ةيميداكلأا ةيرحلا...

Upload: others

Post on 05-Jul-2020

19 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج
Page 2: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

مفهوم الحرية األكاديميةقراءة نقدية في المواثيق واإلعالنات الدولية

Page 3: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

adamdott

تصـــميم الغـالف

والتنسيق الداخيل

مفهوم الحرية األكاديميةقراءة نقدية في المواثيق واإلعالنات الدولية

إعــــداد

محمد عبد السالم

الباحث بربنامج الحرية األكادميية والحقوق الطالبية

تحـــــرير

خلود صابر

نائب املدير التنفيذي

النــاشـر

مؤسسـة حريـة الفكر و التعبيـر

٥ شـــــارع ابــــراهيم نجـــيب

الدور 3 شقة ١٢ - جاردن سيتي

ت/ف: ٢79٢6٢8١ - 0٢ / 00٢

[email protected]

Page 4: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

المحتوى ملخص

منهجية البحث

مقدمة

مدخل إىل تطور مفهوم الحرية األكادميية

الحرية األكادميية يف املواثيق واإلعالنات الدولية

نحو تحديد مفهوم الحرية األكادميية

حاالت انتهاك الحرية األكادميية يف الجامعات املرصية

خامتة

Page 5: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

5

ملخص الورقة

تتناول الورقة نبذة عن تطور مفهوم الحرية األكادميية تاريخيا وتحدد املعايري التي ارتبط بها املفهوم منذ نشأته. ويثري مفهوم الحرية األكادميية جدًل كبريًا بني أوساط املهتمني بالشأن الجامعي يف مرص، خاصة عندما يتعلق األمر بحقوق أعضاء هيئة التدريس والباحثني والطالب يف التعبري والتظاهر والكالم. وهنا يدور الخالف حول الحدود الفاصلة بني الحرية األكادميية كمفهوم يرتبط مبؤسسة الجامعة، وبني حقوق وحريات أعضاء هيئة التدريس والباحثني والطالب

بصفة عامة خارج الجامعة، وإذا ما كانت الحرية األكادميية قارصة فقط عىل العمل األكادميي، أم متتد للنشاط العام داخل الجامعة.

لذا تتناول الورقة التعريفات التي صاغتها املواثيق الدولية الصادرة عن األمم املتحدة واإلعالنات ذات الصلة عامليًا وإقليميًا مثل: إعالنات ليام وكمبال وعامن، التي صاغها مجموعة من أعضاء هيئة التدريس واملتخصصني بهدف الوصول لتعريف أكرث إحكاًما للحرية األكادميية. وتعمل الورقة عىل تقديم قراءة ملفهوم الحرية األكادميية مبا يشمل الختالفات حوله، وإبراز مساحات التفاق العامة. وأخريًا تستخدم الورقة أمثلة لحالت انتهاكات الحرية األكادميية من واقع الجامعات املرصية خالل السنوات األخرية مثل: منع التدريس، منع نرش أبحاث أكادميية، والتدخل يف رسائل املاجستري. ويهدف عرض هذه األمثلة إىل إلقاء

الضوء عىل انتهاكات الحرية األكادميية يف الجامعات املرصية، بهدف توضيح مفهوم وحالة الحرية األكادميية يف الجامعات املرصية.

منهجية البحث

تعتمد الورقة عىل عرض تطورات مفهوم الحرية األكادميية من خالل املواثيق واإلعالنات الدولية بشكل نقدي، وتحليل املفاهيم املختلفة للحرية األكادميية. كام تستند الورقة إىل الرصد والتوثيق الذي قامت به مؤسسة حرية الفكر والتعبري لحالت انتهاك الحرية األكادميية يف السنوات األخرية.

Page 6: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

6

مقدمة

عىل مدار عقود طويلة انصب اهتامم املتابعني للجامعة املرصية عىل عالقة الجامعة بالسياسة وأنشطة الحركة الطالبية يف ظل تعاقب أنظمة حكم مختلفة. املتعلقة بقضايا محورية مثل: قضية نقل طه حسني من التاريخية باستثناء بعض األحداث األكادميية، الجامعة والحرية وغاب الهتامم بقضايا استقالل الجامعة املرصية، وقضية نرص حامد أبو زيد. لقد تكررت املحاولت من قبل أساتذة الجامعة والحركات الجامعية والطالب واملؤسسات الحقوقية للعمل عىل الدفاع عن الحرية األكادميية يف مرص، ولكن اكتنف الغموض بعض جوانب مفهوم الحرية األكادميية، ويف أحيان أخرى، خلط املتابعون واملهتمون بني الحرية األكادميية وحقوق أعضاء هيئة التدريس والطالب األخرى ذات الصلة املبارشة بحقوق اإلنسان، كالحق يف التعبري والحق يف التظاهر والتجمع السلمي

والحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية األخرى.

وساهمت التطورات السياسية والجتامعية املتالحقة منذ ثورة 25 يناير يف زيادة مساحات الخالف حول ما نقصده تحديًدا عندما نقول “حرية أكادميية”. إذ نادى البعض باعتبار انتهاكات حقوق قيادات ونشطاء سياسيني من بني أعضاء هيئة تدريس والباحثني العاملني بالجامعات، جزًءا من انتهاك الحرية األكادميية. ودافع البعض اآلخر عن رضورة منع إجراء النقاشات مع سياسيني ونشطاء داخل الجامعات دفاًعا عن الحرية األكادميية والتزاًما باملعايري األكادميية، يف حني استخدم آخرون مفهوًما أكرث تحديًدا، والذي يعني تلك الحقوق والحريات التي ترتبط بشكل مبارش بالنرش والتدريس والبحث. وبني جدل هنا وهناك ظل

السؤال مطروًحا بقوة:

ما المقصود تحديدًا بالحرية األكاديمية؟

إن إجابة السؤال بالفعل ليست بالسهولة املتوقعة، نتيجة لكثري من اإلشكاليات، أبرزها غياب مفهوم الحرية األكادميية من املعاهدات الدولية الشهرية مثل العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية، ومنها التطور الكبري الذي لحق بالبيئة الجامعية، وتعدد أشكال ملكية وإدارة الجامعات، والتطورات القانونية والترشيعية التي ترتبط مبدى التزام الدول باملعايري الدولية لحقوق اإلنسان، ومن جانب آخر تعقد املفهوم ذاته، وتداخله مع بعض املفاهيم األخرى.

ولعل هذا املنطلق ميثل البداية الصحيحة للتعاطي مع مفهوم الحرية األكادميية، فام نسعى لتحقيقه هو اإلملام بكل اآلراء والتعريفات املطروحة ووضع اإلشكاليات املختلفة أمام املهتمني، وصوًل للتعريف األكرث شموًل، واألكرث مواكبة لواقعنا السيايس والجتامعي وتعقيداته التي ظهرت خالل السنوات املاضية.

لذلك تقدم الورقة نبذة عن تطور مفهوم الحرية األكادميية واملعنى الذي نشأ به كانحياز لقيمة العلم والعقالنية عند نشأة الجامعات يف أوروبا، ومنذ بدايات القرن العرشين كمرادف لحرية الباحثني واألساتذة يف العمل وفًقا لقواعد ومعايري علمية دون تحكم وسيطرة من النظم السياسية والقوى املجتمعية، كام تلقي الورقة الضوء عىل الحرية األكادميية باعتبارها مفهوم مرتبط بتحقيق األمان الوظيفي ألساتذة الجامعات. ويشمل

ا يف التعامل مع مفهوم الحرية األكادميية. ذلك أيًضا إلقاء الضوء عىل تجربة الجامعات املرصية تاريخيً

وهناك أهمية كبرية لتناول مفهوم الحرية األكادميية يف إطار أوسع متعلق بالحق يف التعليم الذي نصت عليه مواثيق األمم املتحدة، والذي يرتبط يف التعليم الجامعي مبفهومي استقالل الجامعة والحرية األكادميية. فقد أدى غياب مفهوم الحرية األكادميية عن العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية إىل سعي املهتمني واألكادمييني املستمر لوضع عدد من اإلعالنات الدولية يف محاولة إليجاد مرجعية للجامعات واألكادمييني حول العامل يعملون من خاللها عىل ضامن الدفاع عن الحرية األكادميية.

إن الحرية األكادميية وإن استطاعت الورقة أن تضعها يف إطار مفاهيمي أكرث وضوًحا، ل ميكن أن تنفصل عن اإلشكاليات والتجارب املرتبطة بالجامعات املرصية، وهذا ما تتناوله الورقة يف الجزء الخاصة بانتهاكات وحالة الحرية األكادميية من خالل أمثلة لحالت عملت مؤسسة حرية الفكر والتعبري عىل توثيقها

من خالل برنامج الحرية األكادميية والحقوق الطالبية خالل السنوات املاضية.

Page 7: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

7

مدخل إلى تطور مفهوم الحرية األكاديمية

يقرتن مفهوم الحرية األكادميية بنشأة الجامعات مبفهومها الحديث، فقد اصطدمت الجامعات والعاملني بها يف البحث والتدريس بقيود السلطة السياسية والسلطة الدينية يف أوروبا. ورغم أن استخدام مصطلح الحرية األكادميية يعود إىل بداية القرن العرشين يف الوليات املتحدة، إل أن املشكالت التي دفعت للعمل عىل املفهوم والدفاع عن حرية البحث والتدريس لزمت الجامعات عىل مدار تاريخها. وقد ظهرت الجامعات مبفهومها الحديث يف القرون الوسطى وتطورت وصوًل للعرص الحديث، وقد سبق ظهور الجامعات بشكلها املتعارف عليه، محاولت مستمرة من قبل الحضارات القدمية لالهتامم بالتعليم والبحث

والتدوين، ولكن هذه املحاولت مل ترقى إىل تأسيس الجامعة بالشكل الذي نعرفه حاليًا.

مرت الجامعات مبراحل مختلفة، إذ متثل نشأة الجامعات األوروبية يف القرن الثاين عرش املرحلة األوىل، ثم عرص النهضة يف أوروبا والذي ساهم يف تجديد الجامعات األوروبية ويف أمريكا، وذلك ميثل املرحلة الثانية. ويف النصف الثاين من القرن التاسع عرش حدث توسع عاملي يف إنشاء الجامعات، وظهرت مؤسسات التعليم العايل خارج الجامعات عىل نطاق واسع، وهذه هي املرحلة الثالثة، ثم يف أعقاب الحرب العاملية الثانية ظهرت الجامعات يف كل دول العامل ومنها

الجامعات التخصصية، وميثل ذلك املرحلة الرابعة التي متتد حتى اآلن.1

وتأسست الجامعات يف أوروبا خالل القرنني الثاين عرش والثالث عرش وسعت السلطة السياسية والكنيسة إىل احتواء الجامعات ومتابعة أعاملها، وكان هناك مبادرات من امللوك والكنيسة لتأسيس بعض الجامعات. ومل تسمح الكنيسة بتعليم املذاهب الالهوتية والعلمية املخالفة لتعاليمها يف الجامعة. وقد متيزت جامعة ليدن الهولندية عند تأسيسها يف عام 1575 مبنح الطالب وأعضاء هيئة التدريس الحرية يف العمل األكادميي والبحث والتدريس، ما ميكن اعتباره املحاولة األوىل عىل خطى تأسيس الحرية األكادميية. أما جامعة برلني األملانية، فقد منحت حرية البحث العلمي والتدريس دون قيود خارجية، يف العام

2 .1610

وهكذا تعود بدايات ظهور الحرية األكادميية إىل مقاومة تأثري السلطات السياسية والدينية عىل الجامعات يف أوروبا منذ القرن الثاين عرش، والتي تبلورت يف الجامعات األملانية، حيث متتع أساتذتها وطالبها بحرية البحث والتدريس، وطالبوا بامتيازات ل متنح لغريهم من املوظفني املدنيني، وهو ما ساهم يف انتشار

الهتامم بالحرية األكادميية يف الجامعات األمريكية يف نهايات القرن التاسع عرش. 3

استخدم مفهوم الحرية األكادميية للمرة األوىل عام ١9١٥ يف الواليات املتحدة، وُعقد أول مؤمتر للحرية األكادميية يف عام ١9٢٥ بالواليات املتحدة. وظهر مفهوم الحرية األكادميية يف جامعات أمريكا الالتينية يف عام ١9١8. وأصدرت الجمعية األمريكية ألساتذة الجامعات إعالنًا عن الحرية األكادميية، يف عام ١940، تضمن النص عىل حرية البحث والنرش للعاملني بالتدريس يف الجامعات، ورفض القيود املفروضة من املؤسسات الدينية وغريها، والحق يف حرية النقاش يف املحارضات ومع الطالب فيام يتعلق مبوضوعات الدراسة والبحث، وأساتذة الجامعات لهم الحرية يف الحديث كمواطنني دون رقابة أو قيود

مؤسسية، ولكن عليهم االنتباه إىل مسئوليتهم كعلامء ورؤية املجتمع لهم كجزء من املؤسسات التعليمية.4

استمرت املحاولت لتحديد مفهوم الحرية األكادميية، وقامت لجنة شكلتها منظمة اليونيسكو بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، يف عام 1966، بإقرار متتع مهنة التدريس يف املدارس بالحرية األكادميية، ولكنها عدلت عن ذلك وجعلت الحرية األكادميية مقصورة فقط عىل التعليم العايل يف عام 1974.

وتىل ذلك قيام الرابطة الدولية ألساتذة ومحارضي الجامعات يف أسبانيا عام 1982 بعقد مؤمتر عن الحرية األكادميية، وإصدار ميثاق حقوق وواجبات الحرية األكادميية. بينام سعت الخدمة الجامعية العاملية5 يف الفرتة من 1984 حتى 1988 إىل وضع تعريف محدد للحرية األكادميية، حيث أمثرت هذه الجهود عن إصدار إعالن ليام بشأن الحرية األكادميية واستقالل مؤسسات التعليم العايل. ويف نفس العام، صدر عن مؤمتر الجامعات األوروبية ورؤسائها املنعقد يف إيطاليا

“امليثاق األعظم للجامعات األوروبية” الذي تطرق أيًضا لقضية الحرية األكادميية. 6

وقد صدر يف عام 1990 إعالنان أفريقيان عن الحرية األكادميية هام إعالن دار السالم وإعالن كمبال. وأعد مركز حقوق اإلنسان يف بولندا إعالن بوزنان للحرية األكادميية يف عام 1993. وعىل مستوى العامل العريب، نظم منتدى الفكر العريب يف األردن بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايربت األملانية مؤمتر عن الحريات

األكادميية يف الجامعات العربية يف عام 1994، وصدر إعالن عامن للحرية األكادميية لحًقا يف عام 2004.

1. رياض عزيز هادي، )2010(، الجامعات )النشأة والتطور – الحرية األكادميية – الستقاللية(، مركز التطوير والتعليم املستمر بجامعة بغداد، صفحة: 10

http://www.dcec.uobaghdad.edu.iq/uploads/pdf/salsala/no4.pdf

2. رياض عزيز هادي، )2010(، الجامعات )النشأة والتطور – الحرية األكادميية – الستقاللية(، مركز التطوير والتعليم املستمر بجامعة بغداد، صفحة: 28

http://www.dcec.uobaghdad.edu.iq/uploads/pdf/salsala/no4.pdf

3. أحمد نبيل الهاليل وآخرون، )2000(، الحرية الفكرية واألكادميية يف مرص، مركز البحوث العربية، الطبعة األوىل، صفحة: 226

4. the American Association of University Professors, 1940 Statement of Principles on Academic Freedom and Tenure, 1940

http://www.aaup.org/report/1940-statement-principles-academic-freedom-and-tenure

5. الخدمة الجامعية العاملية: جمعية تأسست يف عام 1920 يف جنيف لالهتامم بشئون طالب الجامعات وتطورت بعد ذلك إىل مجموعة من الجمعيات التي تحمل السم نفسه يف ما

يقرب من 50 دولة يف العامل وينصب اهتاممها عىل الدفاع عن الحق يف التعليم.

http://bit.ly/1R090wM- 31 :6. رياض عزيز هادي، )2010(، الجامعات )النشأة والتطور – الحرية األكادميية – الستقاللية(، مركز التطوير والتعليم املستمر بجامعة بغداد، صفحة

Page 8: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

8

ويف مرص، كانت هناك محاولة لتأسيس لجنة الحريات األكادميية، يف عام 1995، والتي وضعت مجموعة من املبادئ لتحديد مفهوم الحرية األكادميية، أبرزها:

عدم تعرض أي باحث للقهر أو الضطهاد أو أي شكل من أشكال العقاب يف حياته األكادميية، أو يف حياته العامة، بسبب األبحاث التي يجريها أو بسبب نتائج هذه األبحاث.

توفري فرص حقيقية ومتساوية للجميع لالنخراط يف املجتمع األكادميي وفًقا للقدرات.

“القضاء عىل القهر الدويل يف املجال األكادميي، ففي ظل العالقات اإلمربيالية التي تسود العامل يكاد يكون البحث العلمي حكرًا عىل الدول املصنعة”. 7

ليس الهدف مام سبق تقييم أو رصد كافة املحاولت التي سعت لتحديد مفهوم الحرية األكادميية، ولكن ميثل هذا العرض املبسط للتطور التاريخي ملفهوم الحرية األكادميية وربطه بنشأة الجامعات، مقدمة ل بد منها، قبل التطرق إىل أبرز املحاولت لتحديد مفهوم دقيق للحرية األكادميية، وعرض املحاولت التي

تتمتع بأهمية كبرية للجامعات املرصية، سواء عىل املستوى العريب أو األفريقي.

7. أحمد نبيل الهاليل وآخرون، )2000(، الحرية الفكرية واألكادميية يف مرص، مركز البحوث العربية، الطبعة األوىل، صفحة: 275

Page 9: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

9

الحرية األكاديمية في المواثيق واإلعالنات الدولية

متثل املواثيق واإلعالنات الدولية املتعلقة بحقوق اإلنسان مرجعية أساسية لتحديد وتفسري هذه الحقوق واألطر القانونية التي تقوم بحاميتها، وينبغي هنا النتباه إىل الختالف بني املواثيق الدولية التي أقرتها الجمعية العامة لألمم املتحدة، والتي تلزم بها الدول املصدقة عليها ولها صفة قانونية، وبني اإلعالنات الدولية التي صاغها األكادمييون ورؤساء الجامعات وبعض مؤسسات التعليم العايل، والتي تكتسب أهميتها من كونها مبادئ اسرتشادية، يؤخذ بها يف إدارة

الشأن األكادميي يف عدٍد كبريٍ من الجامعات يف العامل.

ويعترب بعض املهتمني بالتعليم العايل أن املادة )19( من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية ذات صلة مبفهوم الحرية األكادميية. فقد كفلت املادة )19( يف فقرتها األوىل “لكل إنسان حق يف اعتناق آراء دون مضايقة”، ونصت يف فقرتها الثانية عىل” لكل إنسان حق يف حرية التعبري. ويشمل هذا الحق حريته يف التامس مختلف رضوب املعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إىل آخرين دومنا اعتبار للحدود، سواء عىل شكل مكتوب أو مطبوع أو يف قالب فني أو بأية

وسيلة أخرى يختارها”. 8

ولكن وإذا كان صحيًحا أن مظلة حرية التعبري متتد إىل كافة املجالت وممنوحة لكل األفراد، فإن الحرية األكادميية مفهوم يرتبط أساًسا بالحق يف التعليم، كام سيتم تناوله لحًقا.

الحرية األكاديمية والعهد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية

تناول العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية 9 يف املادة )13( الحق يف التعليم باعتباره إلزاًما للدول املصدقة عليه. وتنص الفقرة األوىل من املادة )13( عىل “تقر الدول األطراف يف هذا العهد بحق كل فرد يف الرتبية والتعليم. وهى متفقة عىل وجوب توجيه الرتبية والتعليم إىل اإلمناء الكامل

للشخصية اإلنسانية والحس بكرامتها...”. وحددت الفقرة الثانية من املادة )13( متطلبات الحق يف التعليم عىل مستوى املراحل املختلفة، ومنها مرحلة التعليم العايل، إذ تنص الفقرة الثانية )ج( عىل »جعل التعليم العايل متاًحا للجميع عىل قدم املساواة، تبًعا للكفاءة، بكافة الوسائل املناسبة وال سيام

باألخذ تدريجًيا مبجانية التعليم«.10

وهكذا اهتم العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية بإتاحة التعليم العايل دون اإلشارة إىل الحرية األكادميية واستقالل مؤسسات التعليم العايل، ورمبا يعود ذلك إىل تركيز جهود األمم املتحدة عىل قضية التعليم اإللزامي، وضعف الهتامم بالتعليم العايل، ومحدودية نطاقه خاصة يف الدول النامية آنذاك.

وقد انتبهت اللجنة املعنية بالحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية باألمم املتحدة 11 إىل غياب اإلشارة إىل الحرية األكادميية يف العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية. إذ تقوم اللجنة من خالل ما يطلق عليه »التعليقات العامة« بتفسري أحكام العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية، وهذه التعليقات مبثابة مذكرة إيضاحية ملواد العهد. وهذا ما تطرقت إليه اللجنة يف التعليق العام رقم )13( بشأن املادة )13( من العهد املتعلقة بالحق يف التعليم، خالل دورتها الحادية والعرشين، عام 12،1999 وتعتمد تعليقات اللجنة املعنية بالحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية عىل ما ترصده

من خالل التقارير التي تقدمها الدول إىل اللجنة عن كيفية إعاملها للحقوق املتضمنة يف العهد.

ولعل من الرضوري اإلملام مبالحظات اللجنة التي حاولت فيها وضع تعريف وتحديد إطار ملفهوم الحرية األكادميية، ففي الفقرة املخصصة »للحرية األكادميية واستقالل مؤسسات التعليم العايل« تقول اللجنة:

»عىل ضوء بحث تقارير كثري من الدول األطراف توصلت اللجنة إىل أن الحق يف التعليم ال ميكن التمتع به إال إذا صحبته الحرية األكادميية للعاملني وللطالب. وبالتايل، ورغم أن املسألة مل تذكر رصاحة يف املادة 13 فإن من املناسب والرضوري أن تديل اللجنة ببعض املالحظات عن الحرية األكادميية..”.

13

8. مكتبة حقوق اإلنسان بجامعة منيسوتا، العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية، املادة )19( من العهد الدويل للحقوق للحقوق املدنية والسياسية، بتاريخ: ديسمرب 1966

http://bit.ly/1GHTC8K

9. تم اعتامد العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية وعرض للتوقيع والتصديق والنضامم مبوجب قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة 2200 ألف )د-21( املؤرخ يف 16

كانون األول/ديسمرب1966، تاريخ بدء النفاذ: 3 كانون الثاين/يناير 1976.

http://bit.ly/1GHTE0j 10. مكتبة حقوق اإلنسان بجامعة منيسوتا، العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية

11. اللجنة املعنية بالحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية هي هيئة الخرباء املستقلني التي ترصد تنفيذ دولها األطراف للعهد الدويل الخاص بالحقوق القتصادية والجتامعية

والثقافية،وقد أُنشئت اللجنة مبوجب قرار املجلس القتصادي والجتامعي 1985/17 املؤرخ 28 أيار/مايو 1985 لالضطالع بوظائف الرصد املسندة إىل املجلس القتصادي والجتامعي لألمم املتحدة يف الجزء الرابع من العهد.*وتنرش اللجنة تفسريها ألحكام العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية، املعروف بالتعليقات العامة.

12. املفوضية السامية لحقوق اإلنسان، التعليق العام رقم 13 )الدورة الحادية والعرشون، 1999( الحق يف التعليم )املادة 13 من العهد(، بتاريخ: 8 ديسمرب 1999

http://bit.ly/1If1tFH

13. املصدر السابق

Page 10: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

10

»وأفراد املجتمع األكادميي، سواء بصورة فردية أو جامعية، أحرار يف متابعة وتطوير ونقل املعارف واألفكار عن طريق األبحاث أو التعليم أو الدراسة أو املناقشة أو التوثيق أو اإلنتاج أو الخلق أو الكتابة. وتشمل الحرية األكادميية حرية األفراد يف أن يعربوا بحرية عن آرائهم يف املؤسسة أو النظام الذي يعملون فيه، ويف أداء وظائفهم دون متييز أو خوف من قمع من جانب الدولة أو أي قطاع آخر، ويف املشاركة يف الهيئات األكادميية املهنية أو التمثيلية، ويف التمتع بكل حقوق اإلنسان املعرتف بها دوليًا واملطبقة عىل األفراد اآلخرين يف نفس الختصاص. ويحمل التمتع بالحريات النقابية معه التزامات

مثل واجب احرتام الحرية األكادميية لآلخرين، وضامن املناقشة السليمة لآلراء املعارضة، ومعاملة الجميع دون متييز عىل أٍي من األسس املحظورة« 14

»ويتطلب التمتع بالحرية األكادميية استقالل مؤسسات التعليم العايل. والستقالل هو درجة من حكم النفس لزمة ليك تتخذ مؤسسات التعليم العايل القرارات بفعالية بالنسبة للعمل األكادميي ومعايريه وإدارته وما يرتبط بذلك من أنشطة«. 15

لقد أسست اللجنة يف هذا التعليق لتفسري وتحديد مفهوم الحرية األكادميية وعالقته بالحق يف التعليم واستقالل الجامعة، فاللجنة ترى أن هناك ارتباطًا بني الحق يف التعليم والحرية األكادميية، باعتبار الحرية األكادميية رشطًا للتمتع بالحق يف التعليم العايل، رغم إغفال املادة )13( تضمني هذا املعنى. وذهبت اللجنة إىل وضع تعريف محدد للحرية األكادميية اهتمت فيه باإلشارة إىل حرية العمل األكادميي سواء كان فرديًا أو جامعيًا، وألهمية إبداء الرأي يف مؤسسات التعليم العايل، واحرتام األفراد للحرية األكادميية لزمالئهم. ويف تناولها لعالقة الحرية األكادميية بحقوق اإلنسان مثل حرية التعبري، ذهبت اللجنة إىل رضورة

متتع الطالب والعاملني مبؤسسات التعليم العايل بحقوق اإلنسان املعرتف بها دوليًا واملطبقة يف نفس الختصاص، ضمن إطار الحرية األكادميية.

ورأت اللجنة أن استقالل مؤسسات التعليم العايل من متطلبات تحقق الحرية األكادميية، وبذلك تكون اللجنة انحازت إىل اعتبار استقالل مؤسسات التعليم العايل ضامنة ومفهوًما مكماًل للحرية األكادميية باألساس.

ورغم الخربات القانونية الكبرية التي يتمتع بها أعضاء اللجنة والعتامد عىل متابعة دقيقة للتزامات الدول األعضاء يف األمم املتحدة بالحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية، لكنها وقعت هنا يف خطأ إدراج كافة حقوق وحريات أعضاء املجتمع األكادميي تحت مفهوم الحرية األكادميية، وكان ميكن للجنة أن تشري إىل الحقوق والحريات العامة ألعضاء املجتمع األكادميي باعتبار ضامنها والحفاظ عليها يساهم عىل تهيئة املناخ ملامرسة العمل األكادميي بحرية. وعىل

األرجح يحتاج هذا التعريف إىل مراجعة مرة أخرى يف إطار عمل اللجنة املنبثقة عن األمم املتحدة.

إعالن ليما بشأن الحرية األكاديمية واستقالل مؤسسات التعليم العالي 1988

يعد إعالن ليام بشأن الحرية األكادميية واستقالل مؤسسات التعليم العايل )1988( الوثيقة األبرز التي أسست ملفهوم الحرية األكادميية، ومن الرضوري إدراك أن مبادئ إعالن ليام ساعدت يف تفسري املادة )13( من العهد الدويل للحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية، فإعالن ليام صدر يف عام 1988، وتبناه عدد كبري من األكادمييني واملؤسسات املهتمة بالتعليم العايل، أي قبل 11 عاًما من صدور تعليق اللجنة املعنية بالحقوق القتصادية والجتامعية والثقافية بشأن

املادة )13( يف عام 1999.

وقبل التطرق إىل نصوص إعالن ليام وتعريفه للحرية األكادميية، ينبغي التوقف أمام الظروف التي عمل هذا اإلعالن عىل مواكبتها، حيث تعرض أعضاء هيئة التدريس والطالب والباحثني لنتهاكات متزايدة خالل عقدي السبعينات والثامنينات. ونشأت فكرة اإلعالن بداية من حلقة تدريبية عقدتها الخدمة الجامعية العاملية- وهي شبكة مهتمة بالتعليم العايل – يف عام 1984، وبدأ العمل عىل كتابة مرشوع اإلعالن يف 1987، وشارك يف صياغته أكرث من 50 منظمة متخصصة،

بهدف وضح تعريف أكرث وضوًحا وإحكاًما للحرية األكادميية.

تضمن إعالن ليام 19 مادة، تناولت املادتني )1( و)2( التعريفات األساسية ملواد اإلعالن،16 وتناولت املواد من )3( إىل )13( ضوابط وتعريف الحرية األكادميية، وباقي املواد جاءت عن استقالل مؤسسات التعليم العايل.

وفيام ييل أبرز املبادئ املتعلقة بالحرية األكادميية التي تضمنها إعالن ليام17:

الحرية األكادميية رشط مسبق أسايس لوظائف التعليم والبحث واإلدارة والخدمات التي تسند إىل الجامعات وغريها من مؤسسات التعليم العايل، وفًقا للامدة الثالثة من اإلعالن.

14. املفوضية السامية لحقوق اإلنسان، التعليق العام رقم 13 )الدورة الحادية والعرشون، 1999( الحق يف التعليم )املادة 13 من العهد(، بتاريخ: 8 ديسمرب 1999

http://bit.ly/1If1tFH

15. املصدر السابق

16. الحرية األكادميية: تعني حرية أعضاء املجتمع األكادميي فرديا أو جامعيا يف متابعة املعرفة وتطويرها وتحويلها من خالل البحث والدراسة واملناقشة والتوثيق واإلنتاج والبتكار

والتدريس وإلقاء املحارضات والكتابة. *املجتمع األكادميي: جميع أولئك األشخاص الذين يقومون بالتدريس والدراسة والبحث والعمل يف مؤسسة التعليم العايل.

17. Human Rights Watch, The Lima Declaration on Academic Freedom and Autonomy of Institutions of Higher Education

http://bit.ly/1C8tblj

Page 11: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

11

كل عضو يف املجتمع األكادميي يتمتع بوجه خاص بحرية الفكر والضمري والدين والتعبري واالجتامع واالنضامم إىل الجمعيات، وكذلك بالحق يف الحرية واألمن الشخيص وحرية الحركة، والدولة ملزمة بحامية هذه الحقوق التي ينص عليها عهد األمم املتحدة بشأن حقوق اإلنسان، وفًقا للامدة الرابعة

من اإلعالن.

ل يفصل أي عضو من املجتمع األكادميي دون تحقيق عادل أمام هيئة من املجتمع األكادميي منتخبة دميقراطيًا، وفًقا للامدة الخامسة من اإلعالن.

جميع أعضاء املجتمع األكادميي الذين يضطلعون مبهام بحثية لهم الحق يف إجراء بحوثهم دون أي تدخل، رهنا باملبادئ واملناهج العاملية للبحث املحدد، ولهم الحق يف إبالغ نتائج بحوثهم إىل اآلخرين بحرية ونرشها دون رقابة، ولجميع أعضاء هيئة التدريس الحق يف التدريس دون أي تدخل رهنا مببادئ التدريس ومناهجه، ولجميع أعضاء املجتمع األكادميي حرية إقامة التصالت مع نظرائهم يف العامل والحرية يف تنمية قدراتهم التعليمية،

وفًقا للمواد السادسة والسابعة والثامنة من اإلعالن.

يتمتع جميع الطالب بالحرية يف الدراسة واختيار مجال الدراسة من بني مقررات متنوعة، وتكفل الجامعات حرية الطالب يف التعبري عن الرأي واملشاركة يف هيئاتها اإلدارية، وتلتزم الدول بتوفري التعليم العايل للطالب، وفًقا للمواد التاسعة والعارشة والحادية عرش.

حرية أعضاء املجتمع األكادميي يف النضامم إىل الجمعيات وتأسيس النقابات، واللتزام باملعايري األكادميية يف البحث والتدريس، وفًقا للامدتني الثانية عرش والثالثة عرش.

عمل إعالن ليام عىل تحديد الضامنات واآلليات املطلوبة لتحقيق الحرية األكادميية، وكل الجوانب التي تطرقت لها نصوص اإلعالن تنطلق من واقع القيود والتضييقات التي يتعرض لها أعضاء املجتمع األكادميي. وانحاز اإلعالن إىل تأكيد أهمية حامية حرية التعبري والضمري والدين وغريها من حقوق اإلنسان.

وميكن القول أن اإلعالن سعى لوضع الحرية األكادميية يف إطار الحامية املؤسسية، فمؤسسات التعليم العايل والدول ملزمة بحامية أعضاء املجتمع األكادميي وضامن األمان الوظيفي لهم وحرية البحث والعمل األكادميي، باعتبارهم يعملون يف وظائف تتطلب توافر هذه الحامية للوصول إىل اإلنتاج املعريف والعلمي.

ولكن إعالن ليام أغفل التفرقة بني الجوانب املرتبطة بالحرية األكادميية، وتلك املرتبطة بحقوق وحريات أعضاء هيئة التدريس والطالب، مبا يتناىف مع الغرض األسايس من اإلعالن واملتمثل يف تحديد مفهوم الحرية األكادميية وتقديم وثيقة مرجعية دقيقة للمدافعني عن مبادئ الحرية األكادميية. وهنا يضعف الخلط

بني الحرية األكادميية وباقي الحقوق والحريات من القدرة عىل إبرازها كمفهوم مستقل ورضوري فيام يتعلق بالحق يف التعليم العايل.

إعالن كمباال بشأن الحرية الفكرية والمسئولية االجتماعية 1990

استهدف إعالن كمبال أوضاع الحرية الفكرية واألكادميية يف الدول األفريقية، وشارك يف صياغته عدد من املفكرين واألكادمييني األفارقة، بهدف مواجهة التهديدات املتزايدة التي تعرض لها املفكرين واألكادمييني يف أفريقيا. ومن أبرز املبادئ التي نص عليها إعالن كمبال بشأن الحرية األكادميية،18 ما تضمنته

املادتني السابعة والثامنة من اإلعالن:

“لكل أعضاء هيئات التدريس والبحث وطالب املؤسسات التعليمية الحق – بشكل مبارش ومن خالل ممثليهم املنتخبني – البدء، واملشاركة يف، وتحديد الربامج األكادميية ملؤسساتهم وفًقا ألعىل املقاييس التعليمية.” ١9

“يكون ألعضاء التدريس والبحث يف املجتمع الفكري ضامن التثبيت يف وظائفهم، وال يطردون من أعاملهم إل ألسباب سوء السلوك الفادح أو ثبوت عدم الكفاءة أو اإلهامل الذي يتعارض مع املهنة األكادميية، وتكون إجراءات الفصل التأديبية القامئة عىل األسس املذكورة يف هذه املادة وفًقا لإلجراءات

املوضوعة والتي تشرتط جلسة استامع عادلة أمام هيئة منتخبة”.20

اهتم إعالن كمبال بحرية البحث والتدريس، واألمان الوظيفي للباحثني وأعضاء هيئة التدريس، ويبدو ذلك مقرتنًا بأوضاع الجامعات يف أفريقيا، حيث يزداد التضييق عىل الباحثني وأعضاء هيئة التدريس، وفصلهم من وظائفهم تعسفيًا ودون ضامنات لتأديب عادل ومنصف.

http://bit.ly/1CsebNI - 2006 ،18. مؤسسة حرية الفكر والتعبري، وثائق حول الحرية األكادميية واستقالل الجامعات

19. املصدر السابق

20. املصدر السابق

Page 12: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

12

ومل يرش اإلعالن بشكل تفصييل إىل مفهوم الحرية األكادميية، كام أغفل محاولة تحديد املفهوم، ورمبا يعود ذلك إىل التأثر بالرتكيز عىل الدفاع عن حقوق املفكرين وأساتذة الجامعات األفريقية من واقع التجارب التي مرت بها الدول األفريقية، والتي تركزت غالبيتها عىل حرمان أعضاء هيئة التدريس واألساتذة

من وظائفهم، ملا يبدون من توجهات وعمل أكادميي، تعتربه األنظمة السياسية يف هذه الدول مخالًفا لها ول ميكن السامح به.

إعالن عمان للحريات األكاديمية واستقالل مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي 2004

الحرية ملفهوم ومعايري مبادئ لصياغة عربيًا، األبرز املحاولة ألنه املرصية، الجامعات العربية ومن ضمنها للجامعات أهمية خاصة ذا إعالن عامن يعد األكادميية. وقد انعقد مؤمتر الحريات األكادميية يف الجامعات العربية بدعوة من مركز عامن لدراسات حقوق اإلنسان يف عامن باألردن يف ديسمرب 2004،

مبشاركة مجموعة من املفكرين ورؤساء وأساتذة الجامعات والباحثني من مختلف الجامعات العربية.

العلمي والبحث العايل التعليم »إخضاع وهي: اإلعالن، مقدمة بحسب لها للتصدي عامن إعالن سعى التي األبرز املشكلة فهم وميكن األجهزة بل ل العمومية، السلطات تفرض العربية البالد معظم ففي العلمي. والبحث والتكوين التأهيل غايات نطاق عن خارجة لغايات الولء منطق حسب املستويات جميع يف واإلدارية العلمية الهيئة أعضاء مع وتتعامل الجامعية، الحياة عىل املبارشة وصايتها األمنية، السلطة«.21 واحتكار الحكم عىل الحفاظ وأغراض الضيقة السياسة لحساسيات العلمية واملشاريع والربامج املناهج وتخضع واملحسوبية

ومن أبرز ما تضمنه إعالن عامن:

رضورة إلغاء الوصاية السياسية عن املجتمع األكادميي، والتزام السلطات العمومية باحرتام استقالل املجتمع العلمي مبكوناته الثالثة من أساتذة وطلبة وإداريني.

الحرية األكادميية تشمل حق التعبري عن الرأي، وحرية الضمري، وحق نرش املعلومات واملعارف وتبادلها، كام تشمل حق املجتمع األكادميي يف إدارة نفسه بنفسه.

تأكيد حق أعضاء الهيئة األكادميية العربية يف النسياب عرب الدول العربية ويف التواصل مع املجتمع األكادميي عىل الصعيد العاملي.

ويتضح مام سبق، تركز اهتامم إعالن عامن عىل الظروف السياسية والجتامعية يف البالد العربية والتي متثل التهديد األكرب للحرية األكادميية، فإعالن عامن متحور حول الظروف والتدخالت السياسية املؤثرة عىل الجامعات واستقالليتها، ولكنه يف املقابل مل يتناول تعريًفا محدًدا للحرية األكادميية، ووقع يف أرس الخلط

بني مفهوم الحرية األكادميية والحقوق والحريات العامة ألعضاء املجتمع األكادميي.

إن هذه املحاولت املتعددة نجحت نسبيًا يف اإلشارة إىل حرية البحث والنرش والتدريس باعتبارها املكون األسايس للحرية األكادميية، ويف نفس الوقت تأثرت مبقاومة التدخالت الخارجية يف الجامعات ومؤسسات التعليم العايل، مام أدى إىل إدراج حقوق وحريات أعضاء هيئة التدريس والطالب ضمن مفهوم الحرية

األكادميية.

ورمبا يعد ذلك السبب األبرز وراء الغموض الذي اكتنف مفهوم الحرية األكادميية يف مرص، فكثري من املتابعني لشأن التعليم العايل يفضلون الحديث عن حق الطالب يف التظاهر والنشاط السيايس، عىل سبيل املثال، كجزء من الحرية األكادميية. ول ميكن تصحيح التعاطي مع قضية الدفاع عن الحرية األكادميية، إل

من خالل بذل جهد أكرب لتحديد املفهوم بشكل دقيق.

http://bit.ly/1R09L95 - 2004 ،21. مركز عامن لدراسات حقوق اإلنسان، إعالن عامن للحريات األكادميية واستقالل مؤسسات التعليم العايل والبحث العلمي

Page 13: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

13

نحو تحديد مفهوم الحرية األكاديمية

وتأثرت هذه مسبًقا. لذلك اإلشارة تم كام التعبري، وحرية الرأي وحرية التعليم يف بالحق وعالقته األكادميية الحرية مفهوم لتحديد املحاولت تعددت املحاولت املختلفة لتأطري املفهوم سواء عىل املستوى القانوين الدويل أو عىل مستوى األكادمييني ومسئويل الجامعات بالظروف والتغريات التي تطرأ من آن آلخر يف السياقات السياسية والجتامعية سواء دوليًا أو إقليميًا، ما ميكن معه القول أن مفهوم الحرية األكادميية مل يتم تناوله من جانب بحثي محايد وبهدف متييزه وبيان عالقته بحقوق اإلنسان األخرى. وهذا هو املأخذ األبرز عىل كل األطروحات السابقة، التي وسعت من نطاق مفهوم الحرية األكادميية، حتى ذهب بعضها لعتبار استقالل مؤسسات التعليم العايل جزًءا من الحرية األكادميية، ومل يفصل بعضها اآلخر بني األنشطة املرتبطة باملجتمع األكادميي، ونشاط

الباحثني والطالب واألساتذة، كمواطنني يف إطار العمل العام خارج الجامعة.

العام رقم )13( مبثابة التعليق التابعة لألمم املتحدة من خالل اللجنة القتصادية والجتامعية والثقافية الذي وضعته الحرية األكادميية ويعترب تعريف املحاولة األكرث دقة لتحديد مفهوم الحرية األكادميية، ويحظى التعريف بأهمية كبرية عىل مستوى اإللزام القانوين الدويل. فقد أسس التعريف ملفهوم الحرية األكادميية كجزء من الحق يف التعليم، وأتت صياغته محكمة مبا يكفي لالستناد إليها يف مواجهة انتهاكات الحرية األكادميية، عىل الرغم من وقوع اللجنة يف

خطأ تعميم مفهوم الحرية األكادميية عىل أنشطة وحقوق أخرى ألعضاء املجتمع األكادميي.

كام يعد إعالن الحرية األكادميية 2005 22 - الصادر عن املؤمتر العاملي األول لرؤساء الجامعات بجامعة كولومبيا بدعوة من أمني عام األمم املتحدة – املحاولة األكرث دقة يف تحديد مفهوم الحرية األكادميية، حيث اعترب الحرية األكادميية متاميزة عن - وليست مجرد امتداد - لحرية الفكر والرأي والتجمع والتنظيم املعرتف بهم لجميع األشخاص مبوجب املواد )18 و19 و20( من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهود الدولية األخرى، والحرية األكادميية تعني تحديًدا حرية البحث والتدريس والتحدث والنرش مع اللتزام مبعايري وقواعد البحث العلمي دون تدخل أو فرض عقوبات، ودون تقويض ملا ميكن أن يقود إليه هذا

البحث أو الفهم.

ويتوافق هذا التوجه مع الرأي الذي يتبناه برنامج الحرية األكادميية والحقوق الطالبية مبؤسسة حرية الفكر والتعبري أن الحرية األكادميية حق يتمتع به أعضاء هيئة التدريس والطالب والعاملني مبؤسسات التعليم العايل داخل هذه املؤسسات، ويشتمل عىل حرية البحث والنرش والتدريس والنقاش واالبتكار، التزاًما باملعايري العلمية واألكادميية، بهدف خلق املعرفة وتطويرها ونرشها وحفظها. وعىل هذا األساس، فإن االنتهاكات التي تستهدف أعضاء املجتمع األكادميي بغية تقييد حريتهم يف العمل األكادميي تندرج يف نطاق الحرية األكادميية، وتتاميز عن تلك االنتهاكات التي يتعرض لها أعضاء املجتمع األكادميي

بسبب نشاطهم السيايس والتنظيمي والثقايف.

التنظيم والتظاهر والتجمع السلمي واإلرضاب واستكامًل ملا سبق، تعد حقوق اإلنسان املدنية والسياسية أو القتصادية والجتامعية والسياسية، كحقوق السيايس والعمل العام، باملجال املرتبطة والفعاليات األنشطة وكل تدريس، هيئة وأعضاء طالب من األكادميي املجتمع ألعضاء عادل أجر يف والحق اإليجاب. أو بالسلب األكادميية الحرية عىل البيئة هذه تؤثر وقد األكادميية، للحرية حاضنة وبيئة مناخ مبثابة الجامعات، داخل والفكري والثقايف

فكلام زادت وترية القمع السيايس وإغالق املجال العام والتضييق عىل الحركات والتحادات الطالبية، كلام زادت الفرص املتاحة أمام مجموعات خارجية كاإلعالم والسلطة التنفيذية واألجهزة األمنية أو داخلية كالقيادات الجامعية أو مجموعات من أعضاء املجتمع األكادميي، للتدخل يف املحتوى والعمل األكادميي

وانتهاك الحرية األكادميية، وفًقا لتجربة الجامعات املرصية.

http://bit.ly/1CsebNI - 2006 ،22. مؤسسة حرية الفكر والتعبري، وثائق حول الحرية األكادميية واستقالل الجامعات

Page 14: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

14

وأخريًا يفرق برنامج الحرية األكادميية والحقوق الطالبية مبؤسسة حرية الفكر والتعبري يف عمله ومن خالل رؤيته لحدود الحرية األكادميية بني مستويات أربعة:

المستوى األول )المجال العام(:

يتعلق بكون أعضاء املجتمع األكادميي مواطنون ينشغلون يف إطار املجتمع بالعمل العام والقضايا السياسية والثقافية وغري ذلك، وهنا التعامل مع تعرضهم القبض أو السجن أو العتداء، يتم باعتبارهم مواطنني أعضاء ومنخرطني يف العمل السيايس والحركات واألحزاب السياسية أو بشكل لنتهاكات من إلقاء مستقل، وليس باعتبارهم أعضاء يف املجتمع األكادميي. وينبغي ضامن أل يتم فرض قيود عىل متابعتهم للبحث والدراسة والتعلم والعمل األكادميي سواء خالل فرتات احتجازهم أو بعد انتهاء الحتجاز. إل أن مؤسسة حرية الفكر والتعبري تظل تهتم بهذه القضايا من منطلق متابعة انتهاكات حرية التعبري بشكل

عام لكل املواطنني املرصيني.

وكمثال عىل هذا املستوى، ميكن األخذ بقضية املدرسني املساعدين بكلية الفنون الجميلة بجامعة اإلسكندرية “رشيف فرج ومحمود عبد الواحد”، فقد تعرضا للحبس الحتياطي ملدة 8 أشهر عىل ذمة قضايا واتهامات جنائية تتعلق بأنشطة وتظاهرات جامعة اإلخوان املسلمني خارج الجامعات، وتم إسقاط التهم املوجهة لهام واإلفراج عنهام يف 26 يوليو 2014. وقد اضطرت هذه الظروف املدرس املساعد رشيف فرج ملناقشة رسالة املاجستري الخاصة به داخل السجن

يف 6 مارس 2014. 23

- المستوى الثاني )المجال العام داخل الجامعات(:

يتعلق بحقوق أعضاء املجتمع األكادميي كسائر فئات املجتمع يف التنظيم سياسيًا ونقابيًا، والتعبري الحر عن اآلراء والتوجهات، داخل مؤسسات التعليم العايل، واملشاركة يف انتخاب واختيار ممثليهم سواء يف التحادات الطالبية أو نقابات أعضاء هيئة التدريس، وسائر الحقوق األخرى مثل التظاهر والتجمع السلمي والعتصام واإلرضاب، للمناداة مبطالب سياسية أو فئوية، وهذه الحقوق ل تعد جزًءا من الحرية األكادميية، ولكنها تشكل بيئة مرتبطة ومؤثرة عىل مامرسة

الحرية األكادميية، وبالتايل تدخل بشكل مبارش يف مجال اهتامم مؤسسة حرية الفكر والتعبري.

ويعد إرضاب طالب بكليات الهندسة والعلوم والزراعة بجامعة الفيوم الذي بدأ يف 9 مارس 2015، مثاًل عىل هذا املستوى، إذ نظم طالب ميثلون رشائح وتوجهات مختلفة إرضابًا مفتوًحا عن الدراسة احتجاًجا عىل تدخالت قوات الرشطة لقمع املظاهرات يف جامعة الفيوم واحتجاز عرشات الطالب املشاركني يف

املظاهرات، وتركزت مطالب اإلرضاب حول ضامن حرية التظاهر وعدم تدخل قوات الرشطة لفض املظاهرات واإلفراج عن الطالب املحبوسني. 24

المستوى الثالث )استقالل الجامعة(:

يتعلق باستقالل مؤسسات الجامعة واتباعها ملعايري الحوكمة وإرشاك فئات املجتمع األكادميي يف اتخاذ القرار ووضع السياسات العامة للجامعة، وخطط متويلها، وغري ذلك من األمور اإلدارية واملالية واإلرشاف عىل هياكل الجامعات )كليات – أقسام(، ولذلك يعد استقالل مؤسسات التعليم العايل ضامنة لزمة

لتحقيق الحرية األكادميية، وتعد كل هذه اإلجراءات استيفاء للبناء وطريقة اإلدارة املؤسسية املستقلة التي توفر املناخ املالئم ملامرسة الحرية األكادميية.

)رؤساء الجامعية القيادات وإقالة تعيني الجمهورية لرئيس تتيح التي الجامعات تنظيم قانون الترشيعية يف التعديالت تأيت املستوى، وكمثال عىل هذا الجامعات/ عمداء الكليات(. إذ نص القرار بالقانون رقم 52 لسنة 2014عىل تعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، يف مادته األوىل عىل استبدال نيص املادتني )25( و)43( من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، بحيث يتم تعيني رئيس الجامعة أو عميد الكلية أو عميد املعهد بقرار من رئيس الجمهورية، بناء عىل عرض وزير التعليم العايل، وذلك من بني ثالثة أساتذة ترشحهم لجنة متخصصة، يف ضوء مرشوع لتطوير الجامعة أو الكلية أو املعهد يف كل املجالت يتقدم به طالب الرتشح.25 فهذه التعديالت تشكل انتهاكا لستقالل الجامعات، ومتنح السلطة

التنفيذية اليد العليا يف اختيار القيادات الجامعية، والتأثري عىل قراراتها.

23. مؤسسة حرية الفكر والتعبري، »حرية الفكر والتعبري«و»املبادرة املرصية« ترسالن خطابا للنائب العام إلخالء سبيل »رشيف فرج«و»محمود عبد الواحد«، بتاريخ: 5 يونيو 2014

http://bit.ly/1FWmZ1v

http://bit.ly/1LaSet4 - 2015 24. مؤسسة حرية الفكر والتعبري، ملاذا يرٌضب طالب جامعة الفيوم عن الدراسة، بتاريخ: 16 مارس

25. مؤسسة حرية الفكر والتعبري، “خنق املجال العام”: التقرير السنوي الثاين عن حالة حرية التعبري يف مرص 2014م، صفحة: 14 بتاريخ: 9 أبريل 2015

Page 15: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

15

المستوى الرابع )الحرية األكاديمية(:

يتعلق بالحرية األكادميية وهي الوظيفة املبارشة واألساسية املرتبطة بتحقيق أهداف مؤسسات التعليم العايل بخلق املعرفة وتطويرها ونرشها وحفظها، وهي بذلك تقترص عىل جانب العمل األكادميي والبحثي من تدريس وبحث ونرش ونقاش، وتشكل انتهاكات الحرية األكادميية خطورة كبرية عىل الوظيفة األساسية البحثية والنقدية العقلية السلبي عىل التأثري التناول األكادميي لقضايا ملحة، ومن حيث العلوم واملعرفة وقصور للجامعات من حيث تجريف وتسطيح

للطالب والباحثني وأعضاء هيئة التدريس، مبا يعيق تحقيق التقدم العلمي ومواكبة التطورات العلمية.

ويتناول الجزء األخري من الورقة عدد من األمثلة التي توضح انتهاكات الحرية األكادميية.

Page 16: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

16

حاالت النتهاك الحرية األكاديمية في الجامعات المصرية

عىل والتعبري الفكر حرية مؤسسة عملت وقد املرصية، الجامعات يف األكادميية الحرية حالة عن متقطعة نقاشات األخرية األربعة السنوات يف أثريت تأديب. ومجالس لتحقيقات تعرضوا الذين والباحثني، التدريس هيئة أعضاء عن للدفاع القانوين والتدخل األكادميية، الحرية انتهاك حالت رصد

وتجدر اإلشارة يف هذا السياق إىل افتقار قانون تنظيم الجامعات رقم )49( لسنة 1972 لوجود أي إشارة للحرية األكادميية، ولكن عىل الرغم من ذلك فإن القانون جعل األمور العلمية واألكادميية من اختصاص مجالس األقسام العلمية،26 وحددت املادة )55( من قانون تنظيم الجامعات اختصاصات مجلس القسم والتي تشمل األعامل العلمية، مثل رسم السياسة العامة للتعليم والبحث العلمي يف القسم، ووضع نظام العمل والتنسيق بني مختلف التخصصات، وتحديد

املقررات واملحتوى العلمي، وخطة البحوث العلمية واإلرشاف عليها. 27

لذلك يبدو صحيًحا يف كثري من األحيان أن النتهاكات املتكررة للحرية األكادميية ل تستند عىل مداخل أو ترشيعات قانونية، بقدر ما تخضع لقوة السلطة التنفيذية أو املجموعات الدينية أو اإلعالم، وتأثريهم عىل الجامعات وعىل القيادات الجامعية، ومن ناحية أخرى ضعف استقالل الجامعة وانرصاف املجتمع األكادميي نفسه عن الدفاع عن حريته يف العمل والبحث األكادميي. ويف هذا الجزء األخري من الورقة نتعرض لبعض الحالت التي وثقتها مؤسسة حرية الفكر

والتعبري، وميكن الستدلل منها عىل شكل انتهاكات الحرية األكادميية يف الجامعات املرصية، كالتايل:

: قضايا مرتبطة بالتضييق على البحث العلمي: أوالاً

منع املشاركة بأبحاث علمية عن العالقات املدنية العسكرية: يظهر خطاب يحمل وصف “رسي” صادر عن مكتب وزير التعليم العايل األسبق حسام (1)عيىس، يف 3 ديسمرب 2013، صدور توجيه من رئيس مجلس الوزراء بعدم املشاركة بأوراق بحثية يف مؤمتر يعقده مركز جنيف للتحكم الطاليب يف القوات املسلحة. وقد أرسل وزير التعليم العايل آنذاك الخطاب إىل رؤساء الجامعات، ومن ثم إىل نواب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، ملنع مشاركة أعضاء

هيئة التدريس باألبحاث يف هذا املؤمتر. 28

منع عقد مؤمترات دولية إال بعد الحصول عىل موافقة وزارة الخارجية: يظهر خطاب يحمل وصف “رسي جًدا” صادر عن مكتب وزير التعليم العايل (2)السابق وائل الدجوي، يف 17 أبريل 2014، صدور توجيه من مجلس الوزراء بعدم جواز عقد أو استضافة أي مؤمتر دويل يف مرص إل بعد الحصول عىل موافقة وزارة الخارجية والتنسيق معها يف كل ما يتعلق بالنواحي اإلدارية والتنظيمية. وقد أرسل وزير التعليم العايل آنذاك وائل الدجوي الخطاب إىل رؤساء الجامعات لتنفيذه يف الجامعات بشأن عقد املؤمترات الدولية. وامللفت هنا أن القرار استند عىل قرار لرئيس مجلس الوزراء رقم )220( لسنة

1986، والذي يتعلق بالجهات والوزارات الحكومية - ومل يتطرق إىل الجامعات التي يكفل الدستور املرصي استقاللها -. 29

منع مناقشة رسالة ماجستري لتناولها قضية التحرش الجنيس: منعت جامعة املنصورة مناقشة رسالة املاجستري التي تقدم بها الباحث محمد الدكروري، (3)يف 19 فرباير 2013، بسبب تظاهر ممرضات وممرضني مبستشفى جامعة املنصورة احتجاًجا عىل موضوع الرسالة والذي تناول استبيان يظهر تعرض

ممرضات املستشفى للتحرش الجنيس من قبل زمالئهن خالل العمل. 30

وقف منح درجة الدكتوراه لباحث وصف 30 يونيو باالنقالب يف جامعة األزهر: قامت إدارة جامعة األزهر بوقف منح درجة الدكتوراه للباحث بكلية (4)الدعوة اإلسالمية باألزهر، محمد إبراهيم أبو عطية، لوصفه 30 يونيو بالنقالب العسكري، يف 21 سبتمرب 2014م. باإلضافة إىل إحالة أعضاء لجنة مناقشة رسالة الدكتوراه إىل التحقيق وهم الدكتور عمر عبد العزيز، رئيس قسم األديان واملذاهب بالكلية، والدكتور محمود مزروعة، أستاذ العقيدة والفلسفة

بكلية أصول الدين باملنوفية، والدكتور ماجد عبد السالم، أستاذ بكلية الدعوة اإلسالمية، ومراجعة كافة الرسائل العلمية بكلية الدعوة اإلسالمية.

26. مجلس القسم: يتألف مجلس القسم من جميع األساتذة واألساتذة املساعدين يف القسم ومن خمسة من املدرسني فيه عىل األكرث يتناوبون العضوية فيام بينهم دوريًا كل سنة

باألقدمية يف وظيفة مدرس، عىل أل يجاوز عدد املدرسني يف املجلس عدد باقي أعضاء هيئة التدريس فيه.

27. راجع قانون تنظيم الجامعات رقم )49( لسنة 1972 مادة )55(

28. مرفق )1( خطاب وزير التعليم العايل األسبق حسام عيىس بشأن منع املشاركة يف مؤمتر للعالقات املدنية العسكرية

29. مرفقات )2(، )3(، بشأن خطاب وزير التعليم العايل إىل رئيس جامعة القاهرة، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم )220( لسنة 1986 بشأن تنظيم املؤمترات الدولية يف مرص

http://bit.ly/1G7oN6Z - 2013 30. مؤسسة حرية الفكر والتعبري، تجارة املنصورة تؤجل مناقشة رسالة ماجستري لحتجاج ممرضات عىل موضوعها، 19 فرباير

Page 17: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

17

ثانيًا: قضايا مرتبطة بالتضييق على الحق في التدريس:

منع تدريس كتاب يف التاريخ العرتاض طالب سلفيني عىل مضمونه: منعت جامعة املنيا تدريس كتاب للدكتور يونس الخرضي، األستاذ املساعد (1)

بقسم التاريخ بجامعة املنيا، يف 11 ديسمرب 2012، بعد احتجاج طالب سلفيني عىل محتوى الكتاب والزعم أن األستاذ يعمل عىل نرش املذهب الشيعي. 31

منع تدريس كتابات سيد قطب يف البالغة العرتاض إدارة جامعة القاهرة: تعرضت الدكتورة مديحة السايح، أستاذة بكلية دار العلوم بجامعة (2)القاهرة، للتحقيق والوقف عن العمل ملدة 3 شهور، يف 22 يناير 2015، بسبب اعرتاض إدارة جامعة القاهرة عىل قيامها بتدريس مادة علمية من

كتابات سيد قطب عن بالغة القرآن الكريم. وتم منع تدريس كتابات سيد قطب حول بالغة القرآن الكريم.

الحرية انتهاك األكادميية، ولكن هذه حالت مختلفة ومتنوعة إلظهار مدى الحرية انتهاكات تقديم حرص بكل السابقة الحالت الهدف من عرض ليس األكادميية، ومشاركة عوامل مختلفة يف التأثري عىل مناخ الحرية األكادميية.

وميكن القول أن الجامعات املرصية قد عرفت تدخالت مستمرة من قبل السلطة التنفيذية يف عمل أعضاء هيئة التدريس. ونتيجة للمحاولت املستمرة من السلطة التنفيذية للسيطرة عىل الجامعات، تزايدت القرارات التي تصدر إلعاقة وتقييد حرية البحث والتدريس واملشاركة يف املؤمترات وعقدها سواء يف الخارج أو يف الجامعات املرصية. وقد أكملت إدارات الجامعات لعب هذا الدور من خالل تصديها للباحثني خاصة يف مرحلتي املاجستري والدكتوراه ومنع

األبحاث التي تستند عىل منهج علمي، ملجرد مخالفتها آلراء وتوجهات املسئولني يف الجامعات.

األكادميية الحرية لتقييد الخطورة غاية يف أدورًا اإلعالم أو املجتمع من فئات أو الدينية التيارات أو الطالب يلعب قد أخرى، ناحية ومن إحالة حتى أو الكتب، بعض نرش منع أو ماجستري، رسائل وقف أو بعينها، مناهج تدريس ملنع بالجامعات، املسئولني عىل والضغط دكتوراه. أو ماجستري لرسالة مناقشة أو علمية، مادة تدريس بخصوص أجروها نقاشات عىل بناًءا للتحقيقات، التدريس هيئة أعضاء

ولعله من املهم التأكيد عىل أن غالبية انتهاكات الحرية األكادميية ل يتم اإلعالن عنها، لرغبة الباحثني أو أعضاء هيئة التدريس، يف إيثار السالمة والحفاظ عىل األمان الوظيفي، واستكامل عملهم. ويف اآلونة األخرية، زادت القيود املفروضة عىل البحث والنقاش يف املجتمع األكادميي سواء من

خارجه أو من داخله.

ومن األخطار التي تواجه الحرية األكادميية ما يعرف بـ »الرقابة الذاتية« التي قد يفرضها أعضاء املجتمع األكادميي عىل عملهم البحثي واألكادميي ويتجنبون تناول قضايا بعينها تجنبًا للتعرض لالنتهاكات والتهديد خاصة القضايا الشائكة املرتبطة بالسياسة أو الجنس أو الدين. وترتبط الرقابة الذاتية بالقيود والتضييق

والتهديدات املستمرة التي تفرضها السلطة التنفيذية أو األجهزة األمنية أو املجتمع لحظر تناول موضوعات بعينها.

وتجدر اإلشارة أيًضا إىل تردي املناخ العام للحقوق والحريات ألعضاء املجتمع األكادميي يف نشاطاتهم العامة خارج أو داخل الجامعات، فام يتعرض له أعضاء هيئة التدريس من مالحقة وعقوبات سواء داخل الجامعة أو خارجها، وكذلك إهدار استقاللية الجامعات وتبعية قياداتها للسلطة التنفيذية، يقود إىل التأثري

سلبًا عىل الحرية األكادميية، وعىل قدرة أعضاء هيئة التدريس عىل العمل والبحث األكادميي.

ويبدو ذلك جليًا من خالل تعرض 200 من أعضاء هيئة التدريس عىل األقل للحبس، تم إخالء سبيل 40 منهم عىل األقل، عىل خلفية اتهامات جنائية، مرتبطة بنشاطهم السيايس وتوجهاتهم الفكرية. كام تعرض 120 من أعضاء هيئة التدريس عىل األقل للتحقيق والتأديب، لنفس السبب، تعرض بعضهم للوقف عن العمل لفرتات تصل إىل عدة أشهر. وتعرض 30 من أعضاء هيئة التدريس عىل األقل لعقوبة العزل من الوظيفة. وتغطي هذه التقديرات الفرتة من 3 يوليو 2013 وحتى يناير 2015، وفًقا ملا تابعته مؤسسة حرية الفكر والتعبري من معلومات عمل عىل توثيقها مجموعة من أعضاء هيئة التدريس الناشطني يف

الجامعات الحكومية والخاصة وجامعة األزهر واملعاهد العليا.

كام أصدر الرئيس عبد الفتاح السييس قراًرا بتغيري نظام اختيار القيادات الجامعية إىل التعيني بدًل عن النتخاب، قبل بدء العام الدرايس 2015/2014، وتخللت هذه الفرتة محاولت أفضت إىل إبعاد 3 من رؤساء الجامعات من مناصبهم نظرًا لتبنيهم توجهات فكرية تعتربها السلطة السياسية مناهضة لها. ولعبت هذه التعديالت دوًرا شديد الخطورة يف إضعاف استقالل الجامعة وامتالك السلطة التنفيذية األدوات الالزمة للضغط عىل رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، وهو ما انعكس عىل أداء القيادات الجامعية وازدياد تحويل الطالب وأعضاء هيئة التدريس للتحقيق والتأديب، والتضييق عىل النشاط العام داخل الجامعات،

رغبة يف إرضاء السلطة التنفيذية وتوجهات النظام السيايس املعادية للحريات العامة. 32

31. توثيق مؤسسة حرية الفكر والتعبري، مراسيل املرصد الطاليب، 11 ديسمرب 2012

32. راجع تقرير خنق املجال العام الصادر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبري، صفحة: 13 ، بتاريخ: 9 أبريل 2015

Page 18: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

18

خاتمة

عرضت هذه الورقة تطور مفهوم الحرية األكادميية، والتعريفات التي صاغتها مؤسسات األمم املتحدة واألكادمييني واملؤسسات املتخصصة يف التعليم العايل، وحالة الحرية األكادميية يف الجامعات املرصية.

وتأمل مؤسسة حرية الفكر والتعبري أن متثل هذه الورقة منطلًقا ملزيد من املناقشات والعمل املشرتك بني كافة أعضاء املجتمع األكادميي واملهتمني بشئون الجامعات املرصية، لنرش الحرية األكادميية والدفاع عنها وتوثيق وفضح االنتهاكات املتكررة للحرية األكادميية.

العلمية، بالوظيفة األكادميية والسعي إلنتاج املعرفة الحرية األكادميية والذي يجب أن يكون مرتبطًا التأكيد عىل أهمية تحديد نطاق مفهوم وينبغي أيًا كان شكل ذلك، من نرش وبحث وتدريس ونقاش، وال ميكن القبول بوجود قيود سواء خارجية أو داخلية عىل أعضاء املجتمع األكادميي وهم يؤدون

وظائفهم العلمية.

إن تحديد مفهوم الحرية األكادميية ميهد لفهم أفضل لالنتهاكات املتعلقة بها وإيجاد طريقة واضحة لتبادل اآلراء ووجهات النظر حول كيفية الدفاع عن الحرية األكادميية وتعزيزها يف الجامعات املرصية، ويجنب كافة املهتمني هذا الغموض واللغط الذي لطاملا صاحب املناقشات والكتابات والحمالت التي

تناولت قضايا الحرية األكادميية يف مرص.

http://bit.ly/1ynoHut

Page 19: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

19

مرفق )1(

Page 20: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

20

مرفق )2(

Page 21: ةيميداكلأا ةيرحلا موهفمafteegypt.org/wp-content/uploads/ورقة-الحرية-الاكاديمية-Online2.pdf · 5. ةقرولا صخلم. اًيربك لدج

21

مرفق )3(