كتاب : شرح الزركشي على مختصر الخرقيﰲ ﺦﺒﻄﻨﻓ ، ﺏﺎﺘﻛ...

Post on 27-Aug-2020

1 Views

Category:

Documents

0 Downloads

Preview:

Click to see full reader

TRANSCRIPT

  • اخلرقي: كتاب لزركشي على خمتصر ا شرح لي: املؤلف ملصري احلنب لزركشي ا ا عبد اهللا بن اهللا حممد عبد لدين أيب ا مشس

    ) مقدمة املؤلف ( بسم اهللا الرمحن الرحيم

    . اللهم صلِ على سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم ، اللهم يّسر ، وأعن يا كرمي ، احملقق املتقن ، شيخ اإلسالم واملسلمني ، وحيد دهره ، وفريد عصره ، ناصر قال الشيخ اإلِمام ، العامل العالمة

    [ السنة ، وقامع البدعة ، أبو عبد اهللا مشس الدين حممد بن عبد اهللا الزركشي احلنبلي تغمده اهللا تعاىل برمحته ] : وأسكنه فسيح جنته

    كتاب الطهارة

    وهو مصدر مسي به املكتوب ، كاخللق مسي به املخلوق ، . الطهارة هذا كتاب : خرب مبتدأ حمذوف ، أي ) كتاب (

    : والكتب يف اللغة اجلمع ، قال سامل بن دارة ال تأمنن فزاريا خلوت به

    على قلوصك واكتبها بأسيار

    ة ، من أي امجعها بأسيار ، والقلوص يف اإلبل مبنزلة اجلارية يف الناس ، فكتاب الطهارة هو اجلامع ألحكام الطهار

    . بيان ما يتطهر به ، وما يتطهر له ، وما جيب أن يتطهر منه إىل غري ذلك : ترجع إىل البعد ) نزه ( والطهارة يف اللغة النظافة والنزاهة عن األقذار ، ومادة

    ال بأس : ( كان رسول اهللا إذا دخل على مريض قال : ( ويف الصحيحني عن ابن عباس رضي اهللا عنهما قال ١ . أي مطهر من الذنوب ، والذنوب أقذار معنوية ) ر إن شاء اهللا طهو

    وأورد . رفع ما مينع الصالة من حدث أو جناسة باملاء أو رفع حكمه بالتراب : ويف اصطالح الفقهاء قال أبو حممد املاء والتراب على عكسه احلجر وما يف معناه يف االستنجاء ، ودلك النعل ، وذيل املرأة ، على قول ، فإن تقييده ب

    خيرج ذلك ، وأيضاً جناسة تصح الصالة معها فإن زواهلا طهارة وال متنع الصالة ، وأيضاً األغسال املستحبة ، والتجديد ، والغسلة الثانية ، والثالثة ، فإهنا طهارة وال متنع الصالة ، مث حيتاج أن يقيد املاء والتراب بكوهنما

    : ستحبة وحنوها بأن الطهارة يف األصل إمنا هي لرفع شيء ، إذ هي مصدر طهورين ، وقد أجيب عن األغسال املوذلك يقتضي رفع شيء ، فإطالق الطهارة على الوضوء اجملدد ، والغسل املستحب جماز ملشاهبته الوضوء . طهر

    ل األغسال لتدخ. وما أشبهه ) ما مينع الصالة ( الرافع يف الصورة ، وابن أيب الفتح ملا استشعر هذا زاد بعد بيان ملا أشبهه ، وليس كذلك وإمنا . من حدث أو جناسة : املستحبة وحنوها ، وهو على ما فيه من اإلمجال يوهم أن

    استعمال الطهور يف حمل التطري على الوجه املشروع : هو لبيان ما مينع الصالة ، وحدها بعض متأخري البغاددة بأهنا

  • د للتطهري ، ال للطهارة ، فهو غري مطابق للمحدود ، وقد حدت حبدود كثرية وال خيفى أن فيه زيادة ، مع أنه ح. . يطول ذكرها والكالم عليها ، واهللا أعلم

    : قال

    باب ما تكون به الطهارة من املاء

    هنا تامة ، ألهنا مبعىن احلصول واحلدث ، أي ما حتصل به الطهارة ، كما يف قوله ) كان ( و . أي هذا باب : ش على القراءة املشهورة ، أي إن وجد ذو عسرة ، أو حصل ذو عسرة ، ) } وإن كان ذو عسرة { ( ١٩: تعاىل

    . والباب ما يدخل منه إىل املقصود ، ويتوصل به إىل االطالع عليه وماء والطهارة باملاء الطاهر املطلق ، الذي ال يضاف إىل اسم شيء غريه ، مثل ماء الباقالء ، وماء احلمص ، : قال

    . الورد ، وماء الزعفران ، وما أشبهها مما ال يزايل امسه اسم املاء يف وقت األلف والالم لالستغراق ، واجلار واجملرور خرب الطهارة ، وهو متعلق مبحذوف ، وذلك احملذوف يف احلقيقة : ش

    غري املقيد ، ) واملطلق ( ، ) ما ليس بنجس( والطاهر . كل طهارة حاصلة أو كائنة باملاء : هو اخلرب ، والتقدير الذي ال يضاف إىل اسم شيء غريه مث مثل للذي يضاف إىل اسم شيء غريه مباء الباقالء : وقد بينه وأوضحه بقوله

    ، وهو الفول ، وماء الورد ، وماء احلمص ، وماء الزعفران ، وما أشبه هذه األشياء ، كماء القرنفل ، وماء العصفر ] ماء [ واحترز بذلك عن إضافة مفارقة يف وقت كماء النهر و . يفارق امسه اسم املاء يف وقت ، وحنو ذلك مما ال

    . البحر وحنو ذلك ، ألن إضافته تزول مبفارقته ، فوجود هذه اإلضافة كعدمها ، هذا حل لفظه خبث حتصل بكل على أن كل طهارة سواء كانت طهارة حدث أو ) دل منطوقه ( وأما األحكام املستنبطة منه فقد

    ماء هذه صفته سواء نزل من السماء ، أو نبع من األرض على أي صفة خلق عليها ، من بياض وصفرة ، وسواد ، وهذا وإن كان نكرة ) } وأنزلنا من السماء ماء طهوراً { ( ١٩: وحرارة وبرودة ، إىل غري ذلك ، قال اهللا تعاىل

    . يعم كل ماء يف سياق اإلثبات لكنه يف سياق االمتنان ، فإنا نركب البحر ، وحنمل معنا القليل من املاء ، : سأل رجل النيب فقال : وروى أبو هريرة رضي اهللا عنه قال ٢

    رواه اخلمسة ) هو الطهور ماؤه ، احلل ميتته : ( فإن توضأنا به عطشنا ، أفنتوضأ مباء البحر ؟ فقال رسول اهللا . وصححه غري واحد من األئمة

    حديث بئر بضاعة صحيح : قال أمحد ) املاء طهور ال ينجسه شيء : ( عليه الصالة والسالم يف بئر بضاعة وقال ٣ . . وأمر أمساء بنت عميس أن تغسل دم احليض باملاء ٤ ) . صبوا على بول األعرايب ذنوباً من ماء : ( وقال ٥

    بغري املاء ، من دهن ، وخل ، ونبيذ ، وحنو ذلك أن مجيع الطهارات ال جتوز) األوىل . ( ودل مفهومه على مسائل أو جاء أحد منكم من الغائط ، أو المستم النساء ، فلم جتدوا ماء { ( ١٩: ، أما يف طهارة األحداث فلقوله تعاىل

    . فنقلنا عند عدم املاء إىل التيمم ) } فتيمموا مل جيد املاء عشر سنني ، فإذا وجد املاء فليمسه إن الصعيد الطيب طهور املسلم وإن : ( وقول النيب أليب ذر ٦

    . رواه أمحد والترمذي وصححه ) بشرته

  • يا رسول اهللا إنا بأرض أهل كتاب ، فنطبخ يف : وأما يف طهارة األجناس فلما روى أبو ثعلبة رضي اهللا عنه أنه قال ٧رواه الترمذي وصححه ) ها باملاء إن مل جتدوا غريها فارحضو: ( فقال رسول اهللا . قدورهم ونشرب بآنيتهم

    . والرحض الغسل وأمر أمساء أن تغسل دم احليض باملاء رمحه اهللا ما يدل على زوال النجاسة بكل مائع طاهر مزيل ، كاخلل وحنوه ، إذ املقصود زوال العني ، ) وعن أمحد ( . مساء زواهلا بالطاهر غري املطهر ، نظراً إلطالق حديثي أيب ثعلبة وأ) وعنه (

    وعلى األوىل وهي املذهب بال ريب جيوز استعماله يف النجاسة ختفيفاً هلا ، ويستثىن من هذا املفهوم ما يتيمم به ، فإنه ال : مطهر وليس مباء ، وكذلك ما يستنجى به ، وأسفل اخلف إذا دلك ، وذيل املرأة على قول يف الثالثة وقد يقال

    هارة رافعة للحدث ، وطهارة التيمم مبيحة ، ال رافعة ، واحلجر يف االستنجاء يرد عليه التيمم ، ألن كالمه يف ط . . وحنو ليس مبطهر على املشهور ، ويكون ذلك مأخوذاً من كالم اخلرقي وظاهر كالمه

    . أن الطهارة ال تصح مباء جنس لتقييده املاء بالطاهر ، وهو واضح ) املسألة الثانية ( الطهارة ال تصح بغري املاء املطلق ، فال تصح مباء مضاف إضافة الزمة ، ويأيت إن شاء اهللا تعاىل أن) املسألة الثالثة (

    . بيان ذلك يف املسألة اآلتية بعد ، واهللا أعلم وما سقط فيه مما ذكرنا أو غريه ، وكان يسرياً فلم يوجد له طعم ، وال لون وال رائحة كثرية حىت ينسب املاء : قال

    . به إليه توضة ما سقط يف املاء مما ذكره من الباقالء ، والزعفران ، والورد ، واحلمص ، أو غريه من الطاهرات كالعصفر ، : ش

    وامللح اجلبلي ، وورق الشجر إذا وضع فيه قصداً ، وحنو ذلك ، وكان الواقع يسرياً ، فلم يوجد للواقع يف املاء ماء زعفران ، وحنو ذلك ، فهو باق : ك يضاف املاء إليه ، فيقال طعم ، وال لون ، وال رائحة ، حىت أنه بسبب ذل . وحنو ذلك ) } فلم جتدوا ماًء فتيمموا { ( ١٩: على إطالقه فيتوضأ به ، لدخوله حتت قوله تعاىل

    . وقد ثبت أن النيب اغتسل هو وزوجته من جفنة فيها أثر عجني ٨أو طعم أو رائحة كثرية ، حبيث صار املاء يضاف إليه ، زالت ومفهوم كالم اخلرقي أنه مىت وجد للواقع لون ،

    طهوريته ، ومنع التوضؤ به ، وهو إحدى الروايات ، اختارها أكثر األصحاب خلروجه عن املاء املطلق ، فلم يتناوله ا املاء ودليل ذلك لو وكله أن يشتري له ماء ، فاشترى له هذ) } فلم جتدوا ماء فتيمموا { ( ١٩: قوله تعاىل

    . املتغري مل يكن ممتثلًا { : من قوله تعاىل ) ماء ( وهي األشهر نقلًا ، وإليها ميل أيب حممد هو باق على طهوريته ، ألن ) والرواية الثانية (

    أنه طهور بشرط ) والرواية الثالثة ( نكرة يف سياق النفي ، فيشمل كل ماء ، إال ما خصه الدليل ، } فلم جتدوا ماء جيد غريه ، وحيث أثر التغيري فإمنا هو إذا كان كثرياً ، فإن كان يسرياً فثالثة أوجه ، ثالثها وهو اختيار اخلرقي أن ال

    يعفى عن يسري الرائحة ، ألن تأثريها عن جماورة ، خبالف غريها ، وإمنا قيد اخلرقي الواقع بكونه يسرياً إجراء على ثرياً أثر يف املاء ، وأزال طهوريته على خمتاره ، وحمل اخلالف مع بقاء اسم الغالب ، إذ الغالب أن الواقع مىت كان ك

    املاء ، أما مع زوال االسم كما إذا صريه الواقع حرباً ، أو خلًا ، أو طبيخاً ، وحنو ذلك فإن طهوريته تزول بال ريب .

    ( وبه قطع العامة ال يؤثر شيئاً ، ) اين والث( ويدخل يف عموم املفهوم التراب املطروح فيه عمداً ، وهو أحد الوجهني إن ثخن حبيث ال جيري على األعضاء أثر ، خلروجه عن اسم املاء ، وأجرى ابن محدان الوجهني يف امللح ) نعم

    . البحري أيضاً

  • ، ويدخل فيه أيضاً إذا كان الواقع ال خيالط املاء ، كقطع العود ، والكافور واخلشب والدهن والشمع ، وحنو ذلك وهو اختيار مجهور األصحاب ال يؤثر ) والثاين ( وهو أحد الوجهني ، واختيار أيب اخلطاب يف انتصاره وأيب الربكات

    . وقوعه ولو غري املاء ، ألنه تغيري جماورة ال خمالطة ، أشبه ما لو تغري جبيفة إىل جنبه ر ، وما تلقيه الرياح والسيول من العيدان ويستثىن من مفهوم كالم اخلرقي واقع يشق االحتراز عنه ، كورق الشج

    وحنو ذلك ، فإنه ال يؤثر وقوعه يف املاء وإن غري مجيع أوصافه ، صرح به الشريازي وكذلك امللح البحري ، واهللا . أعلم . وال يتوضأ مباء قد توضئ به : قال . هذا هو املشهور من املذهب ، وعليه عامة األصحاب : ش فقال ) ال يغتسل أحدكم يف املاء الدائم وهو جنب : ( قال رسول اهللا : يرة رضي اهللا عنه ، قال ملا روى أبو هر ٩

    رواه مسلم والنسائي ولوال أن الغسل فيه ال جيزىء ، وأن . يتناوله تناولًا : كيف يفعل يا أبا هريرة ؟ قال : الراوي ة ، أشبه املاء املزال به النجاسة ، أو استعمل يف عبادة طهوريته تزول مل ينه عن ذلك ، وألنه أزال به مانعاً من الصال

    على وجه اإلتالف ، أشبه الرقبة يف الكفارة ، وعلى هذه الرواية هو طاهر يف نفسه ، جيوز شربه والعجن به ، . والطبخ به

    رواية رمحه اهللا) وعن أمحد ( ألن يف الصحيحني أنه توضأ وصب على جابر من وضوئه واألصل املساواة ، ١٠أنه باق : رواية ثالثة ) عنه ( أخرى أنه جنس ، نص عليها ، وتأوهلا القاضي وبّعد ابن عقيل تأويله ، واحلق امتناعه و

    . على طهوريته اغتسل بعض أزواج النيب يف جفنة ، فجاء النيب ليتوضأ منها أو : ملا روى ابن عباس رضي اهللا عنهما قال ١١

    رواه اخلمسة إال ابن ماجه ، وصححه ) إن املاء ال جينب : ( فقال . ل اهللا إين كنت جنباً يا رسو: يغتسل ، فقالت . الترمذي

    وليس بشيء . ظاهر كالم اخلرقي أنه طهور يف إزالة اخلبث فقط ألنه إمنا منع من الوضوء به : وقال بعض املتأخرين . ، وحكم ما اغتسل به من اجلنابة وحنوها حكم ما توضئ به

    قد مشل كالم اخلرقي رمحه اهللا ما توضئ به يف طهر مستحب ، كتجديد وحنوه ، وهو إحدى الروايتني ، واختيار وواختاره أبو الربكات أنه باق على طهوريته ، بناء ) والثانية ( ابن عبدوس بناء على أن العلة استعماله يف عبادة ، ن غسل الذمية ، يف حيض وحنوه ، هل خيرجه عن طهوريته على أن العلة مث إزالة املانع ، وعكس ذلك املنفصل م

    . إلزالته املانع وهو الوطء ، أو ال خيرجه ، لعدم استعماله يف عبادة ؟ على روايتني واعلم أن كالم اخلرقي رمحه اهللا خرج على الغالب ، إذ يندر أن اإلنسان يتوضأ بقليت ماء ، فلو اتفق ذلك مل خيرجه

    . ع ، واهللا أعلم عن طهوريته بال نزا . وإذا كان املاء قلتني وهو مخس قرب فوقعت فيه جناسة ، فلم يوجد هلا طعم وال لون وال رائحة ، فهو طاهر : قال وهي هنا اجلرة الكبرية ، مسيت قلة لعلوها وارتفاعها ، ) قلة اجلبل ( القلة اسم لكل ما ارتفع وعال ، ومنه : ش

    . ها بيده أي يرفعها ، مث املراد هنا القالل املنسوبة إىل هجر ألن الرجل العظيم يقل: وقيل ذكره الشافعي رمحه اهللا يف مسنده ، ) إذا كان املاء قلتني بقالل هجر : ( ألن يف بعض ألفاظ احلديث ١٢

    . والدارقطين مرسلًا وألهنا كانت مشهورة معلومة ، فالظاهر وقوع التحديد هبا مث رفعت يل سدرة املنتهى ، فإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، وإذا نبقها مثل : ( قال النيب وهلذا يف حديث املعراج ١٣

  • واختلف يف مقدار القلة من ذلك ، فقال اخلرقي رمحه اهللا وهو املشهور من الروايات ، واملختار ) قالل هجر . إهنا قربتان ونصف : لألصحاب

    ت القلة منها تسع قربتني ، أو قربتني وشيئاً فاالحتياط إثبات رأيت قالل هجر ، فرأي: ألن ابن جريج قال ١٤ . أهنا قربتان ) والرواية الثانية . ( منكراً ) شيء ( الشيء ، وجعله نصفاً ، ألنه أقصى ما ينطلق عليه اسم

    ابن جريج رواه اجلوزجاين وحنوه عن . رأيت قالل هجر ، وأظن أن القلة تأخذ قربتني : ألن حيىي بن عقيل قال ١٥قربتان وثلث ، جعال للشيء ثلثاً ، ومقدار القربة عند القائلني بتحديد املاء بالقرب مائة رطل عراقية ، ) والثالثة . (

    وثالثة أسباع درهم : والرطل العراقي مائة ومثانية وعشرون درمهاً ، قاله يف املغين القدمي ، وعزاه إىل أيب عبيد وقيل . وثالثون درمهاً : قاله يف املغىن اجلديد ، وهو املشهور وقيل . وأربعة أسباع : ؛ ذكره يف التلخيص وقيل

    إذا تقرر هذا فقد دل منطوق كالم اخلرقي على أن النجاسة إذا وقعت يف القلتني املذكورتني ، ومل يتغري وصف من . أوصاف املاء فهو طاهر ، وال نزاع عندنا يف ذلك يف غري البول والعذرة املائعة

    إذا : ( سئل رسول اهللا عن املاء وما ينوبه من الدواب والسباع ، فقال : ملا روى ابن عمر رضي اهللا عنهما قال ١٦رواه اخلمسة ، وصححه ابن خزمية ، وابن حبان ، ) مل ينجسه شيء : ( ويف لفظ ) كان املاء قلتني مل حيمل اخلبث

    . ني إنه على شرط الشيخ: وقال احلاكم . والدارقطين يا رسول اهللا أنتوضأ من بئر بضاعة ؟ وهي بئر يلقى فيها : قيل : وعن أيب سعيد اخلدري رضي اهللا عنه قال ١٧

    رواه أبو داود ، والترمذي وحسنه ، ) إن املاء طهور ال ينجسه شيء : ( احليض ، والننت ، وحلوم الكالب قال . وأمحد وصححه

    أن املاء ينجس بتغري وصف من أوصافه وإن كثر ، وال نزاع يف ذلك ، وقد )إحدامها ( ودل مفهومه على مسألتني . حكاه ابن املنذر إمجاعاً

    املاء ال ينجسه شيء إال ما غلب على رحيه وطعمه : ( قال رسول اهللا : وقد روى أبو أمامة رضي اهللا عنه قال ١٨هذا : إال أن الشافعي رمحه اهللا قال ) حيه أو طعمه إال ما غري ر: ( رواه ابن ماجه ، والدارقطين ، ولفظه ) ولونه

    : إال أنه قول العامة ، ال أعرف بينهم فيه خالفاً ، وكذلك قال أمحد رمحه اهللا . احلديث ال يثبت أهل العلم مثله امليتة أو ليس فيه حديث ، ولكن اهللا تعاىل حرم امليتة ، فإذا صارت امليتة يف املاء فتغري طعمه أو رحيه ، فذلك طعم

    . وإذاً يسهل األمر : الصحيح أنه مرسل قلت : وقال أبو حامت الرازي . رحيها ، فال حتل له . ال فرق بني يسري التغري وكثريه وشذ ابن البنا فحكى وجهاً يف العفو عن يسري الرائحة ) أنه ( وظاهر كالم اخلرقي

    قوع النجاسة فيه وإن مل يتغري ، وهو املشهور واملختار ، أن ما دون القلتني ينجس مبجرد و) املسألة الثانية ( ( لألصحاب من الروايتني ، ملفهوم خرب القلتني ، وألن النيب أمر بإراقة اإلناء الذي ولغ فيه الكلب ومل يعترب التغري ،

    يما أظن خلرب بئر بضاعة ال ينجس إال بالتغري ، اختارها ابن عقيل ، وابن املىن وأبو العباس ، وابن اجلوز ف) : والثانية ، ويرشحه حديث أيب أمامة ، وخرب القلتني قد تكلم فيه ابن عبد الرب وابن عدي وغريمها ، وعلى تقدير صحته فالتقدير هبما واهللا أعلم بناء على الغالب ، إذ الغالب أن ما دون القلتني يظهر فيه اخلبث ، ويؤثر فيه فيغريه ،

    . م تأثرمها وتغريمها بورود الدواب والسباع وحنو ذلك عليهما خبالف القلتني فإن الغالب عدوعموم كالم اخلرقي رمحه اهللا يشمل الراكد واجلاري ، وهو إحدى الروايات ، واختارها السامري وغريه ، فعلى

    ينجس إال أن اجلاري ال ) والرواية الثانية ( هذا إن بلغ جمموع اجلاري قلتني مل ينجس إال بالتغري ، وإال جنس ، وهي اختيار األكثرين ، القاضي وأصحابه تعترب كل جرية بنفسها ، فإن ) والثالثة ( بالتغري ، اختارها الشيخان

  • كانت يسرية جنست وإال فال ، مث اجلرية عند األكثرين ما أحاط بالنجاسة ، فوقها وحتتها إىل قرار النهر ، وعن ميينها والبن عقيل يف فنونه أهنا ما فيه . ما قرب من النجاسة أمامها وخلفها : أبو حممد ومشاهلا ما بني جانيب النهر ، وزاد

    . انتهى . النجاسة ، وقدر مساحتها فوقها وحتتها ، وميينها ويسارها خيرج به ما إذا كانت النجاسة إىل جنبه كميتة وحنوها ، فإهنا ال تؤثر . فوقعت فيه جناسة : وقول اخلرقي رمحه اهللا

    ئاً ، إذ ذاك تغري جماورة ال خمالطة ، وخيرج بذلك أيضاً ما إذا سخن بنجاسة ، ومل يعلم وصول شيء من فيه شيواختارها ابن حامد ) إحدامها ( أجزاء النجاسة إليه ، فإن طهوريته باقية بال خالف نعلمه ، نعم فيه كراهيته روايتان

    احتمال وصول شيء من ) أحدمها ( ن يكره ، وهلا مأخذان واختارها األكثرو) والثانية ( ال يكره نظراً لألصل : . أجزاء النجاسة إىل املاء ، وإذاً يرتاب فيه

    فعلى هذا إذا كان احلائل حصيناً ، وعلم عدم وصول ) دع ما يريبك إىل ما ال يريبك : ( فيدخل حتت قوله ١٩استعمال الوقود ) والثاين ( ، وابن عقيل ، شيء من أجزاء النجاسة إىل املاء مل يكره ، وهذا اختيار أيب جعفر

    النجس ، ألن هذه الصفة اليت حصلت فيه ، حصلت بفعل حمرم أو مكروه ، على اختالف األصحاب يف استعمال ذلك ، فأثرت فيه منعاً ، وعلى هذا يكره وإن كان احلائل حصينا ، وهو اختيار القاضي ، وأمحد رمحه اهللا أومأ إىل

    . هما التعليل بكل منإذا . فالن ال حيمل الضيم : ، أي يدفعه عن نفسه ، كما يقال ) مل حيمل اخلبث ( قد تقدم بيان القلة و ) : تنبيه (

    إذا أومهين الريبة . إذا علمت منه الريبة ، وأرابين . وابين فالن : الشك ، تقول ) والريب ( كان يأباه ويدفعه عنه ، . واهللا أعلم

    ن النجاسة بولًا أو عذرة مائعة فإنه ينجس ، إال أن يكون املاء مثل املصانع اليت بطريق مكة ، وما إال أن تكو: قال . . أشبهها من املياه الكثرية اليت ال ميكن نزحها ، فذلك الذي ال ينجسه شيء

    نجس إال بالتغري ، هذا مستثىن من منطوق املسألة السابقة ، وهو أن املاء إذا كان قلتني فوقعت فيه جناسة مل ي: ش فاستثىن من ذلك إذا كانت النجاسة بولًا أو عذرة مائعة ، فإنه ينجس وإن مل يتغري ، إن مل يبلغ املاء حداً يشق معه

    اختارها اخلرقي ، : قال القاضي . نزحه ، وهذا أشهر الروايتني عن أمحد رمحه اهللا نقلًا ، واختارها األكثرون وأكثر املتوسطني ، كالقاضي ، والشريف : قلت . اختارها أكثر املتقدمني : لعباس وقال أبو ا. وشيوخ أصحابنا

    . وابن البنا ، وابن عبدوس ، وغريهم ال يبولن أحدكم يف املاء الدائم الذي ال جيري مث يغتسل فيه : ( ملا روى أبو هريرة رضي اهللا عنه عن النيب قال ٢٠

    ليه ، وهو شامل للقليل والكثري ، خرج منه ما يشق نزحه اتفاقاً ، فما عداه متفق ع) مث يغتسل منه : ( ويف رواية ) أن حكم البول والعذرة حكم غريمها ، ) والثانية . ( يبقى على قضية العموم ، وحيمل خرب القلتني على غري البول

    وعليها : ن وقال السامري اختارها أكثر املتأخري: اختارها ابن عقيل ، وأبو اخلطاب والشيخان ، وقال أبو العباس . التفريع ، حلديثي القلتني ، وبئر بضاعة ، أما ما يشق نزحه فال ينجس إال بالتغري إمجاعاً

    مل أجد عن أمحد رمحه اهللا وال عن أحد من أصحابه تقدير ذلك بأكثر من : قال أبو حممد ) أحدمها ) : ( تنبيهان ( ذكر احملققون من أصحابنا أن ذلك يقدر ببئر بضاعة ، وكان قدر املاء : وقال الشريازي . املصانع اليت بطريق مكة

    . انتهى . فيها ستة أشبار يف ستة أشبار . قدرت بئر بضاعة بردائي ، فمددته عليها مث ذرعته ، فإذا عرضها ستة أذرع : قال أبو داود

    فإهنا خاصة باآلدميني ، مع أن لنا وجهاً أن غري ومراد اخلرقي رمحه اهللا بالبول بول اآلدميني ، بقرينة ذكره العذرة ،

  • . بول اآلدمي كبوله ، وحكم العذرة الرطبة حكم املائعة ، الشتراكهما يف السريان . الواقف ، ألنه قد دام يف مكانه وسكن ، واهللا أعلم ) املاء الدائم ) : ( الثاين (

    مثل الذباب ، والعقرب ، واخلنفساء ، وما أشبهها فال وإذا مات يف املاء اليسري ما ليست له نفس سائلة: قال . ينجسه

    النفس : وقال الزخمشري . مسي الدم نفساً لنفاسته يف البدن : النفس السائلة الدم السائل ، قال ابن أيب الفتح : ش املرء : قوهلم مث قيل للقلب نفساً ألن النفس به ، أال ترى إىل. عندي كذا نفساً : ذات الشيء وحقيقته ، يقال

    ما ليس له نفس ) أحدمها ( واحليوانات على ضربني . وكذا الروح والدم نفس ألن قوامها بالدم انتهى . بأصغريه سائلة ، كالذباب ، والعقرب ، واخلنفساء ، والزنبور ، والنمل ، والقمل ، والسرطان ، وحنو ذلك ، وكذلك

    املاء إذا مات فيه ، ما مل يكن متولداً من النجاسات ، ألنه ال ينجس الوزغ ، ودود القز يف وجه فيهما ، فال ينجسباملوت على املشهور املعروف من الروايتني ، وإذا مل ينجس باملوت على املشهور املعروف من الروايتني ، وإذا مل

    . ينجس باملوت ال ينجس املاء باملوت فيه إذا وقع الذباب يف إناء : ( ضي اهللا عنه أن رسول اهللا قال ودليل عدم جناسته باملوت ما روى أبو هريرة ر ٢١

    رواه أمحد والبخاري ، وأبو داود ، ) أحدكم فليغمسه كله مث ليطرحه ، فإن يف أحد جناحيه شفاء ، ويف اآلخر داء م حاراً وألمحد ، والنسائي وابن ماجه ، من حديث أيب سعيد حنوه والظاهر أنه ميوت بغمسه ال سيما إذا كان الطعا

    فإنه ال يكاد يعيش غالباً ، ولو جنس الطعام ألفسده ، فيكون أمراً بإفساد الطعام ، وهو خالف ما قصده الشارع ، إذ قصد بغمسه دفع مضرة حصلت فيه ، كما شهد به التعليل ، ال إفساده بالكلية ، وألن اهللا تعاىل إّنما حّرم الدم

    رمحه اهللا رواية أخرى بنجاسة ذلك باملوت ، فيكون حكمه إذا مات ) وعن أمحد ( املسفوح ، وهذا ليس مبسفوح يف املاء حكم غريه من النجاسات ، وقّيد ابن محدان ذلك مبا إذا أمكن التحرز منه غالباً ، وفيه نظر ، أما إن تولد

    باالستحالة ، وال من النجاسات كصراصري الكنيف فهو جنس حياً وميتاً ، بناء على املذهب من أن النجاسة ال تطهر . يرد هذا على اخلرقي ، ألن موته مل يؤثر فيه شيئاً ، بل هو باق على ما كان عليه

    ما كان جنساً يف حال احلياة ، وهو واضح ) أحدمها ( ، ما له نفس سائلة ، وهو على ضربني أيضاً ) الضرب الثاين ( السمك وما يف ) أحدها ( يف احلياة ، وهو على ثالثة أنواع ما كان طاهراً) الثاين ( ، إذ موته ال يزيده إال خبثاً

    معناه مما ال يعيش إال يف املاء ، فإن ميتته طاهرة ، وإن كان طافياً على املعروف ، وكذلك اجلراد وإن مل يكبس ومل . يطبخ ، على املذهب

    ) الثاين ) ( جلراد ، والكبد والطحال أحلت لنا ميتتان ودمان ، السمك وا: ( بدليل ما روي عن النيب أّنه قال ٢٢ . اآلدمي ، وميتته طاهرة على الصحيح من الروايتني

    ) . إن املؤمن ال ينجس : ( لقوله يف حديث أيب هريرة رضي اهللا عنه ٢٣ . وكالمها يف الصحيح ومها شامالن للحياة واملوت ) إن املسلم ال ينجس : ( ويف حديث حذيفة ٢٤جنسة ما عدا النيب ، فتنجس املاء ) والثانية . ( املسلم ال ينجس حياً وال ميتاً : قال ابن عباس : وقال البخاري ٢٥

    املسلم ال : ( اليسري ، قياساً على غريها مما له نفس سائلة ، وقيل بتنجيس ميتة الكافر دون املؤمن ، عملًا بقوله املذهب ، وقد يقول بنجاسة اآلدمي باملوت ، فريد وهذان النوعان يردان على مفهوم كالم اخلرقي على ) ينجس

    ما عدا هذين من حيوانات الرب الطاهرة ، مأكولًا كان أو غري مأكول ، ) النوع الثالث . ( عليه النوع األول فقط ا إمن} { حرمت عليكم امليتة { وحيوانات البحر الذي يعيش يف الرب ، فإن ميتته جنسة ، فينجس املاء اليسري ، لعموم

  • . } حرم عليكم امليتة والدم وتقييد اخلرقي رمحه اهللا املاء باليسري ألنه الذي ينجس مبجرد املالقاة على املذهب ، أما لو كان كثرياً فإنه ال ينجس

    . إال بالتغري ، والغالب أن جمرد موت احليوان يف املاء الكثري ال يغريه قاله . ذبابة : ، مفرد ، مجع القلة منه أذبة ، والكثري ذباب ، وال يقال هذا احليوان املعروف ) الذباب ) : ( تنبيه (

    . غري واحد ، واهللا أعلم . وال يتوضأ بسؤر كل هبيمة ال يؤكل حلمها ، إال السنور ، وما دوهنا يف اخللقة : قال وان طاهراً فهو طاهر ، وإن السؤر مهموز بقية طعام احليوان وشرابه ، وسؤر احليوان مبين عليه ، فإن كان احلي: ش

    كان جنساً فهو جنس ، وإن مل يتغري ، بناء على املذهب من تنجيس املاء القليل مبجرد املالقاة ، وهو الغالب على إذا عرف هذا فاحليوان . أما إذا كان السؤر كثرياً فإنه ال ينجس إال بالتغري . السؤر ، وهلذا أطلق اخلرقي رمحه اهللا

    وهذا الضرب مل يتعرض اخلرقي للحكم عليه بنفي ) واآلدمي ( مجع هبيمة وهو ما عدا اآلدمي ) م هب( على ضربني إن : ( وال إثبات ، وحكمه أنه طاهر يف اجلملة ، مسلماً كان أو كافراً ، طاهراً أو حمدثاً ، وكذلك سؤره ، لقوله

    ) . املؤمن ال ينجس ويستثىن من . تشرب من اإلناء ، فيضع فاه على موضع فيها ويف الصحيح أن عائشة رضي اهللا عنها كانت ٢٦

    ذلك سؤر اجملوسي والوثين ومن يف معنامها من ذمي يتظاهر بشرب اخلمر أو أكل اخلنزير ، أو من مسلم مدمن لشرب اخلمر ، أو لتناول النجاسات ، فإن سؤر هؤالء جنس ، على رواية مشهورة ، خمتارة لكثري من األصحاب

    . لظاهر على حكم األصل تغليباً لوعليه حيمل حديث أيب ثعلبة املتقدم ، وقد جاء ذلك مصرحاً فيه وحكى يف التلخيص عن أمحد رمحه اهللا رواية ٢٧

    . أخرى بتنجيس سؤر الكافر مطلقاً والضرب األول الذي حكم عليه اخلرقي رمحه اهللا على ضربني أيضاً ، مأكول وغري مأكول ، فاملأكول كله طاهر

    وهل يستثىن من . يف اجلملة إمجاعاً حكاه ابن املنذر وغريه ، فيكون سؤره كذلك ، كما اقتضاه مفهوم كالم اخلرقي ذلك اجلاللة وهي اليت تأكل العذرة بناء على جناستها إذاً أولًا وهو مقتضى عموم مفهوم كالم اخلرقي نظراً ألصلها

    . ؟ على روايتني طاهر ، وهو السنور ويسمى الضيون بضاد معجمة ، وياء مثناة من حتتها ) أحدها ( ب وغري املأكول على ثالثة أضر

    ، ونون واهلر والقط وما دونه يف اخللقة ، كابن عرس والفأرة وحنو ذلك ، فهو طاهر ، وكذلك سؤره كما شهد . بذلك النص

    أبا قتادة دخل عليها ، فسكبت فعن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت حتت ابن أيب قتادة رضي اهللا عنهم أن ٢٨: فرآين أنظر إليه ، فقال : له وضوءاً ، فجاءت هرة تشرب منه ، فأصغى هلا اإلناء حىت شربت ، قالت كبشة

    إهنا ليست بنجس ، إهنا من الطوافني عليكم : ( إن رسول اهللا قال : فقال . نعم : أتعجبني يا ابنة أخي ؟ فقلت صححه الترمذي وهذا يدل على طهارة اهلر بالنص والتعليل ، ويدل على طهارة ما رواه اخلمسة ، و) والطوافات

    دوهنا بالتعليل وإذاً ال عربة بوجه ضعيف بنجاسة سؤر ما دون اهلرة ، نعم يكره سؤر ذلك على إحدى الروايتني . خبالف اهلرة

    إن شربت بعد : وجه مشهورات ثالثها لو أكلت اهلرة أو حنوها جناسة ، مث شربت من ماء ، فثالثة أ) : تنبيه ( جنس بال نزاع عندنا ، ) الضرب الثاين . ( قدر ما يطهر فمها بريقها فسؤرها طاهر ، وإال فنجس : غيبتها وقيل

  • . وكذلك سؤره ، وهو الكلب واخلنزير ، وما تولد منهما أو من أحدمها طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه : ( وملسلم )إذا شرب الكلب يف إناء أحدكم فليغسله سبعاً : ( لقوله ٢٩

    واخلنزير شر منه ، واملتولد من اخلبيث خبيث ، وحكى ابن محدان ) . أن يغسله سبع مرات ، أوالهن بالتراب . رواية بطهارة سؤر الكلب واخلنزير واستغرهبا واستبعدها وإهنا جلديرة بذلك

    وهي املشهورة ) إحدامها ( الطري ، والبغل ، واحلمار ، وفيها روايتان سباع البهائم ، وجوارح ) الضرب الثالث ( عند األصحاب ، وظاهر كالم اخلرقي جناستها ، فكذلك سؤرها ، لظاهر حديث القلتني وإال مل يكن للتحديد هبما

    ن النيب وأصحابه كانوا طهارهتا ، واختارها أبو حممد يف البغل واحلمار ، لعموم البلوى هبما ، وأل) والثانية . ( فائدة . يركبوهنا مع حرارة بالدهم ، والظاهر أهنم ال يسلمون من مالقاهتا

    ويدل على ذلك يف السباع ما روى مالك يف املوطأ عن حيىي بن عبد الرمحن ، أن عمر رضي اهللا عنه خرج يف ٣٠هل ترد حوضك السباع ؟ يا صاحب احلوض : ركب فيهم عمرو بن العاص ، حىت وردوا حوضاً ، فقال عمرو

    زاد بعض الرواة يف قول عمر : قال رزين . ال ختربنا ، فإنا نرد على السباع ، وترد علينا : فقال عمر بن اخلطاب اه ، وإمامنا ) هلا ما أخذت يف بطوهنا ، ولنا ما بقي طهور وشراب : ( وإين مسعت رسول اهللا يقول : رضي اهللا عنه

    رواية ثالثة ) وعن أمحد . ( سؤرها طاهر : اهر عدم صحة الزيادة عنده ، وعلى هذه اعتمد على قول عمر ، فالظبالشك يف سؤر البغل واحلمار ، فيتيمم معه إن مل جيد ماء طهوراً ، وينوي بتيممه احلدث والنجاسة احتياطاً

    . يتيمم ويصلي ، مث يتوضأ به ويصلي : الحتماهلا ، وقيل محه اهللا رواية الشك والنجاسة على ما ذكره القاضي يف روايتيه ، وأبو اخلطاب يف واعلم أن املنصوص عن أمحد ر

    . خالفه ، أما رواية الطهارة فذكرها أبو اخلطاب خمرجة ، والطاهر من سباع البهائم واهللا أعلم . بالتراب وكل إناء حلت فيه جناسة من ولوغ كلب ، أو بول ، أو غريه ، فإنه يغسل سبع مرات ، إحداهن : قال ال خالف عن إمامنا فيما نعلمه أن اإلناء جيب غسله من جناسة الكلب واخلنزير سبعاً إحداهن بالتراب ، : ش

    . فكذلك ما تولد منهما أو من أحدمها ) إذا شرب الكلب يف إناء أحدكم فليغسله سبعاً : ( م ملا روى أبو هريرة رضي اهللا عنه أن رسول اهللا قال ٣٠

    وله يف ) طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات ، أوالهن بالتراب : ( ، وملسلم متفق عليهواخلنزير شر منه ، نص الشارع على حترميه ، وحرمة اقتنائه ، فاحلكم ) فلريقه ، مث ليغسله سبع مرات : ( أخرى

    م ألن العرب مل يكونوا يعتادونه ، خبالف الكلب ، يثبت فيه من طريق التنبيه ، وإمنا مل ينص الشارع عليه واهللا أعل ) . وعن أمحد رمحه اهللا جيب الغسل مثانياً . ( فإهنم كانوا يعتادونه كثرياً ، واملتولد من اخلبيث خبيث

    إذا ولغ الكلب يف اإلناء فاغسلوه سبع مرات ، وعفروه : ( قال رسول اهللا : ملا روى عبد اهللا بن مغفل قال ٣١رواه مسلم وغريه ومحل على أنه عّد التراب ثامنة ، مجعاً بني األحاديث ، ويف أي موضع جعل ) بالتراب الثامنة

    . التراب أجزأه ويف ) السابعة : ( ويف أيب داود فيه ) أوالهن بالتراب : ( م ألن يف مسلم من حديث أيب هريرة رضي اهللا عنه ٣١

    لى أن املقصود حصول التراب يف الغسالت ، إال أن األوىل جعله يف فدل ع) أوالهن أو أخراهن : ( الترمذي فيه أن ) : وعنه ( األوىل ، ليأيت املاء عليه فينظفه ، ويكفي هم التراب لو انتضح من الغسالت على شيء على األشهر

    اء ، وهل يقوم حيث ش) : وعنه ( بل يف اآلخرة مطلقاً ، ) وعنه ( غسل مثانياً جعله يف اآلخرة ، حلديث ابن مغفل ] وحنوه ، أو الغسلة الثامنة مقام التراب ، أو ال يقومان ، وهو ظاهر كالم اخلرقي ، أو يقوم األشنان [ األشنان

  • أو إن فسد احملل به كثوب حرير . وحنوه دون املاء ، أو إن تعذر التراب أو تضرر احملل به أجزأ األشنان وإال فال . مخسة أوجه وحنوه سقط اعتباره رأساً ؟ على

    وحكم غري اإلناء من الثياب والفرش وحنوها حكم اإلناء ، إال أن يف وجوب التراب فيه قوالن ، أصحهما جيب ، وما اتصل هبا من احليطان ، ) أما األرض ( وإمنا نص اخلرقي رمحه اهللا على اإلناء واهللا أعلم لورود النص فيه ،

    املاء حىت تزول عني النجاسة ، أّي جناسة كانت ، وإن كانت جناسة واألحواض وحنو ذلك ، فالواجب مكاثرهتا ب . كلب أو خنزير على املذهب ، وقد ذكر اخلرقي رمحه اهللا هذا يف غري هذا املوضع

    واختلف عن إمامنا رمحه اهللا يف جناسة غري الكلب واخلنزير ، وما تولد منهما يف غري األرض وما اتصل هبا ، فعنه . هورات ثالث روايات مش

    وهي اختيار اخلرقي رمحه اهللا ومجهور األصحاب أهنا تغسل سبعاً ، كنجاسة الكلب قياساً عليها ، ألنه ) إحداهن ( إذا وجب السبع يف ولوغ الكلب ، مع اخلالف يف طهارته ويف أكله ففي بول اآلدمي وحنوه ، مع اإلتفاق على

    . جناسته أوىل وأخرى بل : أمرنا بغسل األجناس سبعاً وعلى هذه الرواية وقيل : ي اهللا عنهما أنه قال وقد روي عن ابن عمر رض ٣٢

    حيث اشترط العدد ، وهو ظاهر ما يف التلخيص والرعاية هل جيب التراب وهو اختيار اخلرقي ، إحلاقاً له بنجاسة جة يف ولغ الكلب ؟ فيه الكلب أو ال جيب وهو اختيار أيب الربكات قصراً له على مورد النص ، أو ألن ذلك للزو

    . جيب غسلها ثالثاً ، اختارها أبو حممد يف العمدة ) والثانية . ( وجهان ) إذا انتبه أحدكم من نومه ، فال يغمس يده يف اإلناء حىت يغسلها ثالثاً ، فإنه ال يدري أين باتت يده : ( لقوله ٣٣

    تكاثر باملاء حىت تزال ، من غري اعتبار ) والثالثة ( تها ، حقيق] إال ما يزيل [ علل بوهم النجاسة ، وال يزيل ومهها عدد ، ألن النيب أمر أمساء بغسل دم احليض ، ومل يأمرها بعدد ، وأمر أن يصب على بول األعرايب ذنوباً من ماء ومل

    . يأمر بعدد ة سبع مرات والغسل كانت الصالة مخسني ، والغسل من اجلناب: وقد روى عن ابن عمر رضي اهللا عنهما قال ٣٤

    من البول سبع مرات فلم يزل النيب يسأل ، حىت جعلت الصالة مخساً ، والغسل من اجلنابة مّرة ، والغسل من حمل ] غري [ رواه أمحد وأبو داود ، وهو نص لكن يف إسناده ضعف وروي أن السبع ال تعترب يف . البول مّرة

    وهي وهم ، وروي االجتزاء بثالث : وسائر احملال ، قال اخلالل [ اء اإلستنجاء من البدن ، وتعترب يف حمل االستنج . واعتبار السبع يف غريه ، وضعفت أيضاً ] يف حمل االستنجاء

    ] تن ) [ / تنبيهات ] ( تن [ وقد . يغسل سبعاً كغريه : قد مشل كالم اخلرقي رمحه اهللا حمل اإلستنجاء ، فعلى املشهور عند األصحاب ) أحدها ( رح بذلك الثاضي يف التعليق والشريازي ، وابن عقيل ، وابن عبدوس ونص عليه أمحد رمحه اهللا يف رواية صاحل ، ص

    واختار أبو حممد يف املغين أنه ال جيب العدد فيه ، اعتماداً على أنه مل يصح عن النيب يف ذلك عدد ، ال من فعله ، وال ويؤيد هذا أنه ال . ينقي : د وقد سئل عن حد االستنجاء باملاء فقال من قوله ومتسكا بإطالق أمحد يف رواية أيب داو

    جيزئه املاء وحده ، وقطع به أبو حممد ، وابن متيم ، وغريمها : يشترط له تراب ، كما نص عليه أمحد رمحه اهللا فقال . كونه طاهراً ، وهو ظاهر حيث اشترط التراب فهل من شرطه كونه طهوراً جيوز التيمم به ، أو يكتفى ب) : الثاين (

    . ما يف التلخيص ؟ قوالن ، مث شرط ابن عقيل أن يكون حبيث تظهر صفته ، ويغري صفة املاء

  • بفتح الالم فيهما ، وحكى ابن األعرايب كسرها يف املاضي إذا شرب مما يف اإلناء بطرف ) ولغ يلغ ) : ( الثالث ( ] . واهللا أعلم [ تراب التمريغ يف العفر وهو ال) والتعفري ( لسانه ،

    . أراقهما وتيمم ] عليه [ وإذا كان معه يف السفر إناآن جنس وطاهر ، واشتبها : قال صورة هذه املسألة إذا مل جيد طهوراً غريمها ، ومل ميكن تطهري أحدمها باآلخر ، أما إذا كان ذلك فإنه جيب : ش

    وحه ، ولذلك قيد بالسفر ، ألنه حال مظنة عدم املاء ، ووجود اعتماده ، وإمنا ترك اخلرقي رمحه اهللا بيان ذلك لوضإناء يسع قلتني ، وإال فاحلكم ال خيتص بالسفر ، وباجلملة إذا اشتبه طاهر بنجس واحلال ما تقدم واستويا ، فإنه ال

    . خالف يف املذهب أنه يعدل إىل التيمم ، وال يتحرى وألنه اشتبه املباح باحملظور ، فيما ال تبيحه الضرورة ، أشبه اشتباه ) ك دع ما يريبك ، إىل ما ال يريب: ( لقوله ٣٥

    أخته بأجنبية ، أو ميتة مبذكاة ، وإن كثر عدد الطاهر على عدد النجس ، فكذلك على املشهور ، املختار لألكثرين . ، ملا تقدم

    له ، وهو اختيار أيب بكر ، وابن شاقال وأومأ اإلمام يف موضع إىل أنه يتحرى ، فما يغلب على ظنه أنه طهور استعمعرفاً وحكي ] أو ال بد من كثرة [ ، والنجاد وألن إصابة الطهور واحلال هذه أغلب ، مث هل يكتفى مبطلق الكثرة

    . عن القاضي يف التعليق أو ال بد وأن يكون النجس عشر الطهور وهو املشهور ؟ فيه أوجه موقوف على إراقتهما ، وهو إحدى الروايتني ، بشرط أن يأمن العطش ، تيممه) صحة ( وظاهر كالم اخلرقي أن

    ) والثانية . ( } فلم جتدوا ماًء فتيمموا { : واختاره أبو الربكات ، ليصري عادماً للماء بيقني فيدخل حتت قوله تعاىل ريح ، وحكم اخللط حكم ال يشترط ، ألنه ممنوع من استعماهلما شرعاً ، أشبه اجل: واختارها أبو بكر وأبو حممد

    . اإلراقة وإطالق اخلرقي يقتضي أنه إذا صلى بالتيمم ال إعادة عليه بعد ، ولو علم عني الطاهر ، وهو املعروف من الوجهني

    ] . واهللا سبحانه أعلم [ ، : قال

    باب اآلنية

    أبدلت اهلمزة الثانية واواً ، كراهة . ءآين: مجع إناء ، كسقاء وأسقية ، ومجع اآلنية أواين ، واألصل ) اآلنية : ( ش

    . آدم وأوادم : اجتماع مهزتني ، ومثله . وكل جلد ميتة دبغ أو مل يدبغ فهو جنس : قال مراد اخلرقي واهللا أعلم امليتة النجسة ، وقد تقدم بيان امليتة النجسة من الطاهرة ، وجلد امليتة قبل الدبغ جنس : ش

    حرمت { : وهي اختيار اخلرقي وعامة األصحاب أنه جنس ، لقوله تعاىل : أشهرمها : يتان ، أما بعد الدبغ ففيه رواواجللد جزء منها ، وهذا على القول بعمومها ، كما هو ظاهر كالم إمامنا رمحه اهللا ألنه استدل هبا } عليكم امليتة

    مينع صحة األحاديث الواردة يف على ذلك ، وكثري من أصحابنا ، منهم القاضي يف الكفاية ، وعلى هذا إما أنالدباغ ، كما أشار إليه أمحد كما سيأيت ، أو يلتزم صحتها ومينع ختصيص عام القرآن بالسنة على أنا نلتزم أن اآلية الكرمية ليست عامة ، وإمنا احملرم حترمي الفعل املقصود من كل جزء منها ، واملقصود من اجللد االنتفاع به ، كما أن

    . ن اللحم األكل املقصود م

  • ال تنتفعوا من امليتة بإهاب وال عصب : ( كتب إلينا رسول اهللا أن : ويؤيد ذلك حديث عبد اهللا بن عكيم قال ٣٦رواه اخلمسة وحسنه . بشهرين : ويف رواية للترمذي ) أن ال تنتفعوا : ( قبل موته بشهر : ويف رواية أيب داود )

    ليس عندي يف الدباغ حديث صحيح ، : قال : ويف رواية ابنه صاحل . ده ما أصلح إسنا: الترمذي وقال أمحد كنت رخصت لكم يف جلود امليتة ، فإذا جاءكم كتايب هذا : ( ويف لفظ للدارقطين . وحديث ابن عكيم أصحها

    وال . وهو مشعر بنهي بعد رخصة ، وأن ما ورد من الرخصة كان أولًا ) فال تنتفعوا من امليتة بإهاب وال عصب قاله النضر بن مشيل وغريه ، ألنا مننع ذلك ، كما قاله طائفة من أهل اللغة . يقال اإلهاب اسم للجلد قبل الدبغ

    . ويؤيد قوهلم أنه مل يعلم من النيب فيه قبل الدبغ رخصة ، وال عادة الناس اإلنتفاع به على روايتني ، أما يف املائع فقال كثري من وإن مل يدبغ هل جيوز استعماله يف اليابس وحنوه ؟ : فعلى هذه وقيل

    ألهنا : قال . ولو مل ينجس املاء ، بأن كانت تسع قلتني : ال ينتفع هبا رواية واحد ، قال ابن عقيل : األصحاب فعلى رواية اجلواز . جنسة العني ، أشبهت جلد اخلنزير ، وجوز أبو العباس يف فتاويه االنتفاع هبا يف اليابس انتهى

    ) . وجهان ( ز الدبغ وعلى رواية املنع فيه جيوأن الدباغ مطهر يف اجلملة ، اختارها أبو العباس ، وإليها ميل جده يف املنتقى ، وابن محدان يف الكربى ، ) والثانية (

    قبل وفاته: إهنا آخر قويل أمحد ، قال أمحد بن احلسن الترمذي كان أمحد يذهب إىل هذا احلديث ملا ذكر : وقيل عن : هذا آخر األمرين من رسول اهللا ، مث تركه لالضطراب يف إسناده ، حيث روى بعضهم : ويقول . بشهرين

    . عبد اهللا بن عكيم ، عن أشياخ من جهينة تصدق على موالة مليمونة بشاة ، فماتت ، فمر هبا رسول اهللا : وذلك ملا روى ابن عباس رضي اهللا عنهما قال ٣٧

    ) . إهاهبا فدبغتموه فانتفعتم به هال أخذمت: ( فقال روامها مسلم وغريه ويف رواية يف ) أميا إهاب دبغ فقد طهر : ( مسعت رسول اهللا يقول : قال ) وعنه أيضاً ( ٣٨

    ) . إمنا حرم أكلها : ( الصحيح أيضاً ) . ملاء والقرظ يطهرها ا: ( وألمحد وأيب داود ، والنسائي ، والدارقطين وصححه يف حديث شاة ميمونة ٣٩رواه ) إن دباغة ذهب خببثه أو رجسه أو جنسه : ( وعن ابن عباس رضي اهللا عنهما عن النيب يف جلد امليتة قال ٤٠

    البيهقي يف سننه وصححه وإذاً مينع العموم يف اآلية الكرمية ، ويدعى فيها إما اإلمجال كما قاله القاضي يف العدة ، أو ألنه املقصود منها عرفاً ، أو يلتزم العموم ويدعى ختصيصه ، مبا تقدم ، وحديث ابن عكيم أن احملرم حترمي األكل ،

    . ال يقاوم حديث ابن عباس مث قد ورد حنوه من حديث عائشة ، وعالية بنت سبيع ، وسلمة بن احملبق ، وكلها يف السنن على أن حديث ٤١

    . يث ابن عكيم حيمل على ما قبل الدبغ ، مجعاً بني األحادوعلى هذه الرواية هل الدباغ يصريه كاحلياة ، بدليل رواية ابن عباس اليت رواها البيهقي ، وهو اختيار أيب حممد ،

    وصاحب التلخيص فيه ، فيطهر جلد كل ما حكم بطهارته يف احلياة كاهلر وحنوها ، ما سوى الكلب واخلنزير ، . واملتولد منهما على رواية ، أو كالذكاة

    وهو اختيار أيب الربكات فال يطهر إال ما يطهره الذكاة ؟ فيه وجهان ، وقد ) ذكاهتا دباغها : ( ن يف رواية أل ٤٢ . خيرج عليهما جلد اآلدمي ، فإن يف طهارته إن قيل بنجاسته باملوت بالدبغ وجهان ، واهللا أعلم

    . وكذلك آنية عظام امليتة : قال . تة جنسة ؛ ملا تقدم من حديث عبد اهللا بن عكيم يعين أهنا جنسة إذا كانت من مي: ش

  • رواه البيهقي يف سننه وألن احلياة حتله فينجس باملوت ) أن ال تنتفعوا من امليتة بشيء : ( ويف بعض ألفاظه ٤٣اآلية ، وحكى أبو اخلطاب ومن تبعه قوال } قال من حييي العظام وهي رميم { : كاجللد ، ودليل الوصف قوله تعاىل

    . الطهارة ، وهو خمتار أيب العباس بوالعاج عظم ) اشتر لفاطمة سوارين من عاج : ( ملا روى أبو داود عن ثوبان رضي اهللا عنه أن رسول اهللا قال ٤٤

    الفيل ، وحكم القرن ، والظفر ، واحلافر ، كالعظم ، إن أخذ من مذكى فهو طاهر ، ومن حي طاهر يف احلياة فيه احتمال ) رمحه اهللا ( كذلك ما سقط عادة من قرون الوعول وحنوها ، وأليب حممد ينجس باملوت فهو جنس ، و

    . بالطهارة ، واهللا أعلم . ويكره أن يتوضأ يف آنية الذهب والفضة : قال التحرمي ، كما هو دأب السلف كثرياً ، وقد صرح بذلك يف غري هذا املوضع ، فقال ) كراهة ( أراد بالكراهة : ش والشرب يف آنية : خذ آنية الذهب والفضة عاص ، وفيها الزكاة وإذا حرم االختاذ فاالستعمال أوىل ، وقال واملت:

    . الذهب والفضة حرام ال تشربوا يف آنية الذهب والفضة ، وال تأكلوا يف : ( وذلك ملا روى حذيفة قال مسعت رسول اهللا يقول ٤٥

    . متفق عليه ) ولكم يف اآلخرة : ( ويف رواية ) صحافها ، فإهنا هلم يف الدنيا الذي يشرب يف آنية الذهب والفضة إمنا جيرجر يف : ( قال رسول اهللا : وعن أم سلمة رضي اهللا عنها قالت ٤٦

    . وغري األكل والشرب يف معنامها ) الذي يأكل ويشرب : ( متفق عليه ويف رواية ملسلم ) بطنه نار جهنم ل واملرأة ، وهو كذلك ، لعموم الدليل ، وختصيصه ، املنع بالذهب والفضة وعموم كالم اخلرقي يشمل الرج

    . يقتضي إباحة ما عدامها ، وهو كذلك يف اجلملة . رواه البخاري . فتوضأ ) من صفر ( أتانا رسول اهللا فأخرجنا له ماء يف تور : ألن يف حديث عبد اهللا بن زيد ٤٧من حجارة ، ومن قدح من زجاج ، وأنه كان له قدح من خشب وجاء أنه توضأ هو وأصحابه من خمضب ٤٨

    هو ما كان جنسه أكثر قيمة : ويدخل يف املفهوم الثمني ، وهو ما كثر مثنه ، قال أبو الربكات . يشرب فيه ويتوضأ من جنس النقدين ، كاجلوهر والبلور ، وحنومها وهو كذلك ، لتخصيص النيب النهي بالذهب والفضة ، ومفهومه

    احة ما عدامها ، فمفهوم اللقب حجة عندنا على األشهر ، مث العلة فيهما اخليالء ، وكسر قلوب الفقراء ، وهي إبغري موجودة هنا ، إذ اجلوهر وحنوه ال يعرفه إال خواص الناس ، وال عربة بكراهة الشريازي الوضوء من الصفر

    . والنحاس ملا تقدم م امليتة وحنو ذلك ، وقد يؤخذ من كالمه مث ، واحملرم ، كاملغصوبة وحنوها ، ويستثىن من العموم النجس ، كآنية عظا

    . واملضبب واملطعم بالذهب أو الفضة من شرب من إناء ذهب ، أو فضة ، أو إناء فيه شيء : ( ملا روي عن ابن عمر رضي اهللا عنهما عن النيب قال ٤٩

    واملشهور عن ابن عمر يف املضبب من قوله : هقي يف سننه وقال رواه البي) من ذلك ، فإمنا جيرجر يف بطنه نار جهنم رواه البيهقي . ما زلنا بعائشة حىت رخصت لنا يف احللي ، ومل ترخص لنا يف اإلناء املفضض : ، وعن عمرة قالت

    . أيضاً شربة ، أبسط بضبة من الفضة ، ويأيت الكالم على هذا إن شاء اهللا يف كتاب األ] املضبب [ ويستثىن من املضبب

    . من هذا ] أي حيدر ، جعل الشرب جرجرة ، وهو صوت وقوع املاء يف اجلوف ) جيرجر يف بطنه ) : ( أحدمها : ( تنبيهان [

  • مثل اإلجانة اليت تغسل فيها الثياب ) واملخضب ( إناء صغري : شبه الطست ، وقال ابن األثري ) التور ) : ( الثاين ( . واهللا أعلم .

    . إن فعل أجزأه ف: قال إذا خالف وتوضأ فيها أجزأه عند اخلرقي ، وأيب حممد ، إذ استعمال املاء يف الوضوء حصل بعد فعل املعصية ، : ش

    وهبذا فارق الصالة يف البقعة الغصب ، ومل جيزه عند أيب بكر ، وأيب احلسني ، وأيب العباس إلتيانه بالعبادة على وجه ل الغصب ، ودليل الوصف وصف الشارع األكل والشرب بالتحرمي ، مع حصوهلما بعد احملرم ، أشبه الصالة يف احمل

    . فعل األكل والشرب ، حيث توسل إليهما باحملرم حيتمل أنه غطس فيها وكانت تسع قلتني ، ووجد الترتيب ، بأن . يتوضأ يف آنية الذهب والفضة : وقول اخلرقي

    جيزئ عن املسح ، مث أخرج رجليه ، وعلى هذا : سه ، أو غسله وقلنا أخرج وجهه أولًا ، مث يديه ، مث مسح رأيصح فيما إذا توضأ منها ، أو هبا ، أو جعلها مصباً للماء بطريق األوىل ، وحيتمل أن يريد أنه جعلها مصباً للماء ،

    صحة يف هذه الصور ، ففي وعلى هذا ال يلزم الصحة فيما إذا توضأ فيها ، أو هبا ، أو منها ، ألّنا إذا قلنا بعدم ال . جعلها مصباً احتماالن ، أصحهما الصحة ، واهللا أعلم

    . وصوف امليتة وشعرها طاهر : قال يعين من امليتة الطاهرة يف احلياة ، وإال فالنجسة يف احلياة ؛ املوت ال يزيدها إلّا خبثاً ، وهذا هو املعروف : ش

    . اآلية ) } ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها { ( ١٩: ل اهللا تعاىل املشهور من نص أمحد ، وعليه أصحابه ، لقوساقه سبحانه وتعاىل يف سياق االمتنان ، فالظاهر مشوله حلاليت احلياة واملوت ، ويف الصحيح عن ابن عباس رضي اهللا

    وعن ) ( إمنا حرم أكلها : ( فقال. إهنا ميتة : ؟ فقالوا ) هال انتفعتم جبلدها : ( عنهما أن النيب وجد شاة ميتة فقال رواية أخرى أهنا جنسة ، أومأ إليها يف شعر اآلدمي احلي ومن مث يعلم أن حكاية صاحب التلخيص اخلالف يف ) أمحد

    ال تنتفعوا من : ( شعر غري اآلدمي ، والقطع فيه بالطهارة ليس بشيء وذلك ملا تقدم من حديث عبد اهللا بن عكيم بأن املراد باآلية احلياة احليوانية ، ومن خاصيتها احلس ) : وأجيب ( } حرمت عليكم امليتة { ولعموم ) امليتة بشيء

    . واحلركة اإلرادية ، ومها منتفيان يف الشعر ، وحكم الوبر والريش حكم الشعر قيل ، وقيل شعر اهلرة وحنوها ، وهو اختيار أيب حممد وابن ع. من امليتة الطاهرة يف احلياة : وقد دخل يف قولنا

    بنجاسة شعر ذلك بعد املوت ، إذ طهارته يف احلياة لعلة مشقة االحتراز منه ، وقد زالت باملوت وجعل القاضي . اخلالف يف املنفصل يف حياته أيضاً ، وأحلق ابن البنا بذلك سباع البهائم وحنوها ، على القول بطهارهتا واهللا أعلم

    باب السواك وسنة الوضوء

    واملسواك العود الذي يتسوك به ، يذكّر ويؤّنث ، مسي بذلك لكون الرجل يردده يف فيه وحيركه ، ) وك الس: ( ش

    . الشريعة والطريقة ) والسنة ( تساوكت اإلبل إذا مشت مشياً يف لني ، : يقال ) . فمن رغب عن سنيت فليس مين : ( قال رسول اهللا ٥٠ . وإذا أطلقت يف مقابلة الواجب أريد هبا املستحب ) لراشدين من بعدي عليكم بسنيت وسنة اخللفاء ا: ( وقال ٥١احلديث ، ورمست بأهنا ما رسم للتحدي ، ) إن اهللا فرض صيام رمضان ، وسننت لكم قيامه : ( ومنه قوله ٥٢

  • . وهو ما يكون املتأسي فيه مماثلًا لألول ال خمالفاً له ، واهللا أعلم . والسواك سنة : قال رواه أمحد ) السواك مطهرة للفم مرضاة للرب : ( قال رسول اهللا : عن عائشة رضي اهللا عنها قالت : ش ٥٣

    والنسائي ، والبخاري تعليقاً جمزوماً به ، وابن حبان ورواه أيضاً من طريق أيب هريرة ، ورواه أمحد من طريق أيب . بكر ، وابن عمر رضي اهللا عنهم

    ) . قد أمرت بالسواك ، حىت خشيت أن يكتب علي ل. . ( وألمحد عن واثلة ٥٤لوال أن أشق على أميت ألمرهتم بالسواك عند كل : ( ويف الصحيحني عن أيب هريرة رضي اهللا عنه عن النيب ٥٥

    . وهو أليب داود ، والترمذي من حديث زيد بن خالد اجلهين ) . صالة ابن حامد ، واختيار القاضي وابن عقيل الوجوب عليه ، واحلكم الذي حكم به اخلرقي يشمل النيب ، وهو اختيار

    . خبالف أمته ، واهللا أعلم . يستحب عند كل صالة : قال ) وعند املضمضة ( عند الصالة ، ملا تقدم من حديث أيب هريرة ، ) منها ( يتأكد استحباب السواك يف مواضع : ش

    . يف الوضوء ) لوال أن أشق على أميت ألمرهتم بالسواك عند كل وضوء : ( النيب قال ملا روى أبو هريرة رضي اهللا عنه عن ٥٦

    . من نوم الليل ) وعند القيام . . ( رواه أمحد بإسناد صحيح املسجد واملنزل ، ) وعند دخول . . ( ألن يف الصحيحني أن النيب كان إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك ٥٧

    . وخلو املعدة من الطعام ، واصفرار األسنان ، وتغري رائحة الفم ، واهللا أعلم وقراءة القرآن ، وإطالة السكوت ، . إال أن يكون صائماً ، فيمسك من وقت الزوال إىل أن تغرب الشمس : قال . ال خيتلف املذهب يف ذلك : هذا هو املشهور يف املذهب ، حىت أن ابن عقيل قال : ش ) خلوف فم الصائم عند اهللا أطيب من ريح املسك : ( عنه عن النيب قال وذلك ملا روى أبو هريرة رضي اهللا ٥٨

    واخللوف إمنا يظهر غالباً بعد الزوال ، وألنه أثر عبادة ، مستطاب شرعاً ، أشبه دم الشهيد ، وهذا اإلمساك على . وهي أظهر وحكى القاضي وغريه رواية باالستحباب ،. سبيل االستحباب ، فلو خالف ففي الكراهة روايتان

    رواه أمحد وأبو داود ، . رأيت رسول اهللا ما ال أحصي يتسوك وهو صائم : ملا روى عامر بن ربيعة قال ٥٩ . والترمذي وحسّنه

    وكان ابن عمر يستاك أول النهار وآخره وألن مرضاة الرب أطيب من ريح املسك ، والقياس : قال البخاري ٦٠ حمل السواك إمنا هو من املعدة واخللو على أنه لو صح القياس للزم أن ال يزال نقول مبوجبه ، ومننع أن اخللوف يف

    . بعد الغروب ، وحيث سن السواك ففي كراهته بعود رطب خشية حتلل جزء روايتان واهللا أعلم أن هو: ينقي وقيل : قال ابن األعرايب وقيل . يدلك : وقيل : أي يغسل ، قاله اهلروي ) يشوص ) : ( تنبيه (

    الشوص هو االستياك من سفل إىل علو ، ومنه الشوصية ريح ترفع القلب عن . . وعن ابن دريد . يستاك عرضاً بضم اخلاء ، هكذا الرواية الصحيحة ورواه من ال حيقق ) : واخللوف ( مبعناه ، وقيل ال ، ) واملوص . ( موضعه اه

    وغسل اليدين : إذا تغري ، خيلف خلوفاً واهللا أعلم قال خلف فوه ،: قال اهلروي . . بفتحها وخطأ ذلك اخلطايب . إذا قام من نوم الليل ، قبل أن يدخلهما يف اإلناء ثالثاً

    . ال إشكال يف مطلوبية الغسل واحلال هذه : ش

  • إذا استيقظ أحدكم من نومه ، فال يغمس يده يف : ( م ملا روى أبو هريرة رضي اهللا عنه أن رسول اهللا قال ٦٠إذا : ( هذا لفظ مسلم ، ولفظ البخاري . . متفق عليه ) إلناء حىت يغسلها ثالثاً ، فإنه ال يدري أين باتت يده ا

    ) . استيقظ أحدكم من نومه ، فليغسل يده قبل أن يدخلها يف وضوئه ، فإن أحدكم ال يدري أين باتت يده ) . إذا استيقظ أحدكم من الليل : ( وللترمذي وصححه

    نعم ، واختارها أبو بكر والقاضي ، وعامة أصحابه ، بل ) إحدامها ( املطلوبية للوجوب ؟ فيه روايتان وهل تنهضغسلهما : وأكثر األصحاب ، ملا تقدم من األمر بذلك ، والنهي عن عدمه ، ومقتضى ذلك الوجوب ، وعلى هذه

    دت يده ، أو جعلت يف جراب وحنو شرط لصحة الصالة ، قاله ابن عبدوس وغريه ، وهل هو تعبد ، فيجب وإن شويتعلق احلكم بالنوم الناقض على األشهر . ذلك ، أو معلل بوهم النجاسة ، فال جيب من حنو ما تقدم ؟ فيه وجهان . دون التسمية ) النية ( جتب : ، ال بنوم أكثر الليل ، وهل جتب النية والتسمية لغسلهما ؟ أوجه ثالثها

    اختارها اخلرقي ومجاعة ، ألن : ال تنهض لذلك ، اختارها اخلرقي والشيخان ، قال أبو العباس ) : والرواية الثانية ( . مشل القائم من النوم } إذا قمتم إىل الصالة فاغسلوا وجوهكم { : قوله تعاىل

    ن ، واألمر ال سّيما وقد فسره زيد بن أسلم رضي اهللا عنه بالقيام من الليل ومل يذكر سبحانه وتعاىل غسل اليدي ٦١ . السابق للندب ، ألنه علل بوهم النجاسة ، وذلك يقتضي الندبية ال الوجوب استصحاباً لألصل

    واعلم أن السنة ال ختتص بنوم الليل بل يسن له أن يغسل يديه عند الوضوء وإن مل يقم من نوم أصلًا ، حىت لو تيقن وإمنا نص اخلرقي على نوم . وغسل كفيه ثالثاً : قالوا طهارهتما ، على املذهب املنصوص ، ألن الواصفني لوضوئه

    . الليل دون غريه لتأكده ، ولينص على حمل اخلالف ، والغسل املطلوب إىل الكوع ، واهللا أعلم . والتسمية عند الوضوء : قال . لروايات إنه الذي استقرت عليه ا: هذا إحدى الروايتني عن أمحد ، واختيار أيب حممد ، وقال اخلالل : ش ومل ) } إذا قمتم إىل الصالة فاغسلوا وجوهكم { ( ١٩: ومل جيب ، لقوله سبحانه ) توضؤا بسم اهللا : ( لقوله ٦٢

    واختارها أبو . جتب ) : والرواية الثانية . ( يذكر التسمية ، وألهنا طهارة ، فلم جتب هلا التسمية كطهارة اخلبث اختارها القاضي وأصحابه ، وكثري : قال أبو العباس . احلسني ، وأبو اخلطاب بكر ، وابن شاقال وأبو جعفر ، وأبو

    . من أصحابنا بل أكثرهم ال صالة ملن ال وضوء له ، وال وضوء ملن ال يذكر : ( ملا روى أبو هريرة رضي اهللا عنه ، عن النيب أنه قال ٦٣

    وأيب سعيد مثله قال البخاري [ حديث سعيد بن زيد رواه أمحد وأبو داود ، وألمحد وابن ماجه من) اسم اهللا عليه إنه أصحها ، وعلى هذه تسقط بالسهو : وكذلك قال إسحاق ] أحسن شيء يف هذا الباب حديث سعيد بن زيد :

    على رواية اختارها القاضي يف التعليق ، وابن عقيل وأبو حممد ، وال تسقط يف أخرى ، اختارها ابن عبدوس ، وأبو . مىت مسى يف أثناء الوضوء أجزأه على كل حال : قال الشريازي ، و ابن عبدوس الربكات ، و

    أو القدوس ، مل جيزئه على األشهر : بسم الرمحن : فإن قال . بسم اهللا : حمل التسمية اللسان ، وصفتها ) : تنبيه ( . حنوه ، واهللا أعلم وحنوه ، على احملقق وتكفي اإلشارة هبا من األخرس و. اهللا أكرب : ، كما لو قال

    . واملبالغة يف االستنشاق ، إلّا أن يكون صائماً : قال أسبغ الوضوء ، : ( قال . قلت يا رسول اهللا أخربين عن الوضوء : أي تسن ملا روى لقيط بن صربة قال : ش ٦٤

    وصححه الترمذي ، وابن رواه أبو داود والنسائي) وخلل بني األصابع ، وبالغ يف االستنشاق إلّا أن تكون صائماً خزمية ، واحلاكم وإمنا مل جتب على املشهور لسقوطها بصوم النفل ، والواجب ال يسقط بالنفل ، وقال ابن شاقال

  • . يف الكربى فقط : لظاهر األمر ، وقيل . وحيكي رواية جتب ص على ذلك وصّرح بذلك ابن فإنه إمنا ن: واقتصر اخلرقي رمحه اهللا على االستنشاق تبعاً للحديث ، ولنص أمحد

    يبالغ يف االستنشاق دون املضمضة ، وعامة املتأخرين على أنه يبالغ فيهما ، وقد روي يف بعض : الزاغوين فقال ) . وبالغ يف املضمضة واالستنشاق : ( ألفاظ لقيط

    . ال جيوز : الشريازي وظاهر كالم اخلرقي أن املبالغة للصائم ال تسن ، وصرح به أبو حممد وأبو العباس ، وقال . وينبغي أن يقيد قوله بصوم الفرض

    املبالغة يف االستنشاق اجتذاب املاء بالنّفس إىل أقصى األنف ، وال يصيّره سعوطاً ، ويف املضمضة إدارة ) : تنبيه ( . املاء يف أقاصي الفم ، وال يصّيره وجوراً واهللا أعلم

    . وختليل اللحية : قال . حة من سنن الوضوء ، على املذهب املعروف ختليل الل: ش رأيت رسول اهللا فعل : ملا روي عن عثمان رضي اهللا عنه أنه توضأ وخلل حليته ، حني غسل وجهه ، مث قال ٦٥

    رواه الترمذي ، وصححه ابن خزمية ، وابن حبان ، وحسنه البخاري وهذا إذا كانت كثيفة . الذي رأيتموين فعلت . يفة تصف البشرة ، فإنه جيب غسلها ، وحكم بقية الشعور كذلك كما سيأيت ، أما إذا كانت خف

    . وصفة التخليل من حتتها بأصابعه ، نص عليه ، أو من جانبيها أن رسول اهللا كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء فيدخله حتت حنكه ، وخيلل : ويف السنن عن أنس رضي اهللا عنه ٦٦

    : ومن مث قيل بوجوب التخليل ، كما ذكره ابن عبدوس وقيل أيضاً ) مرين ريب عز وجل هبذا أ: ( به حليته ، ويقول ونص أمحد على أنه إن شاء خللها مع وجهه ، وإن شاء إذا مسح رأسه ، . بل مباء الوجه : خيلل مباء جديد وقيل

    . واهللا أعلم . وأخذ ماء جديد لألذنني ظاهرمها وباطنهما : قال وايتني عن أمحد ، واختيار ابن أيب موسى والقاضي يف اجلامع الصغري ، وابن عقيل ، وابن هذا إحدى الر: ش

    . عبدوس والشريازي ، وابن البنا ، وصاحب التلخيص ملا روي عن حبان بن واسع ، أن أباه حدثه ، أنه مسع عبد اهللا بن زيد ، يذكر أنه رأس رسول اهللا يتوضأ ، ٦٧

    واختارها ) : والثانية . ( إسناده صحيح : رواه البيهقي يف سننه ، وقال . أخذ لرأسه فأخذ ألذنيه ماء خالف الذيألن غالب من وصف وضوء النيب ، . ال يسن : القاضي يف تعليقه ، وأبو اخلطاب يف خالفه الصغري ، وأبو الربكات

    . ذكر أنه مسح رأسه وأذنيه مباء واحد ماخي أذنيه ، وميسح بإهباميه ظاهرمها ، كذلك وصف ابن عباس وصفة مسحهما أنه يدخل سباحتيه يف ص ٦٨

    . رواه النسائي . رضي اهللا عنهما ، عن النيب . وختليل ما بني األصابع : قال . ال إشكال يف مسنونية ختليل أصابع الرجلني : ش ويف أصابع . يه خبنصره رأيت رسول اهللا إذا توضأ خلل أصابع رجل: ويف السنن عن املستورد بن شداد ، قال ٦٩

    . أشهرمها كما اقتضاه كالم اخلرقي يسن لعموم حديث لقيط ) روايتان ( اليدين ) ( إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك : ( وعن ابن عباس رضي اهللا عنهما ، أن رسول اهللا قال له ٧٠

    جليه خبنصره كما يف حديث املستورد اليسرى إذ تفرجيهما يغين عن ختليلهما ، وختليل أصابع ر. ال يسن ) : والثانية

  • ، ألهنا املعّدة إلزالة الوسخ والدرن ، وحنو ذلك ، من باطن رجله ، ألنه أبلغ يف التخليل ، يبدأ خبنصر رجله اليمىن . ، وخيتم خبنصر اليسرى ، تأسياً مبحبة النيب التيمن ، وأصابع يديه إحدامها باألخرى ، واهللا أعلم

    . امليامن قبل املياسر وغسل : قال . أي يبدأ باليد اليمىن قبل اليسرى ، وكذلك يف الرجلني ، وكذلك إذا بدأ بإحدى أذنيه ، وحنو ذلك : ش أن النيب كان يعجبه التيمن يف تنعله وترجله ، وطهوره ، ويف : ملا يف الصحيحني عن عائشة رضي اهللا عنها ٧١

    وأيديكم إىل { ( ١٩: يعين أن اهللا تعاىل قال . خمرجهما يف الكتاب واحد ألن: قال أمحد . شأنه كله ، وال جيب واليد اليمىن ، واليد اليسرى وشذ الفخر الرازي فحكى يف : ومل يقل ) } وأرجلكم إىل الكعبني . . . املرافق

    أنه جيوز غسل مها يف حكم اليد الواحدة ، حىت : تفسريه عن أمحد الوجوب ، وهو منكر ، فقد قال ابن عبدوس . إحدامها مباء األخرى

    . ظاهر كالم اخلرقي أنه ال يسن مسح العنق ، ألنه مل يذكره ، وهو الصحيح من الروايتني ) : تنبيه ( . لعدم ثبوت ذلك يف احلديث ٧٢

    أن الضرر وظاهر كالمه أيضاً أنه ال يسن غسل داخل العينني ، وهو اختيار القاضي يف تعليقه والشيخني ، نظراً إىلاملتوقع كاملتحقق ، واستسنه صاحب التلخيص وغريه ، بشرط أمن الضرر ، وغايل بعضهم فحكى رواية بالوجوب

    ، خمرجة من وجوب ذلك يف الغسل ، فإن فيه عن أمحد روايتان منصوصتان ، املختار منهما عند الشيخني ، عدم . رج غسلهما من النجاسة ، واهللا أعلم الوجوب ، بل وعدم االستحباب أيضاً ، وعلى الروايتني خ

    : قال

    باب فرض الطهارة

    الفرض والشرط يشتركان يف توقف املاهية عليهما ، ويفترقان يف أن الشرط يكون خارج املاهية ، والفرض : ش

    اعترب داخلها ، وأيضاً فالشرط جيب استصحابه يف املاهية ، من أوهلا إىل آخرها ، والفرض ينقضي ويأيت غريه ، وذلك بالطهارة ، وغسل الوجه ، وحنو ذلك ، واخلرقي رمحه اهللا نظر إىل املعىن األول ، فسمى املاء الطاهر ، وإزالة

    . احلدث ، والنية فروضاً ، وهي باملعىن الثاين شرائط . هنا بالطهارة طهارة احلدث ، ال طهارة اخلبث واهللا أعلم ) رمحه اهللا ( ومراد اخلرقي

    . رض الطهارة ماء طاهر وف: قال أراد باملاء الطاهر الطاهر غري املضاف ، الذي صدر به كتاب الطهارة ، وترك التنبيه على ذلك لالستغناء مبا : ش

    تقدم ، ولعله دل عليه بقرينة التنكري ، وأراد به التنويع ، وقد تقدم أن الطهارة ال تكون إال باملاء الطاهر ، واهللا . أعلم . الة احلدث وإز: قال أي االستنجاء باملاء ، أو األحجار على ما نبني يف موضعه إن شاء اهللا تعاىل ، إن وجد منه ما يقتضي ذلك ، : ش

    وقد اختلفت الرواية عن أمحد يف ذلك ، فروي عنه وهو اختيار اخلرقي واجلمهور أن من شرط صحة الوضوء إزالة . ذلك . للترتيب ) مث ( و ) ه مث يتوضأ يغسل فرج: ( ألن يف حديث املذي ٧٣

  • وألن املنقول عن النيب ، وعن أصحابه االستنجاء قبل الوضوء وروي عنه وهو اختيار أيب حممد ال يشترط ذلك ٧٤، ألهنا جناسة ، فصح الوضوء قبلها ، كالنجاسة على سائر البدن ، أو على املخرج غري خارجة منه ، فإن ذلك حمل

    وضع جعل ذلك كالنجاسة على املخرج منه ، فعلى هذه الرواية يستفيد مس املصحف ، وفاق ، والقاضي يف مواللبث يف املسجد إن كان جنباً ، ولبس اخلف ، والصالة إذا عجز عن االستنجاء ، أما مع القدرة فيستنجي حبائل

    . مس الفرج ال ينقض ، مث يصلي : ، أو ينجيه غريه ، بشرطه ، أو هو بال حائل إن قيل وحكم التيمم حكم الوضوء ، فيصح على هذه الرواية ، واحلال هذه ، اختاره ابن حامد ، واختار القاضي ، وأبو

    . الربكات ، وابن محدان البطالن خبالف الوضوء يف التيمم ، ألنه مبيح ، وال استباحة قبل اإلستنجاء عند ابن عقيل واألشبه عند أيب حممد ، وحكم النجاسة على غري املخرج يف التيمم ، حكمها على املخرج ، و . وصححه ابن محدان الفرق ، كما لو كانت على الثوب ، واهللا أعلم

    . والنية للطهارة : قال وما أمروا إال ليعبدوا اهللا { ( ١٩: أي لطهارة األحداث ، وال خالف عندنا يف ذلك ، لقوله سبحان

top related