· ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ...

64
٠

Upload: others

Post on 19-Oct-2020

9 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٠

Page 2:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١

بسم اهللا الرمحن الرحيم

احلمد هللا رب العاملني، والصالة والسالم على سيد األنبياء واملرسلني، وعلى آلـه عني، ومن تبعهم بإحسان إىل يوم الدين.وصحبه أمج

أما بعد:ربعون حديثا يف الزهد والرقائق انتقيتها من أصح األحاديـث النبويـة ، أفهذه

ووضعت لكل حديث عنوانا خاصا به، وذكرت معـىن وقمت بذكر الغريب ، ما يستفاد من احلديث . احلديث وبعض

ي قال: " ليس الزهادة في الدنيا بتحرمي الحلال ولـا عن يونس بن ميسرة الجبلانبإضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يد اهللا عز وجل أوثـق

ب بهـا منك بما في يدك، وأن يكون حالك في المصيب ة وحالك إذا لـم تصـ ١سواء، وأن يكون مادحك وذامك في الحق سواء "

أعون الأخلاق على الدين الزهادة في الدنيا وأوشكها «وعن وهب بن منبه قال: تباع الهوى الرغبة في الدنيا ومن الرغبة في الدنيا حـب ردا اتباع الهوى ومن ا

المال والشرف ومن حب المال والشرف استحلال المحارم بغضب اللـه عـز رضوان الله عز وجل، ورضوان الله وجل، وغضب الله الداء الذي لا دواء له إلا

لا يضر معه داء فمن يرد أن يرضي الله ربه يسخط نفسه ومن لا يسخط نفسه لا كه أوشك أن لا يبقـى يرضي ربه، وإن كان الإنسان كلما كره من دينه شيئا تر

٢» معه من دينه شيء

وقد ورد حبديث مرفوع ) صحيح مقطوع ١٠٢٨٩)(٢٥١/ ١٣شعب اإلميان ( - ١) ٤١/ ٤) وحلية األولياء وطبقـات األصـفياء ( ٢١٧٧)(٣٠١:الزهد ألمحد بن حنبل (ص - ٢

خمتصرا وإسناد املختصر صحيح مقطوع

Page 3:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢

ن: وعن محمد بن معاوية الأزرق قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلـى الحسـعلى يديك الزهد أما مصلحك ومصلح به «علمني وأوجز، فكتب إليه الحسن:

ت في الدنيا، وإنما الزهد في اليقني، واليقني بالتفكر، والتفكر بالاعتبار، وإذا أنـا أن فكرت في الدنيا لم تجدها أهلا أن تبيع بها نفسك، ووجدت نفسك أهلـ

٣»تكرهها بهوان الدنيا، فإن الدنيا دار بلاء، ومنزل قلعةفالدنيا دار سفر ال دار إقامة ودار ممر ال دار مقر، و دار عبـور ال دار سـرور،

ريع وأنت يف الدنيا عرضة األسقام ورهينة األيام وأسري المنايا وقر ين الرزايا وصـالشهوات ونصب اآلفات وخليفة األموات، ال حيرص على الدنيا لبيب، وال يسر ا أريب، وهو على ثقة من فنائها، وغري طامع يف بقائها، فكيف تنام عني مـن

٤خيشى البيات وكيف تسكن نفس من توقع يف مجيع أموره املمات. ال املوىل أن جيعله خالصا لوجهه الكرمي .سائ

وأن ينفع به مؤلفه وقارئه وناشره يف الدارين .

) ٣٢١)(١٥٠:) والزهد البن أيب الدنيا (ص ٣)(١٩:صالزهد وصفة الزاهدين البن األعرايب ( - ٣

) ٢٧)(٦٨:والزهد الكبري للبيهقي (ص بترقيم الشاملة آليا)،١٤/ ١يف الزهد والرقائق واآلداب ( فصل اخلطاب - ٤

Page 4:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣

إمنا األعمال بالنياتلليثي، قال: سمعت عمر بن اخلطاب رضي اللـه عن علقمة بن وقاص ا -١-

إنما األعمال بالنيـات، «يقول: عنه على املنبر قال: سمعت رسول الله ا، أو إلى امـرأة وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبه

٥»ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه

[ش أخرجه مسلم يف كتـاب - ١ - ١)٢٨:األحاديث اليت اتفق عليها البخاري ومسلم (ص - ٥

(إمنا األعمال بالنيات) أي صحة ما يقـع مـن ١٩٠٧عمال بالنية رقم إمنا األ -اإلمارة بقوله قوله املكلف من قول أو فعل أو كماله وترتيب الثواب عليه ال يكون إال حسب ما ينويه. و (النيات) مجع نية وهي القصد وعزم القلب على أمر من األمور. (هجرته) اهلجرة يف اللغة اخلروج مـن أرض إىل

واألهل مشتقة من اهلجر وهو ضد الوصل. وشرعا هي مفارقة دار الكفـر إىل أرض ومفارقة الوطن دار اإلسالم خوف الفتنة وقصدا إلقامة شعائر الدين. واملراد ا هنا اخلروج من مكـة وغريهـا إىل

. (يصيبها) حيصلها. (ينكحها) يتزوجها. (فهجرته إىل ما هاجر إليه) أي جـزاء -مدينة رسول اهللا لدنيوي الذي قصده إن حصله وإال فال شيء له] والظاهر أن احلكمة من البدء ـذا عمله الغرض ا

احلديث التنبيه على اإلخالص وتصحيح النية من كل طالب علم ومعلم أو متعلم وأن طالب العلـم –عامة واحلديث خاصة مبرتلة املهاجر إىل اهللا تعاىل ورسوله

ليل القدر كثري الفوائد ألنه من األحاديث اجلامعة اليت هذا احلديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين جيف هذا احلديث أن مجيع األعمال الشرعية املفتقرة إىل - -عليها مدار اإلسالم وقد بني الرسول

النية أقواهلا وأفعاهلا الصادرة من كل مؤمن ال تصح وال تقبل بدون النية. ألن النية هـي األسـاس فإذا كانت ،وإذا فسدت فسد العمل،وال كلها. فإذا صلحت النية صلح العملوامليزان لألعمال واألق

النية صاحلة والعمل موافقا للشرع فالعمل مقبول وإن كانت يقصد ا غري ذلك فالعمل مردود. مث إنا فصل يف هذا احلديث بتفصيل! كاملثال بأن من هاجر إىل دار اإلسالم حبـا هللا - -لرسول اهللا ة يف اإلسالم وتعلم الدين والعمل به حصل له جزاء ما نوى. وإن كان قصده وهدفـه تعاىل. ورغب

واهللا سبحانه يعلم السـر ،أمورا دنيوية كدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فجزاؤه على حسب مقاصده -وان شرا فشر. اخلالصة يف شرح األربعني النووية،وسيجازى كل عامل بعمله إن خريا فخري،وأخفى

)٣:نايف الشحود (صعلي بن جليل القدر كثري الفائدة.،هذا حديث عظيم

Page 5:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤

أربع خالل من كن فيه كان منافقا خالصاول اهللا -٢- :" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسـ

فقا خالصا: من إذا حدث كذب، وإذا وعـد أربع خالل من كن فيه كان منالة مـنهن أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصـ

٦كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها "

ينبغي لكل من صـنف كتابـا أن يبتـدئ فيـه ـذا :قال عبد الرمحن بن مهدي رمحه اهللا تعاىل تنبيها للطالب على تصحيح النية.،احلديث

يدخل يف سبعني بابا من العلم.:وقال الشافعي رمحه اهللا تعاىلفـدخل ،باب ما جاء أن األعمال بالنية واحلسبة ولكل امرئ ما نوى:اهللا تعاىل وقال البخاري رمحه

واألحكام.،والصوم،واحلج،والزكاة،والصالة،والوضوء،اإلميان:فيهوإمنا لكل امـرئ مـا «ال يعتد باألعمال بدون النية. :أي،إمنا للحصر،» إمنا األعمال بالنيات«:قوله » .نوى

والثانية لبيان ما يترتب عليها. انتهـى. ،وىل لبيان ما يعترب من األعمالاجلملة األ:قال ابن عبد السالم وحملها القلب.،هي القصد:والنيةأي من كانت هجرتـه إىل اهللا ،» فهجرته إىل اهللا ورسوله،فمن كانت هجرته إىل اهللا ورسوله«:قوله

رته لدنيا يصـيبها أو ومن كانت هج«فهجرته إىل اهللا ورسوله حكما وشرعا. ،ورسوله نية وقصدا » .امرأة ينكحها فهجرته إىل ما هاجر إليه

وإمنا هاجر ،نقلوا أن رجال هاجر من مكة إىل املدينة ال يريد بذلك فضيلة اهلجرة:قال ابن دقيق العيد فلهذا خص يف احلديث ذكر املرأة دون سائر ما ينوى به.،ليتزوج امرأة تسمى أم قيسفال تكون قبيحة ،من نوى جرته مفارقة دار الكفر وتزوج املرأة معا:الينقال احلافظ ابن حجر العسق

بل هي ناقصة بالنسبة إىل من كانت هجرته خالصة. واهللا أعلم. تطريـز ريـاض ،وال غري صحيحة )١٠:الصاحلني (ص

) [ش (خالل) مجع خلة وهي اخلصلة والصفة]٣١٧٨) (١٠٢/ ٤صحيح البخاري ( - ٦ويبطن الشر. هذا احلـد يـدخل فيـه النفـاق األكـرب ،هو أن يظهر اخلريالنفاق أساس الشر. و

وصاحبه ،الذي يظهر صاحبه اإلسالم ويبطن الكفر. وهذا النوع مخرج من الدين بالكلية،االعتقاديوعـدم ،مـن الكفر:يف الدرك األسفل من النار. وقد وصف اهللا هؤالء املنافقني بصفات الشر كلها

وامليل بالكلية إىل أعداء الدين؛ ملشاركتهم هلـم يف ،والسخرية منهم،ء بالدين وأهلهواالستهزا،اإلميان

Page 6:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥

أكثر ما يدخل الناس اجلنة

والسيما يف هذا الزمان الذي طغت فيـه املاديـة ،عداوة دين اإلسالم. وهم موجودون يف كل زمان

واإلحلاد واإلباحية.وإن كان ال -عملي القسم الثاين من النفاق الذي ذكر يف هذا احلديث فهذا النفاق ال:واملقصود هنا

ومن اجتمعت فيه هذه اخلصال األربع فقد اجتمع فيـه ،فإن دهليز الكفر -خيرج من الدين بالكلية والورع عن حقوق ،والوفاء بالعهود،والقيام باألمانات،فإن الصدق،وخلصت فيه نعوت املنافقني،الشر

فقد هدم فرضا من فروض ومن أخص أوصاف املؤمنني. فمن فقد واحدة منها،اخللق هي مجاع اخلري فكيف جبميعها؟.،اإلسالم واإلميان

الذي من كـذب عليـه فالكذب يف احلديث يشمل احلديث عن اهللا واحلديث عن رسول اهللا ] ، يشـمل ٧معتمدا فليتبوأ مقعده من النار {ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب} [الصـف:

ه من الوقائع الكلية واجلزئية. فمن كان هذا شأنه فقد شارك املنافقني يف أخـص احلديث عما خيرب بوإن ،فإن الكذب يهدي إىل الفجـور،:"إياكم والكذبوهي الكذب الذي قال فيه النيب ،صفام

ومن ١الفجور يهدي إىل النار. وال يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حىت يكتب عند اهللا كذابا"فأين إميانه؟ وأين حقيقة إسالمه؟ ،ومل يقم بأمانته،على األموال واحلقوق واألسرار خاا كان إذا ائتمن

والعهود اليت بينه وبني اخللق متصف بصفة خبيثة مـن ،وكذلك من ينكث العهود اليت بينه وبني اهللاوخياصـم فيهـا ،ويغتنم فرصها،صفات املنافقني. وكذلك من ال يتورع عن أموال اخللق وحقوقهم

أو يدفع حقا. فهذه الصفات ال تكاد جتتمع يف شخص ومعه من اإلميان ما جيزي ،الباطل ليثبت باطالب فإا تنايف اإلميان أشد املنافاة.،أو يكفي

وخصـال ،أنه قد جيتمع يف العبد خصال خري وخصال شر:واعلم أن من أصول أهل السنة واجلماعةوالعقاب حبسب ما قام به من موجبات ذلك وقد إميان وخصال كفر أو نفاق. ويستحق من الثواب

وتصـديقها ،دل على هذا األصل نصوص كثرية من الكتاب والسنة. فيجب العمل بكـل النصوصمن بقاء اإلميان وبقاء :كلها. وعلينا أن نتربأ من مذهب اخلوارج الذين يدفعون ما جاءت به النصوص

يفعل شيئا من املنكرات اليت خترج صاحبها مـن إذا مل،ولو فعل اإلنسان من املعاصي ما فعل،الدينويرون من فعل شيئا من الكبائر ومن خصال الكفر أو خصـال ،اإلميان. فاخلوارج يدفعون ذلك كله

وإمجاع سلف األمـة. ،خملدا يف النار. وهذا مذهب باطل بالكتاب والسنة،النفاق خارجا من الدين )٢٥:ط الرشد (صجة قلوب األبرار وقرة عيون األخيار

Page 7:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٦

، ما أكثر ما يدخل الجنة؟ قـال: ي هريرة، قال: سئل النبي عن أب - ٣-، وسئل ما أكثر ما يدخل النار؟ قال: " الأجوفان: » التقوى، وحسن الخلق«

.٧الفم، والفرج " إن الدنيا حلوة خضرة

إن الدنيا حلوة «أنه قال: - -يد الخدري، عن النبي عن أبي سع - ٤-خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون؟ فاتقوا فتنة الـدنيا،

٨»انت في النساءوفتنة النساء، فإن فتنة بني إسرائيل ك

) حسن ٤٢٤٦)(١٤١٨/ ٢سنن ابن ماجه ( - ٧ما أكثر أسباب إدخالهم الجنة مع الفائزين (تقـوى :" أتدرون ما أكثر ما يدخل الناس الجنة؟) أي

ن الخلـق) . أيوأعلاه،وأقلها التقوى عن الشرك:الله) مـع :ا عن خطور ما سوى الله (وحسـوفيه مبادرة إلى الجواب حيث يعلم ،وأعلاه الإحسان إلى من أساء إليه منهم،وأدناه ترك أذاهم،الخلق

إيراد السؤال أولا إبهام وتفصيل وهما يوجبان إيقاع الكلام وتأثريه فـي وفائدة،جهل أهل الخطابالمجوفـان أو المعتلـان :أي» ) أتدرون ما أكثر ما يدخل الناس النار؟ الأجوفان«النفوس أكثر. (

ترك المخالفة ط علة معنوية (الفم والفرج) ؛ لأن المرء غالبا بسببهما يقع في مخالفة الخالق والوسبحقيقة المرام. وقـال الطيبـي وبه يظهر الارتباط بين القرينتين من الكلام والله أعلم ،مع المخلوق

وينتهي عمـا نهـى ،تقوى الله إشارة إلى حسن المعاملة مع الخالق بأن يأتي جميع ما أمره به:قولهلتان موجبتـان لـدخول ،ع الخلقوحسن الخلق إشارة إلى حسن المعاملة م،عنه وهاتـان الخصـ

أما الفم فمشتمل على اللسان وحفظ ملاك أمر ،فأوقع الفم والفرج مقابلا لهما،ونقيضهما النار،الجنةوأما الفرج فصونه من أعظـم مراتـب الـدين قـال ،أس التقوى كلهوأكل الحلال ر،الدين كله

هوات علـى ٥:{والذين هم لفروجهم حافظون} [املؤمنون:تعالى ] ؛ لأن هذه الشهوة أغلب الشـومن ترك الزنا خوفا من الله تعالى مع القـدرة وارتفـاع ،عند الهيجان وأعصاه على العقل،الإنسان{وأما من :وتيسر الأسباب لا سيما عند صدق الشهوة وصل إلى درجة الصديقني قال تعالى،الموانعة ٤١ - ٤٠:فإن الجنة هي المأوى} [النازعات -قام ربه ونهى النفس عن الهوى خاف م ] وقصـ

ثـر ومعنى الأكثرية في القرينتين أن أك،الرشيد في تعليق طلاق زبيدة مع الإمام أبي يوسف مشهورةوأن أكثر أسباب الشقاوة السرمدية الجمـع بـين ،أسباب السعادة الأبدية الجمع بين هاتين الخلتين

)٣٠٣٦/ ٧هاتين الخصلتين.مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح (

Page 8:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٧

اللهم إين أسألك اهلدى والتقىاللهم إني أسألك الهدى «، أنه كان يقول: عن عبد اهللا، عن النبي - ٥-

٩».والتقى، والعفاف والغنى

) صحيح٤٠٢٧) (٥١/ ٣مستخرج أيب عوانة ( - ٨

" ما تركت بعدي :من قوله قال الطحاوي رمحه اهللا:" باب بيان مشكل ما روي عن رسول اهللا ال "وفتنة أمتي الم،" لكل أمة فتنة:ومن قوله،فتنة هي أضر على الرجال من النساء "

" ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء ".:قال رسول اهللا :قال،عن أسامة بن زيدعنه ما يخـالف وقد رويتم ،ما قد ذكرتموه عنه فيه ففي هذا الحديث عن رسول اهللا :فقال قائل

وفتنة أمتي المال "،" لكل أمة فتنة:أنه قال عن رسول اهللا ،ذلك. فعن كعب بن عياض اء أعظم من ذلك؟فكيف يجوز أن تكون فتنة النس،ففي هذا الحديث أن فتنة أمته المال:قال

" ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من فتنة النساء " هـو :-أن قوله :فكان جوابنا له في ذلكوى -أنه ترك وفي ذلك ما قد دل،على الفتنة التي تلحق الرجال دون النساء في أمتـه فتنـا سـ

فكانت تلك الفتنـة ،" فتنة أمتي المال " على فتنة تعم الرجال والنساء من أمته:-وكان قوله ،النساءوكل واحدة منهما فأهلها الأهل الذين قد دل كل واحد مـن ،أوسع وأكثر أهلا من الفتنة الأخرى

من تحذيره من فتنة الدنيا ومن فتنة النساء. فعن أبي -وقد روي عنه ،هذين الحديثين عليهم من هموإن اهللا عـز وجـل ،" إن الدنيا حلوة خضرة:قال،أن رسول اهللا ،رضي اهللا عنه،يسعيد الخدر

إسرائيل بالنساء فإن أول فتنة بني ،فاتقوا فتنة الدنيا وفتنة النساء،فينظر كيف تعملون،مستخلفكم فيهاوذكر فتنـة ،" فكان في هذا الحديث ذكره فتنة النساء التي ذكرها في حديث أبي عثمان النهـدي

وى ذلـكوفيها الفتنة بالمال المذكورة في حديث كعب بن عياض وا،الدنيا واهللا ،لفتن بمـا سـ )٤٣٢٦ - ٤٣٢٢) (٩٩/ ١١الموفق." شرح مشكل اآلثار (

) ٢٧٢١( - ٧٢)٢٠٨٧/ ٤صحيح مسلم ( - ٩[ ش (العفاف) العفاف والعفة هو الترته عما ال يباح والكف عنه (الغىن) الغىن هنا غـىن الـنفس

واالستغناء عن الناس وعما يف أيديهم]لدعاء من أمجع األدعية وأنفعها. وهو يتضمن سؤال خري الدين وخري الدنيا؛ فإن "اهلدى" هـو هذا ا

وترك ما ى اهللا ورسوله عنه. وبذلك يصلح الدين. فإن الدين ،العلم النافع. و"التقى" العمل الصاحلوالغـىن" فهو التقى. و"العفـاف :وقيام بطاعة اهللا ورسوله،ومعارف صادقة. فهي اهلدى،علوم نافعة

Page 9:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٨

ربكم وصلوا مخسكم وصوموا شهركم اتقوا اهللايخطب في حجة الـوداع ، قال: سمعت رسول الله عن أيب أمامة - ٦-

هركم، وأدوا زكـاة «فقال: اتقوا الله ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شـ ١٠»أموالكم، وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم إال درعي ليس عندي ما أعطيك

عن تميم بن طرفة، قال: جاء سائل إلى عدي بن حاتم، فسأله نفقة في - ٧-فقال: ليس عندي ما أعطيـك إلـا -أو في بعض ثمن خادم -ثمن خادم

ب درعي، ومغفري، فأكتب إلى أهل ي أن يعطوكها، قال: فلم يـرض، فغضـ

وحصول مـا ،والقناعة مبا فيه،وعدم تعليق القلب م. والغىن باهللا وبرزقه،يتضمن العفاف عن اخللق وهي احلياة الطيبة.،والراحة القلبية،يطمئن به القلب من الكفاية. وبذلك تتم سعادة احلياة الدنيا

. وجنا مـن كـل وحصل له كل مطلوب،نال السعادتني،والعفاف والغىن،فمن رزق اهلدى والتقى )١١١:مرهوب. واهللا أعلم.جة قلوب األبرار وقرة عيون األخيار يف شرح جوامع األخبار (ص

) صحيح ٦١٦)(٥١٦/ ٢سنن الترمذي ت شاكر ( - ١٠وصـلوا ختصـيص بعـد ،(اتقوا اهللا وصلوا مخسكم) عطف على مقدر أي اتقـوه يف كـل شيء

ومالبسة اإلتيان ا منهم (وصـوموا ،ق الوجوب موحيتمل أنه استئناف ونسبها إليهم لتعل،التعميم(وأدوا زكاة أموالكم) اشتمل احلديث ،وأطلقه للعلم به،ونسبه إليهم لذلك،شهركم) أراد به رمضان

أو ألن هذه األمور لتكررهـا كـل ،ومل يذكر احلج كأنه قبل فرضه،على الثالثة من أركان اإلسالمورواه اخللعي يف ،مر والتوصية وقد ذكر احلج يف رواية أخرىفخصها باأل،وكل عام تثقل أداؤها،يوم

وأما الشهادتان فهذه األمور فروعها ال يتم إال فيمن يأيت ا أوال ،"وحجوا بيت ربكم":فوائده بلفظوإال فـال ،واملراد به السلطان واألمر بطاعته فيما هو طاعة،(وأطيعوا ذا أمركم) صاحب األمر فيكم

كما قيدته األحاديث الكثرية (تدخلوا جنة ربكم) جزم يف جـواب ،صية اخلالقطاعة ملخلوق يف معويـأيت أن ،ولذا أضافها اهللا تعاىل،وال حق لكم فيها،األمر أي إن فعلتم ذلك دخلتم اجلنة اليت لربكم

ويأيت أيضا أن العدة بدخول اجلنة ،وأمثاله،دخول اجلنة ال يكون مبجرد العمل كما يفيده هذا احلديث )٣٢٧/ ١ ينافيها العقاب على الذنوب قبل ذلك .التنوير شرح اجلامع الصغري (ال

وعطف عليها ما بعـدها ،وترك سائر املناهي،بدأ بالتقوى ألا األساس؛ لتناوهلا فعل سائر املأمورات )٦٩:واهللا أعلم.تطريز رياض الصاحلني (ص،وهو من عطف العام على اخلاص

Page 10:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٩

عدي، فقال: أما واهللا لا أعطيك شيئا، ثم إن الرجل رضي، فقال: أمـا واهللا ى من حلف على يمني، ثم رأى أتقـ«، يقول: لولا أني سمعت رسول اهللا

١١لله منها، فليات التقوى"ما حنثت يميني " من أحدث يف أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد

من أحـدث : «عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - ٨- ١٢»في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رد

)[ش (درعي ومغفـري) ١٦٥١)(٥٨٩:نايف الشحود (ص علي بن -ذيب صحيح مسلم - ١١

الدرع قميص م زرد احلديد يلبس وقاية من سالح العدو مؤنث وقد يـذكر جــ دروع وأدرع ودراع واملغفر زرد يلبسه املحارب حتت القلنسوة جـ مغافر (ما حنثت مييين) أي ما جعلتهـا ذات

حنث بل جئت بارا ا وافيا مبوجبها]فعلـه ،فرأى غريه خريا من التمادي على اليمني واتقى اهللا،على فعل شيء أو تركه يعين أن من حلف

)٦٩:وكفر عن ميينه.تطريز رياض الصاحلني (ص[ش أخرجه مسلم - ١٠٠٩ - ٢٦٩٧)٣٥٨:األحاديث اليت اتفق عليها البخاري ومسلم (ص - ١٢

. (أحدث) اخترع. (أمرنـا ١٧١٨قم يف األقضية باب نقض األحكام الباطلة ورد حمدثات األمور رهذا) ديننا هذا وهو اإلسالم. (ما ليس فيه) مما ال يوجد يف الكتاب أو السنة وال يندرج حتت حكم

فيهما أو يتعارض مع أحكامها ويف بعض النسخ (ما ليس منه). (رد) باطل ومردود ال يعتد به] ورسوله أو أحدث يف الدين مـا ال يرشدنا هذا احلديث على أن كل من تعبد بشيء مل يشرعه اهللا

يشهد له أصل من أصوله السنة أو القواعد العامة فإن ذلك مردود على صاحبه وهو آمث يف ذلك وكل شيء من املعامالت إذا حدث فيه ما يفسد العقد ملخالفته احلكم الشرعي جيب رده علـى صـاحبه

.اخلالصـة يف شـرح - -رسلني فليحذر كل مسلم االبتداع يف الدين وليتمسك دي سيد امل )١٧:علي بن نايف الشحود (ص -األربعني النووية

أو مـن -"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهـو رد :- -فإن قوله :وأما حديث عائشة عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" فيدل باملنطوق وباملفهوم.

سواء ،دل على أن كل بدعة أحدثت يف الدين ليس هلا أصل يف الكتاب وال يف السنةفإنه ي:أما منطوقهأو من البدع العملية كالتعبد هللا ،كالتجهم والرفض واالعتزال وغريها،كانت من البدع القولية الكالمية

بعبادات مل يشرعها اهللا وال رسوله. فإن ذلك كله مردود على أصحابه. وأهله مـذمومون حبسـب

Page 11:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١٠

سعد بن إبراهيم، قال: سألت القاسم بن محمد، عن رجـل لـه ثلاثـة عنوكن مساكن، فأوصى بثلث كل مسكن منها، قال: يجمع ذلك كله في مسـ

من عمـل عملـا «قال: اهللا واحد، ثم قال: أخبرتني عائشة، أن رسول ١٣»ليس عليه أمرنا فهو رد

أو تعبد بشيء مل يأذن مل يأذن اهللا ،وبعدها عن الدين. فمن أخرب بغري ما أخرب اهللا به ورسوله بدعهم

فهو مبتدع.:أو تعبد بغري الشرعيات،فهو مبتدع. ومن حرم املباحات:به ورسوله ومل يشرعهائـد وهـو التعبـد هللا بالعق -عليه أمر اهللا ورسوله ،فإن من عمل عمال:وأما مفهوم هذا احلديث

وسعيه مشكور.،فعمله مقبول:من واجب ومستحب:واألعمال الصاحلة،الصحيحةويستدل ذا احلديث على أن كل عبادة فعلت على وجه منهي عنه فإا فاسدة؛ ألنه ليس عليها أمر

وأن النهي يقتضي الفساد. وكل معاملة ى الشارع عنها فإا الغية ال يعتد ا.جة قلوب ،الشارع )٦:ر وقرة عيون األخيار يف شرح جوامع األخبار (صاألبرا

) ١٧١٨)(٦١٨:علي بن نايف الشحود (ص -ذيب صحيح مسلم - ١٣[ش (من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) قد يعاند بعض الفاعلني يف بدعة سبق إليها فإذا احتج

ليت فيها التصريح برد كل املحدثات عليه بالرواية األوىل يقول أنا ما أحدثت شيئا فيحتج عليه بالثانية اسواء أحدثها الفاعل أو سبق بإحداثها وهذا احلديث مما ينبغي حفظه واستعماله يف إبطال املنكـرات

وإشاعة االستدالل به] وقاعدة من قواعد اإلسالم العظمى.،وأصل عظيم يف الشريعة،هذا حديث جليل

ال ،فهو مردود باطـل،عمل ال يقوم على أمر اهللا وكل،فقد أبان أن كل أمر ليس من شرع الله تعاىل جعله مقياسا جلميع األمور واألعمال،فهذا من جوامع كلمه ،يعتد به وال مبا يترتب عليه

فهي املردودة.،فهي املقبولة. وما كان على غري أمره وال شرعه،فما كان منها على مراد الله وشرعه ما يستفاد من احلديث:

.ومن جوامع كلمه ،" وهذا احلديث قاعدة عظيمة من قواعد اإلسالم:قال النووي -١ احلديث) صريح يف رد كل البدع واملخترعات.:فإنه (أي:وقال أيضا-٢ " ويف هذا احلديث دليل ملن يقول من األصوليني إن النهي يقتضي الفساد ".:وقال أيضا -٣ إبطال املنكرات وإشاعة االستدالل به ". "وهذا احلديث ينبغي حفظه واستعماله يف:وقال أيضا -٤فال يشرع منها وال يزاد فيها إال مـا شـرعه اهللا ،وفيه دليل على أن األصل يف العبادات احلظر -٥

ورسوله.

Page 12:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١١

ما مأل ابن آدم وعاء شرا من بطنه -عن المقدام بن معدي كرب الكندي، قال: سمعت رسول اهللا - ٩-اء شرا من بطن، حسب ابن آدم أكالت يقمـن يقول: ما مأل ابن آدم وع -

١٤صلبه، فإن كان ال محالة، فثلث طعام، وثلث شراب، وثلث لنفسه .

(فيه دليل على أن املأخوذ بالعقد الفاسد جيب رده على صاحبه وال ميلك) .:قال النووي أيضا -٦

ت أن على ابين الرجم فافتديت منه مبائة شاة ووليدة) .ويدل عليه أيضا حديث (وإين أخرب " الوليدة والغنم رد عليك ".:فقال عليه الصالة والسالم

وعمله ،" وفيه دليل على من ابتدع يف الدين بدعة ال توافق الشرع فإمثها عليه:قال النووي أيضا -٧ وأنه يستحق الوعيد ".،مردود عليه

أنه لو تبني أن حكم :[ووجه مناسبة هذا احلديث هلذا الباب:بن سعدي"قال شيخنا "عبد الرمحن -٨فال يلتفت إىل ما حيدثه ،وأن القضاء يترتب على أحكام الشرع،القاضي خمالف ألمر الرسول فإنه يرد

القضاة] .والذي عليه هو كل مـا دل عليـه ،مردود يفيد أن كل عمل ليس عليه أمره :قال الصنعاين -٩

فإنه فإنه مردود على فاعله وكل أمر كان عليه أمره ،وليس حمدثا مبدعا يف الدين،ةالكتاب والسنإذ منطوقه دال على رد كل عمل مل يكن عليـه ،بل العلم كله،مقبول. فإن هذا احلديث نصف العلم

مقبول.تيسري العالم شرح عمدة األحكـام ومفهومه أفاد أن كل عمل كان عليه أمره ،أمره )٦٩٨:(ص

وهي الوقاية اليت يقي ـا اإلنسـان ،إىل أصل من أصول الطب - -يرشدنا النيب الكرمي - ١٤وإن شر وعاء ،وهي التقليل من األكل بل يأكل بقدر ما يسد رمقه ويقويه على أعماله الالزمة،صحته

و مليء هو البطن ملا ينتج عن الشبع من األمراض الفتاكة اليت ال حتصى عـاجال أو آجـال باطنـا أفليجعل األكـل مبقـدار ،إذا كان اإلنسان البد له من الشـبع:قال - -مث إن الرسول ،ظاهراوكسل عن تأدية مـا ،والثلث للنفس حىت ال حيصل عليه ضيق وضرر،والثلث اآلخر للشرب،الثلث

رفني} أوجب اهللا عليه يف أمر دينه أو دنياه {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنـه لـا يحـ ب المسـ،وأن حيافظ - -وميتثل أمر الرسول ،] ، فعلى اإلنسان أن يتأدب باآلداب الشرعية٣١[األعراف: املعدة بيت الداء. :وكما قيل،الوقاية خري من العالج:فإنه كما قيل،على صحته

ما يرشد إليه احلديث:

Page 13:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١٢

من حسن إسالم املرء تركه ما ال يعنيهإن من حسن إسلام المرء : «رسول اهللا عن أبي هريرة، قال: قال -١٠-

١٥»تركه ما لا يعنيه

لو استعمله الناس لتعطلت ،كلهاوهذا أصل جامع ألصول الطب ،) عدم التوسع يف األكل والشرب١(

فهذا بعض منافع قلة الغذاء وترك التملؤ مـن الطعـام ،دكاكني الصيادلة ألن أصل كل داء التخمةفهي أا توجب رقة القلب وقـوة الفهـم ،وأما منافعها بالنسبة إىل القلب،بالنسبة إىل صحة البدن

والشرب فإنه يثقل البدن ويزيـل خبالف التوسع يف األكل،وضعف اهلوى والغضب،وانكسار النفس ويضعف صاحبه عن العبادة ..،وجيلب النوم،الفطنة

وثلث للنفس.،) أن جيعل أكله وشربه مبقدار ثلث للطعام وثلث للشراب٢( .- -فقد خالف ما أرشد إليه النيب ،) إن من زاد عن هذا التقدير٣( نة صحة اإلنسان.) إن يف هذا احلديث اإلرشاد إىل الوقاية التامة لصيا٤( ) إن من مل يعمل مبا يف هذا احلديث فقد عرض نفسه لألمراض الفتاكة عاجال أو آجال.٥( ) بيان األدب الشرعي الذي ينبغي أن يكون عليه اآلكل يف مقدار أكله.٦( ) التحذير من ملء البطن؛ لما جيلبه من األمراض والكسل واخلمول.٧(علي بـن نـايف -يكون به بقاء احلياة.اخلالصة يف شرح األربعني النووية) أن الكفاية حتصل مبا ٨(

)١٥٣:الشحود (صوهذا احلديث أصل جامع ألصـول الطـب :قال العالمة ابن رجب احلنبلي يف جامع العلوم واحلكم

لو استعمل الناس هـذه :وقد روي أن ابن ماسويه ملا قرأ هذا احلديث يف كتاب أيب خيثمة قال،كلهاودكاكني الصيادلة. وإمنا قال هذا ألن ،ت لسلموا من األمراض واألسقام ولتعطلت املارشاياتالكلما

) وغذاء األلباب ٣٣٨٣/ ٢( -أصل كل داء التخم. واهللا أعلم . فتاوى الشبكة اإلسالمية معدلة / ٢( -يف شرح منظومة اآلداب

) صحيح٢٢٩) (٤٦٦/ ١خمرجا ( -صحيح ابن حبان - ١٥ املرء قد يكون شيئا يف خاصة نفسه كاملنهي عنه (احلرام واملكروه والشبهة) وقد يكون يف وماال يعين

وهذا األخري الذي نقصده يف كالمنا عن كف األذى عن الناس.،عالقته بالناسوترك اخلوض ،وعدم تتبع عورام،وعدم التجسس عليهم،ويدخل يف هذا احترام خصوصيات الناس

وأولى من ذلك ترك اخلوض فيما يضرك فيهما. وهلذه القاعدة ،ا وال يف اآلخرةفيما ال ينفك يف الدني

Page 14:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١٣

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديني

وخري وسيلة إلدراك هذه القاعدة هي أن تسأل نفسك ،تطبيقات كثرية يستطيع املرء أن يتتبعها بنفسه

ما فائدة هذا؟ فإن مل تكن له فائدة أو كان فيه ضرر فهو مماال يعنيك.:يف كل قول أو فعلولـذلك ،وما يعنيها،مبا ال يعين والتطفل على الناس غالبا ما يقترن بالتفريط يف أمر النفسواالشتغال

هم :قال تعاىل،فهو عالمة خذالن من اهللا تعاىل للعبد {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسـ ].١٩أولئك هم الفاسقون} [احلشر:

وقد حكى الإمام أبو عمرو بن ،[وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب:حلنبليقال ابن رجب اع جماع آداب الخير وأزمته تتفر:عن أبي محمد بن أبي زيد إمام المالكية في زمانه أنه قال،الصلاح

وقولـه » من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت« قول النيب :من أربعة أحاديث:»وقوله » من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ب«:يةللذي اختصر له في الوص » لا تغضـ

».المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه«:وقوله واقتصر على ما يعنيه مـن ،أن من حسن إسلامه تركه ما لا يعنيه من قول وفعل:ومعنى هذا الحديث

شدة الاهتمام :والعناية،ويكون من مقصده ومطلوبه،أنه تتعلق عنايته به:ال؛ ومعنى يعنيهالأقوال والأفعناية له به ولا إرادة بحكـم وليس المراد أنه يترك ما لا ع،إذا اهتم به وطلبه:يقال عناه يعنيه،بالشيء

لام ،بل بحكم الشرع والإسلام ولهذا جعله من حسن الإسلام،الهوى وطلب النفس ن إسـ فإذا حسـبق ،فعالترك ما لا يعنيه في الإسلام من الأقوال والأ،المرء فإن الإسلام يقتضي فعل الواجبات كما سـ

ذكره في شرح حديث جبريل عليه السلام.مسلمون المسلم من سلم ال«:كما قال ،وإن الإسلام الكامل الممدوح يدخل فيه ترك المحرمات

تبهات ،وإذا حسن الإسلام» من لسانه ويده اقتضى ترك ما لا يعني كله مـن المحرمـات والمشـلم إذا كمـل فإن هذا كله لا يعنـي ال،وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها،والمكروهات مسـ

فمن ،فإن الله يراه،فإن لم يكن يراه،وهو أن يعبد الله تعالى كأنه يراه،وبلغ إلى درجة الإحسان،إسلامهفقـد ،أو على استحضار قرب الله منه واطلاعـه عليه،عبد الله على استحضار قربه ومشاهدته بقلبه

فإنه يتولد من ،ويشتغل بما يعنيه فيه،ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام،حسن إسلامه/ ١الاستحياء من الله وترك كل ما يستحيا منه"] جامع العلوم واحلكم ت األرنؤوط ( هذين المقامين

٢٨٨(

Page 15:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١٤

تينا قال عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن حجر الكلاعي،:أ - ١١-العرباض بن سارية، وهو ممن نزل فيه: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم

]،فسلمنا وقلنا: أتينـاك زائـرين ٩٢قلت لا أجد ما أحملكم عليه} [التوبة:الصبح ذات يـوم، - -لعرباض: صلى بنا رسول الله ومقتبسين، فقال ا

ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيـون، ووجلـت منهـا ودع، فماذا تعهد إلينا؟ القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة م

أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا مجدعا، فإنه «قال: اشدين من يعش منكم فسيرى اختلافا كثريا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الر

المهديني، فتمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الـأمور ١٦»فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة

) وسنن ابن ٤٦٠٧) (٢٠٠/ ٤) وسنن أيب داود (٥) (١٧٨/ ١خمرجا ( -صحيح ابن حبان - ١٦

) صحيح٢٦٧٦) (٤٤/ ٥) وسنن الترمذي ت شاكر (٤٢) (١٥/ ١ماجه () لفظة " ذات " مقحمة. (بليغة) من املبالغة. أي بالغ فيهـا باإلنـذار والتخويـف. [ش (ذات يوم

(وجلت) كسمعت أي خافت. (وذرفت) أي سالت. ويف إسنادها إىل العيون مع أن السائل دموعها مبالغة. واملقصود أا أثرت فيهم ظاهرا وباطنا. (وان عبدا حبشيا) أي وإن كان األمري عبدا حبشيا.

اء الراشدين) قيل هم األربعة رضي اهللا عنهم. وقيل بل هم ومن سار سريم من أئمة اإلسالم. (اخللففام خلفاء الرسول عليه الصالة والسالم يف إعالء احلق وإحياء الدين وإرشاد اخللـق إىل الصـراط

ني أضراسه املستقيم. (النواجذ) األضراس. قيل أراد به اجلد يف لزوم السنة كفعل من امسك الشيء بوعض عليه منعا من أن ينتزع. أو الصرب على ما يصيب من التعب يف ذات اهللا. كما يفعـل املتـأمل

بالوجع يصيبه].عند ذكره الاختلاف الذي يكون في أمتـه بيـان » فعليكم بسنتي«:- -قال أبو حاتم في قوله

ولم يعرج على غيرها من الآراء من الفرق الناجيـة فـي ،قال بها،من واظب على السنن واضح أن . جعلنا الله منهم بمنه،القيامة

وعظ يوما أصحابه موعظة سالت منها الـدمع مـن العيـون - -يف هذا احلديث أن الرسول افت منها القلوب خوفا شديدا لشدة تأثريها يف النفوس وملا حاك يف صدورهم من أا موعظـة وخ

Page 16:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١٥

مودع منه ألهل الدنيا فطلبوا منه الزيادة يف الوصية فأوصاهم بتقوى اهللا عز وجل اليت هي وصية اهللا

الراشدين وأن األولني واآلخرين وأن يسمعوا ويطيعوا لوالة األمور وأن يتمسكوا بسنته وسنة اخللفاءيبالغوا يف التمسك ا بكل ممكن وبكل سبب وأن ال يتبعوا آراء أهل البدع واألهـواء واملقاصـد

الفاسدة فإن من اتبع هؤالء فقد ضل وخسر. ما يرشد إليه احلديث:

ا فتكون أسرع إىل اإلجابة. بالغة يف املوعظة مل،ملا يف ذلك من ترقيق القلوب،) املبالغة يف املوعظة١( يف ذلك من ترقيق القلوب وقبوهلا للحق.

ألم إمنا فهموا توديعه إياهم بإبالغه يف املوعظة أكثر من ،) االعتماد على القرائن يف بعض األحوال٢( العادة ..

) إنه ينبغي سؤال الواعظ للزيادة من الوعظ والتخويف.٣( كثرة االختالف _ ووقع األمر كذلك.مبا يقع بعده يف أمته من - -) من أعالم النبوة إخباره ٤(أما التقوى فهي وصية ،ويف هذه الوصية سعادة الدنيا واآلخرة،) األمر بتقوى اهللا والسمع والطاعة٥(

ويستطيعون إظهار ،وأما السمع والطاعة فبهما تنتظم مصاحل العباد يف معاشهم،اهللا لألولني واآلخرين دينهم وطاعام ..

صرب على ما يصيب املتمسك من األذى. يف ذلك.) التمسك بالسنة وال٦(أما ما كان مبنيا على قواعد األصـول ،) التحذير من ابتداع األمور اليت ليس هلا أصل يف الشرع٧(

ومردودا إليها. فليس ببدعة وال ضاللة .. ) شرف اخللفاء الراشدين وفضلهم واتباع سنتهم.٨( ل قوال وخالفه فيه غريه كان املصري إىل قول اخلليفة أوىل.) أن الواحد من اخللفاء الراشدين إذا قا٩( ) ينبغي لإلنسان أن يستمع املواعظ بني فترة وأخرى أل؟ا نافعة للقلب.١٠(مـع - -) على اإلمام وطالب العلم والعامل أن يتعاهدوا الناس باملواعظ كما كان يفعـل ١١(

الصحابة رضي اهللا عنهم.ن بليغة قوية تؤدي هدفها ولذلك على اإلنسان أن خيتار ألفاظها وحيسن ) املوعظة جيب أن تكو١٢(

قصدها لعل اهللا أن ينفع ؟ا.) فيه بيان لعالقة القلب مع اجلوارح فمىت تأثر القلب وخشع تأثرت العيون فذرفت وبكت من ١٣(

خشية اهللا. منها القلوب "علـى ) فقه الصحايب العرباض بن سارية رضي اهللا عنه حيث قدم قوله " وجبت١٤(

قوله "ذرفت منها العيون" ألن القلب هو األصل.

Page 17:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١٦

فبسماعهم املواعظ تذرف عيو؟م وتوجل قلو؟م.،) خشية الصحابة رضي اهللا عنهم لر؟م سبحانه١٥(كما بكى الصحابة رضي ،) البكاء يف جمالس الوعظ والذكر إذا غلب على اإلنسان ال يكون رياء١٦(

اب.اهللا عنهم يف حديث الب ) الكالم النافع هو الذي خيالط القلب فيؤثر عليه لصدق قائله وإخالصه يف نصحه.١٧(ولذلك قالوا " يا رسول اهللا كأ؟ا موعظـة مـودع" ،- -) فهم الصحابة وفطنتهم ملا قال ١٨(

أما السهو والغفلـة ،وهذا الفهم حيصل بالتركيز واالنتباه،ففهموا من خالل األلفاظ أ؟ا وصية مودع ثناء الوعظ فتضيع الفائدة على صاحبها.أوجيب على اآلخر أن ينصح له يف وصيته وال يغشه ،) يشرع للمسلم أن يطلب الوصية من غريه١٩(

فيها.) على اإلنسان أن يتحرى أهل العلم والفضل ويطلب منهم النصيحة ألن نصيحتهم ووصـيتهم ٢٠(

أفضل من غريهم.فهي ،صية بتقوى اهللا أل؟ا تعين فعل الطاعات وترك املنهيـات) أعظم الوصية على اإلطالق الو٢١(

الدين بكامله.حيث أكد ذلك بقوله" وإن تأمر عليكم ،) دل على وجوب السمع والطاعة لوالة أمر املسلمني٢٢(

عبد". -فيطاع عبادة هللا ولذلك ذكر ،) السمع والطاعة لويل أمر املسلمني من تقوى هللا سبحانه وتعاىل٢٣( - سمع والطاعة بعد قوله " أوصيكم بتقوى اهللا".ال

كما هو مذهب أهل السنة ،) ضابط طاعة ويل أمر املسلمني ما كان يف حدود تقوى اهللا سبحانه٢٤( -" أوصيكم بتقوى اهللا" مع قوله - -وهذا الضابط والقيد يؤخذ من الربط بني قوله ،واجلماعة - والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد " ."

) احلديث يعاجل تفرق وشق الصف وذلك باالجتماع على تقوى اهللا وعلى إمام واحد.٢٥(لقوله " فإنه من يعش منكم فسريى اختالفا كثريا " وهذا - -) يعترب احلديث من معجزاته ٢٦(

ما حدث بعد وفاته بزمن من تفرق ووجود اختالف.ما زاد االختالف لغلبة اجلهل" فإنه من يعـش مـنكم ) كلما زاد البعد عن الرسالة النبوية كل٢٧(

فسريى اختالفا كثريا". -ويتلخص العالج يف أمور:،) ذكر يف احلديث عالجا للفنت واالفتراق واالختالف بني املسلمني٢٨(

التمسـك :السمع والطاعة " والسمع والطاعة"الثالثـة:تقوى اهللا "أوصيكم بتقوى اهللا" الثانية:األوىل هجر البدع " وإياكم وحمدثات األمور".:" فعليكم بسنيت".الرابعبالسنة

Page 18:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١٧

من سن يف اإلسالم سنة حسنة فله أجرهاول اهللا عن المنذر بن جرير - ١١- فـي ، عن أبيه، قال: كنا عند رسـ

صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العبـاء، متقلـدي ول اهللا السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر فتمعر وجـه رسـ

لى ثـم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالا فأذن وأقام، فصـخطب فقال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفـس واحـدة}

] والآيـة ١ة، {إن اهللا كان عليكم رقيبا} [النساء:] إلى آخر الآي١[النساء:التي في الحشر: {اتقوا اهللا ولتنظر نفـس مـا قـدمت لغـد واتقـوا اهللا}

ه، تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بر] «١٨[احلشر:ار » ولو بشق تمرة -حتى قال -من صاع تمره قال: فجاء رجل من الأنصـ

بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع النـاس، حتـى يتهلل، كأنـه حتى رأيت وجه رسول اهللا رأيت كومين من طعام وثياب،

من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرهـا، : « مذهبة، فقال رسول اهللا من سن فـي وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، و

نص عليها " فعليكم بسـنيت وسـنة - -) دل على حجية سنة اخللفاء الراشدين ألن النيب ٢٩(

اخللفاء الراشدين املهديني ". ) فيه تزكية للخلفاء األربعة رضي اهللا عنهم أمجعني لقوله " الراشدين املهديني"٣٠(ولقوله -ففيها أمر.:لقوله " فعليكم بسنيت" - احلديث التشديد على التمسك بالسنة وذلك:) يف٣١(

ولقوله " النواجذ" وهي األضراس وهـي -فلفظ العض يدل على التمسك يف معناه:" عضوا عليها" فيشعر ذلك بقوة التمسك.،أقوى األسنان

ولقوله " -وهي كلمة حتذير.:كم "لقوله "إيا -وذلك:،) يف احلديث التشديد على هجر البدع٣٢(كل ":وهي من ألفاظ العموم وقد أضيفت ملا بعدها "بدعة" فـاجتمع صـيغتان للعمـوم "كـل"

وهذا من الذم والتحذير.اخلالصة ،وهي وصف جلميع البدع بالضالل:ولقوله " ضاللة " -واإلضافة. )٩٥:علي بن نايف الشحود (ص -يف شرح األربعني النووية

Page 19:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١٨

الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غيـر أن ١٧»ينقص من أوزارهم شيء

) ١٠١٧)(٣٣٢:علي بن نايف الشحود (ص -صحيح مسلمذيب - ١٧

[ش (جمتايب النمار) نصب على احلالية أي البسيها خارقني أوساطها مقورين يقال اجتبت القمـيص أي دخلت فيه والنمار مجع منرة وهي ثياب صوف فيها تنمري وقيل هي كل مشلة خمططة من مـآزر

ن السواد والبياض أراد أنه جاءه قوم البسي أزر خمططة األعراب كأا أخذت من لون النمر ملا فيها ممن صوف (العباء) باملد وبفتح العني مجع عباءة وعباية لغتان نوع من األكسية (فتعمـر) أي تغـري (كومني) هو بفتح الكاف وضمها قال القاضي ضبطه بعضهم بالفتح وبعضهم بالضم قال ابن سراج

الواحدة قال والكومة بالضم الصربة والكوم العظيم مـن كـل هو بالضم اسم ملا كوم وبالفتح املرةشيء والكوم املكان املرتفع كالرابية قال القاضي فالفتح هنا أوىل ألن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية (يتهلل) أي يستنري فرحا وسرورا (مذهبة) ضبطوه بوجهني أحدمها وهو املشهور وبه جزم القاضـي

اين ومل يذكر احلميدي يف اجلمع بني الصحيحني غريه مدهنة وقـال القاضـي واجلمهور مذهبة والثعياض يف املشارق وغريه من األئمة هذا تصيحف وذكر القاضي وجهني يف تفسريه أحدمها معنـاه فضة مذهبة فهو أبلغ يف حسن الوجه وإشراقه والثاين شبهه يف حسنه ونوره باملذهبة مـن اجللـود

كانت العرب تصنعه من جلود وجتعل فيها خطوط مذهبة يرى بعضها إثر ومجعها مذاهب وهي شيء بعض]

ثواب العمل بها. وفـي :أي،أجر تلك السنة:أتى بطريقة مرضية يقتدى به فيها (فله أجرها) أي:أيابيح يعني،أجر من سن:أي،أجره:نسخة خ المصـ فلـه :أجر عمله. قال التوربشتي في عامـة نسـله أجر عمله :أي،والضمري لصاحب الطريقة،وهو غير سديد رواية ومعنى إنما الصواب أجره،أجرها

وظن بعض الناس أن الضمري راجع إلى السنة. (وقد وهم فيه بعـض النـاس ،هوأجر من عمل بسنتهذا الحديث لم :المتأخرين من رواة الكتابين وليس ذلك من رواية الشيخين في شيء. قال المؤلف

أجرها. وعلى هذا شرح :ووجد في نسخ متعددة من مسلم،ده البخاري إنما هو من أفراد مسلميورافةفإن السنة سبب ثبوت الأجر فجازت ال،الإمام النووي والإضافة لأدنى ملابسته كذا ذكـره ،إضـ

ويؤيده ما ذكره المؤلف اتفاق النسخ على وزرها والله أعلم. (وأجر من عمل بهـا) :الطيبي. قلتجر من عمل بعده. قال ابن الملك أي وأ:وفي المصابيح،من بيان من:بتلك الحسنة (من بعده) :أي

بعد ممات من سنها قيد به لما يتوهم أن ذلك الأجر يكتب له ما دام حيا اهـ.فالأحسن أن يقال من بعد ما سنه (من غير ،و حيوفيه أنه يتوهم حينئذ أن الأجر لا يكتب له وه:قلت

من :وجوز أن يكون معلوما لأنه متعد ولازم (من أجورهم شيء) أي،على البناء للمفعول:أن ينقص)

Page 20:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

١٩

يقول ابن آدم: مالي، ماليوهـو يقـرأ: ألهـاكم النبي عن مطرف، عن أبيه، قال: أتيت - ١٢-

التكاثر، قال:"يقول ابن آدم: مالي، مالي، قال: وهل لك، يا ابـن آدم مـن ١٨مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ "

بالغة يف العبادةالنهي عن املعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء ثالثة رهط إلى بيـوت -١٣-

،فلما أخبروا كـأنهم - -،يسألون عن عبادة النبي - -أزواج النبي ؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبـه - -ن النبي تقالوها، فقالوا: وأين نحن م

إثمهـا :بدعة مذمومة عمل بها (كان عليه وزرها) أي:ام سنة سيئة) أيالنقص (ومن سن في الإسل

يء) :من جهة تبعيته (من غير أن ينقص) :(ووزر من عمل بها من بعده) أي تقدم (من أوزارهم شـي الموضعين باعتبار معنى " من " كما أفرد في " ينقص " باعتبار لفظه.مرقاة املفاتيح شرح جمع ف:

)٢٩٤/ ١مشكاة املصابيح (أن الداعي إىل اهلدى له من األجر والثواب مثل من اتبعه مع استيفاء التابعني أجورهم بين الرسول

إىل الضاللة كعقيدة فاسدة وجرمية منكرة وخلق مرذول عليه من اإلمث مثل آثام من كاملة وأن الداعي اتبعه مع استيفائهم آثامهم كاملة والسبب يف ذلك أن املرشد إىل اخلري كانت كلمته سببا يف وجـود هذا اخلري يف املجتمع اإلنساين من هؤالء التابعني فما فعلوه من الطيبات كأنه هو الذي فعلـه فلـه

جزاؤه موفورا. وكذلك داعي الضاللة كأنه الذي ارتكب جرائم تابعيه فعليه عقاب ما اجترموا.واحلديث فيه ترغيب عظيم يف األمر باملعروف والنهي عن املنكر الذي هو وظيفة الرسل واملصلحني

يئات كما فيه إنكار شديد وويل عظيم للذين يضلون الناس عن طريق احلق ويزينون هلم اجتراح السأولئك الذين خيرجون على إمجاع املسلمني ويلبسون احلق بالباطل ليضلوا عن سـبيل اهللا ويفرقـوا الكلمة ويشتتوا اجلمع زاعمني أم جمددون باحثون واهللا يعلم أم ما اخلري قصدوا وال الفهم واحلق

)٢١٠:بوي (صوعن الشر منفرا ويف كنف اجلماعة مستظال.األدب الن،فكن للخري داعيا،طلبوا )٢٩٥٨)(١٠٤١:علي بن نايف الشحود (ص -ذيب صحيح مسلم - ١٨

وما سوى ذلك ،بأكل أو لبس أو ادخرته آلخرتك،أي ليس لك من مالك إال ما انتفعت به يف دنياكواجعل اهللا ذخرية ألوالدك.تطريز ،اجعل ما عندك ذخرية لك عند اهللا:فهو لورثتك.قال بعض السلف

)٣٢٥:رياض الصاحلني (ص

Page 21:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢٠

وم وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصـول الدهر وال أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فال أتزوج أبدا، فجاء رسـ

أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أمـا واللـه إنـي «إليهم، فقال: - -الله لي وأرقـد، وأتـزوج لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصـ

١٩»، فمن رغب عن سنتي فليس منيالنساء

[ش أخرجـه - - ١٥٤٦ - ٥٠٦٣) ٥٦٨:األحاديث اليت اتفق عليها البخاري ومسلم (ص - ١٩

(رهط) قيل هم علي بن ١٤٠١مسلم يف النكاح باب استحباب النكاح ملن تاقت نفسه إليه .. رقم أيب طالب وعبد اهللا بن عمرو بن العاص. وعثمان بن مظعون رضي اهللا عنهم. (تقالوهـا) عـدوها

على حسب مقامه وما يعترب ذنبا يف حقه ليس هو من جنس الذنوب حقيقة ولو -(ذنبه) ذنبه قليلة. فعله غريه ال يسمى ذنبا. كفعله خالف األوىل وحنو ذلك. (أبدا) دائما دون انقطاع. (الـدهر) أي أواصل الصيام يوما بعد يوم. (ألخشاكم هللا واتقاكم له) أكثركم خوفا منه واشدكم تقوى. (أرقد)أنام. (رغب عن سنيت) مال عن طريقيت وأعرض عنها. (فليس مين) أي ليس مبسلم إن كان ميله عنها كرها هلا أوعن عدم اعتقاد ا. أن كان غري ذلك فإنه خمالف لطريقيت السهلة السمحة اليت ال تشدد

فيها وال عنت]احلياة ومالذهـا املباحـة وإرضاء النفوس بطيبات،بنيت هذه الشريعة السامية على السماح واليسر

وحرماا من خريات هذه الدنيا.،وكرهها للعنت والشدة واملشقة على الفس،بهمحلهم حب اخلري والرغبة فيه إىل أن يذهبوا فيسألوا عـن - -ولذا فإن نفرا من أصحاب النيب

وذلك مـن ،لوهيف السر الذي ال يطلع عليه غري أزواجه فلما أعلمنهم به اسـتق - -عمل النيب قد غفر اهللا له ما تقدم من ،- -وأين حنن من رسول اهللا :نشاطهم على اخلري وجدهم فيه. فقالوا

غري حمتاج إىل االجتهاد يف العبادة. فعول بعضـهم علـى تـرك -يف ظنهم -ذنبه وما تأخر؟! فهوياةوصمم بعضهم على زهادة يف مالذ احل،ليفرغ للعبادة. وعول بعضهم على ترك أكل اللحم،النساء

وأعرف ،وأشدهم خشية،تهجدا أو عبادة. فبلغت مقالتهم من هو أعظمهم تقوى،أنه سيقوم الليل كلهجريا على عادتـه ،وجعل الوعظ واإلرشاد عاما،ومحد اهللا،منهم باألحوال والشرائع. فخطب الناس

فهو ينـام ،مالذ احلياة املباحة ويتناول،فيعبد اهللا تعاىل،الكرمية. فأخربهم أنه يعطى كل ذي حق حقهوإمنا سلك سبيل ،فليس من أتباعه،فمن رغب عن سنته السامية،ويتزوج النساء،ويصوم ويفطر،ويصلى

).٥٦٦:املبتدعني. تيسري العالم شرح عمدة األحكام (ص

Page 22:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢١

عبادة النيب عليه الصالة والسـالم ومقاديرهـا » ٢«كان الصحابة رضوان اهللا تعاىل عليهم يتحرون

اء أن يكون هلم حظ مقاربته يف الدرجة واملرتلة عند اهللا تعاىل فجاء ثالثة مـنهم إىل أزواجـه رجفلما علموا أا ال تزيد على عبادم وجـدوها قليلـة ،يسألون عن كيفية عبادته يف السر ومقاديرها

ذنوب الرسول بالنسبة إليهم. ال تفي مبا يبغون احلصول عليه من الزلفى ورأوا من وعد اهللا غفران ويف حاجـة إىل ،وأم دونه يف ذلك مبراحل كبرية،ما تقدم منها وما تأخر ما يغنيه عن كثرة العبادة

مداومة الطاعة واإلكثار منها.فرأى أحدهم أن جيـايف جنبـه عـن ،فأخذ كل على نفسه أن يالزم نوعا من العبادة ال ينقطع عنه

ألن السهر ،العبادة فال يعطي نفسه حظها من النوم والراحةاملضاجع ليال ويصرف مجيع لياليه أبدا يف والنوم يدعو إىل الكسل والتراخي ويبلد النفس. ورأى آخـر ،ويرفق الذهن،يف ذكر اهللا يصفي الفكرشهواته ويكسر شره نفسه وينفي مـا » ٢«مجاح » ١«ألن الصيام يكبح ،أن يصوم الدهر وال يفطر

وجيعله يستشعر الرمحة والرأفـة بالضـعفاء والفقـراء ،القهخبث من طباعه ويغسل ما دنس من أخ واملساكني.

ألن ذلك يبعده عن االشتغال بالدنيا ومالذها وينسيه عبادة اهللا ،ورأى آخر أن يعتزل النساء فال يتزوج حيث يشغله أمر معاشه والسعي على أوالده وتربيتهم والنظر يف أمورهم من التفرغ للطاعة.

خطب املسلمني منبها إىل خطأ ما عزم عليه هذا النفر؛ وإىل أن التقرب إىل سول فلما بلغ ذلك الراهللا ال يكون بتحميل النفس فوق طاقتها وإجهادها بالشاق من الطاعات بل إن خري األعمال إىل اهللا

وأم يوشكون أن يوقعوا أنفسهم يف عجز وضعف ال يقوون معهما على أدىن أنواع ،أدومها وإن قلادات فضال عن أعالها فيكونون كاملنبت ال أرضا قطع وال ظهرا أبقى. وخري هلـم أن يترفقـوا العب

يف اإلسالم.» ٣«إذ ال رهبانية ،بأنفسهم ليستدميوا الطاعة ويتمتعوا مبا أحله اهللا هلم من الطيباتا يكره وال إذا رأى شيئا يكرهه وخطب يف شأنه أال يعني فاعله وال يواجهه مب ولقد كان من آدابه

ما بال رجال أو ما بال أقوام ألن املقصود وهو الزجر عما :يسميه بامسه على رؤوس املأل. بل يقولوهذا من ،اعتزموا عليه حيصل هلم ولغريهم ممن مسع اخلطبة أو بلغه أمرها بدون االلتجاء إىل توبيخهم

وإنك لعلى خلـق :ال تعاىلولقد ق،مكارم أخالقه عليه الصالة والسالم وحسن آدابه ومجيل عشرته » .أدبين ريب فأحسن تأدييب«وقال عليه الصالة والسالم ،» ١«عظيم

السمحة ال تدعو إىل الرهبانية وحرمان النفس ممـا أحلـه » ٢«ويف احلديث إشارة إىل أن احلنيفية القيـام. ويف التـزوج ويف النوم ليتقوى على،ولكن ترغب يف اإلفطار ليقوى املؤمن على الصيام،اهللا

ليكسر شهوة نفسه ويعفها ويكثر النسل.

Page 23:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢٢

قد يئس الشيطان بأن يعبد بأرضكمخطب الناس في حجة الـوداع، عن ابن عباس، أن رسول الله - ١٤-

ن يطاع فيما سوى قد يئس الشيطان بأن يعبد بأرضكم ولكنه رضي أ«فقال: ذلك مما تحاقرون من أعمالكم، فاحذروا يا أيها الناس إني قد تركت فـيكم

لم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه ، إن كل مسـ

فإن كان لنوع من التأويل والفهم ال يعـد ذلـك خروجـا عـن امللـة وال ،ومن رغب عن ذلك

يفضي إىل اعتقاد » ٣«ويكون معىن (فليس مين) أي ليس من طريقيت وإن كان إعراضا وتنطعا ،كفراوإن كـان ،) فليس على مليت ألن اعتقاد ذلك كفرصواب ما عمل ورجحانه كأن معىن (فليس مين

تورعا لشبهة يف ذلك مل يكن ممنوعا وال مكروها. ويؤخذ من هذا احلديث سوى ما تقدم: التنبيه على فضل النكاح والترغيب فيه. -١ وعدم الغلو يف اإلنقطاع عن املالذ وما أحله الشرع. -٢ل من األطعمة الطيبة واملالبس اللينة وآثر عليها غليظ فيه رد على منع استعمال املباحات واحلال -٣

الطعام وخشن الثياب من الصوف وغريه قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق » .٥«ال تحرموا طيبات ما أحل الله لكم وال تعتدوا ،» ٤«

وال يؤمن ،» ٦«فإن مالزمة الطيبات تقضي إىل الترفه والبطر ،والقصد يف مجيع األمور،العدل:واحلقومالزمـة ،كما أن منع النفس من تناوهلا يؤدي إىل التنطع املنهي عنه،معها من الوقوع يف الشبهات

ورمبا يؤدي ،لعبادةاالقتصاد على الفرائض مثال وترك النفل يفضي إىل إيثار البطالة وعدم النشاط إىل ا إىل التكاسل عن الفرائض.

ومرة الـربدة ،فلبس مرة الصوف والشملة اخلشـنة،باألمرين وشارك يف الوجهني وقد أخذ النيب ومرة كان يأكل الدجاج.،وتارة كان يأكل القثاء بالرطب وطيب الطعام إذا وجده،والرداء احلضرمي

العلم لكل أحد حىت النساء إذا تعذر أخذه مـن يؤخذ من احلديث أيضا مشروعية التوصل إىل -٤ أصل حمله.

وإزالة الشبهة عن املجتهدين.،وعلى تقدمي احلمد والثناء على اهللا عند إلقاء مسائل العلم -٥وهذا من أهم األمور اليت تركت ونشأ عن تركها ،احلث على متابعة السنة والتحذير من خمالفتها -٦

)٢٣٢:ا.األدب النبوي (صمفاسد عظيمة يف الدين والدني

Page 24:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢٣

لم، المسلمون إخوة، ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه عـن أخ مسطيب نفس، ولا تظلموا، ولا ترجعوا من بعدي كفارا يضرب بعضكم رقـاب

٢٠» . "بعض:" إن الشيطان قـد يـئس أن - -اهللا وعن ابن مسعود قال: قال رسول

تعبد الأصنام بأرض العرب، ولكن سيرضى منكم بدون ذلك، بـالمحقرات يجـيء وهي الموبقات يوم القيامة، فاتقوا المظالم ما استطعتم، فإن العبـد

بالحسنات يوم القيامة وهو يرى أن ستنجيه، فما زال عبد يقوم يقول: يا رب ظلمني عبدك فلان بمظلمة قال: فيقول: امحوا من حسناته، قال: فيقول: فما

بقى معه حسنة من الذنوب، وإن مثل ذلك كسفر نزلوا زال كذلك حتى لا يبفلاة من الأرض، ليس معهم حطب، فتفرق القوم ليحتطبوا، فلـم يلبثـوا أن

٢١ب "احتطبوا وأنضجوا ما أرادوا قال: وكذلك الذنو كل أميت يدخلون اجلنة إال من أىب

كل أمتي يدخلون اجلنة إلا «، قال: عن أبي هريرة أن رسول الله - ١٥-من أطاعني دخـل اجلنـة، «، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: »من أبى

٢٢»ني فقد أبىومن عصا

)صحيح لغريه٣١٨)(١٧١/ ١املستدرك على الصحيحني للحاكم ( - ٢٠ ) حسن٧٠٦٧و ٦٨٧٧) (٤٠٤/ ٩) وشعب اإلميان (٨٤٠) (٣٣٨:اآلداب للبيهقي (ص - ٢١

ى حتى يعذب بذنوبه ما شاء اللهوهذا وأمثاله لن تدركه رحمة الله تعال:قال الشيخ أحمد رحمه الله )[ ش (أىب) امتنع عن قبول الدعوة أو عن امتثال األمر] ٧٢٨٠)(٩٢/ ٩صحيح البخاري ( - ٢٢

وذلك أن ،فمن أىب الطاعة يأىب دخول اجلنة،وذلك إمنا هو أن يأىب الطاعة،(من أىب) دخول اجلنة:قولهفالدنيا هي عند أهـل ،دخول اجلنة يف اآلخرة من طريق إليهاأن :يعين،:أىب- -قول رسول اهللا

فإن الطريق إىل اجلنة يف اآلخرة إمنـا هـي عبـادة اهللا يف ،العقل والنظر الصحيح جنة تنقل إىل جنةكالصدق والرب؛ اللذين يكسبان ،بأنواع العبادات اليت هي كلها حقائق األمن وعروش الطمأنينة،الدنيا

Page 25:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢٤

وإتيان املعروف الذي تسكن ،واألمكنة اليت يقع ا عن اخللق الطمأنينة،ؤكد األلفةاملودة والصلة اليت ت

وهذا من الذي يستشري السر من كل ذي لب.،إليه كل نفسوحفظ األخ ،والوفـاء بالعهـد،والصدق يف القول،وإكرام الضيف،والعفو عن املذنب وحقه اجلاد

واستعمال مكارم األخالق من اجلود والشجاعة ،ةوالطهارة والنظاف،وجمانبة اهلجر من الكالم،بالغيبوغري ذلك من مكارم األخالق اليت تفوقها على كثرا كلها أداء فرائض اهللا سبحانه اليت ا ،والعفة

ومعاداة أعداء ،وإخالص اإلميان له يف الصوم واحلج،وانقطاعه عن اخللق إليه،يشرف العبد يف عبادة ربهإذا نظر بعني احلقيقـة رأى ،فإن ذلك مما كله،واستسهال املوت يف سبيله،وبذل النفس له،اهللا سبحانه

فمن أىب ذلك فقد أىب اجلنة العاجلة واجلنة اآلجلة.،تنقل إىل حببوحة اجلنة،أنه رياض جناتيف موسـم متجـر ،ودار رحلة،والناظرين إىل أا يف زمان مهلة،فإا للمؤمنني بثواا:*فأما العبادات

رأى أنه يف مثل ،فإن كال منها إذا نظره املؤمن ذه العني،اليقني بسرعة االنتقال عنه وذمته مع،يتجركما أن أحد جتار الدنيا إذا ورد يف بعض أسـفاره علـى ،إذا كان إنفاقه حياته يف التزود للجنة،اجلنة

إليه. معدن يرى نفاسته يف أرضه إذا محله فتزود من ذلك املعدن ما يأمل نفاقه يف بلده إذا عادفإنه يستلذ ،فإنه كلما ازداد يف االستكثار من التزود من ذلك املتاع ألمله يف رحبه عند العودة إىل مقره

وعنـد ،وأي جنات للـراكعني فيها،ويستطيب ذلك النصب؛ فالصلوات رياض جنات،ذلك التعبورهم عـن وأال يلتفتـوا بصـ،قد شرع هلم قطع كالم اخللـق،تالوم كالم رم قياما بني يديه

إشارة بذلك أال يلتفتوا بصور باطنهم عن مناجاته أيضا خاال هي.،معبودهمواستمتاع كالمه ومناجاتـه بأذكـاره ،وهي اخللوة عن اخللق بالرب سبحانه،* أما أماين أهل اجلنة

واخلضوع له يف طهارة ونظافة أثواب.،والتذلل بني يديهوصرب عما تؤثره النفس من املطعم واملشـرب ،يف الباطن فإنه ألهله من حيث إميان باهللا،*وأما الصوم

فإن املؤمن إذا رأي نفسه يف ذلك سره وأفرط حىت يكون من تلذذه ،والنكاح غيبا بني العبد وبني ربه به أنه جيد لذة عند تزايد املشقة؛ فكأنه يف جنة تنقل إىل جنة.

وملتقى ،جعله جمتمـع أذكـار األنبيـاءالذي ،فإن املؤمن إذا ض قاصدا إىل بيت ربه،*وأما احلجويركب من األخطار يف طريقة ما إذا نظر املؤمن إىل أن كل ،وإنه يهجر يف قصده أهله ووطنه،األولياء

فيمحض فيه اإلميان وخيلص فيه ،بعيدا عن شهوات النفوس،شيء إذا تأمله فرآه خارجا عن األغراضكل عمل مشوب مبشاركة املنافع الدنيوية فوجد جنة من القصد ليستلذ به املؤمن التذاذا ال جيده يف

لذته يف إخالصه لربه من حجه وقصده جماال هي عند من ذاقها من املـؤمنني علـى حنـو ريـاض مث إنه بعد انقضائها عنه كلما ذكرها يلتذ ـا فكلمـا كانـت ،فيجد اإلنسان لذا يف وقتها،اجلنة

ا ألذ.كان ذكره هلا بعد انقضائه،مكابدا أشق

Page 26:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢٥

ما يتكم عنه فاجتنبوهعيد بـن - ١٦- عن ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسـ

مـا «يقول: المسيب، قالا: كان أبو هريرة يحدث، أنه سمع رسول اهللا ، فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم، فإنمـا أهلـك نهيتكم عنه

٢٣»الذين من قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم *وأما اجلهاد فإن من املؤمنني من لو مل يشرع اهللا سبحانه اجلهاد؛ الذي يربهن على اإلميـان مبقـر

ويقاتل ،فيعادي املـؤمن فيـه،ويهون يف عبادته قطع الرؤوس،والتصديق برب تبذل له النفوس،آخرمد رسول اهللا لكـان وحيارب من جرائه حاال يفضح الشبه ألحوال فيها نداء بال إله إال اهللا حم،ألجله

كيف ال جيد ما يظهر فيه دالئل تعلقه باآلخرة ،فانقضت نفسه حسرة،من املؤمنني من رمبا مات كمدافـوزا ،فرأى املؤمنون منا من اهللا هلم،وهو ... لكن اهللا سبحانه من على عباده أن شرع هلم اجلهاد

فلذلك رياض جنة.،عجله له عليهم:اآلجلة املوجـودة - -يعين ،:ومن أىب الطاعة فقد أىب اجلنة- -فهذا معىن قول رسول اهللا

وقد بينا خصال الطاعات والعبادات املؤدية إىل اجلنة املذكورة قد يسلك قاصدوه يف ،املعدة املوعودةاألفعال املذكورة سلوكا يتبدهلم كالتذاذهم باجلنة؛ فكأنه من أىب الطاعة فقد فاتته اجلنـة اآلجلـة

)٣١٠/ ٧العاجلة مجيعا.اإلفصاح عن معاين الصحاح (احلقيقية ووأن كلهم يدخلون اجلنة إال مـن عصـى اهللا ،أعظم بشارة للطائعني من هذه األمة:يف هذا احلديث

قال اهللا تعاىل {فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هـي ،ورسوله واتبع شهواته وهواهلنازعات المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى} ... [ا

)١٢٩:(ص ) ] .تطريز رياض الصاحلني٣٧:٤١( م)٢٣٥٧)(٨٤١:علي بن نايف الشحود (ص -ذيب صحيح مسلم - ٢٣

{يا أيها الذين آمنوا ال تسألوا :هي اليت ى اهللا عنها يف قوله:عنها - -هذه األسئلة اليت ى النيب أو مـن ،اء من أمور الغيـب]. وهي األسئلة عن أشي١٠١عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [املائدة:

فلم حيرمها ومل يوجبها. فيسأل السائل عنها وقت نزول الوحي والتشريع. ،األمور اليت عفا اهللا عنها"أعظم املسلمني :- -فرمبا وجبت بسبب السؤال. ورمبا حرمت كذلك. فيدخل السائل يف قوله

).٢فحرم من أجل مسألته" (،من سأل عن شيء مل حيرم:جرماوينهى أيضا عن أن يسأل عن األمور الطفيفة غري ،ينهى العبد عن سؤال التعنت واألغلوطات وكذلك

املهمة. ويدع السؤال عن األمور املهمة. فهذه األسئلة وما أشبهها هي اليت ى الشارع عنها.

Page 27:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢٦

ا فهي مم،عبادات أو معامالت،وأما السؤال على وجه االسترشاد عن املسائل الدينية من أصول وفروع

{فاسألوا :قال تعاىل،وإدراك احلقائق،ومما حث عليها، وهي الوسيلة لتعلم العلوم،أمر اهللا ا ورسوله{واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا :]. وقال٧أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون} [األنبياء:

"من يرد اهللا :- -] إىل غريها من اآليات. وقال ٤٥آلهة يعبدون} [الزخرف:من دون الرحمن "أال :وقال،). وذلك بسلوك طريق التفقه يف الدين دراسة وتعلما وسؤاال١به خريا يفقهه يف الدين" (

).٢سألوا إذ مل يعلموا؟ فإمنا شفاء العي السؤال" ({وأمـا :وعدم التضجر منه. وقال يف سورة الضـحى،ائه مطلوبهوإعط،وقد أمر اهللا بالرفق بالسائل

من مـال ،السائل فال تنهر} فهذا يشمل السائل عن العلوم النافعة والسائل ملا حيتاجه من أمور الدنيا وغريه.

السؤال عن كيفية صفات الباري؛ فإن األمر يف الصفات كلها كما قال :ومما يدخل يف هذا احلديث"االستواء معلوم. والكيـف جمهـول. :ام مالك ملن سأله عن كيفية االستواء على العرش؟ فقالاإلم

).٣واإلميان به واجب. والسؤال عنه بدعة" (فكما أن ذات اهللا تعـاىل ال تشـبهها :قيل له،أو كيفية خلقه وتدبريه،فمن سأل عن كيفية علم اهللا

من صفاته وأفعاله. ،ويعرفون ما تعرف هلم به،اهللافاخللق يعرفون ،فصفاته ال تشبهها الصفات،الذوات وأما كيفية ذلك فال يعلم تأويله إال اهللا.

يف هذا احلديث أصلني عظيمني: - -مث ذكر مـن األقـوال - -"فإذا يتكم عنه فاجتنبوه" فكل ما ى عنه النـيب :- -قوله :أحدمها

امتثاال وطاعة هللا ورسوله. والكف عنه؛،وجب تركه:واألفعال الظاهرة والباطنةفكل أحد يقـدر ،وهو مقدور لكل أحد،ما استطعتم ألن النهي طلب كف النفس:ومل يقل يف النهي

على ترك مجيع ما ى اهللا عنه ورسوله. ومل يضطر العباد إىل شيء من املحرمات املطلقة؛ فإن احلالل ام.ومجيع تصرف،يسع مجيع اخللق يف عبادام ومعامالم،واسع

فإنه يف هذه احلالة امللجئة إليه قد صار من جنس احلالل؛ ،وأما إباحة امليتة والدم وحلم اخلرتير للمضطرفتصريها الضرورة مباحة؛ ألنه تعاىل إمنا حرم املحرمات حفظا ،)٤فإن الضرورات تبيح املحظورات (

وهـو بقـاء -مصلحة أعظم ومصلحة هلم فإذا قاوم ذلك ،وصيانة هلم عن الشرور واملفاسد،لعباده قدمت هذه على تلك رمحة من اهللا وإحسانا. -النفس

فإن اهللا تعاىل يشفي املبتلـى ،فإن الدواء ال يدخل يف باب الضرورات،وليست األدوية من هذا البابفإنه ال حيل التداوي ،ال تتعني يف الدواء. وإن كان الدواء يغلب على الظن الشفاء به،بأسباب متنوعة

Page 28:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢٧

فإنه يتيقن ،خبالف املضطر إىل أكل امليتة،وأصناف املحرمات،كاخلمر وألبان احلمر األهلية،رماتباملح

أنه إذا مل يأكل منها ميوت.دل عليه أيضا ،"وإذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم" وهذا أصل كبري:- -قوله :األصل الثاين

]. فأوامر الشريعة كلها معلقـة بقـدرة العبـد ١٦ا الله ما استطعتم} [التغابن:{فاتقو:قوله تعاىل-سقط عنه وجوبه. وإذا قدر على بعضه :فإذا مل يقدر على واجب من الواجبات بالكلية،واستطاعته

وسقط عنه ما يعجز عنه.،وجب ما يقدر عليه منه -وذلك البعض عبادةفإن مل يستطع ،واألحكام ما ال يعد وال حيصى، فيصلي املريض قائماويدخل يف هذا من مسائل الفقه

فإن مل يستطع صلى على جنبه. فإن مل يستطع اإلمياء برأسه أومأ بطرفه. ويصوم العبد ما ،صلى قاعداأطعم عنه كل يوم مسكني. وإن كان مرضا يرجى ،دام قادرا عليه. فإن أعجزه مرض ال يرجى زواله

ضى عدته من أيام أخر.وق،أفطر:زوالهسقط عنه ما عجز :أو توقي النجاسة،أو عن االستقبال،من عجز عن سترة الصالة الواجبة،ومن ذلك

وشروط الطهارة.،عنه. وكذلك بقية شروط الصالة وأركاا عدل إىل طهارة التيمم.:أو بعضها،أو للضرر يف مجيع الطهارة،ومن تعذرت عليه الطهارة باملاء للعدم

إذا كان قادرا على ذلك مباله.،عليه أن يستنيب من حيج عنه،عضوب يف احلجوامل مث بالقلب.،مث باللسان،جيب على من قدر عليه باليد،واألمر باملعروف والنهي عن املنكر

أو تشق عليهم مشقة ،وليس على األعمى واألعرج واملريض حرج يف ترك العبادات اليت يعجزون عنها غري حمتملة.

فاألقرب مث األقـرب. ،فالوالدين،فالولد،فرفيقه،بدأ بزوجته:وعجز عن مجيعها،ه نفقة واجبةومن علي وكذلك الفطرة.

وجب عليه ،وعجز عن باقيه،إذا قدر على بعضه،وهكذا مجيع ما أمر به العبد أمر إجياب أو استحباب وسقط عنه ما عجز عنه. وكلها داخلة يف هذا احلديث.،ما يقدر عليهومن أحق ا؟ رجعنا إىل ،ملن هي:عة هلا دخول يف هذا األصل؛ ألن األمور إذا اشتبهتومسائل القر

وعدل إىل القرعة اليت هي ،سقط هذا الواجب للعجز عنه،املرجحات. فإن تعذر الترجيح من كل وجه غاية ما ميكن. وهي مسائل كثرية معروفة يف كتب الفقه.

ت هذا األصل؛ فإن كل والية جيب فيهـا توليـة تدخل حت -صغارها وكبارها-والواليات كلها وجب فيهـا توليـة األمثـل ،املتصف باألوصاف اليت حيصل ا مقصود الوالية. فإن تعذرت كلها

فاألمثل.

Page 29:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢٨

نياإذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الد قال: " إذا رأيت الله عـز وجـل عن عقبة بن عامر عن النبي - ١٧-

يعطي العبد من الدنيا، على معاصيه ما يحب فإنه استدراج ثم تلا قول الله عز كروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا وجل: {فلما نسوا ما ذ

٢٤] "٤٤بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} [األنعام:

فإنه يستدل عليها باآليات واألحاديث اليت ،وكما يستدل على هذا األصل بتلك اآلية وذلك احلديثعها} :كقولـه تعـاىل،نفى اهللا ورسوله فيها احلرج عـن األمة ا إال وسـ {ال يكلـف اهللا نفسـ

سا {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ال يكلف الله نف،]٢٨٦[البقرة:{ما يريد اهللا ليجعل ،]٧٨ي الدين من حرج} [احلج:{وما جعل عليكم ف،]٧إال ما آتاها} [الطالق

{يريد اهللا ،]١٨٥{يريد اهللا بكم اليسر وال يريد بكم العسر} [البقرة:،]٦عليكم من حرج} [املائدة: ].٢٨أن يخفف عنكم} [النساء:مع ما يستدل على هذا ،دات وغريها جبميع أنواعها داخلة يف هذا األصلفالتخفيفات الشرعية يف العبا

واللطف والكرم ،والرمحة الواسعة،كاحلمد واحلكمة،مبا هللا تعاىل من األمساء والصفات املقتضية لذلكواالمتنان. فإن آثار هذه األمساء اجلليلة اجلميلة كما هي سـابغة وافـرة واسـعة يف املخلوقـات

بل أعظم؛ ألا هي الغاية يف اخللق. وهـي الوسـيلة العظمـى ،كذلك يف الشرائع فهي،والتدبريات للسعادة األبدية.

فاهللا تعاىل خلق املكلفني ليقوموا بعبوديته. وجعل عبوديته والقيام بشرعه طريقـا إىل نيـل رضـاه عل عليكم من حـرج {ما يريد اهللا ليج -بعد ما شرع الطهارة بأنواعها-وكرامته. كما قال تعاىل

]. فظهرت آثار رمحته ونعمته ٦ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} [املائدة:وأوفر الشكر والثناء ،كما ظهرت يف املوجودات. فله تعاىل أمت احلمد وأعاله،يف الشرعيات واملباحات

وغاية احلب والتعظيم ومنتهاه. وباهللا التوفيق.جة قلوب األبرار وقرة عيون األخيار يف شرح ،وأغاله )٩٨:جوامع األخبار (ص

/ ٤خمرجـا ( -األصـيل ،) وتفسـري ابـن أيب حامت ٦٣)(١٤:الزهد ألمحد بن حنبل (ص - ٢٤) واآلداب للبيهقــي ١٧٣١١)(٥٤٧/ ٢٨) ومســند أمحــد خمرجــا (٧٢٨٨)(١٢٩٠

) صحيح٨١٩)(٣٣٠:(صمع وجود فعله إياها (" ما يحب :" إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ") أي

بحانه. قـال مكر:ذلك الإعطاء (" استدراج ") أي:من أسبابها (" فإنما هو ") أي:") أي منه سـ

Page 30:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٢٩

ال يؤمن أحدكم حىت يكون هواه تبعا ملا جئت بهأنه قال : " لا - -، عن النبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص -١٨-

٢٥يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به "

الاستدراج هو :] قال الطيبي رحمه الله١٨٢:{سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} [األعراف:تعالى

ومعنى استدراج ،قائه ونزولهكالمراقي والمنازل في ارت،والذهاب فيه درجة فدرجة،الأخذ في الشيءوذلك ،ويضاعف عقباهم من حيث لا يعلمون ما يراد بهم،الله استدراجهم قليلا قليلا إلى ما يهلكهم

فكلما جدد عليهم نعمه ازدادوا بطـرا وجـددوا ،الغي أن تواتر الله نعمه عليهم مع انهماكهم فيظانني أن متـواترة الـنعم أثـرة مـن اللـه ،فيتدرجون في المعاصي بسبب ترادف النعم،معصية

استشهادا أو اعتضادا {فلما نسوا} :) أي(ثم تلا رسول الله ،ه وتبعيدوإنما هي خذلان من،وتقريب{مـا ذكـروا بـه} :وهو المعني بقوله،أو تركوا أمره ونهيه،عهده سبحانه:] أي١٦٥:[األعراف

من :] أي٤٤:تحنا بالتخفيف ويشدد {عليهم أبواب كل شيء} [األنعاموعظوا ف:] أي٤٤:[األنعام] ٤٤:أسباب النعم التي في الحقيقة من موجبات النقم {حتى إذا فرحوا بمـا أوتـوا} [األنعـام

فجـأة :] أي٤٤:وصحة البدن وطول العمر {أخذناهم بغتة} [األنعامأعطوا من المال والجاه :أيون} [األنعـام،بالموت أو العذاب واجمـون :] أي٤٤:فإنه أشد في تلك الحالة {فإذا هم مبلسـ

)٣٢٥٧/ ٨يسون. مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح (ساكتون متحسرون متحيرون آ ) حسن ١٤) والسنة لابن أبي عاصم( ٨الأربعون للفسوي ( - ٢٥

ويعمل به ويكره ما - -يفيدنا هذا احلديث أن كل إنسان ال يؤمن حىت حيب ما جاء به الرسول - -من األعمال حىت يعرضه على الكتاب وسنة رسوله ى عنه وجيتنبه.وأنه ال يعمل أي عمل

فإن وافق الكتاب والسنة فعله وإن كان فيهما ما ينهى عنه أو ينفيه اجتنبه وأعرض عنه وهـذا هـو {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهـاكم عنـه - -حقيقة من كان هواه تبعا ملا جاء به حممد

].٧[احلشر:فانتهوا} ما يرشد إليه احلديث:

.- -) جيب على كل مكلف أن يكون هواه تابعا ملا جاء به حممد ١( فهو إما ناقص اإلميان أو خارج عنه. - -) إن من مل يكن هواه تابعا ملا جاء به حممد ٢( ومن الزم حمبته اتباعه فيما أمر واجتناب ما ى عنه. - -) وجوب حمبة الرسول ٣( ) دل احلديث على أن من جعل هواه يتبع دين اهللا وشرعه فقد استكمل اإلميان.٤( ) دل على أن اهلوى حيتاج إىل جماهدة حىت يتبع شرع اهللا ففيه تربية على٥(

Page 31:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣٠

قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنعه اهللا بما آتاه قـد «، قـال: رسول اهللا عن عبد اهللا بن عمرو بن العاص، أن - ١٩-

٢٦ »أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنعه اهللا بما آتاه

) طاعة اهلوى تصرف عن دين اهللا.٦(وأما املنافق ،وأما ناقص اإلميان يقدم طاعة اهلوى أحيانا،) املؤمن جيعل هواه على حسب الشريعة٧(

والكافر فيحرف الشريعة على حسب هواه ورغبته. ) احلديث يريب املسلم على حماسبة نفسه وهواه هل هي تتبع الشرع أم ال؟٨(ألنه إن مل يكن تبع الشرع فإنه ينقص اإلميان وقد يزيـد الـنقص إىل ،) يدل على خطورة اهلوى٩(

درجة خطرية جدا. سواء وافق هواه أم ال؟ ) املسلم مستسلم ألمر اهللا١٠( .- -وهذا معىن أن جيعل هواه تبعا ملا جاء به النيب ،ويعظم نواهيه،) املؤمن حيب اهللا وأوامره١١( لكن يبحث عن طاعة اهللا مث يفعلها.،) يدل احلديث على أن املؤمن ال يبحث عما يشتهي هواه١٢(وألجل ذلك حيتـاج إىل ،مرادها ومبتغاهاألن اهلوى هو أمل النفس و،) يريب النفس على ا؟اهدة١٣(

جهد وجماهدة وإميان حىت يكون تبعا للشرع.فاملؤمن يبحث عن الدليل فإن صـح ،) يريب املسلم على طلب الشرع والدليل ولو خالف هواه١٤(

عمل فيه ولو كانت نفسه وهواه ينازعه ألنه جعل هواه تبعا لدين اهللا. واحلث عليها.) احلديث أصل يف باب التوبة ١٥( ) يريب املسلم على إحسان الظن بربه سبحانه وتعاىل ألن اهللا عند ظن عبده به.١٦( ) فيه لطف اهللا سبحانه وتعاىل يف مناداته لعبده وقربة منه.١٧( ) فيه بيان سعة رمحة اهللا وعظيم مغفرته.١٨( ) يريب جانب الرجاء يف قلب املؤمن.١٩( ب اإلنسان لربه مبا يف ذلك الشرك.) اهللا يغفر كل شيء إذا تا٢٠() يدل على أن اهللا سبحانه وتعاىل إذا أعطى عبده املؤمن وغفر له ال ينقص ذلك مما عنده لقوله " ٢١(

)١٣٨:علي بن نايف الشحود (ص -وال أبايل ".اخلالصة يف شرح األربعني النووية ) ١٠٥٤)(٣٤٤:علي بن نايف الشحود (ص -ذيب صحيح مسلم - ٢٦

(كفافا) قال يف النهاية الكفاف هو الذي ال يفضل عن الشيء ويكون بقدر احلاجة إليه وهـو [ش نصب على احلال]

Page 32:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣١

اللهم اجعـل رزق آل محمـد : « وعن أبي هريرة، قال: قال رسول اهللا ٢٧»قوتا

بالفالح ملن مجع هذه اخلالل الثالث. - -حكم

و"الفالح" اسم جامع حلصول كل مطلوب حمبوب، والسالمة من كل خموف مهوب.فإن العبد إذا هدي لإلسالم الذي هو دين اهللا، الذي وذلك أن هذه الثالث مجعت خري الدين والدنيا،

ال يقبل دينا سواه، وهو مدار الفوز بالثواب والنجاة من العقاب، وحصل له الرزق الـذي يكفيـه حصل له الرضى مبا أويت :ويكف وجهه عن سؤال اخللق، مث متم اهللا عليه النعمة، بأن قنعه مبا آتاه، أي

فقد حصل له حسنة الدنيا واآلخرة.:تطمح نفسه ملا وراء ذلكمن الرزق والكفاف، ومل فهذا مهما كانت حالـه، :إما أن ال يهدى لإلسالم:فإن النقص بفوات هذه األمور الثالثة أو أحدها

إمـا بفقـر ينسـي، أو غـىن :فإن عاقبته الشقاوة األبدية، وإما بأن يهدي لإلسالم، ولكنه يبتلىص كبري، وإما بأن حيصل له الرزق الكايف موسعا أو مقدرا، ولكنه ال يقنع وكالمها ضرر ونق:يطغي

فهذا فقري القلب والنفس.:برزق اهللا، وال يطمئن قلبه مبا آتاه اهللافكم مـن صـاحب ثـروة وقلبـه فقـري ،فإنه ليس الغىن عن كثرة العرض، إنما الغىن غىن القلب

قانع برزق اهللا.،اضوقلبه غين ر،وكم من فقري ذات اليد،متحسروبني فقر القلـب وحسـرته ،فاحلازم إذا ضاقت عليه الدنيا مل جيمع على نفسه بني ضيقها وفقرها

وسكونه وطمأنينته. واهللا أعلم.جة قلوب ،بل كما يسعى لتحصيل الرزق فليسع لراحة القلب،وحزنه )٩٠:األبرار وقرة عيون األخيار يف شرح جوامع األخبار (ص

[ش (قوتا) قال أهل اللغة ) ١٠٥٥)(٣٤٤:علي بن نايف الشحود (ص -صحيح مسلمذيب - ٢٧ والعربية القوت ما يسد الرمق]

أخرب أن من الرزق ما يكون بلغـة وال يعـوز وال - -يف هذا احلديث من الفقه أن رسول اهللا حتصيله وعلى يفضل؛ ألن الكفاف ما كان مبلغا املحل غري قاصر فيشغل بفضول أو معوز فيشغل يف

فإنه ال حيصل لكرب إنكـار ،أن هذا الدعاء هو الكفاف احلاصل مل يكون من الرزق لسائر أهل الدنياسوى قوته؛ وللذي يتقي الفنت من الدنيا وقد قاسى شيء مما قدر له عن كفاية فثبت أن الفاضل عن

وقد أجاد أبو الطيب حني يقول:،القوت فيه إشغال وحاجته .... ما فاته وفضول العيش إشغال ذكر الفىت عمره الثاين

وال حيسدهم أهل الدنيا ،فال يطغون باإلكثار،دعا آلله أن يكون رزقهم قوتا - -أنه :وفيه أيضا / ٧وإذا رآهم الغين استحيا.اإلفصاح عن معاين الصحاح (،إذا رآهم الفقري استعمل الرضا،يف أرزاقهم

١٥٧(

Page 33:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣٢

عهاألجر مثل أجور من تب من دعا إىل هدى كان له منمن دعا إلى هدى، كان له «، قال: عن أبي هريرة، أن رسول اهللا - ٢٠-

من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ثام من تبعه، لا ينقص ذلـك مـن آثـامهم ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آ

٢٨»شيئا فاتقوا فتنة الدنيا، وفتنة النساء

إن الـدنيا حلـوة «أنه قال: عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - ٢١-فكم فيها، فينظر كيف تعملون؟ فاتقوا فتنة الـدنيا، خضرة، وإن الله مستخل

٢٩"». وفتنة النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء

)٢٦٧٤)(٩٤٥:نايف الشحود (ص علي بن -ذيب صحيح مسلم - ٢٨أن الداعي إىل اهلدى له من األجر والثواب مثل من اتبعه مع استيفاء التابعني أجورهم بين الرسول

كاملة وأن الداعي إىل الضاللة كعقيدة فاسدة وجرمية منكرة وخلق مرذول عليه من اإلمث مثل آثام من ذلك أن املرشد إىل اخلري كانت كلمته سببا يف وجـود اتبعه مع استيفائهم آثامهم كاملة والسبب يف

هذا اخلري يف املجتمع اإلنساين من هؤالء التابعني فما فعلوه من الطيبات كأنه هو الذي فعلـه فلـه جزاؤه موفورا. وكذلك داعي الضاللة كأنه الذي ارتكب جرائم تابعيه فعليه عقاب ما اجترموا.

باملعروف والنهي عن املنكر الذي هو وظيفة الرسل واملصلحني واحلديث فيه ترغيب عظيم يف األمر كما فيه إنكار شديد وويل عظيم للذين يضلون الناس عن طريق احلق ويزينون هلم اجتراح السيئات أولئك الذين خيرجون على إمجاع املسلمني ويلبسون احلق بالباطل ليضلوا عن سـبيل اهللا ويفرقـوا

أم جمددون باحثون واهللا يعلم أم ما اخلري قصدوا وال الفهم واحلق الكلمة ويشتتوا اجلمع زاعمني )٢١٠:وعن الشر منفرا ويف كنف اجلماعة مستظال.األدب النبوي (ص،فكن للخري داعيا،طلبوا

) صحيح٤٠٢٧) (١٥/ ٣مستخرج أيب عوانة ( - ٢٩وق الناظرين والذائقني. يف هذا احلديث حبال الدنيا وما هي عليه من الوصف الذي ير - -أخرب

اليت تقي من الوقوع يف فتنتها.فإخباره ،مث أخرب أن اهللا جعلها حمنة وابتالء للعباد. مث أمر بفعل األسبابولـذاا ،بأا حلوة خضرة يعم أوصافها اليت هـي عليهـا. فهـي حلـوة يف مـذاقها وطعمها

ن للناس حب الشهوات من النساء {زي:كما قال تعاىل،خضرة يف رونقها وحسنها الظاهر،وشهوااومة واألنعـام والحـرث} ة والخيـل المسـ [آل والبنني والقناطري المقنطرة من الذهب والفضـ

Page 34:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣٣

لا يتمنني أحدكم املوت لضرر أصابه

ن عمـال} {إنا جعلنا ما على األرض زينة لها لن:]. وقال تعاىل١٤عمران: بلـوهم أيهـم أحسـ

واسـتخلف ،جعلها اهللا ابتالء منه وامتحانا،واملناظر البهيجة،]. فهذه اللذات املنوعة فيها٧[الكهف: فيها العباد لينظر كيف يعملون؟

كانت زادا،واستعان ا على ما خلق له من القيام بعبودية اهللا،ووضعها يف حقها،فمن تناوهلا من حلها ومتت له السعادة الدنيوية واألخروية.،له وراحلة إىل دار أشرف منها وأبقى

مل يؤت منها إال ما كتب له. وكان مآله بعـد ذلـك إىل ،وغاية علمه ومراده،ومن جعلها أكرب مهه ومل يهنأ بلذاا وال شهواا إال مدة قليلة. فكانت لذاته قليلة. وأحزانه طويلة.،الشقاء

النساء؛ فإن فتنـتهن :ذاا فيه هذه الفتنة واالختبار. ولكن أبلغ ما يكون وأشد فتنةوكل نوع من لكما صاد ن من معـاىف ،والوقوع فيها خطري وضررها كبري؛ فإن مصائد الشيطان وحبائله،عظيمة

والذنب ذنبه فإنه الذي مل حيتـرز مـن هـذه ،قد عز عليه اخلالص،رهني ذنبه،فأصبح أسري شهوتهلنجـا ،واستعان باعتصامه باملوىل،وال تعرض للبالء،ومل يدخل مداخل التهم،وإال فلو حترز منها،يةالبل

وخلص من هذه املحنة.،من هذه الفتنةيف هذا احلديث منها على اخلصوص. وأخرب مبا جرت على من قبلنا مـن - -وهلذا حذر النيب

. واهللا أعلم.جة قلوب األبرار وقـرة عيـون وموعظة للمتقني،األمم؛ فإن يف ذلك عربة للمعتربين )٩٥:األخيار يف شرح جوامع األخبار (ص

ة ،و دار عبور ال دار سرور،فالدنيا دار سفر ال دار إقامة ودار ممر ال دار مقر وأنت يف الدنيا عرضـب اآلفـات وخليفـة األسقام ورهينة األيام وأسري المنايا وقرين الرزايا وصر هوات ونصـ يع الشـ

وغري طـامع يف ،وهو على ثقة مـن فنائهـا،وال يسر ا أريب،ال حيرص على الدنيا لبيب،األموات فكيف تنام عني من خيشى البيات وكيف تسكن نفس من توقع يف مجيع أموره املمات.،بقائها

ولتعبرها ال لتعمرها فاقتل هواك المائل إليها وال تعول ،وزها ال لتحوزهاواعلم أن الدنيا خلقت لتجواعلم أن الدنيا مزرعة النوائب ومشرعة املصائب ومفرقة املجـامع ومجريـة املدامع.فصـل ،عليها

بترقيم الشاملة آليا)،١٤/ ١ائق واآلداب (اخلطاب يف الزهد والرق

Page 35:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣٤

:" ال يتمنين أحد ل رسول الله عن أنس رضي الله عنه، قال: قا - ٢٢-منكم املوت لضر نزل به، فإن كان ال بد متمنيا للموت فليقل: اللهم أحينـي

٣٠ما كانت احلياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي "

[ش أخرجه مسلم - ١٧٩٠ - ٦٣٥١)٦٤٦:األحاديث اليت اتفق عليها البخاري ومسلم (ص - ٣٠

]٢٦٨٠يف الذكر والدعاء والتوبة باب كراهة متين املوت لضر نزل به رقم ع يف شـدة أو وقـو،من مرض أو فقر أو خـوف،هذا ي عن متين املوت للضر الذي يرتل بالعبد

أو حنوها من األشياء. فإن يف متين املوت لذلك مفاسد.،ومهلكة وهو مأمور بالصرب والقيام بوظيفته.،أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من احلالة اليت أصيب ا:منها

ومعلوم أن متين املوت ينايف ذلك.ن العبد مقاومة هـذه واملطلوب م،وحيدث اخلور والكسل. ويوقع يف اليأس،أنه يضعف النفس:ومنهاوأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمـع يف ،والسعي يف إضعافها وختفيفها حبسب اقتداره،األمور

والسعي النـافع ،اللطف اإلهلي ملن أتى باألسباب املأمور ا:زوال ما نزل به. وذلك موجب ألمرين الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه.

فرمبا كان كاملستجري من الضر ،نه ال يدري ما يكون بعد املوتأن متىن املوت جهل ومحق؛ فإ:ومنها من عذاب الربزخ وأهواله.،إىل ما هو أفظع منه

وبقية عمر املؤمن ،أن املوت يقطع على العبد األعمال الصاحلة اليت هو بصدد فعلها والقيام ا:ومنهاومـا عليهـا.وأخص مـن هـذا الذرة منه خري من الدنيا ،ال قيمة له. فكيف يتمىن انقطاع عمل

قيامه بالصرب على الضر الذي أصبه. فإن اهللا يويف الصابرين أجرهم بغري حساب.:العموم"فإن كان ال بد فاعال فليقلك اللهم أحيـين إذا كانـت احليـاة خـريا :وهلذا قال يف آخر احلديث

األمر مفوضا إىل ربه الذي يعلم ما فيـه اخلـري وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي" فيجعل العبد ،ليويلطف به يف ،ويريد له من اخلري ما ال يريده،الذي يعلم من مصاحل عبده ما ال يعلم العبد،والصالح له

بالئه كما يلطف به يف نعمائه.اللهم اغفر يل إن شئت. اللهم ارمحين إن شئت. :"ال يقل أحدكم:- -والفرق بني هذا وبني قوله

أن املذكور يف هذا احلديث الذي فيه التعليـق بعلـم اهللا :لكن ليعزم املسألة؛ فإن اهللا ال مكره له"و هو يف األمور املعينة اليت ال يدري العبد من عاقبتها ومصلحتها.:وإرادته

Page 36:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣٥

ن في الدنيا كأنك غريب ك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول اللـه - ٢٣-

وكان ابن عمر، » كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل«بمنكبي، فقال: مسيت فال تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فال تنتظر املساء، وخذ إذا أ«يقول:

٣١»من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك

فهي األمور اليت يعلم مصلحتها بل ضرورا وحاجة كل عبد إليها. :وأما املذكور يف احلديث اآلخرال معلقـا باملشـيئة ،غفرة اهللا ورمحته وحنوها. فإن العبد يسأهلا ويطلبها من ربه طلبا جازماوهي م

ويف مجيع ما يتوسل به إليها.،وغريها؛ ألنه مأمور وحمتم عليه السعي فيهاوهذا كالفرق بني فعل الواجبات واملستحبات الثابت األمر ا؛ فإن العبد يؤمر بفعلها أمر إجياب أو

فإنه يتوقف حىت يتضح له ،وبعض األمور املعينة اليت ال يدري العبد من حقيقتها ومصلحتها،اباستحب األمر فيها.

-جواز متين املوت خوفا من الفتنة. وجعلوا من هذا قول مرمي ،واستثىن كثري من أهل العلم من هذاستثىن بعضهم متين املوت شـوقا إىل ]. كما ا٢٣:{يا ليتني مت قبل هذا} [مرمي:ا -رضي اهللا عنه

لما وألحقنـي :- -اهللا. وجعلوا منه قول يوسف {أنت وليي في الدنيا واآلخرة تـوفني مسـمل يتمن املوت. وإمنا سـأل اهللا - -]. ويف هذا نظر؛ فإن يوسف ١٠١بالصالحني} [يوسف:

كما يسأل العبد ربه حسن اخلامتة. واهللا أعلم.جة قلـوب ،فاه مسلماحىت يتو،الثبات على اإلسالم )٩٤:األبرار وقرة عيون األخيار يف شرح جوامع األخبار (ص

) ٦٤١٦)(٨٩/ ٨صحيح البخاري ( - ٣١[ ش (كأنك غريب) بعيد عن موطنه ال يتخذ الدار اليت هو فيها موطنا وال حيدث نفسه بالبقاء قال

جامعة ألنواع النصائح إذ الغريب لقلة معرفته بالناس قليل احلسد والعداوة واحلقـد العيين هذه كلمةوالنفاق والرتاع وسائر الرذائل منشؤها االختالط باخلالئق ولقلة إقامته قليل الدار والبستان واملزرعة

يق وتعلقاته واألهل والعيال وسائر العالئق اليت هي منشأ االشتغال عن اخلالق. (عابر سبيل) مار بطرأقل من تعلقات الغريب (خذ من صحتك ملرضك) اشتغل حال الصحة بالطاعات بقدر يسد اخللـل والنقص احلاصل بسبب املرض الذي قد يقعد عنها. (من حياتك ملوتك) اغتنم أيام حياتك باألعمال

اليت تنفعك عند اهللا تعاىل بعد موتك]يكون اإلنسان يف هذه الدنيا كالغريـب أو عـابر بوصية عظيمة بأن - -يوصينا النيب الكرمي

ذا التشبيه الرائع الدافع واحلافز لكل - -السبيل الذي ال يرغب اإلقامة يف غري بلده وجاء النيب

Page 37:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣٦

ثالثة ال يهوهلم الفزع وال احلسابهم الفـزع ولـا قال: " ثلاثة لا يهـول عن ابن عمر، عن النبي - ٢٤-

الحساب حتى يحشروا إلى الجنة على كثبان من مسك أسود: رجـل قـرأ القرآن ابتغاء وجه الله ثم أم به قوما وهم به راضون، ورجل راع في خمس

هار ابتغاء وجه الله، ومملوك لم يمنعه الرق عن طلب مـا صلوات بالليل والن ٣٢عند الله "

مما يبتغى به وجه اهللا، ال يتعلمه إال ليصيب به عرضا من الدنيا من تعلم علما

عاقل مؤمن بأن ال يركن إىل الدنيا وال يتعلق منها إال بقدر ما يتعلق به املسافر أو الغريب مجا غـري

البقاء بدار ال بقاء هلا وهل مسعت بظل غري منتقل والراوي عبد اهللا بن عمر ترجو:وقيل يف ذلك،وطنهيرشدنا إىل معىن احلديث اغتنام األعمال الصاحلة يف صحة اإلنسان قبل أن حيوله بينه وبني األعمـال الصاحلة املرض أو العجز ويف احلياة قبل أن حيول بينه وبينها املوت.اخلالصـة يف شـرح األربعـني

)١٣٤:علي بن نايف الشحود (ص -ويةالنوحض على التشبه بالغريب؛ ألن الغريـب إذا - -يف هذا احلديث ما يدل على أن رسول اهللا

وال يكون ،دخل بلدة مل ينافس أهلها يف جمالسهم ومل خيرج من أن يروه على خالف عادته يف امللبوسيف اخلصومات مع الناس وال يشاحهم ناظرا وكذلك عابر السبيل فإنه ال يتدبر وال يلج،متدبرا معهم

إىل أن لبثه معهم أياما يسرية.ألا ،ألن الدنيا ليست وطنا له،فكل أحوال الغريب وعابر السبيل يف الدنيا مستحبة أن يكون للمؤمن

وهي احلائلة بينه وبني قراره.،حتبسه عن دارهظر بأعمال الليل الصباح بل بادر بالعمل؛ (وإذا أمسيت فال تنتظر الصباح) أي ال ينت:وقول ابن عمر

(وخذ مـن ،وكذلك (إذا أصبحت فال حتدث نفسك باملساء) أي ال تؤخر أعمال الصباح إىل الليلواعلم أنه سيأيت عليك زمان طويل وأنت حتـت ،صحتك) أي اغتنم زمن القوة فاستسلف منك لك

/ ٤اإلفصاح عن معاين الصـحاح (األرض ال ميكنك أن تذكر اهللا عز وجل فبادر يف زمن سالمتك.٢٤٧(

) صحيح٣٢٠/ ٩حلية األولياء وطبقات األصفياء ( - ٣٢

Page 38:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣٧

علما ممـا : من تعلم - -عن أبي هريرة،قال:قال رسول اهللا - ٢٥-يبتغى به وجه اهللا،ال يتعلمه إال ليصيب به عرضا من الدنيا،لم يجـد عـرف

٣٣الجنة يوم القيامة." إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد

ق الناس عن أبي هريرة، فقـال لـه عن سليمان بن يسار، قال: تفر - ٢٦-ول اهللا - -ناتل أهل الشام: أيها الشيخ، حدثنا حديثا سمعته مـن رسـ

ى يـوم - -،قال: نعم، سمعت رسول اهللا يقول:" إن أول الناس يقضـعليه رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ القيامة

قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقـال: على وجهه حتى ألقي في النار، ورجـل جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب

تعلم العلم، وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت ، قال: كذبت، ولكنك فيها؟ قال: تعلمت العلم، وعلمته وقرات فيك القرآن

تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرات القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع اهللا عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قـال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قـال: كـذبت،

اد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ولكنك فعلت ليقال: هو جو ٣٤ألقي في النار "

) صحيح٧٨) (٢٧٩/ ١( -صحيح ابن حبان - ٣٣

به وجه اهللا) بيان للعلم. أي العلم الذي يطاب به رضا اهللا وهو العلم الديين. فلو طلب ي[ش (مما يبتغ يف أهل هذا الوعيد. (عرضا) أي متاع] .الدنيا بعلم الفلسفة زحنوه فهو غري داخل

)١٩٠٥( - ١٥٢) ١٥١٣/ ٣صحيح مسلم ( - ٣٤

Page 39:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣٨

[ش (ناتل أهل الشام) ويف الرواية األخرى فقال له ناتل الشامي وهو ناتل بن قيس احلزامي الشامي

يف الغـازي - -من أهل فلسطني وهو تابعي وكان أبوه صحابيا وكان ناتل كبري قومه (قوله دليل على تغليظ حترمي الرياء وشدة -اجلواد وعقام على فعلهم ذلك لغري اهللا وإدخاهلم النار والعامل و

عقوبته وعلى احلث على وجوب اإلخالص يف األعمال كما قال اهللا تعاىل {وما أمروا إال ليعبدوا اهللا تعاىل بذلك خملصا خملصني له الدين} وفيه أن العمومات الواردة يف فضل اجلهاد إمنا هي ملن أراد اهللا

وكذلك الثناء على العلماء وعلى املنفقني يف وجوه اخلريات كله حممول على من فعل ذلك هللا تعاىل خملصا)]

رط:قال أبو حاتم رضي الله عنه إال أن:وهو،ألفاظ الوعيد في الكتاب والسنن كلها مقرونـة بشـدون العقوبة عليهـا ،يتفضل الله جل وعال على مرتكب تلك الخصال بالعفو وغفران تلك الخصال

عاملها ما يستوجب إال أن يرتكب :وهو،وكل ما في الكتاب والسنن من ألفاظ الوعد مقرونة بشرطثم يعطى ذلك الثواب الذي وعد ،إن لم يتفضل عليه بالعفو،حتى يعاقب،به العقوبة على ذلك الفعل

)٤٢:به من أجل ذلك الفعل. صفة النار يف القرآن والسنة (صمل تكن أفعاهلم إال ليقال عنهم. فأما لو كانـت :يث من الفقه أن هؤالء الثالثة فيما أرىيف هذا احلد

أفعاهلم ألجل اهللا تعاىل؛ مث عقب ذلك أن يقال جريء وعامل وجواد فسرهم ذلك مل تكن إيثـارهم العلم هللا ومل يكن هذا التوبيخ متناوال هلم؛ ألنه إذا تعلم العامل،هلذا املدح مما حيل عقدة عزمهم األول

وكذلك املنفق واملجاهد إذا قيل بعد خلوص نيتهما جواد ،مث سره أن يقال إنه عامل مل يتناوله هذا الذم وجريء مل يضرمها إذا مل يكن مبىن قصدمها لذلك.

والذي أرى لكل جماهد ومعلم للخري ومنفق يف سبيل اهللا عز وجل أن جيتهد يف إخفاء ذلك ليسلم أو ى به؛ فإن عرض له يف إحدى الطريقني عارض نزغ من الشيطان أتبعه باالسـتغفار يف إظهاره ليقتد

واهللا املوفق لكل مؤمن. والدليل على ما ذهبنا إليه من معىن هذا احلديث الـدعاء يف نطـق ،واإلنابة(ولكنك فعلـت :وهو قوله،(ولكنك تعلمت ليقال) فأتى بالالم املستغرقة للجزاء عن الفعل:احلديث هذا ال يدخل فيه من فعل شيئا هللا فقيل فيه؛ فسره أن قيل.ليقال) و

ويدل على أنه مل يكن يف فعله إرادة اهللا سبحانه بشيء ما وال خمالطة حبال؛ ألن الالم قد أخرب به عما فلذلك ما كان جزاه احلق أنه مل يكن لـه يف ،ومل يكن يف ذلك شيء هللا،احتوت إرادته عليه يف فعله

)٣٦/ ٨ألنه مل يكن يف عمله شيء هلا. اإلفصاح عن معاين الصحاح (اآلخرة من نصيب؛ دق اللـه :قال،فلما أفاق،بكى حتى غشي عليه،إن معاوية لما بلغه هذا الحديث:وفي الحديث صـ

الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا {من كان يريد :قال الله عز وجل،ورسوله

Page 40:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٣٩

ذاق طعم الإميان من رضي باهللا ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولاذاق «، يقول: ع رسول اهللا عن العباس بن عبد المطلب، أنه سم - ٢٧-

٣٥»طعم الإميان من رضي باهللا ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا عظم اجلزاء مع عظم البالء

). جامع ١٦ - ١٥:] (هود١٦ - ١٥:أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار} [هود -يبخسون

)٧٧/ ١العلوم واحلكم ت األرنؤوط ( ) ٣٤) (٤٣:علي بن نايف الشحود (ص -مسلم ذيب صحيح - ٣٥

[ش (من رضي) قال صاحب التحرير رمحة اهللا معىن رضيت بالشيء قنعت به واكتفيت به ومل أطلب معه غريه فمعىن احلديث مل يطلب غري اهللا تعاىل ومل يسع يف غري طريق اإلسالم ومل يسـلك إال مـا

]-يوافق شريعة حممد وأصل الذوق وجود أدق طعم في ،نال وأدرك وأصاب ووجد حلاوته ولذته:) ] أي(ذاق طعم الإميان

] ذوقا حسيا أو معنويا. [ (من رضي):وأغرب ابن حجر حيث قال،والمراد به الذوق المعنوي،الفمونصبه ،مالكا وسيدا ومتصرفا:واكتفى [ (بالله ربا) ] أي،وانشرح صدره،وطاب قلبه،قنع نفسه:أي

ف عام على خـاص [ عط:[ (وبالإسلام) ] أي الشامل للإميان [ (دينا) ] ،وكذا أخواته،على التمييزولا) ] عطـف خـاص علـى ،والظاهر أنه ملحق:- -(وبمحمد) ] وليس لفظ النبوة [ (رسـ

وشاكرا على ،بلائه والكمال أن يكون صابرا على،والمقصود من الرضا الانقياد الباطن والظاهر،عاملام بامتثـال ،ومنعه وإعطائـه،وراضيا بقدره وقضائه،نعمائه رائع الإسـ وأن يعمـل بجميـع شـوالزهد في ،ومعاشرته،وأخلاقه ،وآدابه،تهوأن يتبع الحبيب حق متابعته في سن،واجتناب الزواجر،الأوامر )٧٦/ ١والتوجه الكلي إلى العقبى. مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح (،الدنيا

وبالرضا بتدبريه للعبد واختيـاره لـه. ،والرضا بربوبية الله تتضمن الرضا بعبادته وحده لا شريك لهن الرضا بجميع والرضا بالإسلام دينا يتضمن اختياره على سائر الأديان. والرضا بمحمد رسولا يتضم

{فلا وربك لا يؤمنون حتى :ك بالتسليم والانشراح كما قال تعالىوقبول ذل،ما جاء به من عند اللهليما} لموا تسـ يت ويسـ يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ممـا قضـ

)١١٨/ ١لعلوم واحلكم ت األرنؤوط () . جامع ا٦٥:] (النساء٦٥:[النساء

Page 41:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤٠

، أنه قال: عظم الجزاء مع عظـم - -عن أنس، عن رسول اهللا - ٢٨-ء، وإن اهللا إذا أحب قوما ابتالهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله البال

٣٦السخط. إن احلالل بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات

لغريه ) صحيح٤٠٣١)(١٣٣٨/ ٢سنن ابن ماجه ( - ٣٦

(فمن رضي فله الرضا) أي رضا اهللا تعاىل عنه جزاء لرضاه. أو فله جزاء رضاه. وكذلك قوله فلـه لرضا السخط. مث الظاهر أنه تفصيل ملطلق املبتلني الملن أحبهم فابتالهم. إذ الظاهر أنه تعاىل يوفقهم ل

فال يسخط منهم أحدعظمة الأجر وكثرة الثـواب :وقيل بكسر ثم فتح أي،بضم العين وسكون الظاء:" إن عظم الجزاء)

إذا أحب) -عز وجل -باقا. (وإن الله وأجرا ط،جزاء وفاقا،كيفية وكمية:مقرون. (مع عظم البلاء) بالبلـاء. :والابتلاء للأولياء. (فمن رضي) أي،فإن البلاء للولاة:إذا أراد أن يحب. (قوما ابتلاهم) :أي

ا :قيل،أو فيحصل له الرضا في الآخرة والأولى،له الرضا من المولىفليعلم أن :(فله الرضا) أي رضـابق:وأنا أقول،العبد محفوف برضاءين لله تعالى سابقا ولاحقا والله أعلـم ،إنما اللاحق أثـر السـ

من :وفزع ولم يرض بقضائه. (فله السخط) ،كره بلاء الله:بكسر الخاء أي:. (ومن سخط) بالحقائق الله أولا والغضب عليه آخرا.

ممن له أنني من وجع وشدة مرض وقلبـه فكثري ،واعلم أن الرضا والسخط حالان متعلقان بالقلبإذا أحـب اللـه قومـا ابتلـاهم :قولـه:مشحون من الرضا والتسليم لأمر الله. هذا وقال الطيبي

والتفصيل غيـر ،لتفصيل عليه ؛ لأن الفاء في فمن تفصيليةوحذف ذكر أحد الفريقين لدلالة ا،جميعاأهل :والتفصيل على فريقين،مطابق للمفصل ؛ لأن المفصل يشتمل على فريق واحد وهو أهل المحبة

وهو أن نزول البلاء علامة المحبة فمن ،وللحديث محمل آخر:أقول:خط. قال مريكوأهل الس،الرضافهم :ثم قال الطيبي،تأمل،ومن سخط صار مسخوطا عليه،رضي بالبلاء صار محبوبا حقيقيا له تعالى

ومحال أن يرضى العبد عن الله تعالى إلا بعد رضاء الله تعالى ،منه أن رضا الله مسبوق برضاء العبدولا ،صل رضاء اللـه] ومحال أن يح١١٩:{رضي الله عنهم ورضوا عنه} [املائدة:كما قال تعالى

ية -{ياأيتها النفس المطمئنة :يحصل رضا العبد في الآخرة كما قال تعالى ارجعي إلى ربك راضـا. (رواه الترمـذي) قـال سابقا ولاحقـ،] . فعن الله الرضا أزلا وأبدا٢٨ - ٢٧:مرضية} [الفجر

)١١٤٢/ ٣بسند الحديث الذي قبله. مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح (:مريك

Page 42:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤١

ول اهللا -رضي اهللا عنه-عن النعمان بن بشري - ٢٩- -قال: سمعت رسـ- :إن احلـالل بـين، وإن -وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه-يقول" :

الحرام بين، وبينهما مشتبهات، ال يعلمهن كثري مـن النـاس، فمـن اتقـى استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع يف الشبهات وقع يف الحـرام، الشبهات، فقد

كالراعي يرعى حول احلمى يوشك أن يقع فيه، أال وإن لكل ملك حمى، أال د وإن حمى اهللا محارمه، أال وإن يف اجلسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسـ

.٣٧كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، أال وهي القلب" متفق عليه

)١٥٩٩( - ١٠٧) ١٢١٩/ ٣) وصحيح مسلم (٥٢) (٢٠/ ١صحيح البخاري ( - ٣٧إىل استيقانه بالسـمع (إن [ش (وأهوى النعمان بإصبعيه إىل أذنيه) أي مدمها إليهما ليأخذمها إشارة

احلالل بني واحلرام بني) أمجع العلماء على عظم موقع هذا احلديث وكثرة فوائده وأنه أحد األحاديث اليت عليها مدار اإلسالم.

قال مجاعة هو ثلث اإلسالم وإن اإلسالم يدور عليه وعلى حديث األعمال بالنية وحديث من حسن إسالم املرء تركه ما ال يعنيه.

وقال أبو داود السجستاين يدور على أربعة أحاديث هذه الثالثة وحديث ال يؤمن أحدكم حىت حيب ألخيه ما حيب لنفسه وقيل حديث ازهد يف الدنيا حيبك اهللا وازهد فيما يف أيدي الناس حيبك الناس.

غريهـا نبه فيه على إصالح املطعم واملشرب وامللبس و - -قال العلماء وسبب عظم موقعه أنه وأنه ينبغي أن يكون حالال وأرشد إىل معرفة احلالل وأنه ينبغي ترك املشتبهات فإنه سبب حلماية دينه وعرضه وحذر من مواقعة الشبهات وأوضح ذلك بضرب املثل باحلمى مث بني أهم األمور وهو مراعاة

يصلح بـاقي أن بصالح القلب - -(أال وإن يف اجلسد مضغة اخل) فبني - -القلب فقال (احلالل بني واحلرام بني) فمعناه أن األشـياء ثالثـة - -وأما قوله ،اجلسد وبفساده يفسد باقيه

أقسام حالل بني واضح ال خيفى حله كاخلبز والفواكة والزيت والعسل والسمن ولنب مأكول اللحم تصرفات فيها حالل وبيضة وغري ذلك من املطعومات وكذلك الكالم والنظر واملشي وغري ذلك من ال

بني واضح ال شك يف حله. وأما احلرام البني فكاخلمر واخلرتير وامليتة والبول والدم املسفوح وكذلك الزىن والكذب والغيبة والنميمة والنظر إىل األجنبية وأشباه ذلك. وأما املشتبهات فمعناها أا ليست

س وال يدركون حكمها وأما العلماء فيعرفون بواضحة احلل وال احلرمة فلهذا ال يعرفها كثري من الناحكمها بنص أو قياس أو استصحاب أو غري ذلك فإذا تردد الشيء بني احلل واحلرمة ومل يكن فيـه

Page 43:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤٢

نص وال إمجاع اجتهد فيه املجتهد فأحلقه بأحدمها بالدليل الشرعي فإذا احلقه به صار حـالال وقـد

فمـن - -الورع تركه ويكون داخال يف قوله يكون دليله غري خال من اإلحتمال البني فيكوناتقى الشبهات فقد استربأ لدينه وعرضه (استربأ لدينه وعرضه) أي حصل له الرباءة لدينه من الـذم الشرعي وصان عرضه عن كالم الناس فيه (أال وإن لكل ملك محى وإن محى اهللا حمارمه) معنـاه أن

حيميه عن الناس ومينعهم دخوله فمن دخله أوقع به ملوك العرب وغريهم يكون لكل ملك منهم محىالعقوبة ومن احتاط لنفسه ال يقارب ذلك احلمى خوفا من الوقوع فيه وهللا تعاىل أيضا محى وهـي حمارمه أي املعاصي اليت حرمها اهللا كالقتل والزىن والسرقة والقذف واخلمر والكذب والغيبة والنميمة

فكل هذا محى اهللا تعاىل من دخله بارتكابه شيئا من املعاصي استحق وأكل املال بالباطل وأشباه ذلكالعقوبة ومن قاربه يوشك أن يقع فيه فمن احتاط لنفسه مل يقاربه ومل يتعلق بشيء يقربه من املعصية فال يدخل يف شيء من الشبهات (أال وإن يف اجلسد مضغة) قال أهل اللغة يقال صلح الشيء وفسد

وضمهما والفتح أفصح وأشهر واملضغة القطعة من اللحم مسيت بذلك ألا متضغ بفتح الالم والشنييف الفم لصغرها قالوا املراد تصغري القلب بالنسبة إىل باقي اجلسد مع أن صالح اجلسد وفساده تابعان

للقلب]احلالل بني إن :يقول وأكد مساعه منه بإشارته إىل أذنيه مسع النعمان بن بشي رضي اهللا عنهما النيب

وغري ذلـك مـن ،واللنب،والعسـل،والفواكه،وذلك كاخلبز،ال خيفـى حلـه،واضح أمـه،حكمه والتصرفات.،واملعامالت،وغري ذلك من الكالم،واملالبس،واملشروبات،املأكوالت

ولبس احلريـر والـذهب ،وشـرب اخلمـر،من أكل اخلرتير،واضح حترميه،وأن احلرام بني حكمه واحلسد وغر ذلك.،واحلقد،النميمةو،والغيبة،والزنا،للرجل

وإن هناك قسما ثالثا مشتبه ،ملا ورد فيهما من النصوص الواضحة القاطعة،فهذان القسمان بينا احلكم وهذا االشتباه راجع إىل أمور.،غري واضح احلل أو احلرمة،احلكم

جتهد الذي يطلـب فهذا مشتبه يف حق امل،حبيث ال يظهر اجلمع ال الترجيح بينها،تعارض األدلة:منها األحكام من أدلتها.

فالورع اتقاء الشبهة ومنها تعارض أقوال العلماء ،فهو يف حقه مشتبه،فمن انبهم عليه احلكم الراجح وهذا يف حق املقلد الذي ال ينظر يف األدلة.،وتضارا

اتقاء املشتبه.،فالورع يف حق هذا مدلوله.يوقع الشك يف،ما جاء يف النهى عنها حديث ضعيف:ومنها سلم يوصل) إىل فعل املحرمات واإلقدام عليها.:فهي رقية (أي،املكروهات مجيعها:ومنها

Page 44:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤٣

هابت اإلقدام عليه ورأته معصية فيكون حـاجزا منيعـا عـن ،فإن النفس إذا عصمت عن املكروه

املحرمات.ومثلـه ، املحرمإىل -يف بعض األحول -أو جير،املباح الذي خيشى أن يكون ذريعة إىل املحرم:ومنها

أو لإلفراط فيما هو فيه.،إما عند فقده،اإلفراط يف املباحات فتسبب جماوزته إىل احلرام خوفا من املكروه واحلرام.،يتركون املباحات اليسرية،وقد كان السلف رضي اهللا عنهم

باحلمى الذي يتخذه اخللفاء وامللوك مرعى لدوام.،مثال للمحرمات مث ضرب فيوشك ويقرب أن ترعـى ماشـيته ،بالراعي الذي يسيم ماشيته حول احلمى،لم باملشتبهاتومثل امل

ومثال قريب.،وهو تصوير بديع،يوشك أن يقع يف املحرمات،كذلك امللم يف املشتبهات،لقربه منه،فيههـي ،وأن هـذه القطعـة مـن اللحم،بقدر ما ميضغ،أن يف اجلسد حلمة صغرية لطيفة مث ذكر

كما أن عليه مـدار ،هو السلطان املدبر ململكة األعضاء وما تأيت من أعمال،هذا القلبوأن ،القلب فسادها وما جتره من شر.

فإنه لن يأمر إال مبا فيه اخلري وسيصلح اجلسد كله.،فإن صلح هذا القلب وتكون األعمال معكوسة منكوسة واهللا وىل التوفيق.،فسيأمر بالفساد والشر،وإن فسدعليه لوائح ،وأصل من أصول الشريعة،وقاعدة من قواعد اإلسالم،ا حديث عظيم جليلفهذ،وباجلملة

. وحيتاج استيفاء الكـالم فهو من جوامع كلم النيب ،ومشكاة الرسالة مضيئة،أنوار النبوة ساطعة عليه إىل مصنف مستقل طويل.

اخلري ،كنوز املعرفـة وسيجد فيه من،ويفكر،لرياجع ويتدبر،وهذه نبذة تفتح الباب أمام طالب العلم الوفري.

وصلى اهللا وسلم على نبينا حممد وآله وصحبه أمجعني.تيسري العالم شـرح عمـدة ،واهللا ويل التوفيق )٧٠٧:األحكام (ص

ما يؤخذ من احلديث:ومجيع ،واللنب،والعسـل،والفواكه،ال خيفى حله؛ وذلك كاخلبز،واضح أمره،احلالل بين حكمه - ١

والتصرفات.،وكذا املعامالت،الواضح حلها،واملالبس،باتواملشرو،املأكوالتوالذهب ،ولبس احلرير،وشرب اخلمر،واضح حترميه؛ من أكل حلم اخلرتير،وإن احلرام بين حكمه - ٢

وغري ذلك.،واحلسد،واحلقد،والنميمة،والغيبة،والزىن،للرجل صوص القاطعة.فهذان القسمان احلكم فيها بين؛ ملا ورد فيهما من الن

وهذا االشتباه راجع إىل أمور:،غري واضح احلل أو احلرمة،هناك قسم ثالث مشتبه احلكم - ٣

Page 45:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤٤

وال الترجيح بينها؛ فهذا مشتبه يف حق املجتهد الذي يطلب ،حبيث ال يظهر اجلمع:تعارض األدلة:منها

األحكام من أدلتها. ه مشتبه؛ فالورع اتقاء الشبهة.فيو يف حق،فمن انبهم عليه احلكم الراجح

تعارض أقوال العلماء وتضارا؛ وهذا يف حق املقلد الذي ال ينظر يف األدلة؛ فالورع يف حـق :ومنها هذا اتقاء املشتبه.

يوقع الشك يف مدلوله.،ما جاء يف النهي عنها حديث ضعيف:ومنهاواإلقدام عليها؛ فإن النفس ،ىل فعل املحرماتإ -سلم وصل:أي-فهي رقية :املكروهات مجيعها:ومنها

ورأته معصية؛ فيكون حاجزا منيعا عن املحرمات.،هابت اإلقدام عليه،إذا عصمت عن املكروهومثلـه ،إىل املحرم -يف بعض األحوال-أو جير ،املباح الذي يخشى أن يكون ذريعة إىل املحرم:ومنها

أو لإلفراط فيما هو فيه.،إما عند فقده،وزته إىل احلرامفتسبب جما،اإلفراط يف املباحاتوهو أن ما اشـتبه علـى الرجـل أمـره يف احلـل أو ،فإن هذا احلديث أصل يف الورع:وبناء عليه

جر ذلك إىل الوقوع يف احلرام.،واعتاده،فالورع تركه وجتنبه؛ فإنه إذا مل يتركه واستمر عليه،احلرمةيتركون املباحات الكثرية؛ خوفا من املكروه واحلرام؛ ذلك -رضي اهللا عنهم-لف وقد كان الس - ٤

فقد عرض دينه وعرضه للطعن.،أن من مل يتعد الشبه يف كسبه ومعاشهالذي يتخذه اخللفاء وامللوك مرعى لدوابهم.ومثل امللم ،مثلا للمحرمات باحلمى --مث ضرب - ٥

فيوشك ويقرب أن ترعى ماشيته فيـه؛ لقربـه ،الذي يسيم ماشيته حول احلمى،هات بالراعيباملشتب ومثال قريب.،وهو تصوير بديع،كذلك امللم باملشتبهات يوشك أن يقع يف املحرمات،منه وأن هذه القطعة من اللحم هي،أن يف اجلسد حلمة صغرية لطيفة بقدر ما ميضغ --مث ذكر - ٦

وما تأيت من أعمال؛ فعليه مدار فسـادها أو ،وأن القلب هو السلطان املدبر ململكة األعضاء،القلب صالحها.

فسـيأمر بالفسـاد ،وإن فسد،وسيصلح اجلسد كلـه،فإنه لن يأمر إال مبا فيه اخلري،فإن صلح القلب واهللا ويل التوفيق.،وتكون األعمال معكوسة منكوسة،والشر

عليه ،وأصل من أصول الشـريعة،وقاعدة من قواعد اإلسالم،فهذا حديث عظيم جليلوباجلملة - ٧وحيتاج استيفاء ،--ومشكاة الرسالة مضيئة؛ فهو من جوامع كالم النيب ،لوائح أنوار النبوة ساطعة

الكالم عليه إىل مصنف مستقل طويل.وأنه من األحاديـث الـيت عليهـا مـدار ،هوكثرة فوائد،اتفق العلماء على عظم هذا احلديث - ٨

"من حسن إسالم املرء تركه ما :وحديث،ثلث،"إنما األعمال بالنيات":وحديث،هو ثلثه:قيل،اإلسالم ال يعنيه" الثلث الباقي.

Page 46:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤٥

من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه، وأرضى الناس عنه ى : «- -رسول الله عن عائشة، قالت: قال - ٣٠- من الـتمس رضـ

الله بسخط الناس رضي الله عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس ٣٨»بسخط الله سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس

دينة قال: كتب معاوية إلى عائشة أم املؤمنني أن اكتبي وعن رجل، من أهل امللام إلي كتابا توصيني فيه، ولا تكثري علي، فكتبت عائشة إلى معاويـة: سـ

من التمس رضاء «يقول: - -عليك. أما بعد: فإني سمعت رسول الله خط الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء النـاس بسـ

٣٩»الله وكله الله إلى الناس، والسلام عليك

وحرام ،حالل بين واضح حله:أن األشياء ثالثة أقسام:معناه:واحلرام بين ... "،"احلالل بين:قوله - ٩-وإليه أشـار ،واملتشابه هو الذي حيتمل األمرين؛ فاشتبه على الناظر بأيهما يلحق،ن واضح احلرمةبي- وهم الراسـخون مـن ،"ال يعلمهن كثري من الناس"؛ ففيه أنه يعلمهن بعـض النـاس:بقوله

قد هذه "الدالئل" فـالورع فإذا ف،صار حاللا أو حراما،فأحلقه بأحدمها،فإذا اجتهد املجتهد،العلماءفقد استربأ لدينه وعرضه".توضيح األحكام من ،"فمن اتقى الشبهات:--تركه؛ ألنه دخل بقوله

)٣٥٣/ ٧بلوغ املرام ( ) صحيح٢٧٦) (٥١٠/ ١خمرجا ( -صحيح ابن حبان - ٣٨ ) حسن لغريه٢٤١٤) (٦١٠/ ٤سنن الترمذي ت شاكر ( - ٣٩

أم المـؤمنني (أن :بن أبي سفيان صحابيان مشهوران (أنه كتب إلى عائشة) أيا:(وعن معاوية) أي مرسلا أو موصولا حـال أو:اكتبي):أن مصدرية أو مفسرة لما في الكتابة من معنى القول (إلي) أي

بـل ،بالإطناب:في ذلك الكتاب من كل باب (ولا تكثري) أي:(كتابا توصيني فيه) أي:متعلق بقولهبـدائع لأنها من أصل بيت من أوتي جوامع الحكـم و،أوجزي بكلام جامع يكون فصل الخطاب

بعد السلام :سلام عليك):واقتصرت على غنيمة السلامة خوف السآمة (أما بعد) أي:الكلم. (فكتبتخط من التم:يقول - -أو ما بعد ما سبق من الكلام (فإني سمعت رسول الله س رضا الله بسـ

ومئونـة :من طلب رضاه في شيء يسخط الناس عليه بسببه (كفاه الله مئونة الناس) أي:الناس) أيسخط الله وكله الله):بتخفيف الكاف شرهم من الظلم عليه والإساءة إليه (ومن التمس رضا الناس ب

نـي إذا خلاه وترك نصره ودفعه (إلى الناس):وهذا وصية جامعة لجميع الناس. قال المظهـر يع:أي

Page 47:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤٦

ذهب املفطرون اليوم باألجر ، أكثرنا ظلا الـذي نس رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي عن أ -٣١-

يستظل بكسائه، وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئا، وأما الذين أفطروا فبعثوا ذهـب املفطـرون اليـوم : «نبـي الركاب وامتهنوا وعالجوا، فقال ال

٤٠»باألجر

فإن فعل الأول رضي الله عنه ودفع عنه شر ،س أو عكسهعرض له أمر في فعله رضا الله وغضب النا

م يدفع عنه وإن فعل الثاني وكله إلى الناس يعني سلط الناس عليه حتى يؤذوه ويظلموا عليه ول،الناسلام :وكلت أمري إلى فلان أي:النهايةشرهم. وفي ألجأته إليـه واعتمـدت فيـه عليـه. (والسـ

ك أولـا السلام عليـ:والثاني في مرتبة الموادعة أو كأنها قالت،عليك):فالأول بمنزلة سلام الملاقاةوفي تكرار السلام إشارة خفية إلى تأكيد طلب السلامة وترك ما يؤدي ،وآخرا أو في الدنيا والآخرة

)٣٢٠٤/ ٨إلى الملامة".مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح ([ش أخرجه مسلم - ١٠٥٩ - ٢٨٩٠)٣٧٤:اري ومسلم (صاألحاديث اليت اتفق عليها البخ - ٤٠

. (أكثرنا ظال .. ) يريد أنه مل يكن ١١١٩يف الصيام باب أجر املفطر يف السفر إذا توىل العمل رقم هلم أخيبة يستظلون ا ملا كانوا عليه من القلة فكان بعضهم يضع يده على رأسه يتقي ا الشـمس

ه وال يوجد ما هو فوق ذلك. (فلم يعملوا شيئا) لعجزهم. ويستظل وبعضهم يضع كساءه يستظل ب(الركاب) اإلبل اليت يسار عليها أثاروها إىل املاء للسقي وغريه. (امتهنوا وعاجلوا) خدموا الصائمني فتناولوا السقي والطبخ وهيؤوا العلف وضربوا األبنية واخليام. (باألجر) أخذوا األجر الكامل األوفر

هم بينما كان للصائمني أجر صيامهم وحده ألن نفعهم كان قاصرا عليهم].لتعدي نفعهم لغريل ذهب المفطرون اليوم بالأجر) أي بالثواب الأكمل لأن الإفطار كان في حقهم حينئذ وفي ،أفضـ

أي أنهم مضوا واستصحبوا الأجر ولـم :وقال الطيبي،هذا الحكم ذكر اليوم إشارة إلى عدم إطلاقعلى طريقة المبالغة يقال ذهب به إذا استصحبه ومضى به معه اهـ يعنـي ،يتركوا لغيرهم شيئا منه

{ذهـب اللـه -تعـالى -هذا وما ذكره الطيبي من أنه كقوله ،أو بكل الأجر مبالغةبالأجر كله وهو مذهب المبرد غيـر ،يقال ذهب به إذا استصحبه ومضى معه،] الكشاف١٧:بنورهم} [البقرة

ع نورهم في الآية لأن معناها أذهبه فلم يبق لهم منه شيء ولاستحالة المضي والاستصحاب م صحيح ) ١٤٠٢/ ٤مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح (-تعالى -في حقه

ودل احلديث على ما يلي:

Page 48:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤٧

إن الله عز وجل ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، وهو يحبهإن الله عـز وجـل «قال: عن محمود بن لبيد أن رسول الله - ٣٢-

كم الطعـام ليحمي ع بده المؤمن من الدنيا، وهو يحبه، كما تحمون مريضـ ٤١» والشراب تخافون عليه

دل هذا احلديث علـى أن مـن :حسن الصحبة وخدمة الرفيق يف السفر :من صفات الداعية :أوال

وهلذا خدم املفطرون الصـائمني يف هـذا ،الصفات اجلميلة حسن الصحبة وخدمة الرفيق يف السفر . وأثىن عليهم رسول اهللا ،احلديث

فينبغي للداعية أن حيسن صحبة من رافقه بأدب وحسن خلق . ون على الرب والتقوى :التعا:من صفات الداعية :ثانيا

والذي دل عليـه مفهـوم ،ظهر يف هذا احلديث التعاون يف اجلهاد على طاعة اهللا خبدمة املجاهدينوقـاموا ،فأثاروا اإلبل،احلديث أن مجيع املفطرين تعاونوا علـى خدمـة املجاهـدين الصـائمني

وزاولوا خدمة إخوام .،وعلفها،وعقلها،بسقيهاعلى كل ما فيه مصلحة الدعوة وأصحاب الدعوة،قال ابن حجر رمحه اهللا يف فينبغي للدعاة التعاون

وأن الفطر يف السفر أوىل من الصيام " .،" وفيه احلض على املعاونة يف اجلهاد:فوائد هذا احلديث الترغيب ::من أساليب الدعوة :ثالثا

» رون اليوم بـاألجر ذهب املفط« :للمجاهدين دل هذا احلديث على أسلوب الترغيب ؛ لقوله بل املـراد أن املفطـرين ،وليس املراد نقص أجر الصوام،" أي باألجر الوافر:قال ابن حجر رمحه اهللا

حصل هلم أجر عملهم ومثل أجر الصوام ؛ لتعاطيهم أشغاهلم وأشغال الصوام " .ثري يف نفوس املدعوين فينبغي للداعية أن يستخدم أسلوب الترغيب يف دعوته ؛ ملا له من األمهية والتأ

)١١٤/ ٢.فقه الدعوة يف صحيح اإلمام البخاري ( ) صحيح ٢٣٦٢٢)(٣٣/ ٣٩) ومسند أمحد خمرجا ( ٥٧)(١٣:الزهد ألمحد بن حنبل (ص - ٤١

(إن اهللا تعاىل ليتعاهد عبده املؤمن) ال الفاجر فإنه ميد له مدا (بالبالء كما يتعاهد الوالد ولده باخلري) للعبد (وإن اهللا ليحمي عبده املؤمن من الدنيا) من نعيمها وحظها العاجل (كما حيمي ألن البالء خري

املريض أهله الطعام) وذلك أم حيمونه منه خشية من زيادة العلة أو تأخر برئها عن ظن منهم لذلك إليه فإـا والرب تعاىل يعلم أنه ال يأيت من الدنيا إليه إال ضره الضر الذي ال نسبة لضر طعام املريض

تضر قلبه وقالبه ودنياه وآخرته فإذا أحبه محاه كما أن من أحب مريضه محاه عما يضره ". التنـوير )٣٤١/ ٣شرح اجلامع الصغري (

Page 49:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤٨

ازهد في الدنيا يحبك الله ال: رجل، فقـ - -عن سهل بن سعد الساعدي، قال: أتى النبي -٣٣-

يا رسول الله دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟ فقـال ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما فـي أيـدي : «- -رسول الله

٤٢» الناس يحبك الناس

) صحيح لغريه٤١٠٢) (١٣٧٣/ ٢سنن ابن ماجه ( - ٤٢ لـه يطلب منه أن يرشده إىل عمل إذا عمله يكون سببا ملحبة اهللا - -جاء رجل إىل رسول اهللا

-إىل عمل جامع شامل يسبب له حمبة اهللا وحمبة الناس. فقال له - -فأرشده النيب ،وحمبة الناس - ازهد يف الدنيا".أي فال تطلب منها إال ما حتتاجه وتترك الفاضل. وها ال ينفـع يف اآلخـرة":

ذا صار بينك وبني أحد فإ،وتتورع مما قد يكون فيه ضرر يف دينك وازهد يف الدنيا اليت يتعاطاها الناس -قال رسول الله :قال،منهم حق أو عقد من العقود فكن كما ورد يف احلديث عن جابر بن عبد الله

-:»لتكون » سمحا إذا قضى،سمحا إذا اقتضى،سمحا إذا اشترى،رحم الله عبدا سمحا إذا باع با عند الناس ومرحوما عند اهللا.حمبو

ما يرشد إليه احلديث: وحمبة الناس له ..،) أن الزهد يف الدنيا من أسباب حمبة اهللا تعاىل لعبده١(كما يدل عليه ،بل هو مندوب إليه،) أنه ال بأس بالسعي فيما تكتسب به حمبة العباد مما ليس مبحرم٢(

حبة اليت أمر ا الشارع ..وغري ذلك من جوالب امل،األمر بإفشاء السالم ) على اإلنسان أن يعامل الناس معاملة حسنة لتكون سببا ملحبته.٣( ) جيب على املؤمن أن يسعى ألن يكون حمبوبا عند اهللا وعند الناس.٤( ) البحث عن حمبة الناس ال يناقض حمبة اهللا وال يعارضها فإن املسلم طيب حمبوب عند اهللا٥(

س ويف ا؟متع.وحمبوب عند النا ) دل على أن الزهد يف الدنيا جيلب حمبة اهللا.٦( ) دل على أن الزهد يف ما عند الناس جيلب حمبة الناس.٧( ) الزهد من أعمال القلب كما قاله أمحد رمحه اهللا.٨(فإنه جيد أن حقيقة الزهـد أال - -) من أراد معرفة الزهد احلقيقي يف الدنيا فلينظر إىل زهده ٩(علق قلبه بالدنيا فيحبها وال يعارض هذا طلب الرزق فيها واالدخار من املال والطعام كما كانـت يت

.- -حياته

Page 50:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٤٩

أول هذه الأمة بالزهد، واليقني صلاح صلاح أول هذه : «عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - ٣٤-

٤٣»الأمة بالزهد، واليقني، ويهلك آخرها بالبخل والأمل تخش من ذي العرش إقلالاأنفق بلال ولا

، دخل على بلال وعنده صبرة من عن أبي هريرة، أن رسول اهللا - ٣٥-تمر، فقال: " ما هذا يا بلال؟ " قال: تمر ادخرته، قال: " أما تخشى يا بلال،

) الزهد فيما عند الناس يقتضي عدم تعلق القلب مبا يف أيدي الناس وقطع النفس من النظر هلـم ١٠(

هذا املبايعة واملتـاجرة معهـم والتطلع ملا عندهم ومداهنتهم يف دين اهللا رجاء ما يف أيديهم وال مينع والكسب وغري ذلك.

ألنه سيقدم الدنيا على أمر اهللا.،) دل على أن من تعلق بالدنيا وقدمها مل حيبه اهللا١١(وهذا مستقر يف فطر النـاس ،) دل على أن الناس يكرهون من طلب منهم وسأهلم ما يف أيديهم١٢(

وقلو؟م.اهللا ألن القلب ال بد له من متعلق يتعلق به ويثق به ويطمئن إليه ) من زهد يف الدنيا تعلق مبا عند ١٣(

وهلذا من زهد يف الدنيا أحبه اهللا.ويسعون ملصاحلهم ،) احلديث بني حقيقة الناس وأ؟م حيبون ما يف أيديهم ويبغضون من سأهلم إياه١٤(

ها كيف يتعلق ؟م هذه حاهلم فمن عرف،وال يؤدون احلقوق الواجبة منهم،ولو على حساب دين غريهمعلي بـن نـايف -ويرجوهم ويقدم طاعتهم على طاعة اهللا؟!! اخلالصة يف شرح األربعني النووية

)١٠٦:الشحود (ص) ١٠٣٥١و١٠٣٥٠)(٢٩٠/ ١٣) وشعب اإلميـان ( ٥٢) (١٢:الزهد ألمحد بن حنبل (ص - ٤٣

) صحيح لغريه ٥٣٤( )٢٣٢:اجلزء األول (ص -وأمايل ابن بشران بالزهد واليقني) إذ ما يصري العبد خالصا هللا متواضعا له متوليا ملـن وااله. :ه األمة(صالح أول هذ

"وهالك" وهذا املوافق لـ :إنه وجد يف أصول صحيحه:(ويهلك آخرها بالبخل واألمل) قال الشارح"صالح" وذلك أن البخل ال يكون إال من فقد اليقني وسوء الظن برب العاملني والتلذذ بالشـهوات

األمل كالسراب يطمع من يراه وخييب من :قال بعضهم،استغراق القلب يف ذلك حىت يطول األملووجعله هالكا ألن من خبل منع الواجب ومن طال أمله أعرض عما فرض ،وتقدم فيه كالم كثري،رجاه

)٤٧/ ٧عليه وعن التوبة. التنوير شرح اجلامع الصغري (

Page 51:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥٠

له بخار في نار جهنم؟ أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالـا " أن يكون ٤٤

احفظ اهللا يحفظك يا غلام «يوما، فقال: عن ابن عباس، قال: كنت خلف رسول اهللا -٣٦-

ه يحفظك، احفظ الله تجـده تجاهـك، إذا إني أعلمك كلمات، احفظ اللسألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن األمة لو اجتمعـت

ه لك، ولو اجتمعـوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللعلى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليـك، رفعـت

٤٥.»األقلام وجفت الصحف

) صحيح ١٢٨٣)(٤٨٣/ ٢عب اإلميان () وش ٤٦)(١٢:الزهد ألمحد بن حنبل (ص - ٤٤لحاجتي في مستقبل من :شيء ادخرته لغد " أي:التمر " يا بلال؟ قال:أي» ) من تمر فقال ما هذا«

بخارا في «يوم القيامة " :مر غدا أيلهذا الشيء أو الت:أي» " أما تخشى أن ترى له«:" فقال:الزمانجميع زمانها أو هـو :أثرا يصل إليك فهو كناية عن قربه منها " يوم القيامة " أي:أي» " نار جهنم

وهذا أمر ،فقرا واعدا ما:لا تخش من ذي العرش إقلالا " أييا بلال " و:تأكيد لغد " أنفق بلال " أيومـا :قيـل،الإلى تحصيل مقام الكمال وإلا فقد جوز ادخار المال سنة للعيال وكذا لضعفاء الأحو

أتخشى أن يضيع مثلك من هو يدبر الأمر من السماء إلى :ش في هذا المقام أيأحسن موقع ذي العرتوى} -تعالى -الأرض؟ اهـ. أو ذو العرش كناية عن الرحمن كقوله {الرحمن على العرش اسـ

خاف أن يخيب أملك ويقلل رزقك من رحمته عمت أهل السماء والأرض والمؤمن أت:] أي٥:[طهكان أو الذي يقتضيه مراعاة السجع أن يوقف على إقلالا بالإس:قال الطيبي،والكافر والطيور والدواب

هذا من التكلف في السجع المنهي عنه فـي :أقول،يقال يا بلالا للازدواج كما قيل الغدايا والعشايا )١٣٣٢/ ٤الشرع. مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح (

) صحيح٢٥١٦) (٦٦٧/ ٤سنن الترمذي ت شاكر ( - ٤٥حيث أرشد حبفظ أوامر اهللا تعاىل واجتنـاب - - هذا احلديث الوصية العظيمة من الرسول يف

وأن اهللا سبحانه أمـام ،ويف دنياه وآخرته،نواهيه. وأن اهللا حيفظ من قام بذلك يف حركاته وسكناتهل عليه يف مجيع فال يعلق العبد أموره وحاجاته بغري اهللا. بل يستعني باهللا ويتوك،العبد يعلم ما هو عليه

أحواله وأموره إال ما كان يقدر عليه اخللق. فيسأل اهللا سبحانه بأن يعطف عليه قلوم لينفعوه مبـا

Page 52:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥١

وأن الناس لو اجتمعوا كلهم وحاولوا بأقواهلم وأفعاهلم على أن جيلبوا له نفعا أو يدفعوا ،يقدرون عليه

ر كتبه اهللا له أو عليه. وأن اإلنسان إذا أطاع عنه ضررا أو خيربوه مل يستطيعوا ضرره وال نفعه إال بأماهللا يف الرخاء فإن اهللا جيعل له عند الشدة فرجا وخمرجا، ولريض كل عبد مبا قدره اهللا عليه من خـري

) إن ٥فإن الصرب مفتاح الفرج {فإن مع العسر يسرا (،وشر. ومع الشدائد واملحن يلتزم العبد الصرب ]٢:)} [الشرح].، {ومن يتق الله يجعل له مخرجا} [الطالق٦ر يسرا (مع العس

ما يرشد إليه احلديث:) األمر باملحافظة علـى حقـوق اهللا وحقـوق ٣) جواز اإلدراف على الدابة إذا كانت تطيق (١(

املخلوقني. ) أن اجلزاء قد يكون من جنس العمل.٣({وإن :قال اهللا تعـاىل،إذ هو النـافع الضـار،والتوكل عليه دون غريه،على اهللا ) األمر باالعتماد٤(

يشاء من عباده يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من أو بقلبه أو ،] وقدر ما يركن الشخص إىل غري اهللا عز وجل بطلبه١٠٧س:وهو الغفور الرحيم} [يون

خصوصا إذا كانت احلاجة اليت يسأهلا مما مل جتر العادة ،بأمله قد أعرض عن ربه مبن ال يضره وال ينفعهوحنو ،وحصول العافية من بالء الدنيا وعذاب اآلخرة،وشفاء املرض،جبريانه على أيدي اخللق كاهلداية

ا ال يقدر عليه إال اهللا عز وجل ..ذلك مم وافتقارهم إىل اهللا عز وجل ..،) عجز اخلالئق كلهم٥( ) التنبيه على أن دار الدنيا دار بالء وامتحان فينبغي الصرب والرضى بالقضاء والقدر.٦(له أو ) إن اخللق كلهم لو اجتمعوا على أن خيسروا أحدا أو ينفعوه مل يستطيعوا شيئا مل يقدره اهللا ٧(

عليه. ) إن اهللا ينصر الصابر، وأن مع كل ضيق فرجا وخمرجا {إن مع العسر يسرا}.٨( ليشتد شوقه إىل ما يعلم وتقبل نفسه عليه.،) ذكر املعلم للمتعلم أنه يريد أن يعلمه قبل فعله٩( خلفه ومل يستأثر بالدابة دون غريه. - -) فيه حث على التواضع إلردافه ١٠(بل وحمادثته يف ،) فيه داللة على اللني واملالطفة الختيار ابن عباس الشاب الصغري رضي اهللا عنهما١١(

{ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل :وصدق اهللا إذ وصفه بقوله،الطريق وتوصيته ]١٥٩:عمران

من ظاهر احلديث.) االهتمام بتربية الصغار وهذا واضح ١٢( ) اختيار اجلمل القصرية يف حال تعليم الصغار ليكون أسهل يف احلفظ. ١٣(

Page 53:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥٢

وال يأنف اإلنسان الذي آتـاه اهللا ،) بذل العلم للكبري والصغري لكن على قدر ما ينتفع به املتلقي١٤(

علما من تعليمه للصغار أو من هو دونا منه.يف رواية - -كما فعل ،التعليم تشوق املستمع ملا يقال ) ينبغي أن يذكر مقدمة مناسبة قبل١٥(

هذا احلديث حيث قال " أعلمك كلمات ينفعك اهللا ؟ن "،ألن ابن عباس رضي اهللا عنهما إذا مسـع ذلك شحذ مهته ليحفظهن ويعمل ؟ن.

- -) استغالل الوقت مبا يفيد ففي حال ركوب ابن عباس رضي اهللا عنهما خلف النـيب ١٦( أن يقطع الوقت مبا يفيد من تعليم أو تذكري. - -حرص

فهذه الكلمات مجيعها من أمور العقيدة.،) فيه االهتمام بأمر العقيدة١٧( ومن استعان باهللا أعانه سبحانه.،فمن حفظ اهللا حفظه اهللا،) اجلزاء من جنس العمل١٨(لمات ينفعك اهللا ؟ن " فهذا " أعلمك ك - -) من تعلم هذه الكلمات انتفع بإذن اهللا لقوله ١٩(

يعطي أمهية للحديث. ) يريب احلديث االعتماد على اهللا سبحانه والتعلق به ورجاءه دون غريه.٢٠() يقرر احلديث األعمال القلبية من التوكل واالستعانة والتعلق واخلوف والرجـاء أل؟ا حيـاة ٢١(

اإلنسان وأصل العقيدة.ات والشرور والضرر فإضافة لألسباب املادية على اإلنسان أن ) من أراد حفظ اهللا من املكروه٢٢(

حيفظ أوامر اهللا. ) من حيفظ أوامر اهللا حيصل على مثرتني عظيمتني:٢٣(

حيفظه اهللا من كل مكروه لقوله يف جواب الشرط " حيفظك ".:الثمرة األوىل "احفظ اهللا جتده جتاهك ".يعينه اهللا يف أموره املستقبلية وجيلب له اخلري لقوله:الثمرة الثانية

وهذه املعيـة ،) فيه تفسري ملعية اهللا اخلاصة لعبادة املؤمنني كما هو مذهب أهل السنة واجلماعة٢٤( اخلاصة يف قوله " جتاهك " " أمامك " " حيفظك " " يعرفك يف الشدة ".

ث " احفظ اهللا ولذلك قال يف احلدي،) صالح الدنيا واآلخرة للشخص على قدر حفظه حلدود اهللا٢٥(وهذا اإلطالق حىت يشـمل ،حيفظك " وأطلق ومل يقيد احلفظ يف املال أو الولد أو الصحة أو الدين

مجيع ذلك.) إثبات اسم اهللا " الشكور " حيث أن من معانيه أنه يشكر العبد على أعماله فيعينه عليها أوال ٢٦(

رة فمن جزائه يف الدنيا أنه حيفظ العبد وييسره له كل مث يتقبلها منه ثانيا مث جيزيه عليها يف الدنيا واآلخ عسري وهذا من شكره سبحانه وتعاىل لعبده.

فهو الذي يعطي ومينع"إذا سألت فاسأل اهللا ".،) التوجه والسؤال واحلاجة ال تترل إال باهللا وحده٢٧(

Page 54:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥٣

: " فقال - -وعن عبد اهللا بن عباس ، كذا قال: كنت رديف رسول اهللا يا غلام ، ألا أعلمك كلمات لعل اهللا أن ينفعك بهن؟ " قلت: بلى ، يا رسول اهللا ، قال: " احفظ اهللا يحفظك ، احفظ اهللا تجده أمامك ، تعرف إلى اهللا في

، إذا سألت فاسأل اهللا ، وإذا استعنت فاستعن باهللا ، الرخاء يعرفك في الشدةيء لـم قد جف القلم بما هو كائن ، فلو اجتمع الخلق على أن ينفعوك بشـ

يء يكتبه اهللا في أم الكتاب لم يستطيعوا ، ولو اجت مع الخلق أن يضروك بشـ

" {إياك نعبد وإيـاك وإذا استعنت فاستعن باهللا " مرادف لقوله ،) قوله " إذا سألت فاسأل اهللا٢٨(

] فإن السؤال عبادة هللا.٥:نستعني} [الفاحتة) جاء النص على السؤال دون غريه " إذا سألت فاسأل اهللا " ألن السؤال جيمع مقامات عاليـة ٢٩(

الذل واالفتقار والتوجه واملسكنة واخلروج من احلول والقوة وإنزال الفاقة باملسؤول وإحسـان:منها ومعرفة قدرها وأ؟ا ال متلك ضرا وال نفعا.،وا؟ام النفس بالقصور،الظن به

) من إحسان اهللا سبحانه أنه ييسر العبادة للشخص مث يعينه عليها مث جيازيه ؟ا والشخص ال حول ٣٠( له وال قوة إال بإعانة املوىل سبحانه فله الفضل أوال وآخرا.

حىت إعانته نفسه على ما ،ال ميلك لنفسه حوال وال قوة ) يدل احلديث على أن الشخص ضعيف٣١( يريد ال يقدر عليه إال بإعانة املوىل سبحانه.

وأنه ال غىن له عنه طرفة ،فقر اإلنسان لربه:األوىل:) من أهداف احلديث تقرير مسألتني عظيمتني٣٢(املخلوقني وكمالـه بذاتـه غىن اهللا عن مجيع :عني وال أقل من ذلك وقطع الرجاء باملخلوقني. الثانية

)٥٧:علي بن نايف الشحود (ص -سبحانه.اخلالصة يف شرح األربعني النوويةفهل تعتقد أن إنسانا تغلب على نفسه كل هذه املعاين عقيدة وشعورا ووجدانا فتمألها صالبة وقوة

علماء الـنفس وقد اعترف بذلك املنصفون من ،كال،ميكن أن جتد األمراض النفسية إىل نفسه سبيالإن أعظم عالج للقلق وال شك هو :احلديث. وممن نادى بذلك (وليم جيمس) العامل األمريكي فقال

مستعد دائما ملواجهة ما عسى ،حمتفظ أبدا باتزانه،الرجل املتدين حقا عصي على القلق:وقال،اإلمياناملرء املتدين حقا ال يعاين قط " إن :أن تأيت به األيام من صروف. وقال كارل يونج املحلل النفساين

مرضا نفسيا " وأشار املؤرخ أرنولد توينيب إىل أن األزمة اليت يعاين منها األوربيون يف العصر احلديث إمنا ترجع يف أساسها إىل الفقر الروحي ومن هذا يتضح لنا أن من أهم وسائل الطب النفسي وقايـة

)٢:قني.األربعون الطبية (ت) علي بن نايف الشحود (صوعالجا هو تقوية اإلميان والعقيدة والي

Page 55:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥٤

ا لم يكتبه اهللا في أم الكتاب لم يستطيعوا ،فإن استطعت أن تعمل لله بالرضـريا ، واليقني فافعل ، وإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيـرا كثـ

را واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسـ"٤٦

) صحيح٩٥٢٨) (٣٥٤/ ١٢شعب اإلميان ( - ٤٦

(تعرف إىل اهللا يف الرخاء) بتشديد الراء أي حتبب إليه بشكر نعمته وعدم كفراا واإلحسان فيهـا فإنه تعاىل كما أحسن اهللا إليه. (يعرفك يف الشدة) أي بتفرجيها عنك وإعانتك وإبعادك من كل ضيق

إذا تعرفت إليه يف حال الرخاء جازاك حال الشدة ولذا قال تعاىل يف يونس {فلولا أنه كـان مـن فأخرب أنه ملا تقرب إليه ،]١٤٣،١٤٤) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [الصافات:١٤٣المسبحني (

فرعون فإنه ملا تنكر إىل ربه حال رخائه مل ينجه اللجأ عند يف الرخاء أجناه يف الشدة وعكس ذلك يف].التنوير شرح اجلـامع ٩١:{آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} [يونس:بالئه فقال تعاىل

)٥٧/ ٥الصغري (إذ ما من حادثة من سعادة وشقاوة وعسر ،عنه فيه الحث على التوكل والرضا ونفي الحول والقوة

ماوات ،ونفع وضر،وخير وشر،ويسر وأجل ورزق إلا ويتعلق بقدره وقضائه قبـل أن يخلـق السـفيجب الشكر في ،فسيان التحرك والسكون،م القضاء بما يكونوالأرض بخمسني ألف عام جرى قل

-]٧٨:{قل كل من عند الله} [النسـاء:والصبر في حال الضراء قائلا كما قال تعالى،حال السراءوأن الفـرج وهـو ،-على المحن والبلـاء :أي -مع الصبر -لأعداء على ا:أي -واعلم أن النصر

ولذا ورد:اشتدي أزمة تنفرجي {إن ،أي الغم الذي يأخذ بنفس النفس،الخروج من الغم مع الكربوقد وقعت الآية في القرآن مكررة ليعلم أنه لا يوجد عسر :] قال شارح٦:ا} [الشرحمع العسر يسرالمعادة عين والمعرفة،وهذا مبني على القاعدة المشهورة أن النكرة المعادة غير الأولى،إلا معه يسران

] لا شك ٢٦:{قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك} [آل عمران:لكنها غالبية لأن قوله تعالى،الأولىثم قيـل مـع بمعنـى ،وده فرد منهوالثانية للجنس الذي يحصل بوج،فيه أن اللام الأولى للاستغراق

وإرادة المبالغة في المبنى حيث قصد معاقبـة أحـدهما للـآخر ،وهذا بعيد عن حقيقة المعنى،بعدبـل ،على أن المحن لا تخلو عن المنح،سلية والتنفيسواتصاله به حتى جعله كالمقارن لزيادة في الت

{وما يلقاها إلـا ذو حـظ عظـيم} ،] ٤٩:إنها عينها {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} [البقرةقـدس -والغوث الصمداني السيد عبد القادر الجيلاني ] هذا وقد قال القطب الرباني٣٥:[فصلت

عاره ودثـاره :في فتوحات الغيب -سره ينبغي لكل مؤمن أن يجعل هذا الحديث مرآة قلبـه وشـ

Page 56:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥٥

تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفةار، وعبـد تعس عبد الدين«،قال: - -عن أبي هريرة، عن النبي - ٣٧-

خط، تعـس الدرهم، وعبد اخلميصة، إن أعطي رضي، وإن لـم يعـط سـوانتكس، وإذا شيك فال انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله،

كان في احلراسة، كان في احلراسة، وإن كان أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن ٤٧» "في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع

ويجد العزة فيها برحمة ،ع حركاته وسكناته حتى يسلم في الدنيا والآخرةفيعمل به في جمي،وحديثه

)٣٣٢٥/ ٨الله تعالى. مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح ( )٢٨٨٧و٢٨٨٦) (٣٤/ ٤صحيح البخاري ( - ٤٧

ر) جماز عن احلرص عليه وحتمل الذلة من [ش (تعس) سقط على وجهه أو شقي وهلك. (عبد الديناأجله فمن بالغ يف طلب شيء وانصرف عمله كله إليه صار كالعابد له. (القطيفة) دثار خممل والدثار ما يلبس فوق الشعار والشعار ما المس اجلسد من الثياب. (اخلميصة) كساء أسود مربع له خطوط.

لعمل الصاحل. (انتكس) انقلب على رأسه وهو دعاء (أعطي) من املال. (رضي) عن اهللا تعاىل وعمل اعليه باخليبة واخلسران. (شيك) أصابته شوكة. (فال انتقش) فال قدر على إخراجهـا باملنقـاش وال خرجت واملراد إذا أصيب بأقل أذى فال وجد معينا على اخلالص منه. (طوىب) من الطيب أي كانت

أشعث) متفرق الشعر غري مسرح. (إن كان يف احلراسة) له حياة طيبة وجزاء طيب. (بعنان) جلام. (جعل يف مقدمة اجليش ليحرسه من العدو. (كان يف احلراسة) قام ا راضيا. (الساقة) مؤخرة اجليش.

/.وقيل هو اسم للجنة] ٢٩/. (طوىب) اللفظ من / الرعد ٨(تعسا) اللفظ من / حممد ما يؤخذ من احلديث:

١ - وليس لـه غـرض وال ،ا وجه اهللا والدار اآلخرة؛ فمن تعبد ألجل الدنياالعبادة هي ما قصدوغرق يف ،وسـقط،وهلك،وجعلها مهه وغايته؛ وذا فقد تعس،فهذا ركن إىل الدنيا،مأرب سواها

إال أن يتداركه اهللا تعاىل بالتوبة النصوح.،فال قوام له،مسلكهوقد ،وتربم،سـخط،وإن مل يعط،وأثىن،ومحد،رضي،أعطي منها إن،فهذا قلبه وقالبه معلق بالدنيا - ٢

{ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منهـا :وصف اهللا املنافقني اتني الصفتني؛ فقال تعاىل )} [التوبة].٥٨رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون (

Page 57:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥٦

وحتصيل ،وأما العمل ألجل الدنيا:لشيخ عبد الرمحن السعدي يف شرحه على كتاب التوحيدقال ا - ٣

فهذا ليس ،ومل يكن له إرادة لوجه اهللا والدار اآلخرة،إن كانت إرادة العبد كلها هلذا املقصد:أغراضهاميان البد له يف اآلخرة من نصيب؛ وهذا العمل ال يصدر من مؤمن؛ فإن املؤمن ولو كان ضعيف اإل

أن يريد اهللا والدار اآلخرة.فإنه ناقص اإلميان، ،فهذا وإن كان مؤمنا،والقصدان متساويان،وأما من عمل لوجه اهللا وألجل الدنيا

وعمله ناقص؛ لفقده كمال اإلخالص.،واإلخالص،والتوحيدعلى عمله جعال يستعني به على وأخلص يف عمله إخالصا تاما؛ ولكنه يأخذ ،وأما من عمل هللا وحده

وكاملجاهد الذي يرتب على جهاده غنيمـة أو ،العمل والدين؛ كاجلعالة اليت جتعل على أعمال اخلريفهذا ال يضر أخذه ،والوظائف الدينية اليت يقوم ا،وكاألوقاف اليت جتعل على املساجد واملدارس،رزق

وقصد أن يكون ما حصل له معينا ،وإنما أراد الدين،ه الدنيايف إميان العبد وتوحيده؛ لكونه مل يرد بعمل )٣٥٧/ ٧على القيام بالدين.توضيح األحكام من بلوغ املرام (

املوضوعات الدعوية يف احلديث : التحذير من إرادة الدنيا دون اآلخرة ::من موضوعات الدعوة :أوال

تعس « : دنيا وإيثارها على اآلخرة ؛ وهلذا قال إن من موضوعات الدعوة حتذير الناس من إرادة ال{ من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها :وقد حذر اهللا عز وجل من ذلك فقال ،» . . " عبد الدينار

ي للداعية أن يبني للناس خطر ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا } .فينبغإرادة الدنيا وحيذرهم من ذلك ؛ ألن إرادة الدنيا والعمل ألجلها شرك ينايف كمال التوحيد الواجب

وإرادة الدنيا أعظم من الرياء ؛ ألن مريد الدنيا قد تغلب إرادته تلك على كثـري مـن ،وحيبط العملواملؤمن يكون حذرا من هـذا ،يسترسل معه وأما الرياء فقد يعرض له يف عمل دون عمل وال،عمله

وهذا .وال خيـاف ،وال يرجو ثوابا من ربه،وإياها يبتغي،وهلا يسعى،وهلا يعمل،فمن كانت الدنيا همه وطلبه

{ من كان :عجل له فيها ما يشاء وما له يف اآلخرة من نصيب ؛ قال الله عز وجل ،عقابا على عملهنزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الـآخرة مـن يريد حرث الآخرة

نصيب } .ورضي من أجله وسخط من أجله ؛ قال ،وقدم االهتمام به على أمور اآلخرة،وهذه حال من عبد املال

لمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هـم { ومنهم من ي:الله عز وجل يسخطون } .

Page 58:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥٧

وهكذا حال من كان متعلقا برئاسة أو بغري ذلك من أهواء نفسه ،وسخطهم لغري اهللا،فرضاهم لغري اهللا

وهو رقيق لـه ؛ ألن الـرق ،ه من ذلكفهذا عبد ما يهوا،إن حصل له رضي وإن مل حيصل له سخطفما استرق القلب واستعبده فهو عبده ؛ ألن العبد حر مـا ،والعبودية يف احلقيقة رق القلب وعبوديته

وهذه األمور نوعـان ،وطالب املال الذي ال يريد إال املال يستعبده ويسترقه،واحلر عبد ما طمع،قنعفهذا يطلبه من اهللا ويرغـب ،وحنو ذلك،ومنكحه،ومسكنه،رابهوش،من طعامه:منها ما حيتاجه العبد :

وبسـاطه ،ويكون املال عنده يستعمله يف حاجاته مبرتلة محاره الذي يركبه،إليه فيه مع بذل األسبابومنها ما ال حيتـاج ،بل مبرتلة الكنيف الذي يقضي فيه حاجته من غري أن يستعبده،الذي جيلس عليه

ال يعلق قلبه ا .فهذه ينبغي أن ،العبد إليه الترهيب ::من أساليب الدعوة :ثانيا

تعـس عبـد « :يف هذا احلـديث وهلذا قال ،ال شك أن أسلوب الترهيب من أساليب الدعوةوكرر ذلـك ،بأن يسقط وينكب على وجهه فدعا عليه » واخلميصة ،والقطيفة،والدرهم،الدينارمث ،وهو دعاء عليه باخليبة واخلسارة،قلب على رأسهوهذا دعاء عليه بأن ين» تعس وانتكس « :بقوله ويف الدعاء بذلك إشارة إىل عكس مقصوده ؛ ألن من عثر فدخلت » وإذا شيك فال انتقش « :قال

يف رجله الشوكة فلم جيد من خيرجها يصري عاجزا عن احلركة والسعي يف حتصيل الدنيا قال ابن حجر واشتغل ا عما أمر به من التشاغل ،قصر عمله على مجع الدنيا" وسوغ الدعاء عليه لكونه :رمحه اهللا

بالواجبات واملندوبات " . فينبغي للداعية أن يستخدم أسلوب الترهيب يف دعوته إىل اهللا عز وجل

:القناعة :من صفات الداعية :ثالثا عط مل يرض إن أعطي رضي وإن مل ي« : دل احلديث على أن من صفات الداعية القناعة ؛ لقوله

وطمعه فيما يف أيدي الناس أمـا ،وهذا يؤذن يف شدة حرص طالب الدنيا عليهما ومجعه ألمواهلا،» { وما أوتيتم مـن :العبد الصادق مع اهللا عز وجل فهو يعلم أن الدنيا متاع زائل ؛ لقوله عز وجل

ند الله خير وأبقى أفلا تعقلون } شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عقـد أفلـح مـن « : فينبغي للداعية إىل اهللا عز وجل أن يقنع مبا أعطاه اهللا ويذكر دائما قولـه

» ورزق كفافا وقنعه اهللا مبا آتاه ،أسلم :اإلخالص :من صفات الداعية :رابعا

م الصادق مع اهللا عز وجل اإلخالص ؛ ألن قوله ظهر يف مفهوم هذا احلديث أن من صفات املسليدل على » إن أعطي رضي وإن مل يعط مل يرض ،واخلميصة،والقطيفة،والدرهم،تعس عبد الدينار« :

Page 59:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥٨

مـن أحـب « : أن املتحتم على العبد أن جيعل نيته ومقصده هللا وحده ال شريك له ؛ وهلذا قال

» .ستكمل اإلميان فقد ا،ومنع هللا،وأعطى هللا،وأبغض هللا،هللا ويطمع يف رضاه .،وخيشى عقابه،يبتغي ثواب اهللا،فينبغي للعبد املسلم أن جيعل مهه طاعة اهللا ورسوله

الترغيب ::من أساليب الدعوة :خامسا طوىب لعبد اخذ بعنان فرسه يف سـبيل « : وذلك يف قوله ،دل هذا احلديث على أسلوب الترغيب

قال احلافظ ابن حجـر ،على العمل مبا ينفع املسلم ويعود عليه باخلري وهذا فيه ترغيب وحث» اهللا " طوىب " " إشارة إىل احلض على العمل مبا حيصل به خري الدنيا واآلخرة " : ويف قوله :رمحه اهللا باجلنة ملن عمل هذه األعمال . فقد دعا

الدارين .فينبغي للداعية أن يرغب املدعوين يف كل ما يعود عليهم بالنفع يف الزهد ::من صفات الداعية :سادسا

وال حب الشهرة والظهور بـدون ،إن املسلم الصادق هو الزاهد يف الدنيا الذي ال يرغب يف رئاستهافقـد » طوىب لعبد آخذ بعنان فرسه يف سبيل اهللا أشعث رأسه مغربة قدماه « : عمل ؛ وهلذا قال

وعلى قدميه الغبار ،حىت إن شعره مل يدهن،ما يقتضيهانصرف عن حظوظ وخواص نفسه إىل اجلهاد و.

فينبغي أن يكون الداعية زاهدا يف الدنيا راغبا فيما عند اهللا عز وجل . إتقان العمل ::من صفات الداعية :سابعا

إن كان يف « " : إتقان العمل كما حيبه اهللا عز وجل ؛ وهلذا قال النيب :إن من الصفات احلميدة فال ،أي يكون كامال يف تلك احلالـة» وإن كان يف الساقة كان يف الساقة ،ن يف احلراسةاحلراسة كا

وما هو ألجله وهذا يدل على عنايتـه مبـا أمـر ،وال يهتم بالسبق بل يالزم عمله،خياف االنقطاع. لـئال يهجـم علـيهم ،فإن كان يف احلراسة يف مقدمة اجليش أتقنها،ومالزمته لعمله وإتقانه له،به وإن كان يف الساقة يف مؤخرة اجليش أقام حيث أقيم ال يفقد من مكانه حبال .،دوالع

فينبغي للداعية إذا عمل عمال أن يتقنه ؛ ألن اهللا عز وجل حيب ذلك . التواضع ::من صفات الداعية :ثامنا

إن شفع إن استأذن مل يؤذن له و« : ظهر يف احلديث أن من الصفات اجلميلة التواضع ؛ وهلذا قال وفضـل اخلمـول ،" فيه ترك حب الرئاسـة والشهرة:قال احلافظ ابن حجر رمحه اهللا » مل يشفع

وإن شفع يف ما حيبه اهللا ورسوله مل تقبل ،والتواضع " فهو إن استأذن مل يؤذن له ؛ لعدم ماله وجاههم التفاته إىل الدنيا وأا إشارة إىل عد» ، " إن استأذن مل يؤذن له « :شفاعته . قال الطييب رمحه اهللا

Page 60:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٥٩

ما لي وللدنيا - -على النبـي عن ابن عباس، قال: دخل عمر بن الخطاب - ٣٨-

وهو على حصري قد أثر في جنبه، فقال: يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا؟ فقال:"يا عمر ما لي وللدنيا، وما للدنيا ولي، والذي نفسي بيده مـا

ثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة مثلي وم ٤٨من نهار، ثم راح وتركها"

عجبا ألمر املؤمن، إن أمره كله خريأمره عجبا لأمر المؤمن، إن: «عن صهيب، قال: قال رسول اهللا - ٣٩-

كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، ٤٩»وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له

ومل يقبل ،بل يكون عند اهللا وجيها،ال يبتغي ماال وال جاها عند الناس:ا حبيث يعتين بكليته يف نفسه

)١٠٠/ ٢وعند اهللا يكون شفيعا مشفعا " فقه الدعوة يف صحيح اإلمام البخاري (،الناس شفاعته ) (صحيح) ٦٣٥٢)(٩١/ ٣لشحود () علي بن نايف ا٣ - ١ذيب صحيح ابن حبان ( - ٤٨

ليس لي ألفة ومحبة مع الدنيا ولا للـدنيا :" ما " نافية أي:" ما لي وللدنيا؟ وما أنا والدنيا ") :(فقالألفة ومحبة :وأجمع ما فيها ولذتها أو استفهامية أي،وأنبسط عليها،ألفة ومحبة معي حتى أرغب إليها

رتها ،لي مع الدنيا أو أي شيء لي مع الميل إلى الدنيا أو ميلها إلي فإني طالب الـآخرة وهـي ضـفيقدر من جـنس الكلـام ،ونعمل متعلقة محذوف:قوله،قال الطيبي رحمه اللهالمضادة لها. هذا و

" :قوله ومن ثم طابقه،وهو وجود التنعم والتلذذ بالأغراض الدنيوية أعم من أن يكون بساطا،السابقإلا كحال راكب (" استظل تحـت :ليس حالي مع الدنيا. (" إلا كراكب ") أي:ما لي وللدنيا " أي

ومن ،وقلة المكث:رحيلوهو التشبيه بسرعة ال،وهو من التشبيه التمثيلي:ثم راح وتركها ") ،شجرة ثم خص الراكب واللام في للدنيا مقحمة للتأكيد إن كـان الـواو بمعنـى " مـع " وإن كـان

)٣٢٤٧/ ٨شكاة املصابيح (فالتقدير ما لي مع الدنيا وما الدنيا معي.مرقاة املفاتيح شرح م،للعطف )٢٩٩٩)(١٠٥١:علي بن نايف الشحود (ص -ذيب صحيح مسلم - ٤٩

لشأنه وما له في كل حاله (" إن أمره كلـه ") :عجبت عجبا (" لأمر المؤمن ") أي:" عجبا ") أي{قـل إن الـأمر كلـه للـه} [آل :ئ بالوجهين في قوله تعـالىبالنصب ويجوز رفعه كما قر:

Page 61:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٦٠

لفراغ نعمتان مغبون فيهما كثري من الناس: الصحة وا : " نعمتـان عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبـي - ٤٠-

٥٠ مغبون فيهما كثري من الناس: الصحة والفراغ "

وريا فـي :جميع أموره. (له خير) أي:] أي١٥٤:عمران خير له في المآل وإن كان بعضه شرا صـمظهر :-رحمه الله -قال الطيبي :س ذلك لأحد إلا للمؤمن ") وقدم الظرف اهتماما (" ولي،الحال

ولعل ،انتهى. وفيه أن الإظهار والإضمار مستويان في الإشعار بالعلية،وقع موقع المضمر ليشعر بالعليةثم بينه على وجه التوضيح ،فإنه آكد من طريق التلويح،نكتة هي إظهار الإشعار على وجه التصريحال

كر نعماء وسعة عيش ورخاء وتوفيق طاعة من:(" إن أصابته سراء ") أي:بقوله أداء وقضاء (" شـصبره :فقر ومرض ومحنة وبلية (صبر فكان) أي:أي:وإن أصابته ضراء) ،شكره (خيرا له:فكان ") أي

أن الفقري الصابر أفضل مـن :ال على الإطلاقوبهذا تبين قول بعض العارفني أنه لا يق:(" خيرا له ") ب اختلـاف ،بل حالة التفويض والتسليم أولى،الغني الشاكر والقيام بمقتضى الوقت أعلـى بحسـ

] وقال ٢١٦:{والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة:جلاله الأحوال وتفاوت الرجال. قال تعالى جل ] .٣٠:{إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبريا بصريا} [اإلسراء:تعالى

وإن من عبادي ،بادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لفسد حالهإن من ع( «:وفي الحديث القدسيالفقـر :-رضي الله تعالى عنـه -لذا قال عمر :» ) من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لضاع حاله

مـر طيتان لا أبالي أيتهما أركب. وعلى هذا الاختلاف الواقع بين القوم في طلب طول العوالغنى ممـد التفـويض ثم المعت،أو للاشتياق إلى لقاء الله تعـالى،أو طلب الموت لخوف الفتنة،لطاعة اللهوتـوفني إذا ،اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي" «:في دعائه - -كما أشار إليه ،والتسليم

» " راحة لي من كل شر واجعل الموت،واجعل الحياة زيادة لي في كل خير،كانت الوفاة خيرا ليوإن أصابته ،بطرثم وجه حصر الخير في كل حال للمؤمن الكامل ؛ لأن غيره إن أصابته سراء شبع و

إذا كان شكر نعمة الله :ال بعض أرباب الكمالفإنه كما ق،بخلاف حال المؤمن،ضراء جزع وكفرواتسع العمر إذا نعمة علي له في مثلها يجب الشكر فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام

/ ٨ا وإن مس بالضراء أعقبه الأجر .مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصـابيح (مس بالنعماء عم سروره٣٣١٧(

)٦٤١٢)(٨٨/ ٨صحيح البخاري ( - ٥٠(مغبون فيهما) أي ذو خسران فيهما. قال ابن اخلازن النعمة ما ينتعم به اإلنسان ويسـتلذه. -[ش

مثن املثل. فمن صح بدنه وتفرغ من االشتغال العائقـة والغنب أن يشتري بأعاف الثمن أو يبيع بدون

Page 62:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٦١

ومل يسمع لصالح آخرته فهو كاملغبون يف البيع واملقصود بيان أن غالب الناس ال ينتفعون بالصـحة والفراغ بل يصرفوما يف غري حماهلما. فيصري كل واحد منهما يف حقهم وباال. ولو أم صرفوا كل

ا هلم أي خري.]واحد منهما يف حمله لكان خري:" نعمتان " عظيمتان جليلتان " مغبون فيهما كثري من النـاس " أي ال - -يقول :معىن احلديث

ومها:" الصحة " أي صحة ،يعرف قدرمها وال ينتفع ما كثري من الناس يف حياته الدنيوية واألخرويةمهوم احلياة وتوفر األمـن البدن والنفس وقوما " والفراغ " أي خلو اإلنسان من مشاغل العيش و

وال ينتهزون فرصة ،ال يقدرمها كثري من الناس حق قدرمها،فهما نعمتان عظيمتان،واالطمئنان النفسيوتبدلت الصحة ،حىت إذا مرت وفاتت الفرصة،بل يدعوا متر دون فائدة،وجودمها يف األعمال النافعة

وأدركوا أم قد خسروا نعمة ،عروا بالندموش،تنبهوا من غفلتهم،والفراغ شغال،والقوة ضعفا،مرضاوحزنوا أشد احلزن على ما فرطوا فيه فكان مثلهم يف ذلك كمثل التـاجر ،فغبنوا،صحتهم وفراغهم

حىت إذا شعر بأنه قد نقص رأس ماله حزن وندم على ما وقع لـه بسـبب ،الذي يبيع سلعته خبسارة غفلته. وتفريطه.

الترغيب يف انتهاز الفـرص املواتيـة مـن صـحة :أوال:يأيت دل هذا احلديث على ما:فقه احلديثواالستفادة منها فيما يرضي اهللا تعاىل ألن الفرصة قلما تعود إىل صاحبها ،وجاه،ومركز،ومال،وفراغ

أنـه - -وقد جاء يف احلديث عن النـيب ،ويغتنمها يف طاعة اهللا،فالعاقل من ينتهزها،مرة أخرىيف :قال السيوطي:ال على ساعة مرت م مل يذكروا اهللا تعاىل فيها ".ثانياقال:" مل يتحسر أهل اجلنة إ

:" نعمتان مغبون فيهما كثري من الناس " معناه أن اإلنسان ال يتفرغ للطاعة إال إذا - -معىن قوله وقد يكون صحيحا وال يكـون ،وال يكون صحيحا،فقد يكون مستغنيا،كان مكفيا صحيح البدن

فمن حصل له األمران:" الصحة والفراغ " ،فال يكون متفرغا للعلم والعمل لشغله بالكسب،مستغنيا/ ٥وكسل عن الطاعات فهو املغبون اخلاسر. يف جتارته. منار القاري شرح خمتصر صحيح البخاري (

٢٨٨(

Page 63:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٦٢

٣ .............................................................................. عمال بالنياتإمنا األ ٤ ....................................................... أربع خالل من كن فيه كان منافقا خالصا

٥ ....................................................................... أكثر ما يدخل الناس اجلنة ٦ ........................................................................... إن الدنيا حلوة خضرة

٧ ................................................................... اللهم إين أسألك اهلدى والتقى ٨ ................................................ اتقوا اهللا ربكم وصلوا مخسكم وصوموا شهركم

٨ ................................................................. ليس عندي ما أعطيك إال درعي ٩ ..................................................... من أحدث يف أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد

١١ ............................................................. ابن آدم وعاء شرا من بطنه ما مأل ١٢ ......................................................... من حسن إسالم املرء تركه ما ال يعنيه

١٣ ............................................... وسنة الخلفاء الراشدين المهديني عليكم بسنتي ١٧ ...................................................... من سن يف اإلسالم سنة حسنة فله أجرها

١٩ ..................................................................... لييقول ابن آدم: مالي، ما ١٩ .....................................................................النهي عن املبالغة يف العبادة

٢٢ ........................................................... قد يئس الشيطان بأن يعبد بأرضكم ٢٣ ............................................................. كل أميت يدخلون اجلنة إال من أىب

٢٥ ......................................................................... ما يتكم عنه فاجتنبوه ٢٨ .................................................. الدنيا إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من

٢٩ .............................................. ال يؤمن أحدكم حىت يكون هواه تبعا ملا جئت به ٣٠ ........................................... بما آتاه قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنعه اهللا

٣٢ ........................................ من دعا إىل هدى كان له من األجر مثل أجور من تبعه ٣٢ ................................................................. فاتقوا فتنة الدنيا، وفتنة النساء

٣٣ ........................................................... لا يتمنني أحدكم املوت لضرر أصابه ٣٥ .................................................................... كن في الدنيا كأنك غريب

٣٦ .............................................................ثالثة ال يهوهلم الفزع وال احلساب ٣٦ ................. من تعلم علما مما يبتغى به وجه اهللا، ال يتعلمه إال ليصيب به عرضا من الدنيا

Page 64:  · ١ ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﻪـﻟﺁ ﻰﻠﻋﻭ ،ﲔﻠﺳﺮﳌﺍﻭ ءﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺪﻴﺳ ﻰﻠﻋ ﻡﻼﺴﻟﺍﻭ ﺓﻼﺼﻟﺍﻭ

٦٣

٣٧ .......................................... إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد ٣٩ ........................... ذاق طعم الإميان من رضي باهللا ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا

٣٩ .................................................................... عظم اجلزاء مع عظم البالء ٤٠ ........................................... إن احلالل بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات

٤٥ ....................... من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه، وأرضى الناس عنه ٤٦ ................................................................... ذهب املفطرون اليوم باألجر

٤٧ ................................... إن الله عز وجل ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، وهو يحبه ٤٨ ..................................................................... ازهد في الدنيا يحبك الله

٤٩ ......................................................... صلاح أول هذه الأمة بالزهد، واليقني ٤٩ ...................................................... أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا

٥٠ ............................................................................. احفظ اهللا يحفظك ٥٥ ......................................................... تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة

٥٩ ................................................................................... للدنياما لي و ٥٩ ........................................................... عجبا ألمر املؤمن، إن أمره كله خري

٦٠ ......................................... نعمتان مغبون فيهما كثري من الناس: الصحة والفراغ