1

حبث بعنوان التعايش يف القرآن الكرمي دراسة تأصيلية

إعداد : د. محاسن حسن الفضل عبد اهللا األستاذ المساعد بجامعة القصيم

كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية ببريدة قسم: أصول الفقه

7مقدم إلى المؤتمر القرآني الدولي السنوي مقدس بجامعة ماليا بماليزيابمركز البحوث

00966508330244جوال : omalfadl2@hotmail.comإيميل :

2

مقدمة

احلمد هللا الذي جعل القرآن الكرمي لنا هدى ونورا , وأمرنا بالتدبر والتفكر يف معانيه , وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له , وأشهد أن حممدا عبده ورسوله , املبني ألحكامه واملخصص لعمومه واملقيد

عليه وعلى آله وصحبه أمجعني ملطلقه , الذي ال ينطق عن اهلوى , إن هو إال وحي يوحى , صلى اهللا ومن اتبعهم بإحسان إىل يوم الدين.

وبعد ... مما الشك فيه أن للمسلمني دور كبري يف مواجهة الضغوط االقتصادية واالجتماعية والثقافية يف

روثات اليت اتمعات والتغلب عليها يف ظل التعايش األخالقي وبذل اجلهد يف احلفاظ على القيم واملو يدعو إليها اإلسالم.

يدعو اإلسالم وفق أخالقياته ومسو نظرياته إىل معايشة األديان األخرى والتساكن معها مهما اختلفت ألن هذا االختالف بني الناس أمر حتمي قضى به خالق الناس حلكمة يعلمها هو جل وعال. يؤكد

يعا أفأنت تكره الناس حىت يكونوا ولو شاء ربك ﴿ ذلك قوله تعاىل: آلمن من يف األرض كلهم مج ]99يونس : ﴾مؤمنني

والتعايش بني خمتلف الشعوب واألعراق واجلماعات الدينية والعشائر والقبائل وطيف من اهلويات هو أصبح ضرورة ملحة يف املرحلة املقبلة من تطور التحدي الكبري للقرن ، كما أن التعايش بني الشعوب

.احلضارة أهمية الموضوع

إن القرآن الكرمي قد أسس التعايش األخالقي، معتربا أن الذي حيكم العالقة بني األمم هو قانون - .القسط والعدل األخالقي

إن القرآن الكرمي قد أسس التعايش األخالقي، معتربا أن الذي حيكم العالقة بني األمم هو قانون - القسط والعدل األخالقي.

إن اتمع املسلم يف العهد النبوي كان جمتمعا متنوعا من الناحية الدينية، وقد اعترب النيب - كل أهم وثيقة دستورية وقانونية صدرت عنه لتنظيم العالقة صلى اهللا عليه وسلم يف كتابه الذي يش

والتعايش األخالقي بني املسلمني واليهود يف املدينة ، لوال نقضهم العهد.حرص اإلسالم على التعايش والتعامل األخالقي الذي يقوم على أساس احملبة واألخوة -

اإلنسانية. أسباب اختيار الموضوع :

3

إن التعايش بني املسلمني وغريهم يف الدولة املسلمة ينبين على بيان خصائص الشريعة - ومقاصدها؛ ألن املقاصد الشرعية مرتبطة ارتباطا قويا بنظام حياة اتمع اإلسالمي فكان من الضروري

. البحث يف هذا املوضوع احليوي بيان النصوص القرآنية واألحكام الفقهية اليت تدعو وحتث على صنع مناخ التعايش مع اآلخرين. -

استنباط األدلة واألحكام والقواعد من النصوص الشرعية ، واليت تكفل العيش للناس يف ظل - دولة واحدة متنح مواطنيها من املسلمني وغريهم كامل حقوق املواطنة.

ابراز الرؤية األصولية العامة من النصوص الشرعية اليت حتدد طبيعة عالقة التعايش دف البحث ، ويه كما يهدف إىل إبراز معىن التعايش يف القرآن الكرمي وفق رؤية أصولية , تتجاوز إىل فهم روح بني اآلخرين.

التشريع من خالل النصوص , ومن هنا يتضح أمهية البحث . .أما منهجي يف البحث فقد انتهجت املنهج االستقرائي التحليلي

وعليه فقد اشتمل البحث على : مقدمة ومخسة مباحث وخامتة . أما املقدمة : فقد بينت فيها : سبب اختيار املوضوع وأهدافه وأمهيته واملنهج الذي انتهجته مث خطة

البحث وهي على النحو التايل: صطلحات البحث التعريف مب تمهيد ال

بني املسلمني والنصوص الدالة عليه األخالقي التعايش :املبحث األول بني املسلمني وغريهم األخالقي املبحث الثاين: التعايش لعالقة املقاصد الشرعية بالتعايش والنصوص الدالة عليها، المبحث الثالث :

المبحث الرابع : التعايش األخالقي وأثره في حياة الفرد والمجتمع .ثم فهرست البحث. ثم خاتمة البحث ذكرت فيها أهم النتائج والتوصيات

4

تمهيد التعريف بمصطلحات البحث

) وهو العيش على هذه األرض من بين 1عايشه: عاش معه. والعيش معناه احلياة،( التعايش لغة: آدم كافة دون تفريق، وتعىن أيضا: االشرتاك يف احلياة على األلفة واملودة. والتعايش على وزن تفاعل

]١١النبأ: ﴾وجعلنا النـهار معاشا﴿ الذي يفيد العالقة املتبادلة بني طرفني. قال تعاىل ، وأعاشه الله من قوله معاشا ومعيشا يصلح أن يكون مصدرا " كل واحد2: " قال الجوهري

عايش مصدر تعايش. عيش مشرتك بني أقوام خيتلفون مذهبا أو دينا أو بني دول ذات عيشة راضية 3مبادئ خمتلفة. تعايش يتعايش، تعايشا، فهو متعايش .

لهم ومعامالم حيث ما مخالقي بني الناس يف تعاهو اتفاق وقبول وتصاحل ا اصطالحا : التعايش أو هو أن تعيش مع األخرين بقبول وسلم سواء أكانوا موافقني لك أم )4(وجدوا يف نفس الزمان واملكان.

فيه فهو شيء يعاش به أو وكل ، للمخلوقات كافة التعايش إذا دون أن يتعرض أحدمها ألخر، خمالفني، .معاش، النهار معاش، واألرض معاش للخلق يلتمسون فيها معايشهم

. اجلمع ]4القلم : ﴾وإنك لعلى خلق عظيم ﴿: اخلليقة اعين الطبيعة، ويف التـنزيل: الخلقوالخلق و أخالق ال يكسر على غري ذلك.

بع، واملروءة والدين(قال الفريوزآبادي: "اخللق: بالضم5، وبضمتني: السجية والط( خالق الناس خبلق حسن ... ال تكن كلبا على الناس يهر وخالق الناس: عاشرهم على أخالقهم.

)6(ورجل خليق وخمتـلق: حسن اخللق.أحدمها عام، واآلخر أخص من األخر.ارين: تطلق األخالق باعتب اصطالحا : الخلق

نفس راسخة، عنها فمن العام ما ذكره الغزايل حني عرف اخللق بقوله: "اخللق عبارة عن هيئة يف ال تصدر األفعال بسهولة ويسر من غري حاجة إىل فكر ورؤية.(7) فقد جاءت كلمة اخللق يف القرآن

]137 ﴾الشعراء: إن هذا إال خلق األولني على لسان قوم هود ﴿ يف موضعني : األول: قوله تعاىل

]4﴿ وإنك لعلى خلق عظيم﴾ القلم :والثانية قوله تعاىل يف سورة القلم خماطبا سيد اخللق أمجعني

(ع ي ش) اخلليل . العني - 1 الصحاح وتاج اللغة اجلوهري. - 3 (ع ي ش) بتصرف يسري.معجم اللغة العربية املعاصر - 4 )،793( .بريوت - دار الفكر لقاموس احمليط . االفريوزآباد 5 )3/536(خ ق ل) ( احملكم واحمليط األعظم . ابن سيده - 6 ) 47/ 3إحياء علوم الدين (الغزايل . - 7

5

عارضة ال يقال: خلقه قيل هي هيئة راسخة؛ ألن من يصدر منه بذل املال على الندور حبالة و السخاء، ما مل يثبت ذلك يف نفسه، وكذلك من تكلف السكوت عند الغضب جبهد أو روية ال يقال: خلقه احللم، وليس اخللق عبارة عن الفعل، فرب شخص خلقه السخاء، وال يبذل، إما لفقد املال أو

)8(ملانع، ورمبا يكون خلقه البخل وهو يبذل، لباعث أو رياء..السري الشديد , ونصصت الشيء : رفعته , ونصصت احلديث إىل فالن : رفعته إليه , :لغة والنص

, وقيل ما رفع يف بيانه إىل أبعد )10(والنص : ما ال حيتمل إال معىن واحدا )9(ونص كل شيء : منتهاه. )11(غاياته

ات : ما دل على والنص فيه ثالثة اصطالح -رمحه اهللا– )12(وقال القرايف: النص اصطالحامعىن قطعا وال حيتمل غريه قطعا كأمساء األعداد , وقيل : ما دل على معىن قطعا وإن احتمل غريه , كصيغ اجلموع يف العموم فإا تدل على أقل اجلمع قطعا وحتتمل االستغراق , وقيل : ما دل على معىن

)13(كيف ما كان وهو غالب استعمال الفقهاء.وقال اجلرجاين : ما ازداد وضوحا على الظاهر ملعىن املتكلم، وهو سوق الكالم ألجل ذلك املعىن،

)14(فإذا قيل: أحسنوا إىل فالن الذي يفرح بفرحي ويغتم بغمي، كان نصا يف بيان حمبته.

)101( ،التعريفات انظراجلرجاين. - 8 )97/ 7لسان العرب, ( ابن منظور. ) , 1058, ص 3( ن ص ص) ( مرجع سابقالصحاح اجلوهري. - 9

) . 93شرح احمللى على الورقات ( - 10 ) 43( ،احلدود الباجي . - 11القرايف هو اإلمام شهاب الدين أبو العباس أمحد بن إدريس بن عبد الرمحن الصنهاجي األصل املصري املالكي الفقيه األصويل , من - 12

).1/215)، واملنهل الصايف (2/1153مؤلفاته الفروق األحكام وشرح التنقيح ونفائس األصول يف شرح احملصول , كشف الظنون ( )36, (لالفصو شرح تنقيح القرايف .- 13 )241(اجلرجاين . التعريفات مرجع سابق - 14

6

المبحث األول التعايش بين المسلمين والنصوص الدالة عليه

توطئةالسلمي : تـعبري يـراد به التعايش السلمي بني الدول: االتفاق بينها على عدم االعتداء. التعايش :

خلق جو من التـفاهم بـني الشعوب بعيدا عن احلرب والعنف ،تعايشت الدولتان تعايشا سلميا .يف اإلخوانتعايش ، و خالقي بني الناس: فيعيشوا على املودة والعطاء وحسن اجلوار ب/ التعايش اال

غربتهما على األلفة. :أهمية األخالق

إن نصوص القرآن الكرمي، ونصوص حديث النيب صلى اهللا عليه وسلم كلها، إمنا هي يف األخالق ا ما يتعلق باملعاملة مع اهللا اخلالق سبحانه، أو مع سواء منها ما يتعلق باألصول أو بالفروع، وسواء منه

املخلوقني، أو مع النفس. إن لألخالق الفاضلة أمهية عظمى يف حياة اإلنسان سواء بالنسبة له، أو بالنسبة للمجتمع الذي يعيش فيه.

تزاو، وقد حرص إن العالقة اليت حتكم املسلمني ببعضهم هي عالقة التعايش والتعاون والتجاور وال الشرع على التعامل معه على أساس احملبة واألخوة اإلنسانية، واملساواة، وحفظ احلريات، والعدل

واإلنصاف من املثل العليا يف النظام اإلسالمي وهي من مقصود الشرع، وإليك البيان.واة الذي هو أحد املبادئ العامة إن النوع اإلنساين رغم تنوع أعرافه ومنابته ومواطنه فجاء مبدأ املسا

،فلفظ (التعارف) ليس مقصورا على االسم والقبيلة، إمنا هو خطاب للبشرية باملعىن الواسع لروح التعايشيف قول اهللا تعاىل:﴿يا أيـها الناس إنا خلقناكم من ذكر يف تبادل املعارف والعلوم واحملاسن والفضائل

] وقد بينت هذه 13جعلناكم شعوبا وقـبائل لتـعارفوا إن أكرمكم عند الله أتـقاكم﴾ احلجرات:وأنـثى و إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم ﴿ اآلية العموم واخلصوص فأما العموم منهما، ففي قول اهللا

فكل نفس خوطبت ذا، يف زمان رسول اهللا، وقبله وبعده، خملوقة من ذكر ﴾ائل لتـعارفواشعوبا وقـب ؛ ألن ﴾إن أكرمكم عند الله أتـقاكم ﴿وأنثى، وكلها شعوب وقبائل. واخلاص منها يف قول اهللا:

واقتصر على ذكر الشعوب والقبائل ألن ما حتتها )15(التقوى تكون على من عقلها، وكان من أهلها.) ومن هذه اآلية نستنبط أن شريعة اإلسالم, شريعة دميوقراطية حقة، 16داخل بطريق حلن اخلطاب(

فيحصل بينهم التعارف )17( مبعىن أا بنيت على مبدأ العدل واملساواة يف احلقوق بني طبقات الناس فضل لواحد على آخر إال بالتقوى والصالح وكمال النفس ال والتعاون يف مصاحلهم املختلفة، وال

)56(، الرسالة الشافعي. - 15 )26/2259(، التحرير والتنويرابن عاشور. - 16 ).1/142(،الفكر السامي يف تاريخ التشريع احلجوي . 17

7

) ويعد مبدأ 18باألمور الدنيوية الزائلة. وهذه اآلية الكرمية حتدد آداب وسلوك وأخالقيات التعايش. (املساواة أحد املبادئ العامة لروح التعايش األخالقي اليت أقرها اإلسالم وهو من املبادئ اليت تساهم يف

اء اتمع .بنوتشري اآلية إىل أن اإلنسانية رغم ما فيها من اختالف يف األجناس واأللوان واألديان، تعترب وحدة

مرتابطة فيما بينها، فال بد للمسلمني إذن من التعارف مع غريهم، ومن التعاون مع كل من جينح إىل )19(سالم خصوصا.التعاون معهم على ما فيه خري اإلنسانية عموما، وخري اإل

وقد بنيت عالقة املسلمني بغريهم يف الكتاب والسنة على قيم العدل واإلحسان ومبدأ التعايش األخالقي فقد جاد اإلسالم به فهو يدعو إىل التعايش والتسامح مع األفراد قال تعاىل: ﴿وعباد الرمحن

وإذا خاطبـهم اجلاهلون قالوا سالما﴾ الفرقان: ] ويف هذه اآلية الكرمية الذين ميشون على األرض هونا ) والفعل 20مدح اهللا تبارك وتعاىل املؤمنني و املدح من الطرق اليت يعرف ا كون الفعل مندوبا () 21األرض.( املمدوح هو املشي على األرض هونا فهو مدح ملشية باألرجل، مث قييد املشي بأنه على

ويف اآلية عموم أريد به اخلصوص أال وهو قوله (عباد) فأريد املؤمنني ، ألن اهللا سبحانه وتعاىل أعطى أوصاف املؤمنني ومساهم عبادا، ولكن عندما يتحدث عن البشر مجيعا يقول عبيد. كما جاء يف قوله

مت أيديكم وأن اهللا ليس ﴿ تعاىل: لعبيد ذلك مبا قدم لم عباد ]182آل عمران: ﴾ بظال املراد الرمحن املتصفون ذه الصفات؛ فيخرج مبفهوم املخالفة من مل يتصف ا واهللا أعلم.

وأن اهللا تعاىل وصفهم بأم عباده ، وهذا الوصف مشعر بروح التعايش بني السلمني فهم رمحاء يتناحرون، بل هم يف اطمئنان وسالم، وروحانية، ال جيعلون للمادة من فيما بينهم، ال جيافون، وال

حيام إال أن تكون غذاء طيبا يأخذون منه القوة للقيام بواجبهم، وهم يف أوصافهم الظاهرة والباطنة،ال ميشون" عبارة عن " و ) 22يتجربون واليستكربون، وهذا هو روح التعايش الذي يدعو إليه الشرع.(

ة حيام وتصرفام رد التعايش ، فذكر من ذلك العظم، ال سيما ويف ذلك االنتقال يف عيشهم ومدوقد مدح اهللا الصادقني وأثىن عليهم، فقال )23(األرض، وهو معاشرة الناس وخلطتهم ومعايشتهم.

] .وهو قاعدة التعايش بني 119التوبة:سبحانه: ﴿يا أيـها الذين آمنوا اتـقوا الله وكونوا مع الصادقني﴾ )24العباد، والنصوص يف لزومه أكثر من أن تذكر.(

)27/331( ،تفسري حدائق القرآن اهلروري. - 18 )6/65( ،التيسري يف أحاديث التفسري الناصري. - 19 )43،(أصو الفقه الذي ال يسع الفقيه جهله السلمي. - 20 ).19/68(،التحرير والتنوير انظر ابن عاشور. - 21 )5312/ 10( ،انظر زهرة التفاسري أيب زهرة. - 22 )13/68( ،انظر اجلامع ألحكام القرآن القرطيب. - 23 )3( ،ناهي اللفظية معحم املأبو زيد. - 24

8

تعاىل ﴿ لقد أرسلنا رسلنا بالبـيـنات وأنـزلنا معهم الكتاب والميزان قال تبادل المنافع بين الناس : ب إن وأنـزلنا احلديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليـعلم الله من يـنصره ورسله بالغي ليـقوم الناس بالقسط

] (ومنافع للناس) مصاحل تنفعهم يف معاشهم وتيسري أعماهلم كالسكني 25الله قوي عزيز﴾احلديد:حنوها إذ ما من صنعة إال واحلديد أو ما يعمل باحلديد آلتها، وفيه داللة إمياء إىل أن والفأس، واالبرة و

القيام بالقسط كما حيتاج إىل الوازع القائم بالسيف؛ ليحفظ العدل، حيتاج إىل ما به قيام التعايش ليتم )25الصنائع.( التمدن الذي حيتاجه بقاء النوع الذي حيتاج ايضا اىل ما به قوام التعايش من

ال بد ]147وقال تعاىل ﴿ما يـفعل الله بعذابكم إن شكرمت وآمنتم وكان الله شاكرا عليما﴾ النساء : أن يكون لكل إنسان عمل ما ينفع الناس. إذن فلكل إنسان عمل ينفع الناس به حىت يتحقق

حيتاج إىل اآلخر فال بد من إطار التعايش السلمي يف احلياة. ال أن االستطراق النفعي، وألن كال منايكون العراك هو أساس كل شيء؛ ألن العراك يضعف القوة ويذهب ا سدى، وسبحانه يريد كل قوى

)26(اتمع متساندة ال متعاندة.ا الرتباطها باألسرة ان قضية التعايش بني االزواج هي من اعمق القضايا نظر :التعايش بين الزوجين

فالزواج يف جوهره تعايش بني واالبناء ومستقبل العائلة و وتقوم عليه أواصر اتمع بشكل كبري ، .شخصني خمتلفني يف الطباع والسلوكيات

اليتامى قال تعاىل : ﴿ وإن خفتم أال تـقسطوا يف والنصوص الدالة عليه كثرية منها : قوله تعاىل ملكت أميانكم فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثـىن وثالث ورباع فإن خفتم أال تـعدلوا فـواحدة أو ما

ربع مقصود ذلك أدىن أال تـعولوا ﴾ إباحة النكاح مقصودة من سياق النص تبعا، قصر احلل على األ ،وتشريع )27(من سياق النص أصالة، كذلك وجوب االقتصار على واحدة عند خوف اجلور عند التعدد

الزواج وإباحة التعدد هي أول وسيلة من وسائل حتقيق مقصد التعايش، وأيضا تشريع الزواج لضمان النظيفة على هذه األرض، التناسل وإجياد النفس، وقد شرع اإلسالم الزواج ليكون سببا لوجود احلياة

ولضمان بقاء النوع اإلنساين واستمراره بأفضل الطرق وأحسن الوسائل، وحرم كل السبل اليت تكون سببا لوجود اإلنسان على غري أساس .

ها وقال تعاىل نكم مودة ﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنـفسكم أزواجا لتسكنوا إليـ وجعل بـيـ] جاء التعبري بالنفس ألن أقرب انسان للمرء هي 21الروم : ﴾ورمحة إن يف ذلك آليات لقوم يـتـفكرون

زوجته، فكأا منه ومن نفسه ويكمن التعايش بني الزوجني الذي دلت عليه آيات اهللا وقدرته أن خلق وجة لنجد السكون والطمأنينة والراحة بعد الشغل والتعب والعمل يف اخلارج، وجعل بني لنا من أنفسنا ز

) 9/1306( ،التفسري الوسيط .)، جممع البحوث 9/380( ،روح املعاين األلوسي. - 25 ).5/2754(،تفسري الشعرواي الشعراوي. - 26 ).3/139( ،تيسري التحرير . أمري باد شاه - 27

9

املرأة وزوجها مودة وهي: احملبة، ورمحة وهي الشفقة والرأفة، بعد أن مل يكن بينه وبينها نسب وال صلة، ومرجعا وال يسمح بوجودها قبل أن يتزوجها، وال تسمح بوجوده قبل أن تتزوجه، مث أصبحت له سكنا

جيد عندها راحته وموضع أسراره وموضع شكواه وال حيل حملها أحد على عظمة األب وحرمة األم وما يقال هلا ال يقال لألب وال لألم وال للولد، فهي موضع السكن واملودة، فيودها وتوده، ويرمحها وترمحه،

ني الزوجني يبين على السلوك ويرؤف ا وترؤف به، ويشفق عليها وتشفق عليه ، فالتعايش احلسن ب وعدم التنازع، والصدق يف النية واالحرتام ،و املرونة واحلب.

وجعل اهللا عز وجل السكن لإلنسان الذكر مع األنثى بالعقد الشرعي الذي شرعه اهللا سبحانه، قال: (فإنكم وهو النكاح الذي ذكره النيب صلى اهللا عليه وسلم، وأخربنا عنه يف وصيته بالنساء ف

. فالزواج مبين على املودة والرمحة يف االسالم وهو )1(أخذمتوهن بكلمة اهللا واستحللتم فروجهن بأمانة اهللا)ويف قوله ] 32وهو التعايش للتستمر احلياة. ﴿وأنكحوا األيامى منكم والصاحلني من عبادكم﴾ النور:

ويف النص دليل على استحباب تزويج (وأنكحوا ) أمر وصيغة األمر اردة عن القرائن تقتضي الوجوبعسار، وال ينتظر به حالة الثروة، بل هو سببها أن كانا أهل الصالح، وأن النكاح أنه جيوز مع اإل

] فندب إليه ووعد به الغين، 23يكونوا فـقراء يـغنهم اهللا من فضله﴾ النور: فقريين. قال اهللا تـعاىل: ﴿أنوقد سبق حديث الرجل الذي مل جيد خامتا من حديد يصدق به زوجته، وهو نص على نكاح من ال

لة بنائه ا، وال شك أن التـرجيح يتبع المصاحل ومقاديرها خمتلفة، وصاحب الشرع يقدر على فطر ليـوعن سهل بن رضي اهللا عنه ( أن امرأة أتت النيب )2(صلى اهللا عليه وسلم أعلم بتلك المقادير واملصاحل.

نساء من حاجة، فـقال رجل يا النيب صلى اهللا عليه وسلم فـعرضت عليه نـفسها، فـقال: مايل اليـوم يف الرسول اهللا! زوجنيها. قال: ما عندك؟ قال: ما عندي شيء. قال: أعطها ولو خامتا من حديد. قال: ما

)3(تكها مبا معك من القرآن.عندي شيء. قال: فما عندك من القرآن؟ قال: كذا وكذا، قال: فـقد ملك فالزواج رباط عظيم فالتعامل بيتهما مبين على الفضل واإلحسان وهذه مرتبة التعايش والتسامح يف احلقوق والغض مما يف النفس، واحلرص على املعاملة باألخالق الكرمية واملعاملة احلسنة والتعايش

األخالقي ] فجعل19﴿وعاشروهن بالمعروف﴾ النساء :فقال تعاىل لعشرة وأمر اهللا الزوج بحسن ا

حسن العشرة بينهما الذي هو أساس املسؤولية ، واألساس الذي يضمن لنا األساس يف اجتماع الزوجنيوهلن مثل الذي عليهن ﴿وقال تعاىل ، سيادة جو املودة والرمحة والتعايش والذي به يتحقق الوفاق

فيعاشر زوجته باللطف واللني ) 18(] وهي املعاشرة وحسن الصحبة اجلميلة 228البقرة : ﴾بالمعروف

)2/882) (1228مسلم : باب حجة النيب صلى اهللا عليه وسلم ( - 1 ).20/66( ،عمدة القاري العيين. - 2 )192م6) (5030البخاري باب تزويج املعسر ( - 3

10

والبشاشة، حيلم إذا غضبت، ويرضيها إن سخطت، يتحمل األذى منها، ويعتين بعالجها إن مرضت، الواجبات، وترك احملرمات، يعلمها الدين إن جهلت أو أمهلت، ويعينها يف خدمة بيتها، ويأمرها بفعل

)1(وال يكلفها ما ال تطيق، وال حيرمها ما تطلب من املمكن املباح، وحيفظ كرامة أهلها وال مينعها عنهم. ) 2( وقيل هي املعاشرة بالفضل واإلحسان قوال وفعال وخلقا وهي مندوب إليها ومستحبة.

].وأن 130ز وجل: {وإن يـتـفرقا يـغن اهللا كال من سعته وكان اهللا واسعا حكيما النساء: قال اهللا ع مل يلتزم الزوجان أو أحدمها آداب العشرة حىت وإساءات العشرة حىت مل يبقى جمال إلصالح، وال

من تشريع قانون احتياطي، يلجوء إليه -هذه وسيلة لتفاهم وتعايش بني الزوجني. فكن ال بد ـ واحلالةيف مثل هذه احلالة، حلل عقدة الزواج على حنو ال در فيه حقوق أحد الطرفني، ما دامت أسباب

)3(التعايش قد باتت معدومة فيما بينهم.لغن قال تعاىل ﴿ وقضى ربك أال تـعبدوا إال التعايش بين الوالدين : إياه وبالوالدين إحسانا إما يـبـ

هرمها وقل هلما قـوال كرميا و اخفض هلما جناح عندك الكبـر أحدمها أو كالمها فال تـقل هلما أف وال تـنـواألمر يقتضي الوجوب. ]24، 23: ما كما ربـياين صغريا﴾اإلسراءالذل من الرمحة وقل رب ارمحه

ومقصد اإلسالم من األمر برب الوالدين وباب صلة الرحم ينحل إىل مقصدين:أحدمها: نفساين وهو تربية نفوس األمة على االعرتاف باجلميل لصانعه، وهو الشكر، فكما أمر

ق أمر بشكر الوالدين على نعمة اإلجياد الصوري ونعمة الرتبية والرمحة. بشكر اهللا على نعمة اخللق والرز واملقصد الثاين عمراين، وهو أن تكون أواصر العائلة قوية العرى مشدودة الوثوق فأمر مبا حيقق ذلك

طفة الوثوق بني أفراد العائلة، وهو حسن املعاشرة لرييب يف نفوسهم من التحاب والتواد ما يقوم مقام عا األمومة الغريزية يف األم، مث عاطفة األبوة املنبعثة عن إحساس بعضه. ابن عاشور

قرن برمها بأمره الناس بعبادته وحده، -تعاىل- وقد اهتم اإلسالم وشدد يف أمر الوالدين، حىت إن اهللا ] ، وى عن أذيتهما 36فقال سبحانه﴿ واعبدوا اهللا وال تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا﴾ النساء:

﴾ األسراء : حىت ولو بكلمة يسرية من األذية وقال تعاىل﴿ فنهى عن ذلك، ألنه 23وال تـقل هلما أف [مناف لقوله: ﴿ وقل هلما قـوال كرميا﴾ فعلم أن يه عنه لكونه ينايف اإلكرام واإلعظام، ودل من جهة

وأيضا يستفاد من سياق اآلية مبدئها وخمتتمها املشتمل على )4(مهما.األوىل على املنع من ضرما وشتوليس املقصود من النهي عن أن يقول هلما أف )5(األمر بالرب، والتنبيه على ما تقدم من حقهما.

)1/20(، انظر زاد املسري يف علم التفسري ابن اجلوزي. - 1 ).2/334(،بدائع الصنائع الكاساين. - 2 ) 4/120الفقه املنهجي على مذهب اإلمام الشافعي : للخن ، والبغا ( - 3 ).4/17( ،التمهيد يف أصول الفقه أبو اخلطاب. - 4 ).325(،إيضاح احملصول املازري. - 5

11

خاصة، وإمنا املقصود النهي عن األذى الذي أقله األذى باللسان بأوجز كلمة، وبأا غري دالة على أكثر الضجر لقائلها دون شتم أو ذم، فيفهم منه النهي مما هو أشد أذى بطريق فحوى اخلطاب من حصول

. وذلك أنه إذا كرب الوالد فإنه يكون حمال لألذى وما يتأفف منه؛ ألنه يعود ضعيفا كما كان، )1(باألوىلصوتك عليهما فقد ال ينزه نفسه، وال يستطيع أن يستقل مبا ينبغي أن يفعله بنفسه، ال تنهرمها ترفع

،وهذا ال جيوز، وأمر جل وعال أن يقول هلما قوال كرميا لينا سهال داعيا لرضامها، ولكي يستمر الرب أمر باالستغفار هلما، سواء كانا حيني أم ميتني، يستغفر هلما، وحيسن إليهما اإلحسان الدنيوي واإلحسان

إليك سابقا، ومها يرجوان قوتك ورشدك وشدتك، األخروي، ونبه جل وعال على أن الوالدين قد أحسنا بدل اإلحسان إساءة ،قال أما أنت إذا أحسنت فأنت ترجو موما وراحتك منهما، فال ينبغي أن يكون

] بعد الرتبية والسهر والكد ينبغي لك أن 24تعاىل: {وقل رب ارمحهما كما ربـياين صغريا} [اإلسراء: ا وهذا هو التعايش الذي ينبغي أن يكون مع الوالدين .حتسن إليهم

قال تعاىل ﴿ فـهل عسيتم إن تـوليتم أن تـفسدوا ىف األرض وتـقطعوا التعايش بين ذوي األرحام : ) من الرمحن، 2إن الرحم شجنة (( ال النيب، عليه السالم: وعن أبو هريـرة، ق ] 22أرحامكم ﴾حممد:

) ومن مبدأ التضامن االجتماعي فقد حرص 3فـقال الله تـعاىل: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته)(واحلد اإلسالم من أول األمر على أن يقرر حق الفقراء يف مال األغنياء وحيمل األغنياء مسئولية كفايتهم

وذلك يعترب يف ةالذي ينتهي إليه العطاء يف الصدقة هو الكفاية اليت تكون ا قوام العيش وسداد اخللقال ،كل إنسان بقدر حاله ومعيشته ليس فيه حد معلوم حيمل عليه الناس كلهم مع اختالف أحواهلم

حسان وإيتاء ذي القرىب وينهى عن الفحشاء واملنكر والبغي يعظكم تعاىل ﴿إن الله يأمر بالعدل واإلويف النص أمر من اهللا تعاىل لعباده بالعدل يف اقواهلم وأفعاهلم، واإلحسان ]9النحل : لعلكم تذكرون﴾

جون إليه اىل الناس والتفضل عليهم ومساعدم، وأيضا أمر بصلة األقارب واألرحام وإعطائهم ما حيتاوكل ذلك من أجل دعم روابط احملبة بني األسر، ويف النص ى عن إتيان الفواحش والغلو يف حتصيل

الشهوات، كما ينهى عن الظلم واالعتداء على الغري ليعيش اتمع يف وئام وسلم وسالم.عليه وسلم (ال تـنكح ى رسول اهللا صلى اهللا والستمرار ذلك التعايش األسري بني األهل واألقارب

تها ،أو علي خالتها" وقد ذكر أهل العلم من مجلة الصلة النفقة على األقارب، فقالوا: )4(المرأة على عمإن اإلنسان إذا كان له أقارب فقراء وهو غين وهو وارث هلم، فإنه يلزمه النفقة عليهم؛ كاألخ الشقيق مع

).15/70( ،التحرير والتنوير . ابن عاشور - 1 أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، شبهه بذلك جمازا واتساعا. وأصل الشجنة بالكسر والضم: شعبة يف غصن من غصون الشجرة: -2

) 2/247( ،النهاية يف غريب احلديث واألثر ابن األثري. )8/6) (5988البخاري باب من وصله وصله اهللا ( - 3 )2/1029) (1408) ، مسلم باب ترحيم اجلمع بني املرأة وعمتها (7/12) (5110البخاري باب ال تنكح املرأة على عمتها ( - 4

12

هذا يرثه لو مات فإنه جيب على الوارث أن ينفق على أخيه ما دام غنيا، أخيه الشقيق، إذا كان األخ ا وأخوه فقريا عاجزا عن التكسب، فإن هذا من مجلة الصلة ، وقالوا أيضا: إن من مجلة اإلنفاق أنه إذ

يف وجاء ) 1(إلنسان من أشد احلاجاتفاالعفاف ل ليتحصنوا أو يعفوا احتاج إىل النكاح فإنه يزوجه؛ هما قالت (أتـتين أمي راغبة يف عهد النيب صلى الله عليه - احلديث عن أمساء ابنة أيب بكر رضي اهللا عنـ

فمن حيث إن الرب واإلحسان )2(آصلها قال نعم) -صلى الله عليه وسلم -فسألت النيب -وسلم ويف النص داللة جواز بر املؤمن ألهل احلرب ممن بينه وبينه قرابة نسب، أو ممن ال قرابة ر به.إليهم مأمو

بينه وبينه وال نسب غري حمرم وال منهي عنه.وقد أوصى القرآن حبسن املعاملة مع اجلار وإن كان من غري املسلمني التعايش مع الجار :

،وأمرنا التعاون على الرب والتقوى، واحرتام الكرامة اإلنسانية قال تعاىل﴿ واعبدوا الله وال تشركوا به شيئا ساكني واجلار ذي القرىب واجلار اجلنب والصاحب باجلنب وبالوالدين إحسانا وبذي القرىب واليتامى والم

] 36وابن السبيل وما ملكت أميانكم إن الله ال حيب من كان خمتاال فخورا﴾ النساء: يع الناس من الصغري والكبري، سواء و هذه اآلية اشتملت على أصناف من يندب له اإلرفاق من مج

حرا أو عبدا ذكرا أو أنثى، قريبا أو بعيدا، حاضرا أو غائبا، صحيحا أو مريضا، جارا أو غريه أنه أحدها:- هو املصاحب املالزم للمكان وفيه ثالثة أقوال: خمتلف يف معناه قيل والصاحب باجلنب

أنه الرفيق، هو الذي الثالث :و 4الضيف والرفيق يف السفر. ي: أنهالثانوقيل الزوجة، و )3(الزوج. )85( يلصق بك رجاء خريك ،وكل من هو ملم بك لطلب أن تنفعه، وقيل هو رفيقك حضرا وسفرا.

وابن السبيل هو الغريب اتاز بقوم غري ناو اإلقامة، ألن من فيكون املعىن: ذي القرىب منكم باإلسالم،اجلار اجلنب وهذا هو التعايش الذي يدعو إيه ديننا احلنيف . وأكدت السنة الوصاية باجلار يف أقام فهو

أحاديث كثرية: فعن عائشة أن النيب صلى اهللا عليه وسلم: قال (ما زال يوصيين جربيل باجلار، حىتوالله ال يـؤمن، والله ال يـؤمن، والله ال «يه وسلم: صلى اهللا عل وقال رسول اهللا )6(ظنـنت أنه سيـورثه)

هو مجع بائقة وهي الداهية )7(»الذي ال يأمن جاره بـوايقه «قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: » يـؤمن

)497(،تيسري التفسري القطان. - 1 )3/164)(2620البخاري باب اهلدية للمشركني ( - 22

).1/393(،ر يف علم الوجوه والنظائرنزهة األعني النواظابن اجلوزي. - 3نيل األوطار الشوكاين. ).،3/490(،لصاوي على الشرح الصغري انظر بلغة السالك ألقرب املسالك املعروف حباشية االصاوي. - 4)7/236.( ) ، 1/404( مرجع سابقزاد املسري ابن اجلوزي. ) ،8/484( ،انظر احلاوي الكبري يف فقه مذهب اإلمام الشافعي املاوردي. - 5

) .5/51( مرجع سابقالتحرير والتنوير حسان إليه ( -6 ).4/2025)(2625مسلم باب الوصية باجلار واإل ).8/10) (6014البخاري باب الوصاة باجلار( -7

13

)1 (بوائقه ظلمه وغشه، وقيل غوائله وشره.والشيء املهلك واألمر الشديد الذي يؤتى بغتة، وقال قتادة: الناس حيث ما وجدوا وتعايش ى املودة والعطاء وحسن اجلواراجلريان تعايش قائم عل فالتعايش بني

. يف نفس الزمان واملكان

).2/133( ،شرح مسلم النووي. -1

14

المبحث الثاني

أخالقيات التعايش بين المسلمين وغيرهمأن أسس التعايش، املعترب الذي حيكم العالقة بني املسلمني وغريهم هو قانون القسط والعدل

وجاد القرآن الكرمي يف نصوصه مببدأ التسامح مع اجلماعات املخالفة وأخالقية الرب واإلحسان،لرب واإلحسان، وخمتلف وتتلخص صور التعايش املسلمني مع غري املسلمني يف جمالني مها خمتلف جمال ا

مكارم األخالق : وإليك األدلة. مختلف مجال البر واإلحسان : أوال: حسن العشرة واملعاملة احلسنة،

ين ومل خيرجوكم من دياركم أن ذين مل يـقاتلوكم يف الده عن الهاكم الل تـبـروهم قال تعاىل: ﴿ال يـنـعايش ].واستنبط من هذه اآلية ما يدل على الت8وتـقسطوا إليهم إن الله حيب المقسطني﴾ [املمتحنة:

أن صرح النص بعدم النهي عن الرب والعدل مع اجلماعات املخالفة ، ونفي النهي من أساليب القرآن يف ورخص اهللا تعاىل يف صلة الذين مل يقاتلوا املؤمنني من الكفار، وقد أقرت هذه اآلية )1(التخيري واإلباحة.

يسبق أن عرف التاريخ كفالة احلريات التعايش السلمي مع غري املسلمني يف ظل احلكم اإلسالمي، وملوقال تعاىل﴿ وال جيرمنكم شنآن قـوم على أال تـعدلوا . العقيدية والعبادية قبل أن يأيت اإلسالم بتقريرها

فيحمل اللفظ هؤالء القوم بأناس حمددين؛ - سبحانه-] ومل خيص 5اعدلوا هو أقـرب للتـقوى ﴾ املائدة :على عمومه ، ليدخل فيه أي قوم، بل مل حيدد حىت باملسلمني، فيصدق هذا على املسلمني وغري

املسلمني. فقد أسس القرآن الكرمي هذا املبدأ الذي هو من أخالقيات التسامح والتعايش مع غري املسلمني

عدى إىل الرب واإلحسان ، قال اهللا تعاىل﴿ عسى الله أن أن األمر مل يقتصر على العدل فقط وإمنا يتهم مودة والله قدير والله غفور رحيم ﴾ املمتحنة: نكم وبـني الذين عاديـتم منـ وتدل اآلية ] 7جيعل بـيـ

أن كان من أهلها، ويف إجياب النفقة نوع على أن مواصلة الذمي مباحة غري ممنوعة، وجتب له النفقة بر، فجاز اجياا. كما جاء يف القاعدة األصولية الفرق بني قاعدة بر أهل الذمة وبني قاعدة التودد

وقيل ال مينع ذلك باختالف الدين من النفقة وال جتب النفقة إال للزوجة واألبوين واألجداد )2(هلم)واجلدات والولد وولد الولد) أما الزوجة فلما ذكرنا أا واجبة هلا بالعقد الحتباسها حلق له مقصود، وهذا

ىن نفسه، فكما ال ميتنع نفقة نفسه ال يتعلق باحتاد امللة، وأما غريها فألن اجلزئية ثابتة وجزء املرء يف مع

).67(،سالمي تاريخ التشريع اإلالقطان : مناع . - 1 )3/14(،الفروق القرايف. - 2

15

لكفره ال ميتنع نفقة جزئه إال أم إذا كانوا حربيني ال جتب نفقتهم على املسلم وإن كانوا مستأمنني، ألنا ))1ينا عن الرب يف حق من يقاتلنا يف الدين.

غاثة، وحنو ذلك من إباحة إيصال الرب واملعروف اإلنساين إليهم، ومن ذلك جواز اهلدية واإل أعمال األخالق احلسنة، بضوابطها األخالقية الشرعية ومما يؤيد ذلك ما روي عن أمساء بنت أيب بكر

قدمت أمي، وهي مشركة يف عهد قريش، إذ عاهدوا، فأتيت النيب صلى اهللا «رضي اهللا عنهما قالت: » أصلها؟ قال: نعم، صلي أمكعليه وسلم، فقلت: يا رسول اهللا، إن أمي قدمت وهي راغبة، أف

فإمرها النيب صلى اهللا عليه وسلم بصلة أمها وهي ليس على دين اإلسالم، ويف رواية : قدمت قتيلة ضناب وأقط ومسن، وهي مشركة، فأبت أمساء - بنت عبد العزى على ابنتها أمساء بنت أيب بكر داياائشة أن سلي عن هذا رسول اهللا صلى اهللا عليه أن تقبل هديتها أو تدخلها بيتها، حىت أرسلت إىل ع

وسلم، فأخربته، فأمرها أن تقبل هداياها وتدخلها منزهلا، . والرب أعلى أنواع املعاملة، فقد أمر اهللا به يف بقوله: (الرب حسن -صلى اهللا عليه وسلم -باب التعامل مع الوالدين، وقد وضحه رسول اهللا

)2()اخللقيف كالم نفيس يف ضوابط املعاملة مع غري املسلمني، و بني ما جيوز - رمحه اهللا -القرايف وقد أجرى

منها وما ال جيوز فقال "وأما ما أمر به من برهم ومن غري مودة باطنية فالرفق بضعيفهم وسد خلة على سبيل فقريهم وإطعام جائعهم وإكساء عاريهم ولني القول هلم على سبيل اللطف هلم والرمحة ال

اخلوف والذلة واحتمال أذيتهم يف اجلوار مع القدرة على إزالته لطفا منا م ال خوفا وتعظيما والدعاء هلم باهلداية وأن جيعلوا من أهل السعادة ونصيحتهم يف مجيع أمورهم يف دينهم ودنياهم وحفظ غيبتهم

وقهم ومصاحلهم وأن يعانوا على إذا تعرض أحد ألذيتهم وصون أمواهلم وعياهلم وأعراضهم ومجيع حقدفع الظلم عنهم وإيصاهلم جلميع حقوقهم وكل خري حيسن من األعلى مع األسفل أن يفعله ومن العدو أن يفعله مع عدوه فإن ذلك من مكارم األخالق فجميع ما نفعله معهم من ينبغي أن يكون من هذا

عظيم هلم وحتقري أنفسنا بذلك الصنيع هلم وينبغي القبيل ال على وجه العزة واجلاللة منا وال على وجه الت )3(لنا أن نستحضر يف قلوبنا ما جبلوا عليه من بغضنا وتكذيبهم نبينا صلى اهللا عليه وسلم

فالشريعة كلها حتض على السلم الصحيح املبين على إقامة العدل الذي يكفل التعايش بني الناس ورة إجياد السلم به، إذ احلرب إذا تعني طريقا للسلم كان سلما، ومن وشرف األمة ، وتأىب احلرب إال لضر

القضايا األولية "إذا أردت السلم فاستعد للحرب"، وبذلك الصلح أمنت الدعوة لإلسالم من املعارضة،

).4/416( ،فتح القدير .بن اهلماما - 1 )4/1980)(2553باب تفسري الرب واإلمث ( .مسلم - 2 )3/14(،الفروق .للقرايف - 3

16

ولكن جاء املنع من التودد واملواالة ألهل الذمة كما قال تعاىل )1(وانتشرت دعاة اإلسالم يف اآلفاق.ين. ذين قاتـلوكم يف الدفمبدأ التعايش املقبول يقوم على أساس عدم املساس بأصل من أصول ﴾ ﴿ ال

الدين، من قرآن وسنة ونقلة هلما، ويقوم على عدم املساس بأمهات املؤمنني الطاهرات املطهرات .ع وحمو آثار السباب املمقوتالعفيفات النزيهات، مبدأ التعايش املقبول يكون بالبعد عن الكذب واخلدا

ويعامل اإلسالم أهل الذمة مبعاملة الشريعة اإلسالمية اليت توصي بأن هلم ما لنا وعليهم ما علينا، عليه - وخففت عنهم التجنيد وجعلت بدله اجلزية لئال تكلفهم القتال على وطن غري وطنهم، وقال

)2(»يرح رائحة اجلنة، وإن رحيها ليوجد من مسرية أربعني عامامن قـتل نـفسا معاهدا مل «السالم: "وال جتادلوا أهل الكتاب إال باليت هي أحسن إال ﴿ قال تعاىل ثانيا : الجدال بالتي هي أحسن:

هم وقولوا نا وأنزل إليكم وإهلنا وإهلكم واحد وحنن له الذين ظلموا منـ مسلمون﴾ آمنا بالذي أنزل إليـ]. ومل ينكر أحد من الصحابة قط اجلدال يف طلب احلق وأما التابعون ومن بعدهم 46العنكبوت:

نصره , وإظهار الباطل وبيان فساده , وأن فتوسعوا يف ذلك فثبت أن اجلدال احملمود هو طلب احلق و إن أبـغض الرجال إىل اهللا األلد , الذي قال النيب صلى اهللا عليه وسلم: ( )3(اخلصام بالباطل هو اللدد

)4(اخلصم) قال تعاىل {آمن الرسول مبا أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ثالثا : التعايش مع األديان األخرى:

آمن بالله ومالئكته وكتبه ورسله} البقرة : ] . كما أكد القرآن الكرمي أن الذي أنزل على موسى وراة فيها هدى ونور} تدل اآليات وعيسى عليهما السالم هدى ونور للناس. قال تعاىل: {إنا أنـزلنا التـ

الكرمية على أن اإلسالم أنه دين يعرتف باألديان السماوية األخرى، وأن نيب اإلسالم حممدا صلى اهللا عليه وسلم قد آمن مبا أنزل على موسى وعيسى مما مل حيرفه اليهود وال النصارى. فأي تعايش وتساكن

فضل مما جاءت به الشريعة اإلسالمية ،وهذه أبرز مسات الدين اإلسالمي ومزاياه احلميدة اليت واعرتاف أ )5(تدعو إىل العايش األخالقي.

واإلسالم وفق أخالقياته ومسو نظرياته إىل معايشة األديان األخرى والتساكن معها مهما اختلفت الناس حلكمة يعلمها هو جل وعال. يؤكد ألن هذا االختالف بني الناس أمر حتمي قضى به خالق

يعا أفأنت تكره الناس حىت يكونوا ﴿ ذلك قوله تعاىل: ولو شاء ربك آلمن من يف األرض كلهم مجات . وهذه النصوص تدل على أن القواعد التشريعية اإلسالمية يف فقه العالق ]99﴾يونس مؤمنني

).1/193(،الفكر السامي يف الفقه اإلسالمي احلجوي.- 1 )4/99) (1316البخاري باب من قتل معاهد بغري جرم ( - 2 ).1/560( ،الفقيه واملتفقه . خلطيب البغداديا - 3 )3/131) (2475البخاري ياب قول اهللا تغاىل هو االلد اخلصم ( - 4 .)7ص( اتمع املدين يف عهد النبوة. خصائصه وتنظيماته األوىل: ، الس العلمي، اجلامعة اإلسالمية . أكرم العمري - 5

17

الدولية والتساكن والتعايش األخالقي مع غري املسلمني قد سبقت كل قواعد القانون الدويل بأربعة عشر قرنا فيما يتعلق بالعالقات اإلسالمية . ومن مظاهر التعايش التميز يف صيانة احلقوق واألخالق ما

)1مية.(منحته الشريعة اإلسالمية من مزايا وأمان لألجانب يف ظل الدولة اإلسالسواء أكانوا ومما يدل على التعايش بني املسلمني وغريهم ، : الثاني : مختلف مكارم األخالق

م ، واملسلمني يف يف دار اإلسالم أو غريها ورد األمر من اهللا تعاىل إىل نبيه حممد صلى اهللا عليه وسل - آيات كثري أمروا فيها بالعدل وإليك البيان:

حسان وإيتاء ذي القرىب ويـنـهى عن األمر بالعدل واإلحسان :أوال : ﴿ إن الله يأمر بالعدل واإليجب حتقيق مفهوم العدالة تطبيقا ] ف90الفحشاء والمنكر والبـغي يعظكم لعلكم تذكرون﴾ النحل:

وتنفيذا شرعيا .إن الله يأمركم أن تـؤدوا األمانات إىل ﴿قال تعاىل: ثانيا: العدل في أداء األمانة والحكم بالعدل:

] فالعدالة حق لألعداء كما هي حق 58 :النساء ﴾أهلها وإذا حكمتم بـني الناس أن حتكموا بالعدل القرآن الكرمي على أنه: ال يصح أن حتمل العداوة على الظلم، فإن العدل مع األعداء لألولياء، وقد نص

أقرب للتقوى،يا أيـها الذين آمنوا كونوا قـوامني بالقسط شهداء لله ولو ﴿وقال تعاىل: ثالثا : القيام بالقسط :

﴾ن واألقـربني إن يكن غنيا أو فقريا فالله أوىل ما فال تـتبعوا اهلوى أن تـعدلواعلى أنفسكم أو الوالدي فقد أتى األمر بالعدل هنا بصيغة املبالغة: {قـوامني} ليكون اإلتيان به على أكمل ]135النساء::

القيام بالقسط وهو: العدل.وجه، فهو بناء مبالغة أي: ليتكرر منكم كما ورد األمر للنيب حممد صلى اهللا عليه وسلم األمر لعموم المسلمين بالعدل مع غيرهم .رابعا :

بالعدل مع غري املسلمني، ورد أيضا لعموم املسلمني بالعدل مع غريهم على الرغم من الكراهية اليت قد غري املسلمني أقرب إىل تقوى اهللا عز وجل. يقول اهللا تكون بينهم، ويبني القرآن الكرمي أن العدل مع

م على أال تـعدلوا تعاىل ﴿ يا أيـها الذين آمنوا كونوا قـوامني لله شهداء بالقسط وال جيرمنكم شنآن قـو فالعدالة حق لألعداء كما هي إن الله خبري مبا تـعملون﴾ املائدة : ] اعدلوا هو أقـرب للتـقوى واتـقوا الله

حق لألولياء، وقد نص القرآن الكرمي على أنه: ال يصح أن حتمل العداوة على الظلم، فإن العدل مع عدم إقرار األعداء أقرب للتقوى، وبنيت عالقة املسلمني بغريهم على قيم العدل واإلحسان بالرغم من

العامل هلذه القيم إال بعد قرون طويلة.

(هـ.1401انظر قواعد العالقات الدولية يف القانون الدويل ويف الشريعة اإلسالمية: ، مكتبة السالم العاملية، القاهرة، . جعفر - 1 )315ص

18

﴿يا أيـها الذين آمنـوا الكرمي. كتابهتعاىل يف إن الدين اإلسالمي التعايش وضبط العهد وامليثاق قال الوفاء بالعقود: أي ] هذا أمر من اهللا تعاىل لعباده املؤمنني، مبا يقتضيه اإلميان ب1أوفـوا بالعقود﴾ املائدة:

بإكماهلا، وإمتامها، وعدم نقصها، وهذا شامل للعقود، اليت بني العبد وربه من التزام عبوديته، والقيام ا بطاعته واتباعه، صلى اهللا عليه وسلم أمت قيام، وعدم اإلنقاص من حقوقها شيئا، واليت بينه وبني الرسول

هم ووصلهم، وعدم قطيعتهم، واليت بينه وبني أصحابه (املتقني) من واليت بينه وبني الوالدين واألقارب، برب 1القيام حبقوق الصحبة يف الغين والفقر، واليسر والعسر، واليت بينه وبني اخللق.

الرشد ﴿ ومن النصوص حترمي اإلسالم اإلكراه يف الدين، قال اهللا تعاىل: ين قد تـبـني ال إكراه يف الد]وحرم على املسلم الغدر والظلم ألي طرف يتعامل معه، سواء أكان مسلما أم 256البقرة : ﴾الغي من

آل عمران ﴾والله ال حيب الظالمني ﴿ كافرا. والنصوص الشرعية يف هذه املعاين كثرية، منها قوله تعاىل: ثـلة يف القتال كذلك ]3:

له، والنهي عن الغدر وامل النهي عن قتل من ال يقتضي اجلهاد يف سبيل اهللا قتـ

وهم الذين مل يشاركوا منهم يف القتال، كالصبيان والنساء، والقسس والرهبان املنقطعني للعبادة يف .صوامعهم، والشيوخ الكبار املعتزلني للمعركة

ثرية دالة عليه نذكر منها أن التعايش بني املسلمني وغريهم خارج دار اإلسالم قد وردت نصوص ك وما حارب على سبيل املثال : وإن جنحوا للسلم فاجنح هلا وتـوكل على الله إنه هو السميع العليم .

املشركني إال بعد أن فتنوا الناس عن دينهم، وأخرجوهم من ديارهم - صلى اهللا عليه وسلم - النيب م، وشردوا املؤمنني، فكان البد من القتال ليمنعوهم من هذا الظلم، فإذا جنحوا للسلم، وامتنعوا وأمواهل

عن الفتنة، فقد زال سبب القتال، وعاد األمر إىل أصل السالم الذي هو أساس العالقة اإلنسانية 2والتعايش بني املسلمني وغريهم.

: أصحاب الكتب السماوية السابقةو م صلى اهللا عليه وسل أيضا األمر بالحوار بين النبيواستقم كما أمرت وال تـتبع أهواءهم وقل آمنت مبا أنـزل الله من كتاب وأمرت … ﴿قال تعالى

نكم الله ربـنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعما نـنا وإليه ألعدل بـيـ نكم الله جيمع بـيـ نـنا وبـيـ لكم ال حجة بـيـ] وهو مأمور بالعدل بني مجيع الناس حىت وإن كانوا غري مسلمني. فسياق 15المصري﴾ الشورى :

اب األمر يف اآلية الكرمية يدل على احلوار بني النيب صلى اهللا عليه وسلم وأهل الكتاب أي أصح الكتب السماوية السابقة السيما اليهود والنصارى، يوصي اهللا عز وجل النيب بالعدل بينهم.

التعايش داخل دار اإلسالم مع أهل الذمة مون ما حره وال باليـوم اآلخر وال حيرذين ال يـؤمنون بالله قال تعاىل يف أهل الكتاب ﴿ قاتلوا الم الل

هم صاغرون﴾ التوبة : ورسوله وال يدينون دين احلق من الذين أوتوا الكتاب حىت يـعطوا اجلزية عن يد و

)218تفسري السعدي ( السعدي. - 1 )6/3177( زهرة التفاسريأبو زهرة . -2

19

] عن يد: أي طائعتني غري ممتنعني. وهم صاغرون: قال الشافعي رمحه اهللا تعاىل: الصغار: جريان 29أحكام املسلمني عليهم ، إن احلكمة من تشريع اجلزية إن الكتايب ميلك من اإلميان باهللا تعايل ما يفسح

ط مرسومة.جماال لتعايش املسلمني معه ضمن حدود وضوابوأن عقود الذمة واألمان هي صنيعة التعايش وهذا التعايش يقوم على حرية النظر والفكر، وأن

تتالقح األفكار. إال أن هذا التعايش ال يتم إال بتحمل الدولة اإلسالمية مسؤولياا جتاههم، والنظر يف يبة مالية حمددة، لتيسري أسباب القيام شؤوم، ال سيما املعيشية واالقتصادية، فكان البد من أخذ ضر

))1ذه املسؤوليات.وتسميتهم بأهل الذمة ليس مبعىن الذم واالحتقار، وإمنا الذمة العهد واحلماية ألن حقوق املساواة

والعدل يف معاملتهم مبقتضى ذمة اهللا ورسوله، أي عهده وميثاقه. ويسمون أيضا باملعاهدين: وهم من هد حمرتم من اجلانبني.بيننا وبينهم ع

والتاريخ أصدق شاهد على أن التعايش السلمي وتبادل الود والوئام بني املسلمني وغريهم من قال تعاىل ﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب )2(الكتابيني كان هو الصفة البارزة على مدى األعوام والسنني.

ب من حل لكم وطعامكم حل هلم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاا، فعلم من هذين احلكمني أن فأباح اهللا لنا طعامهم، وأباح لنا أن نطعمهم طعامن] 5قـبلكم﴾ املائدة :

علم حيصل به التعايش ، وهو كماعلة الرخصة يف تناولنا طعامهم هو احلاجة إىل خمالطتهم، والطعام )4؛ ألن ذلك يقتضي شدة املخالطة معهم لتزوج نسائهم واملصاهرة معهم.( )3( وسيلة الستبقاء احلياة

. عموم اخلطابوأما ما حرم علينا من طعامهم فليس بداخل حتت قال اإلمام الكاساين: "ويسكنون يف أمصار املسلمني يبيعون ويشرتون ألن عقد الذمة شرع ليكون

)5(وسيلة إىل إسالمهم. ومتكينهم من املقام يف أمصار املسلمني أبلغ يف هذا املقصود"قة املسلمني بغريهم يف حال من األحكام تدبريا لعال اإلسالم ما شرعه أنيضح لنا ومما قدمن

التعايش السلمي واألخالقي، ومنها يتبني أن هذه العالقات إمنا أسست على قواعد العدل واحرتام حقوق األفراد وكفالة احلرية هلم وتبادل املعامالت معهم.

)129 -8/128(،الفقه املنهجي يف فقه الشافعي اخلن. - 1 )852-1/851الفقه اإلسالمي وأدلته : ( . الزحيلي - 2 )100-99(،السياسة الشرعية خالف. ). 1/481(،انظر الطرق احلكمية . بن قيم ا - 3 )6/122وير : البن عاشور(التحرير والتن - 4 )7/113( ،بدائع الصنائع. لكاساينا - 5

20

المبحث الثالث

والنصوص الدالة عليهعالقة المقاصد بالتعايش ، تنظيمهم اليت يكون بصالحها صالح اتمع ، ولعااباملقاصد تغلق لتعايش مإن موضوع ا

اره، واستقرار أمنه .ستقروامقاصد التشريع العامة، هي املعاين إلسالمية" اللشريعة م لعاايف تعريفه للمقصد قال ابن عاشور

1"مهاواحلكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال التشريع أو معظواألسرار والقرآن الكرمي أول مصدر من مصادر التشريع، هو أساس األحكام واملقاصد واحلكم

ملستخلفني ح اصالحها بصالار ستمرالشرعية، اليت ا عمارة األرض، وحفظ نظام العيش فيها، وامجيع الناس على خمتلف أجناسهم ولغام تدبري ملنافع به من عدل واستقامة ، وفيها مبا كلفوا

املطمئن فقد شرع لعيش ة األمنية واحليااهو ، لسلمياألخالقي والتعايش امعىن وأديام وهذا هو نة﴾ البقر: ر، جلوالرباء من ا] و 193القتال لقمع الفتنة وحتقيق األمن ﴿ وقاتلوهم حىت ال تكون فتـ

لكافة شرائح اتمع ويتمثل ذلك من خالل أنواع املقاصد اليت ذكرها القرآن وهي كثرية لظلم وا منها ما يلي:

أ/ الدعوة لإلصالح واإلرشاد، والنهي عن الفساد والغي واملنكر: قال تعاىل: ﴿ إن أريد إال ]88األصالح ما استطعت﴾ هود :

يعا وال تـفرقوا﴾ آل عمرن ب/ الوحدة واالتفاق والقوة: قال تعاىل: ﴿ واعتصموا حببل الله مجعدوكم﴾ ]، قال تعاىل: ﴿ وأعدوا هلم ما استطعتم من قـوة ومن رباط اخليل تـرهبون به عدو الله و 103:ح صالحها بصالار ستمر، والتعايش فيهام احفظ نظارض، وألرة اعما].وهذا من أجل 60ألنفال:ا ملستخلفني فيها. ا

ساسية ة أليت توفر قاعداإلسالمية الشريعة امقاصد ء غاياته يف ضووسسه قامت ألتعايش ج/ ا ة يف:ملتمثلاية ورلضرت الكليااحفظ ل من خالبني مجيع الديانات السماوية مشرتكة

فعل األوامر فأمر اهللا عباده بالتقوى يف قوله تعاىل ﴿يا أيـها الناس اتـقوا ويكون : لدين :افظ ح ] وباجتناب املناهي.( ومنها النهى عن الشرك) 1ربكم الذي خلقكم من نـفس واحدة ﴾ النساء آية :

يشرك به ويـغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فـقد جاء يف اآليات ﴿ إن الله ال يـغفر أن أكرب مقاصد العقائد وأمهها على اإلطالق ومقصد التوحيد :] 48افـرتى إمثا عظيما﴾ النساء آية :

. مقصد مجيع الرسل هو حتقيق التوحيد هللا تعاىل واالعرتاف بربوبيته واالنقياد لطاعته، وهو

)51( ،مقاصد الشريعة ابن عاشور. - 1

21

: فقد شرع القصاص حلفظ حياة النفوس وسالمتها تعاىل: ﴿ ولكم يف القصاص لنفسحفظ ا ويقصد حبفظ النفس حفظ االرواح ، أفرادا وعموما ؛ألن العامل مركب من أفراد حياة﴾ البقرة: .

وأيضا يقصد ا النفس املعصومة من )1(اإلنسان، ويف كل خصائصها اليت ا بعض قوام العامل .القتل واحملمية من اإلزهاق، من أجل التعايش السلمي بني أبناء البشر ، واألنفس املعصومة من القل ثالثة أنفس: نفس معصومة باإلسالم وتكون للمسلمني، ونفس معصومة باجلزية وتكون ألهل

، ونفس معصومة باألمان وتكون للحريب الذي يطلب من الكتاب املقيمني مع املسلمني يف بلد واحدنا على ﴿ املسلمني الدخول إىل أرضهم ألغراض مدنية . ويف سورة املائدة قال تعاىل من أجل ذلك كتبـ

ا قـتل ٱلن ه من قـتل نفسا بغري نـفس أو فساد يف األرض فكأمنيعا ﴾ املائدة آية بىن إسرءيل أن اس مج32 حبق لها إال يعا ﴿ )2(}؟]قال ابن عباس { من حرم قـتـ ا أحيا الناس مج ألن 32[املائدة: ﴾فكأمن [

ترك النفس حية دون اعتداء عليها يستلزم بقاء النفوس حية حىت متوت املوت املقدر عليها يف آجاهلا. فس بغري حق يستلزم أن يكثر القتل ويفشو فرمبا أفىن البشرية مجيعها ، فإحياها حفظا هلا وكذلك قتل الن

من جانب الوجود ، وحرم االعتداء على الغري يف نفسه أو بعض أعضائه، حىت يعيش اتمع ساملا .متعافيا

ا ٱخلمر وٱلميسر وٱالنصاب... : لعقلحفظ ا ا يريد 90آية ﴾قال تعاىل ﴿ إمن وقال: {إمن [نكم العداوة والبـغضاء يف اخلمر والميسر﴾ املائدة : ] وقال النيب صلى الله عليه 91الشيطان أن يوقع بـيـ

وحفظ العقل من أعظم النعم اليت أنعم اهللا ا على اإلنسان، فلوال العقل )3(وسلم ( كل مسكر حرام)) خص اهللا سبحانه وتعاىل ذا اخلطاب املؤمنني، ألم كانوا يقيمون الصالة 4لصار اإلنسان كالبهيمة.(

فظ والغاية من حترمي اخلمرة هي ح )5(وقد أخذوا من اخلمر وأتلفت عليهم أذهام فخصوا ذا اخلطاب.فإن العقل هو قوام كل فعل تتعلق به مصلحة، )6(العقل وصيانته ، واآلية هي األصل يف حفظ العقل.

فاختالله مؤد إىل مفسدة عظمى؛ ألن اإلنسان مييز به بني املصاحل واملفاسد، فحرم اهللا كل ما يفسد 7(العقل أو يضره.

تم أال تـقسطوا يف اليتامى فانكحوا ما طاب : إباحة النكاح قال تعاىل : ﴿ وإن خف لنسل ا حفظ ذلك أدىن أال لكم من النساء مثـىن وثالث ورباع فإن خفتم أال تـعدلوا فـواحدة أو ما ملكت أميانكم

).303( ،مقاصد الشريعة ابن عاشور - 1 ).9/3البخاري باب قوله تعلى ومن أحياها ( - 2 ).5/161)(4343(باب بعث أيب موسى ومعاذ إىل اليمن قبل حجة الوداع املرجع السابق ، - 3 ).8/379( ،جامع البيان يف تأويل القرآن الطربي . - 4 ).5/200(اجلامع ألحكام القرآن ، لقرطيب. ا - 5 ).18(،منهج التشريع اإلسالمي وحكمته انظر الشنقيطي. - 6 ).7/266(،البحر احمليط يف أصول الفقه الزركشي. - 7

22

نسانية ومنة إالهية، وله عديد املقاصد والفوائد يف ] النكاح سنة كونية وفطرة إ3تـعولوا ﴾النساء :الدارين، ومن تلك املقاصد منها حفظ النسل وتكثريه؛ بغرض إعمار الكون وبقاء النوع واإلنساين، وكذلك إكثار أفراد األمة املسلمة وتقويتها ومتكينها يف الوجود احليايت والكوين حىت تكون مرهوبة

لة األثر والتأثري، وحىت تؤدي رسالة االستخالف يف األرض، والتعايش اجلانب، عزيزة الذات، فاعقال تعاىل ﴿وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فـعسى أن تكرهوا شيئا وجيعل و والشهادة على الناس.

را كثريا﴾ النساء : اآلية هو الدوام واالستمرار للحياة الزوجية ويف ]واملقصد الشرعي من19الله فيه خيـذلك داللة على أن املراد باملعاشرة باملعروف املقصود منها حصول املودة والرمحة على وجه الدوام

وكل مؤمتن على حق فتصرفه فيه منوط باملصلحة حبسب ، الذي هو التعايش بني الزوجني .واالستمرارسائل املعروفة يف استجالب املصاحل. فليس له أن يكون يف تصرفه جبارا وال اجتهاده املستند إىل الو

)1(مضياعا.ومن مقاصد حفظ املال يف اآلية الكرمية سد باب النزاع يف التصرفات املالية، وسبل ل :ملاحفظ ا

التعاون الضغائن بني املتبايعني ، لتكتمل صور التعايش بني الناس ، فالتعايش ضرب من ضروب املشرتك بني األفراد ، واجلماعات، فإلنسان ال يستطيع العيش مع األخرين ما مل تكن بينهما ألفة

نك م وحمبة وثقة، فيتبادلون املنافع فيما بينهم ، قال تعاىل ﴿﴿يا أيـها الذين آمنوا ال تأكلوا أموالكم بـيـ] على وجوب الرتاضي يف التصرفات املالية ؛ 29كون جتارة عن تـراض منكم﴾ النساء:بالباطل إال أن ت

، وحرم سرقته أو غضبه، وأوجب قطع يد السارق، وتضمينه وتضمني )2(ألن األصل يف العقود الرتاضي.ارقة فٱقطعوا ) ومما يدل على ذلك قوله اهللا تعاىل ﴿ وٱلسارق وٱلس 3الغاصب وحنوه.(

)4(] وحرم تبذيره يف غري وجوهه ، واآلية أساس عظيم يف العدل واحلق .38املائدة : أيديـهما﴾ومن أجل حتقق التعايش حدد الشارع مصاحل اخللق وفق نظام حمكم وميزان مضبوط يراعي تقدمي

) 5ملصاحل الكلية والقطعية على املصاحل اجلزئية والظنية.(املصاحل العامة على املصاحل اخلاصة، وتقدمي ا

).3/534(، مقاصد الشريعةاب عاشور. - 1 ).4/5انظر الفتاوي الكربى البن تيمية : أمحد بن عبد احلليم ،( - 2، شرح الكوكب املنري ابن النجار. ) ، 3381/ 7التحبري شرح التحرير،( املرداوي. ) ، 5/160، ( انظر احملصول ي. لراز ا -3)4/162.( ).3/534( ،انظر مقاصد الشريعة ابن عاشور. - 4 ) 42( ،انظر املقاصد الشرعيةاخلادمي. - 5

23

رابعالمبحث ال التعايش األخالقي وأثره في حياة الفرد والمجتمع

إذا أردنا أن نبين جمتمعا متعافيا متعايشا أخالقيا الب من النظر إىل اسس مهمة تتمثل يف ما يلي :

اإلنسان الذي نفخ اهللا يف روحه وجعله خليفة يف األرض قال تعاىل﴿ اإلنسان :األساس األول هو ويف النص بيان إن هلذه األمة ]30البقرة : وإذ قال ربك للمالئكة إين جاعل يف األرض خليفة﴾

اختصاصا باستحقاق اخلالفة احلقيقة اليت أودعها اهللا يف آدم عليه السالم بقوله إين جاعل يف األرض خليفة وهلذا السر ما كان يف أمة من األمم من اخللفاء ما كان يف هذه االمة بالصورة واملعىن وللخالفة

اخلالفة مبنية على احلكم بني الرعية الصورية بالعدل والتسوية على قانون صورة ومعىن فكما أن صورةالشرع واالجتناب عن متابعة اهلوى والطبع كذلك معىن اخلالفة مبىن على احلكم بني الرعية املعنوية وهى

كم خالئف وقال تعاىل ﴿مث جعلنا 1اجلوارح واألعضاء والقلب والروح والسر والنفس وصفاا وأخالقها .] وقال قتادة: ما جعلنا اهللا خالئف إال لينظر 14يف األرض من بـعدهم لنـنظر كيف تـعملون ﴾يونس :وجعلكم خالئف فأهل كل عصر خيلفون من )2(إىل أعمالنا، فأروا اهللا من أعمالكم خريا بالليل والنهار.

) ويف اخللق والرزق والقوة والبسطة 3} بالغىن والشرف يف النسب وقوة األجساد(تقدمهم (ورفع بـعضكم )4والفضل والعلم، فابتلى املوسر: بالغىن وطلب منه الشكر، وابتلى املعسر بالفقر وطلب منه الصرب.(

حتقق من إن القرآن كرم اإلنسان وأودعه نزعتان نزعة فردية ليجلب لنفسه اخلري ويدفع عنها الشر، و ذاته، ونزعة اجتماعية ليتعايش مع اتمع، سواء أكانت هذه النزعة فطرية أو أصلية كتعايشه مع والديه،

وزوجته، وأوالده ،وأقاربه، أو هذه النزعة مكتسبة كتعايشه مع جريانه ،وإخوانه يف اإلسالم قال تعاىل ا المؤمنون إخوة﴾ احلجرات : د من تشريعاته العبادات ووضع هلا حوافز كمضاعفة ] وأفر 10﴿ إمن

األجر والثواب يف صالة اجلماعة، ألن اجلماعة تزيد الفردة على قوته ، وتعينه على احلق وهذا هو التعايش.

وهي فكر وسلوك ، فإلنسان بطبعه حيب االنتماء، وجعل األساس الثاني : الروابط االجتماعية: رابطة العقيدة رحم بينهم، ومما الشك فيه أن األفراد يؤثرون على بعضهم البعض عندما يضمهم جمتمع واحد ، فينشأ جمموعة من السلوكيات والتصرفات واألحاسيس والتصورات فيشعر الفرد بوجوده بني هذه

كما جاء يف قوله تعاىل ﴿ ا أيـها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى اجلماعات ، ويتعايش معهم

).4/23( ،روح البيان . الفداء وأب - 1 ).2/320(،زاد املسري يف علم التفسري ابن اجلوزي. - 2 ).1/473(،تفسري القرآن ابن أيب العز. - 3 ).7/158(،اجلامع ألحكام القرآن القرطيب. - 4

24

] 13حلجرات :وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبري﴾ انيه منهج يف إقامة هذه الروابط وراعها حق رعايتها ، كرابطة العقيدة، ومنهج القرآن منهجا ربانيا ال يدا

وأمهاتكم الاليت أرضعنكم وأخواتكم من ورابطة العالقات االجتماعية، ورابطة املصاهرة بالرضاعة﴿كما مر سالفا احلديث ] وهنالك روابط فطرية كالقرابة ،ومكتسبة كرابطة اجلوار23الرضاعة﴾ النساء :

عنه، وهذه الروابط تولدت بسبب أن كل فرد من أفراد اتمع حيتاج إىل التعايش مع األخرين، فجاءت النصوص تشري إىل أن بناء اتمع يعتمد على قوة هذه الروابط ، قال رسول الله صلى اهللا عليه وسلم:

ؤمنني يف «هم وتـوادهم وتـعاطفهم، كمثل تـرى امل اجلسد، إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده تـرامح

)1)(بالسهر واحلمىوهو يعين الوعي والشعور باألخرين ، وقد ج القرآن جا ال األساس الثالث: الضبط االجتماعي:

. ومما ال شك فيه أن الناس حيتاجون للتعايش فيما بينهم ، بعيدا عن أو تشريعايوازيه أي منهجا ﴿ وال تستوي احلسنة وال قال تعاىل الصراعات واحلروب ، حيتاجون للتعايش بينهم دوء ورفق ، ولني

نه نك وبـيـ يم ﴾فصلت: السيئة ادفع باليت هي أحسن فإذا الذي بـيـ ]. ادفع 34عداوة كأنه ويل محباخلصلة اليت هي أحسن السيئة يعىن بالعفو عن املكافأة، وبالتجاوز والصفح عن الزلة، وترك االنتصاف

ومل يصر وليا خملصا.. وهذا من مجلة حسن األدب يف اخلدمة يف حق صحبتك مع - يشبه الويل احلميمفإن اهللا تعاىل يؤلف بني القلوب العباد ، ويبث بينهم احملبة ، ليزرع روح )2(ألجله.اهللا حتلم مع عباده

التسامح والتعايش بينهم ، فيكون التوفيق ، وال شك أن احملبة إذا فشت بني القلوب كان لعا أكرب األثر يعا ما ألفت بـني يف بث روح التعايش، وقال تعاىل ﴿ وألف بـني قـلوم لو أنـفقت ما يف األرض مج

نـهم إنه عزيز حكيم﴾ آل عمران: ]159قـلوم ولكن الله ألف بـيـبل شرع العقوبات ملن يتهاون بالروابط االجتماعية ، وهذا هدف ومقصد سامي من مقاصد

أكل أموال الناس األفراد واجلماعات، فحرم الشريعة اإلسالمية لتحقيق التعايش األخالقي بني قال تعاىل )3( قال تعاىل يف النهي عن أكل املال بالباطل وأنه ظلم وإمث وطغيان ومفسدة بالباطل:

نكم بالباطل وتدلوا ا إىل احلكام لتأكلوا فريقا من أم مث وأنـتم ﴿وال تأكلوا أموالكم بـيـ وال الناس باإل]. وحرم السب والشتم والتعيري والتنقيص والتنابز باأللقاب فقال تعاىل﴿ يا أيـها 188البقرة: تـعلمون﴾

هم وال نساء من نساء را منـ را الذين آمنوا ال يسخر قـوم من قـوم عسى أن يكونوا خيـ عسى أن يكن خيـميان ومن هن وال تـلمزوا أنـفسكم وال تـنابـزوا باأللقاب بئس االسم الفسوق بـعد اإل مل يـتب فأولئك هم منـ

نبوا كثريا من الظن إن بـعض الظن إمث وال ] وقال ﴿يا أيـها الذين آمنوا اجت 11الظالمون ﴾ احلجرات:

)8/10)(6011البخاري : باب رمحة الناس والبهائم ( - 1 )3/331(،لطائف اإلشارت القشريي. - 2 )1/107( ،الوجيز يف أصول الفقه الزحيلي حممد . - 3

25

أحدكم أن يأكل حلم أخيه ميتا فكرهتموه واتـ سوا وال يـغتب بـعضكم بـعضا أحيبه جتسالل ه إنقوا الل ] 12تـواب رحيم﴾ احلجرات:

إن اهللا سبحانه وتعاىل أمرنا أن نلتزم احلكمة يف التعامل مع الناس وهذا وأمر باألخالق الحسنة ادع إىل سبيل ربك باحلكمة واملوعظة احلسنة وجادهلم باليت هي ﴿عني العقل. يقول اهللا عز وجل:

.﴾ أحسن إن ربك هو أعلم مبن ضل عن سبيله وهو أعلم باملهتدينفالبد من وجود املناخ املناسب لتطبيق األحكام ، والبد من بقعة جتمع ابع : األرض :األساس الر

املسلمني ليكون هلم قرار يف األرض وربط القرآن بني التمكني يف األرض وبني األحكام والتعايش يف قوله كاة وأمروا بالمعروف ونـهوا عن المنكر﴾ الذين إن مكناهم يف األرض أقاموا الصالة وآتـوا الز ﴿ تعاىل] ، أي أم إذا انتصروا رفعوا لواء العدل، وأقاموا جمتمعا فاضال على أساس من الفضيلة 41احلج:

والتعايش ودفع الرذيلة.ة ومن هنا كان األمر باملعروف، والنهي عن املنكر يف عامة الناس للحفاظ على دينهم وسالم

دنياهم، فحمل الشارع مهمته لألمة كلها كل حبسبه باليد أو باللسان أو القلب، وهذا األخري أضعف اإلميان، ومع ضعفه ففيه اإلبقاء على دوام اإلحساس بوجود املنكر إىل أن يقدر هو أو غريه على

ناجحا يتطلب لكي يكون التعايش فاإلنسان إمنا خلق لعمارة األرض واالستخالف فيها ف) 1تغيريه.(االستثمار يف التعايش على مستوى اتمع احمللي سواء اكان أفراد أو مجاعات. واتمع حباجة جلمع من اخلربات والطاقات من جمموعة متنوعة من مواطن احلركة األساسية، وبناء ج متعدد األوجه هلذه املسائل

وأخالقهم التعايش مع طبائع الناسيتطلب فالبد من استقطاب الطاقات البشرية، وهذا يف اعتقادي، وأن تقبلهم كما خلقهم اهللا ونتحمل على عالم ان مل نستطع معاجلتهم ، وهنالك أمور و مسالك جاءت ا نصوص صرحية تدل على حتمل طبائع الناس حىت نتمكن من التعايش معهم، وإن نصوص

بل تريد األخوة يف اهللا، واحلب يف اهللا وقد سلك التشريع القرآن والسنة ال تدعو للتعايش السلمي فقط، اإلسالمي مسالكا متنوعة فآتت مثارها ، ويتضح فيما يلي :

قال تعاىل ﴿الذين ينفقون يف السراء والضراء والكاظمني الغيظ والعافني عن الناس : أ/ مسلك العفو ال تستطيع التعايش مع الناس إال إذا سلكت مسلك الغفو ]134واهللا حيب احملسنني﴾ آل عمران :

، فمدح ) 2والعافني عن الناس" عن ظلمهم وإساءم وهذا عام، وهو يدل عليه ظاهر اآلية(والصفح "] 37الشورى: ﴾وإذا ما غضبوا هم يغفرون ﴿ اهللا تعاىل الذين يغفرون عند الغضب وأثىن عليهم فقال:

بقوله:" والعافني عن الناس"، وأخرب أنه حيبهم بإحسام يف ذلك. وورد يف وأثىن على الكاظمني الغيظكظم الغيظ والعفو عن الناس وملك النفس عند الغضب أحاديث، وذلك من أعظم العبادة وجهاد

)4/1766( ،أضواء البيان .شنقيطيال - 1 )4/207(،اجلامع ألحكام القرآن . لقرطيب ا - 2

26

ا الشديد الذي ميلك النفس، فقال صلى اهللا عليه وسلم: ( رعة إمنديد بالصنـفسه عند الغضب ليس الش.(1 ] 15إن الساعة آلتية فاصفح الصفح اجلميل ﴾ احلجر: ﴿: :قال تعاىلب/ مسلك الصفح الجميل

يشري النص إىل قاعدة مهمة يف التعامل، وهي اتباع مبدأ الصفح اجلميل، وربط تعاملنا مع بعضنا بعضا . وقال تعاىل ﴿ وليـعفوا وليصفحوا أال حتبون أن يـغفر الله لكم والله غفور رحيم بالنظر إىل الدار اآلخرة

من أال حتبون أن يغفر اهللا لكم دليل على أن العفو والصفح على املسيء املسلم ] 22﴾ النور : ،فإذا كنت )2(خصلة من خصال دخول اجلنةموجبات غفران الذنوب، واجلزاء من جنس العمل ، وقيل

حتب أن يغفر اهللا لك، أفال تغفر ملن فعل معك سيئة؟ . وما دمت تريد أن يغفر اهللا لك فاغفر للناس خطأهم. ومن مثرات العفو والصفح أن يزول الضيق عن القلب ،فليعود اإلنسان نفسه العفو

قل عظيم .والصفح، فالذي يعاتب الناس جيتمع يف قلبه ثا المؤمنون إخوة﴾ احلجرات: ج/ مسلك األخوة في اهللا : وقد جعل 10قال تعاىل: ﴿إمن [

القرآن عقيدة التوحيد أنبل وأقدس وأعظم رباط يوحد بني قلوب املسلمني على اختالف الديار لوحدة املشرتكة.والقوميات واللغات، وقد كانت األخوة اإلميانية أصدق تعبري عن هذه ا

: فالناس مضطرون إىل التعاون وال يتم تعاوم إال مبراعاة العهد والوفاء، د/ مسلك الوفاء بالعهد ولوال ذلك لتنافرت القلوب وارتفع التعايش، ولذلك عظم اهللا تعاىل أمره فقال تعاىل: ﴿ وأوفوا بعهدي

]91] وقال تعاىل﴿ وأوفوا بعهد اهللا إذا عاهدمت ﴾النحل: 40ون ﴾البقرة:أوف بعهدكم وإياي فارهب فقد جاد اإلسالم به فهو يدعو إىل التسامح مع األفراد قال تعاىل: ه/ مسلك التسامح :

] 63اجلاهلون قالوا سالما﴾ الفرقان : ﴿ وعباد الرمحن الذين ميشون على األرض هونا وإذا خاطبـهم وهذه عبودية حقيقية خاصة اختص اهللا تعاىل ا الصاحلني األخيار من عباده؛ تشريفا هلم وتكرميا. ويف

الشخصي حيققاين لنا التعايش النص توجيه رباين إىل قاعدتني عظيمتني يف باب األخالق والسلوكتلك هي طريقة املشي على األرض، الطريقة اليت تبعد باإلنسان عن ، األخالقي والسلمي: األوىل

االستكبار يف األرض حينما ميشي خمتاال مبشيته بغري حق، إا املشي هونا! وما أعظم القاعدة الثانية وما أشد أمهيتها للسالمة يف التعامل مع اآلخرين، إن هذا أقصر الطرق وأسلمها لقطع محاقة احلمقى

.وجهالة اجلاهلني ين ومل خيرجوكم ذين مل يـقاتلوكم يف الده عن الهاكم الل ومع اجلماعات املخالفة قال تعاىل: ﴿ ال يـنـ

]8من دياركم أن تـبـروهم وتـقسطوا إليهم إن الله حيب المقسطني﴾ املمتحنة :

)4/2014)(2609مسلم باب من ميسك نفسه عند الغضب ( - 1 ).5/488(،أضواء البيان الشنقيطي. 2

27

التي قام عليه التعايش ومن المبادي فقد حرص اإلسالم من أول األمر على أن يقرر حق الفقراء يف مال أ/ مبدأ التضامن االجتماعي :

األغنياء وحيمل األغنياء مسئولية كفايتهم ، وإمنا يؤتون ما يغلب يف الظن أنه مقدار الكفاية وسد ] فلما كان هذا 26ىب حقه والمسكني وابن السبيل﴾اإلسراء: ) وقال تـعاىل: ﴿ وآت ذا القر 1اخللة.(

عموما لذوي القرىب كلهم دون غريهم وكان شامال لكل ما وقعت عليه هذه التسمية ذه الصفة وكقوله ل هللا تعاىل ﴿ إمنا لصدقات للفقرآء وملساكني ولعاملني عليها وملؤلفة قلوم ويف لرقاب ولغارمني ويف سبي

] فكان ذلك عموما لكل صدقة فرض وكذلك 60وبن لسبيل فريضة من هللا وهللا عليم حكيم﴾ التوبة : )2عموما لكل مسكني ولكل فقري ولكل عامل عليها ولكل مؤلف.(

إمث وال جتسسوا وال ﴿ يا أيـها الذين آمنوا اجتنبوا كثريا من الظن إن بـعض الظن ب/ حسن الظن : ه إنقوا اللأحدكم أن يأكل حلم أخيه ميتا فكرهتموه واتـ اب يـغتب بـعضكم بـعضا أحيبه تـوالل

هو أن نبين أن النهي يف اآلية الكرمية ليس عن كل ظن، وإمنا ى عن بعضه و ]12رحيم﴾احلجرات:على الظن ما ال جيوز بناؤه عليه، مثل أن يظن بإنسان أنه زىن أو سرق أو قطع الطريق أو قتل نفسا أو أخذ ماال أو ثلب عرضا فأراد أن يؤاخذه بذلك من غري حجة شرعية يستند إليها ظنه، وأراد أن يشهد

كثريا من اتباع الظن إن بعض الظن عليه بذلك على ظنه املذكور فهذا هو اإلمث، وتقدير اآلية اجتنبواوقد أخرج اإلمام القرايف قاعدة جليلة قال" قاعدة أن اخلطاب بغري املعني واقع وجائز وإن )3(إمث.

اقتضت عدم توجه السؤال" ويف النص إشارة إىل ظن غري معني بالتحرمي واخلطاب بغري املعني جيوز من عمومه يف حترمي مجيع الظنون بل نقول هذا البعض املشار إليه أذن النهي ليس على حيث إنه غري معني.

بالتحرمي من الظن بعينه يف األدلة الشرعية مهم دل الدليل على حترمي ظن حرمناه كالظن الناشئ عن قول والنص دليل على التجسس املنهي عنه هو التجسس الذي ال ينجر منه نفع للمسلمني أو ) 4.(الفاسق

يشمل التجسس على األعداء وال جتسس الشرط على اجلناة واللصوص ، والغيبة دفع ضر عنهم فالحرام بداللة هذه اآلية. ألا تشتمل على مفسدة ضعف يف أخوة اإلسالم. وقد تبلغ الذي اغتيب فتقدح يف نفسه عداوة ملن اغتابه فينثلم بناء األخوة، وألن فيها االشتغال بأحوال الناس وذلك يلهي

)5(عن االشتغال باملهم النافع له وترك ما ال يعنيه.اإلنسان

).111(،التشريع اإلسالمي صاحل لكل زمان ومكان . ابو الصفاء )، : 4/28(،الفصول يف األصول اجلصاص. - 1 ).7/15(،اإلحكام يف أصول األحكام ابن حزم .- 2 ).2/63قواعد األحكام : للعز بن عبد السالم : ( - 3 )2/19( ،الفروق القرايف. - 4 ).26/254ابن عاشور : التحرير والتنوير( - 5

28

وقال ابن قيم " وهذا من أحسن القياس التمثيلي، فإنه شبه متزيق عرض األخ بتمزيق حلمه وملا كان غتاب ميزق حلمه عرض أخيه يف

غيبته كان مبنزلة من يقطع حلمه يف حال غيبة روحه عنه باملوت، ان امل

لكي يعيش اتمع ساملا واملقصد الشرعي من ذلك )1(ى األخوة الرتاحم والتواصل والتناصر"مقتض معافيا يسوده التعايش األخالقي الذى دعا إليه القرآن.

رضي اهللا عنه ( ال تظنن بكلمة خرجت من أخيك -ويف األثر عن أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب سوءا وأنت جتد هلا يف اخلري حممال) ويف لفظ: "ال تظنن بكلمة خرجت من أمريء مسلم شرا وأنت جتد

) 2(هلا يف اخلري حممال) ما يلي :ويتحقق أثر كمال التعايش بين الجماعات واألفراد في

. واملوعظة احلسنة هي حمتوى الكالم الذي يدعو إىل شيء طيب أوال : وقد وصف اهللا تعاىل رسوله صلى اهللا عليه وسلم بأنه لني اجلانب, وهو إن مل يكن كذلك خلسر

ل الناس والنفضوا من حوله وهم الصحابة رضي اهللا عنهم وهو الرسول صلى اهللا عليه وسلم ,فلم يق صلى اهللا عليه وسلم من أراد فليأت ,ومن مل يرد فال يهمنا أمره,إمنا كان حريصا عليهم. يقول تعاىل

]159﴿فبما رمحة من الله لنت هلم ولو كنت فظا غليظ القلب النـفضوا من حولك﴾آل عمران :قل هل يستوي الذين يـعلمون ﴿قال تعاىل إن عمود مبدأ التعايش هو نظام التعليم: ثانيا :

] وعظ وإمياء إىل أن شأن املؤمنني أم أهل علم وأن املشركني أهل 7الزمر : ﴾والذين ال يـعلمون م علم فهم يدركون حقائق األشياء جهالة، وذلك تنويه برفعة العلم ومذمة اجلهل. أي ال يستوي الذين هل

على ما هي عليه وجتري أعماهلم على حسب علمهم، مع الذين ال يعلمون فال يدركون األشياء على ما )3(هي عليه بل ختتلط عليهم احلقائق وجتري أعماهلم على غري انتظام.

التنوع والذي جيب أن ونظام التعليم يتطلب حتوال كبريا يف الرتكيز، حيث العيش املشرتك ضمن يصبح قيمة مبدئية يف تعليم الفرد منذ نعومة أظفاره فنحن حباجة إىل االستثمار كفاءات لتعلم أطفالنا، وهذا يعين أن مواقفنا جتاه التعليم تتطلب إعادة تقييم أساسية، حيث حضور التعليم الذي ينبغي أن

ذه هي العالقة اليت ميكن أن ختلق فضاء للتسامح يكون تفاعليا بني اتمع واملدرسة والطفل، وهوإن احلق يف التعليم هو حق أساس معرتف به من قبل مجيع البلدان، ، جيب والتعايش وقبوال للتنوع.

أن يكون بناء الفرد واتمع يف الدولة قائما على أسس التعايش حىت يتمكن كل فرد من أفراد اتمع لتعليم واملشاركة يف صنع القرارات اليت تضمن تعليمه بشكل أفضل، وألن التعليم احلصول على حقه يف ا

والتعلم مها مبدآن ووسيلتان لتعلم العيش املشرتك بني أفرد اتمع.

)297-2/196(، أعالم املوقعني اب قيم. - 1 )99/ 6( محد يف الزهد.أخرجه أ - رضي اهللا عنه -األثر عن سيدنا عمر بن اخلطاب ، ينظر: تفسري الدر املنثورالسيوطي. - 2 ).351-23/349( ،التحرير والتنوير .بن عاشور ا - 3

29

أن النفس البشرية فيها ملكات متعددة، كل ملكة هلا مطلوب. والدين هو الذي يقيم التعايش )1(السلمي بني امللكات.

فالتعمق يف الفهم لكل ما تتضمنه سور القرآن وآياته من توجيهات يف نواحي احلياة مجعيها وربط ذلك مبا يؤدي إىل حياة سعيدة وعمارة الكون، وحسن املعاملة، وحسن التعايش بني أفراد اإلنسانية

دة العدل والنظام مجيعهم ، وأيضا أن املتعمق يف فهم نصوص القرآن يدرك متاما كمال التعايش وسياوالرخاء، واألمن والطمأنينة واحملبة واإلخاء ، والتعاون بني أفراد اتمع، وهكذا دفع اإلسالم املسلمني إىل

بلوغ كمال التعايش . احلركات االجتماعية تعمل بالضرورة على جوانب التعايش، وحينها سيكون األثر الرتاكمي هلذه

األخالقي والسلمي. ن شأنه أن خيلق مساحة للتعايشالتحركات، والذي مإن اجلماعات ، سواء كانت عرقية أو دينية، تعيش يف فضاء العيش املشرتك، فلذلك ألبد من

حتديد عالقة هذه العرقيات مع بعضهم البعض، وتطوير هذه العالقات واستدامتها وتطبيعها هو اآلن ن ، ويعز السبب إىل مستوى اتمع احمللي التقليدي الذي ال زال يعيش يشكل حتديا رئيسيا يف هذا القر

مل –صلى اهللا عليه وسلم –ومنذ عهد الرسول وفق التصور النمطي التقليدي جتاه بعضه البعض . تزل تتبادل بني املسلمني وغريهم احلرف واآلالت، وهذا ظاهر معلوم، وكالم العلماء والفقهاء يف ذلك

واضح.ذن الله والله مع وقوله تعاىل ﴿ قال الذين يظنون أنـهم مالقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثرية بإ

] وهذا اآلية الكرمية قررت مبدأ أساسي للحياة أقامته احلكمة اإلهلية لضمان 250الصابرين ﴾ البقرة :عايش السلمي بني البشر، وفرض التعاون بينهم على عمارة األرض وصالحها، وهذا املبدأ هو مبدأ الت

حفظ التوازن بني القوى املتصارعة، وبث اخلوف واحلذر يف اجلبهات املتنافسة، حىت حيسب بعضها يف احلساب للبعض اآلخر، فيصدهم ذلك عن الطغيان والعدوان، ويتمكن اإلنسان من حتقيق رسالته

األرض، اليت هي رسالة اإلصالح والعمران، والتعايش وذلك قوله تعاىل: ﴿ ولوال دفع الله الناس ].251بـعضهم ببـعض لفسدت األرض ولكن الله ذو فضل على العالمني﴾ البقرة:

ن ضرورة من يكو واملبادي، السلوك، هذه األسس، و ، إذا مت يف حدوداتمعات إن التعايش بني اليت ال ضرورات احلياة على هذه األرض، تستجيب للدواعي امللحة لقاعدة جلب املنافع ودرء املفاسد،

يستغىن عنها جمتمع.

).5/2744تفسري الشعرواي (الشعرواي . - 1

30

د، فإذا تعاهد املسلمني يف معامالم بنصوص القرآن فتح اهللا تعاىل عليهم البالد وقهر هلم العبا وأعام حىت اوت هلم عروش اجلبابرة من أهل الكفر والعناد، وقد تعامل ا األولون فأصبحوا

بالتمسك بالقرآن الكرمي سادة بعد أن كانوا مسودين، وأصبحوا قادة بعد أن كانوا مستعبدين.ظ نظام وقد قرر عالل الفاسي، أن "املقصد العام للشريعة اإلسالمية هو عمارة األرض، وحف

)1(التعايش فيها، واستمرار صالحها بصالح املستخلفني فيها، وقيامهم مبا كلفوا به. - صلى اهللا عليه وسلم –فالسعادة كل السعادة اتباع القرآن، والتمسك بشريعة اإلسالم وسنة النيب

)7( ، املقاصد نظريةالريسوين . - 1

31

خاتمة البحث إن االسالم هو الوعاء األصلح لتعايش البشر باختالف ألوام وثقافام وأديام . - حنقق التعايش مع الثقافات األخرى فالبد لنا أن نعمل على ابقاء عالقتنا أن من أجل -

حيت لو عادو اىل ،يسودها الود والسالم والراحة والطمأنينة بيننا ،بأصحاب تلك الثقافات وبدوهلم طيبةأن خطاب اهللا ألهل الديانات الغري مسلمة ونبني ،بالدهم سوف يذكرونا باننا نقدر من اقام معنا

للبشر يشتمل على ما ميكن لإلنسان أن يقيم به حضارة، وعلى ما ميكن أن يعمر به األرض.ه التكنولوجية اليت فرضت قد أصبح التعايش بني األمم واجلماعات ضرورة حتمية يف عامل يمن في -

على كل جمتمع وجود اآلخرين.لبشر التعايش بني والتفاهم اية لتحقيق ورطا ضروها شررألمن باعتباار واجلواحسن واة وملسال والعدا - ت.مجاعاادا وفرأملختلفني ا

لحركات االجتماعية تعمل بالضرورة على جوانب التعايش.لبناء ج متعدد األوجه - كما أن عملية التثقيف ،والشعور باحلاجة إىل وجود ضرورة التعايش بني أطفال املدارس غرس االحرتام -

على كل املستويات. تعممحول التعايش حتتاج إىل أن خلق مناخ للتعايش اتمعي ويكون ضمن أولويات الدولة ، حىت حيد من الصراع الطائفي املوجود -

تسهل الطرق لصانعي سياسة اللجوء. يف جمتمع اليوم، ويقضي على احليل اليتعالقة املسلم مع غري املسلم يف األحوال كلها هو مكارم مإن األساس الذي بـىن عليه اإلسال -

.األخالق، وخلق التعامل احلسن، وخلق الدعوة يف مواضعها التوصيات

بسياسة التعايش السلمي مع اآلخر الرتكيز على النصوص القرآنية الداعية اىل ثقافة التسامح و الناطقة - يف املناهج الرتبوية و التعليمية.

أن يبين املسلمني عالقتهم مع اآلخرين داخل ديار اإلسالم على الرعاية ويف اخلارج، على الدعوة، - وبذلك يكون خطابنا للعاملني معقوال؛ إذ يف عالقتنا مع اآلخرين نبني هلم أن دين اإلسالم يسع كل

ة.البشريتقدمي بإقامة العدل بني الناس، وحتقيق نظام دميقراطي يوفر الفرص لكافة شرائح اتمع املدين -

مشاريعها اإلصالحية للمواطنني من أجل اختيار األصلح.

32

المصادر والمراجع

أبــو حممــد عــز الــدين عبــد العزيــز بــن عبــد الســالم بــن أيب القاســم ابــن أيب العــز، راجعــــه ،قواعــــد األحكــــام يف مصــــاحل األنــــام .امللقب بســــلطان العلمــــاء ،الدمشــــقي

القاهرة -مكتبة الكليات األزهرية ،وعلق عليه: طه عبد الرؤوف سعديـة يف غريـب النها .جمد الدين أبـو السـعادات املبـارك بـن حممـد اجلـزري ،ابن األثري

حممود حممد الطنـاحي, املكتبـة العلميـة ،حتقيق طاهر أمحد الزاوى ،احلديث واألثر م. 1979 -ه 1399بريوت، ، نزهـة .مجال الدين أبو الفرج عبد الرمحن بن علي بن حممـد اجلـوزي ابن اجلوزي،

الراضـي ، حتقيق: حممد عبد الكرمي كاظم ،األعني النواظر يف علم الوجوه والنظائر م. 1984 -ه 1404، 1طبريوت ، ،لبنان –مؤسسة الرسالة

زاد املســري يف .مجــال الــدين أبــو الفــرج عبــد الــرمحن بــن علــي, حتقيــق ،اجلــوزيابــن .ه 1422 ،1طبريوت,: عبد الرزاق املهدي, دار الكتاب العريب ،علم التفسري

تقي الدين أبو البقاء حممد بن أمحد بن عبد العزيز بـن علـي الفتـوحي ،ابن النجار حممد الزحيلي ونزيـه محـاد ، مكتبـة ،حتقيق .املعروف بابن النجار شرح الكوكب املنري

م. 1997 -ه 1418 ،2،طالعبيكاندار ،كمــــال الــــدين حممــــد بــــن عبــــد الواحــــد السيواســــي ، فــــتح القــــدير ،ابــــن اهلمــــام

)،دون(ط تالفكراملنهل الصايف واملسـتويف .جلمال الدين بن يوسف بن تعري بردي ،بن تعري بردي ا

ه.1375 –م 1955ه : القاهرة ،دار الكتب املصرية طبعة، ،بعد الوايف دار الكتــــــب العلميــــــة ، ،الفتــــــاوي الكــــــربى .أمحــــــد بــــــن عبــــــد احللــــــيم ابــــــن تيميــــــة، م.1،1987ط

33

.بن أمحد بن سعيد بن حزم األندلسي القـرطيب ابن حزم الظاهري، أبو حممد علي إحســـان عبـــاس, لبنـــان، و أمحـــد حممـــد شـــاكر, ، اإلحكـــام يف أصـــول األحكـــام، حتقيـــق

بريوت، دار اآلفاق اجلديدة،. .أبــو عبــد اهللا أمحــد بــن حممــد بــن حنبــل بــن هــالل بــن أســد الشــيباين ابــن حنبــل،

،دار الكتـب العلميـة: وت لبنـانبـري ،وضع حواشيه: حممد عبد السـالم شـاهني ،الزهد م. 1999 -ه 1420، 1ط

احملكـم واحملـيط األعظـم .أبو احلسن علي بن إمساعيل بن سيده املرسي ،بن سيدها -ه 1،1421،طبــريوت –عبــد احلميــد هنــداوي ، دار الكتــب العلميــة ،حتقيــق ،

م. 2000 .حممـــد الطــــاهر بـــن حممــــد بـــن حممــــد الطـــاهر بــــن عاشـــور التونســــي ابـــن عاشــــور،

حممد احلبيب ابن اخلوجة ، وزارة األوقاف والشؤون ،مقاصد الشريعة اإلسالمية حتقيق م. 2004 -ه 1425اإلسالمية، قطر ،

، تـونس، التحريـر والتنـوير .حممد بن حممد الطاهر بن عاشـور التونسـي ابن عاشور، ه. 1984، ية للنشرالدار التونس

.ابن قيم اجلوزية، حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد مشس الدين ابن قيم اجلوزية دار الكتــب العلميــة إعـالم املــوقعني عــن رب العــاملني حتقيــق حممــد عبــد الســالم إبــراهيم

.م1991 -ه 1411، 1طلبنان، بريوت، الطـرق .دين ابن قيم اجلوزيةحممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد مشس الابن قيم،

.مكتبة دار البيان،احلكمية حممـــد بـــن مكـــرم بـــن علـــى، أبـــو الفضـــل، مجـــال الـــدين ابـــن منظـــور ابـــن منظـــور ،

ه 1414، 3ط، بريوت –دار صادر . األنصاري الرويفعى اإلفريقى د يف التمهيـــ .حمفـــوظ بـــن أمحـــد بـــن احلســـن أبـــو اخلطـــاب الكلـــوذاين ، طـــابخلبـــو اأ

مركـــز ،وحممـــد بـــن علـــي بـــن إبـــراهيم ،مفيـــد حممـــد أبـــو عمشـــة ،قيـــقحتأصـــول الفقـــه -ه 1406، 1طالبحــــث العلمــــي وإحيــــاء الــــرتاث اإلســــالمي، جامعــــة أم القــــرى,

.م 1985

34

التشريع اإلسالمي صاحل للتطبيق يف كـل .أبو الصفا، حممد فهمي علي أبو الصفا ة العاشــــــرة، العــــــدد األول، مجــــــادى األخــــــرة زمــــــان ومكــــــان اجلامعــــــة اإلســــــالمية الســــــن

م. 1977يونية -ه مايو 1397، روح البيـان . إمساعيل حقي بن مصطفى اإلستانبويل احلنفي اخللويت ، أبو الفداء

.بريوت ،دار الفكر أبـــو حممـــد عـــز الـــدين عبـــد العزيـــز بـــن عبـــد الســـالم ، امللقـــب بســـلطان العـــز ، وأبـــ

تفسري القرآن (وهو اختصـار لتفسـري املـاوردي): حتقيـق: الـدكتور عبـد اهللا بـن ، العلماء .م1996ه/ 1416، 1ط -لبنانبريوت –إبراهيم الوهيب ، دار ابن حزم

زهـرة التفاسـري . حممد بن أمحد بن مصطفى بن أمحـد املعـروف بـأيب زهـرة زهرة، وأب دار الفكر العريب.،

ميــد عمــر ، معجــم اللغــة العربيــة املعاصــرة: مبســـاعدة د أمحــد خمتــار عبــد احل، أمحــد م. 2008 -ه 1429، 1طفريق عمل ، عامل الكتب ،

تفسري حـدائق . الشيخ العالمة حممد األمني بن عبد اهللا األرمي الشافعي ،األرمي ومراجعة: الدكتور هاشم حممد علـي بـن حسـني ، الروح والرحيان يف روايب علوم القرآن

م. 2001 -ه 1421، 1طلبنان ، –دار طوق النجاة، بريوت مهدي ، روح املعـــاين يف تفســـري القـــرآن العظـــيم .شـــهاب الـــدين حممـــود األلوســـياأللوســـي،

، 1طبـــريوت, ،علـــي عبـــد البـــاري عطيـــة, دار الكتـــب العلميـــة حتقيـــق، والســـبع املثـــاين ه . 1415

.عـــروف بـــأمري بادشـــاه احلنفـــي حممـــد أمـــني بـــن حممـــود البخـــاري امل، أمـــري بادشـــاه . م 1932 -ه 1351،مصر ،مصطفى البايب احلليب ، مطبعةتيسري التحرير

مؤسسـة ، احلـدود .أيب الوليد سليمان بن خلف بن سعد البـاجي املـالكي الباجي، م.1392، بريوت –الزغيب للطباعة والنشر

اجلامع املسـند الصـحيح . حممد بن إمساعيل أبو عبداهللا البخاري اجلعفي البخاري، , املختصر من أمور رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخـاري

35

ه ، مكتبـــة 1422، 1طحممـــد زهـــري بـــن ناصـــر الناصـــر, دار طـــوق النجـــاة, ,حتقيـــق م. 1991 -ه 1414القاهرة ، –الكليات األزهرية

الفقيـه و .أبو بكر أمحد بن علي بن ثابـت بـن أمحـد اخلطيـب البغـدادي البغدادي، –حتقيـــق، أبـــو عبـــد الـــرمحن عـــادل بـــن يوســـف الغـــرازي ، دار ابـــن اجلـــوزي ،املتفقـــه

. 1421، 2طالسعودية ، معجـــم املنـــاهي .بكـــر بـــن عبـــد اهللا أبـــو زيـــد بـــن حممـــد بـــن عبـــد اهللا بـــن بكـــر،بكر

ه 1417، 2طالريــاض, ،األلفــاظ دار العاصــمة للنشــر والتوزيــع اللفظيــة وفوائــد يف م. 1996-

التفســــري الوســــيط للقــــرآن الكــــرمي: جمموعــــة مــــن العلمــــاء بإشــــراف جممــــع البحــــوث 1973ه = 1393، 1طاإلسالمية باألزهر اهليئة العامـة لشـئون املطـابع األمرييـة ،

م ، حتقيــق، التعريفــات .ف اجلرجــاين علــي بــن حممــد بــن علــي الــزين الشــري اجلرجــاين،

م.1983-ه 1403 طلبنان، –مجاعة من العلماء ،دار الكتب العلمية بريوت ،الفصـول يف األصـول .أمحد بن علـي أبـو بكـر الـرازي اجلصـاص احلنفـي اجلصاص،

م.1994 -ه 1414، 2طوزارة األوقاف الكويتية, وليــــة يف القـــــانون الـــــدويل ويف قواعــــد العالقـــــات الد، جعفـــــر عبــــد الســـــالم. جعفــــر

.ه1401الشريعة اإلسالمية: ، مكتبة السالم العاملية، القاهرة،

الصــــحاح تــــاج اللغــــة ،أبــــو نصــــر إمساعيــــل بــــن محــــاد اجلــــوهري الفــــارايب ،جلــــوهريا بــريوت ، –أمحــد عبــد الغفــور عطــار ، دار العلــم للماليــني ،حتقيــق .وصــحاح العربيــة

.1987 - ه 4،1407ط م .1992 -ه 1413،بريوت ،دار الكتب العلمية .جي خليفة حا ،اجي ح

الفكر السامي يف .الفاسي حممد بن احلسن بن العريب بن حممد احلجوي، احلجوي ــــاريخ الفقــــه اإلســــالمي ــــة ،ت -ه1416 - 1طلبنــــان ، بــــريوت،دار الكتــــب العلمي

م.1995

36

مكتبـة العبيكـان، .املقاصـد الشـرعية نور الدين بن خمتار اخلادمي، علـم اخلادمي، م.2001 -ه1421 1ط

السياسـة الشـرعية يف الشـئون الدسـتورية واخلارجيـة .عبد الوهـاب خـالف ،خالف م.1988 -ه 1408 ،دار القلم ،واملالية

دار القلـم للطباعـة .علـي الشـرجبي و مصـطفى البغـا، ،واخلن سعيد مصطفى، اخلن م. 1992 -ه 1413، 4طع، دمشق ،والنشر والتوزي

أبــو عبــد اهللا حممــد بــن عمــر بــن احلســن بــن احلســني التيمــي الــرازي خطيــب ،لــرازيا الدكتور طه جابر فياض العلواين ، مؤسسة الرسـالة ، ،دراسة وحتقيق ،احملصول .الري

م. 1997 -ه 1418، 3طالـــدار العامليـــة ،نظريـــة املقاصـــد عنـــد اإلمـــام الشـــاطيب .أمحـــد الريســـوين الريســـوين،

للكتاب اإلسالمي.سورية -دار الفكر ،الفقه اإلسالمي وأدلته .وهبة بن مصطفى الزحيلي ،لزحيلي ا

دمشق. –الزركشــي، أبــو عبــد اهللا بــدر الــدين حممــد بــن عبــد اهللا بــن ــادر، البحــر احملــيط يف م. 2000ول الفقه، بريوت، لبنان، دار الكتب العلمية، طبعة أصتيســري الكــرمي الــرمحن يف . عبــد الــرمحن بــن ناصــر بــن عبــد اهللا الســعدي الســعدي،

1طتفســــري كــــالم املنــــان حتقيــــق: عبــــد الــــرمحن بــــن معــــال اللوحيــــق, مؤسســــة الرســــالة, م 2000-ه 1420

الـدر املنثـور يف التفسـري .لدين السيوطيعبد الرمحن بن أيب بكر جالل االسيوطي، بريوت.،باملأثور: دار الفكر

، الرسـالة .أبو عبد اهللا حممد بن إدريس بن العباس بن عثمـان بـن شـافع ،الشافعي م1940ه/1358، 1، طمكتبه احلليب، مصر، أمحد شاكرحتقيق

مطابع أخبار اليوم. تفسري الشعراوي .اخلواطر ، حممد متويل الشعراوي ،الشعراوي

مـنهج التشـريع .حممد األمني بن حممد املختار بن عبد القادر اجلكين ،لشنقيطي ا .2طاإلسالمي وحكمته اجلامعة اإلسالمية، املدينة املنورة ،

37

أضــواء البيــان يف .الشــنقيطي،حممد األمــني الشــنقيطي بــن حممــد املختــار بــن اجلكــين م. 1995 -ه 1415إيضاح القرآن بالقرآن, بريوت، لبنان، دار الفكر للطباعة,

،نيــل األوطــار . حممــد بــن علــي بــن حممــد بــن عبــد اهللا الشــوكاين اليمــين الشــوكاين، ـــــــــدين الصـــــــــبابطي ، دار احلـــــــــديث، مصـــــــــر ، ،حتقيـــــــــق -ه 1413، 1طعصـــــــــام ال م. 1993

فــتح القــدير: ،بــن حممــد بــن عبــد اهللا الشــوكاين اليمــين ،حممد بــن علــي الشــوكاين، ه1414: 1دار الكلم الطيب ، دمشق ، ط ،للشوكاين

بلغـــة .الصـــاوي، أبـــو العبـــاس أمحـــد بـــن حممـــد اخللـــويت، الشـــهري بالصـــاوي املـــالكي السالك ألقرب املسالك املعروف حباشية الصاوي على الشرح الصغري (الشـرح الصـغري

ــام مالــك) ، هــو شــرح الشــيخ م الــدرديري لكتابــه املســمى أقــرب املســالك لمــذهب اإل دار املعارف، دون (د ط ت).لبنان، بريت،

جــامع ،أبــو جعفــر الطــربي .حممــد بــن جريــر بــن يزيــد بــن كثــري بــن غالــب الطــربي، 1420، 1طالبيان يف تأويل القرآن ،حتقيق: أمحد حممد شـاكر ، مؤسسـة الرسـالة ،

م. 2000 -ه عمــدة .أبــو حممــد حممــود بــن أمحــد بــن موســى بــن أمحــد بــدر الــدين العيــىن العيــين،

بريوت –القاري شرح صحيح البخاري دار إحياء الرتاث العريب لبنــان، ، إحيــاء علــوم الــدين .الغــزايل: أبــو حامــد حممــد بــن حممــد الغــزايل الطوســي

. بريوت، دار املعرفةعبد الرمحن اخلليل بن أمحـد بـن عمـرو بـن متـيم الفراهيـدي ، العـني أبو الفراهيدي،

د مهدي املخزومي، د إبراهيم السامرائي ، مكتبة اهلالل.،حتقيق، ،حتقيـق ،القاموس احمليط .جمد الدين أبو طاهر حممد بن يعقوب ، آبادى الفريوز

لبنــان ، ،زيـع، بـريوت حممـد نعـيم العرقسوسـي ، مؤسسـة الرسـالة للطباعـة والنشـر والتو م 2005 -ه 1426، 8ط

38

أبو العباس شـهاب الـدين أمحـد بـن إدريـس بـن عبـد الـرمحن ، شـرح تنقـيح القرايف، ، 1ط ،طـــــه عبـــــد الـــــرؤوف ســـــعد ، شـــــركة الطباعـــــة الفنيـــــة املتحـــــدة،حتقيق ،الفصـــــول م. 1973 -ه 1393

أنـوار الـربوق يف .الفـروق ،أيب العباس أمحد بن ادريس الصـنهاجي القـرايف القرايف، .م2003 -ه 1424 ،أنواء الفروق

،اجلامع ألحكام القرآن. أبو عبد اهللا حممد بن أمحد بن أيب بكر القرطيب القرطيب، ، 2طالقـــــاهرة ، –حتقيـــــق: أمحـــــد الـــــربدوين وإبـــــراهيم أطفـــــيش ، دار الكتـــــب املصـــــرية

م. 1964 -ه 1384ــــن هــــوازن ،القشــــريي لطــــائف اإلشــــارات تفســــري .بــــن عبــــد امللــــك عبــــد الكــــرمي ب

.3طمصر, ،إبراهيم البسيوين, اهليئة املصرية العامة للكتاب ،حتقيق ،القشريي دون (ط ت). تيسري التفسري .إبراهيم القطان ،القطان تــاريخ التشــريع اإلســالمي, مكتبــة وهبــة الطبعــة .منــاع بــن خليــل القطــان القطــان،

.م2001-ه1422اخلامسة بــدائع الصــنائع يف .الكاســاين، عــالء الــدين، أبــو بكــر بــن مســعود بــن أمحــد احلنفــي

م. .1986 -ه 1406، 2طترتيب الشرائع، لبنان، بريوت، دار الكتب العلمية, احلـــاوي الكبـــري يف فقـــه . أبـــو احلســـن علـــي بـــن حممـــد البصـــري البغـــدادياملـــاوردي ،

ي حممـد معـوض الشـيخ عـادل أمحـد عبـد, دار حتقيـق الشـيخ علـ،مذهب اإلمـام الشـافعي م. 1999-ه 1419، 1طلبنان, –الكتب العلمية، بريوت

التحبـري شـرح التحريـر يف .عـالء الـدين أبـو احلسـن علـي بـن سـليمان احلنبلـي ،ملرداويا حتقيـــــق د. عبـــــد الـــــرمحن اجلـــــربين، د. عـــــوض القـــــرين، د. أمحـــــد الســـــراح، ،أصـــــول الفقـــــه

م.2000 -ه 1421مكتبة الرشد، الطبعة األوىل، السعودية، الرياض،املسند الصحيح املختصر . مسلم بن احلجاج أبو احلسن القشريي النيسابوري مسلم،

حممـــد فـــؤاد عبـــد ،حتقيـــق ،بنقـــل العـــدل عـــن العـــدل إىل رســـول اهللا صـــلى اهللا عليـــه وســـلم بريوت. ،الباقي, دار إحياء الرتاث العريب

39

دار الغـــــــرب ،حممـــــــد املكـــــــي الناصـــــــري، التيســـــــري يف أحاديـــــــث التفســـــــري: ،الناصـــــــري م. 1985 -ه 1405األوىل، ،لبنان ,الطبعة –اإلسالمي، بريوت

،املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجـاج .أبو زكريا حميي الدين حيىي بن شرف ،النووي . 1392، 2طبريوت, –دار إحياء الرتاث العريب

.

املوضوعاتفهرس الصــــــفـــــحـــة العــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان

3-----2 مقدمة 5----4 : التعريف مبصطلحات البحث التمهــــــــــــــــــــــــــــــــــــيد

13-----6 التعايش بين المسلمين والنصوص الدالة عليه املبحث األول : أخالقيات التعايش بين المسلمين وغيرهماملبحث الثاين :

14----19

عالقة المقاصد بالتعايش والنصوص الدالة عليهاملبحث الثالث : :

20 ----22

التعايش األخالقي وأثره في حياة الفرد والمجتمعاملبحث الرابع

23----30

31 خامتة البحث 38----32 فهرست املصادر واملراجع

39 فهرست املوضوعات

سبحانه وتعاىل - من منطلق اجتهادي آمل من اهللا -املتواضع –ويف اخلتام لعل هذا اجلهد فإن أصبت فمن القبول مث من القراء الفضالء , ولعله يسهم يف فهم التعايش األخالقي والسلمي ، -

العزيز الرحيم ،وإن أخطأت فأسأله العفو والغفران. وآخر دعوانا أن احلمد هللا رب العاملني

لة إىل اهللا د. حماسن حسن الفضالفقري