حـــياة حديقــة

-2-

unecriv@net.sy: االلكتروني البريدE-mail:

aru@net.syاإلنترنت شبكة على العرب الكتاب اتحاد موقع

http://www.awu-dam.o rg

-3-

مـحــــفــــوظـة كافة الحقوق الـكـتـاب التـحــاد

الــعـرب

الدليمي لطيفة

حـــياة حديقــةروايـــة

-4-

العرب الكتاب اتحاد منشورات من2003- دمشق

-5-

األول الفصل

قالت فقد للتراجع، سبيل ال أن المرأتان تعرفالقلب. ورضخ حكمتها الحياة أن لـه بد ال لإلنسان يحدث فمهما للتراجع، مجال ال

أن لـه بد ال نجاته، نحو أو حتفه نحو سواء قدما، يمضيقدما. يمضي

تسحب صلدة ظالم كتلة من ضوء خيط يسحب من ومثل الحلم وتضع المستحيلة عودته حلم راعشين )ميساء( بإصبعين

الحياة ضجيج لعل وتناديه النافذة أمامها. تفتح عتيقة تعويذه مثلنداءها. تحمل الشارع أشجار في الريح وحركة

يدي.. على يزهر الصيف تعود؟.. تعال.. دع عد... أال ـأنت؟ جسدي... عد.. أين في المضيع الربيع ليفتتح تعال

سماع على قادر غير وهو لنداءاتها يصغي يعد لم أنه تعرف تقول كما اللغة هذه إليقاعات يرتعش قلبه عاد وما غادرها، لغة

تهدر مثلما العاري الفضاء في صوتها تهدر أنها أمها.. تعرفالمستحيل. بالحلم التشبث عن تتوقف وال أيامها

الصدى رجع في النداء يرتد تبلغه أحد ال بالجدران، مرتطماالرسالة.

المدى.. وقتل بينهما المسافات أوصدت أن تعرف ال الحب، تاريخ استعادة وهم في تستغرق لكنها مع متناغمة تعد لم الحب قصة تفاصيل تحيي التي الذاكرة فيه تحرك ومؤثرات آخر وعالم مختلف مكان في وهو ذاكرتهجديدة.. ورغبات حوافز إنما تقلها، لم التي أمها عبارة تهاوى( هذه شيء يستعاد )ال إلى أشارت كلما به تقابلها الذي والتجاهل الصمت بهذا تبلغها)زياد(.. مع قصتها

-6-

المدى.. وقتل بينهما المسافات أوصدت يأسها.. من بإيحاءات تستعيد كانت لعلها )ميساء( أو تسمع

بالقسوة باألهواء الغايات فيها تتشابك مختلطة لغات بلبلة تسمع دوامات حولها وتدور البلبلة تسمع الصادمة، والوقائع واألمنيات

ابتلعتها سفن في غرقى صرخات تشقها غريبة كلمات منمصيرها.. إلى السبيل ضلت بأرواح وأودت الخلجان،

من يتعالى نساء ونحيب أغالل وصلصلة تائهين أنين تسمع األربع العالم جنبات على وقعها يتردد مجهولة بخطى مختلطا

الريح.. مع البيت داخل إلى أصداؤها وتنتقل الرصيف وصورة، صوت لكل الحواس تتفتح أكثر، تسمع الليل في

أثير على تموج وأغنيات غامضة حب شهقات تسمع فيما تسمعالليلي.. والدخان الغبار في الطرقات أخطأ الذي ذلك إلى يرشدها أثر على والنهار الليل في تبحث

عالمة.. على تعثر فال ومضى لم سمكة والخيبة، الشغف تشابك في )ميساء( نفسها ترى

الضحلة األمل مياه في تطفو وهي بعد األخيرة أنفاسها تلفظلحظة.. كل للهالك معرضة

عزاء لها تجد ولكنها التي العظيمة الحياة بذرة في راسخا وترعاها فتناغيها تستفيق بدأت أنها وتدرك قلبها جوار ترقد

إليها.. عودته العصي.. أمل األمل ذلك وتسند لتتفتح نسيت التي المهجورة الحديقة إلى الناعم المطر في تخرج

في تفتحت حمراء وردة زهرة وتدهشها الحروب زحام في صغيرة.. تقطف شجيرة على وحدها النباتي الخراب وحشةأمها.. إلى وتسرع الوردة

رحابة في إنما هي، أعماقها في ليس ولدت البذرة إذن، على الحياة تولد تجف، أن كادت ورد شجيرة على الوجود في اإلنسان تخلق بين يفصل الذي الزمن هو دهر مسافةالوجود.. قسوة رغم الطبيعة في النبتة ونمو تحوالته

تصغي وهي تستعيدها بغداد شوارع في القليلة الحب نزهات يقول تسمعه بالمطر، المنتشية المبلولة العصافير سقسقة إلىرحيله: قبيل لها

آخر منظور من الحياة لنرى يكفي بما عاقالن نحن ميساء، لنا يضمن عيشا العالم.. هذا من بقعة أية في حقيقيا

يعانقها: أمنا وهو ألمها يعودان.. يبتسم عندما البيت فيتسمع.. أن تريد ال شيء.. ميساء يتغير أن يمكن العزيزة.. أال

تذوب وهي محايدة بنظرة عباراته تصد الصارمة األم نظرةالشاي.. قدح في السكر

مفتاح منحتها التي الورد زهرة السماوية اللقية تتأمل ميساء حدث مهما الخاسرة تكون لن أنها لها وكشفت الحقيقية

ويحدث...

-7-

المدينة ظمأ من أفلتت أن بعد تفتحها يكتمل لم ورد زهرةاألمل.. حسابات تعيد جعلتها الحدائق وفناء

شخص على اتكاء دون بذاته يحيا أن المرء بوسع إذن هكذايمكن؟.. وعود.. أال أو جدار أو

يوما... لها يقدمها لم التي للوردة أغنية تدندن مع التمايل بوسعهم وال الزهور يرون عادوا ما المدينة رجال

عذبة كلمة ترديد يستطيعون وال موسيقى إيقاع على أو الريحالجافة.. نبراتهم في موسيقاها لتتوغل مساماته ومن ودخان ورمل وصمت يأس من فتى مثلهم هو

والموتى. الحروب رائحة تفوح وعطر المنثور زهرة وألوان األقحوان شذا عن عزلتهم الدنيا

يرى الجيل هذا من أحد عاد ما الليل، حدائق في العسل أزهار الطبيعة.. في الله خلق روائع من شيئا نعومة من الدهشة وتصعقه ليمون غصن يلمس منهم أحد ال

وعلبة القرنفل زهرة بين يميز منهم أحد وال اليانعة، الخضرةالبالستك. من مصنوعة صباغ في النضرة الحشائش عبير يشم أن نشوة يعرف أحد ال

الندى.. لؤلؤ بحبات رصعت وقد المطر بعد األرض هشاشة وألقت وذاكراتهم األرض وجه مسحت الكارثة على رمادا

الهبة استرجاع منهم أحد يحاول ولم والخمائل، المروجالعظمى..

بمواسم ال الرحيل بأوان الناس زمن يرتبط أن أقسى ما البرتقال قداح تفتح عن يعرفون ميعاد نخيل؟.. ال لقاح أو قطاف

اإلشراقة تلك لديه تبقت منهم أحد التوت.. ال نضج موسم أو والعشب والهواء باألرض يندغم وهو اإلنساني للكائن األولىالبدائي. الجمال ملكوت في ويحيا

القبول سوى تعرف لم بذاكرة وحيدين يهيمون هاهمالفرار.. شهوة في واالنسياق باإلحباط

مشمش زهرة من تشع التي النور ومضة منهم أحد عرف ما أرواحهم يستثنون كيف يدركون ال فهم شباط.. لهذا أواخر في لم طالما النفس إلنقاذ وسيلة يجدون وال األرض خراب من

لهم.. وهب بما اإليمان إلى يتوصلوا المهجورة!.. شمي حديقتنا في ورد أصدق.. زهرة أمي.. لم

العجيب!.. الجمال هذا إلهي.. ما لون.. يا أي عطرها.. انظريخذيها.. انظري،

ساقها من حذر.. تمسكها بحنان الزهرة تأخذ األم أصابعالماء. قدح في وتضعها المبلول النحيل

أمي؟؟ يا أعجوبة أعجوبة.. أليست ـ في )ميساء( عامين الحرب.. أمضت في أبوها فقد عندما

طفولتها طحنت مروعة، كوابيس في تتعذب وهي وغياب ذهول -8-

تسمع األم.. كانت حياة وسممت من تنبت وصرخات أصواتا حجم لها ضخمة مجسدة األثاث.. أصوات من تتعالى أو الجدران

والهواء. الغرفة وتمأل وتكبر تتطاول الضباب، كموجات منتفخ الفراغ في بعينيها تحدق وهي أذنيها وتصم تلهث ميساء

لها.. األصوات مالحقة من هاربةأبي.. أبي..

الحديقة في والنارنج التين أشجار على غزيرة مياه تتساقط من وتتقطر الخضراء األوراق على المطر قطرات وتنساب

األفق.. في بعيدة أضواء العاصفة.. تتحرك تسكن جديد.. وعندما المكان ويضاء وردي بلون العالم ويصطبغ أبيها وجه لها يلوح ثم

غناء... نغمات إلى واألصوات غمائم إلى الظالم وينحلأبي.. أبي..

الرغبة على المضمومتين شفتيها، تحرك وال تناديهالمستحيلة..

أبي.. تشم دخان.. تشم رائحة به وجهها يداعب نسيما حريقا

يقترب.. تشم وجه ويختفي نفسها تغثو اللهب، فوق ينضج لحماالضجة. وتتهاوى األب

أمها الناحل.. تعطيها الفتي جسدها يهمد حتى ميساء تبكي كفيها وتدلك البرتقال بقشور جبينها تفرك المهدئة أقراصها

األعصاب ومنابت أعصابها لتهدئ الخزامى زهور بمغلي ويديها ثم وعنقها وجهها من يسح الذي العرق تمسح األطراف في

الجسد تمسد وهي آيات بضع رقية وتتلو وتحضنها تدثرهاالراعش.. أنفاسها هادئة.. تنتظم إغفاءة في وتروح عينيها البنت تطبق

محياها.. على ابتسامة ظل ويلوح ترى معشبة، وروابي جنات ترى بالثمار مثقلة أشجارا

على يفيض النهر ترى الحب، وعصافير المنقطة والزرازير األبواب، عتبات البلور ألق لها التي الرائقة مياهه وتبلغ األجراف

رصيف بالطات يغمر الذي الرائق البلوري الماء في وحدها تسير صدرها.. وعندما على وترشه وجهها وتغسل منه تغترف المشاة،

مبنى كل خيالها.. وفي مدينة في شامخة مبان ترى عينيها ترفع عيناها تلتمع امرأة وجه نافذة كل المفتوحة.. في النوافذ مئات العظيمة، بهباته األرض على فاض الذي دجلة على تطل وهي سدر من التي األجراف أشجار وترتعش هذا، كل العيون ترى

وتعكس والسماء بالمشهد تحدق تحصى ال وصفصاف.. عيون تنهمر بدأت التي النجوم أضواء فتمتد ضوء شذرات من مطرا النجوم جواهر السماء، هبة لتجمع النوافذ من النساء أكف

وهاجة بالتماعات والمباني النوافذ تضاء وعندئذ المتهاوية، إلى شالالت الضوء ويسيل عجيبة، بألوان وتشع تتوامض

األصوات وتصدح الموسيقى وتتعالى الظلمة وتنزاح الطرقات

-9-

وقد قوسية حركات في الحمام أسراب وتحلق الحب بأغنيات جموع تتدفق بينما السماوي، الضوء أجنحتها بياض على انعكس حيكت سالل في النجوم من المزيد لجمع الشوارع إلى الناس

اللدنة.. الصفصاف وأغصان النخيل خوص من برد، حبات كأنها األكف في تذوب النجوم ترى برهة، بعد

بها فاضت التي الرائعة والمياه البهي النور في بغداد تغرق بينما في المدينة وبعثت السماء أنوار فيوض مع واتحدت األرض األعياد وموسيقى الحب أغنيات وتعالت والماء النور مخاض ساخن قمح وخبز بالهيل مخمر الفجر.. شاي روائح وفاحت جديدة حياة األرض في وحلت الفجر صالة قبيل األمهات خبزته

وبالط األشجار على اللغة عقالها.. سالت من الكلمات وأطلقت )ميساء( تسمع الحقيقة.. و كلمات وقيلت األرصفة، همسا

رقيقا.. تسمع تحس أنفاسا وجهها.. يالمس دفئاحبيبتي؟.. هيا.. يا استيقظت هل

يسح الذي جسدها إليه، يجذبها بالنهر تحس في يعوم عرقابغداد.. على تنهمر تزال ال السائل.. والنجوم الماء بلور

لي أمي.. اجمعي يا بواحدة.. حاول ألمها: أمسكي تقولأمي.. يا منها المزيد

تستحمي.. ثم أن جبينها: سأفعل.. عليك وتقبل تحضنهاإفطارك.. هيا.. تتناولي

موجات يدغدغني.. أمي شهي.. إنه بارد النهر أمي.. ماءبي.. أمي.. تدور الماء

بعض وتدحرج البيت حول تدوم وهي لها تهمس الريحالبيت. سطح فوق الجافة الجذوع

التي الصغيرة البنته بغد يحلم وهو األب قول تردد الريحآثار: عالمة يريدها

مستقبال. لك ذاكرة.. أقيم أعطني تقاطعه، كأنها أخرى مقولة العربية اللغة مدرسة األم ترد

ألما.. أصنع أعطني ـ للعالم رؤيته تسند كانت الواقع في لكنها لك األلم.. ذلك مقاومة على يعتاش حاضرا

كان الذي األب لها يروي عن تنتهي ال حكايات للتاريخ مدرسااألزل.. إلى الممتد البالد ماضي

الرجل وصوت تنام أن تحاول أو تنام الريح، برغم األم تنام المادي، بوجوده الرجل دون وحده عليه تعثر حاضر، المفقود لها ويقرأ يطوقها فهو لذا تفنى، ال وطاقته أثيرية مادته الصوت جعب في المحمول الجبهة بريد عبر قبل من يرسلها لم رسائلدورية.. إجازات في العائدين الجنود

وتنتقل الجسد يرتحل يذبل، وال يفقد ال الرجل صوت األيدي، وتحرق العشب وتجفف والقارات، البلدان في الحروب

النار، من ينجو الرجل صوت األيدي، وتفترس العشب تحرق مثل الليلة ويحط ويتكاثر ويحيا وينمو بالحروف الحرب يطفئ

-10-

أشواقها فتنزف ليلتها، الصوت وسادتها.. يشاطرها على حمامةأعماقها.. إلى

الجسد يحضر الشاقة األنهر أعمال تنتهي عندما الليلة في بتشنجات تكتشفه األلم، وعناء بتعبه جسدها تعرف المتعب، ماكنة على انحنت ما لطول العنق وبألم الوقوف لطول الساقيننور(. )أم مشغل في الخياطة

الخزامى بزيت وتمسده تنهض تشنجه، ويزداد يتيبس عنقها الوسادة على رأسها تلقي وتتمدد، العضالت وترتخي يلين حتىالغاربة.. السنوات عبير يتنفس الذي الرجل صوت جوار

الباردة الظلمة في ترتاح لعلها الوسادة تحت يدها تمدوالمفرش.. الوسادة بين الممتدة

زمن عن يحدثها القدم، في طاعن زمن عن الصوت يحدثهاكثيرة.. شموس بعد سيأتي

وهما وتنام.. ويضحكان يده في يدها تدس مضى فيما كانت الوحيدة البنتهما يتصوران تاريخا بالفوز، حافال نجاحات من عمرا

تستولد والليالي يضحكان تتوالى، والشموس ويرسمان أقماراالبنت. مستقبل

لم التي مدينة آالف العشرة عن تنقب آثار عالمة أريدهاأحد.. يكتشفها

تخترع لعلها فيزياء، عالمة أريدها أنا تدهور يوقف شيئاالناس... أجساد في الزمن

بوسعها كان وتتألم، الشغوفة األم ترقبه عينيه، األب يغمض تهبه أن آخر طفال كان الجنين، أسقطت لكنها أخرى، وأحالما لها.. قال قد الرابع.. كان شهره في الممرضة أنبأتها هكذا ولدا

تكفي؟ جيدة.. أال واحدة ابنة تكفي أخرى امرأة من بالزواج تفكر ألن ولدا؟ تريد تضحك.. أال

الذكور؟ لك لتنجبالنساء.. نامي.. ترهات عن يقبلها.. كفي

ويبتسم.. عينيه يغمض كان مابك...؟

الرباط... قاعة مسرح على الكمان تعزف ميساء أرى بعزفها.. السحر تضارع البديع.. وهي لعزفها يصفقون والحضور

الكمان.. أتذكرين.. على العزف أحد يعلمني أن أتمنى كنت أهديتك حداد(... اسمه )غانم كان كمان مقطوعات عليه شريطاحداد(.. )غانم

نعم.. نهض وقد هادرة.. ينصب موسيقا الرجل يصمتان.. يسمع

بإيقاعها.. الروح تسحق السري.. موسيقا في جسده بنصف عليه، تهب عاتية اإليقاع.. موسيقا تضبط يده الحياة، شهوة تهيج

ثقل تحت تنسحق وهي الليالي يسمع مارشات، طبول.. إيقاع -11-

الجائح.. الهديرتبقى.. وحدها الطبول بيده.. تمسك وهي ابتسامتها وتتسع جانبه إلى المرأة تبتسم

بك..؟ ما تراها؟.. انظر أال التخرج، ثياب في إليها تراها؟.. انظر أال

تراها؟ العرس.. أال ثياب في إليها أنظف وأنا المولود تحمل المخاض.. أنت سرير على إنها

وألبسه الدم بقايا عنه يبكي.. والله إنه له.. أتسمعه أعددتها ثيابايبكي. إنه

يضحك وتدعه وحدها حلمها على القول.. تتكئ من تنسحبيعرفانها.. ال سنين بعد سيأتي لحفيد أشواقها من

لميساء: ويبكي.. تقول الطفل تحمل النجاة.. صمغ األولى، الحليب لبة امنحيه أرضعيه، خذي ليقاوم.... هيا الحياة هبة يمص فمه.. ودعيه في الحلمة اعصري

تخافي.. الوجود.. ال شوط تخافي.. هيا.. ابتدئي ال الليل ظلمة ابنتها، عطاس تسمع الفراش، في األم تنقلب

عن باحثة الوسادة تحت من تنسحب ويدها شيء كل على تحطكلمات. إلى تحولت التي يده.. اليد تتجاذبه وعقلها والكوابيس المرض وراء ما في البنت تذوب

الحياة.. شهية وتفقد الكوابيس بثقل ينحط وجسدها الرؤى معها وتزور معزمين إلى تأخذها أطباء، إلى تأخذها وأعشاب بذور من خلطات لها يقدمون وعشابين مشعوذات يبخرونها وتايلند، كشمير من بها جاؤوا وزيوت، غريبة ومساحيق

المذاق، كريهة أعشاب مغلي يسقونها عطرة، أصماغ بحرقرأسها.. على األحجبة ويعلقون عطر بدهن جسدها يدهنون

ارتشاف عن وتتوقف صمتها إلى البنت تشفى.. تنسحب الالحارقة. واألعشاب المرة المغليات تلك

المرضى )الشافي( يعالج يسمونه رجل باب األم تطرقأصابعه.. في يمتلكها التي بالطاقة

البنت: إلى ينظر أن بعد لألم يقول من ومضطربة.. ليس مفككة بها المحيطة الطاقة هالة

هلعة.. روحها متعبة، انتظام.. ابنتك ويمرر بمفرش الرجل يغطيها العالج أريكة على البنت ترقد

أصابعه بحركة يخلق يلمسه أن دون رأسها فوق أصابعه مجاال أطراف حول الهواء في تتحركان ويداه الجسد فوق الطاقة من

موسيقا إلى تستمع وهي تغفو العينين.. تكاد المغمضة الفتاة تبعث موسيقا العيادة، غرفة في الكومبيوتر جهاز يرسلها هادئة أنها يبدو تنام.. أو وتهدهدها، الفتاة على االسترخاء.. تحنو علىذلك.. تريد

شهرين.. يدوم عالج بعد الكوابيس تعود -12-

التكاليف أرهقتها فقد الشافي إلى الذهاب عن األم تتوقفالمعالج. يقيم )المدائن( حيث إلى بغداد من التنقل وأجور

قلبها شفيف، بأسى مغمورة الليل منتصف ميساء تستيقظ منها، حرمت أطعمة متسارعا.. تتشهى يتوالى ونبضها مضطرب

توقظ وال المطبخ، في تأكله عما دهري.. تبحث جوع يداهمهاأمها..

أنها ما.. مؤكد بشيء تقوم أن بد ال شيئا، تفعل أن تريد تتراجع.. تستسلم وألمها.. ولكنها لنفسها شيء فعل تستطيع

وليال.. أيام ألربعة وصحو نوم في تستغرق طويلة، لنومة األم أمها.. ستعود ستفاجئ تشفى، أن تقرر تستفيق وعندما

بهذه األمر يتم لم إنما أخرى صورة في وتجدها البيت إلىالسرعة.. شاحبا.. ناحال.. المرآة.. تراه في وجهها إلى ميساء تنظر

حول قاتمة دوائر أضالعه.. ترى برزت الهزيل جسدها وترىالفم.. زاوية قرب وردية صغيرة بثرة ترى العينين،

يداها، عليه تقع ما كل تتناول وهي ساعة، كل يحضر الجوعوخيار.. لفت ومخلالت بمشهيات األم وتغويها

األم ترى نسغا وتعيد الوجنتين، شحوب في يسري ورديا استحاالتها عن انشغلت التي المتتالية الطفلة تغيرات في النظر إلى الطفولة تغادر الصبية أن األم تكتشف كوابيسها، بعالج

التي الشرنقة يشق الضامر النحيل الجسد فهاهو األنوثة عتبات ونهم المراهقة نزق من جناحات لـه وينبت عليه ضاقت

النضوج.. ما أطرافها في ويسري متحولة، آالم الصغير الجسد تنتاب

في األلم ويتكثف األعماق في يتململ ما وشيء الكهرباء يشبه الجلد تحت جامدان مستديران قرصان الضامر.. يبرز الصدر

مباشرة.. البارزة األضالع انحناءة فوق ال أمها، تسأل ال لها.. تصمت، يحدث مما الصغيرة تخاف

األلم.. بتجربة إال يتم ال النضج أن األم تشكو.. وتعرف كان أباها أن ميساء تفكر تريده ما هذا أو الرجال عن مختلفا

الزمن تفرك وهي النساء، عن مختلفة أمها ترى مثلما يكون، أن وازدادت البيت وضع واضطرب األحوال ساءت كلما بالدموع

عسرا.. الحياة من نجونا عندما وأنت تفهمين؟.. نحن.. أنا األم: هل تقول

من سلبت حياة الله معجزة.. وهبنا لنا تحققت فقد حربين البشر.. افهمي كباقي اعتيادية حياة حياتنا تكون لن اآلالف.. لذا

هذا.. يذاكر وهو األماسي في يلقنها أبوها كان ما تذكر هذا، تذكر

دروسها.. لها خاسرة؟ أنت الخاسر.. هل إال يضجر والضجر.. ال إياك

الطفلة هي لها يرددها التي العبارات تلك حينئذ تفهم تكن لم -13-

كتاب معها يتصفح واألب عينها بطرف الكارتون أفالم تتابع التيالعلوم..

من ينتهون عندما الظهيرة وألعاب الدعابات تلك فيه أحبت )الشطرنج( )الدومينو( أو لعبة صندوق أمها وتحضر الغداء تناول

على الفائز ويحصل المباريات وتبدأ أبنوس أو عاج من المصنوع العمل جدول من إعفاء أو جديد اثنين: كتاب شيئين من جائزةبضحكة.. الجميع يفوز النهاية التالي.. وفي اليوم في البيتي

إلى تستمع وهي وتصمت الطبيعة ألصوات البنت تصغي مذ أبوها الريح. علمها هفهفة أو األشجار حفيف أو الماء انهمار لسقسقة تنصت الطبيعة.. جعلها أسرار كل الرابعة في كانت

بضجة تستمتع أو الشمس شروق قبيل الصباح في العصافير إلى والحمام العصافير قبائل تعود عندما األماسي في الطيور

أغاريدها.. تردد أو ترقص وهي القمر بزوغ ساعة أعشاشها طيران جائزة يكون جناح موطئ عن لتدافع بعضها مع وتشتبك

الشتاء.. أنهرة استغرق طويللها: يقول أن أراد لعله أو لها يقول كان

يروي طائر وكل النهار كد من تعود العصافير هذه انظري فاز قمح وحبة خاضها معركة عن القبيلة يحدث مغامرته، قصة

يحكي حين يتعلم طائر آخر.. وكل طائر من قنصها ثمرة أو بها برعشات الريش بهجة معلنين الجميع ويضج يصغي حين ويتعلم

الحياة.. صغيرة سوداء حبات تساقط العارية الجافة التين شجرة

في وسقطت الشجرة فوق جفت شهية ثمار مشروع كانتالشتاء.. المذاق عسل يتذكر والفم التين لمذاق يتحلب الفتاة ريق

وحين اثنتين، أو تينة األب ويقطف األسنان تحت البذور وطقطقةلها: يقول المزيد تطلب

تبقى الشجرة.. وما هذه من نصيبك على حصلت ال.. أنتوالحمام.. العصافير رزق التين من

أن تنتظر الكمثرى، شجرة على تحط حمامة انظري.. هاهي تنال حتى تطمئن إن ما أنها نبتعد.. هيا.. فلندخل.. سترين

التين. من حصتها العالم فترى الهواء في ويؤرجحها ذراعيه بين يحملها كان

نهاية.. ال ما إلى ويدور يدوراألب: يقوله كان ما وتذكر ذلك، تذكر هي

ولم كفايته حدود إنسان كل عرف إذا للجميع ممكن العيشالعيش.. حاجة على يزيد ما يأخذ

أبيها؟ قول هذا هل أيامهما عسر في حياتهما أمور تتدبر التي أمها حكمة هي أم

فيها؟ لهما تبقى وبما

-14-

كل نفسها تهيئ وميساء بالبكاء، البكاء على تستعين األماألب.. لقدوم ليلة

كالبشرى بشيء وتحس اليقين، يتملكها معينة أوقات في ترتدي أن إلى اليقين هذا بها فيدفع المساء، هذا لها: سيأتي يلوح

نقشات تزينه أرجواني بلون طويل ثوب لديها.. وهو ثوب أجمل أحد من أمها لها اشترته مخرمات شريط حافاته وعلى هندسية

المتغير جسدها على ضاقت أن بعد المستعملة المالبس باعةطفولتها.. ثياب

الطويل شعرها وتسدل ضفيرتها تفك وهي األم تراهالها.. ظفرته ما لطول متعاقبة تجعيدات اكتسب الذي الكثيف

أملك ال تفكر.. لماذا أملس شعرا أمي؟.. شعر مثل ناعما القبيح؟ الشعر بهذا أبي سيحبني هل

تغيره، أن )ساندرا( الحالقة جارتنا من تفكر.. سأطلب اجعليه لها: أرجوك سأقول أشياء تصنعين أنك أعرف ناعماأخبرتني.. البنات.. أمي لشعر جميلة

التي أمها إغضاب تتجنب )ساندرا( ألنها إلى تذهب ال لكنهاذلك.. بعد بالصمت وتعاقبها بقسوة ستؤنبها

االهتمامات.. هذه من دعك طائشات، بنات ترهات هذه ـ الجعد شعرها وتتقبل تجادلها ولن ستصمت كانت ذلك وعند

إليها نظرة تختلس عندما الجميل أمها شعر من غيرتها وتنسى أمها صدغي عند رمادية خصالت ظهور الضوء في فتكتشف

الجبين.. وأعلىيعود.. أن لدي جميلة.. األهم فتاة أبي بأس.. سيجدني ال

مكسوتان وأريكتان قليل أثاث غير يتبق لم الغرفة، في الناضج.. على التمر بلون أنه أو الرمل، لون لـه محزز بمخمل

النافذة من اليسار جهة وإلى مزركشة وسائد األم تضع األريكتين التي كتبها لوضع ميساء تستخدمها منضدة هناك كانت الواسعة

بقراتها.. األم لها سمحت التي أبيها وكتب قراءتها أدمنت قديم.. باعت راديو وجهاز ثياب خزانة غير ليس ذلك عدا وما

البنت.. عالج مصاريف لتسدد التلفزيون جهاز األم واألب األم زفاف صورة غير شيء ال األيمن الجدار فوق هذا اشتهر وقد المنصور حي )ريم( في أستوديو لدى صوراها

الذين األشخاص عيون على األخضر اللون بإضفاء األستوديو صقيلة مرايا إلى الوجوه وتحول مالمحهم تغير برتوش يصورهم

عسلية.. أو خضراء فاتحة بعيون طويلة بأكمام أبيض زفاف بثوب تقف ميساء تراها كما األم

من غمامة األسود شعرها وتكلل المعة وأحجار مخرمات تزينها بنظرة األمام إلى يرنو الشاب واألب الصناعية والزهور التول

دورة في يرى كان لربما الزائف، العينين اخضرار برغم جامدةالرماد.. لون من لهما القدر يخبئه ما الزمنهذا.. كل البنت تتوهم ربما أو

-15-

أحد عينيها.. وال وتغمض الزفاف صورة أمام ميساء تقفتتخيله.. الذي ما يعرف

على المسدلة الستائر وترى أكثر.. تستدير ستراه.. ستحبه عتيقة ستائر النافذتين، الخياالت فيها تثير ألنها تحبها لكنها جدا

فيوض من المسحورات.. ستائر واألميرات الجنيات وقصص بلوحات منقوش ستائر قماش مع غزيرة ثنيات لـه مخرم نسيج

العشرين.. في القرن من الثمانينات في شائعة كانت رومانسية ثياب يرتدين أميرات أو ملكات بمهابة سيدات المتكررة اللوحات

ثمار مثل أكتافهن تعرت وقد الخصر تحت منفوخة سهرة ضمن يقفن ذهب، تيجان أو زهور أكاليل رؤوسهن وفوق مقشرة أو وينابيع قيثارات وعازفو زهور خمائل فيه فردوس مشهد

من للتخفيف بها ينسمن مراوح السيدات أيدي وفي نافورات بينما الحوامة الطائرة الحشرات بها يطردن أو الجو حرارة وهم المعة طويلة شعر جدائل لهم متأنقون رجال أمامهن ينحني

للسيدات نضرة زهور باقات مع العشق والءات يقدمون هؤالء يبصرن ال وكأنهن الدمى مثل يبدون الالئي المترفعاتالرجال..

وتخال البهي المشهد إلى نظرت كلما ميساء قلب يرتجف تنتقي أو اللوحة فاتنات إحدى نفسها الذين هؤالء من رجال

واحدا.. ترى.. تخطف الحب.. تتمنى.. وترى.. وال سحرهم رافعة شذاها.. تسير وتتنشق الورد بباقة تستأثر إليها، تأخذه

الكثيرة الطبقات ذي ثوبها أذيال تجر وهي الغرفة في الرأسورق.. من بمروحة وتنسم

تغير ألبيها.. الحظت انتظارها أمسية وطوال األيام بمرور واألحزان والهواء للشمس تعرضت ما لطول التي الستائر لون

وجوه على الغضون ظهور الحظت ميساء إن حتى ألوانها، حالتالجامدة.. األبدية وقفتهن في المتكبرات الجميالت السيدات

وتجعد تهدلت قد المدهشة ثيابهن أن ميساء اكتشفتأكمامهن.. في المخرمات وتمزقت الحرير

حلم من يتبق ولم رونقه، المترف المشهد عن وزال وكأن بنضارتها احتفظت التي الزهور باقات سوى الفردوس

الدائم.. الحياة سر فيها نفخت العاشقين الرجال أنفاس السيدات مصائر عن متغاضية الستائر وتفتح ، هذا كل تنسى

ونام القيثارات تحطمت حيث الخيال مدينة في الذابالتالعازفون. الغمائم وأمواج الذهبية بغداد سماء فترى النافذة عبر تنظر

جامدة تقف الغروب، يستولدها التي اللهب جبال مع البنفسجية وبنفسج اللهب يتالشى ما سرعان لكن الناري المشهد هذا إزاء

وتجرف شيء كل تطوي التي الداكنة الليل زرقة في الغيومالمنتظرات.. نسائها وقلوب المدينة بيوت ثقلها تحت

قديمة سيارات تحصى، ال وسيارات سيارات، أمامها تمر منذرة الدوارة الحمر مصابيحها تومض مرور شرطة وسيارات

-16-

تعرفه.. ال بما سيارات الغاز، بائع سيارة تسابق وهي تزعق إسعاف سيارة

الحياة تؤجج وأصوات بألوان الناس.. مركبات وسيارات النفايات وراءها وتترك الشوارع في ذهبية.. أو حمراء ضوئية خطوطا أخرى.. أيام في وتزداد معينة أيام في تتناقص السيارات أن ترى الشارع يخلو وقد ثمة أن فتعرف الخدمات سيارات من إال أحيانا

هناك أن أو التلفزيون، يبثها القدم كرة في مباراة مسلسال مكسيكيا في وبولغ جمالهن صقل فاتنات نساء يعرض مدبلجا وينجبن أعدائهن دسائس يفضحن أو المكائد يدبرن وهن أناقتهن والثروة.. الحب حكايات يعقدون اآلباء مجهولي أطفاال

في وتقف األمل، طقس غروب كل لدى تؤدي وميساء مثل يعودون المفقودين أن معتقدة النافذة، أمام أو الحديقةأمها.. من ذلك سمعت ولربما تريد، هكذا أو األسرى تلك تنام ومعهما البيت ظلمة في والمرأة البنت تنامالكوابيس.. أو األحالم في استغراقهما خالل تتنامى أو العذابات البنت تنام كأنها دفئها مياه في وتعوم األم حضن في أحيانا

من محمية المشيمة مياه في وتسبح الجنينية لحالتها تعود تنسى أن وتريد وتنام عينيها البنت تغلق وجوعه، العالم حروب الرجال وأجساد النساء قلوب على الحروب تذروه الذي السوادالرياح.. في تذروهم أو وتجففهم الحرب تلمحهم الذين

كانت البيت، كائنات أقدم تكن لم الضخمة التين شجرة كل جلدها تغير التي واألفعى جلودها تجدد التي السحالي هناك

أكبر هما )غالب(، المفقود )حياة( وزوجها عام.. وهناك من عمرا والحلفاء الخروع ونبات البري بعشبها الحديقة لكن الشجرة،

أكبر والخباز عبور على الشاهدة فهي فيه ومن البيت من عمراأفالكها.. في النجوم وتحوالت الفصول وتبدالت الزمان العربات وصرير والصرخات األغاني تشربت التي هي المطر.. وانهمار الرعود وهدير القدامى المحاربين خيول وصهيل

تزرع أن وقبل بناء أي يشاد أن قبل هنا الحديقة وجدت شجيرات تغرس أو المعمرة البرتقالية بالزنابق األحواضالياسمين.. شجيرات أو الجوري

األول: زواجهما عام في لـه قالت )حياة( قد كانتالحديقة.. في اثنتين أو نخلة لنا زرعت كنت لو

البيوت في النخيل زراعة أحب لها: ال قال أنه وتتذكروالورود.. العشب عن الشمس يحجب هائل ظل فللنخلة

األقل.. في واحدة نخلة.. نخلة لدينا تكون أن أحب ولكنيواحدة.. واحدة.. سترين.. سأهديك سأهبك

الحرب سنوات أولى خالل ميساء، تولد أن قبل ذلك كان يعرفان ال قلقين، كانا ولكنهما عاشقين كأي وحيدين كانا عندما تتصدع وأيامهما واألفالم الحب قصص تصفه الذي العشق ترف

أية في المدينة على صواريخ بسقوط وأصدقاء، أخوة بموت -17-

والنهار.. الليل ساعات من ساعة الغارات أماسي في الظالم أوان قبل بسرعة المساء يظلم

إيجاده على لـه طاقة ال ما تشتهي الوحام اضطراب في وهي ولم حين بعد رغباتها يحقق بأن يعدها الحرب.. كان أمسية في

نخلة.. لها زرع شيئا.. وال يحقق البيت يدخل الحديث ذلك من عام بعد ربما أشهر، بعد لكنه

يحمل وهو شيئا مربعا، كبيرا شيئا صلبا الجرائد بورق مغلفالها: ويقول المنضدة على الشيء ويضع جوعا.. وتضحك أموت الغداء.. أكاد لنا تحضرين أال ـ

على تتحايل لكنها الطعام، رائحة تحمل بمقدروها )حياة(.. ليسشهية.. وجبة وتعد غثيانها

ورق أصابعها وتمزق تفتحه، أن يطالبها المغلف، لها يقدم من سرقتها حياة.. هل اللوحة.. تشهق وتظهر الجرائد،

المتحف؟ يرسمها.. كانت أن صديق من طلبت بل رسما يأبه ال صغيرا

حكاية أو قصة إلى أحولها أن فأردت أسطواني ختم على أحد به وظلمات صمت من المقدس السومري الرسم نرويها.. أخرجت

إليه.. بنظرتك ليضاء المتحف هذا؟ ما شكرا.. ولكن ـالخسارة.. بداية ـ خسارة؟ أية ـالفردوس.. فقدان ـ وحواءهم؟ آدمهم للسومريين أكان ـ وامرأة رجل للشرح، أو للشك األمر يحتاج ترين.. هل أال ـ

األفعى، ووراءهما والشر الخير معرفة النخلة.. شجرة وبينهماالدانية.. النخلة عذوق إلى أيديهما يمدان وهما لكن البادئة، هي حواء تكن لم يقطفان، انظري.. كالهما ـ

يواجهها. الذي الرجل وتغوي وراءها تقف األفعىأنهما.. يعني أهذا ـ الخطيئة، في شريكين وليسا المعرفة في شريكان أنهما ـ أجل من بالفردوس جازفا الجسد.. بل خطيئة يقترفا لم هذان

السؤال.. وتجربة الشك في نفسيهما فعرفا المعرفة تكن لم األفعى العظيمة( المعرفة )شهوة هي بل شيطانا أرض إلى األزلي الفردوس أمان من أخرجتهما والمعرفةالموت.. مع المجابهة

الذهب؟ بماء مرسومة بنخلة سأكتفي أني أتظن ـبهذا.. سنكتفي أننا أعتقد ـ معرفة؟ شجرة ألبنائنا نترك ولن ـ يعرفوه.. أن لهم متاح هو مما أكثر يعرفوا أن لهم أريد ال ـ

-18-

باألشياء.. المحدودة معرفتهم أمان في ينعمون سأدعهم هذا؟ يقول الذي أنت ـ قلت؟ ماذا ـأخرى.. بطريقة تفكر أنك ظننت ـ عليه يجرؤون ال بما تفكر أن الجميع.. يريدونك يظنه ما هذا ـ منهم.. بدالتفعلها.. ولكنك ـ ـ أنفسهم.. ضد حولي الذين مع أتواطأ أحياناأيضا.. ضدي ـ

ضدك.. أكون أن يمكن منفصلين اثنين نمثل كنا ربما.. إذا المعرفة، وأحاديث الحوارات تنعشها أفكاره، تحب تضحك،

أكثر.. تحبه.. يوم.. تحبه كل في يبثها التي األعاجيب بها ترتفع األشجار ظل يمحي حين النهار غسق في ذراعيه بين يأخذها

الوردي. الشفق لون مع الظلمات وتنهمر النافذة عنأشواقهما.. في الوقت يتقوس

أحبك.. ـ الغد.. نحو التالية خطوته ويسدد بالزمن يمسك الرجل

معا. يضحكاناآلخر. في صورته اإلنسان يحيا كيف يعلمهانفسك.. عن تجهله ما فيك أرى ألني له: أحبك تقول

تجربة يعيش امرأة حب في يتفانى من أن وأعرف أحبك، ـالموت.. تجربة حتى أخرى، تجربة أية من وأبلغ وأسمى أكمل إسعاد عن عجزت والشر الخير معرفة نخلة أن إلي يخيل ـ

األقل. في فهمته ما هذا والمرأة، الرجل فيها تفانى لو يعرف. أن بغواية النخيل ثمرة تشهى لما حقا انشغل لما السعادة امتلكا لو أنهما ترين أال ولكن حقا، ـ

وما نسيناهما ولكنا األيام، أسطورتهما دونت ولما بهما، التاريخ عنهما عرفنا حكاية.؟ وال رسماأساطيره.. إلى التاريخ وليذهب سعيدين نكن دعنا إذن ـ

********

-19-

-20-

الثاني الفصل

(1) يسقط أين ولكن الزمن، من يسقط شيء كل الزمن؟ والدهور؟ والسنوات األيام شتات يجمع من

زمنهم؟ مادة الحزانى يقيس كيف

ــاس فاأليام إجابة من وليس يسأل أحد ال بطريقة آونة كل تقمختلفة.. الذي العقل بسالمة أو بالمرارة، أيامها حياة الست تقيس

على وقدرته القلب بثبات الليالي وتقيس يطاق، ال ما يتحملالجوع.. مغالبة أو العوز ومراوغة المصاعب احتمال

بسنوات عشر الرابعة بلغت التي ابنتها عمر تحسبالفقدان..

الزمن... قياس أدوات إلى بحاجة عادت ما على قادرة الرنانة المنبهات وال التقاويم وال الساعات فالالزمن.. مادة وتحديد الوقت قياس

وفق على الزمان يحسب الذي هو المرأة قلب وحده، قلبها وال الجديدة القرون روزنامات وال اآلالت تدركه ال خاص إيقاعالخفي.. الزمان نبض يالحق أن لسواه يمكن

غشاوة من بيتها عتبات على يتراكم بما األيام حياة تقيس ورق من يتساقط ما مع وتكنسها لها تتصدى التي األحزانالذاوي... الشجر

بالتناقل.. يحدث شيء لها: كل يقول كان كيف؟ ـ معنى تدمير في معينة أحداث تسببت أو لكارثة تعرضت إذا ـ

-21-

هناك أن فاعلمي لديك، الحياة العالم من اآلخر الجانب في أناسا نالوا قد فقدت.. ما أنقاض على بثروة حظوا أو رفاها

هذا؟ كل معنى أفهم.. ما ال أكاد ـ األمر يحدث ـ فما العالم، طرفي في معكوسة بطريقة دائما

حتما.. اآلخر يناله منه تحرمين بهذه تحدث األشياء أن أظن األمور.. ال تبسط أنت ـ

البساطة. أشعلوا فإن حياة يا هكذا هي ـ في تسببوا هنا.. أو حربا

وتتنامى هناك سيظهرون جدد أثرياء فإن العالم من جزء خراباألرض.. من األخرى الجهة في الشركات ورساميل ثروات هذا؟ كل فيه ينتهي يوم يأتي لكن.. ألن ـ متى...؟ سيحدث.... ولكن ـ

أوالدنا.. ربما.. زمن في - ربما خضرة وأن األبد، إلى ماتت الحروب أن البشر يظن أحيانا

فرد قد السالم أن ويتخيلون الموت، سواد زاحت قد الحقول ضحكة تحت تختبئ الحرب أن وينسون الدنيا، على جناحيهالحياةما. يوم في الحروب تنتهي أن بد تفزعني... ال ال ـأمثالنا.. من الكثير يوجد عندما سيحدث ـ

كانت بالصواريخ، المدن قصف بدأ ميساء، ولدت حين حاجة من المقطرة األولى كلماتها تقول أن وتتعلم تحبو الصغيرةللبقاء.. اإلنسان

لها: وقال طبيب إلى أمها أخذتهابها. مبكر.. اهتمي عقلي بنضج تبشر الصغيرة

التي أحالمي تحقق تكون، أن لها أريد كما األب: ستكون قالبها.. التحكم أملك ال ألسباب أقطفها لم

رمل وسينهمر أحمر غبار عواصف في المدينة ستغرق يتبقى ولن واألشجار، المباني على للمدن المحاذية الصحراء

الطيران على لـه قدرة ال ما إال الطيور من المدينة أشجار علىبعيدا..

الشحارير وغابت والزرازير والعصافير الحمام أسراب هجت طيور من يتبق بغداد.. لم على صاروخ أول سقط منذ والبالبل

النزقة الحب وطيور الزمردية بألوانها األنيقة الببغاواتاألقفاص.. في المحجوزة بغريزتها أدركت عندما عادت ثم حين إلى القطط هجت

ستطول.. الحرب أن البدائية حياة وكانت البيت حديقة في القطط من عشيرة أقامت

المسلية.. وخدعها أالعيبها وتتحمل األطعمة بقايا لها تقدم تقف أو وتطعمها القطط صغار تالعب بدأت كبرت عندما

-22-

وتلعق الشمس حتى لذيذ كسل في تتمدد وهي منها مقربة علىالعينين. مغمضة وهي الناعم فراءها

الظهيرة هذه عائدة وهي الحديقة في قطة مواء حياة تسمع فتجد الصوت مصدر عن تبحث ميساء، مع الثانوية المدرسة من

تالعب وهي جافة أغصان كومة وراء مختبئة قطة عصفورا عليه.. تنقض أن قبل مفزوعااألم: لها فتقول القطة لفظاظة ميساء تضحك

الصراع.. على قائمة هكذا الحياة.. هي هي هذه ـ على وتعثر الطالبات كراسات بتصحيح تنهمك الغداء بعد لما انعكاسات اإلنشاء، دفاتر في الطالبات أدرجتها طرف

به.. تحدثهنجيدا.. حكاياتي يستوعبن إنهن األسماء أحوال عن الشيقة بطريقتها البنات حدثت قد كانت الظاهرة الضمائر عمل عن لهن وكشفت والحروف واألفعال

مهيمن. متقدم اسم غيبها التي المستترة والضمائر المتصلة الضمائر من بضمير االسم يرتبط لهن: عندما تقول

ال ما إلى اآلخر في أحدهما ويؤثر يتالزمان والضمير االسم فإننهاية..

الكلمات قوة على وتدلهن القول أسرار عن البنات تسألهاالحياة.. صورة تغير على وقدرتها

به المفعول سيرفع وعندئذ للمجهول يبنى أن يمكن الفعل تقول عنه الفعل مؤثرات زوال بعد عاليا، بهامته ويشمخ رأسه

الجذب لغواية استسلمت إذا إال حضورها ينكسر ال لهن: األسماء نحن مثلنا بذاتها تكتف ولم سواها إلى أضيفت إذا أو والجر

آخر على اتكاء دون بأنفسنا نتحكم أن قدرة امتلكنا إذا البشر،سوانا.. إلى باإلضافة للجر أو للكسر نتعرض فلن

لهن: وتقول حياة الست تضحك البنات، تضحك أخرى.. هنا أشياء هدم أو عجيبة أشياء إقامة يمكن باللغة

الكلمات. قوة تكمنالطالبات: أمام المشاكسة من بنوع ابنتها تسألها

وال خرساء، إحدانا كانت إذا كان.. يعني وإذا حياة، ست ستفعل؟ فماذا اللغة نطق يمكنها

القلب.. حدس سيقودهاالقلب.. مشورة البنات: سيعتمدن وجوه تشرق عندئذ

ساعتين حياة الست تمضي الكراسات تصحيح انتهاء عند األطفال مالبس نور( إلنتاج )أم مشغل في خياطة العمل في

مساء، كل مجموعات خمس حياة الست تنجز الوالدة، حديثي اللينة األجساد تناسب وأقمطة رأس وأغطية صغيرة قمصاناتوا.. الدنيا إلى خرجت التي الصغيرة اليوم خبز عجين بإعداد الليل انتصاف عند حياة الست تقوم

-23-

الحياة.. صار سر لقول طريقة الخبز إعداد صار فقد التالي الزمن.. في للمكوث أسلوبا به يقوم أن يمكن الخبز إعداد أن حياة الست تعرف

يشترى آخرون.. أن تشغيل عاد أن بعد المخابز من حاليا البيت في إعداده تواصل لكنها بغداد، في الكهرباء محطات

الفناء.. أو الحزن لمقاومة وسائلها من كجزء تديم التي ذاتها اللقاح فكرة على الخبز صناعة سر يقوم

التي الخميرة والنباتات.. فهذه األحياء من الحية الكائنات حياة الغد عجين تنضج التي هي األمس، عجينة من النساء تقتطعها

من أحد يعرفه ال ما إلى عمرها يمتد الفعالة.. خميرة بأنزيماتها جيل من تنتقل التي األسالف خاليا تشبه والسنين، الدهور عددالحياة.. لتدوم اإلنجاب عبر جيل إلى

إليه انحدرت هل ساخنة خبز بقطعة يتلذذ حين أحد يدري ال بها جيء جارية خمرتها أو عباسية جدة يدي بين من الخميرة

زوجة يدي بين من جاءت أنها أو بخارى أو سمرقند من سبية برسوم مزوقة فخار آنية في الشعير دقيق عجنت بابلية

الخصب.. ليالي في النساء أيدي بين العصور عبر تنقلت التي الخميرة

وأيام والوالدات الحصاد وأوان الخصوبة ومهرجانات األعراس تخبئ النساء كانت حيث الغزاة مقاومة نهارات في أو الطوفان

خوابي في الخبز خميرة وتخفي تخبو ال لكي الموقد نار جذوة السنين خبز فيفسد عدو يدنسها لئال المعابد، داخل محفوظة

القادمات..

(2) هناك تكون ال عندما المدينة في تتوالد الظلمات من وديان

الليالي.. معظم في كهرباء الكثبان تتبدل مثلما الناس حيوات تتبدل العتمات هذه وفي المصائر تتغير الجهات، إلى وتزحف ليل عاصفة في الرمليةأخرى.. وتتبدد أشياء وتتهاوى إزاء شاي قدح أمام الظهر محنية تجلس وهي عزلتها في صداح تسمع صغير نفطي فانوس غير الغرفة يضيء وال النافذة

من الهارب المطري الصوت لفيروز.. يغمرها حب أغنية لم كأنها الحروب وتبدو بالحنين ترتجف بالندى األمس فراديس

المدن جباه على نيرانها عبرت العالم.. وما هذا في قط توجدالزمان.. عنق على مخالبها أطبقت وال الغافية

فيروز...... مع تردد المهاجر كالقمر المساء في رجعتالبيادر.. حصانك السماء حقولك

يسافر وجهي.. تركته نسيت أنا

-24-

السفينة تأخذ لم البحار سافرت المدينة في تشرق كالنهار وأنت

الحزينة.. ساحتي في تبكي والريح واألحزان...؟ ليلها يدحض الذي الطيف يأتي أين من

والعناصر واألسماء الليل وبحضور عينيك بحزن واتحادي لك حبي أعلن

............... المساء وينزل

الروح... وتتماوج ذاكرة في تدور فاألغنية حياة تتساءل ال يسمعان كانا هنا ليلة، كل رسالة عليهما تهب كانت وهنا معا

صوت مع يتمازج الذي والريح واألمطار الغيوم بصوت السالمفيروز... البهية

صداح وأن النسيان مغارات إلى تراجع الجوع أن لحياة يخيل من بنبع الوقت ويروي الضنك عقبات يعلو ساعة يزيح فيروز

البهية الصلوات يهدئ ضوئي فجر على الليل نوافذ مشرعاالفقدان.. أوجاع

إشراق.. ساعة أو وجد لبرهة ذلك يحدث الليل...؟ هذا في الماطر الصوت يأتي أين من

حياة واقعيتها.. تعرف إلى الحياة وتعود المدينة، تضاء عندما انفعال في يرتعد وجسدها النافذة أمام هناك جالسة تزال ال أنها

والبرد.. الشوقيعلو.... روحها أنين تسمع

تسمع: السفينة تأخذ لم البحار سافرتالحزينة.. ساحتي في تبكي.. تبكي والريح

في الحزن ريح وسكنت الهزال مسه قد الجميل وجهها كان سكن ما الذي الحب ذلك جوانحها في يخفق ساحته... ترتعد الغائب... للرجل يوما

يؤلمك..؟ ماذا أنت..؟ أين فيه..؟ تفكر الذي ما وميساء؟... ال.. ال أنا منك نضيع أن تخشى به؟ تحلم الذي ما تطمئن أن العالم... لك نهاية حتى سننتظرك بهذا حتى تفكركنت.. كنت... أينما أينما

إلى األلم كهرباء.. ويصل سلك مثل جنبها في تمر ألم وخزة من بمرض تصاب أن رأسها.. تخاف جانب في عنقها.. ويتوضع

أن البالد.. تخشى لناس الحرب ابتكرتها التي األمراض هذهأن....... قبل تموت

العافية.. سالم في روحها تحفظ لكي نهار ليل ال.. ستصلي وجهها إلى ترنو وهي بالليل تحدق هكذا تبقى يعود.. وسوف حتى

-25-

الصمت.. وحشة في الشجن اعتراها كلما فيروز تصحبها

األحزان بذرة من األحزان وآخره.. تتوالد الليل أول في النسائم هبوب تحت وتورق الشمس النهار.. تنمو خالل وتكبر

نجمة ببزوغ تتعلق الله سماوات إلى الفؤاد عيون ترسل والمرأةهالل.. إشراقة إلى ترنو أو

صوف سترة ترفو الليل، خالل تنجزها أن عليها كثيرة أعمالميساء.. ثياب وتكوي العث، هاجمها

قصيرة.. نومة من ميساء تهب تفعلين؟ أمي.. ماذا ـ من الحاشية هذه تعجبك أال جديدة؟ تبدو انظري... أال ـ الصوف؟ نسيج

جربيها.. هيا تماما.. هيا جديدة الغد.. ستبدو في سترتدينهاالبارد.. خدها إلى وجهها وتسند الفتاة تقبلها

لنبقى طريقة يوم كل ابنتي.. سنجد يا تهتمي.. سنقاوم ال ـالحياة.. قيد على

تبكي.. عيب.. ال من مرة ألف أفضل ونحن قدرنا لك.. هذا رددتها مرة كم

الحياة نعمة نحمي أن بعودته.. وعلينا أمل لدينا األقل غيرنا.. في يا منك قوتي أستمد وأنا قوية تبكي.. أنت لنا.. ال وهبت التي

الصغيرة... حلوتي كانت ما بقدر البنتها الكلمات هذه تردد ال أنها حياة تعرف

الحافلة حياتها في اليومي الجهاد أضناها وقد التماسك تحاولبالتعب..

مقاومتها. ترددها انهيار من وتخشى الوهن يداهمها وعندما الصباح.. وعشب حديقتها وأشجار الجدران لتسمع مرتفع بصوت

وتسندها.. وقفتها في البيت أشياء تشاركها أن تريد بعيد، بلد )زياد( إلى ويهجرها ميساء تكبر عندما سنوات بعد والكلمات فيروز وأغنية الليالي هذه ذكرى حياة تستعيد سوف

اإلنساني.. وسوف الضعف لحظات في عليها تتكئ كانت التيكلها.. الغد أمسية في تردد

الحزينة.. ساحتي في تبكي... تبكي الريح .....

(3 ) الشائعة، إزاء عجيبة بمقاومة السنوات طوال حياة تحتفظ

وتجده نفسها تختبره بما إال تؤمن ال المتداولة األشياء إزاء لحياتها.. مناسبا

-26-

تظهر.. معجزات عن الحصار أنهر في تتطاير شائعات ينتظرون وهم ضجرهم أمسية في والنساء الرجال يتحدث عن الحصار، بخصوص ما شيء لتقرير األمن مجلس اجتماعات

أربيل.. قرب كنيسة في للعذراء أثيري ظهور يتناقلون أو خارقة قدرات لديهم رجال أو نساء عن أخبارا

المدرسات من حياة تسمع المدرسة في تلك أو المدينة هذه في والبادية الثرثار وادي بين منسية قرية في تعيش امرأة عن

المرض تشفي وهي عداها من كل فاقت قدرات لديها الغريبةالطالع.. وتقرأ السحر وتفك

أنحاء من القرية على يتوافدون بدؤوا الناس أن وسمعت والهبات بالعطايا محملين البالد ثمينة.. وهدايا وذبائح أمواال

على المرضى تزاحم بيديها المرضى من شفى ما ولكثرة بتوسيع القرية سكان أحد فقام لهم متسع هناك يعد ولم القرية

وأضاف بيته وجعلها الدار حوش في صغيرة غرفا أشبه أو نزال افتتاح ذلك تطلب كما الماضية، القرون في المسافرين بخان

الزوار.. حاجات تلبي ومقاه للمشويات مطاعم منطقة بين سيارات خطوط النقل متعهدي أحد وخصص

حمزة(.. )أم خط أسماها القرية وبين بغداد كرخ في العالوي )أم بيت في قديمة بئر وجود عن أحاديث الناس وتداول

المرأة أخبر صالح لشيخ رؤيا بظهور عذبة بمياه حمزة( تفجرتالمرضى.. شفاء على قادرة البئر مياه بأن

نور( )أم مشغل إلى حياة تذهب أن قبل خميس يوم عصر البصرة. الجدة من قادمين زوجها أهل من ضيوف الباب طرق

مهدي.. األصغر وابنها أنيسة وابنتها غالب أم الكبيرة التي ميساء أسعد إنما حياة يدهش لم المفاجئ حضورهم

انتظار لوعة يشاركونها وأقارب أهل بوجود أفراحها ازدهرتالغائب.

محمومة بدت التي أنيسة عانقتها ونشجت، الجدة احتضنتها أحيطت وقد

وانتهز وشاكسها، مهدي عمها قبلها بنفسجية، بهاالت عيناها ولحق مدرستها عن ميساء مع بالحديث وأمه أنيسة انشغال

المطبخ.. في بحياةلها: قال

سوى أمامنا يتبق شفاء.. لم لها يرجى وال مريضة أنيسة أن نخبرها لم المميتة، علتها تجهل هي الكيماوي، بالعالج القبول

نستنفذ أن ورأينا اللمفاوي وجهازها كبدها في تفشى السرطان أن اآلخر... نريد أحدنا ويلوم نندم ال حتى العالج وسائل كل

-27-

حمزة(. )أم إلى نأخذها هذا؟ تقول أحقا؟.... أنت ـ بالمعجزات؟... ال تؤمنين شيء.. أال يحدث ال؟... قد لم ـ

األمل.. تفقد أن أريدها المرض؟ بدأ ذلك.. متى حدث متى ـ من كبير لقدر تعرضت إنها البصرة أطباء قال أشهر، منذ ـ

مختبره.. في تعمل الذي المستشفى قصف حين اإلشعاع تخبروني.... لماذا؟ لم ولماذا ـلديك.. ما يكفيك ـ العالج؟ أمر تدبرتم وكيف ـ كل ذهبا.. نبيع والدنا بميراث اشترت أنيسة أن تعلمين ـمنه.. قطعة فترة

بين الصوف تجارة في يعمل كان غالب والد أن حياة تعرف الصوف بباالت الماعز شعر نسيج يبادل الشمال وبلدات بغداد

وأبسطة النجف بعباءات الجبلي اللباد ويشتري المجزوز الثروة نمت الخمسينيات.. وعندما كتجار جوال تاجر السماوة،

افتتح يديه بين الرجالية األقمشة لتجارة الرشيد شارع في محال شقيقاه أنشأ بريطانيا.. بينما من المستوردة للصابون معمال

فيه، يقيمون الجميع كان الذي البيت هذا شيد الستينيات وفي فباعه الصابون معمل أفلس الستينيات نهاية عند ولكن

وافتتحا البصرة إلى ورحال الشقيقان في التوابل لتجارة محالالهنود. سوق

شيء... كل وتغير التجارة أحوال تبدلت السبعينيات في والد مرض عندها المستوردة األقمشة بتجارة الكساد وحل بين اإلرث ووزعوا المحل الورثة وباع ورحل األخير مرضه غالب في اآلخرين نصيب غالب واشترى وأمهم وأنيسة ومهدي غالبسنوات. بعد فيه تزوجها الذي البيت

الحواف ذات األستكانات في الشاي تسكب وهي حياة تقولالمذهبة:

هنا.. مقتدر طبيب عن لها سأبحث كنت األقل في ـ الكيماوي.. أرجوك والعالج المرأة هذه غير أمامنا يتبق لم ـ

أمامها تظهري حياة.. ال اهتماما أخبرها لقد بمرضها، زائدا فترة يستلزم الذي الفيروسي الكبد بالتهاب مصابة أنها الطبيب

طويلة.. عالج لها؟ قيل بما اقتنعت هل ـمقتنعة.. اللحظة.... أظنها هذه حتى ـ

...... الشافية المرأة أخبار عن المدرسة في حياة سألت عندما

أشهر... منذ بيتها في مقتولة ماتت أنها حمزة( أخبروها )أم شفاء شؤون في يساعدها وكان أخيها أبناء أحد إن ويقال

-28-

في الشافية البئر مياه البياع( ويبيع )حي في يقيم المرضىزجاجات..

عنوانه؟ أحد أيعرف ـ أن يخشى تجارته، على يتكتم إنه يعرفه.. يقال أحد ال ـ

الشعوذة. بتهمة يالحق.........

قرب ركبتها ووضعت ساقيها ضمت وقد نائمة أنيسة كانت تلتم وهي حياة ترقبها السرير، خارج ذراعها امتدت بينما صدرهاجنيني. طفل مثل وتتكور

خرج.. قد مهدي أن فتعرف الباب انطباق تسمع ملتصقة الثياب ترى وذراعها، الملتهب أنيسة جبين تلمس

بطوله.. الحمى ليل عرق تشربت وقد بجسدهاإفطارها.. لها وتقدم ثيابها، حياة لها تغير

الليل: طوال جفن لها يغمض لم التي الجدة تقولدواءها... تعطيها أن تنسي ال حياة ابنتي ـ

عاد قد مهدي يكون المدرسة من وحياة ميساء تعود عندما بائع الرجل عن البحث في مغامراته وأخته ألمه يروي وجلسالشافية: المياه وسألت بيوت أبواب طرقت عشرين، شارع في عنه سألت ـ

قيل المقهى صانع من واستعلمت مقهى في وجلست حالقين، بائع نصحني شيء، على أعثر عقيل( ولم )أبو المضمد اسأل لي

لطفلة: سروال ثمن على امرأتين يساوم وهو المستعملة الثيابسلكي(.. ال )حميد الراديوات مصلح واسأل اذهب ـ

ال )حميد محل يجد في بيته على األوالد فيدله سلكي( مغلقا تناثرت وقد نتنة رائحة منه تفوح الذي الموحل الجانبي الزقاق

المتعفنة.. والخضار السمك أحشاء جانبيه علىمتهدلين بشاربين بدين رجل الباب.. فيخرج يطرق

حميد.. سيد مرحبا ـ ـ أهالالبئر... ماء الرجل.. الذي.. يعني... يبيع تعرف.. هذا ـحمزة(؟ )أم المرحومة أخ ابن ـهو.. نعم ـ يومين.. قبل الشرطة عليه.. أخذته تسأل ال روح بابا ـ

واحترمناه.. عندي.. أكرمناه هنا يسكن عمته.. كان بقتل اتهموه ما لله الحمد وأهلي أنا سترنا هارب... الله الرجل أن تبين

والتحقيقات.. بالمخافر جرجروناعليك.. يستر علينا... الله بابا.. استر روح

.........

-29-

(4 ) وتجمع آالمها على متحاملة أنيسة تنحني حياة حديقة في

الجمر لون اكتسبت التي الكمثرى وأوراق الصفراء التين أوراق وتتألم.. تجتاحها صغيرة منضدة على األوراق تفرش واللهب،

والجلد والمفاصل والعنق العظام كله، جسمها تشمل ألم موجةشيء.. كل قبل والروح

صفراء رمادية قطة إفطارها.. تقترب حياة لها تحضر امتنان نظرة القطة خبز.. تنظر بقطعة لها تلقي منها، العينين

خائفة... تتراجع أنيسة.. بل من تقترب ال لكنها اإلنسان.. ترى لدى األلم ترى الحيوانات أن حياة تحدس

في يجول ما الحيوانات هالة.. تدرك مثل به يحيط األلم لونفتهرب.. الموت شبح ترى أنها أو منها، القريبة األجساد

كرسيين حياة وضعت حيث التين شجرة تحت أنيسة تجلسصغيرة.. وطاولة أبيض حديد من

تتقافز الصباح عصافير تغمض المتربصة، القطط عن بعيدا ضوء وانهمر وجهها عن الشجرة ظل انزاح فقد عينيها أنيسة

الشمس شفرة... مثل قاطعا تكز وهي تتوجع تراها أم االبتسامة، حياة ترى أنيسة، تبتسم

حقيقة تبتسم كانت كالمبتسمة... ربما فتبدو مالمحها علىبذهنها.. مرت لخاطرة

الحديقة... في وتتركها البيت إلى حياة تدخل وهي الضوء وبقع بالظالل محاطة النافذة خالل من تتأملها

هواء خفيف... نفحات مائي بلون المنقط األبيض ثوبها في حول المتناثر الطويل الكستنائي شعرها خصالت تحرك الصباح

التي الشفافة النساء صور من بصورة أشبه وجهها.. تراها بعد ذات كأنها تبدو ناعمة، حلمية، الزجاج، واجهات وراء يعلقونها

أبدا... حقيقية تكون أن يمكن جدا.. ال وشفافة واحد.. مسطحة أنيسة شباب يبثه الذي بالسحر ومفعم زائل شبحي حضور

حديقتها، في الجمال بالغة حياة المرض.. تراها برغم حولهابها... المحيطة الطبيعة من يتجزأ ال فواحة.. جزء برتقال زهرة

لها أين أمها... من أو أخوها عليه يجرؤ لم بما ستنبؤها كيفلها: لتقول والقسوة القوة تلك

الموت.. إلى تمضين أنت شبابها؟ إلى الموت تسلل أين من

البالد هذه أناس يقتلون أنهم أنيسة وتعرف حياة، تعرف من الناس.. هناك يموت وحده باإلشعاع ليس مختلفة، بطرق

يموتون من هناك الغائبين، عودة من اليأس لفرط يموتون يكونوا أن حاولوا مهما لهم تكون لن بديلة أوطان باختيار انتحارالها..

-30-

لها: ستقول كيف الكيماوي؟ للعالج تخضعي أن عليك البداية؟ من تخبروها لم الجدة... لماذا تسأل

ظهور فلننتظر األطباء أخطأ ربما قلنا ثم تنهار، أن خفنا ـباألمر.... مواجهتها عن عجزنا الفحوصات.. ثم

حياة: إليها تخرج نتحدث أن أنيسة.. أريد عزيزتي نتحدث.. لم زمن منذ قليال

قوله، تريد ما وتستطلع عينيها إلى أنيسة تنظر ما أعرف ال بخاطرك.. أتظنيني يجول ما أعرف... أعرف ـ بي؟أنيسة.. ـ نفسي وسأعالج سأقبل المشقة، هذه نفسك على وفري ـعني.. تتخلي ال ولكن عرفت..؟ كيف ـ تأتي أمامها الحاالت مئات رأت التي وأنا أعرف ال وكيف ـحياة.. يا أعرف ال كيف المستشفى مختبرات إلى

ولكن... ـ في معرفته؟.. جاريتهم تريدين ما هذا أهلي.. أليس ـ

بطريقتي.. المرض مقاومة فرصة لنفسي أترك األكذوبة.. ولم خطئي كان اللعبة.. في أجاريهم أن أيضا

العالج؟ في ستبدئين إذن ـ ليحدد الطبيب إلى ترافقيني أن شرط الغد، من ـ

الجرعات.. .........

حياة تجد وتستعد يحدث ما لكل مسوغا أي لمواجهة دوماالمأساة... مياه في يطفون الذين على حنانها تغدق ثم طارئ،

لوجودها، جديدة معان تكتشف بالحياة للتشبث أخرى أسبابانفسها.. أجل جميعا... ومن هؤالء أجل من

جنوح دونما تذمر دونما بصمت، العمل على قدرتها تعرف مثل في النساء من كثير تمارسه الذي الرثائي االستعراض إلى

وضعها.. المشحون الصمت في تعمل المحايد، الصمت في تقاوم

كثيرة.. أشياء عن بالعواطف.. وتتغاضى تقود مجديا.. هكذا الكالم يعود ال عندما الصمت في تنطلق

عنق وتلوي تستطيع ما قدر هي تشاء حيث إلى الزمان خطىحياة.. تغضب أبدا.. ال تغضب الغضب.. ال

تكون ولن هكذا إنها عليه، هي مما أقل أو أكثر تكون لنلها.. مدينين وليسوا بشيء ألحد مدينة

-31-

أشياء فعل تستطيع اللحظة هذه حتى أنها األمر في ما كل في يتبدل الذي إزاء ستفعل حولها.. ماذا ولمن لنفسها جديدة

أنيسة؟ مالمحها يغير صفراء، بوقاحة نفسه عن يعلن المرض هاهو يساقط جزءا حاجبيها.. ويذبل وشعر الجميل شعرها من كبيرا القشرة.. سوى منها تبقى وما عصرت ليمونة كأنه يذوي الجسد،

حياة إلى غريبتين بعينين تنظر مستلقية وهي أنيسة تبتسملها: تقول وكأنها وجلدي.. وشعري أصابعي من تتسرب الحياة أن ها أرأيت، ـ

أرأيت..؟ دافئ، الجو الحديقة إلى تخرجي أن تبالغي.. هيا.. أريدك ال ـطيبة.. هيا بروائح الهواء امتأل وقد

الجــدة ســبقتهما حيث هنــاك تجلســها المترنحة، خطاها تقودوالكعك.. الشاي وهيأت الحديقة إلى

الســماء... تهب في تــتراكض المسرعة الغيوم أنيسة تالحظــمة ــرك نس ــلقات كتل وتح ــبرة المتس ــلها المغ ــوح ويص عطر فخفيف..

ببطء تتفتح المستدقة الصغيرة البراعم قدميها، عند تنظر الطيران سر الطائر يحمل مثلما حياتها سر حاملة الشمس في تحمل فإنها هي يحلق.. إال أن قبل المضمومين جناحيه في سرا

آخر.. تسمع ما.. تحس شيئا خريرا أعماقها.. في يتدفق خفياتصدق.. ال تكاد

أحسن اليوم الحمى... أنا زالت يدي.. لقد أمسكي -حياة ألم.. بدون السير اآلن أقوى.. أستطيع األمس. أجدني من حاال تحلل الغريبة.. رائحة الرائحة تلك تشم حياة.. لكنها تعانقها

تعفنت... شجرة أو ميت، عضو من تتصاعد التي الخالياأنيسة.. يا لك... ستتعافين أقل -ألم

القامة.. منتصبة الخطى ثابتة تبدو أن تحاول أنيسة، تسير وجهها.. حول الفراشات وخفق العصافير أجنحة رفيف تسمعالنضر.. العشب بين تلتمع رأتها نجمية زهرة لتقطف تنحني

ويصرخ الخاليا في المتمدد الوحش يستفيق برهة بعد لكن لوجودها تريد للشمس، يديها بالضوء.. تمد تقاومه.. تحدق األلم،

جسدها تجتاح الحمى.. حرارة وتعود الضوء جزيئات يتشرب أن روحها اتساع تحس المحموم وجهها الندي النسيم كله.. يالمس

قبل... من ترها لم كما حياة الجسد.. تراها وخفة الجسم استجابة بوادر أنها اليوم ذلك مساء الطبيب يخبرهمالمعجزة.... تبدأ للعالج... قد

جهات إلى وتذهب طريقها عن المعجزات تنحرف أحياناأخرى... يتوقعها.. تعرف ال لمن معجزات تحدث قليلة مرات وفي

-32-

النخلة سعفات تخضر حين الطبيعة مفاجآت ترى وهي ذلك حياة جهدها في حياة لتساند الموت معاندة عن وتعلن فجأة المتيبسة

لحتمية األشياء مقاومة عن المزيد وتعلمها الصامت اليوميالكبير.. الفناء في االنجراف اإلنسان فكرة تغير قد السماء أو األرض من صغيرة عالمة

والحياة... والموت الزمن، عن الطالبات والنباتات.. مع الحديقة مع الطويلة حياة بخبرةابنتها... مع المتفتحات، الصغيرات الكائنات في الحركة وأن مريب، شيء السكون أن تعرف

فكرتها.. مع يتطابق مما األمام إلى المضي إمكانية تعني كلها يتجه قدما... أن يمضي أن اإلنسان على -يجب إلى دوما

للتراجع.. مجال فال األمام عن الكشف لها أتيح إن شيء كل تسير التي هي الروح

سرها... الجسد أغالل من أطلقناها لو الوجود سالم تديم التي هي

مغالطاتنا.. ومن وركام الصغيرة المخاوف من روحه إنسان كل حرر لو ماذاالنهائية.. األفكار

مرتقيات إلى اإلنسان بيد تأخذ التي هي الروح أن حياة تؤمنالنهاية.. باستدراج وإن والشفاء الرؤيا

لها أنيسة... أنيسة... تبدو تستسلم الموت.. ال تكافح روحا وال تذبالن التراب. عيناها لون إلى يتحول الناعم جلدها بيسر، نسيت وقد مجاهدتها في األمنيات. تبدو ألق فيهما يظهر يعود

كلها... األمكنة من وهربت الزمن معنى الكراهية تنمو كما مواضعها غير في وتنتشي تتكاثر أوراقها

وطين... رماد إلى فتحيلها اإلنسان روح في لم وهي الروح تنطفئ النهاية؟... حين لحظة سترى ماذا الحرمان... وشقاء الحب هناءات تعرف ولم واحدة بأمنية تمسك

بنفسها اختلت كلما الحرمان تنهدات تتنهد إنها عرفت، لعلها وخذلها... أحبته رجل وجه الفراغ... لعله في ما بشيء وتحدق

الحياة... عيناها ضفة صوب روحها وترسل تجاهد ال... إنها ويمطرها فوقها يتدلى ماء من قمر كأنها الرغبة تالحقان

بالعرق... وكيف الفتاة جسد في المرض يتحرك كيف حياة تعرف

كلمات تسمع ال وأنيسة وأحالمها واللمف الخاليا األورام تلتهممدرسي... نشيد مثل مملة أصبحت التي والتشجيع العزاء عيناها األعماق، إلى ويسحبها يغرقها فالنهر تسمع أن تريد ال

تنهمر الحديقة أشجار ورائحة الغطاء تعتصران ويداها شاخصتان الجو في طوف حلوي شهي العسل ورد عطر الغرفة، على

-33-

المريضة جسد من يتبخر الذي المالح العرق رائحة ويبددالمتحلل.. فم في الالمعة الفصوص وتضع تفصصها برتقالة، حياة تقشر

األشياء.. مذاقات بين يميز عاد ما الذي أنيسةشيئا... أريد ال تتوسالن.. دعيني.. ابتعدي.. دعوني عيناها عظام كيس جسدها غدا أن بعد ذراعيها بين تحملها حياة

تبقى ما لها وتغسل العظام هش رضيع كأنها ترفعها بحذر صغير، عطرته ساخن بماء برفق جسدها وتدعك الجميل شعرها من

توطنت التي المفاصل ثنيات الورد.. تطهر وماء النارنج بورقوالكتفين... والصدر العنق العرق... تمسح بكتريا فيها

تطلق وهي ترتعشان شفتاها العينين، مغمضة وأنيسة أنينا أو األرض أعماق إلى يسيل أصفر شمع وجهها ولون متقطعا، اللوز بزيت تغضن الذي جلدها حياة األعالي... تدهن إلى يتصاعد ال قد معجزة انتظار في ومسكنات، بمنومات لتغفو وتدعهاجسدها. إلى السبيل تخطئ

(5) الوجه على الناعم المطر ينث كما في الري يبعث شهيا الليل فتجعل ميساء كمان من صادحة نغمة تتعالى كله، الجسد والعالم بهيا، الخامد بحياة يحلمن أن للنساء يتيح آمنا، مكانا

ويلتقين األغراض عن منزه حقيقي حب على فيها يعثرن حقيقية، حريق سحجات ترك الذي النار طوق يعبروا لم حقيقيين برجال

أرواحهم على أفئدتهم... في سوداء وثقوبا وتمحو حياة، جسد من الحياة تعب الشجية النغمة تسحب

رحابة إلى تنظر سوف المؤبدة.. وآنئذ الدموع ملح وجنتيها عن وتحاورها الفضي بجذعها الضخمة التين شجرة وتناجي العالم

قديمة... صديقة تحاور كما على القوس سحبة مع يتناغم الذي األخضر أنينها إلى تستمع

الكمان.. أوتار غادة( مدرسة )ست علمتها مثلما النغمة ميساء تغير

درسين تعطيها التي الموسيقى حلم لحياة لتحقق أسبوعيا تقدم شهيرة كمان عازفة ميساء تصبح المفقود: أن زوجها

ببغداد.. المغرب شارع في الرباط قاعة مسرح على حفالتها تالمس حتى تطير ألوانه، وتغير الهواء في النغمات تتمدد

عن تعرف ال وهي أجمعها بالحواس تنصت وحياة الغيم جذور نفسها دربت ما لطول تحولت التي السماع تجربة إال الموسيقى

لمؤلفات أشرطة يسمعها وغالب صوفي صعود إلى فيها التركي أورهان ولمراد البغدادي حداد لغانم شجية ومقطوعات

اإليطالي.. وباغانيني مواجد في الروح فيه تتسامى الذي السماع طريق عن

-34-

الموسيقى.. في أكثر غالب أحبت وحاالت، واكتشفا اآلخر في أحدهما وتفانى أعمق عشقته الدرب معا

السماء... إلى الصاعد الضوئي باعت الكمان، على حصلت عشر الرابع ميساء ميالد عيد في

حياة بحراشف سمكة منها تتدلى سلسلة مع ذهبية أقراطا لميساء تختار )غادة( أن من وطلبت بالمينا ملونة متحركةالمناسب.. الكمان

انطشت كلما ابنتها تدريبات سماع في حياة توغلت وكلما فتملؤه والدماء القسوة استغرقته الذي العالم على الضوء نقاط دخلت قد حياة تكون العزف ينتهي وعندما بحر وموجات أقماراالبكاء... مقام

سيدات ست لديها والعشرين الرابعة في وميساء اآلنالموسيقى. تعلمهن وفتيات

في انتظمت أن بعد لمندلسون، الكمان كونسرتو تعزف قطعة تؤلف أن وتجرب الموسيقى معهد في مسائية دراسات هدية لتقدمها بعيدة أعوام منذ وعقلها خلجاتها تسكن موسيقية

الرباط.. مسرح على بها حلم التي األولى حفلتها في لألب...........

ويتمتمن... وابنتها حياة إلى النساء تنظرنهار.. ليل تكدح وهي الموسيقى ابنتها بطرة... تعلم -امرأةالتلفزيون.. فرقة في عازفة تعمل أن لها -تريد

السمفونية.. الكبيرة الفرق في ستعزف أنها -ال.. ال.. تقولموسيقى! مثلها..! عازفة فتاة ويتزوج سيجرؤ -من وتعزف بنت الدنيا، إلى لنفيته هذا بمثل ابني فكر -لو

الموسيقى؟ مستقبلها دمرت لو لها.. حتى تفعله فيما حرة وهي -ابنتها

الرجال.. منها سيهرب عانس وزر تتحمل التي هي العائلي حياة الفهم... تعرف سوء في اإلدانة... ماهرات في بارعات

ويتسقطن بها، يحاكمنها مثلبة عن يبحثن فسوف فعلت مهما أنهاالهفوات.. لها

تريده ما وتفعل تريد ما تعرف وهي تبالي تبالي.. بم ال لكنهابه... وتؤمن تعرفه ألنها

ورؤيتها لنفسها رؤيتها توضيح في وقتها ضيعت مرات، فلم يتجاهلنها أو يجهلنها التي حقيقتهن أمام للنساء... وضعتهن

مواجهتها.. على ذلك بعد يجرؤنالنساء: تتهامس

والموسيقى.. البنت بسبب قاطعوها زوجها -أهليزورها.. األقارب من أحد -ال

منها.. بالزواج لها قريب طلب رفضت عندما الجميع -نبذها -35-

زوجها؟ موت من تتحقق ولم تتزوج -كيفأمر؟ ولي دون ابنتها مع وحيدة تبقى -وكيف

ويعيش لـه عمل ال الذي زوجها شقيق أمرهما؟ يتولى -منوأمه؟.. زوجته على عالة

إلعالته؟ وزوجته ابنته تعمل الذي المعوق أخيها -أمالزمان... هذا في الرجال من الكثير بإعالة يقمن -النساء العشب أن حواسها، ذاكرة في حفظت ولعلها حياة تعرف بزوغ قبل مثلها تستفيق حديقتها نباتات وجميع واألشجار الديمومة وأسرار الشذا وفوح األرض عبق وتنشر الشمس

الشمس... من شعاع أول يالمسها عندما ذات أنها تذكر أرواحها، الكائنات ولكل حيواتها األشياء لكل

الغارات.. أيام الخبز أعدت أن بعد الحديقة إلى خرجت فجر تعانق العشب روح أن فأحست طري عشب قبضة وقطفت

ال التي المرأة صورة األبدية، صورتها أعماقها من وتطلق روحها األبواب أعماقها في يفتح العشب شيء.. شذا قوتها أمام يقف

الليل على تهيمن حتى وتعلو وتعلو اإلنسانية الروح لتنطلق قبل الحياة في الحياة وتطلق مكمنها من الشمس وتسحب

المناسب.. أوانها في ربما أو أوانها المعادية الطائرات تقم لم السابقة الليلة وفي الليلة تلك أن األخرى.. بدا والمدن بغداد على جديدة بغارات هدنة من نوعا

استفادوا بل الطمأنينة إلى يركنوا لم لكنهم بدأت قد معلنة غير مياه من المزيد على استعداداتهم.. حصلوا لتعزيز الوقت من

وتمر وشاي ومعلبات بقول من الطعام خزين وبعض الشربالتالية... للجولة وتهيأوا

وهذه الطبيعة إزاء يتملكها الذي االنسحار هذا في وهي هو بشيء تتمتم الحية األشياء عمق إلى تشدها التي الصلة

روح بين ما المتدفق السماوي الفيض هذا تمجد كالصالة، النبتة لها تستجيب بلغة األخرى.. تهمس والحيوات اإلنسانالطائر.. ويحسها البرعم ويدركها

(6) وتقوده أعنته من الزمن تمسك بها تمر التي التجليات وبهذه

ومكابدة... عناء ذلك تطلب وإن تشاء حيث إلى تتمنى كما صباح كل تكون أن التحدي.. تريد هذا تحب هي

تطلب للتراجع.. ولن مجال ال قدما، تمضي تكون أن من عونا تدير أن وبإمكانها كائنات مجموع تكون أن المرأة أحد.. بوسع

حلمها... مرايا تراها التي نفسها عون وتوجهها... هي الحياة لها مسننة أوراق ذات عشبة األرض.. تقطع على تنحني

بسرها يبوح الشذى لكن االسم، مجهولة شذية، صفراء زهور -36-

وجمالها..ينادي.. امرأة صوت تسمعالخير.. صباح حياة -ست الرياح وهمس الشذى مع والتوحد االنسحار ذلك من تفلتالعشب.. وطراوة بين يفصل الذي السياج من برأسها تطل خلود، جارتها ترى

الحديقتين.. تصحو التي الوحيدة أنني أظن زياد.. كنت أم الخير -صباح

الفجر.. قبل الماضيات... الليالي طوال النوم نستطع -الغارات.. لم

في الليل يمضيان وزياد وهشام تنامان وال ترتجفان البنتان ننام النهار نفعله.. في شيء الشطرنج.. ال ولعب األخبار سماعقليال..

الطائرات... لعلها.. تعد لم يومين -منذ تحليالت حسب أكبر لهجوم يهيئون يقول: إنهم -هشام

األخبار..يدري..؟ من القصف ينتهي -قد فقط ونحن أنت الشارع هذا في وحدنا يعرف.. بقينا أحد -الالجوار.. بيوت نحرس

أيضا..؟ آخرون رحل -هل الليل.. في البيوت.. خرجوا بغداد.. خلت غادروا -كلهم

وذهبت الشمال إلى وزوجها الثالثة أبناؤها ومعها أمل ذهبت حياة لدينا.. ست بيوتهم مفاتيح النجف.. تركوا إلى باسمة عائلة

ستبقين باقون.. نحن أيضا

ولماذا؟ نذهب؟ أين باقية، أنا حدث -مهما الموت.. ما من بأرواحكم اهربوا مجانين، سعاد.. أنتم -تقول

هنا؟ يبقيكم الذيأيضا.. جنوننا لنا جنونه.. فليكن لـه -كل سنة، عشرة اثنتا عليه مرت الذي الحديث هذا حياة تذكر

القصف.. ابتداء عند بغداد من هجت التي السيارات رتل تذكر واألضرحة والمساجد المدارس بمباني يلوذون الناس كان

المقدسة..البادية.. في القبائل مضارب إلى بعضهم لجأ

وال الزمن في البيوت.. يسيرون تراهم.. يغادرون حياة كانت والمطر الريح تحت متماثلة المكان.. األمكنة في يرتحلونبوصلة: دون يسيرون والخوف

حياة: تتساءليعود...؟ وال يذهب أن اإلنسان بوسع كيف

-37-

كان بعضهم عن ينأى أن مقابل عمره نصف لدفع مستعدا من المتبقي بالنصف سيفعل حياة.. ماذا الموت.. ولكن.. تقول

العمر؟ يريدون ما يعرف... كل أن يريد أحد يدري... ال أحد ال

التالية.. اللحظة في سيحدث الذي ما هو معرفته ضوء شعاعات بغداد عن ويتفرقون الجهات إلى يمضون

آخر يختفي حتى تنطفئ المسير في توغلت وكلما ترتعش هاربةالنفس.. أضواء من فيض

وسوف يألفوها، لم وبيوت مجهولة، قرى إلى يسيرون رائحة مع تتواءم لن التي أجسادهم بها وتتعذب أرواحهم تنكرها

وعتمتها. وزواياها البيوت تلك وطريقة وألفاظهم عاداتهم يغيروا أن عليهم سيتوجب

المتاهات لتتقبلهم أسماءهم يستبدلون وربما لمالبسهم ارتدائهميوم.. كل سيغيرونها التي

والمعلومات... والمخاوف الجوع تتقاسم الهاربين قوافل نوبة تحاصرها أخرى الطريق، على المخاض يجيئها امرأة

يرافقهم.. قلق والموت قلبية.. يمشون نوبة تداهمه شيخ ربو، قيد على المركبات.. يبقون وهدير خطاهم وقع على ينمو أيامهمسيعودون؟ يتسع.. هل والخوف الرحيلالجواب... امتالك يدعي أحد ال

بثقل تنحني السنابل الطرقات، على تتماوج الشعير حقول غامض شجر من تخوم الحقول وراء ومن الريح، تحت حبوبها

السيارات، في بصمت ينتحبن البنات بعض البراري، وراءها تمتد مستقبلها تركت ألنها بغداد إلى العودة تريد إحداهن فوق معلقا نسيت ثالثة حبيبها، تودع لم ألنها تعود أن تريد أخرى فتاة نافذة،

إلى ستفضي واعترافات القلب أسرار وفيه مذكراتها دفترعليه.. أحدهم عثر لو فضيحة

على األعوام كتبته الذي سعاداتهن تاريخ األمهات تبكي ألنهن بمرارة يبكين الوحيدات وألوانها.. النساء الجدران صدوع ولن وطأته وسيحملن كله العمر سيدوم الوحدة طعم أن يعرفن

حياة... رفقة أو ألفة الفرار يعوضهن لكنهم بالغيوم، محجوبة القطب ونجمة بوصالت يملكون ال

يسيرون.. يمضون بهم يتجه أين إلى يعرفون ال ولكن قدماالمصير.. أضواء آخرون النهار.. يرى خالل سرابات البعض يبصر

أنهم المسافة.. يتوهمون تبتلعها ما سرعان األفق في تومضوالظمأ... والخوف العناء عليهم اشتد كلما يقتربون

يمضون.. وال تدفئهم، ونيران ومطاعم بمحطات يحلمون لكلمة يعد سيعود.. ولم الذي ومن سيصل، الذي من يعلمون

-38-

اتجاه يعرف المرء يكن لم )األين( إذا فما )أين( معنى،المصير..؟ يواكبون الذين لألدالء رهائن للخوف، رهائن صارواالجبال... قرى بين المترحلين جزر مدينة بغداد تصير المطر، مياه برك الشوارع في تتجمع

في البيوت سكان ويحبس األحياء يعزل وقوارب.. طوفانمنازلهم..

المطر ضجة في أصواتا، الليل في حياة تسمع أن يحدث الباب.. يحدث على طرق إليها يتناهى األصوات تكون أن أيضا

المطر.. لعبة صارتا واألرواح وهما.. المدينة أذرعها تضرب التين شجرة أحد.. إنها ال النافذة، من تطل

وهي كرسيها على السياج... تتكئ لدى وضعوه خشبي لوح على ويحرك الحديقة عراء في يضرب العاصفة وصوت للريح تنصت زينة ترى الجبال، مهاوي في سعاد ابنتي ترافق وحياة الشجرالثلوج... فوق مسرعين رجال بيدي محمولتين ورانيا

بالدم.. مضرج أبيض شيء كل العالم، يغرق الدم الثلج على الدامي الشفق احمرار تسكب الغاربة الشمس

تسيل والثلوج األعالي.. من دما تحمل وإحداهن يبكين كثيرات نساء طفال فوق وتركض ميتا

على األم الثلج... تقع في ويدفنانه رجالن منها الثلوج... يأخذهوتصرخ.. ركبتيها

الشاي تحتسيان معها وسعاد حديقتها في ثانية نفسها ترى عن ورانية، زينة ابنتيها عن حكايات لها وتروي التين شجرة تحت

وانهيارهما... الغارات من رعبهمالها: تقول وهبتهما الرعب... ولكني من روحيهما ألنقذ بهما هربت

حيث مثلي... ابقي تكوني حياة... اثبتي.. ال اسمعيني للموت يستثني وال األمكنة كل في أنت... فالموت أحدا.... أو مكانا

*******

-39-

-40-

<<< الثالث >>> الفصل(1)

ميساء(( أوراق ))منلماذا؟ أسأل ال

والموت؟ الحياة وجدت لماذا المرء يعرف وهل أنفاسي، مكتملة... تنبهر دائرة في للركض أندفع

ذاتها... النقطة إلى الدائرة تعيدني الركض، أواصل الدائرة في الركض منفذا... أعاود أجد ال اإلفالت، أحاول أجد فال الموصدة هو موصد.. جنون... هذا شيء كل أحدا

إذا اإلنسان يخاطر بماذا شيء.. ولكن بكل الجنون... أخاطرشيئا؟ يملك ال كان

في اآلن تمضي.. أنا به. السنوات الزمن... سأجازف لدي الثقيلة.. اللحظات بالزمن... أبدد والعشرين... سأجازف الرابعة

الزمن؟.. بي يمضي أين ولكن الزمن قبضة من أبددني... أفلتوعدم.. كوابيس،

الهاويـة.. حــبي حافة على المترنحة الحب قصة غـير أملك الوحدي.. أحد.. حبي أي حب وليس أنا حبي لزياد... باألحرى

اآلثار... لم قسم في تخرجت عامين عامان.. نعم.. منذ من المزيد على إال الحياة في أنقب لم الباليا غير أكتشف

بضريح.. أتعثر خطوة كل الميتات، أساتذتي... مع التنقيب عمليات في شاركت واحدة مرة )أور(... موقع في العمل تجربة على تقوم كانت التخرج أطروحة

بالزمن. أعبث وجدتني هناك دهر على صغيرة.. وأتفرج فخار دهرا.. قطعة أستخرج بناؤوها فكتب السالم أرست حاكمة ساللة من آجر آخر.. شظية

توأمان... كيف والحب والعمدة... السالم اآلجر على حب قصائد مفارقة.. والدم والجو البر في الحرب نكابد ونحن الحب في أقع

وأنا البهجة أعالي إلى الصعود رجفة وتنتابني أندهش، كنت

-41-

ولد يندثر.. حب لم سومري بحب الناطقة الشظية بيدي أمسكالسالم.. نشوة في

أن بين احتدام من أعماقي في يعتمل بما يبالون ال كانوا انعكاسات أحب... أجهل ما وأجهل غابرة حب قصص اكتشف

عرفت لكنني زياد، يريده ما أعرف أنني ظننت حبي، على زمنييريده.. ال ما

أبالي.. حقيقة.. ال يريد عما يكشف وال عالنية ينكره ما ينكر إنه مفتاح صارت التي النافذة أمام الليلية وقفتها تغير ال أمي سأعرف

األمل.. ملكوت إلى دخولنا الغرابة.. من شيء على تبدو حياة وأمي أمي، حياة حياتنا،

العالم... هذا على غريبتان امرأتان نحن ال؟ نعم.. لم مصائرهم تغيير إلى الناس وجنوح التحوالت خضم في يشبه ال فريد، عيش حياتنا... أسلوب البرق يلوح مما بأسرع

معارفنا... الناس أقرب حتى الناس عيش أساليب أي من عون أي تقبل ال أحد، علينا يشفق أن ترفض أمي

الشجرة.. هبة الطبيعة.. حنو عون حسب كائن... تتقبل أو قريب مهدت الجوع مقاومة في أمي الزهرة.. خبرة العشب.. عطايا

لخراب نستكين أن نحاول يأس... ال دونما البقاء البقاء، سبل لنا وباآلخرين بنا يلم أمر وكل يذوي شيء كل من نتعلم بل العالمالتالية.. لحظتنا في نخطو كيف

فقد باألحرى جديدة الجديدة... ليست العادات أمي... تفكك قدراتي اآلن )استثمر العشرين القرن منتصف منذ داهمتنا

االنجراف في حياتنا إلى تسللت التي التاريخية(... العاداتهناك... من اآلتية الحضارة ظواهر نحو الجنوني علينا تحرم كانت وأبي، هي زواجهما منذ ربما طفولتي، منذ

على غذاء... ترغمنا من ومستورد ومعلب مصنوع هو ما كل بناء ويعيد حياتنا ليالئم طورته الذي الموروث بأسلوبها القبول

عاداتنا... تكون أن تصلح نفسي... أم إليها.. أغبط انظر كونية أما

والتراب... والمياه للطبيعة واألشياء للبشر جياشة... تتجه عواطف من ينبني وعالمي أمي عالم عالمنا،

كالعصور طبقات في تتراكم أهدافها... ال نحو مستقيمة بخطوطشمسي... ظهور في نفسها عن تعلن بل لسومر الحضارية

الحديقة في تراب قبضة من نهارنا تشكل أراقبها.. وهي شذا شجرة... تمزج ونسغ عشب حزمة من قمح، وحبوب وجبة لي وتقدم يانعة وورقة ثمرة رحيق مع المتفتحة الزهرة

البقاء... لحياتنا أرادته الذي التشكل في تحبسنا أمي أن لي يخيل

العيش في طريقتها وتصير في بيتنا... أراه يبطن )بيتا( ثانيا أجد ال )سجنا(... وعندما وحزني إحباطي ساعات لإلفالت سبيال

آثارية، بقراءات غضبي بالصمت... أبدد ألوذ سجنها، ومن منها -42-

وأنام.. يوميات بكتابة حلمها كان أمي... ربما تحلم عن الحيوي دفاعها من جزءا

البالد... هذه في والحياة النفسلي: وتقول مختلف، بعالم تحلم نكتفي بأنفسنا... وال حياتنا... نبدأ نصحح األقل -فيبالحلم... لنا تقدمها التي الحياة ليست أراها كما لي: الحياة تقول للوجود... شكل آخر شكل والتلفزيون.. إنها والصحف األسواق

الصفاء.. وشديد بسيط أفكار عن لي تكشف أن دون ساعة، يوم.. أو يمر يكن ولم عمتي رحيل فاجعة أواجه كيف القادمة.. علمتني أليامنا جديدةومضت... معها عذابها حملت التي أنيسة

جدتي وموت أبي غياب استمرار ألتحمل أمي ساندتنيأمه...

صاروخ دك عندما العجيبة وقدراتها روحها سعة واكتشفت وتبنت الصغيرتين وشقيقتيه وأباه أمه وقتل زياد بيت الحضارة

حتى الدراسة البالء... ومواصلة احتمال على وأعانته الفتى أميالفنون. كلية من تخرج

أن بوسعها األحزان هذه كل تحمل امرأة أن أصدق ال... ال أعجوبة؟... ربما... بها.. أهي المحيط للعالم الحب هذا كل تقدم

لي: تقول ولكنها من الصورة... ليس هذه على اإلنسان يكون أن -يفترض

اإلهمال.. من أبقى الكراهية.. الحنان من أيسر عجب...الحب أن البساطة في غاية بسيط ألمر أملكه... إنه ما إال أقدم ال إنني

النفس... وتشوه الروح تدمر الكراهية إنسانيين... جربي نكونأتعلم... وال هذا... أتعلم لحظة... تعلمي كل بناءنا يعيد الحب

أو بانفعال معها أتعامل األحداث، تفاجئني أمي، تدهشنيشيء... يفاجئها أمي.. ال الغضب، من شيء

مبررا... لـه تجد يحدث ما كلتتوقعه... ولسوانا لنا يحصل ما كليدهشها... وال مستبعد غير اآلخرين من يأتي ما كل

لي: تقول وكل ممكن، شيء اإلنسان.. كل هو الحياة... وهذا هي -هذه

تندهشي... وال تعجبي العصر... ال هذا في جائز شيء لما أندهش وال أعجب ال بشيء.. كيف أعلق اصمت... ال

يحدث؟ كوابيس لي وتعود بعدها أنتكس بصدمة أصاب ال كيف

المباغت؟. سفره في زياد يغادرنا الصبا.. عندما أدوية كوابيسي.. أتناول التأمل... أعالج لحظات أطيل أصمت،

لهجة وتتصاعد األحوال ترتبك حين النسيان... أصمت أحاول -43-

معها... حواري في الغضب تستبعد مرئي... نظراتنا حوار بيننا يقوم الصفو لحظات في

واأللفاظ... الكلمات تحتمله ال ما وتقول اللغة متى تدرك رأسي، في يدور ما تعرف أفكارنا، نتبادل

يشغل ما الخوف... أعرف ويتلبسني الكوابيس تداهمنيالصمت... ذهنها... نواصل

بها... أتعلم أعترف وال أخطائي عن لنفسي أكشف وحدي من آنسة بقايا إلى وحولتني األحزان سحقتني كلما جديدة أشياءالحروب... بنات

عن مسبقة أفكار بسطوة محكومة كنت أنني أكتشف في وقعت أمي.. لذلك أمي... ومثالية أفكار والحياة، اإلنسان صورها وبين حقيقتها في األشياء بين أميز كنت وما االلتباسالناس.. بين المتداولة الزائفة

ما... تدور لشيء أثر عن الليل... تنقب أقاليم تعبر أمي أرى أراها العجيبة حديقتها والبيت... في الليل حول تدور حولي روحا

ونهوضها... األشياء انهيار وترى الدنيا تغيرات حامية.. ترقب وتتكاثف الورد شجيرات الحديقة... تزدهر في وهي أراها وشجرة تخضر التين العسل... شجرة وزهر الياسمين متسلقاتمذهبة... قناديل بثمارها تلوح الكمثرى ترى نادرة.. لعلها بابتسامة تشرق أمي الذي غير شيئا

مجلوة الغرف وهجا.. تبدو البيت على تضفي وهي أراه... أراهاالشمس... بألوان تشع واألبسطة أبي... أو غياب قبل األمس في ترانا تبتسم... لعلها أمي

إلينا... عودته بعد الغد في ترانالي: تقول

يديه... اخفضي بين الطبري وكتاب أغفى إليه.. لقد -انظريينام.. الستائر... دعيه المسجل... أسدلي صوت

الغرفة... تأخذ مصباح وتطفئ بغطاء وتدثره إليه تذهبالنضد... على وتضعه الكتابكوابيس..؟ ضمن أتخيله أم ذلك أرى هل

ويجف أشجارها تختفي تتضاءل، النافذة.. الحديقة أمام أقفوالمتسلقات... الشجيرات عشبها... تتهاوى

غياب باكتمال تقر ال إذ تترمل لم التي المترملة وهي أراهاالحداد(... ثياب أرتدي ولن أرملة لست المفقود... )أنا

أرى لهبا، أرى األقدار لوح األمس.. في ألواح من لوحاهنا: مكتوب

الحب حضارات غربتالحروب فينا وأشرقت

أمي... دموع مع الشرق المغرب..... ويشرق في يغرب زياد

-44-

وأمي.. والنهرين البحر يطال اللهبالمطر.. أمسية في نوح حمامة تستدرج وأميأمي: تقول يعود واليمام قتل طوفان -هذا بالدم.. مضرجا النافذة أمام واقفة سميك صوفي بشال تلفعت وقد أراها

الغرفة فضاء فقسم القمر نور من أبيض فيض عليها انهمر وقد أسود أمي... ونصف يغمر بارد رمادي نصفين... نصف إلى

الغائبين... وأشباح أحزاننا يخفي القمر.. شفتاها بنور المضاءة وجنتها على تلتمع الدموع أرى ترى أو بالنجوم وتحدق عبراتها تغالب وهي ترتعشان نجما مذنبا

برج في القمر دخول عن وتكشف الكون عمق في يتالشىوالميزان... األسد برج بين خطين تقاطع ترى أو الحمل

بوسعها فصار األلم صدع أصابها عندما تفتحت أمي بصيرةالرؤية... إمكانات وراء ما إلى والنفاذ والحواجز الزمن اختراق

كم فأتساءل بشيء.. تبكي تبوح وال بشائر، تبصر نذرا، ترى فقدان منذ عشر األربعة أعوامنا على فاض دموعها من طوفاناأبي؟؟ أملك ال وهي أتيقن ولكني الطوفانات لقياس مكياال

البالد نساء عن الدموع ضريبة تدفع أنها البكاء في مستغرقة النجم وظهور الحروب آخر حتى الخليقة أول من جميعهنالعالم... لقيامة المذنب

جسد األبناء شطر منذ النساء عن الدموع ضريبة أمي تؤدينصفين.. )تيامات( إلى المالحة المياه سيدة الكونية األم

صنعوا األول النصف من )تيامات( كبد ومن للسماء سقفا وبنبض األفالك، ودائرة البروج أعالي قدروا بأيديهم اقتلعوه الذي الزمان... معنى وثبتوا النهار وتخوم الليل تخوم بين فصلوا قلبها دموعها من السحب وكثفوا والجليد الثلج أوجدوا لعابها من

الرحمة.. أبناءها تناشد وهي األخيرة وأقاموا كاألفاعي الملتفة الكثيفة جدائلها رتبوا رأسها وفوق إلى الحي الماء وجرى والينابيع العيون منه انبثقت جبالالكائنات..

عينها )دجلة(... ومن دكالتو نهر فجروا اليمنى عينها منالفرات... نهر فجروا اليسرى

للفيضان... بهما واحتفظوا منخريها سدوا الماء... من عيون وفجروا الجبال كدسوا صدرها وعلى

صبوا ثم وركزوها األرض سقفوا اآلخر نصفها جوفها في ترابا في تزاحمهم فال للحياة ثانية وعودتها نهوضها عدم يضمنوا لكي

الكون... ملوكية رتل وال بنيها من أحد يندبها لم الرهيب اليوم ذلك في

رأسها... عند المقدسات واألمهات الملكات مراثي المنشدون -45-

العالم... والدة مهرجان جسدها فوق أقاموا بل )تيامات( نفس لتهدأ يبكين وأمي واألمهات اليوم ذلك ومنذ

أبناؤها... بها فتك التيأبي... ليعود أمي تبكي

تراب في الخصب ويبزغ األرض سبات دمعها ليوقظ وتبكيحديقتها..

جميعا.. وأمي أمنا هي التي تبكي..... تيامات، على قدرتها مستعيدة المطبخ إلى وتذهب النافذة تغادر

مياه في وتنقعها القمح حبوب من حفنة تغسل العمل مداومةمغلقة... قنان في تجمعه الذي المطر

لي: تقولللسماء.. ونصفه لألرض -نصفه

عن كوابيسي تداعيات يطابق الذي تعبيرها من أفزع)تيامات(... ذلك في لنزرعه ونصفه غد، لطعام نطهوه القمح -نصف

للشمس... المواجه المحروث اللوحالقمح؟ حب سنأكل أننا أترين -أمي

ضنك أيام يكفينا... ستجيء وحده حياتنا... هو تدوم -بهرأينا... مما أشد وجوع

الدهور تلك إلى أمي... تأخذني نوم بعد الكوابيس إلي تعودالمقدسة.. أور في الطوفان سبقت التي األولى

استبيحت... التي أور يرثون المنشدين مراثي أسمعمخيلتي: على تتوالى المشاهد

العجاف... السبع سنواتها في أور أهل أرى أكلوا األولى السنة في وبقوال.. حبوبا أكلوا الثانية السنة في براري.. وأعشاب نجيالالملح.. وطغى القحط وعم األرض أجدبت الثالثة السنة في التهموا ما لطول الناس مالمح تغيرت الرابعة السنة في

والظلمات.. بالتراث الممزوج األسود الخبز وساروا الجص بلون وجوههم اكتست الخامسة السنة في

المعبد... إلى المؤدية الطرق في كالموتىالخطير... الحياة رمق في بدوا السادسة السنة في شابهوا الذين الصغار وجوه اخضرت السابعة السنة في األقارب وصار الشبان ظهور وتقوست الهش الضفاف عشب

ولده.. أما لحم األب الموائد... فيأكل على قريبهم لحم يقدمونأور... معابد في األخيرة للعشاءات ادخروه فقد البنات لحم

مقالع في رجل عمل بأجرة يباع الشعير رغيف صارالحجارة...

-46-

عن وكشفن أور أسوار عند فوقفن عمال، وجدن العرافات أكباد في وفتشن الماء طاسات في الزيت بقع فحصن الطوالع وصرخن المعطر األرز خشب وأحرقن عالمات عن العجول

بالنبوءة:أفول.. إلى الجدب -سنوات

(2)ميساء(( أوراق ))من

العالم أرى قطارا باتجاه منحدر نفق في ينزلق سريعا لها وجودها.. أتخيل مجهولة.. أحدس محطة هيكال بعمارة فخما

والمظالت.. والمقاعد النباتات فيها تتناثر وشرفات مدهشة وتزينها كلها األرض أجناس من بالمسافرين تعج المضاءة قاعاتهاباهرة... ومنحوتات لوحات لتاريخ ومعرض األرض في النار لتاريخ معرض الممرات في

الموت... لتاريخ الماء.. ومعرض جميع في يمضي واإلنسان تتهاوى األزمنة جميع من صور

الحقب المضي سوى أمامه خيار من ليس األمام، إلى متجهاكمين... أو هوة إلى تؤدي التالية الخطوة كانت وإن حتى

لكني بالبشر؟... ربما، أشتبه هل باألمكنة؟؟ أشتبه هل على لدي الحياة لعبة كثيرة... فتقوم أخرى بأشياء أشتبه

من للتحقق وأدلة براهين إلى بحاجة واشتباهات التباسات اآلثارية اللقية حقيقة بلوغ في نفعل مثلما لدحضها أو صحتها

التاريخ؟؟ حقب من محدد عصر إلى إحالتها وطريقة الريح تستولده له.. موج ضفاف نهائي... ال ال الحب... مد

الضفة أو الفاصل الحد يبصر الحب لعبة في أحد وال هبت كلمااألخرى..

تقاويم في المعتمدة الروزنامات سنوات.. بمقياس خمسالبشر...

القلب... اندحارات سنوات.. بمقياس خمس خالل زيــاد بها مـني الـتي الســقطات بمقيــاس ميتــات خمس

الصــمم وربما اللغة وجــدل الرســائل من بيننا غربته.. وما سنواتالنهائية... القطيعة به نتفادى الذي

ما... أمر حدوث ننتظر اآلن والبيوت التالية... البشر الكارثة لمواجهة تتحفز األشياء كل

ستنال التي والسحب... األشجار والريح والنجوم واألرصفةالطوفان.. سيغرقها التي والشظايا... الكتب النار من نصيبها

يدوم انتظارنا تهيئته بوسعنا ما كل دهر.. نهيئ وبعض دهرا وأكياس باآلجر البيت نوافذ القادم.. نسلح الخطب لمواجهةالرمل...

-47-

للشارع... المواجهة الجدران وراء نضعها ومتاريس متاريس نضع المطلة النوافذ فوق فتتدلى الالمرئية األسالك من شباكا ولون الطحالب بخضرة البيت ألوان ونموه الطريق على

التراب.. منظرهما يغدو حتى المألوف شكلهما والحديقة البيت فيفقد

ثم واألشكال األلوان تداخل من صنعت وهمية بصورة أشبه عن البيت تمييز يمكن فال تتالشى وبدأت بالهواء امتزجتالماء... أمواج أو الريح دوامات

سيأتي... ما يعرف أنه أحد يدعي ال مدخراتنا إنفاق في جازفنا بالمستقبل األمل نعزز ولكي

معدنية... اشترينا ومياه أغذية شراء في القليلة حبوبا وبقوال في بذوره زراعة والعطب... ويمكن العفن يناله ال ما وكل وتمراذلك.. القحط استدعى إن الحديقة

وحفظنا النوافذ زجاج على الصقة أشرطة وضعنا عددا هائال وبطاريات، يدوية ومصابيح فوانيس واشترينا الشموع من

ننتظر هذا... ولبثنا كل في معارفنا مع الخبرات وتبادلناالواقعة...

ونهيئ األخبار إلى ننصت كنا المتوترة انتظاراتنا دهور في والمملحة بالنفط المطهوة البشر لحوم آكلي لوليمة أنفسنا

الغزو لمجابهة الرسائل ونتداول بالكبريت والمطيبة بالفوسفات في المقاومة قصص استعادة في نستغرق أو الخبرات ونتبادل )سان القيصري اسمها استعادت التي وليينغراد باريس

بطرسبورغ(.. نتخفى أو المثلجة الطرقات في المقاومين مع نركض

معلومة إليصال نتطوع أو جسر نفس في نتعاون مموهة بمالبس بأوراق مفروشة ممرات على نمشي أو المقاومين، من ثلة تنقذ

البحر... باتجاه البتوال شجر على طيرانها خط في تدلنا التي البحرية الطيور إلى نتعرف

المركبات ذبذبة الخفي برادارها تسمع وهي األجواء ارتباكالقذائف. رائحة وتشم والطائرات الريشة السحر.. نحرق ونمارس ريشة نأخذ طائرا، نمسك

المستحيلة... رغبتنا وينفذ الطيب الجني لنا ليظهر واحدة أمنية يديك... قل بين الجني لبيك... خادمك -شبيك

بأخرى... تطمع والواحدة... ال أمنيات ثالث يحققون الطيبون له: الجن نقول

خادمنا )يا محكمة عبارة في تضمنوها أن يقول: شرط القمقم وألق القمقم في الحرب احبس الطيب، جنينا يا المطيع،

وأطلق الجحيم بوابات وأوصد للمحيط السحيقة األعماق فيالسالم(. شريعة

األحمر القرع ثمرة بحجم يغدو حتى ويتضاءل الجني يقهقه ويصغر يصغر ثم نصفيه، بين الحرب يطوي نصفين إلى ينشق ثم

-48-

ويتالشى.. يختفي ثم الفاصوليا حبة بحجم يصير حتى أو التهمته الحرب أن أم أمنياتنا لنا سيحقق كان إن نعرف لم

لنا... خيانته صفقة معها عقد أنهأبدا.. نعرف ال لنعرف... وقد انتظارنا سيطول

(3)ميساء(( أوراق ))من

مثل المتعددة.. أحمله وجوهه على لزياد.. أقلبه حبي أحاورصدري... على رضيع

المديح... بتراتيل أمجده أو اللعنات لـه أكيل أختبره، عنه وأزيل عدالتي... أدعكه بميزان أزنه المراثي، لـه أصوغ

اليأس... شائبة يتعثر عندما الحب يسلك خفية طرقات أي يعلم أحد ال

الخوف.. بحامض ويتآكل ليفيض أعماقي في الحب كوكب يتشكل كيف يعرف أحد ال صوتي ونبرة بشرتي لون ويقرر وذهني روحي إلى نوره

وتاريخي... النفس حاضر في يتخلق وهو سحره شفرة يعرف أحد ال

الغد.. آيات عليه وترتسم بعشبة سيفوز وأنه الموت بحر مياه اجتاز أنه زياد يتوهم

بجسده افلت أنه يدرك لم والمجد، الثراء ثمرة ويقطف السعادةالريح.. تبدالت وتقاوم المسافات تصارع الروح ولبثت

له: أكتب أرسلتها... التي صورك على تفرجت الحقيقة رأيتك... في

ترتجل أنت وترتدي مسرحيا، عرضا بقفازين يديك وتخفي قناعاأبيضين..

للغرباء: إثباته أردت واحد شيء ساللتك... ابكي... من وعالمات لونك حقيقة تخفي أنالبكاء؟ أستهجن أنني أخبرك الخسران.. القهر... عن عن للتعبير الصامتة الممارسة إنه

إرضاؤه... يصعب الذي الشوق المهدورة... عن العاطفة عن نرتدي ونحن بجوهرها اإلمساك يستحيل التي والروح

األفاعي... جلد من قفازاتعني... تخفيه ما لكشف مسارات لي تفتح الدموع

وتمتطي المسافات في ترحل مشردة، نبتة بذور مثل أراك تتعفن المالحون... أو نسيه مركب في تختبئ أو الغيم صهوات

الجديدة... األرض في البرية بيسر... البذور الغرباء تقبل األخرى... ال األرض

-49-

تتشرد الغربي... العراء في طويال المنافي... البيئة في يتوفر ال قد بقاء شرط بذرة لكل جاء أن لديها وافد... سواء كل وتجاهد ترفض األخرى متنكرا

غازيا... أتاها أو الجئ بزيتعرف... ال أنك أم تعرف

في توطينها يصعب والزهور األشجار من النباتات بعض إن نقاء على للحصول بلد.. يسعى وكل إقليم كل ألن أخرى بالد

والريح... البحار عبر إليه اآلتية المشردة الذرة ويرفض عنصري لهذا أهمية أية أجد ولم المسرحي عرضك يعجبني زياد... لم

فرنسية... أو سويدية لعروض المسوغ غير التقليد تقدم أنت تجريدا تجريده... يمكن ال حي كائن عن خالصا

المعنى... وزوال األمل وضياع اللغة انحطاط وتعلن حقيقة لنا يحدث ما لتكشف تأمل فسحة لنفسك تتيح ليتك

تسمعني.. مروعة.. ليتك مصائر من لنا يعد وما من هناك نكابده... ليس عما أحدثك دعني قليال، إلي أنصت

تجريدات بال يعملون يقصفوننا القتل.. الذين في تجريد أو عبث بالغة كل من معرى قصدي شيء أقنعة... القتل أو توهمات أو

أيامنا... فوق تجريدية نزهة التشكل... وليس في لها معنى ال أوربية مؤسسة من نلتها التي التقديرية جائزتك

وتبددك... عدميتك فيك قيمت ألنها سيحدث الذي ردك... ما أنتظر ولنا...؟ لك غدا

انتظر..... تحياتيميساءلي: يكتب

حبيبتي.... ميساء... يا ما هو الصواب وأن الحقيقة؟ مالكة وحدك أنك تعتقدين لماذا ولست بيننا، الهوة توسعي ال تفعلينه؟ لتنقذيني... أحبك... غارقا

تعرفينه... الذي غير لدي الحب لكن تتورطي لم وعاداتك... أنت الراكد عالمك إلى مغلولة أنت واألمنيات فيها... األحالم تورطت كالتي حقيقية تجارب بدخول

تتحقق.. بدأت أربعة من بمثله... مكون أحلم لم حديث مبنى في اآلن أقيم

خضراء وغابة هضبة إلى ويتجه األشجار تظلله شارع في طوابقالمشهد... على تطل وشرفة غرفتان لها شقة منحوني أوربية ريفية بيئة في جميلة، أتمناه... شقة ما أقصى هذا

ساحرة... أكثر تعقال، أكثر ميساء... كوني أرجوك قسوة... وأقل حنانا

جديد مسرحي عرض على أتدرب سوف رسالتك انتظار فينجاحي... لي باركي تباعا، الصور تصلك وسوف

-50-

لقـــــــاء... وإلىزياد

*****

-51-

الرابع الفصل

(1)الجميلة... بسوزان الدنيا أشياء تحتفي

قدميها على الصيف نسيم في الجهمنيات زهور تتراقص بيت أمام سيارتها من تهبط وهي حولها من الفراشات وتدور ويتردد لمرورها ضوئي ممر الساخن الهواء في وينفتح حياة

الحديقة... ممر بالطات على خطواتها صدى التراب فيها مزجت التي األصص وتترك قفازيها حياة تلقي الفضة وورد األصفر األقحوان زهور بذور فيها ونثرت بالسماد

ضيفتها... إلى الزرقاء.. وتهرع والسنتوريا كان الشاي الذباب أن برغم التمر، كعك مع ممتعا بعد الثالث النساء رؤوس حول تحوم لبثت الطنانة والحشرات

إليهما... ميساء انضمت أن حديقة واكتسبت الغروب بعد العسل زهور عطر غمرهن

بوجودهن حياة وبقع بالظالل هيآتهن وامتزجت الرسوخ من نوعا وجوههن حول المرقطة التين دود فراشات وحومت الضوء

الجمال شجرة أزهار الرقيقة أصواتهن ذبذبة بتأثير وانحنتاألبواق... شبيهة القرمزية الصيني

من تبقى وفيما المتقلبة المساء أنوار من تبقى فيما موجات مرت وضحكاتها سوزان ثرثرات بين صمت فسحات

من شيء ابنتها على استولى حياة.. بينما محيا على بهجة زيارة في االنكليزية اللغة مدرسة سوزان ترى وهي الدهشة

من ضيوف استقبال يألف لم الذي البيت هذا في لهما غريبةالجميلة... الثرية المرأة هذه طراز

تخلت التي سوزان ست تراقب لبثت إنما أمها، تسأل لم بثيابها األخرى سوزان عن وكشفت المدرسات تحفظ عن

المشتتة... ونظرتها ومرحها وزينتها المبهرجة وترش يدها حقيبة من صغيرة عطر زجاجة سوزان تخرج

-52-

لحياة: الزجاجة ومعصميها... تقدم عنقها على رذاذا ابتكاري.. أخلط من عطر إنه -جربي مع فرنسية عطورا

الخام... والعنبر المسك زيت شكرا... بوجود ذلك على معتادة أتعطر... لست ال -أنا يأتي ال وعادة حماية، وبال مهددة أنها ميساء تشعر غريب شخص

إال أمها إلى اآلخرون أو لعون طلبا يجيده ال أمر في طمعاسواها...

وكرمها الفياض حنانها بين ما أمها تبدد تخشى وميساء الحارق الوهج أمام أمومتها ألق انطفاء تخشى الضيافة، وتقاليد

وغنجها... بضحكاتها الجميلة لسوزان سوزان كلمات وتستعيد نفسها داخل إلى ميساء تنسحب

المحايدة أمها استجابات وتراقب مجلجلة، بضحكة تختمها التيسوزان.. من ترى ما على وصبرها

أحمر بلون األظفار المطلية يدها تحرك وهي سوزان تقولبراق:

الالئي النساء بين لك مثيل ال امرأة حياة.. أنت يا -أغبطكالحياة.. في خبرتك من أستفيد أن أعرفهن... أريد

حياة: تضحك هذا إلى واثقة تكوني ذلك؟... ال.. ال تطلب -أنت؟.. سوزان

خبرتي تناسب ال لدي.. فربما ما صواب من الحد سواي.. أحداونفسي.. حياتي أغير أن -أريد

والمتاعب الزهد احتمال عليك يصعب مختلفة، أنت -سوزانأمثالي؟ المعوزين خبرة تجديك فماذا مترفة منعمة امرأة أنت

لسوزان وتقدمه األقداح في ثانية الشاي حياة تسكبوميساء..

-أتريدين التمر... صنعته كعك السكر؟... تذوقي من شيئابيدي...

معرفته؟ تريدين الذي ما سوزانحياتك؟ في تحتاجينها التي الخبرة نوع ما

واألمل والرجال بالنساء بالحياة، يتعلق ما شيء... كل -كلوالحب...

الجميلة... وأعرف الدنيا بشؤون خبيرة يقال ما على -ولكنك أال تريدين؟ المظهر... فماذا وأنوثة الجمال أسرار في بارعة أنك

لديك؟ ما يكفيك بي... يحيط ما كل من شيء... ضجرت كل سئمت -سئمت،

أيامي؟ يلتهم الملل كان إذا والجمال الثراء نفع ماميساء: تقول ضجرة... )كل رآني كلما لي يقول أبي كان سوزان، -ست

خاسرة؟( أنت هل خاسر، يضجر من

-53-

الـ.... النساء من أكون قد -أنا؟.. ال.. أعني يرددها التي أبي عبارة تلك سوزان... كانت ست أسألك -لم

مسمعي... علىأظن... ما على خاسرة إلي... نعم... أنا موجهة تبدو -ولكنها

سوزان: كتف على يدها تضع وهي حياة تقول تقدر ال بأشياء فزت أنك لعرفت حياتك في النظر أمعنت -لوبثمن...

والوقت الثروة بتبديد مولعة حياة؟.. ال.. ال.. أنا -أنا؟.. كيفالمواتية... باللحظة اإلمساك أجيد وال

الحياة... في أساسية أشياء تملكين -لكنكذلك... يبدو -ال... ال

ما... يوم في -ستعرفينقصدتك... ألعرف... لهذا -ساعديني

ال التي الصغيرة، المتواضعة الحديقة هذه إلى -انظري وبركة وخمائلها وأزهارها الغريبة وأشجارها بحديقتك تقاس

بكل الصغيرة الحديقة النهر.... هذه على وموقعها فيها السباحة لي تمثل تواضعها وكنز ذكرياتي نبع وهي والحياة للبيت امتدادا فتخفف بها ألوذ الدنيا بي تضيق البقاء... وحين وواهبة أسراري

هناك وعشبة هنا زهرة أرعى ومتاعبي أحزاني وطأة عنيالبيت... هذا في سعادتي بأزمنة الروائح وتذكرني

وأعشاب عتيقتان شجرتان تفعل تمزحين... ماذا -أنت األشياء... مؤكد هذه لك تقدم زهور..؟.. ماذا شجيرات وبعض

تمزحين..؟ أنك األشياء.. ظواهر على تحكمي ال الحقيقة، أمزح... إنها -ال

حياة يقل ال حي، عالم العشبة هذه وعني... وكل عنك وأسرارا كون من أجزاء إليه... نحن وأنتمي إلي ينتمي هنا حي هو ما

الزهرة بذاته. هذه كامل كون جسد وكل تراب ذرة عظيم.. كل عالقتي هي أملكها... هذه وال تملكني ال بها وأكون بي تكون

العالم؟ هذا في إليه تنتمي شيء هناك بالحياة... هلأدري.. -ربما... ال أو بفكرة بمحبتك، جدير عزيز... بإنسان بشيء -تمسكي

لنفسك اخترعي قيمة... أو تتعلقين... شيئا أقل شيء كل فأرى حولي أنظر يستحق، شيء -لكن... ال عديمة لدي واألشياء األشخاص أتمسك.. كل فبماذا مني، شأنا

القيمة... شيء لكل أن وافترضي األمر، الموضوع.. اعكسي -اقلبي

ما ستجدين بنفسك... عندئذ الزهو هذا من وتجردي وشأن قيمة -54-

به. نتمسك بأن جدير هولي... األول درسك هذا أعتبر -هل

بالحياة... عالقتنا تبدأ النقطة هذه األخير.. فمن -وسيكون قيمة.. أو أو إلنسان وننتمي الكون موجودات كل نحترم أن

شيء.. إلى أستطيع.. أحتاج القسوة.. ال شديد درس حياة... هذا -ياألتغير... طويل تدريب

فقط... صغيرة محاولة إلى -بل بيتي... في مدعوتان أنتما حياة عليك... اسمعي -ال

عند يختنا في نتنزه ثم الجمعة يوم معي الغداء ستتناوالنالغروب..

عمل يوم الجمعة يوم دعوتك، قبول نستطيع ال أننا -أخشى تعطي لنا... وميساء بالنسبة مضاعف الموسيقى في دروسا

السيدات.. لبعض أخترع أن لحظات قبل تعلميني وقتا.. ألم لنفسك -اخترعي

أشياء؟الثالث... النساء يضحكن... تضحك

ما... يوم في -سنحاول المدرسات أعو أن تحبين باستقالتي... هل أحتفل أن -أريد

ترين؟ أخرى.. ماذا وليمة لهن أقيم األخريات... أمإليك... يعود األمر -هذا

(2) طوالع وأن نحس نجمة طالع تحت ولدت أنها سوزان تعتقد

تواف لم السعد هاجرت التي بوران أختها سوى أسرتها من أحدا وعمال الثروتين لبناني... جمعا أعمال رجل وتزوجها األردن إلى إال سنان أخوها يحصل السياحي.. ولم االستثمار مجال في أخيرا

المبور( )كواال جامعة في المعمارية الهندسة لتدريس عقد علىماليزيا.. في

لنفسها اختارتها التي باألغالل مواتية فرصة كل تضيع وهي وتدفع والعقارات السجاد تاجر أبيها عن ورثتها التي ثروتها وتبدد المتبقي للزمن مضاعفة أثمانا عن للتكفير مستحقة وأثمانا

الخاطئة... خياراتها عليها الغنام( وعقد المقصود )عبد خطبها أعوام ثالثة منذ

بنفسها... زهوها وإذالل ابتزازها ليطيل الزواج يؤجل ولبث رغم معلقة الرفض... وتركها في أمعن الطالق طلبت وعندما

أخيرة بضربة كبريائها من عليه... ولينال أقامتها التي الدعاوي طالبها أنه حتى سوزان ابتزاز ويواصل عمه ابنة يتزوج أخيرا

ليسرحها... بيتها نصف عن بالتنازل هو ومن تتعلق؟ وبم به؟ تتمسك ما لنفسها ستخترع فكيف

المقصود؟ عبد من نالها الذي بعد بها الجدير -55-

بهرها المقصود( الذي )عبد التقت مذ غسان؟... هجرته اآلن هي النساء... وها على االستحواذية وقدراته الفاتنة بأكاذيبه

هنا وحرير.. ملقاة عطور كفن في ميت مهجورة.. جسد امرأة تذوب إنسانية رائحة وال ذراعها تلمس يد ال وحشتها سرير في

شفتيها... على الثاني الطابق من دجلة على المطلة النوم غرفة نافذة تفتح وتنتعش غرفتها، في والشموس الشرق فيتوغل العتيق لقصرها

تنهمر حتى الريح تشتد إن ما ولكن الندي النهري بالنسيم روحها من الغاز احتراق رائحة النهرية البرتقال وبساتين البيت فوق

النفط... مصافي مدخنة بالكهرباء، يعمل صغير تعطير جهاز وتشعل النافذة توصد

أو شواطئ، عبير أو غابات بأريج شاءت متى البيت جو يغمر جبال من األلب أعشاب أنداء أو األوركيد زهور عطور

سويسرا... تترقب وجودها عن به تدافع الذي ترفها في تهب أخطارا

لحظة أي في عليها حادثا... أو ما... أو طارئا لها يدبره اقتحاماحياتها... سمم الذي الرجل هذا

المرمري مغطسها في فتستحم وصحوها نومها يضطرب عطرة أمالح كريستاالت الماء في تذيب مذهبة بحواف المزينتنسى... أن وتحاول ملونة

البخار... مع يتعالى عذابها لكن الماء في جسدها يتوارى الترف مفعول ويبطل الناصع وجهها حول قاتمة هالة يشكل

المائي... أولى على ووقفت البكاء حافة بلغت قد تكون إنما... لما

واسعة السباحة البركة... بركة في بجسدها تلقي االنهيار درجات تتخذ شكال فسيفساء وتموجات... قاعها استدارات به بيضويا

سوزان بحر... تستعير فيروزية، بحرا مياه تملكها، بثروة مصغرا يوهمها صغير جهاز يولدها وأمواج... نعم... أمواج الزوردية ال ضفتيه، ترى بحر... لكنها المشمسة، بالدها في بحر بامتالك يأخذها ال المفترسة، بأسماكه يرعبها ال المجهول، إلى طويال ألشياء تزييف حولها ما مزيف... كل بحر الرحيل، أمل يمنحهاأخرى... حيوات عن استعارات حياتها في ما ولت... كل حقيقية

المرايا المذهبة، بأطرها العمالقة البيضوية المرايا سداسية، بأشكال المرايا المستديرة، والمرايا المستطيلة

الوجوه آالف لها وتعكس بسوزان مثلثة... تحيط بأشكال المراياوجوهها... بها وتحدق وجسدها... تحاصرها لوجهها

وتظهر الغامق لونه االستحمام... فيفقد بعد شعرها تجفف بين األلوان متفاوتة بخصالت الموشحة الشقراء الذهبية خصالتهالباهت.. والبالتيني الذهبي

نفسها؟.. روح؟... تسأل لدي بقي روحها... هل تفتح المرايا من تسمعه ال ما لها تقول المرايا منها، تخدعها.. تسخر المرايا

البشر... -56-

أنا؟ أنا؟... وما تسأل: منهذا... كل المرايا: أنت قهقه تسمع

هذا... كل ولست هذا، كل أنتأنا؟... أنا؟... من -ما

الخطى.. أنت بآالف الممحو والرخام القديم القصر -أنتالهجينة... والعطور الموسيقى

بالكريستال المثقلة الثريات الملون.. أنت الزجاج أنتواألنوار...

أنا؟... -أنا؟... من منضدة وسنديان.. أنت حرير من التي الوثيرة األرائك -أنت

التمثال الجامدة... أنت اللوحة الورد.. أنت وعاء أنت المرمر وقفته في المتسمراألعوام... غبار تشربت التي الستائر أنتالفتنة... إلى صعودها في األنثى أنتالمساومات... ومذلة خضوعها في المرأة أنت

مقهقهة... سوزان... تضحك تضحك... تضحك ال أنني أشعر هذا؟.. عجبا... لماذا للمرايا: أنا؟.. كل تقول

ال خفيفة أني نفسي... أشعر أواجه حينما اإلطالق على شيءمعنى... وال لي وزن

شيء.. ال أناهذا... أنت كل -أنت

لوحة... أو بيت بثمن نفسه يزن حين هوانه في اإلنسان -أناشيء.. ال طالق.. أنا وثيقة ثمن أو

بالبكاء... تجهش تضحك.. ثم تتكاثر عندما توماس أم مسامع ونحيبها ضحكها أصداء تبلغ

الطويلة... الممرات في البدين جسدها ثقل تحت مترنحة فتأتي... خطاها تسمعها

صغير... فضي صليب منها يتدلى خشب مسبحة يدها وفيابنتي.. يا بك مريم.. ما العذراء بك... لتحرسك -ما أمام الشرفة في وضعيه الفطور لي شيء.. هيئي بي -ماالبركة.

السبعين... في وعجوز والثالثين الخامسة في امرأة يترنح يتهاوى... عالمهما عالم في األخرى منهما كل تسند

شعر مثل يتطاير الثقيل... عالمهما توماس أم جسد مثلريح... هبة أول عند األشقر سوزان

11) )ديترويت( قبل في لزيارته دعوات ألمه توماس يرسلرغبته: لدعم متتالية.. يهاتفها أيلول( دعوات

شيء... عندما كل لك األردن.. سأهيئ إلى -أمي.. سافري -57-

كارت( وبعدها )الكرين على هنا.. ستحصلين إلى تصلينالفرصة. تضيعي ال أمي يا أسرعي الجنسية يمنحوك

جنسية.. أريد ما ريتا.. إني وزوجتك توماس.. أنت -اسمع الموضوع.. تسمعني كارت( انتهى )كرين أريد جنسية.. ما عندي

المرحوم ببيت سوزان مع هنا باقية أسافر... آني أريد ما توماسبهجت.. تسمعني...

عاما.. تدير أربعين منذ البيت هذا في توماس أم تقيم لهم والبغدادي الموصلي الطعام وتهيئ األبناء وتربي شؤونهالدنيا... جهات في ساكنوه تفرق أن بعد البيت في وتبقى

بين البشر وتشتت والمنزل األسرة تداعي تشهد وهيوالمهاجر... المقابر

هناك.. وأروح أهلي أترك يريدوني ـ من هناك إلى هاجروا سوزان.. أقاربك لها ولكن.. تقول ـ

أحد.... منهم بقي ما سنوات أمي تكليف وفي ببغداد سوزان... أهلي... هنا اسمعي ـ

وعمتي جوزفين بهنام... وخالتي القس وأبويا... وعمي توماس... متي..... أبو عمتي وابن جوزيف عمي فكتوريا... وابن

هنا كلهمميتين... هؤالء كل لكن ـ تركوني... وذهبوا... الذي من أكثر أحياء سوزان... هم ال ـ

أشوفهم.. ليلة بالحلم... كل يزوروني ليلة كل أحياء... تعرفين يحكي بهنام القس عمي اسمع للجبل... لو العذراء بعيد طالعين

تعمل فكتوريا مثلها... عمتي نسمع عاد الحلوة... ما موعظته نروح واألوالد الكشكي... وأنا تعمل وأمي للشتوية الرقاق خبز

ليلة الخضرا... كل السماق... وحبة حب نجمع للبساتينأشوفهم.. صدقيني

ما يسعدو... وين الله ادعيلو أشوفه... لكن ما توماسالعذرا... ببركة يسعدوا كان... الله السوداء الرأس ربطة بطرف دموعها توماس أم تمسح

ضفيرتان حافاتها تحت من وتتدلى حمراء بزهور المبقعةشبابها... من تبقى ما كل هما رماديتان

مفقودة.. تحاول لعائلة جديد شكل صنع االثنتان تحاول احتفاظ األم... مع بدور توماس أم وتقوم االبنة تكون أن سوزانالمكانة... بفارق

توماس معلقة... وأم غريبة زيجة مالبسات في تتبدد سوزان الحياة تهب المهاجر... إلى يغادرها ولدا

توماس... أم تبكيتراه... الحلم... وال في الحقيقة... تراه في تراه يوسف القديس كنيسة التعميد... في حفل في اآلن هو يرتدون صغار الجامعة... بين حي في العمال شفيع بيضاء ثيابا

-58-

بالمبخرة يطوف وأرجوانية... والشماس مذهبة بأشرطة مزينة قرب المزهرية في الجوري زهور الرؤوس... وضعت حول

دينارا... بعشرين والده نفس عن المذبح... تبرعت من جميال... أجمل توماس بالتراتيل... كان بدأ القس

العذراء ولتحمه يسعده ومني... الله أبيه من الجميع... أجملمريم...بوران... أختها من الكترونية رسالة سوزان تجد

ما كل طريقة... امنحيه من شيء... البد أي افعلي سوزان ـ إلى مؤقت.. وتعالي بعقد آخر أي يطلبه... ليسرحك... اصحبي

ردك عمان... أنتظربورانلها: تكتب

بوران: عزيزتيأستطيع... أتفهمين... ال

إذا إال التطليق لي... يرفض ابتزازه في يبالغ المقصود عبد عن لي تنازلتم أنكم عرف بيتي... )لقد ملكية في شاركته

كل في ذراع لـه أخطبوط البيع(... إنه بعملية حصصكمالجهات... لمدة الكوت إلى الحارس غادر أن بعد بيتك ألتفقد ذهبت

محطمة النوم غرفة نافذة عمه. وجدت وفاة بسبب أيام أربعةأصلحه... من أحضرت معطل اإلنذار وجهاز

وفيديو... تلفزيون كهربائية... جهازي أجهزة اللصوص سرق ومسجالت... سرقوا أخذوا نحاسية... وثيابا... أظنهم تحفا

األسود... ظنوه معطفك حقيقيا.... فراءا السرداب، في بأمان ترقد األصلية اطمئني... اللوحات

األخرى اللوحات... األشياء هذه في وثروتك الحقيقي استثمارك كل بيع تعتزمين أنك سنان أخي من تعوض... ولكن... سمعت

ستأتين والمزرعة... فهل واألثاث البيت شيء لتصفية قريباالممتلكات...؟

المانجا... وشجرة الغاردينيا شجيرات ماتت جفت، الحديقة ـ العمل يقبل بستاني على أعثر المطاط... لم أشجار وجفت مزرعة هذه ألفا.. قال عشرين أحدهم طلب دينار آالف بعشرةحديقة... وليست

الجنسية على حصولك وليد... مبروك لزوجك تحياتي اللبنانية.. أبلغيني بغداد... إلى المجيء على عزمت إذا مبكرا

لك... قبالتيسوزان..

معها وتجلب الصعود عيد في الكنيسة إلى توماس أم تذهب تشتري وسوزان غرفتها باب على تعلقه زيتون غصن هناك من أصيلة ساللة من أبيض كلبا ساللته وأسماء ميالد بشهادة مزودا

-59-

ولبنان... سويسرا في والدتهم وأماكن كبير سمك حوض تشتري الببغاوات فيها تحشد وأقفاصا

شارع في الغزل سوق إلى حسين أبو الحارس الملونة.. يصحبها والحمام والغزالن والقردة واألوز والبط األفاعي الكفاح... ترى

األقفاص في تتكاثر الحب وطيور والسناجب الرومية والديكةالنهار... طوال وتضج الشرفات في المعلقة العديدة

لتعليم فنية دورات في كثيرة... تشارك أشياء سوزان تتعلم )العلوية(... نادي في )األيكابانا( اليابانية بطريقة الزهور تنسيق الفرنسي... منذ المعهد في الفرنسية للغة دورة في تلتحق

لغة عجزت أن )بودلير( بعد لغة تتعلم أن تحاول وهي سنوات وهم في وان الخالص مفتاح منحها عن شكسبير ولغة المتنبي

وهمها... ملونة عدسات دزينة تشتري للرشاقة، ناد في تشترك

تزرع لعينيها تجميل عمليات صناعية... وتجري أظفارالصدرها(... وتجميل لبطنها دهون لجسدها... )شفط

والروح يكتمل ونفسها... الجسد نفسها بين ما يتسع الصدع فوضاها في تبدو والنفس تناسقها، في تبدو تتآكل... المقاييس

مثار والوجه مدهش جميل الحالتين... الجسد بين تناسق وال الخوف... والكابوس في تحيا رماد.. والنفس فتنة... والروح

كوابيس... تعين يستولد حارسا اقتحام احتمال من لحمايتها ليليا اعتداء محاوالت عن الشرطة المقصود... تبلغ عبد يدبره

وهمية.. االكتئاب.. داومي أعراض سالم: عاودتك الدكتور لها يقول

أسبوع... بعد العالج... سأراك تناول علىاألزميري: شيرمين تهاتفها

ـ سأسافر.. وأخيرا... أخيرافعلت؟... ماذا؟ ماذا ـ مؤقت عقد على الهجرة... اتفقنا يعتزم شاب على عثرت ـ

لقد لي؟ تباركين حريتي... إال بها اشتريت دوالر آالف ثالثة مقابلاليوم عقدنا ال؟ الرحلة... لم خالل لي راق إذا به؟ االرتباط تعتزمين هل ـ

المانع؟ مارفض؟ وإن ـ هذا يتمنون الرفض... كثيرون يمكنه يرفض؟... ال... ال ـ

ما له.. المال... لدي يريد... الهجرة؟.. سأيسرها ماذا العرضشرمين.. وأنت؟ تعرفين األنوثة... أنت به أغمرهفعال... أسيرة اآلن التعقيدات... أنا تعرفين ـيريد... ما المقصود؟... امنحيه عبد تقنعي ألم ـشيء... كل سلبي أهلي... يريد ارث أمنحه لن ـنفسك... اشتري ـ

-60-

النهاية. حتى معه أفعل... سأحاول لن ـ

(2 ) في االنتخاب بطاقة على السوسني اسمها سوزان تدون

كونها إنسانيتها تحقق لحظة في االنتخابي... ولزهوها المركز على النقطة وضع التصويت... تنسى حق في الذكور تساوياسمها... فتكتب الزاي حرفسوران... ـ

الشبان إليها ينظر سيارتها توقف وهي القاعة دخول قبل هذه امتالك يتشهى فالكل الجميع، في عهدتها نظرات والكهول

أميرات جمال يماثل الذي والجمال باألنوثة الفياضة المرأة في جمالهن يتوهج الالئي والمطربات السينما وفاتنات األحالم

تلك تنسى حتى االنتخابية بالبطاقة تمسك أن ما ولكن الشاشات ألنوثتها المسلوب االعتبار أن لبرهة فتحس والتعليقات النظرات

إليها... أعيد قدبطاقته... لتسلم يتفضل سوران يناديها المستفيقة... تبتسم أنوثتها تصيب الزهو أعماق في طعنة لتأكيد التاريخية اللحظة دخلت إن ما اللغوية... فهي للمفارقة أطيح أنوثتها... حتى من خوف دون وجودها وألنسنة جدارتها

بحلمها...بهجت... سوران السيد ـسوران... ولست سوزان أنا نعم ـ

استحياء... على الرجل يبتسم يسمون نقطة... كثيرون بدون االسم كتبت معذرة... أنت ـ

كذلك؟ أليس الشمال في متداول سوران... اسمبأس... ربما... ال ـالنقطة... إنها ـالنقطة... نعم ـ

....سوران؟.... أو سوزان

رجل... امرأة؟....ذكر... أنثى؟....

اللحظة في بها االعتراف تبطل ونقطة بها معترف أنثىالتالية..

النقطة أتكون حدا ووجود؟ وجود بين باترا المعاناة وحقيقة الخالص بشرى وأخرى؟... بين حقيقة بين

األليمة؟... معها ويعبث صاحبته يحمل االسم سوزان، سوزان... تحمل

-61-

أخرى... درجات بها يهبط أو درجات يرفعها أو زوجته وبين بينه تسوية عمل باعتباره أبوها لها اختاره اسم

الرقيقة البنفسجية السوسن زهرة باسم شغفه األيرلندية... بين إال يدوم ال قصير وعمر وشذا حرير من التي يوم... بعض أو يوماالحر... اشتداد عند وتنتهي نيسان أواسط في تتفتح

وأزاهيرها الطبيعة إلرث منسوب اسم بين التسوية فعل أن أرادت التي الزوجة ترضيته وبين وخلودها وعطورها وجمالها

لتستطيع التوراتي اإلرث إلى )سوزان( المنسوب االسم يكونالجمال... يفقده تحريف أو تشوهه لكنة دونما االسم نطق

وابنته سنان ولده أسمي اختار ذاته المبدأ هذا وعلى كسر إلى تميل التي بلكنتها سنان اسم حرفت األم بوران... لكن

)سينان( فصار الحروفألبيها: تتوسل وصباها طفولتها في كانت

وأمي أنت تناديني ال سوسنة... أرجوك تدعوني أن أحب ـآخر... شيء أي أو قطة اسم يشبه أنه سوزان... أحس باسم

لها: يقول كانزمان... من سيأتي ما في لك أنفع سوزان اسم يكون قد

أنثى من وتحوله بشري كائن حياة تغير مهملة صغيرة نقطةثانية... من أقل في ذكر إلى

حياة؟... ست تقول كما الكلمات تمتلك سحر أيالتالية: رسائلها في تقول وبوران

عن تتوقفي المجنونة... حاولي... ال األخت )أيتهاللسفر... طريقة أية المحاولة... اخترعي

ستساعدك األصلية والدتي سينفع... جنسية سوزان اسم فائدة أدرك أكن تشائين... لم بلد ألي فيزا على الحصول على

سيكون كونه من ثقة على لكني اسمك اآلن... مهما أخبارنا... رائعة... انتهينا افتتاح وجرى المبنى تهيئة من أخيرا

شوارع أجمل في الغربية، عمان )ماكدونالد( في لمطعم فرععمان... وراقصة لبنانية ومطربة عراقي مطرب االفتتاح أحيامصرية.. كان افتتاحا والفضائيات... الصحف عنه تحدثت باهرا

وبيروت... عمان في والمجتمع الفن نجوم دعوناميالدك... عيد لك ويبارك تحياته يبلغك وليد

زوجة كارال مدام مع ميالدك عيد هدية مالحظة: ستصلكأسبوع. بعد شحرور أبو طوني

قبالتي... أنتظرك... لك)بوران(

البشري... اليأس حافات عند سحره لالسم سيكون ربما -62-

يدري؟... منمذاقات؟ األسماء تحمل هل الحليبي، األمل طعم السمها

لماذا... تدري البلوط... ال طعم بوران اسم في ترى كانت الدارسين... طعم على لـه عثرت سنان... فقد أخيها اسم أما

فارتبط اإلنكليزية )سينامون( بلغتها الدارسين تسمي أمها كانت بالسينامون، سنان اسم )السينالكو( مشروب نكهة تمنحه أحيانا

وما بأخته عالقته تبدالت حسب يتبدل اسمه مذاق كان وهكذامذاقات... من تحب

حكايات توماس أم لها تروي بلكنتها خرافية وقصصا بغداد... في أمضتها سنة ستين منذ تتحسن لم التي الشمالية

النساء مالبس يرتدي كان الذي الرجل ذلك قصة بذهنها علقت الرجال ثياب ترتدي التي المرأة وتلك األعراس في ويرقص

حقلها ثمار لبيع السوق إلى تذهب أو المقهى في وتجالسهمبغلتين... على المحمولة

المتاح.... الممكن سوزان تجرب الليل فيمجنونة... فكرة لها تطرأ تركها التي سنان أخيها بدالت من داكنة رجالية بدلة تختار

ماليزيا... إلى رحل حين تأخذ هذه وترتدي مزخرفة عنق وربطة سماوي بلون قميصا الشعر بدبابيس وتثبته الكثيف األشقر شعرها وترفع التشكيلة

الكحل... بقلم شاربين ترسم القش، من قبعة فوقه لتضعرجل... أي شاربي يشبهان ال بشعين يبدوان

العليا... شفتها فوق وتلصقها مستعار شعر من خصلة تقصمقنعة.... تبدو

في معينة بعبارات تنطق رجل، خطوات تسير... تجرب أوجدته الذي المسخ على ذكورية... تتفرج نبرة اكتساب محاولة"شاربان" هما بالثياب

بسالسل األرض إلى ومشدودة بحملها محاصرة تلبث مع تتقاطع أنوثتها متطلبات منها فكاك ال التي ارتباطاتهاحلمها...روحها... تطحنان قبضتين بين سوزان فتقع

البيولوجية، عاداته أوجاعه الجسد، معارف األنوثة، خبراتعابرة.... جنون لحظة إلى وتحولها الرهيبة الفكرة تطرد أشواقه

المسخ الرجل هذا من أعماقها... شيء في شيء ويترسبالشكل... وقشرة المرايا بوجوده أقرت الذي

جوارحها تمسك لذلك حريتها، ألشواق بذرة المسخ الرجلتحميها... أن وتحاول الغريبة بالبذرة مأساتها.. فتنتهي رجل إلى تحولها أن معجزة بوسع يكون قدأنوثتها... قيود من وتتحلل

الخالص... في والرغبة التحول في الرغبة والخوف، القلق -63-

ينجب أن الجميل الجسد هذا بوسع وترتجف... كان تتوتر أبنا أبناء أو

في الحمل... ويتشكل يخلقها التي بالتحوالت يسعد أنصغير... كائن أعماقها

مصيرها كله... تغير وجسدها وجهها على وتشع حياة تنوجد المقصود عبد كان لو ولد لها كان لو رجال حياة لصنعا إذن سويا

الحروب... وسط معقولة كان وثروتها.. لو بأنوثتها وهي الجسدية وقوته برجولته هو

حدث... ذلك األخرى... زوجته من أنجب المقصود يحدث... وعبد لن لكنه

ولكن تستحقها، بأمومة التفكير مجرد حتى التفكير، تهاب وهي هي التالية... سيغرقها للحروب ضحية سيكون ستنجبه طفل أي

شيء هناك سيكون ويجوع، األحزان... وسيولد في ومستقبلها األمل الطفل وسيفقد ومجاعات حصارات هناك تكون آخر... قد في الطفل ثروتها... ويحيا تنضب سوف جميل، بمستقبلالعوز.....

تكون ال... لن المقصود... عبد سرحها لو حتى تتزوج ولن أماأما... تصير لن

وتنقلب، تئن وهي توماس أم تنم... راقبتها لم الليلة تلك فيتنم... البان( و)المردقوش( لتنام... لم )حصا نبات مغلي سقتها

على الالصقة الشرائط المرأتان تلصق مقلقة، األنباءالعدوان... اقتراب إلى تشير الزجاج... األنباء

سوزان تريد ال قامت إن بهم ستذهب أين بنتا، أو ولداالحروب...وكوارث... حروب قرن الجديد القرن

توماس؟؟ بإنجاب سعيدة كنت توماس... هل أم ـ شيء... عندما حياتي... أجمل في شيء أجمل نعم... كان ـالدنيا... أمتلك كنت أرضعه كنت

عالمه )غسان( إلى مع ذهبت كانت لو اآلخر، تزوجت لو الذي هذا من عليها أيسر األمر لكان إذن وتزوجته، البسيطفيه... نفسها وجدت

الحب، ذلك وكبحت بنفسها... أحبته مفتونة كانت لكنها تجد أن دون هجرته فقيل أصدقاءه عنه للهجران... سألت مبررا

لها: غريبة موضوعات يصور عمله، في منهمك عليه، هو ما على

عن والمجاعة، الشيخوخة عن الشوارع في معارض ويقيم وجمال... يصطاد بهرجات دون اإلنساني ظهورهن في النساءوالمحطات... والمقاهي واألزقة األسواق في لقطاته

هو؟ كيف ـ في يزال ال بك يربطه الذي الفضة عليه... خاتم هو ما على ـ

-64-

اصبعه... الستوديو... في معلقة لك التقطها التي الخطوبة صورة

يتغير... لن غسان العالم تدير أن بوسعها ستغيره، يتغير... لكنها لن غسان

يمكنها الرياح... بالمال مسير أو الشمس اتجاه وتغير باصبعين المقصود... عبد مع تنجح لم معجزاتها معجزات... لكن صنع

كلها... والحياة المقصود وعبد عالمها... غسان، ستغيرهي... بأسلوبها بل حياة، اقترحت كما ليس ولكن ستفعلالعالم... ستغير وحدها سوزان بطريقة

بأعراض تشعر إنها المحمودي د. سالم لطبيبها ترويتعاودها... ذاتها االكتئاب

تسلي باالسترخاء... اضحكي بحياتك... عليك تمتعي ـتقرأين؟ بهواية... أال

بالفرنسية... اآلن اإلدمان... أقرأ حد إلى ليس أقرأ... لكن ـفيرلين. بلزاك... أشعار روايات

جيد... جيد... ذلك ـالسر؟.. لكن... أتحفظ ـ أديت ـ هذا.. أجل من قسمارجل... إلى أتحول أن أريد ـماذا؟.. ـواضح؟ رجل... أهذا أريد... أن... أتحول... إلى ـ من نوع حياتك... هذا في خطيرة انتكاسة عالئم هذه ـ

الهذيان... يتخذ االكتئاب أن استحواذية... تعرفين حالة أشكاال

مختلفة... عالقة لألمر ليس فعال، ذلك سالم... أريد دكتور صدقني ـ

باالكتئاب؟. جمالك... لماذا؟... يتمنين النساء وآالف جميلة، امرأة أنت ـ أعرف... لماذا؟ أن أريد

أكون أن _ أفضل عديدة.. ألسباب رجالجدا... جميلة امرأة ولكن.. أنت ـأعجبك؟ وهل ـرجل... أي أمنية أنت ـتتزوجني؟ هل ـ )زينة( زوجتي وتعرفين متزوج أنني تهذين... تعلمين أنك ـكلها..ط الدنيا بنساء استبدلها ال التي أن تقبل ثانية... أو زوجة أكون أن أقبل أريدك لكني ـ

رجل.. إلى تحولني -65-

الطلب... هذا مثل على الموافقة الطبيب بوسع ليس ـتمزحين... أنك أرجوك.. البد

وداعا... إذن ـقالت: إليها ذهبت التي النسائية الطبيبة

بمواصفات مكتملة... تتمتعين أنثى شيء... أنت ال ـأنوثتك... اكتمال في للشكل مجال وال نموذجية

تجرين علميا... أال التأكد أريد ـ للهرمونات؟ فحصا في زائد شعر عالمات... ال من ليس ألنه أستطيع ـ... ال

النهدين... في ضمور الصوت... ال نبرات في تغير ال الوجهفعال... ذلك أريد لكني ـذلك... في تساعد بيولوجية مؤشرات من ليس ـوالمشاعر؟ ـمشاعر...؟ أية ـ يحدث النساء... مثلما إلى أميل رجل... أعني بأنني أشعر ـ

للرجال....معينة؟ أدوية هذا... أتستخدمين على نعول ال ـبسيط. اكتئاب من نعم... أعالج ـ االعتبار... القضية بعين أخذها يمكن ال مشاعرك إذن ـ

البساطة... بهذه ليست أمل... اسألي سوزان... ال ـ طبيبا بالغدد... قد اختصاصيا

إقناعك.. يستطيع ( وتمضيB M W) طراز البنفسجية سيارتها تقود من نحوا وضعت حيث المكتظة الشوارع في تتجول وهي ساعتين

والمتاريس االستحكامات مداخل في مواجهة ألي استعدادااألزقة...

محدد... مكان بلوغ في رغبة ودونما هدى غير على تسير في واللوحات التحف لبيع المخصص متجرها إلى أخيرا تتجه

فتستدير مقطوع الكهربائي التيار أن تجد المسيح، منطقةالبيت... على عائدة بسيارتها

االستيقاظ عند تجد لعلها المهدئة الحبوب من جرعة تتناول مصيرها... من لإلفالت منفذا

(3) ساهمة، سرير... تجلس أو وثيرة أريكة على متعبة، تجلس

تتصفح من لشاعر شعر ديوان كان ربما اإلنكليزية، باللغة كتابابايرون(... أحبتهم... )اللورد الذين

وجهها حول يتناثر األشقر بايرون... شعرها للورد أنه مؤكداذاوية... ومالمحها

-66-

جانبا... وتلقيه الكتاب تغلق ثم بالكلمات، تتمتمتوماس: أم تخبرها

بها..... يهددوننا جديدة حرب هناك أسمعت؟ ـ أحدنا بوسع الذي ما توماس... تفكر أم لمخاوف تستجيب ال

آتية.. فهي ستأتي كانت إن للحرب، يفعل أنتوماس؟ أم مكان؟ أي إلى الذهاب تريدين هل ـ من ابنتي...أعز مثل حياتك... أنت معك...حياتي ال... أنا ـحتى... ابنتي

عزيزة... تعرفين... أنت تطرأ لم أمها...؟ توماس أم تكون ال العبارة... لماذا تصعقها

أفكارها... مسار تغير أن الفكرة... تطردها... تحاول هذه عليها أعماقها، في ويستقر تصويبها أجيد نبلة مثل ينغرز الموضوع لكن توماس أم تكون أن افتراض إليها، بحاجة تكن لم أخرى بلبلة

أمها...رأسها: وتلمس توماس أم منها تتقدم

والنهار الليل في تبكي... أصلي محمومة... ال أنت ـمريم... العذراء لتساعدنا

لك كلهم... أدعو للقديسين يسوع... أصلي يا عذابنا تنسى الليلة.. كل

سوزان... ابنتي يا تنقض القلقة، النورس طيور صيحات تنبعث النهر جهة من

وعدائية نزقة حركات في ضاجة تحلق ثم الماء سطح على أشبه النخل وراء من لتبدو حتى المبلولة أجنحتها أطراف وتلتمعماطرة... مشتتة صغيرة بغيوم

األوراق متضامة نضرة كثيفة سوزان حديقة في األشجار الحديقة من الشمالي الجانب في تشكل وكأنها خضرة من جداراحسب ألوانها تتدرج

األوقات... وتغيرات الضوء مساقط األوركيد شبيهة األرجوانية الزهور ذات البوهينيا شجرة

المتأخرة... البراعم بعض وبقيت الذابلة زهورها آخر ساقطت تصنع وعصافير بالبل بأعشاش مسكونة والشجرة مشتركا الخوف على الطيور وتستعين الطير أجناس بين للتعايش بدائيا

على والمساء الصباح في تعلو التي الطير لغة وتتبادل بالتجاوراألخرى... األرض لغات

المهدئات، نوم خدر من سوزان تقوم العالم هذا ضجة فيمتورمتان... وعيناها منهك جسدها

ليس المكان كأن هي... أو ليس كأنها مختلفا، شيء كل ترى ليس شيء عهدته... كل كما ليس شيء كل القديمة، األلفة بتلكتتوقعه... كما

-67-

الشمس... تبدو حتى حد كأنه باتر بسطوع أخرى شمسا يحدث شفرة الممرات... وينعكس في والضوء الظل بين تناقضا وهجا األشجار... أعالي في مألوفا

تغيرت؟ التي هي أنها أم الليلة؟ هذه العالم تغير هل بأكمله عمر أحزان أعماقها في يفجر الصيفي الصباح هذا

حولها... من واألشياء أيامها يظلل أخطائها وغبار المرصعة الصناديق الثمينة، المقتنيات ألفتها، األشياء فقدت

وماليزيا... وسيريالنكا الهند من المجلوبة التحف بالعاج، التي المنحوتات وأجانب، عراقيين لرسامين األصلية اللوحات

والفيروز... بالفضة مطعم عاج من أو أبنوس خشب من صنعتلها... معنى وال باهتة تبدو األشياء هذه كل

وتصير تتهاوى الفرح... كلها أو بالسعادة لها عالقة ال رمادابليدة... حزنها... جمادات أمام

المتداخلة ألوانها مغلقة، طالسم عالماتها خرساء، اللوحات هي فيها الخلل أن رؤيا... أم تمنح وال بعاطفة تبوح تربكها... النفسها...؟هذا... بعض مسامعها في تبذر كانت حياةتقول: كانت

العالم... ولكن سعيدة... امتلكي حياة تصنع ال الممتلكات ـالكائنات... أتعس به... ستكونين تتعلقين ما لك يكون ال أن

تمتلك كانت حياة... لو نبؤات تصدق هذه اصطبار من شيئا تفعل أن الستطاعت إذن الباليا احتمال على وقدرتها المرأة شيئا لحياتها... جيدا

عليها... رددته ما لشيء... هذا تنتمي أن لها البد الجسد لتعب نامت... ويا ما لطول النافذة... يا تفتح

الروح... لفقر الجمال... يا لذبول المسحوق... يا الضخمة التوت شجرة تبصر تعود وال عينيها الدموع تغشي

ترى عادت وما الذابلة الصفر األوراق جذعها حول تكدست التيالنهر... جوار الصغيرة البركة في األوز

تتحرك ذاهلة امرأة هيأة عليها أضفى جسدها اضطرابالكبير... البيت أروقة في بعشوائية

التي الناعمة الموسيقى فيه تؤثر وموجوع... ال ثقيل جسدهاالمسجل... من تنبعث

الزرق الدوري... والهاالت بها... األلم ما توماس أم ترىوجنتها... في الوردية العينين... البثرة تحت

القمر... المرأة... وسطوة جسد تقاويم توماس أم تعرف القمر اكتمال بفعل وينحسر األنثوي الدم مد يرتفع كيف تعرف

منازله... في تبدله أو في القمر أهملهن نساء عن طفولتها في لها تروي كانت

القمر ينجبن ولم الدم بمد يحظين فلم البعيدة الجبال قرى -68-

ارتكبنها... خطيئة بفعل تجاهلهنأبناء... غير من قاحلة أزواجهن بيوت وجعلن الرجال وخدعن

)مار دير إلى يذهبن أو للقمر الهدايا يقدمن البنات كانت أحشائهن في وترمي بأحوالهن فترأف العذراء متي( يستعطفن

الولد... بذرة نسيان بين ووقفن أحد يعرفها ال خطايا ارتكبن قد كن لكنهن

الجسد... وجذب القمر توماس أم لها تقدم أدركت فقد النعناع مغلي من فنجانا

والبثرة الزرقاء العالمات: الهالة هذه من الدوري مرضهاوالدموع... الصغيرة الحالمة... السعيدة الشابة تلك عينا تعودا لم سوزان عينا

تعد ال وآالم جسدها في مرت القمر دورات من أكثر أو ثالثونالهالل... ظهر أو البدر اكتمل كلما أحشاءها هصرت

الجسد وآالم النساء وجع توماس أم خبرت سنة سبعونسواها... تعرف مما أكثر سوزان وعرفت

هذا... ينفع اشربي... قد خذي ـ

لـه المرارة... أضيفي من المزيد أحتمل مر... ال مذاقه ـالعسل... من ملعقة نصف فيه آالمك... سأعصر يزيد العسل بأس... ولكن ال ـ

ليمونة...أحسن... ذلك

بضيف تليق غذاء وجبة توماس... سأخرج... هيئي أم ـعزيز...

أعرفه؟ هل ـأعود... عندما ستعرفينه ـ

ارتدت وقد سوزان تخرج ثيابا البهرجة من اعتيادية... خلوا بلمسة واكتفت حلي بأية تتزين ولم عنقها وراء شعرها وربطت

عينيها وأخفت شفتيها على وردي لون من ومسحة كحلقاتمة... نظارة وراء المتورمتين على المؤدي الشارع في تسير )المسبح( ثم شوارع تقطع وتدخل الساحة حول لتدور الوطني المسرح إلى يأخذها زقاقا

الريشية اللبح أشجار أفياء تغمرها نواس( حيث )أبو شارع على ظاللها ترش المغبرة والكاليبتوس السدر وأشجار األوراقواألرصفة. الشارع إسفلت )المأمون( ثم حي في حياة إلى تذهب أن تفكر لحظة في

فكرتها.. تغير قاعة عند وتتوقف الميريديان وفندق الشيراتون فندق تجتاز

للفنون(... )دجلة

-69-

ذات عراقية لرسامة لوحة عن القاعة صاحبة السيدة تسألشهرين... قبل أعجبتها الرايات تشبه متحركة قطع ألحد بعتها أنني الله... أعتقد مال هناء الفنانة لوحة إنها نعم ـ

متنقلة تبقى طويال، تمكث ال اللوحة األجانب... تعرفين الهواةنفسها... للفنانة تشبهها لوحة لدي أخرى، إلى يد من

المخزن.. في الجدران إلى الممسندة اللوحات في تبحثانهي... ها ـ لك أريدها... سأكتب ـ بثمنها... شيكا سوزان نزوات ألفت القاعة... فقد صاحبة تندهش ال

تستغرب كانت ولكنها تعجبها التي باللوحات المفاجئ وغرامها على المثبت الثمن تدفع بل تساوم ال سوزان ألن مرة كل

بكلمة... تنطق أن )الفولدر( دون تمضي... تدخل تبلغ حتى السعدون شارع على يأخذها زقاقا

تنعطف هناك ومن القصر ساحة ثم يسارا سوق لتدخل يمينا العصافير لها لتشتري توماس أم مع تأتي كانت )البتاويين(... هنا

وهي والزيتون الموصلية المونة تشتري أو البرغل مع وتطبخهاواللحوم... الخضار محالت في الباعة ضجة تعرف

يقع زقاق إلى تنعطف توقف اليسار إلى السوق عن بعيدا تتكرر كاألسهم حادة بنهايات مزود حديدي باب أمام السيارة

وبعد الحديدي السياج على نصف بشكل مروحية نافذة لـه بطلفتين خشبي باب الممر

الجانبين وعلى دائرة مصبوبة محجرات العلوية الشرفة وفي مستطيلة نوافذ

شجرة والشرفة البيت وتظللالشكل... بوقية زرقاء بأزهار نيلوفر ومتسلقات سدر

من عليها تنهمر الروائح يخفق، الجرس... قلبها على اصبعها مقلي سمك روائح زكية، رز الساخن... روائح الهواء

وتتلون... رائحة وتتكاثر تتردد بغدادية ظهيرة ومخللالت... روائح الرائحة تلك لتصنع تتحد الروائح والمحشيات... عشرات البامياء

الظهيرة... في بغداد زقاقات تميز التي مستدير وجه لها بدينة مسنة سيدة الخشبي الباب تفتح

السوداء الفوطة تزيده أبيض عتمة في جسدها يظهر ال ألقا رأت عندما بدانة ازدادت أنها سوزان الباردة... عرفت المجازالباب... بظلفة تمسك التي ويدها ذراعها

الخير... مساء ـبنتي.. أهال... تفضلي ـموجود؟ غسان سوزان... نسيتني؟... أستاذ أنا ـ بنتي، نعم... تفضلي ـ الغيبة؟ هذه كل أين مرحبا.. مرحبا

في سوزان لتتبعها الموارب الباب وتفتح المرأة تنسحب الضيوف... أثاث غرفة باب وتفتح المعتم نصف البارد المجاز

-70-

والهواء الخشب صباغ رائحة منه وتفوح ونظيف أنيق تقليديالبارد...غسان... يأتي حتى اللوحة حاملة تدخل أن ماالقدر؟ ليلة هي ... هل سوزان؟ ـأنا.. القدر... قدري ظهيرة بل ـ ... كيف إلينا؟ بك أتى .. ماالذي الدنيا؟ هذه في يجري ماذا ـ

تذكرت؟المنسي؟.. بيتنا فوق بك ألقت عاصفة أية

أسئلتك؟ طرح عن تتوقف متى ـ أمامي... حاضرة أنك من وأراك.. وأتيقن تجلسين عندما ـ مقدمات... بدون إلي... هكذا أمين.. تعودين بهجت سوزان أنت

ما... أو خطأ األمر في إن أصدق.... البد ال ... ال ال ما سراأصدق...

خطأ... من هزئك... ليس عن تسخر... توقف ال ـ هذه بعد إلي سوزان تأتي أن يحدث إذن... لماذا ـ

السنوات؟هذه... خذ... افتح ـ

هذه؟ - ماوسترى... افتحها ـ

يقول ويراها: ال اللوحة يقلب األبيض، الورقي الغالف يمزقواالمتنان... باإلعجاب ممزوجة دهشة بنظرة مقلتاه تلتمع شيئا،إلي... بك أتى ما أهذا ـواحد... سبب يكفي أال ـآخر... سبب هناك يكفي... ولكن ربما ـأخرى؟ أسباب إلى بحاجة أأنت ـالبشري... والفضول اإلنساني الطمع من نوع ـبمطامعه... يصرح الذي هذا غير أنت أعرفك ـ غير مطامعي أن تعرفين سوزان... وأنت يا أنواع المطامع ـ

مطامعك...أكثر. أتحدث أنت... ولن أفاجأ... هذا تشتمني... لن بدأت ـالكلمات... إلى بحاجة لسنا ـحقيقة... حقيقتنا... نعرف نحن ـغسان؟ حقيقة تعرفين أنك حقيقتنا؟.. أتعنين ـمعي؟ تأتي واهمة... هل أكون قد ـأغامر... أن اليوم لي تشائين.. يروق مكان أي إلى ـالمجهول... إلى رافقتني لو حتى ـاللعنة؟ أو المجهول إال أنت وهل ـ

-71-

اللعنة... هيا... مع إذن ـ سأكون ـ حوض من الصور واستخرج دقيقتين في جاهزا

دقيقتين... من أكثر أتأخر التحميض... لنالكبيرة: السيدة تقول

الغداء... ولضيفتنا لك هيأت ـنحسمه... أن نريد أمر وسوزان... لدينا أنا أمي... سنخرج ـ

السيارة... في وهي تسألهعني؟.. ستقول ماذا ـ من تريد ماذا تعرف ال امرأة مرارا... أنت قتله ما سأكرر ـ

الحياة...بالمعجزات؟ أتؤمن ـ لحدوث إنسان كل حياة في واحدة فرصة هناك دائما، ـ

ما... معجزةوإذن... ـمعجزتي.. ليمنحني للقدر شيء كل أترك أنا ـ صرت متى ـ يا قدريا أنت؟ هذا غسان؟.. أحقا صرت ـ هذه أنتظر السنوات تلك كل أمضيت عندما قدريا

اللحظة...عودتي؟ تتوقع أكنت ـبشيء... أفاجأ لم يوم... وأنا كل ـحياة... بالست تذكرني ـحياة؟.. أتعرفينها؟ ست ـأنت؟ أتعرفها ـالوالدة... عم أمي... ابنة قريبة إنها ـميساء؟ أم حياة ـنعم... نعم... ـولكني... ـ تزار... أحدا... وال تزور ال قطيعة... حياة شبه في نحن نعم ـ

وانشغاالتها... حياتها في منهمكةإليك... أعادتني التي هي حياة... حياة ـوبي؟ بك شأنها ... ما ماذا؟ ـ وجدت فما بمعنى بإنسان التشبث إلى هدتني التي هي ـ كائنا سواك... بهذا جديراكذلك؟ االحتياطي... أليس الرجل إلى تعودين أنت وها ـمني تقتص وال تسخر، ال ـ مني جعلت أسخر.. لكنك ال ـ الطلب... تندفعين تحت كائناإليه... تعودين ثم سواه على

-72-

أبدا... عني وجهك يغب ولم لحظة كل مطلوب إنسان أنت ـ تعلم أنت بك... مولعة أنا كم أحبك... تعلم كم جيدا

لم الماضيات الثالث السنوات ذلك... فخالل أعلم أكن لم ـهذا... إلى يشير شيء يحدثحياتي... من لي تبقى وما يدي لك اآلن... أمد أنا ها ـ منى تبقى الذي عني... ما اآلن تعرفينه الذي ولكن... ما ـ به. اإلمساك تحاولين كي فعالسابقا... كنا كما عرفتك... هكذا، كما أحبك إني ـ كنت إن نفسك سألت ولكن.. سوزان.. هل ـ بامرأة مرتبطا

السنوات؟ هذه كل تغيرت كنت أخرى... وإن توازيني... قل التي المرأة هي أجلي... من من ستهجرها ـلي؟امرأة... أية توازيها ال أحب التي المرأة لكن الكثيرات، ـالمرأة؟ هذه هي هي.. أين وأين ـبهذا.. لك شأن ال ـبغداد؟ في هنا أهي ـاألسئلة؟ طرح عن ستتوقفين متى ـ

من مائية قباب النافورات الوطني، المسرح أمام يمرانضوئية. قطرات

الذائب باسفلته مغسولة... والشارع نضرة النباتات باعة عربات تحتله المعشق الرمادي األحمر اآلجر ذات وأرصفتهوالروبيان.. والسمك النادرة الفواكه

طويال.. عليهما الصمت يخيم اليمنى... الجهة من يراها وجهها، جانب إلى خلسة ينظر

العراقي الدم وسامة بين تجمع التي الفاتنة الرقيقة المالمح الطويل... الغرنوقي العنق الباردة، األيرلندي العرق وشقرة كثافتها في والرموش استقامته في المستدير... األنف الذقن

المثيرة...ذائب... ضوء مثل الوجه على يلتمع ذهبي ناعم زغب من لـه سببته ما كل يقبلها... يتجاوز لو يود مزموم، فمها

يعانقها... لو آالم... يودوصحبها؟ لنزوتها استجاب ومرتبكا.. لماذا خائفا، يبدو

الشارع إلى وتتجه المكدر وجهه إلى جانبية نظرة تختلسالمسبح... نحو المؤدي

صامتا؟ أستبقى ـعالمك.. من وأفلت عالمي في أغوص كيف أتعلم ـمني... ستفلت معي... فكيف لكنك ـالفخاخ... سترين.. من اإلنسان يفلت كيف سأعلمك ـ

-73-

وهي الصداحة... تضحك الصريحة ضحكتها سوزان تضحكاستغراب... نظرة إليه تنظر

رفيع عرق خط فرأى ثانية استدارت على يسيل جداقميصها... ياقة عنقها... ويرطب

بيتنا.. تذكر ظنك سنصل... أ ـاألمين... بهجت قصر تقصدين ـ واألمطار الزمن منه نال كالسابق... لقد عاد ما ـ

والوحشة... تنام الزمن وآفة الغريب الشهواني وجسدها الرشيقة قامتها

التجميل قواها... بعمليات بكل الزمن تكافح وهي خالياها، في ولبثت بها امتدت التي الشباب عتبة عند والوقوف والرياضة

بها... تتشبث من األخريات النساء لـه تتعرض لما ستتعرض أنها اليبدو

الجمال هذا لصيانة وخبرتها ثرواتها تسخر ألنها وترهالت ذبول والتعديل للتبدل قابلة مادة أو منحوتة تملك كأنها وتطويره ونحته

واإلضافة....لنفسه: قال

ما... يوم في ستشيخ ذلك... فإنها مع ـالضيوف... قاعة إلى غسان بدخول توماس أم تفاجأله: تقول

غسان؟ أستاذ أحوالك تشرفنا.. كيف لم زمن منذ مرحبا، ـتوماس...؟ أم أنت بخير... كيف ـالموت. من تقترب أنا.. عجوز ترى... ها مثلما ـعمرك... الله أطال ـ تحب... اسمع... أتريد ماذا الموسيقى؟... أعرف أتسمع ـ

تسمع... أنشيئا... أسمع أن أريد ال... ال ـمابك؟ ـ على للغداء... فلنتحدث أذكر... دعوتني ما حسب ـ

أفضل... هذا صوتينا، إلى نستمع المائدة... دعينا عند الرئيسي الكرسي على تجلس... هنا أن تحب أين ـ

قبالتي... تجلس المائدة... أم طرف طرف عند ألجلس العائلة رب قبالتك... لست أجلس ـ

المائدة... ـ أفضل... سأراك حسناوالحساء... المشهيات قدمي توماس أم ـبالسلطات... حساء... سأكتفي أريد ال ـالرومي؟ الديك لحم أتحب ـ

-74-

الديكة... دون الروم ال... أحب ـ الذع أسألك... إنك أن دون األشياء لك أقدم إذن دعني ـ

اليوم... هذا السخرية

(4) لهم.. تعلن تومــاس أم أعــدتها الــتي القهــوة احتســاء بعدسوزان:

في وأنت أنا يضمني أن اليخت هذا امتلكت منذ أمنيتي ـدجلة... مياه وسط مؤقت رحيلمستديم؟ رحيل فكرة هناك هل ـرأيك؟... ما ـبماذا؟ ـوالرحيل.. باليخت ـأعرفها... التي األرض على الوقوف أفضل ـمعي؟ ترحل ألن ـأين؟ ـوسواه؟ اليخت في ـ أكثر األرض هنا؟ ها معي تلبثين ال ولماذا ـ لألمان... منحا أكون ممتنا في التأرجح أطيق الثبات... ال حالة في وسعيدا

المياه...الترنح... شهوة فإنها مشكلتي أما الثبات مشكلتك ـأريد... ما أعرف أنا ـتريد... ما أعرف وأنا ـتريدين.. ما أنت تعرفي أن لدي األهم ـنفسك... وتتعب تتعبني أنت ـسنوات.. طوال لي سببته الذي األلم نسيان أحاول ـآالمك؟ محو في اآلن نجحت وهل ـبعد. منها أي على يدك تضعي لم اآلالم من سلسلة هناك ـأخطائي... عن أكفر أن سأحاول... وسأنجح... أريد ـاألخير؟ الهدف ماهو ستصلين..؟ ماذا وإلى ـمعا... نكون أن ـمعا؟ نكون سبب ألي ـإيضاحات؟ إلى أتحتاج ـمضى.. وقت أي من أكثر ـلك..؟ زوجة ... أتقبلني نتزوج أن أريد ـ

-75-

ال.. ـلماذا؟ ـأخرى.. بامرأة مرتبط ألنني ـزوجة؟ أم خطيبة ـتلك.. وال هذه ليست ـإذن؟ ماهي ـحياتي... امرأة ـلك؟ بالنسبة أكون ... ماذا وأنا؟ ـجنون... ذات أحببتها امرأة ـونتزوج... الطالق على سأحصل ـالزواج.. أريد ال لكني ـتحبني؟ تعد ألم ـالحد؟ هذا إلى األمر أيعنيك ـتتخيل.. مما كثر أ ـالكراهية... أجيد ال ألنني أحبك... نعم ـاستطعت؟ لو ستكرهني كنت وهل ـ كنت لو حتى أستطيع أدري... ال ال ـ للكراهية.. أهال نكون ولكن... عندما ـ هذه عن نرحل عندما أعني معا

بلد. أي إلى المدينة... ونذهبالرحيل... كلمة نطق فتجنبي الحوار نواصل أن شئت إذا ـ بلد إلى سنذهب تماما، سيختلف معي رحيلك لكن ـ

تجارة بطاقة لدي حدوده، عند االرتماء إلى نضطر نختاره... وال كل من لنا فيزا على الحصول وأستطيع وتصدير، واستيراد

أجمل مثال... سنعيش المغرب جميل، بلد إلى البالد... سنذهب عاشقان... نشتري بها يحلم أن يمكن حياة بيتا على مطال

أجمل سترى هناك الرباط قرب الرقراق نهر مصب عند المحيط المحيط... في الشمس تذوب العالم... عندما في غروب

الداخل المحيط مد ويداعبنا عائمة ومقاهي يخوت في سنتجولالعالم.. ملكة معك سأكون النهر... هناك إلى

الرحيل؟ فكرة بقبولي الثقة هذه امتلكت أين ومن ـ هذا... ستكون من أكيدة رأيك... أنا ستغير ـ مصورا

معارض. شهيرا... وتقيم بجوائز وباريس... وستفوز وبروكسل ومدريد طنجة في ـ

العالم... صحف صورك تشتري وسوف كبرى... سترى أن على منسية زاوية في هنا، الموت أتعلمين... افضل ـموقعي... أغادر

-76-

أي في السعادة بهذه أكن أكون... لم ما أسعد أحبك... أنا ـ لي تعيد السعادة... أنت هذه تستمر أن حياتي... أريد من لحظة

بنفسي... بالثقة وتمألني توازنيإذن؟ بالرحيل تفكرين لماذا ـ كل في لنا تكمن التي الكبرى... الحرب؟ الماسأة وهذه ـأنفاسنا؟ من نفس فكرتي؟ تدركين المغادرة... أال من علي أيسر الموت ـ

تكون... عنهم... وبهم ألنها الناس لهؤالء هي صوريوالدتك؟ أهي ـأنا... إنه االختيار، بهذا أحد ألي عالقة ال ـ

يحيا أن يمكنه ال الذي أنا وهؤالء االحتدام هذا كل عن بعيداالحروب... عذابات وطأة تحت ينوؤون الذين البشر ارتباطنا... يعني لمشروع تأجيل أو منك رفض لكن... كل ـ

تتزوجني...؟ االنتحار... ألن ليالشاي؟ شرب تريد أ تسألين كأنك ـ الغد... سوف من نعقد شئت تبريراتك... إن أسمع ال أنا ـبعيدا... ونرحل معك ألكون يريده ما المقصود عبد أمنححديثك؟ من انتهيت هل ـألقوله... الكثير ال... لدي ـواحدة... ال... كلمة سوى اآلن أملك وال ـتحبني؟... زلت أما غسان ـبنفسك... ذلك معرفة يمكنك ـتبلبلني؟ لماذا ـاألسئلة؟ هذه بكل تداهميني لماذا ـيريحك... هذا كان سأصمت.. إذا ـبالصمت. أستمتع أن اصمتي... اصمتي... أريد ـ

الثقيلة، الماء رائحة النهر... تلفحه صوب وجهه غسان يدير شمس في والحلوة المالحة روائحها تطلق التي النباتات بخار

العصر... ليتندى يكفي بما رطب عليه يجلس الذي الخيزران كرسي

ظهره... وراء ويدسها وسادة الخلف... يتناول من قميصه هو يكون ال النهر... ربما إلى وراءه... تنظر سوزان تقف

إليه... تنظر الذي ذاته النهر كتل من حاجز على تتكسر الريح ترسمها التي النهر أمواج

تصرخ الماء... والغاق، ودجاج النوارس الماء، الحجر... طيور سطح على تنقض أو وتطير أجنحتها تنشر تطير... ببطء ثم كلها

إلى الموجة على تنزلق ثم الموج أعراف فوق تعوم الماء.. أو -77-

سوزان الشمس... يدا تحت تلتمع الصغيرة قرارها... الموجاتجبينه... وتقبل غسان... تنحني صدغي تلمسان

وهي أخرى مرة وجهه... تقبله على يديها عرق برودة يحس أن تريد فعله، ردة أو نظرته ترى أن تريد العينين... ال مغمضة

ألم والنظرة مضيئين جرحين مثل تبدوان عيناه هي، تراه ما ترى السعادة استبعاد تحاول الجسد... والروح في شهي... لهب

الجسد.... في تدفقها وإيقاف تغوصان عنقه إلى تهبطان يداها المتسارعة، أنفاسها يسمع

القميص... قبة وراء الناضج العرق في وشعرها كتفه في تنغرس وأظفارها بالرغبة يختنق فمه

يطوقه... عينيه يغمض ينهض بغتة أصابعها... ثم لحنان مستسلما كالملسوع وحنانها... رغبته من اإلفالت محاوالبالنحيب... تبدأ ثم وجهها... تقبله يقابل وجهه

إلى ويجلس اثنين لعاشقين تتسع التي األريكة على يجلسهاجانبها..

البكاء... عن كفي أرجوك ـأحبك.. ـحبا... ليس نحوي به تشعرين ما كان ربما ـالسماوات..؟ بحق لك أحمله الذي إذن؟... ما ماذا ـ اآلخر... الرجل من الثأر رغبة التعلق، بالحب، شبيه شيء ـ

ربما... دائما.. أحبك... وسأحبك ـالرحيل... بشرط الحب تمزجين لكنك ـحقا؟.. معي السفر تريد أال ـ هي التي الروح هذه إلى... إلى معي تسافري أن أريدك ـفيه... العيش وثمرة المكان، بنت

مني... الحرب نرحل... ستأخذك لم إن ـ كنت إذا إال الحياة من شيء يأخذني لن ـ للموت... مهيأ

حاملة توماس أم تأتي طبقا بلوريا وتضعه بالفاكهة مليئااألرائك... زوايا عند الموضوعة الصغيرة الموائد إحدى على توماس... نريد أم ـ قبل.. من لنا تصنعينه كنت كالذي شايا

طرية... نعناع أوراق مع يحب غسان األستاذ أن ابنتي... أعرف يا شيء كل هيأت ـ

يحبه... ما كل حاال... أعرف المنعنع... سأحضره الشايالعذراء... لتبارككم

-78-

إلى يشدك الذي الحقيقة... ما لي هنا... قل يبقيك الذي ما ـثالثة؟.. مرة ستخوضها مرتين.. فهل الحرب خضت المكان؟ هذا

الوقوف األمر استدعى إذا متأكدا... لكن أدري... لست ال ـحرب.. ألف غزو... سأخوض بوجه تبقى ما لنحيا معي تأتي أن بأنفسنا... أريدك ننجو أن أريد ـ

هناك... لنا تفسيرها وال فهمها يمكن ال الحياة في أشياء هناك ـ

قبولها.. اآلخرين على يصعب وبالمقابلماهي... ـ والروائح باألماكن الصغيرة التعلقات الذكريات، مثل أشياء ـ

أيامنا... عن يغيب وال يموت ال أن نريده الذي والفصول... باألمل األشياء... أجدني هذه كل أغادر عندما المهزومين... من مهزوما الضائعين.. بين ضائعاالمرأة..؟ وتلك ـامرأة؟ أية ـإذا؟ تكون فمن الزوجة، وال بالخطيبة ليست التي ـ ذات تكتشفينها ما... قد يوم في تعرفينها قد امرأة ـ

صحوة.. إثارة إلى بها تهدف زهوك، وحكايات أكاذيبك إحدى هي هل ـغيرتي... وربما آالميهذا... نقيض كان وربما كذلك، األمر كان ربما ـبي؟ العقاب إنزال تحيرني... أتريد إنك ـأستطيع... ليتني ـتثأر؟... أن أتحب ـ لي تمثل الثأر... إنها فكرة أكره ـ سلوكا معه تسود عتيقا

بكل يتكفل القدر أدع بل باالنتقام، أؤمن ال الغاب... أنا قوانينشيء..

بمنطق تتحدث الخرافة أحداثه تفوق الذي الزمن هذا في ـ أراه ال مثالي يجري.. لما مناسباأناسها.. من األرض ألفرغت الثأر طريق سلكنا لو ـ ال بعيدا... لماذا نذهب أن أوال... علينا بأنفسنا ننجو أن علينا ـالقتلة؟.. جنون تصدق أن تريد غطى كيف بعيني أصدق.. أصدق... رأيت ال بأني أنبأك من ـ

ظهر وراء أزرق بشرشف لبيكاسو الغورنيكا لوحة األمريكيون األشالء صور ورائه تظهر لكيال معلوماته يلقي باول( وهو )كولن

الفن... الحقائق... ويشوه تخفى الفاشية... هكذا وضحايا محو األمر... الحرب... حربهم حقيقة إبالغ وبين بينه ويحولون

-79-

والحقيقة... والفن لإلنسان تطاوعني ال محالة.. فلماذا ال قادمة حربهم أن هذا معنى ـ

غسان... لماذا؟.. يا بعيدا؟... لماذا ونهرب فسنجد ذهبنا أينما ـ نذهب مختلفة... أينما بأشكال حروبا

واإلبادة... القهر أشكال من الخيال يفوق ما لنا يهيئون سنجدهماليوم.. بعد آمنة ستكون األرض أن تصدقي ال

الخطر... من درجات هناك ولكن ـ على مصممون إنهم مكان... ثم كل في واحد الخطر ـ

في وتحفظها الحياة تبيد كتابهم، أحد يقول كما إبادتنا... حربهممعا... آن

حروبهم تحفظ بديهي... فكيف تقتل... هذا الحرب كيف؟ ـالمفارقة؟ هذه وكيف؟..ما الحياة.؟

هاهم نصدقها، نكن لم التي العلمي الخيال قصص مثل ـ ألخذ المختبرات ثالجات أمام طوابير في يقفون المارينز جنود

لحفظها المنوي سائلهم من عينات باألسلحة إصابتهم من تحسباوالكيمياوية... والبيولوجية النووية

عداهم... من كل ويبيدون القتل ساللة يحفظون الفكرة... فطيع.. هذه لمثل يقشعر جسدي مروع.. إن هذا ـ

مفجع... شيء وحشي... إنه لم لكننا علمية، وابتكارات أعاجيب عن سمعنا لطالما ـ

المتفوقة الحضارة العنصري... أيتها الفعل هذا مثل عن نسمعووحشية.. خسيسة أنت كم

للخالص.. طريقة في نفكر غسان... دعنا ـ

معها.. وإن نباد ساللتنا أبيدت فإن هنا، بالبقاء إال خالص ال ـننجو... نجتهذا؟ كل في مصلحتنا ما وأنت لكن.. أنا ـهذا... في بعد أجادل لن ـالمرأة؟ تلك أجل من البقاء تريد أألنك ـ الذي ذلك تغيرت... وإنني ما أنني لها ثبت ال أجل... ربما ـ إلى توصلت التي سأغيرها... أنت الذي تعرفه... أنا كانت

تغير؟ الذي األمس... فمن بأخطاء االعتراف

****

-80-

الخامس الفصل(1)

أعطاني أبقاني... الموت والموت أخذني، الموت رويدة، أنا صوتي تسمعون أنتم هواء... ها من صوتا طائرا... راجفا؟ خفيفا من ينام اليقظة... لماذا برزخ في أقف أغفو... ألنني لن

شيء؟... كل يرى فقط... أراكم الحاضر هو الحاضر... زمني في أقف أنا

قادمة... حروب من القادم األلم تترقبون المستقبل... بل تعرفون بأيامكم... ال تفعلون ما تدرون ال

تسمعون... ما مع وجوده في يشك أكثركم إن كلماتي... إنها ليست هنا... وأراكم... الكلمات أقف أنا النجوم... من والمطر... ربما الهواء من أدري ال حيث من تأتيني

حصلت شيء أدري.. أفضل الرمل... ال أو النار أدري... من الشيئا... أخاف ال أنا تخافون، الشجاعة... أنتم هو اآلن عليه

الموت؟ بعد اإلنسان يخيف الذي ماداخلي... من تخرج بالكلمات أحس ال

أجيد أكن لم حية كنت الجهات... عندما كل من تأتيني إنها أنا وخوافة... اآلن خجولة كثيرة... كنت أشياء عن هكذا التحدث

الموت.. بعد ما بشجاعة امرأة

عشقني هشام الحب... زوجي أحب الحياة، أحب كنت بعد يوم كل يلتقيني كان الزواج، من نتمكن أن قبل طويال الكلية.. كذبنا من خروجنا مع وصدقنا الجميع على طويال

شجرة... أو تحت المساء ظلمات في يقبلني أنفسنا... كان أتالشى قبالتي... كنت في يذوب كان نخلة، جذع وراء نختفي

يفنيني... أن أن يأخذني يلمسني... أن أن يديه... أريده تحت أحدا، نر لم أسبوعين، بابنا أغلقنا تزوجنا، عندما ويحييني، يميتني

أحد في سنقيم وإننا الموصل، إلى مسافران أننا أخبرناهم

-81-

الفنادق... اختفائنا لفترة اإلمدادات من يكفينا ما هشام اشترى

أحد... بال على تخطر لن عشق أيام وأمضينا الستائر وأسدلنا جسدي إلى اآلن كثيرة.. انظر أشياء تحب امرأة كنت تربط التي األوتار مبتورة، ساقي الضوء يخترقه الذي الشفاف عندما مهشم... لكني وجهي متيبسة... نصف تتدلى العضالت

القديمة... والرقة النعومة غير أجد ال بيدي ألمسهدم... أو مبتورة عظام أو لجرح أثر ال

لهشام: أقول كنت ـ قربك.. أعيش ألنني لي هنيئا

لي: يقول وكانبسرعة.. بك ألحق فسوف قبلي الحياة وفارقت حدث إذا ـ

يقول: كان يضحك... ال... ال... سأقبل... لكي قبلي... ثم تموتي لن ـكبرت.. بشبابها... أنت حياتي تنعش جديدة امرأة أتزوج

صدع... قلبي في وينشق القاسية دعابته من أضحك كنت هل امرأة ويحتضن روحه ذاكرة يميت أن العاشق يستطيع حقا

اليسر؟.. بهذا معشوقته بعد أخرى ال نفسي ذلك... أنا الرجال يستطيع أدري... ربما ال

النساء... نحن علينا صعوبة أكثر أستطيع... ذلك أموت سوف أقول بيدي. كنت نفسي أخنق سوف إذا فعال

القبر... إلى هشام سبقنيزياد... يا ميساء، يا حياة، صوتي...!... يا أتسمعون

زياد. الكريم... أم عبد رويدة كنتم... أنا أينماوأحدثكم... أراكم أنا

الموتى وأصوات ميتة فأنا القديم صوتي غير هو وصوتيرنين.. اسمعوني... وبها كالهواء جوفاء

الضوء... يلتمع فراشات مثل حولي يطير وحده اسمعي اآلن( وال تمطر يخيفني...)إنها ال المطر الهواء وينطفئ... في

الخوف. أو الحريق أو للبلل قابلة غير اآلن البرق.. أنا وال الرعدتخشونها.. التي األخطار كل من تحررت لماذا الشجاع، اإلنسان يمتلك قوة أية تعرفون لو ولكنكم

تخافون؟... لماذا؟.. قيمة ال الجسد أن اآلن يؤلمني... وأعرف ال المهشم جسدي

طوال هشام مع الجسد لذائذ عشت ألنني هذا يحزنني له... وال في المسرات من خزين يكفي..لدي سنة... ذلك عشرة خمس

روحي... تبقى لما القيمة جميل، غير أو جميل لجسد اآلن قيمة ال

في بالظهور األحياء إنذار الرؤية... ومحاولة وقدرة منا... للروح -82-

أحالمهم..تسمعوني..؟ هل ـ

أنصتي أرجوك رويدة، رويدة... حياة... أنا رويدة... أنا أنا تعزف وميساء الطالبات كراسات تصحيح في منهمكة إنها إلي،غرفتها... في الكمان على

إلي...؟ ينتبهون أجعلهم ... كيف يسمعونني ال إنهم أن أريد سيفزعها... ال بابها؟.. ال... ذلك أطرق كيف... هل

قلبها... أوجع الذي الصاروخ قتلنا حين سنة وثالثون ثمان اآلن عمري

عمري كان ببيتنا ارتطامه بعد انفجر وثالثون... مرت ثمان أيضا الثامنة في أزال ال أكبر... أنا لم ولكني سنة عشرة اثنا

والثالثين... في يزال ال قتلونا، حين واألربعين الخامسة في كان هشام بعيد احتفلنا وزهاء زاهرة التوأم واألربعين.. ابنتاي الخامسةسنوات.. عشر اآلن بأيام... عمرهما موتنا قبل العاشر ميالدهما

الغيوم.. بين القفز لعبة تلعبان أراهما واحدة... النجوم تعدان تتشاجران... أو أو وتضحكان

... ألف... اثنتان... ثالثة... أربعة... عشرة... مائة السابعة بلغ حتى ويكبر يكبر ظل أسرتنا من واحد شخص وبينه، بيني الفارق أتصور عندما أضحك زياد ابني هو والعشرين

بتسع يصغرني هو شقيقين أصبحنا سنوات... بالموت تسع إنهالنهاية.. رحلة في معنا يسافر لم زياد ياللعجب، سنوات

هوك(.. )توما الصاروخ إليها أخذنا التي العربي( )الحي في بيتهم إلى بشار صديقه مع ذهب قد كان المطر... ماء منه تسرب الذي البيت سقف ترميم في ليساعده

اشترى وذهب جارنا من بناء عدة واستعار االسمنت من كيسا زياد معه... كان شجاعا العون تقديم في يتردد وال ومرحا

للجميع..حياة... حياة... يا

حياة؟ يا رويدة.. أتسمعين أنا ـ عندما عليها أتفرج حياة.. كنت حديقتك... يا أجمل ما الله يا

وزياد.. ميساء خطوبة على اتفقتم يعلق زياد الحديقة، في أقمتموه الذي الصغير الحفل رأيت

المائدة، تنظمين وأنت الملونة والبالونات الضوئية الزينات ورد بباقة زينتها عليها... وقد والحلويات األطعمة أنواع تضعين إلى كرسي على غالب صورة ووضعت الشموع وأوقدت جميلة

جوارك.. ترتدي كانت ميساء .. لها؟.. أنت؟ اختاره من رائعا، ثوبا

األشياء... هذه مثل يجيد ال زياد ألن أنت مؤكد لـه الذي الثمين خاتمي الخطوبة هدية اقدم أن أريد كنت

-83-

أنقاض تحت ذهب ما مع ذهب القديم... لكنه الماس من فص كان البيت... زياد لها واشترى كريما جميال.... خاتما

كانت حديقتك كثيرا... حتى منك أغار كنت حياة... سامحيني أرى لي... اآلن غيرة مثار وأحواض وشجيرات كثيرة أشجارا

الباب؟ )الجمال( عند شجيرات من المزيد زرعت زهور... هل

السياج فوق من الزهور بعض أقطف سامحيني... كنت الحديقتين بين الفاصل نارنج ثمار أو تين حبات أقطف وأحيانا

أسرقك... كنت كنت أخشى أيضا اآلن.. به آخر... اعترف شيئا بك.. يعجب وحيدة..كان كأنثى هشام انتباه تلفتي أن أخشىلي: يقول الرصين... كان وجمالك قوتك ويمتدح

تدعينها ال أعجوبة... لماذا المرأة امرأة... هذه من يالها ـلبيتنا؟

عنك: أعتذر فكنت ليل تعمل تراها لنفسها... أال فراغ من فسحة تملك ال إنها ـ إلي... أراه خيل هكذا ... أو خلسة إليها ينظر كان نهار؟ أحيانا أو الحديقة على المطلة الشرفة عند الباب لدى واقفا جالسا تعملين وأنت إليك النظر يختلس وهو الجريدة يقرأ كرسي على فكرت.. معك... هكذا عالقة إقامة يعتزم كان الحديقة.. لعله في

بخيانة بغالب ارتباطك تستبدلي لن ألنك مطمئنة كنت لكنني بشكوكي.... أفاتحه فيها.. لم أفكر كنت التي كهذه خسيسة

سنوات... مدى على تفكيره شغلت أنك من متيقنة كنت لكني تجذب وقوتك أنوثتك وأصغر... لكن منك أجمل أني أعرف

فاتح حمدي... الذي جارنا قصة عنك أخفيت الرجال... لقد إليك من كان منك... فما بالزواج رغبته عن ليحدثك هشام زوجي يكون قد زوجك أن أخبره حين أعقابه على رده أن إال هشام

شاع الذي موته خبر تصدقي لم أنك وهشام أنا أسيرا... نعرفمالحقتك.. عن ليكفوا الجميع عن كتمته بل

هشام كان نستمتع كنا لذلك بحديقتنا يهتم فلم مشغوال ينظر وهو البيت داخل من أراقبه حديقتك... وكنت على بالتفرجإليك... ترين ال بأنك لثقتي األمر، أهملت ثم الرجال من أحدا جديرا

لك أكشف أن لي يحق غالب... حياة.. عزيزتي... اآلن بعد بكسر: عن

لو حتى األمر تصديق تريدين ال وأنك ميت، أنه نعرف كناإعالنه... ترفضين فإنك صدقت

هو يتحدثان الضوئي البرزخ في قربنا هنا... يقيم غالبوزياد.... ميساء عنك... وعن وهشام غالب كان فأعترف أنا أما هشام وكذلك زياد، لسفر رافضا

اآلن: لك

-84-

يعيش.. أن البالد... أريده ومغادرة للرحيل دفعته التي أنا ـ شابة ميساء... سامحيني.. ميساء قلب حطمت أنني وأعرف تبقي فلن جاءت لو الحرب بها... لكن فعله ما وستنسى صغيرةأحد.. أي الحرب تستثني للحرب... لن حيا,... سيأخذونه ولدي

أحالمه أدعم السفر، لـه أزين للرحيل، أدفعه أنا.. كنت يا حدث... سامحيني بما علمي رغم بميساء ارتباطه من بالهرب

لعبت حياة.. لقد على وخوفي يأسي بفعل فيه شرف ال دوراولدي..

ميساء بين النظر وجهات تقريب يحاوالن وهشام غالب يعود... إن أن لـه أريد ال ذلك.. ألنني دون أحول وزياد... وأنا

سترفضين... وسترفض إليه... ولكنك فلتذهب ميساء شاءت تذهب العناد.. أقنعيها... دعيها على ربيتها كيف هي.... أعرف

حياة...؟! تسمعيني ويتزوجان... حاولي... هل إليه وجمالها.. وهي شبابها استردت وقد هنا... أراها أنيسة

حرمت الذي حبيبها كان وربما عمرها مثل في شاب إلى تتحدثالقديم... حبهما بقصة عرف أحد منه... ال هنا عنك... حتى تحدثه يداعبها... وهي والشاب تضحك، إنها

بالحنق؟.. أشعر ال عنك... فكيف يتحدث الجميع البرزخ في الحديقة إلى تأخذها حياة كانت كيف لغالب تروي أنيسة

األمل... فيها وتبث التين، شجرة تحت الطعام لها وتقدم يجلس هشام هنا... وشقيق غالب أم عند الجوار في بعيدا

ومرئيون... هنا قريبون كلهم الضوء نهر منعطف مساء الوقت كان الشاي نشرب كنا الصاروخ سقط عندما

عين غمضة في ارتطامه ثم القادم الوحش أزيز سمعنا ونشرب الخبز مع الجبن وقطع الكعك نأكل وانفجاره... كنا

دمية القليلة... لديهما بلعبهما تلعبان كانتا الشاي... الصغيرتان كانت طالما اشتريناها القماش من شجارهما... دمية في سببا

وجديدة، نظيفة كانت المستعملة المالبس محالت أحد من ترتدي ثوبا مرسومة ومالمحها منفوخ مستدير وجه ولها منقطا وكانت مغلق، صغير الملونة... فمها والخيوط الماجك بقلم

الماجك بقلم لها ضاحك فم رسم تحاوالن الصغيرتان )دودو(... أسميتاها لماذا أدري )دودو(... ال اسمها األحمر...كان

العبوس... وتنظر على وتصر الضحك، تحب تكن و)دودو( لمبعنف: تضربها زاهرة بغضب... وكانت إلينا

اضحكي... اضحكي.. ـ كنت ازدراء بنظرات فينا وتحدق غاضبة )دودو( كانت لكن

قال: أخافها... هشام القصف هذا كل نتحمل أحوالنا.. كيف من تتعجب إنها ـ

منتظرين كالموتى ساكتين ونبقى والظلمات والجوع والموت تراه... ما تستغرب رويدة يا واستسالم... الدمية بخشوع قدرنا اإلذعان على فيها الناس يتعود لم أخرى بالد من جاءت دمية ألنها

-85-

للقدر.. )دودو( تختفي كانت بين نفسها تضيع أو المقاعد تحت أحيانا

اللعب بين كارتون صندوق في تختبئ الصغيرتين... أو ثياب عنها نبحث وتجعلنا المنسية المحطمة نجدها... حتى طويال كانت لكنها تحترمنا وال معنا، العيش تحب تكن لم أنها ويبدو

عليها... كانت تمارسانه الذي العنف رغم الصغيرتين تحبصمتنا.. وتكره الصغيرتين، عنف تحتمل

ولم علينا البيت سقف شيء.. انهار كل انتهى لحظة في لنودع بعضنا، لنلمس لالستغاثة.. أو الوقت من يكفي ما نجد

الحديدية بقضبانها الكونكريت كتل ثقل تحت بعضنا... انسحقنا وثقبها... وبترت ذراعي أحدها الوحش... اخترق كأنياب البارزةالركبة.... تحت من اليمنى ساقي حديد قطعة

أنينه ضخمة... سمعت كونكريت قطعة تحت اختفى هشامواحدة... مرة ناداني فقط... ثم

أنت؟.. أموت... أين رويدة... إنني ـ األلم من نجا أنه تماما.. فعرفت صمت... صمت وبعدها

سريعا.. المدفن ظلمات في ساعات مدى على وأنزف أتألم لبثت أنا صوتيهما أسمع تصرخا... لم لم البنتان الصاروخ، لي حفره الذي

أبدا... أرى ثم وأعلو أعلو أنني الضوئي... أحسست النفق عبرت

وقد يتجمعون الناس تحتي... رأيت المنكوب والبيت العالم بعد عملها الشفالت اإلسعاف... بدأت و اإلطفاء سيارات جاءت

أكثر مسافة من األشياء أرى صرت عندما األلم ساعات... انتهى عليها فعثرت ساقي عن ساق... بحثت بال ارتفاعا...وجدتني

قطعة قدمي في انغرست وقد الصاروخ من بقطعة مهروسة ( بصعوبةU.S.A FORCE) عليها مكتوب مستطيلة معدنية

مبتورة.. ساق نفع ما منها... وقلت المعدنية القطعة انتزعت إحدى فوق وسقطت المعدنية القطعة هكذا... ألقيت سابقىالقبيل.. هذا من شيء أو وزارة فوق ربما الكبيرة، المباني الضغط بفعل اختنقتا اللتين وزهاء زاهرة رأيت برهة بعد

بينما ينزف زاهرة أنف تتشوها... كان لم غرفتهما في والعصف )دودو( وقد الدمية تحمل وهي النزف عن زهاء أنف توقف

زاهرة الغاضبة... سمعت مالمحها واختفت الصغيرة دم تشربتألختها: تقولبيتنا؟ عن بعيدتان نحن لماذا ـ

أختها: لها فتقولخائفة.. نحن.... إنني بيتنا... أين أرى ال نحن... أنا أين ـ

مثل الشفاف بجسدي طرت إليهما... أعني أسرعت عندهالهما: وهمست غيمة

-86-

تخافا... هنا... معكما... ال أنا ـزاهرة: قالت

وجواربي مصاصاتي البيت.. نسيت إلى العودة أريد أمي ـميالدي.. عيد كعكة من بقيت التي الكيك وقطعة

زهاء: تسألنيأراه... أن زياد.... أريد ماما.. أين

لها: أهمس الحياة.. أما هناك... في معنا.. إنه يسافر لم زياد اسمعي ـ هنا ستبقيان سنراه... وسنسمعه.. أنتما هنا..لكننا فسنبقى نحنصغيرتين... أفضل... ستبقيان تكبرا... هذا ولن

.......حياة...؟ أتسمعين

واألشجار للجدران أتحدث إنني يسمعني أحد ال أن يبدو بيت من زياد عودة لحين البيت فوق محلقة والنوافذ... لبثت

حين سيفعل ماذا الصدمة، هول من عليه أشفق بشار... كنتاألهل؟ وموت البيت دمار يرى

من ميساء مع عدت وقد أراك كنت الوحيد، أملي كنت حياة، بانتظاركما.. الكارثة العيون... فوجدت لطبيب قصيرة زيارة تماسكت أنت منوما، وأعطوها ميساء...أسعفوها على أغمي

القصف... انهار غبار من بيتك غرف تنظفين بدأت ثم وبكيت،بيتك.. غرف من بيتنا على مطلة غرفة جدار

وتعيدين المحطمة واألواني الزجاج شظايا تجمعين كنتميساء... نامت أن بعد وحدك الخزانات وضع

مواضعها.. إلى األشياء إعادة علي تعملين الليلة أمضيت لك أحضرت العون، نور( لتقديم )أم جاءتك ابنها وذهب طعاماالخافرة.... الصيدليات إحدى من لميساء أدوية لشراء

روحك... أمنياتي... ناديتك... ساندت لك أرسلت حبها محنة تتجاوز لكي تنسى... ساعديها أن لميساء قولي

تجعليه فال حياة يا حدث حدث ما وأعرفه ولدي لزياد... زياد التمسك يحاول حقا... وخطبها... وكان يحبها حياتها... كان يدمر بحبها وفعلها... نفسه يتمالك لم بالجميل... لكنه عرفانا

ولدي منحت أنت الوعي... فقد حين واحتضنته وحياة عمرالرحيلنا... التالي اليوم صباح المصيبة أمام وتهاوى حفرة إلى تحول قد بيتنا وجد... كان ما فوجد بشار مع جاء

الزقاق في تحوم الحريق ورائحة األنقاض، وحولها مروعة فارغةواليوكالبتوس... النارنج أشجار فوق

)نجود( تقيم بغداد... أختي في لنا أقارب ال أن تعرفين أنت تبقى ما هشام الخمسة... وعائلة وأبنائها زوجها مع الحلة في الثمانينات، في ديزفول معارك في استشهد أحد... أخوه منها

ورحل أمه اصطحب هشام أخ ابن سنوات، منذ توفيت وأمهما -87-

الجبلية... شقالوة مدينة في أخواله إلى بها أبنائها أحد الكارثة... أصيب من تفلت )نجود( لم أختي زاهرة مع يلعب هنا.. كان رأيته بصره... وقد وفقد باللوكيميا

يلعبون وزهاء... وجدتهم الكبيرة.. الزيزفون أشجار عند معا تحملت معوزة... فكيف أنك حياة... سامحيني... أعرف

الجامعة؟... من تخرجا حتى وابني ابنتك على اإلنفاق الوسيلة.. انطمرت أجد لم لكني العون تقديم أريد كنت

البيت... أنقاض تحت النقود وبعض الذهبية الحلي سيجد التوفير... قلت دفتر في دينار آالف عشرة عندنا كان

تساوي عادت ما عليها... لكنها للحصول طريقه زياد اآلن... شيئا سرواله جيب في يحمل كان إنه زياد عادات أفضل من الثبوتية أوراقه يظنونه فقد العسكري االنضباط من خوفا هاربا

يبدو لكنه عشرة الخامسة في فهو وطوله لضخامته الخدمة من يسميها التي األحوال هوية معه يحمل العشرين... كان في

يقول العراقية.. وكان الجنسية وشهادة المدنية األهوال بطاقةلي:

أمام لحظة كل براءته يثبت أن لإلنسان أمي... البد ـبه... تحيط التي الشكوك كان من مع شجار في يدخل أن هياب... ويمكن غير جريئاموتي: قبل لـه له... أعرف.... ذلك... قلت يتصدى

أخرى... بالد إلى تغادر أن يجب ـلي: فقال

دراستي... كان إكمال قبل أغادر لن ـ للمخاطر... معرضا وامرأة الجلدية، سترته سلب أجل من الشارع في قتل أحدهم من تتدلى ذهب وسلسلة يدها حقيبة سلبوها أن بعد قتلت

هناك يقف الجلدية السترة وصاحب هنا عنقها... المرأة محدقا ممتنة نا أ كم تدركين ال حياة... أنت يرى ماذا أدري باألرض... ال

لك...ولدي... إلى الحياة أعادت لتي ا المرأة أنتوالمستقبل... والمأوى الحنان منحته التي أنت

أجله... من تحملت كم أدريميساء... ... وخذل خذلك لكنه عزف إلى تستمعان وزياد أراكم... أنت موتي في أنا كنت وشقيقتيه... كان وأبيه أنا بالموت.. موتى يفكر وزياد ميساء،

يحتمله، أن إلنسان يمكن حياة... ال يا القسوة بالغ قاسيا، األمر رأيته المحنة يتجاوز جعلته وحنان قوة من تملكين بما لكنك

ومطربين ممثلين يقلد معروفة، شخصيات يقلد معكما وأناساالشاشات... على ظهورهم يتكرر

إنني مع بارع، ممثل الضحك... إنه في تستغرقون وكنتم وحاولت حلمه في القانون... زرته يدرس أن لـه نريد كنا وأبوه

-88-

يسمعني... لم لكنه التمثيل دراسة عن أثنيه أن لكم األسلم من أنه رأى الفنون كلية في قبل عندما جميعا

على اعترضتما وميساء له... أنت صديق مع للعيش ينتقل أن ووجد خططه في مضى لكنه ذلك، عمال محل في مسائيا

تجاري... نفسه إعالة عن بالعجز الطويل إحساسه من يتحرر أن أراد

عليه... أنفقته عما وتعويضك لك وقدم البيت إلى مساء ذات عاد عندما غضبت أنت المال.. بعض به مظروفا

تركته لتصحيح وانصرفت بكلمة، تنطقي ولم هناك جالساالعشاء. وجبة إلعداد المطبخ إلى دخلت ثم الطالبات كراسات

لك: له... اعتذر... قال إهمالك رأى وعندماأجلي... من الكثير تحملت ـ

ميساء: وقالتوأنت؟ أنا ارتباطنا معنى بيتك.؟.. ما غادرت لماذا ـ

قال: أكون أن لي ينبغي بل عليكما، عالة أبقى أن بي يجدر ال ـ

أعوض أن هو عمله يمكن ما أقل فإن أستطع لم المعيل... فإذاأخذته... ما بعض

غضبك من يكن الصواب.. مهما فعل به... لقد فخورة كنت ميساء يحب كاملة... كان المسؤولية يتحمل أن وعليه رجل فإنه

أسرته... سلبه التي المأساة أرض من الهرب يريد ولكنه كان أنه أعرف أفعل ماذا أدري منك... ال بالخجل أشعر كم

يحبها... يزال وال ميساء يحبسواه... الحب... ال بدافع كان بينهما حدث ما أن أعرف

بينهما؟... حصل بما ميساء أخبرتك هل تتخذي وال تغضبي فال تخبرك لم إن موقفا ميساء من قاسيا كان التوقيت، في خطأ سوى األمر تعتبري ال الجميلة الرقيقة ويرحال يتزوجها أن بوسعه نفسه فوجد ذلك رفضتما لكنكما معا بمفرده... السفر على مرغما إليها... ال أعيده أن حصل... وسأحاول لما وآسفة حزينة أنا يستطيع وال الحب كل يحبها ألنه غلطته.. بل تصحيح بدافع

ال ويعود... ولكني الغربة، في خططه يغير نسيانها... سأجعله القابل الظرف هذا في العودة يرفض قد فإنه اآلن، بشيء أعدك

لالنفجار... ما سأفعل فإني فشلت، للعودة... وإن سأحاول... سأدفعه

أعتبره ألعيده جهدي كل العزيزة... سأبذل ميساء من اعتذارا يعود... سامحيني... هل أن حياة... البد يا إليكم... سأعيده

تسمعين؟فعله.. أستطع ومالم فعلت ما كل ستسامحيني... على

-89-

******

-90-

السادس الفصل(2)

بتصحيح الطويلة. تقوم تبتلها ليالي في حياة اعتادت مثلما مع الزمن سريان ليتسق حركتها وتضبط الساعات توقيت أو ميساء، وعروق هي عروقها النساء، عروق في الدم جريان حركة بضبط دمائها في الحياة اندفاعات ضبط إلى تسعى لعلها

الزمان... وتقنين الساعات مستديرة غرفات لها تنسج التي الخوافة الصغيرة العناكب

هي تتهاوى كانت بآخر جدار التقاء عند الجدران زوايا في عليها، وما األرض وتهتز القصف يبدأ عندما األرض على ونسيجها

أهلها وصور وغالب حياة زفاف صورة العائلية الصور كانت كذلك كانت الروضة في طفلة وهي أو رضيعة وهي وابنتها الراحلين ثم المنضدة فوق وتضعها حياة تنزلها تسقط أن وقبل ترتجفاالنفجارات.. توقف بعد تعلقها كل يطال كان الخراب إن مهددا... بل وحده الحاضر يكن لم

المؤطرة الذاكرة إلى الحرب براثن فتمتد الماضي من تبقى ما الصغيرة المقتنيات إلى البراثن الفوتوغرافية... تمتد الصور في

ارتباك بفعل المتهاوية غدهم أحالم إلى ستمتد مثلما والثيابوتشوشه... وعذاباته الحاضر

بقي واحد عنكبوت ذوت حين في المهلهل بعرشه متشبثا البراعم بعض وتيبست اثنتين أو ليلة خالل ومات الحديقة نباتات

وتعبر القصف ليالي في الرعب يطالها األشجار أن حياة وأدركتأوانها... غير في أوراقها بمساقطة عنه

ميادين في غالب يغادرها أن قبل السابقة الحرب في يدور ما كل وكان الشمسي شغلهما الحب كان الحرب، في سببا

ما كل الحرائق و والقصف الموت بعضهما، إلى انشدادهما المضيئة... ليوقفا الحب مياه في النجاة باتجاه يدفعهما يحدثالحياة.. باتجاه الموت النيران تدفق

وتناثرت اضطربت التي الزمان بتصحيح تنشغل اآلن القصف، بعد الحزين الهدوء يستتب عندما بذلك تقوم لحظاته،

-91-

أشياء تحدث الليل جنبات فوق األسود السكون ذلك وينتشراإلسعاف... سيارات القصف... تمر بعد كثيرة

مجروحا... يتساقط األوزون ثقب من الليل يتساقط الحاضر ليصير مضرجا نهر فيها... يتفجر بمن بيوت تمحى ماضيا

ظالل مسقطة تتعالى الحلم... حرائق أواسط في طفلة دم منالموت.. رماد على النار

إلى تضمها المرتعش، الصغير ابنتها جسد إلى حياة تنظر البشرة بأصابعها تدعك المرعوب، الجسد وتحضن صدرها الفتاة أعضاء إلى أمومتها من الدفء ليسري الناعمة

الراعشة... تعطيها ارتعاشها يطول حين مهدئة... حبوبا

األول... الكابوس عتبة ميساء فتدخل السرير، في تدثرها تصرخ ربما وجهها ويتشنج الثاني الكابوس عتبة إلى منها تخرج

بجثة... تتعثر أو مرتفع، مبنى من تسقط كانت صوت... ربما بالالمضحية... دور أداء في وتتفانى تستعد األم

ونضجها.. االبنة حياة لتكتمل يمكنها ما كل وتقدم اآلن... تكابده الذي هذا كل ارتضت التي هي بأنها حياة تفكر

تموت أن ابنته، ترعى وهي تموت أن انتظاره في تموت أناألمر.. آخر هي موتها

تقدمه ما تقدم ال فلماذا األحوال، كل في ستموت وكانتتموت؟ أن قبل العزيزين لالثنين

النساء تقوله ما تسمع لم بنفسها، تفكر كانت ما نادراحياتهن: الحياة، عن األخرياتالجنون؟.. هذا نحياها.. فلماذا واحدة حياة إنها في اليوم استشهادها أهو تدري، تكن لم يقصدن؟ جنون أي هذا حديقتها؟... أم وخدمة غالب عودة وأمل ابنتها حياة إدامة

النفس؟ ومطالب لنفسها الطهراني اإلغفال والثالثين الرابعة نحو في هي )كانت األصغر األمهات ترى

من يتغذون والصغار صغارهن الثانية( يحملن الحرب قامت حين ناضجة لشجرة جذع على طفيلي نبات مثل أجسادهن... ينمون

والثمار... واألوراق البراعم من النسغ ويمتصون يرضع ويصرخ، يرضع ويتبول، ... يرضع وينام الطفل يرضع

منسي آخر شيء إلى المرأة تتحول ثم ليكبر ... ويرضع ويتبرزالشاغل... شغلها الكائنات وتنمية العالم تغذية كانت أن بعد

سوءه.. يساقط وتحملت أوضاره وغسلت غذته الذي العالم وصواريخ االنفجار باهرة قذائف الموت عباقرة عقول ثمار عليها جسدها وبراعم روحها ببذور الوقت تغذي األرض. وهي تخرق

الشمسي... األكبر األمهات ترى الرجال موت بعد الحداد ثياب في سنا الحداد في المضي األخير وسواها... واجبهن الحروب في واألبناء

-92-

نفس.... آخر حتى األصغر ومن الدنيوية النهار قذارات من الثياب يفركن سنا

وهن يرضع الليل... والطفل شهوات في الحي الجسد إفرازات بها وعدتهن التي السعادات وينسيهن الجسد ليذوي يعملن

السماء...لنفسي...؟ وأفعله فعلته الذي أنا؟... ما أين ـ يهده عندما أو ألم بعارض يصاب حين إال جسدها تعرف ال

إنها بل المساء في تغتسل حين إال جسدها تذكر العياء... الفيه... التفكير تتجنبأنا؟... أين ـ

ميساء ترضع كانت السابقة الحرب في القصف ليالي فيتخدرها: أمها وكانت الممتلئ، ثديها من

سم. إلى يحوله الخوف الحليب هذا الصغيرة ترضعي ال ـ وضمر حليبها جف حتى مجفف بحليب الجسد رحيق تستبدل

قطرات سوى األبيض النبع ذلك من يتبق الممتلئان... لم النهدان الحليب اعتادت أن بعد تعافها ميساء شحيحة... كانت

تعصر كانت بها وانتشى القطرات تلك غالب المجفف... تذوق القطرات... آخر وارتشف باغتها عندما الصغيرة فم في حلمتها

كله.. الكون أم أنت لها قال إلى بذراعيها... تتوق وتطوقها أمها بجسد ميساء تلتصق

وال جوع وال خوف هناك يكن لم يوم الوالدة، قبل ما أمانالعالم... في يحدث لما إدراك وال كوابيس

من الممتدة الليالي في لها يحدث ما يعرفن وحدهن النساء أيضا... وهي تعرف الساعات قصف ليلة آخر حتى الحرب أول

المنبهة، الساعة ستوقت الزمان، جنون لتصحيح اآلن تقوم ساعة لتنسى الساعات، كل ستوقت المربعة، الجدار وساعة كل مع المهدور عمرها إلى وتشير توقف بال تنبض التي جسدهانبضة.

واصطبار القلب بسالة على األخريات النساء تغبطها صوتها جرس وينسين المكابر صمتها على يحسدنها الجسد،

المجروح... وبعض نفسها، مع التعامل قسوة إلى يدفعها الحياة صلف

بما لها ويلوحون باألسى الموشومة أنوثتها يتشهون الرجالفيه. زهدت

نسيج من )منهدة( صغيرة صدر، حماالت لميساء تشتري لها رقيق... تقول بتطريز موشى قطنيتخجلي... ال هيا جربيها، ـهكذا؟.. الله يخلقنا ألم لماذا؟ ـالنساء... من يريدونه ما غير يتذكرون وال هذا الناس ينسى ـستخنقني.. أريدها، ال ـ

-93-

تسيرين. عندما صدرك تحرك ستمنع ترتديها، أن البد ـبها. للتضحية تهيأ وكأنها ميساء تحس على كتبها محفظة تضع وهي تسير رأتها قد أمها كانت

عيون عن األنوثة براعم يخفين حين المراهقات شأن صدرهاالعابرين. ويواصل واألقحوان البتونيا زهور حول يتجمع الربيع ذباب

االرتباك من سيل الفتاة جسد في يتدفق الظهيرة، حتى الطنينمجهولة. ألشياء الحنين مياه روحها في وتترقرق األنين يشبه وما

في جمراته يؤجج والربيع تحسه ما قول على تجرؤ ال الجسد يكتسح ما بشيء األحشاء، في حارقة لسعة فؤادها، البرتقال قداح شذا مع يستيقظ وشهي غامض شيء والدم،

الساعات.. تضبط والجوري... وحياة في تثيران عيناه إليها، تنظران زفافهما صورة في غالب عينا

أصابعه.. لمسة تثيره ماكانت كل المستفيق ربيعها الدافئ الجلد من يفوح الصافي أنوثتها عبير يتشمم كان

ومسك... فإذا نعناع من التي أنفاسها المغسول... ويتنشقورحيق... شهد إلى تحولت ارتشفها

من ببراعة تشتقينها التي الكلمات إلي... أحب تحدثي ـأحد.... ينطقها لم كلمات المألوفة... اسمعيني القديمة اللغة

الحروف من لها... تراكيب معنى ال بكلمات لـه تهمس)سناسيما(... )وسونا(... )سيما(... )سابيس(... الموسوسة،

كلمة لكل معنى وينتشي... يقترح بالضحك ينفجر وكانحياة(... أسماه)لغة صغير دفتر في ابتكاراتها ويسجل مبهمة

الحروف أصوات فيه تتهاوى الذي الحب لحظات قاموس قطعة الشفاه تمتصها أو والحواس بالجسد وتلتصق مطراحلوى..

)سروسا(... )سماووسي(...اللسان يذوب... على لغة، رحيقبهما... وتتشبث الليل سفح على الكلمات تنكب

معا... شاءا حيث إلى شاءت، حيث إلى بهما تمضيالوساوس... تطربهما سماع، لغة يفيضان

يده... راحة على يتقطر األنوثة سكرالليل... مديات على تنسكب الرحيقية الكلمات

الساعات.. تجن الليل ساعات خالل رنينها المنبهات وتطلق تتوقف أو وتتسارع تضطرب

تطلق حياة يد اإللكتروني... ساعة صريرها أو المعدني مثل نبضا قذيفة أن حياة فتدرك معصمها إلى يدها من يسري خفيفة وخزة

أو ما قريبة... منطقة نحو يتجه صاروخا أن أو في تحوم وهاهي الموت جولة في اغتيلت أرواحا

-94-

االحتضار... مرتقيات في تتعذب أو الكون منعرجات زمن من الباقية الوحيدة البيت تحفة هي غريبة ساعة األولى الذكرى في لحياة غالب هدية اآلفل... كانت السعادات

لزواجهما... حياة نسيتها في مخبأة الساعة كانت الرعب، زمن من ردحا

سقوط بعد الخزانة تنهار عندما تتذكرها لكنها الثياب، خزانةزياد... بيت على الصاروخ

وهي قمر وال شمس فيها تشرق ال خرساء، متوقفة تجدها وتضبط واألقمار الشمس مرتقيات في الحب أيام تقود التي

واألشواق... كانت والهفوات والسنين والشهور األيام مواقيت فيها ترى وهي طفولتها في ميساء أعجوبة تشرق ذهبية شمسا

الشمس وتدور السماء لون لـه الذي البيضوي مينائها أعلى في في وتضرب حوافها تحمر الغسق وعند النهار ساعات قدر على

في ويتبدل األعالي ينير فضي قمر يبزغ ما وسرعان معتم محيطالقمري... الشهر ينتهي حتى منازله

في القمر تحوالت حسب على دورتها ميعاد تحدد حياة كانتالمرأة.... وجسد البحار في المد يتعالى متى وتعرف منازله،

غالب: لها قال كيراال... أو آباد، حيدر في ربما الهند مدن إحدى في صنعت ـ

هناك مكوثه يطيل كان الهند، إلى رحالته إحدى من أبي أحضرهاعام... كل يزورها هندية زوجة بوجود أمي ارتابت حتى

)كما لعله الهند إلى بعدها يعد لم الساعة هذه أحضر وعندما الساري ذات الجميلة الهندية تلك عن أمي( انفصل تتمنى كانت

رائحة ثيابه في تشم أمي السوداء.. كانت الضفيرة و المطرز العرائس لتجميل إال يستخدمان ال وهما والزعفران الياسمين

والزعفران الياسمين من بعجينة العروس جلد يدعك الهند، فيويتعطر... ويطري لينعم

على محمولة وفتاة هندية عرس حفالت لها تتراءى كانت الذي المشهد صنع تعيد كانت أبيض... )باألحرى فيل فوق هودج الوالد الهنود( وكان أعراس عن والدي لنا رواه بارعا... راويا

لنا روى ولطالما الهند ونساء الهند بالد عن مدهشة قصصاالجميالت...

يقول: كاناألرض... نساء أجمل إنهن ـ

نشاكسه: وكناأمنا؟ عن وماذا ـ

ويقول: يضحك كان وكوجرات... مدراس ونساء كيراالن، نساء جمال رأيتم لو ـالعالم.. نساء الفائق... أجمل لجمالهن يوصفن ال إنهن

المطرزة الشفافة الساري ثياب في الفتيات عن يحدثنا كان -95-

)الجكرندة( و)الموهور( وينظمنها زهور يجمعن وهن بالبروق في الرتدائها أو الضيوف واستقبال لألفراح وأكاليل عقود في

حرقه.. قبل ميت جثمان على لوضعها أو األعياد،لي: يقول كان

األرض... حوريات إنهن هندية، فتاة من سأزوجك ـ النساء، جمال عن أبيه أحاديث يتذكر وهو غالب يضحك

لها: يقولالهند... نساء تشبهين حياة... أنت هنديتي تزوجت ـ

الزمان فكل الزمان، بحركة يعبأان العهد ذلك في ماكاناالقلب... ومباهج أناملهما ملك

تمر السعادة ساعات وكانت تذوب أو كالبرق خطفا ذوبانا الوردي كالغيم شفافة الشاي... ساعات أقداح أو الهواء في

ويتالشى لمسة أول عند يتفتت ما سرعان فراشة كجناح ورقيقةالفناء... في

(3) رمادية غمامة من زرقاء.. خطوط بغمائم مقتحم القمر

تحمل وحياة النحاسي البدر تشطر طبقا بلوريا بضع به صغيرا مضيء كهرمان لون لها الثمرات إحدى المشمش، من ثمرات

أرجوانية... بنقاط مرقط االستدارة فاتن أخدود وبها الثمرة عبير بين الشكل واستدارات اللون بين مدهش تناغم

الشمسي... لونها من يشع الذي والنور وراء فيما ترى والسبابة، اإلبهام بين الثمرة حياة تحمل

الثمرة... ولذة شهوتها بين ما التي الخفية الضوء نبضة القشرة تغري والفتنة يؤكل ال الجمال الثمرة، تناول عن تعزف

الصمت... طائر في يستغرق الفم والسمع، والشم بالنظر عما ذاهلة صموت.. وحياة صائم الفم األصابع على يغفو الرغبة

صموت... صائم والفم لليد مغوية والثمار يرى تعلم... ال حيث من األمس ليلة في يأتيها كان الذي الصوت

الروح كآبات ذاكرتها... يوقظ في يتجول كان الغريب الصوتعليها... أخرى حرب الجسد... الصوت ويرجف

كلها... بالحواس تصغي اآلن، تنصت هسيس على تعلو نبرة ال السكون، من تنبع همسة ال

الصمت... عنه السحب تفض األحمر، سطوعه ويزداد يتعالى القمر

حقا... رويدة صوت الماء... أكان حصار وراء من اآلتي رويدة خادعة !. صوت هي كم لألصوات يا أحدث الموتى برزخ صدعا للموتى نفسها... ال.. ليس في مرعبا

وتنصت، الليل من موقعها في التثبت تحاول وحياة أصوات، -96-

الصوت... ذلك وجود من لتتيقن تنصت تلك سماع تتوهم الصبر ونفاذ أحزانها جعلتها هل

الكلمات؟... أسرارا.. فكيف الصوت قال تعرفها، ال أشياء الصوت قال

تعرف؟.. ال ما تختلق أن لها في ميزت حياة، غثيان أثارت هواء، فارغة الصوت نبرة

الزائفة.. والمحبة المراوغ شماتة النبرة تتخيل التي هي أتراها لرويدة؟ وتنسبه صوتا

لوعة قواها؟... لعلها في التدهور بداية هذا تدري... أيكون ال المنكسر الحب أشواق في تتآكل ميساء ترى وهي أمومتها سماع بوسعي كان لو ولكن الوهم هذا كل الختراع تدفعها أن تدعي وهي رويدة، ال فلماذا الموتى برزخ في معهم غالبا

غالب؟ يخاطبني األمل، حجة وإسقاط األخرى هي تدميرها الصوت يحاول هلللرجاء؟ باب كل وإيصاد

إذن؟ يحدثها لم لماذا خشونة فيه الذي الصوت تحبه، الذي بصوته يناجيها كان الليل، ومنامات صحوها يسكن هوى... كان ورقة وعنفوان

بها... ويهتف اآلن يخاطبها ال فلماذا واألبواب،... زيني النوافذ حياة... اشرعي إليك، آت أنذا -ها الطويل... شعرك وأسدلي البرتقال... اغتسلي بزهور السرير

وانتظريني.... المسرات قميص ألبسي ثم يده تطرق أن وتتوقع النافذة، أمام ليلة كل تنتظر كانت

بها: ويهتف الحروب، بانتهاء يبشرها الباب... أن والجنون الخراب عصر الحياة.. مضى إلى عائد أنا -ها

األسود... ستكون القبل، سيتبادالن كانا سنوات بعد وأمتع أشهى قبال في إصبعه ويضع عنقها، يلمس سوف العسيرة األشواق الحنون... العذبة بالدغدغة وتحس عنقها أسفل الصغير التجويف

تسأله: سوفالسنوات؟ هذه كل أخرك الذي -ماويقول: منه اعتادت ما على يشاكسها قد

الحياة.. إليك... إلى الطريق -ضللت ويستبقيه حياته في الحي يتيه فكيف وإال ستغضب، وكانت

الموت؟ إلى الفرار هاجس انمساخ عن الفاجعة، األسر سنوات عن سيحدثها كان ربماوحشيته... شهوات في اإلنسان عن وأساطير عجائب تتوقعها، ال حكايات لها يروي وقد ال أشياء لها سيقول الكهوف، في المهجور الجسد ولوعة أشواقه

الحرب، باليا به ألمت مضطرب عقل تداعيات بينها، رابط -97-

األهوار في القصب كأنين ونبرته مخذول، وصوته مفككة حكاياتهبكلمة... تتفوه ولن هذياناته إلى ستصغي

لنفسها: ستقولإلي... عاد أنه -حسبي شيء كل معرفة إلى ويسعى فضولها يتبع ألنه القلب ستلوم

عشق... ليلة ستكون األولى الغياب... ليلتهما سنوات عنإليه... صار الذي الجديد الرجل إلى فيه تتعرف سوف

سنوات ألفة الرائحة الغريبة، رائحته من ستنفر ربما اآلخر... سوف والجلد والصابون العطر مع الجلد خاليا واشتباك يستحم أن منه ستطلب لذا الرائحة، تصدمها ليلقي طويال ويقف المجاري في الحرب بأوضار القتل... لن سبة من طاهرا واألسر الفتك سنوات من يتطهر أن ذلك... عليه قبل تلمسه

والعذاب... تلك أيامه.. عن افترست التي المريعة األماكن عن سيحدثها

ويحرمون األسرى فيها يلقي كان التي الكهوف أو السجون نقطة الخارجي، بالعالم واالتصال والسماع الرؤية من داخلها قلوبهم في األمل تنعش كانت قاصية سماء من واحدة ضوء المكافأة وسائل إحدى نهار أو شمس أو سماء رؤية كانت لذلكالسجانون.. يراه ما حسب القويم السلوك على

يستمتع ولم زهرة عطر وال عشب رائحة هناك يشم لم األرض وهبته ما كل مذاق، لذة وال نسيم برد وال نار بدفء

عنه... يمنع ليده، الحضارة أتاحته ما كل منه، يسلب لإلنسان وشيئا الذاكرة، وتذوي الجب، ذلك في الحياة تتبدد فشيئا المتع وتستحضر األمر، بادئ في تنشط التي المخيلة وتشحب األغبر الهذيان طائر ويرفرف تتهاوى والمذاقات... ثم والنساء

والحواس.. العينين بيناآلن؟.. تسمعه هل

ويرعش أشجانها يثير الذي األليف صوته تتخيل ال.. إنهاجوانحها..

السوداء، الملح أرض أو النار، غابة بددته التي البالد يسميويسميها.. يسميها االرتداد دار يسميها

غير يرى فال الشمس شروق باتجاه رأسه يدير وهو ستراه يحدد الرماد غير يرى وال الجبال هيآت تصوغ التي الظلمات

محدد شيء كل السماوات آفاق يحدد والغيم األجساد أشكالبأبعاده... طليق أفق وال بذاته حر شيء بشيء... ال

ويسير جرف على ينحدر تراه بين جافة شعاب في أياما يتسلق تراه واألفاعي والحجارة األشواك المسيرة وتنهكه جباالالمجهول... في اآلخر السفح على فيتهاوى الطويلةيدري.. حقا؟... من أسروه هل تتعطف بائسة، صغيرة قرية في تراه حدوسها بعيني أنها غير

-98-

العياء... من يفيق وهو وتسأله الشرق غجر ثياب في امرأة عليه-آب..؟ماء نعم.. أريد الدهري... أن بعطشه لها -يومئ

تسأله: نان؟خبز... كسرة أريد نعم بجوعه.. إن لها يومئ

بين شيئا.. فالتفضيل تفضل ال أن.. ال.. هي ال.. ال.. تفضل الموت.. وأما الحياة مضحك.. فأما أمر والغياب العذاب تنويعاتالحياة. تريد ال.. إنها

لعل لتنتظر هنا إلى وستعود الغد، خبز عجين تهيء أن عليهاتأتي.. األصوات

تعود؟( عندما غالب يا لي سترويه الذي ما )ولكن الخاسر الغائب وعي في لألشياء وعيها تضع أن تحاولبه.. يحدثها أن تتمنى لما صوته وتستدرج

تحاول رونقه، العذابات ستفنى الذي الوسيم وجهه.. وجههلوسامته.. جرى وما الوجه إليه آل ما ترى أن

المشعتان عيناه مهدم... ستبدو كهل وجه لـه سيكونوتغضن... وجهه جلد وتيبس محجريهما في غارتا وقد مطفأتين

سأراه؟( إلهي...! هكذا )يا سأراك كيف عاجزا ومنهكا وربما ومحطما خطاه تقود معوقاالبقاء... مكارم من الحرب منحته ما آخر هما عكازتان

إليها شبح.. سيعود تعرفه... ولن تعرفه كانت لرجل شبحاتعرفه؟ ال كيف

الكهوف... وظلمة الحجر عذابات في تتغير الرائحةالجدران... عن ارتداداتها تقتلها النظرة يتبدل، اللونصوتك... تسمعني أال غالب أسنانهم تساقطت وقد ذاكرة، بال عادوا كثيرين أسرى رأت كأن أجسادهم وتضاءلت عيونهم وجحظت رؤوسهم وابيضت من تشكيلهم وأعادت وطحنتهم للمسخ آلة في حشرتهم الحرب

مهروسة قدم معصم، بال ذراع أو مبتورة منهم.. يد تبقى ما بقايا أن لها يراد الذي غير ترى ال وعين وجه ساق.. نصف وجذمة

أضرحة من تقوم الظالم... مسوخ غير يرى شيء تراه... ال ال وتعود األسرى لتبادل جنيف واتفاقيات األكفان تشق األسر،

تعود... مغسولة أن الحرب شرعة لها شاءت كما بل كانت كما النفس، ثقوب من يتساقط يأتي ما الروح.. كل الذاكرة.. مثقوبة

القعر في ترسبت التي الكلمات سوى يستبقي ال منخل الجسد غير راحة فيها لها... يجدون معنى ال منسية عتيقة كلمات

الثانية ووالدتهم األولى والدتهم منذ األثمان دفعوا وقد مشروطة،الثالثة... ووالدتهم

بمثابة امرأة منسيين، أقارب من ضيوف يومين قبل زارها

-99-

)سعدي( عرفت اسمه لها أخ ومعها أبيها عم ابنة وهي لها عمة وضبط مسخه إتمام بعد الوجود إلى أعيد أسير حطام حياة فيه

ما حدودها تقع التي المستتبة الساكنة الحياة في دمجه إجراءاتوحبس... مقبرة بين

للجلوس ودعتهما بالضيفين للزيارة.. ورحبت حياة عجبتالظالل... الوارفة التين شجرة تحت

قرمزية... غابات أرباض إلى السماء أحالت الغروب أضواء تسبح الخارجية البيت جدران وجعلت ذهب من وهضاب وجبال

شفافة... وظالل وردية مياه في وأرادت باردا، ماء وطلبوا الكعك معه وتناولوا الشاي شربوا

حياة، لها فأحضرتها ميساء، صورة )سميرة( رؤية العمةوقالت: وبسملت

حياة، بنت يا ميساء، يا الله الله... ليحفظك شاء -ماحاسدة... عين كل من الحسنى األسماء ولتحرسك إلى التفتت هذا مشهدها أداء من سميرة العمة انتهت بعدما

وهمست: حياةوجميلة... شابة ابنتك.. أنت عمر في تبدين -حياة )سميرة( كان العمه صوت النبرة وعميق جميال ورقراقا

ألسمهان... كانوا أغنية زواجها حفل في لها غنت أنها حياة تذكر في يتشاركان فالصوتان ألسمهان أغنيات تردد أن منها يطلبونوالنقاء... الصداح

األنس( فأثارت )ليالي طيور(... و )يا أغنية العرس في غنت حولها من النساء نفوس في اضطرابا شهوات في وارتباكا

الشابات. حواس وأيقظت الرجال تقليد في المذهل )سميرة( وأدائها لصوت الجميع طرب

فتقدم نفسه العزاب الكهول أحد يتمالك أسمهان... ولمله: قالت أنها حياة الجميع... تذكر أمام لخطبتها لك فسأسجل صوتي عشقت كنت -إن لتسمعني... شريطا

لمديحة... الشريط سأعطي كذلك؟ أليس مديحة أخ أنتقال:أنت... أريدك -بل

أريدك... ال وأنا تعرفني ال -ولكنك

مهد شيء... صوتك كل عن لي كشف الذي هو -صوتكأسرارك... إلى الطريقرجال؟ أحب كنت إن تسألني -لم عائلة من فاضلة فتاة بالي... أنت على هذا يخطر -لم

بهذا أفكر محترمة... لمبسخريتها: قالت

-100-

فاضلة فتاة أنا الفضيلة؟... عزيزي مع الحب يتقاطع -وهل تحب رجال فائزة أو أسمهان فاضل... ولست اسمه فاضال

تتزوج أحمد... فهل فاضال؟ صوتامنه... أثمن هو عما لي كشف -صوتك

الرجال... في ما أسوأ هو عما لي كشف -وتسرعك الحفل في والنساء الرجال حماس أثارت أنها حياة تذكر أغنيات تقديم لتواصل وإرضائها لتهدئتها النساء وتسابق

الزفاف... موعد يحين أسمهان.. حتىسميرة: تقول

وأرملة جميلة شابة وأنت األيام هذه الدنيا تعرفين -حياة،نحن... وحيدة،

في يمت.. وأنا لم غالب سميرة.. ألن عمة أرملة -لستعودته انتظار

-أعتذر... حياة.. ولكن.. تعلمين.. -أعلم شيئا الطريق... أخطأت أنك هو واحداأريد... ماذا تدرين ال -أنت

سميرة... عمة تريدين ما -واضح ثابت... تعرفين ومورد بيت ولديه مقتدر سعدي -أخي)الفحامة(... في وبساتين عمارة أورثنا والدي المرحومأجله؟ من جئت ما في هذا دخل -وما سنة... عشرة خمس ابنتك مع الكثير وتحملت وحيدة، -أنت

يحتمل.. ال هذاظلم... هذاألحد... حالي شكوت -ما

ال تطمع... الناس وحدك... الناس تعيشي أن يجوز ال -ولكنتسكت...سميرة؟.. عمة ستسكتين -وهل

تقولينه؟ الذي هذا -ماأخرى... كلمة أسمع أن أريد -ال

أن وقبل البيت، داخل إلى وتمضي الشاي صينية تحملوسميرة: سعدي إلى تلتفت تدخل

عملي... إلى الذهاب لدي... أريد وقت -معذرة.. الالليل؟ في بالليل؟... تعملين عمل -وعندكمانع؟ أريد... ألديك وقت أي في -أعمل

وابنتك.. أنت نسترك أن حرام... نريد -حرام... والله لك منه شيء شراء للجميع... أتريدين الستر أبيع -أناسعدي؟ وألخيك

منك... أكبر أنا الكالم هذا عيب -حياة -101-

أصغر -ولكنك عن لسعدي وابحثي اذهبي صبية من عقالالبيت... هذا غير في تناسبه عروس

سعدي. الله وتتبطر... يا -تتبطرين؟.. ارملة كان بكلمة، سعدي ينطق لم أخته وتدابير لصمته منصاعا

المرأتين. بين الحائرة نظراته ينقل وهووراءهما.. الباب حياة تصفق بينما به وتمضي سميرة تقوده

غالب... صوت وال رويدة صوت الصوت.. ال يحضر لم ظنون من بذرته ما منها لتستوثق يعود أن رويدة لصوت تريد

ومخاوف، حدث؟ ما حدث أحقا ضبط مسألة جعل عالمها في هائل واضطراب األمس منذ

الساعات عمال له... معنى ال هازال لألشياء... قاعدة صار الذي التداعي وسط النظام نشاز

الحياة... سلطة على الموت سلطة سيادة المرور في ما همسة سمعت هواء.. ربما نسمات هبتتسمع... إزاءها... لم السريع الهوائي

أشعل رويدة صوت الزمان... وحفر في حريقا من أخدودالحمها... في األلم

وبابنتها؟ بها زياد فعله الذي ما كل أن أم به باحت بما عذابها إدامة إلى رويدة قصدت هل

المرهق. عقلها انهيارات جسدته ذلك جثث فوق هدفه إلى زياد تقدم يدري... لقد ربما.. من

الجميع...حروب.. بال وزمن كوارث بال عالم إلى الفرار رغبة استعبدته

بالمزاد.. عرضه البيت باع عندما استقرأته أو ذلك عرفت ثم عليه، الحصول في األموال أصحاب وتسابق مستثمرين، على تجارية بناية ليقيم أحدهم به فاز عقارات.. ومكاتب ومطعما

ورحل.. حقائبه وحزم الثمن تسلم شراء على المستثمر يساومها الثالث السنوات هذه كل بعد

سيحتل الذي الصيفي المطعم فضاء إلى إلضافتها حديقتها نصفوحديقتها.. حياة بيت عليه يقع الذي الشارع وناصية الرصيفالرجل: لها قال

أحد... سأعطيك يصدقه ال بثمن -سأعوضك بيتا صغيرا أنيقا حيفا... مقابل شارع في حديثة شقة األميرات... أو شارع في

الحديقة..الموضوع... أبيع.. انتهى األمر... لن -انس

والمال؟ القوة يملك من ستواجهين -أمي.. كيفوأنت؟ أنا سنقاوم بماذا

حق؟ أصحاب -بحقنا.. ألسنا عالمك.. تغير... أعني تحلمين.. عالمنا بد ال حق؟.. أنت -أي

-102-

إلى حياتنا الرجل هذا حياة.. سيحول يا مثاليتك.. أمي من أفيقيجحيم..

سيتغير؟ الذي ما الراهن؟ جحيمنا من -أكثروسترين... الزبائن وزحام المطعم، وجود -سيزعجنا

النخلة كبرت لقد انظري صديقتنا، عن تخلينا هذا كل يبرر -ال وخطوط الزنبق، أحواض األولى... انظري للمرة وحملت كل من أثمن حديقتنا أن معي ترين القرنفل.. أال وحوض الجوري

مال؟

هذا مثل يملكها التي القوة عن المال.. إنما عن أتحدث -لمالرجل...

أتراجع... سترين.. لن أنني -سترين سمعت وال رويدة صوت يظهر لم الهوائي، الصوت يأت لم غير هناك يكن الليل.. لم معظم انقضى وقد لغالب، صوتا

بالظلمات.... السميك... المشبع الليلي الصمت

****

-103-

السابع الفصلميساء.. أوراق من

(1) هواء في المدجنة الحمائم تعرضها المؤقتة الحرية لعبة

نهار المرحة.. ذات ألعابها وأتابع النافذة من أراقبها النهار،الحمائم. ستراقبني يرسم الحمام سرب قوسا سهم مثل ويتجه يستقيم ثم مائال

يظهر برهة بعد الشمس، وهج في أراه أعود فال األعالي على األفق نحو وينحدر الشمس في يلتمع أبيض قوس في السرب ثانية. لينطلق النخل رؤوس متجاوزا

عادة أصبحت ألنها وتمارسها المؤقتة حريتها ترتضى الحمائم هما وليس يومية تتحول قلوبها. وعندما به تضطرب مقلقا

األشياء مع وتتساوى أهميتها تفقد عادات إلى الثمينة األشياءاألخرى..

المروض، راعيها من بإشارة الحرية هذه عن تتخلى الحمائم بها يلوح التي الراية صوب متجهة وعيونها النهار زرقة في تحلق

كمينا. الهواء: يرسم في الدعوة يرسم بيته، سطح فوق الرجل القفص لدخول تدعوه التي الراية إشارات الحمام يفهم عليه أن ويعرف حريته عن للتخلي الحمام يستجيب وكالعادة

وغيوم. وريح وسماء أفق بديل القفص إلى العودة زياد كان لنا فاشترى بالطيور مولعا الحمام من أزواجا يعنيني فيم أذكرها، ال أخرى وأنواع والهنداوي واألورفلي الزاجل فوق قفص في الحمام وضع الحي، الكائن هو يعنيني ما االسم؟ لها وبنى البيت سطح الطين من برجا الطقس... لتغيرات تحسبا

لكنه بها يلوح التي الراية طريق عن األوامر تلقينها حاول المؤقتة الحرية لعبة في نطلقها أن قررنا ثم ذلك في أخفق واتجه األجنحة واصطفقت الفاتنة الحمائم رفرفت ونرى،

الشمس.. نحو السرب ثم السماوات، زرقة في وتالشت األفق أقاصي نحو مضت

-104-

المتناثرة. الغيوم ندف في واختفت الشرق في ظهرت زياد طويال.. أطلق بالراية عودتها.. لوحنا انتظرنا صفيرا الحمائم غابت حمامة، أية تعد الحمام.. لم مربو يعرفه خاصا

أبدا... تعود لن أنها وبدا سطح إلى الطعام أمي لنا أحضرت الظهيرة، طيلة انتظرنا

الحمائم خسرنا شهيتنا، اإلحباط أفسد فقد نذقه لم لكننا البيتحريتها. فربحت اليوم، أطلقناها عندما فاشلة.. أخطأنا مهنة زياد: إنها قال

نروضها أن علينا كان إلينا. لتعود جيداالشاي: لنا تقدم وهي أمي ضحكت

عليكما -كان تدرباها أن فعال لم تعود.. إنها فال لتمضي جيدالهذا. تخلق

الثاني الطابق في غرفة أمي لـه أفردت عندنا أقام عندما أصص لـه وضعت وتنظيما، أناقة البيت غرف أفضل جعلتها أن إليه وطلبت جميلة ستائر النوافذ على وعلقت ظل نباتاتاألصص. تراب جف كلما النباتات بارواء يقوم

يحب كيف تعلمه أمي بدأت الحمائم قصة تنسيه ولكي روائحها ويميز أسماءها ويعرف الزهور سحر ويتأمل النباتات البرية( وبالتدريج للزهور األربعة الفصول )موسوعة وأهدته المفعم الرقيق العجيب النبات عالم في شريكها أصبح

بالمفاجآت. يذهبان كانا ودرنات النرجس وأبصال الشتالت لشراء معا

)قطر شارع في الزهور مشاتل من الزعفران وكورمات الدالياالسيدية. حي إلى الجادرية جسر من الندى( الممتد لمن تسمى جوري شجيرات ثالثتنا نزرع أن أمي واقترحت

وأذكر أمي، بها زجته التي المحاوالت بهذه زياد واستمتع زرعها،حياة.. حديقة اسم حديقتنا على أطلق من هو أنه

فكنت مضاعفة برعاية شجيرته تعهدت زياد سافر عندما بظهور الرى اقتران أن معتقدة المساء نجمة تبزغ عندما أرويها النباتات سيمنح عشتار كوكب زهور.. من وفرة فتنتج خصبا

أعلق كنت كم الكواكب عالمات أو األرض إشارات على آماالالسماء... نذر أو

حتى أفالكها في النجوم وتحركات العشب لغة تعلمت ذلك استغرقني عن غيب مما الموسيقى في انهماكي مع طويال

األحداث لتحليل إمكانية أية وعيي منطقيا.. تحليال وألغازها الطبيعة أسرار فهم استطعت أخرى جهة من لكنني

هذه ومنحتني الفصول، وتحوالت األفالك إشارات ومالحقة يقف زياد كان بينما الوجود، ألحاجى سحرية مفاتيح االهتمامات هذه إلى انصرافي من ويسخر الظواهر من الكثير أمام عاجزا

ويقول: الغامضة العوالم

-105-

يساوي واحد زائد واحد الواقع حسابات بغير أؤمن ال -أناالذهنية.. التصورات أو الخيال شطحات على أعول اثنان.. ال

المنطقية الحسابات بغير معنا عيشه سنوات طوال يقتنع لم الجسد يفهم واحد.. وكان زائد لواحد المحددة والنتائج الجامدة وإدامتها وخدمتها إطعامها ينبغي حية آلة باعتباره اإلنسانيوجه... أحسن على أداءها لتواصل

باألكوان تتصل التي الروح مأوى الجسد أرى كنت بينما التراب.. وذرة السنبلة من اإلشارات تتلقى التي وهي والطبيعة

والموسيقى.. والعشبة والنملة النهر من معراج في الروح وتأخذني األحالم بي تشط حينما

وأصير.. ماذا؟ جسدي يشف روحانية تقاسيم أعزف الموسيقى تحب التي نفسي أصير ضوء أجنحة أصير ماء، أصير أدري ال

يعودان؟ وأتساءل: هل الحزن ويثقلها الغرب... واآلخر في غاب ذهبا.. أحدهما أدري... كالهما -ال الزمان... إشارات أتلقى العالم سرة في وأنا الغرب في غرب أحب.... وأعرف أنا انسحاري من أستفيق ثم الموسيقى أسمع يكون كيف أعرف وال أنسى، كيف أعرف ال اإلنسان، يحب كيف

الحب... يذوي عندما اإلنسان زياد يصير كيف أتساءل أشياء مع صالت يقيم ال وهو فنانااصمت... أسأله الكون؟... ال من معاناته عن لي كشفت باألمس، وصلتني األخيرة رسالته

ارتباك من ذلك ثبات... أحدس الال ربما الثقة انعدام التشتت، لغة يستعير لماذا اإلنكليزية باللغة لمقاطع كتابته من خطه،

الشوق... ذلك يجرح المسافة، يعمق ذلك حبيبته؟ ليخاطبالهجران... يحاذي

لي: يكتب حققه بما مزهوا جهودي.. سيعرض ثمار أجني ميساء... بدأت ).. حبيبتي

قريبا.. الجديد المسرحي عملي مياه بحر في ومغامرته كلكامش ملحمة عن حديثنا تذكرين

الموت؟ عتبات أول وبلغت الموت بحر مياه عبرت قد أنا ها

العالم... ستكونين بالمجد... وسيعرفني الشهرة.. وسأحظى الغار إكليل وسيضعون بالنجاح معا.... وسنحتفل سنكون معي، ذلك عظمتها.. سترين وأحس اللحظة تلك أرى إني جبيني، على

معي...(. ستكونين ألنك بنفسك)زياد(

وحدائقنا بيوتنا في يعيش صار الذي الموت عن نتحدث كنا وال خطواتنا وراء ويجري األحالم ويقاسمنا أرواحنا على ويتغذى

عنا يبتعد أجسادنا.. الحب من تنبعث الحب رائحة يشم عندما إالللموت،... فعال مضاد

يسألني: -106-

ذلك؟ يعرف الملحمة بطل يكن -ألم يكن لم -كلكامش؟... ربما الحب، فعل اجتراح على قادرا

فكرة يواجه وجعله صديقه موت وأرعبه الموت، أقلقه لذلكيحاصره... الذي الموت

فن إلى اتجاهه وما الخلود فكرة يعشق أنه زياد من أفهم إال التمثيل الفن... عبر شخصي خلود وراء سعيا

ذات بلورة مثل متعددة، وجود ذات كلمة له: الخلود أقولصقيله... أسطحومرات.. مرات الملحمة قراءة وأعدت كلكامش، أحببت -أنا

الخلود؟ فكرة استيعاب أجل -منشجاعته... أكثر... أحببت مجازفاته أحببت -ربما... لكني

من بتأثير الخلود فكرة تستهويني كانت مضى فيما ربما فناء بعد األبدية في معا.. البقاء نحلم معه، زياد... أحلم

به. الجسد... أحلم مجنونة تتقافز البرتقال زهور بأشذاء انتشائها بفعل الطيور

نداءات عجيبة، أغاريد تنشد شجرة فرع على تجثم ثم وتتصادم فوق ومجثم أنثى أجل من الحديقة.. صراع من تتعالى حب

شجرة... بين زهرتين قلبي... اسحق أشجان يهيج البرتقال زهور شذا ارتعش... ابتعد حواسي، تخترق أقوى، األشذاء فتفوح أصابعي

المعطرة، يدي ويمسك بي قبالته... يلحق زياد... اجلس عناليد.... راحة ويقبل العبير يتشمم

تقترب.. أمامي... ال عني... اجلس -اذهب... ابتعد عن أعرف ال لكني األفاعي، أحب أنني أخبرك أن -أردت

ترنيمات... الصمت... أسمع في البشر.. استغرق بتاريخ عالقتها أبي.. نبرة أمي... أسمع نداء النخل.. أسمع سعفات تهتز

اسمع.. اسمع..األفاعي؟ تاريخ عن تحدثيني -ميساء... أال

أكثر أحبك لـه أقول أن غائبتين... أريد بعينين إليه انظرأعزف... سأعزف... أن أريد أصابعي من تهب الموسيقى

األفعى.. عن -حدثيني والنخلة والمرأة اللوحة.. الرجل هذه تعرف -اللوحة.. أنت

األمر.. هكذا خطيئة، من السومريان... ليس وحواء آدم واألفعىالفردوس.. ويخسران بالمعرفة العاشقان يفوز

األفعى؟ دور -وما على التهمة المسؤولية.. ألقيا من االثنان تتصل -حين

أغوى.. ومن أخطأ الحقيقة... من بتزوير حياتهما األفعى... بدآهناك.. من بدأ الثأر

الخلود؟ عشبة األفعى منه تسرق ألم -وكلكامش

-107-

البشر جد من العشبة قصة تلقى عندما مرة مرتين، -أخطأ وفهمها أوتانبشتم حرفيا البحر مياه أعماق أعمق في موجودة النبتة أن لـه -قال وجارحة.. الجوري.. جميلة ورد وأشواك زنبق جذر ولها المالحة

في للتأمل يدعوه الجد األبدية... كان ستنال عليها حصلت إذا وشهوات وشر غرور أدغال من بداخلها ما واقتالع نفسه أعماق

سلطة..للقصة؟ الشخصي فهمك -أهذا

يعود أن الجد لـه -نعم... أراد بشرا سويا الحب، على قادرا الحانة صاحبة عند والدليل لـه عشتار حب رفض الذي هو

البشرية... الحياة أسرار الناس تلقن التي سيدوري البحريةاألخرى؟ اآلخر: واألخطاء والخطأ

لك أكتب أن أحاول اآلن... سوف عنها أكشف -لن مشهدا الملحمة.. تذكرها لم ألحداث رؤيتي يتضمن مسرحيا-متى؟

أوانه... في ذلك -سيحدثمثلهما... الفردوس نفقد -قد

هذا؟ بعد فردوس معي... فأي -أنت واقفة أهب نحوه رأسي ويرفع بكتفي يمسك مني، يقترب

وجهانا فيلتقي عني ألبعده الذي الخلود هو كان آخر.. ربما شيء أي من أكثر حبك -أريدأنشده...

سعيت ما تفقد األرض... وسوف إلى بالنزول تعاقب -سوفألجله..

لي... تكوني أن هو أريده إليك.. ما حبك أخذني إذا -ليكنلي.. ستكونين أنك عديني

عثر تائه يدي... طفل يمسك غريق مثل بي يتشبث لبث شعري مفرق ويقبل علي العالم... ينحني زحام وسط أمه على

ويهمس: ويضمني نسيان أستطيع ال االستمرار عن عاجز أنا ساعديني، -ميساء

رحيلي يكون قد أعاني ما أهلي... تعرفين كارثة لعذابات عالجاروحي...

وال أعماقنا في ترقد سيجدي.. آالمنا الرحيل أن أعتقد -البالموضوع.. لألمكنة عالقة

رسالته.. من أخرى صفحة أقرأمتى؟ تأتين؟ ميساء.. متى ].. حبيبتي

أبواب أمامي بامتياز.. ستفتح اللغة كورس في نجحتوالنجاح.. التقدم

سأقدم عمال لساعدتني معي كنت لو باإلنكليزية، مسرحيا -108-

النص.. سأختار اختيار في بنتر( وأقدم )هارولد للكاتب نصا)اكستر(. جامعة في العمل

لشذا معي.. أحبك.. أشتاق لست ألنك بالمرارة أشعرحياة... أمنا يد من الشهي والشاي البرتقال

تأتين؟ متى.. متىزياد[

أحب أن يمكنني كيف سواه؟ رجال أدع أن لي كيف تلمسني؟ غريبة يدا

القلب؟ وحشة في القادمة سنواتي سأمضي وكيفله: أكتب

زياد... الحب أريج الهواء في أشم ذاته، الموعد في ليلة كل أراك

ومياه المحروثة األرض من ويفوح الربيع أجواء في يشع الذيالنهر...

كنت البارعة، المسرحية لمشاهدك أشتاق إليك، أشتاق أدائك، من علي ينعكس ما لتلمس نفسك مرآة وكأني لي تقدمها

لك: أهمس كنت تذكر؟ هل عن تحدثني وأنت نظرتك العميقة.. أحب صوتك نبرة -أحب

عينيك... في الغد فأرى لنا محتمل غدمعا؟ حياتنا أحب كم لعزفي، إنصاتك أحب كم

ضحكتك.. تعلن وكأنها أزهرت الجوري شجيرة ولون حجم ولها حية تصبح الكلمات ألن بلغتنا صوتك أحب

المحبون.. ينطقها حينزياد.. يسكن ال اإلنسان أن تعرف وال أرضا بيتا فخما مشيدا

وال كالقالع روح والغابات، البحيرات على تطل ريفية دارا هو واألخير األول الحقيقي بيته ألن األمكنة تسكن ال اإلنسان

أخرى؟؟ بلغة لي تكتب فلماذا لغته، الذكرى على وتعتاش الدم في تنبض التي بلغتنا أكتب

النوم... ال عتبات عند سمعناها التي األمهات حكايا وأصداء ال الحب تحبني.. كلمات أن تستطيع األخرى باللغة أنك تتوهم

فتتدفق أعماقنا من تتفجر أن بد ال ألنها القواميس من تستعاروأحالمنا.. بأشواقنا

كتابة إلى دفعاني للخلود وتوقك الشهرة عن المضنى بحثك به للتشبه تسعى الذي العجيب المغامر ذلك عن مسرحي مشهد

مجازفاته.. أحبك مع وتتماهىميساء[

النافذة من الحديقة.. أنظر بوابة على عنيف طرق يداهمني -109-

فأرى رجال ضخما يقف منه مبعدة وعلى قاتمة نظارات يضع بديناآخران... رجالنسميك: بصوت يصرخ حتى النافذة وراء يراني أن ما

لنتحدث أنت.. افتحي حياة ست يا -أنتأنت؟؟ -منبنت..؟ يا أمك -أينتريد؟؟؟ وماذا أنت -منالنسوان... أمك؟ ست هي -أينمنها؟ تريد -ماذا

وأنا سنوات الموضوع... ثالث أنهي أن تعرفين؟.. أريد -أالتقتنع... ولم أنتظر

موضوع...؟ -أيعنها... التنازل تريد ال التي أمك الخربة.. حديقة هذه -شراءتتنازل.. -ولن

يوصلها لن العناد أن أمك بنت.. أنت.. أخبري يا -اسمعي مكان.. أي إلى تصل يدي أن لها نتيجة.. اسمعي.. قولي إلى

وسترون.. فهمت؟يدك؟ من أطول يدنا أن أدراك شيء... ما فعل تستطيع -لن

-تهدديني؟تهديدك.. على أرد -أنا

في كان حياة؟... لو بنت يا تفعلين زمان.. ماذا آخر -نسوان نسوان؟.. سترون مع لكن.. أتفاهم معه، لتفاهمت رجل البيتبأمثالكم... الحردان كايد يفعل ماذا

وأبكي: النافذة أغلق كل لنا حدث لما أبي.. إذن أو زياد سواي، البيت في كان لوهذا...

(2)ميساء: أوراق من

زياد.. حبيبي كاتبة.. مشروع إلى العمل عن العاطلة اآلثارية تحولت قد هاالنص: هذا إليك اختصاصها.. رسالتي حدود في تبقى لكنها

الصفصاف( وشجرة )كلكامش البراري.. نرى في الفرات ضفاف على في يتهادى زورقا

-110-

أجمات الماء... نشاهد سطح قرب مائية طيور النهر... تخفق تتناثر صفصاف غيضة اليمين عن اليسار، إلى والبردي القصب

ثيران عظمية.. قرون هياكل أمامنا المكشوف المدى على بعالمات مرموقة مسالت بشرية.. مع وغزالن.. جماجم

المشهد... يلف دخان أو واضحة.. ضباب مسمارية أجنحة الموج.. اصطفاف اضطراب الشجر، حفيف أصوات

كلكامش أنين... يصل يرافقها مبهمة أصوات مع بادي منهكا الصفصاف... أجمة عند ليرتاح يجلس ثم تعبه، يقاوم لكنه التعبخفيفة... وضجة أصوات همهمة يسمع

أتيت حيث من صدى: عد أو صوتالموت اإلنسان قدرللوقت مضيعة هذا

عد... عد...الموت.. سوى شيء ال

أتيت.. حيث من عدتختفي( ثم الصدى تردد في األصوات )تتالشى

الشجر بين حركة كلكامش يسمع إلى غامضا... ينظر وأنينا المتناثرة والقرون العظام

شيء المصير... كل نذر أجد وجهي وليت كلكامش: أينما كلكامش... أأغدو فناء.. وأنا؟.. أنا إلى عظاما تذروه وترابا

الرياح؟ في جسيم خطأ بالزواحف... هذا يليق مصير من لـه ال.. يا

أضيق الجواب؟... أين؟.. ما أجد الكون.. لماذا؟... أين نظاممخاوفي.. أشد ما الدنيا،

هامس صوت فيك يهزم ما على أدلك خائف؟.. هل مرتعش: أأنت

الخوف؟كلكامش

خوفي؟ يهزم الذي ما أسمع؟ الذي هذا من مباغتا: من؟ عن تبعد العالم.. اعمل فيتغير نفسك الصوت: اعمل.. غير

الخوف.. هذا قلبكأنت؟.. تكونين؟.. ما يتحدث؟.. من كلكامش: من

أوال... اسمعني... الصوت: اسمع أنك الكون؟.. أم آلهة من أنت امرأة.. أم كلكامش: أأنت

الماء؟ سيدة أنك أم الجنوب؟ ريح هذا وما األسئلة؟ تعذبك التعجل؟.. وعالم الصوت: ولم

جسدك؟ وينهك وجهك يعلو الذي التعب الموت... بحر مياه في السفر أروم ألني كلكامش: متعجل

العالم يطوف حائر سؤال أنا تعذبني.. ألنني واألسئلة عن بحثا -111-

الذي أنكيدو وصديقي خلي فقدت ألنني حزين جواب... وأنا ومضيت الموت.. فخفت أصابه تأكل األسئلة وجهي على هائماجواب؟ من أما قلبي،

الجواب... على لعثرت نفسك إلى النظر أمعنت الصوت: لوالجواب... من أجدى اإلنسان.. السؤال يتساءل أن لدي األهم إن

وسأظل الجواب، عن أبحث فأنا الصوت، كلكامش: ال.. أيهاعليه.. أعثر أن بد وال تجوالي في عنه أبحث

فأعرف نفسي إلى أنظر فإني الحائر أيها أنا الصوت: أمااإلجابة...

أنت؟ كلكامش: ما الخشبي جسدي إلى الصفصاف... انظر شجرة الصوت: أنا

اإلجابة... فأعرفالصفصافة؟ أيتها أنت كلكامش: جسدك؟

األرض، أعماق إلى الموصول الجذع الصوت: نعم.. هذاالشمس... مديات إلى الممتد

به؟ كلكامش: ما جذوعي.. قاومت قطعوا مرة كم وانظر الصوت: تأملني،

كم سأموت... انظر آت يوم في لكني الفأس، قاومت الموت،بي؟ تحيط مقطوعة جذمة

كثيرة... كلكامش: ..جذمات لك وصنعوا خشبي بعض أخذوا الصوت: مرة حين مهدا

ولدت...أنا؟.. كلكامش: لي صرت لما ثم الصوت: نعم، من دمية لك صنعوا صبيا

وصرت نضجت لما ثم خشبي، لك صنعوا رجال خشبي من سريراحبك... لليالي

هذا؟ كل تحملت تجفي؟.. كيف ولم ذلك كلكامش: كلكيف؟..

صنعوا الصوت: ثم تراه ما مني، تبقى لملوكيتك.. وما عرشا منه سيصنعون اآلن منك.. تبقى لما نعشا

النعش.. يصنعوا أبدا... ال... لن ذلك يحدث لن كلكامش: ال نهاية من بد لكلينا.. ال نهاية من بد ال سيفعلون، الصوت: بل

للجميع..أسمع.. ال.. أن أريد كلكامش: ال.. ال

بأنك تعترف أن بد تسمع.. ال ألن بحاجة الصوت: أنتالحقيقة.. تتجاهل

لهذا.. لحزين وإني وأتجاهل أعرف كلكامش: أنا

-112-

هي وحدها المتع أحزانا، تثمر المعرفة أن علمت الصوت: ما لتحزن المتع من الكثير نلت أنك بد القلب.. ال أحزان تنضج التي

الحزن.. كلكامش: هذا يقطعك لن الصفصاف شجرة صديقتي يا كلكامش: اطمئني

الباقي.. جذعك من النعش يصنعوا أحد.. ولنقدري.. أخشى ال الصوت: وهم.. وهم.. أنا

ال أفنى أن أريد ال البقاء، طريق أعرف أن لي بد كلكامش: التراب... إلى أتحول أن أريد

معرفة ازددت وكلما يوم كل المزيد الصوت: ستعرفاألسئلة. تكاثرت

الضوء( مجال تدخل ما سرعان مرحة امرأة ضحكة )تجلجل يا الفرح وكذلك لها نهاية ال المعرفة سيدوري: نعم

كلكامش..المرأة. أيتها المتع الصوت: تعنينالصافي.. الفرح سيدوري: بل صاحبة يا سيدوري يا هنا إلى بك أتى الذي كلكامش: ما

الحانة؟ الموت بحر مياه في هناك بالسر، لك ألبوح سيدوري: جئت

التي تلك القرون ذات البحر وحية والتنين األفعى سوى شيء التقاوم... ال قوتها

ببسالة قوتها سأخمد الوحوش هذه لقيت كلكامش: إنقلبي..

القلب اضطراب بل الجواب تجد لن سيدوري: هناكتقهر.. ال التي والعاصفة

سيدوري.. أعرفه.. يا أعرفه كلكامش: هذاالموت؟ رحلة في إذن تمضي سيدوري: عالم

الرضا.. قلبي سيفعم وعندئذ إجابة من بد كلكامش: ال أرض على هنا الجواب أوروك ملك يا سيدوري: تخطئ

الفرح؟ عرفت هل البشر،شيء. شيء.. كل كل كلكامش: جربت

وهبتك بما ولتفرح قلبك وليبتهج الرحيل دع سيدوري: إذننيسابا( الحياة. )تظهر

ال المرأة، هذه تقوله ما كلكامش يا تصدق نيسابا: ال.. ال يقوله ما تأخذ ال القديمة، والقصص الحكايات رددته ما تصدق أنا الحقائق، ويزيفون ويكذبون يبالغون إنهم الجد مأخذ الرواة فلبثت الملحمة نص من وجودي حذفوا المعرفة سيدة نيسابا لها وأوحيت السومرية الكاتبة ذاكرة سكنت لكنني العدم حبيسة

العصور. من عصر خالل تظهرني أن أحوال ولتبدلت الملحمة أحداث لتغيرت آنئذ ظهرت كنت لو

-113-

وتحركاتهم.. الملوك وأخبار البلد لتغامر يدفعك الذي لسواي.. ما تستمع سيدوري: ال

النفوس.. في االضطراب تثير من إلى تنصت ال بحياتك؟ مكان.. حل أي في البقاء أطيق وال صديقي كلكامش: مات

سيدوري.. يا النجاة الخوف.. أريد وزلزلني قلبي في االضطرابوحدها. الحياة أريد

اآللهة خلقت فحين تجدها لن تنشد التي سيدوري: الحياةلنفسها. بالخلود واستأثرت الموت عليهم قدرت البشر

لماذا؟ مثلي؟ ملك يفنى كلكامش: لماذاالجميل.. الملك أيها تقلق سيدوري: ال

تفرح؟ ال لم فرحا، كن تفرح، أن لكونهايات.. وبكاء فرح وهناء، ألم الدنيا حال ذي هي

الموت.. سوى شيء كلكامش: الالدنيا هذي أرقب الحانة باب فمن أنا سيدوري: أما

اإلنسان مصير كل وأرىوأغاني أسمع صرخات

نهزمه؟ ألن الموت كلكامش: والموت أن عليك لذا اآلخرين مثل وستموت قدرك سيدوري: ستحيا

لك.. وهب بما تستمع وأغدو للدود جسدي أدع لن ال مثله، أموت كلكامش: لن األسوار؟ أقمت األبد.. لماذا إلى أقوم فال ترابا

أغدو أن األجل الوحش، صرعت لماذا المعابد؟ شيدت لماذاترابا؟؟

كلكامش.. يا سيدوري: افرحتفرح؟؟ ال لم الناس، قدر ذا هو افرحيتفتح حولك زهر

تتألق وشموسيتدفق وغديرتفرح؟ ال لم فافرح

األفق على يلوح حبيبتك وجهالشفق جمر يراود والليلالحانة باب من الدنيا هذي أتراني؟.. أرقب وأنا؟

البحر وحدودمر ما أنسى

اآلتي وانتظربالحب يومك فامأل

وتوهج كالشمس ليال -114-

القلب.. سيدة وعانقكلكامش.. يا افرح تنشد لإلنسان؟ آخر زمنا

ثان؟ عمر في تطمحأتيت! حيث من عد

الموت اإلنسان قدرالموت سوى شيء ال

مر ما وتناسى فافرحالبحر.. عمق من اآلتي هذا وترقب

الطويلة... شعره بخصالت وتعبث الشراب لـه تقدم قاتل... عش وهم من خير اليد في زمن سيدوري: لحظة

اآللهة.. رحيق اشرب قادر... خذ إلله إال زائلة، فالدنيا يومكاألشجار... أمامك سترقص أعطافك، البهجة ستهز

الماء... زنابق أمامك العرس... وتتفتح غناء وسيطربكقزح... قوس بألوان الدنيا وتشرق

تبيعك المرأة هذه كلكامش، يا نيسابا: كال فرحا وبعده زائال عنك يحجب الدخان هي كالدخان... إنها قلبك ويمأل الحزن يأتي

الحقيقة..المعرفة؟ سيدة هذا؟ يقول كلكامش: منوتكون! تعرف أن علمتك من الصوت: نعم،

بئر إلى ستسحبك إنها إليها تستمع ال سيدوري: هراء، سأغني الحب، أناشيد عليك إلي... سأقص النسيان... تعالذراعي... على اآللهة... وستنام رحيق لك... سأسقيك

يعرف ماذا شيئا.. ولكن أعرف عدت ما كلكامش: أناالموت... بحقيقة يجهرون كلهم الجميع؟

يوم كل تبدأ لها، نهاية ال المعرفة المزيد، نيسابا: سأعلمكالحياة... مثل تنتهي وال

الموت؟ علينا اآللهة قدرت لماذا؟.. لماذا كلكامش: ولكنالزمن.. أوجدت ألنها تعرف؟ نيسابا: أال

زمن؟ كلكامش: أيوالسنوات.. والشهور والنهار، الليل نيسابا: األيام،

هل الزمن؟ يوجد لم لو ستدوم الحياة كلكامش: أكانتبالزمن؟... أفتك أن يجب

ونحب ونتعلم ونكبر نولد زمن... نحن بال حياة نيسابا: ال نفسك.. إلى انظر ووجوهنا أجسادنا، فيه... هذه ونشيخ ونتكاثر

الزمن.. صنع من فينا ما إلي.. كل انظراآللهة.. صنع من كلكامش: بلالزمن.. وحش علينا سلطت التي نيسابا: وهي

-115-

وكل ممتعة الحياة... الحياة ضد تحرضيه ال سيدوري: دعيهالمتع.. كل هنا عرف، ما يكفيه يديه، متناول في شيء

النهاية... كلكامش: لوالالبشر.. من ألننا نيسابا: ذلك

بي أفضت أين عرفت؟.. وإلى ما جدوى كلكامش: ما أمامي.. يأكله الدود ورأيت بصديقي الموت حل المعرفة؟

وجهي على وهمت الدنيا فهجرت جواب.. عن بحثا اسمك سيبقى نيسابا: بالعمل في األسوار حجارة على متألأل

الوجود أسرار لك ستنكشف وبالمعرفة المقدسة، أوروكقلبك.. فليهدأ ذكرك، وسيدوم

البشر؟ جد إلى رحلتي في ترافقيني كلكامش: هل كثيرة، أشياء وبين بينك ألحول معك سأذهب نيسابا: ربما

ولنغير سيد فتغدو مصائرنا نغير وقد الملحمة أحداث معا ألوروك ملكة ويتوجونني المعرفة عنك.. بدال

يحدث.. ما وليحدث كلكامش: أتمزحين؟.. هيا... رافقيني إلى سنرحل والمرادي المركب )أورشنابي( هيء المالح أيها

هناك..المالح صوت

المغامرة أخرى... سئمت مرة الرحيل أريد )أورشنابي(: الهنا.. الحياة الموت... أريد بحر مياه في

تريد.. التي الحياة وستجد كلكامش: سترافقناسيدوري: وهم.. وهم... الحياة.

تطاردوا الجميع... ال أيدي بين أيديكم في ستعودون سراباإلي... الحزن.. انظروا غصة القلب وفي الخسران رماد

أبحث... وال هنا أنتظر أنا الفرح... لدي العمر، فلدي لإلنسان ثان زمن عن

مر.. ما أنسى صباح كل البحر النشوات... وماء ستعودون ولكنكم الشمس.. اذهبوا شروق عند وابدأ أخيراليدي...الدنيا.. حدود حارسة إني

إلي... ببابي... ستعودين يمر والكل

(3)ميساء... أوراق من

وسوزان... الناس، أسرار وكاتمة الحزانى، عزاء محطة أمي بوق الصباح.. أسمع منذ تأتينا أسميها، كما الجميلة وسوزان

خطواتها الحديقة.. اسمع باب على يدها سيارتها.. وطرقات -116-

وتتعانقان.. بها ترحب أمي الممر.. أسمع علىأمي: تقول

اآلن؟ بك أتى الذي ما سوزان؟ بك -ماالمعجزة.. حدثت -حياة

معجزة؟ -أيةأنتظرها؟ واحدة معجزة سوى هناك -وهلرجل؟ إلى تحولت هل األمر؟ حدث -هل

المزاح.. وقت هذا ليس -حياة ستحل التي المعجزة هذه إال بالي على تخطر لم أمزح، -ال

تظنين.. كما النساء مشكالت اتصلت مرتبكة مات.. أنا المقصود عبد الغنام المقصود -عبد

عليه عثروا أنهم إليك.. تقول مباشرة )لمى( فأتيت أخيه ابنة بي )الشيروكي( سيارته سرقوا وقد التاجي طريق في مقتوالومحفظته... يده وساعة

لمن أعرف ال الوقت، لبعض مذهولة الخبر... بقيت أذهلني غسان.. سواك.. وسوى لي أحد وال مريضة، توماس أم أذهب،

حياة.. إلى آتي اآلن.. قلت إليه الذهاب الالئق من أجد لمأفعله... ما إلى لتهديني

بك؟ صلتها على داومت -لمى... هل حتى والدها خاصم الذي عمها على وتحقد تحبني -نعم... إنها

مماته.. مغلي لك تهدأي.. سأهيء أن استريحي.. يجب -سوزان

ستفرحين... أنك أعتقد كنت مرتبكة أنت األعشاب، أصدق... المفاجأة.. لم لفرط تنتابني، مشاعر أية أعرف -ال

مجلس إلى نذهب هل ونهايته، قدره بالموتى.. لكل شماتة والالفاتحة؟الفاتحة؟ تقام أين مناسبا، ذلك -أرىالوزيرية.. في لمى والد أخيه بيت -فياآلن.. الذهاب تريدين -هل وتنورة أسود قميص لديك ثيابي.. هل أغير أن -أريد

هكذا.. الذهاب بي يليق مناسبة؟.. ال ترتدي سوزان كانت من قميص مع المبقع الجينز من سرواال وشعرها زرقاء بأحجار مزين وحزام الخشب بلون الجرسيه

الشاحب.. بوجهها تحيط ضوء هالة كأنه متناثر األشقر آثار من تبقى ما تمسح ثيابها.. ثم وتستبدل أمي غرفة تدخل

األعشاب.. مغلي أمي تعد ريثما وجهها وعلى زينة الحزن وأعمال السعادة الحاالت.. أعمال كل تخدم أمي قوةالماضي.. أغالل من التحرر وأعمال النسيان وأعمال

-117-

قبضة من هشاشة أكثر لي تبدو التي الجميلة بسوزان أفكر أكثر قش، يعلنه الذي بضعفها بها، عصفور.. أفكر من نزقا

المغوي.. بصوتها المتكسرة وكلماتها البارد جمالها أحداث.. من يطرأ ما كل تحمل حياة.. تستطيعين قوية -أنت

الفؤاد مجروحة كنت لقد أتدرين أشفى.. أن اآلن سأحاول دوما لكان تسرعت أنني بنفسي.. لو ألنجو الكثير تحملت لقد

اآلن بيتي نصف أشياء أفعل أنني الصغيرتين.. أظن البنتيه إرثاصحيحة..

تعرفين ألنك ذلك، -نعم.. تستطيعين أمور تجري كيف أحياناتعرفين؟ ال أنك الدنيا.. أم كيف المقصود عبد مع قضيتي علمتني وقد أعرف ال -كيف

أحيانا. لهم خبرة ال من بغباء ولكن األثرياء بدهاء أتصرف في حولك يدور عما ذاهلة أنت إنما سوزان يا غبية -لست

الدنيا..به؟ عبثت الذي غسان أحب أن الحق لي هل -أتساءل

مثل برجل نفسك كافئي اللعبة، قواعد ال؟.. غيري -لمتحيين.. كيف تعلمي الشاعر عالم غسان.. عيشي

لنفسه؟ سيثأر تراه لي؟.. أم سيغفر -هل يلجأ وال يريد ما ويعرف لعبتك يلعب لن أعرفه كما -غسان

الخداع. إلىسيسامحني؟ فكيف نفسي مسامحة أستطيع ال نفسي -أنا

نفسك.. عن بثقة تحدثي -سوزان، المآزق.. أريد في أوقعتني بها.. لطالما أثق -ال أحدا

جديد؟ من البدء أستطيع هل ترى بنفسي، ألثق يساعدنيالماضي.. تجاوز لكما -األفضل

صعب كعادته يكون أن الهين.. أخشى باألمر ليس -ذلكالمراس..

األمر.. ارتضى أنه يبدو -مبدئياالرحيل.. فكرة يرفض -لكنه شيئا، تخسري أن دون شيء كل على الحصول تريدين -أنت

ليس هذا سوزان.. يا عداللي: وتقول نحوي سوزان تلتفت

موقفك؟ عن راضية أنت هل -ميساءموقف؟ -أي

هنا.. بالبقاء وتمسكك زياد سفر فكرة رفضك -بشأنلألشياء.. الخاصة رؤيته إنسان -لكلمقتنعة؟ -أأنت

-118-

موضع في يكون أن زياد ارتضى لقد أقتنع، لم وإن -حتىشيء.. كل بعد التراجع عليه ويصعب مستحيل

به؟ متمسكة -أأنتالحب.. على قدرتي أفقد -حتى أحتمل فال أنا -أما تطلبين مدللة إنسانة أنت كهذا وضعا

بنانك.. طوع الكل فيصير الثروة تأمر أو الجميع فيلبيأمي: تقولنذهب؟ أن تريدين -هل

تقول أن أرادت متشككة.. ألنها نظرة إلي سوزان تنتظرلي:

مخطئة.. لكنك أمك مثل قوية -أنت حساب على ولو االنتصارات تحبين أنت سوزان -ست

نفسه.. وجودكاالستسالم.. تحبين يبدو ما على أنت اختالفنا، هو -ربما.. هذا

موضعي.. في التماسك -بل نوع من هموم أحمال تحت تنوء منهما كل معا، تذهبان

ظروف في خطواتهما تتوحد أن يمنع ال ذلك مختلف.. لكن أمي( على األغلب في )وهي األخرى، إحداهما تعين وأن معينة،صاحبتها.. هموم تحمل

إلعادة وقت لدي يعد طريقي.. اخترته.. لم أنا؟.. أختار أحببت أنا هذا، بكل لـه شأن قضيتي.. الحب؟.. ال في النظر األكثر المنطقة في العيش أجيد ألنني حبه.. نعم وسأواصل زيادا واألشد خياال الحلم.. وفتنة.. منطقة ضوءا زلت ما زياد.. أنا وعودة أبي عودة حلم من أصحو أن أريد الذلك.. من أكثر وربما عشر بسنوات تكبرني وسوزان فتية

واالنتظار.. بوسعي والشوق، الصبر، احتمال وبوسعي الحضارات أزمنة في والتجول الموسيقى ضفاف في التوغل

في العوم أو موسيقية مقطوعة في التحليق بإمكاني الغابرة،الحب.. التاريخ.. وأعزز خالصات ألصطاد الماضي نهر

يهوى االمتالك.. من تريد ألنها الحب عن عاجزة سوزان أرى يفوز أن بل بشيء، يضحي أن يريد الحب.. ال عن يعجز االمتالكوالتملك.. لألخذ نهمه ازداد شيء على حصل وكلما بالمزيد

كان ما له.. وأخذ أقدمه أن بوسعي ما كل لزياد أعطيت أن آثر المجروحة، الذاكرة كارثة إزاء لكنه ذلك عن زاد وما يريده لـه مستقبل عن البحث إلى يتحول التي المأساة ساحة عن بعيداأهله.. فيها سقط

الحياة.. إلى أعادته التي أمه أمي، وعن عني، تخلى قدمه سيضع فائقة، بصورة شيء كل يجري أن يتوقع كان

والنساء.. نعم والخلود بالمجد الفردوس..سيفوز بوابات على الناصعة ببشراتهن النساء أؤلئك بجمال ذلك.. سيدهش أعرف

-119-

عن الالمشروط الكشف في وجرأتهن المعراة وأجسادهنأنوثتهن..

لكنه إليه لي.. يدعوني بإخالصه يتورط لن أنه يحدث سوف يصون لن التي أمي حديقة في ونما الماسآة ظل في ولد حبا

زرعناها الصيف وليالي الربيعية األماسي في نباتاتها وروينا معا تفصدت وقد الهثين فنخرج الكهربائي التيار ينقطع حين الساخنة والضفادع الزيزان ونسمع الليل هواء لنتنسم بالعرق أجسادنا

عالمنا.. على الكوني غبارها ترش النجوم ونرى لي.. تدعني هذا تعلن ال لكنها يعود، لن أنه تعرف أميبمفردي.. النتائج إلى أتوصل

يتوقفون ال خطاهم، تغيير على درجوا أحيانا: الذين لي تقول ال مضطربة قلوب لهم القلق أبناء إنهم العتبات، من عتبة عند

الصبر. أو التأمل على تعينهم تثق ال بمن ثقتي مسافات في العبارات تلك تدس إنها أفهم

به.. لي، الكتابة ويواصل إليه الكتابة وأواصل تقول عما أتغاضى

وفورات الشوق هبوب تسير مستحكمة عادة الكتابة أصبحتالموحش.. الليل وعذابات الغضب النيكوتين بتدخين الشبيهة المستحكمة العادة تفعل ماذا

العقل؟ ويستعبد الرئتين ويتلف الدم يسمم الذي استبدالها، يمكن ال تعديلها، يمكن ال منها، الخالص يمكن ال األمر أصبح وطالما اللقاء هو العادات هذه لمثل الوحيد البديل

الوحيد اإلمكان تبقى الرسائل كتابة فإن االستحالة غاية فيالحب.. أوهام في للبقاء

لي: يكتبميساء.. حبيبتي

العالم.. نساء أجمل يا لوجهك أحبك.. أشتاق تسافري إلي.. أن السفر رغبة تراودك أن أتمنى أنت؟ أين

تفكري تحلمين.. ال وكأنك إلي وتعالي.. جازفي باألمر، طويال بطلي عن لي كتبته الذي الجميل المشهد لهذا أحبك مثلما ستفعلين بأنك لي أوحت النص نهاية كلكامش، المفضل

تخمين؟ مجرد ذلك أن نيسابا.. أم فعلتنيسابا؟ أم سيدوري أنت للحياة.. هل دعوتني أنت لي.. سأحاول جديد.. اكتبي من الحيرة في وضعتني لقد

مهرجانات أحد في لتقديمه مناسبة أجواء وتهيئة المشهد إعداد مسافر ألنني أخرى رسالة لك سأكتب التجريبي، المسرح غدا

وأعرض بريستول جامعة في عرب أصدقاء أللتقي ويلز إلى وسأحاول به أعتز الذي المسرح المشروع.. مشهدنا عليهم

يمكن ال أنها أعلم حياة، أمنا إلى تحياتي وبنا به يليق بما تقديمه الذي الحب كل أنت ولك أشواقي لكما تسامحني، أن

-120-

تستحقينه..

زياد

****

-121-

-122-

الثامن الفصل(1)

الماضي.. بصيغة يقال غسان يسمعه ما كلكنا.. كانت، كانوا، كان،التقطها: التي الصور إلى يرنو وهو يردد

فعل بصيغة كلها الحياة تكون أن راعشة، لغة من لها -ياماضي..

ثمة يكن لم إذا المستقبل يأتي أين الحاضر؟.. من عن -ماذا الشاغل شغله الموؤود الحاضر أحشاءه في يحمله حاضر

ويدخره حية لقطات في وسيحتجزه له، سيكون روحه ومبتغىالرؤيا؟.. خزانة في

رغبة في يتكثف وجودها المستقبل، إلى القفز تريد سوزان في المكسورة أحالمها ترسمه مستقبل نحو واحدة.. الرحيل

شيئا.. منه تملك ال حاضرمضى.. ما بتذكر الحاضر تبدد أمه، حياة عنها عرف ما على أيضا تعيش أخيرا حاضرا معلقا

لنسف طريقتها واحدة المحطم.. لكل الماضي إلى واه بخيط التريث وإما المجهول المستقبل إلى قفز فإما ودحضه، الحاضر

األمس.. وراء ما إلى الدائم وااللتفات الماضي في تعيش حياة ابنة ميساء إن سوزان، من عرف ما على وتدمر العتيق البالد تاريخ على ذاكرتها تحيا مثلهن، ذاته االنفصال في معجزة بفضل لقائهما أو زياد عودة أمل في بالعيش الحاضر

ما.. ما. وأرض زمن

اآلسرة.. وماضي البالد ماضي ماضيين في االرتداد تحيا إليه الحاضر يأخذ سوف الغائب.. وحده الغائبة. واألب الحضارة

ال لكي ويحفظه صور، في يدونه سوف عسره، برغم ويحياهالغد.. في إليه اآلتين ذاكرة عن العذابات عالمات تغيب

-123-

وال كامرته مع بدونها أو أمه مع بدونها، أو سوزان مع سيحياه فناء به يقاوم الذي فعله مسافة الحاضر سواها.. سيكون

وتحللها.. األشياء البرص أصابهم لمرضى معزل مثل الحاضر يرى بعضهم

يشمون ال بزجاج محمية نافذة أمام يبقون اآلخرون عنه، فينأى بكل يحيونه غيرهم حاضرهم، من ريح هبة يالمسون وال رائحة

يبدد ال األخيرة، الفئة من هو الحروب، وأوجاع وعوزه عذاباتهيذكرها.. وال اللحظة

بالعيون، مكتظة الزمان.. الصور بساعات مآلى الصور أنين يسمع فيها، المتألمين لفرط تئن بالخطى.. الصور مزحومة

لتجف حبل على المطبوعة الصور يعلق عندما الليل في الورقالتحميض.. حوض من انتشالها بعد

واألرواح قتامة أكثر الغبار عريا.. يرى أكثر العالم يرى تقطر صورة في حبل على تعلق أضحيات الحقيقة.. لتضيء نورا شبابه.. التهمت التي الحرب عذابات سئم األلم، تكرار سئم

في المتاريس وراء أو القصف تحت مواضع في وعاش فيها قاتلالشتاء.. وأمطار الشمس تحت البراري يحتمي كان ما تلقط التي بنظرته الموت خطوط وراء جيدا

االنفجار.. لحظة بعد وما القذيفة وراء يتقنها كوالجات في صنعها ويعيد ذاكرته في الصور يخزن

سوادها.. حقيقته على الحرب صورة ليقدم زرقة في األرض إلى ينظر صقر نظرة الكاسرة نظرته تكنس ونظرته القلوب، في تتدحرج الكآبة ويرى السماوات عيناه تحفظ الحشرجة لحظة وراء خفي عما وتكشف الظلمات

األحمر الضوء االحتضار.. يشعل شهقة في للراحلين صورة آخر اإلطالقة اختراق وألم الصرخة شكل صياغة ويعيد االستديو، في

ألم الخرق.. أي منطقة في وجنون.. وعطل وجع للجسد.. حرقةالمالمح.. ستقلص أوجاع أية الوجه على سيظهر

ليتعرف تدفعه شجاعته المراوغة.. كانت القتال في تعلم األمن قواعد يعرف االنسحاب أو والمشاغلة المواجهة أساليب

األلم.. خارج حياته ليديم المؤقتة الثكنات في فإن لحظة تهاون فإن حياته، يحرس كيف آونة كل يتعلم

هو.. موته بداللة محالة ال فائز اآلخر للخوف، ومدن للمطر، ومدن للشمس، مدن للموت، مدن

اإلنسان يصير كامرته، من تولد مدن وكلها تسديد على معلقامعينة. إطالقة تصويب أو يقظة نظرة

والسحب الكشافة القنابل وأنوار الليلية البروق تحت هناكحدودي.. مخفر عن دفاعي موضع في كان السوداء عن حكايات والمصور الكاتب فيها يروي مجلة أو كتاب معه

غسان أمضى والنص بالصورة البيضاء الشمالي القطب ذئاب الجمال الفائقة الفاتنة للذئاب العجيبة والصور النص يتابع ليلته

-124-

تقضم أو والفريسة، الموت جوار تفتحت زهرة عطر تشم وهي تصنع النقائض الفرائس بدم الملوثة بخطوطها عطرة عشبة

حقيقة لتعرف النقيض الفن.. أضف يفهم هكذا الجيدة، الصورةالعالم..

األنف رعاف ويتفجر النساء فتنزف القمر بوجه يصيح الذئب الظلمات في البشر.. ويطوفون بعض ويستذئب األطفال لدى

الوحش.. برائحة مسبوقين تحدقان متوهجتين عينين يرى الصغيرة الموضع نافذة من

إلى وصل جميل ذئب عينا الشغف، أضناه عاشق فيه.. عينا الحرب قلب في القابع اإلنسان هذا الفريسة موقع بتحديد غاياتهاألكبر.. الموت.. الوحش مخلبي وبين

بأباطيل غسان ذاكرة لوثت والحكايات القصص تراث كان العار ويلحق إليه، ينظر الجميل الذئب الذئاب.. هاهو عن كثيرة

صداقة عليه يعرض معه ويتعاطف يحبه القديمة، بالقصصالبشر.. خوف يشوهه أن حقيقته.. قبل جوهر في الكائن

لها عالقة ال الحاضر في عيش لحظة مفتونا، إليه ينظر كلالقتل.. بتاريخ الذئب عالقة عن ومفصولة الخائف اإلنسان بتراث

والذئب.. اإلنسان بين مؤجل شيء القتل اآلخر.. يتواصالن نحو بروحه منهما كل يتقدم عن بعيدا

والخوف.. الحذرآخر.. وال لـه أول ال نائما.. ذئب يسير رجل مثل الذئب يرنو

منها.. البشر بتصورات المظلومة الضواري تاريخ فيه يجتمع كعك ينتظرون وعجائز أمم، ومصائر أنبياء، بدماء اتهموه

الغابات.. بشذا معطرة سلة في المحمول الحفيدة دمرها التي الحية األولى البراءة مثال أمامه، اآلن إنه

رعاة غزوات بآخر التهديد حتى الكهف أول من بحروبه اإلنسانالبقر..

رأس في الوحش غسان ذاكرة في الوحش صورة تنقلبالذئاب.. رأس في ال اإلنسان

مثل رأسه يميل النظرة، على جفنيه ويسدل الذئب يهمهمضراوته.. عن اإلنسان أكاذيب آخر العظام.. ويبطل طري طفل

لغسان: يقول كانعني.. يقال لما مكترث وال مصدق غير -أنا

غسان: دهشة لـه تقول أخطأ وصياد غافل ذئب بين هدنة نتاج وأنت أنا -نحن،التصويب..

له: تقول الذئب ابتسامةتتكرر.. لن مصادفة -نحن

-125-

والحاضر.. انعقد وأنت الحاضر.. أنا فعل هو فيه نحن -مااتفاقا؟

باإلنسان.. دائم ارتياب الذئاب -قانونالمخلب.. بضرورة محكوم -أنت ولم الذئاب ساللة عن اإلنسان صنعه بماض علي تحكم -أنت

فيه. رأينا يؤخذ لإلنسان الحي الوجود قياس والفتك واإلماتة القتل -لعبة

سواء.. حد على والذئبالبشر.. لعبة -تلك

الضواري. بقاء -وسر عن اإلنسان أكاذيب من مستعارة ببراهين تحكم -أنتالوحوش. والحاضر أراك -لكني الذئاب.. تاريخ من مجردا

شيء.. بكل ارتاب -أنا-دائما؟

ال وأنا بالزمن الحاضر بعد يأتي بما االهتمام تعني -الديمومةبالزمن.. أعترف

فيه؟ أنت الزمن.. هل من أنت -أينإنسانية.. لعبة من الزمن الزمن.. ألن فوق -أنا

باللعب.. مولعة والذئب اللعب تحب -أنتالبشر؟ يفعل -وماذاالحاضر.. لحظة عليه ونغلق بالزمن نمسك -نحن

والقضبان.. األقفال ورثة باألوهام مولعون أنتم -أرأيتبيننا؟ الهدنة تقبل -أالأشاء.. متى شيء أي أنقض -أنا

القتل تاريخ بإعجابي عنك ببراءتك.. أسقط أؤمن -ولكنيبك. ألصقوه الذي

والظلمات.. لألكاذيب تروجون -أنتم-وأنت؟

أذهب.. أن للنوم.. أريد -أروجتذهب.. -ال.. ال وقد النوم لذة من تحرمني أن تريد أنام.. لماذا أن -أريد

أحالمي؟ حروبكم أقضتقليال.. نتحدث -دعنا

مليئة قناعات تملكون إنكم البشر، مع الحديث -سئمت لذة في أستغرق أن بقناعاتكم.. أريد أبالي ال وأنا باألخطاء

النوم..

-126-

إلي؟ جئت -لماذا بفريسة.. فوجدت سأحظى أظنني الطريق.. كنت -أخطأت

صديقا..اتفاقا. -انعقد

تلقاء من اتفاق.. هكذا.. تحدث دونما تحدث -الصداقةنفسها.. وداعا..

يرى ال عينيه، غسان يفتح برهة، بعد وال ذئبا الليل، إنه نهارا يهز البعيد الذئب حراسته.. وعواء نوبة إلى يذهب أن وعليه من براءته إلى البشر حرب من يهرب البشرية، الحرب ساحة

به.. بشري.. اتهموه دم كل الذئب ذلك لصور إذن التحقق ممكن الحلم كان لو غسان ود

وادخرها الوحش، تاريخ من العجيبة اللحظة تلك واقتطع الساحرصقيل.. ورق على

تقتلني.. فال أقتلك ولن أحبك الغائب، الذئب همهم: أيها تنطبع الشمالي القطب لذئاب المخصص الكتاب يسقط

غسان.. يغدو حدقتي على الذئبي الحلم وحش صورة ذئبا بريئا يعرفها ال كائنات من يقتص الذئبي.. القتل بشهية مدفوعا

الهشيم على نائم المعجزة: ذئب فيرى النافذة من يطل على العنق استرخاء في األغبر الفراء تحت يتردد ونبضه اليابس،التراب..

من يهب النافذة عند اإلنسان حركة الذئب يسمع عندما على وقع وكأنه لشيء آبه غير الفجر مدى في ويمضي نومتهواإلنسان.. الذئب بين المستحيلة الهدنة وثيقة

صور الحيوان حديقة أقفاص في البراري، في مختلفة ذئابا الجمال بهي ذئب على يعثر لم لكنه الطبيعي التاريخ ومتحف

األلفة معادلة إلى والفريسة الوحش معادلة قلب الذي ذئبه مثلالغريزة.. وتجاوز

الحياة، إلى عاد تنته.. وغسان ولم مرة الحرب ابتدأت وعمل التصوير في سنوات وأحبة، أصدقاء بموت القلب مثلوم بالصور الروح لترميم يستغرقها سنوات بينها، رابط ال أشياء

التقاها التي الجميلة بسوزان أوال، والجمال.. بالحب والغيوم الخارقة.. لم اللحظة في الجمال يبزغ أن يحدث مثلما مصادفة لبث حلمه، ينكسر الشظايا.. رغم المخيلة حافات على واقفا

بالحرب.. المستديم الزمان مرض عن الخارجة اللحظة فيوجدها..

كل تدمير على قامت لقائهما من انبثقت التي السعادةهذا. حدث كيف يعرف الرتباطهما.. ال احتمال بغداد.. جزيرة متنزه يقطع واسع ممشى في يسيران كانا

للزوارق، مرسى ثم ومروج زهور أحواض الممشى جانبي وعلى في النخيل ظل )التاجي( ليتألق بساتين إلى ينحرف والنهر وحدهما يسيران كانا الراجفة مياهه في بشري وجود دون تقريبا

-127-

إليهما. األقرب الفضاء

بل تدركه ال لسبب المجتمع عن المنفية هي حياته عن تحدثه وممتلكات، وأحالم، صديقات ببعض تكتفي إذ كثيرا، فيه تفكر ال

وبستاني، حارس توماس(.. معها )أم المسنة العائلة مربية معها الطويلة الصوصج كالب من وآخر البولدوغ فصيلة من كلب معها

في أوز وبركة حب، وطيور ببغاوات األرجل.. معها قصيرةدجلة.. نحو المنحدرة حديقتها

له: تقول بك.. إنك أمسكت ثم حلم، مجرد أحالمي.. كنت في -رأيتك

حقيقة.. إلى تحول وغامض مبهم حقيقة.. شيءكرهتك.. فيها التقيتك مرة -أولأعجبك..؟ -ألم

ربما.. مدهشة، لصور كموديل -ربمااألولى؟ النظرة من تعشقني -ألم

أوال؟ الكراهية مشاعر تغمره من يعشق -كيفصحبتي؟ تقبلت كيف -إذن

االعتياد.. -بحكموهناك؟ هنا تقابلني -لماذاأيضا.. االعتياد -بحكم جدار على أمامك تعلقها فوتوغرافية كصورة تعاملني -أنت

رؤيتها.. على فتعتادأراها.. أعود ال إني -حتىعنها.. االستغناء تستطيع ال -لكنكالموجع.. العادات -تحكم

غسان؟ أنت -من التراب وعلى رائحته الريح على يترك الزمن، في -أنا.. عابر

قديمة.. آثارلي؟ ستترك -وماذا

للحضور قابل غير -الغياب.. غيابي.. فأنا يدي بين دائماالجمال..

ظالله لها ويترك نفسه يغيب الذي الرجل بهذا تتمسك هذا على الورق.. تعامله على األشياء ظالل يترك مثلما المتعددة باعتبارها يعاملها مثلما األساس موديال للتصوير.. صالحا ويعمل حضورها، في يكابر غيابها، يقبل ال نفسه وبين بينه هو

بها.. ليحتفظ والصمت والعتمة الظل في هذه في لنجلس سوزان(.. حارقة، -الشمس.. )تقول

الكافتيريا.. -128-

الضوء، ثيابهما يرقط والظل، الشمس بين يجلسانمتحفزين.. فهدين مثل يبدوان تجعلهما صغيرة مستديرات

مطلية األظفار قديم، خدش الساعد على اليمنى، يدها يرى المستديرة المائدة عبر يده مذهبة.. يمد شمس بشعاعات

يده.. فيحسب كاملة يدها لـه أصابعها.. تقدم أطراف ويلمستردده.. من تضحك

تفعل؟ ال تلمسني.. فلماذا أن تريد -أنت النخيل وحفيف والظل الشمس بين سيرهما في يسرعان

يتحرك أنه غسان المزهرة.. يشعر األشجار وتمايل في حقا لحظة سوى أبعاد من للزمن يعد الخطرة.. لم الحاضر منطقةوحدها.. الحاضر

له، خاله ابنة خطبة يفسخ وغسان ثالثة واثنتان.. وربما سنة ابن عرس في أمه بيته، في أخرى.. سوزان بامرأة عالقة ويبتر

معه.. أخيها.. سوزانالصاعقة؟ السعادة هذه اسم يفكر: ما

مرآة في لها.. تراها أخرى صورة عينيه في وترى تعانقه يدين ترى وجها، فمه.. ترى ارتعاشة في نفسها رغبته.. ترى

ترى ملتح لرجل قديمة صورة غير الغرفة في ترى تعود ال ثم فما نظرة وله سيجار فمه وفي نجمة تثقبها سوداء بيريه يرتديأندلسي.. عاشق

هذا؟.. -منالكبيرة.. اإلنسان ظالل من -ظلظالل.. إلى شيء كل تحول -أنت يمكن شيء لظالل.. ال ظالل كلنا الحقيقة، هي -هذهالكاميرا. به.. لوال اإلمساك

اآلن؟ بي تمسك -لكنك تكوني أن يمكن بك؟.. أال أمسك أنني قال -من شبحا شبيها

تتالشى.. ما سرعان شفافة جميلة.. صورة بامرأة يراها.. تقطع يعود أشهر.. ال ستة وربما وأربعة، شهران،

تختفي.. تصمت، مكالماته.. تختفي، على ترد هاتفها.. ال خطوطدخان.. من شيء سوى يبقى صورتها.. وال تخمد

مساء: ذات تهاتفه إنه الغنام.. أتعرفه؟ المقصود عبد خطبني له: لقد تقول

األخيرة..؟ السنوات في بغداد أثرياء أثرى-..؟

مشوش الهدنة.. العالم الوحش نقض قد لنفسه: ها يقولأسود.. بدخان

ويتوغل وجسده يده في يسري والموت هيبته يبدد الجمال علبة تحمل االستديو في إليه تأتي وسوزان أحشائه في ألماهدايا.. ومغلفات كبيرة كارتون

-129-

كنت -أنت لم خطوة، تتقدم تسأل.. لم لم جدا، سلبيا أمل.. كنت أي تمنحني جهد أي تبذل لم بالظالل منشغال

رجل إرضائي.. أنت متطلبة.. يصعب امرأة بي.. أنا لالحتفاظ امرأة مع التعامل تجيد وال اآلخرون، يطلبك أن مبال.. تنتظر غيرنسيانك.. حبك.. يصعب أحببتك.. سأواصل لكني طرازي، من

حال.. أية على فيك.. أهنئك الوحش -استيقظ من كبير حلوى قالب وتخرج بعذابه آبهة غير قبالته تجلس

أمامه.. وتضعه العلبةلقهوتك.. أشتاق القهوة، لي تحضر -ألن يلبث وهي المتغيرة وأقنعتها مشاعرها صفاقة أمام مذهوال

مقتنياتها. إحدى وكأنه المقصود عبد عن وتتحدث وتضحك تثرثر تمويل بوسعه بغداد أثرياء أثرى من إنه به؟ أعرفك أن -أتريد

بغداد، على به تحلم الذي معرضك بالك، على يخطر مشروع أيرؤيته؟ تريد أال

وغادري.. أشياءك -خذي يكون أن األخير للقائنا -أردت احتفاال بحبنا.. سأبقى استثنائيا

سترته.. ويرتدي االستديو أضواء يطفئ ينسى، ال رجل أنت أحبكوارحلي.. أشياءك عمل.. خذي لدي أذهب، أن -على

وداعنا؟ لذكرى صورة لي تلتقط -لنوارحلي.. أشياءك -أرجوك.. خذي

(2) غريزة اإلنسان في يحيى أن العدم من مستعاد حب بإمكان

البقاء. حاسة وينشط السعادة يمضي يجعله سوزان في ما شيء العينين مغمض مسحورا

يسير و الجن وديان نحو شيء قزح، قوس انحناءات على منتشيا به ويتحكم بالحاضر ليتثبت يدفعه المرأة هذه في يعرفه ال ما

أحالمه. شاءت كيفما وحاالته العشق اضطرابات لديه يثير سوزان صوت

ومرح ورغبة مقت بين وما ونفور لهفة بين فما المتناقضة،وأسى..

هذا يقاوم لكنه وعيه ويشوش خطوته ويرنح الصوت يالحقه الصوت هذا طاقة على ليسيطر بإمكاناته التحكم ويحاول كله

يشاء. حيث ويوجهها أنوثتها بئر من المتدفق صوتها تحويل بإمكانه أن والثبات التماسك هذا بعد يكتشف

واألبيض األسود اللون من مبتاينة درجات على لونية ظالل إلى على وقع طالما أنه ويعرف الحساس، التصوير ورق على تتوالى

فيض ويجعلها بالنبرة يتحكم فسوف الصوت هذا في قوتها سر ويشكل الورق على ينهمر نور تخطيطا كان ما للكلمات، عجائبيا

-130-

النساء من سواها صور أزاحت التي سوزان يحب أن إال أمامهعينيه. في ماثلة وحدها واستقرت ماضيه عبرن الالئي

استطاع التي األخرى صورتها لديه استبقى هجرته عندما عدسة واقتنصتها الحقيقة لحظات من لحظة في بها اإلمساك سوزان لصورة المغايرة الخفية اإلنسانية الصورة إنها كاميرته، المرء يرددها أن ما سحرية كلمة مثيل تكون وسوف المرئية

األولى. حقيقته إلى يعيده حتى مسحور شخص أمام امتداد على سجاياها وتعديل صفاتها تحوير على يعمل سوف

من سلسلة عبر شخصيتها بناء بعيد فكأنه انفصالهما سنوات توصل والمحاوالت التجارب البارعة. هذه الفوتوغرافية الصور

المؤثرات من متنوعة ظالل إدخال في ونجح مدهشة نتائج إلىالمستقرة.. غير وتعبيراتها المتعالية مالمحها على

اآلخر بعضها وعلى الفيروز زرقة صورها لبعض أضاف األصفر في األخرى الصور أغرق الشفق.. بينما احمرار

وعندما القليل منحها ثم الطيف، ألوان كل الشمسي.. جرب من شيء وأمحى القاسية التعابير تالءمت عليها النور أطلق

أنوثة تبث شغف نظرة البراقتين العينين في وطغت المالمحالوعرة.. العالم رجولة إلى الوجود

لصور المتكاثرة التنويعات بهذه االستديو جدران امتألت يقيم أن أصدقائهما أحد عليه فاقترح سوزان بعنوان لها معرضا

)استحاالت(..ويقول: غسان يضحك شخصي شأن سوزان -صور هذا به، لآلخرين عالقة ال جدا

بفكرة لرحبت باألمر سوزان عرفت ولو لنفسي به قمت عملهذا. من شيء يحدث المعرض.. لن

إزاء توازنه إعادة في الحدود أقصى إلى الصور نجحت الحب هذا إلبقاء وساعدته المفقود حبه موضوعة في مكنونافنه. مدخرات

حاملة بزيارتها الصيفية الظهيرة تلك في فاجأته عندما إحساس وغمره األلف صورها مشروع أنجز قد كان اللوحة، بأن قوي حدس يسنده غامض ما شيئا غريبا سيحدث ومفاجئا

له.. أو لها حبه على المزايدة يحاول ولم صنعه بما يخبرها لم

أحالمه جميع عن يفصح ولم كلها، السرية أوراقه عن الكشفله.. المفاجئ هجرها بعد األحياء عداد في ليبقى ساندته التي

مثل امرأة أن النساء.. يعرف طبائع عن أشياء غسان يعرف حاالتها، في المفاجئ والتحول للتغيرات، عرضة ستكون سوزان أو غضب، انتقاضات أو شغف بنوبات حين كل تباغته وسوف أياما، فنهجره لتعود الحب، نهايات أقصى إلى معه تمضي

مستقبل صنع أو مصيرها تغيير عن األنثوية أحالمها في وتستغرق -131-

مجهول. شخص مع نائية بالد في إال تظهر ال الحقيقة سوزان وجوهها غير منها يرى وما نادرا

ثم األناقة متصنعة امرأة بصورة يراها المتبدلة، وصورها الزائفة في مستغرقة هفهافة ناعمة بثياب رومانسي ظهور في يراها

ترتدي التي األخرى صورتها يرى ثم الموسيقى إلى االستماع القراءة في وتنهمك نظاراتها تضع وهي الجادة المرأة قناع فيها

المضطربة المرأة صورة تطغى وفجأة جديدة لغة تتعلم أو إلى حينئذ سوزان وتندفع كلها الصور على أنوثتها إلى المغلولة كل لتسقط رجل إلى التحول طريق عن بالخالص التفكيرالنساء. لترويض ابتدعت التي واألغالل األحكام

كونها عن تزيد ال هذا على حياتها اجتماعية لحاالت ألبوما األخرى، سوزان المربك تنوعها تحت تخفى متراكمة ونفسيةوالحلم.. والحب األلفة من المحرومة الزمن المهدورة الرقيقة،

آفاق بانفتاح وسوزان وتوازنه وعزلته حياته بغرابة غسان سيصنعان التوازن إلى وافتقارها حياتها ثنائيا متناقضا ومتناغما

ذاته.. الوقت في اكتشفا وحيويتها وضجرها بترفها وهي وانشغاالته بصمته هو يسعف الذي السحر فعل لالختالف أن وعرفا اإلغماء أصابه حبا

الحياة.. إلى سحرية صدمة طريق عن وإعادته تجوال أسبوع طوال الكاظمية بين ما بغداد أنحاء في معا

بين وما غازي وشارع والجعيفر الكرادة بين وما القديمة وبغداد بغداد وبوابة المدائن حتى والدورة الشواكة في السمك أسواق الطيران ساحة في العمال ومسطر الوسطاني الباب وحصن

غسان التقط المعظم، الباب إلى من إطار في لألشخاص صوراالمكان.. مؤثرات

سحقهن ونساء محاصرين ألناس المتداعية الحيوات صور وباعة والشحاذات المستولين بين تغلغل والعوز الرجال غياب

اضطربت لمن واألحجبة باألدعية يلوحون الذين الطمأنينةالرجاء.. عنهم وانقطع الهموم وتناوشتهم قلوبهم

صور بها قام جوالت في آلخرين وجوها اختالج وتابع منفردا الخطى وصور عليها األزمان وتعاقب الحياة أقدام مالحقا

األرصفة بين ما تنتقل وهي والنساء الرجال من العابرين الخطى اتجاهات مع يتقاطع اتجاه لها خطوة كل والشوارع

األخرى. وخطى مترددة أو مرتخية وأخرى مخذولة خطى صور

راسخة.. صور بالية بأحذية أقداما حفاة لرجال وأقداما وأقداما تنتعل الجلد من ثمينة بأحذية تتنعم وأخرى البالستك من أخفافا

صور كما بكثير أكثر أو دوالر بخمسمائة منها الزوج يباع الطبيعي كعوب ذات بأحذية فتيات وأقدام عسكرية ببساطيل أقدامامتآكلة. عالية

وجوه على فيها وعثر المنسية األزقة في الظهيرات أمضى والتقط أخاديدها في المأساة ترتسم صغيرات بنات لوجوه صورا

-132-

العابرين وتحرشات الطرق تقاطعات بين العشيات في يتراكضن العلك من هزيلة بضاعة يعرضن وهن السيارات سائقي وبعض

وصور الورقية والمناديل البخور وعيدان والسجائر موحلة أقداما صاغة دكاكين تراب ينخلون وهم دجلة مياه في يخوضون لصبياناألصفر. المعدن من هاربة ذرات على بالعثور ويحلمون الذهب

حي شوارع أحد في بصديق يلتقي البيت إلى عودته قبل 14) شارع مطاعم أحد في خفيفة وجبة لتناول ويدعوه المنصور

والحصى اإلسمنت من مصبوبة دكات المطعم رمضان( أمام الرثاثة بالغة مالبس يرتدي رجل يجلس كان إحداها وعلى البارز

عما ذاهل وهو بنهم ويدخن اللون )كاسكيت( رمادية ويعتمر ونسى التصوير شهوة تملكته حتى غسان رآه أن ما حوله،

له: وقال الرجل من واقترب الطعام ووجبة الصديقصورة؟ لك ألتقط أن -أتسمح

عنه بوجهه أشاح بل وصاحبه بالسؤال الرجل يعبأ -لم ثم العصبي والنهم التوتر من بشيء سيجارته تدخين وواصل

يعني: بما يده حركمثلي؟( رجل بصورة تفعل ماذا بطران )إنك

متعددة بلقطات الرجل ويصور الصورة أبعاد غسان يضبط التصوير في يتمادى وعندما الزوايا جميع من متوسطة أو مقربة عتيق كيس على تقبض ويده الدكة فيغادر منه الرجل يضجر

قديمة. وصحف مهترئة ثياب أطراف منه ظهرتباعتذاره: ويتمتم غسان يتبعه

الحزينة مالمحك إزعاجك.. أحببت قصدت ما -أعتذرفصورتك.. أين وإلى هو من يدري ال تائه رجل بوجه تفعل -ماذايمضي!!

بيتك؟ تعرف أال شيئا؟ تتذكر أال أساعدك؟ أن -أستطيع كم أدري ال أدريه ال زمن منذ وسرت شيئا.. سرت أعرف -ال

وقرى بمدن ومررت األنهار مسير مع سرت مشيت الليالي من أن بد عالمة.. ال على أعثر شيء.. ولم إلى أتعرف لم لكني

أنت السبب.. تعرف أنت تكن أواصل.. أمشي.. أمشي.. لم أمشي.. أن علي فيه.. لذلك أنا الذي هذا سبب أنا وأعرفأدري.. ال أدري شيء.. ال أو أمل على أعثر ربما السير، أواصلمساعدتك؟ يمكنني -أال

أعلم ال وأنا تساعدني -ال.. كيف سأمضي نفسي؟ عن شيئا شيء. إلى أصل أن بد وال وحيدا الحالة؟؟ بهذه وأنت السير ستواصل فكيف مرهق -لكنك

معا؟؟ الغداء لتناول دعوتي تقبل هل -لست لحالي.. أمضيت اتركني رجل يا متسوال وأنا دهرا

أعرف ومرضت.. ولم وجعت وصحوت نمت األرض في أتجول

-133-

من خروجي عند أعرفه ال نهر سير تبعت أنني عرفته ما كل شيئاهنا.. زمن بعد نفسي فوجدت إيران

هنا؟ سأجدك هل غدا، صورك -سأعطيكسأكون.. أين أدري ال نفسي ستجدني.. أنا أين أدري -ال

صديقه ينتظره حيث المطعم إلى الرجالن.. غسان يفترقالضالة.. خطاه تقوده حيث مكان ال إلى التائه والرجل

اللون بدفء وتنغمر التحميض غرفة الظالم يسود عندما تتضح التي اللقطات بتلك غسان يدي بين العالم يتحدد األحمر

الحبل.. على التحميض.. يعلقها حوض في بالتدريج معالمهاالعراء.. في ومنشورة بالحامض مغسولة الدنيا

تثير وربما الوجود، يقين تسند التي الحب بنعمة غسان يحس يهيء وهو سنوات يفعل.. طوال بما إيمانه األبدية.. لديه شهوة يراوده.. انتظر حلم مجرد المعرض.. كان هذا إلنجاز نفسه

حافة على حياته.. وتضعه ستغير التي اللحظات هذه بإخالصاليقين.. على يتطفل أن يشأ لم البيت، في يعمل ولبث االستديو ترك

أصدقاء.. أو زبائن من أحد عمله لحظة إلى األحالم ضفة من سيعبر اليوم.. فقط ..اآلن،

موضع وإنجازه اختبار، موضع نظرته يضع التحقق.. وسوفونقد.. فحص

يوجد أن عمله لـه يتيح سوف يغوص أن الحاضر، في حقا به. ويتلذذ ويتقمصه مادته في عميقا ارتفعت قد األسعار أن الخشبية األطر صنع يخبره كثيرا

بالحرب.. وسوف المتزايد التهديد ظل في األخير األسبوع خالل ذلك يكلفك مضاعفا. ثمنا في عليك.. أريدها أمري.. ال وستدبر األطر بأس.. هيء -الالغد..

القديم الذهب من المبرومتين األسورتين إحدى والدته تبيعألمرين: بهما تحتفظ اللتين

الجنازة لتكاليف ذلك.. أو لها تيسر إن الحج فريضة أداءساعتها.. تحين عندما

عنها.. وسترين.. أعوضك -أمي.. سوف تقلق مني.. فال بها أحق تكفي.. األحياء األخرى -األسورة

الموتى.. أجل من

(3)أحد.. يزرها لم زمن منذ الضيوف، غرفة مصباح حياة تضيء ويدنو.. األقربون يبتعد الحروب، أزمنة في العالقات تتغير

اآلن.. يحدث هذا من األبعدون.. شيء -134-

تبتسم بجمالها، ومعتنى أنيقة كالنهار مشرقة سوزان تدخل وهي مصطنعة ابتسامتها وجهها، قسمات لتتألق مقنن بمقدار

المصنوعة ومجوهراتها الرمادية ببدلتها مترفة سيدة وضع تتخذواألصفر. األبيض الذهب من

قبالة الرمل بلون مخمل من المصنوعة األريكة على تجلسأمامها.. الجدار مركز تحتل التي السومرية اللوحة

عليها؟ حصلت أين رائعة.. من -لوحة صديق رسمها األولى، زواجنا ذكرى في لي غالب هدية -إنها

أخباره.. نسمع نعد ولم أوروبي بلد إلى له.. هاجر صندوق عليها وضع مستطيلة منضدة األبعد الغرفة ركن في

النوتات.. دفتر ومعه األسود بالجلد المغلف ميساء كمانيزورك.. أن يريد -حياة.. غسان

يزورك.. أن يريد يشاء.. غسان -وقتماغد؟ مساء -أيناسبك

معا.. العشاء وسنتناول بانتظاركما سأكون الرحب، -علىوغسان. وميساء أنت بيتي إلى أدعوكم -ال.. سوف

قلديها الغد مساء متفرغة ميساء تكون ال أن -أخشىالرباط.. قاعة في تدريباتالسمفونية؟ الفرقة مع ستعزف -هل حفل في منفردة أمسية وستقدم نعم، الفرقة، -مع

مستقل.. سنحضرها سعيد، خبر من لـه يا أمنيتك، تحققت -وأخيرا

كلنا..ذلك. سيسعدنا -مؤكد، أنك شيء؟.. أعرف في مساعدتك أستطيع هل -حياة،

العشاء.. إعداد في أساعدك أن أقصد كثيرة أشياء في منهمكةبخير.. أراك أن أريده ما كل -شكرا،القادمة.. األيام في بخير سأكون أنني -أعتقدبداخلك؟ ما يفضح الذي التوتر هذا اليوم؟.. ما عن -وماذا

سيزول.. طارئ أمر -إنهسوزان؟ يا األمر -ما

معي.. السفر فكرة يرفض -غسانالرحيل؟ بفكرة مسحورة زلت -أما

حق؟ على -ألست خطأ.. على هو ومن حق على هو من في ليست -المسألة

بكثير.. ذلك من أعقد الموضوع أراه متغيرا.. أن أجده أن أتوقع -كنت معي ويناقش واقعياعملية. بطريقة الموضوع

-135-

-حاوريه..الخارج.. إلى الرحيل موضوع في حوار أي -يرفض

ذلك.. من أكثر عليه الضغط تواصلي ال إذن، -دعيه أريد.. أحس هنا.. ال البقاء أطيق أعد -لم حياتي أن دومامستقر.. بلد في االستقرار هنا.. أريد مؤقتة

بمفردك.. ألهذا السفر يمكنك لن غسان، رفض -وإذابه؟ تتمسكين

ذلك.. تعرفين أحبه، -ال.. حياة.. أناحياتك.. في رجل وجود من تستفيدي أن يمنع ال -هذا

بعد.. الوقت يحن لم اآلن.. يقول نتزوج أن غسان -يرفضبكاملها. الحياة أمامنا

تتزوجا؟ لم -وإذاسأفعل؟ ماذا أدري -ال

رجل.. إلى للتحول المجنون سعيك طريقة.. مثل تجدين -قد من نفسي إلنقاذ وسيلة أية وسيلة، على العثور علي -كان

المقصود.. عبد كابوس المقصود.. عبد أرملة تكوني بأن القدر أسعفك أن -وبعد

ثم خرافية، مشكالت لنفسك تخترعين آخر لسبب السفر تريدينجديد.. من الدوامة وتبدأ أعصابك وتنهار مالبساتها في تعيشين

في يحدث شيء كل اآلن، هذا من -حياة.. دعينا أوانه.. حقا لك نسبب أن أخشى إرباكا تكون أن بزيارتنا.. اقترح وتعبا )حديقة لرؤية كبير فضول غسان لدى الحديقة، في جلستناحياة(..

هذه تزدهر الحديقة تصرفكما تحت تشائين.. البيت -كما الزنابق.. كم وبعض األحمر المرجان زهور تفتحت األيام.. فقد

والده.. ال. ال.. وفاة منذ غسان أر الزيارة.. لم بهذه سعيدة أنا بيت على الصاروخ بسقوط سمعا عندما والدته مع مرة زارنا

نرهم.. لم زياد.. وبعدها في ميساء وسوزان.. عادت لغسان العشاء تقدم أن قبل

مبهورة مضطربة وهي الحديقة بوابة فتحت متوقع، غير وقت الكمان صندوق ألقت أنها حياة الحظت الوجه شاحبة األنفاسترتجفان.. ويداها مقعد أول على بعصبية

إليها: هرعتحصل؟ ميساء.. ماذا ابنتي بك -ما

لي.. التعرض وحاول طريقي )كايد( اعترض الوحش -هذالمسك؟ -هل

ذلك. من أمكنه -ال.. لمفعل؟ -وماذا

مع للتعامل أخرى طريقة من ليس عليه، وبصقت -شتمته -136-

مثله.. شخصغسان: يتدخل

الرجل؟ هذا هو -من لها تتعرض التي والضغوط بتفاصيلها القصة حياة لـه تروي

لتوسيع الحديقة بيع على إلرغامها سنوات ثالث نحو منذ ابنتها معخيالي.. مبلغ بدفع وإغراءاته عروضه لكل ورفضها مطعمه

أتصرف.. دعيني حياة.. أرجوك -ستلي.. األمر دع لألذى، نفسك تعرض -ال.. ال المواقف.. هذه لمثل تتعرضا أن يمكن ال تمادى، -لكنه

أتصرف.. سوفستفعل؟ -ماذا

هؤالء.. يفكر كيف أعرف أفعله، ما لدي -سيكوناآلن.. ذلك -دع

ميساء.. تقولوذهب.. سيارته غادر.. استقل -لقد

سوزان: تقول ثروة.. لماذا عملية.. إنها امرأة كوني حياة.. عزيزتي -ست

تبيعين؟ ال غسان يجعل الذي نفسه -للسبب للرحيل.. رافضا

بذاك؟ هذا عالقة -وماسوزان.. يا واحد شيء -إنهماغسان: يقول العزيزة وأشيائه ذكرياته عن اإلنسان يتخلى أن الصعب -من

والقيمة.. واالستمرار األمان لـه تمثل التي يتمادى أن مستبعد وغير لألذى، ميساء مع تتعرض -لكنها

هذا.. من أكثرميساء: تقول هذا أوقعها وقد بنفسها معتدة فهي مثالية، أفكار -ألمي

مقاومته.. على يعيننا ما نملك ال إننا لها قلت مآزق، في االعتداد أن الجهلة من ألمثاله يتيح نساء وكوننا والقوة، المال لديه

إليهن.. باإلساءة رجولتهم ويحققوا النساء يستضعفوا األمر كان الحديقة.. هل عن تنازلت كنت ميساء.. لو -ابنتي بيع على ليساومني أيام بعد سيأتي الحد؟ هذا عند سيتوقف

التنازالت.. تؤدي أين إلى البيت.. أعرفميساء.. غسان يسألالموسيقي؟ الحفل -متى في فإنها أمسيتي أما أسبوعين بعد السمفونية الفرقة -حفل

أيلول.. من األول -137-

سترفضين؟ أنك أم وسأصورك، حفلك -سنحضرغسان.. أستاذ ذلك -يشرفني

وأصبحت نضجت العالم! هاقد تغير كم ابنتها، إلى حياة تنظر ستقدم كمان عازفة عيناها وتغيم ابنتي بمفردها.. هاهي حفال

بالدموع..أمها: عيني في المكبوح الدمع التماعة ميساء تلمح

الحادية تبلغ لم البكاء.. الساعة موعد ليس -أمي.. هذابعد.. عشرة

سخريتك.. عن -كفيسنوات.. منذ نفسه الموعد في ليلة كل تبكي -أمي

يقترب.. تمييزه أستطيع ال ما باالرتباك.. شيء -أشعر يخطئ ال حدسي

بذلك.. ينبؤني ما.. قلبي شيء لي سيحدث بعد غسان على الزيارة هذه اقترحت التي هي سوزان كانت

لصوره.. معرض إلقامة شاغرة قاعة على العثور عليه تعذر أن في فخمة قاعة يستأجرا أن عليه اقترحت قد سوزان كانت

وصحفيين مصورين بدعوة هي وستقوم الكبرى الفنادق أحداالفتتاح. حفل لحضور وأصدقاءلها: قال

لهؤالء.. إنها ليست الغريبة.. صوري اقتراحاتك من -دعينيأنت.. ستدعينهم بمن لهم عالقة ال أناس عن

بيتي؟ في المعرض نقيم ال -لماذاغسان: يضحك

المسبح، منطقة في هناك إلى الوصول بوسعه -بيتك؟.. من قابل غير مقترحك التصوير.. ال ممنوع والفتات مغلقة، طرق

للتنفيذ..حياة.. حديقة سنرى -إذن

سنقيم أقابلها.. جميل، أن أريد فكرة.. كنت من لها -يا العشاء بعد الشاي، لهم حياة.. قدمت حديقة في المعرضوقالت:

حديقتنا.. في األول معرضه غسان يقيم لي.. أن شرف -هذا والمساند القواطع -سأحضر سأصطحب سمحت وإن غدا

الصور.. إضاءة لتصميم أصدقائي أحد معيبيتك.. -بالتأكيد.. البيت

حياة.. أحبك.. لها.. أحبك مثيل ال امرأة حياة إن لك أقل -ألمالمفاجئة.. العاطفية الفيوض لهذه الجميع يضحكغسان: يقول

شخصي اكتشاف وكأنها أعرفها، ال وكأني حياة عن تحدثني -138-

لها.. حديقتها.. أترون في المعرض إقامة على وافقت ألنها تحبها

حولنا.. من شيء بكل تتحكم النفعية إنتكون؟ -وأنت؟.. ما

وستجيب.. ذاكرتك -اسأليالنسيان.. على هائلة بمقدرة أتمتع -أنا

أفضل.. -ذلكأنسى؟ -أن

جميعا.. فتنسيننا يوم -بالتأكيد.. ليأتيمني.. تنال بدأت قد -ها

تظنيني -وهل ذلك؟ على قادرا

(4) وعالمها نفسها ترى حياة جعلت لها وسوزان غسان زيارة

وغمرها حدث، ما لكل الزهو من بشيء جديد.. أحست ضوء فيلـ)كايد(.. التصدي غسان لعرض باألمان شعور

أنهم بدا تأخر الذي اللقاء هذا لمثل بحاجة كانوا جميعا كثيرا غسان جاء التالي اليوم ففي حدوثه، إمكانية يتوقعوا لم وكأنهم التي بالمرأة ميساء وتعلقت حياة بهما فاحتفت أمه مصطحبا

التي الكبيرة عائلتهما عن لها نهاية ال حكايات لها تروي بدأتوهناك.. هنا الحرب زمن في أفرادها تشتت

استعادوا الذين األقارب هؤالء بوجود سعيدة ميساء بدت محور لتكون بها ودفعوا الزمن غبار عنها فمسحوا القرابة رابطةالقادمات.. أيامهم

حياة وطلبت البيت، في الحياة على سريعة تغييرات طرأتأخرى.. بزيارات تسعدهما أن غسان والدة من

سوزان ومعه والمساند القواطع غسان أحضر الظهر بعدالجميلة..

الطبيبة أخته سفر بعد والدته مع حياته عن حياة وحدث )أبو مستشفيات إحدى في للعمل الطبيب زوجها )إيمان( مع

ظبي(. لها بدا يديه، وحركة غسان انفعاالت تراقب حياة لبثت مثقالعنه.. التخفيف تستطيع لو وتمنت بالهموم، فيه رأت شخصا إلى تتجه األشياء يرى فهو لسوزان مناقضا

في وجوده يكثف أن إال اإلنسان على وما محتومة نهايات فيه ويترك الحاضر، عليه.. تدل عالمة أو بصمة ما، أثرا

في الهاربة اللحظات واحتجاز الزمان بتوثيق ولعه عن حدثها في ذلك وتسارع العالم في التغييرات حتمية عن حدثها صور،

-139-

الجديد.. العالمي النظام أجواء علينا البشر.. ما على ضرورتها تفرض كثيرة حتميات -هناك

مسار في تدخل األشياء، حدوث لتسريع نعمل أن إال نحنوالتطورات.. التحوالتميساء: تقول للعالم رؤيتي جعلت لآلثار علي.. دراستي غريبة فكرة -هذه

المسارات هناك ولكن ونتائج، أسباب هناك مستقرة، شبه وتداخالت الرؤى هناك اإلنساني، الحلم هناك لألحداث، الخفية

المخيلة.. إنها بل المخيلة، مع وال الحلم، مع تتعارض ال -الحتميات

مسبق.. حلم غير من تتغير الحلم.. ال قوة إلى تستندحياة: تقول

كذلك؟ أليس االقتصاد، درست أنت -غسان،الفن.. إلى منه هربت لكني -نعم،

ميساء: -تسأله كنت -هل دراسته..؟ على مرغما

شغفي اكتشفت لكني رغبتي بمحض دراستي -ال.. اخترتللتصوير.. أتفرغ ثم االقتصاد دراسة أكمل أن بالتصوير.. فقررت

التحول؟ لهذا قوي دافع هناك -هل يكون حيث اإلنساني القهر ظروف -نعم.. الحرب.. ففي

بالفن.. نلوذ أن علينا درجاته، أعلى الموتمثلك.. عنه التعبير أجيد ال أنا.. لكني أحسسته ما -هذا يشكل ال الفن أن علمي -مع األقل في لكنه للموت حال

الزمن.. ووطأة المأساة تحمل على ويعيننا العزاء يمنحنابينهم. الجاري الحوار إلى تستمع لبثت التي سوزان تتدخل

االقتصاد وال الفن ال العذاب من التخفيف يستطيع شيء -الالحل.. هو المأساة دائرة من الخروج التاريخ وال

ويقول: غسان يضحك بال حضارة به.. كل أدليت الذي هذا نقيض تقول -الحضارات

رياح تذروه رماد إلى متوهجة جمرة تنتهي كما انتهت فنالتاريخ..كبرى..؟ قضية إلى شيء كل غسان؟.. تحول بك -ما

زمن في حياتنا تفاصيل كل سوزان، يا الحال هي -هذه وال إغفاله يمكن شيء ال أساسية، قضايا إلى تتحول الحروب

حوله.. فيما ويؤثر إال شيءميساء: تقول واألشياء وبابل سومر في الكبرى الحضارات عصور -منذ

هو والموت اإلنسان بين األبدي نفسها: الصراع بالطريقة تحدثالحضارات.. الزدهار األساسي المحرك

-140-

سوزان: تقاطعها محرك هو المال أن أرى أنا أنفسكم، تناقضون -إنكم

قيمة ذات حضارة قدمت معدمة أمة من ما الحضاراتلإلنسانية..

ال وحده المال غسان- لكن يقول– الحقيقة من جزء -هذا بدون سيأتي، بما وحلم ما صراع وجود من بد ال حضارة، يصنع

مجرد إلى التاريخ ينتهي حلم وبدون الحضارات تذوى صراعاتعماء..

سوزان: لـه تهمسبماديتك.. تجهر -أنت

لست -أنا اإلنسانية بالنفس االعتداد شديد أنا بل مادياالالمحدودة. وقدراتها وأحالمهاوطوباوي.. كبير حالم -أنت

العدالة تسوده الذي بالفردوس يحلم لم منا -ليكن.. منوالرفاه؟ والحب

حياة: تقولالحياة؟ ستعاش كانت كيف أحالمنا غير -من

غسان: يقول محدود عدد غير أدعو لن أنا حياة ست أخبرك أن نسيت -لقد

وألنني المكان طبيعة اعتباري في وضعت فقد األصدقاء منالباقون. ليشاهده أخرى مرة المعرض سأقيم

جيدا.. األمور تقدر أنت ترى -كماسوزان: تعترف وقال رفض لكنه ومعارفي أصدقائي أدعو أن -أردتخططي.. إحباط إال لـه عمل ال القادمة، المرة في سندعوهم

تتكشف كثيرة تقاطعات هناك أن ورأت اإلحباط عليها بدا كبير لحفل خططت فقد بغسان، المستعادة عالقتها في

الزهور محالت أحد وأوصت باهرة مالبس للمناسبة واشترت والجبسوفيال والقرنفل الجربيرا زهور من سالل ثالث لها ليهيء

من كوكتيل أطباق إلعداد األولى الدرجة مطاعم أحد مع واتفقت خشبية بعيدان تؤكل والتي الصغيرة القطع ذات المشهيات

تناولها ويسهل رقيقة المرطبات.. مع وقوفا لتساعد توماس أم معها أحضرت التالي اليوم صباح في

مع وعادت ذلك وسوى والتنظيف للحديقة اإلعداد في حياةبيته.. إلى غسان

غسان: لها قال الطريق فيلهذا.. مندهش إنني متوقعة غير بطريقة كله األمر -حدث

هائلة.. أفكار لسوزان تعترف؟ -أالدائما.. تصيبي -ليتك

-141-

سيسدد لك حبي ألن زمان، من سيأتي فيما -سأحاولتنجح.. أن المشتركة لحياتنا أريد خطواتي،

بالرحيل.. التفكير عن تكفي عندما -ستنجحمأساوية.. حياة سيجعلها -البقاء

إليها.. بها ننظر التي الزاوية على هذا -يتوقف زاوية الموضوع.. هي إلى للنظر واحدة زاوية -هناك

الخطر..ومكان.. زمان كل في موجود -الخطر؟.. إنه

لنتجنبه.. قدراتنا نستخدم أن علينا -لكنانتظارنا.. في سيكون فإنه منه هربنا لو -حتى

الخطر؟ وجود تأكد لو حتى البقاء مني -أتطلبواختيارك.. قرارك مسؤولية تتحملين أنت شيئا، أطلب -ال

المستحيل.. خط على تضعني -أنت عائلته مع السفر قرر الذي الثري الرجل بقصة سمعت -هل

في الموت احتماالت من الوحيد الصغير بابنه لينجو أسابيع قبل يمض ولم ووالده، أختيه معه ليصحب طائلة مبالغ وأنفق القصف

الذي الوحيد الطفل موت خبر جاء حتى واحد أسبوع من أكثرفيها.. يقيمون التي للعمارة الرابع الطابق من سقط

تدبير.. سوء إهمال، مصادفة، -هذه بتماس حريق شب عمان في بعد.. وهم الحكاية أكمل -لم البيت.. وكأن في ما وكل الحارس على وأتى بيتهم في كهربائيللمكان. اعتبار دون بهم يتربص كان الموت

القدر؟.. بسلطة التسليم إلى يتحول غسان أسمع؟ -من

***

سيارة في المؤطرة الصور أحضر التالي اليوم ظهيرةلهما.. وليمة بإعداد منهمكة حياة سوزان.. فوجدا

حياة: تقول تحت مكتملة رؤيتها أريد اآلن، الصور على أتفرج -لنالمدعوون.. يحضر عندما اإلضاءة

تنظري وال حياة، ست مع ابقي سوزان، يا وأنت أفضل، -هذاعملنا.. يكتمل حتى الصور إلى

صوري؟ بعض تعرض -ألنالدليل؟ تقرأي مختلف.. ألم معرض هذا -سوزان

الصور.. أنت هذه بين صوري تضع بأن أطالبك قرأته -ألنني أملك وخطى( أال )وجوه المعرض أسميت وجها بالعرض جديرا

معرض؟ في -142-

اختبار أو جمال مسابقة في لسنا مختلف، موضوع -ذلكسينمائية. نجمة على للعثور

تملك -لكنك لي.. رائعة فنية صورا تصرين -لماذا محور وكأنك حولك العالم يدور أن على دوما

الوجود؟لك؟ بالنسبة كذلك -ألست

-ربما.. لست ذلك.. من أكيدا***

(5) ووجهت مساندها على واألقدام الوجوه صور استوت

الفيضية اإلنارة ذات والمصابيح المحددة اإلنارة ذات المصابيح في يوم أجمل يعلن المساء ذلك طقس كان حياة حديقة في

الصيف. فصل في مائدة على ووضعتها المشهيات أطباق سوزان أحضرت

الزوايا في الزهور سالل ووزعت المرطبات مع الحديقة ركن داخل حياة لبثت بينما اإلضاءة عليها سلطت صغيرة مناضد فوق

وثيابها.. ميساء ثياب تهيء البيتلحياة: سوزان وهمست المدعوون توافد

صديقه قدوم قبل المعرض يفتح أن غسان يريد -الميساء؟ أين الشاعر..؟

غرفتها.. -فيلميساء: سوزان تقول

المعرض؟ افتتاح في تعزفي أن رائعة فكرة -أليستلسوزان: توافق.. تقول أن قبل ميساء تتردد

سأرتدي.. بالتأكيد ماذا أبي.. ولكن إلى المقطوعة -سأهديحفلتي.. بدلة أرتدي لن

وضعي أسودين وسروال قميص ارتداء -يمكنك وشاحا ملوناعنقك.. على

جيدة.. -فكرةوجهك؟ على الزينة بعض لك أضع أن تحبين -هل

أنا.. كما أظهر أن أحبه.. أفضل وال ذلك أعتد -ال.. لم أكثر )شينيون( ذلك في شعرك نرفع أن أقترح -إذنعزفك.. مع وينسجم ورصانة كالسيكية

أحد؟ يتوقعها ال بصورة اليوم هذا أطيعك أنني تالحظين -أالمنا.. التعاون هذا تستحق -المناسبة

مظهرها في أمها رأتها نفسها إعداد ميساء أكملت عندما يألف لم البيت واالرتباك.. فهذا بالزهو أحست البسيط األنيق

منذ الضيوف من العدد هذا يدخله ولم الحفالت وال األفراح -143-

ميساء.. وميالد عرسها ستقف حيث وقفن ثم الحديقة إلى الثالث النساء خرجت

الشرفة.. درج على وتعزف ميساءللحضور.. غسان فقدمها المرج على خطوتين حياة تقدمت الحديقة هذه مالكة العربية، اللغة مدرسة حياة، - ألست

المعرض.. هذا إقامة استطعت لما كرمها ولوال الجميلة، الحياة تربط جميلة سابقة عائلية، حديقة في الصور عرض

بالجمال والطبيعة بالطبيعة الفن لقاء وتحقق بالفن اليوميةواإلنسان..

لها: ويقول غسان يصافحها سنشاهد الصور، سترون -اآلن )الخطى(. صور أوال بشيء لحياة وتهمس توماس أم تأتي اللحظة هذه فيالمنزل.. داخل إلى المرأة وترافق حياة فتعتذر

بهما. وتلحق يجري ما سوزان تستغربحدث؟ -ماذا

لها سأقيس فجأة ارتفع ضغطها أن يبدو متعبة توماس -أم غسان تتركي ال أنت اذهبي مهدئة، حبة وأعطيها ضغطها وحيدا

الضيوف.. مع تتدفق عندما الصمت فيسود مقطوعتها بعزف ميساء تبدأ

انسحرت التي والنفوس والعشب الشجر وتغمر موسيقاهاعزفها.. بعذوبة

وهو غسان نحو وتتجه وأصدقائها بابنتها سعيدة حياة تقبل يتأملون وهم األصدقاء حشد بين يقف التقطها رجل لوجه صورا

ترى متعددة زوايا من غسان الصورة يتوسط الرجل رأس أوالغسان: لها يقول أكثر، تقترب وعندما

األخيرة.. األيام خالل عليه حصلت ما أفضل الصورة -هذه الناحل الوجه ترى الصورة في وتحدق حياة وتقترب

المزموم الفم وتتأمل الغائرتين العينين في الضائعة والنظرة من بنوع الوجه تعابير يحدد الذي والحزن سيجارة، عقب على

وترى بالمالمح تحدق والالمباالة، القسوة الصغيرة الندبة أخيرا فيشحب الصدغ، عند الصغير والخال األيسر الحاجب طرف عند

يسندها األرض إلى تهوي أن وقبل وتترنح عيناها وتغيم وجههاسوزان.. بها وتمسك غسان

-حياة.. حياة. حولها.. يأخذها يدور ما تدرك وال ترى وال تسمع ال حياة

األريكة.. تسقيها على سوزان وتمددها البيت داخل إلى االثنانماء..

توماس: أم تقوليديها.. -افركي

-144-

ويديها.. جبينها سوزان لها تمسدبك؟ -حياة.. حياة.. ما

مختنق: وصوت راعشتين بشفتين وتقول عينيها حياة تفتحالرجل؟ هذا على عثرت هو.. أين -غسان.. إنه

رجل؟ -أيالصورة.. -رجل

أدري.. -التدري؟ ال -كيفالرجل؟ هذا يعنيك أدري.. بم ال -واللهغالب.. هو.. إنه إنه لك -أقول

يمكن.. غالب؟.. ال.. ال هو -مستحيل.. أهذاغالب.. أعرف -أناإليه.. خذني أرجوك هو -إنه

كان عندما مصادفة صورته آخذك.. لقد - أين على جالسا رمضان..14 شارع في دكة

إليه.. خذاني غسان سوزان.. أرجوك -أرجوكميساء: تقول

ال المشرد أبي؟.. هذا هو هذا أن تقولين -أمي.. كيفالمشرد. هذا يشبه ال يشبهه-إنه

عنه.. أبحث أن أنا.. أريد أعرفه كما يعرفه أحد هو.. ال -إنه -سترتاحين ألطمئن نفعله.. سأخرج ما نرى ثم قليال

سوزان.. معها الحاضرين.. ابقيلضيوفه: غسان يقول

أقول معجزة.. كنت -حدثت في تحدث المعجزة إن دوماالمناسب.. أوانها

مسرعة: سوزان تخرجاآلن.. الخروج على تصر -إنها

وميساء.. سنذهب أنت اآلن.. هيا بأس.. فليكن.. فلنخرج -العنه.. للبحث

ميساء.. تقول -أين؟ مدينتنا.. سنمشطها -في شارعا شارعا زقاق.. بعد وزقاقاهذا.. يستغرق -وكم أن المهم أدري سنة.. ال يستغرق ساعة.. وقد يستغرق -قد

نبدأ..حياة: تقول

كان األمس منذ به أحسست -سنجده.. لقد مني.. قريبافؤادي.. واضطرب روحي وارتبكت

-145-

أليس بالمعجزات تؤمنين نبدأ.. أنت أن -سنجده.. المهمكذلك؟

طوال لك مدينة المعجزة.. سأبقى هذه لي صنعت -أنتحياتي..شيء.. بكل لك مدين أنا -بل

غالب.. عن بالبحث دينك -سددميساء: تقول

وسأنتظر أنتم، هنا.. اذهبوا هذا.. سأبقى كل أحتمل ال -أنادوما.. أفعل كنت كما النافذة عند

ــــــــــــــ

-146-

المؤلفــات:

.1970قصص-بغداد-– الرجال أحزان إلى -ممر1.1975-البشارة-قصص-بغداد-2.1977-التمثال-قصص-بغداد-3.1980تحب-قصص-بغداد- كنت -إذا4.1986وقصص-بغداد- الوحيدات-رواية النساء -عالم5.1987للكتاب- العامة المصرية الفردوس-رواية-القاهرة-الهيئة يرث -من6.1988النار-رواية-بغداد- -بذور7 قصصي كتاب أفضل )جائزة1994صوفية-قصص-بغداد- -موسيقى8

بوخارست- الشرقية-جامعة الدراسات قسم في الكتاب ( يدرس1994رومانيا.

.1997عربية- نقوش فكرية-تونس-دار والمفتوح-مقاالت المغلق -في9.1999أزمنة-األردن- قصص-دار– الرواة يقله لم -ما10 العراق حضارة في المبدعة المرأة عن األبدي-دراسة المصير -شريكات11

.1999عشتار-القاهرة- القديمة-دار.2000ألواح-مدريد-إسبانيا- الكتبي-رواية-دار برهان -خسوف12.2000الثقافية-بغداد- الشؤون السبعون-نصوص-دار -الساعة13 2000بغداد/ – العامرية واقعة عن عراقية البورانيوم/مروية -ضحكة14

.2001 للرواية األولى الجائزة.2002الثقافية-بغداد/ الشؤون سميه-قصص-دار -برتقال15

اإلنكليزية: عن الترجمة في.1985المأمون- باتا-بغداد-دار كاوا الثلوج-رواية-ياسوناري -بالد1.1989المأمون- ديساي-بغداد-دار مشرق-رواية-أنيتا نهار -ضوء2.2000أزمنة-األردن- نن-دار أناييس -مذكرات3.2001أخرى-بغداد- وقصص الكاميليا -شجرة4

للطباعة: معدة كتبوحوارات. والكلمات-مذكرات الحياة -كتاب1إينانا-نصوص. -ترانيم2حياة-رواية. -حديقة3)مخطوطة(. -رواية4

-147-

الدرامية: األعمال ونالت1994 للتمثيل القومية الفرقة قدمتها– السومرية الليالي -مسرحية1

للفنان إخراج وأفضل القديم العراقي التراث يستلهم نص أفضل جائزةالحميد. عبد سامي

أور. -قمر2الحمراء. -الكرة3األخير. -الشبيه4كلكامش. -شبح5البابلية. الحضارة عن ساعة12– تاريخي نصر-مسلسل -نبوخذ6العراقية. الحضارات في الموسيقى عن وثائقي حضارة-سيناريو -صدى7إذاعية. األزمنة: -مسلسالت رياح البعيدة، الحياة الوحيدات، النساء -عالم8

الدراسات:مقاالت. واإلبداع-سلسلة -المرأة1)دراسة(. الحرية وأدب األدب في -الحرية2)دراسة(. الميثولوجيا النسائي-واستنطاق -اإلبداع3ونجازف(-دراسة-. )نكتب والجذور -التجربة4)دراسة(. التاريخ من األنثى نفي– األسطورة في األنوثة -جدل5الشباب(. األدباء أعمال بعض في )قراءة القراءة انتباهات في -مقاالت6دراسات(. )مجموعة البشر نفي أم األرض -عولمة7المعولم-دراسة. األعالم في العربية المرأة -صورة8

الروسية-البولونية-اإلنكليزية-– اللغات: الصينية إلى قصصها ترجمتاإليطالية-الرومانية-السويدية..

-148-