أطفال الشوارع_ الحل البرازيلى _ المصري اليوم- نصار عبد...

Post on 08-Apr-2016

22 Views

Category:

Documents

4 Downloads

Preview:

Click to see full reader

DESCRIPTION

مقال للدكتور نصار عبدالله يوصف الحل البرازيلي من قبل الشرطة و هو تنظيف بالإعدام لأطفال الشوارع و محاولة إسقاط الحل على المشكلة المصرية بإظهار التماثل و طريقة غض النظر عن ما جرى

TRANSCRIPT

6/20/14 | المصري الیوم أطفال الشوارع: الحل البرازیلى

www.almasryalyoum.com/news/details/467293 1/1

زى النهاردة

على مدى عقود متوالية كان أطفال الشوارع مصدرا لإلزعاج لسكان مدينة برازيليا ولغيرها من المدن البرازيلية الكبرى، وفى التسعينيات من القرن

الماضى تحول مصدر اإلزعاج إلى مصدر للرعب، فقد تزايد عدد أطفال الشوارع تزايدا كبيرا، وتزايدت بالتالى معدالت الجرائم التى يرتكبونها وفى

مقدمتها جرائم السرقة والدعارة واالغتصاب التى يترتب عليها فى معظم الحاالت إصابة الضحية باإليدز الذى أصبح متفشيا بينهم بنسبة تتجاوز الـ

90%، وباختصار فإن وضع برازيليا فى تسعينيات القرن الماضى كان شبيها بوضع القاهرة اآلن، بل إن التشابه فى حقيقة األمر كان أكثر بكثيرمن ذلك

حيث كان الوضع االقتصادى البرازيلى فى مجمله شبيها بالوضع المصرى الراهن، فالديون الخارجية للبرازيل كانت قد وصلت إلى أرقام قياسية،

ومعدالت البطالة تتصاعد عاما بعد عام، والفساد متغلغل فى كل أنحاء الجهاز الحكومى، واألصوات المنادية بتأهيل أطفال الشوارع وإعادة

إدماجهم فى المجتمع يعلم أصحابها جيدا أن مثل هذه العملية عالية التكلفة إذا ما قورنت بتكلفة إتاحة فرص العمل للعاطلين من غير أبناء الشوارع،

فضال عن أنها غير مضمونة النتائج!، ومن ثم فإن الذى ينبغى أن تركز عليه الدولة فى ظل الظروف االقتصادية الصعبة هو إتاحة فرص العمل

للعاطلين حتى ال ينضم أطفالهم إلى جيش أطفال الشوارع!!. ونتيجة لهذه االعتبارات فقد لجأت أجهزة األمن البرازيلية فى ذلك الوقت إلى حل بالغ

القسوة والفظاعة لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع يتمثل فى شن حمالت موسعة لالصطياد والتطهير تم من خاللها إعدام اآلالف منهم بنفس

الطريقة التى يجرى بها إعدام الكالب الضالة توقيا لألخطار واألضرار المتوقعة منها!!...كانت سائر قوى المجتمع البرازيلى تدرك أن ما قامت به

الشرطة هو جريمة مكتملة األركان، وأن هؤالء األطفال هم فى حقيقة األمر ضحايا ال جناة، وأن من البشاعة بمكان أن يعدموا بناء على جرائم لم

يرتكبوها،.. كان الجميع يدركون ذلك، لكنهم ـ جميعهم تقريباـ غضوا أنظارهم عما قامت به الشرطة ألنهم جميعهم لهم مصلحة فيما قامت به!!،..

القيادة السياسية لم تعلن رسميا أنها تؤيد ما قامت به الشرطة، لكنها لم تحاول أن تقدم مسؤوال أمنيا واحدا إلى المحاكمة، ألنها تعلم أن البديل

إلعدام أطفال الشوارع هو إعادة تأهيلهم وهو ما يستلزم ميزانية ضخمة سوف تكون بالضرورة على حساب توفير فرص العمل للمواطنين الذى

فقدوا وظائفهم وهو ما يهدد خطتها لإلصالح االقتصادى بالكامل للفشل!، والمواطنون العاديون ـ حتى أولئك الذين يستنكرون ظاهريا حمالت

اإلعدام ـ يشعرون فى قرارة نفوسهم بمدى جدية برنامج الحكومة لإلصالح، ويشعرون باالرتياح الختفاء أطفال الشوارع من طرقات المدن

الرئيسية التى أصبح بوسعهم اآلن أن يخرجوا إليها هم وأوالدهم وبناتهم بدون خوف!!، ووسائل اإلعالم التى راح بعضها يندد بالحمالت ال تفتأ

تذكر المواطنين فى الوقت ذاته بالروح العدوانية ألطفال الشوارع وبالجرائم التى ارتكبوها والتى سيرتكبون المزيد منها بغير شك لو أنهم تركوا

وشأنهم!!، أما جمعيات حقوق اإلنسان التى دافعت دفاعا مستميتا عن حق أطفال الشوارع فى الحياة فقد اتهمها الكثيرون بأنها تكيل بمكيالين وأنها

ال تراعى حقوق المواطنين العاديين فى الحياة اآلمنة!!..

وهكذا أفلح الحل البرازيلى فى تخليص الشوارع الرئيسية للمدن الكبرى من أطفال الشوارع ودفع من تبقى منهم إلى االنسحاب للمناطق العشوائية،

غير أن هذا النجاح ال يعزى إلى القسوة التى انطوى عليها الخيار البرازيلى، ولكنه يعزى أوال وقبل كل شىء إلى توافر إرادة اإلصالح لدى القيادة

السياسية البرازيلية التى حاربت الفساد بكل قوة والتى وفرت الماليين من فرص العمل للبرازيليين، واستطاعت من ثم أن تتحول من اقتصاد

موشك على اإلفالس إلى واحد من أهم قوى نظم االقتصاد العالمى، وهذا هو الدرس الذى ينبغى أن يعيه كل من يحاول أن يتعلم شيئا ما من

التجربة البرازيلية.

nassarabdalla@gmail.om

أطفال الشوارع: الحل البرازيلى

نصار عبد هللامنذ 15 ساعة

top related