20ألف شروق

39

Upload: mohamed-tally

Post on 12-Dec-2015

182 views

Category:

Documents


15 download

DESCRIPTION

لم يعد الحصول على قنبلة أمراً صعباً هذه الأيام .. .. علب الكشرى تحتاج من يحميها .. والزومبى يحتاجون من يطعمهم.. بالتأكيد ليس دكتور سامى .. أما شعب الميدان فما زالوا يبحثون عن دولتهم .. وحتى محسن باشا لم يحتسى الكاباتشينو الخاص به بسبب من قالوا لول .. على الجانب الآخر ليس سوبر مان هو الرجل الوحيد الذى يستطيع الطيران .. فى يوم ما إذا كونت عصابة فلا تخطف ذلك الرجل الذى يطير .. ولا تتوقع أن ترى بحراً من فوق كوبرى البحر .. وأخيراً إياك وقرشاً واحداً من ال 99 قرش .. إلا إذا أصبحت مثل مصطفى الذى يموت مجدداً .

TRANSCRIPT

Page 1: 20ألف شروق
Page 2: 20ألف شروق

الفهرس١- ا�قدمة

٢- أنت مضحوك عليك

٣- كوبرى البحر

٤- الذين قالوا لول

٥- ­ القلب يا بالوظة

٦-٩٩ قرش

٧- شعب ا�يدان

٨- عندما يغيب هيثم

٩- ليس- سوبر- مان

١٠- كل ثورة وانتا طيب

١١- ١+١

١٢- مصطفى ¢وت.. مجددا

.......................................................

.............................................................

........................................................

.................................................................

........................................................................

.................................................................

.........................................................

...........................................................

......................................................

..........................................................................

...............................................

١-٣

٣-٥

٦-٧

٨-١١

١٢-١٥

١٦-٢٢

٢٣-٢٥

٢٦

٢٧-٢٨

٢٩

٣٠-٣١

٣٢-٣٤

Page 3: 20ألف شروق

لم یعد الحصول على قنبلۀ أمرا صعبا هذه األیام .. .. علب الکشرى تحتاج من یحمیها شعب أما .. سامى دکتور لیس بالتأکید یطعمهم.. من یحتاجون والزومبى .. المیدان فما زالوا یبحثون عن دولتهم .. وحتى محسن باشا لم یحتسى الکاباتشینو الخاص به بسبب من قالوا لول .. على الجانب اآلخر لیس سوبر مان هو الرجل الوحید الذى یستطیع الطیران .. فى یوم ما إذا کونت عصابۀ فال تخطف ذلک الرجل الذى یطیر .. وال تتوقع أن ترى بحرا من فوق کوبرى البحر .. وأخیرا إیاك وقرشا واحدا من ال

99 قرش .. إال إذا أصبحت مثل مصطفى الذى یموت مجددا

Page 4: 20ألف شروق

برأس أصلع ونظارة " قعر كباية " أصبحت نادرة وقميص باهت اللون ويد تحمل كيس بالستي� بداخله بعض علب الكرشى كان يعرب الطريق داخل ميدان التحرير .. مظاهرة كب�ة يراها وهتافات

غريبة عليه يسمعها وصور لج�ل عبدالنارص اقرتب منه أحدهم وسأله : تعرف ايه عن اإلشرتاكية ؟

رد بال مباالة : مش عارف يابنى ومش عاوز أعرف- انت مضحوك عليك يا حاج

- أنا؟ .. مضحوك عىل ىف ايه بقى؟-مش عاوزينك تفكر أبدا .. البداية الصح انك تفكر .. تتعلم سياسة .. عشان تختار صح

ىف اإلنتخابات و¼سك البلد ناس محرتمة تعمل مرشوعات تجيب شقق ووظايف ¹رتبات حلوة ألوالدك

بدا عليه اإلهت�م وسأل : طب يعنى ايه اشرتاكية؟ -اإلشرتاكية بإختصار يعنى امللكية الج�عية .. كل حاجة ىف البلد تبقى ملك الحكومة

والحكومة توزع األرباح بالتساوى عىل املواطنÃ .. فاكر عبدالنارص ملا أمم قناة السويس ؟ فاكر ملا كنت برتوح عمرأفندى أو صيدناوى عشان تجيب كل الىل نفسك فيه؟ .. هى دى اإلشرتاكية ..

وبعدين اإلسالم أصال اشرتاÆ .. بدليل وجود حاجة اسمها بيت املال أيام عمر بن الخطاب - إذا كان كده يبقى أنا معاكم

- طب بقولك ايه .. أنا شايف معاك كرشى وإحنا واقفÃ من الصبح بنهتف وبرصاحة جوعنا خليك إشرتاÆ أومال ووزع علينا

شعر املواطن بالحرج من الرفض فأعطاه الكرشى الذى معه وإنرصف مهموما ليجد شئ آخر يطعم به أهل بيته

*** يوم تاىل واملواطن ىف نفس الوقت ¼ر من نفس املكان بنفس الهيئة ونفس اليد تحمل كيس بداخله كرشى .. ليست نفس الكيس طبعا .. أيضا مظاهرة كب�ة يراها وهتافات غريبة عليه يسمعها .. لكن ال صور لعبدالنارص .. سأل نفسه ملاذا أزاحوا صوره .. أراد أن يتقدم إليهم ويسأل أحدهم لكنه تذكر الكرشى ..أراد أن ينرصف لكن الفضول Ðكله .. أين عبدالنارص؟.. ما الخطأ؟ .. إذن ماذا يفعل بالكرشى ؟.. نظر ¼ينا ويسارا .. وجد مكان بعيد عن األنظار ىف ركن ما .. وضع به كرشيه وعاد إليهم .. سأل : أين صور عبدالنارص؟ .. نظروا إليه بدهشة ممزوجة بإستنكار وإستحقار .. جاوبه أحدهم : بتسأل عن عبد النارص؟ .. مسمعتش عن سجون ومعتقالت عبدالنارص؟ .. متعرفش الىل كان بيقول حاجة مش عاجبه النظام ساعتها كان بيحصله إيه؟ .. مشفتش فيلم إحنا بتوع األتوبيس

مشفتش فيلم الربئ؟ !!! .. إنت شكلك مضحوك عليك

١

.

.

.

.

...

..

Page 5: 20ألف شروق

-هو إنت مش إشرتاÆ؟

أنا ليرباىل .. أؤمن بالحرية .. كل واحد حر يقول الىل هو عاوزه .. يكتب الىل هو عاوزه .. يعمل

الىل هو عاوزه .. بس برشط إنه ميرضش حد .. أؤمن باملساواة والعدالة بÃ الناس .. كلنا قدام

القانون زى بعض .. مواطن بلطجى أو ظابط مرتىش أو رجل دين فاسد بيتاجر بالدين .. كل

دول الزم يتحاكموا أمام القانون.. تعرف ان انت ليرباىل أصال؟

-ياسالم !

-انت مسلم وال مسيحى ؟

-مسلم

-طب تقدر تقوىل اآلية الكر¼ة " لكم دينكم ويل دين " معناها ايه؟

-يعنى إحنا أصال ريرباريÃ كلنا من غ� ما نعرف؟

-اسمها ليرباليÃ .. أيوه طبعا .. الناس بس هى الىل مش فاهمة

شكره عىل توضيح األمر له ومىض منرصفا.. ىف منتصف الطريق تذكر أنه نىس شيئا .. قفز من

األتوبيس العام وعاد ثانية .. لكن الكرشى كان قد اختفى

***

اليوم الثالث وىف نفس التوقيت ¼ر من نفس املكان بنفس الهيئة .. وكيس الكرشى الجديد ىف

نفس اليد .. كالعادة مظاهرة كب�ة يراها وهتافات غريبة عليه يسمعها .. ال صور لعبدالنارص

.. لكن ذقون كث�ة طويلة منترشة .. أخرب نفسه أنه لن يقرتب منهم .. الكرشى البد أن يصل

البيت هذه املرة .. إال أنه سمع هتافات جذبت إهت�مه .. انرصوا اإلسالااااام .. انرصوا رشيعة

الله .. ماذا ستقول لربك يوم القيامة .. الليرباليÃ يحاربون رشيعة الله .. انرصوا رسول الله ..

انضم متحمسا ناسيا أن الكرشى ىف يده وهتف معهم : نحن فداك يا رسول الله .. استمر ىف

الهتاف معهم حتى تعب وتعبوا .. سأل من كان يقود الهتاف : هو مش الليرباليÃ دول ناس

محرتمÃ؟

أجابه الرجل بحدة :انت شكلك مضحوك عليك .. إنت عارف يعنى إيه ليربالية ؟ .. يعنى امك

.تقلع الحجاب

املواطن مستنكرا : أمى أنا؟ ... لييييه ؟

مش بس كده .. عاجبك األفالم الىل مليانة عرى وفسق وفجور الىل بيعملوها دى؟ .. كل األفالم

-الىل انت شايفها دى بيعملها ليرباليÃ .. دول بيحاربوا الرشيعة .. أستغفر الله العظيم

-أستغفر الله العظيم

-بقولك إيه يا أخى .. أنا واألخوة هنا منذ الصباح الباكر وقد تعبنا وجوعنا .. وانا شايف

معاك كرشى يعنى .. النبى عليه الصالة والسالم وىص عىل سابع جار

ضم الرجل الكيس إىل صدره قائال : وهو إنت ساكن جنبى أصال .. جارى إزاى يعنى؟

-ج�ان ىف امليدان يا أخى .. ألست بجوارى اآلن ؟!! .. مش الرسول قال " ما ءامن è من

بات شبعان وجاره جائع إىل جنبه وهو يعلم به "؟.. صدق رسول الله صىل الله عليه وسلم

-عليه الصالة والسالم

٢

.

!

!!

.

Page 6: 20ألف شروق

قالها حزينا وهو يعطى الكرشى إىل الرجل صاحب الذقن وإنرصف كالعادة فارغا

***

عىل املقهى ليال كان يجلس مع صديقه محمود

محمود : هتنتخب مÃ يا صبحى؟

صبحى : مش عارف والله ... انت هتنتخب مÃ؟

-هأنتخب مصطفى حسن

-بس ده نظام قديم

-نظام قديم نظام قديم.. وإيه يعنى؟

-والثورة؟

-ثورة إيه صىل عىل النبى .. إحنا شكلنا انضحك علينا .. ال حاجة اتغ�ت وال حال البلد انصلح

خدنا إيه من الثورة والثوار؟ ..بالعكس البلد حالها بيسوء .. أنا هأنتخب مصطفى حسن .. راجل

عارف البلد بتمىش إزاى .. ويوم اإلنتخابات هيدى الىل ينتخبه ورقة ب٢٠٠ جنيه.. أهو يبقى

استفدنا بحاجة .. مش كده وال إيه؟

املواطن بال مباالة : عىل رأيك .. عملتلنا إيه الثورة

٣

..

!

.

Page 7: 20ألف شروق

(١)

كوبرى البحر .. انه اليطل عىل أى بحر .. ال أدرى ملاذا أسموه بهذا اإلسم .. ىف الحقيقة أنا ال أهتم

بإسمه بقدر ما أهتم بكوبرى املشاة ذلك نفسه .. إنه مكان رزقى .. أضع بعض صناديق الفاكهة

عىل أحد جانبى الكوبرى وأنتظر من يشرتى .. عنب وتÃ ومانجو .. أنا ال أصنع لنفىس دعاية هنا

لكنها أرخص من محال الفاكهة املقابلة هذه .. السعر ال يحتوى مصاريف نقل أو رضائب أو فوات�

كهرباء أو مياه .. أنا أمثل املنقذ لفئة كب�ة من عابرى الكوبرى .. معظمهم من ميسورى الحال ..

Ãع�ل .. أحمى دخلهم من التآكل .. عندما تجد نفس السلعة بسعرين مختلف , Ãمدرس , Ãموظف

بائع .. الود الزمالء" هنا يسودها الباعة " Ãالروح ب .. فبالتأكيد ستعلم أيه� يجب أن تشرتى

عمالت قد¼ة ,بائع ملصقات ,بائعة مناديل,بائع قطع بالستيكية وأيضا شحاذون .. كل يبحث عن

لقمة العيش .. ملاذا نحن عىل الكوبرى؟ .. لن أقول لك إن الحياة صعبة وال توجد مهنة محرتمة

تصلح ألمثالنا أو شقة أو رشيكة حياة وكل هذا النحيب .. فقط سأقول أن الكوبرى هو سبب بقائنا أحياء بعد إرادة الله .. إذا نزلنا منه ñوت .. بالضبط كالسمك و املاء .. أعنى إذا نزلنا نصبح أهدافا

سهلة لرجال " البلدية " .. لطاملا سألت نفىس ملاذا يطاردوننا .. خرجت إىل الحياة فق� لكن بدال

من أكون عبء عىل الناس وعىل " حكومتنا" خرجت للعمل بل وىف نفس الوقت أساعد الكث� من

الناس من بيعى بسعر منخفض وبدال من أن يتم شكرى أجدهم يطاردوننى! .. أال تريدوننى أن

أحيا؟ .. أنا ال أريد الشكر لكن اتركوò أحيا ىف هدوء .. شششش .. صمتا من فضلكم .. يبدو أنهم

هنا .. هناك سيارة " مشبوهة" لنا تقف هناك عىل ناصية الشارع .. هل هم هم؟ .. فجأة وجدنا

هناك من يرصخ (البلدية ... البلدية )... وبدأت املطاردة

(٢)

كوبرى البحر .. انه اليطل عىل أى بحر .. ال أدرى ملاذا أسموه بهذا اإلسم .. ىف الحقيقة أنا ال أهتم

بإسمه بقدر ما أهتم ¹ن عليه هناك .. أراهم من نافذة السيارة مع زمالô .. ننتظر وصول سيارة

الرشطة التى ستساعدنا .. يجلسون هناك أعىل الكوبرى ..يعتقدون أننا لن نراهم إذا جلسوا هناك..

"بضاعته" منهم لف .. سيحاول كل الدجاج مثل أمامنا .. سيجرون املطاردة وتبدأ دقائق كلها

وحملها وهو يجرى .. ستتساقط منهم بعض أشيائهم تلك ¼ينا ويسارا .. أما الذى يسقط نفسه

فإعتربه ىف عداد األموات .. أحيانا ينتحب ويب� ويقسم .. يقسم أنه õ يفعل شئ خاطئ .. أحيانا

يرصخ ويعاند ويسب .. أحيانا يستسلم وال يقاوم .. لكن الثالثة نهايتهم واحدة .. ملاذا نطاردهم؟

õ يكن لدى البائع مستندات وفوات� فكيف تتأكد أنه õ هناك منهم خارجون عن القانون .. إذا ..

يرسق تلك السلع؟ .. ماذا عن الرضائب واملرصوفات األخرى .. إذا امتنع الناس عن دفع الرضائب

فكيف ¼كن ل "حكومتنا" أن تبنى مثل هذا الكوبرى الذى يقفون عليه اآلن .. كيف يستوى من

٤

.

.

.

.

.

!

.

Page 8: 20ألف شروق

يدفع رضائبه ويفيد دولته وأهله بآخر ال يأبه إال لنفسه .. إذن إلمتنع كل دافع ! .. أما الجر¼ة

الكربى هى أن بعضهم بائعى مخدرات وأسلحة بيضاء يخفونها بسلعهم تلك !.. õ ال وهم ال يوجد

أى رقابة عليهم .. أõ أقل لك إنهم خارجون عن القانون .. ال يغرك مالبسهم البسيطة أو نظراتهم

املستعطفة .. أعرتف أن هناك فئة منهم رشيفة .. لكنهم قلة ويصعب Ðييزهم .. إن سيارة الرشطة

قاربت عىل الوصول .. نزلنا من السيارة .. رآنا أحدهم وميز أحدنا .. رصخ بصوت عاىل ( البلدية

... البلدية) .. وبدأت املطاردة

(٣)

كوبرى البحر .. انه اليطل عىل أى بحر .. ال أدرى ملاذا أسموه بهذا اإلسم .. ىف الحقيقة أنا ال أهتم

بإسمه بقدر ما أهتم بعبوره .. إنه ينقلنى من فوق خط السكة الحديد ذلك الذى يفصل بÃ بيتى

وعمىل .. õ أكن أعرف أن إرتفاع عربة قطار سيؤثر عىل حياø بهذا الشكل .. بالطبع الكوبرى البد

أن يكون أعىل من القطار وبالتاىل خمنوا ماذا؟.. املزيد من السالõ صعودا واملزيد هبوطا يوميا ..

إò فعال أشفق عىل كبار السن املضطرين لعبوره .. آه .. أخ�ا قاربت من الصعود .. ها أنا ذا قد

الباعة من الكث� عليه يوجد الكوبرى أعىل .. الزحام شقاء إىل ألتجه السلم شقاء من انتهيت

الجائلÃ .. بعضهم يحتل نصف عرض الكوبرى! بل ويزداد األمر سوءا عندما يكú املشرتون حوله

وال يستطيع املرء أن يعرب منهم إال بعد عناء .. أحيانا أشعر أن الكوبرى يهتز وسيسقط بنا .. ال

أدرى إن كان مصممه أخذ ىف اإلعتبار كل هذا الوزن الزائد .. ناهيك عن الضوضاء التى يصدرونها

.. تجد أحدهم يرصخ (قرب قرب.. بإتنÃ ونص )بل وأحيانا تجد من يجذب ذراعك ليجربك عىل

مشاهدة ما يعرض قائال ( خد فكرة واشرتى بكرة ) .. مستفز .. أليس كذلك؟.. لكن حتى أكون

منصفا أحيانا " أشرتى بكرة " .. فأسعارهم رخيصة نسبيا تناسب ميسورى الحال أمثاىل .. أسمع أحدهم ينبه اآلخر بسيارة تقف بعيدا قد تكون للبلدية .. أÐنى أال تكون فعال كذلك .. ليس خوفا

عليهم فأنا ال آبه لهم لكن خوفا عىل أنا .. حين� تبدأ املطاردة تجد نفسك فجأة ىف وسط ساحة

حرب .. أناس يجرون هنا وهناك وأصوات رصاخ واستنجاد و سلع منثورة عىل األرض تدوس عليها

..قد تجد أمامك من يجرى وفجأة ¼سكه أحدهم فيرصخ وكأنه وقع ىف األرس .. قد يصدمك أحد

يهمه ما بقدر صدمك بعدم كث�ا يهتم ال .. يجرى وهو يحملها التى ببضائعه Ãالهارب هؤالء

لها ولهم ولنا ألنهم سيعودون مجددا .. البد أن تجد " حكومتنا " حال مرضيا الهروب ¹ا لديه

ومجددا وسنظل هكذا وسط هذه املعركة .. واآلن البد أن أكون حذرا جدا و "ربنا يسرت" ..فجأة

رصخ أحدهم بصوت عال ( البلدية .. البلدية )... وبدأت املطاردة

٥

!

!

Page 9: 20ألف شروق

خلف املكتب الكب� الذى تتوجه قطعة معدنية صغ�ة مكتوب عليها ( مقدم / محسن الكب� )

يجلس محسن باشا- ك� كان يناديه الرجل الذى أمامه – وأمامه كان يقف الرجل الذى كان يناديه

ب( محسن باشا) يحمل أحد امللفات الورقية... كان محسن باشا ذلك ¼سك هاتفه املحمول ىف يد

ويقلب كوب الكابتشينو الذى أمامه ذا الرائحة النفاذة ىف حÃ كان الرجل الواقف ينظر إىل الكوب

ىف لهفة إىل أن أنهى املكاملة وبدأ يحدثه

محسن باشا : ايه الجديد عندك يا محمود؟

محمود : واد جديد يا باشا دخل الجروب إياه

محسن باشا : ليه ملف عندنا؟

محمود : أل

محسن باشا : خالص اعمله واحد جديد .. مش كل مرة الزم أنا الىل أقولك

محمود : أنا فعال يا باشا بعمله واحد .. بس مش القى تهمة عدلة تنفعه

ابتسم محسن باشا وأومأ ملحمود بفهمه املطلوب .. فقد كان يؤمن أن هناك قلة قليلة من الضباط

العباقرة تستطيع أن تستخلص تهمة ( ماتخرش املية ) من ترصفات املواطن .. وجملة محمود

األخ�ة تتضمن إعرتاف بأنه أحد هؤالء العباقرة

Ãأعطى محمود امللف الذى ىف يده ملحسن باشا ¹جرد أن أومأ له .. كان امللف يحتوى عىل ورقت

.. األوىل ل ( كومنتات ) عىل (استاتوس ) املتهم املزعوم عىل موقع الفيس بوك .. والثانية كانت

فارغة تنتظر التهمة املزعومة ليصبح مته� مزعوما .. وأخذ محسن باشا الورقة الفيسبوكية ىف يده

وحاول القراءة

Mizo peace : أكن مرصيا .. كان هيبقى قشطة قوى õ لو

Sami adel : 2adeeeema ya maw :D

Mizo peace : عاوز أخلص من البلد وخالص òمش مهم .. املهم ا

Sami adel : belra7a 3alena bas .. shaklak ma7’noo2 men 7aga

Mizo peace : من الكوسة .. الشغالنة راحت منى

Sami adel : 7’las .. law ma7’noo2 men el kosa matakolhash :D

Mizo peace: لول

Sami adel : ana 3awez ashofak bokra

Mizo peace : ابقى عدى عليا بليل.. Ãمفيش مشكلة .. أنا عرفت مكان جديد .. جامد التن

Sami adel : peace

٦

.

.

:

:

Page 10: 20ألف شروق

انتهى محسن باشا من القراءة وتبدو عىل وجهه عالمات الح�ة والتشوش .. نظر إىل محمود

وتصنع الهيبة والفهم العميق ثم قال بثقة : الواد ده شكله شقى .. اكتب معارض لنظام الحكم

Ãويشتبه ىف انت�ءه للشيوعي

حكاية Ãمن عرفت انت بس سيادتك.. والله منك بنتعلم .. فندم يا عليك الله : محمود

الشيوعيÃ دى؟

Ãوالتن .. (Ãجامد التن ) محسن باشا : يا محمود خليك مفتح .. الواد بيقول مكان جديد اسمه

ده رمز للصÃ والصÃ شيوعيÃ .. الزم تعرف ازاى تصطاد الحاجات دى وتفهمها وهى طايرة

محمود : مكدبىش عليك يا باشا أنا أصال معرفتش أقرا الكالم الىل مش عر~ .. دا انجليزى ده

يا باشا؟

محسن باشا وبدا عليه اإلرتباك : طبعا أل

محمود : أنا قولت كده برضه .. أنا دارس انجليزى ومعرفتش أقرا حاجة ..أومال ايه يا فندم؟

محسن باشا وقد زاد اإلرتباك : ايييه .. إحم ... دا ..تشيكوسلوفي�

ثم تصنع الثقة مجددا وقال بتفاخر : قال يعنى فاكرينا مش هنعرف

محمود : طبعا يا باشا .. ميعرفوش ان عندنا كفاءات زى سيادتك

وهم محمود باإلنرصاف إال أنه بدا مرتددا

محسن باشا : فيه حاجة تاò وال إيه؟

محمود : يعنى إيه لول يا باشا؟

محسن باشا وقد عاوده اإلرتباك : لول .. يعنى

اكتشف أنه ال يجد فربكة جديدة ذات حبكة فرصخ ىف محدثه قائال : وبعدين بقى ؟... هنضيع

الشغل ىف الكالم الفاىض ده .. روح دلوقتى اعرفىل فÃ املكان الىل اسمه ( جامد التنÃ ) ده

وحطىل مخرب هناك .. برسعة

تفاجأ محمود إلنقالب مزاج محسن باشا ىف جزء من الثانية لكنه رصخ تلقائيا : Ðام يا فندم

وانرصف مرسعا مغلقا باب الحجرة خلفه

أما محسن باشا فقد انتبه إىل أن كوب الكابتشينو أصبح باردا وقد نسيه فأخذ يصب اللعنات

عىل محمود ثم ضغط عىل زر صغ� عىل مكتبه وقال : هاتىل واحد تاò يابنى .. لسه قدامنا

سهرة طويلة ... ثم نظر إىل كومة كب�ة من امللفات أمامه وتناول أحدها وهو يتمتم : انتوا

تتكلموا وترغوا واحنا نتعب ونسهر .. شباب تافه

.

.

.

.

.

..

.

..

..

..

...

٧

Page 11: 20ألف شروق

جرس الباب رن عدة مرات متتالية .. ( حارض .. حارض ) هكذا رصخ دكتور سامى فتح الباب ليجد شابا يحاول إلتقاط أنفاسه ويحاول الكالم أيضا (صباح الخ� .. يا دكتور .. أنا ..

( ابن األستاذ محمد .. الىل ساكن ىف الدور التاò.. جدى تعبان قوى ومحتاج للكشف برسعة-( طب ما تروح لدكتور)

-(ماهو عشان كده أنا جيت لحرضتك يا دكتور )-(بس أنا مش طبيب )

-( إزاى؟ .. ما الناس كلها بتقولك يا دكتور )-( ده عشان أنا دكتور مش طبيب )

-(إزاى يعنى ؟ )-( يا ابنى أنا اسمى دكتور عشان واخد الدكتوراه .. دكتوراه ىف الطبخ الصحي )

-(! طباخ يعنى ) -(أوال الدكتوراه ىف الطبخ الىل مش عاجبه حرضتك دى أنا واخدها من فرنسا .. ثانيا ماله

الطباخ يعنى .. الطبخ دلوقتى بقى زى الهندسة .. حسابات بالورقة والقلم .. أنا عشان أطبخ وجبةده وأشوف .. حرارى كام سعر محتاج بحسب أساسه وعىل األول وزنك أعرف الزم لسعادتك

موجود ىف كام جرام .. مش بالربكة كدة زى ما انت متعود تاكل-(برضه طباخ)

أراد أن (يطبق ىف زمارة رقابته) لكنه سيطر عىل غضبه ىف اللحظة األخ�ة .. و إكتفى بالقول (الكالم مش هيجيب نتيجة معاك .. أمثالك ه� الىل جايبينا ورا .. روح إجرى شوف دكتور لجدك .. زمانه

مات( وأغلق الباب ىف وجهه وهو يكلم نفسه : ( يوم باين من أوله ... يارب عدى اليوم ده عىل خ�

إرتدى أشيك بذلة لديه ونزل مرسعا .. وقف ىف منتصف شارعه الفارغ إال من صفى سيارات مركونة: عىل الجانبÃ .. ينظر ¼ينا ويسارا و خلفه وأمامه

-( !هى راحت فÃ ؟! .... هو أنا ركنت فÃ إمبارح ؟ ) رفع رأسه ألعىل وهو يتذكر ما حدث ليلة أمس ويعيد ترتيب األحداث وهو يش� بيده إىل أن تذكر

سار خطوتÃ ناحية سيارة وقال-( أنا املفروض راكن هنا .. عربية مÃ دى وعربيتى انا فÃ ؟ )

تذكر ميعاده فنظر ىف ساعته ليزداد بؤسا هرول ناحية أول الشارع .. أوقف تاكىس

-( املعادى ؟ )-( اركب )

ركب بجانب السائق .. ( برسعة يا أسطى الله يكرمك

!

.

..

..

:

(

(

(

٨

Page 12: 20ألف شروق

.

:

٩

وإزدادت رسعة السائق في� يحاول سامى تقليل توتره وغضبه .. أشغل نفسه بالرتكيز ىف الطريق تارة وىف كمية األنتيكات الصغ�ة املنترشة عىل تابلوه السيارة .. لفت نظره وجود صورة لشابيا القلب : ىف الصورة .. ومكتوب عىل املناديل علبة بداخله يوضع صغ� ملصقة عىل صندوق

بالوظة-( إبنك ده يا أسطى)

ضحك السائق ضحكة خفيفة ثم قال-( هو أنا شكىل كب� كده ؟ ... دا ولد من حتتنا مات شهيد .. الله يرحمه كان ىف قمة اإلحرتام )

الله يرحمه .. ودا بقى كان ثورجى وال إخوان وال ألرتاس وال ٦ إبريل .. وال من الشباب النقى)( الطاهر؟ ) ثم ضحك ساخرا وقال بحركة مرسحية : ( الورد الىل فتح ىف جناين مرص

-( إنت مش مع الثورة وال إيه يابيه ؟ ) ثورة إيه يا عم إنت بتصدق .. هى لو دى ثورة كان البلد حالها يسوء أكرت من األول ؟ .. ثورة إيه)- دى .. طب أنا عربيتى الىل راكنها قدام بيتى نزلت الصبح ملقيتهاش .. شكلها اترسقت .. تخيل

(واحد ينزل الصبح ميلقيش عربيته ؟! .. كانوا يقدروا يعملوا كده قبل الثورة ؟ إنت عارف يا بيه بالوظة مات إزاى ؟ .. مش ىف مظاهرات وال حاجة .. كان فيه بلطجى ىف الحتة ) بتاعتنا بيبلطج عىل خلق الله ويرسق رزقهم عينى عينك .. بيقسم مع أمÃ رشطة تبعه ىف القسم .. أى حد ماىش ىف الحتة ممكن يثبته وياخد منه فلوسه وموبايله .. ملا الثورة قامت والشباب عرف قوته نزل بالوظة وهو لسه ابن ١٧ سنة ووقف قصاده .. رجالة الحتة بدل ما تقف معاه وقفت تتفرج .. كانوا برضه لسه خايفÃ .. بالوظة إنرضب باملطواة ىف بطنه ومات .. تفتكر البلطجى هرب ؟! .. أبدا .. جاب بلطجى تاò معاه وبدل ما كانت رسقة بس بقت رسقة ومخدرات وبدل ما كان بيرسق الشخص مرة ىف الشهر بقى مرتÃ وتالتة .. بس عارف األسوأ إيه ؟ .. األسوء إن فيه ناس ىف الحتة بدل ما تلوم البلطجى وبدل ما تلوم جبنها وخوفها بتلوم بالوظة .. بيقولوا ما كان حالناÃأحسن ! .... عىل فكرة عربيتك الىل اترسقت تقدر ترجعها .. روح لقسم الرشطة وإسأل عىل أم

الرشطة بتاع العربيات هيتوسطلك عند الىل رسق .. بس هتدفع لىل رسق وهتدفع لىل إتوسط

الذى الفرعى الطريق أن يالحظ õ ذلك ورغم .. أمامه بالطريق تشاغل فقط .. سامى يرد õ .. يس�ون فيه ال يبدو عىل ما يرام .. إن هناك دخان كثيف جدا يتقدم نحوهم برسعة

السائق ىف جزع ( يا ساتر يا رب ... إيه ده ؟ سامى بعدما إنتبه ( دا ريحته أعوذ بالله .. دا تقريبا غاز مسيل للدموع .. تالقى فيه مظاهرة ىف

آخر الشارع وال حاجة .. لف برسعة يا أسطى وقبل أن ينصحه سامى بالفعل كان السائق يغ� إتجاه س�ه .. وبين� كانت السيارة عرضية عىل الطريق والغاز يحيط به� وجدا فجأة من يفتح الباب الخلفى .. نظرا برسعة فإذا به جندى من جنود األمن املركزى يسند شاب مصاب ىف بطنه بطلق نارى وشبه فاقد للوعى ويحاول الجندى

إدخاله عىل املقعد الخلفى للسيارة ويصيح بتوسليتقبض .. مش عاوزه والله دا واد محرتم .. الواد ده ألقرب مستشفى لكم خدوا يبارك -(الله

عليه .. أنا الزم أرجع قبل ما حد ياخد باله وأغلق الباب وإختفى

(

.(

-

(

(

(

! ..

Page 13: 20ألف شروق

-هو إنت مش إشرتاÆ؟

أنا ليرباىل .. أؤمن بالحرية .. كل واحد حر يقول الىل هو عاوزه .. يكتب الىل هو عاوزه .. يعمل

الىل هو عاوزه .. بس برشط إنه ميرضش حد .. أؤمن باملساواة والعدالة بÃ الناس .. كلنا قدام

القانون زى بعض .. مواطن بلطجى أو ظابط مرتىش أو رجل دين فاسد بيتاجر بالدين .. كل

دول الزم يتحاكموا أمام القانون.. تعرف ان انت ليرباىل أصال؟

-ياسالم !

-انت مسلم وال مسيحى ؟

-مسلم

-طب تقدر تقوىل اآلية الكر¼ة " لكم دينكم ويل دين " معناها ايه؟

-يعنى إحنا أصال ريرباريÃ كلنا من غ� ما نعرف؟

-اسمها ليرباليÃ .. أيوه طبعا .. الناس بس هى الىل مش فاهمة

شكره عىل توضيح األمر له ومىض منرصفا.. ىف منتصف الطريق تذكر أنه نىس شيئا .. قفز من

األتوبيس العام وعاد ثانية .. لكن الكرشى كان قد اختفى

***

اليوم الثالث وىف نفس التوقيت ¼ر من نفس املكان بنفس الهيئة .. وكيس الكرشى الجديد ىف

نفس اليد .. كالعادة مظاهرة كب�ة يراها وهتافات غريبة عليه يسمعها .. ال صور لعبدالنارص

.. لكن ذقون كث�ة طويلة منترشة .. أخرب نفسه أنه لن يقرتب منهم .. الكرشى البد أن يصل

البيت هذه املرة .. إال أنه سمع هتافات جذبت إهت�مه .. انرصوا اإلسالااااام .. انرصوا رشيعة

الله .. ماذا ستقول لربك يوم القيامة .. الليرباليÃ يحاربون رشيعة الله .. انرصوا رسول الله ..

انضم متحمسا ناسيا أن الكرشى ىف يده وهتف معهم : نحن فداك يا رسول الله .. استمر ىف

الهتاف معهم حتى تعب وتعبوا .. سأل من كان يقود الهتاف : هو مش الليرباليÃ دول ناس

محرتمÃ؟

أجابه الرجل بحدة :انت شكلك مضحوك عليك .. إنت عارف يعنى إيه ليربالية ؟ .. يعنى امك

.تقلع الحجاب

املواطن مستنكرا : أمى أنا؟ ... لييييه ؟

مش بس كده .. عاجبك األفالم الىل مليانة عرى وفسق وفجور الىل بيعملوها دى؟ .. كل األفالم

-الىل انت شايفها دى بيعملها ليرباليÃ .. دول بيحاربوا الرشيعة .. أستغفر الله العظيم

-أستغفر الله العظيم

-بقولك إيه يا أخى .. أنا واألخوة هنا منذ الصباح الباكر وقد تعبنا وجوعنا .. وانا شايف

معاك كرشى يعنى .. النبى عليه الصالة والسالم وىص عىل سابع جار

ضم الرجل الكيس إىل صدره قائال : وهو إنت ساكن جنبى أصال .. جارى إزاى يعنى؟

-ج�ان ىف امليدان يا أخى .. ألست بجوارى اآلن ؟!! .. مش الرسول قال " ما ءامن è من

بات شبعان وجاره جائع إىل جنبه وهو يعلم به "؟.. صدق رسول الله صىل الله عليه وسلم

-عليه الصالة والسالم

١٠

حالة الذهول التى كان فيها سامى والسائق Ð õكنهم من الرد باملوافقة أو بالرفض .. أفاقا عىل رصخة من املصاب

إطلع برسعة يا أسطى من هنا بعيد عن الشارع ده .. يا رب إسرت يا رب .. يارب مانتمسك بيه يا رب

ليبتعد برسعة عن منطقة الطريق القليل إىل الرتكيز كل ما ¼لك من السائق معطيا وبين� كان الخطر كان سامى ينظر إىل املصاب خلفه يتأمل ضيق تنفسه ويتأمل دماءه الغزيرة .. ثم سأله

-( إنت إخوان وال مع السيىس ؟)السائق بإستنكار : ( ده وقته يعنى ؟ .. هيفرق معاك ؟

تجاهل سامى السائق وقال : ( اكيد عسكرى زى الىل جابك وكنت البس مل� ملا الرضب بدأ .. بسليه هرب بيك ؟ .. انت مش عاوز تكمل جيشك ؟

õ يتلق أى رد سواء ¹علومة من املصاب الغ� واعى أو من السائق الذى آثر الصمت بدال من نهره أكمل سامى : ( أو ¼كن إخوان أو ثورجى وكان العسكرى يعرفك زى فيلم الربئ ... وال ¼كن كنت إديته إزازة مياه زمان وهو معسكر قدام جامعتك وهو إعتربها جميل وسبحان مÃ جابهولك وسط الرضب عشان يردلك الجميل ! .. وال أقولك .. ممكن مع السيىس بس العسكرى رضبه غلط وهرب

بيه عشان محدش يتهمه فيه ؟ السائق بعصبية : ( أو ¼كن شبه واحد قريبه وصعب عليه يا بيه .. مش ده املهم .. املهم ه?وح

فÃ دلوقتى ؟ سامى : ( أنا ماىل أنا .. أنا هنزل عىل أول الشارع وشكرا

-( إزاى يا بيه .. وأنا أعمل إيه لوحدى ؟ )-( يا عم أنا ماىل ..) ثم ينظر ىف ساعته ويكمل :( دا أنا حتى اتأخرت عىل ميعادى

هو يوم مش باين أنا عارف-(يابيه إنت شكلك محرتم وإبن ناس وليك معارف .. هتعرف تسلك الواد ده

لكن أنا مش هأعرف -(قلت لك أنا متأخر عىل ميعادى .. إنت مش بتفهم ؟! .. أنا مستقبىل كله ىف امليعاد ده ... إركن

عىل جنب لو سمحت -(يا بيه )

قاطعه سامى :( قلت لك عىل جنب ... بدل ما أعملك مصيبة دلوقتى.. لكن به إنطلق السائق ونزل سامى ومىش بضع خطوات لألمام وأوقف تاكىس آخر و توقف

السائق õ ينطلق بعد .. قال ىف حنق-( منك لله .. أمثالك ه� الىل جايبينا ورا )

نظر إىل الخلف ىف شفقة عىل ذلك املصاب املسكÃ .. ماذا يفعل ؟! .. ماذا يفعل ؟! .. نظر أمامه حتى يستطيع التفك� جيدا .. ال يريد أن يتورط ىف أى مصيبة .. لقمة عيشه .. زوجته وأوالده .. من سيرصف عليه� إذا تم إتهامه بشئ ؟ .. ال أحد سيسمع ! .. ال أحد سيصدق ما يرويه .. هو نفسه õ يكن ليصدق تلك الرواية لو õ تحدث له شخصيا .. ¹اذا سيشعر عندما يرى زوجته وأوالده

وهم يتنقلون بÃ أقسام الرشطة واملعتقالت والسجون فقط ل�وه

..

.

(

(

(

(

(

(

(

(

(

(

(

....

:

..

Page 14: 20ألف شروق

١١

ناهيك ع� سيواجهه هو شخصيا هناك.. البد أن يجد حل وبرسعة قبل أن يالحظ أحد من معه ..

أى عسكرى ىف إشارة مرور كفيل بإرساله إىل عش�وى .. لو õ يذهب إىل املستشفى بنفسه ليودع

Ãتعنى س املستشفى لكن ..! لدفنه مكان والبحث عن بقتله بالتأكيد املصاب هناك سيتهموه

وجيم ! .. لو كان معه أى شخص آخر لتوقف أللقاه أمام أى مستشفى بين� يقود هو .. لكن اآلن

ماذا سيفعل

حزم أمره بعدما ركز أمامه قليال ورآه� .. صندوقى ق�مة كب�ين .. وقف أمامه� بحيث يكون

الباب الخلفى أمام املنتصف بÃ الصندوقÃ .. نزل ولف من وراء صندوق حتى أصبح ىف املنتصف

تأكد أن ال أحد أيضا حتى املقابلة والتى خلفه الع�رات وأعىل ىف ويسارا تلفت ¼ينا .. بينه�

يشاهده .. فتح الباب برسعة وجذب الجسد املصاب بÃ الصندوقÃ برسعة وأغلق الباب برسعة ..

إنطلق بالسيارة وهو يحاول Ðالك دموعه فلم ينجح .. إنفجر ىف البكاء لكنه õ يوقف السيارة ..

بتلقائية نظر إىل صورة بالوظة وقال وكأنه يحدثه ومازالت دموعه تنساب

-(أعمل إيه يعنى ؟! .. كده أحسن ىل وليه ... أيوه أحسن ليه .. ¼وت شهيد بدل ما يتعالج

ويعتقلوه ومستقبله هو الىل ¼وت .. وال حتى يجيله إكتئاب وحرقة دم عىل الىل احنا فيه .. وهى

دى عيشة برضه؟! .. لكن هيفضل ىف القلب هو ك�ن .. زيك كده يا بالوظة

إنتظر رد بالوظة لكنه بالطبع õ يسمع شيئا .. لكن ر¹ا هيئ له عقله ردا .. مد يده وجذب صورة

بالوظة ثم وضعها داخل الدرج أسفل التابلوه ..أقنع نفسه أن ذلك هو الصواب .. عزم عىل التوقف

عند أقرب مكان واسع عىل طرف أى طريق .. حتى ¼سح تلك الدماء .. ويعود التاكىس ك� كان

!

:

(

.

Page 15: 20ألف شروق

فتح باب ذلك املطعم الشه� برفق .. إتجه إىل أقرب مائدة وجلس .. مازالت أفكار عقله تتصارع .. هل سينفذ ما أراد الدخول ألجله أم ال .. بدا مرتددا بعض الشئ .. قد يكون تافها إذا نفذ ذلك

لكن هذا من حقه .. كل القوانÃ تصب ىف بح�ة مصلحته .. قاطع أفكاره ذلك النادل- (تحب حرضتك تطلب إيه؟ )

أمسك قا=ة األصناف ثم أخذ برصه يذهب إىل أعىل وإىل أسفل بحثا عن طلب مناسب .. أشار للنادل عليه قائال

-( عاوز من ده لو سمحت ) انرصف النادل وانرصفت حلبة مصارعة األفكار من عقله .. استقر أخ�ا عىل رأى .. أخذ يتأمل قليال املكان .. مطعم شه� .. أحد سالسل مطاعم عاملية .. إحرتافية عالية .. موسيقى هادئة .. أضواء.. شدة نظافة املكان .. ال تسمع هنا صوت عال أو ضحكات مستفزة .. زبائن محرتمون خافتة

تجذب األنظار ... بإختصار كان كل شئ مثاىل أحرض النادل الطلب ووضعه أمامه عىل املائدة وانرصف .. بدا لذيذا رائحته مغرية تجعلك تشمر عن ساعديك وتبدأ ىف إلتهامه إىل أن ينتهى ىف أقل من دقيقة.. أشار للنادل أن يأø ليدفع الحساب

. .. وضع النادل الفاتورة الصغ�ة أمامه عىل املائدة .. السعر 29 جنيها و 99 قرش أخرج ثالثون جنيها من جيبه وأعطاها له .. ابتسم النادل وقال ( أرجو تكون حرضتك استمتعت

عندنا ) وهم باإلنرصاف إال أنه ناداه قائال-( ثانية واحدة )-( خ� يا فندم )-( عاوز الباقى )

-( هو مش حرضتك اديتنى 30 جنيه؟ ... دا Ðن الوجبة )-(أل .. Ðن الوجبة 29 جنيه و 99 قرش )

تجمد النادل ىف مكانه قليال غ� مستوعب ما يسمعه ثم أطلق ضحكة خفيفة قائال-(كالم حرضتك كأنه جد بالظبط .. جديدة دى يا فندم )

-(أنا مش بهزر .. أنا عاوز الباقى )راحت بقايا الضحكة فجأة من عىل وجه النادل واتسم بالجدية الشديدة وقال

-(حرضتك بتتكلم جد؟ )-( أيوه ... أنا عاوز الباقى بتاعى .. قرش )

-( أكيد انت عارف ان مفيش حاجة اسمها قرش دلوقتى )-(أنا مليش دعوة .. مش دى األسعار عندكم؟ .. طاملا مفيش حاجة اسمها قرش كاتبÃ ليه ان

الوجبة ب 9.99 قرش؟ .. أنا عاوز القرش بتاعى وإال هعملكم فضيحة هنا õ يجد النادل ما يرد به فإنرصف قائال

-( ثانية واحدة أنده للمدير)

(١)

كوبرى البحر .. انه اليطل عىل أى بحر .. ال أدرى ملاذا أسموه بهذا اإلسم .. ىف الحقيقة أنا ال أهتم

بإسمه بقدر ما أهتم بكوبرى املشاة ذلك نفسه .. إنه مكان رزقى .. أضع بعض صناديق الفاكهة

عىل أحد جانبى الكوبرى وأنتظر من يشرتى .. عنب وتÃ ومانجو .. أنا ال أصنع لنفىس دعاية هنا

لكنها أرخص من محال الفاكهة املقابلة هذه .. السعر ال يحتوى مصاريف نقل أو رضائب أو فوات�

كهرباء أو مياه .. أنا أمثل املنقذ لفئة كب�ة من عابرى الكوبرى .. معظمهم من ميسورى الحال ..

Ãع�ل .. أحمى دخلهم من التآكل .. عندما تجد نفس السلعة بسعرين مختلف , Ãمدرس , Ãموظف

بائع .. الود الزمالء" هنا يسودها الباعة " Ãالروح ب .. فبالتأكيد ستعلم أيه� يجب أن تشرتى

عمالت قد¼ة ,بائع ملصقات ,بائعة مناديل,بائع قطع بالستيكية وأيضا شحاذون .. كل يبحث عن

لقمة العيش .. ملاذا نحن عىل الكوبرى؟ .. لن أقول لك إن الحياة صعبة وال توجد مهنة محرتمة

تصلح ألمثالنا أو شقة أو رشيكة حياة وكل هذا النحيب .. فقط سأقول أن الكوبرى هو سبب بقائنا أحياء بعد إرادة الله .. إذا نزلنا منه ñوت .. بالضبط كالسمك و املاء .. أعنى إذا نزلنا نصبح أهدافا

سهلة لرجال " البلدية " .. لطاملا سألت نفىس ملاذا يطاردوننا .. خرجت إىل الحياة فق� لكن بدال

من أكون عبء عىل الناس وعىل " حكومتنا" خرجت للعمل بل وىف نفس الوقت أساعد الكث� من

الناس من بيعى بسعر منخفض وبدال من أن يتم شكرى أجدهم يطاردوننى! .. أال تريدوننى أن

أحيا؟ .. أنا ال أريد الشكر لكن اتركوò أحيا ىف هدوء .. شششش .. صمتا من فضلكم .. يبدو أنهم

هنا .. هناك سيارة " مشبوهة" لنا تقف هناك عىل ناصية الشارع .. هل هم هم؟ .. فجأة وجدنا

هناك من يرصخ (البلدية ... البلدية )... وبدأت املطاردة

(٢)

كوبرى البحر .. انه اليطل عىل أى بحر .. ال أدرى ملاذا أسموه بهذا اإلسم .. ىف الحقيقة أنا ال أهتم

بإسمه بقدر ما أهتم ¹ن عليه هناك .. أراهم من نافذة السيارة مع زمالô .. ننتظر وصول سيارة

الرشطة التى ستساعدنا .. يجلسون هناك أعىل الكوبرى ..يعتقدون أننا لن نراهم إذا جلسوا هناك..

"بضاعته" منهم لف .. سيحاول كل الدجاج مثل أمامنا .. سيجرون املطاردة وتبدأ دقائق كلها

وحملها وهو يجرى .. ستتساقط منهم بعض أشيائهم تلك ¼ينا ويسارا .. أما الذى يسقط نفسه

فإعتربه ىف عداد األموات .. أحيانا ينتحب ويب� ويقسم .. يقسم أنه õ يفعل شئ خاطئ .. أحيانا

يرصخ ويعاند ويسب .. أحيانا يستسلم وال يقاوم .. لكن الثالثة نهايتهم واحدة .. ملاذا نطاردهم؟

õ يكن لدى البائع مستندات وفوات� فكيف تتأكد أنه õ هناك منهم خارجون عن القانون .. إذا ..

يرسق تلك السلع؟ .. ماذا عن الرضائب واملرصوفات األخرى .. إذا امتنع الناس عن دفع الرضائب

فكيف ¼كن ل "حكومتنا" أن تبنى مثل هذا الكوبرى الذى يقفون عليه اآلن .. كيف يستوى من

١٢

:

:

.

(:

:

:

:

Page 16: 20ألف شروق

وõ تكد Ðر تلك الثانية حتى أø ومعه شخص واضح من مالبسه ومالمحه أنه ذلك املدعو مديراأشار الرجل لصاحبنا وقال ملديره

-( هو ده يا مسرت سيد )تفحصه مسرت سيد بربود من أعىل رأسه إىل أخمص قدميه ثم قال

-(إيه املشكلة يا فندم ؟ )-( أنا طلبت وجبة ودفعت فلوس ومش راىض يدينى الباقى .. ده اسمه نصب )

-( بس الىل فهمته منه إنك دافع ٣٠ جنيه .. يعنى Ðن الوجبة )-( أل .. لسه فيه قرش ناقص )

-(وحرضتك هاتعمل ايه بالقرش يعنى .. دا عىل فرض اننا اديناه ليك )-(ياسيدى أنا حر .. طاملا من حقى يبقى خالص .. حقى وال مش حقى؟ )

-( لو سمحت يافندم تخرج من املطعم بهدوء ومن غ� شورشة .. إحنا ورانا شغل كت� لسه طول الليل ومش فايقÃ لواحد فاىض جاى يهزر

-( أنا مش بهزر .. ومش هاخرج من املطعم غ� ملا آخد الباقى بتاعى )õ يستطع املدير كظم غيظه ورصخ فيه

-(باقى ايه يا أستاذ إنت .. قرش؟ .. فيه حد دلوقتى بيتعامل بالقرش ؟ ) انتبه جميع الحارضون ىف املطعم لس�ع هذا الصوت العاىل وتنبأ الجميع ¹شاداة ساخنة وطريفة

أيضا تسىل وقتهم قليالنهض صاحبنا من مقعده ورصخ هو اآلخر

-(طاملا مفيش تعامل بالقرش بتتعاملوا انتم بيه ليه؟ ... إزاى يعنى يبقى فيه حاجة سعرها ٢٩٫٩٩ قرش .. طب ما تقولوا ٣٠ جنيه وخالص

-(دى سياسة املطعم والحكومة سامحة بكده .. عندك اعرتاض؟ )-( أل .. بس عاوز حقى .. قرش صاغ مينقصىش مليم .. ده نصب .. ملا تاخد قرش زيادة من كل

واحد وبفرض ان بيجيلك ىف اليوم ٥٠ زبون يبقى كده ٥٠ قرش وبفرض تاò ان املطعم ليه ٥٠ فرع ىف مرص يبقى كده ٢٥ جنيه ىف اليوم .. يعنى ىف السنة حواىل ٩١٢٥ جنيه .. دا غ� ان الرضايب

بتحاسبك عىل رشيحة أقل .. أنا مش عاوز ال٩١٢٥ جنيه .. انا عاوز قرش واحد منهم الىل هو حقى

-( بقولك ايه .. املوضوع زاد عن حده قوى .. انا هاتصل بالبوليس )ابتسم صاحبنا وجلس مرة أخرى قائال

-( كويس .. عشان أنا الىل كنت هاتصل بيه يجيبىل حقى ) نظر املدير نظرة غيظ قائال

-( ايه الربود ده ) وأطرق يفكر ىف وسيلة للتخلص منه .. مرت لحظات صامتة وسط ترقب من كل الحارضين .. ابتسم

فجأة املدير وقال للنادل-(هات التالتÃ جنيه الىل دفعها )

وأخذها منه ثم نظر لصاحبنا وأعطاها له مرة أخرى قائال وهو يبتسم حرضتك اخرتت الوجبة وانت عارف ان Ðنها ٢٩٫٩٩ قرش .. مفيش فكة عندنا

يدفع رضائبه ويفيد دولته وأهله بآخر ال يأبه إال لنفسه .. إذن إلمتنع كل دافع ! .. أما الجر¼ة

الكربى هى أن بعضهم بائعى مخدرات وأسلحة بيضاء يخفونها بسلعهم تلك !.. õ ال وهم ال يوجد

أى رقابة عليهم .. أõ أقل لك إنهم خارجون عن القانون .. ال يغرك مالبسهم البسيطة أو نظراتهم

املستعطفة .. أعرتف أن هناك فئة منهم رشيفة .. لكنهم قلة ويصعب Ðييزهم .. إن سيارة الرشطة

قاربت عىل الوصول .. نزلنا من السيارة .. رآنا أحدهم وميز أحدنا .. رصخ بصوت عاىل ( البلدية

... البلدية) .. وبدأت املطاردة

(٣)

كوبرى البحر .. انه اليطل عىل أى بحر .. ال أدرى ملاذا أسموه بهذا اإلسم .. ىف الحقيقة أنا ال أهتم

بإسمه بقدر ما أهتم بعبوره .. إنه ينقلنى من فوق خط السكة الحديد ذلك الذى يفصل بÃ بيتى

وعمىل .. õ أكن أعرف أن إرتفاع عربة قطار سيؤثر عىل حياø بهذا الشكل .. بالطبع الكوبرى البد

أن يكون أعىل من القطار وبالتاىل خمنوا ماذا؟.. املزيد من السالõ صعودا واملزيد هبوطا يوميا ..

إò فعال أشفق عىل كبار السن املضطرين لعبوره .. آه .. أخ�ا قاربت من الصعود .. ها أنا ذا قد

الباعة من الكث� عليه يوجد الكوبرى أعىل .. الزحام شقاء إىل ألتجه السلم شقاء من انتهيت

الجائلÃ .. بعضهم يحتل نصف عرض الكوبرى! بل ويزداد األمر سوءا عندما يكú املشرتون حوله

وال يستطيع املرء أن يعرب منهم إال بعد عناء .. أحيانا أشعر أن الكوبرى يهتز وسيسقط بنا .. ال

أدرى إن كان مصممه أخذ ىف اإلعتبار كل هذا الوزن الزائد .. ناهيك عن الضوضاء التى يصدرونها

.. تجد أحدهم يرصخ (قرب قرب.. بإتنÃ ونص )بل وأحيانا تجد من يجذب ذراعك ليجربك عىل

مشاهدة ما يعرض قائال ( خد فكرة واشرتى بكرة ) .. مستفز .. أليس كذلك؟.. لكن حتى أكون

منصفا أحيانا " أشرتى بكرة " .. فأسعارهم رخيصة نسبيا تناسب ميسورى الحال أمثاىل .. أسمع أحدهم ينبه اآلخر بسيارة تقف بعيدا قد تكون للبلدية .. أÐنى أال تكون فعال كذلك .. ليس خوفا

عليهم فأنا ال آبه لهم لكن خوفا عىل أنا .. حين� تبدأ املطاردة تجد نفسك فجأة ىف وسط ساحة

حرب .. أناس يجرون هنا وهناك وأصوات رصاخ واستنجاد و سلع منثورة عىل األرض تدوس عليها

..قد تجد أمامك من يجرى وفجأة ¼سكه أحدهم فيرصخ وكأنه وقع ىف األرس .. قد يصدمك أحد

يهمه ما بقدر صدمك بعدم كث�ا يهتم ال .. يجرى وهو يحملها التى ببضائعه Ãالهارب هؤالء

لها ولهم ولنا ألنهم سيعودون مجددا .. البد أن تجد " حكومتنا " حال مرضيا الهروب ¹ا لديه

ومجددا وسنظل هكذا وسط هذه املعركة .. واآلن البد أن أكون حذرا جدا و "ربنا يسرت" ..فجأة

رصخ أحدهم بصوت عال ( البلدية .. البلدية )... وبدأت املطاردة

١٣

:

:

:

(

(

:

:

:

:

(

.

Page 17: 20ألف شروق

خد الىل دفعته أهو وهات لينا حقنا ..الرجل سيعامله ..إن املعركة تلك بداية هز¼ته ىف أنها اإلبتسامة من عىل وجهه وأحس ذهبت

بنفس األسلوب .. قال ىف ارتباك-( أنا ك�ن مش معايا فكة )

-(مش مشكلتى .. ليه طلبت حاجة وانت مش معاك Ðنها )ارتباك من زاد منهم م� البعض له بل وصفق املدير بذكاء إعجابا الحارضين فجأة عال همس صاحبنا .. أخذ يفكر ىف طريقة لرمى الكرة ىف ملعب اآلخر .. كان من املفرتض أن يكون هو املنترص .. õ يكن من املفرتض أبدا أن يكون ىف هذا املوقف املحرج .. ماذا يفعل؟ .. ال يوجد حل؟ .. أبدا .. ليس هناك مشكلة ليس لها حل .. فجأة ظهرت ىف مخيلته صورة عم ابراهيم .. بائع العمالت القد¼ة ىف ذلك املحل الضيق القريب من مسكنه .. يذكر أنه سأله مرة بدافع الفضول عن أسعار تلك العمالت القد¼ة وكيف أنه مات ضحكا عندما أخربه أن القرش ب ٥ جنيه .. من ذلك األحمق الذى يشرتى قرش ب٥٠٠ قرش .. حسنا ,يبدو أنه ذلك األحمق ..سيشرتى ٤ قروش ب٢٠جنيهالفعىل الثمن سيكون هكذا .. سهل أمرها قرش وال٩٠ .. قروش ال٩ فيكون (شلن) ويضيف للوجبة ( خمسون جنيها إال خمس قروش) .. ال مشكلة طاملا سيتغلب عىل ذلك املتذاÆ.. ابتسم

ونهض من مقعده وقال ىف تحد للمدير-( ..نص ساعة وراجعلك )

-(رايح عىل فÃ؟ .. ان عاوز تهرب؟)-( أهرب فÃ؟ .. أنا رايح أجيبلك الفلوس )

-( وأنا أضمن منÃ إنك راجع تاò .. وبعدين انت طلبت الوجبة وعارف سعرها .. لو مش معاك Ðنها دلوقتى تبقى دى غلطتك

ثم نظر للنادل وقال ىف تلميح واضح وهو ينظر لساعته ويبتسم-(روح يا محمود خرج اإلتنÃ الىل مدفعوش الحساب امبارح من املطبخ .. كده

فات ٢٤ ساعة .. بس اتأكد انهم غسلوا كل األطباق كويس عاد صاحبنا يكلم نفسه مرة أخرى .. إنه يعلم الحل لكن ال يعرف كيف يصل إليه .. أخذ يفكر ..

ملاذا يذهب هو للنقود بين� ¼كن أن تأø هى-( ثانية واحدة أتصل بحد يجيبىل الفلوس )

-( هايجبلك ٢٩٫٩٩ قرش ؟ ... ده هتالقيه فÃ ده )-(ياسيدى وانت مالك .. انت مش ليك تاخد فلوسك وخالص )

وأمسك هاتفه املحمول واتصل بصديقه .. صديقه خالد-( ألو .. أيوه يا ج�ل)

-( أنا محتاجك برسعة يا خالد... إلحقنى برسعة )-( خ�؟ )

-( أنا هاطلب منك طلب بس الزم تنفذه برسعة .. ومتستغربىش من الىل هاقوله .. ملا اشوفك هافرسلك كل حاجة

-(خ� يابنى قلقتنى .. فيه ايه؟ )-(عاوزك تروح املنطقة عندنا وتسأل عىل محل واحد اسمه عم ابراهيم .. هتشرتى منه

قرش وتيجى عىل املطعم الىل ىف شارع األمل .. أل .. قصدى تشرتى أربعة .. برسعة يا خالد

خلف املكتب الكب� الذى تتوجه قطعة معدنية صغ�ة مكتوب عليها ( مقدم / محسن الكب� )

يجلس محسن باشا- ك� كان يناديه الرجل الذى أمامه – وأمامه كان يقف الرجل الذى كان يناديه

ب( محسن باشا) يحمل أحد امللفات الورقية... كان محسن باشا ذلك ¼سك هاتفه املحمول ىف يد

ويقلب كوب الكابتشينو الذى أمامه ذا الرائحة النفاذة ىف حÃ كان الرجل الواقف ينظر إىل الكوب

ىف لهفة إىل أن أنهى املكاملة وبدأ يحدثه

محسن باشا : ايه الجديد عندك يا محمود؟

محمود : واد جديد يا باشا دخل الجروب إياه

محسن باشا : ليه ملف عندنا؟

محمود : أل

محسن باشا : خالص اعمله واحد جديد .. مش كل مرة الزم أنا الىل أقولك

محمود : أنا فعال يا باشا بعمله واحد .. بس مش القى تهمة عدلة تنفعه

ابتسم محسن باشا وأومأ ملحمود بفهمه املطلوب .. فقد كان يؤمن أن هناك قلة قليلة من الضباط

العباقرة تستطيع أن تستخلص تهمة ( ماتخرش املية ) من ترصفات املواطن .. وجملة محمود

األخ�ة تتضمن إعرتاف بأنه أحد هؤالء العباقرة

Ãأعطى محمود امللف الذى ىف يده ملحسن باشا ¹جرد أن أومأ له .. كان امللف يحتوى عىل ورقت

.. األوىل ل ( كومنتات ) عىل (استاتوس ) املتهم املزعوم عىل موقع الفيس بوك .. والثانية كانت

فارغة تنتظر التهمة املزعومة ليصبح مته� مزعوما .. وأخذ محسن باشا الورقة الفيسبوكية ىف يده

وحاول القراءة

Mizo peace : أكن مرصيا .. كان هيبقى قشطة قوى õ لو

Sami adel : 2adeeeema ya maw :D

Mizo peace : عاوز أخلص من البلد وخالص òمش مهم .. املهم ا

Sami adel : belra7a 3alena bas .. shaklak ma7’noo2 men 7aga

Mizo peace : من الكوسة .. الشغالنة راحت منى

Sami adel : 7’las .. law ma7’noo2 men el kosa matakolhash :D

Mizo peace: لول

Sami adel : ana 3awez ashofak bokra

Mizo peace : ابقى عدى عليا بليل.. Ãمفيش مشكلة .. أنا عرفت مكان جديد .. جامد التن

Sami adel : peace

١٤

:

:

:(

(

(

(

..

Page 18: 20ألف شروق

-( قرش؟ .. ليه كده يا ج�ل )

-( ياخالد مش وقته .. هاتهم انت بس دلوقتى برسعة .. أنا هاضيع لو مجبتهمش

يا خالد .. أبوس ايدك برسعة

وأغلق الخط ورسم ابتسامة عريضة عىل وجهه وجلس ينتظر

أما عىل جانب الخط الثاò فكان خالد يحدث نفسه بصوت مسموع

-(ج�ل؟ .. ال حول وال قوة إال بالله .. دى آخر حاجة كنت أتوقعها .. دا احنا أصدقاء

من ٥ سنÃ عمره ما بان عليه أبدا .. أستغفر الله العظيم

سمعته زوجته فسألته

-(خ� يا خالد؟ .. فيه إيه؟ )

-(تخيىل صديقى وصاحبى ج�ل ..عاوزò أروح أشرتي قرش حشيش ليه ول٣ ك�ن

معاه.. أل وإيه .. أروح أوصلها ليهم ك�ن ىف مطعم بيرشبوا فيه .. أستغفر الله

-(يا ساتر يارب .. وإنت هاتعمل ايه؟)

-( هاعمل ايه إزاى ؟ ... أكيد مش هاعمل .. أنا عمرى ما أشرتك ىف حاجة زى كده أبدا )

-( والله ده صعبان عليا .. ده كان شكله طيب وملوش ىف السكة دى .. ربنا يهديه )

١٥

(

(

(

..

:

.

Page 19: 20ألف شروق

جرس الباب رن عدة مرات متتالية .. ( حارض .. حارض ) هكذا رصخ دكتور سامى فتح الباب ليجد شابا يحاول إلتقاط أنفاسه ويحاول الكالم أيضا (صباح الخ� .. يا دكتور .. أنا ..

( ابن األستاذ محمد .. الىل ساكن ىف الدور التاò.. جدى تعبان قوى ومحتاج للكشف برسعة-( طب ما تروح لدكتور)

-(ماهو عشان كده أنا جيت لحرضتك يا دكتور )-(بس أنا مش طبيب )

-( إزاى؟ .. ما الناس كلها بتقولك يا دكتور )-( ده عشان أنا دكتور مش طبيب )

-(إزاى يعنى ؟ )-( يا ابنى أنا اسمى دكتور عشان واخد الدكتوراه .. دكتوراه ىف الطبخ الصحي )

-(! طباخ يعنى ) -(أوال الدكتوراه ىف الطبخ الىل مش عاجبه حرضتك دى أنا واخدها من فرنسا .. ثانيا ماله

الطباخ يعنى .. الطبخ دلوقتى بقى زى الهندسة .. حسابات بالورقة والقلم .. أنا عشان أطبخ وجبةده وأشوف .. حرارى كام سعر محتاج بحسب أساسه وعىل األول وزنك أعرف الزم لسعادتك

موجود ىف كام جرام .. مش بالربكة كدة زى ما انت متعود تاكل-(برضه طباخ)

أراد أن (يطبق ىف زمارة رقابته) لكنه سيطر عىل غضبه ىف اللحظة األخ�ة .. و إكتفى بالقول (الكالم مش هيجيب نتيجة معاك .. أمثالك ه� الىل جايبينا ورا .. روح إجرى شوف دكتور لجدك .. زمانه

مات( وأغلق الباب ىف وجهه وهو يكلم نفسه : ( يوم باين من أوله ... يارب عدى اليوم ده عىل خ�

إرتدى أشيك بذلة لديه ونزل مرسعا .. وقف ىف منتصف شارعه الفارغ إال من صفى سيارات مركونة: عىل الجانبÃ .. ينظر ¼ينا ويسارا و خلفه وأمامه

-( !هى راحت فÃ ؟! .... هو أنا ركنت فÃ إمبارح ؟ ) رفع رأسه ألعىل وهو يتذكر ما حدث ليلة أمس ويعيد ترتيب األحداث وهو يش� بيده إىل أن تذكر

سار خطوتÃ ناحية سيارة وقال-( أنا املفروض راكن هنا .. عربية مÃ دى وعربيتى انا فÃ ؟ )

تذكر ميعاده فنظر ىف ساعته ليزداد بؤسا هرول ناحية أول الشارع .. أوقف تاكىس

-( املعادى ؟ )-( اركب )

ركب بجانب السائق .. ( برسعة يا أسطى الله يكرمك

تغ� ميدان التحرير كث�ا .. ليس بشكله وإñا بروحه .. مرت أعوام وأعوام عىل بداية الثورة املجيدة

.. يوم ٢٥ يناير ىف ميدان التحرير أصبح مجرد إحتفال صاخب بثورة أحدثت تغي� .. وقالب "تورتة

" كب� مرسوم عليه علم مرص بزينة حلوانية المعة لذيذة يتقاسمه الحارضون .. أو باألحرى من

يستطيع من الحارضين .. الزحام الشديد ال يعطى فرصة للكث� لنيل قطعة ولو صغ�ة .. مثله .. هذا العجوز املبتسم .. الذى فقد األمل ىف الحصول عىل جزء من التورتة هو أكú الناس استحقاقا

له .. õ ال وهو كان مع من ثار ومع من اعتصم ومع من أصيب ومع من استشهد .. جلس عىل

رصيف عىل أحد أطراف امليدان بعيدا عن الحشد .. أخرج عدة ورقات وقلم من

جيبه وبدأ يكتب

يوم ٢٤ يناير كنت أس� مع طارق صديقى هنا ىف امليدان نتحدث عن تلك الدعوة عىل الفيس بوك

للنزول غدا .. اتفقنا عىل النزول .. عىل الرغم من أنها õ تكن الدعوة األوىل منذ عرفنا الفيس بوك

إال إنها األوىل التى اتفقنا عليها .. قلنا ألنفسنا فلنبدأ بأنفسنا.. õ نعد نخاف .. إذا فعلها التوانسة

الشهر املاىض فسنفعلها .. أخذنا نحمس أنفسنا وأننا الشباب واألمل .. و أخذنا نتخيل يوم غد ..

كم شاب سيحرض ىف ظنك ؟ .. هناك تسعون ألفا وافقوا عىل النزول عىل صفحة الفيس بوك .. لكن

هذا عادى .. ىف السابق كان أكú من هذا العدد يقول وال يفعل .. سنبدأ بأنفسنا ونقول ونفعل ..

.. Ãواثن Ãيرضبهم جنود األمن املركزى فسيكونوا ألف Ãإذا كان من ينزل كل مرة عددهم ألف

يرضبهم جنود األمن املركزى .. لكنهم أصحاب حق ولن يخافوا .. ياااه ..تخيل معى لو نزل عرشة

آالف دفعة واحدة .. يااااه .. أنت تحلم .. ومن يدرى

وجاء يوم ٢٥ يناير .. اليوم املنتظر .. أتذكر منه مشهدين باألخص.. املشهد األول الساعة الثانية

ظهرا .. آالف الشباب يتظاهرون هنا ىف ميدان التحرير .. حواىل ثالثون ألفا !!.. كان الجميع ىف حالة

ذهول لبعض الوقت .. الجميع أراد أن يبدأ بنفسه فنزل الجميع ! .. األمن املركزى تفاجأ باألعداد

الغف�ة من الشباب لدرجة أنه فقد السيطرة عىل امليدان ىف وقت قص� .. الشعب نفسه تفاجأ

بنفسه .. õ يكن أشد املتفائلÃ تفاؤال من الشعب أو أكú املتشا=Ã تشاؤما من الحكومة كان يتوقع

هذا .. شباب الفيس بوك ( السيس ) نزل ميدان التحرير .. أما املفاجأة الثانية أن كل من كان يعرب

بامليدان ىف هذا الوقت كان ينضم للمتظاهرين.. شيوخ ورجال وأطفال .. هناك أتوبيس كان ¼ر

بامليدان فنزل جميع ركابه وانضموا للمتظاهرين.. لقد فاجأ املرصيون أنفسهم .. وعلموا أن قوتهم

ىف أنفسهم .. وانكرس حاجز الخوف .. هناك مقطع فيديو لذلك الشاب الذى وقف وحده أمام

الشباب من عدد إليه وانضم حوله من كل تصفيق وسط تقدمها فأوقف املركزى األمن عربة

اآلخرين ملساعدته

١٦

:

.

.

Page 20: 20ألف شروق

املشهد اآلخر كان الساعة الثانية عرش ليال .. افرتشنا األرض وجلسنا معتصمÃ .. علمنا أن قوات

األمن املركزى تعيد ترتيب أوراقها .. استدعوا معظم قواتهم املنترشة ىف القاهرة إىل هنا .. أصبحوا

ثالثون ألفا هم أيضا .. لكم أن تتخيلوا ثالثون ألف جندى يزأر ىف صوت واحد ويدب األرض دبة

واحدة .. كانت تهتز األرض لكنها õ تكن تهزنا .. علمنا أنهم إذا استطاعوا تفريقنا فلن نستطيع

نحن تجميع أنفسنا مرة أخرى .. لقد زال عنرص املفاجأة .. تعهدنا عىل الصمود .. سنظل معتصمون

هنا حتى الصباح .. بالتأكيد سيأø آخرون .. سنزيد ونزيد إىل أن يسمع العاõ صوتنا ويعلم أن

هناك مشكلة ما ¹رص .. األمر أصبح جادا .. نكون أو ال نكون .. أو باألحرى مرص جديدة أو ال مرص

جديدة .. تغي� حقيقى أو ال تغي� حقيقى .. وفجأة صدر األمر بالهجوم .. قنابل غاز مسيل للدموع

رصاص طلقات .. مكان كل من يرضبون املركزى األمن جنود .. وحدب كل صوب من تسقط

مطاطى كل لحظة وأخرى .. تدافع الشباب لصد هجوم الجنود .. شاب أعزل جاء من بيته يواجه

جندى فالح أكسبته الزراعة القوة وبيده عصا غليظة وبيده األخرى درع واقى وعىل رأسه خوذة

سميكة ووراؤه ضابط عنيف يهدده بالوعيد إن õ ينفذ األمر

إىل الهروب ىف مجموعة كل أخذت .. نستسلم õ لكننا صغ�ة ملجموعات تفريقنا استطاعوا

لقد .. بيوتنا إىل نهرب õ .. وهناك وهناك هناك .. امليدان من املتفرعة الضيقة الشوارع

استدرجناهم إىل هناك حيث ¼كننا الرضب والجرى .. الكر والفر .. لقد عاشوا ليلتها أسوأ كوابيسهم

.. إذا كنا شباب ( بتاع نت ) فنحن أيضا أوالد أبطال حرب ٧٣ .. نحن مرصيون .. وõ ينتهى الحال

هكذا .. لقد استمرينا ىف هذه اللعبة طوال الليل.. يزيد من ح�سنا األنباء عن خروج شباب آخرين

ىف مختلف محافظات مرص .. عرشات اآلالف ىف اإلسكندرية وحدها .. أيضا ىف املحلة والسويس

واملنصورة والزقازيق وغ�ها وغ�ها .. أيضا استشهاد ثالثة من شباب السويس .. لن يضيع دمهم

.. هكذا أقسمنا .. اتفقنا عىل جعل يوم الجمعة يوم للغضب – وقد كنا ىف ليل الثالثاء – هدرا

واتفقنا عىل تقسيم أنفسنا .. مجموعات تستمر ىف استنزاف قوى األمن املركزى ومجموعات تدعو

باقى الشعب للنزول يوم الجمعة .. لقد ظل الجنود يطاردوننا ىف الشوارع حول هذا امليدان من الثانية عرش ظهرا وحتى الفجر ىف يومى األربعاء والخميس أيضا

وأø يوم الجمعة ٢٨ يناير .. اليوم الذى قلب املوازيÃ .. انكرس حاجز الخوف لدى الشعب بأكمله

وزال عنرص املفاجأة وأخذت الحكومة إحتياطاتها .. العاõ كله كان يسأل نفسه .. ماذا سيحدث بعد

صالة الجمعة ؟ .. اإلجابة كانت هنا .. ىف ميدان التحرير

من ذلك املدخل كنا آالفا مؤلفة تحاول الدخول .. رجال وشيوخ ونساء وأطفال وفقراء وميسورى

.. الجميع كان يحاول دخول هذا امليدان ..كان كل مدخل يقف الحال وبالطبع شباب وشابات

عنده آالف تحاول الدخول وجنود أمن مركزى تحاول منع هذا الدخول .. قنابل مسيلة للدموع من

كل مكان .. علمنا حلها من الشباب التونىس عرب الفيس بوك .. قطعة ق�ش مبللة بالبيبىس كوال ..

الذين الوطن أعداء نفسه هل هؤالء هم ويسأل مرتددا يبدو بعضهم .. بعنف الجنود ترضب

تجندت ملحاربتهم؟ .. واآلخر ¼نع نفسه من التفك� حتى ال يعىص األوامر وينال غضب ضباطته

١٧

..

..

..

.

Page 21: 20ألف شروق

بدأ الجنود يفقدون السيطرة مع تدفق آالف املتظاهرين املنضمõ .. Ã تعد القنابل املسيلة تصلح

املتظاهر إذا سقط من بجوار .. أيضا .. ال يصلح الرصاص املطاطى .. صدرت األوامر باستخدام

مصابا فإنه ال يجرى ويخاف عىل حياته بل يزداد غضبا ويصبح أكú مقاومة .. وصدرت األوامر مرة

أخرى .. استخدموا الرصاص الحى ! .. املتظاهرين أصبحوا أكú غضبا .. الجنود أصبحوا أكú خوفا ..

طلقات عشوائية ىف كل مكان .. الشهداء يسقطون هنا وهناك .. املصابون ىف جميع أنحاء امليدان

.. املتظاهرون õ يخافوا أيضا بل تحول الغضب إىل إنتقام .. يريدون اإلنتقام للشهداء .. أصبحوا

أكú قوة وبأس .. أرسف الجنود ىف استخدام القنابل املسيلة للدموع والرصاص املطاطى والرصاص

الحى .. وظهر القناصة .. من فوق أسطح املباò املطلة عىل امليدان تجد طلقات رصاص تخرتق رأس

من بجوارك .. هذا حدث ىل .. لقد سقط من بجوارى مبارشة .. أمام عينى لفظ أنفاسه األخ�ة

والدم ¼أل األرض .. وقفت مذهوال للحظات إىل أن دفعنى أحدهم ألسقط عىل األرض ورصاصة

Ðر من جانبى لتستقر ىف الحائط الذى خلفى .. نظرت له فوجدته يحمل كام�ا .. ينظر من خاللها

و يفعل خاصية التكب� ( زووم ) ف�ى هؤالء القناصة وإىل أين يوجهون أسلحتهم .. شكرا .. هكذا

قلت له .. هم بالرد لكن رصاصة أخرى ىف رأسه أسقطته شهيدا هو اآلخر .. õ أذهل هذه املرة فقد

تعودت عىل املنظر .. كانت أشبه بساحة حرب .. بل كانت فعال ساحة حرب

سقطت شابة مصابة من دخان تلك القنابل .. أسندتها إمرأة أخرى بجانبها وسحبتها إىل الركن

بعيدا عن الزحام .. õ تجد أى محل قريب لتحصل عىل البيبىس كوال فرصخت بتلقائية الفالحة

املرصية : بصلة .. نريد بصلة برسعة .. وقبل أن تنهى جملتها ألقت إليها إحدى ربات البيوت من

الرشفة بصلة فأخذتها املرأة لكنها õ تستطع تكس�ها فطلبت من أحد املتظاهرين أن يساعدها

فكرسها نصفÃ .. لكن دون فائدة .. لقد كان الدخان كثيفا وõ تفق املصابة بتأث� البصلة .. حملها

املتظاهر بÃ يديه وقال لنأخذها إىل مستشفى قريب .. كان أقرب مستشفى ىف الشارع املجاور ..

مستشفى خاص .. نظر املتظاهر إىل املرأة وقال إن معه بعض املال .. سيدفعه وتبقى املرأة بجوار

املصابة وهى تتعالج وسيذهب هو إلحضار باقى املال .. دخل وسأل املمرضة عن التكلفة فأخربته

أن الدكتور صاحب املستشفى أمر بعالج جميع مصابÃ املظاهرات مجانا ! .. كانت هذه هى أخالق

شعب امليدان

من اآلالف مئات عىل السيطرة املركزى األمن جنود يستطع õ .. ساحق بنجاح اليوم إنتهى

املتظاهرين الغاضبÃ إىل جانب إرهاقهم طوال األيام الثالثة املاضية .. وانسحبت جميع القوات إىل

غ� رجعة .. وخىل امليدان إال مننا نحن

õ نصدق أنفسنا .. لقد هزمنا قوات الرشطة .. õ نكد نفرح حتى وجدنا بعض البلطجية واللصوص

تحاول رسقة املتحف.. جعلنا من أنفسنا سالسل برشية حول محيط املتحف حتى أø رجال الجيش

وانترشوا حول امليدان .. أبلغونا أنهم هنا لتأمÃ امليدان فقط ولن ¼سونا برش .. فرحنا قليال ثم

أخذنا ننظم أنفسنا .. وننظم امليدان نفسه .. هنا سنعيش حتى يرحل مبارك .. سقوط أكú من ٣٦٥

شهيد له معنى واحد .. رحيل مبارك

١٨

.

.

.

.

Page 22: 20ألف شروق

هنا كنا نخيم وننام وهنا كنا نجلس ونتسامر وهنا كانت دورات املياه وهنا كنا نصىل وهنا كان

جدار كان هنا .. الجميع ليقرأها الجدار عىل ونعلقها الصحف جميع نحرض .. األخبار جدار

الكاريكات� .. õ تغب عنا الفكاهة كمرصيÃ حتى ونحن نثور .. وهنا كان قسم املفقودات وهنا

كانت العيادات امليدانية .. أطباء معظمهم شباب يعالجون املصابون .. تلك املكتبة كانت تحتضن

الشباب املثقف ليال ليتناقش ويسايس .. ىف مطبخها كانوا يعدون مئات األكواب من الشاى لتدفئة

الساهرين .. البعض من رجال األع�ل األغنياء والكث� من ميسورى الحال كانوا يتربعون بالطعام

و األغطية لنا .. والكث� من البيوت املطلة عىل امليدان كانت تفتح أبوابها ملساعدتنا .. إذا أراد أحدنا

هاتفا ليطمنئ أهله أو مصدرا للكهرباء ليشحن هاتفه املحمول كان يقصد أحد تلك البيوت .. بل

وبعض تلك البيوت كان أهلها يسمح للفتيات باملبيت عندهم بعيدا عن برودة الليل.. كان هناك

شباب يحرض نهارا ويعود ليال لينضم إىل اللجان الشعبية املنترشة ىف شوارع مرص .. ليحرسوا بيوتهم

الشباب عىل الكث� من توافد النهار كان يشهد .. وألن السجون التى هربت من البلطجية من

نخاف تسلل هؤالء كنا .. امليدان للتفتيش عىل كل مداخل هذا لجانا مننا أنشأنا فقد امليدان

البلطجية إىل داخل امليدان وترويع املعتصمÃ .. كنا جميعا نحلم بدولة متحرضة .. فطبقنا الحلم

ىف امليدان .. نصحو كل صباح وننظف كامل امليدان بأنفسنا .. õ يكن هناك شجار أو حتى مشاداة

الناس ترى كنت .. واحدة معاكسة حالة تحدث õو الشباب وسط الفتيات .. حدثت كالمية

املسيحى مع الشيخ .. واألديان الثقافات .. ¹ختلف مكان كل متفرقة ىف يجلسون ىف حلقات

والعل�ò و الشاب والفتاة .. وأحيانا تجد شابا ملتحيا يجلس بجوار شاب حول عنقه سلسة فضةاملسلمÃ جميعا تجد الصالة .. وعندما يحÃ وقت أغاò وطنية معا العود ويغنيان يعزف عىل

يصلون ويحوطهم املسيحيون يحرسونهم .. كانت هذه أيضا أخالق شعب امليدان.. إذا أردت دخول

الشخصية وتفتيشك ¹نتهى البطاقة امليدان فستجد ىف املدخل شاب يبتسم ويطلب منك رؤية

Ãليس هؤالء هم املرصي .. اللياقة واألدب .. يجربك هذا املوقف عىل أن تدخل امليدان مبتسم

الذين تعرفهم .. إنهم مرصيون جدد õ تراهم قبال .. كان الصحفيون األجانب مبهورين بالنظام

والتحرض ىف امليدان .. لقد أثبتنا نحن شعب امليدان أن املرصيÃ شعب متحرض بعيدا عن الرشوة

واملحسوبية والفساد والفوىض التى أجربتنا عليها الحكومة السابقة .. لقد كان هذا امليدان نقطة

بيضاء وسط محيط أسود .. املرصيون ىف ذلك الوقت منقسمون مجموعتÃ .. مجموعة تعيش ىف

وكأننا لنا ينظر امليدان خارج يعيش من بعض كان .. امليدان خارج تعيش ومجموعة امليدان

الكث� ترضر من هذا املوقف .. خصوصا من يكسبوا أنا أعلم أن .. ال نريد اإلستقرار.. مخربون

رزقهم اليوم بيومه .. لكن ىف يوم من األيام سيشكروننا .. هكذا كنا نفكر ... قضيت أسعد أيام

حياø صدقا مع أصدقاô الجدد .. دخلت امليدان وأنا لدى صديق واحد - طارق - وخرجت منه

¹ئات األصدقاء

وأø اليوم املشئوم .. يوم األربعاء األسود .. صباحا كنت أجلس مع طارق وثالثة من أصدقائنا كانوا

يأتون نهارا .. نتناقش ونتذكر ونضحك .. وفجأة وجدنا الجميع ينهض وهناك جلبة كب�ة ىف امليدان

سألنا وعلمنا أن هناك آالف البلطجية يحملون األسلحة البيضاء وىف طريقهم إىل هنا

١٩

ناهيك ع� سيواجهه هو شخصيا هناك.. البد أن يجد حل وبرسعة قبل أن يالحظ أحد من معه ..

أى عسكرى ىف إشارة مرور كفيل بإرساله إىل عش�وى .. لو õ يذهب إىل املستشفى بنفسه ليودع

Ãتعنى س املستشفى لكن ..! لدفنه مكان والبحث عن بقتله بالتأكيد املصاب هناك سيتهموه

وجيم ! .. لو كان معه أى شخص آخر لتوقف أللقاه أمام أى مستشفى بين� يقود هو .. لكن اآلن

ماذا سيفعل

حزم أمره بعدما ركز أمامه قليال ورآه� .. صندوقى ق�مة كب�ين .. وقف أمامه� بحيث يكون

الباب الخلفى أمام املنتصف بÃ الصندوقÃ .. نزل ولف من وراء صندوق حتى أصبح ىف املنتصف

تأكد أن ال أحد أيضا حتى املقابلة والتى خلفه الع�رات وأعىل ىف ويسارا تلفت ¼ينا .. بينه�

يشاهده .. فتح الباب برسعة وجذب الجسد املصاب بÃ الصندوقÃ برسعة وأغلق الباب برسعة ..

إنطلق بالسيارة وهو يحاول Ðالك دموعه فلم ينجح .. إنفجر ىف البكاء لكنه õ يوقف السيارة ..

بتلقائية نظر إىل صورة بالوظة وقال وكأنه يحدثه ومازالت دموعه تنساب

-(أعمل إيه يعنى ؟! .. كده أحسن ىل وليه ... أيوه أحسن ليه .. ¼وت شهيد بدل ما يتعالج

ويعتقلوه ومستقبله هو الىل ¼وت .. وال حتى يجيله إكتئاب وحرقة دم عىل الىل احنا فيه .. وهى

دى عيشة برضه؟! .. لكن هيفضل ىف القلب هو ك�ن .. زيك كده يا بالوظة

إنتظر رد بالوظة لكنه بالطبع õ يسمع شيئا .. لكن ر¹ا هيئ له عقله ردا .. مد يده وجذب صورة

بالوظة ثم وضعها داخل الدرج أسفل التابلوه ..أقنع نفسه أن ذلك هو الصواب .. عزم عىل التوقف

عند أقرب مكان واسع عىل طرف أى طريق .. حتى ¼سح تلك الدماء .. ويعود التاكىس ك� كان

.

..

Page 23: 20ألف شروق

تجرى .. والناس بإتجاهنا ترتامى الحجارة قطع آالف .. الحرب وسط أنفسنا وجدنا وفجأة

كانت حرب لقد .. امليدان وبغال تخرتق جموع األطراف وج�ل وجياد ومواجهات عنيفة عىل

أهلية بحق .. يريدون دخول امليدان بأى طريقة .. أعدنا تنظيم أنفسنا برسعة .. هنا تجد مجموعة

تحاول اقناعهم أننا سلميون وال نريد القتال ومجموعة تنقل املصابÃ ومجموعة تحرس العيادات

وأماكن التجمعات ومجموعة اضطرت للدخول ىف املعركة للدفاع عن النفس ومنعهم من التقدم

نحونا ومجموعة ألقاها قدرها لتجد نفسها ىف املنتصف بÃ البلطجية وبيننا وآالف قطع الحجارة

تقذف هنا وهناك .. صنعنا ألنفسنا مصدات و سدود لنحمى أنفسنا .. حتى إن البعض حاول صنع

منجنيق .. هنا ظهر مدى جديتنا ىف التغي� .. إما ننترص عىل كل أعوان النظام القديم بأسلوبهم

وإما نفشل فيتحول حلمنا إىل كابوس .. لكننا õ نكن نفكر ىف ذلك االحت�ل حينها .. كل ما كنا نفكر

فيه هو النرص .. أو الشهادة .. Ðاما ك� حارب أجدادنا .. õ تكن لتفاجأ إذا وجدت من بجانبى

سقط شهيدا فتجدò أرصخ تلقائيا : حرام عليكم .. سأنتقم منكم .. الله أكرب .. وكأننا ىف غزوة ..

إنها بالفعل كانت غزوة .. كان البعض منا محرتف ( طواب�) .. يدخل بينهم ويغيب فرتة ثم تجده

فجأة يخرج سلي� .. موهبة إكتسبها من طابور الخبز.. كانوا يحاولون اإلمساك به فيفشلون .. وكان

بعضهم يسقط ىف أيدينا ونسلمه للجيش .. أذكر أننا مسكنا أحدهم وكانت بطاقته الشخصية تثبت

أنه أمÃ رشطة .. أخذناه إىل سلم محطة املرتو ونزلنا فيها وأخذنا نستجوبه .. تعرف عليه أحدنا ..

هذه املرة الثانية التى رآه فيها هذا اليوم .. أمسكته إحدى املجموعات وسلمته للجيش لكنه عاد

مرة أخرى .. قال الرجل أنه البد من تأديبه رضبا .. لقد استشهد أحد أقاربه ىف هذه الصدامات

ويريد أن ينتقم منهم .. نصح آخر بإطالق رساحه

-هؤالء ليسوا جميعا بلطجية .. هناك أفراد رشطة وهناك مؤيدون حقيقيون ملبارك

مخدوعون .. إذا أطلقنا رساحه مرة أخرى تكون هذه رسالة لهم أننا مساملون وال نريد إيذاء أحد

انتفض الرجل وجن جنونه ورصخ بأنه يشك أن يفهموا الرسالة وأن الرجل سيعود ملهاجمتهم وأنه

يريد اإلنتقام لقريبه

وكاد األمر يتحول لشجار والناس التدرى ماذا تفعل سوى محاولة تهدئة الرجلÃ .. إىل أن رصخ

الرجل : حرام عليكم .. أنا أريد إنهاء هذه الصدامات برسعة .. لقد تزوجت األسبوع املاىض وآخر

مرة رأيت عروىس كانت ليلة الفرح

و¹جرد أن قال هذا وجدنا الرجل اآلخر فجأة ابتسم وأخذ يغنى ( طالعة السالõ .. يا ما شاء الله

õ عليها ) وغنى الجميع معه فلم ¼لك الرجل اآلخر الغاضب سوى الضحك وتناسا األمر وكأن شيئا

يكن ! .. هذه كانت أخالق شعب امليدان

وألقوا للميدان املجاورة البنايات البلطجية صعد .. املولوتوف قنابل أيضا وجاءت الليل جاء

العرشات بل املئات من قنابل املولوتوف مع اإلستمرار عىل قذف الحجارة .. لكننا إعتدنا األمر .. كان املصاب يذهب إىل العيادة امليدانية يتلقى العالج ثم يعود مرة أخرى إللقاء الحجارة وكأن شيئا

õ يكن .. سقط بجانبنا شهيد .. صبى õ يتجاوز الثانية عرش من عمره .. صعب أن تتخيل أن هناك

بطل ىف هذا السن .. حملناه أنا وطارق وشاب آخر إىل العيادة امليدانية ما إن رآه الطبيب حتى

ذرف دمعة من عينه .. نظر لنا وقال لقد رأيت هذا الصبى مرتÃ .. مرة منذ ساعتÃ وأنا أخيط

جبهته و ملا استدرت ألبحث عن الصق طبى أضعه عىل الجرح كان قد اختفى

فتح باب ذلك املطعم الشه� برفق .. إتجه إىل أقرب مائدة وجلس .. مازالت أفكار عقله تتصارع .. هل سينفذ ما أراد الدخول ألجله أم ال .. بدا مرتددا بعض الشئ .. قد يكون تافها إذا نفذ ذلك

لكن هذا من حقه .. كل القوانÃ تصب ىف بح�ة مصلحته .. قاطع أفكاره ذلك النادل- (تحب حرضتك تطلب إيه؟ )

أمسك قا=ة األصناف ثم أخذ برصه يذهب إىل أعىل وإىل أسفل بحثا عن طلب مناسب .. أشار للنادل عليه قائال

-( عاوز من ده لو سمحت ) انرصف النادل وانرصفت حلبة مصارعة األفكار من عقله .. استقر أخ�ا عىل رأى .. أخذ يتأمل قليال املكان .. مطعم شه� .. أحد سالسل مطاعم عاملية .. إحرتافية عالية .. موسيقى هادئة .. أضواء.. شدة نظافة املكان .. ال تسمع هنا صوت عال أو ضحكات مستفزة .. زبائن محرتمون خافتة

تجذب األنظار ... بإختصار كان كل شئ مثاىل أحرض النادل الطلب ووضعه أمامه عىل املائدة وانرصف .. بدا لذيذا رائحته مغرية تجعلك تشمر عن ساعديك وتبدأ ىف إلتهامه إىل أن ينتهى ىف أقل من دقيقة.. أشار للنادل أن يأø ليدفع الحساب

. .. وضع النادل الفاتورة الصغ�ة أمامه عىل املائدة .. السعر 29 جنيها و 99 قرش أخرج ثالثون جنيها من جيبه وأعطاها له .. ابتسم النادل وقال ( أرجو تكون حرضتك استمتعت

عندنا ) وهم باإلنرصاف إال أنه ناداه قائال-( ثانية واحدة )-( خ� يا فندم )-( عاوز الباقى )

-( هو مش حرضتك اديتنى 30 جنيه؟ ... دا Ðن الوجبة )-(أل .. Ðن الوجبة 29 جنيه و 99 قرش )

تجمد النادل ىف مكانه قليال غ� مستوعب ما يسمعه ثم أطلق ضحكة خفيفة قائال-(كالم حرضتك كأنه جد بالظبط .. جديدة دى يا فندم )

-(أنا مش بهزر .. أنا عاوز الباقى )راحت بقايا الضحكة فجأة من عىل وجه النادل واتسم بالجدية الشديدة وقال

-(حرضتك بتتكلم جد؟ )-( أيوه ... أنا عاوز الباقى بتاعى .. قرش )

-( أكيد انت عارف ان مفيش حاجة اسمها قرش دلوقتى )-(أنا مليش دعوة .. مش دى األسعار عندكم؟ .. طاملا مفيش حاجة اسمها قرش كاتبÃ ليه ان

الوجبة ب 9.99 قرش؟ .. أنا عاوز القرش بتاعى وإال هعملكم فضيحة هنا õ يجد النادل ما يرد به فإنرصف قائال

-( ثانية واحدة أنده للمدير)

٢٠

:

..

.

..

.

Page 24: 20ألف شروق

اآلن هى املرة الثانية .. عدنا أنا وطارق إىل املعركة ىف حÃ رأينا الشاب الذى كان معنا ذهب إىل

إحدى السيدات ىف منتصف امليدان وقال لها : هذه حقيبتى .. دعيها معك .. فسألته أين تجده بعد

.. سلميها ألهىل .. العنوان بالحقيبة ... رأينا تلك السيدة ذلك لتسلمها له قال : سأموت شهيدا

الحقا تبحث عن الشاب .. وõ تجده أبدا

بÃ الحÃ واآلخر كنا نحمس بعضنا .. يرصخ أحدنا : نحن خ� أجناد األرض بشهادة الرسول .. من

املمكن أننا õ نحارب يوما وõ نتدرب قط .. لكننا مرصيون .. الله أكرب .. بالضبط وكأننا نحارب

األعداء عىل الجبهة وليس مرصيون مثلنا إما مخدوعون وإما فقدوا ض�ئرهم

عند السادسة صباحا بدأوا ىف اطالق رصاص حى علينا .. رصخت لطارق : هيا بنا نبتعد إىل داخل

امليدان .. õ أسمع منه إجابة .. فقد كان ملقيا عىل األرض .. ورصاصة ىف صدره .. ينزف دما ويصدر

آهات .. وقفت لحظة مذهوال .. لقد تعودت أن أرى شهيدا يلفظ أنفاسه األخ�ة .. لكنى õ أعتاد

أن يكون صديقى الحميم .. أن تفقد صديقا مقربا يعنى موت شخصان بالنسبة لك .. صديق وىف

وأخ كريم .. أفقت عىل صوت مجموعة من الشباب يحاولون حمله إىل العيادة .. دعوò لحمله

معهم .. ىف حالة بÃ الحقيقة والخيال حملته إىل العيادة معهم .. نظر الطبيب إليه وعرف أنه يلفظ

أنفاسه األخ�ة .. نظرت إىل الطبيب وفهمت هذا من عينه .. اقرتبت من وجهه وجدته يبتسم ..

كأنه يقول ىل : أتذكر؟ .. أتذكر عندما جئنا إىل هذا امليدان وعاهدنا بعضنا عىل النرص أو الشهادة

.. أتذكر حÃ كنا نجلس عىل رصيف امليدان هناك ونتحدث عن الشهداء مع ذلك الشيخ .. أتذكر

حÃ قال لنا أن الشهيد يختار سبعة يشفع لهم ويدخلهم الله الجنة ؟.. حينها تعاهدنا إذا مات

أحدنا شهيدا سيختار اآلخر ليدخل الجنة .. ها أنا أموت شهيدا فأحرض أنت النرص..ال تدع دمى

يراق هدرا .. لكن أتذكر باقى العهد؟ .. سيظل اآلخر يزور أهل الشهيد ل�عاهم ويطمنئ عليهم ..

أرجوك أن تتلطف عىل أمى وأنت تخربها أننى شهيد .. وأغلق عينه لألبد ... õ أدر إال وأنا أجرى

ناحية البلطجية وأرصخ : سأقتلكم .. سأقتلكم .. منكم لله .. سأقتلكم .... وكدت أن أرمى بنفىس

وسطهم لوال منعنى بعض الشباب وأعادوò للميدان

عدة " مليونيات " بعد ذلك ورحل مبارك .. وعىل الرغم من أننا õ نفرح ىف حياتنا مثل تلك الفرحة

عند س�ع خرب رحيله إال أننا õ نكن نعرف أن األمر õ يكن يستحق تلك الفرحة .. بل كانت تلك

الفرحة هى السبب ىف انتهاء ال ١٨ يوم .. ياليتنا õ نفرح

يقولون لقد عاد كل شئ ك� كان إال الشهداء ... ال يعرفون أنهم املنترصون الوحيدون ىف هذه

املعركة .. لقد ماتوا أبطاال وارتاحوا من مئات املعارك عىل مدار السنوات الالحقة وعىل األرجح هم

ىف الجنة يضحكون اآلن .. أما نحن فيعلم الله كم حاولنا وكم حاربنا وكم بكينا ... لكننا نحمده عىل

تلك النسخة التجريبية من الجنة .. تلك التى قضينا فيها أجمل ما عاشت أرواحنا ملدة ١٨ يوم ...

ىف ميدان التحرير .. مع شعب امليدان

انتهى العجوز من كتابة ما يريد ... وقف ورفع يده بالورق ثم تركه وترك هواء شتاء القاهرة يحمله

وإنرصف .. قد يجدها أحد الشباب املحبط فتلهمه وقد تتناثر بعيدا عن بعضها فتصل إىل عدة

أشخاص يقرأ كل منهم املقطع الذى وصله .. قد يجدها أحد املنتفعÃ من فشل الثورة

٢١

.

.

.

.

.

Page 25: 20ألف شروق

فيشعل فيها النار ثم يدوسها بحذائه .. وقد يجدها رجل بسيط يعمل ىف مطعم فتنفعه ىف عمل

قراطيس للطعمية .. ور¹ا يشرتى أحدها طفل صغ� يحب قراءة تلك القراطيس .. ال مشكلة ..

فمن جمعنا مرة سيجمعنا ثانية

خد الىل دفعته أهو وهات لينا حقنا ..الرجل سيعامله ..إن املعركة تلك بداية هز¼ته ىف أنها اإلبتسامة من عىل وجهه وأحس ذهبت

بنفس األسلوب .. قال ىف ارتباك-( أنا ك�ن مش معايا فكة )

-(مش مشكلتى .. ليه طلبت حاجة وانت مش معاك Ðنها )ارتباك من زاد منهم م� البعض له بل وصفق املدير بذكاء إعجابا الحارضين فجأة عال همس صاحبنا .. أخذ يفكر ىف طريقة لرمى الكرة ىف ملعب اآلخر .. كان من املفرتض أن يكون هو املنترص .. õ يكن من املفرتض أبدا أن يكون ىف هذا املوقف املحرج .. ماذا يفعل؟ .. ال يوجد حل؟ .. أبدا .. ليس هناك مشكلة ليس لها حل .. فجأة ظهرت ىف مخيلته صورة عم ابراهيم .. بائع العمالت القد¼ة ىف ذلك املحل الضيق القريب من مسكنه .. يذكر أنه سأله مرة بدافع الفضول عن أسعار تلك العمالت القد¼ة وكيف أنه مات ضحكا عندما أخربه أن القرش ب ٥ جنيه .. من ذلك األحمق الذى يشرتى قرش ب٥٠٠ قرش .. حسنا ,يبدو أنه ذلك األحمق ..سيشرتى ٤ قروش ب٢٠جنيهالفعىل الثمن سيكون هكذا .. سهل أمرها قرش وال٩٠ .. قروش ال٩ فيكون (شلن) ويضيف للوجبة ( خمسون جنيها إال خمس قروش) .. ال مشكلة طاملا سيتغلب عىل ذلك املتذاÆ.. ابتسم

ونهض من مقعده وقال ىف تحد للمدير-( ..نص ساعة وراجعلك )

-(رايح عىل فÃ؟ .. ان عاوز تهرب؟)-( أهرب فÃ؟ .. أنا رايح أجيبلك الفلوس )

-( وأنا أضمن منÃ إنك راجع تاò .. وبعدين انت طلبت الوجبة وعارف سعرها .. لو مش معاك Ðنها دلوقتى تبقى دى غلطتك

ثم نظر للنادل وقال ىف تلميح واضح وهو ينظر لساعته ويبتسم-(روح يا محمود خرج اإلتنÃ الىل مدفعوش الحساب امبارح من املطبخ .. كده

فات ٢٤ ساعة .. بس اتأكد انهم غسلوا كل األطباق كويس عاد صاحبنا يكلم نفسه مرة أخرى .. إنه يعلم الحل لكن ال يعرف كيف يصل إليه .. أخذ يفكر ..

ملاذا يذهب هو للنقود بين� ¼كن أن تأø هى-( ثانية واحدة أتصل بحد يجيبىل الفلوس )

-( هايجبلك ٢٩٫٩٩ قرش ؟ ... ده هتالقيه فÃ ده )-(ياسيدى وانت مالك .. انت مش ليك تاخد فلوسك وخالص )

وأمسك هاتفه املحمول واتصل بصديقه .. صديقه خالد-( ألو .. أيوه يا ج�ل)

-( أنا محتاجك برسعة يا خالد... إلحقنى برسعة )-( خ�؟ )

-( أنا هاطلب منك طلب بس الزم تنفذه برسعة .. ومتستغربىش من الىل هاقوله .. ملا اشوفك هافرسلك كل حاجة

-(خ� يابنى قلقتنى .. فيه ايه؟ )-(عاوزك تروح املنطقة عندنا وتسأل عىل محل واحد اسمه عم ابراهيم .. هتشرتى منه

قرش وتيجى عىل املطعم الىل ىف شارع األمل .. أل .. قصدى تشرتى أربعة .. برسعة يا خالد

٢٢

.

Page 26: 20ألف شروق

٢٣

õ يعد الحصول عىل قنبلة أمرا صعبا هذه األيام .. وõ تعد األسباب املنطقية سبب منطقى للقتل

هذه األيام .. لكن عم إبراهيم كان يرى غضبه سببا منطقيا كافيا للتخلص من هؤالء األوغاد .. عم

إبراهيم هو ساعى الدور ىف أحد املكاتب الحكومية .. هو مسئول عن القهوة والشاى والنظافة ىف

الدور الثالث .. وأيضا نقل األوراق بÃ املوظفÃ الكساىل .. وياليتهم كساىل فقط لكنهم أيضا أوغاد

متعجرفون متكربون أنانيون .. لطاملا تحمل إهاناتهم له ىف حرضته وجها لوجه و أيضا ىف غيبته

وهم يظنون أنه ال يسمعهم .. لكن لن يدوم األمر .. وضع الحقيبة الجلدية التى بداخلها القنبلة

بدائية الصنع خلف إسطوانة الغاز ىف حجرته الضيقة جدا .. وجودها ىف منتصف الحجرات جعله

يتأكد أن الجحيم سيصل لكل مكاتب الدور الثالث .. لو نجح األمر فبالتأكيد سيأø موظفون جدد

ليحلوا محل القتىل بعد عدة شهور من اإلصالحات .. ستكون بداية جديدة يفرض فيها نفسه

ساعة واحدة كافية لإلبتعاد نهائيا عن هذا املكان .. كل شئ محسوب .. ينزل من السلم ليغادر ..

يرى املوظفÃ يصعدون واحدا تلو اآلخر ىف مواجهته .. دا=ا متأخرون .. كل� يبرصه أحدهم يسأله

عن وجهته ف�د

-رايح أجيب رزمة سجاير يا بيه

ينظر ىف أعينهم للمرة األخ�ة .. ليتهم يعلمون من القوى ومن الضعيف اآلن .. لكن ما هذا؟! ..

هكذا قال لنفسه .. أستاذ هيثم ؟! .. ما الذى جاء به اآلن ؟! ... ال ¼كن ... ال ¼كن أبدا

-إيه الىل جابك يا أستاذ هيثم ؟! .. مش إنت أجازة النهارده ؟

-هى دى صباح الخ� بتاعتك يا عم إبراهيم ؟

-ال والله مش قصدى ... لكن إنت جاى ليه النهارده؟

- األجازة إتأجلت عشان أستاذ فتحى هو الىل هياخد أجازة النهارده .. تعبان شوية والزم

حد فينا يكون موجود

- تالقيه بيمثل عليك

-ههههههه .. والله مش هدخل ىف نيته يا عم إبراهيم ¼كن تعبان فعال .. طاملا أنا أقدر آجى

إيه املشكلة ؟

ما املشكلة ؟!! .. أنت هكذا ستفسد ما تم التخطيط له .. شهامتك هذه ستؤدى لقتلك .. هكذا قال

ىف نفسه

صعد األستاذ هيثم و تسمر عم إبراهيم ىف مكانه عىل السلم .. يحدث نفسه .. كله إال هيثم ! ..

حتى لو أنا .. لو حياø مقابل حياته أختار حياته دون تردد .. لقد إخرتت هذا اليوم بالذات ألنه

من املفرتض أنه ىف إجازة .. كله إال هيثم ! .. لو أنه يجد حجة مناسبة إلقناعه باإلبتعاد عن املبنى

لكن ساعتها سيكون مكشوفا أمامه بعد اإلنفجار ... إذن البد من إيقاف القنبلة .. كله إال هيثم

..

:

!

!

.

Page 27: 20ألف شروق

تغ� ميدان التحرير كث�ا .. ليس بشكله وإñا بروحه .. مرت أعوام وأعوام عىل بداية الثورة املجيدة

.. يوم ٢٥ يناير ىف ميدان التحرير أصبح مجرد إحتفال صاخب بثورة أحدثت تغي� .. وقالب "تورتة

" كب� مرسوم عليه علم مرص بزينة حلوانية المعة لذيذة يتقاسمه الحارضون .. أو باألحرى من

يستطيع من الحارضين .. الزحام الشديد ال يعطى فرصة للكث� لنيل قطعة ولو صغ�ة .. مثله .. هذا العجوز املبتسم .. الذى فقد األمل ىف الحصول عىل جزء من التورتة هو أكú الناس استحقاقا

له .. õ ال وهو كان مع من ثار ومع من اعتصم ومع من أصيب ومع من استشهد .. جلس عىل

رصيف عىل أحد أطراف امليدان بعيدا عن الحشد .. أخرج عدة ورقات وقلم من

جيبه وبدأ يكتب

يوم ٢٤ يناير كنت أس� مع طارق صديقى هنا ىف امليدان نتحدث عن تلك الدعوة عىل الفيس بوك

للنزول غدا .. اتفقنا عىل النزول .. عىل الرغم من أنها õ تكن الدعوة األوىل منذ عرفنا الفيس بوك

إال إنها األوىل التى اتفقنا عليها .. قلنا ألنفسنا فلنبدأ بأنفسنا.. õ نعد نخاف .. إذا فعلها التوانسة

الشهر املاىض فسنفعلها .. أخذنا نحمس أنفسنا وأننا الشباب واألمل .. و أخذنا نتخيل يوم غد ..

كم شاب سيحرض ىف ظنك ؟ .. هناك تسعون ألفا وافقوا عىل النزول عىل صفحة الفيس بوك .. لكن

هذا عادى .. ىف السابق كان أكú من هذا العدد يقول وال يفعل .. سنبدأ بأنفسنا ونقول ونفعل ..

.. Ãواثن Ãيرضبهم جنود األمن املركزى فسيكونوا ألف Ãإذا كان من ينزل كل مرة عددهم ألف

يرضبهم جنود األمن املركزى .. لكنهم أصحاب حق ولن يخافوا .. ياااه ..تخيل معى لو نزل عرشة

آالف دفعة واحدة .. يااااه .. أنت تحلم .. ومن يدرى

وجاء يوم ٢٥ يناير .. اليوم املنتظر .. أتذكر منه مشهدين باألخص.. املشهد األول الساعة الثانية

ظهرا .. آالف الشباب يتظاهرون هنا ىف ميدان التحرير .. حواىل ثالثون ألفا !!.. كان الجميع ىف حالة

ذهول لبعض الوقت .. الجميع أراد أن يبدأ بنفسه فنزل الجميع ! .. األمن املركزى تفاجأ باألعداد

الغف�ة من الشباب لدرجة أنه فقد السيطرة عىل امليدان ىف وقت قص� .. الشعب نفسه تفاجأ

بنفسه .. õ يكن أشد املتفائلÃ تفاؤال من الشعب أو أكú املتشا=Ã تشاؤما من الحكومة كان يتوقع

هذا .. شباب الفيس بوك ( السيس ) نزل ميدان التحرير .. أما املفاجأة الثانية أن كل من كان يعرب

بامليدان ىف هذا الوقت كان ينضم للمتظاهرين.. شيوخ ورجال وأطفال .. هناك أتوبيس كان ¼ر

بامليدان فنزل جميع ركابه وانضموا للمتظاهرين.. لقد فاجأ املرصيون أنفسهم .. وعلموا أن قوتهم

ىف أنفسهم .. وانكرس حاجز الخوف .. هناك مقطع فيديو لذلك الشاب الذى وقف وحده أمام

الشباب من عدد إليه وانضم حوله من كل تصفيق وسط تقدمها فأوقف املركزى األمن عربة

اآلخرين ملساعدته

التى مازالت تحتفظ الفئة .. النادرة الفئة .. هيثم هو من تلك أبدا كل موقف لهيثم ال ينىس

بالوضع اإلفرتاىض لإلنسانية .. Ð õتد إىل عقله أيدى املخربÃ أبدا .. أحد هذه املواقف كان منذ

ثالثة شهور تقريبا .. جاء هيثم إىل املكتب فوجد عم إبراهيم يجلس عىل األرض بجوار باب املدير

وهو يب� ... نزل بجسمه له وسأله ىف فزع وهو ¼سك كتفيه

-فيه إيه يا عم إبراهيم ؟

- محمود إبنى عمل حادثة يا بيه ومرمى قدام املستشفى .. عاوزين ٥ آالف جنيه عشان

نعرف ندخله .. جيت أطلب سلفة من أستاذ سلي�ن بتاع الخزنة قال ىل أنا عندى لجنة تفتيش

Ãدلوقتى يا أستاذ هيثم ؟! .. م Ãبكره ومش وقت سلفة .. استلف من أى حد !! .. أستلف من م

بيشيل ىف جيبه فلوس دلوقتى ؟! دخلت للمدير قال ىل إبعتهوىل ومن ساعة مادخل من ربع ساعة

وه� بيتكلموا عن التفتيش ومش فاضيÃ ىل

دار ما إبراهيم .. سمع عم الباب خلفه وأغلق استئذان املدير دون نهض هيثم ودخل مكتب

بالداخل إذ أن صوت هيثم كان عاليا وصوت املدير كان أعىل .. هيثم كان يدافع عن عم إبراهيم

وكأنه يدافع عن نفسه .. إنتهت املواجهة وخرج أستاذ هيثم وخلفه أستاذ سلي�ن الذى كان يرمق

عم إبراهيم بنظرات نارية حانقة .. توجهوا للخزينة وبالفعل تم رصف املبلغ .. õ ينتهى األمر عند

ذلك فقد أرص هيثم عىل توصيل عم إبراهيم بسيارته للمستشفى برسعة والتأكد من سالمة إبنه

... وõ يباىل بإحتساب املدير لهذا اليوم غيابا له إنتقاما مبدئيا منه .. وال من تصيده ألخطائه مه�

كانت تافهة

هناك من يعامله كساع وهناك من يعامله كإنسان .. هيثم كان الوحيد ىف الفئة الثانية .. ال شك

أنه خ� أيضا مع محيط سكنه ... بالتأكيد دعا أحدهم له ذات مرة : ربنا يخليك للغالبة ... ر¹ا هذا

الدعاء هو السبب ىف رؤيته عىل السلم .. لو كان تأخر خمسة دقائق فقط إلختلف الوضع

.. ال ¼كن أن يبطل مفعول صعد عم إبراهيم مرة أخرى .. جاء املوظفون والدور أصبح مكتظا

القنبلة ىف حجرته .. وال يستطيع إغالق الباب ألنه هكذا سيجذب الناس أكú .. سنÃ وسنÃ وõ يروا

الباب مغلقا من قبل .. فضولهم الحق� سيكشفه .. جذب الحقيبة وعزم عىل الصعود لسطح املبنى

.. ملئ باملكاتب القد¼ة املكسورة .. ال أحد يصعد هناك .. ¼ىش برسعة ويتمنى أال يالحظه أحد ..

هذه أول مرة يكتشف أن الدور طويل جدا .. حدث ما خاف منه .. إستوقفه صوت املدير .. ملاذا

ôخرج من مكتبه اآلن هذا األبله ؟! .. إلتفت ليجده قادم نحوه وبصحبته األستاذ سلي�ن .. الثنا

الكئيب

-إيه الشنطة الىل ىف إيدك دى يا إبراهيم ؟

رد بتوتر

-مفيش ! .. دى ... إممم .. دى شنطة قد¼ة لقيتها ورا دوالب وأنا بنضف قلت أرميها فوق

مع الكراكيب

-دا عاوز يشتغلنا باين يا أستاذ سلي�ن ... عاوز تقول ىل يعنى إنك بتنضف ورا الدواليب

ك�ن ؟! .. لتكون فيها قنبلة وال حاجة ؟ .. ما البلد اليومÃ دول فيها قنابل أكرت ما فيها جوامع ..

ههههههه .. مش كده وال إيه يا سلي�ن ؟

٢٤

:

!

.

..

:

.

Page 28: 20ألف شروق

أستاذ سلي�ن بضحكة مصطنعة

ههههه .. صح والله

-إفتح يا إبراهيم إفتح

وقف عم إبراهيم لحظة ال يدرى ماذا يفعل ثم فجأة وضع الحقيبة أرضا ثم عقد ساعديه كأنهينتظر شيئا

املدير ىف تعجب

-إيه يا إبراهيم ؟! .. مستنى األتوبيس وال إيه؟

-ال يا بيه .. أنا مستنى تليفونك يرن أو حد ينده عليك زى ما بيحصل ىف األفالم

-هههههههههه .. دا طلع دمه خفيف ك�ن أهو يا سلي�ن .. أنا بعد كده ملا أبقى متضايق

هأنده عليه يسلينى

ثم إقرتب منه أكú وقال بلهجة جادة

-إوعى تفتكر السكر الىل بتهربه ده أنا مش واخد باىل منه .. أنا مش عبيط يا إبراهيم .. أنا

بس مش عاوز أزنقك وسايبك تسرتزق

قالها ثم أكمل طريقه مع سلي�ن وقال بصوت عال سمعه كل من ىف الدور

-افتكر بس الج�يل يا إبراهيم

تنفس عم إبراهيم الصعداء ثم قال ىف نفسه

-ج�يل ؟! .. أقسم بالله لوال األستاذ هيثم لكان زمانك شفت منى أحىل جميل .. كان زمان

أشالئك متبعرتة ىف كل حتة .. بترسقنى أنا؟ .. أنا حرامى ؟ .. وإيه ك�ن أسليك دى .. شغال مهرج

ىف بالط سعادتك أنا ؟

.. كالعادة كان السلم قبل أن يالحظه أحد آخر هكذا نفس عن غضبه وهو يصعد برسعة عىل

السطح خاليا من أى برشى .. جلس عىل األرض وفتح الحقيبة وأخرج سكينا صغ�ا من جيبه كان

قد أحرضه من حجرته .. حمد الله أنه مازال يتذكر طريقة إبطالها عندما أخربه بها من إبتاعها منه

وهو غ� مهتم باملرة .. õ يكن يتوقع أبدا أنه سيضطر إىل إبطال مفعولها.. لكنه ها هو ذا قد فعل

توقف التوقيت عند ربع الساعة

اآلن سيخبئها داخل إحدى تلك املكاتب القد¼ة لوقت الحق يوصل األسالك من جديد فتعمل ..

ال أحد يصعد هنا .. ليس عليه إال الصرب .. هم اآلن يضحكون ويعبثون غ� عاملÃ ¹ا كان سيحدث

لهم .. لكن قريبا س�ى الجميع نهايته .. عندما يغيب هيثم

٢٥

:

:

.

:

:

!

.. .

.

Page 29: 20ألف شروق

٢٦

.. لكنه اختالف .. شئ غريب غ� معتاد عليه .. يتملكه احساس مختلف القيلولة استيقظ من

لألفضل .. نشاط وح�س ¼آلن وجدانه .. أعجبه األمر فقرر أن يظل هكذا باقى اليوم .. لن يدع

أحد يقتل ذلك الشعور .. سيقىض يوما مختلفا ولو ملرة ىف حياته .. افرتض أنه سيعيش ستون عاما

فذلك معناه أن ىف حياته ٢١٩٠٠ يوم فليس من املعقول أال يعيش يوم واحد منهم أو حتى جزء

منه ك� يريد هو .. نزل إىل الشارع وأخذ يس� .. مبتسم .. إىل ال مكان .. حتى ال زمان .. بدأ تفاعله

مع من حوله ىف الشوارع يتعدى مرحلة مجرد اإلبتسام فمد يده لهذا ليسلم عليه رغم أنه ال يعرفه

.. يبتاع بعض األشياء الرمزية ويوزعها عىل من حوله .. يرى أحدهم يحمل عدة أكياس وحقائب

.. لكن الجزء اآلخر الذى فيمد يده يحمل بعضهم .. ال شك أن البعض من الناس كان مستغربا

ابتسم معه كان ما يهمه .. يسقط " الربستيج " إذا كان املقابل سعادته .. وسعادة الناس .. دقيقة

بدقيقة كان النشاط يزداد أكú .. وكان الح�س يشتعل أكú .. وكانت ابتسامته تشع أكú .. وأصبح

.. بدأت الشمس تتعب úوأك úمحيطه ككرة متوهجة يتسع قطرها كل لحظة لتشمل أناس أك

وترتك الناس وحدهم لليل لكن ضوءه كان يغنى عن ضوئها .. س�ر الليل كان ىف الشوارع كلها إال

حوله .. رآها تقف هناك عىل ناصية شارع تائهة .. اقرتب منها وسألها فسألته .. كانت تبحث عن

شارع تسكن فيه صديقتها .. رب صدفة خ� من ألف ميعاد .. صديقتها هى محبوبته .. فرصة

ذهبية ل�اها .. أوصلها إىل بيت صديقتها محبوبته وانتظر حتى نزلت عىل السلم لتستقبلها .. ورأى

ابتسامتها .. المعة .. رائعة .. أحس أنه يريد الط�ان فرحا .. شعر أن األرض تبتعد من تحته .. أو

يبتعد هو عنها .. إنه يط� .. يط� .. يرتفع أكú فأكú .. يرتفع ¹قدار ثالثة طوابق .. أربعة .. خمسة

.. شئ غريب ! .. لكنه ال شك رائع .. دون أن يقصد صدم لوحة اإلعالنات العمالقة أعىل سطح

البيت .. رآها تهتز أماما وخلفا وأماما وخلفا برسعة عالية كشوكة رنانة .. هل ¼تلك تلك القوة ؟!

.. مد يده وهو مازال طائرا وحاول تثبيتها .. تتمرد عليه لكنه Ðسك بها أكú حتى طاوعته ونجح

ىف اعادتها ثابتة ك� كانت .. õ يشعر بالتعب .. بل بالعكس أحس أن قوته إزدادت وبداخله طاقة

يريد افراغها .. طار عاليا أكú وأكú .. كانت الناس ىف األسفل تشاهد ىف سعادة وذهول .. كانت

. ترى الس�ء س�ر يلمع فيه قمر ونجوم وشخص مضئ .. يط� .. إىل مكانه الطبيعى .. بÃ النجوم

Page 30: 20ألف شروق

٢٧

أفاق لكنه õ يفتح عينيه .. يشعر بحبل ملفوف حوله وحول الكرىس الذى يجلس عليه يجعله�

كتلة واحدة .. يستشعر أنفاس أناس موجودين بالقرب منه .. فتح عينيه ليستطلع األمر .. الصورة

.. فيه يحدقان امامه Ãجالس Ãرأى شخص بالكامل.. وعيه يستعد õ ألنه قليال تبدو مشوشة

أحده� نحيف طويل غاضب الوجه واآلخر سمÃ قص� عىل وجهه ابتسامة عريضة .. املكان حوله

يبدو غ� منظم قليال .. ملئ بالحقائب و" الكراتÃ " .. ناوله الشخص املبتسم كوب ماء عىل فمه

فإرتشف رشفة أعادت له كامل وعيه .. سأل السؤال التقليدى ىف هذا املوقف الغ� تقليدى

-أنا فÃ؟... وانتوا مÃ؟

أجاب الرجل الغاضب : إحنا أمن الدولة

-بس أمن الدولة اتلغى خالص

رد املبتسم تلقائيا :خالص يبقى احنا مخابرات

نظر إليه الغاضب ىف غضب : يبقى احنا؟!! .. اسكت خالص

ثم سأل اآلخر املقيد : انت بقى الىل بتعرف تط�؟

-آه .. بس انتوا مÃ؟

-بص يا ابن الناس .. انت مش هتمىش من هنا غ� ملا تعلمنا إزاى نط�

-كان نفىس أفيدك فعال بس مينفعىش

أخرج الغاضب مطواة من جيبه ثم وضعها عىل رقبة الرجل الطائر قائال: طب وكده؟

õ يرتبك الطائر بل قال ىف ثقة : برضه مينفعىش .. دى حاجة الزم تكتشفها بنفسك

-إزاى؟

-أنا مثال مقدرىش أوصفلك إزاى تتحكم ىف صوابع رجلك فتحرك الصابع ده أو ده زى ما إنت

عاوز .. دى حاجة فطرية .. انت اتولدت عرفت تحرك صوابعك من غ� ما حد يقولك ازاى .. صح؟..

الط�ان ده برضه حاجة فطرية مش هاعرف اوصله ليك

-أومال انت عرفت تط� إزاى؟

-اإلنسان جواه حاجات كت� لسه ميعرفىش يستغلها كويس.. يعنى مثال من أول سيدنا آدم

لغاية دلوقتى محدش فكر انه ممكن يط� .. حتى أنا عرفت صدفة .. كنت نايم ىف الجنينة مستجم

ومغمض عينى وعقىل صاىف ومندمج قوى مع نس�ت الريح فجأة جاىل احساس غريب ولقيت

نفىس طاير

-ياسالم

-آه والله . مصدقتش طبعا بس جربت مرة واتنÃ وتالتة وكل مرة أتحكم ىف ط�اò أحسن من

الىل قبلها .. رحت لدكاترة وعملت أشعة وفحوصات لقيت جسمى عادى جدا زى كل البرش مفيش

:

.

.

..

.

.

.

!

Page 31: 20ألف شروق

اكتشفوا ان القلب مش مجرد قطعة لحم مادية لكن جواه عواطف ومشاعر واكتشفوا ان املخ مركز

التفك� مش مجرد خاليا مادية .. ممكن الكلية تكون مكمن لطاقة هائلة تخليك تط� أو الكبد

جواه كذا روح ليك زى أبطال ألعاب الفيديو

-طب طاملا انت بتعرف تط� .. ماتقولنا أنهى جزء الىل بيط�ك؟

-زى ما قولتلك دى زى حركة الصباع .. فطرية .. العل�ء ه� الىل يحللوها .. لكن محدش

فيهم مصدقنى .. كلهم بيقولوا دا سحر وشعوذة وان طبقا لقوانÃ الفيزياء يستحيل اإلنسان يط�

مه� حصل .. مش عارف ايه ده .. طب ما آينشتاين بقوانÃ الفيزياء دى أثبت ان اإلنسان ممكن

يسافر عرب الزمن لو رسعته وصلت لرسعة الضوء .. بأى منطق ممكن حد يصدق الكالم ده؟

-السفر عرب الزمن !.. انتى قولتىل اسمه ايه؟

-آينشتاين

مال الغاضب عىل املبتسم هامسا : ابقى فكرò نخطفه بعد ما نخلص من األخ ده

الرجل الطائر : خالص فهمتنى؟

-طبعا .. ثم استطرد وقال : بس مش هتمىش غ� ملا تعلمنى إزاى أط�

-تاò؟.. دى حاجة الزم تكتشفها بنفسك .. اقعد مع نفسك كده قعدة صفا وفكر ىف

قدراتك ..أكيد ربنا مديك حاجة مميزة عن باقى البرش..مش الزم تكون بتط� .. ممكن يبقى كل

انسان له حاجة مختلفة .. ممكن واحد يكون بيحرك األشياء من عىل بعد .. ممكن واحد بيطلع

ليزر من عينيه .. ممكن أى حاجة ..أهم شئ تدور جواك .. أكيد هتالقى فيك شئ مختلف.. أى

يغنى ويتشهر ويلف ىف .. إن صوته حلو نبيل.. ممكن واحد قدرته لهدف تقدر تستغله شئ

جوالت حول العاõ ويكسب تعاطف الناس ألع�ل خ�ية ويعمل حفالت بفلوسها ممكن يغ� حياة

ثقافة جديدة ىف التمثيل ينرش انه موهوب ىف .. ممكن واحد قدرته تاكل ناس كت� مش القية

..أنا أعرف واحد .. ممكن واحد بيعرف يكتب يدافع عن قضية مفيدة للبرشية املجتمع بحاله

اكتشف انه بيعرف يكتب وهو عنده ٣٠ سنة .. انت مثال.. جربت تكتب؟

-طبعا .. أنا بكتب و أقرا ك�ن ..دا أنا مكمل لحد اإلعدادية

-مش مهم .. أهم حاجة فهمت قصدى؟

-أيوه .. بس برضه مش هتمىش من هنا قبل ماتعلمنى الط�ان

قال الطائر غاضبا : اللهم طولك يا روح

وأخذ يفكر قليال ثم ابتسم وقال : ماىش .. فكنى عشان أبقى أنقذك ألن انت ممكن تقع وانت

طاير ىف البداية

فرح الرجل الغاضب وفك وثاق الرجل الطائر ووقف اإلثنان أمام الشباك املفتوح

الرجل الطائر : الدرس األول .. إوعى تصدق إنسان بيط�

ثم طار من الشباك بعيدا وهرب

وقف اإلثنان صامتان قليال يحاوالن استيعاب ما حدث إىل أن قال املبتسم : هو هيديك الدرس

التاò إمتى؟

٢٨

!

.

.

.

..

!

!

حاجة زيادة وده الىل مخلينى متأكد إن الناس كلها كده .. بس الزم تكتشف ده بنفسها زى ما

Page 32: 20ألف شروق

٢٩

"كل سنة وإنت طيب "

مد الرجل يده ىف جيبه وأخرج عرشة جنيهات وأعطاها للقائل .. هو ليس عيد وهى ليست عيدية

.. هو طابور من املواطنÃ أمام شباك موظف تجديد رخصة القيادة .. ليس أمامى سوى شخص

واحد حتى يحÃ دورى ىف لقاء ذلك الوغد .. كل سنة وانت طيب؟!! .. بعد الثورة؟!! .. امثال هؤالء

هم أعداء الثورة الحقيقيÃ .. لقد اقسمت عىل التغي� ولن اتراجع .. لن أكون سلبى ..لن أرمى

ق�مة ىف الشارع .. لن أخالف إشارة مرور .. وبالطبع لن أدفع رشوة ألى احد مه� كان .. هؤالء

ال يكتفون أبدا .. إنهم مثل الزومبى .. أولئك األموات العائدون للحياة وال هدف لهم سوى أن

ينهشوا لحمك .. ال تفك� ىف عقل يحذرهم وال عاطفة ىف قلب Ðنعهم وال حتى خشية من رب

يراقبهم

"كل سنة وانت طيب "

كسابقه دفع الرجل وانرصف .. تقدمت وأعطيته الورق .. أخذ يتفحصه ورقة ورقة ثم نظر إىل

وقال

-ما شاء الله مفيش ورقة ناقصة .. قليل ملا حد بيجيىل كده من أول مرة .. بس فاضل خطوة

واحدة

ثم نادى بصوت عال : يا أ¼ن .. انت نسيتنى وال إيه؟

وىف لحظة حرض ذلك األ¼ن ومعه كوب شاى وضعه امام املوظف

املوظف : تسلم يا عم ا¼ن .. خد بقى الرخصة دى وهات امللف بتاعها من الدوالب برسعة

ثم وجه كالمه إىل : معلىش استنى ثانية واحدة حرضتك

تناول كوب الشاى واخذ يرشف منه ىف انتظار امللف .. وجد املوظف عىل املكتب املجاور ال طابور

امامه ويقرأ أحد الجرائد ىف اهت�م .. سأله ىف فضول

-خ� يا أستاذ محمود .. إيه الجديد النهاردة

-بيقولوا هايعملوا حد أدò لألجور ١٤٠٠ جنيه

بدت الفرحة عىل وجهه وهو يسأل : فعال؟

-ياعم كالم جرايد .. يعنى انت متوقع تروح للخزنة آخر الشهر يدوك ال٤٠٠ جنيه بتوعك

ويدوك فوقيها ألف جنيه زيادة مرة واحدة وليك زيهم كل شهر؟ .. دا وال ىف األحالم

ال ادرى ماذا حدث ىل بعدما سمعت هذه الجملة .. توقف عقىل عن التفك� فجاة .. يبدو أن

هناك شئ ما خطأ .. أø أ¼ن وأø معه امللف ووضع املوظف الورق بداخله ثم

"كل سنة وانت طيب"

تلقائيا وضعت يدى ىف جيبى وأخرجت له عرشة جنيهات .. ر¹ا هو من الزومبى ناهىش اللحوم ..

لكن ذلك يعنى ايضا انه ميت باألساس

.

:

:

:

!

.

Page 33: 20ألف شروق

٣٠

قررت اليوم أن ألعب لعبة جديدة .. سأنظر من النافذة وأعد املارة من أمام بيتى واحدا واحدا

خالل سبع ساعات متفرقة .. اللعبة ليست مملة ك� تبدو .. لقد تعلمتها من جدø يوم كنت ىف

فأرشدتنى لهذه لتنام قليال أرادت أن تشغلنى .. الصحراء الجديدة جوار املدينة تلك بيتها ىف

اللعبة .. تظن أننى قد انخدعت ولعبتها حبا ىف اللعبة .. أتظننى صغ�ا ال أفهم ؟!! .. لقد اÐمت

عامى السادس منذ شهرين .. لكنى هاودتها ألننى أعلم انها متعبة فعال وتريد الراحة فأشغلت

نفىس بهذه اللعبة .. نظرت من النافذة وكل� ¼ر أحدهم أكتب ىف الورقة +١ وهكذا .. ىف النهاية

وبعد عدة مرات وجدت أنه خالل سبع ساعات مر حواىل ٨٣ مار

اليوم سأجرب هذه اللعبة هنا .. ىف شارعى الكب� .. أعلم أنها مهمة صعبة لكنك تعلم طباع الصغار

أمثاىل .. أقصد الكبار أمثاىل .. عندما يرصون عىل شئ البد وأن ينالوه .. بالتأكيد كنت ىف مثل

عمرى وتعلم ما أتكلم عنه

قرأت الفاتحة وبدأت مهمتى .. ١+١+١+١ ... ¼ر عىل برش مختلفة أصنافهم .. السعيد والحزين

.. القوى والضعيف .. السمÃ والهزيل .. املبتسم واملهموم .. أحيانا ¼ر مجموعة كب�ة ىف وقت

واحد وأحيانا ال ¼ر أحد نهائيا .. إن األمر أصعب م� توقعت .. بعد مدة من الزمن õ أجد أحدا

¼ر فاتخذتها فرصة لحساب ما كتبته .. ١+١ يساوى ٢ و ٢+١ يساوى ٣ و ٣+١ يساوى ٤ ... عندما

وصلت آلخر رقم وجدته ٢١ أو ٢٢ .. أقصد أننى أشك ىف أحده� .. ياللهول .. لن أعيد تلك العملية

الحسابية املعقدة .. أخ�ا مر أحدهم

بكل براءة سألته (( عمو ... هو انت رقم ٢٢ ؟

أجابنى بكل حزم (( ليه ؟ .. شايفنى أبوتريكة ؟ )) ثم تركنى وانرصف

حسنا سأعتربه رقم ٢١ طاملا غضب من ٢٢ ... تكررت نفس املشكلة معى عندما وصلت لرقم ٦٣

أو ٦٤ ... لعل القادم يعرف .. هذه املرة سأخ�ه بÃ الرقمÃ حتى ال يغضب

أخ�ا أø .. شخص مبتسم .. إنه ما أريده

بنفس الرباءة سألته (( عمو .. هو انت رقم ٦٣ وال ٦٤ ؟

نظر ىل وهو مازال يبتسم (( انت عبيط يابنى ؟

أخذتنى الح�سة فقلت (( انت الىل عبيط يا عمو )) وأغلقت النافذة برسعة الربق حتى ال يصل

إىل سبابه املستمر وتوعده برض~ .. ال أعلم ملاذا يكره أن أناديه بلقب ينادينى به ؟ .. ياللكبار

لقد سئمت هذه اللعبة .. سبع ساعات كاملة وأنا أعد ... اآلن عاد أ~ من العمل .. أصبحت أعلم

اآلن صعوبة عمل أ~ .. لقد أصبحت مرهقا متعبا من مجرد الوقوف والعد .. جمعت أول مائة

رقم فقط .. õ ندرس بعد ماذا بعد املائة .. جعلت أ~ يجمع الباقى .. ال أعلم مدى ضخامة الرقم

لكن والدى بعد فرتة من الحساب كتب ىف النهاية ١٢٥٢

((

((

.

.

...

.

!

!

Page 34: 20ألف شروق

٣١

õ يعد الحصول عىل قنبلة أمرا صعبا هذه األيام .. وõ تعد األسباب املنطقية سبب منطقى للقتل

هذه األيام .. لكن عم إبراهيم كان يرى غضبه سببا منطقيا كافيا للتخلص من هؤالء األوغاد .. عم

إبراهيم هو ساعى الدور ىف أحد املكاتب الحكومية .. هو مسئول عن القهوة والشاى والنظافة ىف

الدور الثالث .. وأيضا نقل األوراق بÃ املوظفÃ الكساىل .. وياليتهم كساىل فقط لكنهم أيضا أوغاد

متعجرفون متكربون أنانيون .. لطاملا تحمل إهاناتهم له ىف حرضته وجها لوجه و أيضا ىف غيبته

وهم يظنون أنه ال يسمعهم .. لكن لن يدوم األمر .. وضع الحقيبة الجلدية التى بداخلها القنبلة

بدائية الصنع خلف إسطوانة الغاز ىف حجرته الضيقة جدا .. وجودها ىف منتصف الحجرات جعله

يتأكد أن الجحيم سيصل لكل مكاتب الدور الثالث .. لو نجح األمر فبالتأكيد سيأø موظفون جدد

ليحلوا محل القتىل بعد عدة شهور من اإلصالحات .. ستكون بداية جديدة يفرض فيها نفسه

ساعة واحدة كافية لإلبتعاد نهائيا عن هذا املكان .. كل شئ محسوب .. ينزل من السلم ليغادر ..

يرى املوظفÃ يصعدون واحدا تلو اآلخر ىف مواجهته .. دا=ا متأخرون .. كل� يبرصه أحدهم يسأله

عن وجهته ف�د

-رايح أجيب رزمة سجاير يا بيه

ينظر ىف أعينهم للمرة األخ�ة .. ليتهم يعلمون من القوى ومن الضعيف اآلن .. لكن ما هذا؟! ..

هكذا قال لنفسه .. أستاذ هيثم ؟! .. ما الذى جاء به اآلن ؟! ... ال ¼كن ... ال ¼كن أبدا

-إيه الىل جابك يا أستاذ هيثم ؟! .. مش إنت أجازة النهارده ؟

-هى دى صباح الخ� بتاعتك يا عم إبراهيم ؟

-ال والله مش قصدى ... لكن إنت جاى ليه النهارده؟

- األجازة إتأجلت عشان أستاذ فتحى هو الىل هياخد أجازة النهارده .. تعبان شوية والزم

حد فينا يكون موجود

- تالقيه بيمثل عليك

-ههههههه .. والله مش هدخل ىف نيته يا عم إبراهيم ¼كن تعبان فعال .. طاملا أنا أقدر آجى

إيه املشكلة ؟

ما املشكلة ؟!! .. أنت هكذا ستفسد ما تم التخطيط له .. شهامتك هذه ستؤدى لقتلك .. هكذا قال

ىف نفسه

صعد األستاذ هيثم و تسمر عم إبراهيم ىف مكانه عىل السلم .. يحدث نفسه .. كله إال هيثم ! ..

حتى لو أنا .. لو حياø مقابل حياته أختار حياته دون تردد .. لقد إخرتت هذا اليوم بالذات ألنه

من املفرتض أنه ىف إجازة .. كله إال هيثم ! .. لو أنه يجد حجة مناسبة إلقناعه باإلبتعاد عن املبنى

لكن ساعتها سيكون مكشوفا أمامه بعد اإلنفجار ... إذن البد من إيقاف القنبلة .. كله إال هيثم

-((هو الرقم ده أكرب وال ٨٣ أكرب يا بابا ؟ ))

-(( طبعا الرقم ده أكرب بكت� ))

-(( طب ليه الناس هنا كت� وعند تيتة حبة صغ�ين ؟ ))

-(( ارحمنى يابنى أنا جاى تعبان من الشغل .. مش كفاية قعدت أحسبلك ))

مستخدما سالح الرباءة

- (( عشان خاطرى يا بابا ))

-(( الناس هنا كت� عشان الشغل هنا كت� والبيوت واملدارس وكل حاجة هنا كت� ))

-(( طب مايعملوا هناك شغل وبيوت كت� والناس تروح هناك ))

-(( وانت عاوز الناس تروح هناك ليه يا ىس ميدو ؟ ))

-(( أصل الدنيا هنا زحمة قوى وهناك فاضية قوى ))

بدأ ينفذ صرب أ~ عىل أسألتى (( بس عشان تنقل الناس دى كلها هيبقى صعب .. دى حاجات لسه

هاتخدها ىف املدرسة

-((صعب ليه ؟ .. ما كل واحد يروح ىف حتة فاضية ويبنى البيت بتاعه .. الزم يعنى الناس

كلها تعيش ىف مكان واحد ؟

اآلن نفذ صرب أ~ فرفع صوته قائال (( إنت مش بتفهم ليه ؟ .. إنت عبيط ياال ؟

رددت عليه مهددا بإصبعى (( بابا ... متخلنيش أقولك زى ما قلت لعمو

نظر إىل مستغربا (( عمو مÃ يا ولد؟

هنا تذكرت شيئا .. إن أ~ ينتمى للكبار .. بالتأكيد سيرضبنى إذا علم أننى أهنت كب�ا مثله ..

تهربت من الرد قائال (( إلحق ماما بتندهلك من املطبخ )) ثم جريت مرسعا إىل غرفتى غ� مباليا

بجملته (( خد هنا يا ولد

فعال للكبار ترصفات غريبة

:

((

((

((((

((

((!

!

Page 35: 20ألف شروق

ترررررررررررن

إنها الخامسة صباحا .. ال شئ يستطيع إيقاظى سوى هذا املنبه قديم الطراز كريه الصوت .. ال أريد

فأصدر املحمول هاتفى منبه عىل اعتمدت سابقة كث�ة مرات .. ىل عمل يوم اول يفوتنى أن

òالقص�ة وغسلت أسنا .. حلقت ذقنى استيقظت نشيطا .. úأك أنام موسيقى هادئة جعلتنى

البيضاء واستحممت رسيعا ¹ياه ساخنة تجعلنى نشيطا أكú .. هذه أمور يجب أن أعتاد عليها .. . صليت الصبح وأعددت فطورا خفيفا وارتديت بذلتى الجديدة واخذت الحقيبة ونزلت رسيعا

أقف أمام باب البيت أنتظر سيارة أحد زمالô ىف هذا العمل الجديد ..مصطفى .. هو يقطن ىف

الشارع املجاور.. يقولون أنه غريب األطوار .. أحدهم أقسم ىل أنه رآه بأم عينيه يخرج من املقابر

القريبة بعد منتصف الليل أكú من مرة ..آخر أكد أنه كان ىف قمة السعادة والضحك عندما أبلغوه

¹قتل ابن عمه خالد عىل الرغم من أنه صديقه املقرب كذلك ..ولكنى ال أصدق هذه التفاهات..

الناس دا=ا تضخم األمور أكú من الالزم إلضافة بعض اإلثارة .. لطاملا كان ودودا ىف معاملتى ..عندنا

علم أننى سوف أعمل معه أرص عىل ذها~ معه ىف سيارته.. ها هو قد جاء .. اآلن ننطلق إىل مكان

اكل العيش

السيارة قد¼ة تقليدية ال شئ غريب بها .. الشارع مزدحم تقليدى ال شئ غريب به كذلك .. أخرج

هاتفه املحمول وضغط بعض األزرار ثم نظر ىل وقال " بعد إذنك " .. õ أفهم ماذا يقصد بالضبط

لكنى اكتفيت باإلبتسام .. اآلن أسمع صوت جرس انتظار الهاتف .. يبدو أنه يتصل بأحدهم .. يبدو

وضع عىل فيضعه القيادة أثناء أذنه عىل الهاتف وضع يخىش الذى النوع ذلك من أيضا أنه

امليكروفون ويرتكه عىل "التابلوه" .. اآلن فتح الطرف اآلخر املكاملة ودار الحوار

-"أهال ... ملاذا تأخرت ىف الرد هكذا ؟ "

-"وهل هناك انسان عاقل يتصل بأحدهم ىف هذا الوقت؟.. الناس كلها إما نا=ون أو

ذاهبون للعمل ! .. دعنى أخمن ملاذا تتصل.. اليوم هو آخر يوم ىف حياتك وتريد أن

تلقى التحية عىل ؟

-" ههههه .. بالفعل يا صديقى .. يبدو أنك فهمت املوضوع أخ�ا "

"حسنا .. أنا بخ� الحمد لله .. املهم .. هل ستأø غدا لحفل زفاف صربى؟ " -

-" بالتأكيد إن شاء الله "

-" إذن سأمر عليك لنذهب سويا "

-" حسنا ... إىل اللقاء "

-" إىل اللقاء يا مصطفى"

التى مازالت تحتفظ الفئة .. النادرة الفئة .. هيثم هو من تلك أبدا كل موقف لهيثم ال ينىس

بالوضع اإلفرتاىض لإلنسانية .. Ð õتد إىل عقله أيدى املخربÃ أبدا .. أحد هذه املواقف كان منذ

ثالثة شهور تقريبا .. جاء هيثم إىل املكتب فوجد عم إبراهيم يجلس عىل األرض بجوار باب املدير

وهو يب� ... نزل بجسمه له وسأله ىف فزع وهو ¼سك كتفيه

-فيه إيه يا عم إبراهيم ؟

- محمود إبنى عمل حادثة يا بيه ومرمى قدام املستشفى .. عاوزين ٥ آالف جنيه عشان

نعرف ندخله .. جيت أطلب سلفة من أستاذ سلي�ن بتاع الخزنة قال ىل أنا عندى لجنة تفتيش

Ãدلوقتى يا أستاذ هيثم ؟! .. م Ãبكره ومش وقت سلفة .. استلف من أى حد !! .. أستلف من م

بيشيل ىف جيبه فلوس دلوقتى ؟! دخلت للمدير قال ىل إبعتهوىل ومن ساعة مادخل من ربع ساعة

وه� بيتكلموا عن التفتيش ومش فاضيÃ ىل

دار ما إبراهيم .. سمع عم الباب خلفه وأغلق استئذان املدير دون نهض هيثم ودخل مكتب

بالداخل إذ أن صوت هيثم كان عاليا وصوت املدير كان أعىل .. هيثم كان يدافع عن عم إبراهيم

وكأنه يدافع عن نفسه .. إنتهت املواجهة وخرج أستاذ هيثم وخلفه أستاذ سلي�ن الذى كان يرمق

عم إبراهيم بنظرات نارية حانقة .. توجهوا للخزينة وبالفعل تم رصف املبلغ .. õ ينتهى األمر عند

ذلك فقد أرص هيثم عىل توصيل عم إبراهيم بسيارته للمستشفى برسعة والتأكد من سالمة إبنه

... وõ يباىل بإحتساب املدير لهذا اليوم غيابا له إنتقاما مبدئيا منه .. وال من تصيده ألخطائه مه�

كانت تافهة

هناك من يعامله كساع وهناك من يعامله كإنسان .. هيثم كان الوحيد ىف الفئة الثانية .. ال شك

أنه خ� أيضا مع محيط سكنه ... بالتأكيد دعا أحدهم له ذات مرة : ربنا يخليك للغالبة ... ر¹ا هذا

الدعاء هو السبب ىف رؤيته عىل السلم .. لو كان تأخر خمسة دقائق فقط إلختلف الوضع

.. ال ¼كن أن يبطل مفعول صعد عم إبراهيم مرة أخرى .. جاء املوظفون والدور أصبح مكتظا

القنبلة ىف حجرته .. وال يستطيع إغالق الباب ألنه هكذا سيجذب الناس أكú .. سنÃ وسنÃ وõ يروا

الباب مغلقا من قبل .. فضولهم الحق� سيكشفه .. جذب الحقيبة وعزم عىل الصعود لسطح املبنى

.. ملئ باملكاتب القد¼ة املكسورة .. ال أحد يصعد هناك .. ¼ىش برسعة ويتمنى أال يالحظه أحد ..

هذه أول مرة يكتشف أن الدور طويل جدا .. حدث ما خاف منه .. إستوقفه صوت املدير .. ملاذا

ôخرج من مكتبه اآلن هذا األبله ؟! .. إلتفت ليجده قادم نحوه وبصحبته األستاذ سلي�ن .. الثنا

الكئيب

-إيه الشنطة الىل ىف إيدك دى يا إبراهيم ؟

رد بتوتر

-مفيش ! .. دى ... إممم .. دى شنطة قد¼ة لقيتها ورا دوالب وأنا بنضف قلت أرميها فوق

مع الكراكيب

-دا عاوز يشتغلنا باين يا أستاذ سلي�ن ... عاوز تقول ىل يعنى إنك بتنضف ورا الدواليب

ك�ن ؟! .. لتكون فيها قنبلة وال حاجة ؟ .. ما البلد اليومÃ دول فيها قنابل أكرت ما فيها جوامع ..

ههههههه .. مش كده وال إيه يا سلي�ن ؟

٣٢

.

:

" !

Page 36: 20ألف شروق

حسنا .. ليس من عادø اإلهت�م بحوار خاص أسمعه مصادفة لكن هذا الحوار كان غريبا بعض

õ سمعت انه غريب األطوار لكنى ..! الشئ .. آخر يوم ىف حياته؟!.. ثم يحرض حفل زفاف غدا

أسمع يوما أن غرابة األطوار تتضمن العودة من املوت.. بالتأكيد ال يقصد هذا .. لعله مصلح له

. داللة أخرى .. شفرة أو "سيم " بينه� لإلشارة إىل موضوع آخر ال يريدان التحدث عنه أمامى

عن تارة نتحدث .. أرسع الوقت مرور لنجعل نتحدث .. الوقت مر كل� úأك يزدحم الطريق

ذكرياته ىف أول يوم له ىف هذا العمل .. تارة عن مباراة األهىل وحرس الحدود القادمة .. عن أى

شئ .. فجأة وجدنا السيارة التى خلفنا تطلق أصوات بوقها الواحد تلو اآلخر .. نظر مصطفى خلفه

فوجد صاحب السيارة يريد أن يتقدم أرسع عىل الرغم من الزحام حولنا .. õ ¼لك مصطفى إال أن

يتجاهله .. تكرر األمر مرة وأخرى إىل أن خف الزحام بعض الشئ .. تقدمت السيارة إىل أن أصبحت

.. úموازية لنا ورصخ قائدها " أيها الغبى .. ملاذا تقود طاملا ال تجيد القيادة " وانطلق ليتقدمنا أك

أخرج مصطفى رأسه من النافذة ورد ىف غضب وحنق " ربنا يسامحك " .. من شدة مفاجأة رده

أطلقت ضحكة عالية .. نظر إىل ىف تعجب فأرسعت بالقول "آسف .. من يراك وانت غاضب هكذا

ال يتوقع أن يكون هذا هو الرد املناسب

-"إذن ما الرد املناسب من وجهة نظرك؟ "

-" ال أدرى .. لكن البعض يظن أن جملة ربنا يسامحك هى للضعفاء الذين ال يستطيعون الرد"

-" أنا ال آبه لهم ..أنا أفعل ما أراه صوابا .. فليعتقد من يريد أن يعتقد ¹ا يريد ان يعتقده"

يبدو أنه محق فأنا õ أجد ردا لكالمه .. ساد الصمت قليال إىل أن اقرتبنا من ذلك امليدان الواسع

املزدحم .. " آه .. مثل كل يوم " قالها مصطفى وهو يهز رأسه .. من الواضح أنه ال توجد أى سيارة

تتحرك ألنه ببساطة ال يوجد مكان تتحرك فيه .. مجموعة سيارات تريد املرور من الشارع الرشقى

إىل الشارع الغر~ وأخرى من الش�ىل إىل الجنو~ وأخرى من الش�ىل الرشقى إىل الجنو~ الغر~

وهكذا .. الجميع يريد املرور أوال فإعرتض الجميع طريق الجميع .. ال يوجد من يحاول تنظيم هذه

الفوىض إال عسكرى مرور يائس ضعيف الشخصية .. نظر إىل مصطفى وسألنى " هل تجيد

القيادة ؟

-"نعم .. ملاذا؟ "

-" تعاىل هنا مكاò وتحرك عندما أطلب منك"

-"ماذا ستفعل؟ "

-" اليوم هو اليوم األخ� ىف حياø وأنا ال أنوى إضاعة نصفه ىف زحام مرورى "

قالها وهو ينزع حزام األمان ثم ترجل وتوجه إىل منتصف امليدان ..اليوم األخ� مجددا !.. ما رس

هذه الجملة؟.. يبدو أننى سأصدق حقا أنه ليس شخصا عاديا .. أراه هناك .. تسلق قاعدة التمثال

الشوارع .. نزل وتوجه ألحد يبدأ أين امليدان كله ويعرف من امليدان ل�ى الرابض ىف منتصف

الفرعية وطلب من السيارات هناك الرجوع بضع خطوات للخلف .. بالطبع تعالت بعض األصوات

من شاكلة " وملاذا نحن؟.. هكذا سنتأخر " ..رده كان واقعيا أسكتهم جميعا " من األفضل لك أن

تتأخر خمس دقائق بدال من ثالثÃ !".. وبدأ الكفاح .. " ارجع إىل الخلف قليال .. تقدم أنت .. إىل

اليمÃ إىل اليمÃ .. ليس اآلن .. تقدموا .. ال أقصدك أنت ..انتظر قليال

أستاذ سلي�ن بضحكة مصطنعة

ههههه .. صح والله

-إفتح يا إبراهيم إفتح

وقف عم إبراهيم لحظة ال يدرى ماذا يفعل ثم فجأة وضع الحقيبة أرضا ثم عقد ساعديه كأنهينتظر شيئا

املدير ىف تعجب

-إيه يا إبراهيم ؟! .. مستنى األتوبيس وال إيه؟

-ال يا بيه .. أنا مستنى تليفونك يرن أو حد ينده عليك زى ما بيحصل ىف األفالم

-هههههههههه .. دا طلع دمه خفيف ك�ن أهو يا سلي�ن .. أنا بعد كده ملا أبقى متضايق

هأنده عليه يسلينى

ثم إقرتب منه أكú وقال بلهجة جادة

-إوعى تفتكر السكر الىل بتهربه ده أنا مش واخد باىل منه .. أنا مش عبيط يا إبراهيم .. أنا

بس مش عاوز أزنقك وسايبك تسرتزق

قالها ثم أكمل طريقه مع سلي�ن وقال بصوت عال سمعه كل من ىف الدور

-افتكر بس الج�يل يا إبراهيم

تنفس عم إبراهيم الصعداء ثم قال ىف نفسه

-ج�يل ؟! .. أقسم بالله لوال األستاذ هيثم لكان زمانك شفت منى أحىل جميل .. كان زمان

أشالئك متبعرتة ىف كل حتة .. بترسقنى أنا؟ .. أنا حرامى ؟ .. وإيه ك�ن أسليك دى .. شغال مهرج

ىف بالط سعادتك أنا ؟

.. كالعادة كان السلم قبل أن يالحظه أحد آخر هكذا نفس عن غضبه وهو يصعد برسعة عىل

السطح خاليا من أى برشى .. جلس عىل األرض وفتح الحقيبة وأخرج سكينا صغ�ا من جيبه كان

قد أحرضه من حجرته .. حمد الله أنه مازال يتذكر طريقة إبطالها عندما أخربه بها من إبتاعها منه

وهو غ� مهتم باملرة .. õ يكن يتوقع أبدا أنه سيضطر إىل إبطال مفعولها.. لكنه ها هو ذا قد فعل

توقف التوقيت عند ربع الساعة

اآلن سيخبئها داخل إحدى تلك املكاتب القد¼ة لوقت الحق يوصل األسالك من جديد فتعمل ..

ال أحد يصعد هنا .. ليس عليه إال الصرب .. هم اآلن يضحكون ويعبثون غ� عاملÃ ¹ا كان سيحدث

لهم .. لكن قريبا س�ى الجميع نهايته .. عندما يغيب هيثم

٣٣

"

"

Page 37: 20ألف شروق

قال مصطفى مازحا

-"إذن هل آø متأخرا ك� أشاء ؟ "

-" هههه .. ليس لهذه الدرجة .. سأمنحك ربع ساعة فقط لتنهى هذا وتتبعنى إىل العمل فورا "

-" ماذا بيدى أن أفعل ... أنت املدير ! .. سمعا وطاعة"

ال أدرى هل من الجيد لك أن طريقى أيضا ¼ر من هنا فأعفيك من عقوبة التأخر أم أن من الجيد"

" ىل أن طريقك ¼ر من هنا فتساعدò عىل تخطى الزحام كل يوم .. عىل العموم أحسنت عمال

-" انت تعلم .. إنه آخر يوم ىف عمرى و "

" قاطعه املدير :" نعم نعم .. أعلم ذلك .. إىل اللقاء بعد ربع ساعة .. ال تتأخر

وتحركت سيارة املدير وتحركت أيضا التساؤالت ىف عقىل .. ما قصة هذا ال " آخر يوم ىف عمره " ..

من الواضح أن الجميع يعلم ذلك .. يبدو أن األمر حقيقى .. هل هو مريض ¹رض ال عالج له وتوقع الطبيب موته اليوم .. إذن ملاذا يذهب للعمل وهو يعلم انه سيموت .. كيف يدرى هؤالء جميعا

أنه يومه األخ� ويتقبلون املوضوع بدون أى إهت�م او مباالة .. هناك شئ ما خطأ ..أخ�ا حلت. عقدة امليدان واستطاع مصطفى أن ينقل قيادة زمام األمور إىل العسكرى الذى مازال بائسا

¹جرد عودة مصطفى إىل السيارة وأخذه عجلة القيادة مرة أخرى وانطالقه سألته

-"هل فعال اليوم هو آخر يوم ىف عمرك؟ "

-"ليس بالضبط "

-"كيف؟ "

"إنه أسلوب حياة تعلمته من أحدهم .. يدعى خالد .. ببساطة أعترب صباح كل يوم هو آخر يوم

ىف عمرى .. صدقنى إنه إحساس مختلف Ðاما عن الحياة العادية .. õ أعد أرتكب الح�قات التى

كنت أفعلها سابقا .. كل� مررت بإحدى تلك الح�قات أتخيل أنه اليوم األخ� ىف حياø وأنا أريده

يوما مثاليا فأنا ال أريد أن ألقى ر~ أحمقا .. أنا أطبق هذه الفكرة منذ ٣ سنوات كانت األفضل ىف

øحيا

-"٣ سنوات ؟ "

" øمن ألف يوم كانوا آخر يوم ىف حيا úنعم .. أك "-

-"ماذا عن خالد ذلك.. كم طبق هذه الفكرة؟"

-" خالد – رحمة الله عليه – طبقها فقط ألربعة أيام ومات ىف الخامس "

-" فقط؟! .. كيف مات ؟ "

رأى أحدهم يحاول رسقة حقيبة سيدة ىف الشارع .. أمسك به بقوة.. حاول اللص الهرب من قبضة"" يده فلم يفلح .. أخرج آلة حادة من جيبه وطعنه بها وفر هاربا

-"إذن فتدخله هذا ومحاولته فعل الصواب ألنه يشعر أن هذا آخر يوم ىف عمره جلب له

املوت وجعله فعال آخر يوم ىف عمره

"انت õ تفهم بعد .. املوت مكتوب عىل اإلنسان مكانه وزمانه .. كل ما فعله أنه

أحسن استقباله

٣٤

.. لكنه اختالف .. شئ غريب غ� معتاد عليه .. يتملكه احساس مختلف القيلولة استيقظ من

لألفضل .. نشاط وح�س ¼آلن وجدانه .. أعجبه األمر فقرر أن يظل هكذا باقى اليوم .. لن يدع

أحد يقتل ذلك الشعور .. سيقىض يوما مختلفا ولو ملرة ىف حياته .. افرتض أنه سيعيش ستون عاما

فذلك معناه أن ىف حياته ٢١٩٠٠ يوم فليس من املعقول أال يعيش يوم واحد منهم أو حتى جزء

منه ك� يريد هو .. نزل إىل الشارع وأخذ يس� .. مبتسم .. إىل ال مكان .. حتى ال زمان .. بدأ تفاعله

مع من حوله ىف الشوارع يتعدى مرحلة مجرد اإلبتسام فمد يده لهذا ليسلم عليه رغم أنه ال يعرفه

.. يبتاع بعض األشياء الرمزية ويوزعها عىل من حوله .. يرى أحدهم يحمل عدة أكياس وحقائب

.. لكن الجزء اآلخر الذى فيمد يده يحمل بعضهم .. ال شك أن البعض من الناس كان مستغربا

ابتسم معه كان ما يهمه .. يسقط " الربستيج " إذا كان املقابل سعادته .. وسعادة الناس .. دقيقة

بدقيقة كان النشاط يزداد أكú .. وكان الح�س يشتعل أكú .. وكانت ابتسامته تشع أكú .. وأصبح

.. بدأت الشمس تتعب úوأك úمحيطه ككرة متوهجة يتسع قطرها كل لحظة لتشمل أناس أك

وترتك الناس وحدهم لليل لكن ضوءه كان يغنى عن ضوئها .. س�ر الليل كان ىف الشوارع كلها إال

حوله .. رآها تقف هناك عىل ناصية شارع تائهة .. اقرتب منها وسألها فسألته .. كانت تبحث عن

شارع تسكن فيه صديقتها .. رب صدفة خ� من ألف ميعاد .. صديقتها هى محبوبته .. فرصة

ذهبية ل�اها .. أوصلها إىل بيت صديقتها محبوبته وانتظر حتى نزلت عىل السلم لتستقبلها .. ورأى

ابتسامتها .. المعة .. رائعة .. أحس أنه يريد الط�ان فرحا .. شعر أن األرض تبتعد من تحته .. أو

يبتعد هو عنها .. إنه يط� .. يط� .. يرتفع أكú فأكú .. يرتفع ¹قدار ثالثة طوابق .. أربعة .. خمسة

.. شئ غريب ! .. لكنه ال شك رائع .. دون أن يقصد صدم لوحة اإلعالنات العمالقة أعىل سطح

البيت .. رآها تهتز أماما وخلفا وأماما وخلفا برسعة عالية كشوكة رنانة .. هل ¼تلك تلك القوة ؟!

.. مد يده وهو مازال طائرا وحاول تثبيتها .. تتمرد عليه لكنه Ðسك بها أكú حتى طاوعته ونجح

ىف اعادتها ثابتة ك� كانت .. õ يشعر بالتعب .. بل بالعكس أحس أن قوته إزدادت وبداخله طاقة

يريد افراغها .. طار عاليا أكú وأكú .. كانت الناس ىف األسفل تشاهد ىف سعادة وذهول .. كانت

ترى الس�ء س�ر يلمع فيه قمر ونجوم وشخص مضئ .. يط� .. إىل مكانه الطبيعى .. بÃ النجوم

"

"

:

:

"

Page 38: 20ألف شروق

-" ر¹ا "

أن .. لكنى أؤمن أيضا أنا أؤمن أن املوت مخادع قد يأø ىف أى وقت .. أظن أنها فكرة واعدة

إحت�لية موø ىف هذه السن ضعيفة وإن كانت قا=ة .. أرى أن تلك الفكرة سوف تقتل شبا~ إن

طبقتها اآلن .. ر¹ا سأطبقها عندما أبلغ الخمسÃ من العمر

وصلنا أخ�ا إىل العمل .. اليوم األول هذا õ يكن بالصعوبة التى تصورتها .. الزمالء هنا ودودون

طيبون حسنو املعاملة .. املدير كذلك ال يزال مرحا غ� متزمتا ك� رأيته ىف امليدان مع مصطفى

أثناء الزحام .. كل شئ كان طبيعى إىل أن وجدت فجأة اضطرابا كب�ا وأصواتا عالية وبكاء البعض

ورصخات البعض اآلخر وهرولة البعض الثالث .. سألت " ماذا حدث؟" .. أجابنى أحدهم وهو

حزين " إنه مصطفى عادل .. لقد هوى به املصعد ومات " .. ماذا؟! .. بهذه البساطة!.. تتلخص

نهاية حياة انسان ىف جملة من ثالث كل�ت !.. هوى به املصعد! .. رحمة الله عليك يا مصطفى ..

أنا أتخيل اآلن ماذا جرى لحظة وفاته.. البد أنه كان صامت هادئ عندما كان يهوى املصعد مزمجرا

مضطربا .. البد أنه قابل مالك املوت وهو يبتسم .. البد أنه قال له " أنا مستعد لك .. ليس لدى

ما أخاف منه ".. لر¹ا كان األمر بالنسبة له مجرد انتقال من مكان آلخر ك� ينتقل أحدهم من

مدينة ألخرى .. لعل سبب ضحكه عند وفاة خالد أن األمر بالنسبة له� كان مجرد لعبة .. يبدو أن

.. اإلثنÃ قد فازا .. ر¹ا كان هذا آخر يوم ىف حياة مصطفى فعال

øلكنه أصبح أول آخر يوم ىف حيا

.

.

Page 39: 20ألف شروق

اكتشفوا ان القلب مش مجرد قطعة لحم مادية لكن جواه عواطف ومشاعر واكتشفوا ان املخ مركز

التفك� مش مجرد خاليا مادية .. ممكن الكلية تكون مكمن لطاقة هائلة تخليك تط� أو الكبد

جواه كذا روح ليك زى أبطال ألعاب الفيديو

-طب طاملا انت بتعرف تط� .. ماتقولنا أنهى جزء الىل بيط�ك؟

-زى ما قولتلك دى زى حركة الصباع .. فطرية .. العل�ء ه� الىل يحللوها .. لكن محدش

فيهم مصدقنى .. كلهم بيقولوا دا سحر وشعوذة وان طبقا لقوانÃ الفيزياء يستحيل اإلنسان يط�

مه� حصل .. مش عارف ايه ده .. طب ما آينشتاين بقوانÃ الفيزياء دى أثبت ان اإلنسان ممكن

يسافر عرب الزمن لو رسعته وصلت لرسعة الضوء .. بأى منطق ممكن حد يصدق الكالم ده؟

-السفر عرب الزمن !.. انتى قولتىل اسمه ايه؟

-آينشتاين

مال الغاضب عىل املبتسم هامسا : ابقى فكرò نخطفه بعد ما نخلص من األخ ده

الرجل الطائر : خالص فهمتنى؟

-طبعا .. ثم استطرد وقال : بس مش هتمىش غ� ملا تعلمنى إزاى أط�

-تاò؟.. دى حاجة الزم تكتشفها بنفسك .. اقعد مع نفسك كده قعدة صفا وفكر ىف

قدراتك ..أكيد ربنا مديك حاجة مميزة عن باقى البرش..مش الزم تكون بتط� .. ممكن يبقى كل

انسان له حاجة مختلفة .. ممكن واحد يكون بيحرك األشياء من عىل بعد .. ممكن واحد بيطلع

ليزر من عينيه .. ممكن أى حاجة ..أهم شئ تدور جواك .. أكيد هتالقى فيك شئ مختلف.. أى

يغنى ويتشهر ويلف ىف .. إن صوته حلو نبيل.. ممكن واحد قدرته لهدف تقدر تستغله شئ

جوالت حول العاõ ويكسب تعاطف الناس ألع�ل خ�ية ويعمل حفالت بفلوسها ممكن يغ� حياة

ثقافة جديدة ىف التمثيل ينرش انه موهوب ىف .. ممكن واحد قدرته تاكل ناس كت� مش القية

..أنا أعرف واحد .. ممكن واحد بيعرف يكتب يدافع عن قضية مفيدة للبرشية املجتمع بحاله

اكتشف انه بيعرف يكتب وهو عنده ٣٠ سنة .. انت مثال.. جربت تكتب؟

-طبعا .. أنا بكتب و أقرا ك�ن ..دا أنا مكمل لحد اإلعدادية

-مش مهم .. أهم حاجة فهمت قصدى؟

-أيوه .. بس برضه مش هتمىش من هنا قبل ماتعلمنى الط�ان

قال الطائر غاضبا : اللهم طولك يا روح

وأخذ يفكر قليال ثم ابتسم وقال : ماىش .. فكنى عشان أبقى أنقذك ألن انت ممكن تقع وانت

طاير ىف البداية

فرح الرجل الغاضب وفك وثاق الرجل الطائر ووقف اإلثنان أمام الشباك املفتوح

الرجل الطائر : الدرس األول .. إوعى تصدق إنسان بيط�

ثم طار من الشباك بعيدا وهرب

وقف اإلثنان صامتان قليال يحاوالن استيعاب ما حدث إىل أن قال املبتسم : هو هيديك الدرس

التاò إمتى؟

للتواصل

تأليف

facebook.com/[email protected]

Designed By : Ahmed Sayed