من بلاغة القران

96
غــة القــرآن مـن ب بالغدوعب ا صال وابكار وا والعاد إعدم دسوقيعليمد عبد ال مد الدكتورغة والنقدقسم البدرس ب ازهر الشريفمعة العربية جالغة اية ال كل

Upload: -

Post on 11-Feb-2017

158 views

Category:

Education


8 download

TRANSCRIPT

Page 1: من بلاغة القران

مـن بالغــة القــرآنواآلصال يف اتلعبري بالغدو

والعيش واإلبكار

إعداد الدكتور حممد حممد عبد العليم دسوقي

املدرس بقسم البالغة والنقد كلية اللغة العربية جامعة األزهر الشريف

Page 2: من بلاغة القران

2

م6868/3662الكتب ررقم اإليداع بدا

حقوق الطبع حمفوظة للمؤلف

Page 3: من بلاغة القران

3

دمةاملقالحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل وعلى آله وصحبه ومن وااله،

:وبعد

وبخاصة ،ما من شك فى أن معرفة مواضع ودالالت األلفاظ فى سياقاتهاف يعلى تحرير معان أ يتوقف أوألأ .. ى داللتهعلواشتد الخالف هما اشتجر القوم في

بغية ،ظة مالفن تدبر مواقع أكما ،األلفاظ في معجمات العربية وقواميسهاتيك هو من النصيحة لكتاب ،الوقوف على داللتها ومدى أثرها في نسق الذكر الحكيم

التوطئة ألن هوتدعونا هذ.. اهلل الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفهبـ راأ فيه عن الطرف األول للنهار معب الكريم ىء النظم ين الحديث عن سر مجأقرر أ( باإلشراق)وبـ ،ثالثة( اإلبكار)بـ و ،خرىأ( قبل طلوع الشمس)ـ وب ،تارة( الغدو)

( قبل الغروب)بـ و ،تارة( يالعش)بـ الطرف الثاني عن فيه راأ معب هؤ ومجيرابعة، بـ تارة و ( بكارإلا)بـ (العشي) وكذا الحديث عن مقابلة .. ثالثة( صالاآل)ـ وب ،خرىأبـ تارة و ببعض ما ذ كر( كرةالب )ومقابلة )ثالثة، ( إلشراقا)وبـ خرى أ( الغداة)وكذا مجيؤ تلك المفردات معر فةأ في بعض األحيان ومنكرةأ في .. خرىأ( األصيل)

سباب بل يستوجب الوقوف على أ يلهو مما يستدع.. لى غير ذلكإ بعضها اآلخرك أن األلفاظ في هذا التنوع وعن أسرار مجيئه على الصورة التي ورد عليها، ذل

تختلف وال تراها إال متفقة وتفترق وال تراها إال مجتمعة، "هذا وما جاء على شاكلته وتذهب في طبقات البيان وتنتقل في منازل البالغة، وأنت ال تعرف منها إال روحاأ تداخلك بالطرب وت شرب قلبك الروعة، وتنتزع من نفسك حس االختالف الذي

الكالم وتصفحت به على البلغاء في ألوان خطابهم وأساليب طالما تدبرت به سائر كالمهم وطبقات نظامهم مما يعلو ويسفل أو يستمر وينتقض أو يأتلف ويختلف

فأنت ما دمت في القرآن حتى تفرغ منه، ال ترى غير صورة واحدة من الكمال ... وأغراض وإن اختلفت أجزاؤها في جهات التركيب وموضع التأليف وألوان التصوير

. "الكالم

وقد كان دافعي لخوض غمار هذا البحث مع الرغبة في استجالء أسرار ، واستكناه الحكمة من وراء اصطفاء هذين الوقتين وانفرادهما -التنوع فيما ذكرت

فيما أعلم -ندرة بل ال أبالغ إن قلت انعدام تخصيصه .. بالذكر –دون سواهما الكم غير القليل من المترادفات والمتقابالت، بدراسة مستقلة تكشف عن هذا -

ومن عجيب ما الحظت أن الدراسات التي عنيت بالبحث عن مثل هذا، وحتى

.11 ، 11 عي ص إعجاز القرآن ملصطفى صادق الراف

Page 4: من بلاغة القران

4

التي تناول مصنفوها ما اشتبه من النظم، وأفردوا ألجله العديد من الكتب ، (درة التنزيل وغرة التأويل)والمجلدات من نحو ما فعله اإلسكافي في كتابه

، لم (مالك التأويل)، والغرناطي في كتابه (الوجوه والنظائر)ي في كتابه والدامغانتعرض هي األخرى لشيئ من ذلك، األمر الذى دعاني لالعتماد كلية بعد اهلل أوالأ، على ما كتبه أهل التأويل على الرغم من تحفظي على كثير مما ذكروه في هذا

.الصدد

ي النسق الكريم وعن طرائق هذا وقد اقتضى الحديث عن طرفي النهار فالتعبير عنهما وسر تنوعها، أن تأتي تلك الدراسة في ثالثة مباحث تناول أولها مدلوالت هذه األلفاظ وأسباب تنوعها وتخصيصها بالذكر دون سائر األوقات األخرى، وجاء ثانيها متحدثاأ عما خ ص به هذان الوقتان من أمر التسبيح وما إذا

محموالأ على ظاهره المعروف في اصطالح التخاطب من التنزيه كان المعنى فيه أم غير ذلك من معانيه المستعمل فيها على جهة المجاز، ( سبحان اهلل)ومن قول

كما تطرق المبحث الثالث للحديث عن المقامات التي ورد فيها التعبير عن طرفي تقابالت، ومع ما تالءم النهار وكيف جاء كل منها متناغماأ مع ما ناسبه من هذه الم . وكان منه بسبب من تعريف أو تنكير ومن تقديم أو تأخير

.واهلل الموفق والهادي إلى سواء السبيل

Page 5: من بلاغة القران

5

املبحث األول

معنى األلفاظ الواردة يفت مدلوال النهار طريف

وسر تنوعها وختصيصها بالذكر

Page 6: من بلاغة القران

6

عند تناول أي من الموضوعات التي مما تجدر اإلشارة إليه أنه ال غناء المعبرة عنه، معاني المفردات تتنوع طرق الحديث عنه، من الوقوف أوالأ على

بغير الوقوف على داللة هذه البعض، إذ وبخاصة عندما يتم التقابل بين بعضهايتسنى بحال مفردة مما احتوته واشتملت عليه ال كل على داللة بل و ،المتقابالت

.وال بحث ما بأسرار تنوعها وبالغة مواقعها ،ما بسياقاتها كناهتاس

والحق أن المفردات التي ع بر بها عن طرفي النهار وقوبلت بأضدادها هنا في النسق الكريم اتها المتطابقة برت ح، ن ثمتقابلة لئآلفي موضوعنا هذا تمثل

.حكامإلالدقة وا يفي نظام بديع هو غاية ف ،وهناك

:النهار يفي معنى ما ورد في طرفالقول رتحري

، ينآلفاظ وروداأ في النظم القر كثر هذه األأ يلمعان عاأ ولتكن البداية تتبخر النهار في مقابلة آفقد وردت هذه الكلمة المراد بها .. (يالعش)وهي كلمة

واذكر ) :وذلك في قوله سبحانه( بكاراإل)بـ أوله تسع مرات، أربعا منها قوبلت ن أليهم إى حفأو (: ، وقوله( 1/ل عمرانآ.. بكارواإل يوسبح بالعش ربك كثيراأ

ال يسمعون فيها لغواأ إال سالماأ ولهم : )، وقوله( / مريم .. سبحوه بكرة وعشياأ واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك ) :، وقوله(26/مريم .. رزقهم فيها بكرة وعشياأ

:وهي قوله ،(الغدو) ها بلفظةوثالثا قوبلت في.. ( 55/غافر ..بكارواإل يبالعشواصبر ) :، وقوله(56/نعاماأل.. وال تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي)

النار ) :، وقوله(62/الكهف ..ي اة والعشدنفسك مع الذين يدعون ربهم بالغ، وذلك (شراقاإل)بـ كما قوبلت مرة .. ( 12/غافر.. وعشياأ يعرضون عليها غدواأ

خرى أو (2 /ص.. شراقواإل ييسبحن بالعشمعه بال جسخرنا الإنا ) :في قولهوله الحمد . فسبحان اهلل حين تمسون وحين تصبحون) :ظهار، وذلك في قولهباإل

وقدمت كلمة ،(2 ،1 /الروم.. وحين تظهرون اأ رض وعشيفي السموات واألالخمس يضدادها فأوتأخرت عن ربع مرات،أفي هذه المرات التسع ( ي العش)

.ةالمتبقي

Page 7: من بلاغة القران

7

عمى،ير يل والنهار من غلفي أصله من العشا وهو سوء البصر بال يوالعش : )يقال بل والطيرويكون في الناس والدواب واإل إذا باشر (: شوةركب فالن ع

ضرب مثالأ ، ي (ط عشواءهو يخبط خب : )مثالهم السائرةأومن 6على غير بيان مراأ أبته، كالناقة العشواء التي ال تبصر فهي للسادر الذي يركب رأسه، وال يهتم لعاق

:ما مرت به، وشبه زهير في قوله تخبط بيديها كل

مر فيهر م ع ه ومن تخطىء يـ ت م ت صب ط عشواء من ت رأيت المنايا خب

لت في صورة شاخصة للعيان وهي تطيح بكل ما ث شبه المنايا التي م ، بالجمل الذي يخبط خبط ما استثناءساءلة ودون مخذه دون ما أاعترض طريقها فت

بـ عدى عشوته أي قصدته ليالأ، وت : وتتعدى تلك المفردة بنفسها فيقال.. عشواء للضيافة واستدل اأ تى نار أ، إذا (لى النار وعشاهاإعشا : ) قولهم فيكما ( لىإ)

، إذا علم مكان أهله فقصد (لى أهله يعشوإعشا الرجل )عليها ببصر ضعيف، و :قول اهلل تعالى يلى غيره كما فإن صدر عنه إ( عن)ـ عدى بليل، كما ت لول اليهم أإ، قال (62/الزخرف.. فهو له قرين ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناأ )

( عن ذكر الرحمن ش ع يـ )ومن قرأ : قال. معناه من يعرض عن ذكر الرحمن: الفراء .6يظلم بصره يعنه، وقيل أ فمعناه من يعم

البصر في صر النظر فالمادة على ما هو متضح تدور حول ضعف الرؤية وق إذاو الزمان، فأطلقت على ما يتحقق فيه ذلك في الحال أ و في البصيرة، ومن ثم أ

ذلك الوقت دعي وتحولت الشمس غربية شرقياأ زالت الشمس فتحول الظل فيما يزهر وقال األ اللسان،صاحب م فيما نقله عنه ث، كذا قال أبو الهي(يالعش)

ذا إلى وقت غروبها، فإعلى ما بين زوال الشمس يش يقع الع : )يضاأ أنقله عنه .1(شاءغابت فهو الع

وهذا فيما أرى أدق مما ساقه صاحب اللسان وصاحب بصائر ذوي من زوال الشمس )نه أمن بدونه يصفهان، بل وساقه األ5التمييز بأسلوب التضعيف

المعنى ولم يذكر هذا لذكر في الداللة على اأفرده األخير ب، حيث 2(لى الصباحإ .4/9191 ن العرب نظر لساي

.1 /9ساس البالغة أ 9 .4/9192ينظر لسان العرب .ينظر السابق 4 .4/91السابق و ينظر بصائر ذوي التمييز للفريوزابادي 9 7/947وينظر التحرير والتنوير 9 ص ن للراغب األصفهاينآاملفردات يف غريب القر 9

.4جملد

Page 8: من بلاغة القران

8

ت فيها هذه المفردة مع جاءيات التي رد عليه ما أفاده سياق اآلين ذلك إف.. غيرهعلى الذكر المطلق كما في نحو قوله وقع التسبيح فيهما عطفاأ حيثما قابلها،

.. وسبحوه بكرة وأصيالأ منوا اذكروا اهلل ذكراأ كثيرا آأيها الذين ا ي) :تعالىوعليه المغايرة، ييقتض -على ما هو معلوم -والعطف (16، 1/األحزاب

اذكروا اهلل أيها المؤمنون في كل وقت وخصوا -واهلل تعالى أعلم بمراده -المعنىفهذين الوقتين بما هو أدل على كمال نعمته ودالئل قدرته وعجيب صنعه بتنزيهه

. تعالى وتسبيحه

وهلل يسجد من في السموات واألرض طوعاأ ) :الكريمة ةيرد عليه اآلكما يفي ،صال الذي يفيده، إذ وقوع اآل(5 /الرعد... صالوكرهاأ وظاللهم بالغدو واآل، ويوجب أن يلى تعيين المراد من العشإ، يشير (الغدو)مقابلة ما يقابله غالباأ وهو

كما هو - ألشياء ال تحدثيكون المراد به ما قبل غروب الشمس الن ظالل اويردعليه .. إال فيما بين طلوع الشمس وغروبها -متعالم لدى الخاصة والعامة

ألن (1 /هود.. يللالنهار وزلفاأ من ال يرفطوأقم الصالة ) :كذلك قوله تعالىأن يكون المراد بالصالة هنا يتقتض ه،ل على ما يستحقمهي إيقاع العو : اإلقامة"

إلقامة الصالة المفروضة، فعلم أن المأمور ظرفان رفان ة، فالط الصالة المفروضخره وهي العصر، ويكون آالصبح، وصالة في يصالة في أول النهار وه عقا يإ

السنة يالتنزيل وف آيدهما في و ور كثر الذي يذلك هو المراد من الغداة والعش هعلم منيضاأ ي أهذا ختها، و أوهي الساعة القريبة من ،مع زلفةجوالزلف .. المطهرة

ليل الذي يبدأ من صالة المغرب وهيلإيقاع الصالة في طائفة من ابه، أن المأمور : التمييزي وفي بصائر ذو ، .."النهار يغير الصالة التي في طرف -بالطبع - يطرف: )قوله تعالى" :وفيه، 6"أي الغداة والعشي (رالنها يوأقم الصالة طرف): قوله"

وي ذلك عن الحسن وقتادة والضحاك ونص عليه ر ،6"رلفجر والعصأي ا (النهارأن ييقتض يئأبو حيان بناء على أن طرف الش هواستظهر 1يالزمخشري والبيضاو

على حد - وجب"وعليه فقد .5"والتزم أن أول النهار من الفجر يئ،يكون من الش

.بتصرف 9من اجمللد 71 /9 التحرير .9/919وينظر الكشاف 92/ البصائر 9 . 92/ البصائر 4 9/9 يلوساآلو 9/999حباشية الشهابي وتفسري البيضاو 4/922ينظر الكشاف 4

.7جملد هو ،له حقيقة فيهماعد الصبح كاملغرب طرف جمازي،وجع ،ومن جعله من طلوع الشمس 9

.من أدلةمن زخرف القول ملا ذكرنا

Page 9: من بلاغة القران

9

اد به فيكون المر ، "على صالة العصر يحمل الطرف الثان -يحد قول الراز .إذ ليس قبل غروب الشمس سواه ي،العش

المأمور فيه ( يالعش)على ( يالطرف الثان)وأصرح من ذلك في داللة وسبح بحمد )بالتسبيح، قوله تعالى في ذات األمر، وفي إطالقه على نفس الوقت،

: سياق مماثل يوقوله ف، (63 /طه .. ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبهافي به تأدية ما صدر األمر ل -إذ ليس قبل الغروب (63/ق.. وقبل الغروب)

( يالعش)ال يجوز أن يكون المراد من هنإخال العصر، وعليه ف -من تسبيح يالعشعن ابن عباس، يوغيره والمرو يصالة المغرب، على ما هو المختار لدى الطبر

:عالىوكونها داخلة تحت قوله ت ،األدلة التي سقناها هألن ما ذكروه يعكر صفو ،هم إال على سبيل الحمل على المجاز فإنه يسوغ حينذاكلال 6(يللمن ال وزلفاأ )ولعل الذي حدا بمن ذهب 6"ن يطلق عليه اسمهأألن ما يقرب من الشيئ يجوز "ويجعله أحد قولين مشهورين في معنى التسبيح بالغدو لى هذا ألن يقول به، إ

ن إقامة أية إلجماع األمة على هر هذه اآلتعذر العمل بظاواآلصال كما سيأتي بيانه، في ذلك الوقت غير مشروعة، فتعين من ثم تفسير الطرف الثاني بصالة الصالة

ن أوجوابه أن هذا التعين محمول على المجاز، وذلك ال يمنع من .. المغرب لى إفإن كان النهار في أول الفجر "وعليه ،يكون مراده على الحقيقة هو العصر

ن كان من إو ،يللال طرف مجازاأ وهو حقيقةأ ،(طرف)شمس فالمغرب غروب الوالحقيقة فيه هو 1"لى غروبها فالصبح كالمغرب طرف مجازيإطلوع الشمس

إنا سخرنا )قوله سبحانه في حق داود عليه السالم هذا د عضركعتا الضحى، ير ومن ثا، وكذا ما ورد من اآل(2 /ص ..بالعشي واإلشراق نمعه يسبح الجبال

.أدلة السنة المطهرة مما يفيد أن اإلشراق مراد به صالة الضحى

صال جمع أ ص ل اآل" :يقول الزمحشري ،واألصيل هو في معنى ما ذكروإن كان من فرق بينهما فيكمن في أنه يتوسع في العشي بما ال ،5"وهي العشي

بعد العصر الوقت :واألصيل.. العشي :األصيل" :وفي اللسانيتوسع في األصيل، ل فهو على ص آصال جمع أ :قال الزجاج.. صالنوأ والجمع أ ص ل 2"إلى المغرب

. 1/9مفاتيح الغيب .بتصرف 1/9مفاتيح الغيب 9 .السابق . 9/41وينظرالوجوه والنظائر للدامغاين 7جملد 4 9/9 يوساآل 4 .91/ الكشاف 9 .11/ لسان العرب 9

Page 10: من بلاغة القران

01

، وإنما سمي كذلك اللتصاقه واتصاله بما هو األصل لليوم التالي هذا جمع الجمعوأصيالل على البدل، أبدلوا من النون أصيالن األصيل تصغيرقالوا في و .. وأوله

: ةقول النابغ هالماأ، ومن

6"أسائلها عي ت جوابا وما بالربع من أحد فيها أصيالالأ وقفت

هو ما بعد صالة العصر ( األصيل)و( العشي)ومحصلة ما ذكر أن وقت إلى ما قبيل غروب الشمس وتلك هي حقيقتهما على ما تقضي به لغة العرب و

سيما األخير – اطلقوإذا ما أ .. لفظان لان اذتفيده سياقات اآليات الوارد فيها على ، فإنه يكونعلى ما بعيد غروب الشمس وهو ما يوافق صالة المغرب -منهما

عن استغراق الشطر الثاني مابه ىلعالقة المجاورة، وقد يكنالمرسل سبيل المجاز .6ليه السياقإللنهار إذا اقتضاه المقام وأومأ

والمراد منهما ،ربكااء على ما سبق ذكره يكون وقت الغداة واإلنوابتلى ما إول الفجر أما يكون من النهار من هو الطرف األول من النهار، و : حقيقة

منه، و يطلق على ما بعيد ذلك يقبيل طلوع الشمس إذ هو المقابل للطرف الثانستغراق بهما كذلك عن اال ىيضاأ، وقد يكنأاورة جعلى سبيل المجاز لعالقة الم.. ماله السياقأن النهار إذا اقتضى المقام ذلك و لجميع أجزاء الشطر األول م

ما بين صالة الغداة وطلوع الشمسوهي . كرةالب : الغ دوة بالضم:"يقول ابن منظور ،مثل الغدوات الغ دوة جمع : يثلوقال ال.. غدوات والغداة كالغدوة وجمعها..

ل مجع أصيل فهي بذلك مجع ص ل، وأ ص أ أهنا مجع ( صالآ)وحاصل ما ذكره وغريه يف ضا على أيل مفردا كعنق وأعناق وهذه جتمع ص ع أصيل كيم ن وأامان، أو هي مجع أ اجلمع، أو هي مج

.صالنأ نظم و 914/ مفاتيح الغيب و 91/ الكشاف وينظر 11/ لسان العرب 9

يلوسواآل 19 والوابل الصيب ص 1 صومفردات الراغب 9جملد 1/949التحرير و 71 / الدرر .2 جملد 1/991 ، 9جملد 994/ 1

هو ما كان وقتا لصالة الظهر قاله جماهد وحممد بن ( العشي)وأغرب من قال بأن معىن ،وإمنا الظهر نصف النهار أن يف جعل الظهر من الطرف الثاين خفاء،"لـ ،ي وابن عطيةظكعب القر تفسري اآللوسي ]اليسمى طرفا إال مبجاز بعيد -لى حد قول صاحب روح املعاينع –والنصف

ضيف بأن لو كان هذا صحيحا ملا كان هناك معىن للعطف يف قوله ، وأ [7من اجمللد 4 9/9 إذ يصري من عطف ( 1 /الروم .. ه احلمد يف السموات واألرض وعشيا وح ن تظهرونول) :تعاىلمن حده من ما ذكرناه غرب منه للسبب ذاته أو ، ء على نفسه، وهو اما ال يسو القول بهىيالش

يف دون أن يذكر غريه، وابن عاشور( 9 ص )كذا فعل الراغب يف املفردات - الصباحىلإالزوال يبالعشيسبحن : )اىلالذي ناقض نفسه فذكر يف قوله تع -4من اجمللد 7/947 -التحريرينظر التحرير ]ىل الغروب إأنه ما بعد العصر ( /ص...يإذ عرض عليه بالعش) :وقوله (شراقواإل .[ جملد 994/ 9 ، جملد 991/ 9

Page 11: من بلاغة القران

00

بالغدايا هتيآل إني: وقالوا( الغ دى واألصائلب(د وأنش.. دى جمع غ دوةالغ و أي جمعوه - ة ال تجمع على الغدايا ولكنهم كس روه على ذلكاوالعشايا، والغد

بينهما، فإذا أفردوه لم اوجوايز ليطابقوا بين لفظه ولفظ العشايا، ول -جمع تكسيروة وغ د و : ويستعمل مصدراأ، يقال .. يكس روه ر، بك : تدىغ، وااأ غدا عليه غ د

أي (صالبالغدو واآل) :وقوله تعالى.. غاداه باكره وغدا عليهالغدو، و : تداءغوااليغدون بالتسبيح أول النهار : إذ األصل فيه -ر بالفعل عن الوقت عب، ف بالغدوات

ك طلوع الشمس أي وقت طلوع الشمس، تتيأ: كما يقال -أي بعيد طلوع الفجر ،(..في سبيل اهلل لغدوة أوروحة) :، وفي الحديثغدا الرجل يغدو فهو غاد : ويقال

."6المرة من الغ د و وهو سير أول النهار، نقيض الرواح: والغدوة

في كتابه لسان العرب عن معنى البكرة مفصحاأ - رحمه اهلل -ويكشف الخروج في : والبكور والتبكير.. الغداة"تعني إنها : تها لصاحبتها فيقولفعن مراد

ال يستعمل إال ظرفاأ، واإلبكار : سيبويه الدخول فيه، قال: ذلك الوقت، واإلبكارمصدر هأن -والكالم ال يزال البن منظور - يكاإلصباح هذا قول أهل اللغة، وعند

أتاه : بكر وباكرهأليه يبكر بكوراأ، وبك ر تبكيراأ وابتكر و إو يئر على الشوبك 6ر،أبكروا بك :يقال، أي وقت كان وبك ر ،ئ فقد أبكر عليهيمن بادر إلى ش وكل .. بكرة

(بالعشي واإلبكار) :أي صلوها عند سقوط القرص، وقوله تعالى بصالة المغرباألصل كسابقه، يريد أنه – كرةجعل اإلبكار وهو فعل، يدل على الوقت وهو الب

ئ يش والباكور من كل -عيد طلوع الفجريبكرون بالتسبيح أول النهار أي ب :فيهحهم ولقد صب ) :قوله تعالى هومن 1"ئ أولهيكل ش ر ك ئ واإلدراك وب يالمعجل المج

.5يعني أول النهار وباكره (62/القمر ...بكرة عذاب مستقر

فالمادة على هذا تدور حول معنى اإلسراع والمبادرة والمعاجلة في أول وفي معنى ،نت صارت ظرفاأ أو مصدراأ، وأريد بها وقت الغدوةو ن نـ إالوقت وهي

كرة التي هي أول النهار فاشتق من لفظه أصل الكلمة هي الب " :بذلك يقول الراغيقدر معه مضاف جمموع أي أوقات الغدو، . مصدرا ال مجعا ( غدو)ويف حال جعل

.9جملد 1/994كذا يف روح املعاين ( صالاآل)ليطابق قوله 7/494 يوالراز 99 /4البصائر يبتصرف وينظر متييز ذو 99 ، 992 /9سان لال 9

.9جملد 1/994 يلوسواآل مها ( بكرة وعشيا )وقت اإلبكار، واللفظان : بل بالعشي كان على تقديروعليه فإذا قو

على أي حال معربان غري منصرف ن، ويطلقان ظرفا وعلما للجنسية على وقتيهما سواء قصد تعيينهما ودراسات ألسلوب 49/ 9ينظر البحر ]ليوم مع ن أو مل يقصد، وجيوز تنوينهما على احلال ن اتفاقا

[. 797/ 1عضيمة / القرآن د . 4/929وينظر مفاتيح الغيب 9 / اللسان 4 . 4/42شاف لكا 9

Page 12: من بلاغة القران

02

ر منها معنى التعجيل و ص وت ،ر فالن بكوراأ إذا خرج ب كرةب ك :لفظ الفعل فقيل . "لتقدمها على سائر أوقات النهار

التي اتضح من خالل كالم أهل اللغة (بكرة)وإن كان من فرق بين كلمة وما راد فها مما وقع في مقابل ..ة الصبح وطلوع الشمس قتها هو ما بين صالو أن

أن اإلشراق يكون عند من التزم جعل أول النهار هو (اإلشراق)العشي لكن بلفظ فيمن طلوع الشمس، إذ هو بهذا حقيقة فيه، ولذا قالوا في تفسير قول اهلل تعالى

.. اإلشراقو يإنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعش) :حق داود عليه السالم يقال شرقت "، ئ ويصفو شعاعهايتض ييعنى حين تشرق الشمس أ( 2 /ص

دخلوا في وقت : وأشرق القوم"، 6"أضاءت :وأشرقت طلعت،: الشمس شروقاأ فأخذتهم : )وفي التنزيل دخل في شروق الشمس، يأ :شرق الرجلأو "، 6"الشروق

.. ن فأتبعوهم مشرقي)أي مصبحين، ( 16/الحجر ..الصيحة مشرقين .1"لحقوهم وقت دخولهم في شروق الشمس وهو طلوعها يأ( 23/الشعراء

:وما في معناهما بين الحقيقة والمجاز يمدلوالت الغداة والعش

والذي ينعم النظر في تتبع مقوالت أهل التأويل من المفسرين والمشغولين صرون النهار، يلحظ أنهم ال يق يبالدراسات القرآنية في معنى ما جاء في طرف

المخصصين لهما عند أهل اللغة و على وقتيهما المعلومين يالغداة والعش يمدلولأعنى من الفجر إلى طلوع الشمس ومن العصر إلى انتهاء ،على جهة الحقيقة

بل إنهم يتوسعون فيهما ليمتدا لديهم وليشمال سائر ساعات الليل والنهار،.. النهارعلى معنى المداومة لتسبيح بالغداة والعشي وما ذلك إال حمال أ لمعنى األمر با

.ذلكإلى ة ئ وم لمدلوالت النصوص وسياقات اآليات الم اأ وفق

ولنتأمل في ذلك مثالأ ما ذكره صاحب الكشاف تفسيراأ لقول اهلل تعالى وقد تبعه فيه غيره، ( 26/مريم.. ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياأ : )عن أهل الجنة

أنا عند فالن صباحاأ ومساءأ وبكرةأ : )الرزق ودروره كما تقولراد دوام أ" -:يقولابن الطاهر ، وما ذكره5"وال تقصد الوقتين المعلومين يمومةتريد الد ،(وعشياأ

97املفردات ص . / البصائر يمتييز ذو 9 . 4/9949اللسان .السابق 4 ييضاو بشهاب ىل الالوحاشية 1/417وينظر الرازي 9 9،9 9/9الكشاف تفسري 9

9/919.

Page 13: من بلاغة القران

03

من الزوال والعشي النهار، أول: الغداة" :حيث يقول( 56/األنعام ..يريدون وجهه ي وال تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعش: )عاشور في تفسيره لقول اهلل تعالى يفالغداة والعش والمعنى أنهم يدعون اهلل اليوم كله،.. والباء للظرفية ،إلى الصباح

قصد بهما استيعاب الزمان واأليام كما يقصد بالمشرق والمغرب استيعاب األمكنة، :آليةلنفس ااأ تفسير يلوسوفي معناه يقول اآل ، "الحمد هلل بكرةأ وأصيالأ : وكما يقال

وعلى ،6"هنا الدوام كما يقال فعله مساءأ وصباحاأ إذا داوم عليه والمراد بهما ها"إني " المفسرين وربما كان مستندهم في هذا صحة ما ورد عن العرب هذا دأب جل

.ئيقصدون بذلك استدامة المجي 6"آلتيه بالعشايا والغدايا

المداومة في فعل والحق أن األمر في هذا ال يعدو أن يكون كناية عن وفي عدم انقطاع الرزق عن أهل الجنة، وال يعني ،وفي استدامة الدعاء ،ئيالمج

إذ ،يخرج اللفظان عن حقيقتهما الموضوعة لهما في اصطالح التخاطب بحال أننعام على حال واحدة ليس من المعقول أن يظل هؤالء المتحدث عنهم في آية األ

ال يعقل أن يبقى أهل الجنة الوارد ذكرهم في آية وال يميدون، كماعنه ال يحيدون مما ال -إذ ذلك ،وبقائهم السرمدي يمريم يطعمون ويشربون مدة خلودهم األبد

مما يبعث على الملل ومما يتنافى مع خلق التوسط والزهادة اللذين -شك فيهالنعيم الدنيا، كما أن فيه مشغلة كذلك عن التمتع بسائر ألوان يا فمتربوا عليه

لبالحور العين والتقاب يأعدها اهلل لعباده الصالحين من نحو التسر ياألخرى التء من المتقين والنبيين على السرر واألرائك والورود على الحوض ومصاحبة األخال

ه والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاأ، بل وفوق كل ذلك وأعالعن متع بالنظر إلى وجهه الكريم كما في قولهلنيل رضا اهلل سبحانه والت يالسع

لبيك ربنا : أهل الجنة، فيقولون يا: يقول ألهل الجنة) هرب العزة سبحانه من أنوما لنا ال نرضى يا رب :هل رضيتم؟ فيقولون: فيقول ،وسعديك والخير بين يديك

؟ أال أعطيكم أفضل من ذلك :فيقول حداأ من خلقك؟أوقد أعطيتنا ما لم تعط فال أسخط يعليكم رضوان أحل : ئ أفضل من ذلك؟ فيقولييارب وأي ش: قولونيف

إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار ) :وقوله فيما رواه مسلم ،1(أبداأ بعده عليكم : النار نادى منادياأ يا أهل الجنة إن لكم عند اهلل موعداأ يريد أن ينجزكموه فيقولون

ر نألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة وي لم يثقل موازيننا أ وما هو؟ : ا من النار؟ قالج فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فواهلل ما أعطاهم شيئاأ أحب إليهم من النظر

.(إليه وال أقر ألعينهم .4جملد 7/947التحرير

.9جملد 9 7/9 ياآللوس 9 .4/9199اللسان .ومسلم واللفظ له يرواه البخار 4

Page 14: من بلاغة القران

04

وقد استشعرالبيضاوي كل هذه المعاني فراح يمرض حمل المعنى على : يفيد الحمل على الحقيقة، يقولالديمومة ويتورك على القائلين به، ويقدم عليه ما

على عادة المتنعمين والتوسط بين الزهادة (: "ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياأ )قوله 6"، وقيل المراد دوام الرزق ودروره والرغابة

على ( شاءالع ) طالقإمنظور على من يذهب إلى عجيب أن يستنكر ابن لوا ينكر بنفس القدر على من ذهب فترة ما بين زوال الشمس إلى طلوع الفجر وال

مكتفياأ في ذلك بلفظ التضعيف، إذ ،من زوال الشمس إلى الصباح :إلى أن العشي : من زوال الشمس إلى الصباح، ويقال لما بين المغرب والعتمة يوقيل العش" :يقول

:ذلك يشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر وأنشد فشاء وزعم قوم أن الع ع

.6"شاءأ بعد ما انتصف النهارسحراأ بليل ع غدونا غدوة

يفيد اقتراب ما (بعد ما انتصف النهار: )على الرغم من أن قول الشاعرز لعالقة المجاورة افيكون الحمل على المج ،شاءبعد منتصف النهار إلى وقت الع

هو ما شي ئ القول بأن الع يوليس من هذا في ش ..لقرب المسافة الزمنية مستساغاأ واألعجب منه أن .. ين زوال الشمس إلى صباح اليوم التاليمتد وقته ليتسع لما بي

:من قوله ينشده ابن األعرابأما ي ذلكيورد ف

ب أشر يتضحك عن ذ بالعشي ريد خ عجزاء هيفاء ينق عذ

:س له مخرجاأ ويعلق عليه بقولهتلموي ،موضع الليل ي عنه وضع العش يفينفشاء الذي هو ، فإما أن يكون سمى الليل عشياأ لمكان الع (بالليل) ن أرادفإ"

يموضع الليل لقربه منه من حيث كان العش( العشي )مة، وإما أن يكون وضع لالظوإنما أراد الشاعر أن يبالغ " :يقول... 1"آخر النهار وآخر النهار متصل بأول الليل

ستحيا عدم فيه الرقباء والجلساء وأكثر من ي ئها، ألن الليل قد ياها واستحيد بتخر ، وإذا ما 5"دها نهاراأ إذا حضروا؟ه، فإذا كان ذلك مع عدم هؤالء فما ظنك بتخر من

باعتبار أن أكلها يوجب ( الوجبة)وكان العرب يسمون األكل مرة واحدة يف اليوم والليلة أي يف كثرة ( الرغبة)زهادة، وكان إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجبهم ذلك ويسمون ماعدامها

ينظر أضواء على متشاهبات ]ن هلم يف اجلنة هذه احلالة اليت تعجبهم األكل، فأخربهم سبحانه أ [.2 /9القرآن للشيخ خليل ياس ن

.9/919تفسري البيضاوي 9 .4/9199اللسان .السابق 4 .السابق بتصرف 9

Page 15: من بلاغة القران

05

هو في معنى العشي كما قرر أهل اللغة وأهل التأويل ( األصيل)اتفقنا على أن لفظ ال يسمى – على ماقرروا أيضاأ –وعلى ماسبق ذكره، فإن الزوال وما يقرب منه

أصيالأ، وما قيل من أنه يسمى كذلك، لو سلم فهو ارتكاب لغير المألوف من غير إن : ، وطرقاأ للباب على وتيرة واحدة وقياساأ على ما سبق نقول ضرورة تدعو إليه

إطالق العشي كذلك ليمتد إلى صباح اليوم التالي هو أيضاأ ارتكاب لغير المألوف . من غير ضرورة تدعو إليه

في الحمل على المجاز مع ما يفيده -مما يعد مقبوالأ - ما مضى ونظير افي الوقتين المذكورين، م لشيئستدامة على فعل استغراق واالمن الداللة على اال

واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك ) :في تفسيره لقول اهلل تعالى يذكره الراز ارة عن أول النهار إلى النصف، اإلبكار عب" :قال (55/غافر ..ي واإلبكار شبالع

، وأحسب أن 6"آخر النهار، فيدخل فيه كل األوقات ىعبارة عن النصف إل ي والعشستغراق في المقام حمله على معنى اال يما يقتضيهذا هو األليق فيما هذا شأنه وف

ئ يطلق عليه اسمه، وقد يعلى اعتبار أن ما يقرب من الش ،الزمن وفاءأ بحق السياقير من المفسرين هذا المنحى مقدمين إياه على القول بمغالطة أهل اللغة نحا كث

.زوال الشمس إلى الصباح وجعله من والجنوح بالعشي

يمن هؤالء صاحب التحرير والتنوير فقد ذهب في تفسيره لنفس اآلية التساعات سائر لالشاملة ةستدامواإلبكار على اال ي حمل الزمخشري فيها معنى العش

إلى ،(26/مريم ..ولهم رزقهم فيها بكرةأ وعشياأ ) :قوله تعالى يم والليلة، وهاليو . 6النصف األخير( ي العش)النصف األول من النهار، و(: البكرة)"المقصود من أن

لهم رزقهم غير محصور وال مقدر بل ي، أ1والجمع بينهما كناية عن استغراق الزمنه لم يستمر على هذا المنحى وراح في وإن كان يعاب عليه أن.. 5"كلما شاءوا

على ما بين زوال الشمس إلى الصباح على نحو يخرى يحمل معنى العشأمواضع .آلية األنعام هتفسير فعل فيما

حتج لهذا أن المقصد من كالمه الذي أورده في تفسير آية األنعام، وال ي عن ذلك أن ستدامة، ألن الجوابوكذا كالم من حجل بقيده، التكنية عن اال

. 9 /1ينظر حاشية الشهاب .991/ مفاتيح الغيب 9 ".يم رزقهم يف مقدار ما ب ن الغداة والعشإمنا أراد هل: "ولعل هذا ما عناه ابن منظور بقوله .الرغابة ملا سبق ذكرهو إلفادة التوسط ب ن الزهادة ،محل املعىن على احلقيقة هواألليق من 4 .1جملد 1 /9 التحرير والتنوير 9

Page 16: من بلاغة القران

06

على نحو ما –الكناية ال تمنع من إرادة ظاهر اللفظ، وظاهر اللفظ يصعب حمله . مريم واألنعام على وجه الحقيقة يفي آيت -ارتأينا

واذكر ربك في : )ى قد يحمد في مثل قوله سبحانهحعلى أن هذا المن صال وال تكن منودون الجهر من القول بالغدو واآل نفسك تضرعاأ وخيفةأ

وال ينام يتنام عين): ضميمة قوله بإذ الحمل فيه ( 635/األعراف... الغافلين على التكنية عن سائر أحواله .. (وال تكن من الغافلين: )، وقوله سبحانه(يقلب

، ئ إليهق ويوم اما يدل عليه السيلمناأ ليالأ أو نهاراأ عالإ يقظةأ أومناماأ سراأ أوفي سياق الكالم ما ينافيه أو يتماشى معه من نحو ذلك أال يوجد فيوالشرط

يا أيها : )في نحو قوله سبحانه ي الغداة والعش يطالق الذكر وتقييد نوع منه بوقتإ، (16، 1/األحزاب.. الذين آمنوا اذكروا اهلل ذكراأ كثيراأ وسبحوه بكرةأ وأصيالأ

ما مختص بهما ال يهمنكون الموقوت بز لن الحمل فيه على الوقتين وكذا ما تعي وهلل يسجد من في السموات واألرض طوعاأ وكرهاأ : )قوله سبحانه ييتعداهما، كما ف

ئ ال يظهر فيإذ من المعلوم بداهة أن ال( 5 /الرعد.. صالوظاللهم بالغدو واآل، ونظير يناهما اللغو عالوقتين بم فيبصورة كاملة تشعر بما يمليه النظم الكريم إال

ال ينصرف بها المعنى إال إليه، يببعض دالئله الت هوصاأ على وقتيذلك ما كان منص يإنا سخرنا الجبال معه بالعش: )اآلية الكريمة الواردة في حق داود يكما ف

رتفاعهما عن األفق اوقت اإلشراق محدود بوقت " لك أنذ( 2 /ص.. واإلشراقوقت بدء طلوعها وذلك ال يتأتى إال "وهو ما يسمى بالضحوة الصغرى يالشرق

.لوال يكون دون ذلك أو سواه بحا

:النهار على بعض ووجه تنوعها يمن أسرار تقديم بعض مسميات طرف

منا اإلبحار في الكتاب العزيز بغية الوقوف على سر التنوع في ر وإذا ماالتعبير عن الوقتين المنوط بهما هذا البحث، وأردنا الكشف عن عالئق التراكيب

بتغينا الغوص او ،خرفيها بعض مسميات هذين الوقتين على البعض اآلدم ق يالتأن لنا أوالأ إنه ال بدف .. ختالف سياقاتها وتناغيها وتواصلهاه اللتعرف على وجو

.المالبسات التي ورد فيها ذكر هذين الوقتين ينستجل

على اإلبكار كما في حق ( ي العش)دم فيها لفظ والمتأمل للسياقات التي ق ، ( 1/عمران آل.. بكارواإل ي ذكر ربك كثيراأ وسبح بالعشاو : )عليه السالم زكريا

ستغفر لذنبك وسبح او ) :قبل هجرته إلى مكة وقوله في مخاطبة نبيه محمد في قوله سبحانه بضميمة ما جاءيبصر ، (55/غافر.. واإلبكار ي بحمد ربك بالعش

.بتصرف من اجمللد 99 / 9 روح املعاين

Page 17: من بلاغة القران

07

،(2 /ص.. واإلشراق ي بالعشإنا سخرنا الجبال معه يسبحن : )في حق داود ، كما جعله وصفاأ ألول النهار من بعد طلوع الشمس ال الفجر أن اإلبكار يدق

عليها ما يصور حال ( ي العش)تقديم يوف، (اإلبكار)مفردة ءفاطصايرمق أن في األمم السابقة المستضعفة وما كانت عليه من تلبس بالعبادة المفروضة، وكذا ما

وصحبه الكرام قبل فرض الصلوات الخمس وقبل الجهر ينبكان عليه ال .بالدعوة والصدع بها

باألنبياء من قبله وأن يعبد اهلل بالكيفية يقد أمر بأن يقتد ونعلم أنه وصالة ركعتين في آخر النهار ومثلهما بأوله هو ،6كانوا يعبدونه سبحانه بها يالت

في صدر اإلسالم فقد ا بدعوة النبي األوائل الذين صد قو األوفق لحال أولئك قوى ةمعظمهم خليط من الفقراء والضعفاء واألرقاء وليس بوسعهم مجابهكان

ولقد ،آمنت به ظهار شعائر الدين الذيإال و ووثنيتها، بل االكفر المتعصبة لشركه أنه حد في بداية األمر ل محمد يالتي آمنت بالنب ةالمؤمن ل ةبهذه الثالضعف بلغ لف بها ذهب إلى شعاب مكة راد أحدهم ممارسة عبادة من العبادات التي ك أإذا

ول هذين الوقتين أنشغال أهل الكفر في افمع .. فيها من عيون قريش ييستخفبعد عناء للدعة والراحة همافي آخر همعلى المعاش، وخلود يبجلب الرزق والسع

يمارسوا بشئ من الحرية يمكن ألولئك المستضعفين أنيوم كامل من العمل، بل ربهم وما تعلموه من نبيهمى، ما كلفوا به من ق ذوالبعد عن الضغط والتعرض لأل

حالتي اإلخفاء بيانوأبلغ في فترة، هذه ال تصويرأقدر على يوالبدء بالعش.. ترديد ما كان ينزل و ما كلفوا به من صالة، والهمس اللذين كانوا عليهما أثناء تأدية

.الذكر الحكيم يمن آ يهم على نب

مع مناوئيه من اليهود شبيهاأ بحال وال يبعد أن يكون حال زكريا هذا أيضا الوجه في البدء يأولئك الصحب الكرام مع كفار مكة، فيكون ف

اإليذاء وفي تخصصوا في بل إن هذا ما ينبئ به طبيعة هؤالء القوم الذين، ي بالعشما أخبر اهلل به عن قتلهم أنبياء اهلل ذكر حق، ففي تفسير بغيرواألنبياء اء برياأل قتل

ى عليهما السالم على يد يأهل العلم نصوصاأ تصرح بقتل سيدنا زكريا وابنه يحومن تالعب : "هلل في قولهابن القيم رحمه ا ومن ذلك ما ذكرهأولئك األنجاس،

لهما حتى سلط ى عليهما السالم وقتلهميالشيطان بهم ما كان في شأن زكريا ويح

مابعد طلوع الفجر : معني ن أحدوسيأيت ما يفيد أن طرف النهار األول يطلق ويراد به لتزم جعل أول النهار من طلوع الفجر جعل ما بعد طلوع الشمس ا، فعلى من ومابعد طلوع الشمس

.جمازا فيه والعكس بالعكس (.12/األنعام.. فبهداهم اقتده اهلل ىأولئك الذين هد: )وذلك قوله سبحانه 9

Page 18: من بلاغة القران

08

كما حكى عنهم ، "اهلل عليهم بختنصر وسنحاريب وجنودهما فنالوا منهم ما نالوهى وخلقاأ كثيراأ من يهم قتلة األنبياء، قتلوا زكريا وابنه يح"في موضع آخر أنهم

بقلهم سوق وأقاموافي أول النهار سبعين نبياأ واحد وا في يوملاألنبياء حتى قتاألمر الذي يعكس مدى الهلع والخوف الذي كان . 6"عوا شيئاأ ، كأنهم لم يصنهآخر

في آية يسر البدء بالعش يينتاب أهل الحق في تلك األزمنة الغابرة، ويعكس بالتال .آل عمران

في يمراعاأ فيه السياق ما ذكره البقاع( ي العش)ومما قيل في سر تقديم وكان 6ثبات قيام الساعةلما كان المقام إل"حق آية غافر سالفة الذكر من أنه

.1"أدل عليها قدمه ي العش

ما كان األمر فإن السياق في اآليتين المذكورتين يختلف عنه في آية وأي اأ هو ما كان عليه ،شراقاإل قبل ي وإن كان منه بسبب إذ المناسب للبدء بالعش( ص)

طير كما من أوب إلى اهلل وترجيع، وقد كان يشاركه في ذلك الجبال وال داود يا : )، وقوله(1 /ص.. واذكر عبدنا داود ذا األيد إنه أواب: )دل عليه قوله تعالى

.. والطير محشورة كل له أواب: )، وقوله(3 /سبأ.. جبال أوبي معه والطيرأبين في تذكر المصير وما سيؤول إليه ي ، وظهور كل ذلك في وقت العش(3 /ص

.حال الخلق

في سياق األوبة، وكان -أي التسبيح -كان لما"يقول صاحب نظم الدرر آخر النهار وقت الرجوع لكل ذي إلف إلى مألفه مع أنه وقت للفتور واالستراحة

تقوية للعامل وتذكيراأ "البدء به وكان من ثم ، ("ي بالعش)من المتاعب قال .5"للغافل

ار ما هو قريب مما ذكرناه من أمر اإلبكفي - ي وإنما كان تقديم العشفسبحان اهلل حين تمسون وحين : )في قوله جل وعالاإلظهار أعني -واإلشراق

،(1 /الروم ... تصبحون وله الحمد في السموات واألرض وعشياأ وحين تظهرونثبات الحشر والبعث إلنفس ما سبق ذكره في آية غافر حيث الكالم عن القيامة و

.1 /9إغاثة اللهفان .99 ، 29 / تفسري ابن كثري وينظر 94هداية احليارى ص 9دخلوا آل فرعون أويوم تقوم الساعة يا النار يعرضون عليها غدوا وعش: )قوله تعاىل يعين

(. 9-49إىل آخر اآليات .. وإذ يتحاجون يف النار .أشد العذاب .9/999نظم الدرر 4 .72 /9السابق 9

Page 19: من بلاغة القران

09

من مالبسات يتها هان ثم فمالبستمام التطابق، وم هطابقاأ معتيكاد يكون محتى ل .نظيرتها

وأدل عليه يقول في آية الروم لصق بالسياق أمراعاة تقديم ما هو يوف: خره في قوله تعالىأقدم اإلمساء على اإلصباح ههنا و "نه إ: يالفخر الراز

ر الحشر ألن ههنا، أول الكالم ذ ( 16/األحزاب ..وسبحوه بكرةأ وأصيالأ ) ك ولئك في أف: )إلى قوله تعالى( اهلل يبدأ الخلق ثم يعيده: )له تعالىواإلعادة من قو

يعني ما جاء – ية أيضاأ ، وآخر هذه اآل(2 - /الروم.. العذاب محضرون من الميت ويخرج ييخرج الح: )ذكر الحشر واإلعادة بقوله تعالى -عقبها

خر أوالأ واإلمساء آخر فذكر اآل( 3 /الروم.. وكذلك تخرجون يالميت من الحفي حق آية غافر وفاءأ بحق يمعنى ما ذكره البقاع يوهو ف "لتذكر اآلخرة

بالظهيرة واإلمساء باإلصباح ي ويريد الرازي بما ذكره أن مقابلة العش. السياق فعلى نحو ما ،ر بيوم القيامةيللسياق في التذك الئماأ مجاء وتقديم ما تقدم في كل

بعد حركة في اإلمساء والعشي لراحة والنوم والسكون كونأ إلى الدعة وار ال يعقبخراجهم من إمن جديد، و الخلق ءحياإعادة إو يعقب الموت نتشار،او االستيقاظ

الذي يمثل تولما كان المو ،م ال ريب فيهو اجتماع الناس في يو حشر القبورهم، غرض من وكان ال ،بوقوعه قبل الحشر يفي ترتيبه الزمن هويشبه ،اإلمساء والعشي

رداأ على قالتهم السوء ي ،مت اإلمساء والعشثخرة قدم من السياق التذكير باآلوإقامة للحجة عليهم بنصب األدلة عليهما ،نكار البعث والحساب من ناحيةإب .خرىأبعد الموتة الصغرى من ناحية ستيقاظ تشبيههما باالب

ألن كال ،صباحاإل ظهاراإلمساء وباإل ي قوبل بالعش": وفي البحر المحيطفي و ،6"به اإلظهارقيعقبه اإلمساء، واإلصباح يع ي فالعش عقب بما قابله،منهما ي

قدم اإلمساء على اإلصباح لتقدم الليل والظلمة، وقدم " يلوسل اآلو قمعنى ما ذ كري 6"لى اإلصباحإاإلظهار كاإلمساء بالنسبة لىإعلى اإلظهار ألنه بالنسبة ي العش، 1مبدأ عدد األيام ييعتبرون فيه الليال يستعمال العرباال" هم في أن بذلك يان ويعن

وأياماأ يسيروا فيها ليال): فهو أسبق في حساب أيام الشهر، وفي التنزيل قال تعالى( حين تظهرون)على ( عشياأ )ن تقديم أوقال أبو السعود ب، 5"(2 /سبأ.. منين آ

.9/499 يالراز .سورة الروم من1 ، 7 اآلية ينظر البحر احمليط 9 .71 /7 ي، وينظر حاشية الشهاب على البيضاو 9 جملد 49/ 9 يلوساآل وهو ما كما كانوا يؤرخون بالليايل ويبتدئون الشهر بالليلة األوىل اليت بعد طلوع اهلالل، 4

.واستمر عليه احلالعليه اإلسالم مأقره .9 جملد 97 /99، 2 جملد 99/ 9التحرير 9

Page 20: من بلاغة القران

21

-فيما أرى -ذكروه بالوجه بل هو وليس ما ، مراعاة الفواصل وتغيير األسلوبل –وإن كنت ال أرى فيما ذكره الفخر الرازي . ت، مراعاة لمكان النزولعلى ما ذكر

: عبارة بليغة موجزة يته يقول الطاهر فلوفي محص بأساأ، -وفاء بحق السياق ن الكالم لما وقع عقب ذكر الحشر من أل.. قدم فعل اإلمساء على فعل اإلصباح"

وذكر قيام الساعة، ،( /الروم .. هلل يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعونا): قوله .6"الذهن فق دم لهم ذكره يخر اليوم خاطراأ فآناسب أن يكون اإلمساء وهو

بين جملة، كما يىء النظم غاية في التناسق بين مفرداته والتآخيوهكذا يجيهدف إليه سياق النص التقديم والتأخير لألوقات محققاأ الغرض الذي يئيج

.من آيات اإلعجاز في كتاب اهلل ةآي -يم اهللأو -ني، وتلك آالقر

ىء منه الفعل بمعنى الدخول يلما أنه ال يج( عشيا )وتغيير األسلوب في "إنه ليس : ولعل السر في ذلك على ما قيل ،كالمساء والصباح والظهيرة يفي العش

اس وتتغير تغيراأ ظاهراأ مصححاأ لوصفهم تختلف فيها أحوال الن يمن األوقات التفإن كال منها وقت يتغير ،كاألوقات المذكورة ،بالخروج عما قبلها والدخول فيها

المساء والصباح فظاهر، وأما في الظهيرة فألنها في أما ،فيه األحوال تغيراأ ظاهراأ ذلك في فهو وقت عورة كما ص رح ب ،6"وقت يعاد فيه التجرد عن الثياب للقيلولة

.سورة النور

(حين تمسون وحين تصبحون): األولين في قوله تعالى سر تخصيصفي و : ييقول البيضاو ،بالتحميد (عشياأ وحين تظهرون)الروم بالتنزيه، واألخيرين في آية

ن آثار القدرة والعظمة فيهما أظهر، أل ،تخصيص التسبيح بالمساء والصباح"ن إن وسطه، أل يه يوالظهيرة الت.. آخر النهارهو يالذ يوتخصيص الحمد بالعش يلوسالشهابية وكذا ما ذكره اآل يوما جاء في الحواش .. 1"تجدد النعم فيهما أكثر

، وأن (في السموات)على المكان ( عشياأ )من أن هذا يرد عليه عطف ظرف الزمان مد وله الح)يمكن جعله معطوفاأ على مقدر أي هجوابه أن ،5هذا وعكسه ال يجوز

على أنه تخصيص بعد تعميم، والجملة ، (وعشياأ )دائماأ ( وات واألرضمفي السوحين تمسون ) :على قوله قبل( وحين تظهرون)وعليه يكون العطف في 2اعتراضية

.4جملد 7/99السعود تفسري أيب .2 جملد 99/ 9التحرير 9 .9 جملد 49/ 9 يلوساآل .12 /7 يتفسري البيضاو 4 .9 جملد 49/ 9 يلوس، واآل12 /7حاشية الشهاب 9 .السابقان 9

Page 21: من بلاغة القران

20

يالعش يالثالث بالتنزيه، وف يويكون التخصيص ف ،(تمسون وحين تصبحون .بالتحميد

االستضعاف ي في حالوعلى نحو ما جاء الترتيب في تقديم العشيات التي متناغماأ مع سياق اآل -أعني على الوجه الذي تراءى لنا -والخوف

عندما كذلك في تقديم المقابل للعشي ىء الترتيب ييج.. قدمت فيها ومع نظمهاولعلك تجد . األمن والقوة، واألمان والكثرة يستشعر بدالأ عنه معانوي ذلك ي زال

ال ): نة وتحديداأ في قوله سبحانه عنهمجل الن عن أهآصدى هذا في حديث القر ، وفي (26/مريم.. يسمعون فيها لغواأ إال سالماأ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياأ

خرج على قومه من المحراب )كريا عليه السالم عندما ز حديثه عما كان من أمر ، وفي حديثه عن أهل اإليمان( /مريم.. فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشياأ

أيها الذين آمنوا اذكروا اهلل ذكراأ ا ي) :بعد أن مك ن اهلل لهم وذلك في قوله .(16، 1/األحزاب.. وسبحوه بكرة وأصيال.كثيراأ

الذين زحزحوا عن النار وأدخلوا الجنة في مأمن من عناء الدنيا ضحى أفقد ال . اليسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون)ومن عذاب جهنم

.. هم الفزع األكبر وتتلقاهم المالئكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون يحزنفي مأمن عن أعين الرقباء ، وأضحى زكريا عليه السالم (36 ، 36 /األنبياء

أن يفتح لهم هظرونتكانوا من وراء المحراب ين"ه الذين مواألعداء، وفي منعة من قو المدينة بعد أن تهيىء لهم يحال المؤمنين ف تغير كما ، "الباب فيدخله ويصلوا

من المستقر، وبعد أن أذهب اهلل عنهم ما كان بهم من ضعف وصاروا المجتمع اآلعظمة أنفة الوتستشعر يهذه المعان هأن تستكنلك ويمكن ،ومنعةشديد بأس يذو

األحزابآية ما جاء في ارن نت تقأو التي انخلعت على الصحب الكرام، والعزةواذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في األرض : )سبحانه عنهمبما جاء في قوله

(.62/األنفال.. تخافون أن يتخطفكم الناس

حتى عندما يكون أمر تقديم كلمة على كلمة أنه ؤكد علىألمر الذي ياما يجوز تقديمه ولو لم يفسد )في الطراز تحت باب يمتعلقاأ بما ذكره العلو

ىء التناسق والترتيب بين يأن يج يقتضتني آفإن بالغة النظم القر ،6(معناهآخر ال من موضع إلى موضع غرض وأنه عندما يتغير ال ،قاأ للغرضيالكلمات تحق

لى اللفظ نفسه دون أن إان القصد بالنظم كلو "ـوإال ف. جرم يتغير معه ترتيب النظمالنفس، ثم النطق باأللفاظ على حذوها لكان يف ييكون الغرض ترتيب المعان

. جملد 9/991تفسري أيب السعود . 9/7 يينظر الطراز للعلو 9

Page 22: من بلاغة القران

22

أن اليختلف حال اثنين في العلم بح سن النظم - كما ذكر شيخ البالغة - ينبغياأللفاظ في النطق إحساساأ واحداأ وال يأو غير الح سن فيه ألنهما ي حسان بتوال

. "يعرف أحدهما في ذلك شيئاأ يجهله اآلخر

:النهار بالذكر دون سواهما يوجه تخصيص طرف

ترك قصر التسبيح هلل تعالى على الوقتين وي ي بحال أن هذا العنوان يوال يعنفي و مراده البحث عن سر إفرادهما بالذكر، وبيان أنهما في ذلكبل . فيما عداهما

التسبيح من بين األذكار مع اندراجه فيهما لكونه إفراد ك أهميتهماالداللة على .6العمدة

ذكر بال يوقد تعددت األقوال في سر تخصيص وقتي الغداة والعشهذا فمن . زيهه دون سائر األوقات األخرىنتسبيح اهلل وتلليكونا وما في معناهما زمناأ

:قائل أن الوجه في ذلك

يلتقون فيهما ،ي يحضرهما مالئكة الليل والنهارأكونهما مشهودين - يتعاقبون : "هريرة بلفظ يحديث أب يويتعاقبون على ابن آدم على نحو ما ورد ف

صالة الفجر وصالة العصر، ثم يومالئكة بالنهار، ويجتمعون ف فيكم مالئكة بالليلتركناهم : ؟ فيقولونيكيف تركتم عباد. يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم، وهو أعلم

وال وجه لما ذكره الشهاب من أن داللة . 6"وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلونمع كون الوقتين روجهم يتنافىععلى اعتبار أن 1"رعلى ما ذكر محل نظ"الحديث

يكونون عليها أثناء يألن الحديث نص في الطريقة التذلك .. مشهورين بحضورهمالصالة التي يف كذلك نص هحضورهم وشهودهم على بني البشر فضالأ عن أن

قال ابن ،إذ ليسا إال الفجر والعصر كما سبق تقريره. يالغداة والعش يتكون بوقتعهم رفجتماع المالئكة فيهما و الهذين الوقتين ص خ " ابن حجر هبطال فيما نقله عن

.5"أعمال العباد لئال يفوتهم هذا الفضل العظيم

فيما نقله عن بعض أهل يلوسأنهما مجامع أوقات الصالة يقول اآل -6تخصيص هذين الوقتين بالذكر دل على اختصاصهما بمزيد : يجوز أن يقال: "العلم

. 9دالئل اإلعجاز حتقيق حممود شاكر ص .7/419 ي، والبيضاو 9جملد 1/994، وينظر 9 جملد 99/9 يلوس اآلتفسري 9، 942/ ي، والنسائ9 9، ومسلم 799، 7419، 7491، 999 يأخرجه البخار

.12 يوالبغو ، 72 / ومالك ، 7 7 ان ببن حا، و 44 ، 997، 9/419، وأمحد 94 .7/419حاشية الشهاب 4 .9/99 يفتح البار 9

Page 23: من بلاغة القران

23

تعيينهما للصالة والعبادة، فإن لفضيلة األزمنة شرف، فيصلح ذلك الشرف سبباأ لعلى ذلك يلوسويعلق اآل" يقع فيهما من العبادات فضيلة ما يف اأ واألمكنة أثر

من حمل التسبيح على ظاهر معناه ييعن "وهذا عندي أصفى مما تقدم: "بالقولوابن األوسط يف يمن التنزيه والتسبيح هلل سبحانه، ويشعر به ما أخرجه الطبران

ها من ليستدالل ععباس في فضل صالة الضحى وتعيين وقتها واالابن ه عن يمردودبيانه، كما يعلى ما سيأت (2 /ص.. شراقواإل ييسبحن بالعش): خالل قوله تعالى

ريد أ: قال الحسنفقد المراد بالوقتين يما ورد عن بعض أهل العلم فبه يشعر ريد أقال قتادة "و ،6ة وركعتان مثلهما عشيةكانتا قد فرضتا بمك بهما ركعتان بكرةأ

يوردت ف يومن األحاديث الت ،6"وصالة العصر -أي الفجر-بهما صالة الغداة زاد في ( دخل الجنة 5من صلى البردين) : 1تعيين وقتهما قوله يفضلهما وفلن ): وأصرح منه حديث عمارة بن روبية وفيه ،(يعني العصر والفجر) :رواية مسلم

ورواه ،الفجر والعصر ييعن 2(ع الشمس وقبل غروبهاو قبل طلصلى لنار أحد يلج ا.. 1(من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وجبت له الجنة): الشيخان بلفظ

التعبير عن يما ف ،شكال في الحمل على الحقيقة أوالمجازوليس في هذا من اإلمن طلوع الشمس مع صحة ما يمكن اعتبار النهار "إذ ،(النهار يطرف) ـالوقتين ب

من أن المراد بها صالة الصبح على ما ارتضاه 2"ذكروه في صالة الطرف األول .3الحسن وقتادة والضحاك

، ما كان األمر فيها حاصلة في الوقتين المباركين اأ أي على أي حال و الصالة و د أما قبل فرض الصلوات فلكونها متحققة بما ذكرنا نقالأ عن الحسن، أما بع

الضحى والعصر هذا على يفرضيتها وجعلها في خمس فلكونها متحققة بصالت ين طرف النهار األول يطلق ويراد به ما بعد طلوع الشمس، أو بصالتأالقول بـ

. جملد 997/ 9 سيلو اآل . جملد 1 /94 يوسلاآلينظر 9 .السابق ، وابن / مي، والدار 4/12، وأمحد 9 9، ومسلم 974 يخرجه البخار فيما أ 4

.1 7 انبحالنهار ومها طرفاه يصليان يف بردهنما ت ابن حجر مسيتا بردين أل هفيما نقله عن اخلطايبقال 9

.[9/49 يلبار ينظر فتح ا]ح ن يطيب اهلواء ويذهب احلر .1 7 وابن حبان19 /9وابن أيب شيبة497وأبو داود 4/99وأمحد4 9أخرجه مسلم 9من حديث عمارة بن 711 برقم 1 / يف األوسط كما يف اجملمع خرجه الطرباينأ 7

.ا يضأة يبرو .7جملد 4 9/9 يلوساآل 1 .ينظر السابق 1

Page 24: من بلاغة القران

24

وذلك على ،الفجر والعصر كما قال قتادة وكما نطقت به األحاديث سالفة الذكر . جربه ما بعد طلوع الف اأ القول بجعل طرف النهار مراد

أن فيهما تبدو مظاهر العظمة ودالئل القدرة على بديع صنع اهلل في -6هذين الوقتين تطالع النفس البشرية التغير الواضح في صفحة الكون يخلقه، إذ ف

لى ليل، وفيهما يتصل القلب بالوجود من حوله، وهو إلى نهار ومن نهار إمن ليل يد اهلل تغير إو أدبر نهار، ليل بلقغربت ، وكلما أأو يوم يرى كلما طلعت شمس

بهما وقدرته على قل مالظواهر واألحوال وتقلب الليل والنهار بما يدل على كمال يض بفهذا الجو المفعم ييته، وهنا وفو حوق كما كان وتسمإيجاد المعدوم الم

فتح تالصبح وهو يتنفس وي دأة ه يفو خلق السموات واألرض يالتدبر والتفكر ف ،ه وينقلب البصر خاسئاأ وهو حسيرأجفان يغمضوهدأة الغروب والكون بالحياة،

يقول ، وفي هذا المعنى يحمل التسبيح بحمد اهلل اعترافاأ بفضله وعظيم امتنانهوتخصيص التسبيح بالمساء والصباح ألن أثار القدرة والعظمة فيهما " :البيضاوي

. 6"أظهر

التذكير بالموت يبما يعن ،حال لىإنتقال من حال الأنهما وقتان ل -1لى إهو كالموت، ينسان من النوم الذفالغدوة عندها ينقلب اإل ،وبقيام الساعةلى إطبيعة عدمية يه يويتحول العالم من الظلمة الت ،6كالحياة ياليقظة التي ه

نسان ينقلب صال فاألمر بالضد ألن اإلاآل دوأما عن ،هو طبيعة وجودية يالنور الذلى الظلمة الخالصة وتلك إلى الموت، والعالم ينقلب من النور الخالص إياة من الح

هذين الوقتين يحصل هذان النوعان يوف" ،يقول بعدها معقباأ يالت يعبارة الراز يهالقاهر وال يقدر على مثل هذا التغيير إال اإلله الموصوف يمن التغيير العجيب القو

.1"اهيةبالحكمة الباهرة والقدرة الغير متن

على ما توحى -عن التذكير بالموت صال ووجه داللة التعبير بالغدو واآللى شبه الوجود إنسان من شبه الموت عند اإلصباح يخرج اإل"هو أنه -به عبارته

: ييقول البقاع 5"لى النومإنسان من اليقظة شاء يخرج اإلوعند الع ،وهو اليقظة .9/999ر ر ونظم الد ،97 4/9، 497 / ينظر الظالل

.12 /7 يتفسري البيضاو 9ىل فراشه إوى آكان إذا من أنه رضي اهلل عنهما ذر كما جاء يف حديث حذيفة وأيب

احلمد هلل الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه : بامسك اللهم أحيا وأموت، وإذا استيقظ قال: قالوأبو داود ، 17، 19/ يواحلديث رواه البخار . هو احلياة بعد املوت ، والنشور"النشور . 4 يوالرتمذ 9241

.9جملد 1/994 يلوسواآل 2/919 وينظر499/ 7 يتفسري الراز 4 .9/499 ياز الر 9

Page 25: من بلاغة القران

25

دوام بتسمية كل من اليوم والليلة باسم جزئه، هذين الوقتين وإن كان المراد ال ص خ "حال ىلإبالموت والرجوع السكون :من الموت، وباألصيل رشاتناال: ليذكر بالغدو

أما ، "ياأ على تعظيمهو احفيكون ذلك ،العدم فيستحضر بذلك جالل اهلل عز وجل . 6"والبعث ألن ساعتيهما، أثناء الطي "ـعلى قيام الساعة ف ة التعبير بهماوجه دالل

لى الراحة إ خلودالخلق وزوال الدنيا كلها وال ي الداللة الظاهرة على طعن و يلى األمور الضرورية التالناس بعد االستيقاظ إانتشار على و ،الجسدية بعد البعث

واذكر اسم ربك بكرة ): تفسيره لقول اهلل تعالى يف ييقول البقاع ،بها قوام حياتهمالموتى حييوتذكرك أنه ي ،يامك من منامكقعند "أى (65/نساناإل.. صيالأ أو

هذا العالم ي دنياك وطنهارك وتذكرك انقراض ض نقراعند او جميعاأ، إليه ويحشرهم .، وهو في معنى ما ذكره اإلمام الفخر6"يجاد يوم الفصلإألجل

من األوقات التى تختلف فيها أحوال الناس وتتغير تغيراأ "كونهما -5ملموس وهذا أمر ،1"اأ لوصفهم بالخروج عما قبلها والدخول فيهاظاهراأ مصحح

يستوجب ذكره سبحانه بمجامع التسبيح وتنزيهه عن كل نقص إذ فى ذكر أوقات و إلى ما فيها من التغير الذي هو منزه عنه وإلى ما إشارة في آية الروم التسبيح

لى اإلبداع الدال على ع على القدرةيتجدد فيها من النعم ووجود األحوال الدالة البعث لذا قال الفتاأ الكالم إلى الخطاب ألنه أشد تنبيهاأ وداالأ على االستغراق

مقدماأ المحو ألنه أدل على البعث الذي النزاع فيه ( حين تمسون)بنزع الخافض بي أوفي هذا المعنى أخرج اإلمام أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن 5وهو األصل

يف يوالبيهق هوابن مردوي يعمل اليوم والليلة والطبران يف يسنبي حاتم وابن الأبراهيم خليله إأال أخبركم لم سمى اهلل تعالى ): نس قوله أالدعوات عن معاذ بن

سبحان اهلل حين تمسون وحين : كلما أصبح وأمسى ليقو كان نه ى؟ ألالذى وف وفيه أخرج أبو ،(تصبحون وله الحمد فى السموات واألرض وعشياأ وحين تظهرون

من قال حين : )عن ابن عباس قوله يهوابن مردو يوابن السن يداود والطبرانوكذلك :لى قوله تعالىإ .. سبحان اهلل حين تمسون وحين تصبحون)يصبح

لى إ ،(أدرك ما فاته من ليلته ييومه، ومن قالها حين يمس يأدرك ما فاته ف( تخرجون .ذلك المعنى والدالة عليه لىإؤدية مغير ذلك من األخبار ال

.71 / نظم الدرر .9/97السابق 9 . 7/999، 4 /9وينظر بتصرف، 1/979السابق .9 جملد 49/ 9 يوسلاآل 4 .9/921نظم الدرر ينظر 9

Page 26: من بلاغة القران

26

لتمتع بالنظرالى إ بالصالة في زمانيهماكونهما المنوط بهما والمتطلع -2كنا عند : الذى يقول فيه ي،لحديث جرير بن عبد اهلل البجل ،لى وجه اهلل الكريمإ

إنكم سترون ربكم كما ترون ): ليلة البدر فقال يلى القمر يعنإفنظر رسول اهلل فإن استطعتم أن ال تغلبوا على صالة قبل طلوع ،رؤيته يف تضامونهذا القمر ال

وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل )ثم قرأ ،(الشمس وقبل غروبها فافعلوالى قطع أسباب الغلبة المنافية إفيه إشارة : "يقول ابن حجر .6(63/ق .. الغروب

أى عدم (فافعلوا): وقوله ،لهستعداد ستطاعة كالنوم والشغل ومقاومة ذلك بااللالفال تغفلوا عن ... الغلبة، وهو كناية عما ذكر من االستعداد، ووقع فى رواية شعبة

زاد ( قبل طلوع الشمس وقبل غروبها: قوله)الحديث .. قبل طلوع الشمس صالة قبل ) :اعيلمسإ من وجه آخر عن همردوي بنمسلم يعنى صالة العصر والفجر، وال

وقال الخطابى فيما . 6"(ة الصبح، وقبل غروبها صالة العصرطلوع الشمس صالها بالمحافظة على هاتين لينهذا يدل على أن الرؤية قد يرجى : "الحافظ هنقله عن

وجه مناسبة ذكر هاتين الصالتين عند ذكر "وذكر أهل العلم أن ،1"الصالتينالفضل على الرؤية، أن الصالة أفضل الطاعات، وقد ثبت لهاتين الصالتين من

ال وغير ذلك، فهما أفضل مما ذكر من اجتماع المالئكة فيهما ورفع األع ،غيرهمالى اهلل إظ عليهما بأفضل العطايا وهو النظر جازى المحاف الصلوات، فناسب أن ي

هاتين الصالتين من لطف اهلل تعالى بعباده يوالحكمة فى اجتماعهم ف ،تعالىلتكون شهادتهم لهم هحال طاعة عباد يمالئكته فوإكرامه لهم، فقد جعل اجتماع

أن الصالة أعلى العبادات ألنه عنها "ومما يستفاد من الحديث ، 5"أحسن شهادةظم هاتين الصالتين لكونهما تجتمع ع لى إ وقع السؤال والجواب، وفيه اإلشارة

وقتين لى شرف الإيضاأ أغيرهما طائفة واحدة، وفيه اإلشارة يفيهما الطائفتان، وفالمذكورين، وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صالة الصبح وأن األعمال ترفع آخر

حكمة عمله، وهذا يترتب عليه يرزقه وف يطاعة بورك ف يالنهار فمن كان حينئذ فهتمام بهما، وفيه تشريف هذه األمة على غيرها، األمر بالمحافظة عليهما واال

خبار بالغيوب وهذا يترتب عليه زيادة ها على غيره وفيه اإلنبيويستلزم تشريف يظ فظ ونتحف ط أحوالنا حتى نتيق بفيه من ضنحن يمان، كما فيه اإلخبار بما اإل

وفيه ،هذه األوقات بقدوم رسل ربنا وسؤال ربنا عنا ياألوامر والنواهى ونفرح ف

.زدحاماال يم ضيم واملراد نفأي ال حيدث لك ، وابن 999 ي، والرتمذ4791، وأبو داود 9ومسلم 4 74، 994 يأخرجه البخار 9

.92 /4وأمحد 7449ن بان حب، وا77 ةماج .9/99 يفتح البار .9/97السابق 4 .91، 9/97السابق 9

Page 27: من بلاغة القران

27

الم اهلل وفيه كبذلك، لى اهلل إإعالمنا بحب مالئكة اهلل لنا لنزداد فيهم حباأ ونتقرب . "تعالى مع مالئكته وغير ذلك من الفوائد

شتغال شهر ما يقع فيه المباشرة لألعمال واالأالغفلة، و ل أنهما مح -1غيرهما من يوجوب له ف فيهماالمحمول على ظاهره فوجوب الذكر " ،6رباألمو

لم يفرض اهلل على عباده فريضة إال: باب األولى، قال ابن عباس رضى اهلل عنهماحال العذر، غير الذكر فإنه تعالى لم يجعل لها حداأ معلوماأ، ثم عذر أهلها ف

ويجوز ... تركه إال مغلوباأ على عقله يليه، ولم يعذر أحداأ فإحداأ ينتهى ه يجعل لا أشير لم –الصبح والعصر ألن المواظبة عليهما يلى صالتإأن يكون ذلك إشارة

دالة على غاية -وقتيهما من الشغل يفسان اإلن يليه من صعوبتهما بما يعتر إحاملة على المواظبة على غيرهما من الصلوات وجميع الطاعات بطريق ،المحبة هلل

تقوية للعامل وتذكيراأ ،(يبالعش) قال" :وفى نظم الدرر تفسيراأ آلية ص .6"األولىغال، شاأل يوقت ارتفاع الشمس عند انشغال الناس ف يف يأ( شراقواإل) ،للغافل

كل والمالذ من األقوال واألفعال، تذكيراأ لهم وترجيعاأ عن مألوفاتهمآواشتغالهم بالمهذان الوقتان بالذكر ألنهما خ ص : "تفسير المنار يوف .1"لى تقديس ربهم سبحانهإ

الو كان جديراأ بأن يراقبه تعالى ،ومن افتتح نهاره بذكر اهلل واختتمه به ،طرفا النهاروالعصر اللتين تحضرهما مالئكة هم الذكر فيهما صالتا الفجرأبينهما، و ينساه فيما

ويشهدان عند اهلل تعالى بما وجدا عليه العبد كما ورد فى ،الليل ومالئكة النهار . 5"الصحيح

يلوسوال يقدح فيما ذكرته هنا نقالأ عن بعض أهل العلم، ما قال به اآلنهما وقتا فراغ فيكون أ"ا بالذكر اختصاصهم ين الوجه فأوصاحب الظالل من

ألن محل هذا الفراغ يكون عقيب االنتهاء ،صفىأو 2"لصق بالقلبأالذكر فيهما ل البدء بها، والعبد يوقب ةلألعمال الدنيوي ةوالمباشر ةشتغال بأمورالحيامن اال

. مطالب بذكر اهلل في كل حال

.بتصرف 2 /9السابق . 99 /9،والشهاب 2 لد جم 1/991 ، 1جملد 77 /9 يوسآللينظر تفسري ا 9 .بتصرف 9 ، 4 /9نظم الدرر .بتصرف 72 /9السابق 4 .1/997يد رضا رش تفسري املنار حملمد 9 217 /9وينظر الظالل 9جملد 1/994 يلوساآل 9

Page 28: من بلاغة القران

28

فإنهم كانو "، ونعلى مخالفة ما كان عليه المشرك الحض هأن مقصود -2أوقات يبالتسبيح ف افأمرو " الكعبة بكرةأ وعشياأ ييجتمعون على عبادة األصنام ف

. "رشاء والمنكحكانوا يذكرون فيها الف

بقة، متوقف امن األوجه الس ي البيان أن الحكم على أ وغني عن تى بالدرجة األولى على مدارسة مقامات األحوال وسياقات اآليات على ما سيأ

كما أن الذهاب إلى أن الوقتين يطلقان ويراد بهما الدوام كما يقال فعله ،بيانهعديد من يما قال به كثير من المفسرين فعلى -صباحاأ ومساءاأ إذا داوم عليه

وأقصى ،6ال يتماشى مع القول بالتخصيص –ورد فيها ذكر اآلنين يالمواضع التئكة مالزمة التسبيح على الدوام فإن بني ما يمكن القول به أنه إذا تسنى للمال

البشر ال يمكنهم فعل ذلك الحتياجهم إلى األكل والشرب وتحصيل ذلك وما شابهه من ملبوس ومأكول ومركوب فكانت اإلشارة بالتسبيح في تلك األوقات التي إذا أتى العبد فيها بتسبيح اهلل كان كأنه لم يفتر، وهو إذا نزه ربه في أول النهار وآخره فإن اهلل تعالى مظهره في أوله وهو دنياه وفي آخرته وهو عقباه، وذلك ألن

لو أن : )مريد العموم قد ينكر الطرفين ويفهم منهما الوسط كقوله عليه السالموكذا األمر .. أولكم وآخركم ولم يذكر وسطكم ففهم منه المبالغة في العموم

حسب له صرف ساعتين من التسبيح بالنسبة للصالة فإن العبد إذا صلى ركعتينوهكذا بالنسبة لسائر الصلوات التي يحصل له بأدائها صرف سبع عشرة ساعة فما بقي له وهو سبع ساعات هو ما بين نصف الليل وثلثيه، ألن ثلثيه ثمان ساعات ونصفه ست ساعات وما بينهما السبع وهذا القدر لو نامه اإلنسان لكان كثيراأ وإليه

وزيادة القليل على النصف هي ( 1/المزمل .. قم الليل إال قليالأ : )بقولهاإلشارة ساعة فيصير سبع ساعات مصروفة إلى النوم والنائم مرفوع عنه القلم، فيقول اهلل لمالئكته عبدي صرف جميع أوقات تكليفه في تسبيحي فلم يبق لكم أيها

.. ح نحمدك ونقدس لك ونحن نسب: )المالئكة عليهم المزية إذا ادعيتم بقولكمعلى سبيل االنحصار بل هم مثلكم فمقامهم مثل مقامكم في أعلى ( 63/البقرة . 6عليين

.1 /4 يالراز .لتنافيهما، وهذا من البداهة مبكان 9 . 92، 492/ 9 ينظر الرازي

Page 29: من بلاغة القران

29

ياملبحث الثان

Page 30: من بلاغة القران

31

صالالتسبيح بالغدو واآل

بني القائلني باحلقيقة والقائلني فيه باجملاز

ياآليات الت يبالتسبيح فذهب غير واحد من أهل التأويل إلى أن المراد

الصالة، كذا أورده .. صالواإلبكار أو الغدو واآل يالعش يوقت يورد األمر به فيسبح له : ")قاال فيما نقله عنهماحيث ،الحافظ ابن كثير عن الحسن والضحاك

: سعيد بن جبير عن ابن عباس"وبنحوه روى "الصالة: ييعن( صالفيها بالغدو واآل، كما قال به سعيد بن المسيب ومجاهد 6"قرآن هو الصالةال يكل تسبيح ف

.6وقتادة

وإطالقه عليها من إطالق الالزم على الملزوم فهو كناية عنها، أو هو من إطالق الجزء على الكل، فنوع مجازه مرسل وعالقته الجزئية، إذ التسبيح جزء من

. 2 / ثريتفسري ابن ك .2 جملد 1/991 يلآللوس السابق وينظر روح املعاين 9 .7 /9ابن كثري

Page 31: من بلاغة القران

30

هه، أو الزمانية ووجهه شتملة على تسبيح اهلل وتنزيم اذلك كونه يالصالة، والنكتة فصلى الصبح والمراد : الزمان كثيراأ ما يطلق ويراد به ما يقع فيه كما يقال"أن

قربت الصالة أى وقتها، وقد يراد : وقد يعكس فيراد بالصالة زمانها نحو ،صالته.. وال تقربوا الصالة وأنتم سكارى: )بها مكانها كما قيل فى قوله تعالى

. "المساجد: د بالصالةأن المرا( 16/النساء

أخرج ابن "هذين الوقتين المباركين يوفى تحديد تلك الصلوات المرادة فا ص وخ .. الصبح والعصر يحاتم عن مجاهد أنهما عبارة عن صالت يجرير وابن أب

ييعن: "كذا أخرجه الحافظ ابن كثير عن ابن عباس قائال ،6"شرفهمالبالذكر فترض اهلل من اوهما أول ما . صالة العصر :صالباآل يصالة الغداة، ويعن: غدولبا

فما ،النهار يوباعتبارهما طرف ،6"ر بهما عبادهذكرهما وأن يذك أن ي حب الصالة، فأ .ه الصالة فيهماب يقع بينهما يج

صالة الفجر، : التسبيح بكرة"وفى رواية أخرى البن عباس أن المراد من وى عن عن قتادة نحواأ مما ر ي، كما أورد اآللوس1"شاءصالة الع : والتسبيح أصيالأ

أشار بهذين الوقتين إلى صالة الغداة وصالة العصر، وهو : "ابن عباس إال أنه قال .عشاءيقصد فى روايته القائلة بأنهما صالتا الفجر وال 5"برعن الح يو أظهر مما ر

،غربمال: ي شالظهر والعصر، وبالع: وأبعد من جنح إلى أن المراد باألصيلم أن المراد بذكرهما شمول ساعات النهار أوسائر أوقات اليوم والليلة، وأن ما زعب

: األصيلالزعم بأن : اأ وأشد منه بعد ،2يجوز أن يطلق عليه اسمه ئيقرب من الشياإلبكار عبارة عن أول النهار إلى "صالة العشاء، لما ذكرنا، وكذا الزعم بأن

إذ . 1"األوقات ل النصف إلى آخر النهار فيدخل فيه ك عبارة عن يالنصف، والعش .عن كدر -على ما سنذكر -تيا والتى ال يخلو لالقول بال

سبحان )قول : وأجاز طائفة من أهل العلم جعل المأمور به من التسبيحعن كل عيب فيكون الحمل فيه -عتقاداأ اقوالأ و -وتنزيهه تعالىبقصد إجالله ( اهلل

التنزيه عما " يالتسبيح من جملة الذكر وأنواعه ألنه يعن ص وإنما خ على الحقيقة، . 2 / 4وينظر حاشية الشهاب 9جملد 9 7/9 روح املعاين

.السابق 9 .7 /4وينظر فتح القدير للشوكاين 2 / تفسري ابن كثري .9 جملد 99/9 روح املعاين 4 .السابق 9 . 1/9، 9/11 يينظر تفسري الراز 9 .972/ يتفسري الراز 7

Page 32: من بلاغة القران

32

ال يجوز على اهلل من النقائص فهو من أكمل الذكر الشتماله على جوامع الثناء حق يالتسبيح إيماء إلى التبرؤ مما يقوله أهل الكفر والنفاق ف يوالتمجيد، وألن فولوال إذ : )فى معنى قول اهلل تعالىوالمؤمنين بدعوته، فيكون اهلل وفى حق نبيه

.. نا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيملسمعتموه قلتم ما يكون يكثر أن تقال فى مقام التبرؤ من نسبة ما ( سبحان اهلل)، فإن كلمة (2 /النور

، وقول هند بنت عتبة (إن المؤمن ال ينجس! سبحان اهلل) :ي اليليق كقول النب . ؟الحرة يسبحان اهلل أو تزن(: أن ال يزنين)ى النساء البيعة عل حين أخذ

أمر بالتسبيح ( وسبح بحمد ربك: )ن قوله تعالىأالظاهر : قال أبو حيان، أو (سبحان اهلل والحمد هلل)قل : أى ،مقروناأ بالحمد، وحينئذ إما أن يراد اللفظ

ذكره ابن خبر ي، وفعليه بالجميل ثن أنزهه سبحانه عن السوء و يأ: يراد المعنىوقال أبو ،من سبح عند غروب الشمس سبعين تسبيحة غربت بذنوبه: )عطيةاشتغل بتنزيه اهلل تعالى :والمعنى. ال يبعد حمل ذلك على التنزيه واإلجالل: مسلم

يواختار اإلمام الراز ،بن عبد السالما ز عوعلى ذلك حمله ال هذه األوقات، يفإنه :قال الفخري، ذلك اآللوس ييه من الشرك وتابعه فحمل التسبيح على التنز

جاء فيها األمر بالصبر ياآليات الت يف ييعن ،أقرب إلى الظاهر وإلى ما تقدم ذكرهفاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل : )قوله يقبيل األمر بالتسبيح كما ف

صبر على ما اف: )وقوله( 63 /طه.. الليل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناءألنه : وقوله( 63/ق.. يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب

والذى يليق ،سبحانه صب ره أوالأ على ما يقولون من التكذيب وإظهار الكفر والشرك .بذلك أن يؤمر بتنزيهه تعالى عن قولهم حتى يكون مظهراأ لذلك وداعياأ إليه

جيب بأن وأ تخصيص هذه األوقات بالذكر،رض بأنه ال وجه حينئذ لواعت ..ي بالغداة والعش: )المراد بذكرها، الداللة على الدوام كما فى قوله تعالى

، مع أن لبعض األوقات مزية ألمر ال يعلمه إال اهلل (62/، الكهف56/األنعامى أن عل( ومن آناء الليل)آية طه يالتبعيضية في قوله ف( نم )د بأنه يأباه تعالى، ور

قبل طلوع الشمس وبعده لتناوله الليل والنهار، :هذه الداللة يكفيها أن يقالللمرة -وعورض ما قاله اإلمام .. فالزيادة تدل على أن المراد خصوصية الوقت

األمر بالصالة ليكون ذلك إرشاداأ لما تضمنه ،بأن األنسب باألمر بالصبر -الثانية

. جملد 99/41ينظر التحرير والتنوير

Page 33: من بلاغة القران

33

أوفق ي، وأيضاأ األمر اآلت(15/البقرة.. والصالة واستعينوا بالصبر: )قوله تعالى . بحمل األمر بالتسبيح على األمر بالصالة

ستمما التب .من الوجهين السابقين، بهذا يوحمل األمر بالتسبيح على أأسلم وال أقرب إلى فهم المعنى ي، وال يسعنا أن نجزم بطريقة هقفيها الطرائ

قات اآليات اهذا الشأن إلى سي يلترجيح فكل أمر الحسم أو انمن أن ،المرادكافيان وحدهما وكفيالن بمعرفة ما إذا كان -يتقدير يف -فهذان ،أحوالهان ائر وق

إذ من . المراد من التسبيح ظاهره أو المراد منه التجوز فيكون بمعنى الصالةك الوقتين على معنى ينذ ياإلجحاف أن نحمل كل اآليات اآلمرة بالتسبيح ف

.سير على وتيرة واحدةت -على تعددها وتنوع سياقاتها -أو نجعلها واحد،

حديثها حول تواقيت يات اآلتية على هذا النمط ما ينصب اآلفهناك من الذى يعنى أول النهار أوآخره، ( الطرف)الوقتان بلفظ االصالة، سيما ما ذكر فيه

النهار يوأقم الصالة طرف: )قوله سبحانه يسواء ما جاء منه على صيغة التثنية كما ف: قوله عز من قائل يأو بأسلوب الجمع كما ف ،(1 /هود.. وزلفاأ من الليل

فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن )قبل )فيه بلفظ وكذا ما ذكرا .. (63 /طه .. آناء الليل فسبح وأطراف النهار

: سبحانه هقول يونظيرها ف ما فى اآلية سالفة الذكر، ك( طلوع الشمس وقبل غروبهاومن . فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب)

سرد أوقات ياأ فأو ما كان نص ( ..13، 63/ق .. الليل فسبحه وأدبار السجودن اهلل فسبحا): تعالى هقول يمعنى ما ذكر كما الحال ف يالصالة األخرى مما هو ف

السموات واألرض وعشياأ وحين يوله الحمد ف. حين تمسون وحين تصبحونفمثل هذا يجمل حمل األمر بالتسبيح فيه على ..( 2 ،1 /الروم.. تظهرون

يالتقص وجه معنى الصالة إذ ليس ثمة ماهو أدل على تحديد مواقيت الصالة على يحدث إبان دوران األرض حولها وما وأصيالأ من حركة الشمس بكرةأ ،كتاباأ وسنة

.لليل والنهارا وما يطرأ على األرض إثر غروبها من تغيرات كونية وتعاقب

يلى ما كان فإىء وهناك من التسبيح مما جاء فى حق األنبياء، ما يوم ،أول النهار وقبيل انتهائه يشرائع من قبلنا من صالة كانت لهم على نحو معين ف

د ما ورد بعد أن عد في شأنهبيح ذكره الفيروزابادى قائالأ وهذا ضرب آخر من التسلألنبياء، فاألولى يالت... وأما: "حق المالئكة وما جاء فى حق نبينا محمد يف

ي وسبح بالعش): هلى قولإ( آية يقال رب اجعل ل: )عالمة على والدة يحيى ،لزكرياومفاتيح الغيب 9 جملد 44/ 9بتصرف، وينظر 1جملد ، 9 9/4 روح املعاين

9/447.

Page 34: من بلاغة القران

34

: ى محافظة وظيفة التسبيحفي وصيته لقومه عل يالثان ،( 1/آل عمران.. بكارواإلموافقة الجبال ي، والثالث ف( /مريم.. بكرة وعشياأ افأوحى إليهم أن سبحو )

.. واإلشراق ي يسبحن بالعش)التسبيح يوالظباء والحيتان والطير لداود فمعنى له إال بالحمل على المجاز لما سيأتى من ورود وهذا كسابقه ال، ("2 /ص

بتأدية ركعتين يهذين الوقتين تقض يصالة كانت لهم ف آثار تدل على مشروعية .وركعتين قبيل انتهائه - شريعتنا الغراء يشبه بصالة الضحى فأ هما -أول النهار

بما ال يمكن لنا ينالوقتين المبارك ييات بتسبيحه فهناك ما أخبرت اآلو أن يقع منه تصور من نحو ذاك الذى يحدث مما ال ي ،فهمه وال يتأتى لنا إدراكه

من الجمادات والحادثات التى يقول سبحانه ه،كالم نعيه أو صالة أو سجود نبصر السموات واألرض طوعاأ وكرهاأ وظاللهم بالغدو يوهلل يسجد من ف: )فى شأنها

واإلشراق يإنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعش): ، ويقول(5 /الرعد.. صالواآلتسبح له : )عموم قول اهلل تعالى يخوله فضرابه مع دأفإن هذا و (. 2 /ص..

إال يسبح بحمده ولكن ال يئالسموات السبع واألرض ومن فيهن وإن من شنطاق يحدود بشريتنا وف يف -يتأتى منه ال ،(11/اإلسراء.. تفقهون تسبيحهم

.قول وال يصدر منه فعل إال ما كان منه على سبيل المعجزة أو الكرامة -معرفتنا

نقياد والتسخير الذى يصدر عن مثل هذا أن يحمل على معنى االفاألليق بيخول األمر على أن ستعارة بالكناية، أو على وجه الحقيقة على سبيل اال 6طواعية

.فهو سبحانه العليم بأسرار خلقه هفيه لخالق

،بالذكر الوقتين، األمر يفيها بالتسبيح ف ما سبق األمر يوهناك من اآليجعل من قبيل نأ -من أنواعه وفرداأ من جملته اأ تسبيح واحدلكون ال -فناسب

نه على ظاهره، ولك أين معنى التسبيح فيكو ف يعطف الخاص على العام، وبالتالبيوت أذن اهلل أن ترفع ويذكر فيها اسمه يف: )قوله سبحانه يمل مصداق ذلك فأتت

ا ي): له جل ذكرهوقو ،(61، 62/النور.. رجال. صاليسبح له فيها بالغدو واآل، 1/األحزاب.. أيها الذين آمنوا اذكروا اهلل ذكراأ كثيراأ وسبحوه بكرة وأصيال

ينفس الوقتين كما هو الشأن ف يقتصار على الذكر فل عند االفض كما ي ... "16ومن الليل فاسجد له وسبحه ليال . صيالأ أواذكر اسم ربك بكرة و ): نحو قوله تعالى

.أن يحمل المطلق فيه على المقيد (62، 65/ننسااإل.. طويالأ

.9/917التمييز يبصائر ذو

ا ىل السماء وهي دخان فقال هلا ولألرض ائتيإمث استوى ) :ليتوافق مع قول اهلل تعاىل 9 .( /فصلت.. ا طائع ن أتينطوعا أو كرها قالتا

Page 35: من بلاغة القران

35

عتبار اال يأن مراعاة هذه الضوابط ووضعها ف ،ليه الباحثإيطمئن يفالذصال، هو آلو واالغد يوقت يومالحظتها عند تحديد المراد من التسبيح أو الذكر ف

ويكون من التكلف والجور ،يساعد على فهم ما يهدف إليه النص القرآنيمما ما إالمفسرين على نمط واحد، بين النصوص وجعلها على نحو ما فعل جل التسوية

أو يراد منها ، (سبحان اهلل)وحمل المعنى على ظاهره بقول يراد منها التنزيهأن من القرائن على ننعام نظر فيما يعيإبصار لمواقعها وال إ هكذا دون ما. . الصالة

يل النصوص ماال تحتمل أو وينشأ عن ذلك تحم ،حملها على الوجه الصحيح .منهااهلل صرفها عما يدل السياق بقرائن األحوال على تحديد مراد

من خالل الوقوف على –ولنبحر في أعماق تيك اآليات، كيما يتسنى لنا التعرف على وجهها الصحيح، وما إذا كان المراد -المعاني المقصودة من التسبيح

في اصطالح التخاطب، أم المراد به بمعونة بالتسبيح فيها ظاهره الموضوع لها السياق وقرائن األحوال التجوز، أم أن األمر فيه، له اعتالق بهذا وذاك فيكون

فمختلف المحامل التي تسمح بها : "على ما قال ابن عاشور في المقدمة التاسعةاية، كلمات القرآن وتراكيبه وإعرابه وداللته، من اشتراك وحقيقة ومجاز، وصريح وكن

وبديع ووصل ووقف، إذا لم تفض إلى خالف المقصود من السياق، يجب حمل ولتكن بداية حديثنا بما يحسن استخدامه من التسبيح، . "الكالم على جميعها

. لغير ما وضع له في اصطالح التخاطب

النهار على المجاز يما يجمل فيه حمل التسبيح بطرف: أوالأ :ت الصالةمواقيبما يتصل منها -

هود وطه الوارد يسورت ييل البصر فجاأ عما سبق ذكره فإننا عندما نعوتفرينجد أن أولى هاتين ،النهار يعن التسبيح طرف تتحدث ييات التفيهما بعضاأ من اآل

نلحظ أن من بين هذه الثالث قوله جل ، كماالسورتين مكية عدا ثالث آيات منهاوبإرجاعنا البصر ،(1 /هود.. وزلفاأ من الليل النهار يوأقم الصالة طرف): ذكره

فاصبر ): هاتين السورتين نرى أنها كذلك مكية عدا قوله تعالىثاني ى إل كرة أخرىناء الليل آومن . يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها على ما

اجاأ منهم وال تمدن عينيك الى ما متعنا به أزو . فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى .( 6 ، 63 /طه .. زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خيراأوأبقى

. 17/ ينظر املقدمة التاسعة للطاهر ابن عاشوريف التحريروالتنوير

Page 36: من بلاغة القران

36

،وهذا يدعونا الى مزيد من التبصر فيما يعين على فهم المراد من التسبيحبالمدينة أى بعد فرض نزلتا السورتين، يالنهار ف يفاآليتان اللتان تحدثتا عن طرف

اج، وفى إحدهما أمر بالصالة صراحة، وفيها سراء والمعر الصلوات الخمس ليلة اإلما يقولهم كعقيت الصالة، وقد أعمل فقهاء األمة فيهما اتو لأختها تحديد يوف

أقم الصالة ): قوله سبحانهمن نحو ا ومما جاء على شاكلتهما ميستنطقوا منهمواقيت الصالة ، (12/اإلسراء.. لى غسق الليل وقرأن الفجرإلدلوك الشمس

ضها اهلل على المؤمنين من عباده وجعلها بعد أن كلفهم بالحفاظ عليها، فر يالتأول و ه، باليقوم إال يد الدين الذو اإلسالم عم يكهذا يمثل ف وأمر ،كتاباأ موقوتاأ

أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة وأخر وصية رسول و ما فرض اهلل على عباده . رأن ما يشير إليه ويحدد معالمهالق ييستأهل أن يوجد ف.. ألمته اهلل

الباحث هنا يعد من وجهة نظره قرائن حالية استقر في ضميرعلى أن ما وتدل على أن ، بل ولفظية كذلك، ترجح من كفة جعل المراد من التسبيح الصالة

يهما صالتا الصبح والعصر على ما قال به الحسن ف: النهار يالمقصود بطرف .قتادة والضحاك وابن زيد والجمهورآه كما ارت، و تيهإحدى رواي

كون هذه تأن "تفسير آية هود من احتمال يوما ذكره الحافظ ابن كثير فبناء على فرضية الخمس 6"اآلية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ليلة اإلسراء

بالمدينة على ما روى عن الحسن، هو من زخرف القول، لوقوع حادثة اإلسراء ية، وفرضية الصالة ليلته عند التحقيق، فقد أورد ابن سعد فوالمعراج قبل الهجر

يطبقاته الكبرى أنها كانت قبل الهجرة بثمانية عشر شهراأ، كما أخرج البخار يتلك الليلة المباركة، فف يصحيحهما ما يدل على فرضية الصالة ف يفومسلم

لى سدرة إه هب بذ ) ين النبأ ااإلسراء والمعراج بطولها، ذكر ةقصلسردهما وفيها فرضت الصلوات الخمس على .. ليه عندئذ ما أوحىإوحى اهلل أالمنتهى، و قريش قمت يلما كذبتن): عند تحدى كفار مكة كما أخرجا قوله ،(المسلسين

1(بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه يى اهلل لفجل 6جرالح يفم رسول اهلل عل حة ليلة اإلسراء جاء جبريل و صبي يوف: "السيرة هيقول صاحب فق

السموات واألرض وله احلمد يف. فسبحان اهلل ح ن متسون وح ن تصبحون: "وكذا قوله "1 ، 7 /الروم.. وعشيا وح ن تظهرون

. 9/47تفسري ابن كثري 9 .ساعيل جبوف الكعبةإحجر يعين ، 999، 94 ومسلم 117 ، 2 4 ، 1 ، 927 يحديث املعراج أخرجه البخار 4: كلهم من حديث صعصعة املطول بلفظ 99، 7 9/ ، 49 /1 ي، والنسائ49 يوالرتمذ

.(مطيفيما أنا يف احل)

Page 37: من بلاغة القران

37

ركعتين يكيفية الصالة وأوقاتها، وكان عليه السالم قبل مشروعية الصالة يصل . "كما كان يفعل إبراهيم عليه السالم ا مساءأ مثليهمو صباحاأ

، ال يعين على يئوهو نهاية الش( فالطر ) ـل يوالقول بأن المدلول اللغو طائفة من ( الطرف) ـأنه يجوز أن يراد بب رد عليهي ،الصالةحمل المعنى على

، ومما يعد قرينة على صحة 6الصحاح والقاموس يىء، فإنه أحد معانيه كما فيالشوجعل ،مثل هذا المقام على معنى الصالة يما ذكرت من أمر حمل التسبيح ف

بيح وإرادة طالق البعض وهو التسذلك من قبيل المجاز المرسل لعالقة الجزئية إل: قال له يمن أن النب يالكل، ما أخرجه الحاكم عن فضالة عن وهب الليث

صالة قبل ): قال ن يا رسول اهلل؟ اا العصر مقلت و : قال ( حافظ على العصرين)فإذا أ ضيف إلى هذا ما أفاده ذكر أوقات الليل فى .. ( طلوع الشمس وقبل غروبها

الصلوات األخرى على تعيين المراد وتحديد اآليات سالفة الذكر من داللة ظاهرةلدى كثير المتعينة فيها ازداد األمر وضوحاأ وتأكد لنا صحة ما ارتأيناه، فقد ترجح

د مرا (وزلفاأ من الليل): هجل ذكر هقول يمن أهل التأويل أن صالة الزلف الواردة فالمختار لكونه هو -لدي أيضاأ جحعلى ما تر -وهذا ،بها صالتا المغرب والعشاء

على ظاهره، واألوفق مع قوله جل ( النهار يطرف)حمل مقابله وهو ياألدخل فوسبح بحمد ربك قبل طلوع : )هبعد قول( ومن آناء الليل: )آية طه يذكره ف

( ومن الليل فسبحه) آية ق يوقوله ف 6( 6 ، 63 /طه.. الشمس وقبل غروبها (.13، 63/ق .. مس وقبل الغروبوسبح بحمد ربك قبل طلوع الش: )بعد قوله

الحمل على معنى الصالة مما يالتقديم وف يوما كان كذلك كان أولى فأن -الكشاف يكما ف-فيكون حقه على هذا ،ر باأ قـ ( زلفاأ )قيل من أن معنى

أي ،النهار وأقم الصالة زلفاأ من الليل يأقم الصالة طرف ييعطف على الصالة أ، أو العشاء والوتر على ما عز وجل كان واجباأ عليه لى اهللإصلوات تتقرب بها

من هذه إذ القول بأى 1،ذهب إليه أبوحنيفة، أو المجموع كما يقتضيه ظاهر الجمعالحسن فى " والشوكاني عن ابن كثير نقلهما ، وبخاصة معيخلو عن كدر راء الاآل

،المغرب والعشاء ييعن( ليلوزلفاأ من ال)رواية ابن المبارك عن مبارك بن فضالة عنه كذا قال مجاهد ومحمد بن ( هما زلفا الليل المغرب والعشاء): قال رسول اهلل

.9 ص يالسرية للبوط هفق (.مادة طرف) 4/9991لسان العربو ،، والصحاح 99 / ينظر القاموس احمليط 9وينظر حاشية 4 جملد 99/912، 1جملد 9/4 ، 7جملد 4 9/9 يلوسينظر اآل .12 /7الشهاب ، وابن 9/941وحاشية الشهاب 9/917والكشاف 7جملد 4 9/9 يلوسينظر اآل 4

.79 / كثري

Page 38: من بلاغة القران

38

أدية تفضالأ عن أن تكرار ال ، "كعب وقتادة والضحاك أنها صالة المغرب والعشاءناهيك عما سبق المغرب والعشاء يمكن أن يتحقق معه معنى الجمع، يلصالتقد نزل بالمدينة، وهذا ،ما جاء على شاكلتها مما تقدم ل آية هود وجأن ذكره

.يتالئم معه ما ذكرنا

إذ اآلناء ( ومن آناء الليل: )آية طه يقوله ف( زلفاأ من الليل)معنى يف يويأتبالكسر ( إنا)بالياء والواو وكسر الهمزة، و( أنو)و( يإن)وهو بوزن أفعال ومفرده -

: مفرداته يقال الراغب ف 6"قتا المغرب والعشاءو "هو على ما ترجح -والقصر .6"أى وقته( 56/األحزاب.. غير ناظرين إناه: )قال اهلل تعالى"

ذهب غير "آية ق يإشارة صريحة لمعنى التسبيح في الليل الوارد ف يوفواحد إلى أن المراد بالتسبيح الصالة على أنه من إطالق الجزء أو الالزم على

الصالة قبل الطلوع الصبح وقبل الغروب العصر، المراد بوعليه ف و الملزوم،أالكل األوسط وابن عساكر عن جرير يقاله قتادة وابن زيد والجمهور وأخرجه الطبراني ف

النوافل بعد ( وإدبار السجود)صالة العتمة ( ومن الليل)بن عبد اهلل مرفوعاأ، 1.تفسيره ياآللوسي فونص عليه " أخرجه ابن جرير عن ابن زيدكذا المكتوبات

أن الليل وقت تميل فيه النفوس " ه،وزلف( آناء الليل)ـ هتمام باال يوالوجه ف: لهو بق يالراز الفخر وعلل له 5"أداء الصالة فيه يتساهل فيخشى أن في ،ةعلى الدإوذلك لسكون الناس وهدوء ،فيه أكثر -جمع القلب والهمة يأ-ألن الجمعية "

: ن األعمال، ولذلك قال سبحانه وتعالىعواس عن الحركات و حركاتهم وتعطيل الحأمن هو قانت آناء : )وقال( 2/المزمل.. إن ناشئة الليل هى أشد وطئاأ وأقوم قيالأ )

ن الليل وقت السكون وأل( 3/الزمر.. الليل ساجداأ وقائماأ يحذر ويرجو رحمة ربهفكانت ،للبدن أتعبلى العبادة كانت على األنفس أشق و إوالراحة فإذا صرف

.2"استحقاق األجر والفضل يأدخل ف

ناء آومن ) :قوله جل شأنهفى ( طرف)أن النكتة البالغية لجمع أيير بو : هعلى الرغم من أن للنهار طرفان ورد ذكرهما فى قول( الليل فسبح وأطراف النهار

.9 9/9وفتح القدير 9/47تفسري ابن كثري .1لد جم 1 /9 التحرير 9 .91ن ص آيب القر ر غ املفردات يف .4 جملد 99/912 يلوساآل 4 .1جملد 1 /9التحرير 9 .72/ يالراز 9

Page 39: من بلاغة القران

39

يوعه فووق( سبح) ـحال الجمع معموالأ ل يوقوعه ف ،(النهار يوأقم الصالة طرف)ن كان األمر إهذا ما يشير إلى أن الصالة و يوف( أقم الصالة)ـ حال التثنية معموالأ لفإنه ( الفجر والعصر)خره، وهما على ما ترجح آالنهار أوله و يفيها قاصراأ على طرف

كان نه إذاأأن يخلو سائر يوم المسلم من تسبيح هلل وشغل للسان بذكره، و يال يعنال تشغل حيزاأ كبيراأ من الوقت، فإن يشغلهما بتأدية الصالة الت للنهار طرفان يتم

،مع سابقيهما ملؤهما يثمة طرفان آخران يستغرقان سائر ساعات النهار ينبغأولهما عند انتهاء النصف ،بالتقديس والتنزيه لصاحب العظمة والكبرياء جل جالله

قوس األفق، وبلوغ ياألول من الطرف األول من النهار وهو طرف سير الشمس فمن القوس يتداء النصف الثانبعند ا يسيرها وسطه، والمعبر عنه بالزوال، والثان

فيكون للنهار أربعة أطراف ،ن النهارم ييوافق الشطر األول من النصف الثان يوالذوالكل مستغرق بالتسبيح ولذا يألول وأول نصفه الثاناخر نصفه آخره، و آأوله و

المجموع فيها ية اآل يوتكون الداللة على فضيلة الصبح والعصر ف.. نزع الخافض :من أوجه ثالثة هي( الطرف)مفردة

، (اوسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبه): قوله يالتقديم فختصاص بالذكر ، وإرادة اال(أطراف النهار)والتكرير بذكرهما ثانية مندرجين تحت

،(آناء الليل) قوله النهار، أو بضميمة المشتمل على ساعات بعد التعميم يكذكر جبريل بعد المالئكة ف، اهتماماأ اليوم والليلة المستغرق لجميع ساعات

والصالة الوسطى بعد الصلوات ،(1/القدر.. تنزل المالئكة والروح فيها : )قولهوذلك ،(662/البقرة.. حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى: )قوله يف جميعاأ

ن إو ،6ضيق وقت آخر النهار المخصص لصالة المغرب، ولكون الصبح وقت نومل جمع يذلك من إمكانية أن يكون السر ف يستئناس فاال يف اأ رى بأسأكنت ال

النهار يف( أل)كل نهار ويعود، فتكون يحاصالأ من كون الطرف يتكرر ف طرفطرفان، أو ن لكل أر و نهار ويكون الجمع باعتبار تعدد النها للجنس الشامل لكل

العربية عند أمن ييكون من باب إطالق الجمع على المثنى وهو متسع فيه فحسن جمعه هنا يوالذ ،(1/التحريم.. فقد صغت قلوبكما): اللبس كقوله تعالى

، ومهما يكن من 6(ومن آناء الليل: )وقوعه مشاكلة لجمع آخر هو قوله على أى ل و الضحى والظهر لكوهنما يف هناية النصف األ ين إدخال صاليتري سو مع هذين األخيو

سبيح فيهما ويكون محل الت. له خر من الشطر الثاينمن طرف النهار األول، وبداية النصف اآلعن يشتماهلا عليه وهو املوافق ملا رو وهو الصالة ال ،طالق البعض وإرادة الكلحينذاك على اجملاز إل

.[2 جملد 91/ يلوسينظر تفسري اآل]اس من أنه محل الغداة على وقت الضحى عبابن / 9 ، والتحرير 9/97، ونظم الدرر 9/427، وحاشية الشهاب 9/991ينظر الكشاف 9

.1جملد 1 .1جملد 9 9/4 يلوسواآل 1جملد 1 /9 ينظر التحرير

Page 40: من بلاغة القران

41

ى أن التسبيح في آية طه بمعنى الصالة، ساق هذا أمر فقد أجمع المتأولون عللذلك صار فعل التسبيح منزالأ منزلة : "اإلجماع ابن عطية وعلل هل الطاهر بقوله

" الالزم ألنه في معنى صل

،يتين الكريمتين باألمر بالصبر قبيل األمر بالتسبيحير اآلدتص يوالنكتة فوهذا مما يعضد من شأن ،ب الدنيائشتى مصا ياإلعالم بأعظم ما يستعان به ف

سائر ما دلت يعلى التشيع له ف نويعيبل حمل التسبيح على معنى الصالة، إذ هو األنسب مع األمر بالصبر ليكون ،ذات المعنى يالقرائن على استعماله ف

.6(15/البقرة.. واستعينوا بالصبر والصالة): قوله تعالى هلما تضمن اأ إرشاد

المحددة لمعالم أوقات ،مرة بالتسبيحشأن اآليات اآل يفعلى أن ما قيل وردت يأمر نزولها بالمدينة دون سائر آيات السورة الت يوكذا ما ذكر ف ،الصالة

فسبحان اهلل حين تمسون وحين ): سورة الروم يقوله سبحانه ف ييقال مثله ف.. فيها يه ،يةن هذه اآلالمصاحف المتداولة بين أيدينا أ يفف ،(1 /الروم.. تصبحون

نزلت يحيدة من بين سائر آيات السورة البالغ عددها ستين آية، التو اآلية الأن لى إىء يوم ياألمر الذ -على ساكنها أفضل الصالة والسالم -بالمدينة المنورة

ـن المراد بأيراد به الصالة، و -لى تلك القرينةإبالنظر -التسبيح الوارد فيها وحين ) :و صالة العصر لكونه المتصل به والمقابل لقولهبعدها، ه( عشياأ )

دل عليه األثر مما نص عليه الدامغاني في الوجوه والنظائر و ، بل إن هذا (تصبحون يبى حاتم والطبرانأوابن جرير وابن المنذر وابن بيفقد أخرج عبد الرازق والفريا

: اس فقالبابن ع لىإق زر جاء نافع بن األ: رزين قال يبأعن ،والحاكم وصححهفسبحان اهلل حين )فقرأ . نعم: فقال هل تجد الصلوات الخمس فى القرآن؟

صالة العصر :(وعشياأ )صالة الفجر، :(وحين تصبحون)صالة المغرب، :(تمسونوأخرج ابن أبى شيبة وابن جرير وابن المنذر عنه ... صالة الظهر :(وحين تظهرون)

المغرب :(فسبحان اهلل حين تمسون)صالة جمعت هذه اآلية مواقيت ال: قال.. الظهر :(وحين تظهرون)العصر، :(وعشياأ )الفجر، :(وحين تصبحون)والعشاء،

.6ذلكنحو لى إوذهب الحسن

.9 جملد 97 / 9التحرير .1جملد 9/4 ينظر اآللوسي 9والوجوه 4/999وفتح القدير9 جملد 49/ 9 يلوساآلو 7 9/ ينظر الكشاف .449/ والنظائر

Page 41: من بلاغة القران

40

هذه يما ذكره ابن عاشور من أن التسبيح فمع هذا، ستقيم لنا يوال ذا التعليل ألن ه "سلك به مسلك اإلطناب ألنه مناسب لمقام الثناء"األوقات

كما ال صحة لما ... ثار تردهناشىء عن القول بحمل التسبيح على ظاهره، واآل ي، من حمل التسبيح فيلوساآل -بقوة وبحماس زائدين -اختاره الرازى وتابعه فيه

أقوى والمصير إليه أولى، "ين أنه زاعم ،اآلية الكريمة على ظاهره من معنى التنزيهن فأل: فلما ذكرت، وأما ثانياأ : أما أوالأ .. معنى الصالة يعنى 6"ألنه يتضمن األول

وإذا كان . الصالة مشتملة عليه وعلى غيره لكونعكس ما قااله هو الصحيح، ه بصفات الوجه فيما اختاراه وتعصبا له تنزيهه سبحانه عن صفات النقص ووصف

به أمر ال يختص بنوع دون نوع فيكون األمر يالكمال، باألمر المطلق الذعتقاد الجازم، وباللسان مع ، فإن فيما تركاه يتناول التنزيه بالقلب وهو اال6بالصالة

على يل الصالح الذى يأتمذلك وهو الذكر الحسن، وباألركان معهما وهو العهى ثمرة -وأيم اهلل -قمته التلبس بالصالة عمود الدين ورأسه في اإلسالم، وتلك

ذلك أن اإلنسان إذا ... وهما معاأ ثمرة األول يرة الثانلكونها ثم ،التنزيه وذروتهمقاله، وإذا عمل يمن قلبه على لسانه، وإذا قال ظهر صدقه فظهر اعتقد شيئاأ

فاللسان ترجمان الجنان، واألركان برهان أحواله وأفعاله، يظهرت حجته فبله تنزيهه من ق بل العبد برهان على وعليه فتنزيهه سبحانه بالصالة من ق . اللسان

ال -الشتمالها على الذكر باللسان والقصد بالجنان والعمل باألركان يلسواها، وهله سبحانه بما هو أعم التحقيق تنزيه يف يفه ،انت أفضل األعمالك -جرم

.وأشمل

موطن آخر ينفسه تناقضاأ شديداأ حين ألمع ف يخر الراز فولقد ناقض الوهو الذى تعصب -بل راح عينها مراد به الصالة،آية الروم يالتسبيح فأن لى إ

يعلها عمدة فجراح يستدل بها وي -حمل المعنى فيها على ظاهرهلبشدة تفسيره لقول اهلل تعالى يفقد ذكر ف. حتجاج على إفادة التسبيح لمعنى الصالةاال

آل . . واإلبكار يواذكر ربك كثيراأ وسبح بالعش): زكريا عليه السالمنبيه مخاطباأ تسبيحاأ، قال ألن الصالة تسمى (وصل )المراد منه ( وسبح: )أن قوله ،( 1/عمرانواستطرد يقول مفصحاأ عن -( فسبحان اهلل حين تمسون وحين تصبحون: )تعالى

وأيضاأ الصالة مشتملة على التسبيح، فجاز تسمية الصالة –علة مجازيتها .1"بالتسبيح

.2 جملد 99/ 9التحرير والتنوير .9 جملد 9/44 يلوسآلاو 9/447 يالراز 9 .ينظر السابق ن .4/929 يالراز 4

Page 42: من بلاغة القران

42

عليه أن ياترى وهو الذى كان ينبغمن هذا ي يلوسفما يكون موقف اآل: بدل أن يقول ،ثاراآلعليه موقفه متكئاأ على ما ورد من ييأخذ هذا الكالم ويبن

وبدل أن يتكلف له ، "وأنا باإلمام اقتدى فى دعوى أولوية الحمل على الظاهر" يز مام الرااإلواختار : "كداأ على ما ذكره الفخر وقائالأ ؤ عليه رأيه مكرراأ وم يويبن

أولى ألنه يتضمن إليه نه أقوى والمصير إ: حمل التسبيح على التنزيه فقال ؟، وأن العكس من ذلك هو الصحيحدعاءاال اعلى الرغم من بطالن هذ ،6"الصالة

حق يدعوم بالقرائن وباآلثار التى تقطع بمفاد التسبيح فمعلى أن قولنا الإحقاقاأ –ال يمنعنا بحال ،قآية الروم وما يجمل حمل معناه عليه بمعونة السيا

ن ما ذكر بهذا الصدد ال يعنى أن أمن التسليم بما ذكره ابن عاشور من -للحق ين اآلية نص قطعأأو ،من اآلية اأ الصلوات الخمس وأوقاتها هى المراد تحديد

نسجت على نسج صالح "ولكن نقول بأن اآلية الكريمة ،وقاتهاأتحديد يفيها وفن كان إوقاتها وذلك من إعجاز القرأن ألن الصالة و أالخمس و لشموله الصلوات

.6"سبحان اهلل: بحة فال يطلق عليهايطلق عليها الس و فيها تسبيح

-أن يكون الخطاب موجهاأ يما كان األمر فيه يقتض والقول بهذا أي اأ سبحانه لما وعدهم بحسن أنهه ومناسبة ذلك مع سابق ،1لى المؤمنينإ -بالطبع

فأما الذين آمنوا . ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون: )قبل صيرهم فى قولهملق نهم شكر .. (5 ، 1 /الروم.. وعملوا الصالحات فهم فى روضة يحبرون

على هذا مصدر واقع ( سبحان)، و5أجزاء اليوم والليلة ينعمته بإقامة الصلوات فج رواية نافع خر وعليه ت ( سبحاناأ فسبحان اهلل)بدل فعل األمر بالتسبيح، والتقدير

( سبحان اهلل)أمر بأن يقولوا ( سبحان)بن األزرق سالفة الذكر، ويكون المراد بقوله مل على قول توهو مجاز كما قلنا عن الصالة، أو كناية عنها، ألن الصالة تش

(.األعلى يسبحان رب .. العظيم يسبحان رب)

آية الروم التنزيه وحمل األمر يح فبيوقد حدا القول بجعل المراد من التسحدا أصحابه القائلين به ... على ظاهره خالفاأ لما ذكرنا من حمل وتوجيه خطاب

تابعاأ ( تظهرون)و( صبحونت)و( تمسون)قوله يألن يتعسفوا ويجعلوا الخطاب ف.. ليه ترجعونإثم يعيده ثم الخلق اهلل يبدأ ): قوله يقبله ف يللخطاب الذ

.9 جملد 44/ 9 يوسلاآل .9/447 يالسابق وينظر الراز 9 .2 جملد 99/ 9ينظر التحرير .ما سنذكرعلى لتفات ىل املشرك ن على طريقة االإ -عمكما ز -وليس موجها 4 .2 جملد 99/ 9ينظر التحرير 9

Page 43: من بلاغة القران

43

لتفات من ضمائر فيكون بهذا خطاباأ موجهاأ للمشركين على طريقة اال ،( /الرومأنفسهم ما خلق اهلل السموات واألرض يأولم يتفكروا ف: )الغيبة المبتدئة من قوله

أولم .وما بينهما إال بالحق وأجل مسمى وإن كثيراأ من الناس بلقاء ربهم لكافرونسبحان )ويكون المقصود من قول ،(3، 2/الروم.. األرض فينظروا ييسيروا ف

نشاء ثناء إنشاء تنزيه هلل عما نسبوه من العجز عن إحياء الناس بعد موتهم، و إ( اهللصباح مساء واإلعلماأ بأن هذا الخطاب يفصل بينه وبين األمر بالتسبيح باإل.. عليه

من البعد ،على نقيضه ذلك فضالأ عما دلت القرائن واآليات يخمس آيات، وف .لتكلف ما ال يخفىوا

يتقتض يفاء الفصيحة وه يه( فسبحان اهلل)قوله ياء ففوالزعم بأن الال ليس شرطاأ فيها، وهو إن سلم فإنه اتصال ما بعدها بما قبلها، يرد عليه أن هذا الفاء : "ما أشار إليه أبو السعود بقوله ينافي كون الخطاب آلهل اإليمان، ولعل هذا

يعني مصير من جاء ذكرهم في –قبلها، أي إذا علمتم ذلك لترتيب ما بعدها بماوأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء اآلخرة فأولئك في العذاب )قوله جل وعال

فسبحوا اهلل تعالى تسبيحه الالئق في هذه األوقات –( 2 /الروم .. محضرون يزين من أهل واحمدوه، فإن اإلخبار بثبوت الحمد له تعالى ووجوبه على المم

ستئناف نها لالأأو ، "السموات واألرض في معنى األمر به على أبلغ وجه وآكده .بتداءأو لال

،(سبحان)استعمال مصدر فيدعاء بأن األنسب واألغلب أو المتعين واالالقرأن على هذا النحو يلمشركين لكثرة وروده فل فيه موجهاأ أن يجعل الخطاب

، 13/، الروم /، النحل2 /يونس.. عالى عما يشركونسبحانه وت: )مثل قوله يفبضميمة القرائن -أيضاأ ه يرد .. 6تقضيه أقوال أئمة اللغة ، وعلى ما(21/الزمر

، وكذا ما جاء فى نحو قوله من سورة الروم ية الكريمةهذه اآل -واألدلة سالفة الذكر.. ن تقوميسبح بحمد ربك حو : )محمد جل ذكره فى مخاطبة نبيه

: يتهدال يوقول األعشى ف ،(12/الطور

(.ات والضحىوسبح على حين العشي )

في آية الروم ( وله الحمد في السموات واألرض)وفي االعتراض بجملة بين الظروف إشعار بأن تسبيح المؤمنين هلل ليس لمنفعة تعود عليه سبحانه فهو

محمود في السموات الغني عن العالمين، بل لمنفعة المسبحين أنفسهم، ألن اهلل .4جملد 94/ 7سري أيب السعود تف

.2 جملد 99/ 9تحرير الينظر 9

Page 44: من بلاغة القران

44

واألرض من غير وقوع الحمد منهم، فهو غني عن حمدهم، وقد أفاد تقديم ، القصر االدعائي لجنس الحمد على اهلل تعالى، ألن (وله الحمد)المجرور في

. فالن الشجاع : حمده هو الحمد الكامل على نحو قولهم

إلشعار بأن حقها أن وتوسيطه بين أوقات التسبيح إنما هو لالعتناء بشأنه وا، (63/البقرة .. ونحن نسبح بحمدك : )يجمع بينهما كما ينبئ عنه قوله تعالى

، ولعل هذا يفسره ما 6(6/، والنصر 32/الحجر .. فسبح بحمد ربك : )وقوله: يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده كان رسول اهلل : جاء عن عائشة قالت

، وعنها أنها فقدته 6يتأول القرآن( ر ليسبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغف)ذات ليلة، فظنت أنه ذاهب إلى بعض نسائه، فتحستسه فإذا هو راكع أو ساجد

بأبي أنت وأمي، إني لفي : فقالت( سبحانك اللهم وبحمدك، ال إله إال أنت: )يقول .1شأن وإنك لفي شأن آخر

:حق األنبياء السابقين يما جاء ف -6

حق بعض األنبياء يصدور األمر بالتسبيح فالتنزيل يهذا وقد ورد فقال : )حق زكريا عليه السالم يقوله جل شأنه ف يكما ف السابقين لنبينا محمد

واذكر ربك كثيراأ أيام إال رمزاأ ةآية قال آيتك أال تكلم الناس ثالث يرب اجعل لى آية قال قال رب اجعل ل): ، وقوله( 1/آل عمران.. واإلبكار يوسبح بالعش

فخرج على قومه من المحراب فأوحى .ك أال تكلم الناس ثالث ليال سوياأ يتآوكذا قوله فى حق نبى اهلل داود ،( ،3 /مريم.. إليهم أن سبحوه بكرة وعشياأ

اصبر على ما يقولون واذكر : )عليه السالم بعد توجيه الخطاب لخاتم المرسلين .. شراقواإل يا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشإن. عبدنا داود ذا األيد إنه أواب

(.2 ، 1 /ص

اهلل يلزام فى حق نبيوقد كان ألمر التسبيح الصادر من اهلل على سبيل اإل -من ثم –التعجب من بديع صنع اهلل، ويستوجب يدعتزكريا وداود، ما يس

عليه ، فقد طمع زكريا وما أسبغ من فضلعطى سبحانه من نعم أالتسبيح على ما الصيف، يبعد أن رأى أن اهلل يرزق مريم عليها السالم فاكهة الشتاء ف -السالم

ن كان شيخاأ كبيراأ قد وهن إأن يرزقه اهلل الولد، وهو و ،الشتاء يوفاكهة الصيف ف . 49/ 9 والرازي2 جملد 99/ 9ينظر التحرير

9 .4جملد 94/ 7ينظرتفسري أيب السعود

. رواه أمحد والبخاري ومسلم

4 .رواه أمحد ومسلم والنسائي

Page 45: من بلاغة القران

45

األخرى مع ذلك كبيرة يمنه العظم، واشتعل فيه شيب الرأس، وكانت امرأته هرحمة يثقة منه ف ،نيل ما تأمله وصبت نفسه إليه يف وعاقراأ، إال أنه لم يقطع الرجاء

وكان اهلل وقدرته على خرق نواميس الكون، فراح يسأل ربه ويناديه نداء خفياأ رب هب لى من لدنك : )الجواب الفوري، الماثل هو ودعاؤه في قول اهلل تعالى

ب أن اهلل فى المحرا يفنادته المالئكة وهو قائم يصل. ذرية طيبة إنك سميع الدعاء . (63، 62/آل عمران.. ىييبشرك بيح

ودعاهم ذلك ،عرب بعض المفسرين عن مدى تعجبهم لطلب زكرياأوقد إذ نادى ربه نداء خفياأ ): المفاد من قوله تعالى ييعن -ألن يقولوا إنما أخفى دعاءه

،يحكاه الماوردكذا ره، ب لى الرعونة لك إلئال ينسب في طلب الولد -(6/مريم.. الناس يوكان الوازع لدى زكريا عليه السالم خوفه أن تتصرف عصبته من بعده ف

ل يعقوب ويكون مرضياأ عند آالنبوة ويرث من يفسأل اهلل ولداأ يرثه ف ،تصرفاأ سيئاأ تابه من إجابة اهلل له، أن طلب من نب ما ايوكان من عج ، واستجاب اهلل دعاءه ربه

تستقر نفسه ويطمئن ها على وجود الولد منه كيماربه أن يجعل له عالمة يستدل بقال آيتك أال تكلم الناس ثالثة أيام إال رمزاأ )قلبه، ول تلك أجابه سبحانه أيضاأ و

، أي جعلت آيتك ( 1/ آل عمران.. واذكر ربك كثيراأ وسبح بالعشي واإلبكار ح سوي التي طلبت، أن تحبس لسانك عن الكالم ثالثة أيام بلياليهن وأنت صحي

قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة ووهب والسدي وقتادة وغير واحد، اعت قل لسانه من غير مرض وال علة، وقال ابن زيد بن أسلم كان يقرأ ويسب ح وال يستطيع أن

( فخرج على قومه من المحراب)يكلم قومه إال إشارة، ولهذا قال في آية مريم أن سبحوا بكرة )بإشارة خفيفة سريعة ( يهمفأوحى إل)يعني الذي ب شر فيه بالولد

موافقة له فيما أ مر به في هذه األيام الثالثة زيادة على أعماله وشكراأ هلل ( وعشياأ ، ويحتمل أنهم كانوا يصل ون معه في على ما أواله، كذا قال مجاهد ووهب وقتادة

فلما اعت قل -يعني بكالم –محرابه هاتين الصالتين فكان يخرج إليهم فيأذن لهم .6"لسانه خرج إليهم كعادته فأذن لهم بغير كالم

ولكون األمر في حق داود ال يقل غرابة عما كان في حق زكريا فقد استوجب هو اآلخر تسبيحاأ وتنزيهاأ لصاحب القوى والقدر جل جالله، وعن غرابة

ة له منقادة أي جعلناها مصاحب( إنا سخرنا الجبال معه: )ما في أمره يقول سبحانه (.يسبحن بالعشي واإلشراق)ذلوالأ كالجمل األنف

. 2/4 وما بعده والرازي 4 / ينظر تفسري ابن كثري

.فبتصر 2/4 الرازي 9

Page 46: من بلاغة القران

46

وقد تباينت كلمة أهل العلم في شأن التسبيح في حق هذين النبي ين فارتأى بعضهم أن -عليهما وعلى نبينا أفضل السالم وأزكى التسليم -المباركين

حملوا ، ف(سبحان اهلل)المراد بالتسبيح في حقهما هو التسبيح اللساني بقول والوجه فيه بمقتضى قولهم، أن العادة جارية أن كل من .. بذلك، األمر على ظاهره

.. سبحان اهلل )رأى أمراأ عجب منه أو رأى فيه بديع صنعة أو غريب حكمة يقول لما رأى حصول ، وهكذا كان األمر في حقهما فزكريا(سبحان القادر المقتدر

بح وأمر قومه بالتسبيح، وبمثل ذلك الولد من شيخ وعاقر، عجب من ذلك فسعبادة اهلل -بطريق االقتداء به -فعل داود عندما عاين الجبال تؤوب معه وتشاركه

.تعالى وتقديسه

المراد بالتسبيح الصالة مجازاأ بعالقة "وذهب الراسخون منهم إلى أن ة وهذا يعني أن ثمة صال "االشتمال، وهو المروي عن ابن عباس وقتادة وجماعة

في هذين الوقتين، بواقع ركعتين -كما سبقت اإلشارة -خاصة بهم كانت تؤدى في أول النهار وركعتين في آخره، والظاهر أن هذه من بقية ما ورثوه عن

وقد كان نبينا صلوات اهلل وسالمه عليه، يقتدي بهما وبه في … إبراهيمات الخمس، لكونهما صالته طوال فترة بقائه بمكة قبل أن تفرض عليه الصلو

أولئك الذين هدى اهلل فبهداهم )ولكونه داخلي ن فيمن قال سبحانه في حقهم آمراأ كان عليه السالم قبل مشروعية الصالة : "، يقول البوطي(33/األنعام.. اقتده

. "6كما كان يفعل إبراهيم 6يصلي ركعتين صباحاأ ومثليهما مساء

أولئك الراسخون من غير ما ذكرنا، ترشح والحق أن األدلة التي اتكأ عليهاالقول بحمل التسبيح على الصالة، بل وترجح من كفة الذهاب إلى أن األولين منهما يمثالن في شريعتنا ركعتي الضحى، فقد ذكروا أن تخصيص هذين الوقتين

أقم الصالة : )بالذكر واختصاصهما بمزيد شرف، وشدة الموافقة فيهما لقوله تعالىيصلح أن يكون سبباأ لتعيينهما للصالة والعبادة، فإن ( 1 /هود.. النهار طرفي

، 1لفضيلة األزمنة واألمكنة أثراأ في فضيلة ما يقع فيهما من العبادات وهذا أصفى

.1جملد 2 /9 اآللوسي

ينظر الكشاف ]والزعم بأهنما كانتا ركعت ن يف أي وقت اتفقت كما روي عن احلسن 9[ 1/974، 12 /7والبيضاوي وحاشيته جملد 1 /94، 9 جملد 44/ 9واآللوسي 7 9/

تا الصبح وما ذكر يف نظم الدرر من أن الصالت ن كان... يرده تعي ن وقتيهما بالعشي واإلبكارأنه مل يكن أمر يف أول اإلسالم بغريمها، وهبما أمر من كان قبلنا، ومها أفضل الصلوات، "والعصر، و

: من قوله تعاىل( ص)، يرد عليه ما جاء يف آية [ 1/979نظم الدرر " ]وكانتا ركعت ن ركعت ن . ، إذ من املعلوم أن الصبح إمنا يكون قبل شروق الشمس(بالعشي باإلشراق)

.9 فقه السرية ص

.4/929والرازي جملد 997/ 9ينظر اآللوسي 4

Page 47: من بلاغة القران

47

ويشعر به مجيئ األمر بالتسبيح في آية آل عمران عقب األمر بالذكر الكثير، فنادته : )صالة، وذلك في قولهفي محراب ال والتصريح فيها بقيام زكريا

، وكذا قوله في آية (63/آل عمران.. المالئكة وهو قائم يصلي في المحراب .. فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياأ : )مريم

، كما يشعر به تقييد الوقتين بالباء كما في آيتي آل عمران و ص، أو ( مريم/ (.ص)مريم، وكذا االحتجاج على مشروعية صالة الضحى بآية بالظرفية كما في آية

ففضالأ عما اتفق المفسرون عليه من جواز إطالق التسبيح عليها بقولهم وإني : )أي صالة الضحى، وبما روي عن عائشة في شأنها( س بحة الضحى: )عنها

ك ما ، فقد ورد ما يدل صراحة على أنها هي بعينها، من ذل أي ألصليها( ألسبحهافدعا بو ضوء فتوضأ ثم صلى دخل علينا رسول اهلل : )جاء عن أم هانئ قالت

: ، وعن طاووس عن ابن عباس قال6(الضحى، وقال يا أم هانئ هذه صالة اإلشراقإنا سخرنا الجبال معه )ال، فقرأ : هل تجدون ذكر صالة الضحى في القرآن، قالوا

لم يزل : )ا داود عليه السالم، وقالكان يصليه: ، وقال(يسبحن بالعشي واإلشراقيسبحن بالعشي : )في نفسي شيئ من صالة الضحى حتى وجدتها في قوله

، وهي رواية عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني عنه، وفي 6(واإلشراقماعرفت صالة الضحى إالبهذه اآلية، وثالثة أخرجها الطبراني في : رواية أخرى عنه

يسبحن بالعشي )كنت أمر بهذه اآلية : دويه عنه أيضاأ قالاألوسط وابن مر صل ى يوم ، فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانئ، أن رسول اهلل (واإلشراق

ظننت ان لهذه الساعة : فقال ابن عباس .. فتح مكة صالة الضحى ثمان ركعات في صالة ، وألهل األثر والحديث(يسبحن بالعشي واإلشراق: )صالة لقوله تعالى

الضحى كالم طويل، وقد ورد فيها كما قال الشيخ ولي الدين العراقي أحاديث كثيرة إنها بلغت مبلغ التواتر ومن ذلك : مشهورة حتى قال محمد بن جرير الطبري

حديث أم هانئ الذي في الصحيحين، وكذا ما رواه أبو داود من طريق كريب لسالم س بحة الضحى، ومسلم في كتاب صل ى عليه الصالة وا: عنها، أنها قالت

الطهارة من طريق أبي مر ة عنها أيضاأ، وفيه ثم صلى ثماني ركعات سبحة الضحى، قدم رسول اهلل : وابن عبد البر في التمهيد من طريق عكرمة بن خالد أنها قالت

.1هذه صالة الضحى: مكة فصلى ثمان ركعات، فقلت ما هذه الصالة؟ قال

. 2/4 الرازي وابن مردويه مرفوعا 9/911والسيوطي يف الدراملنثور 1 9/9أخرجه الطرباين كما يف اجملمع 9

. حبانفيه حجاج بن نصري، ضعفه املديين ومجاعة ووثقه ابن مع ن وابن : وكرره موقوفا، وقال اهليثمي . 2 /4وابن كثري 94 / وينظر الكشاف 919/ الرازي . جملد 997/ 9ينظر روح املعاين 4

Page 48: من بلاغة القران

48

لذلك الفتح ك الصالة كانت صالة شكر من ق ب ل النبي والزعم بأن تلتلك الليلة من العظيم صادفت ذلك الوقت، أو أنها كانت قضاء عما شغل به

، وما جاء عن عائشة بنفي صالة النبي حزبه فيها، خالف ظاهر الخبر السابق عنهاعيتها، وذلك لما لها حمله القائلون باإلثبات، على نفي رؤيتها ربما في بداية مشرو

ورد عنها بعد ذلك من إثبات كما في نحو ما رواه مسلم وأحمد وابن ماجة أنها وقد .. يصلي الضحى أربعاأ، ويزيد ما شاء اهلل تعالى كان رسول اهلل: قالت

شهد أيضاأ بأنه عليه الصالة والسالم كان يصليها على ما قال الحاكم، أبو ذر ن أرقم وأبو هريرة وبريدة األسلمي وأبوالدرداء وعبد اهلل الغفاري وأبو سعيد وزيد ب

بن أبي أوفى وعتبان بن مالك وعتبة بن عبد السلمي ونعيم بن همام الغطفاني وأبو ومن القواعد المعروفة أن المثب ت مقدم على . أمامة الباهلي وأم هانئ وأم سلمة

في وتأويلها أهون من تأويل النافي، على أن رواية اإلثبات أكثر بكثير من رواية النغيرها، وتمام الكالم في ذلك في كتب الحديث والفقه وحسبنا منه ما ذكرنا مما

.6اقتضاه المقام

والحق أن ماسيق قبالأ من أمر الصالتين اللتين كان يؤديهما زكريا في محرابه وأمر بهما قومه، وما ذكر هنا في حق داود عليه السالم، وماقيل في أمر

باط المفسرين من أنه حيث كانت صالة لداود وقص ت على طريق المدح ع لم استنلمما يستجمع منه … منه مشروعيتها، وأنه عليه السالم كان يصلي مسبحاأ فيهما

كيفية صالة من كان قبلنا ويستشف من خالله أن صالة البكرة أو اإلشراق كانت مفروضة في حق األمم –باإلضافة إلى ركعتين أخريين وقت العصر بالعشي –

السابقة، وأن ذلك أضحى شرعاأ لنا حتى فرضت الصلوات الخمس، فصارت ركعتا بموجب –اإلشراق بعد فرض الصلوات سنة في حق هذه األمة، وأن هذا العمل

، (33/األنعام.. أولئك الذين هدى اهلل فبهداه اقتده : )قوله تعالى في حق نبينان لكم في رسول اهلل أسوة حسنة لمن كان يرجو اهلل لقد كا: )وقوله في حق أمته

، وبموجب تقرير شرعنا لها إضافة لما خص اهلل هذه ( 6/األحزاب.. واليوم اآلخر .ملزم لنا وي عمل به –األمة ونبيها به

كما يستكنه مما سبق أن ما روي في الصحيح عن عائشة من أن الصالة دينة أ قرت صالة السفر وزيد في صالة الم فرضت ركعتين فلما قدم رسول اهلل

أعني قبل –مرجح لما قلنا من أن الصالة المفروضة في بداية األمر .. 6الحضر .ينظر السابق

. 9 /1واحلواشي الشهابية.. جملد 999، 991، 997/ 9السابق 9 999، 999/ والنسائي11 وأبو داود919ومسلم212 ، 92 أخرجه البخاري .هم عن أم املؤمن ن عائشة رضي اهلل عنهاوكل 4 / والبيهقي4 9/ وأمحد

Page 49: من بلاغة القران

49

كانت ركعتي الضحى -بمكة فرضية الصلوات الخمس، وطوال فترة بقائه ومثليهما بالعشي، وبعد األمر بالخمس ليلة اإلسراء أقرت الرباعية منها على حالها

كعتين في السفر وزيدت في الحضر، وعليه فما نقل عن أبي العالية من أن ركعتين ر بصالة الصبح -وتحديداأ –الصالتين الواجبتين في ابتداء الحال كانتا متعينتين

.، فيه نظر والعصر

وهذه وإن كانت إطالة ألمر فقهي إال أن الذي دعى إليها كثرة ما دار بين ة التسبيح في اآليات التي مرت بنا، فهي إطالة أهل التأويل من لغط حول مجازي

استدعاها المقام والقصد منها إثبات صحة ما ارتأيناه من حمل التسبيح على .المعنى المجازي له وهو الصالة

هذا وقد أورد الحافظ ابن كثير طرفاأ مما كان عليه نبي اهلل داود من أمر لها في طريقها إلى اهلل، كما أفاد في العبادة مما يعد م ع لماأ لهذه األمة، وزاداأ

تفسيره أن جوانب تعبده عليه السالم لم تكن قاصرة على ما ذكرنا من صالة أ عطي داود عليه الصالة : )ركعتين بكرة ومثليهما عشياأ، ونقل عن قتادة قوله

كان يقوم ثلث الليل ويصوم )، وذكر أنه (والسالم قوة في العبادة وفقهاأ في اإلسالمأحب : )في قوله وهذا ثابت في الصحيحين عن رسول اهلل ( ف الدهرنص

الصالة إلى اهلل صالة داود، وأحب الصيام إلى اهلل عز وجل صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماأ ويفطر يوماأ، وال يفر إذا

.6هلل عز وجل في جميع أموره وشئونهوهو الر ج اع إلى ا( القى، وإنه كان أو اباأ

:ما تعلق بتسبيح الجبال وسجود الظالل -6

وعلى نحو ما كانت داللة التسبيح في حق نبي اهلل داودعليه السالم مجازية، كذا كانت داللته في حق الجبال مجازية أيضاأ، وهذا من البداهة بمكان،

نى الصالة، لكون التسبيح بل ه أن المجاز في حق داود منصرف كما قلنا إلى معبينا هو في حق الجبال له داللة … جزءاأ منها فهي عالقة جزئية لمجاز مرسل

مغايرة، فهو تجوز عن التسخير واالنقياد وإن كان تسخيراأ وانقيادأا يحمل معنى ثم استوى إلى : )الطواعية على ما يدعو إليه نسق اآلية ويدل عليه قوله سبحانه

.. فقال لها ولألرض ائتيا طوعاأ أو كرهاأ قالتا أتينا طائعين السماء وهي دخانالواقع من نبي اهلل داودعليه السالم والموصوف به ( يسبح)، فالفعل ( /فصلت

.914/ ، 2/4 ينظر الرازي .4/91ينظر ابن كثري 9

Page 50: من بلاغة القران

51

الجبال، مستخدم في غير ما وضع له في اصطالح التخاطب، ومستعمل في .حقهما بمعناه المجازي، وإن اختلفت داللة المجاز فيهما كل بحسبه

ونظير هذا في الحمل على المجاز والقول به جعل التسبيح بمعنى الذي جاء مرادفاأ للتسبيح هو في اللغة بمعنى الترجيع الترجيع، فإن التأويب

وترديد الصوت، وعليه فتكون الجبال الشامخات قد أمرت من ق ب ل القادر المقتدر له واقتداءأ به، ويكون المراد من سبحانه أن ت رج ع معه وتجيبه بأصواتها وتسبح تبعاأ

أنه تعالى سخر الجبال معه عند إشراق الشمس وآخر النهار، كما "اآلية، اإلخبار بـوكذلك كانت الطير تسبح "، 6("3 /سبأ.. ياجبال أوبي معه والطير )قال عز وجل

بتسبيحه وترجع بترجيعه إذا مر به الطير وهو سابح في الهواء فسمعه وهو يترنم .6"اءة الزبور، اليستطيع الذهاب بل يقف في الهواء ويسبح معهبقر

حين جعل التسبيح مجازاأ عن السير، أي أنها ( الج م ل)وأغرب صاحب كانت تسير إلى حيث يريد فيكون قد جعل السير تسبيحاأ للداللة على كمال قدرة

سيري : عنىمن السباحة فيكون الم( يسبحن)اهلل تعالى وحكمته، أوعلى اعتبار أن ، فإن هذا وإن كان له مساعدة من حيث اللفظ في اللغة على 1معه بالنهار كله

اعتبار أن التأويب سير النهار كله، والس رى سير الليل كله، إال أن السياق في اآلية اليساعده، وأغرق في اإلغراب من ذكر أن التسبيح في حق الجبال إنما هو

ص بتسبيحهن الحالي بالوقتين، وكذا ال إذ ال اختصا! تقديس بلسان الحال .5اختصاص له حينئذ بكونه معه، كما أن التقييد بالوقتين المذكورين يأباه

ونظير ذلك في الغرابة جع ل التسبيح للجبال مجازاأ عن الفيئ، فإن هذا المعنى اليسوغ بحال جعله مجازاأ عن التسبيح وإن استقام جعله مجازاأ عن

األخير قاصراأ على الجبال بل يعمها وغيرها مما يتأتى أن السجود، وليس هذا ألم ترأن اهلل يسجد له من : )يكون له فيئ أو ظل ، لذا جاء التعبير به في قوله تعالى

في السموات ومن في األرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب ما في السماء : "بن كثيريقول أبو العالية فيما نقله عنه الحافظ ا(. 2 /الحج..

نجم وال شجر وال قمر إال يقع هلل ساجداأ حين يغيب ثم ال ينصرف حتى يؤذن له مادة 99 / ينظرلسان العرب ]أوبا وأوبة وأيبة وإيابا ومآبا :مصدر آب مبعىن رجع،وجيوز فيه

([. رجع)مادة 91 / ، كما ينظر(أوب) . 4/91تفسري ابن كثري 93

. 94/ السابق وينظر . جملد 999/ 9واآللوسي 919/ والرازي 94/ ينظر ابن كثري 45

. جملد 999/ 9ينظر اآللوسي

Page 51: من بلاغة القران

50

فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه، وأما الجبال والشجر فسجودهما بفيئ . "ظاللهما عن اليمين والشمائل

ه فيه والحاصل أن السجود للجبال يصح جعله مجازاأ عن الفيئ، ألنه الوجلالختصاص لكونه واقعاأ منها ومن غيرها على كل حال، أما التسبيح الذي خ ص ت

.به مع داوود فله وجه آخر هو ما ذكرناه آنفا واستقر عليه أمرنا

مع ( مس ب حات)في حقهن والعدول به عن ( يسبحن)وفي التعبير بالمضارع االأ بعد حال، نظير ما أن األصل في الحال اإلفراد، داللة على تجدد التسبيح ح

: وقع في قول األعشى

لعمري لقد الحت عيون كثيرة إلى ضوء نار في يفاع تحرق

.6فلصيغة الفعل خصوصية في الداللة على حدوثه، وال كذلك اسم الفاعل

متناغماأ مع ( إنا سخرنا الجبال معه: )ويجئ التعبير بالظرف في قوله تعالى وتفرده بالخلق واإليجاد، ومسوقاأ مساق التعليل لقوة السياق وكاشفاأ عن عظمة اهلل

في الدين وأوابيته إلى مرضاته جل في عاله، ومؤكداأ في الوقت ذاته داود على مدى المشاركة في تأدية هذه المهمة الجليلة، مهمة التنزيه والتقديس لقيوم

.السموات واألرض

وله يسجد من في : )والشيئ بالشيئ يذكر فإن المتأمل آلية الرعد، يجد (5 /الرعد.. السموات واألرض طوعاأ وكرهاأ وظاللهم بالغدو واآلصال

بالسجود -بما فيها ظالل الجبال -مصداق مابين أيدينا، فقد خ ص فيئ الظالل -أعني السجود -دون التسبيح لكونه األدوم واألبقى وألنه األظهر، لذا ساغ جعله

سجودها : سجود كل شئ فيؤه وذكر الجبال فقال: "هدمجازاأ عن الفيئ، قال مجا . 6"فيؤها

ولعدم اختصاص أهل الكفر بسجود ظاللهم بالغدو واآلصال، تنوزع في حمل المعنى في آية الرعد على الحقيقة أو المجاز بما لم يتنازع عليه في حمل

في تسبيح الجبال على المجاز في آية ص، حتى ذهب بعضهم إلى القول بالجمعاليخفى "آية الرعد بين الحقيقة والمجاز، وعلق أبو السعود على ذلك بالقول بأنه

0

.7 9/ ابن كثري 2

. جملد 999/ 9واآللوسي 49 / ينظر الكشاف .911/ سري ابن كثري تف

Page 52: من بلاغة القران

52

العائد ـ كما ( ظاللهم)، ومنشأ النزاع يكمن في ضمير "ما في الشقوق من النظر، أمر (كرهاأ : )على الكفار والتعبير عن سجودها بقوله -يفيده السياق في اآلية

بالسجود ويتحقق فيها معنى االنقياد وأصحابها مستغرب إذ أنى لظاللهم أن ت خص أصالأ ال يتأتى منهم سجود قط؟ وأنى لمن هذا حالهم أن يجعلوا في مقابلة من

وهو شامل ـ بالطبع ـ لمن ( وهلل يسجد من السموات واألرض: )عناهم سبحانه بقولهد أتوه طوعاأ من المالئكة وصالحي اإلنس والجن وهم الذين يتصور منهم السجو

.على جهة الحقيقة؟

فمن قائل ممن حمل المعنى على ظاهر معناه، إن المراد حقيقة السجود : فإن الكفرة حالة االضطرار يخصونه سبحانه بالسجود كما جاء في قوله تعالى

، ومن قائل (25/العنكبوت.. فإذا ركبوا في الفلك دعوا اهلل مخلصين له الدين )أفهاماأ وعقوالأ تسجد بها هلل كما خلقها للجبال بجواز أن يخلق اهلل في الظالل

: حين اشتغلت بالتسبيح وظهر فيها آثار التجلي كذا ذكره ابن األنباري، ومن قائلإنه عبر بالطوع عن سجود المالئكة عليهم السالم والمؤمنين، وبالكره عن سجود

.من ضمه السيف إلى اإلسالم فراح يسجد هلل نفاقاأ

وال جميعاأ يعكر صفوها مساق اآلية، فهي تنبئ بأن العالم بيد أن هذه األقكله مقهور هلل خاضع لما أراده منه، مقصور على مشيئته اليكون منه إال ما قدر، وأن الذين يعبدون غيره ويقصدون سواه كائنا من كانوا داخلين تحت القهر، ويدل

منها السجود على هذا تشريك ظاللهم في السجود، وهي ليست أشخاصاأ يتصوربالهيئة المخصوصة، ولكنها داخلة تحت مشيئته تعالى في اإلمداد والتقلص والفيئ

أولم يروا إلى ما خلق اهلل من شئ : )والزوال فهو يصرفها حسبما أراد، كما قال، غاية ما هنالك أن في (12/النحل.. يتفيؤ ظالله عن اليمين والشمائل سجداأ هلل

ئة منهم ومن فعالهم القبيحة، وفي ذلك إعالم على عظمة ذكرها إشعار بأنها بري .الخالق جل وعال الذي دانت له المخلوقات بأسرها وخضع له كل شيئ

كما يعكر صفو القول باختصاص سجود الكافر حال الضرورة والشدة هلل سبحانه أن ذلك ال يجدي، فإن سجوده للصنم حال االختيار والرخاء مخل بالقصر

وله يسجد من في السموات : )ن تقديم الجار والمجرور في قولهالمستفاد موهلل يسجد ما في السموات وما في األرض من : )، وقوله(5 /الرعد.. واألرض

، ويلحق بالكافر فيما ذكرنا المنافق الذي لم يخلص في (13/النحل.. دابة عقوالأ تدرك سجوده هلل، كذا يعكر صفو القول بأن اهلل يخلق في الظالل أفهاماأ و

معنى السجود وتفعله، وقياسها في ذلك على الجبال، أن الجبال يمكن أن يكون

0 . جملد 9 /9ينظر تفسري أبو السعود

Page 53: من بلاغة القران

53

له عقل بشرط تقدير الحياة أما الظل فع رض اليتصور قيام الحياة به، وإنما يكون سجوده بميله من جانب إلى جانب واختالف أحواله ـ سيما في الوقتين اللذين

.راد سبحانهيظهر فيهما ذلك بوضوح ـ كما أ

والخليق بالقبول حمل السجود في حق الكفارعلى االنقياد ـ أي على المجازـ والوجه البالغي في ذلك، أن تحقيق انقياد الكل هلل تعالى في اإلبداع واإلعدام، أدخل في التوبيخ على اتخاذ أولياء من دونه سبحانه، من تحقيق

العقالء المدلول عليه بقوله في سجودهم له جل وعال، والنكتة في تخصيص انقيادبالذكر مع كون غيرهم أيضاأ كذلك، أنهم العمدة وانقيادهم دليل ( م ن)آية الرعد

على انقياد غيرهم، والوجه في تخصيص الغدو واآلصال بالذكر مع أن انقياد . الظالل متحقق في جميع أوقات وجودها، ظهور ذلك فيهما

يح بطرفي النهار على الحقيقةما يجمل فيه حمل التسب: ثانياأ وإن كان من حمل للتسبيح على ظاهره وعلى ما هو األصل المعهود فيه

واعتقاد تنزيهه سبحانه من السوء، ( سبحان اهلل)والمعلوم، من ذكر اللسان بقول والثناء عليه بالخير ال سيما في وقتي الغدو واآلصال لما يتجدد فيهما من نعم اهلل

ث ل فيما أومأت إلفادته دالالت السياق وقرائن األحوال في نحو فهو.. الظاهرة ي م لتؤمنوا باهلل ورسوله وتعزروه وتوقروه . إنا أرسلناك شاهداأ ومبشراأ ونذيراأ : )قوله تعالى

يا أيها الذين آمنوا اذكروا اهلل ذكراأ : )، وقوله(2،3/الفتح.. وتسبحوه بكرة وأصيالأ واذكر اسم ربك بكرة : )، وقوله(16/األحزاب.. كثيراأ وسبحوه بكرة وأصيالأ

(.62، 65/اإلنسان.. ومن الليل فاسجد له وسبحه ليالأ طويالأ . وأصيالأ

:آية الفتح والمناسب لعود الضمير في معطوفاتها(

قراءة ابن ( وتسبحوه: )أورد اآللوسي في آية الفتح وتحديداأ في قوله منها –، وتلك 6، كذا باالسم الجليل مكان الضمير(اهللوتسبحوا : )مسعود وابن جبير

قرينة كافية تدعو لعدم االلتفات لرأي القائلين بعود الضمائر الثالث في -لعمري، وعلى رأس هؤالء اإلمام البقاعي في إلى الرسول ( وتعزروه وتوقروه وتسبحوه)

ا به وتعينوه أرسلناه إليكم لتؤمنو : )نظم الدرر، ليكون المعنى على زعمه وزعمهمعلى كل من ناوأه وتجتهدوا في حسن اتباعه وفي تبجيله وإجالله، وتنزهوه عن كل

0

.1جملد 19 / ينظر السابق وينظر اآللوسي .4 جملد49 /99ينظر روح املعاين 9

Page 54: من بلاغة القران

54

، إذ في وصمة من إخالف الوعد بدخول مكة والطواف بالبيت الحرام ونحو ذلك .تأويل األخير من هذه المعطوفات الثالثة على هذا المعنى من التكلف ما ال يخفى

وتعزروه :)ين منها أي في قوله جل شأنه على أن عود الضمير في األولمع ( .. لتؤمنوا باهلل ورسوله: )لقوله قبلها ألقرب مذكور أعني للرسول( وتوقروه

إنا أرسلناك شاهداأ ومبشراأ ونذيراأ : )كاف الخطاب العائد عليه أيضاأ في قوله قبل( تسبحوه)بضميمة ما تأكد لنا من عوده في -، لمما يوهن هو اآلخر(2/الفتح..

من شأن الميل إلى جعل الضمائر الثالث هلل -إلى اهلل في القراءة سالفة الذكرومن لف 6سبحانه، وهو ما ترجح لدى الزمخشري واآللوسي والبيضاوي والطاهر

أرسلناه إليكم لتنصروا اهلل وتوقروه : لفهم وحجل بقيدهم، لكون المعنى حينذاكعلى هذا النحو من اإلخالل بالمعنى وبعود وتعظموه وتنزهوه، إذ في تقدير اآلية

ومن استعمال كلمة التعزير بالذات التي هي في ( وتعزروه وتوقروه)الضمائر في معنى اإلعانة واإلمداد بأسباب القوة اللتين حاشاه سبحانه أن يتصف بهما لكونها

.ما ال يخفى.. مما ال يليق بجالل اهلل وعظمة سلطانه

يجنح أئمة التفسير إلى مثل هذا القول المؤدي والعجب كل العجب أنإلى هذه اللوازم الشنيعة، بل والمفضي إلى ما هو أشنع منها بما ورد في الكلمة من

بفتح التاء وضم الزاي مخففاأ، وفي ( تعزروه)قرأ الجحدري "قراءات أخرى، فقد ، وق رأ رواية عنه فتح التاء وكسر الزاي مخففاأ، وروي هذا عن جعفر الصادق

بزاءين ( تعززوه: )بضم التاء وكسر الزاي مخففاأ، وقرأ ابن عباس ومحمد بن اليماني . 6"من العزة أي تجعلوه عزيزاأ

، على "لئال يلزم فك الضمائر من غير ضرورة"والزعم بضرورة القول بهذا، ، وكذا الزعم بأن1ما ادعاه اآللوسي، وأورده الشهاب في حاشيته على البيضاوي

، زعم باطل، ذلك أن فك 5على ما ذكر الزمخشري" من فرق الضمائر فقد أبعد"الضمائر والذهاب مذهب عود األولين منها إلى الرسول صلوات اهلل وسالمه عليه

فضالأ عن تعين القول به لداللة السياق من خالل -وعود الثالث إليه سبحانه هو من الطي -بن مسعود وابن جبيرالمعنى وعود الضمائر، وللقراءة الواردة عن ا

0

. 1 / 7ينظر نظم الدرر 2

وتفسري 4 جملد 49 /99وروح املعاين 4/949ينظر على الرتتيب املذكور الكشاف . 9 جملد 99 /99والتحرير 1/992البيضاوي

3 . 94/ وينظر الكشاف 4 جملد 49 /99اآللوسي 4

. 1/99والشهاب 4 جملد 49 /99اآللوسي 5

. 949/ الكشاف

Page 55: من بلاغة القران

55

والنشر، أو ما يسمى باللف والنشر، وهذا من أعظم أبواب المحسنات المعنوية كما هو الحال في -أن يذكر متعدد : في علم البديع، وهو على ما ذكر البالغيون

ثم يذكر ما لكل من أفراده شائعاأ من -( وتعزروه وتوقروه وتسبحوه: )النظم الكريمتعيين اعتمادأأ على تصرف السامع في تمييز ما لكل واحد منها، ورده إلى ما غير

يتمثل في جعل األولين عائداأ -على ما ترجح لدينا -هو له، وهو في هذه اآلية إلى الرسول، وفي األخير راجعاأ إلى اهلل، وفي العود على هذا النحو من تهيئة

.. ئد في اآلية إلى اللف قبالأ ن النشر العاالنفوس وإعدادها كيما تتلقى ما يذكر مما فيه، وحسب صاحب الذوق البالغي أن يدرك كيف وقع العود على الطريقة الذي ذكرنا موقعه، وكيف تمت الفائدة على أتم وجه وأحسنه، وتحقق الغرض بأبلغ ما يكون، وحسبه كذلك أن يأتنس للوقوف على جمال هذا الصبغ من البديع،

ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من : )بتالوة قوله سبحانهفمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا : )، وقوله(16/القصص.. فضله

، وقول ابن (6 /اإلسراء.. فضالأ من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب :الرومي مادحاأ

ون نجومـإذا دج اتـفي الحادث آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم ابح تجلوا الدجى واألخريات رجومـالم للهدى ومصـفيها مع

فإن األليق لمعنى –وهو متقرر بمشيئة اهلل تعالى –فإذا ما تقرر هذا التسبيح في اآلية الكريمة من سورة الفتح، أن يجعل المعنى فيه على ظاهره، وقد

لك حق فالمقام مقام تعجب واآلية مدنية وله في ذ 6تنبه لهذا ونوه إليه الدامغاني، وليس وليس فيها ما يدعو إلى القول بحث المؤمنين على صالة بغداة أو عشي فيها كذلك ما يشير من قريب أو بعيد إلى تواقيت للصالة على نحو ما سبق في

في البكرة آيات هود وطه والروم، وتأتي التسبيح فيها من المؤمنين للرسول أعني في الوقتين المخصصين لذلك فيما يجئ عادة إلفراد اهلل سبحانه واألصيل

.بالتقديس إجالالأ وتعظيماأ وتنزيهاأ، أمر ال يقبله من له مسكة من عقل

فال جرم إذن والحال هكذا من جعل األمر بالتسبيح بحمد اهلل مسوقاأ والثناء لحث المؤمنين، والصحابة منهم على جهة الخصوص، على تنزيهه سبحانه

إذ بعث )شاهداأ ومبشراأ ونذيراأ، و عليه بماهو أهل، أن أرسل فيهم نبيه محمد فيهم رسوالأ من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن

مجع د جية : مجع معلم وهو مايستدل به على الطريق، والدجى: أظلمن، واملعامل: دجو ن . الشهب: وهي الظلمة، والرجوم

9 .447/ ينظر الوجوه والنظائر للدامغاين

Page 56: من بلاغة القران

56

، وذلك يستلزم أن يكون (21 /آل عمران.. كانوا من قبل لفي ضالل مبين ه إليكم لتؤمنوا به وتقو وا من أزره وتعينوه على أرسلنا: التقدير في اآلية والمعنى

-إظهار دينه على كل دين، وعلى مناصرة دعوته، وتمنعوا عنه كل ما يكيده باليد واللسان والسيف والجنان، وأن تؤثروه على أنفسكم وال -مبالغين في ذلك

من من به تجهروا له بالقول تعظيماأ له وتفخيماأ وال تقدموا بين يديه، وأن تسبحوا .عليكم كل بكرة وكل عشية حمداأ له وشكراأ

وال حجة فيما ذكره الطاهر وهو من مؤيدي عود الضمائر الثالثة على اهلل، إفراد الضمائر مع كون المذكور قبلها اسمين، دليل على أن المراد أحدهما "من أن

فراد الضمائر مع ألنا نقول إن إ.. ("وتسبحوه)وأن القرينة على تعيين المراد، ذكر كون المذكور قبلهما اسمين، ال يمنع من أن يكون األوالن منها راجعين إلى االسم األخير، بل هذا هو األوقع لكونه األقرب ذكراأ واألوفق في عود الضمير، واألدخل

.في تصحيح المعنى

–، ما جاء في القرآن (التسبيح)وغني عن البيان أن نشير إلى أن لفظ إال وهو مصروف إلى اهلل، وشذوذ هذا الموضع عن القاعدة بال سبب – على كثرته

.بل ومع وجود ما يفيد عكسه هو شذوذ في الفهم

:السياق والمقام في آية األحزاب (6

والغريب في أمر ابن عاشور أن يسوق ما جاء في نظير ذلك من آية .. حوه بكرة وأصيالأ يا أيها الذين آمنوا اذكروا اهلل ذكراأ كثيراأ وسب)األحزاب ، ويذهب به إلى العكس مما ذكره في آية الفتح، وحجته (16، 1/األحزاب

الواهية في ذلك اختالف السياق، على الرغم من أن كالمه في اختالف السياق . هذا، هو غاية في التناقض

ياأ إلى اهلل وداع)ففي التماسه الوجه في زيادة قوله سبحانه في آية األحزاب يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداأ : )عقب قوله( 12/األحزاب..بإذنه وسراجاأ منيراأ

يا أيها الذين أمنوا اذكروا اهلل : )، وعقب قوله قبل(15/األحزاب.. ومبشراأ ونذيراأ يشير إلى أن النكتة ( .. 16، 1/األحزاب.. وسبحوه بكرة واأصيال . ذكراأ كثيراأ

عن مطاعن المنافقين والكافرين في يئ اآلية في سياق تنزيه النبي في ذلك مج.. 6تزوج زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد بن حارثة بزعمهم أنها زوجة ابنه

. جملد99/41التحرير 9 .9 جملد 97 /99 نظر التحريري

Page 57: من بلاغة القران

57

على الرغم من أن نفس العلة أو قريباأ منها يمكن التماسها والقول بها في آية الفتح إبطال شك الذين ارتابوا في في سياق -على حد قوله هو -لورودها هي األخرى

سيما مع تعجب المسلمين ... أمر الصلح، والذين كذبوا بوعد الفتح والنصرسبحان اهلل كيف : )الصريح من بنود الصلح وقولهم على ما جاء في الصحيحين

، والتفتوا إلى رسول اهلل (ي رد من أسلم من المشركين إليهم وقد جاء مسلماأ نعم، بل مع قول عمر بن الخطاب للرسول : يارسول اهلل، قالأنكتب هذا : يسألونه ألست :بلي، قلت: ألست نبي اهلل حقاأ قال: على ما ورد في الصحيحين أيضاأ

أليس قتالنا في الجنة وقتالهم في : بلى، قال: على حق وعدو نا على باطل، قالإني رسول اهلل : ففيم ن عطى الدنية في ديننا إذن، قال: بلى، قلت: النار، قال

إنه رسول : )وقول أبي بكر له حين أتاه في هذا( ... ولست أعصيه، وهو ناصريا ونظير ذلك في بلوغ التعجب لدى ( ... اهلل ولن يعصي ربه ولن يضيعه اهلل أبدأ

الصحابة غايته، ما جاء في الصحيح عن سهل بن سعيد رضي اهلل عنه، فقد قال هموا رأيكم، لقد رأيت ني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أيها الناس، ات: )يوم صفين

(. أرد أمر رسول اهلل لرددته

ويفاد مما سبق أن األمر في حمل التسبيح في قوله سبحانه في سورة .. وسبحوه بكرة وأصيالأ . يا أيها الذين آمنوا اذكروا اهلل ذكراأ كثيراأ : )األحزابنه من الوضوح بمكان، فذكر اهلل يعني على ظاهره بي ن ، بل إ( 16، 1/األحزاب

لموقع اآلية مما قبلها وما –على حد قول الطاهر –ذكر اللسان وهو المناسب "، أما مناسبته لما قبلها فلما ذكرنا، وأما مناسبته لما بعدها فألن التسبيح 6"بعدها

وهو إيقاع التنزيه لفاطر السموات واألرض جل في عاله، عن كل شائبة نقص مماهو ( .. سبحان اهلل: )ال يليق به بإثبات أضداد ما ال يليق أو نفي ما ال يليق بقول

واحد مما يشمله ذكر اهلل، والوجه في تخصيصه بالذكر، اإلشعار ببيان فضله على سائر األذكار، لكون معناه تنزيه ذاته عما ال يجوز عليه من الصفات واألفعال، وفي

يان لفضل هذين الوقتين على سائر األوقات لتعاقب سر تقييده بالغدو واآلصال، بمالئكة الليل والنهار بهما، ولما يتجدد فيهما من نعم اهلل الظاهرة، إلى غير ذلك

.مما سبق ذكره في المبحث األول

وهذا التقييد وحده، هو في حد ذاته دليل على حمل المعنى على ظاهره، ل السياق على جعله على حقيقته فما بالك وقد توفرت القرائن األخرى من خال

وعلى ما هو األصل فيه، ويأتي على رأس هذه القرائن تقييد الذكر بالكثرة، وإيثار لكونها ( العشي)التي ال يتوسع فيها لتشمل ما تشمله كلمة ( اآلصال)التعبير بكلمة

.ينظر السابق . لدجم99/41التحرير 9

Page 58: من بلاغة القران

58

ال تطلق إال على ما قبيل غروب الشمس مباشرة، وهو ما ال تصح الصالة فيه، ها مما ي عد قرينة أخرى تدل على حمل التسبيح على ظاهره وعلى تخصيص فذكر

-متوجه إليهما -الذكر والتسبيح -كال األمرين "الوقتين به، وعلى جعل القول بأن قوالأ بادي "كقولك صم وصل يوم الجمعة -يعني إلى الوقتين بكرة وأصيالأ

.غير ضرورة ألنه تجوز ب(وقيل)الضعف، لذا مرضه أكثرهم بقولهم

وقيل الفعالن موجهان )يقول الشهاب في تعليقه على قول البيضاوي ومرضه ألنه على تفسيره ( سبحوه)و( اذكروا): أي( وقيل الفعالن:)قوله (: "إليهما

، وأضيف 6"بغلبة األوقات، يكون شامالأ لهما فال حاجة لتعلقه باألول على التنازعينبو عنه التمثيل بما ذكره الزمخشري واآللوسي ( بكرة وأصيالأ )أن العطف في قوله

، إذ ليس ثمة ما يدل على التفريق بين الوقتين، (صم وصل يوم الجمعة)من قولك أن يكون "وال ذ كر ذلك أحد من أهل العلم، غاية ما يمكن قوله في هذا جواز من جملة المراد بالذكر المأمور به، تكثير الطاعات واإلقبال عليها، فإن كل طاعة

. 6"الذكر، ثم خ ص من ذلك التسبيح بكرة وأصيالأ

وأشد مما ذكر ضعفاأ ما ادعاه الرازي في موضع مشابه، وتحديداأ أثناء .. واذكر ربك كثيراأ وسبح بالعشي واإلبكار : )تفسيره لقول اهلل تعالى في حق زكريا

أنا لو حملناه "ح، من من استدالل على إرادة الصالة من التسبي( 1/آل عمرانواذكر )على التسبيح والتهليل لم يبق بين هذه اآلية وبين ما قبلها وهو قوله تعالى

، ويعني بذلك 1"فرق، وحينئذ يبطل، ألن عطف الشيئ على نفسه غير جائز( ربك فإن ما ذكره .. أن التسبيح في معنى الذكر، وعليه فيتعين حمله على معنى الصالة

ا بين الذكر والتسبيح من عموم وخصوص، وآية آل عمران وإن صح ما يرد عليه مذكره من أن التسبيح فيها بمعنى الصالة لما سبق أن ذكرنا من القرائن الدالة على

.ذلك، إال أن تعليله سالف الذكر هو الذي فيه نظر، والحقيقة فيه ما ذكرت

له ويتعين من خالل كل ما سبق من مقدمات جعل العطف في قو من عطف الخاص على العام اهتماماأ بالخاص ألن معنى ( "واذكروا)على ( وسبحوه)

التسبيح، التنزيه عما ال يجوز على اهلل من النقائص فهو من أكمل الذكر الشتماله

0 .999/ وينظر الكشاف 9 جملد 99/92اآللوسي . 7/419حاشية الشهاب 9أي الصالة يف مجيع : "، وإن أخطأ يف قوله بعد[9 جملد 99/9]كذا ذكره اآللوسي

، ولو أنه "أوقاهتا أو صالة الفجر والعصر والعشاء لفضل االصالة على غريها من الطاعات البدنية . على ظاهره، لرمبا كان قوال وجيها ورأيا سديدا -وه به مع ما ن -محل التسبيح

.4/929الرازي 4

Page 59: من بلاغة القران

59

على جوامع الثناء والتحميد، وألن في التسبيح إيماء إلى التبرؤ مما يقوله المنافقون يكثر أن تقال في مقام التبرؤ من نسبة ما ( سبحان اهلل)وكلمة ... في حق النبي

.، سيما إذا تعلق األمر بسيد األولين واآلخرين صلوات اهلل عليه "ال يليق إلى أحد

( اذكروا)الخاص على ( وسبحوه )والسر البالغي في هذا العطف، عطف رة مندرجاأ العام، اإلشعار بالعناية بأمر الخاص وتعظيم شأنه وذلك بذكره مرتين، م

تحت العام، ومرة بلفظه، ومثل هذا اللون من اإلطناب الذي اقتضاه المقام واستدعاه السياق وجاء مطابقاأ لمقتضى الحال، مطلوب وهو مما كثر وروده في

، (1/القدر.. تنزل المالئكة والروح : )القرآن، وحسبنا مما جاء فيه قول اهلل تعالىر جبريل (662/ البقرة .. لصالة الوسطى حافظوا على الصلوات وا)وقوله ، فذك

معطوفاأ على المالئكة على الرغم من دخوله في عداد المعطوف عليهم يؤذن بمزيد تكريم له وعظم شأن في حقه، وكأنه جنس آخر غير جنس المالئكة، وعطف الصالة الوسطى وهي واحدة من الصلوات داخلة في عمومها يجيئ تنبيها إلى مزية

.وهكذا دواليك.. عطوف وزيادة فضله الم

األمر الذي يعني شيوع هذا اللون من العطف في جيد الكالم وأبلغه كلما فأنى لما جاء على صورته وورد على شاكلته .. اقتضاه المقام ودعت إليه األحوال

أن يد عى فيه نحو ما ادعاه الفخر الرازي من أنه من عطف الشيئ على نفسه، ن ثم بعدم جوازه؟ويحكم عليه م

يقول الزمخشري بعد أن نص على أن التسبيح من جملة الذكر وأفصح عن إنما اختصه من بين أنواعه اختصاص جبريل : "حمل األمر فيهما على ظاهره

من كان عدواأ هلل ومالئكته ورسله وجبريل )يقصد في قوله تعالى -وميكائيل ليبين فضله على سائر األذكار ألن -(32/البقرة.. وميكال فإن اهلل عدو للكافرين

" معناه تنزيه ذاته عما ال يجوز عليه من الصفات واألفعال وتبرئته من القبائحومثال فضله على غيره من األذكار فضل : "ويستطرد منوهاأ عن مكانته وقائالأ

وصف العبد بالنزاهة من أدناس المعاصي، وبالطهر من أرجاس المآثم، على سائر ه من كثرة الصالة والصيام والتوفر على الط اعات كلها واالشتمال على العلوم أوصاف

.، وهو في معنى ما ذكر6(هـ.واالشتهار بالفضائل ا

ولعل الوجه في هذا العطف، وفي تخصيص الذكر المأمور به أوالأ بالكثرة إلى بتفسير الذكر الكثير بما يعم أغلب األوقات ال تبقى حاجة"دون التسبيح ،أنه

0

.بتصرف جملد 99/41التحرير .4/999الكشاف 2

Page 60: من بلاغة القران

61

، وبمثل ما ذكره كذا ذكره اآللوسي" تعلق الظرفين المختصين بالفعل األولت لتمس العلة فيما دلت القرائن عليه، ال أن يضرب عنها وعن معلولها الصفح ويثني

عن معنى الذكر الكثير وعن -بمشيئة اهلل تعالى -عنهما الع طف، وسيأتي الكالم . ليه بالمبحث الثالثفضله إبان حديثنا عن مقام الحث ع

لكن ما تجدر اإلشارة إليه هنا أنه وابتناءأ على ما سبق، فإن اطالق الذكر .. واذكر اسم ربك بكرة وأصيالأ (: في وقتي التسبيح في نحو قوله تعالى

، جمعا بين األدلة وطرقاأ للباب على وتيرة واحدة، يرجح أن يكون (65/اإلنسانالجزء فيكون بذلك من المجاز المر سل لعالقة الكلية، من إطال ق الكل وإرادة

واذكر ربك في نفسك : )وال يبعد أن يدخل في هذا قوله تعالى في سورة األعراف، ليفيد (635/األعراف.. تضرعاأ وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو واآلصال

مذكورين بأفضله إطالق الذكر كي يعم سائر األحوال واألوقات، وتقييد الوقتين الوأشمله وهو التسبيح فيكون من باب حمل المطلق على المقيد، كما أن التسبيح

.ويراد به الصالة مجازاأ -على ما سبق تقريره –يطلق

ما يجمل حمله من التسبيح على معناه الكنائي: ثالثاأ إني آلتيه بالغدايا : )سبق أن ذكرت أن من مشهور إطالقات العرب قولهم

يرومون به استدامة المجئ واستمراره، وقد جاء القرآن في هذا على ( شاياوالعطريقتهم في التكنية بهذين الوقتين عن نفس هذا المعنى، ومن األمثلة الواضحة في

(.26/مريم.. ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياأ : )ذلك قوله سبحانه عن أهل الجنة

إلى أن المقصود بذكر وقد صدرت عبارات كثيرة من أهل التأويل تشير الوقتين فيما كان األمر فيهما بالدعاء مثالأ أو بالتسبيح أو الذكر، استيعاب الزمان والداللة على الدوام، وعقبت على ذلك بضروة أن توضع اآليات تلك في سياقاتها لتفهم وتحمل على وجهها الصحيح، ذلك أنه يشتم من كالمهم، أنهم يقصرون

مله على الكناية كما في اآلية المذكورة وكذا ما جاء على المعنى فيما يمكن حشاكلتها على معنى االستدامة ويجعلونه حقيقة فيه، وربما حم لوا اآلية بسبب هذا ما ال تحتمل، والذي ينبغي االلتفات إليه أن الكناية أخت الحقيقة إذ ليس هنالك

ي، وذلك ما أراده ما يمنع من إرادة المعنى األصلي للفظ مع المعنى الكنائلفظ أطلق وأريد به الزم معناه، مع جواز إرادة معناه : )البالغيون بقولهم عنها أنها

(.األصلي

.بتصرف9 جملد 99/92روح املعاين

Page 61: من بلاغة القران

60

وعلى نحو ما أغرب البعض في االقتصار على المعنى الكنائي ل ما يحسن وال : )حمله عليه، كما فعل ابن عاشور واآللوسي مثالأ في تناولهما لقوله سبحانه

على ما (56/األنعام.. دعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه تطرد الذين يذكرته لهما قبالأ، لم يتوسط آخرون فقصروه على الحقيقة وربما حم لوا المعنى في اآلية بسبب هذا أيضاأ ما ال تحتمل، ونذكر على سبيل المثال ما ذكره الطاهر في

في بيوت أذن اهلل أن ترفع : )معنى الغدو واآلصال الواردين في قول اهلل تعالى: ، يقول(61، 62/النور.. رجال . ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو واآلصال

وقت الغدو وهو الصباح، ألنه وقت خروج الناس في قضاء : المراد بالغدو"، مع أن سياق اآلية ناطق بغير "شئونهم، واآلصال جمع أصيل وهو آخر النهار

داق ذلك عندما تبصر صدر اآلية ذاتها، وكذا وأنت ذلك، ولك أن تستشعر مص (.اآلية.. رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر اهلل : )تقرأ قوله تعالى بعد

في بيوت : )هذا وقد تردد المفسرون في متعلق الجار والمجرور في قولهن ، فقيل هو م(أذن اهلل أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو واآلصال

مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح ) -:تمام التمثيل المشار إليه في قوله قبلفي زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونه ال شرقية وال غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي اهلل لنوره من يشاء

، فيكون للجار (65/النور.. ل شيئ عليمويضرب اهلل األمثال للناس واهلل بكيوقد المصباح في بيوت : ، والمعنى(يوقد)والمجرور متعلق، هو الفعل المذكور

أذن اهلل لها أن ترفع وهذا ما قاله الرماني، وقيل إن شبه الجملة متعلق بمحذوف وهذا المحذوف صفة لمشكاة على ما ذكره الحوفي ونقله عنه اآللوسي وابن

مثل نوره كمشكاة مستقرة أو كائنة في بيوت أذن اهلل أن ترفع، : المعنىعاشور، و .وما بينهما اعتراض، أو صفة لمصباح، وقيل بل للزجاجة

ومهما يكن من أمر فشبه الجملة على هذه األقوال األربعة قيد للممثل به جمعاأ مع أن موصوفه المحتمل ( بيوت)قصد منه المبالغة فيه، وسوغ مجيئ

مفرد، كون المراد بذلك الموصوف الجنس، ( زجاجة)أو ( مصباح)أو ( مشكاة) .6فتساوى اإلفراد والجمع لذا كان تنوين الموصوف للنوعية ال الفردية

( في بيوت)واألظهر عندي أن يكون متعلق الجار والمجرور أعني في قوله به لكون ، وال يرد على ذلك أن فيه تكرير لشبه الجملة المتعلق(يسبح)هو الفعل

… الذي وليه متعلق به أيضاأ، أو وجود أكثر من متعل ق بالفعل الواحد ( فيها)قوله .1جملد 1/941 التحرير

9 .1وما بعدهاجملد 1/949 والتحرير 2 جملد 1/994 ينظر روح املعاين

Page 62: من بلاغة القران

62

ألنا نقول أن لهذا التكرير سره البالغي وهو التأكيد والتذكير بما بعد في الجملة، واإليذان بأن ما تقدم من شبه الجملة هو لالهتمام بتلك البيوت والتشويق إلى

إلخ، غير مرتبط بما قبله …(في بيوت)لتسبيح، ويكون قوله متعلق المجرور وهو الكونه استئنافاأ قصد به بيان حال من حصلت لهم الهداية لذلك النور واإلشادة

ففي رحمة اهلل هم : )، ونظير ما ذ كر في التكرير للتأكيد قوله تعالى ببعض أعمالهم .6(31 /آل عمران.. فيها خالدون

ة النور تنويه بالمساجد وإعالم بضرورة إيقاع وفي النسق الكريم من آيتفضل -أي الجماعة -صالة في المسجد : )الصالة والذكر فيها كما في الحديث (.صالته في بيته بسبع وعشرين درجة

ويعضد من شأن هذا المساق المعبر فيه بالظرفين والمشاد فيه بمالزمة ين المباركين، ما ينبئ به أمثال المسجد وبمواصلة الذكر والدعاء فيه سيما في الوقت

وال تطرد الذين يدعون : )قوله تعالى مثنياأ على الصحابة الكرام عليهم الرضوانواصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم : )، وقوله(56/األنعام.. ربهم بالغداة والعشي

وكذا ما جاءت به األحاديث الدال ة على فضل ( .. 62/الكهف..بالغداة والعشيلى المساجد والتردد عليها وانتظار الصالة فيها بعد الصالة من نحو قوله المشي إ( :من غدا إلى المسجد أو راح أعد اهلل له نزالأ في الجنة كلما غدا أو راح)6 ،

بلى يا : أال أدلكم على ما يمحوا اهلل به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: )وقولهلمكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار إسباغ الوضوء على ا: رسول اهلل، قال

ال يزال أحدكم في : )وقوله 1(الصالة بعد الصالة فذلكم الرباط فذلكم الرباط: ، وقوله5(صالة ما دامت الصالة تحبسه ال يمنعه أن ينقلب إلى أهله إال الصالة

إال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت اهلل يتلون كتاب اهلل ويتدارسونه فيما بينهم )إذا : )، وقوله2(نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم اهلل فيمن عنده

إنما يعمر : )ثم تال قوله تعالى( رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له باإليمانإلى آخر ما جاء في هذا، .. 1(2 /التوبة..مساجد اهلل من آمن باهلل واليوم اآلخر

0

.ينظر السابق ن 2

هو من توكيد احلرف بإعادة ما دخل عليه مضمرا، وليس اجلار واجملرور "ويف مغين اللبيب ال يؤكد بالضمري، وليس اجملرور به بدال بإعادة -لكونه أقوى –توكيدا للجار واجملرور، ألن الظاهر

".اجلار ألنه ال يبدل مضمر من مظهر وإمنا جوزه بعض النحاة قياسا 3

.991ومسلم94 /9ري رواه البخا 4

. 99رواه مسلم 5

.979برقم 492/ ومسلم 1 /9رواه البخاري 6

.رواه مسلم 7

. 9، 9 9/ واحلاكم 2 وقال حسن وابن حبان 219 أخرجه الرتمذي

Page 63: من بلاغة القران

63

ي واألحاديث، أنهم الغالب على المساجد والوجه في تخصيص الرجال في اآلورجل قلبه معلق : )والذين األصل فيهم أن تكون صالتهم بها كما في الحديث

(.بالمساجد

Page 64: من بلاغة القران

64

املبحث الثالث

املقامات اليت ورد التعبري فيها أهم يف آي التنزيل النهار بطريف

Page 65: من بلاغة القران

65

حقيقة - عن طرفي النهارويجدر بنا بعد أن عرجنا على دالالت التعبير ما وسعنا -بمقابالتها المتعددة في النظم الكريم، وبعد أن وقفنا - ومجازا وكناية

على بعض من أسرار تنوع هذه المقابالت ومزايا مجيئها على النحو الذي -الجهد أن نبحر للتعرف على المقامات التي وردت فيها .. انصبت فيه، وفاء بحق السياق

قابالت طمعاأ في استجالء المزيد من دالئل اإلعجاز في كتاب اهلل العزيز، تيك المورجاء الوقوف على بعض أسرار نظمه وبدائع كلمه، ولنبدأ بآخر ما انتهينا إليه

: وهو

مقام اإلشادة بالصحابة في مالزمة بيوت اهلل وإعمارها صباح مساء بالذكر -1 :والدعاء

ام آيتان وردتا في حق الصحابة اإلجالء ويسترعي انتباهنا في هذا المقوال تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي : )عليهم الرضوان، هما قوله سبحانه

واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم : )، وقوله(56/ األنعام.. يريدون وجهه ، أي دائب ين على الدعاء في جميع (62/الكهف.. بالغداة والعشي يريدون وجهه

ذكر غير "ت سيما ما كان منها في طرفي النهار، ففي الكشاف أنه بعد أن األوقاوأنذر به الذين : )يعني في قوله -المتقين من المسلمين وأمر بإنذارهم ليتقوا

.. يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي وال شفيع لعلهم يتقون قريبهم وإكرامهم، وأن ال يطيع أردفهم ذكر المتقين منهم وأمره بت -( 5/األنعام

فيهم من أراد بهم خالف ذلك، وأثنى عليهم بأنهم يواصلون دعاء ربهم أي عبادته، .1"والمراد بذكر الغداة والعشي الدوام. ويواظبون عليها

ولآليات الواردة في هذا المقام قصة مؤداها أن رءوساأ من المشركين قالوا يعنون فقراء المسلمين وهم عمار -األعبد لو طردت عنا هؤالء: لرسول اهلل

-وأرواح جبابهم -وصهيب وبالل وخباب وسلمان وأضرابهم رضوان اهلل عليهمجلسنا إليك وحادثناك، فقال عليه الصالة -وكانت عليهم جباب من صوف

فأقمهم عنا إذا جئنا فإذا قمنا فأقعدهم : ما أنا بطارد المؤمنين، فقالوا: والسالموفي رواية أحمد والطبراني وابن ... نعم، طمعاأ في إيمانهم : شئت، فقال معك إن

يا محمد رضيت بهؤالء من قومك؟ أهؤالء الذين من اهلل : جرير والبيهقي أنهم قالواعليهم من بيننا؟ أنكون نحن تبعاأ لهؤالء؟ اطردهم عنك واجعل لنا منك مجلساأ

0

. جملد 1 9/9وأبو السعود 9/9الكشاف

Page 66: من بلاغة القران

66

ك فنستحي أن ترانا قعوداأ مع هؤالء تعرف به العرب فضلنا فإن وفود العرب تأتي .1فنزل جبريل بها

الذي أراد الزمخشري وغيره من أهل التأويل -والحق أن آخر هذا الكالم ال يستقيم مع أوله وال يتمشى -الربط بينه وبين اآلية الخامسة من سورة األنعام

جعلوا ممن مع سياق اآليات، إذ أن ى لقوم أن يصدر عنهم مثل هذه األقوال أن ي، أو يكونوا من المسلمين على ما أقر به (يخافون أن يحشروا إلى ربهم)

لعلهم )الزمخشري، أو يرجى منهم على سبيل التحقيق ما ذكره سبحانه في قوله اللهم إال أن يكون السبب في نزولها هو ما اقترحه بعض الصحابة على (.. يتقون

أن عمر "ك المنكرين، نحو ما روي من تعقيباأ على ما صدر من أولئ رسول اهلل فاكتب بذلك كتابا : لو فعلت حتى تنظر إلى ما يصيرون، قال: رضي اهلل عنه قال

فدعا بصحيفة وبعلي رضي اهلل عنه ليكتب فنزلت، فرمى بالصحيفة واعتذر عمر فهذا عندي افضل مما قاله الزمخشري ومما تكلف له أبو ... 6"عن مقالته

أمر بتوجيه اإلنذار إلى من يتوقع من أهل الكفر التأثر " ذكر أنه السعود الذي في الجملة، وهم المجوزون منهم للحشر سواء كانوا جازمين بأصله كأهل الكتاب وبعض المشركين أو مترددين، أما المنكرون له فهم خارجون ممن أمر بإنذارهم

6"هـ.ا

فكان رسول اهلل نزلت، –أي آية األنعام -فينا: قال سلمان وخباب: يقعد معنا ويدنو منا حتى تمس ركبتنا ركبته، وكان يقوم عنا إذا أراد القيام فنزلت

(.62/الكهف.. واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم )

وفي التعبير عمن نزلت في حقهم هذه اآليات في الموضعين بالموصول، لة الداعية إلى إدامة الصحبة، اإليماء إلى تعليل األمر بمالزمتهم، وبما في حيز الص

، 1أي ألنهم أحرياء بذلك ألجل إقبالهم على اهلل فهم األجدر بالمقارنة والمصاحبةوهم وإن كانوا عند أهل الكفر والنفاق مؤخرين فهم عند الملك األعلى مقدمون،

فيهما، في موضع الحال من ضمير يدعون أي يدعونه تعالى ( يريدون وجهه: )وقولهوال )له الدين، والوجه في تقييده به تأكيد عل يت ه للنهي في آية األنعام مخلصين

، واإلعالم بأن اإلخالص من أقوى (واصبر نفسك)، ولألمر في آية الكهف (تطردموجبات اإلكرام المضاد للطرد والحاض على الصبر، وفي التنوع بمجيئ العلة تارة

0

.جملد ه 7/9ينظر اآللوسي .9/99الكشاف 9 . بتصرف9جملد 7 / تفسري أبو السعود .7جملد 29 /9 والتحرير جملد1 9/9ينظر السابق 4

Page 67: من بلاغة القران

67

زمة من في حقهم نزلت هذه اآليات بالنهي وتارة أخرى باألمر، تأكيد على مالومواصلتهم من ق ب ل النبي بجميع األوجه، وعليه فال وجه لما ادعاه أبو حيان في

.البحر من أن آية الكهف أبلغ من التي في األنعام

أن طاوع من أشار عليه بطردهم وال يسيئن أحد الظن برسول اهلل ما عين لجلوسهم وقتاأ معيناأ سوى إن نعم، وأن في طردهم ظلم، ألنه : بقوله

الوقت الذي كان يحضر فيه أكابر قريش، وأن غرضه من الجلوس مع أولئك األكابر هو إدخالهم في اإلسالم حتى ال يفوتهم خير الدين والدنيا واآلخرة فكان

والخطأ في ترجيح هذا الجانب أولى، وأقصى ما يقال ان هذا كان اجتهاداأ منه .فور والمخطئ فيه على أي حال مأجوراالجتهاد مغ

وتبقى داللة السياق على إفادة التعبير بالغداة والعشي للديمومة، سيما مع ما سبق من أن العرب تستعمل هذين اللفظين في التكنية عن هذا المعنى كما في

. ، ويريدون بذلك االستدامة في فعل المجئ إليه(إني آتيه بالغدايا والعشايا: )قولهم

:مقام التذرع بالصبر والتسلية بأحوال السابقين -2

ومما يجب التفطن له أن أغلب المواضع التي جاء فيها الذكر الموقوت هو ما جاء في حق النبي محمد .. بطرفي النهار في آي التنزيل وأكثرها شيوعا

، وأن أغلب هذه المواضع سبق األمر بالذكر والتسبيح فيها، األمر بالتحلي : الصبر فقد جاء ما يفيد هذا وذاك في القرآن سبع مرات وذلك قوله مخاطباأ إياهبواذكر ربك في نفسك تضرعاأ وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو واآلصال )

أقم الصالة طرفي النهار وزلفاأ من : )، وقوله(635/األعراف.. والتكن من الغافلين ا يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع فاصبر على م: )، وقوله(1 /هود.. الليل

ومن آناء : )، وقوله في نفس اآلية والسورة(63 /طه .. الشمس وقبل غروبها فاصبر إن وعد اهلل حق واستغفر : )، وقوله(الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى

فاصبر على ما )، وقوله (55/غافر.. لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي واإلبكار : ، وقوله(63/ق.. ح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب يقولون وسب

.. فاصبر لحكم ربك وال تطع منهم آثماأ أوكفوراأ واذكر اسم ربك بكرة وأصيالأ ) (.62، 65/الدهر

والمتبصر لهذه اآليات يرمق أن الطريقة التي عبر بها عن طرفي النهار في قد غط ت كل األساليب -افضالأ عن تنوعه -فريدة من نوعها، إذ هي حقه

التي ورد ذكرها وتم التعبير بها في القرآن عن هذين الوقتين المباركين، وهذا لم فقد جاء التعبير عن أول -على ما تم تقص يه -ي عهد مثله في سائر المقامات

Page 68: من بلاغة القران

68

وذلك عقب األمر بالذكر في آية األعراف، و بـ ( الغدو واآلصال)النهار وآخره بـ عقب األمر به مصحوبا باألمر بالصبر في آية اإلنسان، كما جاء ( يالأ بكرة وأص)

في آية هود وذ لك عقيب األمر بإقامة الصالة، وبـ ( طرفي النهار)التعبير عنهما بـ في آيتي ( قبل طلوع الشمس وقبل الغروب)وبـ ( قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)

عقيب األمر ( أطراف النهار)بـ طه و ق عقيب األمر فيهما بالصبر والتسبيح، و ( العشي واإلبكار)بالتسبيح فقط في عجز اآلية سالفة الذكر من سورة طه، وبـ .عقيب األمر به مصحوبا باألمر بالصبر واالستغفار في آية غافر

( طرفي النهار)كما يلحظ انفراد هذا المقام بالتعبير عن أول النهار وآخره بـيت بهاتين العبارتين اللتين وردتا بالتثنية تارة وذلك عن إذ التوق( أطراف النهار)و

لم يأتيا -على تنوعها -األمر بإقامة الصالة، وبالجمع أخرى عند األمر بالتسبيح ، ونظير ذلك في تنوع األسلوب عند األمر على هذا النحو إال في حقه

( مس وقبل غروبهاقبل طلوع الش)بـ بالتسبيح، يقال في التعبير عن ذينك الوقتين( قبل طلوع الشمس وقبل الغروب)كذا بإضافة الطلوع والغروب للشمس، وبـ

بإضافة الطلوع فقط إليها، فهذان الموضعان لم يخاطب بهما أيضا على هذا النحو ولم يأتيا على هذه الشاكلة إال في حقه صلوات اهلل وسالمه عليه، ناهيك عن

يا : )يخصه وحده بل عم ه مع غيره كما في قولهمجيئ التعبير عن الوقتين مما لم ، 1/األحزاب.. أي ها الذين آمنوا اذكروا اهلل ذكراأ كثيراأ وسبحوه بكرة وأصيالأ

مجيئ .. بل إن من مظاهر التنوع في األساليب التي عرضت في هذا المقام (. 16ا أحياناأ بالجار والمجرور أو بالحال كما في األمر بما ذكرنا من ذكر أو تسبيح مقيدأ

تضرعاأ : )وبقوله( في نفسك: )آية األعراف التي ق يد الذكر بها في الوقتين بقوله، ويأتي (وسبح وأطراف النهار لعلك ترضى: )، ومعلالأ أحياناأ كما في قوله(وخيفة

.خالياأ من كل ذلك أحياناأ أخرى كما في سائر اآليات المذكورة

مع تكرار األمر بالصبر -فيما أرى - والوجه في هذا التنوع والشمولوالتنزيه والتلبس بسائر ألوان العبادات األخرى من نحو االستغفار وإقامة الصالة

ث ل في أن ما حظي … وذكر اهلل به مما حباه اهلل من كرامة ومكانة خ ص ي م من دون سائر أقرانه من النبيين بما فيهم أولي العزم 1بهما في الدنيا واآلخرة

0 -فهو صاحب احلوض املورود واملقام احملمود والشفاعة العظمى وهو الذي قال عن نفسه

عجبا أن اهلل اختذ إبراهيم : فيما رواه ابن عباس وعكرمة، إثر مساعه أناس يتذاكرون، وقد قال بعضهمأال وأنا حبيب اهلل " -فعيسى كلمة اهلل وروحه : إنه كلم موسى تكليما وقال آخر: خليال، وقال آخر

وال فخر، وأنا حامل لواء احلمد يوم القيامة وال فخر، وأن أول شافع وأول مشفع يوم القيامة وال كرم فخر، وأنا أول من حيرك حلق اجلنة فيفتح اهلل يل فيدخلها ومعي فقراء املؤمن ن وال فخر، وأنا أ

. احلديث… فضلت على األنبياء بست: ، والقائل"األول ن واآلخرين وال فخر

Page 69: من بلاغة القران

69

الرسل، يستأهل وفاء بحق النعمة أن يقابل بالمزيد من إعالن الوالء هلل والتذرع بالصبر لمواجهة سيل البالء الذي يعر ض لمن كان هذا حاله، باعتبار أن المرء يبتلى

يفسر هذا ويؤيده ما جاء عن ابن .. 1على قدر دينه فمن ثخن دينه اشتد بالؤهوهو يوعك دخلت على النبي : م قالمسعود فيما أورده البخاري ومسل

أجل، إني أوعك كما يوع ك : إنك لتوعك وعكاأ شديداأ، فقال: فمسسته، فقلتوكذا ما جاء في .. أجل : فقلت ذلك أن لك أجرين، فقال: رجالن منكم قال

ساجد وحوله ناس من بينا النبي: نحو ما أورده البخاري عن ابن عمر قالوما أورده .. أبي معيط بسال جزور فقذفه على ظهره قريش، جاء عقبة ابن

الطبري وابن إسحاق من أن بعضهم عمد إلى قبضة من التراب فنثرها على رأسه ، إلى غير ذلك مما عرض له صلوات اهلل وسالمه 2وهو يسير في بعض سكك مكة

اتهم أو عليه من فنون االستهزاء والغمز واللمز كلما مشى بينهم أو مر بهم في طرق .نواديهم مما يضيق المقام بذكره

كما يستأهل أن يقابل كذلك بالمزيد مما يستعان فيه باهلل من ألوان العبادة من نحو تنزيه اهلل وقيام الليل وصيام النهار إلى غير ذلك من األعمال المرضية له

يقوم من كان النبي : سبحانه، من نحو ما جاء في الصحيحين عن عائشة قالتلم تصنع هذا يا رسول اهلل وقد : فقلت له -أي تتشقق -الليل حتى تتفطر قدماه

ونحوه ... أفال أكون عبداأ شكوراأ؟: غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قالليلة فأطال صليت مع النبي: قال في الصحيحين أيضاأ عن ابن مسعود

هممت أن أجلس وأدعه: القيام حتى هممت بأمر سوء، قيل وما هممت به؟ قال

0

فيما أورده ابن حبان جوابا عمن سأله عن أشد الناس بالء، وثخن يف كما جاء عنه .أي قوي: احلديث

2 .91 / وسرية ابن هشام 44 /9ينظر تاريخ الطربي

3 .9192، 1 91ومسلم 9 / ، 1/441رواه البخاري 4: وحنوه حديث حذيفة قال19 ،19 / وأمحد 77ومسلم 9 ،9 / أخرجه البخاري

يصلي هبا يف : ذات ليلة فافتتح بالبقرة، فقلت يركع عند املائة، مث مضى فقلت صليت مع النيبأي يركع هبا، مث افتتح النساء فقرأها، مث افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مرتسال ـ : ركعة فمضى، فقلت

مرتال بتبي ن احلروف وأداء حقها ـ إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ مسع اهلل ملن : سبحان ريب العظيم، فكان ركوعه حنوا من قيامه، مث قال: تعوذ ، مث ركع فجعل يقول

ريب األعلى فكان سجوده سبحان: محده ربنا لك احلمد، مث قام طويال قريبا اما ركع، مث سجد فقال 14 /9وأمحد 77 ،79 /9والنسائي 174وأبو داود 779أخرجه مسلم ( ]قريبا من قيامه

، 17 .]

Page 70: من بلاغة القران

71

عن الوصال، نهي رسول اهلل : وفيهما عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال... .1إني لست مثلكم: قال إنك تواصل،: قالوا

ولنا أن نتأمل بشئ من التفصيل ماجاء في سورة ص حيث لم يقتصر الحديث على نبي اهلل داود، بل ذكر عقب قصته قصة سليمان وأيوب كما جاء

اصبر )كر إبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل واليسع وذا الكفل فكأنه يقول ذ واعتبر بحال سائر األنبياء، ليعلمه أن كل واحد منهم كان مشغوالأ ( على ما يقولون

بهم خاص وحزن خاص فحينئذ يعلم أن الدنيا ال تنفك عن الهموم واألحزان وأن صل عليها إال بتحمل المشاق والمتاعب استحقاق الدرجات العالية عند اهلل ال يتح

وفي آية غافر أيضاأ التي سبق األمر بالتسبيح فيه بطرفي النهار، األمر .. في الدنيا فاصبر إن وعد اهلل حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد )بالصبر حيث يقول جل ذكره

، لقد جاءت هذه اآلية الكريمة عقب الحديث عن فرعون (ربك بالعشي واإلبكارومإله وما كان من مآلهم وسوء خاتمتهم وذلك بعد أن وقى اهلل ذاك الذي كان

سيئات ما مكروا على عظم الخطر، فقد جاهر بإيمانه .. يكتم إيمانه خوفاأ منهم عندما استوجب المقام ذلك وراح يدعو قومه آمالأ في أن ترق قلوبهم لدعوة نبي

ن الكليم ما اشتور القوم ، وطفق على الجانب اآلخر يذب ع اهلل موسى أتقتلون رجالأ أن يقول ربي اهلل : )لفعله من أمر قتله وهو يصرخ فيهم مقيماأ حجته

وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذباأ فعليه كذبه وإن يك صادقاأ يصبكم وذلك بعد أن أوغر الفرعون صدور جنده وكل 6( 62/غافر.. بعض الذي يعدكم

وقال فرعون ذروني أقتل موسى )وى كاذبة، هم بسببها للتخلص منه من حوله بدعا (.62/غافر.. وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في األرض الفساد

األمر الذي يعني أن الصدع بكلمة الحق مهمة خطيرة وصعبة وقد تكلف ك كله وذل. اإلنسان حياته، ويعكس مدى عناد أهل الباطل وقساوة قلوبهم

يستوجب من صاحب الدعوة الصبر الجميل والمزيد من التحمل في مواصلة الطريق إلى نهايته إذ العا قبة في آخر المطاف للتقوى كما أنها دائماأ تكون

إنا لننصر رسلنا والذين : )للمتقين، لذا أعقب العزيز الذي ال يغلب ذلك بقولهيوم ال ينفع الظالمين معذرتهم ولهم .آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد

0

.29 ومسلم 77 /4رواه البخاري وصاحبه أيب بكر، وذلك والغريب أن يتكرر نفس املوقف أو قريب منه مع النيب حممد 9

وخنقه خنقا شديدا بعد أن وضع سال ه يف عنق النيب ح ن أقبل عقبة بن أيب معيط فوضع ثوبوهو يقول ما قاله اجلزور على ظهره، فأتى أبو بكر حىت أخذ مبنكب هذا اللع ن ودفعه عن النيب

..(. أتقتلون رجال أن يقول ريب اهلل: )مؤمن آل فرعون

Page 71: من بلاغة القران

70

. ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب. اللعنة ولهم سوء الدار (. 51ـ 5/غافر.. هدىأ وذكرى ألولي األلباب

ولقد : )ولما كان التقدير بعد أن تقدم الوعد المؤكد بنصرة الرسل وأتباعهمآتينا موسى، ولننصرنك مثل ما نصرناه وإن آتيناك يا محمد الهدى والكتاب كما

فيما كان فيه من الجبروت زاد إبراق قومك وإرعادهم فإنهم اليعشرون فرعون: ، سبب عنه قوله(والقهر والعز والسلطان والمكر، ولم ينفعه من ذلك كله شيئ

ال أي على أذاهم فإنا نوقع األشياء في أتم محالها على ما بنينا عليه أحو ( فاصبر)هذه الدار من إجراء المسببات على أسبابها، ثم علل ذلك بقوله ـ صارفاأ القول عن مظهر العظمة الذي هو مدار النصرة، إلى اسم الذات الجامع لجميع

يعني في ( إن وعد اهلل حق)الكماالت التي من أعظما إنفاذ األمر وصدق الوعد بر أهل ذلك وسى إظهار دينك وإعزاز أمرك فقد رأيت ما اتفق لم مع أج

الزمان وما كان له من العاقبة، فاصبر وال تستبطئ النصر إذن فإنه واقع لك ال .2محالة كما وقع لموسى من قبل

ولما تكفل هذا الكالم من التثبيت بإنجاز المرام أمر باإلعراض عن ارتقاب ون من دونه النصر واالشتغال بتهذيب النفس موجهاأ الخطاب إلى أعلى الخلق ليك

أي من كل عمل كامل ترتقي منه إلى ( واستغفر لذنبك)من باب األولى فقال فيكون ذلك شكراأ منك فتستن به 6أكمل، وحال فاضل تصعد به إلى أفضل

أمتك، ولما أمره باالستغفارعند الترقية في درجات الكمال أمره بالتنزيه عن كل ول إلى صفة التربية واإلحسان، ألنه من شائبة، واإلثبات لكل رتبة كمال، الفتاأ الق

لكونه المحسن إليك المربي لك فال ( وسبح بحمد ربك: )أعظم مواقعها فقالجعل األمران معطوفين على األمر بالصبر ألن الصبر هنا "تشتغل عنه بشيئ، وإنما

إذا جاء نصر : )النتظار النصر الموعود ولذلك لم يؤمربه لما حصل النصر في قولهألن ذلك مقام محض ( فسبح بحمد ربك واستغفره)فقد اكتفى بقوله ( والفتح اهلل

.1"الشكر دون الصبر

. أي ال يبلغون معشار ما فعله 2

دائه من املشرك ن يوم بدر ويوم الفتح ويف حن ن ويف أيام وقد كان، فقد نصره اهلل على أع الغزوات األ خرى، أما ما عرض من اهلزامة يوم أحد فقد كان امتحانا وتنبيها، على سوء مغبة عدم

. أن ال يربحوا مكاهنم، مث كانت العاقبة للمؤمن ن احلفاظ على وصية الرسول سيئات املقرب ن، فهو أمر بأن يطلب من اهلل املغفرة وتسميته ذنبا من باب حسنات األبرار

اليت تقتضيها النبوة، لكونه سبحانه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو يف معىن اسأل اهلل .دوام العصمة لتدوم املغفرة، وهذا مقام التخلية عن األكدار النفسية

4 . جملد 7 / 94التحرير

Page 72: من بلاغة القران

72

باالستغفار تعريض بأن أمته مطالبون بذلك باألحرى فهو أشبه وفي أمره .. ولقد أوحى إليك وإلى الذين قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك : )ما يكون بقوله

يح داللة على أنهما داخالن في سياق التفريع ، وفي األمر به وبالتسب(25/الزمر .1على الوعد بالنصر إيذاناأ بتحقيقه وكناية رمزية عن كونه واقع ال محالة

فاصبر على ما يقولون )وفي وجه تصدير األمر بالصبر في قوله في آية طه وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف

فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك : )، وقوله في آية ق(ك ترضىالنهار لعلفاصبر لحكم ربك وال : )، وقوله في آية اإلنسان(قبل طلوع الشمس وقبل الغروب

إثر ما بدر من أهل الشرك ( واذكر اسم ربك بكرة وأصيالأ . تطع منهم آثما أو كفوراأ عي إلى أنه لما كانت أقوالهم من أقوال آثمة وفي بيان النكتة في ذلك، يشير البقا

ال تليق بالجناب األقدس لجهالة قائليها، وهي في جملتها أقوال ت خرج الحليم عن حلمه وكان الصبر شديداأ على النفس منافراأ للطبع، لكون النفس مجبولة على النقائص مشحونة بالوساوس، أمر سبحانه بالصبر ليفيد أن ما يقولونه إنما هو

نه، وأنه موجب لتنزيهه وكماله ألنه تعالى هو الذي قهر قائله على بإرادته سبحاقوله، وإال فلو كان األمر بإرادة ذلك القائل استقالالأ لكان ذلك في غاية البعد عنه

. 2ألنه موجب للهالك

، إيذان بأن العبادة (ومن آناء الليل)وفي تغيير السياق في قوله من آية طه من األمور المرضية هلل سبحانه الجتماع القلب وهدوء في هذه األحيان هي أيضاأ

الرجل والخلو بالرب، وألن العبادة إذ ذاك أشق وأدخل في التكليف كانت كذلك ولم يجئ بما يفيد ( لعلك ترضى)أفضل عند اهلل، وإنما جاء الجزاء بكلمة اإلطماع

لغالب على اإلنسان اليقين أو يدل على الجزم، لئال يأمن مكر اهلل، وذلك لما كان اكن على ذ كر من ربك وسبح بحمده في : النسيان وكان الرجاء عنده أوفر، والمعنى

هذه األوقات بالذات، رجاء أن يدوم رضاك بهذا المقدار الواجب من الصلوات فتنعم في ذلك الجوار الرضي وتطمئن والتسبيحات دون زيادة رفقاأ بك وبأمتك

ال في الدنيا من ثواب، تسبب فيه اجتهادك في الطاعة في ذاك الحمى اآلمن بما تنمن الثواب ما يؤهلك -بالطبع -، وفي ذلك 1وإظهارك دين اهلل وإعالؤك أمره

0

217 /9والظالل جملد 7 ، 72 /94والتحرير 9/999ينظر نظم الدرر ،9/ 719.

2 7/999ينظر نظم الدرر 3

وجعلت قرة : ) ، ويبينه قوله 1جملد 1 /9 على ما ذكره ابن عاشور يف التحرير (. عيين يف الصالة

.91، 9/97ينظر نظم الدرر 4

Page 73: من بلاغة القران

73

ويجعلك تستحق ما ادخره اهلل لك في اآلخرة من شفاعة ودرجة عالية، وهو في عثك عسى أن يب: )، وقوله(5/الضحى.. ولسوف يعطيك ربك فترضى : )معنى قوله

لكل : )من حديث أنس ، وكذا ما صح عنه (13/اإلسراء.. ربك مقاماأ محموداأ ، وقوله (نبي دعوة قد دعا بها في أمته وخب أت دعوتي شفاعة ألمتي يوم القيامة

وهو يتلو قول اهلل تعالى في سورة إبراهيم تعالى على لسان جبريل عندما بكى بعني فإنه من ي ومن عصاني فإنك غفور رب إنهن أضللن كثيراأ من الناس فمن ت)

إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم : )، وقوله في عيسى(62/إبراهيم.. رحيم قل له يا جبريل إنا سنرضيك في (: 2 /المائدة .. فإنك أنت العزيز الحكيم

. أمتك وال نسوؤك

وإنما أثرت ج ل اآليات الواردة في هذا المقام التعبير بالربوبية المضافة إليه سواء فيما يخص الذكر عامة أو ما يتعلق بالتسبيح بحمده خاصة ليدل على

نهاية الرحمة والتقريب والفضل واإلحسان، والمقصود منه أن يصير العبد فرحاأ عند ئه وصفاته، ويستجلي معاني كرمه وآالئه، سماع هذا االسم فيستحضر معنى أسما

ذلك أن لفظ الرب مشعر بالتربية والفضل وعند سماع هذا االسم يتذكر العبد ، وإن كان عقله بالحقيقة عاجزاأ عن أن يصل إلى أقل أقسامها 1أقسام نعم اهلل عليه

فعند انكشاف( 61/إبراهيم.. وإن تعدوا نعمة اهلل ال تحصوها : )كما قال تعالى .هذا المقام يقوى الرجاء به واالعتماد عليه واللجوء إليه والثقة فيه

: مقام االستغراق واالستيعاب لجميع األحوال -

واذكر ربك في نفسك : )ويبدو هذا المعنى بوضوح في آية األعراففإن ( 635/األعراف.. تضرعاأ وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو واآلصال

ذه اآلية الكريمة وحمله على ظاهره في تخصيص الوقتين األمر بذكر اهلل في هالمذكورين دون سائر األوقات، غير مستساغ وال يساعد عليه السياق، ذلك أن االستغراق في األحوال يستتعبه استغراق في األوقات كيما تستوعب جميع ما يقوم

–هم بها به اإلنسان في سائر شئون حياته، سيما وأن لكل حالة يقدم عليها أو يدعاء –حتى فيما يظن أنه مشغلة عن ذكر اهلل من نحو دخول السوق أو الخالء

أو ذكر وارد يلزم المسلم التزود به، وفي الحديث الذي ذكره البيهقي في شعب يارب ما الشكر الذي ينبغي : قال موسى : اإليمان عن عبد اهلل بن سالم قال

يا رب إني : قال. ل لسانك رطباأ من ذكريأن ال يزا: لك؟ فأوحى اهلل تعالى إليهل ك أن أذكرك فيها، قال أكون جنباأ، أو على : وما هي؟ قال: أكون على حال أ ح

سبحانك وبحمدك )تقول : يا رب فما أقول؟ قال: وإن كان، قال: فقال.. الغائط

0 .1/997وتفسري املنار 9/499ينظر تفسري الرازي

Page 74: من بلاغة القران

74

كان رسول : قالت عائشة: ، قلت(جنبني األذى، وسبحانك وبحمدك فقني األذى، يقول عبد اهلل بن أبي الهزيل فيما نقله عنه يذكر اهلل تعالى على كل أحيانه اهلل

إن اهلل تعالى ليحب أن يذكر في السوق، ويحب أن يذكر على كل : )ابن القيم، ويكفي في هذا الحال استشعار الحياء والمراقبة، والنعمة (حال، إال في الخالء

فذكر كل حال بحسب ما يليق بها، . عليه في هذه الحالة، وهي من أجل الذكر.. والالئق بهذه الحال التقنع بثوب الحياء من اهلل تعالى وإجالله وذكر نعمته عليه

إذ النعمة في تيسير خروجه كالنعمة في التغذي به، وكان علي ابن أبي طالب إذا ، وكان(يا لها من نعمة لو يعلم الناس قدرها: )خرج من الخالء، مسح بطنه وقال

الحمد هلل الذي أذاقني لذته وأبقى في قوته وأذهب عني : )بعض السلف يقول .6(مضرته

على أن المتأمل لداللة السياق في إطالق الذكر، حتى في غير آية األعراف، يلمس أن االستيعاب الذي يكتنفه يتجاوز دائرة أحوال اإلنسان ليمتد

طمئن به قلوبهم، وذلك من نحو وليشمل ألواناأ أخرى مما يلهج به الذاكرون وتقراءة القرآن ومن نحو الدعاء والتحميد والتكبير والتهليل والبسملة والحوقلة وغير

.ذلك مما يشتمل على تمجيد اهلل وتقديسه

وأحسب أني فيما قلت، لم أذهب بعيداأ عما قاله الطاهر من أن المقصود اب أجزاء النهار بحسب استيع(: "بالغدو واآلصال)من قوله في آية األعراف

المتعارف فأما الليل فهو زمن النوم، واألوقات التي تحصل فيها اليقظة خصت بأمر ، على أنها تدخل في (6/المزمل.. قم الليل إال قليالأ : )خاص مثل قوله تعالى

ودون الجهر : )، ومن أن المقصود من قوله6("وال تكن من الغافلين: )عموم قولهعاب أحوال الذكر باللسان، ألن بعضها قد تكون النفس أنشط استي(: "من القول

، مراد به (ودون الجهر من القول: )، يريد أن قوله1"إليه منها إلى البعض اآلخر .الذكر المتوسط بين الجهر واإلسرار، وهو المقابل لكل من التضرع والخيفة

وابن ماجة 9 ، 9/72وأمحد يف املسند 1 والرتمذي 1 وأبو داود 7 رواه مسلم 29.

من حديث ابن عمر ويف سنده ضعف وانقطاع، وله 99وبنحوه رواه ابن السين برقم 9وما 9 وينظر الوابل الصيب ص 429/ شواهد مبعناه ذكرها ابن عالن يف الفتوحات الربانية

. بعدها .9جملد1/949التحرير .السابق 4

Page 75: من بلاغة القران

75

اني وفي تقديري أن التماس علة قصد الشمول لجميع أحوال الذكر اللس، أوقع في النفس وآدب في حق (تضرعاأ وخيفة ودون الجهر من القول: )في قوله

، "أن اإلخفاء أدخل في اإلخالص وأقرب إلى حسن التفكر"من ادعاء النبي ومن حجل بقيدهم، إذ في ذلك من الظن على ما ذهب إليه الزمخشري واآللوسي

كل شائبة شرك أو رياء ما ، المنزه عنالسيئ وإساءة األدب في حق المعصوم . فيه، وما يجب أن يترفع عن الوقوع فيه أي مسلم

وفي مقابلة التضرع بالخيفة لطيفة يجب االلتفات إليها وهي أنه لما كان ي عادة التضرع الذي هو في معنى التذلل يستلزم الخطاب بالصوت المرتفع ف

ثم قوبل .. العرب، كنى به عن رفع الصوت مراداأ به معناه األصلي والكنائي ، (55/األعراف.. ادعوا ربكم تضرعاأ وخفية : )بالخفية تارة وذلك في قوله تعالى

بخفض حينما جهر الصحابة الكرام بالدعاء وفوق المقدار وأمرهم النبي وبالخيفة كما هنا تارة أخرى، 6،( غائباأ إنكم ال تدعون أصم وال: )الصوت قائالأ لهم

فمقابلتها إذن بالتضرع طباق في معنيي اللفظتين الصريحين ومعنييهما الكناءين، فكأنه قيل تضرعاأ وإعالناأ وخيفة وإسراراأ، وفي ذلك من الشمول واال ستيعاب

.لجميع أحوال اإلنسان، ومن التحذير من الغفلة ما ال يخفى

في الداللة على شدة االنتفاء والنهي ( وال تكن من الغافلين: )على أن قوله، وذلك ألنه في أولى العبارتين يفرض جماعة يحق (وال تغفل)أبلغ وأقوى من نحو

عليهم وصف الغافلين فيحذر من أن يكون منهم أو في زمرتهم وذلك أبين للحالة إليه، إال أن مراده وموجهاأ المنهي عنها، والخطاب هنا وإن كان خاصاأ بالرسول

العموم لكل من يصلح له الخطاب من األمة لوجوب االقتداء به، وهو وإن كان في حقه واجباأ ففي حقها هي مستحسن طالما أنه لم يثبت لها فرضيته أو االنتهاء عنه

. 6كالوصال في الصوم

:مقام الثناء والشكر على النعمة -

فقد جاء ن عن نبي اهلل زكريا ونرمق هذا المعنى في حديث القرآواذكر ربك كثيراأ وسبح بالعشي : )األمر بالذكر والتسبيح له ولقومه في قوله سبحانه

.. فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياأ : )، وقوله( 1/آل عمران.. واإلبكار .9جملد 1/99وروح املعاين 42 /9ينظر الكشاف

999 وأبو داود9724،ومسلم 14 9، 9119، 2 99رواه البخاري 9 .1 4، 7 4، 4/42وأمحد 194 وابن ماجة 49 والرتمذي 991 ،

.9جملد 1/949ينظر التحرير

Page 76: من بلاغة القران

76

إعالماأ ، وجاء التكليف بذلك في سياق الحديث عن مناقبه ( /مريماقه شرف النبوة وتشريفه بتكاليفها وأعمالها، وحسبنا داللة على باصطفائه واستحق

ذلك ما أخبرت به وأفصحت عنه اآليات السابقة والالحقة لآليات المذكورة في السورتين من أمر اجتهاده عليه السالم في الطاعة والعبادة، من نحو ما أفاده قوله

كذا بلفظ القيام ( 63/آل عمران…وهو قائم يصلي في المحراب: )سبحانهالمعبر عنه باسم الفاعل الدال على المالزمة والثبوت على أمر الصالة هلل جل وعال

ومن أمر إقباله على الدعاء من غير تأخير، وهو ما ينبىء عنه .. والقيام بين يديه .. 1(62/آل عمران.. هنالك دعا زكريا ربه : )تقديم الظرف على الفعل في قوله

إذ نادى ربه : )وإلحاحه في الطلب، على ما جاء في قوله وأمر خضوعه أي كما يفعل المحب القريب مع حبيبه المقبل عليه في "، (6/مريم.. نداءاأ خفياأ

، الجامع بين شرف المناجاة ولذاذة االنفراد بالخلوة وأمر ... 2"قصد خطاب السر والد قد بلغ من الكبر إيثاره فيما طلب، رضاء اهلل وحظ اآلخرة على ما ينتظره أي

عتياأ ومن العمر أرذله من ولده، من شد أزر ومن إعانة على ظروف الحياة وصروفها بدل ذلك إلى أن تمتد فيه وفي نسله شجرة النبوة والعلم وأمر تطلعه ...

: ) والعمل، إرضاء لصاحب المن ة والفضل سبحانه، القائل حكاية عنه وعلى لسانه( 2/مريم .. لياأ يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياأ فهب لي من لدنك و

وأمر مبالغته في التضرع المفاد من عدم مخاطبة الملك المبش ر له بيحيى .. والمناد ي له، بمالبسة أنه المباشر بما يعد مندوحة له لو فعل، وإيثاره على ذلك

آل .. لكبر وامرأتي عاقر رب أنى يكون لي غالم وقد بلغني ا: ) مناجاة ربه بالقولوأمر تسليم زمام شئونه إلى مواله وخالقه حين خاطبه المل ك ( ... 13/عمران

قال كذلك قال ربك : )، وقوله(13/آل عمران.. كذلك اهلل يفعل ما يشاء : )بقولهوأمر امتثاله حين ( ... 3/مريم.. هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا

يجعل له آية تدل على العلوق، أو ليتلقى بها تلك النعمة بالشكر طلب من ربه أن وأمر مالزمته ... 6حين حصولها أو الوعد بها دون تأخير، حتى تظهر ظهوراأ معتاداأ

: أثناء كل ذلك وقبله وبعده، الثناء على اهلل بما هو أهل كما حكى القرآن عنه قوله: ، وقوله(62/آل عمران.. اء رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدع) (. 23/األنبياء .. رب ال تذرني فرداأ وأنت خير الوارثين )

وال عجب إذن لمن كان هذا حاله أن يق ابل ثناؤه على اهلل، بثناء منه : سبحانه على وجه الئق به، وأن تأتي الشهادة له بذلك في قوله عز من قائل

0

.9جملد /9ينظر تفسري أبو السعود 2

.4/992نظم الدرر . جملد 942/ ر روح املعاين ينظ

Page 77: من بلاغة القران

77

زوجة إنهم كانوا يسارعون في الخيرات فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له ) (.33/األنبياء.. ويدعوننا رغباأ ورهباأ وكانوا لنا خاشعين

بالتسبيح الكثير، اإليذان بتأدية هذه والوجه في ارتباط األمرله والوجه في جعل اآلية التي طلبها . المهمة الجليلة التي كلف بها على أتم وجه

ن ي رزقها، الصمت التام عن محادثة الخلق ثالثة أيام ليتلقى بها هذه النعم من قبل أبلياليهن، اإلشعار بغرابة ما طلبه وأجيبه في أعراف الناس، واإلعالم بعدم مقدرتهم على استيعابه، وقبل اللتيا تخليص المدة بذكر ال يشغل لسانه بغيره توفراأ منه على

معنى ما أخبر به تعالى قضاء حق تلك النعمة الجسيمة وشكرها، يقول اآللوسي فيقال آيتك أال تكلم الناس ثالثة أيام إال رمزاأ واذكر ربك كثيراأ : )عن ذلك في قوله

أي ال تقدر على تكليمهم من غير (: " 1/آل عمران.. وسبح بالعشي واإلبكار ، يعني من قول اهلل "آفة، وهو األنسب بكونه آية واألوفق لما في سورة مريم

فخرج . اجعل لي آية قال آيتك أال تكلم الناس ثالث ليال سوياأ قال رب: )تعالى (. ، 3 /مريم.. على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياأ

وعليه فالمرجح أن يراد من عدم التكلم ظاهره، ويحتمل من غير المرجح إذا صاموا لم يكلموا أحداأ، وإلى أن يكون كناية عن الصيام ألنهم كانوا إذ ذاك

لما طلب اآلية من "ذلك ذهب عطاء وهو خالف الظاهر، وإنما خالف الظاهر ألنه أجل الشكر قيل له آيتك أن تحبس لسانك إال عن الشكر، وأحسن الجواب ما

، فيكون الوجه في عدم تكليم 6، كذا في مدارك التنزيل"كان منتزعاأ من السؤالإلى أنه غير ممنوع من التكلم بذكر اهلل تعالى وتخليص المدة الناس اإلشارة

بين ما أفاده أبو –بالطبع –لشكره، بحيث ال ي شغل لسانه بغيره، وال تنافي البركات وغيره من أمر حمل التسبيح على ما ذكر وحمله على معنى الصالة، لكونه

: اأ بما في نحو قولهكما قلنا وكما هو معلوم جزءاأ منها، ولكونه مقيداأ ومفسر .بادة وبالمراد من التسبيحكذا بالتصريح بنوع الع( يصلي في المحراب)

:مقام الحض على صالتي الفجر والعصر بخاصة -5

هذا وتكمن النكتة في مجيئ التأكيد على صالتي الصبح والعصر تارة ما يشبهه ، وتارة بالتكرار أو (وأقم الصالة طرفي النهار: )بصيغة األمر كما في قوله

وسبح )بعد قوله في نفس اآلية والسورة ( فسبح وأطراف النهار: )كما في قولهفي اإلعالم بمزيد فضلهما، ( ... بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها

.491/ والكشاف جملد 94/ ينظر السابق .4 9/ املسمى بتفسري النسفي، وينظر فيه 9

Page 78: من بلاغة القران

78

والقصد إلى أن تكون الصالة أول أعمال المسلم إذا أصبح، وأخر أعماله إذا حوة بالحسنات الحاف ة بها، أمسى لتكون السيئات الحاصلة فيما بين ذلك مم

وهذا مشير إلى حكمة كراهة الحديث بعد صالة العشاء حفاظاأ على الصالة بصفة . عامة، وما كان منها في أوقات الغفلة بصفة خاصة

في آية هود على سواها، تأكيد األمر على ( أقم)وقد أفاد إيثار كلمة يؤذن -على حد ما ذكر الطاهر -األمر باإلقامة "صالتي الصبح والعصر ذلك أن

بأنه عمل واجب ألن اإلقامة إيقاع العمل على ما يستحق وهذا يقتضي أن يكون ولكون الطرفان ظرفين إلقامة الصالة ... المراد بالصالة هنا الصالة المفروضة

المفروضة، فقد علم أن المأمور إيقاع صالة في أول النهار وهو الصبح وصالة .6"رآخره وهي العص

فسبح وأطراف )كما أفاد تكراره في آية طه جواز أن يراد بالنهار في قوله ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس، واندراج الوقتين المذكورين في قوله ( النهار

في هذا الجمع، وانما جاء -من ثم -( قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)أو ألن لكل من الطرفين أوالأ وآخراأ ( لآناء اللي)التكرار بلفظ الجمع للمشاكلة لـ

فجمعه باعتبار تعدد النهار وأن لكل طرفاأ، أو ألن المراد الجنس الشامل لكل .6نهار، على ما سبق ذكره

، 63 /طه.. فسبح بحمد ربك : )وقد جاءت التعدية بالباء في قوله، (62/نسان اإل.. وسبحه : )رغم أن الفعل يتعدى بنفسه كما في قوله( 63/ق

، ( /األعلى .. سبح اسم ربك األعلى : )وقوله( 16األحزاب .. وسبحوه : )وقولهلتفيد المصاحبة وليكون المعنى سبح ربك متلبساأ ومقترناأ بحمده، فيكون فيه حذف المفعول لحصول العلم به من غير ذكر، والقول بأن المراد التنزيه أي نزهه

عليه السياق ألن الباء يترجح معها إرادة معنى واقرن التنزيه بحمده ال يساعد .1الصالة، إذ في كل ركعة منها تقرأ الفاتحة وهي حمد هلل تعالى

فالسر فيه هو أنه لما قدم عليه الجار ( فسبح)أما دخول الفاء على عامله والمجرور لالهتمام شابه تقديم أسماء الشرط المفيدة معنى الزمان، فعومل الفعل

ومن ) :أي األبوين، وقوله تعالى( ففيهما مجاهد: )اب الشرط كقوله معاملة جو

.1جملد 71 /9 التحرير 9 .السابق بتصرف

.1جملد 9 9/4 ينظر اآللوسي

4 .9 جملد 97 / 99والتحرير979، 97/ 4 ينظر الرازي

Page 79: من بلاغة القران

79

.. ، والقول بأنها مفسرة، فيه نظر (13/اإلسراء .. الليل فتهجد به نافلة لك - 6كما ذكر اآللوسي –والزعم بأنها زائدة للداللة على لزوم ما بعدها لما قبلها

.يرده ما ذكرنا

وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس : )تعالىوعن بالغة التنوع بين قوله وعن سر مجيئ ( وقبل الغروب)في آية طه، وقوله في آية ق بلفظ ( وقبل غروبها

ذكر الكرماني والغرناطي والفيروزابادي .. األول مضافاأ إلى الشمس والثاني بدونها ك أنه في ق راعى القياس وفي طه راعى الفواصل ومقاطع اآلي، وهم جميعاأ في ذل

فواصل أكثر اآليات في سورة "قد حجلوا بقيد الخطيب اإلسكافي الذي أوضح أن وهو األصل، ألن الطلوع مضاف إلى ( غروبها)طه أو آخرها ألف فعدل إلى

الشمس، وحق الغروب أن يكون مضافاأ إلى ضميرها، وضميرها بعدها ألف، وأما ( العتيد)و( القعيد)و( رأدبا)و( السجود)سورة ق ففواصلها مردوفة بواو أو ياء

والغروب متى ذكر علم أنه أريد به غروبها فكان ذلك أشبه بالفواصل (. المريج)و . 6" التي تقدمتها في المكانين فلذلك اختلفا

( ق)و( طه)وفي تقديري أن ما ذكروه بخصوص تنوع السياق في آيتي ذ االقتصار على جعل النكتة في والمقارنة بينهما ال يشفي الع ل ة وال يروي الغ ل ة، إ

ذلك منحصرة على رعي الفواصل ينتابه القصور الشديد في التعرف على سياقات وهي اآلية ( طه)اآليات في الموضعين، وبرأيي أن مجييء األمر بالتسبيح في آية

الوحيدة المستثناة مع ما بعدها، بنزولها في المدينة دون آيات السورة، ومجيؤه في وهي ضمن آيات السورة مكية، وحمل التسبيح فيهما على معنى الصالة ( ق)آية

اإلشعار بمدى أهمية الصالة في أي -كما سبق تقريره وعلى ماهو المرجح لدينا -زمان ومكان وعلى أي نحو من األنحاء، واإلعالم بضرورة االستدامة عليها والصبر

كانتها بين أركان الدين لكونها والمثابرة على أدائها والدعوة إليها، وبيان عظيم معموده وأن ال معنى إلسالم المرء بدونها لكونها ناهيته عن الفحشاء والمنكر والبغي، واإلعالم كذلك بمدى حاجة المسلم لما خ ص منها في الوقتين من محو

وأمر أهلك : )سيئات ومن رفع درجات، يعضد ذلك قوله فيما ولي آية طه المذكورة( 66 /طه .. ر عليها ال نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى بالصالة واصطب

.

.9جملد1 /9 ينظر التحرير

9 .1جملد 9/4 ينظر اآللوسي ومالك التأويل 99/ 4وينظر الربهان يف متشابه القرآن 99درة التنزيل وغرة التأويل ص

.1 4/ وبصائر ذوي التمييز 2 1/ 9

Page 80: من بلاغة القران

81

: مقام الحث على اإلكثار من ذكر اهلل واالستدامة عليه -6

وهو ما يجمل أو يتعين حمل األمر بالتسبيح بطرفي النهار فيه على واذكر : )كما في قوله تعالى ظاهره، سواء تعلق الخطاب في ذلك األمر بالرسول

، 65/اإلنسان .. ومن الليل فاسجد له وسبحه ليالأ طويالأ . بك بكرة وأصيالأ اسم ر في بيوت أذن اهلل أن ترفع ويذكر فيها : ) ، أو تعلق بغيره كما في قوله تعالى(62

رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر اهلل . اسمه يسبح له فيها بالغدو واآلصاليا أيها الذين آمنوا اذكروا اهلل ذكراأ : ) وله، وق(61، 62/النور .. وإقام الصالة

إلى غير ذلك مما تعد عالقة ( 16، 1/األحزاب ..وسبحوه بكرة وأصيالأ .كثيراأ التسبيح فيه بالنسبة إلى الذكر المطلق عالقة خاص بعام، فيحمل الخاص فيه على

. قاتالعام بأن يجعل العام فيما نحن بصدده وهو الذكر المطلق، في سائر األو

ويستأنس لذلك .. ويختص بالعشي واإلبكار ما تعلق منه بأمر التسبيح ذكر اللسان وهو المناسب : والذكر: "ويدل عليه قول الطاهر في آية األحزاب

عطف ( اذكروا اهلل)على ( وسب حوه)عطف : "، وقوله "لموقع اآلية بما قبلها وبعدهاالتسبيح التنزيه عما ال يجوز على الخاص على العام، اهتماماأ بالخاص ألن معنى

وعلى 6"اهلل من النقائص فهو من أكمل الذكر الشتماله على جوامع الثناء والتمجيد . هذا، القياس في سائر ما ذكرنا في هذا المقام طرقاأ للباب على وتيرة واحدة

على ما أفاد في -على أن ما قاله في معنى الذكر، ال يمنع أن يدخل فيه وأقم الصالة طرفي النهار وزلفاأ من : )الصلوات المفروضات لقوله -آخر موضعدائرة بين وكذلك النوافل التي هي في حق النبي ( 1 /هود .. الليل

المفروض وغير المفروض وفي حق غيره ال تتخطى دائرة المسنون والمندوب، كما ، إلى 6ورجاء ثوابهتبليغ الدعوة والموعظة بتخويف عقابه : يشمل ذكر اسم الرب

: غير ذلك مما يقرب إلى اهلل وللسان منه علقة، وفي روح المعاني عن ابن عباسوعنه المراد به تالوة كتابه وقيل ( ال إله إال اهلل)المراد به توحيد اهلل عز وجل بقول

. ، وهو في معنى ما تقدم1ذكر أسمائه الحسنى

. جملد 99/41التحرير

9 .السابق

.4 جملد 91/429ينظر التحرير

4 .2 جملد1/991 ينظر اآللوسي

Page 81: من بلاغة القران

80

ذكر فيه، على ظاهره فمراده أما التسبيح الذي يجمل حمل اآليات سالفة الالتنزيه بالقول وباالعتقاد، عن كل شيئ كان على خالف ما أخبر به -كما مربنا -

.سبحانه وعن كل صفة أو شائبة نقص، واإلثبات لكل كمال

ومما جاء في فضل الذكر الكثير الوارد في آية األحزاب، ما روي عن ابن قيل أن يذكر سبحانه بصفاته العلى ، و (أن ال ينسى جل شأنه: )عباس ومجاهد

سبحان : )هو أن يقال: وأسمائه الحسنى وينزه عن كل ما ال يليق به، وعن مقاتلمرجع : على كل حال، وقال بعضهم (اهلل والحمد هلل وال إله إال اهلل واهلل أكبر

: وفي الحديث عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي اهلل عنهما قاال. الكثرة العرفإذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعاأ، كتبا من : )رسول اهلل قال

، ومما تجدر اإلشارة إليه هنا أن األمر في الذكر 6(الذاكرين اهلل كثيراأ والذاكراتالكثير ليس قاصراأ على عمل الليل كما قد يفهم من الحديث بل إنه ليشمل ويعم

أفضل أهل كل عمل : "مل، يقول رحمه اهللكل ع -على ما أفادة ابن القيم -أكثرهم فيه ذكراأ هلل عز وجل فأفضل الص و ام أكثرهم ذكراأ هلل في صومهم وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكراأ هلل في صدقتهم وأفضل الحجاج أكثرهم ذكراأ هلل في

، ويؤيده ما ذكره ابن أبي الدنيا في حديثه 6"هـ.حجهم، وهكذا سائر األعمال اأكثرهم ذكراأ هلل عز : )أي أهل المسجد خير؟ قال: المرسل، عندما سؤل

فأي : ، قيل(أكثرهم ذكراأ هلل عز وجل: )وأي أهل الجنازة خير؟ قال: ، قيل(وجل: ، قيل فأي الحجاج خير؟ قال(أكثرهم ذكراأ هلل عز وجل: )المجاهدين خير؟ قال

أكثرهم ذكراأ هلل : )و العب اد خير؟ قالوأي العو اد أ: ، قيل(أكثرهم ذكراأ هلل عز وجل) . 1(ذهب الذاكرون بالخير كله: )قال أبو بكر(. عز وجل

أال أنبئكم بخير أعمالكم : )وفي الحديث الذي رواه أبو الدرداء يقول وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من أن تلقوا عدو كم فتضربوا

، وعن 5(ذكر اهلل تعالى: )بلى يا رسول اهلل، قال: الواأعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قمثل الذي يذكر ربه والذي ال يذكره مثل الحي : )قال : أبي موسى األشعري قال

. 9 ، 99 والوابل الصيب ص 929/ بن كثريينظر تفسري ا 949 ، وابن حبان(9 )بإسناد صحيح، وابن ماجة ( 21 ) رواه أبو داود9 .وصححه .99 الوابل الصيب البن القيم ص . 9 ، 99 والوابل الصيب 929/ ينظر تفسري ابن كثري 4

اكم وصححه واحل712 وابن ماجة بسند صحيح 9/447وأمحد74 رواه الرتمذي 9

/419.

Page 82: من بلاغة القران

82

أنا عند ظن عبدي : )يقول اهلل تعالى: ، وفي حديث أبي هريرة قال (والميتذكرني في مإل بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن

.6(ذكرته في مإل خير منهم

من قال حين يصبح وحين : )ومن األحاديث الحاث ة على التسبيح قوله سبحان اهلل وبحمده، مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، : يمسي

كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان : )، وقوله6(إال أحد قال مثل ما قال أو زاد، 1(سبحان اهلل وبحمده، سبحان اهلل العظيم: في الميزان حبيبتان إلى الرحمن

ألن أقول سبحان اهلل والحمد هلل وال إله إال اهلل واهلل أكبر أحب إلي مما : )وقولهمن قال سبحان اهلل وبحمده، في يوم مائة مرة، : )، وقوله5(طلعت عليه الشمس

من سبح اهلل في دبر كل صالة : )، وقوله2(حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحرصالة ثالثاأ وثالثين، وحمد اهلل ثالثاأ وثالثين، وكبر اهلل ثالثاأ وثالثين، وقال تمام

ال إله إال اهلل وحده ال شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء : المائة أيعجز أحدكم أن: )، وقوله1(قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر

يكسب في كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه، كيف يكسب ألف يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف : حسنة؟ قال

ذهب أهل الدثور بالدرجات : ، وقوله حين جاءه فقراء المهاجرين وقالوا2(خطيئةل من العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فض

أال أعلمكم شيئاأ تدركون به : أموالهم يحجون ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون فقالمن سبقكم وتسبقون به من بعدكم وال يكون أحد أفضل منكم إال من صنع مثل ما

تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل : بلى يا رسول اهلل، قال: صنعتم؟ قالوا فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول اهلل وزاد مسلم في روايته 3صالة ثالثاأ وثالثين

مثل البيت الذي يذكراهلل فيه )بلفظ 771ومسلم77 ، 79 / البخاري مع الفتح (. والبيت الذي ال يذكراهلل فيه مثل احلي وامليت

. 911 والرتمذي 4/929ومسلم 9979رواه البخاري 9والرتمذي 921وأبو داود 9919ومسلم 7 / ، 91 /7رواه البخاري .9 9/ 9وأمحد499

وابن ماجة 49 والرتمذي 9914ومسلم 79 / ، 91 / 7رواه البخاري 4 .9 9/9وأمحد.129

. 91 والرتمذي 9919كناية عن الدنيا، واحلديث رواه مسلم 9 .494 والرتمذي 921/ والطرباين 991ومسلم 91 ، 91 / رواه البخاري 9 . 41، 7 / واإلمام أمحد 917أورده اإلمام مسلم 7 .491 والرتمذي 9911ر واه مسلم 1وأمحد 924 وأبو داود 12 / ومالك 919ومسلم 97، 9/972رواه البخاري 1

.921/ والطرباين 92 والدارمي 1 9/9

Page 83: من بلاغة القران

83

سمع إخواننا أهل األموال بما فعلنا ففعلوا مثله فقال رسو ل اهلل : فقالوا : (. ذلك فضل اهلل يؤتيه من يشاء

ومما جاء في فضل الذكر والتسبيح المضاعف ما روته أم المؤمنين جويرية صلى الصبح وهي في خرج من عندها بكرة حين بنت الحارث من أن النبي

ما زلت على الحال الذي : مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقاللقد قلت بعدك أربع كلمات ثالث مرات، لو : نعم، فقال : فارقتك عليها؟ قالت

سبحان اهلل وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة )وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن على د ابن أبي وقاص أنه دخل مع رسول اهلل ، وعن سع (عرشه ومداد كلماته

أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا : امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به فقالسبحان اهلل عدد ما خلق في السماء سبحان اهلل عدد ما خلق في : أو أفضل، فقال

ر سبحان اهلل عدد ما هو خالق، واهلل أكب األرض، سبحان اهلل عدد ما بين ذلك،مثل ذلك، وال إله إال اهلل مثل ذلك، والحمد هلل مثل ذلك، وال حول وال قوة إال

.6(باهلل مثل ذلك

ألن أسبح اهلل تعالى تسبيحات أحب إلي من : )وفي األثر عن ابن مسعود، وجلس عبد اهلل بن عمرو وعبد اهلل (أن أنفق عددهن دنانير في سبيل اهلل عز وجل

سبحان اهلل والحمد هلل : ألن آخذ في طريق أقول فيه: )دبن مسعود فقال ابن مسعو وال إله إال اهلل واهلل أكبر، أحب إلي من أن أنفق عددهن دنانير في سبيل اهلل عز

ألن آخذ في طريق فأقولهن أحب إلي من أن : )، فقال عبد اهلل بن عمرو(وجل . 6(أحمل عددهن على الخيل في سبيل اهلل عز وجل

:الجبال والطيرلتسبيح نبي اهلل داود عليه السالم مقام موافقة -7

اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا األيد : )وفي ذلك يقول سبحانهوالطير محشورةأ كل له . إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي واإلشراق. إنه أواب

ي حق كل ، وقد سبق أن ألمعنا إلى أن مفردة التسبيح هنا ف(3 -1 .. أو اب مستخدمة على غير ظاهر معناها ومستعملة في غير ما وضعت له في اصطالح

سبحان اهلل، وأن التجوز في حق تسبيح الجبال : التخاطب من معنى التنزيه وقولبالعشي واإلبكار، مغاير للتجوز الذي هوفي حق داود عليه السالم، ذلك أن

.4/77والنسائي 92 وأبو داود 992 والرتمذي 9799روا ه مسلم وصححه 941/ واحلاكم 2 9وابن حيان 99 والرتمذي 922 رواه أبو داود 9 .الذهيب

.4 ينظر الوابل الصيب البن القيم ص

Page 84: من بلاغة القران

84

يليق به من معنى الصالة لكونه استعمالها تجوزاأ في حق داود استعمال بما المستساغ في حقه، واستعمالها تجوزاأ في حق الجبال والطير استعمال بمعنى

معنى الطواعية على ما -كما قلنا -التسخير واالنقياد وهو تسخير وانقياد يحمل ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها )يومئ إليه السياق ويدل عليه قوله

، فهو تقديس بلسان ( /فصلت .. ا طوعاأ أو كرهاأ قالتا أتينا طائعين ولألرض ائتي .قال الئق بهن نظير تسبيح الحصى المسموع في كف النبي

وأضيف أن المقام هنا هو الذي أملى ذلك الفهم، وأعان عليه التقييد واختصاص تسبيحهن بكونه معه عليه وعلى( العشي واإلشراق)بالوقتين المذكورين

في النظم الكريم متعلقة بالتسخير، وإيثارها على ( مع)نبينا الصالة والسالم، فـ لم يكن بطريق التصرف الكلي فيها الالم للداللة على أن تسخير الجبال له

كتسخير الريح وغيرها لسليمان، بل بطريق التبعية له واالقتداء به في عبادة اهلل وسخرنا مع : )قدم في سورة األنبياء فقيل"وتلك هي نكتة التأخير للظرف، وإنما

لذكر داود ثمة فقدم مسارعة للتعيين وال كذلك ( 13/األنبياء.. داود الجبال .1"هنا

دون اسم الفاعل ( يسبحن)والنكتة في مجيئ التسبيح بلفظ المضارعة وكونها في . استحضار تلك الصورة العجيبة الخارقة للعادة، في الذهن( سابحات)

، فإن صيغة الفعل تدل على الحدوث والتجدد ليفيد المعنى أن (مسبحات)معنى تسبيحهن معه إنما كان يحدث شيئاأ بعد شيئ وحاالأ بعد حال وكأن السامع حاضر

.6تلك الجبال يسمعها تسبح

واألمر على عكس ذلك في حق الطير، فإنه لما لم يكن في الحشر ما الحدوث شيئا بعد شيئ ال جرم جيئ به كان في التسبيح من إرادة الداللة على

اسماأ ال فعالأ، وذلك للداللة على أنها مجموعة إليه طوعاأ من كل جانب دفعة على تقدير أن الحشر يحصل من -( وسخرنا الطير ي حش رن: )واحدة، ولو قال

لكان خ لفاأ، ألن حشرها جملة -حاشرها شيئاأ بعد شيئ والحاشر هو اهلل عز وجل .. والتعبير عن ذلك باسم الجمع دون الجمع، أبلغ في الداللة على القدرة واحدة

إما لبيان أنها ( المسب ح)موضع -الذي هو في معنى الرج اع –( األو اب)ووض ع ترفع التسبيح، والمرج ع رج اع ألنه يرجع إلى فع له رجوعاأ بعد رجوع، وإما ألن

لى اهلل وطلب مرضاته، من عادته ودأبه أن األو اب وهو التو اب الكثير الرجوع إ

0

. 4جملد1 7/9وينظر تفسري أيب السعود جملد 999/ 9اآللوسي 9 . جملد 991/ 9واآللوسي 919/ والرازي 94 / ينظر الكشاف

Page 85: من بلاغة القران

85

، ومهما يكن من أمر فإن في هذا وما قبله يكثر ذكر اهلل ويديم تسبيحه وتقديسهتعريض بالكفار، ألنه في معنى أن الجبال والطير فعلت أو ف عل بها ذلك على

. الرغم من أنها أشد صالبة ونفرة من قومك وأعسر ضبطاأ

هو شديد الصالبة ومقابلته بما هو شديد النفرة على أن في اختيار مافي التسبيح، دقيقة أخرى ليكونا مضرب المثل في مشاركة نبي اهلل دادو

عوضاأ عما يشمل الطير ( كل )ملفتة أال وهي عدم استبعاد أن يكون التنوين في والجبال معاأ وليس الطير فحسب، ذلك أن غرض السياق بالتعبير عن تسخير أثقل

األشياء وأثبتها، وإتباعه بأخفها وأكثرها انتقاالأ، الكشف عن خروج الكل إبان ترنيم داود عن مألوفه، وإفادة أنه كلما رجع عن حكمه وما هو فيه من الشغل بالخلق إلى تسبيح الحق، رج عت معه بذلك الجبال والطير كل بطريقته التي

في حقهما بلفظ ( أو اب)جعل الخبر اعتادها وفقهها عن اهلل تعالى خالقه، وقد التذكير ولم يجعل مؤنثاأ لإلعالم بشدة زجلهما بالتأويب وعظمته، وفي مجيئه مفرداأ إشارة إلى أنهما في الطواعية في التأويب قد بلغا الغاية حتى لكأنهما الشيئ الواحد، كما أفاد اإلفراد أيضاأ شمول الحكم لكل فرد منها ولو جمع لطرقه

. وسبحان من هذا كالمه6ل أن الحكم على المجموع بقيد الجمعاحتما

:التسبيح في مقام التكذيب والسخرية واالستهزاء -8

وقالوا أساطير األولين اكتتبها : )ففي آية الفرقان التي يقول سبحانه فيها -، إخبار عما كان يدعيه أهل الكفر (5/الفرقان .. 6فهي تملى عليه بكرة وأصيالأ

يكذب عليهم ويتكلف حفظ ما يملى عليه مما سطره من أنه –هلل قاتلهم ااألقدمون بعد أن يتكلف تحصيله باالنتساخ لكونه أمياأ، وذلك في أوقات انشغال

كل صباح قبيل -في زعمهم وفي خيالهم المريض –الناس عنه فهو يفعل ذلك فما يملى عليه بكرة انتشار الناس إلى أعمالهم وعشياأ حين يأوون إلى مساكنهم،

وهذا المعنى مفاد من يقرؤه عليهم عشية وما يملى عليه عشية يقرؤه عليهم بكرة،الدال على التكلف لحصول ذلك الفعل، ومن داللة ( اكتتبها)صيغة االفتعال

السياق على التكنية بفعل ذلك في الغدو واآلصال عن االستمرار وكثرة الممارسة

.917/ كما ينظر الرازي 99 / ينظر الكشاف 9 . 7 / 9ينظر نظم الدرر ملقولة هو النضر بن احلارث العبدري تروجيا لبهتانه، وكان قد تعلم باحلرية قصص قائل هذه ا

إنا واهلل يا معشر قريش أحسن حديثا : ملوك الفرس وأحاديث رستم واسفنديار، فكان يقول لقريش . من حممد فهلم أحدثكم، وكان يقول يف القرآن أنه من قصص املاض ن وأباطيلهم

Page 86: من بلاغة القران

86

د عنوا أنها تملى عليه خفية لئال يقف الناس على حقيقة لتلقي هذه األساطير، وق، فرية وجرأة عظيمة منهم على اهلل وعلى رسوله -تاهلل –وهذه .. الحال

وكالمهم هذا ظاهر العوار لمن كان له أدنى بصيرة أو استبصار، فهو كالم ال يتفوه الذي ال يخفى به من له مسكة من عقل أو مثقال حبة من مروءة، فإن من المعلوم

على ذي لب أن لو الزم إنسان شيئاأ عشرة أيام بكرة وعشياأ لم يبق ممن يعرفه ويطلع على أحواله أحد حتى يعرف ذلك منه فلو أنكره بعد الفتضح فضيحة ال ي غسل عنه عارها أبد الدهر، فكيف والبلد صغير والرجل عظيم شهير، وقد اد عوا

إلى حين مقالتهم وبعدها، وعي روه بأنه معدم يحتاج أنه مصر على ذلك ال ينفك عنهإلى المشي في األسواق، وهو يدعوهم في كل مإل إلى المعارضة ولو بسورة من

وفيهم الكتاب والشعراء والبلغاء والخطباء وهم أكثر منه ماالأ وأعظم أعواناأ -مثله . فال يقدرون -

ما ادعوه، في صورة ألجل هذا جاء الجواب المستأنف المتضمن بطالن ، قصداأ إلى (2/الفرقان .. قل أنزله الذي يعلم السر في السموات واألرض )تهديد

.اإلفحام وبطالناأ لدعاويهم الباطلة وإقامة للحجة البالغة

إسناد مجازي ألنه سببه، ومما سبق ندرك أن إسنادهم االكتتاب إليه ه أمي ال يكتب وال يقرأ، وقد جاء والقرينة ما هو مقرر ومعروف لدى الجميع من أن

اإلمالء تفريعاأ على االكتتاب وإيماء إلى أن امالءها عليه إنما يحصل بعد كتابتها ليقرأها أو ليحفظها، فالتعبير باإلمالء استعارة عن اإللقاء للحفظ بعد الكتابة ال

طلب أراد اكتتابها أو : وعلى جعل المعنى... اإللقاء للكتابة كما هو معروف .6كتابتها فأمليت عليه أو على كاتبه يبقى اإلمالء على ظاهره

واختلفوا في معنى السر الوارد في اآلية السابقة على سبيل التهديد فمن أن العالم بكل سر في السموات واألرض هو وحده الذي يمكنه : قائل في معناه

م السر فلو كذب إنزال مثل هذا الكتاب، ومن قائل بأن المعنى أنه أنزله من يعل.. ألخذنا منه باليمين . ولو تقول علينا بعض األقاويل: )عليه النتقم منه لقوله تعالى

، ومن قائل بأن المعنى أنه سبحانه يعلم كل سر خفي في (15، 11/الحاقة مع علمكم بأن السموات واألرض ومن جملته ما تسرونه أنتم من الكيد لرسوله

كذلك باطن أمر رسول اهلل وبراءته مما تتهمونه به، وهو ما يقوله حق، كما يعلم قل )، والوجه في جعل 6سبحانه مجازيكم ومجازيه على ما علم منكم وعلم منه

.9/919رر ينظر نظم الد

9 .2 جملد 49 /1 وروح املعاين 1جملد 99 /1 ينظر التحرير

. 99/ ينظر مفاتيح الغيب

Page 87: من بلاغة القران

87

جواباأ لشبهتهم ورداأ على استهزائهم أي اأ ما كان المعنى أنه ( أنزله الذي يعلم السر أتى بالقرآن بأن لما تحداهم بالمعارضة وظهر عجزهم عنها فلو كان هو الذي

استعان بأحد لكان من الواجب عليهم أيضاأ أن يستعينوا بهذا الواحد فيأتوا بمثله، فلما عجزوا عن ذلك أيضاأ ثبت أنه وحي اهلل وكالمه، سيما وأن هذا القرآن الذي ال يجارى في فصاحته مبرأ عن النقص والعيوب ومشتمل على اإلخبار عن الغيوب

لتي ال يحيط بها إال العالم بجميع المعلومات وال يحيط بها وعلى أنواع العلوم افأين يقع إذن علم حفاظ األساطير ورواتها من ذلك وماذا يساوي بجوار سواه

.هذا الخضم الذي ال ساحل له؟

:التسبيح في مقام الوعد والوعيد -9

: جاء التعبير بطرفي النهار في مقام الحديث عن الوعد في قول اهلل تعالى، بينا (26/مريم .. يسمعون فيها لغواأ إال سالماأ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياأ ال)

(.12/غافر ...النار يعرضون عليها غدواأ وعشياأ : )جاء عن مقام الوعيد في قوله

أما الموعود به في آية مريم بحصول الرزق لهم بكرة وعشياأ، فقد ورد في في الدنيا من بعد ظلمهم وأنابوا إلى ربهم سياق الحديث عن أهل الجنة الذين تابوا

فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصالة واتبعوا : )واتبعوا سبيله، وذلك قولهإال من تاب وآمن وعمل صالحاأ فأولئك يدخلون . الشهوات فسوف يلقون غياأ

جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده . الجنة وال يظلمون شيئا، وبصرف النظر عما إذا كان هذا في حق اليهود أم في ( 2 -53/مريم . .مأتياأ

حقهم والنصارى أم في حق قوم من المسلمين لكونها عامة وال دليل على فإن االستثناء فيها على أي حال وعلى ما ذكره في البحر ظاهره .. التخصيص

المشار إليهم بما االتصال، والمنعوتون فيها بالتوبة واإليمان والعمل الصالح هم ، وهم إنما استحقوا ذلك بموجب الوعد (أولئك يدخلون الجنة)جاء في قوله

.المحتوم الذي أخذه اهلل على نفسه

والوجه البالغي في التعبير باسم اإلشارة في جانبهم، اإلشادة بهم ألجل توبتهم والتنويه بشأنهم، ومجيئ المضارع الدال على الحال لإلشارة إلى أنهم ال

تنبيه على أن فعلهم السابق ال ( وال يظلمون شيئاأ : )ي مطلون في الجزاء، وفي قولهأي منجزاأ، ألن ( مأتياأ )يضرهم وال ينقص أجورهم، والمراد من قوله في حق الوعد

فعل الوعد بعد صدوره وإيجاده إنما هو تنجيزه، ومجيؤه هكذا مع أن المأتي هو سناد العقلي أو االستعارة فقد استعير اإلتيان الذي يأتيه غيره هو من قبيل اإل

.917/ 9ونظم الدرر 999/ ينظر الرازي

Page 88: من بلاغة القران

88

لحصول المطلوب المترقب تشبيهاأ لمن يحص ل الشيئ بعد أن سعى لتحصيله بمن مشى إلى مكان حتى أتاه، وتشبيهاأ للشيئ المحصل بالمكان المقصود، فهي استعارة تمثيلية اقتصر من أجزائها على إحدى الهيئتين وهي تستلزم الهيئة األخرى

التي وعد )ألن الثاني ال بد له من آت، والكلمة في سياق جملتها تعليل لجملة .يدخلون الجنة وعداأ من اهلل واقعاأ : والمعنى فيه والتقدير( الرحمن عباده بالغيب

كناية عن انتفاء ( ال يسمعون فيها لغواأ إال سالماأ : )في قوله بعد( اللغو)واة المؤمنين في الجنة بضد ما كانوا أقل المكدرات في الجنة وعن جعل مجاز

–يالقونه في الدنيا من أذى المشركين ولغوهم، واالستثناء المنقطع في نسق اآلية هو من تأكيد المدح –إال إذا جعل بمعنى الكالم السالم من العيب فيكون متصالأ

:بما يشبه الذم كما في قول الشاعر

فلول من قراع الكتائبوال عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن

وهو يفيد نفي سماع اللغو بالطريق البرهاني األقوى، واالتصال على هذا . على طريق الفرض والتقدير ولوال ذلك لم يقع موقعه من الحسن والمبالغة

وارد على عادة ( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياأ : )وقوله في محل الشاهدكان : المنذر عن يحيى بن كثير قال المتنعمين في هذه الدار، فقد أخرج ابن

العرب في زمانها إنما لها أكلة واحدة فمن أصاب أكلتين سمي فالن الناعم، فأنزل .اهلل تعالى هذا يرغب عباده فيما عنده، وروي نحو ذلك عن الحسن

خالفاأ لما ذهب إليه –وقد سبق بيان أن حمل معنى الوقتين على ظاهره هو –التعبير بالبكرة والعشي مراده دوام رزقهم ودروره جل أهل التأويل من أن

المناسب في حال ارتباط الرزق في سياق اآلية بالمأكل والمشرب وهو المالئم لحال المؤمنين في الزهادة واالنشغال بمتع الجنة األخرى، وال يرد على ما ذكرت

هذا يدل على أن حمل المعنى على الدوام مؤيد بمجيئ الجملة في صورة اإلسمية و ثبوت ذلك ودوامه فيفيد التكرر المستمر وهو أخص من التكرر المفاد بالفعل المضارع وأكثر، ألنا نقول أن هذا حاصل باالقتصار على اإلطعام في البكرة والعشي أيضاأ، وإال فليس في الجنة بكرة وال عشي، فهم إنما يؤتون به على ما

فقد جاء في 6الصالة التي كانوا يصل ون فيها،كانوا يشتهون به في الدنيا لمواقيت بعض اآلثار أن أهل الجنة يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغالق األبواب،

.1جملد 7 ، 9 /9 والتحرير 1جملد 9، 9 / 9 ينظر روح املعاين

9 .947/ 4ونظم الدرر 1جملد 94 / 9 ينظر اآللوسي

Page 89: من بلاغة القران

89

ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح األبواب، ومن ذلك ما أخرجه الحكيم جاء رجل : الترمذي في نوادر األصول من طريق أبان عن الحسن وأبي قالبة قاال

وما هيجك : يا رسول اهلل هل في الجنة من ليل؟ قال : فقال إلى رسول اهلل ولهم رزقهم فيها بكرة : )سمعت اهلل تعالى يذكر في الكتاب: على هذا؟ قال

ليس هناك ليل وإنما هو ضوء : )الليل من البكرة والعشي، فقال : فقلت( وعشياأ وتأتيهم طرف الهدايا من اهلل تعالى ونور يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو،

لمواقيت الصالة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا وتسلم عليهم المالئكة عليهم .نسأل اهلل أن يجعلنا منهم وأن يحشرنا في زمرتهم(. السالم

...النار يعرضون عليها غدواأ وعشياأ : )أما الوعيد المتحدث عنه في قولهياق ما يعرض آلل فرعون من سوء العذاب وأشده، ، فقد جاء في س(12/غافر

–عياذاأ باهلل من ذلك –قصداأ إلى تعظيم أمر النار وكناية عن استدامتهم فيها وناسب أن تأتي هذه اآلية الكريمة في ثنايا الحديث عن مؤمن آل فرعون الذي

: ذكرنا طرفاأ من قصته إبان عرضنا لما جاء في قوله سبحانه من نفس السورة، وفي أعقاب (55/غافر .. واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي واإلبكار )

ما صدر منه من نصح قومه وتحذيره إياهم من مغبة وسوء ما ينتظرهم من عقابي الدنيا واآلخرة إن هم خالفوا ما دعاهم إليه نبيهم موسي عليه السالم، وبعد قوله

ويا : )، وقوله(63/غافر .. ألحزاب إني أخاف عليكم مثل يوم ا: )لهم فيما قالتدعونني ألكفر باهلل وأشرك به . قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار، وقوله بعد (16، 1/غافر .. ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار

فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى اهلل: )أن استفرغ الوسع وأخلص النصحفوقاه اهلل : )، وبعد جواب اهلل على ذلك بقوله(11/غافر .. إن اهلل بصير بالعباد

النار يعرضون عليها غدواأ وعشياأ . سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب (.12، 15/غافر..

ومعنى عرضهم على النار أن أرواحهم تشاهد المواضع التي أعدت لهم في إن أحدكم إذامات عرض : يح عن عبد اهلل بن عمرجهنم على ما جاء في الصح

عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من (.أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك اهلل يوم القيامة

، المعروض عليها آل فرعون (النار)والشاهد في حديثنا في اآلية وهو ، (سوء العذاب)اأ، يجوز أن تكون بدالأ مفرداأ من نوع المطابقة من غدواأ وعشي

حاالأ منها أو من اآلل، أو تكون خبراأ لمبتدأ محذوف وهو ( يعرضون عليها)وجملة تفسير لها في موضع الحال، ( يعرضون)وجملة ( سوء العذاب)الضمير العائد على

Page 90: من بلاغة القران

91

ماسوء العذاب؟ فقيل : كأنه قيلفيكون بين هذه اآلية والتي قبلها شبه كمال اتصال أعني الداللة على –هو النار، ويجوز وهو األبلغ في تحقيق الغرض من السياق

( النار)أن تكون –التهويل والتفخيم من شأن ما يعرض له آل فرعون غدواأ وعشياأ في موقع الخبر عنها ويكون ( يعرضون عليها غدواأ وعشياأ )هي المبتدأ وجملة

وحاق بآل فرعون سوء )ة من المبتدأ والخبر بدل اشتمال من جملة مجموع الجمل، ألن سوء العذاب إذا أريد به الغرق كان مشتمالأ على موتهم، وموتهم (العذاب

.يشتمل على عرضهم على النار غدواأ وعشياأ

وفي هذا الوجه من التعظيم من أمر النار والتهويل من عذابها والتخويف ومنشأ التعظيم أن المذكور في حراق بها ما ليس في غيرهمن العرض عليها واإل

اآلية علىالوجه األول عذاب واحد هو ما يحدث لهم في البرزخ، أما في األخير فالمذكور عذابان عذاب الغرق في الدنيا، وما يلحق به من عذاب قبل عذاب يوم

جمال والتفسير اإل –على ما في الكشف ونقله عنه اآللوسي –، أو منشؤه 6القيامةمنهما في كيفية تعذيبهم وإفادة كل من الجملتين نوعاأ من التهويل، أما األول

فاإلحاطة بعذاب يستحق أن يسمى سوء العذاب وأما الثاني فهو النار المعروض وإنما كان الغرق سوء عذاب ألن الغريق يعذب باحتباس " 1عليها غدواأ وعشياأ

ماء ويغوص فيه ويرعبه هول األمواج وهو موقن النـ ف س مدة وهو يطفو على البالهالك ثم يكون ع رضة ألكل الحيتان حياأ وميتاأ وذلك ألم في الحياة وخزي بعد

.5"الممات ي ذكرون به بين الناس

دون ما تضمنه -والسر في إفادة تعظيم النار في هذا الوجه وبيان كيفيتها بالنار فقد ( سوء العذاب)فسرت أنك إذا –جعل النار بدالأ من سوء العذاب

وحاق )تتميماأ لقوله ( يعرضون عليها)بالغت في تعظيم سوء العذاب ثم استأنفت بـ من غير مدخل للنار فيما سيق له الكالم، أما إذا جئت بالجملتين من ( بآل فرعون

غير نظر إلى المفردين وأن أحدهما تفسير لآلخر، فقد قصدت بالنار قصد ث جعلتها معتمد الكالم وجئت بالجملة الثانية بياناأ وإيضاحاأ لألولى، االستقالل حي

كأنك قد آذنت بأنها أوضح الشتمالها على ما ال أسوء منه وهو النار، على أن من موجبات تقديم المسند إليه إنباؤه عن التعظيم مع اقتضاء المقام له وها هنا كذلك

زيد )من تقوية للحكم كما في نحو على ما ال يخفى، ناهيك عما يفيده التركيب

. 2 4/ ا ذكره الزخمشري يف الكشاف على م 9 . جملد 91 /94كذا يف التحرير . جملد /94نظر اآللوسي ي 4 . جملد /94ينظر اآللوسي

9 . جملد 91 / 94تفسري التحرير

Page 91: من بلاغة القران

90

هذا هو الوجه، : "، وفيما ذكر يقول صاحب الكشف فيما نقله عنه اآللوسي(ضربتهبناءاأ على أنها ليست منصوبة بأخص أو بأعني بل ( النار)وأ يد بقراءة من نصب

فإن عرضهم على النار إحراقهم بها، ( ي ص ل ون: )مثل( يعرضون)بإضمار فعل يفسره أي قتلهم به، وهو من باب االستعارة ( عرض األسارى على السيف: )ولهممن ق

التمثيلية ي ش ب ه حالهم بحال متاع يبرز لمن يريد أخذه، وفي ذلك جع ل النار . "كالطالب الراغب فيهم لشدة استحقاقهم الهالك

أو ( وحاق بآل فرعون)مع ما بعدها بدالأ من جملة ( النار)وسواء ج علت ، فالمذكرو في اآلية عذاب قبل عذاب يوم القيامة (سوء العذاب)رداأ من بدالأ مف

ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد )المشار إليه بقوله في نفس السورة واآلية .نسأل اهلل المعافاة وحسن العاقبة(. العذاب

اخلامتةتم وبعد، فقد آن لنا أن نحط الرحال أعقاب هذه الرحلة الميمونة التي

التطواف فيها حول الدقائق واللطائف المفادة من التعبير عن هذين الوقتين الغداة )أو ( الغدو واآلصال)أو ( العشي واإلبكار)المباركين لطرفي النهار،

، لنخلص إلى أن ما ورد من حديث للقرآن حول هذين الوقتين هو مما (والعشيالذهن وكد الفكر، ذلك أن يستأهل التأمل والتدبر ويستحق المزيد من إعمال

النظرة العجلى لغير المتأمل يبدو منها أنها مجرد مترادفات أو متقابالت جيئ بها لمجرد التعبير عن وقتين اعتادهما اإلنسان كلما أشرقت شمس يومه أو غربت فال

بكثير اهتمام، بينا األمر في الحقيقة على العكس من -من ثم –يحظيان منه . ذلك تماماأ

على األسى هو أن الذين -أيضاأ -والشيئ الذي زاد الطين بلة ويبعث األصل فيهم التأمل والتدبر لما في كتاب اهلل تعالى من أهل الـتأويل من المفسرين

ينتاب كثير من معالجاتهم آلي القرآن -على سعة علمهم وعظم مكانتهم -ى الحال في سياق النظم، شيئ بسبب عدم التدقيق وإنعام النظر في مراعاة مقتض

-من القصور والتناقض، ومن عدم وضع لألمور في نصابها، كما يشوبها أحياناأ

. جملد /94روح املعاين

Page 92: من بلاغة القران

92

عدم االلتفات إلى ما يخدم النص من نصوص أخرى تعين -وتلك ثالثة األسافي .بضميمة قرائن األحوال ومعونة السياق على فهم النص الفهم الصحيح

إنا : )الثالثة مثالأ في قول اهلل تعالى وإال فما معنى ان تجعل الضمائرلتؤمنوا باهلل ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة . أرسلناك شاهداأ ومبشراأ ونذيراأ

مع قراءة عائدة إلى الرسول -وهذا مجرد مثال -( 3، 2/الفتح .. وأصيالأ نوا باهلل ورسوله لتؤم)ابن مسعود وابن جبيرالواردة في اآلية الكريمة والتي جاء فيها

كذا باالسم الجليل مكان الضمير؟ وما الذي يدعو إلى لي معنى ( وتسبحوا اهلل التسبيح كيما يتناسب مع هذا الرأي الواهي الذي ي ضرب من خالله أي القرآن بعضه ببعض؟ أو جعلها جميعا عائدة إلى اهلل فيلوى من أجل ذلك معنى التعزير

لمات عما وضع لها في اصطالح التخاطب حت ام يستقيم والتوقير وي خرج بهذه الكوما الدافع أمام اإلصرار على طرح ما يصح حمل ،مع ذاك الرأ ي على ضعفه

المعنى عليه حمالأ صحيحأأ من أمر اللف والنشر مع لطافته ووجاهة القول به على ى الحمل وما معنى أن يذهب باآليات الوارد فيها ذكر الوقتين إل.. ما سبق ذكره

، مع ما تفيده قرائن األحوال (سبحان اهلل)في معنى التسبيح على الظاهر من قول وما ترشحه سياقات اآليات من أفضلية حمله على معنى الصالة أعني على المجاز، أو أن يفعل العكس من ذلك، أو أن يقال بالوجهين هكذا دون ما التفات إلى ما

. ك أو ترجحذل يعين على الوصول إلى ما صح من

أن األمر بهذا يفرض على كل من أراد أن تكون كلمة اهلل هي العليا وأن -يخدم دينه وكتاب ربه الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه، أن يقيم

من التأويل ما اعوج، فمجال البحث في التنزيل فسيح ومتسع –قدر الطاقة ئق والحقائق، وليس أفضل في حياة أي باحث ويحتاج إلى مزيد من استجالء الدقا

منصف بل وال في حياة أهل الحق جميعاأ من الوصول إلى الحقيقة سيما لو كانت تلك الحقيقة تمس كتاب اهلل تعالى، ولم ال وهو موئلهم الذي إليه عن الخالف يئلون ومعقلهم الذي إليه في النوازل يعقلون وحصنهم الذي به من وساوس

يتحصنون وحكمة ربهم التي إليها يحتكمون وفصل قضائه بينهم الذي الشيطان .إليه ينتهون وحبله الذي به من الهلكة يعتصمون

فاهلل نسأل أن يجعلنا من أهل الحق وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يجعل عملنا خالصاأ لوجهه، إنه على ما يشاء قدير وباإلجابة

. النصير، وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين جدير،وهو نعم المولى ونعم

*******

Page 93: من بلاغة القران

93

أهم املصادر واملراجعالهيئة العامة 325 لسنة 6أساس البالغة لجار اهلل الزمخشري ط -1

. للكتاب .دار مكتبة الهالل " على متشابهات القرآن للشيخ خليل ياسين أضواء -2دار المنار إعجاز القرآن والبالغة النبوية مصطفى صادق الرافعي ط -

. 1 1 لسنةأنوار التنزيل وأسرار التأويل للقاضي البيضاوي ت عبد الرزاق المهدي دار -

.1 1 الكتب العلمية فيه من الحجة والبيان لبرهان الدين أبي البرهان في توجيه متشابه القرآن لما -5

القاسم محمود بن حمزة الكرماني ت السيد الجميلي ملحق بمجلة األزهر .1 1 عدد ذي الحجة

.362 دار الفكر لسنة 6البحر المحيط ألبي حيان ط -6بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز لمجد الدين محمد بن يعقوب -7

عليم الطحاوي ط المجلس األعلى للشئون اإلسالمية الفيروزابادي ت عبد ال . 16 ط

تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم -8 1 1 دار إحياء التراث 1ألبي مسعود محمد العمادي ط

Page 94: من بلاغة القران

94

تفسير القرآن الجليل المسمى بمدارك التنزيل وحقائق التأويل ألبي البركات -9 .1 1 مطابع األميرية لسنة النسفي ط هيئة ال

دار 6تفسير القرآن الحكيم المعروف بتفسير المنار لمحمد رشيد رضاط -11 .المعرفة بيروت

تفسير القرآن العظيم للحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير ط -11 .دار مصر للطباعة

دار الغد التفسير الكبير المسمى بمفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي ط -12 .6 1 العربي لسنة

حاشية الشهاب المسماة عناية القاضي وكفاية الراضي لشهاب الدين - 1دار الكتب العلمية الخفاجي على البيضاوي ت عبد الرزاق المهدي ط

.1 1 لسنة . دراسات ألسلوب القرآن لمحمد عبد الخالق عضيمة ط حسان - 1العلمية بيروت دار الكتب درة التنزيل وغرة التأويل للخطيب اإلسكافي ط -15

.2 1 لسنة .1 1 روح المعاني لآللوسي ت محمدحسين العرب دار الفكر -16الطراز المتضمن ألسرار البالغة ليحيى بن حمزة العلوي دار الكتب العلمية -17

.بيروت .ظالل القرآن لسيد قطب ط دار الشروق بالقاهرة -18اث فتح الباري لشرح صحيح البخاري البن حجر العسقالني ط دار التر -19

.العربي بيروتفتح القدير بين فني الرواية والدراية من علم التفسير لإلمام الشوكاني ط دار -21

.المعرفة بيروت .دار الفكر 1فقه السيرة لمحمد سعيد رمضان البوطي ط -21الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل لجار اهلل الزمخشري ط دار -22

.الفكر بيروت .دار الفكر بيروت 1لسان العرب البن منظور ط - 2 .مغني اللبيب البن هشام بحاشية محمد األمير ط الحلبي القاهرة - 2المفردات في غريب القرآن للراغب األصفهاني ت محمد سيد كيالني دار -25

.المعرفة بيروتمالك التأويل القاطع بذوي اإللحاد والتعطيل في توجيه المتشابه ألحمد بن -26

.136 دار الغرب اإلسالمي لسنة ط إبراهيم الغرناطي ت سعيد القالح الوجوه والنظائر أللفاظ كتاب اهلل العزيز ألبي عبد اهلل الحسين بن محمد -27

المجلس األعلى للشئون اإلسالمية 6الدامغاني ت أبو العزم الزفيتي ط . 16 بالقاهرة لسنة

Page 95: من بلاغة القران

95

*******

املوضوعات فهرس الصفحة وضوعالم

المقدمة

المبحث األول وتخصيصها بالذكر مدلوالت األلفاظ الواردة في معنى طرفي النهار وسر تنوعها

الغداة والعشي وما في معناهما بين الحقيقة والمجازمدلوالت اووجه تنوعه على بعض من أسرار تقديم بعض مسميات طرفي النهار اهماوجه تخصيص طرفي النهار بالذكر دون سو

المبحث الثاني التسبيح بالغدو واآلصال بين القائلين بالحقيقة والقائلين فيه بالمجاز

ما يجمل فيه حمل التسبيح بطرفي النهار على المجاز: أوالأ ما يتصل منها بمواقيت الصالة ما جاء في حق األنبياء السابقين ما تعلق بتسبيح الجبال وسجود الظالل مل التسبيح بطرفي النهار على الحقيقةما يجمل فيه ح: ثانياأ آية الفتح والمناسب لعود الضمير في معطوفاتها السياق والمقام في آية األحزاب ما يجمل حمله من التسبيح على معناه الكنائي: ثالثاأ

6 5

6 2 66

63 62 62 15 53 51 51 51 2

Page 96: من بلاغة القران

96

المبحث الثالث تعبير فيها بطرفي النهار فى آى التنزيلأهم المقامات التي ورد ال

وإعمارها صباح مساء ة في مالزمة بيوت اهللمقام اإلشادة بالصحاب - مقام التذرع بالصبر والتسلية بأحوال السابقين -6 مقام االستغراق واالستيعاب لجميع األحوال -6 مقام الثناء والشكر على النعمة -1 مقام الحض على صالتي الفجر والعصر بخاصة -5 مقام الحث على اإلكثار من ذكر اهلل واالستدامة عليه -2 الجبال والطير لتسبيح داود عليه السالممقام موافقة -1 التسبيح في مقام التكذيب والسخرية واالستهزاء -2 التسبيح في مقام الوعد والوعيد -3

الخاتمة أهم المصادر والمراجع

25 22 22 11 11 13 2 25 21 22 36 35