4146

122

Upload: kotob-arabia

Post on 27-Jul-2015

440 views

Category:

Education


12 download

TRANSCRIPT

Page 1: 4146
Page 2: 4146

א מ א

Page 3: 4146

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

Page 4: 4146

م شبكة عينى ، هذا أواه كم من األشياء تستطيع أن تض" !المكان الصغير

:ولكن لندرك أعجوبة الشبكية ..الكون كله يسلم نفسه لها بحب

. "وهذا الحب نسميه المكان جورج ماورر الشاعر الرومانى

Page 5: 4146

فهرس ٤..............................................................................فهرس

٥...................................................................هر والباطنالظا

٢١..................................................................الشىء الجميل

٢٤.....................................................................عامود الزان

٢٦.........................................................یا طبيب الروح داوني

٤٠...................................................................أغنية للتاریخ

٤٢........................................................................یوم للفرح

٥٢.......................................................................مكحل أمي

٥٤...........................................................................الهــدف

٥٦.....................................................................الوجه والقفا

٦٦....................................................................رسن الفرس

٧١........................................................................المصطفى

٨٠..............................................................اآلن فى الذى آان

٨٣...................................................................الماء والهواء

٨٧...................................................................ریح فى قفص

٩٧........................................................................اإلنجليزي

١٠٤.....................................................................عااا.. هااا

١١٥..................................................................الضوء أحمر

Page 6: 4146

الظاهر والباطن

.لمخبر كانت الدنيا أكلته شكيب اولم ينتبه أنه نسى يكون له امرأة ، فلما عاتبه الزمالء ،

وأعتى شىء أن اإلنسان بيده يظلم نفسه –وجد أنه ظلم نفسه وقبل سنتين من إحالته للمعاش تيقن تماما أن بلدته التـى –

جاء منها بعيدة ، وأنه لن يرجع إليها ، فأمسكته رعشة ، ثـم كوكا " كان اسمها .. ، وصمم أن تكون له امرأة فتح عيونه

– رغم أنها صبية مازالـت ، وحلـوة –طلقت من رجلها " وتزوجها ، يقطع األلسنة التى تعاتبه ، فلما أبعد الظلم عـن

أنت يا : نفسه ، وانبسط منها ، ربت على لحمها ، وقال لها م ، والمرأة كوكا لم تهت .. كوكا كل حاجة عندك تزيد وتفيض

الرجل األول كـان : ألنها نفسها لم تنبسط ، ومر بها خاطر شابا ، والرجل هذا عجوز ، وبسبب الخوف ، وهى تخـاف

دائما فى حياتها خوف ، من الناس ، يعايرونهـا بتـرك .. الرجال ، ورفس النعمة ، وهى ألغت الخاطر كأنه لم يكـن ،

ـ ) لتطمئن ، وترضى (اشت ، تقول وع و الرجل رجل حتى ل، وما تريده هى مـن لم يكن له ظل على األرض حين يمشى

Page 7: 4146

على .. الرجل أن يطعمها األكل ، ويصرف عليها من فلوسه أن كوكا بشر ، ولما كانت هى بشر ، فال بد أن يكون فيهـا

األيام تجرى ، وسنتان مرتا ، ولم تحبل ، وشكيب .. ضعف ال خرج من الخدمة ، وأعطوه مكافأة ، ثم قعد فـى البيـت

يخرج ، وكوكا زهقت بالليل والنهار ، حتى أنفاسه تشعر بها أينما تذهب ، يدخل خلفها إذا راحت إلى المطبخ على وجهها

، وإذا نامت ترغب أن تكون وحدها ، يحدثها ، ال يمل ، ال يتعب ، وهى تراقب فكيه فقط ، يتكلم عن ابن لـه يكبـر ،

ت من هذا الكالم ، يربيه ، ويربيه ، فلما كوكا شبع .. يربيه قالت إنها .. وعرفت أنه لن يسكت ، كان عليها أن تتكلم هى

تعرف هذه الحكاية ، وهى حفظتها من اليوم األول الذى دخل فيه عليها ، وهى تريد االبن ، ليس من أجلها ، إنما من أجل رغبته ، يصير االبن الذى يحبه ضـابطا ، وتلمـع النجـوم

.. اتركنـى : صوتها ، وقالت له الصفر على كتفيه ، رفعت ساعة أن تتفـوه بهـذا تكـون .. وهو ال يتركها .. اتركنى

ينظر فيهـا ، .. الكلمات خارجة منها بصدق ، فينظر إليها وترتبك ، يقول لها إنها تكذب ، وهى تقول إنهـا التكـذب ،

، وشكيب يسبل جفونـه ، وروحها تغلى ، تموت من الغيظ

Page 8: 4146

يعرف الحق إذا كان حقا ، ! شمها ؟ ، الكلمات ي ويرفع صوته ، وكوكـا ويعرف الكذب إذا كان ، هو تعلم هذا من الحيـاة

تستغرب ، وتخاف أن يضربها ، ألنه يتهمها بأنها تستهزىء –، فال تنطق ، وتدير له ظهرها ، يسرع هو إليها ، يمسكها

تـرغم – تتعـذب – ترى لحمها أزرق مكان مسكته –تتألم أنفاسـه تلفـح .. نها تتأذى ، وتعود أنفاسه نفسها ال تكشف أ

، ال يشتغل مخبرا فى ها ، يؤكد لها أن االبن هذا يريده وجهالبـد ، وإذا كان كما هو اشتغل ، يكون ال أحد فوقه المباحث

. حد من الطين نفسه أن أحدا فوقه ، يكون هذا األ ألنه يكون كان على كوكا أن تهرب إذا وصل إلى هذا ،

، وتدمع ، وعروق رقبتـه تظهـر ، وعيونه تحمر مشتعال ، وكفه ترفع ، وكوكا امرأة ، وطالما هى امرأة قالت النصـح

يا شكيب اخرج من البيت آخر كل : الذى تقدر عليه ، قالت شكيب صرخ ، وبت فى األمر ، قال .. نهار ساعة ، وارجع

.. المقـاهى .. إنه لن يخرج ، وهو حرك رأسه فى دوائـر البيوت والساللم ، وتحـت .. الحارات واألزقة . .الشوارع المصـالح .. الدكاكين والسـينمات .. البدرومات .. الساللم

المسارح والقطارات والتكسيات ، واالتوبيسات .. والمصانع

Page 9: 4146

عند الحالقين ، والجمعيـات والجنـاين ، والمالعـب ، .. الشـقق المفروشـة ، .. المواقف .. المطار .. واللوكاندات

الفنـادق ، .. الكافتريات ، والمسامط ، والمطاعم .. لبارات االمحطات ، والمالهى ، عنـد الـدكاترة ، والمستشـفيات ،

ه . ا . ا . آ .. واألجزخانات ، الجوامع والكنائس والموالـد .ساعتها شكيب تلوى ، وأمسك جبهته يضغط عليها ..

ـ ه ، قال العمر الذى سبق ما ترك مكانا إال داسه بقدميوبص فيه بعينيه ، يرفع إصبعه فى الهـواء ، يظـل يرفـع

.. أمـاكن .. ماذا فى الخروج ؟ أماكن .. إصبعه فى الهواء والزمالء فى أنا أكره األماكن ، : استدار إلى كوكا ، قال لها

وهى نظرت إليـه ، وتراجعـت ، .. الخدمة ال يفرغون لى ائط يتكلم هو ، يوم يكون إذا تكلم الح .. ودعت له أن يهتدى

ويوم لسانه ال يهمد أبدا ، وهى تموت ال يقعد فـى البيـت ، لو كان مثل الخلق .. وألنها امرأة اشتكت المرأة من جيرانها

تجرى إليه ، تمسح بحنـان .. لو كان يناديها .. التى تعرف .. لـو ... لو .. نفسها .. رغبتها .. نفسها .. كفيها أوجاعه

وكبيرة فى السن ، قالت لها إنهـا هـى وألن الجارة امرأة ، التى تتعب ذاتها بذاتها ، ثم المسألة انتهت ، الرجال كلهم مثل

Page 10: 4146

الذى تشتكى منه ، وإذا فعل مرة ، وظل فى البيت ، ال يعود : طويلة ، قالت الجارة الكبيـرة .. يفعلها إال بعد مدة طويلة

وطبطبـت علـى .كلميه يا بنت بدال من أن تسمعى أنـت ، ولم تجده ن شكيب ينادى عليها ، قامت بسرعة درها ، أل ص

جلست ، وفعلت كما الجارة الكبيرة أوصت .. يريد أى شىء قـال .. تحكى له عن وقت كانت فيه بنتا .. بدأت الكالم ..

، رفـع لكأحكى .. اسمعلها أنت تحكين عن زمان ؟ قالت ـ .. كين عن زمان ده ، وقال إن عادة النسوان أن يح ي كتى اس

بجانبهـا ، ورأت الشـباك كوكا اغتمت ، والتفتت إلـى .. " أم يوسف " الشارع ، وجاء هواء ، رفعت وجهها ، وجدت

، وابتسمت لها ، المواجه لها ، ابتسمت لها شباكهاتتدلى من أحبت أن تحدثها ، وحين بدأ الحديث جاء شكيب يحشر نفسه

ثها الذى معها فى الشباك ، انكسفت أم يوسف ، وقطعت حدي هو ال يكن فى بيته ، وال يعود إليه إال كان فى حق رجلها ،

كوكا كانت تود أن تمد الحبـل ، وشـكيب .. فجر كل ليلة كان يزعق ، قال إن رجل أم يوسف .. قطعه ، ودلى رأسه

خبطـت أم .. يدور على حل شعره ، ويسهر الليل يشـرب لتـى يوسف على صدغها ، ألنها كانت تظن أنها وحـدها ا

Page 11: 4146

تعرف ، واغتاظت أكثر من الذى يزعق ، ويفضح السـر ، فردت عليه بزعيق يشبه الصراخ ، وخرج منها كالم كثير ، انسحبت كوكا ، أبعدت رجلها ، فالكالم اآلن صار فى حقـه

.هو ، وقعدا صامتين ، يسمعان ، وال يردان شكيب شعر بشىء ، وارتاحت كوكا فى هذا اليوم ، ألن

.، وناما على هذا لسانه تصلب فى الصباح لبست ، وخرجت تشترى الطعـام ، ولمـا

، وطلبت منه أن يساعدها عادت ، نادت عليه ، ذبحت أرنبا .فى سلخه

، وهى من ناحية ، قال لهـا ناحيةوقف شكيب يشد من أنه غير مرتاح مما حدث فى اليوم الماضى ، ولما سألت أى

سف ، ضحكت وقالـت شىء يعنى ، قال لها إنه يقصد أم يو له أال يعمل من هذا حكاية ، فالمرأة يوم والثانى سوف تنسى ، ابتسم ، وتنهد ، تطلعت كوكا إليه ، وهو قال لها إنه صار ال يستطيع قراءة الجرتان ، رغم أنه كانت تأتيه متعـة مـن وضع الجرنان أمام وجهه ، وأنه كان غير ماهر فى القراءة

، فى امتالكه المهارة فى القـراءة ب، وأن الجرنان هو السب

Page 12: 4146

زفرت كوكا ، وقالت له ال يتكدر ، فعنده الراديو يسمع منـه .شد .. شد : كل شىء ، قالت له

ب ، وكان توقف شكيب عن الشد ، تمعن فى رأس األرن األرنب ميت ، وهـى ردت : ، قال صوته يأتى من بعيد بعيد

فعت صوتها أنه مذبوح ، وهو عاد يقول أنه ميت ، وكوكا ر قال هو يـرى أنـه شكيب .. ، قالت إنه مذبوح ، وهو يرى

قالت .. أنت ذبحتيه ، فمات : هو ميت ، قال : ميت ، قالت .. صرخ شكيب فيها إنها تجارى كالمه . أنا ذبحته ومات :

قالت له أنت تقول أنه ميت ، فهو ميت ، وسكتت حتى يسكت ت ، فهو سألها ، كانت سوف تقوم وحدها بكل شىء ، وتوقف

لماذا وهو ميت تكون عيونه مفتوحة ؟ كانت كوكـا راحـت األرنب : ورجعت ، وهو يسألها عن شىء ، ولما لم ترد قال

وهى جعلت نفسها تبتسم ، أرادت !! ميت ، وعيونه مفتوحة أن تقول له أن الذبح فاجأه ، فلم يغمض ، وهو سبقها ، وقال

ا رأسها ، وعرف منهـا لها هل رأت إنسانا ميتا ؟ هزت كوك أن هذا اإلنسان هو أبوها ، اقترب منها ، كيف كانت عيونـه

كيف ينام اإلنسـان وهـو : قال .. مبرقة : لما شفته ؟ قالت كيف (ح العينين ؟ كوكا وقعت فى حيرة يغمض ، ويموت بفت

Page 13: 4146

ورغبت أن تصيح عليه أن يتركها ، يروح إلـى ! ) تجيب ؟ جسمه عليها ، يرتـاح ، وهـى الكنبة هناك فى الصالة يمدد

) ظلـت صـامتة ( تذكرت كالم جارتها الكبيرة ، فلم تفعل إنهـا : وشكيب يريد أن يعرف ، وهى البد أن تتكلم ، قالت

عمرها ما فكرت ، واضطرت أن تمد يدها تملس على ذراعه أنت يدك : ، وتقترب منه أكثر، صرخ شكيب ، صرخ فيها

، فانفصل الجلـد شتغلت وحدها أفاقت كوكا ، وا .. م عليها د عن اللحم ، قال إن هذا الموضوع غريب ، وأنفـاس كوكـا طال حبسها ، أخرجتها ، كانت تصرخ ، وتلطـم ، ولوثـت وجهها بدم األرنب ، وهو ينظر إليها ، لم يفعل أى شـىء ،

.وبعد أن نظر إليها ، انسحب يخرج ، وأغلق باب المطبخ ، هى نزلت دموعها ، انتهى الطبخ ، واستراحت كوكا

واستراحت ، قدمت الطعام غير غاضـبة ، وشـكيب قلـع بيجامته ، وارتدى قميصا وبنطلونا ، وهى لم تعلق بشـىء ،

كالما كثيرا ، لم تصدق خافت أن تقول شيئا يمكن أن يكلمها ، وفى تلك اللحظة لحقت به قرب الباب ، وضعت أنه خارج

؟ وهو قال لها إنه ليس يدها على كتفه ، قالت له أنت زعالن ، نسـيت أن استدار عنها ، مست شفتها بإصبعها بزعالن ، و

Page 14: 4146

ورغم ! تسأل كما امرأة الرجل تسأل ، لم تقل له أين يروح ؟ .. هذا البيت بيتها ، الكراسى ، المالءات ، السـتائر .. ذلك

، حطت عيونها عليهـا ، رأت اشترتها ، وخاطتها ، وعلقتها لونه األول ، لم يتغيـر ، اسـتغربت ، أن لونها استمر على

كان البد لها أن تراقبها من قبل ، وتالحظ هل حال اللـون ؟ .. استلقت على الكنبة التى فى الصالة ، واجهـت السـقف

مثل بيوت هذه األيـام واطئالسقف غير .. ت هذا قديم يالبكما أن المصيص األبيض اسود فى أماكن بعيدة عن بعضها

رت مفتاح الراديو ، سمعت األخبار ، تركـت ، قامت ، وأدا ا تدير مفتاح الراديـو ، بعـد األخبـار هاألخبار ، لم تمد يد

جاءت أغان ، لم تركز سمعها ، ووجهها وحده ظهر عليـه .السرور

كما هى كانت حددت من ( حينما عاد شكيب بعد ساعة أماتت صرخة فى داخل حنجرتهـا ، شـكيب كانـت ) قبل

ميتة ، يحتضن على صـدره قـردا وكلبـا ، بؤبؤات عيونه ورأته يتحرك بسرعة ، ينحنى ، يفتش ، أدخل الحيوانين فى

وهو قال لهـا ! قالت له ماذا هو فاعل بهما ؟ .. حجرة النوم والكلب لم يقل عنه ( غير ملتفت إليها إنه سوف يربى القرد

Page 15: 4146

وكوكا مطت شفتيها ، فهو منشغل ، وحدثت نفسها أن ) شيئا ج سيعود ليخرج ، أوسعت له وما دام قد خر توجعها ، رأسها، وهو أمرها أال تدخل الحجرة ، عليها أن تنام فـى الطريق

بحث فى األشياء التى تخصه ، وتنـاول .. الحجرة األخرى عصا خيزران شق بها الهواء ، واستمرت العصا تتذبـذب ،

. هز رأسه ، وابتسم لقرد والكلـب ، ل الطعام ل قبل أن ينام شكيب دخل يحم

له إنهما يهزران ، يقترب الكلب من القرد ثم يندفع ولما ثبت ، يرفع القرد ذراعه يهوش ، ينقلب الكلب على ظهره ويزوم ، ضحك شكيب ، يمد القرد بوزه فى بطن الكلب ، يـزوم ، صفق شكيب ، بصبص الكلب له ، والقرد قفـز إليـه فـى

، وكوكـا حضنه ، مسح على رأسه ، وحطه علـى األرض عليها أن تذهب إلى أم يوسف بعد الغـداء : تلقت أمرا ثانيا

تؤنسها ، ال تعود إال بالليل ، رفعت حواجبها وأكتافها ألعلى ، وخرجت ، هى سوف تتكلم مرة ، تسمع مـرة ، تـزيط ، تحزن ، سوف تتهامس ، وسوف تزعق ، سوف تتحدث مع

الكلب على امرأة ، أما شكيب فهو جلس على البالط ، وضع ، وملس على رأس كل مهما ، يضع فخذ ، والقرد على فخذ

Page 16: 4146

الكلب فوق القرد ، ورضى القرد ، ثم أخذ يقرب األنوف من شـكيب .. بعضها ، يتشممان ، وبعد يومين جرب تجربـة

حمل الكلب إلى خارج الحجرة ، وسمع فورا القرد يـزوم ، ضـحك وفـتح .. ويخمش بأظافره فى خشب الباب المغلق

الباب ، أعطى الكلب للقرد ، ورأى القرد يحتضـن الكلـب .ويقبله

رأى شكيب هذا ، رأى أن االثنين صارا حميمين ، فى الليل ينامان ، القرد يأخذ الكلب تحت إبطـه ، وإذا شـكيب

، يتطلـع ى بدن الكلب أشعل المصباح ، فز القرد ، يربت عل ح فـى إلى شكيب مدة ، ثم يأخذ الكلب تحت إبطه ، ويـرو .سبات كل ذلك شاهده شكيب ، وابتسم من تحت غطائه

نفسها تغنى ، ويرتفع غناؤها ، وشـكيب كوكا ضبطت جالس يراها اليقول لها أن تصمت ، أو تستمر ، وهى لمـا وجدته هكذا حاولت أن تناوشه ، تعرف هل هو يغضب مـن الغناء ، ال تغنى ، أو يحبه ، وهو يلوح بيده ، ويقـوم إلـى

: ، يقفل عليه الباب ، وهى عادت تشـتكى ، قالـت حجرته وشكيب وحده مع الحيوانين ، يستقران علـى . ريمة رجعت

المؤخرات فى ركن من الحجرة فى مواجهة بعضـهما ، ال

Page 17: 4146

يغفالن عن المداعبة ، تناول القرد مرة عظمة من أكل الكلب ، ثم انشغل بها يفتتها ، يفتش عن النخاع فيها ، يضعه فـى

ة كفه ، يقربها لبوز الكلب ، يلحس ما بهـا ، وظهـر تكوير، أللفة هذه تكون بين الحيـوانين شكيب مبسوطا ألنه انتظر ا

فلما عاين كل ذلك ، سحب عصاه الخيزران القديمة ، وتوجه كانت بقايا من النخاع عالقة .. قف : إلى الكلب ، صرخ فيه

نهـا ، بين أصابع القرد ، والكلب يميل بجذعه حتى يتمكن م كان األمر للكلـب . قف : نغزه بطرف العصا ، وصرخ فيه

دون القرد ، الذى انسحب بسرعة ، ودخل تحت السـرير ، ، انـتفض ولما لم يقف الكلب انهالت عليه العصا فوق جسده

الكلب ثم عوى ، تراجع الكلب ، لم ينفذ األوامر ، والعصـا ا نطـق نزلت على وسطه ، ثم رأسه ، والضربات تزداد كلم

ولم يقف الكلـب ، انهـد علـى . قف .. قف : شكيب بها شكيباألرض ، وأخفى رأسه بين قدميه األماميتين ، وضع

العصا على فراشه ، وتراجع ، لم يلتفت للقـرد ، تعمـد أال يلتفت للقرد ، وحدث نفسه أن وجبة اليوم تكفى ، ورأى جيدا

ب مـن انسحب شكي .. كيف كان القرد يتواثب تحت السرير الحجرة ، والقرد ، والكلب يئن زحف بين ساقيه ، ال يقـدر

Page 18: 4146

على العويل ، ونقط من سائل يشبه الدموع بللـت الـبالط ، والقرد انحبس فى عدم فهم ، وحميمه لما احتضنه عضـه ، فك احتضانه ، الضربات علمت خطوطا منتفخة تلهبه ، فـى

احد حـزين ليل هذا اليوم لم ينم االثنان ، واحد يتوجع ، وو أنا سـمعت : قالت كوكا .. يلف المكان ، يلف ، يلف ، يلف

شكيب يأكل طعامه ، ويشرب الماء ، قال لها .. الكلب يعوى سوف ينام على الكنبة ، وهى قالت له يفعل ما يحبه ، وحين دخل إلى حجرته ارتفعت إليه أربعة عيون مـرة واحـدة ،

أرخـى هـذا .. ف تناول عصاه القديمة ، وأمر الكلب أن يق قـال .. نصف جسده األمامى ، ومد قدميه ، ولعـب بذيلـه

ابتعد القرد ، خرج منه صوت ، .. طيب نم : شكيب للكلب لكن العصا لم تقربه ، واألوامر لم تلق عليه ، وعيون شكيب

، واختفى شكيب ، ره أبدا ، ووضعت العصا فى مكانها لم تنظ حكـت لـه .. حرام ..أنت تؤذى الحيوان .. واجهته كوكا

حكاية الرجل الذى يقابل فى الصحراء كلبا يلهث ، ويعـرف أنه عطشان ، فينزل بئرا عميقة ، ويخلع نعله ، ويغمره فـى الماء ، ويصعد ، يصطبر على الكلب حتى يرتوى ، فـدخل

وكالم كوكا لم ينفع بـدليل أن شـكيب .. هذا الرجل الجنة

Page 19: 4146

.. يا تقية اخرجى : قال لها ابتسم أوال ، ثم لم يعد يبتسم ، ثم .اخرجى

كانت مرت ثالثة أيام ، ومرت ليلتان ، وصار الكلب ال يقدر على مد بوزه ليأكل داومت عيناه على الـدوران فـى مكانهما ، ودق داخل دماغه ال ينقطع ، يلتفت إلـى الـوراء

وأم يوسـف .. فجأة ، كل حركة يتحركها تكون فجأة فجـأة لقت ، وكوكا قالت لها إن شـكيب أحضـر قالت لكوكا إنها ق

يوسف اابنه، وقالت إنها سمعت قردا ، وأم يوسف ضحكت يقول إن البنى آدم كان فى األصل قـردا ، يقـول كالمـه ، ويفعل فعله ، ، وهى قالت واهللا إنه هكذا يفعل فعله ، وكوكا قالت أى واهللا يفعل فعله ، وضحكت المرأتـان ، وبعـد أن

شـكيب .. رجعت أم يوسف غير مقتنعـة ضحكت المرأتان وكوكا حكت لها ، فتنهدت ، وانخفض ! يربى فى بيته قردا ؟

قالت إن الدنيا التى نعـيش .. صوتها ، وتمعنت فى األحوال زمان كان فيه عجائب .. فيها لم يعد فيها عجائب مثل زمان

النـاس ال وقـت عنـدها .. يـام ، كل شىء يحدث هذه األ !!تتعجب

Page 20: 4146

يب أن الكلب عيونه انغلقت ، ولم يقرب الطعام وجد شك من يومين ، وشعره بدأت العصا تسقطه ، والجروح ال تندمل

أما القرد ، يراه داخال ، يتسمر فى مكانه تأخذه رعـدة ، .. تنفضه فى مكانه ، ويبول حيث هو ، يسمع شـكيب يـأمر الكلب ، فال ينفذ ، وتظهر العصا الخيزران ، حين وصـلت

.. قد جاء اليوم الحاسم : قال شكيب لنفسه .. إلى هذا األموردخل للحجرة ، ارتفعت إليه هذه المرة عينان فقط ، هما عينا

كان فى النزع ، أشار شكيب إليه ، قال .. أما الكلب .. القرد انحنى ، حمل الكلب ، وتعمـد .. وسكت كل شىء .. قف :

أغمض القرد أن يواجه القرد ، كانت يده تقبض على موس ، من لمعته ، وفى ارتفاعة واحدة كان قد مزق جسد الكلب من

ساقيه الخلفيتين ، ثم رمى بالجسد الذى يسيل منه الزور إلى .الدم عند قدمى القرد ، وخرج بسرعة

تجمد القرد كأنه صنم من حجر ، ودم صديقه يتدفق بين تجمد كأنه صنم .. تجمد القرد كأنه صنم من حجر .. فخذيه

من حجر ، والدم ، دم صديقه يتدفق بين فخذيه ، وكان البد واقف فـوق فشكيبأن يعود قردا ، وليس صنما من حجر ،

كانت لفظة ضئيلة يعرفها " .. قف : " رأسه ، يشير بالعصا

Page 21: 4146

القرد جيدا ، شال نفسه ، وشب على قدميه ، ورفع ذراعيه ، نم .. جانبه افترش األرض على " نم : " واألمر الثانى يأتيه

نومة العازب ، تقلب على جانبيه ، واسـتقر علـى ظهـره .. اعجن عجين الفالحة ... يحتضن ركبتيه ، ويخرج صوتا

هب من رقدته ، أخذ بقبضتيه يعجن فى األرض ، ويـرقص جاءه سريعا .. سلم على : قال شكيب .. خلفيته يمينا ويسارا

، ثم باسها ، كان مد شكيب يده ، أخذها القرد فى يده .. يقفز انت كوكا ك .. شكيب يقهقه ، وسكت ، التفت إلى الوراء فجأة

. أنت طالق : ، صرخ فيها واقفة ، تبدل وجهه

Page 22: 4146

الشىء الجميل

مـد ، الرجل ككل رجل فى بلدنا أحب ، والرجل لـم يه عصفورين من عصافير الكناريا األصيلة وإنما حبه تحقق فى

أمـا ، وفى قفص سلكى جميل وضعهما ، واألكل والميـاه، دور ، فىوجهه فاسود ، وأما بدنه فتقلصت منه كل عضلة

فعصافيره يداعب، وينقرون األصابع بعدها تنقبض عضلة ، هذا يحدث ، وبعدها يقوم مـن نومـه ، .. ، ويضحك هو

ويصحو ، فمجلدة عصافيره ومتيبسة ، يجدها هامـدة علـى يحدث هذا للرجل الذى من .. أرضية القفص السلكى الجميل

كل.. بلدنا ، ألن الرجل آمن بأن النهار طلع ، وبان العوار كل الدنيا، والبد أن يحتضن شيئا جميال ، به يعتصم .. الدنيا

، وإلى شقته يكون يهرب منها كلما خرج الدنيا ،. من الدنيا – العصـفورين –الجمال يزقزق ، ويرفرف ، ويراهمـا

ن، وبعد السفاد يصـدحان ، ويرفعـان الـرؤوس ، ايتسافدفيفرح، وحلف أن كل أفراخهمـا واألبدان إلى أعلى أعلى ،

سوف تكون لهم الحرية ، يفتح باب القفص ، وإلى الهـواء

Page 23: 4146

خ كنارى إلـى انطلقوا ، فأنتم طلقاء ، فيروح كل فر : يقول .. ال يحده حد الفضاء ، الذى

فى كل مرة .. بعد الثانى والذيالتفت فى يومه الثانى ، السلكى الجميل ليس فيه إال فـراغ يرى القفص.. تكون مرة ال يقرأ يتعذب الرجل الذى من بلدنا ، والصحيفة.. كالضمير

، والراديو ال يسمع ، وبعصفورين آخرين يحضـر ، وهـو يـا .. يـا عصـافيرى : جذالن يغنى زوم ، رغم أنهكأنه ي

اآلن وشتم نفسه ، ألنه يريد.. أربيك .. أربيك .. عصافيريالشعر ، فال الشعر يطاوع حتى ببيتين علـى األكثـر ، وال

الدنيا أخذته ، فدهمتـه ، ولطمتـه ، قواف تأتى ، وانتبه أن، وهو راح إليها ، وككل رجل من بلدنا هون علـى نفسـه

وتحمل ، وأعطى عصافيره الكناريا الجميلة االهتمام ، وفكه .. يجرى إلى الحمام يفـك حصـره ارتعد ، وشعر أنه البد

أرضية القفـص على.. الدنيا .. الدنيا .. الكناريا .. الكناريا السلكى الجميل رفعت أرجلها إلى فوق ، والبدن يبعـد عـن

، باألرجل أمسك ورائحة ، وال صوت ، مد يده بدن الوليفة ،.. وقفت فى عينيه الدموع.. ، وعلى وجهه لم تسقط الدموع

دمعة فى كل عين تكورت ، ولم تنزل ، كان الشـباك فـى

Page 24: 4146

الضلف ، والجيران سمعوا صرخة إنسان من حجرته مفتوح . بعدها سكت دنيتهم ، وجعير إنسان من دنيتهم ، وكل شىء

Page 25: 4146

عامود الزان، اغتنى ، وقعد فى دكانـه – بعد الضنى –تميم البقال

والناس هم وحدهم يأتون إليه، يروح للمدينة الحرة ، ويعرف كالشعرة ، ويدخل البلدة بأحمـال ، كيف يخرج من مخارجها

.ووجهه كله يسقط عليه الرضا

طابقين ، تحف بـه أشـجار النخيـل ، ى بيتا منوابتنفـل والمانجو والجوافة التى لها ظل على األرض ، وشجرة

معطر غرسها فى األركان األربعة حول بيته كل ركن فلة ، األشجار الثمار من كل حبة ثمـرة أو األيام تعطى وقال مع . زهرة

واشترى لها زوجا وألبس أمه هندية القماش المقصب ،ألحذية ، ثم أخذها إلى الطبيب ، وفـتح فمهـا الواسـع من ا

فوجد الفكين تخلصا من كل األسنان ، وتميم أخرج كالفراغ ،طقما ، يصنع مـن الفلوس من جيبه حتى الطبيب يركب لها

. الخالص الذهب تضحك ألقـل هيوقال لها اضحكي يا أمي ، فصارت

. سبب

Page 26: 4146

ائلة ، ودخـل البلدة ، ومن ع فيوتميم جاء بأحسن بنت والبنت التى صارت امرأة له فهمـت عليها ، وجعلها امرأة ،

مـن والوصـايا .. أنا أطيـع .. أنت تأمر : كالمه ، وقالتعائلتها وعتها ، وكانت تهز دماغها ، وخرمت حلمة أذنهـا

فـي على الدوام جرسا يوقظها وعلقت تلك الوصايا ، لتكون، سوف تريح رجلها عارفة .. عارفة : قالت .. حال بطرها

. ها بالجدة دائمايوتخدم أمه ، وتناد ، .. وامرأة تميم كم من شموس غربت ، وأقمار نـورت

زهقت ، وكانت تهمس لنفسها حين تقع عيونها على أم تمـيم آه : وتعض على إصبعها ، وتقول أن الجدة تزوجت الزمن ،

ألن أم تميم عاشت مائة سنة ، وعشرين فوقهـا، .. نارييا لم يعد فى البيت إال طبق وحيد تأكل هـى ولبست األسود ،

تفتح الراديو على القرآن ، وكانت تحكى عـن ولـدها منه ، حينما يأتى إليها من ، وهى تقعد فى الدكان وامرأته الحكايات

. ، وتضحك فيلمع الذهب فى فمهايشترى

Page 27: 4146

داونيطبيب الروح يا كنت صغيرا وكبرت ، وحزنت ، وكلما كبرت حزنـت أكثر ، ألنى تحت النخلة الحيانى التى زرعها جـدى علـى اسمى كنت قد لعبت فى البنت سلمى ، وزنقتنى امرأة عمى ، وقالت ألمى ، ولكن أمى لم تضربنى ، وتحت النخلة الحيانى

ف يصـنع ابن خالتى عطيات ، وقـال سـو " شبان " جمعنا قلنا جائز ، فشبان فى .. صاروخا ، ويجعله يطير أمام أعيننا

وتحت النخلة التى كانت الشـمس .. جائز يعرف .. الجيش تشوى جريدها ، وخوصها ، وتجعل شفتى حارتين ، وريقى ثقيل أبلعه بالقوة ، والبنت سلمى تمد راحة يدها ، وتلمسـنى

التى أربيها تسحب الكلبة .. أعرف كل شىء .. أنا ساكت .. أبيض ، أحمـر ، .. وراءها فى الصباح الباكر عشرة كالب

وتقـف تحـت – يا عينى –أسود ، أسود بأبيض ، أشهب أنا أعرف .. شجرة الجوافة الكبيرة ، أمام بوابة البيت الكبير

كل شىء ، والجنينة كلها ظالل ، وال أحد فيها إال أنا ، أرقب ، وتنظر إلـى ، عد ما بين ساقيها ، التى تجلس تب البنت سلمى

إذا جاءت عينى فى عينها تعمدت أن تلعب بإصـبعها فـى شيخ الجامع ابن عم سلمى حسان ابن الحاج حامد .. التراب

Page 28: 4146

، يصير دكتورا فى المدينـة ، وشـبان راح لبالد برة يتعلم أحضر كمية من الرصاص ، وصار يخلع رأس الرصاصة ،

ى راحة يده ، اقتربنـا منـه ، ويفرغ البارود األسود منها ف وخفنا أن ينفجر البارود ، فابتعدنا ، كان يشعل عـودا مـن الكبريت ، ويرميه على األرض ، ويدفع حبـات البـارود ، فيشتعل بصوت ، غلبنا وامتدت الرؤوس ، نريد معرفة كـل

اقتربنا ، وكانت أمى تنادى علـى ، .. اقتربنا منه .. شىء مطر ، وأقلع بلبوس ، والماء ينزل على الدنيا ت .. وأنا أبتعد

لحمى ، وأمى تقف تحت السقيفة ، تخاف من المطر ، وأنـا أضحك تنادينى ، وأهز أكتـافى ، .. أنظر إليها ، وأضحك

أمـى .. تقع قطرات المطر ، أشعر بالبرد ، وأشعر بالفرح األغصـان أشجار الجوافة ، و تخاف وتشتمنى ، أجرى تحت

راق ، والسيقان مثل الرجـال الطـوال ، تتلوى ، وتقع األو والمراجيح تقام ، ونهلل نصفق لغـروب الشـمس ، دائمـا احمرار األفق ، نار السماء تشد عيوننا ، تتعلـق بالبعيـد ، فالشمس تستمر فى الذبول مدة طويلة ، والشروق ال نراه أبدا ، ال نصحو إال لما تكون الشمس بارتفاع قامة رجـل ، وإذا

رين إلصابتنا بانتفاخ ، أو إسهال نرى الشـروق صحونا مبك

Page 29: 4146

وهذا نهـد .. وهذا صدر .. ميالد الشمس عجول .. عجوال تعلمنا اسم الشىء الذى فى .. وهذا .. وهذا .. وهذا ردف ..

.. هذه سرة .. هذه شفايف .. هذه عيون .. األنثى ، ونطقناه تحت عسكر وديدبان ، ولكن شـبان .. وتحت .. هذه سيقان

مى بحبة بارود فى حجر الولد سعد ابن الحاج حامد شقيق ريااه .. حسان .. قلنا حسان .. حسان الذى يتعلم فى بالد برة

يـااه حكايـة .. حسان حسـان .. حكاية معروفة .. حسان حبة البارود .. حكاية .. حسان حسان .. نعرفها وال نعرفها

وده احترقت ، ورفع الولد سعد ساقيه ألعلـى ، ولطـم خـد يشط ، يئز ، يبرق ، يلمع .. البارود هذا شيطان .. وصرخ

فـى : قلنا .. هاعمل صاروخ البد : قال شبان .. يشتعل .. الجيش علموك ؟ لم يرد علينا ، وأخرج مـن جيبـه قطعـة

راس : رصاص اسطوانية ، جعل يدق على بوزهـا ، قـال ابن عمك حامد يصير رجلك فى : قلت لسلمى .. الصاروخ

زغرت لى ، وطوحت يـدها ، وأعطتنـى .. من األيام يومالنسوان آه من النسوان ، والرجال أيضا آه مـن .. ظهرها

وهذا .. وهذا أخذ وش العروس .. وهذا عرس .. الرجال آه .. وهذا البوس على الرأس لوالد العـروس .. المنديل أحمر

Page 30: 4146

. .هـا .. ها .. ها .. وهذا الذى يجعل األنثى أنثى ، ونهلل وهذه بيوتنـا .. تعلمنا اسم الشىء الذى فى الرجل ، ونطقناه

عشش ، وبيوت طوب أخضر ، تمطر الدنيا ، وتسيح الطينة ، ولكن النسوان والعيال يعملون الترميم الالزم فى الصيف ، والبحر واسع ، ويرمى بنسيمه ، وسمكه ، وضيقه وبؤسـه

حر ، نقعد على نحلف باهللا وبالب .. وحرمانه ، وعطاياه علينا الرجل الشاعر يقعد على كرسى عال ، والراديـو .. المقهى

أبى يحب الشاعر ، ويكره الراديو ، الذى يقول .. فوق رأسه كالما ال يفهمه ، وتصير مشـاجرة كبيـرة ، فلمـا دخـل التليفزيون أبى كان قد صار أعمى ال يرى ، نسحبه نقعده فى

كالم التليفزيـون ، الشمس ، أو نأخذه حيث الظل ، ويسمع فيصيح أن نغلق هذا الراديو ، وعائلتنا عليها ثأر لعائلة أبـى سلمى ، يقولون أن أحد أعمامى قتل أحد أعمامهم فى البحر، ضربه على ظهره بعارضة خشب ، ثم قفز خلفه فى الماء ، وأمسك برأسه ، وكان يبقبق ، ولم يتركه إال حين عام علـى

ن رئيس بر مصر عظيم ، وواحد رد ، واحد قال إ وجه الماء أبى اشترى .. عليه أنه كان جبارا ، ال تجوز عليه إال اللعنة

بندقية بروحين ، وأعمام سلمى اشتروا البنادق ، ووضـعوها

Page 31: 4146

فى بيوتهم ، ولما يخرجون يسحبونها على أكتافهم ، وشـبان قال لى فى يوم أنه سيصنع وابورا من الطين ، وأنا قلت لـه

وأيـه : اجاز يغلب ، وهذا جار عليه الزمن ، قـال أن البوت يـا وابـور .. يصنعه .. وحلف باهللا أنه سيصنعه ! يعنى ؟

يا وابور الساعة اتناشر يا مسافر للصـعيد .. الساعة اتناشر للصعيد ، وبعد أن زنقتنى امرأة عمى وقعت مريضا ، لم ..

تذهب أمى بى للوحدة الصحية ، جاءت بأحد أوالد عمومتى ، وهم كثيرون ، قالوا إن عفريتة من نسوان العفاريت تركبه ، يقولون عليه شيخة تركبه ، ويبخر ، يتصاعد الدخان فوق القالويح ، وينتفض الرجل ، يتشنج ، ويصرخ ، أفزع أنـا ، أبى يشدنى إلى األرض ، أنا قاعد أمام حجره ، يخبط الرجل

ـ .. على ظهرى ، والعفريتة تتكلم على لسـانه ا ضـخك يأضحك واهللا ، وشبان صنع الوابور من الطين ، وأشـعله ،

طويل من عصا رفيعة ، اشتعل مدة قليلـة " نفس " وكان له صدقت ؟ وأقف تحت النخلـة : مدة قليلة وانطفأ ، قال لى ..

تقف ، وتخطـو إلـى .. ما لها بنت الكلب سلمى .. الحيانى صلة بيننا وبيـنهم ، الجنينة عندنا ، وحينما اجتازت القناة الفا

أنـا .. ، تنظر لى وتبتسم لترينى أفخاذها رفعت ذيل قميصها

Page 32: 4146

الشفتان جمر يتقد فـى .. فتحة الفم .. أعرف هذه االبتسامة لحمهما ويبرزان ، وأمى كانت دائما تضحك ، وهى تسقينى من وصفة ابن العم ، عالجونى بالصبر والطيـب والمـر ،

دق ، وينقع فـى المـاء ، ونبات الخشخاش يخلط كل ذلك وي ويجعلوننى أتجرعه فى تمام الليلة الرابعة عشرة من طلـوع القمر العربى ، يحكى شبان لنا عن الـروس ، واألمريكـان

آه : يقول ! القمر هذا مشى عليه بشر ؟ .. الذين طلعوا القمر فضاء اهللا امتلكه الروس .. ءالفضاوعرفنا أن .. ودين النبى فيه أقمار تعرف الواحد منـا : قال ! كافر ؟ يا.. واألمريكان

أمـا ! يا سـاتر ؟ .. لو قرفص على سطح مركب فى البحر القمر الذى خلقه اهللا فأين يختفى ؟ وأين بقيته إذا ظهر نصفه

إلى أو ربعه ؟ أمى هذه تقول إن العفاريت هم الذين يطلعون السماء يحجبون القمر ، يريدون أن يسمعوا ما يـدور فـى

يقول إن األرض مثل البطيخة ، .. اء ، ويضحك شبان السمدماغى يثقل ، وعيونى تثقل .. والقمر كذلك ، والكل فى فلك

.. ، وسلمى تقترب منى ، أمسك ثوبها فـى قبضـة يـدى شعرت أن قلبى كبير كبير ، وأننى أحـب سـلمى حبـا ال يوصف ، ال أقدر على وصفه ، ولحمها قريب منى ، وليس

Page 33: 4146

ولحمى يلتصـق بلحمهـا وأشـمه ، والنـاس غريبا عنى ، يتشاجرون ليس بقبضات األيدى ، إنما بالشماريخ والبنادق ،

الضرب واذبح ، والقتل ، .. يا ماء الوجه .. والثأر يا شرف والعفاريت تظهر فى النهار الظهر وسط البلـدة ، والرجـال

– يا أخى واهللا –يهربون داخل البيوت ، أشجع الرجال فيهم خلعت سنتى ، وضرسا من سقف حلقى النخلة الحيانى وتحت

، وأمرتنى أمى أن أقف مستندا على النخلة ، وأنظر للشمس يا شمس يـا : ، وأرمى السنة والضرس فى عينها ، وأقول

يا شمس يا شموسة اعطينى .. شموسة خدى سنة الجاموسة وكيف أنا آخذ سنة العروسة ؟ أنا ال أريدها .. سنة العروسة

! الجاموسـة ؟ ! وسنة الجاموسة ؟ .. أنا رجل .. أكرهها ..أمى تقول أخى طلعت له سنتان كبيرتـان فـوق بعضـهما

حط شبان البارود فـى .. توجعانه ، ألنه نسى أن يفعل ذلك ، ثم أخذ يدق عليها حتى سدت عينها ، لم يتـرك االسطوانة

االسطوانة صارت مدببـة مـن أمـام، .. إال بؤبؤا صغيرا ج ورق جرنان قديم ، وقال إن صاروخه يشـبه هـذا وأخر

الصاروخ المصور فى الجرنال ، بحلقنا فى الورقـة التـى افترشها على األرض تحت النخلة الحيانى ، نظرنا إلى مـا

Page 34: 4146

قلنا أين األجنحة ؟ قال ليس مهما ، وأشعل عودا من .. صنع الكبريت ، وضربات قلبى تضـرب بقـوة ، وأنظـر إلـى

سلمى ساقاك مفتوحتـان .. تكن على األرض الصاروخ المر وأنام عليهما ، لم تقل لى شيئا ، إال أنها تنهدت ، وتنهدت أنا

قال شبان إنه شاف فى الحرب ما لم نشفه نحن .. من بعدها قال إنه فـى الحـرب .. ولد آبائنا ، وال من ولدنا ، وال من

مناورات ، ونصاحة ، وفصيح العقل هو الذى يغلب ، وإنـه شاف الدبابات قبر من الحديـد ، يمشـى علـى جنـازير ، والطائرات تنقض مثل القضاء المستعجل ، ال تعرف من أين

أنت مـن : أو أين ، وإنه يريد أن يصنع صاروخا ، قلنا له أخوك فريد ابن أمك مات بال حرب .. الحرب جئت لم تمت

شبان عيط ، ومسح عيونه ، وحينما عاد حسان أحضـر .. : رأة من بالد برة ، وتحلقنا حولها ، وكانت تصـيح معه ام تصيح ، وتشير إلينا ، وتلمسنا ، وتلتقط لنـا .. أووه .. أووه

، الصور ، وحسان كان صامتا ، يضع نظارة فوق وجهـه ولم يمكث فى البلدة إال يوما واحدا بليلة واحدة ، وأخـذها ،

تها ، ما زالت ترن فى أذنى صيحا .. أووه .. أووه .. ذهب وعيونها المبرقة ، وشعرها األصفر ذهب بلونه ، وبشـرتها

Page 35: 4146

البيضاء بيضاء ، حتى العروق تراها من تحت جلدها ، والدم يمشى فيها ، وتساءلنا كيف ينام معها حسان ؟ وكيف يكلمها

، وزعل منـا بان يجعر ش.. فريد يا فريد .. عند هذا النوم ؟ ليج ، ورجـع فـى إذ قلنا له فريد عاش عشر سنين فى الخ

صندوق ، وأمه لم تره ، دفن بالليل ، والفلوس التى حوشـها لم تظهر أبدا ، وخالى رجب شقيق أمى كان معه ، ورجـع

خالى اغتنى ، وصار عده .. اشترى من غيط النمايسة فدانا بيتان ، وباع األرض بعد الحرب ، ويقول ألمـى إن معـه

ال جنيها فى العيـد ، مليونا ، وال أصدقه ، ألنه ال يعطينى إ وسلمى لها أخ كان معهما ، فتح مقهى كبيرا ، ودكانا يبيـع

، يشرب الحشـيش ، وال يخفيـه ، يقطعـه فيه المالبس ، و ويرصه على الدخان المعسل ، ويدخن طوال النهار ، وطوال الليل حتى أن عيونه صارت عيون قرد ، تسـيل الـدموع ،

أقـارب .. أقارب .. وكل عين فتحة فنجان فى وجهه الرفيع قنديل قطع من البحيرة األرض ، وبنى المزارع ، جوالحا..

يحط فيها زريعة السمك تكبر ، ويشغل الرجال من البلدة فيها وهو يقعد أمام بيته ، هربت منه .. حين يجمعه أحماال أحماال

يجعله يطير قال شبان الصاروخ سوف .. امرأتان تزوجهما

Page 36: 4146

نا عن الحشيش ، شبان صـرخ فينـا أن ، قلنا له أن يحكى ل نسكت ، والحاج حامد لم يرض بالمرأة التى جاء بها ابنه من بالد برة ، والتى تلبس البنطلون مثل الرجال ، والقمـيص ال يستطيع العيل أن يلبسه ، فهو يظهـر نصـف صـدرها ، ونصف ظهرها ، وسلمى لم تقلع شيئا ، وأنا لم أقلع شـيئا ،

، وحينما جاءت امرأة عمى ، دارينـا كـل كنا نلبس هدومنا شىء بسرعة ، وطلعت أنا فوق النخلة الحيـانى ، وهربـت

.. معلم قنديل يا تخين .. حسان يا حسان .. إلى بيتهم سلمىأشوفه ، تشوى له رشدية أخته المعنسة ، الرفيعـة ..يا تخين

حطبة خروفا ، وبين الصباح والغروب يفطر علـى لسـانه اخلية ، وبوركيه يتغدى ، ويتعشـى بصـدره و وحوائجه الد

أكتافه ، والعظم يدق صلبه ، يمص نخاعه ، ويسمن ، تأتيـه لماذا هربت منه المرأة األولى ، .. الفلوس يجمعها فى حجره

ولم تظهر أبدا ؟ والثانية صرخت فى الليلة األولـى ، حتـى كالب البلدة سكتت عن النواح ليلتها ، وتكومت فى الوسعاية

بارود .. صاروخ يا صاروخ .. ، تدور ، تدور كأنها حائرة أبى يقـول لـى .. كبرت أنا ، ورحت المدرسة .. يا بارود

، أحب أن أكون مثـل تعلم ، وأنا أحب أن أقرأ بصوت عال

Page 37: 4146

أنا ثور مغمى العيـون ، .. ، وال أحب أن أكون مثله حسان روحى يـا سـلمى .. أدور على مدار الساقية ، وال أتوقف

الحاج حامد ، وأبوها لم يرضيا ، العائلة ال .. مدرسة تعلمى ، أنا يا سلمى أحبك أن تكـونى متعلمـة .. تعلم إال الذكور

أذهب إليها بكتاب القـراءة ، ولكنهـا ال تـتعلم ، !! تهرش المعلم قنديل اشترى الدنيا ، وله أقرباء .. تتفرج على الصور

حم مثل المعلـم قنـديل ، كبار فى المدينة ، لم أر كمية من ل صار له من السنين سنة ال يقوم من قعدته أمام بيته ، يأكـل ويأكل ، وأنا بكيت يوم رجعت من المدرسة ، وجدتهم اجتثوا

من الجذر أوالد الكلـب ، جـدى اجتثوها.. النخلة الحيانى .. وأبى يريدان بناء غرفتين ، ليتزوج فيهما أحـد أعمـامى

قال جدى إنه يعطينى مكانهـا .. رحمانى لم ي ! مكان النخلة ؟ النخلة أم بلح أصفر العالية ، نظرت إليها ، وجدتها شـعثاء

النخلة الحيانى .. الجريد والخوص ، وجدتها عريضة الساق كلمتنـى .. ارتمت على األرض صغيرة ، صبية ، حزينـة

.. وجرحى يا جرحى كمكم ، نتر المرهم .. واهللا ، وراحت أن النار كانت تشتعل فى اسطوانة شبان تأكـل سكتنا كلنا إذ

البارود و يأكلها ، وفرقعت فجأة ، وارتمـى شـبان علـى

Page 38: 4146

األرض يزعق ، ويتألم ، ويمسك بطنه ، وكنـت أنـا كلمـا من وصفة ابن عمى على الريق ، انقلبت مصـارينى شربت

إلى الخارج ، وكانت أمى تأمرنى أن أشـرب ، وأشـرب ، ت من البيت كسرت الزجاجة التـى ولكنى لما وجدتها خرج

، وأخـذنى لمر الملعون ، وطوحتها من الشباك بها الشراب ا أبى إلى الوحدة الصحية ، والطبيب الحكيم عمل لـى حقنـة شرجية غسلت مصارينى ، والصاروخ دخل بطن شبان أوال ، ورأينا الصاروخ بعدها يدور فى الهواء دورة طويلة ، ثـم

، وانفجر ، وعمل دخانـا ، وغمامـة يقع قدام المعلم قنديل اختفى الرجل فيها ، وتصورنا أننا وقعنا فى خطيئة خطيئة ، وأن سلمى وأنا لن نعود إلى فعل أى شىء ، ولكـن النخـل كثير ، والشجر كثير ، والناس يروحون ، وناس يجيئـون ، ناس يغتنون ، وناس يفقرون ، نـاس يمرضـون ، ونـاس

.. س يعيشون ، لكـن ، لكـن يصحون ، ناس يموتون ، ونا ويقوم شبان يمسك ببطنه ، وتخللت أصـابعه .. لكن .. لكن

من الحرب .. ابن الكلب : نقط الدم ، وكان يضحك ، ويقول وأمى تنصحنى بعدم فعل الشىء .. خرجت شعرة من عجين

الحرام ، والمدرس يقول لى فـى األحيـاء يكـون التكـاثر

Page 39: 4146

المعلم قنديل كأنه خارج من صرخ شبان إذ رأينا .. والتناسل يوم حشر ، انداح الدخان ، وانعدمت الغمامة ، وبقـى هـو

.. الفشـة : قال شبان .. قاعدا فى قعدته لحم فوق لحم ولحم حشـية ، تغطيهـا وجدناه فحال يفتـرش .. جرينا .. الفشة

اقتربنا ، وشـاهدنا – يا خرابى –مؤخرته مثل جبل يربض مكان العينـين .. فى وجهه المنتفخ أن عيونه نفسها ال تبين

شبان لـم .. بحثنا عن شبان لم نجده .. تلفتنا .. شق و شق تجرأنـا .. ، الناس لم توجد ، وأوجدت أنا لم أوجد .. يوجد

إبـرة ، نغـزت البنت سلمى أخرجت من صدر فستانها .. : المعلم قنديل فى بزه المدلدل باإلبرة ، لم يتحرك ، شـهقنا

قلنا .. أووه .. أووه .. ه ، مثل المرأة اإلفرنكية أوو.. أووه عيونه تـرمش ، .. ال : ردت البنت سلمى قالت ! مات ؟ :

.. أخذت منها اإلبرة ، شككت اإلبرة فى لحمه ، ولم يتحرك أبى يقول لـى إذا .. استعنا بالمعين ، وأخذنا نقلب هذا اللحم

والعرق ..قال أحد على أننى نحيف ، أرد أن المهم الصحة عرقنا ، ونادينا على رشدية ، فال العانس أخته جاءت ، وال الرجل تقلقل ، وضعنا رؤوسنا فى لحمه ، غطست رؤوسـنا

قلنا هل صحيح أنـه .. فى شحمه ، استرحنا، وشتمنا شبان

Page 40: 4146

كان يوجد ؟ وكان يحكى لنا الحكايات ؟ أم كنـا نخـرف ، قنـديل علـى فجأة كما الفجأة تأتى انقلب الرجل ! وخرفنا ؟

جانبه ، فصرخت البنت سلمى ، وأنا صرخت ، وأشرت إلى جسـمه : صرخنا فى نفس واحد .. ساقى الرجل ، وأفخاذه

فحل فحل ، وأرجله نحيفة نحيفة ، طولها شـبرا ، ونصـف !! الشبر

Page 41: 4146

أغنية للتاريخورب العرش المنجى رأيناه يركب حماره فى رجلنا هذا

هذا اليوم ، وهذا يحدث ، رغم أننا أدخلنـا األتـومبيالت و الميكروباصات إلى شوارع البلدة ، بعد أن صارت بورسعيد

رجلنا كان أيضـا .. تاريخنا هذا ، وبه نؤرخ .. مدينة حرة يب به وزة جأ.. أجيب به أيه .. معايا جنيه : يغنى ، ويقول

.. يا وراك الشـوم .. وتقول يا وراكى .. والوزة تكاكى ..انكتمت ضحكاتنا فى حلوقنا ، إذ أننا رأينا أن السماء سماء ،

، ونحـن وأرض أرض ، والهواء هواء ، والبحيرة بحيـرة أما هو فربط على عيون حمـاره منـديال كبيـرا ، .. نحن

رجلنـا ومعقودا ، والحمار شاهدناه يتخبط فى مشيه ، إال أن .. اجر : فى جوانبه ، ويزعق عليه رهذا يظل ينخس الحما

حتى أن الرجل طارت طاقيته ، وهاش شعره ، ولـم .. اجر يهتم هو ، وجرينا معه ورب الكون نسأله عن المنـديل ، و

رد علينـا ، وهـو يرتفـع ، .. األعمى هذا الذى يركبـه وغز الحمار فى منطقـة مـن .. أنا مزاجى كدا : وينخفض

Page 42: 4146

بدنه بعصا مدببة ، فانفتح الكون قدامه ، ومن الجرى نحـن تعبنا ، إال أننا سمعناه يثنى على حماره الـذى يطـيح اآلن

..بالهواء ، ويمرق يا حبيبى .. يا وله .. يا وله : وصل إلينا بقية مما يغنى

توقفنا ، وهو يسوق دابته العمياء .. يا دوا عينى .. يا حبيبى بل العالى الذى يغزو البحيرة بكيانه ، وينزل ، ويطلع بها الج

..إليها بهاوية بعدها الماء ، والطين ، وال شىء قلنا إنه .. فوق .. انتبهنا ألنه يقود نفسه إلى أعلى أعلى

سوف يرجع ، ولعلنا نضحك ، وفوق قمة الجبل صار هـو اآلن ، بعدها قمنا فزعين ، إذ أننا لم نعد نـراه ، وال نـرى

..لمربوط العيون حماره ا

Page 43: 4146

يوم للفرح

سألونى و المونى ، وأنـا مـا .. سألونى الناس عنك ال يلزم نوم ، والصحو .. أين أنت ؟ أقوم من النوم .. دريت

القماش أكشف ذيل .. أكشف .. أعيط .. يا كبدى .. ال فائدة بطن النينة وداد كرمش ، والسيقان تشيل .. تعال وشوف ..

وزرع .. ال .. أحلـف .. البدن همـدان ، ونجـوم السـما النينة وداد قامت من النـوم ، .. ال .. األرض سنابل أحلف

فتحت شباكها على الصبح ، وبيـوت البلـدة وسـطوحها ، ء والموج ، والمراكب ، وفى صوت مسموع ، فهذه األشـيا

.. أنا صحيت : قالت .. لكل شىء آذان : تسمع ، هى تقول امسكنى ، وفرتكنى ، ارمينى فى .. عثمان أبو جريدة ضحك

على .. الحريم قعدوا ، وأنا الشقية احترت وسطيهم .. الهوا متدفنيش فى األرض : قالت .. الولد من الدنيا باق .. يا على

أبـو .. دى لسانك حرام اعق : ، وقال وهو الولد استغرب .. جريدة قال لها إنها لوح خشب ، وتظن أن عليه ورق أخضر نابت ، وضحك ضحكه كبيرة ، ينكت هذا الرجـل ، وهـى

!بتضحك يا ابن الصرمة ؟: زعقت فى وجهه

Page 44: 4146

هب عثمان ، والنينة وداد حاورت يده ، فذهبت يده فى البنـت .. الهواء ، لو وقفت كانت يده جعلت فكهـا ينخلـع

الحنة ، والدم، والمناديل .. الحنة .. البنت حكمت .. حكمت ، والمزيكة ، وعلى ينام ، وامرأة جاءت ، قالت لها إن البنت

أبو جريدة ضربها علـى .. أبوها .. حكمت ترضى بولدها أخـذت بيـد .. بوزها ، وشد شعر رأسها ، ولفه على يـده

..علـى ينـام .. المرأة ، وأخرجتها من بيتها بدون غضب راحت إلى المندرة القبلية ، أشعلت عين البوتاجـاز ، علـى اشتراه ، وقف يعلمها كيف تشعل الكبريت ، وتدير الـزر ،

على يقول لها أن تأخذ ! بنت صغيرة هى ؟ .. على نبه عليها وضعت الحلة على العين فيها ماء يسخن ، وقعدت .. حذرها

روح إلى ت.. ، فى كل مرة تحط خدها على ركبتها ، وتروح بعيد ، وتأتى إلى قريب ، تبتسم ، وتكشر ، تعود ، تغمـس

من ستين سنة ، سنة تجر .. إصبعها فى الماء ، فى كل مرة أحلم فى المنام من ستين سنة، وال مرة .. سنة أنعس ، وأحلم

فـوق .. واحدة تحقق حلم واحد ، وأحلم ، يقوم على ليستحم ، والبـيض .. آه .. العين تضع مقالة ، والزيـت موجـود

دا : كل يوم يندهش .. على يأكل .. وعجوة البلح ، والسمن

Page 45: 4146

أمه وتنكسف .. وهى تضحك ، وتنكسف من كالمه !! كتير النينة وداد تعيط ، وصدرها يعلو وينخفض ، ال تقـدر أن ..

فى الزقاق الشيخ مصطفى وقـف .. تجعله يرتفع مرة ثانية .. الجنة لك : صاح .. مغتاظ منها ، ألن أبو جريدة اشتكى

جروحى ، أضحك من الفـم ، .. جروحى مفتوحة .. وهى ال .. أنت يا شيخ تقول ، وتقـول .. وأبكى من صميم القلب

والغيظ يأكل منهـا الـدماغ ، واألذرع ، .. عندك إال كالم شـىء يـربط .. بتفكرنى بالمصايب : زعقت .. والرجلين

يعصرها ، روحهـا على قلبها بحجر ، يكورها ، يهدهدها ، : يقول لها .. البنت حكمت بنته .. أبو جريدة .. أنا .. تذهب يـا بنـت النـاس اهللا : والشيخ .. أوالدك يموتون .. شوفى

يا شيخ مصـطفى .. يرحم أباك ، جفاك الناس من قلة حياك انطبقـت ! أتحشم ؟ .. انطبقت السماء على األرض .. تحشم

على فـى البحيـرة ، .. بدا لك تنطبق ، أنا قلتها ، اعمل ما .. يا مه القمر ع البـاب : تفتح الراديو ، تسمع المرأة تغنى

القلب دليل ، تغلق الراديو ، على يرجـع ، .. هى ال تعرف تفتحه له ، يسمع المرأة التى تغنى ، تحب أن تقول له نفـس

رائحة الحبايب تـنعش فـى .. ، الدماغ فيها ال تحفظ الكالم

Page 46: 4146

الشيخ عند المقابر يقـرأ .. روحى يا روحى .. البدن روحى فى كـل مـرة يقـول .. القرآن ، وحين يراها يختم ، ويفز

الكالم ، نفس الكالم ، والنسوان يسكتنها ، يأخذن منها قالـب الطوب ، رأس الشيخ قريب ، وهى رأت دمه يسيل نافورة ،

، تمأل كفيهـا مـن دمـه وهى عفاريت تجرى فى عروقها وتجعر ، ترفع أصابعها ، وتجعر فقط ، والشيخ ما النافورة ،

زال يتمايل بجانب القبر ، ويتلو بسرعة ، والنسوان يقلن لها يا شيخة اهدى ، ويدمعن ، والنينة وداد تسمع ، تخـربش :

.. الولـد .. األوالد ! أهدا ازاى ؟ : وجهها ، ساعتها تزعق ، يحبو تتلوى على الفراش ، ويخرج منها ، يرضع .. الولد

ال تذهب ألى مكان ، الولد يربض فوق كتفهـا .. ، وتناغيه مرة ، فى حضنها مرة ، يزيط فى البيت ، يلعب فى الطين ، يتعارك مع العيال ، يأتى بالمشاكل ، أما إذا وقع فى البلـوغ يؤخذ ، كم مرة ذهبت للمقابر؟ كثير ، وتصير وداد مع شىء

حالوة النخلة بلـح ..، وهذا الشىء ينفجر بضحكات يشمت يأتى على ويقول إنه .. حالوة الحرمة ولد و شقيق .. وجريد

.. بالد طلعت تأخذ الشبان .. يا خرابى ! عزم على السفر ؟ قال فى الخليج بحر ، وأنـا ! فى البحيرة هنا ، وهناك ماذا ؟

Page 47: 4146

جاء فرحان يمسك بدفتر أخضر صغير فى يـده ، .. صياد مسافر ؟ : وهى .. البزابورت : ويلعبها فى الهواء ، يصيح

أغلق عيونى .. على يا على .. اهدأ يا حبيبى .. يهز رأسه عـريض ؟ آه .. تتحسس صدرها .. ال وألف ال .. ال تنفتح

ارتكن عليه الولد ، أجملهم أنامته عليه ، والطيب طيبـة .. البنت التى صـارت .. وضع رأسه بين الثديين يرضع اللبن

النينة وداد تصرخ ، تبعدها ، تغمـض .. نه امرأة لولدها تنه عيونه ، تغذى من دمها هى ، أخرجته منها هى ، تغمـض

سنة يا وداد .. ربما الولد مكث عريسا شهرين .. عيونه هى طـب وأنـا .. ربما يا وداد سنتين ، يموت الولد يا وداد ..

العيال يحبـون ، يشـاهدون التليفزيـون ، ! مالى يا بلدنا ؟ .. البنـت والولـد .. الولد والبنت .. مثل الذى فيه ويفعلون

تفرح ، وتزغرد ، تنتقى العائلة ، منهم كم واحـد راح إلـى .. الدنيا تغيرت .. مكة ، والبالد ، يفتح دكانا ، ومعه الفلوس

أم .. والناس هم الناس .. سبعون سنة يا وداد .. ستون سنة ئلة شيخ الصـيادين عا.. العادة تنتقى وتوازن ! أنا لست أنا ؟

الرجل نفسه لم يعد له قيمة ، الناس تنـورت ، ومثلـه ال .. العبط يجعل الرجل زمـان مهـاب ، .. يكون إال فى العبط

Page 48: 4146

مطاع ، الدنيا تغيرت ، كل صياد شايف نفسه ، ال الرجـل إلى العائلة مدى القدم .. عائلته كبيرة .. آه .. شيخ الصيادين

تصـيح ، .. يا خرابـى .. بى يا خرا .. ، تخطب أية بنت .. كل نسـوان عائلتـك بشـوارب : وتقول لشيخ الصيادين

واليوم هبط بـدنها .. ال .. ال : الرجل يقولها سمعت بأذنها الفكـر .. أين .. العافية .. العافية .. على الفراش ، تأوهت

.. بيتك يـا وداد : هو الذى يجيىء ، وتسمع ، الرجل يقول ط ، ومن طابقين ، وله فراندة ، وبه ثالجة ماله ؟ مبل : قالت

قال .. ، وغسالة ، وتليفزيون مثل كل الناس ، وعلى يشتغل دا بيتـك يـا .. فى كل مندرة واحدة عزبا – داهية تأخذه –

على الفراش تستدير إلى باب هذا البيـت ، تـربط .. وداد رأسها بمنديل ، وتشده ، وتعقده ، وهى أقسمت ، قالت واهللا

والناس قالت المرأة خرفت ، ألنها .. ظيم الشرب سجاير العرأت بعيونها الموج فى البحيرة يسعى إلى عتبـة البيـت ، وكانت تقعد تشاهده وتدخن ، يقف على عتبة البيت يصفق ، ألن فيه عرسا ، والحمراى ، وأبو زريق ، والغر ، بمنقـاره

سا األحمر واألبيض يرقص عشرة بلدى ، ألن البيت فيه عر نصـب ، واألراجوز الذى كان يأتى إلى البلدة زمان أتى ، و

Page 49: 4146

تقول .. ها .. ها .. ها .. هنا ألن فيه عرسا .. مرسحه هنا ، ألن هذا كلب يعـوى ها .. ها .. ها : لنفسها بصوت عال

يا خوفى ، تقذف حجرا ، الكلب يجرى ، ويعـود أمـام .. الولـد البنت حكمت طيبة ، هى تعـرف أن .. البيت يعوى

على ، والبنت يبتسمان لبعضهما فى العتمة ، مرة زنقتهما ، النينـة .. يده تقبض على يدها ، ويقرب وجهه من وجههـا

وداد أغمضت ، عملت من نفسها ال ترى ، وعلى جـذالن ، .. مسـافر ؟ .. ال يمشى هذا الولد على األرض ، يتـنطط

بـورق يعمل هنا ، ويعـود مثلمايعمل فى البحر .. مسافر النقود الكثيرة ، وهى تقول له إن هناك حرب يـا حبيبـى ،

من ؟ تقـول .. وابن المحامدة الذى ذهب لم يرجع ، أسروه أسروه ، ولم يعد ، وأمه تبكى ، وامرأتـه عنـد أهلهـا ال

أهله المحامدة سألوا فى مصر ، وفى .. يعرفون ماذا يفعلون عـالى يـا ت.. مصر ال يردون بجواب يشفى ، ولم يعرفـوا

حكمت ، والبنت تطلعت دقيقة ، سكنت ، ثم هـى مسـحت .. إلـى األرض ذراعيها ، وتقاطرت نقط الماء من رسغيها

أبو جريدة أبوها .. البنت حكمت طيبة ، كانت تنشر الغسيل البنـت طيبـة .. من الضيق ال تعرف النينة وداد أن تصفه

Page 50: 4146

الـذين على وحده بقـى ، األوالد .. تسمع الكالم .. صحيح خرجوا من هذه البطن التى تجعدت ، وترهل لحمها راحـوا

.. إليـه .. منـه .. إليه .. منه .. يا تراب .. تحت التراب وداد أم العيال تجعل من .. ال : كل العائالت قالت .. راحوا

ابتسمت البنت حكمـت ، ولمعـت .. بنات العائالت أرامل واألكل ، يـأتى على كان انتهى من االستحمام ، .. عيونها

.. دا كتيـر : إلى أمه ، والكلمة التى يقولها كل يوم قالهـا : يضع راحته على صدغ من أصداغها ، وينقلها إلى جبهتها

وينخسها فـى أضـالعها ، .. الحلو حلو حالوة .. يا سالم تضربه بحنان ، وتهرب منه ، وترفس على الفراش ، ويسأل

، ويقول لها كيف هى لماذا تنام ؟ وهى تقول ليست مريضة هى .. تشتم الرجل عثمان فى بيته ؟ الناس عرفوا ، وتندروا

.. النـاس .. النـاس .. تأملته ، وأسبلت عيونها ، وفتحتهما على األرض رجالك ، ورأسك على .. أنت على .. يعرفون يا كبـد .. إلى الشغل تروح .. فى البيت تزعق .. األكتاف

قامت ، .. آه : ؟ وهو قال أنت عارف .. رفضوك .. أمك ! فلوس يا على ؟ ! طب وأنا مالى ؟ .. وهى ترى البلدة كلها

من كمـه .. تعال : تحضر الفلوس من البالد الغريبة ؟ قالت

Page 51: 4146

فى المندرة تفتح الدوالب ، العلبة الصـفيح تزيـل .. شدته مـع النينـة .. غطاءها ، وتقلبها ، تنزل لفات الفلوس لفات

الدنيا كيف .. هى لك يا على .. ة ال عد لها وداد فلوس كثير يمكن أن يـأتى الـذى أخـذ .. تسافر أنت ! صارت الدنيا ؟

ذبابة تحوم فى المكان ، وولـدها علـى .. أخواتك ويأخذنى يرفع حواجبه ، أسنانها تظهر ، وصدرها يتسـع بـالهواء ،

وهى وصوتها فـى .. القوة .. آه .. القوة .. وتخرجه بقوة .. توقفـت أمامـه .. صوتها فح ، والبنت جاءت ..الحوش

هى ضربته .. على شد ذراعه .. ادخل عليها .. صوتها فح ، وجذبت ياقة قفطانه ، وأخرجته منه ، صار بالسروال فقط

.. البنت أهه .. يا بن الثكلى تعال .. يابن األرملة : ، قالت طرف الفستان .. على رأى .. البنت رأت .. ادخل .. ادخل

يكشف ، وداد النينة العجوز ضحكت ، لو تحـزم وسـطها استغربت هـذه .. تزغرد .. نذر وال بد أن تفى .. وترقص

ليس فى البلدة امرأة ال .. الساعة أنها ال تعرف الزغردة بتاتا ملعون .. ولن تزغرد .. ال .. بكت .. ال .. بكت .. تعرف

. .تضـحك تبكـى .. وهى تبكى تضـحك .. أبو الزغاريد وفوق األفخاذ الدموع سالت ، وعلى العين المشتعلة للبوتاجاز

Page 52: 4146

، اشتعلت الجلدة خطفت منه البزابورت األخضر ، ووضعته على انفجر جعيـره ، وهـى .. البالستيك ، وانبعثت رائحة

أمسكته من وسطه بجماع ذراعيها ، ورمت رأسـها علـى .افرح : صدره ، قالت له

Page 53: 4146

أميمكحل

أنا وقعت عيناي عليـه .. ال .. ال .. مكحل ، وإذ أرى الكحل كانت تخزنه فيه فى زمان راح وانقضى ، أخذتـه ..

بين يدى ، والبال شارد أنا ، ولكنى كنت منشرح الصـدر ، إنما أنا سحبت غطاءه ، .. وسحبت غطاءه ، ال أعرف كيف

حتى بدني كله ارتج ، وأنا أسـعل ، .. وانتبهت على نفسي الدخان عبق فراغها ، واشتد على الحال ، .. ورأيت غرفتى

الحظت أن ساقي تهتزان ، وكلما حاولت ... فلما .. ووقفت تضـاءلت .. أن أرجعهما إلى الطبيعي ، لم أقدر ، وأفشـل

يناي حتى تاهتا فى الذي هـو ع.. كإنسان فى أرض رعب موجود ، وارتاعت ، وهى تبص على ما يخرج من المكحل القديم ، الذي كان ألمي ، فالدخان صار ذلك الشىء الضخم ،

ألن ! حتى أنى ضحكت ، وهـل مـن الرعـب أضـحك ؟ شـبيك : العفريت مشى خطوة ، وأمامي انحنى ، وهو يقول

.شاء اطلب ما ت.. عبدك بين يديك .. لبيك .. كان الصوت الذي قال به هذا الشبيك لبيك ال أسـتطيع وصفه إذ أنه قديم وحديث ، وهذا الوصف من عندي أنا ، لم

Page 54: 4146

أقرأه ، وأعرف أن الصوت ال يوصف إال بالعلو، وعكسـه الشدة أو الضعف .. االنخفاض ، أو الحدة ، والغلظة عكسها

ري وقلت فى نفسي طوال عم ! ، وقلت فى نفسي هل أحلم ؟ العفريت انتظر أن أقول أي شىء ، فلما لم أنطـق ، .. أحلم

عاد يقول لى بصوت يمكن أن أصفه اآلن أن به من الحـدة أجبته بصـوت فيـه .. اطلب .. هل تطلب شيئا ؟ : شبهة ..أطلب .. ال : التواء

كنت أريد أن أواصل الكالم ، فأسـأل ، ورب القـدرة إذن البد من : عفريت قال كنت أرغب فى األسئلة ، إال أن ال

ثم خطفنى الخطفة السريعة ، وكنت بـين يديـه .. االنتهاء .. تعـال .. تعال يـا ابـن األحـالم : رهينة ، عندها قال

مكحل أمي القديم ، وعلى أغلق ، فوقعت .. وأدخلني المكحل فى ظلمة داهية ، وأنا أسمع ضحكات ذلك المخلـوق الـذي

. بط أتخ.. اسمه عفريت ، وأتخبط

Page 55: 4146

الهــدف

كنت كالغريب الذى ال ينطق ، .. لما رجعت بلدي كنت غضبت ، وحزنت ، .. ولكنه دائم النظر إلى األشياء والناس

وقلت الناس غير الناس صاروا ، كل ابن فرعون يعمل مـن فرعون ، و سكين حاضر يختفـي ، نفسه فرعونا على ابن

ويظهر ، مع انفجار متحفز ، وفلوس ، وعيون نبتـت فـى الرأس ، تغمض واحدة، وتنفتح واحدة فى الصحو والنـوم ، واللوم وقع على ذاتي أنا ، فقلت من الممكن أن أكـون أنـا

فالناس هم باالسم أعرفهم ، وجغرافية بلدي هـى !! الغريب لتاريخ هـو الـذى يسـيطر ال ا: صحت .. جغرافية بلدي

وهذا لم يعطني راحة ، ونفسي لم تهدأ ، ألنـي .. الجغرافيا هناك .. اندفعت إلى قبلي بلدي .. اآلن .. أعيش هذا الوقت

الفضاء ، الذى لم يخضع ألى إنسـان ، واألرض البـراح ، وهناك ملح ، ونباتات شوك، وبعوض يزن حول األذن دائما

سرحت فـى .. فى الجلد ، تمتص الدم ، ثم يحط لتنفذ إبرته السماء ، ونظري مال حتى رأيت األفق يلتقي هناك مع مـاء

هنـاك .. البحيرة ، نكست رأسي ، وأخرجت يدي من جيبي

Page 56: 4146

حجر ، وانحنيت ، فتشـت عـن ربعيدا على بعد أربعة أمتا قطع من الحصى الصغيرة ، واستقمت إذ جمعت منها مـلء

جر بيدي، قذفت أول حصاة الكف ، رحت أصيب الهدف الح ، وأنا أحكم ، تدحرجت الحصاة إلى بعيد عن الهدف الحجر

مائة مرة ومرة، فى كل مرة لم أفلح أبدا .. ، عاودت أحاول فى أن أصيب الهدف الحجر ، فلما لم أصب الهدف الحجـر مللت ، وقلت لنفسي البد من الرجوع إلى البيت ، واستدرت

حجر الهدف ، مشـيت أربـع إلى بلدي ، أعطيت ظهري لل فى المرة الثانية شـعرت .. فى أول مرة لم أهتم .. خطوات

بالتمام أنني مقصود ، فالتفت بحدة للوراء ، طالعني الفضـاء فـى مكانـه ، ك، واألفق والماء ، والصمت ، والحجر هنا

وجدت أن ظهري صار الهدف لكل .. عدت أتوجه لوجهتي .. صابة الحجـر الهـدف الحصوات التى كنت حاولت بها إ

واحدة وأنتفض ، وراء واحدة ، وأنتفض ، جريت نحو بلدي يـا أوالد : أقول الصدق أنني قلـت .. أبدا ت، ولم أعد ألتف

. فقط ... التى تشب ، وتلب

Page 57: 4146

الوجه والقفا

يا مزوق النقطة ، اجعل العساكر يلتقطـون : عندك خذقبلـى .. والحجرة مـن األرض المحيطـة الورقة والزلطة

كل عسـكرى .. كل العساكر .. غربى وشرقى .. وبحرى ورقة واحـدة .. تأمر .. ينحنى ، وتشخط ، وتشط فى األمر

ومـاذا يفعـل .. زلطة واحدة تصير واقعة أمـه سـودا .. ا ؟ العين فى العسكرى من هؤالء بصيرة العسكرى ؟ قل ماذ ال بد أن يلملم حتى ترضـى ، –يعنى = ، واليد فيه قصيرة

–فأنت تبربر ، والعساكر تعمل لك ألف حسـاب لبربرتـك ..حكمدار النقطة .. الريس .. أنت الكبير.. وأنت ؟ –طب

– هـا –مبنى النقطة يشبه مبانى اإلنجليز : خذ عندك غنى عاش فى بالد اإلنجليز ، وكان يمتلـك مبنى بناه واحد

فبنى المبنى فى منتصف – أحب اإلنجليز –ناحيتنا ، وأحبهم بلدتنا على شاكلة مبانيهم ، فالبلدة والمبنى يقع فى منتصـف

حين يكون الجو حارا ، تمشـى أمـام .. أرض الناحية كلها المبنى تصفعك برودة عجيبة، والهواء دائم التشـمير لـذيول

العمال جاءوا ، والضابط الحكمـدار – يا سالم –الليب الج

Page 58: 4146

يخبط بعصا على جانب فخذه ، يمشى من هنا ، يلف علـى عرقوبه ، ويعود يمشى ، يزعق أثناء إقامة السقاالت الخشبية حول المبنى ، ولما تم إنشاء السقاالت وقف يتأمل ، ويدعبس

لوا فى صدره المشعر ، وزغد واحدا من هؤالء الذين اشـتغ فى رفع السقاالت ، وعندها ظهر أنه عسكرى من عسـاكر النقطة صعيدى ، كان يأتى إلـى البقـال يشـترى الملـح ، والليمون ، والفاكهة ، ويتكلم بلسانه الصـعيدى ، ويصـدح

والليل والعين تشد الـدمع –يا عينى .. يا ليلى –بالمواويل عذب ، من العيون ، وتهوى بالقلب إلى قعر غويط عذب ، وم

عاش الـنفس ، : ويطلب منه الناس أن يواصل ، يقولون له .عشت يا أخ : فيرد على كل واحد

جرى العسكرى الصعيدى لمـا انزغـد يطلـع فـوق السقاالت ، ويناوله زميل له جردل ، وفرشاة كبيرة ، وصاح

يا خرع انـت وهـو : الضابط حكمدار النقطة فى العساكر دار يقول أنا هنا ، يزوق النقطة الحكم: قال الناس .. بسرعة

اللون األبيض ناصـع بالنهـار ، .. ادهن يا خويا ادهن .. ينتظر العساكر .. أنت تأمر .. ادهن المبنى .. ويظهر بالليل

تدهن ، يطفئون الجير بالماء ، فيفح ، وتطلع منـه أبخـرة ،

Page 59: 4146

وحرارة ، وحينما يهدأ ينخلونه ، ويضعون المنخول فى الماء الملح والزهرة ، ويقلبون بعصا طويلة ، ويدهنون ، ، وفوقه

والمكان حول المبنى كله حركة ، والخفراء من أهل البلـدة يطبخون فى بيوتهم الطعام ، ووقت الغداء يقعد العساكر تحت شجرة صفصاف باقية من الزمن الفائت ، يـأكلون ، وبعـد

داح والعرق ين – آه –االنتهاء من األكل يدهنون ، ويدهنون من تحت السترات ، ويشربه القماش فى دائرة حول اإلبطين ، والجير انتشر فى نقط بيضاء فوق الحواجب ، وعند فتحات المناخير ، وعلى الشفاة ، وفوق الشعر ، ويدهنون ، حتـى

عيونهم ، وصرخ فيهم أحد الخفـراء أال يـدعكوا ، احمرت العسـكرى – المهـم –فكانوا يبربشون ، وهـم يـدهنون

الصعيدى المواويلجى زلقت قدمه علـى خشـب السـقالة ، –فتطوح ، ولم يمسك حين أراد اإلمساك بشىء إال الهـواء

العسكرى اصطدم بكذا سقالة ، وهو يسـقط إلـى –القصد األرض ، ساعتها كان العساكر اآلخرون يدهنون ، نظـروا

الذى تلوى بعد صوت االرتطام المكتوم ، إلى بدن زميلهم ، اتت حركته ، وكانوا ينظرون من أعلى ، وهم يدهنون ، ثم م

ويدهنون ، جاء الحكمدار ، وقف عند البدن ينكـت التـراب

Page 60: 4146

بعصاه ، وجاءت عربة البوكس القديمة، حمـل عسـكريان زميلهم إلى صندوق العربة البوكس ، وتكلم حكمدار النقطـة

.مع السائق ، وبعدها أشار إليه أن يذهب وجهه منتفخ بورم ، وفـوق يدى رجع العسكرى الصع

حاجه األيسر يلتف رباط من الشاش متشرب بـالميكركروم األحمر ، وذراعه األيمن مجبر ، ويحمله على صدره برباط

– الخالصة –انكسر دراعى ، ياهللا : يدور حول رقبته ، قال العسكرى كان يغنى المواويل ، وهو يقلب الجير فى الجردل

تى زميل له يحمل المذاب إلى من يدهن بذراعه السليمة ، ويأ ، ورآه الحكمدار ، ولم يتكلم معه ، والعساكر ظلوا يـدهنون من أعلى حيطان المبنى إلى أسفله حتى فوق األرض بارتفاع متر ، وتوقفوا ، ثم أضافوا ألوانا إلى الجير ، ودهنوا ، فكان اللون رماديا ، خبط الحكمدار على فخذه بعصاه التى يحبسها

بس يا خرع إنت .. كويس : دائما تحت إبطه ، ابتسم ، وقال يومين ؟ وكمـان نفـر : مستنكرا وهو فيه لكاعة ، وتساءل

!مكسر ؟فى اليوم الرابع فتح الحاج نعمان العمدة أبواب حديقتـه

وأشار إلـيهم ، وإلـى كـل عـروة – آى نعم –للعساكر

Page 61: 4146

وينقلونها يخرجونها من مكانها فى القصارى الفخار بحذر ، ج قـاد إلى عربة يجرها حصان ، ورجل يشتغل عند الحـا

العربة ، حتى وصلت إلى النقطة ، أنزل العساكر عـراوى األشجار ، كل عروة ملفوفة الجذور بطين وقش أرز ، كـان

يضع عالمات بـالجير فـوق األرض ، – نفسه –الحكمدار ت ظهر.. افحر كل عالمة يا خرع إنت وهو : قال للعساكر

الفؤوس ، وحفرت ، وحكمدار النقطة أمسك بلجام حصـانه وهو غائب ، فحرك الحصان رأسه ألعلى ، وألسفل بنفضة ، ولكن الحكمدار لم يترك اللجام ، والحصان هدأ ، وبعد مدة نخر نخرتين متتاليتين ، النخرة خلف النخرة ، فغطى المخاط

فتصلب اللزج ، الخارج من منخار الحصان وجه الحكمدار ، فى مكانه لحظة ، وتقبضت سحنته ، ثم صاح ، وهو يخرج

وبعدها انهال بعصاه علـى .. أف .. أف : منديله من جيبه رأس الحصان ، تراجع الحيوان وهو يصهل ، واستقام جسده الذى تقفعت عضالته على قدميه األماميتين ، وهرب العساكر

ت على كفل خلف العربة ، والرجل الذى يعمل عند العمدة رب يا جبان إنت وهو : ، والحكمدار زعق فى العساكر الحصان

..يا خرع إنت وهو ..

Page 62: 4146

أقبل العساكر بـبطء ، فشـخط فـيهم أن يسـرعوا ، ينزلون األشجار ، رفع الحكمدار رأسه إلـى رأس فأسرعوا

الحصان ، تأمله وهو يقف اآلن هادئا ، ثم ابتعـد ، وعلـى ج عسكرى معـه مقعـد ، ساللم المبنى وقف يتفرج ، وخر

وضعه على البسطة ، وحيا الحكمدار ، فراح الحكمدار إلـى المقعد ، وجلس ، وضع ساقا على ساق ، وظل يمسح وجهه

.. كل عسكرى حفر حفرة حول المدخل ، .. حفر العساكر

يحفر ، ويخرج التراب ، دخن الحكمدار السجائر ، وهو فى جاء العسكرى مـرة مكانه على البسطة ، والعساكر تحفر ،

أخرى من داخل المبنى يحمل صينية عليها كـوب شـاى ، وكوب ماء شربه الحكمدار ، ثم أخذ كوب الشاى ، وركنـه على البسطة بجانب إحدى أرجـل المقعـد ، وتطلـع نحـو

..العساكر ، وهم يحفرون أنزل العساكر كل عروة فى حفرة ، وأهـالوا حولهـا

غيرة حول مدخل النقطة ، التراب ، وانزرعت األشجار الص وامتد خرطوم ماء ، ورش كل جذع ، ثـم مهـد العسـاكر

ر ، وقلبـوا وسـقوا األرض فى شكل أحواض حول الشـج

Page 63: 4146

، بينما بذر عسكرى بذورا ، سوف تكـون األحواض بالماء األزهار ، والورود بين األشجار فى مدخل النقطة ، تعطـى

فهى غرفـة أما التخشيبة – وعلى البركة –المنظر الجميل منفصلة ، تقع إلى غرب المبنى ، بنيت خارج المبنى حينمـا تحول إلى نقطة شرطة للناحية ، وفى هـذا اليـوم أخـرج الحكمدار كل المساجين المحجوزين ، وراقبهم اثنـان مـن العساكر يرفعون الرشاشات ، أقعدهم فى الشمس ، وجعلهـم

مـن – نحمده –المساجين من البالد األخرى .. يقرفصون األسواق لصوص ، ومن بين عيدان الذرة أوالد ليل ، ومـن الحمالت أصحاب سوابق ، طلع العساكر إلى سقف التخشيبة ، يعملون المالط الالزم للسطح ، وبعض العساكر ثبتوا على الفتحة الوحيدة للتخشيبة الشباك الجديد ، المعمول من أسـياخ

موش .. وا المسامير جامد دق: الحديد ، صاح فيهم الحكمدار ومط شفتيه ، وأف .. دقوا .. عايز واحد خرع يخلع الشباك

يأتى – وسالمة فى خير وخير فى سالمة –هواء من بينهما وارتفاع الحجـاب فـى – البركة فى التليفزيون –الضحك

الصدر ، وانطالق الضحك ، وعدم الشهيق ، والضغط على " نجيب الريحـانى " ظر الخواصر حتى تكاد تتمزق على من

Page 64: 4146

البنى آدم ، نجيب يحتضن الشنطة التى بهـا والضحك ملء الفلوس ، يظن أن الحرامية موجودون حتى فى أنفاسه ، كل

والغادى .. الرائح .. اآلتى .. الذاهب .. الناس ، فى الشارع يظل يجرى أمام الدراجات ، وتنقطع أنفاسـه ، حراميـة ..

مون الدراجات لمالحقته ، يجرى يستخد! يركبون الدراجات ؟ ، يناور ، يفلت ، يتنطط ، يحاور ، والناس الـذين يركبـون

الطيب يمسح الدراجات يشتركون فى أحد السباقات ، ونجيب وسالمة فـى –عرقه فى منديله الكبير ، حين عرف وفلت

آهـى .. هـىء .. ها .. ها .. ها .. خير وخير فى سالمة العم مسجونان ، يضـعان خطـة واثنان من أوالد _ برطمة

للهروب من السجن ، كل شىء تمام ، يضعان قطعة صـفيح فى الليل – ها –فى عين الباب ، فال يقفل لسان الطبلة الباب

والمشكلة فى حارسين ، ديدبان على مخرج – ها –يتسحبان يتفق االثنان ، كـل واحـد – ها –السجن يمنعان االنطالق بحجر على رأسـه ، فيغيـب كـل منهما بحارس ، يضربه

فلمـا – ها – ويفتحان ، ويخرجان – ها –حارس عن الدنيا وعند الخروج لم يجدا هذين الحارسـين – ها –تم كل شىء

فى مكانهما ، فرجعا إلى الزنزانة ، ألن الخطة التى وضعاها

Page 65: 4146

هـىء .. ها .. ها –! فشلت ، فأين الحارسان حتى تكتمل ؟ الحكمدار مـن صـندوق العربـة أخرج –آهى برطمة ..

البوكس لوحات خشبية ، واحدة كبيرة ، أمـر العسـاكر أن يعلقوها فى واجهة المبنى ، وكانت تحمل اسم النقطة بخـط عريض ، وعلق بنفسه أسهما خشبية فوق األشجار ، تشـير إلى طريق المدخل ، أما اللوحات األخرى فكانـت ملفوفـة

اخل المبنى ، ولمـا أزيـل بالورق ، وأدخلها العساكر إلى د الورق ظهر أنها لوحات مبروزة ، واحدة لمنظـر أشـجار ومياه تتدفق وقنطرة ، وفى الخلف بعيدا فـالح ، وبقـرة ، ولوحة أخرى لصياد يرمى شبكته من فوق قارب ، وطفلـه ينام يحتضن سمكة ، ولوحة ثالثة لمراكب شراعية مختلفـة

، قام الحكمـدار األحجام بين شطين ، وصخور فى المجرى بدق مساميرها فى الطرقات الداخلية لمبنى النقطـة ، وبـين الغرف ، ولوحة اختارها مكتوب عليها آية قرآنية كريمـة ،

.علقها فى مكتبه مشى الحكمدار وذهب بعيدا ، اقتـرب مـن البيـوت ،

ظهـر المبنـى اآلن .. واستدار يواجه مبنى النقطة يتفـرج ممهدة ونظيفة وسط الغيطـان ، أبيض ، واألرض من حوله

Page 66: 4146

لو رفع أحد رأسه فى أى مكان يراه ، مـن فـوق سـطوح البيوت ، ومن منافذ الشوارع واألزقة ، لمعانه ينـدب فـى

الحكمدار رجع .. العيون ، فال تخطىء النظر إليه

Page 67: 4146

سرسن الفر

الشاب زكى بن الحاج سيد ، يشهد الناس عليه ، عايق ، ويجنى الورد فى منديله ، فى األفـراح يبـارك ، يحتضـن العريس ، ويدفع النقوط ، ويقعد مع الناس الكبـار ، عقلـه راجح ، وعند الموت يحضر الجنازة ، وبعد الدفن يتقدم يؤبن

يـاة ، فيجعل العيون تدمع ، والقلوب تخشع للذي يهـب الح بداية ، وابتالء ، وعلى العباد كتب الموت عظة ونهاية وهو

، ويقابلـه أبـوه ألزل ، وحين يدخل الشاب زكى بيته الحي ا الحاج سيد يجله ، يرفع الهامة ، فاالبن ألبيه ، واهللا يبـارك

ح تميـل فى الخلف النازل من نطفة سلف طيب ، واألم تفر ـ ببدنها تأخذه بين ذراعيها . ان ، الوجـه ، تتحسس كـل مك

الظهر ، برب الناس أعـوذه مـن شـر . الصدر . الكتفين الوسواس ، برب الفلق أعوزه من شر ما خلق ، وعيونها هى ولهى تظل تنظره من فوق إلى تحت ، وهو يبدل القدم خلف القدم ، يطلع على السلم إلى غرفته التى اصطفاها لنفسـه ،

اء من زمن كائنة فوق سطح البيت ، وهى أمه صارت عرج ، لو تقدر تسبقه ، تقفز السلم درجتين درجتين ، تفـتح هـى

Page 68: 4146

والمفتاح معه ، يغلق بابها ..آه .. آهى من الداء .. الباب له .هو ، يفتح بابها هو

تأنى تسـاعدها منـذ " أبو المعاطى " البنت سامية بنت ضربها العرج فى الفخذ والقدم وأوقعها ، وهى ال تسكت أبدا

البنـت : مفتاح من جيب شابها زكى ، قالت لـه ، أخذت ال البنت سامية وجهها احمر أول مرة ، وشيء .. تكنس الغرفة

على شفتيها ، والمرأة دهشت ، وكانت فكرت فى طردهـا ، ما لك ؟ البنت سامية لم ترد ، وصـعدت ثانيـة : وصاحت

يا بنـت : للغرفة ، المرأة أم الشاب صاحت من تحت السلم أما البنت سامية فقد ! وتطلعين الثالثة ؟ .. تين أنت طلعت مر

.. وقفت وسط غرفة الشاب زكى ألول مرة فى حياتها تبكى هى بكت من قبل ، وهى طفلة ألسباب ، بكـت وهـى فـى المدرسة االبتدائية ، بكت بسبب المدرس ، يشـخط فيهـا أن تفتح يدها ، ويهوى بالعصا على راحتها إذا أخطأت ، وبكت

فى الحيض بكت ، وأمها ضحكت ، وقرصتها فى لما وقعت فخذها ، وحممتها ، هي عرفت أن الجسد هذا الذى لها فيـه سر، ويأتي فى يوم رجل ، تجعله يبحث عن السر فى سر ،

.فلما يعثر عليه ، تعطيه له بعد مائة محاولة

Page 69: 4146

من الـذى بكت سامية اآلن ، والبكاء ليس كبكـاء الـز البكاء هـذا اآلن .. -وتنسى ، تسح عيناها الدموع -مضى .بكاء

إلى اليمين مكتب الشاب زكى ، وخلف المقعـد الـذى يجلس عليه حائط ، وعلى الحائط كتابـات ، وأمامهـا فـى

.. المواجهة حائط بطول الغرفة ، عليها صور لنسوة مثلهـا هذه التى هى ، وليست هى ، هن لـيس يلبسـن ، وإذا .. ال

فـوق .. هى تعرف القـراءة لبسن تكون قطعة صغيرة ، و : المكتب " ليس من حق المنطق أن تستعين عليه بغيره "

تستدير ، وعلى الحائط واحدة من النسوة نائمة تعطـى : نفسها هكذا ، والبنت سامية قرأت

" إذا بدا للنمل أجنحة ، حتى يطير فقد دنا عطبه " التفتت ، رأت صورة واحدة تضحك ، وال تعطـى إال

، فحل ، وناعم ، وله لمعة ، وتمسكه بيديها ، وهـى الصدر : قرأت " فكر قبل أن تثق "

Page 70: 4146

البنت سامية نظرت فرأت صورة لخلفية مدورة ، ومـا : بينها ، والوجه منحن إلى جانب ، ينظر للخلف ، وقرأت

" ورب سالح عند من ال يقاتل " : وقرأت

" تفعله الشدة اليفعل اللين ما" " مة أن تدور مع الزمان من الحك" كل من فى الوجود يطلب صيدا ، غيـر أن الشـباك "

، والصورة ملونة بألوان ، على الحائط المقابـل " مختلفات .لمكتب الشاب زكى

" قول كالعسل ، وفعل كاألسل " واحدة ، ثم واحدة ، والشعر .. البنت سامية دققت النظر

والعيـون سـمراء ، أصفر ، والشعر أسود ، والشعر بنى ، خضراء ، زرقاء ، عسلية ، وما بين هذا البنت رأت طرف المكتب صورة زكى الشاب ابن الحاج سيد فى إطار ، يرتكن على مستند من المعدن ، الشاب زكى فى الصـورة ينظـر بعينيه فى عينيها ، وشعره ممشط للـوراء ، سـامية وسـط

مية كفكفـت الغرفة ، رأت الجدار ، والجدار المواجه ، سـا دمعها فى طرف فستانها ، وتمخطت ، فتحت شباك الغرفة ،

Page 71: 4146

ودخل نور ، مسحت براحتيها على خصرها ، ونزلت بهمـا .إلى أعلى وركيها

.سامية قهقهت ، وأمسكت بالمقشة

Page 72: 4146

المصطفى

..هى امرأة واحدها فى البدء ورجل فى الظهر .. المرأة تأملت الرجل ثالث مرات هذا اليوم

والشمس تسقط فى حجره ، وحين مالت الشمس فى العصر ، تروح إلى بيتها ، وترجع فى .. ولما النور عن الدنيا شحب

نفس المكان ، والمرأة رأت فى كل وقت من األوقات التـى أن لمعة على جلده تضـوى ، ضـربت تأملت فيها الرجل ،

خدها ، قالت لنفسها إن لحم الرجل ليس مثل لحم رجلهـا ، وأن هذا صحيح ويكون ، فالرجل هو المعلم حنفـى ، حـين يمر فى شارع من شوارع البلد ، يصير جحر نمل يهـيج ،

: والنسوان يجيئهن صرع ، صوتها ارتفـع وخـرج منهـا ..مرتاح

يطل على بيت المعلم ، تكمن ق المرأة فى الزقاق الضي جرة خروع مزروعة ، خضرتها تدوم وتعرش ، وال خلف ش

تفضح إذا نظرت المعلم جالسا فى فراندة بيته هناك ، دعكت المرأة ورقة من الخروع ، وهى مأخوذة ، قربت المـدعوك إلى أنفها وشمته ، تأففت ، وبعدها مسحت أنفهـا فـى كـم

Page 73: 4146

لمعلم حنفى واقف يخلع جلبابه وجدت ا جلبابها ، ولما انتهت العربى المشغول قيطانه ، ويظل بالسروال وفانلـة قطنيـة ، تعلقت عينا المرأة بصدرها ، شىء مطبوع على صدر الفانلة ، أول الليل ، ودعكت عينيها ، ابتعدت للخلـف ، واهتـزت أفرع الخروع ، هى سمعت فرقعة صنعها المعلم بأصـابعه

ألول ، فعم النور المضىء بيته كله قبل أن يعود إلى وضعه ا وفى الزقاق رفعت ذراعيهـا نحـو ..يا نور النبى : ، قالت

السماء ، ووجهها بعد أن أزاحت المنـديل عـن رأسـها ، أنا المغربية يـا رب اجعـل : وأعطت صوتها رنة ، وقالت

أشارت بإصبعها السبابة إلى المعلم ، جـاءت .. عيالى مثله ثانيـة ، أمسـكت بكتـف األولـى ، من عمق الزقاق امرأة

.. تمنى فى مكـان غيـر الزقـاق .. يا حسودة : وصاحت والتفتـت ! نصـرة ؟ : ى كانت فى البدء تهمست ال .. امشى

النفس فى النفس ، حتى رائحـة الجـوف، .. بكامل جسدها الوجه فيه كره ، وقفت .. وتكشيرات تمر تمر ، وتأتى تأتى

، تحملـه لقت من فم طفلهـا المرأتان ، حلمة ثدى نصرة انز مفشوخ الساقين ، ونقطة لبن ساحت على ذقنـه ، وأغمـض

روحى بيتك ، العيـل : ينعس ، المغربية أشارت وهى تقول

Page 74: 4146

عادت تجنب أغصان شجرة الخروع ، تلقى نظـرة ، .. ينام وهمست بكلمات، نصرة سمعتها ، الغيظ قتلها لحظة ، واشتد

: تـتهكم ، قالـت مندفعةيجعلها تعيش ، وشفتاها تتحركان مثله .. عيالك صفر الدم يهرب من العروق ! اجعل عيالى ؟

..صلى على النبى وامشى .. ها ! ؟كت المغربية غصون الخروع ، وهوت بظهر راحتها رت

العيل النائم فزع وأعول ، وأمه تمايلـت .. على وجه نصرة إلى كل جانب ، واصطدمت بحيطان الزقاق ، ثم بركت على

قاومت ، واعتدلت ، ربتـت بتيها ، وهى تتشبث بالعيل ، رك، فسكت ، ومن بين أسنانها خرجـت كلماتهـا ، على ظهره

قالت إن القاعد فى الفراندة من يوم خلق غنى ، ويزيد غنـاه المغربية لملمت نفسها ، .. مع األيام ، ال يبص لواحدة مثلها

، وقالت إن نصرة صبية ومربربة ، والمعلـم لـه شـهوة .. ونصرة تنفعه

بهدوء وضعت نصرة عيلها على األرض ، ولم تنس أن تمسح على رأسه ، وصدره مرات ، شمرت بعدها أكمامها ، ولم تكمل التشمير ، جرت حيث المغربية جـرت ، أبعـدت

ضحكات المعلم حنفى انطلقـت ، .. أغصان الخروع مثلها

Page 75: 4146

، ضحكة يتبعها سكون ، ثم سخسخة ، يرفع ذراعـه يشـير ينتر ساقيه ويجذبهما ، والتليفزيون يشـتغل ، وهـو ينظـر لشاشته ، يتفرج على رجل يضرب رجال على قفاه ، وكلمـا التفت المضروب إلى الوراء يبحث ، ال يجد من يضـربه ،

، ويرخى أكتافه ، فيضربه اآلخر ، والمعلم يحسس على قفاه ، حنفى من عنف الضحك يمسك جوانبه ، المرأتان ابتسـمتا

واستراحتا ، ارتكنت واحدة على األخـرى ، ولفـت هـذه ذراعها حول وسط الثانية ، قالت نصرة إنهـا تعفـو عـن المغربية ألن المعلم مبسوط ، وال يصح أن يتكدر ، ثم قالت إنها لن ترفع صوتها ، والمغربية اقتربت من العيل ، يأخـذ

ـ ه التراب فى قبضته ، يقربها من فمه ، مسحت يده ، وناغتحتى ضحك ، حملت نصرة عيلها ، وقبلته فى وجهه ، قالت

القرد : المغربية أسرعت تقول .. جميل يشبه المعلم حنفى : نصرة أمرتها أن تسكت ، وأن تخرج حـاال .. فى عين أمه

هى حرة تطرد أيـة واحـدة من هذا الزقاق الذى خلف بيتها ا لـن تدخله ، ضربت المغربية أقدامها باألرض ، وحلفت أنه

.. تتزحزح ، لو حمى أعجزتها إال إذا خرجت نصرة معهـا سهم الصمت رشق فى المرأتين إذ أن المعلم حنفى يفتح باب

Page 76: 4146

: الفراندة ، ويدخل رجل حين قعد فى النور صامتا صـاحتا ! جبريل بن الحاجة رجع من السفر ؟

تزاحمت المرأتان خلف شجرة الخروع ، تميل واحـدة ميل األخرى الجذع كله ، وكالم جبريل من عندها غصنا ، وت

لم يكن يصل إليهما ، والمعلم قام بغلق التليفزيون ، ويفـتح باب الثالجة الكبيرة ، يأتى بطبق فيه تفاح وعنب وكمثـرى وبلح ، وأشياء ، جبريل يطبق على تفاحـة يقضـم منهـا ، ويمسك بواحدة من الكمثرى ، ويقضم منها قضمة واحـدة ،

ى الطبق ، تنهدت المغربية ، وقالـت إنـه ال ويضع الباقى ف يأكل الثمرة كلها ، والمعلم يعزم عليـه ، ومـال ناحيتـه ، وهمس جبريل فى أذنه ، والمعلم حنفى يهز رأسه ، ويفـتح راحته ، وجبريل يدخل يده فى جيبه ، ويخرجهـا برزمـة

الدوالر : ، صاحت المغربية فلوس مرتبة ، ومحزمة بأستك كانت نسيت نفسـها ، ورجعـت تتماسـك إذ . .الدوالر ..

.. ارقصى النوكا كونوكا يـا ميمونـة : سمعت نصرة تقول المغربية بهدوء قالت إنها تعرف الدوالر ، ألن رجلها سـافر مثل جبريل ، وتعرف البالد التى فيها الريـال ، والـدرهم ، والدينار ، والفرنك ، والدراخمة ، رجلها من كثرة الكالم هى

Page 77: 4146

األسماء ، أشارت ، كان المعلم حنفى قد جاء بشنطة حفظتكبيرة فتحها وعد فلوسا مصرية لجبريل ، الذى سـلم عليـه وخرج ، قالت نصرة إن معه فلوسا كثيرة ، هو أعطى القليل

المغربية تركت فرع الخروع ، ونظرت إلى !! وأخذ الكثير ة نصرة ، ومطت شفتيها ، قالت لها إنها عبيطة ال تعرف قيم

، الفقر يمسـكه الدوالر ، ونصرة قالت لها إن رجلها خائب أما المعلم حنفى فهو الناشـفة .. يمسكه ، راح وعاد يا عينى

والمغربية يدها امتدت مع فى يده تخضر ، لم يخرج من البلد ، شدت فستان نصرة ، فانجذبت إليهـا ، وعنـد هـذا الكالم

ه ، نفخـت خطفت العيل من بين ذراعى أمه نصرة ، ورفعت فى وجهه ، فتجمد وجه العيل ، وتملص ، ضحكت المغربية ، ولفظت بكالم ، قالت إن عشم إبليس جعل نصـرة تـرى

محروقـة يشـبه المعلـم حنفـى وجهه هذا الذى هو خشبة .األبيض

قفزت نصرة ألعلى تأخذ عيلها ، وزغدت المغربية فى ـ .. هاتى الولد قطم رقبتك : صدرها ، قالت ذت بعـد أن أخ

عيلها فى عمق الزقاق وضعته ، المغربية رمتها بحجر جاء لم روحهـا ، فشـهقت ، ودمعـت فى بز قدمها ، وسرق األ

Page 78: 4146

، ثم بكت ، وهى تبكى اندفعت برأسـها فـى بطـن عيناهاالمغربية ، التى انطرحت وأمسكت وهى فى الهواء بفرع من فروع شجرة الخروع ، فانسلخ عن الجذع الكبيـر ، رفعتـه

بية رفعته ، وهبدت به رأس نصـرة ، ونصـرة بعـد المغر، وأنزلته على أكتـاف المغربيـة ، مرتين امتلكته ، ورفعته

وهذه استعادته ، وضربت به حتى شبعت ، رمتـه خـارج الزقاق ، وقفت المرأتان أمام بعضهما ، ولم يتبق إال األيدى واألسنان ، وكان الشعر مـن الجـذور أول شـىء نتـف ،

تغلت ، والجلد تسلخ ، أخذت المغربيـة بـرأس واألظافر اش نصرة وهبطت إلى الرقبة وأطبقت أطبقت ، وأبعدت نفسـها

نصرة تطوحت ، أنفاسها انكتمـت ، .. عن ذراعى األخرى هه لمست وجه المغربية ، فتشت عن العينـين .. هه .. وهه

، ووجدتهما ، دبت إصبعين فيهما ، لم تصـرخ المغربيـة ، ، تعلقت واحدة بفستان األخرى ، وزيق وحوحت بهمس فقط

القماش ، وظهر ثدى نصرة ، والمغربية تعرى صدرها كله ، تماسكتا من الخصر ، وارتمت األبدان على جذع الخروع فانكسر مرة واحدة ، وانكفأت المرأتان ، وكل وجه منهما فى

.التراب

Page 79: 4146

..اخرجى : حشرجت واحدة ..ى أنت اخرج: جاوبتها األخرى بنفس الصوت

كانتا تلوحان بذيل الفستان ليأتى هواء يطفـىء تالحـق أنفاسهما ، فجأة ضاعت المرأة عن المرأة ، واختفى المعلـم حنفى عنهما فى الظالم ، ألن األنوار انقطعت عن البلد كله ، زعق المعلم ، واقتربت كل واحدة من نهاية الزقاق المكشوف

..فيه شجرة الخروع اآلن ، وقفتا فى المكان الذى كانت انطلقت بعد زعيق المعلـم تكتكـة ماكينـة كهربـاء ، وسطعت األنوار فى بيت المعلم وحده ، والفراندة وحـدها ، وكان رجل يتعلق بسور الفراندة ، والمعلم حنفـى يحدثـه ، يشير إلى بيوت البلد التى تحتويها العتمة ، وإلى بيته يقـول

، وضحك ، مشى الرجل ، إن ال حاجة إلى كهرباء الحكومة ابتسمت امرأة لنفسها ، وكان التليفزيـون يعمـل ، وكانـت مروحتان عاليتان موضوعتان فى مقابلة بعضهما فى الفراندة ، تقلبان الهواء ، والمعلم حنفى ظل ساعة يأكل من صـينية كبيرة ، موضوع عليها طبق فيه بطة مطبوخة ، وطبق فيـه

طبق فيه أرز ، وطبق فيه مرق ، وطبق فيه لحم مشوى ، و مهلبية على سطحها زبيب و جوز هند ، وبنـدق مقشـر ،

Page 80: 4146

، داخت المرأة األولى ، واغتمت المرأة الثانية إذ أن وفستق العيل بكى ، وتحرك زاحفا إليها ، وهى ال تقـدر أن علـى

كانت المغربية تلعب بإصبع قدمها فعثرت علـى .. الحركة من األرض ، أخـذت يـد بقية جذع الخروع المسور خارج

.. اقعـدى .. خازوق : نصرة وضعتها فوقه ، صاحت فيها كانت نصرة سوف تهب إال أنها رأت المعلـم حنفـى يفـتح الثالجة ، وأغلقها ، أخذ منها زجاجة مياه غازية ، صبها فى جوفه على مرتين اثنتين وخلصت ، تكـرع المعلـم حنفـى

فمه ، وأصـابع بصوت غليظ ، فتكرع الفضاء مثله ، ومسح يديه فى منديل ، ونادى ، جاءت بنت صغيرة حملت الصينية ، وهو أسبل جفنيه ، وأخذ حشية من الحشايا وضعها علـى األرض ، واستلقى يضع رأسه على راحته ، وكوعه ينـدك فى الحشية ، أبعد ما بين ساقيه لحظة ، ليخرج منـه ريـح

هـا ، يكركر ، ثم جاءت واحدة أخرى بـدون حـزق فأطلق ..وابتسم هناك فى الضوء وحده ، وظل على وضعه

.نصرة والمغربية .. وظلت المرأتان

Page 81: 4146

اآلن فى الذى كان

كنا نرى المعلم محمود النشار يقابل أهل الذى يمـوت ، ى شارعنا المطل على التى بنتها الحكومة ف " االستراحة " فى

، يشارك فى حمل الميت ، وإدخاله القبر ، يكسـب الجباناتالثواب ، وفى بعض الجنازات تسح دموعه ، ويمسحها هـو فى منديل يضعه على كتفه ، وبعد كل انتهاء حينمـا ترجـع المقابر شواهد ينام عليها الصمت ، يتحرك المعلـم محمـود

" ، خلف الجبانات حيـث النشار إلى ناحية الشرق من بلدتنا ومساحة واسعة من األرض ، تنز ماء لونه أحمر " تل العظم

تل ، ثم يمـد ، يقعد ساعة مقرفصا يتطلع إلى اللون ، وإلى ال ، ويقرب يده من أنفه يشـمها ، بينمـا يده ، يغرف من الماء

يسرع الماء ينسرب من بين أصابعه إلى أسفل ، ولما يجـد فوق بعضهما ، كأن شـيئا خشـنا ، يده فارغة يبرم أصابعه

ويتحسسه ، هى مرة واحدة ضحك فيها حين كان يشارك فى إدخال جثة إلى مستقرها ، ولم نعرف السبب أبـدا ، وأهـل الميت زغدوه فى أجنابه ، والنسوان أقرباء الميـت قرصـن لحمه ، وواحدة منهن عضته ، وهو يجرى بين المشـيعين ،

Page 82: 4146

اليوم ، وبعد هذا الضحك بكى فى هذا .. وبعضهم أخفى فمه كثيرا عند المكان الذى اسمه تل العظم ، ومن بـين شـهقاته

ويلتفت ، ينكس رأسه حيـث .. هنا عظم كثير كثير : يشير .. هنا دم سيال : المكان الذى اسمه بحر الدم ، يشير

جدى قتل : صاح طلعت فى رأس المعلم محمود النشار ..جدى قتله األفرنج ..

: ا ، وهو اغتاظ ، وقذفنا بـالطوب ، صـائحا ضحكنطالما هو من هذه البلدة التى يحدها البحـر مـن أعالهـا ، والحملة زمان التى تريد أخذ القطر كله ، كانت أول ما تحط السيف ، وتضرب السهم ، وتقذف بالمنجنيق ، وتميت الناس

..اندهشنا ، فكالمه يبدو صحيحا .. ، كانت تبدأ من بلدتنا : اح المعلم محمود النشار كأن جرحا نفذ إلى قلبـه ص

كنت أين لما قتلوا جدى ؟.. يا شجرة الدر .. شجرة الدر خرجت ضحكاتنا مرة ثانية ، وقلنا إن هذا الذى يحكيـه نعرفه ، أما الجد فال نعرفه ، وهو أقسم غير خائف أن جـدا

ماء ال بد له قتله األفرنج فى هذه األرض ، وهذا الماء ما هو ..هنا دم .. ، إنما هو دم

Page 83: 4146

فى الليل رأيناه يخوض فى الماء األحمر خلف الجبانات ، وهناك فى الوسع يدك خشبة طويلة ، يعلق علـى آخرهـا فانوسا ينور ، ويضع كرسيا يقعد فوقه ، وفى نور الفـانوس يأخذ الليل كله فى التالوة بصوت مرتفـع ، ولمـا أصـبح

رفرف على الخشبة من أعالها الصباح وجدنا علما أخضر ي . ، والكرسى فى مكانه

Page 84: 4146

الماء والهواء

الرجل فى ماء البحيرة يغطس فيه لحد وركيه ، يمسـك السمك بيديه ، ويرميه على البر ، وسـمكة شـكته عظمـة

ح بهـا ، وهـى السـمكة عـافرت ، ظهرها فى كفه ، فطو فعل ، وقف فى .. وعافرت ، والرجل لم يكن يريد أن يفعل

يشاهد كيف هى هذه المخلوعة العقل تخـبط األرض الماء ، بذيلها ، وال فائدة ، وال فائدة ألن السباخ دخل خياشـيمها ،

: وهو لم يكن ليفعل فعل ، وارتعد ، الكالم خرج مـن فمـه كانت .. معى .. آااهى .. آااهى لو ! ؟ آااهى لو كانت معى

عند هذا إلى البر سعى ، والماء ظل ينحسر عن بدنـه ، .. يا .. يا صالحة ... وينحسر حتى إلى األحراش طلع ، عار

ها عبر الغيطـان الطريق إلي.. وبيوت البلدة هناك .. صالحة : والجسور ، عقب صالة الجمعة ، وأمام عتبة الجامع صرخ

النـاس تلكـأت ، تـأملوا .. ل وعلتى من غير دوا أنا معلو الرجل ، واألبنية والترعة ، النخيل واألشـجار ، والسـماء عالية ، فيها سحاب ينفك عن بعضـه ، ويجـرى بأشـكال

.. الدنيا .. يا ابن الناس : وأشكال ، فى البيت صالحة قالت

Page 85: 4146

أنت لسان ال يكن وال يمل ! كل ساعة تقولين ؟ : وهو قاطعها الدنيا من الخفير إلى أكبر كبير ، هى .. عن الدنيا شغال ..

وهى طلـت .. تقولين .. تقولين : صرخ .. كما هى خلقت عليه بين الناس من فوق عتبة الجامع ، وهو بلع من الزجاج

.. انزلـى : قطعة مشروخة تلوث مصارينه ، صاح فيهـا ته نافش عفري : الناس ضحكوا عليهما ، قالوا .. تعالى معى

..اتركوه .. يستقر على يرتمى على الحشائش ، ويتمرغ تمريغتين ،

، ينفسح حتى األفق ، يعطيه أصواته ، بطنه ، والكون هو فيه ، ينسرب نمس مع صغاره النموس مـن يسد األذن ، واألذن

األحراش إلى وسعاية فيها شمس ، ورأى قطا وقطـة بريـة على عصـا يتشممان بعضهما فى موسمهما ، والرجل قبض

من الغاب ، وهو ضائق ، وشتم ، ال يعرف أى شىء يشتم ، ولكنه شتم ، والقط قفز ، يهر ، ثم صرخ بلـين ، واألنثـى ارتكزت على األرض ، ال يخرج منها أى صوت فى البدء ، ثم جاوبت الذكر ، تصرخ ، الرجل لم يصـبر ، انكسـرت عصا الغاب فى قبضته ، فاخترق النمس ، ونموسـه حـدود

، والقط والقطة لم تنفصل األبدان الضوء ، وابتلعته األحراش

Page 86: 4146

الدنيا .. يا امرأة افهمى .. ، زحفت األنثى بحملها ، وغابت : والناس قالوا لما سمعوا .. البلدة طالق .. هذه أرميها خلفى

أعـيش بـرة : وهو يصيح .. الناس بالناس .. يا ابن الناس .. ال : وهى قالـت .. لحة تعالى معى يا صا : قال .. البلد

ومشت إلى بيتها ، وهو مشى رأسه بـين كتفيـه ، وعنـد األرض المشاع ، تبعد األلف واأللف متـرا عـن البلـدة ، وأمامها البحيرة ، ووسط هذه األحراش إلى بعيد بعيد عـن البيوت والناس والدنيا ، حش الغاب ، وخلط الطين ، وأقـام

أصطاد آكل .. لبحيرة والسمك ا.. هنا أكون : الحوائط ، قال هو يوم والثانى يأخذ البـدن : ، وإذا النوم حان يتقلب ، قال

يلبس لبسـه ، يغطـى .. فى التعود ، والبال يرتاح للمكان فزع لما رفع وجهه ، ولحسته بلسانها ، .. عريه ، والحرباء

تراجع ، وهو يرى لونها أخضر ، فلما أمسك بذيلها الطويل حظة ، وتغير لون الجـد إلـى الرمـادى ، صارت حمراء ل

الحرباء طيبة هى تريده أن يتركها لحالها ، وهو الرجل قال أشـاح بيـده ، .. تفضح نفسها بألوانها : لنفسه بصوت عال

د الغضب تلونـت ، وفـى عن.. هى صريحة .. ال : وقال ال تختفى مثـل .. مكشوفة .. ، والهدوء تلونت الخطر تلونت

Page 87: 4146

.. آاااااهـى .. سيدنا أيوب عاش وحده .. ف أوووو.. الداء .. أنا تركت الـدنيا بناسـها .. امرأته األصيلة كانت تزوره

تنط الفئـران .. وحدى .. وحدى .. منى عينى أكون وحدى األسود ال يسكت عـن الصـفير ، حوله ، وصرصار الليل

فضاء ينقلب إلـى فضـاء ، .. الرجل رفع وجهه مرة لفوق جوم تبهت ، صـغيرة وكبيـرة وأكبـر ، ونجوم تبرق ، ون

بطن حبلى ، وقزم ، ونوع عضه .. أنواع .. والنمل يزحف ، وهرش ، والطيور تصوت ، وتكاكى ، وتغنى ، والعيـون

واسـع .. هنا أعيش .. تخون صاحبها ؟ أعطى ظهره للبلدة .. هناك البيـوت .. الصدر ، راحت عيونه تنظر إلى هناك

ومد إصبعه ، أخرجها من فمه عض على لسانه ، وصرخ ، ، وجد عليها نقطة دم ، دمع ، ودهش ألن الفكر جاءه ، من

بنى آدم واحد لم يحضر ، يتفرج .. استغرب !! يوم أن هجر وهو .. ورأيت .. أنا رأيت : يقعد بين الناس يحكى !! حتى

..خلعونى : صاح .. بنى آدم واحد يأتى .. الفرد فى المكان كتفيه ساعة ، ووقف ، رفع هامتـه ، هبطت رأسه بين

واآلن هو يواجه البلدة ، وصرخ ، صرخ ، وعوده انتفض ، .ورقة تدوخها فجأة هبة ريح

Page 88: 4146

ريح فى قفص

]١[

أن الـدنيا فلما فهم إلى أين الريح تـذهب ، و . . . . : تغيرت ، وهو وحده القاعد تحت حائط بيت أمه ، صـاح

وأشـار .. إذا كان معك القمر فال تبالى بالنجوم لولية يا أمى إلى رأسه ، ولولية تحيرت ، ولم تفهم ، صرخت ، ولطمـت ، وشقت فستانها من خنقته ، قالت صابر عقله راح ، وال بد

..من كبير يرجعه له ال أحد من قبل باع مركبـه ، وغـزل وخاله عاتبه ، ف

شباكه ، فلما ضحك صابر ، وقال لخاله مثلما قـال ألمـه ، : وصابر قال له .. أنا ال أفهم ! قمر ونجوم ؟ : صاح الرجل

وودع أمه ، وسافر إلـى بلـد .. يوم من األيام تفهم يا خال حينما تذكر ، أمه لولية تصلى على النبى ، وغـاب األيـام

.والسنين

Page 89: 4146

]٢[ ونظر فى الدنيا لما عـاد ، وتأكـد أن الـدنيا . . . .

أمـا .. عجنت ، وسويت ، وخبزت أرغفة ، وعليه أن يأكل أمه لولية جعلتها هذه الدنيا عمشاء ، ال تقدر أن تفلت قـدمها من عتبة البيت ، حتى ال يأخذها أتومبيل يسوقه واحد فعلـت

لمال ، والبيـوت ، فيه الدنيا ما فعلته مع العجين ، فأعطته ا .واألتومبيل ، وصار جديدا فى جديد

]٣[ وكما يعرف أشياء ، يعرف أن يكـون حيـث . . . .

يؤخذ بيده ويبر ، ال حيث يؤخذ برجلـه ويجـر ، والغربـة : مدرسة تعلم لحين تضع أقدامك فوق أرضك ، لـذا قـال

واعتمد على المعين ، وفتح الدكان .. دنياك هى ما أنت فيه الطابق التحتى من بيت لولية ، بعد أن عمـل المـالط ، فى

والجبس ، والكهرباء ، واألنوار ، والرصـيف مـن الـزلط .. والرمل المخلوط باألسمنت ، ولونه أخضر فـى أخضـر

الدموع فى عيونها ، فال تقدر أن تطلع إلى الـدور .. وأمه تقـف ، ترفـع .. العالى ، تأخذ سور السلم دليال ، وتـنهج

صابر غاب ورجع يكون العز .. ا إلى السماء ، وتفكر رأسه

Page 90: 4146

، فال عز ظهر ، وال عز عشت ، وتبكى ، وهـو رآهـا ، أخذها فى حضنه ، وقعد على السلم ، وتكلـم ، وهـى أول شىء نشفت دموعها ، ثم انتبهت للكالم ، ثم الكـالم حلـو ، دارت رأسها ، واستعذبت ، طلبـت المزيـد ، وانبهـرت ،

ت ولدها صابر فى صـدره ، وصـفقت ، ضحكت ، وخبط ثم فز االثنان من قعدتهما .. آاه .. آاه : هزت رأسها ، قالت

، حينما سمعا صوت نفير سيارة ، فرملت ، وزيقت ، واهتز الزجـاج : البيت هزة ، صاح صابر ، وهو يبوس أمه لولية

.الزجاج .. ]٤[

ل عا: قال .. الناس ، وصابر ضحك .. الناس . . . . .. البيـوت .. والشـوارع .. األزقـة .. قولوا .. قولوا ..

ابن لولية يبيع الزجاج للنجـارين ، .. والجوامع .. والمقاهى ، ، واألبواب ، والمرايا فى براويز ولمن يريد تغطية الشبابيك

ىاليوم إل وجاء بكرسى ، ومكتب ، ومفتاح ، وسلسلة ، وقسم فاللسـان أول بـاب ، مواعيد ، وجعل لسانه حلو اللفـظ ،

وموافقته على الثمن قريبة الوصل ، فأتى من يشترى ويدفع والقـرش .. يا معلم : ، وهو يقبض ، فلما وجد الناس تناديه

Page 91: 4146

جرى فى يده ، قال ألمه البد أن يشترى خروفين ، يربطهما .أمام الدكان ، وهى عليها أن تضع األكل ، وماء الشرب

]٥[ ، يفتح األبواب ، يبسمل ، ويمر والشمس تطلع . . . .

على خلفية كل خروف براحته يجس ، يرى حجم الشـحم ، ويمسك بالقرون ، كيـف اسـتطالت ، واعوجـت، واألوالد

.. طوال النهار يعاكسون الخروفين ، وصابر يشخط فـيهم األوالد يضربون الخروف الواحد على جبهتـه ، فيتحفـز ،

ى ربطه به صابر فى وتد ويندفع لينطح ، فيحرشه الحبل الذ العاقـل : دق باألرض ، وصابر نفسه يضحك على كل هذا

ويضحك ، يفـتح الراديـو !! من غمزة ، واألهبل من لكزة على القرآن الكريم ساعة ، وبعدها يأتى باألشرطة يضـعها فى موضعها من المسجل الذى أحضره من البالد ، ويوصل

دكان ، وواحدة داخـل السماعتين الكبيرتين ، واحدة خارج ال الدكان ، ويذيع األغانى ، صابر رفع صوته فى وجـه أمـه

كل هذا مهرجان ، وهـى رأسـها : لولية لما كلمته ، وقالت توجعها ، فال تستطيع إمساك حلة أو طبـق ، وتقـوم مـن

يا أمى النصح بين المأل : ، وولدها قال لها نعاسها مفزوعة

Page 92: 4146

دكان ، أوتكلمه وهو فـى وأمرها أال تحضر إلى ال .. تقريع أى شىء ، أى كالم يكون فى البيـت ، وضـلف .. الناس

أمسك بيدها ، وسحبها إلى داخـل .. الباب ضلفة على ضلفة البيت ، جعلها تطلع السلم درجة درجة ، وهى تستند علـى

يا لولية يا أمى فـى كـل رأس : كتفه ، ويمسح على رأسها ، تكون اإلذاعة ليكون أقولها وأمرى هللا .. اسمعى .. حكمة

للشارع حس ، وتكون الخراف ليكون العز ، فالناس عيون ، والعيون فى رؤوس ، والرؤوس فيها عوج ، فال يقولون عن

هزت لولية رأسها ، .. حلو اللسان ، بعيد اإلحسان : صابر وعاد ولدها يمسح عليها ، ويبتسم ، وهو يقعدها فى صـالة

التليفزيون ، قال لهـا عليهـا أن البيت على شلتة ، وفتح لها ، همست لنفسها تشاهد التصاوير ، وتسمع األغانى ، وتتمتع

!!أنا عميا .. صابر ال يعرف : ]٦[

فلما الناس تبصرت هالل رمضان ، وجـاء ، . . . . فى األضحى نضحى : ومضى ، أشار إلى الخروفين ، وقال ة لم تتكلم بشىء لولي.. ، ونوزع اللحم ، فالناس تقبل وتشكر

عادت تهز رأسها ، وابتسامة تالعب فمها قبل أن تنشـق ..

Page 93: 4146

الشفتان ، واألسنان تظهر ، هى سمعته يتحدث مع رجال عن رغبته فى تعلم كيف يسوق سيارة ، وضـحك ، والرجـال ضحكوا ، إذ جاءت سيرتها فى الحديث ، وكيف هى تقعـد

ها ، ناسـها ، بيوتها ، أشجار .. وترى الدنيا تتراجع للخلف الخرفان : قالت .. وتخاف ، تصرخ ، وهو يسوق ، يضحك

وجدها امتألت بالشحم واللحم ، قـال أن وهو نظر .. دائخة البد من فك قيدها ، حتى ال تختنق ، وأعطى لها الحريـة ، فى الشارع تمشى ، وتتناطح ، وتعود لتأكل ، وتشـرب ثـم

.تسرح ، فيتركها ]٧[

فى يوم أنزلت سيارة كبيرة من الزجاج والدكان. . . . ما جعل أمه لولية تتكلم رغم التحذير ، هى أمه ، تخاف على

وقالت من أين ؟ وأين ؟ صابر أعلمهـا أن بـاب مصالحه ، الرضا انفتح ، فال يصح أن يمد العبد يده بنفسـه ويغلقـه ،

أن يضع خلف الباب الذى انفتح حجرا ثقـيال – العبد –عليه تطيع أية ريح أن تقفله ، هزت لولية أمه رأسـها ، ، فى تس وقالت عليه أن ينتقى بنتا .. شاطر يا صابر شاطر : وقالت

من البلدة أو المدينة ، قبل أن تموت تريد أن تحمل عيالـه ،

Page 94: 4146

وهى استغربت ، هو لم يحدثها مثل الشبان عـن البنـات ، شت هى قالت إن عقلها !! وهى ال تحدثه عن البنات مثل أم

، شىء منه شت ، كان يجب عليها أن تكلمه حين عاد مـن كل ما فى الدنيا ذكر ! البالد ، وكيف هى نسيت أهم شىء ؟

!، أو أنثى كيف تنسى ؟ ، قال لها الدكان وهو يقول إنه تعب على الفراش ارتمى

، عليها أن توقظه إذا سأل أى واحد عن المعلم صابر مفتوح ، ، التفت إليها قبـل أن راش ، ويمدد هى رأته يطلع إلى الف ، و

وهـى .. الدنيا يا لولية .. كل شىء له أوان : ينعس ، وقال ظلت تنظر ناحيته ، عيونها باهتة عيون سمكة موضوعة فى ثلج ، و لكنها أمه ال يلزم معها العيون ، والبصر الحديـد ، هى تشمه ، وتحسه ، وتسمعه ، هو ولدها وهى أمه ، تقدمت

ه ، هى تغطيه ببطانية ، ونزلـت ، أمسـكت وتحسست بدن بسور السلم ، ولفت مع حائط البيت إلـى الـدكان ، وجـاء

.الخروفان ]٨[

حينما دخال شعرت لولية أم صابر بأن خياال مر . . . . من أمامها ، ورفعت صوتها ، تسأل عمن دخل ، فلم تـأت

Page 95: 4146

إجابة ، دعكت عيونها ، وقالت لنفسها سوف تموت عمياء ، فإذا الضوء تحرك شعرت بظل يتحرك ، ودائما تسأل ، وال أحد يرد ، والخروفان بهتا فجأة ، إذ وجدا خروفين مثلهمـا وغريبين ، تحفزا فورا ، وفى ارتفاعة واحدة على األرجـل

تساقطت .. الخلفية استعدا ، ونزال فى اندفاعة لألمام ونطحا لولية لم تعرف ألواح الزجاج والمرايا على أرضية الدكان ، و

أبدا ، فاللوح جاء بانحراف مثل سكين ، وذبـح ، فرفـرت كان .. لولية ، وانغرست القطع فى كل جسدها ، وتدفق الدم

الدكان ينطح ، فتهتز الحوائط ، والغيظ ، الغيظ يكبـر كلمـا وجد الخروفان خروفين ، وداسا فى الجسـد الـدامى ، أمـا

ضـيق ، ورئتـاه صابر فصحا مفزوعا ، المنام ضيق على انخرمتا ، وظهر ثقب إبرة ، واإلبرة تتحرك فى كل اتجاه ، واألفق أحمر لزج كأنه غراء حمراء تنغمس فيـه ، عـض

حـين أراد أن على لسانه ، وقطع قطعة منه ، لـم يلفظهـا يلفظها ، ابتلعها ، واإلبرة صارت لما اقترب منهـا قرنـان

طلق السهام ، كبيران مثل صارى المركب ، وهما فى قوس ي يا ساتر : والدنيا ضيق على ضيق ، وهو يمسح عرقه همس

: كابوس ، وتسمع دقيقة ، وهب من فوق الفراش يصرخ ..

Page 96: 4146

.. عشـرة آالف .. الزجاج .. الزجاج .. الخراف .. الدكان .. مالى .. عشرة آالف

]٩[ بقلب جامد أخرج صابر الشـظايا ، واأللـواح . . . .

لولية دفنت ، وخاله .. دون مساعدة من أحد المتكسرة بنفسه ابـك .. فض عن قلبك .. ابك يا صابر : ، وامرأته قالوا له

لم تحضر الدموع ، ولم ينهنه حتى ، وكل يوم يفتح الدكان .. على خواء ، انكتم التسجيل ، وانعدمت اإلذاعـة ، يـوارب

لخروفين أمامه ، ولما يتعب يقعـد علـى ااألبواب ، ويوقف رسى يرفع عصا غليظة ، دق على طولهـا المسـامير ، الك

وأكل رؤوسها بكماشة ، والدنيا التى تغيرت تغيرت ، يـدمى الصوف ، والمأمأة بكاء ، أقسم ، وبر بالقسم ، دموعا سوف يرى ، تنزل من عيون ، سوف يرى ، يرتاح صدره دقيقة ،

، ، ظلت األيـام والعصـا دقيقة التالية وداخله كله أسود فى ال ، ل هو إذا انكسر جمل حمل حمل حمار وظل الخروفان ، وظ

وعين الشمس ال تنطفىء ، أما بدن اإلنسان فكفـن مخلـق ، والمغسل أعور ، والدكة مكسورة ، واألرض سبخة ، لـيس فى سقر حيث ال ماء وال شجر ، إنما الدنيا والسر يطلع منه

Page 97: 4146

نه أقسم ، ومن الحيوانين فى يوم معلوم ، يكون له ، ولهما أل .، وعلى المؤذن أن يؤذن

Page 98: 4146

اإلنجليزي

هل أمكث فى البلد ، وال أعرفه ؟ جـاءنى السـؤال ، وحاولت النوم ، لم أنم ، فقمت ووقفت ، سمعت أصوات أهل

قلت أدفع البـاب ، . .خلف بيتنا " اإلنجليزية " البلد يلعبون ودفعته ، وجدت الليل بنجومه ، وصراصيره التى تصـفر ،

، ومشيت ، ونهيق الحمير ، والبحيرة والموج بائن لى يتألأل .. محمد أفندى : ، فرحوا ، قالوا فوقعت عيون الرجال على

فدخلت فيهم ، وأنا لم أفكر فى اعتراضـات ..محمد أفندى المقهى ، وابن خالتى ألطاف أبى الحاج حمزة رآنى مرة فى

عزم على أن أشرب كوبا من الشاى ، ودفع هو ، فغضـب أبى الحاج ، ولم ينبسط إال حين قلت لـه أننـى لـن أروح للمقهى ، وإذا رحت فلن يدفع الثمن أحد غيرى ، قال إن لى

رأسـى يمينـا وشـماال ، ودخلـت قيمة فى البلد ، فهززت .غرفتى

لبلد لم يذهب إلى المـدارس إال من ا " الحوار " فى ذلك الواحد من هؤالء الناس يرفع يده حين يرانى ، يرمـى .. أنا

.. التحية والسالم ، يأخذ له جانب ، حتى أمر مـن الزقـاق

Page 99: 4146

أقول لنفسى أننى متعلم ، وكلهم يخرجون إلى البحيرة ، وأبى الحاج حمزة هو التاجر ، لم يرض أن أخرج إليهـا أبـدا ،

ين يأتى أصحابى من المدينة ، يعطينى مركبا ولكنه يرضى ح ، واألغنيات ، أهل الماء ، والهواء ، والضحك و.. نتفسح به

البلد ستفرجون علينا ، وأقف على سطح المركب ،أصف كل البيـت ، كل شىء ألصحابى ، وإذا عدت أدخـل .. شىء

.. ، يقصون عن النسوان والغـرام أمسك بالكتاب ، وانتبهت هم يعرفون الغرام ، وعمـى توفيـق رجـل ابتسمت ، قلت

سوان البلد الذى عاش فيه ن.. يضحك طوب األرض ، يقص إلى الحمـار ، ويتعجـبن ، تضـطرب ، كن ينظرن فرعونقلن يذهبن إلـى .. يا هوله .. يا هول هذا الشىء .. أفئدتهن

فرعون القادر على كل شىء حسبما ادعى، قلن له أنت قادر ولما استيقن فرعون مـنهن .. لهذا البهيم فافعل لرجالنا مثلما

رغبة أكيدة ، وقع فى الحيرة خـوف أن يفتضـح ، نـام ، قال لهن إن هذا البهيم يفعلهـا .. واستيقظ ، واستعمل الحيلة

مرة واحدة فى السنة ، فهل يردن مرة واحدة فـى السـنة ؟ أصاب نسوان فرعون الفزع ، وقلن مصيبة ، وهنـا صـاح

يرضين بالنصـيب ، فرضـين ، تعالـت فرعون فيهن أن

Page 100: 4146

الضحكات ، والقفاطين الجبـردين األزرق تحـت النخيـل بظل على األرض ، وأنا ارتكنـت ىبيتنا تلق المزروع خلف

على جذع نخلة ، وابتسمت إذ قال واحد منهم لم يبين وجهه إن فى الخمر يا رجال معنى ليس فى العنب ، يضربونه فى

هذا القول واحد مـن هنـا ال صدره ، ولم أصدق أن يقول يظهر وجهه ، وحينما حكوا عن البحيرة والجنية ، سـاعتها

.. البحيرة والجنية حكايات ، خرافـات .. النوم جاء عيونى أنا هنا على األرض ، لم أسمع شيئا ، كأنى لم أقعد مرتكنا ، البحيرة نزلتها مرة من وراء أبى الحاج حمـزة ، ضـحكوا

أكن قويا ، والجنيدى ابن نينة رسـمية على هناك ، ألنى لم فى سنى ، يرقص أمامى على سطح المركب ، وال يقع فـى

، وقفت على بوزها ، أريد أن الماء ، أنا وقعت حين تحديته أفعل مثله ، تزحلقت ، وتهت فى المـاء والمسـاخر التـى خرجت من أفواه الصيادين ، ولكنى أمسك القلم والورقـة ،

حسـابات .. بى ، إذا قلت شيئا ال يردونه أجد عيونهم تتعلق أبى معهم أحسبها ، وهم ال يردون قولى ، ألنى أمسك القلـم والورقة ، وفى العصر آخذ الكتاب ، أطلع فـوق السـطح ، أندس بين أكوام الحطب التى يأتى بها أبـى مـن البـرور

Page 101: 4146

تتسابق ، المنتشرة بالبحيرة ، وأشاهد المراكب آتية من بعيد ن للمركب ترب أسمع تهليل العيال والنسوان يصفقو وحين تق

، طوال النهار من المكـان الـذى التى سبقت ، أرى وأبتسم ، يلحـون لبلد ، وها هو الليل يرانى الناس أندس فيه ، أرى ا

هل ألعب ؟ تضـايقت " .. اإلنجليزية " على أن ألعب معهم من أحدهم ، يجذب سترة بيجامتى ، ونفرت منه ، كيف ألعب

شخطت أن يتركنى ، ولكنه لم يتركنى ، كـانوا تكومـوا ؟مقتربين ، ووقفوا صامتين ، وحين صحت لم يتركنى الرجل

.. اخرس : عامل من نفسك أفندى ؟ قلت : ، قال أنا محقوق لنفسى ، ألنى قمت ، ومشيت فـى حـوش البيت البرانى ، وأخذت الباب ، ودفعته ، خرجت ، كان على

لحاج يحضر لى الجرنان من المدينة كل يوم أن أبقى ، فأبى ا ، يأتينى به فى مندرتى ، وإذا لـم يحضـره يرسـل الولـد محروس على حمار يحضره لى ، وأعطيه ربـع الجنيـه ، يفرح به ، وأمى الحاجة أسمعها تكسر البيض ، وتغمسه فى الزيت الساخن ، يطش ، تأتى إلى بصينية عليهـا األرغفـة

لح التمر ، تقف على يدى حتى أنتهـى الطازجة والجبن ، وب من الطعام ، تقدم لى الشاى ، تدعو لـى دعـوات كثيـرة ،

Page 102: 4146

فأهزر معها ، وأربت على كتفها ، تمضـى تقفـل البـاب ، تشترى لى علبة سجائر من البقال ، ترسل البنت عزيزة ، ال تجعل أبى الحاج يراها ، تدسها فى جيبى ، ولكـن أخاهـا ،

ء الناس يضحكون ، لما رفضت أن خالى ظريف جعل هؤال قالوا هل يدخل النـار حقيقـة ؟ كـأنهم " اإلنجليزية " ألعب

يعرون لحمى ، .. يعرفون غيظى ، قلت لهم إننى ال أعرف استمروا فى الضحك ، وهذا الرجل الذى قـص لهـم عـن

، ووقف أمامى ، قال إننـى نسوان فرعون ، قام من قعدته .. هكذا قـال .. لحكاية بسيطة ا.. متعلم ، والبد أن أعرف

خالى ظريف شقيق أمى ، أمطرت الدنيا ، وهو راكب حماره ، ولكن الدابة حرنت منه ، ولم تقفز فوق البركة التى تكونت وسط الزقاق المؤدى إلى بيته ، الذى بجانـب بيتنـا ، ظـل الحمار يدور فى دوائر ، وخالى يتشبث ، يخاف أن يقـع ،

الى ظريف على الحمار ، إذا لم يقفز والمطر ينزل ، حلف خ ، فسوف يذبحه فى مكانه بسكينه ، وسمعت صراخ النسوان ، وعويل أنعام امرأة خالى ، جعلت الدنيا تسد فى وجهى ، إذ رأيتها ترتمى على جثة الحمار المذبوح ، تدس كفيها فى الدم ، وتلوث وجهها ، وجلبابها منه ، وأمام الناس جميعـا بـدا

Page 103: 4146

: كسا رأسه ، ووجهه كظيم ، إذ صرخت أنعام فيـه خالى من وحين كان الواحد الذى ال يعلـم يعلـم ، يظـل .. يا ظالم

يضحك ، ويدور حول خالى ، وأمام الناس جاءنى خـالى ، سيعاقبه اهللا يوم القيامة ؟ قلت لـه وسألنى بصوت عال هل

.. أجرى .. ظلوا يضحكون ، وأنا أجرى .. إننى ال أعرف مندرتى ، وأغلقها على ، وحين رأيت أمى الحاجة أجرى إلى

أخفيت نفسى يومين .. أخوك فضحنا : ، صحت فى وجهها ، يسألنى ، وأنـا ال فى البيت ، ولكن خالى يدق على شباكى

قلت له إن عليه أن .. أنت متعلم ال بد تعرف : أعرف ، يقول يسأل الشيخ مصطفى شيخ الجامع ، ولكن الشيخ هزأ بخـالى

تكلم كالما كثيرا ، لم يشف صدر خالى ، خـالى يريـد ، و هل يدخل النار من أجل الذبح ؟ أنا ال أعرف ، وهم .. إجابة

يسألوننى اآلن ، وأنا أريد العودة إلى مندرتى ، حاولـت أن أجعل حكاية خالى تختفى ، قلت لهـم أننـى سـوف ألعـب

، حتى يروننى اإلنجليزية ، وتقدمت ، وقفت فى بقعة ضوء أخفيت جانب وجهى براحة يدى اليمنى ، ومددت راحة يدى اليسرى مقلوبة خلف ظهرى ، مستعدة للصـفع ، هـزروا ، وبدأوا يلتفون حولى ، ولكنى وجدت الجنيدى ابـن رسـمية

Page 104: 4146

قول لهم إن اللعبة باخت ، وال بد أن يلعبوا لعبـة ثانيـة ، يائم الحلقة مضروبة ، الرؤوس فى الليل تهتز ، كأن اإلنسان ن

فى حلم ، قالوا لى هل أعرف لعبة ؟ قلت لهم أنى ال أعرف كأن فى األمر شىء .. صمتوا جميعا ، كأن فى األمر شىء

، وسمعت جيدا أصوات الليل ، كأنها حناجر تهتف مختلطة ، وأخفيت وجهى ، .. العب يا محمد : والفضاء مكتوم ، قالوا

اسـتدرت وأعطيتهم راحتى ، تزاحموا ، وتلقيت ضـربة ، أنتقى من ضرب ، فلم يكن الضـارب ، وعـدت فعـادوا ،

نتقيت ، فلم يكن هو الضارب ، وعدت ، هذه الضـحكات اونزلت صـفعة .. أنا قلت .. التى أسمع ليست ضحكات لعب

على قفاى ، ورأسى صدعت ، وغشيت عيونى ، شتمت من فعلها ، وحين شتمت انفرطت الحلقة من حولى ، ذهبوا بعيدا

وقفت وحيدا فى بقعة الضوء ، واقشعر بدنى من نسيم عنى ، أتى ، سرت مسرعا إلى باب بيتنا ، تلفت ورائـى ، تلفـت

..دائما ، ولكنى كنت قد تخلصت منهم

Page 105: 4146

عااا.. هااا ]١[

علينا رعد ، ولفنا من جميـع إذ هجم تسمرنا فى مكاننا

الجهات ، وقبل أن نفهم صرخت امرأة ، وقالـت أن نبتعـد إبليس قد حضر ، وهى قصدت الحاج بلبل ، اقتحم البلـدة ، وكنا وسط الشارع فى وقت كانت الشمس صفراء ، تسـقط

مندفعة كطلقة مدفع ، تطير ، " الكارتة " فى الغرب ، يركب عجلة واحدة ، وهو لم يحرم ، ويصرخ إذا تمايلت تسير على

قال رجل إن له الحق يفعل مـا يشـاء ، يتـاجر، ويهـرب البضائع ، ومعه الفلوس من كل ملة ، يغيرها بالمصـرى إذا أحب ، وهو داس عيل عزيز الكاشف ، وأقسمت أمـه أنهـا رأت مصارينه من فتحة بطنه ، مكان رجل الحصان ، وظل

، والناس أكلت وجه أبيه العيل جمعتين فى المستشفى الكبير ، ألنه أخذ عشرين جنيها من الحاج بلبل ، وسكت عن شكاية

.المتسبب يا بليد : ألهب ظهر واحد منا بكرباجه ، وسمعناه يصيح

ولوال أننا ألصقناه بسرعة على حائط بيـت .. تسد الطريق

Page 106: 4146

كانت العجالت أكلته ، والهواء الذى نفخـه الحصـان مـن أل وجهه برذاذ ثقيـل مثـل المخـاط ، منخاريه لفحه ، وامت

والمرأة عادت تصرخ ، وثبت الحاج قدميه بأرضية الكارتة ، والحصان زحف ، وطلعت من أقدامه األربعة النار ، حتـى

، ورمى بالكرباج ، أخذ توقف ، ثم حمحم ، ضحك صاحبه نعـرف .. أحد منا لم يتحرك .. أنا جئت : يتأمل فينا ، قال ، يدور بها فى األزقة والشوارع ، ال تهمه أنه يحب الكارتة

الفراخ أو الكالب أو القطط ، يجعلها تجـن أمامـه ، وهـى تنفلت من دهس أو دعس ، لم يرض بشراء األتومبيل ، قال

هاتوا الصندوق مـن ! أصنام واقفة ؟ : صرخ .. إنه ال يحبه تحركنا بعجل ألننا نظرنا إلى وجهـه ، وجـدناه .. الكارتة

فهللنا ، ال بد أن هناك شىء ، هو يأتى بأشـياء ، منشرحا ، تهامسنا ، وتقافزنا حول الكارتة ، وهو قال إن اثنـين منـا يقومان بالغرض ، ابتعدنا وتركنا اثنين ، أمرهما أن ينتبها ، ال يقع الصندوق ، ينكسر ما بداخله ، حياتهمـا ال تكفيـه ،

مدة أهل مـن وأف الهواء من فمه ، دخل فراندة بيته ، وبعد انفـتح : الشباك يرفع ذراعيه ، يدعونا لنأتى إليـه ، قـال

رحنا إليه مندفعين إلى الفراندة .. تعالوا شوفوا .. الصندوق

Page 107: 4146

، وهو أغلق الباب الذى يفصل بينها ، وبين الداخل ، وأمـر امرأته أال تقعد مع الناس ، ولما استدار إلينا أمرنا أن يقعـد

، وقال لنا أن لطويل يكون فى الخلف فى األمام ، وا رالقصيننظف أقدامنا ، كنا نعرف أنه أحضر شيئا جديدا ، ويريد أن

تعرفون السيما ؟ قلنا نعرفها نـروح المدينـة ، : نراه ، قال مـن : ؟ ضحكنا ، وقلنـا يلتعرفون التسج : قال .. ونعرفها

قال إنه اشـتراه .. أ : تعرفون الفيديو ؟ قلنا : قال .. زمان ن المدينة الحرة ، وواحد منا سأله عن االسم ، فقلنا لـه أن م

المهم .. ال يهم .. ال يهم .. يسكت ، فى السهو تقع األسماء وقال إنه جـاء .. حاال تتفرجون : قال الحاج بلبل .. الفرجة

فرحنا جدا .. بالجهاز من أجلنا ، وأقسم أنه جاء به من أجلنا ب أن نراه ؟ ألنه اشترى يا ترى أى شىء نح .. ، وهو فرح

الشرائط عليها أفالم منوعة ، وواحد منا غمز بعينه للحاج ، ، وقال له عن األفالم ، والحاج عض على شـفته السـفلى

ونظر إليه فى عتاب ، ولكنه قال له سوف يرسل إليه فى أى وقت يكونان وحدهما ، وضحكا ، ثم الحـاج بلبـل أشـار

طاولة عالية ، قلنا إن هـذا بإصبعه فى الصدر يواجهنا على هو التليفزيون ، وهو لمس شيئا بجانبه ، وسألناه ، قـال إن

Page 108: 4146

هذا هو هو ، ودس يده فى جيبه ، أخرج علبة فى حجم الكف ، وضرب بإصبعه زرا ، كبير ، قال إن هذا هو شريط يدور

وعلبة الشىء انفتحت ، غيبه فيها ، ونقطة حمراء لمعـت ، خضراء ، تظل تضىء ، تضـىء ، واهتزت بجانبها مساحة

تضىء ، فانبعثت الصيحات منا ، وهزرنا مـع بعضـتنا ، وحل .. موت .. سكوت : الحاج رفع ذراعه عاليا ، وصاح

ماذا يا ترى ؟ قال إن الذى سوف نراه هو .. السكوت الموت وامرأة من النسوان " بروس لى " فيلم أفرنجى ، لواحد اسمه

يتفرجوا مثلنا ، ووقفوا خلفنا ، قالت الالئى جئن هم أيضا ، ل المرأة للحاج أن يضع فى الجهاز أى شىء عربى ، وواحـد منا استدار إليها ، وطلب منها أن تخرس ، فهى ال تعرف أى

السيما فى المدينة ، وهـذا البطـل شىء ، وأعلمنا أنه يدخل مات من ضربة ، لم يمت ساعة الضـربة ، مـات بعـدها

.. ينصر دينك يا حـاج : ه ، وصاح بيومين ، ودعك صدغ وبانت الفرحة عليه حتى أنه صفر ، وفجأة سـمعنا مزيكـة

قال الحاج .. تصخب ، وظهرت كتابة على شاشة التليفزيون افرحوا ، ال مانع ، أنا دفعت في الجهاز ألفا ونصف األلف :

المرأة التى تكلمت تكلمت ، وقالت له أن يشـغل .. جنيهات

Page 109: 4146

وسحنة الحاج تغيرت ، وضغط على الزر أى شىء عربى ، اخرجوا : ، فانعدمت المزيكة ، وانمحت الكتابة ، وصاح هو

، ألنه بحث عنهـا ، لمرأة اختبأت عن عينيه ا.. من الفراندة تـزور : وقال المرأة العبيطة أين ؟ ونحن تحايلنا ، وقلنا له

وهـو اسـتمع إلينـا دون أن .. شغل .. النبى يا حاج شغل لى الزر ، وأشعل سيجارة من علبة سجائر حمراء يضغط ع

السجاير افرنجى يا حاج : ، وواحد منا تضاحك معه ، ونكت بلبل مثل الفيلم ؟ عمل الحاج ابتسامة جعلها تختفى بسرعة ، وأجاب بأنها بائخة ، وقرب العلبة من عينى الـذى ينكـت ،

حاج شغل يا : قلنا .. وقال له إنها سجائر أمريكانى يا فصيح ، ونتطلع إليه بأعيننـا وجعلنا من أنفسنا نصمت .. شغل ..

بعد مدة من الصمت ضغط الحاج بلبل الزر، فاندفعت .. فقط وعندها .. هاااااا : قبضة ، وصوت انطلق من حنجرة يقول

الرجل الذى قال عنه الحـاج .. الصورة وضحت – هااااا –، ألن القبضـة !! يـاااه : صـحنا .. هاااا : هو الذى قالها

انهبدت فى بطن رجل آخر ، واألحشاء منه اندلقت ، تتلـوى كالحية ، والدم كثير كأنه نازل من صنابير ، يسيل من بـين أصابع كفيه ، يمشى يترنح من هنا إلى هنـا ، ثـم يرتمـى

Page 110: 4146

الرجل الذى قـال عنـه –بوجهه فى طين لونه بنى ، وهو بطنه صارت .. ميه يح.. يحميه : قلنا فى نغم واحد –الحاج

كلها عضل ، تتبادل أذرعه السحب والنتر ، وبدنه كله توتر إلى كل ناحية يستدير ، وناس يأتون إليـه ، سـاعة يلكـم ،

أما نحن والعيال هاصت ، وبعضهم جرب .. وساعة يرفس فى بعضهم ، وناح عيل من األلم ، وصرخت النسوان خلفنا

أفهمـتم ؟ : ، قال ، والحاج زعق أن نتفرج ونحن ساكتون الحمراء ، وكانت يـده تـرتعش ، وأشعل سيجارة من العلبة

وكسر الرجل فى الفيلم ثالثة أعمدة مـن الخشـب بضـربة واحدة من سيف يده ، فصحنا جميعا نشجعه ، وعرفنا أن أبا

.. زمان وانقضى .. زيد ، زيد فقط ، أما عنترة فكان زمان .ليلتنا نجف واهللا.. الم يا س.. يا سالم .. اآلن هو بروس لى

]٢[ النور غمرنا ألن الحاج أشعله ، وعرفنا أن النهاية أتت ، ورمشت عيوننا ، وهو يصفق ، أشار إلى بـاب الفرانـدة

..خالص .. خالص : لنخرج العربى ابن نينة تمطى ، وهو قائم ثـم قفـز ألعلـى ،

وضحكنا عاااا ، وفرشح فى الفراغ ، ابتعدنا بأجسامنا : وقالها

Page 111: 4146

عاااا ، وقبل أن يهبط إلـى األرض ضـربت : ، وقلنا مثله يـا : وصـاح . آه يا عينى : قدمه وجه الحاج ، الذى صرخ

ابن من ؟ وابن نينة لم يهمه مـا فعـل ، : وتساءل .. ملعون: عـااا ، فأجبنـاه : وجرى بعيدا عن يد الحاج ، وزعق فينا

لعربـى ظـل ، ا الصغير ، وال كبير فى هذا الوقت .. عاااا يهوى بقبضاته على أشياء هو يعرفها ، ويشاهدها ، وسـال

تراجـع .. أنا أقلد يا حاج ال تزعل : من جبينه عرق ، قال جسد الحاج إلى الوراء ، ال يقدر على اإلمسـاك بشـىء ،

: ضربة من ضربات العربى نزلت على بـوزه ، وزعـق نمسـك : ب قال له وحسونة البربير الشا .. الملعون أمسكوه

يل بلد الخبث اخرجـوا مـن : ، وصاح من ؟ والحاج بصق الحـاج .. الحاج الغضـب داهمـه ، والدهشـة .. الفراندة

استقرت فى عيونه ، والخوف الحاج سيطر عليه ، وفتح فمه اقلعوا ، ففعلنـا ، : الشاب قلع ، وقلعنا مثله ، هو قال لنا ..

: صـايحن وتقهقرت النسوان ، هجمن على باب الفراندة ، ت !!األوالد عرايا

أمسـكنا الجاللة جاءت ، أخذتنا إليها ، فرحنا إليهـا ، ، فانقلبت النسوة على عـوارض بطرف السجادة ، وسحبناها

Page 112: 4146

الباب ، وانخلعت مفاصله ، وترجرجت شـبابيك الفرانـدة ، ونال حسن أبو سنة صفعة ، فأعادها للعربـى ابـن نينـة ،

ان جاهدن خارجـات ، وضحكا فى وجهى بعضهما ، والنسو ، زعق الحاج بلبل فينا أن لباب الذى انهار ودسن فى زجاج ا

.. عـاااا : الفيلم خلص ، وعيب علينا أن نقلد فى بيته ، قلنا الرجل شـتمنا ، وحـط علينـا .. بهايم : وهو قال .. عاااا

الهدوء ، وفى مكاننا انزرعنا ال نتكلم ، ثـم تحركنـا إلـى " ن خلف البيوت ، ألن بعضنا كان الخارج ، وهربت النسوا

، وحينما استنشقنا الهواء ، ورأينا الليـل والنجـوم ، " ملط والكارتة ، والوسعاية ، والبحيرة هناك بعيدة سوداء ، نـادى علينا النمس ابن عزيز ، ذهبنا إليه ، وحملنا الكارتة ، وهـو

، يمسك ألجمة الحصان ، والكرباج معه ، يفعل مثلمـا فوقها حاج يفعل ، سمعنا الكالم ، سمعناه يقول إن البلدة يلزمهـا ال

مائة سنة وتكون ، ولم يكمل ألن الكارتة كانت فوق رؤوسنا ، ومرة واحدة تخلينا عن حمولتها ، فصارت خشبا متنـاثرا على األرض ، والولد النمس طار فى الهواء ، ولمـا هـبط

هكـذا شاهدناه متربعا فوق الحصان ، الذى انفزع ، ونحـن تسابقنا نلحق به ، وتعفرنـا بـالتراب ، ونهجنـا ، أمسـكنا

Page 113: 4146

باأللجمة ، وتلفتنا حولنا ، هنا بعيدا عن البيوت فـى غـيط العمايرة على شط البحيرة ، ولم نفكر ، داهمنا المزرعة ، لم يكن األستاذ فايز ابن العائلة يبيت فيها ، والخفير لم يقدر أن

: نه بهت ، حلوقنا تطردها يطلق الخرطوش من بندقيته ، أل واحد يفتح أبواب األقفـاص ، واآلخـرون .. اتفقنا .. عاااا

يفكون أسر الفراخ البيضاء تهرب ، يربيها األستاذ فايز فـى أعداد كثيرة ، ويبيع البيض ، والكتاكيت ، وله عربة ينقلهـا

هووووه .. هووووه .. فى أعداد كثيرة مع البيض إلى البالد زحف إلى البلدة ، رأينا الفراخ البيضاء بالليـل ، الجيش ي ..

وهى تجرى كأنه بحر أسود يتموج ، وسمعنا نقنقتها ، قلنا ال كثيـرا كثيـرا ، ضـحكنا .. بد أن تقول عاااا ، وال تنقنق

وامتلكنا البلدة ، قلنا للنمس أننا اخترناه ملكا للفراخ ، وعليـه الفـراخ ، أن يسوق الحصان ، وهى تتبعه ، مشـينا خلـف

وزنقنا أم البنت محاسن ، وهى تأخذ منها ثالثـا ، والشـيخ مصطفى عجوز ، شعره كله أبيض ، وفمه بال أسنان ، صحا

!! البلـد مقلـوب : من نومه ، وتطلع من شباك بيته ، قال وأغلق الشباك ، سرنا فى طريقنا إلى الوسعاية ، ظهر بيـت

حولـه يزعـق الحاج بلبل على قرب ، ووجدناه ، والرجال

Page 114: 4146

خائبون ، وهو شاطر ، قلب كل واحد يحقد ، رغم أن : فيهم كل واحد منهم عبيط لم يتنور ، يأخذ البضائع منه ، ومـدين له ، قال كل واحد يدفع ما عليه ، أمسـك الحـاج رأسـه ،

األوالد .. األوالد ! وبعدها قلب راحتيه ، قال كيف يحـدث ؟ مصـيبة ، .. يـاه ..عيـب : الرجال انكمشوا ، قـالوا !!

وأجسادنا تفر بينهم وتكر ، يتطوحون من جانب إلى جانب ، ونطت الفراخ ، وعملت زيطة كبيرة ، ووقع الرجـال بـين أعداد الفراخ التى تأتى ، ال تفرغ أبدا ، تخـدش الوجـوه ،

عاااا .. عااا : وقفت فوق رؤوس الذين وقعوا ، ونحن نقول طب وأنـا : الحاج بلبل صاح عزيز الكاشف فى .. عاااا ..

نـا توكلم.. ألنه قال إن الحصان ال بد يأتى حـاال ! مالى ؟ ، لم تخجل، وقالت لنا على البنت محاسن ابنة حسن أبو سنة

: سور البيت ، والنسوان كن خلفه هربن لما اقتربنا ، قالـت يا قليلى الحيا ، : ال تخافوا ، قلنا لها أن تقلع مثلنا ، فصاحت

، والحاج بلبل كان ينير حديقته بالليل ، والبنـت وهى تبتسم محاسن جعلت من كتفها مدقة ، وجربت ، واندفعنا نجـرى نصطدم بالسور ، فى مرة انفرطت حجارته ، ووسعنا فيـه فتحة كبيرة ، الحاج يمسك حسونة ، يذهب العربى بن نينة ،

Page 115: 4146

يتركه ، ويمسك العربى ، يتركه ، تذهب البنـت محاسـن ، كـل أم : ، يدفعه أبو العال ، وهو تعثر ، صرخ فينا يمسكها

والشـبان الكبـار .. عاااا .. عاااا : قلنا .. واحد فيكم أرملة وا ، وكنا وسط أشجار الليمون والجوافة ،والبمبـوزا ، نتراه

والمانجو التى زرعها الحاج بلبل ، وفسالت النخيـل ، مـن : ، سنقول له يخلع شجرة مرة واحدة ، ال ننادى عليه باسمه

الحاج بلبل واهللا الحاج بلبل بكى هذه السـاعة ، .. بروسلى يتقدم الواحد ، تطلـع .. عاااا .. والجن ركبنا ، الجن ركبنا

الشجرة من األرض ، ارتمى الحاج بلبل على األرض وهـو يرى أشجاره قد تخلعت من جذورها ، و رمى بها ، ارتمـى

ه ، خطان من دموع على األرض ، صرخ واهللا ، ورفع وجه .. عـاا : تدحرجا ، ودخال فى شاربه ، صرخ بعلو صوته

.ااهاا.. عاا ؟ هى هااا ! عاا يا والد الكلب ؟

Page 116: 4146

الضوء أحمر

فى الحـوش ، دجدي وقع مريضا ، فهدأ شجارا ألوال ديو ، والباب الكبير المطل على الشارع ، ونسوة وأغلقنا الرا

أعمامي تحلقن حول الفراش ، قرفصن ، وجلسن يمصمصن .، واضعات الذقون فوق الراحات

جئنا بحمار ، لنأخذ المريض إلى الدكتور فـى المدينـة المجاورة ، الجدة هائجة من أجل خروج رجلهـا ، وبسـبب

بين البلدة والمدينة األسطى حامد صاحب األتومبيل ، الشغال ، طلب جنيها لينقل جدي ، فظلت تشـتمه ، وتشـتم عيـال العائلة الذين صاروا يفرضون رأيهم على الكبـار ، ولكنهـا أمسكت برسن الحمار ، حتى يحمل الرجال الجد ، ويضعونه فوق ظهره ، ولما عدنا رأيناها تقف أمام البيت ، والنسوة من

ترابى الممتد عبـر الشـمال ، حولها ، تتطلع إلى الطريق ال أسرعت إلينا تمشى ، واللهفة تجرف بدنها األعلى الضـخم

.بعضنا ابتسم .. دون األسفل ، كانت ساقاها ضعيفتين مشت النسوة مع الجدة الطريق الواصـل بـين البلـدة والمدينة ، والطريق طويل ، ومترب ، وعار بـال أشـجار

Page 117: 4146

، تقف تعبة ، ولكـن ثلة النسوة تتخلف منها واحدة .. تظله الجدة أقسمت أال تركـب األتومبيـل ، .. الباقيات ينتظرنها

فصاحبه يأخذ خمسة قروش للنفر الواحد ، وهى تكره الزحام ، والتصاق األبدان ، إذا تكلم شخص ، وقرب وجهـه مـن

.أنفة صعبة الرأس : أنفاسها تقيأت ، وجدي يقول عنها " لية ، وذهبت إلـى حملت الجدة معها فانلة جدي الداخ

تسكن المدينة ، ويؤمها الفالحـون ، والصـيادون ، " شيخة والناس من القرى المجاورة ، والحارات المملـوءة بعمـال

هـذه .. البلدية ، والنجارين ، والحذائين ، وزوجات الشغيلة المرأة تكشف لهن الحجاب ، تعرف كل شىء عن كل شـىء

بصوت هادر وغاضب شمت الفانلة ، وتحدثت مع جدتي .. ، وزجرتها ألنها عالجت رجلها عالجا مـن قبـل بشـر ، وجعلت تصب فى حلقه دواء مصنوعا ، لطمـت جـدتي ، وشاركتها النسوة الالتي صحبنها ، وأقسمت للمرأة أنها لـم توافق أن يذهب رجلها إلى الدكتور ، ولكن أوالد أوالدها هم

.الذين أشاروا ، وصمموا بعد عودتها رجال ملبوسا من العفاريت استقدمت الجدة ،

، من بلدة أخرى ، ورضيت فـى هـذه الحالـة أن يـذهب

Page 118: 4146

األسطى حامد ليحضره باألتومبيل ، وأعطـت لـه جنيهـا كان األتومبيل من شرط الرجل كى يأتى ، .. ونصف الجنيه

وشمت الجدة رائحة البنزين فتقيأت ، وأخرج األسطى حامـد .للسانه ، ومضى ليأتى بالرج

وكنت وأميمة ابنة عمى ندخل عند الجد ، نقرأ المواعيد على علب األدوية ، وأمسك برأس الجد بينما تصب هى فى حلقه الجرعات ، وجدي هذا كان يتأوه قائال إنه لم يشف إلى

: " اآلن ، وأؤكد له أنه سيشفى ، وأنظر فى عيون أميمـة قول شـيئا ت.. تهز رأسها " .. جدتي وأنت من صنف النساء

ال أتبينه بوضوح ، ولكنها موقنة منه ، أحتضنها بعيوني التى .. إخلعى ثوبك الـذى تلبسـين .. تنظر بعيدا ، أقترب منها

كونى عارية إال من هذا البعيد ، وهيا نهرب قبـل أن تـأتى .العجوز الجدة

كنا نذاكر سويا ، رغم محاولة الجدة أن تفصـل بـين لهم منادرهم ، وهؤالء لهن منادرهن األوالد والبنات ، هؤالء

نرقص علـى هـوامش .. الرقص عيب .. نفتح الكتاب .. أميمـة .. أميمة مريضة .. الكتاب ، نكتب بمداد من رحيقنا

امتنعت عن تعليق الحجاب المثلث الشكل ، ورأس .. زوجتي

Page 119: 4146

الهدهد الشائخ فى رقبتها ، ضربتها أمها ، زجرتها الجـدة ، .. أميمة زوجتي .. حرقناه أ.. أرتني إياه

الجدة تأكدت من إقفال الشبابيك ، وكانت عدلت وضـع األحذية المقلوبة ، وأخرجت األوالد إلى الوسعاية بعيدا عـن

هلل األوالد ، فأشارت لهـم " .. العبوا : " البيت ، قالت لهم .بالعصا ، فجروا بعيدا

، والرجل الذى أتى أجلس الجد أمامه ، وأحرق بخورا تكلم كالما ال أعرف أن أذكره ، وظل هذا الرجل سببا فـى

حين أخـذ الرجـل فـى .. كثير من مشاجرات الجد والجدة الكالم ، لم يستطع جدى أن يتحمل ضربة على ظهره جاءته وسط الدخان ، والهمشورش ، والحاس حاس ، وساكن الدار المندار ، فقلب الموقد فى حجر الرجل الذى صرخ بعويل ،

ضحك جدى ، ظل يضحك حتى ارتجت الحيطان ، وضحك وأكثر ، وضحكنا معه ، حين قال الرجل على لسان العفريـت

الذى وصفه الدكتور لجدي يزيد الدم ، ويبعد " الفيتامين " إن النهجان ، ويقوى الصدر ، وعليه أن يكرر أخذه حين ينتهى

ائـه ، ، لملم الرجل أطراف جلبابه المحترق، وتلفت إلينا كالت

Page 120: 4146

ولم يمكث ، خرج على عجل ، وودعته الجـدة ، وعـادت .تصيح فى وجه كل من يقف فى طريقها

من يقع مريضا عندنا يؤخذ إلى الدكتور ، فالعلم نور ، والناس تقدمت ، وتبحرت، والمدينة بجانب البلدة ، ثم يحضر هؤالء الناس للمريض بعد هذا رجال تركبه العفاريـت ، أو

" .األتر" شيخة تكشف حلفت جدتي أنها فى زيارتها للمدينة رأت امرأة رجـل من رجال الحكومة الكبار ، الكبـار جـدا عنـد الشـيخة ،

عايرتنا الجدة .. تستشيرها فى عالج ولدحا الذى ولد معتوها أخرجنا ألسنتنا ، فـنحن لسـنا مـن أقربـاء .. بهذه المرأة

.الحكومة رتجـت شـفى لمـا ضـحك ، وا .. عجيب أمر جدي

.الحيطان صار كل من يمرض عندنا ، شـرط أن يـذهب إلـى الدكتور ، ويرجع ، فيضحك وترتج الحيطان ، يحصل على الشفاء ، لكن الكثير من أناسنا ال يجدون الفلوس، ويضحكون

.. ، وال يذهبون إلى أحد ، فترتج أبدانهم وال ترتج الحيطان ها لم تضحك وجدت أميمة حزينة ، قلت فى أسرى عنها ، لكن

Page 121: 4146

قلت إنى لن أعود لفعلها مـرة .. ، بكيت أنا ، فغضبت منى .أخرى ، وضحكت هى ، فضحكت أنا

وتعجبنا من أمر جدتي ، ماتت مع ميالد الفجر ، حيث كنت فى مندرة أميمة ، خرجت ، وعلمت بالخبر ، وأصـبح

.الصباح لم يحدث من قبل أبدا ، لم يحدث أبدا فى بلدتنا ، ولكنـا

أبدا لم .. لم يحدث أبدا .. نا نعش الجدة فوق األتومبيل وضعالبد أن نسأل الشيخ مصطفى ، : " قال أحد الرجال .. يحدث

ولكنا كنا قد أمرنا األسطى حامد أن " .. شيخ الجامع فى هذا .يسوق على مهل ، والناس تمشى وراءه

إننـى .. أميمة .. أنا الشيء من دونك .. حبيبتى أميمة ! هل تعرفين ؟ لو تعرفين .. إليك ، وعنك ، يا حبيبتى أكتب

.. مليوناتها .. ال .. مئات الكلمات ، بل آالفها ! لو تعرفين .عدد ال نهائى

. سوف تكونين ملء األفـق ، قطيـرات مـن النـدى .. الندى .. قطيرات ندى ، يشمه الرجال ، والنسوة واألوالد

لـن .. وغير مسـروق لن يهابوا الندى ، ألن الندى رائق ، حتى الكالب .. األزقة هادئة وآمنة .. يسرق أحد منك الندى

Page 122: 4146

لن تدوخ ، لن يضربها أحد على مؤخراتها ، سوف تدور فى سوف ترقص ، مثلمـا .. الحواري تهز ذيولها ، وتبصبص

يرقص اإلنسان ، لن يتخذها أحد كـدليل علـى الضـعة ، ة ، ستعود للكـالب الفرح.. الفرحة .. والهجمات التى تغدر

األصيلة مكانتها ، الفرحة كشجر الجميـز المـزروع فـى الغيطان عريقة ، وطيدة ، فى الوقت الذى تعرفين فيه أن كل شىء لك ، لن تسرقى إلى الشـرفات ، واألدوار الناطحـة ، والمصاعد الكهربية ، والليونة ، وخراب الذمة ، والكراسـى

الطفيلية ، سوف تكبـرين ، الفخمة ، والعموالت ، والكائنات هاتى يدك .. هل تعرفين ؟ هاتى يدك .. وتثورين ، تثورين

.هاتى يدك ..