*1*الجزء 10 من الطبعة · web viewو"نحن" يجوز أن يكون...

429
* 1 ء ز ج لا* 10 عة ب لط ا ن م* 2 ز ج ح ل ا ورة س* * 3 : ة ي الآ* 1 } ن# ي ب م ن را ق و اب ب ك ل ا اب ي ا0 لك ي ر لا{ ل،# 7 ي ج ن; والآ وراة 7 ت ل ا ن م ة7 دم ق ب م ل ا ب ت ك ل س ا ن ج لم7 س ة ا 7 ي; ة: ا 7 ي ف ل 7 ب ف اب 7 ب ك ل ا اة. و 7 ب ع م دم 7 ق ت" " @ . ن مي س الآ ن# ي ب ع لة م ج، ن زا لق و ا ه اب ب ك ل ل: ا ب ف . و ن# ي ب م ل ا اب ب ك ل ا ما ي ه ن ر ق م^ ث* 3 : ة ي الآ* 2 } ن مي ل س م وا ن و كا لزوا كق ن ي الد ود ن ما بر{ ام 7ا ق7 م ب ول: ر 7 ق تل7 ع ق ل ى ا عل ول خد7 ل لا7 ه نv ا ب ها7 ما7 ه ت ق ح ل ا ا; د 7ل، ق7 ع ق ل ى ا عل ل خ د لآ ي رب"" " "@ ء 7 ش رب يv ة؛ ا7 ل ة ف7 ود ص 7 ن ء، و 7 ش ى ن7 ع م ب رة7 ك يا7 م ون7 ك ي نv ا ور 7 ح ن د. و 7 ي وم ر 7 ق ت ما ب د، ور ي ر" " "" م: ث ا7 و خ نv ل ا ا . ق ان ب ع ل ما ه ، و دة د^ س م ون ق ا ب لء. ا ا ب ل ا ف ق ح م ما ب ر م ص وعا ع ف ا يv را ق ر. و قا ود الك ن" " ز: ع ا^ س لل ا ا ما؛ ق ب ر ون ق ق ح ن ار ج ح ل ل ا هv ا لآء ج ن ة ي ع ط و7 ري ص ب ن# ي ب ل ب ق ص ف بس ب ة ري ض ماَ ّ ب ر ا. 7 ض بv ا دها دي^ 7 س ب اء و ب ل ا ف ب ق ح ت ب ا،َ مَ تَ بُ ّ ا ورَ مَ تَ ّ بُ ّ ا، ورَ مَ بَ ا ورَ مَ ّ بَ ها: ر ت ف ى خك ها. و ن و ل ق^ ب ب عة ب£ ب س ور ن ق م و ي م ب و وا ن ا7 و ك7 ل رة ي^ 7 ث ك اب 7 وقv ا ى ف ار 7 ق ك ل ود ا 7 ن يv ا7 ر؛ ي^ 7 ث ك ل ا ى ف ل م ع ب7 س ب د 7 ل وق 7 ب ل ق ل ا ى ف ل م ع ب7 س ب نv ا ها ل7 صv وا ز: ع ا^ س ل ول ا ق ة ي م . و ون ت ف و ك للة ا ا ؛ ق ن مي ل س م دي ج ن لآ0 ك ب ع ها نv ا ها مت0راك ضا ق زة ظ ب ن عي ل ا0 لك هدبv ا ما ب لآ رv ا م ه ل ع^ ش ل ها؛ كل ى ف ع لآ ص وا م ل ا ض ع ت ى ف0 لك وا د ل ا م ق ه نv ع؛ لآ ص و م ل ا ا هد ى ف ل ب ل ق ب ل ل ى ه م: ه عض ت ال وق د 7 ق ان 7 ب ع ة 7 يv د كا7 وع ل ا ضدق ل ة يv ع؛ لآ ف ما و ل ون ك ي ما ب; ا ى هد و و ن ما ب ر ال: م. ق علv لة ا ، وال اب عد ل ا ي" " ة7 ل ى ال ل7 صة7 ل ال ول س ال ر ال: ق لة ق دال ب ع ن ير ب ا خ^ ث ي خد ن م م س ا ق ل و ا نv ا ي ن را لطي ا زج خ . و كان

Upload: others

Post on 25-Dec-2019

8 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

من الطبعة10*الجزء 1**سورة الحجر2* }الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين{1*اآلية: 3*

@ تقدم معناه. و"الكتاب" قيل فيه: إنه اس**م لجنس الكتب المتقدم**ة من التوراة واإلنجيل، ثم قرنهما بالكت**اب الم**بين. وقي**ل: الكت**اب ه**و الق**رآن،

جمع له بين االسمين. }ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين{2*اآلية: 3*

@ "رب" ال تدخل على الفعل، فإذا لحقتها "ما" هيأتها للدخول على الفعل تقول: ربما قام زيد، وربما يقوم زيد. ويج**وز أن تك**ون "م**ا" نك**رة بمع**نى شيء، و"يود" صفة له؛ أي رب شيء يود الكافر. وقرأ نافع وعاصم "ربما" مخفف الباء. الباقون مشددة، وهم**ا لغت**ان. ق**ال أب**و ح**اتم: أه**ل الحج**از

يخففون ربما؛ قال الشاعر: ما ضربة بسيف صقيل بين بصرى وطعنة نجالء رب

بتم**ا، تم**ا ور ب م**ا وربم**ا، ور وتميم وقيس وربيع**ة يثقلونه**ا. وحكي فيه**ا: رب بتخفيف الباء وتشديدها أيضا. وأصلها أن تستعمل في القليل وقد تس**تعمل في الكث**ير؛ أي ي**ود الكف**ار في أوق**ات كث**يرة ل**و ك**انوا مس**لمين؛ قال**ه

الكوفيون. ومنه قول الشاعر: أال ربما أهدت لك العين نظرة قصاراك منها أنها عنك ال تجدي

وق**ال بعض**هم: هي للتقلي**ل في ه**ذا الموض**ع؛ ألنهم ق**الوا ذل**ك في بعض المواضع ال في كلها؛ لشغلهم بالعذاب، والله أعلم. قال: "ربم**ا ي**ود" وهي إنما تكون لما وقع؛ ألنه لصدق الوعد كأنه عيان قد ك**ان. وخ**رج الط**براني أبو القاسم من حديث جابر بن عبدالله قال: ق**ال رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم: )إن ناسا من أمتي يدخلون النار بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الل**ه أن يكون**وا ثم يع**يرهم أه**ل الش**رك فيقول**ون م**ا ن**رى م**ا كنتم تخالفونا فيه من تصديقكم وإيمانكم نفعكم فال يبقى موحد إال أخرج**ه الل**ه من النار - ثم قرأ رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم - "ربم**ا ي**ود ال**ذين كفروا لو كانوا مس**لمين"(. ق**ال الحس**ن" إذا رأى المش**ركون المس**لمين وق**د دخل**وا الجن**ة وم**أواهم في الن**ار تمن**وا أنهم ك**انوا مس**لمين. وق**ال الضحاك: هذا التمني إنما هو عند المعاينة في ال**دنيا حين ت**بين لهم اله**دي

من الضاللة. وقيل: في القيامة إذا رأوا كرامة المؤمنين وذل الكافرين. }ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم األمل فسوف يعلمون{3*اآلية: 3*

@قول**ه تع**الى: "ذرهم ي**أكلوا ويتمتع**وا" تهدي**د لهم. "ويلههم األم**ل" أي يشغلهم عن الطاعة. يقال: ألهاه عن كذا أي شغله. ولهي ه**و عن الش**يء يلهى. "فسوف يعلمون" إذا رأوا القيامة وذاقوا وبال ما صنعوا. وهذه اآلي**ة

منسوخة بالسيف. @ في مسند البزار عن أنس قال قال رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم: )أربعة من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وطول األمل والحرص على الدنيا(. وط**ول األم**ل داء عض**ال وم**رض م**زمن، وم**تى تمكن من القلب فس**د مزاج**ه واش**تد عالج**ه، ولم يفارق**ه داء وال نجح في**ه دواء، ب**ل أعي**ا األطباء ويئس من برئ**ه الحكم**اء والعلم**اء. وحقيق**ة األم**ل: الح**رص على

Page 2: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الدنيا واالنكباب عليها، والحب لها واإلعراض عن اآلخرة. وروي عن رس**ول الله صلى الله عليه وسلم أنه ق**ال: )نج**ا أول ه**ذه األم**ة ب**اليقين والزه**د ويهلك أخرها بالبخل واألمل(. ويروى عن أبي الدرداء رض**ي الل**ه عن**ه أن**ه قام على درج مسجد دمشق فقال: )ي**ا أه**ل دمش**ق، أال تس**معون من أخ لكم ناصح، إن من كان قبلكم كانوا يجمعون كثيرا ويبنون مش**يدا وي**أملون بعيدا، فأصبح جمعهم بورا وبنيانهم قبورا وأملهم غرورا. هذه عاد ق**د مألت البالد أهال وماال وخيال ورجاال، فمن يش**تري م**ني الي**وم ت**ركتهم ب**درهمين!

وأنشد: يا ذا المؤمل أماال وإن بعدت منه ويزعم أن يحظى بأقصاها أنى تفوز بما ترجوه ويك وما أصبحت في ثقة من نيل أدناها

وقال الحسن: )ما أطال عبد األم**ل إال أس**اء العم**ل(. وص**دق رض**ي الل**ه عنه! فاألمل يكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني، ويعقب التش**اغل والتق**اعس، ويخل**د إلى األرض ويمي**ل إلى اله**وى. وه**ذا أم**ر ق**د ش**وهد بالعيان فال يحتاج إلى بيان وال يطلب صاحبه ببره**ان؛ كم**ا أن قص**ر األم**ل

يبعث على العمل، ويحيل على المبادرة، ويحث على المسابقة. }وما أهلكنا من قرية إال ولها كتاب معلوم{4*اآلية: 3*

@ أي أجل مؤقت كتب لهم في اللوح المحفوظ. }ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون{5*اآلية: 3*

@ "من" صلة؛ كقولك: ما جاءني من أحد. أي ال تتجاوز أجلها فتزيد علي**ه، وال تتقدم قبله. ونظيره قوله تعالى: "فإذا جاء أجلهم ال يس**تأخرون س**اعة

[.34وال يستقدمون" ]األعراف: }وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون، لو ما7 -* 6*اآليتان: 3*

تأتينا بالمالئكة إن كنت من الصادقين{ @ قاله كفار قريش لمحمد صلى الله عليه وس**لم على وجه**ة االس**تهزاء، ثم طلب**وا من**ه إتي**ان المالئك**ة دالل**ة على ص**دقه. و"لوم**ا" تحض**يض على الفعل كلوال وهال. وقال الف**راء: الميم في "لوم**ا" ب**دل من الالم في ل**وال. ومثله استولى على الشيء واستومى علي**ه، ومثل**ه خالمت**ه وخاللت**ه، فه**و خلي وخلمي؛ أي صديقي. وعلى ه**ذا يج**وز "لوم**ا" بمع**نى الخ**بر، تق**ول: لوم**ا زي**د لض**رب عم**رو. ق**ال الكس**ائي: ل**وال ولوم**ا س**واء في الخ**بر

واالستفهام. قال ابن مقبل:

لوما الحياء ولوما الدين عبتكما ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري يريد لوال الحياء. وحكى النحاس لوما ول**وال وهال واح**د. وأنش**د أه**ل اللغ**ة

على ذلك: تعدون عقر النيب أفضل مج**دكم ب**ني ض**وطرى ل**وال الكمي

المقنعاأي هال تعدون الكمي المقنعا.

}ما ننزل المالئكة إال بالحق وما كانوا إذا منظرين{8*اآلية: 3* @ قرأ حفص وحمزة والكسائي "ما ننزل المالئكة إال بالحق" واخت**اره أب**ول **ز ل المالئك**ة". الب**اقون "م**ا ين *ز عبي*د. وق**رأ أب**و بك**ر والمفض**ل "م**ا تن المالئكة" وتقديره: ما تتنزل بتاءين حذفت إحداهما تخفيفا، وقد شدد الت**اء

[.4البزي، واختاره أبو حاتم اعتبارا بقوله: "تنزل المالئكة والروح" ]القدر:

Page 3: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ومعنى "إال بالحق" إال بالقرآن. وقيل بالرسالة؛ عن مجاهد. وقال الحس**ن: إال بالعذاب إن لم يؤمنوا. "وما كانوا إذا منظ**رين" أي ل**و ت**نزلت المالئك**ة بإهالكهم لما أمهلوا وال قبلت لهم توبة. وقيل: المع**نى ل**و ت**نزلت المالئك**ة تشهد لك فكفروا بعد ذلك لم ينظروا. وأصل "إذا" إذ أن - ومعن**اه حينئ**ذ -

فضم إليها أن، واستثقلوا الهمزة فحذفوها. }إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون{9*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "الذكر" يعني القرآن. "وإنا له لحافظون" من أن ي**زاد في**ه أو ينقص من**ه. ق**ال قت**ادة وث**ابت البن**اني: حفظ**ه الل**ه من أن تزي**د في**ه الش**ياطين ب**اطال أو تنقص من**ه حق**ا؛ فت**ولى س**بحانه حفظ**ه فلم ي**زل

[، فوك**ل حفظ**ه44محفوظا، وقال في غيره: "بما استحفظوا" ]المائ**دة: إليهم فبدلوا وغيروا. أنبأنا الشيخ الفقيه اإلمام أبو القاسم عبدالله عن أبي**ه الشيخ الفقيه اإلمام المحدث أبي الحسن علي بن خلف بن معزوز الكومي التلمساني قال: قرئ على الش**يخة العالم**ة فخ**ر النس**اء ش**هدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري وذلك بمنزلها بدار الس**الم في آخ**ر جم**ادى اآلخرة من سنة أربع وستين وخمسمائة، قي**ل له**ا: أخ**بركم الش**يخ األج**ل العامل نقيب النقباء أبو الفوارس طراد بن محمد الزيني قراءة عليه وأنت تسمعين سنة تسعين وأربعمائة، أخبرنا علي بن عبدالله بن إب**راهيم ح**دثنا أبو علي عيسى بن محمد بن أحمد بن عمر بن عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج المعروف بالطوماري حدثنا الحسين بن فهم قال: س**معت يح**يى بن أكثم يقول: ك**ان للم**أمون - وه**و أم**ير إذ ذاك - مجلس نظ**ر، ف**دخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حس**ن الوج**ه طيب الرائح**ة، ق**ال: فتكلم فأحسن الكالم والعبارة، قال: فلما تق**وض المجلس دع**اه الم**أمون فقال ل**ه: إس**رائيلي؟ ق**ال نعم. ق**ال ل**ه: أس**لم ح**تى أفع**ل ب**ك وأص**نع، ووعده. فقال: ديني ودين آبائي! وانصرف. قال: فلما كان بع*د س*نة جاءن*ا مسلما، قال: فتكلم على الفقه فأحسن الكالم؛ فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألست صاحبنا باألمس؟ قال له: بلى. قال: فما ك**ان س**بب إسالمك؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه األديان، وأنت تراني حس**ن الخ**ط، فعم**دت إلى الت**وراة فكتبت ثالث نس**خ ف**زدت فيه**ا ونقصت، وأدخلته**ا الكنيس**ة فاش**تريت م**ني، وعم**دت إلى اإلنجي**ل فكتب نسخ فزدت فيها ونقص**ت، وأدخلته**ا البيع**ة فاش**تريت م**ني، وعم**دت إلى الق***رآن فعملت ثالث نس***خ وزدت فيه***ا ونقص***ت، وأدخلته***ا ال***وراقين فتصفحوها، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رم**وا به**ا فلم يش**تروها؛ فعلمت أن هذا كتاب محفوظ، فك**ان ه**ذا س**بب إس**المي. ق**ال يح**يى بن أكثم: فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخ**بر فق**ال لي: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل. قال قلت: في أي موض**ع؟ ق**ال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة واإلنجيل: "بما استحفظوا من كتاب

[، فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال ع**ز وج**ل: "إن**ا نحن44الله" ]المائدة: نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" فحفظه الله عز وجل علينا فلم يضع. وقي**ل: "وإنا له لحافظون" أي لمحمد صلى الله عليه وسلم من أن يتقول علينا أو نتقول عليه. أو "وإن*ا ل*ه لح*افظون" من أن يك**اد أو يقت**ل. نظ**يره "والل**ه

[. و"نحن" يجوز أن يك**ون موض**عه رفع**ا67يعصمك من الناس" ]المائدة: باالبتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز أن يك**ون "نحن" تأكي**دا

Page 4: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الس**م "إن" في موض**ع نص**ب، وال تك**ون فاص**لة ألن ال**ذي بع**دها ليس بمعرف**ة وإنم**ا ه**و جمل**ة، والجم**ل تك**ون نعوت**ا للنك**رات فحكمه**ا حكم

النكرات. }ولقد أرسلنا من قبلك في شيع األولين{10*اآلية: 3*

@ المعنى: ولقد أرسلنا من قبلك رسال، فحذف. والشيع جم**ع ش**يعة وهي األم**ة، أي في أممهم؛ قال**ه ابن عب**اس وقت**ادة. الحس**ن: في ف**رقهم. والش**يعة: الفرق**ة والطائف**ة من الن**اس المتآلف**ة المتفق**ة الكلم**ة. فك**أن

[. وأص**له65الشيع الفرق؛ ومنه قوله تعالى: "أو يلبسكم شيعا" ]األنع**ام: مأخوذ من الش*ياع وه*و الحطب الص**غار يوق*د ب**ه الكب**ار - كم**ا تق*دم في

"األنعام". - وقال الكلبي: إن الشيع هنا القرى. }وما يأتيهم من رسول إال كانوا به يستهزئون{11*اآلية: 3*

@ تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم؛ أي كما فعل ب**ك ه**ؤالء المش**ركونفكذلك فعل بمن قبلك من الرسل.

-** 12*اآليتان: 3* }كذلك نسلكه في قلوب المجرمين، ال يؤمن**ون ب**ه13 وقد خلت سنة األولين{

@قوله تعالى: "كذلك نس**لكه" أي الض**الل والكف**ر واالس**تهزاء والش**رك. "في قلوب المجرمين" من قومك؛ عن الحس**ن وقت**ادة وغيرهم**ا. أي كم**ا س**لكناه في قل**وب من تق**دم من ش**يع األولين ك**ذلك نس**لكه في قل**وب مشركي قومك حتى ال يؤمنوا بك، كما لم يؤمن من قبلهم برس**لهم. وروى ابن جريج عن مجاهد قال: نس**لك التك**ذيب. والس**لك: إدخ**ال الش**يء في الشيء كإدخال الخيط في المخيط. يق**ال: س**لكه يس**لكه س**لكا وس**لوكا، وأسلكه إسالكا. وسلك الطريق سلوكا وسلكا وأسلكه دخل**ه، والش*يء في غيره مثله، والشيء كذلك والرمح، والخيط في الجوهر؛ كله فع**ل وأفع**ل.

وقال عدي بن زيد: وقد سلكوك في يوم عصيب

والسلك )بالكسر( الخي**ط. وفي اآلي**ة رد على القدري**ة والمعتزل**ة. وقي**ل: المعنى نس**لك الق**رآن في قل**وبهم فيك**ذبون ب**ه. وق**ال الحس**ن ومجاه**د وقتادة القول الذي عليه أكثر أهل التفسير، وهو ألزم حجة على المعتزل**ة. وعن الحسن أيضا: نسلك الذكر إلزاما للحجة؛ ذكره الغزن**وي. "وق**د خلت سنة األولين" أي مض**ت س**نة الل**ه ب**إهالك الكف**ار، فم**ا أق**رب ه**ؤالء من الهالك. وقي**ل: "خلت س**نة األولين" بمث**ل م**ا فع**ل ه**ؤالء من التك**ذيب

والكفر، فهم يقتدون بأولئك.-** 14*اآليت**ان: 3* }ول**و فتحن**ا عليهم باب**ا من الس**ماء فظل**وا في**ه15

يعرجون، لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون{ @ يقال: ظل يفعل كذا، أي يفعله بالنهار. والمصدر الظلول. أي لو أجيب**وا إلى ما اقترحوا من اآليات ألصروا على الكفر وتعللوا بالخياالت؛ كم**ا ق**الوا للقرآن المعجز: إنه سحر. "يعرجون" من ع**رج يع**رج أي ص**عد. والمع**ارج المصاعد. أي لو صعدوا إلى السماء وشاهدوا الملك**وت والمالئك**ة ألص**روا على الكفر؛ عن الحسن وغ**يره. وقي**ل: الض**مير في "عليهم" للمش**ركين. وفي "فظلوا" للمالئكة، تذهب وتجيء. أي ل**و كش**ف له**ؤالء ح**تى يع**اينوا أبوابا في السماء تصعد فيه**ا المالئك**ة وت**نزل لق**الوا: رأين**ا بأبص**ارنا م**ا ال حقيقة له؛ عن ابن عباس وقتادة. ومعنى "س**كرت" س**دت بالس**حر؛ قال**ه

Page 5: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ابن عباس والضحاك. وق**ال الحس**ن: س**حرت. الكل**بي: أغش**يت أبص**ارنا؛ وعنه أيضا عميت. قتادة: أخذت. وق**ال الم**ؤرج: دي**ر بن**ا من ال**دوران؛ أي ص**ارت أبص**ارنا س**كرى. جوي**بر: خ**دعت. وق**ال أب**و عم**رو بن العالء:

"سكرت" غشيت وغطيت. ومنه قول الشاعر: وطلعت شمس عليها مغفر وجعلت عين الحرور تسكر

وقال مجاهد: "سكرت" حبست. ومنه قول أوس بن حجر:فصرت على ليلة ساهره فليست بطلق وال ساكره

قلت: وهذه أق**وال متقارب**ة يجمعه**ا قول**ك: منعت. ق**ال ابن عزي**ز: "سكرت أبصارنا" سدت أبصارنا؛ هو من قولك، س**كرت النه**ر إذا س**ددته. ويقال: ه**و من س*كر الش*راب، ك*أن العين يلحقه*ا م**ا يلح**ق الش*ارب إذا سكر. وقرأ ابن كث**ير "س**كرت" ب**التخفيف، والب**اقون بالتش**ديد. ق**ال ابن األعرابي: سكرت ملئت. قال المهدوي: والتخفيف والتشديد في "سكرت" ظ**اهران، التش**ديد للتكث**ير والتخفي**ف ي**ؤدي عن معن**اه. والمع**روف أن "سكر" ال يتعدى. قال أبو علي: يج**وز أن يك**ون س**مع متع**ديا في البص**ر. ومن قرأ "سكرت" فإنه شبه ما ع**رض ألبص**ارهم بح**ال الس**كران، كأنه**ا جرت مجرى السكران لعدم تحصيله. وقد قيل: إن**ه ب**التخفيف ]من[ س**كر الشراب، وبالتشديد أخذت، ذكرهما الماوردي. وقال النح**اس: والمع**روف من قراءة مجاهد والحسن "سكرت" بالتخفيف. قال الحس**ن: أي س**حرت وحكى أب**و عبي**د عن أبي عبي**دة أن**ه يق**ال: س**حرت أبص**ارهم إذا غش**يها سمادير حتى ال يبصروا. وقال الفراء: من قرأ "س**كرت" أخ**ذه من س**كور الريح. قال النحاس: وهذه األقوال متقاربة. واألصل فيها ما قال أب**و عم**رو بن العالء رحمه الله تعالى، قال: هو من الس**كر في الش**راب. وه**ذا ق**ول حسن؛ أي غشيهم ما غطى أبصارهم كما غشي السكران م**ا غطى عقل**ه.

وسكور الريح سكونها وفتورها؛ فهو يرجع إلى معنى التحيير. }ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين{16*اآلية: 3*

@ لما ذكر كفر الكافرين وعجز أص**نامهم ذك**ر كم**ال قدرت**ه ليس**تدل به**ا على وحدانيته. والبروج: القصور والمنازل. ق**ال ابن عب**اس: أي جعلن**ا في السماء بروج الشمس والقمر؛ أي منازلهما. وأسماء هذه ال**بروج: الحم**ل، والث**ور، والج**وزاء، والس**رطان، واألس**د، والس**نبلة، والم**يزان، والعق**رب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. والعرب تعد المعرف**ة لمواق**ع النج**وم وأبوابها من أجل العلوم، ويستدلون بها على الطرقات واألوقات والخص**ب والجدب. وقالوا: الفل**ك اثن**ا عش**ر برج**ا، ك**ل ب**رج ميالن ونص**ف. وأص**ل البروج الظهور ومنه تبرج المرأة بإظهار زينتها. وقد تقدم ه**ذا المع**نى في النساء. وقال الحس**ن وقت**ادة: ال*بروج النج**وم، وس**ميت ب**ذلك لظهوره*ا. وارتفاعها. وقيل: الكواكب العظام؛ قال أبو صالح: يعني الس**بعة الس**يارة. وق**ال ق**وم: "بروج**ا"؛ أي قص**ورا وبيوت**ا فيه**ا الح**رس، خلقه**ا الل**ه في السماء. فالله أعلم. "وزيناها" يعني السماء؛ كم**ا ق**ال في س**ورة المل**ك:

[. "للن**اظرين" للمعت**برين5"ولقد زين**ا الس**ماء ال*دنيا بمص**ابيح" ]المل**ك: والمتفكرين.

}وحفظناها من كل شيطان رجيم{17*اآلية: 3* @ أي مرجوم. والرجم الرمي بالحجارة. وقيل: الرجم اللعن والطرد. وق**د تقدم. وق**ال الكس**ائي: ك**ل رجيم في الق**رآن فه**و بمع**نى الش**تم. وزعم

Page 6: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الكلبي أن السماوات كلها لم تحفظ من الشياطين إلى زمن عيسى، فلم**ا بعث الله تعالى عيسى حف**ظ منه*ا ثالث س**ماوات إلى مبعث رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم، فحفظ جميعها بع**د بعث**ه وحرس**ت منهم بالش**هب. وقاله ابن عباس رضي الله عنه. قال ابن عباس: )وقد ك**انت الش**ياطين ال يحجب**ون عن الس**ماء، فك**انوا ي**دخلونها ويلق**ون أخباره**ا على الكهن**ة، فيزيدون عليها تسعا فيحدثون بها أهل األرض؛ الكلمة ح**ق والتس**ع باط**ل؛ فإذا رأوا شيئا مما قالوه ص**دقوهم فيم**ا ج**اؤوا ب**ه، فلم**ا ول**د عيس**ى بن مريم عليهما السالم منعوا من ثالث سماوات، فلما ولد محم**د ص**لى الل**ه عليه وسلم منعوا من الس**ماوات كله**ا، فم**ا منهم من أح**د يري**د اس**تراق

السمع إال رمي بشهاب؛ على ما يأتي. }إال من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين{18*اآلية: 3*

@ أي لكن من استرق السمع، أي الخطفة اليسيرة، فهو اس**تثناء منقط**ع. وقي**ل، ه**و متص**ل، أي إال ممن اس**ترق الس**ماع. أي حفظن**ا الس**ماء من الشياطين أن تسمع شيئا من الوحي وغيره؛ إال من استرق السمع فإن**ا لم نحفظها منه أن تسمع الخبر من أخبار السماء سوى ال**وحي، فأم**ا ال**وحي

[.212فال تسمع منه شيئا؛ لقوله: "إنهم عن السمع لمعزولون" ]الشعراء: وإذا استمع الشياطين إلى شيء ليس بوحي فإنهم يقذفونه إلى الكهنة في أسرع من طرفة عين، ثم تتبعهم الشهب فتقتلهم أو تخبلهم؛ ذكره الحسن

وابن عباس. @قوله تعالى: "فأتبعه شهاب مبين" أتبعه: أدركه ولحق**ه. ش**هاب: ك**وكب

[ بش**علة7مضيء. وكذلك شهاب ثاقب. وقول**ه: "بش**هاب قبس" ]النم**ل: نار في رأس عود؛ قاله ابن عزيز. وقال ذو الرمة:

كأنه كوكب في إثر عفرية مسوم في سواد الليل منقضب وسمي الكوكب شهابا لبريقه، يشبه الن**ار. وقي**ل: ش**هاب لش**علة من ن**ار، قبس ألهل األرض، فتحرقهم وال تعود إذا أحرقت كم**ا إذا أح**رقت الن**ار لم تعد، بخالف الكوكب فإنه إذا أحرق عاد إلى مكانه. قال ابن عب**اس: تص**عد الش**ياطين أفواج**ا تس**ترق الس**مع فينف**رد الم**ارد منه**ا فيعل**و، ف**يرمى بالشهاب فيصيب جبهته أو أنفه أو ما شاء الله فيلتهب، فيأتي أصحابه وه**و يلتهب فيقول: إنه كان من األم كذا وكذا، في**ذهب أولئ**ك إلى إخ**وانهم من الكهنة فيزيدون عليها تسعا، فيحدثون بها أهل األرض؛ الكلمة ح**ق والتس**ع باطل. فإذا رأوا شيئا مما قالوا ق**د ك**ان ص**دقوهم بك**ل م**ا ج**اؤوا ب**ه من

كذبهم. وسيأتي هذا المعنى مرفوعا في سورة "سبأ" إن شاء الله تعالى. واختلف في الشهاب هل يقتل أم ال. فقال ابن عباس: الشهاب يج**رح

ويحرق ويخبل وال يقتل. وقال الحسن وطائفة: يقتل؛ فعلى هذا الق**ول في قتلهم بالشهب قبل إلق**اء الس**مع إلى الجن ق**والن: أح**دهما: أنهم يقتل**ون قبل إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم؛ فعلى ه**ذا ال تص**ل أخب**ار السماء إلى غير األنبياء، ولذلك انقطعت الكهانة. والثاني: أنهم يقتلون بع**د إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غ**يرهم من الجن؛ ول**ذلك م**ا يع**ودون إلى اس**تراقه، ول**و لم يص**ل النقط**ع االس**تراق وانقط**ع اإلح**راق؛ ذك**ره

الماوردي قلت: والقول األول أصح على ما يأتي بيانه في "الصافات". واختلف

هل كان رمي بالشهب قب**ل المبعث؛ فق**ال األك**ثرون نعم. وقي**ل ال، وإنم**ا

Page 7: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ذلك بعد المبعث. وسيأتي بيان ه**ذه المس**ألة في س**ورة "الجن" إن ش**اء الله تعالى. وفي "الصافات" أيضا. قال الزجاج: والرمي بالشهب من آي**ات النبي صلى الله عليه وسلم مما حدث بعد مولده؛ ألن الشعراء في الق**ديم لم يذكروه في أشعارهم، ولم يشبهوا الشيء السريع به كما شبهوا بالبرق وبالسيل. وال يبعد أن يقال: انقضاض الكواكب كان في قديم الزمان ولكنه لم يكن رجوما للشياطين، ثم صار رجوما حين ولد الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم. وقال العلماء: نحن نرى انقضاض الك**واكب، فيج**وز أن يك**ون ذل**ك كما نرى ثم يصير نارا إذا أدرك الشيطان. ويجوز أن يق**ال: يرم**ون بش*علة من نار من الهوى فيخي**ل إلين**ا أن**ه نجم س**رى. والش*هاب في اللغ*ة الن**ار الساطعة. وذكر أبو داود عن عامر الشعبي قال: لما بعث النبي صلى الل**ه عليه وسلم رجمت الش**ياطين بنج**وم لم تكن ت**رجم به**ا قب**ل، ف**أتوا عب**د ياليل بن عمرو الثقفي فق**الوا: إن الن**اس ق*د فزع*وا وق**د أعتق**وا رقيقهم وسيبوا أنعامهم لم**ا رأوا في النج**وم. فق**ال لهم - وك**ان رجال أعمى - : ال تعجلوا، وانظروا فإن كانت النجوم التي تعرف فهي عند فن**اء الن**اس، وإن كانت ال تعرف فهي من حدث. فنظ**روا ف**إذا هي نج**وم ال تع**رف، فق**الوا:

هذا من حدث. فلم يلبثوا حتى سمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم. }واألرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من20 -* 19*اآليتان: 3*

كل شيء موزون، وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين{ @قوله تعالى: "واألرض مددناها" هذا من نعمه أيضا، ومما يدل على كمال قدرته. قال ابن عباس: بسطناها على وجه الماء؛ كم**ا ق**ال: "واألرض بع**د

[ أي بس*طها. وق*ال: "واألرض فرش*ناها فنعم30ذلك دحاه*ا" ]النازع*ات: [. وهو يرد على من زعم أنها كالكرة. وقد تقدم.48الماهدون" ]الذاريات:

"وألقينا فيها رواسي" جباال ثابتة لئال تتح**رك بأهله**ا. "وأنبتن**ا فيه**ا من ك**ل شيء موزون" أي مقدر معلوم؛ قاله ابن عباس وسعيد بن جبير. وإنما قال

"موزون" ألن الوزن يعرف به مقدار الشيء. قال الشاعر: ة عندي لكل مخاصم ميزانه قد كنت قبل لقائكم ذا مر

وقال قتادة: موزون يعني مقسوم. وقال مجاه**د: م**وزون مع**دود؛ ويق**ال: هذا كالم موزون؛ أي منظوم غير منتثر. فعلى ه**ذا أي أنبتن**ا في األرض م**ا ي**وزن من الج**واهر والحيوان**ات والمع**ادن. وق**د ق**ال الل**ه ع**ز وج**ل في

[. والمقص**ود من اإلنب**ات37الحي*وان: "وأنبته*ا نبات*ا حس*نا" ]آل عم**ران: اإلنشاء واإليجاد. وقيل: "أنبتنا فيها" أي في الجبال "من كل شيء موزون" من الذهب والفضة والنحاس والرصاص والقصدير، حتى ال**زرنيخ والكح**ل، كل ذلك ي**وزن وزن**ا. روي معن**اه عن الحس**ن وابن زي**د. وقي**ل: أنبتن**ا في األرض الثمار مما يكال ويوزن. وقيل: ما يوزن فيه األثمان ألن**ه أج*ل ق*درا وأعم نفع**ا مم**ا ال ثمن ل**ه. "وجعلن**ا لكم فيه**ا مع**ايش" يع**ني المط**اعم والمشارب التي يعيشون بها؛ واحدها معيشة )بس**كون الي**اء(. ومن**ه ق**ول

جرير: تكلفني معيشة آل زيد ومن لي بالمرقق والصناب

واألصل معيشة على مفعلة )بتحريك الياء(. وقد تقدم في األعراف. وقيل: إنها المالبس؛ قاله الحسن. وقيل: إنه**ا التص**رف في أس**باب ال**رزق م**دة الحياة. قال الماوردي: وهو الظاهر. "ومن لستم له برازقين" يريد ال**دواب واألنعام؛ قاله مجاهد. وعنده أيضا هم العبيد واألوالد الذين ق**ال الل**ه فيهم:

Page 8: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[ ولفظ "من" يج**وز أن يتن**اول العبي**د31"نحن نرزقهم وإياكم" ]اإلسراء: والدواب إذا اجتمعوا؛ ألنه إذا اجتمع من يعقل وما ال يعقل، غلب من يعقل. أي جعلن***ا لكم فيه***ا مع***ايش وعبي***دا وإم***اء ودواب وأوالدا ن***رزقهم وال ترزقونهم. ف* "من" على هذا التأويل في موضع نصب؛ ق**ال معن**اه مجاه**د وغيره. وقيل: أراد به الوحش. قال سعيد: قرأ علينا منصور "ومن لستم له برازقين" قال: الوحش. ف* "من" على هذا تكون لما ال يعقل؛ مث**ل "فمنهم

[ اآلية. وهي في محل خفض عطفا على45من يمشي على بطنه" ]النور: الك**اف والميم في قول**ه: "لكم". وفي**ه قبح عن**د البص**ريين؛ فإن**ه ال يج**وز عندهم عطف الظاهر على المضمر إال بإعادة حرف الجر؛ مثل م**ررت ب**ه

ويزيد. وال يجوز مررت به وزيد إال في الشعر. كما قال: فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك واأليام من عجب

وقد مضى هذا المعنى في "البقرة" وسورة "النساء". }وإن من شيء إال عندنا خزائنه وما ننزله إال بقدر معلوم{21*اآلية: 3*

@قول**ه تع**الى: "وإن من ش**يء إال عن**دنا خزائن**ه" أي وإن من ش**يء من أرزاق الخلق ومنافعهم إال عندنا خزائنه؛ يعني المطر الم**نزل من الس**ماء، ألن به نبات ك**ل ش**يء. ق**ال الحس**ن: المط**ر خ**زائن ك**ل ش**يء. وقي**ل: الخزائن المفاتيح، أي في السماء مف**اتيح األرزاق؛ قال**ه الكل**بي. والمع**نى واحد. "وما ننزله إال بقدر معلوم" أي ولكن ال ننزله إال على حسب مشيئتنا وعلى حسب حاجة الخلق إليه؛ كما ق**ال: "ول**و بس**ط الل**ه ال**رزق لعب**اده

[. وروي عن ابن27لبغوا في األرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء" ]الشورى: مسعود والحكم بن عيينة وغيرهما أنه ليس عام أكثر مطرا من عام، ولكن الله يقسمه كيف شاء، فيمطر قوم ويحرم آخرون، وربما كان المط**ر. في

البحار والقفار. والخزائن جمع الخزانة، وهو الموضع الذي يستر فيه اإلنسان ماله والخزانة أيضا مصدر خزن يخزن. وما كان في خزانة اإلنسان كان معدا ل**ه. فك**ذلك ما يقدر عليه الرب فكأنه معد عنده؛ قاله القشيري. وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أنه قال: في العرش مثال كل شيء خلق**ه الل**ه في ال**بر والبحر. وهو تأويل قوله تعالى: "وإن من شيء إال عندنا خزائنه". واإلن**زال بمع**نى اإلنش**اء واإليج**اد؛ كقول**ه: "وأن**زل لكم من األنع**ام ثماني**ة أزواج"

[. وقي**ل: اإلن**زال25وقوله: "وأنزلن**ا الحدي**د في**ه ب**أس ش**ديد" ]الحدي**د: بمعنى اإلعطاء، وسماه إنزاال ألن أحكام الله إنما تنزل من السماء.

}وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأس**قيناكموه22*اآلية: 3*وما أنتم له بخازنين{

@قوله تعالى: "وأرسلنا الرياح" قراءة العامة "الرياح" بالجمع. وقرأ حمزة بالتوحيد؛ ألن معنى الريح الجمع أيضا وإن ك**ان لفظه**ا لف**ظ الواح**د. كم**ا يقال: جاءت الريح من كل جانب. كما يق**ال: أرض سباس**ب وث**وب أخالق. وكذلك تفعل العرب في كل شيء اتسع. وأما وجه قراءة العامة فألن الل**ه تعالى نعتها ب* "لواقح" وهي جمع. ومعنى لواقح حوامل؛ ألنها تحم**ل الم**اء والتراب والسحاب والخير والنفع. قال األزه*ري: وجع*ل ال*ريح القح**ا ألنه*ا تحمل السحاب؛ أي تقله وتصرفه ثم تمريه فتستدره، أي تنزل**ه؛ ق**ال الل**ه

[ أي حملت. وناق**ة القح57تعالى: "حتى إذا أقلت سحابا ثقاال" ]األعراف: ونوق لواقح إذا حملت األجنة في بطونها. وقيل: لواقح بمعنى ملقح**ة وه**و

Page 9: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

األصل، ولكنه*ا ال تلقح إال وهي في نفس*ها القح، ك*أن الري*اح لقحت بخ*ير. وقيل: ذوات لقح، وك**ل ذل**ك ص**حيح؛ أي منه**ا م**ا يلقح الش**جر؛ كق**ولهم: عيش**ة راض**ية؛ أي فيه**ا رض**ا، ولي**ل ن**ائم؛ أي في**ه ن**وم. ومنه**ا م**ا ت**أتي بالسحاب. يقال: لقحت الناقة )بالكس*ر( لقح*ا ولقاح*ا )ب*الفتح( فهي القح. وألقحها الفحل أي ألقى إليها الماء فحملته؛ فالرياح كالفحل للسحاب. قال الجوهري: ورياح لواقح وال يقال مالقح، وه**و من الن**وادر. وحكى المه**دوي عن أبي عبيدة: لواقح بمعنى مالقح، ذهب إلى أنه جم**ع ملقح**ة وملقح، ثم حذفت زوائده. وقيل: هو جمع القح**ة والقح، على مع**نى ذات اللق**اح على النسب. ويجوز أن يكون مع**نى القح ح**امال. والع**رب تق**ول للجن**وب: القح وحامل، وللشمال حامل وعقيم. وقال عبيد بن عمير: يرسل الله المبش**رة فتقم األرض قم**ا، ثم يرس**ل المث**يرة فتث**ير الس*حاب، ثم يرس**ل المؤلف**ة فتؤلفه، ثم يبعث اللواقح فتلقح الشجر. وقي*ل: ال*ريح المالقح ال*تي تحم*ل الندى فتمجه في السحاب، فإذا اجتم**ع في**ه ص**ار مط**را. وعن أبي هري**رة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )ال**ريح الجن**وب من الجنة وهي الريح اللواقح التي ذكرها الله في كتاب**ه وفيه**ا من**افح للن**اس(. وروي عنه عليه الس**الم أن**ه ق**ال: )م**ا هبت جن**وب إال أنب**ع الل**ه به**ا عين**ا غدقة(. وقال أبو بكر بن عي**اش: ال تقط**ر قط**رة من الس**حاب إال بع**د أن تعمل الرياح األربع فيه**ا؛ فالص**با تهيج**ه، وال**دبور تلقح**ه، والجن**وب ت**دره،

والشمال تفرقه. @ روى ابن وهب وابن القاس***م وأش***هب وابن عب***دالحكم عن مال***ك - واللفظ ألشهب - ق**ال مال**ك: ق**ال الل**ه تع**الى: "وأرس**لنا الري**اح ل**واقح" فلقاح القمح عندي أن يحبب ويسنبل، وال أدري ما ييبس في أكمامه، ولكن يحبب حتى يكون لو يبس حينئذ لم يكن فس**اد األخ**ير في**ه. ولق**اح الش**جر كلها أن تثمر ثم يسقط منه**ا م**ا يس**قط ويثبت م**ا يثبت، وليس ذل**ك ب**أن تورد. قال ابن العربي: إنما عول مالك في هذا التفس**ير على تش**بيه لق**اح الشجر بلقاح الحمل، وأن الولد إذا عقد وخلق ونفخ فيه الروح كان بمنزل**ة تحبب الثمر وتسنبله؛ ألنه سمي باسم تشترك فيه كل حاملة وه**و اللق**اح، وعليه جاء الحديث )نهى النبي صلى الله علي**ه وس**لم عن بي**ع الحب ح**تى يشتد(. قال ابن عبدالبر: اإلبار عند أه**ل العلم في النخ**ل التلقيح، وه**و أن يؤخ**ذ ش**يء من طل**ع ]ذك**ور[ النخ**ل في**دخل بين ظه**راني طل**ع اإلن**اث. ومعنى ذلك في سائر الثم**ار طل**وع الثم**رة من ال**تين وغ**يره ح**تى تك**ون الثمرة مرئية منظورا إليها. والمعت**بر عن**د مال**ك وأص**حابه فيم**ا ي**ذكر من الثم**ار الت**ذكير، وفيم**ا ال ي**ذكر أن يثبت من ن**واره م**ا يثبت ويس**قط م**ا يسقط. وحد ذلك في الزرع ظهوره من األرض؛ قاله مالك. وق**د روي عن**ه أن إب**اره أن يحبب. ولم يختل**ف العلم**اء أن الحائ**ط إذا انش**ق طل**ع إناث**ه فأخر إباره وقد أبر غيره ممن حال مثل حاله، أن حكمه حكم م**ا أب**ر؛ ألن**ه قد جاء عليه وقت اإلبار وثمرته ظاهرة بعد تغيبها في الحب. فإن أبر بعض الحائط كان ما لم يؤبر تبعا له. كما أن الحائ**ط إذا ب**دا ص**الحه ك**ان س**ائر

الحائط تبعا لذلك الصالح في جواز بيعه. @ روى األئمة كلهم عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )من ابتاع نخال بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إال أن يش**ترط المبتاع. ومن ابتاع عبدا فمال**ه لل**ذي باع**ه إال أن يش**ترطه المبت**اع(. ق**ال

Page 10: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

علماؤنا: إنما لم يدخل الثمر المؤبر مع األصول في البيع إال بالش**رط؛ ألن**ه عين موجودة يحاط بها أمن سقوطها غالب**ا. بخالف ال**تي لم ت**ؤبر؛ إذ ليس س**قوطها مأمون**ا فلم يتحق**ق له**ا وج**ود، فلم يج**ز للب**ائع اش**تراطها وال استثناؤها؛ ألنها كالجنين. وهذا هو المشهور من مذهب مالك. وقي**ل: يج**وز

استثناؤها؛ هو قول الشافعي. لو اشتري النخل وبقي الثمر للبائع جاز لمشتري األصل شراء الثمرة

قبل طيبها على مش*هور ق**ول مال*ك، وي**رى له*ا حكم التبعي**ة وإن أف**ردت بالعقد. وعنه في رواية: ال يجوز. وبذلك قال الشافعي وأبو حنيفة والث**وري وأه**ل الظ**اهر وفقه**اء الح**ديث. وه**و األظه**ر من أح**اديث النهي عن بي**ع

الثمرة قبل بدو صالحها. @ ومم**ا يتعل**ق به**ذا الب**اب النهي عن بي**ع المالقح؛ والمالقح الفح**ول من اإلبل، الواحد ملقح. والمالقح أيضا اإلناث التي في بطونها أوالدها، الواح*دة ملقحة )بفتح القاف(. والمالقيح ما في بط**ون الن**وق من األجن**ة، الواح**دة ملقوحة؛ من قولهم: لقحت؛ ك**المحموم من حم، والمجن**ون من جن. وفي هذا جاء النهي. وقد روي عن النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم: أن**ه )نهى عن المجر وهو بيع ما في بطون اإلناث. ونهى عن المض**امين والمالقيح(. ق**ال أبو عبيد: المضامين ما في البطون، وهي األجنة. والمالقيح م**ا في أص**الب الفحول. وهو قول سعيد بن المسيب وغيره. وقيل بالعكس: إن المضامين ما في ظهور الجمال، والمالقيح ما في بطون اإلناث. وهو ق**ول ابن ح**بيب وغ**يره. وأي األم**رين ك**ان، فعلم**اء المس**لمين مجمع**ون على أن ذل**ك ال يجوز. وذك*ر الم*زني عن ابن هش*ام ش**اهدا ب*أن المالقيح م*ا في البط*ون

لبعض األعراب: منيتي مالقحا في األبطن تنتج ما تلقح بعد أزمن

وذكر الجوهري على ذلك شاهدا قول الراجز: إنا وجدنا طرد الهوامل خيرا من التنان والمسائل وعدة العام وعام قابل ملقوحة في بطن ناب حامل

@قول**ه تع**الى: "وأنزلن**ا من الس**ماء" أي من الس**حاب. وك**ل م**ا عالك فأظل***ك يس***مى س***ماء. وقي***ل: من جه***ة الس***ماء. "م***اء" أي قط***را. "فأس**قيناكموه" أي جعلن**ا ذل**ك المط**ر لس**قياكم ولش**رب مواش**يكم وأرضكم. وقيل: سقى وأسقى بمعنى. وقيل بالفرق، وقد تقدم. "وم**ا أنتم له بخازنين" أي ليست خزائنه عندكم؛ أي نحن الخازنون له**ذا الم**اء ننزل**ه إذا ش**ئنا ونمس**كه إذا ش**ئنا. ومثل**ه "وأنزلن**ا من الس**ماء م**اء طه**ورا"

[، "وأنزلن**ا من الس**ماء م**اء بق**در فأس**كناه في األرض وإن**ا48]الفرقان: [. وق**ال س**فيان: لس**تم بم**انعين18على ذهاب به لقادرون" ]المؤمن**ون:

المطر. }وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون{23*اآلية: 3*

@ أي األرض ومن عليه**ا، وال يبقى ش**يء س**وانا. نظ**يره "إن**ا نحن ن**رث [. فملك كل شيء لله تعالى.40األرض ومن عليها وإلينا يرجعون" ]مريم:

ولكن ملك عباده أمالكا فإذا ماتوا انقطعت الدعاوى، فك**ان الل**ه وارث**ا من هذا الوجه. وقيل: اإلحياء في ه**ذه اآلي**ة إحي**اء النطف**ة في األرح**ام. فأم**ا

[.25البعث فقد ذكره بعد هذا في قوله: "وإن ربك هو يحشرهم" ]الحجر: }ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين{24*اآلية: 3*

Page 11: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "ولقد علمنا المستقدمين منكم ولق**د علمن**ا المس**تأخرين" فيه ثمان تأويالت: "المستقدمين" في الخل**ق إلى الي**وم، و"المس**تأخرين" الذين لم يخلقوا بعد؛ قاله قتادة وعكرمة وغيرهما. الثاني - "المستقدمين" األم**وات، و"المس**تأخرين" األحي**اء؛ قال**ه ابن عب**اس والض**حاك. الث**الث: "المستقدمين" من تقدم أمة محمد، و"المستأخرين" أمة محمد صلى الل**ه علي**ه وس**لم؛ قال**ه مجاه**د. الراب**ع - "المس**تقدمين" في الطاع**ة والخ**ير، و"المستأخرين" في المعصية والشر؛ قاله الحسن وقتادة أيضا. الخامس - "المستقدمين" في صفوف الحرب، و"المستأخرين" فيه**ا؛ قال**ه س**عيد بن المسيب. السادس: "المستقدمين" من قت**ل في الجه**اد، و"المس**تأخرين" من لم يقت***ل، قال***ه الق***رظي. الس***ابع: "المس***تقدمين" أول الخل***ق، و"المستأخرين" آخ**ر الخل**ق، ق**ال الش**عبي. الث**امن: "المس**تقدمين" في صفوف الصالة، و"المستأخرين" فيها بسبب النساء. وكل ه*ذا معل*وم الل**ه تعالى؛ فإنه عالم بكل موجود ومعدوم، وعالم بمن خلق وما هو خالق**ه إلى يوم القيامة. إال أن القول الثامن هو سبب ن**زول اآلي**ة؛ لم**ا رواه النس**ائي والترمذي عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال: "كانت امرأة تص**لي خل**ف رسول الله صلى الله عليه وسلم حس**ناء من أحس**ن الن**اس، فك**ان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الص**ف األول لئال يراه*ا، ويت**أخر بعض**هم ح*تى يكون في الصف المؤخر، فإذا رك*ع نظ*ر من تحت إبط*ه، ف**أنزل الل**ه ع*ز وجل "ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المس**تأخرين". وروي عن

أبي الجوزاء ولم يذكر ابن عباس. وهو أصح. @ هذا يدل على فضل أول الوقت في الص**الة وعلى فض**ل الص**ف األول؛ قال النبي صلى الله عليه وس**لم: )ل*و يعلم الن*اس م*ا في الن**داء والص*ف األول ثم لم يجدوا إال أن يستهموا عليه الس**تهموا(. ف**إذا ج**اء الرج**ل عن**د الزوال فنزل في الصف األول مجاور اإلمام، حاز ثالث مراتب في الفض**ل: أول الوقت، والصف األول، ومجاورة اإلمام. فإن جاء عند الزوال فنزل في الصف اآلخر أو فيم**ا ن**زل عن الص**ف األول، فق**د ح*از فض**ل أول ال**وقت وفات**ه فض**ل الص**ف األول والمج**اورة. ف**إن ج**اء وقت ال**زوال ون**زل في الصف األول دون ما يلي اإلمام فقد حاز فضل أول ال**وقت وفض**ل الص**ف األول، وفاته مجاورة اإلمام. فإن جاء بع**د ال**زوال ون**زل في الص**ف األول فقد فاته فضيلة أول الوقت، وح*از فض*يلة الص*ف األول ومج*اورة اإلم*ام. وهكذا. ومجاورة اإلمام ال تكون لكل أح*د، وإنم*ا هي كم*ا ق**ال ص*لى الل**ه عليه وسلم: )ليل**ني منكم أول*و األحالم والنهى( الح**ديث. فيم**ا يلي اإلم**ام ينبغي أن يكون لمن كانت هذه صفته، فإن نزلها غيره أخر وتقدم وه**و إلى الموضع؛ ألنه حقه بأمر صاحب الشرع، كالمحراب هو موض**ع اإلم**ام تق**دم

أو تأخر؛ قاله ابن العربي. قلت: وعليه يحمل قول عمر رضي الله عنه: تأخر ي**ا فالن، تق**دم ي**ا

فالن؛ ثم يتقدم فيكبر. وقد روي عن كعب أن الرجل من ه**ذه األم**ة ليخ**ر ساجدا فيغفر لمن خلفه. وكان كعب يت**وخى الص**ف الم**ؤخر من المس**جد رجاء ذلك، ويذكر أنه وجده كذلك في الت**وراة. ذك**ره الترم**ذي الحكيم في نوادر األصول. وسيأتي في سورة "الص**افات" زي**ادة بي**ان له**ذا الب**اب إن

شاء الله تعالى.

Page 12: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@ وكما تدل هذه اآلية على فضل الص**ف األول في الص**الة، فك**ذلك ت**دل على فضل الصف األول في القتال؛ فإن القيام في نحر الع*دو، وبي**ع العب**د نفسه من الله تعالى ال يوازيه عمل؛ فالتقدم إليه أفضل، وال خالف في**ه وال خفاء به. ولم يكن أحد يتقدم في الحرب بين يدي رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم، ألنه كان أشجع الناس. قال البراء: كنا والل**ه إذا احم**ر الب**أس نتقي به، وإن الشجاع منا لل**ذي يح**اذي ب**ه، يع**ني الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه

وسلم. }وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم{25*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "وإن ربك هو يحشرهم" أي للحس**اب والج**زاء. "إن**ه حكيمعليم" تقدم.

}ولقد خلقنا اإلنسان من صلصال من حمأ مسنون{26*اآلية: 3* @قول**ه تع**الى: "ولق**د خلقن**ا اإلنس**ان" يع**ني آدم علي**ه الس**الم. "من صلص**ال" أي من طين ي**ابس؛ عن ابن عب**اس وغ**يره. والصلص**ال: الطين الحر خلط بالرمل فصار يتصلصل إذا جف، فإذا طبخ بالنار فهو الفخار؛ عن

أبي عبيدة. وهو قول أكثر المفسرين. وأنشد أهل اللغة: كعدو المصلصل الجوال

وقال مجاه**د: ه**و الطين المنتن؛ واخت**اره الكس*ائي. ق**ال: وه**و من ق**ول العرب: صل اللحم وأصل إذا أنتن - مطبوخا كان أو نيئا - يصل صلوال. قال

الحطيئة: ذاك فتى يبذل ذا قدره ال يفسد اللحم لديه الصلول

وطين صالل ومصالل؛ أي يصوت إذا نقرته كما يص**وت الحدي**د. فك**ان أول ترابا، أي متفرق األجزاء ثم بل فصار طينا؛ ثم ت**رك ح**تى أنتن فص**ار حم**أ مسنونا؛ أي متغيرا، ثم يبس فصار صلصاال؛ على قول الجمهور. وقد مضى في "البقرة" بيان هذا. والحمأ: الطين األس**ود، وك*ذلك الحم*أة بالتس**كين؛ تقول منه: حمئت البئر حم**أ )بالتس**كين( إذا ن**زعت حمأته**ا. وحمئت الب**ئر حم**أ )بالتحري**ك( ك**ثرت حمأته**ا. وأحماته**ا إحم**اء ألقيت الحم**أة؛ عن ابن السكيت. وقال أبو عبيدة: الحم**أة )بس**كون الميم( مث**ل الكم**أة. والجم**ع حمء، مثل تمرة وتمر. والحمأ المصدر، مثل الهل**ع والج**زع، ثم س**مي ب**ه. والمسنون المتغ**ير. ق**ال ابن عب**اس: )ه**و ال**تراب المبت**ل المنتن، فجع**ل صلصاال كالفخ**ار(. ومثل**ه ق**ول مجاه**د وقت**ادة، ق**اال: المنتن المتغ**ير؛ من

[ و"م**اء غ**ير259قولهم: قد أسن الماء إذا تغير؛ ومنه "يتس**نه" ]البق**رة: [. ومنه قول أبي قيس بن األسلت: 15آسن" ]محمد:

س**قت ص**داي رض*ابا غ**ير ذي أس**ن كالمس*ك فت على م**اء العناقيد

وقال الفراء: هو المتغير، وأصله من قولهم: سننت الحج**ر على الحج**ر إذا حككته به. وما يخرج من الحجرين يقال له السنانة والسنين؛ ومنه المسن.

قال الشاعر: ثم خاصرتها إلى القبة الحمراء تمشي في مرمر مسنون

أي محك***ول مملس. حكي أن يزي***د بن معاوي***ة ق***ال ألبي***ه: أال ت***رىعبدالرحمن بن حسان يشبب بابنتك. فقال معاوية: وما قال؟ فقال قال:

هي زهراء مثل لؤلوة الغواص ميزت من جوهر مكنون فقال معاوية: صدق! فقال يزيد: ]إنه يقول[:

Page 13: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وإذا ما نسبتها لم تجدها في سناء من المكارم دون فقال: صدق! فقال: أين قوله: ثم خاصرتها... البيت. فقال معاوي**ة: ك**ذب. وقال أبو عبيدة: المسنون المصبوب، وهو من ق**ول الع**رب: س**ننت الم**اء وغيره على الوجه إذا صببته. والسن الصب. وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: )المسنون الرطب(؛ وهذا بمعنى المصبوب؛ ألن**ه ال يك**ون مصبوبا إال وهو رطب. النحاس: وهذا قول حسن؛ ألنه يقال: سننت الشيء أي صببته. قال أبو عمرو بن العالء: ومنه األثر الم**روي عن عم**ر أن**ه ك**ان يسن الماء على وجهه وال يشنه. والشن )بالشين( تفري**ق الم**اء، وبالس**ين المهملة صبه من غير تفريق. وق**ال س**يبويه: المس**نون المص**ور. أخ**ذ من

سنة الوجه وهو صورته. وقال ذو الرمة: تريك سنة وجه مفرقة ملساء ليس لها خال وال ندب

وقال األخفش: المسنون. المنصوب الق*ائم؛ من ق*ولهم: وج*ه مس*نون إذا كان فيه طول. وقد قيل: إن الصلص**ال لل**تراب الم**دقق؛ حك**اه المه*دوي. ومن قال: إن الصلصال هو المنتن فأصله صالل، فأبدل من إح**دى الالمين. "من حم**أ" مفس**ر لجنس الصلص**ال؛ كقول**ك: أخ**ذت ه**ذا من رج**ل من

العرب. }والجان خلقناه من قبل من نار السموم{27*اآلية: 3*

@قول*ه تع*الى: "والج**ان خلقن*اه من قب**ل" أي من قب*ل خل**ق آدم. وق*ال الحسن: يعني إبليس، خلقه الله تعالى قبل آدم عليه السالم. وس**مي جان**ا لتواري**ه عن األعين. وفي ص**حيح مس**لم من ح**ديث ث**ابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وس**لم ق**ال: )لم**ا ص**ور الل**ه تع**الى آدم علي**ه السالم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يطيف به ينظ**ر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلق**ا ال يمال**ك(. "من ن**ار الس**موم" قال ابن مسعود: )نار السموم التي خلق الله منها الجان ج**زء من س**بعين جزءا من نار جهنم(. وقال ابن عباس: )السموم الريح الحارة ال**تي تقت**ل(. وعنه )أنها نار ال دخ**ان له**ا(، والص**واعق تك**ون منه**ا، وهي ن**ار تك**ون بين السماء والحجاب. فإذا أحدث الله أمرا اخترقت الحج**اب فه**وت الص**اعقة إلى ما أمرت. فالهدة التي تسمعون خرق ذلك الحجاب. وقال الحسن: نار السموم نار دونها حجاب، والذي تس**معون من انغط**اط الس**حاب ص**وتها. وعن ابن عباس أيضا قال: )ك**ان إبليس من حي من أحي**اء المالئك**ة يق**ال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين المالئك**ة - ق**ال - : وخلقت الجن

الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار. قلت: هذا فيه نظر؛ فإنه يحتاج إلى سند يقطع العذر؛ إذ مثله ال يقال

من جهة الرأي. وقد خرج مسلم من حديث عروة عن عائشة ق**ال رس**ول الله صلى الله عليه وسلم: )خلقت المالئكة من نور وخلق الجان من مارج من ن**ار وخل**ق آدم مم**ا وص**ف لكم(. فقول**ه: )خلقت المالئك**ة من ن**ور( يقتضي العموم. والله أعلم. وقال الجوهري: مارج من نار نار ال دخ**ان له**ا خلق منها الجان. والسموم الريح الحارة تؤنث؛ يقال منه: س**م يومن**ا فه**و يوم مسموم، والجمع سمائم. قال أبو عبيدة: )السموم بالنه**ار وق**د تك**ون بالليل، والحرور بالليل وقد تكون بالنهار(. القشيري: وسميت الريح الحارة

سموما لدخولها في مسام البدن.

Page 14: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}وإذ قال ربك للمالئكة إني خالق بشرا من صلصال29 -* 28*اآليتان: 3*من حمأ مسنون، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين{

@قوله تعالى: "وإذ ق**ال رب**ك للمالئك**ة" تق**دم في "البق**رة". "إني خ**الق بش**را من صلص**ال" من طين "ف**إذا س**ويته" أي س**ويت خلق**ه وص**ورته. "ونفخت في**ه من روحي" النفخ إج**راء ال**ريح في الش**يء. وال**روح جس**م لطيف، أجرى الله الع*ادة ب*أن يخل**ق الحي*اة في الب*دن م**ع ذل*ك الجس*م. وحقيقته إضافة خلق إلى خالق؛ فالروح خلق من خلق**ه أض**افه إلى نفس**ه تشريفا وتكريما؛ كقوله: )أرضي وسمائي وبي**تي وناق**ة الل**ه وش**هر الل**ه(. ومثل**ه "وروح من**ه" وق**د تق**دم في "النس**اء" مبين**ا. وذكرن**ا في كت**اب )التذكرة( األحاديث الواردة ال**تي ت**دل على أن ال**روح جس**م لطي**ف، وأن النفس والروح اسمان لمسمى واحد. وسيأتي ذلك إن شاء الله. ومن ق**ال إن الروح هو الحياة قال أراد: فإذا ركبت فيه الحياة. "فقعوا ل**ه س**اجدين" أي خروا له ساجدين. وهو سجود تحي**ة وتك**ريم ال س**جود عب**ادة. ولل**ه أن يفضل من يريد؛ ففضل األنبياء على المالئكة. وقد تقدم في "البق**رة" ه**ذا المعنى. وقال القفال: كانوا أفضل من آدم، وامتحنهم بالسجود له تعريض**ا لهم للثواب الجزيل. وهو مذهب المعتزلة. وقيل: أمروا بالس**جود لل**ه عن**د

آدم، وكان آدم قبلة لهم.-** 30*اآليتان: 3* }فسجد المالئك**ة كلهم أجمع**ون، إال إبليس أبى أن31

يكون مع الساجدين{ @قوله تعالى "فسجد المالئك**ة كلهم أجمع**ون. إال إبليس" في**ه مس**ألتان: األولى: ال شك أن إبليس كان مأمورا بالسجود؛ لقول: "ما منعك أال تس**جد

[ وإنما منعه من ذلك االستكبار واالستعظام؛ كم**ا12إذ أمرتك" ]األعراف: تق**دم في "البق**رة" بيان**ه. ثم قي**ل: ك**ان من المالئك**ة؛ فه**و اس**تثناء من الجنس. وقال قوم: لم يكن من المالئكة؛ فهو استثناء منقطع. وق**د مض**ى في "البقرة" هذا كله مستوفى. وقال ابن عباس: الجان أب**و الجن وليس**وا شياطين. والشياطين ولد إبليس؛ ال يموتون إال مع إبليس. والجن يموت**ون، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر. فآدم أب**و اإلنس. والج**ان أب**و الجن. وإبليس أب**و الش**ياطين؛ ذك**ره الم**اوردي. وال**ذي تق**دم في "البق**رة" خالف ه**ذا،

فتأمله هناك. الثانية: االستثناء من الجنس غ**ير الجنس ص**حيح عن**د الش**افعي، ح**تى ل**و قال: لفالن علي دينار إال ثوبا، أو عشرة أثواب إال قفيز حنطة، وم**ا ج**انس ذلك كان مقبوال، وال يسقط عنه من المبلغ قيمة الثوب والحنطة. ويس**توي في ذلك المكيالت والموزونات والمقدرات. وقال مالك وأب**و حنيف**ة رض**ي الله عنهما: استثناء المكيل من الموزون والموزون من المكيل جائز، ح**تى لو استثنى الدراهم من الحنطة والحنطة من الدراهم قبل. فأما إذا استثنى المقومات من المكيالت أو الموزونات، والمكيالت من المقومات، مث**ل أن يق**ول: علي عش**رة دن**انير إال ثوب**ا، أو عش**رة أث**واب إال دين**ارا ال يص**ح االستثناء، ويلزم المقر جميع المبلغ. وقال محمد بن الحسن: االس**تثناء من غير الجنس ال يصح، ويلزم المقر جملة ما أقر به. والدليل لقول الش**افعي أن لفظ االستثناء يستعمل في الجنس وغير الجنس؛ ق**ال الل**ه تع**الى: "ال

-** 25يسمعون فيها لغوا وال تأثيما. إال قيال س**الما س**الما" ]الواقع**ة: 26] فاستثنى السالم من جملة اللغو. ومثله "فسجد المالئكة كلهم أجمعون. إال

Page 15: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

إبليس" وإبليس من جملة المالئكة؛ ق**ال الل**ه تع**الى: "إال إبليس ك**ان من[ وقال الشاعر: 50الجن ففسق عن أمر ربه" ]الكهف:

وبلدة ليس بها أنيس إال اليعافير وإال العيس فاس**تثنى اليع**افير وهي ذك**ور الظب**اء، والعيس وهي الجم**ال ال**بيض من

األنيس؛ ومثله قول النابغة: ]حلفت يمينا غير ذي مثنوية وال علم إال حس**ن ظن بص**احب[

)دار الحديث( }قال يا إبليس ما لك أال تكون مع الساجدين، قال لم35 - 32*اآليات: 3*

أكن ألسجد لبشر خلقته من صلصال من حم**أ مس**نون، ق**ال ف**اخرج منه**افإنك رجيم، وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين{

@قوله تعالى: "قال ي**ا إبليس م**ا ل**ك" أي م**ا الم**انع ل**ك. "أال تك**ون م**ع الساجدين" أي في أال تكون. "قال لم أكن ألسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون" بين تكبره وحسده، وأنه خير من**ه، إذ ه**و من ن**ار والن**ار تأكل الطين؛ كما تقدم في "األع**راف" بيان**ه. "ق**ال ف**اخرج منه**ا" أي من الس**ماوات، أو من جن**ة ع**دن، أو من جمل**ة المالئك**ة. "فإن**ك رجيم" أي مرجوم بالشهب. وقيل: ملعون مشؤوم. وقد تقدم هذا كل**ه مس**توفى في البقرة واألعراف. "وإن عليك اللعن**ة إلى ي**وم ال**دين" أي لعن**تي، كم**ا في

سورة "ص".-** 36*اآليات: 3* }قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون، قال فإن**ك من38

المنظرين، إلى يوم الوقت المعلوم{ @قول**ه تع**الى: "ق**ال رب ف**أنظرني إلى ي**وم يبعث**ون" ه**ذا الس**ؤال من إبليس لم يكن عن ثقته منه بمنزلته عند الله تعالى، وأنه أهل أن يجاب ل**ه دعاء؛ ولكن سأل تأخير عذابه زيادة في بالئ**ه؛ كفع**ل اآليس من الس**المة. وأراد بسؤاله اإلنظار إلى يوم يبعثون: أجال يموت؛ ألن ي**وم البعث ال م**وت فيه وال بعده. قال الله تعالى: "فإنك من المنظ**رين" يع**ني من الم**ؤجلين. "إلى يوم الوقت المعل**وم" ق**ال ابن عب**اس: )أراد ب**ه النفخ**ة األولى(، أي حين تموت الخالئق. وقيل: الوقت المعلوم الذي استأثر الله بعلمه، ويجهله إبليس. فيم**وت إبليس ثم يبعث؛ ق**ال الل**ه تع**الى: "ك**ل من عليه**ا ف**ان"

[. وفي كالم الله تعالى له قوالن: أحدهما: كلم**ه على لس**ان26]الرحمن: رسوله.

الثاني: كلمه تغليظا في الوعيد ال على وجه التكرمة والتقريب. }ق**ال رب بم**ا أغويت**ني ألزينن لهم في األرض وألغ**وينهم39*اآلي**ة: 3*

أجمعين{ @قوله تعالى: "قال رب بما أغويت**ني ألزينن لهم في األرض" تق**دم مع**نى اإلغ**واء والزين**ة في األع**راف. وتزيين**ه هن**ا يك**ون ب**وجهين: إم**ا بفع**ل المعاصي، وإما بشغلهم بزينة الدنيا عن فعل الطاعة. ومع**نى: "وألغ**وينهم أجمعين" أي ألضلنهم عن طريق الهدى. وروى ابن لهيعة عبدالله عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي س*عيد الخ**دري ق*ال ق*ال رس*ول الل*ه صلى الله عليه وسلم: )إن إبليس قال يا رب وعزتك وجاللك ال أزال أغوي ب*ني آدم م*ا دامت أرواحهم في أجس*امهم فق*ال ال*رب وع*زتي وجاللي ال

أزال أغفر لهم ما استغفروني(. }إال عبادك منهم المخلصين{40*اآلية: 3*

Page 16: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@ق**رأ أه**ل المدين**ة وأه**ل الكوف**ة بفتح الالم؛ أي ال**ذين استخلص**تهم وأخلصتهم. وقرأ الب**اقون بكس**ر الالم؛ أي ال**ذين أخلص**وا ل**ك العب**ادة من فساد أو رياء. حكى أبو ثمامة أن الحواريين سألوا عيسى عليه السالم عن

المخلصين لله فقال: )الذي يعمل وال يحب أن يحمده الناس(. }قال هذا صراط علي مستقيم{41*اآلية: 3*

@قال عمر بن الخطاب: معناه هذا صراط يستقيم بصاحبه ح**تى يهجم ب**ه على الجن**ة. الحس**ن: "علي" بمع**نى إلي. مجاه**د والكس**ائي: ه**ذا على الوعيد والتهديد؛ كقولك لمن تهدده: طريقك علي ومص**يرك إلي. وكقول**ه:

[. فكان معنى الكالم: هذا طري*ق مرجع*ه14"إن ربك لبالمرصاد" ]الفجر: إلي فأجازي كال بعمله، يعني طريق العبودي**ة. وقي**ل: المع**نى علي أن أدل على الصراط المستقيم بالبيان والبرهان. وقيل: ب**التوفيق والهداي**ة. وق**رأ ابن سيربن وقتادة والحسن وقيس بن عباد وأبو رجاء وحميد ويعقوب "هذا صراط علي مستقيم" برفع "علي" وتنوينه؛ ومعناه رفيع مستقيم، أي رفيع

في الدين والحق. وقيل: رفيع أن ينال، مستقيم أن يمال. }إن عب***ادي ليس ل***ك عليهم س***لطان إال من اتبع***ك من42*اآلي***ة: 3*

الغاوين{ @قوله تعالى: "إن عب**ادي ليس ل**ك عليهم س**لطان" ق**ال العلم**اء: يع**ني على قل**وبهم. وق**ال ابن عيين**ة: أي في أن يلقيهم في ذنب يمنعهم عف**ويويضيقه عليهم. وهؤالء الذين هداهم الله واجتباهم واختارهم واصطفاهم.

قلت: لعل قائال يقول: قد أخبر الله عن صفة آدم وحواء عليهما السالم [، وعن جمل**ة من أص**حاب نبي**ه36بقوله: "فأزلهم**ا الش**يطان" ]البق**رة:

[155بقول**ه: "إنم**ا اس**تزلهم الش**يطان ببعض م**ا كس**بوا" ]آل عم**ران: ف**الجواب م**ا ذك**ر، وه**و أن**ه ليس ل**ه س**لطان على قل**وبهم، وال موض**ع إيم**انهم، وال يلقيهم في ذنب ي**ؤول إلى ع**دم القب**ول، ب**ل تزيل**ه التوب**ة وتمحوه األوبة. ولم يكن خ*روج آدم عقوب**ة لم**ا تن**اول؛ على م**ا تق*دم في "البقرة" بيانه. وأما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى الق**ول عنهم في آل عم**ران. ثم إن قول**ه س**بحانه: "ليس ل**ك عليهم س**لطان" يحتم**ل أن يك**ون خاص**ا فيمن حفظ**ه الل**ه، ويحتم**ل أن يك**ون في أك**ثر األوقات واألحوال، وقد يكون في تسلطه تفريج كربة وإزالة غمة؛ كما فعل ببالل، إذ أتاه يهديه كما يهدي الصبي حتى نام، ونام النبي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم وأصحابه فلم يستيقظوا حتى طلعت الش**مس، وفزع**وا وق**الوا: م**ا كفارة ما ص**نعنا بتفريطن**ا في ص**التنا؟ فق**ال لهم الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم: )ليس في النوم تفريط( فف**رج عنهم. "إال من اتبع**ك من الغ**اوين" أي الضالين المشركين. أي سلطانه على هؤالء؛ دليله "إنم**ا س**لطانه على

[. 100الذين يتولونه والذين هم به مشركون" ]النحل: وهذه اآلية والتي قبله**ا دلي**ل على ج**واز اس**تثناء القلي**ل من الكث**ير

والكثير من القليل؛ مثل أن يقول: عش**رة إال درهم**ا. أو يق**ول: عش**رة إال تسعة. وقال أحمد بن حنبل: ال يجوز أن يستثنى إال قدر النصف فم**ا دون**ه. وأما استثناء األكثر من الجملة فال يصح. ودليلنا هذه اآلية، فإن فيها استثتاء "الغاوين" من العباد والعباد من الغاوين، وذلك يدل على أن استثناء األق**ل

من الجملة واستثناء األكثر من الجملة جائز.

Page 17: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}وإن جهنم لموعدهم أجمعين، لها سبعة أبواب لكل44 -* 43*اآليتان: 3*باب منهم جزء مقسوم{

@قوله تعالى: "وإن جهنم لموعدهم أجمعين" يعني إبليس ومن اتبعه. "لها سبعة أبواب" أي أطباق، طبق فوق طبق "لكل باب منهم" أي لك**ل طبق**ة "منهم جزء مقسوم" أي حظ معلوم. ذكر ابن المبارك قال: أخبرنا إبراهيم أبو هارون الغنوي قال: سمعت حطان بن عبدالله الرقاشي يق**ول س**معت عليا رضي الله عنه يقول: هل ت**درون كي**ف أب**واب جهنم؟ قلن**ا: هي مث**ل أبوابنا. قال ال، هي هك**ذا بعض**ها ف**وق بعض، - زاد الثعل**بي: ووض**ع إح**دى يديه على األخرى: وأن الله وضع الجنان على األرض، والنيران بعضها فوق بعض، فأس**فلها جهنم، وفوقه**ا الحطم**ة، وفوقه**ا س**قر، وفوقه**ا الجحيم، وفوقها لظى، وفوقها السعير، وفوقها الهاوية، وكل باب أشد حرا من الذي

يليه سبعين مرة. قلت: كذا وقع هذا التفسير. والذي عليه األك*ثر من العلم*اء أن جهنم

أعلى ال**دركات، وهي مختص**ة بالعص**اة من أم**ة محم**د ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم، وهي ال**تي تخلى من أهله**ا فتص**فق الري**اح أبوابه**ا. ثم لظى، ثم الحطمة، ثم س**عير، ثم س**قر، ثم الجحيم، ثم الهاوي**ة. ق**ال الض**حاك: في الدرك األعلى المحمديون، وفي الثاني النصارى، وفي الث*الث اليه*ود، وفي الرابع الصابئون، وفي الخامس المجوس، وفي الس*ادس مش**ركو الع*رب، وفي السابع المنافقون وآل فرعون ومن كفر من أه*ل المائ*دة. ق*ال الل**ه

[ - وق**د145تعالى: "إن المنافقين في الدرك األسفل من النار" ]النس**اء: [.46تقدم في النساء - ، وقال: "أدخلوا آل فرعون أش**د الع**ذاب" ]غ**افر:

وقسم معاذ بن جبل رضي الله عنه العلماء السوء من ه**ذه األم**ة تقس**يما على تلك األبواب؛ ذكرناه في كت**اب )الت**ذكرة( وروى الترم**ذي من ح**ديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )لجهنم سبعة أب**واب

باب منها لمن سل سيفه على أمتي( قال: حديث غريب. وقال أبي بن كعب: )لجهنم سبعة أبواب باب منها للحرورية. وقال وهب

بن منبه: بين كل بابين مسيرة سبعين سنة، كل ب**اب أش**د ح**را من ال**ذي فوقه بسبعين ضعفا، وقد ذكرنا ه**ذا كل**ه في كت**اب الت**ذكرة. وروى س**الم الطويل عن أبي سفيان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله الله تعالى: "لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقس**وم" ج**زء أشركوا بالله، وج*زء ش*كوا في الل*ه، وج*زء غفل*وا عن الل*ه، وج*زء آث*روا شهواتهم على الله، وجزء شفوا غيظهم بغضب الله، وج**زء ص**يروا رغبتهم بحظهم من الله، وجزء عتوا على الله. ذكره الحليمي أبو عبدالله الحس**ين بن الحسن في كتاب )منهاج الدين( له، وقال: فإن ك**ان ثابت**ا فالمش**ركون بالله هم الثنوية. والشاكون هم الذين ال ي**درون أن لهم إله**ا أو ال إل**ه لهم، ويشكون في شريعته أنه**ا من عن**ده أم ال. والغ**افلون عن الل**ه هم ال**ذين يجحدونه أصال وال يثبتونه، وهم الدهرية. والمؤثرون شهواتهم على الل**ه هم المنهمكون في المعاصي؛ لتك**ذيبهم رس**ل الل**ه وأم**ره ونهي**ه. والش**افون غيظهم بغضب الله هم القاتلون أنبياء الله وسائر ال*داعين إلي*ه، المع*ذبون من ينصح لهم أو يذهب غير مذهبهم. والمص**يرون رغبتهم بحظهم من الل**ه هم المنكرون بالبعث والحساب؛ فهم يعبدون م**ا يرغب**ون في**ه، لهم جمي**ع حظهم من الله تعالى. والعاتون على الله الذين ال يبالون بأن يكون م**ا هم

Page 18: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فيه حقا أو باطال، فال يتفك**رون وال يعت**برون وال يس*تدلون. والل**ه أعلم بم*ا أراد رسوله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم إن ثبت الح**ديث. وي**روى أن س**لمان الفارسي رضي الله عنه لما سمع هذه اآلية "وإن جهنم لموعدهم أجمعين" فر ثالثة أيام من الخوف ال يعقل، فجيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: يا رسول الله، أنزلت هذه اآلي**ة "وإن جهنم لموع**دهم أجمعين"؟ فوالذي بعثك بالحق لق*د قطعت قل*بي؛ ف**أنزل الل**ه تع*الى "إن

[. وقال بالل: كان النبي صلى الل**ه45المتقين في جنات وعيون" ]الحجر: عليه وسلم يص**لي في مس**جد المدين**ة وح**ده، فم**رت ب**ه ام**رأة أعرابي**ة فصلت خلفه ولم يعلم بها، فقرأ رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ه**ذه اآلية "لها س**بعة أب**واب لك**ل ب**اب منهم ج**زء مقس**وم" فخ**رت األعرابي**ة مغشيا عليها، وسمع النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم وجبته**ا فانص**رف ودع**ا بماء فصب على وجهها حتى أفاقت وجلست، فقال النبي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم: )يا هذه مالك(؟ فقالت: أهذا شيء من كتاب الله المنزل، أو تقول**ه من تلقاء نفسك؟ فقال: )يا أعرابيه، بل هو من كتاب الل**ه تع**الى الم**نزل( فقالت: كل عضو من أعضائي يعذب على كل باب منها؟ قال: )يا أعرابي**ة، بل لكل باب منهم جزء مقسوم يعذب أه**ل ك**ل منه**ا على ق**در أعم**الهم( فق*الت: والل**ه إني ام*رأة مس*كينة، م*ا لي م*ال، وم*ا لي إال س*بعة أعب*د، أشهدك يا رسول الله، أن كل عبد منهم عن كل باب من أب**واب جهنم ح**ر لوجه الله تعالى: فأتاه جبريل فقال. "يا رسول الله، بشر األعرابية أن الله

قد حرم عليها أبواب جهنم كلها وفتح لها أبواب الجنة كلها(.-** 45*اآليت**ان: 3* }إن المتقين في جن**ات وعي**ون، ادخلوه**ا بس**الم46

آمنين{ @قوله تعالى: "إن المتقين في جنات وعي**ون" أي ال*ذين اتق**وا الف*واحش والش**رك. و"في جن**ات" أي بس**اتين. "وعي**ون" هي األنه**ار األربع**ة: م**اء وخمر ولبن وعسل. وأما العيون المذكورة في سورة "اإلنس**ان": الك**افور والزنجبيل والسلسبيل، وفي "المطففين": التس**نيم، في**أتي ذكره**ا وأهله**ا إن شاء الله. وضم العين من "عيون" على األصل، والكسر مراع**اة للي**اء، وقرئ بهما - "ادخلوها بسالم آمنين" قراءة العامة "ادخلوها" بوصل األل**ف وض**م الخ**اء، من دخ**ل ي**دخل، على األم**ر. تق**ديره: قي**ل ادخلوه**ا. وق**رأ الحسن وأبو العالية ورويس عن يعق**وب "ادخلوه**ا" بض**م التن**وين ووص**ل األلف وكسر الخاء على الفعل المجهول، من أدخل. أي أدخلهم الل**ه إياه**ا.

[49ومذهبهم كسر التن**وين في مث**ل "برحم**ة ادخل**وا الجن**ة" ]األع**راف: وشبهه؛ إال أنهم ههنا ألقوا حركة الهم**زة على التن**وين؛ إذ هي أل**ف قط**ع، ولكن في**ه انتق**ال من كس**ر إلى ض**م ثم من ض**م إلى كس**ر فيثق**ل على اللسان. "بسالم" أي بسالمة من كل داء وآفة. وقيل: بتحي**ة من الل**ه لهم.

"آمنين" أي من الموت والعذاب والعزل والزوال.-* 47*اآليتان: 3* }ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوان**ا على س**رر48

متقابلين، ال يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين{ @ قال ابن عب**اس: أول م**ا ي**دخل أه**ل الجن**ة الجن**ة تع**رض لهم عين**ان، فيش**ربون من إح**دى العي**نين في**ذهب الل**ه م**ا في قل**وبهم من غ**ل، ثم ي**دخلون العين األخ**رى فيغتس**لون فيه**ا فتش**رق أل**وانهم وتص**فو وجههم، وتجري عليهم نضرة النعيم؛ ونحوه عن علي رضي الله عنه. وقال علي بن

Page 19: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الحسين: نزلت في أبي بكر وعمر وعلي والصحابة، يعني ما كان بينهم في الجاهلية من الغل. والقول األول أظهر، يدل عليه س**ياق اآلي**ة. وق**ال علي رضي الله عن**ه: )أرج*و أن أك*ون أن*ا وطلح*ة والزب*ير من ه*ؤالء(. والغ*ل: الحقد والعداوة؛ يقال منه: غل يغ*ل. ويق*ال من الغل**ول وه*و الس*رقة من

المغنم: غل يغل: ويقال من الخيانة: أغل يغل. كما قال: جزى الله عنا حمزة بنة نوفل جزاء مغل باألمانة كاذب

وقد مضى هذا في آل عم**ران. "إخوان**ا على س**رر متق**ابلين" أي ال ينظ**ر بعضهم إلى قفا بعض تواص**ال وتحابب**ا؛ عن مجاه**د وغ**يره. وقي**ل: األس**رة تدور كيفما ش**اؤوا، فال ي**رى أح*د قف**ا أح**د. وقي**ل: "متق**ابلين" ق**د أقبلت عليهم األزواج وأقبلوا عليهن بالود. وسرر جم**ع س**رير. مث**ل جدي**د وج**دد. وقيل: هو من السرور؛ فكأنه مكان رفيع ممهد للسرور. واألول أظهر. قال ابن عباس: )على سرر مكللة بالياقوت والزبرج**د وال**در(، الس**رير م**ا بين صنعاء إلى الجابية وما بين عدن إلى أيلة. "وإخوانا" نصب على الح**ال من "المتقين" أو من المضمر في "ادخلوها"، أو من المض**مر في "آم**نين"، أو يكون حاال مقدرة من الهاء والميم في "صدورهم". "ال يمسهم فيها نصب" أي إعياء وتعب. "وما هم منها بمخرجين" دلي**ل على أن نعيم الجن**ة دائم ال يزول، وأن أهلها فيها باقون. أكلها دائم؛ "إن ه**ذا لرزقن**ا م**ا ل**ه من نف**اد"

[.54]ص: -** 49*اآليتان: 3* }نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، وأن عذابي ه**و50

العذاب األليم{ @ هذه اآلية وزان قوله عليه السالم: )ل**و يعلم الم**ؤمن م**ا عن**د الل**ه من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمت**ه أح**د( أخرج**ه مس**لم من ح**ديث أبي هري**رة. وق**د تق**دم في الفاتح**ة. وهك**ذا ينبغي لإلنس**ان أن ي**ذكر نفس**ه وغ**يره فيخ**وف وي**رجى، ويكون الخوف في الصحة أغلب عليه منه في المرض. وج**اء في الح**ديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خ*رج على الص*حابة وهم يض**حكون فق*ال: )أتضحكون وبين أيديكم الجنة والنار( فشق ذلك عليهم فنزلت اآلية. ذك**ره الماوردي والمهدوي. ولفظ الثعلبي عن ابن عم**ر ق**ال: اطل**ع علين**ا الن**بي صلى الله عليه وسلم من الباب الذي ي**دخل من**ه بن**و ش**يبة ونحن نض**حك فق**ال: )م**الكم تض**حكون ال أراكم تض**حكون( ثم أدب**ر ح**تى إذا ك**ان عن**د الحجر رجع القهقري فقال لن**ا: )إني لم**ا خ**رجت ج*اءني جبري**ل فق*ال ي**ا محمد لم تقنط عبادي من رحمتي "نبئ عبادي أني أنا الغفور ال**رحيم. وأن عذابي هو العذاب األليم". فالقنوط إي**اس، والرج**اء إهم**ال، وخ**ير األم**ور

أوساطها.-** 51*اآليات: 3* }ونبئهم عن ضيف إب**راهيم، إذ دخل**وا علي**ه فق**الوا54

سالما قال إن**ا منكم وجل**ون، ق**الوا ال توج**ل إن**ا نبش**رك بغالم عليم، ق*الأبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون{

@قوله تعالى: "ونبئهم عن ضيف إبراهيم" ضيف إب**راهيم: المالئك**ة ال**ذين بشروه بالولد وبهالك قوم ل**وط. وق**د تق**دم ذك**رهم. وك**ان إب**راهيم علي**ه السالم يك*نى أب*ا الض**يفان، وك*ان لقص*ره أربع*ة أب*واب لكيال يفوت*ه أح*د. وسمي الض**يف ض*يفا إلض*افته إلي**ك ونزول*ه علي*ك. وق*د مض**ى من حكم الضيف في "هود" ما يكفي والحمد لله. "إذ دخل**وا علي**ه" جم**ع الخ**بر ألن

Page 20: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الضيف اسم يصلح للواح*د والجم*ع والتثني*ة والم*ذكر والم*ؤنث كالمص**در. ض**افه وأض**افه أمال**ه؛ ومن**ه الح**ديث )حين تض**يف الش**مس للغ**روب(، وضيفوفة السهم، واإلضافة والنحوي**ة. "فق**الوا س**الما" أي س**لموا س**الما. "قال إنا منكم وجلون" أي فزعون خائفون، وإنم**ا ق**ال ه**ذا بع**د أن ق**رب العجل ورآهم ال يأكلون، على ما تق**دم في ه**ود. وقي**ل: أنك**ر الس**الم ولم يكن في بالدهم رسم السالم. "قالوا ال توجل" أي قالت المالئك**ة ال تخ**ف. "إنا نبشرك بغالم عليم" أي حليم؛ قاله مقاتل. وقال الجمهور: ع**الم. وه**و إسحاق. "قال أبشرتموني على أن مسني الك**بر" "أن" مص**درية؛ أي علي مس الكبر إياي وزوجتي، وقد تقدم في ه**ود وإب**راهيم، حيث يق**ول: "فبم تبشرون" استفهام تعجب. وقيل: استفهام حقيقي. وق**رأ الحس**ن "توج*ل" بضم الت**اء. واألعمش "بش**رتموني" بغ**ير أل**ف، ون**افع وش**يبة "تبش**رون" بكسر النون والتخفيف؛ مثل، "أتحاجوني" وقد تقدم تعليله. وقرأ ابن كث**ير وابن محيصن "تبشرون" بكسر النون مشددة، تق**ديره تبش**رونني، ف**أدغم

النون في النون. الباقون "تبشرون" بنصب النون بغير إضافة. }قالوا بشرناك بالحق فال تكن من القانطين{55*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "قالوا بشرناك بالحق" أي بما ال خلف في**ه، وأن الول**د الب**د منه. "فال تكن من القانطين" أي من اآليسين من الولد، وكان قد أيس من الولد لفرط الكبر. وقراءة العام**ة "من الق**انطين" ب**األلف. وق**رأ األعمش ويحيى بن وثاب "من القنطين" بال ألف. وروي عن أبي عمرو. وهو مقصور من "القانطين". ويجوز أن يكون من لغة من قال: قن**ط يقن**ط؛ مث*ل ح*ذر يح**ذر. وفتح الن**ون وكس**رها من "يقن**ط" لغت**ان ق**رئ بهم**ا. وحكى في**ه "يقنط" بالضم. ولم يأت فيه "قنط يقنط" ]و[ من فتح الن**ون في الماض**ي**ط والمستقبل فإنه جمع بين اللغتين، فأخذ في الماضي بلغ**ة من ق**ال: قن

يقنط، وفي المستقبل بلغة من قال: قنظ يقنط؛ ذكره المهدوي. }قال ومن يقنط من رحمة ربه إال الضالون{56*اآلية: 3*

@أي المكذبون الذاهبون عن طريق الصواب. يعني أنه استبعد الولد لك**برسنه ال أنه قنط من رحمة الله تعالى.

-** 57*اآليات: 3* }قال فما خطبكم أيها المرسلون، قالوا إن**ا أرس**لنا60 إلى قوم مجرمين، إال آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين، إال امرأت**ه ق**درنا إنه**ا

لمن الغابرين{ @ لما علم أنهم مالئكة - إذ أخبروه بأمر خارق للعادة وهو بشراهم بالول**د - قال: فما خطبكم؟ والخطب األمر الخطير. أي فما أم**ركم وش**أنكم وم**ا الذي جئتم به. "قالوا إنا أرسلنا إلى ق**وم مج**رمين" أي مش**ركين ض**الين. وفي الكالم إضمار؛ أي أرس**لنا إلى ق**وم مج**رمين لنهلكهم. "إال آل ل**وط" أتباع**ه وأه**ل دين**ه. "إن**ا لمنج**وهم" وق**رأ حم**زة والكس**ائي "لمنج**وهم" بالتخفيف من أنجى. الب*اقون: بالتش*ديد من نجى، واخت**اره أب*و عبي*د وأب*و حاتم. والتنجية واإلنجاء التخليص. "إال امرأته" استثنى من آل ل**وط امرأت**ه وكانت كافرة فالتحقت بالمجرمين في الهالك. وقد تقدمت قصة قوم لوط في "األعراف" وسورة "هود" بما فيه كفاية. "قدرنا إنها لمن الغابرين" أي

قضينا وكتبنا إنها لمن الباقين في العذاب. والغابر: الباقي. قال: ال تكسع الشول بأغبارها إنك ال تدري من الناتج

Page 21: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

األغبار بقاي**ا اللبن. وق**رأ أب**و بك**ر والمفض**ل "ق**درنا" ب**التخفيف هن**ا وفيالنمل، وشدد الباقون. الهروي: يقال قدر وقدر، بمعنى.

@ ال خالف بين أهل اللس**ان وغ**يرهم أن االس**تثناء من النفي إثب**ات ومن اإلثبات نفي؛ فإذا قال رجل: له علي عشرة دراهم إال أربعة إال درهما؛ ثبت اإلقرار بسبعة؛ ألن الدرهم مستثنى من األربع**ة، وه**و مثبت ألن**ه مس**تثنى من منفي، وكانت األربعة منفية ألنه**ا مس**تثناة من م**وجب وه**و العش**رة، فعاد الدرهم إلى الستة فصارت سبعة. وكذلك لو قال: علي خمس**ة دراهم إال درهم إال ثلثيه؛ كان عليه أربعة دراهم وثلث. وكذلك إذا قال: لفالن علي عشرة إال تسعة إال ثماني**ة إال س**بعة؛ ك**ان االس**تثناء الث**اني راجع**ا إلى م**ا قبله، والثالث إلى الثاني فيكون عليه درهمان؛ ألن العشرة إثبات والثماني*ة إثبات فيكون مجموعها ثماني**ة عش*ر. والتس*عة نفي والس*بعة نفي فيك*ون ستة عشر تس**قط من ثماني**ة عش**ر ويبقى درهم**ان، وه**و الق**در ال**واجب باإلقرار ال غير. فقوله سبحانه: "إنا أرسلنا إلى ق**وم مج**رمين. إال آل ل**وط إنا لمنجوهم أجمعين. إال امرأته" فاستثنى آل ل**وط من الق**وم المج**رمين، ثم قال: "إال امرأته" فاستثناها من آل لوط، فرجعت في التأويل إلى القوم المجرمين كما بينا. وهكذا الحكم في الطالق، لو ق**ال لزوجت**ه: أنت ط**الق ثالثا إال اثنتين إال واحدة طلقت اثنتين؛ ألن الواح**دة رجعت إلى الب**اقي من

المستثنى منه وهي الثالث. وكذا كل ما جاء من هذا فتفهمه.-** 61*اآلي**ات: 3* }فلم**ا ج**اء آل ل**وط المرس**لون، ق**ال إنكم ق**وم65

منك**رون، ق**الوا ب**ل جئن**اك بم**ا ك**انوا في**ه يم**ترون، وأتين**اك ب**الحق وإن**ا لصادقون، فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم وال يلتفت منكم أح**د

وامضوا حيث تؤمرون{ @قوله تعالى: "فلما جاء آل لوط المرسلون، قال إنكم قوم منك**رون" أي ال أعرفكم. وقيل: كانوا ش**بابا ورأى جم**اال فخ**اف عليهم من فتن**ة قوم**ه؛ فهذا هو اإلنكار. "قالوا بل جئناك بما ك**انوا في**ه يم**ترون" أي يش**كون أن**ه نازل بهم، وهو العذاب. "وأتيناك بالحق" أي بالصدق. وقيل: بالعذاب. "وإنا لص**ادقون" أي في هالكهم. "فأس**ر بأهل**ك بقط**ع من اللي**ل" تق**دم في "ه**ود". "واتب**ع أدب**ارهم" أي كن من ورائهم لئال يتخل**ف منهم أح**د فينال**ه الع**ذاب. "وال يلتفت منكم أح**د" نه**وا عن االلتف**ات ليج**دوا في الس**ير ويتباعدوا عن القري**ة قب**ل أن يف**اجئهم الص**بح. وقي**ل: المع**نى ال يتخل**ف. "وامضوا حيث تؤمرون" قال ابن عباس )يعني الشام(. مقاتل. يعني صفد، قرية من قرى لوط. وقد تقدم. وقيل: إنه مض**ى إلى أرض الخلي**ل بمك**ان يقال له اليقين، وإنما سمي اليقين ألن إبراهيم لما خرجت الرسل شيعهم، فقال لجبريل: من أين يخسف بهم؟ قال: )من هاهنا( وحد ل**ه ح**دا، وذهب جبريل، فلما جاء لوط. جلس عند إبراهيم وارتقبا ذلك العذاب، فلما اهتزت

األرض قال إبراهيم: )أيقنت بالله( فسمي اليقين.-* 66*اآلي*ات: 3* }وقض**ينا إلي**ه ذل*ك األم**ر أن داب*ر ه*ؤالء مقط*وع71

مص**بحين، وج**اء أه**ل المدين**ة يستبش**رون، ق**ال إن ه**ؤالء ض**يفي فال تفضحون، واتقوا الله وال تخزون، قالوا أولم ننهك عن العالمين، قال ه**ؤالء

بناتي إن كنتم فاعلين{ @قوله تعالى: "وقض**ينا إلي**ه" أي أوحين**ا إلى ل**وط. "ذل**ك األم**ر أن داب**ر هؤالء مقطوع مصبحين" نظيره "فقطع دابر القوم الذين ظلموا". ]األنعام:

Page 22: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[ "مصبحين" أي عند طلوع الصبح. وقد تقدم. "وجاء أه**ل المدين**ة" أي45 أه**ل مدين**ة ل**وط "يستبش**رون" مستبش**رين باألض**ياف طمع**ا منهم في ركوب الفاحشة. "قال إن ه**ؤالء ض**يفي" أي أض**يافي. "فال تفض**حون" أي تخجلون. "واتقوا الله وال تخ**زون" يج**وز أن يك**ون من الخ**زي وه**و ال**ذل والهوان، ويجوز أن يكون من الخزاية وهو الحياء والخج**ل. وق**د تق**دم في هود. "ق**الوا أولم ننه**ك عن الع**المين" أي عن أن تض**يف، أح**دا ألن**ا نري**د منهم الفاحشة. وكانوا يقصدون بفعلهم الغرباء؛ عن الحسن. وقد تقدم في األعراف. وقيل: أو لم ننهك عن أن تكلمنا في أحد من الن**اس إذا قص**دناه بالفاحشة. "قال ه**ؤالء بن**اتي إن كنتم ف**اعلين" أي ف**تزوجوهن وال تركن**وا

إلى الحرام. وقد تقدم بيان هذا في هود. }لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون{72*اآلية: 3*

@ قال القاضي أبو بكر بن العربي: قال المفسرون ب**أجمعهم أقس**م الل**ه تعالى ههنا بحياة محمد صلى الل**ه علي**ه وس**لم تش**ريفا ل*ه، أن قوم**ه من

قريش في سكرتهم يعمهون وفي حيرتهم يترددون. قلت: وهكذا قال القاضي عياض: أجمع أهل التفسير في هذا أنه قسم

من الله جل جالله بمدة حياة محمد ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم. وأص**له ض**م العين من العمر ولكنها فتحت لكثرة االستعمال. ومعناه وبقائ**ك ي**ا محم**د. وقيل وحياتك. وهذا نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف. قال أب**و الج**وزاء: ما أقسم الله بحياة أحد غير محمد صلى الله عليه وسلم؛ ألنه أكرم البري**ة عنده. قال ابن العربي: "ما الذي يمنع أن يقسم الله سبحانه وتعالى بحي**اة لوط ويبلغ به من التشريف ما شاء، وكل ما يعطي**ه الل**ه تع**الى لل**وط من فضل يؤتي ضعفيه من شرف لمحمد ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم؛ ألن**ه أك**رم على الله منه؛ أو ال ترى أنه سبحانه أعطى إبراهيم الخلة وموس**ى التكليم وأعطى ذلك لمحمد، فإذا أقسم بحياة لوط فحي**اة محم*د أرف*ع. وال يخ**رج

من كالم إلى كالم لم يجر له ذكر لغير ضرورة". قلت: ما قاله حسن؛ فإنه كان يكون قسمه سبحانه بحياة محمد صلى

الله عليه وسلم كالم**ا معترض**ا في قص**ة ل**وط. ق**ال القش**يري أب**و نص**ر عبدالرحيم بن عبدالكريم في تفسيره: ويحتم**ل أن يق**ال: يرج**ع ذل**ك إلى قوم لوط، أي كانوا في س**كرتهم يعمه**ون. وقي**ل: لم**ا وع**ظ ل**وط قوم**ه وقال ه*ؤالء بن*اتي ق*الت المالئك*ة: ي*ا ل*وط، "لعم*رك إنهم لفي س*كرتهم يعمهون" وال يدرون ما يحل بهم صباحا. فإن قيل: فقد أقسم تعالى ب**التين والزيتون وطور سينين؛ فما في هذا؟ قيل له: ما من شيء أقس*م الل*ه ب*ه إال وذلك داللة على فضله على ما يدخل في عداده، فكذلك نبينا صلى الل**ه علي**ه وس**لم يجب أن يك**ون أفض**ل ممن ه**و في ع**داده. والعم**ر والعم**ر )بضم العين وفتحها( لغتان ومعناهما واحد؛ إال أن**ه ال يس**تعمل في القس**م إال بالفتح لكثرة االستعمال. وتقول: عم**رك الل**ه، أي أس**أل الل**ه تعم**يرك.

و"لعمرك" رفع باالبتداء وخبره محذوف. المعنى لعمرك مما أقسم به. @ كره كثير من العلماء أن يقول اإلنسان لعمري؛ ألن معناه وحياتي. ق**ال إبراهيم النخعي: يكره للرجل أن يق**ول لعم**ري؛ ألن**ه حل**ف بحي**اة نفس**ه، وذلك من كالم ضعفة الرجال. ونحو هذا ق**ال مال**ك: إن المستض**عفين من الرجال والمؤنثين يقسمون بحياتك وعيشك، وليس من كالم أهل الذكران، وإن كان الله سبحانه أقسم به في هذه القصة، فذلك بيان لشرف المنزلة

Page 23: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

والرفعة لمكانه، فال يحمل علي**ه س**واه وال يس**تعمل في غ**يره. وق**ال ابن حبيب: ينبغي أن يصرف "لعمرك" في الكالم لهذه اآلية. وق**ال قت**ادة: ه**و من كالم العرب. قال ابن العربي: وب**ه أق**ول، لكن الش**رع ق**د قطع**ه في

االستعمال ورد القسم إليه. قلت. القسم ب* "لعمرك ولعمري" ونحوه في أشعار العرب وفصيح كالمه**ا

كثير. قال النابغة:

لعمري وما عمري علي بهين لقد نطقت بطال على األقارع آخر:

لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى لكالطول المرخى وثنياه باليد آخر:

أيها المنكح الثريا سهيال عمرك الله كيف يلتقيان آخر:

إذا رضيت علي بنو قشير لعمر الله أعجبني رضاها وقال بعض أهل المعاني: ال يج**وز ه**ذا؛ ألن**ه ال يق**ال لل**ه عم**ر، وإنم**ا ه**و

تعالى أزلي. ذكره الزهراوي. @ قد مضى الكالم فيما يحلف به وم**ا ال يج**وز الحل**ف ب**ه في "المائ**دة"، وذكرنا هناك قول أحمد بن حنبل فيمن أقسم بالنبي صلى الله عليه وس**لم لزمته الكفارة. قال ابن خويز منداد: من جوز الحلف بغير الل**ه تع**الى مم**ا يجوز تعظيمه بحق من الحقوق فليس يقول إنها يمين تتعلق بها كف**ارة؛ إال أنه من قصد الكذب كان ملوما؛ ألنه في الباطن مس**تخف بم**ا وجب علي**ه تعظيمه. قالوا: وقوله تعالى "لعمرك" أي وحياتك. وإذا أقس**م الل**ه تع**الى بحياة نبيه فإنما أراد بيان التصريح لنا أنه يجوز لنا أن نحل**ف بحيات**ه. وعلى

[.1م**ذهب مال**ك مع**نى قول**ه: "لعم**رك" و"ال**تين والزيت**ون" ]ال**تين: [1[ "والنجم إذا هوى" ]النجم: 2 -* 1"والطور. وكتاب مسطور" ]الطور:

[ "ال أقس**م به*ذا البل**د. وأنت ح*ل به*ذا1"والشمس وض*حاها" ]الض**حى. [ كل هذا معناه: وخالق التين والزيتون،3 -* 1البلد. ووالد وما ولد" ]البلد:

وب**رب الكت**اب المس**طور، وب**رب البل**د ال**ذي حللت ب**ه، وخ**الق عيش**ك وحياتك، وحق محمد؛ فلليمين والقسم حاصل به سبحانه ال بالمخلوق. قال ابن خويز منداد: ومن جوز اليمين بغير الل**ه تع**الى ت**أول قول**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم: )ال تحلفوا بآبائكم( وقال: إنما نهى عن الحل**ف باآلب**اء الكف**ار، أال ترى أنه قال لما حلفوا بآبائهم: )للجبل عند الله أكرم من آب**ائكم ال**ذين ماتوا في الجاهلي**ة(. ومال**ك حم**ل الح**ديث على ظ**اهره. ق**ال ابن خ**ويز منداد: واستدل أيضا من جوز ذلك ب**أن أيم*ان المس*لمين ج*رت من**ذ عه*د النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن يحلفوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، حتى أن أهل المدينة إلى يومنا هذا إذا ح**اكم أح**دهم ص**احبه ق**ال: احلف لي بحق ما حواه هذا الق**بر، وبح**ق س**اكن ه**ذا الق**بر، يع**ني الن**بي صلى الله عليه وسلم، وكذلك بالحرم والمشاعر العظام، والركن والمق**ام

والمحراب وما يتلى فيه.-* 73*اآليتان: 3* }فأخذتهم الصيحة مشرقين، فجعلنا عاليه*ا س**افلها74

وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل{

Page 24: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "فأخذتهم الص**يحة مش**رقين" نص**ب على الح**ال، أي وقت شروق الشمس. يقال: أشرقت الشمس أي أضاءت، وش**رقت إذا طلعت. وقي**ل: هم**ا لغت**ان بمع**نى. وأش**رق الق**وم أي دخل**وا في وقت ش**روق الشمس. مثل أصبحوا وأمسوا، وهو الم**راد في اآلي**ة. وقي**ل: أراد ش**روق الفجر. وقيل: أول الع*ذاب ك*ان عن*د الص*بح وامت*د إلى ش*روق الش*مس، فكان تمام الهالك عند ذلك. والله أعلم. و"الص**يحة" الع**ذاب. وتق**دم ذك**ر

[.82"سجيل" ]هود: }إن في ذلك آليات للمتوسمين{75*اآلية: 3*

@قوله تع**الى: "للمتوس**مين" روى الترم**ذي الحكيم في )ن**وادر األص*ول( من حديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم أن**ه قال: )للمتفرسين( وهو قول مجاه**د. وروى أب**و عيس**ى الترم**ذي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وس**لم: )اتق**وا فراس**ة المؤمن فإنه ينظر بنور الله - ثم قرأ - "إن في ذلك آلي**ات للمتوس**مين"(. قال: هذا حديث غ*ريب. وق*ال مقات*ل وابن زي*د: للمتوس**مين للمتفك**رين.

الضحاك: للنظارين. قال الشاعر: أو كلما وردت عكاظ قبيلة بعثوا إلى عريفهم يتوسموا

وقال قتادة: للمعتبرين. قال زهير: وفيهن ملهى للصديق ومنظر أنيق لعين الناظر المتوسم

وقال أبو عبيدة: للمتبصرين، والمعنى متقارب. وروى الترم**ذي الحكيم من حديث ث**ابت عن أنس ابن مال**ك ق**ال ق**ال رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم: )إن لله ع*ز وج*ل عب*ادا يعرف*ون الن**اس بالتوس*م(. ق*ال العلم*اء: التوس*م تفع*ل من الوس*م، وهي العالم*ة ال*تي يس*تدل به*ا على مطل*وب غيرها. يق*ال: توس**مت في**ه الخ**ير إذا رأيت ميس*م ذل*ك في*ه؛ ومن**ه ق**ول

عبدالله بن رواحة للنبي صلى الله عليه وسلم: إني توسمت فيك الخير أعرفه والله يعلم أني ثابت البصر

آخر: توسمته لما رأيت مهابة عليه وقلت المرء من آل هاشم

واتسم الرجل إذا جعل لنفسة عالمة يع**رف به**ا. وتوس**م الرج**ل طلب كألالوسمي. وأنشد:

وأصبحن كالدوم النواعم غدوة على وجهة من ظاعن متوسم وقال ثعلب: الواسم الن**اظر إلي**ك من فرق**ك إلى ق**دمك. وأص**ل التوس**م التثبت والتفك**ر؛ م**أخوذ من الوس**م وه**و الت**أثير بحدي**دة في جل**د البع**ير وغيره، وذك يكون بجودة القريحة وحدة الخاطر وصفاء الفك**ر. زاد غ**يره: وتفري**غ القلب من حش**و ال**دنيا، وتطه**يره من أدن**اس المعاص**ي وك**دورة األخالق وفض**ول ال**دنيا. روى نهش**ل عن ابن عب**اس "للمتوس**مين" ق**ال: ألهل الصالح والخير. وزعمت الصوفية أنها كرامة. وقيل: ب**ل هي اس**تدالل بالعالمات، ومن العالمات ما يبدو ظاهرا لكل أحد وب**أول نظ**رة، ومنه**ا م**ا يخفى فال يبدو لكل أحد وال يدرك ببادئ النظر. ق**ال الحس**ن: المتوس**مون هم الذين يتوسمون األمور فيعلمون أن الذي أهلك قوم لوط قادر على أن يهلك الكفار؛ فهذا من الدالئل الظاهرة. ومثله قول ابن عباس،: )ما سألني أح**د عن ش**يء إال ع**رفت أفقي**ه ه**و أو غ**ير فقي**ه(. وروي عن الش**افعي ومحمد بن الحسن أنهما كانا بفناء الكعبة ورجل على ب**اب المس**جد فق**ال

Page 25: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أحدهما: أراه نجارا، وقال اآلخر: ب**ل ح**دادا، فتب**ادر من حض**ر إلى الرج**ل فسأل فق**ال: كنت نج**ارا وأن**ا الي**وم ح**داد. وروي عن جن**دب بن عبدالل**ه البجلي أنه أتى على رجل يقرأ القرآن فوقف فق**ال: من س**مع س**مع الل**ه به، ومن راءى راءى الله به. فقلنا له: كأنك عرضت بهذا الرجل، فقال: إن هذا يقرأ عليك القرآن الي**وم ويخ**رج غ**دا حروري**ا؛ فك**ان رأس الحروري**ة، واسمه مرداس. وروي عن الحسن البصري أنه دخل علي**ه عم*رو بن عبي**د فقال: هذا سيد فتيان البصرة إن لم يحدث، فكان من أم**ره من الق**در م**ا كان، حتى هجره عامة إخوانه. وقال أليوب: هذا سيد فتي**ان أه**ل البص**رة، ولم يستثن. وروي عن الشعبي أنه قال ل**داود األزدي وه**و يماري**ه: إن**ك ال تموت ح**تى تك**وى في رأس**ك، وك**ان ك**ذلك. وروي أن عم**ر بن الخط**اب رضي الله عنه دخل عليه قوم من مذحج فيهم األش**تر، فص**عد في**ه النظ**ر وصوبه وقال: أيهم هذا؟ قالوا: مالك بن الحارث. فقال: ما ل**ه قاتل**ه الل**ه! إني ألرى للمسلمين منه. يوما عصيبا؛ فكان منه في الفتنة م**ا ك**ان. وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: أن أنس بن مال**ك دخ**ل علي**ه، وك**ان قد مر بالسوق فنظر إلى امرأة، فلما نظر إليه قال عثمان: )يدخل أح**دكم علي وفي عينيه أثر الزنى فقال له أنس: أوحيا بعد رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم؟ فق**ال ال ولكن بره**ان وفراس**ة وص**دق(. ومثل**ه كث**ير عن

الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين. @ ق**ال أب**و بك**ر بن الع**ربي: "إذا ثبت أن التوس**م والتف**رس من م**دارك المعاني فإن ذلك ال ي**ترتب علي**ه حكم وال يؤخ**ذ ب**ه موس**وم وال متف**رس. وقد كان قاضي القضاة الشامي المالكي ببغ*داد أي**ام ك**وني بالش**ام يحكم بالفراسة في األحكام، جريا على طريق إياس بن معاوية أيام ك**ان قاض**يا، وكان شيخنا فخر اإلسالم أبو بكر الشاشي صنف جزءا في الرد عليه، كتبه لي بخطه وأعطانيه، وذل**ك ص**حيح؛ ف**إن م**دارك األحك**ام معلوم**ة ش**رعا

مدركة قطعا وليست الفراسة منها }وإنها لبسبيل مقيم، إن في ذلك آلية للمؤمنين، وإن79 -* 76*اآليات: 3*

كان أصحاب األيكة لظالمين، فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين{ @قول*ه تع*الى: "وإنه*ا" يع*ني ق**رى ق**وم ل*وط. "لبس**بيل مقيم" أي على طريق قومك يا محمد إلى الشام. "إن في ذلك آلي**ة للمؤم**نين" أي لع**برة للمصدقين. "وإن كان أصحاب األيك**ة لظ*المين" يري*د ق*وم ش**عيب، ك*انوا أصحاب غياض ورياض وشجر مثمر. واأليكة: الغيضة، وهي جماعة الشجر،

والجمع األيك. ويروى أن شجرهم كان دوما وهو المقل. قال النابغة: تجلو بقادمتي حمامة أيكة بردا أسف لثاته باإلثمد

وقيل: األيكة اسم القرية. وقيل اسم البلدة. وقال أبو عبيدة: األيك**ة وليك**ة مدينتهم، بمنزلة بكة من مكة. وتقدم خبر ش**عيب وقوم**ه. "وإنهم**ا لبإم**ام مبين" أي بطريق واضح في نفسه، يعني مدينة قوم ل**وط وبقع**ة أص**حاب

األيكة يعتبر بهما من يمر عليهما. }ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين{80*اآلية: 3*

@ الحجر ينطلق على معان: منها حج**ر الكعب**ة. ومنه*ا الح*رام؛ ق**ال الل**ه [ أي حراما محرما. والحجر العق**ل؛53تعالى: "وحجرا محجورا" ]الفرقان:

[ والحج**ر حج**ر القميص؛ والفتح5قال الله تع**الى: "ل**ذي حج**ر" ]الفج**ر: أفصح. والحجر الف**رس األن**ثى. والحج**ر دي**ار ثم**ود، وه**و الم**راد هن**ا، أي

Page 26: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

المدينة؛ قال األزهري. قتادة: وهي ما بين مكة وتب**وك، وه**و ال**وادي ال**ذي فيه ثمود. الطبري: هي أرض بين الحجاز والشام، وهم قوم ص**الح. وق**ال: "المرسلين" وهو صالح وحده، ولكن من كذب نبيا فقد كذب األنبي**اء كلهم؛ ألنهم على دين واح**د في األص**ول فال يج**وز التفري**ق بينهم. وقي**ل: ك**ذبوا

صالحا ومن تبعه ومن تقدمه من النبيين أيضا. والله أعلم روى البخاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وس**لم لم**ا ن**زل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أال يشربوا من بئرها وال يستقوا منها. فقالوا: قد عجنا واستقينا. فأمرهم رسول الله صلى الل**ه علي*ه وس*لم أن يهريق*وا الماء وأن يطرحوا ذلك العجين. وفي الصحيح عن ابن عمر أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود، فاس**تقوا من آبارها وعجنوا به العجين، فأمرهم رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا اإلبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر ال**تي تردها الناقة. وروي أيضا عن ابن عمر ق*ال: مررن*ا م*ع رس*ول الل*ه ص*لى الله عليه وسلم على الحجر فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ال تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إال أن تكونوا باكين ح**ذرا أن يص**يبكم

مثل ما أصابهم( ثم زجر فأسرع. قلت: ففي هذه اآلية التي بين الش**ارع حكمه**ا وأوض**ح أمره**ا ثم**ان

مسائل، استنبطها العلماء واختلف في بعضها الفقهاء، فأولها: كراهة دخول تلك المواضع، وعليها حمل بعض العلماء دخ**ول مق**ابر الكف**ار؛ ف**إن دخ**ل اإلنسان شيئا من تل**ك المواض**ع والمق**ابر فعلى الص**فة ال**تي أرش**د إليه**ا النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم من االعتب**ار والخ**وف واإلس**راع. وق**د ق**ال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ال تدخلوا أرض بابل فإنها ملعونة(. مسألة: أمر النبي بهرق ما استقوا من بئر ثمود وإلقاء ما عجن وخبز به

ألجل أنه ماء س**خط، فلم يج**ز االنتف**اع ب**ه ف**رارا من س**خط الل**ه. وق**ال )اعلفوه اإلبل(. قلت: وهكذا حكم الماء النجس وما يعجن به. وثانيها: ق**ال مالك: إن ما ال يجوز استعماله من الطعام والشراب يجوز أن تعلف**ه اإلب**ل والبهائم؛ إذ ال تكليف عليه**ا؛ وك*ذلك ق**ال، في العس**ل النجس: إن**ه يعلف**ه النحل. وثالثها: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعل**ف م**ا عجن به**ذا الماء اإلبل، ولم يأمر بطرحه كما أمر لحوم الحمر اإلنسية يوم خيبر؛ ف**دل على أن لحم الحم**ر أش**د. في التح**ريم وأغل**ظ في التنجيس. وق**د أم**ر رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم بكس**ب الحج**ام أن يعل**ف الناض**ح والرقيق، ولم يكن ذلك لتحريم وال تنجيس. قال الشافعي: ولو كان حرام**ا لم يأمره أن يطعمه رقيقه؛ ألنه متعبد في**ه كم**ا تعب**د في نفس**ه. ورابعه**ا: في أمره صلى الله عليه وسلم بعلف اإلبل العجين دلي**ل على ج**واز حم**ل الرجل النجاسة إلى كالبه ليأكلوها؛ خالفا لمن منع ذلك من أصحابنا وق**ال: تطل**ق الكالب عليه**ا وال يحمله**ا إليهم. وخامس**ها: أم**ره ص**لى الل**ه علي**ه وسلم أن يستقوا من بئر الناقة دليل على التبرك بآثار األنبياء والص**الحين، وإن تقادمت أعص**ارهم وخفيت آث**ارهم؛ كم**ا أن في األول دليال على بغض أهل الفساد وذم ديارهم وآثارهم. هذا، وإن كان التحقيق أن الجمادات غير مؤاخذات، لكن المقرون بالمحبوب محبوب، والمقرون بالمكروه المبغوض

مبغوض؛ كما كثير: أحب لحبها السودان حتى أحب لحبها سود الكالب

Page 27: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وكما قال آخر: أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما تلك الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا

وسادسها: منع بعض العلماء الص**الة به**ذا الموض*ع وق**ال: ال تج**وز الص**الة فيها ألنها دار سخط وبقعة غضب. قال ابن الع**ربي: فص**ارت ه**ذه البقع**ة مس**تثناة من قول**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )جعلت لي األرض مس**جدا وطهورا( فال يجوز التيمم بترابها وال الوضوء من مائها وال الصالة فيها. وق**د روى الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم نهى أن يصلى في سبع مواطن: في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطري**ق، وفي الحمام وفي معاطن اإلبل وفوق ببت الله. وفي الب**اب عن أبي مرث**د وجابر وأنس: حديث ابن عمر إسناده ليس بذاك القوي، وقد تكلم في زي**د بن جبيرة من قب**ل حفظ**ه. وق**د زاد علماؤن**ا: ال**دار المغص**وبة والكنيس**ة والبيعة والبيت الذي فيه تماثيل، واألرض المغصوبة أو موضعا تستقبل في**ه نائم**ا أو وج**ه رج**ل أو ج**دارا علي**ه نجاس**ة. ق**ال ابن الع**ربي: ومن ه**ذه المواضع ما منع لحق الغير، ومنه ما من*ع لح*ق الل*ه تع*الى، ومن*ه م*ا من*ع ألجل النجاسة المحققة أو لغلبتها؛ فما من**ع ألج**ل النجاس**ة إن ف**رش في**ه ثوب طاهر كالحمام والمق*برة فيه*ا أو إليه*ا ف*إن ذل*ك ج*ائز في المدون*ة. وذك**ر أب**و مص**عب عن**ه الكراه**ة. وف**رق علماؤن**ا بين المق**برة القديم**ة والجدي*دة ألج*ل النجاس*ة، وبين مق*برة المس*لمين والمش*ركين؛ ألنه*ا دار عذاب وبقع**ة س**خط ك**الحجر. وق**ال مال**ك في المجموع**ة: ال يص**لي في أعطان اإلبل وإن فرش ثوب**ا؛ كأن**ه رأى له**ا عل**تين: االس**تتار به**ا ونفاره**ا فتفسد على المصلي صالته، فإن ك**انت واح**دة فال ب**أس؛ كم**ا ك**ان الن**بي صلى الله عليه وسلم يفعل؛ في الحديث الص**حيح. وق**ال مال**ك: ال يص**لي على بساط فيه تماثيل إال من ضرورة. وكره ابن القاسم الصالة إلى القبلة فيها تماثيل، وفي الدار المغصوبة، فإن فعل أجزأه وذكر بعضهم عن مال**ك أن الصالة في ال**دار المغص**وبة ال تج**زئ. ق**ال ابن الع**ربي: وذل**ك عن**دي بخالف األرض. فإن الدار ال ت**دخل إال ب**إذن، واألرض وإن ك**انت ملك**ا ف**إن

المسجدية فيها قائمة ال يبطلها الملك. قلت: الصحيح - إن شاء الله - الذي يدل عليه النظر والخبر أن الصالة

بك**ل موض**ع ط**اهر ج*ائزة ص*حيحة. وم*ا روي من قول*ه ص*لى الل**ه علي*ه وس**لم: )إن ه**ذا واد ب**ه ش**يطان( وق**د رواه معم**ر عن الزه**ري فق**ال: واخرجوا عن الموضع الذي أصابتكم فيه الغفلة. وقول علي: نهاني رس**ول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلي بأرض بابل فإنها ملعونة. وقول**ه علي**ه السالم حين مر ب*الحجر من ثم*ود: )ال ت*دخلوا على ه**ؤالء المع*ذبين إال أن تكونوا باكين( ونهيه عن الص*الة في مع*اطن اإلب*ل إلى ذل*ك مم*ا في ه**ذا الباب، فإنه مردود إلى األصول المجتم**ع عليه**ا وال**دالئل الص**حيح مجيئه**ا. قال اإلمام الحافظ أبو عمر: المختار عندنا في هذا الب**اب أن ذل**ك ال**وادي وغيره من بقاع األرض جائز أن يص**لى فيه**ا كله**ا م**ا لم تكن فيه**ا نجاس**ة متيقنة تمن**ع من ذل*ك، وال مع*نى العتالل من اعت**ل ب**أن موض**ع الن**وم عن الصالة موضع شيطان، وموضع ملعون ال يجب أن تقام فيه الصالة، وكل ما روي في ه**ذا الب***اب من النهي عن الص***الة في المق**برة وب**أرض باب**ل وأعطان اإلبل وغ**ير ذل**ك مم**ا في ه**ذا المع**نى، ك**ل ذل**ك عن**دنا منس**وخ

Page 28: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وم**دفوع لعم**وم قول**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )جعلت لي األرض كله**ا مسجدا وطهورا(، وقوله صلى الله عليه وسلم مخبرا: إن ذلك من فض**ائله ومما خصى به، وفضائله عند أهل العلم ال يجوز عليها النسخ وال التبديل وال النقص. قال صلى الله عليه وس**لم: )أوتيت خمس**ا - وق**د روي س**تا، وق**د روي ثالثا وأربعا، وهي تنتهي إلى أزيد من تسع، قال فيهن - )لم يؤتهن أحد قبلي بعثت إلى األحمر واألسود ونصرت بالرعب وجعلت أم**تي خ**ير األمم وأحلت لي الغن**ائم وجعلت لي األرض مس**جدا وطه**ورا وأوتيت الش**فاعة وبعثت بجوامع الكلم وبينا أنا ن*ائم أتيت بمف*اتيح األرض فوض**عت في ي**دي وأعطيت الك**وثر. وختم بي الن**بيون( رواه جماع**ة من الص**حابة. وبعض**هم يذكر بعضها، ويذكر بعضهم ما لم يذكر غيره، وهي صحاح كلها. وجائز على فضائله الزيادة وغير جائز فيه**ا النقص**ان؛ أال ت**رى أن**ه ك**ان عب**دا قب**ل أن يكون نبيا ثم كان نبيا قبل أن يكون رس**وال؛ وك**ذلك روي عن**ه. وق**ال: )م**ا أدري ما يفعل بي وال بكم( ثم نزلت "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وم**ا

[. وسمع رجال يقوله: يا خير البري**ة؛ فق**ال: )ذاك إب**راهيم(2تأخر" ]الفتح: وقال: )ال يقولن أحدكم أنا خير من يونس بن متى( وقال: )الس**يد يوس**ف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السالم( ثم قال بعد ذلك كله: )أنا سيد ولد آدم وال فخر(. ففضائله صلى الله عليه وس**لم لم ت**زل ت**زداد إلى أن قبضه الله؛ فمن ههنا قلن**ا: إن**ه ال يج**وز عليه**ا النس**خ وال االس**تثناء وال النقصان، وجائز فيها الزيادة. وبقول**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )جعلت لي األرض مسجدا وطهورا( أجزنا الصالة في المقبرة والحمام وفي كل موضع من األرض إذا كان طاهرا من األنجاس. وقال صلى الل**ه علي**ه وس**لم ألبي ذر: )حيثما أدركتك الصالة فصل ف*إن األرض كله*ا مس**جد( ذك**ره البخ**اري

ولم يخص موضعا من موضع. وأما من احتج بحديث ابن وهب قال: أخبرني يحيى بن أيوب عن زيد بن

جبيرة عن داود بن حص**ين عن ن**افع عن ابن عم**ر ح**ديث الترم**ذي ال**ذي ذكرناه فهو حديث انفرد به زي**د بن جب**يرة وأنك**روه علي**ه، وال يع**رف ه**ذا الح**ديث مس*ندا إال برواي**ة يح**يى بن أي*وب عن زي*د بن جب**يرة. وق**د كتب الليث بن س**عد إلى عبدالل**ه بن ن**افع م**ولى ابن عم**ر يس**أله عن ه**ذا الحديث، وكتب إليه عبدالله بن نافع ال أعلم من حدث بهذا عن نافع إال ق**د ق**ال علي**ه الباط**ل. ذك**ره الحل**واني عن س**عيد بن أبي م**ريم عن الليث، وليس فيه تخصيص مق**برة المش**ركين من غيره**ا. وق**د روي عن علي بن أبي طالب قال: نهاني حبيبي صلى الله عليه وسلم أن أصلي في المقبرة، ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة. وإسناده ضعيف مجتم**ع على ضعفه، وأبو صالح الذي رواه عن علي هو سعيد بن عب**دالرحمن الغف**اري، بصري ليس بمشهور وال يصح له س**ماع عن علي، ومن دون**ه مجهول**ون ال يعرفون. قال أبو عمر: وفي الباب عن علي من قول**ه غ**ير مرف**وع ح**ديث حس**ن اإلس**ناد، رواه الفض**ل بن دكين ق**ال: ح**دثنا المغ**يرة بن أبي الح**ر الكندي قال حدثني أبو العنبس حج**ر بن عنبس ق**ال: خرجن**ا م**ع علي إلى الحرورية، فلما جاوزن**ا س**وريا وق**ع ب**أرض باب**ل، قلن**ا: ي**ا أم**ير المؤم**نين أمسيت، الصالة الصالة؛ فأبى أن يكلم أحدا. قالوا: ي**ا أم**ير المؤم**نين، ق**د أمسيت. قال بلى، ولكن ال أصلي في أرض خسف الل**ه به**ا. والمغ**يرة بن أبي الحر كوفي ثقة؛ قاله يحيى بن معين وغيره. وحجر بن عنبس من كبار

Page 29: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أصحاب علي. وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال قال رس**ول الل**ه صلى الله علي**ه وس**لم: )األرض كله**ا مس**جد إال المق**برة والحم**ام(. ق**ال الترم**ذي: رواه س**فيان الث**وري عن عم**رو بن يح**يى عن أبي**ه عن الن**بي مرسال، وكأنه أثبت وأصح. قال أبو عم**ر: فس**قط االحتج**اج ب**ه عن**د من ال يرى المرسل حجة، ولو ثبت كان الوجه م*ا ذكرن*ا. ولس*نا نق*ول كم*ا ق*ال بعض المنتحلين لمذهب المدنين: إن المقبرة في هذا الحديث وغ**يره أري**د بها مقبرة المشركين خاص*ة؛ فإن*ه ق*ال: المق*برة والحم*ام ب**األلف والالم؛ فغير جائز أن يرد ذل**ك إلى مق**برة دون مق**برة أو حم**ام دون حم**ام بغ**ير توقيف عليه، فهو قول ال دليل عليه من كتاب وال سنة وال خ**بر ص**حيح، وال مدخل له في القي**اس وال في المعق**ول، وال دل علي**ه فح**وى الخط**اب وال خرج عليه الخبر. وال يخل**و تخص**يص من خص مق**برة المش**ركين من أح**د وجهين: إم**ا أن يك**ون من أج**ل اختالف الكف**ار إليه**ا بأق**دامهم فال مع**نى لخصوص المقبرة بالذكر؛ ألن كل موضع هم فيه بأجسامهم وأقدامهم فه**و كذلك، وقد جل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتكلم بما ال معنى له. أو يكون من أجل أنها بقعة سخط، فلو كان كذلك ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليب**ني مس**جده في مق**برة المش**ركين وينبش**ها ويس**ويها ويبني عليها، ولو جاز لقائل أن يخص من المقام مقبرة للصالة فيها لك**انت مقبرة المشركين أولى بالخصوص واالستثناء من أجل ه**ذا الح**ديث. وك**ل من كره الصالة في المقبرة لم يخص مقبرة من مق**برة؛ ألن األل**ف والالم إش***ارة إلى الجنس ال إلى معه***ود، ول***و ك***ان بين مق***برة المس***لمين والمشركين فرق لنبيه صلى الله عليه وس**لم ولم يهمل**ه؛ ألن**ه بعث مبين**ا. ولو ساغ لجاهل أن يقول: مقبرة كذا لجاز آلخر أن يق**ول: حم**ام ك**ذا؛ ألن في الحديث المقبرة والحمام. وكذلك قوله: المزبلة والمج**زرة؛ غ**ير ج**ائز أن يقال: مزبلة كذا وال مجزرة كذا وال طريق كذا؛ ألن التحكم في دين الله

غير جائز. وأجمع العلماء على أن التيمم على مقبرة المشركين إذا كان الموضع

طيبا طاهرا نظيفا جائز. وك**ذلك أجمع**وا على أن من ص**لى في كنيس**ة أو بيعة على موضع طاهر، أن صالته ماضية جائزة. وقد تقدم ه**ذا في س**ورة "براءة". ومعلوم أن الكنيسة أقرب إلى أن تكون بقعة سخط من المقبرة؛ ألنها بقعة يعصى الل**ه ويكف**ر ب**ه فيه*ا، وليس ك**ذلك المق*برة. وق**د وردت السنة باتخاذ البيع والكنائس مساجد. روى النسائي عن طلق بن علي قال: خرجنا وفدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا معه، وأخبرناه أن بأرض**نا بيع*ة لن*ا، وذك*ر الح**ديث. وفي**ه: )ف*إذا أتيتم أرض*كم فاكس*روا بيعتكم واتخ**ذوها مس**جدا(. وذك**ر أب**و داود عن عثم**ان بن أبي الع**اص أن النبي صلى الله عليه وس**لم أم**ره أن يجع**ل مس**جد الط**ائف حيث ك**انت طواغيتهم. وقد تقدم في "براءة". وحسبك بمسجد النبي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم الذي أسس على التقوى مبنيا في مقبرة المشركين؛ وهو حجة على ك*ل من ك*ره الص**الة فيه*ا. وممن ك*ره الص**الة في المق*برة س**واء ك*انت لمسلمين أو مشركين الثوري أجزأه إذا صلى في المقبرة في موضع ليس فيه نجاسة؛ لألحاديث المعلومة في ذل**ك، ولح**ديث أبي هري**رة أن رس**ول الله صلى الله علي**ه وس**لم ق**ال: )ص**لوا في بي**وتكم وال تتخ**ذوها قب**ورا(، ولحديث أبي مرثد الغنوي عن النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم أن**ه ق**ال: )ال

Page 30: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

تص**لوا إلى القب**ور وال تجلس**وا عليه**ا(. وه**ذان ح**ديثان ثابت**ان من جه**ة اإلس**ناد، وال حج**ة فيهم**ا؛ ألنهم**ا محتمالن للتأوي**ل، وال يجب أن يمتن**ع من الصالة في كل موضع طاهر إال بدليل ال يحتمل ت**أويال. ولم يف**رق أح**د من فقهاء المسلمين بين مقبرة المسلمين والمشركين إال ما حكيناه من خطل الق**ول ال**ذي ال يش**تغل بمثل**ه، وال وج**ه ل**ه في نظ**ر وال في ص**حيح أث**ر. وثامنها: الحائط يلقى فيه النتن والعذرة ليكرم فال يصلى فيه ح**تى يس**قى ثالث م**رات، لم**ا رواه ال**دارقطني عن مجاه**د عن ابن عب**اس عن الن**بي صلى الله عليه وسلم في الحائط يلقى فيه العذرة والنتن قال: )إذا س**قي ثالث مرات فصل فيه(. وخرجه أيضا من حديث نافع عن ابن عمر أنه سئل عن هذه الحيطان التي تلقى فيها العذرات وهذا الزبل، أيصلى فيها؟ فقال: إذا سقيت ثالث مرات فص**ل فيه*ا. رف*ع ذل*ك إلى الن*بي ص*لى الل**ه علي*ه

وسلم اختلفا في اإلسناد، والله أعلم. }وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين{81*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "وآتيناهم آياتنا" أي بآياتن**ا. كقول**ه: "آتن**ا غ**داءنا" ]الكه**ف: [ أي بغ**دائنا. والم**راد الناق**ة، وك**ان فيه**ا آي**ات جم**ة: خروجه**ا من62

الصخرة، ودنو نتاجها عند خروجها، وعظمها ح**تى لم تش**بهها ناق**ة، وك**ثرة لبنها حتى تكفيهم جميعا. ويحتمل أنه كان لصالح آي**ات أخ**ر س**وى الناق**ة،

كالبئر وغيره. "معرضين" أي لم يعتبروا.-** 82*اآليات: 3* }وكانوا ينحت**ون من الجب**ال بيوت**ا آم**نين، فأخ*ذتهم85

الصيحة مصبحين، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون{ @قوله تعالى: "وكانوا ينحتون من الجب**ال بيوت**ا" النحت في كالم الع**رب: ال**بري والنج**ر. نحت**ه ينحت**ه )بالكس**ر( نحت**ا أي ب**راه. والنحات**ة البراي**ة.

[95والمنحت ما ينحت به. وفي التنزيل "أتعبدون ما تنحت**ون" ]الص**افات: أي تنجرون وتص**نعون. فك**انوا يتخ**ذون من الجب**ال بيوت**ا ألنفس**هم بش**دة ق**وتهم. "آم**نين" أي من أن تس**قط عليهم أو تخ**رب. وقي**ل: آم**نين من الم**وت. وقي**ل: من الع**ذاب. "فأخ**ذتهم الص**يحة مص**بحين" أي في وقت الصبح، وهو نصب على الحال. وقد تقدم ذكر الصيحة في ه**ود واألع**راف. "فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون" من األموال والحص**ون في الجب**ال، وال

ما أعطوه من القوة.-** 85*اآليتان: 3* }وما خلقنا السماوات واألرض وما بينهما إال ب**الحق86

وإن الساعة آلتية فاصفح الصفح الجميل، إن ربك هو الخالق العليم{ @قوله تعالى: "وم**ا خلقن**ا الس**ماوات واألرض وم**ا بينهم**ا إال ب**الحق" أي للزوال والفناء. وقيل: أي ألجازي المحسن والمسيء؛ كما ق*ال: "ولل**ه م**ا في الس*ماوات وم*ا في األرض ليج*زى ال*ذين أس**اؤوا بم*ا عمل**وا ويج*زى

[. "وإن الس**اعة آلتي**ة" أي لكائن**ة31ال**ذين أحس**نوا بالحس**نى" ]النجم: فيجزى كل بعمله. "فاصفح الصفح الجميل" مثل "واهج**رهم هج**را جميال"

[ أي تج**اوز عنهم ي**ا محم**د، واعف**و عف**وا حس**نا؛ ثم نس**خ10]المزم**ل: بالسيف. قال قتادة: نس**خه قول**ه: "فخ**ذوهم واقتل**وهم حيث ثقفتم**وهم"

[. وأن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ف**ال لهم: )لق**د جئتكم91]النس**اء: بالذبح وبعثت بالحصاد ولم أبعث بالزراعة(؛ قال*ه عكرم**ة ومجاه*د. وقي**ل: ليس بمنسوخ، وأنه أمر بالصفح في حق نفسه فيما بين**ه وبينهم. والص**فح:

Page 31: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

اإلع**راض؛ عن الحس**ن وغ**يره. "إن رب**ك ه**و الخالق" أي المق**در للخل**قواألخالق. "العليم" بأهل الوفاق والنفاق.

}ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم{87*اآلية: 3* @قوله تعالى: "ولقد آتيناك سبعا من المثاني" اختل**ف العلم**اء في الس**بع المثاني؛ فقيل: الفاتحة؛ قاله علي بن أبي ط**الب وأب**و هري**رة والربي**ع بن أنس وأبو العالية والحسن وغيرهم، وروي عن النبي صلى الله عليه وس**لم من وجوه ثابتة، من حديث أبي بن كعب وأبي سعيد بن المعلى. وقد تق**دم في تفسير الفاتحة. وخرج الترمذي من حديث أبي هريرة قال قال رس**ول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )الحم**د لل**ه أم الق**رآن وأم الكت**اب والس**بع المثاني(. قال: هذا حديث حسن صحيح. وهذا نص، وقد تقدم في الفاتح**ة.

وقال الشاعر: نشدتكم بمنزل القرآن أم الكتاب السبع من مثاني

وق**ال ابن عب**اس: )هي الس**بع الط**ول: البق**رة، وآل عم**ران، والنس**اء، والمائ**دة، واألنع**ام، واألع**راف، واألنف**ال والتوب**ة مع**ا؛ إذ ليس بينهم**ا التسمية(. روى النسائي حدثنا علي بن حجر أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله عز وجل: "س**بعا من المث**اني" قال: السبع الطول، وسميت مثاني ألن العبر واألحكام والحدود ثنيت فيه**ا. وأنكر قوم هذا وقالوا: أنزلت هذه اآلية بمكة، ولم ينزل من الط**ول ش**يء إذ ذاك. وأجيب بأن الله تعالى أنزل القرآن إلى السماء الدنيا ثم أنزل منها نجوما، فما أنزله إلى الس*ماء ال*دنيا فكأنم*ا أت*اه محم*دا ص*لى الل**ه علي*ه وسلم وإن لم ينزل عليه بعد. وممن قال إنه**ا الس**بع الط**ول: عبدالل**ه بن

مسعود وعبدالله بن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد. وقال جرير: جزى الله الفرزدق حين يمسي مضيعا للمفصل والمثاني

وقيل: )المثاني القرآن كله؛ قال الله تعالى: "كتابا متشابها مثاني" ]الزمر: [(. هذا قول الضحاك وطاوس وأبو مالك، وقال**ه ابن عب**اس. وقي**ل ل**ه23

مثاني ألن األنباء والقصص ثنيت فيه. وقالت صفية بنت عب**دالمطلب ت**رثيرسول الله صلى الله عليه وسلم:

فقد كان نورا ساطعا يهتدى به يخص بتنزيل القران المعظم أي القرآن. وقيل: المراد بالسبع المثاني أقس**ام الق**رآن من األم**ر والنهي والتبشير واإلنذار وضرب األمثال وتعديد نعم وأنباء قرون؛ قال زياد بن أبي م**ريم. والص**حيح األول ألن**ه نص. وق**د ق**دمنا في الفاتح**ة أن**ه ليس في تسميتها بالمثاني ما يمنع من تسمية غيرها بذلك؛ إال أن**ه إذا ورد عن الن**بي صلى الل**ه علي**ه وس**لم وثبت عن**ه نص في ش**يء ال يحتم**ل التأوي**ل ك**ان

الوقوف عنده. @قوله تع**الى: "والق**رآن العظيم" في**ه إض**مار تق**ديره: وه**و أن الفاتح**ة القرآن العظيم الشتمالها على م**ا يتعل**ق بأص**ول اإلس**الم. وق**د تق**دم في الفاتحة. وقيل: الواو مقحمة، التقدير: ولقد آتيناك سبعا من المثاني القرآن

العظيم. ومنه قول الشاعر: إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم

وقد تقدم عند قوله: "حافظوا على الصلوات والصالة الوس**طى" ]البق**رة:238]

Page 32: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}ال تم**دن عيني**ك إلى م**ا متعن**ا ب**ه أزواج**ا منهم وال تح**زن88*اآلي**ة: 3*عليهم واخفض جناحك للمؤمنين{

@قوله تعالى: "ال تمدن عينيك" المعنى: قد أغنيتك بالقرآن عما في أي**دي الناس؛ فإنه ليس منا من لم يتغن بالقرآن؛ أي ليس من**ا من رأى أن**ه ليس يغني بما عن**ده من الق**رآن ح**تى يطمح بص**ره إلى زخ**ارف ال**دنيا وعن**ده معارف المولى. يقال: إنه وافى سبع قواف**ل من البص**رة وأذرع**ات ليه**ود قريظة والنضير في يوم واحد، فيها ال**بر والطيب والج**وهر وأمتع**ة البح**ر، فقال المسلمون: لو كانت هذه األموال لنا لتقوينا بها وأنفقناه**ا في س**بيل الله، فأنزل الله تعالى: "ولقد آتيناك سبعا من المث**اني" أي فهي خ**ير لكم من القوافل السبع، فال تمدن أعينكم إليها. وإلى هذا صار ابن عيينة، وأورد قوله عليه السالم: )ليس منا من لم يتغن ب*القرآن( أي من لم يس*تغن ب*ه. وقد تقدم هذا المعنى في أول الكتاب. "أزواجا منهم" أي أمث**اال في النعم،

أي األغنياء بعضهم أمثال بعض في الغنى، فهم أزواج. @ ه**ذه اآلي**ة تقتض**ي الزج**ر عن التش**وف إلى مت**اع ال**دنيا على ال**دوام، وإقبال العبد على عبادة مواله. ومثل**ه "وال تم**دن عيني**ك إلى م**ا متعن**ا ب**ه

[ اآلي**ة. وليس131أزواج**ا منهم زه**رة الحي**اة ال**دنيا لنفتنهم في**ه" ]ط**ه: كذلك؛ فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن**ه ق**ال: )حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصالة(. وك*ان علي*ه الص*الة والسالم متشاغل بالنساء، جبلة اآلدمية وتشوف الخلقة اإلنسانية، ويحاف*ظ على الطيب، وال تقر له عين إال في الصالة لدى مناجاة الم**ولى. وي**رى أن مناجاته أحرى من ذلك وأولى. ولم يكن في دين محمد الرهباني**ة واإلقب**ال على األعمال الصالحة بالكلية كما ك**ان في دين عيس**ى، وإنم**ا ش**رع الل**ه سبحانه حنيفي*ة س*محة خالص*ة عن الح*رج خفيف*ة على اآلدمي، يأخ*ذ من اآلدمية بشهواتها ويرجع إلى الله بقلب سليم. ورأى الفراء والمخلصون من الفضالء االنكف**اف عن الل**ذات والخل**وص ل**رب األرض والس**ماوات الي**وم أولى؛ لم**ا غلب على ال**دنيا من الح**رام، واض**طر العب**د في المع**اش إلى مخالطة من ال تجوز مخالطته ومصانعة من تحرم مصانعته، فكانت القراءة أفضل، والفرار عن الدنيا أصوب للعبد وأعدل؛ قال صلى الله عليه وس**لم: )يأتي على الناس زمان يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال

ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن(. @قول**ه تع**الى: "وال تح**زن عليهم" أي وال تح**زن على المش**ركين إن لم يؤمنوا. وقيل: المعنى ال تحزن على ما متعوا به في الدنيا فلك في اآلخ**رة أفضل منه. وقيل: ال تحزن عليهم إن صاروا إلى العذاب فهم أهل الع**ذاب. "واخفض جناح**ك للمؤم**نين" أي ألن جانب**ك لمن آمن ب**ك وتواض**ع لهم. وأصله أن الط**ائر إذا ض**م فرخ*ه إلى نفس**ه بس**ط جناح*ه ثم قبض**ه على الفرخ، فجع**ل ذل**ك وص**فا لتق**ريب اإلنس**ان أتباع**ه. ويق**ال: فالن خ**افض الجناح، أي وقور ساكن. والجناحان من ابن آدم جانباه؛ ومنه "واضمم يدك

[ وجناح الطائر يده. وقال الشاعر: 22إلى جناحك" ]طه: وحسبك فتية لزعيم قوم يمد على أخي سقم جناحا

أي تواضعا ولينا.-** 89*اآليت**ان: 3* }وق**ل إني أن**ا الن**ذير الم**بين، كم**ا أنزلن**ا على90

المقتسمين{

Page 33: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@ في الكالم حذف؛ أي إني أنا النذير الم*بين ع*ذابا، فح**ذف المفع*ول، إذ كان اإلنذار يدل عليه، كم**ا ق**ال في موض**ع آخ**ر: "أن**ذرتكم ص**اعقة مث**ل

[. وقي**ل: الك**اف زائ**دة، أي أن**ذرتكم م**ا13صاعقة عاد وثمود" ]فص**لت: [ وقي**ل:11أنزلنا على المقتسمين؛ كقوله: "ليس كمثله شيء" ]الشورى:

أن**ذرتكم مث**ل م**ا أنزلن**ا بالمقتس**مين. وقي**ل: المع**نى كم**ا أنزلن**ا على المقتس**مين، أي من الع**ذاب وكفين**اك المس**تهزئين، فاص**دع بم**ا ت**ؤمر وأعرض عن المشركين الذين بغوا، فإنا كفيناك أولئك الرؤساء ال**ذين كنت

تلقى منهم ما تلقى. واختلف في "المقتسمين" على أقوال سبعة: األول: ق**ال مقات**ل والف**راء: هم س**تة عش**ر رجال بعثهم الولي**د بن المغ**يرة أي**ام الموس**م فاقتس**موا أعقاب مكة وأنقابها وفجاجها يقول**ون لمن س**لكها: ال تغ**تروا به**ذا الخ**ارج فينا يدعي النبوة؛ فإن**ه مجن**ون، وربم**ا ق**الوا س**احر، وربم**ا ق**الوا ش**اعر، وربما قالوا كاهن. وسموا المقتسمين ألنهم اقتسموا هذه الطرق، فأماتهم الله شر ميتة، وكانوا نصبوا الولي**د بن المغ**يرة حكم**ا على ب**اب المس**جد،

فإذا سألوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صدق أولئك. الثاني: قال قتادة: هم قوم من كفار ق**ريش اقتس**موا كت**اب الل**ه فجعل**وا بعضه شعرا، وبعضه سحرا، وبعضه كهانة، وبعضه أساطير األولين. الث**الث: قال ابن عباس: )هم أهل الكتاب آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه(. وكذلك قال عكرمة: هم أهل الكتاب، وسموا مقتسمين ألنهم كانوا مس**تهزئين، فيق**ول بعضهم: هذه السورة لي وهذه السورة لك. وهو الق**ول الراب**ع. الخ**امس: قال قتادة: قسموا كتابهم ففرقوه وبددوه وحرفوه. السادس: قال زي**د بن أسلم: المراد قوم صالح، تقاسموا على قتله فسموا مقتس**مين؛ كم**ا ق**ال

[. 49تعالى: "تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله" ]النمل: السابع: قال األخفش: هم قوم اقتسموا أيمانا تح**الفوا عليه**ا. وقي**ل: إنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هش**ام وأب**و البخ**تري بن هش**ام والنض**ر بن الح**ارث وأمي**ة بن خل**ف ومنب**ه بن الحج**اج؛ ذك**ره

الماوردي. }الذين جعلوا القرآن عضين{91*اآلية: 3*

@ هذه ص**فة المقتس**مين. وقي**ل: ه**و مبت**دأ وخ**بره "لنس**ألنهم". وواح**د العضين عضة، من عض**يت الش*يء تعض*ية أي فرقت**ه؛ وك*ل فرق*ة عض**ة. وق**ال بعض**هم: ك**انت في األص**ل عض**وة فنقص**ت ال**واو، ول**ذلك جمعت عضين؛ كما قالوا: عزين في جمع عزة، واألصل عزوة. وك**ذلك ثب**ة وث**بين. ويرج*ع المع*نى إلى م**ا ذكرن**اه في المقتس*مين. ق**ال ابن عب**اس: )آمن**وا ببعض وكفروا ببعض(. وقي**ل: فرق**وا أق**اويلهم في**ه فجعل**وه ك**ذبا وس**حرا

وكهانة وشعرا. عضوته أي فرقته. قال الشاعر - هو رؤبة - : وليس دين الله بالمعضى

أي بالمفرق. ويقال: نقصانه الهاء وأصله عضهة؛ ألن العض**ه والعض**ين في لغة قريش السحر. وهم يقولون للساحر: عاضه وللس**احرة عاض**هة. ق**ال

الشاعر: أعوذ بربي من النافثا ت في عقد العاضه المعضه

وفي الح***ديث: لعن رس***ول الل***ه ص***لى الل***ه علي***ه وس***لم العاض***هة والمستعض**هة، وفس**ر: الس**احرة والمستس**حرة. والمع**نى: أك**ثروا البهت

Page 34: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

على الق**رآن ونوع**وا الك**ذب في**ه، فق**الوا: س**حر وأس**اطير األولين، وأن**ه مفترى، إلى غير ذلك. ونظير عضة في النقصان شفة، واألصل شفهة. كما قالوا: سنة، واألصل سنهة، فنقصوا الهاء األصلية وأثبتت ه**اء العالم**ة وهي للتأنيث. وقيل: ه**و من العض**ه وهي النميم**ة. والعض**يهة البهت**ان، وه**و أن يعضه اإلنسان ويقول، فيه ما ليس فيه. يقال عضهه عضها رم**اه بالبهت**ان. وقد أعضهت أي جئت بالبهت**ان. ق**ال الكس**ائي: العض**ة الك**ذب والبهت**ان، وجمعها عض**ون؛ مث**ل ع**زة وع**زون؛ ق**ال تع**الى: "ال**ذين جعل**وا الق**رآن عضين". ويقال: عضوه أي آمن**وا بم**ا أحب**وا من**ه وكف**روا بالب**اقي، ف**أحب كفرهم إيمانهم. وكان الفراء يذهب إلى أنه مأخوذ من العضاة، وهي ش**جر

الوادي ويخرج كالشوك. }فوربك لنسألنهم أجمعين، عما كانوا يعملون{93 - 92*اآليتان: 3*

@قوله تعالى: "فوربك لنسألنهم أجمعين" أي لنس**ألن ه**ؤالء ال**ذين ج**رى ذكرهم عما عملوا في الدنيا. وفي البخاري: وقال ع**دة من أه**ل العلم في

قوله: "فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون" عن ال إله إال الله. قلت: وهذا قد روي مرفوعا، روى الترمذي الحكيم قال: حدثنا الجارود

بن معاذ قال ح*دثنا الفض*ل بن موس*ى عن ش*ريك عن ليث عن بش*ير بن نهيك عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم في قول**ه: "فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعمون" قال: )عن قول ال إله إال الله( قال أبو عبدالله: معناه عندنا عن صدق ال إله إال الله ووفائها؛ وذلك أن الله تعالى ذكر في تنزيله العمل فقال: "عما كانوا يعملون" ولم يقل عما ك**انوا يقولون، وإن ك**ان ق**د يج**وز أن يك**ون الق**ول أيض**ا عم**ل اللس**ان، فإنم**ا المعني به ما يعرفه أهل اللغة أن الق**ول ق**ول والعم**ل عم**ل. وإنم**ا ق**ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )عن ال إل**ه إال الل**ه( أي عن الوف**اء به**ا والصدق لمقالها. كما قال الحسن البصري: ليس اإليمان بالتحلي وال الدين بالتمني ولكن ما وقر في القلوب وصدقته األعمال. ولهذا م**ا ق**ال رس**ول الله صلى الله عليه وس**لم: )من ق*ال ال إل*ه إال الل*ه مخلص**ا دخ*ل الجن**ة( قيل: يا رسول الله، وما إخالصها؟ قال: )أن تحجزه عن محارم الل**ه(. رواه زيد بن أرقم. وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )إن الله عهد إلي أال يأتيني أحد من أمتي بال إل**ه إال الل**ه ال يخل**ط به**ا ش**يئا إال وجبت له الجنة( قالوا: يا رسول الله، وما الذي يخلط بال إله إال الله؟ ق**ال: )حرصا على الدنيا وجمع**ا له**ا ومنع**ا له**ا، يقول**ون ق**ول األنبي**اء ويعمل**ون أعمال الجبابرة(. وروى أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ال إله إال الله تمنع العباد من سخط الله ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم فإذا آثروا صفقة دنياهم على دينهم ثم قالوا ال إله إال الل**ه ردت

عليهم وقال الله كذبتم(. أسانيدها في نوادر األصول. قلت: واآلية بعمومها تدل على سؤال الجمي**ع( ومحاس**بتهم ك**افرهم

وم**ؤمنهم، إال من دخ**ل الجن**ة بغ**ير حس**اب على م**ا بين**اه في كت**اب )التذكرة(. فإن قيل: وهل يسأل الكافر ويحاسب؟ قلنا: فيه خالف وذكرناه في التذكرة. والذي يظهر سؤال، لآلية وقول**ه: "وقف**وهم إنهم مس**ؤولون"

[ وقوله: "إن إلين*ا إي**ابهم ثم إن علين**ا حس**ابهم" ]الغاش**ية:24]الصافات: 25 **- [. فإن قيل: فقد قال تعالى: "وال يسأل عن ذنوبهم المجرم**ون"26

[ وقال: "فيومئذ ال يسأل عن ذنبه إنس وال ج**ان" ]ال**رحمن:78]القصص:

Page 35: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[، وق**ال: "إنهم عن ربهم174[، وق**ال: "وال يكلمهم الل***ه" ]البق**رة: 39 [. قلنا: القيامة مواطن، فموطن يك**ون15يومئذ لمحجوبون" ]المطففين:

فيه سؤال وكالم، وموطن ال يكون ذلك فيه. قال عكرمة: القيامة م**واطن، يسأل في بعضها وال يسأل في بعضها. وقال ابن عباس: )ال يسألهم س**ؤال استخبار واستعالم هل عملتم كذا وك**ذا؛ ألن الل**ه ع**الم بك**ل ش**يء، ولكن يسألهم سؤال تقري**ع وت**وبيخ فيق**ول لهم: لم عص**يتم الق**رآن وم**ا حجتكم فيه؟ واعتمد قطرب هذا القول. وقيل: "لنسألنهم أجمعين" يعني المؤمنين

[.8المكلفين؛ بيانه قوله تع**الى: "ثم لتس**ئلن يومئ**ذ عن النعيم" ]التك**اثر: والقول بالعموم أولى كما ذكر. والله أعلم.

-** 94*اآليت**ان: 3* }فاص**دع بم**ا ت**ؤمر وأع**رض عن المش**ركين، إن**ا95 كفيناك المستهزئين{

@قوله تعالى: "فاصدع بما تؤمر" أي بالذي تؤمر ب**ه، أي بل**غ رس**الة الل**ه جميع الخلق لتقوم الحجة عليهم، فقد أمرك الل**ه ب**ذلك. والص**دع: الش**ق.

[ أي43وتص**دع الق**وم أي تفرق**وا؛ ومن**ه "يومئ**ذ يص**دعون" ]ال**روم: يتفرقون. وصدعته فانصدع أي انشق. أصل الصدع الفرق والشق. قال أبو

ذؤيب يصف الحمار وأتنه: وكأنهن ربابة وكأنه يسر يفيض على القداح ويصدع

أي يفرق ويشق. فقوله: "اصدع بما تؤمر" قال الفراء: أراد فاصدع باألمر، أي أظهر دينك، ف* "م**ا" م**ع الفع**ل على ه**ذا بمنزل**ة المص**در. وق**ال ابن األعرابي: معنى اصدع بما تؤمر، أي اقصد. وقيل: "فاص**دع بم**ا ت**ؤمر" أي فرق جمعهم وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التوحيد فإنهم يتفرق**ون ب**أن يجيب

البعض؛ فيرجع الصدع على هذا إلى صدع جماعة الكفار. @قوله تعالى: "وأعرض عن المشركين" أي عن االهتمام باستهزائهم وعن المباالة بقولهم، فقد برأك الله عما يقولون. وقال ابن عباس: )هو منس**وخ

[(. وق**ال عبدالل**ه بن عبي**د: م**ا زال5بقوله "فاقتلوا المشركين" ]التوب**ة: النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيا حتى نزل قوله تع**الى: "فاص**دع بم**ا تؤمر" فخرج هو وأصحابه. وقال مجاه**د: أراد الجه**ر ب**القرآن في الص**الة. "وأعرض عن المش**ركين" ال تب**ال بهم. ق**ال ابن إس**حاق: لم**ا تم**ادوا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم االستهزاء أنزل الله تعالى "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين. إنا كفيناك المس**تهزئين. ال**ذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون". والمع**نى: اص**دع بم**ا ت**ؤمر وال تخف غير الله؛ فإن الله كافي**ك من أذاك كم**ا كف**اك المس**تهزئين، وك**انوا خمسة من رؤساء أهل مكة، وهم الوليد بن المغيرة وهو رأسهم، والع**اص بن وائل، واألسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة. واألس**ود بن عب**د يغ**وث، والحارث بن الطالطلة، أهلكهم الله جميعا، قي**ل ي**وم ب**در في ي**وم واح**د؛ الستهزائهم برسول الله صلى الله عليه وس**لم. وس**بب هالكهم فيم**ا ذك**ر ابن إس**حاق: أن جبري**ل أتى رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم وهم يطوفون بالبيت، فقام وقام رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم فم**ر ب**ه األسود بن المطلب فرمى في وجهه بورق**ة خض**راء فعمي ووجعت عين**ه، فجعل يضرب برأسه الجدار. ومر به األسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستس**قى بطن**ه فم**ات من**ه حبن**ا. )يق**ال: حبن )بالكس**ر( حبن**ا وحبن للمفعول عظم بطنه بالماء األص**فر، فه**و أحبن، والم**رأة حبن**اء؛ قال**ه في

Page 36: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الصحاح(. وم*ر ب*ه الولي*د بن المغ*يرة فأش**ار إلى أث*ر ج*رح بأس**فل كعب رجله، وكان أصابه قبل ذلك بسنين، وهو يجر س**بله، وذل**ك أن**ه م**ر برج**ل من خزاعة يريش نبال له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء، فانتقض به فقتله. ومر ب**ه الع**اص بن وائ**ل فأش**ار إلى أخمص رجل**ه، فم**رج على حم**ار ل**ه يري**د الط**ائف، ف**ربض ب**ه على ش**برمة ف**دخلت في أخمص رجل**ه ش**وكة فقتلت**ه. وم**ر ب**ه الح**ارث بن الطالطل**ة، فأش**ار إلى رأس**ه فامتخ**ط قيح**ا فقتل**ه. وق**د ذك**ر في س**بب م**وتهم اختالف ق**ريب من ه**ذا. وقي**ل: إنهم الم**راد بقول**ه تع**الى: "فخ**ر

[ ش**به م**ا أص**ابهم في م**وتهم26عليهم الس**قف من ف**وقهم" ]النح**ل: بالسقف الواقع عليهم؛ على ما يأتي.

}الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون{96*اآلية: 3*@ هذه صفة المستهزئين. وقيل: هو ابتداء وخبره "فسوف يعلمون".

}ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون{97*اآلية: 3* @قوله تعالى: "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك" أي قلب**ك؛ ألن الص**در مح**ل القلب. "بما يقولون" أي بما تسمعه من تكذيبك ورد قول**ك، وتن**ال. وينال**ه

أصحابك من أعدائك. }فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين{98*اآلية: 3*

@قول**ه تع**الى: "فس**بح بحم**د رب**ك" أي ف**افزع إلى الص**الة، فهي غاي**ةالتسبيح ونهاية التقديس.

@قوله تعالى: "وكن من الساجدين" ال خف**اء أن غاي**ة الق**رب في الص**الة حال السجود، كما قال عليه السالم: )أقرب م**ا يك**ون العب**د من رب**ه وه**و

ساجد فأخلصوا الدعاء(. ولذلك خص السجود بالذكر قال ابن العربي: ظن بعض الناس أن المراد باألمر هنا السجود نفسه،

فرأى هذا الموضع محل سجود في القرآن، وقد ش**اهدت اإلم**ام بمح**راب زكريا من البيت المقدس طهره الله، يسجد في هذا الموضع وسجدت معه

فيها، ولم يره جماهير العلماء. قلت: قد ذكر أبو بكر النقاش أن ههنا سجدة عند أبي حذيفة ويمان بن

رئاب، ورأى أنها واجبة }واعبد ربك حتى يأتيك اليقين{99*اآلية: 3*

@ فيه مسألة واحدة: وهو أن اليقين الموت. أمره بعبادت**ه إذ قص**ر عب**اده في خدمته، وأن ذلك يجب عليه. فإن قيل: فما فائ**دة قول**ه: "ح**تى يأتي**ك اليقين" وكان قوله: "واعبد ربك" كافيا في األمر بالعبادة. قيل له: الفائ**دة في هذا أنه لو قال: "واعبد ربك" مطلقا ثم عبده مرة واحدة ك**ان مطيع**ا؛ وإذا قال "حتى يأتيك اليقين" كان معن**اه ال تف**ارق ه**ذا ح**تى تم**وت. ف**إن قيل: كيف قال س**بحانه: "واعب**د رب**ك ح**تى يأتي**ك اليقين" ولم يق**ل أب**دا؛ فالجواب أن اليقين أبلغ من قوله: أبدا؛ الحتمال لفظ األبد للحظة الواح**دة ولجميع األبد. وقد تقدم هذا المعنى. والمراد استمرار العب**ادة م**دة حيات**ه، كما قال العبد الصالح: وأوص**اني بالص**الة والزك**اة م**ا دمت حي**ا. وي**تركب على هذا أن الرجل إذا قال المرأته: أنت طالق أبدا، وق**ال: ن**ويت يوم**ا أو شهرا كانت عليه الرجعة. ولو قال: طلقتها حياتها لم يراجعها. والدليل على أن اليقين الموت حديث أم العالء األنصارية، وك**انت من المبايع**ات، وفي**ه: فقال رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم: )أم**ا عثم**ان - أع**ني عثم**ان بن

Page 37: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

مظعون - فقد جاءه اليقين وإني ألرجو له الخير والله ما أدري وأنا رس**ول الله ما يفعل به( وذكر الحديث. انفرد بإخراجه البخ**اري رحم**ه الل**ه وك**ان عم**ر بن عب**دالعزيز يق**ول: م**ا رأيت يقين**ا أش**به بالش**ك من يقين الن**اس بالموت ثم ال يستعدون له؛ يعني كأنهم فيه ش**اكون. وق**د قي**ل: إن اليقين هن**ا الح**ق ال**ذي ال ريب في**ه من نص**رك على أع**دائك؛ ق**ال ابن ش**جرة؛ واألول أصح، وهو قول مجاهد وقتادة والحسن. والله اعلم. وقد روى جب**ير بن نفير عن أبي مسلم الخوالني أنه سمعه يقول إن النبي صلى الله علي**ه وسلم قال: )ما أوحي إلي أن أجمع المال وأك**ون من الت**اجرين لكن أوحيإلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين(.

*سورة النحل2**مقدمة السورة3*

@ سورة النحل وهي مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعط**اء وج**ابر. وتسمى سورة النعم بسبب ما عدد الله فيها من نعمه على عب**اده. وقي**ل: هي مكية غ**ير قول**ه تع**الى: "وإن ع**اقبتم فع**اقبوا بمث**ل م**ا ع**وقبتم ب**ه"

[ اآلية؛ نزلت بالمدينة في ش**أن التمثي**ل بحم**زة وقتلى أح**د.126]النحل: [. وغير قول**ه:127وغير قوله تعالى: "واصبر وما صبرك إال بالله" ]النحل:

[ اآلية. وأما قوله: "والذين هاجروا110"ثم إن ربك للذين هاجروا" ]النحل: [ فمكي، في شأن هجرة الحبش**ة.41في الله من بعد ما ظلموا" ]النحل:

وقال ابن عب*اس: هي مكي**ة إال ثالث آي**ات منه*ا ن**زلت بالمدين**ة بع*د قت*ل حمزة، وهي قوله: "وال تشتروا بعهد الله ثمنا قليال" إلى قوله "بأحس**ن م**ا

[. 95كانوا يعملون" ]النحل: }أتى أمر الله فال تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون{1*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "أتى أمر الله فال تستعجلوه" قيل: "أتى" بمعنى يأتي؛ فه**و كقولك: إن أكرمتني أكرمتك. وقد تقدم أن أخبار الل**ه تع**الى في الماض**ي والمستقبل سواء؛ ألنه آت ال محالة، كقوله: "ونادى أصحاب الجنة أص**حاب

[. و"أمر الله" عقابه لمن أقام على الش**رك وتك**ذيب44النار" ]األعراف: رسوله. ق**ال الحس**ن وابن ج**ريج والض**حاك: إن**ه م**ا ج**اء ب**ه الق**رآن من فرائضه وأحكامه. وفيه بعد؛ ألنه لم ينق**ل أن أح**دا من الص**حابة اس**تعجل فرائض الله من قبل أن تف**رض عليهم، وأم**ا مس**تعجلو الع**ذاب والعق**اب ف**ذلك منق**ول عن كث**ير من كف**ار ق**ريش وغ**يرهم، ح**تى ق**ال النض**ر بنالحارث: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك" اآلية، فاستعجل العذاب.

قلت: قد يستدل الضحاك بقول عمر رضي الله عنه: وافقت ربي في ثالث: في مقام إب**راهيم، وفي الحج*اب، وفي أس**ارى ب**در؛ خرج*ه مس**لم والبخاري. وقال الزجاج: هو ما وعدهم به من المجازاة على كف**رهم، وه**و

[. وقيل: هو يوم القيام**ة40كقوله: "حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور" ]هود: أو ما يدل على قربها من أشراطها. ق**ال ابن عب**اس: لم**ا ن**زلت "اق**تربت

[ قال الكفار: إن هذا يزعم أن القيامة قد1الساعة وانشق القمر" ]القمر: قربت، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون، فأمس**كوا وانتظ**روا فلم ي**روا

[1شيئا، فقالوا: ما نرى شيئا ف*نزلت "اق*ترب للن*اس حس*ابهم" ]األنبي**اء: اآلية. فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة، فامتدت األيام فقالوا: ما نرى ش**يئا ف**نزلت "أتى أم**ر الل**ه" ف**وثب رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم والمسلمون وخافوا؛ فنزلت "فال تستعجلوه" فاطمأنوا، فق**ال الن**بي ص**لى

Page 38: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الله عليه وسلم: )بعثت أنا والساعة كهاتين( وأشار بأصبعيه: السبابة والتي تليها. يقول: )إن ك**ادت لتس**بقني فس**بقتها(. وق**ال ابن عب**اس: ك**ان بعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، وأن جبريل لما أمر بأه**ل السماوات مبعوثا إلى محمد صلى الل**ه علي**ه وس**لم ق**الوا الل**ه أك**بر، ق**د

قامت الساعة. @قوله تعالى: "سبحانه وتعالى عما يشركون" أي تنزيها ل**ه عم**ا يص**فونه به من أنه ال يقدر على قيام الساعة، وذلك أنهم يقولون: ال يقدر أح**د على بعث األم**وات، فوص**فوه ب**العجز ال**ذي ال يوص**ف ب**ه إال المخل**وق، وذل**ك شرك. وقيل: "عما يشركون" أي عن إشراكهم. وقيل: "م**ا" بمع**نى ال**ذي

أي ارتفع عن الذين أشركوا به. }ينزل المالئكة بالروح من أمره على من يش**اء من عب**اده أن2*اآلية: 3*

أنذروا أنه ال إله إال أنا فاتقون{ل المالئكة" واألصل تتنزل، فالفع**ل مس**ند @ قرأ المفضل عن عاصم "تنز إلى المالئك**ة. وق**رأ الكس**ائي عن أبي بك**ر عن عاص**م ب**اختالف عن**هل المالئكة" غير مسمى الفاعل. وقرأ الجعفي عن أبي بك**ر واألعمش "تنزل" بالي**اء **ز ل المالئكة" بالنون مسمى الفاعل، الب**اقون "ين عن عاصم "تنز مسمى الفاعل، والضمير فيه السم الله عز وجل. وروي عن قت**ادة "ت**نزل المالئكة" بالنون والتخفيف. وقرأ األعمش "تنزل" بفتح التاء وكسر ال**زاي،

[ "ب**الروح" أي4من النزول. "المالئكة" رفعا مثل "تنزل المالئكة" ]القدر: بالوحي وهو النبوة؛ قال*ه ابن عب*اس. نظ*يره "يلقي ال*روح من أم*ره على

[. الربيع بن أنس: بكالم الله وه**و الق**رآن.15من يشاء من عباده" ]غافر: وقيل: هو بيان الحق الذي يجب اتباعه. وقيل أرواح الخل**ق؛ قال**ه قت**ادة، ال ينزل ملك إال ومعه روح. وكذا روي عن ابن عباس أن الروح خلق من خلق الله عز وجل كصور ابن آدم، ال ينزل من السماء ملك إال ومعه واحد منهم. وقيل بالرحمة؛ قاله الحسن وقتادة. وقيل بالهداية؛ ألنه**ا تحي**ا به**ا القل**وب كما تحيا باألرواح األبدان، وهو معنى قول الزجاج. ق*ال الزج*اج: ال*روح م*ا كان فيه من أمر الله حياة باإلرشاد إلى أمره. وقال أبو عبي**دة: ال**روح هن**ا جبريل. والباء في قوله: "بالروح" بمعنى مع، كقولك: خ**رج بثياب**ه، أي م**ع ثياب*ه. "من أم*ره" أي ب*أمره. "على من يش*اء من عب**اده" أي على ال*ذين اختارهم الله للنبوة. وهذا رد لقولهم: "لوال نزل هذا القرآن على رج**ل من

[. "أن أن**ذروا أن**ه ال إل**ه إال أن**ا ف**اتقون"31القري**تين عظيم" ]الزخ**رف: تحذير من عبادة األوثان، ولذلك جاء اإلنذار؛ ألن أصله التح**ذير مم**ا يخ**اف من**ه. ودل على ذل**ك قول**ه: "ف**اتقون". و"أن" في موض**ع نص**ب ب**نزع الخافض، أي بأن أنذروا أه**ل الكف*ر بأن**ه ال إل*ه إال الل**ه، "ف**أن" في مح**ل

نصب بسقوط الخافض أو بوقوع اإلنذار عليه. }خلق السماوات واألرض بالحق تعالى عما يشركون{3*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "خلق السماوات واألرض بالحق" أي للزوال والفناء. وقيل: "بالحق" أي للداللة على قدرته، وأن له أن يتعبد العباد بالطاعة وأن يح**يى بعد الموت. "تعالى عما يشركون" أي من هذه األص*نام ال*تي ال تق*در على

خلق شيء. }خلق اإلنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين{4*اآلية: 3*

Page 39: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "خلق اإلنسان من نطفة" لما ذكر الدليل على توحيده ذك**ر بعده اإلنسان ومناكدته وتعدي طوره. و"اإلنس**ان" اس**م للجنس. وروي أن المراد به أبي بن خل**ف الجمحي، ج**اء إلى الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم بعظم رميم فقال: أترى يحيي الله هذا بعد ما قد رم. وفي ه**ذا أيض**ا ن**زل

[ أي77"أولم ير اإلنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين" ]يس: خلق اإلنسان من ماء يخرج من بين الص**لب وال**ترائب، فنقل**ه أط**وارا إلى أن ولد ونشأ بحيث يخاصم في األمور. فمعنى الكالم التعجب من اإلنس**ان

[ وقول**ه: "ف**إذا ه**و خص**يم" أي78"وضرب لنا مثال ونس**ي خلق**ه" ]يس: مخاصم، كالنسيب بمعنى المناسب. أي يخاصم الله ع**ز وج**ل في قدرت**ه. و"مبين" أي ظاهر الخصومة. وقي**ل: ي**بين عن نفس**ه الخص**ومة بالباط**ل.

والمبين: هو المفصح عما في ضميره بمنطقه. }واألنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون{5*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "واألنعام خلقها لكم" لما ذكر اإلنسان ذكر ما من به علي**ه. واألنعام: اإلب**ل والبق**ر والغنم. وأك**ثر م**ا يق**ال: نعم وأنع**ام لإلب**ل، ويق**ال

للمجموع وال يقال للغنم مفردة. قال حسان: عفت ذات األصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خالء ديار من بني الحسحاس قفر تعفيها الروامس والسماء

وكانت ال يزال بها أنيس خالل مروجها نعم وشاء فالنعم هنا اإلبل خاصة. وقال الج**وهري: والنعم واح**د األنع**ام وهي الم**ال الراعية، وأكثر ما يقع هذا االسم على اإلبل. قال الفراء: هو ذك**ر ال ي**ؤنث، يقولون: ه**ذا نعم وارد، ويجم**ع على نعم**ان مث**ل حم**ل وحمالن. واألنع**ام

[. وفي موض**ع66تذكر وتؤنث؛ قال الله تعالى: "مما في بطون**ه" ]النح**ل: [. وانتصب األنع**ام عطف**ا على اإلنس**ان،21"مما في بطونها" ]المؤمنون:

أو بفعل مقتدر، وهو أوجه. @قوله تعالى: "دفء" الدفء: السخانة، وهو ما استدفئ ب**ه من أص**وافها وأوبارها وأشعارها، مالبس ولح**ف وقط**ف. وروي عن ابن عب**اس: دفؤه**ا نسلها؛ والله أعلم قال الجوهري في الص**حاح: ال**دفء نت**اج اإلب**ل وألبانه**ا وما ينتفع به منها؛ قال الله تعالى: "لكم فيها دفء". وفي الحديث )لن**ا من دفئهم ما سلموا بالميثاق(. والدفء أيضا السخونة، تقول منه: دفئ الرج*ل دفاءة مثل كره كراهة. وكذلك دفئ دفأ مث**ل ظمئ ظم**أ. واالس**م ال**دفء بالكسر وهو الشيء الذي يدفئك، والجمع األدفاء. تقول: ما عليه دفء؛ ألنه اسم. وال تقول: ما عليك دفاءة؛ ألن**ه مص**در. وتق**ول: اقع**د في دفء ه**ذا الحائط أي ركنه. ورجل دفئ على فع**ل إذا لبس م**ا يدفئ**ه. وك**ذلك رج**ل دفآن وامرأة دفأى. وقد أدفأه الثوب وتدفأ هو بالثوب واستدفأ به، وأدفأ به وهو افتعل؛ أي ما لبس ما يدفئ**ه. ودف**ؤت ليلتن**ا، وي**وم دفيء على فعي**ل وليلة دفيئة، وك**ذلك الث**وب وال**بيت. والمدفئ**ة اإلب**ل الكث**يرة؛ ألن بعض**ها يدفئ بعضا بأنفاسها، وقد يشدد. والمدفأة اإلبل الكثيرة األوب*ار والش*حوم؛

عن األصمعي. وأنشد الشماخ: وكيف يضيع صاحب مدفآت على أثباجهن من الصقيع

@قوله تعالى: "ومنافع" قال ابن عباس: المنافع نس**ل ك**ل داب**ة. مجاه**د: الركوب والحمل واأللبان واللحوم والس*من. "ومنه*ا ت*أكلون" أف*رد منفع*ة

Page 40: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

األكل بالذكر ألنها معظم المنافع. وقيل: المعنى ومن لحومه**ا ت**أكلون عن**دالذبح.

@ دلت هذه اآلية على لباس الصوف، وقد لبس**ه رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم واألنبياء قبل**ه كموس**ى وغ**يره. وفي ح**ديث المغ**يرة: فغس**ل وجهه وعليه جبة من صوف شامية ضيقة الكمين... الحديث، خرجه مس**لم وغ**يره. ق**ال ابن الع**ربي: وه**و ش**عار المتقين ولب**اس الص**الحين وش**ارة الصحابة والتابعين، واختيار الزهاد والعارفين، وهو يلبس لينا وخش**نا وجي**دا ومقاربا ورديئا، وإليه نسب جماعة من الن**اس الص**وفية؛ ألن**ه لباس**هم في الغالب، فالياء للنسب والهاء للتأنيث. وقد انش**دني بعض أش**ياخهم ب**البيت

المقدس طهره الله: تشاجر الناس في الصوفي واختلفوا في**ه وظن**وه مش**تقا من

الصوف ولست أنحل هذا االسم غير فتى صافى فصوفي حتى س**مي

الصوفي }ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون{6*اآلية: 3*

@ الجمال ما يتجمل به وي**تزين. والجم**ال: الحس**ن. وق**د جم**ل الرج**ل - بالضم - جماال فه**و جمي**ل، والم**رأة جميل**ة، وجمالء أيض**ا؛ عن الكس**ائي.

وأنشد: فهي جمالء كبدر طالع بذت الخلق جميعا بالجمال

وقول أبي ذؤيب: جمالك أيها القلب القريح

يريد: الزم تجملك وحياءك وال تجزع جزع*ا قبيح*ا. ق*ال علماؤن*ا: فالجم*ال يكون في الصورة وتركيب الخلقة، ويكون في األخالق الباطنة، ويك**ون في األفع**ال. فأم**ا جم**ال الخلق**ة فه**و أم**ر يدرك**ه البص**ر ويلقي**ه إلى القلب متالئما، فتتعلق به النفس من غير معرف**ة بوج**ه ذل**ك وال نس**بته ألح**د من البش**ر. وأم**ا جم**ال األخالق فكونه**ا على الص**فات المحم**ودة من العلم والحكمة والعدل والعفة، وكظم الغيظ وإرادة الخير لكل أح*د. وأم*ا جم*ال األفعال فهو وجوده*ا مالئم*ة لمص*الح الخل*ق وقاض*ية لجلب المن**افع فيهم وصرف الشر عنهم. وجمال األنعام والدواب من جمال الخلقة، وهو م**رئي باألبصار موافق للبصائر. ومن جمالها كثرته*ا وق**ول الن**اس إذا رأوه**ا ه**ذه نعم فالن؛ قاله السدي. وألنها إذا راحت توفر حسنها وعظم شأنها وتعلقت القلوب بها؛ ألنها إذ ذاك أعظم ما تكون أسمنة وضروعا؛ قاله قتادة. ولهذا المعنى قدم الرواح على السراح لتكامل درها وس**رور النفس به**ا إذ ذاك. والله أعلم. وروى أشهب عن مالك قال: يقول الل**ه ع**ز وج**ل "ولكم فيه**ا جمال حين تريحون وحين تس**رحون" وذل**ك في المواش**ي حين ت**روح إلى المرعى وتسرح عليه. وال**رواح رجوعه**ا بالعش**ي من الم**رعى، والس**راح بالغداة؛ تقول: سرحت اإلبل أس**رحها س**رحا وس**روحا إذا غ**دوت به**ا إلى

المرعى فخليتها، وسرحت هي. المتعدي والالزم واحد. }وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إال بش**ق األنفس إن7*اآلية: 3*

ربكم لرؤوف رحيم{ @قوله تعالى: "وتحمل أثق**الكم" األثق**ال أثق**ال الن**اس من مت**اع وطع**ام وغيره، وهو ما يثقل اإلنسان حمله. وقيل: المراد أب**دانهم؛ ي**دل على ذل**ك

Page 41: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[. والبلد مكة، في ق**ول2قوله تعالى: "وأخرجت األرض أثقالها" ]الزلزلة: عكرمة. وقيل: هو محمول على العموم في كل بل**د مس**لكه على الظه**ر. وشق األنفس: مشقتها وغاية جهدها. وق**راءة العام**ة بكس**ر الش**ين. ق**ال الجوهري: والشق المشقة؛ ومنه قوله تع*الى: "لم تكون**وا بالغي**ه إال بش*ق األنفس" وهذا ق**د يفتح، حك**اه أب**و عبي**دة. ق**ال المه**دوي: وكس*ر الش**ين وفتحها في "شق" متقارب**ان، وهم**ا بمع**نى المش**قة، وه**و من الش**ق في العصا ونحوها؛ ألنه ينال منها كالمشقة من اإلنس**ان. وق**ال الثعل**بي: وق**رأ أب**و جعف**ر "إال بش**ق األنفس" وهم**ا لغت**ان، مث**ل رق ورق وجص وجص

ورطل ورطل. وينشد قول الشاعر بكسر الشين وفتحها: وذي إبل يسعى ويحسبها له أخي نصب من شقها ودؤوب

ويج**وز أن يك**ون بمعمى المص**در، من ش**ققت علي**ه ش**قا. والش**ق أيض**ا بالكسر النصف، يقال: أخذت شق الشاة وشقة الشاة. وق**د يك**ون الم**راد من اآلية هذا المعنى؛ أي لم تكونوا بالغيه إال بنقص من القوة وذهاب ش**ق منها، أي لم تكونوا تبلغوه إال بنصف قوى أنفس**كم وذه**اب النص**ف اآلخ**ر. والش**ق أيض**ا الناحي**ة من الجب**ل. وفي ح**ديث أم زرع: وج**دني في أه**ل غنيمة بشق. قال أبو عبيد: هو اسم موضع. والشق أيض**ا: الش**قيق، يق**ال: هو أخي وشق نفسي. وشق اسم كاهن من كه**ان الع**رب. والش**ق أيض**ا:

الجانب؛ ومنه قول امرئ القيس: إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وتحتي شقها لم يحول

فهو مشترك. @ من الل**ه س**بحانه باألنع**ام عموم**ا، وخص اإلب**ل هن**ا بال**ذكر في حم**ل األثقال على سائر األنعام؛ فإن الغنم للسرح والذبح، والبقر للحرث، واإلبل للحمل. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الل**ه عليه وسلم: )بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إلي**ه البق**رة فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للح**رث فق**ال الن**اس س**بحان الله تعجبا وفزعا أبقرة تتكلم(؟ فقال رسول الله ص*لى الل**ه علي*ه وس*لم: )وإني أومن به وأبو بكر وعمرو(. فدل هذا الحديث على أن البقر ال يحم**ل

عليها وال تركب، وإنما هي للحرث ولألكل والنسل والرسل. @ في هذه اآلية دلي**ل على ج*واز الس**فر بال*دواب وحم**ل األثق*ال عليه*ا. ولكن على ق**در م**ا تحتمل**ه من غ**ير إس**راف في الحم**ل م**ع الرف**ق في السير. وقد أم**ر الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ب*الرفق به*ا واإلراح*ة له*ا ومراعاة التفقد لعلفها وس**قيها. وروى مس**لم من ح**ديث أبي هري**رة ق**ال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إذا سافرتم في الخص**ب ف**أعطوا اإلب**ل حظه**ا من األرض وإذا س**افرتم في الس**نة فب**ادروا به**ا نقيه**ا( رواه مالك في الموطأ عن أبي عبيد عن خالد بن معدان. وروى معاوية بن ق**رة قال: كان ألبي ال**درداء جم**ل يق**ال ل**ه دم**ون، فك**ان يق**ول: ي**ا دم**ون، ال تخاصمني عند ربك. فالدواب عجم ال تقدر أن تحتال لنفسها ما تحتاج إلي**ه، وال تقدر أن تفصح بحوائجها، فمن ارتفق بمرافقه**ا ثم ض**يعها من حوائجه**ا فقد ضيع الشكر وتعرض للخص**ومة بين ي**دي الل**ه تع**الى. وروى مط**ر بن محمد قال: حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن خالد قال ح**دثنا المس**يب بن آدم قال. رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب جماال وقال: تحمل على

بعيرك ما ال يطيق.

Page 42: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}والخي**ل والبغ**ال والحم**ير لتركبوه**ا وزين**ة ويخل**ق م**ا ال8*اآلي**ة: 3*تعلمون{

@قوله تعالى: "والخيل" بالنصب معطوف، أي وخلق الخيل. وقرأ ابن أبي عبلة "والخي**ل والبغ**ال والحم**ير" ب**الرفع فيه**ا كله**ا. وس**ميت الخي**ل خيال الختيالها في المشية. وواحد الخيل خائل، كضائن واحد ضين. وقيل ال واحد له. ولما أفرد سبحانه الخيل والبغال والحمير بالذكر دل على أنها لم تدخل تحت لف**ظ األنع**ام وقي**ل دخلت ولكن أفرده**ا بال**ذكر لم**ا يتعل**ق به**ا من

الركوب؛ فإنه يكثر في الخيل والبغال والحمير. @ قال العلماء: ملكنا الل**ه تع**الى األنع**ام وال**دواب وذلله**ا لن**ا، وأب**اح لن**ا تسخيرها واالنتفاع بها رحمة منه تع**الى لن**ا، وم**ا ملك**ه اإلنس**ان وج**از ل**ه تسخيره من الحيوان فكراؤه له ج**ائز بإجم**اع أه**ل العلم، ال اختالف بينهم

في ذلك. وحكم كراء الرواحل والدواب مذكور في كتب الفقه. @ ال خالف بين العلماء في اكتراء ال**دواب والرواح**ل عليه**ا والس**فر به**ا؛

[ اآلية. وأجازوا أن يك**ري الرج*ل7لقوله تعالى: "وتحمل أثقالكم" ]النحل: الداب**ة والراحل**ة إلى مدين**ة بعينه**ا وإن لم يس**م أين ي**نزل منه**ا، وكم من منه**ل ي**نزل في**ه، وكي**ف ص**فة س**يره، وكم ي**نزل في طريق**ة، واج**تزوا بالمتعارف بين الناس في ذلك. قال علماؤنا: والكراء يجري مج**رى ال**بيوع فيما يحل منه ويحرم. قال ابن القاسم فيمن اك**ترى داب**ة إلى موض**ع ك**ذا بثوب مروي ولم يصف رقعته وذرعه: لم يجز؛ ألن مالك**ا لم يج**يز ه*ذا في

البيع، وال يجيز في ثمن الكراء إال ما يجوز في ثمن البيع. قلت: وال يختلف في هذا إن شاء الله؛ ألن ذلك إجارة. قال ابن المنذر:

وأجمع كل من يحفظ عنه من أه*ل العلم على أن من اك*ترى داب**ة ليحم**ل عليها عشرة أقفزة قمح فحمل عليها ما اشترط فتلفت أن ال ش**يء علي**ه. وهكذا إن حم**ل عليه*ا عش**رة أقف**زة ش**عير. واختلف**وا فيمن اك**ترى داب**ة ليحمل عليها عشرة أقفزة فحمل عليها أحد عشر قف**يزا، فك**ان الش**افعي وأبو ثور يقوالن: هو ضامن لقيمة الدابة وعليه الكراء. وق**ال ابن أبي ليلى: عليه قيمتها وال أجر عليه. وفيه قول ثالث - وهو أن عليه الكراء وعليه جزء من أجر وجزء من قيمة الدابة بقدر ما زاد من الحمل؛ وهذا ق**ول النعم**ان ويعقوب ومحمد. وقال ابن القاسم صاحب مالك: ال ضمان علي**ه في ق**ول مالك إذا كان القف**يز الزائ**د ال يف**دح الداب**ة، ويعلم أن مثل**ه ال تعطب في**ه الدابة، ولرب الدابة أجر القف*يز الزائ**د م**ع الك**راء األول؛ ألن عطبه**ا ليس من أجل الزيادة. وذلك بخالف مجاوزة المسافة؛ ألن مجاوزة المسافة تع**د كله فيضمن إذا هلكت في قليله وكث**يره. والزي*ادة على الحم**ل المش*ترط اجتمع فيه إذن وتعد، فإذا كانت الزيادة ال تعطب في مثله**ا علم أن هالكه**ا

مما أذن له فيه. @ واختلف أهل العلم في الرج**ل يك**تري الداب**ة ب**أجر معل**وم إلى موض**ع مسمى، فيتعدى فيجتاز ذلك المكان ثم يرجع إلى المك**ان الم**أذون ل*ه في المصير إليه. فقالت طائفة: إذا جاوز ذل**ك المك**ان ض**من وليس علي**ه في التعدي كراء؛ هكذا قال الثوري. وقال أبو حنيفة: األجر ل*ه فيم**ا س**مى، وال أجر له فيم**ا لم يس**م؛ ألن**ه خ**الف فه**و ض**امن، وب**ه ق**ال يعق**وب. وق**ال الشافعي: عليه الك**راء ال*ذي س**مى، وك*راء المث**ل فيم**ا ج*اوز ذل*ك، ول*و عطبت لزمه قيمتها. ونح**وه ق**ال الفقه**اء الس**بعة، مش**يخة أه**ل المدين**ة

Page 43: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

قالوا: إذا بلغ المس**افة ثم زاد فعلي**ه ك**راء الزي**ادة إن س**لمت وإن هلكت ضمن. وقال أحم**د وإس**حاق وأب**و ث**ور: علي**ه الك**راء والض**مان. ق**ال ابن المنذر: وبه نقول. وقال ابن القاسم: إذا بلغ المك**تري الغاي**ة ال**تي اك**ترى إليه**ا ثم زاد ميال ونح**وه أو أمي**اال أو زي**ادة كث**يرة فعطبت الداب**ة، فلربه**ا كراؤه األول والخيار في أخذه كراء الزائد بالغا ما بلغ، أو قيمة الداب**ة ي**وم التعدي. ابن المواز: وقد روى أنه ضامن ولو زاد خطوة. وقال ابن القاس**م عن مالك في زيادة الميل ونحوه: وأما ما يع**دل الن**اس إلي**ه في المرحل**ة فال يضمن. وقال ابن حبيب عن ابن الماجش**ون وأص**بغ: إذا ك**انت الزي**ادة يسيرة أو جاز األمد الذي تكاراها إليه بيسير، ثم رجع بها سالمة إلى موضع تكاراها إليه فماتت، أو ماتت في الطريق إلى الموضع ال**ذي تكاراه**ا إلي**ه، فليس له إال كراء الزيادة، كرده لما تسلف من الوديعة. ولو زاد كث**يرا مم**ا فيه مقام األيام الكثيرة التي يتغير في مثله**ا س**وقها فه**و ض**امن، كم**ا ل**و ماتت في مجاوزة األمد أو المسافة؛ ألنه إذا كانت زي**ادة يس**يرة مم**ا يعلم أن ذلك مما لم يعن على قتلها فهالكها بعد ردها إلى الموض**ع الم**أذون ل**ه فيه كهالك ما تسلف من الوديعة بعد رده ال محالة. وإن كانت الزيادة كثيرة

فتلك الزيادة قد أعانت على قتلها. @ قال ابن القاسم وابن وهب قال مالك قال الله تعالى: "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة" فجعلها للركوب والزينة ولم يجعلها لألكل؛ ونح**وه عن أشهب. ولهذا قال أصحابنا: ال يجوز أكل لحوم الخيل والبغال والحم**ير؛ ألن الله تع*الى لم*ا نص على الرك*وب والزين**ة دل على م**ا ع*داه بخالف*ه. وق**ال في "األنع**ام" "ومنه**ا ت**أكلون" م**ع م**ا امتن الل**ه منه**ا من ال**دفء والمنافع، فأباح لن**ا أكله**ا بال**ذكاة المش**روعة فيه**ا. وبه**ذه اآلي**ة احتج ابن عباس والحكم بن عيينة، قال الحكم: لح**وم الخي**ل ح**رام في كت**اب الل**ه، وقرأ هذه اآلية والتي قبلها وق**ال: ه**ذه لألك**ل وه**ذه للرك**وب. وس**ئل ابن عباس عن لحوم الخيل فكرهها، وتال هذه اآلية وقال: ه**ذه للرك**وب، وق**رأ اآلي**ة ال**تي قبله**ا "واألنع**ام خلقه**ا لكم فيه**ا دفء ومن**افع" ثم ق**ال: ه**ذه لألكل. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما واألوزاعي ومجاه**د وأب**و عبي**د وغيرهم، واحتجوا بما أخرجه أبو داود والنس**ائي وال**دارقطني وغ**يرهم عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب عن أبي**ه عن ج**ده عن خال**د بن الوليد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أك**ل لح**وم الخيل والبغ**ال والحم**ير، وك**ل ذي ن**اب من الس**باع أو مخلب من الط**ير. لفظ الدارقطني. وعند النسائي أيضا عن خال**د بن الولي**د أن**ه س**مع الن**بي صلى الله عليه وسلم يقول: )ال يحل أكل لحوم الخي**ل والبغ**ال والحم**ير(. وقال الجمهور من الفقهاء والمح**دثين: هي مباح**ة. وروي عن أبي حنيف**ة. وش**ذت طائف**ة فق**الت ب**التحريم؛ منهم الحكم كم**ا ذكرن**ا، وروي عن أبي حنيفة. حكى الثالث روايات عن**ه الروي**اني في بح**ر الم**ذهب على م**ذهب

الشافعي. قلت: الصحيح الذي يدل عليه النظر والخبر جواز أكل لحوم الخيل، وأن

اآلية والحديث ال حج*ة فيهم*ا الزم*ة. أم*ا اآلي*ة فال دلي*ل فيه*ا على تح*ريم الخيل. إذ لو دلت عليه لدلت على تح**ريم لح**وم الحم**ر، والس**ورة مكي**ة، وأي حاجة كانت إلى تجديد تح**ريم لح**وم الحم**ر ع**ام خي**بر وق**د ثبت في األخبار تحليل الخيل على ما يأتي. وأيضا لما ذكر تعالى األنعام ذك**ر األغلب

Page 44: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

من منافعها وأهم ما فيها، وهو حمل األثقال واألكل، ولم ي*ذكر الرك*وب وال الحرث بها وال غير ذلك مصرحا به، وقد تركب ويحرث بها؛ قال الله تعالى:

[. وق**ال في79"الذي جعل لكم األنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون" ]غ**افر: الخيل: "لتركبوها وزين*ة" ف**ذكر أيض**ا أغلب منافعه*ا والمقص**ود منه*ا، ولم يذكر حمل األثقال عليها، وقد تحمل كما هو مشاهد فلذلك لم يذكر األك**ل. وقد بينه عليه السالم الذي جعل إليه بيان ما أنزل عليه م**ا ي**أتي، وال يل**زم من كونها خلقت للركوب والزينة أال تؤكل، فهذه البقرة قد أنطقه**ا خالقه**ا الذي أنط**ق ك**ل ش**يء فق**الت: إنم**ا خلقت للح**رث. فيل**زم من عل**ل أن الخيل ال تؤكل ألنها خلقت للرك**وب وأال تؤك**ل البق**ر ألنه**ا خلقت للح**رث. وقد أجمع المسلمون على جواز أكلها، فكذلك الخي*ل بالس*نة الثابت*ة فيه*ا. روى مسلم من حديث جابر قال: نهى رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم يوم خيبر عن لحوم الحمر األهلي**ة وأذن في لح**وم الخي**ل. وق**ال النس**ائي عن جابر: أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لحوم الخي**ل ونهانا عن لحوم الحمر. وفي رواية عن جابر ق**ال: كن**ا نأك**ل لح**وم الخي**ل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ف**إن قي**ل: الرواي**ة عن ج**ابر بأنهم أكلوه**ا في خي**بر حكاي**ة ح**ال وقض**ية في عين، فيحتم**ل أن يكون**وا ذبحوا لضرورة، وال يحتج بقضايا األحوال. قلن**ا: الرواي**ة عن ج**ابر وإخب**اره بأنهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيل ذلك االحتمال، ولئن سلمناه فمعنا حديث أسماء ق**الت: نحرن**ا فرس**ا على عهد رسول الله صلى الله علي*ه وس**لم ونحن بالمدين**ة فأكلن**اه؛ رواه مسلم. وكل تأوي**ل من غ**ير ت**رجيح في مقابل**ة النص فإنم*ا ه**و دع*وى، ال يلتفت إليه وال يعرج علي**ه. وق**د روى ال**دارقطني زي**ادة حس**نة ترف**ع ك**ل تأويل في حديث أسماء، قالت أسماء: كان لنا فرس على عهد رسول الل**ه صلى الله عليه وسلم أرادت أن تموت فذبحناها فأكلناها. فذبحها إنما ك**ان لخوف الموت عليها ال لغير ذلك من األح**وال. وبالل**ه التوفي**ق. ف**إن قي**ل: حيوان من ذوات الحوافر فال يؤكل كالحمار؟ قلنا: ه**ذا قي**اس الش**به وق**د اختلف أرباب األصول في القول ب**ه، ولئن س**لمناه فه**و منتقض ب**الخنزير؛ فإن**ه ذو ظل**ف وق**د ب**اين ذوات األظالف، وعلى أن القي**اس إذا ك**ان في مقابلة النص فهو فاسد الوضع ال التفات إليه. قال الطبري: وفي إجم**اعهم

على جواز ركوب ما ذكر لألكل دليل على جواز أكل ما ذكر للركوب. @ وأما البغال فإنها تلحق بالحمير، إن قلنا إن الخيل ال تؤكل؛ فإنه**ا تك**ون متولدة من عينين ال يؤكالن. وإن قلنا إن الخي**ل تؤك**ل، فإنه**ا عين متول**دة من مأكول وغير مأكول فغلب التحريم على ما يل**زم في األص**ول. وك**ذلك ذبح المولود بين كافرين أحدهما من أهل الذكاة واآلخ**ر ليس من أهله**ا، ال تكون ذكاة وال تحل به الذبيحة. وق**د عل**ل تح**ريم أك**ل الحم**ار بأن**ه أب**دى

جوهره الخبيث حيث نزا على ذكر وتلوط؛ فسمي رجسا. @ في اآلية دليل على أن الخيل ال زكاة فيه**ا؛ ألن الل**ه س**بحانه من علين**ا بما أباحنا منها وكرمنا ب**ه من منافعه**ا، فغ**ير ج**ائز أن يل**زم فيه**ا كلف**ة إال ب**دليل. وق**د روى مال**ك عن عبدالل**ه بن دين**ار عن س**ليمان بن يس**ار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وس**لم ق**ال: )ليس على المسلم في عب**ده وال فرس**ه ص**دقة(. وروى أب**و داود عن أبي هري**رة عن رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ق**ال: )ليس في الخي**ل

Page 45: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

والرقي**ق زك**اة إال زك**اة الفط**ر في الرقي**ق(. وب**ه ق**ال مال**ك والش**افعي واألوزاعي والليث وأبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إن كانت إناثا كله**ا أو ذكورا وإناثا، ففي ك**ل ف**رس دين**ار إذا ك**انت س**ائمة، وإن ش**اء قومه**ا فأخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم. واحتج بأثر عن النبي صلى الل**ه عليه وسلم أنه قال: )في الخيل السائمة في كل فرس دينار( وبقوله صلى الله عليه وسلم: )الخيل ثالثة...( الح**ديث. وفي**ه: )ولم ينس ح*ق الل**ه في رقابه**ا وال ظهوره**ا(. والج**واب عن األول أن**ه ح**ديث لم ي**روه إال غ**ورك السعدي عن جعفر عن محمد عن أبيه عن جابر. قال الدارقطني: تفرد ب**ه غورك عن جعفر وهو ضعيف جدا، ومن دونه ضعفاء. وأما الح**ديث ف**الحق المذكور فيه هو الخ**روج عليه*ا إذا وق**ع النف*ير وتعين به*ا لقت**ال الع*دو إذا تعين ذلك عليه، ويحم**ل المنقطعين عليه**ا إذا احت**اجوا ل**ذلك، وه**ذا واجب عليه إذا تعين ذلك، كما يتعين عليه أن يطعمهم عند الضرورة، فهذه حقوق الله في رقابها. فإن قي**ل: ه**ذا ه**و الح**ق ال**ذي في ظهوره**ا وبقي الح**ق الذي في رقابها؛ قيل: قد روي )ال ينسى حق الله فيها( وال فرق بين قوله: )حق الل**ه فيه*ا( أو )في رقابه*ا وظهوره*ا( ف*إن المع*نى يرج*ع إلى ش**يء واحد؛ ألن الحق يتعلق بجملتها. وقد قال جماعة من العلماء : إن الحق هنا حسن ملكها وتعهد شبعها واإلحسان إليها وركوبها غير مشقوق عليه**ا؛ كم**ا جاء في الحديث )ال تتخذوا ظهورها كراسي(. وإنما خص رقابها بال**ذكر ألنتعار كث**يرا في مواض**ع الحق**وق الالزم**ة والف**روض الرق**اب واألعن**اق تس**

[ وك**ثر92الواجب**ة؛ ومن**ه قول**ه تع**الى: "فتحري**ر رقب**ة مؤمن**ة" ]النس**اء: عندهم استعمال ذلك واستعارته حتى جعلوه في الرباع واألم**وال؛ أال ت**رى

قول كثير: غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا غلقت لضحكته رقاب المال

وأيض**ا ف*إن الحي*وان ال*ذي تجب في*ه الزك*اة ل*ه نص*اب من جنس*ه، ولم*ا خرجت الخيل عن ذلك علمنا سقوط الزكاة فيها. وأيضا فإيجابه الزكاة في إناثها منفردة دون ال**ذكور تن**اقض من**ه. وليس في الح**ديث فص**ل بينهم**ا. ونقيس اإلناث على الذكور في نفي الصدقة بأن**ه حي**وان مقت**نى لنس**له ال لدره، وال تجب الزكاة في ذكوره فلم تجب في إناثه كالبغال والحمير. وق**د روي عنه أنه ال زكاة في إناثها وإن انفردت ك**ذكورها منف**ردة، وه**ذا ال**ذي عليه الجمهور. قال ابن عبدالبر: الخبر في ص*دقة الخي**ل عن عم**ر ص**حيح من حديث الزهري وغيره. وقد روي من حديث مال**ك، ورواه عن**ه جويري**ة عن الزهري أن السائب بن يزيد قال : لقد رأيت أبي يقوم الخيل ثم ي**دفع صدقتها إلى عمر. وهذا حجة ألبي حنيفة وشيخه حم**اد بن أبي س**ليمان، ال أعلم أحدا من فقهاء األمص**ار أوجب الزك**اة في الخي**ل غيرهم**ا. تف**رد ب**ه

جويرية عن مالك وهو ثقة. @قوله تعالى: "وزينة" منصوب بإضمار فعل، المعنى: وجعلها زينة. وقيل : هو مفعول من أجله. والزينة: ما يتزين به، وهذا الجمال والتزيين وإن ك**ان من متاع الدنيا فقد أذن الله سبحانه لعباده فيه؛ قال النبي صلى الله علي**ه وسلم: )اإلبل عز ألهلها والغنم برك**ة والخي**ل في نواص**يها الخ**ير(. خرج**ه البرقاني وابن ماجة في السنن. وإنما جمع الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم العز في اإلبل؛ ألن فيها اللباس واألكل واللبن والحم*ل والغ*زو وإن نقص*ها الكر والفر وجعل البركة في الغنم لما فيها من اللباس والطعام والش**راب

Page 46: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وكثرة األوالد؛ فإنها تلد في العام ثالث م**رات إلى م**ا يتبعه**ا من الس**كينة، وتحمل صاحبها عليه من خفض الجناح ولين الجانب؛ بخالف الفدادين أه**ل الوبر. وقرن النبي صلى الله عليه وسلم الخير بنواصي الخيل بقي**ة ال**دهر لما فيها من الغنيمة المستفادة للكسب والمعاش، وما يوصل إليه من قهر

األعداء وغلب الكفار وإعالء كلمة الله تعالى. @قوله تعالى: "ويخلق ما ال تعلمون" قال الجمهور: من الخلق. وقيل: من أنواع الحشرات والهوام في أسافل األرض والبر والبحر مما لم يره البش**ر ولم يسمعوا به. وقيل : ويخلق ما ال تعلمون" مما أعد الله في الجنة ألهلها وفي النار ألهلها، مما لم ت**ره عين ولم تس**مع ب**ه أذن وال خط**ر على قلب بش**ر. وق**ال قت**ادة والس**دي: ه**و خل**ق الس**وس في الثي**اب وال**دود في الفواكه. ابن عباس: عين تحت العرش؛ حكاه الماوردي. الثعلبي: وقال ابن عباس عن يمين العرش نه*ر من الن*ور مث**ل الس*ماوات الس*بع واألرض*ين السبع والبحار السبع سبعين مرة، يدخله جبريل كل سحر فيغتس**ل ف**يزداد نورا إلى نوره وجماال إلى جماله وعظما إلى عظمه، ثم ينتفض فيخرج الله من كل ريشة سبعين ألف قطرة، ويخرج من كل قطرة سبعة آالف مل**ك، يدخل منهم كل يوم س**بعون أل**ف مل**ك إلى ال*بيت المعم**ور، وفي الكعب**ة سبعون ألفا ال يعدون إليه إلى يوم القيامة. وقول خامس: وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها أرض بيضاء، مسيرة الش**مس ثالثين يوم**ا مشحونة خلقا ال يعلمون أن الله تعالى يعصى في األرض، قالوا: يا رس**ول الله، من ولد آدم؟ قال: )ال يعلم**ون أن الل**ه خل**ق آدم(. ق**الوا: ي**ا رس**ول الله، ف**أين إبليس منهم؟ ق**ال : )ال يعلم**ون أن الل**ه خل**ق إبليس( - ثم تال

"ويخلق ما ال تعلمون" ذكره الماوردي. قلت: ومن هذا المعنى ما ذكر البيهقي عن الشعبي قال: إن لله عبادا

من وراء األندلس كما بيننا وبين األندلس، ما يرون أن الله عص**اه مخل**وق، رضراضهم الدر والياقوت وجبالهم الذهب والفضة، ال يحرث**ون وال يزرع**ون وال يعملون عمال، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طع**امهم وش**جر له**ا أوراق ع**راض هي لباس**هم؛ ذك**ره في ب**دء الخل**ق من "كت**اب األس**ماء والصفات". وخرج من حديث موسى بن عقب**ة عن محم**د بن المنك**در عن جابر بن عبدالله األنصاري أنه قال قال رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم: )أذن لي أن أح**دث عن مل**ك من مالئك**ة الل**ه من حمل**ة الع**رش م**ا بين

شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام(. }وعلى الل**ه قص**د الس**بيل ومنه**ا ج**ائر ول**و ش**اء له**داكم9*اآلي**ة: 3*

أجمعين{ @قوله تعالى: "وعلى الله قصد السبيل" أي على الله بيان قصد الس**بيل، فحذف المضاف وهو البيان. والسبيل: السالم، أي على الله بيان**ه بالرس**ل والحجج والبراهين. وقصد السبيل: استعانة الطري**ق؛ يق**ال: طري**ق قاص**د أي يؤدي إلى المطلوب. "ومنها جائر" أي ومن السبيل جائر؛ أي عادل عن

الحق فال يهتدى به؛ ومنه قول امرئ القيس: ومن الطريقة جائر وهدى قصد السبيل ومنه ذو دخل

وقال طرفة: عدولية أو من سفين ابن يامن يجور بها المالح طورا ويهتدي

Page 47: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

العدولية س**فينة منس**وبة إلى ع**دولي قري**ة ب**البحرين. والع**دولي: المالح؛ قاله في الصحاح. وفي التنزي**ل "وأن ه**ذا ص**راطي مس**تقيما ف**اتبعوه وال

[. وقيل: المعنى ومنهم جائر عن سبيل الحق،153تتبعوا السبل" ]األنعام: أي ع*ادل عن*ه فال يهت**دى إلي*ه. وفيهم ق*والن: أح*دهما: أنهم أه*ل األه*واء المختلفة؛ قاله ابن عب**اس. الث**اني: مل**ل الكف**ر من اليهودي**ة والمجوس**ية والنصرانية. وفي مصحف عبدالله "ومنكم ج**ائر" وك**ذا ق**رأ علي "ومنكم" بالكاف. وقيل: المعنى وعنها جائر؛ أي عن الس**بيل. ف*** "من" بمع**نى عن. وقال ابن عباس: أي من أراد الله أن يهديه سهل ل*ه طري*ق اإليم*ان، ومن أراد أن يضله ثق*ل علي*ه اإليم*ان وفروع*ه. وقي*ل: مع*نى "قص*د الس*بيل" مسيركم ورجوعكم. والس**بيل واح**دة بمع**نى الجم**ع، ول**ذلك أنث الكناي**ة

فقال: "ومنها" والسبيل مؤنثة في لغة أهل الحجاز. @قوله تعالى: "ولو شاء لهداكم أجمعين" بين أن المشيئة لله تعالى، وه**و يصحح ما ذهب إلي**ه ابن عب**اس في تأوي**ل اآلي**ة، وي**رد على القدري**ة ومن

وافقها كما تقدم. }هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومن**ه ش**جر10*اآلية: 3*

فيه تسيمون{ @ الشراب م**ا يش**رب، والش**جر مع**روف. أي ينبت من األمط**ار أش**جارا وعروشا ونباتا. و"تسيمون" ترع*ون إبلكم؛ يق**ال: س**امت الس**ائمة تس**وم س**وما أي رعت، فهي س**ائمة. والس**وام والس**ائم بمع**نى، وه**و الم**ال ال**راعي. وجم**ع الس**ائم والس**ائمة س**وائم. وأس**متها أن**ا أي أخرجته**ا إلى

الرعي، فأنا مسيم وهي مسامة وسائمة. قال: أولى لك ابن مسيمة األجمال

وأصل السوم اإلبعاد في الم**رعى. وق**ال الزج**اج: أخ**ذ من الس**ومة وهي العالمة؛ أي أنها تؤثر في األرض عالمات برعيها، أو ألنها تعلم لإلرس**ال في

المرعى. قلت: والخي**ل المس**ومة تك**ون المرعي**ة. وتك**ون المعلم**ة. وقول**ه:

[ ق***ال األخفش تك***ون معلمين وتك***ون125"مس***ومين" ]آل عم***ران: مرسلين؛ من قولك: سوم فيها الخيل أي أرسلها، ومنه السائمة، وإنما جاء

بالياء والنون ألن الخيل سومت وعليها ركبانها. }ينبت لكم به ال**زرع والزيت**ون والنخي**ل واألعن**اب ومن ك**ل11*اآلية: 3*

الثمرات إن في ذلك آلية لقوم يتفكرون{ @قوله تعالى: "ينبت لكم به الزرع والزيت**ون والنخي**ل واألعن**اب ومن ك**ل الثمرات" قرأ أبو بكر عن عاصم "ننبت" بالنون على التعظيم. العامة بالياء على معنى ينبت الله لكم؛ يق**ال: ينبت األرض وأنبتت بمع**نى، ونبت البق**ل

وأنبت بمعنى. وأنشد الفراء: رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا بها حتى إذا أنبت البقل

أي نبت. وأنبته الله فهو منبوت، على غير قياس. وأنبت الغالم نبتت عانت**ه.

ونبت الشجر غرسه؛ يقال: نبت أجلك بين عينيك. ونبت الصبي تنبيتا ربيته. والمنبت موضع النبات؛ يقال: ما أحسن نابت**ة ب**ني فالن؛ أي م**ا ينت علي**ه أموالهم وأوالدهم. ونبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم نشء صغار. وإن ب**ني فالن لنابتة شر. والنوابت من األحادث األغمار. والنبيت حي من اليمن. والينبوت شجر؛ كله عن الجوهري. "والزيتون" جمع زيتونة. ويقال للش**جرة نفس**ها:

Page 48: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

زيتونة، وللثمرة زيتونة. "إن في ذلك" أي اإلنزال واإلنبات. "آلية" أي دالل**ة"لقوم يتفكرون".

}وس**خر لكم اللي**ل والنه**ار والش**مس والقم**ر والنج**وم12*اآلي**ة: 3*مسخرات بأمره إن في ذلك آليات لقوم يعقلون{

@قوله تعالى: "وسخر لكم الليل والنهار" أي للسكون واألعمال؛ كما قال: "ومن رحمت*ه جع*ل لكم اللي*ل والنه*ار لتس*كنوا في**ه ولتبتغ*وا من فض*له"

[. "والشمس والقمر والنجوم مسخرات ب**أمره" أي م**ذلالت73]القصص: لمعرفة األوقات ونضج الثمار والزرع واالهتداء بالنجوم في الظلمات. وقرأ ابن عامر وأهل الشام "والشمس والقمر والنجوم مسخرات" ب**الرفع على االبت**داء والخ**بر. الب**اقون بالنص**ب عطف**ا على م**ا قبل**ه. وق**رأ حفص عن عاص**م برف**ع "والنج**وم"، "مس**خرات" خ**بره. وق**رئ "والش**مس والقم**ر والنجوم" بالنصب. "مسخرات" ب**الرفع، وه**و خ**بر ابت**داء مح**ذوف أي في مسخرات، وهي في ق**راءة من نص**بها ح*ال مؤك*دة؛ كقول*ه: "وه*و الح**ق

[. "إن في ذلك آليات لقوم يعقل**ون" أي يعقل**ون عن91مصدقا" ]البقرة: الله ما نبههم عليه ووفقهم له.

}وما ذرأ لكم في األرض مختلفا ألوانه إن في ذلك آلية لقوم13*اآلية: 3*يذكرون{

@قوله تعالى: "وما ذرأ" أي وسخر ما ذرأ في األرض لكم. "ذرأ" أي خلق؛ ذرأ الله الخل*ق ي*ذرؤهم ذرءا خلقهم، فه*و ذارئ؛ ومن**ه الذري**ة وهي نس*ل الثقلين، إال أن العرب ت**ركت همزه**ا، والجم**ع ال**ذراري. يق**ال: أنمى الل**ه ذرأك وذروك، أي ذريت**ك. وأص**ل ال**ذرو وال**ذرء التفري**ق عن جم**ع. وفي

الحديث: ذرء النار؛ أي أنهم خلقوا لها. @ ما ذرأه الل**ه س**بحانه من**ه مس**خر م**ذلل كال**دواب واألنع**ام واألش**جار وغيرها، ومنه غير ذلك. والدليل عليه م**ا رواه مال**ك في الموط**أ عن كعب األحبار قال: لوال كلمات أقولهن لجعلتني يهود حمارا. فقي**ل ل**ه: وم**ا هن؟ فقال: أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه، وبكلم**ات الل**ه التامات التي ال يجاوزهن بر وال فاجر، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وبرأ وذرأ. وفيه عن يحيى بن سعيد أن**ه قال: أسري برسول الل*ه ص*لى الل*ه علي*ه وس**لم ف*رأى عفريت**ا من الجن يطلبه بشعلة من نار، الحديث. وفيه: وشر ما ذرأ في األرض. وق**د ذكرن**اه

وما في معناه في غير هذا الموضع. @قول**ه تع**الى: "مختلف**ا ألوان**ه" "مختلف**ا" نص**ب على الح**ال. و"ألوان**ه" هيئات**ه ومن**اظره، يع**ني ال**دواب والش**جر وغيره**ا. "إن في ذل**ك" أي في اختالف ألوانها. "آلية" أي لعبرة. "لقوم يذكرون" أي يتعظون ويعلم**ون أن في تسخير هذه المكونات لعالمات على وحدانية الله تع**الى، وأن**ه ال يق**در

على ذلك أحد غيره. }وهو الذي سخر البحر لتأكلوا من**ه لحم*ا طري**ا وتس**تخرجوا14*اآلية: 3*

منه حلي**ة تلبس**ونها وت**رى الفل**ك م**واخر في**ه ولتبتغ**وا من فض**له ولعلكمتشكرون{

@قوله تعالى: "وهو الذي سخر البحر" تسخير البحر هو تمكين البش**ر من التصرف فيه وتذليله ب**الركوب واإلرف**اء وغ**يره، وه**ذه نعم**ة من نعم الل**ه علينا، فلو ش**اء س**لطه علين**ا وأغرقن**ا. وق**د مض**ى الكالم في البح**ر وفي

Page 49: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

صيده. وسماه هنا لحما واللحوم عند مالك ثالثة أجناس: فلحم ذوات األربع جنس، ولحم ذوات ال**ريش جنس، ولحم ذوات الم**اء جنس. فال يج**وز بي**ع الجنس من جنسه متفاض**ال، ويج**وز بي**ع لحم البق**ر وال**وحش بلحم الط**ير والسمك متفاضال، وكذلك لحم الطير بلحم البقر والوحش والس**مك يج**وز متفاضال. وقال أبو حنيفة: اللحم كلها أصناف مختلفة كأصولها؛ فلحم البق**ر ص**نف، ولحم الغنم ص**نف، ولحم اإلب**ل ص**نف، وك**ذلك ال**وحش مختل**ف، كذلك الطير، وكذلك السمك، وهو جحد قولي الشافعي. والق**ول اآلخ**ر أن الكل من النعم والصيد والطير والسمك جنس واحد ال يجوز التفاضل في**ه. والقول األول ه**و المش**هور من مذهب**ه عن**د أص**حابه. ودليلن**ا ه**و أن الل**ه تعالى فرق بين أسماء األنعام في حياته*ا فق**ال: "ثماني*ة أزواج من الض*أن

[ ثم ق**ال: "ومن اإلب**ل اث**نين ومن143اثنين ومن المعز اث**نين" ]األنع**ام: البقر اثنين" فلما أن أم بالجميع إلى اللحم قال: "أحلت لكم بهيمة األنعام"

[ فجمعه**ا بلحم واح**د لتق**ارب منافعه**ا كتق**ارب لحم الض**أن1]المائ**دة: [21والمعز. وقال في موضع آخر: "ولحم ط**ير مم**ا يش**تهون" ]الواقع**ة:

وهذا جمع طائر الذي هو الواحد، لقوله تع**الى: "وال ط**ائر يط**ير بجناحي**ه" [ فجمع لحم الطير كله باسم واحد. وق**ال هن**ا: "لحم**ا طري**ا"38]األنعام:

فجمع أصناف السمك بذكر واحد، فكان صغاره ككب**اره في الجم**ع بينهم**ا. وقد روي عن ابن عمر أنه سئل عن لحم المعز بلحم الكباش أشيء واحد؟ فقال ال؛ وال مخالف له فصار كاإلجماع، والله أعلم. وال حجة للمخ**الف في نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام إال مثال بمث**ل؛ ف**إن الطع**ام في اإلطالق يتناول الحنطة وغيرها من المأكوالت وال يتناول اللحم؛ أال ت**رى أن القائل إذا قال: أكلت الي**وم طعام**ا لم يس**بق الفهم من**ه إلى أك**ل اللحم، وأيضا فإنه معارض بقول**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )إذا اختل**ف الجنس**ان فبيعوا كيف شئتم( وهذان جنسان، وأيضا فقد اتفقن**ا على ج*واز بي*ع اللحم بلحم الطير متفاضال ال لعلة أنه بي**ع طع**ام ال زك**اة ل**ه بي**ع بلحم ليس في**ه

الزكاة، وكذلك بيع السمك بلحم الطير متفاضال. وأما الجراد فالمشهور عندنا جواز بيع بعضه ببعض متفاضال. وذكر عن

سحنون أنه يمنع من ذلك، وإليه مال بعض المتأخرين ورآه مما يدخر. @ اختلف العلماء فيمن حلف أال يأكل لحما؛ فقال ابن القاسم: يحنث بكل نوع من هذه األنواع األربعة. وقال أشهب في المجموع**ة. ال يحنث إال بك**ل لحوم األنعام دون الوحش وغيره، مراعاة للعرف والعادة، وتقديما لها على

إطالق اللفظ اللغوي، وهو أحسن. @قوله تعالى: "وتستخرجوا منه حلية تلبسونها" يعني به اللؤلؤ والمرجان؛

[. وإخ**راج22لقول**ه تع**الى: "يخ**رج منهم**ا اللؤل**ؤ والمرج**ان" ]ال**رحمن: الحلية إنما هي فيما عرف من الملح فق**ط. وق**ال: إن في الزم**رد بحري**ا.

وقد خطئ الهذلي في قوله في وصف الدرة: فجاء بها من در ة لطمية على وجهها ماء الفرات يدوم

فجعلها من الماء الحلو. فالحلي**ة ح**ق وهي نحل**ة الل**ه تع**الى آلدم وول**ده. خلق آدم وتوج وكلل بإكليل الجنة، وختم بالخاتم ال*ذي ورث**ه عن**ه س**ليمان

بن داود صلوات الله عليهم، وكان يقال له خاتم العز فيما روي. @ امتن الله سبحانه على الرجال والنساء امتنانا عاما بما يخرج من البحر، فال يحرم عليهم شيء من**ه، وإنم**ا ح**رم الل**ه تع**الى على الرج**ال ال**ذهب

Page 50: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

والحرير. روى الصحيح عن عمر بن الخطاب ق**ال ق**ال رس**ول الل**ه ص**لى الله عليه وسلم: )ال تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في ال**دنيا لم يلبس**ه في اآلخرة(. وسيأتي في سورة "الحج" الكالم فيه إن شاء الله. وروى البخاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله علي*ه وس*لم اتخ**ذ خاتم*ا من ذهب، وجعل فصه مم**ا يلي ب**اطن كف**ه، ونقش في**ه محم**د رس**ول الل**ه؛ فاتخ**ذ الناس مثله؛ فلما رآهم قد اتخذوها رمى به وقال: )ال ألبسه أب**دا( ثم اتخ**ذ خاتما من فضة فاتخذ الناس خواتيم الفضة. ق**ال ابن عم**ر: فلبس الخ**اتم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثم**ان، ح**تى وق**ع من عثمان في بئر أريس. قال أب**و داود: لم يختل**ف الن**اس على عثم**ان ح**تى س**قط الخ**اتم من ي**ده. وأجم**ع العلم**اء على ج**واز التختم ب**الورق على الجملة للرجال. قال الخطابي. وكره للنس**اء التختم بالفض**ة؛ ألن**ه من زي الرجال، فإن لم يجدن ذهبا فليصفرنه بزعفران أو بشبهه. وجمهور العلم**اء من السلف والخلف على تحريم اتخاذ الرجال خاتم الذهب، إال ما روي عن أبي بكر بن عبدالرحمن وخباب، وه**و خالف ش**اذ، وك**ل منهم**ا لم يبلغهم**ا النهي والنس**خ. والل**ه أعلم. وأم**ا م**ا رواه أنس بن مال**ك أن**ه رأى في ي**د رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق يوما واحدا، ثم إن الن**اس اصطنعوا الخواتم، من ورق ولبسوها، فطرح رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم خاتمه فطرح الناس خواتيمهم - أخرجه الصحيحان واللفظ للبخ**اري - فهو عند العلماء وهم من ابن شهاب؛ ألن الذي نبذ رسول الله صلى الل**ه عليه وسلم إنما هو خ**اتم ال**ذهب. رواه عب**دالعزيز بن ص**هيب وقت**ادة عن أنس، وهو خالف ما روى ابن شهاب عن أنس فوجب القضاء بالجملة على

الواحد إذا خالفها، مع ما يشهد للجماعة من حديث ابن عمر. @ إذا ثبت جواز التختم للرجال بخ**اتم الفض**ة والتحلي ب**ه، فق**د ك**ره ابن سيرين وغيره من العلماء نقش**ه وأن يك**ون في**ه ذك**ر الل**ه. وأج**از نقش**ه جماعة من العلماء. ثم إذا نقش عليه اسم الل**ه أو كلم*ة حكم*ة أو كلم*ات من القرآن وجعله في شماله، فه**ل ي**دخل ب**ه الخالء ويس**تنجي بش**ماله؟ خففه سعيد بن المسيب ومالك. قيل لمالك: إن كان في الخ**اتم ذك**ر الل**ه ويلبسه في الشمال أيستنجى به؟ قال: أرجو أن يك**ون خفيف**ا. وروي عن**ه الكراهة وهو األولى. وعلى المنع من ذل**ك أك**ثر أص**حابه. وق**د روى هم**ام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال: كان رسول الله صلى الل**ه علي**ه وسلم إذا دخل الخالء وضع خاتمه. قال أبو داود: ه**ذا ح**ديث منك**ر، وإنم**ا يع*رف عن ابن ج*ريج عن زي**اد ابن س**عد عن الزه**ري عن أنس أن الن**بي صلى الل**ه علي**ه وس**لم اتخ**ذ خاتم**ا من ورق ثم ألق**اه. ق**ال أب**و داود: لم

يحدث بهذا إال همام. @ روى البخاري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم اتخذ خاتما من فضة ونقش فيه "محمد رس**ول الل**ه" وق**ال: )إني اتخ**ذت خاتما من ورق ونقشت فيه محمد رسول الله فال ينقشن أحد على نقشه(. قال علماؤنا: فهذا دليل على جواز نقش اسم صاحب الخ**اتم على خاتم**ه. قال مال**ك: ومن ش**أن الخلف**اء والقض**اة نقش أس**مائهم على خ**واتيمهم، ونهيه علي**ه الس**الم: ال ينقش**ن أح**د على نقش خاتم**ه، من أج**ل أن ذل**ك اسمه وصفته برسالة الل**ه ل**ه إلى خلق**ه. وروى أه**ل الش**ام أن**ه ال يج**وز الخاتم لغير ذي سلطان. وروى في ذلك حديثا عن أبي ريحانة، وهو ح**ديث

Page 51: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ال حجة فيه لضعفه. وقوله عليه السالم: )ال ينقشن أحد على نقش**ه( ي**رده وي**دل على ج**واز اتخ**اذ الخ**اتم لجمي**ع الن**اس، إذا لم ينقش على نقش خاتمه. وكان نقش خاتم الزهري "محمد يسأل الل**ه العافي**ة". وك**ان نقش خاتم مالك "حسبي الله ونعم الوكيل". وذك**ر الترم**ذي الحكيم في "ن**وادر األصول" أن نقش خاتم موسى علي*ه الس*الم "لك**ل أج*ل كت*اب" ]الرع*د:

[. وبلغ عمر بن عبدالعزيز أن ابنه اشترى خاتما بألف درهم فكتب إليه:38 إنه بلغني أنك اش**تريت خاتم**ا ب**ألف درهم، فبع**ه وأطعم من**ه أل**ف ج**ائع، واشتر خاتما من حدي**د ب**درهم، واكتب علي**ه "رحم الل**ه ام**رأ ع**رف ق**در

نفسه". @ من حلف أال يلبس حليا فلبس لؤلؤا لم يحنث؛ وبه قال أبو حنيفة. ق**ال ابن خ**ويز من**داد: ألن ه**ذا وإن ك**ان االس**م اللغ**وي يتناول**ه فلم يقص**ده باليمين، واأليمان تخص بالعرف؛ أال ترى أنه لو حل**ف أال ين**ام على ف**راش فن***ام على األرض لم يحنث، وك***ذلك ال يستض***يء بس***راج فجلس في الشمس ال يحنث، وإن كان الله تعالى قد س**مى األرض فراش**ا والش**مس سراجا. وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد: من حلف أال يلبس حليا ولبس اللؤلؤ فإنه يحنث؛ لقوله تعالى: "وتستخرجوا من**ه حلي**ة تلبس**ونها" وال**ذي

يخرج منه: اللؤلؤ والمرجان. @قوله تعالى: "وترى الفلك مواخر فيه" الفلك: الس**فن، وإف**راده وجمع**ه بلفظ واحد، ويذكر ويؤنث. وليست الحركات في المف**رد تل**ك بأعيانه**ا في الجمع، بل كأنه ب**نى الجم**ع بن**اء آخ**ر؛ ي**دل على ذل**ك توس**ط التثني**ة في قولهم: فلكان. والفلك المفرد مذكر؛ قال تع**الى: "في الفل**ك المش**حون"

[ فجاء به مذكرا، وقال: "والفلك التي تج**ري في البح**ر" ف**أنث.41]يس: ويحتمل واحدا وجمعا؛ وقال: "ح**تى إذا كنتم في الفل**ك وج**رين بهم ب**ريح

[ فجمع؛ فكأنه يذهب بها إذا ك**انت واح**دة إلى الم**ركب22طيبة" ]يونس: فيذكر، وإلى السفينة فيؤنث. وقيل: واحده فلك؛ مثل أسد وأسد، وخش**ب وخشب، وأصله من الدوران، ومنه: فلك السماء التي ت**دور علي**ه النج**وم. وفلكت الجارية استدار ثديها؛ ومنه فلكة المغ**زل. وس**ميت الس**فينة فلك**ا ألنها تدور بالماء أسهل دور. وقوله: "مواخر" قال ابن عباس: ج**واري، من جرت تجري. سعيد بن جبير: معترضة. الحس**ن: م**واقر. قت**ادة والض**حاك: أي تذهب وتجيء، مقبلة ومدبرة بريح واحدة. وقيل: "م**واخر" ملجج**ة في داخل البحر؛ وأصل المخر شق الم**اء عن يمين وش**مال. مخ**رت الس**فينة تمخر وتمخر مخرا ومخورا إذا ج**رت تش**ق الم**اء م**ع ص**وت؛ ومن**ه قول**ه تعالى: "وترى الفلك م**واخر في**ه" يع**ني ج**واري. وق**ال الج**وهري: ومخ**ر السابح إذا شق الماء بصدره، ومخر األرض شقها للزراعة، ومخره**ا بالم**اء إذا حبس الماء فيها حتى تصير أريضة؛ أي خليقة بجودة نبات الزرع. وق**ال الطبري: المخ**ر في اللغ*ة ص**وت هب**وب ال**ريح؛ ولم يقي**د كون**ه في م**اء، وق**ال: إن من ذل**ك ق**ول واص**ل م**ولى أبي عيين**ة: إذا أراد أح*دكم الب**ول فليتمخر ال**ريح؛ أي لينظ**ر في ص**وتها في األجس**ام من أين تهب، فيتجنب استقبالها لئال ترد علي**ه بول**ه. "ولتبتغ**وا من فض**له" أي ول**تركبوه للتج**ارة

وطلب الربح. "ولعلكم تشكرون" تقدم }وألقى في األرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبال لعلكم15*اآلية: 3*

تهتدون{

Page 52: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "وألقى في األرض رواسي" أي جباال ثابت**ة. رس**ا يرس**و إذاثبت وأقام. قال:

ع فصبرت عارفة لذلك حرة ترسو إذا نفس الجبان تطل "أن تميد بكم" أي لئال تميد؛ عند الكوفيين. وكراهي**ة أن تمي**د؛ على ق**ول

البصريين. والمي**د: االض**طراب يمين**ا وش**ماال؛ م**اد الش**يء يمي**د مي**دا إذا تحرك؛ ومادت األغصان تمايلت، وم**اد الرج**ل تبخ**تر. ق**ال وهب بن منب**ه: خلق الله األرض فجعلت تميد وتمور، فقالت المالئكة. إن ه**ذه غ**ير مق**رة أحدا على ظهره**ا فأص**بحت وق**د أرس**يت بالجب**ال، ولم ت**در المالئك**ة مم خلقت الجبال. وقال علي بن أبي ط**الب رض**ي الل**ه عن**ه: لم**ا خل**ق الل**ه األرض قمصت ومالت وقالت: أي رب! أتجع**ل علي من يعم**ل بالمعاص**ي والخطايا، ويلقي علي الجيف والنتن! فأرسى الله تعالى فيها من الجبال ما ترون وما ال ترون. وروى الترمذي في آخر "كت**اب التفس*ير" ح*دثنا محم**د بن بشار حدثنا يزيد بن هارون أخبرن**ا الع**وام بن حوش**ب عن س**ليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )لم**ا خل**ق الل**ه األرض جعلت تمي**د فخل**ق الجب**ال فع**اد به**ا عليه**ا فاس**تقرت فعجبت المالئكة من شدة الجبال قالوا ي**ا رب ه**ل من خلق**ك ش**يء أش**د من الجبال قال نعم الحديد ق**الوا ي**ا رب فه**ل من خلق**ك ش**يء أش**د من الحديد قال نعم النار فقالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار قال نعم الماء قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء ق**ال نعم ال**ريح قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح ق**ال نعم ابن آدم تص**دق بصدقة بيمينه يخفيها من شماله(. ق**ال أب**و عيس**ى: ه**ذا ح**ديث غ**ريب ال

نعرفه مرفوعا إال من هذا الوجه. قلت: وفي هذه اآلية أدل دليل على استعمال األسباب، وقد كان قادرا

على سكونها دون الجبال. وقد تقدم هذا المعنى. "وأنهارا" أي وجع**ل فيه**ا أنهارا، أو ألقى فيها أنهارا. "وسبال" أي طرقا ومسالك. "لعلكم تهتدون" أي

إلى حيث تقصدون من البالد فال تضلون وال تتحيرون. }وعالمات وبالنجم هم يهتدون{16*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "وعالمات" قال ابن عباس: العالمات معالم الطرق بالنهار؛ أي جعل للطريق عالم*ات يق*ع االهت*داء به*ا. "وب*النجم هم يهت*دون" يع*ني بالليل، والنجم يراد به النجوم. وق**رأ ابن وث*اب "وب**النجم". الحس**ن: بض**م

النون والجيم جميعا ومراده النجوم، فقصره؛ كما قال الشاعر: إن الفقير بيننا قاض حكم أن ترد الماء إذا غاب النجم

وكذلك القول لمن قرأ "النجم" إال أن**ه س**كن اس**تخفافا. ويج**وز أن يك**ون النجم جمع نجم كسقف وسقف. واختلف في النجوم؛ فقال الفراء: الجدي

والفرقدان. وقيل: الثريا. قال الشاعر: ح**تى إذا م**ا اس**تقل النجم في غلس وغ**ودر البق**ل مل**وى

ومحصود أي منه ملوي ومنه محصود، وذلك عند طلوع الثري**ا يك**ون. وق**ال الكل**بي: العالمات الجبال. وقال مجاهد: هي النجوم؛ ألن من النجوم ما يهت**دى به**ا، ومنها ما يكون عالمة ال يهتدى بها؛ وقاله قت**ادة والنخعي. وقي**ل: تم الكالم عند قوله "وعالمات" ثم ابتدأ وق**ال: "وب**النجم هم يهت**دون". وعلى األول: أي وجعل لكم عالمات ونجوما تهتدون بها. ومن العالمات الرياح يهتدى بها.

Page 53: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وفي المراد باالهتداء ق**والن: أح*دهما: في األس**فار، وه*ذا ق**ول الجمه*ور. الثاني: في القبلة. وقال ابن عباس: س**ألت رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم عن قول**ه تع**الى: "وب**النجم هم يهت**دون" ق**ال: )ه**و الج**دي ي**ا ابن

عباس، عليه قبلتكم وبه تهتدون في بركم وبحركم( ذكره الماوردي. @ قال ابن العربي: أما جميع النجوم فال يهت**دي به**ا إال الع**ارف بمطالعه**ا ومغاربها، والفرق بين الجنوبي والشمالي منه**ا، وذل**ك قلي**ل في اآلخ**رين. وأما الثريا فال يهتدي بها إال من يهتدي بجميع النجوم. وإنما الهدي لكل أح**د بالجدي والفرقدين؛ ألنها من النجوم المنحصرة المطالع الظ**اهرة الس**مت الثابتة في المكان، فإنها تدور على القطب الثابت دورانا محصال، فهي أب**دا هدى الخلق في ال*بر إذا عميت الط**رق، وفي البح**ر عن**د مج**رى الس**فن، وفي القبلة إذا جهل السمت، وذل**ك على الجمل**ة ب**أن تجع**ل القطب على

ظهر منكبك األيسر فما استقبلت فهو سمت الجهة. قلت: وسأل ابن عباس رسول الله صلى الله عليه وس**لم عن النجم

فقال: )هو الجدي عليه قبلتكم وبه تهت**دون في ب*ركم وبح**ركم(. وذل*ك أنآخر الجدي بنات نعش الصغرى والقطب الذي تستوي عليه القبلة بينها.

@ ق**ال علماؤن**ا: وحكم اس**تقبال القبل**ة على وجهين: أح**دهما: أن يراه**ا ويعاينها فيلزمه استقبالها وإصابتها وقص**د جهته**ا بجمي**ع بدن**ه. واآلخ**ر: أن تكون الكعبة بحيث ال يراها فيلزمه التوج**ه نحوه**ا وتلقاءه**ا بال**دالئل، وهي الشمس والقمر والنج**وم والري**اح وك*ل م**ا يمكن ب**ه معرف**ة جهته*ا، ومن غابت عنه وصلى مجتهدا إلى غير ناحيتها وهو ممن يمكنه االجتهاد فال صالة له؛ فإذا صلى مجتهدا مس**تدال ثم انكش**ف ل**ه بع**د الف**راغ من ص**الته أن**ه صلى إلى غير القبلة أعاد إن كان في وقتها، وليس ذلك بواجب عليه؛ ألن**ه ق**د أدى فرض**ه على م**ا أم**ر ب**ه. وق**د مض**ى ه**ذا المع**نى في "البق**رة"

مستوفى والحمد لله. }أفمن يخلق كمن ال يخلق أفال تذكرون{17*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "أفمن يخلق" هو الله تعالى. "كمن ال يخلق" يريد األص**نام. "أفال تذكرون" أخبر عن األوثان التي ال تخلق وال تض**ر وال تنف**ع، كم**ا يخ**بر عمن يعقل على ما تستعمله العرب في ذلك؛ فإنهم كانوا يعبدونها ف**ذكرت

[. وقيل: القتران الضمير195بلفظ "من" كقوله: "ألهم أرجل" ]األعراف: في الذكر بالخ**الق. ق**ال الف**راء: ه**و كق**ول الع**رب: اش**تبه علي ال**راكب وجمل***ه فال أدري من ذا ومن ذا؛ وإن ك***ان أح***دهما غ***ير إنس***ان. ق***ال المهدوي: ويسأل ب* "من" عن الب**ارئ تع**الى وال يس**أل عن**ه ب*** "م**ا"؛ ألن "ما" إنما يس**أل به**ا عن األجن**اس، والل**ه تع**الى ليس ب**ذي جنس، ول**ذلك

[49أجاب موسى عليه السالم حين قال له: "فمن ربكما يا موسى" ]طه: [ إال بج**واب23ولم يجب حين ق**ال ل**ه: "وم**ا رب الع**المين" ]الش**عراء:

"من" وأضرب عن جواب "ما" حين كان السؤال فاسدا. ومعنى اآلي**ة: من كان قادرا على خلق األشياء المتقدمة ال**ذكر ك**ان بالعب**ادة أح**ق ممن ه**و مخلوق ال يضر وال ينفع؛ "هذا خلق الله فأروني ماذا خلق ال*ذين من دون*ه"

[.40[ "أروني ماذا خلقوا من األرض" ]فاطر: 11]لقمان: -** 18*اآليتان: 3* }وإن تع**دوا نعم**ة الل**ه ال تحص**وها إن الل**ه لغف**ور19

رحيم، والله يعلم ما تسرون وما تعلنون{

Page 54: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "أي إن تعدوا نعمة الله ال تحصوها" تقدم في إب**راهيم. "إن الله لغفور رحيم، والله يعلم ما تسرون وم**ا تعلن**ون" أي م**ا تبطنون**ه وم**ا

تظهرونه. وقد تقدم.-* 20*اآليتان: 3* }والذين يدعون من دون الله ال يخلق*ون ش*يئا وهم21

يخلقون، أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون{ @قوله تعالى: "والذين يدعون من دون الله" قراءة العامة "تدعون" بالتاء ألن ما قبله خطاب. روى أبو بكر عن عاص**م وهب**يرة عن حفص "ي**دعون" بالياء، وهي قراءة يعق*وب. فأم*ا قول*ه: "م*ا تس*رون وم*ا تعلن*ون" فكلهم بالتاء على الخطاب؛ إال ما روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه قرأ بالي**اء. "ال يخلقون شيئا" أي ال يقدرون على خلق شيء "وهم يخلق**ون". "أم**وات غير أحياء" أي هم أموات، يعني األصنام، ال أرواح فيها وال تسمع وال تبص**ر، أي هي جمادات فكيف تعبدونها وأنتم أفضل منها بالحياة. "وم**ا يش**عرون" يعني األصنام. "أيان يبعثون" وقرأ الس**لمي، "إي**ان" بكس**ر الهم**زة، وهم**ا لغتان، موضعه نصب ب* "يبعث**ون" وهي في مع*نى االس**تفهام. والمع*نى: ال يدرون متى يبعثون. وعبر عنه**ا كم**ا ع**بر عن اآلدم**يين؛ ألنهم زعم**وا أنه**ا تعقل عنهم وتعلم وتشفع لهم عند الله تعالى، فج**رى خط**ابهم على ذل**ك. وقد قيل: إن الله يبعث األصنام يوم القيامة ولها أرواح فتتبرأ من عبادتهم، وهي في ال**دنيا جم**اد ال تعلم م**تى تبعث. ق**ال ابن عب**اس؛ تبعث األص**نام وت**ركب فيه**ا األرواح ومعه**ا ش**ياطينها فيت**برؤون من عب**دتها، ثم ي**ؤمر بالشياطين والمشركين إلى النار. وقي**ل: إن األص**نام تط**رح في الن**ار م**ع عبادتها يوم القيامة؛ دليله "إنكم وم**ا تعب**دون من دون الل**ه حص**ب جهنم"

[. وقيل: تم الكالم عند قوله: "ال يخلقون ش**يئا وهم يخلق**ون"98]األنبياء: ثم ابتدأ فوصف المشركين بأنهم أم**وات، وه**ذا الم**وت م**وت كف**ر. "وم**ا يشعرون أيان يبعثون" أي وما يدري الكف**ار م**تى يبعث**ون، أي وقت البعث؛ ألنهم ال يؤمنون بالبعث حتى يستعدوا للقاء الله وقيل: أي وما يدريهم م**تى

الساعة، ولعلها تكون قريبا.-** 22*اآليتان: 3* }إلهكم إله واحد فالذين ال يؤمنون ب**اآلخرة قل**وبهم23

منكرة وهم مستكبرون، ال جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلن**ون إن**ه اليحب المستكبرين{

@قوله تعالى: "إلهكم إله واحد" لما بين استحالة اإلشراك بالله تعالى بين أن المعبود واحد ال رب غيره وال معبود سواه. "فال**ذين ال يؤمن**ون ب**اآلخرة قل**وبهم منك**رة" أي ال تقب**ل الوع**ظ وال ينف**ع فيه**ا ال**ذكر، وه**ذا رد على القدري**ة. "وهم مس**تكبرون" متك**برون متعظم**ون عن قب**ول الح**ق. وق**د تقدم. "ال جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون" أي من القول والعم**ل فيجازيهم. قال الخليل: "ال جرم" كلم**ة تحقي**ق وال تك**ون إال جواب**ا؛ يق**ال: فعلوا ذلك؛ فيق**ال: ال ج**رم س**يندمون. أي حق**ا أن لهم الن**ار. وق**د مض**ى القول فيه. "إن**ه ال يحب المس**تكبرين" أي ال ي**ثيبهم وال يث**ني عليهم. وعن الحس**ن بن علي أن**ه م**ر بمس**اكين ق**د ق**دموا كس**را بينهم وهم ي**أكلون فق**الوا: الغ**ذاء ي**ا أب**ا عبدالل**ه، ف**نزل وجلس معهم وق**ال: "إن**ه ال يحب المستكبرين" فلما فرغ قال: قد أجبتكم فأجيبوني؛ فقاموا معه إلى منزل**ه ف**أطعمهم وس**قاهم وأعط**اهم وانص**رفوا. ق**ال العلم**اء. وك**ل ذنب يمكن التس**تر من**ه وإخف**اؤه إال الك**بر؛ فإن**ه فس**ق يلزم**ه اإلعالن، وه**و أص**ل

Page 55: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

العصيان كله. وفي الحديث الصحيح )إن المستكبرين يحشرون أمثال ال**ذر يوم القيامة يطؤهم الناس بأقدامهم لتكبرهم(. أو كما قال صلى الله علي**ه وسلم: )تصغر لهم أجس**امهم في المحش**ر ح**تى يض**رهم ص**غرها وتعظم

لهم في النار حتى يضرهم عظمها(. }وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير األولين{24*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "وإذا قيل لكم ماذا أنزل ربكم" يع**ني وإذا قي**ل لمن تق**دم ذكره ممن ال ي**ؤمن ب**اآلخرة وقل**وبهم منك**رة ب**البعث "م**اذا أن**زل ربكم". قيل: القائل النضر بن الحارث، وأن اآلية نزلت فيه، وكان خرج إلى الحيرة فاشترى أحاديث "كليلة ودمنة" فك**ان يق**رأ على ق**ريش ويق*ول: م*ا يق**رأ محمد على أصحابه إال أساطير األولين؛ أي ليس هو من تنزيل ربنا. وقي**ل: إن المؤمنين هم القائلون لهم اختب**ارا فأج**ابوا بق**ولهم: "أس**اطير األولين" فأقروا بإنكار شيء هو أس**اطير األولين. واألس**اطير: األباطي**ل والتره**ات.

[215والقول في "ماذا أنزل ربكم" كالقول في "م**اذا ينفق**ون" ]البق**رة: وقول**ه: "أس**اطير األولين". خ**بر ابت**داء مح**ذوف، التق**دير: ال**ذي أنزل**ه

أساطير األولين. }ليحمل**وا أوزارهم كامل**ة ي**وم القيام**ة ومن أوزار ال**ذين25*اآلي**ة: 3*

يضلونهم بغير علم أال ساء ما يزرون{ @قول**ه تع**الى: "ليحمل**وا أوزارهم" قي**ل: هي الم كي، وهي متعلق**ة بم**ا

[.8قبلها. وقيل: الم العاقبة، كقوله: "ليكون لهم ع**دوا وحزن**ا" ]القص**ص: أي ق**ولهم في الق**رآن والن**بي أداهم إلى أن حمل**وا أوزارهم؛ أي ذن**وبهم. وقيل: هي الم األمر، والمعنى التهدد. "كاملة" لم ي**تركوا منه**ا ش**يئا لنكب**ة أص**ابتهم في ال**دنيا بكف**رهم. "ومن أوزار ال**ذين يض**لونهم" ق**ال مجاه**د: يحملون وزر من أضلوه وال ينقص من إثم المضل شيء. وفي الخ**بر )أيم**ا داع دعا إلى ضاللة فاتبع فإن عليه مث**ل أوزار من اتبع*ه من غ**ير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غ**ير أن ينقص من أج**ورهم ش**يء( خرج**ه مس**لم بمعن**اه. و"من" للجنس ال للتبعيض؛ فدعاة الضاللة عليهم مثل أوزار من اتبعهم. وقول**ه: "بغ**ير علم" أي يضلون الخلق جهال منهم بما يلزمهم من اآلثام؛ إذ لو علموا لما أض**لوا. "أال س**اء م**ا ي**زرون" أي بئس ال**وزر ال**ذي يحملون**ه. ونظ**ير ه**ذه اآلي**ة

[ وقد تقدم.13"وليحملن أثقالهم وأثقاال مع أثقالهم" ]العنكبوت: }قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر26*اآلية: 3*

عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث ال يشعرون{ @قوله تعالى: "قد مك**ر ال**ذين من قبلهم" أي س**بقهم ب**الكفر أق**وام م**ع الرسل المتقدمين فكانت العاقبة الجميلة للرسل. "ف**أتى الل**ه بني**انهم من القواعد فخر عليهم السقف من ف**وقهم" ق**ال ابن عب**اس وزي**د بن أس**لم وغيرهما: إنه النمرود بن كنعان وقومه، أرادوا صعود الس**ماء وقت**ال أهل**ه؛ فبنوا الصرح ليصعدوا منه بعد أن صنع بالنسور م**ا ص**نع، فخ**ر. كم**ا تق**دم بيانه في آخر سورة "إبراهيم". ومعنى "ف**أتى الل**ه بني**انهم" أي أتى أم**ره البني**ان، إم**ا زلزل**ة أو ريح**ا فخربت**ه. ق**ال ابن عب**اس ووهب: ك**ان ط**ول الص**رح في الس**ماء خمس**ة آالف ذراع، وعرض**ه ثالث**ة آالف. وق**ال كعب ومقات**ل: ك**ان ط**ول فرس**خين، فهبت ريح ف**ألقت رأس**ه في البح**ر وخ**ر عليهم الباقي. ولما سقط الص**رح تبلبلت ألس**ن الن**اس من الف**زع يومئ**ذ،

Page 56: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فتكلموا بثالثة وسبعين لسانا، فلذلك سمي بابل، وما كان لسان قب**ل ذل**ك إال السريانية. وقرأ ابن هرمز وابن محيصن "السقف" بضم السين والقاف جميعا. وضم مجاهد السين وأسكن القاف تخفيفا؛ كما تقدم في "وبالنجم" في الوجهين. واألشبه أن يكون جمع سقف. والقواع**د: أص**ول البن**اء، وإذا*د اختلت القواعد سقط البناء. وقوله: "من فوقهم" ق*ال ابن األع*رابي: وك ليعلمك أنهم كانوا حالين تحته. والعرب تقول: خر علينا سقف ووق**ع علين**ا حائط إذا ك*ان يملك*ه وإن لم يكن وق**ع علي**ه. فج**اء بقول*ه: "من ف*وقهم" ليخرج هذا الشك الذي في كالم العرب فقال: "من فوقهم" أي عليهم وقع وكانوا تحته فهلكوا وما أفلتوا. وقي**ل: إن الم**راد بالس**قف الس**ماء؛ أي إن العذاب أت**اهم من الس**ماء ال**تي هي ف**وقهم؛ ق**ال ابن عب**اس. وقي**ل: إن قوله: "ف**أتى الل**ه بني**انهم من القواع**د" تمثي**ل، والمع**نى: أهلكهم فك**انوا بمنزلة من سقط عليه بنيانه. وقي**ل: المع**نى أحب**ط الل**ه أعم**الهم فك**انوا بمنزلة من سقط بنيانه. وقيل: المعنى أبطل مكرهم وتدبيرهم فهلكوا كم**ا هلك من نزل علي**ه الس**قف من فوق**ه. وعلى ه**ذا اختل**ف في ال**ذين خ**ر عليهم السقف؛ فقال ابن عب**اس وابن زي**د م**ا تق**دم. وقي**ل: إن**ه بختنص**ر وأصحابه؛ قال بعض المفسرين. وقيل: الم*راد المقتس*مون ال*ذين ذك*رهم الله في سورة الحجر؛ قال الكلبي. وعلى هذا التأويل يخرج وج**ه التمثي**ل، والله أعلم. "وأتاهم العذاب من حيث ال يشعرون" أي من حيث ظن**وا أنهم

في أمان. وقال ابن عباس: يعني البعوضة التي أهلك الله بها نمرودا. }ثم ي**وم القيام**ة يخ**زيهم ويق**ول أين ش**ركائي ال**ذين كنتم27*اآلية: 3*

تش**اقون فيهم ق**ال ال**ذين أوت**وا العلم إن الخ**زي الي**وم والس**وء علىالكافرين{

@قوله تعالى: "ثم يوم القيامة يخزيهم" أي يفضحهم بالع**ذاب وي**ذلهم ب**ه ويهينهم "ويقول أين شركائي" أي ب**زعمكم وفي دع**واكم، أي اآلله*ة ال*تي عبدتم دوني، وه**و س**ؤال ت**وبيخ. "ال**ذين كنتم تش**اقون فيهم" أي تع**ادون أنبيائي بسببهم، فليدفعوا عنكم هذا العذاب. وقرأ ابن كثير "ش**ركاي" بي**اء مفتوحة من غير همز، والباقون بالهمز. وقرأ نافع "تشاقون" بكس**ر الن**ون على اإلضافة، أي تعادونني فيهم. وفتحها الباقون. "قال الذين أوت**وا العلم" ق**ال ابن عب**اس: أي المالئك**ة. وقي**ل المؤمن**ون. "إن الخ**زي الي**وم" أي

الهوان والذل يوم القيامة. "والسوء" أي العذاب. "على الكافرين". }الذين تتوفاهم المالئكة ظالمي أنفس**هم ف**ألقوا الس**لم م**ا28*اآلية: 3*

كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون{ @قوله تعالى: "الذين تتوفاهم المالئك**ة ظ**المي أنفس**هم" ه**ذا من ص**فة الكافرين. و"ظالمي أنفسهم" نصب على الحال؛ أي وهم ظالمون أنفسهم إذ أوردوه**ا م**وارد الهالك. "ف**ألقوا الس**لم" أي االستس**الم. أي أق**روا لل**ه بالربوبية وانق**ادوا عن**د الم**وت وق**الوا: "م**ا كن**ا نعم**ل من س**وء" أي من شرك. فقالت لهم المالئكة: "بلى" قد كنتم تعملون األسواء. "إن الله عليم بما كنتم تعملون" وقال عكرمة. نزلت هذه اآلية بالمدينة في ق**وم أس**لموا بمكة ولم يه**اجروا، ف**أخرجتهم ق**ريش إلى ب**در كره**ا فقتل**وا به**ا؛ فق**ال: "الذين تتوفاهم المالئكة" بقبض أرواحهم. "ظالمي أنفس**هم" في مق**امهم بمكة وتركهم الهجرة. "فألقوا السلم" يعني في خروجهم معهم. وفيه ثالثة أوجه: أحدها: أنه الصلح؛ قال األخفش. الث**اني: االستس**الم؛ ق**ال قط**رب.

Page 57: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الثالث: الخضوع؛ قاله مقاتل. "ما كنا نعمل من سوء" يعني من كفر. "بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون" يعني أن أعمالهم أعمال الكفار. وقي**ل: إن بعض المس**لمين لم**ا رأوا قل**ة المؤم**نين رجع**وا إلى المش**ركين؛ ف**نزلت فيهم. وعلى القول األول فال يخرج ك**افر وال من**افق من ال**دنيا ح**تى ينق**اد ويستسلم، ويخضع ويذل، وال تنفعهم حينئذ توبة وال إيمان؛ كم**ا ق**ال: "فلم

[.85يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا" ]غافر: }فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين{29*اآلية: 3*

@قول**ه تع**الى: "ف**ادخلوا أب**واب جهنم" أي يق**ال لهم ذل**ك عن**د الم**وت.

وقيل: هو بشارة لهم بعذاب القبر؛ إذ هو ب**اب من أب**واب جهنم للك**افرين. وقيل: ال تصل أه**ل الدرك**ة الثاني**ة إليه**ا مثال إال ب**دخول الدرك**ة األولى ثم الثانية ثم الثالثة هكذا. وقيل: لكل دركة ب**اب مف*رد، ف*البعض ي**دخلون من باب والبعض يدخلون من باب آخر. فالله أعلم. "خالدين فيه**ا" أي م**اكثين فيها. "فلبئس مثوى" أي مقام "المتكبرين" الذين تكبروا عن اإليم**ان وعن عبادة الله تعالى، وقد بينهم بقوله الحق: "إنهم كانوا إذا قيل لهم ال إل**ه إال

[.35الله يستكبرون" ]الصافات: }وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين31 -* 30*اآليتان: 3*

أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار اآلخ**رة خ**ير ولنعم دار المتقين، جن**ات عدن يدخلونها تجري من تحتها األنهار لهم فيه**ا م**ا يش**اؤون ك**ذلك يج**زي

الله المتقين{ @قوله تعالى: "وقيل للذين اتقوا م**اذا أن**زل ربكم ق**الوا خ*يرا" أي ق*الوا: أنزل خيرا؛ وتم الكالم. و"ماذا" على هذا اسم واحد. وكان ي**رد الرج**ل من العرب مكة في أيام الموسم فيسأل المش**ركين عن محم**د علي**ه الس**الم فيقولون: ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون. ويسأل المؤم**نين فيقول**ون: أنزل الله عليه الخير والهدى، والمراد الق**رآن. وقي**ل: إن ه**ذا يق**ال أله**ل اإليمان يوم القيامة. قال الثعلبي: فإن قي**ل: لم ارتف**ع الج**واب في قول**ه:

[ وانتص**ب في قول**ه: "خ**يرا" ف**الجواب أن24"أساطير األولين" ]النح**ل: المشركين لم يؤمنوا بالتنزيل، فكأنهم قالوا: الذي يقوله محمد هو أساطير األولين. والمؤمنين آمنوا بالنزول فقالوا: أنزل خيرا، وهذا مفهوم معناه من

اإلعراب، والحمد لله. @قوله تعالى: "للذين أحسنوا في ه**ذه ال**دنيا حس**نة" قي**ل: ه**و من كالم الله عز وجل. وقيل: هو من جملة كالم الذين اتقوا. والحس**نة هن**ا: الجن**ة؛ أي من أطاع الله فله الجنة غدا. وقيل: "للذين أحس**نوا" الي**وم حس**نة في الدنيا من النص**ر والفتح والغنيم**ة "ول**دار اآلخ**رة خ**ير" أي م**ا ين**الون في اآلخرة من ثواب الجن*ة خ*ير وأعظم من دار ال*دنيا؛ لفنائه*ا وبق*اء اآلخ*رة. "ولنعم دار المتقين" فيه وجهان: قال الحس**ن: المع**نى ولنعم دار المتقين الدنيا؛ ألنهم نالوا بالعمل فيها ثواب اآلخرة ودخ**ول الجن**ة. وقي**ل: المع**نى ولنعم دار المتقين اآلخرة؛ وهذا ق**ول الجمه**ور. وعلى ه**ذا تك**ون "جن**ات عدن" بدال من ال**دار فل**ذلك ارتف**ع. "جن**ات ع**دن" ب**دال من ال**دار فل**ذلك ارتف**ع. وقي**ل: ارتف**ع على تق**دير هي جن**ات، فهي مبين**ة لقول**ه: "دار المتقين". أو تكون مرفوعة باالبتداء، التقدير: جنات عدن نعم دار المتقين. "يدخلونها" في موضع الصفة، أي مدخولة. وقي**ل: "جن**ات" رف**ع باالبت**داء، وخبره "يدخلونها" وعليه يخرج قول الحسن. والله أعلم. "تجري من تحته**ا

Page 58: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

األنهار" تقدم. "لهم فيها ما يشاؤون" أي مما تمنوه وأرادوه. "كذلك يج**زيالله المتقين" أي مثل هذا الجزاء يجزي الله المتقين.

}الذين تتوفاهم المالئكة طيبين يقولون س**الم عليكم ادخل**وا32*اآلية: 3*الجنة بما كنتم تعملون{

@قول**ه تع**الى: "ال**ذين تتوف**اهم المالئك**ة طي**بين" ق**رأ األعمش وحم**زة "يتوفاهم المالئكة" في الموضعين بالياء، واخت**اره أب**و عبي**د؛ لم**ا روي عن ابن مسعود أنه قال: إن قريش**ا زعم**وا أن المالئك**ة إن**اث ف**ذكروهم أنتم. الباقون بالتاء؛ ألن المراد ب**ه الجماع**ة من المالئك**ة. و"طي**بين" في**ه س**تة أق**وال: األول: "طي**بين" ط**اهرين من الش**رك. الث**اني: ص**الحين. الث**الث: زاكية أفعالهم وأقوالهم. الرابع: طي**بين األنفس ثق*ة بم*ا يلقون*ه من ث**واب الله تعالى. الخامس: طيبة نفوسهم بالرجوع إلى الله. السادس: "طي**بين" أن تكون وفاتهم طيبة س**هلة ال ص**عوبة فيه**ا وال ألم؛ بخالف م**ا تقبض ب**ه روح الكافر والمخلط. والله أعلم. "يقول**ون س**الم عليكم" يحتم**ل وجهين: أحدهما: أن يكون السالم إنذارا لهم بالوفاة. الثاني: أن يك**ون تبش**يرا لهم بالجنة؛ ألن السالم أمان. وذكر ابن المبارك قال: حدثني حيوة قال أخبرني أب**و ص**خر عن محم**د بن كعب الق**رظي ق**ال: إذا اس**تنقعت نفس العب**د المؤمن جاءه ملك الموت فقال: السالم علي**ك ولي الل**ه الل**ه يق**رأ علي**ك السالم. ثم نزع بهذه اآلية "الذين تتوف*اهم المالئك**ة طي**بين يقول*ون س**الم عليكم". وقال ابن مسعود: إذا جاء ملك الم**وت يقبض روح الم**ؤمن ق**ال: ربك مقرئك السالم. وقال مجاهد: إن المؤمن ليبشر بصالح ولده من بع**ده لتق**ر عين**ه. وق**د أتين**ا على ه**ذا في كت**اب الت**ذكرة وذكرن**ا هن**اك األخب**ار ال**واردة في ه**ذا المع**نى، والحم**د لل**ه. "ادخل**وا الجن**ة" يحتم**ل وجهين: أحدهما: أن يكون معناه أبشروا بدخول الجنة. الثاني: أن يقول**وا ذل**ك لهم

في اآلخرة "بما كنتم تعملون" يعني في الدنيا من الصالحات. }هل ينظرون إال أن تأتيهم المالئكة أو يأتي أم**ر رب**ك ك**ذلك33*اآلية: 3*

فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون{ @قوله تعالى: "هل ينظرون إال أن تأتيهم المالئكة" هذا راج**ع إلى الكف**ار، أي م***ا ينتظ***رون إال أن ت***أتيهم المالئك***ة لقبض أرواحهم وهم ظ***المون ألنفس**هم. وق**رأ األعمش وابن وث**اب وحم**زة والكس**ائي وخل**ف "ي**أتيهم المالئك**ة" بالي**اء. والب**اقون بالت*اء على م**ا تق*دم. "أو ي**أتي أم**ر رب**ك" أي بالعذاب من القتل كيوم بدر، أو الزلزلة والخسف في الدنيا. وقيل: الم**راد يوم القيام**ة. والق**وم لم ينتظ**روا ه**ذه األش**ياء ألنهم م**ا آمن**وا به**ا، ولكن امتناعهم عن اإليمان أوجب عليهم العذاب، فأضيف ذلك إليهم، أي عاقبتهم العذاب. "كذلك فعل الذين من قبلهم" أي أص*روا على الكف*ر فأت**اهم أم*ر الل**ه فهلك**وا. "وم**ا ظلمهم الل**ه" أي م**ا ظلمهم الل**ه بتع**ذيبهم وإهالكهم،

ولكن ظلموا أنفسهم بالشرك. }فأص**ابهم س**يئات م**ا عمل**وا وح**اق بهم م**ا ك**انوا ب**ه34*اآلي**ة: 3*

يستهزئون{ @قول**ه تع**الى: "فأص**ابهم س**يئات م**ا عمل**وا" قي**ل: في**ه تق**ديم وت**أخير؛ التق**دير: ك**ذلك فع**ل ال**ذين من قبلهم فأص**ابهم س**يئات م**ا عمل**وا، وم**ا ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، فأصابهم عقوبات كفرهم وج*زاء

Page 59: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الخ**بيث من أعم**الهم. "وح**اق بهم" أي أح**اط بهم ودار. "م**ا ك**انوا ب**هيستهزئون" أي عقاب استهزائهم.

}وقال الذين أش**ركوا ل**و ش**اء الل**ه م**ا عب**دنا من دون**ه من35*اآلية: 3* شيء نحن وال آباؤنا وال حرمنا من دون**ه من ش**يء ك**ذلك فع**ل ال**ذين من

قبلهم فهل على الرسل إال البالغ المبين{ @قوله تعالى: "وقال الذين أشركوا ل**و ش**اء الل**ه م**ا عب**دنا من دون**ه من شيء" أي شيئا، و"من" صلة. قال الزجاج: قالوه استهزاء، ول**و ق**الوه عن اعتقاد لكانوا مؤمنين. وقد مضى. "كذلك فع**ل ال**ذين من قبلهم" أي مث**ل هذا التكذيب واالستهزاء فعل من كان قبلهم بالرسل ف**أهلكوا. "فه**ل على الرسل إال البالغ المبين" أي ليس عليهم إال التبلي**غ، وأم**ا الهداي**ة فهي إلى

الله تعالى. }ولق**د بعثن**ا في ك**ل أم**ة رس**وال أن اعب**دوا الل**ه واجتنب**وا36*اآلي**ة: 3*

الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الض**اللة فس**يروا فياألرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين{

@قوله تعالى: "ولق**د بعثن**ا في ك**ل أم**ة رس**وال أن اعب**دوا الل**ه" أي ب**أن اعبدوا الله ووحدوه. "واجتنبوا الطاغوت" أي اترك**وا ك**ل معب**ود دون الل**ه كالشيطان والكاهن والصنم، وكل من دع**ا إلى الض**الل. "فمنهم من ه**دى الل**ه" أي أرش**ده إلى دين**ه وعبادت**ه. "ومنهم من حقت علي**ه الض**اللة" أي بالقضاء السابق عليه حتى مات على كفره، وهذا ي**رد على القدري**ة؛ ألنهم زعم**وا أن الل**ه ه**دى الن**اس كلهم ووفقهم لله**دى، والل**ه تع**الى يق**ول: "فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضاللة" وقد تقدم. "فس**يروا في األرض" أي فس**يروا معت**برين في األرض "ف**انظروا كي**ف ك**ان عاقب**ة

المكذبين" أي كيف صار آخر أمرهم إلى الخراب والعذاب والهالك. }إن تحرص على هداهم فإن الله ال يهدي من يضل وم**ا لهم37*اآلية: 3*

من ناصرين{ @قوله تع**الى: "إن تح**رص على ه**داهم" أي إن تطلب ي**ا محم*د بجه*دك هداهم. "فإن الله ال يهدي من يضل وما لهم من ناصرين" أي ال يرش**د من أضله، أي من سبق له من الله الضاللة لم يهده. وهذه ق**راءة ابن مس**عود وأهل الكوفة. "فيهدي" فع**ل مس**تقبل وماض**يه ه**دى. و"من" في موض**ع نصب "بيهدي" ويجوز أن يكون هدى يهدي بمعنى اهت**دى يهت**دي، رواه أب**و

[35عبيد عن الفراء قال: كما ق**رئ "أمن ال يه**دي إال أن يه**دى" ]ي**ونس: بمعنى يهتدي. قال أب**و عبي**د. وال نعلم أح**دا روى ه**ذا غ**ير الف**راء، وليس بمتهم فيما يحكيه. النح**اس: حكي لي عن محم**د بن يزي**د ك**أن مع**نى "ال يهدي من يضل" من علم ذلك منه وس**بق ذل**ك ل**ه عن**ده، ق**ال: وال يك**ون يهدي بمعنى يهتدي إال أن يكون يهدي أو يهدي. وعلى قول الفراء "يه**دي" بمع**نى يهت**دي، فيك**ون "من" في موض**ع رف**ع، والعائ**د إلى "من" اله**اء المحذوف**ة من الص**لة، والعائ**د إلى اس**م "إن" الض**مير المس**تكن في "يضل". وقرأ الباقون "ال يهدى" بضم الياء وفتح ال*دال، واخت*اره أب*و عبي**د وأبو حاتم، على معنى من أضله الله لم يهده هاد؛ دليله قول**ه: "من يض**لل

[ و"من" في موضع رف**ع على أن**ه اس**م186الله فال هادي له" ]األعراف: ما لم يسم فاعله، وهي بمعنى ال**ذي، والعائ**د عليه**ا من ص**لتها مح**ذوف،

والعائد على اسم إن من "فإن الله" الضمير المستكن في "يضل".

Page 60: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}وأقس**موا بالل**ه جه**د أيم**انهم ال يبعث الل**ه من يم**وت بلى38*اآلية: 3*وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس ال يعلمون{

@قوله تعالى: "وأقسموا بالله جه**د أيم**انهم" ه**ذا تعجيب من ص**نعهم، إذ أقسموا بالله وبالغوا في تغليظ اليمين بأن الله ال يبعث من يم**وت. ووج**ه التعجيب أنهم يظه**رون تعظيم الل**ه فيقس**مون ب**ه ثم يعجزون**ه عن بعث األموات. وقال أب**و العالي**ة: ك**ان لرج**ل من المس**لمين على مش**رك دين فتقاضاه، وكان في بعض كالمه: والذي أرجوه بعد الموت إنه لكذا، فأقسم المشرك بالله: ال يبعث الله من يموت؛ فنزلت اآلية. وقال قتادة : ذك**ر لن**ا أن ابن عب**اس ق**ال ل**ه رج**ل: ي**ا ابن عب**اس، إن ناس**ا يزعم**ون أن علي**ا مبعوث بعد الموت قبل الس**اعة، ويت**أولون ه**ذه اآلي**ة. فق**ال ابن عب**اس: كذب أولئك! إنما هذه اآلية عامة للناس، لو كان علي مبعوث**ا قب**ل القيام**ة ما نكحنا نساءه وال قسمنا ميراث**ه. "بلى" ه**ذا رد عليهم؛ أي بلى ليبعثنهم. "وعدا عليه حقا" مصدر مؤكد؛ ألن قوله "يبعثهم" يدل على الوعد، أي وعد البعث وع**دا حق**ا. "ولكن أك**ثر الن**اس ال يعلم**ون" أنهم مبعوث**ون. وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم )ق**ال الل**ه تع**الى كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وأما ش**تمه إي**اي فقول**ه اتخ**ذ الل**ه ول**دا وأن**ا

األحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد(. وقد تقدم. }ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا39*اآلية: 3*

كاذبين{ @قوله تعالى: "ليبين لهم" أي ليظه**ر لهم. "ال**ذي يختلف**ون في**ه" أي من أم**ر البعث. "وليعلم ال**ذين كف**روا" ب**البعث وأقس**موا علي**ه "أنهم ك**انوا كاذبين" وقي**ل: المع**نى ولق**د بعثن**ا في ك**ل أم**ة رس**وال لي**بين لهم ال**ذي يختلفون فيه، والذي اختلف فيه المشركون والمسلمون أمور: منها البعث، ومنها عبادة األصنام، ومنها إق**رار ق**وم ب**أن محم**دا ح**ق ولكن منعهم من

اتباعه التقليد؛ كأبي طالب. }إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون{40*اآلية: 3*

@ أعلمهم سهولة الخلق علي**ه، أي إذا أردن**ا أن نبعث من يم**وت فال تعب علينا وال نصب في إحيائهم، وال في غير ذلك مما نحدثه؛ ألنا إنما نق**ول ل**ه كن فيك**ون. ق**راءة ابن ع**امر والكس**ائي "فيك**ون" نص**با عطف**ا على أن نقول. وقال الزجاج: يجوز أن يكون نصبا على جواب "كن". الباقون بالرفع على معنى فهو يكون. وقال ابن األنباري: أوقع لفظ الشيء على المعل**وم عند الله قبل الخلق ألنه بمنزلة ما وجد وش**وهد. وفي اآلي**ة دلي**ل على أن القرآن غير مخلوق؛ ألنه لو كان قوله: "كن" مخلوقا الحتاج إلى ق**ول ث**ان، والثاني إلى ثالث وتسلسل وكان محاال. وفيها دلي**ل على أن الل**ه س**بحانه مريد لجميع الحوادث كلها خيرها وشرها نفعها وضرها؛ وال**دليل على ذل**ك أن من يرى في سلطانه ما يكرهه وال يريده فألحد شيئين: إما لكونه جاهال ال يدري، وإما لكونه مغلوبا ال يطيق، وال يجوز ذلك في وصفه سبحانه، وقد قام الدليل على أنه خالق الكتساب العباد، ويستحيل أن يكون فاعال لشيء وهو غير مريد له؛ ألن أكثر أفعالنا يحصل على خالف مقصودنا وإرادتنا، فلو لم يكن الحق سبحانه مريدا لها لكانت تلك األفعال تحص**ل من غ**ير قص**د؛

وهذا قول الطبيعيين، وقد أجمع الموحدون على خالفه وفساده.

Page 61: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}وال**ذين ه**اجروا في الل**ه من بع**د م**ا ظلم*وا لنب**وئنهم في41*اآلية: 3*الدنيا حسنة وألجر اآلخرة أكبر لو كانوا يعلمون{

@قوله تعالى: "والذين هاجروا في الله من بعد م**ا ظلم**وا" ق**د تق**دم في "النساء" معنى الهجرة، وهي ترك األوطان واألهل والقرابة في الله أو في دين الله، وترك السيئات. وقيل: "في" بمع**نى الالم، أي لل**ه. "من بع**د م**ا ظلموا" أي عذبوا في الله. نزلت في صهيب وبالل وخباب وعم**ار، ع**ذبهم أهل مكة حتى قالوا لهم ما أرادوا، فلما خلوهم ه**اجروا إلى المدين**ة؛ قال**ه الكلبي. وقيل: نزلت في أبي جندل بن سهيل. وقال قتادة: المراد أص**حاب محمد صلى الله عليه وس**لم، ظلمهم المش**ركون بمك**ة وأخرج**وهم ح**تى لحق طائفة منهم بالحبش**ة؛ ثم ب**وأهم الل**ه تع*الى دار الهج**رة وجع*ل لهم أنصارا من المؤمنين. واآلية تعم الجمي**ع. "لنب**وئنهم في ال**دنيا حس**نة" في الحس**نة س**تة أق**وال: األول: ن**زول المدين**ة؛ قال**ه ابن عب**اس والحس**ن والشعبي وقتادة. الثاني: الرزق الحسن؛ قاله مجاهد. الث**الث: النص**ر على عدوهم؛ قاله الضحاك. الرابع: إنه لسان صدق؛ حكاه ابن جريج. الخ**امس: ما استولوا عليه من فتوح البالد وصار لهم فيها من الواليات. السادس: م**ا بقي لهم في الدنيا من الثن*اء، وم*ا ص*ار فيه*ا ألوالدهم من الش*رف. وك*ل ذلك اجتمع لهم بفضل الله، والحمد لله. "وألجر اآلخرة أكبر" أي وألجر دار اآلخرة أكبر، أي أك**بر من أن يعلم**ه أح**د قب**ل أن يش**اهده؛ "وإذا رأيت ثم

[ "ل**و ك**انوا يعلم**ون" أي ل**و ك**ان20رأيت نعيما وملكا كب**يرا" ]اإلنس**ان: هؤالء الظالمون يعلمون ذلك. وقيل: ه**و راج**ع إلى المؤم**نين. أي ل**و رأوا ثواب اآلخرة وعاينوه لعلموا أنه أكبر من حس**نة ال**دنيا. وروي أن عم**ر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا دفع إلى المهاجرين العط**اء ق**ال: ه**ذا م**ا وعدكم الله في ال*دنيا وم*ا أدخ*ر لكم في اآلخ*رة أك*ثر؛ ثم تال عليهم ه*ذه

اآلية. }الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون{42*اآلية: 3*

@ قيل: "الذين" بدل من "الذين" األول. وقيل: من الضمير في "لنبوئنهم" وقي***ل: هم ال***ذين ص***بروا على دينهم. "وعلى ربهم يتوكل***ون" في ك***ل أمورهم. وقال بعض أهل التحقيق: خيار الخلق من إذا نابه أم**ر ص**بر، وإذا

عجز عن أمر توكل؛ قال الله تعالى: "الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون". }وما أرسلنا من قبلك إال رجاال نوحي إليهم فاسألوا44 -* 43*اآليتان: 3*

أهل الذكر إن كنتم ال تعلم*ون، بالبين**ات والزب**ر وأنزلن*ا إلي**ك ال**ذكر لت**بينللناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون{

@قوله تعالى: "وما أرسلنا من قبلك إال رجاال ن**وحي إليهم" ق**راءة العام**ة "ي**وحى" بالي**اء وفتح الح**اء. وق**رأ حفص عن عاص**م "ن**وحي إليهم" بن**ون العظمة وكسر الح**اء. ن**زلت في مش**ركي مك**ة حيث أنك**روا نب**وة محم**د صلى الله عليه وسلم وقالوا: الله أعظم من أن يكون رس**وله بش**را، فهال بعث إلينا ملكا؛ فرد الله تعالى عليهم بقوله: "وم**ا أرس**لنا من قبل**ك" إلى األمم الماضية ي**ا محم**د "إال رج**اال" آدم**يين. "فاس**ألوا أه**ل ال**ذكر" ق**ال سفيان: يعني مؤمني أهل الكتاب. وقيل: المعنى فاسألوا أهل الكتاب ف**إن لم يؤمنوا فهم معترفون بأن الرسل كانوا من البش**ر. روي معن**اه عن ابن عباس ومجاهد. وق**ال ابن عب**اس: أه**ل ال**ذكر أه**ل الق**رآن. وقي**ل: أه**ل العلم، والمعنى متقارب. "إن كنتم ال تعلمون" يخ**برونكم أن جمي**ع األنبي**اء

Page 62: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ك**انوا بش**را. "بالبين**ات والزب**ر" قي**ل: "بالبين**ات، متعل**ق "بأرس**لنا". وفي الكالم تقديم وتأخير، أي ما أرسلنا من قبلك بالبينات والزب**ر إال رج**اال - أي غير رجال، "فإال" بمعنى غير؛ كقول**ه: ال إل*ه إال الل**ه، وه**ذا ق*ول الكل*بي - ن**وحي إليهم. وقي**ل: في الكالم ح**ذف دل علي**ه "أرس**لنا" أي أرس**لناهم بالبينات والزبر. وال يتعلق "بالبين**ات" ب*** "أرس**لنا" األول على ه**ذا الق**ول؛ ألن ما قبل "إال" ال يعم*ل فيم*ا بع*دها، وإنم*ا يتعل*ق بأرس*لنا المق*درة، أي أرسلناهم بالبينات. وقيل: مفعول "بتعلمون" والباء زائدة، أو نصب بإضمار

أعني؛ كما قال األعشى: وليس مجيرا إن أتى الحي خائف وال قائال إال هو المتعيبا

أي أعني المتعيب. والبينات: الحجج والبراهين. والزبر: الكتب. وق**د تق**دم. "وأنزلنا إليك الذكر" يعني القرآن. "لت**بين للن**اس م**ا ن**زل إليهم" في ه**ذا الكتاب من األحكام والوعد والوعيد بقول**ك وفعل**ك؛ فالرس**ول ص**لى الل**ه عليه وسلم مبين عن الله عز وجل مراده مما أجمله في كتاب**ه من أحك**ام

الصالة والزكاة، وغير ذلك مما لم يفصله. "ولعلهم يتفكرون" فيتعظون.-** 45*اآليات: 3* }أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخس**ف الل**ه بهم47

األرض أو يأتيهم العذاب من حيث ال يش**عرون، أو يأخ**ذهم في تقلبهم فم**اهم بمعجزين، أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم{

@قوله تعالى: "أفأمن الذين مك**روا الس**يئات" أي بالس**يئات، وه**ذا وعي**د للمشركين الذين احتالوا في إبطال اإلسالم. "أن يخسف الل**ه بهم األرض" قال ابن عباس: كما خسف بقارون، يقال: خسف المكان يخس**ف خس**وفا ذهب في األرض، وخسف الله به األرض خس**وفا أي غ**اب ب**ه فيه**ا؛ ومن**ه

[. وخسف ه**و في األرض81قوله: "فخسفنا به وبداره األرض" ]القصص: وخسف به. واالستفهام بمع**نى اإلنك**ار؛ أي يجب أال ي**أمنوا عقوب**ة تلحقهم كما لحقت المكذبين. "أو يأتيهم الع**ذاب من حيث ال يش**عرون" كم**ا فع**ل بقوم لوط وغيرهم. يريد يوم بدر؛ فإنهم أهلكوا ذلك اليوم، ولم يكن ش**يء من**ه في حس**ابهم. "أو يأخ**ذهم في تقلبهم" أي في أس**فارهم وتص**رفهم؛ قاله قتادة. وقيل: "في تقلبهم" على فراشهم أينما كانوا. وق**ال الض**حاك: بالليل والنهار. "فما هم بمعجزين" أي مسابقين الله وال فائتيه. "أو يأخذهم على تخوف" قال ابن عباس ومجاهد وغ**يرهم أي على تنقص من أم**والهم ومواشيهم وزروعهم. وكذا قال ابن األع**رابي: أي على تنقص من األم**وال واألنفس والثم**رات ح**تى أهلكهم كلهم. وق**ال الض**حاك: ه**و من الخ**وف؛ المعنى: يأخذ طائف*ة وي**دع طائف**ة، فتخ*اف الباقي**ة أن ي*نزل به*ا م**ا ن*زل بصاحبتها. وق**ال الحس**ن: "على تخ**وف" أن يأخ**ذ القري**ة فتخاف**ه القري**ة األخرى، وهذا هو معنى القول الذي قبله بعينه، وهم**ا راجع**ان إلى المع**نى األول، وأن التخوف التنقص؛ تخوفه تنقصه، وتخوفه الدهر وتخون**ه - بالف**اء

والنون - بمعنى؛ يقال: تخونني فالن حقي إذا تنقصك. قال ذو الرمة: ال، بل هو الشوق من دار تخونها مرا سحاب ومرا بارح ترب

وقال لبيد: تخونها نزولي وارتحالي

أي تنقص لحمه**ا وش**حمها. وق**ال الهيثم بن ع**دي: التخ**وف "بالف**اء" التنقص، لغة ألزد شنوءة. وأنشد:

تخوف غدرهم مالي وأهدى سالسل في الحلوق لها صليل

Page 63: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وقال سعيد بن المسيب: بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: يا أيها الناس، ما تقولون في ق**ول الل**ه ع**ز وج**ل: "أو يأخ**ذهم على تخ**وف" فس**كت الن**اس، فق**ال ش**يخ من ب**ني ه**ذيل: هي لغتن**ا ي**ا أم**ير المؤمنين، التخوف التنقص. فخ*رج رج*ل فق*ال: ي*ا فالن، م*ا فع*ل دين**ك؟ قال: تخوفته، أي تنقصته؛ فرجع فأخبر عمر فقال عمر: أتعرف العرب ذلك في أشعارهم؟ قال نعم؛ قال شاعرنا أب**و كب**ير اله**ذلي يص**ف ناق**ة تنقص

السير سنامها بعد تمكه واكتنازه: تخوف الرحل منها تامكا قردا كما تخوف عود النبعة السفن

فقال عمر: يا أيها الناس، عليكم بديوانكم شعر الجاهلية ف**إن في**ه تفس**ير كتابكم ومعاني كالمكم. تم**ك الس**نام يتم**ك تمك**ا، أي ط**ال وارتف**ع، فه**و تامك. والسفن والمسفن ما ينجر به الخشب. وقال الليث بن س**عد: "على تخوف" على عجل. وقال: على تقريع بما قدموه من ذنوبهم، وه**ذا م**روي عن ابن عباس أيضا. وقال قتادة: "على تخوف" أن يعاقب أو يتجاوز. "فإن

ربكم لرؤوف رحيم" أي ال يعاجل بل يمهل. }أولم ي**روا إلى م**ا خل**ق الل**ه من ش**يء يتفي**أ ظالل**ه عن48*اآلي**ة: 3*

اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون{ @ قرأ حمزة والكس**ائي وخل**ف ويح**يى واألعمش "ت**روا" بالت**اء، على أن الخطاب لجميع الناس. الباقون بالي*اء خ*برا عن ال*ذين يمك*رون الس*يئات؛ وهو االختيار. "من شيء" يعني من جسم قائم له ظل من شجرة أو جب**ل؛ قاله ابن عباس. وإن كانت األشياء كلها سميعة مطيع**ة لل**ه تع**الى. "يتفي**أ ظالله" قرأ أبو عمرو ويعقوب وغيرهما بالتاء لتأنيث الظالل. الباقون بالياء، واختاره أبو عبيد. أي يميل من ج**انب إلى ج**انب، ويك**ون أول النه**ار على حال ويتقلص ثم يعود في آخر النه*ار على حال**ة أخ**رى؛ ف**دورانها وميالنه**ا من موضع إلى موضع سجودها؛ ومنه قيل للظ**ل بالعش**ي: فيء؛ ألن**ه ف**اء من المغرب إلى المش**رق، أي رج**ع. والفيء الرج**وع؛ ومن**ه "ح**تى تفيء

[. روي معنى هذا الق**ول عن الض**حاك وقت**ادة9إلى أمر الله" ]الحجرات: وغيرهما، وقال الزجاج: يعني سجود الجسم، وسجوده انقياده وما يرى فيه من أث**ر الص**نعة، وه**ذا ع**ام في ك**ل جس**م. ومع**نى "وهم داخ**رون" أي خاضعون صاغرون. والدخور: الصغار والذل. يقال: دخ**ر الرج**ل - ب**الفتح -

فهو داخر، وأدخره الله. وقال ذو الرمة: فلم يبق إال داخر في مخيس ومنجحر في غير أرضك في جحر

كذا نسبه الماوردي لذي الرمة، ونسبه الجوهري للفرزدق وق**ال: المخيساسم سجن كان بالعراق؛ أي موضع التذلل، وقال.

أما تراني كيسا مكيسا بنيت بعد نافع مخيسا ووحد اليمين في قوله: "عن اليمين" وجمع الشمال؛ ألن معنى اليمين وإن كان واحدا الجمع. ولو قال: عن األيمان والش**مائل، واليمين والش**مائل، أو اليمين والش*مال، أو األيم**ان والش*مال لج**از؛ ألن المع*نى للك**ثرة. وأيض**ا فمن شأن العرب إذا اجتمعت عالمتان في شيء واح**د أن تجم**ع إح**داهما وتف**رد األخ**رى؛ كقول**ه تع**الى: "ختم الل**ه على قل**وبهم وعلى س**معهم"

[16[ وكقول*ه: "ويخ*رجهم من الظلم*ات إلى الن*ور" ]المائ*دة: 7]البقرة: ولو قال على أسماعهم وإلى األنوار لجاز. ويجوز أن يك**ون رد اليمين علىلفظ "ما" والشمال على معناها. ومثل هذا في الكالم كثير. فال الشاعر:

Page 64: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الواردون وتيم في ذرا سبأ قد عض أعناقهم جلد الجواميس ولم يقل جل**ود. وقي**ل: وح**د اليمين ألن الش**مس إذا طلعت وأنت متوج**ه إلى القبلة انبسط الظل عن اليمين ثم في حال يميل إلى جهة الشمال ثم

حاالت، فسماها شمائل. -* 49*اآليتان: 3* }ولله يسجد ما في الس*ماوات وم**ا في األرض من50

دابة والمالئك**ة وهم ال يس*تكبرون، يخ*افون ربهم من ف*وقهم ويفعل**ون م*ايؤمرون{

@قوله تعالى: "ولله يسجد ما في السماوات وما في األرض من دابة" أي من كل ما يدب على األرض. "والمالئكة" يعني المالئكة ال**ذين في األرض، وإنم**ا أف**ردهم بال**ذكر الختصاص**هم بش**رف المنزل**ة، فم**يزهم من ص**فة ال**دبيب بال**ذكر وإن دخل**وا فيه**ا؛ كقول**ه: "فيهم**ا فاكه**ة ونخ**ل ورم**ان"

[. وقيل: لخروجهم من جملة ما يدب لما جع**ل الل**ه لهم من68]الرحمن: األجنحة، فلم يدخلوا في الجملة فلذلك ذكروا. وقيل: أراد "ولله يسجد من في السماوات" من المالئكة والشمس والقمر والنجوم والرياح والسحاب، "وما في األرض من دابة" وتسجد مالئكة األرض. "وهم ال يس**تكبرون" عن عب**ادة ربهم. وه**ذا رد على ق**ريش حيث زعم**وا أن المالئك**ة بن**ات الل**ه. ومع*نى "يخ*افون ربهم من ف*وقهم" أي عق*اب ربهم وعذاب*ه، ألن الع*ذاب المهلك إنما ينزل من السماء. وقيل: المعنى يخافون قدرة ربهم ال**تي هي فوق قدرتهم؛ ففي الكالم حذف. وقيل: معنى "يخ**افون ربهم من ف**وقهم" يعني المالئكة، يخ**افون ربهم وهي من ف**وق م**ا في األرض من داب**ة وم**ع ذلك يخافون؛ فألن يخاف من دونهم أولى؛ دلي**ل ه**ذا الق**ول قول**ه تع**الى:

"ويفعلون ما يؤمرون" يعني المالئكة. }وقال الله ال تتخ**ذوا إلهين اث**نين إنم*ا ه*و إل**ه واح**د فإي**اي51*اآلية: 3*

فارهبون{ @قوله تعالى: "وقال الله ال تتخ**ذوا إلهين اث**نين" قي**ل: المع**نى ال تتخ**ذوا اثنين إلهين. وقيل: جاء قوله "اثنين" توكيدا. ولما كان اإلله الح**ق ال يتع**دد وأن كل من يتع**دد فليس بإل**ه، اقتص**ر على ذك**ر االث**نين؛ ألن**ه قص**د نفي التعديد. "إنما هو إله واحد" يعني ذاته المقدس**ة. وق**د ق**ام ال**دليل العقلي والشرعي على وحدانيته والحمد لله. "فإي*اي ف*ارهبوني" أي خ*افون. وق*د

تقدم. }وله ما في السماوات واألرض وله الدين واصبا أفغ**ير الل**ه52*اآلية: 3*

تتقون{ @قوله تعالى: "وله ما في السماوات واألرض ول**ه ال**دين واص**با" ال**دين: الطاعة واإلخالص. و"واص**با" معن**اه دائم**ا؛ ق**ال الف**راء، حك**اه الج**وهري. وصب الشيء يصب وصوبا، أي دام. ووص**ب الرج**ل على األم**ر إذا واظب عليه. والمعنى: طاعة الله واجب**ة أب**دا. وممن ق**ال واص**با دائم**ا: الحس**ن ومجاه**د وقت**ادة والض**حاك. ومن**ه قول**ه تع**الى: "ولهم ع**ذاب واص**ب"

[ أي دائم. وقال الدولي: 9]الصافات:ال أبتغي الحمد القليل بقاؤه بدم يكون الدهر أجمع واصبا

أنشد الغزنوي والثعلبي وغيرهما: ما أبتغي الحمد القليل بقاؤه يوما بذم الدهر أجمع واصبا

Page 65: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وقيل: الوصب التعب واإلعي**اء؛ أي تجب طاع**ة الل**ه وإن تعب العب**د فيه**ا.ومنه قول الشاعر:

ال يمسك الس*اق من أين وال وص*ب وال يعض على شرس**وفه الصفر

وق**ال ابن عب**اس: "واص**با" واجب**ا. الف**راء والكل**بي: خالص**ا. "أفغ**ير الل**هتتقون" أي ال ينبغي أن تتقوا غير الله. "فغير" نصب ب* "تتقون".

-* 53*اآليات: 3* }وما بكم من نعم*ة فمن الل**ه ثم إذا مس*كم الض**ر55 فإليه تجأرون، ثم إذا كشف الض**ر عنكم إذا فري**ق منكم ب**ربهم يش**ركون،

ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون{ @قوله تعالى: "وم**ا بكم من نعم**ة فمن الل**ه" ق**ال الف**راء. "م**ا" بمع**نى الجزاء. والباء في "بكم" متعلقة بفعل مضمر، تقديره: وم**ا يكن بكم. "من نعمة" أي صحة جسم وسعة رزق وولد فمن الله. وقيل: المع**نى وم**ا بكم من نعمة فمن الله هي. "ثم إذا مسكم الضر" أي الس**قم والبالء والقح**ط. "فإليه تجأرون" أي تضجون بالدعاء. يقال: جأر يجار ج**ؤارا. والج**ؤار مث**ل الخوار؛ يق*ال: ج*أر الث**ور يج*أر، أي ص**اح. وق**رأ بعض**هم "عجال جس*دا ل*ه جؤار"؛ حك**اه األخفش. وج**أر الرج**ل إلى الل**ه، أي تض**رع بال**دعاء. وق**ال

األعشى يصف بقرة: فطافت ثالثا بين يوم وليلة وكان النكير أن تضيف وتجأرا

"ثم إذا كشف الضر عنكم" أي البالء والسقم. "إذا فري*ق منكم ب*ربهم يش***ركون" بع**د إزال**ة البالء وبع***د الج***ؤار. فمع***نى الكالم التعجيب من اإلش**راك بع**د النج**اة من الهالك، وه**ذا المع**نى مك**رر في الق**رآن، وق**ال الزجاج: هذا خاص بمن كفر. "ليكفروا بما آتيناهم" أي ليجح**دوا نعم**ة الل**ه التي أنعم بها عليهم من كشف الضر والبالء. أي أش**ركوا ليجح**دوا، ف**الالم الم كي. وقيل الم العاقبة. وقيل: "ليكفروا بما آتيناهم" أي ليجعل**وا النعم**ة

سببا للكفر، وكل هذا فعل خبيث؛ كما قال: والكفر مخبثة لنفس المنعم

"فتمتعوا" أمر تهديد. وقرأ عبدالله "ق*ل تمتع*وا". "فس*وف تعلم*ون" أي عاقبة أمركم.

}ويجعلون لما ال يعلمون نصيبا مم**ا رزقن**اهم تالل**ه لتس**ألن56*اآلية: 3*عما كنتم تفترون{

@قوله تعالى: "ويجعلون لما ال يعلمون نصيبا مما رزقناهم" ذكر نوعا آخ**ر من جهالتهم، وأنهم يجعلون لما ال يعلمون أنه يضر وينف*ع - وهي األص*نام - ش**يئا من أم**والهم يتقرب**ون ب**ه إلي**ه؛ ق**ال مجاه**د وقت**ادة وغيرهم**ا. ف* "يعلمون" على هذا للمشركين. وقي**ل هي لألوث**ان، وج**رى ب**الواو والن**ون مج**رى من يعق**ل، فه**و رد على "م**ا" ومفع**ول يعلم مح**ذوف، والتق**دير: ويجع**ل ه**ؤالء الكف**ار لألص**نام ال**تي ال تعلم ش**يئا نص**يبا. وق**د مض**ى في

" تفسير هذا المعنى، ثم رجع من الخبر إلى الخط**اب فق**ال:136"األنعام: "تالله لتسئلن" وهذا س**ؤال ت**وبيخ. "عم**ا كنتم تف**ترون" أي تختلقون**ه من

الكذب على الله أنه أمركم بهذا. }ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون{57*اآلية: 3*

@قوله تع**الى: "ويجعل**ون لل**ه البن**ات" ن**زلت في خزاع**ة وكنان**ة؛ ف**إنهم زعم**وا أن المالئك**ة بن**ات الل**ه، فك**انوا يقول**ون الحق**وا البن**ات بالبن**ات.

Page 66: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

"سبحانه" نزه نفسه وعظمها عما نسبوه إلي**ه من اتخ**اذ األوالد. "ولهم م**ا يشتهون" أي يجعلون ألنفسهم الب**نين وي**أنفون من البن**ات. وموض**ع "م**ا" رفع باالبتداء، والخبر "لهم" وتم الكالم عند قوله: "سبحانه". وأج**از الف**راء كونها نصبا، على تقدير: ويجعلون لهم ما يش**تهون. وأنك**ره الزج*اج وق*ال:

العرب تستعمل في مثل هذا ويجعلون ألنفسهم. }وإذا بشر أحدهم باألنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم{58*اآلية: 3*

@قوله تع**الى: "وإذا بش**ر أح**دهم ب**األنثى" أي أخ**بر أح**دهم ب**والدة بنت."ظل وجهه مسودا"

أي متغيرا، وليس يريد السواد الذي هو ض**د البي**اض، وإنم**ا ه**و كناي**ة عن غمه بالبنت. والعرب تق**ول لك**ل من لقي مكروه**ا: ق**د اس**ود وجه**ه غم**ا وحزنا؛ قال الزجاج. وحكى الماوردي أن المراد سواد اللون قال: وهو قول الجمهور. "وهو كظيم" أي ممتلئ من الغم. وقال ابن عباس: حزين. وق**ال األخفش: هو الذي يكظم غيظه فال يظهره. وقيل: إنه المغموم الذي يطبق فاه فال يتكلم من الغم؛ مأخوذ من الكظامة وهو شد فم القربة؛ قال**ه علي

بن عيسى. وقد تقدم. }يتوارى من القوم من سوء ما بشر ب**ه أيمس**كه على ه**ون59*اآلية: 3*

أم يدسه في التراب أال ساء ما يحكمون{ @قوله تعالى: "يتوارى من القوم" أي يختفي ويتغيب. "من سوء م**ا بش**ر ب**ه" أي من س**وء الح**زن والع**ار والحي**اء ال**ذي يلحق**ه بس**بب البنت. "أيمسكه" ذكر الكناية ألنه مردود على "ما". "على هون" أي ه**وان. وك**ذا قرأ عيسى الثقفي "على هوان" والهون الهوان بلغة قريش؛ قاله اليزي**دي وحكاه أبو عبيد عن الكسائي. وق*ال الف*راء: ه*و القلي*ل بلغ*ة تميم. وق*ال

الكسائي: هو البالء والمشقة. وقالت الخنساء: نهين النفوس وهون النفو س يوم الكريهة أبقى لها

وقرأ األعمش "أيمسكه على سوء" ذكره النح**اس، ق**ال: وق**رأ الجح**دري "أم يدس**ها في ال**تراب" ي**رده على قول**ه: "ب**األنثى" ويلزم**ه أن يق**رأ "أيمسكها". وقيل: يرجع الهوان إلى البنت؛ أي أيمسكها وهي مهانة عن**ده. وقيل: يرجع إلى المولود له؛ أيمسكه على رغم أنفه أم يدسه في ال**تراب، وهو ما كانوا يفعلونه من دفن البنت حية. قال قت**ادة: ك**ان مض**ر وخزاع**ة يدفنون البنات أحياء؛ وأش**دهم في ه**ذا تميم. زعم**وا خ**وف القه**ر عليهم وطمع غير األكفاء فيهن. وكان صعص**عة ابن ناجي**ة عم الف**رزدق إذا أحس بشيء من ذلك وجه إلى وال**د البنت إبال يس**تحييها ب**ذلك. فق**ال الف**رزدق

يفتخر: وعمي الذي منع الوائدات وأحيا الوئيد فلم يوأد

وقيل: دسها إخفاؤها عن الن**اس ح**تى ال تع**رف، كالمدس**وس في ال**ترابإلخفائه عن األبصار؛ وهذا محتمل.

@ مس**ألة: ثبت في ص**حيح مس**لم عن عائش**ة رض**ي الل**ه عنه**ا ق**الت: جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندي غير تم**رة واح**دة، فأعطيتها إياها فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ش**يئا، ثم ق**امت فخرجت وابنتاها، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فحدثت**ه ح**ديثها، فقال النبي صلى الله عليه وس**لم: )من ابتلي من البن**ات بش**يء فأحس**ن إليهن كن له سترا من الن**ار(. ففي ه**ذا الح**ديث م**ا ي**دل على أن البن**ات

Page 67: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

بلية، ثم أخبر أن في الصبر عليهن واإلحسان إليهن ما يقي من الن**ار. وعن عائشة رض**ى الل**ه عنه**ا أنه**ا ق**الت: ج**اءتني مس**كينة تحم**ل ابن**تين له**ا، فأطعمتها ثالث تمرات فأعطت كل واح*دة منهم**ا تم*رة، ورفعت إلى فيه*ا تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي ك**انت تري**د أن تأكله**ا بينهما؛ فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله ص*لى الل*ه علي*ه وسلم فقال: )إن الله عز وجل قد أوجب له**ا به**ا الجن**ة أو أعتقه**ا به**ا من النار(. وعن أنس بن مالك قال قال رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )من عال ج*اريتين ح*تى تبلغ*ا ج*اء ي*وم القيام*ة أن*ا وه*و( وض*م أص*ابعه، خرجهما أيضا مسلم رحمه الله وخرج أبو نعيم الحافظ من حديث األعمش عن أبي وائل عن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )من كانت له بنت فأدبها فأحسن أدبها وعلمها فأحسن تعليمها وأسبغ عليه**ا من نعم الله التي أسبغ عليه ك*انت ل*ه س**ترا أو حجاب*ا من الن*ار(. وخطب إلى

عقيل بن علفة ابنته الجرباء فقال: إني وإن سيق إلي المهر ألف وعبدان وخور عشر

أحب أصهاري إلي القبر وقال عبدالله بن طاهر:

لكل أبي بنت يراعي شؤونها ثالثة أصهار إذا حمد الصهر فبعل يراعيها وخدر يكنها وقبر يواريها وخيرهم القبر

"أال ساء ما يحكمون" أي في إضافة البن**ات إلى خ**القهم وإض**افة الب**نين [21إليهم. نظيره "ألكم الذكر وله األنثى. تلك إذا قس**مة ض**يزى" ]النجم:

أي جائرة، وسيأتي. }للذين ال يؤمنون باآلخرة مثل السوء ولله المثل األعلى وهو60*اآلية: 3*

العزيز الحكيم{ @قوله تعالى: "للذين ال يؤمنون باآلخرة" أي لهؤالء الواص**فين لل**ه البن**ات "مثل السوء" أي صفة السوء من الجهل والكفر. وقي**ل: ه**و وص**فهم الل**ه تعالى بالصاحبة والولد. وقيل: أي العذاب والنار. "ولل**ه المث**ل األعلى" أي الوصف األعلى من اإلخالص والتوحيد؛ قاله قتادة. وقيل: أي الص**فة العلي**ا بأنه خالق رازق قادر ومجاز. وقال ابن عباس: "مثل السوء" النار، و"المثل األعلى "شهادة أن ال إله إال الله. وقي**ل: ليس كمثل**ه ش**يء. وقي**ل: "ولل**ه المثل األعلى" كقول**ه: "الل**ه ن**ور الس**ماوات واألرض مث**ل ن**وره" ]الن**ور:

[. فإن قيل: كيف أضاف المثل هنا إلى نفسه وقد قال: "فال تضربوا لله35 [ ف**الجواب أن قول**ه: "فال تض**ربوا لل**ه األمث**ال" أي74األمث**ال" ]النح**ل:

األمثال التي توجب األشباه والنقائص؛ أي ال تضربوا لله مثال يقتض**ي نقص**ا وتشبيها بالخلق. والمثل األعلى وصفه بما ال شبيه له وال نظير، جل وتعالى

عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا. "وهو العزيز الحكيم" تقدم. }ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من داب**ة ولكن61*اآلية: 3*

ي**ؤخرهم إلى أج**ل مس**مى ف**إذا ج**اء أجلهم ال يس**تأخرون س**اعة واليستقدمون{

@قوله تعالى: "ول*و يؤاخ*ذ الل**ه الن*اس بظلمهم" أي بكف*رهم واف*ترائهم، وعاجلهم. "ما ترك عليها" أي على األرض، فهو كناية عن غير م**ذكور، لكن دل علي**ه قول**ه: "من داب**ة" ف**إن الداب**ة ال ت**دب إال على األرض. والمع**نى المراد من دابة كافرة، فهو خاص. وقيل: المعنى أنه لو أهلك اآلباء بكفرهم

Page 68: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

لم تكن األبناء. وقيل: الم**راد باآلي**ة العم**وم؛ أي ل**و أخ**ذ الل**ه الخل**ق بم**ا كسبوا ما ترك على ظهر هذه األرض من دابة من نبي وال غيره؛ وهذا قول الحسن. وقال ابن مسعود وقرأ ه**ذه اآلي**ة: ل**و أخ**ذ الل**ه الخالئ**ق ب**ذنوب المذنبين ألصاب العذاب جميع الخل*ق ح*تى الجعالن في حجره*ا، وألمس*ك األمطار من الس**ماء والنب**ات من األرض فم**ات ال**دواب، ولكن الل**ه يأخ**ذ

[. "ف**إذا ج**اء30بالعفو والفضل؛ كما ق**ال: "ويعف**و عن كث**ير" ]الش**ورى: أجلهم" أي أجل موتهم ومنتهى أعمارهم. أو الوقت المعلوم عن**د الل**ه ع**ز وجل. وقرأ ابن سيرين "جاء آجالهم" بالجمع وقي**ل: "ف**إذا ج**اء أجلهم" أي فإذا جاء يوم القيام**ة. والل**ه أعلم. "ال يس**تأخرون س**اعة وال يس**تقدمون" وقد تقدم. فإن قيل: فكيف يعم ب**الهالك م**ع أن فيهم مؤمن**ا ليس بظ*الم؟ قي**ل: يجع**ل هالك الظ**الم انتقام**ا وج**زاء، وهالك الم**ؤمن معوض**ا بث**واب اآلخرة. وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر قال: س**معت رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم يقول: )إذا أراد الله بق**وم ع**ذابا أص**اب الع**ذاب من كان فيهم ثم بعثوا على نياتهم(. وعن أم سلمة وس**ئلت عن الجيش ال**ذي يخسف به وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )يعوذ بالبيت عائذ فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من األرض خسف بهم( فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كاره**ا؟ ق**ال: )يخس**ف به معهم ولكنه يبعث يوم القيام**ة على نيت**ه(. وق**د أتين**ا على ه*ذا المع*نى مجودا في "كتاب التذكرة" وتق**دم في "المائ**دة" وآخ**ر "األنع**ام" م**ا في**ه كفاية، والحمد لله. وقيل "فإذا جاء أجلهم" أي فإذا جاء يوم القيامة. والل**ه

أعلم. }ويجعلون لله ما يكره**ون وتص**ف ألس**نتهم الك**ذب أن لهم62*اآلية: 3*

الحسنى ال جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون{ @قوله تعالى: "ويجعلون لله ما يكرهون" أي من البنات. "وتصف ألسنتهم الكذب" أي وتقول ألسنتهم الكذب. "الك**ذب" مفع**ول "تص**ف" و"أن" في مح**ل نص**ب ب**دل من الك**ذب؛ ألن**ه بي**ان ل**ه. وقي**ل: "الحس**نى" الج**زاء الحسن؛ قال الزجاج. وقرأ ابن عباس وأب**و العالي**ة ومجاه**د وابن محيص**ن "الكذب" برفع الك**اف وال**ذال والب**اء نعت**ا لأللس**نة؛ وك**ذا "وال تقول**وا لم**ا

[. والكذب جمع ك**ذوب؛ مث**ل رس**ول116تصف ألسنتكم الكذب" ]النحل: ورسل وصبور وصبر وشكور وشكر. "أن لهم الحس**نى" ق**ال مجاه**د: ه**و قولهم أن لهم البنين ولله البنات. "ال جرم أن لهم الن**ار" ق**ال الخلي**ل: "ال جرم" كلمة تحقيق وال تكون إال جوابا؛ يق**ال: فعل**وا ذل**ك؛ فيق**ال: ال ج**رم سيندمون. أي حقا أن لهم النار. "وأنهم مفرط**ون" م**تركون منس**يون في النار؛ قاله ابن األعرابي وأبو عبيدة والكسائي والفراء، وهو قول س**عيد بن جب**ير ومجاه*د. وق**ال ابن عب**اس وص**عيد بن جب**ير أيض**ا: مبع*دون. قت**ادة والحسن: معجل**ون إلى الن**ار مق**دمون إليه**ا. والف**ارط: ال**ذي يتق**دم إلى الماء؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: )أن**ا ف**رطكم على الح**وض(

أي متقدمكم. وقال القطامي: فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا كما تعجل فراط لوراد

والفراط: المتقدمون في طلب الماء. والوراد: المت**أخرون. وق**رأ ن*افع في رواية ورش "مفرط**ون" بكس**ر ال**راء وتخفيفه**ا، وهي ق**راءة عبدالل**ه بن مسعود وابن عباس، ومعناه مسرفون في الذنوب والمعص**ية، أي أفرط**وا

Page 69: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فيها. يقال: أفرط فالن على فالن إذا أربى عليه، وق**ال ل**ه أك**ثر مم**ا ق**ال من الشر. وقرأ أبو جعفر القارئ "مفرط**ون" بكس**ر ال**راء وتش**ديدها، أي

مضيعون أمر الله؛ فهو من التفريط في الواجب. }تالله لق**د أرس**لنا إلى أمم من قبل**ك ف**زين لهم الش**يطان63*اآلية: 3*

أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم{ @قوله تعالى: "تالله لقد أرس**لنا إلى أمم من قبل**ك ف**زين لهم الش**يطان أعمالهم" أي أعمالهم الخبيثة. هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وس**لم ب**أن من تقدمه من األنبياء قد كفر بهم قومهم. "فهو وليهم الي**وم" أي ناص**رهم في الدنيا على زعمهم. وقيل: "فهو وليهم" أي ق**رينهم في الن**ار. "الي**وم" يعني يوم القيامة، وأطلق عليه اسم اليوم لش**هرته. وقي**ل يق**ال لهم ي**وم القيامة: هذا وليكلم فاستنصروا به لينجيكم من العذاب، على جه**ة الت**وبيخ

لهم. "ولهم عذاب أليم" في اآلخرة. }وما أنزلن**ا علي**ك الكت**اب إال لت**بين لهم ال**ذي اختلف**وا في**ه64*اآلية: 3*

وهدى ورحمة لقوم يؤمنون{ @قوله تعالى: "وما أنزلنا عليك الكت**اب" أي الق**رآن "إال لت**بين لهم ال**ذي اختلفوا في**ه" من ال**دين واألحك**ام فتق**وم الحج**ة عليهم ببيان**ك. وعطف**ك "هدى ورحمة" على موضع قوله: "لتبين" ألن محله نص**ب. ومج**از الكالم: وما أنزلنا عليك الكتاب إال تبيانا للناس. "وهدى ورحمة لق**وم يؤمن**ون" أي

رشدا ورحمة للمؤمنين. }والله أنزل من السماء ماء فأحي**ا ب**ه األرض بع**د موته**ا إن65*اآلية: 3*

في ذلك آلية لقوم يسمعون{ @قوله تعالى: "والله أنزل من السماء" أي السحاب. "ماء فأحيا به األرض بعد موتها" عاد الكالم إلى تعداد النعم وبي**ان كم**ال الق**درة. "إن في ذل**ك آلية" أي داللة على البعث على وحدانيته؛ إذ علموا أن معبودهم ال يس**تطيع شيئا، فتكون ه**ذه الدالل**ة. "لق**وم يس**معون" عن الل**ه تع**الى ب**القلوب ال ب**اآلذان؛ "فإنه**ا ال تعمى األبص**ار ولكن تعمى القل**وب ال**تي في الص**دور"

[.46]الحج: }وإن لكم في األنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين66*اآلية: 3*

فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين{ @قوله تعالى: "وإن لكم في األنعام لعبرة" ق**د تق**دم الق**ول في األنع**ام، وهي هنا األصناف األربعة: اإلبل والبقر والضأن والمع**ز. "لع**برة" أي دالل**ة على قدرة الله ووحدانيته وعظمته. والعبرة أصلها تمثي**ل الش**يء بالش**يء

[. وق**ال2لتعرف حقيقته من طريق المشاكلة، ومنه "فاعتبروا" ]الحش**ر: أبو بكر الوراق: العبرة في األنعام تسخيرها ألربابها وطاعتها لهم، وتم**ردك

على ربك وخالفك له في كل شيء. ومن أعظم العبر بريء يحمل مذنبا. @قوله تعالى: "نسقيكم" قراءة أهل المدينة وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر بفتح الن**ون من س**قى يس**قي. وق**رأ الب**اقون وحفص عن عاص**م بضم النون من أسقى يسقي، وهي قراءة الكوفيين وأهل مكة. قي**ل: هم**ا

لغتان. وقال لبيد: سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هالل

وقيل: يقال لم**ا ك*ان من ي**دك إلى في**ه س**قيته، ف**إذا جعلت ل*ه ش**رابا أو عرضته ألن يشرب بفيه أو يزرعه قلت أسقيته؛ قال ابن عزيز، وقد تق**دم.

Page 70: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وقرأت فرقة "تسقيكم" بالتاء، وهي ضعيفة، يعني األنعام. وقرئ بالياء، أي يسقيكم الله عز وجل. والقراء على القراءتين المتقدمتين؛ ففتح النون لغة

قريش وضمها لغة حمير. @قوله تعالى: "مما في بطونه" اختلف الناس في الضمير من قوله: "مما في بطونه" على ماذا يعود. فقيل: هو عائد إلى ما قبله وهو جمع الم**ؤنث. قال سيبويه: العرب تخبر عن األنعام بخ**بر الواح*د. ق**ال ابن الع*ربي: وم*ا أراه عول عليه إال من هذه اآلي**ة، وه**ذا ال يش**به منص**به وال يلي**ق بإدراك**ه. وقيل: لما ك**ان لف**ظ الجم**ع وه**و اس**م الجنس ي**ذكر وي**ؤنث فيق**ال: ه**و األنع**ام وهي األنع**ام، ج**از ع**ود الض**مير بالت**ذكير؛ وق**ال الزج**اج، وق**ال الكسائي: معناه مما في بطون ما ذكرن**اه، فه**و عائ**د على الم**ذكور؛ وق**د

-** 11قال الله تعالى: "إنها ت**ذكرة، فمن ش**اء ذك**ره" ]عبس: [ وق**ال12 الشاعر: مثل الفراخ نتفت حواصله

ومثله كثير. وقال الكسائي: "مما في بطونه" أي مما في بطون بعض**ه؛ إذ الذكور ال ألبان لها، وهو الذي عول عليه أب*و عبي**دة. وق*ال الف*راء: األنع*ام والنعم واح**د، والنعم ي**ذكر، وله**ذا تق**ول الع**رب: ه**ذا نعم وارد، فرج**ع الضمير إلى لفظ النعم الذي هو بمعنى األنعام. قال ابن العربي: إنما رج**ع التذكير إلى معنى الجمع، والتأنيث إلى معنى الجماعة، ف**ذكره هن*ا باعتب**ار لف**ظ الجم**ع، وأنث**ه في س**ورة المؤم**نين باعتب**ار لف**ظ الجماع**ة فق**ال:

[ وبه**ذا التأوي**ل ينتظم المع**نى21"نسقيكم مما في بطونها" ]المؤمن**ون: انتظاما حسنا. والتأنيث باعتبار لفظ الجماعة والتذكير باعتبار لف**ظ الجم**ع

أكثر من رمل يبرين وتيهاء فلسطين. @ اس**تنبط بعض العلم**اء الجل**ة وه**و القاض**ي إس**ماعيل من ع**ود ه**ذا الضمير، أن لبن الفحل يفيد التحريم، وقال: إنما جيء به مذكرا ألن**ه راج**ع إلى ذكر النعم؛ ألن اللبن للذكر محسوب، ول*ذلك قض*ى الن**بي ص**لى الل**ه عليه وسلم بأن لبن الفحل يحرم حين أنكرته عائشة في ح**ديث أفلح أخي أبي القعيس )فللمرأة السقي وللرجل اللقاح( فجرى االشتراك فيه بينهما.

وقد مضى. @قوله تع**الى: "من بين ف**رث ودم لبن**ا خالص**ا" نب**ه س**بحانه على عظيم قدرته بخروج اللبن خالصا بين الفرث والدم. والف**رث: الزب**ل ال**ذي ي**نزل إلى الكرش، فإذا خرج لم يسم فرثا. يقال: أفرثت الكرش إذا أخ**رجت م**ا فيها. والمعنى: أن الطعام يكون فيه ما في الك*رش ويك**ون من**ه ال*دم، ثم يخلص اللبن من الدم؛ فأعلم الله سبحانه أن هذا اللبن يخرج من بين ذل**ك وبين الدم في العروق. وقال ابن عباس: إن الدابة تأكل العلف فإذا استقر في كرشها طبخت**ه فك**ان أس**فله فرث**ا وأوس**طه لبن**ا وأعاله دم**ا، والكب**د مس**لط على ه**ذه األص**ناف فتقس**م ال**دم وتم**يزه وتجري**ه في الع**روق، وتجري اللبن في الضرع ويبقى الفرث كما هو في الك**رش؛ "حكم**ة بالغ**ة

[. "خالصا" يريد من حم**رة ال**دم وق**ذارة الف**رث5فما تغن النذر" ]القمر:وقد جمعهما وعاء واحد. وقال ابن بحر: خالصا بياضه. قال النابغة:

بخالصة األردان خضر المناكب أي بيض األكمام. وهذه قدرة ال تنبغي إال للقائم على كل شيء بالمصلحة.

Page 71: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@ قال النق**اش: في ه**ذا دلي**ل على أن الم**ني ليس بنجس. وقال**ه أيض**ا غيره واحتج بأن قال: كما يخرج اللبن من بين الفرث وال**دم س**ائغا خالص**ا كذلك يجوز أن يخرج المني على مخرج البول طاهرا. قال ابن الع**ربي: إن هذا لجهل عظيم وأخذ ش*نيع. اللبن ج*اء الخ*بر عن**ه مجيء النعم*ة والمن*ة الص**ادرة عن الق**درة ليك**ون ع**برة، فاقتض**ى ذل**ك كل**ه وص**ف الخل**وصواللذة؛ وليس المني من هذه الحالة حتى يكون ملحقا به أو مقيسا عليه.

قلت: قد يعارض هذا بأن يقال: وأي منة أعظم وأرفع من خروج المني الذي يكون عنه اإلنسان المكرم؛ وقد قال تع**الى: "يخ**رج من بين الص**لب

[، وقال: "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل7والترائب" ]الطارق: [ وهذا غاي**ة في االمتن**ان. ف**إن72لكم من أزواجكم بنين وحفدة" ]النحل:

قيل: إنه يتنجس بخروجه في مجرى البول، قلنا: هو م**ا أردن**اه، فالنجاس**ة عارضة وأص**له ط**اهر؛ وق**د قي**ل: إن مخرج**ه غ**ير مخ**رج الب**ول وخاص**ة المرأة؛ فإن مدخل الذكر منها ومخرج الولد غير مخرج البول على ما ق**ال العلماء. فإن قيل: أصله دم فهو نجس، قلنا ينتقض بالمسك، فإن أصله دم وه**و ط**اهر. وممن ق**ال بطهارت**ه الش**افعي وأحم**د وإس**حاق وأب**و ث**ور وغيرهم؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسا بظفري. قال الشافعي: فإن لم يف**رك فال بأس به. وكان سعد بن أبي وقاص يفرك المني من ثوبه. وقال ابن عباس: هو كالنخامة أمطه عنك بإذخرة وامسحه بخرقة. ف**إن قي**ل: فق**د ثبت عن عائشة أنها قالت: كنت أغسل المني من ثوب رسول الله صلى الل**ه علي**ه وسلم ثم يخرج إلى الصالة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغس**ل في**ه. قلنا: يحتم**ل أن تك**ون غس**لته اس**تقذارا كاألش**ياء ال**تي ت**زال من الث**وب كالنجاس**ة، ويك**ون ه**ذا جمع**ا بين األح**اديث. والل**ه أعلم. وق**ال مال**ك وأصحابه واألوزاعي: هو نجس. قال مال**ك: غس**ل االحتالم من الث**وب أم**ر واجب مجتمع عليه عندنا، وهو قول الكوفيين. ويروى عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وجابر بن س**مرة أنهم غس**لوه من ثي**ابهم. واختل**ف في**ه عن ابن عم**ر وعائش**ة. وعلى ه**ذين الق**ولين في نجاس**ة الم**ني وطهارت**ه

التابعون. @ في هذه اآلية دليل على جواز االنتفاع باأللبان من الشرب وغ**يره، فأم**ا لبن الميتة فال يجوز االنتف*اع ب*ه؛ ألن*ه م*انع ط*اهر حص*ل في وع*اء نجس، وذلك أن ضرع الميتة نجس واللبن طاهر فإذا حلب صار م**أخوذا من وع**اء نجس. فأما لبن المرأة الميتة فاختلف أصحابنا فيه، فمن قال: إن اإلنس**ان طاهر حيا وميتا فه**و ط**اهر. ومن ق**ال: ينجس ب**الموت فه**و نجس. وعلى القولين جميعا تثبت الحرمة؛ ألن الصبي قد يغتذي به كما يغتذي من الحية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وس**لم ق*ال: )الرض*اع م*ا أنبت اللحم

وأنشز العظم(. ولم يخص. @قول**ه تع**الى: "س**ائغا للش*اربين" أي لذي**ذا هين**ا ال يغص ب**ه من ش**ربه. يقال: ساغ الش**راب يس**وغ س**وغا أي س**هل مدخل**ه في الحل**ق، وأس**اغه شاربه، وسغته أنا أسيغه وأسوغه، يتع**دى، واألج**ود أس**غته إس**اغة. يق**ال: أسغ لي غص**تي أي أمهل**ني وال تعجل**ني؛ وق**ال تع**الى: "يتجرع**ه وال يك**اد

[. والسواغ - بكسر الس**ين - م**ا أس**غت ب**ه غص**تك.17يسيغه" ]إبراهيم: يقال: الماء سواغ الغصص؛ ومنه قول الكميت:

Page 72: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فكانت سواغا أن جئزت بغصة وروي أن اللبن لم يشرق به أحد قط، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه

وسلم. @ في هذه اآلية دليل على اس**تعمال الحالوة واألطعم**ة اللذي**ذة وتناوله**ا، وال يقال: إن ذلك يناقض الزهد أو يباعده، لكن إذا كان من وجهه ومن غ**ير سرف وال إكثار. وفي الصحيح عن أنس قال: لقد سقيت رسول الله ص**لى الله عليه وسلم بقدحي هذا الش**راب كل**ه: العس**ل والنبي**ذ واللبن والم**اء. وقد كره القراء أك**ل الف*الوذج واللبن من الطع*ام، وأباح**ه عام**ة العلم**اء. وروي عن الحسن أنه كان على مائدة ومعه مالك بن دينار، ف**أتى بف**الوذج فامتنع عن أكله، فقال له الحسن: كل فإن عليك في الماء الب**ارد أك**ثر من

هذا. @ روى أبو داود وغيره عن ابن عب**اس ق**ال: أتي رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم بلبن فشرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه. وإذا س**قي لبن**ا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدن**ا من**ه فإن**ه ليس ش**يء يج**زي عن الطع**ام والشراب إال اللبن(. قال علماؤنا: فكيف ال يكون ذلك وه**و أول م**ا يغت**ذي به اإلنسان وتنمي به الجثث واألبدان، فهو قوت خلي عن المفاسد به قوام األجسام، وقد جعله الله تعالى عالمة لجبريل على هداي**ة ه**ذه األم**ة ال**تي هي خير األمم أمة؛ فقال في الصحيح: )فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال لي جبريل اخترت الفطرة أما إنك ل**و اخ**ترت الخمر غوت أمتك(. ثم إن في الدعاء بالزيادة منه عالم**ة الخص**ب وظه**ور

الخيرات والبركات؛ فهو مبارك كله. }ومن ثمرات النخي**ل واألعن**اب تتخ**ذون من**ه س**كرا ورزق**ا67*اآلية: 3*

حسنا إن في ذلك آلية لقوم يعقلون{ @قوله تعالى: "ومن ثمرات النخي*ل" ق*ال الط*بري: التق*دير ومن ثم*رات النخيل واألعناب ما تتخذون؛ فح**ذف "م*ا" ودل على حذف**ه قول**ه: "من*ه". وقيل: المحذوف شيء، واألمر قريب. وقيل: معنى "منه" أي من المذكور، فال يكون في الكالم حذف وهو أولى. ويجوز أن يكون قوله: "ومن ثمرات" عطفا على "األنعام"؛ أي ولكم من ثمرات النخيل واألعن**اب ع**برة. ويج**وز أن يكون معطوفا على "مما" أي ونس**قيكم أيض**ا مش**روبات من ثم**رات. "سكرا" السكر ما يسكر؛ ه**ذا ه**و المش**هور في اللغ**ة. ق**ال ابن عب**اس: نزلت هذه اآلية قبل تحريم الخمر. وأراد بالسكر الخم**ر، وب**الرزق الحس**ن جميع ما يؤكل ويشرب حالال من هاتين الش**جرتين. وق**ال به**ذا الق**ول ابن جبير والنخعي والشعبي وأبو ثور. وقد قيل: إن السكر الخل بلغة الحبش**ة، والرزق الحسن الطعام. وقيل: السكر العصير الحلو الحالل، وسمي س**كرا ألنه قد يصير مسكرا إذا بقي، فإذا بلغ اإلسكار حرم. قال ابن العربي: أسد هذه األقوال قول ابن عباس، ويخرج ذلك على أحد معن**يين، إم**ا أن يك**ون ذلك قبل تحريم الخمر، وإم**ا أن يك**ون المع**نى: أنعم الل**ه عليكم بثم**رات النخيل واألعناب تتخذون منه ما حرم الل**ه عليكم اعت**داء منكم، وم**ا أح**ل لكم اتفاقا أو قصدا إلى منفعة أنفسكم. والصحيح أن ذلك كان قبل تح**ريم الخمر فتكون منسوخة؛ فإن هذه اآلية مكي**ة باتف**اق من العلم**اء، وتح**ريم

الخمر مدني.

Page 73: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

قلت: فعلى أن السكر الخمر أو العصير الحلو ال نس**خ، وتك**ون اآلي**ة محكمة وهو حسن. قال ابن عباس: الحبشة يس**مون الخ**ل الس**كر، إال أن الجمهور على أن الس**كر الخم**ر، منهم ابن مس**عود وابن عم**ر وأب**و رزين والحسن ومجاهد وابن أبي ليلى والكلبي وغيرهم ممن تقدم ذكرهم، كلهم قالوا: السكر ما حرمه الله من ثمرتيهما. وكذا قال أهل اللغة: السكر اسم

للخمر وما يسكر، وأنشدوا: بئس الص**حاة وبئس الش**رب ش**ربهم إذا ج**رى فيهم الم**زاء

والسكر والرزق الحسن: ما أحله الله من ثمرتيهما. وقيل: إن قول**ه "تتخ**ذون من**ه سكرا" خبر معناه االستفهام بمعنى اإلنكار، أي أتتخذون منه سكرا وتدعون

[34رزقا حسنا الخل والزبيب والتم**ر؛ كقول**ه: "فهم الخال**دون" ]األنبي**اء: أي أفهم الخالدون. والله أعلم. وقال أبو عبيدة: السكر الطعم؛ يق**ال: ه**ذا

سكر لك أي طعم. وأنشد: جعلت عيب األكرمين سكرا

أي جعلت ذمهم طعم**ا. وه**ذا اختي**ار الط**بري أن الس**كر م**ا يطعم من الطعام وحل شربه من ثمار النخيل واألعناب، وهو الرزق الحسن، فاللف*ظ مختلف والمعنى واحد؛ مثل "إنما أش**كو ب**ثي وح**زني إلى الل**ه" ]يوس**ف:

[ وه**ذا حس**ن وال نس**خ، إال أن الزج**اج ق**ال: ق**ول أبي عبي**دة ه**ذا ال86 يعرف، وأهل التفسير على خالفه، وال حجة له في البيت الذي أنش**ده؛ ألن معناه عند غيره أنه يصف أنها تتخمر بعيوب الناس. وقال الحنفيون: المراد بقول*ه: "س**كرا" م*ا ال يس*كر من األنب**ذة؛ وال*دليل علي**ه أن الل**ه س**بحانه وتعالى امتن على عباده بما خلق لهم من ذلك، وال يقع االمتن**ان إال بمحل**ل ال بمحرم، فيكون ذلك دليال على جواز ش*رب م*ا دون المس*كر من النبي*ذ، فإذا انتهى إلى السكر لم يجز، وعضدوا هذا من السنة بم**ا روي عن الن**بي صلى الل**ه علي**ه وس**لم أن**ه ق**ال: )ح**رم الل**ه الخم**ر بعينه**ا والس**كر من غيرها(. وبما رواه عبدالملك بن نافع عن ابن عمر قال: رأيت رجال جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند الركن، ودفع إليه القدح فرفع**ه إلى فيه فوجده شديدا فرده إلى صاحبه، فقال له حينئذ رجل من القوم: يا رسول الله، أحرام هو؟ فقال: )علي بالرجل( فأتى به فأخذ منه الق**دح، ثم دعا بماء فصبه فيه ثم رفعه إلى فيه فقطب، ثم دعا بماء أيضا فص**به في**ه ثم قال: )إذا اغتلمت عليكم هذه األوعية فاكسروا متونها بالماء(. وروي أنه عليه السالم كان ينبذ له فيشربه ذلك اليوم، فإذا ك**ان من الي**وم الث**اني أو الثالث سقاه الخادم إذا تغير، ولو كان حراما ما سقاه إياه. قال الطح**اوي: وق**د روى أب**و ع**ون الثقفي عن عبدالل**ه بن ش**داد عن ابن عب**اس ق**ال: حرمت الخمر بعينها القليل منها والكث**ير والس**كر من ك**ل ش**راب، خرج**ه الدارقطني أيضا. ففي هذا الحديث وما كان مثله، أن غير الخم**ر لم تح**رم عينه كما حرمت الخمر بعينها. قالوا: والخمر ش**راب العنب ال خالف فيه**ا، ومن حجتهم أيضا ما رواه شريك بن عبدالله، حدثنا أب**و إس**حاق الهم**داني عن عمرو بن ميمون قال قال عمر بن الخطاب: إنا نأكل لحوم ه**ذه اإلب**ل وليس يقطع**ه في بطونن**ا إال النبي**ذ. ق**ال ش**ريك: ورأيت الث**وري يش**رب النبيذ في بيت حبر أهل زمانه مالك بن مغول. والجواب أن قولهم: إن الله سبحانه وتعالى امتن على عباده وال يكون امتنانه إال بما أحل فص**حيح؛ بي**د

Page 74: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أنه يحتمل أن يكون ذلك قبل تحريم الخمر كما بيناه فيك**ون منس**وخا كم**ا قدمناه. قال ابن العربي: إن قيل كيف ينسخ هذا وهو خبر والخبر ال يدخل**ه النسخ، قلنا: هذا كالم من لم يتحقق الشريعة، وق**د بين**ا أن الخ**بر إذا ك**ان عن الوجود الحقيقي أو عن إعطاء ثواب فضال من الله فهو ال**ذي ال يدخل**ه النسخ، فأما إذا تضمن الخبر حكما شرعيا فاألحكام تتب**دل وتنس**خ، ج**اءت بخبر أو أمر، وال يرجع النسخ إلى نفس اللفظ وإنما يرج**ع إلى م**ا تض**منه، فإذا فهمتم هذا خرجتم عن الصنف الغبي الذي أخ**بر الل**ه عن الكف**ار في**ه بقوله: "وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل

[. المعنى أنهم جهل**وا أن ال**رب ي**أمر بم**ا101أكثرهم ال يعلمون" ]النحل: يشاء ويكلف ما يشاء، ويرفع من ذلك بعدل ما يشاء ويثبت ما يشاء وعنده

أم الكتاب. قلت: هذا تشنيع شنيع حتى يلحق فيه العلماء األخيار في قصور الفهم

بالكفار، والمسألة أصولية، وهي أن األخبار عن األحكام الشرعية هل يجوز نسخها أم ال؟ اختلف في ذلك، والصحيح جوازه لهذه اآلية وم**ا ك**ان مثله**ا، وألن الخ**بر عن مش**روعية حكم م**ا يتض**من طلب ذل*ك المش**روع، وذل**ك الطلب هو الحكم الشرعي الذي يستدل على نسخه. والل**ه أعلم. وأم**ا م**ا ذكروا من األحاديث فاألول والثاني ضعيفان؛ ألنه عليه السالم قد روي عن*ه بالنقل الثابت أنه قال: )كل شراب أسكر فه*و ح*رام( وق*ال: )ك*ل مس*كر خم**ر وك*ل مس**كر ح*رام( وق**ال: )م**ا أس**كر كث**يره فقليل**ه ح**رام(. ق**ال النسائي: وهؤالء أهل الثبت والعدالة مشهورون بصحة النقل، وعبدالملك ال يقوم مقام واحد منهم ولو عاضده من أشكاله جماعة، وبالله التوفيق. وأما الثالث وإن كان صحيحا فإنه ما كان يسقيه للخادم على أنه مس**كر، وإنم**ا كان يسقيه ألنه متغير الرائحة. وكان صلى الله عليه وسلم يك**ره أن توج**د منه الرائحة، فلذلك لم يشربه، ولذلك تحيل عليه أزواج**ه في عس**ل زبيب بأن قيل له: إنا نجد منك ريح مغافير، يعني ريحا منك**رة، فلم يش**ربه بع**د. وسيأتي في التحريم. وأما حديث ابن عباس فقد روي عنه خالف ذل**ك من رواية عطاء وطاوس ومجاهد أنه قال: ما أسكر كثيره فقليله ح**رام، ورواه عنه قيس بن دينار. وكذلك فتياه في المسكر؛ قاله ال**دارقطني. والح**ديث األول رواه عنه عبدالله بن شداد وقد خالفه الجماعة، فسقط القول به مع ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأما ما روي عن عم**ر من قول**ه: ليس يقطعه في بطوننا إال النبيذ، فإنه يريد غير المس**كر ب**دليل م**ا ذكرن**ا. وقد روى النسائي عن عتبة بن فرقد قال: كان النبيذ الذي ش**ربه عم**ر بن الخطاب قد خلل. قال النسائي: ومما يدل على صحة هذا حديث الس**ائب، قال الحارث بن مسكين قراءة علي**ه وأن**ا أس**مع عن ابن القاس**م: ح**دثني مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد، أنه أخبره أن عمر بن الخط**اب خ**رج عليهم فق**ال: إني وج**دت من فالن ريح ش**راب، ف**زعم أن**ه ش**راب الطالء، وأنا سائل عما شرب، ف**إن ك**ان مس**كرا جلدت**ه، فجل**ده عم**ر بن الخطاب رضي الله عنه الحد تاما. وقد قال في خطبت**ه على من**بر رس**ول الله صلى الله عليه وسلم: أما بع**د، أيه**ا الن**اس فإن**ه ن**زل تح**ريم الخم**ر وهي من خمسة: من العنب والعسل والتمر والحنطة والشعير. والخمر م**ا

خامر العقل. وقد تقدم في "المائدة".

Page 75: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فإن قيل: فقد أحل شربه إبراهيم النخعي وأب**و جعف**ر الطح**اوي وك**ان إمام أهل زمانه، وكان سفيان الثوري يشربه. قلنا: ذكر النسائي في كتاب**ه أن أول من أحل المسكر من األنبذة إبراهيم النخعي، وهذه زل**ة من ع**الم وقد حذرنا من زلة العالم، وال حجة في قول أحد مع السنة. وذكر النس**ائي أيض**ا عن ابن المب**ارك ق**ال: م**ا وج**دت الرخص**ة في المس**كر عن أح**د ص**حيحا إال عن إب**راهيم. ق**ال أب**و أس**امة: م**ا رأيت رجال أطلب للعلم من عبدالل**ه بن المب**ارك الش**امات ومص**ر واليمن والحج**از. وأم**ا الطح**اوي وسفيان لو صح ذلك عنهما لم يحتج بهما على من خالفهم**ا من األئم**ة في تحريم المسكر مع ما ثبت من السنة؛ على أن الطحاوي قد ذكر في كتاب**ه الكبير في االختالف خالف ذلك. قال أبو عمر بن عبدالبر في كتاب التمهي**د له: قال أبو جعفر الطح**اوي اتفقت األم**ة على أن عص**ير العنب إذا اش**تد وغلى وقذف بالزبد فهو خمر ومستحله كافر. واختلف**وا في نقي**ع التم**ر إذا غلى وأسكر. قال: فهذا ي**دلك على أن ح**ديث يح**يى بن أبي كث**ير عن أبي هري**رة عن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم أن**ه ق**ال: )الخم**ر من ه**اتين الشجرتين النخلة والعنب( غير معمول به عن*دهم؛ ألنهم ل*و قبل*وا الح**ديث لكفروا مستحل نقيع التمر، فثبت أن**ه لم ي**دخل في الخم**ر المحرم**ة غ**ير عصير العنب الذي قد اشتد وبلغ أن يسكر. ق**ال: ثم ال يخل**و من أن يك**ون التحريم معلقا بها فق**ط غ**ير مقيس عليه**ا غيره**ا أو يجب القي**اس عليه**ا، فوجدناهم جميعا قد قاسوا عليها نقيع التمر إذا غلى وأسكر كث**يره وك**ذلك نقيع الزبيب. ق**ال: ف**وجب قياس**ا على ذل**ك أن يح**رم ك**ل م**ا أس**كر من األشربة. قال: وقد روي عن النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم أن**ه ق**ال: )ك**ل مسكر حرام( واستغنى عن مسنده لقبول الجمي*ع ل*ه، وإنم*ا الخالف بينهم في تأويله، فقال بعضهم: أراد به جنس ما يسكر. وقال بعضهم: أراد به م**ا

يقع السكر عنده كما ال يسمى قاتال إال مع وجود القتل. قلت: فهذا يدل على أنه محرم عند الطحاوي لقوله، فوجب قياسا على

ذلك أن يحرم كل ما أسكر من األش**ربة. وق**د روى ال**دارقطني في س**ننه عن عائشة رضي الله عنه**ا أنه**ا ق**الت: إن الل**ه لم يح**رم الخم**ر الس**مها وإنما حرمها لعاقبتها، فكل شراب يكون عاقبته كعاقب**ة الخم**ر فه**و ح**رام كتحريم الخم*ر. ق*ال ابن المن**ذر: وج*اء أه*ل الكوف*ة بأخب*ار معلول*ة، وإذا اختلف الناس في الشيء وجب رد ذلك إلى كتاب الله وسنة رس**وله علي**ه السالم، وما روي عن بعض التابعين أنه شرب الشراب الذي يس**كر كث**يره فللقوم ذنوب يستغفرون الله منها، وليس يخلو ذلك من أح**د معن**يين: إم**ا مخطئ أخطأ في التأويل على حديث سمعه، أو رجل أتى ذنبا لعله أن يكثر من االستغفار لله تع*الى، والن*بي ص*لى الل*ه علي*ه وس*لم حج*ة الل**ه على األولين واآلخرين من هذه األمة. وقد قيل في تأويل اآلية: إنه*ا إنم*ا ذك*رت لالعتبار، أي من قدر على خلق هذه األشياء قادر على البعث، وهذا االعتبار ال يختل**ف ب**أن ك**انت الخم**ر حالال أو حرام**ا، فاتخ**اذ الس**كر ال ي**دل على التحريم، وهو كما قال تعالى: "قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس" ]البق**رة:

[. والله أعلم.219 }وأوحى رب*ك إلى النح**ل أن اتخ**ذي من الجب**ال بيوت*ا ومن68*اآلي*ة: 3*

الشجر ومما يعرشون{

Page 76: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "وأوحى ربك إلى النحل" قد مضى القول في ال**وحي وأن**ه قد يكون بمعنى اإللهام، وهو ما يخلقه الله تعالى في القلب ابتداء من غير سبب ظاهر، وهو من قوله تع**الى: "ونفس وم**ا س**واها. فألهمه**ا فجوره**ا

[. ومن ذلك البهائم وما يخلق الله سبحانه فيها8 -* 7وتقواها" ]الشمس: من درك منافعها واجتناب مضارها وتدبير معاشها. وقد أخبر عز وجل بذلك

-** 4عن الموت فقال: "تحدث أخبارها. بأن ربك أوحى لها" ]الزلزل**ة: 5.] قال إبراهيم الحربي. لله ع*ز وج*ل في الم**وات ق**درة لم ي**در م**ا هي، لم يأتها رسول من عند الله ولكن الله تعالى عرفها ذلك؛ أي ألهمها. وال خالف بين المت**أولين أن ال**وحي هن**ا بمع**نى اإلله*ام. وق**رأ يح**يى بن وث**اب "إلى النحل" بفتح الحاء. وسمي نحال ألن الله عز وجل نحله العسل الذي يخ**رج منه؛ قاله الزجاج. الجوهري: والنحل والنحلة الدبر يقع على الذكر واألن**ثى، حتى يقال: يعسوب. والنحل يؤنث في لغ*ة أه*ل الحج**از، وك*ل جم**ع ليس بينه وبين واحده إال الهاء. وروي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ق**ال: )ال**ذبان كله**ا في الن**ار يجعله**ا ع**ذابا أله**ل الن**ار إال النح**ل( ذك**ره الترم**ذي الحكيم في ن**وادر األص**ول. وروي عن ابن عب**اس ق**ال: نهى رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم عن قت**ل النمل**ة والنحل**ة والهدهد والصرد، خرجه أبو داود أيضا، وسيأتي في "النم**ل" إن ش**اء الل**ه تعالى. "أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر" هذا إذا لم يكن لها مال**ك. وجعل الله بيوت النحل في هذه الثالثة األنواع، إما في الجبال وكواها، وإما في متج**وف األش**جار، وإم**ا فيم**ا يع**رش ابن آدم من اإلجب**اح والخالي**ا والحيطان وغيرها. وعرش معناه هنا هيأ، وأكثر ما يستعمل فيما يك**ون من إتقان األغصان والخشب وترتيب ظاللها؛ ومنه العريش الذي ص**نع لرس**ول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ومن هذا لفظة الع*رش. يق*ال: ع*رش يعرش ويعرش ]بكسر الراء وضمها[، وق**رئ بهم**ا. ق**رأ ابن ع**امر بالض**م

وسائرهم بالكسر، واختلف في ذلك عن عاصم. قال ابن العربي: ومن عجيب ما خلق الله في النحل أن ألهمها التخاذ

بيوتها مسدسة، فبذلك اتصلت ح**تى ص**ارت كالقطع**ة الواح**دة، وذل**ك أن األشكال من المثلث إلى المعش**ر إذا جم**ع ك**ل واح**د منه**ا إلى أمثال**ه لم يتصل وجاءت بينهما فرج، إال الشكل المس*دس؛ فإن*ه إذا جم*ع إلى أمثال*ه

اتصل كأنه كالقطعة الواحدة. }ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذلال يخ**رج من69*اآلية: 3*

بطونها ش**راب مختل**ف ألوان**ه في**ه ش**فاء للن**اس إن في ذل**ك آلي**ة لق**وميتفكرون{

@قوله تعالى: "ثم كلي من كل الثمرات" وذلك أنها إنم**ا تأك**ل الن**وار من األشجار. "فاسلكي سبل ربك" أي طرق ربك. والس**بل: الط**رق، وأض**افها إلي**ه ألن**ه خالقه**ا. أي ادخلي ط**رق رب**ك لطلب ال**رزق في الجب**ال وخالل الشجر. "ذلال" جمع ذلول وهو المنقاد؛ أي مطيعة مسخرة. ف*** "ذلال" ح**ال من النحل. أي تنقاد وت**ذهب حيث ش**اء ص**احبها؛ ألنه**ا تتب**ع أص**حابها حيث ذهبوا؛ قاله ابن زيد. وقيل: المراد بقوله "ذلال" السبل. يقول: مذلل طرقها سهلة للسلوك عليها؛ واختاره الطبري، و"ذلال" حال من السبل. واليعسوب

سيد النحل، إذا وقف وقفت وإذا سار سارت.

Page 77: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "يخرج من بطونها ش**راب" رج**ع الخط**اب إلى الخ**بر على جهة تعديد النعمة والتنبيه على العبرة فق**ال: "يخ**رج من بطونه**ا ش**راب" يعني العسل. وجمهور الناس على أن العسل يخرج من أفواه النحل؛ وورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في تحقيره لل**دنيا: أش**رف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة، وأشرف شرابه رجيع نحلة. فظاهر هذا أن**ه من غير الفم. وبالجملة فإنه يخ*رج وال ي*درى من فيه*ا أو أس**فلها، ولكن ال يتم صالحه إال بحمي أنفاسها. وقد صنع أرسطاطاليس بيتا من زجاج لينظر إلى كيفية ما تصنع، ف**أبت أن تعم**ل ح**تى لطخت ب**اطن الزج**اج ب**الطين؛ ذكره الغزنوي. وقال: "من بطونها" ألن اس*تحالة األطعم*ة ال تك**ون إال في

البطن. @قوله تعالى: "مختلف ألوانه" يريد أنواع**ه من األحم**ر واألبيض واألص**فر والجام**د والس**ائل، واألم واح**دة واألوالد مختلف**ون دلي**ل على أن الق**درة نوعته بحسب تنويع الغذاء، كم**ا يختل**ف طعم**ه بحس**ب اختالف الم*راعي؛ ومن هذا المعنى قول زينب للنبي صلى الله علي**ه وس**لم: )جرس**ت نحل**ه

العرفط( حين شبهت رائحته برائحة المغافير. @قوله تعالى: "فيه شفاء للناس" الضمير للعسل؛ ق**ال الجمه**ور. أي في العسل ش**فاء للن**اس. وروي عن ابن عب*اس والحس*ن ومجاه*د والض*حاك والفراء وابن كيسان: الضمير للقرآن؛ أي في القرآن شفاء. النحاس: وهذا قول حس**ن؛ أو فيم**ا قصص**نا عليكم من اآلي**ات وال**براهين ش**فاء للن**اس. وقي**ل: العس**ل في**ه ش**فاء، وه**ذا الق**ول بين أيض**ا؛ ألن أك**ثر األش**ربة والمعجونات التي يتعالج بها أصلها من العس**ل. ق**ال القاض**ي أب**و بك**ر بن العربي: من قال إنه القرآن بعيد ما أراه يصح عنهم، ولو صح نقال لم يص**ح عقال؛ ف**إن مس**اق الكالم كل**ه للعس**ل، ليس للق**رآن في**ه ذك**ر. ق**ال ابن عطية: وذهب قوم من أهل الجهالة إلى أن هذه اآلية ي**راد به**ا أه**ل ال**بيت وبنو هاشم، وأنهم النح*ل، وأن الش*راب الق*رآن والحكم*ة، وق**د ذك*ر ه*ذا بعض**هم في مجلس المنص**ور أبي جعف**ر العباس**ي، فق**ال ل**ه رج**ل ممن حض**ر: جع**ل الل**ه طعام**ك وش**رابك مم**ا يخ**رج من بط**ون ب**ني هاش**م،

فأضحك الحاضرين وبهت اآلخر وظهرت سخافة قوله. @ اختلف العلماء في قوله تعالى: "فيه شفاء للناس" هل هو على عمومه أم ال؛ فقالت طائفة: هو على العموم في كل حال ولك**ل أح**د، ف**روي عن ابن عمر أنه كان ال يشكو قرحة وال شيئا إال جعل عليه عسال، ح**تى ال**دمل إذا خرج علي**ه طلى علي**ه عس**ال. وحكى النق**اش عن أبي وج**رة أن**ه ك**ان يكتحل بالعسل ويستمشي بالعسل ويت**داوى بالعس**ل. وروي أن ع**وف بن مالك األشجعي مرض فقيل له: أال نعالجك؟ فقال: ائتوني بالماء، فإن الل**ه

[ ثم ق**ال: ائت**وني9تع**الى يق**ول: "ونزلن**ا من الس**ماء م**اء مبارك**ا" ]ق: بعسل، فإن الله تعالى يقول: "فيه شفاء للناس" وائتوني بزيت، ف**إن الل**ه

[ فج**اؤوه ب**ذلك كل**ه فخلط*ه35تعالى يقول: "من شجرة مباركة" ]النور: جميعا ثم شربه فبرئ. ومنهم من ق**ال: إن**ه على العم**وم إذا خل**ط بالخ**ل ويطبخ فيأتي شرابا ينتفع به في كل حالة من ك**ل داء. وق**الت طائف**ة: إن ذلك على الخصوص وال يقتضي العموم في كل عل*ة وفي ك*ل إنس*ان، ب*ل إنه خبر عن أنه يشفي كما يشفي غ**يره من األدوي**ة في بعض وعلى ح**ال دون حال؛ ففائدة اآلية إخبار منه في أن**ه دواء لم**ا ك**ثر الش**فاء ب**ه وص**ار

Page 78: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

خليطا ومعينا لألدوية في األشربة والمعاجين؛ وليس هذا بأول لفظ خص**ص فالقرآن مملوء من**ه ولغ**ة الع**رب ي**أتي فيه**ا الع**ام كث**يرا بمع**نى الخ**اص والخاص بمعنى العام. ومما ي**دل على أن**ه ليس على العم**وم أن "ش**فاء" نكرة في سياق اإلثبات، وال عموم فيها باتفاق أه*ل اللس**ان ومحققي أه**ل العلم ومختلقي أه**ل األص**ول. لكن ق**د حملت**ه طائف**ة من أه**ل الص**دق والعزم على العموم. فكانوا يستشفون بالعسل من كل األوجاع واألمراض، وك*انوا يش*فون من عللهم ببرك*ة الق*رآن وبص*حة التص*ديق واإليق*ان. ابن العربي: ومن ضعفت نيته وغلبته على الدين عادته أخذه مفهوما على قول

األطباء، والكل من حكم الفعال لما يشاء. @ إن قال قائل: قد رأينا من ينفعه العسل ومن يضره، فكيف يكون شفاء للناس؟ قيل له: الماء حياة كل شيء وق**د رأين**ا من يقتل**ه الم**اء إذا أخ**ذه على ما يضاده من علة في البدن، وقد رأين**ا ش**فاء العس**ل في أك*ثر ه**ذه األشربة؛ قال معناه الزجاج. وقد اتف**ق األطب**اء عن بك**رة أبيهم على م**دح عم**وم منفع**ة الس**كنجبين في ك**ل م**رض، وأص**له العس**ل وك**ذلك س**ائر المعجونات، على أن النبي صلى الله علي**ه وس**لم ق**د حس**م داء اإلش**كال وأزاح وجه االحتمال حين أم**ر ال**ذي يش**تكي بطن**ه بش**رب العس**ل، فلم**ا أخبره أخوه بأنه لم يزده إال استطالقا أمره بعود الشراب له فبرئ؛ وق**ال:

)صدق الله وكذب بطن أخيك(. اعترض بعض زنادق*ة األطب*اء على ه**ذا الح**ديث فق*ال: ق*د أجمعت

األطباء على أن العسل يسهل فكيف يوصف لمن به اإلسهال؛ فالجواب أن ذلك الق*ول ح*ق في نفس*ه لمن حص*ل ل*ه التص*ديق بنبي**ه علي*ه الس*الم، فيستعمله على الوجه الذي عينه وفي المحل الذي أمره بعقد ني**ة وحس**ن طوية، فإنه يرى منفعته ويدرك بركته، كما قد اتف**ق لص**احب ه**ذا العس**ل وغيره كما تقدم. وأما ما حكي من اإلجماع فدليل على جهل**ه بالنق**ل حيث لم يقي**د وأطل**ق. ق**ال اإلم**ام أب**و عبدالل**ه الم**ازري: ينبغي أن يعلم أن اإلس**هال يع**رض من ض**روب كث**يرة، منه**ا اإلس**هال الح**ادث عن التخم والهيض**ات؛ واألطب**اء مجمع**ون في مث**ل ه**ذا على أن عالج**ه ب**أن ي**ترك للطبيع**ة وفعله**ا، وإن احت**اجت إلى معين على اإلس**هال أعينت م**ا دامت القوة باقية، فأما حبسها فضرر، فإذا وضح هذا قلنا: فيمكن أن يك**ون ذل**ك الرجل أصابه اإلسهال عن امتالء وهيضة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بشرب العسل فزاده إلى أن فنيت المادة فوقف اإلس**هال فوافق**ه ش**رب العسل. فإذا خرج هذا عن ص**ناعة الطب أذن ذل**ك بجه*ل المع**ترض بتل**ك الصناعة. قال: ولسنا نستظهر على قول نبينا ب**أن يص**دقه األطب**اء ب**ل ل**و كذبوه لكذبناهم ولكفرناهم وصدقناه صلى الله عليه وس**لم؛ ف**إن أوج**دونا بالمشاهدة صحة ما قالوه فنفتقر حينئذ إلى تأويل كالم رس**ول الل**ه ص**لىالله عليه وسلم وتخريجه على ما يصح إذ قامت الداللة على أنه ال يكذب. @في قوله تعالى: "في**ه ش**فاء للن**اس" دلي**ل على ج**واز التع**الج بش**رب الدواء وغ**ير ذل**ك خالف**ا لمن ك**ره ذل**ك من جل**ة العلم**اء، وه**و ي**رد على الصوفية الذين يزعمون أن الوالية ال تتم إال إذا رضي بجميع ما نزل ب**ه من البالء، وال يجوز له مداواة. وال معنى لمن أنكر ذلك، روى الصحيح عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )لك*ل داء دواء ف*إذا أص*يب دواء الداء برأ بإذن الله(. وروى أب*و داود والترم*ذي عن أس*امة بن ش*ريك

Page 79: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

قال قالت األعراب: أال نت**داوى ي**ا رس**ول الل**ه؟ ق**ال: )نعم. ي**ا عب**اد الل**ه تداووا فإن الله لم يضع داء إال وضع له شفاء أو دواء إال داء واحد( قالوا: يا رسول الله وما ه*و؟ ق*ال: )اله*رم( لف*ظ الترم*ذي، وق*ال: ح*ديث حس*ن صحيح. وروي عن أبي خزامة عن أبيه قال: سألت رسول الل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم فقلت: يا رسول الل**ه، أرأيت رقى نس**ترقيها ودواء نت**داوى ب**ه وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الل**ه ش**يئا؟ ق**ال: )هي من ق**در الل**ه( ق**ال: حديث حسن، وال يعرف ألبي خزام*ة غ**ير ه*ذا الح*ديث. وق*ال ص*لى الل*ه عليه وس**لم: )إن ك*ان في ش**يء من أدويتكم خ*ير ففي ش**رطة محجم أو ش**ربة من عس**ل أو لذع**ة بن**ار وم**ا أحب أن أكت**وي( أخرج**ه الص**حيح. واألح**اديث في ه**ذا الب**اب أك**ثر من أن تحص**ى. وعلى إباح**ة الت**داوي واالسترقاء جمهور العلماء. روي أن ابن عمر اكت**وى من اللق**وة ورقي من العقرب. وعن ابن سيرين أن ابن عم**ر ك**ان يس**قي ول**ده التري**اق. وق**ال مالك: ال بأس بذلك. وقد احتج من كره ذلك بما رواه أبو هريرة ق**ال: ق**ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )دخلت أمة بقضها وقضيضها الجنة كانوا ال يسرقون وال يكتوون وال يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون(. قالوا: ف**الواجب على المؤمن أن يترك ذلك اعتصاما بالله وت**وكال علي**ه وثق**ة ب**ه وانقطاع**ا إليه؛ فإن الله تعالى قد علم أيام المرض وأيام الص**حة فل**و ح**رص الخل**ق على تقليل ذلك أو زيادته ما قدروا؛ قال الله تعالى: "ما أصاب من مص**يبة

[.22في األرض وال في أنفسكم إال في كتاب من قبل أن نبرأها" ]الحديد: وممن ذهب إلى هذا جماعة من أهل الفضل واألثر، وهو ق**ول ابن مس**عود وأبي الدرداء رضوان الله عليهم. دخل عثم**ان بن عف**ان على ابن مس**عود في مرضه الذي قبض فيه فقال له عثمان: ما تشتكي؟ ق*ال ذن**وبي. ق*ال: فما تش**تهي؟ ق**ال رحم**ة ربي. ق**ال: أال أدع**و ل**ك طبيب**ا؟ ق**ال: الط**بيب أمرضني... وذكر الحديث. وسيأتي بكماله في فضل الواقع**ة إن ش**اء الل**ه تعالى. وذكر وكيع قال: حدثنا أبو هالل عن معاوية بن قرة قال: م**رض أب**و الدرداء فعادوه وقالوا: أال ندعو لك طبيب**ا؟ ق**ال: الط**بيب أض**جعني. وإلى هذا ذهب الربيع بن خيثم. وكره سعيد بن جبير الرقى. وكان الحسن يك**ره شرب األدوية كلها إال اللبن والعس*ل. وأج*اب األول*ون عن الح**ديث بأن**ه ال حجة فيه، ألنه يحتمل أن يكون قصد إلى ن**وع من الكي مك**روه ب**دليل كي النبي صلى الله عليه وسلم أبيا يوم األحزاب على أكحله لم**ا رمي. وق**ال: )الشفاء في ثالثة( كما تقدم. ويحتمل أن يكون قصد إلى ال**رقى بم**ا ليس في كتاب الله، وقد قال سبحانه وتعالى: "وننزل من القرآن ما ه**و ش**فاء"

[ على ما يأتي بيانه. ورقى أصحابه وأمرهم بالرقي**ة؛ على م**ا82]اإلسراء: يأتي بيانه.

@ ذهب مال**ك وجماع**ة أص**حابه إلى أن ال زك**اة في العس**ل وإن ك**ان مطعوما مقتاتا. واختل**ف في**ه ق**ول الش**افعي، وال**ذي قط**ع ب**ه في قول**ه الجديد: أنه ال زكاة فيه. وقال أب**و حنيف**ة بوج**وب زك**اة العس**ل في قليل**ه وكثيره؛ ألن النصاب عنده في**ه ليس بش**رط. وق**ال محم**د بن الحس**ن: ال شيء فيه حتى يبل ثمانية أفراق، والف**رق س**تة وثالث**ون رطال من أرط**ال العراق. وقال أبو يوس**ف: في ك**ل عش**رة أزق**اق زق؛ متمس**كا بم**ا رواه الترمذي عن ابن عمر قال قال رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )في العسل في كل عشرة أزقاق زق( قال أبو عيس**ى: في إس**ناده مق**ال، وال

Page 80: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الب**اب كب**ير ش**يء، والعم**ل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول أحم**د وإس**حاق، وق**ال بعض أه**ل

العلم: ليس في العسل شيء. @قوله تعالى: "إن في ذلك آلية لقوم يتفكرون" أي يعتبرون؛ ومن الع**برة في النحل بإنصاف النظر وإلطاف الفكر في عجيب أمره**ا. فيش**هد اليقين بأن ملهمها الصنعة اللطيفة مع البنية الضعيفة، وحذقها باحتيالها في تفاوت أحواله**ا ه**و الل**ه س**بحانه وتع**الى؛ كم**ا ق**ال: "وأوحى رب**ك إلى النح**ل"

[ اآلية. ثم أنها تأكل الحامض والمر والحلو والمالح والحش**ائش68]النحل: الضارة، فيجعله الله تعالى عسال حلوا وشفاء، وفي هذا دليل على قدرته.

}والل**ه خلقكم ثم يتوف**اكم ومنكم من ي**رد إلى أرذل العم**ر70*اآلية: 3*لكي ال يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير{

@قوله تعالى: "والله خلقكم ثم يتوفاكم" بين معناه. "ومنكم من ي**رد إلى أرذل العمر" يعني أردأه وأوضعه. وقيل: الذي ينقص قوته وعقل**ه ويص**يره إلى الخ**رف ونح**وه. وق**ال ابن عب**اس: يع**ني إلى أس**فل العم**ر، يص**ير كالصبي الذي ال عقل له؛ والمعنى متقارب. وفي صحيح البخ**اري عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم يتع**وذ يق**ول: )اللهم إني أعوذ بك من الكسل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من اله**رم وأع**وذ بك من البخل(. وفي ح**ديث س**عد بن أبي وق**اص )وأع**وذ ب**ك أن أرد إلى أرذل العمر( الحديث. خرجه البخاري. "لكي ال يعلم بعد علم ش**يئا إن الل**ه عليم قدير" أي يرج*ع إلى حال**ة الطفولي**ة فال يعلم م**ا ك*ان يعلم قب**ل من األمور لفرط الكبر. وقد قيل: ه**ذا ال يك**ون للم**ؤمن، ألن الم**ؤمن ال ي**نزع عنه علمه. وقيل: المعنى لكيال يعمل بعد علم شيئا؛ فعبر عن العمل بالعلم الفتقاره إليه؛ ألن تأثير الكبر في عمله أبلغ من تأثيره في علم**ه. والمع**نى المقصود االحتجاج على منكري البعث، أي الذي رده إلى هذه الح**ال ق**ادر

على أن يميته ثم يحييه. }والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فض**لوا71*اآلية: 3*

برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون{ @قوله تعالى: "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق" أي جع**ل منكم غنيا وحرا وعبدا. "فما الذين فضلوا" أي في الرزق. "برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم" أي ال يرد المولى على ما ملكت يمينه مما رزق شيئا ح**تى يستوي المملوك والمالك في المال. وهذا مثل ضربه الل**ه لعب**دة األص**نام، أي إذا لم يكن عبيدكم معكم سواء فكيف تجعلون عبيدي معي سواء؛ فلما لم يكن يشركهم عبيدهم في أموالهم لم يجز لهم أن يش**اركوا الل**ه تع**الى في عبادة غيره من األوثان واألنصاب وغيرهما مما عبد؛ كالمالئكة واألنبي**اء وهم عبيده وخلقه. حكى معناه الطبري، وقاله ابن عباس ومجاه**د وقت**ادة وغيرهم. وعن ابن عباس أيض**ا أنه**ا ن**زلت في نص**ارى نج**ران حين ق**الوا عيسى ابن الله فقال الله لهم "فم**ا ال**ذين فض**لوا ب**رادي رزقهم على م**ا ملكت أيمانهم" أي ال يرد المولى على ما ملكت يمينه مما رزق حتى يكون المولى والعبد في المال ش**رعا س**واء، فكي**ف ترض**ون لي م**ا ال ترض**ون ألنفس**كم فتجعل**ون لي ول**دا من عبي**دي. ونظيره**ا "ض**رب لكم مثال من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في م**ا رزقن**اكم ف**أنتم

Page 81: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[ على م**ا ي**أتي. ودل ه**ذا على أن العب**د ال يمل**ك،28فيه سواء" ]ال**روم: على ما يأتي أنفا.

}والل***ه جع***ل لكم من أنفس**كم أزواج***ا وجع***ل لكم من72*اآلي***ة: 3* أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعم**ة الل**ه

هم يكفرون{ @قوله تعالى: "والله جع**ل لكم من أنفس**كم أزواج**ا" جع**ل بمع**نى خل**ق "من أنفسكم أزواجا" يعني آدم خلق منه ح**واء. وقي**ل: المع**نى جع**ل لكم من أنفس**كم، أي من جنس**كم ون**وعكم وعلى خلقتكم؛ كم**ا ق**ال: "لق**د

[ أي من اآلدم**يين. وفي ه**ذا رد128جاءكم رسول من أنفسكم" ]التوب**ة: على العرب التي كانت تعتقد أنها كانت تزوج الجن وتباضعها، حتى روي أن عمرو بن هند تزوج منهم غوال وكان يخبؤها عن البرق لئال تراه فتنفر، فلما كان في بعض الليالي لمع البرق وعاينته الس**عالة فق**الت: عم**رو ونف**رت، فلم يرها أبدا. وهذا من أكاذيبها، وإن كان جائزا في حكم الله وحكمته فهو رد على الفالسفة الذين ينكرون وج**ود الجن ويحيل**ون طع**امهم. "أزواج**ا" زوج الرجل هي ثانيته، فإنه فرد فإذا انضافت إليه كانا زوجين، وإنما جعلت

اإلضافة إليه دونها ألنه أصلها في الوجود كما تقدم. @قوله تعالى: "وجعل لكم من أزواجكم بنين" ظاهر في تعديد النعم**ة في األبناء، ووجود األبناء يكون منهما معا؛ ولكن**ه لم**ا ك**ان خل**ق المول**ود فيه**ا وانفصاله عنها أضيف إليها، ولذلك تبعها في الرق والحرية وصار مثله**ا في المالية. قال ابن العربي: سمعت إمام الحنابل**ة بمدين**ة الس**الم أب**ا الوف**اء علي بن عقيل يقول: إنما تبع الولد األم في المالية وصار بحكمها في الرق والحرية؛ ألنه انفصل عن األب نطفة ال قيمة ل**ه وال مالي**ة في**ه وال منفع**ة، وإنما اكتسب ما اكتسب بها ومنها فألجل ذلك تبعها. كما لو أكل رجل تم**را في أرض رجل وسقطت منه نواة في األرض من ي**د اآلك**ل فص**ارت نخل**ة فإنها ملك صاحب األرض دون اآلك*ل بإجم*اع من األم*ة ألنه*ا انفص**لت عن

اآلكل وال قيمة لها. @قوله تعالى: "وحفدة" روى ابن القاسم عن مالك قال وسألته عن قول**ه تعالى: "بنين وحفدة" ق*ال: الحف*دة الخ**دم واألع*وان في رأيي. وروي عن ابن عباس في قول*ه تع*الى: "وحف*دة" ق*ال هم األع*وان، من أعان*ك فق*د حفدك. قيل له: فهل تعرف العرب ذل**ك؟ ق**ال نعم وتق**ول أو م**ا س**معت

قول الشاعر: حفد الوالئد حولهن وأسلمت بأكفهن أزمة األجمال

أي أسرعن الخدمة. والوالئد: الخدم، الواحدة وليدة؛ قال األعشى: كلفت مجهولها نوقا يمانية إذا الحداة على أكسائها حفدوا

أي أسرعوا. وقال ابن عرفة: الحفدة عند العرب األعوان، فك**ل من عم**ل عمال أطاع فيه وسارع فهو حافد، قال: ومن**ه ق**ولهم إلي**ك نس**عى ونحف**د، والحفدان السرعة. قال أبو عبيد: الحفد العمل والخدمة. وق**ال الخلي**ل بن أحم**د: الحف*دة عن**د الع*رب الخ**دم، وقال*ه مجاه*د. وق**ال األزه*ري: قي**ل الحفدة أوالد األوالد. وروي عن ابن عباس. وقيل األختان؛ قاله ابن مس**عود

وعلقمة وأبو الضحاك وسعيد بن جبير وإبراهيم؛ ومنه قول الشاعر: فلو أن نفسي طاوعتني ألصبحت لها حفد ما يعد كثير ولكنها نفس علي أبية عيوف إلصهار اللئام قذور

Page 82: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وروى زر عن عبدالل**ه ق**ال: الحف**دة األص**هار؛ وقال**ه إب**راهيم، والمع**نى متقارب. قال األصمعي: الختن من كان من قبل المرأة، مث**ل أبيه*ا وأخيه*ا وم**ا أش**بههما؛ واألص**هار منه**ا جميع**ا. يق**ال: أص**هر فالن إلى ب**ني فالن وصاهر. وق**ول عبدالل**ه هم األخت**ان، يحتم**ل المعن**يين جميع**ا. يحتم**ل أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبهه من أقربائها، ويحتمل أن يك**ون أراد وجع**ل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوجونهن، فيكون لكم بسببهن أختان. وق**ال عكرمة: الحفدة من نفع الرج**ال من ول**ده؛ وأص**له من حف**د يحف**د - بفتح العين في الماضي وكسرها في المستقبل - إذا أسرع في سيره؛ كما ق**ال

كثير: حفد الوالئد بينهن... البيت

ويقال: حفدت وأحفدت، لغتان إذا خدمت. ويقال: حافد وحف*د؛ مث**ل خ*ادم وخدم، وحافد وحفدة مثل كافر وكفرة. قال المه**دوي: ومن جع**ل الحف**دة الخدم جعله منقطعا مما قبله ينوي به التقديم؛ كأنه قال: جع**ل لكم حف**دة

وجعل لكم من أزواجكم بنين. قلت: ما قال األزهري من أن الحفدة أوالد األوالد هو ظاهر القرآن بل

نص**ه؛ أال ت**رى أن**ه ق**ال: "وجع**ل لكم من أزواجكم ب**نين وحف**دة" فجع**ل الحفدة والب**نين منهن. وق**ال ابن الع**ربي: األظه**ر عن**دي في قول**ه "ب**نين وحفدة" أن البنين أوالد الرجل لصلبه والحفدة أوالد ول**ده، وليس في ق**وة اللفظ أكثر من هذا، ويكون تقدير اآلية على ه**ذا: وجع**ل لكم من أزواجكم

بنين ومن البنين حفدة. وقال معناه الحسن. @ إذا فرعنا على قول مجاهد وابن عباس ومالك وعلماء اللغة في ق**ولهم إن الحفدة الخدم واألعوان، فقد خرجت خدمة الول**د والزوج**ة من الق**رآن بأبدع بيان؛ قاله ابن العربي. روي البخاري وغيره عن سهل بن سعد أن أبا أسيد الساعدي دعا النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم لعرس**ه فك**انت امرأت**ه خادمهم... الحديث، وفي الصحيح عن عائش**ة ق**الت: أن**ا فتلت قالئ**د ب**دن النبي صلى الله عليه وسلم بيدي. الحديث. وله**ذا ق**ال علماؤن**ا: عليه**ا أن تفرش الفراش وتطبخ القدر وتقم الدار، بحسب حالها وع**ادة مثله**ا؛ ق**ال

[ فكأن**ه جم**ع189الله تعالى: "وجعل منها زوجها ليسكن إليها" ]األعراف: لنا فيها السكن واالستمتاع وضربا من الخدمة بحسب جري العادة.

@ ويخدم الرجل زوجته فيما خف من الخدمة ويعينها، لما روته عائش**ة أن النبي صلى الله عليه وس**لم ك*ان يك**ون في مهن**ة أهل**ه ف**إذا س**مع األذان خرج. وهذا قول مالك: ويعينها. وفي أخالق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخصف النعل ويقم البيت ويخيط الثوب. وقالت عائشة وقد قي**ل له**ا: ما كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت: كان بش**را

من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه. @ وينفق على خادمة واحدة، وقيل على أكثر؛ على قدر ال**ثروة والمنزل**ة. وهذا أمر دائر على العرف الذي هو أصل من أصول الش**ريعة، ف**إن نس**اء األعراب وس**كان الب**وادي يخ**دمن أزواجهن في اس**تعذاب الم*اء وسياس**ة الدواب، ونساء الحواضر يخدم المقل منهم زوجته فيما خف ويعينه**ا، وأم**ا أهل الثروة فيخدمون أزواجهن وي**ترفهن معهم إذا ك**ان لهم منص**ب ذل**ك؛ فإن كان أمرا مشكال شرطت عليه الزوجة ذلك، فتشهد أنه قد ع**رف أنه**ا

ممن ال تخدم نفسها فالتزم إخدامها، فينفذ ذلك وتنقطع الدعوى فيه.

Page 83: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "ورزقكم من الطيبات" أي من الثم*ار والحب*وب والحي**وان. "أفبالباطل" يع**ني األص**نام؛ ق**ال ابن عب**اس. "يؤمن**ون" ق**راءة الجمه**ور بالي**اء. وق**رأ أب**و عب**دالرحمن بالت**اء. "وبنعم**ة الل**ه" أي باإلس**الم. "هم

يكفرون".-** 73*اآليتان: 3* }ويعبدون من دون الل**ه م**ا ال يمل**ك لهم رزق**ا من74

السماوات واألرض ش**يئا وال يس*تطيعون، فال تض*ربوا لل*ه األمث*ال إن الل*هيعلم وأنتم ال تعلمون{

@قول***ه تع***الى: "ويعب***دون من دون الل***ه م***ا ال يمل***ك لهم رزق***ا منالسماوات" يعني المطر. "واألرض"

يعني النبات. "شيئا" قال األخفش: هو بدل من ال**رزق. وق**ال الف**راء: ه**و منصوب بإيقاع الرزق عليه؛ أي يعبدون ما ال يمل**ك أن ي**رزقهم ش**يئا. "وال يس**تطيعون" أي ال يق**درون على ش**يء، يع**ني األص**نام. "فال تض**ربوا لل**ه األمثال" أي ال تشبهوا به هذه الجمادات؛ ألنه واح**د ق**ادر ال مث**ل ل**ه. وق**د

تقدم. }ضرب الله مثال عبدا مملوكا ال يقدر على شيء ومن رزقناه75*اآلية: 3*

منا رزقا حسنا فه**و ينف**ق من**ه س**را وجه*را ه**ل يس**توون الحم**د لل**ه ب**لأكثرهم ال يعلمون{

@قوله تعالى: "ضرب الله مثال" نب**ه تع**الى على ض**اللة المش**ركين، وه**و منتظم بم**ا قبل**ه من ذك**ر نعم الل**ه عليهم وع**دم مث**ل ذل**ك من آلهتهم. "ضرب الله مثال" أي بين شبها؛ ثم ذكر ذلك فقال: "عبدا مملوك**ا" أي كم**ا ال يستوي عندكم عبد مملوك ال يقدر من أمره على ش**يء ورج**ل ح**ر ق**د رزق رزقا حسنا فكذلك أنا وهذه األصنام. فالذي هو مثال في هذه اآلية هو عبد بهذه الصفة مملوك ال يقدر على شيء من الم**ال وال من أم**ر نفس**ه، وإنم**ا ه**و مس**خر ب**إرادة س**يده. وال يل**زم من اآلي**ة أن العبي**د كلهم به*ذه الصفة؛ فإن النكرة في اإلثبات ال تقتضي الش*مول عن**د أه*ل اللس**ان كم**ا تقدم، وإنما تفيد واحدا، فإذا كانت بع**د أم**ر أو نهي أو مض**افة إلى مص**در كانت للعموم الشيوعي؛ كقوله: أعتق رجال وال تهن رجال، والمصدر كإعت**اق رقبة، فأي رجل أعتق فقد خرج عن عهدة الخطاب، ويص**ح من*ه االس**تثناء. وق**ال قت**ادة: ه**ذا المث**ل للم**ؤمن والك**افر؛ ف**ذهب قت**ادة إلى أن العب**د المملوك هو الكافر؛ ألنه ال ينتف**ع في اآلخ**رة بش**يء من عبادت**ه، وإلى أن معنى "ومن رزقناه منا رزقا حسنا" المؤمن. واألول عليه الجمهور من أهل التأويل. قال األصم: المراد بالعبد المملوك الذي ربما يكون أشد من مواله أسرا وأنضر وجها، وهو لسيده ذليل ال يقدر إال على ما أذن ل**ه في**ه؛ فق**ال الله تعالى ضربا للمثال. أي فإذا ك**ان ه**ذا ش**أنكم وش**أن عبي**دكم فكي**ف جعلتم أحجارا مواتا شركاء لله تعالى في خلقه وعبادت**ه، وهي ال تعق**ل وال

تسمع. @ فهم المسلمون من هذه اآلية ومما قبلها نقص**ان رتب**ة العب**د عن الح**ر في الملك، وأنه ال يملك ش**يئا وإن مل**ك. ق**ال أه**ل الع**راق: ال**رق ين**افي الملك، فال يملك شيئا البتة بحال، وهو قول الشافعي في الجديد، وبه ق**ال الحس**ن وابن س**يرين. ومنهم من ق**ال: يمل**ك إال أن**ه ن**اقص المل**ك، ألن لسيده أن ينتزعه منه أي وقت شاء، وهو قول مالك ومن اتبع**ه، وب**ه ق**ال الشافعي في القديم. وهو قول أهل الظاهر؛ وله**ذا ق**ال أص**حابنا: ال تجب

Page 84: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

عليه عبادات األموال من زكاة وكفارات، وال من عبادات األبدان ما يقطع**ه عن خدمة سيده كالحج والجهاد وغير ذلك. وفائدة هذه المس**ألة أن س**يده لو ملكه جارية جاز له أن يطأها بمل**ك اليمين، ول**و ملك**ه أربعين من الغنم فحال عليها الحول لم تجب على الس**يد زكاته**ا ألنه**ا مل**ك غ**يره، وال على العبد ألن ملكه غير مستقر. والعراقي يقول: ال يج**وز ل**ه أن يط**أ الجاري**ة، والزكاة في النصاب واجبة على الس**يد كم**ا ك**انت. ودالئ**ل ه**ذه المس**ألة للفريقين في كتب الخالف. وأدل دليل لنا قوله تعالى: "الل**ه ال**ذي خلقكم

[ فسوى بين العبد والحر في الرزق والخلق. وق**ال40ثم رزقكم" ]الروم: عليه السالم: )من أعتق عبدا وله م**ال...( فأض**اف الم**ال إلي**ه. وك**ان ابن عمر يرى عبده يتسرى في ماله فال يعيب عليه ذلك. وروي عن ابن عب**اس أن عبدا له طلق امرأته طلقتين فأمره أن يرتجعها بملك اليمين؛ فهذا دليل على أنه يملك ما بيده ويفعل فيه ما يفعل المالك في ملك**ه م**ا لم ينتزع**ه

سيده. والله أعلم. @ وقد اس*تدل بعض العلم*اء به*ذه اآلي*ة على أن طالق العب**د بي*د س*يده، وعلى أن بيع األمة طالقها؛ معوال على قوله تعالى: "ال يق**در على ش**يء". قال: فظاهره يفي**د أن**ه ال يق**در على ش**يء أص**ال، ال على المل**ك وال على غيره فهو على عمومه، إال أن يدل دليل على خالفه. وفيما ذكرن**اه عن ابن

عمر وابن عباس ما يدل على التخصيص. والله تعالى أعلم. @ قال أبو منصور في عقيدته: الرزق ما وقع االغتذاء به. وه**ذه اآلي**ة ت**رد

[.3هذا التخصيص؛ وكذلك قوله تعالى: "ومما رزقناهم ينفق**ون" ]البق**رة: [ وغير ذلك من قول النبي صلى الل**ه254و"أنفقوا مما رزقناكم" ]البقرة:

علي**ه وس**لم: )جع**ل رزقي تحت ظ**ل رمحي( وقول**ه: )أرزاق أم**تي في سنابك خيلها وأسنة رماحها(. فالغنيمة كلها رزق، وكل ما ص**ح ب**ه االنتف**اع فهو رزق، وهو مراتب: أعالها ما يغذي. وقد حصر رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم وجوه االنتفاع في قوله: )يقول ابن آدم م**الي م**الي وه**ل ل**ك من مالك إال ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت(. وفي معنى اللباس يدخل الرك**وب وغ**ير ذل**ك. وفي ألس**نة المح**دثين: الس**ماع

رزق، يعنون سماع الحديث، وهو صحيح. @قوله تعالى: "ومن رزقناه منا رزقا حس*نا" ه*و الم*ؤمن، يطي*ع الل*ه في نفسه وماله. والكافر ما لم ينف**ق في الطاع*ة ص**ار كالعب**د ال**ذي ال يمل**ك شيئا. "هل يستوون" أي ال يستوون، ولم يقل يس**تويان لمك**ان "من" ألن**ه اسم مبهم يصلح للواح**د واالث**نين والجم**ع والم**ذكر والم**ؤنث. وقي**ل: "إن عبدا مملوكا"، "ومن رزقناه" أريد بهما الش**يوع في الجنس. "الحم**د لل**ه" أي هو مستحق للحمد دون ما يعبدون من دونه؛ إذ ال نعم**ة لألص**نام عليهم من يد وال معروف فتحمد عليه، إنما الحمد الكامل لله؛ ألنه المنعم الخالق. "بل أكثرهم" أي أكثر المشركين. "ال يعلمون" أن الحمد لي، وجميع النعمة مني. وذكر األكثر وهو يريد الجميع، فهو خاص أري**د ب**ه التعميم. وقي**ل: أي

بل أكثر الخلق ال يعلمون، وذلك أن أكثرهم المشركون. }وض**رب الل**ه مثال رجلين أح**دهما أبكم ال يق**در على ش**يء76*اآلية: 3*

وهو كل على مواله أينما يوجه**ه ال ي**أت بخ**ير ه**ل يس**توي ه**و ومن ي**أمربالعدل وهو على صراط مستقيم{

Page 85: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "وضرب الله مثال رجلين أحدهما أبكم" هذا مثل آخر ض**ربه الله تعالى لنفس**ه ولل**وثن، ف**األبكم ال**ذي ال يق**در على ش**يء ه**و ال**وثن، والذي يأمر بالعدل هو الله تع**الى؛ قال**ه قت**ادة وغ**يره. وق**ال ابن عب**اس: األبكم عبد كان لعثمان رضي الله عنه، وكان يعرض علي**ه اإلس**الم في**أبى، ويأمر بالعدل عثمان. وعنه أيضا أنه مثل ألبي بكر الصديق ومولى له كافر. وقيل: األبكم أبو جهل، والذي يأمر بالعدل عمار بن ياسر العنس**ي، وعنس "بالنون" حي من مذحج، وكان حليفا لبني مخ**زوم ره**ط أبي جه**ل، وك**ان أبو جهل يعذبه على اإلسالم ويعذب أمه س**مية، وك**انت م**والة ألبي جه**ل، وقال لها ذات يوم: إنما آمنت بمحمد ألنك تحبينه لجماله، ثم طعنها بالرمح في قبلها فماتت، فهي أول شهيد مات في اإلسالم، رحمها الله. من كت**اب النقاش وغيره. وسيأتي هذا في آية اإلكراه مبينا إن شاء الله تعالى. وق**ال عطاء: األبكم أبي بن خلف، كان ال ينطق بخير. "وهو ك**ل على م**واله" أي قومه ألنه كان يؤذيهم ويؤذي عثمان بن مظعون. وق**ال مقات**ل: ن**زلت في هشام بن عمرو بن الحارث، كان كافرا قليل الخير يعادي النبي ص**لى الل**ه عليه وسلم. وقيل: إن األبكم الك**افر، وال**ذي ي**أمر بالع**دل الم**ؤمن جمل**ة بجملة؛ روى عن ابن عباس وهو حسن ألنه يعم. واألبكم الذي ال نط**ق ل**ه. وقيل الذي ال يعقل. وقيل الذي ال يسمع وال يبصر. وفي التفس*ير إن األبكم ها هنا الوثن. بين أنه ال قدرة له وال أمر، وأن غيره ينقل**ه وينحت**ه فه**و ك**ل عليه. والله اآلمر بالعدل، الغالب على كل شيء. "وهو كل على مواله" أي ثقل على وليه وقرابته، ووبال على صاحبه وابن عم**ه. وق**د يس**مى الي**تيم

كال لثقله على من يكفله؛ ومنه قول الشاعر: أكول لمال الكل قبل شبابه إذا كان عظم الكل غير شديد

والكل أيضا الذي ال ولد له وال والد. والكل العي**ال، والجم**ع الكل**ول، يق**ال منه: كل السكين يكل كال أي غلظت شفرته فلم يقطع. "أينما يوجه ال يأت بخير" قرأ الجمهور "يوجهه" وهو خط المصحف؛ أي أينما يرسله ص**احبه ال يأت بخير، ألنه ال يعرف وال يفهم ما يقال له وال يفهم عن**ه. وق**رأ يح**يى بن وث**اب "أينم**ا يوج**ه" على الفع**ل المجه**ول. وروي عن ابن مس**عود أيض**ا "توجه" على الخطاب. "هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على ص**راط مستقيم" أي هل يستوي هذا األبكم ومن يأمر بالع**دل وه**و على الص**راط

المستقيم. }ولل**ه غيب الس**ماوات واألرض وم**ا أم**ر الس**اعة إال كلمح77*اآلي**ة: 3*

البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير{ @قوله تعالى: "ولله غيب السماوات واألرض" تق**دم معن**اه. وه**ذا متص**ل

[ أي ش**رع التحلي**ل74بقول**ه "إن الل**ه يعلم وأنتم ال تعلم**ون" ]النح**ل: والتحريم إنما يحسن ممن يحيط بالعواقب والمصالح وأنتم أيها المشركون ال تحيطون بها فلم تتحكمون. "وما أمر الساعة إال كلمح البص**ر" وتج**ازون فيها بأعمالكم. والساعة هي الوقت الذي تقوم فيه القيامة؛ سميت س**اعة ألنها تفجأ الناس في ساعة فيموت الخلق بص**يحة. واللمح النظ**ر بس**رعة؛ يقال لمحه لمحا ولمحانا. ووجه التأويل أن الس**اعة لم**ا ك**انت آتي**ة وال ب**د جعلت من القرب كلمح البصر. وقال الزجاج: لم يرد أن الس**اعة ت**أتي في لمح البصر، وإنما وصف سرعة القدرة على اإلتيان به**ا؛ أي يق**ول للش**يء كن فيكون. وقيل: إنما مثل بلمح البصر ألنه يلمح السماء مع م**ا هي علي**ه

Page 86: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

من البعد من األرض. وقيل: هو تمثيل للقرب؛ كما يقول القائل: م**ا الس**نة إال لحظة، وشبهه. وقيل: المع*نى ه*و عن**د الل**ه ك*ذلك ال عن**د المخل**وقين؛

-* 6دليله قوله: "إنهم يرونه بعي**دا. ون*راه قريب**ا". ]المع*ارج: [. "أو ه*و7 أقرب" ليس "أو" للشك بل للتمثيل بأيهما أراد الممثل. وقيل: دخلت لشك

المخاطب. وقيل: "أو" بمنزلة بل. "إن الله على كل شيء قدير" تقدم. }والله أخرجكم من بطون أمه**اتكم ال تعلم**ون ش**يئا وجع**ل78*اآلية: 3*

لكم السمع واألبصار واألفئدة لعلكم تشكرون{ @قوله تعالى: "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم ال تعلمون شيئا" ذكر أن من نعمه أن أخرجكم من بطون أمهاتكم أطف**اال ال علم لكم بش**يء. وفي**ه ثالثة أقاويل: أحدها: ال تعلمون شيئا مما أخذ عليكم من الميثاق في أصالب آبائكم. الثاني: ال تعلم**ون ش**يئا مم**ا قض**ى عليكم من الس**عادة والش**قاء. الثالث: ال تعلمون شيئا من من**افعكم؛ وتم الكالم، ثم ابت**دأ فق**ال: "وجع**ل لكم السمع واألبصار واألفئدة" أي التي تعلمون بها وتدركون؛ ألن الله جعل ذلك لعباده قبل إخراجهم من البطون وإنما أعطاهم ذل**ك بع**دما أخ**رجهم؛ أي وجعل لكم السمع لتسمعوا به األمر والنهي، واألبصار لتبصروا به**ا آث**ار صنعه، واألفئدة لتصلوا بها إلى معرفته. واألفئدة: جم**ع الف**ؤاد نح**و غ**راب وأغربة. وقد قيل في ضمن قول**ه "وجع**ل لكم الس**مع" إثب**ات النط**ق ألن من لم يس**مع لم يتكلم، وإذا وج**دت حاس**ة الس**مع وج**د النط**ق. وق**رأ األعمش وابن وث**اب وحم**زة "إمه**اتكم" هن**ا وفي الن**ور والزم**ر والنجم، بكسر الهمزة والميم. وأما الكسائي فكسر الهمزة وفتح الميم؛ وإنما ك**ان هذا لإلتباع. الباقون بضم الهمزة وفتح الميم على األصل. وأص**ل األمه**ات: أمات، فزيدت الهاء تأكيدا كما زادوا ه**اء في أه**رقت الم**اء وأص**له أرقت. وق**د تق**دم ه**ذا المع**نى في "الفاتح**ة". "لعلكم تش**كرون" في**ه ت**أويالن: أحدهما: تشكرون نعمه. الثاني: يع**ني تبص**رون آث**ار ص**نعته؛ ألن إبص**ارها

يؤدي إلى الشرك. }ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء م**ا يمس**كهن79*اآلية: 3*

إال الله إن في ذلك آليات لقوم يؤمنون{ @قوله تعالى: "ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمس**كهن إال الله" قرأ يحيى بن وثاب واألعمش وابن عامر وحم**زة ويعق**وب "ت**روا" بالت**اء على الخط**اب، واخت**اره أب**و عبي**د. الب**اقون بالي**اء على الخ**بر. "مسخرات" مذلالت ألم**ر الل**ه تع**الى؛ قال**ه الكل**بي. وقي**ل: "مس**خرات" مذلالت لمنافعكم. "في جو السماء" الجو ما بين السماء واألرض؛ وأض**اف الجو إلى السماء الرتفاعه عن األرض. وفي قول**ه "مس**خرات" دلي**ل على مسخر سخرها ومدبر مكنها من التصرف. "ما يمسكهن إال الل**ه" في ح**ال القبض والبسط واالص**طفاف. بين لهم كي**ف يعت**برون به**ا على وحدانيت**ه. "إن في ذلك آليات" أي عالمات وعبرا ودالالت. "لقوم يؤمنون" بالله وبم**ا

جاءت به رسلهم. }والل**ه جع**ل لكم من بي**وتكم س**كنا وجع**ل لكم من جل**ود80*اآلي**ة: 3*

األنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إق**امتكم ومن أص**وافها وأوباره**اوأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين{

@قوله تعالى: "جعل لكم" معناه صير. وكل ما عالك فأظل**ك فه**و س**قف وسماء، وكل ما أقلك فه**و أرض، وك**ل م**ا س**ترك من جهات**ك األرب**ع فه**و

Page 87: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

جدار؛ ف**إذا انتظمت واتص**لت فه*و بيت. وه**ذه اآلي**ة فيه**ا تعدي**د نعم الل**ه تعالى على الناس في البيوت، فذكر أوال بي**وت الم**دن وهي ال**تي لإلقام**ة الطويلة. وقوله: "س**كنا" أي تس**كنون فيه**ا وته*دأ ج**وارحكم من الحرك**ة، وقد تتحرك فيه وتسكن في غ**يره؛ إال أن الق**ول خ**رج على الغ**الب. وع**د هذا في جملة النعم فإنه لو شاء خلق العب**د مض**طربا أب**دا ك**األفالك لك**ان ذلك كما خلق وأراد، لو خلقه ساكنا كاألرض لك**ان كم**ا خل**ق وأراد، ولكن**ه أوجده خلق*ا يتص**رف لل**وجهين، ويختل*ف حال*ه بين الح*التين، وردده كي*ف

وأين. والسكن مصدر يوصف به الواحد والجمع. @قوله تعالى: "وجعل لكم من جلود األنعام بيوتا تس**تخفونها" ذك**ر تع**الى بيوت القلة والرحلة فقال "وجعل لكم من جلود األنع**ام بيوت**ا تس**تخفونها" أي من األنطاع واألدم. "بيوتا" يعني الخيام والقباب يخف عليكم حملها في األس**فار. "ي**وم ظعنكم" الظعن: س**ير البادي**ة في االنتج**اع والتح**ول من

موضع إلى موضع؛ ومنه قول عنترة: ظعن الذين فراقهم أتوقع وجرى ببينهم الغراب األبقع

والظعن الهودج أيضا؛ قال:أال هل هاجك األظعان إذ بانوا وإذ جادت بوشك البين غربان

وقرئ بإسكان العين وفتحها كالشعر والشعر. وقيل: يحتم**ل أن يعم بي**وت األدم وبيوت الشعر وبيوت الصوف؛ ألن هذه من الجلود لكونها ثابت**ة فيه**ا؛ نحا إلى ذلك ابن سالم. وهو احتمال حسن، ويك**ون قول**ه "ومن أص**وافها" ابتداء كالم، كأنه قال جعل أثاثا؛ يري**د المالبس والوط**اء، وغ**ير ذل**ك؛ ق**ال

الشاعر: أهاجتك الظعائن يوم بانوا بذي الزي الجميل من األثاث

ويحتمل أن يريد بقوله "من جل**ود األنع*ام" بي**وت األدم فق*ط كم*ا ق*دمناه أوال. ويكون قوله "ومن أصوافها" عطفا على قوله "من جل**ود األنع**ام" أي جعل بيوتا أيضا. قال ابن العربي: وهذا أمر انتشر في تلك ال**ديار، وع**زبت عنه بالدنا، فال تضرب األخبية عندنا إال من الكتان والصوف، وقد كان للن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم قب**ة من أدم، وناهي**ك من أدم الط**ائف غالء في القيمة، واعتالء في الصنعة، وحسنا في البشرة، ولم يع**د ذل**ك ص**لى الل**ه عليه وسلم ترفا وال رآه سرفا؛ ألنه مما امتن الله سبحانه من نعمت**ه وأذن فيه من متاعه، وظه**رت وج**وه منفعت**ه في االكتن**ان واالس**تظالل ال**ذي ال يقدر على الخروج عنه جنس اإلنسان. ومن غريب ما جرى أني زرت بعض المتزهدين من الغافلين مع بعض المح**دثين، ف**دخلنا علي**ه في خب**اء كت**ان فعرض عليه صاحبي المحدث أن يحمل**ه إلى منزل**ه ض**يفا، وق**ال: إن ه**ذا موضع يكثر فيه الحر والبيت أرف**ق ب**ك وأطيب لنفس*ي في**ك؛ فق**ال: ه*ذا الخباء لنا كثير، وكان في صنعنا من الحق*ير؛ فقلت: ليس كم**ا زعمت فق**د كان لرسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم وه**و رئيس الزه**اد قب**ة من أدم ط**ائفي يس**افر معه**ا ويس**تظل به**ا؛ فبهت، ورأيت**ه على منزل**ة من العي

فتركته مع صاحبي وخرجت عنه. @قول**ه تع**الى: "ومن أص**وافها وأوباره**ا وأش**عارها" أذن الل**ه س**بحانه باالنتفاع بصوف الغنم ووبر اإلبل وشعر المعز، كم**ا أذن في األعظم، وه**و ذبحها وأكل لحومها، ولم يذكر القطن والكتان ألنه لم يكن في بالد الع**رب المخاطبين به، وإنما عدد عليهم ما أنعم ب**ه عليهم، وخوطب**وا فيم**ا عرف**وا

Page 88: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

بما فهموا. وما قام مقام هذه وناب منابها في*دخل في االس*تعمال والنعم*ة مدخلها؛ وهذا كقوله تعالى: "وي**نزل من الس**ماء من جب**ال فيه**ا من ب**رد"

[؛ فخ**اطبهم ب**البرد ألنهم ك**انوا يعرف**ون نزول**ه كث**يرا عن**دهم،43]الن**ور: وس**كت عن ذك**ر الثلج؛ ألن**ه لم يكن في بالدهم، وه**و مثل**ه في الص**فة والمنفعة، وقد ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم معا في التطهير فق**ال: )اللهم اغسلني بماء وثلج وبرد(. ق**ال ابن عب**اس: الثلج ش**يء أبيض ي**نزل من السماء وما رأيته قط. وقيل: إن ت**رك ذك**ر القطن والكت**ان إنم**ا ك**ان إعراضا عن الترف؛ إذ ملبس عباد الله الص**الحين إنم**ا ه**و الص**وف. وه**ذا فيه نظر؛ فإنه سبحانه يقول: "ي**ا ب**ني آدم ق**د أنزلن**ا عليكم لباس**ا ي**واري

[ وق**ال هن**ا: "وجع**ل لكم س**رابيل" فأش**ار إلى26س**وآتكم" ]األع**راف: القطن والكت**ان في لفظ**ة "س**رابيل" والل**ه أعلم. و"أثاث**ا" ق**ال الخلي**ل:

متاعا منضما بعضه إلى بعض؛ من أث إذا كثر. قال: وفرع يزين المتن أسود فاحم أثيث كقنو النخلة المتعثكل

ابن عباس: "أثاثا" ثيابا. وتضمنت هذه اآلي**ة ج**واز االنتف**اع باألص**واف واألوب**ار واألش**عار على ك**ل حال، ولذلك قال أصحابنا: صوف الميتة وش**عرها ط**اهر يج**وز االنتف**اع ب**ه على كل حال، ويغس**ل مخاف**ة أن يك**ون عل**ق ب**ه وس**خ؛ وك**ذلك روت أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن**ه ق**ال: )ال ب**أس بجل**د الميت**ة إذا دبغ وصوفها وشعرها إذا غسل( ألنه مما ال يحله الموت، س**واء ك**ان ش**عر ما يؤكل لحمه أو ال، كشعر ابن آدم والخنزير، فإنه طاهر كله؛ وبه قال أب**و حنيفة، ولكنه زاد علينا فقال: القرن والسن والعظم مثل الشعر؛ ق**ال: ألن ه**ذه األش**ياء كله**ا ال روح فيه**ا ال تنجس بم**وت الحي**وان. وق**ال الحس**ن البصري والليث بن سعد واألوزاعي: إن الشعور كلها نجس**ة ولكنه**ا تطه**ر بالغسل. وعن الش**افعي ثالث رواي**ات: األولى: ط**اهرة ال تنجس ب**الموت. الثاني**ة: تنجس. الثالث**ة: الف**رق بين ش**عر ابن آدم وغ**يره، فش**عر ابن آدم طاهر وما عداه نجس. ودليلنا عم**وم قول**ه تع**الى: "ومن أص**وافها" اآلي**ة. فمن علينا بأن جعل لنا االنتفاع بها، ولم يخصى ش**عر الميت**ة من الم**ذكاة، فهو عموم إال أن يمنع من**ه دلي**ل. وأيض**ا ف**إن األص**ل كونه**ا ط**اهرة قب**ل الموت بإجماع، فمن زعم أنه انتق**ل إلى نجاس**ة فعلي**ه ال*دليل. ف*إن قي**ل

[ وذلك عب**ارة عن الجمل**ة. قلن**ا:3قوله: "حرمت عليكم الميتة" ]المائدة: نخصه بما ذكرنا؛ فإن**ه منص**وص علي**ه في ذك**ر الص**وف، وليس في آيتكم ذكره صريحا، فكان دليلنا أولى. والله أعلم. وق**د ع**ول الش**يخ اإلم**ام أب**و إسحاق إمام الشافعية ببغداد على أن الشعر جزء متص**ل ب**الحيوان خلق**ة، فهو ينمي بنمائ**ه ويتنجس بموت**ه كس**ائر األج**زاء. وأجيب ب**أن الم**اء ليس ب**دليل على الحي**اة؛ ألن النب**ات ينمي وليس بحي. وإذا عول**وا على النم**اء المتص**ل لم**ا على الحي**وان عولن**ا نحن على اإلبان**ة ال**تي ت**دل على ع**دم اإلحساس الذي يدل على عدم الحياة. وأما ما ذك**ره الحنفي**ون في العظم والسن والقرن أنه مثل الش**عر، فالمش**هور عن**دنا أن ذل**ك نجس ك**اللحم. وقال ابن وهب مثل قول أبي حنيفة. ولنا ق**ول ث**الث: ه**ل تلح**ق أط**راف القرون واألظالف بأصولها أو بالشعر، قوالن. وكذلك الش**عري من ال**ريش حكمه حكم الشعر، والعظمي منه حكمه حكم**ه. ودليلن**ا قول**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم: )ال تنتفعوا من الميتة بش**يء( وه**ذا ع*ام فيه**ا وفي ك**ل ج*زء

Page 89: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

منها، إال ما قام دليله؛ ومن الدليل القاطع على ذلك قوله تعالى: "ق**ال من [، وق**ال تع**الى: "وانظ**ر إلى العظ**ام78يحيي العظام وهي رميم" ]يس:

[، وقال: "فكسونا العظام لحم**ا" ]المؤمن**ون:259كيف ننشزها" ]البقرة: [ فاألص**ل هي العظ**ام،11[، وقال: "أئذا كنا عظاما نخرة" ]النازع*ات: 14

والروح والحياة فيها كما في اللحم والجلد. وفي ح**ديث عبدالل**ه بن عكيم: )ال تنتفعوا من الميتة بإهاب وال عصب(. فإن قيل: قد ثبت في الص**حيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ق**ال في ش**اة ميمون**ة: )أال انتفعتم بجل**دها(؟ فقالوا: يا رسول الله، إنها ميتة. فقال: )إنما حرم أكله**ا( والعظم ال يؤك**ل. قلنا: العظم يؤكل، وخاصة عظم الجم**ل الرض**يع والج**دي والط**ير، وعظم الكبير يشوى ويؤكل. وما ذكرناه قبل يدل على وجود الحياة فيه، وم**ا ك**ان

طاهرا بالحياة ويستباح بالذكاة ينجس بالموت. والله أعلم. @قول**ه تع**الى: "من جل**ود األنع**ام" ع**ام في جل**د الحي والميت، فيج**وز االنتفاع بجلود الميتة وإن لم تدبغ؛ وبه قال ابن ش**هاب الزه**ري والليث بن سعد. قال الطحاوي: لم نجد عن أحد من الفقهاء جواز بيع جلد الميتة قبل الدباغ إال عن الليث. قال أبو عمر: يعني من الفقهاء أئمة الفتوى باألمص**ار بعد التابعين، وأما ابن شهاب فذلك عنه صحيح، وهو قول أباه جمهور أه**ل

العلم. وقد روي عنهما خالف هذا القول، واألول أشهر. قلت: قد ذكر الدارقطني في سننه حديث يحيى بن أيوب عن ي*ونس

وعقيل عن الزه**ري، وح*ديث بقي**ة عن الزبي**دي، وح*ديث محم**د بن كث**ير العبدي وأبي سلمة المنقري عن سليمان بن كث**ير عن الزه**ري، وق**ال في

آخرها: هذه أسانيد صحاح. @ اختل**ف العلم**اء في جل**د الميت**ة إذا دب**غ ه**ل يطه**ر أم ال؛ ف**ذكر ابن عبدالحكم عن مالك ما يشبه مذهب ابن شهاب في ذلك. وذكره ابن خ**ويز منداد في كتابه عن ابن عبدالحكم أيضا. ق**ال ابن خ**ويز من**داد: وه**و ق**ول الزهري والليث. قال: والظاهر من مذهب مال*ك م*ا ذك*ره ابن عب**دالحكم، وه**و أن ال**دباغ ال يطه**ر جل**د الميت**ة، ولكن ي**بيح االنتف**اع ب**ه في األش**ياء اليابس**ة، وال يص**لى علي**ه وال يؤك**ل في**ه. وفي المدون**ة البن القاس**م: من اغتصب جلد ميتة غير مدبوغ فأتلفه كان عليه قيمت**ه. وحكى أن ذل*ك ق*ول مالك. وذكر أبو الف*رج أن مالك**ا ق*ال: من اغتص**ب لرج*ل جل**د ميت*ة غ*ير مدبوغ فال شيء عليه. ق**ال إس**ماعيل: إال أن يك**ون لمجوس**ي. وروى ابن وهب، وابن عب**دالحكم عن مال*ك ج*واز بيع*ه، وه*ذا في جل*د ك*ل ميت*ة إال الخنزير وحده؛ ألن الزكاة ال تعمل فيه، فالدباغ أولى. قال أب**و عم**ر: وك**ل جلد ذكي فجائز استعماله للوضوء وغ**يره. وك**ان مال**ك يك**ره الوض**وء في إناء جلد الميتة بعد الدباغ على اختالف من قوله، ومرة قال: إنه لم يكره**ه إال في خاصة نفسه، وتكره الصالة عليه وبيعه، وتابعه على ذلك جماعة من أصحابه. وأما أكثر المدنيين فعلى إباحة ذل**ك وإجازت**ه؛ لق**ول رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم: )أيما إه*اب دب*غ فق*د طه*ر(. وعلى ه*ذا أك*ثر أه*ل

الحجاز والعراق من أهل الفقه والحديث، وهو اختيار ابن وهب. @ ذهب اإلمام أحم*د بن حنب**ل رض*ي الل**ه عن*ه إلى أن*ه ال يج**وز االنتف*اع بجلود الميتة في شيء وإن دبغت؛ ألنها كلحم الميتة. واألخبار باالنتفاع بع**د الدباغ ترد قول**ه. واحتج بح**ديث عبدالل**ه بن عكيم - رواه أب**و داود - ق**ال: قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ب**أرض جهين**ة وأن**ا غالم

Page 90: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

شاب: )أال تستمتعوا من الميتة بإهاب وال عصب(. وفي رواي**ة: قب**ل موت**ه بشهر. رواه القاسم بن مخيمرة عن عبدالله بن عكيم، قال: حدثنا مش**يخة لنا أن النبي صلى الله عليه وس**لم كتب إليهم.. ق**ال داود بن علي: س**ألت يحيى بن معين عن هذا الحديث، فض**عفه وق**ال: ليس بش**يء، إنم**ا يق**ول حدثني األشياخ، ق**ال أب**و عم**ر: ول**و ك**ان ثابت**ا الحتم**ل أن يك**ون مخالف**ا لألحاديث المروية عن ابن عباس وعائشة وسلمة بن المحبق وغيرهم، ألنه جائز أن يكون معنى حديث ابن عكيم )أال تنتفع**وا من الميت**ة بإه**اب( قب**ل الدباغ؛ وإذا احتمل أال يكون مخالف ا فليس لنا أن نجعله مخالفا، وعلينا أن نستعمل الخبرين ما أمكن، وحديث عبدالله بن عكيم وإن ك**ان قب**ل م**وت النبي صلى الله علي**ه وس**لم بش**هر كم**ا ج**اء في الخ**بر فيمكن أن تك**ون قصة ميمونة وسماع ابن عباس منه )أيما إهاب دبغ فقد طه**ر( قب**ل موت**ه

بجمعة أو دون جمعة، والله أعلم. @ المشهور عندنا أن جلد الخنزير ال يدخل في الحديث وال يتناوله العموم، وكذلك الكلب عند الشافعي. وعند األوزاعي وأبي ثور: ال يطه**ر بال**دباغ إال جلد ما يؤكل لحم**ه. وروى معن بن عيس**ى عن مال**ك أن**ه س**ئل عن جل**د الخنزير إذا دبغ فكرهه. قال ابن وضاح: وسمعت سحنونا يقول ال بأس ب**ه؛ وك**ذلك ق**ال محم**د بن عب**دالحكم وداود بن علي وأص**حابه؛ لقول**ه علي**ه السالم: )أيما مسك دبغ فقد طهر(. ق**ال أب**و عم**ر: يحتم**ل أن يك**ون أراد بهذا القول عموم الجلود المعهود االنتفاع بها، فأما الخ**نزير فلم ي**دخل في المعنى ألنه غير معهود االنتفاع بجلده، إذ ال تعمل في**ه ال**ذكاة. ودلي**ل آخ**ر وهو ما قاله النض**ر بن ش**ميل: إن اإله**اب جل**د البق**ر والغنم واإلب**ل، وم**ا

عداه فإنما يقال له: جلد ال إهاب. قلت: وجلد الكلب وما ال يؤكل لحمه أيضا غير معهود االنتف*اع ب*ه فال

يطهر؛ وقد ق*ال ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )أك**ل ك*ل ذي ن**اب من الس**باع حرام( فليست الذكاة فيها ذكاة، كما أنها ليس**ت في الخ**نزير ذك**اة. وروى النسائي عن المقدام بن معد يكرب قال: )نهى رسول الله صلى الله عليه

وسلم عن الحرير والذهب ومياثر النمور ( @ اختلف الفقهاء في الدباغ ال**تي تطه**ر ب**ه جل**ود الميت**ة م**ا ه**و؟ فق**ال أصحاب مالك وهو المشهور من مذهبه: ك**ل ش**يء دب**غ الجل**د من ملح أو قرظ أو شب أو غير ذل**ك فق**د ج**از االنتف**اع ب**ه. وك**ذلك ق**ال أب**و حنيف**ة وأصحابه، وهو ق**ول داود. وللش**افعي في ه**ذه المس**ألة ق**والن: أح**دهما: هذا، واآلخر أنه ال يطهر إال الشب والقرظ؛ ألن*ه ال*دباغ المعه*ود على عه*د النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه خرج الخط**ابي - والل**ه أعلم - م**ا رواه النسائي عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر برس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم رج*ال من ق*ريش يج*رون ش*اة لهم مث*ل الحص**ان؛ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: )لو أخذتم إهابها( ق**الوا. إنه**ا

ميتة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )يطهرها الماء والقرظ(. @قوله تعالى: "أثاثا" األثاث متاع البيت، واحدها أثاث**ة؛ ه**ذا ق**ول أبي زي**د األنص**اري. وق**ال األم**وي: األث**اث مت**اع ال**بيت، وجمع**ه آث**ة وأثث. وق**ال غيرهما: األثاث جميع أنواع الم**ال وال واح**د ل**ه من لفظ**ه. وق**ال الخلي**ل: أصله من الكثرة واجتم**اع بعض المت**اع إلى بعض ح**تى يك**ثر؛ ومن**ه ش**عر

أثيث أي كثير. وأث شعر فالن يأث أثا إذا كثر والتف؛ قال امرؤ القيس:

Page 91: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وفرع يزين المتن أسود فاحم أثيث كقنو النخلة المتعثكل وقي**ل: األث**اث م**ا يلبس ويف**ترش. وق**د ت**أثثت إذا اتخ**ذت أثاث**ا. وعن ابن عباس رضي الله عنه "أثاثا" م**اال. وق**د تق**دم الق**ول في الحين؛ وه**و هن**ا وقت غير معين بحسب كل إنسان، إما بموته وإما بفقد تل**ك األش**ياء ال**تي

هي أثاث. ومن هذه اللفظة قول الشاعر: أهاجتك الظعائن يوم بانوا بذي الزي الجميل من األثاث }والله جعل لكم مما خلق ظالال وجعل لكم من الجبال أكنانا81*اآلية: 3*

وجعل لكم سرابيل تقيكم الح**ر وس**رابيل تقيكم بأس**كم ك**ذلك يتم نعمت**هعليكم لعلكم تسلمون{

@قوله تعالى: "والله جعل لكم مما خلق ظالال" الظالل: كل ما يستظل به من ال**بيوت والش**جر. وقول**ه "مم**ا خل**ق" يعم جمي**ع األش**خاص المظل**ة. "أكنانا" األكنان: جمح كن، وهو الحافظ من المطر والريح وغير ذل**ك؛ وهي هنا الغيران في الجبال، جعلها الله عدة للخلق يأوون إليها ويتحصنون به أو يعتزلون عن الخلق فيها. وفي الصحيح أنه عليه السالم كان في أول أم**ره يتعبد بغار حراء ويمكث فيه الليالي.. الحديث، وفي ص**حيح البخ**اري ق**ال: خرج رسول الله صلى الله عليه وس**لم من مك**ة مه**اجرا هارب**ا من قوم**ه فارا بدينه مع صاحبه أبي بكر حتى لحقا بغار في جبل ثور، فمكنا في**ه ثالث ليال يبيت عندهما فيه عبدالله بن أبي بكر وهو غالم شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فال يسمع أمرا يكادان ب**ه إال وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختل**ط الظالم، وي**رعى عليهم**ا ع**امر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حتى ت**ذهب س**اعة من العشاء فيبيتان في رسل، وهو لبن منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بهم**ا عامر بن فهيرة بغلس، يفعل ذلك في ك**ل ليل**ة من تل**ك اللي**الي الثالث...

وذكر الحديث. انفراد بإخراجه البخاري. @قوله تعالى: "وجع**ل لكم س**رابيل تقيكم الح**ر" يع**ني القمص، واح**دها س**ربال. "وس**رابيل تقيكم بأس**كم" يع**ني ال**دروع ال**تي تقي الن**اس في

الحرب؛ ومنه قول كعب بن زهير: شم العرانين أبطال لبوسهم من نسج داود في الهيجا سرابيل

@ إن ق**ال قائ**ل: كي**ف ق**ال "وجع**ل لكم من الجب**ال أكنان**ا" ولم ي**ذكر السهل، فالجواب أن القوم كانوا أصحاب جبال ولم يكونوا أص**حاب س**هل،

وأيضا: فذكر أحدهما يدال على اآلخر؛ ومنه قول الشاعر: وما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني أألخير الذي أنا أبتغيه أم الشر الذي هو يبتغيني

@ قال العلماء: في قوله تعالى: "وسرابيل تقيكم بأسكم" دليل على اتخاذ العباد عدة الجهاد ليستعينوا بها على قتال األعداء، وقد لبسها الن**بي ص**لى الله عليه وسلم تق**اة الجراح**ة وإن ك**ان يطلب الش**هادة، وليس للعب**د أن يطلبها بأن يستسلم للحتوف وللطعن بالسنان وللض**رب بالس**يوف، ولكن**ه يلبس ألمة حرب لتكون له قوة على قتال عدوه، ويقاتل لتكون كلم**ة الل**ه

هي العليا، ويفعل الله بعد ما يشاء. @قوله تعالى: "كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون" ق**رأ ابن محيص**ن وحميد "تتم" بتاءين، "نعمته" رفعا على أنه**ا الفاع*ل. الب**اقون "يتم" بض**م الي**اء على أن الل**ه ه**و يتمه**ا. و"تس**لمون" ق**راءة ابن عب**اس وعكرم**ة

Page 92: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

"تسلمون" بفتح الت**اء والالم، أي تس**لمون من الج**راح، وإس**ناده ض**عيف؛ رواه عباد بن العوام عن حنظل**ة عن ش**هر عن ابن عب**اس. الب**اقون بض**م التاء، ومعناه تستسلمون وتنق**ادون إلى معرف**ة الل**ه وطاعت**ه ش**كرا على نعمه. قال أبو عبيد: واالختيار قراءة العامة؛ ألن ما أنعم الل**ه ب**ه علين**ا من

اإلسالم أفضل مما أنعم به من السالمة من الجراح. }فإن تولوا فإنما عليك البالغ المبين{82*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "فإن تول**وا" أي أعرض**وا عن النظ**ر واالس**تدالل واإليم**ان."فإنما عليك البالغ" أي ليس عليك إال التبليغ، وأما الهداية فإلينا.

}يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون{83*اآلية: 3* @قوله تعالى: "يعرفون نعمة الله" قال السدي: يع**ني محم**دا ص**لى الل**ه عليه وسلم، أي يعرفون نبوته "ثم ينكرونها" ويكذبونه. وقال مجاه**د: يري**د ما عدد الله عليهم في ه**ذه الس**ورة من النعم؛ أي يعرف**ون أنه**ا من عن**د الله وينكرونها بقولهم إنهم ورثوا ذلك عن آبائهم. وبمثله قال قت**ادة. وق**ال عون بن عبدالله: هو قول الرجل لوال فالن لكان كذا، ولوال فالن ما أص**بت كذا، وهم يعرفون النفع والضر من عند الله. وقال الكل**بي: ه**و أن رس**ول الله صلى الله عليه وسلم لما عرفهم بهذه النعم كلها عرفوها وقالوا: نعم، هي كلها نعم من الله، ولكنه**ا بش**فاعة آلهتن**ا. وقي**ل: يعرف**ون نعم**ة الل**ه بتقلبهم فيها، وينكرونها بترك الشكر عليها. ويحتمل سادس**ا: يعرفونه**ا في الشدة وينكرونها في الرخاء. ويحتمل سابعا: يعرفونها ب**أقوالهم وينكرونه**ا بأفعالهم. ويحتمل ثامنا: يعرفونه**ا بقل**وبهم ويجح**دونها بألس**نتهم؛ نظيره**ا

[ "وأكثرهم الكافرون" يع**ني14"وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم" ]النمل: جميعهم؛ حسبما تقدم.

}ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم ال يؤذن لل**ذين كف**روا وال84*اآلية: 3*هم يستعتبون{

@قوله تعالى: "ويوم نبعث من كل أم*ة ش**هيدا" نظ*يره: "فكي**ف إذا جئن**ا [ وقد تقدم. "ثم ال يؤذن للذين كفروا" أي41من كل أمة بشهيد" ]النساء:

[.36في االعتذار والكالم؛ كقوله: "وال يؤذن لهم فيعت**ذرون" ]المرس**الت: وذلك حين تطبق عليهم جهنم، كما تقدم في أول "الحجر" ويأتي.

@قول**ه تع**الى: "وال هم يس**تعتبون" يع**ني يسترض**ون، أي ال يكلف**ون أن يرضوا ربهم؛ ألن اآلخرة ليست بدار تكلي**ف، وال ي**تركون إلى رج**وع ال**دنيا فيتوبون. وأصل الكلمة من العتب وهي الموج**دة؛ يق**ال: عتب علي**ه يعتب إذا وجد عليه، فإذا فاوض**ه م**ا عتب علي**ه في**ه قي**ل عاتب**ه، ف**إذا رج**ع إلى مسرتك فقد أعتب، واالسم العتبى وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي

العاتب؛ قال الهروي. وقال النابغة: فإن كنت مظلوما فعبدا ظلمته وإن كنت ذا عتبى فمثلك يعتب }وإذا رأى ال**ذين ظلم**وا الع**ذاب فال يخف**ف عنهم وال هم85*اآلي**ة: 3*

ينظرون{ @قوله تعالى: "وإذا رأى الذين ظلموا" أي أش**ركوا. "الع**ذاب" أي ع**ذاب جهنم بالدخول فيها. "فال يخفف عنهم وال هم ينظرون" أي ال يمهل**ون؛ إذ ال

توبة لهم ثم.

Page 93: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

-** 86*اآليتان: 3* }وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا ه**ؤالء87 ش**ركاؤنا ال**ذين كن**ا ن**دعوا من دون**ك ف**ألقوا إليهم الق**ول إنكم لك**اذبون،

وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون{ @قوله تعالى: "وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم" أي أص**نامهم وأوث**انهم التي عبدوها وذلك أن الله يبعث معبوديهم فيتبعونهم حتى ي**وردوهم الن**ار. وفي ص**حيح مس**لم: )من ك**ان يعب**د ش**يئا فليتبع**ه فيتب**ع من ك**ان يعب**د الشمس الشمس ويتب**ع من ك**ان يعب**د القم**ر القم**ر ويتب**ع من ك**ان يعب**د الطواغيت الطواغيت...( الح**ديث، خرج*ه من ح*ديث أنس، والترم**ذي من ح**ديث أبي هري**رة، وفي**ه: )فيمث**ل لص**احب الص**ليب ص**ليبه ولص**احب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره فيتبعون م**ا ك**انوا يعب**دون...( وذك**ر الحديث. "قالوا ربنا هؤالء شركاؤنا ال**ذين كن**ا ن**دعو من دون**ك" أي ال**ذين جعلناهم لك ش**ركاء. "ف**ألقوا إليهم الق**ول إنكم لك**اذبون" أي ألقت إليهم اآللهة القول، أي نطقت بتكذيب من عبدها بأنه**ا لم تكن آله**ة، وال أم**رتهم بعبادتها، فينطق الله األصنام حتى تظهر عند ذل**ك فض**يحة الكف**ار. وقي**ل: المراد بذلك المالئكة الذين عبدوهم. "وألقوا إلى الله يومئذ الس**لم" يع**ني المشركين، أي استسلموا لعذاب**ه وخض**عوا لع**زه. وقي**ل: استس**لم العاب**د والمعب**ود وانق*ادوا لحكم*ه فيهم. "وض*ل عنهم م*ا ك*انوا يف*ترون" أي زال

عنهم ما زين لهم الشيطان وما كانوا يؤملون من شفاعة آلهتهم. }ال**ذين كف**روا وص**دوا عن س**بيل الل**ه زدن**اهم ع*ذابا ف**وق88*اآلية: 3*

العذاب بما كانوا يفسدون{ @قوله تعالى: "الذين كف**روا وص**دوا عن س**بيل الل**ه زدن**اهم ع**ذابا ف**وق العذاب" قال ابن مس**عود: عق**ارب أنيابه**ا كالنخ**ل الط**وال، وحي**ات مث**ل أعناق اإلبل، وأفاعي كأنها البخاتي تضربهم، فتل**ك الزي**ادة وقي**ل: المع**نى يخرجون من النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة برده إلى الن**ار. وقي**ل: المع**نى زدن**ا الق**ادة ع**ذابا ف**وق الس**فلة، فأح**د الع**ذابين على كف**رهم والع*ذاب اآلخ**ر على ص**دهم. "بم*ا ك*انوا يفس*دون" في ال*دنيا من الكف*ر

والمعصية. }ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك89*اآلية: 3*

شهيدا على ه**ؤالء ونزلن**ا علي**ك الكت**اب تبيان**ا لك**ل ش**يء وه*دى ورحم**ةوبشرى للمسلمين{

@قوله تعالى: "ويوم نبعث في ك**ل أم**ة ش**هيدا عليهم من أنفس**هم" وهم األنبياء شهداء على أممهم يوم القيامة ب**أنهم ق**د بلغ**وا الرس**الة ودع**وهم إلى اإليمان، في كل زمان شهيد وإن لم يكن نبي*ا؛ وفيهم ق*والن: أح*دهما: أنهم أئمة الهدى الذين هم خلفاء األنبياء. الثاني: أنهم العلماء ال**ذين حف**ظ

الله بهم شرائع أنبيائه. قلت: فعلى ه**ذا لم تكن ف**ترة إال وفيه**ا من يوح**د الل**ه؛ كقس بن

ساعدة، وزيد بن عم**رو بن نفي**ل ال**ذي ق**ال في**ه الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم: )يبعث أمة وحده(، وسطيح، وورقة بن نوفل ال*ذي ق*ال في**ه الن**بي صلى الله عليه وسلم: )رأيته ينغمس في أنه**ار الجن**ة(. فه**ؤالء ومن ك**ان مثلهم حجة على أهل زمانهم وشهيد عليهم. والله أعلم. وقوله: " وجئنا بك

شهيدا على هؤالء" تقدم في "البقرة و"النساء".

Page 94: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء" نظ**يره: "م**ا فرطن**ا [ وقد تقدم. وقال مجاهد: تبيان**ا للحالل38في الكتاب من شيء" ]األنعام:

والحرام. }إن الله يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن90*اآلية: 3*

الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون{ @قول**ه تع**الى: "إن الل**ه ي**أمر بالع**دل واإلحس**ان" روي عن عثم**ان بن مظعون أنه قال: لما نزلت هذه اآلية قرأتها على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فتعجب فقال: يا آل غالب، اتبعوه تفلحوا، فوالل**ه إن الل**ه أرس**له ليأمركم بمكارم األخالق. وفي حديث - إن أبا ط**الب لم**ا قي**ل ل**ه: إن ابن أخيك زعم أن الله أنزل عليه "إن الله يأمر بالعدل واإلحسان" اآلي**ة، ق**ال: اتبعوا ابن أخي، فوالله إنه ال يأمر إال بمحاسن األخالق. وقال عكرم**ة: ق**رأ النبي صلى الله عليه وسلم على الوليد بن المغيرة "إن الل**ه ي**أمر بالع**دل واإلحسان" إلى آخرها، فقال: يا ابن أخي أعد، فأعاد عليه فق*ال: والل**ه إن ل**ه لحالوة، وإن علي**ه لطالوة، وإن أص**له لم**ورق، وأعاله لمثم**ر، وم**ا ه**و بقول بشر، وذكر الغزنوي أن عثمان بن مظعون هو الق**ارئ. ق**ال عثم**ان: ما أسلمت ابتداء إال حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت هذه اآلي**ة وأن**ا عن**ده فاس**تقر اإليم**ان في قل**بي، فقرأته**ا على الولي**د بن المغيرة فقال: يا ابن أخي أعد فأعدت فقال: والل**ه إن ل**ه لحالوة... وذك**ر تمام الخبر. وق**ال ابن مس**عود: ه**ذه أجم**ع آي**ة في الق**رآن لخ**ير يمتث**ل، ولش**ر يجتنب. وحكى النق**اش ق**ال: يق**ال زك**اة الع**دل اإلحس**ان، وزك**اة القدرة العفو، وزكاة الغنى المعروف، وزكاة الجاه كتب الرجل إلى إخوانه. @ اختلف العلماء في تأويل العدل واإلحسان؛ فق**ال ابن عب**اس: الع**دل ال إله إال الل**ه، واإلحس**ان أداء الف**رائض. وقي**ل: الع**دل الف**رض، واإلحس**ان النافلة. وقال سفيان بن عيينة: العدل ها هنا اس**تواء الس**ريرة، واإلحس**ان أن تكون السريرة أفضل من العالنية. علي بن أبي طالب: العدل اإلنصاف، واإلحسان التفضل. ق**ال ابن عطي**ة: الع**دل ه**و ك**ل مف**روض، من عقائ**د وش***رائع في أداء األمان***ات، وت***رك الظلم واإلنص***اف، وإعط***اء الح***ق. واإلحسان هو فعل كل مندوب إليه؛ فمن األشياء ما هو كل**ه من**دوب إلي**ه، ومنها ما هو فرض، إال أن حد اإلجزاء منه داخل في العدل، والتكميل الزائد على اإلجزاء داخل في اإلحسان. وأما قول ابن عباس ففيه نظ**ر؛ ألن أداء الفرائض هي اإلسالم حسبما فسره رسول الله صلى الله عليه وس**لم في حديث سؤال جبريل، وذلك هو العدل، وإنما اإلحسان التكميالت والمن**دوب إليه حسبما يقتضيه تفسير النبي صلى الله عليه وس**لم في ح**ديث س**ؤال جبريل بقوله: )أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإن**ه ي**راك(. ف**إن صح ه**ذا عن ابن عب**اس فإنم**ا أراد الف**رائض مكمل**ة. وق**ال ابن الع**ربي: العدل بين العبد وبين ربه إيثار حقه تعالى على حظ نفس**ه، وتق**ديم رض**اه على هواه، واالجتن**اب للزواج**ر واالمتث**ال لألوام**ر. وأم**ا الع**دل بين**ه وبين نفسه فمنعها مما فيه هالكها؛ قال الل**ه تع**الى: "ونهى النفس عن اله**وى"

[ وعزوب األطماع عن األتباع، ولزوم القناع**ة في ك**ل ح**ال40]النازعات: ومعنى. وأما العدل بينه وبين الخلق فبذل النصيحة، وترك الخيانة فيما ق**ل وكثر، واإلنصاف من نفسك لهم بكل وجه، وال يكون من**ك إس**اءة إلى أح**د

Page 95: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

بقول وال فع**ل ال في س**ر وال في علن، والص**بر على م**ا يص**يبك منهم منالبلوى، وأقل ذلك اإلنصاف وترك األذى.

قلت: هذا التفصيل في العدل حسن وعدل، وأما اإلحسان فق**د ق**ال علماؤن**ا: اإلحس**ان مص**در أحس**ن يحس**ن إحس**انا. ويق**ال على معن**يين: أحدهما متعد بنفسه؛ كقولك: أحسنت كذا، أي حسنته وكلمته، وهو منق**ول بالهمزة من حسن الشيء. وثانيهما متعد بحرف جر؛ كقولك: أحس**نت إلى

فالن، أي أوصلت إليه ما ينتفع به. قلت: وهو في هذه اآلية مراد بالمعنيين معا؛ فإنه تعالى يحب من خلقه

إحسان بعضهم إلى بعض، حتى أن الطائر في سجنك والسنور في دارك ال ينبغي أن تقص**ر تعه**ده بإحس**انك؛ وه**و تع**الى غ**ني عن إحس**انهم، ومن**ه اإلحسان والنعم والفضل والمنن. وهو في ح*ديث جبري**ل ب**المعنى األول ال بالث**اني؛ ف**إن المع**نى األول راج**ع إلى إتق**ان العب**ادة ومراعاته**ا بأدائه**ا المصححة والمكملة، ومراقبة الحق فيها واستحض**ار عظمت**ه وجالل**ه حال*ة الشروع وحالة االستمرار. وهو المراد بقوله )أن تعبد الله كأن**ك ت**راه ف**إن لم تكن تراه فإنه يراك(. وأرب**اب القل**وب في ه**ذه المراقب**ة على ح**الين: أحدهما غالب عليه مشاهدة الحق فكأنه يراه. ولعل النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم أش**ار إلى ه**ذه الحال**ة بقول**ه: )وجعلت ق**رة عي**ني في الص**الة(. وثانيهما: ال تنتهي إلى هذا، لكن يغلب عليه أن الح**ق س**بحانه مطل**ع علي**ه ومشاهد له، وإليه اإلشارة بقوله تع**الى: "ال**ذي ي**راك حين تق**وم. وتقلب**ك

-** 218في الساجدين" ]الشعراء: [ وقوله: "إال كنا عليكم ش**هودا إذ219 [. 61تفيضون فيه" ]يونس:

@قوله تعالى: "وإيتاء ذي القربى" أي القرابة؛ يق**ول: يعطيهم الم**ال كم**ا [ يع**ني ص**لته. وه**ذا من ب**اب26ق**ال "وآت ذا الق**ربى حق**ه" ]اإلس**راء:

عط**ف المن**دوب على ال**واجب، وب**ه اس**تدل الش**افعي في إيج**اب إيت**اء المك**اتب، على م**ا ي**أتي بيان**ه. وإنم**ا خص ذا الق**ربى ألن حق**وقهم أوك**د وصلتهم أوجب؛ لتأكيد حق الرحم التي اشتق الله اسمها من اسمه، وجعل ص**لتها من ص**لته، فق**ال في الص**حيح: )أم**ا ترض**ين أن أص**ل من وص**لك

وأقطع من قطعك(. وال سيما إذا كانوا فقراء. @قوله تعالى: "وينهى عن الفحش**اء والمنك**ر والبغي" الفحش**اء: الفحش، وهو كل قبيح من قول أو فعل. ابن عباس: هو الزنى. والمنك**ر: م**ا أنك**ره الشرع ب**النهي عن**ه، وه**و يعم جمي**ع المعاص**ي والرذائ**ل وال**دناءات على اختالف أنواعه**ا. وقي**ل ه**و الش**رك. والبغي: ه**و الك**بر والظلم والحق**د والتعدي؛ وحقيقته تجاوز الحد، وهو داخل تحت المنكر، لكن**ه تع**الى خص**ه بالذكر اهتماما به لشدة ضرره. وفي الح**ديث عن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم )ال ذنب أس**رع عقوب**ة من بغي(. وق**ال علي**ه الس**الم: )الب**اغي مصروع(. وقد وعد الله من بغي علي**ه بالنص**ر. وفي بعض الكتب المنزل**ة:

لو بغى جبل على جبل لجعل الباغي منهما دكا.. @ ترجم اإلمام أبو عبدالله بن إسماعيل البخاري في صحيحه فقال: )ب**اب قول الله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل واإلحس**ان وإيت**اء ذي الق**ربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" وقول**ه: "إنم**ا بغيكم

[، "ثم بغي علي**ه لينص**رنه الل**ه"، وت**رك إث**ارة23على أنفسكم" ]ي**ونس: الشر على مسلم أو كافر( ثم ذكر حديث عائشة في سحر لبيد بن األعصم

Page 96: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن بطال: فتأول رضي الله عنه من هذه اآليات ترك إثارة الشر على مسلم أو ك**افر؛ كم**ا دل علي**ه ح**ديث عائش**ة حيث قال عليه السالم: )أما الله فقد شفاني وأما أن**ا ف**أكره أن أث**ير على الناس شرا(. ووجه ذلك - والله أعلم - أنه تأول في قول الل**ه تع**الى: "إن الله يأمر بالعدل واإلحسان" الندب باإلحسان إلى المسيء وت**رك معاقبت**ه على إساءته. فإن قيل: كيف يصح هذا التأويل في آي**ات البغي. قي*ل: وج*ه ذلك - والله أعلم - أنه لما أعلم الله عباده ب**أن ض**رر البغي ينص**رف على الباغي بقول**ه: "إنم**ا بغيكم على أنفس**كم" وض**من تع**الى نص**رة من بغي علي**ه، ك**ان األولى بمن بغي علي**ه ش**كر الل**ه على م**ا ض**من من نص**ره ومقابلة ذلك بالعفو عمن بغى عليه؛ وك**ذلك فع**ل الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم باليهودي الذي سحره، وقد كان له االنتقام منه بقوله: "وإن ع**اقبتم

[. ولكن آثر الصفح أخ**ذا بقول**ه:126فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به" ]النحل: [. 43"ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم األمور" ]الشورى:

@ تضمنت هذه اآلية األمر بالمعروف والنهي عن المنك**ر. روي أن جماع**ة رفعت عاملها إلى أبي جعفر المنص**ور العباس**ي، فحاجه**ا العام**ل وغلبه**ا؛ بأنهم لم يثبتوا عليه كبير ظلم وال جوره في ش**يء؛ فق**ام ف**تى من الق**وم فقال: يا أمير المؤمنين، إن الل**ه ي**أمر بالع**دل واإلحس**ان، وإن**ه ع**دل ولم

يحسن. قال: فعجب أبو جعفر من إصابته وعزل العامل. }وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم وال تنقضوا األيمان بعد توكيدها91*اآلية: 3*

وقد جعلتم الله عليكم كفيال إن الله يعلم ما تفعلون{ @قوله تع**الى: "وأوف**وا بعه**د الل**ه" لف**ظ ع**ام لجمي**ع م**ا يعق**د باللس**ان ويلتزمه اإلنسان بالعدل واإلحسان ألن المعنى فيها: افعلوا كذا، وانتهوا عن كذا؛ فعطف على ذلك التقدير. وقد قيل: إنها ن**زلت في بيع**ة الن**بي ص**لى الله عليه وسلم على اإلسالم. وقيل: ن**زلت في ال**تزام الحل**ف ال**ذي ك**ان في الجاهلية وجاء اإلسالم بالوفاء؛ قاله قتادة ومجاهد وابن زي**د. والعم**وم يتن**اول ك**ل ذل**ك كم**ا بين**اه. روى الص**حيح عن جب**ير بن مطعم ق**ال ق**ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ال حلف في اإلس**الم وأيم**ا حل**ف ك**ان في الجاهلية لم يزده اإلسالم إال شدة( يعني في نص**رة الح**ق والقي**ام ب**ه والمواس**اة. وه**ذا كنح**و حل**ف الفض**ول ال**ذي ذك**ره ابن إس**حاق ق**ال: اجتمعت قبائ**ل من ق**ريش في دار عبدالل**ه بن ج**دعان لش**رفه ونس**به، فتعاق**دوا وتعاه**دوا على أال يج**دوا بمك**ة مظلوم**ا من أهله**ا أو غ**يرهم إال قاموا معه ح**تى ت**رد علي**ه مظلمت**ه؛ فس**مت ق**ريش ذل**ك الحل**ف حل**ف الفض**ول، أي حل**ف الفض**ائل. والفض**ول هن**ا جم**ع فض**ل للك**ثرة كفلس وفلوس. روى ابن إسحاق عن ابن شهاب قال قال رسول الل*ه ص*لى الل*ه عليه وسلم: )لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلف**ا م**ا أحب أن لي به حمر النعم لو أدعى به في اإلسالم ألجبت(. وق**ال ابن إس**حاق: تحام**ل الوليد بن عتبة على حسين بن علي في مال له، لسلطان الوليد فإن**ه ك**ان أميرا على المدينة؛ فق**ال ل**ه حس**ين بن علي: احل**ف بالل**ه لتنص**فني من حقي أو آلخذن سيفي ثم ألقومن في مسجد رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم ثم ألدعون بحلف الفضول. قال عبدالله بن الزبير: وأنا أحل**ف والل**ه لئن دعانا آلخذن سيفي ثم ألقومن مع**ه ح**تى ينتص**ف من حق**ه أو نم**وت جميعا. وبلغت المسور بن مخرمة فقال مثل ذل**ك. وبلغت عب**دالرحمن بن

Page 97: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

عثمان بن عبيدالله التيمي فقال مثل ذلك. فلما بلغ ذلك الوليد أنصفه. قال العلماء: فهذا الحلف الذي كان في الجاهلية هو الذي شده اإلسالم وخص**ه الن**بي علي**ه الص**الة والس**الم من عم**وم قول**ه: )ال حل**ف في اإلس**الم(. والحكمة في ذلك أن الش**رع ج**اء باالنتص**ار من الظ**الم وأخ**ذ الح**ق من**ه وإيصاله إلى المظلوم، وأوجب ذلك بأص**ل الش**ريعة إيجاب**ا عام**ا على من قدر من المكلفين، وجعل لهم السبيل على الظ**المين فق**ال تع**الى: "إنم**ا السبيل على الذين يظلمون الن**اس ويبغ**ون في األرض بغ**ير الح**ق أولئ**ك

[. وفي الص**حيح: )انص**ر أخ**اك ظالم**ا أو42لهم ع**ذاب أليم"]الش**ورى: مظلوما( قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوم**ا فكي**ف ننص**ره ظالم**ا؟ قال: )تأخذ على يديه: في رواية: تمنعه من الظلم فإن ذل**ك نص**ره(. وق**د تقدم قوله عليه السالم: )إن الناس إذا رأوا الظ**الم ولم يأخ**ذوا على يدي**ه

أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده(. @قول**ه تع**الى: "وال تنقض**وا األيم**ان بع**د توكي**دها" يق**ول بع**د تش**ديدها

وتغليظها؛ يقال: توكيد وتأكيد، ووكد وأكد، وهما لغتان. @قوله تعالى: "وقد جعلتم الله عليكم كفيال" يعني شهيدا. ويق**ال حافظ**ا، ويقال ضامنا. وإنما قال "بع**د توكي**دها" فرق**ا بين اليمين المؤك**دة ب**العزم وبين لغو اليمين وقال ابن وهب وابن القاسم عن مالك التوكي**د ه**و حل**ف اإلنسان في الشيء الواحد مرارا، يردد فيه األيمان ثالث**ا أو أك**ثر من ذل**ك؛ كقوله: والله ال أنقصه من كذا، والله ال أنقصه من كذا، والله ال أنقص**ه من كذا. قال: فكفارة ذلك واحدة مث**ل كف**ارة اليمين. وق**ال يح**يى بن س**عيد: هي العهود، والعهد يمين، ولكن الفرق بينهما أن العهد ال يكفر. ق**ال الن**بي صلى الله عليه وسلم: )ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند اس**ته بق**در غدرته يقال هذه غدرة فالن(. وأما اليمين بالله فقد شرع الله سبحانه فيها الكفارة بخص**لة واح**دة، وح**ل م**ا انعق**دت علي**ه اليمين. وق**ال ابن عم**ر:

التوكيد هو أن يحلف مرتين، فإن حلف واحدة فال كفارة فيه. وقد تقدم. }وال تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد ق**وة أنكاث**ا تتخ**ذون92*اآلية: 3*

أيمانكم دخال بينكم أن تك**ون أم**ة هي أربى من أم**ة إنم**ا يبل**وكم الل**ه ب**هوليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون{

@قوله تعالى: "وال تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد ق**وة أنكاث**ا" النقض والنكث واحد، واالسم النكث والنقض، والجمع األنكاث. فشبهت ه*ذه اآلي*ة الذي يحلف ويعاه**د وي**برم عه**ده ثم ينقض**ه ب**المرأة تغ**زل غزله**ا وتفتل**ه محكما ثم تحله. ويروى أن ام**رأة حمق**اء ك**انت بمك**ة تس**مى ريط**ة بنت عم**رو بن كعب بن س**عد بن تيم بن م**رة ك**انت تفع**ل ذل**ك، فبه**ا وق**ع التشبيه؛ قال الفراء، وحكاه عبدالله بن كثير والس**دي ولم يس**ميا الم**رأة، وقال مجاه**د وقت**ادة: وذل*ك ض**رب مث**ل، ال على ام**رأة معين**ة. و"أنكاث**ا" نصب على الحال. والدخل: الدغل والخديعة والغش. ق**ال أب**و عبي**دة: ك**ل أم**ر لم يكن ص**حيحا فه**و دخ**ل. "أن تك**ون أم**ة هي أربى من أم**ة" ق**ال المفسرون: نزلت هذه اآلية في العرب الذين كانت القبيلة منهم إذ حالفت أخرى، ثم جاءت إحداهما قبيلة كثيرة قوية فداخلتها غدرت األولى ونقضت عهدها ورجعت إلى هذه الكبرى - قاله مجاهد - فقال الله تعالى: ال تنقضوا العهود من أجل أن طائفة أكثر من طائفة أخ*رى أو أك*ثر أم*واال فتنقض*ون أيمانكم إذا رأيتم الكثرة والسعة في الدنيا ألعدائكم المشركين. والمقصود

Page 98: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

النهي عن الع**ود إلى الكف**ر بس**بب ك**ثرة الكف**ار وك**ثرة أم**والهم. وق**ال الفراء: المعنى ال تغ**دروا بق**وم لقلتهم وك**ثرتكم أو لقلتكم وك**ثرتهم، وق**د عززتموهم باأليمان. "أربى" أي أكثر؛ من ربا الشيء يربو إذا كثر. والضمير في )به( يحتمل أن يعود على الوفاء الذي أم**ر الل**ه ب**ه. ويحتم**ل أن يع**ود على الرباء؛ أي أن الله تعالى ابتلى عباده بالتحاسد وطلب بعضهم الظهور على بعض، واختبرهم بذلك من يجاهد نفسه فيخالفه**ا ممن يتبعه**ا ويعم**ل بمقتضى هواها؛ وهو معنى قول*ه: "إنم*ا يبل**وكم الل*ه ب*ه ولي*بينن لكم ي*وم

القيامة ما كنتم فيه تختلفون" من البعث وغيره. }ول**و ش**اء الل**ه لجعلكم أم**ة واح**دة ولكن يض**ل من يش**اء93*اآلية: 3*

ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون{ @قوله تعالى: "ولو ش**اء الل**ه لجعلكم أم*ة واح*دة" أي على مل**ة واح*دة. "ولكن يضل من يشاء" بخذالنه إياهم؛ عدال منه فيهم. "ويه**دي من يش**اء" بتوفيقه إياهم؛ فض**ال من**ه عليهم، وال يس**أل عم**ا يفع**ل ب**ل تس**ألون أنتم. واآلية ترد على أهل القدر كم**ا تق**دم. والالم في "ولي**بينن، ولتس**ئلن" م**ع

النون المشددة يدالن على قسم مضمر، أي والله ليبينن لكم ولتسئلن. }وال تتخذوا أيمانكم دخال بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا94*اآلية: 3*

السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم{ @قوله تعالى: "وال تتخ**ذوا أيم**انكم دخال بينكم" ك**رر ذل**ك تأكي**دا. "ف**تزل قدم بعد ثبوتها" مبالغة في النهي عنه لعظم موقعه في ال**دين وت**ردده في معاشرات الناس؛ أي ال تعق**دوا األيم**ان ب**االنطواء على الخديع**ة والفس**اد فتزل قدم بعد ثبوتها، أي عن األيمان بع**د المعرف**ة بالل**ه. وه**ذه اس**تعارة للمستقيم الحال يقع في شر عظيم ويسقط فيه؛ ألن القدم إذا زلت نقلت

اإلنسان من حال خير إلى حال شر؛ ومن هذا المعنى قول كثير:فلما توافينا ثبت وزلت

والعرب تق**ول لك**ل مبتلى بع**د عافي**ة أو س**اقط في ورط**ة: زلت قدم**ه؛كقول الشاعر:

سيمنع منك السبق إن كنت سابقا وتقتل إن زلت بك القدمان ويقال لمن أخطأ في شيء: زل فيه. ثم توعد تعالى بعد بع**ذاب في ال**دنيا وعذاب عظيم في اآلخرة. وهذا الوعي**د إنم**ا ه**و فيمن نقض عه**د رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم؛ ف**إن من عاه**ده ثم نقض عه**ده خ**رج من اإليم**ان، وله**ذا ق**ال: "وت**ذوقوا الس**وء بم**ا ص**ددتم عن س**بيل الل**ه" أي

بصدكم. وذوق السوء في الدنيا هو ما يحل بهم من المكروه. }وال تشتروا بعهد الله ثمنا قليال إنما عند الله هو خير96 -* 95*اآليتان: 3*

لكم إن كنتم تعلمون، ما عندكم ينف**د وم**ا عن**د الل**ه ب**اق ولنج**زين ال**ذينصبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون{

@قول**ه تع**الى: "وال تش**تروا بعه**د الل**ه ثمن**ا قليال" نهى عن الرش**ا وأخ**ذ األموال على نقض العهد؛ أي ال تنقض**وا عه**ودكم لع**رض قلي**ل من ال**دنيا. وإنما كان قليال وإن ك**ثر ألن**ه مم**ا ي**زول، فه**و على التحقي**ق قلي**ل، وه**و المراد بقوله: "ما عندكم ينفد وم**ا عن**د الل**ه ب**اق" ف**بين الف**رق بين ح**ال الدنيا وحال اآلخرة بأن هذه تنفد وتحول، وما عند الل**ه من م**واهب فض**له ونعيم جنته ثابت ال يزول لمن وفي بالعهد وثبت على العق**د. ولق**د أحس**ن

من قال:

Page 99: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

المال ينفد حله وحرامه يوما وتبقى في غد آثامه ليس التقي بمتق إللهه حتى يطيب شرابه وطعامه

آخر: هب الدنيا تساق إليك عفوا أليس مصير ذاك إلى انتقال وما دنيال إال مثل فيء أظلك ثم آذن بالزوال

@قوله تعالى: "ولنجزين الذين ص**بروا" أي على اإلس**الم والطاع**ات وعن المعاصي. "أجرهم بأحس**ن م**ا ك**انوا يعمل**ون" أي من الطاع**ات، وجعله**ا أحسن ألن ما عداها من الحسن مباح، والجزاء إنم**ا يك**ون على الطاع**ات من حيث الوعد من الله. وق**رأ عاص**م وابن كث**ير "ولنج**زين" ب**النون على التعظيم. الب*اقون بالي*اء. وقي*ل: إن ه*ذه اآلي*ة "وال تش*تروا..." ن*زلت في ام**رئ القيس بن ع**ابس الكن**دي وخص**مه ابن أس**وع، اختص**ما في أرض فأراد امرؤ القيس أن يحلف فلما سمع هذه اآلية نكل وأقر له بحقه؛ والل**ه

أعلم. }من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيين**ه حي**اة97*اآلية: 3*

طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون{ @قوله تعالى: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حي**اة

طيبة" شرط وجوابه. وفي الحياة الطيبة خمسة أقوال: األول: أنه الرزق الحالل؛ قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء والضحاك. الثاني: القناع**ة؛ قال**ه الحس**ن البص**ري وزي**د بن وهب ووهب بن منب**ه، ورواه الحكم عن عكرم**ة عن ابن عب**اس، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه. الثالث: توفيقه إلى الطاعات فإنها تؤديه إلى رضوان الله؛ ق*ال معن**اه الض*حاك. وق*ال أيض*ا: من عم*ل صالحا وهو مؤمن في فاقة وميسرة فحيات**ه طيب**ة، ومن أع**رض عن ذك**ر الله ولم يؤمن برب*ه وال عم*ل ص*الحا فمعيش*ته ض*نك ال خ*ير فيه*ا. وق*ال مجاهد وقتادة وابن زيد: هي الجنة، وقاله الحس**ن، وق**ال: ال تطيب الحي**اة ألحد إال في الجنة. وقيل هي السعادة، روي عن ابن عباس أيضا. وقال أب**و بكر الوراق: هي حالوة الطاعة. وقال س**هل بن عبدالل**ه التس**تري: هي أن ينزع عن العبد تدبيره وي**رد ت**دبيره إلى الح**ق. وق**ال جعف**ر الص**ادق: هي المعرفة بالله، وصدق المقام بين ي**دي الل**ه. وقي**ل: االس**تغناء عن الخل**ق واالفتقار إلى الحق. وقي**ل: الرض**ا بالقض**اء. "ولنج**زينهم أج**رهم" أي في اآلخ**رة. وق**ال )فلنحيين**ه( ثم ق**ال )ولنج**زينهم( ألن )من( يص**لح للواح**د والجمع، فأعاد مرة على اللفظ ومرة على المعنى، وق**د تق**دم. وق**ال أب**و صالح: جلس ناس من أهل التوراة وناس من أهل اإلنجيل ون**اس من أه**ل

األوثان، فقال هؤالء: نحن أفضل، وقال هؤالء: نحن أفضل؛ فنزلت. }فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم{98*اآلية: 3*

@ هذه اآلية متصلة بقوله: "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء" ]النح**ل: [ ف**إذا أخ**ذت في قراءت**ه فاس**تعذ بالل**ه من أن يع**رض ل**ك الش**يطان89

فيصدك عن تدبره والعمل بما فيه؛ وليس يريد استعذ بعد القراءة؛ ب**ل ه**و كقولك: إذا أكلت فقل بسم الله؛ أي إذا أردت أن تأكل. وقد روى جب**ير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم حين افتتح الصالة قال )اللهم إني أعوذ ب**ك من الش**يطان من هم**زه ونفخ**ه ونفث**ه(. وروى أبو سعيد الخدري أن النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ك**ان يتع**وذ في

Page 100: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

صالته قبل القراءة. قال الكيا الطبري: ونقل عن بعض السلف التع**وذ بع**د القراءة مطلقا، احتجاجا بقوله تعالى: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" وال شك أن ظاهر ذلك يقتضي أن تك**ون االس**تعاذة بع**د القراءة؛ كقوله تعالى: "فإذا قض**يتم الص**الة ف**اذكروا الل**ه قيام**ا وقع**ودا"

[. إال أن غيره محتمل، مثل قوله تعالى: "وإذا قلتم فاعدلوا"103]النساء: [ "وإذا س***ألتموهن متاع***ا فاس***ألوهن من وراء حج***اب"152]األنع***ام:

[ وليس الم**راد ب**ه أن يس**ألها من وراء حج**اب بع**د س**ؤال53]األح**زاب: متقدم. ومثله قول القائل: إذا قلت فاصدق، وإذا أح**رمت فاغتس**ل؛ يع**ني قبل اإلحرام. والمعنى في جميع ذل**ك: إذا أردت ذل**ك؛ فك**ذلك االس**تعاذة.

وقد تقدم هذا المعنى.-** 99*اآلية: 3* }إنه ليس له سلطان على ال**ذين آمن**وا وعلى ربهم100

يتوكلون، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون{ @قوله تعالى: "إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا" أي باإلغواء والكفر، أي ليس لك قدرة على أن تحملهم على ذنب ال يغفر؛ قال**ه س**فيان. وق**ال مجاهد: ال حجة ل*ه على م*ا ي*دعوهم إلي**ه من المعاص*ي. وقي*ل: إن*ه ليس عليهم سلطان بحال؛ ألن الله تعالى صرف سلطانه عليهم حين ق**ال ع**دو الل**ه إبليس لعن**ه الل**ه "وألغ**وينهم أجمعين. إال عب**ادك منهم المخلص**ين"

[ قال الله تعالى: "إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إال40 -* 39]الحجر: [. 42من اتبعك من الغاوين" ]الحجر:

قلت: قد بينا أن هذا عام يدخل**ه التخص**يص، وق**د أغ**وى آدم وح**واء عليهما السالم بسلطانه، وقد شوش على الفضالء أوقاتهم بقوله: من خلق ربك؟ حسبما تقدم في "األعراف". "إنما سلطانه على ال**ذين يتولون**ه" أي يطيعونه. يقال: توليته أي أطعته، وتوليت عنه، أي أعرض**ت عن**ه. "وال**ذين هم به مشركون" أي بالله؛ قاله مجاهد والض**حاك. وقي**ل: يرج*ع "ب**ه" إلى الشيطان؛ قاله الربي**ع بن أنس والقتي**بي. والمع**نى: وال**ذين هم من أجل**ه مشركون. يقال: كفرت بهذه الكلمة، أي من أهلها. وصار فالن ب**ك عالم**ا،

أي من أجلك. أي والذي تولى الشيطان مشركون بالله. }وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا102 - 101*اآليتان: 3*

إنما أنت مفتر بل أكثرهم ال يعلمون، قل نزله روح القدس من ربك ب**الحقليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين{

@قوله تعالى: "وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل" قيل: المع**نى بدلنا شريعة متقدمة بشريعة مستأنفة؛ قاله ابن بحر. مجاهد: أي رفعنا آي**ة وجعلنا موضعها غيرها. وقال الجمه**ور: نس**خنا آي**ة بآي**ة أش**د منه**ا عليهم. والنسخ والتبديل رفع الش**يء م**ع وض**ع ع**يره مكان**ه. "ق**الوا" يري**د كف**ار ق**ريش. "إنم**ا أنت مف**تر" أي ك**اذب مختل**ق، وذل**ك لم**ا رأوا من تب**ديل الحكم. فقال الله: "بل أكثرهم ال يعلمون" ال يعلمون أن الله شرع األحكام وتبديل البعض بالبعض. وقوله: "قل نزله روح القدس" يعني جبري**ل، ن**زل بالقرآن كل**ه ناس**خه ومنس**وخه. وروي بإس**ناد ص**حيح عن ع**امر الش**عبي قال: وكل إسرافيل بمحمد صلى الله عليه وسلم ثالث سنين، فك**ان يأتي**ه بالكلمة والكلمة، ثم نزل عليه جبريل بالقرآن. وفي صحيح مسلم أيضا أن**ه نزل عليه بسورة "الحمد" مل**ك لم ي**نزل إلى األرض ق**ط. كم**ا تق**دم في

Page 101: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الفاتحة بيانه. "من ربك بالحق" أي من كالم ربك. "ليثبت ال*ذين آمن*وا" أيبما فيه من الحجج واآليات. "وهدى" أي وهو هدى "وبشرى للمسلمين".

}ولق**د نعلم أنهم يقول**ون إنم**ا يعلم**ه بش**ر لس**ان ال**ذي103*اآلي**ة: 3*يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين{

@قوله تعالى: "ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر" اختل**ف في اس**م هذا الذي قالوا إنما يعلمه؛ فقيل: هو غالم الفاكه بن المغيرة واس**مه ج**بر، كان نصرانيا فأسلم؛ وكانوا إذا سمعوا من النبي صلى الله عليه وس**لم م**ا مضى وما هو آت مع أنه أمي لم يقرأ قالوا: إنما يعلم**ه ج**بر وه*و أعجمي؛ فقال الله تعالى: "لس**ان ال**ذي يلح**دون إلي**ه أعجمي وه**ذا لس**ان ع**ربي مبين" أي كيف يعلمه جبر وهو أعجمي هذا الكالم ال**ذي ال يس**تطيع اإلنس والجن أن يعارضوا منه سورة واحدة فما فوقه**ا. وذك**ر النق**اش أن م**ولى جبر ك**ان يض**ربه ويق**ول ل**ه: أنت تعلم محم**دا، فيق*ول: ال والل**ه، ب**ل ه**و يعلمني ويهديني. وقال ابن إسحاق: ك**ان الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم - فيما بلغني - كثيرا ما يجلس عند المروة إلى غالم نصراني يق**ال ل**ه ج**بر، عبد بني الحضرمي، وكان يق**رأ الكتب، فق**ال المش**ركون: والل**ه م**ا يعلم محمدا ما يأتي به إال جبر النصراني. وقال عكرمة: اسمه يعيش عب**د لب**ني الحضرمي، كان رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم يلقن**ه الق**رآن؛ ذك**ره المارودي. وذكر الثعلبي عن عكرمة وقتادة أن**ه غالم لب**ني المغ**يرة اس**مه يعيش، وك**ان يق**رأ الكتب األعجمي**ة، فق**الت ق**ريش: إنم**ا يعلم**ه بش**ر، فنزلت. المهدوي عن عكرمة: هو غالم لبني عامر بن لؤي، واس**مه يعيش. وقال عبدالله بن مسلم الحضرمي: كان لنا غالمان نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار واسم اآلخر جبر. كذا ذك**ر الم**اوردي والقش**يري والثعلبي؛ إال أن الثعلبي قال: يقال ألحدهما نبت ويكنى أب**ا فكيه**ة، واآلخ**ر جبر، وكانا صيقلين يعمالن السيوف؛ وكانا يقرأن كتابا لهم. الثعلبي: يق**رأن التوراة واإلنجيل. الماوردي والمهدوي: التوراة. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بهما ويس**مع قراءتهم**ا، وك**ان المش**ركون يقول**ون: يتعلم منهما، فأنزل الله هذه اآلية وأكذبهم. وقيل: عنوا س**لمان الفارس**ي رض**ي الله عنه؛ قاله الضحاك. وقيل: نصرانيا بمكة اسمه بلعام، وكان غالما يق**رأ التوراة؛ قاله ابن عباس. وقال القتبي: كان بمكة رجل نصراني يقال له أبو ميسرة يتكلم بالرومية، فربما قعد إليه رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم، فقال الكفار: إنما يتعلم محمد من**ه، ف**نزلت. وفي رواي**ة أن**ه ع**داس غالم عتبة بن ربيعة. وقيل: عابس غالم حويطب بن عبدالعزى ويسار أبو فكيه**ة

مولى ابن الحضرمي، وكانا قد أسلما. والله أعلم قلت: والكل محتمل؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم ربما جلس إليهم

في أوق**ات مختلف**ة ليعلمهم مم**ا علم**ه الل**ه، وك**ان ذل**ك بمك**ة. وق**ال النحاس: وهذه األقوال ليست بمتناقضة؛ ألن**ه يج**وز أن يكون**وا أوم**أوا إلى

هؤالء جميعا، وزعموا أنهم يعلمونه. قلت: وأما ما ذكره الضحاك من أنه سلمان ففيه بعد؛ ألن سلمان إنما

أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وهذه اآلية مكية. @قوله تعالى: "لسان الذي يلحدون إلي**ه أعجمي" اإللح**اد: المي**ل؛ يق**ال: لحد وألحد، أي مال عن القصد. وقرأ حم*زة "يلح*دون" بفتح الي**اء والح*اء؛ أي لسان ال**ذي يميل**ون إلي**ه ويش**يرون أعجمي. والعجم**ة: اإلخف**اء وض**د

Page 102: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

البي**ان. ورج**ل أعجم وام**رأة عجم**اء، أي ال يفص**ح؛ ومن**ه عجم ال**ذنب الستتاره. والعجماء: البهيمة؛ ألنه**ا ال توض**ح عن نفس**ها. وأعجمت الكت**اب أي أزلت عجمته. والعرب تسمي كل من ال يعرف لغتهم وال يتكلم بكالمهم أعجميا. وقال الفراء: األعجم الذي في لسانه عجمة وإن ك**ان من الع**رب، واألعجمي أو العجمي ال**ذي أص**له من العجم. وق**ال أب**و علي: األعجمي ال**ذي ال يفص**ح، س**واء ك**ان من الع**رب أو من العجم، وك**ذلك األعجم واألعجمي المنسوب إلى العجم وإن ك**ان فص**يحا. وأراد باللس**ان الق**رآن؛

ألن العرب تقول للقصيدة والبيت: لسان؛ قال الشاعر: لسان الشر تهديها إلينا وخنت وما حسبتك أن تخونا

يعني باللسان القصيدة. "وهذا لسان عربي مبين" أي أفصح م**ا يك**ون منالعربية.

}إن الذين ال يؤمنون بآيات الله ال يهديهم الله ولهم ع**ذاب104*اآلية: 3*أليم{

@قوله تعالى: "إن الذين ال يؤمنون بآيات الله" أي هؤالء المشركون الذينال يؤمنون بالقرآن. "ال يهديهم الله ولهم عذاب أليم".

}إنما يفتري الكذب الذين ال يؤمنون بآيات الله وأولئ**ك هم105*اآلية: 3*الكاذبون{

@قوله تعالى: "إنما يفتري الكذب الذين ال يؤمنون بآيات الله" هذا ج**واب وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم باالفتراء. "وأولئك هم الك**اذبون" ه**ذا مبالغة في وصفهم بالكذب؛ أي كل كذب قليل بالنسبة إلى كذبهم. ويق**ال: كذب فالن وال يقال إنه كاذب؛ ألن الفعل قد يكون الزما وقد ال يكون الزما. فأما النعت فيكون الزما ولهذا يقال: عصى آدم رب**ه فغ**وى، وال يق**ال: إن**ه ع**اص غ**او. ف**إذا قي**ل: ك**ذب فالن فه**و ك**اذب، ك**ان مبالغ**ة في الوص**ف

بالكذب؛ قاله القشيري. }من كفر بالله من بعد إيمان**ه إال من أك**ره وقلب**ه مطمئن106*اآلية: 3*

باإليمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غض**ب من الل**ه ولهم ع**ذابعظيم{

@قول**ه تع**الى: "من كف**ر بالل**ه" ه**ذا متص**ل بقول**ه تع**الى: "وال تنقض**وا [ فكان مبالغ**ة في الوص**ف بالك**ذب؛ ألن91األيمان بعد توكيدها" ]النحل:

معناه ال ترتدوا عن بيعة الرسول صلى الل**ه علي**ه وس**لم. أي من كف*ر من بعد إيمانه وارتد فعليه غضب الله. قال الكلبي: ن**زلت في عبدالل**ه بن أبي سرح ومقيس بن ضبابة وعبدالله بن خطل، وقيس بن الولي**د بن المغ**يرة، كفروا بعد إيمانهم. وقال الزجاج: "من كفر بالله من بعد إيمانه" ب**دل ممن يفتري الكذب؛ أي إنما يفتري الك**ذب من كف**ر بالل**ه من بع**د إيمان**ه؛ ألن**ه رأى الكالم إلى آخ**ر االس**تثناء غ**ير ت**ام فعلق**ه بم**ا قبل**ه. وق**ال األخفش: "من" ابتداء وخ*بره مح*ذوف، اكتفي من*ه بخ*بر"من" الثاني**ة؛ كقول*ك: من

يأتنا من يحسن نكرمه. @قوله تعالى: "إال من أكره" هذه اآلية نزلت في عمار بن ياسر، في قول أه**ل التفس**ير؛ ألن**ه ق**ارب بعض م**ا ن**دبوه إلي**ه. ق**ال ابن عب**اس: أخ**ذه المشركون وأخذوا أباه وأمه سمية وصهيبا وبالال وخبابا وس**الما فع**ذبوهم، وربطت سمية بين بعيرين ووجئ قبلها بحربة، وقي*ل له*ا إن*ك أس*لمت من أجل الرجال؛ فقتلت وقتل زوجها ياسر، وهما أول قتيلين في اإلسالم. وأما

Page 103: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها، فشكا ذلك إلى رسول الل**ه ص**لى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )كي**ف تج**د قلبك(؟ قال: مطمئن باإليمان. فقال رسول الل**ه ص*لى الل**ه علي*ه وس*لم: )فإن عادوا فعد(. وروى منصور بن المعتمر عن مجاه**د ق**ال: أول ش**هيدة في اإلسالم أم عمار، قتلها أبو جهل، وأول شهيد من الرجال مهج**ع م**ولى عمر. وروى منصور أيضا عن مجاهد ق**ال: أول من أظه**ر اإلس**الم س**بعة: رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم وأب**و بك**ر، وبالل، وخب**اب، وص**هيب، وعمار، وسمية أم عمار. فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه أب**و طالب، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأخذوا اآلخرين فألبسوهم أدرع الحدي**د، ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ منهم الجه**د ك**ل مبل**غ من ح**ر الحدي**د والشمس، فلما كان من العشي أتاهم أبو جهل ومعه حربة، فجعل يس**بهم ويوبخهم، وأتى سمية فجعل يسبها ويرفث، ثم طعن فرجه**ا ح**تى خ**رجت الحربة من فمها فقتلها؛ رضي الله عنها. قال: وقال اآلخرون م**ا س**ئلوا إال بالال فإنه هانت عليه نفسه في الله، فجعلوا يعذبونه ويقولون له: ارجع عن دينك، وهو يقول أحد أحد؛ حتى ملوه، ثم كتفوه وجعل**وا في عنق**ه حبال من ليف، ودفعوه إلى صبيانهم يلعبون به بين أخشبي مكة حتى ملوه وترك**وه، قال فقال عمار: كلنا تكلم بال**ذي ق**الوا - ل**وال أن الل**ه ت**داركنا - غ**ير بالل فإنه ه**انت علي**ه نفس**ه في الل**ه، فه**ان على قوم**ه ح**تى مل**وه وترك**وه. والصحيح أن أبا بكر اش**ترى بالال فأعتق**ه. وروى ابن أبي نجيح عن مجاه**د أن ناسا من أهل مكة آمنوا، فكتب إليهم بعض أص**حاب محم**د ص**لى الل**ه عليه وسلم بالمدينة: أن هاجروا إلينا، فإنا ال نراكم منا حتى ته**اجروا إلين**ا، فخرجوا يريدون المدينة حتى أدركتهم قريش ب**الطريق، ففتن**وهم فكف**روا مكرهين، ففيهم نزلت هذه اآلية. ذك**ر الرواي**تين عن مجاه**د إس**ماعيل بن إسحاق. وروى الترمذي عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الل**ه علي**ه وسلم: )ما خ*ير عم*ار بين أم*رين إال اخت*ار أرش**دهما( ه*ذا ح*ديث حس*ن غريب. وروي عن أنس بن مال**ك ق**ال ق**ال رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم: )إن الجنة تشتاق إلى ثالث**ة علي وعم**ار وس**لمان بن ربيع**ة(. ق**ال

الترمذي: هذا حديث غريب ال نعرفه إال من حديث الحسن بن صالح. @ لما سمح الله عز وجل بالكفر به وهو أص**ل الش**ريعة عن**د اإلك**راه ولم يؤاخذ به، حمل العلماء عليه فروع الشريعة كلها، فإذا وقع اإلكراه عليها لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم؛ وبه جاء األثر المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم: )رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه( الحديث. والخبر وإن لم يص**ح س**نده ف**إن معن**اه ص**حيح باتف**اق من العلم**اء؛ قال**ه القاضي أبو بكر بن العربي. وذكر أب**و محم**د عب**دالحق أن إس**ناده ص**حيحقال: وقد ذكره أبو بكر األصيلي في الفوائد وابن المنذر في كتاب اإلقناع. @ أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر ح**تى خش**ي على نفس**ه القتل، أنه ال إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن باإليمان، وال ت*بين من*ه زوجت*ه وال يحكم عليه بحكم الكف**ر؛ ه**ذا ق**ول مال**ك والكوف**يين والش**افعي؛ غ**ير محمد بن الحسن فإنه قال: إذا أظهر الشرك كان مرتدا في الظاهر، وفيما بينه وبين الله تعالى على اإلس**الم، وت**بين من**ه امرأت**ه وال يص**لى علي**ه إن مات، وال يرث أباه إن مات مسلما. وهذا قول يرده الكت**اب والس**نة، ق**ال الل**ه تع**الى: "إال من أك**ره" اآلي**ة. وق**ال: "إال أن تتق**وا منهم تق**اة" ]آل

Page 104: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[ وقال: "إن الذين توفاهم المالئكة ظالمي أنفس**هم ق**الوا فيم28عمران: [ اآلي**ة. وق**ال: "إال97كنتم ق**الوا كن**ا مستض**عفين في األرض" ]النس**اء:

[ اآلية. فعذر الله98المستضعفين من الرجال والنساء والولدان" ]النساء: المستضعفين الذين يمتنعون من ترك ما أمر الله به، والمك**ره ال يك**ون إال

مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمر به؛ قاله البخاري. @ ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرخصة إنم**ا ج**اءت في الق**ول، وأم**ا في الفعل فال رخصة فيه، مثل أن يكرهوا على السجود لغير الله أو الصالة لغير القبلة، أو قتل مسلم أو ضربه أو أكل ماله، أو ال**زنى وش**رب الخم**ر وأكل الربا؛ يروى ه**ذا عن الحس**ن البص**ري، رض**ي الل**ه عن**ه. وه**و ق**ول األوزاعي وسحنون من علمائنا. وقال محمد بن الحس**ن: إذا قي**ل لألس**ير: اسجد لهذا الصنم وإال قتلتك. فقال: إن كان الصنم مقاب*ل القبل**ة فليس*جد ويكون نيته لله تعالى، وإن كان لغير القبلة فال يسجد وإن قتلوه. والص**حيح أنه يسجد وإن كان لغير القبلة، وما أح**راه بالس**جود حينئ**ذ؛ ففي الص**حيح عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت "فأينما

[ في رواي**ة: وي**وتر عليه**ا، غ**ير أن**ه ال115تولوا فثم وجه الل**ه" ]البق**رة: يصلي عليها المكتوبة. فإذا كان هذا مباحا في السفر في حال**ة األمن لتعب النزول عن الدابة للتنفل فكيف بهذا. واحتج من قصر الرخصة على الق**ول بقول ابن مسعود: ما من كالم يدرأ عني سوطين من ذي س**لطان إال كنت متكلما به. فقصر الرخصة على القول ولم يذكر الفعل، وهذا ال حج**ة في**ه؛ ألنه يحتمل أن يجعل للكالم مثاال وه**و يري**د أن الفع**ل في حكم**ه. وق**الت طائفة: اإلكراه في الفعل والق**ول س**واء إذا أس**ر اإليم**ان. روي ذل**ك عن عمر بن الخطاب ومكحول، وهو قول مالك وطائفة من أه**ل الع*راق. روى ابن القاس**م عن مال**ك أن من أك**ره على ش**رب الخم**ر وت**رك الص**الة أو

اإلفطار في رمضان، أن اإلثم عنه مرفوع. @ أجمع العلماء على أن من أكره على قتل غيره أن**ه ال يج*وز ل*ه اإلق**دام على قتله وال انتهاك حرمته بجلد أو غيره، ويصبر على البالء الذي نزل ب**ه،

وال يحل له أن يفدي نفسه بغيره، ويسأل الله العافية في الدنيا واآلخرة. واختل**ف في ال**زنى، فق**ال مط**رف وأص**بغ وابن عب**دالحكم وابن

الماجش**ون: ال يفع**ل أح**د ذل**ك، وإن قت**ل لم يفعل**ه، ف**إن فعل**ه فه**و آثم ويلزمه الحد؛ وبه قال أبو ثور والحسن. قال ابن العربي: الصحيح أنه يجوز اإلقدام على الزنى وال حد عليه، خالفا لمن ألزمه ذلك؛ ألنه رأى أنها شهوة خلقية ال يتصور اإلكراه عليها، وغف**ل عن الس**بب في ب**اعث الش**هوة وه*و اإللجاء إلى ذلك، وهو ال**ذي أس**قط حكم**ه، وإنم**ا يجب الح**د على ش**هوة بعث عليها سبب اختياري، فقاس الشيء على ضده، فلم يحل بص**واب من عنده. وقال ابن خويز منداد في أحكامه: اختلف أصحابنا متى أكره الرج**ل على الزنى؛ فقال بعضهم: عليه الحد؛ ألنه إنما يفعل ذل**ك باختي**اره. وق**ال بعضهم: ال حد عليه. قال ابن خويز منداد: وهو الص**حيح. وق*ال أب*و حنيف**ة: إن أكرهه غير السلطان حد، وإن أكرهه السلطان فالقياس أن يح**د، ولكن استحسن أال يح**د. وخالف**ه ص**احباه فق**اال: ال ح**د علي**ه في ال**وجهين، ولم يراعوا االنتشار، وقالوا: متى علم أنه يتخلص من القت**ل بفع**ل ال**زنى ج**از

Page 105: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أن ينتشر. قال ابن المنذر: ال ح**د علي**ه، وال ف**رق بين الس**لطان في ذل**كوغير السلطان.

@ اختلف العلماء في طالق المكره وعتاقه؛ فق**ال الش**افعي وأص**حابه: ال يلزم**ه ش**يء. وذك**ر ابن وهب عن عم**ر وعلي وابن عب**اس أنهم ك**انوا ال يرون طالقه شيئا. وذكره ابن المنذر عن ابن الزبير وابن عمر وابن عب**اس وعطاء وطاوس والحسن وشريح والقاسم وسالم ومالك واألوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور. وأجازت طائفة طالقه؛ روي ذلك عن الش**عبي والنخعي وأبي قالبة والزهري وقتادة، وه**و ق**ول الكوف**يين. ق**ال أب**و حنيف**ة: طالق المكره يلزم؛ ألنه لم يعدم فيه أكثر من الرض**ا، وليس وج**وده بش**رط في الطالق كالهازل. وهذا قياس باطل؛ ف**إن اله**ازل قاص**د إلى إيق**اع الطالق راض به، والمكره غير راض وال نية له في الطالق، وقد قال علي**ه الس**الم: )إنم**ا األعم**ال بالني**ات (. وفي البخ**اري: وق**ال ابن عب**اس فيمن يكره**ه اللصوص فيطلق: ليس بشيء؛ وب**ه ق**ال ابن عم**ر وابن الزب**ير والش**عبي والحس*ن. وق*ال الش*عبي: إن أكره*ه اللص**وص فليس بطالق، وإن أكره*ه السلطان فهو طالق. وفسره ابن عيين**ة فق**ال: إن اللص يق**دم على قتل**ه

والسلطان ال يقتله. @ وأما بيع المكره والمضغوط فله حالتان. األولى: أن ي**بيع مال**ه في ح**ق وجب عليه؛ فذلك ماض سائغ ال رج*وع في*ه عن*د الفقه*اء؛ ألن*ه يلزم*ه أداء الحق إلى ربه من غير المبيع، فلم**ا لم يفع**ل ذل**ك ك**ان بيع**ه اختي**ارا من**ه فلزمه. وأما بيع المكره ظلما أو قهرا ف*ذلك بي*ع ال يج**وز علي*ه. وه*و أولى بمتاعه يأخذه بال ثمن، ويتبع المشتري بالثمن ذلك الظالم؛ فإن فات المتاع رجع بثمنه أو بقيمته باألكثر من ذل**ك على الظ**الم إذا ك**ان المش**تري غ**ير عالم بظلمه. قال مطرف: ومن كان من المشترين يعلم حال المكره فإن**ه ضامن لما ابتاع من رقيقه وعروضه كالغاص**ب، وكلم**ا أح**دث المبت**اع في ذلك من عتق أو تدبير أو تحبيس فال يل**زم المك**ره، ول**ه أخ**ذ متاع**ه. ق**ال س**حنون: أجم**ع أص**حابنا وأه**ل الع**راق على أن بي**ع المك**ره على الظلم

والجور ال يجوز. وقال األبهري : إنه إجماع. @ وأم*ا نك**اح المك**ره؛ فق*ال س**حنون: أجم*ع أص*حابنا على إبط*ال نك**اح المكره والمكرهة، وقالوا: ال يجوز المقام عليه، ألنه لم ينعقد. ق**ال محم**د بن سحنون: وأجاز أهل العراق نكاح المكره، وقالوا: لو أكره على أن ينكح امرأة بعشرة آالف درهم، وصداق مثلها ألف درهم، أن النكاح جائز وتلزمه األلف ويبطل الفضل. قال محمد: فكما أبطل**وا الزائ**د على األل**ف فك**ذلك يل**زمهم إبط*ال النك**اح ب**اإلكراه. وق**ولهم خالف الس*نة الثابت**ة في ح*ديث خنساء بنت خذام األنصارية، وألمره صلى الله علي**ه وس**لم باالس*تئمار في

أبضاعهن، وقد تقدم، فال معنى لقولهم. فان وطئها المكره على النكاح غير مكره على الوطء والرضا بالنكاح

لزمه النكاح عندنا على المسمى من الص**داق ودرئ عن**ه الح**د. وإن ق**ال: وطئتها على غير رضا مني بالنكاح فعليه الحد والصداق المسمى؛ ألنه مدع إلبطال الصداق المسمى، وتحد المرأة إن أق**دمت وهي عالم**ة أن**ه مك**ره على النكاح. وأم**ا المكره**ة على النك**اح وعلى ال**وطء فال ح**د عليه**ا وله**ا

الصداق، ويحد الواطئ؛ فأعلمه. قاله سحنون.

Page 106: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@ إذا استكرهت المرأة على ال**زنى فال ح**د عليه**ا؛ لقول**ه "إال من أك**ره" وقول**ه علي**ه الس**الم: )إن الل**ه تج**اوز عن أم**تي الخط**أ والنس**يان وم**ا استكرهوا عليه(. ولقول الل**ه تع**الى: "ف**إن الل**ه من بع**د إك**راههن غف**ور

[ يريد الفتيات. وبهذا المعنى حكم عمر في الوليدة ال**تي33رحيم" ]النور: استكرهها العبد فلم يحدها. والعلم**اء متفق**ون على أن**ه ال ح**د على ام**رأة مستكرهة. وق**ال مال**ك: إذا وج**دت الم**رأة ح**امال وليس له**ا زوج فق**الت استكرهت فال يقبل ذلك منها وعليها الحد، إال أن تك**ون له**ا بين**ة أو ج**اءت تدمي على أنها أوتيت، أو ما أشبه ذل**ك. واحتج بح**ديث عم**ر بن الخط**اب أنه قال: الرجم في كتاب الل*ه ح*ق على من زنى من الرج*ال والنس*اء إذا أحص**ن إذا ق**امت البين**ة، أو ك**ان الحب**ل أو االع**تراف. ق**ال ابن المن**ذر:

وبالقول األول أقول. @ واختلفوا في وجوب الصداق للمس**تكرهة؛ فق**ال عط**اء والزه**ري: له**ا صداق مثلها؛ وهو قول مالك والشافعي وأحم**د وإس**حاق وأبي ث**ور. وق**ال الثوري: إذا أقيم الحد على ال**ذي زنى به**ا بط**ل الص**داق. وروي ذل**ك عن الشعبي، وبه قال أصحاب مالك وأصحاب ال**رأي. ق**ال ابن المن**ذر: الق**ول

األول صحيح. @ إذا أكره اإلنسان على إسالم أهله لما لم يحل أسلمها، ولم يقتل نفس**ه دونها وال احتمل أذية في تخليصها. واألصل في ذلك ما خرجه البخ**اري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )هاجر إبراهيم عليه السالم بسارة ودخل بها قرية فيها ملك من المل**وك أو جب**ار من الجب**ابرة فأرسل إليه أن أرسل بها إلي فأرسل بها فقام إليها فقامت تتوضأ وتص**لي فقالت اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك فال تسلط علي هذا الكافر فغ**ط حتى ركض برجله(. ودل هذا الحديث أيضا على أن سارة لما لم يكن عليها مالمة، فكذلك ال يكون على المستكرهة مالمة، وال ح**د فيم**ا ه**و أك**بر من

الخلوة. والله أعلم. @ وأما يمين المكره فغ**ير الزم**ة عن**د مال**ك والش**افعي وأبي ث**ور وأك**ثر العلماء. قال ابن الماجشون: وسواء حلف فيما هو طاع**ة لل**ه أو فيم**ا ه**و معصية إذ أك**ره على اليمين؛ وقال**ه أص**بغ. وق**ال مط**رف: إن أك**ره على اليمين فيما هو لله معصية أو ليس في فعله طاعة وال معصية فاليمين فيه ساقطة، وإن أكره على اليمين فيما هو طاع**ة مث**ل أن يأخ**ذ ال**والي رجال فاسقا فيكرهه أن يحلف بالطالق ال يشرب خمرا، أوال يفسق وال يغش في عمله، أو الولد يحلف ولده تأديبا له فإن اليمين تلزم؛ وإن كان المك**ره ق**د أخطأ فيما يكلف من ذلك. وقال به ابن حبيب. وقال أبو حنيف**ة ومن اتبع**ه من الكوفيين: إنه إن حلف أال يفعل ففعل حنث، قالوا: ألن المك**ره ل**ه أن يوري في يمينه كلها، فلما لم يور وال ذهبت نيت**ه إلى خالف م*ا أك*ره علي**ه فقد قصد إلى اليمين. احتج األولون بأن قالوا: إذا أكره عليها فنيته مخالف**ة

لقوله؛ ألنه كاره لما حلف عليه. @ قال ابن العربي: ومن غريب األمر أن علماءنا اختلفوا في اإلك**راه على الحنث هل يقع به أم ال؛ وهذه مسألة عراقية سرت لنا منهم، ال كانت ه**ذه المسألة وال كانوا! وأي فرق يا معشر أصحابنا بين اإلك**راه على اليمين في أنها ال تلزم وبين الحنث في أنه ال يقع! فاتقوا الل**ه وراجع**وا بص**ائركم، وال

تغتروا بهذه الروية فإنها وصمة في الدراية.

Page 107: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

إذا أكره الرجل على أن يحل**ف وإال أخ**ذ ل**ه م**ال كأص**حاب المكس وظلمة السعاة وأهل االعتداء؛ فقال مالك: ال تقية له في ذلك، وإنم**ا ي**درأ المرء بيمينه عن بدنه ال ماله. وق**ال ابن الماجش**ون: ال يحنث وإن درأ عن مال**ه ولم يخ**ف على بدن**ه. وق**ال ابن القاس**م بق**ول مط**رف، ورواه عن

مالك، وقاله ابن عبدالحكم وأصبغ. قلت: قول ابن الماجشون صحيح؛ ألن المدافعة عن المال كالمدافعة

عن النفس؛ وهو قول الحسن وقتادة وسيأتي. وقال رسول الله صلى الل**ه عليه وسلم: )إن دماءكم وأموالكم وأعراض**كم عليكم ح**رام( وق**ال: )ك**ل المسلم على المسلم حرام دمه ومال**ه وعرض**ه(. وروى أب**و هري**رة ق**ال: جاء رجل إلى رسول الله ص*لى الل*ه علي*ه وس*لم فق*ال: ي*ا رس*ول الل**ه، أرأيت إن جاء رجال يريد أخذ مالي؟ قال: )فال تعطه مالك(. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: )قاتل**ه( ق**ال: أرأيت إن قتل**ني؟ ق**ال: )ف**أنت ش**هيد( ق**ال: أرأيت إن قتلته؟ قال: )هو في النار( خرجه مسلم. وقد مض**ى الكالم في**ه. وقال مطرف وابن الماجشون: وإن بدر الحالف بيمينه للوالي الظالم قب**ل أن يسألها ليذب بها عما خاف عليه من ماله وبدنه فحلف له فإنه**ا تلزم**ه. وقاله ابن عبدالحكم وأصبغ. وقال أيضا ابن الماجش**ون فيمن أخ**ذه ظ**الم فحلف له بالطالق البتة من غير أن يحلفه وترك*ه وه**و ك**اذب، وإنم*ا حل**ف خوفا من ضربه وقتله وأخذ ماله: فإن كان إنم*ا ت*برع ب*اليمين غلب*ة خ*وف ورج**اء النج**اة من ظلم**ه فق**د دخ**ل في اإلك**راه وال ش**يء علي**ه، وإن لم

يحلف على رجاء النجاة فهو حانث. @ قال المحققون من العلماء: إذا تلف**ظ المك**ره ب**الكفر فال يج**وز ل**ه أن يجريه على لسانه إال مجرى المعاريض؛ ف**إن في المع**اريض لمندوح**ة عن الكذب. ومتى لم يكن كذلك كان كافرا؛ ألن المع*اريض ال س**لطان لإلك*راه عليها. مثاله - أن يقال له: اكفر بالله فيقول ب*الالهي؛ فيزي*د الي**اء. وك*ذلك إذا قي**ل ل**ه: أكف**ر ب**النبي فيق**ول ه**و ك**افر ب**النبي، مش**ددا وه**و المك**ان المرتفع من األرض. ويطلق على ما يعمل من الخوص شبه المائدة فيقصد أحدهما بقلبه ويبرأ من الكفر ويبرأ من إثمه. ف**إن قي**ل ل**ه: أكف**ر ب**النبيء )مهموزا( فيقول هو كافر ب**النبيء يري**د ب**المخبر، أي مخ**بر ك**ان كطليح**ة

ومسلمة الكذاب. أو يريد به النبيء الذي قال فيه الشاعر: فأصبح رتما دقاق الحصى مكان النبيء من الكاثب

@ أجمع العلماء على أن من أكره على الكفر فاختار القتل أنه أعظم أجرا عند الله ممن اختار الرخصة. واختلفوا فيمن أكره على غير القتل من فعل ما ال يحل له؛ فقال أصحاب مالك: األخ**ذ بالش**دة في ذل**ك واختي**ار القت**ل والضرب أفضل عند الله من األخذ بالرخص**ة، ذك**ره ابن ح**بيب وس**حنون. وذكر ابن سحنون عن أه**ل الع**راق أن**ه إذا ته**دد بقت**ل أو قط**ع أو ض**رب يخاف منه التلف فله أن يفعل ما أكره عليه من شرب خمر أو أكل خنزير؛ فان لم يفعل حتى قتل خفنا أن يكون آثما ألنه كالمضطر. وروى خب**اب بن األرت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلت: أال تستنصر لنا أال تدعو لنا؟ فقال: )ق**د ك**ان من قبلكم يؤخ**ذ الرج**ل فيحف**ر ل**ه في األرض فيجع**ل فيه**ا فيج**اء بالمنش**ار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحدي**د م**ا دون لحم**ه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا األمر حتى يس**ير ال**راكب

Page 108: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

من ص**نعاء إلى حض**رموت ال يخ**اف إال الل**ه وال**ذئب على غنم**ه ولكنكم تستعجلون(. فوصفه صلى الل**ه علي**ه وس**لم ه**ذا عن األمم الس**الفة على جهة المدح لهم والصبر على المكروه في ذات الل**ه، وأنهم لم يكف**روا في الظاهر وتبطنوا اإليمان ليدفعوا العذاب عن أنفس**هم. وه**ذه حج**ة من آث**ر الضرب والقتل والهوان على الرخصة والمقام بدار الجن**ان. وس**يأتي له**ذا مزيد بيان في سورة ]األخدود[ ]البروج[ إن شاء الله تعالى. وذكر أب**و بك**ر محم**د بن محم**د بن الف**رج البغ**دادي ق**ال: ح**دثنا ش**ريح بن ي**ونس عن إسماعيل بن إبراهيم عن يونس بن عبي**د عن الحس**ن أن عيون**ا لمس**يلمة أخذوا رجلين من أصحاب النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ف**ذهبوا بهم**ا إلى مسيلمة، فقال ألحدهما: أتشهد أن محم**دا رس**ول الل**ه؟ ق**ال نعم. ق**ال.: أتش**هد أني رس**ول الل**ه؟ ق**ال نعم. فخلى عن**ه. وق**ال لآلخ**ر: أتش**هد أن محمدا رسول الله؟ قال نعم. قال: وتشهد أني رسول الله؟ قال: أنا أص**م ال أسمع؛ فقدمه وضرب عنقه. فجاء هذا إلى النبي صلى الله علي**ه وس**لم فقال: هلكت، قال: )وما أهلكك(؟ فذكر الحديث، ق**ال: أم**ا ص**احبك فأخ**ذ بالثقة وأما أنت فأخذت بالرخصة على م**ا أنت علي**ه الس**اعة(ق**ال: أش**هد أن**ك رس**ول الل**ه. ق**ال )أنت على م**ا أنت علي**ه(. الرخص**ة فيمن حلف**ه سلطان ظالم على نفسه أو على أن يدله على رجل أو م**ال رج**ل؛ فق**ال الحسن: إذا خاف عليه وعلى ماله فليحلف وال يكفر يمينه؛ وهو قول قت**ادة

إذا حلف على نفسه أو مال نفسه. وقد تقدم ما للعلماء في هذا. وذكر موسى بن معاوية أن أبا سعيد بن أشرس صاحب مالك استحلفه

السلطان بتونس على رجل أراد الس**لطان قتل**ه أن**ه م**ا آواه، وال يعلم ل**ه موضعا؛ قال: فحلف له ابن أشرس؛ وابن أشرس يومئ**ذ ق**د علم موض**عه وآواه، فحلفه بالطالق ثالثا، فحلف له ابن أشرس، ثم قال المرأته: اعتزلي فاعتزلته؛ ثم ركب ابن أشرس حتى قدم على البهلول بن راشد الق**يروان، فأخبره بالخبر؛ فقال له البهلول: قال مالك إنك حانث. فق**ال ابن أش**رس: وأنا سمعت مالكا يقول ذلك، وإنما أردت الرخصة أو كالم هذا معناه؛ فقال له البهلول ابن راشد: قال الحسن البصري إنه ال حنث عليك. ق**ال: فرج**ع ابن أشرس إلى زوجته وأخذ بقول الحسن. وذكر عبدالملك بن حبيب قال: حدثني معبد عن المسيب بن ش**ريك عن أبي ش**يبة ق**ال: س**ألت أنس بن مالك عن الرجل يؤخذ بالرجل، هل ترى أن يحلف ليقيه بيمينه؟ فقال نعم؛ وألن أحل**ف س**بعين يمين**ا وأحنث أحب إلي أن أدل على مس**لم. وق**ال إدريس بن يح**يى ك**ان الولي**د بن عب**دالملك ي**أمر جواس**يس يتجسس**ون الخلق يأتونه باألخب**ار، ق**ال: فجلس رج**ل منهم في حلق**ة رج**اء بن حي**وة فسمع بعضهم يقع في الوليد، فرفع ذلك إليه فقال: يا رجاء! اذك**ر بالس**وء في مجلسك ولم تغير! فقال: م**ا ك**ان ذل**ك ي**ا أم**ير المؤم**نين؛ فق**ال ل**ه الوليد: قل آلله الذي ال إله إال هو، قال: آلله الذي ال إله إال هو، فأمر الولي**د بالجاسوس فضربه سبعين سوطا، فكان يلقى رجاء فيق**ول: ي**ا رج**اء، ب**ك يستقى المطر، وسبعون سوطا في ظهري! فيقول رج**اء: س**بعون س**وطا

في ظهرك خير لك من أن يقتل رجل مسلم. @ واختلف العلماء في حد اإلكراه؛ فروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ليس الرجل آمن على نفس**ه إذا أخفت**ه أو أوثقت**ه أو ض**ربته. وقال ابن مسعود: ما كالم ي**درأ ع**ني س**وطين إال كنت متكلم**ا ب**ه. وق**ال

Page 109: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الحسن: التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيام**ة، إال أن الل**ه تب**ارك وتع**الى ليس يجعل في القتل تقية. وق**ال النخعي: القي**د إك**راه، والس**جن إك**راه. وهذا قول مالك، إال أنه قال: والوعيد المخوف إكراه وإن لم يقع إذا تحق**ق ظلم ذلك المعتدي وإنفاذه لما يتوع**د ب**ه، وليس عن**د مال**ك وأص**حابه في الضرب والسجن توقيت، إنما هو ما كان ي**ؤلم من الض**رب، وم**ا ك**ان من سجن يدخل منه الضيق على المكره. وإكراه الس*لطان وغ**يره عن**د مال*ك إكراه. وتناقض الكوفيون فلم يجعلوا السجن والقيد إكراه ما ي**دل على أن اإلكراه يكون من غير تلف نفس. وذهب مالك إلى أن من أك**ره على يمين بوعيد أو سجن أو ضرب أن**ه يحل**ف، وال حنث علي**ه؛ وه**و ق**ول الش**افعي

وأحمد وأبي ثور وأكثر العلماء. @ ومن هذا الباب ما ثبت إن من المع**اريض لمندوح**ة عن الك**ذب. وروى األعمش عن إبراهيم النخعي أنه قال: ال بأس إذا بلغ الرجل عنك ش**يء أن تقول: والله، إن الله يعلم ما قلت فيك من ذلك من شيء. قال عب**دالملك بن حبيب: معناه أن الل**ه يعلم أن ال**ذي قلت، وه**و في ظ**اهره انتف**اء من القول، وال حنث علن من ق**ال ذل**ك في يمين**ه وال ك**ذب علي**ه في كالم**ه. وقال النخعي: كان لهم كالم من ألغاز األيمان ي**درؤون ب**ه عن أنفس**هم، ال ي**رون ذل**ك من الك**ذب وال يخش**ون في**ه الحنث. ق**ال عب**دالملك: وك**انوا يسمون ذلك المعاريض من الكالم، إذا كان ذل**ك في غ**ير مك**ر وال خديع**ة في حق. وقال األعمش: كان إب**راهيم النخعي إذا أت**اه أح**د يك**ره الخ**روج إليه جلس في مسجد بيته وقال لجاريته: قولي له ه*و والل**ه في المس*جد. وروى مغيرة عن إبراهيم أنه كان يجيز للرج**ل من البعث إذا عرض**وا على أميرهم أن يقول: والله ما أهت**دي إال م**ا س**دد لي غ**يري، وال أركب إال م**ا حملني غيري؛ ونحو هذا من الكالم. ق**ال عب**دالملك: يع**ني بقول**ه )غ**يري( الله تعالى، هو مسدده وهو يحمله؛ فلم يكونوا يرون على الرج**ل في ه**ذا حنثا في يمينه، وال كذبا في كالمه، وكانوا يكرهون أن يقال هذا في خديع**ة وظلم وجحدان حق فمن اجترأ وفعل أثم في خديعته ولم تجب عليه كفارة

في يمينه. @قوله تعالى: "ولكن من شرح بالكفر صدرا" أي وسعه لقبول الكف**ر، وال يقدر أحد على ذلك إال الله؛ فه**و ي**رد على القدري**ة. و)ص**درا( نص**ب على

المفعول. "فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم" وهو عذاب جهنم. }ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على اآلخرة وأن109 - 107*اآليات: 3*

الله ال يهدي القوم الكافرين، أولئك الذين طبع الله على قل**وبهم وس**معهموأبصارهم وأولئك هم الغافلون، ال جرم أنهم في اآلخرة هم الخاسرون{

@قوله تعالى: "ذلك" أي ذلك الغضب. "ب**أنهم اس**تحبوا الحي**اة ال**دنيا" أي اختاروه**ا على اآلخ**رة. "وأن الل**ه" "أن" في موض**ع خفض عطف**ا على "بأنهم" فقال: "أولئك الذين طبع الله على قلوبهم" أي عن فهم المواعظ. "وس**معهم" عن كالم الل**ه تع**الى. "وأبص**ارهم" عن النظ**ر في اآلي**ات. "وأولئ***ك هم الغ***افلون" عم***ا ي***راد بهم. "ال ج***رم أنهم في اآلخ***رة هم

الخاسرون" تقدم. }ثم إن رب**ك لل**ذين ه**اجروا من بع**د م**ا فتن**وا ثم جاه**دوا110*اآلية: 3*

وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم{

Page 110: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تع**الى: "ثم إن رب**ك لل**ذين ه**اجروا من بع**د م**ا فتن**وا ثم جاه**دوا وصبروا" هذا كله في عمار. والمعنى وصبروا على الجهاد؛ ذك**ره النح**اس. وقال قتادة: ن**زلت في ق**وم خرج**وا مه**اجرين إلى المدين**ة بع**د أن فتنهم المشركون وعذبوهم، وقد تقدم ذكرهم في هذه السورة. وقيل: نزلت في ابن أبي سرح، وكان قد ارتد ولحق بالمشركين فأمر النبي صلى الله علي**ه وسلم بقتله يوم فتح مكة، فاستجار بعثمان فأجاره النبي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم؛ ذكره النسائي عن عكرمة عن ابن عب**اس ق**ال: في س**ورة النح**ل "من كف**ر بالل**ه من بع**د إيمان**ه إال من أك**ره - إلى قول**ه - ولهم ع**ذاب عظيم" فنسخ، واستثنى من ذلك فقال: "ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بع**دها لغف**ور رحيم" وه**و عبدالل**ه بن سعد بن أبي سرح الذي كان على مصر، كان يكتب لرسول الل**ه ص**لى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به أن يقتل يوم الفتح؛ فاستجار له عثمان بن عفان فأجاره رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم. "إن رب**ك من بع**دها لغف**ور رحيم" أي إن الل**ه غف**ور رحيم في ذل**ك. أو

ذكرهم: }يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس م**ا111*اآلية: 3*

عملت وهم ال يظلمون{ @قوله تعالى: "يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفس**ها" أي تخاص**م وتح**اج عن نفسها؛ جاء في الخبر أن كل أحد يقول ي**وم القيام**ة: نفس**ي نفس**ي! من شدة هول يوم القيمة سوى محمد صلى الله علي**ه وس**لم فإن**ه يس**أل في أمته. وفي حديث عمر أنه ق**ال لكعب األحب**ار: ي**ا كعب، خوفن**ا هيجن**ا حدثنا نبهنا. فقال له كعب: يا أمير المؤمنين، والذي نفسي بي**ده ل**و وافيت يوم القيامة بمثل عمل سبعين نبيا ألتت علي**ك ت**ارات ال يهم**ك إال نفس**ك، وإن لجهنم زفرة ال يبقى مل**ك مق**رب وال ن**بي منتخب إال وق**ع جاثي**ا على ركبتيه، حتى إن إبراهيم الخليل لي**دلي بالخل**ة فيق**ول: ي**ا رب، أن**ا خليل**ك إبراهيم، ال أسألك اليوم إال نفسي! قال: يا كعب، أين تج**د ذل**ك في كت**اب الله؟ قال: قوله تعالى: "يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وت**وفى ك**ل نفس ما عملت وهم ال يظلمون". وقال ابن عباس في هذه اآلية: ما ت**زال الخصومة بالناس يوم القيامة حتى تخاصم ال**روح الجس**د؛ فتق**ول ال**روح: رب، الروح منك أنت خلقته، لم تكن لي يد أبطش بها، وال رجل أمشي بها، وال عين أبصر بها، وال أذن أسمع بها وال عقل أعقل به، ح**تى جئت ف**دخلت في هذا الجسد، فضعف عليه أنواع الع**ذاب ونج**ني؛ فيق**ول الجس**د: رب، أنت خلقتني بيدك فكنت كالخشبة، ليس لي يد أبطش بها، وال قدم أس**عى به، وال بصر أبصر به، وال سمع أسمع به، فجاء هذا كشعاع النور، فبه نط**ق لساني، وبه أبصرت عيني، وب**ه مش**ت رجلي، وب**ه س**معت أذني، فض**عف عليه أنواع العذاب ونجني منه. قال: فيضرب الله لهم**ا مثال أعمى ومقع**دا دخال بستانا فيه ثم**ار، ف*األعمى ال يبص**ر الثم**رة والمقع*د ال يناله*ا، فن**ادى المقعد األعمى ايتني فاحملني آكل وأطعمك، فدنا منه فحمله، فأصابوا من الثم**رة؛ فعلى من يك**ون الع**ذاب؟ ق**ال: عليكم**ا جميع**ا الع**ذاب؛ ذك**ره

الثعلبي.

Page 111: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}وضرب الله مثال قري**ة ك**انت آمن**ة مطمئن**ة يأتيه**ا رزقه**ا112*اآلية: 3* رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الل**ه لب**اس الج**وع والخ**وف

بما كانوا يصنعون{ @قوله تعالى: "وضرب الله مثال قرية" هذا متصل بذكر المشركين. وك**ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على مشركي ق**ريش وق**ال: )اللهم اش**دد وطأت**ك على مض**ر واجعله*ا عليهم س**نين كس**ني يوس**ف(. ف**ابتلوا بالقحط حتى أكلوا العظام، ووجه إليهم رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم طعاما ففرق فيهم. "كانت آمنة" ال يهاج أهلها. "يأتيها رزقها رغ**دا من ك**ل مكان" من البر والبحر؛ نظيره "يجبى إلي**ه ثم**رات ك**ل ش**يء" ]القص**ص:

[ اآلية. "فكفرت بأنعم الله" األنعم: جمع النعمة؛ كاألش**د جم**ع الش**دة.57 وقيل: جمع نعمى؛ مثل بؤسى وأبؤس. وهذا الكفران تكذيب بمحمد ص**لى الله عليه وسلم. "فأذاقه*ا الل**ه" أي أذاق أهله**ا. "لب**اس الج**وع والخ**وف" سماه لباسا ألنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة الل**ون وس**وء الح**ال م**ا هو كاللباس. "بما كانوا يصنعون" أي من الكف**ر والمعاص**ي. وق**رأه حفص بن غياث ونصر بن عاصم وابن أبي إسحاق والحسن وأبو عمرو فيم**ا روى عنه عبدالوارث وعبيد وعباس "والخوف" نصبا بإيق**اع أذاقه**ا علي**ه، عطف**ا على "لباس الجوع" وأذاقها الخوف. وهو بعث النبي صلى الله عليه وس**لم س*راياه ال*تي ك*انت تطي*ف بهم. وأص*ل ال*ذوق ب*الفم ثم يس*تعار فيوض*ع موضع االبتالء. وضرب مكة مثال لغيرها من البالد؛ أي أنها مع جوار بيت الله وعمارة مسجده لما كفر أهلها أصابهم القح**ط فكي**ف بغيره**ا من الق**رى. وقد قيل: إنها المدينة، آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كف*رت بأنعم الله لقتل عثمان بن عفان، وما حدث بها بعد رسول الل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم من الفتن. وهذا قول عائشة وحفص**ة زوجي الن**بي ص**لى الل**ه عليه وسلم. وقيل: إنه مثل مضروب بأي قرية كانت على ه**ذه الص**فة من

سائر القرى. }ولقد جاءهم رس**ول منهم فك**ذبوه فأخ**ذهم الع**ذاب وهم113*اآلية: 3*

ظالمون{ @قوله تعالى: "ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه" هذا يدل على أنها مكة. وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة. "فأخذهم العذاب" وه**و الج**وع ال**ذي

وقع بمكة. وقيل: الشدائد والجوع منها. }فكلوا مما رزقكم الله حالال طيبا واش**كروا نعم**ة الل**ه إن114*اآلية: 3*

كنتم إياه تعبدون{ @قوله تعالى: "فكلوا مما رزقكم الله" أي كلوا ي**ا معش**ر المس**لمين من الغنائم. وقيل: الخطاب للمشركين؛ ألن النبي صلى الله علي**ه وس**لم بعث إليهم بطعام رقة عليهم، وذلك أنهم لما ابتلوا ب**الجوع س**بع س**نين، وقط**ع الع**رب عنهم الم**يرة ب**أمر الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم أكل**وا العظ**ام المحرقة والجيفة والكالب الميتة والجلود والعلهز، وهو ال*وبر يع*الج بال*دم. ثم إن رؤساء مكة كلموا رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم حين جه**دوا وقالوا: هذا عذاب الرجال فما بال النساء والصبيان. وقال له أبو سفيان: يا محمد، إنك جئت تأمر بصلة الرحم والعفو، وإن قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم. فدعا لهم رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم، وأذن للن**اس بحم**ل

الطعام إليهم وهم بعد مشركون.

Page 112: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير115*اآلية: 3*الله به فمن اضطر غير باغ وال عاد فإن الله غفور رحيم{

@ تقدم في "البقرة" القول فيها مستوفى.-** 116*اآليتان: 3* }وال تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب ه**ذا حالل117

وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يف**ترون على الل**ه الك**ذب اليفلحون، متاع قليل ولهم عذاب أليم{

@قوله تعالى: "لما تصف" م**ا هن**ا مص**درية، أي لوص**ف. وقي**ل: الالم الم سبب وأجل، أي ال تقول ألجل وص**فكم "الك**ذب" ب**نزع الخ**افض،، أي لم**ا تصف ألسنتكم من الكذب. وقرئ "الكذب" بضم الكاف والذال والباء، نعتا لأللس**نة. وق**رأ الحس**ن هن**ا خاص**ة "الك**ذب" بفتح الك**اف وخفض ال**ذال والباء، نعتا "لما"؛ التقدير: وال تقولوا لوصف ألس**نتكم الك**ذب. وقي**ل على البدل من ما؛ أي وال تقولوا للكذب ال**ذي تص**فه ألس**نتكم ه**ذا حالل وه**ذا حرام لتفتروا على الله الكذب. اآلية خطاب للكف**ار ال**ذين حرم**وا البح**ائر والسوائب وأحلوا ما في بطون األنعام وإن كان ميتة. فقول**ه تع**الى: "ه**ذا حالل" إشارة إلى ميتة بطون األنعام، وكل ما أحلوه. "وهذا ح**رام" إش**ارة إلى البحائر والسوائب وكل ما حرموه. "إن الذين يفترون على الله الكذب ال يفلحون، مت**اع قلي**ل" أي م**ا هم في**ه من نعيم ال**دنيا ي**زول عن ق**ريب. وقال الزجاج: أي متاعهم متاع قليل. وقيل: لهم متاع قلي**ل ثم ي**ردون إلى

عذاب أليم. @ أس**ند ال**دارمي أب**و محم**د في مس**نده أخبرن**ا ه**ارون عن حفص عن األعمش قال: ما س**معت إب**راهيم ق**ط يق**ول حالل وال ح**رام، ولكن ك**ان يقول: كانوا يكرهون وكانوا يستحبون. وقال ابن وهب ق**ال مال**ك: لم يكن من فتيا الناس أن يقول*وا ه*ذا حالل وه*ذا ح*رام، ولكن يقول*وا إي**اكم ك*ذا وكذا، ولم أكن ألصنع هذا. ومعنى هذا: أن التحليل والتحريم إنما هو لله عز وج**ل، وليس ألح**د أن يق**ول أو يص**رح به**ذا في عين من األعي**ان، إال أن يكون البارئ تعالى يخبر بذلك عنه. وما يؤدي إلي**ه االجته**اد في أن**ه ح**رام يقول: إني أكره كذا. وكذلك ك*ان مال*ك يفع*ل اقت**داء بمن تق*دم من أه*ل الفتوى. فإن قيل: فقد قال فيمن قال لزوجت**ه أنت علي ح**رام إنه**ا ح**رام ويكون ثالثا. فالجواب أن مالك**ا لم**ا س**مع علي بن أبي ط**الب يق**ول إنه**ا حرام اقتدى به. وقد يقوى الدليل على التحريم عند المجتهد فال ب**أس عن**د ذلك أن يقول ذلك، كما يقول إن الربا حرام في غير األعيان الستة، وكث**يرا ما يطلق مالك رحمه الله؛ فذلك حرام ال يصلح في األموال الربوي**ة وفيم**ا

خالف المصالح وخرج عن طريق المقاصد لقوة األدلة في ذلك. }وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصص**نا علي**ك من قب**ل وم**ا118*اآلية: 3*

ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون{ @قوله تع**الى: "وعلى ال**ذين ه**ادوا" بين أن األنع**ام والح**رث حالل له**ذه األمة، فأما اليهود فحرمت عليهم منها أشياء. "حرمنا ما قصصنا علي**ك من قبل" أي في سورة األنعام. "وما ظلمن**اهم" أي بتح**ريم م**ا حرمن**ا عليهم، ولكن ظلموا أنفسهم فحرمنا عليهم تلك األشياء عقوبة لهم؛ كما تق**دم في

"النساء". }ثم إن ربك للذين عملوا الس**وء بجهال**ة ثم ت**ابوا من بع**د119*اآلية: 3*

ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم{

Page 113: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تع**الى: "ثم إن رب**ك لل**ذين عمل**وا الس**وء" أي الش**رك؛ قال**ه ابنعباس. وقد تقدم في "النساء".

}إن إب**راهيم ك**ان أم**ة قانت**ا لل**ه حنيف**ا ولم ي**ك من120*اآلي**ة: 3*المشركين{

@قوله تعالى: "إن إبراهيم ك**ان أم**ة قانت**ا لل**ه حنيف**ا" دع**ا علي**ه الس**الم مش*ركي الع*رب إلى مل**ة إب*راهيم؛ إذ ك*ان أب*اهم وب*اني ال*بيت ال*ذي ب*ه عزهم؛ واألمة: الرجل الجامع للخ**ير، وق**د تق**دم محامل**ه. وق**ال ابن وهب وابن القاسم عن مالك قال: بلغني أن عبدالله بن مسعود قال: يرحم الل**ه معاذا! كان أمة قانتا. فقيل له: يا أبا عبدالرحمن، إنما ذك**ر الل**ه ع**ز وج**ل بهذا إبراهيم عليه السالم. فقال ابن مس**عود: إن األم**ة ال**ذي يعلم الن**اس الخير، وإن القانت هو المطيع. وقد تق**دم القن**وت في "البق**رة" و"حنيف**ا"

في "األنعام". }شاكرا ألنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم،122 - 121*اآليتان: 3*

وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في اآلخرة لمن الصالحين{ @قوله تعالى: "شاكرا" أي كان شاكرا. "ألنعم**ه" األنعم جم**ع نعم**ة، وق**د تقدم. "اجتباه" أي اختاره. " وهداه إلى صراط مستقيم، وآتين**اه في ال**دنيا حس**نة" قي**ل: الول**د الطيب. وقي**ل الثن**اء الحس**ن. وقي**ل: النب**وة. وقي**ل: الصالة مقرونة بالصالة على محم**د علي**ه الس**الم في التش**هد. وقي**ل: إن**ه ليس أهل دين إال وهم يتولونه. وقيل: بقاء ضيافته وزيارة قبره. وك**ل ذل**ك أعطاه الله وزاده صلى الله عليه وسلم. "وإنه في اآلخرة لمن الص**الحين" "من" بمعنى مع، أي مع الصالحين؛ ألنه كان في الدنيا أيضا مع الص**الحين.

وقد تقدم. }ثم أوحينا إليك أن اتب**ع مل**ة إب**راهيم حنيف**ا وم**ا ك**ان من123*اآلية: 3*

المشركين{ @ قال ابن عمر: أمر باتباع**ه في مناس**ك الحج كم**ا علم إب**راهيم جبري**ل عليهما السالم. وقال الطبري: أمر باتباعه في الت**برؤ من األوث**ان وال**تزين باإلسالم. وقيل: أمر باتباعه في جمي**ع ملت**ه إال م**ا أم**ر بترك**ه؛ قال**ه بعض أصحاب الش**افعي على م**ا حك**اه الم**اوردي. والص**حيح االتب**اع في عقائ**د الش**رع دون الف**روع؛ لقول**ه تع**الى: "لك**ل جعلن**ا منكم ش**رعة ومنهاج**ا"

[. 48]المائدة: مسألة: في هذه اآلية دليل على جواز اتباع األفضل للمفض**ول - لم**ا

تقدم في األصول - والعمل به، وال درك على الفاضل في ذل**ك؛ ألن الن**بي صلى الله عليه وسلم أفضل األنبياء عليهم السالم، وق**د أم**ر باالقت**داء بهم

[. وقال هنا: "ثم أوحين**ا إلي**ك أن اتب**ع90فقال: "فبهداهم اقتده" ]األنعام: ملة إبراهيم".

}إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن رب**ك ليحكم124*اآلية: 3*بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون{

@قوله تعالى: "إنما جعل السبت على الذين اختلفوا في**ه" أي لم يكن في شرع إبراهيم وال في دين**ه، ب**ل ك**ان س**محا ال تغلي**ظ في**ه، وك**ان الس**بت تغليظا على اليهود في رفض األعمال وترك التبس**يط في المع**اش بس**بب اختالفهم فيه، ثم ج**اء عيس**ى علي**ه الس**الم بي**وم الجمع**ة فق**ال: تفرغ**وا للعبادة في كل سبعة أيام يوما واحدا. فقالوا: ال نريد أن يكون عي**دهم بع*د

Page 114: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

عي**دنا، فاخت**اروا األح**د. وق**د اختل**ف العلم**اء في كيفي**ة م**ا وق**ع لهم من االختالف؛ فق**الت طائف**ة: إن موس**ى علي**ه الس**الم أم**رهم بي**وم الجمع**ة وعينه لهم، وأخبرهم بفضيلته على غيره، فناظروه أن السبت أفضل؛ فقال الله له: )دعهم وما اختاروا ألنفسهم(. وقيل: إن الله تع**الى لم يعين**ه لهم، وإنما أمرهم بتعظيم يوم في الجمعة فاختلف اجتهادهم في تعيين**ه، فعينت اليهود السبت؛ ألن الله تعالى ف*رغ في**ه من الخل*ق. وعينت النص*ارى ي*وم األحد؛ ألن الله تعالى بدأ فيه بالخلق. فألزم كل منهم ما أداه إليه اجته**اده. وعين الله لهذه األمة يوم الجمع**ة من غ**ير أن يكلهم إلى اجته**ادهم فض**ال منه ونعمة، فكانت خير األمم أمة. روى الصحيح عن أبي هري**رة ق**ال ق**ال رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )نحن اآلخ**رون األول**ون ي**وم القيام**ة ونحن أول من ي*دخل الجن*ة بي**د أنهم أوت**وا الكت**اب من قبلن**ا وأوتين**اه من بعدهم فاختلفوا فيه فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له - قال يوم الجمعة - فاليوم لنا وغدا لليه**ود وبع**د غد للنصارى( فقوله: )فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه( يقوي ق**ول من ق**ال: إنه لم يعين لهم؛ فإنه لو عين لهم وعاندوا لما قي**ل )اختلف**وا(. وإنم**ا ك**ان ينبغي أن يقال فخالفوا فيه وعاندوا. ومما يقويه أيضا قول**ه علي**ه الس**الم: )أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا(. وهذا نص في المعنى. وقد ج**اء في بعض طرقه )فهذا يومهم الذي فرض الله عليهم اختلفوا في**ه(. وه**و حج**ة للقول األول. وقد روي: )إن الله كتب الجمعة على من كان قبلنا ف**اختلفوا

فيه وهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع(. @قوله تعالى: "على الذين اختلفوا فيه" يريد في ي**وم الجمع**ة كم**ا بين**اه؛ اختلفوا على نبيهم موسى وعيسى. ووجه االتصال بما قبله أن النبي ص**لى الله علي**ه وس**لم أم**ر باتب**اع الح**ق، وح**ذر الل**ه األم**ة من االختالف علي**ه

فيشدد عليهم كما شدد على اليهود. }ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وج**ادلهم125*اآلية: 3*

ب**التي هي أحس**ن إن رب**ك ه**و أعلم بمن ض**ل عن س***بيله وه**و أعلمبالمهتدين{

@ هذه اآلية نزلت بمكة في وقت األمر بمهادن**ة ق**ريش، وأم**ره أن ي**دعو إلى دين الله وشرعه بتلطف ولين دون مخاشنة وتع*نيف، وهك*ذا ينبغي أن

فهي محكم*ة في جه*ة العص**اة من0يوعظ المس*لمون إلى ي*وم القيام*ة الموحدين، ومنسوخة بالقتال في حق الكافرين. وق**د قي**ل: إن من أمكنت معه هذه األحوال من الكفار ورجي إيمانه بها دون قتال فهي فيه محكم**ة.

والله أعلم. }وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن ص**برتم له**و126*اآلية: 3*

خير للصابرين{ @ أطبق جمهور أهل التفسير أن هذه اآلية مدنية، نزلت في شأن التمثي**ل بحمزة في يوم أح**د، ووق**ع ذل**ك في ص**حيح البخ**اري وفي كت**اب الس**ير. وذهب النحاس إلى أنها مكية، والمعنى متصل بما قبله**ا من المكي اتص**اال*دعى ويوع*ظ، إلى ال*ذي يج*ادل، إلى حسنا؛ ألنها تتدرج الرتب من ال*ذي ي الذي يجازى على فعله. ولكن ما روى الجمهور أثبت. روى ال**دارقطني عن ابن عباس قال: لما انصرف المشركون عن قتلى أحد انصرف رسول الل**هق بطن**ه، صلى الل**ه علي**ه وس**لم ف**رأى منظ**را س**اءه رأى حم**زة ق**د ش**

Page 115: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

واصطلم أنفه، وجدعت أذناه، فقال: )لوال أن يحزن النس**اء أو تك**ون س**نة بع**دي لتركت**ه ح**تى يبعث**ه الل**ه من بط**ون الس**باع والط**ير ألمثلن مكان**ه بس**بعين رجال( ثم دع**ا ب**بردة وغطى به**ا وجه**ه، فخ**رجت رجاله فغطى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه وجعل على رجلي**ه من اإلذخ**ر، ثم قدمه فكبر عليه عشرا، ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكان**ه، ح**تى صلى علي**ه س**بعين ص**الة، وك*ان القتلى س**بعين، فلم**ا دفن**وا وف**رغ منهم نزلت هذه اآلية: "ادع إلى سبيل رب**ك بالحكم**ة والموعظ**ة الحس**نة - إلى قوله - وأصبر وما ص**برك إال بالل**ه" فص**بر. رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم ولم يمثل بأحد. خرجه إسماعيل بن إسحاق من ح**ديث أبي هري**رة، وحديث ابن عباس أكمل. وحكى الطبري عن فرقة أنها ق**الت: إنم**ا ن**زلت هذه اآلية فيمن أصيب بظالمة أال ينال من ظالمه إذا تمكن إال مثل ظالمت**ه

ال يتعداه إلى غيره. وحكاه الماوردي عن ابن سيرين ومجاهد. @ واختلف أه**ل العلم فيمن ظلم**ه رج**ل في أخ**ذ م**ال ثم ائتمن الظ**الم المظلوم على مال، هل يج**وز ل**ه خيانت**ه في الق**در ال**ذي ظلم**ه؛ فق**الت فرق**ة: ل**ه ذل**ك؛ منهم ابن س**يرين وإب**راهيم النخعي وس**فيان ومجاه**د؛ واحتجت بهذه اآلية وعموم لفظه**ا. وق**ال مال**ك وفرق**ة مع**ه: ال يج**وز ل**ه ذلك؛ واحتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: )أد األمان**ة إلى من ائتمنك وال تخن من خانك(. رواه الدارقطني. ووقع في مس**ند ابن إس**حاق أن هذا الح**ديث إنم**ا ورد في رج**ل زنى ب**امرأة آخ**ر، ثم تمكن اآلخ**ر من زوجة الثاني بأن تركها عنده وس**افر؛ فاستش**ار ذل**ك الرج**ل رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم في األم**ر فق**ال ل**ه: )أد األمان**ة إلى من ائتمن**ك وال تخن من خانك(. وعلى هذا يتقوى قول مال**ك في أم**ر الم**ال؛ ألن الخيان**ة الحقة في ذلك، وهي رذيلة ال انفكاك عنها، فينبغي أن يتجنبها لنفسه؛ ف**إن تمكن من االنتصاف من مال لم يأتمنه عليه فيشبه أن ذلك جائز وكأن الله حكم له؛ كما لو تمكن األخذ بالحكم من الح**اكم. وق**د قي**ل: إن ه**ذه اآلي**ة

منسوخة، نسختها "واصبر وما صبرك إال بالله". @ في هذه اآلية دليل على جواز التماثل في القصاص؛ فمن قت**ل بحدي**دة

قتل بها. ومن قتل بحجر قتل به، وال يتعدى قدر الواجب، وقد تقدم. @ سمى الله تعالى اإلذايات في هذه اآلي**ة عقوب**ة، والعقوب**ة حقيق**ة إنم**ا هي الثانية، وإنما فعل ذلك ليستوي اللفظان وتتناسب ديباجة القول، وه**ذا

[ وقوله: "الله يس**تهزئ54بعكس قوله: "ومكروا ومكر الله" ]آل عمران: [ فإن الثاني هنا هو المجاز واألول هو الحقيق**ة؛ قال**ه ابن15بهم" ]البقرة:

عطية.-** 127*اآليتان: 3* }واصبر وما صبرك إال بالله وال تح**زن عليهم وال128

تك في ضيق مما يمكرون، إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون{ @ قال ابن زيد: هي منسوخة بالقتال. وجمهور الن**اس على أنه**ا محكم**ة. أي اصبر بالعفو عن المعاقبة بمثل ما عاقبوا في المثلة. "وال تحزن عليهم" أي على قتلى أحد فإنهم صاروا إلى رحمة الله. "وال تكن في ضيق" ض**يق

جمع ضيقة؛ قال الشاعر: كشف الضيقة عنا وفسح

وقراءة الجمهور بفتح الضاد. وقرأ ابن كثير بكسر الضاد، ورويت عن ن**افع، وهو غلظ ممن رواه. قال بعض اللغويين: الكس**ر والفتح في الض**اد لغت**ان

Page 116: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

في المصدر. قال األخفش: الضيق والضيق مصدر ضاق يض**يق. والمع**نى: ال يضيق صدرك من كفرهم. وقال الفراء: الض**يق م**ا ض**اف عن**ه ص**درك، والضيق ما يكون في الذي يتسع ويض**يق؛ مث**ل ال**دار والث**واب. وق**ال ابن السكيت: هما سواء؛ يقال: في صدره ضيق وضيق. القتبي: ض**يق مخف**ف ضيق؛ أي ال تكن في أمر ضيق فخفف؛ مث**ل هين وهين. وق**ال ابن عرف**ة: يقال ضاق الرجل إذا بخل، وأضاق إذا افتق**ر. وقول**ه: "إن الل**ه م**ع ال**ذين اتق**وا وال**ذين هم محس**نون" أي الف**واحش والكب**ائر بالنص**ر والمعون**ة والفضل والبر والتأييد. وتقدم معنى اإلحس**ان. وقي**ل له**رم بن حب**ان عن**د موته: أوصنا؛ فقال: أوصيكم بآيات الله وآخر سورة النحل "ادع إلى س**بيل

ربك" إلى آخرها.*سورة اإلسراء2**مقدمة السورة3*

@ ه***ذه الس***ورة مكي***ة، إال ثالث آي***ات: قول***ه ع***ز وج***ل )وإن ك***ادوا [ حين جاء رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم76ليستفزونك( ]اإلسراء:

وفد ثقيف، وحين قالت اليهود: ليست هذه بأرض األنبياء. وقوله عز وج**ل: [80)وقل رب أدخلني م**دخل ص**دق وأخرج**ني مخ**رج ص**دق( ]اإلس**راء:

[ اآلي**ة. وق**ال مقات**ل:60وقوله تعالى )إن ربك أحاط بالن**اس( ]اإلس**راء: [ اآلي*ة.107وقوله ع*ز وج*ل )إن ال*ذين أوت*وا العلم من قبل**ه( ]اإلس**راء:

وقال ابن مسعود رضي الله عنه في ب**ني إس**رائيل والكه*ف وم**ريم: إنهنمن العتاق األول، وهن من تالدي؛ يريد من قديم كسبه.

}س**بحان ال**ذي أس**رى بعب**ده ليال من المس**جد الح**رام إلى1*اآلي**ة: 3*المسجد األقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير{

@قوله تعالى: "سبحان" )سبحان( اسم موضوع موضع المصدر، وه*و غ*ير متمكن؛ ألنه ال يجرى بوج**وه اإلع**راب، وال ت**دخل علي**ه األل**ف والالم، ولم يجر منه فعل، ولم ينصرف ألن في آخره زائدتين، تق**ول: س**بحت تس**بيحا وسبحانا، مثل كفرت اليمين تكفيرا وكفرانا. ومعناه التنزيه والبراءة لله عز وجل من كل نقص. فهو ذكر عظيم لله تعالى ال يصلح لغ**يره؛ فأم**ا ق**ول ا

لشاعر: أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر

فإنما ذكره على طريق النادر. وق**د روى طلح**ة بن عبيدالل**ه الفي**اض أح*د العشرة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما معنى سبحان الله؟ فقال: )تنزيه الله من كل سوء(. والعامل في**ه على م**ذهب س**يبويه الفع**ل ال**ذي من معن**اه ال من لفظ**ه، إذ لم يج**ر من لفظ**ه فع**ل، وذل**ك مث**ل قع**د القرفصاء، واشتمل الصماء؛ فالتقدير عنده: أنزه الله تنزيها؛ فوقع )سبحان

الله( مكان قولك تنزيها. @قوله تعالى: "أسرى بعبده" "أسرى" فيه لغتان: سرى وأس**رى؛ كس**قى

وأسقى، كما تقدم. قال:أسرت عليه من الجوزاء سارية تزجي الشمال عليه جامد البرد

وقال آخر: حي النضيرة ربة الخدر أسرت إلي ولم تكن تسري

فجمع بين اللغتين في البيتين. واإلسراء: سير الليل؛ يقال: س**ريت مس**رىوسرى، وأسريت إسراء؛ قال الشاعر:

Page 117: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وليلة ذات ندى سريت ولم يلتني من سراها ليت وقيل: أسرى سار من أول الليل، وسرى سار من آخره؛ واألول أعرف.

@قوله تعالى: "بعبده" قال العلماء: لو كان للنبي ص*لى الل**ه علي**ه وس**لماسم أشرف منه لسماه به في تلك الحالة العلية. وفي معناه أنشدوا:

يا قوم قلبي عند زهراء يعرفه السامع والرائي ال تدعني إال بيا عبدها فإنه أشرف أسمائي

وقد تقدم. قال القشيري: لما رفعه الله تعالى إلى حضرته السنية، وأرق**اهفوق الكواكب العلوية، ألزمه اسم العبودية تواضعا لألمة.

@ ثبت اإلسراء في جميع مصنفات الح**ديث، وروي عن الص**حابة في ك**ل أقط*ار اإلس**الم فه*و من المت**واتر به**ذا الوج**ه. وذك**ر النق**اش: ممن رواه عشرين صحابيا. روى الصحيح عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )أتيت بالبراق وهو داب**ة أبيض طوي**ل ف**وق الحم**ار ودون البغ**ل يض**ع ح**افره عن**د منتهى طرف**ه - ق**ال - فركبت**ه ح**تى أتيت بيت المقدس - قال - فربطته بالحلقة التي تربط بها األنبي**اء - ق**ال - ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل عليه الس**الم بإن**اء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل اخترت الفطرة - ق**ال - ثم عرج بنا إلى السماء...( وذك**ر الح**ديث. ومم**ا ليس في الص**حيحين م**ا خرجه اآلجري والسمرقندي، قال اآلجري عن أبي سعيد الخدري في قول**ه تعالى "سبحان الذي أس**رى بعب**ده ليال من المس**جد الح**رام إلى المس**جد األقصى الذي باركنا حوله" قال أبو سعيد: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسري به، قال النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )أتيت بداب**ة هي أشبه الدواب بالبغل له أذنان يضطربان وهو البراق الذي كانت األنبي**اء تركبه قبل فركبته فانطلق تقع ي*داه عن*د منتهى بص**ره فس*معت ن*داء عن يمي**ني ي**ا محم**د على رس**لك ح**تى أس**ألك فمض**يت ولم أع**رج علي**ه ثم سمعت نداء عن يساري يا محمد على رسلك فمضيت ولم أع**رج علي**ه ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة ال*دنيا رافع*ة ي**ديها تق**ول على رس**لك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج ثم أتيت بيت المقدس األقصى ف**نزلت عن الدابة فأوثقته في الحلقة التي كانت األنبي**اء توث**ق به**ا ثم دخلت المس**جد وصليت فيه فقال لي جبريل عليه السالم ما سمعت ي**ا محم**د فقلت ن**داء عن يميني يا محمد على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج فقال ذل**ك داعي اليهود ولو وقفت لتهودت أمتك - قال - ثم سمعت ن**داء عن يس**اري على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج عليه فقال ذلك داعي النصارى أما إنك لو وقفت لتنصرت أمتك - قال - ثم استقبلتني امرأة عليها من ك**ل زينة الدنيا رافعة يديها تقول على رسلك فمض**يت ولم أع**رج عليه**ا فق**ال تلك الدنيا ل**و وقفت الخ**ترت ال**دنيا على اآلخ**رة - ق**ال - ثم أتيت بإن**اءين أحدهما فيه لبن واآلخر فيه خمر فقيل لي خذ فاشرب أيهما شئت فأخ**ذت اللبن فشربته فقال لي جبريل أصبت الفطرة ولو أنك أخذت الخم**ر غ**وت أمتك ثم جاء بالمعراج الذي تعرج في**ه أرواح ب**ني آدم ف*إذا ه**و أحس**ن م*ا رأيت أو لم تروا إلى الميت كيف يحد بصره إليه فعرج بن**ا ح**تى أتين**ا ب**اب السماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل من هذا ق**ال جبري**ل ق**الوا ومن مع**ك قال محمد قالوا وقد أرسل إلي**ه؟ ق**ال نعم ففتح**وا لي وس**لموا علي وإذا ملك يحرس السماء يقال له إسماعيل معه سبعون ألف ملك مع كل مل**ك

Page 118: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

مائة ألف - قال - وما يعلم جنود ربك إال هو...( وذكر الحديث إلى أن ق**ال: )ثم مض**ينا إلى الس**ماء الخامس**ة وإذا أن**ا به*ارون بن عم**ران المحب في قومه وحوله تبع كثير من أمته فوصفه النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم وق*ال طويل اللحية تكاد لحيته تضرب في سرته ثم مضينا إلى السماء السادس**ة فإذا أنا بموس**ى فس**لم علي ورحب بي - فوص**فه الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم فق**ال - رج**ل كث**ير الش**عر ول**و ك**ان علي**ه قميص**ان خ**رج ش**عره

منهما...( الحديث. وروى البزار أن رسول الله صلى الله عليه وس**لم أتي بف*رس فحم**ل

عليه، كل خطوة منه أقصى بص**ره... وذك**ر الح**ديث. وق**د ج**اء في ص**فة البراق من حديث ابن عباس قال قال رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )بينا أنا نائم في الحجر إذ أتاني آت فحركني برجله ف**اتبعت الش**خص ف**إذا هو جبريل عليه السالم قائم على باب المسجد معه دابة دون البغل وف**وق الحمار وجهها وجه إنسان وخفها خف حافر وذنبها ذنب ثور وعرفه**ا ع**رف الف**رس فلم**ا أدناه**ا م**ني جبري**ل علي**ه الس**الم نف**رت ونفش**ت عرفه**ا فمسحها جبريل عليه السالم وقال يا برقة ال تنف**ري من محم**د فوالل**ه م**ا ركبك ملك مقرب وال نبي مرسل أفضل من محمد صلى الله علي**ه وس**لم وال أكرم على الله منه قالت قد علمت أن**ه ك**ذلك وأن**ه ص**احب الش**فاعة وإني أحب أن أك**ون في ش**فاعته فقلت أنت في ش**فاعتي إن ش**اء الل**ه تعالى...( الحديث. وذكر أبو سعيد عبدالملك بن محمد النيسابوري عن أبي سعيد الخدري قال: لما م**ر الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ب**إدريس علي**ه السالم في السماء الرابعة قال: مرحبا باألخ الص**الح والن*بي الص**الح ال**ذي وع*دنا أن ن**راه فلم ن*ره إال الليل**ة ق**ال ف**إذا فيه*ا م*ريم بنت عم*ران له*ا سبعون قصرا من لؤلؤ وألم موسى بن عمران سبعون قص**را من مرجان**ة حمراء مكللة باللؤلؤ أبوابها وأسرتها من عرق واحد فلما عرج المعراج إلى السماء الخامسة وتسبيح أهلها سبحان من جمع بين الثلج والن**ار من قاله**ا مرة واحدة كان له مثل ثوابهم استفتح الباب جبريل عليه الس**الم ففتح ل**ه فإذا هو بكهل لم ير قط كهل أجمل منه عظيم العينين تضرب لحيت**ه قريب**ا من سرته قد كان أن تكون شمطه وحوله قوم جل**وس يقص عليهم فقلت

يا جبريل من هذا قال هارون المحب في قومه..( وذكر الحديث. فهذه نبذة مختصرة من أحاديث اإلسراء خارجة عن الصحيحين، ذكرها

أبو الربيع سليمان ابن سبع بكمالها في كتاب )شفاء الصدور( له. وال خالف بين أهل العلم وجماعة أهل السير أن الصالة إنما فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في حين اإلسراء حين عرج به إلى السماء. واختلفوا في تاريخ اإلسراء وهيئة الصالة، وهل كان إسراء بروح**ه أو جس**ده؛ فه**ذه ثالث مسائل تتعل**ق باآلي**ة، وهي مم**ا ينبغي الوق**وف عليه**ا والبحث عنه**ا، وهي أهم من سرد تلك األحاديث، وأنا أذكر ما وقفت عليه فيها من أقاويل

العلماء واختالف الفقهاء بعون الله تعالى. فأما المسألة األولى: وهي هل كان إسراء بروحه أو جسده؛ اختلف في

ذلك السلف والخلف، ف**ذهبت طائف*ة إلى أن**ه إس**راء ب**الروح، ولم يف**ارق شخصه مضجعه، وأنها كانت رؤي**ا رأى فيه**ا الحق**ائق، ورؤي**ا األنبي**اء ح**ق. ذهب إلى هذا معاوي**ة وعائش*ة، وحكي عن الحس**ن وابن إس**حاق. وق**الت طائف**ة: ك**ان اإلس**راء بالجس**د يقظ**ة إلى بيت المق**دس، وإلى الس**ماء

Page 119: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

بالروح؛ واحتجوا بقوله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليال من المس**جد الحرام إلى المسجد األقصى" فجعل المسجد األقصى غاية اإلسراء. قالوا: ولو كان اإلسراء بجسده إلى زائد على المسجد األقصى لذكره، فإن**ه ك**ان يك**ون أبل**غ في الم**دح. وذهب معظم الس**لف والمس**لمين إلى أن**ه ك**ان إس**راء بالجس**د وفي اليقظ**ة، وأن**ه ركب ال**براق بمك**ة، ووص**ل إلى بيت المقدس وصلى فيه ثم أسري بجسده. وعلى هذا تدل األخبار ال**تي أش**رنا إليها واآلية. وليس في اإلسراء بجس**ده وح**ال يقظت**ه اس**تحالة، وال يع**دل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل إال عند االستحالة، ول**و ك**ان منام**ا لق**ال

[17بروح عبده ولم يقل بعبده. وقوله "ما زاغ البص**ر وم**ا طغى" ]النجم: يدل على ذلك. ولو كان مناما لما كانت فيه آية وال معجزة، ولم*ا ق*الت ل*ه أم هانئ: ال تحدث الناس فيكذبوك، واألفضل أبو بكر بالتصديق، ولما أمكن قريشا التشنيع والتكذيب، وقد كذبه قريش فيما أخبر به ح**تى ارت**د أق**وام كانوا آمنوا، فلو كان بالرؤيا لم يستنكر، وقد ق**ال ل**ه المش**ركون: إن كنت صادقا فخبرنا عن عيرنا ابن لقيتها؟ قال: )بمك**ان ك**ذا وك**ذا م**ررت عليه**ا ففزع فالن( فقيل له: ما رأيت يا فالن، قال: ما رأيت ش**يئا! غ**ير أن اإلب**ل قد نفرت. قالوا: فأخبرنا متى تأتينا الع**ير؟ ق**ال: )ت**أتيكم ي**وم ك**ذا وك**ذا(. قالوا: أية س**اعة؟ ق*ال: )م*ا أدري، طل*وع الش*مس من ه*ا هن*ا أس**رع أم طلوع العير من ها هنا(. فقال رجل: ذلك اليوم؟ هذه الشمس ق**د طلعت. وقال رجل: هذه عيركم قد طلعت، واستخبروا النبي صلى الله عليه وسلم عن صفة بيت المقدس فوصفه لهم ولم يكن رآه قبل ذل**ك. روى الص**حيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )لق**د رأيت**ني في الحج**ر وق**ريش تس**ألني عن مس**راي فس**ألتني عن أش**ياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربا ما كربت مثله قط - قال - فرفع**ه الل**ه لي أنظر إليه فما سألوني عن شيء إال أنب**أتهم ب**ه...( الح**ديث. وق**د اع**ترض قول عائشة ومعاوية )إنما أسري بنفس رسول الله صلى الله عليه وس**لم )بأنها كانت صغيرة لم تشاهد، وال حدثت عن النبي صلى الله عليه وس**لم. وأما معاوية فكان كافرا في ذلك الوقت غير مستشهد للح**ال، ولم يح**دث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن أراد الزي**ادة على م**ا ذكرن**ا فليق**ف على )كت**اب الش**فاء( للقاض**ي عي**اض يج**د من ذل**ك الش**فاء. وق**د احتج لعائش**ة بقول**ه تع**الى: "وم**ا جعلن**ا الرؤي**ا ال**تي أرين**اك إال فتن**ة للن**اس"

[ فسماها رؤيا. وهذا يرده قوله تعالى: "سبحان الذي أس**رى60]اإلسراء: بعبده ليال" وال يقال في النوم أسرى. وأيضا فقد يق**ال لرؤي**ة العين: رؤي**ا، على ما ي**أتي بيان**ه في ه**ذه الس**ورة. وفي نص**وص األخب**ار الثابت**ة دالل**ة واضحة على أن اإلسراء كان بالبدن، وإذا ورد الخبر بش**يء ه**و مج**وز في العقل في قدرة الله تعالى فال طريق إلى اإلنكار، ال س**يما في زمن خ**رق العوائد، وقد كان للنبي صلى الله علي**ه وس**لم مع**ارج؛ فال يبع**د أن يك**ون البعض بالرؤيا، وعليه يحمل قوله عليه السالم في الص**حيح: )بين**ا أن**ا عن**د البيت بين النائم واليقظان...( الح**ديث. ويحتم**ل أن ي**رد من اإلس**راء إلى

نوم. والله أعلم. @ في تاريخ اإلسراء، وقد اختلف العلماء في ذلك أيضا، واختلف في ذل**ك على ابن ش**هاب؛ ف**روى عن**ه موس**ى بن عقب**ة أن**ه أس**ري ب**ه إلى بيت المقدس قبل خروجه إلى المدينة بسنة. وروى عن**ه ي**ونس عن ع**روة عن

Page 120: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

عائشة قالت: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصالة. قال ابن شهاب: وذلك بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبعة أع**وام. وروي عن الوقاص**ي قال: أسري به بعد مبعثه بخمس سنين. ق**ال ابن ش**هاب: وف**رض الص**يام بالمدينة قبل بدر، وفرضت الزكاة والحج بالمدينة، وحرمت الخمر بعد أحد. وقال ابن إسحاق: أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى وهو بيت المقدس، وقد فشا اإلسالم بمك**ة في القبائ**ل. وروى عن**ه ي**ونس بن بكير قال: صلت خديجة مع النبي صلى الله عليه وسلم. وسيأتي. ق**ال أب**و عمر: وهذا يدلك على أن اإلسراء كان قبل الهجرة بأعوام؛ ألن خديج**ة ق**د ت**وفيت قب**ل الهج**رة بخمس س**نين وقي**ل بثالث وقي**ل ب**أربع. وق**ول ابن إسحاق مخالف لقول ابن شهاب، على أن ابن شهاب قد اختل**ف عن**ه كم**ا تقدم. وقال الحربي: أسري به ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع اآلخر قبل الهجرة بسنة. وقال أبو بكر محمد بن علي ابن القاسم الذهبي في تاريخه: أسري به من مك**ة إلى بيت المق**دس، وع**رج ب**ه إلى الس**ماء بع**د مبعث**ه بثمانية عشر شهرا. قال أب**و عم**ر: ال أعلم أح**دا من أه**ل الس**ير ق**ال م**ا حكاه الذهبي، ولم يسند قول إلى أح**د ممن يض**اف إلي**ه ه**ذا العلم منهم،

وال رفعه إلى من يحتج به عليهم. @ وأم**ا ف**رض الص**الة وهيئته**ا حين فرض**ت، فال خالف بين أه**ل العلم وجماعة أهل السير أن الصالة إنما فرضت بمكة ليلة اإلسراء حين عرج به إلى السماء، وذلك منصوص في الصحيح وغيره. وإنم**ا اختلف**وا في هيئته**ا حين فرض**ت؛ ف**روي عن عائش**ة رض**ي الل**ه عنه**ا أنه**ا فرض**ت ركع**تين ركعتين، ثم زيد في صالة الحضر فأكملت أربعا، وأقرت ص*الة الس*فر على ركعتين. وبذلك قال الشعبي وميمون بن مهران ومحم**د بن إس**حاق. ق**ال الشعبي: إال المغرب. قال يونس بن بكير: وقال ابن إس*حاق ثم إن جبري*ل عليه السالم أتى النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم حين فرض**ت علي**ه الص**الة يعني في اإلسراء فهم**ز ل**ه بعقب**ه في ناحي**ة ال**وادي ف**انفجرت عين م**اء فتوض**أ جبري**ل ومحم**د ينظ**ر عليهم**ا الس**الم فوض**أ وجه**ه واستنش**ق وتمضمض ومسح برأسه وأذنيه ورجليه إلى الكعبين ونضح فرج**ه، ثم ق**ام يصلي ركعتين بأربع سجدات، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وق**د أقر الله عينه وطابت نفسه وجاءه ما يحب من أمر الله تع**الى، فأخ**ذ بي**د خديجة ثم أتى بها العين فتوض**أ كم**ا توض**أ جبري**ل ثم رك**ع ركع**تين وأرب**ع سجدات هو وخديجة، ثم ك**ان ه**و وخديج**ة يص**ليان س**واء. وروي عن ابن عباس أنها فرضت في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين. وكذلك ق**ال ن**افع بن جبير والحسن بن أبي الحسن البصري، وهو قول ابن ج**ريج، وروي عن النبي صلى الله عليه وس**لم م**ا يواف**ق ذل**ك. ولم يختلف**وا في أن جبري**ل عليه السالم هبط صبيحة ليلة اإلسراء عند الزوال، فعلم الن**بي ص**لى الل**ه عليه وسلم الصالة ومواقيتها. وروى ي*ونس بن بك**ير عن س**الم م**ولى أبي المهاجر قال سمعت ميمون بن مهران يق**ول: ك**ان أول الص**الة مث**نى، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا فصارت سنه، وأقرت الص**الة للمس**افر وهي تم**ام. ق**ال أب**و عم**ر: وه**ذا إس**ناد ال يحتج بمثل**ه، وقول**ه )فصارت سنة( قول منكر، وك**ذلك اس**تثناء الش**عبي المغ**رب وح**دها ولم يذكر الصبح قول ال معنى له. وقد أجم*ع المس*لمون أن ف*رض الص**الة في

Page 121: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الحضر أربع إال المغرب والصبح وال يعرفون غير ذلك عمال ونقال مستفيض**ا،وال يضرهم االختالف فيما كان أصل فرضها.

@ قد مضى الكالم في األذان في "المائدة" والحمد لل**ه. ومض**ى في "آل عم**ران" أن أول مس**جد وض**ع في األرض المس**جد الح**رام، ثم المس**جد األقصى. وأن بينهما أربعين عام**ا من ح**ديث أبي ذر، وبن**اء س**ليمان علي**ه السالم المسجد األقصى ودع**اؤه ل**ه من ح**ديث عبدالل**ه بن عم**رو ووج**ه الجمع في ذلك؛ فتأمله هناك فال معنى لإلعادة. ونذكر هنا قوله ص**لى الل**ه عليه وس**لم: )ال تش**د الرح**ال إال إلى ثالث**ة مس**اجد إلى المس**جد الح**رام وإلى مسجدي هذا وإلى مسجد إيلياء أو بيت المق**دس(. خرج**ه مال**ك من حديث أبي هريرة. وفيه ما يدل على فضل هذه المساجد الثالثة على سائر المساجد؛ لهذا قال العلماء: من نذر صالة في مسجد ال يصل إليه إال برحلة وراحلة فال يفعل، ويصلي في مسجده، إال في الثالث**ة المس**اجد الم**ذكورة فإنه من نذر صالة فيها خرج إليها. وقد قال مال**ك وجماع**ة من أه**ل العلم فيمن نذر رباطا في ثغر يسده: فإنه يلزم*ه الوف*اء حيث ك*ان الرب*اط ألن*ه طاعة الله عز وجل. وقد زاد أبو البختري في ه**ذا الح**ديث مس**جد الجن**د،

وال يصح وهو موضوع، وقد تقدم في مقدمة الكتاب. @قوله تعالى: "إلى المسجد األقصى" س**مي األقص**ى لبع**د م**ا بين**ه وبين المس**جد الح**رام، وك**ان أبع**د مس**جد عن أه**ل مك**ة في األرض يعظم بالزيارة، ثم قال: "الذي باركنا حوله" قيل: بالثمار وبمجاري األنهار. وقي**ل: بمن دفن حوله من األنبياء والصالحين؛ وبهذا جعله مقدسا. وروى مع**اذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )يق**ول الل**ه تع**الى ي**ا ش**ام أنت صفوتي من بالدي وأن*ا س*ائق إلي**ك ص*فوتي من عب*ادي(. "لنري*ه من

آياتنا" هذا من باب تلوين الخطاب. واآليات التي أراه الله من العجائب التي أخبر بها الناس، وإسراؤه من

مكة إلى المسجد األقصى في ليلة وهو مسيرة شهر، وعروجه إلى السماء ووصفه األنبياء واحدا واحدا، حسبما ثبت في صحيح مسلم وغيره. "إنه ه**و

السميع البصير" تقدم. }وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لب**ني إس**رائيل أال تتخ**ذوا2*اآلية: 3*

من دوني وكيال{ @ أي كرمنا محم**دا ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ب**المعراج، وأكرمن**ا موس**ى بالكتاب وهو التوراة. "وجعلناه" أي ذلك الكتاب. وقيل موسى. وقيل معنى الكالم: س**بحان ال**ذي أس**رى بعب**ده ليال وأتى موس**ى الكت**اب؛ فخ**رج من الغيبة إلى اإلخبار عن نفسه جل وعز. وقيل: إن معنى سبحان الذي أسرى بعبده ليال، معناه أسرينا، يدل علي**ه م**ا بع**ده من قول**ه: "لنري**ه من آياتن**ا"

[ فحمل "وآتينا موسى الكتاب" على المعنى. "أال تتخذوا" ق**رأ1]اإلسراء: أبو عمرو )يتخذوا( بالياء. الباقون بالتاء. فيك**ون من ب**اب تل**وين الخط**اب. "وكيال" أي شريكا؛ عن مجاهد. وقيل: كفيال بأمورهم؛ حكاه الف**راء. وقي**ل: ربا يتوكلون عليه في أمورهم؛ قاله الكلبي. وقال الفراء: كافي**ا؛ والتق**دير: عهدنا إليه في الكتاب أال تتخذوا من دوني وكيال. وقيل: التقدير لئال تتخذوا.

والوكيل: من يوكل إليه األمر. }ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا{3*اآلية: 3*

Page 122: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@ أي يا ذرية من حملنا، على النداء؛ قال مجاهد ورواه عنه ابن أبي نجيح. والمراد بالذري**ة ك**ل من احتج علي**ه ب**القرآن، وهم جمي**ع من على األرض؛ ذكره المهدوي. وقال الماوردي: يع**ني موس**ى وقوم**ه من ب**ني إس**رائيل، والمعنى يا ذرية من حملنا مع نوح ال تش**ركوا. وذك**ر نوح**ا لي**ذكرهم نعم**ة اإلنجاء من الغرق على آبائهم. وروى سفيان عن حميد عن مجاهد أن**ه ق**رأ )ذرية( بفتح الذال وتشديد الراء والياء. وروى هذه القراءة عامر بن الواجد عن زيد بن ثابت. وروي عن زيد بن ثابت أيضا "ذري**ة" بكس**ر ال**ذال وش**د الراء. ثم بين أن نوحا كان عبدا شكورا يشكر الله على نعمه وال يرى الخير إال من عنده. قال قتادة: كان إذا لبس ثوبا قال: بسم الله، فإذا نزعه ق**ال: الحمد لله. كذا روى عنه معمر. وروى معمر عن منصور عن إبراهيم ق**ال: شكره إذا أكل قال: بسم الله، فإذا فرغ من األكل ق**ال: الحم**د لل**ه. ق**ال سلمان الفارسي: ألنه كان يحمد الله على طعامه. وقال عمران بن سليم: إنما س**مى نوح**ا عب**دا ش**كورا ألن**ه ك**ان إذا أك**ل ق**ال: الحم**د لل**ه ال**ذي أطعمني ولو شاء ألجاعني، وإذا شرب قال: الحمد لل**ه ال**ذي س**قاني ول**و شاء ألظمأني، وإذا اكتسى قال: الحمد لله الذي كساني ولو شاء ألعراني، وإذا احتذى قال: الحم**د لل**ه ال*ذي ح**ذاني ول*و ش**اء ألحف*اني، وإذا قض**ى حاجت**ه ق**ال: الحم**د لل**ه ال**ذي أخ**رج ع**ني األذى ول**و ش**اء لحبس**ه في. ومقص**ود اآلي**ة: إنكم من ذري**ة ن**وح وق**د ك**ان عب**دا ش**كورا ف**أنتم أح**ق باالقتداء به دون آبائكم الجهال. وقيل: المعنى أن موسى كان عبدا ش**كورا إذ جعله الل**ه من ذري**ة ن**وح. وقي**ل: يج**وز أن يك**ون "ذري**ة" مفع**وال ثاني**ا "لتتخذوا" ويكون قوله: "وكيال" يراد به الجمع فيس**وغ ذل**ك في الق**راءتين جميعا أعني الياء والتاء في "تتخذوا". ويجوز أيضا في القراءتين جميع**ا أن يكون "ذرية" بدال من قوله "وكيال" ألنه بمعنى الجمع؛ فكأنه قال ال تتخ**ذوا ذرية من حملنا مع نوح. ويجوز نص**بها بإض**مار أع**ني وأم**دح، والع**رب ق**د تنص**ب على الم**دح وال**ذم. ويج**وز رفعه**ا على الب**دل من المض**مر في "تتخ**ذوا" في ق**راءة من ق**رأ بالي**اء؛ وال يحس**ن ذل**ك لمن ق**رأ بالت**اء ألن المخاطب ال يبدل منه الغائب. ويجوز جره**ا على الب**دل من ب**ني إس**رائيل في الوجهين. فأم**ا "أن" من قول**ه "أال تتخ**ذوا" فهي على ق**راءة من ق**رأ بالياء في موضع نصب بحذف الجار، التقدير: ه**ديناهم لئال يتخ**ذوا. ويص**لح على قراءة التاء أن تكون زائدة والقول مضمر كما تقدم. ويصلح أن تك**ون مفسرة بمعنى أي، ال موض**ع له**ا من اإلع**راب، وتك**ون "ال" للنهي فيك**ون

خروجا من الخبر إلى النهي. }وقض**ينا إلى ب**ني إس**رائيل في الكت**اب لتفس**دن في األرض4*اآلية: 3*

مرتين ولتعلن علوا كبيرا{ @قوله تعالى: "وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب" قرأ س**عيد بن جب**ير وأبو العالية "في الكتب" على لفظ الجمع. وق**د ي**رد لف**ظ الواح**د ويك**ون معن**اه الجم**ع؛ فتك**ون القراءت**ان بمع**نى واح**د. ومع**نى "قض**ينا" أعلمن**ا وأخبرن**ا؛ قال**ه ابن عب**اس: وق**ال قت**ادة: حكمن**ا؛ وأص**ل القض**اء اإلحك**ام للشيء والفراغ منه، وقيل: قضينا أوحينا؛ ولذلك قال: "إلى بني إسرائيل". وعلى قول قتادة يكون "إلى" بمعنى على؛ أي قضينا عليهم وحكمنا. وقاله ابن عباس أيضا. والمعنى بالكتاب الل**وح المحف**وظ. "لتفس**دن" وق**رأ ابن عب**اس "لتفس**دن". عيس**ى الثقفي "لتفس**دن". والمع**نى في الق**راءتين

Page 123: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

قريب؛ ألنهم إذا أفسدوا فسدوا، والمراد بالفساد مخالف**ة أحك**ام الت**وراة. "في األرض" يريد أرض الشام وبيت المقدس وما واالها. "م**رتين ولتعلن" الالم في "لتفسدن ولتعلن" الم قسم مضمر كما تقدم. "عل**وا كب**يرا" أراد

التكبر والبغي والطغيان واالستطالة والغلبة والعدوان. }فإذا جاء وعد أوالهما بعثنا عليكم عبادا لن*ا أولي ب*أس ش*ديد5*اآلية: 3*

فجاسوا خالل الديار وكان وعدا مفعوال{ @قوله تعالى: "ف**إذا ج**اء وع**د أوالهم**ا" أي أولى الم**رتين من فس**ادهم. "بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد" هم أهل بابل، وكان عليهم بختنصر في المرة األولى حين ك**ذبوا إرمي**اء وجرح**وه وحبس**وه؛ قال**ه ابن عب**اس وغيره. وقال قتادة: أرسل عليهم ج**الوت فقتلهم، فه**و وقوم**ه أول**و ب**أس شديد. وقال مجاهد: ج**اءهم جن**د من ف**ارس يتجسس**ون أخب**ارهم ومعهم بختنص**ر ف**وعى ح**ديثهم من بين أص**حابه، ثم رجع**وا إلى ف**ارس ولم يكن قتال، وهذا في المرة األولى، فكان منهم جوس خالل الديار ال قت**ل؛ ذك**ره القشيري أبو نصر. وذكر المهدوي عن مجاهد أن**ه ج**اءهم بختنص**ر فهزم**ه بنو إسرائيل، ثم جاءهم ثانية فقتلهم ودم**رهم ت**دميرا. ورواه ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ ذكره النحاس. وقال محمد بن إسحاق في خبر في**ه ط**ول: إن المهزوم سنحاريب ملك بابل، جاء ومعه ستمائة أل**ف راي**ة تحت ك**ل راي**ة مائ**ة أل**ف ف**ارس ف**نزل ح**ول بيت المق**دس فهزم**ه الل**ه تع**الى وأم**ات جميعهم إال س**نحاريب وخمس**ة نف**ر من كتاب**ه، وبعث مل**ك ب**ني إس**رائيل واسمه صديقة في طلب سنحاريب فأخ**ذ م**ع الخمس**ة، أح**دهم بختنص**ر، فطرح في رقابهم الجوامع وط**اف بهم س**بعين يوم**ا ح**ول بيت المق**دس وإيلياء ويرزقهم كل ي**وم خ**بزتين من ش**عير لك**ل رج**ل منهم، ثم أطلقهم فرجعوا إلى بابل، ثم مات سنحاريب بعد س**بع س**نين، واس**تخلف بختنص**ر وعظمت األحداث في بني إسرائيل، واستحلوا المحارم وقتلوا نبيهم شعيا؛ فجاءهم بختنصر ودخل هو وجنوده بيت المقدس وقتل بني إس**رائيل ح**تى أفناهم. وقال ابن عباس وابن مسعود: أول الفساد قت**ل زكري**ا. وق**ال ابن إسحاق: فسادهم في المرة األولى قتل شعيا نبي الله في الشجرة؛ وذل**ك أنه لما مات صديقة ملكهم مرج أمرهم وتنافسوا على الملك وقتل بعضهم بعضا وهم ال يسمعون من نبيهم؛ فق**ال الل**ه تع*الى ل*ه قم في قوم**ك أوح على لسانك، فلم**ا ف**رغ مم**ا أوحى الل**ه إلي**ه ع**دوا علي**ه ليقتل**وه فه**رب فانفلقت له ش**جرة ف**دخل فيه**ا، وأدرك**ه الش**يطان فأخ*ذ هدب**ة من ثوب**ه ف**أراهم إياه**ا، فوض**عوا المنش**ار في وس**طها فنش**روها ح**تى قطعوه**ا وقطعوه في وسطها. وذكر ابن إسحاق أن بعض العلم**اء أخ**بره أن زكري**ا مات موتا ولم يقتل وإنما المقتول ش**عيا. وق**ال س**عيد بن جب**ير في قول**ه تعالى: "ثم بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خالل الديار" ه**و سنحاريب من أهل نين**وى بالموص**ل مل**ك باب**ل. وه**ذا خالف م**ا ق**ال ابن إس**حاق، فالل**ه أعلم. وقي**ل: إنهم العمالق**ة وك**انوا كف**ارا، قال**ه الحس**ن. ومعنى جاس*وا: ع*اثوا وقتل**وا؛ وك*ذلك جاس**وا وهاس**وا وداس**وا، قال*ه ابن عزيز، وهو قول القتبي. وقرأ ابن عباس: )حاسوا( بالحاء المهملة. قال أب**و زيد: الحوس والجوس والعوس والهوس: لطواف بالليل. وق**ال الج**وهري: الجوس مصدر قولك جاسوا خالل الديار، أي تخللوها فطلب**وا م**ا فيه*ا كم**ا يجوس الرجل األخبار أي يطلبها؛ وكذلك االجتياس. والجوسان )بالتحري**ك(

Page 124: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الطوفان بالليل؛ وهو ق**ول أبي عبي**دة. وق**ال الط**بري: ط**افوا بين ال**ديار يطلبونهم ويقتلونهم ذاهبين وجائين؛ فجمع بين ق**ول أه**ل اللغ**ة. ق**ال ابن عباس: مش**وا وت**رددوا بين ال**دور والمس**اكن. وق**ال الف**راء: قتل**وكم بين

بيوتكم؛ وأنشد لحسان:ومنا الذي القى بسيف محمد فجاس به األعداء عرض العساكر

وقال قطرب: نزلوا؛ قال:فجسنا ديارهم عنوة وأبنا بسادتهم موثقينا

"وكان وعدا مفعوال" أي قضاء كائنا ال خلف فيه. }ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم6*اآلية: 3*

أكثر نفيرا{ @قوله تعالى: "ثم رددنا لكم الكرة عليهم" أي الدولة والرجعة؛ وذلك لم**ا تبتم وأطعتم. ثم قيل: ذلك بقتل داود ج**الوت أو بقت**ل غ**يره، على الخالف في من قتلهم. "وأم**ددناكم ب**أموال وب**نين" ح**تى ع**اد أم**ركم كم**ا ك**ان. "وجعلناكم أكثر نفيرا" أي أكثر عددا ورج**اال من ع**دوكم. والنف**ير من نف**ر مع الرجل من عشيرته؛ يقال: نفير ونافر مثل قدير وقادر ويجوز أن يك**ون

النفير جمع نفر كالكليب والمعيز والعبيد؛ قال الشاعر:فاكرم بقحطان من والد وحمير أكرم بقوم نفيرا

والمعنى: أنهم صاروا بعد هذه الوقعة األولى أكثر انض**ماما وأص**لح أح**واال؛جزاء من الله تعالى لهم على عودهم إلى الطاعة.

}إن أحسنتم أحسنتم ألنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا ج**اء وع**د7*اآلية: 3* اآلخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما

علوا تتبيرا{ @قوله تع**الى: "إن أحس**نتم أحس**نتم ألنفس**كم" أي نف**ع إحس**انكم عائ**دعليكم. "وإن أسأتم فلها" أي فعليها؛ نحو سالم لك، أي سالم عليك. قال:

فخر صريعا لليدين وللفم أي على الي**دين وعلى الفم. وق**ال الط**بري: الالم بمع**نى إلى، يع**ني وإن أسأتم فإليها، أي فإليها ترجع اإلساءة؛ لقوله تعالى: "ب**أن رب**ك أوحى له**ا"

[ أي إليه**ا. وقي**ل: فله**ا الج**زاء والعق**اب. وق**ال الحس**ين بن5]الزلزل**ة: الفض**ل: فله**ا رب يغف**ر اإلس**اءة. ثم يحتم**ل أن يك**ون ه**ذا خطاب**ا لب**ني إسرائيل في أول األمر؛ أي أسأتم فحل بكم القت**ل والس**بي والتخ**ريب ثم أحسنتم فعاد إليكم الملك والعلو وانتظام الحال. ويحتمل أنه خ**وطب به**ذا بنو إسرائيل في زمن محمد صلى الله علي**ه وس**لم؛ أي ع**رفتم اس**تحقاق أسالفكم للعقوبة على العصيان فارتقبوا مثل**ه. أو يك**ون خطاب**ا لمش**ركي قريش على هذا الوجه. "فإذا جاء وعد اآلخ**رة" من إفس**ادكم؛ وذل**ك أنهم قتلوا في المرة الثانية يحيى بن زكريا عليهما الس**الم، قتل**ه مل**ك من ب**ني إسرائيل يقال له الخت؛ قاله القتبي. وقال الطبري: اسمه هردوس، ذك**ره في التاريخ؛ حمله على قتله امرأة اسمها أزبيل. وقال الس**دي: ك**ان مل**ك بني إسرائيل يكرم يحيى بن زكريا ويستشيره في األمر، فاستشاره المل**ك أن يتزوج بنت امرأة له فنهاه عنها وق**ال: إنه**ا ال تح**ل ل**ك؛ فحق**دت أمه**ا على يح**يى علي**ه الس**الم، ثم ألبس**ت ابنته**ا ثياب**ا حم**را رقاق**ا وطيبته**ا وأرسلتها إلى الملك وهو على شرابه، وأمرتها أن تتع**رض ل**ه، وإن أراده**ا أبت حتى يعطيها ما تسأله؛ ف**إذا أج**اب س**ألت أن ي**ؤتى ب**رأس يح**يى بن

Page 125: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

زكريا في طست من ذهب؛ ففعلت ذلك ح*تى أتى ب*رأس يح**يى بن زكري*ا والرأس تتكلم حتى وضع بين يديه وهو يقول: ال تحل لك؛ ال تحل لك؛ فلم**ا أصبح إذا دمه يغلي، فألقى عليه التراب فغلى فوق**ه، فلم ي**زل يلقى علي**ه التراب حتى بلغ سور المدين*ة وه*و في ذل*ك يغلي؛ ذك*ره الثعل*بي وغ*يره. وذكر ابن عساكر الحافظ في تاريخه عن الحسين بن علي قال: كان مل**ك من هذه الملوك مات وت**رك امرأت**ه وابنت**ه ف**ورث ملك**ه أخ**وه، ف**أراد أن يتزوج امرأة أخيه، فاستشار يحيى بن زكريا في ذل**ك، وك**انت المل**وك في ذلك الزمان يعملون بأمر األنبياء، فقال له: ال تتزوجه**ا فإنه**ا بغي؛ فع**رفت ذلك المرأة أنه قد ذكرها وصرفه عنها، فقالت: من أين هذا! حتى بلغها أنه من قبل يحيى، فق**الت: ليقتلن يح**يى أو ليخ**رجن من ملك**ه، فعم**دت إلى ابنتها وصنعتها، ثم قالت: اذهبي إلى عمك عند المأل فإنه إذا رآك سيدعوك ويجلسك في حجره، ويقول سليني م**ا ش**ئت، فإن**ك لن تس**أليني ش**يئا إال أعطيتك، فإذا قال لك ذلك فقولي: ال أس**أل إال رأس يح**يى. ق**ال: وك**انت الملوك إذا تكلم أحدهم بش**يء على رؤوس المأل ثم لم يمض ل**ه ن**زع من ملكه؛ ففعلت ذلك. قال: فجعل يأتيه الموت من قتل**ه يح**يى، وجع**ل يأتي**ه الموت من خروجه من ملك**ه، فاخت**ار ملك**ه فقتل**ه. ق**ال: فس**اخت بأمه**ا األرض. قال ابن جدعان: فح**دثت به**ذا الح**ديث ابن المس**يب فق**ال أفم**ا أخبرك كيف كان قتل زكريا؟ قلت ال؛ إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هارب**ا منهم واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق فدعته إليه**ا ف**انطوت علي**ه وبقيت من ثوبه هدبة تكفتها الرياح، فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أث**ره بعدها، ونظروا بتل**ك الهدب**ة ف**دعوا بالمنش**ار فقطع**وا الش**جرة فقطع**وه

معها. قلت: وقع في التاريخ الكبير للطبري فحدثني أبو السائب قال حدثنا أبو

معاوية عن األعمش عن المنهال عن سعيد بن جب**ير عن ابن عب**اس ق**ال: )بعث عيس**ى بن م**ريم يح**يى بن زكري**ا في اث**ني عش**ر من الح**واريين يعلمون الناس، ق**ال: ك**ان فيم**ا نه**وهم عن**ه نك**اح ابن**ة األخ، ق**ال: وك**ان لملكهم ابنة أخ تعجبه... (وذكر الخبر بمعن**اه. وعن ابن عب**اس ق**ال: )بعث يحيى بن زكريا في اثني عشر من الح*واريين يعلم*ون الن*اس، وك*ان فيم*ا يعلم**ونهم ينه**ونهم عن نك**اح بنت األخت، وك**ان لملكهم بنت أخت تعجب**ه، وكان يريد أن يتزوجها، وكان لها كل يوم حاجة يقضيها، فلما بلغ ذل**ك أمه**ا أنهم نهوا عن نكاح بنت األخت قالت لها: إذا دخلت على الملك فق**ال أل**ك حاجة فقولي: حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا؛ فق**ال: س**ليني س**وى ه**ذا! قالت: ما أس**ألك إال ه**ذا. فلم**ا أبت علي**ه دع**ا بطس**ت ودع**ا ب**ه فذبح**ه، فن*درت قط*رة من دم*ه على وج*ه األرض فلم ت*زل تغلي ح*تى بعث الل*ه عليهم بختنصر فألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يس**كن ذلك الدم، فقتل عليه منهم سبعين ألف**ا، في رواي**ة خمس*ة وس**بعين ألف*ا. قال سعيد بن المسيب: هي دية كل نبي. وعن ابن عباس قال: )أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم إني قتلت بيح**يى بن زكري**ا س**بعين ألف**ا، وإني قاتل بابن ابنت**ك س**بعين ألف**ا وس**بعين ألف**ا(. وعن س**مير بن عطي**ة قال: قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبيا منهم يح**يى بن زكريا. وعن زيد بن واقد قال: رأيت رأس يح**يى علي**ه الس**الم حيث أرادوا بن**اء مس**جد دمش**ق أخ**رج من تحت ركن من أرك**ان القب**ة ال**تي تلي

Page 126: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

المحراب مما يلي الش*رق، فك*انت البش*رة والش*عر على حال*ه لم يتغ*ير. وعن قرة بن خالد قال: ما بكت السماء على أحد إال على يح**يى بن زكري**ا والحسين بن علي؛ وحمرتها بكاؤها. وعن سفيان بن عيينة قال: أوحش م**ا يكون ابن آدم في ثالثة مواطن: يوم ول**د فيخ**رج إلى دار هم، وليل**ة ي**بيت مع الموتى فيجاور جيرانا لم ير مثلهم، وي**وم يبعث فيش**هد مش**هدا لم ي**ر مثله؛ قال الله تعالى ليحيى في هذه الثالثة مواطن: "وسالم عليه يوم ول**د

[. كله من التاريخ المذكور. 15ويوم يموت ويوم يبعث حيا" ]مريم: واختلف فيمن كان المبعوث عليهم في المرة اآلخرة؛ فقيل: بختنصر.

وقاله القشيري أبو نصر، لم يذكر غيره. قال الس**هيلي: وه**ذا ال يص**ح؛ ألن قتل يحيى ك**ان بع**د رف**ع عيس**ى، وبختنص**ر ك**ان قب**ل عيس**ى ابن م**ريم عليهما السالم بزمان طويل.، وقبل اإلسكندر؛ وبين اإلسكندر وعيسى نح**و من ثالثمائة سنة، ولكنه أري*د ب**المرة األخ*رى حين قتل**وا ش**عيا، فق*د ك*ان بختنص**ر إذ ذاك حي**ا، فه**و ال**ذي قتلهم وخ**رب بيت المق**دس واتبعهم إلى مصر. وأخرجهم منها. وقال الثعلبي: ومن روى أن بختنص**ر ه**و ال**ذي غ**زا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا فغل**ط عن**د أه**ل الس**ير واألخب**ار؛ ألنهم مجمعون على أن بختنصر إنم**ا غ**زا ب**ني إس**رائيل عن**د قتلهم ش**عيا وفي عهد إرمياء. قالوا: ومن عهد إرمي**اء وتخ**ريب بختنص**ر بيت المق**دس إلى مولد يحيى بن زكري**ا عليهم**ا الس**الم أربعمائ**ة س**نة وإح**دى وس**تون سنة، وذل**ك أنهم يع**دون من عه*د تخ**ريب بيت المق*دس إلى عمارت**ه في عهد كوسك سبعين سنة، ثم من بعد عمارته إلى ظهور اإلس**كندر على بت المقدس ثمانية وثمانين سنة، ثم من بعد مملكة اإلسكندر إلى مولد يح**يى

ثالثمائة وثالثا وستين سنة. قلت: ذك**ر جميع**ه الط**بري في الت**اريخ رحم**ه الل**ه. ق**ال الثعل**بي:

والصحيح من ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق قال: لما رفع الله عيسى من بين أظهرهم وقتلوا يحيى - وبعض الناس يقول: لما قتلوا زكريا - بعث الله إليهم ملكا من ملوك بابل يقال له: خردوس، فسار إليهم بأهل بابل وظه**ر عليهم بالشأم، ثم قال لرئيس جنوده: كنت حلفت بإلهي لئن أظهرني الل**ه على بيت المقدس ألقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري، وأم**ر أن يقتلهم حتى يبلغ ذلك منهم، ف**دخل ال*رئيس بيت المق*دس فوج*د فيه**ا دماء تغلي، فسألهم فقالوا: دم قرب**ان قربن**اه فلم يتقب**ل من**ا من**ذ ثم**انين سنة. قال ما صدقتموني، فذبح على ذلك الدم س**بعمائة وس**بعين رجال من رؤسائهم فلم يهدأ، ف**أتى بس**بعمائة غالم من غلم**انهم ف**ذبحوا على ال**دم فلم يهدأ، فأمر بسبعة آالف من س**بيهم وأزواجهم ف**ذبحهم على ال**دم فلم يبرد، فقال: يا بني إس*رائيل، أص**دقوني قب*ل أال أت**رك منكم ن**افخ ن*ار من أنثى وال من ذكر إال قتلته. فلما رأوا الجهد قالوا: إن هذا دم ن**بي من**ا ك**ان ينهانا عن أمور كثيرة من سخط الله فقتلناه، فهذا دمه، ك**ان اس**مه يح**يى بن زكري**ا، م**ا عص**ى الل**ه ق**ط طرف**ة عين وال هم بمعص**ية. فق**ال: اآلن صدقتموني، وخر ساجدا ثم قال: لمثل هذا ينتقم منكم، وأمر بغلق األبواب وقال: أخرجوا من كان ها هنا من جيش خ**ردوس، وخال في ب**ني إس**رائيل وقال: يا نبي الله يا يحيى بن زكريا قد علم ربي وربك ما قد أصاب قوم**ك من أجل**ك، فاه*دأ ب*إذن الل*ه قب**ل أال أبقي منهم أح*دا. فه*دأ دم يح*يى بن زكريا بإذن الله عز وجل، ورفع عنهم القتل وق**ال: رب إني آمنت بم**ا آمن

Page 127: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ب**ه بن**و إس**رائيل وص**دقت ب**ه؛ ف**أوحى الل**ه تع**الى إلى رأس من رؤوس األنبياء: إن ه**ذا ال**رئيس م**ؤمن ص**دوق. ثم ق**ال: إن ع**دو الل**ه خ**ردوس أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عس**كره، وإني ال أعص**يه، فأمرهم فحفروا خندقا وأمر بأموالهم من اإلب**ل والخي**ل والبغ**ال والحم**ير والبقر والغنم فذبحوها حتى سال الدم إلى العس**كر، وأم**ر ب**القتلى ال**ذين كانوا قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم، ثم انص**رف عنهم

إلى بابل، وقد كاد أن يفني بني إسرائيل. قلت: قد ورد في هذا الباب حديث مرفوع فيه طول من حديث حذيفة،

وقد كتبناه في كتاب التذكرة مقطع**ا في أب**واب في أخب**ار المه**دي، ن**ذكر منها هنا ما يبين معنى اآلية ويفس**رها ح**تى ال يحت**اج مع**ه إلى بي**ان، ق**ال حذيفة: قلت يا رسول الله، لقد كان بيت المقدس عند الله عظيما جس**يم الخطر عظيم القدر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )هو من أجل البيوت ابتناه الل**ه لس**ليمان بن داود عليهم**ا الس**الم من ذهب وفض**ة ودر وياقوت وزمرد(: وذلك أن س**ليمان بن داود لم**ا بن**اه س**خر الل**ه ل**ه الجن فأتوه بالذهب والفض**ة من المع*ادن، وأت**وه ب**الجواهر والي**اقوت والزم**رد، وسخر الله تعالى له الجن حتى بنوه من هذه األصناف. قال حذيف**ة: فقلت يا رسول الله، وكيف أخذت هذه األشياء من بيت المق**دس. فق**ال رس**ول الله صلى الله عليه وسلم: إن بني إسرائيل لما عصوا الل**ه وقتل**وا األنبي**اء سلط الله عليهم بختنصر وهو من المجوس وكان ملكه سبعمائة سنة، وهو قوله: "فإذا جاء وعد أوالهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خالل الديار وكان وعدا مفعوال" فدخلوا بيت المقدس وقتلوا الرجال وسبوا النساء واألطفال وأخذوا األموال وجميع ما كان في بيت المقدس من ه**ذه األصناف فاحتملوها على سبعين ألفا ومائة ألف عجلة ح**تى أودعوه**ا أرض بابل، فأقاموا يس**تخدمون ب**ني إس**رائيل ويس**تملكونهم ب**الخزي والعق**اب والنكال مائة عام، ثم إن الله عز وجل رحمهم فأوحى إلى ملك من مل**وك فارس أن يسير إلى المجوس في أرض بابل، وأن يس**تنقذ من في أي**ديهم من بني إسرائيل؛ فسار إليهم ذلك الملك ح**تى دخ**ل أرض باب**ل فاس**تنقذ من بقي من بني إسرائيل من أيدي المج**وس واس**تنقذ ذل**ك الحلي ال**ذي كان في بيت المقدس ورده الله إليه كما كان أول مرة وق*ال لهم: ي*ا ب*ني إسرائيل إن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بالس**بي والقت**ل، وه**و قول**ه:

[ فلم**ا رجعت بن**و8"عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم ع**دنا" ]اإلس**راء: إسرائيل إلى بيت المقدس ع*ادوا إلى المعاص*ي فس**لط الل**ه عليهم مل*ك الروم قيصر، وهو قوله: "فإذا جاء وعد اآلخرة ليسوؤوا وجوهكم ولي**دخلوا المسجد كما دخل**وه أول م**رة وليت**بروا م**ا عل**وا تتب**ير" فغ**زاهم في ال**بر والبح**ر فس**باهم وقتلهم وأخ**ذ أم**والهم ونس**اءهم، وأخ**ذ حلي جمي**ع بيت المقدس واحتمله على سبعين ألفا ومائة ألف عجلة حتى أودعه في كنيسة الذهب، فهو فيها اآلن حتى يأخذه المه*دي ف*يرده إلى بيت المق*دس، وه*و ألف س**فينة وس**بعمائة س**فينة يرس**ى به**ا على ياف**ا ح**تى تنق**ل إلى بيت

المقدس وبها يجمع الله األولين واآلخرين... وذكر الحديث. @قول**ه تع**الى: "ف**إذا ج**اء وع**د اآلخ**رة" أي من الم**رتين؛ وج**واب "إذا" محذوف، تقديره بعثناهم؛ دل عليه "بعثن**ا" األول. "ليس**وؤوا وج**وهكم" أي بالس**بي والقت**ل فيظه**ر أث**ر الح**زن في وج**وهكم؛ ف***"ليس**وؤوا" متعل**ق

Page 128: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

بمح**ذوف؛ أي بعثن**ا عب**ادا ليفعل**وا بكم م**ا يس**وء وج**وهكم. قي**ل: الم**راد بالوجوه السادة؛ أي ليذلوهم. وقرأ الكسائي "لنسوء" بن**ون وفتح الهم**زة، فعل مخ*بر عن نفس*ه معظم، اعتب*ارا بقول*ه "وقض*ينا - وبعثن**ا - ورددن*ا". ونحوه عن علي. وتصديقها قراءة أبي )لنس**وءن( ب**النون وح**رف التوكي**د. وقرأ أبو بكر واألعمش وابن وثاب وحمزة وابن عامر )ليس**وء( بالي**اء على التوحيد وفتح الهمزة؛ ولها وجهان: أحدهما: ليسوء الله وج**وهكم. والث**اني: ليسوء الوعد وجوهكم. وقرأ الباقون "ليسوؤوا" بالي**اء وض**م الهم**زة على الجمع؛ أي ليسوء العباد الذين هم أولو ب**أس ش**ديد وج**وهكم. " ولي**دخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا" أي ليدمروا ويهلكوا. وقال قط**رب:

يهدموا؛ قال الشاعر: فما الناس إال عامالن فعامل يتبر ما يبني وآخر رافع

"ما علوا" أي غلبوا عليه من بالدكم "تتبيرا". }عس**ى ربكم أن ي**رحمكم وإن ع**دتم ع**دنا وجعلن**ا جهنم8*اآلي**ة: 3*

للكافرين حصيرا{ @قوله تعالى: "عسى ربكم أن يرحمكم" وهذا مما أخبروا ب**ه في كت**ابهم. و"عسى" وعد من الل**ه أن يكش**ف عنهم. و"عس**ى" من الل**ه واجب**ة. "أن ي**رحمكم" بع**د انتقام**ه منكم، وك**ذلك ك**ان؛ فك**ثر ع**ددهم وجع**ل منهم الملوك. "وإن ع**دتم ع**دنا" ق**ال قت**ادة: فع**ادوا فبعث الل**ه عليهم محم**دا صلى الله عليه وسلم؛ فهم يعطون الجزية بالصغار؛ وروي عن ابن عباس.

وقال القشيري: وقد حل العقاب0وهذا خالف ما تقدم في الحديث وغيره ببني إسرائيل مرتين على أيدي الكفار، ومرة على أيدي المس**لمين. وه**ذا حين عادوا فع*اد الل*ه عليهم. وعلى ه*ذا يص*ح ق*ول قت**ادة. "وجعلن**ا جهنم للك**افرين حص**يرا" أي محبس**ا وس**جنا، من الحص**ر وه**و الحبس. ق**ال الجوهري: يقال حصره يحصره حص**را ض**يق علي**ه وأح**اط ب**ه. والحص**ير: الضيق البخيل. والحصير: البارية. والحصير: الجنب، قال األصمعي: ه**و م**ا بين العرق الذي يظه**ر في جنب البع**ير والف**رس معترض**ا فم**ا فوق**ه إلى

منقطع الجنب. والحصير: الملك؛ ألنه محجوب. قال لبيد: وقماقم غلب الرقاب كأنهم جن لدى باب الحصير قيام

ويروى: ومقامة غلب الرقاب...

على أن يك**ون )غلب( ب**ه ال من )مقام**ة( كأن**ه ق**ال: ورب غلب الرق**اب.وروي عن أبي عبيدة:

. .. لدى طرف الحصير قيام أي عند طرف البساط للنعمان بن المن**ذر. والحص**ير: المحبس؛ ق**ال الل**ه تعالى: "وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا". قال القشيري: ويقال للذي يفرش حصير؛ لحصر بعضه على بعض بالنسج. وقال الحس**ن: أي فراش**ا ومه**ادا؛ ذهب إلى الحصير الذي يفرش، ألن العرب تسمي البساط الصغير حصيرا.

قال الثعلبي: وهو وجه حسن. }إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين10 -* 9*اآليتان: 3*

الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا، وأن الذين ال يؤمن**ون ب**اآلخرةأعتدنا لهم عذابا أليما{

Page 129: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" لما ذكر المعراج ذكر ما قضى إلى بني إسرائيل، وكان ذل**ك دالل**ة على نب**وة محم**د ص**لى الل**ه عليه وسلم، ثم بين أن الكتاب الذي أنزله الله عليه س**بب اهت**داء. ومع**نى "للتي هي أقوم" أي الطريقة ال*تي هي أس**د وأع*دل وأص*وب؛ ف** "ال*تي" نعت لموصوف محذوف، أي الطريقة إلى نص أقوم. وقال الزج*اج: للح*ال التي هي أقوم الحاالت، وهي توحي**د الل**ه واإليم**ان برس**له. وقال**ه الكل**بي

والفراء. @قوله تعالى: "ويبش**ر المؤم**نين ال**ذين يعمل**ون الص**الحات" تق**دم. "أن لهم" في موضع نصب ب* "بش**ر" وق**ال الكس**ائي وجماع**ة من البص**ريين: "أن" في موضع خفض بإضمار الباء. أي بأن لهم. "أج**را كب**يرا" أي الجن**ة. "وأن ال**ذين ال يؤمن**ون ب**اآلخرة" أي ويبش**رهم ب**أن ألع**دائهم العق**اب.ر" مخفف**ا بفتح والقرآن معظمه وعد ووعيد. وقرأ حمزة والكسائي "ويبش**

الياء وضم الشين، وقد ذكر. }ويدع اإلنسان بالشر دعاءه بالخير وكان اإلنسان عجوال{11*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "ويدع اإلنس*ان بالش**ر" ق*ال ابن عب**اس وغ**يره: ه*و دع*اء الرجل على نفسه وولده عن**د الض**جر بم**ا ال يحب أن يس**تجاب ل**ه: اللهم أهلكه، ونحوه. "دع**اءه ب**الخير" أي كدعائ**ه رب**ه أن يهب ل**ه العافي**ة؛ فل**و استجاب الله دعاءه على نفسه بالشر هلك لكن بفضله ال يستجيب ل**ه في

[11ذلك. نظيره: "ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير" ]يونس: وقد تقدم. وقيل: نزلت في النضر بن الح**ارث، ك**ان ي**دعو ويق**ول: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ف**أمطر علين**ا حج**ارة من الس**ماء أو ائتن**ا

[. وقي**ل: ه**و أن ي**دعو في طلب المحظ**ور كم**ا32بعذاب أليم" ]األنفال: يدعو في طلب المباح، قال الشاعر وهو ابن جامع:

أطوف بالبيت فيمن يطوف وارفع من مئزري المسبل وأسجد بالليل حتى الصباح واتلو من المحكم المنزل عسى فارج الهم عن يوسف يسخر لي ربة المحمل

ق**ال الج**وهري: يق**ال م**ا على فالن محم**ل مث**ال مجلس أي معتم**د. والمحم**ل أيض**ا: واح**د محام**ل الح**اج. والمحم**ل مث**ال المرج**ل: عالق**ة السيف. وحذفت الواو من "ويدع اإلنسان" في اللف**ظ والح**ظ ولم تح**ذف في المع**نى ألن موض**عها رف**ع فح**ذفت الس**تقبالها الالم الس**اكنة؛ كقول**ه

[24[ "ويمح الل**ه الباط**ل" ]الش**ورى: 18تعالى: "سندع الزبانية" ]العلق: [ "فم**ا41[ "ين**اد المن**اد" ]ق: 146"وسوف يؤت الله المؤمنين" ]النساء:

[. "وكان اإلنسان عج**وال" أي طبع**ه العجل**ة، فيعج**ل5تغن النذر" ]القمر: بسؤال الشر كما يعجل بسؤال الخير. وقيل: أشار به إلى آدم عليه السالم حين نهض قبل أن يركب في**ه ال**روح على الكم**ال. ق**ال س**لمان: أول م**ا خلق الله تعالى من آدم رأسه فجعل ينظر وه**و يخل**ق جس**ده، فلم**ا ك**ان عند العصر بقيت رجاله لم ينفخ فيهما الروح فقال: يا رب عجل قبل الليل؛ فذلك قوله: "وكان اإلنسان عجوال". وق**ال ابن عب**اس: لم**ا انتهت النفخ**ة إلى سرته نظر إلى جسده فذهب لينهض فلم يق**در؛ ف**ذلك قول**ه: "وك**ان اإلنسان عجوال". وقال ابن مس**عود: لم**ا دخ**ل ال**روح في عيني**ه نظ**ر إلى ثمار الجنة؛ فذلك حين يق**ول: "خل**ق اإلنس**ان من عج**ل" ذك**ره ال**بيهقي. وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

Page 130: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

قال: )لما صور الله تعالى آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجع**ل إبليس يطيف ب**ه ينظ**ر م**ا ه**و فلم**ا رآه أج**وف ع**رف أن**ه خل**ق خلق**ا ال يتمالك( وقد تقدم. وقيل: سلم عليه الس**الم أس**يرا إلى س**ودة فب**ات يئن فسألته فقال: أني*ني لش**دة الق*د واألس**ر؛ ف**أرخت من كتاف**ه فلم*ا ن**امت هرب؛ فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: )قطع الل**ه ي**ديك( فلم**ا أصبحت كانت تتوقع اآلفة؛ فقال عليه السالم: )إني س**ألت الل**ه تع**الى أن يجعل دعائي على من ال يستحق من أهلي ألني بش**ر أغض**ب كم**ا يغض**ب البشر( ونزلت اآلي**ة؛ ذك**ره القش**يري أب**و نص**ر رحم**ه الل**ه. وفي ص**حيح مسلم عن أبي هريرة ق**ال س**معت رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم يقول: )اللهم إنما محمد بشر يغضب كم*ا يغض**ب البش*ر وإني ق*د اتخ*ذت عندك عهدا لن تخلفينه فأيما مؤمن آذيت**ه أو س**ببته أو جلدت**ه فاجعله**ا ل**ه كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيام**ة(. وفي الب**اب عن عائش**ة وج**ابر. وقيل: معنى "وكان اإلنسان عجوال" أي يؤثر العاج*ل وإن ق*ل، على اآلج*ل

وإن جل. }وجعلنا اللي**ل والنه**ار آي**تين فمحون**ا آي**ة اللي**ل وجعلن**ا آي**ة12*اآلية: 3*

النهار مبصرة لتبتغوا فضال من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحس**اب وك**لشيء فصلناه تفصيال{

@قوله تع**الى: "وجعلن**ا اللي**ل والنه**ار آي**تين" أي عالم**تين على وح**دانيتنا ووجودنا وكمال علمنا وق**درتنا. واآلي**ة فيهم**ا: إقب**ال ك**ل واح**د منهم**ا من حيث ال يعلم، وإدب**اره إلى حيث ال يعلم. ونقص**ان أح**دهما بزي**ادة اآلخ**ر وبالعكس آية أيض**ا. وك*ذلك ض*وء النه*ار وظلم*ة اللي**ل. وق**د مض**ى ه*ذا. "فمحونا آية الليل" ولم يقل: فمحونا اللي**ل، فلم**ا أض**اف اآلي**ة إلى اللي**ل والنه**ار دل على أن اآلي**تين الم**ذكورتين لهم**ا ال هم**ا. و"محون**ا" معن**اه طمسنا. وفي الخبر أن الله تعالى أم**ر جبري**ل علي**ه الس**الم ف**أمر جناح**ه على وجه القمر فطمس عنه الضوء وك**ان كالش**مس في الن**ور، والس**واد الذي يرى في القمر من أثر المحو. ق**ال ابن عب**اس: جع**ل الل**ه الش**مس سبعين جزءا والقمر سبعين جزءا، فمحا من نور القمر تسعة وستين ج**زءا فجعله مع نور الشمس، فالشمس على مائ**ة وتس**ع وثالثين ج**زءا والقم**ر على جزء واحد. وعنه أيضا: خلق الله شمسين من نور عرش**ه، وجع**ل م**ا سبق في علمه أن يكون شمسا مث**ل ال**دنيا على ق**درها م**ا بين مش**ارقها إلى مغاربها، وجعل القمر دون الشمس؛ فأرسل جبريل عليه السالم ف**أمر جناح**ه على وجه**ه ثالث م**رات وه**و يومئ**ذ ش**مس فطمس ض**وءه وبقي نوره؛ فالسواد الذي ترونه في القمر أثر المحو، ولو تركه شمسا لم يعرف الليل من النهار ذكر عنه األول الثعلبي والثاني المهدوي؛ وسيأتي مرفوع**ا. وقال علي رضي الله عنه وقتادة: يريد بالمحو اللطخ**ة الس**وداء ال**تي في القمر، ليكون ض**وء القم**ر أق**ل من ض**وء الش**مس فيتم**يز ب**ه اللي**ل من النهار. "وجعلنا آية النهار مبصرة" أي جعلنا شمسه مضيئة لألبصار. قال أبو عمرو بن العالء: أي يبصر بها. قال الكسائي: وه**و من ق**ول الع**رب أبص**ر النهار إذا أضاء، وصار بحالة يبصر بها. وقيل: ه**و كق**ولهم خ**بيث مخبث إذا كان أصحابه خبثاء. ورجل مض**عف إذا ك**انت دواب**ه ض**عافا؛ فك**ذلك النه**ار مبصرا إذا كان أهل**ه بص**راء. "لتبتغ*وا فض*ال من ربكم" يري*د التص**رف في المعاش. ولم يذكر السكون في الليل اكتفاء بما ذكر في النهار. وق**د ق**ال

Page 131: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

في موضع آخر: "هو الذي جع**ل لكم اللي**ل لتس**كنوا في**ه والنه**ار مبص**را" [. "ولتعلموا عدد السنين والحساب" أي لو لم يفع**ل ذل**ك لم**ا67]يونس:

عرف الليل من النهار، وال كان يعرف الحساب والعدد. "وكل شيء فصلناه تفصيال" أي من أحكام التكليف؛ وهو كقول**ه: "تبيان**ا لك**ل ش**يء" ]النح**ل:

[. وعن ابن عب**اس أن38[ "ما فرطنا في الكتاب من شيء" ]األنع**ام: 89 النبي صلى الله عليه وسلم قال: )لما أبرم الل**ه خلق*ه فلم يب**ق من خلق**ه غير آدم خلق شمسا من نور عرشه وقمرا فكانا جميع**ا شمس**ين فأم**ا م**ا ك**ان في س**ابق علم الل**ه أن ي**دعها شمس**ا فخلقه**ا مث**ل ال**دنيا م**ا بين مشارقها ومغاربها وأما ما كان في علم الله أن يخلقه**ا قم**را فخلقه**ا دون الش**مس في العظم ولكن إنم**ا ي**رى ص**غرهما من ش**دة ارتف**اع الس**ماء وبعدها من األرض فلو ترك الل**ه الش**مس والقم*ر كم*ا خلقهم**ا لم يع*رف الليل من النهار وال كان األجير يدري إلى متى يعم**ل وال الص**ائم إلى م**تى يص**وم وال الم**رأة كي**ف تعت**د وال ت**درى أوق**ات الص**لوات والحج وال تح**ل الديون وال حين يبذرون ويزرعون وال متى يسكنون للراح**ة ألب**دانهم وك**أن الله نظر إلى عباده وهو أرحم بهم من أنفسهم فأرسل جبريل فأمر جناحه على وجه القمر ثالث مرات وهو يومئذ ش**مس فطمس عن**ه الض**وء وبقي

فيه النور فذلك قوله "وجعلنا الليل والنهار آيتين" اآلية. }وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم14 -* 13*اآليتان: 3*

القيامة كتابا يلقاه منشورا، اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا{ @قوله تعالى: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنق**ه" ق**ال الزج**اج: ذك**ر العنق عبارة عن اللزوم كلزوم القالدة للعنق. وق**ال ابن عب**اس: "ط**ائره" عمله وما قدر عليه من خير وش**ر، وه**و مالزم**ه أينم**ا ك*ان. وق**ال مقات**ل والكلبي: خيره وشره معه ال يفارقه حتى يحاسب به. وقال مجاه**د: عمل**ه ورزقه، وعنه: ما من مولود يولد إال وفي عنقه ورقة فيها مكتوب ش**قي أو سعيد. وقال الحسن: "ألزمناه طائره" أي ش**قاوته وس**عادته وم**ا كتب ل**ه من خير وشر وما طار له من التقدير، أي صار له عن**د القس**مة في األزل. وقيل: أراد ب**ه التكلي**ف، أي ق**درناه إل*زام الش**رع، وه*و بحيث ل*و أراد أن يفعل ما أمر به وينزجر عما زجر به أمكنه ذل**ك. "ونخ**رج ل**ه ي**وم القيام**ة كتابا يلقاه منشورا" يعني كتاب طائره الذي في عنقه. وق**رأ الحس**ن وأب**و رجاء ومجاهد: "طيره" بغير ألف؛ ومنه ما روي في الخبر )اللهم ال خ**ير إال خيرك وال طير إال طيرك وال رب غيرك(. وقرأ ابن عباس والحسن ومجاهد وابن محيصن وأبو جعف*ر ويعق*وب "ويخ*رج" بفتح الي**اء وض*م ال*راء، على معنى ويخرج له الطائر كتابا؛ ف* "كتابا" منص**وب على الح**ال. ويحتم**ل أن يكون المعنى: ويخرج الطائر فيصير كتابا. وق**رأ يح**يى بن وث**اب "ويخ**رج" بض**م الي**اء وكس**ر ال**راء؛ وروي عن مجاه**د؛ أي يخ**رج الل**ه. وق**رأ ش**يبة ومحمد بن السميقع، وروي أيضا عن أبي جعفر: "ويخرج" بضم الي**اء وفتح ال**راء على الفع**ل المجه**ول، ومعن**اه: ويخ**رج ل**ه الط**ائر كتاب**ا. الب**اقون "ونخرج" بنون مضمومة وكسر الراء؛ أي ونحن نخرج. احتج أبو عم**رو في هذه القراءة بقوله "ألزمناه". وقرأ أبو جعفر والحسن وابن ع**امر "يلق**اه" بض**م الي**اء وفتح الالم وتش**ديد الق**اف، بمع**نى يؤت**اه. الب**اقون بفتح الي**اء خفيفة، أي يراه منشورا. وقال "منشورا" تعجيال للبشرى بالحسنة والتوبيخ بالسيئة. وقال أبو السوار الع*دوي وق*رأ ه*ذه اآلي**ة "وك*ل إنس**ان ألزمن**اه

Page 132: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ط**ائره في عنق**ه" ق**ال: هم**ا نش**رتان وطي**ة؛ أم**ا م**ا ح**ييت ي**ا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت؛ ف**إذا مت ط**ويت ح**تى إذا بعثت نشرت. "اقرأ كتابك" قال الحس**ن: يق**رأ اإلنس**ان كتاب**ه أمي**ا ك*ان أو غ**ير أمي. "كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا" أي محاسبا. وق**ال بعض الص**لحاء: هذا كت**اب، لس*انك قلم*ه، وريق*ك م*داده، وأعض**اؤك قرطاس**ه، أنت كنت المملي على حفظتك، ما زيد فيه وال نقص من**ه، وم**تى أنك**رت من**ه ش**يئا

يكون فيه الشاهد منك عليك. }من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يض**ل عليه**ا15*اآلية: 3*

وال تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسوال{ @قوله تعالى: "من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها" أي إنما كل أحد يحاسب عن نفسه ال عن غيره؛ فمن اهتدى فثواب اهتدائه له، ومن ضل فعق**اب كف**ره علي**ه. "وال ت**زر وازرة وزر أخ**رى" تق**دم في األنعام. وقال ابن عباس: ن**زلت في الولي**د بن المغ**يرة، ق**ال أله**ل مك**ة: اتبعون واكفروا بمحمد وعلي أوزاركم، فنزلت ه**ذه اآلي**ة؛ أي إن الولي**د ال يحمل آثامكم وإنم**ا إثم ك**ل واح**د علي**ه. يق**ال: وزر ي**زر وزرا، ووزرة، أي أثم. وال**وزر: الثق**ل المثق**ل والجم**ع أوزار؛ ومن**ه "يحمل**ون أوزارهم على

[ أي أثق**ال ذن**وبهم. وق**د وزر إذا حم**ل فه**و وازر؛31ظهورهم" ]األنع**ام: ومنه وزير السلطان ال*ذي يحم*ل ثق*ل دولت*ه. واله*اء في قول*ه كناي*ة عن النفس، أي ال تؤخذ نفس آثمة بإثم أخرى، حتى أن الوالدة تلقي ولدها يوم القيامة فتقول: يا بني ألم يكن حجري لك وطاء، ألم يكن ثديي ل*ك س**قاء، ألم يكن بطني لك وعاء، فيقول: بلى ي**ا أم**ه فتق**ول: ي**ا ب**ني ف**إن ذن**وبي أثقلتني فاحمل عني منها ذنبا واحدا فيقول: إليك عني يا أم**ه ف**إني ب**ذنبي

عنك اليوم مشغول. مسألة: نزعت عائشة رضي الله عنها بهذه اآلية في الرد على ابن عمر

حيث قال: إن الميت ليعذب ببك**اء أهل**ه. ق**ال علماؤن**ا: وإنم**ا حمله**ا على ذلك أنها لم تسمعه، وأنه معارض لآلية. وال وجه إلنكارها، فإن ال**رواة له**ذا المع**نى كث**ير، كعم**ر وابن**ه والمغ**يرة بن ش**عبة وقيل**ة بنت مخرم**ة، وهم جازمون بالرواية؛ فال وجه لتخطئتهم. وال معارضة بين اآلية والحديث؛ ف**إن الحديث محمله على ما إذا كان النوح من وصية الميت وس**نته، كم**ا ك**انت

الجاهلية تفعله، حتى قال طرفة: إذا مت فانعيني بما أنا أهله وشقي علي الجيب يا بنت معبد

وقال: إلى الحول ثم اسم السالم عليكما ومن يبك حوال ك**امال فق**د اعتذر

وإلى ه**ذا نح**ا البخ**اري. وق**د ذهب جماع**ة من أه**ل العلم منهم داود إلى اعتقاد ظاهر الحديث، وأنه إنما يعذب بنوحهم؛ ألنه أهم**ل نهيهم عن**ه قب**ل موته وتأديبهم بذلك، فيعذب بتفريطه في ذلك؛ وبترك ما أمره الله ب**ه من

[ ال بذنب غيره، والله أعلم. 6قوله: "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" ]التحريم: @قوله تعالى: "وما كن**ا مع**ذبين ح**تى نبعث رس**وال" أي لم ن**ترك الخل**ق س**دى، ب**ل أرس**لنا الرس**ل. وفي ه**ذا دلي**ل على أن األحك**ام ال تثبت إال بالشرع، خالفا للمعتزلة القائلين ب**أن العق**ل يقبح ويحس**ن وي**بيح ويحظ**ر. وقد تقدم في البقرة القول فيه. والجمهور على أن هذا في حكم الدنيا؛ أي

Page 133: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أن الله ال يهلك أمة بعذاب إال بع**د الرس**الة إليهم واإلن**ذار. وق**الت فرق**ة: هذا عام في الدنيا واآلخ**رة، لقول**ه تع**الى: "كلم**ا ألقي فيه**ا ف**وج س**ألهم

[. ق**ال ابن عطي**ة:8خزنتها ألم يأتكم نذير ق*الوا بلى ق*د جاءن**ا" ]المل**ك: والذي يعطيه النظر أن بعثه آدم عليه السالم بالتوحيد وبث المعتق**دات في بنيه مع نصب األدلة الدالة على الصانع مع سالمة الفط**ر ت**وجب على ك**ل أحد من العالم اإليمان واتباع شريعة الله، ثم تجدد ذلك في زمن نوح علي**ه السالم بعد غرق الكفار. وهذه اآلية أيضا يعطي احتم**ال ألفاظه**ا نح**و ه**ذا في الذين لم تصلهم رس*الة، وهم أه*ل الف*ترات ال*ذين ق*د ق*در وج*ودهم بعض أهل العلم. وأما ما روي من أن الل**ه تع**الى يبعث إليهم ي**وم القيام**ة وإلى المجانين واألطفال فحديث لم يصح، وال يقتضي م**ا تعطي**ه الش**ريعة من أن اآلخرة ليست دار تكليف. قال المه**دوي: وروي عن أبي هري**رة أن الله عز وجل يبعث يوم القيامة رسوال إلى أهل الفطرة واألبكم واألخ**رس واألصم؛ فيطيعه منهم من كان يري*د أن يطيع*ه في ال**دنيا، وتال اآلي*ة؛ رواه

معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة، ذكره النحاس. قلت: هذا موقوف، وسيأتي مرفوعا في آخر سورة ]طه[ إن شاء الله

تعالى؛ وال يصح. وقد استدل قوم في أن أهل الجزائر إذا س**معوا باإلس**الم وآمنوا فال تكليف عليهم فيما مض**ى؛ وه**ذا ص**حيح، ومن لم تبلغ**ه ال**دعوة

فهو غير مستحق للعذاب من جهة العقل، والله أعلم. }وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففس**قوا فيه**ا فح**ق16*اآلية: 3*

عليها القول فدمرناها تدميرا{ @ أخبر الله تعالى في اآلي**ة ال*تي قب*ل أن*ه لم يهل**ك الق*رى قب**ل ابتع*اث الرسل، ال ألنه يقبح منه ذلك إن فعل، ولكنه وعد منه، وال خلف في وعده. فإذا أراد إهالك قرية مع تحقي**ق وع**ده على م**ا قال**ه تع**الى أم**ر مترفيه**ا بالفسق والظلم فيها فحق عليها القول بالتدمير. يعلمك أن من هل**ك هل**ك بإرادت**ه، فه**و ال**ذي يس**بب األس**باب ويس**وقها إلى غاياته**ا ليح**ق الق**ول

السابق من الله تعالى. "أمرنا" قرأ أبو عثم**ان النه**دي وأب**و رج**اء وأب**و العالي**ة، والربي**ع ومجاه**د والحسن "أمرنا" بالتشديد، وهي ق**راءة علي رض**ي الل**ه عن**ه؛ أي س**لطنا شرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذل*ك أهلكن*اهم. وق*ال أب*و عثم*ان النه*دي "أمرنا" بتشديد الميم، جعلناهم أم**راء مس**لطين؛ وقال*ه ابن عزي**ز. وت**أمر عليهم تسلط عليهم. وقرأ الحسن أيضا وقتادة وأبو حيوة الشامي ويعقوب وخارجة عن نافع وحماد بن سلمة عن ابن كثير وعلى وابن عباس باختالف عنهما "آمرنا" بالمد والتخفيف، أي أكثرنا جبابرتها وأمراءها؛ قاله الكسائي. وقال أبو عبيدة: آمرته بالمد وأمرته، لغت**ان بمع**نى كثرت**ه؛ ومن**ه الح**ديث )خير المال مهرة مأمورة أو سكة مأبورة( أي كثيرة النتاج والنسل. وكذلك قال ابن عزيز: آمرنا وأمرن**ا بمع**نى واح**د؛ أي أكثرن**ا. وعن الحس**ن أيض**ا ويحيى بن يعمر "أمرنا" بالقص**ر وكس**ر الميم على فعلن**ا، ورويت عن ابن عباس. قال قتادة والحسن: المعنى أكثرنا؛ وحكى نحوه أبو زيد وأبو عبي**د، وأنكره الكسائي وق**ال: ال يق**ال من الك**ثرة إال آمرن**ا بالم**د؛ ق**ال وأص**لها "أأمرنا" فخفف، حكاه المهدوي. وفي الصحاح: وقال أبو الحسن أمر مال**ه

بالكسر أي كثر. وأمر القوم أي كثروا؛ قال الشاعر: أمرون ال يرثون سهم القعدد

Page 134: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وآمر الله ماله: بالمد: الثعلبي: ويقال للشيء الكثير أمر، والفعل منه: أم**ر القوم يأمرون أم**را إذا ك**ثروا. ق**ال ابن مس**عود: كن**ا نق**ول في الجاهلي**ة

للحي إذا كثروا: أمر أمر بني فالن؛ قال لبيد: كل بني حرة مصيرهم قل وإن أكثرت من العدد إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا يوما يصيروا للهلك والنكد

قلت: وفي حديث هرقل الحديث الصحيح: )لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إن**ه ليخاف**ه مل**ك ب**ني األص**فر( أي ك**ثر. وكل**ه غ**ير متع**د ول**ذلك أنك**ره الكسائي، والله اعلم. قال المهدوي: ومن قرأ "أمر" فهي لغة، ووجه تعدية "أمر" أنه شبهه بعم**ر من حيث ك**انت الك**ثرة أق**رب ش**يء إلى العم**ارة، فعدي كما ع**دي عم**ر. الب**اقون "أمرن**ا" من األم**ر؛ أي أمرن**اهم بالطاع**ة إعذارا وإنذارا وتخويف*ا ووعي**دا. "ففس**قوا فيه*ا" أي فخرج*وا عن الطاع*ة عاصين لنا. "فح*ق عليه*ا الق*ول" ف*وجب، عليه*ا الوعي*د؛ عن ابن عب*اس. وقيل: "أمرنا" جعلناهم أمراء؛ ألن العرب تقول: أمير غير م**أمور، أي غ**ير مؤمر. وقيل: معناه بعثنا مستكبريها. ق**ال ه**ارون: وهي ق**راءة أبي "بعثن**ا أكابر مجرميها ففسقوا" ذكره الماوردي. وحكى النحاس: وقال هارون في قراءة أبي "وإذا أردنا أن نهلك قرية بعثنا فيها أكابر مجرميها فمك**روا فيه**ا فحق عليها الق*ول". ويج*وز أن يك*ون "أمرن*ا" بمع*نى أكثرن*ا؛ ومن*ه )خ*ير المال مهرة مأمورة( على م**ا تق**دم. وق**ال ق**وم: م**أمورة اتب**اع لم**أبورة؛ كالغدايا والعشايا. وكقوله: )ارجعن مأزورات غير م**أجورات(. وعلى ه**ذا ال يقال: أمرهم الله، بمعنى كثرهم، بل يقال: آمره وأم**ره. واخت**ار أب**و عبي**د وأبو حاتم قراءة العامة. قال أبو عبي**د: وإنم**ا اخترن**ا "أمرن**ا" ألن المع**اني الثالثة تجتمع فيها من األمر واإلم**ارة والك**ثرة. والم**ترف: المنعم؛ وخص**وا

باألمر ألن غيرهم تبع لهم. @قوله تعالى: "فدمرناها" أي استأصلناها بالهالك. "تدميرا" وذكر المص**در للمبالغة في العذاب الواقع بهم. وفي الصحيح من ح**ديث بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وس**لم يوما فزعا محم**را وجه**ه يق**ول: )ال إل*ه إال الل**ه وي**ل للع*رب من ش**ر ق**د اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه( وحلق بإص**بعه اإلبه**ام والتي تليها. قالت: فقلت يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: )نعم إذا كثر الخبث(. وقد تقدم الكالم في هذا الباب، وأن المعاصي إذا ظه**رت

ولم تغير كانت سببا لهالك الجميع؛ والله اعلم. }وكم أهلكنا من الق**رون من بع**د ن**وح وكفى برب**ك ب**ذنوب17*اآلية: 3*

عباده خبيرا بصيرا{ @قول**ه تع**الى: "وكم أهلكن**ا من الق**رون من بع**د ن**وح" أي كم من ق**وم كفروا حل بهم البوار. يخوف كفار مكة، وق**د تق**دم. "وكفى برب**ك ب**ذنوبعباده خبيرا بصيرا" "خبيرا" عليما بهم. "بصيرا" يبصر أعمالهم؛ وقد تقدم.

-** 18*اآليتان: 3* }من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها م**ا نش**اء لمن19 نريد ثم جعلنا له جهنم يصالها مذموما مدحورا، ومن أراد اآلخرة وسعى لها

سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا{ @قوله تعالى: "من كان يريد العاجلة" يعني الدنيا، والمراد ال**دار العاجل**ة؛ فعبر بالنعت عن المنعوت. "عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد" أي لم نعطه منها إال ما نشاء ثم نؤاخذه بعمله، وعاقبته دخول النار. "م**ذموما م*دحورا"

Page 135: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أي مط**ردا مبع**دا من رحم**ة الل**ه. وه**ذه ص**فة المن**افقين الفاس**قين، والمرائين الم**داجين، يلبس**ون اإلس**الم والطاع**ة لين**الوا عاج**ل ال**دنيا من الغنائم وغيرها، فال يقبل ذلك العمل منهم في اآلخرة وال يعطون في ال**دنيا إال ما قسم لهم. وقد تقدم في "هود" أن هذه اآلية تقي**د اآلي**ات المطلق**ة؛ فتأمله. "ومن أراد اآلخرة" أي الدار اآلخرة. "وسعى لها س**عيها" أي عم**ل لها عملها من الطاعات. "وهو مؤمن" ألن الطاعات ال تقبل إال من م**ؤمن. "فأولئك كان سعيهم مشكورا" أي مقبوال غير مردود. وقي**ل: مض**اعفا؛ أي تضاعف لهم الحسنات إلى عشر، وإلى سبعين وإلى سبعمائة ضعف، وإلى أضعاف كثيرة؛ كما روي عن أبي هريرة وقد قيل له: أسمعت رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم يقول: )إن الله ليج**زي على الحس**نة الواح**دة أل**ف ألف حسنة (؟ فقال سمعته يقول: )إن الله ليج**زي على الحس**نة الواح**دة

ألفي ألف حسنة(. }كال نمد هؤالء وهؤالء من عطاء ربك وما كان عطاء22 -* 20*اآليات: 3*

ربك محظورا، انظر كيف فضلنا بعض**هم على بعض ولآلخ**رة أك**بر درج**اتوأكبر تفضيال، ال تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذوال{

@قوله تع**الى: "كال نم**د ه**ؤالء وه**ؤالء من عط**اء رب**ك" اعلم أن**ه ي**رزق المؤمنين والكافرين. "وما كان عطاء ربك محظورا" أي محبوس**ا ممنوع**ا؛ من حظر يحظر حظرا وحظارا. ثم قال تعالى: "انظر كيف فض**لنا بعض**هم على بعض" في الرزق والعمل؛ فمن مقل ومكثر. "ولآلخ**رة أك**بر درج**ات وأكبر تفضيال" أي للمؤمنين؛ فالكافر وإن وسع عليه في ال**دنيا م**رة، وق**تر على المؤمن مرة فاآلخرة ال تقس**م إال م**رة واح**دة بأعم**الهم؛ فمن فات**ه شيء منها لم يستدركه فيها. وقوله: "ال تجعل مع الله إلها آخ**ر" الخط**اب للن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم والم**راد أمت**ه. وقي**ل: الخط**اب لإلنس**ان.

"فتقعد" أي تبقى. "مذموما مخذوال" ال ناصر لك وال وليا. }وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا إما24 -* 23*اآليتان: 3*

يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كالهما فال تقل لهما أف وال تنهرهما وقل لهما قوال كريما، واخفض لهما جناح ال**ذل من الرحم**ة وق**ل رب ارحمهم**ا كم**ا

ربياني صغيرا{ @قوله تعالى: "وقضى" أي أمر وألزم وأوجب. ق**ال ابن عب**اس والحس**ن وقتادة: وليس هذا قضاء حكم بل هو قضاء أمر. وفي مصحف ابن مس**عود "ووص**ى" وهي ق**راءة أص**حابه وق**راءة ابن عب**اس أيض**ا وعلي وغيرهم**ا، وكذلك عند أبي بن كعب. قال ابن عباس: إنما هو "ووصى ربك" فالتصقت إحدى الواوين فقرئت "وقضى ربك" إذ لو كان على القضاء ما عص**ى الل**ه أحد. وقال الضحاك: تصحفت على قوم "وصى بقضي" حين اختلطت الواو بالص**اد وقت كتب المص**حف. وذك**ر أب**و ح**اتم عن ابن عب**اس مث**ل ق**ول الضحاك. وقال عن ميمون بن مه**ران أن**ه ق**ال: إن على ق**ول ابن عب**اس لنورا؛ قال الله تعالى: "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا

[ ثم أبى أب**و ح**اتم أن يك**ون ابن عب**اس ق**ال ذل**ك.13إلي**ك" ]الش**ورى: وقال: لو قلنا هذا لطعن الزنادقة في مصحفنا، ثم قال علماؤنا المتكلم**ون وغيرهم: القضاء يس**تعمل في اللغ**ة على وج**وه: فالقض**اء بمع**نى األم**ر؛ كقوله تعالى: "وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه" معناه أم**ر. والقض**اء بمع**نى

[ يع**ني12الخلق؛ كقوله: "فقضاهن سبع س**ماوات في ي**ومين" ]فص**لت:

Page 136: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

خلقهن. والقضاء بمعنى الحكم؛ كقوله تعالى: "فاقض ما أنت قاض" يع**ني احكم ما أنت تحكم. والقضاء بمعنى الفراغ؛ كقوله: "قضى األمر الذي فيه

[ أي ف**رغ من**ه؛ ومن**ه قول**ه تع**الى "ف**إذا قض**يتم41تستفتيان" ]يوس**ف: [. وقوله تعالى: "فإذا قض**يت الص**الة". والقض**اء200مناسككم" ]البقرة:

بمعنى اإلرادة؛ كقوله تعالى: "إذا قضى أم**را فإنم**ا يق**ول ل**ه كن فيك**ون" [. والقضاء بمعنى العهد؛ كقوله تع**الى: "وم**ا كنت بج**انب47]آل عمران:

[.44الغربي إذ قضينا إلى موسى األمر" ]القصص: فإذا ك**ان القض**اء يحتم**ل ه**ذه المع**اني فال يج**وز إطالق الق**ول ب**أن

المعاصي بقضاء الله؛ ألنه إن أريد به األمر فال خالف أنه ال يجوز ذل**ك، ألن الله تعالى لم يأمر بها، فإنه ال يأمر بالفحشاء. وقال زكري**ا بن س**الم: ج**اء رجل إلى الحسن فقال إنه طلق امرأته ثالثا. فقال: إن**ك ق**د عص**يت رب**ك وبانت منك. فقال الرجل: قضى الله ذلك علي فقال الحسن وكان فصيحا: ما قضى الله ذلك أي ما أم*ر الل*ه ب*ه، وق*رأ ه*ذه اآلي*ة: "وقض**ى رب*ك أال

تعبدوا إال إياه". @ أمر الله سبحانه بعبادته وتوحيده، وجعل بر الوالدين مقرونا بذلك، كم**ا قرن شكرهما بشكره فق**ال: "وقض**ى رب**ك أال تعب**دوا إال إي**اه وبالوال**دين

[. وفي14إحسانا". وقال: "أن اشكر لي ولوالديك إلي المص**ير" ]لقم**ان: صحيح البخاري عن عبدالله قال: سألت الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم أي العمل أحب إلى الله ع**ز وج*ل؟ ق**ال: )الص**الة على وقته*ا( ق**ال: ثم أي؟ قال: )ثم بر الوالدين( ق**ال ثم أي؟ ق**ال: )الجه**اد في س**بيل الل**ه( ف**أخبر صلى الله عليه وسلم أن بر الوالدين أفضل األعمال بعد الص**الة ال**تي هي

أعظم دعائم اإلسالم. ورتب ذلك ب* )ثم( التي تعطي الترتيب والمهلة. @ من البر بهما واإلحسان إليهما أال يتعرض لسبهما وال يعقهما؛ ف**إن ذل**ك من الكبائر بال خالف، وبذلك وردت السنة الثابت**ة؛ ففي ص**حيح مس**لم عن عبدالله بن عم**رو أن رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ق**ال: )إن من الكب*ائر ش**تم الرج*ل والدي*ه( ق*الوا: ي*ا رس**ول الل*ه، وه*ل يش*تم الرج*ل والديه؟ قال )نعم. يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويس*ب أم*ه فيس*ب

أمه(. @ عقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الج**ائزة لهم**ا؛ كم**ا أن برهم**ا موافقتهم**ا على أغراض**هما. وعلى ه**ذا إذا أم**را أو أح**دهما ول**دهما ب**أمر وجبت طاعتهما فيه، إذا لم يكن ذلك األمر معصية، وإن كان ذل**ك الم**أمور به من قبيل المباح في أصله، وكذلك إذا كان من قبيل المندوب. وقد ذهب بعض الن**اس إلى أن أمرهم**ا بالمب**اح يص**يره في ح**ق الول**د من**دوبا إلي**ه

وأمرهما بالمندوب يزيده تأكيدا في ندبيته. @ روى الترمذي عن عمر قال: كانت تحتي امرأة أحبها، وكان أبي يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فق**ال:

)يا عبدالله بن عمر طلق امرأتك(. قال هذا حديث حسن صحيح. @ روى الصحيح عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الل**ه علي**ه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: )أم**ك( ق**ال: ثم من؟ ق**ال: )ثم أم**ك( ق**ال: ثم من؟ ق**ال: )ثم أم**ك( ق**ال: ثم من؟ ق**ال: )ثم أب**وك(. فه**ذا الح**ديث ي**دل على أن محب**ة األم والش**فقة عليه**ا ينبغي أن تكون ثالثة أمثال محبة األب؛ لذكر النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم األم ثالث

Page 137: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

مرات وذكر األب في الرابعة فقط. وإذا توصل هذا المعنى شهد له العيان. وذلك أن صعوبة الحمل وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد به**ا األم دون األب؛ فهذه ثالث منازل يخلو منها األب. وروي عن مال**ك أن رجال ق**ال ل**ه: إن أبي في بل**د الس**ودان، وق**د كتب إلي أن أق**دم علي**ه، وأمي تمنعني من ذلك؛ فقال: أطع أباك، وال تعص أمك. فدل قول مال**ك ه**ذا أن برهما متساو عنده. وقد سئل الليث عن هذه المسألة ف**أمره بطاع**ة األم؛ وزعم أن لها ثلثي البر. وح**ديث أبي هري**رة ي**دل على أن له**ا ثالث**ة أرب**اع البر؛ وهو الحجة على من خالف. وقد زعم المحاسبي في )كتاب الرعاي**ة( ل**ه أن**ه ال خالف بين العلم**اء أن لألم ثالث**ة أرب**اع ال**بر ولألب الرب**ع؛ على

مقتضى حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والله اعلم. ال يختص ب**ر الوال**دين ب**أن يكون**ا مس**لمين، ب**ل إن كان**ا ك**افرين يبرهم**ا ويحسن إليهما إذا كان لهما عهد؛ قال الله تعالى: "ال ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دي**اركم أن ت**بروهم" ]الممتحن**ة:

[. وفي صحيح البخاري عن أسماء ق**الت: ق**دمت أمي وهي مش**ركة في8 عهد ق**ريش وم**دتهم إذ عاه**دوا الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم م**ع أبيه**ا، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي ق**دمت وهي راغب**ة أفأصلها؟ قال: )نعم صلي أمك(. وروي أيضا عن أسماء ق**الت: أتت**ني أمي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فس**أل الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم أأصلها؟ قال: )نعم(. قال ابن عينية: فأنزل الل**ه ع**ز وج**ل فيه**ا: "ال

[ األول معل**ق8ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في ال**دين" ]الممتحن**ة: والثاني مسند.

@ من اإلحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد أال يجاه*د إال بإذنهم*ا. روى الصحيح عن عبدالله بن عمرو قال: ج**اء رج**ل إلى الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم يس**تأذنه في الجه**اد فق**ال: )أحي وال**داك(؟ ق**ال نعم. ق**ال: )ففيهما فجاهد(. لفظ مسلم. في غير الصحيح قال: نعم؛ وتركتهما يبكيان. قال: )اذهب فأضحكهما كما أبكيتهما(. وفي خبر آخر أنه ق**ال: )نوم**ك م**ع أبويك على فراش**هما يض**احكانك ويالعبان**ك أفض**ل ل**ك من الجه*اد معي(. ذكره ابن خويز منداد. ولفظ البخ**اري في كت**اب ب**ر الوال**دين: أخبرن**ا أب**و نعيم أخبرنا سفيان عن عطاء بن الس**ائب عن أبي**ه عن عبدالل**ه بن عم**رو قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعه على الهج**رة، وت**رك أبويه يبكيان فقال: )ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما(. قال ابن المن**ذر: في هذا الحديث النهي عن الخروج بغير إذن األبوين ما لم يقع النفير؛ ف**إذا وقع وجب الخروج على الجميع. وذلك بين في حديث أبي قتادة أن رس**ول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيش األمراء...؛ فذكر قصة زيد بن حارث**ة وجعفر بن أبي طالب وابن رواحة وأن منادي وسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وسلم نادى بعد ذلك: أن الصالة جامعة؛ فاجتمع الن**اس فحم**د الل**ه وأث**نى عليه ثم قال: )أيها الناس، اخرجوا فأمدوا إخوانكم وال يتخلفن أحد( فخ**رج الناس مشاة وركبانا في حر شديد. فدل قوله: )اخرج**وا فأم*دوا إخ*وانكم( أن العذر في التخلف عن الجهاد إنما هو ما لم يقع النف**ير؛ م**ع قول**ه علي**ه

السالم: )فإذا استنفرتم فانفروا(.

Page 138: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

قلت: وفي هذه األحاديث دليل على أن المفروض أو المندوبات متى اجتمعت قدم األهم منها. وقد استوفى ه**ذا المع**نى المحاس**بي في كت**اب

الرعاية. @ واختلفوا في الوالدين المشركين هل يخرج بإذنهما إذا ك**ان الجه**اد من فروض الكفاية؛ فكان الثوري يقول: ال يغزو إال بإذنهما. وقال الشافعي: ل**ه أن يغزو بغير إذنهما. قال ابن المن**ذر: واألج**داد آب**اء، والج**دات أمه**ات فال يغزو المرء إال بإذنهم، وال أعلم داللة توجب ذلك لغيرهم من األخوة وس**ائر القرابات. وكان طاوس يرى السعي على األخ**وات أفض**ل من الجه**اد في

سبيل الله عز وجل. @ من تم**ام برهم**ا ص**لة أه**ل ودهم**ا؛ ففي الص**حيح عن ابن عم**ر ق**ال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )إن من أب**ر ص**لة الرج**ل أهل ود أبيه بعد أن يولي(. وروى أبو أسيد وكان بدريا قال: كنت م*ع الن**بي صلى الله عليه وسلم جالسا فجاءه رجل من األنصار فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر والدي من بعد موتهما شيء أبرهما به؟ قال: )نعم. الص**الة عليهما واالستغفار لهم**ا وإنف**اذ عه**دهما بع**دهما وإك**رام ص**ديقهما وص**لة الرحم التي ال رحم لك إال من قبلهما فهذا ال**ذي بقي علي**ك(. وك**ان ص**لى الله عليه وسلم يهدي لصدائق خديجة برا بها ووف**اء له*ا وهي زوجت**ه، فم**ا

ظنك بالوالدين. @قوله تعالى: "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كالهما" خص حال**ة الك**بر ألنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر؛ فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل، ألنهم**ا في هذه الحالة قد صارا كال علي**ه، فيحتاج**ان أن يلي منهم**ا في الك**بر م**ا كان يحتاج في صغره أن يليا منه؛ فلذلك خص ه**ذه الحال**ة بال**ذكر. وأيض**ا فطول المكث للمرء يوجب االستثقال للم**رء ع**ادة ويحص**ل المل**ل ويك**ثر الضجر فيظه**ر غض**به على أبوي**ه وتنتفخ لهم**ا أوداج**ه، ويس**تطيل عليهم**ا بدالة البنوة وقلة الديانة، وأق**ل المك**روه م**ا يظه**ره بتنفس**ه الم**تردد من الضجر. وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وه**و الس**الم عن كل عيب فقال: "فال تقل لهما أف وال تنهرهما وقل لهما قوال كريم**ا". روى مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه( قيل: من يا رسول الله؟ ق**ال: )من أدرك والدي**ه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة(. وق**ال البخ**اري في كت**اب الوال**دين: ح**دثنا مس**دد ح**دثنا بش**ر بن المفض**ل ح**دثنا عب**دالرحمن بن إسحاق عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم قال: )رغم أنف رجل ذكرت عن**ده فلم يص**ل علي. رغم أن**ف رج**ل أدرك أبويه عند الكبر أو أحدهما فلم يدخاله الجنة. ورغم أن**ف رج**ل دخ**ل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له(. ح**دثنا ابن أبي أويس ح**دثنا أخي عن سليمان بن بالل عن محمد بن هالل عن سعد بن إس**حاق بن كعب بن عجرة السالمي عن أبيه رضي الله عنه قال: إن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: )أحضروا المنبر( فلما خرج رقي إلى المنبر، فرقي في أول درجة منه ق**ال آمين ثم رقي في الثاني**ة فق**ال آمين ثم لما رقى في الثالثة قال آمين، فلما فرغ ونزل من المنبر قلن**ا: ي**ا رس**ول الل**ه، لق**د س**معنا من**ك الي**وم ش**يئا م**ا كن**ا نس**معه من**ك؟ ق**ال:

Page 139: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

)وسمعتموه(؟ قلنا نعم. قال: )إن جبريل عليه الس**الم اع**ترض ف**ال: بع**د من أدرك رمضان فلم يغفر له فقلت آمين فلما رقيت في الثانية ق**ال بع**د من ذكرت عنده فلم يص**ل علي*ك فقلت آمين فلم*ا رقيت في الثالث**ة ق**ال بعد من أدرك عنده أبواه الك**بر أو أح**دهما فلم ي**دخاله الجن**ة قلت آمين(. حدثنا أبو نعيم حدثنا سلمة بن وردان سمعت أنسا رض**ي الل**ه عن**ه يق**ول: ارتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المن**بر درج**ة فق**ال آمين ثم ارتقى درجة فق**ال آمين ثم ارتقى الدرج**ة الثالث**ة فق**ال آمين، ثم اس**توى وجلس فقال أصحابه: يا رسول الله، عالم أمنت؟ قال: )أتاني جبريل علي**ه السالم فقال رغم أنف من ذكرت عنده فلم يصل علي**ك فقلت آمين ورغم أن**ف من أدرك أبوي**ه أو أح**دهما فلم ي**دخل الجن**ة فقلت آمين( الح**ديث. فالسعيد الذي يب**ادر اغتن**ام فرص**ة برهم**ا لئال تفوت**ه بموتهم**ا فين**دم على

ذلك. والشقي من عقهما، ال سيما من بلغه األمر ببرهما. @قوله تعالى: "فال تقل لهما أف" أي ال تقل لهما ما يكون فيه أدنى ت**برم. وعن أبي رجاء العط*اردي ق*ال: األف الكالم الق*ذع ال*رديء الخفي. وق*ال مجاهد: معناه إذا رأيت منهما في حال الش**يخ الغائ**ط والب**ول ال**ذي رأي**اه منك في الصغر فال تقذرهما وتقول أف. واآلية أعم من هذا. واألف والت**ف وسخ األظفار. ويقال لكل ما يضجر ويستثقل: أف له. قال األزهري: والتف أيضا الشيء الحقير. وق**رئ "أف" من**ون مخف**وض؛ كم**ا تخفض األص**وات وتنون، تق**ول: ص**ه وم**ه. وفي**ه عش**ر لغ**ات: أف، وإف، وأف، وأف**ا وأف، وأفه، وإف لك )بكسر الهمزة(، وأف )بضم الهم**زة وتس**كين الف**اء(، وأف**ا )مخففة الفاء(. وفي الحديث: )فألقى ط**رف ثوب**ه على أنف**ه ثم ق**ال أف أف(. ق*ال أب*و بك*ر: معن*اه اس**تقذار لم*ا ش*م. وق*ال بعض*هم: مع*نى أف االحتقار واالستقالل؛ أخذ من األف وهو القليل. وقال القتبي: أص**له نفخ**ك الشيء يسقط عليك من رم**اد وت**راب وغ**ير ذل**ك، وللمك**ان تري**د إماط**ة شيء لتقعد فيه؛ فقيلت هذه الكلم**ة لك**ل مس**تثقل. وق**ال أب**و عم**رو بن العالء: األف وسخ بين األظفار، والت**ف قالمته**ا. وق**ال الزج**اج: مع**نى أف النتن. وق**ال األص**معي: األف وس**خ األذن، والت**ف وس**خ األظف**ار؛ فك**ثر استعماله حتى ذك**ر في ك**ل م**ا يت**أذى ب**ه. وروي من ح**ديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ل**و علم الله من العقوق شيئا أردا من "أف" لذكره فليعمل البار ما ش**اء أن يعم**ل فلن يدخل النار. وليعمل العاق ما ش**اء أن يعم*ل فلن ي*دخل الجن*ة(. ق*ال علماؤنا: وإنما صارت قول**ة "أف" لألب**وين أردأ ش**يء ألن**ه رفض**هما رفض كفر النعمة، وجح**د التربي**ة ورد الوص**ية ال**تي أوص**اه في التنزي**ل. و"أف" كلمة مقولة لكل ش**يء مرف**وض؛ ول**ذلك ق**ال إب**راهيم لقوم**ه: "أف لكم

[ أي رفض لكم وله**ذه األص**نام67ولم**ا تعب**دون من دون الل**ه" ]األنبي**اء: معكم.

@قوله تعالى: "وال تنهرهما" النهر: الزجر والغلظة. "وقل لهما قوال كريما" أي لينا لطيفا، مثل: يا أبتاه ويا أماه، من غ**ير أن يس**ميهما ويكنيهم**ا؛ ق**ال عط**اء. وق**ال ابن الب**داح التجي**بي: قلت لس**عيد بن المس**يب ك**ل م**ا في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إال قوله: "وقل لهما قوال كريما" م**ا ه**ذاالقول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب السيد الفظ الغليظ.

Page 140: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "واخفض لهما جن*اح ال*ذل من الرحم*ة" ه*ذه اس**تعارة في الشفقة والرحمة بهما والتذلل لهما تذلل الرعية لألمير والعبيد للسادة؛ كما أش**ار إلي**ه س**عيد بن المس**يب. وض**رب خفض الجن**اح ونص**به مثال لجن**اح الطائر حين ينتصب بجناحه لولده. والذل: هو اللين. وقراءة الجمهور بض**م الذال، من ذل يذل ذال وذلة ومذلة فه**و ذال وذلي**ل. وق**رأ س**عيد بن جب**ير وابن عباس وعروة بن الزبير "الذل" بكسر الذال، ورويت عن عاص**م؛ من ق**ولهم: داب**ة ذل**ول بين**ة ال**ذل. وال**ذل في ال**دواب المنق**اد الس**هل دون الصعب. فينبغي بحكم هذه اآلية أن يجعل اإلنسان نفسه مع أبويه في خ**ير ذلة، في أقواله وسكناته ونظره، وال يحد إليهما بصره فإن تل**ك هي نظ**رة

الغاضب. الخطاب في هذه اآلية للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد ب**ه أمت**ه؛ إذ لم يكن ل**ه علي**ه الس**الم في ذل**ك ال**وقت أب**وان. ولم ي**ذكر ال**ذل في قول**ه

[ وذكره215تعالى: "واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين" ]الشعراء: هنا بحس**ب عظم الح**ق وتأكي**ده. و"من" في قول**ه: "من الرحم**ة" لبي**ان الجنس، أي إن هذا الخفض يكون من الرحمة المستكنة في النفس، ال بأن

يكون ذلك استعماال. ويصح أن يكون النتهاء الغاية، @قوله تعالى: "وقل رب ارحمهما" أمر تعالى عب**اده ب**الترحم على آب**ائهم والدعاء لهم، وأن ترحهما كما رحماك وترفق بهما كما رفق**ا ب**ك؛ إذ ولي**اك ص**غيرا ج**اهال محتاج**ا ف**آثراك على أنفس**هما، وأس**هرا ليلهم**ا، وجاع**ا وأشبعاك، وتعريا وكسواك، فال تجزيهم**ا إال أن يبلغ**ا من الك**بر الح**د ال*ذي كنت فيه من الصغر، فتلي منهما ما ولي**ا من**ك، ويك**ون لهم**ا حينئ**ذ فض**ل التقدم. قال صلى الله عليه وسلم: )ال يجزي ولد والدا إال أن يجده مملوك**ا فيشتريه فيعتق**ه(. وس**يأتي في س**ورة ]م**ريم[ الكالم على ه**ذا الح**ديث. واآلية "وق**ل رب أرحمهم**ا" ن**زلت في س**عد بن أبي وق**اص، فإن**ه أس**لم، فألقت أمه نفسها في الرمضاء متج**ردة، ف**ذكر ذل**ك لس**عد فق*ال: لتمت،

فنزلت اآلية @قوله تعالى: "كما ربياني" خص التربية بالذكر ليتذكر العبد شفقة األبوين وتبعهما في التربية، فيزيده ذلك إشفاقا لهما وحنانا عليهما، وه**ذا كل**ه في األبوين المؤمنين. وقد نهى القرآن عن االستغفار للمشركين األم**وات ول**و ك**انوا أولي ق**ربى، كم**ا تق**دم. وذك**ر عن ابن عب**اس وقت**ادة أن ه**ذا كل**ه منسوخ بقوله: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يس**تغفروا للمش**ركين - إلى

[ ف**إذا ك**ان وال**دا المس**لم ذم**يين113قول**ه - أص**حاب الجحيم" ]التوب**ة: استعمل معهما ما أمره الله ب**ه هاهن**ا؛ إال ال**ترحم لهم**ا بع**د موتهم**ا على الكفر؛ ألن هذا وحده نسخ باآلية المذكورة. وقيل: ليس ه**ذا موض**ع نس**خ، فهو دعاء بالرحمة الدنيوية لألبوين المشركين ما داما حيين، كم**ا تق**دم. أو يكون عموم هذه اآلية خص بتلك، ال رحم**ة اآلخ**رة، ال س**يما وق**د قي**ل إن قوله: "وق**ل رب أرحمهم**ا" ن**زلت في س**عد بن أبي وق**اص، فإن**ه أس**لم، فألقت أمه نفسها في الرمضاء متج**ردة، ف**ذكر ذل**ك لس**عد فع**ال: لتمت، فنزلت اآلية. وقيل: اآلية خاصة في الدعاء لألبوين المسلمين. والصواب أن ذلك عموم كما ذكرنا، وقال ابن عباس قال النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )من أمسى مرضيا لوالديه وأصبح أمسى وأص**بح ول**ه باب**ان مفتوح**ان من الجن**ة وإن واح**دا فواح**دا. ومن أمس**ى وأص**بح مس**خطا لوالدي**ه أمس**ى

Page 141: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وأصبح وله بابان مفتوح**ان إلى الن**ار وإن واح**دا فواح**دا( فق**ال رج**ل: ي**ا رسول الله، وإن ظلماه؟ قال: )وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلم**اه(. وق**د روينا باإلسناد المتصل عن جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنه قال: ج**اء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فق**ال: ي**ا رس**ول الل**ه، إن أبي أخ**ذ مالي. فقال الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم للرج*ل: )ف**أتني بأبي**ك( ف**نزل جبريل عليه السالم على النبي صلى الله عليه وس**لم فق**ال: )إن الل**ه ع**ز وجل يقرئك السالم ويقول لك إذا جاءك الشيخ فاسأله عن شيء قال**ه في نفسه ما سمعته أذناه( فلم**ا ج**اء الش**يخ ق**ال ل**ه الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم: )ما بال ابنك يشكوك أتريد أن تأخذ ماله(؟ فق**ال: س**له ي**ا رس**ول الله، هل أنفقه إال على إح**دى عمات**ه أو خاالت**ه أو على نفس**ي! فق**ال ل**ه رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إي**ه، دعن**ا من ه**ذا أخ*برني عن ش**يء قلته في نفسك ما سمعته أذناك(؟ فقال الشيخ: والله ي**ا رس**ول الل**ه، م**ا زال الله عز وجل يزيدنا بك يقين**ا، لق**د قلت في نفس**ي ش**يئا م**ا س**معته

أذناي. قال: )قل وأنا أسمع( قال قلت: غذوتك مولودا ومنتك يافعا تعل بما أجني عليك وتنهل إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إال ساهرا أتململ كأني أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعيني تهمل تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعلم أن الموت وقت مؤجل فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما كنت فيك أؤمل جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المصاقب يفعل فأوليتني حق الجوار ولم تكن علي بمال دون مالك تبخل

قال: فحينئذ أخ*ذ الن**بي ص*لى الل**ه علي**ه وس**لم بتالبيب ابن**ه وق*ال: )أنت ومالك ألبيك(. قال الطبراني: اللخمي ال ي**روى - يع**ني ه**ذا الح**ديث - عن ابن المنكدر بهذا التم**ام والش**عر إال به**ذا اإلس**ناد؛ وتف**رد ب**ه عبيدالل**ه بن

خلصة. والله اعلم. }ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكون**وا ص**الحين فإن**ه ك**ان25*اآلية: 3*

لألوابين غفورا{ @قوله تعالى: "ربكم أعلم بما في نفوسكم" أي من اعتق**اد الرحم**ة بهم**ا والحنو عليهما، أو من غير ذلك من العقوق، أو من جعل ظاهر برهما ري**اء. وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر، كالفلت**ة والزل**ة، تك**ون من الرج**ل إلى أبوي**ه أو أح**دهما، ال يري**د ب**ذلك بأس**ا؛ ق**ال الل**ه تع**الى: "إن تكون**وا صالحين" أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة. وقول**ه: "فإنه كان لألوابين غفورا" وع**د ب**الغفران م**ع ش**رط الص**الح واألوب**ة بع*د األوبة إلى طاعة الله سبحانه وتعالى. ق**ال س**عيد بن المس**يب: ه**و العب**د يتوب ثم يذنب ثم يتوب ثم يذنب. وقال ابن عباس رضي الله عنه: األواب: الحفيظ الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها. وقال عبيد بن عمير: هم ال**ذين يذكرون ذن**وبهم في الخالء ثم يس**تغفرون الل**ه ع**ز وج**ل. وه**ذه األق**وال متقاربة. وقال ع**ون العقيلي: األواب**ون هم ال**ذين يص**لون ص**الة الض**حى. وفي الصحيح: )صالة األوابين حين ترمض الفصال(. وحقيقة اللفظ من آب

يؤوب إذا رجع.

Page 142: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

-** 26*اآليتان: 3* }وآت ذا القربى حق**ه والمس**كين وابن الس**بيل وال27 تبذر تب**ذيرا، إن المب**ذرين ك**انوا إخ**وان الش**ياطين وك**ان الش**يطان لرب**ه

كفورا{ @قوله تعالى: "وآت ذا القربى حقه" أي كم*ا راعيت ح*ق الوال*دين فص*ل الرحم، ثم تصدق على المسكين وابن السبيل. وقال علي بن الحس**ين في قوله تعالى: "وآت ذا القربى حقه": هم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم، أمر صلى الله عليه وسلم بإعطائهم حقوقهم من بيت المال، أي من سهم ذوي القربى من الغزو والغنيمة، ويكون خطابا للوالة أو من ق**ام مق**امهم. والحق في هذه اآلية ما يتعين من صلة الرحم، وسد الخلة، والمواساة عند

الحاجة بالمال، والمعونة بكل وجه. @قول**ه تع**الى: "وال تب**ذر" أي ال تس**رف في اإلنف**اق في غ**ير ح**ق. ق**ال الشافعي رضي الله عنه: والتبذير إنفاق المال في غير حقه، وال تب**ذير في عمل الخير. وهذا قول الجمهور. وقال أش*هب عن مال*ك: التب**ذير ه*و أخ*ذ المال من حقه ووض*عه في غ*ير حق*ه، وه*و اإلس*راف، وه*و ح*رام لقول*ه تعالى: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" وقول**ه: "إخ**وان" يع**ني أنهم في حكمهم؛ إذ المب**ذر س**اع في إفس**اد كالش**ياطين، أو أنهم يفعل**ون م**ا تس**ول لهم أنفس**هم، أو أنهم يقرن**ون بهم غ**دا في الن**ار؛ ثالث**ة أق**وال. واإلخوان هنا جمع أخ من غير النسب؛ ومنه قول**ه تع**الى: "إنم**ا المؤمن**ون

[. وقوله تع**الى: "وك**ان الش**يطان لرب**ه كف**ورا" أي10إخوة" ]الحجرات: احذروا متابعت**ه والتش**به ب**ه في الفس**اد. والش**يطان اس**م الجنس. وق**رأ الضحاك "إخوان الش*يطان" على االنف**راد، وك*ذلك ثبت في مص**حف أنس

بن مالك رضي الله عنه. @ من أنفق مال في الش**هوات زائ**دا على ق**در الحاج**ات وعرض**ه ب**ذلك للنفاد فهو مبذر. ومن أنفق ربح مال في شهواته وحف**ظ األص**ل أو الرقب**ة فليس بمبذر. ومن أنفق درهما في حرام فهو مبذر، ويحجر عليه في نفقته الدرهم في الحرام، وال يحجر عليه إن بذله في الشهوات إال إذا خيف علي*ه

النفاد. }وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من رب*ك ترجوه*ا فق*ل لهم28*اآلية: 3*

قوال ميسورا{ @ وهو أنه سبحانه وتعالى خص نبيه صلى الله علي**ه وس**لم بقول**ه: "وإم**ا تعرضن عنهم ابتغ**اء رحم**ة من رب**ك ترجوه**ا". وه**و ت**أديب عجيب وق**ول لطيف بديع، أي ال تعرض عنهم إعراض مستهين عن ظه**ر الغ**نى والق**درة فتحرمهم. وإنما يجوز أن تعرض عنهم عند عجز يعرض وعائق يعوق، وأنت عند ذلك ترجو من الل**ه س**بحانه وتع**الى فتح ب**اب الخ**ير لتتوص**ل ب**ه إلى

مواساة السائل؛ فإن قعد بك الحال فقل لهم قوال ميسورا. @ في س**بب نزوله*ا؛ ف*ال ابن زي*د: ن**زلت اآلي**ة في ق*وم ك**انوا يس*ألون رسول الله صلى الله عليه وسلم في**أبى أن يعطيهم؛ ألن**ه ك**ان يعلم منهم نفقة المال في فساد، فك**ان يع**رض عنهم رغب**ة في األج**ر في منعهم لئال يعينهم على فس**ادهم. وق**ال عط**اء الخراس**اني في قول**ه تع**الى "وإم**ا تعرض**ن عنهم ابتغ**اء رحم**ة من رب**ك ترجوه**ا" ق**ال: ليس ه**ذا في ذك**ر الوالدين، جاء ناس من مزينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستحملونه؛ فق*ال: )ال أج*د م**ا أحملكم علي**ه( فتول*وا وأعينهم تفيض من ال**دمع حزن*ا؛

Page 143: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فأنزل الل**ه تع*الى: "وإم*ا تعرض*ن عنهم ابتغ*اء رحم*ة من رب*ك ترجوه*ا". والرحم**ة الفيء. والض**مير في "عنهم" عائ**د على من تق**دم ذك**رهم من

اآلباء والقرابة والمساكين وأبناء السبيل. @قوله تعالى: "فقل لهم قوال ميسورا" أمره بالدعاء لهم، أي يسر فقرهم عليهم ب**دعائك لهم. وقي**ل: ادع لهم دع**اء يتض**من الفتح لهم واإلص**الح. وقيل: المعنى "وإما تعرضن" أي إن أعرضت يا محمد عن إعطائهم لض**يق يد فقل لهم قوال ميسورا؛ أي أحسن القول وأبسط العذر، وادع لهم بس**عة الرزق، وقل إذا وجدت فعلت وأكرمت؛ فإن ذلك يعم**ل في مس**رة نفس**ه عمل المواساة. وكان عليه الصالة والسالم إذا سئل وليس عنده م**ا يعطي سكت انتظارا لرزق يأتي من الله سبحانه وتعالى كراهة الرد، فنزلت ه**ذه اآلية، فكان صلى الله علي**ه وس**لم إذا س**ئل وليس عن**ده م**ا يعطي ق**ال: )يرزقنا الله وإياكم من فضله(. فالرحمة على هذا التأويل الرزق المنتظ**ر. وهذا قول ابن عب**اس ومجاه**د وعكرم**ة. و"ق**وال ميس**ورا" أي لين**ا لطيف**ا طيبا، مفعول بمعنى الفاعل، من لف**ظ اليس**ر ك**الميمون، أي وع**دا جميال،

على ما بيناه. ولقد أحسن من قال: إال تكن ورق يوما أجود بها للسائلين فإني لين العود

ال يع**دم الس**ائلون الخ**ير من خلقي إم**ا ن**والي وإم**ا حس**ن مردودي

تقول: يسرت لك كذا إذا أعددته. }وال تجعل يدك مغلولة إلى عنق**ك وال تبس**طها ك**ل البس**ط29*اآلية: 3*

فتقعد ملوما محسورا{ @قوله تعالى: "وال تجعل يدك مغلولة إلى عنقك" ه**ذا مج**از ع**بر ب**ه عن البخيل الذي ال يقدر من قلبه على إخراج شيء من ماله؛ فض**رب ل**ه مث**ل الغل الذي يمنع من التصرف باليد. وفي ص**حيح البخ**اري ومس**لم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ضرب رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم مث**ل البخي**ل والمتص**دق كمث**ل رجلين عليهم**ا جبت**ان من حدي**ه ق**د اض**طرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره وجعل البخي**ل كلم*ا هم بص*دقة قلص**ت وأخذت كل حلقة بمكانها. قال أبو هريرة رضي الله عنه: فأنا رأيت رس**ول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأصبعيه هكذا في جيبه فلو رأيت**ه يوس**عها

وال تتوسع. @قوله تعالى: "وال تبس**طها ك**ل البس**ط" ض**رب بس**ط الي**د مثال ل**ذهاب المال، فإن قبض الكف يحبس ما فيها، وبسطها يذهب ما فيه**ا. وه**ذا كل**ه خطاب للن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم والم**راد أمت**ه، وكث**يرا م**ا ج**اء في القرآن؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان س**يدهم وواس**طتهم إلى ربهم عبر به عنهم على ع*ادة الع**رب في ذل**ك. وأيض**ا فإن**ه علي**ه الص**الة والسالم لم يكن يدخر شيئا لغد، وكان يجوع حتى يش**د الحج**ر على بطن**ه من الجوع. وكان كثير من الصحابة ينفقون في سبيل الل*ه جمي**ع أم*والهم، فلم يعنفهم الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ولم ينك**ر عليهم لص**حة يقينهم وشدة بصائرهم. وإنما نهى الله سبحانه وتع**الى عن اإلف**راط في اإلنف**اق، وإخراج ما حوته يده من المال من خيف عليه الحس**رة على م**ا خ**رج من يده، فأما من وثق بموعود الله عز وجل وجزيل ثوابه فيما أنفقه فغير مراد

Page 144: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

باآلية، والله اعلم. وقيل: إن هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وس**لم في خاصة نفسه، علمه فيه كيفي**ة اإلنف**اق، وأم**ره باالقتص**اد. ق**ال ج**ابر وابن مسعود: جاء غالم إلى النبي صلى الله عليه وس**لم فق*ال: إن أمي تس*ألك كذا وكذا. فقال: )ما عندنا اليوم شيء(. قال: فتقول لك اكس**ني قميص**ك؛ فخلع قميصه فدفعه إليه وجلس في البيت عريانا. وفي رواية ج**ابر: ف**أذن بالل للصالة وانتظر رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم يخ**رج، واش**تغلت القلوب، فدخل بعضهم فإذا هو عار؛ فنزلت هذه اآلية. وكل ه*ذا في إنف*اق

الخير. وأما إنفاق الفساد فقليله وكثيره حرام، كما تقدم. @ نهت هذه اآلية عن استفراغ الوجد فيما يطرأ أوال من سؤال المؤم**نين؛ لئال يبقى من يأتي بعد ذلك ال شيء له، أو لئال يضيع المنفق عيال**ه. ونح**وه من كالم الحكمة: ما رأيت قط سرفا إال ومعه حق مضيع. وه**ذه من آي**ات

فقه الحال فال يبين حكمها إال باعتبار شخص شخص من الناس. @قوله تعالى: "فتقعد ملوما محسورا" قال ابن عرفة: يقول ال تسرف وال تتلف مالك فتبقى محسورا منقطعا عن النفقة والتصرف؛ كما يكون البعير الحسير، وهو الذي ذهبت قوته فال انبع*اث ب**ه؛ ومن**ه قول*ه تع**الى: "ينقلب

[ أي كليل منقط**ع. وق**ال قت**ادة:4إليك البصر خاسئا وهو حسير" ]الملك: أي نادما على ما سلف منك؛ فجعله من الحس**رة، وفي**ه بع**د؛ ألن الفاع**ل من الحسرة حسر وحس**ران وال يق**ال محس**ور. والمل**وم: ال**ذي يالم على

إتالف ماله، أو يلومه من ال يعطيه.-** 30*اآليتان: 3* }إن ربك يبسط الرزق لمن يش**اء ويق**در إن**ه ك**ان31

بعباده خبيرا بصيرا، وال تقتلوا أوالدكم خشية إمالق نحن نرزقهم وإي**اكم إنقتلهم كان خطأ كبيرا{

@ قد مضى الكالم في هذه اآلية في األنعام، والحمد لله. واإلمالق: الفق**ر وع**دم المل**ك. أمل**ق الرج**ل أي لم يب**ق ل**ه إال الملق**ات؛ وهي الحج**ارة

العظام الملس. قال الهذلي يصف صائدا: أتيح لها أقيدر ذو حشيف إذا سامت على الملقات ساما

الواحدة ملقة. واألقيدر تصغير األقدر، وهو الرج*ل القص*ير. والحش*يف من الثياب: الخلق. وسامت م**رت. وق**ال ش**مر: أمل**ق الزم ومتع**د، أمل**ق إذا

افتقر، وأملق الدهر ما بيده. قال أوس: ل وأملق ما عندي خطوب تنب

@قول**ه تع**الى: "خطئ**ا" ق**راءة الجمه**ور بكس**ر الخ**اء وس**كون الط**اء وب**الهمزة والقص**ر. وق**رأ ابن ع**امر "خط**أ" بفتح الخ**اء والط**اء والهم**زة مقص**ورة، وهي ق**راءة أبي جعف**ر يزي**د. وهات**ان قراءت**ان مأخوذت**ان من "خطئ" إذا أتى ال**ذنب على عم**د. ق**ال ابن عرف**ة: يق**ال خطئ في ذنب**ه خطأ إذا أثم فيه، وأخطأ إذا سلك س**بيل خط**أ عام**دا أو غ**ير عام**د. ق**ال: ويقال خطئ في معنى أخطأ. وقال األزهري: يق**ال خطئ يخط**أ خطئ**ا إذا تعمد الخطأ؛ مثل أثم يأثم إثم**ا. وأخط**أ إذا لم يتعم**د إخط**اء وخط**أ. ق**ال

الشاعر: دعيني إنما خطئي وصوبي علي وإن ما أهلكت مال

والخطأ االسم يقوم مقام اإلخطاء، وهو ضد الصواب. وفيه لغت**ان: القص**ر وهو الجيد، والمد وهو قليل، وروي عن ابن عباس رضي الله تع**الى عنهم**ا "خطأ" بفتح الخاء وسكون الطاء وهمزة. وقرأ ابن كثير بكسر الخ**اء وفتح

Page 145: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الطاء ومد الهمزة. قال النح**اس: وال أع**رف له**ذه الق**راءة وجه**ا، ول**ذلك جعلها أبو حاتم غلطا. قال أبو علي: هي مصدر من خاطأ يخاطئ، وإن كن**ا ال نجد خاطأ، ولكن وجدنا تخاطأ، وهو مطاوع خاطأ، فدلنا عليه؛ ومنه ق**ول

الشاعر: تخاطأت النبل أحشاءه وأخر يومي فلم أعجل

وقول اآلخر في وصف مهاة: تخاطأه القناص حتى وجدته وخرطومه في منقع الماء راسب

الجوهري: تخاطأه أي أخطأه؛ وقال أوفى بن مطر المازني: أال أبلغا خلتي جابرا بأن خليلك لم يقتل تخاطأت النبل أحشاءه وأخر يومي فلم يعجل

وقرأ الحسن "خطاء" بفتح الخاء والطاء والمد في الهمزة. قال أب**و ح**اتم: ال يعرف هذا في اللغة وهي غل**ط غ**ير ج**ائز. وق**ال أب**و الفتح: الخط**أ من أخطأت بمنزلة العطاء من أعطيت، هو اسم بمعنى المصدر، وعن الحس**ن

أيضا "خطى" بفتح الخاء والطاء منونة من غير همز. }وال تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيال{32*اآلية: 3*

@ ق**ال العلم**اء: قول**ه تع**الى "وال تقرب**وا ال**زنى" أبل**غ من أن يق**ول: وال تزنوا؛ ف**إن معن**اه ال ت**دنوا من ال**زنى. وال**زنى يم**د ويقص**ر، لغت**ان. ق**ال

الشاعر: كانت فريضة ما تقول كما كان الزناء فريضة الرجم

و "سبيال" نصب على التمييز؛ التقدير: وس**اء س**بيله س**بيال. أي ألن**ه ي**ؤدي إلى الن**ار. وال**زنى من الكب**ائر، وال خالف في**ه وفي قبح**ه ال س**يما بحليل**ة الجار. وينشأ عنه استخدام ولد الغير واتخاذه ابن**ا وغ**ير ذل**ك من الم**يراث وفساد األنساب باختالط المي**اه. وفي الص**حيح أن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم أتى بامرأة مجح على باب فسطاط فق**ال: )لعل**ه يري**د أن يلم به**ا( فقالوا: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره كيف يورثه وهو ال يحل له كيف يستخدمه وهو ال يح**ل

له(. }وال تقتل**وا النفس ال**تي ح**رم الل**ه إال ب**الحق ومن قت**ل33*اآلي**ة: 3*

مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فال يسرف في القتل إنه كان منصورا{ @قول**ه تع**الى: "وال تقتل**وا النفس ال**تي ح**رم الل**ه إال ب**الحق ومن قت**ل مظلوما" أي بغير سبب يوجب القتل. "فقد جعلنا لوليه" أي لمستحق دمه. قال ابن خويز منداد: الولي يجب أن يكون ذكرا؛ ألنه أفرده بالوالي**ة بلف**ظ التذكير. وذكر إسماعيل بن إسحاق في قوله تعالى: "فقد جعلنا لولي**ه" م**ا يدل على خروج المرأة عن مطلق لفظ الولي، فال جرم، ليس للنساء ح**ق في القصاص لذلك وال أثر لعفوها، وليس لها االستيفاء. وقال المخالف: إن المراد ها هنا ب**الولي ال**وارث؛ وق**د ق**ال تع**الى: "والمؤمن**ون والمؤمن**ات

[، وق**ال: "وال**ذين آمن**وا ولم يه**اجروا م**ا71بعضهم أولياء بعض" ]التوبة: [، وقال: "وأولوا األرحام بعض**هم72لكم من واليتهم من شيء"، ]األنفال: [ فاقتضى ذلك إثبات القود لس**ائر75أولى ببعض في كتاب الله" ]األنفال:

الورثة؛ وأما ما ذكروه من أن الولي في ظ**اهره على الت**ذكير وه**و واح**د، كأن ما كان بمعنى الجنس يستوي المذكر والم**ؤنث في**ه، وتتمت**ه في كتب الخالف. "سلطانا" أي تسليطا إن شاء قتل وإن ش**اء عف**ا، وإن ش**اء أخ**ذ

Page 146: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الدي**ة؛ قال**ه ابن عب**اس رض**ي الل**ه تع**الى عنهم**ا والض**حاك وأش**هب والشافعي. وق**ال ابن وهب ق**ال مال**ك: الس**لطان أم**ر الل**ه. ابن عب**اس: السلطان الحجة. وقيل: السلطان طلبه حتى يدفع إلي**ه. ق**ال ابن الع**ربي: وهذه األقوال متقاربة، وأوضحها قول مالك: إنه أمر الل**ه. ثم إن أم**ر الل**ه عز وجل لم يقع نص**ا ف*اختلف العلم*اء في**ه؛ فق*ال ابن القاس**م عن مال*ك وأبي حنيفة: القتل خاصة. وقال أشهب: الخيرة؛ كما ذكرن**ا آنف**ا، وب**ه ق**ال

الشافعي. وقد مضى في سورة "البقرة" هذا المعنى. @قوله تعالى: "فال يسرف في القتل" فيه ثالثة أقوال: ال يقتل غ**ير قاتل**ه؛ قاله الحسن والضحاك ومجاهد وسعيد بن جبير. الثاني: ال يقت**ل ب**دل ولي**ه اثنين كما كانت العرب تفعله. الثالث: ال يمثل بالقاتل؛ قاله طلق بن حبيب، وكله مراد ألنه إسراف منهي عنه. وقد مضى في "البقرة" القول في ه**ذا مستوفى. وق**رأ الجمه**ور "يس**رف" بالي**اء، يري**د ال**ولي، وق**رأ ابن ع**امر وحمزة والكس**ائي "تس**رف" بالت**اء من ف**وق، وهي ق**راءة حذيف**ة. وروى العالء بن عبدالكريم عن مجاهد قال: هو للقات**ل األول، والمع**نى عن**دنا فال تسرف أيها القاتل. وقال الطبري: هو على معنى الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم واألئمة من بعده. أي ال تقتلوا غير القاتل. وفي ح**رف أبي "فال

تسرفوا في القتل". @قوله تعالى: "إنه كان منصورا" أي معان**ا، يع**ني ال**ولي. ف**إن قي**ل: وكم من ولي مخذول ال يصل إلى حقه. قلنا: المعونة تكون بظهور الحج**ة ت**ارة وباستيفائها أخرى، وبمجموعهما ثالثة، فأيها كان فهو نصر من الله س**بحانه وتع**الى. وروى ابن كث**ير عن مجاه**د ق**ال: إن المقت**ول ك**ان منص**ورا. النحاس: ومعنى قوله إن الله نص**ره بولي**ه. وروي أن*ه في ق*راءة أبي "فال تسرفوا في القت**ل إن ولي المقت**ول ك**ان منص**ورا". ق**ال النح**اس: األبين بالياء ويكون للولي؛ ألنه إنما يق**ال: ال يس**رف إن ك**ان ل**ه أن يقت**ل، فه**ذا للولي. وقد يجوز بالتاء ويكون للولي أيض**ا، إال أن**ه يحت**اج في**ه إلى تحوي**ل المخاطبة. قال الضحاك: هذا أول ما نزل من القرآن في شأن القتل، وهي

مكية. }وال تقربوا مال اليتيم إال بالتي هي أحسن ح**تى يبل**غ أش**ده34*اآلية: 3*

وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤوال{ @قوله تعالى: "وال تقربوا مال اليتيم إال بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده"

قد مضى الكالم فيه في األنعام. @قوله تعالى: "وأوفوا بالعهد" قد مضى الكالم فيه في غ**ير موض**ع. ق**ال الزجاج: ك**ل م**ا أم**ر الل**ه ب**ه ونهى عن**ه فه**و من العه**د. "إن العه**د ك**ان

[ ب**ه6مسؤوال" عن**ه، فح**ذف؛ كقول**ه: "ويفعل**ون م**ا ي**ؤمرن" ]التح**ريم: وقيل: إن العهد يسأل تبكيتا لناقضه فيقال: نقض**ت، كم**ا تس**أل الم**وؤودة

تبكيتا لوائدها. }وأوفوا الكي**ل إذا كلتم وزن**وا بالقس**طاس المس**تقيم ذل**ك35*اآلية: 3*

خير وأحسن تأويال{ @قوله تعالى: "وأوفوا الكيل إذا كلتم" تقدم الكالم في**ه أيض**ا في األنع**ام. وتقتضي هذه اآلية أن الكيل على البائع، وق**د مض**ى في س**ورة "يوس**ف" فال مع**نى لإلع**ادة. والقس**طاس )بض**م الق**اف وكس**رها(: الم**يزان بلغ**ة الروم؛ قاله ابن عزيز. وقال الزجاج: القس**طاس: الم**يزان ص**غيرا ك**ان أو

Page 147: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

كبيرا. وقال مجاهد: القسطاس العدل، وكان يقول: هي لغة رومي**ة، وك**أن الناس قيل لهم: زنوا بمعدلة في وزنكم. وقرأ ابن كث**ير وأب**و عم*رو ون**افع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر "القسطاس" بض**م الق**اف. وحم**زة

والكسائي وحفص عن عاصم )بكسر القاف( وهما لغتان. @قوله تعالى: "ذلك خ*ير" أي وف**اء الكي**ل وإقام**ة ال*وزن خ*ير عن**د رب**ك وأبرك. "وأحسن تأويال" أي عاقبة. ق*ال الحس**ن: ذك*ر لن**ا أن رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم قال: )ال يقدر رجل على حرام ثم يدعه ليس لديه إال مخافة الله تعالى إال أبدله الله في عاجل الدنيا قبل اآلخرة ما ه**و خ**ير ل**ه

من ذلك(. }وال تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد ك**ل36*اآلية: 3*

أولئك كان عنه مسؤوال{ @قوله تعالى: "وال تق*ف" أي ال تتب*ع م**ا ال تعلم وال يعني**ك. ق**ال قت**ادة: ال تقل رأيت وأنت لم ت**ر، وس**معت وأنت لم تس**مع، وعلمت وأنت لم تعلم؛ وقاله ابن عباس رضي الله عنهما. قال مجاهد: ال تذم أحدا بما ليس لك به علم؛ وقاله ابن عباس رضي الله عنهما أيضا. وقال محمد ابن الحنفية: هي ش**هادة ال**زور. وق**ال القت**بي: المع**نى ال تتب**ع الح**دس والظن**ون؛ وكله**ا متقاربة. وأصل القف**و البهت والق**ذف بالباط**ل؛ ومن**ه قول**ه علي**ه الص**الة والسالم: )نحن بنو النضر ابن كنانة ال نقف**و أمن**ا وال ننتفي من أبين**ا( أي ال

نسب أمنا. وقال الكميت: فال أرمي البريء بغير ذنب وال أقفو الحواصن إن قفينا

يقال: قفوته أقف**وه، وقفت**ه أقوف**ه، وقفيت**ه إذا اتبعت أث**ره. ومن**ه القاف**ة لتتبعهم اآلثار وقافية كل شيء آخره، ومنه قافية الشعر؛ ألنها تقفو ال**بيت. ومنه اسم النبي صلى الله عليه وسلم المقفي؛ ألنه جاء آخر األنبياء. ومن**ه القائف، وهو الذي يتبع أثر الشبه. يقال: قاف القائف يقوف إذا فع**ل ذل**ك. وتقول: فقوت لألثر، بتقديم الفاء على القاف. ابن عطية: ويشبه أن يك**ون هذا من تلعب الع**رب في بعض األلف**اظ؛ كم**ا ق**الوا: رعملي في لعم**ري. وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت: قف**ا وق**اف، مث**ل عت**ا وع**ات. وذهب منذر بن سعيد إلى أن قفا وقاف مث*ل جب*ذ وج*ذب. وبالجمل*ة فه*ذه اآلي*ة تنهى عن قول الزور والقذف، وما أشبه ذلك من األقوال الكاذبة والرديئ**ة. وقرأ بعض الناس فيما حكى الكسائي "تقف" بضم الق**اف وس**كون الف**اء. وقرأ الجراح "والفاد" بفتح الفاء، وهي لغة لبعض الناس، وأنكرها أبو ح**اتم

وغيره. @ قال ابن خويز منداد: تضمنت هذه اآلي*ة الحكم بالقاف*ة؛ ألن**ه لم*ا ق**ال: "وال تقف ما ليس لك به علم" دل على جواز ما لنا به علم، فكل ما علم**ه اإلنس*ان أو غلب على ظن**ه ج**از أن يحكم ب**ه، وبه*ذا احتججن**ا على إثب**ات القرعة والخرص؛ ألنه ض**رب من غلب**ة الظن، وق**د يس**مى علم**ا اتس**اعا. فالقائف يلحق الولد بأبيه من طريق الشبه بينهما كما يلحق الفقي**ه الف**رع باألصل من طريق الشبه. وفي الصحيح عن عائشة: أن رسول الل**ه ص**لى الله عليه وسلم دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال: )ألم تري أن مجززا نظر إلى زيد بن حارث**ة وأس**امة بن زي**د عليهم**ا قطيف**ة ق**د غطي**ا رؤوسهما وب**دت أق**دامهما فق**ال إن بعض ه**ذه األق**دام لمن بعض(. وفي

حديث يونس بن يزيد: )وكان مجززا قائفا(.

Page 148: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@ قال اإلمام أبو عبدالله المازري: كانت الجاهلية تقدح في نس**ب أس**امة لكونه أسود شديد السواد، وكان زيد أبوه أبيض من القطن، هكذا ذكره أبو داود عن أحمد بن صالح. قال القاضي عي**اض: وق**ال غ**ير أحم**د ك**ان زي**د أزهر اللون، وكان أسامة شديد األدم**ة؛ وزي**د بن حارث**ة ع**ربي ص**ريح منكلب، أصابه سباء، حسبما يأتي في سورة "األحزاب" إن شاء الله تعالى.

@ استدل جمهور العلماء على الرجوع إلى القافة عن**د التن**ازع في الول**د، بسرور النبي ص*لى الل*ه علي*ه وس*لم بق*ول ه*ذا الق*ائف؛ وم*ا ك*ان علي*ه السالم بالذي يسر بالباطل وال يعجبه. ولم يأخذ بذلك أب**و حنيف**ة وإس**حاق والثوري وأصحابهم متمسكين بإلغاء النبي صلى الله عليه وسلم الشبه في

حديث اللعان؛ على ما يأتي في سورة ]النور[ إن شاء الله تعالى. @ واختل**ف اآلخ**ذون ب**أقوال القاف**ة، ه**ل يؤخ**ذ ب**ذلك في أوالد الحرائ**ر واإلماء أو يختص بأوالد اإلماء، على قولين؛ فاألول: ق**ول الش**افعي ومال**ك رضي الله عنهما في رواية ابن وهب عنه، ومشهور مذهبه قصره على ولد األمة. والصحيح ما رواه ابن وهب عنه وقال الشافعي رضي الله عن**ه؛ ألن الحديث الذي هو األصل في الباب إنما وقع في الحرائر، فإن أس**امة وأب**اه حران فكيف يلغى السبب الذي خرج عليه دليل الحكم وهو الب**اعث علي**ه، هذا مما ال يجوز عند األص**وليين. وك**ذلك اختل**ف ه**ؤالء، ه**ل يكتفي بق**ول واحد من القافة أو ال بد من اثنين ألنه**ا ش**هادة؛ وب**األول ق**ال ابن القاس**موهو ظاهر الخبر بل نصه. وبالثاني قال مالك والشافعي رضي الله عنهما. @قوله تعالى: "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤوال" أي يسأل كل واحد منهم عما اكتسب، فالفؤاد يسأل عما افتكر في**ه واعتق**ده، والسمع والبصر عما رأس من ذلك وسمع. وقيل: المعنى أن الل**ه س**بحانه وتعالى يسأل اإلنسان عما حواه سمعه وبصره وفؤاده؛ ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم: )كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته( فاإلنسان راع على جوارحه؛ فكأنه قال كل هذه كان اإلنس**ان عن**ه مس**ؤوال، فه**و على ح**ذف مضاف. والمعنى األول أبلغ في الحجة؛ فإنه يقع تكذيبه من جوارحه، وتل**ك غاية الخزي؛ كما قال: "الي*وم نختم على أف*واههم وتكلمن*ا أي*ديهم وتش*هد

[، وقول**ه "ش**هد عليهم س**معهم60أرجلهم بم**ا ك**انوا يكس**بون" ]يس: [. وع**بر عن الس**مع20وأبصارهم وجلودهم بم**ا ك**انوا يعمل**ون" ]فص**لت:

والبص**ر والف**ؤاد بأولئ**ك ألنه**ا ح**واس له**ا إدراك، وجعله**ا في ه**ذه اآلي**ة مسؤولة، فهي حال**ة من يعق**ل، فل**ذلك ع**بر عنه**ا بأولئ**ك. وق**ال س**يبويه

[: إنم**ا ق**ال:4رحمه الله في قوله تعالى: "رأيتهم لي ساجدين" ]يوس**ف: "رأيتهم" في نجوم، ألنه لما وصفها بالسجود وهو من فع*ل من يعق*ل ع*بر عنها بكناية من يعقل؛ وقد تقدم. وحكى الزجاج أن العرب تعبر عم**ا يعق**ل

وعما ال يعقل بأولئك، وأنشد هو والطبري: ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك األيام

وهذا أمر يوقف عنده. وأما البيت فالرواية فيه "األقوام" والله اعلم.-** 37*اآليتان: 3* }وال تمش في األرض مرح**ا إن**ك لن تخ**رق األرض38

ولن تبلغ الجبال طوال، كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها{ @قول**ه تع**الى: "وال تمش في األرض مرح**ا" ه**ذا نهي عن الخيالء وأم**ر بالتواضع. والمرح: شدة الفرح. وقي**ل: التك**بر في المش**ي. وقي**ل: تج**اوز اإلنس**ان ق**دره. وق**ال قت**ادة: ه**و الخيالء في المش**ي. وقي**ل: ه**و البط**ر

Page 149: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

واألشر. وقيل: هو النشاط وهذه األقوال متقاربة ولكنها منقسمة قس**مين: أحدهما مذموم واآلخر محم**ود؛ ف**التكبر والبط**ر والخيالء وتج**اوز اإلنس**ان ق**دره م**ذموم والف**رح والنش**اط محم**ود. وق**د وص**ف الل**ه تع**الى نفس**ه بأحدهما؛ ففي الحديث الصحيح )لله أفرج بتوبة العبد من رجل...( الحديث. والكسل مذموم شرعا والنشاط ض**ده. وق**د يك**ون التك**بر وم**ا في معن**اه محمودا، وذلك على أعداء الله والظلمة. أسند أب*و ح*اتم بن حب**ان عن ابن جابر بن عتيك عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )من الغيرة ما يبغض الله عز وجل ومنها ما يحب الله عز وج**ل ومن الخيالء م**ا يحب الله عز وجل ومنها ما يبغض الله فأما الغيرة ال**تي يحب الل**ه الغ**يرة في الدين والغيرة التي يبغض الله الغيرة في غير دين**ه والخيالء ال**تي يحب الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الص**دقة واالختي**ال ال**ذي يبغض

الله الخيالء في الباطل( وأخرجه أبو داود في مصنفه وغيره. وأنشدوا: وال تمش فوق األرض إال تواضعا فكم تحتها قوم همو منك أرفع

وإن كنت في عز وحرز ومنعة فكم مات من ق**وم هم**و من**ك أمنع

@ إقبال اإلنسان على الصيد ونحوه ترفعا دون حاج**ة إلى ذل**ك داخ**ل في هذه اآلية، وفيه تعذيب الحيوان وإجراؤه لغير معنى. وأم**ا الرج**ل يس**تريح في اليوم النادر والساعة من يومه، ويجم فيها نفسه في التط**رح والراح**ة ليستعين بذلك على شغل من البر، كقراءة علم أو صالة، فليس بداخل في

هذه اآلية. @قوله تعالى: "مرحا" قراءة الجمهور بفتح الراء. وقراءة فرقة فيما حكى يعقوب بكسر الراء على بناء اسم الفاعل. واألول أبلغ، فإن قولك: جاء زيد ركضا أبلغ من قولك: جاء زيد راكضا؛ فكذلك قولك مرحا. والمرح المص**در

أبلغ من أن يقال مرحا. @قوله تعالى: "إنك لن تخرق األرض" يعني لن تتولج باطنها فتعلم ما فيها "ولن تبلغ الجبال طوال" أي لن تساوي الجبال بطولك وال تطاولك، ويق**ال: خرق الثوب أي شقه، وخرق األرض قطعها. والخ**رق: الواس**ع من األرض. أي لن تخ**رق األرض بك**برك ومش**يك عليه**ا. "ولن تبل**غ الجب**ال ط**وال" بعظمتك، أي بقدرتك ال تبلغ هذا المبلغ، بل أنت عبد ذلي**ل، مح**اط ب**ك من تحتك ومن فوقك، والمحاط محصور ضعيف، فال يليق ب**ك التك**بر. والم**راد بخرق األرض هنا نقبه**ا ال قطعه**ا بالمس**افة؛ والل**ه اعلم. وق**ال األزه**ري: معن**اه لن تقطعه**ا. النح**اس: وه**ذا أبين؛ ألن**ه م**أخوذ من الخ**رق وهي الص**حراء الواس**عة. ويق**ال: فالن أخ**رق من فالن، أي أك**ثر س**فرا وع**زة ومنعة. ويروي أن سبأ دوخ األرض بأجناده شرقا وغربا وسهال وجبال، وقت**ل سادة وسبى - وبه سمي سبأ - ودان له الخل**ق، فلم**ا رأى ذل*ك انف*رد عن أصحابه ثالثة أيام ثم خرج إليهم فقال: إني لم**ا نلت م**ا لم ين**ل أح**د رأيت االبتداء بشكر هذه النعم، فلم أر أوق**ع في ذل**ك من الس**جود للش**مس إذا أشرقت، فسجدوا لها، وكان ذلك أول عبادة الشمس؛ فه**ذه عاقب**ة الخيالء

والتكبر والمرح؛ نعوذ بالله من ذلك. @قوله تعالى: "كل ذلك كان سيئه عند رب**ك مكروه**ا" "ذل**ك "إش**ارة إلى جملة ما تقدم ذكره مما أمر به ونهى عن**ه. "ذل**ك" يص**لح للواح**د والجم**ع والمؤنث والمذكر. وق**رأ عاص*م وابن ع*امر وحم*زة والكس*ائي ومس*روق

Page 150: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

"سيئة" على إضافة سيئ إلى الضمير، ولذلك قال: "مكروه**ا" نص**ب على خبر كان. والسيء: هو المكروه، وهو الذي ال يرضاه الله عز وجل وال ي**أمر به. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في ه**ذه اآلي من قول**ه: "وقض**ى رب**ك -

[ مأمورات بها ومنهيات عنها، فال يخبر23إلى قوله - كان سيئة" ]اإلسراء: عن الجميع بأن**ه س**يئة في**دخل الم**أمور ب**ه في المنهي عن**ه. واخت**ار ه**ذه القراءة أبو عبيد. وألن في قراءة أبي "كل ذلك كان سيئاته" فهذه ال تكون إال لإلضافة. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عم**رو "س**يئة" ب**التنوين؛ أي ك**ل م**ا نهى الله ورسوله عنه سيئة. وعلى هذا انقطع الكالم عند قول**ه: "وأحس**ن

[ ثم ق**ال: "وال تق**ف م**ا ليس ل**ك ب**ه علم" ]اإلس**راء:59تأويال" ]النساء: [، "وال تمش"، ثم قال: "كل ذلك كان سيئة" بالتنوين. وقي**ل: إن قول**ه36

[ إلى هذه اآلية كان سيئة ال حسنة في**ه،151"وال تقتلوا أوالدكم" ]األنعام: فجعلوا "كال" محيطا بالمنهي عنه دون غيره. وقول**ه: "مكروه**ا" ليس نعت**ا لسيئة، بل هو بدل منه؛ والتقدير: كان سيئة وك*ان مكروه*ا. وق**د قي**ل: إن "مكروها" خ*بر ث*ان لك*ان حم*ل على لفظ*ه ك*ل، و"س*يئة" محم*ول على المعنى في جميع ه**ذه األش**ياء الم**ذكورة قب**ل. وق**ال بعض**هم: وه**و نعت لسيئة؛ ألنه لما كان تأنيثها غير حقيقي جاز أن توصف بم**ذكر. وض**عف أب**و علي الفارسي هذا وقال: إن المؤنث إذا ذكر فإنما ينبغي أن يكون ما بعده مذكرا، وإنما التساهل أن يتقدم الفعل المسند إلى المؤنث وهو في ص**يغة

ما يسند إلى المذكر؛ أال ترى قول الشاعر: فال مزنة ودقت ودقها وال أرض أبقل إبقالها

مستقبح عندهم. ولو قال قائل: أبق**ل أرض لم يكن قبيح**ا. ق**ال أب**و علي: ولكن يجوز في قوله "مكروها" أن يكون بدال من "سيئة". ويجوز أن يك**ون حاال من الضمير الذي في "عند ربك" ويكون "عند ربك" في موضع الصفة

لسيئة. @ استدل العلماء به**ذه اآلي**ة على ذم ال**رقص وتعاطي**ه. ق**ال اإلم**ام أب**و الوفاء بن عقيل: قد نص القرآن على النهي عن الرقص فقال: "وال تمشي في األرض مرح**ا" وذم المخت**ال. وال**رقص أش**د الم**رح والبط**ر. أو لس**نا الذين قسنا النبيذ على الخمر التفاقهما في اإلطراب والس*كر، فم**ا بالن**ا ال نقيس القض**يب وتلحين الش**عر مع**ه على الطنب**ور والمزم**ار والطب**ل الجتماعهما. فما أقبح من ذي لحية، وكيف إذا ك**ان ش**يبة، ي**رقص ويص**فق على إيقاع األلحان والقضبان، وخصوصا إن كانت أصوات لنسوان ومردان، وهل يحسن لمن بين يديه الموت والسؤال والحشر والصراط، ثم ه**و إلى إحدى الدارين، يشمس بالرقص شمس البهائم، ويصفق تصفيق النس**وان، ولق**د رأيت مش**ايخ في عم**ري م**ا ب**ان لهم س**ن من التبس**م فض**ال عن الضحك مع إدمان مخالطتي لهم وقال أبو الفرج ابن الج**وزي رحم**ه الل**ه: ولقد حدثني بعض المشايخ عن اإلمام الغ**زالي رض**ي الل**ه عن**ه أن**ه ق**ال: الرقص حماقة بين الكتفين ال تزول إال باللعب. وس**يأتي له**ذا الب**اب مزي**د

بيان في "الكهف" وغيرها إن شاء الله تعالى. }ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة وال تجعل مع الله إلها39*اآلية: 3*

آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا{ @ اإلشارة ب* "ذلك" إلى هذه اآلداب والقصص واألحكام التي تضمنتها هذه اآليات المتقدمة التي نزل به**ا جبري**ل علي**ه الس**الم. أي ه**ذه من األفع**ال

Page 151: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

المحكمة التي تقتضيها حكم**ة الل**ه ع**ز وج**ل في عب**اده، وخلقه**ا لهم من محاسن األخالق والحكمة وقوانين المعاني المحكمة واألفعال الفاض**لة. ثم عطف قوله "وال تجعل" على ما تقدم من النواهي. والخطاب للن**بي ص**لى الله عليه وسلم المراد كل من سمع اآلي**ة من البش**ر. والم**دحور: المه**ان المبعد المقصى. وقد تقدم في هذه السورة. ويقال في الدعاء: اللهم ادحر

عنا الشيطان؛ أي أبعده. }أفأص**فاكم ربكم ب**البنين واتخ**ذ من المالئك**ة إناث**ا إنكم40*اآلي**ة: 3*

لتقولون قوال عظيما{ @قوله تعالى: "أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من المالئكة إناث**ا" ه**ذا ي**رد على من قال من العرب: المالئك**ة بن**ات الل**ه، وك**ان لهم بن**ات أيض**ا م**ع النبيين، ولكنه أراد: أفأخلص لكم البنين دونه وجعل البن**ات مش**تركة بينكم

وبينه. "إنكم لتقولون قوال عظيما" أي في اإلثم عند الله عز وجل. }ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إال نفورا{41*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "ولق**د ص**رفنا" أي بين**ا. وقي**ل كررن**ا. والتص**ريف: ص**رف الشيء من جهة إلى جهة. والمراد بهذا التصريف البي**ان والتكري**ر. وقي**ل: المغايرة؛ أي غايرنا بين المواعظ ليذكروا ويعتبروا ويتعظوا. وقراءة العامة "صرفنا" بالتشديد على التكثير حيث وق**ع. وق**رأ الحس**ن ب**التخفيف. ق**ال الثعل**بي: س**معت أب**ا القاس**م الحس**ين يق**ول بحض**رة اإلم**ام الش**يخ أبي الطيب: لقوله تعالى: "صرفنا" معنيان؛ أحدهما لم يجعل**ه نوع**ا واح**دا ب**ل وع**دا ووعي**دا ومحكم**ا ومتش**ابها ونهي**ا وأم**را وناس**خا ومنس**وخا وأخب**ارا وأمث**اال؛ مث**ل تص**ريف الري**اح من ص**با ودب**ور وجن**وب وش**مال، وص**ريف األفعال من الماضي والمستقبل واألمر والنهي والفعل والفاعل والمفع**ول ونحوها. والثاني أنه لم ي**نزل م**رة واح**دة ب**ل نجوم**ا؛ نح**و قول**ه "وقرآن**ا

[ ومعناه: أكثرنا صرف جبريل علي**ه الس**الم إلي**ك.106فرقناه" ]اإلسراء: وقوله "في ه**ذا الق**رآن" قي**ل "في" زائ**دة، والتق**دير: ولق**د ص**رفنا ه**ذا

[ أي أص**لح ذري**تي.15الق**رآن؛ مث**ل "وأص**لح لي في ذري**تي" ]األحق*اف: وقوله "في هذا القرآن" يعني األمثال والع**بر والحكم والمواع**ظ واألحك**ام

واإلعالم. @قوله تعالى: "ليذكروا

قراءة يحيى واألعمش وحم**زة والكس**ائي "لي**ذكروا" مخفف**ا، وك**ذلك في [. الب**اقون بالتش**ديد.50الفرقان "ولقد صرفناه بينهم ليذكروا" ]الفرق**ان:

واختاره أبو عبيد؛ ألن معناه ليت**ذكروا وليتعظ**وا. ق**ال المه**دوي: من ش**دد "ليذكروا" أراد التدبر. وكذلك من قرأ "ليذكروا". ونظير األول "ولقد وصلنا

[ والث**اني: "واذك**روا م**ا في**ه"51لهم الق**ول لعلهم يت**ذكرون" ]القص**ص: [ 63]البقرة:

@قوله تعالى: "وما يزيدهم أي التصريف والتذكير.

@قوله تعالى: "إال نفورا أي تباعدا عن الحق وغفلة عن النظ**ر واالعتب**ار؛ وذل**ك ألنهم اعتق**دوا في

القرآن أنه حيلة وسحر وكهانة وشعر. }قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا البتغوا إلى ذي43 -* 42*اآليتان: 3*

العرش سبيال، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا{

Page 152: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "قل لو كان معه آلهة" هذا متصل بقوله تع**الى: "وال تجع**ل [ وهو رد على عباد األصنام. "كما يقولون"22مع الله إلها آخره" ]اإلسراء

ق**رأ ابن كث**ير وحفص "يقول**ون" بالي**اء. الب**اقون "تقول**ون" بالت**اء على الخط**اب. "إذا البتغ**وا" يع**ني اآلله**ة. "إلى ذي الع**رش س**بيال" ق**ال ابن العباس رضي الله تعالى عنهما: لطلبوا مع الل**ه منازع**ة وقت**اال كم**ا تفع**ل ملوك الدنيا بعضهم ببعض. وق*ال س*عيد بن جب**ير رض*ي الل*ه تع*الى عن**ه: المعنى إذا لطلبوا طريقا إلى الوصول إلي**ه ل**يزيلوا ملك**ه، ألنهم ش**ركاؤه. وق**ال قت**ادة: المع**نى إذا البتغت اآلله**ة القرب**ة إلى ذي الع**رش س**بيال، والتمست الزلفة عنده ألنهم دونه، والقوم اعتقدوا أن األصنام تق**ربهم إلى الله زلفى، فإذا اعتقدوا في األصنام أنها محتاجة إلى الله س**بحانه وتع**الى فقد بطل أنها آلهة. "سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا" ن**زه س**بحانه

نفسه وقدسه ومجده عما ال يليق به. والتسبيح: التنزيه. وقد تقدم. }تس**بح ل**ه الس**ماوات الس**بع واألرض ومن فيهن وإن من44*اآلي**ة: 3*

شيء إال يسبح بحمده ولكن ال تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا{ @قوله تعالى: "تسبح له السماوات الس**بع واألرض ومن فيهن" أع**اد على الس**ماوات واألرض ض**مير من يعق**ل، لم**ا أس**ند إليه**ا فع**ل العاق**ل وه**و التس**بيح. وقول**ه: "ومن فيهن" يري**د المالئك**ة واإلنس والجن، ثم عم بع**د ذلك األشياء كلها في قوله: "وإن من شيء إال يسبح بحمده". واختل**ف في هذا العموم، هل هو مخصص أم ال؛ فقالت فرق*ة: ليس مخصوص*ا والم*راد به تسبيح الداللة، وكل محدث يشهد على نفسه بأن الل**ه ع**ز وج**ل خ**الق قادر. وقالت طائفة: هذا التسبيح حقيق**ة، وك*ل ش*يء على العم*وم يس**بح تسبيحا ال يسمعه البشر وال يفقهه، ولو ك**ان م**ا قال*ه األول**ون من أن**ه أث**ر الصنعة والداللة لكان أمرا مفهوما، واآلية تنطق بأن ه**ذا التس**بيح ال يفق**ه. وأجيبوا بأن المراد بقوله: "ال تفقهون" الكفار الذين يعرض**ون عن االعتب**ار فال يفقهون حكمة الله س**بحانه وتع**الى في األش**ياء. وق**الت فرق**ة: قول**ه "من شيء" عموم، ومعناه الخص**وص في ك**ل حي ون**ام، وليس ذل**ك في الجمادات. ومن هذا ق**ول عكرم**ة: الش**جرة تس**بح واالس**طوان ال يس**بح. وقال يزيد الرقاشي للحسن وهما في طعام وقد قدم الخوان: أيس**بح ه**ذا الخوان يا أبا سعيد؟ فقال: قد كان يسبح مرة؛ يري**د أن الش**جرة في زمن

ثمرها واعتدالها كانت تسبح، وأما اآلن فقد صار خوانا مدهونا. قلت: ويستدل لهذا القول من السنة بما ثبت عن ابن عباس رضي الله

تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على ق**برين فق**ال: )إنهم**ا ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميم**ة وأم**ا اآلخ**ر فكان ال يس*تبرئ من الب*ول( ق*ال: ف*دعا بعس*يب رطب فش*قه اث*نين، ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال: )لعله يخفف عنهم**ا م**ا لم ييبسا(. فقوله عليه الصالة والسالم. )ما لم ييبسا( إشارة إلى أنهما ما داما رطبين يسبحان، فإذا يبسا صارا جم**ادا. والل**ه اعلم. وفي مس**ند أبي داود الطيالسي: فتوضع على أحدهما نصفا وعلى اآلخ**ر نص**فا وق**ال: )لعل**ه أن يه**ون عليهم**ا الع**ذاب م**ا دام فيهم**ا من بلوتهم**ا ش**يء(. ق**ال علماؤن**ا: ويستفاد من هذا غرس، األشجار وق**راءة الق**رآن على القب**ور، وإذا خف**ف عنهم باألشجار فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن. وقد بينا ه**ذا المع**نى في كتاب التذكرة بيانا شافيا، وأنه يص**ل إلى الميت ث**واب م**ا يه**دى إلي**ه.

Page 153: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

والحمد لله على ذل**ك. وعلى التأوي**ل الث**اني ال يحت**اج إلى ذل**ك؛ ف**إن ك*لشيء من الجماد وغيره يسبح.

قلت: ويستدل لهذا التأويل وه**ذا الق**ول من الكت**اب بقول**ه س**بحانه وتعالى: "واذكر عبدنا داود ذا األيد إنه أواب. إنا سخرنا الجبال معه يسبحن

[، وقول**ه: "وإن منه**ا لم**ا يهب**ط من خش**ية17بالعش**ي واإلش**راق" ]ص: [ - على قول مجاهد - ، وقول**ه: "وتخ**ر الجب**ال ه**دا. أن74الله" ]البقرة:

[. وذك**ر ابن المب**ارك في )دقائق**ه( أخبرن**ا90دعوا للرحمن ولدا" ]م**ريم: مسعر عن عبدالله بن واصل عن عوف بن عبدالل**ه ق**ال ق**ال عبدالل**ه بن مسعود رضي الله عنه: إن الجبل يقول للجبل: يا فالن، هل م**ر ب**ك الي**وم ذاكر لله عز وجل؟ ف**إن ق**ال نعم س**ر ب**ه. ثم ق**رأ عبدالل**ه "وق**الوا اتخ**ذ الرحمن ولدا" اآلية. قال: أفتراهن يسمعن الزور وال يس**معن الخ**ير. وفي**ه عن أنس بن مالك رضي الل**ه عن**ه ق**ال: م**ا من ص**باح وال رواح إال تن**ادي بقاع األرض بعضها بعضا. يا جاراه؛ هل مر بك اليوم عبد فصلى لله أو ذك**ر الله عليك؟ فمن قائلة ال، ومن قائل**ة نعم، ف**إذا ق**الت نعم رأت له**ا ب**ذلك فضال عليها. وقال رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )ال يس**مع ص**وت المؤذن جن وال إنس وال شجر وال حجر وال مدر وال شيء إال ش**هد ل**ه ي**وم القيام**ة(. رواه ابن ماج**ه في س**ننه، ومال**ك في موطئ**ه من ح**ديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وخرج البخاري عن عبدالله رض**ي الل**ه عن**ه قال: لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. في غير هذه الرواية عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: كنا نأك**ل م**ع وس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم الطعام ونحن نسمع تسبيحه. وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )إني ألع**رف حج**را بمك**ة ك**ان يس**لم علي قب**ل أن أبعث إني ألعرف**ه اآلن(. قي**ل: إن**ه الحجر األسود، والله اعلم. واألخبار في هذا المعنى كث**يرة؛ وق**د أتين**ا على جملة منها في اللمع اللؤلئية في شرح العشرينيات النبوية للفاداري رحم**ه الله، وخبر الجذع أيضا مشهور في ه**ذا الب**اب خرج**ه البخ**اري في موض**ع من كتاب**ه. وإذا ثبت ذل**ك في جم**اد واح**د ج**از في جمي**ع الجم**ادات، وال استحالة في شيء من ذلك؛ فكل شيء يسبح للعم**وم. وك**ذا ق**ال النخعي وغيره: هو عام فيما فيه روح وفيما ال روح فه حتى صرير الب**اب. واحتج**وا باألخبار التي ذكرنا. وقيل: تسبيح الجمادات أنها تدعو الن**اظر إليه**ا إلى أن

يقول: سبحان الله! لعدم اإلدراك منها. وقال الشاعر: تلقى بتس*بيحة من حيث م*ا انص*رفت وتس*تقر حش*ا ال*رائي

بترعاد أي يقول من رآها: سبحان خالقها. فالصحيح أن الكل يسبح لألخب**ار الدال**ة على ذلك لو كان ذلك التسبيح تسبيح داللة فأي تخصيص لداود، وإنما ذل**ك تسبيح المقال بخلق الحياة واإلنطاق بالتسبيح كما ذكرنا. وقد نصت الس**نة على ما دل عليه ظاهر القرآن من تسبيح كل شيء فالقول به أولى. والله اعلم. وقرأ الحسن وأبو عمرو ويعقوب وحفص وحم**زة والكس**ائي وخل**ف "تفقهون" بالتاء لتأنيث الفاع**ل. الب**اقون بالي**اء، واخت**اره أب**و عبي**د، ق**ال: للحائل بين الفعل والتأنيث. "إنه كان حليم**ا" عن ذن**وب عب**اده في ال**دنيا.

"غفورا" للمؤمنين في اآلخرة.

Page 154: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين ال يؤمنون باآلخرة45*اآلية: 3*حجابا مستورا{

@ عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما قالت: لما نزلت سورة "تبت يدا أبي لهب" أقبلت الع**وراء أم جمي**ل بنت ح**رب وله**ا ولول**ة وفي

يدها فهر وهي تقول: مذمما عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا

والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد ومعه أب**و بك**ر رض**ي الل**ه عنه؛ فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، لقد أقبلت وأنا أخاف أن ت**راك! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إنها لن تراني( وقرأ قرآنا فاعتصم به كما قال. وقرأ "وإذا ق**رأت الق**رآن جعلن**ا بين**ك وبين ال**ذين ال يؤمن**ون باآلخرة حجاب**ا مس**تورا". ف**وقفت على أبي بك**ر رض**ي الل**ه عن**ه ولم ت**ر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ي**ا أب**ا بك**ر، أخ**برت أن ص**احبك هجاني! فقال: ال ورب هذا البيت ما هج**اك. ق**ال: ف**ولت وهي تق**ول: ق**د علمت قريش أني ابنة سيدها. وقال سعيد بن جب**ير رض**ي الل**ه عن**ه: لم**ا

[ ج**اءت ام**رأة أبي لهب إلى1ن**زلت "تبت ي**دا أبي لهب وتب" ]المس**د: النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر رضي الله عنه، فقال أبو بكر: لو تنحيت عنها لئال تسمعك ما يؤذيك، فإنها امرأة بذية. فقال النبي صلى الل**ه عليه وسلم: )إنه سيحال بيني وبينها( فلم تره. فقالت ألبي بكر: يا أبا بك**ر، هجانا صاحبك! فق**ال: والل**ه م**ا ينط**ق بالش**عر وال يقول**ه. فق**الت: وإن**ك لمصدقه؛ فاندفعت راجعة. فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، أما رأتك؟ قال: )ال ما زال ملك ببني وبينها يس**ترني ح**تى ذهبت(. وق**ال كعب رضي الله عنه في هذه اآلية: كان النبي صلى الله علي*ه وس*لم يس**تتر من المشركين بثالث آيات: اآلية التي في الكهف "إنا جعلن**ا على قل**وبهم أكن**ة

[، واآلي**ة في النح**ل "أولئ**ك57أن يفقه**وه وفي آذانهم وق**را"، ]الكه**ف: [، واآلي**ة108الذين طبع الله على قلوبهم وس**معهم وأبص**ارهم" ]النح**ل:

التي في الجاثية "أفرأيت من اتخذ إلهه ه**واه وأض**له الل**ه على علم وختم [ اآلي**ة. فك**ان23على سمعه وقلبه وجعل على بص**ره غش**اوة" ]الجاثي**ة:

النبي صلى الله عليه وس**لم إذا ق*رأهن يس*تتر من المش*ركين. ق*ال كعب رضي الله تعالى عنه: فحدثت بهن رجال من أهل الشام، فأتى أرض ال**روم فأقام بها زمانا، ثم خرج هاربا فخرجوا في طلبه فقرأ بهن فصاروا يكونون معه على طريقه وال يبصرونه. قال الثعل**بي: وه**ذا ال**ذي يروون**ه عن كعب حدثت به رجال من أهل ال**ري فأس**ر بال**ديلم، فمكث زمان**ا ثم خ**رج هارب**افخرجوا في طلبه فقرأ بهن حتى جعلت ثيابهن لتلمس ثيابه فما يبصرونه.

قلت: ويزاد إلى هذه اآلية أول سورة يس إلى قوله "فهم ال يبصرون". فإن في السيرة في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومق**ام علي رض**ي الله عنه في فراشه قال: وخرج رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم فأخ**ذ حفنة من تراب في يده، وأخذ الله عز وجل على أبصارهم عن**ه فال يرون**ه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه اآليات من يس: "يس. والقرآن الحكيم. إنك لمن المرسلين. على صراط مستقيم. تنزي**ل العزي**ز ال***رحيم - إلى قول***ه - وجعلن***ا من بين أي***ديهم س***دا ومن خلفهم س***دا

[. حتى ف**رغ رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه6فأغشيناهم فهم ال يبصرون" ]يس:

Page 155: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

عليه وسلم من هذه اآليات، ولم يبق منهم رجل إال وق**د وض**ع على رأس**هترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.

قلت: ولقد اتفق لي ببالدنا األندلس بحصن منثور من أعمال قرطب**ة مثل هذا. وذلك أني هربت أمام الع**دو وانح**زت إلى ناحي**ة عن**ه، فلم ألبث أن خرج في طلبي فارسان وأنا في فضاء من األرض قاع**د ليس يس**ترني عنهما شيء، وأنا أقرأ أول سورة يس وغ**ير ذل**ك من الق**رآن؛ فع**برا علي ثم رجعا من حيث جاءا وأحدهما يقول لآلخ**ر: ه**ذا ديبل**ه؛ يعن**ون ش**يطانا. وأعمى الله عز وجل أبصارهم فلم ي**روني، والحم**د لل**ه حم**دا كث**يرا على ذلك. وقيل: الحجاب المستور طب**ع الل**ه على قل**وبهم ح**تى ال يفقه**وه وال يدركوا ما فيه من الحكمة؛ قاله قتادة. وق**ال الحس**ن: أي أنهم إلعراض**هم عن قراءتك وتغافلهم عنك كمن بينك وبينه حجاب في عدم رؤيته لك ح**تى كأن على قلوبهم أغطية. وقيل: نزلت في ق**وم ك**انوا ي**ؤذون رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن، وهم أبو جهل وأبو سفيان والنضر بن الحارث وأم جميل امرأة أبي لهب وحويطب؛ فحجب الله س**بحانه وتع**الى رسوله صلى الل**ه علي**ه وس**لم عن أبص**ارهم عن**د ق**راءة الق**رآن، وك**انوا يمرون به وال يرونه؛ قاله الزجاج وغيره. وهو معنى القول األول بعينه، وهو األظهر في اآلية، والله اعلم. وقوله: "مس**تورا" في**ه ق**والن: أح**دهما - أن الحجاب مستور عنكم ال ترونه. والثاني: أن الحجاب ساتر عنكم م**ا وراءه؛

ويكون مستورا به بمعنى ساتر. }وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقه**وه وفي آذانهم وق**را وإذا46*اآلية: 3*

ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا{ @قوله تعالى: "وجعلنا على قلوبهم أكنة" "أكنة" جمع كنان، وهو م**ا س**تر الشيء. وقد تقدم في "األنعام". "أن يفقه**وه" أي لئال يفقه**وه، أو كراهي**ة أن يفقهوه، أي أن يفهموا ما فيه من األوام**ر والن**واهي والحكم والمع*اني. وه**ذا رد على القدري**ة. "وفي آذانهم وق**را" أي ص**مما وثقال. وفي الكالم إضمار، أي أن يسمعوه. "وإذا ذكرت رب**ك في الق**رآن وح**ده" أي قلت: ال إله إال الله وأنت تتل**و الق**رآن. وق**ال أب**و الج**وزاء أوس بن عبدالل**ه: ليس ش**يء أط**رد للش**ياطين من القلب من ق**ول ال إل**ه إال الل**ه، ثم تال "وإذا ذكرت رب*ك في الق*رآن وح*ده ول*وا على أدب**ارهم نف**ورا". وق*ال علي بن الحسين: هو قوله بسم الله الرحمن الرحيم. وقد تقدم ه**ذا في البس**ملة. "ولوا على أدبارهم نفورا" قيل: يعني بذلك المش**ركين. وقي**ل الش**ياطين. و"نف**ورا" جم**ع ن**افر؛ مث**ل ش**هود جم**ع ش**اهد، وقع**ود جم**ع قاع**د، فه**و منصوب على الحال. ويجوز أن يكون مصدوا على غير الصدر؛ إذ كان قوله

"ولوا" بمعنى نقروا، فيكون معناه نفورا نفورا. }نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى47*اآلية: 3*

إذ يقول الظالمون إن تتبعون إال رجال مسحورا{ @قوله تعالى: "نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك" قي**ل: الب**اء زائدة في قوله "به" أي يستمعونه. وكانوا يستمعون من الن**بي ص**لى الل**ه عليه وسلم القرآن ثم ينفرون فيقولون: هو ساحر ومسحور؛ كما أخبر الله تعالى به عنهم؛ قاله قتادة وغيره. "وإذ هم نجوى" أي متناجون في أم**رك. قال قتادة: وكانت نجواهم قولهم إنه مجنون وإنه ساحر وإنه يأتي بأساطير األولين، وغير ذلك. وقيل: نزلت حين دعا عتبة أش**راف ق**ريش إلى طع**ام

Page 156: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

صنعه لهم، فدخل عليهم النبي صلى الله عليه وس**لم وق**رأ عليهم الق**رآن ودعاهم إلى الله؛ فتناجوا؛ يقولون ساحر ومجنون. وقيل: أمر الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم علي**ا أن يتخ**ذ طعام**ا وي**دعو إلي**ه أش**راف ق**ريش من المشركين؛ ففع**ل ذل**ك علي ودخ**ل عليهم رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم وقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى التوحيد، وقال: )قولوا ال إله إال الل**ه لتطيعكم العرب وتدين لكم العجم( فأبوا، وكانوا يستمعون من النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون بينهم متناجين: هو س**احر وه**و مس**حور؛ ف**نزلت اآلية. وقال الزجاج: النجوى اسم للمصدر؛ أي وإذ هم ذو نجوى، أي س**رار. "إذ يقول الظالمون" أبو جهل والوليد بن المغيرة وأمثالهما. "إن تتبعون إال رجال مسحورا" أي مطبوبا قد خبل**ه الس**حر فاختل**ط علي**ه أم**ره، يقول**ون ذلك لينفروا عنه الناس. وقال مجاهد: "مسحورا" أي مخدوعا؛ مث**ل قول**ه:

[ أي من أين تخدعون. وق**ال أب**و عبي**دة:89"فأني تسحرون" ]المؤمنون: "مس**حورا" معن**اه أن ل**ه س**حرا، أي رئ**ة، فه**و ال يس**تغني عن الطع**ام والش**راب؛ فه**و مثلكم وليس بمل**ك. وتق**ول الع**رب للجب**ان: ق**د انتفخ سحره. ولكل من أكل من آدمي وغ**يره أو ش**رب مس**حور ومس**حر. ق**ال

لبيد: فإن تسألينا فيم نحن فإننا عصافير من هذا األنام المسحر

وقال امرؤ القيس: أرانا موضعين ألمر غيب ونسحر بالطعام وبالشراب

أي نغذي ونعلل. وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنه**ا أنه**ا ق**الت: من هذه التي تس**اميني من أزواج الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم؛ وق**د ت**وفي

رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري. }انظر كيف ضربوا لك األمثال فضلوا فال يستطيعون سبيال{48*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "انظر كي**ف ض**ربوا ل**ك األمث**ال" عجب**ه من ص**نعهم كي**ف يقولون تارة س**احر وت**ارة مجن**ون وت**ارة ش**اعر. "فض**لوا فال يس**تطيعون سبيال" أي حيلة في صد الن**اس عن**ك. وقي**ل: ض**لوا عن الح**ق فال يج**دون سبيال، أي إلى الهدى. وقيل: مخرجا؛ لتناقض كالمهم في ق**ولهم: مجن**ون،

ساحر، شاعر. }وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا{49*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "وقالوا أئذا كنا عظاما ورفات**ا" أي ق**الوا وهم يتن**اجون لم**ا سمعوا القرآن وسمعوا أمر البعث: لو لم يكن مسحورا مخ**دوعا لم**ا ق**ال هذا. قال ابن عباس: الرفات الغبار. مجاه**د: ال**تراب. والرف**ات م**ا تكس**ر وبلي من ك***ل ش***يء؛ كالفت***ات والحط***ام والرض***اض؛ عن أبي عبي***دة والكسائي والفراء واألخفش. تقول منه: رفت الشيء رفتا، أي حطم؛ فه**و مرفوت. "أئنا لمبعوثون خلق**ا جدي**دا" "أئن**ا" اس**تفهام والم**راد ب**ه الجح**د واإلنكار. و" خلقا" نصب ألنه مصدر؛ أي بعثا جديدا. وكان هذا غاي**ة اإلنك**ار

منهم.-** 50*اآليتان: 3* }قل كونوا حجارة أو حديدا، أو خلقا مم**ا يك**بر في51

صدوركم فسيقولون من يعي**دنا ق**ل ال**ذي فط**ركم أول م**رة فسينغض**ونإليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا{

@ أي ق**ل لهم ي**ا محم**د كون**وا على جه**ة التعج**يز حج**ارة أو حدي**دا في الش**دة والق**وة. ق**ال الط**بري: أي إن عجبتم من إنش**اء الل**ه لكم عظام**ا

Page 157: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ولحما فكونوا أنتم حجارة أو حديدا إن قدرتم. وقال علي بن عيسى: معناه أنكم لو كنتم حجارة أو حديدا لم تفوت**وا الل**ه ع**ز وج**ل إذا أرادكم؛ إال أن**ه خرج مخرج األمر، ألنه أبل**غ في اإلل**زام. وقي**ل: معن**اه ل**و كنتم حج**ارة أو حديدا ألعادكم كما بدأكم، وألماتكم ثم أحياكم. وقال مجاهد: المعنى كون*وا ما شئتم فستعادون. النح**اس: وه**ذا ق**ول حس**ن؛ ألنهم ال يس**تطيعون أن يكونوا حجارة، وإنما المعنى أنهم قد أق**روا بخ**القهم وأنك**روا البعث فقي**ل لهم استشعروا أن تكونوا ما شئتم، فل**و كنتم حج**ارة أو حدي**دا لبعثتم كم**ا خلقتم أول م**رة. "أو خلق**ا مم**ا يك**بر في ص**دوركم" ق**ال مجاه**د: يع**ني السماوات واألرض والجبال لعظمها في النفوس. وه**و مع*نى ق**ول قت**ادة. يقول: كونوا ما شئتم، فإن الل**ه يميتكم ثم يبعثكم. وق**ال ابن عب**اس وابن عمر وعبدالله بن عمرو بن العاص وابن جبير ومجاهد أيض**ا وعكرم**ة وأب**و صالح والضحاك: يعني الموت؛ ألنه ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم منه؛

قال أمية بن أبي الصلت: وللموت خلق في النفوس فظيع

يق***ول: إنكم ل***و خلقتم من حج***ارة أو حدي***د أو كنتم الم***وت ألميتنكم وألبعثنكم؛ ألن الق*درة ال*تي به*ا أنش*أتكم به*ا نعي*دكم. وه*و مع*نى قول*ه: "فسيقولون من يعيدنا". وفي الحديث أنه )يؤتى ب**الموت ي**وم القيام**ة في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار(. وقيل: أراد ب**ه البعث؛ ألن**ه ك**ان أكبر في صدورهم؛ قاله الكلبي. "فطركم" خلقكم وأنشأكم. "فسينغض**ون إليك رؤوسهم" أي يحرك*ون رؤوس**هم اس*تهزاء؛ يق*ال: نغض رأس*ه ينغض وينغض نغضا ونغوضا؛ أي تحرك. وأنغض رأس**ه أي حرك**ه، ك**المتعجب من

الشيء؛ ومنه قوله تعالى: "فسينغضون إليك رؤوسهم". قال الراجز: أنغض نحوي رأسه وأقنعا

ويقال أيضا: نغض فالن رأسه أي حركه؛ يتعدى وال يتع**دى، حك**اه األخفش.ويقال: نغضت سنه؛ أي حركت وانقلعت. قال الراجز:

ونغضت من هرم أسنانها وقال آخر:

لما رأتني انغضت لي الرأسا وقال آخر:

ال ماء في المقراة إن لم تنهض بمسد فوق المحال النغض المحال والمحالة: البكرة العظيمة التي يستقي بها اإلب**ل. "ويقول**ون م**تى هو" أي البعث واإلعادة وهذا الوقت. "قل عس**ى أن يك**ون قريب**ا" أي ه**و قريب؛ ألن عسى واحب؛ نظيره "وم**ا ي**دريك لع**ل الس**اعة تك**ون قريب**ا"

[. وك**ل، م**ا ه**و آت17[ و"لعل الساعة ق**ريب" ]الش**ورى: 63]األحزاب: فهو قريب.

}يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إال قليال{52*اآلية: 3* @قوله تعالى: "يوم ي**دعوكم" ال**دعاء: الن**داء إلى المحش**ر بكالم تس**معه الخالئق، يدعوهم الله تعالى فيه بالخروج. وقيل: بالصيحة التي يس**معونها؛ فتكون داعي**ة لهم إلى االجتم**اع في أرض القيام**ة. ق**ال ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )إنكم ت**دعون ي**وم القيام**ة بأس**مائكم وأس**ماء آب**ائكم فأحس**نوا أسماءكم(. "فتستجيبون بحمده" أي باستحقاقه الحمد على اإلحي**اء. وق**ال

أبو سهل: أي والحمد لله؛ كما قال:

Page 158: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فإني بحمد الله ال ثوب فاجر لبست، وال من غدرة أتقنع وقيل: حامدين لله تعالى بألسنتكم. قال سعيد بن جبير: تخ**رج الكف**ار من قب**ورهم وهم يقول**ون س**بحانك وبحم**دك؛ ولكن ال ينفعهم اع**تراف ذل**ك اليوم. وقال ابن عباس: "بحم**ده" ب**أمره؛ أي تق**رون بأن**ه خ**القكم. وق**ال قتادة: بمعرفته وطاعته. وقيل: المعنى بقدرته. وقيل: بدعائ**ه إي**اكم. ق**ال علماؤنا: وهو الصحيح؛ فإن النفخ في الص**ور إنم**ا ه**و س**بب لخ**روج أه**ل القبور؛ بالحقيقة إنما هو خروج الخلق بدعوة الحق، قال الله تع**الى: "ي**وم يدعوكم فتستجيبون بحم**ده" فيقوم**ون يقول**ون س**بحانك اللهم وبحم**دك. ق**ال: في**وم القيام**ة ي**وم يب**دأ بالحم**د ويختم ب**ه؛ ق*ال الل**ه تع*الى: "ي**وم يدعوكم فتستجيبون بحم**ده" وق**ال في آخ**ر "وقض**ى بينهم ب**الحق وقي**ل

[. "وتظن**ون إن لبثتم إال قليال" يع**ني75الحمد لله رب العالمين" ]الزم**ر: بين النفختين؛ وذلك أن الع**ذاب يك**ف عن المع**ذبين بين النفخ**تين، وذل**ك أربعون عاما فين**امون؛ ف**ذلك قول**ه تع**الى: "من بعثن**ا من مرق**دنا" ]يس:

[ فيكون خاصا للكفار. وقال مجاهد: للكافرين هجعة قب**ل ي**وم القيام**ة52 يجدون فيها طعم النوم، ف**إذا ص**يح بأه**ل القب**ور ق**اموا م**ذعورين. وق**ال قتادة: المعنى أن الدنيا تح**اقرت في أعينهم وقلت حين رأوا ي**وم القيام**ة.

الحسن: "وتظنون إن لبثتم إال قليال" في الدنيا لطول لبثكم في اآلخرة. }وق**ل لعب**ادي يقول**وا ال**تي هي أحس**ن إن الش**يطان ي**نزغ53*اآلية: 3*

بينهم إن الشيطان كان لإلنسان عدوا مبينا{ @قوله تعالى: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" تق**دم إعراب**ه. واآلي**ة نزلت في عمر بن الخطاب. وذلك أن رجال من العرب ش**تمه، وس**به عم**ر وهم بقتله، فكادت تثير فتنة فأنزل الله تع**الى في**ه: "وق**ل لعب**ادي يقول**وا التي هي أحسن" ذكره الثعلبي والم**اوردي وابن عطي**ة والواح**دي. وقي**ل: نزلت لما قال المسلمون: ايذن لنا ي**ا رس**ول الل**ه في قت**الهم فق**د ط**ال إيذاؤهم إيانا، فقال: )لم أومر بعد بالقتال( فأنزل الله تعالى: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن"؛ قاله الكل**بي. وقي**ل: المع**نى ق**ل لعب**ادي ال**ذين اعترفوا بأني خ**القهم وهم يعب**دون األص**نام، يقول**وا ال**تي هي أحس**ن من كلمة التوحيد واإلقرار ب**النبوة. وقي**ل: المع**نى وق**ل لعب**ادي المؤم**نين إذا جادلوا الكفار في التوحيد، أن يقولوا الكلم**ة ال**تي هي أحس**ن. كم**ا ق**ال: "وال تس**بوا ال**ذين ي**دعون من دون الل**ه فيس**بوا الل**ه ع**دوا بغ**ير علم"

[. وقال الحسن: هو أن يقول للكافر إذا تشطط: هداك الله!108]األنعام: يرحمك الله! وهذا قبل أن أمروا بالجهاد. وقيل: المعنى قل لهم يأمروا بما أمر الله ب**ه وينه**وا عم**ا نهى الل**ه عن**ه؛ وعلى ه**ذا تك**ون اآلي**ة عام**ة في المؤمن والكافر، أي قل للجميع. والله أعلم. وقالت طائفة: أمر الله تعالى في ه**ذه اآلي**ة المؤم**نين فيم**ا بينهم خاص**ة، بحس**ن األدب وإالن**ة الق**ول، وخفض الجناح وإطراح نزغات الشيطان؛ وقد قال صلى الله علي**ه وس**لم:

)وكونوا عباد الله إخوانا(. وهذا أحسن، وتكون اآلية محكمة. @قول**ه تع**الى: "إن الش**يطان ي**نزغ بينهم" أي بالفس**اد وإلق**اء الع**داوة واإلغواء. وقد تق**دم في آخ**ر "األع**راف" ]ويوس**ف[. يق**ال: ن**زغ بينن**ا أي أفسد؛ قاله اليزيدي. وقال غيره: النزغ اإلغراء. "إن الشيطان كان لإلنسان عدوا مبينا" أي ش**ديد الع**داوة. وق**د تق**دم في "البق**رة". وفي الخ**بر )أن قوم**ا جلس*وا ي*ذكرون الل**ه، ع*ز وج*ل فج*اء الش*يطان ليقط**ع مجلس**هم

Page 159: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فمنعته المالئكة فجاء إلى قوم جلسوا قريبا منهم ال ي**ذكرون الل**ه فح**رش بينهم فتخاصموا وتواثبوا فقال هؤالء الذاكرون قوموا بنا نص**لح بين إخوانن**ا

فقاموا وقطعوا مجلسهم وفرح بذلك الشيطان(. فهذا من بعض عداوته. }ربكم أعلم بكم إن يش**أ ي**رحمكم أو إن يش**أ يع**ذبكم وم**ا54*اآلي**ة: 3*

أرسلناك عليهم وكيال{ @قوله تعالى: "ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يش**أ يع**ذبكم" ه**ذا خطاب للمشركين، والمعنى: إن يشأ يوفقكم لإلسالم فيرحمكم، أو يميتكم على الشرك فيعذبكم؛ قاله ابن جريج. و"اعلم" بمعنى عليم؛ نح**و ق**ولهم: الله أكبر، بمعنى كبير. وقيل: الخطاب للمؤمنين؛ أي إن يشأ ي**رحمكم ب**أن يحفظكم من كفار مكة، أو إن يشأ يعذبكم بتسليطهم عليكم؛ قاله الكل**بي. "وما أرسلناك عليهم وكيال" أي وما وكلناك في منعهم من الكف**ر وال جعلن*ا إليك إيمانهم. وقيل: ما جعلن**اك كفيال لهم تؤخ**ذ بهم؛ قال**ه الكل**بي. وق**ال

الشاعر: ذكرت أبا أروى فبت كأنني برد األمور الماضيات وكيل

أي كفيل. }وربك أعلم بمن في الس**ماوات واألرض ولق*د فض**لنا بعض55*اآلية: 3*

النبيين على بعض وآتينا داود زبورا{ @قوله تعالى: "وربك أعلم بمن في السماوات واألرض" أعاد بعد أن قال: "ربكم اعلم بكم" لي***بين أن***ه خ**القهم وأن***ه جعلهم مختلقين في أخالقهم

[. وكذا الن**بيون14وصورهم وأحوالهم ومالهم "أال يعلم من خلق" ]الملك: فضل بعضهم على بعض عن علم منه بحالهم. وق**د مض**ى الق**ول في ه**ذا في )البقرة(. "وآتينا داود زبورا" الزبور: كتاب ليس فيه حالل وال حرام، وال فرائض وال حدود؛ وإنما هو دعاء وتحميد وتمجيد. أي كم**ا آتين**ا داود الزب**ور

فال تنكروا أن يؤتى محمد القرآن. وهو في محاجة اليهود. }قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فال يملك**ون كش**ف الض**ر56*اآلية: 3*

عنكم وال تحويال{ @قول**ه تع**الى: "ق**ل ادع**وا ال**ذين زعمتم من دون**ه" لم**ا ابتليت ق**ريش بالقحط وشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الله هذه اآلي**ة؛ أي ادعوا الذين تعب**دون من دون الل**ه وزعمتم أنهم آله**ة. وق**ال الحس**ن: يع**ني المالئك**ة وعيس**ى وعزي**را. ابن مس**عود: يع**ني الجن. "فال يملك**ون كشف الضر عنكم" أي القحط سبع سنين، على قول مقات**ل. "وال تح**ويال"

من الفقر إلى الغنى ومن السقم إلى الصحة. }أولئك الذين يدعون يبتغ**ون إلى ربهم الوس**يلة أيهم أق**رب57*اآلية: 3*

ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا{ @قوله تعالى: "أولئك الذين يدعون" "أولئك" مبتدأ "الذين" صفة "أولئ**ك" وضمير الصلة محذوف؛ أي يدعونهم. يع**ني أولئ**ك الم**دعوون. و"يبتغ**ون" خبر، أو يكون حاال، و"الذين يدعون" خبر؛ أي يدعون إليه عبادا إلى عبادته. وقرأ ابن مسعود "تدعون" بالتاء على الخطاب. الباقون بالياء على الخ**بر. وال خالف في "يبتغون" أنه بالي**اء. وفي ص**حيح مس**لم من كت**اب التفس**ير عن عبدالله بن مسعود في قوله عز وجل: "أولئ**ك ال**ذين ي**دعون يبتغ**ون إلى ربهم الوسيلة" قال: نفر من الجن أسلموا وكانوا يعبدون، فبقي الذين كانوا يعب**دون على عب**ادتهم وق**د أس**لم النف**ر من الجن. في رواي**ة ق**ال:

Page 160: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

نزلت في نف**ر من الع**رب ك**انوا يعب**دون نف**را من الجن فأس**لم الج**نيون واإلنس الذين كانوا يعب**دونهم ال يش**عرون؛ ف**نزلت "أولئ**ك ال**ذين ي**دعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة". وعنه أيضا أنهم المالئك**ة ك**انت تعب**دهم قبائ**ل من العرب؛ ذك**ره الم**اوردي. وق**ال ابن عب**اس ومجاه**د: عزي**ر وعيس**ى. و"يبتغون" يطلبون من الله الزلفة والقربة، ويتضرعون إلى الله تعالى في طلب الجنة، وهي الوسيلة. أعلمهم الله تعالى أن المعبودين يبتغون القربة إلى ربهم. والهاء والميم في "ربهم" تعود على العابدين أو على المعب**ودين أو عليهم جميعا. وأما "يدعون" فعلى العابدين. "ويبتغون" على المعبودين. "أيهم أقرب" ابتداء وخبر. ويجوز أن يكون "أيهم أق**رب" ب**دال من الض**مير في "يبتغ**ون"، والمع**نى يبتغي أيهم أق**رب الوس**يلة إلى الل**ه. "ويرج**ون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا" أي مخوفا ال أمان ألحد منه؛ فينبغي أن يحذر منه ويخاف. وقال سهل بن عبدالله: الرجاء والخ**وف زمانان على اإلنسان، فإذا استويا استقامت أحواله، وإن رجح أحدهما بطل

اآلخر. }وإن من قرية إال نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها58*اآلية: 3*

عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا{ @قوله تعالى: "وإن من قرية إال نحن مهلكوه**ا" أي مخربوه**ا. "قب**ل ي**وم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا" قال مقاتل: أما الص**الحة فب**الموت، وأم**ا الطالحة فبالعذاب. وقال ابن مسعود: إذا ظهر الزنى والرب**ا في قري**ة أذن الله في هالكهم. فقيل: المع**نى وإن من قري**ة ظالم**ة؛ يق**وي ذل**ك قول**ه:

[. أي فليت**ق59"وم**ا كن**ا مهلكي الق**رى إال وأهله**ا ظ**المون" ]القص**ص: المشركون، فإنه ما من قرية كافرة إال سيحل بها العذاب. "ك**ان ذل**ك في الكتاب" أي في اللوح. "مس**طورا" أي مكتوب**ا. والس**طر: الخ**ط والكتاب**ة

وهو في األصل مصدر. والسطر)بالتحريك(، مثله. قال جرير: من شاء بايعته مالي وخلعته ما تكمل التيم في ديوانهم سطرا

الخلع**ة )بض**م الخ**اء(: خي**ار الم**ال. والس**طر جم**ع أس**طار؛ مث**ل س**بب وأس**باب، ثم يجم**ع على أس**اطير. وجم**ع الس**طر أس**طر وس**طور؛ مث**ل

أفلس وفلوس. والكتاب هنا يراد به اللوح المحفوظ. }وما منعنا أن نرسل باآليات إال أن ك**ذب به**ا األول**ون وآتين**ا59*اآلية: 3*

ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل باآليات إال تخويفا{ @قوله تعالى: "وما منعنا أن نرسل باآليات إال أن ك**ذب به**ا األول**ون" في الكالم حذف، والتقدير: وما منعنا أن نرس**ل باآلي**ات ال**تي اقترحوه**ا إال أن يكذبوا بها فيهلكوا كما فعل بمن كان قبلهم. قال معن**اه قت**ادة وابن ج**ريج وغيرهما. فأخر الل**ه تع**الى الع**ذاب عن كف**ار ق**ريش لعلم**ه أن فيهم من يؤمن وفيهم من يولد مؤمنا. وقد تقدم في "األنعام" وغيرها أنهم طلبوا أن يحول الله لهم الصفا ذهبا وتتنحى الجب**ال عنهم؛ ف**نزل جبري**ل وق**ال: )إن ش**ئت ك**ان م**ا س**أل قوم**ك ولكنهم إن لم يؤمن**وا لم يمهل**وا وإن ش**ئت استأنيت بهم(. فق**ال: )ال ب**ل اس**تأن بهم(. و"أن" األولى في مح**ل نص**ب بوق**وع المن**ع عليهم، و"أن" الثاني**ة في مح**ل رف**ع. والب**اء في "باآلي**ات" زائدة. ومج**از الكالم: وم**ا منعن**ا إرس**ال اآلي**ات إال تك**ذيب األولين، والل**ه تعالى ال يكون ممنوعا عن شيء؛ فالمعنى المبالغة في أنه ال يفعل، فكأن**ه قد منع عنه. ثم بين ما فعل بمن سأل اآليات فلم يؤمن به**ا فق**ال: "وآتين**ا

Page 161: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ثمود الناقة مبصرة" أي آية دالة مضيئة نيرة على صدق صالح، وعلى قدرة الله تعالى. وقد تقدم ذلك. "فظلموا بها" أي ظلموا بتكذيبها. وقيل: جحدوا بها وكفروا أنها من عند الله فاستأصلهم الله بالعذاب. "وما نرسل باآلي**ات إال تخويفا" فيه خمسة أق**وال: األول: الع**بر والمعج**زات ال**تي جعله**ا الل**ه على أيدي الرسل من دالئ**ل اإلن**ذار تخويف**ا للمك**ذبين. الث**اني: أنه**ا آي**ات االنتقام تخويف**ا من المعاص**ي. الث**الث: أنه**ا تقلب األح**وال من ص**غر إلى شباب ثم إلى تكهل ثم إلى مش*يب، لتعت**بر بتقلب أحوال*ك فتخ**اف عاقب**ة أمرك؛ وهذا قول أحمد بن حنبل رضي الله عنه. الرابع: القرآن. الخ**امس:

الموت الذريع؛ قاله الحسن. }وإذ قلنا لك إن ربك أح*اط بالن**اس وم**ا جعلن**ا الرؤي**ا ال*تي60*اآلية: 3*

أريناك إال فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزي**دهمإال طغيانا كبيرا{

@قوله تعالى: "وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس" قال ابن عباس: الن**اس هنا أهل مك**ة، وإحاطت**ه بهم إهالك*ه إي**اهم؛ أي أن الل**ه س**يهلكهم. وذك*ره بلفظ الماضي لتحقق كونه. وعني بهذا اإلهالك الموعود ما ج**رى ي**وم ب**در ويوم الفتح. وقيل: معنى "أحاط بالناس" أي أح**اطت قدرت**ه بهم، فهم في قبضته ال يقدرون على الخ**روج من مش**يئته؛ قال**ه مجاه**د وابن أبي نجيح. وقال الكلبي: المعنى أحاط علمه بالناس. وقيل: المراد عصمته من الناس أن يقتلوه حتى يبلغ رسالة ربه؛ أي وما أرسلناك عليهم حفيظ**ا، ب**ل علي**ك التبلي**غ، فبل**غ بج**دك فإن**ا نعص**مك منهم ونحفظ**ك، فال تهبهم، وامض لم**ا آمرك به من تبليغ الرس**الة، فق**درتنا محيط**ة بالك**ل؛ ق**ال معن**اه الحس**ن

وعروة وقتادة وغيرهم. @قوله تعالى: "وما جعلنا الرؤيا التي أرين**اك إال فتن**ة للن**اس" لم**ا بين أن إن**زال آي**ات الق**رآن تتض**من التخوي**ف ض**م إلي**ه ذك**ر آي**ة اإلس**راء، وهي المذكورة في صدر الس**ورة. وفي البخ**اري والترم**ذي عن ابن عب**اس في قوله تعالى: "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إال فتنة للن**اس" ق**ال: هي رؤي**ا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ليل**ة أس**ري ب**ه إلى بيت المق**دس. قال: "والشجرة الملعونة في القرآن" هي شجرة الزقوم. قال أبو عيس**ى الترم*ذي: ه*ذا ح*ديث ص*حيح. وبق*ول ابن عب*اس ق*الت عائش*ة ومعاوي*ة والحسن ومجاه**د وقت**ادة وس**عيد بن جب**ير والض**حاك وابن أبي نجيح وابن زيد. وكانت الفتنة ارتداد قوم كانوا أسلموا حين أخبرهم الن**بي ص**لى الل**ه علي*ه وس*لم أن*ه أس*ري ب*ه. وقي*ل: ك*انت رؤي*ا ن*وم. وه*ذه اآلي*ة تقض*ي بفساده، وذلك أن رؤيا المنام ال فتنة فيها، وما كان أح**د لينكره**ا. وعن ابن عباس قال: الرؤيا التي في هذه اآلية هي رؤيا رسول الله صلى الل**ه علي**ه وسلم أنه يدخل مك**ة في س**نة الحديبي**ة، ف**رد ف**افتتن المس**لمون ل**ذلك، فنزلت اآلية، فلما كان العام المقبل دخلها، وأنزل الل**ه تع**الى "لق**د ص**دق

[. وفي ه**ذا التأوي**ل ض**عف؛ ألن27الل**ه رس**وله الرؤي**ا ب**الحق" ]الفتح: السورة مكية وتلك الرؤيا كانت بالمدينة. وقال في رواي**ة ثالث**ة: إن**ه علي**ه السالم رأى في المنام بني مروان ينزون على منبره ن**زو الق**ردة، فس**اءه ذلك فقيل: إنما هي الدنيا أعطوها، فسري عن**ه، وم**ا ك**ان ل**ه بمك**ة من**بر ولكنه يجوز أن يرى بمكة رؤيا المنبر بالمدين**ة. وه**ذا التأوي**ل الث**الث قال**ه أيضا سهل بن سعد رض*ي الل*ه عن*ه. ق*ال س**هل إنم*ا ه*ذه الرؤي*ا هي أن

Page 162: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة، فاغتم لذلك، وما استجمع ضاحكا من يومئذ حتى م**ات ص**لى الل**ه عليه وسلم. فنزلت اآلية مخبرة أن ذلك من تملكهم وصعودهم يجعلها الله فتنة للن**اس وامتحان**ا. وق**رأ الحس**ن بن على في خطبت**ه في ش**أن بيعت**ه

[. ق**ال111لمعاوية: "وإن أدري لعله فتنة لكم ومت**اع إلى حين" ]األنبي**اء: ابن عطية: وفي هذا التأويل نظر، وال يدخل في هذه الرؤيا عثمان وال عمر

بن عبدالعزيز وال معاوية. @قوله تعالى: "والشجرة الملعونة في القرآن" فيه تق**ديم وت**أخير؛ أي م**ا جعلنا الرؤيا التي أرين**اك والش**جرة الملعون**ة في الق**رآن إال فتن**ة للن**اس. وفتنتها أنهم لما خوفوا بها قال أبو جهل استهزاء: هذا محمد يتوع**دكم بن**ار تحرق الحجارة، ثم يزعم أنها تنبت الشجر والنار تأكل الش*جر، وم*ا نع*رف الزقوم إال التمر والزبد، ثم أمر أبو جهل جارية فأحضرت تمرا وزبدا وق**ال ألصحابه: تزقموا. وقد قيل: إن القائل ما نعلم الزقوم إال التم*ر والزب*د ابن الزبعرى حيث قال: كثر الله من الزقوم في داركم، فإنه التمر بالزب*د بلغ*ة اليمن. وج**ائز أن يق**ول كالهم**ا ذل**ك. ف**افتتن أيض**ا له**ذه المقال**ة بعض الضعفاء، فأخبر الله تعالى نبيه عليه السالم أن**ه إنم**ا جع**ل اإلس**راء وذك**ر شجرة الزقوم فتنة واختبارا ليكفر من سبق عليه الكفر ويصدق من س**بق له اإليمان. كما روي أن أبا بكر الص**ديق رض**ي الل**ه عن**ه قي**ل ل*ه ص**بيحة اإلسراء: إن صاحبك يزعم أنه جاء البارحة من بيت المقدس فقال: إن كان قال ذلك فلقد صدق. فقيل ل**ه: أتص**دقه قب**ل أن تس**مع من**ه؟ فق**ال: أين عقولكم؟ أنا أصدقه بخبر الس**ماء، فكي**ف ال أص**دقه بخ**بر بيت المق**دس،

والسماء أبعد منها بكثير. قلت: ذكر هذا الخبر ابن إسحاق، ونصه: قال كان من الح**ديث فيم**ا

بلغني عن مس**راه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم عن عبدالل**ه بن مس**عود وأبي سعيد الخدري وعائشة ومعاوي**ة بن أبي س**فيان والحس**ن بن أبي الحس**ن وابن ش**هاب الزه**ري وقت**ادة وغ**يرهم من أه**ل العلم وأم ه**انئ بنت أبي طالب، ما اجتمع في هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض م**ا ذك**ر من أم**ره حين أسري به صلى الله عليه وسلم، وكان في مسراه وم**ا ذك**ر عن**ه بالء وتمحيص وأمر من أمر الله عز وجل في قدرته وسلطانه في**ه ع**برة ألولي األلباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وص**دق وك**ان من أم**ر الل**ه تع**الى على يقين؛ فأسرى به صلى الله عليه وسلم كيف شاء وكما شاء ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرت**ه ال*تي يصنع بها ما يريد. وك**ان عبدالل**ه بن مس**عود فيم**ا بلغ**ني عن**ه يق**ول: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق - وهي الدابة ال**تي ك**انت تحم**ل عليها األنبياء قبله تضع حافرها في منتهى طرفها - فحم**ل عليه**ا، ثم خ**رج**رى اآلي**ات فيم**ا بين الس**ماء واألرض، ح**تى انتهى إلى بيت ب**ه ص**احبه ي المق*دس، فوج*د في*ه إب*راهيم وموس*ى وعيس*ى في نف*ر من األنبي*اء ق*د جمعوا له فصلى بهم ثم أتي بثالثة آنية: إناء فيه لبن وإناء في**ه خم**ر؛ وإن**اء فيه ماء. قال: فقال رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )فس**معت ق**ائال يقول حين عرضت علي إن أخذ الماء فغرق وغرقت أمته وإن أخ**ذ الخم**ر فغوي وغوت أمته وإن أخذ اللبن فهدي وهديت أمته قال فأخذت إناء اللبن فشربت فقال له جبريل هديت وهديت أمتك يا محم**د(. ق**ال ابن إس**حاق:

Page 163: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وحدثت عن الحسن أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )بينم**ا أنا نائم في الحجر جاءني جبريل عليه السالم فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئا ثم عدت لمضجعي فجاءني الثانية فهمزني بقدمه فجلس**ت فلم أر ش**يئا فع**دت لمض**جعي فج**اءني الثالث**ة فهم**زني بقدم**ه فجلس**ت فأخ**ذ بعضدي فقمت مع*ه فخ*رج إلى ب*اب المس*جد ف*إذا داب*ة أبيض بين البغ*ل والحمار في فخديه جناحان يحفز بهما رجليه يضع حافره في منتهى طرف**ه فحملني عليه ثم خرج معي ال يفوتني وال أفوته(. قال ابن إسحاق: وحدثت عن قتادة أنه قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ق**ال: )لم**ا دنوت منه ألركبه شمس فوضع جبريل يده على معرفته ثم قال أال تستحي يا براق مما تصنع فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم علي**ه من**ه ق**ال

فاستحيا حتى أرفض عرقا ثم قر حتى ركبته(. قال الحسن في حديثه: فمضى رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم

ومض**ى مع**ه جبري**ل ح**تى انتهى إلى بيت المق**دس، فوج**د في**ه إب**راهيم وموسى وعيسى في نفر من األنبياء، فأمهم رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم فصلى بهم ثم أتى بإناءين: في أحدهما خم**ر وفي اآلخ**ر لبن، ق**ال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء اللبن فش**رب من**ه وت**رك إن**اء الخمر. قال: فقال له جبريل: هديت الفطرة وهديت أمت**ك وح*رمت عليكم الخمر. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فلما أص**بح غدا على قريش فأخبرهم الخبر؛ فقال أكثر الناس: هذا والل**ه األم**ر ال**بين والله إن الع**ير لتط**رد ش**هرا من مك**ة إلى الش**ام، م**دبرة ش**هرا ومقبل**ة شهرا، فيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع إلى مكة قال: فارتد كث**ير ممن كان أسلم، وذهب الناس إلى أبي بكر فقالوا: هل لك ي**ا أب**ا بك**ر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس، وص**لى في**ه ورج**ع إلى مكة. ق**ال فق**ال أب**و بك**ر الص**ديق رض**ي الل**ه عن**ه: إنكم تك**ذبون علي**ه. فقالوا: بلى، ها هو ذا في المسجد يحدث به الناس. فق**ال أب**و بك**ر: والل**ه لئن كان قاله لقد صدق فما يعجبكم من ذلك فوالله إنه ليخبرني إن الخ**بر ليأتيه من السماء إلى األرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون من**ه. ثم أقب**ل ح**تى انتهى إلى رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم فقال: يا نبي الله، أحدثت هؤالء أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟ قال )نعم( قال: يا نبي الله، فصفه لي فإني قد جئته؟ فقال الحسن: فقال رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )رف**ع لي ح**تى نظ**رت إلي**ه( فجع**ل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه ألبي بكر ويقول أبو بكر رضي الله عنه: صدقت، أشهد أنك رسول الله. كلما وصف له منه شيئا قال: صدقت، أشهد أنك رسول الله. قال: حتى إذا انتهى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألبي بكر رضي الله عنه: )وأنت يا أب*ا بك*ر الص**ديق( فيومئ*ذ س*ماه الصديق. قال الحسن: وأنزل الله تعالى فيمن ارتد عن اإلسالم لذلك: "وما جعلنا الرؤيا ال**تي أرين**اك إال فتن**ة للن**اس والش**جرة الملعون**ة قي الق**رآن ونخوفهم فما يزيدهم إال طغيانا كب**يرا". فه**ذا ح**ديث الحس**ن عن مس**رى رسول الله صلى الله عليه وسلم وم**ا دخ**ل في**ه من ح**ديث قت**ادة. وذك*ر باقي اإلسراء عمن تقدم في السيرة. وقال ابن عباس: ه**ذه الش**جرة بن**و أمية، وأن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم نفى الحكم. وه**ذا ق**ول ض**عيف محدث والسورة مكية، فيبعد هذا التأوي**ل؛ إال أن تك**ون ه**ذه اآلي**ة مدني**ة،

Page 164: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ولم يثبت ذلك. وقد قالت عائشة لمروان: لعن الل**ه أب**اك وأنت في ص**لبه فأنت بعض من لعنة الله. ثم ق**ال: "والش**جرة الملعون**ة في الق**رآن" ولم يج**ر في الق**رآن لعن ه**ذه الش**جرة، ولكن الل**ه لعن الكف**ار وهم آكلوه**ا. والمعنى: والشجرة الملعونة في القرآن آكلوها. ويمكن أن يكون ه**ذا على قول العرب لكل طعام مكروه ض**ار: ملع**ون. وق**ال ابن عب**اس: الش**جرة الملعونة هي هذه الشجرة التي تلتوي على الشجر فتقتله، يعني الكشوث.

"ونخوفهم" أي بالزقوم. "فما يزيدهم" التخويف إال الكفر.-** 61*اآليتان: 3* }وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فس**جدوا إال إبليس62

قال أأسجد لمن خلقت طينا، قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخ**رتنإلى يوم القيامة ألحتنكن ذريته إال قليال{

@قوله تعالى: "وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم" تقدم ذك**ر ك**ون الش**يطان عدو اإلنس**ان، ف**انجر الكالم إلى ذك**ر آدم. والمع**نى: اذك**ر بتم**ادي ه**ؤالء المشركين وعتوهم على ربهم قصة إبليس حين عصى رب**ه وأبى الس**جود، وقال ما قال، وهو ما أخبر الله تعالى في قوله تعالى: "فس**جدوا إال إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا" أي من طين. وهذا استفهام إنكار. وقد تقدم القول في خلق آدم في "البقرة" و"األنع**ام" مس**توفى. "ق**ال أرأيت**ك" أي قال إبليس. والكاف توكيد للمخاطبة. "هذا ال**ذي ك**رمت علي" أي فض**لته علي. ورأى ج***وهر الن***ار خ***يرا من ج***وهر الطين ولم يعلم أن الج***واهر متماثلة. وقد تقدم هذا في "األعراف". و"هذا" نص**ب ب*** "أرأيت". "ال**ذي" نعت**ه. واإلك**رام: اس**م ج**امع لك**ل م**ا يحم**د. وفي الكالم ح**ذف تق**ديره: أخبرني عن هذا الذي فضلته علي، لم فضلته وقد خلقتني من ن**ار وخلقت**ه من طين؟ فح**ذف لعلم الس**امع. وقي**ل: ال حاج**ة إلى تق**دير الح**ذف؛ أي أترى هذا الذي كرمته علي ألفعلن به كذا وكذا. ومعنى "ألحتنكن" في قول ابن عباس: ألس**تولين عليهم. وقال**ه الف**راء. مجاه**د: ألحت**وينهم. ابن زي**د: ألض**لنهم. والمع**نى متق**ارب؛ أي ألستأص**لن ذريت**ه ب**اإلغواء واإلض**الل، وألجتاحنهم. وروي عن العرب: إحتنك الجراد الزرع إذا ذهب به كله. وقيل: معن**اه ألس**وقنهم حيث ش**ئت وأق**ودنهم حيث أردت. ومن ق**ولهم: حنكت الفرس أحنك**ه وأحنك**ه حنك**ا إذا جعلت في في**ه الرس**ن. وك**ذلك إحتنك**ه. والقول األول ق**ريب من ه**ذا؛ ألن**ه إنم**ا ي**أتي على ال**زرع بالحن**ك. وق**ال

الشاعر: أشكو إليك سنة قد أجحفت جهدا إلى جهد بنا وأضعفت واحتنكت أموالنا واجتلفت

"إال قليال" يعني المعصومين، وهم ال**ذين ذك**رهم الل**ه في قول**ه: "إن [ وإنم**ا ق**ال إبليس ذل**ك65عب**ادي ليس ل**ك عليهم س**لطان" ]اإلس**راء:

[ أو20ظنا؛. كما قال الله تعالى: "ولقد ص**دق عليهم إبليس ظن**ه" ]س**بأ: علم من طب**ع البش**ر ت**ركب الش**هوة فيهم؛ أو ب**نى على ق**ول المالئك**ة:

[. وق**ال الحس**ن: ظن ذل**ك ألن**ه30"أتجعل فيها من يفسد فيها" ]البقرة: وسوس إلى آدم عليه السالم فلم يجد له عزما.

}ق**ال اذهب فمن تبع**ك منهم ف**إن جهنم ج**زاؤكم ج**زاء63*اآلي**ة: 3*موفورا{

@قوله تعالى: "قال اذهب" هذا أمر إهانة؛ أي اجهد جه**دك فق**د أنظرن**اك "فمن تبع**ك منهم" أي أطاع**ك من ذري**ة آدم. "ف**إن جهنم ج**زاؤكم ج**زاء

Page 165: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

موفورا" أي واف**را؛ عن مجاه**د وغ**يره. وه**و نص**ب على المص**در، يق**ال: وفرته أف*ره وف*را، ووف*ر الم*ال بنفس*ه يف*ر وف*ورا فه*و واف*ر؛ فه*و الزم

ومتعد. }واستفزز من استطعت منهم بص**وتك وأجلب عليهم بخيل**ك64*اآلية: 3*

ورجل**ك وش**اركهم في األم**وال واألوالد وع**دهم وم**ا يع**دهم الش**يطان إالغرورا{

@قوله تعالى: "واستفزز" أي استزل واستخف. وأصله القطع، ومنه تف**زز الثوب إذا انقطع. والمعنى استزله بقطعك إياه عن الحق. واستفزه الخوف أي استخفه. وقع**د مس**تفزا أي غ**ير مطمئن. "واس**تفزز" أم**ر تعج**يز، أي أنت ال تقدر على إضالل أحد، وليس لك على أحد سلطان فافعل ما شئت. "بصوتك" وصوته ك**ل داع ي**دعو إلى معص**ية الل**ه تع*الى؛ عن ابن عب**اس. مجاهد: الغناء والمزامير واللهو. الضحاك: صوت المزم**ار. وك**ان آدم علي**ه السالم أسكن أوالد هابي**ل أعلى الجب**ل، وول**د قابي**ل أس**فله، وفيهم بن**ات حسان، فزمر اللعين فلم يتمالكوا أن انحدروا فزنوا ذكره الغزنوي. وقي**ل:

"بصوتك" بوسوستك. @قوله تعالى: "وأجلب عليهم بخيلك ورجلك" أصل اإلجالب السوق بجلب**ة من السائق؛ يق**ال: أجلب إجالب**ا. والجلب والجلب**ة: األص**وات؛ تق*ول من**ه: جلبوا بالتشديد. وجلب الشيء يجلبه ويجلبه جلبا وجلبا. وجلبت الشيء إلى نفسي واجتلبته بمعنى. وأجلب على العدو إجالبا؛ أي جمع عليهم. ف**المعنى أجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكايدك وقال أكثر المفسرين: يري*د ك*ل راكب وماش في معصية الله تعالى. وقال ابن عباس ومجاه**د وقت**ادة: إن ل**ه خيال ورجال من الجن واإلنس. فم**ا ك**ان من راكب وم**اش يقات**ل في معصية الله فهو من خي**ل إبليس ورجالت**ه. وروى س**عيد بن جب**ير ومجاه**د عن ابن عباس قال: كل خيل سارت في معصية الله، وكل رجل مشى في معصية الله، وكل مال أص**يب من ح**رام، وك**ل ول**د بغي**ة فه**و للش**يطان. والرجل جمع راجل؛ مث**ل ص**حب وص**احب. وق**رأ حفص "ورجل**ك" بكس**ر الجيم وهما لغتان؛ يقال: رجل ورجل بمع**نى راج**ل. وق**رأ عكرم**ة وقت**ادة

"ورجالك" على الجمع. @قوله تعالى: "وشاركهم في األم**وال واألوالد" أي اجع**ل لنفس**ك ش**ركة في ذل**ك. فش**ركته في األم**وال إنفاقه**ا في معص**ية الل**ه؛ قال**ه الحس**ن. وقيل: هي التي أصابوها من غير حلها؛ قاله مجاه**د. ابن عب**اس: م**ا ك**انوا يحرمونه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. وقاله قتادة. الضحاك: م**ا كانوا يذبحونه آللهتهم. واألوالد قيل: هم أوالد الزنى، قاله مجاهد والض**حاك وعبدالله بن عباس. وعن**ه أيض**ا ه**و م**ا قتل**وا من أوالدهم وأت**وا فيهم من الجرائم. وعنه أيضا: هو تس**ميتهم عب**د الح**ارث وعب**د الع**زى وعب**د الالت وعبد الشمس ونحوه. وقيل: ه**و ص**بغة أوالدهم في الكف**ر ح**تى ه**ودوهم ونصروهم، كص**نع النص**ارى ب**أوالدهم ب**الغمس في الم**اء ال**ذي لهم؛ ق**ال قتادة. وقول خ**امس - روى عن مجاه**د ق**ال: إذا ج**امع الرج**ل ولم يس**م انطوى الجان على إحليل**ه فج**امع مع**ه، ف**ذلك قول**ه تع**الى: "لم يطمثهن إنس قبلهم وال جان" وسيأتي. وروى من حديث عائشة ق**الت ق**ال رس**ولبين( قلت: ي**ا رس**ول الل**ه، وم**ا الله صلى الله عليه وسلم: )إن فيكم مغر المغرب**ون؟ ق**ال:)ال**ذين يش**ترك فيهم الجن(. رواه الترم**ذي الحكيم في

Page 166: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

نوادر األصول. قال الهروي: سموا مغ**ربين ألن**ه دخ**ل فيهم ع**رق غ**ريب. ق**ال الترم**ذي الحكيم: فللجن مس**اماة ب**ابن آدم في األم**ور واالختالط؛ فمنهم من ي**تزوج فيهم، وك**انت بلقيس ملك**ة س**بأ أح**د أبويه**ا من الجن.

وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. @قول**ه تع**الى: "وع**دهم" أي منهم األم**اني الكاذب**ة، وأن**ه ال قيام**ة وال حساب، وأنه إن كان حساب وجنة ونار فأنتم أولى بالجنة من غيركم يقويه قوله تعالى: "يعديهم ويمنيهم وم*ا بع*دهم الش*يطان إال غ**رورا" أي ب*اطال. وقب**ل "وع**دهم" أي ع**دهم النص**ر على من أرادهم بس**وء. وه**ذا األم**ر

للشيطان تهدد ووعيد له. وقيل: استخفاف به وبمن اتبعه. @ في اآلية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو؛ لقوله: "واس**تفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم" على قول مجاهد. وما ك**ان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه. وروى ن**افع عن ابن عمر أنه سمع صوت زمارة فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلت*ه عن الطريق وهو يقول: يا نافع! أتسمع؟ فأقول نعم؛ فمض**ى ح**تى قلت ل**ه ال، فوضع يديه وأعاد راحلته إلى الطريق وقال: رأيت رس**ول الل**ه ص*لى الل**ه عليه وسلم سمع صوت زمارة راع فصنع مثل هذا. ق**ال علماؤن**ا: إذا ك**ان هذا فعلهم في حق ص**وت ال يخ**رج عن االعت**دال، فكي**ف بغن**اء أه**ل ه**ذا الزمان وزمرهم. وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة ]لقمان[ إن ش**اء الل**ه

تعالى. }إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيال{65*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "إن عبادي ليس ل**ك عليهم س**لطان" ق**ال ابن عب**اس: هم المؤمنون. وقد تقدم الكالم فيه. "وكفى بربك وكيال" أي عاصما من القبول

من إبليس، وحافظا من كيده وسوء مكره. }ربكم الذي يزجي لكم الفل**ك في البح**ر لتبتغ**وا من فض**له66*اآلية: 3*

إنه كان بكم رحيما{ @قوله تعالى: "ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر" اإلزج**اء: الس**وق؛

ومنه قوله تعالى: "ألم تر أن الله يزجي سحابا". وقال الشاعر: يا أيها الراكب المزجي مطيته سائل بنى أسد ما هذه الصوت

وإزجاء الفلك: سوقه بالريح اللينة. والفل**ك هن**ا جم**ع، وق**د تق**دم. والبح**ر الماء الكثير عذبا كان أو ملحا، وقد غلب هذا االسم على الملح. وهذه اآلية توقيف على آالء الله وفضله عن**د عب**اده؛ أي ربكم ال**ذي أنعم عليكم بك**ذا وكذا فال تشركوا به شيئا. "لتبتغوا من فضله" أي في التجارات. وقد تقدم.

"إنه كان بكم رحيما". }وإذا مسكم الضر في البحر ض**ل من ت**دعون إال إي**اه فلم**ا67*اآلية: 3*

نجاكم إلى البر أعرضتم وكان اإلنسان كفورا{ @قول*ه تع*الى: "وإذا مس**كم الض**ر في البح**ر" "الض**ر" لف**ظ يعم خ*وف الغرق واإلمساك عن الجري. وأهوال حاالته اض*طرابه وتموج*ه. "ض*ل من تدعون إال إياه" "ضل" معناه تلف وفقد؛ وهي عبارة تحقير لمن يدعي إله**ا من دون الله. المعنى في هذه اآلية: أن الكفار إنما يعتقدون في أص**نامهم أنها شافعة، وأن لها فض**ال. وك**ل واح**د منهم ب**الفطرة يعلم علم**ا ال يق**در على مدافعته أن األصنام ال فعل لها في الشدائد العظام، فوقفهم الله من ذلك على حالة البحر حيث تنقطع الحيل. "فلما نج**اكم إلى ال**بر أعرض**تم"

Page 167: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أي عن اإلخالص. "وكان اإلنسان كفورا" اإلنسان هنا الكافر. وقي**ل: وطب**عاإلنسان كفورا للنعم إال من عصمه الله؛ فاإلنسان لفظ الجنس.

}أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرس**ل عليكم حاص**با68*اآلية: 3*ثم ال تجدوا لكم وكيال{

@قوله تع**الى: "أف**أمنتم أن يخس**ف بكم ج**انب ال*بر" بين أن**ه ق*ادر على هالكهم في البر وإن سلموا من البحر. والخسف: أن تنهار األرض بالشيء؛ يقال: ب*ئر خس*يف إذا انه*دم أص*لها. وعين خاس*ف أي غ**ارت ح*دقتها في الرأس. وعين من الماء خاسفو أي غاز ماؤها. وخسفت الشمس أي غابت عن األرض. وقال أبو عمرو: والخسيف الب**ئر ال**تي تحف**ر في الحج**ارة فال ينقطع ماؤها كثرة. والجمع خسف. وجانب البر: ناحية األرض؛ وسماه جانبا ألنه يصير بعد الخسف جانبا. وأيضا فإن البحر ج**انب وال**بر ج**انب. وقي**ل: إنهم كانوا على ساحل البحر، وس*احله ج*انب ال*بر، وك*انوا في*ه آم*نين من أهوال البحر، فحذرهم ما أمنوه من البر كما حذرهم م**ا خ**افوه من البح**ر. "أو يرسل عليكم حاصبا" يعني ريحا ش**ديدة، وهي ال**تي ت**رمي بالحص**باء، وهي الحصى الصغار؛ قاله أبو عبيدة والقت**بي. وق**ال قت**ادة: يع**ني حج**ارة من السماء تحصبهم، كما فع**ل بق**وم ل**وط. ويق**ال للس**حابة ال**تي ت**رمي بالبرد: صاحب، وللريح التي تحمل التراب والحصباء حاصب وحص**بة أيض**ا.

قال لبيد: جرت عليها أن خوت من أهلها أذيالها كل عصوف حصبه

وقال الفرزدق: مستقبلين شمال الشام يضربنا بحاصب كنديف القطن منثور "ثم ال تجدوا لكم وكيال" أي حافظا ونصيرا يمنعكم من بأس الله. }أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخ**رى فيرس**ل عليكم قاص**فا69*اآلية: 3*

من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم ال تجدوا لكم علينا به تبيعا{ @قول**ه تع**الى: "أم أمنتم أن يعي**دكم في**ه ت**ارة أخ*رى" يع*ني في البح**ر. "فيرسل عليكم قاصفا من الريح" القاص**ف: ال**ريح الش**ديدة ال**تي تكس**ر بشدة؛ من قص*ف الش*يء يقص*فه؛ أي كس*ره بش*دة. والقص**ف: الكس*ر؛ يقال: قصفت الريح السفينة. وريح قاصف: شديدة. ورع**د قاص**ف: ش**ديد الصوت. يق**ال: قص**ف الرع**د وغ**يره قص**يفا. والقص**يف: هش**يم الش**جر. والتقص**ف التكس**ر. والقص**ف أيض**ا: الله**و واللعب؛ يق**ال: إنه**ا مول**دة. "فيغرقكم بما كف**رتم" أي بكف**ركم. وق**رأ ابن كث**ير وأب**و عم**رو "نخس**ف بكم" "أو نرسل عليكم" "أن نعيدكم" "فنرسل عليكم" "فنغرقكم" ب**النون في الخمسة على التعظيم، لقوله: "علينا" الباقون بالي**اء؛ لقول**ه في اآلي**ة قبل: "إياه". وقرأ أبو جعفر وشيبة ورويس ومجاهد "فتغرقكم" بالت**اء نعت**ا للريح. وعن الحسن وقتادة "فيغرقكم" بالياء مع التش**ديد في ال**راء. وق**رأ أبو جعفر "الرياح" هنا وفي ك**ل الق**رآن. وقي**ل: إن القاص**ف المهلك**ة في البر، والعاصف المغرقة في البحر؛ حكاه الماوردي. "ثم ال تجدوا لكم علينا به تبيعا" قال مجاهد: ثائرا. النحاس: وهو من الثأر. وك**ذلك يق**ال لك**ل من

[ أي178طلب بثأر أو غيره: تبيع وتابع؛ ومنه "فاتباع بالمعروف" ]البق**رة: مطالبة.

}ولقد كرمنا بني آدم وحملن**اهم في ال**بر والبح**ر ورزقن**اهم70*اآلية: 3*من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيال{

Page 168: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم" اآلية. لما ذك**ر من ال**ترهيب م**ا ذك**ر بين النعم**ة عليهم أيض**ا. "كرمن**ا" تض**عيف ك**رم؛ أي جعلن**ا لهم كرم**ا أي شرفا وفضال. وهذا هو ك**رم نفي النقص**ان ال ك**رم الم**ال. وه**ذه الكرام**ة ي**دخل فيه**ا خلقهم على ه**ذه الهيئ**ة في امت**داد القام**ة وحس**ن الص**ورة، وحملهم في ال**بر والبح**ر مم**ا ال يص**ح لحي**وان س**وى ب**ني آدم أن يك**ون يتحمل بإرادته وقصده وتدبيره. وتخصيص**هم بم**ا خص**هم ب**ه من المط*اعم والمش**ارب والمالبس، وه**ذا ال يتس**ع في**ه حي**وان اتس**اع ب**ني آدم؛ ألنهم يكسبون المال خاصة دون الحي**وان، ويلبس*ون الثي*اب وي*أكلون المركب**ات من األطعمة. وغاية كل حيوان يأكل لحما نيئا أو طعاما غير م**ركب. وحكى الطبري عن جماعة أن التفضيل هو أن يأكل بي**ده وس**ائر الحي**وان ب**الفم. وروي عن ابن عباس؛ ذكره المهدوي والنحاس؛ وهو قول الكلبي ومقات**ل؛ ذكره الماوردي. وقال الضحاك: كرمهم ب**النطق والتمي**يز. عط**اء: ك**رمهم بتعديل القامة وامتدادها. يمان: بحسن الصورة. محمد بن كعب: بأن جع**ل محمدا صلى الله عليه وسلم منهم. وقي**ل أك**رم الرج**ال ب**اللحى والنس**اء بالذوائب. وقال محم**د بن جري**ر الط**بري: بتس**ليطهم على س**ائر الخل**ق، وتسخير سائر الخلق لهم. وقيل: بالكالم والخ**ط. وقي**ل: ب**الفهم والتمي**يز. والصحيح الذي يعول عليه أن التفضيل إنم**ا ك**ان بالعق**ل ال**ذي ه**و عم**دة التكليف، وبه يعرف الله ويفهم كالمه، ويوصل إلى نعيمه وتص**ديق رس**له؛ إال أنه لم**ا لم ينهض بك**ل الم**راد من العب**د بعثت الرس**ل وأن**زلت الكتب. فمثال الشرع الش**مس، ومث**ال العق**ل العين؛ ف**إذا فتحت وك**انت س**ليمة رأت الشمس وأدركت تفاصيل األشياء. وما تقدم من األقوال بعض**ه أق**وى من بعض. وقد جعل الله في بعض الحيوان خصاال يفضل بها ابن آدم أيضا؛ كجري الفرس وسمعه وإبصاره، وقوة الفيل وشجاعة األسد وك*رم ال*ديك.

وإنما التكريم والتفضيل بالعقل كما بيناه. والله اعلم. @ قالت فرقة: هذه اآلية تقتض**ي تفض**يل المالئك**ة على اإلنس والجن من حيث إنهم المستثنون في قوله تع**الى: "وال المالئك**ة المقرب**ون" ]النس**اء:

[. وهذا غير الزم من اآلية، بل التفض**يل فيه**ا بين اإلنس والجن؛ ف**إن171 هذه اآلية إنما عدد الله فيها على بني آدم ما خصهم به من سائر الحي**وان، والجن هو الكثير المفضول، والمالئكة هم الخارجون عن الكثير المفض**ول، ولم تتعرض اآلية لذكرهم، بل يحتمل أن المالئكة أفضل، ويحتم**ل العكس، ويحتمل التس**اوي، وعلى الجمل**ة ف**الكالم ال ينتهي في ه**ذه المس**ألة إلى القطع. وقد تحاش**ى ق**وم من الكالم في ه**ذا كم**ا تحاش**وا من الكالم في تفض**يل بعض األنبي**اء على بعض؛ إذ في الخ**بر )ال تخ**ايروا بين األنبي**اء وال تفضلوني على يونس بن متى(. وهذا ليس بشيء؛ لوجود النص في القرآن في التفضيل بين األنبياء. وق**د بين**اه في "البق**رة" ومض**ى فيه**ا الكالم في

تفضيل المالئكة والمؤمن. @قوله تعالى: "ورزقناهم من الطيبات" يع**ني لذي**ذ المط**اعم المش**ارب. قال مقاتل: السمن والعسل والزبد والتمر والحلوى، وجعل رزق غيرهم ما ال يخفى عليكم من التبن والعظ**ام وغيره**ا. "وفض**لناهم على كث**ير ممن خلقنا تفضيال" أي على البهائم والدواب والوحش والطير بالغلبة واالستيالء،

والثواب والجزاء والحفظ والتمييز وإصابة الفراسة.

Page 169: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@ هذه اآلية ترد ما روي عن عائشة رضي الل**ه عنه**ا، ق**الت ق**ال رس**ول الله صلى الله علي**ه وس**لم: )احرم**وا أنفس**كم طيب الطع**ام فإنم**ا ق**وى الشيطان أن يجري في العروق منها(. وب**ه يس**تدل كث**ير من الص**وفية في ترك أكل الطيبات، وال أصل له؛ ألن القرآن ي**رده، والس**نة الثابت**ة بخالف**ه، على ما تقرر في غير موضع. وقد حكى أبو حامد الطوسي قال: كان سهل يقت**ات من ورق النب**ق م**دة. وأك**ل دق**اق ورق ال**تين ثالث س**نين. وذك**ر إبراهيم بن البنا ق**ال: ص**حبت ذا الن**ون من إخميم إلى اإلس**كندرية، فلم**ا كان وقت إفطاره أخرجت قرصا وملحا ك**ان معي، وقلت: هلم. فق**ال لي: ملحك مدقوق؟ قلت نعم. قال: لست تفلح! فنظ*رت إلى م*زوده وإذا في*ه قليل سويق شعير يسف منه. وقال أبو يزيد: ما أكلت شيئا مم**ا يأكل**ه بن**و آدم أربعين سنة. قال علماؤنا: وه*ذا مم*ا ال يج*وز حم*ل النفس علي**ه؛ ألن الل**ه تع**الى أك**رم اآلدمي بالحنط**ة وجع**ل قش**ورها لبه**ائمهم، فال يص**ح مزاحمة الدواب في أكل التبن، وأما س**ويق الش**عير فإن**ه ي**ورث الق**ولنج، وإذا اقتصر اإلنسان على خبز الشعير والملح الجريش فإنه ينحرف مزاجه؛ ألن خبز الشعير بارد مجفف، والملح يابس قابض يضر الدماغ والبصر. وإذا مالت النفس إلى ما يصلحها فمنعت فق**د ق**وومت حكم**ة الب**ارئ س**بحانه بردها، ثم يؤثر ذلك في البدن، فكان ه**ذا الفع**ل مخالف**ا للش**رع والعق**ل. ومعلوم أن البدن مطي**ة اآلدمي، وم**تى لم يرف**ق بالمطي**ة لم تبل**غ. وروي عن إبراهيم بن أدهم أنه اشترى زبدا وعسال وخبز ح*وارى، فقي**ل ل*ه: ه*ذا كله؟ فقال: إذا وجدنا أكلنا أكل الرج**ال، وإذا ع**دمنا ص**برنا ص**بر الرج**ال. وكان الثوري يأكل اللحم والعنب والفالوذج ثم يقوم إلى الصالة. ومثل هذا عن السلف كثير. وقد تقدم منه ما يكفي في المائدة واألع**راف وغيرهم**ا. واألول غلو في الدين إن صح عنهم "ورهبانية ابت**دعوها م**ا كتبناه**ا عليهم"

[.27]الحديد: }يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك71*اآلية: 3*

يقرؤون كتابهم وال يظلمون فتيال{ @قول**ه تع**الى: "ي**وم ن**دعو ك**ل أن**اس بإم**امهم" روى الترم**ذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وس**لم في قول*ه تع*الى: "ي*وم ن*دعو ك*ل أناس بإمامهم" ق**ال: )ي**دعي أح**دهم فيعطي كتاب**ه بيمين**ه، ويم**د ل**ه في جسمه ستون ذراعا، ويبيض وجه**ه ويجع**ل على رأس**ه ت**اج من لؤل**ؤ يتألأل فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقول**ون اللهم ائتن**ا به**ذا وب**ارك لن**ا في هذا حتى يأتيهم فيقول أبشروا لكل منكم مثل هذا - قال - وأما الك**افر فيسود وجهه ويمد له في جسمه ستون ذرعا على ص**ورة آدم ويلبس تاج**ا فيراه أصحابه فيقولون نعوذ بالل**ه من ش*ر ه*ذا! اللهم ال تأتن*ا به*ذا. ق*ال: فيأتيهم فيقولون اللهم أخره. فيقول أبعدكم الله فإن لكل رجل منكم مث**ل هذا(. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. ونظ**ير ه**ذا قول**ه: "وت**رى كل أمة جاثية كل أمة تدعي إلى كت**ابهم الي**وم تج**زون م**ا كنتم تعمل**ون". والكتاب يسمى إماما؛ ألنه يرجع إليه في تعرف أعمالهم. وقال ابن عب**اس والحسن وقتادة والضحاك: "بإم*امهم" أي بكت*ابهم، أي بكت*اب ك*ل إنس*ان منهم ال**ذي في**ه عمل**ه؛ دليل**ه "فمن أوتي كتاب**ه بيمين**ه". وق**ال ابن زي**د: بالكتاب المنزل عليهم. أي يدعي كل إنسان بكتابه الذي كان يتلوه؛ فيدعي أهل التوراة بالتوراة، وأه**ل الق**رآن ب**القرآن؛ فيق**ال: يأه**ل الق**رآن، م**اذا

Page 170: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

عملتم، ه**ل امتثلتم أوام**ره ه**ل اجتنبتم نواهي**ه! وهك**ذا. وق**ال مجاه**د: "بإمامهم" بنبيهم، واإلمام من يؤتم به. فيق**ال: ه**اتوا متبعي إب**راهيم علي**ه السالم، هاتوا متبعي موسى علي**ه الس**الم، ه**اتوا متبعي الش**يطان، ه**اتوا متبعي األصنام. فيقوم أهل الحق فيأخ**ذون كت**ابهم بأيم**انهم، ويق**وم أه**ل الباطل فيأخذون كتابهم بشمالهم. وقاله قتادة. وقال على رضى الله عن**ه: بإمام عصرهم. وروى عن الن**بي ص*لى الل**ه علي**ه وس**لم في قول**ه: "ي*وم ندعو كل أناس بإم**امهم" فق**ال: )ك**ل ي**دعي بإم**ام زم**انهم وكت**اب ربهم وسنة نبيهم فيقول هاتوا متبعي إبراهيم ه**اتوا متبعي موس**ى ه**اتوا متبعي عيسى هاتوا متبعي محمد - عليهم أفضل الصلوات والسالم - فيق**وم أه**ل الحق فيأخذون كتابهم بأيمانهم، ويقول: هاتوا متبعي الشيطان هاتوا متبعي رؤس**اء الض**اللة إم**ام ه**دى وإم**ام ض**اللة(. وق**ال الحس**ن وأب**و العالي**ة: "بإمامهم" أي بأعمالهم. وقاله ابن عباس. فيقال: أين الراضون بالمق**دور، أين الصابون عن المحذور. وقيل: بمذاهبهم؛ فيدعون بمن كانوا يأتمون ب**ه في الدنيا: يا حنفي، يا شافعي، يا معتزلي، يا قدري، ونح**وه؛ فيتبعون**ه في خير أو شر أو على حق أو باطل، وهذا معنى قوله أبي عبي**دة. وق**د تق**دم. وقال أبو هريرة: يدعي أهل الصداقة من باب الص**داقة، وأه**ل الجه**اد من باب الجهاد...، الحديث بطوله. أبو سهل: يقال أين فالن المصلي والصوام، وعكسه الدفاف والنمام. وقال محمد بن كعب: "بإمامهم" بأمهاتهم. وإمام جمع آم. قالت الحكماء: وفي ذلك ثالثة أوج**ه من الحكم**ة؛ أح**دها - ألج**ل عيسى. والثاني - إظهار لشرف الحس**ن والحس**ين. والث**الث - لئال يفتض**ح

أوالد الزنى. قلت: وفي هذا القول نظر؛ فإن في الحديث الصحيح عن ابن عمر قال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إذا جمع الله األولين واآلخرين يوم القيام يرفع لكل غادر لواء فيقال هذه غ**درة فالن بن فالن( خرج**ه مس**لم والبخاري. فقوله: "هذه غدرة فالن ابن فالن" دليل على أن الناس ي**دعون في اآلخرة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وهذا يرد على من ق**ال: إنم**ا ي**دعون

بأسماء أمهاتهم ألن في ذلك سترا على آبائهم. والله أعلم. @قول**ه تع**الى: "فمن أوتي كتاب**ه بيمين**ه" ه**ذا يق**وي ق**ول من ق**ال: "بإمامهم" بكتابهم ويقويه أيضا قوله: "وكل شيء أحصيناه في إمام مبين"

[. "فأولئك يقرؤون كت**ابهم وال يظلم**ون ف**تيال" الفتي**ل ال**ذي في12]يس:شق النواة. وقد مضى في "النساء".

}ومن ك**ان في ه**ذه أعمى فه**و في اآلخ**رة أعمى وأض**ل72*اآلي**ة: 3*سبيال{

@قول**ه تع**الى: "ومن ك**ان في ه**ذه أعمى" أي في ال**دنيا عن االعتب**ار وإبصار الحق. "فهو في اآلخرة" أي في أمر اآلخرة "أعمى" وقال عكرمة: جاء نفر من أهل اليمن إلى ابن عباس فسألوه عن هذه اآلية فقال: اقرؤوا ما قبلها "ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر - إلى - تفضيال". ق**ال ابن عباس: من كان في ه**ذه النعم واآلي**ات ال**تي رأى أعمى فه**و عن اآلخ**رة التي لم يعاين أعمى وأضل سبيال. وقيل: المعنى من عمى عن النعم ال**تي أنعم الله بها عليه في الدنيا فهو عن نعم اآلخرة أعمى. وقيل: المع**نى من كان في الدنيا التي أمهل فيها وفسح له ووعد بقبول التوبة أعمى فه**و في اآلخرة أعمى وأضل سبيال. وقيل: ومن كان في الدنيا أعمى عن حجج الل**ه

Page 171: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

بعث**ه الل**ه ي*وم القيام*ة أعمى؛ كم*ا ق**ال: "ونحش**ره ي*وم القيام*ة أعمى" اآليات. وقال: "ونحشرهم ي**وم القيام**ة على وج**وههم عمي**ا وبكم**ا وص**ما مأواهم جهنم". وقيل: المعنى في قوله "فهو في اآلخرة أعمى" في جمي**ع األقوال: أشد عمى؛ ألن**ه من عمى القلب، وال يق**ال مثل**ه في عمى العين. قال الخليل وسيبويه: ألنه خلقة بمنزلة الي**د والرج**ل، فلم يق**ل م**ا أعم**اه كما ال يقال ما أيداه. األخفش: لم يقل في**ه ذل**ك ألن**ه على أك**ثر من ثالث**ة أحرف، وأصله أعمى. وقد أجاز بعض النحويين ما أعم**اه وم**ا أعش**اه؛ ألن فعله عمى وعشى. وقال الف**راء: ح**دثني بالش**ام ش**يخ بص**رى أن**ه س**مع

العرب تقول: ما أسود شعره. قال الشاعر: ما في المعالي لكم ظ**ل وال ثم**ر وفي المخ**ازى لكم أش**باح

أشياخأما الملوك فأنت اليوم أألمهم لؤما وأبيضهم سربال طباخ

وأمال أبو بكر وحمزة والكسائي وخل**ف الح**رفين "أعمى" و"أعمى" وفتح الباقون. وأمال أبو عمرو األول وفتح الثاني. "وأضل سبيال" يعني أنه ال يجد

طريقا إلى الهداية. }وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره73*اآلية: 3*

وإذا التخذوك خليال{ @قوله تعالى: "وإن كادوا ليفتنونك" قال سعيد بن جبير: كان الن**بي ص**لى الله عليه وسلم يستلم الحجر األسود في طوافه، فمنعته قريش وق**الوا: ال ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا. فحدث نفسه وقال: )ما علي أن ألم بها بع**د أن يدعوني أستلم الحجر والله يعلم أني لها ك**اره( ف**أبى الل**ه تع*الى ذل**ك وأنزل عليه ه**ذه اآلي**ة؛ ق**ال مجاه**د وقت**ادة. وق**ال ابن عب**اس في رواي**ة عطاء: نزلت في وفد ثقي*ف، أت*وا الن*بي ص*لى الل**ه علي*ه وس*لم فس*ألوه شططا وقالوا: متعن**ا بآلهتن**ا س**نة ح*تى نأخ**ذ م**ا يه*دى له*ا، ف*إذا أخ*ذناه كسرناها وأسلمنا، وحرم وادينا كما حرمت مكة، حتى تعرف العرب فض**لنا عليهم؛ فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم ذلك فنزلت هذه اآلية. وقيل: هو قول أكابر قريش للنبي صلى الله عليه وس**لم: اط**رد عن**ا هؤالء السقاط والموالي حتى نجلس معك ونس**مع من**ك؛ فهم ب**ذلك ح**تى نهي عنه. وقال قتادة ذكر لنا أن قريشا خلوا برسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ذات ليل**ة إلى الص**بح يكلمون**ه ويفخمون**ه، ويس**ودونه ويقاربون**ه؛ فقالوا: إنك تأتي بشيء ال يأتي به أح**د من الن**اس، وأنت س**يدنا ي**ا س**دنا؛ وما زالوا به حتى ك**اد يق**اربهم في بعض م**ا يري**دون، ثم عص**مه الل**ه من ذلك، وأنزل الله تعالى هذه اآلي**ة. ومع**نى "ليفتنون**ك" أي يزيلون**ك. يق**ال: فتنت الرج**ل عن رأي**ه إذا أزلت**ه عم**ا ك**ان علي**ه؛ قال**ه اله**روي. وقي**ل يصرفونك، والمعنى واح*د. "عن ال**ذي أوحين**ا إلي**ك" أي حكم الق**رآن؛ ألن في إعطائهم ما س**ألوه مخالف**ة لحكم الق**رآن. "لتف**تري علين**ا غ**يره" أي لتختلق علينا غير ما أوحينا إليك، وهو قول ثقيف: وحرم وادينا كم**ا ح**رمت مكة، شجرها وطيرها ووحشها، فإن سألتك العرب لم خصصتهم فقل الل**ه أمرني بذلك حتى يكون ع**ذرا ل**ك. "وإذا التخ**ذوك خليال" أي ل**و فعلت م**ا أرادوا التخذوك خليال، أي والوك وصافوك؛ مأخوذ من النخلة )بالض**م( وهي الصداقة لممايلته لهم. وقيل: "التخذوك خليال" أي فقيرا. مأخوذ من الخل**ة

)بفتح الخاء( وهي الفقر لحاجته إليهم.

Page 172: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}ولوال أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليال، إذا75 -* 74*اآليتان: 3*ألذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم ال تجد لك علينا نصيرا{

@قوله تعالى: "ولوال أن ثبتناك" أي على الحق وعص**مناك من م**وافقتهم. "لقد كدت تركن إليهم" أي تميل. "شيئا قليال" أي ركونا قليال. ق**ال قت**ادة: لما نزلت هذه اآلية قال عليه الس**الم: )اللهم ال تكل**ني إلى نفس**ي طرف**ة عين(. وقيل: ظاهر الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وباطنه إخب**ار عن ثقيف. والمعنى: وإن كادوا ليركنون**ك، أي ك**ادوا يخ**برون عن**ك بأن**ك ملت إلى قولهم؛ فنسب فعلهم إليه مجازا واتساعا؛ كما تقول لرجل: كدت تقتل نفسك، أي كاد الناس يقتلونك بسبب ما فعلت؛ ذكره المه**دوي. وقي**ل م**ا كان منه هم بالركون إليهم، بل المعنى: ولوال فضل الله علي**ك لك**ان من**ك ميل إلى موافقتهم، ولكن تم فضل الله عليك فلم تفعل؛ ذك**ره القش**يري. وقال ابن عباس: كان رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم معص**وما، ولكن هذا تعريف لألمة لئال يركن أحد منهم إلى المشركين في ش*يء من أحك*ام

الله تعالى وشرائعه. وقوله: "إذا ألذقناك ضعف الحياة وضعف الممات" أي لو ركنت ألذقناك

مثلي عذاب الحياة في الدنيا ومثلي ع**ذاب المم**ات في اآلخ**رة؛ قال**ه ابن عباس ومجاهد وغيرهما. وهذا غاية الوعيد. وكلما كانت الدرج**ة أعلى ك**ان العذاب عند المخالف**ة أعظم. ق**ال الل**ه تع**الى: "ي**ا نس**اء الن**بي من ي**أت

[ وض**عف30منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين" ]األح**زاب: الشيء مثله مرتين، وقد يكون الضعف النص**يب؛ كقول**ه ع**ز وج**ل: "لك**ل

[ أي نصيب. وقد تقدم في األعراف.38ضعف" ]األعراف: }وإن ك**ادوا ليس**تفزونك من األرض ليخرج**وك منه**ا وإذا ال76*اآلي**ة: 3*

يلبثون خالفك إال قليال{ @ ه**ذه اآلي*ة قي*ل إنه*ا مدني*ة؛ حس*بما تق*دم في أول الس**ورة. ق*ال ابن عباس: حسدت اليهود مقام النبي صلى الله عليه وس**لم بالمدين**ة فق**الوا: إن األنبياء إنما بعثوا بالشام، ف**إن كنت نبي**ا ف**الحق به**ا؛ فإن**ك إن خ**رجت إليها صدقناك وآمنا بك؛ فوقع ذلك في قلبه لما يحب من إسالمهم، فرح**ل من المدينة على مرحلة فأنزل الله هذه اآلي**ة. وق**ال عب**دالرحمن بن غنم: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك ال يري**د إال الش**ام، فلم**ا نزل تبوك نزل "وإن كانوا ليستفزونك من األرض" بعد م**ا ختمت الس**ورة، وأمر بالرجوع. وقيل: إنها مكي**ة. ق**ال مجاه*د وقت**ادة: ن**زلت في هم أه*ل مكة بإخراجه، ولو أخرجوه لما أمهلوا ولكن الله أمره بالهجرة فخرج، وهذا أصح؛ ألن السورة مكية، وألن ما قبلها خبر عن أهل مكة، ولم يج**ر لليه**ود ذك**ر. وق**ول: "من األرض" يري**د أرض مك**ة. كقول**ه: "فلن أب**رح األرض"

[ أي أرض مص**ر؛ دليل**ه "وك**أين من قري**ة هي أش**د ق**وة من80]يوسف: [ يعني مكة. معن**اه: هم أهله**ا بإخراج**ه؛13قريتك التي أخرجتك" ]محمد:

فلهذا أضاف إليها وقال "أخرجت**ك". وقي**ل: هم الكف**ار كلهم أن يس**تخفوه من أرض العرب بتظاهرهم عليه فمنعه الله، ولو أخرجوه من أرض العرب لم يمهلوا، وهو مع**نى قول**ه: "وإذا ال يلبث**ون خالف**ك" وق**رأ عط**اء بن أبي رباح "ال يلبثون" الباء مشددة. "خلفك" نافع وابن كثير وأبو بكر وأبو عمرو، ومعناه بعدك. وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي "خالف**ك" واخت**اره

Page 173: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أبو حاتم، اعتب**ارا بقول**ه: "ف**رح المخلف**ون بمقع**دهم خالف رس**ول الل**ه"[ ومعناه أيضا بعدك؛ قال الشاعر: 81]التوبة:

عفت الديار خالفهم فكأنما بسط الشواطب بينهن حصيرا بسط البواس**ط؛ في الم**اوردي. يق**ال: ش**طبت الم**رأة الجري**د إذا ش**قته لتعمل منه الحصر. قال أب**و عبي**د ثم تلفي**ه الش**اطبة إلى المنقي**ة. وقي**ل: "خلفك" بمعنى بعدك. "وخالفك" بمعنى مخالفتك؛ ذكره ابن األنب**اري. "إال قليال" فيه وجهان: أحدهما - أن المدة التي لبثوها بعده ما بين إخراجهم ل**ه إلى قتلهم يوم بدر؛ وهذا قول من ذكر أنهم ق**ريش. الث**اني - م**ا بين ذل**ك

وقتل بنى قريظة وجالء بن النضير؛ وهذا قول من ذكر أنهم اليهود. }سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا وال تجد لسنتنا تحويال{77*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا" أي يعذبون كسنة من قد أرسلنا؛ فهو بإضمار يعذبون؛ فلم**ا س**قط الخ**افض عم**ل الفع**ل؛ قال**ه الفراء. وقيل: انتص**ب على مع**نى س**ننا س**نة من ق**د أرس**لنا. وقي**ل: ه**و أرس**لنا؛ فال يوق**ف على ه**ذا التق**دير على قول**ه: "إال قليال" ويوق**ف على األول والثاني. "قبلك من رسلنا" وقف حسن. "وال تجد لس**نتنا تح**ويال" أي

ال خلف في وعدها. }أقم الصالة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وق**رآن الفج**ر78*اآلية: 3*

إن قرآن الفجر كان مشهودا{ @قوله تعالى: "أقم الصالة لدلوك الشمس" لما ذكر مكايد المشركين أمر نبيه عليه السالم بالصبر والمحافظة على الصالة، وفيه**ا طلب النص**ر على األعداء. ومثله "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون، فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين". وتقدم القول في معنى إقامة الصالة في أول س**ورة "البق***رة". وه***ذا اآلي***ة بإجم***اع من المفس***رين إش***ارة إلى الص***لوات المفروضة. واختلف العلم**اء في ال**دلوك على ق**ولين: أح*دهما - أن**ه زوال الشمس عن كبد السماء؛ قاله عمر وابنه وأبو هريرة وابن عب**اس وطائف**ة سواهم من علماء التابعين وغيرهم. الثاني - أن الدلوك هو المغ**رب؛ قال**ه علي وابن مس**عود وأبي بن كعب، وروى عن ابن عب**اس. ق**ال الم**اوردي: من جعل الدلوك اسما لغروبه**ا فألن اإلنس**ان ي**دلك عيني**ه براحت**ه لتبينه**ا حالة المغيب، ومن جعله اسما لزوالها فألن**ه ي**دلك عيني**ه لش**دة ش**عاعها. وق**ال أب**و عبي**د: دلوكه**ا غروبه*ا. ودلكت ب**راح يع*ني الش**مس؛ أي غ**ابت

وأنشد قطرب: هذا مقام قدمي رباح ذبب حتى دلكت براح

براح بفتح الباء على وزن حزام وقطام ورقاس اسم من أس**ماء الش**مس. ورواه الفراء بكسر الباء وهو جمع راحة وهي الكف؛ أي غ**ابت وه**و ينظ**ر

إليها وقد جعل كفه على حاجبه. ومنه قوله العجاج: والشمس قد كادت تكون دنفا أدفعها بالراح كي تزحلفا

قال ابن األع**رابي: الزحلوف**ة مك**ان منح**در أملس، ألنهم ي**تزحلفون في**ه. قال: والزحلفة كالدحرجة والدفع؛ يق**ال: زحلفت**ه ف**تزحلف. ويق**ال: دلكت

الشمس إذا غابت. قال ذو الرمة: مصابيح ليست باللواتي تقودها نجوم وال باآلفالت الدوالك

قال ابن عطية: الدلوك هو الميل - في اللغ**ة - ف**أول ال**دلوك ه**و ال**زوال وآخره هو الغروب. ومن وقت الزوال إلى الغروب يسمى دلوك**ا، ألنه**ا في

Page 174: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

حالة ميل. فذكر الله تعالى الصلوات التي تكون في حال**ة ال**دلوك وعن**ده؛ فيدخل في ذلك الظهر والعصر والمغرب، ويصح أن تكون المغ**رب داخل**ة في غسق اللي**ل. وق**د ذهب ق**وم إلى أن ص*الة الظه**ر يتم**ادى وقته**ا من الزوال إلى الغروب؛ ألنه سبحانه عل**ق وجوبه**ا على ال**دلوك، وه**ذا دل**وك كله؛ قاله األوزاعي وأبو حنيفة في تفصيل. وأشار إليه مالك والشافعي في

حالة الضرورة. @قوله تعالى: "إلى غسق اللي*ل" روى مال*ك عن ابن عب**اس ق*ال: دل*وك الشمس ميله**ا، وغس**ق اللي**ل اجتم**اع اللي**ل وظلمت**ه. وق**ال أب**و عبي**دة:

الغسق سواد الليل. قال ابن قيس الرقيات: إن هذا الليل قد غسقا واشتكيت الهم واألرقا

وقد قيل: غسق الليل مغيب الشفق. وقيل: إقبال ظلمته. قال زهير: ظلت تجود يدها وهي الهية حتى إذا جنح اإلظالم والغسق

يقال: غسق الليل غسوقا. والغسق اس*م بفتح الس*ين. وأص**ل الكلم*ة من السيالن؛ يقال: غسقت العين إذا سالت، تغس**ق. وغس**ق الج**رح غس**قانا، أي سال من**ه م**اء أص**فر. وأغس**ق الم**ؤذن، أي أخ**ر المغ**رب إلى غس**ق اللي**ل. وحكى الف**راء: غس**ق اللي**ل وأغس**ق، وظلم أظلم، ودج**ا وأدجى، وغبس وأغبس، وغبش وأغبش. وكان الربيع بن خثيم يقول لمؤذنه في يوم

غيم: أغسق أغسق. يقول: أخر المغرب حتى يغسق الليل، وهو إظالمه. @ اختلف العلماء في آخر وقت المغرب؛ فقيل: وقته**ا وقت واح**د ال وقت له**ا إال حين تحجب الش**مس، وذل**ك بين في إمام**ة جبري**ل؛ فإن**ه ص**الها باليومين لوقت واحد وذلك غروب الشمس، وهو الظاهر من م**ذهب مال**ك عند أصحابه. وهو أحد ق**ولي الش**افعي في المش*هور عن**ه أيض**ا وب**ه ق**ال الثوري. وقال مالك في الموطأ: فإذا غ**اب الش*فق فق*د خ*رجت من وقت المغرب ودخل وقت العشاء. وبهذا قال أب**و حنيف**ة وأص**حابه والحس**ن بن حي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود؛ ألن وقت الغروب إلى الش**فق غس**ق كله. ولحديث أبي موسى، وفي**ه: أن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ص**لى بالسائل المغرب في اليوم الثاني فأخر حتى كان س**قوط الش**فق. خرج**ه مس**لم. ق**الوا: وه**ذا أولى من أخب**ار إمام**ة جبري**ل؛ ألن**ه مت**أخر بالمدني**ة وإمامة جبريل بمكة، والمتأخر أولى من فعله وأمره؛ ألنه ناس**خ لم**ا قبل**ه. وزعم ابن العربي أن هذا القول هو المشهور من مذهب مالك، وقول**ه في

موطئه الذي أقرأه طول عمره وأماله في حياته. والنكتة في هذا أن األحكام المتعلقة باألسماء ه**ل تتعل**ق بأوائله**ا أو

بآخره**ا أو يرتب**ط الحكم بجميعه**ا؟ واألق**وى في النظ**ر أن يرتب**ط الحكم بأوائلها لئال يكون ذكرها لغوا فإذا ارتبط بأوائلها جرى بع**د ذل**ك النظ**ر في

تعلقه بالكل إلى اآلخر. قلت: القول بالتوس*عة أرجح. وق*د خ*رج اإلم*ام الحاف*ظ أب*و محم*د

عبدالغني بن س**عيد من ح**ديث األجلح بن عبدالل**ه الكن**دي عن أبي الزب**ير عن جابر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وس**لم من مك**ة قريب**ا من غروب الشمس فلم يصل المغرب ح**تى أتى س**رف، وذل**ك تس**عة أمي**ال. وأم**ا الق**ول بالنس**خ فليس ب**البين وإن ك**ان الت**اريخ معلوم**ا؛ ف**إن الجم**ع ممكن. ق**ال علماؤن**ا: تحم**ل أح**اديث جبري**ل على األفض**لية في وقت المغرب، ولذلك اتفقت األم**ة فيه**ا على تعجيله**ا والمب**ادرة إليه**ا في حين

Page 175: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

غروب الشمس. قال ابن خويز من**داد: وال نعلم أح**دا من المس**لمين ت**أخر بإقامة المغ**رب في مس**جد جماع**ة عن وقت غ**روب الش**مس. وأح**اديث التوسعة تبين وقت الجواز، فيرتفع التعارض ويص**ح الجم**ع، وه**و أولى من الترجيح باتفاق األصوليين؛ ألن فيه إعمال كل واح**د من ال**دليلين، والق**ول

بالنسخ أو الترجيح فيه إسقاط أحدهما. والله اعلم. @قوله تع**الى: "وق**رآن الفج**ر" انتص**ب "ق**رآن" من وجهين: أح**دهما أن يكون معطوفا على الصالة؛ المع**نى: وأقم ق**رآن الفج**ر أي ص**الة الص**بح؛ قاله الفراء. وق**ال أه**ل البص**رة. انتص**ب على اإلغ**راء؛ أي فعلي**ك بق**رآن الفجر؛ قال الزجاج. وعبر عنه*ا ب**القرآن خاص**ة دون غيره**ا من الص**لوات؛ ألن القرآن هو أعظمها، إذ قراءتها طويلة مجه*ور به*ا حس*بما ه*و مش*هور

مسطور؛ عن الزجاج أيضا. قلت: وقد استقر عمل المدينة على استحباب إطالة القراءة في الصبح

قدرا ال يضر بمن خلفه - يقرأ فيها بطوال المفصل، ويليها في ذل**ك الظه**ر والجمعة - وتخفيف الق**راءة في المغ*رب وتوس**طها في العص**ر والعش**اء. وقد قيل في العصر: إنها تخفف كالمغرب. وأما م**ا ورد في ص**حيح مس**لم وغيره من اإلطالة فيما استقر فيه التقصير، أو من التقصير فيما اس**تقرت فيه اإلطالة؛ كقراءته في الفجر المعوذتين - كما رواه النس**ائي - وكق**راءة األعراف والمرسالت والطور في المغرب، فمتروك بالعمل. وإلنك**اره على مع**اذ التطوي**ل، حين أم قوم**ه في العش**اء ف**افتتح س**ورة البق**رة. خرج**ه الص**حيح. وب*أمره األئم*ة ب*التخفيف فق*ال: )أيه*ا الن**اس إن منكم منف*رين فأيكم أم الناس فليخف**ف ف**إن فيهم الص**غير والكب**ير والم**ريض والس**قيم والضعيف وذا الحاجة(. وقال: )فإذا صلى أحدكم وحده فليطول م**ا ش**اء(.

كله مسطور في صحيح الحديث. @قوله تعالى: "وقرآن الفجر" دليل على أن ال صالة إال بقراءة؛ ألنه سمى الصالة قرآنا. وقد اختلف العلماء في القراءة في الصالة فذهب جمه**ورهم إلى وجوب قراءة أم القرآن لإلمام والفذ في كل ركعة. وهو مش**هور ق*ول مالك. وعنه أيضا أنها واجبة في جل الصالة. وهو قول إسحاق. وعن**ه أيض**ا تجب في ركعة واحدة؛ قاله المغ**يرة وس**حنون. وعن**ه أن الق**راءة ال تجب في شيء من الصالة. وهو أشذ الروايات عنه. وحكي عن مال**ك أيض**ا أنه**ا تجب في نصف الصالة، وإلي**ه ذهب األوزاعي. وعن األوزاعي أيض**ا وأي**وب أنه**ا تجب على اإلم**ام والف**ذ والم**أموم على ك**ل ح**ال. وه**و أح**د ق**ولي

الشافعي. وقد مضى في "الفاتحة" مستوفى. @قوله تع**الى: "ك**ان مش**هودا" روى الترم**ذي عن أبي هري**رة عن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم في قول*ه: "وق**رآن الفج**ر إن ق**رآن الفج**ر ك**ان مشهودا" قال: )تشهده مالئك**ة اللي**ل ومالئك**ة النه**ار( ه**ذا ح**ديث حس**ن صحيح. ورواه علي بن مس**هر عن األعمش عن أبي ص**الح عن أبي هري**رة وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم ق**ال: )فض**ل ص**الة الجمي**ع على ص**الة الواحد خمس وعش**رون درج**ة وتجتم**ع مالئك**ة اللي**ل ومالئك**ة النه**ار في صالة الصبح (. يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم "وق**رآن الفج**ر إن ق**رآن الفجر كان مشهودا". ولهذا المعنى أيض**ا ق**ال مال**ك والش**افعي: التغليس بالصبح أفضل. وقال أبو حنيفة: األفضل الجمع بين التغليس واإلسفار، فإن

Page 176: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فاته ذلك فاإلسفار أولى من التغليس. وهذا مخالف لما ك**ان علي**ه الس**الم يفعله من المداومة على التغليس، وأيض**ا ف**إن في**ه تف**ويت ش**هود مالئك**ة

الليل. والله اعلم. @ استدل بعض العلماء بقوله صلى الله عليه وسلم: )تشهده مالئكة الليل ومالئكة النهار( على أن صالة الصبح ليست من ص**الة اللي**ل وال من ص**الة

النهار. قلت: وعلى هذا فال تكون صالة العصر أيضا ال من صالة الليل وال من

صالة النهار؛ فإن في الص**حيح عن الن*بي ص*لى الل*ه علي*ه وس*لم الفص*يح عليه السالم فيما رواه أبو هريرة: )يتع**اقبون فيكم مالئك**ة باللي**ل ومالئك**ة بالنهار فيجتمع**ون في ص**الة العص**ر وص**الة الفج**ر( الح**ديث. ومعل**وم أن صالة العصر من النهار فكذلك تكون صالة الفج**ر من اللي**ل وليس ك**ذلك،

وإنما هي من النهار كالعصر بدليل الصيام واإليمان، وهذا واضح. }ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعث**ك رب**ك مقام**ا79*اآلية: 3*

محمودا{ @قوله تع**الى: "ومن اللي**ل فتهج**د ب**ه" "من" للتبعيض. والف**اء في قول**ه "فتهجد" ناسقة على مضمر، أي قم فتهجد. "به" أي بالقرآن. والتهج**د من الهجود وهو من األضداد. يق**ال: هج**د ن**ام، وهج**د س**هر؛ على الض**د. ق**ال

الشاعر: أال زارت وأهل منى هجود وليت خيالها بمنى يعود

آخر: أال طرقتنا والرفاق هجود فباتت بعالت النوال تجود

يعني نياما. وهجد وتهجد بمع**نى. وهجدت**ه أي أنمت**ه، وهجدت**ه أي أيقظت**ه. والتهجد التيقظ بعد رقدة، فصار اسما للصالة؛ ألنه ينتبه لها. فالتهجد القيام إلى الصالة من النوم. قال معناه األسود وعلقمة وعب**دالرحمن بن األس**ود وغيرهم. وروى إسماعيل بن إسحاق القاضي من ح**ديث الحج**اج بن عم**ر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه ق**ال: أيحس**ب أح**دكم إذا ق**ام من الليل كله أنه قد تهجد! إنما التهجد الصالة بعد رق*دة ثم الص*الة بع*د رق*دة ثم الصالة بعد رقدة. كذلك كانت صالة رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم. وقيل: الهجود النوم. يقال: تهجد الرجل إذا سهر، وألقى الهجود وهو النوم. ويسمى من قام إلى الصالة متهجدا؛ ألن المتهج**د ه**و ال**ذي يلقى الهج**ود الذي هو النوم عن نفسه. وه**ذا الفع**ل ج**ار مج**رى تح**وب وتح**رج وت**أثم وتحنث وتق**ذر وتنجس؛ إذا ألقى ذل**ك عن نفس**ه. ومثل**ه قول**ه تع**الى: "فظلتم تفكهون" معناه تندمون؛ أي تطرحون الفكاه*ة عن أنفس**كم، وهي انبس**اط النف**وس وس**رورها. يق**ال: رج**ل فك**ه إذا ك**ان كث**ير الس**رور

والضحك. والمعنى في اآلية: ووقتا من الليل اسهر به في صالة وقراءة. @قوله تعالى: "نافلة لك" أي كرامة لك؛ قاله مقاتل. واختلف العلم**اء في تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر دون أمته؛ فقيل: ك**انت ص**الة الليل فريض**ة علي**ه لقول**ه: "نافل**ة ل**ك" أي فريض**ة زائ**دة على الفريض**ة

الموظفة على األمة. قلت: وفي هذا التأويل بعد لوجهين: أحدهما - تسمية الفرض بالنفل،

وذلك مجاز ال حقيقة. الثاني - قوله صلى الله عليه وسلم: )خمس ص*لوات فرضهن الله على العباد( وقوله تعالى: )هن خمس وهن خمس**ون ال يب**دل

Page 177: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

القول لذي( وهذا نص، فكيف يقال افترض عليه ص**الة زائ**دة على خمس، هذا ما ال يص**ح؛ وإن ك**ان ق**د روى عن**ه علي**ه الس**الم:)ثالث على فريض**ة وألمتي تطوع قيام الليل والوتر والسواك(. وقيل: كانت صالة الليل تطوع**ا منه وكانت في االبتداء واجبة على الكل، ثم نسخ الوجوب فصار قيام الليل تطوع**ا بع**د فريض**ة؛ كم**ا ق**الت عائش**ة، على م**ا ي**أتي مبين**ا في س**ورة ]المزمل[ إن شاء الل**ه تع*الى. وعلى ه*ذا يك*ون األم*ر بالتنف*ل على جه*ة الندب ويكون الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم؛ ألنه مغفور له. فهو إذا تطوع بما ليس بواجب عليه كان ذلك زيادة في الدرجات. وغيره من األم**ة تطوعهم كفارات وتدارك لخلل يقع في الفرض؛ قال معناه مجاهد وغ**يره. وقيل: عطية؛ ألن العبد ال ينال من السعادة عطاء أفض**ل من التوفي**ق في

العبادة. @قوله تعالى: "عسى أن يبعثك ربك مقام**ا محم**ودا" اختل**ف في المق**ام

المحمود على أربعة أقوال: ]األول[ وهو أصحها - الشفاعة للناس يوم القيامة؛ قاله حذيفة بن اليم**ان. وفي صحيح البخاري عن ابن عمر قال: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا كل أمة تتبع نبيه**ا تق**ول: ي**ا فالن اش**فع، ح**تى تنتهي الش**فاعة إلى الن**بي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المق*ام المحم**ود. وفي ص*حيح مسلم عن أنس قال حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: )إذا كان ي**وم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض فيأتون آدم فيقولون له اشفع ل**ذريتك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم عليه السالم فإنه خليل الله في**أتون إب**راهيم فيق**ول لس**ت له**ا ولكن عليكم بموس**ى فإن**ه كليم الل**ه في**ؤتى موسى فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى علي**ه الس**الم فإن**ه روح الل**ه وكلمته فيؤتى عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وس**لم ف**أوتي ف**أقول أن**ا له**ا...( وذك**ر الح**ديث. وروى الترم**ذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الل**ه علي**ه في قول**ه: "عس**ى أن يبعث**ك ربك مقاما محمودا" سئل عنها قال: )هي الشفاعة( قال: هذا حديث حسن

صحيح. @ إذا ثبت أن المق**ام المحم**ود ه**و أم**ر الش**فاعة ال**ذي يتدافع**ه األنبي**اء عليهم السالم، حتى ينتهي األم**ر إلى نبين**ا محم**د ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم فيشفع هذه الش**فاعة أله**ل الموق**ف ليعج**ل حس**ابهم ويراح**وا من ه**ول موقفهم، وهي الخاصة به صلى الله عليه وسلم؛ وألجل ذلك قال: )أنا سيد ولد آدم وال فخر(. قال النقاش: لرسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ثالث ش**فاعات: العام**ة، وش**فاعة في الس**بق إلى الجن**ة، وش**فاعة في أه**ل الكبائر. ابن عطية: والمشهور أنهما شفاعتان فق**ط: العام**ة، وش**فاعة في إخراج الم**ذنبين من الن**ار. وه**ذه الش**فاعة الثاني**ة ال يت**دافعها األنبي**اء ب**ل يشفعون ويشفع العلماء. وقال القاضي أبو الفضل عي**اض: ش**فاعات نبين**ا صلى الله عليه وسلم ي**وم القيام**ة خمس ش**فاعات: العام**ة. والثاني**ة في إدخال قوم الجنة دون حساب. الثالثة في قوم من موحدي أمته اس**توجبوا النار بذنوبهم فيشفع فيها نبينا صلى الل**ه علي**ه وس**لم، ومن ش**اء الل**ه أن يشفع ويدخلون الجنة. وهذه الشفاعة هي التي أنكرتها المبتدعة: الخ**وارج والمعتزلة، فمنعتها على أصولهم الفاسدة، وهي االستحقاق العقلي المبنى على التحسين والتقبيح. الرابعة فيمن دخ**ل الن**ار من الم**ذنبين فيخرج**ون

Page 178: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

بشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم وغيره من األنبي**اء والمالئك**ة وإخ**وانهم المؤمنين. الخامسة في زيادة الدرجات في الجنة ألهلها وترفيعها، وه**ذه ال

تنكرها المعتزلة وال تنكر شفاعة الحشر األول. @ قال القاضي عياض: وعرف بالنقل المستفيض س**ؤال الس**لف الص**الح لشفاعة النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ورغبتهم فيه**ا، وعلى ه**ذا ال يلتفت لقول من قال: إنه يكره أن تسأل الله أن يرزقك شفاعة النبي ص**لى الل**ه عليه وسلم؛ ألنها ال تكون إال للمذنبين، فإنها قد تكون كم**ا ق**دمنا لتخفي**ف الحساب وزيادة الدرجات. ثم كل عاقل معترف بالتقصير محتاج إلى العفو غير معتد بعمله مشفق أن يكون من الهالكين، ويلزم ه*ذا القائ**ل أال ي*دعو بالمغفرة والرحمة؛ ألنها ألصحاب الذنوب أيضا، وهذا كل**ه خالف م**ا ع**رف من دعاء السلف والخلف. روى البخ**اري عن ج**ابر بن عبدالل**ه أن رس**ول الله صلى الله عليه وسلم قال: )من قال حين يسمع النداء اللهم رب ه**ذه الدعوة التامة والصالة القائمة آت محمدا الوسيلة والفض**يلة وابعث**ه مقام**ا

محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة(. @ القول الثاني: أن المقام المحمود إعطاؤه لواء الحمد يوم القيامة.

قلت: وهذا القول ال تنافر بينه وبين األول؛ فإنه يكون بيده لواء الحمد ويشفع روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري ق*ال ق**ال رس**ول الل**ه ص*لى الله عليه وسلم: )أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وال فخر وبي**دي ل**واء الحم**د

وال فخر وما من نبي آدم فمن سواه إال تحت لوائي..." الحديث. @ القول الثالث: ما حك**اه الط**بري عن فرق**ة، منه**ا مجاه**د، أنه**ا ق**الت: المقام المحمود هو أن يجلس الله تعالى محمد صلى الله عليه وسلم مع*ه على كرسيه؛ وروت في ذلك حديثا. وعضد الطبري جواز ذلك بش**طط من القول، وهو ال يخرج إال على تلطف في المعنى، وفيه بعد. وال ينكر مع ذلك أن يروى، والعلم يتأوله. وذكر النقاش عن أبي داود السجستاني أن**ه ق**ال: من أنكر هذا الحديث فهو عندنا متهم، ما زال أهل العلم يتحدثون بهذا، من أنكر جوازه على تأويله. قال أبو عمر: ومجاهد، وإن كان أحد األئمة، يت**أول القرآن فإن له قولين مهجورين عن**د أه*ل العلم: أح*دهما ه*ذا والث*اني في

[22تأويل قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناض**رة. إلى ربه**ا ن**اظرة" ]القيام**ة: تنتظر الثواب؛ ليس من النظر.

قلت. ذكر هذا في باب ابن شهاب في حديث التنزيل. وروي عن مجاهد أيضا في هذه اآلية قال: يجلسه على العرش. وه**ذا تأوي**ل غ**ير مس**تحيل؛ ألن الله تعالى كان قبل خلقه األشياء كلها والع**رش قائم**ا بذات**ه، ثم خل**ق األشياء من غير حاجة إليها، بل إظه**ارا لقدرت**ه وحكمت**ه، وليع**رف وج**وده وتوحيده وكمال قدرته وعلمه بكل أفعاله المحكم**ة، وخل**ق لنفس**ه عرش**ا استوى عليه كما شاء من غير أن صار له مماسا، أو كان العرش له مكان**ا. قي**ل: ه**و اآلن على الص**فة ال**تي ك**ان عليه**ا من قب**ل أن يخل**ق المك**ان والزمان؛ فعلى هذا القول س**واء في الج**واز أقع**د محم**د على الع**رش أو على األرض؛ ألن اس**تواء الل**ه تع**الى على الع**رش ليس بمع**نى االنتق**ال والزوال وتحويل األحوال من القيام والقعود والحال ال**تي تش**غل الع**رش، ب*ل ه*و مس*تو على عرش**ه كم**ا أخ*بر عن نفس**ه بال كي**ف. وليس إقع*اده محم**دا على الع**رش موجب**ا ل**ه ص**فة الربوبي**ة أو مخرج**ا ل**ه عن ص**فة العبودية، بل هو رفع لمحله وتشريف له على خلقه. وأما قوله في اإلخب**ار:

Page 179: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

)معه( فهو بمنزلة قوله: "إن الذين عند ربك"، و"رب ابن لي عندك بيتا في [ ونح**و69[. "وإن الله لم**ع المحس**نين" ]العنكب**وت: 11الجنة" ]التحريم:

ذلك. كل ذلك عائد إلى الرتبة والمنزلة والحظوة والدرج**ة الرفيع**ة، ال إلىالمكان.

@ الرابع: إخراجه من الن**ار بش**فاعته من يخ**رج؛ قال**ه ج**ابر بن عبدالل**ه.ذكره مسلم. وقد ذكرناه في كتاب التذكرة والله الموفق.

@ اختلف العلماء في كون القيام بالليل سببا للمقام المحمود على قولين: أحدهما: أن البارئ تعالى يجع**ل م**ا ش**اء من فعل**ه س**ببا لفض**له من غ**ير معرفه بوجه الحكمة فيه، أو بمعرفة وجه الحكم**ة. الث**اني: أن قي**ام اللي**ل فيه الخلوة مع البارئ والمناجاة دون الناس، فأعطى الخل**وة ب**ه ومناجات**ه في قيامه وهو المقام المحم**ود. ويتفاض**ل في**ه الخل**ق بحس**ب درج**اتهم، فأجلهم فيه درجة محمد صلى الل**ه علي**ه وس**لم؛ فإن**ه يعطي م**ا ال يعطي أحد ويشفع ما ال يشفع أحد. و"عسى" من الله عز وجل واجب**ة. و"مقام**ا" نص**ب على الظ**رف. أي في مق**ام أو إلى مق**ام. وذك**ر الط**بري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم ق**ال: )المق**ام المحم**ود ه**و المقام الذي أشفع فيه ألمتي(. فالمقام الموضع ال**ذي يق**وم في**ه اإلنس**ان

لألمور الجليلة كالمقامات ببن يدي الملوك. }وق**ل رب أدخل**ني م**دخل ص**دق وأخرج**ني مخ**رج ص**دق80*اآلي**ة: 3*

واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا{ @ قيل: المعنى أمت**ني إمات**ة ص**دق، وابعث**ني ي**وم القيام**ة مبعث ص**دق؛ ليتصل بقوله: "عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا". كأنه لم**ا وع**ده ذل**ك أمره أن يدعو لينجز له الوعد. وقي**ل: أدخل**ني في الم**أمور وأخرج**ني من المنهي. وقيل: علمه ما ي**دعو ب**ه في ص**الته وغيره**ا من إخراج**ه من بين المشركين وإدخاله موض**ع األمن؛ فأخرج**ه من مك**ة وص**يره إلى المدين**ة. وهذا المعنى رواه الترمذي عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله علي**ه وس**لم بمك**ة ثم أم**ر ب**الهجرة ف**نزلت "وق**ل رب أدخل**ني م**دخل ص**دق وأخرجني مخ**رج ص**دق واجع**ل لي من ل**دنك س**لطانا نص**يرا" ق**ال: ه**ذا حديث حسن صحيح. وقال الضحاك: هو خروجه من مكة ودخوله مكة ي**وم الفتح آمنا. أبو سهل: حين رجع من تبوك وق**د ق**ال المن**افقون: "ليخ**رجن

[ يعني إدخال عز وإخ**راج نص**ر إلى مك**ة.8األعز منها األذل" ]المنافقون: وقيل: المعنى أدخلني في األمر الذي أكرمتني به من النب**وة م*دخل ص*دق وأخرج**ني من**ه مخ**رج ص**دق إذا أمت**ني؛ ق**ال معن**اه مجاه**د. والم**دخل والمخرج )بض**م الميم( بمع*نى اإلدخ*ال واإلخ*راج؛ كقول*ه: "أنزل*ني م**نزال

[ أي إنزاال ال أرى فيه ما أكره. وهي قراءة العام**ة.29مباركا" ]المؤمنون: وق**رأ الحس**ن وأب**و العالي**ة ونص**ر بن عاص**م "م**دخل" و"مخ**رج". بفتح الميمين بمع*نى ال*دخول والخ*روج؛ ف*األول رب*اعي وه*ذا ثالثي. وق*ال ابن عباس: أدخلني القبر مدخل صدق عند الموت وأخرجني مخرج ص**دق عن**د البعث. وقيل: أدخل**ني حيثم**ا أدخلت**ني بالص**دق وأخرج**ني بالص**دق؛ أي ال تجعلني ممن يدخل بوج**ه ويخ**رج بوج*ه؛ ف**إن ذا ال**وجهين ال يك**ون وجيه**ا عندك. وقيل: اآلية عامة في كل ما يتناول من األمور ويح**اول من األس**فار واألعمال، وينتظ**ر من تص**رف المق**ادير في الم**وت والحي**اة. فهي دع**اء، ومعناه: رب اصلح لي وردي في كل األمور وص**دري. وقول**ه: "واجع**ل لي

Page 180: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

من لدنك س**لطانا نص**يرا" ق**ال الش**عبي وعكرم**ة: أي حج**ة ثابت**ة. وذهب الحسن إلى أنه العز والنصر وإظهار دينه على الدين كله. قال: فوعده الله

لينزعن ملك فارس والروم وغيرها فيجعله له. }وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا{81*اآلية: 3*

@ روى البخاري والترمذي عن ابن مس**عود ق**ال: دخ**ل الن**بي ص**لى الل**ه عليه وسلم مكة ع**ام الفتح وح**ول الكعب**ة ثالثمائ**ة وس**تون نص**با، فجع**ل النبي صلى الله عليه وسلم يطعنها بمخصرة في يده - وربم**ا ق**ال بع**ود - ويقول: )جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل ك**ان زهوق**ا. ج**اء الح**ق وم**ا يبدئ الباطل وما يعيد( لفظ الترمذي. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وكذا في حديث مسلم )نصبا(. وفي رواية )صنما(. قال علماؤنا: إنما كانت به**ذا العدد ألنهم كانوا يعظمون في يوم صنما ويخصون أعظمها بيومين. وقوله: )فجعل يطعنها بعود في يده( يقال إنه*ا ك**انت مثبت*ة بالرص*اص وأن*ه كلم*ا طعن منها صنما في وجهه خر لقفاه، أو في قفاه خر لوجهه. وك**ان يق**ول: )جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا( حكاه أب**و عم**ر والقاض**ي عياض. وق*ال القش*يري: فم*ا بقي منه*ا ص*نم إال خ*ر لوجه*ه، ثم أم*ر به*ا

فكسرت. @ في هذه اآلية دليل على كسر نصب المشركين وجميع األوث**ان إذا غلب عليهم، ويخل بالمعنى كسر آلة الباطل كله، وما ال يص**لح إال لمعص**ية الل**ه كالطنابير والعيدان والمزامير التي ال معنى لها إال الله**و به**ا عن ذك**ر الل**ه تع*الى. ق*ال ابن المن*ذر: وفي مع*نى األص*نام الص**ور المتخ**ذة من الم*در والخشب وشبهها، وكل ما يتخذه الناس مما ال منفعة في**ه إال الله**و المنهي عنه. وال يجوز بيع شيء من**ه إال األص**نام ال**تي تك**ون من ال**ذهب والفض**ة والحديد والرصاص، إذا غيرت عما هي عليه وصارت نق**را أو قطع**ا فيج**وز بيعه**ا والش**راء به**ا. ق**ال المهلب: وم**ا كس**ر من آالت الباط**ل وك**ان في حبسها بعد كسرها منفعة فصاحبها أولى به**ا مكس**ورة؛ إال أن ي**رى اإلم**ام حرقها بالنار على معنى التشديد والعقوبة في المال. وقد تق**دم ح**رق ابن عمر رضي الله عنه. وقد هم النبي صلى الله عليه وس**لم بتحري**ق دور من تخلف عن صالة الجماعة. وهذا أصل في العقوبة في المال مع قول*ه علي*ه السالم في الناقة التي لعنتها صاحبتها: )دعوها فإنها ملعونة( ف**أزال ملكه**ا عنها تأديبا لصاحبتها، وعقوبة لها فيما دعت علي**ه بم**ا دعت ب**ه. وق**د أراق

عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبنا شيب بماء على صاحبه. @ ما ذكرنا من تفسير اآلية ينظر إلى قوله صلى الله عليه وس**لم: )والل**ه لينزلن عيسى بن م**ريم حكم**ا ع*ادال فليكس**رن الص**ليب وليقتلن الخ**نزير وليض**عن الجزي**ة ولت**تركن القالص فال يس**عى عليه**ا...( الح**ديث. خرج**ه الصحيحان. ومن هذا الباب هتك النبي صلى الله عليه وس**لم الس**تر ال**ذي فيه الصور، وذلك أيضا دليل على إفساد الصور وآالت المالهي كم**ا ذكرن**ا. وهذا كله يحظر المنع من اتخاذها ويوجب التغيير على صاحبها. إن أص*حاب هذه الصور يع**ذبون ي**وم القيام**ة ويق**ال لهم: أحي**وا م**ا خلقتم؛ وحس**بك! وسيأتي هذا المعنى في "النمل" إن شاء الله تع**الى. قول**ه تع**الى: "وق**ل جاء الحق" أي اإلسالم. وقيل: القرآن؛ قال مجاهد. وقيل: الجه**اد. "وزه**ق الباطل" قيل الشرك. وقيل الشيطان؛ قاله مجاهد. والصواب تعميم اللفظ بالغاية الممكنة، فيكون التفسير جاء الشرع بجميع ما انطوى فيه. "وزه**ق

Page 181: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الباطل": بطل الباطل. ومن هذا زهوق النفس وه**و بطالنه**ا. يق**ال زهقت نفسه تزهق زهوقا، وأزهقتها. "إن الباطل كان زهوقا" أي ال بقاء له والحق

الذي يثبت. }وننزل من القرآن ما هو ش**فاء ورحم**ة للمؤم**نين وال يزي**د82*اآلية: 3*

الظالمين إال خسارا{ @قوله تعالى: "وننزل" قرأ الجمهور بالنون. وق**رأ مجاه**د "وي**نزل" بالي**اء خفيفة، ورواها المروزي عن حفص. و"من" البتداء الغاية، ويص**ح أن تك**ون لبيان الجنس؛ كأنه قال: وننزل ما فيه ش**فاء من الق*رآن. وفي الخ**بر )من لم يستشف بالقرآن فال شفاه الله(. وأنكر بعض المتأولين أن تك**ون "من" للتبعيض؛ ألن**ه يحف**ظ من أن يلزم**ه أن بعض**ه ال ش**فاء في**ه. ابن عطي**ة: وليس يلزمه هذا، بل يص**ح أن تك**ون للتبعيض بحس**ب أن إنزال**ه إنم**ا ه**و مبعض، فكأنه قال: وننزل من القرآن شيئا شفاء؛ ما فيه كله شفاء. وقيل:

شفاء في الفرائض واألحكام لما فيه من البيان. @ اختلف العلماء في كونه شفاء على قولين: أحدهما: أنه ش**فاء للقل**وب بزوال الجهل عنها وإزالة الريب، ولكشف غط**اء القلب من م**رض الجه**ل لفهم المعجزات واألمور الدالة على الله تعالى. الثاني: شفاء من األمراض الظاهرة بالرقي والتعوذ ونحوه. وق**د روى األئم**ة - واللف**ظ لل**دارقطني - عن أبي سعيد الخدري قال: بعثنا رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم في سرية ثالثين راكبا قال: فنزلنا على قوم من العرب فس**ألناهم أن يض**يفونا فأبوا؛ قال: فلدغ سيد الحي، فأتونا فقالوا: فيكم أحد ي**رقي من العق**رب؟ في رواية ابن قتة: إن الملك يموت. قال: قلت أنا نعم، ولكن ال أفعل حتى تعطونا. فقالوا: فإنا نعطيكم ثالثين شاة. قال: فقرأت عليه "الحمد لله رب الع**المين" س**بع م**رات ف**برأ. في رواي**ة س**ليمان بن قت**ة عن أبي س**عيد: فأف**اق وب**رأ. فبعث إلين**ا ب**النزل وبعث إلين**ا بالش**اء، فأكلن**ا الطع**ام أن**ا وأصحابي وأبوا أن يأكلوا من الغنم، حتى أتينا رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وسلم فأخبرته الخبر فقال: )وما يدريك أنه**ا رقي**ة( قلت: ي**ا رس**ول الل**ه، شيء ألقي في روعي. قال: )كلوا وأطعمون**ا من الغنم( خرج**ه في كت**اب

السنن. وخرج في )كتاب المديح( من ح**ديث الس**ري بن يح**يى ق**ال: ح**دثني

المعتمر بن سليمان عن ليث بن أبي سليم عن الحسن عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم أن**ه ق**ال: )ينف**ع ب**إذن الل**ه تع**الى من ال***برص والجن***ون والج***ذام والبطن والس***ل والحمى والنفس أن تكتب بزعفران أو بمشق - يعني المغرة - أعوذ بكلمات الله التامة وأسمائه كلها عامة من شر السامة والغامة ومن ش**ر العين الالم**ة ومن ش**ر حاس**د إذا حسد ومن أبي فروة وما ولد(. كذا قال، ولم يقل من شر أبي قترة. العين الالمة: التي تصيب بسوء. تق**ول: أعي**ذه من ك**ل هام**ة الم**ة. وأم**ا قول**ه: أعي**ذه من حادث**ات اللم**ة فيق**ول: ه**و ال**دهر. ويق**ال الش**دة. والس**امة: الخاصة. يقال: كيف السامة والعامة. والسامة السم. ومن أبي ف**روة وم**ا ولد. وقال: ثالثة وثالثون من المالئك**ة أت**وا ربهم ع**ز وج**ل فق**الوا: وص**ب بأرضنا. فقال: خذوا تربة من أرضكم فامسحوا نواصيكم. أو قال: نوص**يكم رقية محم*د ص*لى الل**ه علي*ه وس*لم ال أفلح من كتمه*ا أب*دا أو أخ*ذ عليه*ا صفدا. ثم تكتب فاتحة الكتاب وأرب*ع آي**ات من أول "البق*رة"، واآلي**ة ال*تي

Page 182: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فيها تصريف الرياح وآية الكرس**ي واآلي*تين الل**تين بع*دها، وخ*واتيم س*ورة [284"البقرة" من موضع "لله ما في السماوات وما في األرض" ]البقرة:

إلى آخرها، وعشرا من أول "آل عمران" وعشرا من آخرها، وأول آي**ة من "النساء"، وأول آي*ة من "المائ*دة"، وأول آي**ة من "األنع*ام"، وأول آي**ة من "األع***راف"، واآلي***ة ال***تي في "األع***راف" "إن ربكم الل***ه ال***ذي خل***ق

[ ح**تى تختم اآلي**ة؛ واآلي**ة ال**تي في54الس**ماوات واألرض" ]األع**راف: "يونس" من موضع "قال موسى ما جئتم ب**ه الس**حر إن الل**ه س**يبطله إن

[. واآلية التي في "ط**ه[ "وأل**ق81الله ال يصلح عمل المفسدين" ]يونس: ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر وال يفلح الس**احر حيث

[، وعش**را من أول ]الص**افات[، و"ق**ل ه**و الل**ه أح**د"69أتى" ]ط**ه: [، والمع**وذتين. تكتب في إن**اء نظي**ف ثم تغس**ل ثالث م**رات1]اإلخالص:

بماء نظيف ثم يحثو منه الوجع ثالث حثوات ثم يتوضأ منه كوض**وئه للص**الة ويتوضأ قبل وضوئه للص**الة ح**تى يك**ون على طه**ر قب**ل أن يتوض**أ ب**ه ثم يص*ب على رأس*ه وص*دره وظه*ره وال يس*تنجي ب*ه ثم يص*لي ركع*تين ثم يستشفي الله عز وجل؛ يفعل ذلك ثالثة أي**ام، ق**در م**ا يكتب في ك**ل ي**وم كتابا. في رواية: ومن شر أبي قترة وما ولد. وق**ال: )فامس**حوا نواص**يكم( ولم يشك. وروى البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وس**لم ك**ان ينفث على نفسه في المرض ال*ذي م**ات في**ه ب**المعوذات فلم*ا ثق**ل كنت أنفث علي**ه بهن وأمس**ح بي**د نفس**ه لبركته*ا. فس**ألت الزه**ري كي**ف ك**ان ينفث؟ قال: كان ينفث على يدي**ه ثم يمس**ح بهم*ا وجه*ه. وروى مال*ك عن ابن شهاب عن عروه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اش**تكى ق**رأ على نفس**ه المع**وذتين وتف**ل أو نفث. ق**ال أب**و بك**ر بن األنباري: قال اللغوي**ون تفس**ير "نفث" نفخ نفح**ا ليس مع**ه ري**ق. ومع**نى

"تفل" نفخ نفخا معه ريق. قال الشاعر: فإن يبرأ فلم أنفث عليه وإن يفقد فحق له الفقود

وقال ذو الرمة: ومن جوف ماء عرمض الحول فوقه متى يحس منه مائح القوم

يتفل أراد ينفخ بريق. وسيأتي ما للعلم**اء في النفث في س**ورة الفل**ق إن ش**اء

الله تعالى. @ روى ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره الرقي إال بالمعوذات. قال الطبري: وهذا حديث ال يجوز االحتجاج بمثله في الدين؛ إذ في نقلته من ال يعرف. ولو كان صحيحا لكان إم**ا غلط**ا وإم**ا منس**وخا؛ لقول*ه علي**ه الس**الم في الفاتح**ة )م**ا أدراك أنه*ا رقي**ة(. وإذا ج*از ال*رقي بالمعوذتين وهما سورتان من القرآن ك**انت الرقي**ة بس**ائر الق**رآن مثلهم**ا في الجواز إذ كله قرآن. وروي عنه عليه السالم أنه قال: )ش**فاء أمت**ه في ثالث آية من كتاب الل**ه أو لعق**ة من عس**ل أو ش**رطة من محجم(. وق**ال

رجاء الغنوي: ومن لم يستشف بالقرآن فال شفاء له. @ واختلف العلماء في النشرة، وهي أن يكتب شيئا من أسماء الله أو من القرآن ثم يغسله بالماء ثم يمسح به المريض أو يسقيه، فأجازها س**عيد بن المسيب. قيل له: الرجل يؤخذ عن امرأته أيحل عنه وينشر؟ قال: ال ب**أس ب*ه، وم*ا ينف*ع لم ين*ه عن*ه. ولم ي*ر مجاه*د أن تكتب آي*ات من الق*ران ثم

Page 183: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

تغسل ثم يسقاه صاحب الفزع. وكانت عائشة تقرأ بالمعوذتين في إن**اء ثم ت*أمر أن يص**ب على الم**ريض. وق**ال الم**ازري أب**و عبدالل*ه: النش*رة أم**ر معروف عند أهل التعزيم؛ وسميت بذلك ألنها تنش*ر عن ص*احبها أي تح**ل. ومنعها الحسن وإبراهيم النخعي، قال النخعي: أخاف أن يصيبه بالء؛ وكأن**ه ذهب إلى أنه ما يجيء به القرآن فهو إلى أن يعقب بالء أقرب من**ه إلى أن يفيد شفاء. وقال الحسن: سألت أنسا فقال: ذك**روا عن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم أنه**ا من الش**يطان. وق**د روى أب**و داود من ح**ديث ج**ابر بن عبدالله قال: سئل رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم عن النش**رة فق**ال: )من عمل الشيطان(. قال ابن عبدالبر. وهذه آثار لينة ولها وجوه محتمل**ة، وقد قيل: إن ه*ذا محم*ول على م*ا إذا ك*انت خارج*ة عم*ا في كت**اب الل**ه وسنة رسوله عليه الس**الم، وعى الم**داواة المعروف**ة. والنش**رة من جنس الطب فهي غسالة شيء له فض**ل، فهي كوض**وء رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: )ال بأس ب**الرقى م**ا لم يكن في**ه

شرك ومن استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل(. قلت: قد ذكرنا النص في النشرة مرفوعا وأن ذلك ال يكون إال من كتاب

الله فليعتمد عليه. @ قال مالك: ال بأس بتعليق الكتب التي فيها أس**ماء الل**ه ع**ز وج**ل على أعناق المرضى على وجه الت**برك به**ا إذا لم ي**رد معلقه**ا بتعليقه**ا مدافع**ة العين. وه**ذا معن**اه قب**ل أن ي**نزل ب**ه ش**يء من العين. وعلى ه**ذا الق**ول جماعة أهل العلم، ال يجوز عندهم أن يعلق على الصحيح من البهائم أو بني آدم شيء من العالئق خوف نزول العين، وكل ما يعلق بعد نزول البالء من أسماء الله عز وجل وكتابه رجاء الفرج والبرء من الله تعالى، فهو ك**الرقى المباح الذي وردت السنة بإباحته من العين وغيره**ا. وق**د روى عبدالل**ه بن عمرو قال قال وسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )إذا ف**زع أح**دكم في نومه فليقل أعوذ بكلم**ات الل**ه التام**ة من غض**به وس**وء عقاب**ه ومن ش**ر الشياطين وأن يحضرون(. وكان عبدالله يعلمها ولده من أدرك منهم، ومن لم يدرك كتبها وعلقها عليه. فإن قيل: فقد روي أن رسول الله ص**لى الل**ه عليه وسلم ق**ال: )من عل**ق ش**يئا وك**ل إلي**ه(. ورأى ابن مس**عود على أم ولده تميمة مربوطة فجبذها جبذا شديدا فقطعها وقال: إن آل ابن مس**عود ألغنياء عن الشرك، ثم قال: إن التمائم والرقى والتولة من الش**رك. قي**ل: ما التولة؟ قال: م**ا تحببت ب**ه لزوجه**ا. وروي عن عقب**ة بن ع**امر الجه**ني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: )من علق تميم**ة فال أتم الله له ومن علق ودعة فال ودع الله ل**ه قلب**ا(. ق**ال الخلي**ل بن أحم**د: التميمة قالدة فيها عوذ، والودعة خ**رز. وق**ال أب**و عم**ر: التميم**ة في كالم الع**رب القالدة، ومعن**اه عن**د أه**ل العلم م**ا عل**ق في األعن**اق من القالئ**د خشية العين أو غيرها أن تنزل أو ال تنزل قبل أن ت**نزل. فال أتم الل**ه علي**ه صحته وعافيته، ومن تعل*ق ودع*ة - وهي مثله*ا في المع*نى - فال ودع الل**ه له؛ أي فال بارك الله له ما هو فيه من العافية. والله اعلم. وهذا كله تح**ذير مما كان أهل الجاهلية يصنعونه من تعلي**ق التم**ائم والقالئ**د، ويظن**ون أنه*ا تقيهم وتصرف عنهم البالء، وذلك ال يصرفه إال الله عز وجل، وهو المع**افي والمبتلي، ال شريك له. فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كانوا يصنعون من ذلك في جاهليتهم. وعن عائش**ة ق**الت: م**ا تعل**ق بع**د ن**زول

Page 184: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

البالء فليس من التمائم. وقد كره بعض أهل العلم تعليق التميمة على ك**ل حال قبل نزول البالء وبعده. والقول األول أصح في األث**ر والنظ**ر إن ش**اء الله تعالى. وما روي عن ابن مسعود يج**وز أن يري**د بم**ا ك**ره تعليق**ه غ**ير القرآن أشياء مأخوذة عن العراقيين والكهان؛ إذ االستشفاء بالقرآن معلق**ا وغير معلق ال يكون شركا، وقوله عليه السالم: )من علق شيئا وك**ل إلي**ه( فمن علق القرآن ينبغي أن يتواله الله وال يكله إلى غ**يره؛ ألن**ه تع**الى ه**و المرغوب إليه والمتوكل عليه في االستشفاء بالقرآن. وسئل ابن المس**يب عن التعويذ أيعلق؟ قال: إذا كان في قصبة أو رقعة يحرز فال بأس به. وهذا على أن المكت**وب ق**رآن. وعن الض**حاك أن**ه لم يكن ي**رى بأس**ا أن يعل**ق الرجل الشيء من كتاب الله إذا وضعه عند الجم**اع وعن**د الغائ**ط. ورخص أبو جعفر محمد بن علي في التعويذ يعلق على الصبيان. وكان ابن س**يرين

ال يرى بأسا بالشيء من القرآن يعلقه اإلنسان. @قوله تعالى: "ورحمة للمؤمنين" تفريج الكروب وتطهير العي**وب وتكف**ير الذنوب مع ما تفضل به تع**الى من الث**واب في تالوت**ه؛ كم**ا روى الترم**ذي عن عبدالله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعش**ر أمثاله**ا ال أق**ول آلم حرف بل ألف حرف والم حرف وميم حرف(. قال هذا حديث حسن صحيح غريب. وقد تقدم. "وال يزيد الظالمين إال خسارا" لتكذيبهم. قال قت**ادة: م**ا جالس أحد القرآن إال قام عنه بزيادة أو نقصان، ثم قرأ "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" اآلية. ونظير هذه اآلية قوله: "قل هو لل*ذين آمن**وا ه**دى وش**فاء وال**ذين ال يؤمن**ون في آذانهم وق**ر وه**و علي**ه عمى"

[.44]فصلت: }وإذا أنعمن**ا على اإلنس**ان أع**رض ون**أى بجانب**ه وإذا مس**ه83*اآلي**ة: 3*

الشر كان يؤوسا{ @قوله تعالى: "وإذا أنعمنا على اإلنس**ان أع**رض ون**أى بجانب**ه" أي ه**ؤالء الذين يزيدهم القرآن خسارا صفتهم اإلعراض عن تدبر آيات الله والكفران لنعمه. وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة. ومع**نى "ن**أى بجانب**ه" أي تك**بر وتباعد. وناء مقلوب منه؛ والمعنى: بعد عن القيام بحق**وق الل**ه ع**ز وج**ل؛ يقال: نأى الش**يء أي بع*د. ونأيت**ه ون**أيت عن**ه بمع*نى، أي بع*دت. وأنأيت**ه فانتأى؛ أي أبعدته فبعد. وتن**اؤوا تباع**دوا. والمنت**أى: الموض**ع البعي**د. ق**ال

النابغة: فإنك كالليل الذي هو مدركي وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

وقرأ ابن عامر في رواية ابن ذكوان "ناء" مثل ب**اع، الهم**زة م**ؤخرة، وه**و على طريقة القلب من نأى؛ كما يقال: راء ورأى. وقيل: هو من النوء وه**و النهوض والقيام. وقد يقال أيضا للوقوع والجلوس ن**وء؛ وه**و من األض**داد. وقرئ "ون**ئى" بفتح الن**ون وكس**ر الهم**زة. والعام**ة "ن**أي" في وزن رأى. "وإذا مسه الشر كان يؤوسا" أي إذا ناله شدة من فق**ر أو س**قم أو ب**ؤس

يئس وقنط؛ ألنه ال يثق بفضل الله تعالى. }ق*ل ك*ل يعم*ل على ش*اكلته ف*ربكم أعلم بمن ه*و أه*دى84*اآلي*ة: 3*

سبيال{ @قوله تعالى: "قل كل يعمل على شاكلته" قال ابن عباس: ناحيته. وق**ال الضحاك. مجاهد: طبيعته. وعنه: حدته. ابن زيد: على دينه. الحسن وقتادة:

Page 185: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

نيته. مقاتل: جبلته. الفراء: على طريقته ومذهبه ال**ذي جب**ل علي**ه. وقي**ل. قل كل يعمل على ما هو أشكل عنده وأولى بالصواب في اعتقاده. وقي**ل:هو مأخوذ من الشكل؛ يقال: لست على شكلي وال شاكلتي. قال الشاعر:

كل امرئ يشبهه فعله ما يفعل المرء فهو أهله فالش*كل ه*و المث*ل والنظ*ير والض**رب. كقول*ه تع*الى: "وآخ*ر من ش**كله

[. الش**كل )بكس**ر الش**ين(: الهيئ**ة. يق**ال: جاري**ة حس**نة58أزواج" ]ص: الشكل. وهذه األقوال كلها متقاربة. والمعنى: أن ك**ل أح**د يعم**ل على م**ا يشاكل أصله وأخالقه التي ألفه**ا، وه**ذا ذم للك**افر وم**دح للم**ؤمن. واآلي**ة والتي قبلها نزلتا في الوليد بن المغيرة؛ ذكره المهدوي. "فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيال" أي ب*المؤمن والك*افر وم*ا سيحص**ل من ك*ل واح*د منهم. وقي**ل: "أه**دى س**بيال" أي أس**رع قب**وال. وقي**ل: أحس**ن دين**ا. وحكي أن الصحابة رضوان الله عليهم تذاكروا القرآن فقال أب**و بك**ر الص**ديق رض**ي الله عنه: قرأت القرآن من أوله إلى آخ**ره فلم أر في**ه آي**ة أرجى وأحس**ن من قوله تعالى: "بسم الله الرحمن ال**رحيم. حم. تنزي**ل الكت**اب من الل**ه العزيز العليم.. غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول" ]غافر:

[ قدم غفران الذنوب على قبول التوبة، وفي هذا إشارة للمؤمنين. وقال1 عثمان بن عفان رضي الله عنه: ق**رأت جمي**ع الق**رآن من أول**ه إلى آخ**ره فلم أر آي**ة أحس**ن وأرجى من قول**ه تع**الى: "ن**بئ عب**ادي أني أن**ا الغف**ور

[. وقال علي بن أبي ط**الب رض**ي الل**ه عن**ه: ق**رأت49الرحيم" ]الحجر: القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله تع**الى: "ق**ل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ال تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر

[.53الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" ]الزمر: قلت: وقرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من

قوله تعالى: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيم**انهم بظلم أولئ**ك لهم األمن وهم[.82مهتدون" ]األنعام:

}ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من85*اآلية: 3*العلم إال قليال{

@ روى البخاري ومسلم والترمذي عن عبدالله قال: بينا أنا مع النبي صلى الله علي**ه وس**لم في ح**رث وه**و متكئ على عس**يب إذ م**ر اليه**ود فق**ال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح. فق**ال: م**ا رابكم إلي**ه؟ وق**ال بعض**هم: ال يستقبلكم بش**يء تكرهون**ه. فق**الوا: س**لوه. فس**ألوه عن ال**روح فأمس**ك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم ش*يئا؛ فعلمت أن*ه ي*وحى إلي*ه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال: "ويسألونك عن الروح قل الروح من أم***ر ربي وم***ا أوتيتم من العلم إال قليال" لف***ظ البخ***اري. وفي مس***لم: فأسكت النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه: وما أوتوا. وق**د اختل**ف الن**اس في الروح المسؤول عنه، أي الروح ه**و؟ فقي**ل: ه**و جبري**ل؛ قال**ه قت**ادة. قال: وكان ابن عباس يكتمه. وقيل هو عيسى. وقيل القرآن، على ما ي**أتي بيانه في آخر الشورى. وقال علي بن أبي طالب: هو ملك من المالئكة ل**ه سبعون ألف وجه، في كل وجه سبعون ألف لسان، في كل لسان س**بعون ألف لغة، يسبح الله تع**الى بك**ل تل**ك اللغ**ات، يخل**ق الل**ه تع**الى من ك**ل تسبيحة ملكا يطير مع المالئكة إلى يوم القيام**ة. ذك**ره الط**بري. ق**ال ابن

عطية: وما أظن القول يصح عن علي رضي الله عنه.

Page 186: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

قلت: أسند البيهقي أخبرنا أبو زكريا عن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن س**عيد ح**دثنا عبدالل**ه بن ص**الح عن معاوي**ة بن ص**الح عن علي بن أبي طلح**ة عن ابن عب**اس في قول**ه: "ويس**ألونك عن الروح" يقول: الروح ملك. وبإسناده عن معاوية بن صالح حدثني أبو ه**ران ]بكسر الهاء[ يزيد بن سمرة عمن حدثه عن علي بن أبي ط**الب أن**ه ق**ال في قوله تعالى: "ويس**ألونك عن ال**روح" ف**ال: ه**و مل**ك من المالئك**ة ل**ه سبعون ألف وجه... الحديث بلفظ**ه ومعن**اه. وروى عط**اء عن ابن عب**اس قال: الروح ملك له أحد عشر ألف جناح وأل*ف وج*ه، يس*بح الل**ه إلى ي*وم القيامة؛ ذكره النحاس. وعنه: جند من جن**ود الل**ه لهم أي**د وأرج**ل ي**أكلون الطع**ام؛ ذك**ره الغزن**وي. وق**ال الخط**ابي: وق**ال بعض**هم، ه**و مل**ك من المالئكة بص**فة وض**عوها من عظم الخلق**ة. وذهب أك**ثر أه**ل التأوي**ل إلى أنهم سألوه عن الروح الذي يكون به حياة الجسد. وقال أهل النظ**ر منهم: إنما سألوه عن كيفية ال**روح ومس**لكه في ب**دن اإلنس**ان، وكي**ف امتزاج**ه بالجسم واتصال الحياة به، وهذا شيء ال يعلمه إال الله عز وجل. وق**ال أب*و ص**الح: ال**روح خل**ق كخل**ق ب**ني آدم وليس**وا بب**ني آدم، لهم أي**د وأرج**ل. والصحيح اإلبهام لقوله: "قل الروح من أمر ربي" أي هو أمر عظيم وش**أن كبير من أمر الله تعالى، مبهم**ا ل**ه وتارك**ا تفص**يله؛ ليع**رف اإلنس**ان على القطع عجزه عن علم حقيقة نفسه مع العلم بوجوده**ا. وإذا ك**ان اإلنس**ان في معرفة نفسه هكذا كان بعجزه عن إدراك حقيق**ة الح**ق أولى. وحكم**ة ذلك تعجيز العقل عن إدراك معرفة مخلوق مجاور ل**ه، دالل**ة على أن**ه عن

إدراك خالقه أعجز. @قوله تعالى: "وما أوتيتم من العلم إال قليال" اختلف فيمن خوطب ب**ذلك؛ فقالت فرقة: السائلون فقط. وق**ال ق**وم: الم**راد اليه**ود بجملتهم. وعلى هذا هي قراءة ابن مسعود "وما أوتوا" ورواها عن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم. وق**الت فرق**ة: الم**راد الع**الم كل**ه. وه**و الص**حيح، وعلي**ه ق**راءة الجمهور "وما أوتيتم". وقد قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم: كي**ف لم ن**ؤت من العلم إال قليال وق**د أوتين**ا الت**وراة وهي الحكم**ة، ومن ي**ؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا؟ فعارضهم رسول الله صلى الله عليه وس**لم بعلم الله فغلبوا. وقد نص رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم بقول**ه في بعض األحاديث: )كال( يعني أن المراد "بما أوتيتم" جمي**ع الع**الم. وذل**ك أن يهود قالت له: نحن عنيت أم قومك. فقال: )كال(. وفي ه**ذا المع*نى ن**زلت

[. حكى ذلك الط**بري27"ولو أن ما في األرض من شجرة أقالم" ]لقمان: رحمه الله وقد قيل: إن السائلين عن الروح هم قريش، قالت لهم اليه**ود: سلوه عن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن ال**روح ف**إن أخ**بركم عن اثنين وأمسك عن واحدة فهو نبي؛ فأخبرهم خبر أصحاب الكهف وخ**بر ذي القرنين على ما يأتي. وقال في الروح: "ق**ل ال**روح من أم**ر ربي" أي من األمر الذي ال يعلمه إال الله. ذكره المهدوي وغ**يره من المفس**رين عن ابن

عباس.-** 86*اآليتان: 3* }ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم ال تجد ل**ك87

به علينا وكيال، إال رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا{ @قوله تعالى: "ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك" يعني القرآن. أي كما قدرنا على إنزاله نقدر على إذهابه حتى ينساه الخلق. ويتص**ل ه**ذا بقول**ه:

Page 187: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

"وما أوتيتم من العلم إال قليال" أي ولو شئت أن أذهب بذلك القليل لقدرت عليه. "ثم ال تجد لك به علينا وكيال" أي ناص**را ي**رده علي**ك. "إال رحم**ة من ربك" يعني لكن ال نشاء ذلك رحمة من ربك؛ فه**و اس**تثناء ليس من األول. وقيل: إال أن يرحمك ربك فال ي**ذهب ب**ه. "إن فض**له ك**ان علي**ك كب**يرا" إذ جعلك سيد ولد آدم. وأعطاك المقام المحمود وهذا الكت**اب العزي**ز. وق**ال عبدالله بن مسعود: أول ما تفق**دون من دينكم األمان**ة، وآخ**ر م**ا تفق**دون الصالة، وأن هذا القرآن كأنه قد نزع منكم، تصبحون يوم**ا وم**ا معكم من**ه شيء. فقال رجل: كيف يكون ذلك يا أبا عبدالرحمن وقد ثبتن**اه في قلوبن**ا وأثبتناه في مصاحفنا، نعلمه أبناءنا ويعلمه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيام**ة! قال: يسري به في ليلة فيذهب بما في المصاحف وما في القلوب، فتصبح الناس كالبهائم. ثم ق*رأ عبدالل**ه "ولئن ش**ئنا لن**ذهبن بال*ذي أوحين*ا إلي**ك" اآلية. أخرجه أبو بك**ر بن أبي ش**يبة بمعن**اه ق**ال: أخبرن**ا أب**و األح**وص عن عبدالعزيز ابن رفي**ع عن ش**داد بن معق**ل ق**ال: ق**ال عبدالل**ه - يع**ني ابن مسعود - : إن هذا القرآن الذي بين أظهركم يوش**ك أن ي**نزع منكم. ق**ال: قلت كيف ينزع منا وقد أثبته الل**ه في قلوبن**ا وثبتن**اه في مص**احفنا! ق**ال: يسرى عليه في ليلة واحدة فينزع ما في القلوب ويذهب ما في المصاحف ويصبح الناس منه فقراء. ثم ق**رأ "لئن ش**ئنا لن**ذهبن بال**ذي أوحين**ا إلي**ك" وهذا إسناد صحيح. وعن ابن عمر: ال تقوم الساعة حتى يرج**ع الق**رآن من حيث نزل، له دوي كدوي النحل، فيقول الله ما بالك. فيق**ول: ي**ا رب من**ك

خرجت وإليك أعود، أتلى فال يعمل بي، أتلى وال يعمل بي.. قلت: قد جاء معنى هذا مرفوعا من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص

وحذيفة. ق*ال حذيف*ة ق*ال رس*ول الل*ه ص*لى الل*ه علي**ه وس*لم: )ي*درس اإلسالم كما يدرس وشي الثوب حتى ال يدري ما صيام وال ص**الة وال نس**ك وال صدقة فيسرى على كتاب الله تعالى في ليل**ة فال يبقى من**ه في األرض آية وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعج**وز يقول**ون أدركن**ا آباءن**ا على هذه الكلمة ال إله إال الله. وهم ال يدرون ما ص**الة وال ص**يام وال نس**ك وال صدقة(. قال له صلة: ما تغ**ني عنهم ال إل**ه إال الل**ه! وهم ال ي**درون م**ا صالة وال صيام وال نسك وال صدقة؛ فأعرض عنه حذيفة؛ ثم رددها ثالثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة. ثم أقبل علي**ه حذيف**ة فق**ال: ي**ا ص**لة! تنجيهم من النار، ثالثا. خرجه ابن ماجة في السنن. وقال عبدالله بن عمر: خرج الن**بي صلى الله عليه وسلم وهو معصوب الرأس من وجع فضحك، فصعد المن**بر فحمد الله وأثنى عليه ثم ق*ال: )أيه*ا الن**اس م**ا ه*ذه الكتب ال*تي تكتب**ون أكتاب غير كتاب الله يوشك أن يغضب الله لكتابه فال يدع ورق**ا وال قلب**ا إال أخذ منه( قالوا: يا رسول الله، فكيف بالمؤمنين والمؤمن**ات يومئ**ذ؟ ق**ال: )من أراد الله به خيرا أبقى في قلبه ال إله إال الله( ذكره الثعلبي والغزن*وي

وغيرهما في التفسير. }ق**ل لئن اجتمعت اإلنس والجن على أن ي**أتوا بمث**ل ه**ذا88*اآلي**ة: 3*

القرآن ال يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا{ @ أي عونا ونص*يرا؛ مث*ل م*ا يتع*اون الش*عراء على بيت ش*عر فيقيمون*ه. نزلت حين قال الكفار: لو نشاء لقلنا مثل هذا؛ فأك**ذبهم الل**ه تع**الى. وق**د مضى القول في إعجاز القرآن في أول الكت**اب والحم**د لل**ه. و"ال ي**أتون"

جواب القسم في "لئن" وقد يجزم على إرادة الشرط. قال الشاعر:

Page 188: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

لئن كان ما حدثته اليوم صادقا أقم في نهار القي**ظ للش**مس باديا

}ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ف**أبى أك**ثر89*اآلية: 3*الناس إال كفورا{

@قوله تعالى: "ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل" أي وجهنا الق**ول في**ه بك**ل مث**ل يجب ب**ه االعتب**ار؛ من اآلي**ات والع**بر وال**ترغيب والترهيب، واألوامر والن**واهي وأقاص*يص األولين، والجن*ة والن*ار والقيام*ة. "ف**أبى أك**ثر الن**اس إال كف**ورا" يري**د أه**ل مك**ة، بين لهم الح**ق وفتح لهم وأمهلهم حتى تبين لهم أنه الح**ق، ف**أبوا إال الكف**ر وقت ت**بين الح**ق. ق**ال المهدوي: وال حجة للقدري في قولهم: ال يقال أبى إال لمن أبى فعل ما ه**و قادر عليه؛ ألن الك**افر وإن ك**ان غ**ير ق**ادر على اإليم**ان بحكم الل**ه علي**ه باإلعراض عنه وطبعه على قلب**ه، فق**د ك**ان ق**ادرا وقت الفس**حة والمهل**ة

على طلب الحق وتمييزه من الباطل.-** 90*اآلي**ات: 3* }وق**الوا لن ن**ؤمن ل**ك ح**تى تفج**ر لن**ا من األرض93

ينبوعا، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفج**ر األنه**ار خالله**ا تفج**يرا، أو تسقط السماء كم**ا زعمت علين**ا كس**فا أو ت**أتي بالل**ه والمالئك**ة ق**بيال، أو يكون ل**ك بيت من زخ**رف أو ت**رقى في الس**ماء ولن ن**ؤمن لرقي**ك ح**تى

تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إال بشرا رسوال{ @قوله تعالى: "وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من األرض ينبوعا" اآلي**ة نزلت في رؤساء قريش مثل عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبي سفيان والنض**ر بن الح**ارث، وأبي جه**ل وعبدالل**ه بن أبي أمي**ة، وأمي**ة بن خل**ف وأبي البختري، والوليد بن المغيرة وغيرهم. وذلك أنهم لما عج**زوا عن معارض**ة القرآن ولم يرضوا به معجزة، اجتمعوا - فيما ذكر ابن إسحاق وغيره - بع**د غروب الشمس عند ظهر الكعبة، ثم قال بعضهم لبعض: ابعث**وا إلى محم**د صلى الله عليه وسلم فكلموه وخاصموه حتى تعذروا في**ه، فبعث**وا إلي**ه أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك فأتهم، فجاءهم رسول الله ص**لى الله عليه وسلم وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بدو، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريص**ا يحب رش**دهم ويع**ز علي**ه عنتهم، ح**تى جلس إليهم فقالوا له: يا محمد! إنا فد بعثن**ا إلي**ك لنكلم**ك، وإن**ا والل**ه م**ا نعلم رجال من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك؛ لق**د ش**تمت اآلباء وعبت الدين وشتمت اآللهة وس**فهت األحالم وف**رقت الجماع**ة، فم**ا بقي أمر قبيح إال قد جئته فيما بيننا وبينك، أو كما قالوا ل**ه. ف**إن كنت إنم**ا جئت بهذا الحديث تطلب به ماال جمعنا ل*ك من أموالن**ا ح*تى تك*ون أكثرن**ا ماال، وإن كنت إنما تطلب به الش*رف فين*ا فنحن نس*ودك علين**ا، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا، وإن ك**ان ه**ذا ال**ذي يأتي**ك رئي**ا ت**راه ق**د غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن رئيا - فربما ك**ان ذل**ك ب**ذلنا أموالن**ا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر في**ك. فق**ال لهم رس**ول الل**ه صلى الله عليه وس*لم: )م*ا بي م*ا تقول*ون م*ا جئت بم*ا جئتكم ب*ه أطلب أموالكم وال الشرف فيكم وال الملك عليكم ولكن الله بعث**ني إليكم رس**وال وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رس**االت ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فه**و حظكم في ال**دنيا واآلخ**رة وإن تردوه علي أصبر ألمر الله حتى يحكم الل**ه بي**ني وبينكم( أو كم**ا ق**ال

Page 189: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

صلى الله عليه وسلم. قالوا: يا محمد، فإن كنت غ**ير قاب*ل من*ا ش*يئا مم**ا عرضناه عليك، فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا وال أقل ماء وال أشد عيشا منا، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك ب**ه، فليس**ير عن**ا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، وليبسط لنا بالدنا وليخرق لنا فيها أنه**ارا كأنهار الشام، وليبعث لنا من مضى من آبائنا؛ وليكن فيمن يبعث لنا قص**ي بن كالب؛ فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عما تقول، أحق هو أم باطل، فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك، وعرفنا ب**ه منزلت**ك من الل**ه تع**الى، وأنه بعثك رسوال كما تقول. فقال لهم صلوات الله عليه وسالمه: )ما به**ذا بعثت إليكم إنما جئتكم من الله تعالى بما بعثني به وقد بلغتكم ما أرس**لت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا واآلخ**رة وإن ت**ردوه علي أص**بر ألمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم(. قالوا: ف*إذا لم تفع*ل ه*ذا لن*ا فخ*ذ لنفسك! سل ربك أن يبعث معك ملكا يص**دقك بم**ا تق**ول ويراجعن**ا عن**ك، وأسأله فليجعل لك جنانا وقصورا وكن*وزا من ذهب وفض*ة يغني**ك به*ا عم*ا ن**راك تبتغي؛ فإن**ك تق**وم باألس**واق وتلتمس المع**اش كم**ا نلتمس، ح**تى نع**رف فض**لك ومنزلت**ك من رب**ك إن كنت رس**وال كم**ا ت**زعم. فق**ال لهم رسول الله: )ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت بهذا إليكم ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا - أو كما قال - فإن تقبلوا مني م**ا جئتكم ب**ه فهو حظكم في الدنيا واآلخرة وإن تردوه علي أصبر ألم*ر الل**ه ح*تى يحكم الله بيني وبينكم( قالوا: فأسقط السماء علين**ا كس**فا كم**ا زعمت أن رب**ك إن شاء فعل؛ فإنا لن نؤمن لك إال أن تفعل. قال فقال رس**ول الل**ه ص**لى الله عليه وس**لم: )ذل**ك إلى الل**ه ع**ز وج**ل إن ش**اء أن يفعل**ه بكم فع**ل( قالوا: يا محمد، فما علم ربك أنا سنجلس مع**ك ونس**ألك عم**ا س**ألنا عن**ه ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك فيعلمك بما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذ لم نقبل منك ما جئتنا به. إنه قد بلغنا إنما يعلم**ك ه**ذا رجل من اليمامة يقال له الرحمن، وإنا والله ال ن**ؤمن ب**الرحمن أب**دا، فق**د أعذرنا إليك يا محمد، وإن**ا والل**ه ال نترك**ك وم**ا بلغت من**ا ح**تى نهلك**ك أو تهلكنا. وقال قائلهم: نحن نعبد المالئكة وهي بنات الل**ه. وق**ال ق**ائلهم: لن

نؤمن لك حتى تأتي بالله والمالئكة قبيال. فلما قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قام عنهم وقام معه

عبدالله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخ**زوم، وه**و ابن عمته، هو لعاتكة بنت عبدالمطلب، فقال له: يا محمد عرض علي**ك قوم**ك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك ألنفسهم أمورا ليعرفوا به**ا منزلت**ك من الل**ه كم**ا تق**ول، ويص**دقوك ويتبع**وك فلم تفع**ل ثم س**ألوك أن تأخ**ذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم ومنزلتك من الله فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل - أو كما قال ل**ه - فوالله ال أؤمن بك أبدا ح*تى تتخ**ذ إلى الس**ماء س**لما، ثم ت**رقى في**ه وأن**ا أنظر حتى تأتيها، ثم تأتي معك بصك معه أربعة من المالئكة يش**هدون ل**ك أنك كما تقول. وايم الله لو فعلت ذلك م**ا ظننت أني أص**دقك ثم انص**رف عن رسول الله صلى الله عليه وس**لم، وانص**رف رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم إلى أهله حزينا أسفا لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه، ولما رأى من مباعدتهم إياه، كله لفظ ابن إس**حاق. وذك**ر الواح**دي عن عكرمة عن ابن عباس: فأنزل الله تعالى "وق**الوا لن ن**ؤمن ل**ك ح**تى

Page 190: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

تفج**ر لن**ا من األرض ينبوع**ا". "ينبوع**ا" يع**ني العي**ون؛ عن مجاه**د. وهي يفعول، من نبع ينبع. وقرأ عاص*م وحم*زة والكس*ائي "تفج*ر لن*ا" مخفف*ة؛ واختاره أبو حاتم ألن الينبوع واحد. ولم يختلفوا في تفجر األنهار أنه مشدد. قال أبو عبيد: واألولى مثلها. قال أبو حاتم. ليست مثله**ا، ألن األولى بع**دها ينب**وع وه*و واح*د، والثاني*ة بع*دها األنه*ار وهي جم**ع، والتش**ديد ي**دل على التكثير. أجيب بأن "ينبوعا" وإن ك*ان واح*دا ف*المراد ب*ه الجم*ع، كم*ا ق*ال مجاهد. الينبوع عين الماء، والجمع الينابيع. وقرأ قتادة "أو يكون لك جن**ة". "خاللها" أي وسطها. "أو تسقط السماء" ق**راءة العام**ة. وق**رأ مجاه**د "أو يسقط السماء" على إس**ناد الفع**ل إلى الس**ماء. "كس**فا" قطع**ا، عن ابن عباس وغيره. والكسف )بفتح السين( جمع كسفة، وهي ق**راءة ن**افع وابن عامر وعاصم. الب**اقون "كس**فا" بإس**كان الس**ين. ق**ال األخفش: من ق**رأ كسفا من السماء جعله واحدا، ومن قرأ كسفا جعله جمعا. ق*ال المه*دوي: ومن أسكن السين جاز أن يكون جمع كس*فة وج*از أن يك**ون مص**درا، من كس**فت الش**يء إذا غطيت**ه. فك**أنهم ق**الوا: أس**قطها طبق**ا علين**ا. وق**ال الجوهري. الكسفة القطعة من الش**يء؛ يق**ال: أعط**ني كس**فة من ثوب**ك،

والجمع كسف وكسف. ويقال: الكسفة واحد. @قوله تعالى: "أو تأتي بالله والمالئك**ة ق**بيال" أي معاين**ة؛ عن قت**ادة وابن جريج. وقال الضحاك وابن عباس: كفيال. قال مقات**ل: ش**هيدا. مجاه**د: ه**و جمع القبيلة؛ أي بأصناف المالئكة قبيلة قبيلة. وقي**ل: ض**مناء يض**منون لن**ا إتيان**ك ب**ه. "أو يك**ون ل**ك بيت من زخ**رف" أي من ذهب؛ عن ابن عب**اس وغيره. وأصله الزينة. والمزخرف المزين. وزخ**ارف الم**اء طرائق**ه. وق**ال مجاهد: كنت ال أدري ما الزخرف حتى رأيت**ه في ق**راءة ابن مس**عود "بيت من ذهب" أي نحن ال ننقاد ل**ك م**ع ه**ذا الفق**ر ال**ذي ن**رى. "أو ت**رقى في السماء" أي تصعد؛ يقال: رقيت في الس**لم أرقى رقي**ا ورقي**ا إذا ص**عدت. وارتقيت مثله. "ولن نؤمن لرقيك" أي من أج**ل رقي**ك، وه**و مص**در؛ نح**و مضى يمضي مضيا، وهوى يهوي هويا، كذلك رقي يرقي رقيا. "ح**تى ت**نزل علينا كتابا نق**رؤه" أي كتاب**ا من الل**ه تع**الى إلى ك**ل رج*ل من**ا؛ كم**ا ق*ال

[.52تعالى: "بل يريد كل امرئ منهم أن ي**ؤتى ص**حفا منش**رة" ]الم**دثر: "قل سبحان ربي" وقرأ أهل مكة والشام "قال س**بحان ربي" يع**ني الن**بي صلى الله عليه وسلم؛ أي قال ذلك تنزيها لله ع**ز وج**ل عن أن يعج**ز عن شيء وعن أن يع**ترض علي**ه في فع**ل. وقي**ل: ه**ذا كل**ه تعجب عن ف**رط كفرهم واقتراحاتهم. الباقون "قل" على األمر؛ أي قل لهم ي**ا محم**د "ه**ل كنت" أي ما أنا "إال بشرا رسوال" اتبع ما ي**وحى إلي من ربي، ويفع**ل الل**ه ما يشاء من هذه األشياء التي ليست في قدرة البشر، فه**ل س**معتم أح**دا من البشر أتى بهذه اآليات وقال بعض الملح**دين: ليس ه**ذا جواب**ا مقنع**ا، وغلطوا؛ ألنه أجابهم فقال: إنما أنا بشر ال أقدر على شيء مما سألتموني، وليس لي أن أتخير على ربي، ولم تكن الرسل قبلي يأتون أممهم بكل م**ا يريدونه ويبغونه، وسبيلي سبيلهم، وكانوا يقتصرون على ما آت*اهم الل*ه من آياته الدالة على صحة نبوتهم، فإذا أق**اموا عليهم الحج**ة لم يجب لق**ومهم أن يقترحوا غيرها، ول**و وجب على الل**ه أن ي**أتيهم بك**ل م**ا يقترحون**ه من اآليات لوجب عليه أن يأتيهم بمن يختارونه من الرسل، ولوجب لكل إنسان

Page 191: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أن يقول: ال أومن حتى أوتى بآية خالف ما طلب غيري. وهذا يؤول إلى أنيكون التدبير إلى الناس. وإنما التدبير إلى الله تعالى.

}وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إال أن قالوا أبعث94*اآلية: 3*الله بشرا رسوال{

@قوله تعالى: "وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم اله**دى" يع**ني الرس**ل والكتب من عند الله بال**دعاء إلي**ه. "إال أن ق**الوا" ق**الوا جهال منهم. "أبعث الله بشرا رسوال" أي الله أجل من أن يكون رسوله من البشر. ف**بين الل**ه تعالى فرط عنادهم ألنهم قالوا: أنت مثلن**ا فال يلزمن**ا االنقي**اد، وغفل**وا عن المعج**زة. "ف*أن" األولى في مح**ل نص**ب بإس*قاط ح*رف الخفض. و"أن" الثانية في محل رفع "بمنع" أي وم**ا من**ع الن**اس من أن يؤمن**وا إذ ج**اءهم

الهدى إال قولهم أبعث الله بشرا رسوال. }ق*ل ل*و ك*ان في األرض مالئك*ة يمش*ون مطمئ*نين لنزلن**ا95*اآلي*ة: 3*

عليهم من السماء ملكا رسوال{ @ أعلم الله تعالى أن الملك إنما يرسل إلى المالئكة؛ ألنه لو أرس**ل ملك**ا إلى اآلدميين لم يقدروا أن يروه على الهيئة التي خل**ق عليه**ا، وإنم**ا أق**در األنبياء على ذلك وخلق فيهم ما يقدرون به، ليكون ذلك آي**ة لهم ومعج**زة. وقد تقدم في "األنعام" نظير هذه اآلية؛ وهو قوله: "وقالوا لوال أن**زل علب**ه ولو أنزلنا ملكا لقضي األمر ثم ال ينظرون. ولو جعلناه ملك**ا لجعلن**اه رجال"

[ وقد تقدم الكالم فيه.9]األنعام: }قل كفى بالل**ه ش**هيدا بي**ني وبينكم إن**ه ك**ان بعب**اده خب**يرا96*اآلية: 3*

بصيرا{ @ ي**روى أن كف**ار ق**ريش ق**الوا حين س**معوا قول**ه "ه**ل كنت إال بش**را رسوال": فمن يشهد لك أنك رسول الله. فنزل "قل كفى بالله شهيدا بي**ني

وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا". }ومن يهد الله فهو المهت**د ومن يض**لل فلن تج**د لهم أولي**اء97*اآلية: 3*

من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمي**ا وبكم**ا وص**ما م**أواهمجهنم كلما خبت زدناهم سعيرا{

@قوله تعالى: "ومن يهد الله فه**و المهت**دي" أي ل**و ه**داهم الل**ه الهت**دوا. "ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه" أي ال يهديهم أح**د. "ونحش**رهم ي**وم القيام**ة على وج**وههم" في**ه وجه**ان: أح**دهما: أن ذل**ك عب**ارة عن اإلس**راع بهم إلى جهنم؛ من ق**ول الع**رب: ق**دم الق**وم على وج**وههم إذا أسرعوا. الثاني: أنهم يسحبون ي**وم القيام**ة على وج**وههم إلى جهنم كم**ا يفعل في الدنيا بمن يبالغ في هوان**ه وتعذيب**ه. وه**ذا ه**و الص**حيح؛ لح**ديث أنس أن رجال قال: يا رسول الله، الذين يحش**رون على وج**وههم، أيحش**ر الكافر على وجهه؟ قال رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم )أليس ال**ذي أمشاه على الرجلين قادرا على أن يمشيه على وجهه ي**وم القيام**ة(: ق**ال قتادة حين بلغه: بلى وعزة ربنا. أخرجه البخاري ومس*لم. وحس*بك. "عمي*ا وبكما وصما" ق**ال ابن عب**اس والحس**ن: أي عمي عم**ا يس**رهم، بكم عن التكلم بحجة، صم عما ينفعهم؛ وعلى ه**ذا الق**ول حواس**هم باقي**ة على م**ا كانت عليه. وقيل: إنهم يحشرون على الصفة التي وصفهم الله بها؛ ليكون ذلك زيادة في عذابهم، ثم يخلق ذلك لهم في النار، فأبصروا؛ لقوله تعالي:

[، وتكلم**وا،53"ورأى المجرم**ون الن**ار فظن**وا أنهم مواقعوه**ا" ]الكه**ف:

Page 192: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[، وس**معوا؛ لقول**ه تع**الى:13لقوله تعالى: "دعوا هنالك ثبورا" ]الفرقان: [. وق**ال مقات**ل بن س**ليمان: إذا12"سمعوا لها تغيظا وزفيرا" ]الفرق**ان:

[ ص**اروا عمي**ا ال108قي**ل لهم "اخس**ؤوا فيه**ا وال تكلم**ون" ]المؤمن**ون: يبصرون صما ال يسمعون بكما ال يفقه**ون. وقي**ل: عم**وا حين دخل**وا الن**ار لشدة سوادها، وانقطع كالمهم حين قي**ل لهم: اخس**ؤوا فيه**ا وال تكلم**ون. وذهب الزفير والش**هيق بس**معهم فلم يس**معوا ش**يئا. "م**أواهم جهنم" أي مستقرهم ومقامهم. "كلما خبت" أي سكنت؛ عن الضحاك وغ**يره. مجاه**د طفئت. يق**ال: خبت الن**ار تخب**و خب**وا أي طفئت، وأخبيته**ا أن**ا. "زدن**اهم س**عيرا" أي ن**ار تتلهب. وس**كون التهابه**ا من غ**ير نقص**ان في آالمهم وال تخفيف عنهم من عذابهم. وقي**ل: إذا أرادت أن تخب**و. كقول**ه: "وإذا ق**رأت

[.45القرآن" ]اإلسراء: -** 98*اآليتان: 3* }ذلك جزاؤهم بأنهم كف**روا بآياتن**ا وق**الوا أئ**ذا كن**ا99

عظاما ورفات*ا أئن*ا لمبعوث*ون خلق*ا جدي*دا، أولم ي*روا أن الل*ه ال*ذي خل**ق السماوات واألرض قادر على أن يخل**ق مثلهم وجع**ل لهم أجال ال ريب في**ه

فأبى الظالمون إال كفورا{ @قوله تعالى: "ذلك جزاؤهم ب*أنهم كف*روا بآياتن*ا" أي ذل*ك الع*ذاب ج*زاء كفرهم. "وق*الوا أئ*ذا كن*ا عظام*ا ورفات*ا" أي تراب*ا. "أئن*ا لمبعوث*ون خلق*ا جديدا" فأنكروا البعث فأجابهم الله تعالى فقال: "أو لم يروا أن الل**ه ال**ذي خلق السماوات واألرض قادر على أن يخلق مثلهم وجع**ل لهم أجال ال ريب في**ه" قي**ل: في الكالم تق**ديم وت**أخير، أي أو لم ي**روا أن الل**ه ال**ذي خل**ق السماوات واألرض، وجعل لهم أجال ال ريب فيه قادر على أن يخل**ق مثلهم. واألجل: م**دة قي**امهم في ال**دنيا ثم م**وتهم، وذل**ك م**ا ال ش**ك في**ه إذ ه**و مشاهد. وقي*ل: ه*و ج*واب ق*ولهم: "أو تس*قط الس*ماء كم*ا زعمت علين*ا

[. وقيل: وهو يوم القيامة. "فأبى الظالمون إال كفورا"92كسفا" ]اإلسراء: أي أبى المشركون إال جحودا بذلك األجل وبآيات الل**ه. وقي**ل: ذل**ك األج**ل

هو وقت البعث، وال ينبغي أن يشك فيه. }قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا ألمسكتم خشية100*اآلية: 3*

اإلنفاق وكان اإلنسان قتورا{ @قوله تعالى: "قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي" أي خزائن األرزاق. وقيل: خزائن النعم، وهذا أعم. "إذا ألمس**كتم خش**ية اإلنف**اق" من البخ**ل، وه**و ج**واب ق**ولهم: "لن ن**ؤمن ل**ك ح**تى تفج**ر لن**ا من األرض ينبوع**ا"

[ ح**تى نتوس**ع في المعيش**ة. أي ل**و توس**عتم لبخلتم أيض**ا.90]اإلس**راء: وقيل: المعنى لو ملك أحد المخلوقين خزائن الله لم**ا ج**اد به**ا كج**ود الل**ه تعالى؛ ألمرين: أحدهما: أنه ال بد أن يمسك منها لنفقته وما يع**ود بمنفعت**ه. الثاني: أنه يخاف الفقر ويخشى العدم. والله تع**الى يتع**الى في ج**وده عن ه**اتين الح**التين. واإلنف**اق في ه**ذه اآلي**ة بمع**نى الفق**ر؛ قال**ه ابن عب**اس وقتادة. وحكى أهل اللغة أنفق وأصرم وأعدم وأق**تر إذا ق**ل مال**ه. "وك**ان اإلنسان قتورا" أي بخيال مض**يقا. يق**ال: ق**تر على عيال**ه يق**تر ويق**تر ق**ترا وقتورا إذا ض**يق عليهم في النفق**ة، وك**ذلك التقت**ير واإلقت**ار، ثالث لغ**ات. واختل*ف في ه*ذه اآلي*ة على ق*ولين: أح*دهما: أنه*ا ن*زلت في المش*ركين خاص**ة؛ قال**ه الحس**ن. والث**اني: أنه**ا عام**ة، وه**و ق**ول الجمه**ور؛ وذك**ره

الماوردي.

Page 193: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ101*اآلية: 3*جاءهم فقال له فرعون إني ألظنك يا موسى مسحورا{

@قوله تعالى: "ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات" اختلف في هذه اآليات؛ فقيل: هي بمعنى آيات الكتاب؛ كما روى الترم**ذي والنس**ائي عن ص**فوان بن عسال المرادي أن يه**وديين ق**ال أح**دهما لص**احبه: اذهب بن**ا إلى ه**ذا النبي نسأله؛ فقال: ال تقل له نبي فإنه إن سمعنا كان له أربعة أعين؛ فأتي**ا النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم فس**أاله عن ق**ول الل**ه تع**الى: "ولق**د آتين**ا موسى تسع آيات بين**ات" فق**ال رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )ال تشركوا بالله شيئا وال تزنوا وال تقتلوا النفس التي ح**رم الل**ه إال ب**الحق وال تسرقوا وال تسحروا وال تمشوا ببريء إلى سلطان فيقتل**ه وال ت**أكلوا الرب**ا وال تقذفوا محصنة وال تفروا من الزحف - ش**ك ش**عبة - وعليكم ي**ا معش**ر اليهود خاصة أال تعدوا في السبت( فقبال يديه ورجليه وقاال: نشهد أنك نبي. قال: )فما يمنعكما أن تسلما( قاال: إن داود دعا الله أال يزال في ذريته نبي وإنا نخاف إن أسلمنا أن تقتلنا اليهود. قال أبو عيس**ى: ه**ذا ح**ديث حس**ن صحيح. وقد مضى في "البقرة". وقيل: اآليات بمعنى المعجزات والدالالت. ق**ال ابن عب**اس والض**حاك: اآلي**ات التس**ع العص**ا والي**د واللس**ان والبح**ر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم؛ آيات مفصالت. وقال الحس**ن والشعبي: الخمس المذكورة في "األعراف"؛ يعنيان الطوف**ان وم**ا عط**ف علي**ه، والي**د والعص**ا والس**نين والنقص من الثم**رات. وروي نح**وه عن الحسن؛ إال أنه يجعل السنين والنقص من الثمرات واحدة، وجعل التاس**عة تلقف العص**ا م**ا ي**أفكون. وعن مال**ك ك**ذلك؛ إال أن**ه جع**ل مك**ان الس**نين والنقص من الثمرات؛ البح**ر والجب**ل. وق**ال محم**د بن كعب: هي الخمس التي في "األعراف" والبحر والعصا والحج**ر والطمس على أم**والهم. وق**د تقدم شرح هذه اآلي**ات مس**توفى والحم**د لل**ه. "فاس**أل ب**ني إس**رائيل إذ جاءهم" أي سلهم يا محمد إذ ج*اءهم موس*ى به*ذه اآلي*ات، حس*بما تق*دم بيانه في "يونس". وه**ذا س**ؤال اس**تفهام ليع**رف اليه**ود ص**حة م**ا يق**ول محمد صلى الله علي**ه وس**لم. "فق**ال ل**ه فرع**ون إني ألظن**ك ي**ا موس**ى مس**حورا" أي س**احرا بغ**رائب أفعال**ك؛ قال**ه الف**راء وأب**و عبي**دة. فوض**ع المفعول موضع الفاعل؛ كما تقول: هذا مشؤوم وميمون، أي شائم ويامن. وقيل مخدوعا. وقيل مغلوبا؛ قاله مقاتل. وقيل غير ه**ذا؛ وق**د تق**دم. وعن ابن عباس وأبي نهيك أنهما قرآ "فسأل بني إسرائيل" على الخبر؛ أي سأل

موسى فرعون أن يخلي بني إسرائيل ويطلق سبيلهم ويرسلهم معه. }قال لقد علمت ما أنزل هؤالء إال رب الس**ماوات واألرض102*اآلية: 3*

بصائر وإني ألظنك يا فرعون مثبورا{ @قول**ه تع**الى: "ق**ال لق**د علمت م**ا أن**زل ه**ؤالء" يع**ني اآلي**ات التس**ع. و"أن**زل" بمع**نى أوج**د. "إال رب الس**ماوات واألرض بص**ائر" أي دالالت يس**تدل به**ا على قدرت**ه ووحدانيت**ه. وق**راءة العام**ة "علمت" بفتح الت**اء، خطابا لفرعون. وقرأ الكسائي بضم التاء، وهي قراءة علي رضي الله عنه؛ وق**ال: والل**ه م**ا علم ع*دو الل**ه ولكن موس**ى ه**و ال*ذي يعلم، فبلغت ابن عب**اس فق**ال: إنه**ا "لق**د علمت"، واحتج بقول**ه تع**الى: "وجح**دوا به**ا

[. ونسب فرع**ون إلى العن**اد.14واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا" ]النمل: وقال أبو عبيد: والمأخوذ به عندنا فتح التاء، وهو األصح للمعنى ال**ذي احتج

Page 194: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ب**ه ابن عب**اس؛ وألن موس**ى ال يحتج بقول**ه: علمت أن**ا، وه**و الرس**ول الداعي، ولو كان مع هذا كله تصح به القراءة عن علي لكانت حج**ة، ولكن ال تثبت عنه، إنما هي عن كلثوم الم**رادي وه**و مجه**ول ال يع**رف، وال نعلم أحدا قرأ بها غير الكسائي. وقي**ل: إنم**ا أض**اف موس**ى إلى فرع**ون العلم بهذه المعجزات؛ ألن فرعون قد علم مق**دار م**ا يتهي**أ للس**حرة فعل**ه، وأن مثل ما فعل موسى ال يتهيأ لساحر، وأنه ال يق**در على فعل**ه إال من يفعل**ه، األجس**ام ويمل**ك الس**ماوات واألرض. وق**ال مجاه**د: دخ**ل موس**ى على فرعون في يوم شات وعلي**ه قطيف**ة ل*ه، ف**ألقى موس**ى عص**اه ف**إذا هي ثعبان، فرأى فرعون جانبي البيت بين فقميها، ففزع وأح**دث في قطيفت**ه. "وإني ألظنك يا فرعون مثبورا" الظن هنا بمعنى التحقي**ق. والثب**ور: الهالل

والخسران أيضا. قال الكميت: ورأت قضاعة في األيا من رأي مثبور وثابر

أي مخس**ور وخاس**ر، يع**ني في انتس**ابها إلى اليمن. وقي**ل: ملعون**ا. رواهالمنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وقال أبان بن تغلب. وأنشد:

يا قومنا ال تروموا حربنا سقها إن السفاه وإن البغي مثبور أي ملعون. وقال ميمون بن مهران عن ابن عباس: "مثبورا" ناقص العقل. ونظر المأمون رجال فقال له: يا مثبور؛ فسأل عنه قال. ق**ال الرش**يد ق**ال المنصور لرجل: مثبور؛ فسألته فقال: حدثني ميمون بن مه**ران... ف**ذكره. وقال قتادة هالكا. وعن**ه أيض**ا والحس**ن ومجاه**د. مهلك**ا. والثب**ور: الهالك؛ يقال: ثبر الله العدو ثبورا أهلكه. وقيل: ممنوعا من الخير حكى أهل اللغة:

ما ثبرك عن كذا أي ما منعك منه. وثبره الله ثبرا. قال ابن الزبعرى: إذ أجاري الشيطان في سنن الغ* *ي ومن مال ميله مثبور

الضحاك: "مثبورا" مسحورا. رد عليه مثل ما قال له باختالف اللفظ. وق**الابن زيد: "مثبورا" مخبوال ال عقل له.

-** 103*اآليتان: 3* }فأراد أن يس**تفزهم من األرض فأغرقن**اه ومن104 معه جميعا، وقلنا من بع**ده لب**ني إس**رائيل اس**كنوا األرض ف**إذا ج**اء وع**د

اآلخرة جئنا بكم لفيفا{ @قوله تعالى: "فأراد أن يستفزهم من األرض" أي أراد فرع**ون أن يخ**رج موسى وبني إسرائيل من أرض مص**ر بالقت**ل أو اإلبع**اد؛ فأهلك**ه الل**ه ع**ز وجل. "وقلنا من بعده لبني إسرائيل" أي من بعد إغراقه "اس**كنوا األرض" أي أرض الش*ام ومص**ر. "ف*إذا ج*اء وع*د اآلخ*رة" أي القيام**ة. "جئن**ا بكم لفيفا" أي من قبوركم مختلطين من كل موضع، قد اختلط المؤمن بالك*افر ال يتعارفون وال ينحاز أحد منكم إلى قبيلته وحيه. وقال ابن عب**اس وقت**ادة: جئنا بكم جميعا من جهات شتى. والمعنى واحد. ق**ال الج**وهري: واللفي**ف ما اجتمع من الناس من قبائل شتى؛ يقال: ج**اء الق**وم بلفهم ولفيفهم، أي وأخالطهم. وقوله تعالى "جئنا بكم لفيف**ا" أي مجتمعين مختلطين. وطع**ام لفيف إذا كان مخلوطا من جنسين فصاعدا. وفالن لفيف فالن أي ص**ديقه. قال األصمعي: اللفيف جمع وليس له واحد، وه**و مث**ل الجمي**ع. والمع**نى: أنهم يخرج**ون وقت الحش**ر من القب**ور ك**الجراد المنتش**ر، مختلطين ال يتعارفون. وقال الكلبي: "فإذا جاء وعد اآلخرة" يع**ني مجيء عيس**ى علي**ه

السالم من السماء.

Page 195: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}وب**الحق أنزلن**اه وب**الحق ن**زل وم**ا أرس**لناك إال مبش**را105*اآلي**ة: 3*ونذيرا{

@قوله تعالى: "وبالحق أنزلناه وبالحق نزل" هذا متصل بما سبق من ذك**ر المعجزات والقرآن. والكناي**ة ترج*ع إلى الق**رآن. ووج*ه التكري**ر في قول**ه "وبالحق نزل" يجوز أن يك*ون مع*نى األول: أوجبن*ا إنزال*ه ب*الحق. ومع*نى الثاني: ونزل وفيه الحق؛ كقوله خرج بثيابه، أي وعليه ثيابه. وقيل الباء في "وبالحق" األول بمعنى مع، أي مع الحق؛ كقولك ركب األمير بسيفه أي مع سيفه. "وبالحق نزل" أي بمحمد صلى الله عليه وسلم، أي نزل عليه، كم**ا تقول نزلت بزيد. وقيل: يج**وز أن يك**ون المع*نى وب**الحق ق**درنا أن ي**نزل،

وكذلك نزل. }وقرآن**ا فرقن**اه لتق**رأه على الن**اس على مكث ونزلن**اه106*اآلي**ة: 3*

تنزيال{ @قوله تعالى: "وقرآنا فرقناه" مذهب سيبويه أن "قرآن**ا" منص**وب بفع**ل مضمر يفسره الظاهر. وقرأ جمهور الناس "فرقناه" بتخفيف الراء، ومعناه بيناه وأوضحناه، وفرقنا فيه بين الح**ق والباط**ل؛ قال**ه الحس**ن. وق**ال ابن عباس: فصلناه. وقرأ ابن عباس وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب وقت**ادة وأبو رجاء والشعبي "فرقناه" بالتشديد، أي أنزلناه شيئا بعد شيء ال جمل**ة

واحدة؛ إال أن في قراءة ابن مسعود وأبي "فرقناه عليك". واختلف في كم نزل الق**رآن من الم**دة؛ فقي**ل: في خمس وعش**رين

س**نة. ابن عب**اس: في ثالث وعش**رين. أنس: في عش**رين. وه**ذا بحس**ب الخالف في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وال خالف أنه ن**زل إلى السماء الدنيا جملة واحدة. وقد مضى ه**ذا في "البق**رة". "على مكث" أي تطاول في المدة شيئا بع**د ش**يء. ويتناس**ق ه**ذا الق**رآن على ق**راءة ابن مسعود، أي أنزلناه آية آية وسورة س**ورة. وأم**ا على الق**ول األول فيك**ون "على مكث" أي على ترسل في التالوة وترتيل؛ قال**ه مجاه**د وابن عب**اس وابن جريج. فيعطي القارئ الق*راءة حقه*ا من ترتيله*ا وتحس**ينها وتطييبه*ا بالصوت الحسن ما أمكن من غير تلحين وال تط**ريب م**ؤد إلى تغي**ير لف**ظ القرآن بزيادة أو نقصان فإن ذلك حرام على ما تقدم أول الكت**اب. وأجم**ع القراء على ضم الميم من "مكث" إال ابن محيصن فإن**ه ق**رأ "مكث" بفتح الميم. ويقال: مكث ومكت ومكث؛ ثالث لغ**ات. ق**ال مال**ك: "على مكث" على تثبت وترس**ل. "ونزلن**اه ت**نزيال" مبالغ**ة وتأكي**د بالمص**در للمع**نى المتقدم، أي أنزلناه نجما بع**د نجم؛ ول**و أخ**ذوا بجمي**ع الف**رائض في وقت

واحد لنفروا. }قل آمنوا به أو ال تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبل**ه إذا107*اآلية: 3*

يتلى عليهم يخرون لألذقان سجدا{ @قوله تعالى: "قل آمنوا به أو ال تؤمنوا" يعني القرآن. وه**ذا من الل**ه ع**ز وجل على وجه التبكيت لهم والتهديد ال على وجه التخيير. "إن الذين أوت**وا العلم من قبله" أي من قبل نزول الق*رآن وخ*روج الن*بي ص*لى الل**ه علي*ه وسلم، وهم مؤمنو أهل الكتاب؛ في قول ابن جريج وغيره. قال ابن جريج: مع*نى "إذا يتلى عليهم" كت**ابهم. وقي**ل الق*رآن. "يخ*رون لألذق*ان س**جدا" وقيل: هم قوم من ولد إسماعيل تمسكوا ب**دينهم إلى أن بعث الل**ه تع**الى النبي عليه السالم، منهم زي**د بن عم**رو بن نفي**ل وورق**ة بن نوف**ل. وعلى

Page 196: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

هذا ليس يريد أوتوا الكتاب بل يريد أوتوا علم الدين. وقال الحسن: ال**ذين أوتوا العلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقال مجاه**د: إنهم ن**اس من اليهود؛ وهو أظه**ر لقول**ه "من قبل**ه". "إذا يتلى عليهم" يع**ني الق**رآن في ق*ول مجاه*د. ك*انوا إذا س**معوا م*ا أن**زل الل**ه تع*الى من الق*رآن س**جدوا وقالوا: "سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعوال". وقيل: كانوا إذا تلوا كتابهم وم**ا أن**زل علي**ه من الق**رآن خش**عوا وس**جدوا وس**بحوا، وق**الوا: ه**ذا ه**و المذكور في التوراة، وهذه صفته، ووعد الله به واقع ال محالة، وجنحوا إلى اإلسالم؛ فنزلت اآلية فيهم. وق**الت فرق**ة: الم**راد بال**ذين أوت**وا العلم من قبله محمد صلى الله عليه وسلم، والضمير في "قبل**ه" عائ**د على الق**رآن حسب الضمير في قوله "قل آمنوا به". وقيل: الضميران لمحمد صلى الله

عليه وسلم، واستأنف ذكر القرآن في قوله: "إذا يتلى عليهم". }ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعوال{108* اآلية: 3*

@ دليل على جواز التس**بيح في الس**جود. وفي ص**حيح مس**لم وغ**يره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وس**لم يك**ثر

أن يقول في سجوده وركوعه )سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي(. }ويخرون لألذقان يبكون ويزيدهم خشوعا{109* اآلية: 3*

@قوله تعالى: "ويخرون لألذق*ان يبك*ون" ه*ذه مبالغ*ة في ص*فتهم وم*دح لهم. وحق لك**ل من توس**م ب**العلم وحص**ل من**ه ش**يئا أن يج**ري إلى ه**ذه المرتبة، فيخشع عند استماع القرآن ويتواضع وي**ذل. وفي مس**ند ال**دارمي أبي محمد عن التيمي قال: من أوتي من العلم ما لم يبكه لخليق أال يك**ون أوتي علما؛ ألن الله تعالى نعت العلم**اء، ثم تال ه**ذه اآلي**ة. ذك**ره الط**بري أيضا. واألذق*ان جم*ع ذقن، وه*و مجتم*ع اللح*يين. وق*ال الحس*ن: األذق*ان عب**ارة عن اللحى؛ أي يض**عونها على األرض في ح**ال الس**جود، وه**و غاي**ة التواض**ع. والالم بمع**نى على؛ تق**ول س**قط لفي**ه أي على في**ه. وق**ال ابن عباس: "ويخرون لألذقان س**جدا" أي للوج**وه، وإنم**ا خص األذق**ان بال**ذكر ألن الذقن أقرب شيء من وجه اإلنسان. ق**ال ابن خ**ويز من**داد: وال يج**وز السجود على الذقن؛ ألن الذقن ها هنا عبارة عن الوجه، وقد يعبر بالش**يء عما جاوره وببعض**ه عن جميع**ه؛ فيق**ال: خ**ر لوجه**ه س**اجدا وإن ك**ان لم

يسجد على خده وال عينه. أال ترى إلى قوله: فخر صريعا لليدين وللفم

فإنما أراد: خر صريعا على وجهه ويديه. @قوله تعالى: "يبكون" فيه دليل على جواز البك**اء في الص**الة من خ**وف الله تعالي، أو على معصيته في دين الله، وأن ذل**ك ال يقطعه**ا وال يض**رها. ذك**ر ابن المب**ارك عن حم**اد بن س**لمة عن ث**ابت البن**اني عن مط**رف بن عبدالله بن الشخير عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم وه**و يصلي ولجوفه أزيز ك**أزيز المرج**ل من البك**اء. وفي كت**اب أبي داود: وفي

صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء. @ واختلف الفقهاء في األنين؛ فقال مالك: األنين ال يقطع الصالة للمريض، وأكره**ه للص**حيح؛ وب**ه ق**ال الث**وري. وروى ابن الحكم عن مال**ك: التنحنح واألنين والنفخ ال يقطع الصالة. وقال ابن القاسم: يقطع. وق**ال الش**افعي: إن كان له حروف تسمع وتفهم يقطع الصالة. وقال أبو حنيفة: إن كان من خوف الله لم يقط**ع، وإن ك**ان من وج**ع قط**ع. وروي عن أبي يوس**ف أن

Page 197: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

صالته في ذلك كله تامة؛ ألنه ال يخلو مريض وال ضعيف من أنين. "ويزيدهمخشوعا" تقدم.

}قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فل**ه األس**ماء110*اآلية: 3*الحسنى وال تجهر بصالتك وال تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيال{

@قوله تعالى: "قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما ت**دعوا فل**ه األس**ماء الحسنى" سبب نزول هذه اآلية أن المش**ركين س**معوا رس*ول الل*ه ص*لى الله عليه وسلم يدعوا )يا الله يا رحمن( فقالوا: ك**ان محم**د يأمرن**ا ب**دعاء إله واحد وهو يدعو إلهين؛ قاله ابن عباس. وقال مكحول: تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فق**ال في دعائ**ه: )ي**ا رحمن ي**ا رحيم( فس**معه رجل من المش**ركين، وك**ان باليمام**ة رج**ل يس**مى ال**رحمن، فق**ال ذل**ك السامع: ما ب**ال محم**د ي**دعو رحم**ان اليمام**ة. ف**نزلت اآلي**ة مبين**ة أنهم**ا اس**مان لمس**مى واح**د؛ ف**إن دعوتم**وه بالل**ه فه**و ذاك، وإن دعوتم**وه بالرحمن فهو ذاك. وقي**ل: ك**انوا يكتب**ون في ص**در الكتب: باس**مك اللهم؛

[30فنزلت "إنه من س**ليمان وإن**ه بس**م الل**ه ال**رحمن ال**رحيم" ]النم**ل: فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم "بسم الله الرحمن الرحيم" فقال المشركون: هذا الرحيم نعرفه فما الرحمن؛ فنزلت اآلية. وقيل: إن اليه**ود ق**الت: م**ا لن**ا ال نس**مع في الق**رآن اس**ما ه**و في الت**وراة كث**ير؛ يعن**ون الرحمن؛ فنزلت اآلية. وقرأ طلحة بن مصرف "أي**ا م**ا ت**دعو فل**ه األس**ماء الحس**نى" أي ال**تي تقتض**ي أفض**ل األوص**اف وأش**رف المع**اني. وحس**ن األسماء إنما يتوجه بتحسين الش*رع؛ إلطالقه*ا والنص عليه*ا. وانض**اف إلى ذلك أنها تقتضي معاني حسانا شريفة، وهي بتوقيف ال يصح وضع اسم لل**ه ينظ**ر إال بتوقي**ف من الق**رآن أو الح**ديث أو اإلجم**اع. حس**بما بين**اه في

)الكتاب األسنى في شرح أسماء الله الحسنى(. @قوله تع*الى: "وال تجه*ر بص**التك وال تخ**افت به*ا وابت**غ بين ذل*ك س**بيال" اختلفوا في سبب نزولها على خمسة أقوال: األول: ما روى ابن عباس في قوله تعالى: "وال تجهر بصالتك وال تخ*افت به*ا" ق*ال: ن*زلت ورس*ول الل**ه صلى الله عليه وس*لم مت**وار بمك*ة، وك*ان إذا ص*لى بأص*حابه رف*ع ص*وته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزل*ه ومن ج*اء ب**ه؛ فق**ال الل**ه تع**الى "وال تجه**ر بص**التك" فيس**مع المش**ركون قراءت**ك. "وال تخافت بها" عن أصحابك. أسمعهم القرآن وال تجهر ذلك الجهر. "وابت**غ بين ذلك س**بيال" ق*ال: يق*ول بين الجه**ر والمخافت**ة؛ أخرج*ه البخ**اري ومس**لم والترمذي وغيرهم. واللفظ لمسلم. والمخافتة: خفض الص**وت والس**كون؛

يقال للميت إذا برد: خفت. قال الشاعر: لم يبق إال نفس خافت ومقلة إنسانها باهت رثى لها الشامت مما بها يا ويح من يرثى له الشامت

الثاني: م**ا رواه مس**لم أيض**ا عن عائش**ة في قول**ه ع**ز وج**ل: "وال تجه**ر بص**التك وال تخ**افت به**ا" ق**الت: أن**زل ه**ذا في ال**دعاء. الث**الث: ق**ال ابن

سيرين: كان األعراب يجهرون بتشهدهم فنزلت اآلية في ذلك. قلت: وعلى هذا فتكون اآلية متضمنة إلخفاء التش**هد، وق**د ق**ال ابن

مسعود: من السنة أن تخفي التشهد؛ ذكره ابن المنذر. الرابع: ما روي عنر قراءت**ه، وك**ان عم**ر ابن سيرين أيضا أن أبا بكر رضي الله عنه ك**ان يس** يجهر بها، فقيل لهما في ذلك؛ فقال أب**و بك**ر: إنم**ا أن**اجي ربي، وه**و يعلم

Page 198: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

حاجتي. إليه. وقال عمر: أنا أطرد الشيطان وأوقظ الوس**نان؛ فلم**ا ن**زلت هذه اآلية قيل ألبي بك**ر: ارف**ع قليال، وقي**ل لعم**ر اخفض أنت قليال؛ ذك**ره الطبري وغيره. ]الخامس[ ما روي عن ابن عباس أيضا أن معناها وال تجهر بصالة النهار، وال تخافت بص*الة اللي**ل؛ ذك*ره يح*يى بن س**الم والزه*راوي. فتضمنت أحك**ام الجه**ر واإلس**رار ب**القراءة في النواف**ل والف**رائض، فأم**ا النوافل فالمصلي مخير في الجهر والس*ر في اللي*ل والنه*ار، وك*ذلك روي عن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم أن**ه ك**ان يفع**ل األم**رين جميع**ا. وأم**ا الف**رائض فحكمه**ا في الق**راءة معل**وم ليال ونه**ارا. ]وق**ول س**ادس[ ق**ال الحسن: يقول الل**ه ال ت**رائي بص**التك تحس**نها في العالني**ة وال تس**يئها في

السر. وقال ابن عباس: ال تصل مرائيا للناس وال تدعها مخافة الناس. @ عبر تعالى بالصالة هنا عن الق**راءة كم**ا ع**بر ب**القراءة عن الص**الة في

[ ألن ك**ل78قوله: "وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا" ]اإلسراء: واحد منهما مرتبط باآلخر؛ ألن الصالة تشتمل على ق**راءة ورك**وع وس**جود فهي من جملة أجزائها؛ فعبر بالجزء عن الجملة وبالجمل**ة عن الج**زء على عادة العرب في المجاز وهو كثير؛ ومنه الحديث الصحيح: )قسمت الص**الة

بيني وبين عبدي( أي قراءة الفاتحة على ما تقدم. }وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في111*اآلية: 3*

الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا{ @قوله تعالى: "وقل الحمد لله الذي لم يتخ**ذ ول**دا" ه**ذه اآلي**ة رادة على اليهود والنصارى والعرب في قولهم أفذاذا: عزيز وعيسى والمالئك**ة ذري**ة الله سبحانه؛ تعالى الله عن أقوالهم. "ولم يكن له شريك في الملك" ألن**ه واحد ال شريك له في ملك**ه وال في عبادت**ه. "ولم يكن ل**ه ولي من ال**ذل" قال مجاهد: المع**نى لم يح**الف أح**دا وال ابتغى نص**ر أح**د؛ أي لم يكن ل**ه ناصر يجيره من الذل فيك**ون م**دافعا. وق**ال الكل**بي: لم يكن ل**ه ولي من اليهود والنصارى؛ ألنهم أذل الن**اس، ردا لق**ولهم: نحن أبن**اء الل**ه وأحب**اؤه. وق**ال الحس**ن بن الفض**ل: "ولم يكن ل**ه ولي من ال**ذل" يع**ني لم ي**ذل فيحتاج إلى ولي وال ناصر لعزته وكبريائه. "وكبره تكبيرا" أي عظمه عظمة تامة. ويقال: أبلغ لفظة للعرب في معنى التعظيم واإلجالل: الل**ه أك**بر؛ أي

صفة بأنه أكبر من كل شيء. قال الشاعر: رأيت الله أكبر كل شيء محاولة وأكثرهم جنودا

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصالة قال: )الله أكبر( وقد تقدم أول الكتاب. وقال عمر بن الخطاب. قول العبد "الله أك**بر" خ**ير من الدنيا وما فيها. وهذا اآلية هي خاتمة التوراة. روى مطرف عن عبدالل**ه بن كعب ق**ال: افتتحت الت**وراة بفاتح**ة س**ورة األنع**ام وختمت بخاتم**ة ه**ذه السورة. وفي الخبر أنها آية العز؛ رواه معاذ بن جبل عن الن**بي ص**لى الل**ه عليه وسلم. وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفصح الغالم من بني عبدالمطلب علم**ه "وق**ل الحم**د لله الذي" اآلية. وقال عبدالحميد. بن واصل: سمعت عن النبي ص**لى الل**ه عليه وسلم أنه قال: )من قرأ وقل الحمد لله اآلية كتب الل**ه ل**ه من األج**ر مث**ل األرض والجب**ل ألن الل**ه تع**الى يق**ول فيمن زعم أن ل**ه ول**دا تك**اد السماوات يتفطرن منه وتنشق األرض وتخر الجبال هدا(. وج**اء في الخ**بر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجل ش**كا إلي**ه ال**دين ب**أن يق**رأ "ق**ل

Page 199: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[ - إلى آخر السورة ثم يق**ول:110ادعوا الله أو ادعوا الرحمن" ]اإلسراء: توكلت على الحي الذي ال يموت؛ ثالث مرات.

تمت سورة اإلسراء، والحمد لله وحده، والص**الة والس**الم على من ال نبي بعده.

*سورة الكهف2**مقدمة السورة3*

@ سورة الكهف وهي مكية في قول جميع المفسرين. روي عن فرق**ة أن [، واألول أص**ح.8أول السورة ن**زل بالمدين**ة إلى قول**ه "ج**رزا" ]الكه**ف:

وروي في فضلها من ح**ديث أنس أن**ه ق**ال: من ق**رأ به**ا أعطي ن**ورا بين السماء واألرض ووقي به**ا فتن**ة الق**بر. وق**ال إس**حاق بن عبدالل**ه بن أبي فروة: إن رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم ق**ال: )أال أدلكم على س**ورة شيعها سبعون ألف مل**ك مأل عظمه*ا م**ا بين الس*ماء واألرض لتاليه*ا مث**ل ذلك(. قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال: )س**ورة أص**حاب الكه**ف من قرأه**ا يوم الجمعة غفر له الجمع**ة األخ**رى وزي**ادة ثالث**ة أي**ام وأعطي ن**ورا يبل**غ السماء ووقي فتنة الدجال( ذك**ره الثعل**بي، والمه**دوي أيض**ا بمعن**اه. وفي مسند الدارمي عن أبي سعيد الخ**دري ق**ال: من ق**رأ س**ورة الكه**ف ليل**ة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق. وفي صحيح مس**لم عن أبي الدرداء أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ق**ال: )من حف**ظ عش**ر آي**ات من أول س**ورة الكه**ف عص**م من ال**دجال(. وفي رواي**ة )من آخ**ر الكهف(. وفي مسلم أيض**ا من ح**ديث الن**واس بن س**معان )فمن أدرك**ه - يعني الدجال - فليقرأ عليه ف**واتح س**ورة الكه**ف(. وذك**ره الثعل**بي. ق**ال: سمرة بن جندب قال النبي صلى الله عليه وسلم: )من قرأ عشر آيات من سورة الكهف حفظا لم تضره فتنة الدجال(. ومن ق*رأ الس*ورة كله*ا دخ*ل

الجنة. }الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له3 -* 1*اآليات: 3*

عوجا، قيما لينذر بأس**ا ش**ديدا من لدن**ه ويبش**ر المؤم**نين ال**ذين يعمل**ونالصالحات أن لهم أجرا حسنا، ماكثين فيه أبدا{

@ ذكر ابن إسحاق أن قريشا بعثوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود وقالوا لهما: سالهم عن محمد وص**فا لهم ص**فته وأخ**براهم بقوله؛ فإنهم أهل الكت*اب األول، وعن*دهم علم ليس عن*دنا من علم أنبي*اء؛ فخرجا حتى قدما المدينة، فس*أال أحب**ار يه*ود عن رس**ول الل**ه ص*لى الل**ه عليه وسلم، ووصفا لهم أمره، وأخبراهم ببعض قوله، وقاال لهم: إنكم أه**ل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا. فقالت لهما أحبار يهود: سلوه عن ثالث نأمركم بهن، ف*إن أخ*بركم بهن فه*و ن*بي مرس*ل، وإن لم يفع*ل فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم؛ سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر األول، ما كان أمرهم؛ فإنه قد كان لهم حديث عجب. سلوه عن رجل طواف قد بل**غ مشارق األرض ومغاربها، ما ك**ان نب**ؤه. وس**لوه عن ال**روح، م**ا هي؛ ف**إذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي، وإن لم يفع**ل فه*و رج*ل متق**ول فاص**نعوا في أمره ما بدا لكم. فأقبل النضر بن الحارث وعقب**ة بن أبي معي**ط ق**دما مكة على قريش فقاال: يا معشر قريش، قد جئن**اكم بفص**ل م**ا بينكم وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - قد أمرنا أحبار يه**ود أن نس**أله عن أش**ياء أمرونا بها، فإن أخبركم عنها فهو نبي، وإن لم يفعل فالرجل متق*ول، ف*روا

Page 200: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

فيه رأيكم. فجاؤوا رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم فق**الوا: ي**ا محم**د، أخبرنا عن فتي**ة ذهب**وا في ال**دهر األول، ق**د ك**انت لهم قص**ة عجب، وعن رجل كان طوافا قد بل**غ مش**ارق األرض ومغاربه*ا، وأخبرن**ا عن ال**روح م**ا هي؟ قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: )أخبركم بما سألتم عنه غدا( ولم يستثن. فانصرفوا عنه، فمكث رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم فيما يزعمون خمس عشرة ليلة، ال يحدث الل**ه إلي**ه في ذل**ك وحي**ا وال يأتيه جبريل، حتى أرجف أهل مك**ة وق**الوا: وع**دنا محم**د غ**دا، والي**وم خمس عشرة ليلة، وق**د أص**بحنا منه**ا ال يخبرن**ا بش**يء مم**ا س**ألناه عن**ه؛ وحتى أحزن رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم مكث ال**وحي عن**ه، وش**ق عليه ما يتكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل عليه السالم من عن**د الل**ه ع**ز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزن**ه عليهم، وخ**بر م**ا سألوه عنه من أم*ر الفتي**ة، والرج*ل الط*واف وال*روح. ق*ال ابن إس**حاق: فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: )لقد احتبس**ت عني يا جبريل حتى سؤت ظنا" فقال له جبريل: "وما نت**نزل إال ب**أمر رب**ك

[.64له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا" ]مريم: فافتتح السورة تبارك وتعالى بحمده، وذكر نبوة رسوله صلى الله علي**ه

وسلم لما أنكروا عليه من ذلك فقال: "الحمد الل**ه ال**ذي أن**زل على عب**ده الكتاب" يعني محم**دا، إن**ك رس**ول م**ني، أي تحقي**ق لم**ا س**ألوا عن**ه من نبوتك. "ولم يجعل له عوجا قيم**ا" أي معت**دال ال اختالف في**ه. "لين**ذر بأس**ا شديدا من لدنه" أي عاجل عقوبته في الدنيا، وعذابا أليم**ا في اآلخ**رة، أي من عن**د رب**ك ال**ذي بعث**ك رس**وال. "ويبش**ر المؤم**نين ال**ذين يعمل**ون الصالحات، أن لهم أجرا حسنا م**اكثين في**ه أب**دا" أي دار الخل**د ال يموت**ون فيها، الذين صدقوك بما جئت به مما كذبك به غيرهم، وعملوا بم**ا أم**رتهم

[ بع**ني4به من األعمال. "وين**ذر ال**ذين ق**الوا اتخ**ذ الل**ه ول**دا" ]الكه**ف: قريشا في قولهم: إنا نعبد المالئكة وهي بنات الله. "ما لهم به من علم وال

[ ال*ذين أعظم*وا ف*راقهم وعيب دينهم. "ك*برت كلم*ة5آلبائهم" ]الكه*ف: [ أي لق**ولهم إن المالئك**ة بن**ات الل**ه. "إن5تخرج من أفواههم" ]الكه**ف:

يقولون إال كذبا. فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث [ لحزن**ه عليهم حين فات**ه م**ا ك**ان يرج**وه منهم، أي ال6أس**فا" ]الكه**ف:

تفعل. فال ابن هشام: "باخع نفسك" مهلك نفسك؛ فيما حدثني أبو عبيدة.قال ذو الرمة:

أال أي هذا الباخع الوجد نفسه بشيء نحته عن يديه المقادر وجمعها ب*اخعون وبخع*ه. وه*ذا ال*بيت في قص**يدة ل*ه. وق*ول الع*رب: ق*د بخعت له نصحي ونفسي، أي جهدت له. "إنا جعلنا ما على األرض زينة له**ا

[ ق**ال ابن إس**حاق: أي أيهم اتب**ع7لنبل**وهم أيهم أحس**ن عمال" ]الكه**ف: [8ألمري وأعمل بطاعتي: "وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا ج*رزا" ]الكه**ف:

أي األرض، وإن ما عليها لفان وزائل، وإن المرج**ع إلي ف**أجزي كال بعمل**ه؛ فال تأس وال يحزنك ما ت**رى وتس**مع فيه**ا. ق**ال ابن هش**ام: الص**عيد وج**ه

األرض، وجمعه صعد. قال ذو الرمة يصف ظبيا صغيرا: كأنه بالضحى ترمي الصعيد به دبابة في عظام الرأس خرطوم

وهذا البيت في قصيدة له. والصعيد أيضا: الطريق، وقد ج**اء في الح**ديث: )إياكم والقعود على الصعدات( يريد الطرق. والج**رز: األرض ال**تي ال تنبت

Page 201: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

شيئا، وجمعها أجراز. ويقال: سنة جرز وسنون أج**راز؛ وهي ال**تي ال يك**ونفيها مطر. وتكون فيها جدوبة ويبس وشدة. قال ذو الرمة يصف إبال:

ط*وى النح**ز واألج*راز م*ا في بطونه*ا فم*ا بقيت إال الض**لوع الجراشع

قال ابن إسحاق: ثم استقبل قصة الخبر فيما سألوه عن**ه من ش**أن الفتي**ة فق**ال: "أم حس**بت أن أص**حاب الكه**ف وال**رقيم ك**انوا من آياتن**ا عجب**ا"

[ أي قد كان من آياتي فيه وضعت على العباد من حجتي ما ه**و9]الكهف: أعجب من ذل**ك. ق**ال ابن هش**ام: وال**رقيم الكت**اب ال**ذي رقم بخ**برهم،

وجمعه رقم. قال العجاج: ومستقر المصحف المرقم

وهذا البيت في أرجوزة له. ق**ال ابن إس**حاق: ثم ق**ال "إذ أوى الفتي**ة إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لن**ا من أمرن**ا رش**دا. فض**ربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا. ثم بعثن**اهم لنعلم أي الح**زبين أحص**ى

[. ثم ق**ال: "نحن نقص علي**ك نب**أهم ب**الحق"12لما لبثوا أم**دا" ]الكه**ف: [ أي بص**دق الخ**بر "إنهم فتي**ة آمن**وا ب**ربهم وزدن**اهم ه**دى.13]الكه**ف:

وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربن**ا رب الس**ماوات واألرض لن ن**دعو [ أي لم يش**ركوا بي كم**ا14من دونه إلها لقد قلن**ا إذا ش**ططا" ]الكه**ف:

أشركتم بي ما ليس لكم به علم. قال ابن هشام: والشطط الغلو ومجاوزةالحق. قال أعشى بن قيس بن ثعلبة:

أتنتهون وال ينهى ذوي شطط كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل وهذا البيت في قصيدة له. قال ابن إسحاق: "هؤالء قومنا اتخذوا من دون**ه

[. ق**ال ابن إس**حاق: أي15آلهة لوال يأتون عليهم بسلطان بين" ]الكه**ف: بحجة بالغة. "فمن أظلم ممن افترى على الله ك**ذبا. وإذ اع**تزلتموهم وم**ا يعبدون إال الله فأووا إلى الكه**ف ينش**ر لكم ربكم من رحمت**ه ويه**يئ لكم من أمركم مرفقا. وترى الشمس إذا طلعت ت**زاور عن كهفهم ذات اليمين

[. ق**ال17وإذا غربت تقرضهم ذات الحال وهم في فج**وة من**ه" ]الكه**ف: ابن هشام: تزاور تميل؛ وهو من الزور. وق**ال أب**و الزح**ف الكلي**بي يص**ف

بلدا: جدب المندي عن هوانا أزور ينضي المطايا خمسه العشنزر

وهذان البيتان في أرجوزة له. و"تقرضهم ذات الشمال" تجاوزهم وتتركهمعن شمالها. قال ذو الرمة:

إلى ظعن يقرضن أقواز مشرف شماال وعن أيمانهن الفوارس وهذا البيت في قصيدة له. والفجوة: السعة، وجمعها الفجاء. قال الشاعر:

ألبست قومك مخزاة ومنقصة حتى أبيحوا وحلوا فجوة الدار "ذلك من آيات الله" أي في الحجة على من عرف ذل**ك من أم**ورهم من

أهل الكتاب ممن أمر هؤالء بمسألتك عنهم في صدق نبوتك بتحقيق الخ**بر عنهم. "من يهد الله فهو المهت**دي ومن يض**لل فلن تج**د ل**ه ولي**ا مرش**دا. وتحس**بهم أيقاظ**ا وهم رق**ود ونقلبهم ذات اليمين وذات الش**مال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد" ]الكه**ف: [ ق**ال ابن هش**ام: الوص**يد الب**اب. ق**ال

العبسي واسمه عبد بن وهب:بأرض فالة ال يسد وصيالها علي ومعروفي بها غير منكر

Page 202: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وهذا البيت في أبيات له. والوص*يد أيض*ا الفن*اء، وجمع*ه وص*ائد ووص*د وصدان. "لو اطلعت عليهم ل**وليت منهم ف**رارا - إلى قول**ه - ال**ذين غلب**وا على أم**رهم" ]الكه**ف: [ أه**ل الس**لطان والمل**ك منهم. "لنتخ**ذن عليهم

[ يع**ني أحب**ار اليه**ود ال**ذين أم**روهم21مس**جدا. س**يقولون" ]الكه**ف: بالمسألة عنهم. "ثالثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم ق*ل ربي اعلم بع*دتهم م*ا يعلمهم إال قلي**ل فال تم**ار فيهم" ]أي ال تك**ابرهم. "إال م**راء ظ**اهرا وال تس**تفت فيهم

[ ف**إنهم ال علم لهم بهم. "وال تق**ولن لش**يء إني22منهم أح**دا" ]الكه**ف: فاعل ذلك غ**دا. إال أن يش**اء الل**ه واذك**ر رب**ك إذا نس**يت وق**ل عس**ى أن

[ أي ال تق**ولن لش**يء24يه**ديني ربي ألق**رب من ه**ذا رش**دا" ]الكه**ف: سألوك عنه كما قلت في هذا إني مخبركم غدا، واستثن مشيئة الله، واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لخبر ما س**ألتموني عن**ه رش**دا، فإن**ك ال ت**دري م**ا أن**ا ص**انع في ذل**ك. "ولبث**وا في كهفهم ثالثمائ**ة س**نين وازدادوا تسعا" ]الكهف: [ أي سيقولون ذلك. "قل الله اعلم بم**ا لبث**وا ل**ه غيب الس**ماوات واألرض أبص**ر ب**ه واس**مع م**ا لهم من دون**ه من ولي وال

[ أي لم يخف علي**ه ش**يء م**ا س**ألوك26يشرك في حكمه أحدا" ]الكهف:عنه.

قلت: هذا ما وقع في السيرة من خبر أص**حاب الكه**ف ذكرن**اه على نسقه. ويأتي خبر ذي القرنين، ثم نعود إلى أول السورة فنقول:

قد تقدم معنى الحمد لله. وزعم األخفش والكسائي والفراء وأبو عبيد وجمهور المتأولين أن في أول هذه السورة تق**ديما وت**أخيرا، وأن المع**نى: الحمد لله الزي أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوج**ا. و"قيم**ا" نصب على الحال. وقال قتادة: الكالم على سياقه من غير تقديم وال تأخير، ومعناه: ولم يجعل له عوجا ولكن جعلناه قيما. وقول الضحاك في**ه حس**ن، وأن المع**نى: مس**تقيم، أي مس**تقيم الحكم**ة ال خط**أ في**ه وال فس**اد وال تناقض. وقيل: "قيما" على الكتب السابقة يصدقها. وقيل: "قيم**ا" ب**الحجج أبدا. "عوجا" مفعول به؛ والع*وج )بكس**ر العين( في ال**دين وال*رأي واألم**ر والطريق. وبفتحها في األجسام كالخشب والج**دار؛ وق**د تق**دم. وليس في القرآن عوج، أي عيب، أي ليس متناقضا مختلقا؛ كما قال تعالى: "ولو كان

[ وقي**ل: أي لم82من عند غير الل**ه لوج**دوا في**ه اختالف**ا كث**يرا" ]النس**اء: يجعله مخلوقا؛ كما روي عن ابن عباس في قوله تعالى "قرآن**ا عربي**ا غ**ير

[ قال: غير مخلوق. وقال مقاتل: "عوجا" اختالفا. قال28ذي عوج" ]الزمر: الشاعر: أدوم بودي للص**ديق تكرم**ا وال خ**ير فيمن ك**ان في ال**ود

أعوجا "لينذر بأس**ا ش**ديدا" أي لين**ذر محم**د أو الق**رآن. وفي**ه إض**مار، أي لين**ذر الكافرين عقاب الله. وهذا العذاب الشديد قد يكون في ال**دنيا وق**د يك**ون في اآلخرة. "من لدنه" أي من عنده وقرأ أب**و بك**ر عن عاص**م "من لدن**ه" بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون، والهاء موصولة بياء. والباقون "لدنه" بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء. قال الج**وهري: وفي "ل**دن"

ثالث لغات: لدن، ولدي، ولد. وقال: من لد لحييه إلى منحوره

المنحور لغة المنحر.

Page 203: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم" أي بأن لهم "أجرا حسنا" وهي الجن**ة. "م**اكثين" دائمين. "في**ه أب**دا" ال إلى غاي**ة. وإن حملت التبش**ير على البي***ان لم يحتج إلى الب***اء في "ب***أن". واألج**ر

الحسن: الثواب العظيم الذي يؤدي إلى الجنة.-** 4*اآليتان: 3* }وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا، م**ا لهم ب**ه من علم5

وال آلبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إال كذبا{ @وهم اليه**ود، ق**الوا عزي**ر ابن الل**ه، والنص**ارى ق**الوا المس**يح ابن الل**ه، وقريش قالت المالئك**ة بن**ات الل**ه. فاإلن**ذار في أول الس**ورة ع**ام، وه**ذا خاص فيمن ق**ال لل**ه ول**د. "م**ا لهم ب**ه من علم" "من" ص**لة، أي م**ا لهم بذلك القول علم؛ ألنهم مقلدة قالوه بغير دليل. "وال آلبائهم" أي أس**الفهم. "كبرت كلمة" "كلمة" نصب على البيان؛ أي كبرت تلك الكلمة كلمة. وق**رأ الحس**ن ومجاه**د ويح**يى بن يعم**ر وابن أبي إس**حاق "كلم**ة" ب**الرفع؛ أي عظمت كلمة؛ يعني قولهم اتخذ الل**ه ول**دا. وعلى ه**ذه الق**راءة فال حاج**ة إلى إضمار. يقال: كبر الشيء إذا عظم. وكبر الرجل إذا أسن. "تخ**رج من

أفواههم" في موضع الصفة. "إن يقولون إال كذبا" أي ما يقولون إال كذبا. }فلعلك باخع نفسك على آث**ارهم إن لم يؤمن**وا به**ذا الح**ديث6*اآلية: 3*

أسفا{ @قوله تعالى: "فلعلك باخع نفسك على آثارهم" "باخع" أي مهل**ك وقات**ل؛ وق**د تق**دم. "آث**ارهم" جم**ع أث**ر، ويق**ال إث**ر. والمع**نى: على أث**ر ت**وليهم وإعراضهم عنك. "إن لم يؤمنوا بهذا الحديث" أي القرآن. "أسفا" أي حزن**ا

وغضبا على كفرهم؛ وانتصب على التفسير. }إنا جعلنا ما على األرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عمال{7*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "إن**ا جعلن**ا م**ا على األرض زين**ة" "م**ا" و"زين**ة" مفع**والن. والزينة كل ما على وجه األرض؛ فهو عموم ألنه دال على بارئ**ه. وق**ال ابن جبير عن ابن عباس: أراد بالزينة الرجال؛ ق**ال مجاه**د. وروى عكرم**ة عن ابن عباس أن الزينة الخلفاء واألمراء. وروى ابن أبي نجيح عن مجاه**د عن ابن عب**اس في قول**ه تع**الى: "إن**ا جعلن**ا م**ا على األرض زين**ة له**ا" ق**ال: العلماء زينة األرض. وقالت فرق**ة: أراد النعم والمالبس والثم**ار والخض**رة والمياه، ونحو هذا مما فيه زينة؛ ولم ي*دخل في**ه الجب**ال الص**م وك*ل م**ا ال زين**ة في**ه كالحي**ات والعق**ارب. والق**ول ب**العموم أولى، وأن ك**ل م**ا على األرض فيه زينة من جهة خلقه وصنعه وإحكامه. واآلية بس**ط في التس**لية؛ أي ال تهتم يا محمد للدنيا وأهلها فإنا إنما جعلنا ذلك امتحانا واختبارا ألهلها؛ فمنهم من يتدبر ويؤمن، ومنهم من يكفر، ثم ي**وم القيام**ة بين أي**ديهم؛ فال

يعظمن عليك كفرهم فإنا نجازيهم. @ معنى هذه اآلية ينظر إلى قول النبي صلى الله عليه وس**لم: )إن ال**دنيا خضرة حلوة والله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون(. وقوله صلى الل**ه عليه وسلم: )إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا( قال: وما زهرة الدنيا؟ ق**ال: )برك**ات األرض( خرجهم**ا مس**لم وغ**يره من حديث أبي سعيد الخدري. والمعنى: أن الدنيا مس**تطابة في ذوقه**ا معجب**ة في منظرها ك**الثمر المس**تحلى المعجب الم**رأى؛ ف**ابتلى الل**ه به**ا عب**اده لينظر أيهم أحسن عمال. أي من أزهد فيها وأترك لها؛ وال سبيل للعب**اد إلى معصية ما زينة الله إال ]أن[ يعينه على ذلك. وله**ذا ك**ان عم**ر يق**ول فيم**ا

Page 204: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ذك**ر البخ**اري: اللهم إن**ا ال نس**تطيع إال أن نف**رح بم**ا زينت**ه لن**ا، اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه. فدعا الله أن يعينه على إنفاق**ه في حق**ه. وه**ذا معنى قوله عليه السالم: )فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخ**ذه بإشراف نفس كان كالذي يأكل وال يشبع(. وهك*ذا ه*و المك*ثر من ال*دنيا ال يقنع بما يحصل له منها بل همته جمعها؛ وذلك لعدم الفهم عن الل**ه تع**الى ورسوله؛ فإن الفتنة معها حاصلة وعدم السالمة غالبة، وقد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه. وقال ابن عطية: كان أبي رضى الل**ه عن**ه يقول في قوله "أحسن عمال": أحسن العمل أخذ بحق وإنفاق في حق م**ع

اإليمان وأداء الفرائض واجتناب المحارم واإلكثار من المندوب إليه. قلت: هذا قول حسن، وجيز في ألفاظه بليغ في معن**اه، وق**د جمع**ه

النبي صلى الله عليه وسلم في لفظ واحد وهو قول**ه لس**فيان بن عبدالل**ه الثقفي لما قال: يا رسول الله، قل لي في اإلسالم قوال ال أسأل عنه أح**دا بعدك - في رواية: غيرك. قال: )قل آمنت بالله ثم استقم( خرج**ه مس**لم. وقال سفيان الثوري: "أحسن عمال" أزهدهم فيها. وكذلك ق**ال أب**و عص**ام العس**قالني: "أحس**ن عمال" أت**رك له**ا. وق**د اختلفت عب**ارات العلم**اء في الزهد؛ فق**ال ق**وم: قص**ر األم**ل وليس بأك**ل الخش**ن ولبس العب**اء؛ قال**ه سفيان الثوري. قال علماؤنا: وصدق رضي الله عنه ألن من قص**ر أمل**ه لم يتأنق في المطعومات وال يتفنن في الملبوسات، وأخذ من الدنيا ما تيس**ر، واجتزأ منها بما يبل**غ. وق**ال ق**وم: بغض المحم**دة وحب الثن**اء. وه**و ق**ول األوزاعي ومن ذهب إليه. وقال قوم: ترك الدنيا كلها هو الزهد؛ أحب تركها أم كره. وهو قول فضيل. وعن بشر بن الحارث قال: حب ال**دنيا حب لق**اء الناس، والزهد في الدنيا الزهد في لقاء الناس. وعن الفضيل أيضا: عالم**ة الزهد في الدنيا الزهد في الناس. وقال قوم: ال يك**ون الزاه**د زاه**دا ح**تى يكون ترك الدنيا أحب إليه من أخذها؛ ق**ال إب**راهيم بن أدهم. وق**ال ق**وم: الزهد أن تزهد في الدنيا بقلبك؛ قال**ه ابن المب**ارك. وق**الت فرق**ة: الزه**د

حب الموت. والقول األول يعم هذه األقوال بالمعنى فهو أولى. }وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا{8*اآلية: 3*

@ تقدم بيانه. وقال أبو سهل: ترابا ال نبات به؛ كأن**ه قط**ع نبات**ه. والج**رز:القطع؛ ومنه سنة جرز. قال الراجز:

قد جرفتهن النون األجراز واألرض الجرز التي ال نبات فيها وال ش**يء من عم**ارة وغيره**ا؛ كأن*ه قط*ع وأزي**ل. يع**ني ي**وم القيام**ة؛ ف**إن األرض تك**ون مس**توية ال مس**تتر فيه**ا. النحاس: والجرز في اللغة األرض التي ال نب**ات به**ا. ق**ال الكس**ائي: يق**ال جرزت األرض تجرز، وجرزها القوم يجرزونها إذا أكلوا كل م**ا ج**اء في**ا من

النبات والزرع فهي مجروزة وجرز. }أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا{9*اآلية: 3*

@ مذهب سيبويه أن "أم" إذا ج**اءت دون أن يتق**دمها أل**ف اس**تفهام أنه*ا بمعنى بل وألف االستفهام، وهي المنقطعة. وقيل: "أم" عطف على معنى االستفهام في لعلك، أو بمعنى ألف االستفهام على اإلنكار. ق**ال الط**بري: وهو تقرير للنبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم على حس**ابه أن أص**حاب الكه**ف كانوا عجبا، بمعنى إنك**ار ذل**ك علي**ه؛ أي ال يعظم ذل**ك بحس**ب م**ا عظم**ه عليك السائلون من الكفرة، فإن سائر آيات الله أعظم من قصتهم وأشيع؛

Page 205: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

هذا قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن إس**حاق. والخط**اب للن**بي ص**لى الله عليه وس**لم؛ وذل**ك أن المش**ركين س**ألوه عن فتي**ة فق**دوا، وعن ذي القرنين وعن الروح، وأبطأ الوحي على ما تقدم. فلما نزل قال الله تع**الى لنبيه عليه السالم: أحسبت يا محمد أن أصحاب الكهف وال**رقيم ك**انوا من آياتن**ا عجب**ا؛ أي ليس**وا بعجب من آياتن**ا، ب**ل في آياتن**ا م**ا ه**و أعجب من خبرهم. الكلبي: خلق السماوات واألرض أعجب من خبرهم. الض**حاك: م**ا أطلعت***ك عل***ه من الغيب أعجب. الجني***د: ش***أنك في اإلس***راء أعجب. الم**اوردي: مع**نى الكالم النفي؛ أي م**ا حس**بت ل**وال إخبارن**ا. أب**و س**هل: استفهام تقرير؛ أي أحسبت ذلك فإنهم عجب. والكهف: النقب المتسع في الجبل؛ وما لم يتسع فهو غار. وحكى النقاش عن أنس بن مال**ك أن**ه ق**ال:

الكهف الجبل؛ وهذا غير شهير في اللغة. واختلف الناس في الرقيم؛ فقال ابن عباس: ك*ل ش**يء في الق**رآن

أعلمه إال أربعة: غسلين وحن**ان واألواه وال**رقيم. وس**ئل م**رة عن ال**رقيم فقال: زعم كعب أنها قرية خرجوا منه**ا. وق**ال مجاه**د: ال*رقيم واد. وق**ال السدي: الرقيم الصخرة التي ك**انت على الكه**ف. وق**ال ابن زي**د: ال**رقيم كتاب غم الله علينا أمره، ولم يشرح لنا قصته. وقالت فرقة: الرقيم كت**اب في لوح من نحاس. وقال ابن عباس: في لوح من رصاص كتب فيه الق**وم الكف**ار ال**ذي ف**ر الفتي**ة منهم قص**تهم وجعلوه**ا تاريخ**ا لهم، ذك**روا وقت فقدهم، وكم كانوا، وبين من كانوا. وكذا قال القراء، قال: الرقيم ل**وح من رصاص كتب فيه أسماؤهم وأنسابهم ودينهم وممن هربوا. فال ابن عطي**ة: ويظهر من هذه الروايات أنهم كانوا قوما مؤرخين للحوادث، وذلك من نبل المملكة، وهو أمر مفي**د. وه**ذه األق**وال م**أخوذة من ال**رقم؛ ومن**ه كت**اب مرقوم. ومنه األرقم لتخطيطه. ومنه رقمة الوادي؛ أي مك**ان ج**ري الم**اء وانعطافه. وما روي عن ابن عب**اس ليس بمتن**اقض؛ ألن الق**ول األول إنم**ا سمعه من كعب. والقول الثاني يجوز أن يكون ع**رف ال**رقيم بع**ده. وروى عنه سعيد بن جبير قال: ذكر ابن عباس أصحاب الكه**ف فق**ال: إن الفتي**ة فقدوا فطلبهم أهلوهم فلم يجدوهم فرفع ذل**ك إلى المل**ك فق**ال: ليك**ونن لهم نبأ، وأحضر لوحا من رصاص فكتب فيه أس**ماءهم وجعل**ه في خزانت**ه؛ فذلك اللوح هو الرقيم. وقيل: إن مؤمنين كانا في بيت المل**ك فكتب**ا ش**أن الفتية وأسماءهم وأنسابهم في ل**وح من رص**اص ثم جعاله في ت**ابوت من نحاس وجعاله في البنيان؛ فالله اعلم. وعن ابن عباس أيضا: الرقيم كت**اب مرقوم كان عن**دهم في**ه الش**رع ال**ذي تمس**كوا ب**ه من دين عيس**ى علي**ه السالم. وقال النق**اش عن قت**ادة: ال**رقيم دراهمهم. وق**ال أنس بن مال**ك والشعبي: الرقيم كلبهم. وقال عكرمة: الرقيم الدواة. وقيل: الرقيم الل**وح من الذهب تحت الجدار الذي أقامه الخضر. وقي**ل: ال**رقيم أص**حاب الغ**ار

الذي انطبق عليهم؛ فذكر كل واحد منهم أصلح عمله. قلت: وفي هذا خير معروف أخرجه الصحيحان، وإلي**ه نح**ا البخ**اري.

وقال قوم: أخبر الله عن أص**حاب الكه**ف، ولم يخ**بر عن أص**حاب ال**رقيم بشيء. وقال الضحاك: الرقيم بلدة ب**الروم فيه**ا غ**ار في**ه أح**د وعش**رون نفسا كأنهم ني**ام على هيئ**ة أص**حاب الكه**ف، فعلى ه**ذا هم فتي**ة آخ**رون جرى لهم ما ج*رى ألص**حاب الكه*ف. والل**ه اعلم. وقي**ل: ال**رقيم واد دون فلسطين فيه الكهف؛ مأخوذ من رقم**ة ال**وادي وهي موض**ع الم**اء؛ يق**ال:

Page 206: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

عليك بالرقمة ودع الضفة؛ ذكره الغزنوي. قال ابن عطية: وبالشام على ما سمعت به من ناس كثير كهف في**ه م**وتى، ي**زعم مج**اوروه أنهم أص**حاب الكهف وعليهم مسجد وبناء يس**مى ال**رقيم ومعهم كلب رم**ة. وباألن**دلس في جهة غرناطة بقرب قرية تس*مى لوش**ة كه*ف في**ه م**وتى ومعهم كلب رم**ة، وأك*ثرهم ق**د تج**رد لحم*ه وبعض**هم متماس*ك، وق*د مض**ت الق*رون السالفة ولم نجد من علم شأنهم أثارة. ويزعم ناس أنهم أصحاب الكه**ف، دخلت إليهم ورأيهم سنة أربع وخمسمائة وهم بهذه الحالة، وعليهم مسجد، وقريب منهم بناء رومي يس*مى ال**رقيم، كأن**ه قص**ر مخل**ق ق**د بقي بعض جدرانه، وهو في فالة من األرض خرب**ة، وب**أعلى غرناط**ة مم**ا يلي القبل**ة آثار مدينة قديمة رومية يقال لها مدينة دقي**وس، وج**دنا في آثاره**ا غ**رائب

من قبور ونحوها. قلت: ما ذكر من رؤيته لهم باألندلس فإنما هم غيرهم، ألن الله تعالى

يق**ول في ح**ق أص**حاب الكه**ف: "ل**و اطلعت عليهم ل**وليت منهم ف**رارا [. وق**ال ابن عب**اس لمعاوي**ة لم**ا أراد18ولملئت منهم رعب**ا" ]الكه**ف:

رؤيتهم: قد منع الله من هو خير منك عن ذل**ك؛ وس**يأتي في آخ**ر القص**ة. وقال مجاهد في قول "كانوا من آياتنا عجبا" قال: هم عجب. ك**ذا روى ابن جريج عنه؛ يذهب إلى أنه بإنكار على النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون

عنده أنهم عجب. وروى ابن نجيح عنه قال: يقول ليس بأعجب آياتنا. }إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربن**ا آتن**ا من ل**دنك رحم**ة10*اآلية: 3*

وهيئ لنا من أمرنا رشدا{ @قوله تعالى: "إذ أوى الفتية إلى الكهف" روي أنهم قوم من أبناء أشراف مدين**ة دقي**وس المل**ك الك**افر، ويق**ال في**ه دقين**وس. وروي أنهم ك**انوا مط***وقين مس***ورين بال***ذهب ذوي ذوائب، وهم من ال***روم واتبع***وا دين عيسى. وقيل: كانوا قبل عيس**ى، والل**ه اعلم. وق**ال ابن عب**اس: إن ملك**ا من الملوك يقال له دقيانوس ظهر على مدينة من مدائن ال**روم يق**ال له**ا أفسوس. وقيل هي طرسوس وكان بع*د زمن عيس*ى علي*ه الس*الم ف*أمر بعبادة األص**نام ف**دعا أهله**ا إلى عب**ادة األص**نام، وك**ان به**ا س**بعة أح**داث يعبدون سرا، فرفع خبرهم إلى الملك وخافوه فهربوا ليال، ومروا براع مع**ه كلب فتبعهم ف**آووا إلى الكه**ف فتبعهم المل**ك إلى فم الغ**ار، فوج**د أث**ر دخولهم ولم يجد أث**ر خ**روجهم، ف**دخلوا ف**أعمى الل**ه أبص**ارهم فلم ي**روا شيئا؛ فقال الملك: سدوا عليهم باب الغار حتى يموتوا فيه جوع*ا وعطش**ا. وروى مجاهد عن ابن عباس أيضا أن هؤالء الفتية كانوا في دين مل**ك يعب**د األصنام ويذبح لها ويكفر بالل**ه، وق**د تابع*ه على ذل**ك أه**ل المدين**ة، فوق**ع للفتية علم من بعض الحواريين - حسبما ذكر النقاش أو من مؤم**ني األمم قبلهم - فآمنوا بالله ورأوا ببص**ائرهم ق**بيح فع*ل الن**اس، فأخ**ذوا نفوس**هم بالتزام ال**دين وعب**ادة الل**ه؛ فرف**ع أم**رهم إلى المل**ك وقي**ل لي: إنهم ق**د فارقوا دينك واستخفوا آلهتك وكفروا بها، فاستحضرهم الملك إلى مجلس**ه وأمرهم باتباع دينه والذبح آللهته، وتوعدهم على فراق ذلك بالقت**ل؛ فق**الوا له فيما روي: "ربنا رب السماوات واألرض - إلى قوله - وإذا اع**تزلتموهم"

[ وروي أنهم قالوا نحو هذا الكالم وليس به، فقال لهم المل*ك:16]الكهف: إنكم شبان أغمار ال عقول لكم، وأنا ال أعجل بكم بل اس**تأني ف**اذهبوا إلى منازلكم ودبروا رأيكم وارجع**وا إلى أم**ري، وض**رب لهم في ذل**ك أجال، ثم

Page 207: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

إنه خالل األجل فتشاور الفتية في الهروب بأديانهم، فقال لهم أحدهم: إني أعرف كهفا في جبل كذا، وكان أبي يدخل فيه غنمه فلنذهب فلنخت**ف في**ه حتى يفتح الل**ه لن**ا؛ فخرج**وا فيم**ا روي يلعب**ون بالص**ولجان والك**رة، وهم ي**دحرجونها إلى نح**و ط**ريقهم لئال يش**عر الن**اس بهم. وروي أنهم ك**انوا مثقفين فحضر عيد خرجوا إليه فركبوا في جملة الناس، ثم أخ**ذوا ب**اللعب بالصولجان حتى خلصوا بذلك. وروى وهب بن منبه أن أول أمرهم إنما كان حواري لعيسى بن مريم جاء إلى مدينة أصحاب الكهف يريد دخولها، ف**أجر نفس**ه من ص**احب الحم**ام وك**ان يعم**ل في**ه، ف**رأى ص**احب الحم**ام في أعماله بركة. عظيمة، فألقى إليه بكل أمره، وعرف ذلك الرجل فتي**ان من المدينة فعرفهم الله تعالى فآمنوا به واتبعوه على دينه، واشتهرت خلطتهم به؛ فأتى يوما إلى ذلك الحمام ول*د المل**ك ب**امرأة أراد الخل**وة به*ا، فنه*اه ذلك الحواري فانتهى، ثم جاء مرة أخرى فنهاه فشتمه، وأمضى عزم**ه في دخول الحمام م**ع البغي، ف**دخل فمات**ا في**ه جميع**ا؛ ف**اتهم ذل**ك الح**واري وأصحابه بقتلهما؛ ففروا جميعا حتى دخلوا الكهف. وقيل في خروجهم غ**ير

هذا. وأم**ا الكلب ف**روي أن**ه ك**ان كلب ص**يد لهم، وروي أنهم وج**دوا في

ط**ريقهم راعي**ا ل**ه كلب ف**اتبعهم ال**راعي على رأيهم وذهب الكلب معهم؛ ق**ال ابن عب**اس. واس**م الكلب حم**ران وقي**ل قطم**ير. وأم**ا أس**ماء أه**ل الكهف فأعجمية، والسند في معرفتها واه. والذي ذكره الط**بري هي ه*ذه: مكسلمينا وهو أكبرهم والمتكلم عنهم، ومحس**يميلنينا ويمليخ**ا، وه**و ال**ذي مضى بالورق إلى المدينة عند بعثهم من رقدتهم، ومرطوس وكش**وطوش ودينموس ويطونس وبيرونس. قال مقاتل: وكان الكلب لمكسلمينا، وك**ان

أسنهم وصاحب غنم. @ هذه اآلية صريحة في الفرار بال**دين وهج**رة األه**ل والب**نين والقراب**ات واألصدقاء واألوطان واألموال خوف الفتنة وما يلقاه اإلنس**ان من المحن**ة. وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم فارا بدين**ه، وك**ذلك أص**حابه، وجلس في الغار حسبما تقدم في سورة "النحل". وقد نص الله تع**الى على ذل**ك في "براءة" وقد تقدم. وهجروا أوطانهم وتركوا أرضهم ودي**ارهم وأه**اليهم وأوالدهم وقراب**اتهم وإخ**وانهم، رج**اء الس**المة بال**دين والنج**اة من فتن**ة الكافرين. فسكنى الجبال ودخ**ول الغ**يران، والعزل**ة عن الخل**ق واالنف**راد بالخالق، وج**واز الف**رار من الظ**الم هي س**نة األنبي**اء ص**لوات الل**ه عليهم واألولياء. وقد فضل رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم العزل**ة، وفض**لها جماعة العلماء ال سيما عند ظهور الفتن وفساد الناس، وقد نص الله تعالى

عليها في كتابه فقال: "فأووا إلى الكهف". وقال العلماء االعتزال عن الناس يكون مرة في الجبال والشعاب، ومرة

في السواحل والرباط، ومرة في البيوت؛ وق**د ج**اء في الخ**بر: )إذا ك**انت الفتنة ف**أخف مكان**ك وك**ف لس**انك(. ولم يخص موض**عا من موض**ع. وق**د جعلت طائفة من العلماء العزل**ة اع*تزال الش**ر وأهل**ه بقلب**ك وعمل**ك، إن كنت بين أظه**رهم. وق**ال ابن المب**ارك في تفس**ير العزل**ة: أن تك**ون م**ع القوم ف**إذا خاض**وا في ذك**ر الل**ه فخض معهم، وإن خاض**وا في غ**ير ذل**ك فاسكت. وروى البغوي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ق**ال: )المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن ال**ذي ال

Page 208: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

يخالطهم وال يص**بر على أذاهم(. وروي عن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم قال: )نعم ص**وامع المؤم**نين بي**وتهم( من مراس**ل الحس**ن وغ**يره. وق**ال عقبة بن عامر لرسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: م**ا النج**اة ي**ا رس**ول الل**ه؟ فق**ال: )ي**ا عقب**ة أمس**ك علي**ك لس**انك وليس**عك بيت**ك واب**ك على خطيئتك(. وقال صلى الله عليه وسلم: )يأتي على الناس زم**ان خ**ير م**ال الرجل المسلم الغنم يتبع بها شعف الجبال ومواق**ع القط**ر يف**ر بدين**ه من الفتن(. خرجه البخاري. وذكر علي بن سعد عن الحسن بن واقد ق*ال ق*ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إذا كانت سنة ثمانين ومائ**ة فق**د حلت ألمتي العزبة والعزل**ة وال**ترهب في رؤوس الجب**ال(. وذك**ر أيض**ا علي بن سعد عن عبدالله بن المبارك عن مبارك بن فضالة عن الحسن يرفع**ه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )ي**أتي على الن**اس زم**ان ال يس**لم لذي دين دينه إال من فر بدينه من شاهق إلى شاهق أو حجر إلى حجر فإذا كان ذلك لم تنل المعيشة إال بمعص**ية الل**ه ف**إذا ك**ان ذل**ك حلت العزب**ة(. قالوا: يا رسول الله، كيف تحل العزبة وأنت تأمرنا بالتزويج؟ قال: )إذا كان ذلك كان فساد الرجل على يدي أبوي**ه ف**إن لم يكن ل**ه أب**وان ك**ان هالك**ه على يدي زوجته فإن لم تكن له زوجة كان هالكه على ي**دي ول**ده ف**إن لم يكن له ولد كان هالكه على يدي القرابات والجيران(. قالوا وكي**ف ذل**ك ي**ا رسول الله؟ قال: )يعيرونه بضيق المعيشة ويكلفونه ما ال يطيق فعند ذل**ك

يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها(. قلت: أحوال الناس في هذا الباب تختلف، فرب رجل تكون ل**ه ق**وة

على سكنى الكهوف والغيران في الجبال، وهي أرفع األحوال ألنه**ا الحال**ة التي اختارها الله لنبيه صلى الله عليه وس**لم في بداي*ة أم*ره، ونص عليه*ا في كتابه مخبرا عن الفتية، فق**ال: "وإذ اع**تزلتموهم وم**ا يعب**دون إال الل**ه

[. ورب رجل تكون العزلة له في بيته أخف16فأووا إلى الكهف" ]الكهف: عليه وأسهل؛ وقد اعتزل رجال من أهل بدر فلزموا بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرج**وا إال إلى قب**ورهم. ورب رج**ل متوس**ط بينهم**ا فيك**ون ل**ه من القوة م**ا يص**بر به**ا على مخالط**ة الن**اس وأذاهم، فه**و معهم في الظ**اهر ومخالف لهم في الباطن. وذك*ر ابن المب*ارك ح*دثنا وهيب بن ال*ورد ق*ال: جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال: إن الناس وقعوا فيما وقعوا وقد ح**دثت نفسي أال أخالطهم. فق**ال: ال تفع**ل إن**ه ال ب**د ل**ك من الن**اس، وال ب**د لهم منك، ولك إليهم ح**وائج، ولهم إلي**ك ح**وائج، ولكن كن فيهم أص**م س**ميعا، أعمى بصيرا، سكوتا نطوقا. وقد قيل: إن كل موضع يبع**د عن الن**اس فه**و داخل في معنى الجب**ال والش**عاب؛ مث**ل االعتك**اف في المس**اجد، ول**زوم السواحل للرباط والذكر، ول**زوم ال**بيوت ف**رارا عن ش**رور الن**اس. وإنم**ا جاءت األحاديث بذكر الشعاب والجبال واتباع الغنم - والله اعلم - ألن ذلك هو األغلب في المواضع التي يعتزل فيها؛ فكل موضع يبعد عن الناس فه**و داخل في معناه، كما ذكرن*ا، والل*ه الموف*ق وب*ه العص**مة. وروى عقب*ة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وس**لم يق**ول: )يعجب رب**ك من راعي غنم في رأس شظية الجبل يؤذن بالصالة ويصلي فيقول الله عز وجل انظروا إلى عبدي يؤذن ويقيم الصالة يخاف م**ني ق**د غف**رت لعب**دي

وأدخلته الجنة(. خرجه النسائي.

Page 209: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "فقالوا ربن**ا آتن**ا من ل*دنك رحم**ة" لم*ا ف**روا ممن يطلبهم اشتغلوا بالدعاء ولجؤوا إلى الله تعالى فقالوا: "ربنا آتن**ا من ل**دنك رحم**ة" أي مغفرة ورزقا. "وهيئ لن**ا من أمرن**ا رش**دا" توفيق**ا للرش**اد. وق**ال ابن عباس: مخرجا من الغار في س**المة. وقي**ل ص**وابا. ومن ه**ذا المع**نى أن**ه

عليه السالم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصالة. }فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا{11*اآلية: 3*

@ عبارة عن إلقاء الل**ه تع**الى الن**وم عليهم. وه**ذه من فص**يحات الق**رآن التي أقرت العرب بالقصور عن اإلتيان بمثله. قال الزجاج: أي منعناهم عن أن يسمعوا؛ ألن النائم إذا سمع انتبه. وقال ابن عباس: ض**ربنا على آذانهم بالنوم؛ أي سددنا آذانهم عن نفوذ األصوات إليها. وقي**ل: المع**نى "فض**ربنا على آذانهم" أي فاستجبنا دعاءهم، وص**رفنا عنهم ش**ر ق**ومهم، وأنمن**اهم. والمعنى كله متقارب. وقال قطرب: هذا كقول الع**رب ض**رب األم**ير على يد الرعية إذا منعهم الفساد، وضرب السيد على يد عب**ده الم**أذون ل**ه في

التجارة إذا منعه من التصرف. قال األسود بن يعفر وكان ضريرا: ومن الحوادث ال أبالك أنني ضربت علي األرض باألسداد

وأما تخصيص األذان بالذكر فألنها الجارح**ة ال**تي منه**ا عظم فس**اد الن**وم، وقلما ينقطع ن*وم ن*ائم إال من جه*ة أذن*ه، وال يس*تحكم ن*وم إال من تعط*ل السمع. ومن ذكر األذن في النوم قوله صلى الله عليه وس**لم: )ذاك رج**ل بال الشيطان في أذنه( خرجه الصحيح. أشار عليه السالم إلى رجل طوي**ل النوم، ال يقوم الليل. و"عددا" نعت للسنين؛ أي معدودة، والقصد به العبارة عن التكثير؛ ألن القليل ال يحتاج إلى عدد ألن**ه ق**د ع**رف. والع**د المص**در، والعدد اسم المعدود كالنفض والخبط. وقال أبو عبيدة: "عددا" نص**ب على المصدر. ثم قال قوم: بين الل**ه تع**الى ع**دد تل**ك الس**نين من بع**د فق**ال:

[.25"ولبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا" ]الكهف: }ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا{12*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "ثم بعثناهم" أي من بعد نومهم. ويق**ال لمن أح**يي أو أقيم من نوم**ه مبع**وث؛ ألن**ه ك**ان ممنوع**ا من االنبع**اث والتص**رف. "لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا" "لنعلم" عبارة عن خروج ذل**ك الش**يء إلى الوجود ومشاهدته؛ وهذا على نحو كالم الع**رب، أي نعلم ذل**ك موج**ودا، إال فقد كان الله تعالى علم أي الحزبين أحصى األم**د. وق**رأ الزه**ري "ليعلم" بالياء. والحزبان الفريقان، والظاهر من اآلية أن الح**زب الواح**د هم الفتي**ة إذ ظنوا لبثهم قليال. والحزب الث**اني أه**ل المدين**ة ال**ذين بعث الفتي**ة على عه*دهم، حين ك**ان عن**دهم الت**اريخ ألم**ر الفتي**ة. وه**ذا ق*ول الجمه*ور من المفس**رين. وق**الت فرق**ة: هم**ا حزب**ان من الك**افرين، اختلف**ا في م**دة أصحاب الكهف. وقيل: هما حزب**ان من المؤم*نين. وقي**ل غ**ير ذل*ك مم*ا ال يرتبط بألفاظ اآلية. و"أحصى" فعل ماض. و"أمدا" نصب على المفعول به؛ قاله أبو علي. وقال الفراء: نصب على التمييز. وق**ال الزج**اج: نص**ب على الظ**رف، أي أي الح**زبين أحص**ى للبثهم في األم**د، واألم**د الغاي**ة. وق**ال مجاهد: "أمدا" نصب معناه عددا، وهذا تفسير بالمعنى على جهة التق**ريب. وقال الطبري: "أمدا" منصوب ب* "لبثوا". ابن عطية: وهذا غير متجه، وأم**ا من قال إنه نصب على التفسير فيلحقه من االختالل أن أفعل ال يك**ون من فعل رباعي إال في الشاذ، و"أحصى" فعل رباعي. وقد يحتج له ب**أن يق**ال:

Page 210: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

إن أفعل في الرباعي قد كثر؛ كقولك: ما أعطاه للمال وآتاه للخ**ير. وق**ال في صفة حوضه صلى الله عليه وسلم: )ماؤه أبيض من اللبن(. وقال عمر

بن الخطاب: فهو لما سواها أضيع. }نحن نقص علي**ك نب**أهم ب**الحق إنهم فتي**ة آمن**وا ب**ربهم13*اآلي**ة: 3*

وزدناهم هدى{ @قوله تعالى: "نحن نقص عليك نب**أهم ب**الحق" لم**ا اقتض**ى قول**ه تع**الى "لنعلم أي الحزبين أحصى" اختالفا وق**ع في أم**د الفتي**ة، عقب ب**الخبر عن أنه ع**ز وج**ل يعلم من أم**رهم ب**الحق ال**ذي وق**ع. "إنهم فتي**ة" أي ش**باب وأحداث حكم لهم بالفتوة حين آمنوا بال واسطة؛ كذلك ق*ال أه**ل اللس*ان: رأس الفتوة اإليمان. وقال الجني**د: الفت**وة ب**ذل الن**دى وك**ف األذى وت**رك الشكوى. وقيل: الفتوة اجتن**اب المح**ارم واس**تعجال المك**ارم. وقي**ل غ**ير هذا. وهذا القول حسن جدا؛ ألنه يعم ب**المعنى جمي**ع م**ا قي**ل في الفت**وة. "وزدناهم هدى" أي يسرناهم للعمل الصالح؛ من االنقطاع إلى الله تع**الى، ومباعدة الناس، والزهد في الدنيا. وهذه زيادة على اإليمان. وقال السدي: زادهم ه**دى بكلب ال**راعي حين ط**ردوه ورجم**وه مخاف**ة أن ينبح عليهم وينبه بهم؛ فرفع الكلب يديه إلى السماء كالداعي فأنطق**ه الل**ه، فق**ال: ي**ا قوم لم تطردونني، لم ترجمونني لم تضربونني فوالله لقد عرفت الله قبل

أن تعرفوه بأربعين سنة؛ فزادهم الله بذلك هدى. }وربطنا على قل**وبهم إذ ق**اموا فق**الوا ربن**ا رب الس**ماوات14*اآلية: 3*

واألرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا{ @قوله تعالى: "وربطنا على قل**وبهم" عب**ارة عن ش**دة ع*زم وق*وة ص*بر، أعطاها الله لهم حتى قالوا بين يدي الكفار: "ربن**ا رب الس**ماوات واألرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا". ولما كان الف**زع وخ**ور النفس يشبه بالتناسب االنحالل حسن في ش**دة النفس وق**وة التص**ميم أن يش**به الربط؛ ومنه يقال: فالن رابط الجأش، إذا كان ال تف**رق نفس**ه عن**د الف**زع والحرب وغيرها. ومنه الربط على قلب أم موسى. وقوله تعالى: "وليرب**ط

[ وقد تقدم. 11على قلوبكم ويثبت به األقدام" ]األنفال: @قوله تعالى: "إذ قاموا فقالوا" يحتمل ثالثة معان: أح**دها: أن يك**ون ه**ذا وصف مقامهم بين يدي الملك الكافر - كم**ا تق**دم، وه**و مق**ام يحت**اج إلى الربط على القلب حيث خالفوا دينه، ورفضوا في ذات الله هيبته. والمعنى الثاني فيما قيل: إنهم أوالد عظم**اء تل**ك المدين**ة، فخرج**وا واجتمع*وا وراء تلك المدينة من غير ميعاد؛ فقال أسنهم: إني أج**د في نفس**ي أن ربي رب الس**ماوات واألرض؛ فق**الوا ونحن ك**ذلك نج**د في أنفس**نا. فق**اموا جميع**ا فقالوا: "ربنا رب السماوات واألرض لن ن**دعو من دون**ه إله**ا لق**د قلن**ا إذا ش**ططا". أي لئن دعون**ا إله**ا غ**يره فق**د قلن**ا إذا ج**ورا ومح**اال. والمع**نى الثالث: أن يعبر بالقيام، عن انبعاثهم ب**العزم إلى اله**روب إلى الل**ه تع**الى ومنابذة الناس؛ كما تقول: قام فالن إلى أمر كذا إذا عزم عليه بغاية الج**د. قال ابن عطية: تعلقت الصوفية في القيام والقول بقول "إذ ق**اموا فق**الوا

ربنا رب السماوات واألرض". قلت: وهذا تعلق غير صحيح هؤالء ق**اموا ف**ذكروا الل**ه على هدايت**ه،

وشكروا لم**ا أوالهم من نعم**ه ونعمت**ه، ثم ه**اموا على وج**وههم منقطعين إلى ربهم خائفين من قومهم؛ وهذه سنة الله في الرسل واألنبياء والفضالء

Page 211: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

األولياء. أين هذا من ضرب األرض باألقدام وال**رقص باألكم**ام وخاص**ة في هذه األزمان عند س**ماع األص**وات الحس**ان من الم**رد والنس**وان؛ هيه**ات بينهما والله ما بين األرض والسماء. ثم هذا حرام عند جماعة العلماء، على ما يأتي بيانه في سورة لقمان إن شاء الله تعالى. وقد تقدم في "سبحان"

[ ما فيه كفاية. وق**ال37عند قوله: "وال تمش في األرض مرحا" ]اإلسراء: اإلمام أبو بكر الطرسوسي وسئل عن مذهب الصوفية فقال: وأما ال**رقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري؛ لما اتخ**ذ لهم عجال جس**دا ل**ه خوار قاموا يرقصون حوالي**ه ويتواج**دون؛ فه**و دين الكف**ار وعب**اد العج**ل،

على ما يأتي. }هؤالء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لوال يأتون عليهم بسلطان15*اآلية: 3*

بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا{ @قوله تعالى: "هؤالء قومنا اتخذوا من دونه آلهة" أي قال بعض**هم لبعض: هؤالء قومنا أي أهل عص*رنا وبل**دنا، عب*دوا األص*نام تقلي**دا من غ**ير حج**ة. "لوال" أي هال. "يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا" أي بحجة على عبادتهم الصنم. وقي**ل: "عليهم" راج**ع إلى اآلله**ة؛ أي هال أقاموا بينة على األصنام في كونها آلهة؛ فقولهم "لوال" تحضيض بمعنى

التعجيز؛ وإذا لم يمكنهم ذلك لم يجب أن يلتفت إلى دعواهم. }وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إال الله فأووا إلى الكهف ينشر16*اآلية: 3*

لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا{ @قول**ه تع**الى: "وإذ اع**تزلتموهم" قي**ل: ه**و من ق**ول الل**ه لهم. أي وإذ اعتزلتموهم فاؤوا إلى الكهف. وقيل: ه**و من ق**ول رئيس**هم يمليخ**ا؛ فيم**ا ذكر ابن عطية. وقال الغزنوي: رئيس**هم مكس**لمينا، ق**ال لهم ذل**ك؛ أي إذ اعتزلتموهم واعتزلتم ما يعب**دون. ثم اس**تثنى وق**ال "إال الل**ه" أي إنكم لم تتركوا عبادته؛ فهو استثناء منقط**ع. ق**ال ابن عطي**ة: وه**ذا على تق**دير إن الذين فر أهل الكهف منهم ال يعرفون الله، وال علم لهم به؛ وإنما يعتق**دون األصنام في ألوهيتهم فقط. وإن فرضنا أنهم يعرفون الله كما كانت العرب تفع**ل لكنهم يش**ركون أص**نامهم مع**ه في العب**ادة فاالس**تثناء متص**ل؛ ألن االعتزال وقع في كل ما يعبد الكفار إال في جهة الله. وفي مصحف عبدالله

بن مسعود "وما يعبدون من دون الله". قال قتادة هذا تفسيرها. قلت: ويدل على هذا ما ذكره أبو نعيم الحافظ عن عطاء الخراساني

في قوله تعالى "وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إال الله" ق**ال: ك**ان فتي**ة من قوم يعبدون الله ويعبدون معه آلهة فاعتزلت الفتية عب**ادة تل**ك اآلله*ة ولم

تعتزل عبادة الله. ابن عطية: فعلى ما قال قتادة تكون "إال" بمنزلة غير، و"ما" من قوله

"وم**ا يعب**دون إال الل**ه" قي موض**ع نص**ب، عطف**ا على الض**مير في ق**ول "اعتزلتموهم". ومضمن هذه اآلية أن بعضهم قال لبعض: إذا فارقنا الكف**ار وانفردنا بالله تعالى فلنجعل الكهف مأوى ونتكل على الل**ه؛ فإن*ه سيبس*ط لنا رحمته، وينش**رها علين**ا، ويه**يئ لن**ا من أمرن**ا مرفق**ا. وه**ذا كل**ه دع**اء بحسب الدنيا، وعلى ثقة كانوا من الله في أم**ر آخ**رتهم. وق**ال أب**و جعف**ر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنه: ك*ان أص**حاب الكه*ف ص**ياقلة، واسم الكهف حيوم. "مرفقا" قرئ بكسر الميم وفتحها، وهو ما يرتف**ق ب**ه

Page 212: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وكذلك مرف**ق اإلنس**ان ومرفق**ه؛ ومنهم من يجع**ل "المرف**ق" بفتح الميمالموضع كالمسجد وهما لغتان.

}وت**رى الش**مس إذا طلعت ت**زاور عن كهفهم ذات اليمين17*اآلي**ة: 3* وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة من**ه ذل**ك من آي**ات الل**ه

من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا{ @قوله تعالى: "وترى الش**مس إذا طلعت ت**تزاور عن كهفهم ذات اليمين" أي ترى أيها المخاطب الشمس عند طلوعه**ا تمي**ل عن كهفهم. والمع**نى: إنك لو رأيتهم لرأيتهم كذا؛ ال أن المخ**اطب رآهم على التحقي**ق. و"ت**زاور" تتنحى وتميل؛ من االزورار. والزور الميل. واألزور في العين المائ**ل النظ**ر

إلى ناحية، ويستعمل في غير العين؛ كما قال ابن أبي ربيعة: وجنبي خيفة القوم أزور

ومن اللفظة قول عنترة: فازور من وقع القنا بلبانه

وفي حديث غزوة مؤت**ة أن رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم رأى في سرير عبدالله بن رواحة ازورارا عن سرير جعفر وزيد بن حارثة. وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو "تزاور" بإدغام التاء في الزاي، واألصل "تتزاور". وقرأ عاصم وحمزة والكسائي "تزاور" مخفف**ة ال**زاي. وق**رأ ابن ع**امر "ت**زور" مثل تحمر. وحكى الف**راء "ت**زوار" مث**ل تحم**ار؛ كله**ا بمع**نى واح**د. "وإذا غربت تقرضهم" قرأ الجمهور بالتاء على معنى تتركهم؛ قاله مجاهد. وق**ال قتادة: تدعهم. النحاس: وهذا معروف في اللغة، حكى البصريون أنه يق**ال: قرضه يقرضه إذا تركه؛ والمعنى: أنهم كانوا ال تصيبهم شمس البتة كرام**ة لهم؛ وهو قول ابن عباس. يع**ني أن الش**مس إذا طلعت م**الت عن كهفهم ذات اليمين، أي يمين الكهف، وإذا غربت تمر بهم ذات الشمال، أي شمال الكه**ف، فال تص**يبهم في ابت**داء النه**ار وال في آخ**ر النه**ار. وك**ان كهفهم مستقبل بنات نعش في أرض الروم، فك**انت الش**مس تمي**ل عنهم طالع**ة وغاربة وجارية ال تبلغهم لتؤذيهم بحرها، وتغ**ير أل**وانهم وتبلي ثي**ابهم. وق**د قيل: إنه كان لكهفهم حاجب من جه**ة الجن**وب، وح**اجب من جه**ة ال**دبور وهم في زاويته. وذهب الزج**اج إلى أن فع**ل الش**مس ك**ان آي**ة من الل**ه، دون أن يكون باب الكهف إلى جهة توجب ذلك. وق**رأت فرق**ة "بقرض**هم" بالياء من القرض وهو القطع، أي يقطعهم الكهف بظله من ضوء الشمس. وقيل: "وإذا غربت تقرض**هم" أي يص**يبهم يس**ير منه**ا، م**أخوذ من قارض**ة الذهب والفضة، أي تعطيهم الشمس اليسير من شعاعها. وقالوا: ك**ان في مسها لهم بالعشي إصالح ألجسادهم. وعلى الجملة فاآلية في ذلك أن الله تعالى آواهم إلى كهف هذه صفته ال إلى كه**ف آخ**ر يت**أذون في**ه بانبس**اط الش**مس علبهم في معظم النه**ار. وعلى ه**ذا فيمكن أن يك**ون ص**رف الشمس عنهم بإظالل غم**ام أو س**بب آخ**ر. والمقص**ود بي**ان حفظهم عن تطرق البالء وتغير األبدان واألل**وان إليهم، والت**أذي بح**ر أو ب**رد. "وهم في فجوة منه" أي من الكهف والفجوة المتسع، وجمعها فج**وات وفج**اء؛ مث**ل

ركوة وركاء وركوات وقال الشاعر: ونحن مألنا كل واد وفجوة رجاال وخيال غير ميل وال عزل

Page 213: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أي كانوا بحيث يصيبهم نسيم الهواء. "ذلك من آيات الله" لط**ف بهم. "من يهد الله فهو المهتدي" أي لو هداهم الله الهتدوا. "ومن يضلل فلن تجد ل**ه

وليا مرشدا" أي ال يهديهم أحد. }وتحس**بهم أيقاظ**ا وهم رق**ود ونقلبهم ذات اليمين وذات18*اآلي**ة: 3*

الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراولملئت منهم رعبا{

@قول**ه تع**الى: "وتحس**بهم أيقاظ**ا" وق**ال أه**ل التفس**ير: ك**انت أعينهم مفتوحة وهم نائمون؛ فكذلك كان الرائي يحسبهم أيقاظا. وقي**ل: تحس**بهم أيقاظ**ا لك**ثرة تقلبهم كالمس**تيقظ في مض**جعه. و"أيقاظ**ا" جم**ع يق**ظ ويقظان، وهو المنتبه. "وهم رقود" كقولهم: وهم قوم ركوع وسجود وقعود فوص**ف الجم**ع بالمص**در. "ونقلبهم ذات اليمين وذات الش**مال" ق**ال ابن عباس: لئال تأكل األرض لحومهم. قال أب**و هري**رة: ك**ان لهم في ك**ل ع**ام تقليبتان. وقيل: في كل سنة مرة. وقال مجاهد: في كل سبع س**نين م**رة. وقالت فرقة: إنما قلبوا في التسع األواخر، وأما في الثالثمائ**ة فال. وظ**اهر كالم المفسرين أن التقليب كان من فعل الل**ه، ويج*وز أن يك*ون من مل**ك

بأمر الله، فيضاف إلى الله تعالى. @قوله تعالى: "وكلبهم" قال عمرو بن دينار: إن مما أخذ على العق**رب أال تضر أحدا ]قال[ في ليله أو في نهاره: صلى الله على ن**وح. وإن مم**ا أخ**ذ على الكلب أال يض**ر من حم**ل علي**ه ]إذا ق**ال[: وكلبهم باس**ط ذراعي**ه

بالوصيد. أكثر المفسرين على أنه كلب حقيقة، وكان لصيد أحدهم أو لزرع**ه أو

غنمه؛ على ما قال مقاتل. واختلف في لونه اختالفا كث**يرا، ذك**ره الثعل**بي.

تحصيله: أي لون ذكرت أصبت؛ حتى قيل لون الحجر وقي**ل ل**ون الس**ماء. واختلف أيضا في اسمه؛ فعن علي: ري**ان. ابن عب**اس: قطم**ير. األوزاعي: مشير. عبدالله بن سالم: بسيط. كعب: ص**هيا. وهب: نقي**ا. وقي**ل قطم**ير؛ ذكره الثعلبي. وكان اقتن**اء الكلب ج**ائزا في وقتهم، كم**ا ه**و عن**دنا الي**وم جائز في شرعنا. وقال ابن عباس: هربوا ليال، وكانوا سبعة فمروا براع معه كلب فاتبعهم على دينهم. وقال كعب: مروا بكلب فنبح لهم فط**ردوه فع**اد فط**ردوه م**رارا، فق**ام الكلب على رجلي**ه ورف**ع يدي**ه إلى الس**ماء كهيئ**ة الداعي، فنطق فقال: ال تخافوا مني أنا أحب أحباء الله تعالى فن**اموا ح**تى

أحرسكم. @ ورد في الصحيح عن ابن عمر عن النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ق**ال: )من اقتنى كلبا إال كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراط**ان(. وروى الصحيح أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ص**لى الل**ه علي**ه وسلم: )من اتخذ كلبا إال كلب ماشية أو ص**يد أو زرع انقص من أج**ره ك**ل يوم قيراط(. قال الزهري: وذكر البن عمر ق**ول أبي هري**رة فق**ال: ي**رحم الله أبا هريرة كان صاحب زرع. فقد دلت السنة الثابت**ة على اقتن**اء الكلب للصيد والزرع والماشية. وجعل النقص في أجر من اقتناه**ا على غ**ير ذل**ك من المنفعة؛ إما لترويع الكلب المسلمين وتشويشه عليهم بنباحه، أو لمن**ع دخ**ول المالئك**ة ال**بيت، أو لنجاس**ته، على م**ا ي**راه الش**افعي، أو القتح**ام النهي عن اتخاذ ما ال منفع*ة في*ه؛ والل**ه اعلم. وق*ال في إح*دى الرواي*تين )قيراطان( وفي األخرى )قيراط(. وذل**ك يحتم**ل أن يك**ون في ن**وعين من

Page 214: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الكالب أحدهما أشد أذى من اآلخر، كاألسود الذي أمر عليه الس**الم بقتل**ه، ولم يدخله في االستثناء حين نهى عن قتلها كم**ا ه**و منص**وص في ح**ديث جابر؛ أخرج**ه الص**حيح. وق**ال: )عليكم باألس**ود البهيم ذي النقط**تين فإن**ه ش**يطان(. ويحتم**ل أن يك**ون ذل**ك الختالف المواض**ع، فيك**ون ممس**كه بالمدينة مثال أو بمكة ينقص قيراطان وبغيرها ق**يراط. وأم**ا المب**اح اتخ**اذه

فال ينقص؛ كالفرس والهرة. والله اعلم. @ وكلب الماشية المباح اتخاذه عند مالك هو ال**ذي يس**رح معه**ا، ال ال**ذي يحفظها في الدار من السراق. وكلب الزرع هو الذي يحفظها من الوحوش باللي**ل أو بالنه**ار ال من الس**راق. وق**د أج**از غ**ير مال**ك اتخاذه**ا لس**راق الماشية والزرع. وقد تقدم في "المائدة" من أحكام الكالب ما في**ه كفاي**ة،

والحمد لله. الرابع*ة: ق**ال ابن عطي**ة: وح*دثني أبي رض*ي الل**ه عن**ه ق**ال س**معت أب*ا الفضل الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه سنة تس**ع وس**تين وأربعمائة: إن من أحب أهل الخير نال من ب**ركتهم؛ كلب أحب أه**ل فض**ل

وصحبهم في ذكره الله في محكم تنزيله. قلت: إذ كان بعض الكالب قد نال هذه الدرجة العليا بصحبته ومخالطته

الصلحاء واألولياء حتى أخبر الله تعالى بذلك في كتابه جل وعال فم**ا ظن**ك بالمؤمنين الموحدين المخالطين المحبين لألولي**اء والص**الحين ب**ل في ه**ذا تس**لية وأنس للمؤم**نين المقص**رين عن درج**ات الكم**ال، المح**بين للن**بي صلى الله عليه وسلم وآله خير آل. روى الصحيح عن أنس بن مال**ك ق**ال: بينا أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال: يا رسول الله، م**تى الس**اعة؟ ق**ال رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم: )ما أعددت لها( قال: وال ص**دقة، ولك**ني أحب الل**ه ورسوله. قال: )فأنت مع من أحببت(. في رواية ق**ال أنس بن مال**ك: فم**ا فرحنا بعد اإلسالم فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: )ف**أنت مع من أحببت(. قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله وأبا بك**ر وعم**ر، ف**أرجو

أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم. قلت: وهذا الذي تمسك به أنس يشمل من المسلمين كل ذي نفس،

فكذلك تعلقت أطماعنا بذلك وإن كنا مقصرين، ورجونا رحمة الرحمن وإن كنا غير مستأهلين؛ كلب أحب قوما فذكره الله معهم فكيف بنا وعندنا عقد اإليمان وكلمة اإلسالم، وحب النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم، "ولق**د كرمن**ا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيب**ات وفض**لناهم على

[. 7كثير ممن خلقنا تفضيال" ]اإلسراء: وقالت فرقة: لم يكن كلبا حقيقة، وإنما كان أحدهم، وكان قد قع**د عن**د

باب الغار طليعة لهم كما سمي النجم التابع للجوزاء كلبا؛ ألنه منها كالكلب من اإلنسان؛ ويقال له: كلب الجبار. قال ابن عطية: فسمي باسم الحيوان الالزم لذلك الموضع أما إن هذا القول يضعفه ذك**ر بس**ط ال**ذراعين فإنه**ا في الع**رف من ص**فة الكلب حقيق**ة؛ ومن**ه ق**ول الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وسلم: )وال يبس**ط أح**دكم ذراعي**ه انبس**اط الكلب(. وق**د حكى أب**و عم**ر المطرز في كتاب اليواقيت أن*ه ق*رئ "وك**البهم باس**ط ذراعي*ه بالوص*يد". فيحتم**ل أن يري**د بالك**الب ه**ذا الرج**ل على م**ا روي؛ إذ بس**ط ال**ذراعين واللصوق باألرض مع رفع الوجه للتطلع هي هيئة الريبة المستخفي بنفسه.

Page 215: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ويحتمل أن يريد بالكالب الكلب. وقرأ جعف**ر بن محم**د الص**ادق "ك**البهم"يعني صاحب الكلب.

@قوله تعالى: "باسط ذراعيه" أعمل اس**م الفاع**ل وه**و بمع**نى المض**ي؛ ألنها حكاي**ة ح**ال ولم يفص**د اإلخب**ار عن فع**ل الكلب. وال**ذرع من ط**رف المرفق إلى طرف األصبع الوسطى. ثم قيل: بسط ذراعيه لط**ول الم**دة. وقي**ل: ن**ام الكلب، وك**ان ذل**ك من اآلي**ات. وقي**ل: ن**ام مفت**وح العين. "بالوصيد" الوصيد: القن**اء؛ قال**ه ابن عب**اس ومجاه**د وابن جب**ير، أي فن**اءالكهف، والجمع وصائد ووصد. وقيل الباب. وقال ابن عباس أيضا. وأنشد:

بأرض فضاء ال يسد وصيدها علي ومعروفي بها غير منكر وقد تقدم. وق**ال عط**اء: عتب**ة الب**اب، والب**اب الموص**د ه**و المغل**ق. وق**د أوصدت الباب وآصدته أي أغلقته. والوصيد: النبات المتقارب األصول، فه**و

مشترك، والله اعلم. @قوله تعالى: "ل**و اطلعت عليهم" ق**رأ الجمه**ور بكس**ر ال**واو. واألعمش ويحيى بن وثاب بضمها. "لوليت منهم فرارا" أي لو أشرفت عليهم له**ربت منهم. "ولملئت منهم رعبا" أي لما حفهم الله تع**الى من ال**رعب واكتنفهم من الهيب**ة. وقي**ل: لوحش**ة مك**انهم؛ وك**أنهم آواهم الل**ه إلى ه**ذا المك**ان الوحش في الظاهر لينقر الناس عنهم. وقيل: كان الن**اس محج**وبين عنهم بالرعب، ال يجسر أحد منهم على ال**دنو إليهم. وقي**ل: الف**رار منهم لط**ول شعورهم وأظفارهم؛ وذكره المهدوي والنحاس والزجاج والقش**يري. وه**ذا بعيد؛ ألنهم لما استيقظوا قال بعضهم لبعض: لبثنا يوم**ا أو بعض ي**وم. ودل هذا على أن شعورهم وأظفارهم كانت بحالها؛ إال أن يقال: إنما ق**الوا ذل**ك قبل أن ينظروا إلى أظف**ارهم وش**عورهم. ق**ال ابن عطي**ة: والص**حيح في أمرهم أن الله ع**ز وج**ل حف**ظ لهم الحال**ة ال**تي ن**اموا عليه**ا لتك**ون لهم ولغيرهم فيهم آية، فلم يبل لهم ثوب ولم تغير صفة، ولم ينكر الناهض إلى المدينة إال معالم األرض والبناء، ولو كانت في نفس**ه حال**ة ينكره**ا لك**انت عليه أهم. وقرأ نافع وابن كث**ير وابن عب**اس وأه**ل مك**ة والمدين**ة "لملئت منهم" بتش***ديد الالم على تض***عيف المبالغ***ة؛ أي ملئت ثم ملئت. وق***رأ الباقون "لملئت" بالتخفيف، والتخفيف أشهر في اللغ**ة. وق**د ج**اء التثقي**ل

ل السعدي: في قول المخب وإذ فتك النعم**ان بالن**اس محرم**ا فملىء من كعب بن ع**وف

سالسله وقرأ الجمهور "رعبا" بإسكان العين. وقرأ بضمها أبو جعفر. قال أبو ح**اتم:

هما لغتان. و"فرارا" نصب على الحال و"رعبا" مفعول ثان أو تمييز. }وكذلك بعثن**اهم ليتس**اءلوا بينهم ق**ال قائ**ل منهم كم لبثتم19*اآلية: 3*

ق**الوا لبثن**ا يوم**ا أو بعض ي**وم ق**الوا ربكم أعلم بم**ا لبثتم ف**ابعثوا أح**دكم ب**ورقكم ه**ذه إلى المدين**ة فلينظ**ر أيه**ا أزكى طعام**ا فلي**أتكم ب**رزق من**ه

وليتلطف وال يشعرن بكم أحدا{ @قول**ه تع**الى: "وك**ذلك بعثن**اهم ليتس**اءلوا بينهم" البعث: التحري**ك عن سكون. والمعنى: كما ضربنا على آذانهم وزدناهم ه**دى وقلبن**اهم بعثن**اهم أيضا؛ أي أيقظناهم من نومهم على ما ك**انوا عليهم من ه**يئتهم في ثي**ابهم

وأحوالهم. قال الشاعر: وفتيان صدق قد بعثت بسحرة فقاموا جميعا بين عاث ونشوان

Page 216: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

أي أيقظت والالم في قول**ه "ليتس**اءلوا" الم الص**يرورة وهي الم العاقب**ة؛ [ فبعثهم لم س**كن ألج**ل8كقول**ه "ليك**ون لهم ع**دوا وحزن**ا" ]القص**ص:

تساؤلهم. "قالوا لبثنا يوما أو بعض ي**وم ق**الوا ربكم أعلم بم*ا لبثتم" وذل*ك أنهم دخل**وه غ**دوة وبعثهم الل*ه في آخ*ر النه*ار؛ فق*ال رئيس*هم يمليخ**ا أو

مكسلمينا: الله اعلم بالمدة. @قوله تعالى: "فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة" ق**ال ابن عب**اس: كانت ورقهم كأخفاف الربع؛ ذكره النحاس. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكس**ائي وحفص عن عاص**م "ب**ورقكم" بكس**ر ال**راء. وق**رأ أب**و عم**رو وحم**زة وأب**و بك**ر عن عاص**م "ب**ورقكم" بس**كون ال**راء، ح**ذفوا الكس**رة لثقلها، وهما لغتان. وق*رأ الزج*اج "ب*ورقكم" بكس*ر ال*واو وس**كون ال*راء. ويروى أنهم انتبهوا جياعا، وأن المبعوث هو يمليخا، كان أصغرهم؛ فيما ذكر الغزن**وي. والمدين**ة: أفس**وس ويق**ال هي طرس**وس، وك**ان اس**مها في الجاهلية أفسوس؛ فلما جاء اإلسالم سموها طرسوس. وق**ال ابن عب**اس:

كان معهم دراهم عليها صورة الملك الذي كان في زمانهم. @قوله تعالى: "فلينظر أيها أزكى طعاما" قال ابن عباس: أحل ذبيحة؛ ألن أه**ل بل**دهم ك**انوا ي**ذبحون على اس**م الص**نم، وك**ان فيهم ق**وم يخف**ون إيمانهم. ابن عباس: كان ع**امتهم مجوس**ا. وقي**ل "أزكى طعام**ا" أي أك**ثر بركة. قيل: إنهم أم*روه أن يش*تري م*ا يظن أن*ه طع*ام اث*نين أو ثالث*ة لئال يطلع عليهم، ثم إذا طبخ كفى جماعة؛ ولهذا قيل ذلك الطعام األرز. وقيل:

كان زبيبا. وقيل تمرا؛ فالله اعلم. وقيل: "أزكى" أطيب. وقيل أرخص. @قوله تعالى: "فليأتكم برزق منه" أي بق**وت. "وليتلط**ف" أي في دخ**ول المدينة وشراء الطع**ام. "وال يش**عرن بكم أح**دا" أي ال يخ**برن. وقي**ل: إن

ظهر عليه فال يوقعن إخوانه فيما وقع فيه. @ في هذه البعثة بالورق دليل على الوكال**ة وص**حتها. وق**د وك**ل علي بن أبي ط**الب أخ**اه عقيال عن**د عثم**ان رض**ي الل**ه عن**ه؛ وال خالف فيه**ا في الجملة. والوكالة معروفه في الجاهلية واإلس**الم؛ أال ت**رى إلى عب**دالرحمن بن ع*وف كي*ف وك*ل أمي**ة بن خل**ف بأهل*ه وحاش**يته بمك**ة؛ أي يحفظهم، وأمية مشرك، والتزم عبدالرحمن ألمي**ة من حف**ظ حاش**يته بالمدين**ة مث**ل ذلك مجازاة لصنعه. روى البخاري عن عب**دالرحمن بن ع**وف ق**ال: ك**اتبت أمية بن خلف كتابا بأن يحفظني في ص**اغيتي بمك**ة وأحفظ**ه في ص**اغيته بالمدينة؛ فلما ذكرت الرحمن؛ قال: ال أعرف الرحمن كاتبني باسمك ال**ذي كان في الجاهلي**ة، فكاتبت**ه عب*د عم*رو... وذك*ر الح**ديث. ق*ال األص*معي: ص**اغية الرج**ل ال**ذين يميل**ون إلي**ه ويأتون**ه؛ وه**و م**أخوذ من ص**غا يص**غو ويصغى إذا مال، وكل مائل إلى الشيء أو معه فقد صغا إليه وأص**غى؛ من

كتاب األفعال. @ الوكالة عقد نيابة، أذن الله سبحانه فيه للحاجة إليه وقيام المصلحة في ذلك، إذ ليس كل أحد يقدر على تناول أموره إال بمعونة من غيره أو يترف**ه

فيستنيب من يريحه. وقد استدل علماؤنا على صحتها بآيات من الكتاب، منها هذه اآلية، وقوله

[ وقول**ه "اذهب**وا بقميص**ي في آخ**ر60تعالى: "والعاملين عليها" ]التوب**ة: األنعام. روى جبر بن عبدالله ق**ال أردت الخ**روج إلى خي**بر ف**أتيت رس**ول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إني أردت الخ**روج إلى خي**بر؛ فق**ال:

Page 217: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

)إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوت**ه( خرج**ه أب**و داود. واألح**اديث كث**يرة في ه**ذه المع**نى، وفي

إجماع األمة على جوازها كفاية. @ الوكالة جائزة في كل حق تجوز النيابة فيه، فلو وكل الغاص**ب لم يج**ز،

وكان هو الوكيل؛ ألن كل محرم فعله ال تجوز النيابة فيه. @ في هذه اآلية نكتة بديعة، وهي أن الوكالة إنما كانت مع التقية خوف أن يشعر بعم أحد لما كانوا عليه من الخوف على أنفسهم. وجواز توكي**ل ذوي العذر متفق عليه؛ فأما من ال ع**ذر ل**ه ف**الجمهور على جوازه**ا. وق**ال أب**و حنيفة وسحنون: ال تجوز. قال ابن العربي: وك**أن س**حنون تلقف**ه من أس**د بن الف**رات فحكم ب**ه أي**ام قض**ائه، ولعل**ه ك**ان يفع**ل ذل**ك بأه**ل الظلم والج*بروت؛ إنص**افا منهم وإذالال لهم، وه*و الح*ق؛ ف*إن الوكال*ة معون*ة وال

تكون ألهل الباطل. قلت: هذا حسن؛ فأما أهل الدين والفضل فلهم أن يوكلوا وإن ك**انوا

حاضرين أص**حاء. وال**دليل على ص**حة ج**واز الوكال**ة للش**اهد الص**حيح م**ا خرجه الص**حيحان وغيرهم**ا عن أبي هري**رة ق**ال: ك**ان لرج**ل على الن**بي صلى الله عليه وسلم سن من اإلبل فجاء يتقاضاه فقال: )أعطوه( فطلبوا له سنة فلم يجدوا إال سنا فوقها؛ فقال: )أعطوه( فقال: أوفيتني أوفى الله لك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: )إن خ**يركم أحس**نكم قض**اء(. لف**ظ البخاري. فدل هذا الحديث مع ص**حته على ج**واز توكي**ل الحاض**ر الص**حيح البدن؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يعط**وا عن**ه الس**ن التي كانت عليه؛ وذلك توكيد منه لهم على ذلك، ولم يكن النبي صلى الل**ه عليه وسلم مريضا وال مس**افرا. وه**ذا ي**رد ق**ول أبي حنيف**ة وس**حنون في قولهما: أنه ال يجوز توكيل الحاضر الص**حيح الب**دن إال برض**ا خص**مه؛ وه**ذا

الحديث خالف قولهما. @ قال ابن خويز منداد: تضمنت هذه اآلية ج**واز الش**ركة ألن ال**ورق ك**ان لجميعهم وتضمنت جواز الوكالة ألنهم بعثوا من وكل**وه بالش**راء. وتض**منت جواز أكل الرفقاء وخلطهم طع**امهم مع**ا، وإن ك**ان بعض**هم أك**ثر أكال من

[220اآلخ**ر؛ ومثل**ه قول**ه تع**الى: "وإن تخ**الطوهم ف**إخوانكم" ]البق**رة: حسبما تقدم بيانه في "البقرة". ولهذا قال أص**حابنا في المس**كين يتص**دق عليه فيخلطه بطع**ام لغ**ني ثم يأك**ل مع**ه: إن ذل**ك ج**ائز. وق**د ق**الوا في المضارب يخلط طعامه بطعام غيره ثم يأكل معه: إن ذلك جائز. وقد ك**ان رسول الله صلى الله عليه وس**لم وك**ل من اش**ترى ل**ه أض**حية. ق**ال ابن العربي: ليس في اآلية دلي**ل على ذل**ك؛ ألن**ه يحتم**ل أن يك**ون ك**ل واح**د منهم قد أعطاه منفردا فال يكون فيه اشتراك. وال معول في هذه المس**ألة إال على حديثين: أحدهما: أن ابن عمر م**ر بق**وم ي**أكلون تم**را فق**ال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن االقتران إال أن يستأذن الرجل أخ**اه. الثاني: حديث أبي عبيدة في جيش الخب**ط. وه**ذا دون األول في الظه**ور؛ ألنه يحتمل أن يكون أبو عبيدة يعطيهم كفافا من ذل**ك الق**وت وال يجمعهم

عليه. قلت: ومم**ا ي**دل على خالف ه**ذا من الكت**اب قول**ه تع**الى: "وإن

[ وقوله "ليس عليكم جن**اح أن ت**أكلوا220تخالطوهم فإخوانكن" ]البقرة: [ على ما يأتي إن شاء الله تعالى. 61جميعا أو أشتاتا" ]النور:

Page 218: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

}إنهم إن يظه**روا عليكم يرجم**وكم أو يعي**دوكم في ملتهم20*اآلي**ة: 3*ولن تفلحوا إذا أبدا{

@ قال الزجاج: معناه بالحجارة، وهو أخبث القتل. وقيل: يرم**وكم بالس**ب والشتم؛ واألول أصح، ألنه كان عازما على قتلهم كم**ا تق**دم في قصص**هم. والرجم فيما سلف هي كانت على ما ذكر قبله ]عقوبة[ مخالفة دين الناس

إذ هي أشفى لجملة أهل ذلك الدين من حيث إنهم يشتركون فيها. }وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله ح**ق وأن الس**اعة21*اآلية: 3*

ال ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أم**رهم فق**الوا ابن**وا عليهم بنيان**ا ربهم أعلمبهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا{

@قول**ه تع**الى: "وك**ذلك أعثرن**ا عليهم" أي أطلعن**ا عليهم وأظهرن**اهم. و"أعثر" تعدية عثر بالهمزة، وأصل العثار في القدم. "ليعلموا أن وعد الل**ه حق وأن الساعة ال ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم" "يتن**ازعون" يع**ني األمة المسلمة الذين بعث أه**ل الكه**ف على عه*دهم. وذل*ك أن دقي**انوس مات ومضت قرون وملك أهل تلك الدار رج**ل ص**الح، ف**اختلف أه**ل بل**ده في الحش***ر وبعث األجس***اد من القب***ور، فش***ك في ذل***ك بعض الن***اس واستبعدوه وقالوا: إنما تحشر األرواح والجسد تأكله األرض. وقال بعض**هم: تبعث الروح والجسد جميعا؛ فكبر ذل**ك على المل**ك وبقي ح**يران ال ي**دري كيف يتبين أمره لهم، ح**تى لبس المس**وح وقع**د على الرم**اد وتض**رع إلى الله تعالى في حجة وبيان، فأعثر الله على أه**ل الكه*ف؛ فيق**ال: إنهم لم**ا بعث**وا أح**دهم ب**ورقهم إلى المدين**ة لي**أتيهم ب**رزق منه**ا اس**تنكر شخص**ه واستنكرت دراهمه لبعد العهد، فحمل إلى الملك وكان ص**الحا ق*د آمن من معه، فلما نظ**ر إلي**ه ق**ال: لع**ل ه**ذا من الفتي**ة ال**ذين خرج**وا على عه**د دقيانوس الملك، فقد كنت أدع**و الل**ه أن يري**نيهم، وس**أل الف**تى ف**أخبره؛ فسر الملك بذلك وقال: لع**ل الل**ه ق**د بعث لكن آي**ة، فلنس**ر إلى الكه**ف معه، فركب مع أهل المدينة إليهم، فلما دنوا إلى الكه**ف ق**ال تمليح**ا: أن**ا أدخل عليهم لئال يرعبوا فدخل عليهم فأعلمهم األمر وأن األمة أمة إس**الم، فروي أنهم سروا بذلك وخرجوا إلى المل**ك وعظم**وه وعظمهم ثم رجع**وا إلى كهفهم. وأكثر الروايات على انهم ماتوا حين حدثهم تمليخا ميتة الحق، على ما يأتي. ورجع من كان شك في بعث األجساد إلى اليقين. فهذا معنى "أعثرنا عليهم". "ليعلم**وا أن وع**د الل**ه ح**ق" أي ليعلم المل**ك ورعيت**ه أن القيامة حق والبعث حق "إذ يتنازعون بينهم أمرهم". وإنم**ا اس**تدلوا ب**ذلك الواحد على خبرهم وهابوا الدخول عليهم فقال المل**ك: ابن**وا عليهم بنيان**ا؛ فقال الذين. هم على دين الفتية: اتخ**ذوا عليهم مس**جدا. وروي أن طائف**ة كافرة ق**الت: نب**ني بيع**ة أو مض**يفا، فم**انعهم المس**لمون وق**الوا لنتخ**ذن عليهم مس***جدا. وروي أن بعض الق***وم ذهب إلى طمس الكه***ف عليهم وتركهم فيه مغيبين. وروي عن عبدالله بن عمر أن الل**ه تع**الى أعمى على الناس حينئذ أثرهم وحجبهم عنهم، فذلك دعا إلى بناء البنيان ليكون معلم**ا لهم. وقيل: إن الملك أراد أن يدفنهم في صندوق من ذهب فأت**اه آت منهم في المنام فقال: أردت أن تجعلنا في صندوق من ذهب فال تفعل؛ فإن**ا من

التراب خلقنا وإليه نعود، فدعنا. وتنشأ هنا مسائل ممنوعة وجائزة؛ فاتخاذ المساجد على القبور والصالة

فيها والبناء عليها، إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه ممنوع ال

Page 219: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

يجوز؛ لما روى أبو داود والترم**ذي عن ابن عب**اس ق**ال: لعن رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم زوارات القبور والمتخذين عليها المس**اجد والس**رج. قال الترمذي: وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة حديث ابن عباس ح*ديث حسن. وروى الصحيحان عن عائشة أن أم حبيبة وأم س**لمة ذكرت**ا كنيس**ة رأينها بالحبشة فيها تص**اوير لرس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم، فق**ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إن أولئك إذا كان فيهم الرج**ل الص**الح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئ**ك ش**رار الخل**ق عند الله تعالى يوم القيامة(. لفظ مسلم. ق**ال علماؤن**ا: وه**ذا يح**رم على المسلمين أن يتخذوا قبور األنبياء والعلم**اء مس**اجد. وروى األئم**ة عن أبي مرثد الغنوي قال سمعت رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم يق**ول: )ال تص**لوا إلى القب**ور وال تجلس**وا عليه**ا( لف**ظ مس**لم. أي ال تتخ**ذوها قبل**ة فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى، فيؤدي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة األصنام. فحذر النبي صلى الله عليه وس**لم عن مثل ذلك، وسد الذرائع المؤدي**ة إلى ذل**ك فق**ال: )اش**تد غض**ب الل**ه على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد(. وروى الصحيحان عن عائشة وعبدالله بن عباس قاال: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طف**ق يطرح خميصة له على وجهه ف**إذا اغتم به**ا كش**فها عن وجه**ه فق**ال وه**و كذلك: )لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد( يح**ذر ما صنعوا. وروى مسلم عن جابر ق**ال: نهي رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد علي**ه وأن يب**نى علي**ه. وخرج**ه أب**و داود والترمذي أيضا عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى أن تجص**ص القب**ور وأن يكتب عليه**ا وأن يب**نى عليه**ا وأن توط**أ. ق**ال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وروى الصحيح عن أبي الهي**اج األس**دي قال قال لي علي بن أبي طالب: أال أبعثك على ما بعثني عليه رسول الل**ه صلى الله عليه وسلم: أال تدع تمثاال إال طمسته وال قبرا مش**رفا إال س**ويته

- في رواية - وال صورة إال طمستها. وأخرجه أبو داود والترمذي. قال علماؤنا: ظاهره منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون الطئة. وقد قال

به بعض أهل العلم. وذهب الجمهور إلى أن هذا االرتفاع المأمور بإزالته هو ما زاد على التسنيم، ويبقى للقبر ما يع*رف ب*ه ويح*ترم، وذل*ك ص*فة ق*بر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهم**ا - على م**ا ذكر مالك في الموطأ - وقبر أبينا آدم صلى الله عليه وسلم، على م**ا رواه الدارقطني من حديث ابن عب**اس. وأم**ا ثعلب**ة البن**اء الكث**ير على نح**و م**ا كانت الجاهلية تفعله تفخيما وتعظيما فذلك يهدم ويزال؛ فإن فيه استعمال زينة الدنيا في أول منازل اآلخرة، وتشبها بمن كان يعظم القب**ور ويعب**دها. وباعتبار هذه المعاني وظاهر النهي أن ينبغي أن يقال: هو حرام. والتس**نيم في القبر: ارتفاعه قدر شبر؛ مأخوذ من سنام البع**ير. وي**رش علي**ه بالم**اء لئال ينتثر بالريح. وقال الشافعي ال بأس أن يطين القبر. وقال أبو حنيف**ة: ال يجصص القبر وال يطين وال يرفع عليه بناء فيسقط. وال بأس بوضع األحجار لتكون عالمة؛ لما رواه أبو بكر األثرم قال: حدثنا مسدد حدثنا نوح بن دراج عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد قال: كانت فاطمة بنت رسول الل**ه صلى الله عليه وسلم تزور قبر حمزة بن عب**دالمطلب ك*ل جمع*ة وعلمت**ه

بصخرة؛ ذكره أبو عمر.

Page 220: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وأما الجائزة: فالدفن في التابوت؛ وهو ج**ائز ال س**يما في األرض الرخ**وة. روي أن دانيال صلوات الل**ه علي**ه ك**ان في ت**ابوت من حج**ر، وأن يوس**ف عليه السالم أوصى بأن يتخذ له تابوت من زجاج ويلقى في ركية مخافة أن يعبد، وبقي ك**ذلك إلى زم**ان موس**ى ص**لوات الل**ه عليهم أجمعين؛ فدلت**ه عليه عجوز فرفعه ووضعه في حظيرة إسحاق عليه السالم. وفي الص**حيح عن سعد ابن أبي وقاص أنه ق**ال في مرض**ه ال**ذي هل**ك في**ه: اتخ**ذوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا؛ كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم. اللح**د: ه*و أن يش**ق في األرض ثم يحف*ر ق*بر آخ*ر في ج*انب الش*ق من جانب القبلة إن كانت األرض صلبة ي**دخل في**ه الميت ويس**د علي**ه ب**اللبن. وهو أفضل عندنا من الشق؛ ألنه الذي اختاره الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم. وبه قال أبو حنيفة قال: السنة اللحد. وقال الشافعي: الش**ق. ويكره اآلجر في اللحد. وقال الش**افعي: ال ب**أس ب**ه ألن**ه ن**وع من الحج**ر. وكرهه أبو حنيفة وأصحابه؛ ألن اآلجر إلحكام البناء، والقبر وم**ا في**ه للبلى، فال يليق به اإلحكام. وعلى هذا يسوي بين الحجر واآلج**ر. وقي**ل: إن اآلج**ر أثر النار فيكره تفاؤال؛ فعلى هذا يفرق بين الحجر واآلجر. قالوا: ويس**تحب اللبن والقصب لما روي أنه وضع على ق**بر الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم حزم**ة من قص**ب. وحكي عن الش**يخ اإلم**ام أب**و بك**ر محم**د بن الفض**ل الحنفي رحمه الله أنه جوز اتخاذ التابوت في بالدهم لرخاوة األرض. وقال: لو اتخذ ت*ابوت من حدي*د فال ب*أس ب*ه، لكن ينبغي أن يف*رش في*ه ال*تراب وتطين الطبق**ة العلي**ا مم**ا يلي الميت، ويجع**ل اللبن الخفي**ف على يمين

الميت ويساره ليصير بمنزلة اللحد. قلت: ومن هذا المعنى جعل القطيفة في قبر النبي صلى الل**ه علي**ه

وسلم؛ فإن المدينة سبخة، قال شقران: أن**ا والل**ه ط**رحت القطيف**ة تحت رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم في الق**بر. ق**ال أب**و عيس**ى الترم**ذي:

حديث شقران حديث حسن غريب. }س**يقولون ثالث*ة رابعهم كلبهم ويقول*ون خمس*ة سادس*هم22*اآلي*ة: 3*

كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم م**ايعلمهم إال قليل فال تمار فيهم إال مراء ظاهرا وال تستفت فيهم منهم أحدا{ @قوله تع**الى: "س**يقولون ثالث**ة رابعهم كلبهم" الض**مير في "س**يقولون" يراد به أهل التوراة ومعاصري محمد ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم. وذل**ك أنهم اختلفوا في عدد أهل الكه**ف ه**ذا االختالف المنص**وص. وقي**ل: الم**راد ب**ه النصارى؛ فإن قوما منهم حضروا النبي صلى الله علي**ه وس**لم من نج**ران فجرى ذك*ر أص*حاب الكه*ف فق*الت اليعقوبي*ة: ك*انوا ثالث*ة رابعهم كلبهم. وقالت النسطورية: كانوا خمسة سادسهم كلبهم. وقال المس**لمون: ك**انوا سبعة ثامنهم كلبهم. وقيل: ه*و إخب*ار عن اليه*ود ال*ذين أم*روا المش*ركين بمسألة النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الكه**ف. وال**واو في ق**ول "وثامنهم كلبهم" طريق النحو بين أنها واو عطف دخلت في آخر إخب**ار عن عددهم؛ لتفصل أمرهم، وتدل على أن هذا غاية ما قيل، ولو سقطت لص**ح الكالم. وقالت فرقة منها ابن خالويه: هي واو الثماني**ة. وحكى الثعل**بي عن أبي بكر بن عياش أن قريشا كانت تقول في ع**ددها س**تة س**بعة وثماني**ة؛ فتدخل الواو في الثمانية. وحكى نحوه القفال، فقال: إن قوما ق**الوا الع*دد ينتهي عند العرب إلى سبعة، فإذا اح**تيج إلى الزي**ادة عليه**ا اس**تؤنف خ**بر

Page 221: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

آخ**ر بإدخ**ال ال**واو، كقول**ه "الت**ائبون العاب**دون - ثم ق**ال - والن**اهون عن [. ي**دل علي**ه أن**ه لم**ا ذك**ر أب**واب جهنم112المنكر والحافظون" ]التوبة:

[ بال واو، ولما ذكر الجن**ة ق**ال:71"حتى إذا جاؤوه فتحت أبوابها" ]الزمر: [ ب***الواو. وق***ال "خ***ير منكن مس***لمات"73"وفتحت أبوابه***ا" ]الزم***ر:

[ فالسبعة نهاي**ة الع**دد عن**دهم5[ ثم قال "وأبكارا" ]التحريم: 5]التحريم: كالعشرة اآلن عندنا. قال القشيري أبو نصر: ومثل ه**ذا الكالم تحكم، ومن أين السبعة نهاية عندهم ثم هو منقوض بقوله تعالى: "هو الله ال**ذي ال إل**ه إال هو المل**ك الق**دوس الس**الم الم**ؤمن المهيمن العزي**ز الجب**ار المتك**بر"

[ ولم يذكر االسم الثامن بالواو. وقال ق**وم ممن ص**ار إلى أن23]الحشر: عددهم سبعة: إنما ذكر الواو في قوله "سبعة وثامنهم" لينب**ه على أن ه**ذا العدد هو الحق، وأنه مباين لألعداد األخر التي قال فيها أهل الكتاب؛ وله**ذا قال تعالى في الجملتين المتقدمتين "رجما بالغيب" ولم يذكره في الجملة الثالثة ولم يقدح فيها بشيء؛ فكأن**ه ق**ال لنبي**ه هم س**بعة وث**امنهم كلبهم. والرجم: القول بالظن؛ يقال لكل ما يخ**رص: رجم في**ه ومرج**وم وم**رجم؛

كما قال: وما الحرب إال ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجم

قلت: قد ذكر الماوردي والغزنوي: وقال ابن جريج ومحمد بن إسحاق كانوا ثمانية، وجعال قوله تع**الى "وث**امنهم كلبهم" أي ص**احب كلبهم. وه**ذا مما يقوي طريق النحويين في الواو، وأنها كم**ا ق**الوا. وق**ال القش**ري: لم يذكر ال**واو في قول**ه: رابعهم سادس**هم، ول**و ك**ان ب**العكس لك**ان ج**ائزا، فطلب الحكمة والعل**ة في مث**ل ه**ذه ال**واو تكل**ف بعي**د، وه**و كقول**ه في

[. وفي4موضع آخر "وما أهلكنا من قرية إال ولها كت**اب معل**وم" ]الحج**ر: [. 208موضع آخر: "إال لها منذرون. ذكرى" ]الشعراء:

@قوله تعالى: "قل ربي أعلم بعدتهم" أمر الل**ه تع**الى نبي**ه علي**ه الس**الم في هذه اآلية أن يرد علم عدتهم إليه عز وجل. ثم أخبر أن ع**الم ذل**ك من البشر قليل. والمراد به قوم من أهل الكت**اب؛ في ق**ول عط**اء. وك**ان ابن عب**اس يق**ول: أن**ا من ذل**ك القلي**ل، ك**انوا س**بعة وث**امنهم كلبهم، ثم ذك**ر السبعة بأسمائهم، والكلب اس**مه قطم**ير كلب أنم**ر، ف**وق القلطي ودون الكردي. وقال محمد بن سعيد بن المسيب: هو كلب صيني. والص**حيح أن**ه زبيري. وقال: ما بقي بنيسابور محدث إال كتب عني هذا الحديث إال من لم

يقدر له. قال: وكتبه أبو عمرو الحيري عني. @قوله تعالى: "فال تمار فيهم إال م**راء ظ**اهرا" أي ال تج**ادل في أص**حاب الكهف إال بما أوحيناه إلي**ك؛ وه**و رد علم ع**دتهم إلى الل**ه تع**الى. وقي**ل: معنى المراء الظاهر أن تقول: ليس كما تقولون، ونحو ه**ذا، وال تحتج على أمر مقدر في ذلك. وفي هذا دليل على أن الله تعالى لم يبين ألحد عددهم

فلهذا قال "إال مراء ظاهرا" أي ذاهبا؛ كما قال: وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

ولم يبح له في هذه اآلي**ة أن يم**اري؛ ولكن قول**ه "إال م**راء" اس**تعارة من حيث يماريه أهل الكتاب. س**ميت مراجعت**ه لهم م**راء ثم قي**د بأن**ه ظ**اهر؛ ففارق المراء الحقيقي المذموم. والضمير في قوله "قيهم" عائد على أهل الكهف. وقوله: "فال تم**ار فيهم" يع**ني في ع**دتهم؛ وج**ذفت الع**دة لدالل**ة ظاهر القول عليها. "وال تس**تفت فيهم منهم أح**دا" روي أن**ه علي**ه الس**الم

Page 222: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

سأل نصارى نج**ران عنهم فنهي عن الس**ؤال. والض**مير في قول**ه "منهم" عائد على أهل الكتاب المعارضين. وفي هذا دليل على منع المس**لمين من

مراجعة أهل الكتاب في شيء من العلم.-** 23*اآليتان: 3* }وال تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا، إال أن يش**اء24

الل**ه واذك**ر رب**ك إذا نس**يت وق**ل عس**ى أن يه**دين ربي ألق**رب من ه**ذارشدا{

@ قال العلماء عاتب الله تعالى نبيه عليه الس**الم على قول**ه للكف**ار حين سألوه عن الروح والفتية وذي القرنين: غدا أخبركم بج**واب أس**ئلتكم؛ ولم يستثن في ذلك. فاحتبس الوحي عنه خمس**ة عش**ر يوم**ا ح**تى ش**ق ذل**ك عليه وأرجف الكفار به، فنزلت عليه هذه الس*ورة مفرج*ة. وأم*ر في ه*ذه اآلية أال يقول في أمر من األمور إني أفعل غدا كذا وكذا، إال أن يعلق ذل**ك بمشيئة الله ع**ز وج**ل ح**تى ال يك**ون محقق**ا لحكم الخ**بر؛ فإن**ه إذا ق**ال: ألفعلن ذلك ولم يفعل كان كاذبا، وإذا قال ألفعلن ذلك إن ش**اء الل**ه خ**رج عن أن بكون محققا للمخبر عنه. والالم في قوله "لش**يء" بمنزل**ة في، أو

كأنه قال ألجل شيء. @قوله تعالى: "إال أن يشاء الله" ق**ال ابن عطي**ة: وتكلم الن**اس في ه**ذه اآلية في االستثناء في اليمين، واآلية ليست في األيمان وإنما هي في س**نة االس**تثناء في غ**ير اليمين. وقول**ه: "إال أن يش**اء الل**ه" في الكالم ح**ذف يقتضيه الظاهر ويحسنه اإليجاز؛ تقديره: إال أن تق**ول إال أن يش**اء الل**ه؛ أو إال أن تقول إن شاء الله. فالمعنى: إال أن يذكر مشيئة الل**ه؛ فليس "إال أن

يشاء الله" من القول الذي نهي عنه. قلت: م**ا اخت**اره ابن عطي**ة وارتض**اه ه**و ق**ول الكس**ائي والف**راء

واألخفش. وقال البصريون: المعنى إال بمشيئة الله. فإذا ق**ال اإلنس**ان أن**ا أفعل هذا إن شاء الله فمعناه بمشيئة الله. قال ابن عطي**ة: وق**الت فرق**ة "إال أن يشاء الله" استثناء من قوله "وال تق**ولن". ق**ال: وه**ذا ق**ول حك**اه الطبري ورد عليه، وهو من الفساد بحيث كان الواجب أال يحكى. وقد تقدم

القول في االستثناء في اليمين وحكمه في "المائدة". @قوله تعالى: "واذكر رب**ك إذا نس**يت" وفي**ه مس**ألة واح**دة، وهي األم**ر بالذكر بعد النسيان - واختلف في الذكر المأمور به؛ فقيل: هو قوله "وق**ل عسى أن يهديني ربي ألقرب من هذا رشدا" قال محمد الك**وفي المفس**ر: إنها بألفاظها مما أمر أن يقوله**ا ك*ل من لم يس**تثن، وإنه*ا كف**ارة لنس**يان االستثناء. وقال الجمهور: هو دعاء مأمور به دون هذا التخصيص. وقيل: هو

[ ال**ذي ك**ان نس**يه عن**د يمين**ه. حكي102قوله "إن شاء الله" ]الصافات: عن ابن عباس أنه إن نس*ي االس*تثناء ثم ذك*ر ول*و بع*د س*نة لم يحنث إن كان حالفا. وه**و ق**ول مجاه**د. وحكى إس**ماعيل بن إس**حاق ذل**ك عن أبي العالية في قوله تعالى: "واذكر رب**ك إذا نس**يت" ق**ال: يس**تثني إذا ذك**ره. الحسن: ما دام في مجلس الذكر. ابن عباس: سنتين؛ ذكره الغزنوي قال: فيحم**ل على ت**دارك الت**برك باالس**تثناء للتخلص عن اإلثم. فأم**ا االس**تثناء المفيد حكما فال يصح إال متصال. الس**دي: أي ك**ل ص**الة نس**يها إذا ذكره**ا. وقيل: استثن باسمه لئال تنسى. وقي**ل: اذك**ره م**تى م**ا نس**يته. وقي**ل: إذا نس**يت ش**يئا ف**اذكره يذكرك**ه. وقي**ل: اذك**ره إذا نس**يت غ**يره أو نس**يت نفسك؛ فذلك حقيقة ال**ذكر. وه**ذه اآلي**ة مخاطب**ة للن**بي ص**لى الل**ه علي**ه

Page 223: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وس**لم، وهي اس**تفتاح كالم على األص**ح، ولس**ت من االس**تثناء في المين بشيء، وهي بعد تعم جميع أمته؛ ألنه حكم يتردد في الناس لكثرة وقوع**ه.

والله الموفق. }ولبثوا في كهفهم ثالث مائة سنين وازدادوا تسعا{25*اآلية: 3*

@ هذا خبر من الله تعالى عن مدة لبثهم. وفي قراءة ابن مسعود "وق**الوا لبثوا". قال الطبري: إن بني إسرائيل اختلف**وا فيم**ا مض**ى لهم من الم**دة بعد اإلعثار عليهم إلى مدة النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم، فق**ال بعض**هم: إنهم لبثوا ثالثمائة سنة وتسع سنين، فأخبر الله تعالى نبي**ه أن ه**ذه الم**دة في كونهم نياما، وأن ما بعد ذلك مجهول للبشر. فأمر الل**ه تع**الى أن ي**رد علم ذلك إليه. قال ابن عطية: فقوله على هذا "لبثوا" األول يري**د في ن**وم الكهف، و"لبثوا" الثاني يريد بعد اإلعث**ار إلى م**دة محم**د ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم، أو إلى وقت ع**دمهم ب**البالء. مجاه**د: إلى وقت ن**زول الق**رآن. الضحاك: إلى أن ماتوا. وقال بعضهم: إنه لما قال "وازدادوا تسعا" لم ي**در الن**اس أهي س**اعات أم أي**ام أم جم**ع أم ش**هور أم أع**وام. واختل**ف بن**و إسرائيل بحسب ذلك، فأمر الله تعالى برد العلم إليه في التسع، فهي على هذا مبهم**ة. وظ**اهر كالم الع*رب المفه*وم من**ه أنه*ا أع*وام، والظ*اهر من أم**رهم أنهم ق**اموا ودخل**وا الكه**ف بع**د عيس**ى بيس**ير وق**د بقيت من الحواريين بقية. وقيل غير ه*ذا على م*ا ي**أتي. ق**ال القش*يري: ال يفهم من التسع تسع ليال وتسع ساعات لسبق ذكر السنين؛ كما تقول: عن**دي مائ**ة درهم وخمس**ة؛ والمفه**وم من**ه خمس**ة دراهم. وق**ال أب**و علي "وازدادوا تسعا" أي ازدادوا لبث تسع؛ فحذف. وقال الضحاك: لما نزلت "ولبث**وا في كهفهم ثلثمائة" قالوا سنين أم شهور أم جمع أم أيام؛ فأنزل الله عز وج**ل "سنين". وحكى النقاش ما معناه أنهم لبثوا ثالثمائة سنة شمسية بحس**اب األيام؛ فلما كان اإلخبار هنا للنبي العربي ذكرت التس**ع؛ إذ المفه**وم عن**ده من الس**نين القمري**ة، وه**ذه الزي**ادة هي م**ا بين الحس**ابين. ونح**وه ذك**ر الغزنوي. أي باختالف س**ني الش**مس والقم**ر؛ ألن**ه يتف**اوت في ك**ل ثالث وثالثين وثلث س**نة س**نة فيك**ون في ثلثمائ**ة تس**ع س**نين. وق**رأ الجمه**ور "ثلثمائة سنين" بتنوين مائة ونصب سنين، على التقديم والتأخير؛ أي سنين ثالثمائة فقدم الص**فة على الموص**وف، فتك**ون "س**نين" على ه**ذا ب**دال أو عطف بيان. وقيل: على التفسير والتمييز. و"سنين" في موضع سنة. وق*رأ حمزة والكسائي بإضافة مائة إلى سنين، وترك التنوين؛ كأنهم جعلوا سنين بمنزلة سنة إذ المعنى بهما واحد. قال أبو علي: هذه األع**داد ال**تي تض**اف في المشهور إلى اآلحاد نحو ثالثمائة رجل وث**وب ق*د تض**اف إلى الجم**وع. وفي مصحف عبدالله "ثلثمائة سنة". وقرأ الضحاك "ثلثمائة سنون" بالواو. وقرأ أبو عم**رو بخالف "تس**عا" بفتح الت**اء وق**رأ الجمه**ور بكس**رها. وق**ال

الفراء والكسائي وأبو عبيدة: التقدير ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمائة. }قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات واألرض أبصر ب**ه26*اآلية: 3*

وأسمع ما لهم من دونه من ولي وال يشرك في حكمه أحدا{ @قوله تعالى: "قل الله أعلم بما لبثوا" قيل بعد موتهم إلى ن**زول الق**رآن فيهم، على قول مجاهد. أو إلى أن ماتوا؛ على قول الض**حاك. أو إلى وقت تغيرهم بالبلى؛ على ما تقدم. وقيل: بما لبثوا في الكهف، وهي المدة التي ذكرها الله تعالى عن اليهود وإن ذكروا زيادة ونقصانا. أي ال يعلم علم ذلك

Page 224: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

إال الله أو من علمه ذلك "له غيب السماوات واألرض". "أبصر به وأس**مع" أي ما أبصره وأسمعه. قال قتادة: ال أحد أبص**ر من الل**ه وال اس**مع. وه**ذه عب**ارات عن اإلدراك. ويحتم**ل أن يك**ون المع**نى "أبص**ر ب**ه" أي بوحي**ه وإرشاده هداك وحجج**ك والح**ق من األم**ور، واس**مع ب**ه الع**الم؛ فيكون**ان أمرين ال على وجه التعجب. وقيل. المعنى أبصرهم وأسمعهم ما ق**ال الل**ه

فيهم. @قول*ه تع*الى: "م*ا لهم من دون*ه من ولي" أي لم يكن ألص*حاب الكه*ف ولي يت**ولى حفظهم دون الل**ه. ويحتم**ل أن يع**ود الض**مير في "لهم" على معاصري محمد ص*لى الل**ه علي*ه وس*لم من الكف*ار. والمع*نى: م*ا له*ؤالء المختلفين في مدة لبثهم ولي دون الله يتولى تدبير أمرهم؛ فكيف يكونون

اعلم منه، أو كيف يتعلمون من غير إعالمه إياهم. @قوله تعالى: "وال يشرك في حكمه أحدا" قرئ بالياء ورف**ع الك**اف، على معنى الخبر عن الله تع**الى. وق**رأ ابن ع**امر والحس**ن وأب**و رج**اء وقت**ادة والجحدري "وال تشرك" بالتاء من ف**وق وإس**كان الك**اف على جه**ة الن**بي صلى الله عليه وسلم، ويكون قوله "وال يشرك" عطفا على قول**ه: "أبص**ر به واسمع". وقرأ مجاهد "يشرك" بالياء من تحت والجزم. قال يعق**وب: ال

أعرف وجهه. مس**ألة: اختل**ف في أص**حاب الكه**ف ه**ل م**اتوا وفن**وا، أو هم ني**ام

وأجس**ادهم محفوظ**ة؛ ف**روي عن ابن عب**اس أن**ه م**ر بالش**ام في بعض غزواته مع ناس على موضع الكهف وجبله، فمشى الناس معه إليه فوجدوا عظاما فقالوا: هذه عظام أهل الكهف. فقال لهم ابن عب**اس: أولئ**ك ق**وم فنوا وعدموا منذ م**دة طويل**ة؛ فس**معه راهب فق**ال: م**ا كنت أحس**ب أن أحدا من العرب يعرف هذا؛ فقي**ل ل**ه: ه**ذا ابن عم نبين**ا ص**لى الل**ه علي**ه وسلم. وروت فرقة أن النبي صلى الله عليه وس**لم ق**ال: )ليحجن عيس**ى

بن مريم ومعه أصحاب الكهف فإنهم لم يحجوا بعد(. ذكره ابن عطية. قلت: ومكت**وب في الت**وراة واإلنجي**ل أن عيس**ى بن م**ريم عبدالل**ه

ورسوله، وأنه يمر بالروحاء حاجا أو معتمرا أو يجمع الل**ه ل**ه ذل**ك فيجع**ل الله حواريه أصحاب الكهف والرقيم، فيمرون حجاجا ف**إنهم لم يحج**وا ولم يموتوا. وقد ذكرنا هذا الخ**بر بكمال**ه في كت**اب "الت**ذكرة". فعلى ه**ذا هم

نيام ولم يموتوا إلى يوم القيامة، بل يموتون قبيل الساعة. }واتل ما أوحي إلي**ك من كت**اب رب**ك ال مب**دل لكلمات**ه ولن27*اآلية: 3*

تجد من دونه ملتحدا{ @قوله تعالى: "واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك ال مبدل لكلمات**ه" قي**ل: هو من تمام قصة أصحاب الكهف؛ أي اتبع القرآن فال مب**دل لكلم**ات الل**ه وال خلف فيما أخبر به من قصة أصحاب الكهف. وقال الطبري: ال مغير لما أوعد بكلماته أهل معاصيه والمخالفين لكتابه. "ولن تج**د" أنت "من دون**ه" إن لم تتبع القرآن وخالفته. "ملتحدا" أي ملج**أ وقي**ل م**وئال وأص**له المي**ل ومن لجأت إليه فقد ملت إليه. قال القش**يري أب**و نص**ر عب*دالرحيم: وه*ذا آخر قصة أصحاب الكهف. ولما غزا معاوية غزوة المضيق نحو الروم وك**ان معه ابن عباس فانتهى إلى الكهف الذي فيه أصحاب الكهف؛ فقال معاوية: لو كشف لنا عن هؤالء فننظر إليهم؛ فقال ابن عباس: قد منع الل**ه من ه**و خير منك عن ذلك، فقال: "لو اطلعت عليهم لوليت منهم ف**رارا" ]الكه**ف:

Page 225: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[ فق**ال: ال انتهي ح**تى اعلم علمهم، وبعث قوم**ا ل**ذلك، فلم**ا دخل**وا18 الكهف بعث الله عليهم ريحا فأخرجتهم؛ ذكره الثعلبي أيضا. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله أن يريه إياهم، فقال إنك لن تراهم في دار الدنيا ولكن أبعث إليهم أربعة من خيار أصحابك ليبلغوهم رسالتك ويدعوهم إلى اإليمان؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه الس**الم: كي**ف أبعثهم؟ فق**ال: ابس**ط كس**اءك واجلس على ط**رف من أطراف**ه أب**ا بك**ر وعلى الطرف اآلخر عم**ر وعلى الث**الث عثم**ان وعلى الراب**ع علي بن أبي طالب، ثم ادع الريح الرخاء المسخرة لسليمان فإن الله تع**الى يأمره**ا أن تطيعك؛ ففعل فحملتهم الريح إلى باب الكهف، فقلعوا من**ه حج**را، فحم**ل الكلب عليهم فلما رآهم حرك رأسه وبصبص بذنب**ه وأوم**أ إليهم برأس**ه أن ادخلوا فدخلوا الكهف فقالوا: السالم عليكم ورحمة الله وبركاته؛ فرد الل**ه على الفتية أرواحهم فقاموا ب**أجمعهم وق**الوا: عليكم الس**الم ورحم**ة الل**ه وبركاته؛ فقالوا لهم: معشر الفتية، إن النبي محمد بن عبدالل**ه ص**لى الل**ه عليه وسلم يقرأ عليكم السالم؛ فقالوا: وعلى محمد رسول الله السالم ما دامت الس**ماوات واألرض، وعليكم بم**ا أبلغتم، وقبل**وا دين**ه وأس**لموا، ثم قالوا: أقرئوا محمدا رسول الله منا السالم، وأخذوا مضاجعهم وصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزم**ان عن**د خ**روج المه**دي. فيق**ال: إن المه**دي يس**لم عليهم فيح**ييهم الل**ه ثم يرجع**ون إلى رق**دتهم فال يقوم**ون ح**تى تق**وم الساعة، فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ك**ان منهم، ثم ردتهم ال**ريح فق**ال الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )كي**ف وج**دتموهم(؟. فأخبروه الخبر؟ فقال النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )اللهم ال تف**رق بي**ني وبين أص**حابي وأص**هاري واغف**ر لمن أجن**بي وأحب أه**ل بي**تي وخاص**تي وأصحابي(. وقيل: إن أصحاب الكهف دخل*وا الكه*ف قب*ل المس*يح؛ ف*أخبر الله تعالى المسيح بخبرهم ثم بعثوا في الف**ترة بين عيس**ى ومحم**د ص**لى الله عليه وسلم. وقيل: كانوا قبل موسى عليه السالم وأن موسى ذك**رهم في التوراة؛ ولهذا سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وس**لم. وقي**ل:

دخلوا الكهف بعد المسيح؛ فالله اعلم أي ذلك كان. }واص**بر نفس**ك م**ع ال**ذين ي**دعون ربهم بالغ**داة والعش**ي28*اآلي**ة: 3*

يريدون وجهه وال تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا وال تطع من أغفلناقلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا{

@قوله تعالى: "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي" هذا [52مثل قوله: "وال تطرد الذين يدعون ربهم بالغ**داة والعش**ي" ]األنع**ام:

في سورة "األنعام" وقد مضى الكالم فيه. وقال س**لمان الفارس**ي رض**ي الله عنه: جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: عيينة بن حصن واألقرع بن حابس فقالوا: يا رسول الل**ه؛ إن**ك ل**و جلس**ت في صدر المجلس ونحيت عنا هؤالء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان وأبا ذر وفق**راء المس**لمين، وك**انت عليهم جب**اب الص**وف لم يكن عليهم غيره**ا - جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك، فأنزل الله تعالى "واتل م**ا أوحي إلي**ك من كتاب ربك ال مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا. واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجه*ه - ح*تى بل**غ - إن*ا اعت**دنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها". يتهددهم بالنار. فقام الن*بي ص*لى الل**ه عليه وسلم يلتمس*هم ح*تى إذا أص*ابهم في م*ؤخر المس*جد ي*ذكرون الل*ه

Page 226: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

قال: )الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رج**ال من أمتي، معكم المحي**ا ومعكم المم**ات(. "يري**دون وجه**ه" أي طاعت**ه. وق**رأ نصر بن عاصم ومالك بن دينار وأبو عب**دالرحمن "وال تط**رد ال**ذين ي**دعون ربهم بالغدوة والعشي" وحجتهم أنها في الس**واد ب**الواو. وق**ال أب**و جعف**ر النحاس: وهذا ال يلزم لكتبهم الحياة والصالة بالواو، وال تك**اد الع**رب تق**ول الغدوة ألنها معروفة. وروي عن الحسن أي ال تتجاوز عيناك إلى غيرهم من أبناء الدنيا طلبا لزينتها؛ حكاه اليزيدي. وقيل: ال تحتقرهم عيناك؛ كما يق**ال

فالن تنبو عنه العين؛ أي مستحقرا. @قوله تعالى: "تريد زينة الحياة الدنيا" أي تتزين بمجالسة هؤالء الرؤس**اء الذين اقترحوا إبعاد الفقراء من مجلسك؛ ولم ي*رد الن*بي ص*لى الل**ه علي*ه وسلم أن يفعل ذلك، ولكن الله نه**اه عن أن يفعل**ه، وليس ه**ذا ب**أكثر من

[. وإن كان الل**ه أع**اذه من65قوله "لئن أشركت ليحبطن عملك" ]الزمر: الشرك. و"تريد" فعل مضارع في موضع الح**ال؛ أي ال تع**د عين**اك مري**دا؛

كقول امرئ القيس: فقلت له ال تبك عينك إنما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

وزعم بعضهم أن حق الكالم: ال تعد عينيك عنهم؛ ألن "تع**د" متع**د بنفس**ه. قيل له: والذي وردت به التالوة من رفع العي**نين ي**ؤول إلى مع**نى النص**ب فيها، إذا كان ال تعد عيناك عنهم بمنزلة ال تنص**رف عين**اك عنهم، ومع**نى ال تنصرف عيناك عنهم ال تصرف عينيك عنهم؛ فالفعل مسند إلى العينين وهو في الحقيقة موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ كم**ا ق**ال تع**الى: "فال تعجبك أموالهم" فأسند اإلعجاب إلى األموال، والمعنى: ال تعجبك يا محم**د أموالهم. ويزيدك وضوحا قول الزجاج: إن المع**نى ال تص**رف بص**رك عنهم

إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزينة. @قول**ه تع**الى: "وال تط**ع من أغفلن**ا قلب**ه عن ذكرن**ا" روى جوي**بر عن الض**حاك عن ابن عب**اس في قول**ه تع**الى: "وال تط**ع من أغفلن**ا قلب**ه عن ذكرنا" قال: نزلت في أمية بن خلف الجمحي، وذلك أن**ه دع**ا الن**بي ص**لى الله عليه وسلم إلى أمر كرهه من تجرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أه**ل مكة؛ فأنزل الل**ه تع**الى: "وال تط**ع من أغفلن**ا قلب**ه عن ذكرن**ا" يع**ني من ختمنا على قلب**ه عن التوحي**د. "واتب**ع ه**واه" يع*ني الش**رك. "وك*ان أم**ره فرطا" قيل هو من التفريط الذي هو التقصير وتقديم العجز بترك اإليم**ان. وقيل: من اإلفراط ومجاوزة الحد، وكان القوم ق**الوا: نحن أش**راف مض**ر إن أسلمنا أس**لم الن**اس؛ وك**ان ه**ذا من التك**بر واإلف**راط ف في الق**ول. وقيل: "فرطا" أي قدما في الش*ر؛ من ق*ولهم: ف*رط من**ه أم**ر أي س**بق. وقيل: معنى "أغفلنا قلبه" وجدناه غافال؛ كما تق**ول: لقيت فالن**ا فأحمدت**ه؛ أي وجدته محم**ودا. وق**ال عم**رو بن مع**د يك**رب لب**ني الح**ارث بن كعب: والله لقد سألناكم فما أبخلن**اكم، وقاتلن**اكم فم*ا أجبن**اكم، وهاجين**اكم فم*ا أفحمناكم؛ أي ما وجدناكم بخالء وال جبن**اء وال مفحمين. وقي**ل: ن**زلت "وال تط**ع من أغفلن**ا قلب**ه عن ذكرن**ا" في عيين**ة بن حص**ن الف**زاري؛ ذك**ره

عبدالرزاق، وحكاه النحاس عن سفيان الثوري. والله اعلم. }وقل الحق من ربكم فمن شاء فلي**ؤمن ومن ش**اء فليكف**ر29*اآلية: 3*

إن**ا أعت**دنا للظ**المين ن**ارا أح**اط بهم س**رادقها وإن يس**تغيثوا يغ**اثوا بم**اءكالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا{

Page 227: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قوله تعالى: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكف**ر" "الحق" رفع على خبر االبتداء المضمر؛ أي قل هو الح**ق. وقي**ل: ه**و رف**ع على االبت**داء، وخ**بره في قول**ه "من ربكم". ومع**نى اآلي**ة: ق**ل ي**ا محم**د لهؤالء الذين أغفلنا قل**وبهم عن ذكرن**ا: أيه**ا الن**اس من ربكم الح**ق فإلي**ه التوفيق والخذالن، وبيده الهدى والضالل، يه**دي من يش**اء في**ؤمن، ويض**ل من يشاء فيكفر؛ ليس إلي من ذلك شيء، فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا، ولست بط**ارد المؤم**نين لهواكم؛ فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا. وليس هذا بترخيص وتخي**ير بين اإليمان والكفر، وإنما ه**و وعي**د وتهدي**د. أي إن كف**رتم فق**د أع**د لكم

النار، وإن آمنتم فلكم الجنة. @قوله تعالى: "إنا أعتدنا" أي أعددنا. "للظالمين" أي للكافرين الجاحدين. "نارا أحاط بهم سرادقها" قال الجوهري: السرادق واحد السرادقات ال**تي

تمد فوق صحن الدار. وكل بيت من كرسف فهو سرادق. قال رؤبة: يا حكم بن المنذر بن الجارود سرادق المجد عليك ممدود

يقال: بيت مسردق. وقال سالمة بن جندل يذكر أبرويز وقتل**ه النعم**ان بنالمنذر تحت أرجل الفيلة:

هو المدخل النعمان بيتا سماؤه صدور الفيول بعد بيت مسردق وقال ابن األعرابي: "سرادقها" س**ورها. وعن ابن عب**اس: حائ**ط من ن**ار. الكلبي: وقال ابن األع*رابي: "س**رادقها" س**ورها. وعن ابن عب**اس: حائ**ط من نار. الكلبي: عنق تخرج من الن**ار فتحي**ط بالكف**ار ك**الحظيرة. القت**بي: السرادق الحجرة التي تكون حول الفسطاط. وقال ابن عزي**ز. وقي**ل: ه**و دخان يحيط بالكفار يوم القيامة، وه**و ال**ذي ذك**ره الل**ه تع**الى في س**ورة "والمرس****الت". حيث يق****ول: "انطلق****وا إلى ظ****ل ذي ثالث ش****عب"

[ قال**ه قت**ادة.43[ وقوله: "وظ**ل من يحم**وم" ]الواقع**ة: 30]المرسالت: وقيل: إنه البحر المحيط بالدنيا. وروي يعلي بن أمية قال قال رس**ول الل**ه صلى الله عليه وسلم: )البحر هو جهنم - ثم تال - نارا أحاط بهم س**رادقها - ثم قال - والله ال أدخلها أبدا م*ا دمت حي**ا وال يص*يبني منه*ا قط*رة( ذك*ره الم**اوردي. وخ**رج ابن المب**ارك من ح**ديث أبي س**عيد الخ**دري عن الن**بي صلى الله عليه وسلم قال: )لسرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة(. وخرجه أبو عيسى الترمذي، وقال فيه: حديث حس**ن ص**حيح

غريب. قلت: وهذا يدل على أن السرادق ما يعل**و الكف*ار من دخ*ان أو ن**ار،

وجدره ما وصف. @قوله تعالى: "وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوج**وه" ق**ال ابن عباس: المهل ماء غليظ مثل دردي الزيت. مجاهد: القيح والدم. الض**حاك: ماء أسود، وإن جهنم لسوداء، وماؤها أسود وش**جرها أس**ود وأهله**ا س**ود. وقال أبو عبي**دة: ه**و ك**ل م**ا أذيب من ج**واهر األرض من حدي**د ورص**اص ونحاس وقصدير، فتموج بالغلي**ان، ف**ذلك المه**ل. ونح**وه عن ابن مس**عود قال سعيد بن جب**ير: ه**و ال**ذي ق**د انتهى ح**ره. وق**ال: المه**ل ض**رب من القطران؛ يقال: مهلت البعير فهو ممهول. وقيل: ه**و الس**م. والمع**نى في هذه األقوال متقارب. وفي الترمذي عن النبي صلى الل**ه علي**ه وس**لم في قوله "كالمهل" قال: )كعك**ر ال*زيت ف**إذا قرب**ه إلى وجه*ه س**قطت ف**روة

Page 228: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وجهه( قال أبو عيسى: هذا حديث إنما نعرفه من حديث رش**دين بن س**عد ورشدين ق*د تكلم في*ه من قب**ل حفظ*ه. وخ*رج عن أبي أمام*ة عن الن**بي صلى الله عليه وسلم في قوله: "ويس**قى من م**اء ص**ديد يتجرع**ه" ق**ال: )يقرب إلى فيه فكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت ف**روة رأس**ه إذا شربه قطع أمعاءه حتى يخ**رج من دب**ره. يق**ول الل**ه تع**الى "وس**قوا م**اء

[ يق**ول "وإن يس**تغيثوا يغ**اثوا بم**اء15حميم**ا فقط**ع أمع**اءهم" ]محم**د: كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا" قال: حديث غريب.

قلت: وهذا يدل على صحة تل**ك األق**وال، وأنه**ا م**رادة، والل**ه اعلم. وكذلك نص عليها أهل اللغة. في الص**حاح "المه**ل" النح**اس الم**ذاب. ابن األع**رابي: المه**ل الم**ذاب من الرص**اص. وق**ال أب**و عم**رو. المه**ل دردي الزيت. والمه**ل أيض**ا القيح والص**ديد. وفي ح**ديث أبي بك**ر: ادفن**وني في ثوبي هذين فإنهما للمهل والتراب. و"مرتفقا" قال مجاهد: معن**اه مجتمع**ا، كأن**ه ذهب إلى مع**نى المرافق**ة. ابن عب**اس: م**نزال. عط**اء: مق**را. وقي**ل مهادا. وقال القتبي: مجلسا، والمع**نى متق**ارب؛ وأص**له من المتك**أ، يق**ال

منه: ارتفقت أي اتكأت على المرفق. قال الشاعر: قالت له وارتفقت أال فتى يسوق بالقوم غزاالت الضحى

ويق**ال: ارتف**ق الرج**ل إذا ن**ام على مرفق**ه ال يأتي**ه ن**وم. ق**ال أب**و ذؤيبالهذلي:

نام الخلي وبت الليل مرتفقا كأن عيني فيها الصاب مدبوح الصاب: عصارة شجر مر.

-** 30*اآليتان: 3* }إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا ال نض**يع أج**ر31 من أحسن عمال، أولئ**ك لهم جن**ات ع*دن تج**ري من تحتهم األنه*ار يحل**ون فيه**ا من أس**اور من ذهب ويلبس**ون ثياب**ا خض**را من س**ندس وإس**تبرق

متكئين فيها على األرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا{ @ لما ذكر ما أعد للكافرين من الهوان ذكر أيضا ما للمؤمنين من الث**واب. وفي الكالم إضمار؛ أي ال نضيع أجر من أحسن منهم عمال، فأما من أحسن عمال من غ**ير المؤم**نين فعمل**ه محب**ط. و"عمال" نص**ب على التمي**يز، وإن شئت بإيقاع "أحسن" عليه. وقيل: "إنا ال نضيع أجر من أحس**ن عمال" كالم معترض، والخبر قوله "أولئك لهم جنات عدن". و"جنات عدن" سرة الجنة، أي وسطها وسائر الجنات محدقة بها وذكرت بلفظ الجمع لسعتها؛ ألن ك**ل بقعة منها تصلح أن تكون جنة وقيل: العدن اإلقام**ة، يق**ال: ع**دن بالمك**ان إذا أقام به وعدنت البلد توطنته وعدنت اإلبل بمكان ك**ذا لزمت**ه فلم ت**برح من**ه؛ ومن**ه "جن*ات ع*دن" أي جن**ات إقام**ة ومن**ه س**مي المع*دن )بكس*ر الدال(؛ ألن الناس يقيمون فيه بالصيف والشتاء ومرك**ز ك**ل ش**يء معدن**ه والعادن: الناقة المقيمة في المرعى. وعدن بل**د؛ قال**ه الج**وهري. "تج**ري من تحتهم األنه**ار" تق**دم. "يحل**ون فيه**ا من أس**اور من ذهب" وه**و جم**ع سوار. قال سعيد بن جب**ير: على ك**ل واح**د منهم ثالث**ة أس**ورة: واح**د من

ذهب، وواحد من ورق، وواحد من لؤلؤ. قلت: هذا منصوص في القرآن، قال هنا "من ذهب" وق**ال في الحج

[ وفي اإلنسان "من فضة" ]اإلنس**ان:23وفاطر "من ذهب ولؤلؤا" ]الحج: [. وقال أبو هريرة: سمعت خليلي صلى الله علي**ه وس**لم يق**ول: )تبل**غ21

الحلي**ة من الم**ؤمن حيث يبل**غ الوض**وء( خرج**ه مس**لم. وحكى الف**راء:

Page 229: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

"يحلون" بفتح الياء وسكون الحاء وفتح الالم خفيف**ة؛ يق**ال: حليت الم**رأة تحلى فهي حالي**ة إذا لبس**ت الحلي. وحلي الش**يء بعي**ني يحلى؛ ذك**ره النحاس. والسوار سوار الم**رأة، والجم**ع أس**ورة، وجم**ع الجم**ع أس**اورة. وقرئ "فلوال ألقي عليه أس**اورة من ذهب" ]الزخ**رف: وق**د يك**ون الجم**ع أساور. وقال الله تعالى "يحلون فيها من أساور من ذهب" قاله الج**وهري. وقال ابن عزيز: أساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار وسوار، وهو الذي يلبس في الذراع من ذهب، فإن كان من فضة فهو قلب وجمعه قلبة؛ ف**إن كان من ق**رن أو ع**اج فهي مس**كة وجمع**ه مس**ك. ق**ال النح**اس: وحكى قطرب في واحد األساور إسوار، وقطرب صاحب شذوذ، قد ترك*ه يعق**وب

وغيره فلم يذكره. قلت: قد جاء في الصحاح وقال أبو عمرو بن العالء: وأح*دها إس**وار.

وقال المفسرون: لم**ا ك**انت المل**وك تلبس في ال**دنيا األس**اور. والتيج**انجعل الله تعالى ذلك ألهل الجنة.

@قوله تعالى: "ويلبس**ون ثياب**ا خض**را من س**ندس وإس**تبرق" الس**ندس: الرفيق النحيف، واحده سندسة؛ قال الكسائي. واإلستبرق: م**ا ثخن من**ه -

عن عكرمة - وهو الحرير. قال الشاعر: تراهن يلبسن المشاعر مرة وإستبرق الديباج طورا لباسها

فاإلستبرق الديباج. ابن بحر: المنس**وج بال**ذهب. القت**بي: فارس**ي مع**رب. الجوهري: وتصغيره أبيرق. وقيل: ه**و اس**تفعل من ال**بريق. والص**حيح أن**ه وفاق بين اللغتين؛ إذ ليس في الق**رآن م**ا ليس من لغ**ة الع**رب، على م**ا تقدم، والله اعلم." وخص األخضر بالذكر ألنه الموافق للبص**ر؛ ألن البي**اض يبدد النظر وي**ؤلم، والس**واد ي**ذم، والخض**رة بين البي**اض والس**واد، وذل**ك يجمع الشعاع. والله اعلم. روى النسائي عن عبدالله بن عم**رو بن الع**اص فال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فق**ال: يا رسول الله، أخبرنا عن ثياب الجنة، أخلق يخلق أم نسج ينس**ج؟ فض**حك بعض الق**وم. فق**ال لهم: )مم تض**حكون من جاه**ل يس**أل عالم**ا( فجلس يسيرا أو قليال فقال رسول الله صلى الل**ه علي**ه وس**لم: )أين الس**ائل عن ثياب الجنة(؟ فقال: ها هو ذا يا رسول الله؛ قال )ال ب**ل تش**قق عنه**ا ثم**ر الحنة( قالها ثالثا. وقال أب**و هري**رة: دار الم**ؤمن درة مجوف**ة في وس**طها شجرة تنبت الحلل ويأخذ بأصبعه أو قال بأصبعيه سبعين حلة منظمة بال**در والمرجان. ذكره يح**يى بن س**الم في تفس**يره وابن المب**ارك في رقائق**ه. وقد ذكرنا إسناده في كتاب التذكرة. وذكر في الحديث أنه يكون على ك**ل واحد منهم الحلة لها وجهان لكل وجه لون، يتكلمان ب**ه بص**وت يستحس**نه سامعه، يقول أحد الوجهين لآلخ**ر: أن**ا أك**رم على ولي الل**ه من**ك، أن**ا ألي جسده وأنت ال تلي. ويقول اآلخر: أنا أكرم على ولي الل**ه من**ك، أن**ا أبص**ر

وجهه وأنت ال تبصر. @قوله تعالى: "متك**ئين فيه**ا على األرائ**ك" "األرائ**ك" جم**ع أريك**ة، وهي السرر في الحجال. وقيل الفرش في الحج**ال؛ قال**ه الزج**اج. ابن عب**اس: هي األسرة من ذهب، وهي مكللة بالدر والياقوت عليها الحجال، األريكة ما بين صنعاء إلى أيلة وم**ا بين ع**دن إلى الجابي**ة. وأص**ل متك**ئين موتك**ئين، وكذلك اتكأ أصله أو تك**أ، وأص**ل التك**أة وك**أة؛ ومن**ه التوك**أ للتحام**ل على الشيء، فقلبت الواو تاء وأدغمت. ورجل وك**أة كث**ير االتك**اء. "نعم الث**واب

Page 230: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وحسنت مرتفقا" يعني الجنات، عكس "وساءت مرتفقا". وق**د تق**دم. ول**و كان "نعمت" لجاز ألنه اسم للجن**ة. وعلى ه**ذا "وحس**نت مرتفق**ا". وروى البراء بن عازب أن أعرابيا قام إلى رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم في حج**ة ال*وداع، والن*بي ص*لى الل**ه علي*ه وس*لم واق*ف بعرف*ات على ناقت*ه العضباء فقال: إني رجل مسلم ف**أخبرني عن ه**ذه اآلي**ة "إن ال**ذين آمن**وا وعملوا الصالحات" اآلية؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )م**ا أنت منهم ببعيد وال هم ببعيد منك هم هؤالء األربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فأعلم قومك أن هذه اآلية نزلت فيهم( ذكره الم**اوردي، وأس**نده النح**اس في كتاب معاني القرآن، قال: حدثنا أب**و عبدالل**ه أحم**د بن علي بن س**هل قال ح**دثنا محم**د بن حمي**د ق**ال ح**دثنا يح**يى بن الض**ريس عن زه**ير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: قام أع**رابي...؛ ف**ذكره. وأسنده السهيلي في كتاب األعالم. وقد روينا جميع ذلك باإلج**ازة، والحم**د

لله.-** 32*اآليات: 3* }واضرب لهم مثال رجلين جعلنا ألحدهما جن**تين من34

أعناب وحففناهما بنخل وجعلن**ا بينهم**ا زرع**ا، كلت**ا الجن**تين آتت أكله**ا ولم تظلم منه شيئا وفجرن**ا خاللهم**ا نه**را، وك**ان ل**ه ثم**ر فق**ال لص**احبه وه**و

يحاوره أنا أكثر منك ماال وأعز نفرا{ @قول**ه تع**الى: "واض**رب لهم مثال رجلين" ه**ذا مث**ل لمن يتع**زز بال**دنيا ويس**تنكف عن مجالس**ة المؤم**نين، وه**و متص**ل بقول**ه "واص**بر نفس**ك"

[. واختلف في اسم هذين ال**رجلين وتعيينهم**ا؛ فق**ال الكل**بي:28]الكهف: نزلت في أخوين من أهل مكة مخزوميين، أحدهما م**ؤمن وه**و أب**و س**لمة عبدالل**ه بن عبداألس**د بن هالل بن عبدالل**ه بن عم**ر بن مخ**زوم، زوج أم سلمة قب*ل الن*بي ص*لى الل*ه علي*ه وس*لم. واآلخ*ر ك*افر وه*و األس*ود بن عبداألسد، وهما األخوان المذكوران في سورة "الصافات" في قول**ه "ق**ال

[، ورث كل واحد منهما أربعة51قائل منهم إني كان لي قرين" ]الصافات: آالف دينار، فأنفق أحدهما مال في سبيل الله وطلب من أخيه ش**يئا فق**ال ما قال...؛ ذكره الثعلبي والقشيري. وقيل: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وأهل مكة. وقيل: ه**و مث**ل لجمي**ع من آمن بالل**ه وجمي**ع من كف**ر. وقيل: هو مثل لعيينة بن حص**ن وأص**حابه م**ع س**لمان وص**هيب وأص**حابه؛ شبههم الله برجلين من بني إسرائيل أخوين أحدهما مؤمن واس**مه يه**وذا؛ في ق*ول ابن عب**اس. وق**ال مقات**ل: اس**مه تمليخ**ا. واآلخ*ر ك*افر واس**مه قرطوش. وهما اللذان وصفهما الله تعالى في سورة الصافات. وك**ذا ذك**ر محمد بن الحسن المقرئ قال: اسم الخير منهما تمليخا، واآلخر قرطوش، وأنهما كانا شريكين ثم اقتسما الم*ال فص*ار لك*ل واح*د منهم*ا ثالث*ة آالف دينار، فاشترى المؤمن منهم**ا عبي**دا ب**ألف وأعتقهم، وب**األلف الثاني**ة ثياب**ا فكسا العراة، وباأللف الثالثة طعام**ا ف**أطعم الج**وع، وب**نى أيض**ا مس**اجد، وفعل خيرا. وأما اآلخر فنكح بماله نساء ذوات يسار، واشترى دواب وبق**را فاستنتجها فنمت له نماء مفرطا، وأتجر بباقيها فربح حتى فاق أه**ل زمان**ه غ**نى؛ وأدركت األول الحاج**ة، ف**أراد أن يس**تخدم نفس**ه في جن**ة يخ**دمها فقال: لو ذهبت لشريكي وصاحبي فسألته أن يس**تخدمني في بعض جنات**ه رج**وت أن يك**ون ذل**ك أص**لح بي، فج**اءه فلم يك**د يص**ل إلي**ه من غل**ظ الحجاب، فلما دخل عليه وعرفه وسأله حاجته ق**ال ل**ه: ألم أكن قاس**متك

Page 231: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

المال نصفين فما صنعت بمالك؟. قال: اشتريت به من الله تع**الى م**ا ه**و خير منه وأبقى. فقال. أإنك لمن المص*دقين، م*ا أظن الس*اعة قائم*ة وم*ا أراك إال سفيها، وما جزاؤك عندي على سفاهتك إال الحرمان، أو ما ترى ما صنعت أنا بمالي حتى آل إلى ما تراه من الثروة وحسن الحال، وذل**ك أني كسبت وسفهت أنت، اخرج عني. ثم كان من قصة هذا الغني ما ذكره الله تعالى في القرآن من اإلحاطة بثم**ره وذهابه**ا أص**ال بم**ا أرس**ل عليه**ا من السماء من الحسبان. وقد ذكر الثعلبي ه**ذه القص**ة بلف**ظ آخ**ر، والمع**نى

متقارب. قال عطاء: كانا شريكين لهما ثمانية آالف دينار. وقيل: ورثاه من أبيهم**ا

وكانا أخوين فاقتسماها، فاشترى أحدهما أرضا بألف دين**ار، فق**ال ص**احبه: اللهم إن فالنا قد اشترى أرضا ب**ألف دين**ار وإني اش**تريت من**ك أرض**ا في الجنة بألف دينار فتص**دق به**ا، ثم إن ص**احبه ب**نى دارا ب**ألف دين**ار فق**ال: اللهم إن فالنا بنى دارا بألف دينار وإني اشتري من**ك دارا في الجن**ة ب**ألف دينار، فتصدق بها، ثم تزوج امرأة فأنفق عليها ألف دين**ار، فق**ال: اللهم إن فالنا تزوج امرأة بألف دينار وإني أخطب إليك من نساء الجنة ب**ألف دين**ار، فتصدق بألف دينار. ثم اشترى خدما ومتاعا بألف دينار، وإني أش**تري من**ك خدما ومتاعا من الجنة بألف دينار، فتص**دق ب**ألف دين**ار. ثم أص**ابته حاج**ة شديدة فقال: لعل صاحبي ين**الني معروف**ه فأت**اه فق**ال: م**ا فع**ل مال**ك؟ فأخبره قصته فقال: وإنك لمن المص**دقين به**ذا الح**ديث والل**ه ال أعطي**ك شيئا ثم قال له: أنت تعبد إله السماء، وأنا ال أعبد إال صنما؛ فق**ال ص**احبه: والله ألعظنه، فوعظه وذكره وخوفه. فقال: سر بن**ا نص*طد الس*مك، فمن صاد أكثر فهو على حق؛ فقال له: يا أخي إن الدنيا أحق**ر عن**د الل**ه من أن يجعلها ثواب**ا لمحس**ن أو عقاب**ا لك**افر. ق**ال: فأكره**ه على الخ**روج مع**ه، فابتالهما الله، فجعل الكافر ي**رمي ش**بكته ويس**مي باس**م ص**نمه، فتطل**ع متدفقه سمكا. وجعل المؤمن يرمي شبكته ويسمي باسم الله فال يطلع له فيها شيء؛ فقال له: كيف ترى أنا أكثر منك في الدنيا نصيبا ومنزلة ونفرا، كذلك أكون أفضل منك في اآلخرة إن ك**ان م**ا تق**ول بزعم**ك حق**ا. ق**ال: فضج الملك الموكل بهما، فأمر الله تعالى جبريل أن يأخذه فيذهب ب**ه إلى الجنان فيريه منازل المؤمن فيها، فلما رأى ما أعد الله له ق**ال: وعزت**ك ال يضره ما ناله من الدنيا بعد ما يكون مصيره إلى هذا؛ وأراه من**ازل الك**افر في جهنم فقال: وعزتك ال ينفعه ما أصابه من الدنيا بعد أن يك**ون مص**يره إلى هذا. ثم إن الله تعالى توفى المؤمن وأهلك الك**افر بع**ذاب من عن**ده، فلما استقر المؤمن في الجن**ة ورأى م**ا أع**د الل**ه ل**ه أقب**ل ه**و وأص**حابه يتس**اءلون، فق**ال: "إني ك**ان لي ق**رين. يق**ول أإن**ك لمن المص**دقين"

[ اآلية؛ فنادى مناد: يا أهل الجن**ة ه**ل أنتم مطلع**ون ف*اطلع51]الصافات: إلى جهنم فرآه في سواء الجحيم؛ فنزلت "واضرب لهم مثال".

بين الله تعالى حال األخوين في الدنيا في هذه السورة، وبين حالهما في اآلخرة في سورة "الص**افات" في ق**ول "إني ك**ان لي ق**رين. يق**ول أإن**ك

[.51لمن المصدقين - إلى قوله - لمثل هذا فليعمل العاملون" ]الصافات: قال ابن عطية: وذك**ر إب**راهيم بن القاس**م الك**اتب في كتاب**ه في عج**ائب البالد أن بحيرة تنيس ك**انت ه**اتين الجن**تين، وكانت**ا ألخ**وين فب**اع أح**دهما نصيبه من اآلخر فأنفق في طاع**ة الل**ه ح**تى ع**يره اآلخ**ر، وج**رت بينهم**ا

Page 232: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

المحاورة فغرقها الله تعالى في ليلة، وإياها عني بهذه اآلية. وق**د قي**ل: إن هذا مثل ضربه الله تعالى لهذه األمة، وليس بخبر عن حال متقدمة، لتزه**د في الدنيا وترغب في اآلخرة، وجعله زجرا وإنذارا؛ ذكره الماوردي. وسياق

اآلية يدل على خالف هذا، والله اعلم. @قول**ه تع**الى: "وحففناهم**ا بنخ**ل" أي أطفناهم**ا من جوانبهم**ا بنخ**ل. والحفاف الجانب، وجمعه أحفة؛ ويقال: حف القوم بفالن يحف**ون حف**ا، أي

[. "وجعلن**ا بينهم**ا75طافوا به؛ ومنه "حافين من ح**ول الع**رش" ]الزم**ر: زرعا" أي جعلنا حول األعناب النخل، ووسط األعناب الزرع.

@قوله تعالى: "كلتا الجنتين" أي كل واحدة من الجنتين، واختلف في لفظ "كلتا وكال" هل هو مفرد أو مثنى؛ فق**ال أه**ل البص**رة: ه**و مف**رد؛ ألن كال وكلتا في توكيد االث**نين نظ**ير "ك*ل" في المجم**وع، وه**و اس**م مف**رد غ**ير مثنى؛ فإذا ولي اسما ظاهرا كان في الرف**ع والنص**ب والخفض على حال**ة واحدة، تقول: رأيت كال الرجلين وجاءني كال الرجلين ومررت بكال الرجلين؛ فإذا اتصل بمضمر قلبت األلف ياء في موضع الجر والنص**ب، تق**ول: رأيت كليهما ومررت بكليهما، كما تق*ول عليهم*ا. وق*ال الف*راء: ه*و مث*نى، وه*و مأخوذ من كل فخففت الالم وزيدت األلف للتثنية. وكذلك كلتا للم*ؤنث، وال يكونان إال مضافين وال يتكلم بواحد، ول**و تكلم ب**ه لقي**ل: ك**ل وكلت وكالن

وكلتان. واحتج بقول الشاعر: في كلت رجليها سالمى واحده كلتاهما مقرونة بزائده

أراد في إحدى رجليها فأفرد. وهذا القول ضعيف عند أهل البصرة؛ ألن**ه ل**و كان مثنى لوجب أن تكون ألفه في النصب والجر ي**اء م**ع االس**م الظ**اهر، وألن معنى "كال" مخالف لمعنى "كل" ألن "كال" لإلحاطة و"كال" ي**دل على شيء مخصوص، وأما هذا الشاعر فإما ح**ذف األل**ف للض**رورة وق**در أنه**ا زائدة، وما يك*ون ض*رورة ال يج**وز أن يجع*ل حج**ة، فثبت أن*ه اس**م مف**رد كمعى، إال أنه وضع ليدل على التثنية، كما أن قولهم "نحن" اسم مفرد يدل

على اثنين فما فوقهما، يدل على ذلك قول جرير: كال يومي أمامة يوم صد وإن لم نأتها إال لماما

فأخبر عن "كال" بيوم مفرد، كما أفرد الخ**بر بقول**ه "آتت" ول**و ك**ان مث**نى لقال آتتا، ويوما. واختلف أيضا في ألف "كلتا"؛ فقال سيبويه: ألف "وكلت**ا" للتأنيث والتاء بدل من الم الفعل وهي واو واألصل كل**وا، وإنم**ا أب**دلت ت**اء ألن في التاء علم التأنيث، واألل**ف "في كلت**ا" ق**د تص**ير ي**اء م**ع المض**مر فتخرج عن علم التأنيث، فصار في إبدال الواو تاء تأكيد للتأنيث. وق**ال أب**و عمر الجرمي: التاء ملحقة واأللف الم الفعل، وتقديرها عن**ده: فعت**ل، ول**و كان األمر على ما زعم الجرمي: التاء ملحقة واأللف الم الفع**ل، وتق**ديرها عنده: فعتل، ولو كان األمر على م**ا زعم لق**الوا في النس**بة إليه**ا كلت**وي، فلما قالوا كلوي وأسقطوا التاء دل على أنهم أجروها مجرى التاء في أخت إذا نسبت إليها قلت أخوي؛ ذكره الجوهري. قال أبو جعفر النحاس: وأج**از النحويون في غير القرآن الحمل على المعنى، وأن تقول: كلتا الجنتين آتت**ا أكلهما؛ ألن المعنى المختار كلتاهم**ا آتت**ا. وأج**از الف**راء: كلت**ا الجن**تين آتى أكله، قال: ألن المعنى كل الجنتين. قال: وفي قراءة عبدالله "كل الجن**تين أتى أكله". والمعنى على هذا عند الفراء: كل شيء من الجن**تين آتي أكل**ه. واألكل )بضم الهمزة( ثمر النخل والشجر. وكل ما يؤك**ل فه**و أك**ل؛ ومن**ه

Page 233: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[ وقد تقدم. "آتت أكلها" تام**ا ول**ذلك35قوله تعالى: "أكلها دائم" ]الرعد: لم يقل آتتا. "ولم تظلم منه شيئا" أي لم تنقص.

@قوله تعالى: "وفجرنا خاللهم**ا نه**را" أي أجرين**ا وش**ققنا وس**ط الجن**تين بنهر. "وك**ان ل**ه ثم**ر" ق**رأ أب**و جعف**ر وش**يبة وعاص**م ويعق**وب وابن أبي إسحاق "ثمر" بفتح الثاء والميم، وك**ذلك قول**ه "وأحي**ط بثم**ره" ]الكه**ف:

[ جمع ثمرة. قال الجوهري: الثمرة واحدة الثمر والثمرات، وجمع الثمر42 ثمار؛ مثل جبل وجبال. قال الفراء: وجم**ع الثم**ار ثم**ر؛ مث**ل كت**اب وكتب، وجمع الثمر أثمار؛ مثل أعناق وعن**ق. والثم**ر أيض**ا الم**ال المثم**ر؛ يخف**ف ويثقل. وقرأ أبو عمرو "وكان له ثمر" بض**م الث**اء وإس**كان الميم، وفس**ره بأنواع المال. والباقون بضمها في الحرفين. ق**ال ابن عب**اس: ذهب وفض**ة وأموال. وقد مضى في "األنعام" نحو هذا مبينا. ذكر النحاس: ح**دثنا أحم**د بن ش**عيب ق**ال أخ**برني عم**ران بن بك**ار ق**ال ح**دثنا إب**راهيم بن العالء الزبيدي قال حدثنا ش*عيب بن إس*حاق ق*ال ه*ارون ق*ال ح*دثني أب*ان عن ثعلب عن األعمش أن الحجاج قال: لو سمعت أحدا يق**رأ "وك**ان ل**ه ثم**ر" لقطعت لس**انه؛ فقلت لألعمش: أتأخ**ذ ب**ذلك؟ فق**ال: ال؟ وال نعم**ة عين. فكان يقرأ "ثمر" ويأخذه من جمع الثمر. قال النحاس: فالتق**دير على ه**ذا القول أنه جمع ثمرة على ثم**ار، ثم جم**ع ثم**ار على ثم**ر؛ وه**و حس**ن في العربية إال أن القول األول أشبه والل**ه اعلم؛ ألن قول**ه "كلت**ا الجن**تين آتت

أكلها" يدل على أن له ثمرا. @قوله تعالى: "فقال لصاحبه وهو يحاوره" أي يراجعه في الكالم ويجاوبه. والمحاورة المجاوبة، والتحاور التجاوب. ويقال: كلمته فما أحار إلي جواب**ا، وما رجع إلي حويرا وال حويرة وال محورة وال ح**وارا؛ أي م**ا رد جواب**ا. "أن**ا أكثر منك ماال وأعز نفرا" النفر: الرهط وه**و م**ا دون العش**رة. وأراد ههن**ا

االتباع والخدم والولد، حسبما تقدم بيانه. }ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد36 -* 35*اآليتان: 3*

هذه أبدا، وما أظن الساعة قائم**ة ولئن رددت إلى ربي ألج**دن خ**يرا منه**امنقلبا{

@قوله تعالى: "ودخل جنته" قيل: أخذ بي**د أخي**ه الم**ؤمن يطي**ف ب**ه فيه**ا ويريه إياها. "وهو ظالم لنفسه" أي بكفره، وه**و جمل**ة في موض**ع الح**ال. ومن أدخل نفسه النار بكفره فهو ظالم لنفسه. "قال ما أظن أن تبيد ه**ذه أبدا" أنكر فناء الدار. "وما أظن الساعة قائمة" أي ال أحس**ب البعث كائن**ا. "ولئن رددت إلى ربي" أي وإن ك**ان بعث فكم**ا أعط**اني ه**ذه النعم في الدنيا فسيعطيني أفضل منه لكرامتي عليه؛ وهو معنى قوله "ألج**دن خ**يرا منها منقلبا" وإنما قال ذلك لما دع**اه أخ**وه إلى اإليم**ان بالحش**ر والنش**ر. وفي مصاحف مكة والمدينة والشام "منهما". وفي مص**احف أه*ل البص**رة والكوف**ة "منه**ا" على التوحي**د، والتثني**ة أولى؛ ألن الض**مير أق**رب إلى

الجنتين. }قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من38 - 37*اآليتان: 3*

ت**راب ثم من نطف**ة ثم س**واك رجال، لكن**ا ه**و الل**ه ربي وال أش**رك ب**ربيأحدا{

@قوله تعالى: "قال له صاحبه وهو يحاوره" يهوذا أو تمليخ**ا؛ على الخالف في اسمه. "أكفرت بالذي خلقك من ت**راب ثم من نطف**ة ثم س**واك رجال"

Page 234: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وعظه وبين له أن ما اعترف به من هذه األشياء التي ال ينكره**ا أح**د أب**دع من اإلع**ادة. و"س**واك رجال" أي جعل**ك معت**دل القام**ة والخل**ق، ص**حيح األعضاء ذكرا. "لكنا هو الله ربي" كذا قرأه أبو عب**دالرحمن الس**لمي وأب**و العالية. وروي عن الكسائي "لكن هو الله" بمعنى لكن األمر هو الل**ه ربي، فأضمر اسمها فيها. وقرأ الباقون "لكنا" بإثبات األلف. قال الكس**ائي: في**ه تقديم وتأخير، تقديره: لكن الله هو ربي أنا، فحذفت الهمزة من "أنا" طلبا للخفة لكثرة االستعمال وأدغمت إحدى النونين في األخ**رى وح**ذفت أل**ف "أن**ا" في الوص**ل وأثبتت في الوق**ف. وق**ال النح**اس: م**ذهب الكس**ائي والفراء والمازني أن األصل لكن أنا فألقيت حرك**ة الهم**زة على ن**ون لكن وحذفت الهمزة وأدغمت النون في النون فالوقف عليها لكنا وهي أل**ف أن**ا لبيان الحركة. وق*ال أب*و عبي*دة: األص*ل لكن أن*ا، فح*ذفت األل*ف ف*التقت

نونان فجاء بالتشديد لذلك، وأنشدنا الكسائي: لهنك من عبسية لوسيمة على هنوات كاذب من يقولها

أراد: لله إن**ك، فأس**قط إح**دى الالمين من "لل**ه" وح**ذف األل**ف من إن**ك.وقال آخر فجاء به على األصل:

وترمينني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكن إياك ال أقلي أي لكن أنا. وقال أبو حاتم: ورووا عن عاصم "لكنا هو الل**ه ربي" وزعم أن هذا لحن، يع**ني إثب**ات األل**ف في اإلدراج. ق**ال الزج**اج: إثب**ات األل**ف في "لكنا هو الله ربي" في اإلدراج جيد؛ ألنه قد ح**ذفت األل**ف من أن**ا فج**اؤوا بها عوضا. قال: وفي قراءة أبي "لكن أن**ا ه**و الل**ه ربي". وق**رأ ابن ع**امر والمسيلي عن نافع ورويس عن يعقوب "لكن**ا" في ح**ال الوق**ف والوص**ل

معا بإثبات األلف. وقال الشاعر: أنا سيف العشيرة فاعرفوني حميدا قد تذريت السناما

وقال األعشى: فكيف أنا وانتحال القوافي بعد المشيب كفى ذاك عارا

وال خالف في إثباتها في الوقف. "هو الله ربي" "هو" ضمير القصة والشأن [ وقوله:97واألمر؛ كقوله "فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا" ]األنبياء:

[. "وال أشرك بربي أحدا" دل مفهوم**ه على1"قل هو الله أحد" ]اإلخالص: أن األخ اآلخر كان مشركا بالله تعالى يعب**د غ**يره. ويحتم**ل أن**ه أراد ال أرى الغني والفقر إال منه، واعلم أنه لو أراد أن يسلب صاحب الدنيا دني**اه ق**در عليه؛ وهو الذي آتاني الفقر. ويحتمل أن**ه أراد جح**ودك البعث مص**يره إلى أن الله تعالى ال يقدر عليه، وهو تعجيز الرب سبحانه وتع**الى، ومن عج**زه

سبحانه وتعالى شبهه بخلقه؛ فهو إشراك.-** 39*اآليات: 3* }ولوال إذ دخلت جنتك قلت ما ش**اء الل**ه ال ق**وة إال41

بالله إن ترن أنا أقل منك ماال وولدا، فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنت**ك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا، أو يصبح ماؤه**ا غ**ورا

فلن تستطيع له طلبا{ @قوله تعالى: "ولوال إذ دخلت جنتك قلت ما ش**اء الل**ه" أي ب**القلب، وه**و توبيخ ووصية من المؤمن للكافر ورد عليه، إذ ق**ال "م**ا أظن أن تبي**د ه**ذه

[ و"ما" في موضع رفع، تقديره: هذه الجنة هي م**ا ش**اء35أبدا" ]الكهف: الله. وقال الزجاج والفراء: األمر ما شاء الله، أو هو ما شاء الله؛ أي األم**ر مشيئة الله تعالى. وقيل: الجواب مضمر، أي ما شاء الله كان، وما ال يشاء

Page 235: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

ال يكون. "ال قوة إال بالله" أي ما اجتمع لك من المال فهو بقدرة الله تعالىوقوته ال بقدرتك وقوتك، ولو شاء لنزع البركة منه فلم يجتمع.

@ قال أشهب قال مالك: ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول ه**ذا. وق**ال ابن وهب وقال لي حفص بن ميسرة: رأيت على باب وهب بن منبه مكتوبا "ما شاء الله ال قوة إال بالله". وروي عن النبي صلى الله علي**ه وس**لم أن**ه قال ألبي هري*رة: )أال أدل*ك على كلم*ة من كن**وز الجن*ة - أو ق*ال ك*نز من كنوز الجنة( قلت: بلى يا رس**ول الل**ه، ق**ال )ال ح**ول وال ق**وة إال بالل**ه إذا قالها العبد قال الله عز وجل أس**لم عب**دي واستس**لم( أخرج**ه مس**لم في صحيحه من حديث أبي موسى. وفيه: فقال )يا أبا موسى أو يا عبدالل**ه بن قيس أال أدل**ك على كلم**ة من ك**نز الجن**ة - في رواي**ة على ك**نز من كن**وز الجنة - ( قلت: ما هي يا رسول الله، قال: )ال حول وال قوة إال بالله(. وعنه قال قال لي رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم: )أال أدل**ك على كلم**ة من كنوز الجنة أو قال كنز من كنوز الجنة( قلت: بلى؛ فق**ال )ال ح**ول وال ق**وة إال بالله العلي العظيم(. وروي أنه من دخل منزل أو خرج منه فقال: باسم الله ما شاء الله ال قوة إال بالله تنافرت عنه الشياطين من بين يديه وأن**زل الله تعالى عليه البركات. وقالت عائشة: إذا خرج الرج**ل من منزل*ه فق**ال باسم الله قال الملك هديت، وإذا قال ما شاء الله ق**ال المل**ك كفيت، وإذا قال ال قوة إال بالله قال الملك وقيت. خرجه الترم**ذي من ح**ديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )من قال - يعني إذا خرج من بيته - باسم الله توكلت على الله ال حول وال قوة إال بالل**ه يق**ال كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان( هذا حديث غريب ال نعرفه إال من هذا الوجه. خرجه أبو داود أيضا وزاد فيه - فقال له: )هديت وكفيت ووقيت(. وأخرج**ه ابن ماجة من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله علي**ه وس*لم ق*ال: )إذا خرج الرجل من باب بيته أو باب داره كان معه ملكان موكالن به فإذا ق**ال باسم الله قاال هديت وإذا قال ال حول وال قوة إال بالله قاال وقيت وإذا ق**ال توكلت على الله قاال كفيت قال فيلق**اه قرين**اه فيق**والن م**اذا تري**دان من رجل قد هدي ووقي وكفي(. وقال الحاكم أبو عبدالله في عل**وم الح**ديث: سئل محمد بن إسحاق بن خزيمة عن قول النبي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )تحاجت الجنة والن**ار فق**الت ه**ذه - يع**ني الجن**ة - ي**دخلني الض**عفاء( من الض**عيف؟ ق**ال: ال**ذي ي**برئ نفس**ه من الح**ول والق**وة يع**ني في الي**وم عشرين مرة أو خمسين مرة. وقال أنس بن مال*ك ق*ال الن*بي ص*لى الل**ه عليه وسلم: )من رأى شيئا فأعجبه فقال ما ش**اء الل**ه ال ق**وة إال بالل**ه لم يضره عين(. وقد قال قوم: ما من أحد قال ما شاء الله كان فأصابه ش**يء إال رضي به. وروي أن من قال أربعا أمن من أربع: من ق**ال ه**ذه أمن من العين، ومن قال حسبنا الله ونعم الوكيل أمن من كيد الشيطان، ومن قال وأفوض أمري إلى الله أمن مكر الناس، ومن ق**ال ال إل**ه إال أنت س**بحانك

إني كنت من الظالمين أمن من الغم. @قول**ه تع**الى: "إن ت**رن أن**ا أق**ل من**ك م**اال وول**دا" "إن" ش**رط "ت**رن" مج**زوم ب**ه، والج**واب "فعس**ى ربي" و"أن**ا" فاص**لة ال موض**ع له**ا من اإلع**راب. ويج**وز أن تك**ون في موض**ع نص**ب توكي**دا للن**ون والي**اء. وق**رأ عيسى بن عمر "إن ترن أنا أقل منك" بالرفع؛ يجع**ل "أن**ا" مبت**دأ و"أق**ل" خبره، والجملة في موضع المفعول الثاني، والمفع**ول األول الن**ون والي**اء؛

Page 236: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

إال أن الياء حذفت ألن الكسرة تدل عليها، وإثباتها جيد بالغ وهو األصل ألنها االسم على الحقيق**ة. و"فعس**ى" بمع**نى لع**ل أي فلع**ل ربي. "أن يؤتي**ني خيرا من جنتك" أي في اآلخرة. وقيل في الدنيا. "ويرس**ل عليه**ا" أي على جنتك. "حسبانا من السماء فتص*بح ص*عيدا زلق*ا" أي م*رامي من الس**ماء، وأحدها حسبانة؛ قال**ه األخفش والقت**بي وأب**و عبي**دة. وق**ال ابن األع*رابي: والحس**بانة الس**حابة، والحس**بانة الوس**ادة، والحس**بانة الص**اعقة. وق**ال الج**وهري: والحس**بان )بالض**م(: الع**ذاب. وق**ال أب**و زي**اد الكالبي: أص**اب األرض حس**بان أي ج**راد. والحس**بان أيض**ا الحس**اب، ق**ال الل**ه تع**الى:

[. وق**د فس**ر الحس**بان هن**ا به**ذا.5"الشمس والقمر بحسبان" ]الرحمن: قال الزجاج: الحسبان من الحساب؛ أي يرسل عليها عذاب الحساب، وه**و حساب ما اكتسبت يداك؛ فهو من باب ح**ذف المض**اف. والحس**بان أيض**ا: سهام قصار يرمى بها في طلق واحد، وكان من رمي األكاسرة. والمرامي من السماء عذاب. "فتصبح ص**عيدا زلق**ا" يع**ني أرض**ا بيض**اء ال ينبت فيه**ا نبات وال يثبت عليها قدم، وهي أض**ر أرض بع**د أن ك**انت جن**ة أنف**ع أرض؛ و"زلقا" تأكيد لوصف الصعيد؛ أي وتزل عنها األقدام لمالستها. يقال: مك**ان زلق )بالتحريك( أي دحض، وهو في األصل مصدر قولك: زلقت رجله تزلق

زلقا، وأزلقها غيره. والزلق أيضا عجز الدابة. قال رؤبة: كأنها حقباء بلقاء الزلق

والمزلق**ة والمزلق**ة: الموض**ع ال**ذي ال يثبت علي**ه ق**دم. وك**ذلك الزالق**ة. والزل**ق الحل**ق، زل**ق رأس**ه يزلق**ه زلق**ا حلق**ه؛ ق**ال الج**وهري. والزل**ق المحلوق، كالنقض والنقض. وليس المراد أنها تصير مزلقة، بل المراد أنه**ا ال يبقى فيها نبات كالرأس إذا حلق ال يبقى عليه شعر؛ قاله القش**يري. "أو يصبح ماؤها غورا" أي غائرا ذاهبا، فتكون أع**دم أرض للم**اء بع**د أن ك**انت أوجد أرض للماء. والغور مصدر وضع موضع االسم؛ كما يقال: رج**ل ص**وم وفطر وعدل ورضا وفضل وزور ونساء نوح؛ ويستوي فيه المذكر والم*ؤنث

والتثنية والجمع. قال عمرو بن كلثوم: تظل جياده نوحا عليه مقلدة أعنتها صفونا

آخر: هريقي من دموعهما سجاما ضباع وجاوبي نوحا قياما

أي نائحات. وقيل: أو يصبح ماؤها ذا غور؛ فحذف المض**اف؛ مث**ل "واس**أل [ ذكره النحاس. وقال الكسائي: م**اء غ**ور. وق**د غ**ار82القرية" ]يوسف:

الماء يغ**ور غ**ورا وغ**وورا، أي س**فل في األرض، ويج**وز الهم**زة النض**مام الواو. وغارت عينه تغور غورا وغوورا؛ دخلت في الرأس. وغارت تغ**ار لغ**ة

فيه. وقال: أغارت عينه أم لم تغارا

وغارت الشمس تغور غيارا، أي غربت. قال أبو ذؤيب: هل الدهر إال ليلة ونهارها وإال طلوع الشمس ثم غيارها

"فلن تستطيع له طلب**ا" أي لن تس*تطيع رد الم*اء الغ*ائر، وال تق*در علي**ه بحيلة. وقيل: فلن تستطيع طلب غيره بدال من**ه. وإلى ه**ذا الح**ديث انتهت

مناظرة أخيه وإنذاره. }وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفي**ه على م**ا أنف**ق فيه**ا وهي42*اآلية: 3*

خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا{

Page 237: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قول**ه تع**الى: "وأحي**ط بثم**ره" اس**م م**ا لم يس**م فاعل**ه مض**مر، وه**و المصدر. ويجوز أن يكون المخفوض في موضع رفع. ومعنى "أحيط بثمره" أي أهلك ماله كله. وهذا أول ما حقق الله تع**الى ب**ه إن**ذار أخي**ه. "فأص**بح يقلب كفيه على ما أنفق فيها" أي فأصبح الكافر يض**رب إح**دى يدي**ه على األخرى ندما؛ ألن هذا يص**در من الن**ادم. وقي**ل: يقلب ملك**ه فال ي**رى في**ه عوض ما أنفق؛ وهذا ألن الملك ق**د يع**بر عن**ه بالي**د، من ق**ولهم: في ي**ده مال، أي في ملك**ه م**ال. ودل قول**ه "فأص**بح" على أن ه**ذا اإلهالك ج**رى باللي**ل؛ كقول**ه "فط**اف عليه**ا ط**ائف من رب**ك وهم ن**ائمون. فأص**بحت

[ ويق**ال: أنفقت في ه**ذه ال**دار ك**ذا وأنفقت عليه**ا.19كالصريم" ]القلم: "وهي خاوية على عروشها" أي خالية قد س*قط بعض**ها على بعض؛ م*أخوذ من خ**وت النج**وم تخ**وى خي**ا أمحلت، وذل**ك إذا س**قطت ولم تمط**ر في نوئها. وأخوت مثله. وخوت الدار خ**واء أق**وت، وك**ذلك إذا س**قطت؛ ومن**ه

[ ويق**ال س**اقطة؛52قوله تعالى: "فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا" ]النمل: كما يقال فهي خاوية على عروشها أي ساقطة على سقوفها؛ فجم**ع علي**ه بين هالك الثم**ر واألص**ل، وه**ذا من أعظم الج**وانح، مقابل**ة على بغي**ة. "ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا" أي يا ليت**ني ع**رفت نعم الل**ه علي، وعرفت أنها كانت بقدرة الله ولم أكف**ر ب**ه. وه**ذا ن**دم من**ه حين ال ينفع**ه

الندم. }ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا{43*اآلية: 3*

@قوله تعالى: "ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله" "فئة" اسم "تكن" و"له" الخبر. "ينصرونه" في موضع الصفة، أي فئة ناصرة. ويجوز أن يكون "ينصرونه" الخبر. والوجه األول عند سيبويه أولى ألنه قد تقدم "ل**ه". وأب**و العب**اس يخالف**ه، ويحتج بق**ول الل**ه ع**ز وج**ل "ولم يكن ل**ه كف**وا أح**د"

[. وقد أجاز سيبويه اآلخ**ر. و"ينص**رونه" على مع**نى فئ**ة؛ ألن4]اإلخالص: معناها أقوام، ولو كان على اللفظ لقال ولم تكن له فئة تنص**ره؛ أي فرق**ة

وجماعة يلتجئ إليهم. @قوله تعالى: "وما كان منتصرا" أي ممتنعا؛ قال**ه قت**ادة. وقي**ل: مس**تردا بدل ما ذهب منه. وقد تقدم اشتقاق الفئة في "آل عمران". والهاء ع**وض من الياء التي نقصت من وسطه، أصله فيء مثل فيع؛ ألنه من فاء، ويجمع على فئ**ون وفئ**ات، مث**ل ش**يات ول**دات ومئ**ات. أي لم تكن ل**ه عش**يرة

يمنعونه من عذاب الله، وضل عنه من افتخر بهم من الخدم والولد. }هنالك الوالية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا{44*اآلية: 3*

@قوله تع**الى: "هنال**ك الوالي**ة لل**ه الح**ق" اختل**ف في العام**ل في قول**ه "هنالك" وهو ظرف؛ فقيل: العامل فيه "ولم تكن له فئة" وال ك**ان هنال**ك؛ أي ما نصر وال انتصر هنالك، أي لم**ا أص**ابه من الع**ذاب. وقي**ل: تم الكالم عند قوله "منتصرا". والعامل في قوله "هنال**ك": "الوالي**ة". وتق**ديره على التقديم والتأخير: الوالية لله الحق هنالك، أي في القيامة. وق**رأ أب**و عم**رو والكسائي "الحق" بالرفع نعتا للوالية. وقرأ أه**ل المدين**ة وحم**زة "الح**ق" بالخفض نعتا لله عز وجل، والتقدير: لل**ه ذي الح**ق. ق**ال الزج**اج: ويج**وز "الحق" بالنصب على المص**در والتوكي**د؛ كم**ا تق**ول: ه**ذا ل**ك حق**ا. وق**رأ األعمش وحمزة والكسائي "الوالية" بكس**ر ال**واو، الب**اقون بفتحه**ا، وهم**ا بمعنى واحد كالرضاعة والرضاعة. وقيل: الوالية بالفتح من المواالة؛ كقوله

Page 238: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

[. "ذلك بأن الله مولى ال**ذين آمن**وا"257"الله ولي الذين آمنوا" ]البقرة: [. وبالكسر يعني السلطان والق**درة واإلم**ارة؛ كقول**ه "واألم**ر11]محمد:

[ أي له الملك والحكم يومئذ، أي ال يرد أمره إلى19يومئذ لله" ]االنفطار: أح**د؛ والمل**ك في ك**ل وقت لل**ه ولكن ت**زول ال**دعاوي والتوهم**ات ي**وم القيامة. وقال أبو عبيد: إنها بفتح الواو للخ**الق، وبكس**رها للمخل**وق. "ه**و خير ثوابا" أي الله خير ثوابا في الدنيا واآلخرة لمن آمن ب**ه، وليس ثم غ**ير ي**رجى من**ه، ولكن**ه أراد في ظن الجه*ال؛ أي ه**و خ*ير من ي**رجى. "وخ*ير عقبا" قرأ عاصم واألعمش وحمزة ويحيى "عقبا" س**اكنة الق**اف، الب**اقون بضمها، وهما بمعنى واحد؛ أي هو خير عافية لمن رجاه وآمن به. يقال: هذا

عاقبة أمر فالن وعقباه وعقبه، أي آخره. }واضرب لهم مث**ل الحي**اة ال**دنيا كم**اء أنزلن**اه من الس**ماء45*اآلية: 3*

فاختلط به نبات األرض فأصبح هشيما ت**ذروه الري**اح وك**ان الل**ه على ك**لشيء مقتدرا{

@قوله تعالى: "واضرب لهم مثل الحياة الدنيا" أي صف لهؤالء المتك**برين الذين سألوك طرد فقواء المؤمنين مث**ل الحي**اة ال**دنيا، أي ش**بهها. "كم**اء أنزلناه من السماء فاختل**ط ب**ه" أي بالم**اء. "نب**ات األرض" ح**تى اس**توى. وقيل: إن النبات اختلط بعضه ببعض حين نزل عليه الماء؛ ألن النب**ات إنم**ا يختلط ويكثر بالمطر. وقد تق**دم ه**ذا المع**نى في "ي**ونس" مبين**ا. وق**الت الحكماء: إنما شبه تعالى الدنيا بالماء ألن الماء ال يستقر في موضع، كذلك الدنيا ال تبقى على واح**د، وألن الم**اء ال يس**تقيم على حال**ة واح**دة ك**ذلك الدنيا، وألن الماء ال يبقى ويذهب كذلك الدنيا تفنى، وألن الماء ال يقدر أح**د أن يدخله وال يبتل كذلك الدنيا ال يسلم أح**د دخله**ا من فتنته**ا وآفته**ا، وألن الماء إذا كان بقدر كان نافعا منبت**ا، وإذا ج**اوز المق**دار ك**ان ض**ارا مهلك**ا، وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر. وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: يا رسول الله، إني أري**د أن أك**ون من الف**ائزين؛ قال: )ذر الدنيا وخذ منها كالماء الراكد فإن القليل منها يكفي والكثير منه**ا يطغي(. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: )ق**د أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أت**اه(. "فأص**بح" أي النب**ات "هش**يما" أي متكسرا من اليبس متفتتا، يعني بانقط**اع الم**اء عن**ه، فح**ذف ذل**ك إيج**ازا لداللة الكالم عليه. والهش**م: كس**ر الش**يء الي**ابس. والهش**يم من النب**ات الي**ابس المتكس**ر، والش**جرة البالي**ة يأخ**ذها الح**اطب كي**ف يش**اء. ومن**ه قولهم: ما فالن إال هش**يمة ك**رم؛ إذا ك**ان س**محا. ورج**ل هش**يم: ض**عيف الب**دن. وتهش**م علي**ه فالن إذا تعط**ف. واهتش**م م**ا في ض**رع الناق**ة إذا احتلبه. ويق**ال: هش*م الثري**د؛ ومن**ه س**مي هاش**م بن عب**د من**اف واس**مه

عمرو، وفيه يقول عبدالله بن الزبعرى: عمرو العال هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف

وكان سبب ذلك أن قريشا أصابتهم سنون ذهبن باألموال فخرج هاشم إلى الشام فأمر بخبز كثير فخبز له، فحمله في الغرائ**ر على اإلب**ل ح**تى وافى مكة، وهشم ذل**ك الخ**بز، يع**ني كس**ره وث**رده، ونح**ر تل**ك اإلب**ل، ثم أم**ر الطهاة فطبخوا، ثم كفأ القدور على الجفان فأشبع أهل مك**ة؛ فك**ان ذل**ك أول الحباء بعد السنة التي أصابتهم؛ فسمي بذلك هاشما. "ت**ذروه الري**اح" أي تفرق**ه؛ قال**ه أب**و عبي**دة. ابن قتيب**ة: تنس**فه. ابن كيس**ان: ت**ذهب ب**ه

Page 239: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وتجيء. ابن عب**اس: ت**ديره؛ والمع**نى متق**ارب. وق**رأ طلح**ة بن مص**رف "تذريه الريح". قال الكس**ائي: وفي ق**راءة عبدالل**ه "تذري**ه". يق**ال: ذرت**ه الريح تذروه ذروا و]تذريه[ ذري**ا وأذري**ه تذري**ه إذراء إذا ط**ارت ب**ه. وحكى

الفراء: أذريت الرجل عن فرسه أي قلبته. وأنشد سيبويه والفراء: فقلت له صوب وال تجهدنه فيذرك من أخرى القطاة فتزلق

قوله تع*الى: "وك*ان الل**ه على ك*ل ش**يء مقت**درا" من اإلنش*اء واإلفن*اء واإلحياء، سبحانه.

}المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقي**ات الص**الحات خ**ير46*اآلية: 3*عند ربك ثوابا وخير أمال{

@قوله تعالى: "المال والبنون زينة الحياة الدنيا" ويجوز "زينت**ا" وه**و خ**بر االبتداء في التثنية واإلفراد. وإنما كان المال والبنون زينة الحي**اة ال**دنيا ألن في المال جماال ونفعا، وفي البنين قوة ودفعا، فص**ارا زين**ة الحي**اة ال**دنيا، لكن معه قرينة الصفة للمال والبنين؛ ألن المعنى: المال والبنون زينة ه**ذه الحياة المحتقرة فال تتبعوها نفوسكم. وهو رد على عيينة بن حصن وأمثال**ه لما افتخروا بالغنى والشرف، فأخبر تعالى أن ما كان من زينة الحياة الدنيا فهو غرور يمر وال يبقى، كالهشيم حين ذرته الريح؛ إنم**ا يبقى م**ا ك**ان من زاد القبر وعدد اآلخرة. وكان يقال: ال تعقد قلبك مع المال ألنه فيء ذاهب، وال مع النساء ألنها اليوم معك وغدا مع غيرك، وال مع السلطان ألن**ه الي**وم لك وغدا لغيرك. ويكفي قي هذا قول الله تع**الى: "إنم**ا أم**والكم وأوالدكم

[. وق**ال تع**الى: "إن من أزواجكم وأوالدكم ع**دوا لكم15فتن**ة" ]التغ**ابن: [. 14فاحذروهم" ]التغابن:

@قوله تع**الى: "والباقي**ات الص**الحات" أي م**ا ي**أتي ب**ه س**لمان وص**هيب وفقراء المسلمين من الطاعات "خ**ير عن**د رب**ك ثواب**ا" أي أفض**ل "وخ**ير أمال" أي أفضل أمال من ذي المال والبنين دون عمل صالح، وليس في زينة الدنيا خير، ولكنه خرج مخرج قول*ه "أص*حاب الجن*ة يومئ**ذ خ*ير مس*تقرا"

[. وقيل: خير في التحقي**ق مم**ا يظن**ه الجه**ال أن**ه خ**ير في24]الفرقان: ظنهم.

@ واختلف العلماء في "الباقيات الصالحات"؛ فقال ابن عب**اس وابن جب**ير وأبو ميسرة وعمرو ابن شرحبيل: هي الصلوات الخمس. وعن ابن عب**اس أيضا: أنها كل عمل ص**الح من ق**ول أو فع**ل يبقى لآلخ**رة. وقال**ه ابن زي**د ورجحه الطبري. وهو الصحيح إن شاء الله؛ ألن كل م**ا بقي ثواب**ه ج**از أن يقال له هذا. وقال علي رضي الله عنه: الحرث حرثان فحرث الدنيا الم**ال والبن**ون؛ وح**رث اآلخ**رة الباقي**ات الص**الحات، وق**د يجمعهن الل**ه تع**الى ألقوام. وقال الجمهور: هي الكلمات المأثور فض**لها: س*بحان الل*ه والحم*د لل**ه وال إل**ه إال الل**ه والل**ه أك**بر وال ح**ول وال ق**وة إال بالل**ه العلي العظيم. خرجه مالك في موطئ**ه عن عم*ارة بن ص**ياد عن س**عيد بن المس**يب أن*ه سمعه يقول في الباقيات الصالحات: إنها ق**ول العب**د: الل**ه أك**بر وس**بحان الله والحمد لله وال إله إال الله وال حول وال ق**وة إال بالل**ه. أس**نده النس**ائي عن أبي س**عيد الخ**دري أن رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم ق**ال: )استكثروا من الباقيات الص**الحات( قي**ل: وم**ا هي ي**ا رس**ول الل**ه؟ ق**ال: )التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله وال حول وال ق**وة إال بالل**ه(. ص**ححه أبو محمد عبدالحق رحمه الله. وروى قتادة أن رسول الله صلى الله علي**ه

Page 240: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وسلم أخذ غصنا فخرط**ه ح*تى س**قط ورق*ه وق**ال: )إن المس**لم إذا ق*ال سبحان الله والحمد لله وال إله إال الله والله أكبر تحاتت خطاياه كما تح**ات هذا خذهن إليك أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن فإنهن من كنوز الجنة وصفايا الكالم وهن الباقيات الصالحات(. ذكره الثعلبي، وخرج**ه ابن ماج**ة بمعناه من حديث أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم: )عليك بسبحان الله والحم**د لل**ه وال إل**ه إال الل**ه والل**ه أك**بر ف**إنهن يع**ني يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها(. وأخرج**ه الترم**ذي من ح**ديث األعمش عن أنس بن مال**ك أن رس**ول الل**ه ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم م**ر بشجرة يابسة الورقة فضربها بعصاه فتن**اثر ال*ورق فق**ال: )إن الحم**د لل*ه وس**بحان الل**ه وال إل**ه إال الل**ه والل**ه أك**بر لتس**اقط من ذن**وب العب**د كم**ا تساقط ورق هذه الشجرة(. ق**ال: ه**ذا ح**ديث غ**ريب وال نع**رف لألعمش سماعا من أنس، إال أنه قد رآه ونظر إلي**ه. وخ**رج الترم**ذي أيض**ا عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم: )لقيت إب**راهيم علي**ه السالم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السالم واخ**برهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحم**د لله وال إله إال الله والله أكبر( قال: حديث حسن غ**ريب، خرج**ه الم**اوردي بمعناه. وفيه - فقلت: ما غراس الجنة؟ ق**ال: )ال ح**ول وال ق**وة إال بالل**ه(. وخرج ابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله علي**ه وس**لم م**ر به وهو يغرس غرسا فقال: )يا أب**ا هري**رة م**ا ال**ذي تغ**رس( قلت غراس**ا. قال: )أال أدلك على غراس خير من هذا سبحان الله والحمد لله وال إل**ه إال الله والله أكبر يغرس ل**ك بك**ل واح**دة ش**جرة في الجن**ة(. وق**د قي**ل: إن الباقيات الصالحات هي النيات والهمات؛ ألن بها تقبل األعمال وترفع؛ ق**ال الحسن. وقال عبيد بن عمير: هن البنات؛ يدل عليه أوائل، اآلية؛ ق**ال الل**ه تعالى: "المال والبنون زينة الحياة ال**دنيا" ثم ق**ال "والباقي**ات الص**الحات" يعني البنات الصالحات هن عند الله آلبائهن خير ثوابا، وخير أمال في اآلخرة لمن أحسن إليهن. يدل عليه ما روته عائشة رضي الله عنه**ا ق**الت: دخلت علي امرأة مس**كينة.. الح**ديث، وق**د ذكرن**اه في س**ورة النح**ل في قول**ه

[ اآلي**ة. وروي عن الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه59"يتوارى من القوم" ]النحل: وسلم أنه قال: )لقد رأيت رجال من أمتي أمر به إلى النار فتعل**ق ب**ه بنات**ه وجعلن يص**رخن ويقلن رب إن**ه ك**ان يحس**ن إلين**ا في ال**دنيا فرحم**ه الل**ه بهن(. وقال قتادة في قوله تعالى: "فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زك**اة

[ قال: أبدلهما منه ابنة فتزوجها نبي فولدت ل**ه81وأقرب رحما" ]الكهف: اثني عشر غالما كلهم أنبياء.

}وي**وم نس**ير الجب**ال وت**رى األرض ب**ارزة وحش**رناهم فلم47*اآلي**ة: 3*نغادر منهم أحدا{

@قول**ه تع**الى: "وي**وم نس**ير الجب**ال وت**رى األرض ب**ارزة" ق**ال بعض النحويين: التقدير والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسير الجبال. قال النحاس: وهذا غلط من أجل الواو وقيل: المعنى واذكر يوم نس**ير الجب**ال، أي نزيلها من أماكنها من على وجه األرض، ونسيرها كم**ا نس**ير الس**حاب؛

[. ثم تكس**ر88كما قال في آية أخرى "وهي تم**ر م**ر الس**حاب" ]النم**ل: فتع**ود إلى األرض؛ كم**ا ق**ال: "وبس**ت الجب**ال بس**ا. فك**انت هب**اء منبث**ا"

[. وقرأ ابن كثير والحسن وأبو عمرو وابن عامر "وي**وم تس**ير"6]الواقعة:

Page 241: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

بتاء مضمومة وفتح الياء. و"الجبال" رفعا على الفع**ل المجه**ول. وق**رأ ابن محيصن ومجاهد "ويوم تسير الجبال" بفتح التاء مخففا من سار. "الجب**ال" رفع**ا. دلي**ل ق**راءة أبي عم**رو "وإذا الجب**ال س**يرت". ودلي**ل ق**راءة ابن محيصن "وتسير الجبال س**يرا". واخت**ار أب**و عبي**د الق**راءة األولى "نس**ير" ب**النون لقول**ه "وحش**رناهم". ومع**نى "ب**ارزة" ظ**اهرة، وليس عليه**ا م**ا يسترها من جبل وال شجر وال بني**ان؛ أي ق**د اجتثت ثماره**ا وقلعت جباله**ا، وهدم بنيانها؛ فهي بارزة ظاهرة. وعلى ه**ذا الق**ول أه**ل التفس**ير. وقي**ل: "وت**رى األرض ب**ارزة" أي ب**رز م**ا فيه**ا من الكن**وز واألم**وات؛ كم**ا ق**ال

[ وق**ال "وأخ**رجت األرض أثقاله**ا"4"وألقت ما فيها وتخلت" ]االنش**قاق: [ وهذا قول عطاء. "وحشرناهم" أي إلى الموق**ف. "فلم نغ**ادر2]الزلزلة:

منهم أحدا" أي لم نترك؛ يقال: غادرت كذا أي تركته. قال عنترة:غادرته متعفرا أوصاله والقوم بين مجرح ومجدل

أي تركته. والمغادرة ال*ترك؛ ومن*ه الغ*در؛ ألن**ه ت*رك الوف**اء. وإنم*ا س**مى الغديرا ألن الماء ذهب وتركه. ومنه غدائر المرأة ألنها تجعلها خلفها. يقول:

حشرنا برهم وفاجرهم وجنهم وإنسهم. }وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول م**رة48*اآلية: 3*

بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا{ @قوله تعالى: "وعرضوا على ربك صفا" "ص**فا" نص**ب على الح**ال. ق**ال مقاتل: يعرضون صفا بع**د ص**ف كالص**فوف في الص**الة، ك**ل أم**ة وزم**رة

[ أي64صفا؛ ال أنهم صف واحد. وقيل جميعا؛ كقوله "ثم ائتوا صفا" ]طه: جميعا. وقيل قياما. وخرج الحاف**ظ أب**و القاس**م عب**دالرحمن بن من**ده في كتاب التوحيد عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله علي**ه وس**لم ق**ال: )إن الله تبارك وتعالى ينادي يوم القيامة بصوت رفيع غير فظي**ع ي**ا عب**ادي أن**ا الله ال إل**ه إال أن**ا أرحم ال**راحمين وأحكم الح**اكمين وأس**رع الحاس**بين ي**ا عبادي ال خوف عليكم اليوم وال أنتم تحزنون أحضروا حجتكم ويسروا جوابا فإنكم مسؤولون محاسبون. يا مالئكتي أقيموا عبادي صفوفا على أط**راف

أنامل أقدامهم للحساب(. قلت: هذا الحديث غاية في البيان في تفسير اآلية، ولم يذكره كثير من

المفسرين، وقد كتبناه في كتاب التذكرة، ومنه نقلناه والحمد لله. @قوله تعالى: "لقد جئتمون**ا كم**ا خلقن**اكم أول م**رة" أي يق**ال لهم: لق**د جئتمونا حفاة عراة، ال مال معكم وال ولدا وقيل فرادى؛ دليله قول**ه "ولق**د

[. وق**د تق**دم. وق**ال94جئتمونا فرادى كما خلقن**اكم أول م**رة" ]األنع**ام: الزجاج: أي بعثناكم كما خلقناكم. "بل زعمتم" هذا خط**اب لمنك**ري البعث أي زعمتم في الدنيا أن لن تبعث**وا وأن لن نجع**ل لكم موع**دا للبعث. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الل**ه ص**لى الله عليه وسلم يقول: )يحشر الناس يوم القيامة حفاة ع**راة غ**رال( قلت: يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعض**هم إلى بعض؟ ق**ال: )ي**ا عائش**ة، األمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض(. "غرال" أي غ**ير مخت**ونين. وق**د

تقدم في "األنعام" بيانه. }ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما في**ه ويقول*ون49*اآلية: 3*

يا ويلتنا ما لهذا الكتاب ال يغ**ادر ص**غيرة وال كب**يرة إال أحص**اها ووج**دوا م**اعملوا حاضرا وال يظلم ربك أحدا{

Page 242: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

@قول**ه تع**الى: "ووض**ع الكت**اب" "الكت**اب" اس**م جنس، وفي**ه وجه**ان: أحدهما: أنها كتب األعمال في أيدي العباد؛ قاله مقات**ل. الث**اني: أن**ه وض**ع الحساب؛ قاله الكل**بي، فع**بر عن الحس**اب بالكت**اب ألنهم يحاس**بون على أعمالهم المكتوب**ة. والق**ول األول أظه*ر؛ ذك*ره ابن المب**ارك ق**ال: أخبرن**ا الحكم أو أبو الحكم - شك نعيم - عن إس**ماعيل بن عب**دالرحمن عن رج*ل من بني أسد قال قال عمر لكعب: ويحك يا كعب حدثنا من حديث اآلخ**رة؛ قال: نعم يا أمير المؤمنين إذا كان يوم القيام**ة رف**ع الل**وح المحف**وظ فلم يبق أحد من الخالئق إال وه**و ينظ**ر إلى عمل**ه - ق**ال - ثم ي**ؤتى بالص**حف التي فيها أعمال العب**اد فتن**ثر ح**ول الع*رش، وذل**ك قول*ه تع*الى: "ووض*ع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب ال يغ**ادر ص**غيرة وال كب**يرة إال أحص**اها - ق**ال األس**دي: الص**غيرة م**ا دون الش**رك؛ والكب**يرة الش**رك، إال أحص**اها - ق**ال كعب؛ ثم ي**دعى الم**ؤمن فيعطى كتابه بيمينه فينظر فيه فإذا حسناته باديات للناس وهو يقرأ سيئاته لكيال يقول كانت لي حسنات فلم تذكر فأحب الله أن يريه عمله كله ح**تى إذا استنقص ما في الكتاب وجد في آخر ذلك كله أنه مغفور وأنك من أهل الجنة؛ فعن**د ذل**ك يقب**ل إلى أص**حابه ثم يق**ول "ه**اؤم اق**رؤوا كتابي**ه. إني

[ ثم ي**دعي بالك**افر فيعطى كتاب**ه19ظننت أني مالق حس**ابيه" ]الحاق**ة: بشماله ثم يلف فيجعل من وراء ظهره ويلوي عنقه؛ فذلك قوله "وأم**ا من

[ فينظ**ر في كتاب**ه ف**إذا س**يئاته10أوتي كتاب**ه وراء ظه**ره" ]االنش**قاق: باديات للناس وينظر في حسناته لكيال يقول أفأث**اب على الس**يئات. وك**ان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه اآلية يقول: يا ويلتاه ض**جوا إلى الل**ه تع**الى من الص**غائر قب**ل الكب**ائر. ق**ال ابن عب**اس: الص**غيرة التبس**م، والكب**يرة الضحك؛ يعني ما كان من ذلك في معصية الل**ه ع*ز وج*ل؛ ذك*ره الثعل**بي.

وحكى الماوردي عن ابن عباس أن الصغيرة الضحك. قلت فيحتمل أن يكون صغيرة إذا لم يكن في معصية، فإن الضحك من

المعصية رضا بها والرضا بالمعصية معصية، وعلى هذا تكون كبيرة، فيكون وجه الجمع ه**ذا والل**ه اعلم. أو يحم**ل الض**حك فيم**ا ذك**ر الم**اوردي على

[. وق**ال19التبسم، وقد قال تعالى: "فتبسم ض**احكا من قوله**ا" ]النم**ل: سعيد بن جبير: إن الصغائر اللمم كالمس**يس والقب**ل، والكب**يرة المواقع**ة والزنى. وق**د مض**ى في "النس**اء" بي**ان ه**ذا. ق**ال قت**ادة: اش**تكى الق**وم اإلحصاء وما اشتكى أحد ظلما، فإياكم ومحقرات الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه. وقد مضى. ومعنى "أحصاها" عدها وأحاط بها؛ وأضيف اإلحصاء إلى الكتاب توسعا. "ووجدوا ما عملوا حاض**را" أي وج**دوا إحص**اء ما عملوا حاضرا وقيل: وجدوا جزاء ما عملوا حاضرا. "وال يظلم ربك أحدا" أي ال يأخذ أحدا بجرم أحد، وال يأخذوه بما لم يعمله؛ قال الض**حاك. وقي**ل:

ال ينقص طائعا من ثوابه وال يزيد عاصيا في عقابه. }وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فس**جدوا إال إبليس ك**ان من50*اآلية: 3*

الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم ع**دوبئس للظالمين بدال{

@قوله تعالى: "وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس ك**ان من الجن ففسق عن أمر ربه" تقدم. قال أبو جعف**ر النح**اس: وفي ه**ذه اآلي**ة سؤال، يقال: ما معنى "ففسق عن أم**ر رب**ه" ففي ه**ذا ق**والن: أح**دهما:

Page 243: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

وهو مذهب الخليل وسيبويه أن المعنى أتاه الفسق لما أمر فعص**ى، فك**ان سبب الفسق أمر ربه؛ كما تقول: أطعمته عن ج**وع. والق**ول اآلخ**ر: وه**و مذهب محمد بن قطرب أن المعنى: ففس**ق عن رد أم**ر رب**ه "أفتتخذون**ه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو" وق*ف ع*ز وج*ل الكف**رة على جه*ة التوبيخ بقوله أفتتخذونه يا بني آدم وذريته أولياء وهم لكم ع*دو؛ أي أع*داء، فهو اسم جنس. "بئس للظالمين بدال" أي بئس عب**ادة الش**يطان ب**دال عن عب**ادة الل**ه. أو بئس إبليس ب**دال عن الل**ه. واختل**ف ه**ل إلبليس ذري**ة من صلبه؛ فقال الشعبي: سألني رجل فقال هل إبليس زوجة؟ فقلت: إن ذل*ك عرس لم أشهده، ثم ذكرت قوله "أفتتخذونه وذريته أولي**اء" فعلمت أن**ه ال يكون ذرية إال من زوجة فقلت نعم. وقال مجاه**د: إن إبليس أدخ**ل فرج**ه في فرج نفس*ه فب*اض خمس بيض*ات؛ فه*ذا أص*ل ذريت*ه. وقي**ل: إن الل**ه تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكرا وفي اليس**رى فرج**ا؛ فه**و ينكح ه**ذا بهذا، فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون ش**يطانا وشيطانة، فهو يخرج وهو يط**ير، وأعظمهم عن**د أبيهم منزل**ة أعظمهم في ب**ني آدم فتن**ة، وق**ال ق**وم: ليس ل**ه أوالد وال ذري**ة، وذريت**ه أعوان**ه من الشياطين. قال القشيري أبو نصر: والجملة أن الله تعالى أخ**بر أن إلبليس اتباعا وذرية، وأنهم يوسوسون إلى بني آدم وهم أع**داؤهم، وال يثبت عن**دنا كيفية في كيفية التوالد منهم وحدوث الذرية عن إبليس، فيتوقف األمر فيه

على نقل صحيح. قلت: الذي ثبت في هذا الب*اب من الص*حيح م*ا ذك*ره الحمي*دي في

الجم**ع بين الص**حيحين عن اإلم**ام أبي بك**ر البرق**اني أن**ه خ**رج في كتاب**ه مسندا عن أبي محمد عب**دالغني بن س**عيد الحاف**ظ من رواي**ة عاص**م عن أبي عثمان عن سلمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ال تكن أول من يدخل السوق وال آخر من يخرج منها فبها باض الش**يطان وف**رخ(. وهذا يدل على أن للشيطان ذرية من صلبه، والل**ه اعلم. ق**ال ابن عطي**ة: وقول "وذريته" ظاهر اللف*ظ يقتض**ي الموسوس**ين من الش*ياطين، ال*ذين يأتون بالمنكر ويحملون على الباطل. وذكر الطبري وغيره أن مجاهدا قال: ذرية إبليس الشياطين، وكان يعدهم: زلنبور ص**احب األس**واق، يض**ع رايت**ه في كل سوق بين السماء واألرض، يجعل تلك الراي**ة على ح**انوت أول من يفتح وآخر من يغلق. وثبر ص*احب المص**ائب، ي*أمر بض**رب الوج*وه وش**ق الجيوب، والدعاء بالويل والحرب. واألعور صاحب أب**واب ال**زنى. ومس**وط صاحب األخبار، ي**أتي به**ا فيلقيه**ا في أف**واه الن**اس فال يج**دون له**ا أص**ال. وداسم الذي إذا دخل الرجل بيته فلم يسلم ولم يذكر اسم الله بص**ره من المتاع ما لم يرفع وما لم يحسن موضعه، وإذا أكل ولم يذكر اسم الله أكل مع**ه. ق**ال األعمش: وإني ربم**ا دخلت ال**بيت فلم أذك**ر الل**ه ولم أس**لم، فرأيت مطه**رة فقلت: ارفع**وا ه**ذه وخاص**متهم، ثم أذك**ر ف**أقول: داس**م داسم أعوذ بالله منه زاد الثعلبي وغ**يره عن مجاه**د: واألبيض، وه**و ال**ذي يوسوس لألنبياء. وص*خر وه*و ال*ذي اختلس خ*اتم س**ليمان علي*ه الس**الم. والولهان وهو صاحب الطهارة يوسوس فيها. واألقيس وهو صاحب الص**الة يوسوس فيه**ا. وم**رة وه**و ص**احب المزام**ير وب**ه يك**نى. والهف**اف يك**ون بالصحارى يضل الناس ويتيههم. ومنهم الغيالن. وحكى أب**و مطي**ع مكح**ول بن الفضل النسفي في كتاب اللؤلئيات عن مجاهد أن الهفاف ه**و ص**احب

Page 244: *1*الجزء 10 من الطبعة · Web viewو"نحن" يجوز أن يكون موضعه رفعا بالابتداء و"نزلنا" الخبر. والجملة خبر "إن". ويجوز

الشراب، ولقوس صاحب التحريش، واألعور صاحب أبواب السلطان. ق**ال وقال الداراني: إن إلبليس ش**يطانا يق**ال ل**ه المتقاض**ي، يتقاض**ى ابن آدم فيخبر بعمل كان عمله في السر منذ عشرين سنة، فيحدث به في العالنية. قال ابن عطية: وهذا وما جانسه مما لم يأت ب**ه س**ند ص**حيح، وق**د ط**ول النقاش في هذا المعنى وجلب حكايات تبع**د عن الص**حة، ولم يم**ر بي في هذا صحيح إال ما في كتاب مس**لم من أن للص**الة ش**يطانا يس**مى خ**نزب.

وذكر الترمذي أن للوضوء شيطانا يسمى الولهان. قلت: أما ما ذكر من التعيين في االسم فص**حيح؛ وأم**ا أن ل**ه اتباع**ا

وأعوانا وجنودا فمقطوع به، وقد ذكرن**ا الح**ديث الص**حيح في أن ل**ه أوالدا من ص**لبه، كم**ا ق**ال مجاه**د وغ**يره. وفي ص**حيح مس**لم عن عبدالل**ه بن مس**عود: إن الش**يطان ليتمث**ل في ص**ورة الرج**ل في**أتي الق**وم فيح**دثهم بالحديث من الكذب فيتفرق**ون فيق**ول الرج**ل منهم س**معت رجال أع**رف وجهه وال أدري ما اسمه يحدث. وفي مس**ند ال**بزار عن س**لمان الفارس**ي قال قال الن**بي ص**لى الل**ه علي**ه وس**لم: )ال تك**ونن إن اس**تطعت أول من يدخل السوق وال آخر من يخرج منها فإنه**ا معرك**ة الش**يطان وبه**ا ينص**ب رايته(. وفي مسند أحمد بن حنبل قال: أنبأنا عبدالله بن المبارك قال حدثنا س***فيان عن عط**اء بن الس**ائب عن أبي عب***دالرحمن الس***لمي عن أبي موسى األشعري قال: إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول من أضل مس**لما ألبسته التاج قال فيقول له القائل لم أزل بفالن ح**تى طل**ق زوجت**ه، ق**ال: يوشك أن يتزوج. ويقول آخر: لم أزل بفالن حتى عق؛ قال: يوشك أن ي**بر. فال ويقول القائل: لم أزل بفالن حتى ش**رب؛ ق**ال: أنت ق**ال ويق**ول: لم أزل بفالن حتى زنى؛ قال: أنت قال ويقول: لم أزل بفالن حتى فتل؛ ق**ال: أنت أنت وفي صحيح مسلم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله علي**ه وسلم: )إن إبليس يضع عرش**ه على الم**اء ثم يبعث س**راياه فأدن**اهم من**ه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله ق**ال فيدنيه أو قال فيلتزمه ويقول نعم أنت(. وقد تقدم وسمعت ش**يخنا اإلم**ام أبا محمد عبدالمعطي بثغر اإلسكندرية يقول: إن شيطانا يقال له البيضاوي يتمثل للفق**راء المواص**لين في الص**يام ف**إذا اس**تحكم منهم الج**وع وأض**ر بأدمغتهم يكشف لهم عن ضياء ونور حتى يمأل عليهم البيوت فيظن**ون أنهم

قد وصلوا وأن ذلك من الله وليس كما ظنوا.