7shkhudheir.com/files/د0006_001_كتاب بدء... · web viewومسلم بعد وبعض...

7
ب التجريد الصريح شرح كتايحمع الصحاديث احا ة الشيخ الدكتور فضيل ر ي ض خ ل له ا ل د ا ب ع ن ب م ي ر لك د ا ب ع اء ت ف لإ ل مه# ئ الدا& ة( ن ج ل ل و ا ض ع ماء و ل ع لر ا ا ب ك ة# ن ي ه و ض ع)ولىحلقة اال( / / 14 ن الرحيم الرحم بسم

Upload: dinhtruc

Post on 09-Jun-2018

215 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: 7shkhudheir.com/files/د0006_001_كتاب بدء... · Web viewومسلم بعد وبعض الغرب مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع ولعل مرد التفضيل

شرح كتاب التجريد الصريحألحاديث اجلامع الصحيح

فضيلة الشيخ الدكتورعبد الكريم بن عبد الله الخضير

عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة لإلفتاء

)الحلقة األولى(

/ / 14

بسم هللا الرحمن الرحيم

Page 2: 7shkhudheir.com/files/د0006_001_كتاب بدء... · Web viewومسلم بعد وبعض الغرب مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع ولعل مرد التفضيل

2التجريد الصريح– الحلقة األولى

ومن إن الحم��د هلل، نحم��ده ونس��تعينه ونس��تغفره ونت��وب إلي��ه، ونع��وذ باهلل من ش��رور أنفس��نا، س��يئات أعمالن��ا، من يه��ده هللا فال مض���ل ل��ه، ومن يض���لل فال ه��ادي ل��ه، وأش���هد أن ال إل��ه إال هللا وح��ده ال ش��ريك ل��ه، وأش��هد أن محم��دا عب��ده ورس��وله وأمين��ه على وحي��ه وص��فيه من خلق��ه، وخيرت��ه من بريت��ه، ص��لى هللا علي��ه وعلى آل��ه

وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

ف��إن س��نة الن��بي -علي��ه الص��الة والس��الم- عن��د عم��وم األم��ة هي ث��اني مص��ادر التش��ريع اإلس��المي المعت��برة عن��د أه��ل العلم، ولم ين��ازع في ذل��ك إال من أعمى هللا قلب��ه من المبتدع��ة ال��ذين يمرق��ون من ال��دين كم��ا يم��رق الس��هم من الرمي��ة، كما جاء وصفهم في الح�ديث الص�حيح، وق�د ق��رن هللا س�بحانه وتع�الى طاع�ة رس��وله -علي�ه الص��الة والس��الم- بطاعت��ه

أولي األ�مر منكم{-عز وجل-، فقال تعالى: سول� و� أ�طيعوا الر � و� نوا أ�طيعوا هللا� ا الذين� آم� ،[59 ]س���ورة النس���اء }ي�ا أ�يه�{ وق��ال تع��الى: افرين� لوا ف�&إن هللا�� ال� يحب الك�& ول� ف&إن ت�و� س&& الر � و� وق��ال ع��ز من [32]س��ورة آل عم��ران }قل أ�طيعوا هللا�

{ قائ��ل: م&ون� ول� ل�ع�لكم ترح� س& الر � و� أ�طيع&وا هللا� د وق��ال تع��الى: [132]س��ورة آل عم��ران }و� ول�ه ف�ق�& س& ر� ع هللا� و� م�ن يط& }و�ظيما{ ا{ وقال جل من قائل: [71]سورة األحزاب ف�از� ف�وزا ع� بين&& ال م ال� ل ض&&� د ض� سول�ه ف�ق� ر� م�ن ي�عص هللا� و� ]س��ورة}و�

.[36األحزاب ذ�روا{يق���ول الش���اطبي في الموافق���ات في قول���ه تع���الى: اح&& ول� و� س&& أ�طيع&&وا الر � و� أ�طيع&&وا هللا� ق���ال: [92]س���ورة المائ���دة }و�

وس��ائر م��ا ق��رن هللا في��ه طاع��ة رس��وله -ص��لى هللا علي��ه وس��لم- بطاعت��ه فه��و دال على أن طاع��ة هللا م��ا أم��ر ب��ه ونهى عنه في كتابه، وطاعة الرسول -صلى هللا عليه وسلم- ما أمر به ونهى عنه مما جاء ب��ه مم��ا ليس في الق��رآن، إذ ل��و

كان في القرآن لكان من طاعة هللا.يت�وق��ال ج��ل وعال: ا م�ما ق�ض&&� ج&& ر� هم ح� دوا في أ�نفس&& ر� ب�ين�هم ثم ال� ي�ج&& ج� ا ش&&� ك�م&&وك� فيم�&& تى� يح� ب�ك� ال� يؤمن&&ون� ح� ر� }ف�ال� و�ليما{ ل�موا ت�س&& يس&&� يق����ول العالم����ة ابن القيم في إعالم الم����وقعين: أقس����م س����بحانه بنفس����ه على نفي [65]س����ورة النس����اء و�

اإليمان عن العباد حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الدقيق والجلي��ل، ولم يكت��ف في إيم��انهم به��ذا التحكيما منهم ب��ذلك ح��تى يس��لموا بمجرده حتى ينتفي عن صدورهم الحرج والضيق من قضائه وحكمه، ولم يكت��ف منهم أيض��

تسليما، وينقادوا انقيادا.ااإلم��ام الش��افعي رحم��ه هللا في الرس��الة يق��ول: ه��ذه اآلي��ة يع��ني قول��ه تع��الى: ك�موك� فيم� تى� يح� ب�ك� ال� يؤمنون� ح� ر� }ف�ال� و�

ر� ب�ين�هم{ ج� ه��ذه اآلي��ة ن��زلت فيم��ا بلغن��ا -وهللا أعلم- في رج��ل خاص��م الزب��ير في أرض، فقض��ى [65 ]س��ورة النس��اء ش� الن����بي -ص����لى هللا علي����ه وس����لم- به����ا للزب����ير، وه����ذا القض����اء س����نة من رس����ول هللا -ص����لى هللا علي����ه وس����لم- ال حكما في ا منصوص�� منصوص في القرآن، والقرآن يدل وهللا أعلم على ما وصفت؛ ألنه ل��و ك�ان قض��اء ب��القرآن لك��ان حكم�ا غ��ير مش��كل األم��ر أنهم ليس��وا بمؤم��نين إذ ردوا حكم كت��اب هللا، وأش��به أن يكون��وا إذا لم يس��لموا لحكم كت��اب هللا نص��

التنزيل فلم يسلموا. المقدم: فضيلة الدكتور كأنكم تشيرون أيضا من خالل هذه النقول إلى وجود فرق بين القبول والرضا أيضا بالنسبة للسنة، فال يعني فقط مجرد القبول بحكم السنة اإليمان، ال بد مع القبول بالرض&ا، ل&و وج&&د من قب&ل الس&نة ولكن&ه لم

يرض بها فال يحكم له بهذا األمر.

Page 3: 7shkhudheir.com/files/د0006_001_كتاب بدء... · Web viewومسلم بعد وبعض الغرب مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع ولعل مرد التفضيل

3 فضيلة الشيخ عبد الكريم

الخضير 3 أوال: التحكيم، التحاكم إلى السنة، ثم القبول والرضا، القب��ول والرض��ا بم��ا حكم ب��ه الرس��ول -علي��ه الصالة والسالم-، ثم بع�د ذلكم التس��ليم واالنقي�اد لم�ا حكم ب�ه -علي��ه الص��الة والس��الم-، لكن ق��د يق�ول قائ�ل أن اإلنس��ان ق���د يج���د في نفس���ه ش���يئا من الحكم إذا ك���ان ض���د مص���الحه، كم���ا يوج���د من كث���ير من يحكم عليهم عن���د القض���اة إذا ك���ان الحكم ليس في ص��الحهم ف��إنهم يج��دون في أنفس��هم وال ب�د، المقص��ود أال يتح�دث بم��ا في نفس�ه، وال يحمل�ه ه�ذا على أن

يقدح في الحكم الشرعي.

أما وجود ذلك في نفسه فهذا أمر جبلي، كل إنسان ي��ود أن يك��ون الحكم لص��الحه، ومن ذلكم م��ا يث��ار كث��يرا من قض��ايا تع��دد الزوج��ات مثال، كث��ير من النس��وة تع�رف أن ه�ذا ش��رع هللا، وه�ذا حكم هللا، لكن ال ترض��ى أن تك��ون زوج��ة ثاني��ةر مص��لحتها، لكن ال ب�د من الرض�ا واالنقي�اد لحكم هللا وحكم رس��وله، ولنعلم أن ه�ذا ش�رع من أو ثالث�ة، وهي ال�تي تق�د هللا سبحانه وتعالى، فال بد من الرضا ب�ه س�واء ك�ان في كتاب�ه أو ج�اء على لس�ان رس�وله -علي�ه الص�الة والس�الم- ال

فرق. المقدم: فضيلة الدكتور: في قولكم في المقدمة بأنها هي المصدر الثاني من مصادر التشريع، هذا الترتيب فق&&ط من

أهل العلم بحيث جعلوا مصدرا أوال ومصدرا ثانيا ومصدرا ثالثا. نعم، باعتبار أن المتكلم في كتاب هللا سبحانه وتعالى هو هللا -عز وجل-، فالقرآن يختلف عن السنة من وج��وه منه��ا: أن���ه متعبد بتالوت���ه، والس���نة وإن ك���ان يجب تحكيمه���ا، ويجب اإليم���ان به���ا، ويجب العم���ل بمقتض���اها، إال أن���ه ال يتعب���د

بتالوتها.المقدم: لكن حجيتها كحجية...

حجيتها مثل القرآن تماما.المقدم: لكن التقسيم إنما مراد الفقهاء بالتقسيم لذات التقسيم.

ى* إن ه&&و� إالل��ذات التقس��يم باعتب��ار القائ��ل، وإال فالس��نة وحي كم��ا ج��اء عن هللا -ع��ز وج��ل-: و� ن اله� ا ي�نطق ع� م� }و�ى{ حي يوح� يقوله في حق نبيه -عليه الصالة والسالم-. ثبت عنه -عليه الص��الة والس��الم- أن��ه [4-3]سورة النجم و�

»ال ألفين أح��دكم متكئا على أريكت��ه، يأتي��ه األم�ر من أم��ري مم��ا وقال -علي��ه الص��الة والس��الم-: »عليكم بسنتي«قال: رواه أب��و داود والترم��ذي وابن ماج��ه منأم��رت ب��ه، أو نهيت عن��ه، فيق��ول: ال أدري، م��ا وج��دنا في كتب هللا اتبعن��اه«

حديث أبي رافع.

»أال إني أوتيت الق�رآن ومثل�ه مع��ه، أال يوش��ك رج�ل ش��بعان على أريكت�هوجاء عنه -عليه الصالة والسالم- أنه ق�ال: يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حالل فأحلوه، وما وجدتم في��ه من ح��رام فحرم��وه، وإنم�ا ح�رم رس��ول هللا كم���ا ح���رم هللا، أال ال يح���ل لكم الحم���ار األهلي، وال ك���ل ذي ن���اب من الس���باع، وال لقط���ة معاه���د إال أن يس���تغني عنه���ا

الحديث مخرج في السنن، سنن أبي داود والترمذي والحاكم عن المقدام بن معدي كرب.صاحبها«

على كل حال السنة بالنسبة لالحتجاج مثل القرآن سواء بسواء، ال تختلف عنه، فما ثبت بالسنة يجب العم��ل ب��ه س��واءقلنا: أنه مثل القرآن في القطعية في الثبوت أو دونه.

المقدم: اخترتم كتاب التجريد الصريح ألحاديث الجامع الصحيح، ما المراد بالجامع الصحيح هنا؟

Page 4: 7shkhudheir.com/files/د0006_001_كتاب بدء... · Web viewومسلم بعد وبعض الغرب مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع ولعل مرد التفضيل

4التجريد الصريح– الحلقة األولى

الذي الجامع الصحيح المراد به ما اشتهر عند الناس واستفاض لديهم صحيح البخاريسماه مؤلفه الجامع الصحيح المختصر من أمور رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم- وسننه وأيامه.

المقدم: لعلكم تتحدثون إذا عن البخاري وعن صحيحه ما دام هذا الكتاب باختصار. البخ���اري رحم���ه هللا تع���الى ه���و أم���ير المؤم���نين في الح���ديث: أب���و عب���د هللا محم���د بن إس���ماعيل بن إب���راهيم بن بردزب���ه

ه���( ببخ��ارى، وم��ات أب��وه وه��و ص��غير، فكفلت��ه أم��ه وأحس��نت تربيت��ه، وق��د ظه��ر194البخ��اري، ول��د رحم��ه هللا تع��الى )ا، ووف��ق لحف��ظ نبوغ��ه من ص��غره وه��و في الكت��اب، فرزق��ه هللا س��بحانه وتع��الى قلب��ا واعي��ا وحافظ��ة قوي��ة، وذهن��ا ح��اد الح���ديث فأخ���ذ من���ه بح���ظ كب���ير، ولم���ا يبل���غ العاش���رة من عم���ره، ثم ص���ار يختل���ف إلى علم���اء عص���ره وأئم���ة بل���ده فأخ���ذ الح��ديث والعلم عنهم، وص��ار ي��راجعهم في بعض م��ا س��مع منهم، وق��د بل��غ ع��دد ش��يوخه فيم��ا روي عن��ه ثم��انين وأل��ف نفس ليس فيهم إال صاحب حديث، وقد بلغت محفوظاته رحمه هللا أن��ه يحف��ظ من الح��ديث الص��حيح مائ��ة أل��ف، ويحف��ظ

مائتي ألف حديث غير صحيح، يحفظ هذا الكم الهائل من السنة، فرحمه هللا تعالى رحمة واسعة. وقد أثنى عليه جمع من الحفاظ من أقرانه، فق��د ق��ال أب�و ح��اتم ال��رازي: لم تخ�رج خرس�ان ق��ط أحف�ظ من��ه، وال ق��دم إلى الع��راق أعلم من��ه، وك��ذلك أث��نى علي��ه ال��دارمي عب��د هللا بن عب��د ال��رحمن فق�ال: رأيت علم��اء الح��رمين والحج��از والش��ام والع��راق، فم��ا رأيت فيهم أجم��ع من محم��د بن إس��ماعيل وروى الح��اكم بس��نده أن مس��لما اإلم��ام ص��احب الص��حيح ج��اء إلى البخاري فقبله بين عينيه، وقال: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ األستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في

علله. وأما ثناء من جاء بعده فيكفي في ذلك ق��ول الحاف�ظ ابن حج�ر رحم�ه هللا تع�الى في مقدم�ة الفتح، يق�ول: ل�و فتحت ب�اب

ثناء األئمة عليه ممن تأخر عن عصره لفني القرطاس، ونفذت األنفاس، فذلك بحر ال ساحل له. وعلى كل حال ترجمة اإلمام البخاري مدونة ومسطرة ومفردة ومع غ�يره من األئم��ة، ص��نفت في ترجمت��ه المص��نفات ال��تي منه��ا المجل��د، ومنه��ا المجل��دان، ومنه��ا م��ا يبل��غ المئ��ات من الص��فحات في ثناي��ا الكتب، وأل��ف عن كتاب��ه الص��حيح العش���رات من المؤلف���ات والرس���ائل العلمي���ة، ك���ل يتناول���ه من جه���ة، وال ي���زال الص���حيح بحاج���ة إلى خدم���ة، وإن ك���ان مشروحا من أكثر من ثمانين شرحا فيما عده صاحب كشف الظنون، والشروح أضعاف هذا العدد ال�ذي ذك��ره مم��ا لم

يطلع عليه وممن تأخر عنده. اإلم��ام البخ�اري ل�ه مص��نفات غ�ير الج�امع الص��حيح، الت��واريخ الثالث��ة )الكب��ير واألوس��ط والص��غير( ل��ه التفس�ير الكب�ير،

وله األدب المفرد، وله القراءة خلف اإلمام، ورفع اليدين، وله غيرها من الكتب.ا، بقري��ة يق��ال له��ا خرتن��ك على فرس��خين من256ت��وفي رحم��ه هللا ليل��ة عي��د الفط��ر س��نة ) ه���( عن اثن��تين وس��تين عام��

سمرقند.المقدم: كانوا يتكلمون العربية، فضيلة الدكتور، في بخارى قبل أن يتعلمها هو؟

نعلم أن األعاجم لما دخلوا في اإلسالم عنوا بلغة اإلسالم، بلغة القرآن، فتعلموها وأتقنوها وض��بطوها وحفظوه�ا ح�تى ب��رز أك��ثرهم وص��نف فيه��ا، ب��ل أك��ثر الم��ؤلفين والمص��نفين في عل��وم العربي��ة بفروعه��ا العش��رة منهم، ويكفين��ا من ذلكم س���يبويه ص���احب الكت���اب، ليس بع���ربي، وه���و أش���هر كت���اب في العربي���ة على اإلطالق، على ك���ل ح���ال معرف���ة األع���اجم

ا تغني عن اإلفاضة في هذا الموضوع. للعربية أمر مستفيض وظاهر ومعروف، ومؤلفاتهم كثيرة جد

Page 5: 7shkhudheir.com/files/د0006_001_كتاب بدء... · Web viewومسلم بعد وبعض الغرب مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع ولعل مرد التفضيل

5 فضيلة الشيخ عبد الكريم

الخضير 5 صحيح اإلمام أبي عبد هللا محمد بن إسماعيل البخاري أول كتاب صنف في الصحيح المج��رد من غ��يره، فق��د ك��ان األئم��ة قب��ل اإلم��ام البخ��اري ال يقص��رون مؤلف��اتهم على األح��اديث الص��حيحة، ب��ل ك��انوا يجمع��ون بين الص����حيح والحس�����ن الض����عيف، ت����اركين التمي�����يز بينه����ا إلى معرف�����ة الق����ارئين والط����البين إلى معرف�����ة ه����ؤالء بالرج����ال، ومق��درتهم على التمي��يز بين المقب��ول والم��ردود، وق��د ك��انوا ال يهتم��ون للتمي��يز فيم��ا تق��دم من األزم��ان؛ ألنهم عن��دهم أن من ذك���ر اإلس���ناد فق���د ب���رئ من العه���دة، والمطل���ع على ه���ذه األس���انيد يس���تطيع أن يم���يز، لكن لم���ا دخلت العل���وم، وك���ثر الداخلون في اإلسالم، وقلت العناية بعلوم الشرع، احتاج الناس إلى من يميز لهم الصحيح من غيره، فجاء اإلم��ام أب��و عبد هللا محم�د بن إس�ماعيل البخ�اري فص��نف كتاب��ه الص�حيح، ف��رأى أن يخص الص��حيح ب�الجمع ف��ألف كتاب�ه الم�ذكور،

وفي هذا يقول الحافظ العراقي رحمه هللا تعالى:أول من صنف في الصحيح

ومسلم بعد وبعض الغرب معمحمد وخص بالترجيح

أبي علي فضلوا ذا لو نفع

اإلمام الشافعي رحمه هللا تعالى روي عن�ه أن�ه ق��ال: م�ا على ظه��ر األرض كت��اب بع�د كت�اب هللا أص�ح من كت�اب مال�ك وهذا كان قبل وجود الصحيحين، وإال لو رأى اإلمام الشافعي رحمه هللا تع��الى ه��ذين الكت��ابين أع�ني ص��حيح البخ��اري وص��حيح مس��لم لم��ا ق��ال ه��ذه المقال��ة، وش��واهد األح��وال وواق��ع ه��ذه الكتب يش��هد بم��ا ذكرن��ا ول��ذا ف��إن ص��حيح البخ��اري أصح الكتب بعد كتاب هللا سبحانه وتعالى عند جماهير العلماء، وذهب بعض المغاربة إلى تفضيل صحيح مسلم، كما

أشار الحافظ العراقي رحمه هللا:أبي علي فضلوا ذا لو نفعومسلم بعد وبعض الغرب مع

ولع��ل م��رد التفض��يل وس��ببه أن ص��حيح مس��لم ليس في��ه بع��د الخطب��ة إال ح��ديث س��رد، فق��د ج��رده اإلم��ام مس��لم رحم��ه هللا من الموقوف����ات، وفت����اوى الص����حابة والت����ابعين، كم����ا نق����ل ذل����ك القاس����م التجي����بي عن ابن ح����زم، وه����ذا غ����ير راج����ع إلى األصحية، نعم إذا نظرنا إلى الصحيحين من هذه الحيثية وجدنا ص��حيح اإلم��ام مس�لم مج��رد، ليس في��ه إال الح��ديث بع�دا الخطبة، حتى التراجم اإلم��ام مس�لم م��ا ت��رجم كتاب��ه، بخالف البخ�اري ال�ذي يش��تمل على آالف ال�تراجم، ويش��تمل أيض��

على آالف الموقوفات من أقوال الصحابة والتابعين وفتاويهم.

المقص��ود ب��التراجم األب��واب، ب��اب م��ا ج��اء في ك��ذا، ب��اب حكم ك��ذا، ب��اب.. إلى آخ��ره، ه��ذه هي ال��تراجم، اإلم��ام مس��لم جرد كتابه منها، وكون اإلمام مسلم جرد كتابه من الموقوفات والمقطوع��ات من أق��وال الص��حابة والت��ابعين ه��ذا غالب��ا،

وإال يوجد فيه عدد يسير جدا من الموقوفات، وفيه أيضا بعض المعلقات، وإن كانت يسيرة جدا.

من الموقوفات التي في صحيح مس��لم، ق��ول يح��يى بن أبي كث�ير: ال يس��تطاع العلم براح�ة الجس��م، ه�ذا الموق��وف أدخل��ه اإلمام مسلم رحمه هللا بين أحاديث مواقيت الصالة، وأشكل على جمع من الشراح مناسبة له��ذا الخ��بر وه��ذا األث��ر عن يحيى بن أبي كثير بين أحاديث مرفوعة في مواقيت الصالة، ولعل اإلمام مسلم رحمه هللا تعالى أعجب�ه س��ياق المت�ون واألس����انيد، وأراد أن يلمح أن مث����ل ه����ذا الض����بط وه����ذا اإلتق����ان ال ي����أتي براح����ة، ال ي����أتي م����ع الراح����ة، وال ي����أتي م����ع االس��ترخاء، ب��ل ال ب��د من إتع��اب الجس��م، ول��ذا ق��ال رحم��ه هللا تع��الى: ال يس��تطاع العلم براح��ة الجس��م، أو ال ين��ال العلم

Page 6: 7shkhudheir.com/files/د0006_001_كتاب بدء... · Web viewومسلم بعد وبعض الغرب مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع ولعل مرد التفضيل

6التجريد الصريح– الحلقة األولى

براحة الجسم، هذا الذي ذكروه وما نقل عن بعض المغاربة أن س��بب التفض��يل تجري��د اإلمام مسلم لكتابه من الموقوف��ات وأق��وال الص��حابة والت��ابعين وفت�اويهم، ه�ذا غ�ير راج��ع إلى األص��حية، المفاض��لة بينل مس��لم على البخ��اري أب��و علي الص��حيحين في األح��اديث األص��ول المرفوع��ة ال��تي هي العم��دة في الكت��اب. ممن فض�� النيس��ابوري، وأش��ار إلي��ه الحاف��ظ الع��راقي فيم��ا تق��دم، روي عن��ه أن��ه ق��ال: م��ا تحت أديم الس��ماء كت��اب أص��ح من كت��ابا لنفي األص��حية مس��لم وكالم��ه كم��ا أش��ار ابن حج��ر محتم��ل للم��دعى أن��ه أص��ح من كت��اب البخ��اري، وه��و محتم��ل أيض�� خاصة دون المساواة، كونه ال يوجد أص�ح من�ه ال ينفي أن يوج�د مس�اوي ل�ه، ك�ون ص�حيح مس�لم ال يوج�د كت�اب على وج��ه األرض أص��ح من��ه ال ينفي أن يوج��د كت��اب مس��او ل��ه في األص��حية، ويتأي��د ذل��ك بحكاي��ة التس��اوي ق��وال ثالث��ا في المس��ألة، ف��أبو علي إنم��ا نفى وج��ود كت��اب أص��ح من كت��اب مس��لم، ولم ين��ف المس��اوي، ه��ذا م��ا ق��رره ابن حج��ر وتبع��ه

عليه الحافظ السخاوي.ه هلللكن شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى في مجموع الفتاوى في تفسير قوله تعالى: جه�&& ن دينا م�من أ�سل�م� و� ن أ�حس� م� }و�

هو� محسن{ يقول: فإن قيل: اآلية نص في نفي دين أحسن من دين هذا المس��لم لكن من أين ل��ه [125]سورة النساء و� أنه ليس هناك دين مثله؟ اآلي�ة نص في نفي دين أحس�ن من دين اإلس�الم، لكن من أين له��ذا المس��لم أن ي�دعي أن�ه ليس هناك دين مثله؟ أجاب رحمه هللا تعالى على هذا اإلشكال من وجوه: والوجه األول هو الذي يعنينا هنا، فقال: أحدها: أن هذه الصيغة وإن كانت في أصل اللغة لنفي األفضل لدخول النفي على أفعل فإنه كثيرا ما يض��مر بع��رف الخط��ابال علي��ه في اإلثب�ات، فإن�ك إذا قلت: ه�ذا ال�دين أحس�ن من ه�ذا ك�ان المج�رور بمن ل الم�ذكور المج�رور بمن مفض� يفض مفض���ال علي��ه، واألول مفض���ال، ف���إذا قلت: ال أحس��ن من ه��ذا أو من أحس���ن من ه���ذا إذا قلت ال أحس���ن من ه���ذا أو من أحسن من هذا أو ليس فيهم أفضل من هذا، أو ما عندي أعلم من زيد، أو ما في القوم أصدق من عم��رو، أو م��ا فيهم خير من��ه، ف��إن ه�ذا الت�أليف ي�دل على أن��ه أفض��لهم وأعلمهم وخ�يرهم، ب��ل ق��د ص��ارت حقيق�ة عرفي�ة، يع��ني ه�ذه العب�ارة ص���ارت حقيق���ة عرفي���ة في نفي فض���ل ال���داخل في أفع���ل، وتفض���يل المج���رور على الب���اقين، وأنه���ا تقتض���ي نفي فض���لهم وإثبات فضله عليهم، وضمنت معنى االستثناء كأنك قلت: ما فيهم أفضل من هذا أو ما فيهم المفضل إال هذا، ثم ذكر

رحمه هللا بقية الوجوه.

مف���اد كالم الش���يخ رحم���ه هللا تع���الى أن قولن���ا: ال يوج���د أفض���ل من فالن أو م���ا على وج���ه األرض أفض���ل من فالن أن الحقيقة العرفية تدل على تفضيل هذا المذكور على جمي��ع من على وج��ه األرض، فص��ار حقيق��ة عرفي��ة، وإن ك��ان في األص���ل اللغ���وي أنه���ا تنفي األفض���ل، وال تنفي وج���ود المس���اوي، ه���ذا كالم الش���يخ رحم���ه هللا تع���الى، يق���ول: ف���إن ه���ذا

التأليف يدل على أنه األفضل واألعلم والخير.

شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى حينما ذكر هذا الكالم وهو كالم جميل ونفيس، يرد عليه ما ذكره ابن القطاع في ش��رح »م��ا أقلت الغ��براءدي��وان المتن��بي ق��ال: ذهب من ال يع��رف مع��اني الكالم إلى أن مث��ل قول��ه -ص��لى هللا علي��ه وس��لم-:

»م��ا أقلت الغ�براء وال مقتض��اه أن يك�ون أب�و ذر أص�دق الع��الم أجم�ع، وال أظلت الخض�راء أص�دق لهج�ة من أبي ذر« فمقتضاه أن يكون أب�و ذر أص��دق الع�الم أجم�ع، ق��ال: وليس المع��نى ك��ذلك،أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر«

وإنم���ا نفى أن يك���ون أح���د أعلى رتب���ة في الص���دق من���ه، ولم ين���ف أن يك���ون في الن���اس مثل���ه في الص���دق، ول���و أراد م���ا

Page 7: 7shkhudheir.com/files/د0006_001_كتاب بدء... · Web viewومسلم بعد وبعض الغرب مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع ولعل مرد التفضيل

7 فضيلة الشيخ عبد الكريم

الخضير 7ج في المس���ند والترم���ذي وابن ذهب���وا إلي���ه لق���ال: أب���و ذر أص���دق من ك���ل من أقلت والح���ديث مخ���ر

نه الترمذي والسيوطي واأللباني، وقال الحافظ: إسناده جيد. ماجه، والحديث بمجموع طرقه حسن، حس المق&&دم: ك&&أني فهمت أن ش&&يخ اإلس&&الم رحم&&ه هللا ال يؤي&&د أن ص&&حيح مس&&لم أفض&&ل من ص&&حيح البخ&&اري وال ح&&تى

مساويا له، وإنما يقول: أن هذه العبارة خاطئة، هل هكذا فهمي صحيح؟ ش��يخ اإلس��الم ابن تيمي��ة رحم��ه هللا تع��الى ال يع��رض للص��حيحين، كالم��ه ليس ل��ه عالق��ة بالص��حيحين في اآلي��ة، كالم��ه

أبا علي النيسابوري يرى أن صحيح مسلم أفض�ل به�ذه العب�ارة، وال يع�نييوضح لنا كالم أبي علي النيسابوري، وأنأنه ينفي األفضل بل يثبت المساوي ال، ال يعني هذا.

المق&&&دم: فهم اآلي&&&ة ح&&&تى أن من ق&&&ال أن&&&ه أق&&&ر ب&&&أن ص&&&حيح مس&&&لم أفض&&&ل من ص&&&حيح البخ&&&اري لم ين&&&ف أن يكون&&&امتساويين، لكن من فهم اآلية ينفي أن يكونا متساويين.

»م��انعم، إذا قلنا: الحقيقة العرفية لمثل هذا التركيب يجعل المذكور أفضل من غيره مطلقا، نأتي إلى الحديث حديث: ال يوجد على ظهر األرض أصدق لهجة من أبي ذر.أقلت الغبراء وال أظلت الخضراء«

ن{المقدم: مثل ن أ�حس� م� ؟}و� مث��ل اآلي��ة ومث��ل ق��ول أبي علي، مفه��وم على مقتض��ى كالم ش��يخ اإلس��الم أن يك��ون أب��و ذر أص��دق الع��الم أجم��ع، جمي��ع من وطئ على وج��ه األرض أب��و ذر أص��دق من��ه، لكن ه��ذا غ��ير م��راد بال ش��ك إذ األنبي��اء أص��دق، الص��ديق أص��دق، التي أثبتها النبي -عليه الصالة والسالم- أثبت ل�ه الص��دق، وس��مي الص��ديق، واس��تحق ه��ذا الوص��ف ال�ذي ه��و وص��ف المبالغة لما اتصف به من هذا الوصف، لكن لعل الحديث جرى مج��رى المبالغ��ة في إثب��ات ص��دق أبي ذر، ولم تقص��د

حقيقة هذه المبالغة.