث تغيرًا فيه ليكون متوائمًا معها، ويرى البعض ااعي حيث أنها قد تتواءم معه أو أنهفي النظام االجتم رجل الذي تتفاعل فيه كل المكونات والعناصر إلعادة تشكيل مبأن النظام االجتماعي يمكن تشبيهه بال

عوامل الخارجية ، حيث أن كل منها يترك أثره وفعله في تضيعها، مع األخذ في االعتبار تأثير ال المادة .أيضاً

نما تسعى لتقييد حركة إلذلك فإن السلطة التي تسعى لتقييد النظام االجتماعي بتوجهاتها السياسية كيًا غير ي، وبما أنه حراكًا دينام ، أي تثبيط الحراك االجتماعي وتوجيهه وفقًا ألجندتها الذاتية مكوناتها البشرية

، غير أن هذه اآللية ده لكن قد تشله قيود ومحددات السلطةيلسهولة تقي، فليس من ا محدد الفعل والتوجهالقسرية لشل الحراك في النظام االجتماعي ال تدوم طوياًل ألن لعناصر ومكونات النظام طاقة تحتاج إلى

ال فإنها تصبح طاقة كا ، فإن حجبت متنفسات ة تبحث عن متنفس لهامنتصريف عبر الحراك االجتماعي وا ، وبالتالي يؤدي ام االجتماعي يصبح عرضة لالنفجار عبر ثورات وعصيان مدني ضد السلطة المستبدةالنظ

لخلخلة أسس النظام لتعم الفوضى والخراب في المجتمع فتفرض كائنات قاع المجتمع سطوتها على الواقع ريخ لالرتقاء بمدنية الجديد ليرتد المجتمع نحو غياهب التاريخ وتضيع كافة الجهود التي بذلت عبر التا

.(1)المجتمع

فالحراك االجتماعي عبارة عن إيجاد بيئة محّفزة للعمل تتيح للمواطن تنمية قدراته واستعداداته ، وتكون فيه الفرص على أساس القدرات والمواهب والجهد الذاتي للحصول على مكانة وظيفية واجتماعية راقية داخل

.المجتمع مجااًل خصبًا لتنافس أعضائه المجتمع ، ومن ثم يصبح

ن دراسة التراتب االجتماعي ال تقتصر على تباين المواقع االقتصادية أو المهنية التي إ" جيدنز . أ" ويرى يشغلها األفراد ، بل تتطرق أيضًا إلى ما يمكن أن يحدث لهم في سياق البنية االجتماعية ، ويشير مصطلح

تحرك األفراد والجماعات بين مواقع اقتصادية واجتماعية مختلفة ، فالحراك العمودي الحراك االجتماعي إلى يعني حركة األفراد صعودًا أو هبوطًا على السّلم االقتصادي االجتماعي ، فيوصف من " الشاقولي " أو

تنحدر مواقع يحّصلون مكاسب في مجال التمّلك أو الدخل أو المكانة بأنهم يحققون حراكًا إلى أعلى ، بينما

5

أنه قد انتشرت في المجتمعات " جيدنز " من يفقدون هذه المكاسب في االتجاه المعاكس إلى أسفل ، كما يرى الحديثة ظاهرة الحراك الجانبي الذي يشير إلى التحرك الجغرافي بين األحياء والمدن واألقاليم ، وقد يلتقي

ص من المؤسسة التي يعمل بها إلى أحد فروعها في مدينة الحراكان العمودي والجانبي مثاًل عندما ُينقل شخدراسة الحراك : أو بلد آخر مع ترقيته إلى منصب أعلى ، وهناك طريقتان لدراسة الحراك االجتماعي هما

الجيلي الذي يشير إلى ما يحققه الفرد من تحرك صعودًا أو هبوطًا على السّلم االجتماعي في حياته ، ودراسة .(2)األجيال الذي يدل على مثل هذا الصعود أو الهبوط بين االبن وأبيه على سبيل المثال الحراك بين

: مشكلة البحث

تتحدد مشكلة البحث في مدى امكانية معرفة العالقة التي تنشأ في إطار الحراك االجتماعي بين الحصول ذلك ، والتغيرات التي يمكن حدوثها في على المكانة أو المركز االجتماعي واألدوار الوظيفية الناجمة عن

حداث التنمية والتغير والتقدم في المجتمع .الُبنى والُنظم االجتماعية ، والعالقة بين تلك العمليات وا

:وسعيًا لدراسة المشكلة محل البحث فإننا نرى تناولها من خالل التساؤالت البحثية التالية

دون قيود ؟ اً عياجتما اً هل أن كل المجتمعات تشهد حراك كيف يحصل األفراد في المجتمع على المكانة والمركز االجتماعي وأثر ذلك على أدوارهم ؟ إلى أي مدى يؤثر الحراك االجتماعي على بنية ونظام المجتمع ؟ ؟ انعكاسات أثر الحراك على المجتمعما مدى

:أهداف البحث

:يهدف البحث إلى

فهم ماهية الحراك االجتماعي. كيفية الحصول على المكانة االجتماعية في إطار حراك المجتمع. الوظائف واألدوار للمكانات الجديدة وأثر ذلك على البناء والنظام االجتماعي. الربط بين تغير وتقدم المجتمع والحراك االجتماعي.

:منهجية البحث

ليلي ، من خالل رصد الكتابات المتعلقة يعد البحث محل الدراسة بحثًا نظريًا يعتمد المنهج الوصفي التح .بالموضوع قيد الدراسة ، وتحليل الواقع االجتماعي وتحليل المفاهيم ذات العالقة بالظاهرة المدروسة

6

ولمعرفة دور الحراك االجتماعي في الحصول على المكانة االجتماعية وعالقة ذلك ببنية ونظام المجتمع تيح لكل مكوناته من أفراد وجماعات حراكًا حرًا يساهم في خلق التنمية والتقدم ولخلق المجتمع المنشود الذي ي

، فإننا سنتناول هذا ويرسخ نظامه وبنيته االجتماعية السليمة التي هي أساس كل تغير نحو األفضل : من خالل اآلتي الموضوع

.اإلطار العام للحراك االجتماعي / المبحث األول

. مكانة االجتماعية والدور االجتماعيعن ال / المبحث الثاني

. مفهوم النظام االجتماعي والبنية االجتماعية / المبحث الثالث

. انعكاسات أثر الحراك على المجتمع / المبحث الرابع

: اإلطار العام للحراك االجتماعي/ المبحث األول

لذي يشير إلى إمكانية تحرك األفراد عرف الحراك االجتماعي بأنه الوضع ايُ :مفهوم الحراك االجتماعي -1أو الجماعات إلى أسفل أو إلى أعلى الطبقة أو المكانة االجتماعية في هرم التدرج االجتماعي أو في إطار

يستخدم أيضًا ليدل على الحركة المكانية أو الهجرة ( حراك)، ويرى البعض بأن مصطلح النسق االجتماعي، أما االنتقال من وضع اجتماعي إلى آخر داخل البناء (لفيزيقيالحراك ا)السكانية وهذا ما يسمى

، ويعني ذلك انتقال الفرد أو مجموعة من األفراد من مستوى طبقي (الحراك االجتماعي)االجتماعي فيسمى ، لذا فالحراك االجتماعي إلى مستوى آخر ما يدل على أن الحراك االجتماعي يتطلب وجود مجتمعًا طبقياً

، بل هناك من يرى بأنه أحد المقومات الرئيسية في المجتمع المتحضر، جديدة في المجتمع الحديثظاهرة الذي يتميز عن المجتمع التقليدي اإلقطاعي الذي يعد مجتمعًا مغلقًا وال يتحرك فيه الفرد خارج الجماعة التي

.ينشأ فيها لوجود حواجز اجتماعية تربط الفرد بجماعته

لحراك االجتماعي على حركات األفراد أو حركات الوحدات األسرية داخل منظومة من ويدل مصطلح ا ، والحراك االجتماعي لدى األفراد الفئات االجتماعية المهنية أو داخل منظومة من الطبقات االجتماعية

، ويوصف الحراك االجتماعي لدى األسر من جيل إلى جيل(داخل األجيال)يوصف على وجه العموم أنه يدرس العالقة بين ( بين األجيال)، وعلى نحو أكثر دقة فإن الحراك االجتماعي ( بين األجيال)أنه حراك

المكانة األصل أو الموقع األصل لدى األفراد وبين موقعهم الخاص في منظومة الفئات االجتماعية المهنية، .(3)الجتماع على وجه الخصوصوهذا الشكل اآلخر من الحراك االجتماعي هو الذي لفت انتباه علماء ا

7

أن الحراك االجتماعي هو انتقال الفرد أو الجماعة من طبقة أو مستوى اجتماعي ( بتريم سوركين)ويرى اقتصادي معين إلى طبقة أخرى أو مستوى اجتماعي اقتصادي آخر، بحيث يرتبط بهذا االنتقال تغير في

. ال إلى أعلى أو إلى أسفل، وقد يكون هذا االنتق مستوى وظيفة ودخل الفرد

يذهب البعض إلى أن مفهوم الحراك االجتماعي يشير إلى الدرجة التي يسمح بها المجتمع أو يشجع أو يجبر أفراده على تغيير مكانتهم ومستواهم الجغرافي والسكني واالقتصادي واالجتماعي أو توجهات قيمهم

يب تسلسلي للمراكز االجتماعية بحيث يزداد امتيازات الثروة والقوه الثقافية، ففي المجتمعات الحديثة هناك ترتواالحترام كلما صعدنا أعلى التسلسل الهرمي، ويستطيع أي شخص االنتقال من مركز اجتماعي إلى آخر

.اعتمادًا على ما يكسبه من وسائل في متناول يده

ح قدرة المجتمع على تمكين أفراده من التغلب والحراك االجتماعي هو الصيغة العلمية الملموسة التي توض على الحواجز التي يصنعها التميز، بحيث يتمتع كل أفراد المجتمع بتكافؤ الفرص في االرتقاء االجتماعي، بناء على قدراتهم ومواهبهم وما يبذلونه من جهد، وليس على المستوى االجتماعي لذويهم أو الطبقة أو العرق

. أو لون بشرتهم أو جنسهم ، ي ينحدرون منهلذا

:وطبيعته أشكال الحراك االجتماعي

، داخل البناء االجتماعي للمجتمع المعاصر ز علماء االجتماع بين أشكال كثيرة من الحراك االجتماعيميّ ، اليذي ُيشيير Up Ward Social Mobilityومن أهم تلك األشكال التمييز بيين الحيراك االجتمياعي الصياعد

Down، والحييراك االجتميياعي الهييابط انتقييال الفييرد ميين مسييتوى طبقييي أدنييى إلييى مسييتوى طبقييي أعلييىإلييى Ward Social Mobilityالذي ُيشير إليى هبيوط الفيرد مين مسيتوى طبقيي أعليى إليى مسيتوى طبقيي أدنيى ، ،

غنيياء نتيجيية مثيل تييدهور الحيال لييدى بعيض األثرييياء واأل ،كيأن ينتقيل الفييرد مين طبقيية علييا إلييى طبقية متوسييطة .وانحدارهم إلى مستوى طبقي أقل ،أزمة اقتصادية معينة

:أهمها، وقد حدد بعض علماء االجتماع عددًا من األسس العامة للحراك االجتماعي الرأسي

، أو ال يوجييد فيهييا حييراك اقتصييادي وسييكاني ينييدر وجييود مجتمييع تكييون فيييه الطبقييات مغلقيية إغالقييًا محكميياً . 1 .ومهني

، ويكييون الحييراك ميين طبقيية إلييى يمكيين أن يوجييد مجتمييع يكييون فيييه الحييراك الرأسييي حييرًا بصييورة مطلقييةال . 2 .أخرى من دون عقبات

8

.يختلف عمق وشمولية الحراك االجتماعي الرأسي من مجتمع آلخر. 3

.من وقت آلخر هيختلف عمق وشمولية الحراك االجتماعي الرأسي في المجتمع نفس. 4

.عمق الحراك االجتماعي ، أو نقص ، دائم ومحدد نحو زيادةال يوجد اتجاه . 5

وهذا ، ويوضح علماء االجتماع طبيعة الحراك االجتماعي على أساس حركة وتنقل األفراد دون الجماعات وُيطلييق ،والحييراك الييذي يتخييذ شييكاًل جماعييياً ،الييذي يتخييذ شييكاًل فردييياً ،يوضييح الفييارق بييين الحييراك االجتميياعي

.Class Mobility" راك الطبقيالح"عليه

مين ،على حركة األفيراد أو الجماعيات Horizontal Social Mobilityوُيطلق الحراك االجتماعي األفقي فميين يتييرك مهنيية كهربييائي ، وضييع اجتميياعي إلييى آخيير مييع عييدم وجييود اخييتالف فييي الييدرجات بييين الوضييعين

وتقاضييي ،تحتيياج المهنتييان إلييى الجهييد والعمييل نفسيييهما تقريبيياً ر عيين حركيية أفقييية حيييث ، ُيعب يي ليعمييل ميكانيكييياً .، والوضع االجتماعي ذاته داخل بناء المجتمع األجر نفسه

هيييو الحيييراك االجتمييياعي بيييين ، األول : كميييا يمييييز علمييياء االجتمييياع بيييين نمطيييين آخيييرين مييين الحيييراك التيي ينتميي ،نية الطبقية االجتماعييةالذي يظهر عنيد مقار ، Intergenerational Social Mobilityاألجيال

طبقيييًا أعلييى ميين ذلييك الييذي ينتمييي إليييه ىمسييتو فييإذا حقييق األبنيياء ، إليهييا كييل ميين األبنيياء وآبيياؤهم أو أجييدادهم، وعكس ذلك صحيح أيضًا للحراك قد أنجزوا حراكًا اجتماعيًا صاعدًا عبر األجياليكونوا فإنهم بذلك ،آباؤهم

Social Mobility inside، الحيراك االجتمياعي داخيل الجييل والثياني ، جييالاالجتمياعي الهيابط عبير األgeneration وميا يحققيه مين إنجياز وتجري بمقارنة األوضاع الطبقية التي شغلها الفرد فيي حياتيه المهنيية ،

.فيها

االجتمياعي عليى النحيو ، أربعية أنمياط أساسيية للحيراك وقد حدد أبرز علماء االجتماع وهو بيتريم سروكين :التالي

، وتبييييديل األبنييياء لمهييين آبيييائهم نتيجييية الزدييييياد قصيييد بييييه تغييييير الفيييرد لمهنييية أسيييرتهويُ : الحيييراك المهنيييي يييييييي1ويسياعد ، حسيب ميوليه الفرديية واسيتعداده لجنتياج ،، وتيوافر مجياالت العميل أميام الفيرد التخصص المهنيي

ويؤدي ، عن مكانة أسرهم االجتماعية واالقتصادية ،اعيًا واقتصادياً الحراك المهني على تحرك األفراد اجتموصيعوده أو هبوطيه ،، عن وضيع أسيرته األصيلية ارتقاء الفرد في التركيب المهني وتغييره لوضعه المهني

،، ومعارفيييه وأصيييدقائه اليييذين تربيييى معهيييم فيييي نشيييأته األوليييى إليييى تغيييييره مكيييان إقامتيييه ،فيييي السيييلم المهنيييي

9

تغيييره أيضيًا ألسيلوب حياتيه و بأفراد جدد ذوي ميول واتجاهات مغايرة عن الوسط اليذي نشيأ فييه، واختالطه .ومركزه االجتماعي ما يؤثر في عالقته القرابية بأعضاء أسرته

، وأصييبح طبيعيييًا أو سييويًا أن أصييبحت وراثيية األبنيياء لمهيين اآلبيياء ظيياهرة نييادرة فييي المجتمييع المعاصييرفقيد يعميل أحيد أفيراد األسيرة فيي ، ال تيرابط بينهيا وال اتصيال ،ليون فيي مهين متباينيةنرى أعضاء األسرة يعم

كالنجييارة أو ،بينمييا يعمييل قريييب لهييم فييي حرفيية يدوييية ،التجييارة وآخيير فييي التييدريس وثالييث فييي مهنيية الطييب .الحياكة

فقيييد ، الصيييناعيأكثييير أشيييكال الحيييراك االجتمييياعي انتشيييارًا فيييي المجتميييع الحضيييري هيييو : الحيييراك المكييياني. 2وكيان الحيراك المكياني محيدودًا ، آخيرإليى ، أو مين حيي أصبح من الشائع انتقال الفرد من إقليم إليى إقلييم

، وكيييان الفيييرد ييييدين بيييالوالء ليييفرض التيييي ُيوليييد فيهيييا ويميييارس نشييياطه االجتمييياعي فيييي المجتميييع التقلييييدي، ونشييأة مهيين جديييدة ذات أجييور النقييل ولكيين أدى تقييدم وسييائل المواصييالت ووسييائل ، واالقتصييادي فوقهييا

وهجيرتهم مين األقياليم التيي يقيميون بهيا ميع ، ، إليى ازديياد الحيراك المكياني لففيراد مرتفعة في أماكن متفرقة .أسرهم إلى مواطن العمل الجديدة

ينشييئونوالحييظ علميياء االجتميياع أن األفييراد فييي المجتمييع الحضييري أصييبحوا أقييل ارتباطييًا بيياألرض التييي ، ، وتبيييديلهم لجييييرانهم ، وزاد تغييييير األفيييراد للوحيييدات السيييكانية ، وزاد تحيييرك األفيييراد مييين بليييد آلخييير هييياعلي

، ما يؤثر في والئه وزادت المسافات التي يقطنها الفرد في انتقاالته من مجتمع آلخر في المجتمع الحديث .ألسرته وارتباطه بأقاربه

فلقييد أدى ، اكييز األبنيياء االقتصييادية عيين مراكييز اآلبيياء واألجييدادوُيقصييد بييه تغييير مر : الحييراك االقتصييادي. 3وتقييم العمل على أسياس إنتياج الفيرد ومقيدار ،ونشأة نظام األجور ،ونمو الملكيات الفردية ،تغير نظام الملكية

وأصيبح مين الطبيعيي أن تتغياير المراتيب ، إليى تغيير المراكيز االقتصيادية لففيراد ،ما يبذله من مجهود ونشاطولعيل تغياير المراتيب االقتصيادية ، لتغير المهن التي يقوم بها كل منهم ،االقتصادية لفبناء عن مراتب آبائهم

وأصييبح ميين السيهل أمييام األفييراد االنتقييال إلييى مرتبيية أعلييى ميين ،يعنيي أن التكييوين الطبقييي أصييبح مرنييًا ومتغيييراً وصار من الطبيعي أن ، وما يقومون به من نشاط في مهنهم ،ما يبذلونه من جهد وعملمرتبة أسرهم بمقدار

.إذا ما فشلوا في مهنهم ،تنخفض مكانة األفراد االقتصادية عن مكانة أسرهم

وقيييد ، يقصيييد بيييه مقيييدار ودرجييية وقيييوة ارتبييياط الفيييرد بيييالقيم واألفكيييار المسيييتحدثة المختلفييية: الحيييراك الفكيييري. 4مثيل الرادييو والسيينما والتليفزييون والصيحف والكتيب والمجيالت وازديياد االختراعيات ،االتصال ساعدت وسائل

10

، وعيرض نمياذج فكريية واجتماعيية فيي أسياليب إليى ازديياد فيرص الحيراك الفكيري ،الحديثة في العلوم والفنيون ى ازدياد حركة الكشف العلميي كما أد ، وكذلك تغير التقاليد المتوارثة عن اآلباء واألجداد ، جديدة من السلوك

، كميا أدى ازديياد ، واتجياههم نحيو تقبيل األفكيار والمبيادس المسيتحدثة إلى ضعف ارتباط األفراد بالقيم القديميةوتنوع مراكز البحث العلمي وزيادة االنفياق عليى تليك المراكيز إليى زييادة فيي البحيوث والدراسيات العلميية وزييادة

.النشاط الفكري المصاحب لها

:عوامل الحراك االجتماعي

على أن هناك عوامل ، ن أهم عوامل الحراك االجتماعي تتمثل في الهجرة والتعليم والتحوالت السياسية إ ، وسنتناول هنا أهم العوامل أخرى أيضًا تساعد في تحديد مدى حدوث الحراك االجتماعي داخل المجتمع

: التي تسهل الحراك االجتماعي وتحفزه

تلعب الهجرة دورًا كبيرًا في الحراك االجتماعي، حيث أنها ناتجة عن السعي لتحسين ظروف :الهجرة -1حه من فرص متعددة في التعليم والعمل ومستوى عاٍل يوأحوال األفراد والجماعات اجتماعيًا واقتصاديًا لما تت

وأن هناك اعتقادًا سائدًا بأن من الدخل، ومن ثم تحقيق الرقي االقتصادي واالجتماعي لففراد، خاصةالمهاجرين يميلون إلى أن يكونوا من طبقة اجتماعية أعلى من عامة السكان، فقد أكدت الدراسات االجتماعية أنه يسود في المجتمعات الصناعية المتقدمة معدل هجرة مرتفع في صفوف األفراد المهرة من التخصصات

ي تحسين وضعهم االقتصادي، ولذلك تكون رغبتهم محدودة في ، إذ تكون لدى المهاجرين رغبة ف الفنيةاالستقرار في مكان واحد، إن التقدم المتدرج للمتخصصين في المهارات المختلفة في سلسلة من المراكز

بحركة السكان المكانية واالجتماعية، –بشكل أو بآخر -المرتفعة داخل البناء االجتماعي المتدرج، يرتبط الجتماع بمشكلة الهجرة إلى المدينة ويعرفونها بأنها ظاهرة اجتماعية مصاحبة لظاهرة الحراك ويهتم رجال ا

.(4)االجتماعي حيث التفاوت في القدرة على التعامل مع مستجدات العصر ومكوناته

بين يعد التعليم من العوامل المهمة في عملية الحراك االجتماعي تبعًا لما يترتب عنه من تمايز :التعليم -2، وقد اعتمد أفراد المجتمع ناتج عن عوامل مختلفة منها الوضع االجتماعي واالقتصادي والثقافي لفسرة

بأن األفراد يسجلون معدل نجاح مدرسي جيد نسبيًا وفق ، على تحليل نمط سلوك الفاعلين "ودونب"نموذج ، وتتوافق مع هذه المقاربة ماعي، كما أن دوافعهم وتحفيزاتهم تتأثر باألصل االجت أصلهم االجتماعي

"جيرو"، و في الواليات المتحدة "Jenkes جنكز"، الدراسات التي أجراها المنهجية للحراك االجتماعيGirod وتدل هذه الدراسات على األمر التالي وغيرهم ، في سويسرا ،:

11

المستوى التعليمي يؤثر على ، فإن إذا كان األصل االجتماعي يؤثر على المستوى التعليمي بشكل حاسم .(5)، بطريقة معتدلة دائماً الموقع االجتماعي تأثيرًا اعتدالياً

ويعد التعليم عاماًل أساسيًا من العوامل التي تؤدي إلى حدوث الحراك االجتماعي داخل المجتمع من فرص تحقيق التقدم العلمي واالجتماعي، بما يجعل األفراد أكثر استعدادًا لتقبل المعاصر، نظرًا لما يتيحه

التغيير وتحسين أوضاعهم االقتصادية واالجتماعية، فقد دلت الدراسات والبحوث أن بعض الفئات االجتماعية ل إلى أعلى أن تص استطاعت ، من الطبقات الدنيا، على الرغم من ظروفهم السيئة وعدم توفر اإلمكانات

وأن تحسن من وضعها الطبقي من خالل الحراك االجتماعي الذي يحققه ، الدرجات في السلم التعليمينظرًا لوجود تمايز ، وقد أكدت بعض الدراسات الحديثة أن فرص الحراك المهني االجتماعي محدودة ، التعليم

إن القضية حسبما يرى ، ات المستوى الرفيعفي النسق التعليمي يجعل أبناء الطبقة العليا محتكرين للمهن ذ .لكنها قضية هل يستطيع مواصلة الطريق حتى النهاية ، البعض ليست إتاحة الفرص للفرد ليلتحق بالتعليم

إن التحوالت السياسية بمختلف أشكالها تجعل المجتمع في حالة أكثر ما تكون قابلة :التحوالت السياسية -3فالثورات التي ، ة الرتفاع وتيرة الحراك االجتماعيبشكل بيئة خصتففراد، حيث إلتاحة هوامش الحركة ل

، نظام السياسيوالفوضى والالّ ، واالنفتاح السياسي من قبل السلطة الحاكمة ، تعمل على تغيير نظام الحكمالسياسي ويرى علماء االجتماع أن التحول ، مهم من عوامل الحراك االجتماعي لتساعد على تكوين عام

ففي ، مثل الحرب والثورة وحركة اإلصالح السياسي واالجتماعي ، يرتبط بفترات االضطراب االجتماعيمثل أولئك الذين يستفيدون من ، صاعدًا أو هابطًا لبعض األفراد اً اجتماعي اً فترات الحرب يحدث حراك

، الحالة التي يعيشها المجتمع أثناء الحرباستمرار الحرب ويحققون الثراء الذي لم يكونوا يصلونه لوال تلك حيث ، كما تعمل الحروب واالنتفاضات االجتماعية على تسريع الحراك ، وبالتالي يحققون حراكًا صاعداً

تساعد على ظهور قيادات وطنية جديدة لتحل محل القيادات التقليدية القديمة وما يرتبط بذلك من حدوث .(6)حراك اجتماعي

:ك االجتماعي قياس الحرا

ويشار إلى ، يمكن قياس الحراك االجتماعي من خالل التنقالت التي تحدث في الوظائف والمراكز والمسكن :أن هناك أسلوبان أساسيان في قياس الحراك االجتماعي وهما

ويعتمد هذا األسلوب في قياس الحراك االجتماعي على مؤشرات موضوعية: أسلوب القياس الموضوعي -1لويد " عالم االجتماع ، ومن أشهر الذين وضعوا مقياسًا للحراك االجتماعي ، والدخل ، والمهنة ، كالتعليم ،

، والدخل ، الثروة: ويتكون مقياسه من ست خصائص وهي ، أستاذ علم االجتماع بجامعة شيكاغو "وارنر

12

بعض دارسي الحراك االجتماعي إلى ، وهناك ميل لدى ومصدر الدخل ، ونوع السكن ، والتعليم ، والمهنةن الكثير إبل ، ومحكًا للحراك االجتماعي ، اعتبار المهنة وحدها دلياًل كافيًا للمستوى االجتماعي االقتصادي

.منهم أصبحوا يستخدمون الحراك المهني والحراك االجتماعي بنفس المعنى

حراك االجتماعي على تقدير المفحوص نفسه ويعتمد هذا األسلوب في قياس ال: أسلوب التقدير الذاتي -2ومن الطبيعي أن يتعرض هذا األسلوب إلى كل ما يواجه ، مه لمكانته االجتماعية وانتمائه الطبقييوتقي

.التقديرات الذاتية من تحيز أو مبالغة في التقدير

لحراك االجتماعي بين فإن الباحثين يقيسون ا ، وسواء استخدمنا القياس الموضوعي أو التقدير الذاتي -مع وضع األب وأحيانًا الجد بناالحيث يقارن وضع ، األجيال بمعنى قياس مستوى الفرد بالنسبة ألسرته

بمعنى قياس وضع الفرد ، وفي حاالت أخرى يقيس الباحثون الحراك داخل الجيل الواحد -إن أمكن ذلك .ه بالنسبة لنفسه في مراحل مختلفة من نموه أو مراحل حيات

:المكانة االجتماعية والدور االجتماعي : المبحث الثاني

يشير الحراك االجتماعي إلى حركة األفراد و الجماعات داخل نظام التدرج : المكانة االجتماعية/ أوالً ، والفرق بين المجتمعات الطائفية والمجتمعات الطبقية هو الفرق بين مجتمعات ال تسمح بالحراك االجتماعي

، ، ومجتمعات تسمح بالحراك االجتماعي االجتماعي داخلها، أو تجاوز حدود المكانة التي ولد فيها األفرادوتجاوز المكانة التي وجد األفراد أنفسهم فيها، ففي المجتمعات الطائفية تكون أغلب التحركات في أضيق

أن ترفع قلياًل الوضع االجتماعي الحدود بل تكاد تكون قاصرة على حاالت الزواج والمصاهرة التي يمكن ، فمكانة األسرة نات االجتماعية الموروثةاألحد أفراد العائلة، وتقوم النظم الطائفية أساسًا على المك

االجتماعية التي يولد فيها الفرد تحدد مجرى حياته كلها فيما عدا بعض االستثناءات القليلة تحدث لبعض م الطبقية على كل من الخصائص الموروثة والمكتسبة مثل الموهبة، الموهوبين والمحظوظين، وتقوم النظ

القدرة، والجد واالجتهاد، والطموح، والحظ الذي يتيح لففراد الوصول إلى مكانات أعلى أو أدنى من مكانات كما يمكن أن يتحرك الفرد داخل نظام ، ( التحرك عبر األجيال)أبائهم أو عشيرتهم، وهذا ما يطلق عليه

.(7)(التحرك عبر األجيال)درج االجتماعي أثناء فترة حياته، وذلك ما يطلق عليهالت

:مفهوم المكانة االجتماعية

حيث يسود المجتمعات الحديثة ، ترتبط المكانة االجتماعية ارتباطًا وثيقًا بالتنقل االجتماعي أو الحراك بحيث تزداد ، الثروة والقوة والتقدير أو االعتبارنوع من التدرج الهرمي للمكانة توزع على أساسه امتيازات

وعلى العكس مما كان سائدًا في الطائفة أو النظام ، كل هذه االمتيازات كلما ارتفعنا في سلم التدرج الهرمي

13

ألخرى في هذا التدرج يمكن أن يتم بوسائل تخضع لسيطرة ةيالحظ أن االنتقال من مكان ، رالطبقي المبكّ . (8)الشخص

أو تشغله ، وتشير بعض التعريفات إلى أن مصطلح المكانة يدل على الموقع الذي يشغله فرد في جماعة ونقصد بالبعد ، أحدهما يمكننا أن نسميه أفقيًا واآلخر عموديًا ، عدانبُ ولهذا الموقع ، جماعة في مجتمع

مكنة التي يقيمها فرد مع أفراد آخرين لهم شبكة االتصاالت والتبادالت الواقعية أو مجرد الم ، األفقي للمكانة، أما البعد العمودي ، أو مع أفراد آخرين يبحثون كما يبحث هو عن إقامة صالت معهم ، موقع الفرد نفسه

فإنه خاص باالتصاالت والتبادالت التي يعقدها مع األفراد من مستوى أعلى من مستواه وأدنى ويسعى هؤالء ويمكننا أن نؤلف بين هذين التوضيحين إذ نعرف المكانة أنها ، يسعى هو أيضاً كما ، إلى أن يعقدوها معه

. (9)مع األعضاء اآلخرين من جماعته دمجموعة من العالقات المساواتية والتراتبية لفر

: الحصول على المكانة

الخاصة بالحصول على المكانة 1691عام "Ottis أوتي"و "Blau بلو"ُتعد الدراسة التي قام بها جد الباحثان أن لقد و و ، من الدراسات األساسية التي أجريت عن الحراك االجتماعي ولقد ، االجتماعية

فالمكانة المهنية لفب وما ، وأول وظيفة يلتحق بها ، بناالالمهنية لفب هي مؤشر للتنبؤ بنوع تعليم المكانة وما زالت العوامل ،(10)ومدته بناالقويًا في نوع التعليم الذي سيتلقاه اً اجتماعي تؤثر تأثير يرتبط بها من وضع

المتعلقة بالخلفية األسرية هي أقوى العوامل في تأثيرها فيما يتعلق بالحصول على المكانة المهنية واالجتماعية .للفرد

وال يكفي أن يكون اإلنسان ، والواجباتويرى البعض أن المكانة ليست مجموعة ال تتغير من الحقوق فالسلوك الفردي والجماعي الذي ، ، أو أن يحمل شهادة حتى ُيعتبر مثقفاً سنًا حتى يكون موضع االحتراممُ

، يواكب ما يتوقعه المجتمع من صاحب المكانة وشاغل الدور شيء أساس في إسناد المكانات إلى أصحابهابأن مكانة يمكنها أن " بارسونز " م "ُ لينتون " ذات تفّرع ثنائي ؟ أكد قاييسفهل إسناد المكانة يجري وفق م

ولكن ، العمر و الجنس ينتميان إلى هذه الفئة: طبيعية وموضوعية إذا صح القول ُتسند وفق مقاييسلى تسمى ، فالفئة األو ، بالطموح أو الجدارة المكانات االجتماعية المهنية يمكنها أيضًا أن تكتسب بالجهد

.(11) والفئة الثانية تسمى منجزة ، منسوبة

:أنماط المكانة االجتماعية

بناء على ما للمكانة يتكرر حدوث الحراك االجتماعي في تلك المجتمعات التي يكون فيها إحراز الفرد هو األساس في اكتساب المكانة االجتماعية وليست تلك المقومات الطبيعية التي وجد ، يبذله من مجهود

14

وهذا يدعونا إلى تعريف النمطين األساسيين ، نفسه محاطًا بها منذ والدته دون أن يكون له أي دخل بها :للمكانة وهما

السمات التي ُولد بها مثل وهي تلك المكانة التي يرثها الفرد من عائلته مثل تلك : المكانة الطبيعية -1 ، النوع ، العمر ، ومن مؤشرات تحديد المكانة الطبيعية أو الموروثة ، النوع وترتيبه العمري بين إخوته

.المواطنة ، اللون ، العائلة أو النسب ، الجنس

، يبذله من جهدمن خالل ما ، وهي تلك المكانة التي يكتسبها الفرد على مدار حياته: المكانة المكتسبة -2حيث يمكن إحراز هذه المكانة عن ، بحيث يوضع في النسق االجتماعي معتمدًا على انجازاته الشخصية

.طريق التعليم أو المهنة أو غيرها

:الدور االجتماعي / ثانياً

والتي يطلق ترتبط المكانة بمجموعة من المسئوليات المتوقعة التي يقوم بها شاغل المكانة: مفهوم الدور يي 1فالدور االجتماعي بهذا المعنى هو السلوك الذي يقوم به شاغل المكانة، وهو ، سم األدوار االجتماعيةاعليها

ف الدور بأنه ويعرّ ،(12)سلوك متعارف عليه اجتماعيًا، وبالتالي يمكن توقعه والتنبؤ به بدرجة كبيرة من الدقة والقيم واالتجاهات والسلوك الذي يتوقع أعضاء الجماعة أن يروه في نمط من الدوافع واألهداف والمعتقدات

والدور يصف السلوك المتوقع من شخص في موقف ، من يشغل وظيفة ما أو يحتل وضعًا اجتماعيًا معيناً .ما

، وأبعادهوالتي تناولت طبيعة المفهوم ومكوناته ، أما تعريف دائرة المعارف الدولية للعلوم االجتماعية للدور وتوضيح التوقعات السلوكية للفرد ، والتي يمكن من ظر إلى الدور على أنه مفهوم يستخدم لتفسيرحيث نُ

مع التركيز في إطار هذا التعريف على المظاهر االجتماعية للدور وخاصة خاللها بيان وضعه أو مكانته ،نفسه ، وكذلك عالقته بالشخص ، التنظيميوباإلطار ، وبالمكانة ، من حيث بزوغ الدور وعالقته بالفاعل

الدور هو نموذج للسلوك مبني : على جانب التوقعات في التعريف فيرى أن " Theodarson " ويؤكد ويحدد هذا الدور ، على حقوق وواجبات معينة ويرتبط بمركز معين داخل نطاق جماعة أو موقف اجتماعي

. (13)جانب الشخص نفسه عن سلوكهمجموعة التوقعات من جانب اآلخرين ومن ب

تعتبر المراكز أو المكانات االجتماعية تصنيفات : العالقة بين الدور االجتماعي والمكانة االجتماعية - 2للكائنات اإلنسانية، بينما تعتبر األدوار تصنيفات للسلوك، فالمركز يعبر عن هوية مستخدمة للداللة على

تي من المفترض أنها تشترك في واحد أو أكثر من الصفات الواضحة،شخصية أو أكثر، وهي الشخصيات الويقصد به ذلك التفاعل ، أما الدور فيعبر في جوهره عن وصف السلوك المرتبط بذلك المركز ومفهوم النشاط

15

فالنشاط يعتبر شكاًل من النسق ، المؤقت والمميز بين عدد من األدوار التي يكون بينها اعتماد متبادل ، بينما تعتبر األدوار الوحدات الصغرى من البنيان السلوكي الذي يهتم به المحللون ، ماعي المبسطاالجت

، والذي يعني سلوكيات معينة تؤدي إلى تأثيرات ملموسة يمكن أن يتلمسها الباحث وغالبًا ما ومفهوم الوظيفةفإن الوظائف ، فيه األدوار سلوكاً أي أنه في الوقت الذي تمثل ، يدركها المشاركون في أداء هذه الوظيفة

.تمثل نتائج لهذا السلوك

:مفهوم النظام االجتماعي والبنية االجتماعية : الثالث المبحث

:بنية ووظائف النظم االجتماعية - 1

يقوم المدخل السوسيولوجي لجحاطة بمفهوم النظام االجتماعي من خالل : المفهوم العام للنظام االجتماعي الوظائف االجتماعية على افتراض وجود عدد من الوظائف االجتماعية األساسية التي يجب أن يقوم بها كل

، وتعد هذه الوظائف االجتماعية متطلبات واستمراره ، مجتمع من المجتمعات لضمان وجود هذا المجتمعوتشمل هذه ، ستمرتو حياتية ال غنى عنها، أي يجب توفرها بدرجة مناسبة حتى تقوم الحياة البشرية

، والوظيفة الدينية، ووظيفة السلطة ، ووظيفة إنجاب األطفال وتربيتهم ، وظيفة اإلنتاج: الوظائف األساسية وهم يتفاعلون في حياتهم اليومية يطورون مجموعة من ، على افتراض أن األفراد ، والوظيفة التربوية

تتطور لتشكل البناء الرمزي الذي يحيط بكل ، ومع مرور الوقت ، االتفاقات التي تترسخ مع تكرار االستخدامبأنه مجموعة ، وبالتالي ُيعرف النظام االجتماعي حسب ما تقّدم ، وظيفة من هذه الوظائف وينظم القيام بها

والبنى الرمزية التي تشمل على ، واألدوات والوسائل ، من قواعد التصرف واإلجراءات و الممارسات العلميةالتي تنشأ حول وظيفة ، والقانون ، والقيم ، ليداوالتق ، والعادات ، والمعايير ، واألعراف ، الطرق الشعبية .(14)وتنظم القيام بهذه الوظيفة ، اجتماعية معينة

وتشير المعاجم إلى أن النظم االجتماعية هي األوضاع التي يصطلح عليها المجتمع لتنظيم العالقات بين وهي طرق التفكير والعمل السابقة في نشأتها وقيامها على وجود األفراد ، مختلف شؤونهم األفراد في

يخلقها المجتمع ويلتزم نحوها األفراد بالخضوع والطاعة ألنها من مقومات تراثهم يي بوصفهم أفراداً يي يث يترتب على ذلك عالقات فالنظم االجتماعية تنشأ من تفاعل األفراد مع بعضهم البعض ح ،(15)االجتماعي

ويشترط في ذلك أن يتم التوافق على تلك العناصر مع ، اجتماعية ينتج عنها عناصر منظمة لتلك العالقاتحيث تبرز تلك العناصر في العادات والتقليد والطرق الشعبية والقيم ، استمرارية العمل بها لمدة كافية

. الجتماعي لتصبح بالتالي معايير للسلوك ا ، والقوانين

16

إن ما يحدثه الحراك االجتماعي من تغير في المكانات االجتماعية لففراد وما يتبع ذلك من تغير في ال شك في أن ذلك يؤثر في الطريقة التي يتم بها ، األدوار المترتبة على مكانة ومركز الفرد االجتماعي

ظم وبناءات اجتماعية تكون أساس المؤدية إلى إنتاج نُ وبالتالي العالقات االجتماعية ، التفاعل االجتماعيقيام المجتمع بتنظيم أنساقه وبناءاته لالستفادة القصوى من الوظائف التي تقوم بها تلك األنساق والبناءات

في القرن " أوجست كونت"، كما جاء في أعمال ، إن كل ما هو ثابت ومقرر في المجتمع والنظم االجتماعيةوظهر ذلك جليًا في أعماله المتعلقة باالستاتيكا االجتماعية والديناميكا ، هو نظام اجتماعي ، التاسع عشر، على أنها أعضاء أو عالج النظم في كتابه المبادس األولى" هربرت سبنسر"في حين أن ، االجتماعية

.أجهزة تقوم بوظائف المجتمع

تصور أو : إلى أن النظام يتكون أساسًا من " 1699ة العادات الشعبي "فقد ذهب في كتابه " سمنر"أما ، وتنشأ النظم عادة عن العادات الشعبية ، ومن بناء ، مفهوم أو فكرة أو مذهب أو مصلحة أو اهتمام خاص

وعندئذ ، وتنضج عندما تصبح القواعد واألفعال أكثر نوعية وتخصيصاً ، وتنمو وتتطور في صورة أعرافيتضمن الطرق المقررة ، فالنظام االجتماعي كما يراه البعض ، د ويتجه نحو االكتماليترسخ البناء ويتوط

" كولي "، فإن كل من أن النظم هي الطرق المقننة لحل مشكالت المجتمع" جولدنر"ففي حين يرى ، للسلوكينظران إلى ، 1641 سنةفي كتابه علم االجتماع اإلنساني " ديفيز"و 1696 سنةفي كتابه النظم االجتماعية

النظم االجتماعية على أنها مركبات واسعة من المعايير التي يقرها المجتمع ليعالج بها أو ليقابل بطريقة أن النظم عبارة عن مجموعات من ، بشكل واضح" ديفيز"ويحدد ، منظمة ما يعتبره حاجاته األساسية

مكونة أجزاء من البناء ، ل وظيفة أو أكثرالعادات الشعبية واألعراف والقوانين تتداخل فيما بينها حو . (16)تعرف بتنظيمها المحكم وتمايز وظائفها ، االجتماعي

كانيزمات األساسية التي عن طريقها يتوصل اإلنسان إلى ي، توضح لنا أحد الم إن دراسة النظم االجتماعية ت تتطور وتنمو وتتغير باستمرار،وتبدو أهمية هذا التناسق في مجتمعا ، التناسق في السلوك االجتماعي

حيث تتغير المكانات وتتبدل ، ، الذي يشهد حراكًا اجتماعيًا وسياسيًا تتسارع وتيرتهالليبي مثل مجتمعناوتزيد حاجة المجتمع إلى العديد من الوظائف التي تساعد على استقرار وبالتالي استمرار النظام األدوار

، ونفهم التناسق هذا على أنه نوع تصبح الحياة االجتماعية نفسها مستحيلة، فبدون هذا التناسق االجتماعيوالتناسق واالضطراد ، من االضطراد والوحدة الذي ينمو على مر الزمن ويميل في نفس الوقت إلى الدوام

ء وظائفها ونها تتأثر قدرة المجتمعات على التناسق وأدابدوالتي ، والدوام هم الذين يخلقون النظم االجتماعية .الالزمة لتغير وتقدم المجتمع

17

فالبناء ، إلى أن البناء والوظيفة كلمتان تعبران عن وجهين لشيء واحد يذهب قاموس علم االجتماع ،و ، وبعبارة أخرى ، (الوظيفة)أما الوجه الدينامي فهو الذي يسمى ، في النظام( الثابت نسبياً )يستخدم لوصف

وعند تعريفنا للنظام ، والوظيفة عبارة عن سلسلة من البناءات المتغيرة بسرعة ، ابتةالبناء هو الوظيفة الثوأن النظام في التفاعل وهي وحدته التي تمكن ، يجب أن نؤكد عالقة األجزاء بعضها باآلخر ، االجتماعي

فإن هذا يعني أننا ، ومعنى هذا أننا حين ندرس النظم ، األجزاء أن تعمل ككل بالنظر إلى العالم من حولهاوحين ندرس البناء والوظيفة أحدهما بمعزل عن اآلخر فليس هذا إال ، ندرس أنماط السلوك االجتماعي

.(17)ألغراض تحليلية

: انعكاسات أثر الحراك على المجتمع / المبحث الرابع

ةعالم األنثرويولوجي" نادل "نجد أن بتعريف الدور، ةولوجيبفي إطار اهتمام بعض علماء االجتماع واألنثرو ويرى أن البناء تركيب يتركب من عالقات األدوار التي يؤديها ، ف الدور من خالل تحديد البناءقد عرّ

حيث أن الدور باعتباره أسلوب للفعل في البناء تحدده ، وال يتركب من عالقات بين األشخاص ، الشخصفإن ذلك يعيد ترتيب تقدم ، ار نتيجة الحراك االجتماعيعليه فإن تبدل وتغير األدو ،(18)معايير المجتمع

سواء كان ذلك بتأثير مباشر على البناء االجتماعي في تكوينه وتركيبته ، الوظائف إلشباع حاجات المجتمعأم كان التأثير يقتصر على الوظائف التي يفرزها الدور االجتماعي الذي يقوم به الفرد تبعًا لمكانته ومركزه ،

حيث أن البناء االجتماعي هو تنظيم معين للسلوك اليومي ألفراد المجتمع ولعالقاتهم ، تماعياالجوأن هذا المفهوم األساسي في علم ، االجتماعية بطريقة تتيح التنبؤ بسلوك هؤالء األفراد إلى حد كبير

، والمكانات ، والمعايير ، من بينها النظم االجتماعية ، االجتماع يتضمن العديد من العناصر األساسيةهل يؤثر الحراك االجتماعي في تكوين بنية :والسؤال المهم الذي نطرحه هنا هو ، ، والجماعات واألدوار، أم أن البناء االجتماعي هو الذي يفسح المجال للحراك االجتماعي ليكون متنفسًا للضغوطات التي المجتمع

.يواجهها المجتمع؟

ترجع إلى ، لكلتا الحالتين تأثيرهما الذي يخضع أيضًا إلى عوامل موضوعية أخرىمن وجهة نظرنا فإن فقد يعجل الحراك االجتماعي من احتالل المكانات والمراكز ، العوامل الديمغرافية والثقافية والتاريخية

الوظائف التي ما ينتج عنه تغير في ، االجتماعية في مجتمع ما بطريقة مغايرة لما كان معهودًا به من قبلفي حين أن بنية ، وقد ينعكس ذلك على البناء االجتماعي ، تتبلور في هيئة أدوار يقوم بها شاغلي المكانات

فالبناء ، وتختلف هوامش الحركة من بنية اجتماعية إلى أخرى ، المجتمع البد لها من أن تتيح مجااًل للحراك ، ويتضح ذلك في المجتمعات التقليدية القديمة ، لمجتمعاالجتماعي المغلق ال يعطي فرصًا ناجزه لحراك ا

.أما المجتمعات الصناعية المتقدمة فهامش الحراك فيها أكبر وتكون البنى االجتماعية أقل مقاومة له

18

:المراجع والمصادر

. 19/5/2991الصادر في 2213، الحوار المتمدن ، العدد ( 2991) الربيعي ، صاحب .1فايز الصايغ ، مركز دراسات الوحدة العربية ، : ، علم االجتماع ، ترجمة(2995)أنتونيجيدنز، .2

. 395بيروت ، صوجيه : ، المعجم النقدي في علم االجتماع ، ترجمة ( 2991) بودون ، ريمون وبوريكو ، فرانسوا .3

. 491أسعد ، الهيئة العامة السورية للكتاب ، دمشق ص . 3419الهجرة من الريف إلى المدينة ، صحيفة عكاظ ، العدد ( 2919) القباع ، مندل .4المفاهيم األساسية في علم االجتماع ، دار الحداثة للطباعة للنشر والتوزيع ( 1614) أحمد ، خليل .5

. 64، ص 1، بيروت ، ط http://www.moqatel.comموقع المقاتل .9محمد مصطفى الشعبيني ، دار المريخ : ، علم االجتماع ، ترجمة ( 1616) ون هس ، بيث وآخر .1

. 395 399للنشر ، الرياض ، ص ص . 364، قاموس علم االجتماع ، دار المعرفة الجامعية ، ص ( 2999) غيث ، محمد عاطف .1عمان ، علم االجتماع ي الموضوع والمنهج ، دار مجدالوي للنشر ، ( 1666) خمش ، مجدالدين .6

. 136األردن ، ص ، نظرية الدور ي دراسة تأصيلية في المنطلقات االجتماعية ( 2911) عبد الشافي ، عصام .19

.والسياسية ، المركز العربي للدراسات واألبحاث . 229، معجم مصطلحات العلوم االجتماعية ، ص ( 1611) بدوي ، أحمد زكي .11

. 61/5/8002، الصادر في 8822صاحب الربيعي ، الحوار المتمدن ، العدد 1

215، ص 8005، علم االجتماع ، ترجمة فايز الصياغ ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، أنتوني جيدنز 2 106،ص8002وجيه أسعد ، دمشق ، الهيئة العامة السورية للكتاب، : ريمون بودون ، فرانسوا بوريكو ، المعجم النقدي في علم االجتماع ، ترجمة 3

8060/ 68/ 62، 2120ن الريف إلى المدينة ، صحيفة عكاظ ، العدد مندل عبدهللا القباع ، الهجرة م 4 81، ص 6821خليل أحمد خليل ، المفاهيم األساسية في علم االجتماع ، بيروت ، دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة األولى 5

http://www.moqatel.com 6 ،ص ص6828محمد مصطفى الشعبيني،الرياض،دار المريخ للنشر،:بيث هس وآخرون ، علم االجتماع ، ترجمة 305/306 7

8 281، ص 8001محمد عاطف غيث ، قاموس علم االجتماع ، دار المعرفة الجامعية ، 212ريمون بودون وزميله ، مرجع سابق ، ص 9

266بيث هس وآخرون ، مرجع سابق ، ص 10 220ريمون بودون وزميله ، مرجع سابق ، ص 11

628، ص 6888مجد الدين عمر خيري خمش ، علم االجتماع ـ الموضوع والمنهج ، األردن ، عمان ، دار مجدالوي للنشر ، 12 8066عصام عبد الشافي ، نظرية الدور ـ دراسة تأصيلية في المنطلقات االجتماعية والسياسية ، المركز العربي للدراسات واألبحاث ، 13

19

651مجد الدين عمر خيري خمش ، مرجع سابق ، ص 14 880، ص 6822أحمد زكي بدوي ، معجم مصطلحات العلوم االجتماعية ، بيروت ، مكتبة لبنان ، 15 868 862محمد عاطف غيث ، قاموس علم االجتماع ، مرجع سابق ، ص ص : أنظر في ذلك 16 888محمد عاطف غيث ، مرجع سابق ، ص 17

282، ص 6828محمد سعيد فرح ، البناء االجتماعي والشخصية ، االسكندرية ، دار المعرفة الجامعية ، 18