مياهنا حياتنا.. فلنحافظ عليها

أرخص شيء أوجده الله في الطبيعة، وأغاله حين نفقده، منه نبعت الحياة وبه تستمر، وبه جعل الله تبارك وتعالى

كل شيء في هذه الدنيا حي.

إنه الماء .. رمز الخضرة والخصوبة والجمال، رمز الرقة والرفاهية واالستجمام، وجوده نعمة وفقدانه خسارة

ونقمة، طعمه ال يستطيع إنسان في الكون أن ينساه، رغم أنه ال طعم له، رائحته ال يمكن ألي مخلوق أن اليعرفها رغم أنه ال رائحة له، إنه سر الحياة بال منازع.

تأتينا المياه في السعودية على شكل مجموعة من األودية والشعاب التي تنشئ من هطول األمطار، أو نجمعها في

بحيرات خلف السدود، أو أنها تتجمع في منخفضات طبيعية أو صناعية، وتتركز مياهنا السطحية في

المنطقتين الجنوبية والغربية فقط، وهي قليلة في باقي األماكن، نستخدمها لنزرع في ودياننا، ولنشرب في

مساكننا، ولنترفه في مزارعنا واستراحاتنا، حياتنا كلهامربوطة بقطرة الماء، فهل نعرف فعال كيف حال حياتنا.

من هذا المنطلق قامت وزارة المياه والكهرباء في المملكة العربية السعودية بإجراء دراسة بحثية بالتعاون

% من68مع شركة مختصة، وجدت خاللها أن نسبة مجتمع العينة ال يعلمون أن هناك شح في مصادر المياه

في المملكة، وأن الذين يعلمون بهذه المشكلة ال يتعدون %، وهذا أمر خطير جدا لما له من تبعات على32فقط

المستقبل القريب والبعيد للمياه بكل األشكال، الماديةوالمعنوية والصحية التي ترتبط بحياة االنسان مباشرة.

األمر األكثر خطورة في هذه الدراسة كان جليا في عدم معرفة المواطنين والمقيمين في المملكة بتكلفة تحلية

%99المياه التي يستخدمونها في حياتهم اليومية، و أن من المواطنين ال يعرفون كلفة المتر المكعب من المياه

% من عينة الدراسة غير مدركين68المحالة، وأن لمستوى العجز الكبير في توفير المياه.

تعتبر عملية تحلية مياه البحر حاليا المصدر الرئيسي لمياه الشرب واالستخدام المنزلي والصناعي في المملكة،

883.8حيث وصلت كمية المياه المنتجة من التحلية إلى ميالدي، كل هذه الكمية2010مليون متر مكعب في عام

محطة تحلية على الساحلين الشرقي17تأتي من والغربي.

تعاني المملكة العربية السعودية نقصا حادا في الموارد المائية، وهي الدولة األفقر بها في المنطقة، حيث يكلف

( ريال وذلك7إنتاج متر مكعب واحد من مياه التحلية ) بفضل سعر الوقود المدعوم حكوميا والذي يشغل

50محطات التحلية، بينما المواطن الذي يستهلك ) ( مترا ( رياالت فقط، وهو أمر مرهق5مكعبا من الماء يدفع )

ويكبل الحكومة أعباء مادية ومعنوية تتزايد في ظل قلةالوعي المنتشر بين شرائح المجتمع كافة ألهمية المياه.

نقص المياه شيء ال يمكن التحكم فيه إال بالتوعية وإيصال فكرة خطورة فقدانه بشكل كبير دون تقدير قيمته،

وكيفية الحصول عليه، وتقرير األمم المتحدة الذي نشرته وزارة المياه والكهرباء على صفحتها، خير دليل على

المشكلة التي ستواجهنا جميعا في المستقبل القريب إذا لم نحافظ على الماء، تقول الدراسة: ) أن بحلول عام

سيكون هناك شخصين من أصل ثالثة مهددين2025 بفقدان المياه( وهذا األمر يعد كارثة يجب التنبه لها في

بلد يعمل بتعاليم القرآن الكريم وسنة رسوله منذ نشأته.

هذا التنبيه من األمم المتحدة لم يكن جديد، فقد نبهنا ربناماء ماء جل وعال في كتابه الكريم بقوله: )وأنزلنا من الس

ا على ذهاب به لقادرون(، اه في األرض وإن بقدر فأسكن وكان لرسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم موقف عظيم وله دالالت كثيرة كما روى اإلمام أحمد وابن ماجة

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما )أنرف يا بي مر بسعد وهو يتوضأ فقال : ما هذا الس الن

سعد ؟ قال : أفي الوضوء سرف ؟ قال : نعم ، وإن كنت على نهر جار(، إن كان قول الرسول في الوضوء إسراف

فما حالنا اليوم من االسراف الذي نشاهده كل يوم ....

عماد عبدالله المصطفى

المراجع : وزارة المياه والكهرباء – شركة المياه الوطنية –المؤسسة العامة لتحلية المياه