منهج سورة النور في تحقيق األمناالجتماعي

الدكتور قصيمحمد محمود الدوميالدكتور إسماعيل أبو شريعة

أستاذ مشارك في التفسير وعلوم القرآن أستاذ مساعد فيالحديث الشريف

قسم أصول الدين كلية الشريعة قسم أصول الدين كلية الشريعة

جامعة آل البيت - األردن جامعة آل البيت - األردن

الملخص باللغة العربية

أنارت سورة النور حياة المسلمين بمنظومة من التشريعات التي من شأنها أن تحفظ للمجتمع اإلسالمي أمنه واستقراره، وقد تمثلت هذه

التشريعات بإيجاد عقوبة رادعة للذين يعبثون بأعراض المسلمين، كما سلكت مسلك الوقاية من هذه األمراض االجتماعية، من خالل تشريعات

الطرق الكفيلة بحماية الفرد والمجتمع في هذا الباب، فحثتوقائية بينت

، وحفظ الفرجبغض البصرالمسلمين على العفة والطهارة، وأمرت كمالتستر ونهت عن التبرج والتكشف، واوأوجبت على النساء التحجب

أمرت باالستئذان عند دخول البيوت مخافة رؤية العورات وهتك الحرمات، من أبناءغير المتزوجينج يزوت على المسارعة في حثت المجتمع المسلمو

وبنات المجتمع ليتحقق لهم االستقرار النفسي واالجتماعي، وغيرها من اإلسالم ال يقيم بناءه على العقوبة، بل علىاالحتياطات التي بينت أن

.الوقاية من األسباب الدافعة إلى الجريمة

Abstract

Lined the Al Noor Surat Muslim life system of legislation that would save the Muslim community security and stability, has been such legislation creating penalty as a deterrent to those who play by symptoms of Muslims, also took a course prevention of these social ills, through legislation and preventive demonstrated methods to protect the individual and society in this section, she urged on the chastity and purity, and ordered the Muslims to lower their gaze and keeping the vagina, and necessitated the women veil and cover up and discouraged from wanton display and unfolding, as ordered ask permission when entering the house for fear of seeing genitalia, and invasion of privacy, and urged the Muslim community to hasten the marriage of unmarried sons and daughters of the community to achieve their social and psychological stability, and other precautions that have shown that Islam does not live to build on the punishment, but on the prevention of the reasons driving to the crime.

المقدمة وقد حرص أولويات أي إنسان أو كائن حي، أولىتأتي نعمة األمن في

األمن في المجتمعات البشرية، فنظم عالقةإرساءالقرآن الكريم على المجتمع المسلم، كمافي المسلمة واألسرة في اإلنسان أخيه مع اإلنسان ، من هنا جاءت التشريعاتاإلنسانيعلى استقرار المجتمع أيضا حرص

سورة النور التيآياتالقرآنية الناظمة للحياة االجتماعية، ومنها ما تناولته أي مجتمع من المجتمعات عرضةأننحن بصددها، ومما ال شك فيه

حد جريمة التعديإلى أحيانا األمرلحدوث المشاكل واألخطاء، وقد يصل العقوبات الرادعةاإلسالم حياة بعض الناس، فاوجد أو عرض أوعلى مال

المسلمين، كما اوجد تشريعاتوأموال وأعراضلهذه الجرائم صونا لحياة وحفظضع وقاية للمجتمع المسلم من الجرائم االجتماعية، أن تمن شأنها

الضروريات الخمس، الدين والنفس والمال والعرض والعقل، وجعلت

2

، مما يشكل سياجا يحمياالعتداء عليها جريمة عظيمة تستوجب العقوبة.المجتمع ويصونه من اآلفات واألخطار التي تتهدد أمنه واستقراره

موضوعل اأهمية األمنفي هذا الزمان من ضعف اإلنسانية المجتمعات بعض عاني ت

يمثل أولوية كبرى األمن تحقيق أن، ومعلوم أحيانا وانعدامه ،االجتماعي ولهذه الغاية شرع اإلسالم العقوبات الرادعة على، ديننا الحنيفي ف االجتماعية، وبالرغم من ترسيخ اإلسالم للقيم األخالقية السامية،لجرائم ا

ص في بعض أشكال العدوان من قبل بعض األشخاإال أننا نسمع عن الجرائمهذه ، ومن شأن مثل السرقة والزنا، والقذفالمجتمع، مثل

خلق حالة منأن ت والمجتمع، واألسر استقرارلىع تؤثر وغيرها أن اتعقوبفي مثل هذه الحاالت اإلسالم فأوجد ، الفوضى وانعدام األمن

في هذه الحالة ضروري بالرغملعقابامة، وكفي لردع الجرييفعالة بما فشرع، ي االجتماع األمن واالستقراروسيلة لضمانال من كرهنا له؛ ألنه

اإلسالم حد السرقة لحماية النظام المالي واالقتصادي في المجتمع، كما شرع حد الزنا وحد القذف لحماية األعراض والقيم الخلقية التي قام عليها المجتمع اإلسالمي، ولكن علينا أن نعلم أن الغاية من هذه الحدود وغيرها ليس إيقاع العقوبات وجلد الناس، ولكنها الحث على قيام مجتمع مستقر

تحكمه القيم واألخالق اإلسالمية. أسباب اختيار الموضوع

القواعد القرآنية التي تنظم العالقات االجتماعية في المجتمعإرساء-1اإلسالمي، ليتحقق األمن واالستقرار االجتماعي.

أبناءجتماعية بين االتخفيف من المعاناة التي تفتك بالعالقات ال-2 ، من خالل تفعيل التشريعات الوقائية التي تحولالمجتمع الواحد

دون انزالق أبناء المجتمع في الجرائم التي يترتب عليها إقامة الحد. ردع من تسول له نفسه النيل من أمن المجتمع اإلسالمي-3

واستقراره، والتعدي على أعراض اآلخرين. تنبيه صانعي القرار وقادة المجتمع المدني إلى اتخاذ القرارات-4

والخطوات التي من شأنها أن تحد من انتشار الجريمة االجتماعية،وتحفظ للمجتمع اإلسالمي أمنه واستقراره.

خطة البحث. اقتضت طبيعة البحث أن يكون في مقدمة ومبحثين مقسمين الى مطالب

وفروع وخاتمة على النحو اآلتي: : وبين فيها الباحثان أهمية موضوع الدراسة وأسباب اختيارهالمقدمة

وخطة البحث فيه.. االجتماعي من خالل الحدوداألمن األول: إرساءالمبحث

. وأثره في تحقيق أمن المجتمعحد الزنا: األوللمطلب ا : حد الزاني غير المحصن. الفرع األول : حد الزاني المحصن.الفرع الثاني .حد الزنا: اآلثار االجتماعية المترتبة على تطبيق الفرع الثالث

وأثره على األمن االجتماعي.المطلب الثاني: حد القذف : عقوبة حد القذف.الفرع األول

3

)حادثة اإلفك( نموذج يظهر خطورة القذف على أمن :الفرع الثاني المجتمع واستقراره.

. حد القذف في إصالح المجتمعإقامةأثر : الفرع الثالث ات الوقائية المانعة من وقوع الفعلالتشريع: المبحث الثاني

المستوجب للحد. ر وحفظصستر العورة وغض البالمطلب األول: األمر ب

، لسد الطريق إلى الفاحشة.الفرج وأثره في منع انتهاكاالستئذانالمطلب الثاني: األمر ب

حرمات البيوت واألشخاص. حماية: االستئذان العام ممن هم خارج البيوتالفرع األول

.لحرمات البيوت حفظا لحرمة: االستئذان الخاص داخل البيوتالفرع الثاني

. األشخاص غير المتزوجين من أبناء وبنات تزويج المطلب الثالث:

المجتمع اإلسالمي.أودع فيها الباحثان أهم النتائج التي توصال إليها والتوصيات.الخاتمة:

األولالمبحث االجتماعي من خالل الحدوداألمن إرساء

حياتهب سالمة الفرد فيما يتعلق يحرص علىن اإلسالم أمن المؤكد ضمنمما ي ،ويعاقب بشدة أي تهديد لهذه الكيانات الثالثة وماله وعرضه،

فرللاألمن د والمجتمع، ففيما يتعلق بالقتل جعل القصاص من القاتل، ردعا اإلسالم شرعفيما يتعلق بالسرقةوللمجرمين وحفاظا على حياة الناس،

الشخص انهعرفعندما يو له بسبب جنايته،قطع يد السارق عقوبة فانه يرتدع ويتراجع عن النية أوسرقةالستخدمها في ا إذاسيخسر يده

ل، فيتحققنادر االحتماأمر سرقة ال يجعل مما، مجرد التفكير في السرقة القرآناألمن االجتماعي لدى الناس، وفيما يتعلق بجريمة الزنا يخبرنا

يجلد مائة جلدة، على مرأى منالزاني أو الزانية هو أن عقوبة الكريم أن مما يمثل رادعا لآلخرين من مجرد التفكير في هذه،الناسجماهير

الجريمة واالعتداء على أعراض الناس، كما ان عقوبة الزاني المحصن وهو ما يسمىلزنااتهام اآلخرين با، كما أن الرجم حتى الموتهي بالزواج

. جلد ثمانين جلدة)القذف( الالنورو القرآن نظرنا إلى عظم،سورة عظيمة سورة فبدأهاتها لفت

﴾أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينZZات سورة﴿: بقوله تعالى وإشاعة الرذيلة ت حاربكما يصلح المجتمع، ألنها تناولت ما ، ذلك[ 1النور:]

الفاحشة في المجتمع اإلسالمي، ومن هنا بادرت سورة الن��ور ومن ب��دايتها بالحديث عن حدي الزنا والقذف، حماي��ة للمجتم��ع المس��لم من االنحط��اط

4

البهيمي، وص��ونا ألع��راض وأس��ر المس��لمين من الع��ابثين، تحقيق��ا ألمن انتش��ار الجريم��ة في أن نعلم أنيالمجتم��ع واس��تقراره، ألن��ه من الب��ديه

. االجتماعياالستقرار يقوض أنالمجتمع من شأنه

وأثره في تحقيق أمن المجتمع.: حد الزنااألوللمطلب ااألخالق و إلى محاسن الشريعة اإلسالمية والعفاف،دعت االستقامة،

مم��ا على حب الفضيلة، وكراهي��ة الرذيل��ة، ألمة اإلسالميةاة والطهر، وتربي استقرار األسر، وحمايتها من التش��رد، وحف��ظ األع��راض، وص��يانةينتج عنه

تت��نزل البرك��ة على وبذلك األنساب، وطهارة المجتمع، وسد أبواب الفساد، ، ب��األمن واالس��تقرار والطمأنينةعي��، فينعم الجم الط��اهر العفيفالمجتمع

االستقامة على ش��رع الل��ه، يق��ول الل��هوبفضل االستجابة ألمر الله تعالى، * ﴿ تعالى: البيت هذا رب جوع فليعبدوا من أطعمهم الذي

خوف ن م :] ﴾وآمنهم تعالى:[،4-3قريش وقال استقاموا ﴿ وألو اء غدقا .[16الجن :] ﴾على الطريقة ألسقيناهم م

الفرع األول: حد الزاني غير المحصن. انية ﴿ق��ال الل��ه تع��الى: ، شرع الله ح��د الزن��ا في س��ورة الن��ور الز

اني فاجلدوا كل واحZZد منهمZZا مئة جلZZدة وال تأخZZذكم بهمZZا والزهد ZZرأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم اآلخر وليش

ة من المZZؤمنين ) ZZذابهما طائفZZة أو2عZZاني ال ينكح إال زاني ( الZZزم ذلZZك على رك وحZZر ZZا إال زان أو مشZZانية ال ينكحه مشركة والز

[.3،2النور:]﴾المؤمنين بينت اآليتان عقوبة الزنا للزاني غير المحصن؛ وهو غير المتزوج ولم يسبق

عقوبة تكانله الزواج من الرجال والنساء؛ وعقوبته الجلد مئة جلدة، وقد والالتي ﴿: ، قوله تعالى في أول اإلسالم ما جاء في سورة النساءالزنا

يأتين الفاحشة من نسآئكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكماهن الموت أو فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوف

فكان حد المرأة الحبس في[،15 ]النساء:﴾ يجعل الله لهن سبيال ثم أنزل الله حد الزنا، وكان حد الرجل األذى بالتعيير،البيت واألذى بالتعيير

وهو، هو حد البكر من الرجال والنساء مئة جلدةوالجلد، في سورة النور،الذي لم يحصن بالزواج فأما، ويوقع عليه متى كان مسلما بالغا عاقال حرا

المحصن وهو من سبق له الوطء في نكاح صحيح وهو مسلم حر بالغ .(1)كما ثبت في السنة المطهرة فحده الرجم

نة منه كما نا الممك انية هي المرأة المطاوعة للز ال، عنه الصيغةتنبئوالز اني ذكر الزانية وتقديم،المزنية كرها ها األصل في اآلية الكريمةعلى الز ألن

، ولو منعت المرأة نفسها ما وجد(2 )لوال تمكينها منه لم يقعوفي الفعل تحقيق ،جامع البيان في تأويل آي القرآنالطبري، محمد بن جرير، انظر: (?)1

ه�1420الطبعة األولى، مؤسسة الرسالة، بيروت، شاكر،أحمد محمد .92ص ،19ج ، م2000-

،إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن العظيم أبو السعود، انظر:(?)2 عاشور،ابن وانظر: ،18ص ،5جم، 1996بيروت، دار الكتب العلمية، ط األولى،

طبعة، التونسية للنشر والتوزيعدار ال، تونس،التحرير والتنويرمحمد الطاهر،

5

وألن العار الذي يلحق المرأة من الزنا أقبح وأشنع تمكينا،الزناالرجل إلى لما يترتب عليه من الحمل واالفتضاح، فمن باب المزيد من التنفير من

.(3)هذه الفعلة الشنيعة قدم ذكرها ال تأخذكمأي ﴾وال تأخذكم بهما رأفة في دين الله ﴿قوله تعالى:

وهي رقة الرحمة في دين الله، يعني بالزاني والزانية أيها المؤمنون رأفة، (4 ).في طاعة الله فيما أمركم به من إقامة الحد عليهما

وقد يخطر ببال احدهم سؤال؛ لم كل هذه القسوة والتشدد، في الوقت الذي نعلم أن دين اإلسالم هو دين الرحمة والرأفة ؟ يجاب عن ذلك ألن األمر يتعلق بحد من حدود الله، ومعلوم أن التهاون في الحدود من شأنه

تقويض استقرار المجتمع المسلم، ألن المجرم يتمادى في جرمه واستباحة حدود الله، من هنا ندرك سبب غضب النبي صلى الله عليه

(5)وسلم لما جاء أسامة بن زيد رضي الله عنهما يشفع للمرأة المخزومية

قالت عائشة رضي الله عنها: أن قريشا أهمهم شأن المرأة، التي سرقت المخزومية التي سرقت فقالوا ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقالوا ومن يجترئ عليه إال أسامة بن زيد حب رسول الله صلى

: فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم،الله عليه وسلمه ؟ ثم قام فاختطب ، ثم قال) ما أهلك :)أتشفع في حد من حدود الل إن

ريف تركوه ، وإذا سرق هم كانوا إذا سرق فيهم الش ذين من قبلكم أن اله : لو أن فاطمة بنت محمد فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم الل

.(6 )((سرقت لقطعت يدها كما ان التهاون وعدم إقامة الحد على الزناة يكون على حساب ومصلحة

المجتمع ككل، ألنه يتيح المجال أمام المجرمين أن يتمادوا في جرمهم، كما يفتح المجال أمام من تسول له نفسه أن يقارف هذه المعصية، ألنه

يعلم مسبقا التهاون والتخاذل في إقامة الحد، كما هو الحال في كثير من األمصار اإلسالمية في زماننا، فمن الرأفة بالمجتمع والحفاظ على أمنه

ومن جهة أخرى فان ترك الرأفة في تطبيق الحدود في الدنيا هو واستقراره إقامة الحدود على الجناة. الرحمة بعينها، ذلك ألن الذي أصاب حدا من حدود الله ولم يعاقب في

الدنيا فانه سيعاقب في اآلخرة، ومعلوم أن عذاب اآلخرة اشد من عذاب الدنيا، فمن الرأفة أن ال تأخذنا في تطبيق الحدود رأفة، يؤكد ذلك حديث

ه صلىالمرأة التي رماها زوجها بالزنا وأنكرت هي ذلك ، فقال رسول الله صلى:الله عليه وسلم » أرسلوا إليها « فجاءت فتال عليهما رسول الل

.426ص ،9جم، 1984سنة . 92ص ،19ج ، في تأويل آي القرآنجامع البيان انظر: الطبري،(?)3 ، بيروت ، دارالجامع ألحكام القرآن ،القرطبي، محمد بن أحمد انظر: (?)4

.161ص ،12ج ،م1996الكتب العلمية ، ط الخامسة ، هي: (?)5 يوم فتح مكة. انظر:فاطمة بنت األسود بن عبد األسد المخزومية السارقة حليا

،3م، ج1988 بيروت، دار المعرفة، فتح الباري شرح صحيح البخاري،ابن حجر، . 345ص

، باب كراهية الشفاعة فيصحيح البخاريمحمد بن إسماعيل، البخاري, (?)6 ، مسلم،2491، ص6(، ج6406 رقم ) م،1993الرياض، مكتبة اإليمان، سنة ، الحدود

، بيروت، دار الخير، السارق الشريف وغيره يد باب قطع، الحدود ، كتابصحيح مسلم.1311، ص3، ج (1688)رقم ب م،1989

6

رهما وأخبرهما أن عذاب اآلخرة اآلية من سورة النورالله عليه وسلم وذك فمن يعاقب على الحد في الدنيا ويتوب ويحسن ،(7)أشد من عذاب الدنيا «

توبته فانه ينجو بإذن الله من العذاب في اآلخرة وهذه هي الرأفة بعينها. }إن: وذكرت اآلية الكريمة اإليمان بالله واليوم اآلخر في قوله تعالى

بعقوبة اليوم اآلخر المؤمنين لتذكير ﴾كنتم تؤمنون بالله واليوم اآلخر من باب التهييج واإللهاب كما يقال: إنوهو ، تهاونوا في تطبيق الحدإن

وكذا المخاطبون هنا مقطوعرجولته،كنت رجال فافعل كذا وال شك في ، لكن قصد تهييجهم وتحريك حميتهم ليجدوا في طاعة الله تعالى،بإيمانهم

لتذكيرل{ اآلخرذكر }اليوم كما أن ويجتهدوا في إجراء أحكامه على وجهها، .(8) ما فيه من العقاب في مقابلة الرأفة بهماب

لم تقف التوجيهات القرآنية في معالجة حد الزنا عند مجرد العقوبةو البدنية على الجاني وجلده، بل تعدى ذلك ليطال عددا آخر من أبناء

وليشهد عذابهما طائفة من ﴿ : الله تعالىلاقالمجتمع المسلم، الذينأولئك خاصة ،حقق العبرة والعظة لآلخرينتلتوذلك ﴾ المؤمنين العقوبة بمن تعدىإيقاع مقارفة هذه الجريمة، فيشكل أنفسهمتسول لهم

ليحضره الناس زيادة في التنكيلأو ، لهؤالء الناس ومانعاحدود الله رادعا أو لذلك وللعبرةذاته التفضيح قد ينكل أكثر من التعذيب ألن، للجاني

.(9)والموعظة فيكون الحد بذلك وقاية للمجتمع اإلسالمي من االنحدار في الرذيلة

والفجور، وصيانة للبناء االجتماعي من التصدع واالنهيار، ألنه في الوقت الذي يعاقب فيه الجاني على فعلته يردع من يفكر في اقتراف هذه

الجريمة، فيتراجع عن ذلك ويسعى لتفريغ شهوته في إطار الحالل والزواجالمستقر اآلمن.

واستمرت آيات سورة النور في تطهير المجتمع المسلم من جريمة اني ال ينكح إال زانية أو مشركة ﴿الزنا وآثارها، قال الله تعالى: الز

م ذلك على المؤمنين انية ال ينكحها إال زان أو مشرك وحر والزف (10) ﴾ اني ال يجوز أن يتزوج امرأة عفيفة وهو ما زال مكبا ومصرا على الز ،18ص ،7( ج2258) برقم ، اللعان في باب سننه، في داود أبو رواه حديث من جزء(?)7

البخاري ورواه .172ص ،4( ج4470) برقم النور، سورة تفسير باب الصحيح، في مختصرا روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبعمحمود، اآللوسي، انظر: (?)8

، ط األولى،دار إحياء التراث العربي ، تحقيق محمد أحمد وعمر عبد السالم،المثاني. 321ص ،13ج، م2000

. 323ص ،13ج ،روح المعاني انظر: اآللوسي،(?)9 ( مرثد بن أبي مرثد) في سبب نزول هذه اآلية أن رجال يقال له:أورد الطبري (?)10

وكانت امرأة بغي، من مكة حتى يأتي بهم المدينةضعفة المسلمينكان يحمل ، وأنه واعد رجال من أسارى مكة يحمله، وكانت صديقة له،بمكة يقال لها: عناق

قال:،قال : فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة فقالت:، فلما انتهت إلي عرفتني،فجاءت عناق، فأبصرت سواد ظل تحت الحائط

قال: فقلت: يا، هلم فبت عندنا الليلةوأهال،مرثد؟ فقلت: مرثد! فقالت: مرحبا قال: فتبعني،يحمل أسراكم فقالت: يا أهل الخيام هذا الرجل،عناق حرم الله الزنا

فانتهيت إلى غار أو كهف، فدخلت، فجاءوا حتى قاموا،ثمانية، ودخلت الحديقة قال: ثم رجعوا،على رأسي، فبالوا، فظل بولهم على رأسي، فأعماهم الله عني ؛ ففككتاالذخرفرجعت إلى صاحبي فحملته؛ وكان رجال ثقيال؛ حتى انتهيت إلى

7

بالزنا، الزنا حتى يتوب، فال يجوز له أن يتزوج إال امرأة زانية مثله مشهورة والزانية المصرة على الزنا كذلك ليس لها أن ترتبط برجل عفيف إال أن

اآلية تفيد نفور طبع المؤمن من نكاحتتوب من فعلتها وترجع عن زناها، و فهو ال يقبل االرتباط بزانية مصرة على الزنا إال إذا كان زانيا،الزانية،

من نكاح الزاني؛ فهي فعلة تعزلكذلك المرأة المؤمنة العفيفة تنفر و ؛ وتقطع ما بينه وبينها من النظيف العفيف المسلمعمتجمفاعلها عن ال

(11 ) وهذه وحدها عقوبة اجتماعية أليمة كعقوبة الجلد أو أشد وقعا!،روابط

وبهذه المنظومة من اإلجراءات يحفظ القرآن الكريم للمجتمع نقاءه واستقراره، من خالل معاقبة الجناة وردع غيرهم، فتصبح جريمة الزنا

نادرة الحدوث، ألن من تسول له نفسه وتدفعه شهوته ليقع في أعراض الناس، يعرف مسبقا ما ينتظره من العقوبة البدنية والنفسية واالجتماعية،

فيتراجع عن ذلك ويبحث عن الزواج الحالل.

الفرع الثاني: حد الزاني المحصن. أي المتزوج من الرجال؛ عقوبة الزاني المحصنأنيح حثبت في الص

بين ذلك روايات هي الرجم حتى الموت، أو سبق له أن تزوج،والنساء أبي هريرة وزيد بنكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك رواية

،خالد الجهني، في األعرابيين اللذين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا فزنى (12) فقال أحدهما: يا رسول الله، إن ابني كان عسيفا

بامرأته، فافتديت ابني منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا

م : ه عليه وسل ه ، صلى الل ذي نفسي بيده ، ))الرجم . فقال رسول الل واله الوليدة والغنم رد عليك وعلى ابنك مائة جلدة ألقضين بينكما بكتاب الل وتغريب عام واغد يا أنيس على امرأة هذا فارجمها إن اعترفت ، قال :

م ، ه عليه وسل ه ، صلى الل فغدا إليها فاعترفت فأمر بها رسول الل مائةه داللة على تغريب الزاني مع جلد الحديثفي هذا و،(13) ((فرجمت

.إذا كان بكرا لم يتزوج، فأما إن كان محصنا فإنه يرجم

عنه أحبله ، فجعلت أحمله ويعينني حتى أتيت به المدينة؛ فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أنكح عناقا؟ - مرتين - فأمسك رسول الله

} الزاني ال ينكح إال زانية أو:صلى الله عليه وسلم فلم يرد علي شيئا حتى نزلت مشركة ، والزانية ال ينكحها إال زان أو مشرك ، وحرم ذلك على المؤمنين { فقال

الزاني ال ينكح إال زانية أو مشركة .،رسول الله صلى الله عليه وسلم: » يا مرثد ، والحديث رواه أبو32، ص19، جتفسير جامع البيان انظر: الطبري، .فال تنكحها « ،6( ، ج2053 ، باب الزاني ال ينكح إال زانية ، رقم الحديث ) سنن أبي داودداود ،انظر:

، برقم )سنن النسائي، وقال األلباني: حسن صحيح، وأخرجه النسائي ، 230ص ، باب تفسير سورة النور،صحيح الترمذي، وأخرجه الترمذي، 374، ص6(، ج3228

. 328، ص5( وقال : حسن غريب، وعلق األلباني وقال: حسن اإلسناد، ج3177برقم ) ،25القاهرة، دار الشروق، الطبعة ، في ظالل القرآنسيد قطب، انظر: (?)11

.2451ص ،3ج ،م1996سنة 12(?) .يعني أجيرا برقم )صلى الله عليه وسلم-–، باب كيف كانت يمين النبي صحيح البخاري البخاري، (?)13

(.1697برقم )باب من اعترف على نفسه بالزنا ، ،صحيح مسلم، مسلم، (6633، 2314

8

عن اإلنسان هو الذي جعل اإلسالم يشددالحيوانية دفع هذه النكسة إن من اختالطالناجمة ألضرار االجتماعية ، ولذلك التشديد في عقوبة الزنا

وكل واحد من،األنساب، وإثارة األحقاد، وتهديد البيوت اآلمنة المطمئنة فإذا لم يعاقب الزناة على ،العقوبةتلك هذه األسباب يكفي لتشديد

حمايةول ة والمجتمع، فإن النتيجة ستكون مدمرة على بنية األسرجرائمهم معاقبة الجناةفيت شدد اإلسالم المخاطر والتهديداهذه من المجتمع

نجد فيها الكثيرفي البلدان التي تعتبر متساهلة مع الزنا،ن، ووردع اآلخري حاالت الطالق المتكرر، وجرائم االغتصابمن الجرائم االجتماعية مثل

وتضاعف أعداد اللقطاء وأبناء السفاح والمشردين،، له المصاحبةوالقتل.مما يشكل خطرا حقيقيا على أمن واستقرار المجتمع

.حد الزناالفرع الثالث: اآلثار االجتماعية المترتبة على تطبيق :(14)تتجلى اآلثار االجتماعية لتطبيق حد الزنا فيما يلي

عقوبة تكافئمن خالل ، المجرمين الزناة ومن يحذو حذوهمردع- 1 ، وبتنفيذوال تحترم تشريع الهيكرامة اإلنسان، تهم التي ال تراعي جريم

من األمراضهذا الحد، تحفظ األعراض، وتصان األنساب، ويسلم المجتمع.واألدران االجتماعية التي ما وجدت في مجتمع إال فتكت به

وتجارة الفاحشة التي بدأت تنشط في بعض البغاء, - القضاء على2 طائلةأموال المجتمعات اإلسالمية بسبب عدم تطبيق الحدود، وينفق فيها

إذا قطع دابر الزنا فإن الممثلة بالشباب، فتتجه إلى تدمير طاقات األمة في تنمية طاقات أبناء وبنات المسلمين وزيادةهذه األموال تنفق

النفسي واالجتماعي.إنتاجيتهم، مما يعينهم على الزواج واالستقرار لزنا, أو مند اقطع الطريق على إنجاب أوال- المحافظة على األنساب، و3

ليسمون باألوالد غير الشرعيين, الذين هم آفة المجتمعات؛ ألن الطف لذي ينشأ ال يعرف له أبا, يمتلئ قلبه بالحقد والكراهية على هذا المجتمع,ا

ظلم الناس متى وجد الفرصة لذلك, إذ يرى أن هذا المجتمع ويسعى في يحتضنه, أو من أبوة صحيحة, ولهذا فإن غالب ظلمه, حين حرمه من أب

ة.والمجرمين في المجتمعات هم من هذه الفصيلن المنحرفي - الحفاظ على المجتمع اإلسالمي وأبناءه من األمراض المهلكة القاتلة4

التي مردها في المقام األول إلى انتشار الزنا، كما هو الحال في بعض البلدان التي انتشرت فيها هذه األمراض بسبب الزنا وهم اآلن ينفقون

األموال الطائلة إلنقاذ أبنائهم من هذه األمراض ولم يصلوا إلى عالج لها.

وأثره على األمن االجتماعي.المطلب الثاني: حد القذف العلى العابثين المعتدين على أعراض المسلمين الزنا إن إقامة حد

واإلسالم اله من الخبث والدرن، وتطهيرالمجتمعيغني وحده في صيانة إنما يعتمد على؛ في إنشاء الحياة النظيفة وحدهايعتمد على العقوبة

حامد،, الغزالي: انظر (?)14 المعرفة،, إحياء علوم الدينأبو دار ج 1979بيروت، ص 2م، بيروت، ،الزنا ومكافحته في الشريعة اإلسالمية رضا، عمر . وانظر: كحالة،47

عدالة اإلسالم في الرؤوف، عبد . وانظر: صبري،198ص م،1982 ،3ط الرسالة، مؤسسة ومنصور، ( ،113- 111ص) م،1978 ، المحمدية الطباعة دار ، القاهرة ،تشريع العقوبات

النور دار ، القاهرة ، جريمة الزنا وأحكامها في الشريعة اإلسالمية ، الملك عبد(.93-89ص) ، م1985 سنة ، واألمل

9

لذلك، وعلى تطهير جو الحياة كلها من رائحة الجريمة،الضمانات الوقائية ثم لتأهيلهم،يعقب على حد الزنا بعزل الزناة عن جسم األمة المسلمة

في الطريق خطوة أخرى في استبعاد ظل الجريمةسورة النور تمضي عاقب على قذف المحصنات واتهامهن دون دليلتمع؛ فتجممن جو ال

.(15)أكيد

الفرع األول: عقوبة حد القذف. ، وقد شرع(16)القذف؛ هو االتهام بالزنا بأي صورة من صور االتهام

والذين يرمون المحصنات ثم ﴿ تعالى: القرآن حد القذف في قوله لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة وال تقبلوا لهم

إال الذين تابوا من بعد ذلك*شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون[.4،5]النور ﴾وأصلحوا فإن الله غفور رحيم

هم بأن الذين ينتهكون حرمات المؤمنين، فيرمونتعالىيخبر الله ه بأقدس وأثمن شيء لدى اإلنسان وهو عرضمبالفاحشة، ويتهمونه

يصدقونهم فيما، ثم لم يأتوا على دعواهم بأربعة شهداء عدول هوشرف بذلك ) ثمانين ( جلدة ، ألنهم فسقة كذبةم فاجلدوا الذين رموهادعوا،

، وزيدوا لهم في المجتمع المسلميتهمون األبرياء ويحبون إشاعة الفاحشة في العقوبة بإهدار كرامتهم اإلنسانية، فال تقبلوا شهادة أي واحد منهم ما

وأولئك عند الله من أسوأ الناس منزلة، ألنهم،دام مصرا على بهتانه فساق خارجون عن طاعة الله عز وجل، ال يحفظون كرامة مؤمن،

يسعون لتهديم المجتمع اإلسالمي وتقويضوويقعون في أعراض الناس وأنابوا وغيروا سيرتهم وأصلحوا أحوالهم، بعد جلدهم، وأما إذا تابوابنيانه

ورجعوا عن سلوك طريق الغي والضالل فاعفوا عنهم واصفحوا، واقبلوا اعتذارهم، وردوا إليهم اعتبارهم، فإن الله غفور رحيم يقبل توبة عبده إذا

.(17) تاب وأناب وأصلح حاله أن على التأنيث مع {المحصناتالله تعالى في آية القذف: }قال

،لتنفير من جريمة القذفوالحكمة من ذلك هي ا ؛ يحدأيضاقاذف الرجل ، واخطر من قذف الرجلأشنع الذي يلحق المرأة جراء القذف ألن العار ، وأصل الرمي القذف بالحجارة أوبالزنا : أي يقذفون ﴾يرمون ﴿وقوله:

من، ألنه يشبه األذى الحسينبشيء صلب، ثم استعير للقذف باللسا ،العفيفاتأي }المحصنات{ وقوله: شدة إيالمه وحدة وقعه على النفس،

﴾والتي أحصنت فرجها﴿ قال تعالى: ،جمع محصنة بمعنى العفيفة [ أي عفت، وأصل اإلحصان المنع ومنه يسمى91]األنبياء: .(18 )() الحصن

.2455 ص ،3ج ، في ظالل القرآن قطب، سيد(?)15 .177-173ص ،12ج ، الجامع ألحكام القرآن انظر: القرطبي،(?)16.327ص ،13ج ، روح المعاني انظر: اآللوسي،(?)17 ، تحقيق محمد سيدالمفردات في غريب القرآن، األصفهانيالراغب انظر: (?)18

ابن كثير،وانظر: ،98ص )حصن(، مادة، م1992دار المعرفة، ط األولى ، كيالني ، بيروت، الخير دار العلماء، من مجموعة تحقيق ،تفسير القرآن العظيم ، الدمشقي اسماعيل

.213ص ،3ج ، م1990 األولى، ط ،

10

فالمحصنة بعيدة كل البعد عن مواطن الريبة والشبهة، يحيط بها حصن منالعفة والطهارة.

هذه المكانة التي أرادتها سورة النور لجميع بنات ونساء المسلمين، ألنهن بذلك يمنعن كل لسان من التطاول على عفتهن وطهارتهن، فإذا

تجرأ احدهم على ذلك وجد السوط ينتظره، وهذه العقوبة في الدنيا فقط، إن الذين ﴿: أما الوعيد لهؤالء في اآلخرة فقد جاء في قوله تعالى

يرمون المحصنات الغافالت المؤمنات لعنوا في الدنيا واآلخرة يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم*ولهم عذاب عظيم

يهم الله دينهم الحق*وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوف لقد ذكرت اآلية[ 25-23النور:] ﴾ويعلمون أن الله هو الحق المبين ، وزاد في هذهللقاذفاآلخرة في الكريمة الوعيد بالعذاب العذاب العظيم

، صفاتهن الكريمةإليضاح مؤمنات غافالت المقذوفاتاآلية األخيرة كون ثناء عليهن بأنهن سليمات الصدور نقيات القلوب ال تخطر الريبةوفي ذلك

في قلوبهن لحسن سرائرهن، ليس فيهن دهاء وال مكر، ألنهن لم يجربن األمور فال يفطن لما تفطن له المجربات ذوات المكر والدهاء، وهذا النوع

من سالمة الصدور وصفائها من الريبة من أحسن الثناء، وتطلق العرب على المتصفات به اسم البله مدحا لها ال .(19)ذما

ثم لم يأتوا بأربعة ﴿ واشتراط العدد أربعة في قوله تعالى: ليس إال من باب الستر على أمثال هؤالء، ويترك اإلسالم الفرصة ﴾شهداء

ال يعاقبوسانحة أمام من زلت قدمه أن يتراجع عن فعلته ويصوب شأنه، إال المتبجحين بالجريمة، الذين يرتكبونها بطريقة فاضحة مستهترة فيراها

إنما ال يحرص على تتبع مرضى النفوس والقلوب وفضحهم،، فدينناالشهود أراد محاربة الحيوانية التي ال تفرق بين جسد وجسد، أو ال تهدف إلى إقامة

العالقات الجنسية على أساسكما أراد إقامةبيت، وإنشاء حياة مشتركة، بة،طيذرية في حياة زوجية مستقرة تنجب من المشاعر اإلنسانية الراقية،

يحرسانه ويرعيانه،في العش المشترك، الذي يقوم عليه الوالدان وال يستقذرها؛ إنما ينظمها ويطهرها، اإلسالم ال يحارب دوافع الفطرةف

ويرفعها عن المستوى الحيواني، فأما الزنا وبخاصة البغاء فيجرد هذا الميل الفطري من كل اآلداب التي تجمعت حول الجنس في تاريخ البشرية

الطويل؛ ويبديه عاريا قذرا كما هو في الحيوان، بل اشد غلظا من ذلك أن كثيرا من أزواج الحيوان والطير تعيش متالزمة، في حياة؛الحيوان

زوجية منظمة، بعيدة عن الفوضى الجنسية التي يشيعها الزنا في بعض.(20 )بيئات اإلنسان!

)حادثة اإلفك( نموذج يظهر خطورة القذف على الفرع الثاني:أمن المجتمع واستقراره.

بعد الحديث عن حد القذف تناولت اآليات الكريمة نموذجا من القذف طال بيت النبوة، وكاد يعصف بالدولة اإلسالمية لوال فضل الله ونعمته

الشنقيطي، محمد بن المختاروانظر: ،385ص ،13ج ،روح المعاني انظر: اآللوسي، (?)19 مكة تحقيق: الشيخ علي العمران،، ن تفسير القرآن بالقرآأضواء البيان في،

.432 ،5جم، 2001 دار عالم الفوائد،المكرمة، .2457 ص ،3ج ، في ظالل القرآن قطب، سيدانظر: (?)20

11

إن الذين جاءوا باإلفك عصبة منكم ال ﴿ تعالى: الله، قالعليناا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب تحسبوه شر

( لوال إذ11من اإلثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ) سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا

( لوال جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا12إفك مبين )هداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ) ( ولوال فضل الله13بالش

كم في ما أفضتم فيه عليكم ورحمته في الدنيا واآلخرة لمسونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما14عذاب عظيم ) ( إذ تلق

(15ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) ولوال إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا

( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم16بهتان عظيم ) ( إن18( ويبين الله لكم اآليات والله عليم حكيم )17مؤمنين )

الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب ( ولوال19أليم في الدنيا واآلخرة والله يعلم وأنتم ال تعلمون )

20-11 النور: ] ﴾فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم]. إن حادثة اإلفك واتهام السيدة عائشة زوجة النبي صلى الله عليه

وسلم، وبنت أبي بكر الصديق صاحب المكانة العظيمة في اإلسالم بالزنا كان من اشد الحوادث وقعا على النبي صلى الله عليه وسلم وأخطرها،

وال نبالغ إن قلنا انه كاد يهز أركان الدولة اإلسالمية الناشئة، ذلك أن أعداء الله من المنافقين اختاروا الوقت المثالي إلثارة هذه اإلشاعة، ترافق ذلك

مع تأخر الوحي لمدة شهر ال ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم، والمنافقون ينفخون ويروجون هذا اإلفك وبعض بسطاء الصحابة رضي الله

انطلت عليهم(21)عنهم وعفا عنهم كمسطح وحسان وحمنة بنت جحش خديعة المنافقين فتلقوا هذه اإلشاعة بألسنتهم ال بآذانهم فلم يمروها على

لوال إذ سمعتموه ظن ﴿عقولهم، فعاتبهم الله تعالى بقوله: المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين )

هداء12 ( لوال جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالش ( ولوال فضل الله عليكم13فأولئك عند الله هم الكاذبون )

كم في ما أفضتم فيه عذاب ورحمته في الدنيا واآلخرة لمسونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس14عظيم ) ( إذ تلق

( ولوال إذ15لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان

﴾( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين16عظيم ) ،ولما حاول النبي صلى الله عليه وسلم الدفاع عن[17-12 النور: ]

زوجته عائشة وعن صفوان بن المعطل الذين ال يعلم عليهما إال خيرا الله رضي عائشة السيدة اتهام مسألة في المنافقين فخ في الصحابة من مجموعة وقع(?)21

حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وحمنة بنت جحشهم: بالزنا، عنها أخت زينب بنت جحش زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسطح بن اثاثة ابن بنت خالة

، ص3أبي بكر الصديق رضي الله عنهم جميعا. انظر: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج ، وانظر:329، ص7، والسيوطي، جالل الدين، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ج129

،413، ص4صحيح البخاري، باب) إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا( ج. 301، ص5( ، ج8932، حديث رقم)السنن الكبرىوانظر: النسائي،

12

تالحى فريقان من األنصار في المسجد وكادوا يقتتلون حتى خفضهم النبي ، كل هذه الهزات التي كادت تعصف(22)صلى الله عليه وسلم وترك األمر

بالمجتمع اإلسالمي وبالدولة اإلسالمية الفتية كان بسبب القذف، مما يجيب على سؤال قد يخطر ببال بعض الناس كيف يقارب حد القذف

)ثمانين جلدة(، حد الزنا )مائة جلدة( والقذف ال يتجاوز كلمة واحدة أو عدة كلمات، وليس فيه تجرد من اللباس، وال إيالج في محرم، وال اختالط انساب، وال انتشار لألمراض الجنسية، وال وجود فيه للقطاء وأبناء سفاح كما هو الحال في الزنا، فأراد القرآن بتناول هذا النموذج من القذف أن

يبين لنا مدى خطورة هذه الكلمة التي يختلقها بعض الناس أو ينقلها وهو ال يلقي لها باال، وأنها سبب في تفتيت بعض األسر، واالقتتال بين أبناء

،القذف بدون دليل أمر خطيرفالمجتمع الواحد وتقويض البناء االجتماعي، له ما يبرره على أساس أن هذا االتهام لهللقذفهذا العقاب الشديد و

كانت متزوجة ربما أدى ذلك إلىإذا فقذوفة تأثير مدمر على المرأة الم ا، وما يرافق هي وأسرتهها التي ستتبع العارطالقها، باإلضافة إلى وصمة

الطالق في مثل هذه الظروف من تفتيت لألسرة وضياع ألوالد امرأة أدى اتهامها بالزنا إلى عدم الزواج منهاإذا لم تكن متزوجةومتهمة بالزنا،

، فتمكث محرومة من الزوج والولد في مجتمع ينظرفي يوم من األيام إليها على أنها زانية، وال يخفى ما لذلك من خطورة على استقرار

إن إشاعة الفاحشة في المجتمع تسهل الجريمة، فلو بدأالمجتمع، ثم : الناس يتحدثون فالن زان، وفالنة زانية، يصبح الحديث عن الزنا أمرا

لك الحديث فيومن ذ للفاحشة، ه إشاعةميسورا، إضافة إلى أن في عبر وسائلهم وفي أسواق،ليوم في بيوت الناسر ا التي تنتشالمسلسالت

(23 ).اإلعالم

. حد القذف في إصالح المجتمعإقامةأثر الفرع الثالث:

هناك العديد من اآلثار االجتماعية المترتبة على تطبيق حد القذف، نذكر:(24)منها من تدنيس المجتمع، ورميعن جرائمهم ومنعهم السفهاء ردع-1

األطهار، واتهامهم بالفواحش، وتخويفهم من عاقبة ذلك عاجال قال،، حتى هددهم الله تعالى بالعقوبة الدنيوية، واألخرويةوآجال

إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ﴿ تعالى: آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا واآلخرة والله يعلم وأنتم

[.19النور :] ﴾ال تعلمون زجر الفساق منو- حماية األعراض، وشرف األسر الكريمة، 2

والمتطاولينالمستهزئين الصحيح، في البخاري رواه ، عنها الله رضي عائشة السيدة عن طويل حديث في ذلك جاء(?)22

القاذف, توبة وقبول اإلفك حديث باب الصحيح، في ( ومسلم3826) برقم ، اإلفك حديث باب( .4974برقم)

ط دمشق، ، والتوزيع للنشر الرسالة مؤسسة ، القرآن منهاج حياة غازي، صبحي،(?)23(.181-168ص) م،1،1996

-168)ص ، القرآن منهاج حياة غازي، التالية: صبحي، المراجع في الفرع هذا انظر (?)24 جريمتا الزنا والقذف وعقوبتهما في مصطفى، جمال، وانظر: النجار، (،181

(.199-197ص) م،2001 ،2ط األندلس، دار القاهرة، ،القرآن الكريم

13

، وبذلك، من الطعن في األنساب الكريمةعلى أعراض المسلمين المجتمع من انتشارنقيالفاحش، وخدش حياء المحصنات، العفيفات الطاهرات.الكالم حماية المجتمع من المشاجرات والجرائم الناشئة عن القذف-2

واالتهام بالزنا والطعن في األعراض، ألن رمي أعراض الناس بالباطل غالبا ما ينتج عنه ردة

فعل عنيفة من المقذوفين أو ذويهم، مما ينتج عنه نزاعات وخصومات اجتماعية من

شأنها القضاء علىالتماسك االجتماعي وتفتيت المجتمع.

المبحث الثاني المستوجب للحدات الوقائية المانعة من وقوع الفعلالتشريع

بعد أن بينت سورة النور العقوبة المترتبة على جرائم التعدي على األعراض كالزنا والقذف، سلكت مسلك الوقاية من الوقوع في هذه

أوضحت بجالء ال ريب فيه الطرق الكفيلةفالمزالق وتوعية المسلمين، بحماية الفرد والمجتمع في هذا الباب، فحثت على العفة والطهارة،

، وأوجبت على النساء التحجب والتستر وحفظ الفرجوأمرت بغض البصر كما أمرت باالستئذان عند دخول البيوتونهت عن التبرج والتكشف،

على المجتمع المسلموكللت ذلك كله بحثمخافة رؤية العورات، من أبناء وبنات المجتمع، وغيرها منغير المتزوجينج يزوتالمسارعة في

االحتياطات التي من شأنها أن تحول دون الوقوع في األفعال المستوجبة.إلقامة الحدود

اإلسالم ال يقيم بناءه على العقوبة، بل على الوقاية من األسباب الدافعةف إلى الجريمة؛ وعلى تهذيب النفوس وتطهير الضمائر؛ وعلى الحساسية

فتتحرج من اإلقدام على جريمة تقطع ما بين،التي يثيرها في القلوب يعاقب على أن اإلسالم ال، كمامع المسلم من وشيجةتجمفاعلها وبين ال

إال بعد تحقيق الضمانات الوقائية المانعة من وقوع الفعل، فاإلسالمفعل ثم يعاقب بعد،قوم على توفير أسباب الحياة النظيفةيمنهج حياة متكامل،

ذلك من يدع األخذ بهذه األسباب الميسرة ويتمرغ في الوحل طائعا غير.(25) مضطر

،ر وحفظ الفرجصستر العورة وغض البالمطلب األول: األمر بلسد الطريق إلى الفاحشة.

.252 ص ،3ج ، في ظالل القرآن قطب، سيد(?)25

14

أحاط اإلسالم العرض بسياج قوي للحفاظ عليه، ووضع ضوابط وحدود حتى ال تنتهك األعراض، وحتى ال يقع الناس في الفحشاء، وحتى ال تشيع

قالومن ذلك األمر بغض البصر وستر العورة،الفاحشة في الذين آمنوا، وا من أبصارهم ويحفظوا ﴿ تعالى: الله قل للمؤمنين يغض

وقل*فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن وال يبدين

زينتهن إال ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن وال يبدين زينتهن إال لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو

أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي

جال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات اإلربة من الر النساء وال يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا

[31-30]النور:﴾إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون يتهاون البعض في ستر العورة ويقول: إن اإليمان في القلب وال يعنيني

كثيرا المظهر الخارجي، ويقال لهؤالء: ما من شك أن عمارة القلب باإليمان أمر عظيم، لكن علينا أن ال نتهاون في مسألة ستر العورة إذا

أردنا االستقرار والعفة لمجتمعنا المسلم، ذلك أن الشيطان يسلك مسلك التزين ليوقع اإلنسان في الفاحشة، عندها يهتز اإليمان في القلب الذي

ولذلك شرع اإلسالم منظومة من التشريعات التيراهن عليه بعض الناس،:(26)تقي المجتمع الوقوع في الفاحشة منها

ستر العورات، وعدم إبداء الزينة، وقد حرم اإلسالم على المرأةأ- تفتن بها الرجال، سواء كان عن طريق النظر أو الشمي الزينة الت بدنها أو زينتهاالمرأة كشف شيء من فقد حرم على ع،أو السم

يا بني آدم ال يفتننكم ﴿: قال تعالىأمام الرجال األجانب، ن الجنة ينزع عنهما لباسهما يطان كما أخرج أبويكم م الش

تحذرنا اآلية الكريمة من [ 27]االعراف: ﴾ليريهما سوءاتهما فاإلسالم يأمر بالستر،ونزع اللباس وكشف العورات، فتنة الشيطان دخيلعاريةالالمتهتكة شبه الضيقة وأللبسة من اوما نراه اليوم

ما تركت بعدي فتنة))، قال عليه الصالة والسالم: على اإلسالمجال من النساء (27 )((أضر على الر

، ألن ذلك منونهيت المرأة عن التعطر ثم الخروج للرجال ب- األشعري رضي ، فعن أبي موسى المؤدية إلى المحضور تالمثيرا امرأة يما)أ)ه صلى الله عليه وسلم: رسول الل قال: قال هالله عن

(28)))فهي زانية استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها ،خلخالها المرأة أيضا عن ضرب األرض برجلها ليسمع صوتونهيت- ج

الزينة التي تستعملها بعض النساء للفت انتباه الرجال،ونحوه من التدابير الواقية من الزنا في الفقه الحميد، عبد الفرع: فضل، هذا انظر(?)26

(.159-151) ص م،1983 سنة اإلسالمي، المكتب بيروت، ،اإلسالمي (، رواه4706 ، باب ما يتقى من شؤم المرأة، برقم )صحيح البخاري ،البخاري(?)27

( .4923، باب أكثر أهل الجنة الفقراء، برقم )صحيح مسلممسلم، ، باب ما يكره والنسائي،483، ص32( ج17411، برقم ) المسند ابن حنبل ، (?)28

(. 5036للنساء من الطيب، برقم )

15

يخفين من زينتهن وال يضربن بأرجلهن ليعلم ما ﴿تعالى: قال فال تخضعن بالقول فيطمع ﴿ى: وكذلك قال تعال، [31:النور] ﴾

عروف الذي في [ 32:أحزاب]ال ﴾اقلبه مرض وقلن قوال م يا ﴿: لقد حذرنا ربنا من االنزالق في مدارج الشيطان، قال الله تعالى

يطان ومن يتبع خطوات أيها الذين آمنوا ال تتبعوا خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولوال فضل الله عليكم الش

ن أحد أبدا وتكون التزكية، [21:النور] ﴾ورحمته ما زكا منكم م ﴿: تعالىقال، والمحافظة على العفة والطهر واألخالق الفاضلةب وال

نى إنه كان فاحشة وساء سبيال ، قال[32:اإلسراء] ﴾تقربوا الز فنحن منهيون من سلوكولم يقل: ال تزنوا فقط، ﴾وال تقربوا ﴿: تعالى

الطرق المفضية إلى ال بد من سد الطرق التي تقربنا من الزنا، ومن هنا وغير السفور ووسائله، التبرج، االختالط، الخلوة باألجنبية، الفاحشة مثل:

من ذلك اإلجراءات والتدابير الوقائية التي جاءت بها الشريعة حفظا.لألعراض ومنعا النتشار فاحشة الزنا

أمر المؤمنين بغض أبصارهم عن العورات وعن كل ما تعالىاللهو وحفظ الفرج ال يتم إال،غض البصر وسيلة لحفظ الفرجألن يثير الشهوات،

غض البصركما أن واإلخالل بهذا يؤدي إلى اإلخالل باآلخر، ر،بغض البص جاء في الحديث الشريفوحفظ الفرج أزكى للمؤمنين في الدنيا واآلخرة،

ظر)) محذرا المؤمنين: فالنظر سهم من، (29 )((العينان تزنيان وزناهما الن سهام إبليس حذرتنا منه الشريعة اإلسالمية، لما يترتب عليه من خطورة

قد تؤدي في بعض األحيان إلى الزنا.

وأثره في منع انتهاك حرماتاالستئذانالمطلب الثاني: األمر بالبيوت واألشخاص.

جعل الله البيوت سكنا يأوي إليها أهلها، تطمئن فيها نفوسهم، ويأمنون اقتحاموتترون بها مما يؤذي األعراض والنفوس، ، كما يسعلى حرماتهم

العوراتمظنة النظر إلىو، البيوت من غير استئذان هتك لتلك الحرمات إلى عالقات آثمة،هذه النظرات تنقلب وسرعان ما،بقصد أو بدون قصد

ة،السيئ وفي االستئذان وآدابه ما يدفع هاجس الريبة، والمقاصد واالستئذان نوعان؛ استئذان عام ممن هم خارج البيت، واستئذان خاص

. ممن هم داخل البيت حمايةالفرع األول: االستئذان العام ممن هم خارج البيوت

.لحرمات البيوت بينت سورة النور االستئذان العام في سياق تناولها لعوامل الوقاية من

يا أيها الذين آمنوا ال تدخلوا بيوتا ﴿ تعالى: اللهقال الزنا والقذف، غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم

رون ) ( فإن لم تجدوا فيها أحدا فال تدخلوها حتى27لعلكم تذك يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله

[28-27النور:] ﴾بما تعملون عليم (، وقال شعيب3912) عن عبد الله بن مسعود، برقم، المسند احمد بن حنبل، (?)29

.358، ص17: إسناده حسن، جاألرنؤوط

16

بر عن اللطف الذي يجب أنيع ﴾احتى تستأنسو ﴿: قوله سبحانه لساكنين في بيوتهمف اظرول مراعاة ،يكون عليه الزائر أو الطارق

وهل يكون األنس واالستئناس إال استئناسمعإنه استئذان م، وعوراته أدب رفيع يتحلى به الراغب في الدخول لكي ؟والكراهية بانتفاء الوحشة

ال يكون معه استيحاش من رب المنزل، بل بشاشة وحسن يطلب إذنا ، كما يرافقينبغي أن يكون الزائر والمزور متوافقين مستأنسينل، استقبا

إذا أتى صلى الله عليه وسلم كان نبيكم محمداالستئذان حسن األدب، ف لباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه األيمن أول اباب قوم لم يستقب

ووقف سعد بن، (30 )((سالم عليكم، السالم عليكمل: ))الاأليسر، ويقو وهل االستئذان إاله: ))قال لد، وأن يتباعي عبادة مقابل الباب فأمره النب

ظر ؟ ، وفي ذلك تحذير من أن يقع النظر على عورة أهل(31)((من أجل الن واإلنسان صاحب غرائز وشهواتالبيت فيقع المحظور من القذف أو الزنا،

يعلم ذلك، وحينما حرم الزنا حرم وميول ورغبات، والله سبحانه وتعالى ولذلك نالحظ أن آية،دواعيه من النظر والخلوة والتبرج وكل ما يؤدي إليه

فلما ذكر الزجر عن الزنا االستئذان جاءت بعد الزجر عن الزنا والقذف، بغير والقذف في سورة النور ذكر االستئذان والزجر عن دخول البيت

فقد تقع عين داخلاستئذان؛ ألنه ربما أدى إلى وقوع أحد المحظورين، البيوت من غير استئذان على عورة نساء البيت، فتتحرك شهوته، ويستغل

الشيطان مثل هذه المواقف لإليقاع بالمسلمين، أو من الممكن أن يها إال امرأته فتذهبس ف اإلنسان حال خروجه رب الدار، ولي ذلكيصادف

االتهام بالزنا والطالق وخراببه الظنون كل مذهب، وربما أدى ذلك إلى البيوت ودمار األسرة التي هي لبنة المجتمع، لهذه األسباب وغيرها شرع

اإلسالم االستئذان عند دخول البيوت.

، ليتحققأن الطارق إذا سئل عن اسمه فليبينهآداب االستئذان ومن يقولوتزول الوحشة، ﴾احتى تستأنسو ﴿األنس المقصود باآلية الكريمة

في دين كاني صلى الله عليه وسلم تيت إلى النبعنه: ))أجابر رضي الله أنا))ذا؟، فقلت: أنا، فقال النبي: على أبي، فدققت الباب، فقال: من

( 32 )() أنا !!!، كأنه كرهها

حفظا لحرمةالفرع الثاني: االستئذان الخاص داخل البيوت.األشخاص

االستئذان الخاص هو االستئذان داخل البيت، وهو المذكور في قوله يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ﴿: تعالى

ات من قبل صالة الفجر والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثالث مر ، بيروت، دار البشائر اإلسالمية،األدب المفرد البخاري، محمد بن إسماعيل، (?)30

سنن، أبو داود، 366، 1( ، ج1078م، باب االستئذان، برقم )1989طبعة سنة . 311، ص6( ، ج4512، باب كم مرة يسلم الرجل، برقم )ابي داود

، ص8، ج (18106، باب كيف االستئذان، برقم )السنن الكبرى البيهقي، (?)31.109، ص6( ، ج5662، برقم )المعجم الكبير. الطبراني، 388

(،5781، باب إذا قال من ذا فقال أنا، برقم )صحيح البخاري البخاري، (?)32 (.4011، باب كراهة قول المستأذن أنا، برقم )صحيح مسلممسلم،

17

وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صالة العشاء ثالثافون عورات لكم ليس عليكم وال عليهم جناح بعدهن طو

عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم اآليات والله عليم وإذا بلغ األطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن*حكيم

﴾الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم[59،58النور:]

للوجوب على رأي جمهور ﴾ليستأذنكم ﴿األمر في قوله تعالى: هم العبيد واإلماء،[ 58النور:] ﴾الذين ملكت أيمانكم ﴿ العلماء، وقوله:

غير[ هؤالء األحرار58النور:] ﴾والذين لم يبلغوا الحلم منكم ﴿وقوله: لم يظهروا على عورات النساء؛ ألن الذي ، وليس المراد الذين(33)البالغين

المرأة الجميلة من المرأةز لم يبلغ الحلم قد يعرف أحوال النساء فيمي وزينتهن ويصف القبيحة، وله التفات إلى النساء وإلى مالبس النساء

أما ، لآلخرين، مما يثير الشهوة في نفوسهم فيقع ما ال تحمد عقباهالنساء ابن السنتين ونحوها ليس من الذين يظهرون على عورات النساء، وال يميز

.(34)ها لغيره الجميلة من المرأة القبيحة أو يصف المرأة

األوقات الثالثة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى هي أوقات الخلوة وهذه استئذان الخدم أو: ، فالله عز وجل يعلم أن االستئذان الخاص مثالالراحةو

هذهي اإلماء أو األطفال على األبوين مثال، كل وقت يشق فجعله واجبا ف األوقات الثالثة؛ ألنه يوجد مشقة، ألجل الطواف بالخدمة، وقضاء األشغال

والحوائج، فإذا كانت كلما تريد أن تتحرك من مكان إلى مكان تستأذن لكن جعل هناك أوقات معينة ليس فيها دخول إال سيكون هناك مشقة،

.(35)باستئذان يدل على أنه ينبغي أن نربي أوالدنا على ﴾ ليستأذنكم ﴿وقوله عز وجل: أن يربى األطفال على عدم اقتحام غرفة نوم األبوين إال هذا األدب، يجب

الواحد على غرفة اآلخر إال بإذن، فقد يغير بإذن، ويربى األوالد أال يدخل كانت األمربما ولالبيت ونحو ذلك، ثيابه بعد استحمام أو ألجل الخروج من

يستأذن استئذانا خاصا حتى في الدخول تبدل ثيابها، فالبد أنأو األخت حصل فيهإن إسالمي الأدب الهذا وعلى األم، وبالذات غرف البنات،

إلى أن يرىالدخول ربما أدى ذلك رث، فلكوا تفريط أو إخالل يؤدي إلى أشياء تبقى في مخيلته أو في ذهنه وهو أو المراهق من الجنسينالطفل

وهو أدب يغفله الكثيرون فيه، كبر في صغره، أدى ذلك إلى أضرار في حياتهم المنزلية ، مستهينين بآثاره النفسية والعصبية والخلقية ، ظانين أن

الخدم ال تمتد أعينهم إلى عورات السادة! وأن الصغار قبل البلوغ ال ينتبهون لهذه المناظر، بينما يقرر النفسيون اليوم بعد تقدم العلوم النفسية

أن بعض المشاهد التي تقع عليها أنظار األطفال في صغرهم هي التي ، وابن عاشور،276، ص12، جالجامع ألحكام القرآن انظر: القرطبي، (?)33

.29، ص10، جالتحرير والتنوير.2457، ص 4، ج في ظالل القرآن انظر: سيد قطب، (?)34 تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالمالسعدي، عبد الرحمن، انظر: (?)35

.578م، ص2000، بيروت، مؤسسة الرسالة، المنان

18

تؤثر في حياتهم كلها؛ وقد تصيبهم بأمراض نفسية وعصبية يصعب شفاؤهم منها، والعليم الخبير يؤدب المؤمنين بهذه اآلداب؛ وهو يريد أن

يبني أمة سليمة األعصاب، سليمة الصدور، مهذبة المشاعر، طاهرة. (36)القلوب، نظيفة التصورات

وينبغي التأكي��د على قض��ية االس��تئذان على المح��ارم لئال يك��ون في ذل��ك انكش��اف للع��ورة واطالع عليه��ا، وأن ه��ذا االس��تئذان أم��ر مف��روض

، وربم�ا يك�ون الخط�ر من ال�داخل أعظم منلتحصين ال�بيوت من ال�داخل��هر: ))عن عطاء بن يسا، الخطر من الخارج ه علي لى الل ه ص�� ول الل أن رس��

تأذن على أمي ؟ ق��ال : " ه ، أس�� ول الل ��ا رس�� م سأله رجل ، فق��ال : ي وسلي معها في البيت ، قال : " استأذن عليها " ، قال : جل : إن نعم " ، قال الرم : " أتحب أن تراه��ا ل �ه وس�� ه علي ى الل ل ه ص� ول الل ي أخدمها ، ق��ال رس�� إن

(37 )((عريانة ؟ " قال : ال ، قال : " فاستأذن عليها

فأما حين يدرك الصغار سن البلوغ، فإنهم يدخلون في حكم العام،وهو االستئذان األجانب، الذين يجب أن يستأذنوا في كل وقت،

ألن المقام ﴾ والله عليم حكيم ﴿ على اآلية بقوله: الله تعالىويعقب مقام علم الله بنفوس البشر، وما يصلحها من اآلداب؛ ومقام حكمته كذلك

.(38)في عالج النفوس والقلوب

غير المتزوجين من أبناء وبنات المجتمع تزويج المطلب الثالث:اإلسالمي.

لما منع اإلسالم تفريغ الشهوة والغريزة في الحرام فتح الباب واسعا قاللتفريغها في الحالل، بل جعل ذلك من تمام الدين يؤجر عليه المسلم،

الحين من عبادكم ﴿: آمرا عبادهتعالى وأنكحوا األيامى منكم والص وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع

( وليستعفف الذين ال يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله32عليم )ا ملكت أيمانكم فكاتبوهم من فضله والذين يبتغون الكتاب مم

إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم والنا لتبتغوا عرض الحياة تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحص

﴾الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم [33،32النور:]

التي ال زوج لها، وللرجل الذي ال ويقال ذلك للمرأة؛واأليامى جمع أيم لذلك أمرت، م يسبق له الزواجزوجة له، سواء كان قد تزوج ثم فارق، أو ل

الزنا ومكافحته كحالة، ،2459ص ،4ج ، في ظالل القرآن قطب، : سيدانظر (?)36.169ص ، في الشريعة اإلسالمية

،375، ص2( ، ج1729، باب االستئذان، برقم )، موطأ مالكمالك (?)37(.13492، باب استئذان المملوك والطفل، برقم )السنن الكبرىالبيهقي،

.2459ص ،4ج ، في ظالل القرآن قطب، انظر: سيد(?)38

19

الشباب بالزواج وحثت عليه وجعلت من أهم مقاصدهاإلسالميةالشريعة .(39)حفظ الفرج

تحثهم على المعاونة والمساعدة اآلية لألولياء والسادة،فيالخطاب و الزواج، ألن الزواج هو الطريق المشروع لقضاء الشهوة، ولحفظ النوعفي

، ولصيانة األنساب من االختالط، وإليجاد مجتمع تفشو فيهاإلنساني جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى،الفضيلة، وتموت فيه الرذيلة

ه)): الله عليه وسلم باب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإن يا معشر الشه له أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن

مشكلة تعوقه عن هذا الزواج فال يلتفت لها، ومن كانت عنده، (40) ((وجاء ى مبشرا لهم تعال الله، قالفال تخشوا الفقر مع الزواجوليتوكل على الله

الله من فضله والله واسع إن يكونوا فقراء يغنهم ﴿ومطمئنا: واآلية أمر بالتزويج, وقد ذهب طائفة من العلماء إلى[، 32:النور] ﴾معلي

.(41)وجوبه على كل من قدر عليه طريق المودة والسعادة فهو،والزواج من أعظم نعم الله على عباده

﴿ قال تعالى: ، لذلك جعله الله تعالى آية من آياته،واالستقرار والرحمةن أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ومن آياته أن خلق لكم م

ودة ورحمة إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون ﴾وجعل بينكم م يكشف عن عمق العالقة )من أنفسكم( والتعبير القرآني [21:الروم]

الزواج هو العصمة، والزوجين المودة والرحمة بينمنها تنشأ الوثيقة التي وهو الذي ينظم العالقة اإلنسانية،االنحراف والفتن للشباب والشابات من

، حفظ األخالقيات في المجتمع اإلسالميومن شأنه ،بين الرجل والمرأة وحفظ المجتمع من جريمة الزنا التي،البصر وحفظ الفرج ضومنها من غ

.(42)تتفسد األنساب وتقطع العالقا الذي رسم العالقة والزوجة ستر لزوجها وهو ستر لها وهذا التعبير القرآني

،[ 187 ]البقرة: ﴾وأنتم لباس لهن هن لباس لكم﴿الزوجية بالستر قال،الزوجة هي خير متاع هذه الحياة الدنيا واإلسالم جعل المرأة الصالحة

ها متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة))رسول الله: . (43)((الدنيا كل أن العبد متى،ومن فوائد تحصين الفرج بالزواج في صيانته من الحرام

ما وقعت عينه على ما ال يرضي الله تعالى وحدثته نفسه بسوء فإن عنده من الحالل ما يستغني به عن الحرام ، ولهذا ورد هذا التوجيه النبوي

إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه ))المبارك ألبناء األمة حين قال:

،2، دار السالم ، القاهرة ، طالتفسير الوسيط انظر: سيد طنطاوي، (?)39.489م، ص1989

, ، صحيح البخاري البخاري ، (?)40 باب النكاح سلم و عليه الله صلى النبي قول كتابج..(, الباءة منكم استطاع من) : ) 1949ص 5فليتزوج الحديث, ، ، مسلم( 4778رقم

, ، صحيح مسلم باب النكاح ج, نفسه تاقت لمن النكاح استحباب كتب ,568ص 1إليه : الحديث 3464رقم

.56، ص3، جتفسير القرآن العظيم ابن كثير، (?)41 الصبور، عبد شاهين، ، وانظر:2461، ص 3، ج في ظالل القرآن انظر: سيد قطب، (?)42

.44ص م،1997 تعدد الزوجات دفاع عن األمن األخالقي للمجتمع،(.1467 باب خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة، برقم )صحيح مسلم ،، مسلم(?)43

20

فيبتعد بذلك (44).((فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسهعن الحرام.

عباده يستكمل بها المسلم دينه, ويلقى بها ربه يوم القيامةوالزواج على أحسن حال من الطهر والعفاف, فعن انس رضي الله عنه أن رسول

إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين))الله صلى الله عليه وسلم قال: ه في ق الل (45) ((ى بقما، فليت

ة وجود مشكل من اليوماإلسالمية البالد ومما ال يخفى على أحد ما تعانيه ، وبعضهم اليريدون الزواجال في سن الزواج, والشباب من البناتاآلالف

ن لميقدر على أعباءه من المهور المرتفعة وتكاليف الحفالت المرهقة، وإ بعضيفتحوا لها طرق العالج بالحالل, فإن و المسلمون لهذه المشكلةينتبه

،للوصول إلى شهواتهم إال طريق الحرامالمسلمين لن يجدوا شباب الحرام مما ينشر الرذيلة والجريمة فيوأبناءوانتشار الزنا واللقطاء

.األخرى كما هو الحال في بعض المجتمعات اإلسالميالمجتمع

الخاتمة إلى الفضيلة، وأرشد إليها، وحث عليها، ومدح اإلسالميدعا ديننا

أصحابها، وحارب الرذيلة، وحذر منها، وشنع على مرتكبيها، فإن داعي الفطر السليمة، والنفوس المستقيمة يدعو إلى الفضائل والمكارم، ويكره

فعلى، الرذائل ووسائلها وما يؤدي إليها، لذلك فديننا يوافق الفطر الصافية المسلم أن يحذر من الوقوع في الرذيلة ومن نشرها، لما يترتب على ذلك

، بل عليه تنعكس سلبا على أمن المجتمع واستقرارهمن مفاسد عظيمة كل ذلك من شأنه الحيلولة المجتمع،أن يتحلى بالفضائل، وينشرها في

دون الوقوع في الزنا، فاإلسالم يحرص اشد الحرص على صفاء المجتمع اإلنساني من الخبث، فإذا ما وجدت مثل هذه األخطاء فانه يبادر إلى تنقية المجتمع من خالل إقامة الحدود على الجناة الذين تمادوا وجاهروا بجرمهم

فسلبوا المجتمع أمنه واستقراره، وفي الوقت نفسه يشرع اإلسالم في تأهيل هؤالء الجناة وردهم إلى المجتمع السليم، وقد توصل الباحث في

دراسته إلى النتائج التالية: رسمت سورة النور صورة مضيئة لمجتمع نظيف عفيف، وفي-1

الوقت نفسه أوجدت عقوبة للمجرمين من خالل تشريع حدي الزنا عاإلسالمي؛ ويردألساسية للمجتمع ح االمصالوالقذف بما يحفظ

.المستهترين بأعراض المسلمين ينلمجرما كما بينت السورة اآلثار االجتماعية المترتبة على تطبيق حدي الزنا -2

غير المجرم عن تقليد المجرم في جريمته، فعندما ردعوالقذف من جرم ارتكبهاما حل بة ميرى كل من تسول له نفسه ارتكاب جريم

ما ترافها، خوفا من أن يناله من العقوبةققبله، فإنه سيرتدع عن ا ه، وبذلك يكون الحد عالجا لمشكلة وقعت فعال، ووقاية منحل بغير

مشكلة كان من الممكن أن تقع لو لم يوجد الحد.

(.3475(، ورقم )1403، برقم ) كتاب النكاحصحيح مسلم ، مسلم ، (?)44، باب إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، برقم )شعب اإليمان البيهقي، (?)45

.544، ص6( ، وحسنه األلباني، ج1625

21

وذلك بقبول توبته من فعلته ، وإصالحهوتأديبهتهذيب نفس المجرم -3 العقوبة االنتقام من نفليس المقصود مبعد ندمه ورجوعه عنها،

المجرم أو مجرد إلحاق األذى به، بل يقصد إصالحه وتحقيق فعن أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم مصلحته،

يضربه بيده، ومنا من يضربه بنعله، بسكران، فأمر بضربه، فمنا من ،له أخزاه الله ومنا من يضربه بثوبة، فلما انصرف قال رجل: ما

يطان: )فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم )ال تكونوا عون الش علىفتطبيق الحدود في الشريعة اإلسالمية . (46 )((على أخيكم ، تتمثل في حمايتهم منله غايات وأهداف عظيمةالمجرمين

أنفسهم، وضمان أمن المجتمع واستقراره. وضعت سورة النور منهجا اجتماعيا متكامال في حفظ األعراض-4

والذود عنها، فبعد أن بينت السورة الكريمة عقوبة المجرمين الذين يتعدون على أعراض المسلمين، ويطلقون العنان أللسنتهم تخوض

منظومة متكاملةفي أعراض الناس كيف شاءت، شرعت في وضع من التشريعات الوقائية التي تحول بين المسلمين وبين الوقوع في

الزنا والقذف، وإذا نظرنا في هذه التشريعات من األمر بستر العورة وغض البصر وعدم االختالط غير المبرر، واالستئذان وعدم ولوج البيوت دون استئناس، ومراعاة عورات من هم داخل بيوتهم وخلواتهم، وتيسير أمور زواج غير المتزوجين من الرجال والنساء، كل ذلك من شأنه أن يقي المجتمع المسلم ويالت الزنا والفجور

والقذف، ويحفظ له أمنه واستقراره.

التوصيات: يوصي الباحثان بضرورة اإلفادة من آيات وأحكام القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، في معالجة القضايا االجتماعية والمشاكل التي يعاني

منها المجتمع اإلسالمي، خاصة في مسألة الحد من االختالط غير المبرر بين الرجال والنساء، والحرص على ستر العورات وغض البصر في حال الخروج واالختالط لضرورة، كما نوصي بشدة على التقليل من تكاليف

الزواج، والحد من المغاالة في المهور وتكاليف حفالت الزواج، واإلسراع في تزويج غير المتزوجين من الرجال والنساء، منعا للفساد وحفظا ألمن

المجتمع اإلسالمي واستقراره.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

،، كتاب الحدود، باب ما يكره من لعن الشاربصحيح البخاري البخاري ، (?)46(.6283برقم )

22