Transcript
Page 1: هداية الحيارى

هدايةالحيارى

ابن القيم الجوزية

(1)

Page 2: هداية الحيارى

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الكتاب

،� � مبينا �، ونصب لنا الداللة على صحته برهانا الحمد لله الذي رضي لنا اإلسالم دينا�، ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده � يقينا وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقا

�، وفرض علينا االنقياد له � عظيما � وفوزا � جزيال �، وذخر لمن وافاه به ثوابا � جسيما أجراوألحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، واالعتصام بعراه وأسبابه.

فهو دينه الذي ارتضاه لنفسه وألنبيائه ورسله ومالئكة قدسه، فبه اهتدىالمهتدون وإليه دعا األنبياء والمرسلون.

أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات واألرض طوعا وكرها وإليه� سواه من األولين واآلخرين يرجعون ومن يبتغ غير اإلسالم دينا، فال يقبل من أحد دينا

.فلن يقبل منه وهو في اآلخرة من الخاسرين

شهد بأنه دينه قبل شهادة األنام ، وأشاد به ورفع ذكره وسمى به أهله وما شهد الله أنه ال إله إال هو والمالئكة وأولو العلماشتملت عليه األرحام، فقال تعالى:

.قائما بالقسط ال إله إال هو العزيز الحكيم * إن الدين عند الله اإلسالم

وجعل أهله هم الشهداء على الناس يوم يقوم األشهاد، لما فضلهم به من اإلصابة في القول والعمل والهدى والنية واالعتقاد، غذ كانوا أحق بذلك وأهله في

وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم فيسابق التقدير ، فقال الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون

الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصالة وآتوا الزكاة.واعتصموا بالله هو موالكم فنعم المولى ونعم النصير

وحكم سبحانه بأنه أحسن األديان، وال أحسن من حكمه وال أصدق منه قبال ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفافقال:

.واتخذ الله إبراهيم خليال

(2)

Page 3: هداية الحيارى

األديان قبل البعثة

وكيف ال يميز من له أدنى عقل يرجع إليه بين دين قام أساسه وارتفع بناؤه على عبادة الرحمن، والعمل بما يحبه ويرضاه مع اإلخالص في السر واإلعالن، ومعاملة

خلقه بما أمر به من العدل واإلحسان، مع إيثار طاعته على طاعة الشيطان، وبين دينأسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار بصاحبه في النار.

أسس على عبادة النيران، وعقد الشركة بين الرحمن والشيطان، وبينه وبيناألوثان.

أو دين أسس بنيانه على عبادة الصلبان والصور المدهونة في السقوف والحيطان، وأن رب العالمين نزل عن كرسي عظمته فالتحم ببطن أنثى وأقام هناك مدة من الزمان، بين دم الطمث في ظلمات األحشاء تحت ملتقى األعكان، ثم خرج� ويبكي وأكل ويشرب ويبول وينام ويتقلب مع الصبيان، � فشيئا � رضيع� يشب شيئا صبيا ثم أودع في المكتب بين صبيان اليهود يتعلم ما ينبغي لإلنسان هذا وقد قطعت منه

القلفة حين الختان، ثم جعل اليهود يطردونه ويشردونه من مكان إلى مكان، ثم قبضوا� من أقبح عليه وأحلوه أصناف الذل والهوان، فعقدوا على رأسه من الشوك تاجا

� التيجان، وأركبوه قصبة ليس لها لجام وال عنان، ثم ساقوه إلى خشبة الصلب مصفوعا� على وجهه وهم خلفه وأمامه وعن شمائله وعن األيمان. مبصوقا

ثم أركبوه ذلك المركب الذي تقشعر من القلوب مع األبدان، ثم شدت بالحبال يداه ومع الرجالن، ثم خالطهما تلك المسامي التي تكسر العظام وتمزق اللحمان وهو

يستغيث: يا قوم ارحموني! فال يرحمه منه إنسان هذا وهو مدير العالم العلوي ثم مات ودفنيسأله من في السماوات واألرض كل يوم هو في شأن والسفلي الذي

في التراب تحت صم الجنادل والصوان ، ثم قام من القبر وصعد إلى عرشه وملكهبعد أن كان ما كان فما ظنك بفروع هذا أصلها الذي قام عليه البنيان.

أو دين أسس بنيانه على عبادة اآلل المنحوت باأليدي بعد نحت األفكار من سائر أجناس األرض على اختالف األنواع واألصناف واأللوان، والخضوع له والتذلل والخرور� الى األذقان، ال يؤمن من يدين به بالله وال مالئكته وال كتبه وال رسله وال لقائه سجودا

يوم يجزى المسي بإساءته والمحسن باإلحسان.

أو دين األمة الغضبية الذين انسلخوا من رضوان الله كانسالخ الحية من قشرها، وباؤا بالغضب والخزي والهوان، وفارقوا أحكام التوراة ونبذوها وراء ظهورهم واشتروا

بها القليل من األثمان، فترحل عنهم التوفيق وقارنهم الخذالن واستبدلوا بوالية الله ومالئكته ورسله وأوليائه والية الشيطان؟ أو دين أسس بنيانه على أن رب العالمين

وجود مطلق في األذهان، ال حقيقة له في العيان، ليس بداخل في العلم وال خارج عنه، وال متصل به وال منفصل عنه، وال محايث وال مباين له ، ال يسمع، وال يرى، وال يعلم

شيئا من الموجودات وال يفعل ما يشاء، ال حياة له، وال قدرة، وال إرادة، وال اختيار، ولم يخلق السموات واألرض في ستة أيام بل لم تزل السموات واألرض معه وجودها

مقارن لوجوده، لم يحدثها بعد عدمها وال له قدرة على إفنائها بعد وجودها، ما أنزل�، فال شرع يتبع، وال رسول يطاع، وال دار �، وال أرسل إلى الناس رسوال على بشر كتابا

بعد هذه الدار، وال مبدأ للعالم وال معاد، وال بعث وال نشور، وال جنة وال نار، إن هي إال تسعة أفالك وعشرة عقول، وأربعة أركان وأفالك تدور، ونجوم تسير، وأرحام تدفع،

(3)

Page 4: هداية الحيارى

وقالوا ما هي إال حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إال الدهر وما لهم بذلكوأرض تبلغ ؟.من علم إن هم إال يظنون

وأشهد أن ال اله إال الله وحده ال شريك له، وال ضد له وال ند له، وال صاحبة له وال ولد له، وال كفؤ له، تعالى عن إفك المبطلين، وخرص الكاذبين، وتقدس عن شرك

المشركين، وأباطيل الملحدين.

.� � بعيدا كذب العادلون به سواه وضلوا ضالال

� � مبينا ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إلهوخسروا خسرانا بما خلق ولعال بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون * عالم الغيب والشهادة

.فتعالى عما يشركون

� عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخيرته من بريته. وأشهد أن محمداوأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده: ابتعثه بخير ملة وأحسن شرعة.

وأظهر داللة وأوضح حجة، وأبين برهان إلى جميع العالمين نسهم وجنهم عربهم وعجمهم حاضرهم وباديهم، الذي بشرت به الكتب السالفة، وأخبرت به الرسل

الماضية، وجرى ذكره في األقصار في القرى واألمصار واألمم الخالية، ضربت لنبوته البشائر من عهد آدم أبي البشر، إلى عهد المسيح أبن البشر، كلما قام رسول أخذ

عليه الميثاق باإليمان به والبشارة بنبوته حتى انتهت النبوة إلى كليم الرحمن، موسى جاء اللهبن عمران فأذن بنبوته على رؤوس اإلشهاد بين بني إسرائيل معلنا باألذان

.من طور سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران

إلى أن ظهر المسيح ابن مريم عبد الله ورسوله وروحه وكلمته التي ألقاها إلى� لم يؤذنه أحد مثله قبله، فقام في بني إسرائيل مقام الصادق مريم فأذن بنبوته آذانا

� لما بين يدي منالناصح وكانوا ال يحبون الناصحين فقال: إني رسول الله إليكم مصدقا� برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد، فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا التوراة ومبشرا

.سحر مبين

� أسمعه البادي والحاضر، فأجابه المؤمن المصدق تالله لقد أذن المسيح آذاناوقامت حجة الله على الجاحد الكافر.

الله أكبر، الله أكبر عما يقول فه المبطلون ويصفه به الكاذبون، وينسبه إليه المفترون والجاحدون، ثم قال : أشهد أن ال اله إال الله وحده ال شريك له، وال ند له وال كفؤ له، وال صاحبة له وال ولد له، بل هو األحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له

كفوا أحد، ثم رفع صوته بالشهادة ألخيه وأولى الناس به بأنه عبد الله ورسوله، وانه أركون العالم، وانه روح الحق الذي ال يتكلم من قبل نفسه إنما يقول ما يقال له وانه

يخبر الناس بكل ما اعد الله لهم ، ويسوسهم بالحق، ويخبرهم بالغيوب ويجيئهم بالتأويل، ويوبخ العالم على الخطيئة، ويخلصهم من يد الشيطان، وتستمر شريعته وسلطانه إلى آخر الدهر وصرح في آذانه باسمه ونعته وصفته وسيرته حتى كأنهم

�، ثم قال حي على الصالة خلف إمام المرسلين وسيد ولد آدم ينظرون إليه عيانا أجمعين، حي على الفرح بإتباع من السادة في إتباعه، والفالح في الدخول في زمرة

أشياعه، فأذن وأقام وتولى وقال: لست ادعكم كاأليتام، وسأعود واصلي وراء هذااإلمام، هذا عهدي إليكم إن حفظتموه دام لكم الملك إلى آخر األيام.

(4)

Page 5: هداية الحيارى

فصلى الله عليه من ناصح بشر برسالة أخيه عليهما افضل الصالة والسالم، وصدق به أخوه ونزهه عما قال فيه وفي أمه أعداؤه المغضوب عليهم من اإلفك

والباطل وزور الكالم، كما نزه ربه وخالقه ومرسله عما قال فيه المثلثة عباد الصليب،ونسبوه إليه من النقص والعيب والذم.

)أما بعد( فإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه وتبارك اسمه وتعالى جده وال اله غيره جعل اإلسالم عصمة لمن لجا إليه، وجنة لمن استمسك به وعض بالنواجذ عليه،

فهو حرمه الذي من دخله كان من اآلمنين، وحصنه الذي من لجأ إليه كان منالفائزين، ومن انقطع دونه كان من الهالكين.

� سواه، ولو بذل في المسير إليه جهده واستفرغ قواه، وأبى أن يقبل من أحد دينا فأظهره على الدين كله حتى طبق مشارق األرض ومغاربها، وسار مسير الشمس في

األقطار.

وبلغ إلى حيث انتهى الليل والنهار، وعلت الدعوة اإلسالمية وارتفعت غايةاالرتفاع واالعتالء.

فتضاءلت لها جميع األديان، وجرتأصلها ثابت وفرعها في السماء بحيث صار تحتها األمم منقادة بالخضوع والذل واإلذعان، ونادى المنادي بشعارها في جو السماء

بين الخافقين: اشهد أن ال اله إال الله وحده ال شريك له واشهد أن محمدا عبده� بالشهادتين، حتى بطلت دعوة الشيطان، وتالشت عبادة األوثان، ورسوله صارخا واضمحلت عبادة النيران، وذل المثلثة عباد الصلبان، وتقطعت األمة الغضبية في

األرض كتقطع السراب في القيعان، وصارت كلمة اإلسالم العليا، وصار له في قلوب الخالئق المثل األعلى، وقامت براهينه وحججه على سائر األمم في اآلخرة واألولى،

وبلغت منزلته في العلى والرفعة الغاية القصوى، وأقام لدولته ومصطفيه أعوانا وأنصارا نشروا ألويته وأعالمه، وحفظوا من التغيير والتبديل حدوده وأحكامه، وبلغوا

إلى نظرائهم كما بلغ إليهم من قبلهم، حالله وحرامه، فعظموا شعائره، وعلموا استغلظ فاستوى على سوقه يعجبشرائعه، وجاهدوا أعداءه بالحجة والبيان حتى

، وعال بنيانه المؤسس على تقوى من الله ورضوان، إذ كانالزراع ليغيظ بهم الكفار � على شفا جرف هار. يناء غيره مؤسسا

فتبارك الذي رفع منزلته، وأعلى كلمته، وفخم شانه، وأشاد بنيانه، وأذل مخالفيه ومعانديه، وكبت من يبغضه ويعاديه، ووسمهم بانهم شر الدواب، واعد لهم إذا قدموا

عليه اليم العقاب، وحكم لهم بانهم اضل سبيال من االنعام، اذ استبدلوا الشرك� بالتوحيد، والضالل بالهدى، والكفر باالسالم، وحكم سبحان لعلماء الكفر وعباده حكما

�، فقال تعالى � حسنا قل هل ننبئكم باألخسرينيشهد ذوو العقول بصحته ويرونه شيئا أعماال * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فال نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك

.جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا

� بأمره ودعوته، فأين يذهب من تولى عن توحيد ربه وطاعته، ولم يرفع رأسا وكذب رسوله واعرض عن متابعته، وحاد عن شريعته، ورغب عن ملته واتبع غير سنته،

ولم يستمسك بعهده، ومكن الجهل من نفسه، والهوى والعناد من قلبه، والجحود والكفر من صدره ، والعصيان والمخالفة من جوارحه؟ فقد قابل خبر الله بالتكذيب،

وأمره بالعصيان، ونهيه باالرتكاب، يغضب الرب وهو راض، ويرضي وهو غضبان، يحب

(5)

Page 6: هداية الحيارى

ما يبغض ، ويبغض ما يحب، ويوالي من يعاديه ، ويعادي من يواليه، يدعو إلى خالف ما� إذا صلى قد فاصمه وابكمهاتخذ إلهه هواه، وأضله الله على علم يرضى، وينهى عبدا

واعماه، فهو ميت الدارين، فاقد السعادتين، قد رضى بخزي الدنيا وعذاب اآلخرة، وباع التجارة الرابحة بالصفقة الخاسرة، فقلبه عن ربه مصدود، وسبيل الوصول الى جنته

ورضاه وقربه عنه مسدود، فهو ولي الشيطان وعدو الرحمن، وحليف الكفر والفسوقوالعصيان .

�، ورضي المخذول � وبمحمد رسوال � وباالسالم دينا قد رضي المسلمون بالله ربا�، اعصى � ، وبسبيل الضالل والغضب سبيال �، وبالتثليث والكفر دينا بالصليب والوثن الها الناس للخالق الذي ال سعادة له اال في طاعته، واطوعهم للمخلوق الذي ذهاب دنياه وأخراه في طاعته ، فاذا سئل في قبره من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ قال: هاه ،

هاه ال ادري. فيقال: ال دريت، وال تليت، وعلى ذلك حييت ، وعليه مت، وعليه تبعث ان شاء الله، ثم

�، ويضيق عليه كالزج في الرمح الى قيام الساعة . يضرم عليه قبره نارا

واذا بعثر ما في القبور، وحصل ما في الصدور، وقام الناس لرب العالمين، ونادى ثم رفع لكل عابد معبوده الذي كان يعبدهوامتازوا اليوم أيها المجرمون المنادي

� مني ان اولى كل انسان ويهواه، وقال الرب تعالى وقد أنصت له الخالئق : اليس عدال منكم ما كان في الدنيا يتواله؟ فهناك يعلم المشرك حقيقة ما كان عليه، ويتبين له

،إن أولياؤه إال المتقون سوء منقلبه وما صار اليه، ويعلم الكفار انهم لم يكونوا اولياءه وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب

.والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون

� صلى الله عليه وسلم كان أهل االرض صنفين: اهل الكتاب، ولما بعث الله محمداوزنادقة ال كتاب لهم.

وكان اهل الكتاب افضل الصنفين، وهم نوعان: مغضوب عليم ، وضالون.

فاالمة الغضبية هم اليهود: اهل الكذب والبهت والغدر والمكر والحيل، قتلة االنبياء واكلة السحت – وهو الربا والرشا – اخبث االمم طوية، وأرداهم سجية وابعدهم من

الرحمة، واقربهم من النقمة، عادتهم البغضاء، وديدنهم العداوة والشحناء، بيت السحر والكذب والحيل، ال يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم من االنبياء حرمة، وال

يرقبون في مؤمن اال وال ذمة، وال لمن وافقهم عندهم حق وال شفقة، وال لمن شاركهم عندهم عدل وال نصفة، وال لمن خلطهم طمأنينة وال أمنة، وال لمن استعملهم عندهم

� وأنتنهم �، واظلمهم بيوتا نصيحة، بل أخبثهم بيهودي على الحقيقة، أضيق الخلق صدورا أفنية، واوحشهم سجية، تحيتهم لعنة ، ولقاؤهم طيرة، شعارهم الغضب، ودثارهم

المقت.

والصنف الثاني: المثلثة أمة الضالل وعباد الصليب، الذين سبوا الله الخالق مسبة ما سبه اياها احد من البشر ، ولم يقروا بانه الواحد االحد الفرد الصمد، الذي لم يلد

� احد، ولم يجعلوه اكبر من كل شئ، بل قالوا فيه ما تكادولم يولد ، ولم يكن له كفوا ، فقل ما شئت في طائفةالسماوات يتفطرن منه وتنشق األرض وتخر الجبال هدا

وان مريم صاحبته وان المسيح ابنه، وانه نزل عنإن الله ثالث ثالثة اصل عقيدتها: كرسي عظمته والتحم ببطن الصاحبة، وجرى له ما جرى الى ان قتل ومات ودفن.

(6)

Page 7: هداية الحيارى

فدينها عبادة الصلبان، ودعاء الصور المنقوشة باالحمر واالصفر في الحيطان،يقولون في دعائهم: )يا والدة اإلله ارزقينا، واغفري لنا وارحمينا(.

فدينهم شرب الخمور واكل الخنزير، وترك الختان، والتعبد بالنجاسات، واستباحة كل خبيث من الفيل الى البعوضة، والحالل ما حلله القس، والحرام ما حرمه، والدين

ما شرعه، وهو الذي يغفر لهم الذنوب، وينجيهم من عذاب السعير.

فهذا حال من له كتاب، واما من ال كتاب له: فهو بين عابد أوثان ، وعابد نيران، وعابد شيطان، وصابئ حيران ، يجمعهم الشرك، وتكذيب الرسل، وتعطيل الشرائع،

وانكار المعاد وحشر االجساد، ال يدينون للخالق بدين، وال يعبدونه مع العابدين، واليوحدونه مع الموحدين.

فأمة المجوس منهم تستفرش االمهات والبنات واالخوات، دع العمات والخاالت، دينهم الزمر، وطعامهم الميتة، وشرابهم الخمر، ومعبودهم النار، ووليهم الشيطان،

.� �، وأسوأهم اعتقادا فهم أخبث بني آدم نحلة، وأرداهم مذهبا

وأمة زنادقة الصابئة ومالحدة الفالسفة ال يؤمنون بالله وال مالئكته وال كتبه وال رسله ول لقائه، وال يؤمنون بمبدأ وال معاد، وليس للعالم عندهم رب فعال باالختيار لما

يريد قادر على كل شيء عالم بكل شئ، آمر، ناه، مرسل الرسل، ومنزل الكتب، ومثيب المحسن ، ومعاقب المسيء، وليس عند نظارهم إال تسعة أفالك وعشرة

عقول وأربعة أركان، وسلسلة ترتبت فيها الموجودات هي بسلسلة المجانين أشبهمنها بمجوزات العقول.

)وبالجملة( فدين الحنفية – الذي ال دين لله غيره بين هذه االديان الباطلة – التي ال دين في االرض غيرها – أخفى من السها تحت السحاب، وقد نظر الله إلى أهل

األرض فمقتهم عربهم وعجمهم اال بقايا من اهل الكتاب فاطلع الله شمس الرسالة�، وانعم بها على اهل االرض نعمة ال يستطيعون لها � منيرا في حنادس تلك الظلم سراجا

شكورا، واشرقت االرض بنورها اكمل االشراق، وفاض ذلك النور حتى دعم النواحيواالفاق، واتسق قمر الهدى اتم االتساق، وقام دين الله الحنيف على ساق.

فلله الحمد الذي انقذنا بمحمد صلى الله عليه وسلم من تلك الظلمات، وفتح لنا به باب الهدى فال يغلق الى يوم الميقات، وارانا في نوره اهل الضالل وهم في ضاللهم يتخبطون، وفي سكرتهم يعمهون، وفي جهالتهم يتقلبون، وفي ريبهم يترددون، يؤمنون� ولكن بالجبت والطاغوت يؤمنون، ويعدلون ولكن بربهم يعدلون، ويعملون ولكن ظاهرا من الحياة الدنيا، وهم عن اآلخرة غافلون، ويسجدون ولكن للصليب والوثن والشمس

لقد من الله على المؤمنينيسجدون ويمكرون وما يمكرون إال بأنفسهم وما يشعرون إذ بعث فيهم رسوال من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة

الحمد للهويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون * فاذكروني أذكركم واشكروا لي وال تكفرون الذي أغنانا بشريعته التي تدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة، وتتضمن األمر بالعدل واالحسان، والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي ، فله المنة والفضل على ما انعم به

علينا وارهنا به على سائال االمم واليه الرغبة ان يورعنا شكر هذه النعمة ، وان يفتح لنا ابواب التوبة والمغفرة والرحمة، فاحب الوسائل الى المحسن التوسل اليه باحسانه

واالعتراف له بان االمر كله محض فضله وامتنانه، فله علينا النعمة السابغة كما لهعلينا الحجة البالغة.

(7)

Page 8: هداية الحيارى

نبوء له بنعمه علينا، ونبوء بذنوبنا وخطايانا وجهلنا وظلمنا وإسرافنا في امرنا، فهذه بضاعتنا التي لدينا، لم تبق لنا نعمه وحقوقها وذنوبنا حسنة نرجو بها الفوز

بالثواب والتخلص من اليم العقاب، بل بعض ذل يستنفد جميع حسناتنا، ويستوعب كل طاعتنا هذا لو خلصت من الشوائب، وكانت خالصة لوجهه واقعة على وفق امره، وما

هو والله اال التعلق بأذيال عفوه وحسن الظن به، واللجأ منه إليه واالستعاذة به منه واالستكانة والتذلل بين يديه، ومد يد الفاقة والمسكنة اليه، بالسؤال واالفتقار اليه في جميع االحوال ، فمن اصابته نفحة من نفحات رحمته أو وقعت عليه نظرة من نظرات

رأفته انتعش من بين األموات وأناخت بفنائه وفود الخيرات، وترحلت عنه جيوشالهموم والغموم والحسرات….

في الدهر يوما انني لسعيد        واذا نظرت إلي نظرة راحم

ومن بعض حقوق الله على عبده رد الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة

خردل من اإليمان.

أسباب تصنيف هذا الكتاب

وكان انتهى إلينا مائل أوردها بعض الكفار الملحدين على بعض المسلمين فلم يصادف عنده ما يشفيه ، وال وقع دواؤه على الداء الذي فيه، وظن المسلم انه باجابته

القاصة اصاب، فقال : هذا هو الجواب! فقال الكافر: صدق أصحابنا في قولهم: اندين االسالم انما قام بالسيف ال بالكتاب.

فتفرقا وهذا ضارب وهذا مضروب، وضاعت لحجة بين الطالب والمطلوب، فشمر المجيب عن ساعد العزم، ونهض على ساق الجد وقام لله قيام مستعين به

مفوض إليه متكل عليه في موافقة مرضاته، ولم يقل مقالة العجزة الجهال: إن الكفارإنما يعاملون بالجالد دون الجدال، وهذا فرار من الزحف، وإخالد إلى العجز والضعف.

ليهلك منوقد أمر الله بمجادلة الكفار بعد دعوتهم إقامة للحجة وإزاحة للعذر .هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة

لقدوالسيف إنما جاء منفذا للحجة مقوما للمعاند، وحدا للجاحد، قال تعالى: أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا

الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله.قوي عزيز

فدين اإلسالم قام بالكتاب الهادي ونفذه السيف.

يقيم ضباه اخدعي كل مائل     فما هو اال الوحي او حد مرهف

وهذا دواء الداء من كل جاهل     فهذا شفاء الداء من كل عاقل

وإلى الله الرغبة في التوفيق، فانه الفاتح من الخير أبوابه والميسر له أسبابه.

وسميته هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى.

(8)

Page 9: هداية الحيارى

وقسمته قسمين:

القسم االول في اجوبة المسائل، والقسم الثاني في تقرير نبوة محمد -صلى،� � معجبا � ممتعا الله عليه وسلم- بجميع أنواع الدالئل، فجاء بحمد الله ومنه وتوفيقه كتابا

ال يسأم قاريه وال يمل الناظر فيه، فهو كتاب يصلح للدنيا واآلخرة، ولزيادة االيمان ،ولذة االنسان.

يعطيك ما شئت من أعالم النبوة وبراهين الرسالة، وبشارات االنبياء بخاتمهم، واستخراج اسمه الصرح من كتبهم، وذكر نعته وصفته وسيرته من كتبهم، والتمييز بين صحيح االديان وفاسدها وكيفية فسادها بعد استقامتها، وجملة من فضائح أهل الكتابين

وما هم عليه، وانهم اعظم الناس براءة من انبيائهم، وان نصوص انبيائهم تشهدبكفرهم وضاللهم، وغير ذلك من نكت بديعة ال توجد في سواه.

والله المستعان وعليه التكالن، فهو حسبنا ونعم الوكيل.

القسم االول في أجوبة المسائل وعددها سبعة أسئلة

فنقول اما المسألة االولى وهي: قول السائل قد اشتهر عندكم بان اهل الكتابينما منعهم من الدخول في االسالم اال الرياسة والمأكلة – ال غير.

)فنقول : هذا( كالم جاهل بما عند المسلمين وبما عند الكفار، اما المسلمون فلم يقولوا انه لم يمنع اهل الكتاب من الدخول في االسالم اال الرياسة والماكلة ال

غير، وان قال هذا بعض عوامهم فال يلزم جماعتهم،والممتنعون من الدخول في� باالضافة الى الداخلين فيه منهم، بل االسالم من اهل الكتاب وغيرهم جزء يسير جدا

� ، فان الله � وال اضطرارا � ال كرها � ورغبة� واختيارا اكثر االمم دخلوا في االسالم طوعا� الى اهل االرض وهم خمسة � صلى الله عليه وسلم رسوال سبحانه وتعالى بعث محمدا

أصناف قد طبقوا االرض: يهود ، ونصارى، ومجوس، وصابئة، ومشركون.

وهذه االصناف هي التي كانت قد استولت على الدنيا من مشارقها الى مغاربها.

فأما اليهود فاكثر ما كانوا باليمن وخيبر والمدينة وما حولها، وكانوا باطراف الشام مستذلين مع النصارى، وكان منهم بارض فارس فرقة مستذلة مع المجوس، كان منهم بارض العرب فرقة، واعز ما كانوا بالمدينة وخيبر ، وكان الله سبحانه قد

� وسلبهم الملك والعز. قطعهم في األرض أمما

وأما النصارى فكانوا طبق االرض: فكانت الشام كلها نصارى، وارض المغرب كان الغالب عليهم النصارى، وكذلك ارض مصر والحبشة والنوبة والجزيرة والموصل

وارض نجران وغيرها من البالد.

واما المجوس فهم اهل مملكة فارس وما اتصل بها.

وأما الصابئة فاهل حران وكثير من بالد الروم.

(9)

Page 10: هداية الحيارى

واما المشركون فجزيرة العرب جميعها وبالد الهند وبالد الترك وما جاورها، وأديان اهل االرض ال تخرج عن هذه االديان الخمسة، ودين الحنفاء ال يعرف فيهم

البتة.

وهذه االديان الخمسة لها للشيطان كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره:األديان ستة واحد للرحمن وخمسة للشيطان .

إن الذين آمنواوهذه االديان الستة مذكورة في آية الفصل في قوله تعالى: والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم

.القيامة إن الله على كل شيء شهيد

فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم استجاب له ولخلفائه بعده اكثر اهل� قط على الدين، وانما كان يقاتل من يحاربه �، ولم يكره احدا � واختيارا االديان طوعا

� ويقاتله، واما من سالمه وهادنه فلم يقاتله ولم يكرهه على الدخول في دينه امتثاال وهذا نفيال إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي المر ربه سبحانه حيث يقول:

� على الدين، نزلت هذه اآلية في رجال من في معنى النهي، أي ال تكرهوا احدا الصحابة كان لهم أوالد قد تهودوا وتنصروا قبل االسالم فلما جاء االسالم أسلم اآلباء وأرادوا إكراه األوالد على الدين، فنهاهم الله سبحانه عن ذلك حتى يكونوا هم الذين

يختارون الدخول في اإلسالم.

والصحيح أن اآلية على عمومها في حق كل كافر، وهذا ظاهر على قول من يجوز اخذ الجزية من جميع الكفار، فال يكرهون على الدخول في الدين، بل اما ان يدخلوا في الدين واما ان يعطوا الجزية كما يقوله اهل العراق وأهل المدينة، وان

استثنى هؤالء بعض عبدة األوثان.

� على دينه قط ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تبين له انه لم يكره أحدا وانه انما قاتل من قاتله واما من هادنه فلم يقاتله مادام مقيما على هدنته لم ينقض

فماعهد، بل امره الله تعالى ان يفي لهم بعهدهم ما استقاموا له كما قال تعالى: .استقاموا لكم فاستقيموا لهم

ولما قدم المدينة صالح اليهود واقرهم على دينهم ، فلما حاربوه ونقضوا عهدهوبدؤوه بالقتال قاتلهم، فمن على بعضهم، وأجلى بعضهم، وقبل بعضهم.

وكذلك لما هادن قريشا عشر سنين لم يبدأهم بقتال حتى بدأوا هم بقتاله ونقضوا عهده، فعند ذلك غزاهم في ديارهم، وكانوا هم يغزونه قبل ذلك كما قصدوه� هم جاءوا لقتاله ولو انصرفوا عنه لم يقاتلهم. يوم أحد ويوم الخندق، ويوم بدر ايضا

� على الدخول في دينه البتة، والمقصود: انه صلى الله عليه وسلم لم يكره احدا� فاكثر اهل االرض دخلوا في دعوته لما تبين � وطوعا وانما دخل الناس في دينه اختيارا

� فهؤالء اهل اليمن كانوا لى دين اليهودية أو اكثرهم لهم الهدى وانه رسول الله حقا انك ستأتي قوما أهل كتاب فليكن اول ماكما قال النبي لمعاذ لما بعثه الى اليمن:

.تدعوهم اليه شهادة ان ال اله اال الله

(10)

Page 11: هداية الحيارى

ثم دخلوا في االسالم من غير رغبة وال رهبة، وكذلك من اسلم من يهود المدينة وهم جماعة كثيرون غير عبد الله بن سالم مذكورون في كتب السير والمغازي لم يسلموا رغبة في الدنيا وال رهبة من السيف بل اسلموا في حال حاجة المسلمين

وكثرة اعدائهم ومحاربة اهل االرض لهم من غير سوط وال نوط، بل تحملوا معاداة اقربائهم وحرمانهم نفعهم بالمال والبدن مع ضعف شوكة المسلمين وقلة ذات

ايديهم.

فكان احدهم يعادي اباه وأمه وأهل بيته وعشيرته، ويخرج من الدنيا رغبة في االسالم ال لرياسة وال مال، بل ينخلع من الرياسة والمال ويتحمل أذى الكفار من

ضربهم وشتمهم وصنوف أذاهم وال يصرفه ذلك عن دينه فان كان كثير من األحبار والرهبان والقسيسين ومن ذكره هذا السائل قد اختاروا الكفر فقد اسلم جمهور اهل

االرض من فرق الكفار ولم يبق اال االقل بالنسبة الى من اسلم، فهؤالء نصارى الشام كانوا ملئ الشام ثم صاروا مسلمين اال النادر، فصاروا في المسلمين

كالشعرة السوداء في الثور االبيض وكذلك المجوس كانت امة ال يحصى عددهم اال الله فاطبقوا على االسالم لم يتخلف منهم اال النادر ، وصارت بالدهم بالد اسالم،

وصار من لم يسلم منهم تحت الجزية والذلة ، وكذلك اليهود اسم اكثرهم ولم يبقمنهم اال شرذمة قليلة مقطعة في البالد.

فقول هذا الجاهل: :ان هاتين االمتين ال يحصى عددهم اال الله كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم كذب ظاهر وبهت مبين، حتى لو كانوا كلهم قد اجمعوا على اختيار الكفر لكانوا في ذلك أسوة بقوم نوح، وقج اقام فيهم الف سنة اال خمسين� يدعوهم الى الله يريهم من اآليات ما يقيم حجة الله عليهم وقد اطبقوا على عاما

� منهم كما قال تعالى: وهم كانوا اضعاف اضعافوما آمن معه إال قليل الكفر اال قليالهاتين االمتين الكافرتين اهل الغضب واهل الضالل.

وعاد اطبقوا على الكفر وهم امة عظيمة عقالء حتى استؤصلوا بالعذاب، وثمود اطبقوا جميعهم على الكفر بعد رؤية اآلية العظيمة التي يؤمن على مثلها البشر، ومع

وأما ثمود فهديناهم فاستحبواهذا فاختاروا الكفر على االيمان، كما قال تعالى: وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهموقال تعالى: العمى على الهدى

فهاتان امتان عظيمتان منالشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين اكبر االمم قد اطبقتا على الكفر مع البصيرة، فامتى الغضب والضالل إذ اطبقتا على

الكفر فليس ذلك ببدع، وهؤالء قوم فرعون مع كثرتهم قد اطبقوا على جحد نبوة موسى مع تظاهر االيات الباهرة آية بعد آية فلم يؤمن منهم اال رجل واحد كان يكتم

ايمانه.

وأيضا، يقال لنصارى: هؤالء اليهود مع كثرتهم في زمن المسيح حتى كانوا مال وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق األرضبالد الشام كما قال تعالى:

وكانوا قد اطبقوا على تكذيب المسيح وجحدوا نبوته، وفيهمومغاربها التي باركنا فيها االحبار والعباد والعلماء حتى آمن به الحواريون، فاذا جاز على اليهود وفيهم االحبار والعباد والزهاد وغيرهم االطباق على جحد نبوة المسيح والكفر به مع ظهور ايات صدقه كالشمس جاز عليهم انكارة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ومعلوم ان

جواز ذلك على امة الضالل الذين هم اضل من االنعام، وهم النصارى أولى وأحرى.

فهذا السؤال الذي اورده هذا السائل وراد بعينه في حق كل نبي كذبته امة مناالمم، فان صوب هذا السائل راي تلك االمم كلها، فقد كفر بجميع الرسل.

(11)

Page 12: هداية الحيارى

وان قال ان االنبياء كانوا على الحق، وكانت تلك االمم مع كثرتها ووفور عقولها على الباطل، فالن يكون المكذبون بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهم االقلون

االذلون االرذلون، من هذه الطوائف على الباطل وأولى وأحرى ، وأي أمة من األمم اعتبرتها، وجدت المصدقين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم جمهورها، واقلها

واراذلها هم الجاحدون لنبوته، فرقعة اإلسالم قد اتسعت في مشارق األرض ومغاربها آية االتساع بدخول هذه األمم في دينه وتصديقهم برسالته ، وبقي من لم يدخل منهم في دينه وهم من كل أمة اقلها ، وأين يقع النصارى المكذبون برسالته اليوم من أمة

النصرانية الذين كانوا قبله؟ ! وكذلك اليهود والمجوس والصابئة ال نسبة للمكذبينبرسالته بعد بعثه إلى جملة تلك األمة قبل بعثه.

وقد اخبر تعالى عن األمم التي أطبقت على تكذيب الرسل ودمرها الله تعالى ، ثم أرسلنا رسلنا تترا كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضافقال تعالى:

، فاخبر عن هؤالء االمم انهم تطابقوا علىوجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم ال يؤمنون كذلك ما أتى الذين من قبلهم منتكذيب رسلهم وانه عمهم باإلهالك، وقال تعالى:

� انرسول إال قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به بل هم قوم طاغون ومعلوم قطعا الله تعالى لم يهلك هذه االمم الكثيرة اال بعد ا تبين لهم الهدى فاختاروا عليه الكفر،

وما كنا مهلكي القرى إال وأهلهاولو لم يتبين لهم الهدى لم يهلكهم، كما قال تعالى: فلوال كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إال قوم يونس لما آمنوا، وقال تعالى: ظالمون

، أي فلم يكن قريةكشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين .يونسآمنت فنفعها إيمانها إال قوم

ومعلوم قطعا انه لم يصدق نبي من االنبياء من اولهم اال آخرهم ولم يتبعه من االمم ما صدق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والذي اتبعوه من االمم

اضعاف هاتين االمتين المكذبتين مما ال يحصيهم اال الله وال يستريب من له مسكة من عقل ان الضالل والجهل والغي وفساد العقل الى من خالفه وجحد نبوته اقرب

منه الى اتباعه ومن اقر بنبوته.

وحينئذ فيقال: كيف جاز على هؤالء االمم التي ال يحصيهم اال الله الذي قد بلغوا مشارق االرض ومغاربها علىاختالف طبائعهم واغراضهم وتباين مقاصدهم الطباق

على اتباع من يكذب على الله وعلى رسله وعلى العقل ويحل ما حرم الله ورسله ويحرم ما أحله الله ورسله، ومعلوم ان الكاذب على الله ف دعوى الرسالة هو شر

خلق الله وافجرهم واظلمهم واكذبهم.

وال يشك من له ادنى عقل ان اطباق اكثر االمم على متابقة هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم وخروجهم عن ديارهم واموالهم ومعاداتهم اباءهم وعشائرهم

في متابعته وبذلهم نفوسهم بين يديه من امحل المحال؟ فتجويز اختيارهم الكفر بعد تبين الهدى على شرذمة قليلة حقية لها اغراض عديدة من هاتين االمتين اولى من

تجويز ذلك على المسلمين الذين طبقوا مشارق االرض ومغاربها ، وهم اعقل االممواكملها في جميع خصال الفضل.

اين عقول عباد العجل وعباد الصليب الذي اضحكوا سائر العقالء على عقولهم ودلوهم على مبلغها بما قالوه في معبودهم من عقول المسلمين؟ واذا جاز اتفاق

امة – فيها من قد ذكره هذا السائل – على ان رب العالمين وخالق السموات واالرضين نزل عن عرشه وكرسي عظمته ودخل في بطن امراة في محل الحيض

،� � فشيئا والطمث عدة شهور ثم خرج من فرجها طفر� يمص الثدي ويبكي ، ويكبر شيئا

(12)

Page 13: هداية الحيارى

ويأكل ويشرب ويبول، ويصح ويمرض، ويفرح ويحزن، ويلذ ويالم، ثم دبر حيلة على عدوه ابليس بان مكن اعداءه اليهود من نفسه، فامسكوه وساقوه الى خشبتين يصلبونه عليهما، وهم يجرونه الى الصلب، واالوباش واالراذل قدامه وخلفه وعن يمينه وعن يساره، وهو يستغيث ويبكي فقربوه من الخبتين، ثم توجوه بتارج من

�، ثم حملوه على الصليب وسمروا يديه ورجليه وجعلوه بين الشوك، واوجعوه صفعا لصين، وهو الذي اختار هذا كله لتتم له الحيلة على ابليس ليخلص ىجم وسائ ر

االنبياء من سجنه، ففداهم بنفسه حتى خلوصا من سجن ابليس.

واذا جاز اتفاق هذه االمة وفيهم االحبار والرهبان والقسيسون والزهاد والعباد والفقهاء ومن ذكرتم على هذا القول في معبودهم والههم تى قال قائل منهم وهو

من اكابرهم عندهم: اليد التي خلقت ادم هي التاي باشرت المسامير ونالت الصلب،� فكيف ال يجوز عليهم االتفاق على تكذيب من جاء بتكفيرهم وتضليلهم، ونادى سرا

� بكذبهم على الله وشتمهم له اقبح شتم، وكذبهم على المسيح ، وتبديلهم دينه، وهرا وعاداهم وقاتلهم، وبراهم من المسيح وبراه منهم، واخبر انهم وقود النار وحطب جهنم ؟ فهذا احد االسباب التي اختاروا الجلها الكفر على االيمان وهو من اعظم

االسباب.

فقولكم : ان المسلمين يقولون انهم لم يمنعهم من الدخول في االسالم اال الرياسة الماكلة ال غير كذب على المسلمين، بل الرياسة والماكلة من جملة االسباب

المانعة لهم من الدخول في الدين، وقد ناظرنا نحن وغيرنا جماعة منهم فما تبين لبعضهم فساد ما هم عليه قالوا: لو دخلنا في االسالم لكنا من اقل المسلمين ال يابه

لنا، ونحن متحكمون في اهل ملتنا في اموالهم ومناصبهم ولنا بينهم اعظم الجاه!،وهل منع فرعون وقومه من اتبرا موسى اال ذلك ؟!

(13)

Page 14: هداية الحيارى

االسباب المانعة من قبول الحق

� فمنها: الجهل به ، وهذا السبب هو واالسباب المانعة من قبول الحق كثيرة جدا� عاداه وعادى اهله ، فان انضاف الى الغالب على اكثر النفوس، فان من جهل شيئا هذا السبب بغض من امره بالحق ومعاداته له وحسده كان المانع من القبول اقوى، فان انضاف الى ذلك الفه وعادته ومرباه على ما كان عليه اباؤه ومن يحبه ويعظمه قوي المانع، فان انضاف الى ذلك توهميه ان الحق الذي دعي اليه يحول بينه وبين

.� جاهه وعزه وشهواته واغراضه قوي المانع من القبول جدا

فان انضاف الى ذلك خوفه من اصحابه وعشيرته وقومه على نفسه وماله وجاهه كما وقع لهرقل ملك النصارى بالشام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ازداد المانع من قبول الحق قوة، فان هرقل عرف الحق وهم بالدخول في

االسالم فلم يطاوعه قومه وخافهم على نفسه فاختار الكفر على االسالم بعد ما تبينله الهدى، كما سيأتي ذكر قصته ان شاء الله تعالى.

ومن اعظم هذه االسباب : الحسد، فانه جاء كامن في النفس، ويرى الحاسد المحسود قد فضل عليه واوتي ما لم يؤت نظيره فال يدعه الحسد ان ينقاد له ويكون

من اتباعه.

وهل منع ابليس من السجود الدم اال الحسد ؟! فانه لما رآه قد فضل عليه ورفعغص بريقه واختار الكفر على االيمان بعد ان كان بين المالئكة.

� ال وهذا الداء هو الذي منع اليهود من االيمان بعيسى ابن مريم وقد علموا علما شك فيه انه رسول الله جاء بالبينات والهدى فحملهم الحسد على ان اختاروا الكفر

على االيمان واطبقوا عليه، وهم امة فيهم االحبار والعلماء والزهاد والقضاة والملوكواالمراء.

هذا وقد جاء المسيح بحكم التوراة ولم يات بشريعة يخالفهم ولم يقاتلهم، وانما� لشريعة � ، وجاء مكمال � ورحمة واحسانا اتى بتحليل بعض ما حرم عليهم تخفيفا

التوراة، ومع هذا فاختاروا كلهم الكفر على االيمان ، فكيف يكون حالهم مع نبي جاء� على فضائحهم، � لهم بقبائحهم، ومناديا بشريعة مستقلة ناسخة لجميع الشرائع ، مبكتا

� لهم من ديارهم، وقد قاتلوه وحاربوه وهو في ذلك كله ينصر عليهم ويظفر ومخرجا� في سفال، فكيف ال يملك الحسد والبغي في بهم ويعلو هو واصحابه وهو معه دائما قلوبهم؟ واين يقع حالهم معه من حالهم مع المسيح وقد اطبقوا على الكفر به من

بعد ما تبين لهم الهدى؟ وهذا السبب وحده كاف في رد الحق، فكيف اذا انضاف اليهزوال الرياسات والمأكل كما تقدم؟

(14)

Page 15: هداية الحيارى

فصـل

اعتراف أبي جهل بنبوة محمد

– وهو ابن اخت ابي جهل – البي جهل يا خالي هلالمسور بن مخرمةوقد قال � بالكذب قبل ان يقول ما قال؟ فقال: يا ابن اختى! والله لقد كنتم تتهمون محمدا

محمد صلى الله عليه وسلم فينا وهو شاب يدعى األمين، فما جربنا عليه كذبا قط قال : يا خال ! فما لكم ال تتبعونه؟ ! قال : يا ابن أختي تنازعنا نحن وبنو هاشم

الشرف، فأطعموا وأطعمنا، وسقوا وسقينا، وأجاروا وأجرنا، حى إذا تجاثينا على األخنس بنالركب وكنا كفرسى رهان قالوا منا نبي فمتى ندرك مثل هذه؟ وقال

يوم بدر ألبي جهل : يا أبا الحكم ! أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب فانهشريق ليس ها هنا من قريش أحد غيري وغيرك يسمع كالمنا ؟ فقال أبو جهل : ويحك! والله ان محمدا لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء

والحجابة والسقاية والنبوة فماذا يكون لسائر قريش؟

فصـل

معرفة اليهود لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم حقالمعرفة

:ابن اسحاق وأما اليهود فقد كان علماؤهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، قال عن شيخ من بني قريظة، قال : هل تدري عما كانعاصم بن عمر بن قتادةحدثني

اسالم اسد وثعلبة ابني شعبة واسد بن عبيد ، لم يكونوا من بني قريظة وال النضير كانوا فوق ذلك ؟ فقلت : ال ، قال فانه قدم علينا رجل من الشام من اليهود يقال له

فاقام عندنا، والله ما رأينا رجال يصلي خيرا منه، فقدم علينا قبل مبعثابن الهيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، فكنا اذا قحطنا وقل علينا المطر نقول يا

اخرج فاستسق لنا ، فيقول : ال والله حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة،ابن الهيبان فنقول : كم؟ فيقول صاع من تمر، أو مدين من شعير، فنخرجه ، ثم يخرج الى ظاهر

حرتنا ونحن معه نستسقي، فوالله ما يقوم من مجلسه حتى تمطر ويمر بالشعاب، قد فعل ذلك مرة وال مرتين وال ثالة، فحضرته الوفاة واجتمعنا اليه، فقال : يا معشر

يهود! اترون ما اخرجني من ارض الخمر والخمير الى ارض البؤس والجوع؟ قالوا انت اعلم، قال : فاني انما خرجت اتوقع نبي قد اظل زمانه، هذه البالد مهاجرة ، فاتبعوه وال يسبقن اليه غيركم اذا خرج، يا معشر اليهود فانه يبعث بسفك الدماء

وسبي الذراري والنساء ممن يخالفه فال منعكم ذلك منه ، ثم مات ، فلما كانت الليلة التي فتحت فيها قريظة، قال أولئك الثالثة الفتية وكانوا شبانا أحداثا: يا معشر اليهود

، فقالوا ما هو به ، قالوا : بلى والله انه لصفته،ابن الهيبانوالله انه للذي ذكر لكم ثم نزلوا واسلموا وخلوا اموالهم واهليهم قال ابن اسحق: وكانت اموالهم في الحصن

مع المشركين فما فتح ردت عليهم.

عنصالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: حدثني ابن اسحاقوقال بني عبد االشهل، قال كان بين أبياتنا يودي فخرج على نادي قومه محمود بن لبيد

ذات غداة فذكر البعث والقيامة والجنة والنار والحصاب والميزان، قال ذلك الصحاب وثن ال يرون أن بعثا كائن بعد الموت وذلك قبيل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ،

(15)

Page 16: هداية الحيارى

فقالوا: ويحك يا فالن ! وهذا كائن ، ان الناس يبعثون بعد موتهم الى دار فيها جنة ونار يجزون باعمالهم ؟! قال : نعم ، والذي يحلف به ، لوددت ان حظي من تلك النار

ان توقدوا اعظم تنور في داركم فتحمونه ثم تقذفوني فيه ثم تطبقون علي واني انجو من النار غدا، فقيل : يا فالن ما عالمة ذلك؟ قال: نبي يبعث من ناحية هذه البالد واشار بيده نحو مكة واليمن، قالوا : فمتى نراه؟ فرمى بطرفته فرآني وانا مضطجع

بفناء باب اهلي وانا احدث القوم ، فقال ان يستنفذ هذا الغالم عمره يدركه، فما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وانه لحي بين اطهرنا،

فآمنا به وصدقناه وكفر به بغيا وحسدا، فقلنا يا فالن الست الذي قلت ما قلتواخبرتنا به ؟! قال ليس به.

قال: حدثني اشياخ منا قالوا:عاصم بن عمر بن قتادة : وحدثني ابن اسحاققال لم يكن احد من العرب اعلم بشان رسول الله صلى الله عليه وسلم منا، كان معنا

� يهود وكانوا اهل كتاب وكنا اصحاب وثن ، وكنا بلنا منهم ما يكرهون قالوا ان نبيا� االن قد اظل زمانه نتبعه فنقتلكم قتل عاد وارم، فلما بعث الله عز وجل مبعوثا وكانوارسوله صلى الله عليه وسلم اتبعناه وكفروا به ففينا وفيهم انزل الله عز وجل

من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على.الكافرين

، قال كانت اليهود تقول:على االزديعن ابن ابي نجيح وغيره عن الحاكموذكر اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس.

رضي الله عنهما : كانت يهود خيبر تقاتلابن عباس عن سعيد بن جبيروقال غطفان، فلما التقوا هزمت يهود خيبر فعاذت اليهود بهذا الدعاء ، فقالت: اللهم انا

نسألك بحق محمد النبي االمي الذي وعدتنا ان تخرجه لنا في ىخر الزمان اال نصرتنا عليهم ، قال فكانوا اذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان فلما بعث النبي صلى

وكانوا من قبل يستفتحون على الذينالله عليه وسلم كفروا به فانزل الله عز وجل .فلعنة الله على الكافرين يعني بك يا محمد كفروا

أي يستنصرون.يستفتحون

عمرو بن سعدوذكر الحاكم وغيره ان بني النضير لما اجلوا من المدينة اقبل فاطاف بمنازلهم فراى خرابها ففكر ثم رجع الى بني قريظة فوجدهم في الكنيسة فنفخ في بوقهم فاجتمعوا، فقال الزبير بن باطا: يا ابا سعد اين كنت منذ اليوم فلم� اعتبرنا نرك – وكان ال يفارق الكنيسة وكان يتاله في اليهودية قال: رايت اليوم عبرا بها، رايت اخواننا قد جلوا بعد ذلك العز والجلد والشرف الفاضل والعقل البارع، قد

تركوا اموالهم وملكها غيرهم وخرجوا خروج ذل، وال والتوراة ما سلط هذا على قوم في عزة بنيانه في بيته امنا،بابن االشرفقط له بهم حاجة، وقد اوقع قبل ذلك

سيدهم ، واوقع ببني قينقاع فاجالهم وهم جل اليهود وكانوا اهلبابن سنينةوأوقع عدة وسالح نجدة – حصرهم النبي عليه السالم ، فلم يخرج انسان منهم راسه حتى

سباهم ، فكلم فيهم فتركهم على ان اجالهم من يثرب.

� ، فوالله انكم لتعلمون يا قوم قد رايتم ما رايتم فاطيعوني وتعالوا نتبعع محمدا انه نبي وقد بشرنا به وبامره ابن الهيبان وابو عمرو بن حواس، وهما من اعالم

اليهود جاءوا من بيت المقدس يتوفان قدومه وامرانا باتباعه وامرانا ان نقرئه منهما السالم ثم ماتا على دينهما ودفناهما بحرتنا ، فاسكت القوم فلم يتكلم منهم متكلم ،

(16)

Page 17: هداية الحيارى

: قدالزبير بن باطافاعاد هذا الكالم ونحوه وخوفهم بالحرب السباء والجالء، فقال والتوراة قرات صفته في كتاب التوراة التي انزلت على موسى ليس في المثاني

التي احدثنا ، فقال له كعب بن اسد : ما يمنعك يا ابا عبد الرحمن من اتتباعه؟ قال: ر: بل انت صاحبالزبيانت ، قال : ولم فوالتوراة ما حلت بينك وبينه قط؟ قال

فذكركعب على عمرو بن سعدعهدنا وعقدنا فان اتبعته اتبعناه وان ابيت ابينا فاقبل : ما عني في ذلك اال ما قلت ، ما تطيب نفسيكعبما تقاوال في ذلك الى ان قال

.� ان اصير تابعا

وهذا المانع هو الذي منع فرعون من اتباع موسى، فانه لما تبين له الهدى عزم على اتباع موسى عليه السالم ، فقال له وزيره هامان : بنا انت اله تعبد تصبح تعبد

ربا غيرك قال : صدقت.

انهاصفية بن حيي ، قال : حدثت عن عبد الله بن ابي بكر عن ابن اسحاقوذكر قالت : كنت احب ولد ابي اليه والى عمي ابي ياسر فما قدم رسول الله صلى الله

عليه وسلم المدينة غدوا عليه ثم جاءا من العشى ، فسمعت عمي يقول البي اهو هو قال : نعم والله ، قال اتعرفه وتثبته ، قال نعم، قال : فما في نفسك منه ، قال

عدواته والله ما بقيت.

� واسالفهم وخيارهم ، قد أخبرنا فهذه االمة الغضيبة معروفة بعداوة االنبياء قديما يا أيها الذينالله سبحانه عن اذاهم لموسى ونهانا عن التشبه بهم في ذلك قال :

.آمنوا ال تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها

� من االنبياء ، � كثيرا واما خلفهم فهم قتلة االنبياء : قتلوا زكريا وابنه يحيى وخلقا.� � واقاموا السوق في اخر النهار كانهم لم يصنعوا شيئا حتى قتلوا في يوم سبعين نبيا

واجتمعوا على قتل المسيح وصلبه فصانه الله من ذلك واكرمه ان يهينه علىايديهم ، والقى شبهه على غيره فقتلوه وصلبوه.

� عديدة والله يعصمه منهم. وراموا قبل خاتم النبيين مرارا

ومن هذا شانهم ال يكبر عليهم اختيار الكفر على االيمان لسبب من االسبابالتي ذكرنا بعضها او سببين او اكثر.

ال غرابة في جحد النصارى رسالة محمد وقد سبوا الله

وقد ذكرنا اتفاق امة الضالل وعبادة الصليب على مسبة رب العالمين اقبح مسبة ، على ما يعلم بطالنه بصريح العقل ، فان خفي عليهم ان هذا مسبة لله مع ان

العق يحكم ببطالنه وبفساده من اول وهلة ، لم يكثر على تلك العقول السخيفة ان� ارسله الله ، وتجحد نبوته ، وتكابر ما دل عليه صريح العقل من صدقه تسب بشرا

وصحة رسالته ، فلو قالوا فيه ما قالوا لم يبلغ بعض قولهم في رب االرضوالسموات الذي صاروا به ضحة بين جميع اصناف بني ادم.

فانه اطبقت على ان االله الحق – سبحانه عما يقولون – صلب وصفح وسمر ووضع الشوك على راسه ودفن في التراب ، ثم قام في اليوم الثالث وصعد وجلس

(17)

Page 18: هداية الحيارى

على عرشه يدبر امر السموات واالرض ، ال يكثر عليها ان تطبق على جحد نبوة من جاء بسبها ولعنها ومحاربتها وابداء معايبها والنداء على كفرها بالله ورسوله ،

والشهادة على براءة المسيح منها ومعاداته لها ثم قاتلها واذلها واخرجها من ديارهم وضرب عليها الجزية ، واخبر انها من اهل الجحيم خالدة مخلدة ال يغفر الله لها وانها

شر من الحمير ، بل هي شر الدواب عند الله.

وكيف ينكر المة اطبقت على صلب معبودها والهها ثم عمدت الى الصليب فعبدته وعظمته ، وكان ينبغي لها ان تحرق كل صليب تقدر لى احراقه ، وان تهينه

غاية االهانة اذ صلب عليه الهها الذي يقولون تارة : انه الله ، وتارة يقولون انه ابنه ، وتارة يقولون ثالث ثالثة؟ فجحدت حق خالقها وكفرتت به اعظم كفر وسبته اقبح

مسبة ، ات تجحد حق عبده ورسوله وتكفر به.

وكيف يكثر على امة قالت في رب االرض والسموات انه ينزل من السماء ليكلم الخلق بذاته لئال يكون لهم حجة عليه ، فااراد ان يقطع حجتهم بتكليمه لهم

بذاته لترتفع المعاذير عمن ضيع عهده بعد ما كلمه بذاته؟ فهبط بذاته من السماء ،� ، وهو مخلوق من طريق الجسم ، وخالق والتحم في بطن مريم ، فاخذ منها حجابا من طريق النفس ، وهو الذي خلق جسمه وخلق امه ، وامه كانت قبله بالناسوت ،

وهو كان من قبلها بالالهوت ، وهو االله التام ، واالنسان التال ، ومن تمام رحمته تبارك وتعالى على عباده انه رضي باراقة دمه عنهم على خشبة الصليب ، فمكن

اعداءه اليهود من نفسه ليتم سخطه عليهم، فاخذوه وصلبونه وصفعوه وبصقوا في وجهه ، وتوجوه بتاج من الشوك على راسه وغار دمه في اصبعه النه لو وقع منه

شيء الى االرض ليب كلما كان على وجهها ، فثبت في موضع صلبه النوار.

ولما لم يكن في الحكمة االزلية ان ينتقم الله من عبده العاصي الذي ظلمه او استهان بقدره العتالء منزلة الرب وسقوط منزلة العبد اراد سبحانه ان ينتصف من

االنسان الذي هو اله مثله ، فانتصف من خطيئة ادم بصلب عيسى المسيح الذي هواله مساو له في االلهية ، فصلب ابن الله الذي هو الله في الساعة من يوم الجمعة.

هذه الفاظهم في كتبهم .

فامة اطبقت على هذا في معبودها؟! كيف يكثر عليها ان تقول في عبده ورسوله انه ساحر وكاذب وملك مسلط ونحو هذا؟ ولهذا قال بعض ملوك الهند : اما

النصارى فان كان اعداؤهم من اهل الملل يجاهدونهم بالشرع فانا ارى جهادهم بالعقل ، وان كنا ال نرى قتال احد لكنى استثني هؤالءالقوم من جميع لعالم ؟ النهم

قصدوا مضادة العقل وناصبون العداوة وشذوا عن جميع مصالح العالم الشرعية� ال يؤدي الى � ، وبنوا من ذلك شرعا والعقلية الواضحة ، واعتقدوا كل مستحيل ممكنا

، � صالح نوع من انواع العالم ، ولكنه يصير العاقل اذا شرع به اخرق ، والرشيد سفيها� الن من كان في اصل عقيدته التي جرى نشؤه عليها � ، والقبيح حسنا والحسن قبيحا

االساءة الى الخالق والنيل منه ، وسبه اقبح مسبة ، ووصفه بما يغير صفاته الحسنى ، فاخلق به ان يستسهل االساءة الى مخلوق ، وان يصفه بما يغير صفاته

الجميلة ، فلو لم تجب مجاهدة هؤالء القوم اال لعموم اضرارهم التي ال تحصىوجوهها كما يجب قبل الحيوان المؤذي بطبعه لكانوا اهال لذلك أ. هـ.

والمقصود ان الذي اختاروا هذه المقالة في رب العالمين على تعظيمه تنزيهه واجالله ووصفه بما يليق به ، هم الذين اختاروا عبادة صور خطوها بايديهم في

(18)

Page 19: هداية الحيارى

الحيطان مزوقة باالحمر واالصفر واالزرق ، لو دنت منها الكالب لبالت عليها ، واعطوها غاية الخضوع والذل والخشوع والبكاء وسالوها المغفرة والرحمة والرزق

والنصر ، هم الذين اختاروا التكذيب بخاتم الرسل على االيمان به وتصديقه واتباعه ، الذين نزهوا بطارقتهم وبتاركتهم عن الصاحبة والولد ونحلوهما للفرد الصمد… هم

الذي انكروا نبوة عبده وخاتم رسله.

صالة النصارى إستهزاء بالمعبود

والذين اختاروا صالة يقوم اعبدهم وازهدهم اليها ، والبول على ساقه وافخاذه فيستقبل الشرق ثم يصلب على وجهه ويعبد االله المصلوب ، ويستفتح الصالة

بقوله : يا ابانا انت الذي في السموات تقدس اسمك وليات ملكك ولتكن ارادتك فيالسماء مثلها في االرض اعطنا خبزنا الماليم لنا.

ثم يحدث من هو الى جانبه ، وربما سال عن سعر الخمر والخنزير وعما كسب في القمار وعما طبخ في بيته ، وربما احدث وهو في صالته ، ولو اراد لبال في

موضعه ان امكنه ، ثم يدعو تلك الصورة الي هي صنعة يد االنسان.

فالذين اختاروا هذه الصالة على صالة من اذا قام الى صالته طهر اطرافه وثيابه وبدنه من النجاسة ، واستقبل بيته الحرام ، وكبر الله وحمده وسبحه ، واثنى عليه بما

هو اهله ، ثم ناجاه بكالمه المتضمن الفضل الثناء عليه وتحميده وتمجيده وتوحيده ، وافراده بالعبادة واالستعانة وسؤاله اجل مسئول وهو الهداية الى طريق رضاه التي

خص بها من انعم الله عليه دون طريق االمتين : المغضوب عليهم وهم اليهود ، والضالين وهم النصارى ، ثم اعطى كل جارحة من الجوارح حظها من الخشوع

والخضوع والعبودية مع غاية الثناء والتمجيد لله رب العالمين ، ال يلتفت عن معبوده� كلمة ، بل قد فرغ قلبه لمعبوده واقبل عليه بقلبه بوجهه وال قلبه ، وال يكلم احدا

ووجهه ، وال يحدث في صالته ، وال يجعل بين عينيه صورة مصنوعة يدعوها ويتضرعاليها.

فالذين اختاروا تلك الصالة التي هي في الحقيقة استهزاء بالمعبود ال يرضاها المخلوق لنفسه فضال ان يرضى بها الخالق على هذه الصالة التي لو عرضت على

من له ادنى مسكة من عقل لظهر له التفاوت بينهما.

هم الذين اختاروا تكذيب رسوله وعبده على االيمان به وتصديقه.

فالعاقل اذا وازن بين ما اختاروا ورغبوا فيه وبين ما رغبوا عنه تبين له ان القوم اختاروا الضاللة على الهدى والغي على الرشاد ، والقبيح على الحسن ، والباطل على

الحق ، وانهم اختاروا من العقائد ابطلها ، ومن االعمال اقبحها.

واطبق على ذلك اساقفهم وبتاركهم ورهبانهم فضال عن عوامهم وسقطهم.

ولم يقل احد من المسلمين ان ما ذكرتم من صغير وكبير وذكر وانثى وحر وعبد وراهب وقسيس كلهم تبين له الهدى ، بل اكثرهم جهال بمنزلة الدواب السائمة ،

(19)

Page 20: هداية الحيارى

� عن تبينه لهم ، وهم مقلدون لرؤسائهم وكبرائهم معرضون عن طلب الهدى فضالوعلمائهم – وهم اقل القليل وهم الذين اختاروا الكفر على االيمان بعد تبين الهدى.

واي اشكال يقع للعقل في ذلك ؟ فلم يزل في الناس من يختار الباطل ، فمنهم� لمن يحسن الظن به ، ومنهم من يختاره مع علمه ببطالنه من يختاره جهال وتقليدا� ورغبة في ماكل او جاه او رياسة، ومنهم من � ، ومنهم من يختاره طمعا � وعلوا كبرا� ، ومنهم من يختاره � ومنهم من يختاره محبة في صورة وعشقا � وبغيا يختاره حسدا خشية ، ومنهم من يختاره راحة ودعة ، فلم تنحصر اسباب اختيار الكفر في حب

الرياسة والمأكلة.

فصل

السؤال الثاني

واما المسالة الثانية وهو قولكم : هب انهم اختاروا الكفر لذلك فهال اتبع الحق�؟. � واما قهرا من ال رياسة له وال ماكلة اما اختيارا

فجوابه من وجوه احدها : انا قد بينا ان اكثر من ذكرتم قد امن بالرسول� واكثرهم اولو العقول واالحالم والعلوم ممن ال يحصيهم اال � الاضطرارا وصدقه اختيارا الله ، فرقعة االسالم انما انتشرت في الشرق الغرب باسالم اكثر الطوائف ، دخلوا

� حتى صار الكفار معهم تحت الذلة والصغار. دين الله افواجا

وقد بينا ان الذين اسلموا من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين اكثر من الذين لم يسلموا ، وانه انما بقي منهم اقل القليل ، وقد دخل في دين االسالم من ملوك الطوائف ورؤسائهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق كثير ، فهذا )ملك النصارى على اقليم الحبشة( في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لما تبين له انه رسول الله امن به ودخل في دينه واوى اصحابه ومنعهم من اعدائهم ،

وقصته اشهر من ان تذكر ولما مات اعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه بالساعة التي توفى فيها وبينهما مسيرة شهر ، ثم خرج بهم الى المصلى وصلى

عليه.

نبذة عن النجاشي ملك الحبشة ووفد مشركي قريش إليه

،ابي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي عن الزهريوروى زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : لما نزلنا ارض الحبشة جاورناام سلمةعن

بها خير جار : النجاشي ، امنا على ديننا، وعبدنا الله ال نؤذي وال نسمع شيئا نكرهه ،� ائتمروا على ان يبعثوا الى النجاشي هدايا مما يستظرف من متاع فلما بلغ ذلك قريشا

� ، ولم يتركوا من � كثيرا مكة ، وكان من اعجب ما يأتيه منها االدم فجمعوا له ادما� اال اهدوا له هدية ، ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن ابي ربيعة المخزومي بطارقته بطريقا وعمرو بن العاص ، وامروهما امرهم ، وقالوا لهما ادفعا الى كل بطريق هديته قبل ان

(20)

Page 21: هداية الحيارى

تكلما النجاشي فيهم ، ثم قدما الى النجاشي هداياه ، ثم ساله ان يسلمهم اليكما قبلان يكلمهم .

قالت : فخرجا فقدما على النجاشي ونحن عنده بخير دار وعند خير جوار ، فلميبق من بطارقته بطريق اال دفعا اليه هديته قبل ان يكلما النجاشي.

ثم قاال لكل بطريق انه قد صبا الى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم ، وجاءوا بدين مبتدع ال نعرفه نحن وال انتم ، وقد بعثنا

اليك فيهم اشراف قومهم من ابائهم واعمامهم وعشائرهم لتردهم اليهم ، فاذا كلمنا الملك فيهم فاشيروا عليه بان يسلمهم الينا وال يكلمهم ، فان قومهم على بهم عينا ،

واعلم بما عابوا عليهم ، فقالوا : نعم.

ثم انهما قربا هداياهما ال النجاشي فقبلها منهما ، ثم كلماه فقاال له : ايها الملك انه قد صبا الى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ،

وجاءوا بدين مبتدع ال نعرفه نحن وال انت ، وقد بعثنا اليك فيهم اشراف قومهم من ابائهم واعمامهم وعشائرهم لتردهم اليهم ، فهم اعلى بهم عينا ، واعلم بما عابوا

عليهم وعاتبوهم فيه ، قالت : ولم يكن شيء ابغض الى بد اله ابن ابي ربيعة وعمرو بن العاص من ان يسمع النجاشي كالمهما ، فقالت بطارقته حوله صدقوا ايها الملك ،

� واعلم بما عابوا عليهم فاسلمهم اليهما ليردوهما الى بالدهم قومهم اعلى بهم عينا وقومهم ، قالت : فغضب النجاشي ، ثم قال : والله ال اسلمهم اليهما وال اكيد اقوام

جاوروني ونزلوا ببالدي واختاروني على من سواي حتى ادعوهم فاسالهم ما يقول هذان في امرهم ، فان كانوا يقوالن اسلمتهم ورددتهم الى قومهم وان كانوا على غير

ذلك منعتهم منهما واحسنت جوارهم ما جاوروني.

قالت : ثم ارسل الى اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم ، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل اذا جئتموه ، قالوا

نقول والله ما علمنا وما امرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن ، فلما جاءوه – وقد دعا النجاشي اساقفته فنشروا مصاحفهم حوله – سالهم فقال : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني وال دين احد من هذه االمم ؟

قالت : وكان الذي كلمه جعفر بن ابي طالب، فقال له : ايها الملك ! كنا قوما اهل جاهلية نعبد االصنام ، وناكل الميتة، وناتي الفواحش ، ونقطع االرحام ، ونسيئ

الجوار ، يأكل القوي منا الضغيف ، فكنا عل ذلك حتى بعث الله الينا رسوال منا نعرف نسبه وصدقه وامانته وعفافه ، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن واباؤنا من دونه من الحجارة واالوثان ، وامرنا بصدق الحديث ، واداء االمانة ، وصلة

الرحم ، وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور� ، وامرنا واكل مال اليتيم وقذف المحصنة ، وامرنا ان نعبد الله ال نشرك به شيئا

بالصالة والزكاة والصيام.

قالت : فعدد عليه امور االسالم ، فصدقناه وامنا به واتبعناه على م جاء به فعبدنا� ، وحرمنا ما حرم علينا ، واحللنا ما احل لنا ، فعدا علينا الله وحده ولم نشرك به شيئا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا الى عبادة االوثان من عبادة الله عز وجل وان

نستحل ما كنا نستحل من الخبائث ، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا الى بلدك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا

ان ال نظم عندك ايها الملك.

(21)

Page 22: هداية الحيارى

: هل معك مما جاء به عن الله من شيئ ؟ قالت : فقالالنجاشيقالت : فقال � من النجاشيله جعفر: نعم ، فقال له قالت :كهيعص : فاقرأه علي ، فقرأ عليه صدرا

فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت اساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين : ان هذا والذي جاء به موسى ليخرج منالنجاشيسمعوا ما تلي عليهم ، ثم قال

� وال اكيد. مشكاة واحدة ، انطلقوا فوالله ال اسلمهم اليكما ابجدا

�عمرو بن العاص : فلما خرجنا من عنده قال ام سلمةقالت : والله التينه غدا وكانعبد الله بن ابي ربيعةاعيبهم عنده بما استااصل به خضراؤهم ، قالت : فقال

� وان كانوا قد خالفونا ، قال : والله الخبرنه ابقى الرجلين فينا : ال تفعل فان لهم ارحاما انهم يزعمون ان عيسى بن مريم عبد ، قالت : ثم غدا عليه من الغد فقال له : ايها

الملك انهم يقولون في عيسى بن مريم قوال عظيما فارسل اليهم فاسالهم عمايقولون فيه ، قالت فارسل اليهم فسالهم عنه ، قالت ولم ينزل مثلها.

فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض : ما تقولون في عسى اذا سالكم عنه ، قالوا� في ذلك ما هو كائن ، فلما دخلوا نقول والله فيه ما قال الله عز وجل به نبينا كائنا

نقولجعفر بن ابي طالبعليه قال لهم : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟ فقال له فيه الذي جاء به نبينا هو عبد اله ورسوله وروحه وكلمته التي القاها الى مريم العذراء

� ثم قال ما عدا البتول وروح منه ، فضرب النجاشي يده الى االرض فاخذ منها عودا عيسى بن مريم ما قلت هذا هالعود ، فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال ، فقال

: وان نخرتم ، وانخرتم والله ، اذهبوا فانتم سيوم بأرضي - والسيوم : اآلمنون – من سبكم غرم ، من سبكم غرم ، ما أحب ان لي دبر ذهب واني أذيت رجال منكم – والدبر

: بلسان الحبشة الجبل – ردوا عليهما هداياهما فال حاجة الي بها ، فوالله ما اخذ الله مني الرشوة حين رد على ملكي فآخذ الرشوة فيه ، وما اطاع الناس في فاطيعهم

فيه.

� عليهما ما جاءا به ، واقمنا عنده بخير قالت : فخرجا من عنده مقبوحين مردودا دار مع خير جار، قالت فوالله انا لعلى ذلك اذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في� ان � قط كان اشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفا ملكه ، قال فوالله ما علمنا خزنا

فيأتي رجل ال يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه.النجاشييظهر على

وبينهما عرض النيل فقال اصحاب رسول الله صلى اللهالنجاشيقالت فسار عليه وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم حتى يأتينا بالخبر ؟ قالت فقال

: أنا ، وكان من احدث القوم سنا ، قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثمالزبير سبح عليها حتى خرج الى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم ،

بالظهور على عدوه والتمكين له في بالده فاستوثق له امرللنجاشيقالت ودعونا الله الحبشة ، فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلما كان شهر ربيع االول سنة سبع من الهجرة كتب رسول الله صلى الله عليه� يدعوه فيه الى االسالم ، وبعث به مع عمرو بن اميةوسلم الى النجاشي كتابا

، فلما قرئ عليه الكتاب أسلم ، وقال : لو قدرت على ان آتيه ألتيته.الضمري

وكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يزوجه ام حبيبة بنت ابي سفيان خالد بن سعيد بن العاص بنواصدق عنه اربعمائة دينار ، وكان الذي تولى التزويد

.امية

(22)

Page 23: هداية الحيارى

وكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبعث اليه من بقي عنده من اصحابه ويحملهم ففعل، فقدموا المدينة فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم

بخيبر ، فشخصوا اليه فوجدوه قد فتح خيبر، فكلم رسول اله صلى الله عليه وسلمالمسلمين ان يدخلوهم في سهامهم ففعلوا.

فهذا ملك النصارى قد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به واتبعه .

وكم مثله من هو دونه ممن هداه الله من النصارى قد دخل في الدين ، وهم اكثرباضعاف مضاعفة ممن اقام على النصرانية.

: وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكةابن اسحاققال � من ذلك من النصارى حين بلغهم خبره من الحبشة فوجدوه في � او قريبا عشرون رجال

المسجد ، فجلسوا اليه وكلموه وقبالتهم رجال من قريش في انديتهم حول الكعبة.

فلما فرغوا من مسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما ارادوا دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الله ، وتال عليهم القرآن فلما سمعوه فاضت

اعينهم من الدمع ، ثم استجابوا له وامنوا به وصدقوه ، وعرفوا منه ما كان يوسف لهم في كتابهم من امره فلما قاموا عنه اعترضهم ابو جهل ابن هشام في نفر من

قريش ، فقالوا لهم : خيبكم الله من ركب ؟ بعثكم من ورائكم من اهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتمون

بما قال ؟! ما نعلم ركبا أحمق منكم ؟ او كما قالوا.

فقالوا لهم : سالم عليكم ، ال نجاهلكم ، لنا ما نحن عليه ولكم ما انتم ليه ، لم� ، ويقال ان النفر من النصارى من اهل نجران، ويقال فيهم نزلت نأل من أنفسنا خيرا الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق

من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون * وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا

: ما زلت اسمعالزهريوقال أعمالنا ولكم أعمالكم سالم عليكم ال نبتغي الجاهلين واصحابه.النجاشيمن علمائنا انهن نزلن في

خبر وفد نصارى نجران

: ووفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارىابن اسحاققال ر ، قال : لما قدم وفد نجران علىمحمد بن جعفر بن الزبينجران بالمدينة ، فحدثني

رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه مسجده بعد العصر ، فحانت صالتهم فقاموا يصلون في مسجده فاراد الناس منعهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه

� ، منهم أربعة وسلم : دعوهم فستقبلوا المشرق فصلوا صالتهم ، وكانوا ستين راكبا� من اشرافهم ، منهم ثالثة نفر اليهم يؤول امرهم ، هم العاقب أمير وعشرون رجال

القوم وذوو رايهم وصاحب مشورتهم والذي ال يصدرون اال عن رايه وامره ، واسمهعبد المسيح، والسيل عقالهم وصاحب رحلهم ومجمعهم.

أبو اسقفهم وحبرهم وامامهم وصاحب مدراسهم ، وكان أبو حارثة بن علقمةو قد شرف فيهم ودرس كتبهم ، وكانت ملوك الروم من اهل النصرانية قدحارثة

(23)

Page 24: هداية الحيارى

شرفوه ومولوه واخدموه وبنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما بلغهم عنهمن علمه واجتهاده في دينهم .

فلما وجهوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران جلس ابو حارثة� الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى جنبه اخ له يقال له كرز على بغلة متوجها

بن علقمة يسايره اذ عثرت بغلة ابي حارثة ، بل انت تعست.

فقال : ولم يا أخي ؟ فقال والله انه للنبي الذي كنا ننتظره ، فقال لك كرز فما يمنعك من اتباعه وانت تعلم هذا ؟ فقال : ما صنع بنا هؤالء القوم شرفونا ومولونا

كرزواكرمونا وقد ابوا اال خالفه ، ولو فعت نزعوا منا كل ما ترى ، فاصر عليها اخوه حتى اسلم بعد ذلك.بن علقمة

فهذا وامثاله من الذين منعتهم الرياسة والماكل من اختيار الهدى وآثروا دينقومهم .

واذا كان هذا حال الرؤساء المتبوعين الذين هم علماؤهم واحبارهم كان بقيتهم� لهم ، وليس بمستنكر ان تمنع الرياسة والمناصب والمآكل الرؤساء ويمنع االتباع تبعا

تقليدهم ، بل هذا هو الواقع والعقل ال يستشكله.

خبر عدي بن حاتم الطائي

وكان من رؤساء النصارى الذين دخلوا في اإلسالم لما تبين لهم أنه الحق، اإلمام ونحن نذكر قصته كما رواها عدي بن حاتم الطائيالرئيس المطاع في قومه

وغيرهم.الحاكم و الترمذي و أحمد

: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس فيعدي بن حاتم قال -وجئت بغير أمان وال كتاب- فلما رفعتعدي بن حاتمالمسجد، فقال القوم: هذا

إليه أخذ بيدي، وقد كان قال قبل ذلك: إني ألرجو أن يجعل الله يده في يدي، قال: فقام لي، فلقيه امرأة وصبي معها فقاال إن لنا إليك حاجة، فقام معهما حتى قضى

حاجتهما، ثم أخذ بيدي حتى أتى بي داره فألقت له الوليدة وسادة فجلس عليها، وجلست بين يديه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما يفرك أن تقول ال إله إال الله ؟

فهل تعلم من إله سوى الله قال: قلت ال ، ثم تكلم ساعة، ثم قال: ما يفرك أن يقال� أكبر من الله ؟ قال: قلت ال. الله تعالى أكبر وتعلم أن شيئا

قال: فإن اليهود مغضوب عليهم وإن النصارى ضالل قال: قلت فإني حنيف�، قال: ثم أمر بي فأنزلت عند رجل منمسلم ، قال: فرأيت وجهه ينبسط فرحا

األنصار جعلت أغشاه آتيه طرفي النهار، قال فبينا أنا عنده عشية إذ جاءه في ثيابمن الصوف من هذه الثمار.

قال: فصلى وقام فحث عليهم.

ثم قال: ولو بصاع ، ولو بنصف صاع، ولو بقبضة، ولو ببعض قبضة، بقي أحدكم وجهه حر جهنم أو النار ولو بتمرة ولو بشق تمرة، فإن أحدكم القي الله وقائل له ما

� � ؟ فيقول : بلى ، فيقول: ألم أجعل لك ماال � وبصرا أقول لكم، ألم أجعل لك سمعا� ؟ فيقول: بلى، فيقول: أين ما قدمت لنفسك ؟! فينظر قدامه وخلفه وعن وولدا

(24)

Page 25: هداية الحيارى

� يقي وجهه حر جهنم، ليق أحدكم وجهه النار ولو يمينه وعن شماله ثم ال يجد شيئا بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة، فإني ال أخاف عليكم الفاقة، فإن الله ناصركم

ومعطيكم حتى لتسير الظعينة، فيما بين يثرب والحيرة أكثر ما يخاف على مطيتهاالسرق، قال فجعلت أقول في نفسي فأين لصوص طي.

� في قومه بحيث يأخذ المرباع من غنائمهم. وكان عدي مطاعا

أبو عبيدة بن حذيفة: قال: قالمحمد بن سيرين عن أيوب عن حماد بن زيدوقال � -صلى الله عليه وسلم- فكرهته أشد ما كرهتعدي بن حاتمقال : بعث الله محمدا

� قط، فخرجت حتى أتيت أقصى أرض العرب مما يلي الروم، ثم كرهت مكاني شيئا أشد مما كرهت مكاني األول، فقلت لو أتيته فسمعت منه، فأتيت المدينة

!عدي بن حاتم الطائي ! جاء عدي بن حاتم الطائيفاستشرفني الناس، وقالوا جاء أسلم تسلم فقلت إني على دين، قال: أنا أعلم بدينكعدي بن حاتم الطائيفقال: يا

، � منك قلت : أنت أعلم بديني مني ؟ قال: نعم، قال هذا ثالثا، قال: ألست ركوسيا قلت: بلى، قال: ألست ترأس قومك ؟ ، قلت: بلى، قال: ألست تأخذ المرباع، قلت

بلى، قال: فإن ذلك ال يحل لك في دينك قال فوجدت بها على غضاضة، ثم قال:�، هل � واحدا العلى أن يمنعك أن تسلم أن ترى عندنا خصاصة، وترى الناس علينا ألبا

رأيت الحيرة ؟ قلت لم أرها وقد علمت مكانها، قال: فإن الظعينة سترحل منالحيرة تطوف بالبيت بغير جوار، وليفتحن.

كسرى بن ؟ قال: كنوز كسرى بن هرمز، قلت: كسرى بن هرمزالله علينا كنوز ، وليفيض المال حتى يهتم الرجل من يقبل منه صدقته قال فقد رأيت الظعينةهرمز

ترحل من الحيرة بغير جوار، وكنت أول خيل أغارت على المدائن، ووالله لتكوننالثالثة أنه حديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.

خبر سلمان الفارسي

من اعلم النصارى بدينهم ، وكان قد تيقن خروجسلمان الفارسيوقد كان النبي صلى الله عليه وسلم فقدم لمدينة قبل مبعثه ، فلما رآه عرف انه هو النبي

الذي بشر به الميح فآمن به واتبعه ، ونحن نسوق قصته.

رضي اللهابن عباس ، عن محمود، عن عاصم : حدثني ابن اسحاققال � من اهلسلمان الفارسيعنهما ، قال حدثني � فارسيا من فيه ، قال كنت رجال

أصبهان من قرية يقال لها جي.

قريته ، وكنت حب خلق الله اليه لم يزل حبه اياي حتىابي دهقانوكان حبسني في بيت كما تحبس الجارية ، فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار

التي توقدها ال نتركها تخبو ساعة.

. � وكانت ألبي ضيعة عظيمة فشغل في بنيان له يوما

(25)

Page 26: هداية الحيارى

فقال : يا بني اني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب اليها فاطلعها ، وامرني فيها ببعض ما يريد ، ثم قال لي : وال تحتبس عني فانك ان

احتبست عني كنت اهم الي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيئ من أمري.

فخرجت اريد ضيعته التي بعثني اليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت ال أدري ما أمر الناس لحبس أبي اياي في

بيته فلما سمعت أصواتهم ، دخلت عليهم انظر ما يصنعون ، فما رأيتهم أعجبتني صالتهم ورغبت في امرهم ، وقلت هذا والله خير من الذي نحن عليه، فوالله ما

برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعته فلم آتها ، ثم قلت لهم : اين اصل هذاالدين ؟ قالوا : بالشام.

فرجعت الى ابي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله ، فلما جئته قال : يا بني اين كنت؟ الم اكن عهدت اليك ما عهدت ؟ قلت : يا أبت مررت باناس يصلون في كنيسة لهم فاعجبني ما رايت من دينهم فوالله ما زلت حتى غربت الشمس ،

قال : أي بني ! ليس في ذلك الدين خير ، دينك ودين آبائك خير منه ، فقلت له : كالوالله انه لخير من ديننا.

� حبسني في بيته ، وبعثت الى النصارى فقلت لهم فخافني فجعل في رجلي قيدا : اذا قدم عليكم ركب من الشام فاخبروني بهم ، فقدم عليهم تجار من النصارى

فاخبروني ، فقلت لهم : اذا قضوا حوائجهم وارادوا الرجعة الى بالدهم فآذنوني بهم ، قال : فلما ارادوا الرجعة اخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم

� ؟ قالوا : األسقف حتى قدمت الشام ، فلما قدمتها قلت : من أفضل أهل الدين علما في الكنيسة ، فجئته فقلت له : اني قد رغبت في هذا الدين ، واحببت ان اكون معك

فاخدمك في كنيستك ، وأتعلم منك ، وأصلي معك ، قال : ادخل ، فدخلت معه.

� منها اكتنزه فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم يها فإذا جمعوا إليه شيئالنفسه ولم يعطه المساكين ، حتى جمع سبع قالل من ذهب وورق.

� لما رأيته يصنع ، ثم مات واجتمعت النصارى ليدفنون � شديدا فأبغضته بغضا فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها

. � اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا

فقالوا لي : وما علمك بذلك ؟ قلت : أنا أدلكم على كنزه ، فأريتهم موضعه، � � ، فلما رأوها قالوا : والله ال ندفنه أبدا � وورقا فاستخرجوا سبع قالل مملوءة ذهبا

فصلبوه ورموه بالحجارة !!.

� يصلي – أرى – أنه أفضل منه وجاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه ، فما رأيت رجال� لم � منه ، فأحببته حبا � وال نهارا وال أزهد في الدنيا وال أرغب في اآلخرة وال أدأب ليال� ثم حضرته الوفاة ، فقلت له : يا فالن إني قد � قبله ، فأقمت معه زمانا أحبه شيئا

� قبلك وقد حضرك من أمر الله ما ترى . � لم أحبه أحدا كنت معك وأحببتك حبا

� على ما فإلى من توصي بي ؟ وبم تأمرني؟ فقال : أي بني واله ما أعلم أحدا كنت عليه ، ولقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إال رجال بالموصل وهو

فالن وهو على ما كنت عليه.

(26)

Page 27: هداية الحيارى

� أوصاني عند فما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فالن إن فالنا موته أن ألحق بك ، وأخبرني أنك على أمره ، فقال : أقم عندي ، فأقمت عنده

فوجدته خير رجل على أمر صاحبه ، فلما حضرته الوفاة قلت له : يا فالن إن فالنا أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ما ترى ، فإلى من

� على مثل ما كنا عليه إال توصي بي ؟ وبم تأمرني؟ قال : يا بني والله ما أعلم رجال� بنصيبين وهو فالن فالحق به. رجال

فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فأخبرته خبري وما أمرني به صاحبي ، فقال : أقم عندي ، فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبه ، فأقمت مع خير رجل ،� أوصى بي فوالله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حضر قلت له : يا فالن إن فالنا

إلى فالن ثم أوصى بي فالن إليك فإلى من توصي بي ؟ وبم تأمرني؟ فقال : يا بني !� بعمورية من أرض الروم ، والله ما أعلمه بقي أحد على أمرنا آمك أن تأتيه إال رجال

فإنه على مثل ما نحن عليه ، فإن أحببت فأته.

فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري ، فقال : أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم ، فاكتسبت حتى كانت لي بقيرات

وغنيمة ، ثم نزل به أمر الله ، فلما حضر قلت له : يا فالن إني كنت مع فالن فأوصى بي إلى فالن ، ثم أوصى بي فالن إليك ، فإلى من توصي بي ؟ وبم تأمرني ؟ قال : يا

بني والله ما أعلمه أثبح على مثل ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه .

ولكنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب ، مهاجره إلى أرض بين حرتين ، بينهما نخل ، به عالمات ال تخفى : يأكل الهدية وال يأكل الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البالد فافعل ، ثم مات وغيب ،

فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث.

ثم مر بي نفر من كلب تجار ، فقلت لهم : احملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقيراتي هذه وغنيماتي هذه ، قالوا نعم ، فأعطيتهم فحملوني معهم ، حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي فكنت عنده ، فرأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي ، فبينما أنا عنده إذ قدم

عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة ،فوالله ما هو إال أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي ، فأقمت بها.

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ما أقام ال أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ، ثم هاجر إلى المدينة ، فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل سيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال : يا فالن قاتل الله بني قليلة والله إنهم اآلن لمجتمعون معنا على رجل قدم عليهم من

مكة اليوم يزعمون أنه نبي ، فلما سمعتها أخذتني العرواء حتى ظننت إني ساقط على سيدي، فنزلت عن النخلة فجعلت أقول البن عمه ذلك : ما تقل ؟ فغضب

سيدي فلكمني لكمة شديدة ، ثم قال : مالك ولهذا ؟ أقبل على عملك ! فقلت : ال شئ إنما أردت أن استبثه عما قال ، وقد كان عندي شئ جمعته فلما أمسيت أخذته

ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقبا فدخلت عليه ، فقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ، وهذا شئ كان

عندي للصدقة فلرأيتكم أحق به من غيركم ، فقربته إليه ، فقال رسول الله صلىوأمسك فلم يأكل ، فقلت في نفسي هذه واحدة .كلوا الله عليه وسلم ألصحابه :

(27)

Page 28: هداية الحيارى

.� ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا

وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم جئته به ، فقلت : إني قد رأيتك ال تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها ، فأكل رسول الله صلى الله عليه

وسلم وأمر أصحابه فأكلوا معه ، فقلت في نفسي هاتان اثنتان ، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه وعلى شملتان

لي وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أأنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني أستثبت في شئ وصف لي ، فألقى الرداء عن ظهره ، فنظرت إلى الخاتم فعرفته ،

فتحولتتحول فأكببت عليه أقبله وأبكي ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه ، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس ، فأعجب رسول

الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه.

الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرسلمانثم شغل كاتب يا سلمانوأحد ، قال سلمان ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :

فكاتبت صاحبي على ثلثمائة نخلة أحييها له بالفقير وأربعين أوقية ، فقال رسول الله فأعونوني بالنخل : الرجل بثالثين ودية ، والرجلأعينوا أخاكم صلى الله عليه وسلم

بعشرين ودية ، والرجل بخمسة عشر ، والرجل بعشر ، يعينني الرجل بقدر ما عنده ، اذهبحتى اجتمعت لي ثالثمائة ودية ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :

ففقرت ، وأعانني أصحابييا سلمان ففقر لها فإذا فرغت فإنني أكن أنا أضعها بيدي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته.

فخرج معي إليها ، فجعلن نقرب إليه الودى ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغت، فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة ،

فأديت النخل وبقي على المالي ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة فدعيت لهما فعل الفارسي المكاتب الدجاجة من ذهب من بعض المعادن فقال :

فقلت : وأين تقع يا رسول الله مما علي ؟خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان فقال : فأخذتها فوزنت منها لهم والذي نفسي بيده أربعينخذها فإن الله سيؤدي بها قال :

أوقية فأوفيتهم حقهم ، فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ثم لميفتني معه مشهد.

اعتراف هرقل بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم

وكان ملك الشام – أحد أكابر عمالئهم بالنصرانية – )هرقل( قد عرف أنه رسول� ، وعزم اإلسالم فأبى عليه عباد الصليب ، فخافهم عل الله صلى الله عليه وسلم حقا

نفسه ، وضن بمله – مع علمه – أنه سينقل عنه إلى رسول الله صلى الله عليهوسلم وأمته – ونحن نسوق قصته.

أخبره من فيهأبا سفيان ، أن عبد الله بن عباس من حديث الصحيحينففي إلى فيه ، قال : انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه

وسلم ، قال فبينا أنا بالشام إذ جئ بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ، فقال هرقل : هل ههنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قالوا

نعم ، قال فدعيت في نفر من قريش ، فدخلنا على هرقل ، فأجلسنا بين يديه ،

(28)

Page 29: هداية الحيارى

وأجلسوا أصحابي خلفي ، فدعا بترجمانه فقال : قل لهم إني سائل هذا عن الرجلالذي يزعم أنه نبي فإن كذبني فكذبوه .

: وأيم الله لوال مخافة أن يؤثر على الكذب لكذبت.أبو سفيانفقال

ثم قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟ قال قلت : هو فينا ذو حسب قال :فهل كان من آبائه من ملك قلت : ال .

قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : ال ، قال : ومن اتبعه ، أشراف الناس أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم ، قال : أيزيدون أم

ينقصون ؟ قلت : ال بل يزيدون ، قال : فهل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ قال قلت : ال قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت نعم ، قال فكيف كان

قتالكم إياه ؟ قال قلت : يكون الحرب بيننا وبينه سجاال يصيب منا ونصيب منه، قال : فهل يغدر ؟ قلت ال ونحن منه في مدة ما ندري ما هو صانع فيها ، قال : فواله ما� غير هذه ، قال: فهل قال هذا القول أحد قبله ؟ أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا

قلت ال.

قال لترجمانه : قال له إني سألتك عن حسبه فزعمت أنه فيكم ذو حسب ، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها ، وسألتك هل كن آبائه ملك ؟ فزعمت أن

ال ، فقلت لو كان في آبائه ملك لقلت يطلب ملك آبائه ، وسألتك عن أتباعهأضعفاؤهم أم أشرافهم ؟ فقلت بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل.

وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن ال ، فقد رفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على اله عز وجل ،

وسألتك هل يرتد أحد مهم عن دينه بعد أن يدخله سخطة له ؟ فزعمت أن ال وكذلك اإليمان إذا خالطت بشاشته القلوب ، وسألتك هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت

أنهم يزيدون ، وكذلك اإليمان حتى يتم .

� وسألتك هل قاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه فيكون الحرب بينكم وبينه سجاالينال منكم وتنالون منه ، وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة .

وسألتك هل يغدر ؟ فزعمت أنه ال يغدر ، وكذلك الرسل ال تغدر. وسألتك هل قال هذا القول أحد قبله ؟ فزعمت أن ال ، فقلت لو قال هذا القول أحد

من قبله قلت رجل إئتم بقول قيل قبله .

ثم قال : فبم يأمركم ؟ قلت : يأمرنا بالصالة والزكاة والصلة والعفاف.

� إنه لنبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أكن قال : إن يكن ما تقول حقا أظنه منكم ، ولو أعلم أني أخلص إليه ألحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن

قدميه وليبلغن ملكه ما تحت قدمي.

بسم اللهثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ، فإذا فيه الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سالم على من اتبع

الهدى ، أما بعد فإني أدعوك بدعاية اإلسالم ، أسلم تسلم ، أسلم يؤتك الله أجرك يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءمرتين ، وإن توليت فإن عليك إثم األريسيين و

بيننا وبينكم أن ال نعبد إال الله وال نشرك به شيئا وال يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون

(29)

Page 30: هداية الحيارى

، فلما قرأه فرغ من قراءة الكتابالله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ارتفعت األصوات عنده وكثر اللغط وأمر بنا فأخرجنا ، ثم أذن هرقل لعظماء الروم

في دسكرة له بحمص ، ثم أمر بأبوابها فغلقت ، ثم اطلع فقال : يا معشر الروم هل لكم في الفالح والرشد وأن تثبت مملكتكم فتبايعوا هذا النبي ؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى األبواب فوجدوها قد غلقت ، فلما رأى هرقل نفرته وأيس من اإليمان : قال : ردوهم علي ، فقال : إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم ، وقد

رأيب ، فسجدوا له رضوا عنه.

فهذا ملك الروم – وكان من علمائهم أيضا عرف وأقر أنه نبي وأنه سيملك ما تحت قدميه وأحب الدخول في اإلسالم فدعى قومه إليه فولوا عنه معرضين كأنهم

حمر مستنفرة فرت من قسورة ومنعه من اإلسالم الخوف على ملكه ورياسته ،ومنع أشباه الخمير ما منع األمم قبلهم.

إسالم النجاشي ملك نصارى الحبشة

ملك الحبشة أن عباد الصليب ال يخرجون عن عبادةالنجاشيولما عرف � ، وكان يكتم إسالمه بينهم هو وأهل بيته وال الصليب إلى عبادة الله وحده أسلم سرا

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليهابن إسحاقيمكنه مجاهرتهم ، ذكر : ياعمرو رضي الله عنه مكانه يدعوه إلى اإلسالم ، فقال له عمرو بن أمية الضمري

أصحمة ! على القول وعليك االستماع : إنك كأنك في الرقة علينا منا وكأنا في الثقة� قط إال نلناه ، ولم نخفك على شئ قط إلى أمناه ، وقد بك منك ألنا لم نظن بك خيرا

أخذنا الحجة عليك من فيك ، اإلنجيل بيننا وبينك شاهد ال يرد ، وقاض ال يجور ، وفي ذلك موقع الحز وإصابة المفصل، وإال فأنت في هذا النبي األمي كاليهود في عيسى

ابن مريم ، وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم رسله إلى الناس فرجاك لما لميرجهم له، وأمنك على ما خافهم عليه لخير سالف وأجر منتظر.

: أشهد بالله أنه لنبي األمي الذي ينتظره أهل الكتاب ، وأنالنجاشيفقال بشارة زكريا براكب الحمار كبشارة أشعياء براكب الجمل ، وأن العيان ليس بأشفى

من الخبر.

بسم الله الرحمن : وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه : الواقديقال ملك الحبشة .النجاشيالرحيم ، من محمد رسول الله إلى

اسلم أنت فإني أحمد إليك الله الذي ال إله إال هو الملك القدوس السالم المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيب والحصينة ، حملت بعيسى خلقه من روحه ونفخه ، كما خلق آدم بيده ، وإني

أدعوك إلى الله وحده ال شريك له ، والمواالة على طاعته ، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله إليك ، وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل ، وقد بلغت

: بسمالنجاشي… فكتب إليه ونصحت فقبلوا نصيحتي والسالم على من اتبع الهدى أصحمة ، سالم عليك ياالنجاشيالله الرحمن الرحيم ، إلى محمد رسول الله من نبي الله من الله وبركات الله الذي ال إله إال هو .

(30)

Page 31: هداية الحيارى

أما بعد فلقد بلغني كتابك فيما ذكرت من أمر عيسى ، فورب السماء واألرض� ، إنه كما ذكرت ، وقد عرفنا ما بعثت به إن عيسى ال يزيد على ما ذكرت تفروقا

� وقد بايعتك � مصدقا إينا ، وقد قربنا ابن عمك وأصحابه ، فأشهد إنك رسول الله صادقاوبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين.

والتفروق عالمة تكون بين النواة والتمرة.

اعتراف المقوقس ملك النصارى بمصر بالنبي -صلى اللهعليه وسلم-

وكذلك ملك دين النصرانية بمصر )المقوقس( عرف أنه نبي صادق ، ولكن منعهمن أتباعه ملكه وأن عباد الصليب ال يتركون عبادة الصليب.

كتب إليه رسول الله صلى الله عليهالواقديونحن نسوق حديثه وقصته ، قال بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيموسلم :

القبط ، سالم على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بداعية اإلسالم ، أسلم يا أهل الكتابتسلم ، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم القبط

تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن ال نعبد إال الله وال نشرك به شيئا وال يتخذ بعضناوختم الكتاب.بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون

فخرج به حاطب حتى قدم عليه االسكندرية ، فانتهى إلى حاجبه فلم يلبثه أن أوصل إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال حاطب للمقوقس لما

فأخذه الله نكال اآلخرة واألولىلقيه : إنه قد كان قبلك رجل يزعم أنه الرب األعلى فانتقم به ثم انتقم منه ، فاعتبر بغيرك وال يعتبر بك غيرك.

� لم ندعه إال لما هو خير منه وهو اإلسالم الكافي به قال : هات ، قال : إن لنا ينا الله فقد ما سواه، إن هذا النبي دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له

اليهود وأقربهم منه النصارى ، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إال كبشارة عيسىبمحمد.

وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إال كدعائك أهل التوراة إلى اإلنجيل ، وكل نبي أدرك� فهم أمته ، فالحق عليهم أن يطيعوه ، فأنت ممن أدرك هذا النبي ، ولسنا ننهاك قوما

عن ين المسيح ولكنا نأمرك به .

فقال المقوقس : إني قد نظرت في أمر هذا النبي فرأيته ال يأمر بمزهود فيه وال ينهى ن مرغوب عنه ، ولم أجده بالساحر الضال وال الكاهن الكاذب ، ووجدت معه آلة النبوة من إخراج الخبء واإلخبار بالنجوى ووصف لحاطب أشياء من صفة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : القبط ال يطاوعونني في اتباعه ، وال أحب أن تعلم بمحاورتي إياك ، وأنا أضن بملكي أن أفارقه ، وسيظهر على بالدي وينزل بساحتي هذه أصحابه

من بعده ، فارجع إلى صاحبك.

(31)

Page 32: هداية الحيارى

وأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فجعله في حق من عاج وختم عليه� له يكتب بالعربية فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ودفعه إلى جارية له ، ثم دعا كتابا

، لمحمد ابن عبد الله ، من المقوقس عظيم القبط ، سالم عليك ، أما بعد .

� بقي ، فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه ، وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا وكنت أظن أنه يخرج بالشام ، وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان

في القبط عظيم ، وبكسوة وأهديت إليك بغلة لتركبها ، والسالم عليك ، ولم يزد.

والجاريتان : مارية وسيرين ، والبغلة : دلدل ، وبقيت إلى زمن معاوية .

ضن فذكرت قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : حاطبقال .الخبيث بملكه ، وال بقاء لملكه

إسالم حيفر وعبيد ابني الجلندي من ملوك النصارى

�ابنا الجلنديوكذلك ملكا عمان وما حولها من ملوك النصارى أسلما طوعا� ، ونحن نذكر قصتهما وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما ، وهذا واختيارا

عبيد ابني وحيفر إلى محمد بن عبد اللهبسم الله الرحمن الرحيم ، منلفظه: ، سالم على من اتبع الهدى … ) أما بعد( .الجلندي

فإني أدعوكما بداعية اإلسالم ، أسلما تسلما ، فإني رسول الله إلى الناس كافة� ويحق القول على الكافرين ، وإنكما إن أقررتما باإلسالم وليتكما ألنذر من كان حيا

مكانكما ، وإن أبيتما أن قرا باإلسالم فإن ملككما زائل عنكما ، وخيلي تحل بساحتكما.، وتظهر نبوتي على ملككما

.عمرو بن العاصوختم الكتاب وبعث به مع

: فخرجت حى انتهيت إلى عمان ، فلما قدمتها انتهيت إلى عبيد وكانعمروقال � ، فقلت : إني رسول الله إليك وإلى أخيك ، فقال أخي أحلم الرجلين وأسهلهما خلقا

المقدم على بالسن والملك ، وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك ، ثم قال لي : وما تدعو إليه ، قلت أدعوك إلى الله وحده ال شريك له وتخلع ما عبد من عبد من دونه ،

� عبده ورسوله. وتشهد أن محمدا

إنك سيد قومك فكيف صنع أبوك فإن لنا فيه قدوة ؟ قلت: ماتعمروقال : يا ولم يؤمن بمحمد وودت أنه كان أسلم وصدق به ، وكنت أنا على مثل رأيه حتى

هداني الله لإلسالم.

قال : فمتى تبعته؟ قلت : قريبا ، فسألني أين كان إسالمي ؟ فقلت عندالنجاشي وأخبرته أن النجاشي قد أسلم .

قال : فكيف صنع قومه بملكه ؟ قلت : أقروه.

قال : واألساقفة والرهبان ؟ قلت : نعم.

قال : انظر يا عمرو ما تقول إنه ليس خصلة في رجل أفضح له من كذب.

(32)

Page 33: هداية الحيارى

قلت : ما كذبت وما نستحله في ديننا ثم قال : ما أرى هرقل علم بإسالمالنجاشي. قلت : بلى.

� فلما أسلمالنجاشيقال : بأي شئ علمت ذلك ؟ قلت : كان يخرج له خراجا� ما أعطيته ، فبلغ هرقل قوله ، � واحدا وصدق بمحمد قال ال والله لو سألني درهما

� ؟ قال هرقل : � محدثا � ويدين دينا فقال له نياق أخوه : اتدع عبدك ال يخرج لك خراجا رجل يرغب في دين واختاره لنفسه ما أصنع به ، والله لوال الضن بملكي لصنعت كما

صنع.

قال : انظر ما تقول يا عمرو ؟ قلت : والله لقد صدقتك.

قال : عبيد : فأخبرني ما الذي يأ/ر به وينهى عنه ؟ قلت : يأمر بطاعة الله عز وجل وينهى عن معيته ، ويأمر بالبر وصلة الرحم وينهى عن الظلم والعدوان ، وعن

الزنا وشرب الخمر ، عن عبادة الحجر والوثن والصليب.

فقال : ما أحسن هذا الذي هذا الذي يدعو إليه لو كان أخي يتابعني لركبنا حتىنؤمن بمحمد ونصدق به ، ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير دينا.

قلت : إنه إن أسلم ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه فأخذالصدقة من غنيهم فردها على فقيرهم .

قال : إن هذا لخلق حسن ، وما الصدقة ؟ فأخبرته بما فرض رسول الله صلىالله عليه وسلم من الصدقات في األموال حتى انتهيت إلى اإلبل.

ويؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى الشجر وترد المياه ؟عمروفقال : يا فقلت : نعم ، فقال : واله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا.

� وهو يصل إلى أخيه فيخبره كل خبري . قال : فمكثت ببابه أياما

� فدخلت عليه فأخذ أعوانه بضبعى فقال : دعوه ، فأرسلت ، ثم إنه دعاني يوما فذهبت ألجلس فأبوا أن يدعوني أجلس ، فنظرت إليه فقال : تكلم بحاجتك ، فدفعت

� ففض خاتمه فقرأه حتى انتهى إلى آخره ، ثم دفعه إلى أخيه إليه الكتاب مختوما فقرأه مثل قراءته إال أني رأيت أخاه أرق منه ، ثم قال : أال تخبرني عن قريش كيف

صنعت ؟ فقلت : اتبعوه إما راغب في اإلسالم وإما مقهور بالسيف.

قال : ومن معه ؟ قلت : الناس قد رغبوا في اإلسالم واختاروه على غيره� بقي غيرك وعرفوا بعقولهم مع هدى الله إياهم أنهم كانوا في ضالل ، فما أعلم أحدا

في هذه الحرجة ، وإن أنت لم تسلم اليوم وتتبعه يوطئك الخيل ويبيد خضراءك ،فأسلم تسلم ويستعملك على قومك وال تدخل عليك الخيل والرجال .

.� قال : دعني يومي هذا وارجع إلى غدا

فرجعت إلى أخيه فقال : يا عمرو إني ألرجو أن يسلم إن لم يضن بملكه .

حتى إذا كان الغد أتيت إليه فأبى أن يأذن لي فانصرفت إلى أخيه فأخبرته أني لم أصل إليه فأوصلني إليه، فقال : إني فكرت فيما دعوتني إليه فإذا أنا أضعف

(33)

Page 34: هداية الحيارى

� ما في يدي وهو ال يبلغ خيله ههنا ، وإن بلغت خيله ألفت قتاال العرب إن ملكت رجال� ، فلما أيقن بمخرجي خال به أخوه ليس كقتال من القى ، قلت : وأنا خارج غدا

فقال : ما نحن فيما قد ظهر عليه ، وكل من أرسل إليه قد أجابه ، خال به أخوه فقال : ما نحن فيما قد ظهر عليه ، وكل من أرسل إليه قد أجابه ، فأصبح فأرسل إلى

� وصدقا النبي صلى الله عليه وسلم ، وخليا بيني فأجاب إلى اإلسالم هو وأخوه جميعا� على من خالفني. وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم، وكانا لي عونا

خبر هوذة بن علي الحنفي

:صاحب اليمامة هوذة بن علي الحنفيوكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي ، سالم على من

اتبع الهدى ، وأعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافز ، فألم تسلم ، أجعل.لك ما تحت يدك

وكان عنده أركون دمشق – عظيم من عظماء النصارى – فسأله عن النبيصلىالله عليه وسلم؟ وقال : قد جاءني كتابه يدعوني إلى اإلسالم .

فقال له األركون : لم ال تجيبه ؟ فقال : ضننت بديني وأنا ملك قومي إن اتبعته لم أملك ، قال : بلى والله لئن اتبعته ليمكنك وإن الخيرة لك في اتباعه ، وإنه للنبي

.اإلنجيلالعربي الذي بشر به عيسى ابن مريم ، والله إنه لمكتوب عندنا في

خبر الحارث بن أبي شمر

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث شجاع بن وهب إلىالواقديوذكر وهو بغوطة دمشق ، فكتب إليه مرجعه من الحديبية.الحارث بن أبي شمر

بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر ، سالم على من اتبع الهدى وآمن به وصدق ، وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده ال

وختم الكتاب.شريك له ، يبقى لك ملكك

، قال فانتهيت إلى حاجبه فوجدته يومئذ وهو مشغولشجاع بن وهبفخرج به بتهيئة اإلنزال واإللطاف لقيصر وهو جاء من حمص إلى إيليا حيث كشف الله عنه

� لله عز وجل، قال فأقمت على بابه يومين أو ثالثة ، فقلت جنود فارس شكرا لحاجبه : إني رسول رسول الله إليه ، فقال حاجبه : ال تصل إليه حتى يخرج يوم كذا

� اسمه مرى ، يسألني عن رسول الله صلى الله وكذا ، وجعل حاجبه ، وكان روميا عليه وسلم وما يدعو إليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ، ويقول إني قرأت في

وأجد صفة هذا النبي بعينه فكنت أراه يخرج بالشام فإذا بي أراه قد خرجاإلنجيلبأرض العرب ، فأنا أؤمن به وأصدقه وأنا أخاف من الحارث بن أبي شمر أن يقتلني .

الحارث : فكان هذا الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي ، ويخبرني عن شجاعقال � وجلس فوضع التاجالحارثباليأس منه، ويقول هو يخاف قيصر ، قال : فخرج يوما

على رأسه فأذن لي عليه ، فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ، وقال : من ينتزع مني ملكي ؟! أنا سائر إليه ولو كان باليمن جئته ، علي

(34)

Page 35: هداية الحيارى

� حتى الليل ، وأمر بالخيل أن تنعل ، ثم قال أخبر صاحبك ما بالناس ، فلم يزل جالسا ترى ، وكتب إلى قيصر يخبره خبري فصادف قيصر بإيليا وعنده دحية الكلبي قد بعثه

إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما قرأ قيصر كتاب الحار كتب إليه أن التسر إليه وتلهى نه وافني بإيليا .

قال ورجع الكتاب وأنا مقيم ، فدعاني وقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك ؟� ، ووصلني )مرى( بنفقة وكسوة ، وقال : اقرأ � ، فأمر لي بمائة مثقال ذهبا قلت : غدا

على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السالم وأخبره أنب متبع دينه ، قال شجاع: فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال باد ملكه

وأقرأته من مري السالم وأخبرته بما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.صدق

ونحن إنما ذكرنا بعض ملوك الطوائف الذي آمنوا به وأكابر علمائهم وعظمائهم وال يمكننا حصر من عداهم جمهور أهل األرض ، ولم يتخلف متابعته إال األقلون ،

وهم: إما مسالم له قد رضي بالذلة والجزية والهوان ، وإما خائف منه فأهل األرضمعه ثالثة أقسام: مسلمون له ، ومسالمون له ، وخائفون منه.

خبر إسالم عبد الله بن سالم من علماء اليهود

اليهود في زمنه إال سيدهم على اإلطالق وابن سيدهم وعالمهم ولو لم يسلم من ، لكان في مقابلة كل عبد الله بن سالم : بذلك وشهادتهم وابن عالمهم باعترافهم له

يهودي على وجه األرض، فكيف وقد تابعه على اإلسالم من األحبار والرهبان من ال.عددهم إال الله يحصى

عبد من حديث صحيحه في البخاري روى ، عبد الله بن سالم ونحن نذكر قصة ، قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مالك أنس بن عن العزيز بن صهيب

نبي الله ن فاستشرقوا ينظرون ، إذ سمع به عبد اله بن سالم المدينة ، فقالوا : جاء لهم فيها فجاء وهي معه، فسمع من نبي الل صلى الله وهو في نخل ألهله يخترف

عليه وسلم ثم رجع إلى أهله ، فلما خلي نبي الله صلى الله عليه وسلم جاء عبد الله� وأنك جئت بالحق ، ولقد علمت اليهود أني بن سالم ، فقال أشهد أنك نبي الله حقا

، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم.قالوا في ما ليس في أني قد أسلمت ، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت

فقال لهم نبي الله فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم إليهم فدخلوا عليه ، اتقوا الله ، فوالله الذي ال إله إال هو ! يا معشر اليهود ويلكم صلى الله عليه وسلم

� ، وأني جئتكم بحق ، أسلموا ، قالوا : ما نعلمه ، إنكم لتعلمون أني رسول الله حقا� وهم يجيبونه كذلك ، قال : أي رجل فيكم عبد الله بن سالم ؟ فأعادها عليهم ثالثا

أعلمنا ، قال : أفرأيتم إن أسلم؟ ، قالوا قالوا : ذاك سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن سالم أخرج عليهم قال : فخرج عليهم فقال : حاش لله ما كان ليسلم ، فقال : يا ابن

فوالله الذي ال إله إال هو إنكم لتعلمون أنه رسول ! يا معشر اليهود ويلكم ، اتقوا الله� ، وأنه جاء بالحق ، .، فأخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا كذبت الله حقا

(35)

Page 36: هداية الحيارى

� من حديث صحيح البخاري وفي عبد الله بن ، قال: سمع أنس حميد عن أيضا صلى الله عليه وسلم وهو في أرض له ، فأتى النبي صلى بقدوم رسول الله سالم

سائلك عن ثالث ال يعلمهن إال نبي ، ما أول أشراط الله عليه وسلم فقال : إني وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ؟ ، قال : الساعة ؟ وما أول طعام أهل الجنة ؟

� ، قال جبريل ؟ قال : نعم ، قال : ذاك عدو اليهود من : أخبرني بهن جبريل آنفا� لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله : المالئكة ، قال ثم قرأ هذه اآلية من كان عدوا

أشراط الساعة فنار تخرج على الناس من المشرق إلى المغرب ، وأما أول أما أول الجنة فزيادة كبد حوت ، وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد طعام يأكله أهل

سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع الولد إلى أمه فقال : أشهد أن ال إله إلى أبيه ، وإذا أنك رسول الله ، إن اليهود قوم بهت، وإنهم إن يعلموا بإسالمي قبل إال الله وأشهد

بهتوني ، فجاءت اليهود إليه ، فقال : أي رجل فيكم عبد الله بن أن تسألهم عني وابن خيرنا ، سيدنا ، وابن سيدنا ، قال : ؟ أرأيتم إن أسلم عبد الله سالم؟ قالوا خيرنا

أعاذه الله من ذلك ، فخرج عبد الله فقال أشهد أن ال إله إال الله بن سالم قالوا� وانتقصوه ، قال : هذا الذي . رسول الله ، قالوا : شرنا وابن شرنا وأشهد أن محمدا

.رسول الله كنت أخاف يا

، عن يحيى بن عبد الله ، عن عبد الله بن أبي بكر حدثني : ابن إسحاق وقال حيث أسلم ، الله بن سالم عبد رجل من آل عبد الله بن سالم ، قال كان من حديث

� ، قال : سمعت رسول الله صلى الله � عالما عليه وسلم وعرفت صفته وكان حبرا� � لذلك صامتا عليه حتى قدم رسول واسمه وهيأته والذي كنا نتوكف له ، فكنت مسرا

، عمرو بن عوف بني الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلما قدم نزل معنا في خالدة بنت رأس نخلة لي أ'مل فيها ، وعمتي فأقبل رجل حتى أخبر بقدومه وأنا في

جالسة ، فلما سمعت الخبر بقدومه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تحتي الحارث بموسى بن عمرانعمتي حين سمعت تكبيري : لو كنت سمعت كبرت ، فقالت لي

.زدت ما

قال ، قلت لها : أي عمة هو والله أخو موسى بن عمران وعلى دينه بعث بما به ، فقالت : يا ابن أخي أهو النبي الذي كنا نبشر به أنه يبعث مع نفس بعث

قلت لها : نعم ، قالت : فذاك إذن ، قال : ثم خرجت إلى رسول اله الساعة ؟ قال فأسلمت ، ثم رجعت إلى أهل بيتي فأمرتهم فأسلموا ، وكتمت صلى الله عليه وسلم

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن اليهود قوم إسالمي من اليهود ، ثم جئت بيوتك تغيبني عنهم ثم تسألهم عني كيف أنا بهت وإني أحب أن تدخلني في بعض

.علموا بذلك بهتوني وعابوني فيهم قبل أن يعلموا بإسالمي ؟ فإنهم إن

، فقال لهم : أي رجل قال فأدخلني بعض بيوته ، فدخلوا عليه فكلموه وسألوه سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وعالمنا ، قال : فلما فرغوا : فيكم ؟ قالوا عبد الله بن سالم

لهم : يا معشر اليهود ! اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم من قولهم خرجت عليهم ، فقلت� عندكم في به ، فوالله إنكم لتعلمون أنه اسمه التوراة رسول الله تجدونه مكتوبا

.فإني أشهد أنه رسول الله ، وأؤمن به وأصدقه وأعرفه وصفته ،

فقلت : يا رسول الله ألم أخبرك أنهم قوم بهت قالوا: كذبت ، ثم وقعوا في ، إسالمي وأسلم أهل بيتي، وأسلمت عمتي أهل غدر وكذب وفجور ؟! قال فأظهرت

.ابنة الحارث فحسن إسالمها

(36)

Page 37: هداية الحيارى

لما قدم رسول الله صلى الله عليه : وغيره عنه قال أحمد االمام مسند وفي الله صلى الله عليه وسلم قال وسلم المدينة وانجفل الناس قبله ، فقالوا قدم رسول

أن وجهه ليس بوجه فجئت في الناس ألنظر إلى وجهه ، فلما رأيت وجهه عرفت الناس أطعموا الطعام وأفشوا يا أيها : كاذب ، فكان أول شئ سمعته منه أن قال

. بسالم السالم وصلوا األرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة

الذين آتيناهم الكتاب فعلماء القوم وأحبارهم كلهم كانوا كما قال الله عز وجل الله ورسوله والدار اآلخرة ، ومنهم من ، فمنهم من آثر يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

.آثر الدنيا وأطاع داعي الحسد والكبر

، قال : كان بالمدينة مقدم رسول الله الزهري عن موسى بن عقبة مغازي وفي وسلم أوثان تعبدها رجال من أهل المدينة ال يتركونها ، فأقبل عليهم صلى الله عليه

أخطب أخو حيي ابن أبو ياسر ابن أخطب األوثان فهدموها ، وعمد قومهم وعلى تلك وهو أبو صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم فجلس إلى النبي صلى الله عليه

فسمع منه وحادثه ، ثم رجع إلى قومه وذلك قبل أن تصرف القبلة نحو.وسلم قد جاءكم بالذي يا قوم أطيعوني فإن الله عز وجل : أبو ياسر الحرام فقال المسجد

.كنتم تنتظرون ، فاتبعوه وال تخالفوه

ذلك – وهو سيد اليهود يومئذ وهما من بني النضير فانطلق أخوه حيي حين سمع إليه وسمع منه ، فرجع إلى قومه وكان فيه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فجلس� ، فقال له أخوه أبو مطاعا ، فقال أتيت من عند رجل والله ال � أبدا أزال له عدوا

اعصني فيما شئت بعده لئال تهلك ، قال: ياسر : يا ابن أمي أطعني في هذا األمر ثم !.فاتبعه قومه على رأيه ال والله ال أطيعك واستحوذ عليه الشيطان

أنها حيي صفية بنت عمن حدثه عن عبد الله بن أبي بكر عن ابن اسحاق وذكر قط إال قالت: لم يكن من ولد أبي وعمى أحد أحب إليهما مني لم ألقهما في ولد

بن أخذاني دونه ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبا نزل في بني عمرو عوف ، فغدا إليه أبي وعمي أبو ياسر ابن أخب مغلسين ، فوالله ما جاءا إال مع مغيب الشمس ، فجاءا فاترين كسلين ساقطين يمشيان الهوينا ، فهششت إليهما كما كنت

فوالله ما نظر إلي واحد منهما ، فسمعت عمي أبا ياسر يقول ألبي : أهو هو ؟ أصنع والله ، قال : تعرفه بنعته وصفته ؟ قال : نعم والله ، قال : فماذا في قال : نعم

.قال : عداوته والله ما بقيت نفسك منه ،

سعيد بن عن ثابت زيد بن مولى محمد بن أبي محمد وحدثني : ابن إسحاق قال ، ثعلبة بن شعيةو ، عبد الله بن سالم ، قال : لما أسلم عن ابن عباس عكرمة جبير

وآمنوا وصدقوا ورغبوا في ، ومن أسلم من اليهود ، أسيد بن عبيد، وشعية أسد بنو إال شرارنا ، ولو كانوا من اإلسالم ، قال من كفر من اليهود: ما آمن بمحمد وال اتبعه

ليسوا الله عز وجل في ذلك خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره ، فأنزل آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات بالله واليوم اآلخر ويأمرون بالمعروف

. وأولئك من الصالحين

السؤال الثالث

(37)

Page 38: هداية الحيارى

عندكم في الكتاب والسنة أن وأما السؤال الثالث وهو : قال السائل : مشهور� عندهم في لسبب الرياسة لكنهم محوه عنهما اإلنجيلو التوراة نبيكم كان مكتوبا

المنزلة والمأكلة ، والعقل يستشكل ذلك ، أفكلهم اتفقوا على محو اسمه من الكتب� ؟! هذا أمر يستشكله العقل أعظم من � وشماال � جنوبا � وغربا نفيهم من ربهم شرقا

.أبعد بألسنتهم ألنه يمكن الرجوع عما قالوا بألسنتهم والرجوع عما محوا

والجواب: إن هذا السؤال مبني على فهم فاسد ، وهو أن المسلمين يعتقدون أن التوراة اسم النبي صلى الله عليه وسلم الصريح وهو محمد بالعربية مذكور في

المتضمنان لشريعتين – وأن المسلمين عتقدون : ان اليهود وهما الكتابان - اإلنجيلو األرض محوا ذلك االسم وأسقطوه جملة من الكتابين والنصارى في جميع اقطار

� � وشرقا � وقربا � وتواصوا بذلك بعدا .وغربا

وهذا لم يقله عالم من علماء المسلمين وال أخبر الله سبحانه به في كتابه� من الدهر ، وال قاله أحد من الصحابة ، وال األئمة عنهم ، وال رسوله وال بكتهم به يوما

.بعدهم ، وال علماء التفسير، وال المعتنون بأخبار األمم وتواريخهم

قدر أنه قاله بعض عوام المسلمين يقصد به نصر الرسول فقد قيل : يضر وإن.أكثر مما يضر العدو العاقل الصديق الجاهل

الذين يتبعون ، وظنوا أن قوله تعالىالقرآن( وإنما أتى هؤالء من قلة )فهمهم ل الرسول النبي األمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة واإلنجيل يأمرهم

اإلنجيلو التوراة ، دل على االسم الخاص بالعربية في وينهاهم عن المنكر بالمعروف.لم يوجد البتة المخصوصين وأن ذلك

� عندهم أي اإلخبار والحق … أن الرب سبحانه : انما أخبر عن كون رسوله مكتوبا عنه وصفته ومخرجه ونعته ، ولم يخبر بأن صريح اسمه العربي مذكور عندهم في

في الكتابين كما سنذكر ألفاظهما إن شاء اله ، وهذا أبلغ ، وهذا واقع اإلنجيلو التوراة االشتراك د يقع في االسم فال يحصل التعريف والتمييز ، من ذكره بمجرد اسمه ، فإن

أن يدعى به بيان وال تعريف وال هدى، بخالف ذكره وال يشاء أحد يسمى بهذا االسم أمته ووقت مخرجه ونحو ذلك فإن هذا يعينه بنعته صفته وعالماته ودعوته وصفة

.ويميزه ويحصر نوعه في شخصه

وغيرها من النبوات التي بأيدي أهل اإلنجيلو التوراة مذكور في وهذا القدر األول : أن رسول الله صلى الله عليه الكتاب كما سنذكرها ، ويدل عليه وجوه: الوجه

وإقامة الحجة على من خالفه وسلم كان أحرص الناس على تصديقه واتباعه إياه عليهم بما يعلمون بطالنه وجحد نبوته ، وال سيما أهل العلم والكتاب، فإن االستدالل

� ال يفعله عاقل ، وهو بمنزلة من يقول لرجل عالمة صدقي أنك فالن بن فالن ، قطعا بضده ، فهذا ال وصنعتكم كيت وكيت، وتعرف بكيت وكيت ، ولم يكن األمر كذلك بل

ذلك ، بل يصدر ممن له مسكة عقل ، وال يصدقه أحد على ذلك ، وال يتبعه أحد على والرد ينفر العقالء كلهم عن تصديقه واتباعه، والعادة تحيل سكوتهم عن الطعن عليه

� بن عبد الله صلوات الله وسالمه والتهجين لقوله ،ومن المعلوم بالضرورة أن محمدا� في هاتين األمتين اللتين هما أعلم المم في األرض قبل مبعهث بأن عليه نادى معلنا

، � � ونهارا � ذكره ونعته وصفته بعينه عندهم ف كتبهم وهو يتلو ذلك عليهم ليال وسرا� ، في كل مجمع ، وفي كل ناد يدعوهم بذلك إلى تصديقه واإليمان .به وجهارا

(38)

Page 39: هداية الحيارى

فمنهم من يصدق ويؤمن به ، ويخبر بما في كتبهم من نعته وصفته وذكره كما سيمر بك إن شاء الله ، وغاية المكذب الجاحد أن يقول هذا النعت والوصف حق

ولكن لست أنت المراد به بل نبي آخر، وهذا غاية ما يمكنه من المكابرة ، ولم تجد إال كشفه عورته وإبدائه الفضيحة بالذب والبهتان ، فالصفات عليه هذه المكابرة كورة عندهم منطبقة عليه حذو القذة بالقذة بحيث ال يشك1الم والنعوت والعالمات

عرفه قيصر وسلمان بتلك العالمات المذكورات التي كانت من عرفها ورآه أنه هو كما عرف نبوته بما وصف له من العالمات التي سأل عنده من بعض علمائه وكذك هرقل

� فإنه نبي وسيملك ما : عنها أبا سفيان فطابقت ما عنده ، فقال إن يكن ما تقول حقا .تحت قدمي هاتين

من األحبار والرهبان الذين عرفوه بنعته وصفته كما وكذلك من قدمنا ذكرهم.يعرفون أبناءهم

�: قال تعالى منهم الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، وإن فريقا الكتاب يعرفونه كما يعرفون الذين آتيناهم: قال تعالى ليكتمون الحق وهم يعلمون

أن هذه المعرفة إنما هي ومعلوم أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم ال يؤمنون قال بعض المؤمنين بالنعت والصفة المكتوبة عندهم التي هي منطبقة عليه ، كما

امرأته وما يدري ما منهم : واله لحدنا أعرف به من ابنه ، إن أحدنا ليخرج من عند.يحدث بعده

يستكبر عن اتباعه ولهذا أثنى الله سبحانه على من عرف الحق منهم ولم اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا : فقال

بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم ال مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك أعينهم تفيض من الدمع مما يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى

وما لنا ال نؤمن بالله وما * عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين فأثابهم الله بما قالوا * جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين

والذين كفروا * جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين. وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم

ذكر وفد أصحاب النجاشي

حضر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي النجاشي : عباس ابن قال سمع ذلك القسيسون والرهبان فانحدرت دموعهم ما عرفوا من الحق وقرءوا القرآن

� وأنهم ال يستكبرون: ، فقال الله تعالى . ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا

� : سعيد بن جبير وقال إلى رسول بعث النجاشي من خيار أصحابه ثمانين رجال والله ، الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليهم القرآن فبكوا ورقوا ، وقالوا نعرف

وإذا سمعوا ما أنزل: فأسلموا وذهبوا إلى النجاشي فأخبروه فأسلم، فأنزل الله فيهم .اآليات إلى الرسول

الرهبان كانوا اثنى عشر رجال سبعة من القسيسين وخمسسة من: السدي وقال ربنا آمنا بما فلما قرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن بكوا وقالوا

. أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين

(39)

Page 40: هداية الحيارى

الصالحون الذين طمعوا أن هم محمد وأمته ، وهم القوم : ابن عباس قال الله بالنعت الذي يدخلهم الله فيهم ، والمقصود أن هؤالء الذي عرفوا أنه رسول اإليمان ، ونظير هذا عندهم لم يملكوا أعنيهم من البكاء وقلوبهم من المبادرة إلى

الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم قل آمنوا به أو ال تؤمنوا إن : قوله سبحانه إن كان وعد ربنا لمفعوال * ويخرون يخرون لألذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا

. لألذقان يبكون ويزيدهم خشوعا

القرآن خروا هم قوم من أهل الكتاب لما سمعوا : مجاهد إمام التفسير قال� وقالوا . سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعوال : سجدا

كان الله عز وجل قد وعد على ألسنة أنبيائه ورسله أن يبعث في أخر الزمان� عظيم الشأن يظهر دينه على الدين له ، وتنتشر دعوته في أقطار الرض ، وعلى نبيا

أمته تقوم الساعة وأهل الكتابين مجمعون على أن الله وعدهم بهذا النبي ، رأس منهم عرفوا الحق فآمنوا به واتبعوه ، واألشقياء قالوا نحن ننتظره ولم فالسعداء رسوال ، فالسعداء لما سمعوا القرآن من الرسول عرفوا أنه النبي الموعود يبعث بعد� به فخروا � بوعده الذي أنجزه فرأوه عيانا � به وبرسول وتصديقا � لله أيمانا سجدا

. سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعوال : فقالوا

كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصارى نجران

، وكان يونس عن أبه عن جده قال يسوع لمة بن عبد عن يونس بن بكير وذكر� إله بسم : فأسلم ، أن رسول اله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجرا نصرانيا

إبراهيم وأسحاق ويعقوب ، من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل سلم أنتم( إني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، )أما بعد( فإني )نجران

عبادة الله من عبادة العباد ، وأدعوكم إلى والية الله من والية العباد ، أدعوكم إلى .فالجزية ، فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب فإن أبيتم

. والسالم

� ، فبعث إلى األسقف فلما أتى � شديدا رجل الكتاب وقرأه فظع به ، وذعر ذعرا ولم يكن أحد يدعى إلى وكان من همدان شرحبيل بن وداعة من أهل عمان يقال له

شرحبيل إلى معضلة قبله فدفع األسقف كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الله ما رأيك يا أبا مريم ؟ فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد : األسقف فقرأه ، فقال

إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة فما نأمن من أن يكون هذا هو ذاك الرجل ، ليس لي في النبوة رأي ، لو كان أمر من الدنيا أشرت عليك فيه برأي وجهدت لك

.األسقف تنح فاجلس ، فتنحى ناحية فقال

من أهل نجران يقال له عبد الله بن شرحبيل وهو من إلى رجل األسقف فبعث وسأله عن الرأي فيه ، فقال له مثل قول شرحبيل ذي أصبح من حمير فأقرأه الكتاب

.فتنحى األسقف، فأمره

الحارث بن من بني جبار بن فيض ثم بعث إلى رجل من أهل نجران يقال له فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه ، فقال له مثل قول شرحبيل وعبد الله ، كعب

.فتنحى ناحية األسقف فأمره

(40)

Page 41: هداية الحيارى

� أمر فلما اجتمع الرأي منهم على تلك بالناقوس فضرب األسقف المقالة جميعا المسوح بالصوامع ، وكذلك كانا يفعلون إذا فزعوا بالنهار ، وإذا كان به ورفعت

� ضرب بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع ، فاجتمع أهل الوادي أعاله فزعهم ليال يوم للراكب السريع وفيه ثالثة وسبعون قرية وعشرون ومائة وأسفله وطوله مسيرة

كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم عن الرأي ألف مقاتل ، فقرأ عليهم عبدو شرحبيل بن وداعة الهمداني منهم على أن يبعثوا فيه ، فاجتمع رأي أهل الرأي

.فيأتونه بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم جبار بن فيضو الله بن شرحبيل

� لهم فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم ولبسوا حلال ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه يجرونها من حبة وخواتيم الذهب ،

� فلم يكلمهم وسلم ، فسلموا عليه فلم يرد عليهم � طويال السالم ، وتصدوا لكالمه نهارا عبد الرحمنو عثمان بن عفان ، فانطلقوا يبتغون وعيهم تلك الحلل والخواتيم الذهب

نجران في الجاهلية فيشترون لهما وكانا معرفة لهم كانا يبعثان العير إلى بن عوف واألنصار في مجلس ، فقالوا : يا من برها وتمرها فوجدوهما في ناس من المهتجرين

فأتيناه فسلمنا إن نبيكم كتب إلينا بكتاب فأقبلنا مجيبين له عبد الرحمن ويا عثمان� فأعيانا أن � طويال يكلمنا ، فما الرأي منكما، عليه فلم يرد سالمنا ، فتصدينا لكالمه نهرا

أنعود أم نرجع إليه ؟ فقاال لعلي بن أبي طالب وهو في القوم ما ترى يا أبا الحسن أرى أن يضعوا حللهم هذه : عبد الرحمنو لعثمان علي في هؤالء القوم ؟ فقال

.وخواتيمهن ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودون إليه ، ففعل وفد نجران ذلك

ووضعوا حللهم وخواتيمهم ، ثم عادوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرة والذي بعثني بالحق لقد أتوني : عليه فرد عليهم سالمهم ، ثم قال فسلموا

. األولى وإن إبليس لمعهم

حتى قالوا له : ما تقول في عيسى ثم سألهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة إن مثل عيسى عند الله كمثلفانا نحب ان نعلم ما تقول فيه ، فانزل الله عز وجل

الحق من ربك فال تكن من الممترين * * آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل

فأبوا أن يقروا الله على الكاذبين ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة .بذلك

� فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أخبرهم الخبر أقبل مشتمال تمشي عند ظهره إلى المالعنة وله على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة

جبار بن فيض ويا عبد الله بن شرحبيل يومئذ عدة نسوة فاقل شرحبيل لصاحبيه يا لقد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعاله وأسفله لم يردوا ولم يصدروا إال عن رأيي وإني

� فكنا أول العرب طعن � مبعوثا � ، واله لئن كان هذا الرجل ملكا في والله أرى أمرا مقبال عينه ورد عليه في أمره ال يذهب لنا من صدره وال من صدور قومه حتى يصيبا بجائحة

� فالعناه ال يبقى � مرسال � ، ولئن كان هذا الرجل نبيا على وإنا ألدنى العرب منهم جوارا وجه األرض منا شعرة وال ظفر إال هلك ، فقال له صاحباه : فما الرأي ي أبا مريم ؟

فقد وضعتك األمور على ذراع فهات رأيك ، فقال : رأيي أن أحكمه ، فإني أرى الرجل� ، فقاال له أنت وذاك � أبدا .ال يحكم شططا

� من فلقي شرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال إني قد رأيت خيرا اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح مالعنتك ، فقال : وما هو ؟ قال شرحبيل حكمتك

لعل وراءك : الله عليه وسلم فمهما حكمت فينا فهو جائز ، فقال رسول الله صلى

(41)

Page 42: هداية الحيارى

� يثرب عليك ؟ ، فقال له شرحبيل سل صاحبي ، فسألهما فقاال ما نرد الموارد أحدا.وال نصدر المصادر إال عن رأي شرحبيل

فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يالعنهم ، حتى إذا كان الغد أتون.فكتب لهم كتاب صلح وموادعة ، فقبضوا كتابهم وانصرفوا إلى نجران

أخ األسقف ووجوه نجران على مسيرة ليلة من نجران ، ومع فتلقاهم األسقف الوفد كتاب رسول ، فدفع أبو علقمة من أمه وهو ابن عمه من النسب يقال له له

معه وهما أبو علقمة الله صلى الله عليه وسلم إلى األسقف ، فبينما هو يقرؤه ناقته فتعس غير أنه ال يكني عن رسول الله صلى الله علقمة بأبي يسيران إذ كبت

� ، فقال له عليه وسلم ، فقال � مرسال أبو له األسقف عند ذلك : قد والله تعست نبيا� حتى آتيه ، فضرب وجه ناقته نحو : علقمة المدينة ال جرم والله ال أحل عنها عقدا إنما قلت هذا مخافة أن يبلغ عني ناقته عليه ، فقال له : افهم عني ، األسقف وثنيى

تنجع به العرب ونحن أعزهم العرب أنا أخذتنا حمقة أو نجعنا لهذا الرجل بما لم� .وأجمعهم دارا

� ، ثم ضرب ناقته : علقمة أبو فقال له والله ال أقيلك ما خرج من رأسك أبدا� في بطنها جنينها : يقول � وضينها معترضا � دين النصارى دينها إليك تعدو قلقا مخالفا

.حتى استشهد بعد ذلك حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل معه

مجمل األدلة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلمالكتب القديمة مذكور في

المتقدمة وإذا عرف هذا فالعلم بأنه صلى الله عليه وسلم مذكور في الكتب.يعرف من وجوه متعددة

� با،ه مذكورأحدها عندهم في كتبهم ، فقد أخبر به : أخبار من قد ثبتت بنوته قطعا تكذيبه والحالة هذه ممتنع من قام الدليل القطعي على صدقه فيجب تصديقه فيه ، إذ

تطابقت األدلة على صحة ما لذاته ، هذا لو لم يعلم ذلك إال من مجرد خبره فكيف إذا .أخبر به

أدلة صدقه وصحة نبوته ، وهذا : أنه جعل اإلخبار به من أعظمالثانيالوجه .يقين جازم به يستحيل أن يصدر إال من واثق كل الوثوق بذلك وأنه على

البالط : أن المؤمنين به من الحبار والرهبان الذي آثروا الحق علىالثالث.صدقوه في ذلك وشهدوا له بما قال

لم يمكنهم إنكار البشارة واإلخبار بنبوة : أن المكذبين والجاحدين لنبوتهالرابع مخرجه وشأنه ، لكن جحدوا أن يكون نبي عظيم الشأن صفته كذا وكذا وصفة أمته

وعلموا هم والمؤمنون به من قومهم هو الذي وقعت به البشارة وأنه نبي آخر غيره ،.البهت أنهم ركبوا متن المكابرة وامتطوا قارب

(42)

Page 43: هداية الحيارى

� منهم صرح لخاصته وبطانته بأنه هو بعينه ، وأنه عازمالخامس على : أن كثيرا.عداوته ما بقي ، كما تقدم

مذكور في كتبهم هو فرد : أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأنهالسادس وقومهم وما جرى لهم من أفراد إخباراته بما عندهم في كتبهم من شأن أنبيائهم

مما أخبرت به وقصص النبياء المتقدمين وأممهم وشأن المبدأ والمعاد وغير ذلك اإلخبارات أكثر األنبياء ، وكل ذلك مما يعلمون صدقه فيه ومطابقته لما عندهم ، وتلك

� في شئ منها ، وكانوا أحرص شئ � واحدا على أن من أن تحصى ، ولم يكذبون يوما السبيل إلى يظفروا منه بكذبة واحدة أو غلطة أو سهو فينادون بها عليه ، ويجدون بها� من الدهر أنه أخبر بكذا وكذا في كتبنا وهو تنفير الناس عنه ، فلم يقل أحد منهم يوما

أعظم كاذب فيه بل كانوا يصدقونه في ذلك وهم مصرون على عدم اتباعه ، وهذا من.األدلة على صدقه فيما أخبر به لو لم يعلم إال بمجرد خبره

أخبر بهذا ألعدائه من المشركين الذين ال كتاب عندهم وأخبر به : أنهالسابع وأخبر به ألتباعه ، فلو كان هذا باطال ال صحة له ، لكان ذلك ألعدائه من أهل الكتاب� للمشركين أن � ألهل الكتاب على تسليطا يسألوا أهل الكتاب فينكرون ذلك وتسليطا

� ألتباعه على الرجوع عنه والتكذيب له بعد تصديقه ، وذلك ينقض اإلنكار وتسليطا وجه ، وهذا ال يصدر من عاقل وال مجنون، فهذه الغرض المقصود بإخباره من كل

يعلم وجوده من ير جهة إخباره ، فكيف وقد الوجوه يعلم بها صدق ما أخبر به وإن لمعلم وجود ما أخبر به؟

أ،هم لم يعلموا بشارة األنبياء به وإخبارهم بنعته وصفته لم : أنه لو قدرالثامن يلزم أن ال يكونوا ذكروه وأخبروا به وبشروا بنبوته إذ ليس كل ما قاله األنبياء

المتقدمون وصل إلى المتأخرين وأحاطوا به علما وهذا مما يعلم باالضطرار ، فكم من قول قد قاله موسى وعيسى وال علم لليهود والنصارى به ، فإذا أخبر به من قام

� لرده وتكذيبه .الدليل القطعي على صدقه لم يكن جهلهم به موجبا

بأيديهم فأزيل من : أنه يمكن أن يكون في نسخ غير هذه النسخ التيالتاسع .بعضها ونسخت هذه مما أزيل منه

شرق األرض وغربها كذب ظاهر ، فهذه وقولهم إن نسخ التوراة متفقة في يخالف بعضها اإلنجيل السامرة تخالف هذه وهذه ، وهذه نسخ التي بأيدي التوراة

� ويناقضه .بعضا

� من البهت والكذب الذي اإلنجيلو التوارة فدعواهم : أن نسخ � وغربا متفقة شرقا من الزيادة التي بأيدي اليهود فيها التوارة أشباه األنعام ، وان هذه يروجونه على

� أن ذلك والتحريف والنقصان م ال يخفى لى الراسخين في العلم ، وهم يعلمون قطعا التي بأيدي النصارى األناجيل هذه التي أنزلها الله لعى موسى ، وأن التوارة ليس في

.والتحريف والنقصان ما ال يخفى على الراسخين في العلم فيها من الزيادة

الذي أنزله الله عل المسيح ، وكيفاإلنجيل ليس في وهم يعلمون قطعا أن ذلك اإلنجيل قصة موت موسى ودفنه في أرض موآب ؟ وكيف يكون في التوارة يكون في

وأنه أصابه كذا وكذا ، وصلب يوم الذي أنزل على المسيح قصة صلبه وما جرى له ، مما هو من كالم شيوخ النصارى ، كذا وكذا ، وأنه قام من القبر بعد ثالث ، وغير ذلك

(43)

Page 44: هداية الحيارى

� ، وكذلك وغايته أن يكون من كالم الحواريين خلطوه باإلنجيل وسموا الجميع إنجيال� عندهم أربعة األناجيل كانت .يخالف بعضها بعضا

التي بأيديهم وأيدي اليهود والسامرة التوارة ومن بهتهم وكذبهم قولهم : أن الله : منزل من عند الله على المسيح وأنه كالم اإلنجيل يقرون أن سواء والنصارى ال

أزمان بل كل فرقهم مجمعون على أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة رجال معروفون في ألفه )متى( تلميذ المسيح بعد تسع إنجيل : غير هذا اإلنجيل مختلفة وال يعرفون عن.وكتب بالعبرانية في بلد يهود بالشام سنين من رفع المسيح

تلميذ شمعون بعد ثالث وعشرين سنة من رفع مرقس الهاروني ألفه وإنجيل المسيح ، وكتبه باليونانية في بالد أنطاكية من بالد الروم ، ويقولون أن شمعون

.المذكور هو ألفه ثم محى اسمه من أوله ونسب لى تلميذه مرقس

سنة ، كتبه ألفه )يوحنا( تلميذ المسيح بع ما رفع المسيح ببضع وستين وإنجيل.باليونانية

، وبينها من التفاوت والزيادة اإلنجيل وكل واحد من هذه األربعة يسمونه الواقف عليها ، وبين توراة السامرة واليهود والنصارى من ذلك ما والنقصان ما يعلمه

.عليها يعلمه من وقف

� � بعدا � وغربا � فدعوى الكاذب الباهت أن نسخ التوراة واإلنجيل متفقة شرا وقربا التفاوت من أعظم الفرية والكذب ، وقد ذكر غير واحد من علماء اإلسالم ما بينها من

اهم والزيادة والنقصان والتناقض لمن أراد الوقوف عليه ولوال اإلطالة وقصد ما هو� � كبيرا .منه لذكرنا منه طرفا

بالتحريف والكتمان وقد وبخهم الله سبحانه وبكتهم على لسان رسوله تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم يا أهل الكتاب لم : واإلخفاء ، فقال تعالى

إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه : وقال تعالى تعلمون؟ إن الذين : ، وقال تعالى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم الالعنون للناس في

� أولئك � قليال ما يأكلون في بطونهم يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا :، وقال تعالى إال النار ، وال يكلمهم الله يوم القيامة ، وال يزكيهم ، ولهم عذاب أليم

يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب

. ويهديهم إلى صراط مستقيم السالم ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه

متعددة ، وكذلك لي اللسان وأما التحريف : فقد أخبر سبحانه عنهم في مواضع .بالكتاب ليحسبه السامع منه وما هو منه

أمور: فهذه خمسة

أحدها : لبس الحق بالباطل وهو خلطه به بحيث ال يتميز الحق من الباطل .

.كتمان الحق : الثاني

.الثالث : إخفاؤه وهو قريب من كتمانه

(44)

Page 45: هداية الحيارى

.مواضعه ، وهو نوعان : تحريف لفظه وتحريف معناه الرابع : تحريف الكلم عن

ليلبس على السامع اللفظ المنزل بغيره وهذه األمور الخامس : لي اللسان به .إلى ذلك إنما ارتكبوها ألغراض لهم دعته

نعته فإذا عادوا الرسول وجحدوا نبوته وكذبوه وقاتلوه فهم إلى أن يجحدوا وصفته ويكتموا ذلك ويزيلوه عن مواضعه ويتأولوه على غير تأويله أقرب بكثير ،

وهكذا فعلوا ، لكن لكثرة البشارات وتهوعها غلبوا عن كتمانها وإخفائها فصاروا إلى تحريف التأويل وإزالة معناها عمن ال تصلح لغيره ، وجعلها لمعدوم لم يخلقه الله وال

.وجود له البتة

له عدولهم : أنه استشهد على صحة نبوته بعلماء أهل الكتاب ، وقد شهدالعاشر ويقول الذين كفروا : فال يقدح جحد الكفرة الكاذبين المعاندين بعد ذلك ، قال تعالى

� بيني وبينكم ومن عنده � قل كفى بالله شهيدا . علم الكتاب لست مرسال

الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني قل أرأيتم إن كان من عند : وقال تعالى. الظالمين القوم إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله ال يهدي

يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم وإن من أهل الكتاب لمن وقال تعالى� أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع خاشعين لله ال يشترون بآيات الله ثمنا قليال

. الحساب

ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم ال يستكبرون * وإذا سمعوا : وقال تعالى أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا ما

. فاكتبنا مع الشاهدين آمنا

الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم الذين آتيناهم : وقال تعالى كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا

. ومما رزقناهم ينفقون بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة

الكفرة ، وال تعارض وإذا شهد واحد من هؤالء لم يوزن به ملء األرض من أهل الكتاب شهادته بجحود ملء األرض من الكفار ، كيف والشاهد له من علماء

أضعاف أضعاف المكذبين له منهم؟ وليس كل من قال من أشباه الحمير من عباد الصليب وأمة الغب : إنه من علمائهم فهو كذلك وإذا كان أكثر من يظن عوام

أنه من علمائهم ليس كذلك فما الظن بغيرهم؟ وعلماء أهل الكتاب إن لم المسلمين يعمل بعلمه فليس علماؤهم إال من آمن به وصدقه، وإن دخل يدخل فيهم من لم

� في شهادة فيهم من علم ولم يعمل كعلماء السوء لم يكن إنكارهم لنبوته قادحا.العلماء العاملين بعلمهم

: أنه لو قدر أنه ال ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بنعته وال عشر الحادي عالمته في الكتب التي بأيدي أهل الكتاب اليوم لم يلزم من ذلك أن ال صفته وال

� في الكتب التي كانت بأيدي أسالفهم وقت متعثه وال تكون اتصلت على يكون مذكورا وجهها إلى هؤالء ، بل حرفها أوئك وبدلوا وكتموا ، وتواصوا وكتبوا ما أرادوا ، وقالوا

ثم اشتهرت تلك الكتب وتناقلها خلفهم عن سلفهم ، فصارتالمغيرة هذا من عند الله ،� وال سبيل إلى العلم الستحالة ذلك ، المبدلة هي المشهورة والصحيحة بينهم خفية جدا

(45)

Page 46: هداية الحيارى

ثم اشتهرت التوراة ، فهؤالء السامرة غيروا مواضع من بل هو في غاية اإلمكان النسخ المغيرة عند جميعهم فال يعرفون سواها وهجرت بينهم الصحيحة بالكلية ،

ولوال أن الله سبحانه التي بأيدي النصارى ، وهكذا تبدل األديان والكتب التوراة وكذلك ألصابه ما أصاب تولى حفظ القرآن بنفسه وضمن لألمة أن ال تجتمع على ضاللة

. وإنا له لحافظون إنا نحن نزلنا الذكر : الكتب قبله ، قال تعالى

عن اإلخبار بهذا األمر : أنه من الممتنع أن تخلو الكتب المتقدمةالثاني عشر أعظم منه وال العظيم الذي لم يطرق العالم من حين خلق إلى قيام الساعة أمر

على شأن أكبر منه ، فإنه قلب العالم وطبق مشارق األرض ومغاربها ، واستمر العالم على تعاقب القرون وإلى أن يرث الله األرض ومن عليها ، ومثل هذا النبأ

.العظيم ال بد أن تتطابق الرسل على اإلخبار به

آخر الزمان وبقاؤه في األرض أربعين وإذا كان الدجال رجل كاذب يخرج في� قد تطابقت الرسل على اإلخبار به وأنذر به كل نبي قومه من نوح إلى خاتم يوما

على السكوت عن اإلخبار الرسل فكيف تتطابق الكتب اإللهية من أولها إلى آخرها� بهذااألمر العظيم الذي لم يطرق العالم أمر أعظم منه وال .يطرقه أبدا

ذلك ، هذا ما ال يسوغه عقل عاقل وتأباه حكمة أحكم الحاكمين ، بل المر بضد قال وما بعث الله سبحانه نبيا إال أخذ عليه الميثاق باإليمان بمحمد وتصديقه ، كما

ثم جاءكم رسول وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة : تعالى قالوا مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري

الله من نبي ، قال ابن عباس : ما بعث أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين أن يأخذ إال أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره

.الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به وليتابعنه

فصل نص بعض النبوءات عن النبي محمد صلى الله عليهالكتب السالفة وسلم في

الكتب فهذه الوجوه على تقدير عدم العلم بوجود نعته وصفته الخبر عنه في المتقدمة ونحن نذكر بعض ما ورد فيها من البشارة به ونعته وصفته وصفة أمته ،

: وذلك يظهر من وجوه

فصـل

نصوص من التوراة

� من إخوتهم التوارة )الوجه األول( : قوه تعالى في سأقيم لبني أسرائيل نبيا في فيه ويقول لهم ما آمره به والذي ال يقبل قول ذلك النبي الذي مثلك أجعل كالمي

.أنتقم منه ومن سبطه يتكلم باسمي أنا

(46)

Page 47: هداية الحيارى

� منهم جحده وإنكاره : ولكن ألهل الكتاب فيه أربعة فهذا النص مما ال يمكن أحدا فلهم فيه ثالثة طرق : أحدها حمله على المسيح وهذه طريقة النصارى ، وأما اليهود

طرق :

� من أحدها أنه على حذف أداة االستفهام ، والتقدير أقيم لبني إسرائيل نبيا.االستفهام إخوتهم أي ال أفعل هذا ، فهو استفهام إنكار حذفت منه أداة

، والبشارة الثاني أنه خبر ووعد ولكن المراد به شمويل النبي فإنه من بني إسرائيل.إسرائيل إنما وقعت ببني من إخوتهم ، وإخوة القوم ثم بنو أبيهم ، وهم بنو

شأنهم وهم الثالث أنه نبي يبعثه الله في آخر الزمان يقيم به ملك اليهود ويعلو به.ينتظرونه إلى اآلن

عليه وسلم العربي وقال المسلمون : البشارة صريحة في النبي صلى الله فإنها إنما وقعت األمي محمد بن عبد الله صلوات الله وسالمه عليه ال يحتمل غيره ،

بني إسرائيل ، ببني من إخوة بني إسرائيل ال من بني إسرائيل نفسهم ، والمسيح من� من أنفسهم ، كما لقد : قال تعالى فلو كان المراد بها هو المسيح لقال أقيم لهم نبيا

، وأخوة بني إسرائيل هم بنو أنفسهم من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسوال من أن بني إسرائيل هم إخوة بني إسرائيل ، إسماعيل ، وال يعقل في لغة أمة من األمم

.نفسه كما ، إخوة زيد ال يدخل فيهم زيد

وأيضا فإنه قال نبي مثلك وهذا يدل على أنه صاحب شريعة عامة مثل موسى ،� ، ويبطل حمله على يوشع من وهذا يبطل حمله على شمويل من هذا الوجه أيضا

: ثالثة أوجه

أحدها أنه من بني إسرائيل ال من إخوتهم ، الثاني أنه لم يكن مثل موسى ، وفي في زمن موسى ال يقوم في بني إسرائيل مثل موسى ، الثالث أن يوشعنبي: التوارة

.، وهذا الوعد إنما هو ببني بقيمه الله بعد موسى

الثالثة يبطل حمله على هارون ، مع أن هارون توفى قبل موسى ، وبهذه الوجوه� وهو : أن في هذه ونبأه الله مع موسى في حياته ، ويبطل ذلك من وجه رابع أيضا

� يظهر للناس من فيه وهذا لم يكن ألحد بعد موسى غير البشارة أنه ينزل عليه كتابا من عالمات نبوته التي أخبرت بها األنبياء النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا

وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح األمين * على : المتقدمون ، قال تعالى المنذرين * بلسان عربي مبين * وإنه لفي زبر األولين * أو لم يكن قلبك لتكون من

. علماء بني إسرائيل لهم آية أن يعلمه

وظهر لألمة من فيه ، فالقرآن نزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جاءت بواحد وال يصح حمل هذه البشارة على قلب المسيح باتفاق النصارى ألنها

إله ، والمسيح من إخوة بني إسرائيل ، وبنو إسرائيل وإخوتهم كلهم عبيد ليس فيهم والبشارة وقعت عندهم إله معبود ، وهو أجل عندهم من أن يكون من إخوة العبيد ،

� ال غاية له بعبد مخلوق يقيمه الله من جملة عبيده وأخوتهم ، وغايته أن يكون نبيا.فوقها وهذا ليس هو المسيح عند النصارى

(47)

Page 48: هداية الحيارى

إن ذلك على حذف ألف االستفهام وهو : وأما قول المحرفين لكالم الله� استفهام إنكار والمعنى ال أقيم لبني إسرائيل .نبيا

فتلك عادة لهم معروفة في تحريف كالم الله عن مواضعه والكذب على الله ،. هذا من عند الله وقولهم لما يبدلونه ويحرفونه

هذا الكالم على االستفهام واإلنكار غاية ما يكون من التحريف والتبديل ، وحمل وهذا التحريف والتبديل من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم التي أخبر بها عن

تحريفهم وتبديلهم ، فأظهر الله صدقه في ذلك لكل ذي لب وعقل ، فازداد الله من� إلى � إلى رجسهم إيمانا .إيمانه ، وازداد الكافرون رجسا

في )السفر الخامس( : أقبل الله من سيناء ، التوراة )الوجه الثاني( : قال في وتجلى من ساعير ، وظهر من جبال فاران ، ومعه ربوات األطهار عن يمينه وهذه متضمنة للنبوات الثالثة : نبوة موسى ، ونبوة عيسى ، ونبوة محمد صلى الله عليه

سينا وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى ونبأه عليه إخبار عن وسلم ، فمجيئه من.ساعير هو مظهر المسيح من بيت المقدس نبوته ، وتجليه من

.وهذه بشارة بنبوة المسيح وساعير : قرية معروفة هناك إلى اليوم ، ، ونبوة المسيح بعدها وفاران : هي مكة ، وشبه سبحانه نبوة موسى بمجئ الصباح

وظهور ضوءها في بإشراقه وضيائه ، ونبوة خاتم األنبياء بعدهما باستعالء الشمس موسى ليل اآلفاق ، ووقع األمر كما أخبر به سواء ، فإن الله سبحانه صدع بنبوة

الضياء الكفر فأضاء فجره بنبوته ، وزاد الضياء واإلشراق بنبوة المسيح ، وكمل.واستعلن وطبق األرض بنبوة محمد صلوات الله وسالمه عليهم

النبوات الثالثة التي اشتملت عليها هذه البشارة نظير ذكرها في أول وذكر هذه هؤالء األنبياء فذكر أمكنة والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد األمينسورة

والمراد بهما منبتهما وأرضهما وهي: والتين والزيتون وأرضهم التي خرجوا منها ، الذي كلم الله عليه موسى وطور سينين األرض المقدسة التي هي مظهر المسيح ،

نبوة مكة حرم الله وأمنه التي هي مظهر: هذا البلد األمين و فهو مظهر نبوته ،.محمد صلوات الله وسالمه عليهم

اليهود فاران هي أرض الشام وليست فهذه الثالثة نظير تلك الثالثة سواء قالت .أرض الحجاز أم لم تقل

إن إسماعيل لما : التوراة وتحريفهم فعندهم في وليس هذا ببدع من بهتهم.سكن في برية فاران وأنكحته أمه امرأة من أرض مصر فارق أباه

فاران مسكن آلل اسماعيل ، فقد تضمنت وال يشك علماء أهل الكتاب أن بأرض فاران ، وتضمنت نبوة تنزل على عظيم من ولد إسماعيل ، نبوة تنزل التوراة

وأتباعه حتى يمألوا السهل والجبل كما سنذكره إن شاء الله وتضمنت انتشار أمته� في أن هذه هي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم تعالى ، ولم يبق بعد هذا شبهة أصال

� ومأل التي تزلت بفاران على أشرف ولد اسماعيل حتى مألت األرض ضياء ونورا أتباعه السهل والجبل ، وال يكثر على الشعب الذي نطقت التوراة بأنهم عادموا الرأي

فيهم : إنهم التوراة وجاحد مكابر معاند ، ولفظ والفطانة أن ينقسموا إلى جاهل بذلك الرأي ، وليس فيهم فطانة ، ويقال لهؤالء المكابرين : أي نبوة خرجت لشعب عادم

(48)

Page 49: هداية الحيارى

استعالء ضياء الشمس، وظهرت فوق ظهور النبوتين قبلها ؟! من الشام فاستعلت من يرى الشمس قد طلعت من المشرق فيغالط ويكابر وهل هذا إال بمنزلة مكابرة

!!.ويقول بل طلعت من المغرب

األول(: إن الملك ظهر لهاجر أم في )السفر التوراة الوجه الثالث(: قال في( تريدين ؟ فلما شرحت له الحال اسماعيل ، فقال : يا هاجر من أي اقبلت ؟ والى أين

، وها أنت تحبلين قال : ارجعي فإني سأكثر ذريتك وزرعك حتى ال يحصون كثرة� اسمه اسماعيل ألن الله قد سمع تذللك وخضوعك وولدك يكون وحش وتلدين ابنا

.الناس وتكون يده على الكل ويد الكل مبسوطة إليه بالخضوع

تضمنت أن يد ابنها على يد كل الخالئق ، وأن كلمته العليا وأن أيدي وهذه بشارة فمن هذا الذي ينطبق عليه هذا الوصف سوى محمد بن عبد الله الخلق تحت يده ،

!.عليه؟ صلوات الله وسالمه

قال إلبراهيم إني جاعل ابنك أن الله: التوراة وكذلك في السفر األول من من ولده ألمة عقيمة ، إسماعيل ألمة عظيمة إذ هو من زرعك وهذه بشارة بمن جعل

.جعل ألمة عظيمة وليس هو سوى محمد بن عبد الله الذي هو من صميم ولده ، فإنه

عليه وسلم ألن ومن تدبر هذه البشارة جزم بأن المراد بها رسول الله صلى الله اسماعيل لم تكن يده فوق يد اسحاق قط، وكانت يد اسحاق مبسوطة اليه

بالخضوع ، وكيف يكون ذلك وقد كانت النبوة والملك في اسرائيل وعيسى ، وهما ابنا.اسحاق

فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقلت النبوة إلى ولد اسماعيل ودانت له األمم وخضعت له الملوك وجعل خالفة الملك إلى أهل بيته إلى آخر الدهر

.أيديهم فوق أيدي الجميع مبسوطة إليهم بالخضوع وصارت

هذا في )السفر األول( : إن الله تعالى قال إلبراهيم إن في التوراة وكذلك في العام يولد لك ولد اسمه اسحاق ، فقال إبراهيم ليت إسماعيل هذا يحيى بين يديك

يمجدك ، فقال الله تعالى قد استجبت لك في إسماعيل وإني أباركه وأنمه وأعظمه� � جدا � جليال .بما قد استجبت فيه ، وإني أصيره إلى أمة كثيرة وأعطيه شعبا

� وصيره والمراد � جدا بهذا كله الخارج من نسله ، فإنه هو الذي عظمه الله جدا� ، ولم يأت من صلب إسماعيل من بورك وعظم إلى أمة كثيرة � جليال وأعطاه شعبا

وانطبقت عليه هذه العالمات غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمته مألوا.على نسل إسحاق اآلفاق وأربوا في الكثرة

السفر الخامس( : قال موسى لبني (في التوراة الوجه الرابع( : قال في(� من إخوتكم مثلي ، إسرائيل ال تطيعوا العرافين وال المنجمين ، فسيقيم لكم الرب نبيا

الموعود به من أنفس بني إسرائيل فأطيعوا ذلك النبي وال يجوز أن يكون هذا النبي بكر وتغلب ابنا وائل ، ثم يقول لما تقدم أن أخوة القوم ليسوا أنفسهم ، كما يقول� : تغلب أخوة بكر وبنو بكر أخوة بني تغلب ، فلو قلت أخوة بني بكر بنو بكر كان محاال وائل لكان الواجب أن يأتيك برجل ، ولو قلت لرجل أتيني برجل من أخوة بني بكر بن

.من بني تغلب بن وائل ال بواحد من بني بكر

(49)

Page 50: هداية الحيارى

فصـل نصوص من اإلنجيل

إن المسيح قال للحواريين : إني ذاهب اإلنجيل )الوجه الخامس( : ما في وسيأتيكم الفار قليط روح الحق ، ال يتكلم من قبل نفسه ، إنما هو كما يقال له ، وهو

يشهد على وأنتم تشهدون ألنكم معي من قبل الناس ، وكل شئ أعده الله لكم.يخبركم به

فصـل

نصوص خاصة بكلمة فارقليط

الفار قليط ال يجيئكم ما لم أذهب ، وإذا جاء وبخ العالم على : يوحنا إنجيل وفي ، وال يقول من تلقاء نفسه ولكنه مما يسمع به ، ويكلمكم ويسوسكم بالحق الخطيئة.بالحوادث والغيوب ويخبركم

معكم إلى وفي موضع آخر : إني سائل له أن يبعث إليكم فار قليطا أخر يكون.األبد وهو يعلمكم كل شئ

بعده يجئ لكم باألسرار وفي موضع آخر : ابن البشر ذاهب والفار قليط من باألمثال وهو يأتيكم ويفسر لكم كل شئ وهو يشهد لي كما شهدت له فإني أجيئكم

.بالتأويل

اختالفها متقاربة وإنما اختلفت لن قال أبو محمد بن قتيبة : وهذه األشياء على من الحواريين عدة والفار اإلنجيل من نقلها عن المسيح صلى الله عليه وسلم في

الحمد ، إما أ،مد أو محمد أو محمود أو حامد أو نحو ذلك قليط بلغتهم لفظ من ألفاظ.برنعطيس : اإلنجيل الحبشي ، وهو في

موضع آخر : إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي ، وأنا أطلب من األب أن وفي� آخر يثبت معكم إلى األبد ويتكلم بروح الحق الذي لم يطق العالم يعطيكم فار قليطا

� إني سآتيكم عن قريب .أن يقبلوه لنهم لم يعرفوه ولست أدعكم أيتاما

يحبني نحفظ كلمتي وأبي يحبه وإليه يأتي وعنده يتحد وفي موضع آخر : ومن� ، والفار قليط روح الحق الذي يرسله المنزل ، كلمتكم بهذا ألني لسب عندكم مقيما

كل ما قلته لكم ، استودعتكم سالمي ، ال أبي هو يعلمكم كل شئ ، وهو يذكركم إليكم ، لو كنت تحبوني كنتم تفرحون ، تقلق قلوبكم وال تجزع فإني منطلق وعائد

.فإن ثبت كالمي فيكم كان لكم كل ما تريدون

يشهد وفي موضع آخر : إذا جاء الفار قليط الذي أبي يرسله روح الحق الذي أبي.لي ، قلت لكم حتى إذا كان تؤمنون وال تشكون فيه

(50)

Page 51: هداية الحيارى

� أريد أن أقوله لكم ولكنكم ال تستطيعون وفي موضع آخر : إن لي � كثيرا كالما ذاك يرشدكم إلى جميع الحق ، ألنه ليس ينطق من عمله ، لكن إذا جاء روح الحق

.ما يأتي ويعرفكم جميع ما لألب عنده بل يتكلم بما يسمع ، ويخبركم بكل

.وليس له في شئ قال يوحنا : قال المسيح : إن أركون العالم سيأتي

� للزاوية قال متى قال المسيح : ألم تروا أن الحجر الذي أخره البناؤون صار أسا ملكوت من عند الله ، كان هذا وهو عيب في أعيننا ، ومن أجل ذلك أقول لكم أن

الله سيؤخذ منكم ويدفع إلى أمة أخرى تعطي ثماره ، ومن سقط على هذا الحجر.ينشدخ ، وكل من سقط هو عليه يمحقه

الفار قليط في لغتهم فذكروا فيه )في معنى كلمة الفار قليط( وقد اختلف في� ترجع إلى ثالثة: أحدها أنه الحامد والحماد أو الحمد كما تقدم ، ورججت طائفة أقواال

.أنه الحمد هذا القول ، وقال الذي يقوم عليه البرهان في لغتهم

.والدليل عليه قول يوشع: من عمل حسنة يكون له فار قليط جيد.حمد جيد أي

والقول الثاني : وعليه أكثر النصارى أنه المخلص والمسيح نفسه يسمونه المخلص ، قالوا وهذه كلمة سريانية ومعناها المخلص ، قالوا : وهو بالسريانية فاروق

فجعل )فارق( ، قالوا و)ليط( كلمة تزاد ، ومعناها كمعنى قول العرب : رجل هو ، .هو ، وفرس هو وحجر

.قالوا : فكذلك معنى )ليط( في السريانية

النصارى : معناه بالسريانية المعزي قالوا وكذلك هو في وقالت طائفة أخرى من .اللسان اليوناني

على هذين القولين بأن المسيح لم يكن لغته سريانية ال يونانيةبل ويعترض هذا بأنه يتكلم بالعبرانية ، واإلنجيل إنما نزل باللغة العبرانية عبرانية ، وأجيب عن

وترجم عنه بلغة السريانية والرومية واليونانية وغيرهما، وأكثر النصارى على أنه :الذي بأيديهم أنه قال اإلنجيل نفسه يسمونه المخلص ، وفي المخلص ، والمسيح

� .إنما أتيت ألخلص العالم والنصارى يقولون ي صالتهم : لقد ولدت لنا مخلصا

� من التحريف ، فمنهم ولما لم يمكن النصارى إنكار هذه النصوص حرفوها أنواعا روح نزلت عل الحواريين ، ومنهم من قال : هو السن نارية نزلت من من قال : هو

ففعلوا بها اآليات والعجائب ، ومنهم من يزعم أنه المسيح نفسه السماء على التالميذ� وكونه قام من قبره ، ومنهم من قال ال يعرف ما لكونه جاء بعد الصلب بأربعين يوما

.المراد بهذا الفار قليط وال يتحقق لنا معناه

علم أن تفسيره بالروح باطل ، وأبطل منه وسياقها اإلنجيل ومن تأمل ألفاظ تفسيره بالمسيح ، فإن روح القدس ما زالت تفسيره باأللسن النارية ، وابطل منهما

وبعده وليست موصوفة بهذه الصفات وقد تنزل على األنبياء والصالحين قبل المسيح� يؤمنون بالله واليوم اآلخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو : قال تعالى ال تجد قوما

أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم اإليمان وأيدهم كانوا آباءهم أو أبناءهم. بروح منه

(51)

Page 52: هداية الحيارى

:لما كان يهجو المشركين ثابت لحسان بن وقال النبي صلى الله عليه وسلم. اللهم أيده بروح القدس

. إن روح القدس معك ما زلت تنافح عن نبيه : وقال

� علم أن الفار قليط أمر غير وإذا كان كذلك ولم يسم أحد هذه الروح فار قليطا.هذا

� فمثل هذه الروح ال زالت يؤيد بها األنبياء والصالحون وما بشر به المسيح وأيضا.ووعد به أمر عظيم يأتي بعده أعظم من هذا

� فإنه وصف الفار قليط � يأتي وأيضا بصفات ال تناسب هذا الروح وإنما تناب رجال� له ، فإنه قال : إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من األب أن بعده نظيرا

� آخر يثبت معكم � آخر دل على أنه ثان يعطيكم فار قليطا إل األبد فقوله فار قليطا حية المسيح وإنما يكون بعد ذهابه وتوليه ألول كان قبله ، وأنه لم يكن معهم في

.عنهم

� فإنه قال : يثبت معكم إلى البد وهذا إنما يكون لما يدوم ويبقى معهم إلى وأيضا ذاته بقاء شرعه وأمره ، والفار قليط األول لم آخر الدهر ومعلوم أنه لم يرد بقاء

يبين أن الثاني صاحب شرع ال ينسخ بل يبقى يثبت معهم شرعه ودينه إلى البد ، وهذا.على محمد صلى الله عليه وسلم إلى األبد بخالف األول ، وهذا إنما ينطبق

� فإنه أخبر أن هذا الفار قليط الذي أخبر به ويشه له ويعلمهم كل شئ وأنه وأيضا فقال : والقار قليط الذي يذكر لهم كل ما قال المسيح وأنه يوبخ العالم على خطيئته

وقال إذا جاء الفار يرسله أبي هو يعلمكم كل شئ وهو يذكركم كل ما قلت لكم ، تؤمنون به ، وال قليط الذي أبي يرسله هو يشهد أني قلت لكم هذا حتى إذا كان

� لكم أن أنطلق إلى أبي ، إن لم أذهب لم يأتكم الفار قليط تشكوا فيه ، وقال أن خيرا� ، فإذا انطلقت أرسلته إليكم ، فهو يوبخ العالم على الخطيئة ، فإنه � كثيرا لي كالما

ذاك الذي أريد أن أقوم لكم ولكنكم ال تستطيعون حمله لكن إذ جاء روح الحق يرشدكم إلى جميع الحق ، ألنه ليس ينطق من عنده نفسه بل يتكلم بما يسمع

.ويخبركم بكل ما يأتي ويعرفكم جميع ما لألب

المسيح ال تنطبق على أمر معنوي في فهذه الصفات والنعوت التي تلقوها عن .قلب بعض الناس ال يراه أحد وال يسمع كالمه

ونما تنطبق على من يراه الناس ويسمعون كالمه ، فيشهد للمسيح ، ويعلمهم ويذكرهم بكل ما قال لهم المسيح ، ويوبخ العالم على الخطيئة ، ويرشد كل شئ ،

الحق ، وال ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ، ويخبرهم بكل ما الناس إلى جميع� ال يراه أحد وال يكون هدى يأتي ، ويعرفهم جميع ما لرب العالمين وهذا ال يكون ملكا� في قلب بعض .الناس وعلما

� عظيم القدر يخاطب بما أخبر به المسيح ، وهذا ال يكون إال وال يكون إال إنسانا� ، بل يكون أعظم من المسيح ، فإن المسيح أخبر أنه يقدر على ما � رسوال ال بشرا

يقدر عليه المسيح ، ويعلم ما ال يعلمه المسيح ، ويخبر بكل ما يأتي وبما يستحق� أريد أن أقوله ولكنكم ال تستطيعون حمله ، ولكن � كثيرا الرب حيث قال : إن لي كالما

(52)

Page 53: هداية الحيارى

إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إل جميع الحق ، ألنه ليس ينطق من عنده بل.بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي ، ويعرفكم جميع ما لألب يتكلم

الصفات ال تنطبق إال على محمد صلى الله عليه فال يستريب عاقل أن هذه هو متصف به من الصفات وعن مالئكته وعن وسلم ، وذلك ألن اإلخبار عن الله بما

النار ألعدائه أمر ال تحتمل عقول أكثر ملكوته وعما أعده في الجنة ألوليائه وفي .الناس معرفته على التفصيل

أتريدون رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون ، علي قال.أن يكذب الله ورسوله

� بحديث ال تبلغه عقولهم إال كان فتنة ما من : مسعود وقال بان رجل يحدث قوما.لبعضهم

ومن األرض الذي خلق سبع سماوات: عن قوله تعالى ابن عباس وسأل رجل .لو أخبرتك بها لكفرت قال : ما يؤمنك أن مثلهن يتنزل األمر بينهن

.يعني لو اخبرتك بتفسيرها لكفرت بها وكفرك بها تكذيب بها

� أريد أن أقوله لكم ولكنكم ال تستطيعون : فقال لهم المسيح � كثيرا إن لي كالما من صفات اله تعالى اإلنجيل في هذا ، ولهذا ليس في حمله وهو الصادق المصدوق

ليس فيها من التوراة ملكوته وصفات اليوم اآلخر إال أمور مجملة ، وكذلك وصفات موسى صلى الله عليه وسلم كان قد سهل ذكر اليوم اآلخر إال أمور مجملة ، مع أن

� أريد أن أقوله لكم األمر للمسيح ، ومع هذا فقد قال لهم المسيح: إن � كثيرا لي كالما.ولكنكم ال تستطيعون حمله

جاء روح الحق فذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق ، وإنه ثم قال : ولكن إذا ما للرب فدل هذا على أن الفار قليط هو الذي يفعل يخبركم بكل ما يأتي ، وبجميع

� صلى الله عليه وسلم أرشد الناس إلى هذا دون المسيح وكذلك كان فإن محمدا به النعمة ، ولهذا كان خاتم األنبياء فإنه لم جميع الحق حتى أكمل الله به الدين وأتم

يبق نبي يأتي بعده غيره ، وأخبر محمد صلى الله عليه وسلم بكل ما يأتي من أشراط الساعة والقيامة والحساب والصراط ووزن األعمال ، والجنة وأنواع نعيمها ، والنار

أمر اآلخرة وذكر الجنة والنار وما يأتي وأنواع عذابها، ولهذا كان في القرآن تفصيل اإلنجيل ، وذلك تصديق قول المسيح أنه أمور كثيرة ال توجد ال في التوراة وال في

.وصدق محمد صلى الله عليه وسلم يخبر بكل ما يأتي ، وذلك يتضمن صدق المسيح

كانوا إذا قيل لهم ال إله إال الله يستكبرون * إنهم : وهذا معنى قوله تعالى. مجنون * بل جاء بالحق وصدق المرسلين ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر

فإنهم أخبروا بمجيئه فجاء كما أخبروا به ، أي : مجيئه تصديق للرسل قلبه ، فصدقهم بقوله ومجيئه ، ومحمد صلى فتضمن مجيئه تصديقهم ، ثم شهد هو بصدقهم

بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار : الله عليه وسلم بعثه الله بين يدي الساعة كما قال وكان إذا ذكر الساعة عال صوته واحمر وجهه واشتد غضبه بإصبعيه السبابة والوسطى

. أنا النذير العريان : ، وقال

(53)

Page 54: هداية الحيارى

بما لم يأت به نبي من األنبياء كما نعته فأخبر من األمور التي تأتي في المستقبل� عن أحد من به المسيح حيث قال : أنه يخبركم بكل ما يأتي وال يوجد مثل هذا أصال

� عن أن يوجد عن شئ نزل على قلب األنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم فضال.بعض الحواريين

� فإنه قال : ويعرفكم جميع ما للرب فبين أنه يعرف الناس جميع ما لله، وذلك وأيضا له من الحقوق وما يجب من اإليمان به يتناول ما لله من األسماء والصفات وما

� لما يستحقه الرب، وهذا لم يأت به ومالئكة وكتبه ورسله بحيث يكون يأتي به جامعا.من الكتاب والحكمة غير محمد-صلى الله عليه وسلم- فإنه تضمن ما جاء به

� فإن المسيح قال: إذا جاء الفارقليط الذي يرسله أبي فهو يشهد لي، قلت وأيضا بشر به المسيح لكم هذا حتى إذا كان تؤمنوا به، فأخبر أنه أشهد له، وهذه صفة نبي

مريم يا بني إسرائيل إني رسول وإذ قال عيسى ابن: ويشهد للمسيح، كما قال تعالى برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا

.

يستحيل حمله على معنى يوم بقلب وأخبر أنه يوبخ العالم على الخطيئة، وهذا يقول إذا جاء فإنه يشهد لي الحواريين فإنهم آمنوا به وشهدوا له قبل ذهابه فكيف

بالمسيح فهذا من أعظم ويوصيهم باإليمان به ؟ أفترى الحواريين لم يكونوا مؤمنين.جهل النصارى وضاللهم

� فإنه لم يوجد أحد وبخ جميع العالم على الخطيئة إال محمد-صلى الله عليه وأيضا الناس ووبخهم على الخطيئة من الكفر وسلم-، فإنه أنذر جميع العالم من أصناف

.والنهي بل وبخهم وفزعهم وتهددهم والفسوق والعصيان ولم يقتصر على مجرد األمر

� فإنه أخبر أنه ليس ينطلق من عنده بل .يتكلم بكل ما يسمع وأيضا

� تعلمه من الناس وهذا إخبار بأن كل ما يتكلم به فهو وحي يسمعه ليس هو شيئا المسيح فكان أو عرفه باستنباط، وهذه خاصة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأما

ثم جاءه عنده علم بما جاء به موسى قبله يشاركه به أهل الكتاب تلقاه عمن قبله، الكتاب والحكمة والتوراة ويعلمه: وحي خاص من الله فوق ما كان عنده، قال تعالى

التي تعلمها بنو إسرائيل، وزاده تعليم التوراةفأخبر سبحانه أنه يعلمه واإلنجيل الله عليه وسلم- لم الذي اختص به، والكتاب الذي هو الكتابة ومحمد -صلى اإلنجيل

� ألبتة، كما قال تعالى � من أمرنا ما: يكن يعلم قبل الوحي شيئا وكذلك أوحينا إليك روحا. كنت تدري ما الكتاب وال اإليمان

هذا القرآن وإن نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك: وقال تعالى ينطق من تلقاء نفسه- ، فلم يكن -صلى الله عليه وسلم كنت من قبله لمن الغافلين

ينطق عن الهوى * إن هو إال وحي وما: بل إنما كان ينطق بالوحي كما قال تعالى لقول المسيح أنه ال يتكلم من تلقاء أي ما نطقه إال وحي يوحى، وهذا مطابق يوحى

أمره أن يبلغ ما أنزل إليه، وضمن له نفسه بل إنما يتكلم بما يوحى إليه، الله تعالى العصمة في تبليغ رساالته، فلهذا أرشد الناس إلى جميع الحق وألقى للناس ما لم

� أن يقتله قومه، وقد أخبر المسيح بأنه لم يذكر لهم يكن غيره من األنبياء إلقاه خوفا كان يخاف منهم إذا أخبرهم جميع ما عنده، وأنهم ال يطيقون حمله وهم معترفون بأنه� لم يؤيده بحقائق األمور، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- أيده الله سبحانه تأييدا

البيان والعلم لغيره، فعصمه من الناس حتى لم يخف من شيء يقوله، وأعطاه من

(54)

Page 55: هداية الحيارى

� أطاقت به حمل ما ألقاه إليهم، فلم يكونوا كأهل ما لم يؤته غيره، وأيد أمته تأييدا الذين قال لهم المسيح: التوراة الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها، وال كأهل اإلنجيل

� أريد أن أقوله لكم ولكن ال تستطيعون � كثيرا .حمله إن لي كالما

� وأعظم � وأتم وال ريب أن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أكمل عقوال إيمانا�، ولهذا كانت علومهم وأعمالهم القلبية وإيمانهم أعظم، � وجهادا وكانت تصديقا

.العبادات البدنية لغيرهم أعظم

� فإنه أخبر عن الفارقليط أنه سيشهد له، وأنه يعلمهم كل شيء، وأنه وأيضا تكون إال إذا شهد له شهادة يذكرهم كل ما قال المسيح، ومعلوم أن هذه الشهادة ال

ولم يشهد أحد للمسيح يسمعها الناس ال تكون هذه الشهادة في قلب طائفة قليلة، أظهر أمر المسيح شهادة سمعها عامة الناس إال محمد-صلى الله عليه وسلم-، فإنه

المسيح وشهد له بالحق حتى سمع شهادته له عامة أهل األرض، وعلموا أنه صدق.بالحق ونزهه عما افترته عليه اليهود وما غلت فيه النصارى، فهو الذي شهد له

-ولهذا لما سمع النجاشي من الصحابة ما شهد به محمد -صلى الله عليه وسلم.للمسيح قال لهم: ما زاد عيسى على ما قلتم هذا العود

شهدوا عليهم شهداء على الناس-: الله عليه وسلم وجعل الله أمة محمد-صلى� ال يشهدون بباطل، فإن الشاهد ال يكون إال � عدوال بما علموا من الحق، إذ كانوا وسطا

،� بخالف من جار في شهادته فزاد على الحق أو نقص منه كشهادة اليهود عدال.المسيح للنصارى في

� فإن معنى الفارقليط إن كان هو الحامد أو الحماد أو المحمود أو الحمد، وأيضا فهذا الوصف ظاهر في محمد-صلى الله عليه وسلم-، فإنه وأمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل حال، وهو صاحب لواء الحمد، والحمد مفتاح خطبته ومفتاح

� سمى بمثل وصفه فهو محمد على وزن: مكرم ومعظم صالته، ولما كان حمادا� لله كان ومقدس، وهو الذي يحمد أكثر مما يحمد غيره ويستحق ذلك، فلما كان حمادا

�، وفي شعر :- حسان محمدا

من الله ميمون يلوح ويشهــد   خـاتم أغــر عليه للنبـوة

إذا قال في الخمس المؤذن أشهد    اإلله إسم النبي إلى إسمه وضم

محمود وهذا محمـد فذو العرش     وشـق له من إسمـه ليجـله

� أحمد أي هو فهو أفعل التفضيل، أحمد وأما من غيره أي أحق بأن يكون محمودا غيره، يقال: هذا أحمد من هذا، أي هذا أحق بأن يحمده من هذا، فيكون أكثر من

� تفضيل على غيره .في كونه محمودا

.ولفظ أحمد يقتضي زيادة في الكيفية يقتضي زيادة في الكمية، محمد فلفظ

� لله من غيره وعلى هذا فيكون ومن الناس من يقول: معناه أنه أكثر حمدا.بمعنى الحامد والحماد، وعلى األول بمعنى المحمود

(55)

Page 56: هداية الحيارى

كان الفارقليط بمعنى الحمد فهو تسمية بالمصدر مبالغة في كثرة الحمد، وأن عدل ورضى ونظائر ذلك، وبهذا يظهر سر ما أخبر به القرآن عن كما يقال: رجل

� برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد( فإن هذا هو معنى المسيح من قوله: )ومبشرا.الفارقليط كما تقدم

أنا قد ما ترجمته بالعربية: وأما في إسماعيل فقد قلبت دعاك ها التوراة وفي علماء باركت فيه وأثمره وأكبره بماد ماد هكذا هذه اللفظة بماد ماد، وقد اختلف فيها

�( فإن كان هذا � كثيرا �( أي )كثيرا � جدا معناها أهل الكتاب فطائفة يقولون معناها )جدا�، ومعلوم أنه لم يعظم من بنيه أكثر � كثيرا مما فهو بشارة بمن عظم من بنيه كثيرا

-.عظم من محمد-صلى الله عليه وسلم

قالوا ويدل عليه أن ألفاظ ،(وقالت طائفة أخرى: بل هي صريح إسم )محمد العربية، فإنهم يقولون العبرانية قريبة من ألفاظ العربية فهي أقرب اللغات إلى

وأنت أنا إلسماعيل شماعيل وسمعتك شمعتين، وإياه أوثو، وقدسك قد شيخا، بخور خل ريخم بني سرائيل باذام قدس لي خلالتوراة وإسرائيل، فتأمل قوله في

بني إسرائيل من إنسان ويبيمالي، معناه: قدس لي كل بكر كل أول مولود رحم في .إلى بهيمة لي

كانوا أخا ايالؤه شماعون فإن معناه: وتأمل قوله: نابي أقيم الهيم تقارب أخيهم� أقيم لهم من وسط إخوتهم مثلك به يؤمنون وكذلك قوله: أنتم عابر تم بعيولي نبيا

.اخوتكم بني العيص اجيخيم بنوا عيصاه ، معناه : أنتم عابرون في تخم

أقرب شئ ونظائر ذلك أكثر من أن تذكر ، فإذا أخذت لفظة بماد ماد وجدتها يقولون : إلى لفظة محمد ، وإذا أردت تحقيق ذلك فطابق بين ألفاظ العبرية ، وكذلك

، ويدل على ذلك أداة الباء في التوراة اصبوع أو لوهم هوم ، أي أصبع الله كتب له بها� � جدا .بخالف أعظمه بمحمد قوله : بماد ماد ، وال يقال أعظمه بجدا

� إلى شرفه ، بل تعظيمه ، بمحمد ابنه صلى وكذلك فإن عظم به وازداد شرفا سبحانه كبره بمحمد الله عليه وسلم فوق تعظيم كل والد بولده العظيم القدر ، فالله

.صلى الله عليه وسلم

به ، أما على هذا التفسير فظاهر وعلى التقديرين فالنص من أظهر البشارات� ، وأما على التفسير األول فإنما كبر اسماعيل � بابنه جدا � جدا وعظم على اسحاق جدا

.محمد صلى الله عليه وسلم

الفار قليط ومعنى بمود مود - التي تكتب بماد ماد - فإذا طابقت بين معنى خصال الحمد التي فيه تسمية أمته بالحمادين معنى محمد ، وأحمد ونظرت إلى

بالحمد ، وكثرة خصال الحمد التي فيه وفي أمته وافتتاح كتابه بالحمد وافتتاح الصالة العالم من أنواع الشرك والكفر والخطايا وفي دينه وفي كتابه ، وعرفت ما خلص به

الله به الحق وأهله ، وقمع به الباطل والبدع ، والقول على الله بال علم ، وما أعز.كلها وحزبه ، تيقنت أنه الفار قليط باالعتبارات

العاقب فمن هذا الذي هو روح الحق الذي ال يتكلم إال بما يوحى إليه ؟! ومن هو بالحوادث للمسيح ، والشاهد لما جاء به والمصدق له بمجيئه ؟! ومن ذا الذي أخبرنا

في األزمنة المستقبلة كخروج وظهور الدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج

(56)

Page 57: هداية الحيارى

يأجوج ومأجوج ونزول المسيح بن مرييم ، وظهور النار التي تحشر الناس وأضعاف ذلك من الغيوب التي قبل يوم القيامة ، والغيوب الواقعة من الصراط أضعاف

وأخذ الكتب باأليمان والشائل ، وتفاصيل ما في الجنة والنار ما والميزان والحساب!.عليه وسلم؟ غير محمد صلى الله اإلنجيل و لتوراةلم يذكر في ا

لله ومن الذي وبخ العالم على الخطايا سواه ؟! ومن الذي عرف األمة ينبغي حق التعريف غيره ؟! ومن الذي تكلم في هذا الباب بما لم يطق أكثر العالم أن

يقبلوه غيره حتى عجزت عنه عقول كثير ممن صدقه وآمن به فساموه أواع التحريف لعجز عقولهم عن حمله كما قال أخوه المسيح صلوات الله عليهما والتأويل

� في معرفة وسالمه؟! ومن الذي أرسل � واعتقادا � وعمال إلى جميع الخلق بالحق قوال وأفعاله وقضائه وقدره وغيره؟! ومن هو أركون العالم الله وأسمائه وصفاته وأحكامه

وأركون العالم هو عظيم العالم وكبير العالم وتأمل قول الذي أتى بعد المسيح غيره؟ ال نيكرونها : إن أركون العالم سيأتي وليس لي من المسيح في هذه البشارة التي

� فإنه لما جاء صار األمر األمر شئ كيف ؟ وهي شاهدة بنبوة المسيح ونبوة محمد معا .له دون المسيح

.كلهم طاعته واالنقياد ألمره وصار األمر له حقيقة فوجب على العالم

باطله أضعاف أضعاف حقه ، وحقه منسوخ بما ولم يبق بأيدي النصارى إال دين� صلى الله عليه وسلم فطابق قول المسيح قول أخيه محمد صلى بعث الله به محمدا

� � فيحكم بكتاب ربكم الله عليه وسلم : ينزل فيكم ابن مريك حكما � مقسطا � وإماما عدال فطابق قول الرسولين الكريمين وبشر وقوله في اللفظ اآلخر : يأتيكم بكتاب ربكم ،

.األول بالثاني وصدق الثاني باألول

في البشارة األخرى : ألم تر إلى الحجر الذي أخره البناؤون صار وتأمل قوله� للزاوية؟ كيف � لقول النبي صلى الله عليه وسلم أسا ومثل األنبياء قبلي: تجده مطابقا

� فأكملها وأتمها إال موضع لبنة منها ، فجعل الناس يطوفون بها كمثل رجل بنى دارا. ويعجبون منها ، ويقولون هال وضعت تلك اللبنة ؟ فكنت أن تلك اللبنة

وتأمل قول المسيح في هذه البشارة : إن ذلك عجيب في أعيننا وتأمل قوله� لقوله فيها : إن ملكوت الله سيؤخذ منكم ويدفع إلى أمة أخرى كيف تجده مطابقا

وقوله الصالحون ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن األرض يرثها عبادي : تعالى الصالحات ليستخلفنهم في األرض كما وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا : تعالى

ارتضى لهم ، وليبدلنهم من بعد استخلف الذين من قبلهم ، وليمكنن لهم دينهم الذي�، ومن كفر � ، يعبدونني ال يشركون بي شيئا بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون خوفهم أمنا

.

لكم األسرار ، ويفسر لكم كل وتأمل قوله في الفار قليط المبشر به : يفشي تجده مطابقا للواقع من كل شئ ، فإني أجيئكم باألمثال وهو يأتيكم بالتأويل وكيف

ما كان حديثا : ، ولقوله تعالى تبيانا لكل شيء ونزلنا عليك الكتاب: وجه وقوله تعال. تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون يفترى ولكن

وجدته كالتفصيل لمجملها القرآن وتأملت والكتب اإلنجيل و التوراة وإذا تأملت والشرح لرموزها، وهذا حقيقة قول المسيح : أجيئكم باألمثال والتأويل ألمثالها

لكم كل شئ ، وإذا تأملت قوله : وكل شئ عده الله لكم ويجيئكم بالتأويل ، ويفسر

(57)

Page 58: هداية الحيارى

والنار والثواب والعقاب تيقنت صدق الرسولين به وتفاصيل ما أخبر به من الجنة محمد صلى الله عليه وسلم للخبر المجمل الكريمين ، ومطابقة اإلخبار المفصلة عن

.من أخيه المسيح

� : وتأمل قوله في الفار قليط وهو يشهد لي كما شهدت له كيف تجده منطبقا� � في على محمد بن عبد الله، وكيف تجده شاها بصدق الرسولين ، وكيف تجده صريحا

ورسوله كما شهد له المسيح؟! فلقد رجل يأتي عبد المسيح يشهد له بأ،ه عبد الله� لم يؤذنه نبي قبله ، وأعلن إذن المسيح بنبوة محمد صلوات الله وسالمه عليهما أذانا

صوته بشهادة أن ال إله إال الله وحده بتكبير ربه أني تكون له صاحبة أو ولد؟ ثم رفع� � صمدا � فردا � أ،دا � واحدا � أحد ، ثم ال شريك له ، إلها لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا� عبده ورسوله الشاهد له بنبوته المؤيد بروح الحق الذي ال أعلن بشهادة أن محمدا

إليه ويعلمهم كل شئ ويخبرهم ما أعد الله يقول من تلقاء نفسه بل يتكلم بما يوحى وااليمان به وتصديقه وأنه ليس له من لهم ، ثم رفع صوته بحي على الفرح باتباعه

سؤخذ ممن كذبه ويدفع إلى اتباعه األمر معه شئ ، وختم التأذين بأن ملكوت الله بينة فاستجاب أتباع والمؤمنين به ، فهلك من هلك عن بينة وعاش من عاش عن

� لهذا التأذين ، وأباه الكافرون ، والجاحدون، فقال إني متوفيك : تعالى المسيح حقا اتبعوك فوق الذين كفروا إلى ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين

. تختلفون يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه

القيامة فإن وهذه بشارة بأن المسلمين ال يزالون فوق النصارى إلى يوم ، وأعداؤه المسلمين هم أتباع المرسلين في الحقيقة وأتباع جميع األنبياء ال أعداؤه

� ولم يرضوا � مقتوال � مصلوبا � مصفوعا أن يكون عبادالصليب الذين رضوا أن يكون إلها� � لديه ، فهؤالء أعداؤه حقا � عنده مقرا � لله وجيها � عبدا والمسلمون أتباعه الصليب نبيا

� .حقا

كل بشارة لما والمقصود أن بشارة المسيح بالنبي صلى الله عليه وسلم فوق.كان أقرب األنبياء إليه وأوالهم به وليس بينه وبينه نبي

المسيح : إن أركون العالم سيأتي وأركون العالم هو سيد العالم وتأمل قول.وعظيمه

ساد العالم وأطاعه العالم بعد المسيح غير النبي صلى الله عليه ومن الذي النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل ما أول أمرك قال: أنا وسلم؟! وتأمل قول

.عيسى دعوة أبي إبراهيم وبشرى

وطابق بين هذا وبين هذه البشارات التي ذكرها المسيح ، فمن الذي ساد العالم� وانقادت له القلوب واألجساد وأطيع في السر والعالنية في محياه وبعد � وظاهرا باطنا

مماته في جميع األعصار ، وأفضل األقاليم واألمصار ، وسارت دعوته مسير دينه ما بلغ الليل والنهار ، وخرت لمجيئه األمم على األذقان ، وبطلت الشمس ، وبلغ

األوثان ، وقامت به دعوة الرحمن ، واضمحلت به دعوة الشيطان ، وأذل به عبادة والجاحدين ، وأعز المؤمنين وجاء بالحق وصدق المرسلين ، حتى أعلن الكافرين

األشهاد وعبد الله وحده ال شريك له في كل حاضر وباد ، بالتوحيد على رؤوس� � ، واكتست به بعد الظلم وامتألت به األرض تحميدا � وتسبيحا � لله وتهليال وتكبيرا

�؟ وطابق � ونورا بين قول المسيح : إن أركون العالم سيأتيكم وقول أخيه والظالم عدال سيد ولد آدم وال فخر ، آدم فمن دونه تحت لواثي ، محمد صلى الله عليه وسلم : أنا

(58)

Page 59: هداية الحيارى

وإمامهم إذا جمعوا ومبشرهم إذا أيسوا ، لواء الحمد وأنا خطيب األنبياء إذا وفدوا.ربي بيدي وأنا أكرم ولد آدم على

وفي قول المسيح في هذه البشارة وليس لي من األمر شئ إشارة إلى التوحيد األمر كله لله ، فتضمنت هذه البشارة أصلى الدين : إثباتب التوحيد ، وإثبات وأن

.النبوة

وهذا الذي قاله المسيح مطابق لما جاء به أخوه محمد بن عبد الل عن ربه من ودعوتهما فمن تأمل حال الرسولين الكريمين ليس لك من األمر شيء : له قوله

التكذيب وجدهما متوافقين متطابقين حذو القذة ، وأنه ال يمكن التصديق بأحدهما مع� للمسيح الذي هو باآلخر البتة ، وأن المكذب بمحمد صلى الله عليه وسلم أشد تكذيبا

المسيح ابن مريم عبد الله ورسوله ، وإن آمن بمسيح ال حقيقة له وال وجود وهو أبطل الباطل ، وقد قال يوحنا في رسالته األولى :أحبابي إياكم أن تؤمنوا بكل روح ، لكن ميزوا األرواح التي من عند الله من غيرها واعلموا أن كل روح تؤمن بأن يسوع

� فهي من عند الله وكل روح ال تؤمن بأن المسيح قد المسيح قد جاء وكان جسدانيا� فليست من عند الله بل من المسيح الكذاب الذي هو اآلن في جاء وكان جسدانيا

.العالم

فصـل ما عرض به إبليس والنصارى وكل مستكبر عن حق

يؤمنون بالمسيح الصادق الذي جاء من عند الله بالهدى ودين الحق فالمسلمون ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول ، والنصارى إنما الذي هو عبد الله

عبادة نفسه وأمه وأنه ثالث وأنه الله وابن الله ، وهذا هو أخو تؤمن بمسيح دعي إلى موجود ، فإن المسيح الكذاب يزعم أنه الله ، وهم يزعمون المسيح الكذاب لو كان

بشروا به ، فعوضهم الشيطان بعد مجيئه من االيمان به أنهم ينتظرون النبي الذي� للمسيح الدجال .انتظارا

.وهكذا كل من أعرض عن الحق يعوض عنه بالباطل

� أن يخضع له تعوض بذلك وأصل هذا أن إبليس لما أعرض عن السجود آلدم كبرا بتلك النخوة وال بهذه الحرفة ، والنصارى ذل القيادة لكل فاسق ومجرم من بنيه ، فال� لله تعوضوا من هذه األنفة بأ، رضوا بجعله مصفعة لما أنفوا أن يكون المسيح عبدا

� من الشوك بدل اليهود ومصلوبهم الذي يسخرون منه ويهزؤون به ، ثم عقدوا له تاجا .حوله ويرقصون تاج الملك ، وساقوه في حبل إلى خشبة الصلب يصفقون

الذل والضيق فال بتلك األنفة له من عبودية الله وال بهذه النسبة له إلى أعظم رب العالمين والقهر ، وكذلك أنفوا أن يكون للبترك والراهب زوجة أ, ولد وجعلوا لله

ورسوله ثم رضوا الولد ، وكذل أنفوا أن يعبدوا الله وحده ال شريك له ويطيعوا عبده عليهم بعبادة الصليب والصور المصنوعة باأليدي في الحيطان وطاعة كل من يحرم

.ما شاء ويحلل لهم ما شاء ويشرع لهم من الدين ما شاء من تلقاء نفسه

(59)

Page 60: هداية الحيارى

هذا التعويض أنفة الجهمية أن يكون الله سبحانه فوق سماواته على ونظير� من خلقه � يزعمهم في جهة معينة ثم قالوا هو في عرشه بائنا حتى ال يكون محصورا

.كل مكان بذاته

في اآلبار والسجون واألنجاس واألخباث ، وعوضوه بهذه األمكنة عن فحصروه فليتأمل العاقل لعب الشيطان بعقول هذا الخلق ، وضحكه عليهم ، عرشه المجيد ،

!!.بهم واستهزائه

وقول المسيح : إذا انطلقت أرسلته إليكم معناه أني أرسله بدعاء ربي وطلبي� أو � أو يولي نائبا منه أن يرسله ، كما يطلب الطالب من ولي األمر أن يرسل رسوال

� في ذلك ، � ، فيقول أنا أرسلت هذا ووليته وأعطيته ، يعني أني كنت سببا يعطي أحدا� يكون بها ، ومن تلك فإن الله سبحانه إذا قضى أن يكون الشئ فإنه يقدر له أسبابا

األسباب دعاء بعض عباده بان يفعل ذلك فيكون في ذلك من النعمة إجابة دعائه� إلى نعمته بإيجاد ما قضى كونه ، ومحمد صلى الله عليه وسلم قد دعا به مضافا

� منهم يتلو عليهم آياتك ، ويعلمهم :فقال الخليل أبو الكتاب ربنا وابعث فيهم رسوال. والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم

قضى بارساله وأعلن باسمه قبل ذلك ، كما قيل له : يا مع أن الله سبحانه قد.رسول الله

� ؟ قال متى كنت إني عند الله لمكتوب : ، وقال آدم بين الروح والجسد : نبيا. خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته

ودعاؤه وهذا كما قضى الله سبحانه نصره يوم بدر ، ومن أسباب استعانته بربه عباده وابتهاله بالنصر ، وكذلك ما يقضيه من إنزال الغيث قد يجعله بسبب ابتهال

ودعائهم وتضرعهم إليه ، وكذلك ما يقضيه من مغفرة ورحمة وهداية ونصر قد يسبب له أدعية يحصل بها ممن ينال ذلك أو من غيره ، فال يمتنع أن يكون المسيح سأل ربه

� إلى العالم ، ويكون ذلك من أسباب الرسالة بعد صعوده أن يرسل أخاه محمدا دعوة أبيه إبراهيم ، لكن إبراهيم سأل ربه أن يرسله في الدنيا فلذلك المضافة إلى

.، وأما المسيح فإنما سأله بعد رفعه وصعوده إلى السماء ذكره اله سبحانه

� ألني سآتيكم عن قريب كيف هو وتأمل قول المسيح :إني لست أدعكم أيتاما صلوات الله وسالمه عليهما : ينزل فيكم ابن مطابق لقول أخيه محمد بن عبد الله

، � � مقسطا � ، وإماما � عدال فيقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية ، مريم حكما.لقيه منهم وأوصى أمته بأن : يقرئه السالم من

!.وفي حديث آخر :كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها؟ .تجلى الله من طور سينا التوراة تقدم نص وقد

ساعير ، واستعلن من جبال فاران ، قال علماء اإلسالم - وهذا لفظ وأشرف من ليس بهذا خفاء على من تدبره وال غموض ألن مجئ الله من - أبي محمد بن قتيبة

على موسى من طور سينا كالذي هو عند أهل الكتاب وعندنا التوراة طور سينا إنزاله المسيح ، وكان على اإلنجيل ، وكذلك يجب أن يكون إشراقه من ساعير إنزاله

نصارى المسيح من ساعير أرض الخليل بقرية تدعى ناصرة ، وباسمها تسمى من اتبع ، وكما وجب أن يكون إشراقه من ساعير بالمسيح فكذلك يجب أن يكون استعالنه

(60)

Page 61: هداية الحيارى

وجبال فاران هي على محمد صلى الله عليه وسلم ، القرآن جبال فاران إنزاله من.جبال مكة

هي مكة ، فإن قال : وليس بين المسلمين وأهل الكتاب خالف في أن فاران أن التوراة ادعوا أنها غير مكة فليس ينكر ذلك من تحريفهم وإفكهم ، قلنا أليس في

دلونا على الموضع الذي استعلن الله ابراهيم أيكن هاجر واسماعيل فاران ؟! وقلنا� بعد المسيح؟! أوليس استعلن وعلن منه وسامه فاران ، والنبي الذي أنزل عليه كتابا

� ظهر ظهور دين اإلسالم وفشا بمعنى واحد ، وهما ظهر وانكشف فهل تعلمون دينا جبال بالشام منه في مشارق األرض ومغاربها فشوة ؟! قال علماء اإلسالم وساعير فيها المسيح تسمى ظهور نبوة المسيح ، وإلى جانبه قرية بيت لحم ، القرية التي ولد

� التوراة اليوم ساعير ولها جبال تسمى ساعير وفي أن نسل العيص كانوا سكانا .ال يؤذيهم بساعير ، وأمر الله موسى أن

ليس حول قال شيخ اإلسالم : وعلى هذا فيكون قد ذكر الجبال الثالثة حراء الذي ، مكة أعلى منه ، وفيه ابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه

وحوله جبال كثيرة ، وذلك المكان يسمى فاران إلى هذا اليوم ، والبرية التي بين مكة� أن يدعي أنه بعد المسيح نزل كتاب وطور سيناء تسمى برية فاران ، وال يمكن أحدا

شئ من تلك األرض وال بعث نبي فعلم أنه ليس المراد باستعالنه من جبال فاران في إرالسال محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو سبحانه ذكر هذا في التوراة على إال

الله وهذه الكتب نور القرآن ثماإلنجيل ثم التوراة ، فذكر إنزال ترتيب الزمان وهداه ، وقال في األول :جاء وظهر ، وفي الثاني أشرق ، وفي الثالث استعلن فكان

القرآن مثل إشراق الشمس ، ونزول اإلنجيل مثل طلوع الفجر ، ونزول التوراة مجئ� بمنزلة ظهور الشمس في السماء ، ولهذا قال واستعلن من جبال فاران فإن محمدا

ومغربها أعظم مما صلى الله عليه وسلم ظهر به نور اله وهداه في مشرق األرض ومغاربها إذا ظهر بالكتابين المتقدمين كما يظهر نور الشمس في مشارق األرض

� وسمى الشمس � منيرا � استعلت وتوسطت السماء ، ولهذا سماه الله سراجا سراجا� والخلق يحتاجون إلى السراج المنير أعظم من حاجتهم إلى السراج الوهاج ، وهاجا

فإن هذا يحتاجون إليه في وقت دون وقت ، وأما السراج المنير فيحتاجون إليه كل� وعالنية وقت � سرا � ونهارا .وفي كل مكان ليال

والتين والزيتون * وطور :الثالثة في قوله وقد ذكر الله تعالى هذه األماكن فالتين والزيتون( هو في األرض المقدسة التي بعث منها) األمين سينين * وهذا البلد

عليه وطور سينين( وهو الجبل الذي كلم الله )اإلنجيل عليه فيها المسيح ، وأنزل� وناداه من واديه األيمن من البقعة المباركة من الشجرة التي فيه ، موسى تكليما

وأقسم )بالبلد األمين( وهو مكة التي أسكن إبراهيم وإسماعيل وأمه فيه وهو فاران� عن ذلك أخبر به لعى التوراة تقدم ، ولما كان ما في كما الترتيب الزماني ، فقد خبرا

� لقدرته القرآن األسبق ، ثم الذي يليه ، وأما � لشأنها وإظهارا فإنه أقسم بها تعظيما وكتبه ورسله ، فأقسم بها على وجه التدريج درجة بعد درجة بعد درجة ، فبدأ وآياته

، ثمالقرآن ثم انتقل إلى أعال منه ، ثم أعال منهما ، فإن أشرف الكتب بالعالي ،.، وكذلك األنبياء اإلنجيل ، ثم التوراة

وجدها التوراة من علماء المسلمين من تأمل وهذا الذي ذكره ابن قتيبة وغيره� وسقاء من ماء ناطقة به صريحة فيه ، فإن فيها وعد ابراهيم بأخذ الغالم وأخذ خبزا

ودفعه إلى هاجر وحمله عليها ، وقال لها اذهبي ، فانطلقت هاجر ، ونفذ الماء الذي كان معها ، فطرحت الغالم تحت شجرة ، وجلست مقابلته على مقدار رمية الحجر

(61)

Page 62: هداية الحيارى

لئال تبصر الغالم حين يموت ، ورفعت صوتها بالبكاء ، وسمع اله صوت الغالم حيث هو ، فقال لها الملك : قومي فاحملي الغالم وشدي يدك فإني جاعله ألمة عظيمة ، فتح

الغالم ومألت سقاها ، وكان اله مع الغالم فتربى الله عينيها فبصرت ببئر ماء فسقت.وسكن في برية فاران

يموت من أن غسماعيل ربى وسكن في برية فاران بعد أن كاد التوراة فهذا نص اسماعيل إنما العطش ، وأن الله سقاه من بئر ماء ، قد علم بالتواتر واتفاق األمم أن

� أن فاران هي أرض .مكة ربى بمكة، وهو وأبوه ابراهيم نبيا البيت ، فعلم قطعا

ومثل هذه البشارة من كالم شمعون فيما قبلوه ورضوا ترجتمع جاء الله من فاران ، وامتألت السموات واألرض من تسبيحه وتسبيح أمته ولم يخرج أحد من جبال

التي امتألت السموات واألرض من تسبيحه وتسبيح أمته سوى محمد جبال فاران فإن المسيح لم يكن بأرض فاران البتة ، وموسى إنما كلم من : صلى الله عليه وسلم

الطور ، والطور ليس من أرض فاران ، وإن كانت البرية التي بين مكة والطور تسمة تقدمت بجبل الطور ، قد التوراة وبشارةالتوراة برية فاران فلم ينزل الله فيها.وبشارة اإلنجيل بجبل ساعير

ف نبوة حبقوق جاء الله من التيمن، وظهر ونظير هذا ما نقلوه ورضوا ترجمته تحميد أحمد ، وملك بيمينه رقاب األمم القدس على جبال فاران ، وامتألت األرض من

.البحر ، وأنارات األرض لنوره ، وحملت خيله في

وستنزع في قسيك اعراقا وترتوي وزاد فيه بعض أهل الكتاب : ابن قتيبة قال ، فإن ادعوا أنه غيره فمن السهام بأمرك يا محمد ارتواء وهذا إفصاح باسمه وصفاته

فاران فملك رقاب أحمد هذا الذي امتألت األرض من تحميده ، الذي جاء من جبال أن التوراة األمم؟ )الوجه السادس( : قوله في الفصل التاسع من السفر األول من

هاجر من أين أقبلت ؟ وإلى أين هاجر لما فارقت ساره خاطبها الملك فقال يا ذريتك وزرعك حتى ال تريدين؟ فلما شرحت له الحال قال : ارجعي فإني سأكثر

� اسمه اسماعيل ، ألن الله قد سمع ذلك يحصون ، وها أنت تحبلين وتلدين ابنا ويكون وخضوعك ، وولدك يكون وحش الناس ، يده فوق يد الجميع، ويد الكل به ،

.مسكنه على تخوم جميع إخوته

بني اسماعيل قبل مبعث محمد قال المستحرجون لهذه البشارة : معلوم أن يد في أيدي بني اسحاق صلى الله عليه وسلم لم تكن فوق أيدي بني اسحاق ، بل كان

اسماعيل النبوة والكتاب ، وقد دخلوا مصر زمن يوسف مع يعقوب فلم يكن لبني فوقهم يد ، ثم خرجوا منها لما بعث موسى وكانوا مع موسى من أعز أهل الرض ولم يكن ألحد عليهم يد ، ولذلك كانوا مع يشوع إلى زمن داود وملك سليمان الملك الذي

� مثله فلم يكن يد بني اسماعيل عليهخم ، ثم بعث الله المسيح فكفروا لم يؤت أحدا وكذبوه فدمر عليهم تكذيبهم إياه وزال ملكهم ولم يقم لهم بعده قائمة ، وقطعهم به

� الله .في األرض أمما

عليهم في وكانوا تحت حكم الروم والفرس وغيرهم ، ولم يكن يد ولد اسماعيل� صلى الله عليه وسلم هذا الحال ، وال كانت فوق يد الجميع إلى أن بعث الله محمدا

� برسالته وأكرمه الله بنبوته فصارت بمبعثه يد بني اسماعيل فوق الجميع ، فلم رسوال يبق في األرض سلطان أعز من سلطانهم بحيث قهروا سلطان فارس الروم والترك

، وقهروا اليهود والنصارى والمجوس والصابئة وعباد األصنام، فظهر بذلك والديلم

(62)

Page 63: هداية الحيارى

مستمر إلى ويكون يده فوق يد الجميع ، ويد الكل وهذا أمر التوراة تأويل قوله في.آخر الدهر

وظهوره وقهره ال قالت اليهود : نحن ال ننكر هذا ، ولكن إن هذه بشارة بملكه .برسالته ونبوته

نبوة بل ملك جبار متسلط ، قالت المسلمون : الملك ملكان ، ملك ليس معه سيما إن ادعى صاحبه النبوة وملك نفسه نبوة ، والبشارة لم تقع بالملك األول ، وال

وأفجرهم وأكفرهم ، فهذا ال والرسالة وهو كاذب مفتر على الله فهو من شر الخلق التحذير من فتنة الدجال ، بل تقع البشارة بملكه وإنما يقع التحذير من فتنته كما وقع

الذين يكذبون على الله ، هذا شر من سنحاريب وبخت نصر والملوك الظلمة الفجرة بشر أحد بذلك ، وال يكون فاألخبار ال تكون بشارة ، وال تفرح به هاجر وابراهيم ، وال

هذا المولود ويجعله ذلك إثابة لها من خضوعها وذلها وأن الله قد سمع ذلك ويعظم� ألمة عظيمة ، وهذا عند الجاحدين بمنزلة أن يقال : إنك ستلدين � طاغيا � ظالما جبارا

ويأخذ أموالهم بالباطل ، يقهر الناس بالباطل ، ويقتل أولياء الله ، يسبي حريمهم ، .ويبدل أديان األنبياء ، ويكذب على الله ، ونحو ذلك

� وفرية على الله ، فمن حمل هذه البشارة على هذا فهو من ا'ظم الخلق بهتانا.هذا ابمستنكر ألمة الغضب ، وقتلة األنبياء وقوم البهت وليس

نصوص من مزامير داود - أمة التسبيح والتكبير –

� ، وليفرحالزبور)الوجه السابع(: قول داود في � جديدا : سبحوا الله تسبيحا إسرائيل بخالقه ، وبنو صهيون من أجل أن الله اصطفى له أمة وأعطاهم النصر ،

وسدد الصالحين بالكرامة يسبحون على مضاجعهم ويكبرون الله بأصوات مرتفعة ، بأيديهم سيوف ذات شفرتين ، لينتقم بهم من األمم الذين ال يعبدونه يوثقون ملوكهم

بالقيود ، وأشرافهم باألغالل.

وهذه الصفات إنما تنطبق على محمد وأمته ، فهم الذين يكبرون الله بأصواتهم المرتفعة في أذانهم للصلوات الخمس وعلى األماكن العالية ، قال جابر :كنا مع النبيصلى الله عليه وسلم إذا عبونا كيؤنا ، واذا هبطنا سبحنا ، فوضعت الصالة على ذلك.

وهم يكبرون اله بأصوات عالية مرتفعة في األذان ، وفي عبد الفطر ، وعيد النحر ، وفي عشر ذي الحجة ، وعقيب الصلوات في أيام منى ، وذكر البخاري عن

عمر بن الخطاب أنه كان يكبر بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون بتكبيره ،� وكان ابن عمر وأبو هريرةفيسمعهم أهل األسواق فيكبرون ، حتى ترتج منى تكبيرا

يخرجان إلى السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.

� على قرابينهم وضحاياهم ، وعند رمي الجمار ، وعلى الصفا ويكبرون أيضاوالمروة ، وعند محاذاة الحجر األسود ، وفي أدبار الصلوات الخمس.

وليس هذا ألحد من األمم ال أهل الكتاب وال غيرهم سواهم ، فإن اليهود يجمعونالناس بالبوق ، والنصارى بالناقوس.

(63)

Page 64: هداية الحيارى

وأما تكبير الله بأصوات مرتفعة فشعار محمد بن عبد الله وأمته .

وقوله بأيديهم سوف ذات شفرتين فهي السيوف العربية التي فتح الصحابة بهاالبالد، وهي إلى اليوم معروفة لهم .

�وقوله يسبحون على مضاجعهم هو نعت للمؤمنين الذين يذكرون الله قياما� وعلى جنوبهم .وقعودا

� أن هذه البشارة ال تنطبق على النصارى وال تناسبهم ، فإنهم ال ومعلوم قطعا يكبرون الله بأصوات مرتفعة ، وال بأيديهم سيوف ذات شفرتين ينتقم الله بهم من

األمم ، والنصارى تعيب من يقاتل الكفار بالسيف ، وفيهم من يجعل هذا من أسباب التنفير عن محمد صلى الله عليه وسلم ، ولجهلهم وضاللهم ال يعلمون أن موسى

قاتل الكفار ، وبعده يوشع بن نون ، وبعده داود وسليمان وغيرهم من األنبياء ،وقبلهم ابراهيم الخليل صلوات الله وسالمه عليهم أجمعين.

)الوجه الثامن(: قول داود: ومن أجل هذا بارك الله عليك إلى األبد فتقلد أيها الجبار السيف ، ألن البهاء لوجهك ، والحمد الغالب عليك ، أركب كلمة الحق ،

وسبحت التأله : فإن ناموسك وشرائعك مرونة بهيبة يمينك ، وسهامك مسنونة ،واألمم يخرون تحتك.

وليس متقلد السيف بعد داود من األنبياء سوى محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي خرت األمم تحته ، وقرنت شرائعه بالهيبة ، إما القبول ، وإما الجزية ، وأما

السيف .

. نصرت بالرعب مسيرة شهر وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم :

� ، وحاطبه بلفظ الجبار إشارة إلى قوته � وشرائعا وقد أخبر داود أن له ناموسا وقهره ألعداء الله ، بخالف المستضعف المقهور ، وهو صلى الله عليه وسلم نبي

الرحمة ، ونبي الملحمة ، وامته أشداء على الكفار رحماء بينهم ، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، بخالف األذالء المقهورين المستكبرين ، الذي يذلون ألعداء الله

ويتكبرون عن قبول الحق.

)الوجه التاسع(: قول داود في مزمور آخر : إن الله سبحانه أظهر من صهيون� للرياسة واإلمامة ، ومحمود هو محمد صلى الله � ، وضرب اإلكليل مثال � محمودا إكليال

عليه وسلم ، وقال في صفته ويحوز من البحر إلى البحر ، ومن لدن األنهار إلى منقطع األرض ، وإنه لتخر أهل الجزائر بين يديه لعى ركبهم ، وتلحس أعداؤه

التراب ، تأتيه ملوك الفرس وتسجد له ، وتدين له األمم بالطاعة واالنقياد ، ويخلص المضطهد البائس ممن هو أقوى منه ، وينقذ الضعيف الذي ال ناصر له ، ويرأف

بالمساكين والضعفاء ، ويصلى عليه في كل وقت ويبارك.

وال يشك عاقل تدبر أمور الممالك والنبوات وعرف سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة أمته من بعده أن هذه األوصاف ال تنطبق إال عليه وعلى أمته ال على المسيح وال على نبي غيره، فإن حاز من البحر الرومي إلى البحر الفارسي ، ومن

لدن األنهار جيحون وسيحون والفرات إلى منقطع األرض بالغرب، وهذا مطابق لقوله

(64)

Page 65: هداية الحيارى

زويت لي األرض فأريت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملكصلى الله عليه وسلم : .أمتي ما زوى لي منها

وهو الذي يصلى عليه ويبارك في كل حين وفي كل صالة من الصلوات الخمس وغيرها ، وهو الذي خرت أهل الجزائر بين يديه : أهل جزيرة العرب ، وأهل الجزيرة التي بين الفرات ودجلة ، وأهل جزيرة األندلس ، وأهل جزيرة قبرص ، وخضعت له

ملوك الفرس فلم يبق فيهم إال من أسلم أو أدى الجزية عن يد وهم صاغرون ، بخالف ملوك الروم فإن فيهم من لم يسلم ولم يؤد الجزية ، فلهذا ذكر في البشارة

ملوك الفرس خاصة ، ودانت له األمم التي سمعت به وبأمته ، فهم بين مؤمن به ومسالم له ومنافق معه وخائف منه ، وأنقذ الضعفاء من الجبارين ، وهذا بخالف

المسيح فإنه لم يتمكن في حباته ، وال من أتبعه بعد رفعه إلى السماء ، وال حازوا ماذكر ، وال يصلون عليه ويباركون في اليوم والليلة، فإن القوم يدعون إال هيته سدس.

(الوجه العاشر(: قوله في مزمور آخر لترتاح البوادي وقراها ولتصير أرض فيدار� ، ولتسبح سكان الكهوف ويهتفوا من قلل الجبال بحمد الرب ، ويذيعوا مروجا

تسابيحه في الجو.

فمن أهم البوادي من األمم سوى أمة محمد ؟! ومن قيدار غير ولد اسماعيل أحد أجداده صلى الله عليه وسلم؟! ومن سكان الكهوف وقلل الجبال سوى

العرب؟! ومن هذا الذي دام ذكره إلى األبد غيره؟!.

� وفي مكان )الوجه الحادي عشر(: قوله في مزمور آخر : إن ربنا عظم محمودا� فقد نص داود على اسم محمد آخر إلهنا قدوس ومحمد قد عم األرض كلها فرحا

وبلده وأن كلمته قد عمت األرض.

� ويدعي )الوجه الثاني عشر(: قوله في الزبور لداود: سيولد لك ولد أدعى له أبا� اللهم ابعث جاعل السنة كي يعلم الناس أنه بشر. لي ابنا

وهذه أخبار عن المسيح ومحمد صلى الله عليه وسلم قبل ظهورهما بزمن� ، وأنه ابن � حتى يعلم الناس أن المسيح بشر ليس إلها طويل ، يريد ابعث محمدا

البشر ال ابن خالق البشر ، فبعث الله هادي األمة وكاشف الغمة فبين لألمم حقيقة أمر المسيح وأنه عبد كريم ونبي مرسل ، ال كما ادعته فيه النصارى وال كما رمته به

اليهود .

فصـل نصوص من سفر أشعياء

� فانظر ما يرى )الوجه الثالث عشر(: قوله في نبوة أشعياء :قيل لي أقم نظارا على حمار واآلخر على جمل ، يقول تخبر به ، قلت أرى راكبين مقبلين أحدهما

.األرض أحدهما لصاحبه : سقطت بابل وأصنامها على

وصاحب الحمار عندنا وعند النصارى هو المسيح ، وراكب الجمل هو محمد الله وسالمه عليهما ، وهو أشهر بركوب الجمل من المسيح بركوب الحمار ، صلوات

الله عليه وسلم سقطت أصنام بابل ال بالمسيح ، ولم يزل في إقليم وبمحمد صلى

(65)

Page 66: هداية الحيارى

األوثان من عهد ابراهيم الخليل إلى أن سقطت بمحمد صلى الله عليه بابل من يعبد.وسلم

)الوجه الرابع عشر(: قوله في نبوة أشعياء أنه قال عن مكة : ارفعي إلى ما فستبهجين وتفرحين من أجل أن الله تعالى يصير إليك ذخائر البحر ، حولك بصرك ،

األمم ، حتى تعم بك قطر اإلبل المؤبلة ، وتضيق أرضك عن وتحج إليك عساكر وتساق إليك كباش مدين ، وتأتيك أهل سبأ وتسير إليك المقطرات التي تجتمع إليك ،

.أغنام فاران ، وتخدمك رجل نبايوت

.يريد سدنة الكعبة وهم أوالد نبايوت بن اسماعيل

كلها حصلت لمكة ، فإنها حملت إليها ذخائر البحر ، وحج قالوا : فهذه الصفات إليها أغنام فاران هدايا وأضاحي وقرابين ، وضاقت األرض إليها عساكر األمم ، وسيق.الحاملة للناس وأزوادهم ، وأتاها أهل سبأ وهم أهل اليمن عن قطرات اإلبل المؤبلة

�: وقد أقسمت بنفسي : )الوجه الخامس عشر( قول أشعياء في مكة أيضا إني ال أسخط عليك وال أرفضك ، وإن كقسمي أيام نوح أني أغرق األرض بالطوفان

.تزول الجبال تزول وإن التالع تنحط ورحمتي عليك ال

ثم قال : يا مسكينة ، يا مضطهدة ، ها أنا ذا بان بالحسن حجارتك ، ومزينك بالجواهر ، ومكلل باللؤلؤ سقفك ، وبالزبرجد أبوابك ، وتبعدين من الظلم فال تخافي ،

ومن الضعف فال تضعفي ، وكل سالح يصنعه صانع فال يعمل فيك ، وكل لسان ولغة� - يريد أنه سماها تقوم معك � جديدا بالخصومة تفلحين معها ، ويسميك اله اسما

فقومي فأشرقي فإنه دنا نورك ، وقار الله عليك ، انظري بعينيك - المسجد الحرام.مجتمعون حولك ، فإنهم

� فحينئذ تسرين وتزهوين ، ويخاف عدوك ، وليتسع قلبك ، يأتونك بنوك وبناتك عدوا.وكل غنم قيدار تجتمع إليك ، وسادات نبايوت يخدمونك

.نبايوت بن اسماعيل ونبايوت هم أوالد

.اسماعيل وقيدار جد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أخو نبايوت بن

بد ذلك ثم قال : وتفتح أبوابك بالليل والنهار ال تغلق ، ويتخذونك قبلة، وتدعين.مدينة الرب

� في مكة : سرى واهتزي أيتها( العاقر التي لم الوجه السادس عشر( : قوله أيضا.أهلي تلد وانطقي بالتسبيح ، وافرحي ولم تحبلي ، فإن أهلك يكونون أكثر من

يعني بأهله : بيت المقدس ، ويعني بالعاقر : مكة ، ألنها لم تلد قبل محمد� وال يجوز أن يريد بالعاقر بيت المقدس ألنه بيت األنبياء ومعدن الوحي، النبي ، نبيا

.وقد ولد أنبياء كثيرين

� لمكة شرفها الله إني أعطي البادية :)الوجه السابع عشر(: قول أشعياء أيضا الكرامة التي كانت كرامة لبنان وبهاء كرمل ، وهما الشام وبيت المقدس ، يريد أجعل.وبالحج هناك بالوحي ، في ظهور األنبياء بادية بالنبي صلى الله عليه وسلم

(66)

Page 67: هداية الحيارى

ثم قال : ويشق البادية مياه وسواق في األرض الفالة ، ويكون بالفيافي واألماكن العطاش ينابيع ومياه ، ويصبر هناك محجة وطريق الحرم ، ال يمر به أنجاس

األمم ، والجاهل به ال يضل هناك ، وال يكون بها سباع وال أسد، ويكون هناك ممر .المخلصين

� في كتابه عن الحرم : إن الذئب( والجمل الوجه الثامن عشر(: قول أشعياء أيضا�، وإشارة إلى أمنه الذي خصه الله به دون بقاع األرض ، ولذلك سماه فيه يرتعان معا

� ، :البلد األمين ، وقال � آمنا ، قال ويتخطف الناس من حولهم أولم يروا أنا جعلنا حرما قريش * إيالفهم رحلة الشتاء والصيف * فليعبدوا رب إليالف : يعدد نعمه على أهله

. وآمنهم من خوف هذا البيت * الذي أطعمهم من جوع

� اسم رسول � معلنا الله صلى الله عليه )الوجه التاسع عشر(: قول أشعياء أيضا.األبد وسلم: إني جعلت أمرك يا محمد بالحمد يا قدوس الرب اسمك موجود من

يا من فهل بقي بعد ذلك لزايغ مقال أو لطاعن مجال؟! وقوله : يا قدوس الرب معناه طهره الرب وخلصه واصطفاه ، وقوله : اسمك موجود من األبد مطابق لقول داود

.مزمور له اسمك موجود قبل الشمس في

الحجر األسود ، قال :الرب والسيد ها قول أشعياء في ذكر )الوجه العشرون( :� في زاوية ركن منه ، فمن � فال يستعجلنا ، أنذا مؤسس بصهيون حجرا كان مؤمنا

.الذين ولعوا بالكذب وأجعل العدل مثل الشاقول والصدق مثل الميزان ، فيهلك

يقبله الملوك فصهيون تعادل مكة عند أهل الكتاب ، وهذا الحجر األسود الذي.فمن دونهم ، وهو ما اختص به محمد وأمته

)الوجه الحادي والعشرون( : قول أشعياء في موضع آخر : إنه ستمأل البادية� إلى قيدار ومن رؤوس الجبال ، وينادونهم الذين يجعلون لله الكرامة والمدن قصورا

.والبحر ويثنون بتسبيحه في البر

� لجميع األب من بعيد ، فيصفر بهم من أقصى األرض فإذا هم وقال :ارفع علما.سراع يأتون

والعلم الذي وبنو قيدار هم العرب ، ألن قيدار هو ابن اسماعيل بإجماع الناس سراع يرفع هو النبوة، والصفير بهم دعائهم من أقاصي األرض إلى الحج فإذا هم

� ، وعلى كل وأذن في الناس بالحج : يأتون ، وهذا مطابق لقوله عز وجل يأتوك رجاال. ضامر يأتين من كل فج عميق

والعشرون( : قول أشعياء في موضع آخر :سأبعث من الصبا قوما )الوجه الثاني� كالصعيد ثرة ، ومثل الطيان الذي يدوس برجله يأتون من المشرق مجيبين أفواجا

.الطين

� من أهل والصبا يأتي من نحو مطلوع الشمس ، بعث الله سبحانه من هناك قوما .كالتراب كثرة المشرق مجيبين بالتلبية

الهرولة بالطواف وقوله : ومثل الطيان الذي يدوس برجله الطين إما أن يراد به.والسعي ، وإما أن يراد به رجال قد كلت أرجلهم من المشي

(67)

Page 68: هداية الحيارى

�: عبدي وخيرتي ورضا نفسي ، )الوجه الثالث والعشرون(: في كتاب أشعياء أيضا أو قال : أنزل عليه روحي ، فيظهر في األمم عدلي ويوصى أفيض عليه روحي ،

وال يسمع صوته ، يفتح العيون العمي العور ، ويسمع األمم بالوصايا ، ال يضحك ، ، وما أعطيه ال أعطي غيره ، ال يضعف وال اآلذان الصم ، ويحيي القلوب الغلف

السواق صوته ، ركن للمتواضعين ، وهو يغلب ، وال يميل إلى اللهو ، وال يسمع في.األرض حجتي ، وينقطع به المعذرة نور الله الذي ال يطفى وال يخصم ، حتى يثبت في

الله وسالمه عليه؟! فلو فمن وجد بهذا الوصف غير محمد بن عبد الله صلوات� جمع هذه األوصاف كلها – وهي باقية في اجتمع أهل األرض لم يقدروا أن يذكروا نبيا

� أمته إلى يوم القيامة – غيره ، لم يجدوا إلى ذلك .سبيال

، نزلنا على عبدنا وإن كنتم في ريب مما فقوله عبدي موافق لقوله في القرآن وأنه لما قام ، وقوله ليكون للعالمين نذيرا تبارك الذي نزل الفرقان على عبده وقوله

� ، وقوله عبد الله يدعوه . سبحان الذي أسرى بعبده ليال

إن اله: وخيرتي ورضا نفسي مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم : وقوله� من كنانة ، واصطفى بني هاشم اصطفى كنانة من ولد اسماعيل ، واصطفى قريشا

. واصطفاني من بنيي هاشم من قريش ،

الله عليه وسلم ، قالت وقوله : ال يضحك مطابق لوصفة الذي كان عليه صلى� حتى تبدو لهواته : إنما كان عائشة: ما رؤى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا

� وهذا ألن كثرة الضحك من خفة الروح ونقصان العقل ، بخالف التبسم يتبسم تبسما.فإنه من حسن الخلق وكمال اإلدراك

بعض الكتب المتقدمة بأنه الضحوك القتال وأما صفته صلى الله عليه وسلم في� له ، وال يمنعه ذلك فالمراد به أنه ال يمنعه ضحكه وحسن خلقه إذا � لله وحقا كان حدا

بتلك الحال فترك الضحك بالكلية عن تبسمه في موضعه ، فيعطي كل حال ما يليق.والطيش ، واالعتدال بين ذلك من الكبر والتجبر وسوء الخلق ، وكثرته من الخفة

� من :وقوله : أنزل عليه روحي مطابق لقوله تعالى وكذلك أوحينا إليك روحا ينزل المالئكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه : ، وقوله أمرنا

يشاء من عباده لينذر يوم يلقي الروح من أمره على من ، وقوله إله إال أنا فاتقون ال� ألن حياة القلوب التالق واألرواح به ، كما أن حياة األبدان ، فسمي الوحي روحا

.باألرواح

فلذلك فادع واستقم كما :قوله تعالى وقوله : فيظهر في األمم عدلى مطابق ، آمنت بما أنزل الله من كتاب ، وأمرت ألعدل بينكم أمرت وال تتبع أهواءهم ، وقل

فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم :الكتاب وقوله عن أهل. شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط فلن يضروك

شرع لكم من الدين ما : لقوله تعالى وقوله : يوصى األمم بالوصايا مطابق� والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا وصى به نوحا

قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم :وقوله في سورة األنعام الدين وال تتفرقوا فيه ، ثم وصاكم به لعلكم تعقلون ذلكم إلى قوله أن ال تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا

ذلكم : إلى قوله إال بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وال تقربوا مال اليتيم : قال

(68)

Page 69: هداية الحيارى

� فاتبعوه :، ثم قال لعلكم تذكرون وصاكم به وال تتبعوا وأن هذا صراطي مستقيما. السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون

وحده ال ووصاياه صلى الله عليه وسلم هي عهوده إلى األمة بتقوى الله وعبادته ومالئكته ، شريك له ، والتمسك بما بعثه الله به من الهدى ودين الحق ، واإليمان بالله

.وكتبه ورسله ولقائه

كحال من ليس له حلم وال وقوله : وال تسمع صوته يعني ليس بصخاب له فديد.وقار

الغلف إشارة إلى تكميل وقوله يفتح العيون العمي واآلذان الصم والقلوب فباينوا بذلك أحوال مراتب العلم والهدى الحاصل في القلوب واألبصار واألسماع ،

إلى العبد من الصم البكم العمي الذين لهم قلوب ال يعقلون بها ، فإن الهدى يصل ، ففتح الله هذه األبواب الثالثة ، وهي مغلقة عن كل أحد ال تفتح إال على أيدي الرل

فسمعت بمحمد صلى الله عليه وسلم األعين العمي فأبصرت بالله ، واآلذان الصم� � وقوال �، عن الله ، والقلوب الغلف فعقلت عن الله ، فانقادت لطاعته عقال وعمال

� .وسلكت سبل مرضاته ذلال صلى الله عليه وسلم أعطيت ما لم وقوله : وما أعطيه فال أعطي غيره مطابق لقوله

.يعط أحد من أنبياء قبلي

ربوا له المثل : لقد أعطي هذا النبي ما لم يعطى نبي قبله ، ولقول المالئكة لما يقظان فمن ذلك أنه بعث إلى الخلق عامة ، وختم عامة ، إن عينيه ينامان وقلبه

وأنزل عليه القرآن الذي لم ينزل من السماء كتاب يشبهه وال وختم به ديوان األنبياء ،� ، وضمن له حفظه إلى أن يأتي اله بأمره ، يقاربه ، وأنزل على قلبه � متلوا محفوظا

وأوتي جوامع الكلم ، ونصر بالرعب في قلوب أعدائه وبينهما مسيرة شهر ، وجعلت� ، وأسرى به إلى أن جاوز السموات السبع ورأى ما � وطهورا األرض له وألمته مسجدا

النبيين ، وجعل سيد ولد آدم ، وانتشرت دعوته في لم يره بشر قبله ، رفع على سائر دينه أتباع سائر النبيين من عهد نوح إلى مشارق األرض ومغاربها ، واتبعه على

بالوسيلة وهي أعلى درجة في الجنة ، المسيح ، فأمته ثلثا أهل الجنة ، وخصه واآلخرون ، وبالشفاعة العظمى التي يتأخر وبالمعام المحمود الذي يغبطه به األولون

� لم يعزه بأد عنها آدم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى ، وأعز اله به الحق وأهله عزا� لم يحصل بأحد قبله ، وآتاه من العلم والشجاعة قلبه ، وأذل به الباطل وحبه ذال

والعبادات القلبية والمعارف اإللهية ما لم والصبر والزهد في الدنيا والرغبة في اآلخرة أمته بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى يؤته نبي قبله ، ، وجعلت الحسنة منه ومن والنسيان وما استكرهوا عليه ، وصلى عليه أضعاف كثيرة ، وتجاوز له عن أمته الخطأ

، وأمر عباده المؤمنين كلهم أن يصلوا هو وجميع مالئكته عليهم صلوات الله وسالمه� ، وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر الله ذكر معه كما في الخطبة عليه ويسلموا تسليما

صالة حتى يشهد أنه عبده ورسوله والتشهد واآلذان ، فال يصح ألحد أذان وال خطبة وال� يطاع ال ممن قبله وال ممن هو كائن بعده إلى أن تطوى الدنيا ، ولم يجعل معه أمرا واقتدى به ، وجعل لواء الحمد ومن عليها ، وأغلق أبواب الجنة إال عمن سلك خلفه

بيده ، فأدم وجميع األنبياء تحت لوائه يوم القيامة ، وجعله أول من تنشق عنه األرض ، وأول شافع وأول مشفع ، وأول من يقرع باب الجنة ، وأول من يدخلها فال يدخلها أحد من الولين واآلخرين إال بشفاعته ، وأعطى من اليقين واإليمان والصبر

والشكر له والثبات والقوة في أمر الله والعزيمة على تنفيذ أوامره والرضا عنه

(69)

Page 70: هداية الحيارى

� وعالنية في نفسه وفي � وسرا � وباطنا الخلق ما لم والقنوع في مرضاته وطاعته ظاهرا.يعطه نبي قبله

أن األمر فوق ذلك ، فإذا ومن عرف أحوال العالم وسير األنبياء وأممهم تبين له سمعت وال خطر على كان يوم القيامة ظهر للخالئق من ذلك ما ال عين رأت وال أذن

� .قلب بشر أنه يكون أبدا

حاله صلوات الله وسالمه عليه ما ضعف وقوله: وال يضعف وال يغلب هكذا كان أتباعه وكثرة أعدائه واجتماع أهل األرض في ذات الله قط ، وال في حال انفراده وقلة

� � ، حتى أنه يوم أحد قتل على حربه ، بل هو أقوى الخلق وأثبتهم جأشا وأشجعهم قلبا الغد في طلب عدوه على شدة أصحابه وجرحوا وما ضعف وال استكان ، بل خرج من

� على كثرة عددهم وعددهم وضعف أصحابه ، القرح حتى أرعب منه العدو وكر خاسئا قد أحاطوا به وكذلك يوم حنين أفرد عن الناس في نفر يسير دون العشرة والعدو

أنا ابن عبد المطلب ال أكذب أنا النبي: وهم ألوف مؤلفة فجعل يثب في العدو ويقول.التراب فرمى بها وجوههم فولوا منهزمين ويتقدم إليهم ، ثم أخذ قبضة من

العالم أشجع منه وال أثبت وال ومن تأمل سيرته وحروبه علم أنه لم يطرق واشتد الحرب اتقوا به أصبر ، وكان أصحابه مع أنهم أشجع األمم إذا حمى البأس

� منه وقوله وتترسوا به فكان أقربهم إلى العدو ، وأشجعهم هو الذي يكون وال : قريبا كان أبعد الناس من اللهو واللعب ، بل أمره كله هكذا كانت سيرته ، يميل إلى اللهو

.وعلم وإيمان ووقار وسكينة جد وحزم وعزم ، مجلسه مجلس حياء وكرم

أي ليس من الصاحبين في األسواق في وال يسمع في األسواق صوته : وقوله.الطالبين لها طلب الدنيا والحرص عليها كحال أهلها

� فإن من تأمل ركن للمتواضعين :وقوله سيرته ، وجده أعظم الناس تواضعا .للصغير والكبير والمسكين واألرملة والحر والعبد

يجلس معهم على التراب ، ويجيب دعوتهم ، ويسمع كالمهم ، وينطلق مع في حاجته ، ويأخذ له حقه ممن ال يستطيع أن يطالبه به ويخصف نعله ، أحدهم.ثوبه ويخيط

وقوله : وهو نور الله الذي ال يطفا وال يخصم حتى يثبت في األرض حجته وينقطع به العذر وهذا مطابق لحاله وأمره ، ولما شهد به القرآن في غير موضع

نوره ولو كره يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إال أن يتم: تعالى كقوله أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله يا أيها النبي إنا : ، وقوله الكافرون

قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من : ، وقوله بإذنه وسراجا منيرا ربكم وأنزلنا يا أيها الناس قد جاءكم برهان من : ، وقوله سبل السالم اتبع رضوانه

� � مبينا وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه فالذين آمنوا به وقوله إليكم نورا.القرآن كثيرة ، ونظائره في أولئك هم المفلحون

� مبشرين: وقوله :حتى ينقطع به العذر وتثبت به الحجة مطابق لقوله تعالى رسال إلى- والمرسالت عرفا :، قوله ومنذرين لئال يكون للناس على الله حجة بعد الرسل

أن تصيبهم مصيبة بما قدمت ولوال : وقوله فالملقيات ذكرا * عذرا أو نذرا -قوله� فنتبع آياتك :، وقوله ونكون من المؤمنين أيديهم فيقولوا ربنا لوال أرسلت إلينا رسوال

(70)

Page 71: هداية الحيارى

على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين * أو أن تقولوا إنما أنزل الكتاب الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى تقولوا لو أنا أنزل علينا

على الخلق بالرسل ، وبهم انقطعت المذرة ، فال يمكن من فالحجة إنما قات ورحمة.إلى الله يوم القيامة إذ ليس له عذر يقبل منه بلغته دعوتهم حافها أن يعتذر

)فصل(

صحيح البخاري أنه قيل لعبد الله بن عمرو أخبرنا وهذه البشارة مطابقة لما في ، فقال : أنه لموصوف التوراة وسلم في ببعض صفات رسول الله صلى الله عليه

يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا : القرآن ببعض صفته في التوراة في� لألميين ، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ، ليس بفظ وال غليظ وال وحرزا

وال يجزى بالسيئة السيئة ولكن يجزي بالسيئة الحسنة ويعفو صخاب باألسواق ،� ، ويغفر ، ولي أقبضه حتى � صما � وآذانا � عميا أقيم به الملة العوجاء ، فأفتح به أعينا

� : بأ، � غلفا .يقولوا ال إله إال الله وقلوبا المعينة التي هي كتاب موسى ، فإن التوراة ال يريد به التوراة وقوله : إن هذا في

المعينة تارة ، ويراد به الجنس يراد بهالكتب الزبورو القرآن و اإلنجيلو التوراة لفظ عن اإلنجيل ، وبلفظ القرآن عن التوراة ، وبلفظ الزبور عن القرآنتارة، فيعبر بلفظ

� وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه القرآن وسلم : خفف على داود أيضا فالمراد به قرآنه وهو القرآن إلى أن يركبها يقرأ فكان ما بين أن تسرج دابته القرآن.الزبور

� أقيم لبني إسرائيل من أخوتهم ، : التوراة وكذلك قوله في البشارة التي في نبيا.توراة مثل توراة موسى انزل عليه

أناجيلهم في وكذلك في صفة أمته صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة.صدورهم

التوراة إما أن يريد فقوله أخبرني بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة وعلى التقديرين فإجابة عبد الله بن عمرو بما هو المعينة أو جنس الكتب المقدمة ،

ليس في التوراة أي التي هي أعم منالكتاب المعين ، فإن هذا الذي ذكره التوراة في.المعينة بل هو في كتاب أشعياء كما حكيناه عنه

� بترجمة أخرى فيها بعض الزيادة :عبدي ورسولي الذي سرت وقد ترجموه أيضا فيظهر في األمم عدلي ويوصيهم بالوصايا ، ال يضحك ، به نفسي ، أنزل عليه وحيي

العيون العور ، واآلذان الصم ويحي القلوب الغلف وال يسمع صوته في األسواق ، يفتح� يأتي به من أقطار األرض ، وتفرح ، وما أعطيه ال أعطيه أحد! يحمد � جديدا الله حمدا شرف ، ويكبرونه على كل رابية ، ال يضعف ، وال البرية وسكانها ، يهللون الله كل

يذل الصالحين الذين هم كالقصبة الضعيفة ، يغلب ، وال يميل إلى الهوى مشفع ، وال وهو نور الله الذي ال يطفى ، أثر بل يقوى الصديقين ، وهو ركن المتواضعين ،

.سلطانه على كتفيه

والفاء المشددة بوزن مكرم ، وهي لفظة وقوله : مشفح بالشين المعجمة� � زقاربا كمطابقة موذ بل أشد مطابقة ، وال عبرانية مطابقة السم محمد معنى ولفظا

(71)

Page 72: هداية الحيارى

بين الحاء والهاء ، وفتحة الفاء بين يمكن العرب أن يتلفظوا بها بلفظ العبرانية فإنها.منصف أنها مطابقة السم محمد الضمة والفتحة ، وال يستريب عالم من علمائهم

مشفح محمد بغير شك ، واعتباره أنهم يقولون: أبو محمد بن قتيبة قال ، وإذا كان الحمد شفحا فمشفح محمد بغير شفحاالها ، إذا أرادوا يقولوا الحمد لله

علمائهم إن مئذ مئذ هو محمد ، وهو شك، وقد قال لي ولغيري بعض من أسلم من من الضمة ، قال : وال يشك بكسر الميم والهمزة ، وبعضهم يفتح الميم ويدنيها

� فمن العلماء منهم بأنه محمد وإن سكتنا عن إيراد ذلك ، وإذا ضربنا عن هذا صفحا الذي أثر سلطانه هذا الذي انطبقت عليه وعلى أمته هذه الصفات سواه؟! ومن هذا

� مثل زر الحجلة ؟ فماذا بعد الحق إال!! وهو خاتم النبوة على كتفيه رآه الناس عيانا� فما له من نور ومن لم يجعل الضالل ، وبعد البصيرة إال العمى . الله له نورا

وصفات أمته في كتبهم يقرؤونها فصفات هذا النبي ومخرجه ومبعثه وعالماته وال يأباها جاهل ، ولكنهم في كنائسهم ويدرسونها في مجالسهم ال ينكرها مهم عالم

.يقولون لم يظهر بعد ، وسيظهر ونتبعه

سعيد بن جبير وعن عكرمة ، عن محمد بن أبي محمد حدثني : ابن اسحاق قال برسول الله صلى الله أن يهود كانوا يستفتحون على األوس والخزرج: ابن عباس عن

كفروا به وجحدوا ما عليه وسلم قبل مبعهث ، فلما بعثه ، فلما بعثه الله من العرب يا : سلمة داود بنو بشر بن البراء بن معرورو معاذ ين جبلكنوا يقولون فيه ، فقال

صلى الله عليه معشر يهود : اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد سالم بن وسلم ونحن أهل شرك ، وتخبرونا بأنه نبي مبعوه ، وتصفونه بصفته ، فقال

ما جاءنا بشء نعرفه ، وما هو بالذي كنا نذكر لكم ، فأنزل : بني النضي أخو مسلم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا :الله عز وجل

. فلعنة الله على الكافرين كفروا به

كان اليهود إذا استنصروا بمحمد على مشركي العرب : أبو العالية وقال� عندنا حتى يعذب المشركين ويقتلهم ، يقولون : الله ابعث هذا النبي الذي نجده مكتبا

� صلى الله عليه � فلما بعث الله محمدا وسلم ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسدا عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه للعرب وهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله

. كفروا به فلعنة الله على الكافرين فلما جاءهم ما عرفوا: اآليات

رجال من ، عن عاصم بن عمر بن قتادة األنصاري حدثني اسحاق ابن وقال رجال قومه ، قالوا: ومما دعانا إلى اإلسالم مع رحمة الله وهداه ما كنا مسمع من

اليهود ، وكنا أهل شرك أصحاب أوثان وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس عندنا ال تزال بيننا وبينهم شرور ، وفإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا تقارب وكانت نبي يبعث اآلن نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم فكنا كثيرا ما نسمع ذلك زمان

بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله ، منهم ، فلما يتوعدونا به، فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ، ففينا وفيهم نزلت وعرفنا ما كانوا

وكانوا ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم :التي في البقرة هذه اآليات على من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله

. الكافرين

(72)

Page 73: هداية الحيارى

وابني أحمد فلهذا الوجه الرابع والعشرون(: في كتاب أشعياء : أشكر حبيبي( بذكره ووصفه جاء ذكره في نبوة أشعياء أكثر من غيرها من النبوات ، وأعلن أشعياء

� لمعرفته بقدره ومنزلته عند � وجهرا .الله ووصف أمته ، ونادى بها في نبوته سرا

� :إنا سمعنا من أطراف األرض صوت محمد .وقال أشعياء أيضا

� نصت األنبياء وهذا إفصاح باسمه صلى الله عليه وسلم ، فليرنا أهل الكتاب نبيا ونعته وسيرته وصفة أمته وأحوالهم سوى رسول الله صلى الله على اسمه وصفته

.عليه وسلم؟

نصوص من كتاب حبقوق

في كتابه : إن الله جاء من اليمن ، )والوجه الخامس والعشرون( : قول حبقوق بهاء محمد ، وامتألت األرض من والقدوس من جبال فاران ، لقد أضاءت السماء من

المنايا أمامه ، وتصحب سباع حمده ، وشاع منظره النور ، يحوط بالده بعزة ، تسير القديمة وانخفضت الروابي الطير أجناده ، قام يسمح األرض فتضعضعت له الجبال

.فتزعزعت أسوار مدين ، ولقد حاز المساعي القديمة

قال : زجرك في األنهار واحتدام صوتك في البحار ، ركبت الخيول ، وعلوت ثم� ، وترتوي السهام بأمرك يا محمد ارتواء ، مراكب األتقياء، وستنزع في قسيك أعراقا

� ولقد رأتك الجبال فارتاعت ، وانحرف عنك شؤبوب السيل ، وتغيرت المهارى تغييرا� ، وسارت العساكر في بريق سهامك ولمعان نيازكك تدوخ � وخوفا رفعت أيديها وجال

.األمم ألنك ظهرت لخالص أمتك ، وانقاذ تراث آبائك األرض وتدوس

عن محمد فقد رام ستر الشمس بالنهار وتغطية فمن رام صرف هذه البشارة بصفات عينت شخصه وأزالت عن الحيران البحار ، وأنى يقدر على ذلك وقد وصفه

الصبح لمن كان ذا عينين ، وأخبر لبسه؟! ، بل قد صرح باسمه مرتين ، حتى انكشف.آثارهم بقوة أمته وسير المنايا أمامهم واتباع جوارح الطير

تنزل إال وهذه النبوة ال تليق إال بمحمد صلى الله عليه وسلم وال تصلح إال له وال وحبسها عليه ، فمن حاول صرفها عنه فقد حاول صرف األنهار العظيمة عن مجراها ،

أن يتم عن غايتها ومنتهاها ، وهيهات ما يروم المبطلون والجاحدون ، ويأبى الله إال نوره ولو كره الكافرون ، فمن الذي امتألت األرض من حمده وحمد أمته لله في صلواتهم وخطبهم وأدبار صلواتهم وعلى السراء والضراء وجميع األحوال سواء�؟!

سماهم الله قبل ظهورهم الحمادين ! ومن الذي كان وجهه كأن الشمس والقمر حتى!.في ضيائه ونوره؟ يجريان فيه

رسول لو لم يقل إني شاهده في وجهه ينطق بها قد عود الطير عادات وثقن وصحبت سباع ومن الذي سارت لمنايا أمامه فهن يتبعنه في كل مرتحل أمـــا

.الطيرجنوده لعلمها بما يقرب من ذبح الكفار لله الواحد القهار

(73)

Page 74: هداية الحيارى

ومن الذي تضعضعت له الكفار بدماء من علقوا من يتطايرون بقربه قربانهم العالم ، انتفضت بنبوته الممالك الجبال وانخفضت له الروابي وداس األمم ودوخ

! وخلص األمة من الشرك والكفر والجهل والظلم سواء؟

فصـل نصوص من كتاب حزقيال

كتاب حزقيال يهدد اليهود وصف لهم أمة )الوجه السادس والعشرون(: قوله في� ، وينزل عليه محمد صلى الله عليه وسلم وإن الله مظهرهم عليكم ، وباعث فيهم نبيا

� ، ويملكهم رقابكم فيقهرونكم ويذلونكم بالحق ، يخرج رجال بني قيدار في كتابا يوقعون بكم ، وتكون جماعات الشعوب معهم مالئكة على خيل بيض متسلحين

.عاقبتكم إلى النار

قهرهم وأذلهم وأوقع بهم وأنزل عليه فمن الذي أظهره الله على اليهود حتى�؟ ومن هم بنو قيدار غير بني إسماعيل الذين خرجوا معه ومعهم جماعات كتابا

يوم بدر ويوم الشعوب؟ ومن الذي نزلت عليه وعلى أمته المالئكة على خيل بيض� تقاتل بين يديه وعن يمينه وعن شماله ، حتى األحزاب ويوم حنين حتى عاينوها عيانا

� ليس معهم غير فرسين ألف رجل مقنعين في الحديد غالب ثالثمائة وثالثة عشر رجال.معدودين من فرسان العرب فأصبحوا بين قتيل وأسير ومنهزم

)الوجه السابع والعشرون(: قال دانيال النبي حين سأله بخت نصر عن تأويل� بين يديك ، رأسه من ذهب ، رؤيا رآها ثم أنسيها : رأيت � قائما � عظيما أيها الملك صنما وفخداه من نحاس ، وساقاه من حديد، ورجاله من وساعداه من فضة ، وبطنه

صخرة فدقت ذلك الصنم فتفتت وتالشى الخرف ، فبينا أنت متعجب منه إذ أقبلت� ثم نسفته الرياح وذهب ، وتحول ذلك � مأل األرض ، وعاد رفاتا الحجر أنسانا عظيما

فما تأويلها ؟ قال : أنت الرأس فهذا ما رأيت أيها الملك ، فقال بخت نصر : صدقت رأيته من الفضة وهو دونك ، الذي رأيته من الذهب ، ويقوم بعدك ولدك وهو الذي

مملكة قوية مثل وتقوم بعده مملكة أخرى هي دونه وهي تشبه النحاس ، وبعدها الحجر العظيم الحديد ، وأما الرجال ن اللذان رأيت من خزف فمملكة ضعيفة ، وأما

فيدق جميع الذي رأيته دق الصنم فهو نبي يقيمه إله األرض والسماء بشريعة قوية ملوك األرض وأممها حتى تمتلء األرض منه ومن أمته ، ويدوم سلطان ذلك النبي

.إلى انقضاء الدنيا فهذا تعبير رؤياك أيها الملك

بن عبد الله حذو القذة بالقذة ، ال على ومعلوم أن هذا منطبق على محمد بشريعة قوية ودق جميع ملوك األرض المسيح وعلى على نبي سواه ، فهو الذي بعث

إلى آخر الدهر ، ال يقدر أحد أن وأممها حتى امتألت األرض من أمته ، وسلطانه دائم سلطان المجوس وعباد األصنام يزيله كما أزال سلطان اليهود من األرض ، وأزال

.وسلطان الصابئين

�: سألت الله وتضرعت إليه أن يبين )الوجه الثامن والعشرون( قول دانيال أيضا إسرائيل ، وهل يتوب عليهم ويرد إليهم ملكهم ويبعث فيهم لي ما يكون من بني

غيرهم ، فظهر لي الملك في صورة شاب حسن الوجه األنبياء أو يجعل ذلك في الله يقول إن بني إسرائيل أغضبوني وتمردوا علي فقال : السالم عليك يا دانيال ، إن

من بعد العلم إلى الجهل ، ومن بعد الصدق وعبدوا من دوني آلهة أخرى ، وصاروا

(74)

Page 75: هداية الحيارى

وسبى ذراريهم وهدم مسجدهم ، إلى الكذب ، فسلطت عليهم بختضر فقتل رجالهم العذراء البتول فأختم عليهم وحرق كتبهم ، وكذلك يفعل من بعده بهم ، مسيحي ابن

الذلة والمسكنة حتى أبعث نبي عند ذلك باللعن والسخط ، فال يزالون ملعونين عليهم بني إسماعيل الذي بشرت به هاجر ، وأرسلت إليها مالكي فبشرها ، فأوحى إلى ذلك

، والتقوى ضميره ، النبي ، وأعلمه األسماء ، وأزينه بالتقوى، وأجعل البر شعاره أخصه بكتاب والصدق قوله ، والوفاء طبيعته ، والقصد سيرته ، والرشد سنته ،

مصدق لما بين يديه من الكتب ، وناسخ لبعض ما فيها ، أسرى به إلي ، وأرقيه من إلى سماء إلى سماء حتى يعلو فأدنيه وأسلم عليه ، وأوحي إليه وأرقيه ثم أرده� بما أمر ، يدعنو إلى � لما استودع ، صادقا توحيدي عبادي بالسرور والغبطة ، حافظا

.وعبادتي ، ويخبرهم بما رأى من آياتي ، فيكذبونه ويؤذونه

قضية رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أماله عليه الملك ثم سرد دانيال .بالنفخة وانقضاء الدنيا حتى وصل آخر أيام أمته

� عند اليهود والنصارى يقرؤونها ويقرون بها ، ويقولون لم وهذه البشارة أيضا.يظهر صاحبها بعد

�: العالية أبو قال � ووجدوا عنده مصحفا لما فتح المسلمون تستر وجدوا دانيال ميتا قال أبو العالية أنا قرأت المصحف وفيه صفتكم وأخباركم وسيرتكم ولحون ،

أبو موسى أهل الناحية إذا أجدبوا كشفوا عن قبره فيسقون ، فكتب كالمكم ، وكان� عمر ، فكتب عمر بن الخطاب في ذلك إلى األشعري أن احفر بالنهار ثالثة عشر قبرا

.منها لئال يفتتن الناس به وادفنه بالليل في واحد

وصف الرسول في التوراة كما رواه كعب

وذكر صفة رسول الله صلى الله عليه كعب والعشرون(: قال )الوجه التاسع أحمد عبدي: التوراة المعينة ويريد بها التوراة التي هي أعم من التوراةوسلم في

صخاب في األسواق ، وال يجزي بالسيئة السيئة ، يعفو ال فظ وال غليظ وال المختار طابا ، وملكه بالشام ، وأمته الحمادون يحمدون الله ويغفر ، مولده بكاء ، وهجرته

على كل نجد ، يسبحونه في كل منزلة ، ويوضئون أطرافهم ، ويأتزرون على أنصافهم السماء ، وصفهم في القتال وصفهم في ، وهم رعاة الشمس ، ومؤذنهم في جو

ولهم دوي كدوي النحل ، يصلون الصالة الصالة سواء ، رهبان بالليل ، أسد بالنهار ،.حيث ما أدركتهم ولو على كناسة

عبد الحمن حدثني ابن أبي الزناد حفص( )الوجه الثالثون(: قال )قول عمر بن أبي وجدى وكان من خيار الناس ، قال كان عند حفص عمر بن ، عن بن الحارث

ورقة يتوارثونها قبل اإلسالم فيها اسم الله وقوله الحق ، وقول الظالمين في تبار ، هذا الذكر ألمة تأتي في آخر الزمان يتزرون على أوساطهم ، ويغسلون أطرافهم

ويخوضون البحور إلى أعدائهم ، فيهم صالة لو كانت في قوم نوح ما هلكوا.ما هلكوا بالصيحة بالطوفان ، وفي ثمود

(75)

Page 76: هداية الحيارى

وذكر قصة العرب )نص آخر من أشعياء( )الوجه الحادي والثالثون( : قال أشعياء وينهزمون بين فقال : ويدوسون األمم دياس البيادر ، وينزل البالء بمشركي العرب ،

.يدي سيوف مسلولة وقسى مؤترة من شدة الملحمة

بعبدة األوثان من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهذا أخبار عما حل.غيرهما من الوقائع يوم بدر ويوم حنين وفي

الذي اإلنجيل )نصوص أخرى من اإلنجيل( )الوجه الثاني والثالثون(: قوله في للحواريين من أبغضني فقد أبغض الرب، بأيدي النصارى عن يوحنا : أن المسيح قال

لهم ذنب ، ولكن من اآلن بطروا ولوال إني صنعت لهم صنائع لم يصنعها أحد لم يكن� ، فلو قد جاء المنحمنا فال بد أن تتم الكلمة التي في الناموس ألنهم أبغضوني مجانا

� ألنكم هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب روح الحق فهو شهيد على وأنتم أيضا.جاء قديما كنتم معي ، هذا قولي لكم لكي ال تشكو إذا

الحماد والمنحمنا بالسريانية ، وتفسيره بالرومية البارقليط ، وهو بالعبرانية.والمحمود والحمد كما تقدم

فصـل نصوص من إنجيل متى

� )إنجيل متى( : إن المسيح قال )الوجه الثالث والثالثون(: قوله في اإلنجيل أيضا لم نساعدهم على قتل األنبياء ، فأتموا كيل لليهود وتقولون : لو كنا في أيام آبائنا

.النجاة من عذاب النار آبائكم يا تعابين بني األفاعي كيف لكم

وتطلبونهم من وسأبعث إليكم أنبياء وعلما تقتلون منهم وتصلبون ، وتجلدون دم هابيل مدينة إلى أخرى ، لتتكامل عليكم دماء المؤمنين المهرقة على األرض من المذبح ، إنه الصالح إلى دم زريا بن برخيا الذي قتلتموه عند المذبح الذي قتلتموه عند

وترجم من بعث سيأتي جميع ما وصفت على هذه األمة ، يا أورشلم التي تقتل األنبياء أنت ذلك إليك ، قد أردت أن أجمع بنيك كجمع الدجاجة فراريجها تحت جناحها وكرهت

مبارك ، ، سأقفر عليكم بيتكم ، وأنا أقول ال تروني اآلن حتى يأتي من يقولون له.يأتي على اسم الله

قدر لهم ، وأنه سيقفر فأخبرهم المسيح أنهم ال بد أن يستوفوا الصاع الذي يأتي المبارك الذي يأتي عليهم بيتهم أي يخليه منهم ، وأنه يذهب عنهم فال يرونه حتى

.على اسم الله

.المؤمنين فهو – أي محمد – الذي انتقم بعده لدماء

� لكم أن أذهب عنكم حتى يأتيكم وهذا نظير قوله في الموضع اآلخر : إن خيرا.الفار قليط فإنه ال يجئ ما لم أذهب

� ذاهب ، والفار قليط من بعده، وفي موضع آخر أنا أذهب البشر ابن: وقوله أيضا.الفارقليط وسيأتيكم

(76)

Page 77: هداية الحيارى

كما والفارقليط والمبارك الذي جاء بعد المسيح هو محمد صلى الله عليه وسلم.تقدم تقريره

يحيى بن زكريا )الوجه الرابع والثالثون(: قوله في إنجيل متى : إنه لما حبس غيرك؟، فقال بعث تالميذه إلى المسيح وقال لهم : قولوا له أنت إيلياء أم نتوقع

زكريا ، المسيح : الحق اليقين أقول لكم : إنه لم تقم النساء عن أفضل من يحيى بن� بالنبوة والوحي حتى جاء يحيى ، وأما اآلن وإن التوراة وكتب األنبياء تتلو بعضها بعضا.فليستمع فإن شئتم فاقبلوا فإن إيلياء مزمع أن يأتي ، فمن كانت له أذنان سامعتان

مجئ وهذه بشارة بمجئ الله سبحانه والذي هو إيلياء بالعبرانية ، ومجيئه هو رسوله وكتابه ودينه ، كما في التوراة : جاء الله من طور سيناء قال بعض عباد

الصليب إنما بشر بإلياس النبي ، وهذا ال ينكر من جهل أمة الضالل وعباد خشبة التي نحتها أيدي اليهود ، فإن إلياس قد تقدم إرساله على المسيح بدهور الصليب.متطاولة

نصوص من سفر أرمياء

أرمياء : قبل أن أخلقك قد عظمتك من قبل )الوجه الخامس والثالثون(: ي نبوة� .لألجناس كلهم أن أصورك في البطن ، وأرسلتك وجعلتك نبيا

صلوات فهذه بشارة على لسان أرمياء لمن بعده ، وهو إما المسيح وأما محمد كان الله وسالمه عليهما ال يعدوهما إلى غيرهما ، ومحمد أولى بها ألن المسيح إنما

� لبني إسرائيل ، كما قال تعالى � إلى بني :نبيا ، والنصارى تقر بهذا ، إسرائيل ورسوال األرض ، فإن األنبياء من عهد ولم يدع المسيح أنه رسول إلى جميع أجناس أهل

أن المسيح اإلنجيل عندهم في موسى إلى المسيح إنما كانوا يبعثون إلى قومهم ، بل إلى سبيل األجناس ، ولكن اختصروا على الغنم الرابضة قال للحواريين : ال تسلكوا

عبد الله فهو الذي بعثه الله إلى جميع أجناس من نسل إسرائيل ، وأما محمد بن يا أيها الناس إني: مطابقة لقوله تعالى األرض وطوائف بني آدم ، وهذه البشارة

� . رسول الله إليكم جميعا

إنها وقد اعترف النصارى بهذه البشارة ولم ينكروها ، لكن قال بعض زعمائهم بشارة بموسى بن عمران وإلياس اليسع ، وإنهم سيأتون في آخر الزمان وهذا من

البهت والجرأة على الله واالفتراء عليه : فإنه ال يأتي من قد مات إلى يوم أعظم.المعلوم الميقات

الذي بأيديهم وقد ضرب اإلنجيل )الوجه السادس والثالثون(: قول المسيح في� وسيج حوله ، وجعل فيه معصرة ، وشيد فيه مثل الدنيا فقال : كرجل اغترس كرما

� ، وتغرب عنه ، � ووكل به أعوانا فلما دنى أوان قطافه بعث عبده إلى أعوانه قصرا.الموكلين بالكرم

� � بالكرم ، أفصح عن أمته ثم ضرب مثال لألنبياء ولنفسه ، ثم للنبي الموكل آخرا فقال : وأقول لكم يسزاح عنكم ملك الله ، وتعطاه األمة المطيعة العاملة ، ثم ضرب

(77)

Page 78: هداية الحيارى

� بصخرة وقال: من سقط على هذه الصخرة سينكسر ، ومن لنبي هذه األمة مثال.سقطت عليه ينهشم

.ومن ناوأه وحاربه من الناس وهذه صفة محمد

.ال تنطبق على أحد بعد المسيح سواه

من صحف أشعياء

صحفه: لتفرح أرض البادية )الوجه السابع والثالثون( : قول أشعياء في لبنان ومثل حسن العطشى ولتبتهج البراري والفلوات ألنها ستعطى بأحمد محاسن

.الدساكير

.تبين وتا الله ما بعد هذا إال المكابرة وجحد بعد ما

)من صحف حزقيال( )الوجه الثامن والثالثون( : قول حزقيال في صحفه التي بأيديهم يقول الله عزوجل -بعد ما ذكر معاصي بني إسرائيل وشبهم بكرمة غذاها- :

تلبث الكرمة أن قلعت بالسخطة ورمى بها على األرض وأخرقت السمائم ثمارها، لم غرس في البدو وفي األرض المهملة العطشى وخرجت من أغصانها فعند ذلك

.الكرمة حتى لم يوجد فيها غصن قوى وال قضيب الفاضلة نار أكلت تلك

عليه وسلم-، وببلده وهي مكة العطشى وهذا تصريح ال تلويح به-صلى الله.إسماعيل المهملة من النبوة قبله من عهد

وقد نعت الكلدانيين الكذابين دانبال صحف )الوجه التاسع والثالثون( : ما في وأقسم الرب بساعده أن ال يظهر الباطل وال فقال: ال تمتد دعوتهم وال يتم قربانهم،

.يقوم لمدع كاذب دعوة أكثر من ثالثين سنة

محمد-صلى الله عليه ما يشبه هذا، وهذا تصريح بصحة نبوة التوراة وفي وهذه دعوته قد وسلم-، فإن الذين اتبعوه بعد موته أضعاف الذين اتبعوه في حياته،

ولم يقع مرت عليها القرون من السنين وهي باقية مستمرة وكذلك إلى آخر الدهر،� عن كذاب مفتر على الله وأنبيائه مفسد للعالم مغير لدعوة هذا لملك قط فضال

.الرسل، ومن ظن هذا بالله فقد ظن به أسوأ الظن وقدح في علمه وقدرته وحكمته

ذكر مناظرة للمصنف مع اليهود

وقد جرت لي مناظرة بمصر مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرياسة ،� صلى الله عليه وسلم قد شتمتم الله فقلت له في أثناء الكالم : أنتم بتكذيبكم محمدا

أعظم شتيمة .

فعجب من ذلك ، وقال: مثلك يقول هذا الكالم! فقلت له : اسمع اآلن تقريره ،� ملك ظالم قهر الناس بسيفه وليس برسول من عند الله ، وقد إذا قلتم : إن محمدا

(78)

Page 79: هداية الحيارى

� وعشرين سنة يدعى أنه رسوله الله أرسله إلى الخلق كافة، ويقول : أقام ثالثاأمرني الله بكذا ونهاني عن كذا وأوحى إلى كذا ، ولم يكن من ذلك شئ .

ويقول : إنه أباح لي سبي ذراري من كذبني وخالفني نساءهم وغنيمة أموالهم وقتل رجالهم ، ولم يكن من ذلك شئ ، وهو يدأب في تغيير دين األنبياء ومعاداة

أممهم ونسخ شرائعهم ، فال يخلو إما أن تقولوا أن الله سبحانه كان يطلع على ذلك ويشاهده ويعلمه أو تقولوا أنه خفي عنه ولم يعلم به ، فإن قلتم لم يعلم به ، فإن

قلتم لم يعلم به نسبتموه إلى أقبح الجهل وكاان من علم ذلك أعلم منه ، وإن قلتم� على بل كان ذلك كله بعلمه ومشاهدته واطالعه عليه فال يخلو إما أن يكون قادرا

� فقد نسبتموه إلى تغييره واألخذ على يديه ومنعه من ذلك أو ال ، فإن لم يكن قادرا� وهو مع ذلك يعزه وينصره ويؤيده أقبح العجز المنافي للربوبية ، وإن كان قادرا

ويعليه ويعلي كلمته ، ويجيب دعاءه ويمكنه من أعدائه ويظهر على يديه من أنواع المعجزات والكرامات ما يزيد على األلف وال يقصده أحد بسوء إال أظفره به وال

بدعوة إال استجابها له فهذا من أعظم الظلم والسفه الذي ال يليق نسبته إلى آحاد� عن رب األرض والسماء فكيف وهو يشهد له بإقراره على دعوته العقالء فضال

وبتأييده وبكالمه وهذه عندكم شهادة زور وكذب.

فلما سمع ذلك قال معاذ الله أن يفعل الل هذا بكاذب مفتر بل هو نبي صادقمن اتبعه أفلح وسعد.

قلت : فما لك ال تدخل في دينه ؟ ، قال : إنما بعث إلى الميين الذين ال كتابلهم ، وأما نحن فعندنا كتاب نتبعه .

قلت له : غلبت كل الغلب ، فإنه قد علم الخاص والعام أنه أخبر أنه رسول الله إلى جميع الخلق ، وإن من لم يتبعه فهو كافر من أهل الجحيم ، وقاتل اليهود

والنصارى وهم أهل كتاب ، وإذا صحت رسالته وجب تصديقه في كل ما أخبر به ،.� فأمسك ولم يحر جوابا

وقريب من هذه المناظرة ما جرى لبعض لعلماء المسلمين مع بعض اليهود ببالد التي بأيديكم إلى اليوم أن اله قال لموسى :التوراةالمغرب قال له المسلم : في

� مثلك اجعل كالمي على فيه ، فمن عصاه إني أقيم لبني إسرائيل من أخوتهم نبياانتقمت منه .

قال له اليهودي : ذلك يوشع بن نون .

:التوراةفقال المسلم : هذا محال من وجوه: )أحدها( أنه قال عندك في آخر أنه ال يقوم في بني إسرائيل نبي مثل موسى )الثاني( أنه قال من إخوتهم وإخوة بني إسرائيل إما العرب وإما الروم ، فإن العرب بنو إسماعيل والروم بنو العيص ، وهؤالء إخوة بني إسرائيل ، فأما الروم فلم يقم منهم نبي سوى أيوب وكان قبل موسى فال

يجوز أن يكون هو الذي بشرت به التوراة ، فلم يبق إال العرب وهم بنو إسماعيل حين ذكر إسماعيل جد العرب: إنهالتوراةوهم إخوة بني إسرائيل ، وقد قال الله في

يضع فسطاطه في وسط بالد أخوته وهم بنو إسرائيل ، وهذه بشارة بنبوة ابنه محمد الذي نصب فسطاطه وملك أمته في وسط بالد بني إسرائيل وهي الشام التي هي

مهر ملكه كما تقدم من قوله وملكه بالشام.

(79)

Page 80: هداية الحيارى

� : القرآنفقال له اليهودي : فعندكم في وإلى عاد، وإلى مدين أخاهم شعيبا � � ، أخاهم هودا ، والعرب تقول: يا أخا تميم لواحد منهم ،وإلى ثمود أخاهم صالحا

فهكذا قوله أقيم لبني إسرائيل من إخوتهم قال المسلم الفرق بين الموضعين ظاهر ، فإنه من المحال أن يقال : أن بني إسرائيل إخوة بني إسرائيل وبني تميم

إخوة بني تميم وبني هاشم إخوة بني هاشم ، هذا ماال يعقل في لغة أمة من األمم ، بخالف قولك : زيد أخو بني تميم ، وهو أخو عاد ، وصالح أخو ثمود أي واحد منهم ،

فهو أخوهم في النسب ولو قيل عاد أخو عاد وثمود أخو ثمود ومدين أخو مدين لكان� ، وكان نظير قولك بنو إسرائيل ، إخوة بني إسرائيل فاعتبار أحد الموضعين نقصا

باآلخر خطأ صريح.

قال اليهودي : فقد أخبر أنه سيقيم هذا النبي لبني إسرائيل ، ومحمد إنما أقيم للعرب ولم يقم لبني إسرائيل ، فهذا االختصاص يشعر بأنه مبعوث إليهم ال إلى

غيرهم .

قال المسلم : هذا من دالئل صدقه ، فإنه رسول الله إلى أهل األرض كتابيهم على أنه يقيمه لهم لئال يظنوا أنه مرسل إلى العربالتوراةوأميهم ، ونص الله في

واألميين خاصة ، والشئ يخص بالذكر لحاجة المخاطب إلى ذكره لئال يتوهم السامع أنه غير مراد باللفظ العام وال داخل فيه ، وللتنبيه على أن ما عداه أولى بحكمه ولغير

ذلك من المقاصد ، فكان في تعيين بني إسرائيل بالذكر إزالة لوهم من توهم أنه� ما أتاهم من نذير من قبلكمبعوث إلى العرب خاصة ، وقد قال تعالى : لتنذر قوما

� لغيرهم، فلو أمكنك أن تذكر عنه أنه ادعى وهؤالء قومه ولم ينف ذلك أن يكون نذيرا أنه رسول إلى العرب خاصة لكان ذلك حجة ، فأما وقد نطق كتابه وعرف الخاص

والعالم بأنه ادعى أنه مرسل إلى بني أسرائيل وغيرهم فال حجة لك.

قال اليهودي : إن أسالفنا من اليهود كلهم على أنه ادعى ذلك ، ولكن العيسرية منا تزعم أنه نبي العرب خاصة ولسنا نقول بقولهم ، ثم التفت إلى يهودي معه فقال

نحن قد جرى شأننا على يهودية ، وتالله ما أدري كيف التخلص من هذا العربي ، إالأنه أقل ما يجب علينا أن نأخذ به أن أنفسنا النهى عن ذكره بسوء.

معاوية بن صالح حدثنا معن بن عيسى في الطبقات حدثنا محمد بن سعدوقال : كيف تجد نعت رسول الله صلىكعب األحبار أنه سأل ابن عباس عن أبي فروةعن

قال : نجده محمد بن عبد اله ، مولده بمكة ومهاجره إلىالتوراةالله عليه وسلم في طابة ، ويكون ملكه بالشام ، ليس بفحاش وال سخاب باألسواق ، وال يكافئ السيئة

بالسيئة ولكن يعفو ويصفح.

أبو ، حدثنا الحسن بن الربيع : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارميوقال � محمد رسولكعب قال : قال أبي صالح ، عن عن األعمش، األحوص : نجد مكتوبا

اله ال فظ وال غليظ وال صخاب باألسواق وال يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ، وأمته الحمادون يكبرون الله على كل نجد ويحمدونه في كل منزلة ، يأتزرون على أنصافهم ، ويتوضئون على أطرافهم ، مناديهم في جو السماء ، صفهم في القتال وصفهم في الصالة سواء ، لهم دوي كدوي النحل مولده بمكة ، ومهاجرة بطابة ،

وملكه بالشام.

،عبد الملك بن عمير ، عن أبو عوانة ، حدثنا زيد بن عوف وأخبرنا الدارميقال قال : في السطر األول محمد رسول الله ، عبدكعب ، عن ذكوان أبي صالحعن

(80)

Page 81: هداية الحيارى

المختار ، ال فظ وال غليظ ، وال صخاب باألسواق ، وال يجزي بالسيئة السيئة ولكنيعفو ويغفر ، مولده بمكة ، وهجرته بطيبة، وملكه بالشام.

وفي السطر الثاني محمد رسول اللله ، أمته الحمادون يحمدون الله في كل حال ومنزلة ، ويكبرونه على كل شرف ، رعاة الشمس ، يصلون الصالة إذا جاء

وقتها ولو كانوا على رأس كناسة ، يأتزرون على أوساطهم ، ويوضئون أطرافهم ،وأصواتهم بالليل في جو السماء كأصوات النحل.

، عن أبيه قال : كانت بنونملة بن أبي نملة ، عن عاصم بن عمر بن قتادةوقال قريظة يدرسون ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبهم ويعلمون الولدان

صفته وسامه ومهاجره ، فلما ظهر حسدوا ويغوا وأنكروا.

رميح بن عبد وسليمان بن سحيم في دالئل النبوة من حديث أبو نعيموذكر أبي عن أبيه ، قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري كالهما عن الرحمن

� ألتحدث فيهم ونحن يومئذ فيجئت بني عبد األشهل يقول : مالك بن سنان يوما هدنة من الحرب ، فسمعت يوشع اليهودي يقول : أظل خروج نبي يقال له أحمد

يخرج من الحرم.

كالمستهزئ به: ما صفته ؟ فقال : رجل ليسخليفة بن ثعلبة األشهليفقال له بالقصير وال بالطويل ، في عينيه حمرة ، يلبس الشملة ، ويركب الحمار ، وهذا البلد

مهاجره قال فرجعت إلى قومي بني خدرة وأنا يومئذ أتعجب مما يقول يوشع ،� منا يقول : هذا وحده يقوله ؟! كل يهود يثرب تقول هذا ، قال أبي : فأسمع رجال فخرجت كتى جئت يهود بني قريظة فتذاكروا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال

: قد طلع الكوكب األحمر الذي لم يطلع إال بخروج نبي وظهوره ، ولمالزربير بن باطا : فلما قدم رسول الله صلى اللهأبو سعيديبق أحد إال أ،مد ، هذه مهاجرة ، قال

وذووهالزبيرعليه وسلم المدينة أخبره ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو أسلم من رؤساء يهود ألسلمت يهود كلها إنما هم لهم تبع.

، عن أبيه ،صالح بن محمد ، عن يحيى بن إبراهيم حدثنا النضر بن سلمةوقال قال : لممحمد بن مسلمة ، عن محمود بن لبيد ، عن عاصم بن عمر بن قتادةعن

يكن في بني عبد األشهال إال يهودي واحد يقال له يوشع ، فسمعته يقول وإني لغالم : قد أظلكم خروج نبي يبعث من نحو هذا البيت ، ثم أشار بيده إلى نحو بيت الله

الحرام ، فمن أدركه فليصدقه ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنا وهو.� � وبغيا بين أظهرنا ولم يسلم حسدا

،أبي بكر بن عبد الله العامري ، عن عبد الجبار بن سعيد : وحدثنا النضرقال قال : ما كان في األوسعمارة بن خزيمة بن ثابت ، عن سليم بن يسارعن

، كان يألف اليهود ويسائلهم عنلمحمد من أبي عامر الراهبوالخزرج رجل أوصف الدين ويخبرونه بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن هذه دار هجرته ، ثم

خرج إلى يهود تيماء فأخبره بمثل ذلك ، ثم خرج إلى الشام فسأل النصارى فأخبروه بصفة الله صلى الله عليه وسلم ، وأن مهاجره يثرب ، فرجع أبو عامر وهو يقول : أنا

على دين الحنيفية ، وأقام مترهبا ولبس المسوح ، وزعم أنه على دين ابراهيم وأنه ينتظر خروج النبي ، فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة لم يخرج إليه

وأقام على ما كان عليه.

(81)

Page 82: هداية الحيارى

فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وبغى ونافق ، وأتى النبي صلى يا محمد .الله عليه وسلم فقال :

بم بعثتت ؟ قال بالحنيفية، قال : أنت تخلطها بغيرهم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتيت بها بيضاء ، أين ما كان يخبرك األحبار من اليهود والنصارى من

صفتي ؟ فقال : لست الذي وصفوا فقا النبي صلى الله عليه وسلم كذبت فقال ما� ، قال: آمين � طريدا كذبت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أماته الله وحيدا

، ثم رجع إلى مكة وكان مع قريش يتبع دينهم وترك ما كان عليه ، فلما أسلم أهل.� � وحيدا � غريبا الطائف لحق بالشام فمات بها طريدا

فيعبد الرحمن بن عبد العزيز ومحمد بن سعد الثقفي : حدثني الواقديوقال أنه دخل علىالمغيرة بن شعبةجماعة كل حدثني بطائفة من الحديث ، عن

� نبي مرسل ، ولو أصاب القبط والروم اتبعوه قالالمقوقس وأنه قال له : إن محمدا المغيرة فأقمت باالسكندرية ال أدع كنيسة إال دخلتها وسألت أساقفها من قبطها

ورومها عما يجدون من صفة محمد صلى الله عليه وسلم.

وكان أسقف من القبط وهو رأس كنيسة أبي محنس كانوا يأتون بمرضاهم� منه ، فقلت : � قط ال يصلي الخمس أشد اجتهادا فيداويهم ويدعو لهم ، لم أر أحدا

أخبرني ثل بقي أحد من األنبياء؟ قال : نعم وهو آخرهم ليس بينه وبين عيسى أحد وهو نبي قد أمرنا عيسى باتباعه ، وهو النبي األمي العربي ، اسمه أحمد ، ليس بالطويل وال بالقصير ، في عينيه حمرة ، وليس باألبيض وال باألدم يعفي شعره ، ويلبس ما غلظ من الثياب ، ويجتزي بما لقي من الطعام ، سيفه على عاتقه وال

� يبالي من القى يباشر القتال بنفسه ، ومعه أصحابه يفدونه بأنفسهم هم له أشد حبا من أوالدهم وآبائهم ، يخرج من أرض القرظ ، ومن حرم يأتي وإلى حرم يهاجر إلى

أرض مسبخة ونخل ، يدين بدين إبراهيم ، يأتزر على وسطه ، ويغسل أطرافه ، ويخص بما لم يخص به األنبياء قبله ، وكان النبي يبعث إلى قومه ويبعث إلى الناس

� أينما أدركته الصالة تيمم ، وصلى ومن كان � وطهورا كافة ، وجعلت له األرض مسجداقلبهم مشدد عليهم ال يصلون إال في الكنائس والبيع.

، حدثناعبد الله بن رجاء ، حدثنا على بن عبد العزيز : حدثنا الطبرانيوقال ،سعيد بن زيد ، عن أبيه ، عن جده نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد عن المسعودي

خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهبورقة بن نوفل وزيد بن عمروأن : من أين أقبلت؟ قال من بيت إبراهيم ، قال : وما تلتمس ؟لزيدبالموصل ،فقال

قال ألتمس الدين ، قال ارجع فإنه يوشك أن يظهر الذي تطلب في أرضك ، فرجع.� � ورزقا � ، تعبدا � حقا وهو يقول : لبيك حقا

العالء ابن ، حدثنا يزيد بن عمرو : حدثني األعالم في كتاب ابن قتيبةوقال خليفة عن أبيه أبي سوية عن عبد الملك بن أبي سوية، حدثني أبي ، عن أبيه الفضل

�؟ قالمحمد بن عدي قال : سألت بن عبدة المنقري : كيف سماك أبوك عدي محمدا : أما إني قد سألت أبي عما سألتني عنه ، فقال خرجت رابع أربعة من بني تميم أنا

نريدأسامة بن مالك بن جندب ويزيد بن عمرو بن ربيعة ومجاشع بن دارمأحدهم و ، فلما قدمنا الشام نزلنا على غدير فيه شجرات وقربه ديرانيابن جفنة الغساني

فأشرف علينا ، وقال : إن هذه اللغة ما هي ألهل هذا البلد ، قلنا نعم نحن قوم من� مضر ، قال : من أي المضريين ؟ قلنا من خندق ، قال : أما فإنه سيبعث فيكم وشيكا

نبي فسارعوا إليه وخذوا بحظكم منه ترشدوا ، فإنه خاتم النبيين، واسمه محمد ،

(82)

Page 83: هداية الحيارى

وصرنا إلى أهلنا ولد لكل رجل منا غالمابن جفنة العسانيفلما انصرفنا من عند .� فسماه محمدا

،عطاء بن السائب ، عن حماد بن سلمة، حدثنا روح : حدثنا اإلمام أحمدوقال عن أبيه ، قال دخل رسول الله صلى الله عليهأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعودعن

، فلما أتوا على صفة النبي صلىالتوراةوسلم الكنيسة فإذا هو بيهودي يقرأ عليهم الله عليه وسلم أمسكوا ، وفي ناحيتها رجل مريض ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما لكم أمسكتم؟ قال المريض إنه أتوا على صفة نبي فأمسكوا ، ثم جاء

فقرأ حتى أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم،التوراةالمريض يحبو حتى أخذ فقال هذه صفتك وصفة أمتك : أشهد أن ال إله إال الله وأنك رسول اله ثم مات ،

فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألصحابه : خذوا أخاكم.

سليمان بن داود ابن ، قال حدثني محمد بن عمر : حدثنا محمد بن سعدوقال قال : لما قدمأبي بن كعب ، عن ابن عباس عن عكرمة ، عن أبيه ، عن الحسين

تبعالمدينة ونزل بقباء بعث إلى أحبار اليهود فقال : إني مخرب هذا البلد حتى ال تقوم بها يهودية ويرجع األمر إلى العرب ، فقال له شموال اليهودي ، وهو يومئذ أعلمهم ،

أيها الملك ! إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني اسماعيل ، مولده بمكة ،اسمه أحمد ، وهذه دار هجرته.

وإن منزلك هذا الذي أنت به يكون به من القتل والجراح كثير في اصحابه وفي عدهم ، قال تبع : ومن يقاتله يومئذ وهو نبي كما تزعمون ؟ قال: يسير إليه قومه فيقتتلون هاهنا ، قال : فأين قبره ، قال : بهذا البلد ، قال : فإذا قوتل لمن تكون الدائرة؟ قال : تكون له مرة وعليه مرة ، وبهذا المكان الذي أنت به تكون عليه

� لم تقتلوه في موطن ثم تكون له العاقبة ويظهر فال ينازعه هذا ويقتل أصحابه قتال األمر أحد ، قال : وما صفته ؟ قال : رجل ليس بالطويل وال بالقصير ، في عينيه

حمرة ، يركب البعير ، ويلبس الشملة ، سيفه على عاتقه ال يبالي من القى من أخ او ابن عم أو عم حتى يظهر أمره ، قال تبع : ما إلى هذه البلدة من سبيل ، وما يكون

� إلى اليمن ، قال يوسف بن عبد الله بن سالمخرابها على يدي ، فخرج تبع منصرفا عن أبيه لم يمت تبع حتى صدق بالنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يهود يثرب

.� يخبرونه ، وإن تبع مات مسلما

عنعبد الحميد بن جعفر ، حدثني محمد بن عم : حدثنا محمد بن سعدوقال � كان أبيالزبير بن باطاأبيه ، قال: كان وكان أعلم اليهود يقول : إني وجدت سفرا

الزبيريكتمه على فيه ذكر أحمد نبي يخرج بأرض القرظ ، صفته كذا وكذا، فتحدث به بعد أبيه والنبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث بعد فما هو إال أن سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة فعمد إلى ذلك السفر فمحاه وكتم شأن انبي صلى

الله عليه وسلم وصفته ، وقال ليس به.

، عنمخرمة بن سليمان ، عن الضحاك بن عثمان : وحدثني محمد بن عمرقال ، قال : كان يهود قريظة والنضير وفدك وخيبر يجدون صفةكريب عن ابن عباس

النبي صلى الله عليه وسلم عندهم قبل أن يبعث ، وإن دار هجرته بالمدينة ، فلما ولد رسول اله صلى الله عليه وسلم قالت أحبار يهود : ولد أحمد الليلة ، هذا الكوكب قد

طلع ، فلما تنبأ قالوا تنبأ أحمد قد طلع الكوكب كانوا يعرفون ذلك ويقرون بهويصفونه فما منعهم إال الحسد والبغي.

(83)

Page 84: هداية الحيارى

عبد وابي عبيدة بن عبد الله عن على بن محمد : أخبرنا محمد ابن أسعدوقال عائشة ، عن أبيه ،عن هشام بن عروة وغيره ، عن الله بن محمد بن عمار بن ياسر

قالت : سكن يهودي بمكة يبع بها تجارات ، فلما كانت ليلة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس من مجالس قريش: هل كان فيكم من مولود هذه الليلة

قالوا : ال نعلمه ، قال انظروا يا معشر قريش وأحصوا ما أقول لكم، ولد هذه األمة أحمد ، وبه شامة بين كتفيه فيها شعرات ، فتصدع القوم من مجالسهم وهم يعجبون من حديثه ، فلما صاروا في منازلهم ذكروه ألهاليهم فقيل لبعضهم ولد لعبد الله بن

� ، فأتوا اليهودي في منزله فقالوا : علمت أنه عبد المطلب الليلة غالم وسماه محمدا ولد فينا غالم ، فقال : أبعد خبري أم قبله ؟ فقالوا قبله ، واسمه أحمد ، قال : فاذهبوا بنا إليه ، فخرجوا حتى أتوا أمه فأخرجته إليهم فرأى الشامة في ظهره

فغشى على اليهودي ثم أفاق ، فقالوا : ما لك ؟ ويلك ! فقال : ذهبت النبوة من بني إسرائيل ، وخرج الكتاب من أيديهم ، فازت العرب بالنبوة ، أفرحتم يا معشر

قريش ؟! أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج نبؤها من المشرق إلى المغرب.

محمد بن ، عن محمد عن علي بن مجاهد : وأخبرنا علي بن ابن سعدقال ، قال : أتى رسول الهأبي هريرة ، عن سالم مولى عبد الله بن مطيع ، عن اسحق

صلى الله عليه وسلم بيت المادرس، فقال أخرجوا إلي أعلمكم ، فقالوا عبد الله ابن صوريا ، فخال به رسول الله صلى الله عليه وسلم فناشده بدينه وبما أنعم الله عليهم وأطمعهم من المن والسلوى وظللهم من الغمام أتعلم أني رسول الله ؟ قال اللهم

نعم وإن القوم نعم وإنالقم ليعرفون ما أعرف ، وإن صفتك ونعتك لمبين في التوراة ولكن حسدوك ، قال : فما يمنعك أنت ؟قال : أكره خالف قومي عسى أن يتبعوك

ويسلموا فأسلم.

حدثناسهل بن عثمان ، حدثنا أبو يحيى الرازي : حدثنا أبوالشيخ األصبهانيوقال : كتب آتيعمر بن الخطاب، قال : قال الشعبي عن داود ، عن علي بن مسهر

فأعجب من موافقة التوراة للقرآن وموافقة القرآنالتوراةاليهود عند دراستهم للتوراة ، فقالوا : يا عمر ما أحد أحب إلينا منك ألنك تغشانا ، قلت : إنما أجئ ألعدب� ، فبينا أنا عندهم ذات يوم إذ مر رسول الله صلى من تصديق كتاب الله بعضه بعضا

الله عليه وسلم فقالوا هذا صاحبك ، فقلت : أنشدكم الله وما أنزل عليكم من الكتاب أتعلمون أنه رسول الله ؟ فقال سيدهم : قد نشدكم الله فأخبروه ، فقالوا :

أنت سيدنا فأخبره ، فقال : إنا نعلم أنه رسول اله ، قلت : فإني أهلككم إن كنتم� من � من المالئكة وسلما تعلمون أنه رسول الله لم لم تتبعوه ؟ قالوا : إن لنا عدوا

المالئكة ، عدونا جبريل وهو ملك الفظاظة والغلظة ، وسلمنا ميكائيل وهو ملكالرأفة اللين .

قلت : فإني أشهد ما يحل لجبريل أن يعادي سلم ميكائيل وال لميكائيل أن يعادي سلم جبريل وال أن يسالم عدوه ، ثم قمت فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه

� لجبريل فإنه نزلهأال أقرئك آيات نزلت من قبل ، فتال وسلم فقال : من كان عدوا األية ، فقلت : والذي بعثك بالحق ما جئت إال الجترك بقولعلى قلبك بإذن الله

، قال عمر : فلقد رأيني أشد في دين الله من حجر.اليهود

قال : رغبت عن آلهة قومي فيعمرو بن عبسة من حديث أبو نعيموذكر � الجاهلية ، وعرفت أنها على الباطل يعبدون الحجرة وهي ال تضر وال تنفع فلقيت رجال

من أهل الكتاب فسألته عن أفضل الدين ؟ فقال يخرج رجل من مكة ويرغب عن آلهة قومه يأتي أفضل الدين ، فإذا سمعت به فاتبعه ، فلم يكن لي هم إال مكة آتيها

(84)

Page 85: هداية الحيارى

فأسأل : هل حدث فيها خبر ؟ فيقولون : ال فأنصرف إلى أهلي وأعتر الركبان فأسألهم فيقولون : ال ، فإني لقاعد إذ مر بي راكب فقلت : من أين جئت ؟ قال : من مكة ، قلت هل حدث حدث فيها ، قال : نعم ، رجل رغب عن آلهة قومه ودعا

إلى غيرها ، قلت : صاحب الذي أريد فشددت راحلتي وجئت فأسلمت.

خبر المباهلة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينالنصارى في زمنه

عن ، ابن جريج ، عن موسى بن عبد الرحمن حدثنا : عبد الغني بن سعيد وقال ثمانية من أساقفة أن : ابن عباس عن الضحاك عن مقاتل وعن عطاء ابن عباس

فأنزل اله السيد و العاقب نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم فقالوا فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم: تعالى

فاستشاروهم فأشاروا أخرنا ثالثة أيام ، فذهبوا إلى بني قريظة والنضير وبني قينقاع ، اإلنجيلو التوراةعليهم أن يصالحوه وال يالعنوه ، وهو النبي الذي نجده في ا

صلى الله عليه وسلم على ألف حل في صفة وألف حلة في رجب فصالحوا النبي.ودراهم

عكرمة ، عن يونس بن أبي سالم ، عن قيس بن الربيع عن يونس بن بكير وقال� من أهل الكتاب آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث كفروا: أن ناسا

فذوقوا فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم : فذلك قوله تعالى به ،. العذاب بما كنتم تكفرون

موسى بن يعقوب عن محمد بن اسماعيل بن أبي فديك حدثنا : ابن سعد وقال� في حجر عمه وكان يقرأ عثمة سهل مولى عنالزمعي � وكان يتيما أنه كان نصرانيا

� لعمي فقرأته حتى مرت بي ورقة أنكرت كثافتها ، اإلنجيل ، قال فأخذت مصحفا فإذاثي ملصقة ففتقتها فوجدت فيها نعت محمد صلى الله عليه وسلم أنه ال قصير وال

خاتم النبوة، يكثر االحتباء وال يقبل الصدقة ، ويركب الحمار طويل ، أبيض بين كتفيه� وهو من ذرية اسماعيل اسمه أحمد ، والبعير ، وحتلب الشاة � مرقعا ويلبس قميصا

فضربني ، وقال مالك وفتح هذه الورقة : فقلت : فيها قال فجاء عمي فرأى الورقة.يأت بعد نعت النبي أحمد ، فقال إنه لم

� أوحى الله إلى أشعياء: إني مبتعث : وهب وقال � وقلوبا � صما � أفتح به آذانا نبيا� ، أ والتقوى ضميره ، والحكمة معقوله ، عل السكينة لباسه ، والبر شعاره ،<غلفا

خلقه ، والعدل سيرته ، والحق والوفاء والصدق طبيعته ، العفو والمغفرة والمعروف أهدى به بعد الضاللة ، وا'لم به شريعته ، والهدى أمامه ، واإلسالم ملته ، وأ،مد أمه ،

الفرقة ، وأؤلف به بين قلوب مختلفة بعد الجهالة ، وأكثر به بعد القلة ، وأجمع به بعد ، وهم رعاة الشمس ، طوبى وأهواء متشتتة وأمم مختلفة ، وأجعل أمته خير أمة

.لتلك القلوب

أهل الشام أن رجال من : عثمان بن عبد الرحمن من حديث الدنيا ابن أبي وذكر من النصارى قدم مكة ، فأتى على نسوة قد اجتمعن في يوم عيد من أعيادهم وقد

غاب أزواجهن شفي بعض امورهم ، فقال يا نساء تيماء إنه سيكون فيكم نبي يقال له

(85)

Page 86: هداية الحيارى

� فلتفعل فحفظت خديجة أحمد ، أيتما امرأة منكن استطاعت أن تكون له فراشا.حديثه

، ومما داود ، قال في قصة وهب ، عن أبيه ، عن عبد المنعم بن إدريس وقال إنه سيأتي من بعدك نبي يسمى أحمد ومحمد ، داود يا : الزبور أوحي الله إليه في

، � � سيدا � ، قد غفرت له قبل أن يعصيني ما صادقا � وال يغضبني أبدا ال أغضب عليه أبدا وما تأخر ، وأمته مرحومة ، اعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت تقدم من ذنبه

عليهم الفرائض التي افترضت على األنبياء والرسل ، حتى يأتوني األنبياء ، وافترضت مثل نور األنبياء قبلهم وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت يوم القيامة ونورهم

وأمرتهم بالحج كما أمرت األنبياء من قبلهم وأمرتهم بالجهاد كما أمرت األنبياء قبلهم ،� وأمته على األمم كلها : أعطيتهم ست الرسل من قبلهم يا داود إني فضلت محمدا

األمم ، ال أؤخذهم بالخطأ والنسيان ، وكل ذنب ركبوه خصال لم أعطها غيرهم من غفرته لهم، وما قدموا آلخرتهم من شئ طيبة به على غير عمد إذا استغفروني منه

� مضاعفة أفضل من ذلك ، ولهم في المدخور عندي أنفسهم عجلته لهم أضعافا� مضاعفة أفضل من ذلك، وأعطيتهم على المصائب إذا صبروا واسترجعوا أضعافا

من أمة محمد الصالة والرحمة والهدىفإن دعوني استجبت لهم ، يا داود من لقيني� فهو معي في جنتي وكرامتي ، ومن يشهد أن ال إله إال أنا وحدي ال شريك لي صادقا

� أو كذب بما جاء به واستهزأ بكتابي صببت عليه في قبره لقيني وقد كذب محمدا� وضربت المالئكة وجهه ودبره عند منشره في قبره ثم أدخله في الدرك العذاب صبا

.األسفل من النار

مطرف بن ، عن أوفى زراة بن أبي ، عن همام عن قتادة حدثنا : عفان وقال فأصبنا قبر دانيال بالسوين ، وكانوا إذا األشعري مع أنه قال شهدت فتح تستر : مالك

أجدبوا خرجوا فاستسقوا به فوجدوا معه رقعة فلطبها نصراني من الحيرة يسمى� � فلن يقبل منه وهو في فقرأ وفي أسفلها نقيما اآلخرة من ومن يبتغ غير اإلسالم دينا

� ، وذلك في خالفة الخاسرين معاوية فأتحفهم فأسلم منهم يومئذ اثنان وأربعون حبرا.معاوية وأعطاهم

قال : تذاكرنا الكتاب قرة معاوية بن أن بسطام بن مسلم فأخبرني : همام قال فدعوناه فقال على الخبير سقطتم : إن حوشب شهر بن إلى ما صار فمر عليها

أال رجل أئتمنه على أمانة يؤديها؟ قال شهر : الكتاب كان عند كعب فلما احتضر قال فدفع إليه الكتاب ، فقال : إذا بلغت موضع كذا فقال ابن عم لي يكنى أبا لبيد : أنا ،

وكذا فاركب قرقورا ثم اقذف به في البحر ففعل ، فانفرج الماء فقذفه فيه ورجع.التي أنزلها الله عز وجل التوراة إلى كعب فأخبره فقال صدقت أنه من

أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي ونحن نذكر بعضها

ا/ية قد ، قال : كانمصعب بن عثمان ، عن مصعب حدثني عمى : الزبير بن بكار قال� ، وكان ممن ذكر إبراهيم وإسماعيل نظر في الكتب وقرأها ولبسا لمسوح تعبدا

والحنيفية وحرم الخمر واألوثان والتمس الدين ، وطمع في النبوة ألنه قرأ في الكتب� صلى الله عليه أن � يبعث من العرب فكان يرجو أن يكون هو فلما بعث الله محمدا نبيا

قيل له : هذا الذي كنت تبشر به وتقول فيه ، فحسده عدو الله وقال أنا كنت وسلم

(86)

Page 87: هداية الحيارى

آياتنا فانسلخ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه : أكون هو ، فأنزل الله عز وجل فيه أرجو أن كل دين يوم القيامة : وهو الذي يقول منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين

: الزبير قال الله إال دين الحنيفية زور  عند

يلتمس أمية بن أبي الصلت ، قال : كان أبي بكر المؤملي عمر بن وحدثني الدين ويطمع في النبوة فخرج إلى الشام فمر بكنيسة ، وكان معه جماعة من العرب

فانتظروني ، فدخل إن لي حاجة في هذه الكنيسة : أمية من قريش وغيرهم فقال� فرمى بنفسه ، فأقاموا عليه � متغيرا حتى سرى عنه ثم الكنيسة ثم خرج إليهم كاسفا

ودخل مضوا فقضوا حوائجهم ثم رجعوا فلم صاروا إلى الكنيسة قال انتظروني قد شققت : حرب أبو سفيان بن الكنيسة ثم خرج أسوأ من حاله األول ، فقال له

� علي رفقتك ، فقال : خلوني فإني أرتاد لنفسي لمعادي ، وإن ههنا � عالما راهبا أخبرني أنه سيكون بعد يسى ست رجفات وقد مضت منها خمس وبقيت واحدة ،

� وأخاف أن يخطئني فأصابني ما رأيت ، فلما رجعت فخرجت وأنا أكمع أن أكون نبيا فقال قد كانت الرجفة وقد بعث نبي من العرب فأيست من النبوة فأصابني ما أتيته

.فاتني ما كنت أطمع فيه رأيت إذ

� قام أمية وجها وصعد في أمية خرج : الزهري قال وقال في سفر فنزلوا منزال له كنيسة فانتهى إليها فإذا شيخ جاس ، فقال ألمية حين رآه إنك كثيب فرفعت

رئيك؟ قال من شقي األيسر، قال : فأي الثياب أحب إليه أن لمتبوع فمن أين يأتيك ، قال كدت تكون نبي العرب ولست به، هذا خاطر من الجن السواد تلقاه فيها ؟ قال

وليس بملك وإن نبي العرب صاحب هذا األمر يأتيه الملك من شقه األيمن ، وأحب.إليه أن يلقاه فيها البياض الثياب

عمي الخبر ، فهل أحست ابا بكر فقال له : يا أمية أبا بكر وأتى : الزهري قال� ؟ قال : ال والله ، قال قد وجدته يخرج في هذا العام .شيئا

سفيان بن حرب أباو أمية يقول: إن يزيد خالد بن سمعت : عمر بن شبة وقال فخرج من عند صحباني في تجارة إلى الشام ، فذكر نحو الحديث األول ، وزاد فيه

� ، إن : أبو سفيان الراهب وهو ثقيل ، فقال له � فما قضيتك ؟ قال خيرا بك لشرا� ، ربيعة عتبة بن أخبرني عن كم سنه ؟ فذكر سنا ، قال أخبرني عن ماله ، فذكر ماال

ليس بشيخ بل رفعته ، فقال إن صاحب هذا األمر أبو سفيان وضعته، قال : فقال له.وال ذي مال ، قال وكان الراهب أيأسه وأخبره أن األمر لرجل من قريش

، قال حدثني رجل من أهل المؤملي عمر بن أبي بكر وحدثني : الزبير قال� فجاءه طائران فوقع أحدهما على باب البيت ودخل أمية الكوفة ، قال : كان نائما

:اآلخر فشق عن قلبه ثم رده الطائر ، فقال له الطائر اآلخر أوعى ؟ قال: نعم ، قال.أزكى ؟ قال : أبى

� : الزهري وقال � لها فأدركه أمية بن الصلت دخل يوما على أخته وهي تهنأ أدما النوم فنام على سرير في ناحية البيت ، قالت فانشق جانب من السقف في البيت

أحدهما على صدره ووقف اآلخر مكانه ، فشق الواقع في صدره وإذا بطائرين قد وقع الطائر األخر للذي على صدره : أوعى؟ قال : وعي ، قال : فأخرج قلبه فشقه ، فقال فرد قلبه في موضعه ثم مضى ، نعهما أمية طرفه وقال : أقبل ؟ ، قال : أبى ، قال .لبيكما لبيكما ها أنا لديكما

(87)

Page 88: هداية الحيارى

ال برئ فأعتذر وال ذو عشيرة فأنتصر ، فرجع الطائر فوقع على صدره فشقه قلبه فشقه ، فقال الطائر األعلى للواقع : أوعى ؟ قال : وعى ، قال : حتى أخرج

أقبل؟ قال : أبى ، ونهض فأتبعها أمية بصره فقال : لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما ، ال .يغنيني وال عشيرة تحميني مال لي

فقال الطائر فرجع الطائر فوقع على صدره فشقه حتى أخرج قلبه فشقه ، فأتبعها أمية األعلى للواقع : أوعى؟ قال : وعى ، قال : أقبل ؟ قال : أبى ، ونهض

بالذنب ، قال بصره فقال : لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما ، محفوف بالنعم محوط قال فرجع الطائر فوقع على صدره فشقه فأخرج قلبه فشقه ، فقال األعلى: أوعى

ها وعى ، قال : أقبل ؟ قال : أبى ، قال ونهض فأتبعهما طرفه فقال : لبيكما لبيكما.أها ذا لديكما

وأي عبد لك إال ألما                  جما إن تغفر اللهم تغفر

�؟ ثم انطبق السقف وجلس أمية يمسح صدره ، فقلت يا أخي ! هل تجد شيئا� في صدري ، ثم أنشد يقول : قال : ال ولكني أجد حرا

الجبال أرعى الوعوال في قالل                  ليتني كنت قبل ما قد بدا لي

الدهر إن للدهر غوال اجعل الموت نصب عينيك واحذر غولة

،حرب أبي سفيان بن عن معاوية بن أبي سفيان ، عن مروان بن الحكم وقال � أمية بن أبي الصلتقال : خرجت أنا و � أخرج تجارا إلى الشام ، فكان كلما نزلنا منزال

� يقرؤه ، فكنا كذلك حتى نزلنا بقرية من قرى النصارى فرأوه فعرفوه أهدوا منه سفرا وسط النهار فطرح نفسه واستخرج ثوبين له ، وذهب معهم إلى بيعتهم ، ثم رجع في

.أبا سفيان أسودين فلبسهما ، ثم قال : يا

تناهى علم الكتب تسأله عما بدا لك؟ هل لك في عالم من علماء النصارى إليه فطرح ثوبيه ثم انجدل على قلت :ال، فمضى هو وحده وجاءنا بعد هدأة من الليل

� � حزينا .ما يكلمنا وال نكلمه فراشه فوالله ما نام وال قام حتى أصبح وأصبح كئيبا

.فسرينا ليلتين على ما به من الهم

رأيت مثل الذي رجعت به من عند صاحبك ، قال : لمنقلبي ، فقلت : له ما إي والله ألموتن وألحاسبن ، قلت : فهل انت : قلت : وهل لك من منقلب ؟ قال

أنك ال تبعث وال تحاسب ، فضحك وقال : قابل أماني؟ قال : على ماذا؟ قلت : على الجنة وفريق في السعير ، قلت : بلى والله لتبعثن ولتحاسبن، ولتدخلن فريق في

بذلك في وال في نفسه ، فكنا ففي أيهما أنت أخبرك صاحبك ؟ قال : ال علم لصاحبي فبعنا متاعنا وأقمنا في ذلك ليلتنا يعجب منا ونضحك منه حتى قدمنا غوطة دمشق،

جاءوه وأهدوا له وذهب شهرين ثم ارتحلنا حتى نزلنا قرية من قرىالنصارى فلما رأوه رمى بنفسه على معهم إلى بيعتهم ، حتى جاءنا بعد هدأة من الليل فطرح ثوبيه ثم

� ال يكلمنا � حزينا .وال نكلمه فراشه ، فوالله ما نام وال قام حتى أصبح مبثوثا

أيجتنب عتبة بن ربيعة حدثني عن صخر فرحلنا فسرنا ليالي ، ثم قال : يا إي والله ، قال : أو يصل الرحم ويأمر بصلتها ؟ قلت نعم ، المحارم والمظالم ؟ قلت

(88)

Page 89: هداية الحيارى

� قال فكريم الطرفين وسيط في العشيرة ؟ قلت نعم ، قال : فهل تعلم قريشا هو ؟ قلت : ال بل هو ذو مال كثير ، قال : أشرف منه؟ قلت : ال والله ، قال أمحوج

أو قد قاربها ، قال : فالسن والشرف كم أتى له من السنين؟ قلت : هو ابن سبعين� : قال هو ذاك ، ثم إن رأيت بي أني جئت هذا أزريا به ، قلت : واله با زاده خيرا العالم فسألته عن هذا الذي ينتظر ، فقال : رجل من العرب من أهل بيت تحجه

العرب ، فقلت : فينا بيت تحجه العرب ، قال هو من إخوانكم وجيرانكم من قريش ، فأصابني شئ ما أصابني مثله إذ خرج من يدي فوز الدنيا واآلخرة وكنت أرجو أن أكون أنا هو ، فقلت : فصفه لي ؟ فقال: رجل شاب حين دخل في الكهولة ، بدؤ

أمره أنه يجتنب المحارم والمظالم ، ويصل الرحم ويأمر بصلتها ، وهو كريم الطرفين رجفت : ، متوسط في العشيرة ، أكثر جنده من المالئكة ، قلت : وما آية ذلك ؟ قال

الشام منذ هلك عيسى بن مريم عدة رجفات كلها فيها مصيبة ، وبقيت رجفة عامة� ال يأخذه فيها مصيبة ، يخرج على أثرها ، فقلت هذا هو الباطل ، لئن بعث الله رسوال

� ، قال أمية : والذي يحلف به إنه لهكذا إال � شريفا .مسنا

� من خلفنا فإذا هو يقول فخرجنا حتى إذا ان بيننا وبين مكة ليلتان أدركنا راكبا دثر أهلها فأصابتهم مصائب عظيمة ، فقال أمية كيف أصابت الشام من بعدكم رجفة

� ، وقدمنا مكة ثم انطلقت تبرر يا أبا سفيان ؟ فقلت : والله ما أظن صاحبك إال صادقا� وكنت فيها خمسة أشهر ثم قدمت مكة فجاءني الناس حتى أتيت أرض الحبشة تاجرا

صبيانها ، فسلم علي ورحب بي ، يسلمون علي وفي آخرهم محمد وهند تالعب الفتى لعجب ما جاءني وسألني عن سفري ومقدمي ، ثم انطلق فقلت والله إن هذا

معي لبضاعة ما هو من قريش أحد له بضاعة إال سألني عنها وما بلغت ، والله إن له وفزعت – وما – بأغناهم عنها ثم ما سألني عنها فقالت: أو ما علمت بشأنه ؟ فقلت

شأنه ؟ قالت : يزعم أنه رسول الله فذكرت قول النصراني فوجمت ، ثم قدمت الطائف فنزلت على أمية فقلت : هل تذكر حديث النصراني ؟ قال : نعم ، فقلت :

� قد كان ، .قال : ومن؟ قلت : محمد بن عبد الله ، فتصبب عرقا

الرجل ما كان فأين أنت منه؟ فقال : والله ال أؤمن بنبي فقلت : قد كان من أمر� .من غير ثقيف أبدا

صحيح ، وذلك حديثه عن هرقل وهو في أبي سفيان عن أمية حديث فهذا.علماء أهل الكتاب ، وكالهما من أعالم النبوة المأخوذة عن البخاري

خبر بحيرا الراهب

يونس وهو ثقة : أخبرنا عبد الرحمن بن عزوان غيره من حديث الترمذي وذكر ، عن أبيه ، قال : خرج أبو طالب إلى أبي موسى أبي بكر بن ، عن بن ابي اسحاق

عليه وسلم في أشياخ قريش ، فلما أشرفوا على الشام وخرج معه النبي صلى الله الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فر يخرج الراهب حطوا عن رحالهم ، فخرج إليهم

.إليهم وال يلتفت

رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى إذا جاء فأخذ بيد رسول قال : فهم يحلون فقال هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين يبعهث الله صلى الله عليه وسلم

أشياخ من قريش: ما علمك ؟ فقال إنكم حين أشرفتم الله رحمة للعالمين ، فقال له

(89)

Page 90: هداية الحيارى

� ، وال يسجدون إال لنبي ، وإني أعرفه من العقبة لم يبق شجر وال حجر إال خر ساجدا� فلما بخاتم النبوة أفل من غضروف كتفيه مثل التفاحة ، ثم رجع فصنع لهم طعاما

أتاهم به وكان هو في رعية اإلبل قال أرسلوا إليه فأقبل وعليه عمامة تظله ، فلما فلما جلس مال فئ الشجرة دنى من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فئ الشجرة ،

.عليه ، فقال انظروا إلى فئ الشجرة مال عليه

هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن ال يذهبوا به إلى الروم إن رأوه عرفوه قال فبينا فيقتلونه وإذا بسبعة قد أقبوال من الروم فاستقبلهم ، وقال ما جاء بكم ؟ بالصفة

بلغنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلما يبقى طريق إال بعث إليه بأناس، : قالوا� أراد الله أن يقضيه فهل يستطيع وإنا قد أخبرنا خبره بطريقك هذا ، قال: أفرأيتم أمرا

الناس رده ؟ قالوا: ال ، قال : فبايعوه وأقاموا معه ، قال أنشدكم الله أيكم أحد من هذه سعد محمد بن قالوا أبو طالب ، فلم يزل يناشدهم حتى رده ، وقد روى وليه ؟

.القصة مطولة

عبد الله بنو صالح محمد بن ، حدثنا محمد بن عمر بن واقد حدثنا ابن سعد قال ، قال داود بن الحصين عن ابن أبي حبيبة وحدثنا محمد بن عمر ، قال جعفر الزبيري

وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرة لما خرج أبو طالب إلى الشام فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وبها األولى وهو ابن اثنتي عشرة سنة ،

� في صومعة له وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة راهب يقال له بحيرا� � ما يمرون به وال يتوارثونها عن كتاب يدرسونه ، فلما نزلوا على بحيرا وكانوا كثيرا

� � قريبا من صومعته قد كانوا ينزلونه قبل يكلمهم حتى إذا كان ذلك العام ونزلوا منزال� ثم دعاهم ، وإنما حمله على دعائهم أنه رآهم حين ذلك كلما مروا ، فصنع لهم طعاما

دونهم حتى تملوا تحت طلعوا وغمامة تل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشجرة ، ثم نظر إلى تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة فأخضلت أغصان الشجرة

.على رسول الله صلى الله عليه وسلم حجتي استظل تحتها

� ذلك نزل من صومعته وأمر بذلك الطعام فأتى به وأرسل إليهم، فلما رأى بحيرا� يا معشر قريش وأنا أحب أن تحضروه كلكم، وال وقال إني قد صنعت لكم طعاما

� � وال صغيرا � منكم كبيرا � فإن هذا شئ تكرموني به ، فقال رجل تخلفوا أحدا � ال عبدا حرا� ما كنت � يا بحيرا تصنع هذا فما شأنك اليوم؟ قال إني أحب أن أكرمكم إن لك لشأنا

رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين ولكم حق ، فاجتمع القوم إليه وتخلف.الشجرة القوم لحداثة سنه في رحالهم تحت

� إلى القوم فلم ير الصفة التي يعرفها ويجدها عنده وجعل ينظر فلما نظر بحيرا فال يرى الغمامة على أحد من القوم ويراها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

� يا معشر قريش ال يتخلفن منكم أحد عن طعامي ؟ قالوا ما تخلف أحد إال فقال بحيرا� في رحالهم ، فقال ادعوه ليحضر طعامي فما أقبح أن غالم هو أحدث القوم سنا

يتخلف رجل واحد مع إني أراه من أنفسكم ، فقال القوم هو والله أوسطنا تحضروا� وهو ابن أخي هذا الرجل يعنون أبا طالب ، وهو من ولد عبد المطلب ، فقال نسبا

عبد المطلب من والله إن كان بنا للؤم أن يتخلف ابن : الحارث بن عبد المطلب والغمامة بيننا ، ثم قال إليه فاحتضنه وأقبل به حتى أجلسه على الطعام والطعام

� وينظر إلى أشياء في جسده � شديدا � يلحظه لحظا قد تسير على رأسه ، وجعل بحيرا.كان يجدها عنده في صفته

(90)

Page 91: هداية الحيارى

غالم أسألك بحق الالت فلما تفرقوا عن الطعام قام إليه الراهب فقال : يا ال: عليه وسلم والعزى أال ما أخبرتني عما أسألك؟ فقال رسول الله صلى الله

� بغضهما ، فبالله أال أخبرتني عما أسألك تسألني بالالت والعزى فوالله ما أبغضت شيئا ص( يخبره فيوافق ذلك ما عنده ،0الله عنه، قال : سلني عما بدا لك ، فجعل رسول

خاتم النبوة بين كتفيه على ثم جعل ينظر بين عنينه ، ثم كشف عن ظهره فرأى.الصفة التي عنده فقبل موضع الخاتم

� ، وجعل أبو طالب لما يرى من وقال قريش : إن لمحمد عند هذا الراهب لقدرا ، فقال الراهب ألبي طالب : ما هذا الغالم منك ؟ قال : الراهب يخاف على ابن أخيه

� ، قال فابن أخي ، قال : فما هو ابني ، قال : ما ينبغي لهذا الغالم أن يكون أبوه حيا ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فوالله لئن فعل أبوه؟ قال : صدقت ، عنته فإنه كائن البن أخيك هذا شان عظيم نجده في عرفوا منه ما أعرف ليبغنه

.النصيحة كتابنا ، واعلم أني قد أديت إليك

� ، وكان رجال من يهود قد رأوا رسول فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعا� فذكروا الله صلى الله عليه وسلم وعرفوا صفته فأرادوا أن يغتالوه فذهبوا إلى بحيرا

له أمره فنهاهم أشد النهي، وقال لهم : أتجدون صفته؟ قالوا : نعم ، قال فما لكم� إليه � بعد ذلك خوفا سبيل ، فصدقوه وتركوه ، ورجع أبو طالب فما خرج به سفرا

.عليه

خبر آخر عن هرقل

شرحبيل بن ، عن إدريس عبد الله بن وغيرها من حديث البيهقيو الحاكم وذكر ذهبتت أنا ورجل آخر من : ، قال هشام بن العاص ، عن أبي امامة ، عن مسلم

قدمنا غوطة قريش إلى هرقل صاحب الروم ندعوه إلى اإلسالم ، فخرجنا حتى فدخلنا عليه فإذا هو على سرير له ، ،جبلة بن أأليهم الغساني دمشق ، فنزلنا على

� ، غنا بعثنا إلى الملك فإن فأرسل إلينا برسول نكلمه ، فقلنا ال والله ال نكلم رسوال إليه الرسول فأخبره بذلك ، قال : فأذن لنا أذن لنا كلمنا وإال لم نكلم الرسول ، فرجع

.، فقال : تكلموا

ودعاه إلى اإلسالم وإذا عليه ثياب سوداء فقال له هشام بن العاص فكلمه أنزعها حتى أخرجكم من وما هذه التي عليك ؟ فقال لبستها وحلفت أن ال : هشام

الملك األعظم ، الشام ، قلنا ومجلسك هذا ، فوالله لنأخذنه منك ، ولنأخذن ملك ويفطرون بالليل ، أخبرنا بذلك نبينا ، فقال لستم بهم ، بل هم قوم يصومون بالنهار

� � ، فقال قوموا وبعث رسوال إلى الملك فكيف صومكم ؟ فأخبرناه فملئ وجهه سوادا� من المدينة قال لنا الذي معنا: إن دوابكم هذه ال تدخل فخرجنا حتى إذا كنا قريبا

عليها ، مدينة الملك ، فإن شئتم حملناكم على براذين ويغال، قلنا والله ال ندخل إال فأرسلوا إلى الملك أنهم يأبون ، فدخلنا على رواحلنا متقلدين سيوفنا حتى انتهينا إلى

.أكبر غرفة له فأنخنا في أصلها وهو ينظر إلينا ، فقلنا ال إله إال الله والله

.والله يعلم لقد انتفضت الغرفة حتى صارت كأنها عذق تصفقه الرياح

(91)

Page 92: هداية الحيارى

إلينا ليس لكم أن تجهروا علينا بدينكم ، وأرسل إلينا أن ادخلوا ، فدخلنا فأرسل على فراش له وعنده بطارقته من الروم وكل شئ في مجلسه أحمر وما عليه وهو

من الحمرة ، فدنونا منه نضحك، وقال ما كان عليكم لو حوله حمرة وعليه ثياب وإذا رجل فصيح بالعربية كثير الكالم، فقلنا إن تحيتنا حييتموني بتحيتكم فيما بينكم؟

فيما بيننا ال تحل لك وتحيتك التي تحيا بها ال يحل لنا أن نحييك بها، قال : كيف تحيتكم.السالم عليكم فيما بينكم ؟ فقلنا

بها ، قال فما قال : كيف تحيون ملككم ، قلنا بها ، قال : كيف يرد عليكم ؟ قلنا .أعظم كالمكم؟ قلنا ال إله إال الله والله أكبر

والله أعلم – لقد انتفضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها ، قال : – فلما تكلمنا بها قلتموها حيث انتفضت الغرفة ، كلما قلتموها في بيوتكم تنتفض فهذه الكلمة التي

ال ، ما رأيناها فعلت هذا قط إال عندك ، قال : وددت أنكم كلما : عليكم بيوتكم ، قلنا عليكم وإني خرجت من نصف ملكي ، قلنا لم ؟ قال : ألنه قلتموها ينتفض كل شئ

يكون أيسر لشأنها وأجدر أن ال تكون من أمر النبوة وأن تكون من حيل الناس ، ثم.سألنا عما أراد فأخبرناه

كيف صالتكم وصومكم ؟ فأخبرناه، فقال ي : قوموا فقمنا ، فأمر لنا : ثم قال� فدخلنا عليه ، فاستعاد قولنا بمنزل حسن ونزل � ، فأرسل إلينا ليال كثير ، فأقمنا ثالثا

ثم دعا بشئ كهيئة الربعة العظيمة مذهبة فيها بيوت صغار عليها أبواب فأعدناه ،� � واستخرج منه حريرة سوداء فنشرها، فإذا فيها صرة حمراء ، وإذا فيها ففتح بيتا وقفال

العينين ، عظيم اإلليتين لم أر مثل طول عنقه وإذا ليست له لحية وإذا له رجل ضخم أحسن ما خلق الله ، قال : هل تعرفون هذا؟ قلنا ال ، قال هذا آدم عليه ظفيرتان

� آخر واستخرج من حريرة سوداء ، السالم ، وإذا � ، ثم فتح بابا هو أكثر الناس شعرا بيضاء وإذا له شعر قطط أحمر العينين ضخم الهامة حين اللحية ، وإذا فيها صورة

� آخر فاستخرج : قال : هل تعرفون هذا قلنا ال ، قال : هذا نوح عليه السالم ثم فتح بابا فيها ورة رجل شديد البياض حسن العينين صلت الجبين طويل منه حريرة سوداء وإذ

، قال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا ال ، قال : هذا إبراهيم الخد أبيض اللحية كأنه يتبسم� آخر فستخرج حريرة فإذا صورة بيضاء وإذا والله رسول عليه السالم ، ثم فتح بابا

.أتعرفون هذا؟ قلنا نعم محمد رسول الله وبكينا : الله صلى الله عليه وسلم ، قال

� ثم جلس فقال : والله إنه لهو؟ قلنا نعم غنه لهو قال والله يعلم إنه قام قائما إليها ثم قال أما إنه كان آخر البيوت ولكن كأنما ننظر إليه ، فأمسك ساعة ينظر

� آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فإذا فيها عجلته لكم ألنظر ما عندكم ، ثم فتح بابا العينين حديد النظر عابس متراكت صورة أدماء سحماء وإذا رجل جعد قطط غائر

هذا؟ قلنا ال ، قال : هذا األسنان مقلص الشفة كأنه غضبان ، قال : هل تعرفون الرأس عريض الجبين في موسى بن عمران ، وإلى جنبه صورة تشبهه إال أنه مدهان

� آخر عينيه قبل ، قال هل تعرفون هذا ؟ قلنا ال ، قال : هذا هارون ، ثم فتح بابا ، فقال: هل فاستخرج حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل آدم سبط ربعه كأنه غضبان

.تعرفون هذا قلنا ال ، قال: هذا لوط

� آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل أبيض مشرب ثم فتح بابا فقال : هل تعرفون هذا قلنا ال ، قال : حمرة أقنى خفيف العارضين حسن الوجه ،� آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل تشبه هذا إسحاق، ثم فتح بابا

تعرفون هذا ؟ قلنا ال ، قال هذا إسحاق إال أنه على شفته السفلى خال فقال : هل

(92)

Page 93: هداية الحيارى

� آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل أبيض حسن يعقوب، ثم فتح بابا يعرف في وجهه الخشوع ، الوجه ، أقنىاألنف ، حسن القامة ، يعلو وجهه نوره ،

هذا اسماعيل جد نبيكم : يضرب إلى الحمرة ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا ال ، قال� آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة كأنها صورة آدم كأن ، ثم فتح بابا

.وجهه الشمس ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا ال ، قال : هذا يوسف

� آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل أحمر ، حمش ثم فتح بابا� ، فقال : هل تعرفون الساقين ، أخفش العينين ، ضخم البطن ، ربعة متقلد سيفا

� آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها هذا ؟ قلنا ال ، قال : هذا داود ، ثم فتح بابا�، فقال : هل تعرفون هذا؟ صورة رجل ضخم اإلليتين ، طويل الرجلين ، راكب فرسا

.، قال : هذا سليمان بن داود قلنا ال

� آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فإذا فيها صورة بيضاء وإذا رجل ثم فتح بابا العينين ، فقال : هل شاب شديد سواد للحية ، لين الشعر ، حسن الوجه ، حسن

.تعرفون هذا؟ قلنا ال ، قال : هذا عيسى

الصور ألنا نعلم أنها على ما صورت عليه األنبياء ، إلنا رينا قلنا من أين لك هذه إن آدم سأل ربه أن يريه األنبياء من ولده فأنزل عليه: صورة نبينا مثله؟ قال

عند مغرب الشمس فاستخرجها ذو القرنين فصارت صورهم ، وكانوا في خزانة آدم طابت بالخروج من ملكي وإني كنت عبد إلى دانيال ، ثم قال أما والله إن نفسي

.ألشدكم ملكة حتى أموت

جائرتنا وسرحنا ، فلما أتينا أبا بكر الصديق فأخبرناه بما رأينا ثم أجارنا وأحسن� لفعل وما قال لنا وما .أجارنا فبكى أبو بكر ، وقال لو أراد الله به خيرا

مما تلقاه المسلمون من أفواه علماء اهل الكتاب فهذا في اإلخبار بنبوته .من كتبهم ، وعلمائهم يقرون أنه في كتبهم والمؤمنين منهم ، واألول فيما نقلوه

كتبهم ، وبهذا الوجه يقام بشهادة من ال فالدليل بالوجه األول يقام عليهم من رغب عن رياسته وماله ووجاهته فيهم يتهم عليهم ألنه إما من عظمائهم ، وإما ممن

في هذا مدع أن علمائهم يعرفون وآثر اإليمان على الكفر والهدى على الضالل ، وهو.عليه ذلك ويقرون به ولكن ال يطلعون جهالهم

فاألخبار والبشارة بنبوته صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة عرفت من.عدة طرق: )أحدها( ما ذكرناه ، وهو قليل من كثير وغيض من فيض

الله عليه وسلم لهم أنه مذكور عندهم وأنهم وعدوا به وأن )الثاني( إخباه صلى عليهم بذلك ، ولو كان هذا األمر ال وجود له البتة لكان األنبياء بشرت به، واحتجاجه

� � لهم بتكذيبه منفرا � على دعاه بما يشهد ببطالنها مغريا .ألتباعه محتجا

بأن الكتب القديمة بشرت بنبي عظيم )الثالث( أن هاتين األمتين معترفون مما اتفق عليه المسلمون الشأن يخرج في آخر الزمان نعته كيت وكيت ، وهذا

وعرفوا أنه الحق من واليهود والنصارى فأما المسلمون فلما جاءهم آمنوا به وصدقوه .ربهم

(93)

Page 94: هداية الحيارى

لله فمنهم من آمن به وأما اليهود فعلماؤهم رفوه وتيقنوا أنه محمد بن عبد النصارى فوضعوا بشارات ومنهم من جحد نبوته وقالوا ألتباعه أنه لم يخرج بعد وأما

المسيح ، وال ريب أن بعضها صريح فيه وبعها ممتنع والنبوات التي بعدها على التوراة بشارات المسيح فحملوها كلها على الحواريين ، وإذا مله عليه وبعضها محتمل ، وأما

.حرفون أو سكتوا عنه وقالوا ال ندري من المراد به جاءهم ما يستحيل انطباقه عليهم

بذلك وأنه صريح في كتبهم ،وعن المسلمين )الرابع( اعتراف من أسلمنهم وتيقنوا صدقها وصحتها بشهادة الصادقين منهم تلقى الملمون هذه البشارات

واتفاقهم على لفظها ، المسلمين منهم بها مع تباين أعصارهم وأمصارهم وكثرتهم مقرون بها ال وهذا يفيد القطع بصحتها ولو لم يقر بها أهل الكتاب ، فكيف وهم

الطرق األربعة يجحدونها وإنما يغالطون في تأويلها والمراد بها؟! وكل واحد من هذه وسلم كاف في العلم بصحة هذه البشارات ، وقد قدمنا أن إقدامه صلى الله عليه

على إخبار أصحابه وأعدائه بأنه مذكور في كتبهم بنعته وصفته وأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناهم وتكراره ذلك عليهم مرة بعد مرة بعد مرة في كل مجمع وتعريفهم

وتوبيخهم والنداء عليهم به من أقوى األدلة القطعية على وجوده من وجهين بذلك الدليل القطعي على صدقه ، الثاني دعوته لهم بذلك إلى تصديقه ، ولو أحدهما قيام

.لكان ذلك من أعظم دواعي كذبه والتنفير عنه لم يكن له وجود

اإلنجيلو التوراة أنهم لم يحفوا ألفاظ وهذه الطرق يسلكها من يساعدهم على� منها فيسلكها بعض نظار الملمين معهم من غير تعرض إلى التبديل ولم يبروا شيئا

.والتحريف

� من ألفاظ الكتابين ، مع أن الغرض وطائفة أخرى تزعم أنهم بدلوا وحرفوا كثيرا البشارة برسول الله صلى الحامل لهم على ذلك دون الغرض االمل لهم على تبيل

كلها وتبديلها ، ففضحهم الله عليه وسلم ، وإن البشارات لكثرتها لم يمكنهم إخفاؤها.ما عجزوا عن كتمانه أوتبديله

الغضيبة قتلة األنبياء الذين رموهم بالعظائم أن يكتموا نعت وكيف ينكر من األمة وسلم وصفته وقد جحدوا بنبوة المسيح ورموه وأمه رسول الله صلى الله عليه

كتبهم ؟ ومع هذا أطبقوا على جحد نبوته بالعظائم ونعته والباشرة به موجود في محمد صلى الله عليه وسلم من القتل وإنكار بشارة به ، ولي يفعل بهم ما فعله بهم

منها ، فكف ال تتوصى هذه األمة والسبي وغنيمة األموال وتخريب الديار وإجالئهم سبحانه عليهم ذلك في غير موع بكتمان نعته وصفته وتبدله من كتبها؟ وقد عاب لله

.من كتابه ولعنهم عليه

كانت طول مملكة بني إسرائيل التوراة يقرون أن ومن العجب أنهم والنصارى� اجتمعوا على اتفاق عند الكاهن األكبر الهاروني وحه ، واليهود تقر أن السبعين كاهنا

� من في عهد ، وذلك بعد المسيح التوراة من جميعهم على تبديل ثالثة عشر حرفا القياصرة الذين كانوا تحت قهرهم حيث زال الملك عنهم ولم يبق لهم ملك يخافونه

ويأخذ على أيجيهم ، ومن رضي بتبديل موضع واحد من كتاب الله فال يؤمن منه� تحريف غيره � ظاهرا واليهود تقر أن السامرة حرفوا مواضع من التوراة وبدلوها تبديال

.ونقصوا ، والسامرة تدعي ذلك عليهم وزادوا

تقدم أن الذي بأيدي النصارى منه أربع كتب مختلة من تألف فقد اإلنجيل وأما .يوحنا، و لوقا، و مرقس، و متى : أربعة رجال

(94)

Page 95: هداية الحيارى

التبديل والتريف إليها؟ ولى ما فيها من ذلك فقد صرفهم اله عن فكيف تطرق البشارات بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وإزالته وإن تبديل ما ذكرنا من

.أتباعهم وجهالهم قدروا على كنمانه من

نماذج من التحريفات التي في التوراة واإلنجيل

إلى األنبياء ما التي بأيديهم من التحريف والتبديل وما ال يجوز نسبته التوراة وفي أنزلها الله على موسى بريئة من ذلك ، ففيها التي التوراةال يشك فيه ذوو بصيرة ، و

وسكن في كهف الجبل ، ومعه ابنتاه ، عن لوط رسول الله أنه خرج من المدينة�، فرقدت معه فقالت الصغرى لكبرى : قد شاخ أبونا فارقدي بنا معه لنأخ منه نسال

.وحملتا منه بولدين موآب وعمون الكبرى ثم الصغرى، فم فعلتا ذلك في الليلة الثانية

الله سبحانه في مثل فهل يحسن أن يكون نبي رسول كريم على الله يوقعه لألمم؟ وفيها : أن الله هذه الفاحشة العظيمة في آخر عمره ، ثم يذيعها عنه ويحكيها

حجرك وأخرجا تجلى لموسى في طور سيناء وقال له بعد كالم كثير أدخل يدك في.مبروصة كالثلج

وإنما أمره أن يدخل يده وهذا من النمط األول ، والله سبحانه لم يتجل لموسى.برص في جيبه وأخبره بأنها تخرج بيضاء من غير سوء أي من غير

وفيها أن هارون هو الذي صاغ لهم العجل ، وهذا إن لم يكن من زياداتهم.وافترائهم فهرون اسم السامري الذي صاغه ليس هو بهارون أخي موسى

قال إلبراهيم : اذبح ابنك بكرك أسحاق ، وهذا من بهتهم وزيادتهم وفيها: أن الله جمعوا بين النقيضين ، فإن بكره هو اسماعيل فإنه بكر أوالده ، في كالم الله، فقد

.على الكبر بعد قصة الذبح واسحاق انما بشر به

فندم على خلقهم ، وقال وفيها: ورأى الله أن قد كثر فساد اآلرميين في األرض نادم على سأذهب اآلدمي الذي خلقت على األرض والخشاش وطيور السماء ألني

� .خلقها جدا

� � تعلى الله عن إفك المفترين وعما يقول الظالمون علوا .كبيرا

� تصارع مع يعقوب فضرب به � كبيرا يعقوب وفيها : ان الله سبحانه وتعالى علوا.األرض

لها ثامار، فكان وفيها : أن يهوذا بن يعقوب النبي زوج ولده األكبر من امرأة يقال� فغضب الله من فعله فأماته ، فزوج يهوذا ولده اآلخر بها فكان إذا يأتيها مستديرا

� � بأنه إن أولدها كان أول األوالد مدعوا باسم أخيه دخل بها أمنى على األرض علما ببيت أبيها ومنسوبا إلى أخيه ، فكره الله ذلك من فعله فأماته ، فأمرها يهوذا باللحاق ليجز غنمه إلى أن يكبر ولده شيال ويتم عقلة ، ثم ماتت زوجة يهوذا وذهب إلى منزله

زانية ، فلما أخبرت ثامار لبست زي الزواني وجلس على طريقه ، فلما مر بها خالها فراودها فطالبته باألجرة فوعدها بجدي ورمى عندها عصاه وخاتمه فدخل بها فعلقت

.منه بولدين

(95)

Page 96: هداية الحيارى

ولد زنا ، ومن ولد منهما كان داود النبي، فقد جعلوه ولد زنا كما جعلوا المسيح ثم ولم كفهم ذلك حتى نسبوا ذلك إلى التوراة، وكما جعلوا ولدي لوط ولدي زنا

.نسبوا داود وغيره من أنبيائهم إلى ذنيك الولدين

وأنبيائه ورميهم لرب العالمين ورسله بالعظائم وأما فريتهم على الله ورسله� ، كقولهم: إن الله استراح في اليوم السابع من خلق السموات واألرض ، فكثير جدا

ولقد خلقنا السموات واألرض وما : بقوله فأنزل الله عز وجل على رسوله تكذيبهم ، إن الله فقير ونحن أغنياء: ، وقولهم مسنا من لغوب بينهما في ستة أيام وما

:وقولهم تأكله النار إن الله عهد إلينا أن ال نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان : وقولهم� معدودة . لن تمسنا النار إال أياما

.المالئكة وقولهم :إن الله تعالى بكى على الطوفان حتى رمدت عيناه وعادته

�: إن الله ندم على خلق بني آدم وأدخلوا هذه الفرية في وقولهم الذي حكيناه آنفا وأولدهما ولدين نسبوا إليهما جماعة من وقولهم عن لوط: أنه وطئ ابنتيهالتوراة

انتبه كم تنام يا رب؟ استيقظ من : األنبياء ، وقولهم في بعض دعاء صلواتهم.رقدتك؟

القبيحة ، كأنهم ينخونه بذلك لينتخي فتجرؤوا على رب العالمين بهذه المناجاة الخمول لنفسه وأحبا به فيهزونه بهذا لهم ويحتمي ، كأنهم يخبرونه أنه قد اختار

.الخطاب للنباهة واشتهار الصيت

أكابهم بعد إسالمه: فترى أحدهم إذا تلى هذه الكلمات في الصالة قال بعض أن كالمه يقع عند الله بموقع عظيم ، وإنه يؤثر في ربه يقشعر جلده ، وال يشك

.ويحركه ويهزه وينخيه

وعندهم في توراتهم: إن موسى صعد الجبل مع مشايخ أمته فأبصروا الله جهرة وتحت رجليه كرسي منظره كمنظر البلور ، وهذا من كذبهم وافترائهم علىالله وعلى

التوراة وعندهم في : إن الله سبحانه لما رأى فساد قوم نوح وإن شرهم قد عظم.خلق البشر في األرض وشق عليه ندم على

� : إن الله ندم على تمليكه .شاؤل على إسرائيل وعندهم في توراتهم أيضا

� � مذبحا � لما خرج من السفينة بنى بيتا وقرب عليه قرابين ، وعندهم فيها: أن نوحا بسبب الناس ألن واستنشق الله رائحة القتار ، فقال في ذاته لن أعاود لعنة األرض

.صنعت خاطر البشر مبوع على الرداءة ، ولن أهلك جميع الحيوان كما

ممن )أصل التوراة التي بيد اليهود اآلن( قال بعض علمائهم الراسخين في العلم المنزل على التوراة هداه الله إلى األسالم : لسنا نرى أن هذه الفريات كانت في

� أن اليهود قصدوا تغييرها وإفسادها ، بل الحق أولى ما اتبع ، موسى ، وال نقول أيضا.التوراة قال : ونحن نذكر حقيقة سبب تبديل

التي بأيديهم ال يعتقد أحد من التوراة فإن علماء القوم وأحبارهم يعلمون أن هذه البتة ألن موسى عمران موسى بن المنزلة على التوراة عين علمائهم وأخبارهم أنها

� من اختالفهم من بعده في تأويل عن بني إسرائيل التوراة صان ولم يبثها فيهم خوفا� ، وإنما سلمها إلى عشيرته التوراة أوالد الوي ، قال : المؤدي إلى انقسامهم أحزابا

(96)

Page 97: هداية الحيارى

ما هذه ترجمته : وكتب موسى هذه التوراة ودفعها إلى أئمة التوراة ودليل ذلك قول.بني الوى

وحكامهم ، ألن اإلمامة وخدة القرابين والبيت وكان بنو هارون قضاة اليهود إال نصف سورة ، التوراة إسرائيل من المقدس كانت فيهم، ولم يبد موسى لبني

وقال الله لموسى عن هذه السورة : تكون لي هذه لسورة شاهدة على إسرائيل وال.تنسى هذه السورة من أفواه أوالدهم

نجعلها فيهم وصانها عمن سواهم ، فدفعها إلى أوىد هارون التوراة وأما بقية ويحفظون أكثرها فقتلهم بختصر التوراة فاألئمة الهارونيون هم الذين كانوا يعرفون

التوراة هيكلهم يوم استولى على بيت المقدس ، ولم تكن على دم واحد ، وأحرق� من .التوراة محفوظة على ألسنتهم ، بل كان كل واحد من الهارونيين يحفظ فصال

دولتهم وتفرق جمعهم ورفع فلما رأى عزيز أن القوم قد أحرق هيكلهم وزالت ما لفق منه هذه كتابهم ، جمع من محفوظاته ومن الفصول التي يحفظها الكهنة

تعظيم عزير غاية المبالغة ، وقالوا فيه ما التي بأيديهم ، ولذلك بالغوا في التوراة النور على األرض إلى اآلن يظهر على قبره حكاه الله عنهم في كتابه ، وزعموا أن

� .يحفظ دينهم عند بطائح العراق ، ألنه عمل لهم كتابا

كتاب عزير وإن كان فيها أو أكثرها من التي بأيديهم على الحقيقة التوراة فهذه يدل علىأن الذي جمع هذه الفصول التوراة التي أنزلها الله على موسى ، قال وهذا

له وما ال يجوز عليه ، فلذلك التي بأيديهم رجل جاهل بصفات الرب تعالى وما ينبغي يعرف عند اليهود نسب إلى الرب تعالى ما يتقدس وتنزه عنه ، وهذا الرجل

.والنصارى بعزرا الوراق

الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى ويظن بعض الناس أنه. فأماته الله مائة عام ثم بعثه يحيي هذه الله بعد موتها

� ويقول إنه نبي وال دليل على هاتين المقدمتين ، ويجب التثبت في ذلك نفيا� واسمه عزير فقد � ، فإن كان هذا نبيا .في االسم التوراة وافق صاحب وإثباتا

التي أنزلها الله على كليمه التوراة نقطع ببراءة وبالجملة فنحن وكل عاقل موسى من هذه األكاذيب والمستحيالت والترهات ، كما نقطع ببراءة صالة موسى

وبني إسرائيل معه من هذا الذي يقولونه في صالتهم اليوم ، فإنهم في العشر الول من المحرم في كل سنة يقولون في صالتهم ما تترجمته : يا أبانا أملك على جميع

.أهل االرض ليقول كل ذي نسمة الله إله إسرائيل قد ملك ومملكته متسلطة

اليهود كذبوا مسيح الهدى، وينظرون مسيح الضالل،وأصحابه يقتلونهم شر قتلة المسيح

� ويقولون فيها أيضا : وسيكون لله الملك ، وفي ذلك اليوم يكون الله واحدا� إال إذا صارت واسمه واحد ، ويعنون بذلك إنه ال يظهر كون الملك له وكونه واحدا

األمم ، الدولة لهم ، فأما ما دامت الدولة لغيرهم فإنه تعالى خامل الذكر عند

(97)

Page 98: هداية الحيارى

� أن موسى ورب موسى برئ مشكوك في وحدانيته ، مطعون في ملكه ومعلوم قطعا.هذه الصالة براءته من تلك الترهات من

جحدهم نبوة المسيح وقد وجحدهم نبوة محمد من الكتب التي بأيديهم نظير يزول الملك من آل يهوذا ، والراسم من بين ال التوراة صرحت باسمه ، ففي نص

أصحاب دولة حتى ظهر المسيح فكذبوه ظهرانيهم إإلى أن يأتي المسيح ، وكانوا عليهم وازال ملكهم ، وكذلك قوله :جاء ورموه بالعظائم وبهتوه وبهتوا أمه فدمر الله

من جبال فاران ، فأي نبوة الله من طور سيناء ، وأشرق من ساعير ، واستعلن� يقوم أشرقت من ساعير غير نبوة المسيح؟ وهم ال ينكرون ذلك ، ويزعمون أن قائما المم وال يبقى إال اليهود ، فيهم من ولد داود النبي إذا حرك شفتيه بالدعاء مات جميع

من عالمة مجيئن أن الذئب وهذا المنتظر بزعمهم هو المسيح الذي وعدوا به ، قالوا� ، وأن � ، وأن البقرة والذئب يرعيان معا .األسد يأكل التبن كالبقر والتيس يربضان معا

.فلما بعث الله المسيح كفروا به عند مبعثه

ينتظرون متى يأكل األسد التبن حتى تصح لهم عالمة مبعث المسيح ، وأقاموا المنتظر متى جاءهم يجمعهم بأسرهم إلى القدس ، وتصير لهم ويعتقدون أن هذا

اإليمان بالمسيح ابن مريم بانتظار مسيح الضاللة الدجال ، الدولة ، وقد عوضوا من� ، وهم عسكره وأتبع الناس له ، ويكون لهم في زمانه فإنه هو الذي ينتظرونه حقا

الهدى بان مريم فيقتل منتظرهم ، ويضع هو شوكة ودول إلى أن ينزل مسيح وراء الحجر والشجر فيقوالن : يا مسلم وأصحابه فيهم السيوف حتى يختبئ اليهودي

.هذا يهودي ورائي تعال فاقتله

� ، فإذا نظف األرض منهم ومن عباد الصليب فحينئذ يرعى الذئب والكبش معا� ، وترعى � ، ويأكل األسد التبن ، ويلقى األمن في ويربضان معا البقرة والذئب معا أشعياء في نبوته وطابق خبره ما أخبر به النبي صلى الله عليه األرض ، هكذا أخبر به

في خروج وقتل المسيح ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج وسلم في الحديث الصحيح البركة واألمن في األرض حتى ترعى الشاة في أثره ومحقهم من األرض ، وإرسال

.الناس والذئب ، وحتى أن الحيات والسباع ال تضر

فصلوات الله وسالمه على من جاء بالهدى والنور وتفصيل كل شئ وبيانه ، فأهل الكتاب عندهم عن أنبيائهم حق كثير ال يعالفونه وال يحسنون أن يضعوه مواضعه

، ولقد أكمل الله سبحانه بمحمد صلوات الله وسالمه عليه ما أنزله على األنبياء عليهم السالم من الحق والبينة وأظهره ألمته ، وفصل على لسانه ما أجمله لهم

فجاء بالحق وصدق المرسلين ، وتمت به نعمة الله على عباده وشرح ما رمزوا إليه ،.المؤمنين

� يجئ في آخر الزمان ، فمسيح فالمسلمون واليهود والنصارى تنتظر مسيحا النصارى ال حقيقة له ، فإنه عندهم إله وابن إله وخالق اليهود هو الدجال ، ومسيح

ينتظرونه هو المصلوب المسمر المكلل بالشوك بين ومميت ومحي ، فمسيحهم الذي اليهود ، وهو عندهم رب العالمين وخالق اللصوص ، المصفوع الذي هو مصفعة

ينتظرونه هو عبد الله ورسوله وروحه ، السموات واألرضين ، ومسيح المسلمين الذي بن مريم ، أخو عبد الله ورسوله محمد وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول عيسى

أعداءه عباد الصليب الذين اتخذوه بن عبد الله ، فيظهر دين الله وتوحيده ، ويقبل

(98)

Page 99: هداية الحيارى

رموه وأمه بالعظائم فهذا هو الذي وأمه الهين من دون الله ، وأعداءه اليهود الذين.ينتظره المسلمون

� يديه على منكبي ملكين ، يراه وهو نازل على المنارة الشرقية بدمشق ، واضعا� من � بأبصارهم نازال السماء ، فيحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الناس عيانا

الظلمة والفجرة والخونة من دين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وينفذ ما أضاعه وتعود الملل كلها في زمانه ملة واحدة وهي ملته الله عليه وسلم ، ويحيى ما أماتوه ، وملة سائر األنبياء ، وهي اإلسالم الذي من وملة أخيه محمد وملة أبيهما إبراهيم

� فلن يقبل منه وهو في اآلخرة من الخاسرين .يبتغي غيره دينا

السالم ، وأمره وقد حمل رسول اله صلى الله عليه وسلم من أدركه من أمته وبحاله وقت أن يقرئه إياه منه ، فأخبر عن موضع نزوله بأي بلد وبأي مكان منه ،

عند نزوله نزوله ، وملبسه الذي كان عليه ، وأنه ممصرتان أي ثوبان وأخبر بما يفعل� قبل أن يروه � حتى كأن المسلمين يشاهدونه عيانا .مفصال

الغيون التي أخبر بها فوقعت مطابقة لخبره حذو القذة بالقذة ، وهذا من جملة ال منتظر المغضوب عليهم والضالين ، وال منتظر أخوانهم من فهذا منتظر المسلمين

يعلم المغضوب عليهم إذا جاء منتظر المسلمين أنه الروافض المارقين ، وسوف� في صناعته ليس بابني يوسف النجار ، وال هو ولد � ماهرا � حاذقا زنية ، وال كان طبيبا

� ، وال مكنوا من صلبه استولى على العقول بصناعته ، وال � ممخرقا كان ساحرا .الله من ذلك وتسميره وصفعه وقتله ، بل كانوا أهون على

ابن إله ، وأنه ويعلم الضالون أنهابن البشر ، وأنه عبد الله ورسوله ليس بإله وال� ، وأنه عدو � وحكم بشريعته ودينه آخرا المغضوب عليهم بشر بنبوة محمد أخيه أوال األرجاس األنجاس والضالين ، وولي رسول الله وأتباعه المؤمنين ، وما كان أولياؤه

الموحدون عباد الرحمن عبدة الصلبان والصور المدهونة في الحيطان ، إن أولياؤه إال أعداؤهما اليهود، ونزهوا ربه أهل اإلسالم واإليمان ، الذين نزهوه أمه عما رماهما به

.للواحد المعبود وخالقه ومالكه وسيده عما رماه به أهل الشرك والسب

فلنرجع إلى الجواب على طريق من يقول : إنهم غيروا ألفاظ الكتب وزادوا ونقصوا كما أجبنا على طريق من يقول : إنما غيروا معانيها وتأولوها على غير

تأويلها ، قال هؤالء : نحن ال ندعي وال طائفة من المسلمين أن ألفاظ كل نسخة في العالم غيرت وبدلت ، بل من المسلمين من يقو إنه غير بعض ألفاظها قبل مبعث

صلى الله عليه وسلم ، وغيرت بعض النسخ بعد مبعثه ، وال يقولون إنه رسول الله العالم بعد المبعث ، بل غير البعض وظهر عند كثير من الناس غيرت كل نسخة في

المبدلة دون التي لم تبدل ، والنسخ التي لم تبدل موجودة في تلك النسخ المغيرة.العالم

هذا مما ال يمكن نفيه والجزم بعدم وقوعه ، فإنه ال يمكن أحد أن ومعلوم أن� يعلم أن كل مسخة في العالم على لفظ واحد بسائر األلسنة ، ومن الذي أحاط علما�؟ … أهل الكتاب � ال يمكنه ذلك وعقال .يعلمون أن أحدا

األمر فإنهم قالوا أنه وقع وأما من قال من المسلمين : أن التغيير وقع في أو� من عزرا الوراق، في � ، فإنه لم يقم التوراة أوال � وإما خطأ في بعض األمور إما عمدا

على عصمته وال أن تلك الفصول التي جمعها من التوراة بعد احتراقها هي عين دليل

(99)

Page 100: هداية الحيارى

التي أنزلت على موسى ، وقد ذكرنا أن فيها ما ال يجوز نسبته إلى الله وأنه التوراة� لم نذكره أنزله على .رسوله وكليمه ، وتركنا كثيرا

المناقضات في اإلنجيل

يريا فهي أربعة أناجيل أخذت عن أربعة نفر ، اثنان منهم لم اإلنجيل وأما� وهما ، واثنان رأياه واجتمعا به وهما متى ويوحنا ، وكللوقاو مرقس المسيح أصال

.يزيد وينقص ويخالف إنجيله إنجيل أصحابه في أشياء ، وفيها ذكر القول ونقيضه منهم

أنه قال : إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي غير مقبولة ، ولكن غيري يشهد ففيه موضع آخر : إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق ألني أعلم من أين لي ، وقال في

.أذهب؟ جئت؟ وإلى أين

وفه أنه لما استشعر بوثوب اليهود عليه قال: قد جزعت نفسي اآلن فماذا� أقول؟ يا أبتاه سلمني من هذا الوقت ، وانه لما رفع على خشبة الصلب صاح صياحا

� وقال :يا إلهي! لم أسلمتني .عظيما

أسالم نفسه إلى اليهود ليصلبوه فكيف يجتمع هذا مع قولكم : إنه هو الذي اختار� ويقتلوه رحمة منه بعباده حتى فداهم بنفسه من الخطايا ، وأخرج بذلك آدم ونوحا

على إبليس؟ وكيف وإبراهيم وموسى وجمع األنبياء من جهنم بالحيلة التي دبرها.يجزع إله العالم من ذلك؟

اختاره ورضيه؟! وكيف يشتد صياحه وكيف يسأل السالمة منه وهو الذي وكيف لم يخلصه أبوه مع قدرته! ويقول : يا إلهي لم أسلمتني وهو الذي ألم نفسه؟

� � مع اليهود على تخليصه وإنزال صاعقة على الصليب وأهله أم كان ربا � مقهورا .عاجزا

� أنه � أن اليهود سألته أن يظهر لهم برهانا المسيح ، فقال : تهدمون هذا وفيه أيضا فقالوا له بيت مبني في ست البيت – يعني بيت المقدس – وأبنيه لكم في ثالثة أيام ،

.وأربعين سنة تبنيه أنت في ثالثة أيام

� أنه لما ظفرت به اليهود وحمل إلى بالط اإلنجيل ثم ذكرتم في عامل قيصر أيضا أنا قادر واستدعيت عليه بينة أن شاهدي زور جاءا إليه وقاال سمعناه يقول أنا قادر

على بنيان بيت المقدس في ثالثة أيام فيالله العجب كيف يدعي ان تلك المعجزة.والقدرة له ويدعي أن الشاهدين عليه بها شاهدا زور؟

� للوقا إن المسيح قال لرجلين من تالمذته : اذهبا إلى الحسن الذي وفيه أيضا� لم يركبه أحد فحاله وأقبال به إلي ، يقابلكما ، فإذا دخلتماه فستجدان � مربوطا فلوا

.أنها كانت حمارة متبعة وقال في أنجي متى في هذه القصة

لم آت لصالحهم ، وفيه أنه قال: ال تحسبوا أني قدمت ألصلح بين أهل األرض ، والبنت وأمها حتى لكن أللقى المحاربة بينهم ، إنما قدمت ألفرق بين المرء وابنه

.يصير أعداء المرء أهل بيته

� : غنما قدمت لتحيوا � وأصلح بين الناس ثم فيه أيضا .تزدادوا خيرا

(100)

Page 101: هداية الحيارى

.اآلخر وأنه قال : من لطم خدك اليمين فانصب له

وعلى وفيه أيضا أنه قال : طوبا لك يا شمعون ابن يونا ، وأنا أقول أنك بطرس� في السماء ، وما عقدته هذا الحجر تبني بيعتي ، فكلما أحللته على الرض يكون محلال

� في السماء .على األرض يكون معقودا

يا شيطان وال تعارض فإنك جاهل فكيف ثم فيه بعينه بعد أسطر يقول له : اذهب.شيطان جاهل مطاع في السموات

إنجيل ، وفي إنجيل متى نث أنه لم تلد النساء مثل يحيى ، هذا في اإلنجيل وفي اليهود بعثت إلى يحيى من يكشف عن أمره ، فسألوه من هو ، إن يوحنا

أهوالمسيح ؟ قال : ال ، قالوا : نراك إلياس ؟ قال : ال ، قالوا : أنت النبي؟ قال : ال ، أنت؟ قال : أنا صوت مناد المفاوز ، وال يجوز لنبي أن ينكر نبوته قالوا : أخبرنا من� .بالمكذب فإنه يكون مخبرا

أنه ابن يوسف ، فقال عيسى نسبة المسيح إلى إنجيل متى ومن العجب أن في� بن يوسف بن فالن ، ثم عد إلى إبراهيم الخليل تسعة وثالثين � ثم نسبه لوقا أيضا أبا

� � وخمسين أبا .في إنجليله إلى يوسف إلى ابراهيم نيفا

.فبينا هو إله تام إذا صيروه ابن اإلله ثم جعلون ابن يوسف النجار

� ، وال يشهد بأن التغيير وقع فيه اإلنجيل أن هذا االضطراب في والمقصود قطعا أن ذلك يمكن أن يكون ذلك من عند الله ، بل االختالف الكثير الذي فيه يدل على

التي بأيدي اليهود التوراة االختالف من عند غير الله ، وانت إذا اعتبرت نسخة ونسخ� يقطع من وقف عليه بأنه من جهة التغيير والسامرة والنصارى رأيتها مختلفة اختالفا

.والتبديل

� ومن المعلوم أن نسخ الزبور وكذلك نسخ إنما هي اإلنجيل و التوراة مختلفة جدا عند رؤساء اليهود والنصارى وليست عند عامتهم ، وال يحفظونها في صدورهم كحفظ المسلمين للقرآن ، وال يمتنع على الجماعة القليلة التواطؤ على تغيير بعض النسخ ،

إذا كان بقيتهم ال يحفظونها ، فإذا قصد طائفة منهم تغيير نسخة أو نسخ وال سيما ذلك ، ثم إذا تواطئوا على أن ال يذكروا ذلك لعوامهم وأتباعهم أمكن عندهم أمكن

� ذلك ، وهذا واقع .في العالم كثيرا

تواطؤ اليهود والنصارى

بكتمان نبوة المسيح حجد البشارة به وتحريفها فهؤالء اليهود تواطئوا وتواصوا مشارقها ومغاربها ، وكذلك تواطئوا على أنه واشتهر ذلك بين طائفتهم في األرض� ابن زانية � ممخرقا � ساحرا وتواصوا به مع رؤيتهم اآليات الباهرات التي كان طبيبا

رمى به وشاع ما تواطئوا عليه ومألوا به أرسل بها وعلمهم أنه أبعد خلق الله مما� ، وكذلك تواطئوا علىأن � وغربا � وشاع ذلك كتبهم شرقا � نكح ابنتيه وأولدهما أوالدا لوطا

ندم وبكى على الطوفان وعض أنامله ، وصارع فيهم جميعهم ، وتواطئوا على أن الله

(101)

Page 102: هداية الحيارى

يسألونه أن يتنبه من رقدته وشاع ذلك يعقوب فصرعه يعقوب ، وانه راقد عنهم وأنهم.في جميعهم

بعد زوال مملكتهم يصلون بها ، لم تعرف عن وكذلك تواطئوا على فصول لقوها صالتهم : اللهم اضرب ببوق عظيم لعتقنا موسى وال عن أحد من أتباعه ، كقولهم في

� من أربعة أقطار األرض إلى قدسك، سبحانك ، يا جامع تشتيت قوم ، واقتبضنا جميعا كاألولين وسيرتنا كاالبتداء ، وابن أورشليم إسرائيل ، وقولهم فيها : أردد حكامنا منا

سبحانك ، يا باني أورشليم ولم يكن موسى قرية قدسك في أيامنا وأعزنا ببنائها ،� من ذلك .وقومه يقولون في صالتهم شيئا

وكذلك تواطؤهم على قولهم في صالتهم أول العام ما حكيناه عنهم ، وكذلك� وصوم كدليا وفرضهم تواطؤهم على شرع صوم إحراق بيت المقدس وصوم حصا

اعترفوا با،ه زادوها ألسباب اقتضتها ، وتواطئوا بذلك ذلك وصوم صلب هامان وقد على مخالفة ما نصت عليه التوراة من قوله : ال تزيدوا على اآلمر الذي أنا موصيكم

� ، وال تنقصوا منه � به شيئا .شيئا

فتواطئوا على الزيادة والنقصان وتبديل أحكام اله ، كما تواطئوا على تعطيل� التوراة فريضة الرجم على الزاني وهو في .نصا

� وكذلك تواطؤهم حجزهم على الله أن ينسخ ما شرعه فيما شرعه لعباده تمسكا.وسائر النبوات التوراة وقد أكذبتهم منهم باليهودية،

حجرهم على الله أن ينسخ ما شرعه لئال يلزم البداء ثم يقولون ومن العجائب الطوفان وعاد في رأيه وندم على خلق اإلنسان ، وهذه مضارعة أنه ندم وبكى على

الذين نزهوا رهبانهم عن الصاحبة والولد ثم نسبوهما إلى إلخوانهم من عباد الصليب.الفرد الصمد

تواطؤهم على أن الملك يعود إليهم وترجع الملل كلهاإلى ملة اليهودية ومن ذلك التوراة لجميع أهل الملل ،ومن ذلك تواطؤهم على تعطيل أحكام ويصيرون قاهرين

معترفون بذلك وأنه أكبر أسباب وفرائضها ، وترفي جل أمورهم إال اليسير منها وهم.زوال ملكهم وعزهم

تكذيب المسيح وجحد نبوته وبهته وبهت أمه فكيف ينكر من طائفة تواطأت على وتعطيل أحكام الله واالستبدال بها وعلى والكذب الصريح على الله وعلى أنبيائه

التوراة ، وكتمان نعت محمد رسول الله قتلهم أنبياء الله أن تتواطأ على تحريف بعض.صلى الله عليه وسلم وصفته فيها

الضالل وعباد الصليب والصور المزوقة في الحيطان ، وإخوان وأما أمة ورازقهم أقبح شتم ، وجاعلوه مصفعة اليهود ، وتواطؤهم الخنازير ، وشاتموا خالقهم المستحيالت وأنواع األباطيل ، فال إله إال الله الذي أبرز على ذلك ، وعلى ضروب

التي هي أضل من الحمير ومن جميع األنعام السائمة ، وخلي للوجود مثل هذه األمة وتكذيب عبده ورسوله ومعاداة حزبه وأوليائه ومواالت بينهم وبين سبه وشتمه

والصلبان عن عبادة الرحمن الرحيم ، وعن قول الشيطان، والتعويض بعبادة الصور الحمد لله رب العالمين * الرحمن قراءة الله أكبر بالتصليب على الوجه ، وعن

(102)

Page 103: هداية الحيارى

بـ اللهم اعطنا خبزنا المالئم لنا وعن السجود للواحد القهار الرحيم * مالك يوم الدين .المدهونة في الحائط باألحمر واألصفر والالزورد بالسجود للصور

عندهما آثار النبوة والكتاب ، فما الظن بسائر فهذا بعض شأن المتين اللتين والكتاب حس وال خبر ، وال عين وال أثر؟ األمم الذين ليس عندهم منالنبوة

السؤال الرابع

أن عبد الله بن سالم وكعب وأما السؤال الرابع وهو قول السائل : إن قلتم سالم وأصحابه الذين أسلموا األحبار ونحوهما شهدوا لنا بذلك من كتبهم فهال أتى ابن

.هـ.أ بالنسخ التي لهم كي تكون شاهدة علينا

فيما عند والجواب من وجوه: )الوجه األول( : أن شواهد النبوة وآياتها ال تنحصر متنوعة أهل الكتاب من نعت النبي صلى الله عليه وسلم وصفته ، بل آياتها وشواهدها� ، ونعته وصفته في الكتب المتقدمة فرد من أفرادها ، وجهور أهل األرض متعددة جدا

لم يكن إسالمهم عن الشواهد واألخبار التي في كتبهم ،وأكثرهم ال يعلمونها وال سمعوا بها بل أسلموا للشواهد التي عاينوها واآليات التي شاهدوها ، وجاءت تلك

الشواهد التي عند أهل الكتاب مقوية عاضدة من باب تقوية البينة وقد النصاب.بدونها

فهؤالء العرب من أولهم إلى آخرهم لم يتوقف إسالمهم على معرفة ما عند أهل الكتاب من الشواهد ، وإن كان ذلك قد بلغ بعضهم وسمعه منهم قبل النبوة وبعدها

األنصار يسمعون من اليهود صفة النبي صلى الله عليه وسلم ونعته ومخرجه ، كما ان وأبصروه قرفوه بالنعت الذي اخبرهم به اليهود فسبقوهم إليه ، فشرق فلما عاينوه

وغصوا بمائهم ، وقالوا لي هو الذي كنا نعدهم به ، فالعلم بنبوة أعداء الله بريقهم صلوات الله وسالمه عليهم ال يتوقف على العلم بأن من محمد والمسيح وموسى

طرق العلم بها متعددة ، فإذا عرفت نبوة النبي صلى قلبهم أخبر به وبشر بنبوتهم بل ثبتت نبوته ووجب اتباعه ، وإن لم يكن من قبله الله عليه وسلم بطريق من الطرق

.بشر به

عليها من البراهين ، فإما أن يكون تبشير من قلبه به فإذا علمت نبوته بما قام� لنبوته ، وإما أن ال � لم يجب وقوعه وال يتوقف الزما � ، فإن لم يكن الزما يكون الزما

� أنه قد وقع ، تصديق النبي عليه بل يجب � علم قطعا تصديقه بدونه، وإن كان الزما عدم وقوعه إذ ال يلزم من وجود الشئ نقله العام ، وال وعد نقله إلينا ال يدل على

الخاص ،وليس كل ما أخبر به موسى والمسيح وغيرهما من األنبياء المتقدمين وصل.باالضطرار إلينا ، وهذا مما يعلم

فلو قدر أن البشارة بنبوته صلى الله عليه وسلم ليس في الكتب الموجودة بأيديكم لم يلزم أن ال يكون المسيح وغيره بشروا به ، بل قد يبشرون وال ينقل ،

أن يكون في كتب غير هذه المشهورة والمتداولة بينكم ، فلم يزل عند كل ويمكن� عن جميع عامتهم ، ويمكن أنه كان في أمة كتب ال يطلع عليها إال بعض خاصتهم فضال

منه وبدل ونسخت النسخ من هذه الكتب قد غيرت واشتهرت بحيث ال بعضها تأويل تلك النسخ األولى ، وهذا كله ممكن ، ال سيما من األمة التي يعرف غيرها وأخفى أمر

(103)

Page 104: هداية الحيارى

نبيها وشريعته ، هذا كله على تقدير عدم البشارة به في شئ تواطأت على تبديل دين� .من كتبهم أصال

قد ذكرنا من البشارات به التي في كتبهم ما ال يمكن لمن له أدنى معرفة ونحن .والمكابرة فيه ، وإن أمكنهم المغالطة بالتأويل عند رعاعهم وجهالهم منهم جحده

الثاني(: أن عبد الله بن سالم قد قابل اليهود وأوفهم بين يدي رسول الله )الوجه عليه وسلم على أن ذكره ونعته وصفته في كتبهم وأنهم يعلمون أنه رسول صلى الله

بأنه أعلمهم وابن أعلمهم وخيرهم وابن خيرهم ، فلم يضر قولهم بعد الله وقد شهدوا ذلك أنه شرهم وابن شرهم وجاهلهم وابن جاهلهم ، كما إذا شهد على رجل شاهد

عند الحاكم فسأله عنه فعدله وقال إنه مقبول الشادة عدل رضي ال يشهد إال بالحق وشهادته جائزة على فلما أدى الشهادة قال إنه كاذب شاهد زور، ومعلوم أن هذا ال

.يقدح في شهادته

المتقدمة من فقد مأل الدنيا من األخبار بما في النبوات كعب األحبار وأما على رؤوس البشارة به وصرح بها بين أظهر المسلمين واليهود والنصارى ، وأذن بها

أوسعهم المأل وصدقه مسلمو أهل الكتاب عليها، وأقروه على ما أخبر به ، وأنه كان� بما في كتب األنبياء ، وقد كان الصحابة يمتحنون ما ينقله ويزنونه بما يعرفون علما

صحته فيعلمون صدقه ، وشهدوا له بأنه أصدق الذين يحكون لهم عن أهل الكتاب أو من أصدقهم ونحن اليوم ننوب عن عبد الله بن سالم وقد أوجدنا كم هذه البشارات

كتبكم فهي شاهدة لنا عليكم والكتب بأيديكم فأتوا بها فاتلوها إن كنتم صادقين ، في وعندنا ممن وفقه الله لإلسالم منكم من يواقفكم ويقابلكم ويحاقكم عليها، وإال

فاشهدوا على أنفسكم بما شهد الله ومالئكته وأنبيائه ورسله وعباده المؤمنون به.من الكفر والتكذيب والجحد ومعاداة الله ورسوله عليكم

بكل نسخة متضمنة لغاية البيان عبد الله بن سالم )الوجه الثالث( : أنه لو أتاكم لكان في بهتكم وعنادكم وكذبكم ما يدفع في وجوهها ويحرفها أنواع والصراحة

� ، فإذا جاءكم بما ال قبل لكم به قلتم : ليس هو ، ولم يأت التحريف ما وجد إليه سبيال بعد ، وقلتم : نحن ال نفارق حكم التوراة ، وال نتبع نبي األميين ، وقد صرح أسالفكم

� ، وأنه الذين شاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نوعاينوه أنه رسول حقا ألسنة األنبياء المتقدمين ، وقال من قال منهم في وجهه : المبشر به الموعود به على يمنعك من اتباعي؟، قال : إنا نخاف أن يقتلنا يهود ، وقد نشهد إنك نبي ، فقال : ما

إن الذين حقت عليهم كلمة ربك ال يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى : قال تعالى وقد جاءكم بآيات هي أعظم من بشارات األنبياء به وأظهر ، بحيث العذاب األليم يروا

� � وتكذيبا أن كل آية منها يصلح أن يؤمن على مثلها البشر ، فما زادكم ذلك إال نفورا وإباء لقبول الحق، فلو نزل الله إليكم مالئكته وكلمكم الموتى وشهد له بالنبوة كل

.رطب ويابس لغلبت عليكم الشقوة وصرتم إلى ما سبق لكم في أم الكتاب

كان أعقل منكم وأبعد من الحسد من آيات األنبياء ما رأوا وما وقد رأى من� � ، فأسالفكم وقدوتكم في تكذيب النبياء من األمم ال زادهم ذلك إال تكذيبا وعنادا

يحصيهم إال الله حتى كأنكم تواصيتم بذلك أوصى به األول لآلخر واقتدى فيه اآلخر كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إال قالوا ساحر أو : باألول ، قال تعالى

، وهبنا ضربنا عن إخبار األنبياء المتقدمين به أتواصوا به بل هم قوم طاغون * مجنون� ، أفليس في اآليات والبراهين التي ظهرت على يديه ما يشهد بصحة نبوته؟! صفحا

(104)

Page 105: هداية الحيارى

� يقطع المعذرة ويقيم الحجة ، والله وسنذكر منها بعد الفراغ من األجوبة طرفا.المستعان

السؤال الخامس

نسبتم األمتين العظيمتين وأما السؤال الخامس وهو قول السائل : إنكم فابن سالم وأصحابه أولى المذكورتين إلى اختيار الكفر على اإليمان للغرض المذكور

� ، وأضداده كثيرون ال يحصيهم .هـ.عددأ بذلك الغرض ، ألنهم قليلون جدا

المذكورتين والجواب من وجوه: )أحدها( : إن قد بينا أن جمهور هاتين األمتين بهما آمن به وصدقه وقد كانوا ملء الرض ، وهذه الشام ومصر وما جاورهما واتصل

من اعمالهما ، والجزيرة والموصل وأعمالهما ، وأكثر بالد المغرب وكثير من بالد المشرق ، كانوا كلهم نصارى فأصبحت هذه البالد كلها مسلمين ، فالمتخلف من

األمتين عن اإليمان به أقل القليل باإلضافة إلى من آمن به وصدقه ، وهؤالء هاتين األوثان كلهم أطبقوا على اإلسالم إال من كان منهم في أطراف األرض بحيث لم عباد

� دخلوا تصل إليه الدعوة ، وهذه أمة المجوس توازي هاتين األمتين كثرة وشوكة وعددا.وبقي من بقي منهم كما بقيتم أنتم تحت الذلة والجزية في دينه

الغرض الحامل لهم على الكفر ليس هو مجرد المأكلة )الثاني( : إنا قد بينا أن األغراض ، بل منهم من حمله ذلك ، ومنهم من والرياسة فقط ، وإن كان من جملة

ومنهم من حمله لهوى ، ومنهم من حمله حمله الحسد ، ومنهم من حمله الكبر ، حمله إلفه للدين الذي نشأ عليه محبة اآلباء واألسالف وحسن الظن بهم ، ومنهم من

عليه ، وأنت ترى هذا السبب وجبل بطبعه فصار انتقاله عنه كمفارقة اإلنسان ما طبع اعتادوه من المطاعم كيف هو الغلب المستولي على أكثر بني آدم في إيثارهم ما

بكثير ، ومنهم والمشارب والمالبس والمساكن والديانات على ما هو خير منه وأوفق حمله الخوف من حمله التقليد والجهل وهم األتباع الذين ليس لهم علم ، ومنهم من

المذكور من فوات محبوب أو حصول مرهوب ، فلم تنسب هاتين األمتين إلى الغرض.وحده

� )الثالث( : إنا قد بينا أن األمم الذين كانوا قبلهم كانوا أكثر � وأغزر عقوال عددا البصيرة، فلهاتين منهم وكلوا اختاروا العمى على الهدى والكفر على اإليمان بعد

.المتين سلف كثير وهم أكثر الخلق

وذويه إنما أسلموا في وقت شدة من األمر وقلة عبد الله بن سالم )الرابع( : أن من المسلمين وضعف وحاجة وأهل األرض مطبقون على عداوتهم واليهود

والمشركون هم أهل الشوكة والعدة والحلقة والسالح ، ورسول الله صلى الله عليه أووا إلى المدينة ، وأعداؤهم يتطلبونهم في كل وجه ، وقد وسلم وأصحابه إذ ذاك قد بهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بذلوا الرغائب لمن جاءهم

� في غار تحت األرض ، ثم خرجوا بعد ثالث على غير الطريق وخادمهما فاستخفوا ثالثا.والعدة فيها لليهود والمشركين إلى أن قدموا المدينة، والشوكة والعدد

حين مقدم النببي صلى الله عليه وسلم المدينة لما سالم عبد الله بن فأسلم كان يعرفها وشاهدها فيه ، وترك األغراض التي منعت رأى أعالم النبوة التي

(105)

Page 106: هداية الحيارى

الرياسة والمال والجاه بينهم ، وقد شهدوا له كلهم المغضوب عليهم من اإلسالم من أنه رئيسهم وخيرهم وسيدهم ، فعلم أنهم إن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

علموا بإسالمه أخرجوه من تلك الرياسة والسيادة فأحب أن يعلم رسول الله صلى بيوتك وسلهم عني ففعل ، وسألهم عنه الله عليه وسلم بذلك ، فقال : أدخلني بعض

فأخبروه أنه سيدهم ورئيسهم وعالمهم ، فخرج عليهم وذكرهم وأوقفهم على أنهم وأنكروا رياسته وسيادته يعلمون أنه رسول الله ، وقابلهم بذلك ، فسبوه وقدحوا فيه

.وعلمه

ممن يؤثر عرض الدنيا والرياسة لفعل كما فعله سالم عبد الله بن فلو كان والقوم البهت ، وهكذا شأن من أسلم من اليهود حينئذ ، إخوان القردة وأمة الغضب

بغرضه لخاصته وعامته ، وقال : عن هؤالء قد وأما المتخلفون فكثير منهم صرح لنزعوا ذلك كله منا ، وهذا قد رأيناه نحن في عظمونا ورأسونا ومولونا فلو اتبعناه

� .زماننا وشاهدناه عيانا

بعض علماء النصارى معظم يوم فلما تبين لح الحق بهت ، فقلت ولقد ناظرت يمنعك اآلن من اتباع الحق ؟ فقال لي : إذا قدمت على هؤالء له وأنا وهو خاليين: ما فرشوا لنا الشقاف تحت حوافر دابتي وحكموني في أموالهم – الحمير – هكذا لفظه

� ونسائهم ولم يعصوني فيما � وال نحوا آمرهم به ، وأنا ال أعرف صنعة وال أحفظ قرآنا� ، فلو أسلمت � بهذا وال فقها لدرت في األسواق أتكفف الناس ، فمن الذي يطيب نفسا

وكيف تظن بالله أنك إذا آثرت رضاه على هواك يخزيك ؟! فقلت : هذا ال يكون ، فما ظفرت به من الحق والنجاة من النار ومن ويحوجك ؟! لو فرضنا أن ذلك أصابك

، فقال : حتى يأذن الله ، فقلت : القدر سخط الله وغضبه ، فيه أتم العوض عما فاتك لليهود على تكذيب المسيح وحجة ال يحتج به ، ولو كان القدر حجة لكان حجة

بالقدر فكيف تحتج به ؟! للمشركين على تكذيب الرسل ، وال سما أنتم تكذبونفقال : دعنا اآلن من هذا ، وأمسك

نفس سؤالك فإنك اعترفت أن عبد الله بن سالم )الخامس(: إن جوابك في� وأضدادهم ال يحصون كثرة ، ومعلوم أن الغرض الداعي وذويه كانوا قليلين جدا

أولوا القوة والشوكة ، أقوى من لموافقة الجمهور الذين ال يحصون كثرة ، وهم.الغرض الداعي لموافقة األقلين المستضعفين

.الموفق والله

السؤال السادس

علينا الريبة من جهة عبد اله بن وأما السؤال السادس وهو قول السائل : تدخل شرائعكم في الحالل والحرام والمر سالم وأصحابه ، وهو انكم قد بنيتم أكثر أساس

بحث في علم وال دراسة وال والنهي على أحاديث عوام من الصحابة الذين ليس لهم يؤخذ بأحاديثهم ورواياتهم ، كتابة قبل مبعث نبيكم ، فابن سالم هو وأصحابه أولى أن

وبعده ، وال نراكم تروون ألنهم كانوا اهل علم وبحث ودراسة وكتابة قبل مبعث نبيكم� � يسيرا � ، وهو ضعيف عندكم أ عنهم من الحالل والحرام واألمر والنهي إال شيئا .هـ.جدا

: والجواب من وجوه

(106)

Page 107: هداية الحيارى

الصحابة كانوا أعلم أهل األرض

، فإنا لم نبن أساس شريعتنا في الحالل )أحدها(: أن هذا بهت من قائله المجيد الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال والحرام واألمر والنهي إال على كتاب رينا

أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، الذي علومها وأجناسها وطبائعها وهو في وسلم ، الذي تحدى به األمم كلها على اختالف

بمثله فيكونوا أولى بالحق منه غاية الضعف ، وأعداؤه طبقوا األرض أن يعارضوه .ويظهر كذبه وصدقهم فعجزوا عن ذلك

يأتوا بعشر سور مثله فعجزوا ، فتحداهم بأن بسورة من مثله فتحداهم بأن األدنون إليه أفصح الخلق وهم أهل البالغة والفصاحة واللسن فعجزوا ، هذا وأعداؤه

وأنواع الكالم ، فما منهم من فاه في معارضته ببنت شفة ، والنظم والنثر والخطب تكذيبه وأشدهم أذى له بالقول والفعل والتنفير عنه بكل وكانوا أحرص الناس على

.طريق

سورة واحدة عارضة بها ، إال مسيلمة الكذاب بمثل فما نقل عن أحد منهم تنقين ، ال الشارب تمنعين ، وال الماء تكدرين قوله : يا ضفدع بنت ضفدعين ، نقي كم

� ، والعاجنات � وأمثال ، ومثل والطاحنات طحنا � ، إهالة وسمنا � ، فالخابزات خبزا عجنا.الجنون والمعتوهين أشبه منها بألفاظ العقالء هذه األلفاظ التي هي بألفاظ أهل

ومعالم حاللهم وحرامهم على الكتاب الذي فالمسلمون إنما بنوا أساس دينهم كل شئ وتفصيل كل شئ وهدى لم ينزل من السماء كتاب أعظم منه ، فيه بيان

.أساس دينهم ورحمة وشفاء لما في الصدور ، به هدى الله رسوله وأمته فهو

)الثاني(: إن قولكم إن المسلمين بنوا أساس دينهم على رواية عوام من الصحابة من أعظم البهت وأفحش الكذب ، فإنهم وإن كانوا أميين فمذ بعث الله

رسوله زكاهم وعلمهم الكتاب والحكمة وفضلهم في العلم والعمل والهدى فيهم والعلوم النافعة المكملة للنفوس على جميع األمم ، فلم تبق أمة والمعارف اإللهية

.فضلهم وعلومهم وأعمالهم ومعارفهم من األمم تدانيهم في

بصيرة إلى ما عندهم لم فلو قيس ما عند جميع المم من معرفة وعلم وهدى بالحساب والهندسة ، يظهر له نسبة إليه بوجه ما ، وإن كان غيرهم من المم أعلم

ووزن األنهار والكم المتصل والكم المنفصل ، والنبض والقارورة والبول القسطة ، وعلم ونقوش الحيطان ، ووضع اآلالت العجيبة وصناعة الكيمياء ، وعلم الفرحة ،

هي الهيئة ، وتسيير الكواكب ، وعلم الموسيقى واأللحان ، وغير ذلك من العلوم التي .بين علم ال ينفع وبين ظنون كاذبة ، وبين علم نفعه في العاجلة وليس من زاد المعاد

� في العلم بالله وأسمائه وصفاته وافعاله فإن أردتم أن الصحابة كانوا عواما وأحكامه ودينه وشرعه وتفاصيله وتفاصيل ما بعد الموت وعلم سعادة النفوس

وعلم صالح القلوب وأمراضها فمن بهت نبيهم بما بهته به وجحد نبوته وشقاوتها للبصائر أظهر من الشمس األبصار لم ينكر له أن له يبهت أصحابه ورسالته التي هي

، وينكر ما خصهم الله به وميزهم على من قبلهم ومن هو ويجحد فضلهم ومعرفتهم� في ذلك وهم أذكى الناس كائن من بعدهم إلى يوم القيامة ؟! وكيف يكونون عواما

(107)

Page 108: هداية الحيارى

� ، هم يتلقونه � لم يشب عن نبيهم ،وهم فطرة وأزكاهم نفوسا � ومحضا � طريا غضا السماء يأتيهم على لسانه في ساعات الليل أحرص الناس عليه واشوقهم إليه ، وخبر

على علوم األولين واآلخرين ، وعلم والنهار والحضر والسفر ، وكتابهم قد اشتمل األمم الماضية ، واألنبياء وسيرهم ماكان من المبدأ والمعاد ، وتخليق العالم وأحوال

، وعددهم ، وعدد المرسلين وأحوالهم مع أممهم ، ودرجاتهم ومنازلهم عند الله أعداءهم ، وما أكرم به منهم ، وذكر كتبهم وأنواع العقوبات التي عذب الله بها

واستعملوا فيه ، وذكر اليوم أتباعهم ، وذكر المالئكة وأصنافهم وأنواعهم وما وكلوا به وتفصيل عذابها ، وذكر اآلخر وتفاصيل أحواله وذكر الجنة وتفاصيل نعيمها والنار

، وذكر أشراط البرزخ وتفاصيل عذابها ، وذكر البرزخ وتفاصيل أحوال الخلق فيه� بما لم يتضمنه كتاب غيره من حين قامت الدنيا وإلى أن الساعة واإلخبار بها مفصال وقد اإلنجيل يرث الله األرض ومن عليها ، كما أخبر به المسيح عنه من قوله في

بشرهم به فقال : وكل شئ أعده الله تعالى لكم يخبركم به وفي موضع آخر منه : شئ وأجيئكم باألمثال ويخبركم بالحوادث والغيوب ، وفي موضع آخر ويعلمكم كل

� أريد أن أقوله لكم ولكنكم � كثيرا وهو يجيئكم بالتأويل ، وفي موضع آخر: إن لي كالما ال تستطيعون حمله ، لكن إذا جاء روح الحق ذلك يرشدكم إلى جميع الحق ، ألنه

جميع ما ليس ينطق من عنده بل بتلكم بما يسمع ، ويخبركم بكل ما يأتي ، ويعرفكم.لألب

أذكى فمن هذا علمه بشهادة المسيح وأصحابه يبلقون ذلك جميعه عنه وهم الخلق وأحفظهم وأحرصهم ، كيف تدانيهم أمة من األمم في هذه العلوم

� صالة الصبح ثم صعد! والمعارف ؟ ولقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حضرت الظهر ، ثم نزل فصلى وصعد فخطبهم حتى حضرت المنبر فخطبهم حتى

� إلى قيام العصر ، ثم نزل فصلى وخطبهم حتى حضرت المغرب ، فلم يدع شيئا.أحفظهم الساعة إال أخبرهم به ، فكان أعلمهم

وخطبهم مرة أخرى خطبة فذكر بدأ الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل.النار منازلهم

.أجل وقال يهودي لسلمان : لقد علمكم نبيكم كل شئ حتى الخراءة ! قال

!!.فهذا اليهودي كان أعلم بنبينا من هذا السائل وطائفته

أصحاب نبينا عوام وهذه العلوم النافعة المبثوثة في األمة على وكيف يدعى في إنما هي عنهم مأخوذة ومن كالمهم وفتاويهم مستنبطة ، وهذا كثرتها واتساعها وتفنن

� وبلغت فتاويه الله بن عباس عبد كان من صبيانهم وفتيانهم وقد طبق األرض علما، � � ال ينزف لو نزل به أهل األرض ألوسعهم علما � ، وكان بحرا � من ثالثين سفرا نحوا

وكان إذا أخذ في تفسير القرآن ومعانيه يقول السامع ال يحسن سواه ، فإذا أخذ في السنة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول القائل ال يحسن سواه ، فإذا

في القصص وأخبار األمم وسير الماضين فكذلك ، فإذا أخذ في أنساب العرب أخذ.واصولها وفروعها فكذلك ، فإذا أخذ في الشعر والغريب فكذلك وقبائلها

في قوله قتادة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال : مجاهد قال ، قال: هم أصحاب العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويرى الذين أوتوا : تعالى

.محمد صلى الله عليه وسلم

(108)

Page 109: هداية الحيارى

� الموت قيل له : أوصنا ، قال : أجلسوني ، إن العلم واإليمان ولما حضر معاذا ، وعند عويمر أبي الدرداء بمكانهما ، من اقتفاهما وجدهما عند أربعة رهط : عند

، فإني سمعت عند الله بن سالم، و عبد الله بن مسعود ، وعند سلمان الفارسي.يقول : إنه عاشر عشرة في الجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

، قال عبد الله : علماء األرض ثالثة ، فرجل بالشام ، السبيعي أبو اسحق وقال .وآخر بالمدينة وآخر بالكوفة ،

.عن شئ فأما هذان فيساالن الذي بالمدينة ، والذي بالمدينة ال يسألهما

الله صلى الله عليه وسلم ، حدثنا عن أصحاب رسول: لعلي بن أبي طالب وقيل ، قال قرأ القرآن وعلم السنة ثم بن مسعود عن عبد الله : قال : عن أيهم ؟ قالوا

، قال : أعلم أصحاب محمد حذيفة عن انتهى وكفى بذلك ، قالوا : فحدثنا نسي ؟ ، قال : كنيف ملئ ، قالوا: فعمار؟ ، قال : مؤمنفأبو ذر : بالمنافقين ، قالوا

إذا ذكرته ذكر خلط الله اإليمان بلحمه ودمه ليس للنار فيه نصيب ، قالوا موسى؟ ، قال : صبغ في العلم صبغة ، قالوا: فسلمان ؟ ، قال : علم العلم األول واآلخر ، بحر

إياها : ال ينزج ، هو منا أهل البيت ، قالوا : فحدثنا عن نفسك يا أمير المؤمنين؟ ، قال.أرديم ، كنت إذا سئلت أعطيت ، وإذا سكت ابتديت

شافهت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم : مسروق وقال بن أبي، و أبي الدرداء، و ثابت زيد بن، و عمر، و الله عبد، و عليينتهي إلى ستة: إلى

.عبد الله، و علي ، ثم شافهت الستة فوجدت علمهم ينتهي إلى كعب

جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا كاألخاذ ، : مسروق وقال األخاذ يروي الراكبين ، واألخاذ العشرة ، واألخاذ لو نزل به أهل األرض ألصدرهم ،

.وإن بعد الله من تلك األخاذ

صلى الله عليه وسلم قال : بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن عن النبي الصحيح وفي من أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر ، فقالوا : فشربت منه حتى أرى الري يخرج.العلم : فما أولت ذلك يا رسول الله ، قال

.قد ذهب بتسعة أعشار العلم إني ال حسب أن عمر بن الخطاب : عبد الله وقال

وضع في كفة الميزان ووضع علم عمر بن الخطاب لو أن علم : عبد الله وقال.عمر كفة لرجح علم أهل األرض في

كأن علم الناس مع علم عمر دس في حجر ، وقال : اليمان حذيفة بن وقال.أبو موسىو زيدو عليو عمر قضاة هذه األمة أربعة : الشعبي

� قط أعلم بالله وال أقرأ لكتاب الله وال أفقه : قبيصة بن جابر وقال ما رأيت رجال.عمر في دين الله من

صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن بعثني رسول الله : علي وقال إلى قوم يكون فيهم األحداث وليس لي ليس لي علم بالقضاء ، فقلت إنك ترسلني

سيهدي قلبك ويثبت لسانك ، علم بالقضاء ، قال فضرب في صدري وقال : إن الله.قال : فما شككت في قضاء بين اثنين بعده

(109)

Page 110: هداية الحيارى

� : قال عبد الله بن مسعود عن الصحيح وفي لعقبة بن أبي كنت أرعى عنما الله عليه وسلم وأبو بكر ، فقال لي : يا غالم هل من فمر بي رسول الله صلى معيط

مؤتمن، قال :فهل من شاة لم ينزل عليها الفحل ؟ ، قال لبن ؟ ، فقلت : نعم ولكني لبن فحلبه في إناء فشرب وسقى أبا بكر ، ثم قال فأتيته بشة فمسح ضرعها فنزل

للضرع : اقلص فقلص ، قال ثم أتيته بعد هذا فقلت : يا رسول الله علمني من هذا.إنك عليم معلم القول ، فمسح رأسي ، وقال : يرحمك لله

� : عقبة بن عامر وقال أعلم بما أنزل على محمد من عبد الله ، ما أرى أحدا.إن تقل ذلك فإنه كان يسمع حين ال نسمع ويدخل حين ال ندخل : أبو موسى فقال

سورة إال وأنا أعلم فيما أنزلت ، ولو ما أنزلت : عبد الله قال : مسروق وقال� أعلم بكتاب الله مني تبلغه .اإلبل والمطايا ألتيته إني أعلم أن رجال

حتى إذا خرجوا من عندك قالوا : قوله عز وجل في عبد الله بن بريدة وقال� للذين أوتوا العلم .مسعود عبد الله بن قال : هو ماذا قال آنفا

؟ قال : والله لقد رأيت األكابر كانت عائشة تحسن الفرائض : لمسروق وقيل.الفرائض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن

صلى الله عليه وسلم حديث ما أشكل علينا أصحاب محمد : أبو موسى وقال� .قط فسألنا عائشة إال وجدنا منه علما

كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا : شهر بن حوشب وقال.نظروا إليه هيبة له معاذ بن جبل وفيهم

� ، ثم وكئ عليه فلم : علي بن أبي طالب وقال يخرج منه أبو ذر وعاء ملئ علما.شئ حتى قبض

.فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم قدمت المدينة : مسروق وقال

� ، وشداد بن : الدرداء أبا ولما بلغ � ولم يؤت حلما إن من الناس من أوتي علما� أوس ممن أوتي � وحلما .علما

.على قبره وقال : هكذا يذهب العلم ابن عباس قام زيد بن ثابت ولما مات

وقال: اللهم علمه الحكمة ابن عباس صلى الله عليه وسلم وضم رسول الله لقد مات رباني هذه : ابن عباس لما مات محمد بن الحنيفية وتأويل الكتاب ، وقال

� أعلم بالسنة : عبيد الله بن عبد الله بن عتبة األمة وقال � ما رأيت أحدا وال أجلد رأيا� حين ينظر من .عباس ابن وال أثقب نظرا

علينا عضل أقضية أنت لها وألمثالها يقول له : قد طرأت عمر بن الخطاب وكان.عمر في جده وحسن نظره للمسلمين عمرو : عبيد الله ثم يقول

� قط أكرم من مجلس : عطاء بن أبي رباح وقال :ابن عباس ما رأيت مجلسا� وأعظم جفنة ، إن أصحاب الفقه عنده .أكثر فقها

(110)

Page 111: هداية الحيارى

وأصحاب القرآن عنده وأصحاب الشعر ، يصدرهم كلهم في واد واسع ، وكان عليه وسلم يسأله مع األكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عمر بن الخطاب

� � ودعى له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزيده الله علما .وفقها

.أدرك أسناننا ما عشره منا رجل ابن عباس لو أن : عبد الله بن مسعود وقال

.عشرة أي ما بلغ

أنه فقيه أو غير فقيه ، ما سألني أحد عن مسألة إال عرفت: ابن عباس وقال .وقيل له أني أصبت هذا العلم ؟ قال : بلسان سؤول ، وقلب عقول

.وكان يسمى البحر من كثرة علمه

أدركت نحو خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه : طاوس وقال� فخالفوه لم يزل بهم حتى يقررهم ابن عباس وسلم إذا ذكر لهم .شيئا

قلت : كان ابن عباس إذا رأيته قلت : أجمل الناس ، فإذا تكلم : األعمش وقال.أفصح الناس ، فإذا حدث قلت : أعلم الناس

.كان بان عباس إذا فسر الشئ رأيت عليه النور : مجاهد وقال

ماال يعلمه كانوا يرون أن الرجل الواحد يعلم من العمل : ابن سيرين وقال .الناس أجمعون

أنكرت ذلك قال فقال : أليس أبو بكر كان يعلم ماال فكأنه رآني : ابن عون قال لو وضع : بن مسعود عبد الله يعلم ماال يعلم الناس؟! وقال عمر يعلم الناس، ثم كان

قال األعمش فذكروا علم أحياء العرب في كفة وعلم في كفة لرجح بهم علم عمر ،.أعشار العلم ذلك إلبراهيم فقال : عبد الله ؟! إن كنا لنحسبه قد ذهب بتسعة

� من : سعيد بن المسيب وقال الناس بعد رسول الله صلى الله ما أعلم أحدا.الخطاب عمر بن عليه وسلم أعلم من

.قضاة الناس أربعة : الشعبي وقال

.األشعري أبو موسىو زيد بن ثابتو عليو عمر

واألحكام وكانت عائشة رضي الله عنهما مقدمة في العلم بالفرائض والسنن� قط أعلم بقضاء وال : عروة بن الزبير والحالل والحرام والتفسير قال ما جالست أحدا

.وال طب من عائشة بحديث الجاهلية وال أروي للشعر وال أعلم بفريضة

.وقال عطاء : كانت عائشة أعلم الناس وأفقه الناس

العلم عن أبي هريرة ثمانمائة رجل ما بين روى : تاريخه في البخاري وقال .صاحب وتابع

(111)

Page 112: هداية الحيارى

صلى إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد : عبد الله بن مسعود وقال الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه وبعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد

.فجعلوا وزراءه

قل الحمد لله وسالم على عباده الذين: في قوله تعالى ابن عباس وقال من : ابن مسعود صلى الله عليه وسلم, وقال ، قال : هم أصحاب محمد اصطفى

� فليستن بمن قد مات فإن الحي ال يؤمن عليه الفتنة ، أولئك أصحاب كان منكم مستنا� ، قوم اختارهم الله إلقامة محمد ، أبر � ، وأقلها تكلفا � ، وأعمقها علما هذه األمة قلوبا

وصحبة نبيه فاعرفوا لهم حقهم ، وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى دينه.المستقيم

:تعالى وقد أثنى الله سبحانه عليهم بما لم يثنه على أمة من األمم سواهم فقال� � وكذلك جعلناكم أمة وسطا � خيارا . أي عدوال

� . لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا

بالمعروف وتنهون عن المنكر كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون : وقال تعالى الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ، محمد رسول :وقال وتؤمنون بالله

� من � يبتغون فضال � سجدا � ، سيماهم في وجوههم من أثر تراهم ركعا الله ورضوانا في اإلنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره السجود ، ذلك مثلهم في التوراة ، ومثلهم

الكفار ، وعد الله الذين آمنوا فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم� � عظيما . وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا

وهم محمد مع الصادقين يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا : وقال تعالى.وأصحابه

أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرهم وأكرمها : وصح عنه صلى الله عليه وسلم إنه قال. على الله عز وجل

واألنصار والذين اتبعوهم والسابقون األولون من المهاجرين : وقال تعالى األنهار خالدين فيها بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها

. أبدا ذلك الفوز العظيم

يجلسان للناس عند قدوم الحاج ابن عمرو ابن عباس كان : مالك عن نافع وقال� � ، فكان وكنت أجلس إلى هذا يوما يجيب ويفتي في كل ما ابن عباس وإلى هذا يوما

.يرد أكثر مما يفتي ابن عمريسأل عنه وكان

إمام العلماء برتوة يعنى يكون يكون معاذ بن جبل وسمعت أن : مالك قال.أمامهم يوم القيامة برمية حجر

الله عليه وسلم ستين سنة يفتى بعد النبي صلى ابن عمر أقام مالك وقال عمر لجرير : يرحمك الله الناس في الموسم ويغر ذلك وكان من أئمة الدين ، وقال

� في اإلسالم � في الجاهلية فقيها .إن كنت لسيدا

.عمران بن حصين ما قدم البصرة أحد افضل من : محمد بن المنكدر قال

(112)

Page 113: هداية الحيارى

حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ الله لجابر بن عبد وكان.عنه العلم

إنما انتشر في اآلفاق عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم والعلم� ، الذين فتحوا � وعلما البالد بالجهاد ، والقلوب بالعلم والقرآن ، فمألوا الدنيا خيرا

.اليوم في بقايا آثار علمهم والناس

وقد ذكر الصحابة فعظمهم وأثنى عليهم ثم قال: وهم رسالته في الشافعي قال في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم ، وآراؤهم لنا ،مد وأولى فوقنا

أرائنا ، ومن أدركنا ممن نرضى أو حكى لنا عنه ببلدنا صرنا فيما لم نعلم فيه لنا من.قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا ولم نخرج من أقاويلهم كلهم سنة إلى

القرآنو اإلنجيلو التوراة وقد أثنى الله على الصحابة في : الشافعي وقال.ما ليس ألحد بعدهم وسبق لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم من الفضل

النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين ، إذا جاء عن : أبو حنيفة وقال.ولم نخرج عنه وإذا جاء عن الصحابة نختار من قولهم

� يقول : ابن القاسم وقال لما خل أصحاب رسول الله صلى الله : سمعت مالكا ما كان أصحاب عيسى بن عليه وسلم الشام نظر إليهم رجل من أهل الكتاب فقال

� من .هؤالء مريم الذين قطعوا بالمناشير وصلبوا على بأشد اجتهادا

على وقد شهد لهم الصادق الصدوق الذي ال ينطق عن الهوى بأنهم خير القرون.اإلطالق اإلطالق كما شهد لهم ربهم تبارك وتعالى بأنهم خير األمم على

� ، وهؤالء األئمة األربعة الذين طبق علمهم وعلماؤهم وتالميذ تالميذهم جرا� هم تالميذ تالميذهم ، وخيار ما عندهم ما كان عن الصحابة ، � وغربا وخيار األرض شرقا

.الفقه ما كان عنهم ، وأصح التفسير ما أخذ عنهم

الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وقضائه وقدره ففي وأما كالمهم في باب معرفة قالته األنبياء عرف أنه مشتق منه مترجم أعلى المراتب ، فمن وقف عليه وعرف ما كالمهم ومأخوذ عنهم ، وهؤالء تالميذهم عنه ، وكل علم نافع في األمة مستنبط من

.األرض وتالميذ تالميذهم قد طبقت تصانيفهم وفتاويهم

أبو حنيفة ، وهذه تصانيف جمعت فتاويه في عدة أسفار ، وكذلك مالك فهذا وتأليفه نحو مائة سفر ، الشافعي تقارب المائة ، وهذا اإلمام أحمد بلغت فتاويه

� ، وغالب تصانيفه بل كلها عن رسول الله صلى وفتاويه عندنا في نحو عشرين سفرا شيخ اإلسالم ابن الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين ، وهذا عالمتهم المتأخر

� ورأيتها في الديار المصرية ، وهذه جمع بعض أصحابه فتاواه في ثالثين تيمية مجلدا الله ، كلهم من أولهم إلى آخرهم يقر للصحابة تأليف أئمة اإلسالم التي ال يحصيها إال

بالنسبة إلى علومهم كعلومهم بالنسبة إلى علم بالعلم والفضل ، ويعترف بأن علمه.نبيهم

، عن سعيد بن عبد الرحمن المعافري ، عن قتيبة بن سعيد حدثنا التثقيفات وفي� رأى حبراليهود يبكي ، فقال له ما يبكيك ؟ قال : ذكرت بعض األمر ، أبيه: أن كعبا

قال أنشدك أنشدك الله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني ؟ قال : نعم ،: كعب فقال

(113)

Page 114: هداية الحيارى

فقال : رب إني أجد التوراة الله : هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالكتاب األول

الضاللة حتى يقاتلون األعور الدجال فأجعلهم أمتي، قال والكتاب اآلخر ويقاتلون أهل.الحبر : نعم هم أمة أحمد يا موسى ؟ ، قال

الله المنزل أن موسى نظر في فأنشدك الله هل تجد في كتاب : كعب قال أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله وإذا هبط فقال : يا رب إني التوراة

لهم مسجد حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة ، حمد الله ، الصعيد طهورهم والرض يجدون الماء ، غرا محجلين من آثار طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث ال

.، قال الحبر : نعم الوضوء فاجعلهم أمتي ، قال هم أمة أحمد يا موسى ؟

فقال : يا التوراة كتاب الله أن موسى نظر في أنشدك الله أتجد في : كعب قال أمة مصاحفهم في صدورهم ، يصفون في صالتهم كصفوف المالئكة ، رب إني أجد

النحل ، ال يدخل النار منهم أحد إال من بر من أصواتهم في مساجدهم كدوي .الشجر الحسنات مثل ما برئ الحجر من ورق

.نعم : قال موسى: فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد يا موسى؟ ، قال الحبر

� وأمته قال ليتني من فلما عجب موسى من الخير الذي أعطى الله محمدا على يا موسى إني اصطفيتك: محمد ، فأوحى الله إليه ثالث آيات يرضيه بهن أصحاب. ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون اآلية الناس

.كل الرضا اآلية ، قال فرضي موسى وكتبنا له في األلواح

وبعضها في نبوة أشعياء وبعضها التي بأيديهم التوراة وهذه الفصول بعضها في.في نبوة غيره

في األلواح أعم من التوراة المعينة وقد كان الله سبحانه كتب لموسى التوراة و رفع منها الكثير وبقي خير كثير فلما كسرها من كل شيء موعظة وتفصيال لكل شيء

فال يزال في العلم الموروث عن ، فال يقدح في هذا النقل جهل أكثر أهل الكتاب به ، وهذه األمة على قرب عهدها األنبياء شئ اليعرفه إال اآلحاد من الناس أو الواحد ،

� من أمته وسائر بنبيها ، في العلم الموروث عنه، ما ال يعرفه إال األفراد القليلون جدا.الناس منكر له وجاهل به

� يقول : رأيت ف يالمنام كأن الناس جمعوا للحساب فدعي كعب وسمع رجال� يمشي بين األنبياء فجاء مع كل نبي أمته ورأيت لكل نبي نورين ولكل من اتبعه نورا

يديه ، فدعي محمد صلى الله عليه وسلم فإذا لكل شعرة في رأسه ووجهه نور ، اتبعه نوران يمشي بهما ، فقال كعب : من حدثك بهذا ، قال : رؤيا رأيتها ولكل من

قال : أنت رأيت هذا في منامك؟قال : نعم ، قال : والذي نفسي بيده إنها في منامي،.وأمته وصفة األنبياء وأممهم لكأنما قرأتها من كتاب الله لصفة محمد

أن عيسى بن مريم صلوات الله وسالمه عليه قيل له: وفي بعض الكتب القديمة أمة ؟ قال : نعم ، قيل : وأية أمة ؟ قال : أمة أحمد ، يا روح الله ! هل بعد هذه األمة

أحمد قال: علماء حكماء أبرار أتقياء كأنهم من الفقه أنبياء قيل : يا روح الله! وما أمة

(114)

Page 115: هداية الحيارى

من الرزق ، ويرضى الله منهم باليسير من العمل ، يدخلهم ، يرضون من الله باليسير.الجنة بشهادة أن ال إله إال الله

إسرائيل وفيه حديث مرفوع ال أعرف علماء هذه األمة كأنبياء بني : كعب وقال.حاله

الصلبان وأمة اللعنة والغضب بالفقه ثم نقول : وما يدريكم معاشر المثلثة عباد محمد الذين هم وتالميذهم كأنبياء والعلم ؟ ومسمى هذا االسم حيث تسلبونه أصحاب

مقادير العلماء إال من هو من بني إسرائيل ، وهل يميز بين العلماء والجهال ويعرف بالحمير التي تحمل جملتهم ومعدود في زمرتهم؟ فأما طائفة شبه الله علماءهم

� ، وطائفة علماؤها يقولون في الله ما ال ترضاه أمة من األمم فيمن تعظمه أسفارا فمثلها مثل عريان وتجله ، وتأخذ دينها عن كل كاذب ومفتر على الله وعلى أنبيائه ،

باألحجار، يحارب شاكي السالح ، ومن سقف بيته زجاج وهو يزاحم أصحاب القصور أنهم وال يستكثر على من قال في الله ورسوله ما قال أن يقول في اعلم الخلوق

.عوام

وعلى فليهن أمة الغضب علم المشنا والتلمود وما فيهما من الكذب على الله كليمه موسى وما يحدث أحبارهم وعلماء السوء منهم كل وقت ، ولتهنهم علوم دلتهم على أن الله ندم على خلق البشر حتى شق عليه ، وبكى الطوفان حتى رمد وعادته

، ودلتهم على أن يناجوا في صالتهم بقولهم يا إلهنا انتبه من رقدتك كم تنام المالئكة.حتى ينتخي لهم ويعيد دولتهم ينخونه

شرائع األنبياء وخالفوا بها ولتهن أمة الضالل علومهم التي فارقوا بها جميع� تتحققه علماؤهم في كل أمره كما سيمر .بك المسيح خالفا

وعلومهم التي قالوا بها في رب العالمين ما قالوا مما كادت السموات تنشق.منه واألرض تنفطر والجبال تنهد لوال أن أمسكها الحليم الصبور

على التثليث ، وعبادة خشبة الصليب والصور المدهونة وعلومهم التي دلتهم قول عالمهم أفرايم أن اليد التي جبلت طينة آدم بالسيرقون والزنجفر، ودلتهم على

الذي ذرعت به السموات هو الذي سمر هي التي علقت على الصلبوت، وأن الشبر يقل أن مريم والدة الله على الخشبة ، وقول عالمهم المشهور عريقودس من لم

.فهو خارج عن والية الله

السؤال السابع

دينكم أكثر الفواحش فيمن هو وأما السؤال السابع وهو قول السائل : نرى في والبخل والغدر والتجبر والتكبر أعلم وأفقه في دينكم كالزنا واللواط والخيانة والحسد

والحمية وكثرة الهلع والتكالب والخيالء وقلة الورع واليقين وقلة الرحمة والمروءةهـ ..المقال أ على الدنيا والكسل في الخيرات ، وهذا الحال يكذب لسان

والجواب من وجوه:

(115)

Page 116: هداية الحيارى

من معاصي أممهم )الوجه األول(: أن يقال : ماذا على الرسل الكرام� في نبوتهم أو يغير وجه رسالتهم ؟ وهل سلم من! وأتباعهم؟! وهل يقدح ذلك شيئا

؟! وهل الذنوب على اختالف أنواعها وأجناسها إال الرسل صلوات الله وسالمه عليهم يجوز رد رسالتهم وتكذيبهم بمعصية بعض أتباعهم لهم؟ ! وهل هذا إال من أقبح

.التعنت؟

فقال وهو بمنزلة رجل مريض دعاه طبيب ناصح إلى سبب ينال به غاية عافيته ،� لم يكن فالن وفالن وفالن مرضى .: لو كنت طبيبا

جميع المرضى بحيث ال يبقى في العالم مريض؟ هل وهل يلزم الرسل أن يشفوالتعنت؟ تعنت أحد من الناس للرسل مثل هذا

)الوجه الثاني(: أن الذنوب والمعاصي أمر مشترك بين األمم لم تزل في العالم من طبقات بني آدم علمهم وجاهلهم وزاهدهم في الدنيا وراغبهم وأميرهم ومامورهم

� اختصت به هذه األمة حتى يقدح به فيها وفي نبيها ، وليس .ذلك أمرا

الذنوب والمعاصي ال نتافي اإليمان بالرسل ، بل يجتمع في )الوجه الثالث(: أن.والذنوب والمعاصي ، فيكون فيه هذا وهذا العبد اإلسالم واإليمان

.

.وإن قدحت في كما له وتمامه فالمعاصي ال نتافي اإليمان بالرسل

فلو بلغت ذنوب العبد عنان )الوجه الرابع( : أن الذنوب تغفر بالتوبة النصوح ، قل يا عبادي: تعالى السماء وعدد الرمل والحصا ثم تاب منها تاب الله عليه، قال

الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه الذين أسرفوا على أنفسهم ال تقنطوا من رحمة فإن التوبة تجب ما قبلها ، والتائب من ، وهذا في حق التائب ، هو الغفور الرحيم

، كما في الحديث الصحيح اإللهي : ابن الذنب كمن ال ذنب له ، والتوحيد يكفر الذنوب� لقيتك بقرابها مغفرة آدم لو لقيتني بقراب األرض خطايا ثم لقيتني ال .تشرك بي شيئا

التوحيد على محو آثارها بالكلية وإال فالمسلمون ذنوبهم ذنوب موجدين ، ويقوى.عذبوا بذنوبهم فما معهم من التوحيد يخرجهم من النار إذا

يلقون ربهم وإما المشركون والكفار فإن شركهم وكفرهم يحبط حسناتهم ، فال إن الله ال يغفر: بحسنة يرجون بها النجاة ، وال يغفر لهم شئ من ذنوبهم ، قال تعالى

تعالى في حق الكفار والمشركين وقال أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء� وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء .منثورا

� أبى الله أن : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقبل من مشرك عمال

الخالص ، والحسنات الماحية ، فالذنوب تزول آثارها بالتوبة النصوح ، والتوحيد وآخر ذلك عذب بما والمصائب المكفرة لها ، وشفاعة الشافعين في الموحدين ،

.يبقى عليه منها أخرجه توحيده من النار

والكفر بالرسول فإنه يحبط جميع الحسنات بحيث ال تبق معه وأما الشرك بالله.حسنة

(116)

Page 117: هداية الحيارى

إن يقال لمورد هذا السؤال – إن كان من األمة الغضبية:)الوجه الخامس( إيراد هذا السؤال من آبائه وأسالفه كانوا يشهدون في إخوان القردة – أال يستحي من

غيرهم من األمم؟ وقد فلق الله لهم البحر وأنجاهم من كل يوم من اآليات ما لم يره اجعل لنا إلها كما لهم :البحر حتى قالوا لموسى عدوهم وما جفت أقدامهم من ماء

. قوم تجهلون آلهة ، قال إنكم

المصوغ ، وغلب ولما ذهب لميقات ربه لم يمهلوه أن عبدوا بعد ذهابه العجل تلك اآليات أخوه هارون معهم ولم يقدر على اإلنكار عليهم ، وكانوا مع مشاهدتهم

والعجائب يهمون برجم موسى وأخيه هارون في كثير من األوقات والوحي بين فقاتال إنا هاهنا قاعدون اذهب أنت وربك : أظهرهم !! ولما ندبهم إلى الجهاد قالوا

منتفخ الخصية – ولهذا يغتسل وآذوا موسى أنواع األذى حتى قالوا : إنه آدر – أي� ووضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه � حتى وحده ، فاغتسل يوما فعدا خلفه عريانا

� نظر بنو إسرائيل إلى عورته فرأوه أحسن خلق الله .متجردا

.ولما مات أخوه هارون قالوا : إن موسى قتله وغيبه

� فرفعت المالئكة .لهم تابوته بين السماء واألرض حتى عاينوه ميتا

العبودية ليشبعوا من أكل اللحم والبصل والقثاء وآثروا العودة إلى مصر وإلى.والعدس

.الله عنهم أنهم آثروا ذلك على المن والسلوى هكذا عندهم والذي حكاه

أظهرهم وعدوهم بإزائهم حتى ضعفوا عنهم وانهماكهم على الزنا وموسى بين وعبادتهم األصنام بعد عصر يوشع بن نون ولم يظفروا بهم ، وهذا معروف عندهم ،

ال تنسه ، حتى مسخوا قردة معروف وتحيلهم على صيد الحيتان في يوم السبت.خاسئين

� في أول النهار وقتلهم األنبياء بغير حق حتى قتلوا في يوم واحد سبعين نبيا� وذلك امر معروف ، وقتلهم يحيى ين زكريا ، وأقاموا السوق آخره كأنهم جزروا غنما

واتفاقهم على تغيير كثير من ونشرهم إياه بالمنشار ، وإصرارهم على العظائم ،.احكام التوراة

� بأنه وطئ ابنتيه وأولدهما ، ورميهم يوسف بأنه حل سراويله ورميهم لوطا القابلة حتى انشق له الحائط وخرجت له وجلس من امرأة العزيز مجلس المرأة من

لو رآه أفسق الناس وأفجرهم كف يعقوب وهو عاض على أنامله فقام وهرب ، وهذا.لقام ولم يقض غرضه

داود لما وضع لهم كبشين من ذهب وطاعتهم للخارج على ولد سليمان بن بينهم وبين المؤمنين الذين فعكفت جماعتهم على عبادتهما ، إلى أن جرت الحرب

.كانوا مع ولد سليمان

.مؤلفة وقتل منهم في معركة واحدة ألوف

(117)

Page 118: هداية الحيارى

ذنوب الموحدين من المسلمين في جنب عظائم اليهود

عباد الكباش والبقر من تعيير الموحدين بذنوبهم ؟! وال تستحي أفال يستحي تعيير المجاهدين ألعداء الله ؟! فأين ذرية من سيوف آبائهم ذرية قتلة األنبياء من

ممن تقطر سيوفهم من دماء الكفار والمشركين ؟! وأال تقطر من دماء األنبياء انتبه كم تنام يا رب استيقظ من رقدتك ، ينخيه : يستحي من يقول في صالته لربه

الحمد لله رب العالمين * الرحمن : صالته بذلك ويحميه ، من تعيير من يقول في. إياك نعبد وإياك نستعين * الرحيم * مالك يوم الدين

والتراب واألنفاس ما بلغت مبلغ فلو بلغت ذنوب المسلمين عدد الحصا والرمال ، وقولهم إن الله فقير ونحن أغنياء قبل نبي واحد وال وصلت إلى قول إخوان القردة

. نحن أبناء الله وأحباؤه ، وقولهم الله عزير ابن

إن الله بكى على الطوفان حتى رمد من البكاء وجعلت المالئكة تعوده : وقولهم عض أنامله على ذلك ، وقولهم : إنه ندم على خلق البشر وشق عليه ، وقولهم : إنه

أنزلها التي التوراة وظلمهم وأعظم من ذلك نسبة هذا كله إلى لما رأى من معاصيهم.على كليمه

.بحر فلو بلغت المسلمين ما بلغت لكانت في جنب ذلك كتفلة في

وال تنس قصة أسالفهم مع شاؤل الخارج على داود فإن سوادهم األعظم انضم إليه وشدوا معه على حرب داود ، ثم لما عادوا إلى طاعة داود وجاءت وفودهم

وعساكرهم مستغفرين معتذرين بحيث اختصموا في السبق إليه فنبغ منهم شخص ونادى بأعلى صوته: ال نصيب لنا في داود والحظ في ابن يسي ، ليمض كل منكم

إلىخبائه يا إسرائيليين فلم يكن بأوشك من أن ذهب جميع عسكر بني إسرائيل إلى أخبيتهم بسبب كلمة ، ولما قتل هذا الصائح عادت العساكر جميعها إلى خدكة داود ،

!! فما كان القوم إال مثل همج رعاع يجمعهم طبل ويفرقهم عصى

دين اليهود

� فيجمعهم فرقتان القراؤون وهذه األمة الغضيبة وإن كانا متفرقين كثيرا أحدهما يسمى المشنا : والربانيون وكان لهم أسالف فقهاء وهم صنفوا لهم كتابين

قرييب من نصف ومبلغ حجمه نحو ثمانمائة ورقه ، والثاني يسمى الجمارا ومبلغه.حمل بغل

جيل ، فما نظر ولم يكن المؤلفون له في عصر واحد وإنما ألفوه في جيل بعد المتأخرة ما متأخرهم إلى ذلك وإنه كلما مر عليه الزمان زاوا فيه ، وفي الزيادات� من أوله ، علموا أنهم إن لم يقفلوا باب الزيادة وإال أدى إلى الخلل ينقض كثيرا

� فوقف الفاحش فقطعوا الزيادة وحظروها على فقهائهم وحرموا من يزيد عليه شيئا.الكتاب على ذلك المقدار

مؤاكلة من كان على غير وكان فقهاؤهم قد حرموا عليهم في هذين الكتابين دينهم ، ألنهم علموا ، ملتهم ، وحظروا عليهم أكل اللحمان من ذبائح من لم ين عل

(118)

Page 119: هداية الحيارى

لهم إال أن يصدوهم دينهم ال يبقى عليهم مع كونهم تحت الذل والعبودية وقهر األمم من ذبائحهم ، عن مخالطة من كان على غير ملتهم ، وحرموا عليهم مناكحتهم واألكل

.الله ولم يمكنهم ذلك إال بحجة يبتدعونها من أنفسهم ويكذبون فيها على

األمم لئال يوافقوا أزواجهم في إنما حرمت عليهم مناكحة غيرهم من التوراة فإن� عباد األصنام والكفر بالله ، وإنما حرمت عليهم أكل ذبائح األمم التي يذبحونها قربانا

عليه اسم الله وذبح لله فلم تنطق لألصنام ألنه سمي عليها غير اسم الله فأما ماذكر بل نطقت بإباحة أكلهم من أيدي غيرهم من األمم ، وموسى بتحريمه البتة التوراة

.األصنام خاصة وأكل ما يذبحونه باسم األصنام إنما نهاهم عن مناكحة عباد

الفريسة حرمت علينا أكل : الطريفا ، قيل لهم : الطريقا هي التوراة : قالوا ولحم في التوراة التي يفترسها األسد أوالذئب أو غيرهما من السباع كما قال في

.تطرحونه الصحراء فريسة ال تأكلوا للكالب

بتحريم مآكل المم عليهم إال عباد غير ناطقة التوراة فلما نظر فقهاؤهم إلى أن بان تحريم مؤاكلتهم ومخالطتهم خوف استجراج المخالطة التوراة األصنام وصرحت

تستتبع االنتقال من دينهم إلى أديانهم وموافقتهم في إلى المناكحة والمناكحة قد� في عبادة األوثان ووجدوا جميع هذا � سموه هلكث شحيطا التوراة واضحا اختلقوا كتابا

وتفسيره! علم الذباحة ، ووضعوا في هذا الكتاب من األصار األغالل ما شغلهم به عما فيه من الذل والصغار والخزي ، فأمروهم فيه أن ينفخوا الرئة حتى يملؤها هواء هم

ويتأملونها هل يخرج الهوا ء من ثقب منها أم ال فإن خرج منها الهواء حرموه ، وإن كانت بعض اطراف الرئة الصقة ببعض لم يأكلوه ، وأمروا الذي يتفقد الذبيحة أن

� إلى الظهر أو يدخل يده في بطن الذبيحة ويتأمل بأصابعه فإن وجد القلب ملتصقا الجانبين ، ولو كان االلتصاق بعرق دقيق كالشعرة ، حرموه ولم يأكلون وسموه أحد

� .طريفا

ومعنى هذه الفظة عنده أنه نجس حرام ، وهذه التسمية عدوان مهن ، فإن معناها في لغتهم هي الفريسة التي يفترسها السبع ليس لها معنى في لغتهم سواه ،

� التوراةعندهم في ولذلك بالدم قال أن أخوة يوسف لما جاءوا بقميصه ملطخا� : تفسيره طاروف طواف يوسف يعقوب في جملة كالم وحش درئ أكله افتراسا

من الطريفا وهذا نزل عليهم وهم في التيه وقد اشتد التوراة ، وفي افترس يوسف قرمهم إلى اللحم فمنعوا من أكل الفريسة والميتة ، ثم اختلفوا في خرافات

� وهذيانات � من هذه الشروط فهو دخيا تتعلق بالرئة وقالوا ما كان من الذبائح سليما� عن ذلك فهو طريفا وتفسيره نجس حرام ، ثم قالوا وتفسيره طاهر ، وما كان خارجا

تطرحونه ، ولحم فريسة في الصحراء ال تأكلوا ، للكالب: التوراة في : معنى قوله على من يعنى إذا ذبحتم ذبيحة ولم توجد فيها هذه الشروط فال تأكلوها بل بيعوها

ليس من أهل ملتكم ، قالوا ومعنى قوله ولكالب تطرحونه أي لمن ليس على ملتكم فهو الكلب فأطعموه إياه بالثمن ، فتأمل هذا التحريف والكذب على الله وعلى

.وعلى موسى التوراة

تحريم ذلك فقال في السورة المدنية ولذلك كذبهم اله على لسان رسوله في فكلوا مما رزقكم الله حالال طيبا واشكروا نعمة الله إن التي خاطب فيها أهل الكتاب

. إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به * كنتم إياه تعبدون.اآلية

(119)

Page 120: هداية الحيارى

أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إال قل ال أجد في ما : وقال في سورة األنعام رجس أو فسقا أهل لغير الله به أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه

الذين هادوا حرمنا كل ذي فمن اضطر غير باغ وال عاد فإن ربك غفور رحيم * وعلى ظهورهما أو الحوايا أو ما ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إال ما حملت

المتقدمة ، وقال في سورة النحل فهذا تحريم رائد على تحريم األربعة اختلط بعظم� ، وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل :وهي بعد هذه السورة نزوال

.القرآن ونص التوراة فهذا المحرم عليهم بنص

القراؤون منهم وهم أصحاب عنان وبنيامين إلى هذه الحاالت الشنيعة فلما نظر أصحاب وعلى موسى وأن التوراة والكذب البارد على الله وعلى واالفتراء الفاحش

وعلى موسى، وأ،هم أصحاب التوراة التلمود والمشنا كذابون على الله وعلى منهم كانوا إذا اختلفوا حماقات ورقاعات ، وأ، أتباعهم ومشايخهم يزعمون أن الفقهاء

يسمعونه الحق في هذه في مسألة من هذه المسائل وغيرها يوحي الله إليهم بصوت القراؤون إلى ههذا المسألة مع الفقيه فالن ويسمون هذا الصوت بث قول فلما نظر

فتواه، فخالفوهم الكذب المحال قالوا : قد فسق هؤالء ، وال يجوز قبلو خبر فاسق وال وأما تلك الترهات التي التوراة في سائر ما أصلوه من األمور التي لم ينطق بها نص

الحخاميم في علم الذباحة ورتبوها ونسبوها إلى الله ألفها فقهاؤهم الذين يسمونهم� من الذبائح التي يتولون فأطرحها القراؤون كلها وألفوها ، وصاروا ال يحرمون شيئا تصانيف إال أنهم يبالغون في الكذب على الله ، وهم ذبحها البتة ، ولهم فقهاء أصحاب

.أصحاب استنباط وقياسات أصحاب ظواهر مجردة ، واألولون

� وفيهم الحخاميم الكذابون والفرقة الثانية يقال لهم الربانوين وهم أكثر عددا مسألة الصوت الذي على الله الذين زعموا أن الله كان يخاطب جميعهم في كل

فإن الحخاميم يسمونه بث قول وهذه الطائفة أشد اليهود عداوة لغيرهم من األمم ، فإن سائر أوهموهم بأن الذبائح ال يحل منها إال ما كان على الشروط التي ذكروها ،

به األمم ال تعرف هذا وإنه شئ خصوا به وميزوا به عمن سواهم ، وإن الله شرفهم إلى كرامة لهم ، فصار الواحد منهم ينظر إلى الميتة ، وأما القراؤون فأكثرهم خرجوا

القليل دين اإلسالم ونفعهم تمسكهم بالظواهر وعدم تحريفها إلى أن لم يبق منهم إال� لقبول اإلسالم ألمرين )أحدهما(إساءة ظنهم بالفقهاء الكذابين ألنهم أقرب استعدادا

.المفتري على الله وطعنهم عليهم

.وإبطال معانيها )الثاني( تمسكهم بالظواهر وعدم تحريفها

الخياط بما وأما أولئك الربانيون فإن فقهاءهم حخاميمهم حصروهم في مثل سم التي وضعوا لهم من التشديدات واآلصار واألغالل المضافة إلى اآلصار واألغالل

.شرعها الله عقوبة لهم ، وكان لهم في ذلك مقاصد

مبالغتهم في مضادة مذاهب األمم حتى ال يختلطوا )منها( : أنهم قصدوا بذلك.والخروج من السبت واليهودية بهم فيؤدي اختالطهم بهم إلى موافقتهم

وغربها وجنوبها وشمالها ، )القصد الثاني( : أن اليهود مبددون في شرق األرض. وقطعناهم في األرض أمما : كما قال تعالى

(120)

Page 121: هداية الحيارى

وما من جماعة منهم في بلدة إال إذا قدم عليهم رجل من أهل دينهم من بالد بعيدة يظهر لهما لخشونة في دينه والمبالغة في االحتياط ، فإن كان من فقهائهم

إنكار أشياء عليهم يوهمهم قلة دينهم وعلمهم ، وكلما شدد عليهم قالوا هذا شرع في� عليهم ، فتراه أول ما ينزل عليهم ال يأكل من هو العالم ، فأعلمهم أعظمهم تشديدا وذبائحهم ، ويتأمل سكين الذباح ويشرع في اإلنكار عليه ببعض أمره ، أطعمتهم

من ذبيحة يدي ، فتراهم معه في عذاب ، ويقولون هذا عالم غريب ويقول ال آكل إال ينكر عليهم الحالل ويشدد عليهم اآلصار واألغالل ويفتح لهم أبواب قدم علينا فال يزال وكلما فعل هذا قلوا : هذا هوالعالم الرباني والحخيم الفاضل ، فإذا المكر واالحتيال ،

مشى حاله وقبل بينهم مقاله وزن نفسه معه فإذا رأى أنه ازدرى به رآه رئيسهم قد منه ، فإن الناس في الغالب يميلون معالغريب وينسبه أصحابه وطعن عليه لم يقبل

وال يصدقونه ألنهم يرون القادم قد شدد عليهم وضيق ، إلى الجهل وقلة الدين ،� � كان أفقه عندهم ، فينصرف عن هذا الرأي وكلما كان الرجل أعظم تضييقا وتشديدا

عظم صلى الله عليه وسلم ثواب فالن إذا فيأخذ في مدحه وشكره ، فيقول : لقد أساسه ، وأحكم سياج الشرع ، قوي ناموس الدين في قلوب هذه الجماعة ، شيد

بالتوراة ، وإذا لقيه يقول : لقد فيبلغ العادم قوله فيقول ما عندكم أفقه منه وال أعلم.الطائفة زين الله بك أهل بلدنا ، ونعش بك هذه

� من أحبارهم فهناك ترى العجب العجيب من وإن كان القادم عليهم حبرا الناموس التي تراه يعتمده والسنن التي يحدثها ،وال يعترض عليه أحد ، بل تراهم

.مسلمين له ، وهو يجتلب درهم ويجتلب درهمهم

� على قارعة وإذا بلغه عن يهودي طعن عليه صبر عليه حتى يرى منه جلوسا� أو خرج عن بعض الطريق يوم السبت أو يبلغه أنه اشترى من مسلم � أو خمرا لبنا

وأباحهم عرضه ونسبه إلى الخروج أحكام المشنا ، والجمارا فحرمه بين مأل اليهود يسعه إال أن يصلح ما بينه وبين عن اليهودية ، فيضيق به البلد على هذه الحال ، فال

� قد أبصر رشده ورجع للحق وأقلع الحبر بما يقتضيه الحال ، فيقول لليهود : إن فالنا !!.بالتعظيم واإلكرام عما كان فيه وهو اليوم يهودي على الوضع ، فيعودون

من شريعتهم نكاح امرأة األخ أو العار !!

مسائل شرعهم المبدل أو المنسوخ تعرف بمسألة البياما وأذكر لك مسألة من إذا أقام أخوان في موضع واحد ومات : التوراة والجالوس وهي أن عندهم في

� فال تصير امرأة الميت إلى رجل أجنبي بل حموها ينكحها ، أحدهما ول يعقب ولدا إلى أخيه الدارج ، فإن أبي أن ينكحها خرجت متشكية إلى وأول ولد يولدها ينسب

� ألخيه في بني إسرائيل ولم يرد مشيخة قومه قائلة قد أبى حموي أن يستبقي اسما ما أردت نكاحها ، فتناول المرأة نعله نكاحي، فيحضره ويكلفه أن يقف ويقول

وتنادي عليه: كله فليصنع بالرجل فتخرجه من رجله وتمسكه بيدها وتبصق في وجهه .الذي ال يبني بيت أخته

.بالمخلوع النعل ، وينتبز بنوه بهذا اللقب ويدعي فيما بعد

إذا علم أنه قد فرض على المرأة وعليه وفي هذا كالتلجئة له إلى نكاحها ، لنه والبصق في وجهه ونبره باللقب ذلك فربما استحيا وخجل من شيل نعله من رجله

(121)

Page 122: هداية الحيارى

� من نكاحها فإن كان من المستكره الذي يبقى عليه وعلى أوالده عاره ولم يجد بدا من أن يبتلي بها وهان الزهد فيها والكراهة لها بحيث يرى أن هذا كله أسهل عليه

ونشأ لهم التوراة في عليه هذا كله فبالتخلص منها لم يكره على نكاحها ، هذا عندهم� لها وهي في غاية � للمرأة محبا من ذلك فرغ مرتب عليه وهو : أن يكون مريدا

� في غاية الظلم والفضيحة فإذا جاءت إلى الكراهة له ، فأحدثوا لهذا الفرع حكما الحاكم أحضروه معها ولقنوها أتقول : أن حموي ال يقيم ألخيه اسما في بني

عليه وإنها أرادته إسرائيل ، ولم يرد نكاحي ، وهو عاشق لها ، فيلزمونها بالكذب نكاحها ، ونكاحها فامتنع – فإذا قالت ذلك ألزمه الحاكم أن يقوم ويقول : ما أردت

إال أنه ال مسك غاية سؤله وأمنيته ، فيأمرونه بالكذب عليها ، فيخرج نعله من رجله.أخيه هنا وال ضرب بل يبصق في وجهه وينادي عليه : هذا جزاء من ال يبني بيت

فلم يكفيهم أن كذبوا عليه حتى أقاموه مقام الخزي وألزموه بالكذب والبصاقفي وجهه والعتاب لى ذنب جره غيره ، كما قيل :

وحل بغير جارمه العذاب            قوم وجرم جره سفهاء

شرعه ودينه ؟! وال يستبعد اصطالح أفال يستحي من تعيير المسلمين من هذا الكفر والضالل ، فإن الدولة إذا األمة الغضيبة على المحال واتفاقهم على أنواع من انطمست حقائق سالف أخبارها انقرضت عن أمة باستيالء غيرها عليها وأخذ بالدها

الذي كان عليه أولوها ودرست معالم دينها وآثارها ، وتعذر الوقوف على الصواب الغارات وخراب البالد وإحراقها وأسالفها ، ألن زوال الدولة عن األمة إنما يكون بتتابع

عليها إلى أن تستحيل رسوم دياناتها وجالء أهلها عنها ، فال تزال هذه الباليا متتابعة كانت األمة أقدم واختلفت عليها وتضمحل أصول شرعها وتتالشى قواعد دينها ، وكلما

اندراس دينها أفر ، وهذه األمة الدول المتناولة لها باإلذالل والصار كان حظها من� من ذلك ، فإنها أقدم األمم � ، واستولت عليها سائر الغضيبة أوفر األمم حظا عهدا

والرومان والنصارى ، وما من هذه األمم من الكلدانيين والبابليين والفرس واليونان بالدهم ، حتى لم يبق لهم األمم أمة اال وقصد استئصالهم وإحراق كتبهم وتخريب

فلما قام اإلسالم مدينة وال جيش إال بأرض الحجاز وخيبر فأعز ما كنوا هناك ، وصادف واستعلن الرب تعالى من جبال فاران صادفهم تحت ذمة الفرس والنصارى

هذه الشرذمة بخيبر والمدينة فأذاقهم الله بالمسلمين من القتل والسبي وتخريب� مثل ذنوب أصحابهم ، وكانوا من سبط لم يصبهم الجالء فكتب الله عليهم الديار ذنوبا

الجالء وشتتهم ومزقهم باإلسالم كل ممزق ، ومع هذا فلم يكونوا مع أمة من األمم منهم مع المسلمين وال آمن ، فإن الذي نالهم مع ملوكهم العصاة الذين قتلوا أطيب وبالغوا في طلبهم وعبدوا األصنام ، أحضروا من البالد سدنة لألصنام لتعظيمها األنبياء

رسومها في العبادة وبنوا لها البيع والهياكل وعكفوا على عبادتها وتركوا لها وتعظيم� متصلة ، فإذا كان هذا شأنهم مع أحكام التوراة وشرع موسى أزمنة طويلة وأعصارا

الظن بشأنهم مع أعدائهم أشد األعداء عليهم كالنصارى الذين عندهم ملوكهم فما وصلبوه وصفعوه وبصقوا في وجهه ووضعوا الشوك على رأسه أنهم قتلوا المسيح

.وغيرهم وكالفرس والكلدانيين

� ما � ، وكثيرا � ما منعهم ملوك الفرس من الختان وجعلوهم قلفا منعوهم من وكثيرا بالخراب إال الصالة لمعرفتهم بأن معظم صالتهم دعاء الى األمم بالبوار على بالدهم

مزجوا بها أرض كنعان ، فلما رأوا أن صالتهم هكذا منعوهم من الصالة اخترعوا أدعية� عديدة وصاروا يجتمعون على تلحينها صالتهم سموها الخزانة وصاغوا لها ألحانا

فيها وحده وتالوتها ، والفرق بين الخزانة والصالة أن الصالة بغير لحن ويكون المصلي

(122)

Page 123: هداية الحيارى

قالت اليهود ، والخزانة بلحن يشاركه غيره فيه ، فكانت الفرس إذا أنكروا ذلك عليهم فأمنوا نحن نغني ننوح على أنفسنا فيخلون بينهم وبين ذلك ، فجاءت دولة اإلسالم

فيها غاية المن ، وتمكنوا من صالتهم في كنائسهم ، واستمرت الخزانة فيهم في.األعياد والمواسم واألفراح وتعوضوا بها عن الصالة

وتفرق شملهم وعملهم بالغضب الممدود المستمر والجب أنهم مع ذهاب دولتهم األنبياء وعدوانهم في السبت وخروجهم عن عليهم ومسخ أسالفهم قردة لتقلهم

وتعطيلهم ألحكامها يقولون في كل يوم في صالتهم محبة التوراةشريعة موسى و العنب الدهر : )أحبنا يا إلهنا ! ويا أبانا ! أنت أبونا منقذنا( ويمثلون أنفسهم بعناقيد

� من آل داود وسائر األمم بالشوك المحيط بالكرم لحفظه وأنهم سيقيم الله لهم نبيا إذا حرك شفتيه بالدعاء مات جميع المم وال يبقى على وجه األرض إال اليهود ، وهو

بزعمهم المسيح الذي وعدوا به ، وينبهون الله بزعمهم من رقدته في صالتهم ،� وينخونه � كبيرا .ويحمونه ، تعالى الله عن إفكهم وضاللهم علوا

وكذبها وافتراؤها على الله ودينه وأنبيائه ال مزيد وضالل لهذه األمة الغضيبة.عليه

والسحت و الرشا ، واستبدادهم دون العالم بالخبث والمكر وأما أكلهم الربا الدنيا ، وقسوة القلوب ، والذل والصغار ، والخزي ، والبهت ، وشدة الحرص على

ورمي الراء بالعيوب ، والطعن على األنبياء فأرخص والتحيل على األعراض الفاسدة ، مما ذكروه فهو في بعضهم وليس في جميعهم شئ عندهم ، وما عيروا به المسلمين

عليه من معاصي أمته وذنوبهم ، فإلى الله ونبيهم وكتابه ودينه وشرعه برئ منه ، وما.إيابهم وعلى الله حسابهم

دين النصارى

الصليب والصور المدهونة في وإن كان المعير للمسلمين من أمة الضالل وعباد يدين به اعتقاده : أن الحيطان والسقوف فيقال له : أال يستحي من أصل دينه الذي

في فرج رب السموات واألرض تبارك وتعالى نزل عن كرسي عظمته وعرشه ودخل امرأة تأكل وتشرب وتبول وتتغوط وتحيض ، فالتحم ببطنها، وأقام هناك تسعة أشهر

يتلبط بين نجو وبول ودم طمث ، ثم خرج إلى القماط والسرير كلما بكى ألقمته ثديها ثم انتقل إلى المكتب بين الصبيان ، ثم آل أمره إلى لطم اليهود خديه ، وصفعهم ،

� من الشوك على رأسه والقصبة في يده ، قفاه ، وبصقهم في وجهه ، ووضعهم تاجا� به � لحرمته استخفافا .وانتهاكا

بالحبال ، وسمروا ثم قربوه من مركب خص بالبالء راكبه ، فشده عليه وربطوه.الصلب يديه ورجليه ، وهو يصبح ويبكي ويستغيث من حر الحديد وألم

هذا وهو الذي خلق السموات واألرض ، قسم األرزاق واآلجال ، ولكن اقتضت حكمته ورحمته أن يمكن أعداءه من نفسه لينالوا منه ما نالوا فيستحقوا بذلك العذاب

والسجن في الجحيم ، ويفدي أنبياءه ورسله وأولياءه بنفسه فيخرجهم من سجن روح آدم وإبراهيم ونوح وسائر النبيين عندهم كانت في سجن إبليس في إبليس ، فإن

.من سجنه بتمكينه أعداءه من صلبه النار حتى خلصها

(123)

Page 124: هداية الحيارى

مقالة أشباه الحمير في مريم وابنها

فإنهم يقولون إنها أم المسيح ابن الله في الحقيقة، وأما قولهم في مريم الله إال هي، وال والدة له غيرها، وال أب البنها إال الله، ووالدته في الحقيقة، ال أم البن

الله اختارها لنفسه ولوالدة ولده وابنه من بين سائر النساء، وال ولد له سواه، وإن لما ولدت إال عن وطء الرجال لها، ولكن اختصت عن النساء ولو كانت كسائر النساء

ابنه الذي ال ابن له في الحقيقة غيره، وال ولد له سواه، بأنها حبلت بابن الله، ولدت.يسار الرب تبارك وتعالى والد ابنها، وابنها عن يمينه وإنها على العرش جالسة عن

ويسألونها سعة الرزق، وصحة البدن، وطول العمر، ومغفرة والنصارى يدعونها ووالده -الذي يعتقد عامتهم أنه زوجها، وال ينكرون الذنب، وأن تكون لهم عن ابنها

� � وذخرا � وسندا �، ويقولون في دعائهم: يا والدة اإلله ذلك عليهم- سورا � وركنا وشفيعا ويرفعونها على المالئكة وعلى جميع النبيين والمرسلين، اشفعي لنا ! وهم يعظمونها.العافية والرزق والمغفرة ويسألونها ما يسأل اإلله من

والدة اإلله، كوني لنا حتى أن اليعقوبية يقولون في مناجاتهم لها: يا مريم يا� � وركنا � وذخرا � وسندا .سورا

المسيح كوني لنا كذلك، ويقولون لليعقوبية: ال والنسطورية يقولون: يا والدة والدة المسيح ، فقالت لهم العقوبية: المسيح عندنا تقولوا: يا والدة اإلله وقولوا يا

وبينكم في ذلك ؟ ولكنكم أردتم مصالحة المسلمين وعندكم إله في الحقيقة فأي بيننا .ومقاربتهم في التوحيد

هذا…واألوقاح األرجالس من هذه األمة تعتقد أن الله سبحانه اختار مريم لنفسه.ولولده، وتخطاها كما يتخطى الرجل المرأة

.يفصحون بهدا عند من يثقون به قال النظام بعد أن حكى ذلك عنهم: وهو

، وقال: إليه يشيرون، أال ترون أنهمالمعونة قد قال ابن األخشيد هذا عنهم في� والعقم آفة وعيب، وهذا قول جميعهم وإلى يقولون، من لم يكن � عقيما والدا

.القوم وطاولهم وباطنهم عرف ذلك منهم المباضعة يشيرون، ومن خالط

.له فهذا كفرهم وشركهم برب العالمين ومسبتهم

ولهذا قال فيهم أحد الخلفاء الراشدين: أهينوهم وال تظلموهم فلقد سبوا الله .مسبة ما سبه إياها أحد من البشر

:الحديث الصحيح أنه قال وقد أخبر النبي-صلى الله عليه وسلم- عن ربه في آدم ولم يكن له ذلك، أما شتمه إياي شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وكذبني ابن

� وأنا األحد الصمد الذي لم � أحد، فقوله اتخذ الله ولدا يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا وليس أول الخلق بأهون علي من وأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني

قبيح وارتكبوا كل معصية ما بلغت لو أتى الموحدون بكل ذنب وفعلوا كل… إعادته ومسبته هذا السب، وقول مثقال ذرة في جنب هذا الكفر العظيم برب العالمين،

.العظائم فيه

(124)

Page 125: هداية الحيارى

يوم تبيض وجوه يفعله بهم إذا لقوه فما ظن هذه الطائفة برب العالمين أن يا عيسى ابن مريم على رؤوس األشهاد وهم يسمعون ويسأل المسيحوتسود وجوه

� لهم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟ فيقول المسيح مكذبا� منهم سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد : ومتبرئا

تعلم ما في نفسي وال أعلم ما في نفسك إنك أنت عالم الغيوب * ما قلت لهم علمته أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما إال ما

. أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد توفيتني كنت

.عليه فهذا أصل دينهم وأساسه الذي قام

وأما فروعه وشرائعه فهم مخالفون للمسيح في جميعها ، وأكثر ذلك بشهاداتهم وإقرارهم ولكن يحيلون على البتاركة واألساقفة، فإن المسيح صلوات الله وسالمه

كان يتدين بالطهارة، ويغتسل من الجنابة، ويوجب غسل الحائض، وطوائف عليه النصارى عندهم أن ذلك كله غير واجب، وأن اإلنسان يقوم من على بطن المرأة يبول ويتغوط وال يمس ماء وال يستجمر، والبول والنجو ينحدر على ساقه وفخذه

� ويصلي كذلك وصالته صحيحة تامة عنده، ولو تغوط وبال وهو يصلي لم يضره فضال عن أن يفسو أو يضرط، ويقولون : إن الصالة بالجنابة والبول والغائط أفضل من

المسلمين واليهود وأقرب إلى مخالفة الصالة بالطهارة، ألنها حينئذ أبعد من صالة وهذه الصالة رب العالمين بريء منها، األمتين، ويستفتح الصالة بالتصليب بين عينيه،

باالستهزاء أشبه منها بالعبادة، وحاش المسيح وكذلك المسيح وسائر النبيين، فإن هذه.الحواريين أن تكون هذه صالته أو صالة أحد من

صالتهم والمسيح كان يقرأ في صالته ما كان األنبياء وبنو إسرائيل يقرؤونه في� قد لحنه لهم ،الزبور، والتوراةمن وطوائف النصارى إنما يقرؤون في صالتهم كالما

بهم، يجري مجرى النوح واألغاني فيقولون: هذا قداس فالن الذين يتقدمون ويصلون وضعوه، وهم يصلون إلى الشرق، وما صلى المسيح وهذا قداس فالن، ينسبونه إلى

الله إال إلى بيت المقدس، وهي قبله داود إلى الشرق قط، وما صلى إلى أن توفاه والمسيح اختتن وأوجب الختان كما أوجبه موسى واألنبياء، قبله ، وقبلة بني إسرائيل،

.المسيح وهارون واألنبياء قبل

والمسيح حرم الخنزير، ولعن آكله، وبالغ في ذمه -والنصارى تقر بذلك- ولقى.الله ولم يطعم من لحمه بوزن شعيرة، والنصارى تتقرب إليه بأكله

لهم هذا الصوم الذي يصومونه قط وال صامه في عمره مرة والمسيح ما شرع صام صوم العذارى في عمره، وال أكل في الصوم ما واحدة وال أحد من الصحابة، ال

� حتى لقى الله، وال اتخذ يأكلونه وال حرم فيه ما يحرمونه وال � واحدا عطل السبت يوما رقى مريم المجدلية فأخرج منها سبع شياطين وأن األحد عبدا قط، والنصارى تقر أنه

.لها: أسلكي هذه الدابة النجمية يعني الخنزير الشياطين قالت له: أين ناوي؟ فقال

يزعمون أن الخنزير من أطهر الدواب وأجملها، فهذه حكاية النصارى عنهم بوهم.والطالق والمواريث والحدود سيرة األنبياء قبله والمسيح سار في الذبائح والمناكح

� وال عذاب في وليس عند النصارى على من زنا أو الط أو سكر حد في الدنيا أبدا� أهدى للقس هدية أو اآلخرة، ألن القس والراهب يغفره لهم فكلما أذنب أحدهم ذنبا

� أو غيره ليغفر له .به أعطاه درهما

(125)

Page 126: هداية الحيارى

وإذا زنت امرأة أحدهم بيتها عند القس ليطيبها له فرذا انصرفت من عنده.وأخبرت زوجها أن القس طيبها قبل ذلك منها وتبرك به

جئتكم ألعمل بالتوراة وبوصايا األنبياء قبلي، وهم يقرون أن المسيح قال: إنما! � بل متمما، وألن تقع السماء على األرض أيسر عند الله من أن أنقض وما جئت ناقضا

� من � من شريعة موسى، ومن نقض شيئا ذلك يدعى ناقضا في ملكوت السماء شيئا وقال ألصحابه: اعلموا بما وما زال هو وأصحابه كذلك إلى أن خرج من الدنيا،

الناس بما وصيتكم به، رأيتموني أعمل، وارضوا من الناس بما أرضيتكم به، ووصوا .وكونوا معهم كما كنت معكم، وكونوا لهم كما كنت لكم

اليهود قد قالوا في المسيح: إنه ساحر مجنوب ممخرق ولد زنية فقالوا: قرأوا ابن الله !! ورأوا اليهود يختتنون فتركوا الختان ! ورأوهم يبالغون في هو إله تام وهو

الطهارة فتركوها جملة ! ورأوهم يتجنبون مؤاكلة الحائض ومالمستها ومخالطتها جملة فجامعوها! ورأوهم يحرمون الخنزير، فأباحوه وجعلوه شعار دينهم، ورأوهم يحرمون

� من الذبائح والحيوان فأباحوا ما دون الفيل إلى البعوضة، وقالوا: كل ما شئت كثيرا ال حرج، ورأوهم يستقبلون بيت المقدس في الصالة فاستقبلوا ودع ما شئت

شاءوا ويحللوا ما شاءوا ويحوموا ما شاءوا، ورأوهم يحرمون وبتاركتهم أن ينسخوا ما األحد وأحلوا السبت مع إقرارهم بأن المسيح كان السبت ويحفظونه فحرموا هم

من الصليب، فإن في التوراة ملعون من يعظم السبت ويحفظه ، ورأوهم ينفرون.تعلق بالصليب

� والنصارى تقر بهذا ، فعبدوا هم الصليب، كما في التوراة تحريم الخنزير نصا بالختان، فتعبدوا هم بتركه مع إقرار النصارى بأن فتعبدوا هم بأكله، وفيها األمر

ألعمل بالتوراة ووصايا األنبياء قلبي، وما جئت المسيح قال ألصحابه: إنما جئتكم�، وألن تقع، وألن � بل متمما تقع السماء على األرض، أيسر عند الله من أن ناقضا

� من شريعة موسى .أنقض شيئا

النصارى تنقضها شريعة شريعة في مكايدة اليهود ومغايظتهم وانضاف فذهب� من النصارى بافر كسيس كتابهم المعروف عندهم إلى هذا السبب ما في أن قوما

خرجوا من بيت المقدس وأتو أنطاكية وغيرها من الشام فدعوا الناس إلى دين الصحيح، فدعوهم إلى العمل بالتوراة وتحريم ذبائح من ليس من أهلها، وإلى المسيح فشق ذلك على ،التوراة وإقامة السبت، وتحريم الخنزير وتحريم ما حرمته الختان

على األمم واستثقلوه، فاجتمع النصارى ببيت المقدس وتشاوروا فيما يحتالون به األمم ليحببوهم إلى دين المسيح ويدخلوا فيه، فاتفق رأيهم على مداخلة األمم

والترخيص لهم واالختالط بهم، وأكل ذبائحهم، واالنحطاط في أهوائهم ، والتخلق األمم وأنشأوا في ذلك وما عليه اإلنجيل بأخالقهم وإنشاء شريعة تكون بين شريعة

�، فهذا أحد مجامعهم الكبار .كتابا

� افتروا فيه على ما يريدون وكانوا كلما أرادوا إحداث شيء اجتمعوا مجمعا قسطنطين الذي لم يجتمع لهم أكبر منه في عهد إحداثه إلى أن اجتمعوا المجمع

هيالنة الحرانية الفندقية، وفي رمنه بدل دين المسيح وهو الذي أشاد دين ابن الرومي� ثم النصارى المبتدع وقام به وقعد، وكان عدتهم زهاء ألفي رجل، فقروا تقريرا

� منهم -والنصارى يسمونهم رفضوه ولم يرتضوه، ثم اجتمع ثالثمائة وثمانية عشر رجال فقرروا هذا التقرير الذي هم عليه اليوم، وهو أصل األصول عند جميع طوائفهم- اآلباء ألحد منهم نصرانية إال به، ويسمونه سنهودس وهي األمانة ! ولفظها: نؤمن ال يتم

(126)

Page 127: هداية الحيارى

الواحد يخالق ما يرى وما ال يرى، وبالرب الواحد يسوع المسيح ابن الله بالله اآلب بمصنوع، إله حق من إله حق، من جوهر أبيه، الذي بيده اتقنت العوالم بكر أبيه وليس

الذي من أجلنا معشر الناس ومن أجل خالصنا نزل من السماء وخلق كل شيء، مري البتول وحبلت به مريم البتول وولدته، وأخذ وتجسد من الروح القدس ومن

ودفن، وقام في اليوم الثالث كما هو مكتوب وصلب، وقتل أيام بيالطس البنطي، وما مستعد للمجيء تارة أخرى للقضاء ، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه، وهو

.بين األموات واألحياء

الحق الذي يخرج من أبيه روح محبته، وبمعمودية ونؤمن بالروح القدس روح قديسية سليحية جاثليقية، وبقيام أبداننا واحدة لغفران الخطايا، وبجماعة واحدة

.وبالحياة الدائمة إلى أبد اآلبدين

فصرحوا فيها بأن المسيح رب وأنه ابن الله، وأنه بكره ليس له ولد غيره، وأنه ليس بمصنوع، أي ليس بعبد مخلوق بل هو رب خالق، وأنه إله حق استل وولده من

وأنه مساو ألبيه في الجوهر، وأنه بيده أتقنت العوالم، وهذه اليد أتقنت إله حق،.عندهم هي التي ذاقت حر المسامير كما صرحوا به في كتبهم العوالم بها

وقد قال القدوة عندنا: إن اليد التي سمرها اليهود في : وهذه ألفاظهم ، قالوا آدم وخلفته وهي اليد التي شبرت السماء، وهي الخشبة هي اليد التي عجنت طين

وقد وصفوا صنيع اليهود به وهذه ألفاظهم اليد التي كتبت التوراة لموسى ! قالوا.وإنهم لطموا اإلله وضربوه على رأسه

قالوا: وفي بشارة األنبياء به أن اإلله تحبل به امرأة عذراء وتلده ويؤخذ ويصلب !، قالوا وأما سنهودس دون األمم، قد اجتمع عليه سبعمائة من اآلباء وهم

.وفيه: أن مريم حبلت باإلله وولدته وأرضعته وسقته وأطعمته القدوة

المسيح ابن آدم وهو ربه وخالقه ورازقه، وابن ولده ابراهيم قالوا: وعندنا أن إسرائيل وربه وخالقه ورازقه، وابن مريم وربها وخالقها وربه وخالقه ورازقه، وابن

.ورازقها

علماؤنا ومن هو القدوة عند جميع طوائفنا : السيوع في البدء قالوا: وقد قال لم نزل الله، والله هو الكلمة، فذاك الذي ولدته مريم وعاينه ولم يزل كلمة، والكلمة

الله وهو كلمة الله ، هذه ألفاظهم ، قالوا: فالقديم األزلي خالق الناس وكان بينهم هو الذي عاينه الناس بأبصارهم ولمسوه بأيديهم ، وهو الذي حبلت السموات واألرض هو

بطنها حيث قال لألعمى: أنت تؤمن بابن الله؟ قال به مريم وخاطب الناس من هو المخاطب لك، ابن مريم، فقال: آمنت بك: األعمى: ومن هو حتى أؤمن به ؟ قال

� .وخر ساجدا

.هو الله وابن الله وابن الله وكلمة الله قالوا: فالذي حبلت به مريم

وصلب وصفع وكتفت يداه وسمر وقالوا: وهو الذي ولد ورضع وفطم وأخذ ألجل خالص وبصق في وجهه ومات ودفن وذاق ألم الصلب والتسمير والقتل

.النصارى من خطاياهم

(127)

Page 128: هداية الحيارى

وال عبد صالح بل هو رب األنبياء قالوا: وليس المسيح عند طوائفنا الثالثة بنبي .المالئكة وخالقهم وباعثهم وموسلهم وناصرهم ومؤيدهم ورب

يكون لها قالوا: وليس مع أمه بمعنى الخلق والتدبير واللطف والمعونة، فإنه ال بطنها عليه، بذلك مزية على سائر اإلناث وال الحيوانات ولكنه معها بحبلها به واحتواء

الذي نزل من فلهذا فارقت إناث جميع الحيوانات وفارق ابنها جميع، فصار الله وابنه� � واحدا � وربا � واحدا � ومسيحا ال يقع بينهما فرق السماء وحبلت به مريم وولدته إلها واحدا

وال في حال نوم وال وال يبطل االتحاد بينهما بوجه من الوجوه ال في حبل وال في والدة في تلك الحال مرض وال صلب وال موت وال دفن بل هو متحد به في حال الحيل، فهو

كذلك، مسيح واحد وخالق واحد وإله واحد ورب واحد، وفي حال، وفي حال الوالدة .وفي حال الصلب الموت كذلك

وعبارته حقيقة هذا المعنى فيقول: مريم حبلت قالوا: فمنا من يطلق في لفظه من يمتنع من هذه العبارة لبشاعة لفظها باإلله ، وولدت اإلله، ومات اإلله، ومنا

بالمسيح في الحقيقة، وولدت المسيح ويعطى معناها وحقيقتها ، ويقول: مريم حبلت إله في الحقيقة، ورب في في الحقيقة، وهي أم المسيح في الحقيقة، والمسيح

ابن لله في الحقيقة الحقيقة، وابن الله في الحقيقة، وكلمة الله في الحقيقة، ال .سواه، وال أب للمسيح في الحقيقة إال هو

يوافقون في المعنى قول من قال حبلت باإلله وولدت اإلله وقتل قالوا: فهؤالء.اإلله اإلله وصلب

. ومات ودفن، وإن منعوا للفظ والعبارة

التي أطلقها إخواننا، لئال يتوهم علينا إذا قلنا: قالوا: وإنما منعنا هذه العبارة اإلله ومات اإلله أن هذا كله حل ونزل باإلله الذي هو حبلت باإلله وولدت اإلله وألم

بالمسيح والمسيح عندنا وعند طوائفنا إله تام من آب ولكنا نقول حل هذا كله ونزلالحقيقة شيء واحد ال فرق بيننا إال في العبارة فقط. جوهر أبيه، فنحن وإخواننا في

وإيماننا، واآلباء والقدوة قد قالوا قبلنا وسنوه لنا ومهدوه قالوا : فهذا حقيقة ديننا.هـ. .أ وهم أعلم بالمسيح منا

بنبي وال ال تختلف المثلثة عباد الصليب من أولهم إلى آخرهم أن المسيح ليس إنه عبد صالح ولكنه إله حق من إله حق من جوهر أبيه، وأنه إله تام من إله تام،

خالق السموات واألرضين، واألولين واآلخرين، ورازقهم ومحييهم ومميتهم وباعثهم.القبور وحاشرهم ومحاسبهم ومثيبهم ومعاقبهم من

ملكه كله وجعله البنه، فهو الذي يخلق ويرزق والنصارى تعتقد أن اآلب انخلع من أال تراهم يقولون في أمانتهم : ابن الله ويميت ويحيي ويدبر أمر السموات واألرض، أتقنت العوالم وخلق كل شيء -إلى وبكر أبيه، وليس بمصنوع -إلى قولهم- بيده

األموات واألحياء ؟ ويقولون في قولهم- وهو مستعد للمجيء تارة أخرى للفصل بين وترزقنا وتخلق أوالدنا وتقيم صلواتهم ومناجاتهم : أنت أيها المسيح اليسوع تحيينا

.أجسادنا وتبعثنا وتجازينا

(128)

Page 129: هداية الحيارى

تكذيبهم الصريح للمسيح وإن أوهمتهم ظنونهم الكاذبة أنهم وقد تضمن هذا كله.إن الله ربي وربكم، وإلهي وإلهكم : يصدقونه فإن المسيح قال لهم

.مصنوع فشهد على نفسه أنه عبد الله مربوب

أنه كما أنهم كذلك، وأنه مثلهم في العبودية والحاجة والفاقة إلى الله، وذكر رسول الله إلى خلقه كما أرسل األنبياء قبله، ففي إنجيل يوحنا أن المسيح قال في

دعائه : إن الحياة الدائمة إنما تجب للناس بأن يشهدوا أنك أنت الله الواحد الحق .وأنك أرسلت يسوع المسيح

� رسول الله وهذا حقيقة شهادة المسلمين أن ال إله إال الله وأن .محمدا

سمعت الله وقال لبني إسرائيل: تريدون قتلي وأنا رجل قلت لكم الحق الذي ابن اإلله على يقوله فذكر ما غايته أنه رجل بلغهم ما قاله الله، ولم يقل وأنا إله وال

.معنى التوالد

.من أرسلني وقال : إني لم أجيء ألعمل بمشيئة نفسي ولكن بمشيئة

وقال : إن الكالم الذي تسمعونه مني ليس من تلقاء نفسي، ولكن من الذي� من تلقاء نفسي ولكن بمشيئة هو من أرسلني .أرسلني، والويل لي إن قلت شيئا

.يواصل العبادة من الصالة والصوم ويقول: ما جئت ألخدم وكان

.وإنما جئت ألخدم

.نفسه بالمنزلة التي أنزله الله بها وهي منزلة الخدام فأنزل

بأعمالهم وال أحاسبهم بأعمالهم، ولكن الذي أرسلني وقال : لست أدين العباد.الذي بأيدي النصارى اإلنجيل هو الذي يلي ذلك منهم كل هذا في

رب قد علموا أنك قد أرسلتني ، وقد ذكرت لهم إسمك وفيه أن المسيح قال: يا.ورسوله فأخبر أن الله ربه وأنه عبده

وفيه أن الله الواحد رب كل شيء، أرسل من أرسل من البشر إلى جميع العالمليقبلو إلى الحق.

أرسلني إلى وفيه أنه قال: إن األعمال التي أعمل هي الشاهدات لي بأن الله.هذا العالم

� من قبل نفسي، ولكن اتكلم وأجيب بما وفيه ما أبعدني وأتعبني إن أحدثت شيئا.علمني ربي

وإنما أعبد الله الواحد ليوم وقال: إن الله مسحني وأرسلني، وأنا عبد الله،….الخالص

(129)

Page 130: هداية الحيارى

شرب وال يشرب ولم ينم وال ينام وقال: إن الله عز وجل ما أكل وال يأكل وما مات ، وبهذا يظهر لك سر قوله تعالى وال ولد له وال يولد وال رآه أحد وال يراه أحد إال

إال رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة ما المسيح ابن مريم: في القرآن. كانا يأكالن الطعام

� .للنصارى بما قال لهم المسيح تذكيرا

أشكرك وأحمدك ألنك تجيب وقال في دعائه لما سأل ربه أن يحيي الميت: أنا ليعلم بنو إسرائيل دعائي في هذا الوقت وفي كل وقت، فأسألك أن تحيي هذا الميت

.أنك أرسلتني وأنك تجيب دعائي

يكرم أن المسيح حين خرج من السامرية ولحق بالجليل قال: لم اإلنجيل وفي.أحد من األنبياء في وطنه فلم يزد على دعوى النبوة

.لم يقتل أحد من األنبياء في وطنه فكيف تقتلونني : إنجيل لوقا وفي

� أقبل إلى المسيح وقال: أنها المعلم : إنجيل مرقس وفي الصالح أي أن رجال� ؟ إنما الصالح الله خير أعمل ألنال الحياة الدائمة ؟ فقال له المسيح: لم قلت صالحا وأكرم أباك وحده، وقد عرفت الشروط، ال تسرق وال تزن وال تشهد بالزور وال تخن ،

.وأمك

قبضة رفع بصره إلى السماء وقال: قد دنا أن اليهود أرادوا إنجيل يوحنا وفي� أن أملك كل من ملكتني الحياة الوقت يا إلهي فشرفني لديك ، واجعل لي سبيال

.الدائمة

� وبالمسيح الذي بعثت وقد عظمتك وإنما الحياة الباقية أن يؤمنوا بك � واحدا إلها فشرفني ، فلم يدع سوى أنه عبد مرسل على أهل األرض واحتملت الذي أمرتني به

.مأمور مبعوث

ال تدعوا لكم أبا على األرض فإن أباكم واحد الذي في السماء،: متى إنجيل وفي .معلمين فإنما معلمكم المسيح وحده وال تدعوا

إلهكم وربكم في األرض ولكنه في واآلب في لغتهم الرب المربي، أي ال تقولوا ومالكه وهو أن غايته أنه يعلم في السماء، ثم أنزل نفسه بالمنزلة التي أنزله بها ربه

.األرض وإلههم هو الذي في السماء

النبي لعظيم، وإن حين دعا الله فأحيا ولد المرأة فقالوا: إن هذا إنجيل لوقا وفي.الله قد تفقد أمته

أن المسيح أعلن صوته في البيت وقال لليهود: قد عرفتموني إنجيل يوحنا وفي ولكن بعثني الحق وأنتم تجهلونه، فإن قلت إني أجهله وموضعي، ولم آت من ذاتي ،

� مثلكم وأنا أعلم وأنتم تجهلونه أنى منه وهو بعثني ، فما زاد في دعواه كنت كاذبا.المثلثة قوله: إني منه وقالوا: إله حق من إله حق على ما ادعاه األنبياء فأمسكت

، وكذلك ولكني رسول من رب العالمين: هود ، وقال رسول من الله في القرآن.كما أخبر الله عنهم يتبعون المتشابه ويردون المحكم قال صالح ! ولكن أمة الضالل

(130)

Page 131: هداية الحيارى

� أنه قال لليهود وقد قالوا له اإلنجيل وفي . نحن أبناء الله: أيضا

� ولم أقبل من فقال لهم: لو كان أباكم ألطعتموني ألني رسول منه خرجت مقبال سماع كالمي، إنما أنتم ذاتي ولكن هو بعثني، لكنكم ال تقبلون وصيتي وتعجزون عن

.أبناء الشيطان وتريدون إتمام شهواته

كنت أن اليهود أحاطت به وقالت له: إلى متى تخفي أمرك إن اإلنجيل وفي يدع المسيح الذي ننتظره فأعلمناه بذلك ؟ ولم تقل إن كنت الله أو ابن الله فإنه لم

.ذلك وال فهمه عنه أحد من أعدائه وال أتباعه

�: إن اليهود أرادوا القبض عليه فبعثوا لذلك اإلنجيل وفي األعوان وإن أيضا� أنصف األعوان رجعوا إلى قوادهم فقالوا لهم لم لم تأخذوه، فقالوا ما سمعنا آدميا

� مخدعون أترون أنه آمن به أحد من القواد أو من منه، فقالت اليهود وأنتم أيضا رؤساء أهل الكتاب ؟ فقال لهم بعض أكابرهم : أترون كتابكم يحكم على أحد قبل أن

.يسمع منه ؟ فقالوا له اكشف الكتب ترى أنه ال يجيء من الجليل نبي

اليهود ذلك إال وقد أنزل نفسه بالمنزلة التي أنزله بها ربه ومالكه أنه فما قالت ومالكه أنه نبي، ولو علمت من دعواه اإللهية لذكرت ذلك له وأنكرته عليه وكان

أعظم أسباب التنفير عن طاعته، ألن كذبه كان يعلم بالحس والعقل والفطرة واتفاق.األنبياء

يجب لله سبحانه -لو سبق في حكمته أنه يبرز لعباده، وينزل عن ولقد كان بنفسه- أن ال يدخل في فرج امرأة، ويقيم في بطنها بين كرسي عظمته، ويباشرهم

.وإذ قد فعل ذلك البول والنجو والدم عدة أشهر،

� ، يرضع ويبكي، وإذ قد فعل ذلك، ال يأكل مع الناس ويشرب معهم ال يخرج صبيا منقصة ابتلى بها وينام، وإذ قد فعل ذلك، فال يبول وال يتغوط ويمتنع من الخرأة إذ هي

المنعوت اإلنسان في هذه الدار لنقصه وحاجته، وهو تعالى المختص بصفات الكمال بنعوت الجالل، الذي ما وسعته سمواته وال أرضه، وكرسيه وسع السموات واألرض، فكيف وسعه فرج امرأة، تعالى الله رب العالمين…وكلكم متفقون على أن المسيح

.ويشرب ويبول ويتغوط وينام كان يأكل

للسموات واألرض فيا معشر المثلثة وعباد الصليب…أخبرونا من كان الممسك� على خشبة الصليب وقد شدت يداه ورجاله بالحبال حين كان ربها وخالقها مربوطا

� من إلهها وسمرت اليد التي أتقنت العوالم، فهل بقيت السموات واألرض خلوا وفاطرها وقد جرى عليه هذا األمر العظيم ؟ أم تقولون استخلف على تدبيرها غيره

عن عرشه لربط نفسه على خشبة الصليب وليذوق حر المسامير وليوجب وهبط ملعون من تعلق بالصليب ، أم تقولون: كان: التوراة قال في اللعنة على نفسه حيث

هو المدبر لها في تلك الحال، فكيف وقد مات ودفن ؟ أم تقولون -وهو حقيقة قولكم ندري ولكن هذا في الكتب وقد قاله اآلباء وهم القدوة والجواب عليهم ! فنقول - ال ولآلباء : معاشر المثلثة عباد الصليب ! ما الذي دلكم على إلهية المسيح ؟ فإن لكم استدللتم عليها بالقبض من أعدائه عليه وسوقه إلى خشبة الصليب وعلى رأسه كنتم

الشوك وهم يبصقون في وجهه ويصفعونه ثم أركبوه ذلك المركب الشنيع تاج من بالحبال وضربوا فيها المسامير وهو يستغيث وتعلق ثم فاضت وشدوا يديه ورجليه

(131)

Page 132: هداية الحيارى

من استدالل عند أمثالك ممن أهل أضل من األنعام نفسه وأودع ضريحه، فما أصحه.وهم عار على جميع األنام

� وإن قلتم إنما استدللنا على كونه إلها بأنه لم يولد من البشر ولو كان مخلوقا� فآدم إله المسيح، وهو أحق لكان � من البشر، فإن كان هذا االستدالل صحيحا مولودا

� اجعلوها إلها بأن يكون � منه ألنه ال أم له وال أب والمسيح له أم، وحواء أيضا إلها� .ألنها ال أم لها وهي أعجب من خلق المسيح خامسا

� وأنه يفعل ما شاء، فخلق آدم ال من والله سبحانه قد نوع خلق آدم وبينه إظهارا ال من أنثى، وخلق عبده المسيح من أنثى ذكر وال من أنثى، وخلق زوجه حواء من ذكر

.وأنثى ال من ذكر، وخلق سائر النوع من ذكر

الله، فاجعلوا وإن قلتم : استدللنا على كونه إلها بأنه أحيا الموتى، وال يحييهم إال يقاربه، وهو موسى إلها آخر، فإنه أتى من ذلك بشيء لم يأت المسيح بنظيره وال ما�، فهذا أبلغ من إعادة الحياة إلى جسم � ثعبانا � عظيما كانت فيه أوال، جعل الخشبة حيوانا

وهم يقرون فإن قلتم هذا غير إحياء الموتى فهذا اليسع النبي أتى بإحياء الموتى� بإذن الله، وهذا موسى قد أحيا � أحيا صبيا بإذن الله بذلك، وكذلك الياء النبي أيضا

والحواريين: السبعين الذين ماتوا من قومه، وفي كتبكم من ذلك كثير يعن األنبياء� للعجائب التي � بذلك ؟ وإن قلتم جعلناه إلها ظهرت على يديه فهل صار أحد منهم إلها

ودهنها فلم فعجائب موسى أعجب وأعجب، وهذا إيلياء النبي بارك على دقيق العجوز.ينفذ ما في جرابها من الدقيق وما في قارورتها من الدهن سبع سنين

� لكونه أطعم من األرغفة اليسيرة آالفا من الناس فهذا موسى وإن جعلتموه إلها أمته أربعين سنة من المن والسلوى ! وهذا محمد بن عبد الله قد أطعم قد أطعم

� حتى شبعوا ومألوا أوعيتهم، وسقاهم كلهم من ماء العسكر كله من زاد يسير جدا.يمألوا كل سقاء في العسكر، وهذا منقول عنه بالتواتر يسير ال يمأل اليد حتى

صاح بالبحر فسكت أمواجه، فقد ضرب موسى البحر وإن قلتم جعلناه إلها ألنه� وقام الماء بين الطرق كالحيطان، وفجر من الحجر بعصاه فانفلق اثني عشر طريقا

� ألنه أبرأ األكمه واألبرص فإحياء الموتى الصلد اثني عشر سارحة! وإن جعلتموه إلها وسالمه عليهم أجمعين أعجب من أعجب من ذلك، وآيات موسى ومحمد صلوات الله

.ذلك

واالفتقار وأنه مربوب مصنوع مخلوق، فإن وإن جعلتموه إلها ألنه ادعى العبودية� عن أن كما كان ادعيتم عليه فهو أخو المسيح الدجال وليس بمؤمن وال صادق فضال

� وجزاؤه جهنم وبئس المصير، كما � كريما ومن يقل منهم إني إله: من تعالى يكون نبيا وكل من ادعى اإللهية من دون الله فهو من أعظم ، من دونه فذلك نجزيه جهنم

من أعداء الله، فأخرجتم المسيح عن كرامة أعداء الله كفرعون ونمرود وأمثالهما الله، ولهذا كنتم أشد الناس عداوة الله ونبوته ورسالته وجعلتموه أعظم أعداء

كذب المسيح الدجال أنه للمسيح في صورة محب موال ! ومن أعظم ما يعرف به يدعي اإللهية فيبعث الله عبده ورسوله مسيح الهدى ابن مريم فيقتله، ويظهر للخالئق

� عن أن � ولو كان إلها لم يقتل فضال � مفتريا يصلب ويسمر ويبصق في أنه كان كاذبا كلها األناجيلبه وجهه ! وأن كان المسيح إنما ادعى أنه عبد ونبي ورسول كما شهدت

باإللهية -وهذا هو الواقع- فلم تأتوا على ودل عليه العقل والفطرة وشهدتم أنتم له أناجيلكم في مواضع عديدة ما ذكرتم عنه في إلهيته ببينة غير تكذيبه في دعواه، وقد

(132)

Page 133: هداية الحيارى

البشر، وأنه لم يدع غير النبوة يصرح بعبوديته وأنه مربوب مخلوق، وأنه ابن الله وعليه ! وإن قلتم إنما والرسالة، فكذبتموه في ذلك كله وصدقتم من كذب على

� ألنه أخبر بما يكون بعده من األمور فكذلك عامة األنبياء، وكثير من الناس جعلناه إلها به، ويقع من ذلك كثير يخبر عن حوادث في المستقبل جزئية ويكون ذلك كما أخبر� ألنه سمى نفسه ابن الله في للكهان والمنجمين والسحرة! وإن قلتم إنما جعلناه إلها

كقوله: إني ذاهب إلى أبي، وإني سائل أبي، ونحو ذلك وابن اإلنجيل غير موضع من آلهة في غير موضع إنه سماه أباه، أباهم كقوله اإلله إله، قيل: فاجعلوا أنفسكم كلكم لكم أبا على األرض فإن أباكم واحد الذي في أذهب إلى أبي وأبيكم وفيه وال تدعوا

وهو يدل على أن األب عندهم : الرب ! وإن جعلتموه اإلنجيل السماء وهذا كثير في� ألن تالميذه ادعوا ذلك له وهم أعلم الناس به كذبتم أناجيلكم التي بأيديكم فكلها إلها

صريحة أظهر صراحة بأنهم ما ادعوا له إال ما ادعاه لنفسه من أنه عبد، فهذا متى� بنبوة أشعياء في المسيح عن الله عز يقول في الفصل التاسع من إنجيله محتجا

.الذي اصطفيته وحبيبي الذي ارتاحت نفسي له وجل: هذا عبدي

أشكرك يا رب، و ويارب السماوات وفي الفصل الثامن من إنجيله: إني .واألرض

يقول في آخر إنجيله : إن المسيح عرض له وآلخر من تالميذه في لوقا وهذا محزونان، فقال لهما وهما ال يعرفانه: ما بالكما محزونين ؟ فقاال: الطريق ملك وهما

كأنك غريب في بيت المقدس، إذ كنت ال تعلم ما حدث فيها في هذه األيام من أمر� � في قوله وفعله عند الله وعند األمة أخذوه الناصري فإنه كان رجال � تقيا � قويا نبيا

.وقتلوه

� في وهذا كثير � ألنه ! اإلنجيل جدا صعد إلى السماء … وإن قلتم : إنما جعلناه إلها شوكة وال فهذا أخنوخ وإلياس قد صعدا إلى السماء وهما حيان مكرمان لم تشكهما

.طمع فيهما طامع

� -صلى الله عليه وسلم صعد إلى السماء- والمسلمون مجمعون على أن محمدا.وهو عبد محض

المؤمنين تصعد إلى السماء بعد وهذه المالئكة تصعد إلى السماء، وهذه أرواح الصعود إلى السماء مخرج مفارقتها األبدان وال تخرج بذلك عن العبودية، وهل كان� ألن � عن العبودية بوجه من الوجوه ؟ وإن جعلتموه إلها � وسيدا � وربا األنبياء سمته إلها على غيره جميع األمم وفي ونحو ذلك فلم يزل كثير من أسماء الله عز وجل تقع

والعبرانيون والقبط سائر الكتب، ومازالت الروم والفرس والهند والسريانيون� .وغيرهم يسمون ملوكهم آلهة وأربابا

أن نبي الله دخلوا على بنات الناس ورأوهن: التوراة وفي السفر األول من .بارعات الجمال فتزوجوا منهن

� التوراة وفي السفر الثاني من في قصة الخروج من مصر إني جعلتك إلها .لفرعون

المزمور الثاني والثمانين لداود قام الله لجميع اآللهة هكذا في العبرانية ، وفي نقله إلى السريانية فإنه حرفه فقال: قام الله في جماعة المالئكة ، وقال وأما من

(133)

Page 134: هداية الحيارى

� باروح: لقد ظننت أنكم ألهة وأنكم أبناء الله كلكم في هذا المزمور وهو يخاطب قوما نفسه بذلك، وسماه بالعزيز وسمى نفسه بذلك، وسماه بالرؤوف الرحيم وقد سمي

وسماه بالعزيز وسمى نفسه بذلك، واسم الرب واقع على كما سمى نفسه بذلك، التوحيد، كما يقال هذا رب المنزل ورب اإلبل ورب هذا غير الله تعالى في لغة أمة

الثور من اقتناه والحمار مربط ربه ولم يعرف بنو المتاع، وقد قال أشعياء : عرف .إسرائيل

� � وإن جعلتموه إلها ألنه صنع من الطين صورة طائر ثم نفخ فيها فصارت لحما� حقيقة وال يفعل � وطائرا هذا إال الله، قيل فاجعلوا موسى بن عمران إله اآللهة ودما

� � ثم أمسكها بيده فصارت عصا كما كانت ! وإن فإنه ألقى عصا فصارت ثعبانا عظيما� لشهادة حيث سباهم بختنصر دانيال األنبياء والرسل له بذلك، قال قلتم : جعلناه إلها

إلى أرض بابل بعد أربعمائة واثنين وثمانين سنة : يأتي المسيح ويخلص الشعوب وعند انتهاء هذه المدة أتى المسيح، ومن يطيق تخليص األمم من الكفر واألمم

من النار بإذن الله وحده، وال شك أن المسيح خلص من آمن به والشرك وخلصوهم وعذاب اآلخرة، كما خلص موسى بني إسرائيل من فرعون واتبعه من ذل الدنيا

اآلخر من عذاب اآلخرة، وخلص الله سبحانه بمحمد وقومه، وخلصهم باإليمان باليوم عبده ورسوله من األمم والشعوب ما لم يخلصه- بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم

.فموسى ومحمد أحق بها منه نبي سواه فإن وجبت بذلك اإللهية لعيسى

والدته: وفي ذلك الزمان وإن قلتم أوجبنا له بذلك اإللهية لقول أشعياء النبي عن العدل في األرض، ويخلص يقوم لداود ابن، وهو ضوء النور، يملك الملك، ويقيم الحق

المقدس من غير من آمن به من اليهود ومن بني إسرائيل ومن غيرهم، ويبقى بيت قد أطلق مقاتل، ويسمى اإلله فقد تقدم أن اسم اإلله في الكتب المتقدمة وغيرها

أن على غيره وهو بمنزلة الرب والسيد واآلب ولو كان عيسى هو الله لكان أجل من يقال ويسمى إله وكان يقول وهو الله، فإن الله سبحانه ال يعرف بمثل هذا، وفي هذا

� أعظم األدلة على أنه عبد وأنه ابن البشر فإنه قال :الدليل الذي جعلتموه به إلها يقول لداود ابن فهذا الذي قام لداود هو الذي سمى باإلله، فعلم أن هذا اإلسم

.مصنوع مولود ال لرب العالمين وخالق السموات واألرضين لمخلوق

� من جهة قول أشعياء النبي : قل لصهيون يفرح ويتهلل وإن قلتم إنما جعلناه إلها ويخلص من آمن به ويخلص مدينة بيت المقدس فإن الله يأتي ويخلص الشعوب

المتبددين ويجعلهم أمة واحدة، ويبصر ويظهر الله ذراه الطاهر فيها لجميع األمم.أيديهم ويجمعهم إله إسرائيل جميع أهل األرض خالص الله ألنه يمشي معهم وبين

أشعياء بهذا اللفظ بغير قيل لهم: هذا يحتاج إلى أن يعلم أن ذلك في نبوة ذلك لم يكن فيه دليل تحريف للفظه وال غلط في الترجمة، وهذا غير معلوم، وإن ثبت جاء الله من: التوراة على أنه إله تام وأنه غير مصنوع وال مخلوق فإنه نظير ما في

طور سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران ، وليس في هذا ما يدل� إلهان والمراد .بهذا مجيء دينه وكتابه وشرعه وهداه ونوره على أن موسى ومحمدا

مثل هذا التوراة األمم المبددين ففي وأما قوله: ويظهر ذراعه الطاهر لجميع.موضع وأبلغ منه في غير

(134)

Page 135: هداية الحيارى

وأما قوله: ويبصر جميع أهل األرض خالص الله ألنه يمشي معهم ومن بين أيديهم، فقد قال في التوراة في السفر الخامس لبني إسرائيل : ال تهابوهم وال

.ألن الله ربكم السائر بين أيديكم وهو محارب عنكم تخافوهم

الشعب هو شعبك، فقال أنا أضي أمامك، فقال وفي موضع آخر قال موسى: إن ههنا، فكيف أعلم أنا وهذا الشعب أني إن لم تمض أنت أمامنا وإال فال تصعدنا من

.وجدت نعمة كذا إال بسيرك معنا ؟

الرابع: أنك أصعدت هؤالء بقدرتك فيقولون ألهل هذا األرض الذي وفي السفر� لعين وغمامك سمعوا أنك الله بين هؤالء القوم الذين أنت يا رب قد ظهرت لهم عينا

� تغيم عليهم وبعمود غمام � وبعمود نار ليال .تسير بين أيديهم نهارا

� يقول الله لموسى : إني آت إليك في غلظ الغمام التوراة وفي لكي يسمع أيضا.القوم مخاطبتي لك، وفي الكتب اإللهية وكالم األنبياء من هذا كثير

حكى خاتم األنبياء عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: وال يزال عبدي يتقرب فيما حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، إلي بالنوافل

بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، ويده التي يبطش .وبي يمشي

� لقول زكريا في نبوته: ترنمي وافرحي يا بنت صهيون ألني وإن قلتم جعلناه إلها� آتيك وأحل فيك وأتراءى، وتؤمن بالله في ذلك اليوم األمم الكثيرة، ويكونون له شعبا

�، ويحل هو فيهم ويعرفون أني أنا الله القوي الساكن فيك، ويأخذ الله في ذلك واحدا.يهوذا ويملك عليهم إلى األبد اليوم الملك من

إلبراهيم وغيره من األنبياء، فإن عند قيل لكم: إن أوجبتم له اإللهية بهذا فلتجب .واستعلن له وتراءى له أهل الكتاب وأنتم معهم، أن الله تجلى إلبراهيم

ال تسعها السموات أما قوله : وأحل فيك لم يرد سبحانه بهذا حلول ذاته التي� � مع واألرض في بيت المقدس، وكيف تحل ذاته في مكان يكون فيه مقهورا مغلوبا

أفترى شرار الخلق ؟ كيف وقد قال: ويعرفون أني أنا الله القوي الساكن فيك ؟ عرفوا قوته بالقبض عليه وشد يديه بالحبال وربطه على خشبة الصليب ودق

في يديه ورجليه ووضع تاج الشوك على رأسه وهو يستغيث وال يغاث ؟ وما المسامير.بيت المقدس إال وهو مغلوب مقهور مستخف في غالب أحواله كان المسيح يدخل

صحة ال تدفع وصحت ترجمتها كما ذكروه معناها أن ولو صح مجيء هذه األلفاظ وشرعه حل في تلك البقعة، وبيت المقدس لما معرفة الله واإليمان به وذكره ودينه

اإليمان بالله ومعرفته ما لم يكن قبل ظهر فيه دين المسيح بعد رفعه حصل فيه من.ذلك

والكتب اإللهية لم تنطق بحرف واحد وجماع األمر……أن النبوات المتقدمة� � يقتضي أن يكون ابن البشر إلها .تاما

به إله حق، من إله حق وأنه غير مصنوع وال مربوب، بل لم يخصه إال بما خص ورسوله وكلمته إنه عبد الله : أخوه وأولى الناس به محمد ابن عبد الله في قوله

النبوات موافقة لما أخبر ، وكتب األنبياء المتقدمة وسائر ألقاها إلى مريم وروح منه

(135)

Page 136: هداية الحيارى

، � وجيمع ما تستدل به به محمد-صلى الله عليه وسلم-، وذلك كله يصدق بعضه بعضا فإنها مشتركة المثلثة عباد الصليب على إلهية المسيح من ألفاظ وكلمات في الكتب

�، وكذلك ما أطلق من � وكلمة وروح وإلها حلول روح بين المسيح وغيره كتسميته أبا.القدس فيه وظهور الرب فيه أو في مكانه

طوائف من المنتسبين إلى اإلسالم، واشتبه وقد وقع في نظير شركهم وكفرهم به ومعرفته ونوره وهداه فظنوا أن يحل في قلوب العارفين من اإليمان عليهم ما

وله المثل األعلى في السموات واألرض وهو: ذلك نفس ذات الرب، وقد قال تعالى في قلوب مالئكته وأنبيائه وعباده المؤمنين من اإليمان به ، وهو ما العزيز الحكيم

فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد: وتعظيمه، وهو نظير قوله ومعرفته ومحبته وإجالله ويعلم ما وهو الله في السموات وفي األرض يعلم سركم وجهركم: وقوله اهتدوا

، األرض إله وهو الحكيم العليم وهو الذي في السماء إله وفي: ، وقوله تكسبون.قلوبهم فأولياء الله يعرفونه ويحبونه، ويقال : هو في

يعتاده والمراد محبته ومعرفته والمثل األعلى في قلوبهم ال نفس ذاته وهذا أمر الناس في مخاطبتهم ومحاوراتهم، يقول اإلنسان لغيره: أنت في قلبي والزلت في

:- عيني…كما قال القائل

وأسـأل عنهم من لقيت، وهم معي      إليـهم ومن عجب : أني أحـن

بين أضلـعي ويشتاقهم قلبي، وهم       وتطلبهم عيني، وهم في سوادهـا

:- وقال آخر

فأين تغيـب. ومثواك في قلبي    فمي خيالك في عيني، وذكرك في

:- وقال آخر

أنــســاه فأذكـره لســـت    سـاكــن في القــلب يعمــره

:- وقال آخر

إذ أنت فيــه لم تــــــغـب        يصدقني إن قلـت غبـت ، فقلبي ال

والكـذب فقد تحيــرت بين الصدق       أو قلت:ما غبت، قال الطرف:ذا كذب

:- وقال آخر

� لمـن يحـن لقلبـــه         ساكن أحـن إليـه، وهو في القلـب فيـا عجــبا

فهمه عن فهم مثل هذا لم يكثر عليه أن يفهم من ومن غلظ صبعه وكشف …في الصورة البشرية وتتحد بها وتمتزج بها ألفاظ الكتب أن ذات الله سبحانه تحل

. كبيرا تعالى عما يقولون علوا

األعاجيب أن رب وإن قلتم أوجبنا له اإللهية من قول أشعياء: من أعجب األعجب.المالئكة سيولد من البشر

(136)

Page 137: هداية الحيارى

الكالم عن أشعياء وأنه لم يحرف قيل لكم: هذا مع أنه يحتاج إلى صحة هذا وبعده بينه، فهو دليل على بالنقل من ترجمة إلى ترجمة وأنه كالم منقطع عما قبله

الصمد الذي لم يلد ولم أنه مخلوق مصنوع، وأنه ابن البشر مولود منه، ال من األحد� من قول � أحد ! وإن قلتم : جعلناه إلها متى في إنجيله: إن ابن يولد ولم يكن له كفوا

أقصائها ويجتمع اإلنسان يرسل مالئكته ويجمعون مختاريه من أقصاء السموات إلى .أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض

سواء، ولم يرد أن المسيح هو رب األرباب وال أنه خالق قيل: هذا كالذي قبله عليه أنه رب المالئكة بل هذا من أقبح الكذب المالئكة، وحاش لله أن يطلق

المالئكة بحفظ المسيح وتأييده ونصره بشهادة لوقا واالفتراء، بل رب المالئكة أوصى .مالئكته بك ليحفظوك النبي القائل عندهم: إن الله يوصي

� من السماء ليقويه إن الله أرسل: لوقا ثم بشهادة .له ملكا

وعلى مسيحه ذلك هذا الذي نطقت به الكتب، فحرف الكذابون على الله.ونسبوا إلى األنبياء أنهم قالوا هو رب المالئكة

واتفق األنبياء والرسل أن الله يوصي مالئكة بالمسيح اإلنجيل وإذا شهد.ليحفظوه

� وال .آلهة علم أن المالئكة والمسيح عبيد الله منفذون ألمره، وليسوا أربابا

.أرسلني وقال المسيح لتالمذته: من قبلكم فقد قبلني، ومن قبلني فقد قبل من

�: من أنكرني قدام الناس أنكرته أنا قدام أبي الذي وقال المسيح لتالمذته أيضا.في السموات

.وقال للذي ضرب عبد رئيس الكهنة: أغمد سيفك

� من أوال تظن أني أستطيع أن أدعو الله اآلب فيقيم لي أكثر من اثني عشر جيشا� من المالئكة ؟ فهل يقول هذا من هو رب المالئكة المالئكة من اثني عشر جيشا

له اإللهية بما نقلتموه عن أشعياء: تخرج عصا من جذع وإلههم وخالقهم ؟ وإن أوجبتم فيه روح الرب، روح المحكمة والفهم، روح يسى، وينبت غصن من أصوله، ويحل

المشورة والقوة، روح العلم وخوف الله

قيل لكم هذا الكالم ، بعد المطالبة بصحة نقله عن أشعياء وصحة الترجمة له باللسان العربي وأنه لم يحرفه المترجم، هو حجة على المثلثة عباد الصليب ال لهم ، فإنه ال يدل على أن المسيح خالق السموات واألرض، بل يدل على مثل ما دل عليه

وأن المسيح أيد بروح الرب، فإنه قال: ويحل فيه روح الرب، روح الحكمة القرآن،.المشورة والقوة، روح العلم وخوف الله والفهم، روح

� عن أن يحل � من ولم يقل تحل فيه حياة فضال الله فيه ويتحد به ويتخذ حجابا.ناسوته

إن الذين كانوا: التوراة وعندهم في هذه روح تكون من األنبياء والصديقين، حلت فيهم روح المالئكة وروح الفهم والعلم هي ما يحصل به يعملون في قبة الزمان

(137)

Page 138: هداية الحيارى

� عن أن يكون هو الهدى والنصر والتأييد، وقوله: روح الله ال يدل على أنها نصفة فضال.الله، وجبريل يسمى روح الله، والمسيح إسمه روح الله

� قائمة بنفسها فهو إضافة مملوك إلى مالك كبيت الله، والمضاف إذا كان ذاتا ناقة يركبها، وال روح قائمة به، وناقة الله وروح الله، ليس المراد به بيت يسكنه، وال

:، وقال تعالى قلوبهم اإليمان وأيدهم بروح منه أولئك كتب في: وقد قال تعالى. أوحينا إليك روحا من أمرنا وكذلك

.فهذه الروح أيد بها عباده المؤمنين

أخبر أنه أيده بروح العلم وخوف الله، فجمع بين العلم والخشية وهما وقد العلماء إنما يخشى الله من عباده: جمع القرآن بينهما في قوله تعالى األصالن اللذان

.

وهذا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية أنا-: وفي قول النبي-صلى الله عليه وسلم.شأن العبد المحض

العالمين فال يلحقه خوف وال خشبة وال يعبد غيره، والمسيح وأما اإلله الحق ورب� بأوراد .العبارات الله أتم القيام كان قائما

� يولد �، ورياسته وإن أوجبتم له اإللهية بقول أشعياء : إن غالما لنا، أعطينا ولدا� � عظيما �، على عاتقيه وبين منكبيه، ويدعى اسمه ملكا � رئيسا � مسلطا � قويا � إلها عجيبا

.فناء قوي السالمة في كل الدهور وسلطانه كامل ليس له

قيل لكم ليس في هذه البشارة ما يدل على أن المراد بها المسيح بوجه من.الوجوه، ولو كان المراد بها المسيح لم يدل على مطلوبهم

عبد الله أظهر من داللتها على المسيح، فإنه هو الذي إن داللتها على محمد بن من جهتين: من جهة أن خاتم النبوة عال نغض كتفيه، رياسته على عاتقيه وبين منكبيه

األنبياء، وعالمة ختم ديوانهم ، ولذلك كان في وهو من أعالم النبوة التي أخبرت به.ظهره

يتقلد به على عاتقه ويرفعه إذا ضرب به على ومن جهة أنه بعث بالسيف الذي� � رئيسا قوى السالمة، وهذه صفة محمد-صلى الله عاتقه ، ويدل عليه قوله: مسلطا

دينه اإلسالم، ومن اتبعه سلم من عليه وسلم- المؤيد المنصور رئيس السالمة، فإن استيالء عدوه عليه، والمسيح لم خزي الدنيا ومن خزي الدنيا ومن عذاب اآلخرة ومن

بل كان أعداؤه مسلطين ،-يسلط على أعدائه كما سلط محمد-صلى الله عليه وسلم.الصليب عليه قاهرين له حتى عملوا به ما عملوا عند المثلثة عباد

فأين مطابقة هذه الصفات للمسيح بوجه من الوجوه ؟ وهو مطابقة لمحمد بن عبد الله-صلى الله عليه وسلم- من كل وجه، وهو الذي سلطانه كامل ليس له فناء

.الدهور إلى آخر

� بل هو عندكم عبد محض ؟ قيل � إلها .نعم: فإن قيل : إنكم ال تدعون محمدا

.والله إنه لكذلك

(138)

Page 139: هداية الحيارى

التراجم جاء، والمراد عبد محض لله، والعبودية أجل مراتبه، واسم اإلله من جهة.به السيد المطاع ال اإلله المعبود الخالق الرازق

� وإن أوجبتم له اإللهية من قول أشعياء فيما زعمتم: ها هي العذراء تحبل وتلد ابنا اسمه عمانويل، وعمانويل كلمة عبرانية تفسيرها بالعربية : إلهنا معنا فقد شهد يدعى

.النبي أنه إله له

رب قيل لكم بعد ثبوت هذا الكالم وتفسيره ال يدل على أن العذراء ولدت� وهذا دليل على أنه ابن من العالمين وخالق السموات واألرضين، فإنه قال تلد إبنا

.جملة النبيين ليس هو رب العالمين

يسمى بهذا اإلسم كما يسمى وقوله : ويدعى اسمه عمانويل فإنما يدل على أنه المركبة من إسمين أو الناس أبناءهم بأنواع من الصفات واألسماء واألفعال والجمل.اسم وفعل، وكثير من أهل الكتاب يسمون أوالدهم عمانويل

علمائكم من يقول: المراد بالعذراء ههنا غير مريم ويذكر في ذلك قصة، ومن المسيح ال يعرف اسمه عمانويل وإن كان ذلك اسمه فكونه يسمى ويدل على هذا أن

.إلهنا معنا أو بالله حسبي أو الله وحده ونحو ذلك

الله معنا ورد وقد حرف بعض المثلثة عباد الصليب هذه الكلمة وقال معناه وبصره عليهم بعض من أنصف من علمائهم وحكم رشده على هواه وهداه الله للحق

وأخلق من عماه وقال: )أهذا هو القائل: أنا الرب، وال إله غيري، وأنا أحيي وأميت وأرزق ؟ ، أم هو القائل لله: إنك أنت اإلله الحق وحدك الذي أرسلت يسوع المسيح

).

�، والثاني هو الذي شهد به ، ويجب تصديقاإلنجيل قال: واألول باطل قطعا.من زعم أن المسيح إله معبود وتكذيب اإلنجيل

� بهذا اإلسم فإن عمانويل إسم تسمى به النصارى قال: وليس المسيح مخصوصا.واليهود أوالدهما

.التسمية بينهم شريف القدر قال: وهذا موجود في عصرنا هذا، ومعنى هذه

وغيرهم يقولون قال: وكذلك السريان يسمون أوالدهم عمانويل والمسلمون هذه للرجل : الله معك فإذا سمى الرجل بقول الله معك كان هذا تبركا بمعنى

.هـ.أ .اإلسم

فيما حكنيتموه عنه: إن الله في األرض حبقوق وإن أوجبتم له اإللهية يقول�: الله يظهر في تاروخ يتراءى ويختلط مع الناس ويمشي معهم ، ويقول األرض أيضا

.ويتقلب مع البشر

وإلى ثبوت هذا النقل قيل لكم هذا بعد احتياجه إلى ثبوت هذين الشخصين أوال يعز عليكم إثباتها- عنهما، وإلى مطابقة الترجمة من غير تحريف -وهذه ثالث مقامات

بمخلوق وال ال يدل على أن المسيح هو خالق السموات واألرض، وأنه إله حق ليس ولم يدل ذلك على أن موسى إله ما هو من هذا الجنس وأبلغ التوراة مصنوع، ففي

.وال أنه خارج عن جملة العبيد

(139)

Page 140: هداية الحيارى

وغيرها التوراة تجلى أو ظهر أو استعلن ونحو ذلك من ألفاظ: وقوله يتراءى مثل.من الكتب اإللهية

وتراءى إلبراهيم وغيره من األنبياء ولم يدل أن الله تجلى التوراة وقد ذكر في عرف الناء ومخاطبتهم أن يقولوا: فالن معنا ذلك على اإللهية ألحد منه، ولم يزل في وسنته وسيرته بينهم ووصاياه يعمل بها وهو بين أظهرنا ولم يمت، إذا كان عمله

.مات من خلف مثلك، وأنا والدك بينهم، وكذلك يقول القائل لمن مات والده: ما

� لعالم تعلم علمه قالوا: هذا فالن باسم أستاذه، كما كان يقال وإذا رأوا تلميذا.الشافعي هذا أبي حامد وعن ابن عباسهذا عكرمة عن

� يقوم مقامه في بلد يقول الناس جاء الملك و حكم الملك وإذا بعث الملك نائبا.ورسم الملك

عز وجل يوم القيامة : عبدي مرضت وفي الحديث الصحيح اإللهي : يقول الله� فلم تعدني، فيقول يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال: أما إن عبدي فالنا

تطعمني، فيقول رب مرض فلم تعده، أما لو عدته لوجدتني عنده، عبدي جعت فلم� استطعمك فلم كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال : أما علمت أن عبدي فالنا

.تطعمه، أما لو أطعمته لوجدت ذلك عندي

فيقول رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ عندي استسقيك فلم تسقني،� عطش فاستسقاك فلم تسقه، أما لو سقيته لوجدت ذلك فيقول: أما إن عبدي فالنا

.عندي

إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق : وأبلغ من هذا قوله تعالى ، فلو استحل من يطع الرسول فقد أطاع الله : هذا قوله تعالى ، ومن أيديهم

� إله من جنس استاللكم المسلمون ما استحللتم لكان استداللهم بذلك على أن محمدا!.فرق بينهما ال

واآلن يا رب :وإن أوجبتم له اإللهية بقوله في السفر الثالث من أسفر الملوك .إله إسرائيل يتحقق كالمك لداود ألنه هل يسكن الله مع الناس األرض؟

اسمعوا أيتها الشعون كلكم ، ولتنصت األرض وكل من فيها ، فيكون الرب عليهم� ، ويخرج من موضعه ، وينزل ، ويطأ على مشارق األرض في شأن خطيئة بني شاهدا

.يعقوب

� إلى أن يثبت أن الذي تكلم به نبي ، وأن هذا قيل لكم هذا السفر يحتاج أوال .لفظه ، وأن الترجمة مطابقة له وليس ذلك بعلوم

اللكالم كالقول في نظائره مما ذكرتموه وما لي يدل وبعد ذلك فالقول في هذا واألرض ، وأ،ه إله حق غير مصنوع وال محلوق ، وأنه على أن المسيح خالق السموات

الله مع الناس على األرض؟ هو نفي سكن في األرض فإن قوله : هل يسكن.للسكنى

(140)

Page 141: هداية الحيارى

جميع األنبياء دعوا إلى توحيد الله

إلى آخرها متفقه على أصول: وجميع النبوات من أولها

شريك له في ملكه وال ند وال ضد أن الله سبحانه وتعالى قديم واحد ال:أحدها .إذنه وال وزير وال مشير وال ظهير وال شافع إال من بعد

.وال زوجة الثاني : أنه ال والد له وال ولد وال كفؤ وال نسيب بوجه من الوجوه

مما يحتاج إليه الثالث : أنه غني بذاته فال يأكل وال يشرب وال يحتاج إلى شئ.خلقه بوجه من الوجوه

اآلفات من الهرم والمرض والسنة والنوم الرابع : أنه ال يتغير وال تعرض له.ذلك والنسيان والندم والخوف والهم والحزن ونحو

� من مخلوقاته وال يحل في ذاته شئ منها الخامس بل هو بائن : أنه ال يماثل شيئا.عن خلقه بذاته والخلق بائنون عنه

السادس : أنه ال يحل في شيء من مخلوقاته، وال يحل في ذاته شيء منها، بلهو بائن عن خلقه بذاته، والخلق بائنون عنه.

شئ وأكبر من كل شئ وفوق كل شئ وعال على السابع : أنه أعظم من كل.كل شئ وليس فوقه شئ البتة

. : أنه قادر على كل شئ فال يعجزه شئ يريده بل هو الفعال لما يريد الثامن

: أنه عالم بكل شئ يعلم السر وأخفى ويعلم ما كان وما يكون وما لم التاسع األرض وما تسقط من ورقة إال يعلمها ، وال حبة في ظلماتيكن لو كان كيف يكون

.ال متحرك إال وهو يعلمه على حقيقته وال رطب وال يابس

العاشر : أنه سميع بصير يسمع ضجيج األصوات باختالف اللغات على تفنن الحاجات ، ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، فقد

أحاط سمعه بجميع المسموعات ، وبصره بجميع المبصرات ، وعلمه بجميع المعلومات ، وقدرته بجميع المقدورات ، ونفذت مشيئته في جميع البريات ، وعمت

.األرض والسموات رحمته جميع المخلوقات، ووسع كرسيه

� :الحادي عشر على تدبير ملكه وال أنه الشاهد الذي ال يغيب وال يستخلف أحدا عليهم ويسترحمه يحتاج إلى من يرفع إليه حوائج عباده أو يعاونه عليها أو يستعطفه

.لهم

.يتالشى وال يعدم وال يموت الثاني عشر : أنه األبدي الباقي الذي ال يضمحل وال

الحق وهادي السبيل ومرسل الثالث عشر: أنه المتكلم اآلمر الناهي قائل والشر ، ومجازي الرسل ومنزل الكتب والقائم على كل نفس بما كسبت من الخير

.المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته

(141)

Page 142: هداية الحيارى

وال أصدق منه .الصادق في وعده وخبره ، فال أصدق منه قيال الرابع عشر : أنه� ، وهو ال يخلف .الميعاد حديثا

يناقض الخامس عشر : أنه تعالى صمد بجميع الصمدية ، فيستحيل عليه ما.صمديته

.ونقص : أنه قدوس سالم ، فهو المبرأ من كل عيب وآفة السادس عشر

.الوجوه السابع عشر : أنه الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع

� الثامن عشر : أنه العدل الذي ال يجوز وال يظلم وال يخاف عباده .منه ظلما

أن فهذا مما اتفقت عليه جميع الكتب والرسل ، وهو من المحكم الذي ال يجوز� ، فترك المثلثة عباد الصليب هذا كله ، تأتي شريعة بخالفه وال يخبر نبي بخالفه أصال

وتمسكوا بالمتشابهة من المعاني والمجمل من األلفاظ ، وأقوال من ضلوا من قبل ،� وضلوا عن سواء السبيل .وأضلوا كثيرا

تخالف هذا كله أشد المخالفة وتباينه وأصول المثلثة ومقالتهم في رب العالمين.أعظم المباينة

فصـل لو لم يظهر محمد بن عبد المطلب

بن عبد الله-صلى الله عليه وسلم- لبطلت نبوة سائر في أنه لو لم يظهر محمد لنبواتهم وشهادة لها بالصدق، فإرساله من آيات األنبياء األنبياء، فظهور نبوته تصديق جاء بالحق وصدق المرسلين: هذا المعنى بعينه في قوله قبله، وقد أشار سبحانه إلى

.

فإن المرسلين بشروا به وأخبروا بمجيئه، فمجيئه هو نفس صدق خبره، فكأن� لهم إذ هو تأويل ما أخبروا به، وال تنافي بين هذا وبين القول اآلخر إن: مجيئه تصديقا

تصديقه المرسلين شهادته بصدقهم وإيمانه بهم فإنه صدقهم بقوله ومجيئه فشهد.بنفس مجيئه، وشهد بصدقهم بقوله بصدقهم

لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي مصدقا: ومثل هذا قول المسيح� التوراة ، فإن من بعدي اسمه أحمد لما بشرت به وبنبوته كان نفس ظهوره تصديقا

� له، كما لها، ثم بشر برسول يأتي من بعده فكان ظهور الرسول المبشر به تصديقا� للتوراة فعادة الله في رسله أن السابق يبشر بالالحق، والالحق كان ظهوره تصديقا

فلو لم يظهر محمد بن عبد الله ولم يبعث لبطلت نبوة األنبياء قبله، يصدق السابق، يخلف وعده وال يكذب بظهور رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله سبحانه ال

بما لم تبشر به امرأة من العالمين غير مريم ابنة عمران فقد بشرت هاجر من ذلك مرة واحدة، وبشرت هاجر بإسماعيل مرتين، وبشر بالمسيح على أن مريم بشرت به

�، ثم ذكر الله سبحانه هاجر بعد وفاتها كالمخاطب لها على ألسنة به إبراهيم مرارا أجبت دعاءك في إسماعيل، وباركت عليه،: األنبياء، ففي التوراة أن الله تعالى قال

.وكبرته، وعظمته

(142)

Page 143: هداية الحيارى

.المترجمين هكذا في ترجمة بعض

� من أحبار اليهود فإنه يقول: وأما في الترجمة التي ترجمها اثنان وسبعون حبرا مالك الله، وسيلد اثني عشر أمة من األمم وفيها لما هربت هاجر من سارة تراءى لها

وقال يا هاجر أمة سارة من أين أقبلت ؟ وإلى أين تذهبين ؟ قالت: هربت من سيدتي، فقال لها المالك، ارجعي إلى سيدتك واخضعي لها، فإني سأكثر ذريتك

ال يحصون كثرة، ها أنت تحبلين وتلدين ابنا تسميه إسماعيل، ألن الله قد وزرعك حتى وهو يكون عين الناس، ويكون يده فوق الجميع، ويد الجميع مبسوطة سمع خشوعك،

مسكنه على تخوم جميع إخوته ، وفي موضع آخر قصة إسكانها إليه بالخضوع، ويكون.فاران، وفيها فقال لها المالك يا هاجر ليهدأ روعك وابنها إسماعيل في برية

الصبي، قومي فاحمله وتمسكي به فإن الله جاعله فقد سمع الله تعالى صوت ألمة عظيمة، وأن الله فتح عينيها فإذا ببئر ماء فذهبت ومألت المزادة منه وسقت

تربى، وكان مسكنه في برية فاران فهذه الصبي منه وكان الله معها ومع الصبي حتى.على إبراهيم واثنتان على هاجر أربع بشارات خالصة بإسماعيل، نزلت اثنتان منها

� التوراة وفي � ، وأن أيضا بشارات أخرى بإسماعيل وولده وأنهم أمة عظيمة جدا يحصون، وهذه البشارة إنما تمت بظهور محمد بن عبد الله نجوم السماء تحصى وال

.وأمته

� للفراعنة والقبط حتى فإن بني إسحاق كانوا لم يزالوا مطرودين مشردين خوال وكليمه موسى بن عمران ، وأورثهم أرض الشام كرسي مملكتهم ، أنقذهم الله بنبيه

� عزهم وملكهم ، قد أخذتهم سيوف ثم سلبهم وقطعثم في األرض � مسلوبا أمما إذا ظهر النبي صلى الله عليه وسلم تمت تلك السودان ، وعلتهم أعالج الحمران حتى

وعلت بنو إسماعيل على من حولهم النبوات وظهرت تلك البشارات بعد دهر طويل� ، وانتشروا في آفاق � ، وطحنوهم طحنا الدنيا ، ومدت األمم أيديهم فهشموهم هشما

الهند والحبشة والسوس إليهم بالذل والخضوع ، وعلوهم علو الثريا فيما بين الخافقين وحيث ملتقى أمواج واألقصى وبالد الترك والصقالية والخزر، وملكوا ما بين

.البحرين

صبي من بعد ظهور النبي صلى وظهر ذكر إبراهيم على ألسنة األمم ، فليس أنثى إال وهو يعرف إبراهيم وآل الله عليه وسلم وال امرأة وال حر وال عبد وال ذكر وال

.إبراهيم

لهم في وإن كانت قد ظهرت في أمم كثيرة جليلة ، فإنه لم يكن النصرانية وأما محل اسماعيل وأمه هاجر سلطان ظاهر وال عز قاهر البتة ، وال صارت أيدي هذه

األمة فوق أيدي الجميع وال امتدت غليهم أيدي األمم بالخضوع ، وكذلك سائر ما تقدم البشارات التي تفيد بمجموعها العلم القطعي بأن المراد بها محمد بن عبد الله من

.الله عليه وسلم وأمته صلى

تلك النبوات ، ولهذا فإنه لو لم يقع تأويلها بظهوره صلى الله عليه وسلم لبطلت المتقدمين إال باإليمان لما علم الكفار من أهل الكتاب أنه ال يمكن اإليمان باألنبياء

ولما علم بعض الغالة بالنبي الذي بشروا به قالوا: نحن في انتظاره ولي يجئ بعد ، يكون إلبراهيم ولد في كفره وتكذيبه منهم أن هذا النبي في ولد اسماعيل أنكروا أن

.اسمه إسماعيل ، وأن هذا لم يخلقه الله

(143)

Page 144: هداية الحيارى

البهت وإخوان القرود وقبلة األنبياء مثل ذلك، كما لم يكثر على وال يكثر على أمة الذين سبوا رب العالمين أعظم مسبة أن يطعنوا في ديننا المثلثة عباد الصليب

.وسلم وينتقصوا نبينا صلى الله عليه

معجزة إال ونحن نبين أنهم ال يمكنهم أن يثبتوا للمسيح فضيلة وال نبوة وال آية وال� رسول الله ، وإال فمع تكذيبه ال يمكن أن يثبت للمسيح شئ من بإقرارهم أن محمدا

.ذلك البتة

ومحمد صلى الله عليه فنقول : إذا كفرتم معاشر المثلثة عباد الصليب بالقرآن إليكم عنه آية أو وسلم ، فمن أين لكم أن تثبتوا لعيسى فضيلة أو معجزة ؟ ومن نقل السنين أخبرتم معجزة؟ فإنكم إنما تبعتم من بعده بنيف على مائتين وعشرات من

ينكر وجود عن منام رؤى فأسرعتم إلى تصديقه ، وكان الولي لمن كفر بالقرآن أن الذين عيسى في العالم ألنه ال يقبل قول اليهود فيه ، وال سيما وهم أعظم أعدائه

فيما رموه وأمه بالعظائم ، فأخبار المسيح والصليب إنما شيوخكم فيها اليهود ، وهم.بينهم مختلفون في أمره أعظم اختالف ، وأنتم مختلفون معهم في أمره

� ، فقالوا فاليهود تزعم انهم حين أخذه الرومان حبسوه في السجن أربعين يوما أن تحبسوه أكثر من ثالثة أيام ثم تقتلوه إال أنه كان يعضده أحد لهم : ما كان لكم .كان يداخله في صناعة الطب عندهم قواد الروم ، لنه

بأيديكم أنه أخذ صبح يوم الجمعة وصلب في الساعة التاسعة التي األناجيل وفي تتوافقون مع اليهود في خبره ، واليهود مجمعون أنه لم يظهر من اليوم بعينه فمتى

� وقد هموا بأخذه فطار على أثره آخر له معجزة وال بدت منه لهم آية غير أنه طار يوما.إلى الرض بزعمهم منهم فعاله في طيرانه فسقط

موضع ما يشهد أنه ال معجزة له وال آية فمن الذي بأيديكم في غير اإلنجيل وفي� أن اليهود قالوا له � ماذا نفعل حتى نعمل أعمال الله تعالى؟ ذلك أن فيه منصوصا يوما

فقالوا له : وما آيتك التي ترينا لنؤمن بك وأنت فقال أمر الله : أن تؤمنوا بمن بعثه ،� فأنا تعلم أن آباءنا قد أكلوا المن بالمفاوز ؟ قال : إن كان أطعمكم موسى خبزا

� ، يريد نعيم اآلخرة فلو عرفوا له معجزة ما قلوا ذلك � سماويا .أطعمكم خبزا

بها ؟ قال: الذي بأيديكم أن اليهود قالت له: ما آيتك التي نصدقك اإلنجيل وفي تقل هذا، ولو اهدموا البيت أبنيه لكم في ثالثة أيام فلو كانت اليهود تعرف له آية لم

.كان هذا أظهر لهم معجزة لذكرهم بها حينئذ

�: أنهم جاؤوا يسألونه آية فقذفهم، اإلنجيل وفي وقال: جيل الذي بأيديكم أيضا.فاسق وشرير يطلب آية فال تعطى له

� أنهم كانوا يقولون له وهو على الخشبة بظنكم إن كنت المسيح فأنزل وفيه أيضا.يفعل نفسك فنؤمن بك يطلبون بذلك آية فلم

آية فإذا كفرتم معاشر المثلثة عباد الصليب بالقرآن لم يتحقق لعيسى ابن مريم أشد وال فضيلة، فإن أخباركم عنه وأخبار اليهود ال يلتفت إليها الختالفكم في شأنه

.اإلختالف وعدم تيقنكم لجميع أمره

(144)

Page 145: هداية الحيارى

� من اإللهية التي نسبتم إليه أنه وكذلك اجتمعت اليهود على أنه لم يدع شيئا تسلطهم عليه، وقد ذكر ادعاها، وكان أقصى مرادهم أن يدعى فيكون أبلغ في

وبقي ذكره السبب في استفاضة ذلك عنه وهو أن أحبارهم وعلماءهم لما مضى خافوا أن تصير عامتهم إليه إذ كان على سنن تقبله قلوب الذين ال غرض لهم،

� للناس في أمره � كثيرة، ونسبوا إليه دعوى اإللهية تزهيدا .فشنعوا عليه أمورا

إن اليهود عندهم من االختالف في أمره ما يدل على عدم تيقنهم بشيء من ثم.أخباره

� منهم ويعرفون أباه وأمه وينسبونه لزانية !فمنهم من يقول : إنه كان رجال وحاشاه حاشا أمه الصديقة الطاهرة البتول التي لم يقرعها فحل قط قاتلهم الله أنى

يؤفكون، ويسمون أباه الزاني باندرا الرومي، وأمه مريم الماشطة، ويزعمون أن على فراشها وشعر بذلك فهجرها يوسف من سبط يهوذا وجد باندرا عندها زوجها.ابنها وأنكر

إخبار اليهود والنصارى عن عيسى ونسبه ال يوثق

رغب عن هذا القول وقال إنما أبوه يوسف من سبط يهوذا ومن اليهود من� لمريم، ويذكرون أن السبب في استفاضة اسم الزنا عليه: أنه بينا هو الذي كان زوجا

� مع معلمه � فجاءت يهشوع بن برخيايوما امرأة وسائر التالميذ في سفر فنزلوا موضعا من أهله وجعلت تبالغ في كرامتهم، فقال يهشوع ما أحسن هذه المرأة ؟ يريد

-أفعالها، فقال عيسى -بزعمهم- لوال عور في عينها، فصاح يهشوع وقال له: يا ممزار� ولما عاد إلى بيت المقدس � شديدا ترجمته: يا زنيم- أتزني بالنظر ؟ وغضب منه غضبا

حرم اسمه ولعنه في أربعمائة قرن، فحينئذ لحق ببعض قواد الروم وداخله بصناعة فقوى بذلك على اليهود وهم يومئذ في ذمة قيصر طيباريوس، وجعل يخالف الطب.كان ويستدرك عليها ويعرض عن بعضها إلى أن كان من أمره ما التوراة حكم

وطوائف من اليهود يقولون غير هذا، ويقولون إنه كان يالعب الصبيان بالكرة فوقعت منهم بين جماعة من مشايخ اليهود فضعف الصبيان عن استخراجها من بينهم

� حياء من .المشايخ، فقوى عيسى وتخطى رقابهم وأخذها، فقالوا له ما نظنك إال نيما

اختالف اليهود في أمره أنهم يسموه أباه بزعمهم الذي كان خطب مريم ومن.يهوذا النجار، وبعضهم يقول: إنها هو يوسف الحداد يوسف الذي من سبط

، وبعضهميوسف بن يعقوب بعل وأن زوجها والنصارى تزعم أنها كانت ذات.يوسف بن هالي يقول

� في آبائه وعددهم إلى .إبراهيم فمن مقل ومكثر وهم يختلفون أيضا

.وأمره فهذا ما عند اليهود وهم شيوخكم في نقل الصلب

.وإال فمن المعلوم أنه لم يحضره أحد من النصارى

(145)

Page 146: هداية الحيارى

وقالوا: قتلناه وصلبناه وهم الذين قالوا فيه ما حكيناه عنهم وإنما حضره اليهود فصدقوهم في سائر ما ذكروه، وإن كذبتموهم فيما نقلوه فإن صدقتموهم في الصلب

الصلب وتكذيب أصدق الصادقين الذي قامت عنه فما الموجب لتصديقهم في صلبوه ، بل صانه الله وحماه وحفظه البراهين القطعية على صدقه أنهم ما قتلوه وما بما تقولون أنتم واليهود؟ ، وكان أكرم على الله وأوجه عنده من أن يبتليه

النصارى أشد األمم افتراقاq في دينهم

� في معبودها ونبيها ودينها منكم وأما خبر ما عندكم أنتم فال نعلم أمة أشد اختالفا وامرأته وابنته وأمه وأباه عن دينهم ألجابك كل منهم بغير جواب ، فلو سألت الرجل� اآلخر ، ولو اجتمع .عشرة منهم يتذاكرون الدين لتفرقوا عن أحد عشر مذهبا

اليوم على القول بالتثليث وعبادة الصليب، وان مع اتفاق فرقهم المشهورة نبي وال رسول ، وأنه إله في الحقيقة ، وأنه هو المسيح ابن مريم ليس بعبد صالح وال

والنبيين ، وأنه هو الذي أرسل وأظهر على أيديهم خالق السموات واألرض والمالئكة� هو أب والد لم يزل ، وأن ابنه نزل من السماء المعجزات واآليات، وأن للعالم إلها

� وتجسم من روح القدس ومن مريم وصار هو � ومسيحا � واحدا وابنها الناسوتي إلها� ، وحبلت به مريم وولدته ، وأخذ وصلب وألم ومات ودفن ، وقام � واحدا � ورازقا واحدا

.بعد ثالثة أيام وصعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه

اختالف فرق النصارى في شخصية المسيح

وعاينه الناس وكان بينهم هو الله وهو ابن الله وهو قالوا والذي ولدته مريم السموات واألرض هو الذي حبلت به مريم وأقام كلمة الله ، فالقديم األزلي خالق

وفطم وأكل وشرب وتغوط وأخذ وصلب هناك تسعة أشهر ، وهو الذي ولد ورضع.وشد بالحبال وسمرت يداه

اليعقوبية - أتباع يعقوب البرادعي ولقب بذلك ألن لباسه كان من ثم اختلقوا : فقالت يرقع بعضها ببعض ويلبسها – إن المسيح طبيعة واحدة من خرق برادع الدواب

طبيعيتين :

.. طبيعة الناسوت إحداهما

� .. طبيعة الالهوت ، وأن هاتين واألخرى � واحدا الطبيعتين تركبتا فصار إنسانا� ، فهذه الطبيعة � واحدا � وشخصا � واحدا الواحدة والشخص الواحد هو المسيح ، وجوهرا

وطبيعة واحدة من طبيعتين وقالوا : وهو إله كله ، وإنساه كله ، وهو شخص واحد ، وسمر ومات ودفن ثم عاش بعد إن مريم ولدت الله ، وإن الله سبحانه قبض وصلب

.ذلك

� هو وقال الملكية – وهي الروم نسبة إلى دين الملك ، ال إلى رجل يدعى ملكانيا االبن األزلي الذي هو الكلمة صاحب مقالتهم كما يقوله بعض من ال علم له بذلك – إن

� كسائر أجساد � كامال .الناس تجسدت من مريم تجسدا

(146)

Page 147: هداية الحيارى

� كاملة بالعقل والمعرفة والعلم كسائر أنفس وركبت في ذلك الجسد نفسا� بجوهر � بالجسد والنفس اللذين هما من جوهر الناس ، وإلها الناس، وأنه صار إنسانا الالهوت كمثل أبيه لم يزل ، وهو إنسان بجوهر الناس مثل إبراهيم وموسى وداود ،

شخص واحد لم يزد عدده ، وثبت له جوهر الالهوت كما لم يزل ، وح له جوهر وهو لبسه من مريم ، وهو شخص واحد لم يزد عدده وطبيعتان ، ولكل الناسوت الذي

كاملة ، فله بال هوته مشيئة األب ، وله بناسوته مشيئة واحدة من الطبيعتين مشيئة.إبراهيم وداود

.إن مريم ولدت المسيح وهو اسم يجمع الالهوت والناسوت : وقالوا

الذي ولدته مريم ، وهو الذي وقع عليه الصلب والتمير وقالوا : إن الذي مات هو.والالهوت لم يمت ولم يألم ولم يدفن والصفع والربط بالحبال ،

تام بجوهر ناسوته ، وله المشيئتان : قالوا : وهو إله تام بجوهر ال هوته ، وإنسان أتى به اليعقوبية من أن مريم مشيئة الالهوت، ومشيئة الناسوت ، فأتوا بمثل ما

تدبرت قولهم وجدته في ولدت اإلله إال انهم بزعمهم نزهوا اإلله عن الموت وإذا� الحقيقة هو قول اليعقوبية مع تنازعهم وتناقضهم فيه ، فاليعقوبية أطرد لكفرهم لفظا

.ومعنى

المسيح شخصان وطبيعتان لهما مشيئة وأما النسطورية فذهبوا إلى القول بأن لهما إرادة واحدة ، والالهوت واحدة ، وأن طبيعة الالهوت لما وجدت بالناسوت صار

� وال يمتزج بشئ ، والناسوت يقبل الزيادة والنقصان ، فكان ال يقبل زيادة وال نقصانا� ، فهو اإلله بجوهر للال � وإنسانا هوت الذي ال يقبل الزيادة المسيح بذلك إلها

.والنقصان والنقصان ، وهو إنسان بجوهر الناسوت الذي يقبل الزيادة

.قط وقالوا : إن مريم ولدت المسيح بناسوته وإن الالهوت لم يفارقه

وكل هذه الفرق استنكفت أن يكون المسيح عبد اله وهو لم يستنكف من ذلك ، به عن عبودية الله وهو لم يرغب عنها بل أعلى منازل العبودية عبودية الله ، ورغبت وإبراهيم خير منه ، وأعلى منازلهما تكميل مراتب العبودية فالله رضيه أن ومحمد

� فلم ترض المثلثة بذلك يكون له .عبدا

عبد الله كسائر األنبياء وقالت اآلريوسية منهم وهم أتباع آريوس : إن المسيح.المذهب والرسل ، وهو مربوب مخلوق مصنوع ، وكان النجاشي على هذا

ممن وإذا ظفرت المثلثة بواحد من هؤالء قتلته شر قتلة ، وفعلوا به ما يفعل.سب المسيح وشتمه اعظم سب

خواصهم على حقيقتها ، بل والكل من تلك الفرق الثالث عوامهم ال تفهم مقالة� ، وال يقولون إن الله تخطى مريم كما يتخطى الرجل المرأة وأحبلها فولدت له ابنا

تدندنون حوله نحن يعرفون تلك الهذيانات التي وضعها خواصهم ، فهم يقولون : الذي والمشيئتين ، وذلك نعتقده بغير حاجة منا إلى معرفة األقاليم الثالثة من الطبيعتين

، وهو االبن فهذا للتهويل والتطويل ، وهم يصرحون بأن مريم والدة افله ، والله أبوه جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد الزوج ، والولد

(147)

Page 148: هداية الحيارى

للرحمن ولدا * وما ينبغي يتفطرن منه وتنشق األرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا آتي الرحمن عبدا * لقد للرحمن أن يتخذ ولدا * إن كل من في السماوات واألرض إال

. أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا

عباد فهذه أقوال أعداء المسيح من اليهود والغالين فيه من النصارى والمثلثة� صلى الله عليه وسلم بما أزال الشبهة في أمره وكشف الصليب فبعث الله محمدا

الغمة ، وبرأ المسيح وأمه من افتراء اليهود وبهتهم وكذبهم عليهما ونزه رب العالمين.السب وخالق المسيح وأمه بما افتراه عليه المثلثة عباد الصليب الذين سبوه أعظم

به فأنزل المسيح أخاه بالمنزلة التي أنزله الله بها ، وهي أشرف منازله ، فآمن وصدقه ، وشهد له بأنه بعد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء

البتول الطاهرة الصديقة سيدة نساء العالمين في زمانها ، وقرر معجزات المسيح ، وأخبر عن ربه تعالى بتخليد من كفر بالمسيح في النار وأن ربه تعالى أكرم وآياته ورسوله ونزهه وصانه أن ينال إخوان القردة منه ما زعمته النصارى أنه نالوه عبده

� لم يشكه أعداؤه بشوكة ، وال نالته أيديهم بأذى ، منه ، بل � منصورا رفعه إليه مؤيدا إليه وأسكنه سماءه وسيعيده إلى األرض ينتقم به من مسيح الضالل وأتباعه ، فرفعه

الصليب ، ويقتل به الخنزير ، ويعلي به اإلسالم ، وينصر به ملة أخيه ثم يكسر به.محمد عليهما أفضل الصالة والسالم وأولى الناس به

عباد الصليب المثلثة في كفة فإذا وضع هذا القول في المسيح في كفة وقول ، وأن تفاوتهما كتفاوت تبين لكل من له أدنى مسكة من عقل ما بينهما من التفاوت

.التوفيق ما بينه وبين قول المغضوب عليهم فيه ، وبالله

فلوال محمد صلى الله عليه وسلم لما عرفنا أن المسيح ابن مريم الذي هو� ، فإن هذا المسيح الذي أثبته اليهود من رسول الله عبده وكلمته وروحه موجود أصال

.شرار خلق الله ليس بمسيح الهدى

يمكن وجوده في عقل وال والمسيح الذي أثبته النصارى من أبطل الباطل ال .فطرة

وجوده لبطلت أدلة ويستحيل أن يدخل في الوجود أعظم استحالة ، ولو صح� ، فإن استحالة وجوده فوق استحالة جميع العقول ولم يبق ألحد ثقة بمعقول أصال

وعدمت المحاالت ، ولو صح ما يقولون لبطل العالم واضمحلت السموات واألرض المالئكة والعرش والكرسي ولم يكن بعث وال نشور وال جنة وال نار وال يستعجب من

إطباق أمة الضالل الذين شهد الله أنهم أضل من النعام على ذلك فكل باطل في ينسب إلى أمة من األمم فإنها مطبقة عليه ، وقد تقدم ذكر إطباق األمم الوجود

ال يحصيها إال الله على الكفر والضالل بعد معاينة اآليات البينات ، فلعباد العظيمة التي.أسوة بإخوانهم من أهل الشرك والضالل الصليب

فصـل تاريخ المجامع النصرانية

(148)

Page 149: هداية الحيارى

� في ذكر استنادهم في دينهم إلى أصحاب المجامع الذين كفر بعضهم بعضا كيف ابتدأ ، وتوسط ، وانتهى ، حتى وتلقيهم أصول دينهم عنهم ، ونحن نذكر األمر

� .كأنك تراه عيانا

بشر بالمسيح على ألسنة أنبيائه ، من لدن موسى إلى زمن كان الله سبحانه قد� به داود ، وكانت اليهود تنتظره داود ومن بعده من األنبياء ، وأكثر األنبياء تبشيرا بعث كفروا به بغيا وحسد� وشردوه في البالد وطردوه وتصدق به قبل مبعثه ، فما

� إلى أن أجمعوا على القبض عليه وعلى قتله ، فصانه الله وحبسوه وهموا بقتله مرارا وأنقذه من أيديهم ، ولم يهنه بأيديهم ، وشبه لهم بأنهم صلبوه ، ولم يصلبوه ، كما

وقولهم على مريم بهتانا عظيما * وقولهم إنا قتلنا المسيح وبكفرهم : قال تعالى وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا عيسى ابن مريم رسول الله

علم إال اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله فيه لفي شك منه ما لهم به من ، فقيل ولكن شبه لهم : ، وقد اختلف في معنى قوله إليه وكان الله عزيزا حكيما

المعنى : ولكن شبه للذين صلبوه بأن ألقى شبهه على غيره فصلبوا الشبه ، وقيل :المعنى

ولكن شبه للنصارى أي حصلت لهم الشبهة في أمره وليس لهم علم بأنه ما قتل ولكن لما قال أعداؤه إنهم قتلوه وصلبوه واتفق رفعه من األرض وقعت وما صلب ،

الشبهة في أمره ، وصدقهم النصارى في صلبه لتتم الشناعة عليهم ، وكيف ما كان� ال شك فيه .فالمسيح صلوات الله وسالمه عليه لم يقتل ولم يصلب يقيا

رفعه على دينه ومنهاجه يدعون المم إلى ثم تفرق الحواريون في البالد بعد ومسيحه ، فدخل كثير من الناس في دينه ما توحيد الله ودينه واإليمان بعبده ورسوله

اليهود في غاية الشدة واألذى بين ظاهر مشهور ومختف مستور ، وأعداء الله اليهود ومن الروم شدة شديدة من ألصحابه وأتباعه ، ولقي تالميد المسيح أتباعه من

زمن المسيح في ذمة الروم قتل وعذاب وتشريد وحبس وغير ذلك ، وكان اليهود في� عليهم ، وكتب نائب الملك ببيت المقدس إلى الملك يعلمه بأمر المسيح وكانوا ملوكا

وتالميذه وما يفعل من العجائب الكثيرة من إبراء األكمه واألبرص وإحياء الموتى ، فهم أن يؤمن به ويبع دينه فلم يتابعه أصحابه ، ثم هلك وولى بعده ملك آخر فكان

� على تالمذة المسيح .شديدا

كتب مرقس إنجيله بالعبرانية ، وفي زمانه ثم مات وولى بعده آخر ، وفي زمنه� على صار إلى اإلسكندرية فدعا إلى اإليمان بالمسيح ،وهو اول شخص جعل بتركا

� على عدة نقباء بني إسرائيل في زمن االسكندرية ، وصبر معه اثنى عشر قسيسا� يجعلونه مكانه ، موسى وأمرهم إذا مات البترك أن يختاروا من اإلثني عشر واحدا� ويضع اإلثني عشر أيديهم على رأسه ويبركونه ، ثم يختارون � قسيا � فاضال رجال

.يصيرونه تمام العدة

قسطنطين : ثم انقطع هذا الرسم واصطلحوا ولم يزل أمر القوم ذلك إلى زمن أولئك القسيسين أو من غيرهم ، ثم على أن ينصبوا البترك من أي بلد كان من

.سموه بابا ومعناه أبو اآلباء

على إلى )برقة( يدعو الناس إلى دين المسيح ثم ملك آخر فأهاج مرقس وخرج أتباع أتباع المسيح الشر والبالء وأخذهم بأنواع العذاب ، وفي عصره كتب فأهاج على

(149)

Page 150: هداية الحيارى

المسيح الشر والبالء وأخذهم بأنواع العذاب ، وفي عصره كتب بطرس رئيس.الحواريين إنجيل مرقس عنه بالرومية ، ونسبه إلى مرقس

بالرومية لرجل شريف من عظماء الروم ، وكتب وفي عصره كتب لوقا إنجيله وفي زمنه صلب بطرس ، وزعموا أن بطرس له االبركسيس الذي فيه أخبار التالميذ

� لئال أكون مثل سيدي المسيح فإنه صلب قال له إن أردت أن تصلبني فاصلبني منكسا� ، وضرب عنق بولس بالسيف ، وأقام بعد صعود المسيح اثنين وعشرين سنة ، قائما

اإليمان بالمسيح ، ثم وأقام مرقس باإلسكندرية وبرقة سبع سنين يدعو الناس إلى.قتل باالسكندرية وأحرق جسده بالنار

ملوك الروم على هذه السيرة إلى أن ملك مصر قيصر ثم استمرت القياصرة المسيح بسبعين سنة بعد أن حاصرها يسمى طيطس فخرب بيت المقدس بعد

وأنثى حتى كانوا يشقون وأصاب أهلها جوع عظيم ، وقتل من كان بها من ذكر فيها النار، وأحصى بطونالحبالى ويضربون بأطفالهن الصخور ، وخرب المدينة وأضرم

.القتلى على يده فبلغوا ثالثة آلف ألف

� ، فبلغوه أن ثم ملك ملوك آخرون فكان منهم واحد شديد على اليهود جدا ملكه يدوم إلى آخر الدهر فاشتد غضبه وأمر النصارى يقولون أن المسيح ملكهم وأن

، وكان يوحنا صاحب اإلنجيل هناك بقتل النصارى وأن ال يبقى في ملكه نصراني.عليهم فهرب ، ثم أمر الملك بإكرامهم وترك االعتراض

� ، وقتل بترك أنطاكية برمية ، ثم ملك بعده آخر فأثار على النصارى بالء عظيما وقتل أسقف بيت المقدس وصلبه وله يومئذ مائة وعشرون سنة ، وأمر باستعباد

� النصارى فاشتد عليهم البالء إلى أن رحمتهم الروم وقال له وزراؤه : إن الهم دينا وشريعة وإنه ال يحل استعبادهم فكف عنهم ، وفي عصره كتب يوحنا إنجيله

ذلك العصر رجع اليهود إلى بيت المقدس ، فلما كثروا وامتألت منهم بالرومية ، وفي� فقتل المدينة عزموا على � فبلغ الخبر قيصر فوجه إليهم جيشا أن يملكوا منهم ملكا

ملك بعده آخر وأخذ الناس بعبادة األصنام ، وقتل من منهم من ال يحصى ، ثم� ، ثم ملك � كثيرا � النصارى خلقا بعده ابنه وفي زمانه قتل اليهود ببيت المقدس قتال

� وخرب بيت المقدس ، وهرب اليهود إلى مصر وإلى الشام والجبال واألغوار ذريعا يسكن بالمدينة يهودي ، وأن يقتل اليهود وتقطعوا في األرض ، وأمر الملك أن ال

.اليونانيون ويستأصلوا ، وأن يسكن المدينة

فرأوهم وامتألت بيت المقدس من اليونانيين ، والنصارى ذمة تحت أيديهم ،� يأتون إلى مزبلة هناك فيصلون فيها فمنعوهم من ذلك ، وبنوا على المزبلة هيكال

باسم الزهرة فلم يمكن النصارى بعد ذلك قربان ذلك الموضع ، ثم هلك هذا الملك� على بيت المقدس .وقام بعده آخر فنصب يهدا أسقفا

فمن يعقوب أسقف بيت المقدس األول إلى يهوذا أسقفه هذا: البطريق ابن قال األساقفة الذين على بيت المقدس كلهم مختونين ، ثم ولى بعده آخر واثار على كانت

� ووقع في أيامه قحط شديد كاد الناس أن يهلكوا النصارى � طويال � وحربا بالء شديدا النصارى أن يبتهلوا إلى إلههم فدعوا وابتهلوا إلى الله فمطروا وارتفع عنهم فسألوا.والوباء القحط

(150)

Page 151: هداية الحيارى

قال ابن البطريق : وفي زمانه كتب بترك اإلسكندرية إلى أسقف بيت المقدس وبترك أنطاكية وبترك رومية في كتاب فصح النصارى وصومهم وكيف يستخرج من

� على ما هي اليوم ، قال: وذلك أن النصارى كانوا بعد فصح اليهود ، فوضعوا فيها كتبا� ويفطرون كما صعود المسيح إذا عيدوا عيد الغطاس من الغد يصومون أربعين يوما

� ، وكان فعل المسيح ، ألنه لما اعتمد باألردن خرج إلى البرية فأقام بها أربعين يوما� للفصح النصارى إذا أفصح اليهود عيدوا هم الفصح ، فوضع هؤالء البتاركة حسابا

.وكان المسيح يعيد مع اليهود في عيدهم ليكون فطرهم يوم الفصح ،

تغيير الصوم فلم يصوموا عقيب واستمر على ذلك أصحابه إلى أن ابتدعوا.اليهود الغطاس بل نقلوا الصوم إلى وقت ال يكون عيدهم مع

ثم مات ذلك الملك وقام بعده آخر ، وفي زمنه كان جالينوس وفي زمنه ظهرت الفرس وغلبت على بابل وآمد وفارس ، وتملك ازدشير ابن بابك في اصطخر( وهو

ملك على فارس في المدة الثانية، ثم مات قيصر وقام بعده آخر ، ثم آخر أول ملك� � منهم ، وقبل كل عالم وكان شديدا � وقتل خلق كثيرا � عظيما على النصارى عذب عذابا

من كان بمصر واالسكندرية من النصارى ، وهدم الكنائس ، وبنى فيهم ،ثم قتل� وسماه هيكال األليهة ثم قام بعده قيصر آخر ، ثم آخر وكانت باالسكندرية هيكال

.وسالمة ، وكانت أمة تحب النصارى النصارى في زمنه في هدوء

� ، وأخذ ثم قام بعده آخر فأثار على النصارى بالء� � كثيرا � وقتل منهم خلقا عظيما� وقتل بترك أنطاكية فلما سمع الناس بعبادة األصنام ، وقتل من األساقفة � كثيرا خلقا

.هلك وقام بعده آخر ، ثم آخر بترك بيت المقدس بقتله هرب وترك الكرسي ثم

ذكر ماني الكذاب

وكان كثير الحيل والمخاريق ، وفي أيام هذا ظهر ماني الكذاب وزعم أنه نبي مائتي رجل فغرس فأخذه بهرام ملك الفرس فشقه نصفين ، وأخذ من أتباعه

.رؤوسهم في الطين منكسين حتى ماتوا

بالمسيح فوثب عليه بعض قواده فقتله ، ثم قام ثم قام من بعده فليبس فآمن� وقتل منهم ما ال بعده دانقيوس ويسمى دقيانوس فلقي النصارى منه بالء� عظيما

� � وجعل فيه األصنام ، وأمر أن يسجد يحصى ، وقتل بترك رومية ، وبنى هيكال عظيما� من النصارى وصلبوا على الهيكل ، لها ويذبح لها ومن لم يفعل قتل ، فقتل � كثيرا خلقا

غلمان فجعلهم خاصته وقدمهم على جميع من واتخذ من أوالد عظماء المدينة سبعة الملك بخبرهم فحبسهم ثم أطلقهم ، وخرج عنده ، وكانوا ال يسجدون لألصنام فأعلم

به ، ثم خرجوا إلى جبل فيه كهف كبير إلى مخرج له فأخذ الفتية كل ما لهم فتصدقوا كاألموات ، وأمر الملك أن يبنى عليهم فاختفوا فيه وصب اله عليهم النعاس فناموا

من نحاس فكتب فيها أسماءهم باب الكهف ليموتوا ، فأخذ قائد من قواده صفيحة.الكهف وسده وقصتهم مع دقيانوس وصيرها في صندوق من نحاس ودفنه داخل

.ثم مات الملك

(151)

Page 152: هداية الحيارى

أول من ابتدع الالهوت والناسوت في شأن المسيح هوبولس

� يسمى بولس ثم قام بعده قيصر آخر ، وفي زمنه جعل في أنطاكية بتركا ابتدع في شأن المسيح الالهوت والناسوت وكانت النصارى الشمشاطي وهو أول من

رسول مخلوق مصنوع مربوب ال يختلف فيه اثنان منهم قبله كلمتهم واحدة أنه عبد دين النصارى – إن سيدنا المسيح خلق من فقال : بولسهذا – وهو أول من أفسد

� كواحد منا في جوهره ، وأن ابتداء االبن من مريم ، وأنه اصطفى الالهوت إنسانا� للجوهر اإلنسي صحبته النعمة اإللهية فحلت فيه بالمحبة والمشيئة ، ليكون مخلصا

.وأقنوم واحد ولذلك سمي ابن الله ، وقال إن الله جوهر واحد

� في مدينة أنطاكية وبعد موته اجتمع : سعيد ابن البطريق قال ثالثة عشر أسقفا.ولعنوا من يقول بقوله وانصرفوا ونظروا في مقالة بولس فأوجبوا عليه العن فلعنوه

� ثم قام قيصر أخر فكانت النصارى في زمنه يصلون في المطامير والبيوت فزعا� أن يقتل ، � فلم من الروم ، ولم يكن بترك اإلسكنرية يظهر خوفا فقام )بارون( بتركا

قياصرة أخر منهم اثنان تملكا يزل يداري الروم حتى بنى باالسكندرية كنيسة ، ثم قام� وشدة على الرومإحدى وعشرين سنة فأثارا على النصارى بالء� � أليما � وعذابا عظيما

وقتل ألوف مؤلفة من تجل عنالوصف من القتل والعذاب واستباحة الحريم واألموال ضربت عنق النصارى ، وعذبوا مار جرجس أصناف العذاب ثم قتلوه ، وفي زمنهما

األب بطرس بترك االسكندرية ، وكان له تلميذان ، وكان في زمنه آريوس يقول : إن فقال وحده الله الفرد الصمد واالبن مخلوق مصنوع وقد كان األب إذ لم يكن االبن ،

بطرس لتلميذيه: إن المسيح لعن آريوس فاحذرا أن تقبال قوله : فإني رأيت المسيح في النوم مشقوق الثوب ، فقلت يا سيدي! من شق ثوبك ؟ فقال لي: آريوس

.تقبلوه أو يدخل معكم الكنيسة فاحذروا أن

على االسكندرية فاقام وبعد قتل بطرس بخمس سنين صير أحد تلميذيه بتركا مقالته فقبله ستة أشهر ومات، ولما جرى على آريوس ما جرى أظهر انه قد رجع عن

� ، ثم قام قيصر آخر فجعل يتطلب النصارى هذا البترك وأدخله الكنيسة وجعله قسيسا.ويقتلهم حتى ب الله عليه النقمة فهلك شر هلكة

ثم قام بعده قيصران : )أحدهما( ..ملك الشام وأرض الروم وبعض الشرق ،� بهم من رومية.)واآلخر( . وما جاورها ، وكانا كالسباع الضارية على النصارى فعال

ما لم يفعله بهم ملك قبلهما ، وملك معهما قسطنطين أبو القتل والسبي والجالء� يبغض � للنصارى ، فخرج إلىناحية الجزيرة والرها قسطنطين ، وكان دينا األصنام محبا فرأى امرأة جميلة يقال لها هيالنة وكانت قد تنصرت فنزل في قرية من قرى الرها

الكتب فخطبها قسطنطين من أبيها فزوجه على يدي أسقف الرها وتعلمت قراءة ، وتعلم حكمة اليونان ، وكان إياها ، فحبلت منه وولدت قسطنطين فتربى بالرها

� للحكمة .جميل الوجه قليل الشر محبا

� ، وكان عليانوس � للنصارى جدا � شديد البأس مبغضا � فاجرا ملك الروم حينئذ رجال� جميلة إال أفسدها وكذلك كثير القتل فيهم ، � للنساء ، م يترك للنصارى بنتا محبا

في جهد جهيد معه ، فبلغه خبر قسطنطين وأنه غالم هاد أصحابه ، وكان النصارى� فهم بقتله قليل الشر كثير العلم ، وأخبره � عظيما المنجمون والكهنة أنه سيملك ملكا

إلى أبيه فسلم إليه الملك ، ثم مات أبوه ، فهرب قسطنطين من الرها ، ووصل

(152)

Page 153: هداية الحيارى

� من البالء حتى تعجب الناس مما ناله ورحمه أعداؤه وصب الله على عليانوس أنواعا مما حل به ، فرجع إلى نفسه وقال لعل هذا بسبب ظلم النصارى فكتب إلى جميع عماله أن يطلقوا النصارى من الحبوس ، وأن يكرموهم ويسألوهم أن يدعوا له في

.من الصحة والقوة صلواتهم ، فوهب الله له العافية ورجع إلى أفضل ما كان عليه

يقتلوا فلما صح وقوى رجع إلى شر مما كان عليه ، وكتب إلى عماله أن� وال يسكنوا له في مدينة وال قرية ، فكان النصارى وال يدعوا في مملكته نصراينا

.القتتلى يحملون على العجل ويرمى بهم في البحر والصحارى

� علىالنصارى ، واستعبد من كان وأما قيصر اآلخر الذي كان معه فكان شديدا.أموالهم ، وقتل رجالهم ونساءهم وصبيانهم برومية من النصارى ، ونهب

للشر محب للخير وأن أهل فلما سمع أهل رومية بقسطنطين وأنه مبغض يخلصهم من عبودية مملكته معه في هدوء وسالمة كتب رؤساؤهم إليه يسألونه أن� ال يدري � وبقي متحيرا � شديدا .كيف يصنع ملكهم ، فلما قرأ كتبهم اغتم غما

ما يزعم النصارى نصف النهار في فظهر له على : سعيد ابن البطريق قال� حله : بهذا .تغلب السماء صليب من كوكب مكتوبا

فتجهز فقال ألصحابه رأيتم ما رأيت؟ قالوا : نعم ، فآمن حينئذ بالنصرانية ،� من ذهب وصيره على رأس البند ، � كبيرا وخرج لمحاربة قيصر المذكور ، وصنع صليبا

بأصحابه فأعطى النص على قيصر فقتل من أصحابه مقتلة عظيمة هربا لملك ومن أصحابه ، فخرج أهل رومية إلى قسطنطين باإلكليل الذهب وبكل أنواع اللهو بقي من� ، فلما دخل المدينة أكرم النصارى وردهم إلى واللعب � عظيما فتلقوه وفرحوا به فرحا.بعد النفي التشريد ، وأقام أهل رومية سبعة ايام يعيدون للملك والصليب بالدهم

عليانوس جمع جموعه وتجهز للقتال مع قسطنطين ، فلما وقعت فلما سمع وأخذتهم السيوف ، وأفلت عليانوس فلم يزل من قرية إلى العين في العين انهزموا

السحرة والكهنة والعرافين الذين كان يحبهم ويقبل قرية حتى وصل إلى بلده ، فجمع يد قسطنطين ، وأمر ببناء الكنائس ، وأقام في منهم فضرب أعناقهم لئال يقعوا في

به أبنية الكنائس ، وقام بدين النصرانية حتى كل بلد ن بيت المال الخراج فيما تعمل.ضرب بجرانه في زمانه

خمس عشر سنة من ملكه حاج النصارى في امر المسيح فلما تم له نيقية( وهي التي رتبت فيها المانة بعد هذا )واضطربوا ، فأمر بالمجمع في مدينة

يدخل معهم فمنعه بترك اإلسكندرية ، وقال المجمع – كما سيأتي – فأراد آريوس أن� قال لهم إن الله لعن آريوس فال تقبلوه وال تدخله الكنيسة ، وكان على مدينة بطرسا

� وكان باإلسكندرية هيكل أسيوط من عمل مصر أسقف يقول بقول آريوس فلعنه أيضا ميكائيل( ، وكان أهل مصر)عظيم على اسم زحل وكان فيه صنم من نحاس يسمى

� من شهر هتور وهو تشرين الثاني يعيدون لذلك واإلسكندرية في اثني عشر يوما� ويذبحون له الذبائح الكثيرة � عظيما .الصنم عيدا

المجمع األول

(153)

Page 154: هداية الحيارى

أن يكسر الصنم ويبطل الذبائح فلما ظهرت النصرانية باالسكندرية أراد بتركها لو جعلتم هذا العيد لميكائيل: له ، فامتنع عليه أهلها ، فاحتال عليهم بحيلة ، وقال

مالك الله لكان أولى .

� فإن هذا الصنم ال ينفع وال يضر فأجابوه إلى ذلك ، فكسر الصنع وجعل منه صليبا منع بترك اإلسكندرية آريوس من دخول الكنيسة وسمى الهيكل كنيسة ميكائيل فلما

� عليه ومعه أسقفان فاستغاثوا إلى قسطنطين ، وقال ولعنه خرج آريوس مستديا� ، وسأل الملك أن يشخص بترك آريوس : إنه تعدى علي وأخرجني من الكنيسة ظلما

إلى اإلسكندرية فأشخص االسكندرية بناظره قدام الملك ، فوجه قطنطين برسول اشرح مقالتك البترك وجمع بينه وبين آريوس ليناظره ، فقال قسطنطين آلريوس

فكان كلمة له قال آريوس : أقول إن األب كان إذ لم يكن االبن ، ثم أنه أحدث االبن خالق أنه محدث مخلوق ، ثم فوض األمر إلى ذلك االبن المسمى كلمة ، فكان هو

� على السموات واألرض وما بينهما ، كما قال ففي إنجيله إن يقول وهب لي سلطانا السماء واألرض فكان هو الخالق لهما مما أعطى من ذلك ، ثم إن الكلمة تجسدت

� ، فالمسيح االن معنيان من مريم � واحدا العذراء ومن روح القدس فصار ذلك مسبحا� مخلوقان كلمة وجسد إال .أنهما جميعا

أيما أوجب علينا عندك : فأجابه عند ذلك بترك اإلسكندرية ، وقال : تخبرنا اآلن من خلقنا فقال له عبادة من خلقنا أو عبادة من لم يخلقنا؟ قال آريوس : بل عبادة، � فعبادة االبن المخلوق البترك : فإن كان خالقنا االبن كما وصفت ،وكان االبن مخلوقا

� أوجب من عبادةاألب الذي ليس بخالق ، بل تصير عبادة األب الذي خلق االبن كفرا� ، وذلك من أقبح .األقاويل وعبادة االبنالمخلوق إيمانا

، فاستحسن الملك وكل من حضر مقالة البترك ، وشنع عندهم مقالة آريوس� مسائل كثيرة ، فأمر قسطنطين البترك أن يكفر آريوس وكل من ودارت بينهما أيضا

بمقالته ، فقال له : بل يوجه الملك بشخص للبتاركة واألساقفة حتى يكون لنا قال .ونصنع فيه قضية ويكفر آريوس مجمع

.يشرح الدين ويوضحه للناس

إلى جميع البلدان فجمع البتاركة واألساقفة فاجتمع في فبعث قسطنطين الملك� ، فكانوا مختلفي األراء ، مينة نيقية بعد سنة وشهرين ألفان وثمانة اربعون أسقفا

.مختلفي الدين

.يقول : المسيح ومريم إلهان من دون الله وهم المريمانية فمنهم من

المسيح من األب بمنزلة شعلة نار تعلقت من شعلة نار فلم : ومنهم من يقول.الثانية منها ينقص من األولى إليقاد

مريم ومنهم من كان يقول: لم تحبل مريم لتسعة أشهر وأنما مر نور في بطن كما يمر الماء في الميزاب، ألن كلمة الله دخلت من أذنها وخرجت من حيث يخرج

.الولد من ساعتها وهذه مقالة الباريليدس وأشياعه

إنسان خلق من االهوت كواحد منا في ومنهم من كان يقول : إن المسيح� للجواهر اإلنسية جوهره، وإن ابتداء االبن من مريم ، وغنه اصطفى ليكون مخلصا

(154)

Page 155: هداية الحيارى

فلذلك سمي ابن الله ويقولون : صحبته النعمة اإللهية فحلت منه بالمحبة والمشيئة وال يؤمنون بالكلمة وال بروح إن الله جوهر واحد وأقنوم واحد ويسمونه بثالثة أسماء

.القدس وهذه مقالة بولس وأشياعه

ثالثة آلهة لم تزل صالح ، وطالح وعدل بينهما وهذه مقالة : ومنهم من كان يقول.مرقيون وأشياعه

� ومنهم .من يقول : ربنا هو المسيح ، وهي مقالة ثالثمائة وثمانية عشر أسقفا

وأخلى ولما سمع قسطنطين الملك مقالتهم عجب من ذلك : ابن البطريق وقال� وتقدم باإلكرام والضيافة ، وأمرهم أن يتناظروا فيما بينهم لينظر من معه لهم دارا� على دين واحد ورأي .واحد الحق فيتبعه ، فاتفق منهم ثالثمائة وثمانية عشر أسقفا

وناظروا بقية األساقفة المختلفين ففلحوا عليهم في المناظرة ، وكان باقي� � مجلسا األساقفة مختلفي االراء والديان صنع الملك للثالثمائة والثمانية عشر أسقفا� وجلس وي وسطه وأخذ خاتمه وسيفه وقضيبه فدفع ذلك إليهم ، وقال لهم : عظيما

سلطتكم اليوم على المملكة فاسنعوا ما بدا لكم وما ينبغي لكم أن تضيعوا ما فيه قد الدين وصالح األمة ، فباركوا على الملك وقلدوه سيفه ، وقالوا له : إظهر دين قوام

� فيها السنن والشرائع وفها ما يصلح أن النصرانية وذب عنه ، ووضعوا له أربعين كتابا.يعمل به األساقفة وما يصلح للملك أن يعمل بما فيها

والمقدم فيه بترك االسكندرية وبترك اناطية وكان رئيس القوم والمجمع .وأسقف بيت المقدس

من عنده رجلين فاتفق الكل على لعن آريوس واصحابه ووجه بترك رومية ووضعوا األمانة وقالوا : إن االبن مولود من األب قبل ولعنوه وكل من قال بمقالته ،

طبيعة األب غير مخلوق ، واتفقوا على أن يكون فصح كون الخالئق وإن االبن من اليهود ، وأن ال يكون فصح اليهود مع فصحهم في النصارى يوم األحد ليكون بعد فصح

زوجة ، وذلك أن األساقفة منذ وقت الحواريين يوم واحد ، ومنعوا أن يكون لألسقف� إلى مجمع الثالثمائة وثمانية عشر كان � أسقفا لهم نساء ، ألنهم كانوا إذا صيروا واحدا

عنه ما خال البتاركة فإنهم لم يكن لهم نساء ، وال وكانت له زوجة تثبت معه ولم تنح� له زوجة � يصيرون أحدا � كانوا أيضا .بتركا

قال: وانصرفوا مكرمين محظوظين ، وذلك في سبعة عشر سنة من ملكالملك ، ومكث بعد ذلك ثالث سنين: قسطنطين

.يعبدها )أحدها( : كسر األصنام وقتل من

المراء والثانية( : أمر أن ال يثبت في الديوان إال أوالد النصارى ، ويكونون هم(.والقواد

يعملون فيها )والثالثة( : أن يقيم لناس جمعة الفصح والجمعة التي بعدها ال� وال يكون فيها حرب ، وتقدم قسطنطين إلى أسقف بيت المقدس أن يطلب عمال

موضع المقبرة والصليب ويبني الكنائس ، ويبدأ ببناء القيامة فقالت هيالنة أمه : إني نذرت أن اسير إلى بيت المقدس وأطلب المواضع المقدسة وأبنيها ، فدفع إليها

(155)

Page 156: هداية الحيارى

� جزيلة ، وسارت مع أسقف بيت المقدس ، فبنت كنيسة القيامة في الملك أمواال.وكنيسة قسطنطين موضع الصليب

المجمع الثاني

� ببيت المقدس ، وكان معهم رجل دسه بترك � عظيما ثم اجتمعوا بعد هذا مجمعا القسطنطينية وجماعة معه ليسألوا بترك االسكندرية ، وكان هذا الرجل لما رجع إلى الملك أظهر أنه مخالف آلريوس ،وكان يرى رأيه ويقول بمقالته ، فقام الرجل وقال :

إن آريوس لم يقل إن المسيح خلق اإلنسان ولكن قال : بهخلقت األشياء لنه كلمة الله التي بها خلقت السموات واألرض ، وإنماخلق الله األشياء بكلمته ، ولم تخلق األشياء كلمته كما قال المسيح في اإلنجيل كل بيده كان ومن دونه لم يكن شئ ، وقال : بهكانت الحياة والحياة نور البشر ، وقال : العالم به يكون فأخبر أن األشياء به تكونت.

� قال ابن البطريق : فهذه كانت مقالة آريوس ولكن الثالثمائة وثمانية عشر أسقفا وال ظلموه لنه إنما قال: االبن خالق األشياء دون األب ، وإذا كانت األشياء إنما خلقت� ، وفي ذلك تكذيب � فقد أعطى أنه ما خلق منها شيئا باالبن دون يكون األب لها خالقا

لقوله : األب يخلق ، وأنا أخلق.

وقال : إن أنا لم أعمل عمل أبي فال تصدقوني.

وقال : كما أن األب يحيى من يشاء ويميته ، كذلك االبن يحي من يشاء ويميته.

قالوا : فدل على أنه يحي ويخلق ، وفي هذا تكذيب لمن زعم أنه ليس بخالق.� وإنما خلقت األشياء به دون أن يكون خالقا

وأما قولك : إن األشياء كونت به فإنا لما قلنا : ال شك أن المسيح حي فعال وكان قد دل بقوله إني أفعل الخلق والحياة كان قولك : به كونت األشياء إنما هو راجع في

المعنى إلى أنه كونها وكانت به مكونة ، ولو لم يكن ذل لتناقض القوالن.

قال: وأما قول من قال من أصحاب آريوس : إن األب يريد الشئ فيكونه االبناإلرادة لألب والتكوين لالبن .

� إذا كان االبن عنده مخلوقا، فقد صار حظ المخلوق في فإن ذلك يفسد أيضاالخلق أوفى من حظ الخالق فيه ، وذلك أن هذا أراد وفعل.

وذلك بمنزلة لك فاعل من الخلق لما يريد بالخالق منه ، ويكن حكمه كحكمه في� فجائز أن � فال شئ له في الفعل ، وإن كان مختارا الخير واالختيار ، فإن كان مجبورا

يطاع وجائز أن يعصى ، وجائز أن يثاب وجائز أن يعاقب وهذا أشنع في القول.

� وقال : إن كان الخالق إنما خلق خلقه بمخلوق والمخلوق غير ورد عليه أيضا الخالق بال شك فقج زعمتم أن الخالق يفعل بغيره والفاعل بغيره محتاج إلى متمم ليفعل به إذ كان ال يتم له الفعل إال به ، والمحتاج إلى غيره منقوص والخالق متعال

عن هذا كله.

(156)

Page 157: هداية الحيارى

قال : فلما دحض بترك االسكندرية حجج أولئك المخالفين وظهر لمن حضر بطالن قولهم ، وتحيروا وخجلوا ووثبوا على بترك االسكندرية فضربوه حتى كاد

يموت ، فخلصه من أيديهم ابن أخت قسطنطين ، وهرب بترك االسكندرية وصار إلى بيت المقدس من غير حضور أحد من األساقفة ، ثم أصلح دهن الميرون وقدس

الكنائس ومسحها بدهن الميرون ، وسار إلىالملك فأعلمه الخبر فصرفه إلىاالسكندرية.

قال ابن البطريق: وأمر الملك أن ال يسكن يهودي ببيت المقدس وال يجوز بهاومن لم ينتصر قتل ، فظهر دين النصرانية وتنصر من اليهود خلق.

فقيل للملك : إن اليهود يتنصرون من خوف القتل وهم على دينهم ، فقال : كيف لنا أن نعلم ذلك منهم؟ فقال بولس البترك إن الخنزير في التوراة حرام واليهود ال

يأكلون لحم الخنزير ، فأمر أن تذبح الخنازير ويطبخ لحومها ويطعم منها فمن لم يأكل�التوراةمنه علم أنه مقيم على دين اليهودينة ، فقال الملك إذا كان الخنزير في حراما

فكيف يحل لنا أن نأكله ونطعمه لناس؟ فقال له بولس : إن سيدنا المسيح قد أبطل إن كل ماإنجيله وفي اإلنجيل وجاء بنواميس أخر وبتوراة جديدة وهو التوراةكا ما في

يدخل البطن فليس حرام وال نجس ، وإنما ينجس اإلنسان ما يخرج من فيه وقال بولس: إن بطرس وريس الحواريين بينما هو يصلي في ست ساعات من النهار وقع

عليه سبات فنظر إلى السماء قد تفتحت ، وإذا زاد قد نزل من السماء حتى بلغ األرض ، وفيه كل ذي أربع قوائم على الرض من السباع والدواب وغير ذلك من طير� يقول له : يا بطرس قم فاذبح وكل ، فقال بطرس : يا رب ما السماء ، وسمع صوتا

� قط فجاء صوت ثان : كل ما طهره الله فليس بنجس ، � قط وال دنسا � نجسا أكلت شيئا وفي نسخة أخرى : ما طهره الله فال تنجسه أنت ، م جاءه الصوت بهذا ثالث مرات ،

ثم إن الزاد ارتفع إلى السماء فتعجب بطرس وتحير فيما بينه وبين نفسه.

� وتصير على أبواب فأمر الملك أن بذبح الخنازير وتطبخ لحومها وتقطع صغارا الكنائس في كل مملكته يوم أحد الفصح ، وكل من خرج من الكنيسة يلقم لقمة من

لحم الخنازير ، فمن لم يأكل منه يقتل، فقتل ألجل ذلك خلق كثير.

ثم هلك قسطنطين وقام بعده أكبر أوالده واسمه قسطنطين وفي أيامه اجتمع أصحاب آريوس ومن قال بمقالته إليه فحسنوا لهم دينهم ومقالتهم ، وقالوا : إن

� الذين كانوا اجتمعوا بنيقية قد أخطأوا وحادوا عن طريق الثالثمائة وثمانية عشر أسقفا الحق في قولهم إن االبن متفق مع األب في الجوهر ، فأمر أن ال يقال هذا فإنه خطأ ،

فعزم الملك على فعله ، فكتب إليه أسقف بيت المقدس أن ال يقبل قول أصحاب� ولعنوا كل آريوس فإنهم حائدون علن الحق وكفار ، وقد لعنهم الثالثمائة عشر أسقفا

من يقول بمقالتهم فقبل قوله.

: وفي ذلك الوقت أعلنت مقالة آريوس على قسطنطينيةابن البطريققال وأنطاكية واالسكندرية ، وفي ثاني سنة من ملك قسطنطين هذا صار على أنطاكية

بترك آريوسي ثم بعده آخر مثله.

قال : وأما أهل مصر واالسكندرية وكان أكثرهم آريوسيين ومانيين فغلبوا علىكنائسمصر فأخذوها ، ووثبوا على بترك االسكندرية ليقتلوه فهرب منهم واستخفى.

(157)

Page 158: هداية الحيارى

ثم ذكر جماعة من البتاركة واألساقفة من طوائف النصارى وما جرى لهم مع� واختلف � ، وما تعصبت به كل طائفة لبتركها حتى قتل بعضهم بعضا بعضهم بعضا

النصارى أشد االختالف وكثرت مقاالتهم واجتمعوا عدة مجامع كل مجمع يلعن فيه.� بعضهم بعضا

المجمع الثالث

المجمع األول بنيقية فاجتمع فكان لهم مجمع ثالث بعد ثمان وخمسين سنة من قد فسدت وغلبت عليهم مقالة الوزراء والقواد إلى الملك ، وقالوا : إن مقالة الناس

يجتمعوا ويوضحوا دين آريوس ومكدونيس ، فاكتب إلى جميع األساقفة والبتاركة أن مائة وخمسون النصرانية فكتب الملك إلى سائر بالده ، فاجتمع في قسطنطينية

� ، فنظروا وبحثوا في مقالة آريوس فوجدوها : أن روح القدس مخلوق ، أسقفا ومصنوع وليس بإله ، فقال بترك االسكندرية : ليس روح القدس عندنا غير روح الله ، وليس روح الله غير حياته ، فإذا قلنا : إن روح الله مخلوق فقد قلنا إن حياته مخلوقة

.، وإذا قلنا: إن حياته مخلوق فقد جعلناه غير حي ، وذلك كفر به

يقول بهذه المقالة ولعنوا جماعة من أساقفتهم وبتاركتهم فلعنوا جميعهم من يرتضوها ، وبينوا أن روح القدس خالق غير مخلوق ، إله كانوا يقولون بمقاالت أخر لم

واالبن ، جوهر واحد وطبيعة واحدة ، وزادوا في حق من إله حق من طبيعة األب والثمانية عشر ونؤمن بروح القدس الرب المحيي الذي األمانة التي وضعتها الثالثمائة

.من األب منبثق

.واالبن وهو موجود وممجد الذي مع األب

واألب وروح القدس وكان في تلك األمانة وبروح القدس فقط، وبينوا أن االبن وحدة، وبينوا: أن ثالثة أقانيم وثالث وجوه وثالث خواص، وأنها واحدة في تثلثي في

� من أساقفهم جسد المسيح بنفس ناطقة وانفض هذا الجمع وقد لعنوا فيه كثيرا.وأشياعهم

المجمع الرابع

لهم مجمع رابع على ثم بعد إحدى وخمسين سنة من هذا المجمع كان.ولذلك كان اثنان نسطورس، وكان رأيه: أن مريم ليست بوالدة اإلله على الحقيقة،

الموجود من مريم، وأن أحدهما: اإلله الذي هو موجود من األب، واآلخر: إنسان وهو له: إله، وابن اإلله هذا اإلنسان الذي نقول إنه المسيح متوحد مع ابن اإلله، ويقال

.الكرامة ليس على الحقيقة ولكن موهبة واتفاق االسمين على طريق

مراث قبل ذلك بتاركة سائر البالد فجرت بينهم مراسالت واتفقوا على تخطيئته� وأن المسيح إله حق من فأجمعوا على لعنه فلعنوه ونفوه وبينوا: أن مريم ولدت إلها

إله حق وهو إنسان وله طبيعتان فلما لعنوا نسطورس تعصب له بترك أنطاكية فجمع األساقفة فلم يزل الملك حتى الذين قدموا معه وناظرهم وقطعهم فتقاتلوا وتالعنوا

(158)

Page 159: هداية الحيارى

بينهم شر فتفاقم أمرهم ثم أصح بينهم فكتب أولئك صحيفة: أن مريم القديسة وجرى� وهو ربنا يسوع المسيح الذي هو مع الله في الطبيعة ومع الناس في ولدت إلها.الناسوت

بطبيعتين وبوجه واحد وأقنوم واحد وأنفذوا لعن نسطورس فلما لعنوه وأقروا وأقام في أخميم سبع سنين ومات ودفن بها، وماتت مقالته إلى ونفى سار إلى مصر

نصيبين وبثها في بالد المشرق فأكثر نصارى المشرق أن أحياها ابن صرما مطران� وقد أطبقوا على أمن نسطورس والعراق نسطورية وانفض ذلك المجمع الرابع ايضا

.وأشياعه ومن قال بمقالته

المجمع الخامس

انه كان بالقسطنطينية طبيب ثم كان لهم بعد هذا المجمع مجمع خامس وذلك أجسادنا بالطبيعة ، راهب يقال له أوطيسوس يقول : إن جسد المسيح ليس هو مع

.واحدة وإن المسيح قبل التجسد من طبيعتين وبعد التجسد طبيعة

وهو أول من أحدث هذه المقالة وهي مقالة اليعقوبية ، فرحل إليه بعض األساقفة فناظره وقطعه ودحض حجته، ثم صار إلى قسطنطينة فأخبر بتركها

� وناظره بالمناظرة � عظيما .وانقطاعه فأرسل بترك القسطنطينية وجمع جمعا

قلنا أن المسيح طبيعتين فقد قلنا بقول نسطورس ولكنا نقول فقال أوطسيوس : إن وأقنوم واحد ألنه من طبيعتين كانت قبل التجسد فلما قبل : إن المسيح طبيعة واحدة

� التجسد زالت عنه وصار طبيعة � واحدا .واحدةت وأقنوما

فالطبيعة القديمة فقال له بترك القمطنطينية : إن كان المسيح طبيعة واحدة ولو جاز أن هي المحدثة وإن كان القديم هو المحدث فالذي لم يزل هو الذي لم يكن

يرجع عن يكون القديم هو المحدث لكان القاعد هو القاعد والحار هو البارد فأبى أن.مقالته فلعنوه

جميع البتاركة فاستعدى إلى الملك وزعم أنهم ظلموه وسأله أن يكتب إلى مدينة أفسس، للمناظرة ، فاستحضر الملك البتراكة واألساقفة من سائر البالد إلى

وبيت فثبت بترك اإلسكندرية مقالة أوطيوس وقطع بتاركة القسطنطينية وأنطاكية المقدس وسائر البتاركة واالساقفة وكتب إلى بترك رومية والى جماعة الكهنة

.فحرمهم ومنعهم من القربان إن لم يقبلوا مقالة أوطيسوس

مقالة أوطيسوس خاصة بمصر واالسكندرية وهو مذهب ففسدت األمانة وصارت الخامس وكل فريق يلعن اآلخر ويحرمه ويبرأ من اليعقوبية ، فافترق هذا المجمع

.مقالته

المجمع السادس

(159)

Page 160: هداية الحيارى

خليقدونية فإنه لما مات الملك ثم كان لهم بعد هذا مجمع سادس في مدينة فأعلمون ما كان من ظلم ولى بعده مرقيون فاجتمع اليه األساقفة من سائر البالد

الناس وأفسدت ذلك المجمع وقلة اإلنصاف ، وأن مقالة اوطيسوس قد غلبت على إلى مدينة دين النصرانية فأمر الملك باستحضار سائر البتاركة والمطارنة واألساقفة

� فنظروا في مقالة أوطيسوس وبترك خليقدونية فاجتمع فيها ستمائة وثالثون أسقفا.ولعنوهما االسكندرية الذي قطع جميع البتاركة فأفسد الجميع مقالتهما

.وأثبتوا : أن المسيح إله وإنسان ، في المكان مع الله بالالهوت

وفي المكان معنا بالناسوب يعرف بطبيعتين تام باللالهوت وتام بالناسوت.واحد ومسيح

� وقبلوا قولهم : بأن االبن مع الله في وثبتوا أقوال الثالثمائة وثمانية عشر أسقفا.المكان نور من نور إله حق من أله حق

القدس إله ، وأن األب واالبن وروح القدس ولعنوا آريوس ، وقالوا : إن روح.ثالثة واحد ببطبيعة واحدة وأقانيم

وثبتوا قول المجمع الثالث في مدينة أفسس أعني المائتي أسقف على وقالوا /: إن مريم العذراء ولدت إلها ربنا يسوع المسييح الذي هو مع الله نسطورس

�ولعنوا بطبيعة ومع � واحدا الناسوت بطبيعة وشهدووا : أن المسيح طبيعتين وأقنوما االسكندرية ، ولعنوا المجمع الثاني الذي كان بأفسس ثم المجمع نسطورس وبترك

بمدينة أفسس أول مرة ، ولعنوا نيطورس ، وبين نسطورس الثالث المائتي أسقف سنة فانفض هذا المجمع وقد لعنوا من مقدميهم إلى مجمع خليقدونية أحد وعشرون

.منهم ومن مقاالتهم وأساقفتهم من ذكرنا وكفروهم وتبرؤوا

المجمع السابع

أنسطاس الملك ، وذلك أن ثم كان له بعد هذا المجمع مجمع سابع في أيام إن المجمع : سورس القسطنيطي كان على رأي أوطيسوس فجاء إلى الملك فقال

االسكندرية ، الخليقدوني في الستمائة وثالثين قد أخطأوا في لعن أوطيسوس وبترك عمالك ان والدين الصحيح ما قااله فال يقبل دين من سواهما ، ولكن اكتب إلى جميع

واحد يلعنوا الستمائة وثالثين ويأخذوا الياس بطبيعة واحدة ومشيئة واحدة وأقنوم فأجابه الملك إلى ذلك فلما بلغ ذلك إيليا بترك بيت المقدس جمع الرهبان ولعنوا

أنسطاس الملك وسورس ومن يقول بمقالتهما فلبغ ذلك أنسطاس ونفاه إلى أيكلة� على بيت المقدس ألن يوحنا كان قد ضمن له أن يلعن المجمع وبعث يوحنا بتركا

وثالثين فلما قدم إلى بيت المقدس اجتمع الرهبان وقالوا: إياك الخيلقدوني الستمائة.قاتل عن المجمع الخيلقدوني ونحن معك أن تقبل من سورس ولكن

الملك فارسل قائد وأمره أن يأخذ فضمن لهم ذلك وخلف أمر الملك ، فبلغ ذلك عن الكرسي فقدم القائد طرح يوحنا بطرح المجمع الخيلقدوني ، فإن لم يفعل ينفيه

عليه بان يضمن للقائد ان يوححنا في الحبس فصار إليه الرهبان في الحبس وأشاروا

(160)

Page 161: هداية الحيارى

واجتمع الرهبان وكانوا يفعل ذلك ، فاذا حضر فليقر بلعنة من لعنة الرثبان ففعل ذلك أوطيسوس عشرة آالف راهب ومعهم مدرس وسابا ورؤساء الديرات فلعنوا

وسورس ونسطورس ومن ال يقبل المجمع الخيلقدوني وفزع رسول الملك من وبلغ ذلك الملك فهم بنفي يوحنا فاجتمع الرهبان واألساقفة فكتبوا إلى الرهبان

أنهم ال يقبلون مقالة سورس وال أحد من المخالفين ولو أهريقت أنسطاس الملك.أذاه عنهم ، وكتب بترك رومية إلى الملك يقبح فعله ويلعنه دماؤهم وسألوه أن يكف

� وقد تالعنت فيه هذه الجموع على ما وصفنا وكان فانفض هذا المجمع أيضا بمقالة سورس وكان يسمى يعقوب البرادعي لسورس تلميذ يقال له يعقوب يقول

مات أنسطاس وولى قسطنطين فرد وإليه تنسب اليعاقبةفأفسد أمانة النصارى ثم وأظهروا كتاب الملك كل من نفاه انسطاس الملك إلى موضعه واجتمع الرهبان

� بزعمهم وأثبتوا المجمع الخيلقدوني بالستمائة � حسنا � ثم وعيدوا عيدا وثالثين أسقفا بتركا له ميقال له ولي ملك آخر وكانت اليعقوبية قد غلبوا علىاالسكندرية وقتلوا

� ومعه عسكر عظيم إلى االسكندرية فدخل الكنيسة � ، فأرسل قائدا بولس كان ملكيا .في ثياب البترك وتقدم وقدس فرموه بالحجارة حتى كادوا يقتلونه فانصرف

ثم أظهر لهم من بعد ثالثة أيام أنه قد أتاه كتاب الملك وضرب الحرس ليجتمع الناس يوم األحد في الكنيسة فلم يبق أحد باالسكندرية حتى حضر لسماع كتاب

جعل بينه وبين جنده عالمة إذا هو فعلها وضعوا السيف في الناس فصعد الملك وقد معشر أهل االسكندرية! إن رجعتم إلى الحق وتركتم مقالة اليعاقبة المنبر وقال : يا

.يرسل إليكم الملك من يسفك دماءكم وإال لن تأمنوا أن

فأظهر العالمة فوضعوا السيف فرموه بالحجارة حتى خاف على نفسه أن يقتل كثرة حتى خاض الجند على كل من في الكنيسة فقتل داخلها وخارجها أمم ال تحصى

.في الدماء وهرب منهم خلق كثير وظهرت مقالة الملكية

المجمع الثامن

الخيلقدوني الذي لعن فيه ثم كان لهم بعد ذلك مجمع ثامن بعد المجمع بلدة شرقي حلب اليعقوبية بمائة سنة وثالث سنين وذلك أن أسقف منبج - وهي

أسقف بالقرب منها وهي مخسوفة اآلن - كان يقول بالتناسخ وأن ليس قيامة وكان الرها وأسقف المصيصة وأسقف آخر يقولون : إن جسد المسيح خيال غير حقيقة

.الملك إلى قسطنطينية فحشرهم

� فيجب أن يكون فعله � فقال لهم بتركها : إن كان جسده خياال � وقوله خياال خياال.وكل جسد يعاين آلحد من الناس أو فعل أو قول فهو كذلك

ألسقف منبج : إن المسيح قد قام من الموت وأعلمنا أنه كذلك يقوم وقال في إنه تأتي ساعة حتى أن كل من : إنجيله الناس من الموت يوم الدينونة وقال في

القبور إذا سمعوا قول ابن الله يحيون فكيف تقولون ليس قيامة؟ فأوجب عليهم واللعن ، وأمر الملك أن يكون لهم مجمع يلعنون فيه واستحضر بتاركة البالد الخزي

هذا العام مائة وأربعة وستون فلعنوا اسقف منبج وأسقف المصيصة فاجتمع في

(161)

Page 162: هداية الحيارى

الرها أن جسد المسيح حقيقة ال خيال ، وانه إله تام وإنسان وثبتوا على قول أسقف.ومشيئتين وفعليين أقنوم واحد تام معروف بطبيعتين

الخيلقدوني ، وأن الدنيا زائلة ، وثبتوا المجامع األربعة التي قبلهم بعد المجمع فيدين األحياء واألموات كما قال وأن القيامة كائنة وأن المسيح يأتي بمجد عظيم

.الثالثمائة والثمانية عشر

المجمع التاسع

سفيان تالعنوا فيه وذلك أنه ثم كان لهم مجمع تاسع في ايام معاوية بن أبي فجاء إلى قسطا الوالي كان برومية راهب قديس يقال له مقسلمس وله تلميذان ،

ورجاله ونزع فوبخه على قبح مذهبه وشناعة كفره فأمر به قسطا فقطعت يداه ملك لسانه وفعل بأحد التلميذسين مثله وضرب اآلخر بالسياط ونفاه فبلغ ذلك

قسطنطينية فأرسل إليه أن يوجه إليه من أفاضل األساقفة ليعلم وجه هذه الحجة الذي كان ابتدأها لكيما يطرح جميع اآلباء القديسين كل من استحق اللعنة ، ومن

� وثالث شمامسة فلما وصلوا إلى قسطنطينية جمع فبعث غليه مائة وأربعين أسقفا� فصاروا ثالثمائة ، وأسقطوا الشمامسة في البرطحة الملك مائة وستين .أسقفا

بترك قسطنطينية وبترك أنطاكية ، ولم يكن لبيت وكان رئيس هذا المجمع من القديسين الذي خالفوهم وسموهم المقدس واسكندرية بترك فلعنوا من تقدم

� وهم جماعة ولعنوا أصحاب المشيئة � واحدا الواحدة ولما لعنوا هؤالء جلسوا واحدا بأن الواحد من الالهوت االبن فلخصوا األمانة المستقيمة بزعمهم ، فقالوا : نؤمن

اإلله في الجوهر الذي هو ربنا الوحيد الذي هوالكلمة األزلية الدائم المستوي مع األب أقنوم واحد ووجه واحد يعرف يسوع المسيح بطبيعتين تامتين ، وفعلين ومشيئتين في

� بالهوته تاما بناسوته وشهدت كما شهد مجمع الخيلقدونية وعلى ما سبق أن افله تاما� بنفسين االبن في آخر األيام اتحد مع العذراء السيدة مريم � أنسانا القديسة جسدا

وال فساد وال فرقة وال فص وذلك برحمة الله تعالى محب البشر ولم يلحقه اختالط وما يشبه اإلله أن يعمل لولكن هو واحد يعمل بما يشبه االنسان أن يعمله في طبيعته إلى أن صارت في في طبيعته الذي هو االبن الوحيد والكلمة األزلية المتجسدة

� كما يقول من غير أن تنتقل عن محلها األزلي وليست المقدس األنجيل الحقيقة لحما إلهي ، وإنسي الذي بهما يكون القول : بمتغيرة ولكنها بفعلين ومشيئتين وطبيعتين

صاحبتها مشيئتين غير متضادتين وال الحق وكل واحدة من الطبيعتين تعمل مع شركة.القادرة على كل شئ متضارعتين ، ولكن مع المشيئة اإلنسية اإللهية

وثبتوا ما ثبته هذه شهادتهم وأمانة المجمع السادس من المجتمع الخيلقدوني إلى هذا الخمس مجامع التي كانت قبلهم ولعنوا من لعنوه وبين المجمع الخامس

.المجمع مائة سنة

المجمع العاشر

(162)

Page 163: هداية الحيارى

بعده ابنه واجتمع فريق المجمع ثم كان لهم مجمع عاشر لما مات الملك وولي� السادس وزعموا أن اجتماعهم كان على الباطل فجمع الملك مائة وثالثين أسقفا

المجامع الخمسة فثبتوا قول المجمع السادس ولعنوا من لعنهم وخالفهم وثبتوا قول.ولعنوا من لعنوا وانصرفوا

علماء النصارى وقدماؤهم وناقفوا الدين فانقرضت هذه المجامع والحشود وهم.إلى المتأخرين وإليهم يستند من بعدهم

� من وقد اشتملت هذه المجامع العشرة المشهورة على زهاء أربعة عشر ألفا� فدينهم إنما األساقفة � ويلعن بعضهم بعضا والبتاركة والرهبان كلهم يكفر بعضهم بعضا.اللعنة بشهادة بعضهم على بعض وكل منهم العن ملعون قام على

مع قرب زمنهم من أيام المسيح وبقاء أخبارهم فإذا كانت هذه حال المتقدمين وعلماؤهم إذ ذاك أوفر ما كانوا واحتفالهم بأمر فيهم والدولة دولتهم والكلمة لهم

ذلك تائهون حائرون بين العن وملعون ال يثبت دينهم واهتمامهم به كما ترى ثم هم مع معبودهم بل كل منهم قد اتخذ إلهه هواه لهم قدم وال يتحصل لهم قول في معرفة

بحثالة الماضين ونفاية الغابرين وزبالة وباح باللعن الوبراءة ممن اتبع سواه فما الظن الحائرين وذرية الضالين وقد طال عليهم األمد وبعد عليهم العهد وصار دينهم ما

.يتلقونه عن الرهبان

أشبه شئ باألنعام وإن كانوا في صور النام ، بل وقوم إذا كشفت عنهم وجدتهم�؟ هم كما قال تعالى ومن أصدق من الله � قيال إن هم إال كاألنعام بل هم أضل سبيال

غير يا أهل الكتاب ال تغلوا في دينكم :الذين عناهم الله سبحانه بقوله وهؤالء هم� وضلوا عن سواء السبيل الحق وال تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا

ومن أضل من أمة الضالل بشهادة الله ورسوله ؟ وأمة اللعن بشهادتهم على بلعن بعضهم؟ وقد لعنهم الله سبحانه على لسان رسوله في قوله صلى الله نفوسهم

فعلوه لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، يحذر ما : عليه وسلم

وكلهم هذا والكتاب واحد ، والرب واحد ، والنبي واحد ، والدعوى واحدة ، هذا االختالف المتباين : فمنهم من وتالميذه ثم يختلفون فيه إنجيلهيتمسك بالمسيح و

ومنهم من يقول انه اقنوم وطبيعة ومنهم يقول : إنه اإلله ومنهم من يقول : ابن اإلله التي حكوها عن أسالفهم ، وكل منهم من يقول طبيعتان إلى غير ذلك من المقاالت

.يكفر صاحبه

لو عرض دين النصرانية

� ثم عرض عليهم دين النصرانية هكذا لتوقفوا فلو أن قوما لم يعرفوا لهم إلها جاء به خاتم األنبياء والرسل صلوات عنه وامتنعوا من قبوله فوازن بين هذا وبين ما

� يضارع المحسوسات إن الدين عند الله :أو يزيد عليها الله عليه وسالمه تعلمه علما. اإلسالم

(163)

Page 164: هداية الحيارى

فصل

� مع جحود نبوة محمد رسول الله في أنه ال يمكن اإليمان بنبي من األنبياء أصال� … صلى الله عليه وسلم وإنه من جحد نبوته فهو لنبوة غيره من األنبياء أشد جحدا

.وهذا يتبين بوجود

بشروا بنبوته وأمروا أممهم باإليمان به الوجه األول( : أن األنبياء المتقدمين( أخبروا به وخالفهم فيما أمروا وأوصوا به فمن جحد نبوته فقد كذب األنبياء قبله فيما

� من لوازم التصديق بهم وإذا انتفى الالزم انتفى من اإليمان به ، والتصديق به الزما� وبيان المالزمة ما تقدم من الوجوه الكثيرة التي تفيد بمجموعها القطع ملزومه قطعا الكتب اإللهية على ألسن األنبياء وإذا ثبتت على أنه صلى الله عليه وسلم قد ذكر في

.ملزومه المالزمة فانتفاء الالزم موجب النتفاء

دعوة الوجه الثاني( : أن دعوة محمد بن عبد الله صلوات الله وسالمه عليه هي( جميع المرسلين قبله من أولهم إلى آخرهم فالمكذب بدعوته مكذب فقد زعم أن ما

به باطل ، وفي لك تكذيب كل رسول أرسله الله وكل كتاب أنزله الله وال يمكن جاء.أن ما جاء به صدق وأنه كاذب مفتر على الله أن يعتقد

شهود شهدوا بحق فصدقهم الخصم قال : وهذا في غاية الوضوح وهذا بمنزلة شهادتهم سواء فقال الخصم : هؤالء كلهم شهود عدول صادقون ثم شهد آخر على

� وال ينجيه من هذه الشهادة باطلة وكذب ال أصل لها عن ذلك تكذيب بشهادة قطعا بها كاذب فيما تكذيبهم اعترافه بصحة شهادتهم وإنها شهادة حق مع قوله إن الشاهد

.شهد

األنبياء قبله فكما أنه لو لم يظهر محمد صلى الله عليه وسلم لبطلت نبوات.فكذل إن لم يصدق لم يمكن تصديق نبي من األنبياء قبله

معجزات محمد -صلى الله عليه وسلم- أعظم وأدل

أن اآليات والبراهين التي دلت على صحة نبوته وصدقه : )الوجه الثالث( الرسل فليس لنبي مناألنبياء آية توجب افيمان به أضعاف أضعاف آيات من قبله من مثلها أو ما هو في الداللة مثلها وإن لم يكن من إال ولمحمد صلى الله عليه وسلم

وأدل ، والعلم بنقلها قطعى لقرب العهد وكثر جنسها فآيات نبوته أعظم وأكبر وأبهر.واستحالة تواطئهم على الكذب النقلة واختالف أمصارهم وأعصارهم

، بحيث ال تمكن المكابرة فالعلم بآيات نبوته كالعلم بنفس وجوده وظهوره وبلده وجود ما يشهده الناس في ذلك والمكابر فيه في غاية الوقاحة والبهت كالمكابرة في

.ولم يشاهده هو من البالد واألقاليم والجبال واألنهار

جاز القدح في ذلك كله فالقدح في وجود عيسى وميسر وآيات نبوتهما أجوز فإن امتنع القدح فيهما وفي آيات نبوتهما فامتناعه في محمد صلى الله عليه وأجوز ، وإن.نبوته أشد وسلم وآيات

(164)

Page 165: هداية الحيارى

التكذيب ولذلك لما علم بعض علماء أهل الكتاب أن اإليمان بموسى ال يتم مع� كفر بالجميع وقال : ما أنزل الله على بشر من شئ كما قال تعالى وما : بمحمد أبدا

قل من أنزل الكتاب قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء كثيرا الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون

وعلمتم ما لم تعلموا أنتم وال آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون

له مالك بن الصيف يخاصم النبي جاء رجل من اليهود يقال : سعيد بن جبير قال أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى ، أما: صلى الله عليه وسلم فقال له النبي

� فغضب التوارة تجد في � سمينا � الله أن الله يبغض الحبر السمين؟ وكان حبرا عدوا وال وقال : والله ما أنزل الله على بشر من شئ فقال له أصحابه الذين معه ويحك

وما قدروا موسى؟ فقال: والله ما أنزل الله على بشر من شئ فأنزل الله عز وجل.، وهذا قول عكرمة اآلية الله حق قدره

وسلم وهو جاء ناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه محمد بن كعب وقال� محتب فقالوا : يا أبا القاسم ، أال تأتينا بكتاب من السماء كما جاء به موسى ألواحا

يسألك أهل الكتاب أن تنزل :يحملها من عند الله عز وجل ؟ فأنزل الله عز وجل و جاء رجل من اليهود فقال: عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك

� ما أنزل الله ما أنزل الله عليك و ال على موسى وال على عيسى وال على أحد شيئا حبوته وجعل يقول وال على بشر من شئ فحل رسول الله صلى الله عليه وسلم

قريش ، فهم على أحد وذهب جماعة منهم مجاهد إلى أن اآلية نزلت في مشركي موسى الذين جحدوا أصل الرسالة وكذبوا بالرسل وأما أهل الكتاب فلم يجحدوا نبوة

.وعيسى

القاويل بالصواب ألن ذلك في سياق الخبر قال : وهو أولى ابن جرير وهذا اختيار� عن اليهود � عنهم فهو أشبه من أن يكون خبرا ولم يجر لهم ذكر يكون هذا به متصال

اآلية من إنكاره أن يكون الله أنزل مع ما في الخبر عن من أخبر الله عنه من هذه� من الكتب ، وليس ذلك مما تدين به اليهود بل المعروف من دين على بشر شيئا

أول السورة إلى هذا اليهود اإلقرار بصحف ابراهيم وموسى وزبور داود والخبر من موصول وما قدروا الله حق قدره الموضع خبر عن المشركين من عبدة األوثان وقوله

أن السورة مكية فهي خبر عن زنادقة العرب به غير مفصول عنه قلت : ويقوى قوله .المنكرين ألصل النبوة

يقال فكيف يحسن الرد عليهم بما ال يقرون به من إنزال الكتاب ولكن بقي أن ؟ وال تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا يقال لهم الذي جاء به موسى؟ وكيف

على قراءة من قرأ بتاء الخطاب وهل ذلك صالح لغير اليهود؟ فإنهم كانوا سيما الكتاب ما ال يوافق أهواءهم وأغراضهم ويبدون منه ما سواه فاحتج عيهم يخفون من

من كتاب موسى ثم وبخهم بأنهم خانوا الله ورسوله فيه فأخفوا بعضه بما يقرون به استطراد من ذكر جحدهم النبوة بالكلية وذلك إخفاء لها وكتمان وأظهروا بعضه وهذا كتابهم بإخفائه وكتمانه ، فتلك سجية لهم معروفة ال تنكر إذ من إلى جحد ما أقروا به

يقر بأنه من عند الله كيف ال يجحد أصل النبوة؟ ثم احتج أخفى بعض كتابه الذي ما لم يكونوا يعلمونه هم وال آباؤهم ولوال الوحي الذي عليهم بأنهم قد علموا بالوحي

يصلوا إليه ثم أمر رسوله أن يجيب عن هذا السؤال وهو أنزله على أنبيائه ورسله لم الذي أنزله أي إن أي الله قل الله فقال أنزل الكتاب الذي جاء به موسى من :قوله

. خوضهم يلعبون ثم ذرهم في كفروا به وجحدوه فصدق به أنت وأقر به

(165)

Page 166: هداية الحيارى

بما يقر به أهل وجواب هذا السؤال أن يقال : إن الله سبحانه احتج عليهم أصل النبوة وأن الكتابين وهم أولو العلم دون األمم التي ال كتاب لها أي إن جحدتم

� فهذا كتب موسى يقر به أهل الكتاب وهم اعلم منكم يكون الله أنزل على بشر شيئا فاسألوهم عنه ونظائر هذا في القرآن كثيرة يستشهد سبحانه بأهل الكتاب على

� منكري النبوات والتوحيد والمعنى إنكم إن أنكرتم أن يكون الله أنزل على بشر شيئا فمن أنزل كتاب موسى؟ فإن لم تعلموا ذلك فاسألوا أهل الكتاب وأما قوله تعالى

إخبار عن اليهود بلفظ فمن قرأها بالياء فهو تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا فعلوا ذلك أن الغيبة ومن قرأها بلفظ التاء للخطاب فهو خطاب لهذا الجنس الذي

بما اعتمدوه تجعلونه يا من أنزل عليه كذلك وهذا من أعالم نبوته أن يخبر أهل الكتاب� منه وهذا ال يعلم من غير في كتابهم وأنهم جعلوه قراطيس وأبدوا بعضه وأخفوا كثيرا

� لمن حشى تجعلونه قراطيس جهتهم إال بوحي من الله وال يلزم أن يكون قوله خطابا بل هذا استطراد من الشئ إلى ما أنزل الله على بشر من شيء عنهم أنهم قالوا

اإلنسان ولقد خلقنا وشبهه والزمه وله نظائر في القرآن كثيرة كقوله تعالى نظيره فخلقنا من ساللة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة

.إلى آخر اآلية العلقة مضغة

وهو آدم إلى النوع المخلوق من فاستطرد من الشخص المخلوق من الطين هو الذي ومثله قوله تعالى النطفة وهم أوالده وأوقع الضمير على الجميع بلفظ واحد

ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حمال خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين * خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن

إلى آخر فتعالى الله عما يشركون فلما آتاهما صالحا جعال له شركاء فيما آتاهما.اآليات

ولئن سألتهم من خلق السماوات واألرض ليقولن :ويشبه هذا قوله تعالى جعل لكم األرض مهدا وجعل لكم فيها سبال لعلكم خلقهن العزيز العليم * الذي

بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون * تهتدون * والذي نزل من السماء ماء.اآليات إلى آخر والذي خلق األزواج كلها

وعلى التقديرين فهؤالء لم يتم لهم إنكار نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ومكابرتهم إال بهذا الجحد والتكذيب العام ورأوا أنهم إن أقروا ببعض النبوات وجحدوا

نبوته ظهر تناقضهم وتفريقهم بين المتماثلين وأنهم ال يمكنهم اإليمان بنبي وجحد نبوة.من نبوته أظهر وآبائها أكثر وأعظم ممن أقروا به

قد أرسل رسله وأنزل كتبه لم يقدره حق وأخبر سبحانه أن من جحد أن يكون ويتنزه عنه فإن في ذلك إنكار دينه قدره وأنه نسبه إلى ما ال يليق به بل يتعالى

� وأنه خالهم وإلهيته وملكه وحكمته ورحمته ، والظن السئ به أنه � باطال خلق خلقه عبثا� وهذا ينافي كماله المقدس وهو متعال � مهمال .عن كل ما ينافي كماله سدا

حق قدره ، وال فمن أنكر كالمه وتكليمه وأرساله الرسل إلى خلقه فما قدره.عرفه حق ، وال عظمه حق عظمته

� للرب تعالى ولذلك كان جحد نبوة خاتم أنبيائه ورسله وإنزال كتبه وتكذيبه إنكارا� له فال يمكن اإلقرار بربوبيته وإلهيته وملكه بل وال بوجوده مع في الحقيقة وجحودا

.عليه وسلم تكذيب محمد بن عبد الله صلى الله

(166)

Page 167: هداية الحيارى

صلى الله وقد أشرنا إلى ذلك في المناظرة التي تقدمت فال يجمع الكفر برسول الله� كما ال يجامع الكفر بالمعاد واليوم اآلخر عليه وسلم اإلقرار بالرب تعالى وصفاته أصال

.واإلقرار بوجود الصانع أصال

وإن :كتابه في سورة الرعد في قوله وقد ذكر سبحانه ذلك في موضعين من. ترابا أإنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم تعجب فعجب قولهم أإذا كنا

ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما الكهف في قوله تعالى والثاني في سورة هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي ألجدن خيرا منها تبيد أظن أن

له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم منقلبا * قال. الله ربي وال أشرك بربي أحدا سواك رجال * لكنا هو

بتعرف الرب تعالى بأسمائه فالرسول صلوات الله وسالمه عليه إنما جاء نكر الرب الذي دعا إليه وأفعاله والتعريف بحقوقه على عباده فمن أنكر رساالته فقد على ما هي عليه مع وحقوقه التي أمر بها بل نقول : ال يمكن االعتراف بالحقائق

� لمن تأمل مقاالت أهل األرض .وأديانهم تكذيب رسوله ، وهذا ظاهر جدا

إنكار النبوات شيمة الفالسفة والمجوس وعباد األصنام

الفالسفة لم يمكنهم االعتراف بالمالئة والجن والمبدأ والمعاد وافاصيل فإن تعالى وأفعاله مع إنكار النبوات ، بل والحقائق المشاهدة التي ال يمكن صفات الرب

يثبتوها على ما هي عليه وال أثبتوا حقيقة واحدة على ما هي عليه البتة إنكارها لم أنكارهم النبوات فسلبهم الله إدراك الحقائق التي زعموا أن عقولهم كافية وهذا ثمرة� على ما هو عليه حتى وال الماء وال الهواء وال في إدراكها فلم يدركوا منها شيئا

غيرها فمن تأمل مذاهبهم فيها علم أنهم لم يدركوها وإن عرفوا من ذلك الشمس وال.غيرهم بعض ما خفي على

.وأما المجوس فأضل واضل

حقيقة المخلوقات وال ميزوا بين وأما عباد األصنام فال عرفوا الخالق وال عرفوا وبين أحسن الحسن وأقبح القبيح الشياطين والمالئكة وبين األرواح الطيبة والخبيثة ،

.به وال عرفوا كمال النفس وما تسعد به ونقصها وما تشقى

وأما النصارى فقد عرفت ما الذي أدركوه من معبودهم وما وصفوه به وما الذي قالوه في نبيهم وكيف لم يدركوا حقيقته البتة ووصفوا الله بما هو من أعظم العيوب

والنقائص ووصفوا عبده ورسوله بما ليس له بوجه من الوجوه وما عرفوا الله وال والمعاد الذي أقروا به لم يدركوا حقيقته ولم يؤمنوا بما جاءت به الرسل من رسوله

ال أكل عندهم في الجنة وال شراب وال زوجة هناك وال حور عين يلذ بهن حقيقته إذ في الدنيا وال عرفوا حقيقة أنفسهم وما تعسد به وتشقى ومن لم الرجال كلذاتهم

ال يعرف حققه شئ كما ينبغي البتة فال ألنفسهم عرفوا وال يعرف ذلك فهو أجدر أن� في فرحها وسعادتها وال للموجودات وأنها لفاطرها وبارئها وال لمن جعله الله سببا

ناطقها وصامتها وأدميها وجنيها وملكها فكل من في جميعها فقيرة مربوبة مصنوعة

(167)

Page 168: هداية الحيارى

مربوب فقير من كل وجه ومن لم يعرف السوات عبده وملكه وهو مخلوق مصنوع� .هذا لم يعرف شيئا

(168)

Page 169: هداية الحيارى

غباوة اليهود

ووغباوتهم وضاللهم ما يدل وأما اليهود فقد حكى الله لك عن جهل سالفهم ذلك عبادتهم على ما وراءه من ظلمات الجهل التي بعضها فوق بعض ويكفي في

الحيوان العجل الذي سنعته أيديهم من ذهب ومن عبادتهم أن جعلوه على صورةأبلد والغباوة وأقله فطانة الذي يضرب المثل به في قلة الفهم فانظر إلى هذه الجهالة� آخر وقد شاهدوا من أدل التوحيد وعظمة المتجاوزة للحد كيف عبدوا مع اله إلها

الرب وجالله ما لم يشاهده سواهم؟! وإذ عزموا على اتخاذ غله دون الله اتخذوه ونبيهم حي بين أظهرهم لم ينتظروا موته ! وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من المالئكة

المقربين وال من األحياء الناطقين بل اتخذوه من الجمادات! وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من الجواهر العلوية كالشمس والقمر والنجوم بل من الجواهر األرضيية! وإذ قد

يتخذوه من الجواهر التي خلقت فوق األرض عالية عليها كالجبال ونحوها بل فعلوا لم تكون إال تحت األرض والصخور واألحجار عالية عليها! وإذ قد فعلوا لم من جواهر ال

� مختلفة وضربه يتخذوه من جوهر يستغني عن الصنعة وإدخال النار وتقليبه وجوها جوهر يحتاج إلى األيدي له بضروب مختلفة وإدخاله النار بالحديد وسبكه بل من

وإحراقه واستخراج خبثه!

قد فعلوا لم يصوغوه على تمثال ملك كريم وال نبي مرسل وال على تمثال إذا.تناله األيدي بل على تمثال حيوان ارضي جوهر علوي ال

� وإذا قد فعلوا لم يصوغوه على تمثال أشرف الحيوانات وأقواها وأشدها امتناعا تمثال أبلد الحيوان وأقبله للضيم من الضيم كاألسد والفيل ونحوهما بل صاغوه على

والدواليب وال له قوة يمتنع والذل بحيث يحرث عليه األرض ويسقى عليه بالسواقي.بها من كبير وال صغير

ونبيهم وحقائق الموجودات؟ وحقيق بمن سأل نبيه فأي معرفة هؤالء بمعبودهم� � مجعوال � فيعبد إلها بعد ما شاهد تلك اآليات الباهرات أن ال يعرف أن يجعل له إلها

ودينه وال يعرف حقيقة المخلوق وحاجته حقيقة اإلله وال أسماؤه وصفاته ونعوته.وفقه

لن نؤمن لك حتى نرى :قالوا لنبيهم ولو عرف هؤالء معبودهم ورسولهم لما� وطرحوا المقتول اذهب أنت وربك فقاتال له ، وال قالوا الله جهرة وال قتلوا نفسا

� علىأبواب البراء من قتله نيهم حي بين أظهرهم وخبر السماء والوحي يأتيه صباحا ومساء� فكأنهم جوزوا أن يخفي هذا على الله كما يخفى على الناس؟! ولو عرفوا

.لما قالوا في بعض مخاطباتهم له يا ابانا انتبه من رقدتك ، كم تنام معبودهم

لما سارعوا إلى محاربة أنبيائه وقتلهم وحبسهم ونفيهم ولما تحيلوا ولو عرفوه.واسقاط فرائضه بأنواع الحيل على تحليل محارمه

فطانتهم وأنهم من األغبياء ولو عرفوه لما حجروا عليه بعدم التوراة ولقد شهدت في وقت لمصلحة ثم يزيل األمر به في وقت آخر بعقولهم الفاسدة أن يأمر بالشئ

وينتهي عنه ثم يبيحه في وقت آخر الختالف لحصول المصلحة وتبدله بما هو خير منه هو مشاهد في احكامه القدرية الكونية األوقات واألحوال في المصالح والمفاسد كما

بتبديلها واختالفها بحسب الحوال واألوقات التي ال يتم نظام العالم وال مصلحته إال

(169)

Page 170: هداية الحيارى

واألماكن فلو اعتمد طبب أن ال يغير األدوية واألغذية بحسب اختالف الزمان واألماكن والحوال ألهلك الحرث والنسل وعد من الجهال فكيف يحجر على طبيب القلوب

! واألديان أن تتبدل أحكامه بحسب اختالف المصالح؟

وهل ذلك إال قدح في حكمته ورحمته وقدرته وملكه التام وتدبيره لخلقه؟ ومن جهلهم بمعبودهم ورسوله وأمره أنهم أمروا أن يدخلوا باب المدينة التي فتحها الله

� ويقولوا حطة ، فيدخلوا متواضعين لله سائلين منه أن يحط عنهم عليهم سجدا يزحفون على أستاههم بدل السجود لله، ويقولون : هنطا سقمانا أي خطاياهم فدخلوا

.سجودهم وخشوعهم وهذا استغفارهم واستقالتهم من ذنوبهم حنطة سمراء فذلك

الله سبحانه أراهم من آيات قدرته وعظيم سلطانه ومن جهلهم وغباوتهم أن عليهم بعد ذلك كتابه وعهد إليهم فيه عهده وصدق رسوله ما ال ميد عليه ثم أنزل

كما خلصهم من عبودية فرعون والقبط وأمرهم أن يأخذوه بقوة فيعيدوه بما فيه العظيم فوق رؤوسهم على قدرهم وقيل فأتوا أن يقبلوا ذلك وامتنعوا منه فتنق الجبل

.لهم إن لم تقبلوا أطبقته عليهم فقبلوه من تحت الجبل

� من قبل وجوههم رفع الله الجبل فوق رؤوسهم : ابن عباس قال وبعث نارا وأحرقتكم بهذا وأغرقتكم وأتاهم البحر من تحتهم وتودوا إن لم تقبلوا أرضختكم بهذا ولما أمنوا بعد ذلك قالوا بهذا فقبلوه وقالوا سمعنا وأطعنا وللوال الحبل ما اطعناك

. سمعنا وعصينا

انهم شاهدوا اآليات ورأوا العجائب التي يؤمن بعلى بعضها البشر ثم ومن جهلهم. لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة: قالوا بعد ذلك

� لميقاته وكان الله سبحانه قد أمر موسى أن يختار من خيارهم سبعين رجال فلما دنى موسى من الجبل وقععليه عمود فاختارهم موسى وذهب بهم إلى الجبل

القوم حتى إذا دخلوا في الحجاب الغمام حتى تغشى الجبل وقال للقوم ادنوا ودنى� فسمعوا الرب تعالى وهو يكلم موسى ويأمره وينهاه ويعهد إليه فلما وقعوا سجدا

. الله جهرة لن نؤمن لك حتى نرى انكشف الغمام قالوا

لموسى انت ومن جهلهم أن هارون لما مات ودفنه موسى قالت بنو اسرائيل� قتلته حسدته على خلقه ولينه ومحبة بني أسرائيل له قال فاختاروا سبعين رجال

فوقفوا على قبر هارون فقال موسى يا هارون أقتلت أم مت؟ قال بل مت وما قتلني.أحد

فحسبك من جهالة أمة جفائهم أنهم اتهموا نبيهم وسبوه إلى قتل أخيه فقال.ما قتلته فلم يصدقوه حتى أسمعهم كالمه وبراءة أخيه مما رموه به موسى

والعمل وعدم الفقه فيها التوراة الله سبحانه شبههم في حملهم ومن جهلهم أن� وفي هذا التشبيه من النداء على جهالتهم وجوه متعددة : بها بالحمار يحمل أسفارا

.البالدة )منها( أن الحمار من ابلد الحيوانات التي يضرب بها المثل في

ومنها( أنه لو حمل غير األسفار من طعام أو علف أو ماء لكان له به شعور(.بخالف األسفار

(170)

Page 171: هداية الحيارى

� بل كانوا( � واختيارا كالمكلفين لما ومنها( أنهم حملوها ال أنهم حملوها طوعا� .حملوه لم يرفعوا به رأسا

� � وقهرا � )ومنها( أنهم حيث حملوهاتكليفا لم يرضوا بهاولم يحملوها رضا واختيارا� كانت لهم العاقبة في الدنيا وقد علموا أنهم ال بد لهم منها وأنهم إن حملوها اختيارا

.واآلخرة

مصالح معاشهم ومعادهم وسعادتهم في الدنيا )ومنها( أنها مشتملة على سعادتهم وفالحهم إلى ضده منغاي الجهل واآلخرة فإعراضهم عن التزام ما فيه

.والغباوة وعدم الفطانة

معرفتهم أنهم طلبوا عوض المن والسلوى اللذين هما أطيب ومن جهلهم وقلة للغذاء الصالح : البقل والقثاء الثوم العدس والبصل ، ومن األطعمة وأنفعها وأوفقها

� عن المن والسلوى لم يكر عليه أن يستبدل الكفر رضي باستبدال هذه األغذية عوضا باإليمان والضاللة بالهدى والغضب بالرضى والعقوبة بالرحمة وهذه حال ن لم يعرف

.ربه وال كتابه وال رسوله وال نفسه

وتحريفهم الكلم عن مواضعه التوراة وأما نقضهم ميثاقهم وتبديلهم أحكام السبت حتى مسخوا قردة وأكلهم الراب وقد نهوا عنه وأكلهم الرشا واعتدائهم في

ورميهم له وألمه وقتلهم األنبياء بغير حق وتكذيبهم عيسى ابن مريم رسول الله تكالبهم على بالعظائم وحرصهم على قتله وتفردهم دون األمم بالخبث والبهت وشدة

.النهاية الدنيا وحرصهم عليها وقسوة قلوبهم وحسدهم وكثرة سخرهم فإليه

وهذا وأضعافه من الجهل وفساد العقل قليل على من كذب رسل الله وجاهر بمعاداته ومعاداة مالئكته وأنبياءه وأهل واليته فأي شئ عرف من لم يعرف الله

وأي حقيقة أدرك من فاتته هذه الحقيقة ؟ وأي علم أو عمل حصل لمن فاته ورسله؟.والعمل بمرضاته ومعرفة الطريق المولة اليه ومآله بعد الوصول اليه العلم بالله

كلهم في ظلمات الجهل والغير إال من أشرف عليه نور النبوة كما في فأهل األرض إن :حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسند وغيره من

خلق خلقه في ظلمة ألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن الله. فلذلك أقول جف القلم على علم الله أخطأه ضل

إشراقة األرض بالنبوة

الظلمات إلى النور فمن أجابهم خرج ولذلك بعث الله رسله ليخرجوا الناس من الضيق والظلمة التي خلق فيها إلى الفضاء والنور والضياء ومن لم يجبهم بقي في

عن نفسه وكمالها وما وهي ظلمة الطبع وظلمة الجهل وظلمة الهوى وظلمة الغفلة فبعث الله رسله تسعد به في معاشها ومعادها فهذه جملتها ظلمات خلق فيها العبد

للنفس بدونه البتة إلخراجه منها إلى العلم والمعرفةواأليمان والهدى الذي ال سعادة ظلمات بعضها فمن أخطاه هذا النور أخطأه حظه وكماله وسعادته وصار يتقلب في

فوق بعض فما دخله ظلمة ومخرجه ظلمه وقوله ظلمة وعمله ظلمة وقصده ظلمة وهو متخبط في ظلمات طبعه وهواه وجهله وقلبه مظلم ووجهه مظلم ألنه يبقى على

(171)

Page 172: هداية الحيارى

األصلي وال ينابه من األقوال واألعمال واإلرادات والعقائد إال ظلماتها فلو الظلمة.شئ من نور النبوة لكان بمنزلة إشراق الشمس على بصائر الخفاش أشرق له

الليل مظلم والءمها قطع من           بصائر أغشاها النهار بضوئه

الظلمات يكاد نور النبوة يعمى تلك البصائر وخطفها لشدته وضعفها فتهرب إلى .لموافقتها لها ومالءمتها إياها

ومخرجه نور وقده نور فهو يتقلب في والمؤمن عمله نور وقوله نور ومدخله نور.النور في جميع أحواله

الله نور السماوات واألرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح :قال الله تعالى الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة ال المصباح في زجاجة

يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره شرقية وال غربية يكاد زيتها. للناس والله بكل شيء عليم من يشاء ويضرب الله األمثال

والذين كفروا :الظلمات فقال ثم ذكر حال الكفار وأعمالهم وتقلتهم في ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن

كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب * أو أخرج يده لم يكد يراها فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا

. ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور

� صلى الله علي سيدنا محمد خاتم النبيين والحمد � وظاهرا � وباطنا � وآخرا لله أوال� إلى يوم الدين وعلى آله � كثيرا .وصحبه أجمعين وسلم تسليما

تم كتاب

أجوبة اليهود والنصارى( )هداية الحيارى في

(172)

Page 173: هداية الحيارى

الفهرس

  مقدمة الكتاب األديان قبل البعثة

  أسباب تصنيف هذا الكتاب القسم االول في أجوبة المسائل وعددها سبعة أسئلة

االسباب المانعة من قبول الحق فصـل اعتراف أبي جهل بنبوة محمد

فصـل معرفة اليهود لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم حق المعرفة ال غرابة في جحد النصارى رسالة محمد وقد سبوا الله

 صالة النصارى إستهزاء بالمعبود فصل السؤال الثاني

 نبذة عن النجاشي ملك الحبشة ووفد مشركي قريش إليه خبر وفد نصارى نجران

خبر عدي بن حاتم الطائي خبر سلمان الفارسي

  اعتراف هرقل بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إسالم النجاشي ملك نصارى الحبشة

  اعتراف المقوقس ملك النصارى بمصر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إسالم حيفر وعبيد ابني الجلندي من ملوك النصارى

خبر هوذة بن علي الحنفي خبر الحارث بن أبي شمر

خبر إسالم عبد الله بن سالم من علماء اليهود السؤال الثالث

ذكر وفد أصحاب النجاشي كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصارى نجران

مجمل األدلة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مذكور في الكتبالقديمة

فصل نص بعض النبوءات عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيالكتب السالفة

فصـل نصوص من التوراة فصـل نصوص من اإلنجيل

  فصـل نصوص خاصة بكلمة فارقليط فصـل ما عرض به إبليس والنصارى وكل مستكبر عن حق

  نصوص من مزامير داود - أمة التسبيح والتكبير - فصـل نصوص من سفر أشعياء

  نصوص من كتاب حبقوق فصـل نصوص من كتاب حزقيال

وصف الرسول في التوراة كما رواه كعب فصـل نصوص من إنجيل متى

  نصوص من سفر أرمياء من صحف أشعياء

ذكر مناظرة للمصنف مع اليهود

(173)

Page 174: هداية الحيارى

خبر المباهلة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين النصارى فيزمنه

أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي خبر بحيرا الراهب

خبر آخر عن هرقل نماذج من التحريفات التي في التوراة واإلنجيل

اليهود كذبوا مسيح الهدى، وينظرون مسيح الضالل، المسيح وأصحابهيقتلونهم شر قتلة

المناقضات في اإلنجيل تواطؤ اليهود والنصارى

السؤال الرابع  السؤال الخامس السؤال السادس

الصحابة كانوا أعلم أهل األرض السؤال السابع

 ذنوب الموحدين من المسلمين في جنب عظائم اليهود دين اليهود

من شريعتهم نكاح امرأة األخ أو العار !! دين النصارى

  مقالة أشباه الحمير في مريم وابنها تابع مقالة أشباه الحمير في مريم وابنها

جميع األنبياء دعوا إلى توحيد الله فصـل لو لم يظهر محمد بن عبد المطلب

 إخبار اليهود والنصارى عن عيسى ونسبه ال يوثق � في دينهم النصارى أشد األمم افتراقا

اختالف فرق النصارى في شخصية المسيح فصـل تاريخ المجامع النصرانية

ذكر ماني الكذاب أول من ابتدع الالهوت والناسوت في شأن المسيح هو بولس

المجمع األول المجمع الثاني المجمع الثالث المجمع الرابع

  المجمع الخامس المجمع السادس

المجمع السابع المجمع الثامن المجمع التاسع المجمع العاشر

لو عرض دين النصرانية فصل

  معجزات محمد -صلى الله عليه وسلم- أعظم وأدل إنكار النبوات شيمة الفالسفة والمجوس وعباد األصنام

غباوة اليهود

(174)

Page 175: هداية الحيارى

إشراقة األرض بالنبوة

تم تحميل هذا الكتاب من موقع هداية الحيارىhttp://www.islam.ms

(175)


Top Related