1

تاريخ األمم والملوك

المعروف بتاريخ الطبري

لإلمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري

م923م والمتوفي في بغداد عام 839المولود في طبرستان عام

2

الجزء األول

بسم اهللا الرحمن الرحيم

على آل شيء بغير انتقال، والخالق الحمد هللا األول قبل آل أول، واآلخر بعد آل آخر، والدائم بال زوال، والقائم له . خلقه من غير أصل وال مثال فهو الفرد الواحد من غير عدد، وهو الباقي بعد آل أحد، إلى غير نهاية وال أمد

الكبرياء والعظمة، والبهاء والعزة، والسلطان والقدرة، تعالى عن أن يكون له شريك في سلطانه أو في وحدانيته معين أو ظهير، أو أن يكون له ولد، أو صاحبة أو آفء أحد، ال تحيط به األوهام، وال تحويه نديد، أو في تدبيره

.، وال تدرآه األبصار، وهو يدرك األبصار، وهو اللطيف الخبيراألقطار

أحمده على آالئه، وأشكره على نعمائه، حمد من أفرده بالحمد، وشكر من رجا بالشكر منه المزيد، وأستهديه من

.والعمل لما يقربني منه ويرضيه، وأومن به إيمان مخلص له التوحيد، ومفرد له التمجيدالقول وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له، وأشهد أن محمدا عبده النجيب، ورسوله األمين، اصطفاه لرسالته، وابتعثه

ه، وعبده حتى أتاه اليقين من عنده، غير بوحيه، داعيا خلقه إلى عبادته، فصدع بأمره، وجاهد في سبيله، ونصح ألمت .مقصر في بالغ، وال وان في جهاد، صلى اهللا عليه أفضل صالة وأزآاها، وسلم

أما بعد، فإن اهللا جل جالله، وتقدست أسماؤه، خلق خلقه من غير ضرورة آانت به إلى خلقهم، وأنشأهم من غير

ره ونهيه، وامتحنه بعبادته، ليعبدوه فيجود عليهم بنعمه، حاجة آانت به إلى إنشائهم، بل خلق من خصه منهم بأموما خلقت الجن : " وليحمدوه على نعمه فيزيدهم من فضله ومننه، ويسبغ عليهم فضله وطوله، آما قال عز وجل

" .ما أزيد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن اهللا هو الرزاق ذو القوة المتين . واإلنس إلى ليعبدونفي سلطانه على ما لم يزل قبل خلقه إياهم مثقال ذرة، وال هو إن أفناهم وأعدمهم - إذ خلقهم -خلقه إياهم فلم يزده

ينقصه إفناؤه إياهم ميزان شعرة، ألنه ال تغيره األحوال ، وال يدخله المالل، وال ينقص سلطانه األيام والليال، ألنه ه وجوده، وشملهم آرمه وطوله فجعل لهم أسماعا وأبصارا خالق الدهور واألزمان، فعم جميعهم في العاجل فضل

وأفئدة، وخصهم بعقول يصلون بها إلى التمييز بين الحق والباطل، ويعرفون بها المنافع والمضار، وجعل لهم األرض بساطا ليسلكوا منها سبال فجاجا، والسماء سقفا محفوظا وبناء مسموآا، وأنزل لهم منها الغيث باإلدرار،

زاق بالمقدار، وأجرى لهم فيها قمر الليل وشمس النهار يتعاقبان بمصالحهم دائبين، فجعل لهم الليل لباسا، واألربين قمر الليل وشمس النهار، فمحا آية الليل وجعل أية النهار - منا منه عليهم وتطوال -والنهار معاشا، وخالف

والنهار آيتين فمحونا أية الليل وجعلنا أية النهار مبصرة وجعلنا الليل: " مبصرة، آما قال جل جالله وتقدست أسماؤه " .لتبتغوا فضال من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وآل شيء فصلناه تفصيال

وليصلوا بذلك إلى العلم بأوقات فروضهم التي فرضها عليهم في ساعات الليل والنهار والشهور والسنين، من : " ام وغير ذلك من فروضهم، وحين حل ديونهم وحقوقهم، آما قال عز وجلالصلوات والزآوات والحج والصي

هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل : " ، وقال" يسألونك عن األهلة قل هي مواقيت للناس والحج ف الليل والنهار إن في اختال. لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق اهللا ذلك إلى بالحق يفصل اآليات لقوم يعلمون

" .وما خلق اهللا في السموات واألرض آليات لقوم يتقون

إنعاما منه بكل ذلك على خلقه، وتفضال منه به عليهم وتطوال، فشكره على نعمه التي أنعمها عليهم من خلقه خلق وإذا : " جالله بقولهعظيم، فزاد آثيرا منهم من آالئه وأياديه، على ما ابتدأهم به من فضله وطوله، آما وعدهم جل

، وجمع لهم إلى الزيادة التي زادهم في عاجل دنياهم، " تأذن ربكم لئن شكرتم ألزيدنكم ولئن آفرتم إن عذابي لشديد وأخر لكثير منهم الزيادة التي وعدهم فمدهم إلى حين . الفوز بالنعيم المقيم، والخلود في جنات النعيم، في آجل آخرتهم

وآفر نعمه خلق منهم عظيم، . دومهم عليه، توفيرا منه آرامته عليهم يوم تبلى السرائرووقت ق. مصيرهم إليه

3

فجحدوا آالءه وعبدوا سواه، فسلب آثرا منهم ما ابتدأهم به من الفضل واإلحسان، وأحل بهم النقمة المهلكة في استدراجا منه لهم، وتوقيرا منه العاجل، وذخر لهم العقوبة المخزية في اآلجل، ومتع آثيرا منهم بنعمه أيام حياتهم

.عليهم أو زارهم، ليستحقوا من عقوبته في اآلجل ما قد أعد لهم

.نعوذ باهللا من عمل يقرب من سخطه، ونسأله التوفيق لما يدنى من رضاه ومحبته

حال فنائهم، وأنا ذاآر في آتابي هذا من ملوك آل زمان، من لدن ابتدأ ربنا جل جالله خلق خلقه إلى: قال أبو جعفرمن انتهى إلينا خبره ممن ابتدأه اهللا تعالى بآالئه ونعمه فشكر نعمه، من رسول له مرسل، أو ملك مسلط، أو خليفة مستخلف، فزاده إلى ما ابتدأه به من نعمه في العاجل نعما، وإلى ما تفضل به عليه فضال، ومن أخر ذلك له منهم،

ومن آفر منهم نعمه فمتعه . مه فسلبه ما ابتدأه به من نعمه، وعجل له نقمهومن آفر منهم نع. وجعله له عنده ذخرافما أنعم به عليه إلى حين وفاته وهالآه، مقرونا وذآر آل من أنا ذاآره منهم في آتابي هذا بذآر زمانه، وجمل ما

الكبت، مع ذآرى آان من حوادث األمور في عصره وأيامه إذ آان االستقصاء في ذلك يقصر عنه العمر وتطول بهمع ذلك مبلغ مدة أآله، وحين أجله، بعد تقديمي أمام ذلك ما تقديمه بنا أولى، واالبتداء به قبله أحجى، من البيان عن

ما هو؟ وآم قدر جميعه، وابتداء أوله، انتهاء آخره؟ وهل آان قبل خلق اهللا تعالى إياه شيء غيره؟ وهل هو : الزمانير وجه المسبح الخالق، تعالى ذآره؟ وما الذي آان قبل خلق اهللا إياه؟ وما هو آائن بعد فان؟ وهل بعد فنائه شيء غ

فنائه وانقضائه؟ وآيف آان ابتداء خلق اهللا تعالى إياه، وآيف يكون فناؤه؟ والداللة على أن ال قديم إال اهللا الواحد ز من الداللة غير طويل، إذ لم نقصد بكتابنا القهار، الذي له ملك السموات واألرض وما بينهما وما تحت الثرى بوجي

هذا قصد االحتجاج لذلك، بل لما ذآرنا من تأريخ الملوك الماضين وجمل من أخبارهم، وأزمان الرسل واألنبياء ومقادير أعمارهم، وأيام الخلفاء السالفين وبعض سيرهم، ومبالغ والياتهم، والكائن الذي آان من األحداث في

ذآر صحابة نبينا محمد صلى اهللا عليه وسلم -إن شاء اهللا أيد منه بعون وقوة - ا متبع آخر ذلك آله أعصارهم، ثم أنثم . وأسمائهم وآناهم ومبالغ أنسابهم ومبالغ أعمارهم، ووقت وفاة آل إنسان منهم، والموضع الذي آانت به وفاته

ثم ملحق بهم ذآر من آان . رطنا من ذآرهممتبعهم ذآر من آان بعدهم من التابعين لهم بإحسان، على محو ما شبعدهم من الخلف لهم آذلك، وزائد في أمورهم لإلبانة ممن حمدت منهم روايته، وتقبلت أخباره، ومن رفضت منهم

وما السبب الذي من أجله نبذ منهم خبره، والعلة التي من . روايته ونبذت أخباره، ومن وهن منهم نقله، وضعف خبره .هن منهم نقلهأجلها وهن من و

وإلى اهللا عز وجل أنا راغب في العون ما أقصده وأنويه، والتوفيق لما ألتمسه وأبغيه، فإنه ولي الحول والقوة،

وليعلم الناظر في آتابنا هذا أن اعتمادي في آل ما أحضرت ذآره فيه مما شرطت أني راسمه فيه، إنما هو على ما أنا ذاآرها فيه، واآلثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه، دون ما أدرك بحجج العقول، رويت من األخبار التي

واستنبط بفكر النفوس، إال اليسير القليل منه، إذ آان العلم بما آان من أخبار الماضين وما هو آائن من أبناء ين، ونقل الناقلين، دون االستخراج الحادثين، غير واصل إلى من لم يشاهدهم ولم يدرك زمانهم، إال بإخبار المخبر

فما يكن في آتابي هذا من خبر ذآرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو . بالعقول، واالستنباط بفكر النفوسيستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة، وال معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من

.من قبل بعض ناقليه إلينا، وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدى إليناقبلنا، وإنما أتى

القول في الزمان ما هو

: " فالزمان هو ساعات الليل والنهار، وقد تعال ذلك للطويل من المدة والقصر منها، والعرب تقول: قال أبو جعفروزمن " أتيتك زمان الصرام : " وقول. أمير إذ الحجاج: تعنى به - " أتيتك زمان الحجاج أمير، وزمن الحجاج أمير

فيجمعون الزمان، يريدون بذلك أن " أتيتك أزمان الحجاج أمير : " ويقولن أيضا. تعني به وقت الصرام -الصرام :يجعلوا آل وقت من أوقات إمارته زمانا من األزمنة آما قال الراجز

شرازم بضحك منه التواق... جاء الشتاء وقميصي أخالق .أرض سباسب، ونحو ذلك: عل القميص أخالقا، يريد بذلك وصف آل قطعة منه باألخالق، آما يقولونفج

4

:زمن قول أعشى بني قيس بن ثعلبة: ومن قولهم للزمان عفيف المناخ طويل التغن... وآنت أمرأ زمنا بالعراق

.ى ما قد بينت ووصفتزمنا وزمانا فالزمان اسم لما ذآرت من ساعات الليل والنهار عل: يريد بقوله

القول في آم قدر جميع الزمان

من ابتدائه إلى انتهائه وأوله إلى آخره

.قدر جميع ذلك سبعة آالف سنة: اختلف السلف قبلنا من أهل العلم في ذلك، فقال بعضهم

عن سعيد بن حدثنا يحيى بن يعقوب، عن حماد،: حدثنا يحيى بن واضح قال: ذآر من قال ذلك حدثنا بان حميد، قالالدنيا جمعة من جمع اآلخرة، سبعة آالف سنة، فقد مضى ستة آالف سنة ومائتا سنة، : جبير، عن ابن عباس، قال

.وليأتين عليها مئون من سنين ليس عليها موحد .قدر جميع ذلك ستة آالف سنة: وقال آخرون

:ذآر من قال ذلك .الدنيا ستة آالف سنة: قال آعب: فيان، عن األعمش، قالحدثنا معاوية بن هشام، عن س: حدثنا أبو هشام، قال

حدثني عبد الصمد بم معقل، أنه سمع وهبا : حدثنا سماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثنا محمد بن سهل بن عسكر، قالقد خال من الدنيا خمسة آالف سنة وستمائة سنة، وإني ألعرف آل زمان منها، ما آان فيه من الملوك : يقول .ستة آالف سنة: آم الدنيا؟ قال: قلت لوهب بن منبه. بياءواألن

والصواب من القول في ذلك ما دل على صحته الخبر الوارد عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، : قال أبو جعفر

ابن حدثنا سفيان عن عبد اهللا بن دينار، عن: حدثنا مؤمل، قال: وذلك ما حدثنا به محمد بن بشار وعلي بن سهل، قاالأجلكم من أجل من آان قبلكم، من صالة العصر إلى : " سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ويقول: عمر، قال

" .مغرب الشمس

سمعت النبي صلى : حدثني محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال " .في أجل من خال من األمم، آما بين صالة العصر إلى مغرب الشمس أال إنما أجلكم: " اهللا عليه وسلم يقول

حدثني عمار بن محمد، ابن أخت سفيان الثوري، أبو اليقظان، عن ليث بن أبي سليم، : حدثنا الحسن بن عرفة، قاللدنيا إلى وما بقي ألمتي من ا: " قال رسول اهللا صلى عليه وسلم: عن مغيرة بن حكيم، عن عبد اهللا بن عمر، قال

" .آمقدار الشمس إذا صليت العصر

سمعت سلمة بن آهيل، عن مجاهد، عن ابن : حدثنا أبو نعيم، قال حدثنا شريك، قال: حدثني محمد بن عوف، قال

ما أعمارآم : " آنا جلوسا عند النبي صلى اهللا عليه وسلم والشمس مرتفعة على قعيقعان بعد العصر، فقال: عمر، قال " .مضى إال آما بقي من هذا النهار فيما مضى منه في أعمار من

-حدثنا خلف بن موسى : حدثني خلف بن موسى، وقال ابن المثنى: قال ابن بشار -حدثنا ابن بشار ومحمد بن المثنى وقد آادت -حدثني أبي، عن قتادة، عن أنس بن مالك أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم خطب أصحابه يوما : قال

والذي نفس محمد بيده ما بقي من دنياآم فيما مضى منها إال : " فقال - أن تغيب، ولم يبقى منها إال شق يسير الشمس " .آما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه، وما ترون من الشمس إال اليسير

النبي صلى اهللا قال: حدثنا ابن عنيننة، عن علي بن زيد، عن أبي نضر، عن أبي سعيد، قال: حدثنا ابن وآيع، قال " .إنما مثل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها آبقية يومكم هذا فيما مضى منه : " عليه وسلم عند غروب الشمس

حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي : حدثنا هناد بن السرى وأبو هشام الرفاعي، قاال .وأشار بالسبابة والوسطى -" بعثت أنا والساعة آهاتين : " ه وسلمقال رسول اهللا صلى اهللا علي: هريرة، قال

5

حدثنا أبو آريب، حدثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي .بنحوه

قال : سمرة قالحدثنا أبو األحوص وأبو معاوية، عن األعمش، عن أبي خالد الوالبي، عن جابر بن : حدثنا هناد، قال

" .بعثت أنا والساعة آهاتين : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

حدثنا عثام بن علي، عن األعمش، عن أبي خالد الوالبي، عن جابر بن سمرة، قالك آأني : حدثنا أبو آريب، قال

بعثت أنا والساعة : " وهو يقول -وأشار بالمسبحة والتي تليه -أنظر إلى إصبعي رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم " .آهذه من هذه

قال : حدثنا فطر، عن أبي خالد الوالبي عن جابر بن سمرة، قال: حدثني يحيى بن واضح، قال: حدثنا ابن حميد، قال

حدثنا ابن . وجمع بين إصبعيه السبابة والوسطى -" بعثت من الساعة آهاتين : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمسمعت قتادة يحدث، قال حدثنا أنس بن مالك، قال رسول : حدثنا شعبة، قال: دثنا محمد بن جعفر، قالح: المثنى، قال

آفضل إحداهما : سمعت قتادة يقول في قصصه: قال شعبة" . بعثت أنا والساعة آهاتين : " اهللا صلى اهللا عليه وسلم .ال أدري أذآره عن أنس أو قاله قتادة: على األخرى، قال

رسول : حدثنا أنس بن مالك، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، قال: حدثنا النضر بن شميل، قال: د بن أسلم، قالحدثنا خال

" .بعثت أنا والساعة آهاتين : " اهللا صلى اهللا عليه وسلم

ه حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى اهللا علي: حدثنا يزيد، قال: حدثنا مجاهد بن موسى، قال .وأشار بالوسطى والسبابة: وسلم مثله، وزاد في حديثه

حدثنا إسماعيل بن عبيد اهللا، : حدثنا أيوب بن سويد، عن األوزاعي، قال: حدثنا محمد بن عبد اهللا بن عبد الحكم، قال

وسلم يذآر به ماذا سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه: قدم أنس بن مالك على الوليد بن عبد الملك، فقال له الوليد: قال .وأشار بإصبعيه" أنتم و الساعة آهاتين : " سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول: الساعة؟ قال

قدم أنس : حدثني إسماعيل بن عبيد اهللا، قال: حدثنا األوزاعي، قال: أخبرني أبي، قال: حدثني العباس بن الوليد، قال

ماذا سمعت من رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يذآر به الساعة؟ : الوليد بن مالك على الوليد بن عبد الملك، فقال له " .أنتم والساعة آتين : " سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول: قال

حدثني إسماعيل بن عبيد اهللا، : حدثنا عمر وبن آبي سلمة، عن األوزاعي، قال: حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال

.مالك على الوليد بين عبد الملك، فذآر مثله قدم أنس بن: قال

حدثني معبد، حدث أنس، عن رسول اهللا : حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: حدثني محمد بن عبد األعلى، قال

.هكذا: ، وقال بإصبعيه" بعثت أنا والساعة آهاتين : " صلى اهللا عليه وسلم أنه قالقال رسول اهللا صلى : حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن أنس، قال: ب بن جرير، قالحدثنا وه: حدثنا ابن المثنى قال

.وأشار وهب بالسبابة والوسطى: قال أبو موسى. السبابة والوسطى" : بعثت أنا والساعة آهاتين : " اهللا عليه وسلم

6

قال : التياح وقتادة، عن أنس، قالحدثنا شعبة، عن أبي : حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثني عبد اهللا بن أبي زياد، قال .، وقرن بين إصبعيه" بعثت أنا والساعة آهاتين : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

: حدثنا سهل بن سعد، قال: حدثنا الفضيل بن سليمان، حدثنا أبو حازم، قال: حدثني محمد بن عبد اهللا بن بزيع، قال " .بعثت أنا والساعة آهاتين : " عيه هكذا، الوسطى والتي تلي اإلبهامرأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال بإصب

حدثنا أبو ضمرة، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول اهللا صلى : حدثنا محمد بن يزيد اآلدمي، قال

ما مثلي : " وقال -وضم بين إصبعيه الوسطى، والتي تلي اإلبهام -" بعثت والساعة آهاتين : " اهللا عليه ولسم قالما مثلي ومثل الساعة إال آمثل رجل بعثه قوم طليعة، فلما خشي أن : " ، ثم قال" ومثل الساعة إلى آفرسي رهان

" .أتيتم، أتيتم، أنا ذاك أنا ذاك : يسبق أالح بثوبه

رسول اهللا صلى قال : حدثنا أبو آريب، قال حدثنا خالد، عن محمد بن جعفر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال

.، وجمع بني إصبعيه" بعثت أنا والساعة آهاتين : " اهللا عليه وسلمقال : حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد، قال: حدثنا سليمان بن بالل، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا أبو آريب، قال

.وسطى والتي تلي اإلبهامال: وقرن بين إصبعيه" بعثت أنا والساعة هكذا : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

حدثني أبو حازم، عن : حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال

.وجمع بين إصبعية" بعثت أنا والساعة آهاتين : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: سهل بن سعد، قال

سمعت : حدثني عبد اهللا بين بريدة، عن أبيه، قال: نعيم، عن بشير بن المهاجر، قالحدثنا أبو : حدثنا أبو آريب، قال

" .بعثت أنا والساعة جميعا، إن آادت لتسبقني : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول

حدثني عبيدة بن األسود، عن مجالد، عن: حدثنا يحيى بن عبد الرحمن، قال: حدثني محمد بن عمر بن هياج، قال

بعثت في نفس الساعة، : " قيس بن أبي حازم، عن المستورد بن شداد الفهري، عن النبي صلى اهللا عليه وسلم أنه قال .إلصبعيه السبابة والوسطى، ووصف لنا أبو عبد اهللا، وجمعهما" سبقتها آما سبقت هذه هذه

، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حدثنا المسعودي: حدثنا أبو نصر، قال: حدثني أحمد بن محمد بن حبيب، قال

وأشار بإصبعيه - ، " بعثت مع الساعة آهاتين : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: الشعبي، عن أبي جبيرة، قال " .آفضل هذه على هذه " - الوسطى والسبابة

أبي جبيرة، عن أشياخ أخبرنا إسماعيل، عن شبيل بن عوف، عن: أخبرنا يزيد، قال: حدثنا تميم بن المنتصر، قال

وأرانا : قال الطبري - " جئت أنا والساعة هكذا : " سمعنا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول: من األنصار، قالواسبقتها آما سبقت : " وقال -أشار يزيد بإصبعيه السبابة والوسطى وضمهما : تميم، وضم السبابة والوسطى وقال لنا

" .، أو في نفس الساعة "هذه هذه في نفس من الساعة

فمعلوم إذ آان اليوم أوله طلوع الفجر وآخره غروب الشمس، وآان صحيحا عن نبينا صلى اهللا عليه وسلم، ما

7

ما بقي من الدنيا فيما مضى منها إلى آما بقي من يومكم هذا فيما : " رويناه عنه قبل، أنه قال بعد ما صلى العصر " .مضى منه

، " سبقتها بقدر هذه من هذه " - وجمع بين السبابة والوسطى - " بعثت أنا والساعة آهاتين : " وأنه قال ألصحابه

على - وذلك إذا صار ظل آل شيء مثليه -يعني الوسطى من السبابة، وآان قدر ما بين أوسط أوقات صالة العصر ضل ما بين الوسطى والسبابة، إنما التحري إنما يكون قدر نصف سبع اليوم، يزيد قليال أو ينقص قليال، وآذلك ف

.يكون نحوا من ذلك وقريبا منه

حدثني : وآان صحيحا مع ذلك عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ما حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قالأنه عمي عبد اهللا بن وهب قال حدثني معاوية بن صالح بن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير،

لن يعجز : " إن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال: سمع أبا ثعلبة الخشي صاحب النبي صلى اهللا عليه وسلم يقولالذي " لن يعجز اهللا هذه األمة من نصف يوم " ، وآان معنى قول النبي ذلك أن " اهللا هذه األمة من نصف يوم

ن ذآرت من مبلغ قدر مدة جميع الزمان، اللذين أحمدهما عن ابن اللذي - آان بينا أن أولى القولين - مقداره ألف سنة بالصواب، وأشبههما بما دلت عليه األخبار الواردة عن رسول اهللا صلى اهللا عليه -عباس، واآلخر منهما عن آعب

آذلك، وإذا آان ذلك. الدنيا جمعة من جمع اآلخرة سبعة آالف سنة: وسلم قول ابن عباس، الذي روينا عنه أنه قالوآان الخبر عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم صحيحا أنه أخبر عن الباقي من ذلك في حيانه أنه نصف يوم، وذلك

آان معلوما أن الماضي من -خمسمائة عام، إذا آان ذلك نصف يوم من األيام التي قدر اليوم الواحد منها ألف عام ما رويناه عن أبي ثعلبة الخشي عنه، آان قدر ستة آالف سنة الدنيا إلى وقت قول النبي صلى اهللا عليه وسلم .واهللا أعلم. وخمسمائة سنة، أو نحوا من ذلك وقريبا منه

من أثبت ما قيل في ذلك عندنا من القول، - في قدر مدة أزمان الدنيا، من مبدأ أولها إلى منهى آخرها -فهذا الذي قلنا

ذلك، وقد روي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم خبر يدل على صحة قول للشواهد الدالة التي بيناها على صحة إن الدنيا آلها ستة آالف سنة، لو آان صحيحا سنده لم نعد القوم به إلى غيره، وذلك ما حدثني به محمد بن : من قال

ن أبي هريرة، حدثنا عبد الصمت ابن عبد الوارث، حدثنا زبان، عن عاصم، عن أبي صالح، ع: سنان القزاز، قال " .الحقب ثمانون عاما، اليوم منها سدس الدنيا : " أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال

فبين من هذا الخبر أن الدنيا آلها ستة آالف سنة، وذلك أن اليوم الذي هو من أيام اآلخرة إذا آان مقداره ألف سنة من

آان معلوما بذلك أن جميعها ستة أيام من أيام اآلخرة، وذلك ستة سني الدنيا، وآان اليوم الواحد من ذلك سدس الدنيا، .آالف سنة

على ما في التوراة مما هو فيها من لدن خلق اهللا آدم إلى وقت الهجرة، -وقد زعم اليهود أن جميع ما ثبت عندهم

سنة، وقد ذآروا تفصيل ذلك أربعة آالف سنة وستمائة واثنتان وأربعون -وذلك في التوراة التي هي في أيديهم اليوم وسأذآر تفصيلهم ذلك . بوالدة رجل رجل، ونبي نبي، وموته من عهد آدم إلى هجرة نبينا محمد صلى اهللا عليه وسلم

إن شاء اهللا، وتفصيل غيرهم ممن فصله من علماء أهل الكبت وغيرهم من أهل العلم بالسير وأخبار الناس إذا .انتهيت إليه إن شاء اهللا

اليونانية من النصارى فإنها تزعم أن الذي ادعته اليهود من ذلك باطل، وأن الصحيح من القوم في قدر مدة أيام أما

من لتدن خلق اهللا آدم إلى وقت هجرة نبينا محمد صلى اهللا عليه وسلم على سياق ما عنهم في التوراة التي -الدنيا وذآروا تفصيل ما ادعوه من ذلك . ن وتسعون سنة وأشهرخمسة آالف سنة وتسعمائة سنة واثنتا - هي في أيديهم

بوالدة نبي نبي، وملك ملك، ووفاته من عهد آدم إلى وقت هجرة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وزعموا أن اليهود إنما تقصوا ما تقصوا من عدد مسني ما بين تاريخهم وتاريخ النصارى دفعا منهم لنبوة عيسى بن مريم عليه السالم

8

لم يأت الوقت الذي وقت لنا في التوراة أن الذي صفته صفة : إذا آانت صفته ووقت مبعثه مثبتة في التوراة، وقالوا .خروجه ووقته -بزعمهم - عيسى يكون فيه، وهم ينتظرون

وأحسب أن الذي ينتظرونه ويدعون أن صفته في التوراة مثبتة هو الدخال الذي وصفه رسول اهللا صلى اهللا عليه

.وسلم ألمته، وذآر لهم أن عامة أتباعه اليهود، فإن آان ذلك هو عبد اهللا بني صياد، فهو من نسل اليهودوأما المجوس فإنهم يزعمون أن قدر مدة الزمان من لدن ملك جيومرت إلى وقت هجرة نبينا صلى اهللا عليه وسلم

ذلك نسبا يعرف فوق جيومرت، ويزعمون أنه آدم ثالثة آلفة سنة ومائة سنة وتسع وثالثون سنة، وهم ال يذآرون مع .أبو البشر، صلى اهللا عليه وسلم وعلى جميع أنبياء اهللا ورسله

ثم أهل األخبار بعد في أمره مختلفون، فمن قائل منهم فيه مثل قول المجوس، ومن قائل منهم أنه تسمى بآدم بعد أن نوح، آان بنوح لعيه السالم برا ولخدمته مالزما، وعليه حدبا ملك األقاليم السبعة، وأنه إنما هو جامر بن يافت بن

بطول العمر والتمكين في البالد، والنصر على من - لذلك من بره به وخدمته له -شفيقا، فدعا اهللا له ولذريته نوح ، فهو أبو ناوأه وإياهم، واتصال الملك له ولذريته، ودوامه له ولهم، فاستجيب له فيه، فأعطى جيومرت ذلك وولده

الفرس، ولم يزل الملك فيه وفي ولده إلى أن زال عنهم بدخول المسلمين مدائن آسرى، وغلبه أهل اإلسالم إياهم .على ملكهم

ومن قائل غير ذلك، وسنذآر إن شاء اهللا ما انتهى إلينا من القول فيه إذا انهينا إلى ذآرنا تأريخ الملوك ومبالغ .همأعمارهم، وأنسابهم وأسباب ملك

القول في الداللة على حدوث األوقات

واألزمان والليل والنهارقد قلنا قبل إن الزمان إنما هو اسم لساعات الليل والنهار، وساعات الليل والنهار إنما هي مقادير من جرى الشمس

الشمس تجري لمستقر وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون، و: " والقمر في الفلك، آما قال اهللا عز وجلال الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر . لها ذلك تقدير العزيز العليم، والقمر قدرناه منازل حتى عاد آالعرجون القديم

" .وال الليل سابق النهار وآل في فلك يسبحون

الشمس والقمر فإذا آان الزمان ما ذآرنا من ساعات الليل والنهار، وآانت ساعات الليل والنهار إنما هي قطع

درجات الفلك، آان بيقين معلوما أن الزمان محدث والليل والنهار محدثان، وأن محدث ذلك اهللا الذي تفرد بإحداث " .وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر آل في فلك يسبحون : " جميع خلقه، آما قال

وهو -الليل والنهار، بأن أحدهما يرد على الخلق ومن جهل حدوث ذلك من خلق اهللا فإنه لن يجهل اختالف أحوال .بسواد وظلمة، وأن اآلخر منهما يرد عليهم بنور وضياء، ونسخ لسواد الليل وظلمته، وهو النهار - الليل

آان معلوما -فإذا آان ذلك آذلك، وآان من المحال اجتماعهما مع اختالف أحوالهما في وقت واحد في جزء واحد د من أن يكون أحدهما آان قبل اآلخر منهما، وأيهما آان منهما قبل صاحبه فإن اآلخر منهما آان ال شك يقينا أنه ال ب

.بعده، وذلك إبانة ودليل على حدوثهما، وأنهما خلقان لخالقهما

لوم أن ومن الداللة أيضا على حدوث األيام والليالي أنه ال يوم إلى وهو بعد يوم آان قبله، وقبل يوم آائن بعده، فمع

.ما لم يكن ثم آان، أنه محدث مخلوق، وأن له خالقا ومحدثا

شفع أو وتر، فإن يكن شفعا فإن : وأخرى، أنا األيام والليالي معدودة، وما عد من األشياء فغير خارج من أحد العددين

ك دليل على أن لها ابتداء أولهما اثنان، وذلك تصحيح القول بأن لها ابتداء وأوال، وإن آان وترا فإن أولها واحد، وذل .ه من مبتدئ، وهو خالقهوأوال، وما آان له ابتداء فإنه ال بد ل

9

والليل والنهار هل آان اهللا خلق قبل خلقه الزمان القول في

شيئا غير ذلك من الخلق

فإذا .درجات الفلك إن الزمان إنما هو ساعات الليل والنهار، وإن الساعات إنما هي قطع الشمس والقمر: قد قلنا قبل

حدثنا أبو بكر بن : آان ذلك آذلك، وآان صحيحا عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ما حدثنا هناد بن السري، قالأن اليهود -وقرأت سائر الحديث على أبي بكر : قال هناد -عياش، عن أبي سعد البقال، عن عكرمة، عن ابن عباس

خلق اهللا األرض يوم األحد واالثنين، وخلق : ته عن خلق السموات واألرض فقالأتت النبي صلى اهللا عليه وسلم فسألالجبال يوم الثالثاء وما فيهن من منافع، وخلق يوم األربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والحراب، فهذه أربعة،

العالمين، وجعل فيها رواسي قل أثنكم لتكفرون بالذي خلق األرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب: " ثم قالوخلق يوم الخميس السماء : من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين، لمن سأل قال

وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والمالئكة، إلى ثالث ساعات بقيت منه، فخلق في أول ساعة من هذه ومن يموت، وفي الثانية ألقى اآلفة على آل شيء مما ينتفع به الناس، وفي الثالثة الثالث الساعات اآلجال من يحيا

ثم : ثم ماذا يا محمد؟ قال: آدم وأسكنه الجنة، وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة، ثم قالت اليهودى اهللا عليه وسلم غضبا شديدا، ثم استراح، فغضب النبي صل: قالوا: قد أصبت لو أتممت: استوى على العرش، قالوا

" ولقد خلقنا السموات واألرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب، فاصبر على ما يقولون : " فنزل

. أخبرني : قال ابن جريج: حدثني القاسم بن بشر بن معروف والحسين بن علي الصدائي، قاال، حدثنا حجاج، قال

أخذ رسول اهللا : لد، عن عبد اهللا بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة قالإسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خاخلق اهللا التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم األحد، وخلق الشجر يوم : " صلى اهللا عليه وسلم بيدي فقال

س، وخلق أدم بعد العصر االثنين، وخلق المكروه يوم الثالثاء وخلق النور يوم األربعاء وبث فيها الدواب يوم الخمي " .من يوم الجمعة، آخر خلق خلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل

حدثني أبو سلمة بن عبد : حدثنا الفضيل بن سليمان، حدثني محمد بن زيد، قال: حدثنا محمد بن عبد اهللا بن بزيع، قال

هريرة، فذآرا عن النبي صلى اهللا عليه وسلم الساعة التي في يوم أخبرني ابن سالم وأبو : الرحمن بن عوف، قالأنا أعلم أي ساعة هي، بدأ اهللا في خلق السموات واألرض يوم األحد : الجمعة، وذآرا أنه قالها، قال عبد اهللا بن سالم

اج، حدثنا حماد، حدثنا الحج: حدثني المثنى، قال. في آخر ساعة من يوم الجمعة، فهي في آخر ساعة من يوم الجمعةما يوم األحد؟ فقال رسول اهللا صلى : أن اليهود قالوا للنبي صلى اهللا عليه وسلم: عن عطاء بن السائب، عن عكرمة

خلق فيه : فالثالثاء؟ قال: خلق اهللا فيه آدم، قالوا: خلق اهللا فيه األرض وبسطها، قالوا فاالثنين؟ قال: اهللا عليه وسلمخلق السموات، : فيوم الخميس؟ قال: األقوات، قالوا: فيوم األربعاء؟ قال: وما شاء اهللا، قالوا الجبال والماء وآذا وآذا

! سبحان اهللا: قال -وذآروا الراحة - السبت : خلق اهللا في ساعتين الليل والنهار، ثم قالوا: فيوم الجمعة؟ قال: قالوا " .أيام وما مستا من لغوب ولقد خلقنا السموات واألرض وما بينهما في ستة: " فأنزل اهللا

فقد بين هذان الخبران اللذان رويناهما عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن الشمس والقمر خلقا بعد خلق اهللا أشياء

آثيرة من خلقه، وذلك أن حديث ابن عباس عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بأن اهللا خلق الشمس والقمر، وآان . نهار، إذ آان الليل والنهار إنما هو اسم لساعات معلومة من قطع الشمس والقمر درج الفلكذلك آله وال ليل وال

آان معلوما أن ذلك -إذا آان صحيحا أن األرض والسماء وما فيهما، سوى ما ذآرنا، قد آانت وال شمس وال قمر .آله آان وال ليل وال نهار

10

خلق اهللا النور يوم األربعاء : " ليه وسلم، ألنه أخبر عنه أنه قالوآذلك حديث أبي هريرة عن رسول اهللا صلى اهللا ع .يعني بالنور الشمس إن شاء اهللا"

قد زعمت أن اليوم إنما هو اسم لميقات ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ثم زعمت اآلن أن : فإن قال لنا قائلء التي خلقها، فأثبت مواقيت، وسميتها باأليام، وال شمس اهللا خلق الشمس والقمر بعد أيام من أول ابتدائه خلق األشيا

إن اهللا سمى ما ذآرته أياما، : قيل! وال قمر، وهذا إن لم تأت ببرهان على صحته، فهو آالم ينقض بعضه بعضاولهم رزقهم : " فسميته باالسم الذي سماه به، وآان وجه تسمية ذلك أياما، وال شمس وال قمر، نظير قوله عز وجل

وال : " وال بكرة وال عشي هنالك، إذ آان ال ليل في اآلخرة وال شمس وال قمر، آما قال عز وجل" ها بكرة وعشيا في " .يزال الذين آفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم

نما أريد بتسمية ما سمي أياما قبل خلق فسمى تعالى ذآره يوم القيامة يوما عقيما، إذ آان يوما ال ليل بعد مجيئه، وإ

الشمس والقمر قدر مدة ألف عام من أعوام الدنيا، التي العام منها اثنا عشر شهرا من شهور أهل الدنيا، التي تعد ساعاتها وأيامها بقطع الشمس والقمر درج الفلك، آما سمي بكرة وعشيا لما يرزقه أهل الجنة في قدر المدة التي

.ذلك من الزمان في الدنيا بالشمس ومجراها في الفلك، وال شمس عندهم وال ليل آانوا يعرفون

.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال السلف من أهل العلم

حدثني الحجاج، عن أبي جريج، : حدثنا الحسين، قال: حدثني القاسم، قال: ذآر بعض من حضرنا ذآره ممن قال ذلكأمر آل شيء ألف سنة إلى المالئكة، ثم آذلك حتى يمضي ألف سنة، ثم يقضي اهللا عز وجل : عن مجاهد أنه قال

اليوم أن يقول لما يقضي إلى : قال" في يوم آان مقداره ألف سنة : " يقضي أمر آل شيء ألفا، ثم آذلك أبدا، قالوإن : " لىوقوله تعا: ولكن سماه يوما، سماه آما شاء آل ذلك عن مجاهد، قال" آن فيكون : " المالئكة ألف سنة

.هو هو سواء: قال" يوما عند ربك آألف سنة مما تعدون

وبنحو الذي ورد عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم من الخبر، بأن اهللا جل جالله خلق الشمس والقمر بعد خلقه

.السموات واألرض وأشياء غير ذلك، ورد الخبر عن جماعة من السلف أنهم قالوه

:منهم ذآر الخبر عمن قال ذلك

حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا ابن يمان، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن مجاهد، عن ابن " .فقال لها ولألرض ائتيا طوعا أو آرها قالتا أتينا طائعين : " عباس " .أطلعي شمسي وقمري، وأطلعي نجومي : " قال اهللا عز وجل للسموات: قال

.أتينا طائعين: ، فقالتا" شققي أنهارك، وأخرجي ثمارك : " وقال لألرض، خلق فيها شمسها " وأوحى في آل سماء أمرها : " حدثنا سعيد، عن قتادة: قال حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر بن معاذ

.وقمرها ونجومها وصالحها

رناها عنه أن اهللا عز وجل خلق فقد بينت هذه األخبار التي ذآرناها عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وعمن ذآ

.واهللا أعلم. السموات واألرض قبل خلقه الزمان واأليام والليالي، وقبل الشمس والقمر

11

القول في اإلبانة عن فناء الزمان والليل والنه وأن ال شيء يبقى غير اهللا تعالى ذآره

وقوله " بقى وجه ربك ذو الجالل واإلآرام آل من عليها فان وي: " والداللة على صحة ذلك قول اهللا تعالى ذآره

وآان - آما قال جل وعز -فإن آان آل شيء هالك غير وجهه " ال إله إال هو آل شيء هالك إال وجه : " تعالىإذا الشمس : " الليل والنهار ظلمة أو نورا خلقهما لمصالح خلقه، فال شك أنهما فانيان هالكان، آما أخبر، وآما قال

بذلك أنها عميت فذهب ضوءها، وذلك عند قيام الساعة، وهذا ما ال يحتاج إلى اإلآثار فيه، إذ آان يعني " آورت مما يدين باإلقرار به جميع أهل التوحيد من أهل اإلسالم وأهل التوراة واإلنجيل والمجوس، وإنما ينكره قوم من غير

فكل الذين ذآرنا عنهم أنهم مقرون بفناء جميع العالم . أهل التوحيد، لم نقصد بهذا الكتاب قصد اإلبانة عن خطأ قولهمحتى ال يبقى غير القديم الواحد، مقرون بأن اهللا عز وجل محييهم بعد فنائهم، وباعثهم بعد هالآهم، خال قوم من عبدة

.األوثان، فإنهم يقرون بالفناء، وينكرون البعث

القول في الداللة على أن اهللا عز وجل القديم األول

شيء وأنه هو المحدث آل شيء بقدرته تعالى ذآره قبل

فمن الداللة على ذلك أنه ال شيء في العالم مشاهد إال جسم أو قائم بجسم، وأنه ال جسم إال متفرق أو مجتمع، وأنه ال ه مفترق منه إال وهو موهوم فيه االئتالف إلى غيره من أشكاله، وال مجتمع منه إال وهو موهوم فيه االفتراق، وأن

متى عدم أحدهما عدم اآلخر معه، وأنه إذا اجتمع الجزءان منه بعد االفتراق، فمعلوم أن اجتماعهما حادث فيهما بعد .أن لم يكن، وأن االفتراق إذا حدث فيهما بعد االجتماع، فمعلوم أن االفتراق فيهما حادث بعد أن لم يكن

م ما لم يشاهد وما هو من جنس ما شاهدنا في معنى جسم أو وإذا آان األمر فيما في العالم من شيء آذلك، وآان حك

قائم بجسم، وآان ما لم يخل من الحدث ال شك أنه محدث بتأليف مؤلف له إن آان مجتمعا، وتفريق مفرق له إن آان مفترقا وآان معلوما بذلك أن جامع ذلك إن آان مجتمعا ومفرقه إن آان مفترقا من ال يشبهه، ومن ال يجوز عليه

فبين - االجتماع واالفتراق، وهو الواحد القادر الجامع بين المختلفات، الذي ال يشبهه شيء، وهو على آل شيء قدير بما وصفنا أن بارئ األشياء ومحدثها آان قبل آل شيء وأن الليل والنهار والزمان والساعات محدثات وأن محدثها

كون شيء يحدث شيئا إلى ومحدثه قبله، وأن في قوله تعالى الذي يدبرها ويصرفها قبلها، إذ آان من المحال أن يوإلى السماء آيف رفعت، وإلى الجبال آيف نصبت، وإلى األرض . أفال ينظرون إلى اإلبل آيف خلقت: " ذآره

على قدم بارئها، وحدوث آل ما - لمن فكر بعقل، واعتبر بفهم - ، ألبلغ الحجج، وأدل الدالئل " آيف سطحت .لها خالقا ال يشبهها جانسها، وأن

وذلك أن آل ما ذآر ربنا تبارك وتعالى في هذه اآلية من الجبال و األرض و اإلبل فإن ابن آدم يعالجه ويدبره

ثم إن ابن آدم مع ذلك غير قادر على إيجاد . بتحويل وتصريف وحفر ونحت وهدم، غير ممتنع عليه شيء من ذلكعاجز عن إيجاد ذلك لم يحدث نفسه، وان الذي هو غير ممتنع ممن أراد شيء من ذلك من غير أصل، فمعلوم أن ال

تصريفه وتقليبه لم يوجده من هو مثله، وال هو أوجد نفسه، وأن الذي أنشأه وأوجد عينه هو الذي ال يعجزه شيء .أراده، وال يمتنع عليه إحداث شيء شاء إحداثه، وهو اهللا الواحد القهار

أنكرنا ذلك لوجودنا اتصال التدبير وتمام : أن تكون األشياء التي ذآرت من فعل قديمين؟ قيلفما تنكر : فإن قال قائللو آان المدبر اثنين، لم يخلوا من اتفاق أو اختالف، فإن آانا متفقين فمعناهما واحد، وإنما جعل الواحد : الخلق، فقلنا

ألن المختلفين . ق على التمام والتدبير على االتصالوإن آانا مختلفين آان محاال وجود الخل. اثنين من قال باالثنينفعل آل واحد منهما خالف فعل صاحبه بأن أحدهما إذا أحيا أمات األخر وإذا أوجد أحدهما أفنى اآلخر فكان محاال

لو آان فيهما آلهة إال : " وجود شيء من الخلق على ما وجد عليه من التمام واالتصال وفي قول اهللا عز وجل ذآره

12

ما انخذ اهللا من ولد وما آان معه من إله إذا : " ، وقوله عز وجل" هللا لفسدتا فسبحان اهللا رب العرش عما يصفون ا" لذهب آل إله بما خلق ولعال بعضهم على بعض سبحان اهللا عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشرآون

لمبطلون من أهل الشرك باهللا، وذلك أن السموات واألرض أبلغ حجة، وأوجز بيان، وأدل دليل على بطول ما قاله اوفي القول باتفاقهما فساد القول بالتثنية، . لو آان فيها إله غير اهللا، لم يخل أمرهما مما وصفت من اتفاق واختالف

لسموات وفي القول باختالفهما، القول بفساد ا. وإقرار بالتوحيد، وإحالة في الكالم بأن قائله سمي الواحد اثنينألن أحدهما آان إذا أحدث شيئا وخلقه آان " لو آان فيهما آلهة إال اهللا لفسدتا : " واألرض، آما قال ربنا جل وعز

من شأن اآلخر إعدامه وإبطاله، وذلك أن آل مختلفين فأفعالهما مختلفة، آالنار التي تسخن، والثلج الذي يبرد ما .أسخنته النار

قاله المشرآون باهللا لم يخل آل واحد من االثنين اللذين أثبتوهما قديمين من أن يكونا وأخرى، أن ذلك لو آان آما

وإن آانا قويين فإن آل واحد منهما بعجزه عن . قويين أو عاجزين، فإن آانا عاجزين فالعاجز مقهور وغير آائن إلهاه، فهو بقوة صاحبه عليه عاجز، وإن آان آل واحد منهما قويا على صاحب. صاحبه عاجز، والعاجز ال يكون إلها !تعالى ذآره عما يشرك المشرآون

فتبين إذا أن القديم بارئ األشياء وصانعها هو الواحد الذي آان قبل آل شيء، وهو الكائن بعد آل شيء، واألول قبل ال نور وجهه إ. آل شيء، واآلخر بعد آل شيء، وأنه آان وال وقت وال زمان، وال ليل وال نهار، وال ظلمة وال نور

وال سماء وال أرض، وال شمس وال قمر وال نجوم، وأن آل شيء سواه محدث مدبر مصنوع، انفرد بخلق . الكريمحدثنا زيد بن : وقد حدثني علي بن سهل الرملي، قال! جميعه بغير شريك وال معين وال ظهير، سبحانه من قادر قاهر

إنكم تسألون : " ي هريرة، أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قالأبي الزرقاء، عن جعفر، عن يزيد بن األصم، عن أب ! " هذا اهللا خلق آل شيء فمن ذا خلقه: بعدي عن آل شيء، حتى يقول القائل

. آنت عند أبي هريرة : قال يزيد بن األصم حدثني نجبة بن صبيغ، قال: حدثني علي، حدثنا زيد، عن جعفر، قال

إذا سألكم : فبلغني أنه قال: قال جعفر. أو أنا أنتظره - ي خليلي بشيء إال قد رأيته ما حدثن: فسألوه عن هذا فكبر وقال .اهللا خالق آل شيء، واهللا آان قبل آل شيء، واهللا آائن بعد آل شيء: الناس عن هذا فقولوا

لق صنوفا من فإذا آان معلوما أن خالق األشياء وبارئها آان وال شيء غيره، وأنه أحدث األشياء فدبرها، وأنه قد خخلقه قبل خلق األزمنة واألوقات، وقبل خلق الشمس والقمر اللذين يجريهما في أفالآهما، وبهما عرفت األوقات

فيم ذلك الخلق الذي خلق قبل ذلك؟ وما آان أوله؟: والساعات، وأرخت التأريخات، وفصل بين الليل والنهار، فلنقل

القول في ابتداء الخلق ما آان أوله

: أخبرنا أبن وهب، قال: الخبر عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بما حدثني به يونس بن عبد األعلى، قالصح

حدثنا الليث بن سعد، : حدثنا أبي، قال: وحدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقالني، قال -حدثني معاوية بن صالح أخبرني أبي، : بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال حدثني عبادة: عن أيوب بن زياد، قال -عن معاوية بن صالح

إن أول ما خلق اهللا القلم فقال : " يا بني سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول: قال أبي عبادة بن الصامت: قال " .أآتب، فجرى في تلك الساعة بما هو آائن : له

أخبرنا : اخبرنا عبد اهللا بن المبارك، قال: ن شقيق، قالحدثنا علي بن الحسن ب: حدثني أحمد بن محمد بن حبيب، قال

رباح بن زيد، عن عمر بن حبيب، عن القاسم بن أبي بزة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه آان يحدث أن " .وإن أول شيء خلق اهللا القلم، وأمره أن يكتب آل شيء : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال

13

الرملي، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا ابن المبارك، أخبرنا رباح بن زيد، عن عمر بن حبيب، حدثني موسى بن سهل

.عن القاسم بن أبي بزة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بنحوه

سألت : سمعت عطاء، قال: الحدثني محمد بن معاوية األنماطي، حدثنا عباد بن العوام، حدثنا عبد الواحد بن سليم، ق

أي بني، اتق اهللا واعلم : دعاني فقال: آيف آانت وصية أبيك حين حضره الموت؟ قال: الوليد بن عبادة بن الصامتأنك لن تتقي اهللا، ولن تبلغ العلم حتى تؤمن باهللا وحده والقدر خيره وشره، إني سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه

اآتب القدر، : يا رب وما أآتب؟ قال: اآتب، قال: لق اهللا عز وجل خلق القلم، فقال لهإن أول ما خ: " وسلم ويقول " .فجرى القلم في تلك الساعة بما آان وبما هو آائن إلى األبد : قال

.وقد اختلف أهل السلف قبلنا في ذلك، فنذآر أقوالهم، ثم نتبع البيان عن ذلك إن شاء اهللا تعالى .الذي روي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فيه فقال بعضهم في ذلك بنحو

:ذآر من قال ذلكحدثنا محمد بن فضيل، عن األعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، : حدثني واصل بن عبد األعلى األسدي، قال

القلم بما هو أآتب القدر، قال فجري : اآتب فقال، وما أآتب يا رب؟ قال: أول ما خلق اهللا من شيء القلم فقال له: قال .آائن من ذلك إلى قيام الساعة، ثم رفع بخار الماء ففتق منه السموات

.حدثنا وآيع، عن األعمش، عن أبي ظبيان، عن أبي عباس نحوه: حدثنا واصل بن عبد األعلى، قالأول : قال حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس،: حدثنا محمد بن المثنى، قال

.ما خلق اهللا من شيء القلم، فجرى بما هو آائن

، عن ابن عباس -أو مجاهد - حدثنا تميم بن المنتصر، أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن األعمش عن أبي ظبيان

.بنحوه

خلق إن أول شيء: حدثنا معمر، حدثنا األعمش أن ابن عباس قال: حدثنا محمد بن عبد األعلى، حدثنا ابن ثور، قال .القلم

إن أول شيء خلق : حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن عطاء، عن أبي الضحا مسلم بن صبيح، عن ابن عباس، قال .اآتب، فكتب ما هو آائن إلى أن تقوم الساعة: ربي عز وجل القلم، فقال له

.بل أول شيء خلق اهللا عز وجل من خلقه النور والظلمة: وقال آخرون

:ذآر من قال ذلكآان أول ما خلق اهللا عز وجل النور والظلمة، ثم : قال ابن إسحاق: حدثنا سلمة بن الفضل، قال: حدثنا ابن حميد، قال

.ميز بينهما، فجعل الظلمة ليال أسود مظلما، وجعل النور نهارا مضيئا مبصرا

ت عن رسول اهللا صلى اهللا وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول ابن عباس، للخبر الذي ذآر: قال أبو جعفر

.أول شيء خلق اهللا القلم: عليه وسلم قبل، أنه قال

اللذين أحدهما أن أول شيء خلق اهللا من خلقه القلم، واآلخر أنه النور -أولى القولين : فإنك قلت: فإن قال لنا قائل

ن ابن عباس التي حدثكموها ابن إن أول شيء خلق اهللا من خلقه القلم، فما وجه الرواية ع: قول من قال -والظلمة إن ناسا يكذبون : قلت البن عباس: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد، قال: بشار قال

إنهم يكذبون بكتاب اهللا، آلخذن بشعر أجدهم فألنفضن به، إن اهللا تعالى ذآره آان على عرشه قبل أن : بالقدر، فقال

14

خلق اهللا القلم، فجرى بما هو آائن إلى يوم القيامة، وإنما يجري الناس على أمر قد فرغ يخلق شيئا، فكان أول ما .منه؟

وهو الذي : " يقول اهللا عز وجل: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وعن ابن إسحاق، التي حدثكموها ابن حميد، قال

صف نفسه عز وجل، إذ ليس إال الماء خلق السموات واألرض في ستة أيام وآان عرشه على الماء، فكان آما وإن : أما قول ابن عباس: عليه العرش، وعلى العرش ذو الجالل واإلآرام، فكان أول ما خلق اهللا النور والظلمة؟ قيل

إن آان صحيحا عنه أنه -اهللا تبارك وتعالى آان عرشه على الماء قبل أن يخلق شيئا، فكان أول ما خلق اهللا القلم ر منه أن اهللا خلق القلم بعد خلقه عرشه، وقد روى عن ابي هاشم هذا الخبر شعبة، ولم يقل فيه ما قال فهو خب -قاله

سفيان، من أن اهللا عز وجل آان على عرشه، فكان أول ما خلق القلم، بل روى ذلك آالذي رواه سائر من ذآرنا من .أول ما خلق اهللا عز وجل القلم: الرواة عن ابن عباس أنه قال

:ر من قال ذلكذآسمعت عبد : حدثنا أبو هاشم، سمع مجاهدا قال: حدثنا شعبة، قال: حدثني عبد الصمد ، قال: حدثنا ابن المثنى، قال

اجر، فجرى القلم بما هو آائن، وإنما : إن أول ما خلق اهللا القلم فقال له: قال - ال يدري ابن عمر أو ابن عباس -اهللا .غ منهيعمل الناس اليوم فيما قد فر

. وآذلك قول ابن إسحاق الذي ذآرناه عنه معناه أن اهللا خلق النور والظلمة بعد خلقه عرشه، والماء الذي عليه عرشه

وقول رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم الذي رويناه عنه أولى قول في ذلك بالصواب، ألنه آان أعلم قائل في ذلك قوال من غير استثناء منه " أول شيء خلقه اهللا عز وجل القلم : " سالم أنه قالبحقيقته وصحته، وقد روينا عنه عليه ال

" إن أول شيء خلقه اهللا القلم : " شيئا من األشياء أنه تقدم خلق اهللا إياه خلق القلم، بل عم بقوله صلى اهللا عليه وسلم .ير ذلكآل شيء، وأن القلم مخلوق قبله من غير استثنائه من ذلك عرشا وال ماء وال شيئا غ

فالرواية التي رويناها عن أبي ظبيان وأبي الضحا، عن ابن عباس، أولى بالصحة عن ابن عباس من خبر مجاهد

عنه الذي رواه عنه أبو هاشم، إذ آان أبو هاشم قد اختلف في رواية ذلك عنه شعبة وسفيان، على ما قد ذآرت من .اختالفهما فيها

الذي قاله في ذلك إلى أحد، وذلك من األمور التي ال يدرك علمها إلى بخير من اهللا وأما ابن إسحاق فإنه لم يسند قوله

.عز وجل، أو خبر من رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وقد ذآرت الرواية فيه عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

القول في الذي ثنى خلق القلم

سحابا رقيقا، وهو الغمام الذي - ره فكتب ما هو آائن إلى قيام الساعة وبعد أن أم - ثم إن اهللا جل جالله خلق بعد القلم

، وذلك قبل أن يخلق " هل ينظرون إال أن يأتيهم اهللا في ظلل من الغمام : " ذآره جل وعز ذآره في محكم آتابه فقال .عرشه، وبذلك ورد الخبر عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

حدثنا يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن : القطان، قاال حدثنا ابن وآيع ومحمد بن هارونآان في : " يا رسول اهللا، أين آان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: قلت: وآيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال

.عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه على الماء

15

حدثنا حماد، عن يعلى بن عطاء، عن وآيع بن حدس، عن عمه : حدثنا الحجاج، قال: قالحدثني المثنى بن إبراهيم، في : " يا رسول اهللا، أين آان ربنا عز وجل قبل أن يخلق السموات واألرض؟ قال: قلت: أبي رزين العقيلي، قال

" .عماء، فوقه هواء، وتحته هواء، ثم خلق عرشه على الماء

حدثنا المسعودي، أخبرنا جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، : ا النضر بن شميل، قالحدثنا خالد بن أسلم، حدثن

أتى قوم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : قال - وآان من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم -عن ابن حصين . سلم، ثم خرجوا من عندهأعطنا، حتى ساء ذلك رسول اهللا صلى اهللا عليه و: فدخلوا عليه، فجعل يبشرهم ويقولونجئنا نسلم على رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، ونتفقه في الدين، ونسأله عن : وجاء قوم آخرون، فدخلوا عليه فقالوا

قبلنا، فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه : فاقبلوا البشرى إذ لم يقبلها أولئك الذين خرجوا، قالوا: بدء هذا األمر، قالثم " . ال شيء غيره، وآان عرشه على الماء، وآتب في الذآر قبل آل شيء، ثم خلق سبع سموات آان اهللا: " وسلم

.تلك ناقتك قد ذهبت، فخرجت ينقطع دونها السراب، ولوددت أني ترآتها: أتاني آت فقال

حدثني أبو آريب، حدثنا أبو معاوية عن األعمش، عن جامع ابن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن

: قد بشرتنا فأعطنا، فقال: ، فقالوا" اقبلوا البشرى يا بني تميم : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: الحصين، قالقد قبلنا، فأخبرنا عن هذا األمر آيف آان؟ فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه " ، فقالوا " اقبلوا البشرى يا أهل اليمن "

فأتاني آت : قال" . ، وآان قبل آل شيء، وآتب في اللوح آل شيء يكون آان اهللا عز وجل على العرش: " وسلم .يا عمران، هذه ناقتك قد حلت عقالها، فقمت، فإذا السراب ينقطع بيني وبينها، فال أدري ما آان بعد ذلك: فقال

.خلق بعد ذلك عرشه: ثم اختلف في الذي خلق تعالى ذآره بعد العماء، فقال بعضهم :ذآر من قال ذلك

: حدثنا حيان ابن عبيد اهللا، عن الضحاك بن مزاحم، قال، قال ابن عباس: حدثني محمد بن سنان حدثنا أبو سلمة، قال .إن اهللا عز وجل خلق العرش أول ما خلق، فاستوى عليه

.خلق اهللا عز وجل الماء قبل العرش، ثم خلق عرشه فوضعه على الماء: وقال آخرون

:ذآر من قال ذلكحدثنا أسباط بن نصر، عن السدى في خبر : حدثنا عمرو بن حماد، قال: ى بن هارون الهمذاني، قالحدثنا موس

وعن ناس من -وعن مرة الهمذاني عن عبد اهللا بن مسعود - ذآره، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس الماء، ولم يخلق شيئا غير ما خلق إن اهللا عز وجل آان عرشه على : قالوا - أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

.قبل الماء

سمعت : قال: حدثني عبد الصمد بن معقل: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قال

إن العرش آان قبل أن يخلق السموات واألرض قبض من صفاة الماء قبضة ثم فتح القبضة : وهب بن منبه يقولى الماء، فلما أراد أن يخلق السموات واألرض ثم قضاهن سبع سموات في يومين، ودحا األرض فارتفعت دخانا عل

.في يومين، وفرغ من الخلق اليوم السابع

إن الذي خلق ربنا عز وجل بعد القلم الكرسي، ثم خلق بعد الكرسي العرش، ثم بعد ذلك خلق الهواء : وقد قيل

.هوالظلمات، ثم خلق الماء، فوضع عرشه علي

إن اهللا تبارك وتعالى خلق الماء قبل العرش، : وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: قال أبو جعفرأين آان : لصحة الخبر الذي ذآرت قيل عن أبي رزين العقيلي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أنه قال حين سئل

" ما تحته هواء، وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه على الماء آان في عماء،: " ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه؟ قال

16

ومحال إذا آان خلقه على الماء أن يكون خلقه عليه، . ، فأخبر صلى اهللا عليه وسلم أن اهللا خلق عرشه على الماءاهللا والذي خلقه غير موجود، إما أن يكون قبله أو معه فإذا آان آذلك فالعرش ال يخلو من أحد أمرين خلق بعد خلق

الماء، وإما أن يكون خلق هو والماء معا، فإما أن يكون خلقه قبل خلق الماء، فذلك غير جائز صحته على ما روي .عن أبي رزين، عن النبي صلى اهللا عليه وسلم

إن الماء آان على متن الريح حين خلق عرشه عليه، فإن آان ذلك آذلك، فقد آان الماء والريح خلقا قبل : وقد قيل

.عرشال

ذآر من قال آان الماء على متن الريح

سئل : حدثنا أبي، عن سفيان، عن األعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال: حدثني ابن وآيع، قال

حدثنا . على متن الريح: على أي شيء آان الماء؟ قال" : وآان عرشه على الماء : " ابن عباس عن قوله عز وجلسئل ابن عباس عن قوله : لى حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن األعمش عن سعيد بن جبير قالمحمد بن عبد األع

على متن الريح حدثنا القاسم بن الحسن، حدثنا : على أي شيء آان الماء قال" وآان عرشه على الماء : " عز وجل .الحسين بن داود، حدثني حجاج عن ابن جريج، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله

فيما -والسموات واألرض وآل ما فيهن من شيء يحيط بها البحار، ويحيط بذلك آله الهيكل، ويحيط بالهيكل : قال .الكرسي -قيل

: ذآر من قال ذلك

وذآر -حدثني عبد الصمد أنه سمع وهبا يقول : حدثني محمد بن سهل بن عسكر، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قالالسموات واألرض والبحار لفي الهيكل، وإن الهيكل لفي الكرسي، وإن قدميه عز وجل لعلى إن : فقال -من عظمته

.الكرسي، وهو يحمل الكرسي، وقد عاد الكرسي آالنعل قي قدميه .ما الهيكل؟ قال شيء من أطراف السموات محدق باألرضين والبحار آأطناب الفسطاط: وسئل وهب

ي سبع أرضين ممهدة جزائر، بين آل أرضين بحر، والبحر محيط ه: آيف هي؟ قال: وسئل وهب عن األرضين .بذلك آله، والهيكل من وراء البحر

.إنه آان بين خلقه القلم وخلقه سائر خلقه ألف عام: وقد قيل

:ذآر من قال ذلك

سمعت :قال حدثنا مبشر الحلبي، عن أرطاة بن المنذر،: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثنا القاسم بن الحسن، قال إن اهللا خلق القلم، فكتب به ما هو خالق وما هو آائن من خلقه، ثم إن ذلك الكتاب سبح اهللا ومجده ألف : ضمرة يقول

أياما ستة، فسمى - فيما ذآر -عام قبل أن يخلق شيئا من الخلق، فلما أراد جل جالله خلق السموات واألرض خلق .آل يوم منهن باسم غير الذي سمى به اآلخر

إن اسم أحد تلك األيام الستة أبجد، واسم اآلخر منهن هوز، واسم الثالث منهن حطي واسم الرابع منهم آلمن، : وقيل .واسم الخامس منهن سعفص واسم السادس منهن قرشت

حدثنا مصرف بن عمر واليامي، حدثنا حفص ابن غياث، عن العالء بن : حدثني الحضرمي، قال: ذآر من قال ذلك

خلق اهللا السموات واألرض في ستة أيام، ليس : سمعت الضحاك ابن مزاحم يقول: عن رجل من آندة، قال المسيب، .أبجد، هوز، حطي، آلمن، سعفص، قرشت: منها يوم إال له اسم

17

لقيت : عنه، عن العالء بن المسيب، قال حدثني شيخ من آندة قال: وقد حدث به عن حفص غير مصرف وقال

إن اهللا تعالى خلق السموات واألرض في ستة أيام، لكل : سمعت زيد بن أرقم قال: حدثني قالالضحاك بن مزاحم، ف .أبجد، هوز، حطي، آلمن، سعفص، قرشت: يوم منها اسم

بل خلق اهللا واحدا فسماه األحد، وخلق ثانيا فسماه االثنين، وخلق ثالثا فسماه الثالثاء، ورابعا فسماه : وقال آخرون

.ا فسماه الخميساألربعاء، وخامس

:ذآر من قال ذلك

أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن غالب بن غالب، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن : حدثنا تميم بن المنتصر، قالإن اهللا خلق يوما واحدا فسماه األحد، ثم خلق ثانيا فسماه االثنين، ثم خلق ثالثا فسماه الثالثاء، ثم خلق : عباس، قال

وهذان القوالن غير مختلفين، إذ آان جائزا أن تكون أسماء . بعاء، ثم خلق خامسا فسماه الخميسرابعا فسماه األر .ذلك بلسان العرب على ما قاله عطاء، وبلسان آخرين، على ما قاله الضحاك بن مزاحم

.وقد قيل إن األيام سبعة ال ستة

: ذآر من قال ذلك

سمعت وهب بن : عبد الكريم، حدثني عبد الصمد بن معقل، قال حدثني محمد بن سهل بن عسكر، حدثنا إسماعيل بن .األيام سبعة: يقول: منبه

اللذين روينا أحدهما عن الضحاك وعطاء، من أن اهللا خلق األيام الستة، واآلخر منهما عن وهب بن - وآال القولين

لضحاك في ذلك آان أن األيام صحيح مؤتلف غير مختلف، وذلك أن معنى قول عطاء وا -منبه من أن األيام سبعة التي خلق اهللا فيهن الخلق من حين ابتدائه في خلق السماء واألرض وما فيهن إلى أن فرغ من جميعه ستة أيام، آما

، وأن معنى قول وهب بن منبه في ذلك آان أن " وهو الذي خلق السموات واألرض في ستة أيام : " قال جل ثناؤه .جمعة سبعة أيام ال ستةعدد األيام التي هي أيام ال

ابتدأ في ذلك يوم : واختلف السلف في اليوم الذي ابتدأ اهللا عز وجل فيه في خلق السموات واألرض، فقال بعضهم

.األحد

:ذآر من قال ذلك

ن حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد بن عبد اهللا، عن الشيباني، عن عون بن عبد اهللا بن عتبة، عن أخيه عبيد اهللا ب إن اهللا تبارك وتعالى ابتدأ الخلق، فخلق األرض يوم األحد ويوم : قال عبد اهللا بن سالم: عبد اهللا بن عتبة، قال

.االثنينحدثني المثنى بن إبراهيم، حدثني عبد اهللا بن صالح، حدثني أبو معشر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد اهللا بن

.يوم األحد، فخلق األرضين في األحد واالثنينإن اهللا عز وجل بدأ الخلق : سالم أنه قال

18

بدأ اهللا خلق السموات واألرض : حدثنا جرير، عن األعمش، عن أبي صالح، عن آعب، قال: حدثنا ابن حميد، قال .يوم األحد واالثنين

في حدثني محمد بن أبي منصور اآلملي، حدثنا علي بن الهيثم، عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك

من أيام اآلخرة، آل يوم مقداره ألف سنة، أبتدأ : قال" وهو الذي خلق السموات واألرض في ستة أيام : " قوله تعالى .الخلق يوم األحد

.بدأ الخلق يوم األحد: حدثني المثنى، حدثنا الحجاج، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن مجاهد، قال

.يه في ذلك يوم السبتاليوم الذي ابتدأ اهللا ف: وقال آخرون

يقول أهل : حدثني محمد ابن أبي إسحاق، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، قال: حدثنا ابن حميد، قال: ذآر من قال ذلك

ونقول نحن المسلمون فيما انتهى . أبتدأ اهللا الخلق يوم االثنين: وقال أهل اإلنجيل: ابتدأ اهللا الخلق يوم األحد: التوراة .ابتدأ اهللا الخلق يوم السبت: صلى اهللا عليه وسلمإلينا من رسول اهللا

ابتدأ اهللا : وقد روى عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم الذي قال آل فريق من هذين الفريقين اللذين قال أحدهما

في ابتدأ في يوم السبت، وقد مضى ذآرنا الخبرين، غير أنا نعيد من ذلك: الخلق في يوم األحد، وقال اآلخر منهما .هذا الموضع بعض ما فيه من الداللة على صحة قول آل فريق منهما

حدثنا أبو بكر : آان ابتداء الخلق يوم األحد، فما حدثنا به هناد بن السري قال: فأما الخبر عنه بتحقيق ما قال القائلون

أن اليهود أتت النبي -ث وقرأت سائر الحدي: قال هناد -بن عياش، عن أبي سعد البقال، عن عكرمة، عن ابن عباس " .خلق اهللا األرض يوم األحد واالثنين : " صلى اهللا عليه وسلم فسألته عن خلق السموات واألرض فقال

وأما الخبر عنه بتحقيق ما قاله القائلون من أن ابتداء الخلق آان يوم السبت، فما حدثني القاسم بن بشر بن معروف أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن : ثنا حجاج، قال ابن جريجحد: والحسين بن علي الصدائي، قاال

خلق اهللا : " أخذ رسول اهللا صلى اهللا تعالى عليه بيدي، فقال: عبد اهللا بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة، قال " .التربة يوم السبت وخلق الجبال يوم األحد

اليوم الذي ابتدأ اهللا تعالى ذآره فيه خلق السموات واألرض يوم : من قال وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول .األحد، إلجماع السلف من أهل العلم على ذلك

على أن ذلك آذلك، ألن اهللا عز ذآره فرغ من خلق -بزعمه -فأما ما قال ابن إسحاق في ذلك، فإنه إنما استدل ه استوى على العرش، وجعل ذلك اليوم عيدا للمسلمين، ودليله على جميع خلقه يوم الجمعة، وذلك اليوم السابع، وفي

ما زعم أنه استدل به على صحة وقوله فيما حكينا عنه من ذلك هو الدليل على خطئه فيه، وذلك أن اهللا تعالى أخبر الذي خلق اهللا" عباده في غير موضع من محكم تنزيله، أنه خلق السموات واألرض وما بينهما في ستة أيام، فقال

" السموات واألرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي وال شفيع أفال تتذآرون

قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق األرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين، وجعل : " وقال تعالى ذآره. ا أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيه

فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في آل سماء . فقال لها ولألرض أئتيا طوعا أو آرها قالتا أتينا طائعين " .أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم

19

فقضاهن سبع سموات في : " العلم أن اليومين اللذين ذآرهما اهللا تبارك وتعالى في قوله وال خالف بين جميع أهل

داخالن في األيام الستة الالتي ذآرهن قبل ذلك، فمعلوم إذا آان اهللا عز وجل إنما خلق السموات واألرضين " يومين هللا عليه وسلم بأن آخر ما خلق اهللا من وما فيهن في ستة أيام، وآانت األخبار مع ذلك متظاهرة عن رسول اهللا صلى ا

خلقه آدم، وأن خلقه إياه آان في يوم الجمعة، أن يوم الجمعة الذي فرغ فيه من خلق خلقه داخل في األيام الستة التي أخبر اهللا تعالى ذآره أنه خلق خلقه فيهن ألن ذلك لو لم يكن داخال في األيام الستة آان إنما خلق خلقه في سبعة أيام،

أن أول األيام التي -إذا آان األمر آالذي وصفنا في ذلك -ال في ستة، وذلك خالف ما جاء به التنزيل، فتبين إذا ابتدأ اهللا فيها خلق السموات واألرض وما فيهن من خلقه يوم األحد، إذ آان اآلخر يوم الجمعة، وذلك ستة أيام، آما

.قال ربنا جل جالله

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وعن أصحابه بأن الفراغ من الخلق آان يوم الجمعة، فأما األخبار الواردة عن

.فسنذآرها في مواضعها إن شاء اهللا تعالى

القول فيما خلق اهللا في آل يوم من األيام الستة

لكاختلف السلف من أهل العلم في ذو بينهماالتي ذآر اهللا في آتابه أنه خلق فيهن السموات واألرض وما

حدثنا عبد اهللا بن صالح، حدثني أبو معشر، عن سعيد بن أبي : فقال بعضهم ما حدثني به المثنى بن إبراهيم، قال: إن اهللا بدأ الخلق يوم األحد، فخلق األرضين في األحد واالثنين، وخلق األقوات : سعيد، عن عبد اهللا بن سالم، أنه قال

سموات في الخميس والجمعة، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة، فخلق والرواسي في الثالثاء واألربعاء، وخلق ال .فيها آدم على عجل، فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة

حدثني موسى بن هارون، حدثنا عمرو بن حماد، حدثنا أسباط، عن السدي، في خبر ذآره عن أبي مالك وعن أبي

وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا عليه وسلم - مسعود وعن مرة الهمذاني عن ابن - صالح، عن ابن عباس األحد واالثنين، وجعل فيها رواسي أن تميد بكم، : سبع أرضين في يومين - يعنون ربنا تبارك وتعالى -جعل : قالوا

اء في الثالثاء واألربعاء، ثم استوى إلى السم: وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها، وشجرها وما ينبغي لها في يومين .الخميس والجمعة: وهي دخان فجعلها سماء واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين

أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن غالب ابن غالب، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن : حدثنا تميم بن المنصر، قال .واألحد واالثنين. خلق اهللا األرض في يومين: عباس، قال

.قبل السماء، ألنها خلقت عندهم في األحد واالثنين ففي قول هؤالء خلقت األرض

خلق اهللا عز وجل األرض قبل السماء بأقواتها من غير أن يدحوها، ثم استوى إلى السماء فسواهن : وقال آخرون

.سبع سموات، ثم دحا األرض بعد ذلك

:ذآر من قال ذلك

قوله عز : ة، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباسحدثني معاوي: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني علي بن داود، قالوجل حيث ذآر خلق األرض قبل السماء، ثم ذآر السماء قبل األرض، وذلك أن اهللا خلق األرض بأقواتها من غير

20

: " أن يدحوها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات، ثم دحا األرض بعد ذلك، فذلك قوله تعالى " .ك دحاها واألرض بعد ذل

واألرض : " حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن سعد، قال

يعني أنه خلق السموات واألرض، فلما فرغ من " بعد ذلك دحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها -يعني بذلك دحوها -ها بعد خلق السماء، وأرسى الجبال السماء قبل أن يخلق أقوات األرض بث أقوات األرض في

، ألم " واألرض بعد ذلك دحاها : " ولم تكن تصلح أقوات األرض ونباتها إال بالليل والنهار، فذلك قوله عز وجلوالصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله الذين : ؟ قال أبو جعفر" أخرج منها ماءها ومرعاها : " تسمع أنه قال

إن اهللا خلق األرض يوم األحد، وخلق السماء يوم الخميس، وخلق النجوم والشمس والقمر يوم الجمعة لصحة : قالواوغير مستحيل ما روينا في ذلك . الخبر الذي ذآرنا قبل عن ابن عباس، عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بذلك

األرض ولم يدحها، ثم خلق السموات فسواهن، ثم دحا عن ابن عباس من القول، وهو أن يكون اهللا تعالى ذآره خلق األرض بعد ذلك، فأخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها، بل ذلك عندي هو الصواب من القول في ذلك،

أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها، رفع سمكها فسواها، : " وذلك أن معنى الدحو غير معنى الخلق، وقد قال اهللا عز وجل " .ليلها وأخرج ضحاها، واألرض بعد ذلك دحاها، أخرج منها ماءها مرعاها والجبال أرساها وأغطش

" إلى معنى " واألرض بعد ذلك دحاها : " فإن قال قائل فإنك قد علمت أن جماعة من أهل التأويل قد وجهت قول اهللا

المعروف من : هي خالف قبل؟ قيلفما برهانك على صحة ما قلت، من أن ذلك بمعنى بعد التي " مع ذلك دحاها معنى بعد في آالم العرب هو الذي قلنا من أنها بخالف معنى قبل ال بمعنى مع وال بمعنى مع، وإنما توجه معاني

.الكالم إلى األغلب عليه من معانيه المعروفة في أهله، ال إلى غير ذلك

ان، قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام، ثم دحيت األرض من إن اهللا خلق البيت العتيق على الماء على أربعة أرآ: وقد قيل .تحته

:ذآر من قال ذلك

وضع البيت على الماء على : حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: حدثنا ابن حميد، قال .أربعة أرآان، قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام، ثم دحيت األرض من تحت البيت

حدثنا مهران، عن سفيان، عن األعمش، عن بكير بن األخنس، عن مجاهد، عن عبد اهللا بن : ميد، قالحدثنا ابن ح .خلق اهللا البيت قبل األرض بألفي سنة، ومنه دحيت األرض: عمر، قال

وإذا آان األمر آذلك آان خلق األرض قبل خلق السموات، ودحو األرض وهو بسطها بأقواتها ومراعيها ونباتها، .ق السموات، آما ذآرنا عن ابن عباسبعد خل

جاء اليهود إلى النبي صلى اهللا عليه : حدثني مهران، عن أبي سنان، عن أبي بكر قال: وقد حدثنا ابن حميد، قالخلق األرض يوم األحد واالثنين، : ما خلق اهللا من الخلق في هذه األيام الستة؟ فقال: يا محمد أخبرنا: وسلم فقالوا

وم الثالثاء، وخلق المدائن واألقوات واألنهار وعمرانها وخرابها يوم األربعاء، وخلق السموات وخلق الجبال يوالمالئكة يوم الخميس، إلى ثالث ساعات بقين من يوم الجمعة، وخلق في أول الثالث ساعات اآلجال، وفي الثانية

عليه وسلم ما يريدون، فغضب، فأنزل اهللا صدقت إن أتممت، فعرف النبي صلى اهللا : قالوا. اآلفة، وفي الثالثة آدم " .وما مسنا من لغوب، فاصبر على ما يقولون : " تعالى

فإن آان األمر آما وصفت من أن اهللا تعالى خلق األرض قبل السماء، فما معنى قول ابن عباس الذي : فإن قال قائل

األعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس حدثنا محمد بن فضيل، عن: حدثكموه واصل ابن عبد األعلى األسدي، قالفجرى : اآبت القدر، قال: وما أآتب يا رب؟ قال: أآتب، فقال: أول ما خلق اهللا تعالى من شيء القلم، فقال له: قال

21

القلم بما هو آائن من ذلك إلى قيام الساعة، ثم رفع بخار الماء ففتق منه السموات، ثم خلق النون، فدحيت األرض .ضطرب النون، فمادت األرض فأثبتت بالجبال، فإنها لتفخر على األرضعلى ظهره، فا

.حدثنا وآيع، عن األعمش، عن أبي ظبيان عن ابن عباس نحوه: حدثني واصل، قال

أول ما : حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال: حدثنا ابن المثنى، قالفجرى بما هو آائن، ثم رفع بخار الماء، فخلقت منه السموات، ثم خلق النون، فبسطت األرض خلق اهللا تعالى القلم

ن : " وقرأ: قال. على ظهر النون، فتحرك النون، فمادت األرض فأثبتت بالجبال، فإن الجبال لتفخر على األرض " .والقلم وما يسطرون

عن ابن - أو مجاهد - عن األعمش، عن أبي ظبيان أخبرنا إسحاق، عن شريك، : حدثني تميم بن المنتصر، قال

.ففتقت منه السموات: عباس بنحوه، إال أنه قال

أول : حدثني سليمان، عن ابي ظبيان، عن ابن عباس قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا ابن بشار، قال

فجرى بما هو آائن من ذلك اليوم إلى قيام : لقدر، قالاآبت ا: ما أآبت؟ قال: اآبت، فقال: ما خلق اهللا تعالى القلم فقالثم خلق النون، ورفع بخار الماء ففتقت منه السماء وبسطت األرض على ظهر النون، فاضطرب النون، . الساعة

.فإنها لتفخر على األرض: فمادت األرض فأثبتت بالجبال، قال

: ن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن ابن عباس قالحدثنا ابن حميد، قال، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، ع

اآبت، فكتب ما هو آائن إلى أن تقوم الساعة، ثم خلق النون فوق الماء، ثم : أول شيء خلق اهللا تعالى القلم، فقال له .آبس األرض عليه

عنه في ذلك صحيح على ما روى عنه وعن غيره من معنى ذلك مشروحا مفسرا غير مخالف شيئا مما رويناه: قيل .ذلك

وما الذي روى عنه وعن غيره من شرح ذلك الدال على صحة آل ما رويت لنا في هذا المعنى عنه؟ قيل : فإن قالحدثنا عمرو بن حماد، حدثنا أسباط بن نصر عن السدي، عن : حدثني موسى بن هارون الهمذاني وغيره، قالوا: له

وعن ناس من أصحاب -الهمذاني عن عبد اهللا بن مسعود وعن مرة - أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس هو الذي خلق لكم ما في األرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

إن اهللا تعالى آان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء، فلما أراد أن يخلق الخلق : قال" سموات من الماء دخانا فارتفع فوق الماء، فسما عليه، فسماه سماء، ثم أيبس الماء، فجعله أرضا واحدة، ثم فتقها أخرج

والحوت هو النون الذي ذآر اهللا عز -فجعلها سبع أرضين في يومين، في األحد واالثنين، فخلق األرض على حوت ظهر صفاة، والصفاة على ظهر ملك والملك على والحوت في الماء، والماء على - " ن والقلم : " وجل في القرآن

ليست في السماء وال في األرض، فتحرك الحوت -وهي الصخرة التي ذآر لقمان - صخرة، والصخرة على الريح وألقى : " فاضطرب، فتزلزلت األرض، فأرسى عليها الجبال فقرت، فالجبال تفخر على األرض، فذلك قوله تعالى

" .بكم في األرض رواسي أن تميد

إن اهللا تعالى أخرج من الماء دخانا حين أراد أن يخلق السموات : فقد أنبأ قول هؤالء الذين ذآرت: قال أبو جعفر

فسما عليه عال على الماء، وآل شيء آان فوق شيء عاليا عليه فهو له سماء : يعنون بقولهم -واألرض، فسما عليه .ة أن اهللا خلق السماء غير مسواة قبل األرض، ثم خلق األرضثم أيبس بعد ذلك الماء، فجعله أرضا واحد -

وإن آان األمر آما قال هؤالء، فغير محال أن يكون اهللا تعالى أثار من الماء دخانا فعاله على الماء، فكان له سماء،

22

ها ماءها ثم أيبس الماء فصار الدخان الذي سما عليه أرضا، ولم يدحها، ولم يقدر فيها أقواتها، ولم يخرج منومرعاها،حتى استوى إلى السماء، التي هي الدخان الثائر من الماء العالي عليه، فسواهن سبع سموات، ثم دحا

أخرج منها ماءها ومرعاها، " األرض التي آانت ماء فيبسه ففتقه، فجعلها سبع أرضينن، وقدر فيها أقواتها، و صحيحا - على ما رويناه - روي عن ابن عباس في ذلك فيكون آل الذي. ، آما قال عز وجل" والجبال أرساها

.معناه

.وأما يوم االثنين فقد ذآرنا اختالف العلماء فيما خلق فيه، وما روي في ذلك عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قبل

ما لم نذآر وأما ما خلق في يوم الثالثاء واألربعاء فقد ذآرنا أيضا بعض ما روي فيه، ونذآر في هذا الموضع بعض .منه قبل

حدثنا عمرو بن حماد، حدثنا أسباط، عن : فالذي صح عندنا أنه خلق فيهما ما حدثني به موسى بن هارون قالوعن مرة الهمداني، عن عبد اهللا بن مسعود - السدي، في خبر ذآره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس

وأقوات أهلها -يعني في األرض - وخلق الجبال فيها : يه سلموعن ناس من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عل -قل أئنكم لتفكرون بالذي : " في الثالثاء واألربعاء، وذلك حين يقول اهللا عز وجل: وشجرها وما ينبغي لها في يومين

فيها وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر. خلق األرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمينفهكذا األمر، ثم استوى إلى السماء وهي دخان، وآان ذلك . من سأل: ، يقول" أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين

الدخان من تنفس الماء حين تنفس، فجعلها سماء واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين في الخميس .والجمعة

: حدثني أبو معشر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد اهللا بن سالم، قال :حدثنا أبو صالح، قال: حدثني المثنى، قال

.إن اهللا تعالى خلق األقوات والرواسي في الثالثاء واألربعاء

أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن غالب بن غالب، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن : حدثني تميم بن المنتصر، قال

.هو يوم ثقيل: فذلك قول الناس. وم الثالثاءإن اهللا تعالى خلق الجبال ي: عباس، قال

إن اهللا تعالى : " والصواب من القول في ذلك عندنا، ما رويناه عن النبي صلى اهللا عليه وسلم، قال: قال أبو جعفر

. خلق يوم الثالثاء الجبال وما فيهن من المنافع، وخلق يوم األربعاء الشجر، والماء، والمدائن، والعمران، والخرابحدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي سعد البقال، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى : دثنا بذلك هناد، قالح

.اهللا عليه وسلم

وقد روي عن النبي صلى اهللا عليه وسلم أن اهللا خلق الجبال يوم األحد، والشجر يوم األثنين، وخلق المكروه يوم

حدثنا حجاج، : به القاسم بن بشر بن معروف، والحسين بن علي الصدائي، قاالالثالثاء، والنور يوم األربعاء، حدثني أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد اهللا بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة، : قال ابن جريج

.عن النبي صلى اهللا عليه وسلم .فوالخبر األول أصح مخرجا، وأولى بالحق، ألنه قول أآثر السل

حدثنا عمرو : وأما يوم الخميس فإنه خلق فيه السموات، ففتقت بعد أن آانت رتقا، آما حدثني موسى بن هارون، قال

وعن مرة -حدثنا أسباط، عن السدى، في خبر ذآره عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس : بن حماد، قالثم استوى إلى السماء وهي : " بي صلى اهللا عليه وسلموعن ناس من أصحاب الن - الهمداني عن عبد اهللا بن مسعود

23

، وآان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس وجعلها سماء واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين، " دخان .في الخميس والجمعة

خلق في آل :قال" وأوحى في آل سماء أمرها " وإنما سمي يوم الجمعة ألنه جمع فيه خلق السموات واألرض

سماء خلقها من المالئك، والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد وما لم يعلم، ثم زين السماء الدنيا بالكواآب، خلق : " فذلك حين يقول. فجعلها زينة وحفظا، تحفظ من الشياطين، فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش

" .نتا رتقا ففتقناهما آا" ، ويقول " السموات واألرض في ستة أيام

إن اهللا : حدثني أبو معشر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد اهللا بن سالم، قال: حدثني المثنى، حدثنا أبو صالح، قال

تعالى خلق السموات في الخميس والجمعة، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة، فخلق فيها أدم على عجل، فتلك .الساعة التي تقوم فيها الساعة

أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن غالب بن غالب، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن : حدثني تميم بن المنتصر، قال

إن اهللا تعالى خلق مواضع األنهار والشجر يوم األربعاء، وخلق الطير والوحوش والهوام والسباع يوم : عباس، قال .الجمعة الخميس، وخلق اإلنسان يوم الجمعة، ففرغ من خلق آل شيء يوم

وهذا الذي قاله من ذآرنا قوله، من أن اهللا عز وجل خلق السموات والمالئكة وآدم في يوم الخميس والجمعة، هو حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي سعد البقال، عن : الصحيح عندنا، للخبر الذي حدثنا به هناد بن السري قالوخلق يوم الخميس : قال - هناد، وقرأت سائر الحديث : قال - عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى اهللا عليه وسلم

السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والمالئكة إلى ثالث ساعات بقيت منه، فخلق في أول ساعة من هذه الثالث ساعات اآلجال، من يحيا ومن يموت، وفي الثاني ألقى اآلفة على آل شيء مما ينتفع به الناس، وفي

.ثالثة آدم وأسكنه الجنة، وأمر إبليس بالسجود وأخرجه منها في آخر ساعةال

أخبرني إسماعيل : حدثنا حجاج، قال ابن جريج: حدثني القاسم بن بشر بن معروف، والحسين بن علي الصدائي، قاال

ول اهللا صلى اهللا أخذ رس: بن أمية، عن أيوب ابن خالد، عن عبد اهللا بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة، قال الدواب يوم الخميس، - يعني في األرض -وبث فيها : " عليه وسلم بيدي فقال

" .وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر خلق في آخر ساعة، من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل

لى حين فراغه من خلق جميعهم في ستة فإذا آان اهللا تعالى ذآره خلق الخلق من لدن ابتداء خلق السموات واألرض إ

أيام، وآان آل يوم من األيام الستة التي خلقهم فيها مقداره ألف سنة من أيام الدنيا، وآان بين ابتدائه في خلق ذلك القلم الذي أمره بكتابة آل ما هو آائن إلى قيام الساعة ألف عام، وذلك يوم من أيام اآلخرة التي قدر اليوم الواحد منها

آان معلوما أن قدر مدة ما بين أول ابتداء ربنا عز وجل في خلق ما خلق من خلقه إلى -ألف عام من أيام الدنيا يزيد إن شاء اهللا شيئا أو ينقص شيئا، على ما قد روينا من اآلثار واألخبار التي . الفراغ من آخرهم سبعة آالف عام

.اب بذآرهاذآرناها، وترآنا ذآر آثير منها آراهة إطالة الكت

من خلق جميع خلقه إلى وقت فناء - وإذا آان ذلك آذلك، وآان صحيحا أن مدة ما بين فراغ ربنا تعالى ذآره سبعة آالف سنة، تزيد قليال أو تنقص قليال - جميعهم بما قد دللنا قبل، واستشهدنا من الشواهد، وبما سنشرح فيما بعد

ق خلقه اهللا تعالى إلى قيام الساعة وفناء جميع العالم، أربعة عشر ألف عام آان معلوما بذلك أن مدة ما بين أول خل -وهي سبعة آالف عام من أعوام الدنيا -من أعوام الدنيا، وذلك أربعة عشر يوما من أيام اآلخرة، سبعة أيام من ذلك

24

وهو آدم أبو البشر صلوات - مدة ما بين أول ابتداء اهللا جل وتقدس في خلق أول خلقه إلى فراغه من خلق آخرهم -اهللا عليه، وسبعة أيام أخر، وهي سبعة آالف عام من أعوام الدنيا، من ذلك مدة ما بين فراغه جل ثناؤه من خلق آخر

إلى فناء آخرهم وقيام الساعة، وعود األمر إلى ما آان عليه قبل أن يكون غير القديم البارئ الذي -وهو آدم -خلقه .ي آان قبل آل شيء فال شيء آان قبله، والكائن بعد آل شيء فال شيء يبقى غير وجهه الكريمله الخلق األمر الذ

وما دليلك على أن األيام الستة التي خلق اهللا فيهن خلقه آان قدر آل يوم منهن قدر ألف عام من أعوام : فإن قال قائلالذي خلق : " وإنما قال اهللا عز وجل في آتابهالدنيا دون أن يكون ذلك آأيام أهل الدنيا التي يتعارفونها بينهم،

، فلم يعلمنا أن ذلك آما ذآرت، بل أخبرنا أنه خلق ذلك في ستة أيام، " السموات واألرض وما بينهما في ستة أيام واأليام المعروفة عند المخاطبين بهذه المخاطبة هي أيامهم التي أول اليوم منها طلوع الفجر إلى غروب الشمس،

إن خطاب اهللا عباده بما خاطبهم به في تنزيله إنما هو موجه إلى األشهر واألغلب عليه من معانيه، وقد : لكومن قووجهت خبر اهللا في آتابه عن خلقه السموات واألرض وما بينهما في ستة أيام إلى غير المعروف من معاني األيام،

ن يوصف بأنه خلق السموات واألرض وما بينهما في وأمر اهللا عز وجل إذا أراد شيئا أن يكونه أنفذ وأمضى من أآن فيكون، وذلك آما قال : ستة أيام، مقدارهن ستة آالف عام من أعوام الدنيا، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له

" .وما أمرنا إال واحدة آلمح بالبصر : " ربنا تبارك وتعالى

ما نعتمد في معظم ما نرسمه في آتابنا هذا على اآلثار واألخبار عن نبينا قد قلنا فيما تقدم من آتابنا هذا إنا إن: قيل لهصلى اهللا عليه وسلم وعن السلف الصالحين قبلنا دون االستخراج بالعقول والفكر، إذ أآثره خبر عما مضى من

.األمور، وعما هو آائن من األحداث، وذلك غير مدرك علمه باالستنباط االستخراج بالعقول

.ذلك ما ال نعلم قائال من أئمة الدين قال خالفه: فهل من حجة على صحة ذلك من جهة الخبر؟ قيل: لفإن قاعلم ذلك عند أهل العلم من السلف آان أشهر من أن يحتاج فيه إلى : فهل من رواية عن أحد منهم بذلك؟ قيل: فإن قال

.سمين بأعيانهمرواية منسوبة إلى شخص منهم بعينه، وقد روي ذلك عن جماعة منهم م .فاذآرهم لنا: فإن قال

خلق اهللا السموات : عن عنبسة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: حدثنا ان حميد، قال حدثنا حكام: قيل

.واألرض في ستة أيام، فكل يوم من هذه األيام آألف سنة مما تعدون أنتم

في يوم آان مقداره ألف : " ، عن عكرمة، عن ابن عباسحدثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماك: حدثنا ابن وآيع، قال

.الستة األيام التي خلق اهللا فيها السموات واألرض: قال" سنة مما تعدون

: سمعت الضحاك يقول في قوله: أخبرنا عبيد، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبدة، حدثني الحسين بن الفرج، قال

يعني هذا اليوم من األيام الستة التي خلق اهللا فيهن السموات واألرض " : عدون في يوم آان مقداره ألف سنة مما ت" .وما بينهما

وهو الذي خلق السموات : " حدثني المثنى، حدثنا علي، عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك

" .واألرض في ستة أيام

.ي الخلق يوم األحد، واجتمع الخلق يوم الجمعةمن أيام اآلخرة، آل يوم آان مقداره ألف سنة، ابتدأ ف: قال

بدأ اهللا خلق السموات واألرض يوم : عن آعب، قال: حدثنا جرير، عن األعمش، عن أبي صالح: حدثنا ابن حميد قال .فجعل مكان آل يوم ألف سنة: األحد واألثنين والثالثاء واألربعاء والخميس، وفرغ منها يوم الجمعة، قال

25

يوم من الستة األيام، آألف سنة : حدثنا الحجاج، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن مجاهد، قال: قالحدثني المثنى، .مما تعدون

وآيف يوصف اهللا تعالى ذآره بأنه خلق السموات واألرض وما بينهما في ستة : وبعد، فال وجه لقول قائل. فهذا هذا

آن فيكون، ألنه ال شيء يتوهمه : ا أمره إذا أراد شيئا أن يقول لهأيام قدر مدتها من أيام الدنيا ستة آالف سنة، وإنمخلق ذلك آله في ستة أيام مدتها مدة ستة أيام من أيام الدنيا، : متوهم في قول قائل ذلك إال وهو موجود في قول قائل .ألن أمره جل جالله إذا أراد شيئا أن يقول له آن فيكون

قبل صاحبه القول في الليل والنهار أيهما خلق

وفي بدء خلق الشمس والقمر وصفتهما إذ آانت األزمنة بهما تعرف

قد قلنا في خلق اهللا عز ذآره ما خلق من األشياء قبل خلقه األوقات واألزمنة، وبينا أن األوقات واألزمنة إنما هي بأي ذلك آان االبتداء، بالليل : ساعات الليل والنهار، وأن ذلك إنما هو قطع الشمس والقمر درجات الفلك فلنقل اآلن

خلق اهللا الليل قبل النهار، : أم بالنهار؟ إذ آان االختالف في ذلك موجودا بين ذوي النظر فيه، بأن بعضهم يقول فيهويستشهد على حقيقة قوله ذلك بأن الشمس إذا غابت وذهب ضوءها الذي هو نهار هجم الليل بظالمه، فكان معلوما

لمتورد على الليل، وأن الليل إن لم يبطله النهار المتورد عليه هو الثابت، فكان بذلك من أمرهما بذلك أن الضياء هو ا .داللة على أن الليل هو األول خلقا، وأن الشمس هو اآلخر منهما خلقا، وهذا قول يروي عن ابن عباس

هل الليل آان قبل : سئل: س قالحدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباذلك لتعلموا أن الليل آان قبل ! أرأيتم حين آانت السموات واألرض رتقا، هل آان بينهما إال ظلمة: النهار؟ قال

.النهار

إن : أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال

" .آانتا رتقا ففتقناهما : " ر، ثم قالالليل قبل النها

سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي : حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن بشار، قاليقوم تلك الليله - هالل رمضان - لم يكن عقبة بن عامر إذا رأى الهالل : حبيب، عن مرثد ابن عبد اهللا اليزني، قال

الليل قبل النهار أم النهار قبل الليل؟ وقال : فذآرت ذلك البن حجيرة فقال. ، ثم يقوم بعد ذلكحتى يصوم يومهاآان النهار قبل الليل، واستشهدوا لصحة قولهم هذا بأن اهللا عز ذآره آان وال ليل وال نهار وال شيء غيره، : آخرون

.وأن نوره آان يضيء به آل شيء خلقه بعدما خلقه حتى خلق الليل

:آر من قال ذلكذ

حدثنا حماد بن سلمة، عن الزبير أبي عبد السالم، عن أيوب بن : حدثني علي بن سهل، حدثنا الحسن بن بالل، قالإن ربكم ليس عنده ليل وال نهار، نور السموات من نور وجهه، وإن مقدار آل : عبد اهللا الفهري أن ابن مسعود قال

.ةيوم من أيامكم هذه عنده اثنتا عشرة ساع

آان الليل قبل النهار، ألن النهار هو ما ذآرت : وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: قال أبو جعفر

أأنتم : " من ضوء الشمس، وإنما خلق اهللا الشمس وأجراها في الفلك بعد ما دحا األرض فبسطها، آما قال عز وجل، فإذا آانت الشمس خلقت بعد ما " طش ليلها وأخرج ضحاها أشد خلقا أم السماء بناها، رفع سمكها فسواها، وأغ -قبل أن تخلق الشمس، وقبل أن يخرج اهللا من السماء ضحاها - سمكت السماء، وأغطش ليلها، فمعلوم أنها آانت

.مظلمة ال مضيئة

26

م على الليل ألن الشمس وبعد، فإن في مشاهدتنا من أمر الليل والنهار ما نشاهده دليال بينا على أن النهار هو الهاج

. متى غابت فذهب ضوءها ليال أو نهارا أظلم الجو، فكان معلوما بذلك أن النهار هو الهاجم على الليل بضوئه ونوره .واهللا أعلم

.فأما القول في بدء خلقهما فإن الخبر عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بوقت خلق اهللا الشمس والقمر مختلف

خلق اهللا يوم الجمعة الشمس والقمر والنجوم والمالئكة إلى ثالث ساعات بقيت : روي عنه أنه قالفأما ابن عباس فحدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي سعد البقال، عن عكرمة، عن ابن عباس، : منه، حدثنا بذلك هناد بن السري، قال

.عن النبي صلى اهللا عليه وسلم

، حدثني بذلك القاسم بن " خلق اهللا النور يوم األربعاء : " وسلم أنه قال وروي أبو هريرة عن النبي صلى اهللا عليه

حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن : بشر والحسين بن علي، قاال .عبد اهللا بن رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اهللا عليه وسلم

قبل خلقه إياهما خلقا آثيرا غيرهما، ثم خلقهما عز وجل لما هو أعلم به من مصلحة وأي ذلك آان، فقد خلق اهللا

خلقه، فجعلهما دائبي الجرى، ثم فصل بينهما، فجعل إحداهما آية الليل، واألخرى آية النهار، فمحا آية الليل، وجعل حالتي آية الليل وآية النهار أخبار وقد روي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم في سبب اختالف . آية النهار مبصرة

.وعن جماعة من السلف أيضا نحو ذلك. أنا ذاآر منها بعض ما حضرني ذآره

فمما روي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم في ذلك، ما حدثني محمد بن أبي منصور اآلملي، حدثنا خلف بن

ان، عن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبي ذر حدثنا عمر بن صبح أو نعمي البلخي، عن مقاتل بن حي: واصل، قالآنت آخذ بيد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ونحن نتماشى جميعا نحو المغرب، وقد طفلت الشمس، : الغفاري، قال

تغرب في السماء، ثم ترفع من سماء إلى : يا رسول اهللا، أين تغرب؟ قال: قلت: فما زلنا ننظر إليها حتى غابت، قالإلى السماء السابعة العليا، حتى تكون تحت العرش، فتخر ساجدة، فتسجد معها المالئكة الموآلون سماء حتى ترفعوالشمس : " فذلك قوله عز وجل: يارب، من أين تأمرني أن أطلع، أمن مغربي أم من مطلعي؟ قال: بها، ثم تقول

يعني بذلك صنع الرب العزيز في : قال" ذلك تقدير العزيز العليم " حيث تحبس تحت العرش، " تجري لمستقر لها فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش، على مقادير ساعات النهار، في طوله في : قال. ملكه العليم بخلقه

فتلبس تلك الحلة آما يلبس أحدآم ثيابه، ثم : قال. الصيف، أو قصره في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف والربيعفكأنها قد حبست مقدار ثالث ليال : حتى تطلع من مطلعها، قال النبي صلى اهللا عليه وسلم تنطلق بها في جو السماء

" .إذا الشمس آورت : " ثم ال تكسى ضوءا، وتؤمر أن تطلع من مغربها، فذلك قوله عز وجل

بسه تحت والقمر آذلك في مطلعه ومجراه في أفق السماء ومغربه وارتفاعه إلى السماء السابعة العليا، ومح: قال: " فذلك قوله عز وجل: قال. العرش وسجوده واستئذانه، ولكن جبرائيل عليه السالم يأتيه بالحلة من نور الكرسي

فهذا . ثم عدلت مع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فصلينا المغرب: قال أبو ذر" . جعل الشمس ضياء والقمر نورا الشمس والقمر إنما هو أن ضوء الشمس من آسوة آسيتها من الخبر عن رسول اهللا ينبئ أن سبب اختالف حالة

.ضوء العرش، وأن نور القمر من آسوة آسيها من نور الكرسي

حدثنا خلف بن واصل، : فأما الخبر اآلخر الذي يدل على غير هذا المعنى، فما حدثني محمد ابن أبي منصور، قال

يا بن : بينا ابن عباس ذات يوم جالس إذ جاءه رجل، فقال: الحدثنا أبو نعيم، عن مقاتل بن حيان، عن عكرمة ق: قالزعم : وما ذاك؟ قال: وآان متكئا فاحتفز ثم قال: قال. عباس، سمعت العجب من آعب الحبر يذآر في الشمس والقمر

اس فطارت من ابن عب: قال عكرمة. أنه يجاء بالشمس والقمر يوم القيامة آأنهما ثوران عقيران، فيقذفان في جهنم

27

ثالث مرات، بل هذه يهودية يريد إدخالها ! آذب آعب! آذب آعب! آذب آعب: شقة ووقعت أخرى غضبا، ثم قالوسخر لكم الشمس : " في اإلسالم، اهللا أجل وأآرم من أن يعذب على طاعته، ألم تسمع لقول اهللا تبارك وتعالى

قاتل اهللا ! ين يثني عليهما، إنهما دائبان في طاعته، وإنما يعني دؤبهما في الطاعة، فكيف يعذب عبد" والقمر دائبين ثم استرجع مرارا، : قال! ما أجرأه على اهللا وأعظم فريته على هذين العبدين المطيعين هللا! آعب الحبر وقبح حبريته

ال أ: وأخذ عويدا من األرض، فجعل ينكته في األرض، فظل آذلك ما شاء اهللا، ثم إنه رفع رأسه، ورمى بالعويد فقال: أحدثكم بما سمعت من رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، يقول في الشمس والقمر وبدء خلقهما ومصير أمرهما؟ فقلنا

إن اهللا تبارك وتعالى لما أبرم خلقه : إن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم سئل عن ذلك، فقال: فقال! بلى رحمك اهللانور عرشه، فأما ما آان في سابق علمه أنه يدعها شمسا، فإنه إحكاما فلم يبق من خلقه غير آدم خلق شمسين من

خلقها مثل الدنيا ما بين مشارقها ومغاربها، وأما ما آان في سابق علمه أنه يطمسها ويحولها قمرا، فإنه دون الشمس .في العظم، ولكن إنما يرى صغرهما من شدة ارتفاع السماء وبعدها من األرض

ين آما آان خلقهما في بدء األمر لم يكن يعرف الليل من النهار، وال النهار من الليل، وآان فلو ترك اهللا الشمس: قال

وال يدري الصائم إلى متى يصوم، وال تدري المرأة آيف تعتد، . ال يدري األجير إلى متى يعمل، ومتى يأخذ أجرهدري الناس متى ينصرفون لمعايشهم، وال يدري المسلمون متى وقت الحج، وال يدري الديان متى تحل ديونهم، وال ي

.ومتى يسكنون لراحة أجسادهم

وهو -أنظر لعباده وأرحم بهم، فأرسل جبرئيل عليه السالم فأمر جناحه على وجه القمر . وآان الرب عز وجل

ين وجعلنا الليل والنهار آيت: " ثالث مرات، فطمس عنه الضوء، وبقي فيه النور، فذلك قوله عز وجل - يومئذ شمس ثم . فالسواد الذي ترونه في القمر شبه الخطوط فيه فهو أثر المحو: قال" . فمحونا آية الليل وجعلنا أية النهار مبصرة

خلق اهللا للشمس عجلة من ضوء نور العرش لها ثلثمائة وستون عروة، ووآل بالشمس وعجلتها ثلثمائة وستين ملكا آل ملك منهم بعروة من تلك العرا، ووآل بالقمر وعجلته ثلثمائة وستين من المالئكة من أهل السماء الدنيا، قد تعلق

.ملكا من المالئكة من أهل السماء، قد تعلق بكل عروة من تلك العرا ملك منهم

وخلق اهللا لهما مشارق ومغارب في قطري األرض وآنفى السماء ثمانين ومائة عين في المغرب، طينة : ثم قال

إنما يعني حمأة سوداء من طين، وثمانين ومائة عين " وجدها تغرب في عين حمئة : " لسوداء، فذلك قوله عز وجفكل يوم وآل ليلة لها مطلع جديد، : قال. في المشرق مثل ذلك طينة سوداء تفور غليا آغلي القدر إذا ما اشتد غليها

إلى آخرها مطلعا، وأولها مغربا ومغرب جديد ما بين أولها مطلعا، وآخرها مغربا أطول ما يكون النهار في الصيف يعني آخرها هاهنا وآخرها " رب المشرقين ورب المغربين : " أقصر ما يكون النهار في الشتاء، فذلك قوله تعالى

، فذآر عدة تلك " برب المشارق والمغارب : " ثم، وترك ما بين ذلك من المشارق والمغارب، ثم جمعهما فقال .العيون آلها

بحرا، فجرى دون السماء مقدار ثالث فراسخ، وهو موج مكفوف قائم في الهواء بأمر اهللا عز وجل ال وخلق اهللا : قاليقطر منه قطرة، والبحار آلها ساآنة، وذلك البحر جار في سرعة السهم ثم انطالقه في الهواء مستويا، آأنه حبل

آل : " ذلك البحر، فذلك قوله تعالى ممدود ما بين المشرق والمغرب، فتجري الشمس والقمر والخنس في لجة غمروالذي نفس محمد بيده، لو بدت الشمس من ذلك . ، والفلك دوران العجلة في لجة غمر ذلك البحر" في فلك يسبحون

البحر ألحرقت آل شيء في األرض، حتى الصخور والحجارة، ولو بدا القمر في ذلك الفتتن أهل األرض حتى .اء اهللا أن يعصم من أوليائهيعبدوه من دون اهللا، إال من ش

ذآرت مجرى الخنس مع ! يأبى أنت وأمي يا رسول اهللا: فقال علي بن أبي طالب رضي اهللا عنه: قال ابن عباسيا علي، هن خمسة : الشمس والقمر، وقد أقسم اهللا بالخنس في القرآن إلى ما آان من ذآرك، فما الخنس؟ قال

، والزهرة، فهذه الكواآب الخمسة الطالعات الجاريات، مثل الشمس آواآب، البرجيس، وزحل وعطارد، وبهراموالقمر، العاديات معهما، فأما سائر الكواآب فمعلقات من السماء آتعليق القناديل من المساجد، وهي تحوم مع السماء

ينوا ذلك، فانظروا إلى فإن أحببتم أن تستب: دورانا بالتسبيح والتقديس والصالة هللا، ثم قال النبي صلى اهللا عليه وسلمدوران الفلك مرة هاهنا ومرة هاهنا، فذلك دوران السماء، ودوران الكواآب معها آلها سوى هذه الخمسة، ودورانها

28

اليوم آما ترون، وتلك صالتها، ودورانها إلى يوم القيامة في سرعة دوران الرحا من أهوال يوم القيامة وزالزله، " .ر السماء مورا، وتسير الجبال سيرا، فويل يومئذ للمكذبين يوم تمو: " فذلك قوله عز وجل

فإذا طلعت الشمس فإنها تطلع من بعض تلك العيون على عجلتها ومعها ثلثمائة وستون ملكا ناشري أجنحتهم، : قال

را، فإذا أحب يجرونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصالة هللا على قدر ساعات الليل وساعات النهار ليال آان أو نهااهللا أن يبتلي الشمس والقمر فيرى العباد آية من اآليات فيستعتبهم رجوعا عن معصيته وإقباال على طاعته، خرت

الشمس من العجلة فتقع في غمر ذلك البحر وهو الفلك، فإذا أحب اهللا أن يعظم اآلية ويشدد تخويف العباد وقعت فإذا . فذلك حين يظلم النهار وتبدو النجوم، وهو المنهى من آسوفها الشمس آلها فال يبقى منها على العجلة شيء،

أراد أن يجعل أية دون آية وقع منها النصف أو الثلث أو الثلثان في الماء ويبقى سائر ذلك على العجلة، فهو آسوف المالئكة دون آسوف، وبالء للشمس أو للقمر، وتخويف للعباد، واستعتاب من الرب عز وجل، فأي ذلك آان صارت

فرقة منها يقبلون على الشمس فيجرونها نحو العجلة، والفرقة األخرى يقبلون على العجلة : الموآلون بعجلتها فرقتينفيجرونها نحو الشمس، وهم في ذلك يقرونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصالة هللا على قدر ساعات النهار أو

يف آان ذلك أو في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف والربيع، لكيال يزيد ساعات الليل، ليال آان أو نهارا، في الصفي طولهما شيء، ولكن قد ألهمهم اهللا علم ذلك، وجعل لهم تلك القوة، والذي ترون من خروج الشمس أو القمر بعد

لهم، فاحتملوها حتى الكسوف قليال قليال من غمر ذلك البحر الذي يعلوهما، فإذا أخرجوها آلها اجتمعت المالئكة آيضعوها على العجلة، فيحمدون اهللا على ما قواهم لذلك، ويتعلقون بعرا العجلة، ويجرونها في الفلك بالتسبيح

والتقديس والصالة هللا حتى يبلغوا بها المغرب، فإذا بلغوا بها المغرب أدخلوها تلك العين، فتسقط من أفق السماء في .العين

وللعجب من القدرة فيما لم نر أعجب من ذلك، وذلك قول : عليه وسلم، وعجب من خلق اهللاثم قال النبي صلى اهللا إحداهما بالمشرق واألخرى : وذلك أن اهللا عز وجل خلق مدينتين" أتعجبين من أمر اهللا " جبرئيل عليه السالم لسارة

ي بالمغرب من بقايا ثمود من نسل بالمغرب، أهل المدينة التي بالمشرق من بقايا عاد من نسل مؤمنيهم، وأهل التالذين آمنوا بصالح، اسم التي بالمشرق بالسريانية مرقيسيا وبالعربية جابلق واسم التي بالمغرب بالسريانية برجيسيا

وبالعربية جابرس ولكل مدينة منهما عشرة آالف باب، ما بين آل بابين فرسخ، ينوب آل يوم على آل باب من عشرة آالف رجل من الحراسة، عليهم السالح، ال تنوبهم الحراسة بعد ذلك إلى يوم ينفخ في أبواب هاتين المدينتين

الصور، فوالذي نفس محمد بيده، لوال آثرة هؤالء القوم وضجيج أصواتهم لسمع الناس من جميع أهل الدنيا هدة .ومن دونهم يأجوج ومأجوج منسك، وتافيل، وتاريس،: وقعة الشمس حين تطلع وحين تغرب، ومن ورائهم ثالثة أمم

وإن جبرئيل عليه السالم أنطلق بي إليهم ليلة أسرى بي من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى فدعوت يأجوج ومأجوج إلىعبادة اهللا عز وجل فأبوا أن يجيبوني، ثم انطلق بي إلى أهل المدينتين، فدعوتهم إلى دين اهللا عز وجل

فهم في الدين إخواننا، من أحسن منهم فهو مع محسنكم، ومن أساء منهم فأولئك مع وإلى عبادته فأجابوا وأنابوا،ثم انطلق بي إلى األمم الثالث، فدعوتهم إلى دين اهللا وإلى عبادته فأنكروا ما دعوتهم إليه، فكفروا . المسيئين منكم

، فإذا ما غربت الشمس رفع بها باهللا عز وجل وآذبوا رسله، فهم مع يأجوج ومأجوج وسائر من عصى اهللا في النارمن سماء إلى سماء في سرعة طيران المالئكة، حتى يبلغ بها إلى السماء السابعة العليا، حتى تكون تحت العرش

فتخر ساجدة، وتسجد معها المالئكة الموآلون بها، فيحدر بها من سماء إلى سماء، فإذا وصلت إلى هذه السماء فذلك نحدرت من بعض تلك العيون، فذاك حين يضئ الصبح، فإذا وصلت إلى هذا الوجه من حين ينفجر الفجر، فإذا ا

.السماء فذاك حين يضيء النهار

وجعل اهللا عند المشرق حجابا من الظلمة على البحر السابع، مقدار عدة الليالي منذ يوم خلق اهللا الدنيا إلى يوم : قال

لليل فيقبض قبضة من ظلمة ذلك الحجاب، ثم يستقبل المغرب، فال تصرم، فإذا آان عند الغروب أقبل ملك قد وآل بايزال يرسل من الظلمة من خلل أصابعه قليال قليال وهو يراعي الشفق فإذا غاب الشفق أرسل الظلمة آلها ثم ينشر جناحيه، فيبلغان قطري األرض وآنفي السماء، ويجاوزان ما شاء اهللا عز وجل خارجا في الهواء، فيسوق ظلمة

الليل بجناحيه بالتسبيخ والتقديس والصالة اهللا حتى يبلغ المغرب، فإذا بلغ المغرب انفجر الصبح من المشرق، فضم جناحيه، ثم يضم الظلمة بعضها إلى بعض بكفيه، ثم يقبض عليها بكف واحدة نحو قبضته إذا تناولها من الحجاب

فإذا ما نقل ذلك الحجاب من المشرق إلى . ظلمة الليل بالمشرق، فيضعها عند المغرب على البحر السابع من هناك

29

المغرب نفخ في الصور، وانقضت الدنيا، فضوء النهار من قبل المشرق، وظلمة الليل من قبل ذلك الحجاب، فال تزال الشمس والقمر آذلك من مطالعهما إلى مغاربهما إلى ارتفاعهما، إلى السماء السابعة العليا، إلى محبسهما تحت

عرش، حتى يأتي الوقت الذي ضرب اهللا لتوبة العباد، فتكثر المعاصي في األرض ويذهب المعروف، فال يأمر به ال .أحد، ويفشو المنكر فال ينهى عنه أحد

من أين تطلع؟ لم يحر إليها جواب، : فإذا آان ذ لك حبست الشمس مقدار ليلة تحت العرش، فكلما سجدت وأستأذنتمن أين يطلع؟ فال يحار إليه جواب، حتى يحبسهما قدار ثالث ليال : د معها، ويستأذنحتى يوافيها القمر ويسج

للشمس وليلتين للقمر، فال يعرف طول تلك الليلة إال المتهجدون في األرض، وهم حينئذ عصابة قليلة في آل بلدة من ما آان ينام قبلها من الليالي، ثم يقوم بالد المسلمين، في هوان من الناس وذلة من أنفسهم، فينام أحدهم تلك الليلة قدر

فيتوضأ ويدخل مصاله فيصلي ورده، آما آان يصلي قبل ذلك، ثم يخرج فال يرى الصبح، فينكر ذلك ويظن فيه ثم يعود أيضا فيصلي : قال! فلعلي خففت قراءتي، أو قصرت صالتي، أو قمت قبل حيني: الظنون من الشر ثم يقولالثانية، ثم يخرج فال يرى الصبح، فيزيده ذلك إنكارا، ويخالطه الخوف، ويظن في ذلك ورده آمثل ورده، الليلة ثم يعود أيضا الثالثة ! فلعلي خففت قراءتي، أو قصرت صالتي، أو قمت من أول الليل: الظنون من الشر ثم يقول

ثم يخرج فإذا هو بالليل مكانه وهو وجل مشفق لما يتوقع من هول تلك الليلة، فيصلي أيضا مثل ورده، الليلة الثالثة،فيشفق عند ذلك شفقة الخائف العارف بما آان يتوقع من . والنجوم قد استدارت وصارت إلى مكانها من أول الليل

هول تلك الليلة فيستلحمه الخوف، ويستخفه البكاء، ثم ينادي بعضهم بعضا، وقبل ذلك آانوا يتعارفون ويتواصلون، آل بلدة إلى مسجد من مساجدها، ويجأرون إلى اهللا عز وجل بالبكاء والصراخ بقية تلك فيجتمع المتهجدون من أهل

إن : الليلة، والغافلون في غفلتهم،حتى إذا ما تم لهما مقدار ثالث ليال للشمس وللقمر ليلتين، أتاهما جبرئيل فيقولفيبكيان عند ذلك : قال. ا عندنا وال نورالرب عز جل يأمرآما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منها، وأنه ال ضوء لكم

بكاء يسمعه أهل سبع سموات من دونهما وأهل سرادقات العرش وحملة العرش من فوقهما، فيبكون لبكائهما مع ما .يخالطهم من خوف الموت، وخوف يوم القيامة

ب أسودين مكورين فبينا الناس ينتظرون طلوعهما من المشرق إذا هما قد طلعا خلف أقفيهم من المغر: قال

آالغرارتين، وال ضوء للشمس وال نور للقمر، مثلهما في آسوفهما قبل ذلك، فيتصايح أهل الدنيا وتذهل األمهات عن فأما الصالحون واألبرار فإنه ينفعهم بكاؤهم : قال. أوالدها، واألحبة عن ثمرة قلوبها، فتشتغل آل نفس بما أتاها

: قال. ا الفاسقون والفجار فإنه ال ينفعهم بكاؤهم يومئذ، ويكتب ذلك عليهم خسارةوأم. يومئذ، ويكتب ذلك لهم عبادة - وهو منصفها - فيرتفعان مثل البعيرين القرينين، ينازع آل واحد منهما صاحبه استباقا، حتى إذا بلغا سرة السماء

ن تلك العيون، ولكن يغربهما في أتاهما جبرئيل فأخذ بقرونهما ثم ردهما إلى المغرب، فال يغربهما في مغاربهما م .باب التوبة

يا عمر، خلق اهللا عز : فما باب التوبة؟ قال! أنا وأهلي فداؤك يا رسول اهللا: فقال عمر بن الخطاب رضي اهللا عنه

وجل بابا للتوبة خلف المغرب، مصراعين من ذهب، مكلال بالدر والجوهر، ما بني المصراع إلى المصراع اآلخر ن عاما للراآب المسرع، فذلك الباب مفتوح منذ خلق اهللا خلقه إلى صبيحة تلك الليلة عند طلوع الشمس مسيرة أربعي

والقمر من مغاربهما، ولم يتب عبد من عباد اهللا توبة نصوحا من لدن آدم إلى صبيحة تلك الليلة إال ولجت تلك التوبة .في ذلك الباب، ثم ترفع إلى اهللا عز وجل

إن يندم المذنب على الذنب الذي أصابه : وما التوبة النصوح؟ قال! بأبي أنت وأمي يا رسول اهللا: قال معاذ بن جبل

فيرد جبرئيل بالمصراعين فيألم بينهما : قال. فيعتذر إلى اهللا ثم ال يعود إليه، آما ال يعود اللبن إلى الضرعم يقبل بعد ذلك توبة، ولم ينفع بعد ذلك حسنة ويصيرهما آأنه لم يكن فيما بينهما صدع قط، فإذا أغلق باب التوبة ل

يعملها في اإلسالم إال من آان قبل ذلك محسنا، فإنه يجري لهم وعليهم بعد ذلك ما آان يجري قبل ذلك، قال فذلك " .يوم يأتي بعض آيات ربك ال ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو آسبت في إيمانها خيرا : " قوله عز وجل

30

يا أبي، : فقال! وآيف بالناس والدنيا! فكيف بالشمس والقمر بعد ذلك! بأبي أنت وأمي يا رسول اهللا: أبي بن آعبفقال إن الشمس والقمر بعد ذلك يكسيان النور والضوء، ويطلعان على الناس ويغربان آما آانا قبل ذلك، وأما الناس فإنهم

على الدنيا حتى يجروا فيها األنهار، ويغرسوا فيها الشجر، ويبنوا نظروا إلى ما نظروا إليه من فظاعة اآلية، فيلحون .وأما الدنيا فإنه لو أنتج رجل مهرا لم يرآبه من لدن طلوع الشمس من مغربها إلى يوم ينفخ في الصور. فيها البنيان

يا حذيفة، والذي نفس : فقال! فكيف هم عند النفخ في الصور! أنا وأهلي فداؤك يا رسول اهللا: فقال حذيفة بن اليمانمحمد بيده، لتقومن الساعة ولينفخن في الصور والرجل قد لط حوضه فال يسقى منه، ولتقومن الساعة والثوب بين

ولتقومن الساعة والرجل قد رفع لقمته إلى فيه فال يطعمها، ولتقومن الساعة . الرجلين فال يطويانه، وال يتبايعانهوليأتينهم بغتة : " حتها فال يشربه، ثم تال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم هذه اآليةالرجل قد انصرف بلبن لقحته من ت

" .وهم ال يشعرون

فإذا نفخ في الصور، وقامت الساعة، وميز اهللا بين أهل الجنة وأهل النار ولما يدخلوهما بعد، إذ يدعو اهللا عز وجل

زلزال وبلبال، ترعد فرائصهما من هول ذلك اليوم ومخافة بالشمس والقمر، فيجاء بهما أسودين مكورين قد وقعا فيإلهنا قد علمت طاعتنا ودؤبنا في عبادتك، وسرعتنا : الرحمن، حتى إذا آانا حيال العرش خرا هللا ساجدين، فيقوالن

: قال! بادتكللمضي في أمرك أيام الدنيا، فال تعذبنا بعبادة المشرآين إيانا، فإنا لم ندع إلى عبادتنا، ولم نذهل عن عصدقتما، وإني قضيت على نفسي أن أبدئ وأعيد، وإني معيدآما فيما بدأتكما منه، : فيقول الرب تبارك وتعالى

فيلتمع من آل : قال. خلقتكما من نور عرشي، فارجعا إليه: إلهنا، ومم خلقتنا؟ قال: فارجعا إلى ما خلقتما منه، قاال " .يبديء ويعيد : " ، فتخلط بنور العرش فذلك قوله عز وجلواحد منهما برقة تكاد تخطف األبصار نورا

فقمت مع النفر الذين حدثوا به، حتى أتينا آعبا فأخبرناه بما آان من وجد ابن عباس من حديثه، وبما : قال عكرمةجدك قد بلغني ما آان من و: حدث عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فقام آعب معنا حتى أتينا ابن عباس، فقال

من حديثي، وأستغفر اهللا وأتوب إليه، وإني إنما حدثت عن آتاب دارس قد تداولته األيدي، وال أدري ما آان فيه من تبديل اليهود، وإنك حدثت عن آتاب جديد حديث العهد بالرحمن عز وجل وعن سيد األنبياء وخير النبيين، فأنا أحب

.ن مكان حديثي األولأن تحدثني الحديث فأحفظه عنك، فإذا حدثت به آا

فأعاد عليه ابن عباس الحديث، وأنا أستقريه في قلبي بابا بابا، فما زاد شيئا وال نقص، وال قدم شيئا وال : قال عكرمة

.أخر، فزادني ذلك في ابن عباس رغبة، وللحديث حفظا

بن رفيع، عن أبي الطفيل، حدثنا جرير، عن عبد العزيز : ومما روى عن السلف في ذلك ما حدثناه ابن حميد، قال

أما تقرأ القرآن ! ويحك: يا أمير المؤمنين، ما هذه اللطخة التي في القمر؟ فقال: قال ابن الكواء لعلي عليه السالم: قال .فهذه محوه" ! فمحونا آية الليل "

اء عليا عليه السالم سأل ابن الكو: حدثنا طلق، عن زائدة عن عاصم، عن علي بن ربيعة، قال: حدثنا أبو آريب، قال

.، هو المحو" فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة : " ما هذا السواد في القمر؟ فقال علي: فقال

آنت عند : حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبيد بن عمير، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا ابن بشار، قال

.ذاك آية الليل محيت: ن السواد الذي في القمر فقالعلي عليه السالم، فسأله ابن الكواء ع

قال : حدثنا عمران بن حدير، عن رفيع، أبي آثيرة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال:حدثنا ابن أبي الشوارب، قال

! اهللاقاتلك : ما السواد الذي في القمر، فقال: سلوا عما شئتم، فقال ابن الكواء فقال: علي بن أبي طالب رضي اهللا عنه .ثم قال ذاك محو الليل! هال سألت عن أمر دينك وآخرتك

31

حدثنا ابن لهيعة، عن حيي بن عبد اهللا، عن أبي : حدثنا ابن عفير، قال: حدثنا زآريا بن يحيى بن أبان المصري، قال

: لقمر؟ قالما السواد الذي في ا: عبد الرحمن، عن عبد اهللا بن عمرو بن العاص، أن رجال قال لعلي رضي اهللا عنه " .وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة : " إن اهللا يقول

: " حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن سعد، قال .اد بالليلهو السو: ، قال" وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل

آان القمر يضيء آما : قال ابن عباس: حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

.، السواد الذي في القمر" فمحونا آية الليل " تضيء الشمس، والقمر آية الليل، والشمس آية النهار،

وجعلنا الليل والنهار : " ر ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالىذآ: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: حدثنا أبو آريب، قال

السواد الذي في القمر، آذلك خلقه : ، قال" فمحونا آية الليل " الشمس آية النهار، والقمر آية الليل، : ، قال" آيتين .اهللا

، " ا الليل والنهار آيتين وجعلن: " حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: حدثني الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

.ليال ونهارا آذلك خلقهما اهللا عز وجل: قالظلمة الليل وسد : ، قال" فمحونا آية الليل جعلنا آية النهار مبصرة : " وأخبرنا عبد اهللا بن آثير، قال: قال ابن جريج

.ف النهار

وجعلنا الليل والنهار : " ادة، قوله عز وجلحدثنا سعيد عن قت: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال

، منيرة، " وجعلنا آية النهار مبصرة " ، آنا نحدث أن محو آية الليل سواد القمر الذي فيه، " آيتين فمحونا آية الليل .وخلق الشمس أنور من القمر وأعظم

حدثنا : حدثنا الحسن، قال: ، قالوحدثني الحارث. حدثنا عيسى: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال

ليال ونهارا، آذلك جعلهما اهللا : ، قال" وجعلنا الليل والنهار آيتين : " ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد .عز وجل

إن اهللا تعالى ذآره خلق شمس النهار وقمر الليل آيتين، : والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: قال أبو جعفر

.ل آية النهار التي هي الشمس مبصرة يبصر بها، ومحا آية الليل التي هي القمر بالسواد الذي فيهفجعوجائز أن يكون اهللا تعالى ذآره خلقهما شمسين من نور عرشه، ثم محا نور القمر بالليل على نحو ما قاله من ذآرنا

.قوله، فكان ذلك سبب اختالف حالتيهما

س للكسوة التي تكساها من ضوء العرش، ونور القمر من الكسوة التي يكساها من نور وجائز أن يكون إضاءة الشم

.الكرسي

ولو صح سند أحد الخبرين اللذين ذآرتهما لقلنا به، ولكن في أسانيدهما نظرا فلم نستجز قطع القول بتصحيح ما

عز وجل خالف بين صفتيهما في فيهما من الخبر عن سبب اختالف حال الشمس والقمر، غير أنا بيقين نعلم أن اهللا

32

اإلضاءة لما آان أعلم به من صالح خلقه باختالف أمريهما، فخالف بينهما، فجعل أحدهما مضيئا مبصرا به، واألخر .ممحو الضوء

وإنما ذآرنا قدر ما ذآرنا من أمر الشمس والقمر في آتابنا هذا، وإن آنا قد أعرضنا عن ذآر آثير من أمرهما

مع إعراضنا عن ذآر بدء خلق اهللا السموات واألرض وصفة ذلك، وسائر ما ترآنا ذآره من جميع خلق وأخبارهما،اهللا في هذا الكتاب، ألن قصدنا في آتابنا هذا ذآر ما قدمنا الخبر عنه أنا ذاآروه فيه من ذآر األزمنة وتأريخ الملوك

نت التأريخات واألزمنة إنما توقث بالليالي واأليام التي واألنبياء والرسل، على ما قد شرطنا في أول هذا الكتاب، وآاإنما هي مقادير ساعات جري الشمس والقمر في أفالآهما على ما قد ذآرنا في األخبار التي رويناها عن رسول اهللا

وال صلى اهللا عليه وسلم، وآان ما آان قبل خلق اهللا عز ذآره إياهما من خلقه في غير أوقات وال ساعات وال ليل .نهار

وإذ آنا قد بينا مقدار مدة ما بين أول ابتداء اهللا عز وجل في إنشاء ما أراد إنشاءه من خلقه إلى حين فراغه من إنشاء جميعهم من سني الدنيا ومدة أزمانها بالشواهد التي استشهدنا بها من اآلثار واألخبار، وأتينا على القول في مدة ما

فناء الجميع باألدلة التي دللنا بها على صحة ذلك من األخبار الواردة عن رسول اهللا بعد أن فرغ من خلق جميعه إلىصلى اهللا عليه وسلم وعن الصحابة وغيرهم من علماء األمة، وآان الغرض في آتابنا هذا ذآر ما قد بينا أنا ذاآروه

الرسل واألنبياء، وآنا قد أتينا على من تأريخ الملوك الجبابرة العاصية ربها عز وجل والمطيعة ربها منهم، وأزمانذآر ما به تصح التأريخات، وتعرف به األوقات والساعات، وذلك الشمس والقمر اللذان بأحدهما تدرك معرفة

فلنقل اآلن في أول من أعطاه اهللا ملكا، وأنعم عليه . ساعات الليل وأوقاته، وباآلخر تدرك علم ساعات النهار وأوقاتهثم نتبعه ذآر من استن في . د ربوبيته، وعنا على ربه واستكبر، فسلبه اهللا نعمته، وأخزاه وأذلهفكفر نعمته، وجح

ونذآر من آان بإزائه أو . سنته، واقتفى فيه أثره، فأحل اهللا به نقمته، وجعله من شيعته، وألحقه به في الخزي والذل .ألنبياء إن شاء اهللا عز وجلبعده من الملوك المطيعة ربها المحمودة آثارها، أو من الرسل وا

.فأولهم وإمامهم في ذلك ورئيسهم وقائدهم فيه إبليس لعنه اهللا

وآان اهللا عز وجل قد أحسن خلقه وشرفه وآرمه وملكه على سماء الدنيا واألرض فيما ذآر، وجعله مع ذلك من

ر إلى عبادته، فمسخه اهللا تعالى خزان الجنة، فاستكبر على ربه وادعى الربوبية، ودعا من آان تحت يده فيما ذآشيطانا رجيما،وشوه خلقه، وسلبه ما آان حوله، ولعنه وطرده عن سمواته في العاجل، ثم جعل مسكنه ومسكن .أبتاعه وشيعته في اآلخرة نار جهنم، نعوذ باهللا من غضبه، ومن عمل يقرب من غضبه،ومن الحور بعد الكور

عن السلف بما آان اهللا عز وجل أعطاه من الكرامة قبل استكباره عليه، وادعائه ونبدأ بذآر جمل من األخبار الواردة ما لم يكن له ادعاؤه، ثم نتبع ذلك ما آان من األحداث في أيام سلطانه وملكه إلى حين زوال ذلك عنه، والسبب الذي

.ء اهللا مختصرابه زال عنه ما آان فيه من نعمة اهللا عليه، وجميل آالئه وغير ذلك من أموره، إن شا

ذآر األخبار الواردة عن إبليس

بأنه آان له ملك السماء الدنيا واألرض وما بين ذلك

آان : قال ابن عباس: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثنا القاسم بن الحسن، قال

ان، وآان له سلطان سماء الدنيا، وآان له سلطان إبليس من أشراف المالئكة وأآرمهم قبيلة، وآان خازنا على الجن .األرض

حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن صالح مولى التوءمة وشريك بن أبي نمر : حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

إن من المالئمة قبيلة من الجن وآان إبليس منها وآان يسوس ما بين : عن ابن عباس، قال -أحدهما أو آالهما - .لسماء واألرضا

33

حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره عن أبي : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا موسى بن هارون الهمداني، قال

مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا قبيلة من المالئكة يقال لهم الجن، وإنما سموا الجن ألنهم خزان جعل إبليس على سماء الدنيا، وآان من: عليه وسلم

.الجنة، وآان إبليس مع ملكه خازنا

أخبرنا عبيد اهللا بن : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال: حدثني عبدان المروزي، حدثني الحسين بن الفرج، قال

آان : ، قال" جدوا إال إبليس آان من الجن فس: " سمعت الضحاك ابن مزاحم يقول في قوله عز وجل: سليمان،قالإن إبليس آان من أشرف المالئكة وأآرمهم قبيلة، وآان خازنا على الجنان، وآان له سلطان سماء : ابن عباس يقول

.الدنيا، وآان له سلطان األرض

عبد اهللا بن أبي نمر، حدثنا المبارك بن مجاهد أبو األزهر، عن شريك بن : حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

إن من المالئكة قبيال يقال لهم الجن، فكان إبليس منهم، وآان يسوس : عن صالح مولى التوءمة، عن ابن عباس، قال .ما بين السماء واألرض فعصى، فمسخه اهللا شيطانا رجيما

ذآر الخبر عن غمط عدو اهللا نعمة ربه واستكباره عليه وادعائه الربوبية

قال، : قال" ومن يقل منهم إني إله من دونه : " حدثني حجاج، عن ابن جريج: حدثنا الحسين، قال: قال حدثنا القاسم، .من يقل من المالئكة إن إله من دونه، فلم يقله إال إبليس، دعا إلى عبادة نفسه، فنزلت هذه اآلية في إبليس: ابن جريج

ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه : " عن قتادة حدثنا سعيد،: حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال، وإنما آانت هذه اآلية خاصة لعدو اهللا إبليس لما قال ما قال، لعنه اهللا وجعله رجيما، " جهنم آذلك نجزي الظالمين

.فذلك نجزيه جهنم آذلك نجزي الظالمين: " فقال

ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك : " عن معمر، عن قتادة حدثنا محمد بن ثور،: حدثنا محمد بن عبد األعلى، قال

.هي خاصة إلبليس: ، قال" نجزيه جهنم

القول في األحداث التي آانت في أيام ملك إبليس وسلطانه والسبب الذي به هلك وادعى الربوبية

بن عباس في الخبر الذي حدثناه أبو ما ذآر لنا عن ا - إذ آان هللا مطيعا -فمن األحداث التي آانت في ملك عدو اهللا

آان : حدثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: آريب، قالوآان اسمه الحارث، : الجن خلقوا من نار السموم من بين المالئكة، قال: إبليس من حي من أحياء المالئكة يقال لهم

وخلقت الجن الذين : وخلقت المالئكة آلهم من نور غير هذا الحي، قال: زان الجنة، قالوآان خازنا من خ: قالوخلق اإلنسان من طين، : ذآروا في القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت،قال

عث اهللا إليهم إبليس في جند فب: فأول من سكن األرض الجن فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء، وقتل بعضهم بعضا، قالمن المالئكة وهم هذا الحي الذين يقال لهم الجن، فقتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف

فاطلع اهللا على ذلك من قلبه، : قد صنعت شيئا لم يصنعه أحد، قال: الجبال، فلما فعل إبليس ذلك اغتر في نفسه، وقال .الذين آانوا معهولم تطلع عليه المالئكة

34

: حدثنا عبد اهللا بن أبي جعفر عن أبيه، عن الربيع بن أنس، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثني المثنى، قال

فكفر قوم من الجن، فكانت : إن اهللا خلق المالئكة يوم األربعاء، وخلق الجن يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة، قال .رض فتقتلهم، فكانت الدماء وآان الفساد في األرضالمالئكة تهبط إليهم في األ

ذآر السبب الذي به هلك عدو اهللا وسولت له نفسه من أجله االستكبار على ربه عز وجل

اختلف السلف من الصحابة والتابعين في ذلك، وقد ذآرنا أحد األقوال التي رويت في ذلك عن ابن عباس، وذلك ما لجن الذين عصوا اهللا، وأفسدوا في األرض وشردهم، أعجبته نفسه ورأى في نفسه ذآر الضحاك عنه، أنه لما قتل ا

.أن له بذلك من الفضيلة ما ليس لغيره

والقول الثاني من األقوال المروية في ذلك عن ابن عباس، أنه آان ملك سماء الدنيا وسائسها، وسائس ما بينها وبين

فأعجب بنفسه، ورأى أن له بذلك الفضل، فاستكبر على ربه عز األرض، وخازن الجنة، مع اجتهاده في العبادة، .وجل

: ذآر الرواية عنه بذلك

حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره عن أبي : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا موسى بن هارون الهمداني، قالاس من أصحاب النبي صلى اهللا وعن ن - وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس

لما فرغ اهللا عز وجل من خلق ما أحب استوى على العرش، فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا : عليه وسلم، قالوآان من قبيلة من المالئكة يقال لهم الجن، وإنما سموا الجن ألنهم خزان الجنة، وآان إبليس مع ملكه خازنا، فوقع

.اني اهللا هذا إال لمزية، هكذا حدثني موسى بن هارونما أعط: في صدره آبر، وقال

فلما وقع ذلك الكبر في نفسه . لمزية لي على المالئكة: وحدثني به أحمد بن أبي خيشمة، عن عمرو بن حماد، قال

" .إني جاعل في األرض خليفة : " أطلع اهللا عز وجل على ذلك منه، فقال اهللا للمالئكة

ثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن خالد بن عطاء، عن طاوس، عن ابن عباس، حد: حدثنا ابن حميد، قال

آان إبليس قبل أن يرآب المعصية من المالئكة اسمه عزازيل، وآان من سكان األرض، وآان من أشد المالئكة : قال .اجتهادا وأآثرهم علما، فذلك الذي دعاه إلى الكبر، وآان من حي يسمون جنا

أو مجاهد أبي -حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن خالد بن عطاء، عن طاوس : حميد مرة أخرى، قال وحدثنا به ابنآان ملكا من المالئكة اسمه عزازيل، وآان من سكان األرض : عن ابن عباس وغيره بنحوه، إال أنه قال - الحجاج

.وعمارها، وآان سكان األرض فيهم يسمون الجن من بين المالئكة

آان إبليس : حدثنا سالم ابن مسكين، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: حدثنا شيبان، قال: المثنى، قالحدثنا ابن

.رئيس مالئكة سماء الدنيا

السبب في ذلك أنه آان من بقايا خلق خلقهم اهللا عز وجل، : والقول الثالث من األقوال المروية عنه أنه آان يقول

.فأمرهم بأمر فأبوا طاعته

35

حدثنا أبو عاصم، عن شبيب، عن عكرمة، عن ابن : حدثني محمد بن سنان القزاز، قال: الرواية عنه بذلك ذآر

فبعث اهللا عليهم نارا تحرقهم، ثم خلق خلقا : اسجدوا آلدم، فقالوا ال نفعل، قال: إن اهللا خلق خلقا فقال: عباس، قالأال : ثم خلق هؤالء فقال: عث اهللا عليهم نارا فأحرقهم، قالإني خالق بشرا من طين فاسجدوا آلدم، فأبوا، فب: آخر فقال

.وآان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا آلدم: نعم، قال: قالوا! تسجدوا آلدم

بل السبب في ذلك أنه آان من بقايا الجن الذين آانوا في األرض، فسفكوا فيها الدماء، وأفسدوا فيها، : وقال آخرون

.لتهم المالئكةوعصوا ربهم، فقات

حدثنا أبو سعيد اليحمدي إسماعيل بن إبراهيم، : حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا ابن حميد، قال: ذآر من قال ذلك

آان إبليس من الجن : ، قال" آان من الجن : " حدثني سوار بن الجعد اليحمدي، عن شهر بن حوشب، قوله: قال .ئكة فذهب به إلى السماءالذين طردتهم المالئكة، فأسره بعض المال

حدثنا هشيم، : حدثني سنيد بن داود قال: حدثني أبو نصر أحمد بن محمد الخالل، قال: حدثني علي بن الحسن، قال

آانت : أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، عن موسى بن نمير وعثمان بن سعيد بن آامل، عن سعد ابن مسعود، قال: قال، وآان صغيرا، وآان مع المالئكة يتعبد معهم، فلما أمروا أن يسجدوا آلدم سجدوا المالئكة تقاتل الجن فسبي إبليس

وأولى األقوال في ذلك عندي : قال أبو جعفر" . إال إبليس آان من الجن : " وأبى إبليس، فلذلك قال اهللا عز وجل إبليس آان من الجن ففسق عن وإذ قلنا للمالئكة أسجدوا آلدم فسجدوا إال: " بالصواب أن يقال آما قال اهللا عز وجل

، وجائز أن يكون فسوقه عن أمر ربه آان من أجل أنه آان من الجن، وجائز أن يكون من أجل إعجابه " أمر ربه . بنفسه لشدة اجتهاده آان في عبادة ربه،وآثرة علمه، وما آان أوتى من ملك السماء الدنيا واألرض وخزن الجنان

من األمور، وال يدرك علم ذلك إال بخبر تقوم به الحجة، وال خبر في ذلك عندنا وجائز أن يكون آان لغير ذلك .آذلك، واالختالف في أمره على ما حكينا ورويناه

إن سبب هالآه آان من أجل أن األرض آان فيها قبل آدم الجن، فبعث اهللا إبليس قاضيا يقضي بينهم، فلم : وقد قيل

سمى حكما، وسماه اهللا به، وأوحى إليه اسمه، فعند ذلك دخله الكبر، فتعظم يزل يقضي بينهم بالحق ألف سنة حتى وتكبر، وألقى بين الذين آان اهللا بعثه إليهم حكما البأس والعداوة والبغضاء، فاقتتلوا عند ذلك في األرض ألفي سنة

أفعيينا بالخلق األول بل هم : "و ذلك قول اهللا تبارك وتعالى: فيما زعموا، حتى إن خيولهم تخوض في دمائهم، قالوافبعث اهللا تعالى عند ذلك " ! أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء : " ، وقول المالئكة" في لبس من خلق جديد فلما رأى إبليس ما نزل بقومه من العذاب عرج إلى السماء، فأقام عند المالئكة يعبد اهللا في : نارا فأحرقتهم، قالوا

م يعبده شيء من خلقه مثل عبادته، فلم يزل مجتهدا في العبادة حتى خلق اهللا آدم، فكان من أمره السماء مجتهدا ل .ومعصيته ربه ما آان

القول في خلق آدم عليه السالم

وآان مما حدث في أيام سلطانه وملكه خلق اهللا تعالى ذآره أبانا آدم أبا البشر، وذلك لما أراد جل جالله أن يطلع ى ما قد علم من انطواء إبليس على الكبر ولم يعلمه المالئكة، وأراد إظهار أمره لهم حين دنا أمره للبوار، مالئكته عل

، فأجابوه بأن قالوا " إني جاعل في األرض خليفة : " وملكه وسلطانه للزوال، فقال عز ذآره لما أراد ذلك للمالئكةي عن ابن عباس أن المالئكة قالت ذلك آذلك للذين قد آانوا فرو" ! أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء : " له

إني جاعل في األرض : " عهدوا من أمر الجن الذين آانوا سكان األرض قبل ذلك، فقالوا لربهم جل ثناؤه لما قال لهم

36

ا ويعصونك، أتجعل فيها من يكون فيها مثل الجن الذين آانوا فيها، فكانوا يسفكون فيها الدماء ويفسدون فيه" خليفة أعلم ما ال تعلمون : ، يقول" إني أعلم ما ال تعلمون : " ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، فقال ا لرب تعالى ذآره لهم

من انطواء إبليس على التكبر، وعزمه على خالفه أمري، وتسويل نفسه له بالباطل واغتراره، وأنا مبد ذلك لكم منه .لتروا ذلك منه عيانا

جامع البيان عن تأويل آي القرآن، فكرهنا إطالة : رة في ذلك، قد حكينا منها جمال في آتابنا المسمىوقيل أقوال آثي

.الكتاب بذآر ذلك في هذا الموضع

فلما أراد اهللا عز وجل أن يخلق آدم عليه السالم أمر بتربته أن تؤخذ من األرض، آما حدثنا أبو آريب، قال حدثنا

يعني الرب - ثم أمر : بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قالحدثنا : عثمان بن سعيد، قالمن حمأ مسنون، منتن، -والالزب اللزج الطيب -بتربة آدم فرفعت، فخلق اهللا آدم من طين الزب - تبارك وتعالى

.فخلق منه آدم بيده: وإنما آان حمأ مسنونا بعد التراب، قال: قال

عن أبي مالك -في خبر ذآره - حدثنا أسباط، عن السدى : حدثنا عمرو بن حماد، قال: ون، قالحدثني موسى بن هار

وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا -وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود - وعن أبي صالح، عن ابن عباس بحمدك ونقدس لك قال إني أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح: " قالت المالئكة: عليه وسلم، قال

يعني من شأن إبليس، فبعث اهللا جبرئيل عليه السالم إلى األرض ليأتيه بطين منها، فقالت " أعلم ما ال تعلمون يا رب إنها عاذت بك فأعذتها، : إني أعوذ باهللا منك أن تنقص مني شيئا وتشيني، فرجع ولم يأخذ، وقال: األرض

وأنا أعوذ باهللا : فرجع، فقال آما قال جبرئيل، فبعث ملك الموت فعاذت منه، فقال. فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذهاأن أرجع، ولم أنفذ أمره، فأخذ من وجه األرض وخلط فلم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء

هو الذي يلتزق بعضه والالزب -وسوداء، فلذلك خرج بنو أدم مختلفين، فصعد به فبل التراب حتى عاد طينا الزبا .، قال منتن" من حمأ مسنون : " ثم ترك حتى تغير وأنتن، وذلك حين يقول - ببعض

بعث : حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: حدثنا ابن حميد، قال

فخلق منه آدم، ومن ثم سمي آدم، ألنه خلق رب العزة عز وجل إبليس، فأخذ من أديم األرض، من عذبها وملحها، .، أي هذه الطينة أنا جئت بها" أأسجد لمن خلقت طينا : " من أديم األرض، ومن ثم قال إبليس

إنما سمي آدم : حدثنا شعبة، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا ابن المثنى، قال .ألنه خلق من أديم األرض

حدثنا مسعر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، : حدثنا أبو أحمد، قال: دثني أحمد بن إسحاق األهوازي، قالح .خلق آدم من أديم األرض فسمي آدم: قال

حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي اهللا : حدثنا أبو أحمد، قال: حدثني أحمد بن إسحاق، قال

من أديم األرض، فيه الطيب والصالح والرديء، فكل ذلك أنت راء في ولده الصالح إن آدم خلق : عنه، قال .والرديء

حدثنا يحيى : وحدثنا محمد بن بشار وعمر بن شبة، قاال -حدثنا ابن علية، عن عوف : حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: بن جعفر وعبد الوهاب الثقفي، قالواوحدثنا ابن بشار، قال حدثنا ابن أبي عدي ومحمد . حدثنا عوف: بن سعيد، قالحدثنا عنبسة، عن عوف : حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: وحدثني محمد بن عمارة األسدي، قال. حدثنا عوفإن اهللا خلق : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: عن قسامة بن زهير عن أبي موسى األشعري، قال - األعرابي

37

األرض، فجاء بنوا آدم على قدر األرض، جاء منهم األحمر، واألسود، واألبيض، آدم من قبضة قبضها من جميع وبين ذلك، والسهل، والحزن، والخبيث، والطيب، ثم بلت طينته حتى صارت طينا الزبا، ثم ترآت حتى صارت حمأ

" .أ مسنون ولقد خلقنا اإلنسان من صلصال من حم: " مسنونا، ثم ترآت حتى صارت صلصاال آما قال اهللا تعالى

حدثنا سفيان، عن األعمش، عن مسلم : حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، قاال: وحدثنا ابن بشار، قال

فأما . من صلصال، ومن حمأ، ومن طين الزب: خلق آدم من ثالثة: البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال، " من صلصال : " صال فالتراب المدقق، ويعني تعالى ذآره بقولهالالزب فالجيد، وأما الحمأ فالحمئة، وأما الصل

.الصوت: من طين يابس له صلصلة، والصلصلة

.وذآر أن اهللا تعالى ذآره لما خمر طينة آدم ترآها أربعين ليلة، وقيل أربعين عاما جسدا ملقى

بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن حدثنا: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا أبو آريب، قال: ذآر من قال ذلك

. أمر اهللا تبارك وتعالى بتربة آدم فرفعت، فخلق آدم من طين الزب من حمأ مسنون: الضحاك، عن ابن عباس، قالفمكث أربعين ليلة جسدا ملقى، فكان إبليس : فخلق منه آدم بيده، قال: وإنما آان حمأ مسنونا بعد التراب، قال: قال

، يقول " من صلصال آالفخار : " فهو قول اهللا تبارك وتعالى: فيصلصل فيصوت، قاليأتيه فيضربه برجله، ثم يدخل في فيه ويخرج من دبره، ويدخل في دبره ويخرج من فيه، ثم : آالشيء المنفرج الذي ليس بمصمت، قال

.لست شيئا للصلصلة، ولشيء ما خلقت، ولئن سلطت عليك ألهلكنك، ولئن سلطت علي ألعصينك: يقول

عن أبي مالك - حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذآره : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قال

وعن ناس من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا -وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن أبي صالح، عن ابن عباس ، " ويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فإذا س. إني خالق بشرا من طين: " عليه وسلم، قال اهللا للمالئكة

فخلقه ! فخلقه اهللا عز وجل بيديه لكيال يتكبر إبليس عنه ليقول حين يتكبر تتكبر عما عملت بيدي ولم أتكبر أنا عنهبشرا، فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة، فمرت به المالئكة ففزعوا منه لما رأوه، وآان أشدهم

من : " عا إبليس، فكان يمر به فيضر به فيصوت الجسد آما يصوت الفخار تكون له صلصلة، فذلك حين يقولفزال ترهبوا من هذا، فإن : ودخل من فيه وخرج من دبره، فقال للمالئكة. ألمر ما خلقت: ، ويقول" صلصال آالفخار

.ربك صمد وهذا أجوف، لئن سلطت عليه ألهلكته

حدثنا حماد بن سلمة، عن سلميان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان : بالل، قال وحدثنا عن الحسن بن

خمر اهللا تعالى طينة آدم عليه السالم أربعين يوما، ثم جمعه بيديه، فخرج طيبه بيمينه، وخبيثه : الفارسي، قالمن الخبيث، والخبيث من بشماله، ثم مسح يديه إحداهما على األخرى، فخلط بعضه ببعض، فمن ثم يخرج الطيب

.الطيب

خلق اهللا آدم، ثم وضعه ينظر إليه أربعين : واهللا أعلم - يقال : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

فلما مضى له من المدة مامضى وهو : يوما قبل أن ينفخ فيه الروح، حتى عاد صلصاال آالفخار، ولم تمسه نار، قالإذا نفخت فيه من روحي : فخار، وأراد عز وجل أن ينفخ فيه الروح، تقدم إلى المالئكة فقال لهمطين صلصال آال .فقعوا له ساجدين

.فلما نفخ فيه الروح أتته الروح من قبل رأسه، فيما ذآر عن السلف قبلنا أنهم قالوه

38

:ذآر من قال ذلك

عن أبي مالك -في خبر ذآره - ا أسباط، عن السدي حدثن: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قالوعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا -وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود - وعن أبي صالح، عن ابن عباس

إذا نفخت فيه من روحي : فلما بلغ الحين الذي أراد اهللا عز وجل أن ينفخ فيه الروح قال للمالئكة: عليه وسلم: الحمد هللا، فقال اهللا عز وجل له: قل الحمد هللا، فقال: المالئكة: نفخ فيه الروح في رأسه عطس فقالتفاسجدوا له قلما

رحمك ربك، فلما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ فسجد المالئكة آلهم أجمعون، " ، " ان من عجل خلق اإلنس: " الروح رجليه عجالن إلى ثمار الجنة فذلك حين يقول

ما منعك أال تسجد إذ : " ، فقال اهللا له" أبى واستكبر وآان من الكافرين " ، " إال إبليس أبى أن يكون في الساجدين كون فاهبط منها فما ي: " أنا خير منه، لم أآن ألسجد لبشر خلقته من طين، قال اهللا له: لما خلقت بيدي، قال" أمرتك

.، والصغار الذل" أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين " - يعني ما ينبغي لك - " لك

حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن : حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا أبو آريب، قال

قبل رأسه، فجعل ال يجري شيء من روحه أتت النفخة من -يعني في آدم - عباس، قال قلما نفخ اهللا عز وجل فيه منها في جسده إال صار لحما ودما، فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه ما رأى من حسنه، فذهب

ضجرا ال صبر له على سراء وال ضراء، : ، قال" خلق اإلنسان من عجل " لينهض فلم يقدر فهو قول اهللا عز وجل يرحمك اهللا يا آدم، ثم قال : الحمد هللا رب العالمين، بإلهام اهللا، فقال: طس فقالفلما تمت النفخة في جسده ع: قال

اسجدوا آلدم، فسجدوا آلهم أجمعون إال : للمالئكة الذين آانوا مع إبليس خاصة دون المالئكة الذين في السمواتخير منه وأآبر سنا، وأقوى ال أسجد، وأنا : إبليس أبى واستكبر، لما آان حدث به نفسه من آبره واغتراره، فقال

فلما أبى إبليس أن يسجد أبلسه اهللا : ، يقول إن النار أقوى من الطين، قال" خلقتني من نار وخلقته من طين " خلقا، .تعالى، أيئسه من الخير آله، وجعله شيطانا رجيما عقوبة لمعصيته

إنه لما أنتهى الروح إلى رأسه : -واهللا أعلم - فيقال: حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال

يرحمك ربك، ووقعت المالئكة حين استوى سجودا له، حفظا لعهد اهللا الذي : فقال له ربه: الحمد هللا، قال: عطس فقال: قالعهد إليهم، وطاعة ألمره الذي أمرهم به، وقام عدو اهللا إبليس من بينهم، فلم يسجد متكبرا متعظما بغيا وحسدا، ف

فلما : ، قال" ألمألن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين : " إلى قوله" يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " .فرغ اهللا تعالى من إبليس ومعاتبته وأبى إال المعصية أوقع اهللا عليه اللعنة، وأخرجه من الجنة

حدثني محمد بن : دثنا أبو خالد سليمان بن حيان، قالح: حدثنا آدم بن أبي أياس، قال: حدثني محمد بن خلف، قال

وحدثني األعمش عن أبي صالح، عن : عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي، عليه السالم، قال أبو خالدوحدثني داود بن أبي هند عن الشعبي، عن أبي هريرة عن : قال أبو خالد. أبي هريرة، عن النبي صلى اهللا عليه وسلم

حدثني سعيد المقبري، ويزيد بن : وحدثني ابن أبي ذباب الدوسي، قال: قال أبو خالد. بي صلى اهللا لعيه وسلمالنخلق اهللا عز وجل آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، : " هرمز عن أبي هريرة عن النبي صلى اهللا عليه وسلم أنه قال

يرحمك ربك، إيت أولئك المأل من : هللا، فقال له ربهالحمد : وأمر المأل من المالئكة فسجدوا له، فجلس فعطس فقالوعليك السالم ورحمة اهللا، ثم رجع إلى ربه عز : السالم عليك، فقالوا له: فأتاهم فقال. السالم عليكم: المالئكة فقل لهموالمعصية فلما أظهر إبليس من نفسه ما آان له مخفيا فيها من الكبر . هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم: وجل فقال له

أتجعل فيها من يفسد فيها : إني جاعل في األرض خليفة: لربه، وآانت المالئكة قد قالت لربها عز وجل حين قال لهمإني أعلم ما ال تعلمون، تبين لهم ما آان عنهم مستترا، : فقال لهم ربهم. ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك

.وجل والخالف ألمرهوعلموا أن فيهم من منه المعصية هللا عز

أخاصا من : ثم علم اهللا عز وجل آدم األسماء آلها، واختلف السلف من أهل العلم قبلنا في األسماء التي علمها آدم .علم اسم آل شيء: األسماء علم، أم عاما؟ فقال بعضهم

39

:ذآر من قال ذلك

ة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن حدثنا بشر ابن عمار: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا أبو آريب، قالإنسان، ودابة، وأرض، وسهل، : علم اهللا تعالى آدم األسماء آلها، وهي األسماء التي يتعارف بها الناس: عباس، قال

.وبحر، وجبل، وحمار، وأشباه ذلك من األمم وغيرها

بن آليب، عن الحسن بن سعد، حدثنا أبو أحمد، حدثنا شريك، عن عاصم: حدثني احمد بن إسحاق األهوازي، قال

.علمه اسم آل شيء، حتى الفسوة والفسية: ، قال" وعلم آدم األسماء آلها : " عن ابن عباس، في قوله

حدثنا محمد بن مصعب، عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن : حدثني علي بن الحسن، حدثنا مسلم الجرمي، قال

علمه اسم آل شيء : قال" وعلم آدم األسماء آلها : " هللا عز وجلآليب، عن سعيد بن معبد، عن ابن عباس في قول ا .حتى الهنة والهنية، والفسوة والضرطة

حدثنا عيسى ابن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في : حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال

.الى آلهما خلق اهللا تع: قال" وعلم آدم األسماء آلها : " قول اهللا عز وجل

علمه اسم : قال" وعلم آدم األسماء آلها : " حدثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد: حدثنا ابن وآيع، قال

.آل شيء

علمه اسم آل شيء، حتى : حدثنا أبي، عن شريك، عن سالم األفطس، عن سعيد بن جبير، قال: حدثنا سفيان، قال

.البعير والبقرة والشاة

وعلم آدم : " أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله عز وجل: أخبرنا عبد الرزاق، قال: يحيى، قالحدثنا الحسن بن

هذا جبل، وهذا بحر، وهذا آذا، وهذا آذا، لكل شيء، ثم عرضهم على : علمه اسم آل شيء: ، قال" األسماء آلها " .أنبئوني بأسماء هؤالء إن آنتم صادقين : " المالئكة، فقال

حتى بلغ " وعلم آدم األسماء آلها : " معاذ، حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، قوله عز وجلحدثنا بشر بن

.يا آدم أنبئهم بأسمائهم، فأنبأ آل صنف من الخلق باسمه وألجأه إلى جنسه: ، قال" إنك أنت العليم الحكيم "

حجاج، عن جرير بن حازم ومبارك، عن الحسن حدثنا : حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثنا القاسم بن الحسن، قال

علمه اسم آل شيء، هذا الخيل، وهذه البغال، واإلبل، والجن،والوحش، وجعل : وأبي بكر، عن الحسن وقتادة، قاال .يسمي آل شيء برسمه

.والذي علمه أسماء المالئكة: بل إنما علم اسما خاصا من األسماء، قالوا: وقال آخرون

:ذآر من قال ذلك

40

حدثنا عبد اهللا بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله : حدثنا عمار بن الحسن، قال: حدثني عبدة المروزي، قال .أسماء المالئكة: ، قال" وعلم آدم األسماء آلها : " تعالى

ذي علم من وقال آخرون مثل قول هؤالء في أن الذي علم آدم من األسماء اسما خاصا من األشياء، غير أنهم قالوا ال

.ذلك أسماء ذريته

:ذآر من قال ذلكأسماء : ، قال" وعلم آدم األسماء آلها : " قال ابن زيد في قوله عز وجل: حدثنا أبن وهب، قال: حدثني يونس، قال

أنبئوني بأسماء : " ذريته، فلما علم اهللا آدم األسماء آلها عرض اهللا عز وجل أهل األسماء على المالئكة، فقال لهمإني جاعل في : " لقولهم إذ قال لهم -فيما ذآر -، وإنما قال ذلك عز وجل للمالئكة " ؤالء إن آنتم صادقين ه

بعد أن خلق -فعرض " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " : " األرض خليفة أنبئوني بأسماء : عليهم، فقال لهم -خلق من الخلق مما - آدم عليه السالم ونفخ فيه الروح، وعلمه أسماء آل شيء

هؤالء إن آنتم صادقين أني إن جعلت منكم خليفتي في األرض أطعتموني وسبحتموني وقدسمتموني ولم تعصوني، وإن جعلته من غيرآم أفسد فيها وسفك، فإنكم إن لم تعلموا ما أسماؤهم وأنتم مشاهدوهم ومعاينوهم، فأنتم بأال تعلموا

إن جعلت خليفتي في األرض منكم، أو من غيرآم إن جعلته من غيرآم، فهم عن أبصارآم -يكون من أمرآم ما .أحرى -غيب ال ترونهم وال تعاينونهم ولم تخبروا بما هو آائن منكم ومنهم

وهذا قول روي عن جماعة من السلف

ذآر بعض من روى ذلك عنه

عن أبي -في خبر ذآره - حدثنا أسباط، عن السدي : حماد، قالحدثني موسى بن هارون، قال حدثني عمرو بن وعن ناس من أصحاب النبي -وعن مرة الهمداني، عن عبد اهللا بن مسعود - مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس

.أن بني آدم يفسدون في األرض ويسفكون الدماء" إن آنتم صادقين : " صلى اهللا عليه وسلم

حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن : حدثنا عثمان بن سعيد، قال :حدثنا أبو آريب، قال

.، إن آنتم تعلمون لم أجعل في األرض خليفة" إن آنتم صادقين : " عباس

ء ليخلق ربنا ما شا: إن اهللا جل جالله قال ذلك للمالئكة ألنه جل جالله لما ابتدأ في خلق آدم قالوا فيما بينهم: وقد قيل

أن يخلق، فلن يخلق خلقا إال آنا أعلم منه، وأآرم عليه منه، فلما خلق آدم عليه السالم وعلمه أسماء آل شيء عرض إن اهللا لم يخلق خلقا : أنبئوني بأسماء هؤالء إن آنتم صادقين في قيلكم: األشياء التي علم آدم أسماءها عليهم، فقال لهم

.إال آنتم أعلم منه، وأآرم عليه منه

:ذآر من قال ذلك

وإذ قال ربك المالئكة إني جاعل : " قوله: حدثنا سعيد، عن قتادة: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال، " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " ، فاستشار المالئكة في خلق آدم عليه السالم فقالوا " في األرض خليفة

ونحن " لم اهللا أنه ال شيء أآره إلى اهللا عز وجل من سفك الدماء والفساد في األرض، وقد علمت المالئكة من عفكان في علم اهللا عز وجل أنه سيكون من تلك الخليقة أنبياء " نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ماال تعلمون

.ورسل وقوم صالحون وساآنو الجنة

41

ما اهللا تعالى بخالق خلقا : تعالى لما أخذ في خلق آدم قالت المالئكةإن اهللا: وذآر لنا أن ابن عباس آان يقول: قال

وآل خلق مبتلى، آما ابتليت السموات واألرض بالطاعة - أآرم عليه منا، وال أعلم منا، فابتلوا بخلق آدم عليه السالم " .ائتيا طوعا أو آرها قالتا أتينا طائعين : " فقال اهللا تعالى -

حدثني حجاج، عن جرير بن حازم، ومبارك عن الحسن وأبي بكر : حدثنا الحسين بن داود، قال: لحدثنا القاسم، قا

إني فاعل، فعرضوا : قال لهم" إني جاعل في األرض خليفة : " قال اهللا عز وجل للمالئكة: عن الحسن وقتادة قاالأتجعل فيها من يفسد فيها : " ي علمهمبرأيهم، فعلمهم علما وطوى منهم علما علمه ال يعلومونه، فقالوا بالعلم الذ

" -وقد آانت المالئكة علمت من علم اهللا تعالى أنه ال ذنب عند اهللا تعالى أعظم من سفك الدماء -" ويسفك الدماء ، فلما أخذ تعالى في خلق آدم عليه السالم همست " ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ماال تعلمون

ليخلق ربنا عز وجل ما شاء أن يخلق، فلن يخلق خلقا إال آنا أعلم منه، وأآرم عليه منه، : هم، فقالواالمالئكة فيما بينإن : فلما خلقه ونفخ فيه من روحه أمرهم أن يسجدوا له لما قالوا، ففضله عليهم، فعلموا أنهم ليسوا بخير منه، فقالوا

األمم قبله، فلما أعجبوا بعلمهم ابتلوا، فعلم آدم األسماء آلها لم نكن خيرا منه، فنحن أعلم منه، ألنا آنا قبله، وخلقت أنبئوني بأسماء هؤالء، إن آنتم صادقين أتى لم أخلق خلقا إال آنتم أعلم منه، : ثم عرضهم على المالئكة فقال

سبحانك ال : " ففزع القوم إلى التوبة، وإليها يفزع آل مؤمن، فقالوا: قاال. فأخبروني بأسماء هؤالء إن آنتم صادقينعلم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم

ليخلق ربنا ما شاء، فلن يخلق خلقا أآرم عليه : لقولهم" . غيب السموات واألرض وأعلم ما تبدون وما آنتم تكتمون هذه الخيل، وهذه البغال، واإلبل، والجن، والوحش، وجعل يسمي آل : علمه أسم آل شيء: قالمنا، وال أعلم منا،

ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات واألرض وأعلم ما تبدون وما آنتم : " شيء باسمه، وعرضت عليه أمة أمة، قال، وأما ما آتموا فقولهم بعضهم " ماء أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الد: " أما ما أبدوا فقولهم: ، قال" تكتمون .نحن خير منه وأعلم: لبعض

ثم عرضهم على المالئكة : " حدثنا عبد اهللا بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: حدثنا عمار بن الحسن، قالأتجعل : " حين قالواوذلك : ، قال" إنك أنت العليم الحكيم : " إلى قوله" فقال أنبئوني بأسماء هؤالء إن آنتم صادقين

فلما عرفوا أنه جاعل في األرض خليفة قالوا : قال" . ونقدس لك " إلى قوله " فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء لن يخلق اهللا تعالى خلقا إال آنا نحن أعلم منه وأآرم عليه، فأراد اهللا تعالى أن يخبرهم أنه قد فضل عليهم أدم، : بينهم

وأعلم ما تبدون وما آنتم " إلى " أنبئوني بأسماء هؤالء إن آنتم صادقين : " قال للمالئكةوعلمه األسماء آلها، و: ، وآان الذي آتموا بينهم قولهم" أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء : " ، فكان الذي أبدوا حين قالوا" تكتمون

.ز وجل فضل عليهم آدم في العلم والكرملن يخلق ربنا خلقا إال آنا نحن أعلم منه وأآرم، فعرفوا أن اهللا عفلما ظهر للمالئكة من استكبار إبليس ما ظهر، ومن خالفه أمر ربه ما آان مستترا عنهم من ذلك، عاتبه ربه على ما

فأخرجه -لعنه اهللا -أظهر من معصيته إياه لعنه بترآه السجود آلدم، فأصر على معصيته، وأقام على غيه وطغيانه وطرده منها، وسلبه ما آان أتاه من ملك السماء الدنيا واألرض، وعزله عن خزن الجنة فقال له جل من الجنة،

، وهو بعد في السماء لم " فإنك رجيم، وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين " ، يعني من الجنة " فأخرج منها : " جالله .يهبط إلى األرض

حدثنا أسباط : حدثنا عمرو بن حماد، قال: موسى بن هارون، قالوأسكن اهللا عز وجل حينئذ آدم جنته، آما حدثني

-وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود -عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس - في خبر ذآره - عن السدي فأخرج إبليس من الجنة حين لعن وأسكن آدم الجنة، فكان : وعن ناس من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

فيها وحشيا ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ، فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها اهللا من ضلعه، يمشيما اسمها يا : لتسكن إلي، قالت له المالئكة ينظرون ما بلغ علمه: ولم خلقت؟ قالت: امرأة، قال: ما أنت؟ قالت: فسألها

يا آدم اسكن أنت وزوجك : " ا خلقت من شيء حي، فقال اهللا تعالىألنه: لم سميت حواء؟ قال: حواء، قالوا: آدم؟ قال " .الجنة وآال منها رغدا حيث شئتما

42

لما فرغ اهللا تعالى من معاتبة إبليس أقبل على آدم عليه : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

ثم : ، قال" وأعلم ما تبدون وما آنتم تكتمون " إلى " ائهم يا آدم أنبئهم بأسم: " السالم وقد علمه األسماء آلها، فقالعن عبد اهللا بن العباس -فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم -ألقى السنة على آدم

ومته، حتى وغيره، ثم أخذ ضلعا من أضالعه من شقه األيسر، وألم مكانها لحما، وآدم عليه السالم نائم لم يهب من نخلق اهللا تعالى من ضلعه تلك زوجه حواء، فسواها امرأة ليسكن إليها، فلما آشف عنه السنة وهب من نومته رآها

لحمي ودمي وزوجي، فسكن إليها، فلما زوجه اهللا عز وجل وجعل له : فيما يزعمون واهللا أعلم -إلى جنبه، فقال وزوجك الجنة وآال منها رغدا حيث شئتما وال تقربا هذه الشجرة يا آدم أسكن أنت : " سكنا من نفسه، قال له قبال

" .فتكونا من الظالمين

: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجبح، عن مجاهد في قوله عز وجل: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال

.لنبطية، امرأةحواء من قصيري آدم، وهو نائم فاستيقظ فقال أثا با: قال" . وخلق منها زوجها " .حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا المثنى، قال

يعني حواء، " وخلق منها زوجها : " حدثنا سعيد، عن قتادة: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال .خلقت من آدم من ضلع من أضالعه

عليه السالم تعالى أبانا آدم القول في ذآر امتحان اهللا

وابتالئه إياه بما امتحنه به من طاعته، وذآر رآوب آدم معصية ربه بعد الذي آان أعطاه من آرامته وشريف

المنزلة عنده، ومكنه في جنته من رغد العيش وهنيئه، وما أزال ذلك عنه، فصار من نعيم الجنة ولذيذ رغد العيش .الحرائة والعمل بالمساحي والزراعة فيها إلى نكد عيش أهل األرض وعالج

فلما أسكن اهللا عز وجل آدم عليه السالم وزوجه أطلق لهما أن يأآال آل ما شاء أآله من آل ما فيها من ثمارها، غير وقلنا يا آدم : " ثمر شجرة واحدة ابتالء منه لهما ذلك، وليمضي قضاء اهللا فيهما وفي ذريتهما، آما قال عز وجل

، فوسوس لهما " نت وزوجك الجنة وآال منها رغدا حيث شئتما وال تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين اسكن أالشيطان حتى زين لهما أآل ما نهاهما ربهما عن أآله من ثمر تلك الشجرة، وحسن لها معصية اهللا في ذلك، حتى

.أآال منها، فبدت لهما من سوأتهما ما آان موارى عنهما منها

: ن وصول عدو اهللا إبليس إلى تزيين ذلك لهما ما ذآر في الخبر الذي حدثني موسى بن هارون الهمداني، قالفكا

عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن -في خبر ذآره - حدثنا أسباط، عن السدي : حدثنا عمرو بن حماد، قاللما قال اهللا : صلى اهللا عليه وسلم، قال وعن أناس من أصحاب النبي -وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود - عباس

" اسكن أنت وزوجك الجنة وآال منها رغدا حيث شئتما وال تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين : " عز وجل آلدم، أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة فمنعه الخزنة، فأتى الحية، وهي دابة لها أربع قوائم، آأنها البعير، وهي آأحسن

ب فكلمها أن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم، فأدخلته في فمها، فمرت الحية على الخزنة فدخلت وهم ال الدوايا آدم هل أدلك على : " يعلمون، لما أراد اهللا عز وجل من األمر، فكلمه من فمها ولم يبال آالمه، فخرج إليه فقال

إن أآلت منها آنت ملكا مثل اهللا تبارك وتعالى أو تكونا هل أدلك على شجرة : ، يقول" شجرة الخلد وملك ال يبلى وحلف لهما باهللا إني لكما لمن الناصحين، وإنما أراد بذلك أن يبدي لهما ما تواري . من الخالدين فال تموتان أبدا

م يعلم عنهما من سوءاتهما بهتك لباسهما، وآان قد علم أن لهما سوءة لما آان يقرأ من آتب المالئكة، ولم يكن آديا آدم آل، فإني قد أآلت، فلم : ذلك،وآان لباسهما الظفر، فأبى آدم أن يأآل منها، فتقدمت حواء فأآلت، ثم قالت .يضرني، فلما أآل بدت لهما سوءاتهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة

43

: اليماني، عن ابن عباس، قال حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ليث ابن أبي سليم، عن طاوس: حدثنا ابن حميد، قال

أيها تحمله حتى تدخل به الجنة حتى يكلم آدم وزوجه، فكل : إن عدو اهللا إبليس عرض نفسه على دواب األرضأمنعك من بني آدم، فأنت في ذمتي إن أنت أدخلتني الجنة، فجعلته : الدواب أبى ذلك عليه، حتى آلم الحية، فقال لها

لت به، فكلمهما من فمها وآانت آاسية تمشي على أربع قوائم، فأعراها اهللا تعالى وجعلها بين نابين من أنيابها ثم دخ .اقتلوها حيث وجدتموها، وأخفروا ذمة عدو اهللا فيها: يقول ابن عباس: تمشي على بطنها، قال

سمعت وهب :أخبرنا عمر بن عبد الرحمن بن مهرب، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال

لما أسكن اهللا تعالى آدم وزوجته الجنة، ونهاه عن الشجرة، وآانت شجرة غصونها متشعب بعضها في : بن منبه يقولبعض، وآان لها ثمر تأآله المالئكة لخلدهم، وهي الثمرة التي نهى اهللا عنها آدم وزوجته، فلما أراد إبليس أن

قوائم، آأنها بختية من أحسن دابة خلقها اهللا تعالى، فلما دخلت يستزلهما دخل في جوف الحية، وآان للحية أربع: الحية الجنة خرج من جوفها إبليس، فأخذ من الشجرة التي نهى اهللا عنها آدم وزوجته، فجاء بها إلى حواء، فقال

ت بها فأخذت حواء فأآلت منها، ثم ذهب! انظري إلى هذه الشجرة، ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونهافأآل منها آدم، فبدت لهما ! أنظر إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها: إلى آدم، فقالت

أستحي : أال تخرج قال: أنا هذا يا رب قال: يا آدم، أين أنت؟ قال: سوأتهما، فدخل آدم في جوف الشجرة، فناداه ربهولم يكن في الجنة وال في األرض : قال! حتى يتحول ثمارها شوآا منك يا رب ملعونة األرض التي خلقت منها لعنة

يا حواء، أنت التي غررت عبدي، فإنك ال تحملين حمال إال حملته : ثم قال. شجرة آانت أفضل من الطلح والسدرللحية أنت التي : أشرفت على الموت مرارا وقال: آرها، فإذا أردت أن تصغي ما في بطنك حتى غر عبدي، قال

ل الملعون في بطنك حتى غر عبدي ملعونة أنت لعنة حتى تتحول قوائمك في بطنك، وال يكن لك رزق إال دخ .التراب، أنت عدوة بني آدم وهم أعداؤك، حيث لقيت أحدا منهم أخذت بعقبه، وحيث لقيك شدخ رأسك

.يفعل اهللا ما يشاء: وما آانت المالئكة تأآل؟ قال: قيل لوهب

: حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حسن، قالحدثنا القاسم بن ال

نهى اهللا تعالى آدم وحواء أن يأآال من شجرة واحدة في الجنة، ويأآال منها رغدا حيث شاءا، فجاء الشيطان فدخل الشجرة إال أن تكونا ملكين أو تكونا ما نهاآما ربكما عن هذه : " في جوف الحية، فكلم حواء، ووسوس إلى آدم فقال

فقطعت حواء الشجرة فدميت الشجرة، وسقط عنهما رياشهما : قال" من الخالدين، وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن " الذي آان عليهما،

: لم أطعمته؟ قالت: يا رب أطعمتني حواء، قال لحواء: لم أآلتها وقد نهيتك عنها؟ قال" عدو مبين الشيطان لكماأما أنت يا حواء فكما أدميت الشجرة ! ملعون مدحور: لم أمرتها؟ قالت أمرني إبليس، قال: أمرتني الحية، قال للحية

على وجهك، وسيشدخ رأسك من لقيك بالحجر، تدمين في آل هالل، وأما أنت يا حية، فأقطع قوائمك فتمشين جريا .اهبطوا بعضكم لبعض عدو

حدثني محدث أن الشيطان : حدثنا عبد اهللا بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: حدثت عن عمار بن الحسن، قال

.فلعن، فسقطت قوائمه فصار حية: دخل ا لجنة في صورة دابة ذات قوائم، فكان يرى أنه البعير، قالإن من اإلبل : وحدثني أبو العالية، قال: حدثنا عبد اهللا بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: حدثت عن عمار، قالال تقربا هذه الشجرة فتكونا : " إال الشجرة، وقبل لهما -يعني آدم -فأبيحت له الجنة آلها : قال. ما آان أولها من الجن

ما : " نعم، عن هذه الشجرة، فقال: نهيتما عن شيء؟ قالت: واء فبدأ بها، فقالفأتى الشيطان ح: ، قال" من الظالمين قال فبدت حواء فأآلت منها، ثم أمرت آدم " . نهاآما ربكما عن هذه الشجرة إال أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين

فأزلهما الشيطان : " ة حدث، قالال ينبغي أن يكون في الجن: وآانت شجرة، من أآل منها أحدث، قال: قال. فأآل منها .فأخرج آدم من الجنة: ، قال" عنها فأخرجهما مما آانا فيه

44

حدثنا محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم أن آدم عليه السالم حين دخل : حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

فاغتمز فيها من الشيطان لما سمعها منه، ! دنالو أنا خل: الجنة ورأى ما فيها من الكرامة، وما أعطاه اهللا منها، قال .فأتاه من قبل الخلد

حدثت أن أول ما ابتدأهما به من آيده إياهما أنه ناح عليهما : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

أنتما فيه من النعمة أبكي عليكما، تموتان فتفارقان ما: ما يبكيك؟ قال: نياحة أخزنتهما حين سمعاها، فقاال لهيا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك ال يبلى؟ : فوقع ذلك في أنفسهما، ثم أتاهما فوسوس إليهما، فقال. والكرامة

ما نهاآما ربكما عن هذه الشجرة إال أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين، وقاسمهما إني لكما لمن : " وقال: " و تخلدان، أي إن لم تكونا ملكين في نعمة الجنة فال تموتان يقول اهللا عز وجل، أي تكونا ملكين أ" الناصحين

" .فدالهما بغرور

وسوس الشيطان إلى " : فوسوس : " قال ابن زيد في قوله سبحانه وتعالى: حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال

إال أن تأتي ها هنا، : فدعاها آدم لحاجته، قالت ال: حواء في الشجرة حتى أتى بها إليها، ثم حسنها في عين آدم، قالوذهب آدم هاربا في : قال. فأآال منها، فبدت لهما سوءاتهما: ال، إال أن تأآل من هذه الشجرة، قال: فلما أتى قالت

حواء يا من قبل : يا آدم، أني أتيت؟ قال: ال يا رب، ولكن حياء منك، قال: يا آدم، أمني تفر؟ قال: الجنة، فناداه ربهفإن لها على أن أدميها في آل مرة، آما أدمت هذه الشجرة، وأن أجعلها سفيهة، وقد آنت : رب، فقال اهللا عز وجل

ولوال : قال ابن زيد. خلقتها حيلة وأن أجعلها تحمل آرها وتضع آرها، وقد آنت جعلتها تحمل يسرا وتضع يسرا .يحضن، ولكن حليمات، ولكن يحملن يسرا ويضعن يسراالبلية التي أصابت حواء لكان نساء أهل الدنيا ال

: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد اهللا بن قسيط، عن سعيد بن المسيب، قال: حدثنا ابن حميد، قالما أآل آدم من الشجرة وهو يعقل، ولكن حواء سقته الخمر حتى إذا سكر قادته إليها، : سمعته يحلف باهللا ما يستثني

فلما واقع آدم وحواء الخطيئة، أخرجهما اهللا تعالى من الجنة وسلبهما ما آانا فيه من النعمة والكرامة، . أآل منهاف .اهبطوا بعضكم لبعض عدو: وأهبطهما وعدوهما إبليس والحية إلى األرض، فقال لهم ربهم

.وآالذي قلنا في ذلك قال السلف من أهل العلم

: حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي، عن إسرائيل، عن إسماعيل السدي، قال: بن وهب، قالأخبرنا ا: حدثني يونس، قال

.آدم وحواء وإبليس والحية: ، قال" اهبطوا بعضكم لبعض عدو : " حدثني من سمع ابن عباس يقول

- ره في خبر ذآ - حدثنا عمرو ابن حماد، عن أسباط، عن السدي : حدثنا سفيان بن وآيع، وموسى بن هارون، قاالوعن ناس من أصحاب -وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود - عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس

، فلعن الحية فقطع قوائمها، وترآها تمشي على " اهبطوا بعضكم لبعض عدو : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم .والحيةبطنها، وجعل رزقها من التراب، وأهبط إلى األرض آدم وحواء وإبليس

حدثنا عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في : حدثنا أبو عاصم، قال: حدثني محمد بن عمرو، قال

.آدم وحواء وإبليس والحية: ، قال" اهبطوا بعضكم لبعض عدو : " قول اهللا عز وجل

45

القول في قدر مكث آدم في الجنة

ن السماء إلى األرضووقت خلق اهللا عز وجل إياه ووقت إهباطه إياه م

قد تظاهرت األخبار عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بأن اهللا عز وجل خلق آدم عليه السالم يوم الجمعة، وأنه

.قبضه أخرجه فيه من الجنة، وأهبطه إلى األرض فيه، وأنه فيه تاب عليه، وفيه

صلى اهللا عليه وسلم بذلك ذآر األخبار عن رسول اهللا

حدثنا عبيد اهللا بن عمرو، عن عبد اهللا : حدثنا علي بن معبد، قال: الرحمن بن عبد اهللا بن عبد الحكم، قال حدثني عبد

بن محمد بن عقيل، عن عمرو بن شرحبيل عن سعيد بن سعد بن عبادة، عن سعد بن عبادة، عن رسول اله صلى اهللا أهبط إلى األرض، وفيه توفى اهللا آدم، وفيه ساعة إن في الجمعة خمس خالل فيه خلق آدم، وفيه : " عليه وسلم، قال

تقوم الساعة، وما من ملك مقرب، : ال يسأل العبد فيها ربه شيئا إال أعطاه اهللا إياه، ما لم يسأل إثما أو قطيعة، وفيه " .وال سماء وال جبل وال أرض وال ريح، إال مشفق من يوم الجمعة

حدثنا أبو عامر، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد اهللا بن محمد بن : حدثني محمد بن بشار ومحمد بن معمر، قاال

سيد : " عقيل، عن عبد الرحمن بن يزيد األنصاري، عن أبي لبابة بن عبد المنذر، أن البني صلى اهللا عليه وسلم قال تعالى فيه آدم، خلق اهللا: األيام يوم الجمعة، وأعظمها وأعظم عند اهللا من يوم الفطر ويوم النحر، وفيه خمس خالل

. وآهبطه فيه إلى األرض، وفيه توفي اهللا تعالى آدم، وفيه ساعة ال يسأل اهللا العبد شيئا إال أعطاه إياه ما لم يكن حراماوفيه تقوم الساعة، ما من ملك مقرب وال سماء وال أرض وال جبال وال رياح وال بحر إال وهو مشفق من يوم

." الجمعة، أن تقوم فيه الساعة .واللفظ لحديث ابن بشار

حدثنا زهير ابن محمد، عن عبد اهللا بن محمد بن عقيل، عن عمرو : حدثنا أبو عامر، قال: حدثنا محمد بن معمر، قال

بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة، عن أبيه، عن جده، عن سعد بن عبادة، أن رجال أتى النبي صلى اهللا عليه فيه خلق آدم، وفيه أهبط آدم، وفيه : " فقال: أخبرنا عن يوم الجمعة، ماذا فيه من الخير يا رسول اهللا،: وسلم، فقال

توفي آدم، وفيه ساعة ال يسأل العبد فيها شيئا إال أعطاه اهللا إياه، ما لم يسأل مأثما أو قطيعة، وفيه تقوم الساعة، ما " .ن يوم الجمعة من ملك مقرب وال سماء وال أرض وال جبال وال ريح إال هن يشفقن م

أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبد : حدثنا أبو زرعة، قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد اهللا بن عبد الحكم، قال

خير يوم طلعت الشمس عليه يوم : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : الرحمن األعرج، أنه سمع أبا هريرة يقول " .لجنة وأخرج منها الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل ا

أخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن موسى بن أبي عثمان، عن : أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني بحر بن نصر، قالسيد األيام يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: أبي هريرة، قال

" .ة إال يوم الجمعة أخرج منها، وال تقوم الساعحدثنا الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد : حدثنا شعيب بن الليث، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قاللم تطلع الشمس على يوم : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: سمعت أبا هريرة يقول: الرحمن بن هرمز، أنه قال

" .يه أخرج من الجنة، وفيه أعيد فيها مثل يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وف

46

حدثنا جرير، عن منصور ومغيرة، عن زياد بن آليب أبي معشر، عن إبراهيم، عن القرثع : حدثنا ابن حميد، قال

يا سلمان، : " قال لي رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: قال سلمان: قال - وآان القرثع من القراء األولين -الضي ، " يا سلمان، أتدري ما يوم الجمعة؟ فيه جمع أبوك : " اهللا ورسوله أعلم، يقولها ثالثا: قلت" معة؟ أتدري ما يوم الج

" .أبوآم " أو

أخبرنا شيبان ، عن يحيى، عن أبي سلمة أنه : حدثنا عبيد اهللا بن موسى قال: حدثني محمد بن عمارة األسدي، قال

م طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم عليه السالم، وفيه خير يو: سمع أبا هريرة يحدث أنه سمع آعبا يقول .دخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة

حدثنا زآرياء بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن : حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثني الحسين بن يزيد األدمي، قال

فيه خلق اهللا تعالى ذآره آدم، خلقه : الجمعة، وهو أفضل األيامإن أول يوم طلعت فيه شمسه يوم : عبيد بن عمير، قال .يرحمك ربك: على مثل صورته، فلما فرغ عطس آدم فألقى اهللا تعلى عليه الحمد، فقال اهللا

حدثنا إسحاق بن منصور، عن أبي آدينة، عن مغيرة، عن زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن : حدثنا أبو آريب، قال

، أو " أتدري ما يوم الجمعة؟ هو يوم جمع فيه أبوك : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: مان، قالالقرثع، عن سل .عليه السالم" أبوآم آدم "

قال : حدثنا عثمان بن سعيد، عن أبي األحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: حدثنا أبو آريب، قال

هو : " مرتين أو ثالثا، قال" يا سلمان، أتدري ما يوم الجمعة؟ : " ه وسلمقال لي رسول اهللا صلى اهللا علي. سلمان " .جمع فيه أبوآم " ، أو " اليوم الذي جمع فيه أبوآم آدم

عن القرثع، عن سلمان، . حدثنا قيس، عن األعمش، عن إبراهيم: حدثنا حسن بن عطية، قال: حدثنا أبو آريب، قال

" .فيها جمع أبوآم آدم " آذا، : ؟ أو قال" أتدري ما الجمعة : " يه وسلمقال رسول اهللا صلى اهللا عل: قالأخبرنا أبو حمزة، عن منصور، عن إبراهيم، عن : سمعت أبي يقول: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قال

فيه جمع : " ، قالال: أتدري ما يوم الجمعة؟ قلت: " قال لي رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: القرثع، عن سلمان، قال " .أبوك

ذآر الوقت الذي فيه خلق آدم عليه السالم

من يوم الجمعة والوقت الذي أهبط إلى األرض

أخبرنا : حدثنا بن إدريس، قال: اختلف في ذلك، فروي عن عبد اهللا بن سالم وغيره في ذلك ما حدثنا أبو آريب، قال

خير يوم طلعت فيه : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: المحمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال يوافقها -يقللها -الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أسكن الجنة، وفيه أهبط، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة

ي ساعة هي، هي آخر قد علمت أ: ، فقال عبد اهللا بن سالم" عبد مسلم يسأل اهللا تعالى فيها خيرا إال آتاه اهللا إياه " .خلق اإلنسان من عجل سأريكم آياتي فال تستعجلون : " ساعات النهار من يوم الجمعة، قال اهللا عز وجل

حدثنا أبو سلمة، : حدثنا المحاربي وعبدة بن سلمان وأسد بن عمرو، عن محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو آريب، قال .لم نحوه، وذآر فيه آالم عبد اهللا بن سالم بنحوهعن أبي هريرة، عن النبي صلى اهللا عليه وس

47

: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله عز وجل: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال

قول آدم حين خلق بعد آل شيء آخر النهار من يوم الجمعة، خلق الخلق، فلما أحيا : ، قال" خلق اإلنسان من عجل " .يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس: ح عينيه ولسانه ورأسه ولم يبلغ أسفله، قالالرو

.حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله: حدثنا الحسن، قال: حدثني الحارث، قال

، " عجل خلق اإلنسان من : " قال مجاهد: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال .استعجل بخلقي، قد غربت الشمس: آدم حين خلق بعد آل شيء، ثم ذآره نحوه، غير أنه قال في حديثه: قال

على عجل خلق آدم : خلق اإلنسان من عجل، قال: " قال ابن زيد في قوله: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يونس، قال .ه على عجلة وجعله عجواليريد يوم الجمعة وخلق -آخر ذلك اليوم من ذينك اليومين

وقد زعم بعضهم أن اهللا عز وجل أسكن آدم وزوجته الفردوس لساعتين مضتا من نهار يوم الجمعة، وقيل لثالث ساعات مضين منه، وأهبطه إلى األرض لسبع ساعات مضين من ذلك اليوم، فكان مقدار مكثهما في الجنة خمس

أخرج آدم عليه السالم من الجنة الساعة التاسعة أو : بعضهم وقال. آان ذلك ثالث ساعات: وقيل. ساعات منه .العاشرة

:ذآر من قال ذلكحدثنا عبد اهللا بن أبي : حدثنا عمار بن الحسن، قال: قرأت على عبدان بن محمد المروزي، قال: قال أبو جعفر

اعة التاسعة أو العاشرة، فقال أخرج آدم من الجنة للس: جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أنس عن أبي العالية، قال .نعم، لخمسة أيام مضين من نيسان: لي

فإن آان قائل هذا القول أراد اهللا أو تبارك وتعالى أسكن أدم وزوجته الفردوس لساعتين مضتا من نهار يوم الجمعة

خبار إذا آانت واردة من أيام أهل الدنيا التي هي على ما هي به اليوم، فلم يبعد قوله من الصواب في ذلك، ألن األعن السلف من أهل العلم، بأن آدم خلق في آخر ساعة من اليوم السادس من األيام التي مقدار اليوم الواحد منها ألف

فمعلوم أن الساعة الواحدة . فمعلوم أن الساعة الواحدة من ساعات اليوم الواحد منها ألف سنة من سنينا. سنة وسنينناثة وثمانون عاما من أعوامنا، وقد ذآرنا أن آدم بعد أن خمر ربنا عز وجل طينته بقي قبل من ساعات ذلك اليوم ثال

أن ينفخ فيه الروح أربعين عاما، وذلك ال شك أنه عني به من أعوامنا وسنيننا، ثم من بعد أن نفخ فيه الروح إلى أن مقداره من سنيننا قدر خمس وثالثين غير مستنكر أن يكون آان -تناهى أمره، وأسكن الفردوس، وأهبط إلى األرض

فإن آان أراد أنه أسكن الفردوس لساعتين مضتا من نهار يوم الجمعة من األيام التي مقدار اليوم الواحد منها . سنةألف سنة من سنيننا، فقد قال غير الحق، وذلك أن جميع من حفظ له قول من ذلك من أهل العلم، فإنه آان يقول إن

ثم األخبار عن رسول اهللا صلى . روح في آخر النهار من يوم الجمعة قبل غروب الشمس من ذلك اليومآدم نفخ فيه ال. فإن آان ذلك صحيحا. اهللا عليه وسلم متظاهرة بأن اهللا تبارك وتعالى أسكنه الجنة فيه، وفيه أهبطه إلى األرض

يوم الواحد منها مقداره ألف سنة من سنيننا، إنما فمعلوم أن آخر ساعة من نهار يوم من أيام اآلخرة ومن األيام التي الوذلك ساعة من اثنتى عشرة ساعة، وهي ثالث وثمانون سنة وأربعة أشهر . هي ساعة بعد مضي إحدى عشرة ساعة

من سنيننا، فآدم صلوات اهللا عليه إذ آان األمر آذلك، إنما خلق لمضي إحدى عشرة ساعة من نهار يوم الجمعة من ثم . اليوم الواحد منها ألف سنة من سنينا، فمكث جسدا ملقى لم ينفخ فيه الروح أربعين عاما من أعوامنااأليام التي

فكان مكثه في السماء بعد ذلك ومقامه في الجنة، إلى أن أصاب الخطيئة وأهبط إلى األرض ثالثا . نفخ فيه الروح .من األيام الستة التي خلق اهللا تعالى فيها الخلقوأربعين سنة من سنيننا وأربعة أشهر، وذلك ساعة من ساعات يوم

أخبرني أبي، عن أبي : حدثنا هشام بن محمد، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: وقد حدثني الحارث بن محمد، قال

صالة الظهر وصالة العصر، فأنزل إلى األرض : خرج آدم من الجنة بين الصالتين: صالح، عن ابن عباس، قالالجنة نصف يوم يوم من أيام اآلخرة، وهو خمسمائة سنة، من يوم آان مقداره اثنتى عشرة ساعة، وآان مكثه في

48

واليوم ألف سنة مما يعد أهل الدنيا، وهذا أيضا قول خالف ما وردت به األخبار عن رسول اهللا صلى اهللا عليه .وسلم، وعن السلف من علمائنا

القول في الموضع الذي أهبط آدم وحواء

من األرض حين أهبط إليهاإليه

من السماء مع زوجته، -ثم إن اهللا عز وجل أهبط آدم قبل غروب الشمس من اليوم الذي خلقه فيه وذلك يوم الجمعة .بالهند - فيما قال علماء سلف أمة نبينا صلى اهللا عليه وسلم -وأنزل آدم

:ذآر من حضرنا ذآره ممن قال ذلك منهم

أهبط اهللا عز وجل آدم إلى : أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: الحدثنا الحسن بن يحيى، ق .األرض، وآان مهبطه بأرض الهند

أخبرنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن : حدثنا عمران بن عيينة، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال .بدهنا أرض الهندإن أول ما أهبط اهللا تعالى آدم أهبطه : عباس، قال

أهبط آدم : حدثنا عبد اهللا بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: حدثت عن عمار، قال .إلى الهند

حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن : حدثنا الحجاج، قال: حدثني ابن سنان، قالأطيب أرض في األرض ريحا أرض الهند، أهبط بها آدم، فعلق : ي طالب عليه السالمقال علي بن أب: عباس، قال

.شجرها من ريح الحنة

: حدثنا هشام بن محمد، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

إليه حواء، فلذلك سميت المزدلفة، وتعارفا أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، فجاء في طلبها حتى اجتمعا، فازدلفت .وأهبط آدم على جبل بالهند يقال له بوذ: قال. بعرفات، فلذلك سميت عرفات، واجتمعا بجمع فلذلك سميت جمعا

لقد حدثنا : قال لي مجاهد: حدثنا زياد بن خيثمة، عن أبي يحيى بائع القت، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو همام، قال . بن عباس آن آدم نزل حين نزل بالهندعبد اهللا

أهبط آدم بالهند على جبل يقال : وأما أهل التوراة فإنهم قالوا: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

.وأهبطت حواء بجدة من أرض مكة: قالوا. بلدين بأرض الهند: له واسم، عند واد يقال له بهيل بين الدهنج والمندلبل أهبط آدم بسر نديب، على جبل يدعى بوذ، وحواء بجدة من أرض مكة، وإبليس بميسان، والحية : ل آخرونوقا

.أهبطت الحية بالبرية، وإبليس بساحل بحر األبلة: وقد قيل. بأصبهان

وهذا مما ال يوصل إلى علم صحته إلى بخبر يجيئ مجيء الحجة، وال يعلم خبر في ذلك ورد آذلك، غير ما ورد

من خبر هبوط آدم بأرض الهند، فإن ذلك مما ال يدفع صحته علماء اإلسالم وأهل التوراة واإلنجيل، والحجة قد ثبتت .بأخبار بعض هؤالء

وذآر أن الجبل الذي أهبط عليه آدم عليه السالم ذروته من أقرب ذرا جبال األرض إلى السماء، وأن آدم حين أهبط

السماء يسمع دعاء المالئكة وتسبيحهم، فكان آدم يأنس بذلك، وآانت المالئكة عليه آانت رجاله عليه ورأسه في .تهابه، فنقص من طول آدم لذلك

49

:ذآر من قال ذلك

أخبرنا هشام بن حسان، عن سوار ختن عطاء، عن عطاء بن : أخبرنا عبد الرزاق، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قالم من الجنة آان رجاله في األرض، ورأسه في السماء، يسمع آالم أهل لما أهبط اهللا عز وجل آد: أبي رباح، قال

السماء ودعاءهم، يأنس إليهم، فهابته المالئكة حتى شكت إلى اهللا تعالى في دعائها وفي صالتها، فخفضه إلى ار األرض، فلما فقد ما آان يسمع منهم استوحش حتى شكا ذلك إلى عز وجل في دعائه وصالته، فوجه إلى مكة فص

موضع قدمه قرية، وخطوته مفازة، حتى انتهى إلى مكة، وأنزل اهللا تعال ياقوتة من ياقوت الجنة، فكانت على موضع البيت اآلن، فلم يزل يطوف به حتى أنزل اهللا تعالى الطوفان، فرفعت تلك الياقوتة حتى بعث اهللا تعالى

" .بوأنا إلبراهيم مكان البيت وإذ" إبراهيم الخليل عليه السالم فبناه، فذلك قوله تعالى

وضع اهللا تعالى البيت مع آدم، : أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال

فكان رأسه في السماء ورجاله في األرض، فكانت المالئكة تهابه، فنقص إلى ستين ذراعا، فحزن آدم إذ فقد أصوات يا آدم، إني أهبط لك بيتا تطوف به آما يطاف حول عرشي، : هم، فشكا ذلك إلى اهللا، فقال اهللالمالئكة وتسبيح

فانطلق إليه آدم عليه السالم، فخرج ومد له في خطوه، فكان بين آل خطوة . وتصلي عنده آما يصلي عند عرشي .من بعده من األنبياءمفازة، فلم تزل تلك المفاوز بعد ذلك، فأتى آدم عليه السالم البيت، فطاف به و

أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، : حدثنا هشام بن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قالرب، آنت جارك في دارك، ليس لي رب غيرك : لما خط من طول آدم عليه السالم إلى ستين ذراعا أنشأ يقول: قال

ن حيث أحببت ، فأهبطتني إلى هذا الجبل المقدس، فكنت أسمع أصوات وال رقيب دونك، آآل فيها رغدا، وأسكالمالئكة، وأراهم آيف يحفون بعرشك، وأجد ريح الجنة وطيبها، ثم أهبطتني إلى األرض، وحططتني إلى ستين

لمعصيتك يا آدم فعلت ذلك : ذراعا، فقد انقطع عني الصوت والنظر، وذهب عني ريح الجنة، فأجابه اهللا عز وجلبك، فلما رأى اهللا تعالى عري آدم حواء أمره أن يذبح آبشا من الضأن من الثمانية األزواج التي أنزل من الجنة،

فأخذ آبشا فذبحه، ثم أخذ صوفه فغزلته حواء، ونسجه هو وحواء، فنسج أدم جبة لنفسه، وجعل لحواء درعا وخمارا، ل عرشي، فانطلق فابن لي فيه بيتا ثم حف به آما رأيت فلبسا ذلك وأوحى اهللا تعالى إلى آدم إن لي حرما بحيا

أي رب، فكيف لي بذلك، : مالئكي يحفون بعرشي، فهنالك أستجيب لك ولولدك، من آان منهم في طاعتي، فقال آدمفقيض اهللا له ملكا، فانطلق به نحو مكة، فكان آدم إذ أمر بروضة ومكان يعجبه قال ! لست أقوى عليه وال أهتدي له

مكانك، حتى قدم مكة، فكان آل مكان نزل به صار عمرانا، وآل مكان : انزل بنا ها هنا، فيقول له الملك: كللملمن طور سيناء وطور زيتون ولبنان والجودي، وبنى قواعده : تعداه صار مفاوز وقفارا، فبنى البيت من خمسة أجبل

لمناسك آلها التي تفعلها الناس اليوم، ثم قدم به مكة، من حراء، فلما فرغ من بنائه خرج به الملك إلى عرفات، فأراه ا .فطاف بالبيت أسبوعا، ثم رجع إلى أرض الهند، فمات على بوذ

لقد : قال لي مجاهد: حدثني زياد بن خيثمة، عن أبي يحيى بائع القت، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو همام، قال

نزل حين نزل بالهند، ولقد حج منها أربعين حجة على رجليه، فقلت حدثني عبد اهللا ابن عباس أن آدم عليه السالم فواهللا إن خطوه مسيرة ثالثة أيام، وإن آان رأسه ليبلغ ! فأي شيء آان يحمله: يا أبا الحجاج، أال آان يرآب؟ قال: له

.السماء، فاشتكت المالئكة نفسه، فهمزه الرحمن همزة، فتطأطأ مقدار أربعين سنة

: أخبرنا أبو الزبير، قال: حدثنا ثمامة بن عبيدة السلمى، قال: ن حرب أبو معمر مولى بني هاشم، قالحدثني صالح ب

فحج . أن حج هذا البيت: إن اهللا تعالى أوحى إلى أدم عليه السالم وهو ببالد الهند: سمعت ابن عمر، يقول: قال نافعخطوتيه مفازة، حتى انتهى إلى البيت فطاف به، أدم من بالد الهند، فكان آلما وضع قدمه صار قرية، وما بين

: وقضى المناسك آلها، ثم أراد الرجوع إلى بالد الهند فمضى، حتى إذا آان بمأزمى عرفات، تلقته المالئكة، فقالوا

50

يا آدم، إنا قد حججنا هذا البيت قبل أن تخلق : فدخله من ذلك عجب، فلما رأت المالئكة ذلك منه قالوا! برحجك يا آدم .فتقاصرت إلى آدم نفسه: بألفي سنة، قال

وذآر أن آدم عليه السالم أهبط إلى األرض، وعلى رأسه إآليل من شجر الجنة، فلما صار إلى األرض، ويبس

.اإلآليل، تحات ورقه فنبت منه أنواع الطيب

ة، فلما يبس ذلك الورق بل آان ذ لك ما أخبر اهللا عنهما، أنهما جعال يخصفان عليهما من ورق الجن: وقال بعضهم

.واهللا أعلم. الذي خصفاه عليهما تحات فنبت من ذلك الورق أنواع الطيببل لما علم آدم أن اهللا عز وجل مهبطه إلى األرض، جعل ال يمر بشجرة من شجر الجنة إال أخذ : وقال آخرون

.كان ذلك أصل الطيبغصنا من أغصانها فهبط إلى األرض وتلك األغصان معه، فلما يبس ورقها تحات، ف :ذآر من قال ذلك

لقد حدثني : قال لي مجاهد: حدثنا زياد بن خيثمة، عن أبي يحيى بائع القت قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو همام، قال

دعوه فليتزود منها ما : عبد اهللا ابن عباس، أن آدم حين خرج من الجنة آان ال يمر بشيء إال عبث به، فقيل للمالئكة .فنزل حين نزل بالهند، وإن هذا الطيب الذي يجاء به من الهند مما خرج به آدم من الجنة شاء،

:ذآر من قال

حدثنا : حدثت عن عمار بن الحسن، قال: آان على رأس آدم عليه السالم حين أهبط من الجنة إآليل من شجر الجنةخرج آدم من الجنة، فخرج منها ومعه : لية، قالعبد اهللا بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، عن أبي العا

.فأهبط إلى الهند، ومنه آل طيب بالهند: عصا من شجر الجنة، وعلى رأسه تاج أو إآليل من شجر الجنة، قال

ومعه -يعني على الجبل الذي هبط عليه -هبط آدم عليه : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال .جنة، فبثه في ذلك الجبل، فمنه آان أصل الطيب آله، وآل فاآهة ال توجد إال بأرض الهندورق من ورق ال

.بل زوده اهللا من ثمار الجنة، فثمارنا هذه من تلك الثمار: وقال آخرون

:ذآر من قال ذلك

، عن حدثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر، عن عوف، عن قسامة بن زهير: حدثنا ابن بشار، قالإن اهللا تبارك وتعالى لما أخرج آدم من الجنة زوده من ثمار الجنة، وعلمه صنعة آل شيء، فثمارآم : األشعري، قال

.هذه من ثمار الجنة، غير أن هذه تتغير وتلك ال تتغير

.إنما علق بأشجار الهند طيب ريح آدم عليه السالم: وقال آخرون

ذآر من قال إنما صار الطيب بالهند آدم حين أهبط إليها علق بأشجارها طيب رحيه ألن

أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن : أخبرنا هشام بن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث بن محمد، قال

نزل آدم عليه السالم معه ريح الجنة، فعلق بشجرها وأوديتها وامتأل ما هنالك طيبا، فمن ثم يؤتى : ابن عباس، قال .من ريح الجنةبالطيب .أنزل معه من طيب الجنة: وقالوا

51

أنزل معه الحجر األسود، وآان أشد بياضا من الثلج، وعصا موسى، وآان من آس الجنة، طولها عشرة أذرع : وقال

على طول موسى، ومر ولبان، ثم أنزل عليه بعد ذلك العالة والمطرقة والكلبتان، فنظر آدم حين أهبط على الجبل هذا من هذا، فجعل يكسر أشجارا قد عتقت ويبست بالمطرقة، ثم أوقد : ن حديد نابت على الجبل، فقالإلى قضيب م

على ذلك الغصن حتى ذاب، فكان أول شيء ضربه مدية، فكان يعمل بها ثم ضرب التنور، وهو الذي ورثه نوح، .وهو الذي فار بالعذاب بالهند

صلع، وأورث ولده الصلع ونفرت من طوله دواب البر، فصارت وآان آدم حين هبط يمسح رأسه السماء، فمن ثم

وحشا من يومئذ، وآان آدم عليه السالم وهو على ذلك الجبل قائم يسمع أصوات المالئكة،ويجد ريح الجنة، فحط من سف ولم يجمع حسن آدم عليه السالم ألحد من ولده إال ليو. طوله ذلك إلى ستين ذراعا، فكان ذلك طوله إلى أن مات

.عليه السالم

عشرة منها في : إن من الثمار التي زود اهللا عز وجل آدم عليه السالم حين أهبط إلى األرض ثالثين نوعا: وقيل

فأما التي في القشور منها فالجوز، واللوز، والفستق، . القشور وعشرة لها نوى، وعشرة ال قشور لها وال نوىوأما التي لها نوى منها فالخوخ، . والرانج، والرمان، والموز والبندق، والخشخاش، والبلوط، والشاهبلوط،

وأما التي ال قشور . والمشمش، واإلجاص، والرطب، والغبيراء، والنبق، والزعرور، والعناب، والمقل، والشاهلوج .طيخلها وال نوى فالتفاح، والسفرجل، والكمثرى، والعنب، والتوت، والتين، واألترج، والخرنوب، والخيار، والب

إن الحنطة إنما جاءه بها جبرئيل عليه السالم بعد أن : آان مما أخرج آدم معه من الجنة صرة من حنطة، وقيل: وقيلجاع آدم، واستطعم ربه، فبعث اهللا إليه مع جبرئيل عليه السالم بسبع حبات من حنطة، فوضعها في يد آدم عليه

هذا الذي أخرجك من الجنة، وآان وزن الحبة منها مائة ألف : يلما هذا؟ فقال له جبرئ: السالم، فقال آدم لجبرئيلانثره في األرض ففعل، فأنبته اهللا عز وجل من ساعته، فجرت : درهم وثمانمائة درهم، فقال آدم ما أصنع بهذا؟ قال

بحجرين سنة في ولده البذر في األرض، ثم أمره فحصده، ثم أمره فجمعه وفرآه بيده، ثم أمره أن يذريه، ثم أتاهفوضع أحدها على اآلخر فطحنه، ثم أمره أن يعجنه، ثم أمره أن يخبزه ملة، وجمع له جبرئيل عليه السالم الحجر

.والحديد فقدحه، فخرجت منه النار، فهو أول من خبز الملة

عليه وسلم، وهذا القول الذي حكيناه عن قائل هذا القول، خالف ما جاءت به الروايات عن سلف أمة نبينا صلى اهللا أخبرنا سفيان بن عيينة وابن : حدثنا عبد الرزاق، قال: وذلك أن المثنى بن إبراهيم حدثني أن إسحاق حدثه، قال

آانت الشجرة : المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، وعن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس، قالال منها بدت لهما سوءاتهما، وآان الذي وارى عنهما من سوءاتهما التي نهى اهللا عنها آدم وزوجته السنبلة، فلما أآ

أضفارهما،وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، ورق التين يلصقان بعضها إلى بعض، فانطلق آدم موليا في لك أما آان: ال، ولكني استحيتك يا رب، قال: يا آدم، أمني تفر؟ قال: الجنة، فأخذت برأسه شجرة من الجنة فناداه

بلى يا رب، ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدا : قال! فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليكفبعزتي ألهبطنك : قال -" وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين : " وهو قول اهللا تبارك وتعالى - يحلف بك آاذبا، قال

لجنة، وآانا يأآالن فيها رغدا، فأهبط إلى غير رغد من طعام فأهبط من ا: قال. إلى األرض، فال تنال العيش إال آداوشراب، فعلم صنعة الحديد،وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصده، ثم داسه، ثم ذراه، ثم طحنه،

.ثم عجنه، ثم خبزه، ثم أآله، فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء اهللا أن يبلغ

أهبط إلى آدم ثور أحمر، فكان يحدث عليه، ويمسح : ب، عن جعفر، عن سعيد، قالحدثنا يعقو: حدثنا ابن حميد، قال

.، فكان ذلك شقاؤه" فال يخرجنكما من الجنة فتشقى : " العرق عن جبينه، فهو الذي قال اهللا عز وجله لما تقدم فهذا الذي قاله هؤالء هو أولى بالصواب، وأشبه بما دل عليه آتاب ربنا عز وجل، وذلك أن اهللا عز ذآر

يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فال يخرجنكما من : " إلى آدم وزوجته حواء بالنهي عن طاعة عدوهما، قال آلدم، فكان معلوما أن الشقاء الذي أعلمه " الجنة فتشقى، إن لك أال تجوع فيها وال تعرى، وأنك ال تظمأ فيها وال تضحى

وصول إلى ما يزيل الجوع والعري عنه، وذلك هي األسباب التي بها أنه يكون إن أطاع عدوه إبليس، هو مشقة ال

52

ولو آان جبرئيل أتاه . يصل أوالده إلى الغذاء، من حراثة وبذر وعالج وسقي، وغير ذلك من األسباب الشاقة المؤلمةى طاعة بالغذاء الذي يصل إليه ببذره دون سائر المؤن غيره، لم يكن هناك من الشقاء الذي توعده به ربه عل

.على ما روينا عن ابن عباس وغيره - واهللا أعلم - الشيطان ومعصية الرحمن آبير خطب، ولكن األمر آان .إن أدم عليه السالم نزل معه السندان، والكلبتان، والميقعة، والمطرقة: وقد قيل

:ذآر من قال ذلكعلباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس حدثنا الحسين، عن : حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا أبن حميد، قال

.السندان، والكلبتان، والميقعة، والمطرقة: ثالثة أشياء نزلت مع آدم عليه السالم: قالثم إن اهللا عز ذآره فيما ذآر أنزل آدم من الجبل الذي أهبطه عليه إلى سفحه، وملكه األرض آلها، وجميع ما عليها

والطير وغير ذلك، وأن آدم عليه السالم لما نزل من رأس ذلك الجبل، وفقد من الجن والبهائم والدواب والوحش آالم أهل السماء، وغابت عنه أصوات المالئكة، ونظر إلى سعة األرض وبسطتها، ولم ير فيها أحدا غيره،

!يا رب، أما ألرضك هذه عامر يسبحك غيري: استوحش فقال

: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: رنا إسحاق بن الحجاج، قالأخب: فأجيب بما حدثني المثنى بن إبراهيم، قالإن آدم لما أهبط إلى األرض فرأى سعتها ولم ير فيها أحدا غيره : حدثني عبد الصمد ابن معقل، أنه سمع وهبا يقول

يسبح إني سأجعل فيها من ولدك من: قال اهللا! يا رب، أما ألرضك هذه عامر يسبح بحمدك ويقدس لك غيري: قالبحمدي ويقدسني، وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذآري، ويسبح فيها خلقي، ويذآر فيها أسمي، وسأجعل من تلك البيوت

ثم أنا مع ذلك في آل . بيتا أخصه بكرامتي، وأوثره باسمي، وأسميه بيتي أنطقه بعظمتي، وعليه وضعت جالليمن حوله ومن تحته ومن فوقه، فمن حرمه بحرمتي شيء ومع آل شيء، أجعل ذلك البيت حرما آمنا يحرم بحرمته

أجعله أول بيت وضع للناس ببطن مكة . استوجب بذلك آرامتي، ومن أخاف أهله فيه فقد أخفر ذمتي، وأباح حرمتيمبارآا، يأتونه شعثا غبرا على آل ضامر، من آل فج عميق، يرجون بالتلبية رجيجا، ويثجون بالبكاء ثجيجا،

جيجا، فمن اعتمده وال يريد غيره فقد وفد إلي وزارني وضافني، وحق على الكريم أن يكرم وفده ويعجون بالتكبير عتعمره يا آدم ما آنت حيا، ثم تعمره األمم والقرون واألنبياء من ولدك أمة بعد . وأضيافه، وأن يسعف آال بحاجته

.أمة، وقرنا بعد قرن

لبيت الحرام الذي أهبط له إلى األرض، فيطوف به آما آان يرى أن يأتي ا -فيما ذآر -ثم أمر آدم عليه السالم

أخبرنا : المالئكة تطوف حول عرش اهللا، وآان ذلك ياقوتة واحدة، أو درة واحدة آما حدثني الحسن ين يحيى، قالقوم نوح أخبرنا معمر، عن أبان، أن البيت أهبط ياقوتة واحدة أو درة واحدة، حتى إذا أغرق اهللا : عبد الرزاق، قال

.رفعه وبقي أساسه، فبوأه اهللا عز وجل إلبراهيم فبناه، وقد ذآرت األخبار الواردة بذلك فيما مضى قبل

فذآر أن آدم عليه السالم بكى واشتد بكاؤه على خطيئته، وندم عليها، وسأل اهللا عز وجل قبول توبته، وغفران

حدثنا ابن عطية، عن قيس، عن ابن أبي : ا أبو آريب، قالما سأل من ذلك، آما حدثن: خطيئته، فقال في مسألته إياهأي رب، ألم : قال" فتلقى آدم من ربه آلمات فتاب عليه : " ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس

بلى، : أي رب، ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى، قال: بلى، قال أي رب، ألم تنفح في من روحك؟ قال: تخلقني بيدك؟ قالبلى، : أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى، قال: أي رب، ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: قال " .فتلقى آدم من ربه آلمات : " فهو قوله تعالى: قال

ذآر " فتلقى آدم من ربه آلمات " حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، قوله تعالى : حدثني بشر بن معاذ، قال

ربنا : " إنهما قاال: وقال الحسن: إذا أرجعك إلى الجنة، قال: قال! أرأيت إن أنا تبت وأصلحت: يا رب: لنا أنه قال " .ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين

اهد، في قوله حدثنا سفيان وقيس، عن خصيف، عن مج: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق األهوازي، قال

53

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من : " قوله: قال" فتلقى آدم من ربه آلمات : " عز وجل " .الخاسرين

أخبرنا أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباسن : أخبرنا هشام بن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

-من الجنة الحجر األسود، وآان أشد بياضا من الثلج، وبكى آدم وحواء على ما فاتهما أنزل آدم معه حين أهبط: قالمائتي سنة، ولم يأآال ولم يشربا أربعين يوما، ثم أآال وشربا، وهما يؤمئذ على بوذ، الجبل -يعني من نعيم الجنة

.الذي أهبط عليه آدم ولم يقرب حواء مائة سنة

قال لي مجاهد، ونحن : حدثني زياد بن خيثمة، عن أبي يحيى بائع القت، قال: أبي، قالحدثني : حدثنا أبو همام، قالفواهللا : أو ليس حجرا؟ قال: آذلك تقول؟ قلت: يا أبا الحجاج، الحجر؟ قال: هل ترى هذا؟ قلت: جلوس في المسجد

دموعه، و أن آدم لم ترقأ دموعه لحدثني عبد اهللا بن عباس أنها ياقوتة بيضاء خرج بها آدم من الجنة، آان يمسح بها يا أبا الحجاج، فمن أي شيء : منذ خرج من الجنة حتى رجع إليها ألفي سنة، وما قدر منه إبليس على شيء، فقلت له

آان الحيض يلمسنه في الجاهلية، فخرج آدم عليه السالم من الهند يؤم البيت الذي أمره اهللا عز وجل : اسود؟ قالاه، فطاف به، ونسك المناسك، فذآر أنه ألتقى هو وحواء بعرفات، فتعارفا بها، ثم ازدلف إليها بالمصير إليه، حتى أت

بالمزدلفة، ثم رجع إلى الهند مع حواء، فاتخذا مغارة يأويان إليها في ليلهما ونهارهما، وأرسل اهللا إليهما ملكا يعلمهما إنما آان ذلك لباس : وقال بعضهم. واألنعام والسباع ما يلبسانه ويستتران به، فزعموا أن ذلك آان من جلود الضأن

ثم إن اهللا عز ذآره مسح . أوالدهما، فأما آدم وحواء فإن لباسهما آان ما آانا خصفا على أنفسهما من ورق الجنةظهر آدم عليه السالم بنعمان من عرفة، وأخرج ذريته، فنثرهم بين يديه آالذر، فأخذ مواثيقهم، وأشهدهم على

وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على : " بلى، آما قال عز وجل: ألست بربكم؟ قالوا: مأنفسه " .أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى

حدثنا جرير بن حازم، عن آلثوم بن جبر، : حدثنا الحسين بن محمد، قال: وقد حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال

-أخذ اهللا الميثاق من ظهر آدم بنعمان : باس، عن النبي صلى اهللا عليه وسلم، قالعن سعيد ابن جبير، عن ابن عألست بربكم قالوا : " فأخرج من صلبه آل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه آالذر، ثم آلمهم قبال، وقال - يعني عرفة

" .بما فعل المبطلون : " إلى قوله" بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة

حدثنا آلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن :ران بن موسى القزاز، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قالحدثني عم

، " وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى : " عباس في قولهفأخذ مواثيقهم، -وأشار بيده -ة بنعمان هذه مسح ربنا ظهر آدم، فخرجت آل نسمة هو خالقها إلى يوم القيام: قال

.بلى: ألست بربكم؟ قالوا: وأشهدهم على أنفسهم

حدثنا ابن علية، عن آلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس : حدثنا ابن وآيع ويعقوب بن إبراهيم، قاال

، " على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم : " في قوله عز وجلألست : مسح ظهر آدم فخرج آل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنعمان، هذا الذي وراء عرفة، وأخذ ميثاقهم: قال

.بلى شهدنا، واللفظ لحديث يعقوب: بربكم؟ قالوا

أهبط آدم حين : ابن عباس، قال حدثنا عمران بن عيينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن: حدثنا ابن وآيع، قال

: " بلى، ثم تلى: ألست بربكم؟ قالوا: أهبط فمسح اهللا ظهره، فأخرج منه آل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ثم قال .، فجف القلم من يومئذ بما هو آائن إلى يوم القيامة" وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم

يحيى بن عيسى، عن األعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن حدثنا : حدثنا أبو آريب، قاللما خلق اهللا عز وجل آدم عليه السالم أخذ ذريته : ، قال" وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم " عباس في

54

ادخلوا النار وال : ينأدخلوا الجنة بسالم، وقال لآلخر: من ظهره مثل الذر، فقبض قبضتين، فقال ألصحاب اليمين .أبالي

حدثنا روح بن عبادة وسعد بن عبد الحميد بن جعفر عن مالك بن أنس عن : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قالزيد بن أبي أنيسة عن عبد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب

سمعت رسول اهللا :، فقال عمر" وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم " : رضي اهللا عنه سئل عن هذه اآليةخلقت هؤالء للجنة : إن اهللا خلق آدم ثم مسح على ظهره بيمينه واستخرج منه ذرية، فقال: " صلى اهللا عليه وسلم قال

وبعمل أهل النار يعملون خلقت هؤالء للنار : وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح على ظهره فاستخرج منه ذرية فقالإن اهللا تبارك وتعالى إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة، : " يا رسول اهللا، ففيم العلم؟ قال: فقال رجل"

حتى يموت على عمل من عمل أهل الجنة فيدخله الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت " .ار فيدخله النار على عمل من عمل أهل الن

.إنه أخذ ذرية آدم عليه السالم من ظهره بدحنا: وقيل

:ذآر من قال ذلك

وإذا أخذ : " حدثنا عمرو بن قيس، عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس: حدثنا حكام، قال: حدثنا ابن حميد، قالره بدحنا فأخرج من ظهره آل نسمة لما خلق اهللا عز وجل آدم مسح ظه: قال" ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم

.فيرون يومئذ، جف القلم بما هو آائن إلى يوم القيامة: بلى، قال: ألست بربكم؟ قالوا: هو خالقها إلى يوم القيامة، فقال .أخرج اهللا ذرية آدم من صلبه في السماء قبل أن يهبطه إلى األرض، وبعد أن أخرجه من الجنة: وقال بعضهم

:ذآر من قال ذلك

وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم : " حدثنا عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدي: حدثنا ابن وآيع، قال

أخرج اهللا آدم من الجنة ولم يهبطه من السماء، ثم إنه : ، قال" ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى أدخلوا الجنة برحمتي، : لذر بيضاء مثل اللؤلؤ، فقال لهممسح من آدم صفحة ظهره اليمنى، فأخرج منه ذرية آهيئة ا

أصحاب : " فذلك حين يقول. أدخلوا النار وال أبالي: ومسح صفحة ظهره اليسرى، فأخرج منه آهيئة الذر سودا، فقالة على ألست بربكم؟ قالوا بلى، فأعطاه طائفة طائعين، وطائف: ثم أخذ الميثاق فقال" . أصحاب الشمال " و " اليمين

.وجه التقية

ذآر األحداث التي آانت في عهد آدم عليه السالم بعد أن أهبط إلى األرض

هو قين بن آدم، : فكان أول ذلك قتل قابيل بن آدم أخاه هابيل، وأهل العلم يختلفون في اسم قابيل، فيقول بعضهم .قابيل هو: ويقول بعضهم: هو قاين: ويقول بعضهم.هو قايين ابن آدم: ويقول بعضهم

: فقال بعضهم في ذلك ما حدثني به موسى بن هارون الهمداني، قال: واختلفوا أيضا في السبب الذي من أجله قتله

عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن -في خبر ذآره - حدثنا أسباط، عن السدي : حدثنا عمرو بن حماد، قالآان ال : صحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، قالوعن ناس من أ - وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - عباس

يولد آلدم مولود إال ولد معه جارية، فكان يزوج غالم هذا البطن جارية هذا البطن اآلخر ويزوج جارية هذا البطن غالم هذا البطن اآلخر، حتى ولد له ابنان، يقال لهما قابيل وهابيل، وآان قابيل صاحب زرع، وآان هابيل صاحب

وآان قابيل أآبرهما، وآانت له أخت أحسن من أخت هابيل، وإن هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل، فأبى عليه ضرع،. هي أختي ولدت معي، وهي أحسن من أختك، وأنا أحق أن أتزوجها، فأمره أبوه أن يزوجها هابيل، فأبى: وقال

يا : قد غاب عنهما وأتى مكة ينظر إليها، قال اهللا آلدموإنهما قربا قربانا إلى اهللا أيهما أحق بالجارية، وآان آدم يومئذ

55

احفظي ولدي : فإن لي بيتا بمكة فأته، فقال آدم للسماء: اللهم ال، قال: آدم، هل تعلم أن لي بيتا في األرض؟ قال فأبت، فقال لقابيل، فقال نعم، تذهب وترجع وتجد أهلك آما: باألمانة، فأبت، وقال لألرض فأبت، وقال للجبال

أنا أحق بها منك هي أختي، وأنا أآبر منك، وأنا : يسرك، فلما انطلق آدم قربا قربانا، وآان قابيل يفخر عليه فيقولوصي والدي، فلما قربا، قرب هابيل جذعة سمينة، وقرب قابيل حزمة سنبل، فوجد فيها سنبلة عظيمة ففرآها فأآلها،

إنما : " ألقتلنك حتى ال تنكح أختي، فقال هابيل: بيل فغضب، وقالفنزلت النار فأآلت قربان هابيل، وترآت قربان قافطوعت له نفسه قتل : " ، إلى قوله" يتقبل اهللا من المتقين لئن بسطت لي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك ألقتلك

نمه في جبل وهو نائم، ، فطلبه ليقتله، فراغ الغالم منه في رؤوس الجبال، فأتاه يوما من األيام وهو يرعى غ" أخيه فرفع صخرة فشدخ بها رأسه، فمات وترآه بالعراء، ال يعلم آيف يدفن، فبعث اهللا غرابين أخوين فاقتتال، فقتل

يا ويلتي أعجزت أن أآون مثل هذا الغراب فأواري سوءة : " أحدهما صاحبه، فحفر له ثم حثا عليه، فلما رآه قالفرجع آدم فوجد " . غرابا يبحث في األرض ليريه آيف يوارى سوءة أخيه فبعث اهللا: " ، فهو قوله عز وجل" أخي

إلى آخر -" إنا عرضنا األمانة على السموات واألرض والجبال : " ابنه قد قتل آخاه، فذلك حين يقول اهللا عز وجل .يعني قابيل حين حمل أمانة آدم، ثم لم يحفظ له أهله" . إنه آان ظلوما جهوال " - اآلية

آان السبب في ذلك أن آدم آان يولد له من حواء في آل بطن ذآر وأنثى فإذا بلغ الذآر منهما زوج : وقال آخرون

.منه ولده األنثى التي ولدت مع أخيه الذي ولد في البطن اآلخر، قبله أو بعده .مته عن هابيلأفرغب قابيل بتو

أخبرني عبد اهللا بن : دثني حجاج، عن ابن جريج، قالح: حدثنا الحسين، قال: آما حدثني القاسم بن الحسن، قال

أقبلت مع سعيد بن جبير أرمي الجمرة، وهو متقنع متوآئ على يدي، حتى إذا وازينا بمنزل : عثمان بن خثيم، قالنهى أن تنكح المرأة أخاها توءمها، وينكحها غيره من إخوتها، : سمرة الصواف، وقف يحدثني عن ابن عباس، قال

أنكحني أختك : د في آل بطن رجل وامرأة، فولدت امرأة وسيمة وولدت امرأة قبيحة، فقال أخو الدميمةوآان يولال، أنا أحق بأختي، فقربا قربانا فتقبل من صاحب الكبش، ولم يتقبل من صاحب الزرع، فقتله، : وأنكحك أختي، قال

اق، فذبحه على هذا الصفا، في ثبير، عند فلم يزل ذلك الكبش محبوسا عند اهللا عز وجل حتى أخرجه في فداء إسح .منزل سمرة الصواف، وهو على يمينك حين ترمي الجمار

حدثنا محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم من أهل الكتاب األول، أن آدم : حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قالبقين بن آدم وتوءمته، فلم تجد عليهما عليه السالم آان يغشي حواء في الجنة قبل أن تصيب الخطيئة، فحملت له

وحما ال وصبا، ولم تجد عليهما طلقا حين ولدتهما، ولم تر معهما دما لظهر الجنة، فلما أآال من الشجرة وأصابا المعصية، وهبطا إلى األرض واطمأنا بها تغشاها، فحملت بهابيل وتوءمته، فوجدت عليهما الوحم والوصب،

ال تحمل إال توءما ذآرا وأنثى، -فيما يذآرون -ورأت معهما الدم، وآانت حواء ووجدت حين ولدتهما الطلقفولدت حواء آلدم أربعين ولدا لصلبه من ذآر وأنثى في عشرين بطنا، وآان الرجل منهم أي أخواته شاء تزوج إال

.مهم حواءتوءمته التي تولد معه، فإنها ال تحل له، وذلك أنه لم يكن نساء يومئذ إال أخواتهم وأ

حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم بالكتاب األول أن آدم أمر ابنه قينا أن : حدثنا ابن حميد، قال

ينكح توءمته هابيل، وأمر هابيل أن ينكح أخته توءمته قينا، فسلم لذلك هابيل ورضي وأبى ذلك قين وآره تكرما عن ويقول - ل، نحن والدة الجنة، وهما من والدة األرض، وأنا أحق بأختي أخت هابيل، ورغب بأخته عن هابيل، وقا

بل آانت أخت قين من أحسن الناس، فضن بها عن أخيه، وأرادها لنفسه واهللا : بعض أهل العلم من أهل الكتاب األولقال له أبوه يا بني يا بني إنها ال تحل لك فأبى قين أن يقبل ذلك من قول أبيه، ف: فقال له أبوه - أعلم أي ذلك آان

فقرب قربانا، ويقرب أخوك هابيل قربانا فأيكما قبل اهللا قربانه فهو أحق بها، وآان قين على بذر األرض، وآان -قرب بقرة : وبعضهم يقول - هابيل على رعاية الماشية، فقرب قين قمحا، وقرب هابيل أبكارا من أبكار غنمه

وبذلك آان يقبل القربان إذا قبله اهللا عز . ربان هابيل وترآت قربان قينفأرسل اهللا جل وعز نارا بيضاء، فأآلت قغضب قين، وغلب غليه الكبر واستحوذ - وآان في ذلك القضاء له بأخت قين -وجل، فلما قبل اهللا قربان هابيل

على محمد صلى اهللا عليه الشيطان، فاتبع أخاه هابيل، وهو في ماشيته فقتله، فهما اللذان قص اهللا خبرهما في القرآن

56

إلى آخر " نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما " يعني أهل الكتاب " واتل عليهم : " عليه وسلم، فقال: " أول قتيل من بني آدم -فيما يزعمون -فلما قتله سقط في يديه، ولم يدر آيف يواريه، وذلك أنه آان : القصة، قال

في األرض ليريه آيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أآون مثل هذا الغراب فبعث اهللا غرابا يبحث " .ثم إن آثيرا منهم بعد ذلك في األرض لمسرفون : " إلى قوله" فأواري سوءة أخي

عليه ما أدري، ما آنت : أين أخوك هابيل؟ قال: ويزعم أهل التوراة أن قينا حين قتل أخاه هابيل، قال اهللا له: قال

اآلن أنت ملعون من األرض التي فتحت فاها، فتلقت دم ! إن صوت دم أخيك ليناديني من األرض: رقيبا، فقال اهللا لهأخيك من يدك، فإذا أنت عملت في األرض، فإنها ال تعود تعطيك حرثها حتى تكون فزعا تائها في األرض، فقال

ن وجه األرض وأتوارى من قدامك، وأآون فزعا تائها في عظمت خطيئتي من أن تغفرها، قد أخرجتني اليوم ع: قينليس ذلك آذلك، فال يكون آل من قتل قتيال يجزى بواحد سبعة، : فقال اهللا عز وجل. األرض، وآل من لقيني، قتلني

ولكن من قتل قينا يجزى سبعة، وجعل اهللا في قين آية لئال يقتله آل من وجده، وخرج قين من قدام اهللا عز وجل من .شرقي عدن الجنة

إنما آان قتل القاتل منهما أخاه أن اهللا عز وجل أمرهما بتقريب قربان، فتقبل قربان أحدهما، : وقال آخرون في ذلك

.ولم يتقبل من اآلخر، فبغاه الذي لم يتقبل قربانه فقتله

:ذآر من قال ذلك

ي المغيرة، عن عبد اهللا بن عمرو، قال إن ابني حدثنا عوف، عن أب: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا ابن بشار، قالآدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من اآلخر آان أحدهما صاحب حرث، واآلخر صاحب غنم، وأنهما

أمرا أن يقربا قربانا، وأن صاحب الغنم قرب أآرم غنمه وأسمنها وأحسنها، طيبة بها نفسه، وأن صاحب الحرث الكوزر والزوان، غير طيبة بها نفسه، وأن اهللا عز وجل تقبل قربان صاحب الغنم، ولم يتقبل : هقرب، شر حرث

إيم اهللا، إن آان المقتول ألشد الرجلين، ولكن : قربان صاحب الحرث، وآان من قصتهما ما قص اهللا في آتابه وقال .منعه التحرج أن ينبسط إلى أخيه

حدثني أبي، عن أبيه عن ابن : حدثني عمي، قال: حدثني أبي، قال: ، قالوقال آخرون بما حدثني به محمد بن سعدآان من شأنهما أنه لم يكن مسكين يتصدق عليه، وإنما آان القربان يقربه الرجل، فبينا ابنا آدم قاعدان إذ : عباس، قال

فأآلته، وإن لم يكن رضيه اهللا وآان الرجل إذا قرب قربانا فرضية اهللا عز وجل أرسل إليه نارا! لو قربنا قربانا: قاالخبت النار، فقربا قربانا، وآان أحدهما راعيا واآلخر حراثا، وإن صاحب الغنم قرب خير غنمه وأسمنها، وقرب

أتمشي في : اآلخر بعض زرعه، فجاءت النار فنزلت بينهما فأآلت الشاة وترآت الزرع، وإن ابن آدم قال ألخيهفال واهللا ال ينظر الناس إلي وإليك وأنت خير مني، ! انا فتقبل منك ورد علي قربانيالناس، وقد علموا أنك قربت قرب

.إنما يتقبل اهللا من المتقين! ألقتلنك، فقال له أخوه ما ذنبي: فقال

إنما آان هذان رجلين : لم تكن قصة هذين الرجلين في عهد آدم، وال آان القربان في عصره، وقالوا: وقال آخرون .إن أول ميت مات في األرض آدم عليه السالم، لم يمت قبله أحد: ئيل، وقالوامن بني إسرا

ذآر من قال ذلك

آان الرجالن اللذان في القرآن قال : حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو، عن الحسن، قال: حدثنا سفيان بن وآيع، قال، ولم يكونا ابني آدم لصلبه، وإنما آانا من بني إسرائيل" واتل عليهما نبأ ابني آدم بالحق : " اهللا عز وجل فيهما

.القربان من بني إسرائيل، وآان آدم أول من ماتمته قليما في بطن واحد، أإن آدم غشي حواء بعد مهبطهما إلى األرض بمائة سنة، فولدت له قابيل وتو: وقال بعضهم

أخت قابيل التي ولدت معه في بطن واحد ثم هابيل وتوءمته في بطن واحد، فلما شبوا أراد آدم عليه السالم أن يزوج

57

من هابيلن فامتنع من ذلك قابيل، وقربا بهذا السبب قربانا فتقبل قربان هابيل، ولم يتقبل قربان قابيل، فحسده قابيل، .فقتله عند عقبة حرى ثم نزل قابيل من الجبل، آخذا بيد أخته قليما، فهرب بها إلى عدن من أرض اليمن

أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، : أخبرني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: رس، قالحدثني بذلك الحا

اذهب فال تزال : لما قتل قابيل أخاه هابيل أخذ بيد أخته ثم هبط بها من جبل بوذ إلى الحضيض، فقال آدم لقابيل: قالقبل ابن لقابيل أعمى،ومعه ابن له، فقال لألعمى مرعوبا ال تأمن من تراه، فكان ال يمر به أحد من ولده إال رماه، فأ

قتلت يا أبتاه أباك، فرفع األعمى يده، فلطم : هذا أبوك قابيل، فرمى األعمى أباه قابيل فقتله، فقال ابن األعمى: ابنهل وله وذآر في التوراة أن هابيل قت! قتلت أبي برميتي، وقتلت ابني بلطمتي! ويل لي: ابنه فمات ابنه، فقال األعمى

.عشرون سنة، وأن قابيل آان له يوم قتله خمس وعشرون سنة

والصحيح من القول عندنا أن الذي ذآر اهللا في آتابه أنه قتل أخاه من ابني آدم هو ابن آدم لصلبه، لنقل الحجة أن

: بن حميد، قالوحدثنا ا -. حدثنا أبو معاوية ووآيع جميعا عن األعمش: ذلك آذلك، وأن هناد بن السري حدثنا، قالعن عبد اهللا بن مرة، عن مسروق، عن - حدثنا جرير وأبو معاوية عن األعمش : حدثنا جرير وحدثنا ابن وآيع، قال

، وذلك " ما من نفس تقتل ظلما إال آان على ابن آدم األول آفل منها : " قال النبي صلى اهللا عليه وسلم: عبد اهللا، قال .ألنه أول من سن القتل

جميعا عن سفيان، عن -حدثنا أبي : وحدثنا ابن وآيع قال -حدثنا عبد الرحمن بن مهدي : بن بشار، قالحدثنا ا

.األعمش، عن عبد اهللا بن مرة، عن مسروق، عن عبد اهللا، عن البني صلى اهللا عليه وسلم نحوهاهللا في آتابه قصتهما من إن اللذين قص: فقد بين هذا الخبر عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم صحة قول من قال

لم يكن الذي وصف - آما روي عن الحسن - ابني آدم آانا ابنيه لصلبه، ألنه ال شك أنهما لو آانا من بني إسرائيل .منهما بأنه قتل أخاه أول من سن القتل، إذ آان القتل في بني آدم قد آان قبل إسرائيل وولده

ال خالف بين سلف علماء : آدم لصلبه، وأن لم يكونا من بني إسرائيل؟ قيلفما برهانك على أنهما ولدا : فإن قال قائل .آانا من بني إسرائيل: أمتنا في ذلك، إذا فسد قول من قال

حدثنا سلمة، عن غياث بن : فيما حدثنا ابن حميد، قال -وذآر أن قابيل لما قتل أخاه هابيل بكاه آدم عليه السالم فقال :لما قتل ابن آدم آخاه بكاه آدم، فقال: قال علي بن أبي طالب آرم اهللا وجهه: همداني، قالإبراهيم، عن أبي إسحاق ال

فوجه األرض مغبر قبيح... تغيرت البالد ومن عليها وقل بشاشة الوجه المليح... تغير آل ذي طعم ولون

:فأجيب آدم عليه السالم: قال بيحوصار الحي آالميت الذ... أبا هابيل قد قتال جميعا

على خوف فجاء بها يصيح... وجاء بشرة قد آان منها

وذآر أن حواء ولدت آلدم عليه السالم عشرين ومائة بطن، أولهم قابيل وتوءمته قليما، وآخرهم عبد المغيث

.وتوءمته أمة المغيث

ن ذآر وأنثى في وأما ابن إسحاق فذآر عنه ما قد ذآرت قبل، وهو أن جميع ما ولدته حواء آلدم لصلبه أربعون م

.قد بلغنا أسماء بعضهم ولم يبلغنا بعض: عشرين بطنا، وقال

فكان من بلغنا اسمه خمسة عشر رجال وأربع نسوة، منهم : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

ى ثالثين ومائة سنة قين وتوءمته، وهابيل وليوذا وأشوث بنت آدم وتوءمتها، وشيث وتوءمته، وحزورة وتوءمها، عل

58

ثم أباد بن آدم وتوءمته، ثم بالغ بن آدم وتوءمته، ثم أثاثى بن أدم وتوءمته، ثم توبة بن آدم وتوءمته، ثم . من عمرهبنان ابن آدم وتوءمته، ثم شبوبة بن آدم وتوءمته، ثم حيان بن آدم وتوءمته، ثم ضرابيس بن آدم وتؤءمته، ثم هدز بن

بن آدم وتوءمته، ثم سندل بن آدم وتوءمته، ثم بارق بن آدم وتوءمته، آل رجل منهم تولد معه آدم وتوءمته، ثم يحود .امرأة في بطنه الذي يحمل به فيه

.وقد زعم أآثر علماء الفرس أن جيو مرت هو أدم، وزعم بعضهم أنه ابن آدم لصلبه من حواء

وترآنا ذآر ذلك إذ آان قصدنا من آتابنا هذا ذآر الملوك وقال فيه غيرهم أقواال آثيرة، يطول بذآر أقوالهم الكتاب،

وأيامهم، وما قد شرطنا في آتابنا هذا أنا ذاآروه فيه،ولم يكن ذآر اختالف المختلفين في نسب ملك من جنس ما تالف أنشأنا له صنعة الكتاب، فإن ذآرنا من ذلك شيئا فلتعرف من ذآرنا، ليعرفه من لم يكن به عارفا، فأما ذآر االخ

.في نسبة فإنه غير المقصود به في آتابنا هذا

وقد خالف علماء الفرس فيما قالوا من ذلك آخرون من غيرهم ممن زعم أنه آدم، ووافق علماء الفرس على اسمه وخالفه في عينه وصفته، فزعم أن جيومرت الذي زعمت الفرس أنه آدم عليه السالم إنما هو جامر بن يافث ابن

ان معمرا سيدا نزل جبل دنباوند من جبال طبرستان من أرض المشرق، وتملك بها وبفارس، ثم عظم نوح، وأنه آأمره وأمر ولده، حتى ملكوا بابل وملكوا في بعض األوقات األقاليم آلها، وأن جيومرت منع من البالد ما صار إليه،

من : في آخر عمره، وتسمى بآدم، وقال وابتنى المدن والحصون وعمرها، وأعد السالح، واتخذ الخيل، وأنه تجبرسماني بغير هذا االسم ضربت عنقه، وأنه تزوج ثالثين امرأة، فكثر منهن نسله، وأن ماري ابنه وماريانة أخته ممن

.آان ولد له في آخر عمره، فأعجب بهما وقدمهما، فصار الملوك بذلك السبب من نسلهما، وأن ملكه اتسع وعظميومرت في هذا الموضوع ما ذآرت، ألنه ال تدافع بين علماء األمم أن جيومرت هو أبو وإنما ذآرت من أمر ج

هل هو آدم أبو البشر على ما قاله الذين ذآرنا قولهم أم هو غيره؟ ثم مع ذلك : الفرس من العجم، وإنما اختلفوا فيهإلى أن قتل يزد جرد بن شهريار فألن ملكه وملك أوالده لم يزل منتظما على سياق، متسقا بأرض المشرق وجبالها

أيام عثمان بن عفان رضي اهللا عنه، فتأريخ ما مضى من سنى العالم على أعمار - أبعده اهللا - من ولد ولده بمرور ملوآهم أسهل بيانا، وأوضح منارا منه على أعمار ملوك غيرهم من األمم، إذ ال تعلم أمة من األمم الذين ينتسبون

دامت لها المملكة، واتصل لهم الملك، وآانت لهم ملوك تجمعهم، ورؤس تحامى عنهم من إلى آدم عليه السالمناوأهم، وتغالب بهم من عازهم، وتدفع ظالمهم عن مظلومهم، وتحملهم من األمور على ما فيه حظهم على اتصال

ر ملوآهم أصح مخرجا، ودوام ونظام، يأخذ ذلك آخرهم عن أولهم، وغابرهم عن سالفهم سواهم، فالتأريخ على أعما .وأحسن وضوحا

القول في عمر آدم عليه السالم وأعمار من آان بعده من ولده

الذين خلفوه في النبوة وأنا ذاآر ما انتهى إلينا من القول في عمر آدم عليه السالم وأعمار من آان بعده من ولدهإنه هو جيومرت أبو : ى قول من قالوالملك، على قول من خالف قول الفرس الذين زعموا أنه جيومرت، وعل

الفرس، وذاآر ما اختلفوا فيه من أمرهم إلى الحال التي اجتمعوا عليها، فاتفقوا على من ملك منهم في زمان بعينه أنه .آان هو الملك في ذلك الزمان إن شاء اهللا، وال حول وال قوة إال باهللا، ثم سائق ذلك آذلك إلى زماننا هذا

إن أول ميت آان في أول األرض آدم، وإنكاره الذين قص : الزيادة في اإلبانة عن خطأ قول من قال ونرجع اآلن إلى

.، أن يكونا من صلب آدم من أجل ذلك" واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا : " اهللا نبأهما في قولهدثنا عمر بن إبراهيم، عن قتادة، عن الحسن، ح: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: فحدثنا محمد بن بشار، قال

آانت حواء ال يعيش لها ولد، فنذرت لئن عاش لها ولد لتسمينه : " عن سمرة بن جندب، عن النبي عليه السالم قال " .عبد الحارث، فعاش لها ولد فسمته عبد الحارث، وإنما آان ذلك عن وحي الشيطان

59

آانت : ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال حدثنا سلمة، عن: وحدثنا ابن حميد، قال

عبد اهللا، وعبيد اهللا، ونحو ذلك، فيصيبهم الموت، فأتاها إبليس وآدم : حواء تلد آلدم فتعبدهم اهللا عز وجل وتسميهمعبد الحارث، ففيه أنزل اهللا إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه به لعاش، فولدت له ذآرا فسمياه : عليه السالم، فقال

إلى " جعال له شرآاء فيما آتاهما : " ، إلى قوله" هو الذي خلقكم من نفس واحدة : " عز ذآره، يقول اهللا عز وجل .آخر اآلية

" فلما أثقلت دعوا اهللا ربهما : " حدثنا ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن سعيد بن جبير: حدثنا ابن وآيع، قال

" .فتعالى اهللا عما يشرآون : " هإلى قول: يا حواء، ما هذا في بطنك؟ فقالت: ولما حملت حواء في أول ولد ولدته حين أثقلت أتاها إبليس قبل أن تلد فقال: قال

أرأيت إن خرج سليما : ال أدري، قال: أين يخرج؟ من أنفك؟ أو من عينك؟ أو من أذنك؟ قالت: ما أدري من؟ فقال: فقالت -وقد آان يسمى إبليس لعنه اهللا الحارث - سميه عبد الحارث : نعم، قال: آمرك به؟ قالت أمطيعتي أنت فيما

إن ذاك الشيطان فاحذريه، فإنه عدونا الذي : آذا وآذا، فقال: أتاني آت في النوم فقال لي: نعم، ثم قالت بعد ذلك آلدمنعم، فلما وضعته أخرجه اهللا سليما فسمته عبد : التأخرجنا من الجنة، ثم أتاها إبليس لعنه اهللا فأعاد عليها، فق

" .فتعالى اهللا عما يشرآون : " إلى قوله" جعال له شرآاء فيما آتاهما : " الحارث، فهو قوله

: أشرك آدم؟ قال: قيل له: حدثنا جرير وابن فضيل، عن عبد الملك، عن سعيد بن جبير، قال: حدثنا ابن وآيع، قالمن أين يخرج هذا؟ من : ولكن حواء لما أثقلت أتاها إبليس فقال لها! أن آدم عليه السالم أشرك أعوذ باهللا أن أزعم

لم يضرك : " زاد ابن فضيل: قال ابن وآيع - أرأيت إن خرج سويا : أنفك، أو من عينك، أو من فيك؟ فقنطها، ثم قال .فإنما آان شرآه في االسم: زاد جرير -فسميه عبد الحارث، ففعلت : نعم، قال: أتطيعيني؟ قالت - " ولم يقتلك

غالما، -يعني حواء - فولدت : حدثنا أسباط، عن السدي: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا موسى بن هارون، قالعبد " قد أطعتك وأخرجتني من الجنة، فأبى أن يطيعه، فسماه : سموه عبدي، وإال قتلته، قال له آدم: فأتاها إبليس فقال

سميه عبدي وإال قتلته، قال له آدم عليه : سلط عليه إبليس لعنه اهللا فقتله، فحملت بآخر فلما ولدته، قالف" الرحمن فإذ غلبتموني فسموه : فأبى فسماه صالحا، فقتله، فلما آان الثالث قال لهما. قد أطعتك فأخرجتني من الجنة: السالم

: " فذلك حين يقول اهللا عز وجل -حين أبلس تحير وإنما سمي إبليس -عبد الحارث، وآان اسم إبليس الحارث، .يعني في األسماء - " جعال له شرآاء فيما آتاهما

فهؤالء الذين ذآرت الرواية عنهم بما ذآرت، من أنه مات آلدم وحواء أوالد قبلهما، ومن لم نذآر أقوالهم ممن

أول من مات : لحسن الذي روى عنه أنه قالعددهم أآثر من عدد من ذآرت قوله والرواية عنه، قالوا خالف قول ا .آدم عليه السالم

وآان آدم مع ما آان اهللا عز وجل قد أعطاه من ملك األرض والسلطان فيها قد نبأه، وجعله رسوال إلى ولده، وأنزل

.عليه إحدى وعشرين صحيفة آتبها آدم عليه السالم بخطه، علمه إياها جبرئيل عليه السالم

حدثني الماضي بن محمد، عن أبي سليمان، عن : حدثنا عمي، قال: بن عبد الرحمن بن وهب، قال وقد حدثنا أحمددخلت المسجد فإذا رسول اهللا صلى اهللا عليه : القاسم بن محمد، عن أبي إدريس الخوالني، عن أبي ذر الغفاري، قال

، فلما " تحيته رآعتان، فقم فارآعهما يا أبا ذر، إن للمسجد تحية وإن : " وسلم جالس وحده، فجلست إليه فقال لي" خير موضوع، استكثر أو استقل : " يا رسول اهللا، إنك أمرتني بالصالة فما الصالة؟ قال: رآعتهما جلست إليه فقلت

: قلت: ، قال" مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا : " يا رسول اهللا، آم األنبياء؟ قال: قلت: ، ثم ذآر قصة طويلة قال فيهاقلت يا رسول : ، يعني آثيرا طيبا، قال" ثالثمائة وثالثة عشر جما غفيرا " ول اهللا، آم المرسل من ذلك؟ قال يا رس

نعم خلقه اهللا بيده، ونفخ فيه من : " قلت يا رسول اهللا، وآدم نبي مرسل؟ قال: ، قال" آدم : " اهللا، من آان أولهم؟ قال " .روحه، ثم سواه قبال

60

حدثني محمد ابن إسحاق، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم بن عبد الرحمن، : حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

" .نعم، آان نبيا، آلمه اهللا قبال : " قلت، يا نبي اهللا، أنبيا آان آدم؟ قال: عن أبي أمامة، عن أبي ذر قالخنزير وحروف المعجم في إحدى وعشرين إنه آان مما أنزل اهللا تعالى على آدم تحريم الميتة والدم ولحم ال: وقيل .ورقة

ذآر والدة حواء شيثا

ولما مضى آلدم صلى اهللا عليه وسلم من عمره مائة وثالثون سنة، وذلك بعد قتل قابيل هابيل بخمس سنين، ولدت له

اه أنه خلف من حواء ابنه شيثا، فذآر أهل التوراة أن شيثا ولد فردا بغير توأم، وتفسير شيث عندهم هبة اهللا ومعن .هابيل

أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن : أخبرنا هشام، قال: حدثني ابن سعد، قال: حدثني الحارث بن محمد، قال

: ولدت حواء آلدم شيئا وأخته عزورا، فسمى هبة اهللا، اشتق له من هابيل، قال لها جبرئيل حين ولدته: عباس، قالية شث، وبالسريانية شاث، وبالعبرانية شيث، وإليه أوصى آدم، وآان آدم يوم ولد هذا هبة اهللا بدل هابيل، وهو بالعرب

.له شيث ابن ثالثين ومائة سنة

دعا -فيما يذآرون واهللا أعلم - لما حضرت آدم الوفاة : حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

لنهار، وأعلمه عبادة الخلق في آل ساعة منهن، فأخبره أن لكل ابنه شيثا فعهد إليه عهده، وعلمه ساعات الليل واوآتب . يا بني إن الطوفان سيكون في األرض يلبث فيها سبع سنين: ساعة صنفا من الخلق فيها عبادته، وقال له

وصى أبيه آدم عليه السالم، وصارت الرياسة من بعد وفاة آدم لشيث، فأنزل اهللا -فيما ذآر -وصيته، فكان شيث .عليه فيما روي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم خمسين صحيفة

حدثنا الماضي بن محمد، عن أبي سليمان، عن القاسم : حدثنا عمي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال

عز وجل؟ يا رسول اهللا، آم آتاب أنزل اهللا: قلت: بن محمد، عن أبي إدريس الخوالني، عن أبي ذر الغفاري، قال " .مائة آتاب وأربعة آتب، أنزل اهللا على شيث خمسين صحيفة : " قال

وإلى شيث أنساب بني آدم آلهم اليوم، وذلك أن نسل سائر ولد آدم غير نسل شيث، انقرضوا وبادوا فلم يبقى منهم

.أحد، فأنساب الناس آلهم اليوم إلى شيث عليه السالم

ولد الجيومرت ابنه ميشى، وتزوج ميشى أخته ميشانه : رت هو آدم، فإنهم قالواوأما الفرس الذين قالوا إن جيوم

فولدت له سيامك بن ميشى، وسيامي ابنة ميشى، فولد لسيامك بن ميشى بن جيومرت أفرواك، وديس، وبراسب، هي وأجوب، وأوراش بنو سيامك، وأفري، ودذي، ويرى وأوراشى بنات سيامك، أمهم جميعا سيامي بنت ميشى، و

.أخت أبيهم

وذآروا أن األرض آلها سبعة أقاليم، فأرض بابل وما يوصل إليه مما يأتيه الناس برا أو بحرا فهو إقليم واحد،

61

وسكانه نسل ولد أفرواك بن سيامك وأعقابهم، وأما األقاليم الستة الباقية التي ال يوصل إليها اليوم برا أو بحرا فنسل .هسائر ولد سيامك،من بنيه وبنات

فولد ألفرواك بن سيامك من أفري بنت سيامك هوشنك بيشداذ الملك، وهو الذي خلف جده جيومرت في الملك، وأول وآان بعضهم يزعم أن أوشهنج هذا، هو . من جمع له ملك األقاليم السبعة، وسنذآر أخباره إن شاء اهللا إذا أنتهينا إليه

.ابن آدم لصلبه من حواء

أول ملك ملك األرض أو شهنق بن عابر بن شالخ بن -بلغنا واهللا أعلم : فيما حدثت عنه قالوأما هشام الكلبي فإنه وإنما آان هذا الملك فيما : والفرس تدعيه وتزعم أنه آان بعد وفاة آدم بمائتي سنة، قال: قال. أرفخشذ بن سام بن نوح

.يعرفوا ما آان قبل نوح بلغنا بعد نوح بمائتي سنة، فصيره أهل فارس بعد آدم بمائتي سنة، ولموهذا الذي قاله هشام قول ال وجه له، ألن هوشهنك الملك في أهل المعرفة بأنساب الفرس أشهر من الحجاج بن

يوسف في أهل اإلسالم، وآل قوم فهم بآبائهم وأنسابهم ومآثرهم أعلم من غيرهم، وإنما يرجع في آل أمر التبس إلى .أهله

أن أوشهنج بيشداذ الملك هذا هو مهالئيل، وأن أباه فرواك هو قينان أبو مهالئيل، وأن وقد زعم بعض نسابة الفرس

.سيامك هو أنوش أبو قينان، وأن ميشى هو شيث أبو أنوش، وأن جيومرت هو آدم صلى اهللا عليه وسلمفي الكتاب األول فإن آان األمر آما قال، فال شك أن أوشهنج آان في زمان آدم رجال، وذلك أن مهالئيل فيما ذآر

آانت والدة أمه دينة ابنة براآيل ابن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم إياه بعد ما مضى من عمر آدم صلى اهللا عليه وسلم ثالثمائة سنة وخمس وتسعون سنة، فقد آان له حين وفاة آدم ستمائة سنة وخمس سنين، على حساب ما روي

.ر آدم أنه آان عمره ألف سنةعن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم في عم

في هذا الملك آالذي قاله النسابةفإن آان األمر . وقد زعمت علماء الفرس أن ملك أوشهنج هذا آان أربعين سنة

.إن ملكه آان بعد وفاة آدم صلى اهللا عليه وسلم بمائتي سنة: الذي ذآرت عنه ما ذآرت فلم يبعد من قال

ذآر وفاة آدم عليه السالم

.في مدة عمره، وابن آم آان يوم قبضه اهللا عز وجل إليه اختلف

حدثنا آدم بن : فأما األخبار عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فإنها واردة بماحدثني محمد بن خلف العسقالني، قال

ة عن حدثني محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هرير: حدثنا أبو خالد سليمان بن حيان، قال: أبي إياس، قالوحدثني األعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى اهللا عليه : البني صلى اهللا عليه وسلم قال أبو خالد

قال أبو . وحدثني داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي هريرة عن النبي صلى اهللا عليه وسلم: قال أبو خالد. وسلما سعيد المقبري ويزيد بن هرمز، عن أبي هريرة، عن النبي صلى حدثن: وحدثني ابن أبي ذباب الدوسي، قال: خالد

: خلق اهللا آدم بيده ونفخ فيه من روحه، وأمر المالئكة فسجدوا له، فجلس فعطس فقال: " أنه قال -اهللا عليه وسلم السالم : فقال لهمالسالم عليكم، فأتاهم : يرحمك ربك، إيت أولئك المأل من المالئكة فقل لهم: الحمد اهللا، فقال له ربه

هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم، ثم قبض له يديه، : وعليك السالم ورحمة اهللا ثم رجع إلى ربه فقال له: عليكم قالوا لهاخترت يمين ربي وآلتا يديه يمين، ففتحها له، فإذا فيها صورة آدم وذريته آلهم، فإذا آل : خذ واختر، قال: فقال له

يا رب من هؤالء الذين : ذا آدم قد آتب له عمر ألف سنة، وإذا قوم عليهم النور، فقالرجل مكتوب عنده أجله، وإهؤالء األنبياء والرسل الذين أرسل إلى عبادي، وإذ فيهم رجل هو أضوءهم نورا، ولم يكتب له : عليهم النور، فقال

: له من العمر إال أربعون سنة؟ فقاليا رب ما بال هذا، من أضوئهم نورا ولم يكتب : من العمر إال أربعون سنة، فقالفقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فلما أسكنه اهللا " . يا رب، أنقص له من عمري ستين سنة : ذاك ما آتب له، فقال

: فقال! عجلت علي يا ملك الموت: الجنة ثم أهبط إلى األرض آان يعد أيامه، فلما أتاه ملك الموت ليقبضه قال له آدمما بقي من عمرك شيء، قد سألت ربك أن يكتبه : قد بقي من عمري ستون سنة، فقال له ملك الموت: فقال ما فعلت،

62

فنسي آدم، فنسيت ذريته، وجحد آدم فجحدت : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: فقال" . ما فعلت : البنك داود، فقال " .ذريته، فيومئذ وضع اهللا الكتاب،وأمر بالشهود

حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن : حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: نان، قالحدثني ابن سإن أول من جحد آدم عليه : " لما نزلت آية الدين قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: مهران، عن ابن عباس، قال

ا هو ذار إلى يوم القيامة، فجعل السالم ثالث مرات، وإن اهللا تبارك وتعالى لما خلقه مسح ظهره فأخرج منه مأي رب، آم : هذا ابنك داود، قال: أي رب، أي نبي هذا؟ قال: يعرضهم على آدم، فرأى فيهم رجال يزهر، فقال

ال، إال أن تزيده أنت من عمرك، وآان عمر آدم آلف : أي رب، زده في عمره، قال: ستون سنة، قال: عمره؟ قالما، فكتب اهللا عليه بذلك آتابا وأشهد عليه المالئكة، فلما احتضر آدم أتته المالئكة سنة، فوهب له من عمره أربعين عا

ما فعلت وال وهبت له : إنك قد وهبتها ألبنك داود، قال:إنه قد بقي من عمري أبعون سنة، قالوا: لتقبض روحه، قال " .نة، وأآمل لداود مائة سنة شيئا، فأنزل اهللا عليه الكتاب وأقام عليه المالئكة شهودا، فأآمل آلدم ألف س

حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله عز : حدثني عمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن سعد، قال

إن اهللا عز : ، قال ابن عباس" قالوا بلى شهدنا : " إلى قوله" وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم : " وجله، وأخرج ذريته آلهم آهيئة الذر، فأنطقهم فتكلموا، وأشهدهم على أنفسهم، وجعل مع وجل لما خلق آدم مسح ظهر. أني أنا ربهم لئال يشرآوا بي شيئا، وعلى رزقهم: هؤالء ذريتك أخذ عليهم الميثاق: بعضهم النور، وأنه قال آلدم

آم آتبت :ستين سنة، قال: آلجل؟ قاليا رب، آم آتبت له من ا: هو داود، قال: فمن هذا الذي معه النور؟ قال: قال آدمهذا الكتاب موضوع : يا رب زده، قال: آم يعمر، وآم يلبث، قال: ألف سنة، وقد آتبت لكل إنسان منهم: لي؟ قال

نعم، وقد جف القلم عن سائر بني آدم، فكتب له من أجل آدم أربعين سنة فصار : فأعطه إن شئت من عمرك، قالقد استوفيت : مالك؟ قال له: عمائة سنة وستين سنة جاءه ملك الموت، فلما آن رآه آدم قالأجله مائة سنة، فلما عمر تس

قد : إنما عمرت تسعمائة سنة وستين سنة، وبقي لي أربعون سنة، فلما قال ذلك للملك، قال الملك: أجلك، قال له آدميا رب رجعت إليك لما آنت : ؟ قالمالك: فارجع إلى ربك فسله، فرجع الملك إلى ربه فقال:أخبرني بها ربي، قال

.أرجع فأخبره، أنه قد أعطى ابنه داود أربعين سنة: أعلم من تكرمتك إياه، قال اهللا عز وجل

وإذا : " حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه اآلية: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا بن بشار، قال

أخرجهم من ظهر آدم، وجعل : ، قال" هم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهو داود، وقد : فعرضوا على آدم، فرأى رجال من ذريته له نور، فأعجبه فسأله عنه فقال: آلدم عمر ألف سنة، قال

ألربعين جعل عمره ستين سنة فجعل له من عمره أربعين سنة فلما احتضر أدم عليه السالم جعل يخاصمهم في ا .فجعل يخاصمهم: إنك قد أعطيتها داود قال: السنة، فقيل له

وإذا أخذ ربك من بني آدم من : " حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، في قوله عز وجل: حدثنا ابن حميد، قال

هم أخرج ذريته من ظهره في صورة آهيئة الذر، فعرضهم على آدم بأسمائهم وأسماء آبائ: قال" ظهورهم ذريتهم آم : هذا من ذريتك، نبي خلقته، قال: من هذا؟ قال: فعرض عليه روح داود في نور ساطع، فقال: وآجالهم، قالواألقالم رطبة تجري، وأثبتت لداود عليه السالم : زيدوه من عمري أربعين سنة، قال: ستون سنة، قال: عمره؟ قال

يا آدم أمرت أن : ربعين سنة بعث إليه ملك الموت قالاألربعون، وآان عمر آدم ألف سنة، فلما استكملها إال األإن آدم يدعي من : فرجع ملك الموت إلى ربه عز وجل فقال: ألم يبقى من عمري أربعون سنة؟ قال: أقبضك، قال

.واألقالم رطبة، وأثبتت لداود األربعون. أخبر آدم أنه جعلها البنه داود: عمره أربعين سنة، قال

.ل حدثنا أبو داود، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، بنحوهحدثنا ابن وآيع، قا

وذآر أن آدم عليه السالم مرض قبل موته أحد عشر يوما، وأوصى إلى ابنه شيث عليه السالم وآتب وصيته، ثم دفع آتاب وصيته إلى شيث، وأمره أن يخفيه من قابيل وولده، ألن قابيل قد آان قتل هابيل حسدا منه حين خصه آدم

.علم، فاستخفى شيث وولده بما عندهم من العلم، ولم يكن عند قابيل وولد ه علم ينتفعون بهبال

63

.ويزعم أهل التوراة أن عمر آدم عليه السالم آله آان تسعمائة سنة وثالثين سنة

أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن: أخبرني هشام ابن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: وحدثنا الحارث قال

.آان عمر آدم تسعمائة سنة وستا وثالثين سنة، واهللا أعلم: عباس، قال

واألخبار الواردة عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم والعلماء من سلفنا ما قد ذآرت، ورسول اهللا صلى اهللا عليه

.وسلم آان أعلم الخلق بذلكه بعد ما جعل ألبنه داود من ذلك ما جعل له، أآمل آان عمره ألف سنة، وأن: وقد ذآرت األخبار الواردة عنه أنه قال

اهللا له عدة ما آان أعطاه من العمر قبل أن يهب لداود ما وهب له من ذلك، ولعل ما آان جعل من ذلك آدم عليه .آان عمره تسعمائة وثالثين سنة: السالم لداود عليه السالم لم يحسب من عمر آدم في التوراة، فقيل

إن األمر وإن آان آذلك، فإن آدم إنما آان جعل ألبنه داود من عمره أربعين سنة، فكان ينبغي أن ف: فإن قال قائل

.يكون في التوراة تسعمائة سنة وستون، ليوافق ذلك ما جاءت به األخبار عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمآدم ألبنه داود من عمره ستون سنة، قد روينا عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم في ذلك أن الذي آان جعل : قيل

وذلك في رواية ألبي هريرة عنه، وقد ذآرناها قبل، فإن يكن ذلك آذلك، فالذي زعموا أنه في التوراة من الخبر عن .مدة حياة آدم عليه السالم موافق لما روينا عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم في ذلك

لما آتب آدم الوصية مات صلوات اهللا عليه، واجتمعت : بن إسحاق، أنه قالحدثنا سلمة، عن ا: حدثنا ابن حميد، قال

عليه المالئكة من أجل أنه آان صفى الرحمن، فقبرته المالئكة، وشيث وإخوته في مشارق الفردوس، عند قرية هي ئكة وجمع أول قرية آانت في األرض، وآسفت عليه الشمس والقمر سبعة أيام ولياليهن، فلما اجتمعت عليه المال

.الوصية، جعلها في معراج، ومعها القرن الذي أخرج أبونا آدم من الفردوس، لكيال يغفل عن ذآر اهللا عز وجلبلغني أن آدم : سمعته يقول: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، قال: حدثنا ابن حميد، قال

.طه من الجنة، ثم وليت المالئكة قبره ودفنه حتى غيبوهعليه السالم حين مات بعث اهللا إليه بكفنه وحنو

حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن الحسن، عن النبي : حدثنا روح بن أسلم، قال: حدثنا علي بن حرب، قال " .ولده لما توفي آدم غسلته المالئكة بالماء وترا، وألحدوا له، وقالت هذه سنة آدم في : " صلى اهللا عليه وسلم قال

حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن ابن ذآوان، عن الحسن بن أبي الحسن، عن أبي ابن : حدثنا ابن حميد، قالإن أباآم آدم آان طواال آالنخلة السحوق، ستين ذراعا، آثير : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: آعب، قال

دت له سوءته فخرج هاربا من الجنة فتلقاه شجرة، فأخذت الشعر، مواري العورة، وأنه لما أصاب الخطيئة بال واهللا يا رب ولكن حياء منك مما قد جنيت، فأهبطه اهللا إلى األرض، : قال! أفرارا مني يا آدم: بناصيته، وناداه ربه

: إليه، فقالفلما حضرته الوفاة بعث اهللا إليه بحنوطه وآفنه من الجنة، فلما رأت حواء المالئكة ذهبت لتدخل دونهم فلما قبض غسلوه . خلي عني وعن رسل ربي، فإني ما لقيت ما لقيت إال منك، وال أصابني ما أصابني إال فيك

.هذه سنة ولد آدم من بعده: بالسدر والماء وترا، وآفنوه في وتر من الثياب، ثم لحدوا له فدفنوه، ثم قالوا

وزعم قتادة عن صاحب له حدث عن أبي - : قال أبي: يمان، قالحدثنا المعتمر بن سل: حدثني أحمد بن المقدام، قال

" .آان آدم رجال طواال آأنه نخلة سحوق : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: بن آعب قال

أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن : أخبرني هشام بن محمد قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثنا الحارث بن محمد، قال

تقدم أنت فصل : صل على آدم، قال: لما مات آدم عليه السالم قال شيث لجبرئيل صلى اهللا عليهما: ابن عباس قال

64

على أبيك، وآبر عليه ثالثين تكبيرة، فأما خمس فهي الصالة، وأما خمس وعشرون فتفضيال آلدم صلى اهللا عليه .وسلم

دفن بمكة في : ذآره، وأما غيره فإنه قال وقد اختلف في موضع قبر آدم عليه السالم، فقال ابن إسحاق ما قد مضى

.غار أبي قبيس، وهو غار يقال له غار الكنز

أخبرنا أبي، عن : حدثنا هشام قال: حدثنا ابن سعد، قال: وروي عن ابن عباس في ذلك، ما حدثني به الحارث، قالالمقدس وآانت وفاته يوم لما خرج نوح من السفينة دفن آدم عليه السالم ببيت : أبي صالح، عن ابن عباس قال

.الجمعة، وقد مضى ذآرنا الرواية بذلك، فكرهنا إعادته

أخبرني : أخبرني هشام بن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: وروي عن ابن عباس في ذلك ما حدثني الحارث، قال

ي الجبل الذي أهبط قال أبو جعفر يعن -مات آدم عليه السالم على بوذ : أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قالوذآر أن حواء عاشت بعده سنة ثم ماتت رحمهما اهللا، فدفنت مع زوجها في الغار الذي ذآرت، وأنهما لم -عليه

يزاال مدفونين في ذلك المكان، حتى آان الطوفان، فاستخرجهما نوح، وجعلهما في تابوت، ثم حملهما معه في فيما - مكانهما الذي آانا فيه قبل الطوفان، وآانت حواء قد عزلت السفينة، فلما غاضت األرض الماء ردهما إلى

.ونسجت وعجنت وخبزت، وعملت أعمال النساء آلها - ذآر

إذا آنا قد أتينا من ذآر آدم وعدوه إبليس -ونرجع اآلن إلى قصة قابيل وخبره وأخبار ولده وأخبار شيث وخبر ولده

تجبر وتعظم وطغى على ربه عز وجل فأشر وبطر نعمته التي أنعمها اهللا وذآر أخبارهما، وما صنع اهللا بإبليس إذ عليه، وتمادى في جهله وغيه، وسأل ربه النظرة، فأنظره إلى يوم الوقت المعلوم، وما صنع اهللا بآدم صلوات اهللا

ب إليه من زلته عليه إذ خطئ ونسي عهد اهللا من تعجيل عقوبته له في خطيئته، ثم تغمده إياه بفضله ورحمته، إذ تاحتى تأتي على ذآر من سلك سبيل آل واحد منهما، ثم تابع آدم عليه - فتاب عليه وهداه، وأنقذه من الضاللة والردى

السالم على منهاجه وشيعة إبليس والمقتدين به في ضاللته، إن شاء اهللا، وما آان من صنع اهللا تبارك وتعالى بكل .فريق منهم

فقد ذآرنا بعض أمره، وأنه آان وصي أبيه آدم عليه السالم في مخلفيه بعد مضيه لسبيله، وما فأما شيث عليه السالم

.أنزل اهللا عليه من الصحف

إنه لم يزل مقيما بمكة بحج ويعتمر إلى أن مات، وأنه آان جمع ما أنزل اهللا عز وجل عليه من الصحف إلى : وقيل

.أنه بنى الكعبة بالحجارة والطينصحف أبيه آدم عليه السالم، وعمل بما فيها، ولم تزل القبة التي جعل اهللا آلدم في مكان البيت إلى أيام الطوفان، وإنما رفعها اهللا : وأما السلف من علمائنا فإنهم قالوا

إن شيثا لما مرض أوصى ابنه أنوش ومات، فدفن مع أبويه في غار أبي : وقيل. عز وجل حين أرسل الطوفانوآانت وفاته وقد أتت له . ه لمضي مائتي سنة وخمس وثالثين سنة، من عمر آدم عليه السالمقبيس، وآان مولد

تسعمائة سنة واثنتا عشرة سنة وولد لشيث أنوش، بعد أن مضى من عمره ستمائة سنة وخمس سنين، فيما يزعم أهل .التوراة

نكح شيث بن آدم أخته حزورة ابنة : الفضل، عنهحدثنا سلمة بن : وأما ابن إسحاق، فإنه قال فيما حدثنا ابن حميد، قال

آدم، فولدت له يانش بن شيث، ونعمة ابنة شيث، وشيث يومئذ ابن مائة سنة وخمس سنين، فعاش بعد ما ولد له يانش .ثمانمائة سنة وسبع سنين

65

- شيث، ولم يزل وقام أنوش بعد مضي أبيه شيث لسبيله بسياسة الملك، وتدبير من تحت يديه من رعيته مقام أبيه

-فيما ذآر أهل التوراة - وآان جميع عمر أنوش . على منهاج أبيه، ال يوقف منه على تغيير وال تبديل -فيما ذآر .تسعمائة سنة وخمس سنين

: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: حدثني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قالنفرا آثيرا، وإليه أوصى شيث، ثم ولد ألنوش بن شيث بن آدم ابنه قينان من أخته نعمة ابنة شيث ولد شيث أنوش و

.بعد مضي تسعين سنة من عمر أنوش، ومن عمر آدم ثلثمائة سنة وخمس وعشرين سنة

ه نعمة ابنة نكح يانش بن شيث أخت: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: وأما ابن إسحاق فإنه قال فيما حدثنا ابن حميد، قال

شيث، فولدت له قينان، ويانش يومئذ ابن تسعين سنة، فعاش يانش بعدما ولد له قينان ثمانمائة سنة وخمس عشرة وهو ابن -ثم نكح قينان بن يانش . سنة، وولد له بنون وبنات، فكان آل ما عاش يانش تسعمائة سنة وخمس سنين

بن قين بن آدم، فولدت له مهالئيل بن قينان، فعاش قينان بعد ما دينة ابنه براآيل بن محويل بن خنوح - سبعين سنة .ولد له مهالئيل ثمانمائة سنة وأربعين سنة، فكان آل ما عاش قينان تسعمائة سنة وعشر سنين

: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أخبرني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قالوهو - قينان، ونفرا آثيرا، وإليه الوصية، فولد قينان مهالئيل ونفرا معه، وإليه الوصية، فولد مهالئيل نرد ولد أنوش

ونفرا معه، وإليه الوصية، فولد يرد أخنوخ وهو إدريس النبي صلى اهللا عليه وسلم ونفرا معه، فولد أخنوخ -اليارد .فرا معه وإليه الوصيةمتوشلخ ونفرا معه وإليه الوصية، فولد متوشلخ لمك ون

وأما التوراة فما ذآر أهل الكتاب أنه فيها أن مولد مهالئيل بعد أن مضت من عمر آدم ثالثمائة سنة وخمس وتسعون

.سنة، ومن عمر قينان سبعون سنة

-حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق : وهو ابن خمس وستين سنة وفيما حدثنا ابن حميد، قال - ونكح مهالئيل بن قينان

خالته سمعن ابنة براآيل ابن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم، فولدت له يرد بن مهالئيل، فعاش مهالئيل بعد ما ولد له يرد ثمانمائة سنة وثالثين سنة، فولد له بنون وبنات، فكان آل ما عاش مهالئيل ثمانمائة سنة وخمسا وتسعين

.سنة، ثم مات

يرد ولد لمهالئيل بعد ما مضي من عمر آ دم أربعمائة سنة وستون سنة، وأنه آان وأما التوراة فإنه ذآر أن فيها أن

.على منهاج أبيه قينان، غير أن األحداث بدت في زمانه

ذآر األحداث التي آانت في أيام بني آدم من لدن ملك شيث بن آدم إلى أيام يرد

إن هابيل إنما قبل قربانه وأآلته : تاه إبليس، فقال لهذآر أن قابيل لما قتل هابيل، وهرب من أبيه آدم إلى اليمن، أ

فبنى بيت نار، فهو أول من نصب . النار، ألنه آان يخدم النار ويعبدها، فانصب أنت أيضا نارا تكون لك ولعقبك .النار وعبدها

66

: له رجال وامرأةإن قينا نكح أخته أشوث بن آدم، فولدت : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

عيرد بن : خنوخ بن قين، وعذب بنت قين، فنكح خنوخ بن قين أخته عذب بنت قين، فولدت له ثالثة نفر وامرأةخنوخ ومحويل بن خنوخ وأنوشيل بن خنوخ، وموليث بنت خنوخ، فنكح أنوشيل بن خنوخ موليث ابنة خنوخ، فولدت

إحداهما عدي واسم اآلخر صلى، فولدت له عدي تولين بن اسم: ألنوشيل رجال اسمه المك، فنكح المك امرأتينالمك، فكان أول من سكن القباب، واقتنى المال، وتوبيش، وآان أول من ضرب بالونج والنج، وولدت رجال اسمه توبلقين، فكان أول من عمل النحاس والحديد، وآان أوالدهم جبابرة وفراعنة، وآانوا قد أعطوا بسطة في الخلق،

ثم انقرض ولد قين، ولم يترآوا عقبا إال قليال، وذرية آدم آلهم : قال. رجل فيما يزعمون يكون ثالثين ذراعاآان الجهلت أنسابهم وانقطع نسلهم، إال ما آان من شيث بن آدم فمنه آان النسل، وأنساب الناس اليوم آلهم إليه دون أبيه

.لم يترك عقباآدم، فهو أبو البشر، إال ما آان من أبيه وإخوته ممن

بل نكح قين أشوث، فولدت له خنوخ، فولد لخنوخ عيرد، فولد عيرد محويل، فولد محويل : ويقول أهل التوراة: قال

.أنوشيل، فولد أنوشيل، المك، فنكح المك عدي وصلى، فولدتا له من سميت، واهللا أعلم .فلم يذآر ابن إسحاق من أمر قابيل وعقبه إال ما حكيت

من أهل العلم بالتوراة فإنه ذآر أن الذي اتخذ المالهي من ولد قابين رجل يقال له توبال، اتخذ في زمان وأما غيره

مهالئيل بن قينان آالت اللهو من المزامير والطبول والعيدان والطنابير والمعازف، فانهمك ولد قاين في اللهو، بالنزول إليهم، وبمخالفة ما أوصاهم به آباؤهم، وتناهى خبرهم إلى من بالجبل من نسل شيث، فهو منهم مائة رجل

وبلغ ذلك يارد، فوعظهم ونهاهم، فأبوا إال تماديا، ونزلوا إلى ولد قاين، فأعجبوا بما رأوا منهم، فلما أرادوا الرجوع حيل بينهم وبين ذلك لدعوة سبقت من آبائهم، فلما أبطئوا بمواضعهم، ظن من آان في نفسه زيغ ممن آان بالجبل

أنهم أقاموا اعتباطا، فتساللوا ينزلون عن الجبل، ورأوا اللهو فأعجبهم، ووافقوا نساء من ولد قايين متسرعات إليهم، .وصرن معهم، وانهمكوا في الطغيان، وفشت الفاحشة وشرب الخمر

نبينا صلى اهللا وهذا القول غير بعيد من الحق، وذلك أن قول قد روي عن جماعة من سلف علماء أمة : قال أبو جعفر

عليه وسلم نحو منه، وإن لم يكونوا بينوا زمان من حدث ذلك في ملكه، سوى ذآرهم أن ذلك آان فيما بين آدم ونوح .صلى اهللا عليهما وسلم

:ذآر من روي ذلك عنه

ثنا علباء بن حد: قال -يعني ابن أبي الفرات -حدثنا داود : حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال " .وال تبرجن تبرج الجاهلية األولى : " أحمر، ابن عكرمة عن ابن عباس، أنه تال هذه اآلية

آانت فيما بين نوح وإدريس، وآانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم، آان أحدهما يسكن السهل، واآلخر : قالء السهل صباحا وفي الرجال دمامة، وإن يسكن الجبل، وآان رجال الجبل صباحا وفي النساء دمامة، وآان نسا

إبليس أتى رجال من أهل السهل في صورة غالم فآجر نفسه منه، وآان يخدمه، واتخذ إبليس لعنه اهللا شيئا مثل الذي يزمر فيه الرعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حولهم، فانتابوهم يسمعون إليه، واتخذوا عيدا

وإن رجال من أهل الجبل هجم عليهم وهم . وينزل الرجال لهن: يه في السنة، فتتبرج النساء للرجال، قاليجتمعون إلفي عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن، فنزلوا عليهن، فظهرت

" .لى وال تبرجن تبرج الجاهلية األو: " الفاحشة فيهن، فهو قول اهللا عز وجل

آان : ، قال" وال تبرجن تبرج الجاهلية األولى : " حدثنا ابن أبي غنيمة، عن أبيه، عن الحكم: حدثنا ابن وآيع، قال

67

بين آدم ونوح ثمانمائة سنة،وآان نساؤهم أقبح ما يكون من النساء،ورجالهم حسان، فكانت المرأة تريد الرجل على " .برج الجاهلية األولى وال تبرجن ت: " نفسها، فأنزلت هذه اآلية

لم : أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أخبرني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

.يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا ببوذبنو شيث آدم في مغارة، ورأى آدم فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد، فأوصى أال يناآح بنو شيث بني قابيل، فجعل

وجعلوا عليه حافظا، ال يقربه أحد من بني قابيل، وآان الذين يأتونه ويستغفر لهم من بني شيث، فقال مائة من بين يعنون بني قابيل، فهبطت المائة إلى نساء صباح من بني قابيل، ! لو نظرنا إلى ما فعل بنو عمنا: شيث صباح

فهبطوا من الجبل إليهم، ! لو نظرنا ما فعل إخوتنا: ا ما شاء اهللا، ثم قال مائة آخرونفاحتبس النساء والرجال، ثم مكثوفاحتبسهم النساء، ثم هبط بنو شيث آلهم، فجاءت المعصية، وتناآحوا واختلطوا، وآثر بنو قابيل ملئوا األرض، وهم

.الذين غرقوا أيام نوح

قينان، وأنه هو أوشهنج الذي ملك األقاليم السبعة، وبينت قول وأنا نسابو الفرس فقد ذآرت ما قالوا في مهالئيل بن

.من خالفهم في ذلك من نسابي العربفإن آان األمر فيه آالذي قاله نسابو الفرس، فإني حدثت عن هشام ابن محمد بن السائب، أنه هو أول من قطع

ل زمانه باتخاذ المساجد، وبين مدينتين الشجر، وبنى البناء، وأول من استخرج المعادن وفطن الناس لها، وأمر أهوآان ملكه . آانتا أول ما بني على ظهر األرض من المدائن، وهما مدينة بابل التي بسواد الكوفة، ومدينة السوس

.أربعين سنة

هو أول من استنبط الحديد في ملكه، فاتخذ منه األدوات للصناعات، وقدر المياه في مواضع : وأما غيره فإنه قال

منافع، وحض الناس على الحراثة والزراعة والحصاد واعتمال األعمال، وأمر بقتل السباع الضارية، واتخاذ الالمالبس من جلودهم والمفارش، وبذبح البقر والغنم والوحش واألآل من لحومها، وأن ملكه آان أربعين سنة، وأنه

.التي آان يسكنها بدنباوند من طبرستانقالوا وهي أول مدينة بنيت بعد مدينة جيومرت . بنى مدينة الريإن أوشهنج هذا ولد ملكا، وآان فاضال محمودا في سيرته وسياسة رعيته، وذآروا أنه أول من وضع : وقالت الفرس

األحكام والحدود، وآان ملقيا بذلك، يدعي فيشداذ ومعناه بالفارسية أول من حكم بالعدل، وذلك أن فاش معنا أول، اء، وذآروا أنه نزل الهند، وتنقل في البالد، فلما استقام أمره واستوثق له الملك عن جده وأن داذ عدل وقض

وذآروا أنه قهر إبليس وجنوده، ومنعهم االختالط بالناس، . جيومرت، وإنه عذاب ونقمة على مردة اإلنس والشياطينن اإلنس، وتوعدهم على ذلك، وقتل وآتب عليهم آتابا في طرس أبيض أخذ عليهم فيه المواثيق أال يعرضوا ألحد م

مردتهم وجماعة من الغيالن، فهربوا من خوفه إلى المفاوز والجبال واألودية، وأنه ملك األقاليم آلها، وأنه آان بين .موت جيومرت إلى مولد أوشهنج وملكه مائتا سنة وثالث وعشرون سنة

وا بموته مساآن بني آدم، ونزلوا إليهم من الجبال وذآروا أن إبليس وجنوده فرحوا بموت أوشهنج، وذلك أنهم دخل

.واألودية

وفولد يرد لمهالئيل من خالته سمعن ابنة بارآيل بن محويل - وبعضهم يقول هو يارد - ونرجع اآلن إلى ذآر يرد ئيل بن خنوخ بن قين، بعد ما مضي من عمر آدم أربعمائة وستون سنة، فكان وصى أبيه وخليفته فيما آان والد مهال

فيما - أوصى إلى مهالئيل، واستخلفه عليه بعد وفاته، وآانت والدة أمه إياه بعد ما مضى من عمر أبيه مهالئيل .خمس وستون سنة، فقام من بعد مهلك أبيه من وصية أجداده وآبائه بما آانوا يقومون به أيام حياتهم -ذآروا

برآنا -، عن ابن إسحاق، وهو ابن مائة سنة واثنتين وستين سنة حدثنا سلمة: فيما حدثنا ابن حميد، قال -ثم نكج يرد

وأخنوخ إدريس النبي، وآان أول بني - فولدت له أخنوخ بن يرد . ابنة الدرمسيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم

68

وولد له بنون وخط بالقلم، فعاش يرد بعد ما ولد له أخنوخ ثمانمائة سنة، - فيما زعم ابن إسحاق - آدم أعطي النبوة .وبنات، فكان آل ما عاش يرد تسعمائة سنة واثنتين وستين سنة ثم مات

فنبأه اهللا عز وجل، وقد مضى من عمر آدم ستمائة سنة -وهو إدريس - ولد ليرد أخنوخ : وقال غيره من أهل التوراة

سبيل اهللا، وقطع الثياب وهو أول من خط بعد آدم وجاهد في.واثنتان وعشرون سنة، وأنزل عليه ثالثون صحيفةوخاطها، وأول من سبى من ولد قابيل، فاسترق منهم، وآان وصي والده يرد فيما آان آباؤه أوصوا به إليه، وفيما

.أوصى به بعضهم بعضا، وذلك آله من فعله في حياة آدم

مة تسعمائة وثالثين سنة وتوفي آدم عليه السالم بعد أن مضى من عمر أخنوخ ثالثمائة سنة وثماني سنين، تت: قال

ودعا أخنوخ قومه ووعظهم، وأمرهم بطاعة اهللا عز وجل ومعصية الشيطان، وأال : قال. التي ذآرنا أنها عمر آدم .يالبسوا ولد قابيل، فلم يقبلوا منه، وآانت العصابة بعد العصابة من ولد شيث تنزل إلى ولد قايين

ع إدريس بعد ثالثمائة سنة وخمس وستين سنة مضت من عمره، وبعد إن اهللا تبارك وتعالى رف: وفي التوراة: قالخمسمائة سنة وسبع وعشرين سنة مضت من عمر أبيه، فعاش أبوه بعد ارتفاعه أربعمائة وخمسا وثالثين سنة تمام تسعمائة واثنتين وستين سنة، وآان عمر يارد تسعمائة واثنتين وستين سنة، وولد أخنوخ وقد مضت من عمر يارد

.مائة واثنتان وستون سنة

: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أخبرني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

.في زمان يرد عملت األصنام، ورجع من رجع عن اإلسالم

عن أبي سليمان، عن حدثني الماضي بن محمد، : حدثني عمي، قال: وقد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال

يا : " قال لي رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: القاسم بن محمد، عن أبي إدريس الخوالني، عن أبي ذر الغفاري، قالأدم، وشيث، ونوح، وأخنوخ، وهو أول من خط بالقلم، وأنزل اهللا : سريانيون -يعني من الرسل - ، أربعة " أبا ذر

. "تعالى على أخنوخ ثالثين صحيفة

وقد زعم بعضهم أن اهللا بعث إدريس إلى جميع أهل األرض في زمانه، وجمع له علم الماضين، وأن اهللا عز وجل

" إن هذا لفي الصحف األولى صحف إبراهيم وموسى : " فذلك قول اهللا عز وجل: زاده مع ذلك ثالثين صحيفة، وقال.

.م هبة اهللا وإدريس عليهما السالميعني بالصحف األولى الصحف التي أنزلت على ابن آد: وقال

ملك بيوراسب في عهد إدريس، وقد آان وقع إليه آالم من آالم آدم صلوات اهللا عليه، فاتخذه، في : وقال بعضهم

ذلك الزمان سحرا، وآان بيوراسب يعمل به، وآان إذا أراد شيئا من جميع مملكته أو أعجبته دابة أو امرأة نفخ .وآان يجيء إليه آل شيء يريده، فمن ثم تنفخ اليهود في الشبورات بقصبة آانت له من ذهب، .ملك بعد موت أو شهنج طهمورث بن ويونجهان ابن خبانداذ بن خيايذار بن أوشهنج: وأما الفرس فإنهم قالوا

هو : وقال بعض نسابة الفرس. وقد اختلف في نسب طهمورث إلى أوشهنج، فنسبه بعضهم النسبة التي ذآرت .بن أيونكهان بن أنكهد ابن أسكهد بن أوشهنج طهمورث

واهللا أعلم -وبلغنا : ذآر أهل العلم أن أول ملوك بابل طهمورث، قال: فيما حدثت عنه - وقال هشام بن محمد الكلبي

.أن اهللا أعطاه من القوة ما خضع له إبليس وشياطينه، وأنه آان مطيعا هللا، وآان ملكه أربعين سنة -

69

نحن دافعون بعون اهللا : نها تزعم أن طهمورث ملك األقاليم آلها، وعقد على رأسه تاجا، وقال يوم ملكوأما الفرس فإ .عن خليقته المردة الفسدة

وآان محمودا في ملكه، حدبا على رعيته، وأنه ابتنى سابور من فارس ونزلها، وتنقل في البلدان، وأنه وثب بإبليس وأقاصيها، وأفزعه ومردة أصحابه حتى تطايروا وتفرقوا عليه، وأنه أول حتى رآبه، فطاف عليه في أداني األرض

من اتخذ الصوف والشعر للباس والفرش، وأول من اتخذ زينة الملوك من الخيل والبغال والحمير، وأمر باتخاذ ل سنة الكالب لحفظ المواشي وحراستها من السباع والجوارح للصيد، وآتب بالفارسية، وأن بيوراسب ظهر في أو

.من ملكه، ودعا إلى ملة الصابئين

ثم رجعنا إلى ذآر أخنوخ

.وهو إدريس عليه السالم

ابنة باويل -أدانة : ويقال -أخنوخ بن يرد هدانة : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: فيما حدثنا به ابن حميد، قال -ثم نكح

دت له متوشلخ بن أخنوخ، فعاش بعد ما ولد له ابن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم، وهو ابن خمس وستين سنة، فول .وولد له بنون وبنات، فكان آل ما عاش أخنوخ ثالثمائة سنة وخمسا وستين سنة ثم مات. متوشلخ ثالثمائة سنة

ولد ألخنوخ بعد ستمائة سنة وسبع سنين وثمانين سنة خلت : وأما غيره من أهل التوراة فإنه قال فيما ذآر عن التوراةدم متوشلخ، فاستخلفه أخنوخ على أمر اهللا، وأوصاه ببيته قبل أن يرفع، وأعلمهم أن اهللا عز وجل سيعذب من عمر آ

ولد قابين ومن خالطهم ومال إليهم ونهاهم عن مخالطتهم، وذآر أنه آان أول من رآب الخيل، ألنه اقتفى رسم أبيه آان عمر أخنوخ إلى أن رفع ثالثمائة سنة وخمسا و. في الجهاد، وسلك في أيامه في العلم بطاعة اهللا طريق آبائه

.وولد له متوشلخ بعد ما مضي من عمره خمس وستون سنة. وستين سنة

متوشلخ بن أخنوخ عربا ابنة عزرائيل بن أنوشيل - حدثنا سلمة عن ابن إسحاق : فيما حدثني ابن حميد، قال -ثم نكح

فولدت له لمك بن متوشلخ، فعاش بعدما ولد له لمك . ثالثين سنةبن خنوخ بن قين بن آدم، وهو ابن مائة سنة وسبع وثم مات ونكح لمك بن . سبعمائة سنة، فولد له بنون وبنات، وآان آل ما عاش متوشلخ تسعمائة سنة وتسع عشرة سنة

.متوشلخ بن أخنوخ بتنوس ابنة براآيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم عليه السالم

سبع وثمانين سنة فولدت له نوحا النبي صلى اهللا عليه وسلم فعاش لمك بعدما ولد نوح خمسمائة وهو ابن مائة سنة و

سنة وخمسا وتسعين سنة، وولد له بنون وبنات، فكان آل ما عاش سبعمائة سنة وثمانين سنة، ثم مات، ونكح نوح سام، وحام، : ئة سنة، فولدت له بنيهابن لمك عمذرة ابنة براآيل بن محويل بن خنوخ بن قيم بن آدم، وهو ابن خمسما

.ويافث، بني نوح

ولد لمتوشلخ بعد ثمانمائة سنة وأربع وسبعين سنة من عمر آدم لمك، فأقام على ما آان عليه : وقال أهل التوراة

فلما حضرت متوشلخ الوفاة استخلف لمك على أمره، وأوصاه بمثل ما آان : قالوا. من طاعة اهللا وحفظ عهوده: أباؤهوآان لمك يعظ قومه، وينهاهم عن النزول إلى ولد قايين فال يتعظون، حتى نزل جميع من : قالوا. آباؤه يوصون به

.آان في الجبل إلى ولد قايين

وآان عمر - إن الصابئين به سموا صابئين : وقيل - إنه آان لمتوشلخ ابن آخر غير لمك، يقال له صابئ : وقيل

ثم ولد لمك . آان مولد لمك بعد أن مضى من عمر متوشلخ مائة وسبع وثمانون سنةمتوشلخ تسعمائة وستين سنة، ونوحا بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة، وذلك أللف سنة وست وخمسين سنة مضت من يوم أهبط اهللا عز

70

لموضع غيرنا، فال قد علمت أنه لم يبق في هذا ا: وجل آدم إلى مولد نوح عليه السالم، فلما أدرك نوح قال له لمكتستوحش وال تتبع األمة الخاطئة، فكان نوح يدعو إلى ربه، ويعظ قومه فيستخفون به، فأوحى اهللا عز وجل إليه أنه

.قد أمهلهم، فانظرهم ليراجعوا ويتوبوا مدة، فانقضت المدة قبل أن يتوبوا وينيبوا

قومته يعبدون األصنام، فدعاهم إلى اهللا عز آان نوح في عهد بيوراسب،وآان : وقال أخرون غير من ذآرت قوله

وجل تسعمائة وستة وخمسين سنة، آلما مضى قرن تبعهم قرن، على ملة واحدة من الكفر، حتى أنزل اهللا عليهم .العذاب فأفناهم

ولد: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: حدثني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثنا الحارث، قالمتوشلخ لمك ونفرا معه، وإليه الوصية، فولد لمك نوحا، وآان للمك يوم ولد نوح اثنتان وثمانون سنة، ولم يكن أحد في ذلك الزمان ينهى عن منكر، فبعث اهللا إليهم نوحا، وهو ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة، ثم دعاهم في نبوته مائة

آبها وهو ابن ستمائة سنة وغرق من غرق ثم مكث بعد السفينة وعشرين سنة، ثم أمره بصنعة السفينة فصنعها ور .ثالثمائة سنة وخمسين سنة

والشيذ معنا عندهم الشعاع، لقبوه بذلك فيما زعموا -ملك بعد طهمورث جم الشيذ : وأما علماء الفرس فإنهم قالوا

عة آلها، وسخر له ما فيها من الجن وقيل إنه ملك األقاليم السب. وهو جم بن ويونجهان، وهو أخو طمهورث -لجماله إن اهللا تبارك وتعالى قد أآمل بهاءنا وأحسن تأييدنا، : وقال حين قعد في ملكه. واإلنس، وعقد على رأسه التاج

وإنه ابتدع صنعة السيوف والسالح، ودل على صنعة اإلبريسم والقز وغيره مما يغزل، وأمر . وسنوسع رعيتنا خيرا .ونحت السروج واألآف وتذليل الدواب بهابنسج الثياب وصبغها،

وذآر بعضهم أنه توارى بعد ما مضى من ملكه ستمائة سنة وست عشرة سنة وستة أشهر، فخلت البالد من سنة، وأن أمر لمضي سنة من ملكه إلى سنة خمس منه بصنعة السيوف والدروع والبيض وسائر صنوف األسلحة وآلة

ين من ملكه إلى سنة مائة بعزل اإلبريسم والقز والقطن والكتان وآل ما يستطاع ومن سنة خمس. الصناع من الحديدومن سنة مائة إلى سنة خمسين ومائة صنف الناس أربع . غزله وحياآة ذلك وصبغته ألوانا وتقطيعه أنواعا ولبسه

وأمر آل طبقة من تلك طبقة مقاتلة، وطبقة فقهاء، وطبقة آتابا وصناعا وحراثين، واتخذ طبقة منهم خدما، : طبقاتومن سنة مائة وخمسين إلى سنة خمسين ومائتين حارب الشياطين والجن . الطبقات بلزوم العلم الذي ألزمها إياه

ومن سنة خمسين ومائتين إلى سنة ست عشرة وثالثمائة وآل الشياطين . وأثخنهم وأذلهم وسخروا له وانقادوا ألمرهمل الرخام والجص والكلس،والبناء بذلك، وبالطين البنيان والحمامات، بقطع الحجارة والصخور من الجبال، وع

وصنعة النورة، والنقل من البحار والجبال والمعادن والفلوات آل ما ينتفع به الناس، والذهب والفضة وسائر ما يذاب ج، فصفد فيها ثم أمر فصنعت له عجلة من زجا. من الجواهر، وأنواع الطيب واألدوية فنفذوا في آل ذلك ألمره

الشياطين ورآبها، وأقبل عليها في الهواء من بلده، من دنبساوند إلى بابل في يوم واحد، وذلك يوم هرمزأز فروردين ماه، فاتخذ الناس لألعجوبة التي رأوا من إجرائه ما أجرى على تلك الحال نوروز، وأمرهم باتخاذ ذلك اليوم وخمسة

فيها، وآتب إلى الناس اليوم السادس، وهو خرداذوروز يخبرهم أنه قد سار فيهم أيام بعده عيدا، والتنعم والتلذذ بسيرة ارتضاها اهللا، فكان من جزائه إياه عليهم أن جنبهم الحر والبرد واألسقام والهرم الحسد، فمكث الناس ثالثمائة

.ن اهللا جل وعز وجنبهم إياهسنة بعد الثالثمائة والست عشرة سنة التي خلت من ملكه، ال يصيبهم شيء مما ذآر أثم إن جما بطر بعد ذلك نعمة اهللا عنده، وجمع اإلنس والجن، فأخبرهم أنه وليهم ومالكهم والدافع بقوته عنهم األسقام

والهرم والموت، وجحد إحسان اهللا عز وجل إليه، وتمادى في غيه فلم يحر أحد ممن حضره له جوابا، وفقد مكانه ه المالئكة الذين آان اهللا أمرهم بسياسة أمره، فأحس بذلك بيوراسب الذي يسمى الضحاك بهاءه وعزه، وتخلت عن

فابتدر إلىجم لنتهسه فهرب منه، ثم ظفر به بيوراسب بعد ذلك، فامتلخ أمعاءه واشترطها ونشره بمنشاره وقال بعض حينئذ، وادعى الربوبية، فلما فعل إن جما لم يزل محمود السيرة إلى أن بقي من ملكه مائة سنة فخلط : علماء النفس

ذلك اضطرب عليه أمره، ووثب عليه أخوه اسفتور وطلبه ليقتله، فتوارى عنه، وآان في تواريه ملكا ينتقل من .موضع إلى موضع، ثم خرج عليه بيوراسب فغلبه على ملكه، ونشره بالمنشار

71

.شهر وعشرين يوماوزعم بعضهم أن ملك جم آان سبعمائة سنة وست عشرة سنة وأربعة أ

وقد ذآرت عن وهب بن منبه، عن ملك من ملوك الماضين قصة شبيهة بقصة جم شاذ الملك، ولوال أن تاريخه

.خالف تاريخ جم لقلت إنها قصة جم

حدثني عبد الصمد بن معقل، : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: وذلك ما حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قالأآذلك آل : إني ألجد للملك لذة طعما، فال أدري: إن رجال ملك وهو فتى شاب، فقال: ، أنه قالعن وهب بن منبه

يقيمه لك أن تطيع اهللا فال : ما الذي يقيمه لي؟ فقيل له: الناس أم أنا وجدته من بينهم؟ فقيل له بل الملك آذلك، فقالرتي في مجلسي، فما رأيتم أنه طاعة اهللا عز آونوا بحض: فدعا ناسا من خيار من آان في ملكه فقال لهم. تعصيه

وجل فأمرني أن أعمل به، وما رأيتم أنه معصية هللا فازجروني عنه أنزجر، ففعل ذلك هو وهم، واستقام له ملكه فجاء ! ترآت رجال يعبد اهللا ملكا أربعمائة سنة: ثم إن إبليس انتبه لذلك فقال. بذلك أربعمائة سنة مطيعا هللا عز وجل

: ال ترع، ولكن اخبرني من أنت؟ قال الملك: من أنت؟ قال إبليس: ليه فتمثل له برجل، ففزع منه الملك، فقالفدخل علو آنت من بني آدم لقدمت آما يموت بنو آدم ألم تر آم مات من الناس وذهب : أنا رجل من بين آدم، فقال له إبليس

ثم صعد . فدخل ذلك في قلبه. فادع الناس إلى عبادتك. لو آانت منهم لقد مت آما ماتوا، ولكنك إله! من القرونأيها الناس، إن قد آنت أخفيت عنكم أمرا بان لي إظهاره، لكم تعلمون أني ملكتكم منذ : المنبر، فخطب الناس فقال

فأرعش مكانه، وأوحى اهللا إلى بعض . أربعمائة سنة، ولو آنت من بني آدم لقد مت آما ماتوا، ولكني إله فاعبدونيأخبره أني قد استقمت له ما استقام لي، فإذا تحول عن طاعتي إلى معصيتي فلم يستقم لي، فبعزتي : ن آان معه فقالم

حلفت ألسلطن عليه بخت ناصر، فليضربن عنقه، وليأخذن ما في خزائنه، وآان في ذلك الزمان ال يسخط اهللا على تى سلط اهللا عليه بخت ناصر، فضرب عنقه، وأوقر من أحد إال سلط عليه بخت ناصر، فلم يتحول الملك عن قوله، ح

.خزائنه سبعين سفينة ذهبا

.ولكن بين بخث ناصر وجم دهر طويل،إال أن يكون الضحاك آان يدعي في ذلك الزمان بخت ناصر: قال أبو جعفر

، وأعظمهم ملك بعد طهمورث جم، وآان أصبح أهل زمانه وجها: وأما هشام بن الكلبي فإني حدثت عنه أنه قالثم إنه طغى . فذآروا أنه غير ستمائة سنة تسع عشرة سنة مطيعا هللا مستعليا أمره مستوثقه له البالد: جسما، قال

وبغى، فسلط اهللا عليه الضحاك، فسار إليه في مائتي ألف، فهرب جم منه مائة سنة، ثم إن الضحاك ظفر به فنشره .أن قتل سبعمائة وستع عشرة سنة فكان جميع ملك جم، منذ ملك إلى: قال. بمنشار

وقد روي عن جماعة من السلف أنه آان بين آدم ونوح عشرة قرون، آلهم على ملة الحق، وأن الكفر باهللا إنما حدث

إن أول نبي أرسله اهللا إلى قوم باإلنذار والدعاء إلى توحيده نوح : في القرن الذين بعث إليهم نوح عليه السالم، وقالوا .معليه السال

حدثنا همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن : حدثنا أبو داود، قال: ذآر من قال ذلك حدثنا محمد بن بشار، قال

آان بين نوح وآدم عليهما السالم عشرة قرون، آلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا، فبعث اهللا النبيين : عباس، قالحدثنا الحسن بن يحيى، " آان الناس أمة واحدة فاختلفوا : " وآذلك هي في قراءة عبد اهللا: مبشرين ومنذرين، قال

آانوا على : ، قال" آان الناس أمة واحدة : " قوله عز وجل: أخبرنا معمر، عن قتادة: أخبرنا عبد الرزاق، قال: قال .السالم الهدى جميعا فاختلفوا، فبعث اهللا النبيين مبشرين ومنذرين، فكان أول نبي بعث نوح عليه

ذآر األحداث التي آانت في عهد نوح

آانوا قد أجمعوا : قد ذآرنا اختالف المختلفين في ديانة القوم الذي أرسل إليهم نوح عليه السالم، وأن منهم من يقول

72

على العمل بما يكرهه اهللا، من رآوب الفواحش وشرب الخمور واالشتغال بالمالهي عن طاعة اهللا عز وجل، وأن نوا أهل طاعة بيوراسب، وآان بيوراسب أول من ظهر القول بقول الصابئين، وتبعه على ذلك آا: منهم من يقول

.الذين أرسل إليهم نوح عليه السالم، وسأذآر إن شاء اهللا خبر بيوراسب فيما بعد

رب إنهم قال نوح : " فأما آتاب اهللا فإنه ينبئ عنه أنهم آانوا أهل أوثان، وذلك أن اهللا عز وجل يقول مخبرا عن نوحومكروا مكرا آبارا، وقالوا ال تدرن آلهتكم وال تذرن ودا وال . عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إال خسارافبعث اهللا إليهم نوحا مخوفهم بأسه، ومحذرهم سطوته، وداعيا " . سواعا، وال يغوث ويعوق نسرا، وقد أضلوا آثيرا

ونوح يوم . مل بما أمر اهللا به رسله وأنزله في صحف آدم وشيث وأخنوخلهم إلى التوبة والمراجعة إلى الحق، والع .ابن خمسين سنة -فيما ذآر -ابتعثه اهللا نبيا إليهم

إن : حدثنا عون بن أبي شداد، قال: حدثنا نوح بن قيس، قال: وقيل أيضا ما حدثنا به نصر بن علي الجهضمي، قال

و إبن خمسين وثالثمائة سنة، فلبث فيهم ألف سنة إلى خمسين عاما، ثم اهللا تبارك وتعالى أرسل نوحا إلى قومه وه .عاش بعد ذلك خمسين وثالثمائة سنة

: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: حدثنا هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

اهم في نبوته مائة وعشرين سنة، ورآب السفينة وهو بعث اهللا نوحا إليهم وهو ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة، ثم دع .ابن ستمائة سنة، ثم مكث بعد ذلك ثالثمائة وخمسين سنة

فلبث فيهم ألف سنة إال خمسين عاما آما قال اهللا عز وجل يدعوهم إلى اهللا سرا وجهرا، يمضي قرن : قال أبو جعفر

من حاله وحالهم، فلما أراد اهللا عز وجل إهالآهم دعا بعد قرن، فال يستجيبون له، حتى مضى قرون ثالثة على ذلك ، فأمر اهللا تعالى ذآره " رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إال خسارا : " عليهم نوح عليه السالم فقال

أن يغرس شجرة فغرسها، فعظمت وذهبت آل مذهب، ثم أمره بقطعها من بعد ما غرسها بأربعين سنة، فيتخذ منها .، فقطعها وجعل يعملها" واصنع الفلك بأعيننا ووحينا : " سفينة،آما قال اهللا له

حدثنا موسى بن يعقوب، : حدثنا ابن أبي مريم، قال: وحدثنا صالح بن مسمار المروزي والمثنى بن إبراهيم، قاال

ن أبي ربيعة، أخبره أن عائشة حدثني فائد مولى عبيد اهللا ابن علي بن أبي رافع، أن إبراهيم بن عبد الرحمن ب: قاللو رحم اهللا أحدا من قوم نوح " قال : زوج النبي صلى اهللا عليه وسلم أخبرته أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

آان نوح مكث في قومه ألف سنة إلى خمسين عاما، : " ، قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم" لرحم أم الصبي آان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت آل مذهب ثم قطعها، ثم جعل يعمل يدعوهم إلى اهللا عز وجل، حتى: فيقول! تعمل سفينة في البر فكيف تجري: أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون: سفينة فيمرون فيسألونه فيقول

-ه حبا شديدا وآانت تحب -فلما فرغ منها وفار التنور وآثر الماء في السكك خشيت أم الصبي عليه . سوف تعلمونفخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى بلغث ثلثي الجبل، فلما بلغها الماء خرجت حتى

استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيدها ، حتى ذهب به الماء، فلو رحم اهللا منهم أحدا الرحمن أم " .الصبي

قال : دثنا علي بن الهيثم، عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك، قالح: حدثني ابن أبي منصور، قال

عمل نوح السفينة أربعمائة سنة، وأنتب الساج أربعين سنة، حتى آان طوله ثالثمائة ذراع، والذراع : سلمان الفارسي .إلى المنكب

حدثنا يزيد بن زريع، : حدثنا بشر بن معاذ، قالفعمل نوح بوحي اهللا إليه، وتعليمه إياه، عملها فكانت إن شاء اهللا آما

73

ذآر لنا أن طول السفينة ثالثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعا، وطولها في : قال حدثنا سعيد، عن قتادة، قال .السماء ثالثون دراعا، وبابها في عرضها

طول سفينة نوح ألف ذراع آان : حدثنا مبارك، عن الحسن، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثني الحارث، قال

.ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع

حدثني حجاج، عن مفضل بن فضالة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن : حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قاللو بعثت لنا رجال شهد السفينة فحدثنا : قال الحواريون العيسى بن مريم: يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال

اهللا : أتدرون ما هذا؟ قالوا: فانطلق بهم حتى انتهى إلى آثيب من تراب فأخذ آفا من ذلك التراب بكفه، قال! عنهاثم بإذن اهللا، فإذا هو قائم ينفض التراب : فضرب الكثيب بعصاه وقال: هذا قبر حام بن نوح، قال: ورسوله أعلم، قال

ال،ولكني مت وأنا شاب، ولكني ظننت أنها : كت؟ قالهكذا هل: عن رأسه، وقد شاب، فقال له عيسى عليه السالمآان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع، : حدثنا عن سفينة نوح، قال: قال. الساعة، فمن ثم شبتفطبقة فيها الدواب والوحش، وطبقة فيها اإلنس وطبقة فيها الطير، فلما آثر أرواث الدواب : وآانت ثالث طبقات

إلى نوح أن اغمز ذنب الفيل، فغمز فوقع منه خنزير وخنزيرة، فأقبال على الروث، فلما وقع الفار يخرز أوحى اهللاالسفينة يقرضه، أوحى اهللا إلى نوح أن اضرب بين عيني األسد، فخرج من منخره سنور وسنورة، فأقبال على الفأر،

راب يأتيه بالخبر، فوجد جيفة فوقع عليها، فدعا بعث الغ: آيف علم نوح أن البالد قد غرقت، قال: فقال له عيسىثم بعث الحمامة، فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجليها، فعلم أن : قال. عليه بالخوف، فلذلك ال يألف البيوت

. فطوقها الخضرة التي في عنقها، دعا لها أن تكون من أنس وأمان، فمن ثمن تألف البيوت: قال. البالد قد غرقتآيف يتبعكم من الرزق له؟ : يا رسول اهللا، أال تنظلق به إلى أهلنا، فيجلس معنا ويحدثنا؟ قال: قالت الحواريونف: قال .عد بإذن اهللا، فعاد ترابا: فقال له: قال

: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: اخبرني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

وآان طول السفينة ثالثمائة ذراع بذراع جد أبي نوح، : ينة بجبل بوذ، من ثم تبدى الطوفان، قالنجر نوح السفوعرضها خمسين ذراعا، وطولها في السماء ثالثين ذراعا، وخرج منها من الماء ستة أذرع، وآانت مطبقة، وجعل

.لها ثالثة أبواب، بعضها أسفل من بعض

عن محمد بن إسحاق، عمن ال يتهم، عن عبيد بن عمير الليثي، أنه آان يحدث أنه حدثنا سلمة، : حدثنا ابن حميد، قال

اللهم اغفر لقومي : فيخنقونه حتى يغشي عليه، فإذا أفاق قال -يعني قوم نوح بنوح - بلغه أنهم آانوا يبطشون به .فإنهم ال يعلمون

الخطيئة، وتطاول عليه وعليهم الشأن، حتى إذا تمادوا في المعصية، وعظمت في األرض منهم : قال ابن إسحاق

واشتد عليهم منه البالء، وانتظر النجل بعد النجل، فال يأتي قرن إال آانت أخبث من الذي قبله، حتى إن آان اآلخر ال يقبلون منه شيئا، حتى شكا ذلك منأمرهم نوح إلى اهللا ! قد آان هذا مع آبائنا ومع أجدادنا، هكذا مجنونا: منهم ليقول

رب إني دعوت قومي ليال ونهارا، فلم يزدهم دعائي إلى : " وجل، فقال آما قص اهللا عز وجل علينا في آتابهعز رب ال تذر على األرض من الكافرين ديارا، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك وال : " إلى أخر القصة، حتى قال" فرارا

م نوح إلى اهللا عز وجل واستنصره عليهم أوحى اهللا إليه فلما شكا ذلك منه. ، إلى آخر القصة" يلدوا إال فاجرا آفارا فأقبل نوح على عمل الفلك، ولها " . اصنع الفلك بأعييننا ووحينا وال تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون " أن

عن قومه، وجعل يقطع الخشب ويضرب الحديد، ويهيئ عدة الفلك من القار وغيره مما ال يصلحه إال هو، وجعل إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم : " ه يمرون به، وهو في ذلك من عمله، فيسخرون منه، ويستهزئون به فيقولقوم

يا : - فيما بلغني -ويقولون : قال" . آما تسخرون، فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم .ال يولد لهموأعقم اهللا أرحام النساء ف: قال! نوح قد صرت نجارا بعد النبوة

74

ويزعم أهل التوراة أن اهللا عز وجل أمره أن يصنع الفلك خشب الساج، وأن يصنعه أزور، وأن يطليه بالقار من : قالداخله وخارجه، وأن يجعل طوله ثمانين ذراعا وعرضه خمسين ذراعا، وطوله في السماء ثالثين ذراعا، وأن يجعله

فيه آوا، ففعل نوح آما أمره اهللا عز وجل، حتى إذا فرغ منه وقد عهد سفال ووسطا وعلوا، وأن يجعل: ثالثة أطباقإذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من آل زوجين اثنين وأهلك إال من سبق عليه القول ومن آمن : " اهللا إليه

ار التنور فاسلك فيها في آل إذا جاء أمرنا وف: وقد جعل التنور آية فيما بينه وبينه، فقال" . وما آمن معه إال قليل وحمل فيها - وآان قليال آما قال -فلما فار التنور حمل نوح في الفلك من أمره اهللا تعالى به . زوجين اثنين وارآب

سام وحام ويافث ونساءهم، وستة : فحمل فيه بنية الثالثة. من آل زوجين اثنين مما فيه الروح والشجر، ذآرا وأنثىنوح وبنوه وأزواجهم، ثم أدخل ما أمره اهللا به من الدواب، وتخلف عنه ابنه : فكانوا عشرة نفر أناس من آان آمن به

.يام، وآان آافرا

حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن ابن دينار، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، : حدثنا ابن حميد، قالي الفلك من الدواب الذرة، وأخر ما حمل الحمار، فلما آان أول ما حمل نوح ف: سمعته يقول: عن ابن عباس، قال

ادخل، فينهض فال ! ويحك: أدخل الحمار ودخل صدره تعلق إبليس لعنه اهللا بذنبه فلم تستقل رجاله، فجعل نوح يقولادخل وإن آان الشيطان معك، قال آلمة زلت عن لسانه، فلما قالها نوح خلي ! يستطيع، حتى قال نوح، ويحك

ادخل وإن آان : " ألم تقل: قال! ما أدخلك علي يا عدو اهللا: سبيله، فدخل ودخل الشيطان معه، فقال له نوحالشيطان في ظهر الفلك، - فيما يزعمون - مالك بد من أن تحملني، فكان : أخرج عني يا عدو اهللا، فقال: قال! " الشيطان معك

ذلك في الشهر من السنة التي دخل فيها نوح بعد ستمائة فلما اطمأن نوح في الفلك وأدخل فيه آل من آمن به، وآان سنة من عمره لسبع عشرة ليلة مضت من الشهر، فلما دخل وحمل معه من حمل، تحرك ينابيع الغوط األآبر،

ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا األرض : " وفتحت أبواب السماء، آما قال اهللا لنبيه صلى اهللا عليه وسلمفدخل نوح ومن معه الفلك وغطاه عليه وعلى من معه بطبقة، فكان بين أن " . التقى الماء على أمر قد قدر عيونا ف

ثم احتمل الماء آما يزعم أهل التوراة وآثر . أرسل اهللا الماء وبين أن احتمل الماء الفلك أربعون يوما وأربعون ليلةوجعلناه على ذات ألواح ودسر، تجري بأعيننا : " عليه وسلمواشتد وارتفع، يقول اهللا عز وجل لنبيه محمد صلى اهللا

" .جزاء لمن آان آفر

االمسامير، مسامير الحديد، فجعلت الفلك تجري به وبمن معه في موج آالجبال، ونادى نوح ابنه الذي هلك : والدسر

آب معنا وال تكن من يا بني ار: " فيمن هلك، وآان في معزل حين رأى نوح من صدق موعود ربه ما رأى، فقال، وآان عهد الجبال وهي حرز " قال سأوي إلى جبل يعصمني من الماء " ، وآان شقيا قد أضمر آفرا، " الكافرين

ال عاصم اليوم من أمر اهللا إال من رحم وحال بينهما : " من األمطار إذا آانت، فظن أن ذلك آما آان يكون، قال نوح " .الموج فكان من المغرقين

خمسة عشر ذراعا، فباد ما على وجه األرض من -آما يزعم أهل التوراة -ر الماء وطغى، وارتفع فوق الجبال وآث

- الخلق من آل شيء فيه الروح أو شجر، فلم يبق شيء من الخالئق إال نوح ومن معه في الفلك، وإال عوج بن عنق .أن غاض الماء ستة أشهر وعشر ليال فكان بين أن أرسل اهللا الطوفان وبين -فيما يزعم أهل الكتاب

: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أخبرني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قالأرسل اهللا المطر أربعين يوما وأربعين ليلة، فأقبلت الوحوش حين أصابها المصر والدواب والطير آلها إلى نوح،

، وحمل معه جسد آدم، فجعله حاجزا بين " من آل زوجين اثنين : " آما أمره اهللا عز وجلوسخرت له، فحمل منها النساء والرجال، فرآبوا فيها لعشر ليال مضين من رجب، وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم، فلذلك صام من

: ، يقول" ء بماء منهمر ففتحنا أبواب السما" وأخرج الماء نصفين، فذلك قول اهللا عز وجل . صام يوم عاشوراء: فصار الماء نصفين" فالتقى الماء على أمر قد قدر " شققنا األرض، : ، يقول" وفجرنا األرض عيونا " منصب،

نصف من السماء ونصف من األرض، وارتفع الماء على أطول جبل في األرض خمسة عشر ذراعا، فسارت بهم تستقر على شيء، حتى أتت الحرم فلم تدخله، ودارت بالحرم السفينة، فطافت بهم األرض آلها في ستة أشهر ال

على أبي - وهو البيت المعمور والحجر األسود - أسبوعا، ورفع البيت الذي بناه آدم عليه السالم، رفع من الغرق،

75

وهو جبل بالحضيض من أرض -قبيس، فلما دارت بالحرم ذهب في األرض تسير بهم، حتى انتهت إلى الجودي ، فلما استقرت " بعدا للقوم الظالمين : " فاستقرت بعد ستة أشهر لتمام السبع، فقيل بعد السبعة األشهر -ل الموص

: ، يقول" ويا سماء أقلعي " أنشفي ماءك الذي خرج منك، : ، يقول" قيل يا أرض ابلعي ماءك " على الجودي اء هذه البحور التي ترون في األرض، فآخر نشفته األرض، فصار ما نزل من السم" وغيض الماء " احبسي ماءك،

.ما بقي من الطوفان في األرض ماء بحسمي بقي في األرض أربعين سنة بعد الطوفان ثم ذهب

وآان التنور الذي جعل اهللا تعالى ذآره آية ما بينه وبني نوح فوران الماء منه تنورا آان لحواء من حجارة، وصار

.إلى نوح

آان تنورا من حجارة، آان لحواء : حدثنا هشيم، عن أبي محمد، عن الحسن، قال: يم، قالحدثني يعقوب بن إبراه .إذا رأيت الماء يفور من التنور فارآب أنت وأصحابك: فقيل له: حتى صار إلى نوح، قال

آان : موقد اختلف في المكان الذي آان به التنور الذي جعل اهللا فوران مائة آية، ما بينه وبين نوح، فقال بعضه

.بالهند

حدثنا عبد الحميد الحماني، عن النضر أبي عمر الخزاز، عن عكرمة، عن : حدثنا أبو آريب قال: ذآر من قال ذلك

.فار بالهند: قال" . وفار التنور " في : ابن عباس .آان ذلك بناحية الكوفة: وقال آخرون

: ذآر من قالك ذلك

نبع الماء من التنور، : دثنا خلف بن خليفة، عن ليث، عن مجاهد، قالح: حدثنا الحسن، قال: حدثني الحارث، قال .وآان ذلك في ناحية الكوفة: فعلمت به امرأته فأخبرته، قال

حدثنا علي بن ثابت، عن السري بن إسماعيل، عن الشعبي، أنه آان يحلف : قال: حدثنا القاسم: حدثني الحارث، قال

.الكوفةباهللا، ما فار التنور إال من ناحية

.آانوا ثمانين نفسا: واختلف في عدد من رآب الفلك من بنين آدم، فقال بعضهم

حدثين حسين بن واقد : حثنا زيد بن الحباب، قال: حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ذآر من قال لك .مانون رجال، أحدهم جرهمآان في سفينة نوح ث: سمعت ابن عباس يقول: حدثنا أبو نهيك، قال: الخراسياني، قالحمل نوح معه في السفينة : قال ابن عباس: قال ابن جريح: حدثني حجاج، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

.ثمانين إنسانا

يعني القليل الذين قال اهللا -آانوا ثمانين : آان بعضهم يقول: قال سفيان: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثني الحارث، قال

" .وما آمن معه إال قليل : " عز وجل

76

: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أخبرني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

سام، وحام، ويافث، وآنائنه، نساء بنيه هؤالء، وثالثة وسبعين من بين شيث، ممن آمن : حمل نوح في السفينة بنيه .ن في السفينةبه، فكانوا ثماني .بل آانوا ثمانية أنفس: وقال بعضهم

ذآر لنا أنه لم يتم : حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ذآر من قال ذلك

.في السفينة إال نوح وامرأته وثالثة بنيه، ونساؤهم، فجميعهم ثمانية

وما آمن : " حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنيمة، عن أبيه، عن الحكم: قاال حدثنا ابن وآيع والحسن بن عرفة،

.نوح، وثالثة بنيه، وأربع آنائنه: ، قال" معه إال قليل

حدثت أن نوحا حمل معه بنيه الثالثة : قال ابن جريح: حدثنى حجاج، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قالفأصاب حام امرأته في . يافث، وحام، وسام: نوح، فهم ثمانية بأزواجهم، وأسماء بنيهوثالث نسوة لبنيه، وامرأة

.السفينة، فدعا نوح أن تغير نطفته، فجاء بالسودان .بل آانوا سبعة أنفس: وقال آخرون

: ذآر من قال ذلك

آانوا : قال" ال قليل وما آمن معه إ: " حدثنا سفيان، عن األعمش: حدثني عبد العزيز، قال: حدثني الحارث، قال .نوح، وثالث آنائن، وثالثة بنين له: سبعة

.آانوا عشرة سوى نسائهم: وقال آخرون

سام وحام ويافث : حمل بنيه الثالثة: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال: ذآر من قال ذلك

وأرسل اهللا تبارك وتعالى الطوفان . بنيه وأزواجهمونساءهم، وستة أناسي ممن آان آمن به، فكانوا عشرة نفر بنوح وولتتمة ألفي سنة ومائتي سنة -فيما ذآره أهل العلم من أهل الكتاب وغيرهم -لمضي ستمائة سنة من عمر نوح

.وست وخمسين من لدن أهبط آدم إلى األرض

ي الفلك إلى أن غاض الماء إن اهللا عز وجل أرسل الطوفان لثالث عشرة خلت من آب، وإن نوحا أقام ف: وقيل

فملما خرج نوح منها اتخذ . واستوت الفلك على جبل الجودي بقردي، في اليوم السابع عشر من الشهر السادسبناحية قردى من أرض الجزيرة موضعا، وابتنى هناك قرية سماها ثمانين، ألنه آان بنى فيها بيتا لكل إنسان ممن

.تسمى سوق ثمانينآمن معه وهم ثمانون فهي إلى اليوم

أخبرني أبي، عن صالح، عن ابن عباس، : حدثني هشام بن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

هبط نوح عليه السالم إلى قرية، فبنى آل رجل منهم بيتا، فسميت سوق ثمانين، فغرق بن قابيل آلهم، وما بين : قال .المنوح إلى آدم من اآلباء آانوا على اإلس

.فصار هو وأهله فيه، فأوحى اهللا إليه أنه ال يعيد الطوفان إلى األرض أبدا: قال أبو جعفر

77

حدثنا المحاربي، عن عثمان ابن مطر، عن عبد العزيز بن عبد الغفور، : وقد حدثني عباد بن يعقوب األسدي، قال

رجب رآب نوح السفينة، فصام هو وجميع وفي أ ول يوم من : قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: عن أبيه، قالمن معه، وجرت بهم السفينة ستة أشهر، فانتهى ذلك إلى المحرم، فأرست السفينة على الجودي يوم عاشوراء، فصام

" .نوح، وأمر جميع من معه من الوحش والدواب فصاموا شكرا هللا عز وجل

آانت السفينة أعالها الطير، ووسطها : ابن جريج، قالحدثني حجاج، عن : حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

وآان طولها في السماء ثالثين ذراعا ودفعت من عين وردة يوم الجمعة لعشر ليال مضين . الناس، وأسفلها السباعمن رجب، وأرست على الجودي يوم عاشوراء، ومرت بالبيت، فطافت به سبعا، وقد رفعه اهللا من الغرق، ثم جاءت

.م رجعتاليمن، ث

هبط نوح من السفينة : حدثنا حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن قتادة، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

.من آان منكم صائما فليتم صومه، ومن آان منكم مفطرا فليصم: يوم العاشر من المحرم، فقال لمن معهاستقلت بهم في -يعني الفلك -ذآر لنا أنها : ، عن قتادة، قالحدثنا سعيد: حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال

عشر خلون من رجب، فكانت في الماء خمسين ومائة يوم، واستقرت على الجودي شهرا، وأهبط بهم في عشر .خلون من المحرم يوم عاشوراء

ما آان زمان نوح : ، قالحدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

.شبر من األرض إال إنسان يدعيه

حدثنا عون بن أبي : أخبرنا نوح بن قيس، قال: ثم عاش نوح بعد الطوفان فيما حدثني نصر بن علي الجهضمي، قال

ثالثمائة - يعني بعد األلف سنة إال خمسين عاما التي لبثها في قومه -بعد ذلك - يعني نوحا - عاش : شداد، قال .وخمسين سنة

بعد أن -فيما يزعم أهل التوراة - وعمر نوح : حدثنا سلمة، عنه، قال: وأما ابن إسحاق، فإن ابن حميد حدثنا، قال

فكان جميع عمر نوح ألف سنة إال خمسين عاما، ثم قبضه : أهبط من الفلك ثالثمائة سنة وثمانيا وأربعين سنة، قال .اهللا عز وجل إليه

لم يكن التناسل، وال ولد لنوح ولد : وقال بعض أهل التوراة. لد لنوح قبل الطوفان بثمان وتسعين سنةإن ساما و: وقيل

.إال بعد الطوفان، وبعد خروج نوح من الفلك

إنما الذين آانوا معه في الفلك قوم آانوا آمنوا به واتبعوه، غير أنهم بادوا وهلكوا، فلم يبق لهم عقب، وإنما : قالواوجعلنا ذريته هم : " يوم في الدنيا من بني آدم ولد نوح وذريته دون سائر ولد آدم، آما قال اهللا عز وجلالذين هم ال

" .الباقون

وهو الذي غرق في الطوفان، : إنه آان لنوح قبل الطوفان ابنان هلكا جميعا، آان أحدهما يقال له آنعان، قالوا: وقيل

.فانواآلخر منهما يقال له عابر، مات قبل الطو

78

: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أخبرني هشام، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثنا الحارث، قال

ولد لنوح سام، وفي ولده بياض وأدمة، وحام وفي ولده سواد وبياض قليل، ويافث وفيهم الشقرة والحمرة، وآنعان .نما هام عمنا يام، وأم هؤالء واحدةإ: وهو الذي غرق، والعرب تسميه يام، وذلك قول العرب

جيومرت هو آدم : فأما فأما المجوس فإنهم ال يعرفون لطوفان ويقولون لم يزل الملك فينا من عهد جيومرت، وقالوا

ولو آان لذلك صحة آان نسب القوم قد انقطع، : بتوارثه آخر من أول إلى عهد فيروز بن يزدجرد بن شهريار، قالواوأن مساآن ولد . ضمحل، وآان بعضهم يقر بالطوفان ويزعم أنه آان في إقليم بابل وما قرب منهوملك القوم قد ا

.جيومرت آانت بالمشرق، فلم يصل ذلك إليهم

ولقد نادانا نوح " وقد أخبر اهللا تعالى ذآره من الخبر عن الطوفان بخالف ما قالوا، فقال وقوله الحق : قال أبو جعفر

، فأخبر عز ذآره أن ذرية نوح هم " اه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين فلنعم المجيبون، ونجين .الباقون دون غيرهم

.وقد ذآرت اختالف الناس في جيومرت ومن يخالف الفرس في عينه، ومن هو، ومن نسبه إلى نوح عليه السالم

ر، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن حدثنا سعيد بن بشي: حدثنا ابن عثمة، قال: حدثنا ابن بشار، قال " .سام وحام ويافث : " وقال" . وجعلنا ذريته هم الباقين : " النبي صلى اهللا عليه وسلم في قوله

فالناس آلهم : ، قال" وجعلنا ذريه هم الباقين : " حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر، قال .من ذرية نوح

وجعلنا : " عن علي، عن ابن عباس في قوله تعالى. حدثني معاوية: حدثنا أبو صالح، قال: حدثنى علي بن داود، قال

" .ذريته هم الباقين .لم يبق إال ذرية نوح: يقول

لما هبط آدم من : وعن محمد بن صالح، عن الشعبي قاال. وروي عن علي بن مجاهد، عن ابن إسحاق، عن الزهري

انتشر ولده أرخ بنوه من هبط آدم، فكان ذلك التاريخ حتى بعث اهللا نوحا فأرخوا ببعث نوح، حتى آان الغرق، الجنة،فلما هبط نوح وذريته وآل من آان في السفينة إلى األرض قسم األرض . فهلك من هلك ممن آان على وجه األرض

والنيل، والفرات، ودجلة، وسيحان، وجيحان، فجعل لسام وسطا من األرض، ففيها بين المقدس،: بين ولده أثالثاوجعل لحام فسمة . فيشون، وذلك ما بني فيشون إلى شرق النيل، وما بين منخر ريح الجنوب إلى منخر الشمال

وجعل قسم يافث في فيشون فما وراءه إلى منخر ريح الصبا، فكان . غربي النيل، فما وراءه إلى منخر ريح الدبورإلى نار إبراهيم، ومن نار إبراهيم إلى مبعث يوسف، ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى، ومن التاريخ من الطوفان

مبعث موسى إلى ملك سليمان، ومن ملك سليمان إلى مبعث عيسى بن مريم، ومن مبعث عيسى بن مريم إلى أن .بعث رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

ن على تاريخ اليهود، فأما أهل اإلسالم فإنهم لم يؤرخوا إال من وهذا الذي ذآر عن الشعبي من التاريخ ينبغي أن يكويؤرخون قبل اإلسالم بعام الفيل، -فيما ذآر -الهجرة، ولم يكونوا يؤرخون بشيء من قبل ذلك، غير أن قريشا آانوا

.يوآان سائر العرب يؤرخون بأيامهم المذآورة، آتاريخهم بيوم جبلة، وبالكالب األول، والكالب الثان

.وآانت النصارى تؤرخ بعهد اإلسكندر ذي القرنين، وأحسبهم على ذلك من التاريخ إلى اليوم

79

وأما الفرس فإنهم آانوا يؤرخون بملوآهم، وهم اليوم فيما أعطى يؤرخون بعهد يزدجرد بن شهريار، ألنه آان آخر

.من آان من ملوآهم له ملك بابل والمشرق

ذآر بيوراسب، وهو األزدهاق

والعرب تسميه الضحاك فتجعل الحرف الذي بين السين والزاي في الفارسية ضادا، والهاء حاء، والقاف آافا، وإياه

:عني حبيب بن أوس بقوله هامان في الدنيا وال قارون... ما نال ما قد نال فرعون وال

بالعالمين، وانت أفريدون... بل آان آالضحاك في سطواته

:ئه أنه منهم الحسن بن هانئ في قولهوهو الذي افتخر بادعا خابل والجن في مساربها... وآان منا الضحاك يعبده ال

.واليمن تدعيه: قال

والعجم تدعي الضحاك وتزعم أن جما : قال -فيما ذآر من أمر الضحاك هذا -حدثت عن هشام بن محمد بن السائب .فولدت له الضحاك آان زوج أخته من بعض أشراف أهل بيته، وملكه على اليمن،

واليمن تدعيه، وتزعم أنه من أنفسها، وأنه الضحاك بن علوان بن عبيد بن عويج، وأنه ملك على مصر أخاه : قالسنان بن علوان بن عبيد بن عويج، وهو أول الفراعنة، وأنه آان ملك مصر حين قدمها إبراهيم الخليل الرحمن عليه

.السالم

هاق هذا غير النسب الذي ذآر هشام عن أهل اليمن، وتذآر أنه بيوراسب بن وأما الفرس فإنها تنسب األزد .أرونداسب بن زينكاو بن ويروشك ابن تاز بن فرواك بن سيامك بن مشا بن جيومرت

هو الضحاك بن أندرماسب بن زنجدار بن : ومنهم من ينسبه هذه النسبة، غير أنه يخالف النطق بأسماء آبائه فيقول .بن فرياك بن ساهمك بن تاذي بن جيومرت وندريسج بن تاج

والمجوس تزعم أن تاج هذا هو أبو العرب، ويزعمون أن أم الضحاك آانت ودك بنت ويونجهان، وأنه قتل أباه تقربا

.سرهوار، ولآلخر نفورا: بقتله إلى الشياطين، وأنه آان آثير المقام ببابل، وآان له ابنان يقال ألحدهما " .ازدهاق " مسخه اهللا " قرشت " هو : أن آان يقول وقد ذآر عن الشعبي

حدثنا سلمة بن الفضل، عن يحيى بن العالء، عن القاسم بن سلمان، : حدثنا ابن حميد، قال: ذآر الرواية عنه بذلك

أبجد، وهوز، وحطي، وآلمن، وسعفص، وقرشت، آانوا ملوآا جبابرة، فتفكر قرشت يوما، فقال : عن الشعبي، قالفمسخه اهللا فجعله اجدهاق، وله سبعة أرؤس، فهو الذي بد نباوند، وجميع أهل األخبار من ! اهللا أحسن الخالقينتبارك

.العرب والعجم تزعم أنه ملك األقاليم آلها، وأنه آان ساحرا فاجرا

واد في ألف سنة، وتزل الس - فيما يزعمون، واهللا أعلم - ملك الضحاك بعد جم : وحدثت عن هشام بن محمد، قال

قرية يقال لها نرس في ناحية طريق الكوفة، وملك األرض آلها، وسار بالجور والعسف، وبسط يده في القتل، وآان ويقال إنه : أول من سن الصلب والقطع، وأول من وضع العشور، وضرب الدراهم، وأول من تغنى وغنى له، قال

وجع حتى يطليهما بدماغ إنسان، فكان يقتل لذلك في آل خرج في منكبه سلعتان فكانتا تضربان عليه، فيشتد عليه اليوم رجلين ويطلي سلعتيه بدماغيهما، فإذا فعل ذلك سكن ما يجد، فخرج عليه رجل من أهل بابل فاعتقد لواء،

ألست تزعم أنك ملك : ما أمرك؟ وما تريد؟ قال: واجتمع إليه بشر آثير، فلما بلغ الضحاك خبره راعه، فبعث إليه

80

. فليكن آلبك على الدنيا، وال يكونن علينا خاصة، فإنك إنما تقتلنا دون الناس: بلى، قال: قال! ، وأن الدنيا لكالدنيافأجابه الضحاك إلى ذلك، وأمر بالرجلين اللذين آان يقتلهما في آل يوم أن يقسما على الناس جميعا وال يخص بهما

.مكان دون مكان

د ذلك الرجل الذي رفع اللواء، وأن ذلك اللواء لم يزل محفوظا عند ملوك فارس فبلغنا أن أهل أصبهان من ول: قال

.في خزائنهم، وآان فيما بلغنا جلد أسد، فألبسه ملوك فارس الذهب والديباج تيمنا بهوبلغنا أن الضحاك هو نمرود، وأن إبراهيم خليل الرحمن صلى اهللا عليه ولد في زمانه، وأنه صاحب الذي أراد : قال .حراقهإ

هو من نسل جم الملك الذي آان من قبل الضحاك، ويزعمون أنه التاسع من ولده، وآان -وبلغنا أن أفريدون : قال

مولده بدنباوند، خرج حتى ورد منزل الضحاك وهو عنه غائب بالهند، فحوى على منزله وما فيه، فبلغ الضحاك دنباوند، فالعجم تزعم أنه إلى . ه أفريدون فأوثقه وصيره بجبالذلك، فأقبل وقد سلبه اهللا قوته، وذهبت دولته، فوثب ب

.اليوم موثق في الحديد يعذب هناك

وذآر غير هشام أن الضحاك لم يكن غائبا عن مسكنه، ولكن أفريدون ابن أثفيان جاء إلى مسكن له في حصن يدعى

فوهل بيوراسب لما عاين ذلك، . سنوار أروناز واألخرى: تسمى إحداهما: زرنج ماه مهروز مهر، فنكح امرأتين لهوخر مدلها ال يعقل، فضرب أفريدون هامته بجرز له ملتوي الرأس، فزاده ذلك وهال وعزوب عقل، ثم توجه به

وهو المهرجان اليوم الذي أوثق -أفريدون إلى جبل دنباوند، وشده هنالك وثاقا، وأمر الناس باتخاذ مهرماه مهرروز .وعال أفريدون سرير الملك عيدا، - فيه بيوراسب

.نحن ملوك الدنيا، المالكون لما فيها: وذآر عن الضحاك أنه قال يوم ملك وعقد عليه التاج

والفرس تزعم أن الملك لم يكن إال للبطن الذي منه أوشهنج وجم وطهمورث، وأن الضحاك آان غاصبا وأنه غصب

آانتا على منكبيه، وأنه بنى بأرض بابل مدينة سماها حوب، أهل األرض بسحره وخبثه، وهول عليهم الحيتين اللتين .وجعل النبط أصحابه وبطانته، فلقي الناس منه آل جهد، وذبح الصبيان

إن الذي آان على منكبيه آان لحمتين طويلتين ناتئتين على منكبيه، آل واحدة منهما : ويقول آثير من أهل الكتب

ويذآر على طريق التهويل أنهما حيتان يقتضيانه الطعام، . يسترهما بالثياب آرأس الثعبان، وأنه آان بخبثه ومكرهومن الناس من . وآانتا تتحرآان تحت ثوبه إذا جاع آما يتحرك العضو من اإلنسان عند التهابه بالجوع والغضب

.آان ذلك حيتين، وقد ذآرت ما وري عن الشعبي في ذلك، واهللا أعلم بحقيقته وصحته: يقول

بعض أهل العلم بأنساب الفرس وأمورهم أن الناس لم يزالوا من بيوراسب هذا في جهد شديد، حتى إذا أراد اهللا وذآر

إهالآه وثب به رجل من العامة من أهل أصبهان يقال له آابي، وبسبب ابنين آانا له أخذهما رسل بيوراسب بسبب من آابي هذا على ولده أخذ عصا آانت بيده، فعلق إنه لما بلغ الجزع: وقيل. الحيتين اللتين آانتا على منكبيه

بأطرافها جرابا آان معه، ثم نصب ذلك العلم، ودعا الناس إلى مجاهدة بيوراسب ومحاربته، فأسرع إلى إجابته خلق ه آثير، لما آانوا فيه معه من البالء وفنون الجور، فلما غلب آابي تفاءل الناس بذلك العلم، فعظموا أمره، وزادوا في

حتى صار عند ملوك العجم علمهم األآبر الذي يتبرآون به،وسموه درفش آابيان، فكانوا ال يسيرونه إال في األمور .العظام، وال يرفع إال ألوالد الملوك إذا وجهوا في األمور العظام

81

رف عليه، وآان من خبر آابي أنه شخص عن أصبهان بمن تبعه والتف إليه في طريقه، فلما قرب من الضحاك وأش

قذف في قلب الضحاك منه الرعب، فهرب عن منازله، وخلي مكانه، وانفتح لألعاجم فيه ما أرادوا، فاجتمعوا إلى آابي وتناظروا، فأعلمهم آابي أنه ال يتعرض للملك، ألنه ليس من أهله، وأمرهم أن يملكوا بعض ولد جم، ألنه ابن

ك، وسبق القيام به، وآان أفريدون بن أثفيان مستخفيا في بعض الملك األآبر أو شهنق بن فرواك الذي رسم الملالنواحي من الضحاك، فوافى آابي ومن آان معه، فاستبشر القوم بموافاته، وذلك أنه آان مرشحا للملك برواية آانت

أمر لهم في ذلك، فملكوه، وصار آابي والوجوه ألفريدون أعوانا على أمره، فلما ملك وأحكم ما احتاج إليه منبعض المحبوس تزعم أنه جعله جبيسا في تلك .الملك، واحتوى على منازل الضحاك، اتبعه فأسره بدنباوند في جبالها

.الجبال، موآال به قوم من الجن

إنه قتله، وزعموا أنه لم يسمع من أمور الضحاك شيء يستحسن غير شيء واحد، وهو أن بليته لما : ومنهم من يقول

وطالت أيامه، عظم على الناس ما لقوا منه، فتراسل الوجوه في أمره، فأجمعوا على المصير إلى اشتدت ودام جوره بابه، فوافى بابه الوجوه والعظماء من الكور والنواحي، فتناظروا في الدخول عليه والتظلم إليه، والتأتي الستعطافه،

إلى بابه أعلم بمكانهم، فأذن لهم، فدخلوا وآان فاتفقوا على أن يقدموا للخطاب عنهم آابي األصبهاني، فلما صاروا أيها الملك، أي السالم أسلم عليك؟ أسالم من يملك هذه األقاليم : متقدم لهم، فمثل بين يديه، وأمسك عن السالم، ثم قال

ها، ألني بل سالم من يملك هذه األقاليم آل: آلها، أم سالم من يملك هذا اإلقليم الواحد؟ يعني بابل، فقال له الضحاكفإذا آنت تملك األقاليم آلها، وآانت يدك تنالها أجمع، فما بالنا قد خصصنا بمؤنتك : فقال له األصبهاني. ملك األرض

وآيف لم تقسم أمر آذا وآذا بيننا وبين األقاليم؟ وعدد عليه أشياء آان يمكنه ! وتحاملك وإساءتك من بين أهل األقاليمالقول في ذلك، فقدح في قلب الضحاك قوله، وعمل فيه حتى انخزل وأقر باإلساءة، تخفيفها عنهم، وجرد له الصدق و

وتألف القوم ووعدهم ما يحبون، وأمرهم باإلنصراف لينزلوا ويتدعوا، ثم يعودوا ليقضي حوائجهم، ثم ينصرفوا إلى .بالدهم

بالقرب منه تتعرف ما يقولونه، وزعمو أن أمه ودك آانت شرا منه وأردى، وأنها آانت في وقت معاتبة القوم إياقفتغتاظ وتنكره، فلما خرج القوم دخلت مستشيطة منكرة على الضحاك إحتماله القوم، وقالت له، قد بلغني آل ما آان

فلما أآثرت ! وجرأة هؤالء القوم عليك حتى قرعوك بكذا،وأسمعوك آذا، أفال دمرت عليهم ودمدمتهم أوقطعت أيديهميا هذه، إنك لم تفكري في شيء إال وقد سبقت إليه، إال أن القوم بدهوني بالحق : ع عتوهعلى الضحاك قال لها م

وقرعوني به، فلما هممت بالسطوة بهم والوثوب عليهم تخيل الحق فمثل بيني وبينهم بمنزلة الجبل، فما أمكنني فيهم م، وردهم وقد الن لهم، وقضى أآثر ثم سكتها وأخرجها، ثم جلس ألهل النواحي بعد أيام، فوفى لهم بما وعده. شيء

.فعلة استحسنت منه غير هذه -فيما ذآر -حوائجهم، وال يعرف للضحاك

وقد ذآر أن عمر األجدهاق هذا آان ألف سنة، وأن ملكه منها آان ستمائة سنة، وأنه آان في باقي عمره شبيها

عمره ألف سنة ومائة سنة، إلى أن خرج عليه إنه ملك ألف سنة، وآان : وقال بعضهم. بالملك لقدرته ونفوذ أمره .أفريدون فقهره وقتله

من الضحاك هذا، ومن -ممن لم يذآر عمره في التوراة - ال نعلم أحدا آان أطول عمرا : وقال بعض علماء الفرس

.جامر بن يافث بن نوح أبي الفرس، فإنه ذآر أن عمره آان ألف سنةموضع، ألن بعضهم زعم أن نوحا عليه السالم آان في زمانه، وأنه إنما آان وإنما ذآرنا خبر بيوراسب في هذا ال

أرسل إليه وإلى من آان في مملكته، ممن دان بطاعته واتبعه على ما آان عليه من العتو والتمرد على اهللا، فذآرنا مكروه في عاجل الدنيا، إحسان اهللا وأياديه عند نوح عليه السالم بطاعته ربه وصبره على ما لقي منه من األذى وال

بأن نجاه ومن آمن معه واتبعه من قومه، وجعل ذريته هم الباقين في الدنيا، وأبقى له ذآره بالثناء الجميل، مع ما ذخر له عنده في اآلجل من النعيم المقيم والعيش الهنئ، وإهالآه اآلخرين بمعصيتهم إياه وتمردهم عليه، وخالفهم

ه من النعيم، وجعلهم عبرة وعظة للغابرين، مع ما ذخر لهم عنده في اآلجل من العذاب أمره، فسلبهم ما آانوا في .األليم

82

ونرجع اآلن إلى ذآر نوح عليه السالم والخبر عنه وعن ذريته، إذ آانوا هم الباقين اليوم آما أخبر اهللا عنهم، وآان

.فلم يبق منهم وال من أعقابهم أحداآلخرون الذين بعث نوح إليهم خال ولده ونسله قد بادوا وذريتهم، إنهم " : وجعلنا ذريته هم الباقين : " قد ذآرنا قبل عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أنه قال في قوله اهللا عز وجل

.سام، وحام، ويافث

سمعت :حدثنا عبد الصمد بن معقل، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قال

إن سام بن نوح أبو العرب وفارس والروم، وإن حام أبو السودان، وإن يافث أبو الترك وأبو : وهب بن منبه، يقول .بأجوج ومأجوج، وهو بنو عم الترك

آانت زوجة يافث أربسيسة بنت مرازيل بن الدرمسيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم عليه السالم، : وقيل

حدثنا سلمة، : فيما حدثنا ابن حميد، قال -فمن ولدت له من الذآور جومر بن يافث وهو .وامرأةه سبعة نفرا فولدت لأبو يأجوج ومأجوج، ومارح بن يافث ووائل بن يافث، وحوان بن يافث،وتوبيل بن يافث وهوشل -عن ابن إسحاق

وج الصقالية والترك فيما فمن بني يافث آانت يأجوج ومأج: قال. بن يافث، وترس بن يافث، وشبكة بنت يافثفولدت له . وآانت امرأة حام بن نوح نحلب بنت مارب بن الدرمسيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم. يزعمونفنكح آوش بن حام بن نوح قرنبيل ابنة . آوش بن حام بن نوح، وقوط بن حام بن نوح، وآنعان بن حام: ثالثة نفر

ونكح قوط بن حام بن نوح بخت ابنة بتاويل .لحبشة والسند والهند فيما يزعمونبتاويل ابن ترس بن يافث، فولده له افيما يزعمون ونكح آنعان بن حام بن نوحل أرتيل أبنة -قبط مصر - ابن ترس بن يفاث بن نوخ، فولدت له القبط

.السودان آلهانوبة،وفزان، والزنج، والزغاوة، وأجناس : بتاويل بن ترس بن يافث بن نوح، فولدت له األساود

ويزعم أهل التوراة أن ذلك لم يكن إال عن دعوة : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، في الحديث قال: حدثنا ابن حميد، قالنوح على ابنه حام، وذلك أن نوحا نام فانكشف عن عورته، فرآها حام فلم يغطها، ورآها سام ويافث فألقيا عليها ثوبا

ملعون آنعان بن حام، عبيدا يكونون : ته علم ما صنع حام وسام ويافث، فقالفواريا عورته، فلما وهب من نوميبارك اهللا ربي في سام، ويكون حام عبد أخويه، ويقرض اهللا يافث، ويحل في مساآن حام ويكون : إلخوته، وقالآدم، فولدت له وآانت امرأة سام ابن نوح صليب ابنة بتاويل بن محويل بن خنوخ بن قين بن: قال. آنعان عبدا لهم

وال أدري إرم : أرفخشد بن سام، وأشوذ بن سام، والوذ بن سام، وعويلم بن سام، وآان لسام إرم بن سام، قال: نفراأخبرني أبي، : أخبرني هشام بن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: ألم أرفخشد وإخوته أم ال؟ حدثني الحارث، قال

ضاقت بولد نوح سوق ثمانين تحولوا إلى بابل فبنوها، وهي بين الفرات لما : عن أبي صالح، عن ابن عباس، قالوالصراة، وآانت اثنى عشر فرسخا في اثنى عشر فرسخا، وآان بابها موضع دوران اليوم، فوق جسر الكوفة يسرة

.إذا عبرت، فكثروا بها حتى بلغوا مائة ألف، وهم على اإلسالم

ح الوذ بن سام بن نوح شبكة ابنة يافث بن نوح، فولدت له فارس وجرجان ورجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق، فنك

آلهم أمم .وأجناس فارس، وولد لالوذ مع الفرس طسم وعمليق، وال أدري أهو ألم الفرس أم ال؟ فعمليق أبو العماليقآانت الجبابرة تفرقت في البالد، وآان أهل المشرق وأهل عمان وأهل الحجاز وأهل الشام، وأهل مصر منهم، ومنهم

بالشام الذين يقال لهم الكنعانيون، ومنهم آانت الفراعنة بمصر، وآان أهل البحرين وأهل عمان منهم أمة يسمون وأهل نجد منهم بديل وراحل . جاسم، وآان ساآني المدينة منهم، بنوهف وسعد بن هزان، وبنو مطر، وبنو األزرق

منهم بتيماء أسمه األرقم، وآانوا ساآني نجد مع ذلك، وآان ساآني وآان ملك الحجاز . وغفار، وأهل تيماء منهم .الطائف بنو عبد ضخم، حي من عبس األول

وآان بنو أميم بن الوذ بن سام بن نوح أهل وبار بأرض الرمل، رمل عالج، وآانوا قد آثروا بها وربلوا، : قال

.ت منهم بقية، وهو الذين يقال لهم النسناسفأصابهم من اهللا عز وجل نقمة من معصية أصابوها، فهلكوا وبقيوآان طسم بن الوذ ساآن اليمامة وما حولها، قد آثروا بها وربلوا إلى البحرين، فكانت طسم والعماليق وأميم :قال

83

وآانت فارس من أهل المشرق ببالد فارس، يتكلمون بهذا . وجاسم قوما عربا، لسانهم الذي جبلوا عليه لسان عربي .ارسياللسان الف

فولد عوص بن إرم غاثر بن عوص . وولد إرم بن سام بن نوح عوص بن إرم، وغاثر بن إرم، وحويل بن إرم: قال

وآانوا قوما عربا يتكلمون . وولد غاثر بن إرم ثمود بن غاثر، وجديس بن غاثر. وعاد بن عوص، وعبيل ابن عوصالعاربة، ألنه لسانهم الذي جبلوا عليه، ويقولون لبني العرب: بهذا اللسان المضري، فكانت العرب تقول لهذه األمم

فعاد وثمود . العرب المتعربة، ألنهم إنما تكلموا بلسان هذه األمم حين سكنوا بين أظهرهم: إسماعيل بن إبراهيموالعماليق وأميم وجاسم وجديس وطسم هم العرب، فكانت عاد بهذه الرمل إلى حضرموت واليمن آله، وآانت ثمود

حجر بني الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله، ولحقت جديس بطسم، فكانوا معهم باليمامة وما حولها إلى بال .البحرين،واسم اليمامة إذ ذاك جو، وسكنت جاسم عمان فكانوا بها

ك من إن نوحا دعا لسام بأن يكون األنبياء والرسل من ولده، ودعا ليافث بأن يكون الملو: وقال غير ابن إسحاق

ولده، وبدأ بالدعاء ليافث وقدمه في ذلك على سام، ودعا على حام بأن يتغير لونه، ويكون ولده عبيدا لولد سام .ويافث

وذآر في الكتب أنه رق على حام بعد ذلك فدعا له بأن يرزق الرأفة من إخوته، ودعا من ولد ولده لكوش بن : قال

ولد الولد لحقوا نوحا فخدموه، آما خدمه ولده لصلبه، فدعا لعدة حام ولجامر بن يافث بن نوح، ذلك أن عدة من .منهمفمن ولد أرفخشد األنبياء والرسل : قال. فولد لسام عابر وعليم وأشوذ وأرفخشد والوذ وإرم، وآان مقامه بمكة: قال

لترك والخزر ومن ولد يافث بن نوح ملوك األعاجم آلها من ا. وخيار الناس، والعرب آلها، والفراعنة بمصروغيرهم، والفرس الذي آخر من ملك منهم يزدجرد بن شهريار بن أبرويز، ونسبه ينتهي إلى جيومرت بن يافث بن

!نوح

ويقال إن قوما من ولد الوذ بن سام بن نوح وغيره من إخوته نزعوا إلى جامر هذا، فأدخلهم جامر في نعمته : قالوهو الذي يقال إن آيرش الماذوي قتل :قال. تنسب السيوف الماذية إليهوملكه، وأن منهم ماذي بن يافث، وهو الذي .بلشصر بن أولمرودخ بن بختنصر من ولده

.ولد حام بن نوح، النوبة، والحبشة، وفزان، والهند والسند، وأهل السواحل في المشرق والمغرب: قال

.ومنهم نمرود، وهو نمرود بن آوش بن حام: قال

بن سام ابنة قينان، وال ذآر له في التوراة، وهو الذي قيل أنه لم يستحق أن يذآر في الكتب وولد ألرفخشد: قال

المنزلة، ألنه آان ساحرا، وسمى نفسه إلها، فسيقت المواليد في التوراة على ارفخشد بن سام ثم على شالخ بن فقنان .بن أرفخشد من غير أن يذآر قينان في النسب، لما ذآر من ذلك

أحدهما فالغ، ومعناه : وولد لعابر ابنان. وولد لشالخ عابر. إنه شالخ بن أرفخشد من ولد لقينان: قيل في شالخو: قال

.وسمي اآلخر قحطان - وإنما سمي بذلك ألن األرض قسمت واأللسن تبلبلت في أيامه - بالعربية قاسم يمن، وآان قحطان أول من ملك اليمن، فولد لقحطان يعرب ويقطان ابنا قحطان بن عابر بن شالخ، فنزال أرض ال

وولد ألرغوا ساروغ، وولد -وولد لفالغ بن عابر أرغوا . ، آما آان يقال للملوك" أبيت اللعن " وأول من سلم عليه

84

وولد ألرفخشد . وولد لتارخ إبراهيم صلوات اهللا عليه -واسمه بالعربية أزر -لساروغ ناحورا، وولد لنا حورا تارخ .وولد لالوذ بن سام طسم وجديس ، وآان منزلهما اليمامة. بن أرفخشد، وآان منزله بناحية الحجر أيضا نمرود

وولد لالوذ أيضا عمليق بن الوذ، وآان منزله الحرم وأآناف مكة، ولحق بعض ولده بالشام، فمنهم آانت العماليق، .ومن العماليق الفراعنة بمصر

وولد إلرم بن . ، وآان آثير الولد، فنزع بعضهم إلى جامر بن يافث بالمشرقوولد لالوذ أيضا أميم بن الوذ بن سام

.وولد لعوص عاد بن عوص. سام عوص بن إرم، وآان منزله األحقاف

وأمام حام بن نوح، فولد له آوش ومصرايم وقوط وآنعان، فمن ولد آوش نمرود المتجبر الذي آان ببابل، وهو

.ولد حام بالسواحل من المشرق والمغرب والنوبة والحبشة وفزان نمرود بن آوش بن حام، وصارت بقية .إن مصرايم ولد القبط والبربر، وإن قوطا صار إلى أرض السند والهند فنزلها، وإن أهلها من ولده: ويقال: قال

ن وم. ومن ولد جامر ملوك فارس. وأما يافث بن نوح فولد له جامر وموعج وموادي وبوان وثوبال وماشج وتيرشومن ولد موعج يأجوج ومأجوج، وهم في شرقي أرض الترك . ومن ولد ماشج األشبان. ولد تيرش الترك والخزر

ومن ولد بوان الصقالية . ومن ولد بوان الصقالبة وبرجان واألشبان، آانوا في القديم بأرض الترك والخزر. والخزرها من وقع من ولد العيص وغيرهم، وقصد آل فريق وبرجان واألشبان، آانوا في القديم بأرض الروم قبل أن يقع ب

.سام وحام ويافث أرضا، فسكنوها ودفعوا غيرهم عنها: من هؤالء الثالثة

الهند والسند بنو : قال: أخبرنا هشام بن محمد عن أبيه: حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثني الحارث بن محمد، قال

ومكران بن البند، وجرهم، اسمه هذرم بن عابر بن . سام بن نوح توقير بن يقطن بن عابر بن شالخ ابن أرفخشد بنويقطن هو . وحضرموت بن يقطن بن عابر بن شالخ. سبأ بن يقطن بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح

والفرس بنو فارس بن . قحطان بن عابر بن شالخ ابن أرفخشد بن سام بن نوح، في قول من نسبة إلى غير إسماعيلوأهل الجزيرة والعال من ولد ماش بن . النبط بنو نبيط بن ماش ابن إرم بن سام بن نوح. بن ناسور بن نوح تيرش

وطسم وأميم بنو لوذ بن سام بن نوح وعمليق هو أبو العمالقة، ومنهم -وهو عريب -وعمليق . إرم بن سام ابن نوحن لوذ بن سام بن نوح، ما خال صنهاجة وآتامة، البربر وهم بنو ثميال بن مارب بن فاران بن عمرو بن عمليق ب

.فإنهما بنو فريقيش بن قيس بن صيفي بن سبأ

العرب العاربة، وثمود وجديس : إن عمليق أول من تكلم بالعربية حين ظعنوا من بابل، فكان يقال لهم ولجرهم: ويقال

بن نوح، والروم بنو لنطي ابن يونان، ابنا عابر بن إرم بن سام ابن نوح، وعاد وعبيل ابنا عوص بن إرم بن سامونمرود بن آوش بن آنعان بن حام بن نوح وهو صاحب بين، وهو صاحب إبراهيم خليل . وبن يافث بن نوح

.الرحمن صلى اهللا عليه

إرمان، : وآان يقال لعاد في دهرهم عاد إرم، فلما هلكت عاد قيل لثمود إرم، فلما هلكت ثمود قيل لسائر بني إرم: قالفهم النبط، فكل هؤالء آان على اإلسالم وهم ببابل، حتى ملكهم نمرود بن آوش بن آنعان بن حام بن نوح، فدعاهم إلى عبادة األوثان ففعلوا، فأمسوا وآالمهم السريانية، ثم أصبحوا وقد بلبل اهللا ألسنتهم، فجعل ال يعرف بعضهم آالم

م ثمانية عشر لسانا، ولبني يافث ستة وثالثون لسانا، ففهم اهللا بعض، فصار لبني سام ثمانية عشر لسانا، ولبني حا .العربية عادا وعبيل وثمود وجديس وعمليق وطسم وأميم وبني يقطن بنعابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح

أخبرني : لحدثنا ابن سعد، قا: وآان الذي عقد لهم األلوية ببابل بوناظر بن نوح، وآان نوح فيما حدثني الحارث، قالتزوج امرأة بني قابيل، فولدت له غالما، فسماه بوناظر، : أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس: هشام، قال

فولده بمدينة بالمشرق يقال لها معلون شمسا، فنزل بنو سام المجدل سرة األرض، وهو ما بين ساتيدما إلى البحر، ونزل بنو حام مجرى الجنوب . لكتاب والجمال واألدمة والبياض فيهموما بين اليمن إلى الشام، وجعل اهللا النبوة وا

والد بور، ويقال لتلك الناحية الداروم، وجعل اهللا فيهم أدمة وبياضا قليا، وأعمر بالدهم وسماءهم، ورفع عنهم بنو ونزل. الطاعون، وجعل في أرضهم األئل واألراك والعثر والغار والنخل، وجرت الشمس والقمر في سمائهم

85

يافث الصفون مجرى الشمال والصبا، وفيهم الحمرة والشقرة، وأخلى اهللا أرضهم فاشتد بردها، وأخلى سماءهم، فليس يجري فوقهم شيء من النجوم السبعة الجارية، ألنهم صاروا تحت بنات نعش والجدي والفرقدين، فابتلوا

ولحقت عبيل بموضع . غيث فلحقتهم بعد مهرة بالشحرثم لحقت عاد بالشحر، فعليه هلكوا بواد يقال له م. بالطاعونولحقت ثمود . يثرب، فأخروجوا منها عبيل، فنزلوا موضع الجحفة، فأقبل السيل فأجتحفهم فذهب بهم فسميت الجحفة

بالحجر وما يليه فهلكوا ثم، ولحقت طسم وجديس باليمامة فهلكوا، ولحقت أميم بأرض أبار فهلكوا بها، وهي بني ولحقت بن يقطن بنو . وإنما سميت أبار بأبار بن أميم. والشحر، وال يصل إليها ا ليوم أحد، غلبت عليها الجناليمامة

عابر باليمن، فسميت اليمن حيث تيامنوا إليها، ولحق قوم من بني آنعان بالشأم فسميت الشأم حيث تشاءموا إليها، ئيل فقتلوهم بها، ونفوهم عنها، فكانت الشأم لبني وآانت الشأم يقال لها أرض بني آنعان، ثم جاءت بنو إسرا

إسرائيل، ثم وثبت الروم على بني إسرائيل فقتلوهم، وأجلوهم إلى العراق إال قليال منهم، ثم جاء العرب فغلبوا على .هو الذي قسم األرض بين بني نوح آما سمينا -الشأم، وآان فالغ وهو فالغ بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح

أما األخبار عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وعن علماء سلفنا في أنساب األمم التي هي في األرض اليوم، فعلى وحدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن : ما حدثني أحمد بن بشير بن أبي عبد اهللا الوراق، قال

" .م أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش سا: " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: سمرة، قال

عن الحسن، عن . حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: حدثنا روح، قال: حدثني القاسم بن بشر بن معروف، قال

سام وحام ويافث، فسام أبو العرب، وحام : ولد نوح ثالثة: " سمرة بن جندب، عن النبي صلى اهللا عليه وسمل، قال " .لزنج، ويافث أبو الروم أبو ا

حدثنا عباد بن العوام، عن سعيد، قتادة، عن الحسن، عن سمرة، : حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا أبو آريب، قال

" .سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: قال

حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، : حدثني روح، قال :حدثني عبد اهللا بن أبي زياد، قال

أحفظ يافث، وسمعت : روحقال : قال عبد اهللا" . ولد نوح سام وحام ويافث : " عن النبي صلى اهللا عليه وسلم، قالحسن، عن سمرة وقد روي هذا الحديث عن عبد األعلى بن عبد األعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن ال .مرة يافت

.وعمران بن حصين، عن النبي صلى اهللا عليه وسلم

: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: حدثني عمران بن بكار الكالعي قال

.سام، حام، ويافث: ولد نوح ثالثة، وولد آل واحد ثالثة: سمعت سعيد بن المسيب يقول

وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وليس في . رس والروم، وفي آل هؤالء خيرفولد سام العرب وفا .واحد من هؤالء خير، وولد حام القبط والسودان والبربر

ولد حام آل أسود جعد الشعر، وولد يافث آل عظيم : وروي عن ضمرة بن ربيعة، عن ابن عطاء، عن أبيه، قالوعاد نوح على حام أال يعدو شعر ولده أانهم، : قال. حسن الوجه حسن الشعر الوجه صغير العينين، وولد سام آل .وحيثما لقى ولده ولد سام استعبدوهم

وزعم أهل التوراة أن سام ولد لنوح بعد أن مضى من عمره خمسمائة سنة، ثم ولد لسام أرفخشد بعد أن مضى من ثم ولد ألرفخشد فينان، وآان عمر . ستمائة سنة -ا فيما زعمو - عمر سام مائة سنة وسنتان، فكان جميع عمر سام

وولد قينان ألفرفخشد بعد أن مضى من عمره خمس وثالثون سنة، ثم ولد . أرفخشد أربعمائة وثمانيا وثالثين سنةلقينان شالخ بعد أن مضى من عمره تسع وثالثون سنة، ولم يذآر مدة عمر قينان في الكتب فيما ذآر لما ذآرنا من

ثم ولد لشالخ عابر بعد أن مضى من عمره ثالثون سنة، وآان عمر شالخ آله أربعمائة سنة وثالثا وثالثين . لأمره قب .سنة

86

ثم ولد لعابر فالغ وأخوه قحطان، وآان مولد فالغ بعد الطوفان بمائة وأربعين سنة، فلما آثر الناس بعد ذلك مع قرب

فرقون، أو صرح عال يحرزهم من الطوفان إن آان مرة أخرى فال عهدهم بالطوفان هموا ببناء مدينة تجمعهم فال يتيغرقون، فأراد اهللا عز وجل أن يوهن أمرهم، ويخلف ظنهم ويعلمهم أن الحول والقوة له، فبدد شملهم، وشتت

.وآان عمر عابر أربعمائة سنة وأربعا وسبعين سنة. جمعهم، وفرق ألسنتهم

ئتين وتسعا وثالثين سنة، وولد أرغوا لفالغ وقد مضى من عمره ثالثون سنة، ثم ولد لفالغ أرغوا،وآان عمر فالغ ما

ثم ولد ألرغوا ساروغ، وآان عمر أرغوا مائتين وتسعا وثالثين سنة، ثم ولد ألرغوا ساروغ، وآان عمر أرغوا روغ ناحور، ثم ولد لسا. مائتين وتسعا وثالثين سنة، وولد له ساروغ بعد ما مضى من عمره اثنتان وثالثون سنة

.وولد له ناحور، وقد مضى من عمره ثالثون سنة. وآان عمر ساروغ مائتين وثالثين سنة

ثم ولد لناحور تارخ أبو إبراهيم، صلوات اهللا عليه، وآان هذا اإلسم اسمه الذي سماه أبوه، فلما صار مع نمرود قيما

وقد . إنما هو اسم صنم، فهذا قول يروي عن مجاهدإن أزر ليس باسم أبيه، و: وقد قيل. على خزانة آلهته سماه آزرقيل إنه عيب عابه به بمعنى معوج، بعد ما مضى من عمر ناحور سبع وعشرون سنة، وآان عمر ناحور آله مائتين

.وثمانيا وأربعيا سنة

: كتاب يقولوولد لتارخ إبراهيم، وآان بين الطوفان ومولد إبراهيم ألف سنة وتسع وسبعون سنة، وآان بعض أهل ال

آان بين الطوفان ومولد إبراهيم ألف سنة ومائتا سنة وثالث وستون سنة، وذلك بعد خلق آدم بثالثة آالف وثالثمائة .سنة وسبع وثالثين سنة

وولد لقحطان بن عابر يعرب، فولد يعرب يشجب بن يعرب، فولد يشجب سبأ بن يشجب، فولد سبأ حمير بن سبأ

فولد عمرو ابن سبأ . سبأ، واألشعر بن سبأ وأنمار بن سبأ ومر بن سبأ عاملة بن سبأ وآهالن بن سبأ وعمرو ابن .عدي بن عمرو، فولد عدي لخم بن عدي وجذام بن عدي

وزعم بعضهم أن أفريدون هو . وقد زعم بعض نسابي الفرس أن نوحا هو أفريدون الذي قهر األزدهاق، وسلبه ملكه

هو سليمان : وقال بعضهم. سالم الذي قضى له ببئر السبع، الذي ذآر اهللا في آتابهذو القرنين صاحب إبراهيم عليه ال .بن داود

إنه نوح، وإن قصته شبيهة بقصة نوح في أوالد له : وإنما ذآرته في هذا الموضع لما ذآرت فيه من قول من قال

ان على يد نوح وأن نوحا إنما وأنه قيل إن هالك الضحاك آ. ثالثة، وعدله وحسن سيرته، وهالك الضحاك على يدهحين أرسل إلى قومه، وهم آانوا -آان هالك الضحاك على يدي نوح : في قول من ذآرت عنه أنه قال - آان أرسل .قوم الضحاك

فأما الفرس فإنهم ينسبونه النسبة التي أنا ذاآرها، وذلك أنهم يزعمون أن أفريدون من ولد جم شاذ الملك الذي قتله

.على ما قد بينا من أمره قبل، وان بينه جم عشرة آباءاألزدهاق،

وهو من نسل جم الملك الذي آان من قبل - بلغنا أن أفريدون : وقد حدثت عن هشام بن محمد بن السائب، قالخرج حتى ورد منزل الضحاك، فأخذه وأوثقه، - ويزعمون أنه التاسع من ولده، وآان مولده بدنباوند : الضحاك، قال

ئتي سنة، ورد المظالم، وأمر الناس بعبادة اهللا واإلنصاف واإلحسان، ونظر إلى ما آان الضحاك غصب وملك ما

87

.الناس من األرضين وغيرها، فرد ذلك آله على أهله، إال ما لم يجد له أهال، فإنه وقفه على المساآين والعامةاسم األآبر سلم، : وإنه آان له ثالثين بنين ويقال إنه أول من سمي الصوافي، وأول من نظر في الطب والنجوم،: قال

والثاني طوج، والثالث إبرج، وأن افريدون تخوف أال يتفق بنوه، وأن يبغي بعضهم على بعض، فقسم ملكه بنيهم ثالثا، وجعل ذلك في سهام آتب أسماءهم عليها، وأمر آل واحد منهم فأخذ سهما، فصارت الروم وناحية المغرب

العراق والهند، فدفع التاج والسرير إليه، -وهو إيرج - والصين لطوج، وصارت للثالث لسلم، وصارت الترك .ومات أفريدون، فوثب إيرج أخواه فقتاله، وملكا األرض بينهما ثالثمائة سنة

ا وإنما فعلوا ذلك فعلوا ذلك خوف: قالوا. والفرس تزعم أن ألفريدون عشرة آباء، آلهم يسمي أثفيان باسم واحد: قال

من الضحاك على أوالدهم، لرواية آانت عندهم، بأن بعضهم يغلب الضحاك على ملكه،ويدرك منه ثأر جم، وآانوا أثفيان صاحب البقر الحمر، وأثفيان صاحب البقر البلق، : يعرفون ويميزون بألقاب لقبوها، فكان يقال للواحد منهم

-بن أثفيان نيككاو -وتفسيره صاحب البقر الكثير -و وهو أفريدون بن أثفيان بوآا. وأثفيان صاحب البقر الكدر -بن أثفيان بورآاو -وتفسيره صاحب البقر السمان العظام -وتفسيره صاحب البقر الجياد، بن أثفيان سيرآاو بن أثفيان -وتفسيره صاحب البقر الصفر -بن أثفيان أخشين آاو -وتفسيره صاحب البقر التي بلون حمير الوحش

-بن أثفيان آيروآاو - وتفسيره صاحب البقر البيض -بن أثفيان اسبيذآاو - وتفسيره صاحب البقر السود - آاو سياهبن أثفيان بنفر وسن، - وتفسيره آل ضرب من األلوان والقطعان - بن أثفيان رمين -وتفسيره صاحب البقر الرمادية

.بن جم الشاذ

روحاني، : آي أفريدون، وتفسير الكيية أنها بمعنى التنزيه، آما يقال: فقيل لهإن أفريدون أول من سمي بالكيية : وقيل

" اي طلب الدخل، ويزعم بعضهم أن " آي " وقيل إن معنى . يعنون به أن أمره أمر مخلص منزه يتصل بالروحانيةرجال جسيما وسيما من البهاء، وأن البهاء يغشى أفريدون حين قتل الضحاك، وتذآر العجم من الفرس أنه آان" آي

بهيا مجربا، وأن أآثر قتاله آان بالجرز، وأن جرزه آان رأسه آرأس الثور، وأن ملك ابنه إبرج العراق ونواحيها آان في حياته، وأن أيام إيرج داخله في ملك أفريدون، وأنه ملك األقاليم آلها، وتنقل في البلدان، وأنه لما جلس على

لقاهرون بعون اهللا وتأييده للضحاك، القامعون للشيطان وأحزابه، ثم وعظ الناس، نحن ا: سريره يوم الملك قال - فأمرهم بالتناصف وتعاطي الحق وبذل الخير بينهم، وحثهم على الشكر والتمسك به، ورتب سبعة من القوهياربين

. على شبيه بالتمليك وصير إلى آل واحد منهم ناحية من دنباوند وغيرها -وتفسير ذلك محولو الجبال سبع مراتب لقد سمت بك همتك، : ال تقتلني بجدك جم، فقال له أفريدون منكرا لقوله: فلما ظفر بالضحاك قال له الضحاك: قالوا

وأعلمه أن جده آان أعظم قدرا من أن يكون مثله آفئا له في ! وعظمت في نفسك حين قدرتها لهذا، وطمعت لها فيه .ن في دار جدهالقود، وأعلمه أنه يقلته بثور آا

وقيل إن أفريدون أول من ذلل الفيلة وامتطاها، ونتج البغال، واتخذ اإلوز والحمام، وعالج الدرباق، وقاتل األعداء

طوج وسلم وإيزج، فملك طوجا ناحية الترك والخزر والصين، : فقتلهم ونفاهم، وأنه قسم األرض بين أوالده الثالثةيها النواحي التي اتصلت بها، وملك سلما ابنه الثاني الروم والصقالية والبرجان فكانوا يسمونها صين بغا، وجمع إل

وهو إقليم بابل، وآانوا يسمونها خنارث بعد أن جمع إلى ذلك ما -وما في حدود ذلك، وجعل وسط األرض وعامرها وبهذا السبب . أحبهم إليهأليرج وهو األصغر من بنيه الثالثة، وآان - اتصل به من السند والهند والحجاز وغيرها

سمي إقليم بابل إيرانشهر، وبه أيضا نشبت العداوة بين ولد أفريدون وأوالدهم بعد، وصار ملوك خنارث والترك .والروم إلى المحاربة ومطالبة بعضهم بعضا بالدماء والترات

غضاء، ولم يزل التحاسد ينمي إن طوجا وسلما لما علما بأن أباهما قد خص إيرج وقدمه عليهما أظهرا له الب: وقيلفقتاله متعاونين عليه، وأن طوجا رماه بوهق فخنقه، فمن أجل ذلك . بينهم إلى أن وثب طوج وسلم على أخيمها إيرج

استعملت الترك الوهق، وآان إليرج ابنان، يقال لهما وندان وأسطوية، وابنة يقال لها خوزك، ويقال خوشك، فقتل .ما، وبقيت اإلبنةسمل وطوج االبنين مع ابيه

88

إن اليوم الذي غلب فيه أفريدون الضحاك آان روزمهر من مهرماه، فاتخذ الناس ذلك اليوم عيدا الرتفاع بلية : وقيل

إن أفريدون آان جبارا عادال في ملكه، وآان طوله تسعة أرماح، آل : الضحاك عن الناس، وسماه المهرجان، فقلأرماح، وعرض صدره أربعة أرماح، وأنه آان يتبع من آل بقي بالسودان رمح ثالثة أبواع، وعرض حجرته ثالثة

.من آل نمرود والنبط، وقصدهم حتى أتى على وجوههم، ومحا أعالمهم وآثارهم، وآان ملكه خمسمائة سنة خليل الرحمن عليهما السالم حداث التي آانت بين نوح وإبراهيمذآر األ

ه السالم وأمر ولده واقتسامهم األرض بعده، ومساآن آل فريق منهم، وأي قد ذآرنا قبل ما آان من أمر نوح علي

وآان ممن طغا وعتا على اهللا عز وجل بعد نوح، فأرسل اهللا إليهم رسوال فكذبوه وتمادوا في . ناحية سكن من البالدم بن نوح، وهي عاد أحدهما عاد ابن عوص بن إرم ابن سا: غيهم، فأهلكهم اهللا هذان الحيان من إرم بن سام بن نوح

.األولى، الثاني ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نوح، وهم آانوا العرب العاربة

فأما عاد فإن اهللا عز وجل أرسل إليهم هود بن عبد اهللا بن رباح بن الخلود ابن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن

شد بن سام بن نوح، وآانوا أهل أوثان ثالثة ومن أهل األنساب من يزعم أن هودا هو عابر بن شالخ بن أرفخ. نوحفدعاهم إلى توحيد اهللا وإفراده بالعبادة دون غيره، . صداء، ولآلخر صمود، وللثالث الهباء: يعبدونها، يقال إلحداها

، فلم يؤمن بهود منهم إال قليل، فوعظهم هود إذ تمادوا في طغيانهم! من أشد منا قوة: وترك ظلم الناس، فكذبوه وقالواأتبنون بكل ريع آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فاتقوا اهللا : " فقال لهم

" . وأطيعون واتقوا الذي أمدآم بما تعلمون، أمدآم بأنعام وبنين، وجنات وعيون، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم يا هود ما جئتنا ببنية وما : " وقالوا له" . م لم تكن من الواعظين سواء علينا أو عظت أ: " فكان جوابهم له أن قالوا

فيما - ، فحبس اهللا عنهم " نحن بتارآي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن نقول إال اعتراك بعض آلهتنا بسوء .القطر سنين ثالثا، حتى جهدوا، فأوفدوا وفدا ليستسقوا لهم - ذآر

حدثنا عاصم، عن أبي وائل، عن الحارث : حدثنا أبو بكر بن عياش، قال: أبو آريب، قالفكان من قصتهم ما حدثنا هل أنت حاملي : فمررت بامرأة بالربذة، فقالت: قدمت على رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: بن حسان البكري، قال

المسجد، فإذا رسول اهللا صلى نعم، فحملتها حتى قدمت المدينة، فدخلت : إلى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم؟ قلتعمر بن العاص قدم : ما هذا؟ قالوا: قلت: اهللا عليه وسلم على المنبر، وإذا بالل متقلد السيف، وإذا رايات سود، قال

يا رسول اهللا، إن . من غزوته، فلما نزل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عن منبره أتيته فاستأذنته، فأذن لي، فقلتفدخلت، فلما جلست قال لي : يا بالل، ائذن لها، قال: بني تميم، قد سألتني أن أحملها إليك، قال بالباب امرأة من

نعم، وآانت الدبرة عليهم، فإن رأيت أن تجعل : هل آان بينكم وبين تميم شيء؟ قلت: رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلممثلي مثل معزى حملت : قلت: رسول اهللا؟ قالتقول المرأة فأين تضطر مضرك يا :الدهناء بيننا وبينهم فعلت، قال

: قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم. أعوذ باهللا أن أآون آوفد عاد! أو حملتك تكونين على خصما: قلت: حتفا، قالعلى الخبير سقطت، إن عادا قحطت، فبعثت من يستسقي لها، فمروا على بكر بن معاوية : قلت: وما وفد عاد؟ قال

الخمر،وتغنيهم الجرادتان شهرا، ثم بعثوا رجال من عنده، حتى أتى جبال مهرة، فدعا، فجاءت سحابات، بمكة يسقيهم : خذها رمادا رمددا، ال تدع من عاد أحدا قال: إذهبي إلى آذا، حتى جاءت سحابة فنودي منها: وآلما جاءت قال: قال

.فسمعه وآتمهم حتى جاءهم العذاب

اللهم إني : فأقبل الذي أتاهم، فأتى جبال مهرة فصعد فقال: د ذاك في حديث عاد، قالقال أبو بكر بع: قال أبو آريب: فنودي منها: قال. فرفعت له سحابات: قال! لم أجئك ألسير فأفاديه، وال لمريض أشفيه، فأسق عادا ما آنت مسقيه

اذهبي إلى : بة سوداء، فقالفمرت آخرها سحا: قال. اذهبي إلى بني فالن اذهبي إلى بني فالن: أختر، فجعل يقول. وآتمهم والقوم عند بكر بن معاوية يشربون:قال. خذها رمادا رمددا، ال تدع من عاد أحدا: فنودي منها: قال. عاد .فأخذ في الغناء وذآرهم: قال. وآره بكر بن معاوية أن يقول لهم من أجل أنهم عنده، وأنهم في طعامه: قال

89

حدثنا سالم أبو المنذر النحوي، قال، حدثنا عاصم، عن أبي وائل، : يد بن حباب، قالحدثنا أبو آريب، قال حدثنا ز

خرجت ألشكو العالء بن الحضرمي إلى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، : عن الحارث بن يزيد البكري، قال حاجة، فهل أنت يا عبد اهللا، إن لي إلى رسول اهللا: فمررت بالربذة، فإذا عجوز منقطع بها من بني تميم، فقالت

ما شأن : قلت: قال -" فإذا رايات سود : " أظنه أنا قال: قال أبو جعفر - فحملتها، فقدمت المدينة : مبلغي إليه؟ قال -أو قال رحله -فدخل منزله : فجلست حتى فرغ، قال: قال. يريد أن يبعث بعمرو بن العاص وجها: الناس؟ قالوا

هل آان بينكم وبين تميم : خلت فقعدت، فقال لي رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمفد: قال. فاستأذنت عليه، فأذن لينعم، وآانت الدبرة عليهم، وقد مررت بالربذة، فإذا عجوز منهم منقطع بها، فسألتني أن أحملها : قلت: شيء؟ قال

، اجعل بيننا وبين تميم يا رسول اهللا: إليك، وها هي بالباب، فأذن لها رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فدخلت، فقلت: " أنا آما قالوا: قلت: فأين تضطر مضرك يا رسول اهللا؟ قال: الدهناء حاجزا، فحميت العجوز واستوفزت، وقالت

وما : قال! ، حملت هذه وال أشعر أنها آائنة لي خصما، أعوذ باهللا ورسوله أن أآون آوافد عاد" معزي حملت حتفا وافدا، فنزل " قيال " إن عادا قحطوا فبعثوا : وهو يستطعمني الحديث قلت: قطت، قالعلى الخبير س: وافد عاد؟ قلت

إني لم أجئ : على بكر، فسقاه الخمر شهرا، وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان، فخرج إلى جبال مهرة، فنادىخذها رمادا : ود، فنودي منهافمرت به سحابات س! لمريض فأدوايه وال ألسير فأفاديه، اللهم أسق عادا ما آنت تسقيه

ال تكن آوافد عاد، فما بلغني أنه أرسل عليهم من الريح يا : فكانت المرأة تقول: قال. رمددا، ال تبقي من عاد أحدا .وآذلك بلغني: قال أبو وائل. رسول اهللا إال قدر ما يجري في خاتمي

: أن عادا لما أصابهم من القحط ما أصابهم قالوا: عنهحدثنا سلمة : وأما ابن إسحق فإنه قال آما حدثنا ابن حميد، قالجهزوا منكم وفدا إلى مكة فيستسقوا لكم، فبعثوا قيل بن عتر ولقيم بن هزال بن هزيل بن عتيل ابن صد بن عاد

وجلهمة بن الخبيري، خال معاوية بن بكر أخا أمه، ثم - وآان مسلما يكتم إسالمه - األآبر، ومرثد بن سعد بن عفير عثوا لقمان بن عاد بن فالن بن فالن بن صد بن عاد األآبر، فانطلق آل رجل من هؤالء القوم معه رهط من قومه، ب

حتى بلغ عدة وفدهم سبعين رجال، فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر وهو بظاهر مكة خارجا من الحرم، كر أخت معاوية بن بكر ألبيه وأمه آلهدة ابنة الخيبري وآانت هزيلة ابنة ب. فأنزلهم وأآرمهم، وآانوا أخواله وصهره

عند لقيم بن هزال بن عتيل بن صد بن عاد األآبر، فولدت له عبيد بن لقيم بن هزال وعمرو بن لقيم بن هزال وعامر لتي بن لقيم بن هزال وعمير بن لقيم بن هزال، فكانوا في أخوالهم بمكة عند آل معاوية بن بكر، وهم عاد األخيرة ا

- فلما نزل وفد عاد على معاوية بن بكر أقاموا عنده شهرا بشربون الخمر، وتغنيهم الجرادتان . بقيت من عاد األولىولكان مسيرهم شهرا، ومقامهم شرها، فلما رأى معاوية بن بكر طول مقامهم، وقد بعثهم - قينتان لمعاوية بن بكر

هلك أخوالي وأصهاري وهؤالء مقيمون عندي، : ذلك عليه فقالقومهم يتغوثون بهم من البالء الذي أصابهم، شق أستحي أن آمرهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه، فيظنوا أنه ! آيف أصنع بهم: وهو ضيق نازلون علي، واهللا ما أدري

فشكا ذلك من أمرهم إلى . ضيق مني بمقامهم عندي، وقد هلك من و راءهم من قومهم جهدا وعطشا، أو آما قالفقال معاوية بن بكر حين ! قل شعرا نغنيهم به ال يدرون من قاله، لعل ذلك أن يحرآهم: يه الجرادتين، فقالتاقينت

:أشارتا عليه بذلك

لعل اهللا يسقينا غماما... أال يا قيل، ويحك قم فهينم

قد أمسوا ال يبينون الكالما... فيسقي أرض عاد، إن عادا به الشيخ الكبير وال الغالما... من العطش الشديد، فليس نرجو

فقد أمست نساؤهم غيامى... وقد آانت نساؤهم بخير وال تخشى لعادي سهاما... وإن الوحش تأتيهم جهارا نهارآم وليلكم التماما... وأنتم ها هنا فيما اشتهيتم !وال لقوا التحية والسالم... فقبح وفدآم من وفد قوم

يا قوم إنما بعثكم : فلما سمع القوم ما غنتا به، قال بعضهم لبعض. تهم به الجرادتانفلما قال معاوية ذلك الشعر، غن

قومكم يتغوثون بكم من هذا البالء الذي نزل بهم، وقد أبطأتم عليهم، فادخلوا هذا الحرم فاستسقوا لقومكم، فقال مرثد

90

فأظهر إسالمه عند ذلك، فقال لهم . ليه سقيتمإنكم ال تسقون بدعائكم، ولكن إن أطعتم نبيكم، وأنبتم إ: بن سعد بن عفير :جلهمة بن الخيبري، خال معاوية بن بكر حين سمع قوله، وعرف أنه قد تبع دين هود آمن به

ذوي آرم وأمك من ثمود... أبا سعد فإنك من قبيل ولسنا فاعلين لما تريد... فإنا لن نطيعك ما بقينا والعبود وزمل وآل صد... أتأمرنا لنترك آل رفد ذوي رأي ونتبع دين هود... ونترك دين آباء آرم

احبسا عنا مرثد بن سعد فال : ثم قال لمعاوية بن بكر وأبيه بكر. ورفد وزمل وصد قبائل من عاد، والعبود منهمخرج ثم خرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد، فلما ولو إلى مكة. يقدمن معنا مكة، فإنه قد اتبع دين هود، وترك ديننا

فلما انتهى إليهم قام يدعو . مرثد بن سعد من منزل معاوية، حتى أدرآهم بها قبل أن يدعوا اهللا بشيء مما خرجوا لهاللهم أعطني سؤلي وحدي، وال تدخلني في شيء مما يدعوك به وفد : فقال. اهللا، وبها وفد عاد قد اجتمعوا يدعون

وقد آان " . اللهم أعط قيال ما سألك، واجعل سؤلنا مع سؤله : " دوقال وفد عا.وآان قيل بن عتر رأس وفد عاد. عاداللهم إن جئتك وحدي في حاجتي : تخلف عن وفد عاد لقمان بن عاد، وآان سيد عاد، حتى إذا فرغوا من دعوتهم قال

: هللا سحائب ثالثافأنشأ ا. يا إلهنا، إن آان هود صادقا فاسقنا فإنا قد هلكنا: وقال قيل بن عتر حين دعا. فأعطني سؤليقد اخترت : فقال. يا قيل، اختر لنفسك وقومك من هذا السحاب: بيضاء وحمراء، وسوداء، ثم ناداه مناد من السحاباخترت رمادا رمددا، ال تبقي من عاد أحدا، ال والدا تترك وال : السحابة السوداء، فإنها أآثر السحاب ماء، فناداه مناد

بني اللوذية المهدي وبنو اللوذية بنو لقيم بن هزال بن هزيل بن هزيلة ابنة بكر، آانوا ولدا، إال جعلته همدا، إلى .سكانا بمكة مع أخوالهم، لم يكونوا مع عاد بأرضهم، فهم عاد اآلخرة، ومن آان من نسلهم الذين بقوا من عاد

لنقمة إلى عاد، حتى خرجت عليهم من وساق اهللا السحابة السوداء فيما يذآرون التي اختار قيل بن عتر بما فيها من ا

بل هو : " ، يقول اهللا عز وجل" هذا عارض ممطرنا : " ولما رأوها استبشروا بها، وقالوا. واد لهم يقال له المغيثفكان أول من أبصر ما فيها . ، أي آل شيء أمرت به" ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر آل شيء بأمر بها

ماذا : امرأة من عاد يقال لها مهدد، لما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت، فلما أفاقت قالوا -يذآرون فيما - أنها ريخ سبع ليال وثمانية " فسخرها اهللا عليهم . رأيت ريحا فيها آشهب النار، أمامها رجال يقودونها: رأيت يا مهدد؟ قالت

.عاد أحدا إال هلك الدائمة، فلم تدع من: والحسوم: ، آما قال اهللا" أيام حسوما

ومن معه من المؤمنين في حظيرة، ما يصيبه ومن معه منها إال ما تلين عليه الجلود، - فيما ذآر -فاعتزل هود

وخرج وفد عاد من مكة حتى . وتلتذ األنفس، وإنها لتمر من عاد بالظعن ما بين السماء واألرض، وتدمغهم بالحجارةا عليه، فبيناهم عنده، إذا أقبل رجل على ناقة له في ليلة مقمرة مسى ثالثة من مروا بمعاوية بن بكر وأبيه، فنزلوفارقتهم بساحل البحر، فكأنهم شكوا فيما : فأين فارقت هودا وأصحابه؟ قال: مصاب عاد، فأخبرهم الخبر، فقالوا

فيما -وقد آان قيل . ومثوب بن يعفر بن أخي معاوية بن بكر معهم. صدق ورب مكة: حدثهم، فقالت هزيلة ابنة بكرقد أعطيتم مناآم فاختاروا : لمرثد بن سعد ولقمان بن عاد، وقيل بن عتر حين دعوا بمكة - يزعمون واهللا أعلم

يا رب، أعطني برا وصدقا، فأعطي : ألنفسكم، إال أنه ال سبيل إلى الخلد، فإنه ال بد من الموت، فقال مرثد بن سعدبقاء أيعار ضأن عفر، في : أختر لنفسك، إال إنه ال سبيل إلى الخلد: عمرا، فقيل لهأعطني : ذلك، وقال لقمان بن عاد

-جبل وعر، ال يلقي به إال القطر، أم سبعة أنسر إذا مضى نسر حلوت إلى نسر؟ فاختار لقمان لنفسه النسور، فعمر لقوته، حتى إذا مات أخذ عمر سبعة أنسر، يأخذ الفرخ حين يخرج من بيضته، فيأخذ الذآر منها -فيما يزعمون

وآان آل نسر فيما زعموا يعيش ثمانين سنة، فلما لم يبق غير . غيره، فلم يزل يفعل ذلك، حتى أتى على السابعولبد -هذا لبد : أي ابن أخي: أي عم، ما بقي من عمرك إال عمر هذا النسر، فقال له لقمان: السابع قال ابن أخ للقمان

رك نسر لقمان، وانقضى عمره، طارت النسور غداة من رأس الجبل، ولم ينهض فيها لبد، فلما أد - بلسانهم الدهر فلما لم ير لقمان لبدا نهض مع النسور، نهض إلى الجبل لينظر . وآانت نسور لقمان تلك ال تغيب عنه، إنا هي بعينه

جبل رأى نسره لبدا واقعا من بين ما فعل لبد، فوجد لقمان في نفسه وهنا لم يكن يجده قبل ذلك، فلما انتهى إلى ال .انهض لبد، فذهب لبد لينهض فلم يستطع، عريت قوادمه وقد سقطت، فماتا جميعا: النسور، فناداه

91

أختار أن يصيبني ما : اختر لنفسك آما اختار صاحباك فقال: وقيل لقيل بن عتر حين سمع ما قيل له في السحابفأصابه ما أصاب عادا من العذاب . الي، ال حاجة لي في البقاء بعدهمال أب: إنه الهالك، قال: أصاب قومي، فقيل

:فهلك، فقال مرثد بن سعد بن عفير حين سمع من قول الراآب الذي أخبر عن عاد بما أخبر من الهالك

عطاشا ما تبلهم السماء... عصت عاد رسولهم فأمسوا فأردفهم مع العطش العماء... وسير وفدهم شرها ليسقوا

على آثار عادهم العفاء... رهم بربهم جهارا بكف فإن قلوبهم فقر هواء... أال نزع اإلله حلوم عاد

وما تغني النصيحة والشفاء... من الخبر المبين أن يعوه لنفس نبينا هود فداء... فنفسي وابنتاي وأم ولدي على ظلم، وقد ذهب الضياء... أتانا والقلوب مصمدات يقابله صداء والبهاء... د لنا صم يقال له صمو

وأدرك من يكذبه الشقاء... بأبصره الذين له أنابوا وإخوته إذا جن المساء... فإني سوف ألحق آل هود

.إن رئيسهم وآبيرهم في ذلك الزمان الخلجان: وقيل

خرجت الريح لما : حدثنا أبي، عن إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني العباس بن الوليد، قال

تعالوا حتى نقوم على شفير الوادي فنردها، فجعلت : على عاد من الوادي، قال سبعة رهط منهم، أحدهم الخلجانصرعى آأنهم : " الريح تدخل تحت الواحد منهم فتحمله، ثم ترمي به فتندق عنقه، فترآهم آما قال اهللا عز وجل

فمال إلى الجبل، فأخذ بجانب منه، فهزه فاهتز في يده، ثم أنشأ حتى لم يبق منهم إال الخلجان، " أعجاز نخل خاوية :يقول

نالك من يوم دهاني أمسه... لم يبق إلى الخلجان نفسه لو لم يجئني جئته أجسه... بثابت لوط شديد وطسه

ما هؤالء الذين ف: الجنة، قال: وما لي عند ربك إن أسلمت؟ قال: أسلم تسليم، فقال له! ويحك يا خلجان: فقال له هود

هل ! ويلك: فإن أسلمت أيعيذني ربك منهم؟ قال: تلك مالئكة ربي، قال: أراهم في هذا السحاب آأنهم البخت، قال هود .ثم جاءت الريح فألحقته بأصحابه، أو آالما هذا معناه: لو فعل ما رضيت، قال: قال! رأيت ملكا يعيذ من جنده

: وقيل. أفنى عادا خال من بقي منهم، ثم بادوا بعد، ونجى اهللا هودا ومن آمن بهفأهلك اهللا الخلجان، و: قال أبو جعفر .آان عمر هود مائة سنة وخمسين سنة

وإلى عاد أخاهم هودا : " حدثنا أسباط، عن السدي، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال

ن عادا أتاهم هود فوعظهم وذآرهم بما قص اهللا في القرآن، فكذبوه إ" قال يا قوم اعبدوا اهللا مالكم من إله غيره ، وإن عادا أصابهم حين " إنما العلم عند اهللا وأبلغكم ما أرسلت به : " وآفروا، وسألوه أن يأتيهم العذاب فقال له

لريح العقيم، وهي آفروا قحط من المطر، حتى جهدوا لذلك جهدا شديدا، وذلك أن هودا دعا عليهم، فبعث اهللا عليهم اهذا عارض ممطرنا، فلما دنت منهم نظروا إلى اإلبل والرجال، : الريح التي ال تلقح الشجر، فلما نظروا إليها قالوا

تطير بهم الريح بين السماء واألرض، فلما رأوها تبادروا إلى البيوت، حتى دخلوا البيوت دخلت عليهم فأهلكتهم . " استمر عليهم بالعذاب" مستمر " ، والنحس هو الشؤم " في يوم نحس " ابتهم فيها، ثم أخرجتهم من البيوت، فأص

: " ، حسمت لك شيء مرت به، حتى أخرجتهم من البيوت، قال اهللا تبارك وتعالى" سبع ليال وثمانية أيام حسوما قطت، فلما أهلكهم خوت فس" خاوية . " ، انقعر من أصوله" آأنهم أعجاز نخل منقعر " عن البيوت، " تنزع الناس

" .فأصبحوا ال يرى إال مساآنهم : " اهللا أرسل عليهم طيرا سودا، فنقلتهم إلى البحر، فألقتهم فيه، فذلك قوله عز وجل

92

" ولم تخرج الريح قط إال بمكيال إال يومئذ، فإنها عتت على الخزنة فغلبهم، ثم يعلمواآم آان مكيالها؟ فذلك قوله " . فأهلكوا بريح صرصر عاتية

ذات الصوت الشديد: والصرر

: حدثني عبد الصمد، أنه سمع وهبا يقول: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قالإن عادا لما عذبهم اهللا بالريح التي عذبوا بها، آانت تقلع الشجرة العظيمة بعروقها وتهدم عليهم بيوتهم، فمن لم يكن

.الريح حتى تقطعه بالجبال، فهلكوا بذلك آلهمفي بيت هبت به

وأما ثمود فإنهم عتوا على ربهم، وآفروا به، وأفسدوا في األرض، فبعث اهللا إليهم صالح بن عبيد بن أسف بن ماسخ

.بن عبيد بن خادر بن ثمود ابن جاثر بن إرم بن سام بن نوح، رسوال يدعوهم إلى توحيد اهللا وإفراده بالعبادةفكان من جوابهم له .بن جاثر ابن إرم بن سام بن نوح الح، هو صالح بن أسف بن آماشج بن إرم بن ثمودص: وقيل

يا صالح قد آنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب : " أن قالوا لهيسكنون الحجر إلى وادي القرى، بين الحجاز الشام، ولم يزل وآان اهللا عز وجل قد مد لهم في األعمار، وآانوا" .

صالح يدعوهم إلى اهللا على تمردهم وطغيانهم، فال يزيدهم دعاؤه إياهم إلى اهللا إلى مباعدة من اإلجابة، فلما طال .إن آنت صادقا فأتنا بآية: ذلك من أمرهم وأمر صالح قالوا له

أخبرنا إسرائيل، عن عبد العزيز بن : حدثنا عبد الرزاق، قال: بن يحيى، قالفكان من أمرهم وأمره ما حدثنا الحسن

اخرجوا إلى : فقال لهم صالح: قال. ائتنا بآية إن آنت من الصادقين: قالت ثمود لصالح: رفيع، عن أبي الطفيل، قالال صالح عليه هضبة من األرض، فإذا هي تتمخص آما تتمخض الحامل، ثم تفرجت فخرجت من وسطها الناقة، فق

لها شرب ولكم " . " هذه ناقة اهللا لكم آية فذروها تأآل في أرض اهللا وال تمسوها بسوء فيأخذآم عذاب أليم : " السالمقال عبد " . تمتعوا في دارآم ثالثة أيام ذلك وعد غير مكذوب : " فلما ملوها عقروها، فقال لهم" شرب يوم معلوم

إن آية العذاب أن تصبحوا غدا حمرا، واليوم الثاني صفرا، واليوم : ا قال لهموحدثني رجل آخر أن صالح: العزيز .الثالث سودا، فصبحهم العذاب، فلما رأوا ذلك تحنطوا واستعدوا

حدثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد اهللا، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن : حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

آانت ثمود قوم . أحدثكم عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عن ثمود: ثنا حديث ثمود، قالحد: قلنا له: خارجة، قالصالح عمرهم اهللا عز وجل في الدنيا، فأطال أعمارهم حتى جعل أحدهم يبني المسكن من المدر فيتهدم والرجل منهم

وآانوا في سعة من معايشهم، حي، فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا فرهين، فنحتوها وجابوها وجوفوها،يا صالح، ادع لنا ربك يخرج لنا آية نعلم أنك رسول اهللا فدعا ربه، فأخرج لهم الناقة فكان شربها يوما : فقالوا

وشربهم يوما معلوما، فإذا آان يوم شربها خلوا عنها وعن الماء، وحلبوها لبنا، ملئوا آل إناء ووعاء وسقاء، فإذا ا عن الماء ولم تشرب منه شيئا، فملئوا آل إناء ووعاء وسقاء، فأوحى اهللا عز وجل إلى آان يوم شربهم صرفوه

إال تعقروها أنتم أو شك أن يولد فيكم مولود : ما آنا لنفعل، قال: صالح أن قومك سيعقرون ناقتك، فقال لهم، فقالوافكان : فإنه غالم أشقر أزرق أصهب أحمر، قال: ما عالمة ذلك المولود؟ فواهللا ال نجده إلى قتلناه، قال: يعقرها، قالوا

في المدينة شيخان عزيزان منيعان، ألحدهما ابن يرغب له عن المناآح، ولآلخر ابنة ال يجد لها آفئا، فجمع بينهما فإن ابنتي آفء له، وأنا أزوجك، : ال أجد له آفئا، قال: مايمنعك أن تزوج ابنك؟ قال: مجلس، فقال أحدهما لصاحبه

.فولد منهما ذلك المولودفزوجه

إنما يعقرها مولود فيكم اختاروا : وآان في المدينة ثمانية رهط يفسدون في األرض وال يصلحون، فلما قال لهم صالحثماني نسوة قوابل من القرية، وجعلوا معهن شرطا آانوا يطوفون في القرية، فإذا وجدوا المرأة تمخض نظروا ما

هذا الذي : وإن آانت جارية أعرضن عنها، فلما وجدوا ذتك المولود صرخ النسوة، وقلن ولدها؟ فإن آن غالما قتلنه،إن أراد صالح هذا قتلناه، وآان شر : وقالوا. يريد رسول اهللا صالح، فأراد الشرط أن يأخذوها، فحال جداه بينه وبينهم

ه في الشهر، ويشب في الشهر مولود، وآان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة، ويشب في الجمعة شباب غيراستعمل علينا : شباب غيره في السنة، فاجتمع الثمانية الذين يفسدون في األرض وال يصلحون، وفيهم الشيخان، فقالوا

93

هذا الغالم لمنزلته وشرف جديه، فصاروا تسعة، وآان صالح عليه السالم ال ينام معهم في القرية، بل آان في مسجد .يه يبيت بالليل، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذآرهم، فإذا أمسى خرج إلى مسجده فبات فيهيقال له مسجد صالح، ف

فكيف : إنه سيولد غالم يكون هالآهم على يديه، قالوا: لما قال لهم صالح عليه السالم: قال ابن جريج: قال حجاجلو آنا لم نقتل أوالدنا لكان لكل واحد : قالوافلما بلغ ذلك المولود : آمرآم بقتلهم، فقتلوهم إال واحدا، قال: تأمرنا؟ قال

نخرج مسافرين والناس يروننا عالنية، ثم نرجع من ليلة : فأثمروا بينهم بقتله، وقالوا! منا مثل هذا، هذا عمل صالحفأقبلوا حتى دخلوا تحت صخرة . آذا وآذا فنرصد عند مصاله فنقتله، فال يحسب الناس إال أنا مسافرون آما نحن

نه، فأنزل اهللا عز وجل عليهم الصخرة فرضختهم فأصبحوا رضخا، فانطلق رجال ممن قد اطلع على ذلك يرصدوأي عباد اهللا، أما رضي صالح أن أمرهم أن يقتلوا أوالدهم حتى : منهم، فإذا هم رضخ، فرجعوا يصيحون في القرية

.ذلك ابن العاشرفاجتمع أهل القرية على عقر الناقة أجمعون، فأحجموا عنها إال ! قتلهم

فأرادوا أن يمكروا بصالح، فمشوا : ثم رجع الحديث إلى حديث رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، قال: قال أبو جعفر

إذا خرج علينا قتلناه وأتينا أهله فبيتناهم، فأمر اهللا : حتى أتوا على سرب على طريق صالح، فاختبأ فيه ثمانية وقالوا: فاجتمعوا ومشوا إلى الناقة، وهو على حوضها قائمة، فقال الشقي ألحدهم: ، قالعز وجل األرض فاستوت عليهم

ائتها فاعقرها، فأتاها، فتعاظمه ذلك، فأضرب عن ذلك، فبعث آخر فأعظم ذلك، فجعل ال يبعث أحدا إلى تعاظمه رك الناقة فقد أد: أمرها، حتى مشى إليها وتطاول فضرب عرقوبيها، فوقعت ترآض، فأتى رجل منهم صالحا فقال

انظروا هل : يا نبي اهللا، إنما عقرها فالن، إنه ال ذنب لنا، قال: فخرجوا يتلقونه ويعتذرون إليه: فأقبل. عقرتفخرجوا يطلبونه، فلما رأى الفصيل أمه تضطرب ! فإن أدرآتموه فعسى اهللا أن يرفع عنكم العذاب! تدرآون فصيلها

ده وذهبوا ليأخذوه، فأوحى اهللا عز وجل إلى الجبل، فطال في السماء حتى قصيرا فصع -يقال له القارة -أتى جبال ودخل صالح القرية، فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه، ثم استقبل صالحا، فرغا رغوة، : ما تناله الطير، قال

وعد غير مكذوب، لكل رغوة أجل يوم، تمتعوا في دارآم ثالثة أيام، ذلك: ثم رغا أخرى، ثم رغا أخرى، فقال صالحإال أن آية العذاب أن اليوم األول تصبح وجوهكم مصفرة، واليوم الثاني محمرة، واليوم الثالث مسودة، فلما أصبحوا

أال قد مضى يوم : إذا وجوهم آأنما طليت بالخلوق، صغيرهم وآبيرهم، ذآرهم وأنثاهم، فلما أمسوا صاحوا بأجمعهمحوا اليوم الثاني إذا وجوهم محمرة، آأنما خضبت بالدماء، فصاحوا وضجوا من األجل وحضرآم العذاب، فلما أصب

اال قد مضى يومان من األجل، وحضرآم العذاب، فلما : فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم. وبكوا وعرفوا أنه العذابفتكفنوا أال قد حضرآم العذاب،: أصبحوا اليوم الثالث فإذا وجوههم مسودة آأنما طليت بالقار، فصاحوا جميعا

وتحنطوا، وآان حنوطهم الصبر والمقسر، وآانت أآفانهم األنطاع، ثم ألقوا أنفسهم إلى األرض، فجعلوا يقلبون أبصارهم إلى السماء مرة، وإلى األرض مرة، ال يدرون من حيث يأتيهم العذاب، من فوقهم من السماء، أو من تحت

الربع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت آل صاعقة وصوت أرجلهم من األرض خشعا وفرقا، فلما أصبحوا اليوم .آل شيء له صوت في األرض، فتقطعت قلوبهم في صدورهم فأصبحوا في ديارهم جاثمين

حدثت أنه لما أخذتهم الصيحة أهلك اهللا من : حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قالومن هو يا رسول : م، إال رجال واحدا آان في حرم اهللا، منعه حرم اهللا من عذاب اهللا قيلبين المشارق والمغارب منه

ال يدخلن أحد منكم : " أبو رغال، وقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حين أتى على قرية ثمود ألصحابه: اهللا؟ قالوأخبرني موسى بن : قارة قال ابن جريج، وأراهم مرتقى الفصيل، حين ارتقى في ال" القرية، وال تشربوا من مائهم

ال : " عقبة، عن عبد اهللا بن دينار، عن ابن عمران، أن النبي صلى اهللا عليه وسلم حين أتى على قرية ثمود قال " .يدخلن على هؤالء المعذبين إال أن تكونوا باآين، فإن لم تكونوا باآين فال تدخلوا عليهم أن يصيبكم ما أصابهم

: إن النبي صلى اهللا عليه وسلم لما أتى على الحجر، حمد اهللا وأثنى عليه ثم قال: قال جابر بن عبد اهللا: قال ابن جريجأما بعد، فال تسألوا رسولكم اآليات، هؤالء قوم صالح سألوا رسولهم اآلية، فبعث اهللا لهم الناقة، فكانت ترد من هذا "

" .الفج وتصدر من هذا الفج، فتشرب ماءهم يوم وردها

حدثنا عبد اهللا بن واقد، عن عبد اهللا بن : حدثنا محمد بن آثير، قال: حدثني إسماعيل بن المتوآل األشجعي، قال

: لما غزا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عزاة تبوك، نزل الحجر فقال: حدثنا أبو الطفيل قال: عثمان بن خشيم، قالقوم صالح سالوا نبيهم ان يبعث لهم آية، فبعث اهللا تعالى ذآره لهم الناقة أيها الناس ال تسألوا نبيكم اآليات، هؤالء"

آية، فكانت تلج عليهم يوم وردها من هذا الفج فتشرب ماءهم، ويوم وردهم آانوا يتزودون منه، ثم يحلبونها مثل ما

94

وها، فوعدهم اهللا العذاب فعتوا عن أمر ربهم وعقر. آانوا يتزودون من مائهم قبل ذلك لبنا، ثم تخرج من ذلك الفجبعد ثالثة أيام، وآان وعدا من اهللا غير مكذوب، فأهلك اهللا من آان منهم في مشارق األرض ومغاربها إلى رجال

.أبو رغال: ومن ذلك الرجل يا رسول اهللا؟ قال: واحدا آان في حرم اهللا، فمنعه حرم اهللا من عذاب اهللا، قالواأن ال ذآر لعاد وال ثمود وال لهود وصالح في التوراة، وأمرهم عند العرب في فأما أهل التوراة فإنهم يزعمون

.الشهرة في الجاهلية واإلسالم آشهرة إبراهيم وقومه

ولوال آراهة إطالة الكتاب بما ليس من جنسه، لذآرت من شعر شعراء الجاهلية الذي قيل في عاد وثمود : قال

.خالف ما قلنا في شهرة أمرهم في العرب صحة ذلكما يعلم به من ظن . وأمورهم بعض ما قيلومن أهل العلم من يزعمون أن صالحا عليه السالم توفي بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وأنه أقام في قومه

.عشرين سنة :نرجع اآلن إلى: عفرقال أبو ج

خليل الرحمن عليه السالم ذآر إبراهيم

وذآر من آان في عصره من ملوك العجم

وهو إبراهيم بن تارخ بن ناحور . إذ آنا قد ذآرنا من بينه وبين نوح من اآلباء وتأريخ السنين التي مضت قبل ذلك

.بن ساروغ بن أرغوا بن فالغ بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشد بن سام بن نوح

ه بالسوس من أرض األهواز، آان مولد: واختلفوا في الموضع الذي آان منه، والموضع الذي ولد فيه، فقال بعضهم

آان مولده : وقال بعضهم. آان بالسواد بناحية آوثي: آان مولده ببابل من أرض السواد، وقال بعضهم:وقال بعضهم: وقال بعضهم. بالورآاء بناحية الزوابي وحدود آسكر، ثم نقله أبوه إلى الموضع الذي آان به نمرود من ناحية آوئي

آان مولد إبراهيم عليه : وقال عامة السلف من أهل العلم. تارخ نقله إلى أرض بابل آان مولده بحران، لكن أباهآان نمرود عامال لالزدهاق الذي زعم بعض من زعم : ويقول عامة أهل األخبار. السالم في عهد نمرود بن آوش

: لعلماء فإنما يقولونوأما جماعة من سلف من ا. أن نوحا عليه السالم آان مبعوثا إليه على أرض بابل وما حولها .زرهي بن طهماسلفان: آان ملكا برأسه، واسمه الذي هو اسمه فيما قيل

أن آزر آان رجال من -فيما ذآر لنا واهللا أعلم - حدثنا محمد بن إسحاق : حدثنا سلمة، قال: وقد حدثنا ابن حميد، قال

لنمرود الخاطئ، وآان يقال له الهاصر، وآان أهل آوثي، من قرية السواد سواد الكوفة، وآان إذا ذاك ملك المشرقوآان ملكه وملك قومه بالمشرق قبل : قد أحاط بمشارق األرض ومغاربها، وآان ببابل، قال -فميا يزعمون - ملكه

.ملك فارس

نمرود بن أرغوا، وذي : ويقال لم يجتمع ملك األرض ولم يجتمع الناس على ملك واحد إال على ثالثة ملوك: قال .نين، وسليمان بن داودالقر

.نمرود هو الضحاك نفسه: وقال بعضهم

بلغنا واهللا أعلم أن الضحاك هو نمرود، وأن إبراهيم خليل الرحمن ولد في زمانه، : حدثت عن هشام بن محمد، قال .وأنه صاحبه الذي أراد إحرقه

95

لسدي في خبر ذآره عن أبي صالح حدثنا أسباط، عن ا: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قال

وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا عليه -وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن أبي مالك، عن ابن عابس إن أول ملك ملك في األرض شرقها وغربها نمرود بن آنعان ابن آوش بن سام بن نوح، وآانت الملوك الذين : وسلم

.مؤمنان وآافران: وسليمان بن داود، وذو القرنين، وبخت نصر نمرود،: ملكوا األرض آلها أربعة

فلما أراد اهللا عز وجل أن يبعث إبراهيم : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: وقال ابن إسحاق فيما حدثين ابن حميد، قال

لسالم من نبي عليه السالم خليل الرحمن حجة على قومه ورسوال إلى عباده، ولم يكن فيما بين نوح وإبراهيم عليهما اقبله إال هود وصالح، فلما تقارب زمان إبراهيم الذي أراد اهللا تعالى ذآره ما أراد، أتى أصحاب النجوم نمرود، فقالوا

تعلم أنا نجد في علمنا أن غالما يولد في قريتك هذه يقال له إبراهيم، يفارق دينكم، ويكسر أوثانكم، في شهر آذا : لهما دخلت السنة التي وصف أصحاب النجوم لنمرود، بعث نمرود إلى آل امرأة حبلى وآذا من سنة آذا وآذا، فل

حدثة فيما -بقريته، فحبسها عنده إال ما آان من أم إبراهيم امرأة آزر فإنه لم يعلم بحبلها، وذلك أنها آانت جارية السنة إال أمر به فذبح، فلما لم يعرف الحبل في بطنها، فجعل ال تلد امرأة غالما في ذلك الشهر من تلك -يذآر

وجدت أم إبراهيم الطلق خرجت ليال إلى مغارة آانت قريبا منها، فولدت فيها إبراهيم عليه السالم، واصلحت من شانه ما يصنع بالمولود، ثم سدت عليه المغارة، ثم رجعت إلى بيتها، ثم آانت تطالعه في المغارة لتنظر ما فعل

أن اهللا جعل رزق إبراهيم عليه السالم فيها ما يجيئه من مصه، -واهللا أعلم -عمون ويز. فتجده حيا يمص إبهامهفصدقها فسكت عنها، . ولدت غالما فمات: وآان آزر فيما يزعمون قد سأل أم إبراهيم عن حملها ما فعل، فقالت

إبراهيم عليه السالم في على إبراهيم في الشباب آالشهر، والشهر آالسنة، ولم يمكث -فيما يذآرون -وآان اليوم أخرجيني أنظر، فأخرجته عشاء، فنظر وتفكر في خلق السموات : المغارة إلى خمسة عشر شهرا، حتى قال ألمه

إن الذي خلقني ورزقني وأطعمني وسقاني لربي، مالي إله غيره، ثم نظر في السماء ورأى آوآبا، : واألرض، وقال، ثم اطلع للقمر فرآه " فمال أفل قال ال أحب اآلفلين " ببصره حتى غاب ، ثم اتبعه ينظر إلى" هذا ربي : " فقال

" . فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي ألآونن من القوم الضالين " ثم اتبعه ببصره حتى غاب " هذا ربي : " بازغا فقال: آه قبل ذلك، فقالفلما دخل عليه النهار وطلعت الشمس رأى عظم الشمس ورأى شيئا هو أعظم نورا من آل شيء ر

هذا ربي هذا أآبر، فما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشرآون، إني وجهت وجهي للذي فطر السموات واألرض " " .حنيفا وما أنا من المشرآين

ثم رجع إبراهيم إلى أبيه آزر وقد استقامت وجهته، وعرف ربه وبرئ من دين قومه إال أنه لم يبادهم بذلك، فأخبره بنه، فأخبرته أم إبراهيم عليه السالم أنه ابنه، فأخبرته بما آانت صنعت في شأنه، فسر بذلك آزر وفرح فرحا أنه ا

شديدا، وآان آزر يصنع أصنام قومه التي يعبدون، ثم يعطيها إبراهيم يبيعها، فيذهب بها إبراهيم عليه السالم فيما ها أحد، فإذا بارت عليه ذهب بها إلى نهر فصوب فيه فال يشتري! يذآرون فيقول من يشتري ما يضره وال ينفعه

فشا عيبه إياها، واستهزاؤه بها في قومه - اتسهزاء بقومه، وبما هم عليه من الضاللة - اشربي : رؤوسها، قال، وقال ثم إنه لما بدا إلبراهيم أن يبادي قومه بخالف ما هم عليه. من غير أن يكون ذلك بلغ نمرود الملك. وأهل قريته

" فتولوا عنه مدبرين : " ، يقول اهللا عز وجل" نظر نظره في النجوم، فقال إني سقيم " وبأمر اهللا والدعاء إليه أن طعين، أو لسقم آانوا يهربون منه إذا سمعوا به، وإنما يريد إبراهيم أن يخرجوا عنه ليبلغ " إني سقيم : " وقوله

ى أصنامهم التي آانوا يعبدون من دون اهللا، فقرب لها طعاما، ثم من أصنامهم الذي يريد، فلما خرجوا عنه خالف إل .تعييرا في شأنها واستهزاء بها! مالكم ال تنطقون! أال تأآلون: قال

حدثنا أسباط، عن : حدثنا عمرو بن حماد، قال: وقال في ذلك غير ابن إسحاق، ماحدثين موسى بن هارون، قال

وعن -وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود -أبي مالك، عن ابن عباس السدي، في خبر ذآره عن أبي صالح، وعنآان من شأن إبراهيم عليه السالم أنه طلع آوآب على نمرود، فذهب : أناس من أصحاب النبي صلى اهللا عليه وسلم

يخرج : لوابضوء الشمس والقمر، ففزع من ذلك فزعا شديدا، فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة، فسألهم عنه، فقافخرج من قريته إلى قرية - وآان مسكنه ببابل الكوفة -من ملكك رجل يكون على وجهه هالآك وهالك ملكك

ثم إنه بدت له حاجة في . أخرى، فأخرج الرجال وترك النساء، وأمر أال يولد مولود ذآر إال ذبحه، فذبح أوالدهم .رسلهالمدينة لم يأمن عيها إال آزر أبا إبراهيم، فدعاه فأ

96

أنا أضن بديني من ذلك، فلما دخل القرية نظر إلى أهله فلم يملك نفسه أن : انظر ال تواقع أهلك، فقال له آزر: فقال لهوقع عليها، فقربها إلى قرية بين الكوفة والبصرة، يقال لها أور، فجعلها في سرب، فكان يتعاهدها بالطعام والشراب

وولد إبراهيم فكان . قول سحرة آذابين، ارجعوا إلى بلدآم، فرجعوا: األمر قال وإن الملك لما طال عليه. وما يصلحهافي آل يوم يمر آأنه جمعة، والجمعة آالشهر، والشهر آالسنة من سرعة شبابه، ونسي الملك ذلك، وآبر إبراهيم وال

د خبأته، أفتخافون عليه الملك إن لي ابنا ق: يرى أن أحدا من الخلق غيره وغير أبيه وأمه، فقال أبو إبراهيم ألصحابهفانطلق فأخرجه، فلما خرج الغالم من السرب نظر إلى الدواب والبهائم والخلق، . ال، فأت به: إن أنا جئت به؟ قالوا

ما هذا؟ فيخبره عن البعير أنه بعير، وعن البقرة أنها بقرة، وعن الفرس أنه فرس، وعن الشاة أنها : فجعل يسأله أباهلهؤالء الخلق بد من أن يكون لهم رب، وآان خروجه حين خرج من السرب بعد غروب الشمس، ما: شاة، فقال

ال أحب " ، فلم يلبث أن غاب، فقال " هذا ربي : " فرفع رأسه إلى السماء فإذا هو بالكوآب وهو المشتري، فقالر القمر قبل الكواآب، فلما آان وخرج في آخر الشهر، فلذلك لم ي: قال ابن عباس. ، أي ال أحب ربا يغيب" اآلفلين

قال لئن لم يهدني ربي ألآونن من " غاب، : يقول" هذا ربي، فلما أفل : " آخر الليل رأى القمر بازغا قد طلع، فقال: أسلم، قال: ، فلما غابت قال اهللا له" هذا ربي هذا أآبر : " ، فلما أصبح ورأى الشمس بازغة، قال" القوم الضالين إني وجهت وجهي . يا قوم إني بريء مما تشرآون لرب العالمين: " ثم أتى قومه فدعاهم فقال. عالمينأسلمت لرب ال

وآان أبوه يصنع األصنام فيعطيها . فجعل يدعو قومه وينذرهم: يقول مخلصا" . للذي فطر المسوات واألرض حنيفا رجع إخوته وقد باعوا أصنامهم، ويرجع من يشتري ما يضره وال ينفعه؟ في: ولده فيبيعونها، وآان يعطيه فينادي

: " قال" يا أبت لم تعبد ما ال يسمع وال يبصر وال يغني عنك شيئا : " إبراهيم بأصنامه آما هي، ثم دعا أباه فقاليا إبراهيم، إن لنا : أبدا، ثم قال له أبوه: قال" . أراغب أنت عن آلهي يا إبراهيم لئن لم تنته ألرجمنك واهجرني مليا

ا لو قد خرجت معنا ألعجبك ديننا، فلما آان يوم العيد فخرجوا إليه خرج معهم إبراهيم، فلما آان ببعض الطريق عيدأشتكي رجلي، فتوظئوا رجليه، وهو صريع، فلما مضوا نادى في آخرهم وقد : ، يقول" إني سقيم " ألقى نفسه وقال فسمعوها منه، ثم رجع إبراهيم إلى بيت اآللهة، " دبرين تاهللا ألآيدن أصنامكم بعد أن تولوا م: " بقى ضعفي الناس

فإذا هو في بهو عظيم، مستقل باب البهو صنم عظمي إلى جنبه أصغر منه، بعضها إلى جنب بعض، آل صنم يليه إذا آان حين نرجع : أصغر منه، حتى بلغوا باب البهو وإذا هم قد صنعوا طعاما فوضعوه بني يدي اآللهة، قالوا

: فلما نظر إليه إبراهيم عليه السالم، وإلى ما بين أيديهم من الطعام قال. قد بارآت اآللهة في طعامنا فأآلنارجعنا، وفراغ عليهم ضربا باليمين، فأخذ حديدة فبقر آل صنم في حافتيه، ثم ! ما لكم ال تنطقون: أال تأآلون؟ فلما لم تجبه قال

ومن فعل هذا : " جاء القوم إلى طعامهم، ونظروا إلى آلهتهم، قالواعلق الفأس في عنق الصنم األآبر، ثم خرج فلما رجع الحديث إلى حديث : قال أبو جعفر " .بآلهتنا إنه لمن الظالمين، قالوا سمعنا فتى يذآرهم يقال له إبراهيم

.إسحاق

ى إذا بقي أعظم صنم ثم جعل يكسرهن بفأس في يده، حت" . ضربا باليمين : " ثم أقبل عليهم آما قال اهللا عز وجل

من فعل : منها ربط الفأس بيده، ثم ترآهن، فلما رجع قومه رأوا ما صنع بأصنامه، فراعهم ذلك، فأعظموه وقالوايعنون فتى يسبها ويعيبها " قد سمعنا فتى يذآرهم يقال له إبراهيم : " ثم ذآروا فقالوا. بألهتنا إنه لمن الظالمين

: وبلغ ذلك نمرود وأشراف قومه، فقالوا. ل ذلك غيره، وهو الذي نظن صنع هذا بهاويستهزئ بها، لم نسمع أحدا يقوفكان جماعة من أهل التأويل، فمنهم قتادة والسدي .، أي ما يصنع به" لعلم يشهدون فأتوا به على أعين الناس"

.ير بينةآرهوا أن يأخذوه بغ: يقولون في ذلك لعلهم يشهدون عليه أنه هو الذي فعل ذلك، وقالوا :رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق

أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم، قال بل فعله آبيرهم : " فلما أى به فاجتمع له قومه عند ملكهم نمرود، قالوا: قال، غضب من أن يعبدوا معه هذه الصغار وهو أآبر منها، فكسرهن، فارعووا " هذا فاسألوهم إن آانوا ينطقون

ثم قالوا . لقد ظلمناه وما نراه إال آما قال: فيما ادعوا عليه من آسرهن إلى أنفسهم فيما بينهم، فقالوا ورجعوا عنهمن صنع هذا بها، : ، أي ال يتكلمون فيخبرونا" طعلمت ما هؤالء ينطقون : وعرفوا أنها ال تضر وال تنفع وال تبطش

، اي نكسوا " على رؤسهم لقد علمت ما هؤالء ينطقون ثم نكسوا: " وما تبطش باأليدي فنصدقك، يقول اهللا عز وجللقد علمت : " رؤسهم في الحجة عليهم إلبراهيم حين جادلهم، فقال عند ذلك إبراهيم حين ظهرت الحجة عليهم بقولهم

ما هؤالء ينطقون، قال أفتعبدون من دون اهللا ماال ينفعكم شيئا وال يضرآم أف آم ولما تعبدون من دون اهللا أفال : " وحاجة قومه عند ذلك في اهللا جل ثناؤه يستوصفونه إياه ويخبرونه أن آلهتم خير مما يعبد، فقال: قال" تعقلون

97

يضرب لهم األمثال، " فأي الفريقين أحق باألمن إن آنتم تعلمون : " ، إلى قوله" أتحاجوني في اهللا وقد هدان .عبد مما يعبدون من دونهويصرف لهم العبر، ليعلموا أن اهللا هو أحق أن يخاف وي

أرأيت إلهك هذا الذي تعبد وتدعو إلى عبادته، وتذآره : قال إلبراهيم -فيما يذآرون -ثم إن نمرود : قال أبو جعفر

أحيى " فأنا : ، فقال نمرود" قال إبراهيم ربي الذي يحيى ويميت " من قدرته التي تعظمه بها على غيره ما هو؟ آخذ الرجلين قد استوجبا القتل في حكمي، فأقتل أحدهما فأآون : آيف تحيى وتميت؟ قال: يم، فقال له إبراه" وأميت

فإن اهللا يأتي بالشمس من المشرق : " قد أمته، وأعفو عن اآلخر فأترآه فأآون قد أحييته، فقال له إبراهيم عند ذلك. إليه شيئا، وعرف أنه ال يطيق ذلك ، فعرف أنه آما يقول، فبهت عند ذلك نمرود ولم يرجع" فأت بها من المغرب .، يعني وقعت عليه الحجة" فبهت الذي آفر : " يقول اهللا عز وجل

" .حرقوه وانصروا آلهتكم إن آنتم فاعلين : " ثم إن نمرود وقومه أجمعوا في إبراهيم فقالوا: قال

ن دينار، عن ليث بن أبي سليم، عن حدثني محمد بن إسحاق، عن الحسن ب: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

تلوت هذه اآلية على عبد اهللا بن : أتدري يا مجاهد، قال: تلوت هذه اآلية على عبد اهللا بن عمر، فقال: مجاهد، قالرجل من : ال، قال: قلت: أتدري يا مجاهد، من الذي أشار بتحريق إبراهيم عليه السالم بالنار؟ قال: عمر، فقال

نعم، الكرد هم أعراب فارس، فرجل منهم : يا أبا عبد الرحمن، وهل للفرس أعراب؟ قال: قلت: أعراب فارس، قال .هو الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار

قالها رجل من : قال" حرقوه وانصروا آلهتكم : " حدثنا ابن علية، عن ليث، عن مجاهد في قوله: حدثني يعقوب، قال

.يعني األآراد -أعراب فارس

أخبرني وهب بن سليمان، عن شعيب : حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: حدثنا الحسين، قال: القاسم، قال وحدثنا

.فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. ، فخسف اهللا به األرض" هينون " إن اسم الذي قال حرقوه : الجبائي، قال .ثم رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق

، فجمعوا له صالب الحطب من أصناف الخشب، حتى أن آانت المرأة من قرية فأمر نمرود، بجمع الحطب: قال

لئن أصابته لتحطبن في نار إبراهيم التي يحرق : لتنذر في بعض ما تطلب مما تحب أن تدرك -فيما يذآر -إبراهيم لذي جمعوا له، حتى إذا بها احتسابا في دينها، حتى إذا أرادوا أن يلقوه فيها قدموه وأشعلوا في آل ناحية من الحطب ا

إلى اهللا -فيما يذآرون -اشعلت النار، واجتمعوا لقذفه فيها، صاحت السماء واألرض وما فيها من الخلق إال الثقلين فأذن لنا في نصرته، ! إبراهيم ليس في أرضك أحد يعبدك غيره، يحرق بالنار فيك! أي ربنا: عز وجل صيحة واحدة

إن استغاث بشيء منكم أو دعاه فلينصره، فقد أذنت له : اهللا عز وجل حين قالوا ذلك قالأن -واهللا أعلم - فيذآرون يا نار آوني بردا وسالما : " في ذلك، فإن لم يدع غيري فأنا وليه، فخلو بيني وبينه، فأنا أمنعه، فلما ألقوه فيها قال

.، فكانت آما قال اهللا عز وجل" على إبراهيم

قالوا ابنوا له بنيانا : " حدثنا أسباط، عن السدي قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: قالوحدثني موسى بن هارون، فحبسوه في بيت، وجمعوا له خطبا حتى أن آانت المرأة لتمرض فتقول لئن عافاني اهللا : ، قال" فألقوه في الجحيم

مر بها فيحترق من شدة وهجها ألجمعن حطبا إلبراهيم، فلما جمعوا له وأآثروا من الحطب حتى أن آان الطير ليوحرها، فعمدوا إليه فرفعوه على رأس البنيان، فرفع إبراهيم رأسه إلى السماء، فقالت السماء واألرض والجبال

اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في األرض، ليس في : إبراهيم حين رفع رأسه إلى المساء! ربنا: والمالئكةيا نار آوني بردا وسالما على : " فقذفوه في النار، فناداها فقال! حسبي اهللا ونعم الوآيلاألرض أحد يعبدك غيري،

98

لو لم يتبع بردها سالما لمات إبراهيم من بردها، فلم تبق : وقال ابن عباس. وآان جبرئيل هو الذي ناداها" . إبراهيم وا إلى إبراهيم فإذا وهو ورجل آخر معه، فلما طفئت النار نظر. يومئذ نار في األرض إال طفئت، ظنت أنها تعنى

وإذ رأس إبراهيم في حجره يمسح عن وجهه العرق، وذآر أن ذلك الرجل ملك الظل، وأنزل اهللا نارا وانتفع بها بنو .آدم، فأخرجوا إبراهيم، فأدخلوه على الملك، ولم يكن قبل ذلك دخل عليه

.ثم رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق

عز وجل ملك الظل في صورة إبراهيم، فقعد فيها إلى جنبه يؤنسه، فمكث نمرود أياما ال يشك إال أن وبعث اهللا: قالالنار قد أآلت إبراهيم وفرغت منه، ثم رآب فمر بها وهي تحرق ما جمعوا لها من الحطب، فنظر إليها، فرأى

لقد رأيت إبراهيم حيا في النار، ولقد شبه : إبراهيم جالسا فيها إلى جنبه رجل مثله، فرجع من مرآبه ذلك، فقال لقومهعلي، ابنوا لي صرحا يشرف بي على النار حتى أشتثبت، فبنوا له صراحا، فأشرف عليه فاطلع منه إلى النار، فرأى

يا إبراهيم، آبير إلهك الذي بلغت : إبراهيم جالسا فيها، ورأى الملك قاعدا إلى جنبه في مثل صورته، فناداه نمرودهل : نعم، قال: وعزته أن حال بين ما أرى وبينك، حتى لم تضرك يا إبراهيم، هل تستطيع أن تخرج منها؟ قالقدرته

فقم واخرج منها، فقام إبراهيم يمشي فيها حتى خرج منها، فلما خرج : ال، قال: تخشى إن أقمت فيها أن تضرك؟ قالذلك ملك الظل، أرسله إلى : ك قاعدا إلى جنبك؟ قاليا إبراهيم، من الرجل الذي رأيت معك في مثل صورت: إليه قال

يا إبراهيم، إني مقرب إلى : -فيما حدثت - فقال نمرود . ربي ليكون معي فيها ليؤنسني، وجعلها علي بردا وسالما. إلهك قربانا لما رأيت من عزته وقدرته، ولما صنع بك حين أبيت إال عبادته وتوحيده، إني ذابح له أربعة آالف بقرة

يا إبرهيم، ال : فقال! إذا ال يقبل اهللا منك ما آنت على شيء من دينك هذا حتى تفارقه إلى ديني: فقال له إبراهيم .أستطيع ترك ملكي،ولكني سوف أذبحها له، فذبحها نمرود، ثم آف عن إبراهيم، ومنعه اهللا عز وجل منه

إن أحسن شيء : ن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قالحدثنا جرير، عن مغيرة، عن الحارث، ع: حدثنا ابن حميد، قال

.نعم الرب ربك يا إبراهيم: قاله أبو إبراهيم لما رفع عنه الطبق وهو في النار وحده يرشح جبينه، فقال عند ذلك

جاء جبرئيل إلى : حدثنا معتمر بن سليمان التيمي، عن بعض أصحابه قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

.أما إليك فال: يا إبراهيم، ألك حاجة قال: م عليه السالم وهو يوثق، ويقمط ليلقى في النار، قالإبراهي

ما أحرقت : حدثنا قتادة، عن إبي سليمان، قال: سمعت أبي قال: حدثني المعتمر، قال: حدثني أحمد بن المقدام، قال .النار من إبراهيم إال وثاقه

واستجاب إلبراهيم عليه السالم رجال من قومه حين رأوا : يث ابن إسحاق، قالرجع الحديث إلى حد: قال أبو جعفر

وهو لوط بن هاران بن تارخ، -وآان ابن أخيه -ما صنع اهللا به على خوف من نمرود وملئهم، فآمن له لوط بتويل، وبتويل وهاران هو أخو إبراهيم، وآان لهما أخ ثالث يقال له ناحور بن تارخ، فهاران أبو لوط، وناحور أبو

وآمنت به . أبو البان، وربقا ابنة بتويل امرأة إسحاق بن إبراهيم أم يعقوب، وليا وراحيل زوجتا يعقوب ابنتا البان .سارة هي ابن عمه، وهي سارة بنت هاران األآبر عم إبراهيم، وآانت لها أخت يقال لها ملكا امرأة ناحور

.إن سارة آانت ابنة ملك حران: وقد قيل

:ذآر من قال ذلك

انطلق إبراهيم ولوط قبل : حدثنا أسباط، عن السدي، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قالالشأم، فلقي إبراهيم سارة، وهي ابنة ملك حران، وقد طعنت على قومها في دينهم، فتزوجها على أال يغيرها، ودعا

99

يا أبت لم تعبد ما ال يسمع وال يبصر وال يغني عنك شيئا؟ فأبى أبوه اإلجابة إلى :إبراهيم أباه آزر إلى دينه، فقال له .ما دعاه إليه

إنا برآء منكم ومما : " ثم إن إبراهيم ومن آان معه من أصحابه الذين اتبعوا أمره أجمعوا لفراق قومهم، فقالوا

أيها " وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا "، أيها المعبودون من دون اهللا " تعبدون من دون اهللا آفرنا بكم ثم خرج إبراهيم مهاجرا إلى ربه وخرج معه لوط مهاجرا وتزوج سارة ابنة " . حتى تؤمنوا باهللا وحده " العابدون

عمه، فخرج بها معه يلتمس الفرار بدينه، واألمان على عبادة ربه حتى نزل حران، فمكث بها ما شاء اهللا أن يمكث، وآانت سارة من أحسن الناس فيما يقال، . م خرج منها مهاجرا حتى قدم مصر، وبها فرعون من الفراعنة األولىث

وآانت ال تعصى إبرهيم شيئا، وبذلك أآرمهم اهللا عز وجل، فلما وصفت لفرعون ووصف له حسنها وجمالها أرسل فقال . إبراهيم إن قال هي أمرأتي أن يقتله عنها هي أختي وتخوف: ما هذه المرأة التي معك؟ قال: إلى إبراهيم، فقال

زينها، ثم أرسلها إلي حتى أنظر إليها، فرجع إبراهيم إلى سارة وأمرها فتهيأت، ثم أرسلها إليه، فأقبلت : إلبراهيمادعي : حتى دخلت عليه، فلما قعدت إليه تناولها بيده، فيبست إلى صدره، فلما رأى ذلك فرعون أعظم أمرها، وقال

اللهم إن آان صادقا فأطلق يده، فأطلق اهللا يده، فردها إلى : هللا أن يطلق عني، فواهللا ال أريبك وألحسن إليك، فقالتا .إبراهيم، ووهب لها هاجر، جارية آانت له قبطية

ليه حدثني هشام، عن محمد، عن أبي هريرة، أن رسول اهللا صلى اهللا ع: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا أبو آريب، قال

بل فعله : " ، وقوله" إني سقيم : " ثنتين في ذات اهللا، قوله: لم يكذب إبراهيم عليه السالم غير ثالث: " قال: وسلمإن في أرضك : وبينا هو يسير في األرض جبار من الجبابرة، إذا نزل منزال، فأتى الجبار رجل فقال" . آبيرهم هذا

هي أختي، : ما هذه المرأة منك؟ قال: سن الناس، فأرسل إليه، فجاء فقالرجال معه امرأة من أح -ها هنا : أول قال -إن هذا الجبار قد سألني عنك فأخبرته أنك أختي فال تكذبيني : اذهب فأرسل بها إلي، فانطلق إلى سارة، فقال: قال

إبراهيم عليه السالم فانطلق بها وقام : عنده، فإنك اختي في آتاب اهللا، فإنه ليس في األرض مسلم غيري وغيرك، قالادعي اهللا وال أضرك، فدعت : فلما دخلت عليه فرآها أهوى إليها وذهب يتناولها، فأخذ أخذا شديدا، فقال: يصلي قال

ادعي اهللا وال أضرك، فدعت له فأرسل، ثم فعل ذلك : له فأرسل فأهوى إليه فذهب يتناولها فأخذ أخذا شديدا، فقالإنك لم تأتني بإنسان، ولكنك أتيتني بشيطان، : فدعا ادنى حجابه فقال: قال. تين فأرسلالثالثة، فأخذ، فذآر مثل المر

: أخرجها وأعطها هاجر، فأخرجت وأعطيت هاجر، فأقبلت بها، فلما أحس إبراهيم بمجيئها انفتل من صالته، فقال " .وأخدم هاجر ! آفى اهللا آيد الفاجر الكافر: مهيم فقالت

.فتلك أمكم يا بني ماء السماء: ان أبو هريرة إذا حدث هذا الحديث يقولفك: قال محمد بن سيرين

حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبد : حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

لم " براهيم شيئا قط لم يقل إ: " سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول: الرحمن األعرج، عن أبي هريرة، قال، " بل فعله آبيرهم هذا فاسألوهم إن آانوا ينطقون : " لم يكن به سقم، وقوله" إني سقيم " قوله : إال ثالثا" يكن

فما قال إبراهيم عليه السالم شيئا قط : أختي، قال: من هذه المرأة معك؟ قال: وقوله لفرعون حين سأله عن سارة فقال " .لم يكن إال ذلك "

حدثنا أبو الزناد، عن عبد : حدثنا محمد ابن إسحاق، قال: حدثني أبي، قال: قال. حدثني سعيد بن يحيى األموي

لم يكذب إبراهيم في شيء قط إال في : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: الرحمن األعرج، عن أبي هريرة، قال .ثم ذآر نحوه... " ثالث

حدثني هشام، عن محمد، عن أبي هريرة، أن رسول اهللا صلى اهللا عليه : أسامة، قال حدثنا أبو: حدثنا أبو آريب، قال، " بل فعله آبيرهم هذا : " ، وقوله" إني سقيم : " ثنتين في ذات اهللا، قوله: لم يكذب إبراهيم غير ثالث: " وسلم قال

100

ن المسيب بن رافع، عن أبي حدثنا جرير، عن مغيرة، ع: حدثني ابن حميد، قال" . هي أختي : وقوله في سارة، " بل فعله آبيرهم هذا : " ، وقوله" إني سقيم : " قوله: ما آذب إبراهيم عليه السالم غير ثالث آذبات: هريرة قال

.وآانت امرأته -لسارة -أختي : وإنما قال موعظة، وقوله حين سأله الملك فقال

ثنتان في : إن إبراهيم لم يكذب إال ثالث آذبات: ، قالحدثني ابن علية، عن أيوب، عن محمد: حدثني يعقوب، قال

وقصته في " بل فعله آبيرهم هذا : " ، وقوله" إني سقيم : " اهللا، وواحدة في ذات نفسه، وأما الثنتان فقوله .وذآر قصتها وقصة الملك.سارة

.رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق: قال أبو جعفر

إني أراها امرأة وضيئة فخذها، لعل اهللا يرزقك : فوهبتها سارة إلبراهيم، وقالت وآانت هاجر جارية ذات هيئة،: قالمنها ولدا، وآانت سارة قد منعت الولد فال تلد إلبراهيم حتى أسنت، وآان إبراهيم قد دعا اهللا أن يهب له من

ولدت له إسماعيل الصالحين، وأخرت الدعوة حتى آبر إبراهيم وعقمت سارة، ثم إن إبراهيم وقع على هاجر، ف .عليهما السالم

حدثني ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد اهللا بن آعب بن : حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قالإذا فتحتم مصر فاستوصوا باهلها خيرا، فإن لهم ذمة : " رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: قال: مالك األنصاري، قال

" .ورحما

ما الرحم التي ذآر رسول اهللا صلى : سألت الزهري: حدثني ابن إسحاق قال: حدثنا سلمة، قال: ابن حميد، قالحدثنا

أن سارة حزنت عند ذلك على ما - واهللا أعلم - فيزعمون . آانت هاجر أم إسماعيل منهم: اهللا عليه وسلم ولهم؟ قالإلى الشأم، وهاب ذلك الملك الذي آان بها، واشفق من فاتها من الولد حزنا شديدا، وقد آان إبراهيم خرج من مصر

شره حتى قدمها، فنزل السبع من أرض فلسطين، وهي برية الشأم، ونزل لوط بالمؤتفكة، وهي من السبع على وأقرب من ذلك، فبعثه اهللا عز وجل نبيا، وأقام إبراهيم فيما ذآر لي بالسبع، فاختفر به بئرا واتخذ . مسيرة يوم وليلة

ثم إن إهلها آذوه فيها ببعض األذى، فخرج منها حتى . مسجدا، فكان ماء تلك البئر معينا طاهرا فكانت غنمه تردهابه فلما خرج من بين أظهرهم نضب الماء -أوقط -نزل بناحية من أرض فلسطين بين الرملة وإيليا، ببلد يقال له قط

.فذهب

اخرجنا من بين أظهرنا رجال صالحا، فسألوه أن : نعوا، وقالواواتبعه أهل السبع، حتى أدرآوه وندموا على ماص

فإن الماء الذي آنت تشرب منه ونشرب معك منه قد : ما أنا براجع إلى بلد أخرجت منه، قالوا له: يرجع إليهم، فقالالماء، اذهبوا بها معكم، فإنكم لو قد أوردتموها البئر، قد ظهر: نضب فذهب، فأعطاهم سبع أعنز من غنمه، فقال

حتى يكون معينا طاهرا آما آان، فاشربوا منها، فال تغترفن منها امرأة حائض، فخرجوا باألعنز، فلما وقفت على البئر ظهر إليها الماء، فكانوا يشربون منها وهي على ذلك حتى أتت امرأة طامث، فاغترفت، فنكص ماؤها إلى الذي

.هو عليه اليوم، ثم ثبت

يف من نزل به، وآان اهللا عز وجل قد أوسع عليه، وبسط له في الرزق والمال والخدم، فلما وآان إبراهيم يض: قالأراد اهللا عز وجل هالك قوم لوط، بعث إليه رسله يأمرونه بالخروج من بين أظهرهم، وآانوا قد عملوا من الفاحشة

به من النصيحة من ربهم، وأمرت الرسل ما لم يسبقهم به أحد من العالمين، مع تكذيبهم نبيهم، وردهم عليه ما جاءهم أن ينزلوا على إبراهيم، وأن يبشروه وسارة بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فلما نزلوا على إبراهيم وآان

ال يضيفه أحد، وال يأتيه، فلما رآهم سر - فيما يذآرون -الضيف قد حبس عنه خمس عشرة ليلة حتى شق ذلك عليه ال يخدم هؤالء القوم أحد إال أنا بيدي، فخرج إلى أهله، فجاء آما : ثلهم حسنا وجماال، فقالبهم رأى ضيفا لم يضفه م

وقربه " جاء بعجل حنيذ : " اإلنضاج يقول اهللا جل ثناؤه: والحناذ -قد حنذه " بعجل سمين : " قال اهللا عز وجل

101

" حين لم يأآلوا من طعامه، " منهم خيفة فلما رأى أيديهم ال تصل إليه نكرهم واوجس" غليهم، فأمسكوا أيديهم عنه، لما عرفت من أمر اهللا عز وجل، ولما " قائمة فضحكت " سارة " وامرأته . قالوا ال تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط

وصكت وجهها، يقال -بابن، وبابن ابن، فقالت " بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " تعلم من قوم لوط، فبشروها فيما ذآر لي -وآانت سارة يومئذ " . إنه حميد مجيد : " إلى قوله" يا ويلتي أألد وأنا عجوز " :ضربت على جبينها

ابنة تسعين سنة، وإبراهيم ابن عشرين ومائة سنة، فلما ذهب عن إبراهيم الورع وجاءته البشرى -بعض أهل العلم الذي وهب لي على الكبر إسماعيل الحمد اهللا: " بإسحاق ويعقوب ولد من صلب إسحاق وأمن ما آان يخاف، قال

" .وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء

أخبرني وهب بن سليمان، عن شعيب : حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

سارة وهي ألقى إبراهيم في النار وهو ابن ست عشرة سنة، وذبح إسحاق وهو ابن سبع سنين، وولدته : الجبائي، قالابنة تسعين سنة، وذبح إسحاق وهو ابن سبع سنين، وولدته سارة وهي ابنة تسعين سنة، وآان مذبحه من بيت إيليا

مات سارة وهي ابنة مائة : على ميلين، فلما دعت سارة بما أراد بإسحاق مرضت يوميت وماتت اليوم الثالث، وقيل .وسبع وعشرين سنة

بعث اهللا المالئكة لتهلك : حدثنا أسباط، عن السدي، قال: دثنا عمرو بن حماد، قالح: حدثني موسى بن هارون، قال

قوم لوط، فأقبلت تمشي في صورة رجال شباب، حتى نزلوا على إبراهيم، فتضيفوه، فلما رآهم إبراهيم أجلهم، فراغ قعد معهم، وقامت سارة إلى أهله، فجاء بعجل سمين فذبحه، ثم شواه في الرضف وهو الحنيذ حين شواه، وأتاهم ف

أال : في قراءة ابن مسعود، فلما قربه إليهم قال" وامرأته قائمة وهو جالس : " تخدمهم، فذلك حين يقول جل ثناؤهتذآرون اسم اهللا على أوله : وماثمنه؟ قال: فإن لهذا ثمن قالوا: ابراهيم إنا ال نأآل طعاما إال بثمن قال: قالوا! تأآلون

فلما رأى أيديهم ال تصل إليه " حق لهذا أن يتخذه به خليال، : ، فنظر جبرئيل إلى ميكائيل، فقالوتحمدونه على آخره، فلما نظرت إليه سارة أنه قد أآرمهم وقامت هي تخدمهم " نكرهم وأوجس منهم خيفة " ال تأآلون، : يقول"

!.يأآلون طعامنا هؤالء إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم، وهو ال! عجبا ألضيافنا: ضحكت وقالت

ذآر أمر بناء البيت

فلم . ببناء بيت له يعبد فيه، ويذآر - فيما ذآر - ثم إن اهللا عز وجل أمر إبراهيم بعد ما ولد له إسماعيل وإسحاق : قال

بعث اهللا إليه : يدر إبراهيم في أي موضع يبنى، إذ لم يكن بين له ذلك، فضاق بذلك ذرعا، فقال بعض أهل العلم .ة لتدله على موضع البيت فمضت به السكينة، ومع إبراهيم هاجر زوجته وابنه إسماعيل، وهو طفل صغيرالسكين

.بل بعث اهللا إليه جبرئيل عليه السالم، حتى دله على موضعه وبني له ما ينبغي أن يعمل: وقال بعضهم

:ذآر من قال

:الذي بعثه اهللا إليه لذلك السكينة

أن رجال قام إلى علي : حدثنا أبو األحوص، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة: لحدثنا هناد بن السري، قاال، ولكنه أو بيت وضع في : أال تخبرني عن البيت، أهو أول بيت وضع في األرض؟ فقال: بن أبي طالب، فقال

ى إبراهيم أن ابن لي إن اهللا عز وجل أوحى إل. البرآة مقام إبراهيم،ومن دخله آان آمنا، وإن شئت أنبأتك آيف بنيبيتا في األرض فضاق إبراهيم بذلك ذرعا، فأرسل عز وجل السكينة، وهي ريح خجوج ولها رأسان، فاتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت إلى مكة فتطوت على موضع البيت آتطوي الحية، وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة،

أبغني حجرا آما أمرك، فانطلق الغالم يلتمس له : شئيا، فقال إبراهيمفبنى إبراهيم وبقي حجر، فذهب الغالم بنني

102

أتابي به من لم : يا أبت، من أتاك بهذا الحجر؟ فقال: حجرا، فأتاه به، فوجده قد رآب الحجر األسود في مكانه، فقال .فأتماه. يتكل على بنائك، أتابي به جبرئيل من السماء

حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي : حثنا مؤمل، قال :حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قاال

لما أمر إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر، فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع : عليه السالم قالوال تزد وال تنقص، فلما - أو على قدري - يا إبراهيم ابن على ظلي : البيت مثل الغمامة فيه مثل الراس، فكلمه، وقالانطلق فإنه ال يضيعنا، : يا إبراهيم إلى من تكلنا؟ قال إلى اهللا، قالت: بنى خرج وخلف إسماعيل وهاجر، فقالت هاجر

فعطش إسماعيل عطشا شديدا، فصعدت هاجر الصفا، فنظرت فلم تر شيئا، ثم أتت المردة فنظرت فلم تر شيئا : قال. يا إسماعيل، مت حيث ال أراك: حتى فعلت ذلك سبع مرات، فقالت.. م تر شيئاثم رجعت إلى الصفا، فنظرت فل

إلى من : أنا هاجر، أم ولد إبراهيم، قال: من أنت؟ قالت: فأتته وهو يفحص برجله من العطش، فناداها جبرائيل، فقال، فنبعت زمزم، فجعلت ففحص الغالم األرض بإصبعه: وآلكما إلى آاف، قال: وآلنا إلى اهللا، قال: وآلكما؟ قالت

.دعيه، فإنها رواء: تحبس الماء، فقال

لما عهد اهللا إلى إبراهيم : حدثنا أسباط، عن السدي، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قال

دريان أين أن طهرا بيتي للطائفين، انطلق إبراهيم حتى أتى مكة، فقام هو وإسماعيل، وأخذ المعاول ال ي: وإسماعيلالبيت، فبعث اهللا عز وجل ريحا يقال لها ريح الخجوج، لها جناحان ورأس في صورة حية، فكنست لهما ما حول

وإذ : " الكعبة على أساس البيت األول، وابتعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا األساس، فذلك حين يقول عز وجل " .بوأنا إلبراهيم مكان البيت

حدثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عم سماك بن حرب، عن : حدثنا سلمة، قال: لوحدثنا ابن حميد، قا

لما أمر اهللا إبراهيم بعمارة البيت واآلذان بالحج : خالد بن عرعرة، عن علي ابن ابي طالب عليه السالم أنه آان يقولمعه السكينة، وهي ريح لها لسان تكلم في الناس خرج من الشأم ومعه ابنه إسماعيل، وأم إسماعيل هاجر، وبعث اهللا

به، يغدو معها إبراهيم إذا غدت، ويروح معها إذا راحت، حتى انتهت به إلى مكة، فلما أتت موضع البيت استدارت ابن علي، ابن علي، ابن علي، فوضع إبراهيم األساس ورفع البيت هو وإسماعيل، حتى انتهيا : به، ثم قالت إلبراهيم: يا بني، ابغ لي حجرا أجعله علما للناس، فجاءه بحجر، فلم يرضه وقال: ، قال إبراهيم إلسماعيلإلى موضع الرآن

يا أبت، من : ابغي غير هذا، فذهب إسماعيل ليلتمس له حجرا، فجاءه وقد أتى بالرآن، فوضعه في موضعه، فقال .من لم يكلني إليك يا بني: جاءك بهذا الحجر؟ قال

آان : ج مع إبراهيم من الشام لداللته على موضع البيت جبرئيل عليه السالم، وقالواإن الذي خر: وقال آخرون .إخراجه هاجر وإسماعيل إلى مكة لما آان من غيرة سارة بسبب والدة هاجر منه إسماعيل

:ذآر من قال ذلك

لذي قد ذآرناه أن حدثنا أسباط، عن السدي باإلسناد ا: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قالتسر هاجر، فقد أنذت لك فوطئها، فحملت بإسماعيل، ثم إنه وقع على سارة فحملت بإسحاق، : سارة قالت إلبراهيم

فلما ولدته وآبر اقتتل هو وإسماعيل، فغضبت سارة على أم إسماعيل، وغارت عليها، فأخرجتها، ثم إنها دعتها ها، وحلفت لتقطعن منها بضعة، فقالت أقطع أنفها، أقطع أذنها فيشينها ثم غضبت أيضا فأخرجتها ثم أدخلت. فأدخلتها

ال بل أخفضها، فقطعت ذلك منها، فاتخذت هاجر عند ذلك ذيال تعفى به عن الدم، فلذلك خفضت : ذلك، ثم قالتبمكة بيت، وأوحى اهللا إلى إبرهيم أن يأتي مكة، وليس يومئذ . ال تساآني في بلد: النساء، واتخذت ذيوال ثم قالت

.إلى من ترآتنا ها هنا؟ ثم ذآر خبرها، وخبر ابنها: فذهب بها إلى مكة وابنها فوضعهما، وقالت هاجر

حدثنا عبد اهللا بن أبي نجيح، عن مجاهد وغيره من أهل : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

103

آان ال يمر بقرية : معالم الحرم، فخرج وخرج معه جبرئيل يقالالعلم أن اهللا عز وجل لما بوأ إلبراهيم مكان البيت وجبرئيل امضه، حتى قدم به مكة، وهي إذ ذاك عضاه سلم وسمر، وبها أناس : بهذه أمرت يا جبرئيل؟ فيقول: إال قال

ا أمرت أن أها هن: يقال لهم العماليق، خارج مكة وما حولها، والبيت يومئذ ربوة حمراء مدرة، فقال إبراهيم لجبرئيل: " نعم، فعمد بهما إلى موضع الحجر، فأنزلهما فيه، وأمر هاجر أم إسماعيل أن تتخذ فيه عريشا فقال: أضعهما؟ قال

ثم انصرف إلى أهله " . لعلهم يشكرون " إلى " ربنا إن أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم هل تسمع : ظمأ شديدا، فالتمست له أمه ماء فلم تجده، فاستسمعت فظمئ إسماعيل: بالشأم وترآهما عند البيت، قال

صوتا؟ لتلتمس له شرابا، فسمعت آالصوت عند الصفا، فأقبلت حتى قامت عليه فلم تر شيئا، ثم سمعت صوتا نحو عمدت بل قامت على الصفا تدعوا اهللا وتستغيثه إلسماعيل، ثم: المروة، فأقبلت حتى قامت عليه فلم تر شيئا، ويقال

ثم إنها سمعت أصوات سباع الوادي نحو إسماعيل حيث ترآته، فأقبلت إليه تشتد، فوجدته . إلى المروة ففعلت ذلكيفحص الماء بيده من عين قد انفجرت من تحت يده، فشرب منهأن وجاءتها أم إسماعيل فجعلتها حسيا، ثم استقت

ولم نزل : قال مجاهد. الت زمزم معينا طاهرا ماؤها أبدامنها في قربتها تذخره إلسماعيل، فلوال الذي فعلت ما ز .نسمع أن زمزم هزمة جبرئيل بعقبه إلسماعيل حين ظمئ

نبئت عن سعيد بن : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم والحسن بن محمد، قاال

روة ألم إسماعيل، وأن أول من أحدث من نساء جبير أنه حدث عن ابن عباس أن أول من سعى بين الصفا والملما فرت من سارة أرخت ذيلها لتعفى أثرها، فجاء بها إبراهيم ومعها إسماعيل : قال. العرب جر الذيول ألم إسماعيل

إلى أي شيء تكلنا؟ إلى طعام تكلنا؟ إلى : حتى انتهى بهما على موضع البيت، فوضعهما ثم رجع، فاتبعته فقالتفرجعت ومضى حتى إذا : إذا ال يضيعنا، قال: نعم، قالت: ؟ ال يرد عليها شيئا، فقالت اهللا أمرك بهذا؟ قالشراب تكلنا

... " ربنا إن أسكنت من ذريتي بواد غير زرع عند بيتك المحرم: " استوى على ثنية آداء، أقبل على الوادي فقالأي الجبال أدنى : فانقطع لبنها، فعطش الصبى فنظرت ومع اإلنسانة شنة فيها ماء، فنفذ الماء، فعطشت: قال. األية

أنيسا؟ فلم تسمع شئيا فانحدرت، فلما أتت على . هل تسمع صوتا، أو ترى: إلى األرض، فصعدت الصفا فتسمعتآاإلنسان المجهود الذي يسعى وما يريد السعي، فنظرت أي الجبال أدنى إلى - وما تريد السعي -الوادي سعت

هل تسمع صوتا أو ترى أنيسا؟ فسمعت صوتا، فقالت آاإلنسان الذي يكذب : لمروة، فتسمعتاألرض، فصعدت اقد أسمعتني صوتك فأغثني، فقد هلكت وهلك من معي، فجاء الملك بها حتى : حتى استيقنت، فقالت! صه: سمعه

رسول اهللا صلى اهللا انتهى بها إلى موضع زمزم، فضرب بقدمه ففارت عينا، فعجلت اإلنسانة تفرغ في شنتها، فقال " .رحم اهللا أم إسماعيل، لوال أنها عجلت لكانت زمزم عينا معينا : " عليه وسلم

إن أبا هذا الغالم : ال تخافي الظمأ على أهل هذا البلد، فإنها عين يشرب ضيفان اهللا منها، وقال: وقال لها الملك

.سيجيء فيبنيان هللا بيتا هذا موضعه

إن هذا الطير لعائف على ماء، فهل علمتم : هم تريد الشأم، فرأو الطير على الجبل، فقالواومرت رفقة من جر: قالوأتى : ال فأشرفوا فإذا هم باإلنسانة، فأتوها فطلبوا إليها أن ينزلوا معها، فأذنت لهم، قال: بهذا الوادي من ماء؟ فقالوا

ل امرأة منهم، فجاء إبراهيم فسأل عن منزل عليها ما يأتي على هؤالء الناس من الموت، فماتت وتزوج إسماعيجاء ها هنا شيخ : إذا جاء زوجك فقولي له: إسماعيل حتى دل عليه فلم يجده، ووجد امرأة له فظة غليظة، فقال لها

: فلما جاء إسماعيل أخبرته فقال. إني ال أرضى لك عتبة بابك فحولها، وانطلق: من صفته آذا وآذا، وأنه يقول لكفطلقها، وتزوج امرأة أخرى منهم، وجاء إبراهيم حتى انتهى إلى منزل إسماعيل فلم يجده . أنت عتبة بابيذلك أبي، و

فما طعامكم؟ قالت اللحم : انطلق إلى الصيد، قال: أين انطلق زوجك؟ فقالت: ووجد امرأة له سلهة طليقة فقال لهاإذا جاء زوجك فأخبريه، قولي له جاء ها هنا شيخ : هاوقال ل. اللهم بارك لهم في لحمهم ومائهم، ثالثا: والماء، قال

ثم جاء الثالثة، : قد رضيت لك عتبة بابك، فأثبتها، فلما جاء إسماعيل أخبرته، قال: من صفته آذا وآذا، وإنه يقول لكطاء بن حدثنا حماد بن سلمة، عن ع: حدثنا يحيى بن عباد، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال.فرفعا القواعد من البيت

جاء إبراهيم نبي اهللا بإسماعيل وهاجر فوضعهما بمكة في موضع : السائب، عن سيعد بن جبير، عن ابن عباس قالمن أمرك أن تضعني بأرض ليس فيها زرع وال : يا إبراهيم، إنما أسألك ثالث مرات: زمزم، فلما مضى نادته هاجر

ربنا إنك تعلم : " فلما قفا إبراهيم قال: فإنه لن يضيعنا، قال :ربي أمرني، قال: ضرع وال أنيس وال ماء وال زاد؟ قالفلما ظمئ " . وما يخفى على اهللا من شيء في األرض وال في السماء " يعني من الحزن " ما نخفي وما نعلن

104

فصعدت -يعني عمبق -إسماعيل جعل يدحض األرض بعقبه فذهبت هاجر حتى علت الصفا، والوادي يومئذ الخ هل ترى شيئا؟ فلم تر شيئا، فانحدرت فبلغت الوادي، فسعت فيه حتى خرجت منه، فاتت : فأشرفت لتنظرالصفا،

هل ترى شيئا؟ فلم تر شيئا، ففعلت ذلك سبع مرات، ثم جاءت من المروة إلى إسماعيل، : المروة فصعدت فاستشرفتدها عن الماء، وآلما اجتمع ماء وهو يدحض األرض بعقبه، وقد نبعت العين وهي زمزم، فجعلت تفحص األرض بي

لو ترآتها لكانت عينا سائحة ! يرحمها اهللا: " فقال النبي صلى اهللا عليه وسلم: أخذته بقدحها، فأقرغته في سقائها، قال " .تجري إلى يوم القيامة

هم الطير ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء، فلما رأت جر: وآانت جرهم يومئذ بواد قريب من مكة، قال: قاللو شئت آنا معك وآنسناك والماء ماؤك، : ما لزمته إال وفيه ماء، فجاءوا إلى هاجر، فقالوا. لزمت الوادي، قالوا

فاستأذن إبراهيم : فكانوا معها حتى شب إسماعيل وماتت هاجر، فتزوج إسماعيل امرأة من جرهم، قال! نعم: قالتإلى بيت إسماعيل، فقال -وقد ماتت هاجر -ينزل، وقدم إبراهيم سارة أن يأتي هاجر، فأذنت له، وشرطت عليه أال

ليس ها هنا، ذهب يتصيد، وآان إسماعيل يخرج من الحرم فيتصيد، ثم يرجع، فقال : أين صاحبك؟ قالت: المرأتهك إذا جاء زوج: ليس عندي وما عندي أحد، قال إبراهيم: إبراهيم هل عندك ضيافة؟ هل عندك طعام أو شراب؟ قالت

هل جاءك : فأقرئيه السالم، وقولي له، فليغير عتبة بابه، وذهب إبراهيم وجاء إسماعيل، فوجد ريح أبيه فقال المرآته. فما قال لك؟ قالت قال لي أقرئي زوجك السالم:قال -وآذا المتسخفة بشأنه -جائني شيخ صفته آذا : أحد؟ قالتفلبث إبراهيم ما شاء اهللا أن يلبث، ثم استأذن سارة أن يزور فليغير عبتة بابه، فطلقها وتزوج أخرى،: وقولي له

أين : إسماعيل، فأذنت له واشترطت عليه أال ينزل، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل، فقال المرأته، نعم: هل عندك ضيافة؟ قالت: قال لها! ذهب يتصيد و يجيء اآلن إن شاء اهللا، فانزل يرحمك اهللا: صاحبك؟ قالت

فجاءت باللبن واللحم، فدعا لهما بالبرآة، فلو جاءت يومئذ بخبز : هل عندك خبرا او بر أو شعير أو تمر؟ قال: قالانزل حتى أغسل رأسك، فلم ينزل، فجاءته : أو بر أو شعير أو تمر لكانت أآثر أرض اهللا برا وشعيرا وتمرا، فقالت

بقي أثر قدمه عليه، فغسلت شق رأسه األيمن، ثم حولت المقام بالمقام فوضعته عن شقه األيمن، فوضع قدمه عليه ف. قد استقامت عتبة بابك: إذا جاء زوجك فأقرئيه السالم، وقولي له: إلى شقه األيسر، فغسلت شقه األيسر، فقال لهاريحا، نعم شيخ أحسن الناس وجها وأطيبهم :هل جاءك أحد؟ قالت: فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه، فقال المرأته

قال : وما قال لك؟ قالت: آذا وآذا، وقلت له آذا وآذا، وغسلت رأسه، وهذا موضع قدميه على المقام، قال: فقال ليقد استقامت عتبة بابك، قال ذلك إبراهيم، فلبث ما شاء اهللا أن يلبث : إذا جاء زوجك فأقرئيه السالم، وقولي له: لي

، فجعل ال يمر بقوم إال " أذن في الناس بالحج : " وإسماعيل، فلما بنياه قيل وأمره اهللا عز وجل ببناء البيت، فبناه هولبيك : يا أيها الناس، إنه قد بني لكم بيت فحجوه، فجعل ال يسمعه أحد، ال صخرة وال شجرة وال شيء إال قال: قال

: " ، وبين قوله" يتك المحرم ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند ب: " وآان بين قوله: قال. اللهم لبيك .آذا وآذا عاما، لم يحفظ عطاء" الحمد اهللا الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق

سمعت : أخبرنا إبراهيم بن نافع، قال: حدثنا عبيد اهللا بن عبد المجيد أو علي الحنفي، قال: حدثني محمد بن سنان، قال

فوجد إسماعيل يصلح نبال له من -يعني إبراهيم -جاء : ن عباس قالآثير بن آثير يحدث عن سعيد بن جبير عن ابفأطع ربك فيما أمرك، : يا إسماعيل، إن ربك قد أمرني أن أبني له بيتا، فقال له إسماعيل: وراء زمزم، فقال إبراهيم

إسماعيل يناوله الحجارة فقام معه، فجعل إبراهيم يبنيه و: قال: إذا أفعل: قد أمرك أن تعينني عليه قال: فقال إبراهيم، فلما ارتفع النبيان وضعف الشيخ عن رفع الحجارة قام على " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " ويقوالن

" .تقبل منا إنك أنت السميع العليم : " حجر، وهو مقام إبراهيم، فجعل يناوله ويقوالن

وأذن : " وجل ببنائه، أمره اهللا أن يؤذن في الناس بالحج، فقال له فلما فرغ إبراهيم من بناء البيت الذي أمره اهللا عز

ما حدثنا به - فيما ذآر لنا -فقال إبراهيم " . في الناس بالحج يأتوك رجاال وعلى آال ضامر يأتين من آل فج عميق راهيم من بناء لما فرغ إب: حدثنا جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: ابن حميد قاليا أيها : أذن وعلي البالغ، فنادى إبراهيم: يا رب، وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن في الناس بالحج، قال: البيت، قيل له

أفال ترى الناس يجيئون من أقصى : فسمعه ما بين السماء واألرض: الناس آتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، قال .األرض يلبون

105

حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان الضبي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، : قال حدثنا الحسن بن عرفة،اال : فقال إبراهيم: أن أذن في الناس بالحج، قال: لما بنى إبراهيم البيت أوحى اهللا عز وجل إليه: عن ابن عباس، قال

جر أو شجر أو أآمة أو تراب أو إن ربكم قد اتخذ بيتا، وأمرآم أن تحجوه، فاستجاب له ما سمعه من شيء، من ححدثنا الحسين ابن واقد، عن أبي الزبير، : حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا ابن حميد، قال! لبيك اهللا لبيك: شيء

قام إبراهيم عليه السالم خليل اهللا على الحجر : ، قال" وأذن في الناس بالحج : " عن مجاهد، عن ابن عباس، قولهاس، آتب عليكم الحج، فأسمع من في أصالب الرجال وأرحام النساء، فأجابه من آمن ممن سبق في يا أيها الن: فنادى

حدثنا سفيان، عن : حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا ابن بشار، قال! لبيك اللهم لبيك: علم اهللا أن يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك، قال: يا رب، آيف أقول؟ قال: أذن في الناس بالحج، فقال: قيل إلبراهيم: سلمة، عن مجاهد، قال

.فكانت أول التلبية

حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عمر ابن عبد اهللا بن عروة، أن عبد اهللا بن الزبير قال : حدثنا ابن حميد، قالاعيل قواعد البيت، بلغني أنه لما رفع هو وإسم: آيف بلغك أن إبراهيم دعا إلى الحج؟ قال: لعبيد بن عمير الليثي

! أن لبيك اللهم لبيك: وانتهى إلى ما أراد اهللا من ذلك، وحضر الحج استقبل اليمن، قدعا إلى اهللا وإلى حج بيته فأجيبثم إلى المغرب فدعا إلى اهللا وإلى حج ! أن لبيك اللهم لبيك: ثم استقبل المشرق فدعا إلى اهللا وإلى حج بيته فأجيب

ثم إلى الشأم فدعا إلى اهللا عز وجل وإلى حج بيته فأجيب أن لبيك ا للهم لبيك، ثم ! اللهم لبيكأن لبيك : بيته، فأجيبخرج بإسماعيل وهو معه يوم التروية، فنزل به منى ومن معه من المسلمين، فصلى بهم الظهر والعصر والمغرب

لى عرفة، فقال بهم هنالك، حتى إذا والعشاء اآلخرة، ثم بات بهم حتى أصبح، فصلى بهم صالة الفجر، ثم غدا بهم إالظهر والعصر، ثم راح بهم إلى الموقف من عرفة، فوقف بهم على األراك، وهو : مالت الشمس جمع بين الصالتين

الموقف من عرفة الذي يقف عليه اإلمام يريه ويعلمه، فلما غرب الشمس دفع به وبمن معه حتى أتى المزدلفة، فجمع مغرب والعشاء اآلخرة، ثم بات بها وبمن معه، حتى إذا طلع الفجر صلى بهم صالة الغداة، ثم فيها بين الصالتين، ال

وقف به على قزح من المزدلفة فيمن معه، وهو الموقف الذي يقف به اإلمام حتى أسفر دفع به وبمن معه يريه م أفاض به من منى ليريه ويعلمه آيف يصنع، حتى رمى الجمرة الكبرى، وأراه المنحر من منى، ثم نحر وحلق، ث

.آيف يطوف، ثم عاد به إلى منى ليريه آيف يرمي الجمار، حتى فرغ له من الحج وأذن في الناس

وقد روي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وعن بعض أصحابه أن جبرئيل هو الذي آان يري : قال أبو جعفر

.إبراهيم المناسك إذا حج

: ذآر الرواية بذلك عن رسول اهللا

حدثنا عبيد اهللا بن : وحدثنا محمد بن إسماعيل األحمسي، قال -حدثنا عبيد اهللا بن موسى : حدثنا أبو آريب، قال: أخبرنا ابن أبي ليلى، عن ابن أبي مليكة، عن عبد اهللا بن عمرو، عن النبي صلى اهللا عليه وسلم قال: قال - موسى

منى، فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء اآلخرة والفجر أتى جبرئيل إبراهيم يوم التروية فراح به إلى الظهر والعصر، ثم : فصلى به الصالتين جميعا - أو حيث ينزل الناس - بمنى، ثم غدا به إلى عرفات، فأنزله األراك

ن وقف به حتى إذا آان آأعجل ما يصلي أحد من الناس المغرب، أفاض حتى فاض أتى به جميعا، فصلى به الصالتيجميعا المغرب والعشاء، ثم أقام حتى إذا آان آأعجل ما يصلي أحد من الناس الفجر صلى به، ثم وقف حتى إذا آان

آأبطأ ما يصلي أحد من المسلمين الفجر أفاض به إلى منى، فرمى الجمرة، ثم ذبح وحلق، ثم أفاض إلى البيت، ثم " .اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما آان من المشرآين أن : " أوحى اهللا عز وجل إلى محمد صلى اهللا عليه وسلم

حدثني أبي، عن عبد اهللا بن أبي مليكة، عن عبد اهللا : حدثنا عمران بن محمد بن أبي ليلى، قال: حدثنا أبو آريب، قال .بذبح ابنهثم إن هللا تعالى ذآره ابتلى خليله إبراهيم عليه السالم .ل اهللا صلى اهللا عليه وسلم نحوهبن عمرو، عن رسو

106

هو : واختلف السلف من علماء أمة نبينا صلى اهللا عليه وسلم في الذي أمر إبراهيم بذبحه من ابنيه، فقال بعضهمهو إسماعيل بن إبراهيم، وقد روي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم آال : إسحاق بن إبراهيم، وقال بعضهم

ير أن الدليل من القرآن على صحة الرواية التي رويت عنه صلى القولين، لو آان فيهما صحيح لم نعده إلى غيره، غ .أوضح وأبين منه على صحة األخرى" هو إسحاق : " اهللا عليه وسلم أنه قال

حدثنا زيد بن الحباب، عن الحسن بن : حدثنا بها أبو آريب، قال" هو إسحاق : " والرواية التي رويت عنه أنه قالان، عن الحسن، عن األحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى دينار، عن علي بن زيد بن جدعوقد روي هذا الخبر عن غيره من " .هو إسحاق : " قال" بذبح عظيم وفديناه : " اهللا عليه وسلم في حديث ذآر فيه

.يه وسلموجه أصلح من هذا الوجه، غير أنه موقوف على العباس غير مرفوع إلى رسول اهللا صلى اهللا عل

:ذآر من قال ذلك

: حدثنا ابن يمان، عن مبارك، عن الحسن، عن األحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب: حدثنا أبو آريب قال وأما الرواية التي رويت عنه أنه هو إسماعيل، فما حدثنا محمد بن عمار " هو إسحاق : " قال" وفديناه بذبح عظيم "

حدثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابي، عن عبد اهللا بن : يل بن عبيد بن أبي آريمة، قالحدثنا إسماع: الرازي، قالآنا عند : حدثنا عبد اهللا بن سعيد، عن الصنابحي، قال: محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان، عن أبيه، قال

، آنا عند رسول اهللا صلى اهللا على الخبير سقطتم: إسماعيل أو إسحاق؟ فقال: معاوية بن أبي سفيان، فذآروا الذبيحيا رسول اهللا، عد على مما أفاء اهللا عليك يا بن الذبيحين، فضحك رسول اهللا صلى اهللا : عليه وسلم، فجاءه رجل فقال

إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمز نذر هللا لئن سهل اهللا له : " وما الذبيحان يا رسول اهللا؟ فقال: عليه وسمل، فقيل لهافد ابنك بمائة من اإلبل، ففداه بمائة : فخرج السهم على عبد اهللا، فمنعه أخواله وقالوا: ، قال" حن أحد ولده أمرها ليذب

.من اإلبل وإسماعيل الثاني

.ونذآر اآلن من قال من السلف إنه إسحاق، ومن قال إنه إسماعيل

: ذآر من قال هو إسحاق

: رك، عن الحسن، عن األحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلبحدثنا ابن يمان، عن مبا: حدثنا أبو آريب، قال .هو إسحاق: قال" وفديناه بذبح عظيم "

: حدثنا ابن إدريس، عن داود ابن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: حدثنا الحسين بن يزيد الطحان، قال .الذي أرم بذبحه إبراهيم هو إسحاق

.الذبيح هو إسحاق: قال ابن عباس: علية، عن داود، عن عكرمة، قال حدثنا ابن: حدثني يعقوب، قال

هو : قال" وفديناه بذبح عظيم : " حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس: حدثنا ابن المثنى، قال .إسحاق

افتخر : ألحوص، قالحدثنا شبعة، عن أبي إسحاق، عن أبي ا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا ابن المثنى، قال

ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق، : أنا فالن ابن فالن ابن األشياخ الكرام، فقال عبد اهللا: رجل عند ابن مسعود، فقال .ذبيح اهللا بن إبراهيم خليل اهللا

107

عن حدثنا محمد ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي بكر،: حدثنا إبراهيم بن المختار، قال: حدثنا ابن حميد، قال

من ابنه : قال" وفديناه بذبح عظيم : " الزهري، عن العالء بن جارية الثقفي، عن أبي هريرة، عن آعب، في قوله .إسحاق

حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد اهللا بن أبي بكر، عن محمد بن مسلم : حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حيمد، قال

في، حليف بني زهرة، عن أبي هريرة، عن آعب األحبار، أن الذي الزهري، عن أبي سفيان بن العالء بن جارية الثق .أمر بذبحه إبراهيم من أبنيه إسحاق

أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن : أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يونس، قالبلى، قال : اهيم النبي؟ قال أبو هريرةأال أخبرك عن إسحاق بن إبر: جارية الثقفي، أخبره أن آعبا قال ألبي هريرة

واهللا لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم ال أفتن أحدا منهم أبدا، فتمثل : لما أري إبراهيم ذبح إسحاق، قال الشيطان: آعبال : غدا لبعض حاجته، قال الشيطان: الشيطان لهم رجال يعرفونه، فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم غاديا بإسحاق؟ قالت

ليس من ذلك شيء، لم يكن ليذبح : غدا به ليذبحه، قالت سارة: فلم غدا به؟ قال: ما لذلك غدا به، قالت سارةواهللافهذا حسن بأن يطيع : زعم أن ربه أمره بذلك، قالت سارة: فلم يذبحه؟ قال: بلى واهللا، قالت سارة: ابنه، قال الشيطان

.ربه إن آان أمره بذلك

: أي أصبح أبوك غاديا بك؟ قال: حتى أدرك إسحاق وهو يمشي على أثر أبيه، فقال له فخرج الشيطان من عند سارة

ما آان : قال إسحاق. ال واهللا، ما غدا بك لبعض حاجته، ولكنه غدا بك ليذبحك: غدا بي لبعض حاجته، قال الشيطانلئن أمره بذلك ليطيعنه، فترآه فواهللا : زعم أن ربه أمره بذلك، قال إسحاق: لم؟ قال: بلى، قال: أبي ليذبحني، قال

أما واهللا ما غدوت : غدوت به لبعض حاجتي، قال: أي أصبحت غاديا بابنك؟ قال: الشيطان وأسرع إلى إبراهيم، فقالفلما : فواهللا لئن آان أمرني ربي ألفعلن، قال: زعمت أن ربك أمرك بذلك، قال: لم أذبحه؟ قال: به إلى لتذبحه، قال

قم أي بني، فإن اهللا قد : قال إبراهيم إلسحاق. ليذبحه وسلم إسحاق أعفاه اهللا، وفداه بذبح عظيمأخذ إبراهيم إسحاق : اللهم فإني أدعوك أن تستجيب لي: إني أعطيك دعوة أستجيب لك فيها، قال إسحاق: أعفاك، فأوحى اهللا إلى إسحاق

.أيما عبد لقيك من األولين واآلخرين ال يشرك بك شيئا فأدخله الجنة

حدثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عبد اهللا بن عبيد بن عمير، : حدثني عمرو بن علي، قال، حدثنا أبو عاصم، قال

إن إبراهيم لم يعدل : يا رب، يقولون يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فيم قالوا ذلك؟ قال: قال موسى: عن أبيه، قالبالذبح وهو بغير ذلك أجود، وإن يعقوب آلما ذدته بالء زادني بي شيئا قط إال اختارني عليه، وإن إسحاق جاد لي

.حسن ظن

حدثنا سفيان، عن زيد ابن أسلم، عن عبد اهللا بن عبيد بن عمير، عن ابيه : حدثنا مؤمل، قال: حدثنا ابن بشار، قال

.اي رب بم أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما أعطيتهم؟ فذآر نحوه: قال موسى: قال

.هو إسحاق: حدثنا ابن يمان، عن إسرائيل، عن جابر، عن ابن سابط، قال: و آريب، قالحدثنا أب

الذبيح هو : حدثنا ابن يمان عن سفيان، عن ابي سنان الشيباني، عن ابن أبي الهذيل، قال: حدثنا أبو آريب، قال

.إسحاق

108

قال يوسف : حاق،عن أبي ميسرة، قالحدثنا سفيان بن عقبة، عن حمزة الزيات، عن أبي إس: حدثنا أبو آريب، قال

! للملك في وجهه ترغب أن تأآل معي، وأنا واهللا يوسف بن يعقوب نبي اهللا بن إسحاق ذبيح اهللا ابن إبراهيم خليل اهللا .قال يوسف للملك، فذآره نحوه: حدثنا وآيع عن سفيان، عن أبي سنان، عن ابن الهذيل، قال: حدثنا أبو آريب، قال

حدثنا أسباط، عن السدي، في خبر ذآره عن أبي مالك : حدثنا عمرو بن حماد، قال: ن هارون، قالحدثني موسى ب

وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا -وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود - وعن أبي صالح، عن ابن عباس إن رزقك اهللا غالما من سارة أن : أوف نذرك الذي نذرت: عليه وسلم، أن إبراهيم عليه السالم أري في المنام فقيل له

.تذبحه

وفديناه بذبح : " حدثنا زآرياء وشعبة عن أبي إسحاق، عن مسروق في قوله: حدثنا هشيم، قال: حدثني يعقوب، قال

.قال هو إسحاق" عظيم

: ذآر من قال هو إسماعيل

يمان، عن إسرائيل، عن ثوير، عن حدثنا يحيى بن : حدثنا أبو آريب وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال .الذبيح إسماعيل: مجاهد، عن ابن عمر، قال

وفديناه بذبح : " حدثنا بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا ابن بشار، قال

.إسماعيل: ، قال" عظيم

و حمزة محمد بن ميمون السكري عن عطاء بن حدثنا أب: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا ابن حميد، قال

.إن الذي أمر بذبحه إبراهيم إسماعيل: السائب،عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال

حدثنا هشيم، عن علي بن زيد، عن عمار مولي بني هاشم، وعن يوسف بن مهران، عن ابن : حدثني يعقوب، قال " . وفديناه بذبح عظيم: " هو إسماعيل، يعني: عباس قال

.وهو إسماعيل: قال ابن عباس: حدثنا داود، عن الشعبي، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثني يعقوب، قال

أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فزعم : سئل داود بن أبي هند: حدثنا ابن علية، قال: وحدثي به يعقوب مرة أخرى، قال

.هو إسماعيل: ابن عباس: قال: أن الشعبي قال

في : حدثنا شعبة، عن بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس، أنه قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: ن المثنى، قالحدثنا اب

.هو إسماعيل: الذي، فداه اهللا بذبح عظيم، قال

: ، قال" وفديناه بذبح عظيم : " حدثنا ليث، عن مجاهد عن ابن عباس، قوله: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا يعقوب، قال

.عيلهو إسما

109

أخبرني عمر بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد : حدثنا ابن وهب، قال: وحدثني يونس بن عبد األعلى، قال

.المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وآذبت اليهود: اهللا بن عباس، أنه قال

عن يوسف بن مهران، عن حدثنا أبو عاصم، عن مبارك، عن علي بن زيد،: وحدثني محمد بن سنان القزاز، قال

.هو إسماعيل: الذي فداه اهللا عز وجل قال: ابن عباس

. حدثنا حجاج، عن حماد، عن أبي عاصم الغنوي، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس مثله: حدثني محمد بن سنان، قال

براهيم ذبحه الذي أراد إ: حدثني خالد بن عبد اهللا، عن داود، عن عامر، قال: حدثني إسحاق بن شاهين، قال .إسماعيل

" وفديناه بذبح عظيم " حدثنا داود، عن عامر أنه قال في هذه اآلية : حدثني عبد األعلى، قال: حدثنا ابن المثنى، قال

.وآان قرنا الكبش منوطين بالكعبة: هو إسماعيل، قال: ، قال

.رأيت قرني الكبش في الكعبة: قال حدثنا ابن يمان، عن إسرائيل، عن جابر، عن الشعبي،: حدثنا أبو آريب، قالحدثنا ابن يمان، عن مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، : حدثنا أبو آريب، قال

.هو إسماعيل: قال

.هو إسماعيل: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: حدثنا ابن يمان، قال: حدثنا أبو آريب، قال

.هو اسماعيل: قال" وفديناه بذبح عظيم : " أخبرنا عون، عن الحسن: حدثنا هشيم، قال: قوب، قالحدثني يع

إن الذي أمر اهللا : سمعت محمد بن آعب القرظي وهو يقول: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

عز وجل في قصة الخبر عن إبراهيم وما عز وجل إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل، وإنا لنجد ذلك في آتاب اهللا: " أمر به من ذبح ابنه، أنه إسماعيل، وذلك أن اهللا عز وجل يقول حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال

بابن وابن ابن، : ، يقول" فبشرناها بإسحاق من وراء إسحاق يعقوب : " ويقول" وبشرناه بإسحاق نبيا من الصاحلين .ره بذبح إسحاق، وله فيه من اهللا من الموعود ما وعده، وما الذي أمر بذبحه إال إسماعيلفلم يكن يأم

حدثنا محمد بن إسحاق، عن يريدة بن سفيان بن فروة األسلمي، عن محمد : حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

إن هذا : آان معه بالشآم، فقال له عمربن آعب القرظي، أنه حدثهم أنه ذآر ذلك لعمر بن عبد العزيز، وهو خليفة إذ لشيء ما آنت أنظر فيه، وإني ألراه آما قلت، ثم أرسل إلى رجل آان عنده بالشام آان يهوديا فأسلم، فحسن إسالمه،

وأنا عند عمر بن : فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك، قال محمد بن آعب القرظي. وآان يرى أنه من علماء اليهودإسماعيل، واهللا يا أمير المؤمنين، إن يهود لتعلم بذلك، : أي انبي إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: قال له عمرعبد العزيز، ف

ولكنها يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباآم الذي آان من أمر اهللا فيه، والفضل الذي ذآره اهللا منه لصبره .سحاق أبوهمعلى ما أمر به، فهو يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق، ألن إ

حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد، عن الحسن بن أبي : حدثنا ابن حميد، قال

110

.الحسن البصري، أنه آان ال يشك في ذلك أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل .ن آعب القرظي يقول ذلك آثيراسمعت محمد ب: قال محمد بن إسحاق: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

وأما الداللة من القرآن التي قلنا إنها على أن ذلك إسحاق أصح، فقوله تعالى مخبرا عن دعاء خليله إبراهيم حين رب هب لي من . إني ذاهب إلى ربي سيهدين: " فارق قومه مهاجرا إلى ربه إلى الشام مع زوجته سارة، فقال

ف هاجر، وقبل أن تصير له أم إسماعيل، ثم أتبع ذلك ربنا عز وجل الخبر عن ، وذلك قبل أن يعر" الصالحين إجابته دعاءه، وتبشيره إياه بغالم حليم، ثم عن رؤيا إبراهيم أنه يذبح ذلك الغالم حين بلغ معه السعي، وال يعلم في

فبشرناها بإسحاق ومن وراء وامرأته قائمة فضحكت : " آتاب ذآر لتبشير إبراهيم بولد ذآر إال بإسحاق، وذلك قولهفأقبلت امرأته في صرة فصكت . فأوجس منهم خيفة قالوا ال تخف وبشروه بغالم عليم: " وقوله" إسحاق يعقوب

ثم ذلك آذلك في آل موضع ذآر فيه تبشير إبراهيم بغالم، فإنما ذآر تبشير اهللا إياه به " وجهها وقالت عجوز عقيم نظير ما في سائر سور القرآن من تبشيره " فبشرناه بغالم حليم : " ن ذلك في قولهمن زوجته سارة، فالواجب أن يكو

.إياه من زوجته سارة

وأما اعتالل من اعتل بأن اهللا لم يكن يأمر إبراهيم بذبح إسحاق، وقد أتته البشارة من اهللا قبل والدته بوالدته ووالدة

ل، وذلك أن اهللا إنما أمر إبراهيم بذبح إسحاق بعد إدراك يعقوب منه من بعده، فإنها علة غير موجبة صحة ما قاوجائز أن يكون يعقوب ولد له قبل أن يؤمر أبوه بذبحه، وآذلك ال وجه العتالل من اعتل في ذلك . إسحاق السعي

.بقرن الكبش أنه رآه معلقا في الكعبة، وذلك غير مستحيل أن يكون حمل من الشأم إلى الكعبة فعلق هنالك

لخبر عن صفة فعل إبراهيم وابنهذآر ا

الذي أمر بذبحه فيما آان أمر به من ذلك والسبب الذي من أجله أمر إبراهيم بذبحه

والسبب في امر اهللا عز وجل إبراهيم بأنه الذي أمره بذبحه فيما ذآر أنه إذ فارق قومه هاربا بدينه مهاجرا إلى ربه

رب هب لي من : " ن يهب له ولدا ذآرا صالحا من سارة فقالمتوجها إلى الشأم من أرض العراق دعا اهللا أ. وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين: " يعني بذلك ولدا صالحا من الصالحين آما أخبر اهللا تعالى عنه فقال" الصالحين

شروه فلما نزل به أضيافه من المالئكة الذين آانوا أرسلوا إلى المؤتفكة قوم لوط ب" . رب هب لي من الصالحين فلما ولد الغالم وبلغ السعي قيل . هو إذا هللا ذبيح: بغالم حليم عن أمر اهللا تعالى إياهم بتبشيره، فقال إبراهيم إذ بشر به

.أوف بنذرك الذي نذرت هللا: له

:ذآر من قال ذلك

. بي مالكحدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره عن أ: حدثني عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قالوعن ناس من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا -وعن مرة الهمداني، عن عبد اهللا - وعن أبي صالح، عن ابن عباس

أبشرى بولد اسمه إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فضربت : قال جبرئيل عليه السالم لسارة: عليه وسلم قالوأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب، قالوا أألد : " وقالت" . فصكت وجهها : " جبينها عجبا، فذلك قوله

ما آية ذلك؟ فأخذ : قالت سارة لجبرائيل" . أتعجبين من أمر اهللا رحمة اهللا وبرآاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد اهيم في النوم هو إذا هللا ذبيح، فلما آبر إسحاق أتى إبر: بيده عودا يابسا فلواه بين أصابعه فاهتز أخضر، فقال إبراهيم

انطلق فقرب قربانا إلى : فقال إلسحاق. أوف بنذرك الذي نذرت، إن رزقك اهللا غالما من سارة أن تذبحه: فقيل لهيا بني : يا أبت، أين قربانك؟ قال: وأخذ سكينا وحبال، ثم انطلق معه حتى إذا ذهب به بين الجبال قال له الغالم. اهللا

يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء اهللا من الصابرين، قال : قال. نظر ماذا ترىإني أرى في المنام أني أذبحك فااشدد رباطي حتى ال أضطرب واآفف عن ثيابك حتى ال ينتضح عليها من دمي شيء فتراه سارة فتحزن، : له إسحاق

قبل عليه إبراهيم عليه فأ. وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت علي، وإذا أتيت سارة فاقرأ عليها السالمالسالم يقبله وقد ربطه وهو يبكي، وإسحاق يبكي، حتى استنفع الدموع تحت خد إسحاق، ثم إنه جر السكين على حلقه

111

فلم يحك السكين، وضرب اهللا عز وجل صفيحة من نحاس على حلق إسحاق، فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه، يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا : سلما هللا األمر، فنودي: يقول" . تله للجبين فلما أسلما و" وحز في قفاه قوله عز وجل

يا بني اليوم وهبت لي، فذلك قوله : التفت، فإذا بكبش، فأخذه وخلي عن ابنه، فأآب على ابنه يقبله وهو يقول. بالحقيا إبراهيم أردت أن تذبح : فرجع إلى سارة فأخبرها الخبر، فجزعت سارة وقالت" . وفديناه بذبح عظيم : " عز وجل

-آان إبراهيم فيما يقال إذا زارها : حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال! ابني وال تعلمنيحمل على البراق يغدو من الشأم فيقبل بمكة، ويروح من مكة، فيبيت عند أهله بالشأم، حتى إذا بلغ - يعني هاجر

.رجاه لما آان يأمل فيه من عبادة ربه وتعظيم حرماته أرى في المنام أن يذبحهمعه السعي، وأخذ بنفسه و

يا بني : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أن إبراهيم حين أمر بذبح ابنه قال له: حدثنا ابن حميد، قال

.شيئا مما أمر به خذ الحبل والمدية، ثم انطلق بنا إلى هذا الشعب ليحطب أهلك منه، قبل أن يذآر له: أين تريد أيها الشيخ؟ قال: فمال وجه على الشعب اعترضه عدو اهللا إبليس ليصده عن أمر اهللا في صورة رجل، فقال

واهللا إني ألرى الشيطان قد جاءك في منامك، فأمرك بذبح بنيك هذا، فأنت تريد : أيد هذا الشعب لحاجة لي فيه، فقالليك عني، أي عدو اهللا، فواهللا ألمضين ألمر ربي فيه، فلما يئس عدو اهللا إبليس من إ: ذبحه، فعرفه إبراهيم، فقال

يا غالم هل تدري أين يذهب بك أبوك؟ : إبراهيم اعترض إسماعيل وهو وراء إبراهيم يحمل الحبل والشفرة، فقال له: زعم أن ربه أمره بذلك، قال: لم؟ قال: واهللا ما يريد إال أن يذبحك، قال: يحطب أهلنا من هذا الشعب، قال: قال

: فلما امتنع منه الغالم ذهب إلى هاجر أم إسماعيل وهي في منزلها، فقال لها. فليفعل ما أمره به ربه، فسمعا وطاعةما ذهب به إال : ذهب به يحطبنا من هذا الشعب، قال: يا أم إسماعيل، هل تدرين أين ذهب إبراهيم بإسماعيل؟ قالت

إن آان ربه أمره بذلك : إنه يزعم أن اهللا أمره بذلك، قالت: و أرحم به وأشد حبا له من ذلك، قالآال ه: ليذبحه، قالتفرجع عدو اهللا بغيظه لم يصب من آل إبراهيم شيئا مما أراد، وقد امتنع منه إبراهيم وآل إبراهيم . فتسليما ألمر اهللا

-الشعب وهو فيما يزعمون شعب ثبير - اهيم بابنه في فلما خال إبر. بعون اهللا، وأجمعوا ألمر اهللا بالسمع والطاعة .يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء اهللا من الصابرين: يا بني، إني أرى في المنام أني أذبحك قال: قال له

يا أبت إن أردت : إن إسماعيل قال له عند ذلك: قال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم: قال سلمة: قال ابن حميدي فاشدد رباطي ال يصبك مني شيء فينقص أجري، إن الموت شديد، وإني ال آمن أن أضطرب عنده إذا وجدت ذبح

مسه، واشحذ شفرتك حتى تجهز علي فتريحني، وإذا أنت أضجعتني لتذبحني فكبني لوجهي على جبيني وال اهللا في، وإن رأيت أن تضجعني لشقي، فإني أخشى إن أنت نظرت في وجهي أن تدرآك رقة تحول بينك وبين أمر

نعم العون أنت يا بني : يقول له إبراهيم: قال. ترد قميصي على أمي فإنه عسى أن يكون هذا أسلى لها عني، فافعلفربطه آما أمره إسماعيل فأوثقه، ثم شحذ شفرته ثم تله للجبين واتقى النظر في وجهه، ثم أدخل : قال. على أمر اهللا

أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، هذه ذبيحتك : لقفاها في ديه، ثم اجتذبها إليه ليفرغ منه، فنوديالشفرة لحلقه فقلبها اهللا ، وإنما تتل الذبائح على خدودها، فكان مما " فلما أسلما وتله للجبين " فداء البنك فاذبحها دونه، يقول اهللا عز وجل،

وتله للجبين، : " آبني على وجهي قوله: أشار إذ قالصدق عندنا هذا الحديث عن إسماعيل في إشارته على أبيه بما " .وفديناه بذبح عظيم . إن هذا لهو البالء المبين. وناديناه أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا إنا آذلك نجزي المحسنين

إياس، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن قتادة بن دعامة، عن جعفر بن : حدثنا ابن حميد، قال

خرج عليه آبش من الجنة قد رعاها قبل ذلك أربعين خريفا، فأرسل إبراهيم إليه فاتبع : عن عبد اهللا بن عباس، قالالكبش، فأخرجه إلى الجمرة األولى فرماه بسبع حصيات، فأفلته عنده، فجاء الجمرة الوسطى، فأخرجه عندها، فرماه

رى، فرماه بسبع حصيات، فأخرجه عندها، ثم أخذه فأتى به المنحر بسبع حصيات، ثم أفلته فأدرآه عند الجمرة الكبمن منى فذبحه، فو الذي نفس ابن عباس بيده، لقد آان أول اإلسالم، وإن رأس الكبش لمعلق بقرنيه في ميزاب

.يعني قد يبس - الكعبة، وقد وخش

قال ابن : غنوي، عن ابي الطفيل، قالحدثني حجاج، عن حماد، عن ابي عاصم ال: حدثني محمد بن سنان القزاز، قال

إن إبراهيم لما أمر بالمناسك عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه، فسبقه إبراهيم، ثم ذهب به جبرئيل عليه : عباسالسالم إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حصيات، حتى ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى،

112

يا أبت إنه ليس لي ثوب : ذهب، ثم تله للجبين، وعلى إسماعيل قميص أبيض، فقال له فرماه بسبع حصيات حتىتكفنني فيه غير هذا فاخله عني، فأآفني فيه، فالتفت إبراهيم عليه السالم فإذا هو بكبش أعين أبيض أقرن فذبحه، فقال

.لقد رأيتنا نتبع هذا الضرب من الكباش: ابن عباس

حدثنا : حدثنا الحسن، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثني أبو عاصم، قال: حدثني محمد بن عمرو، قال

ال تذبحني : وضع وجهه لألرض قال:، قال" وتله للجبين : " ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله .ألرضوأنت تنظر إلى وجهي عسى أن ترحمني، فال تجهز علي، أربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي ل

وفديناه بذبح : " حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن جابر، عن أبي الطفيل، عن علي عليه السالم: حدثنا أبو آريب، قال .آبش أبيض أقرن أعين مربوط بسمر في ثبير: ، قال" عظيم

وفديناه : "اخبرني ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يونس، قال

.ذبح بمنى في المنحر: ذبح بالمقام، وقال مجاهد: آبش قال عبيد بن عمير: ، قال" بذبح عظيم

حدثنا سفيان، عن ابن خشيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، : حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا ابن بشار، قال

.ابن آدم فتقبل منهالكبش الذي ذبحه إبراهيم عليه السالم هو الكبش الذي قربه : قال

آان الكبش الذي : ، قال" وفديناه بذبح عظيم : " حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير: حدثنا ابن حميد، قال

.ذبحه إبراهيم رعى في الجنة أربعين سنة، وآان آبشا أملح، صوفه مثل العن األحمر

ناه بذبح وفدي: " رجل، عن ابي صالح، عن ابن عباس حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن: حدثنا أبو آريب، قال

آان وعال: ، قال" عظيم

ما فدي إسماعيل : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عمرو ابن عبيد، عن الحسن أنه آان يقول: حدثنا ابن حميد، قاليحته فقط، ولكنه الذبح على لذب" وفديناه بذبح عظيم : " إال بتيس آان من األروى، أهبط عليه من ثبير، وما يقول اهللا

.دينه، فتلك السنة إلى يوم القيامة، فاعلموا أن الذبيحة تدفع ميتة السوء، فضحوا عباد اهللاوقد قال أمية بن أبي الصلت في السبب الذي من أجله أمر إبراهيم بذبح ابنه شعرا، ويحقق بقيله ما قال في ذلك

:ن من إبراهيم عن نذر منه، فأمره اهللا بالوفاء به، فقالالرواية التي رويناها عن السدي، وأن ذلك آا

ر احتسابا وحامل... وإلبراهيم الموفى بالنذ

أو يراه في معشر أقيال... ابكره لم يكن ليصبر عنه ه شحيطا فاصبر فدى لك خالي... أي بني إني نذرتك لل

آين حيد األسير ذي األغالل... واشدد الصفد ال أحيد عن الس م جذام حنية آالهالل... ه مدية تخايل في اللح ول

فكه ربه بكبش جالل... بينما يخلع السرابيل عنه للذي قد فعلتما غير قال... فخذن ذا فأرسل ابنك إني

د فطارا منه بسمع فعال... والد يتقي وآخر مولو ر له فرجة آحل العقال... ربما تجزع النفوس من األم

قوله : ، عن عكرمة -عن زيد - يعني ابن واقد - حدثنا الحسين : حدثنا يحيى بن واضح، قال: لحدثنا ابن حميد، قا

113

.أسلما جميعا ألمر اهللا، رضي الغالم بالذبح ورضى األب بأن يذبحه: قال" : فلما أسلما : " عز وجلن أدخل الشفرة من تحتي، يا أبت اقذفني للوجه آيال تنظر إلي فترحمني، وأنظر أنا إلى الشفرة فأجزع، ولك: قال

أن يا إبراهيم قد صدقت " ، فلما فعل ذلك ناديناه " فلما أسلما وتله للجبين : " وامض ألمر اهللا، فذلك قوله تعالى " .الرؤيا إنا آذلك نجزي المحسنين

ذآر ابتالء اهللا إبراهيم بكلمات

ابتالئه إياه بما آان من أمره وأمر نمرود بن آوش، بعد -وآان ممن امتحن اهللا به إبراهيم عليه السالم وابتاله به ومحاولته إحراقه بالنار وابتالئه بما آان من أمره إياه بذبح ابنه، بعد أن بلغ مع السعي ورجا نفعه ومعونته على ما

عنه ابتالؤه جل جالله بالكلمات التي أخبر اهللا - يقربه من ربه عز وجل ورفعه القواعد من البيت، ونسكه المناسك " .وإذا ابتلى إبرهيم ربه بكلمات فأتمهن : " أنه ابتاله بهن فقال

ذلك ثالثون سهما، : وقد اختلف السلف من علماء األمة في هذه الكلمات التي ابتاله اهللا بهن فأتمهن، فقال بعضهم .وهي شرائع اإلسالم

: ذآر من قال ذلك

وإذا : " عن ابن عباس في قوله تعالى: حدثنا داود، عن عكرمة: الحدثنا عبد األعلى، ق: حدثنا محمد بن المثنى، قاللم يبتل أحد بهذا الدين فأقامه إال إبراهيم عليه السالم، ابتاله اهللا : قال ابن عباس: ، قال" ابتلي إبراهيم ربه بكلمات عشر منها في األحزاب، : " وإبراهيم الذي وفى : " فكتب اهللا تعالى له البراءة فقال: تعالى بكلمات فأتمهن، قال

.إن هذا اإلسالم ثالثون سهما: وعشر منها في براءة، وعشر منها في المؤمنين، وسأل سائل، وقال

ما ابتلي : حدثنا خالد الطحان، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: حدثنا إسحاق بن شاهين الواسطي، قال

وإبراهيم الذي : " السالم، ابتلى باإلسالم فأتمه، فكتب اهللا له البراءة فقالأحد بهذا الدين فقام به آله غير إبراهيم عليه ... " إن المسلمين والمسلمات: " وعشر في األحزاب" التائبون العابدون الحامدون " ، فذآر عشرا في براءة " وفى

: " وعشرا في سأل سائل، " والذين هم على صلواتهم يحافظون : " إلى قوله تعالى" المؤمنين " وعشرا في سورة " .والذين هم على صالتهم يحافظون

حدثنا خارجة بن مصعب، عن داود بن أبي : حدثنا علي بن الحسن، قال: وحدثني عبد اهللا بن أحمد المروزي، قالاهللا اإلسالم ثالثون سهما، وما ابتلى أحد بهذا الدين فأقامه إال إبراهيم، قال: هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال

.، فكتب اهللا له براءة من النار" وإبراهيم الذي وفى : " تعالى .ذلك عشر خصال من سنن اإلسالم، خمس منهن في الرأس وخمس في الجسد: وقال آخرون

:ذآر من قال ذلك

: " أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس: أخبرنا عبد الرزاق، قال: حدثني الحسن بن يحيى، قالخمس في الرأس وخمس في الجسد، في الرأس : ابتاله اهللا عز وجل بالطهارة: ، قال" وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات

وفي الجسد تقليم األظفار، وحلق العانة، والختان، . قص الشارب، والمضمضة، واالستنشاق، والسواك، وفرق الرأس .ونتف اإلبط، وعسر أثر الغائط والبول بالماء

حدثنا عبد الرزاق، عن معمر عن الحكم بن أبان، عن القاسم بن أبي بزة، عن : حدثنا إسحاق، قال: المثنى قالحدثني

.ابن عباس بمثله، غير أنه لم يذآر أثر البول

114

وإذا ابتلى : " حدثنا قتادة في قوله تعالى: حدثنا أبو هالل، قال: حدثنا سلميان بن حرب، قال: حدثنا ابن بشار، قال

ابتاله بالختان، وحلق العانة وغسل القبل والدبر، والسواك، وقص الشارب، وتقليم : قال" يم ربه بكلمات إبراه .ونسيت خصلة: قال أبو هالل. األظفار، ونتف اإلبط

حدثنا عبد اهللا بن أبي جعفر، عن أبيه، عن مطر، عن : حدثنا عمار بن الحسن، قال: حدثني عبدان المروزي، قال

المضمضة واالستنشاق وقص الشارب، : ابتلي إبراهيم عليه السالم بعشرة اشياء هن في اإلنسان سنة: الأبي الجلد، ق .والسواك، ونتف اإلبط، وتقليم األظفار، وغسل البراجم والختان، وحلق العانة، وغسل الدبر والفرج

.ربع منهن في المشاعرست من العشر من جسد اإلنسان، وأ: وقال آخرون نحو قول هؤالء، غير أنهم قالوا

:ذآر من قال ذلك

حدثنا ابن لهيعة، عن أبي هبيرة، عن حنش، : حدثنا محمد بن حرب، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثني المثنى، قال ست في اإلنسان وأربع في : ، قال" وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن : " عن ابن عباس في قوله عز وجل

حلق العانة، والختان، ونتف اإلبط، وتقليم األظفار، وقص الشارب، والغسل يوم : إلنسانالمشاعر، فالتي في ا .الطواف، والسعي بين الصفاء والمروة، ورمي الجمار، واإلفاضة: الجمعة، وأربع في المشاعر

: آريب، قالحدثنا أبو : ، ومناسك الحج ذآر من قال ذلك" إني جاعلك للناس إماما : " بل ذلك قوله: وقال آخرون

وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن : " قوله: سمعت إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: حدثنا ابن إدريس، قالسمعت إسماعيل بن : حدثنا ابن إدريس قال: منهن إني جاعلك للناس إماما آيات المنسك حدثني أبو السائب، قال"

إني جاعلك " منهن : ، قال" وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات : " قوله أبي خالد، عن أبي صالح، مولى أم هانئ في " .وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت " ، ومنهن آيات النسك " للناس إماما

وإذا ابتلي : " حدثني عيسى ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: أخبرنا أبو عاصم، قال: حدثني محمد بن عمرو، قال

" نعم، : تجعلني للناس إماما، قال: إني مبتليك بأمر فما هو؟ قال: قال اهللا إلبراهيم: قال" لمات فأتمهن إبراهيم ربه بكوتجعل هذا البلد أمنا، : نعم، قال: تجعل البيت مثابة للناس، قال: ، قال" قال ومن ذريتي قال ال ينال عهدي الظالمين

: وترينا مناسكنا وتتوب علينا، قال: نعم، قال: مسلمة لك، قال وتجعلنا مسملين لك ومن ذريتنا أمة: نعم، قال: قال .نعم: وترزق أهله من الثمرات من آمن منهم؟ قال: نعم، قال

فاجتمع : قال ابن جريج. حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد بنحوه: حدثنا الحسين، قال: حدثني القاسم، قال .على هذا القول مجاهد وعكرمة

، " وإذا ابتلي إبراهيم ربه بلكمات فأتمهن : " حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن نجيح، عن مجاهد:ع، قالحدثنا ابن وآي

" .إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال ال ينال عهدي الظالمين : " ابتلي باآليات التي بعدها: قال: أخبرني به عكرمة، قال: عن ابن أبي نجيح، قالحدثنا شبل، : حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثني المثنى بن إبراهيم، قال .فعرضته على مجاهد فلم ينكره

الكلمات التي ابتلى بهن : حدثنا أسباط، عن السدي: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قال

115

مسلمة لك وأرنا مناسكنا ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة : " إبراهيم " .وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ربنا وابعث فيهم رسوال منهم

وإذا ابتلي إبراهيم : " حدثنا عبد اهللا بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، في قوله: حدثت عن عمار بن الحسن، قال: " ، وقوله" وإذا جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا : " ، وقوله" إني جاعلك للناس إماما : " قال الكلمات" ربه بكلمات

وإذ يرفع إبراهيم : " األية، وقوله. " وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل: " وقوله" واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى .قال فذلك آله من الكلمات التي ابتلى بهن إبراهيم. اآلية.. " القواعد من البيت

: حدثني عمي، قال حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله تعالى: ني أبي، قالحدث: حدثني محمد بن سعد، قال

وإذ يرفع إبراهيم : " ، ومنهن" إني جاعلك للناس إماما " منهن : ، قال" وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن " والرزق الذي رزق ساآن البيت، ، ومنهن اآليات في شأن المنسك والمقام الذي جعل إلبراهيم، " القواعد من البيت

.ومحمد صلى اهللا عليه وسلم بعث في ذريتهما

.بل ذلك مناسك الحج خاصة: وقال آخرون

حدثنا عمر بن نبهان، عن قتادة، عن ابن عباس في : حدثنا سلم بن قتيبة، قال: حدثنا ابن بشار، قال: ذآر من قال ذلك .مناسك الحج :قال" وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات : " قوله

وإذا ابتلي : " آان ابن عباس يقول في قوله: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثت بشر بن معاذ، قال .هي المناسك: إبراهيم ربه بكلمات قال

التي إن الكلمات: بلغنا عن ابن عباس أنه قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه قال: حدثت عن عمار بن الحسن، قال .ابتلى بهن إبراهيم في المناسك

حدثنا إسرائيل، عن إسحاق، عن التميمي، : حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثني أحمد بن إسحاق األهوازي، قال

.مناسك الحج: ، قال" وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن : " عن ابن عباس قوله

.حدثنا شريك، عن إبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس مثله: الحدثني الحماني، ق: حدثني ابن المثنى، قال

أبتاله : ابن عباس: قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال .بالمناسك

.بل ابتاله بأمور، منهن الختان: وقال آخرون

:ذآر من قال ذلك

وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات : " ا سلم بن قتيبة، عن يونس بن أبي إسحاق، عن الشعبيحدثن: حدثنا ابن بشار، قال .منهن الختان: ، قال"

فذآر ... سمعت الشعبي يقول: حدثنا يونس ابن أبي إسحاق، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا ابن حميد، قال .مثله

وسأله أبو - سمعت الشعبي : حدثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثني أحمد بن إسحاق، قال .منهن الختان يا أبا إسحاق: قال - " وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات : " إسحاق عن قوله عز وجل

116

الكوآب، والقمر، والشمس، والنار، والهجرة، والختان، التي ابتلى بهن أجمع : ذلك الخالل الست: وقال آخرون .فصبر عليهن

: ذآر من قال ذلك

وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات : " قلت للحسن: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قالابتاله بالكوآب فرضى عنه، وابتاله بالقمر فرضى عنه، وابتاله بالشمس فرضى عنه، وابتاله بالنار : ، قال" فأتمهن

.وابتاله بالختان فرضى عنه، وابتاله بالهجرة،

إن اهللا ابتاله بأمر فصبر : آان الحسن يقول: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بشر، قال

عليه، ابتاله بالكواآب والشمس والقمر، فأحسن في ذلك، وعرف أنه ربه دائم ال يزول، فوجه وجهه للذي فطر المشرآين، وابتاله بالهجرة فخرج من بالده وقومه حتى لحق بالشام مهاجرا السموات واألرض حنيفا وما آان من

.إلى اهللا تعالى، ثم ابتاله بالنار قبل الهجرة فصبر على ذلك، وابتاله بذبح ابنه والختان، فصبر على ذلك

وإذا ابتلي : " لهأخبرنا معمر، عمن سمع الحسن يقول في قو: أخبرنا عبد الرزاق، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال

.ابتاله بذبح ولده، وبالنارو بالكوآب، وبالمشمس، وبالقمر: ، قال" إبراهيم ربه بكلمات

: ، قال" وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات : " حدثنا أبو هالل عن الحسن: حدثنا سلم بن قتيبة، قال: حدثنا ابن بشار، قال

.اابتاله بالكوآب، وبالشمس وبالقمر، فوجده صابر

عن - وهو ابن ثوبان -حدثنا عبد الرحمن : حدثني غسان بن الربيع، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن المختار، قال

اختتن : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: عبد اهللا بن الفضل، عن عبد الرحمن األعرج، عن أبي هريرة، قال " .إبراهيم بعد ثمانية سنة بالقدوم

ما حدثنا أبو آريب، : أحدهما: نبي صلى اهللا عليه وسلم في الكلمات التي ابتلى بهن إبراهيم خبرانوقد روي عن القال رسول : حدثنا إسرائيل، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: حدثنا الحسن بن عطية، قال: قال

وفي عمل : " اهللا ورسوله أعلم، قال: ما وفى؟ قالواأتدرون : " قال" وإبراهيم الذي وفى : " اهللا صلى اهللا عليه وسلم " .يومه أربع رآعات في النهار

حدثنا زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن : حدثنا رشدين بن سعد، قال: واآلخر منهما ما حدثنا به أبو آريب، قال

؟ " الذي وفى " اهللا إبراهيم خليله أال أخبرآم لم سمى : " آان النبي صلى اهللا عليه وسلم يقول: أنس، عن أبيه، قال .حتى ختم اآلية... " فسبحان اهللا حين تمسون وحين تصبحون: " ألنه آان يقول آلما أصبح وآلما أمسى

فلما عرف اهللا تعالى من إبراهيم الصبر على آل ما ابتاله به، والقيام بكل ما ألزمه من فرائضه، وإيثاره طاعته على

ليال، وجعله لمن بعده من خلقه إماما، واصطفاه إلى خلقه رسوال، وجعل في ذريته النبوة آل شيء سواها، اتخذه خوالكتاب والرسالة، وخصهم بالكتب المنزلة، والحكم البالغة، وجعل منهم األعالم والقادة والرؤساء والسادة، آلما

واله وتثنى عليه، وتقول بفضله إآراما مضى منهم نجيب خلفه سيد رفيع، وأبقى لهم ذآرا في اآلخرين، فاألمم آلها تت .من اهللا له بذلك في الدنيا، وما ادخر له في اآلخرة من الكرامة أجل وأعظم من أن يحيط به وصف واصف

117

أمر نمرود بن آوش بن آنعان

ي ونرجع اآلن إلى الخبر عن عدو اهللا وعدو إبراهيم الذي آذب بما جاء به من عند اهللا، ورد عليه النصيحة التنصحها له جهال منه، واغترارا بحلم اهللا تعالى عنه، نمرود بن آوش بن آنعان بن حام بن نوح، وما آل إليه أمره في

عاجل دنياه حين تمرد على ربه، مع إمالء اهللا إياه، وترآه تعجيل العذاب له على آفره به، ومحاولته إحراق خليله اآللهة واألوثان، وأن نمرود لما تطاول عتوه وتمرده على ربه مع إمالء بالنار حين دعاه إلى توحيد اللهو البراءة من

أربعمائة عام، ال تزيده حجج اهللا التي يحتج بها عليه، وعبره التي يريها إياه إال تماديا في - فيما ذآر -اهللا تعالى له قه، وذلك بعوضة سلطها عليه في عاجل دنياه قدر إمالئه إياه من المدة بأضعف خل - فيما ذآر - غيه، عذبه اهللا

.توغلت في خياشيمه فمكث أربعمائة سنة يسب بها في حياته الدنيا

أخبرنا عبد : حدثني الحسن بن يحيى، قال: ذآر األخبار الواردة عنه بما ذآرت من جهله وما أحل اهللا به من نقمته

ض نمرود، وآان الناس يخرجون أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم، أن أول جبار آان في األر: الرزاق، قالأنت،حتى مر : من ربكم؟ قالوا: فيمتارون من عنده الطعام، فخرج إبراهيم يمتار مع من يمتار، فإذا مر به ناس قال

ربي الذي يحيى ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن اهللا يأتي بالشمس من : " من ربك؟ قال: به إبراهيم، قال " .المغرب فبهت الذي آفر المشرق فأت بها من

هال أخذ من هذا فآتي به أهلي : فرجع إبراهيم إلى أهله فمر على آثيب أعفر، فقال: فرده بغير طعام، قال: قال

فوضع متاعه ثم نام، فقامت امرأته إلى متاعه ففتحته فإذا : قال. فأخذ منه، فأتي أهله! فتطيب أنفسهم حين أدخل عليهممن أين هذا؟ : فقال - وآان عهد أهله ليس عندهم طعام - د، فصنعت له منه، فقربته إليه هي بأجود طعام رآه أح

.من الطعام الذي جئت به، فعلم أن اهللا قد رزقه، فحمد اهللا: قالت

فهل رب غيري؟ فجاءه الثانية فقال له ذلك، فأبى : أن آمن بي وأترآك على ملكك، قال: ثم بعث إلى الجبار ملكا

اجمع جموعك على ثالثة أيام، فجمع الجبار جموعه، فأمر اهللا الملك، : ه الثالثة فأبى عليه، فقال له الملكعليه، ثم أتاففتح عليه بابا من البعوض، فطلعت الشمس فلم يروها من آثرتها، فبعثها اهللا عليهم، فأآلت لحومهم وشربت دماءهم،

، فبعث اهللا عليه بعوضة فدخله في منخره، فمكث أربعمائة فلم يبق إال العظام، والملك آما هو لم يصبه من ذلك شيءوآان جبارا أربعمائة عام فعذبه . سنة يضرب رأسه المطارق، وأرحم الناس به من جمع يديه ثم ضرب بهما رأسه

قال اهللا أربعمائة سنة آملكه وأماته اهللا، وهو الذي بنى صرحا إلى السماء، فأتى اهللا بنيانه من القواعد، وهو الذي "فأتى اهللا بنيانهم من القواعد : " اهللا

حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره عن أبي مالك : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: وعن مرة ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا عليه وسلم، قال - وعن أبي صالح، عن ابن عباس

وهو - فأخرج فلقي لوطا على باب المدينة : قال - يعني من مدينته -في ربه بإبراهيم، فأخرج أمر الذي حاج إبراهيم، وحلف نمرود أن يطلب إله إبراهيم، فأخذ أربعة أفرخ " إني مهاجر إلى ربي : " فدعاه فآمن به، وقال - ابن أخيه

قرنهن بتابوت، وقعد في ذلك التابوت، من فراخ النسور، فرباهن باللحم والخمر، حتى إذا آبرن وغلظن واستعلجن،ثم رفع رجال من لحم لهن، فطرن به، حتى إذا ذهبن في السماء أشرف ينظر إلى األرض، فرأى الجبال تدب آدبيب النمل، ثم ربع لهن اللحم، ثم نظر فرأى األرض محيطا بها بحر آأنها فلكة من ماء، ثم رفع طويال فوقع في ظلمة،

ير ما تحته، ففزع فألقى اللحم فاتبعته منقضات، فلما نظرت الجبال إليهن وقد أقبلن منقضات فلم ير ما فوقه ولموقد مكروا مكرهم : " وسمعن حفيفهن فزعت الجبال، وآادت أن تزول من أمكنتها ولم يفعلن، وذلك قوله عز وجل

فكان " وإن آاد مكرهم : " ،وهي في قراءة ابن مسعود" وعند اهللا مكرهم وإن آان مكرهم لنزول منه الجبال طيرانهن به من بيت المقدس، ووقوعهن في جبل الدخان، فلما رأى أنه ال يطيق شيئا أخذ في بناء الصرح، فبنى

إلى إله إبراهيم، فأحدث ولم يكن يحدث، وأخذ اهللا بنيانه من - يزعمه - حتى إذا أسنده إلى السماء ارتقى فوقه ينظر

118

من مأمنهم، وأخذهم من : ، يقول" قف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث ال يشعرون فخر عليهم الس: " القواعدثم سقط فتبلبلت ألسن الناس، من يومئذ من الفزع، فتكلموا بثالثة وسبعين لسانا، فلذلك . أساس الصرح، فنتفض بهم

.سميت بابل، وإنما آان لسان الناس قبل ذلك السريانية

: " عن سعيد بن جبير -أبو جعفر -أبو داود الحفري، عن يعقوب، عن حفص بن حيمد حدثنا: حدثنا ابن وآيع، قال

نمرود صاحب النسور، أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجال، ثم أمر : ، قال" وإن آان مكرهم لنزول منه الجبال ثم صهد وقال -دنيا يعني ال -أرى الماء والجزيرة : اي شيء ترى؟ قال: بالنسور فاحتملته، فلما صعد قال لصاحبه

أيها الطاغية، أين تريد؟ : نودي: اهبط، وقال غيره: ما نزداد من السماء إال بعدا، قال: أي شيء ترى؟ قال: لصاحبهوإن آان مكرهم : " فسمع الجبال حفيف النسور، وآانت ترى أنه أمر من السماء فكادت تزول، فهو قوله تعالى

" .لنزول منه الجبال

حدثنا عبد الرحمن بن : حدثنا محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، قال: بن محمد، قالحثدنا الحسن

أخذ ذلك الذي حاج : ، قال" وإن آان مكرهم لنزول منه الجبال : " دانيل، أن عليا عليه السالم قال في هذه اآليةفأوثق رجل آل واحد منهما بوتر إلى : إبراهيم في ربه نسرين صغيرين، فرباهما حتى استغلطا واستعلما فشبا، قال

ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم، فطارا، وجعل : تابوت، وجوعهما وقعد هو ورجل آخر في التابوت، قالصوب، فصوبها، : أرى الدنيا آأنها ذباب، فقال: أرى آذا وآذا، حتى قال: أنظر ماذا ترى؟ قال: يقول لصاحبه

ولذلك هي في قراءة عبد : قال أبو إسحاق" . وإن آان مكرهم لنزول منه الجبال : " قال فهو قوله عز وجل. فهبطا " .وإن آاد مكرهم : " اهللا .ما ذآر من خبر نمرود بن آوش بن آنعان ذافها

إن نمرود بن آوش بن آنعان هذا ملك مشرق األرض ومغربها، وهذا قول يدفعه أهل العلم بسير : وقد قال جماعةالماضين، وذلك أنهم ال يدفعون وال ينكرون أن موالد إبراهيم آان في عهد الضحاك بن أندرماسب الملوك وأخبار

وقد قال بعض من . الذي قد ذآرنا بعض أخباره فيما مضى، وأن ملك شرق األرض وغربها يومئذ آان الضحاكسماعه ما انتهى إليه من أشكل عليه أمر نمرود ممن عرف زمان الضحاك وأسبابه فلم يدر آيف األمر في ذلك مع

ملك األرض آافران ومؤمنان، فأما الكافران فنمرود وبختنصر، وأما المؤمنان فسليمان : األخبار عمن روي عنه قالوقول القائلين من أهل األخبار إن الضحاك آان هو ملك شرق األرض وغربها في عهد . بن داود وذو القرنين

مر في ذلك عند أهل العلم بأخبار األوائل، والمعرفة باألمور السوالف، آالذي وليس األ. هو الضحاك: إبراهيم نمرودظن، ألن نسب نمرود في النبط معروف، ونسب الضحاك في عجم الفرس مشهور، ولكن ذوي العلم بأخبار يمنة الماضين وأهل المعرفة بأمور السالفين من األمم ذآروا أن الضحاك آان ضم إلى نمرود السواد وما اتصل به

ويسرة، وجعله وولده عماله على ذلك، وآان هو ينتقل في البالد، وآان وطنه الذي هو وطنه ووطن أجداده دنباوند، وآذلك بختنصر آان أصبهبذ ما . من جبال طبرستان، وهنالك رمي به أفريدون حين ظفر به وقهره موثقا بالحديد

اسب، وذلك أن لهراسب آان مشتغال بقتال الترك، مقيما بين األهواز إلى أرض الروم من غربي دجلة من قبل لهرلما تطاول مكثه هنالك لحرب الترك، فظن من لم يكن عالما بأمور القوم -فيما قيل -بإزائهم ببلخ، وهو بناها

وأخبار ولم يدع أحد من أهل العلم بأمور األوائل . بتطاول مدة واليتهم أمر الناحية لمن ولوا له أنهم آانوا هم الملوكالملوك الماضية وأيام الناس فيما نعلمه أن أحدا من النبط آان ملكا برأسه على شبر من األرض، فيكف يملك شرق

ولكن العلماء من أهل الكتاب وأهل المعرفة بأخبار الماضين ومن قد عانى النظر في آبت ! األرض وغربهازدهارق بيوراسب دامت أربعمائة سنة، ثم لرجل من نسله التأريخات، يزعمون أن والية نمرود إقليم بابل من قبل األ

من بعد هالك نمرود، يقال له نبط بن قعود مائة سنة، ثم لداوص بن نبط من بعد نبط ثمانين سنة، ثم من بعد داوص فذلك سبعمائة سنة . بن نبط لبالش بن داوص مائة وعشرين سنة، ثم لنمرود بن بالش من بعد بالش سنة وأشهرا

وأشهر، وذلك آله في أيام الضحاك، فلما ملك أفريدون وقهر األزدهاق قتل نمرود بن بالش وشر النبط وسنة .وطردهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، لما آان منهم من معاونتهم بيوراسب على أموره، وعمل نمرود وولده له

.آان لهم عليه وتغير عما. وقد زعم بعض أهل العلم أن بيوراسب قد آان قبل هالآه تنكر لهم

119

ذآر لوط بن هاران وقومه

.ونعود اآلن إلى ذآر الخبر عن بقية األحداث التي آانت في أيام إبراهيم صلى اهللا عليه وسلم

وآان من الكائن أيام حياته من ذلك ما آان من أمر لوط بن هاران ابن تارخ، ابن أخي إبراهيم عليهما السالم وأمر

مره فيما ذآر أنه شخص من أرض بابل مع عمه إبراهيم خليل الرحمن، مؤمنا به، متبعا وآان مع أ. قومه من سدوم. هي سارة بنت هيبال بن ناحور: وبعضهم يقول. له على دينه، مهاجرا إلى الشام، ومعهما سارة بنت ناحور

صاروا إلى حران، إلبراهيم في دينه، مقيما على آفره حتى. تارخ أبو إبراهيم مخالفا -فيما قيل -وشخص معهم .فمات تارخ وهو آزر أبو إبراهيم بحران على آفره

وقد قيل إن . من فراعنتها، ذآر أنه آان سنان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عمالق بن الوذ بن سام بن نوح

مع وقد ذآرت بعض قصته - فرعون مصر يومئذ آان آخا للضحاك، آان الضحاك وجهه إليها عامال عليها من قبله وذآر أن إبراهيم نزل فلسطين وأنزل ابن أخيه لوطا . ثم رجعوا عودا على بدئهم إلى الشأم -إبراهيم فيما مضى قبل

: األردن، وأن اهللا تعالى أرسل لوطا إلى أهل سدوم، وآانوا أهل آفر باهللا ورآوب فاحشة، آما أخبر اهللا عن قوم لوطبيل وتأتون في ناديكم أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون الس. من العالمين إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد"

.فيما ذآر إتيانهم الفاحشة إلى من ورد بلدهم - وآان قطعهم السبيل " .المنكر

:ذآر من قال ذلك

: قال ،" وتقطعون السبيل : " قال ابن زيد في قوله تعالى: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يونس بن عبد األعلى، قال .السبيل طريق المسافر إذا مر بهم، وهو ابن السبيل قطعوا به وعملوا به ذلك العلم الخبيث .آانوا يحذفون من مر بهم: وأما إتيانهم ما آانوا يأتونه من المنكر في ناديهم، فإن أهل العلم اختلفوا فيه، فقال بعضهم

.بعضهم ينكح بعضا فيهاآان : وقال بعضهم آانوا يتضارطون في مجالسه: بعضهموقال

:ذآر من قال آانوا يحذفون من مر بهم

: " سمعت عكرمة يقول في قوله: حدثنا عمر ابن أبي زائدة، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا ابن حميد، قال .آانوا يؤذون أهل الطريق، يحذفون من مر بهم: ، قال" وتأتون في ناديكم المنكر

.الحذف: سمعت عكرمة، قال: حدثنا أبي، عن عمر بن أبي زائدة، قال: لحدثنا ابن وآيع، قا

حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره عن أبي مالك : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا موسى بن هارون، قال

وعن ناس من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا -وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن أبي صالح، عن ابن عباس .آانوا آل من مر بهم خذفوه، وهو المنكر: ، قال" وتأتون في ناديكم المنكر : " عليه وسلم

حدثنا محمد بن ربيعة، : حدثني عبد الرحمن بن األسود الطفاوي، قال: آانوا يتضارطون في مجالسهم: ذآر من قال

120

عروة ابن الزبير، عن حدثنا روح بن غطيف الثقفي، عن عمرو بن مصعب، عن عروة بن مصعب، عن : قال .الضراط: ، قالت" ويأتون في ناديكم المنكر : " عائشة في قوله تعالى

حدثنا جرير، عن منصور، عن : حدثنا ابن وآيع وابن حميد، قاال: ذآر من قال آان يأتي بعضهم بعضا في مجالسهم

.في مجالسهمآان بعضهم يأتي بعضا : ، قال" وتأتون في ناديكم المنكر : " مجاهد في قوله

حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور بن : حدثنا ثابت بن محمد الليثي، قال: حدثنا سليمان بن عبد الجبار، قال

.آان يجامع بعضهم بعضا في المجالس: ، قال" وتأتون في ناديكم المنكر : " المعتمر، عن مجاهد في قوله

حدثنا أبي، عن : ، عن مجاهد مثله حدثنا ابن وآيع، قالحدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور: حدثنا ابن حميد، قال

.آانوا يجامعون الرجال في مجالسهم: سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال

حدثنا : حدثنا الحسن، قال: وحدثني الحارث، قال. حدثنا عيسى: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثني محمد بن عمرو، قال

المجالس، والمنكر إتيانهم : ، قال" وتأتون في ناديكم المنكر : " دورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاه .الرجال

آانوا يأتون : ، قال" وتأتون في ناديكم المنكر " حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله : حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر، قال

.الفاحشة في ناديهم

ناديهم المجالس : قال" وتأتون في ناديكم المنكر : " قال ابن زيد في قوله: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يونس، قال

أتأتون الفاحشة : " ، والمنكر عملهم الخبيث الذي آانوا يعلمونه، آانوا يعترضون الراآب فيأخذونه فيرآبونه، وقرأ " .ما سبقكم بها من أحد من العالمين : " وقرأ" وأنتم تبصرون

ما سبقكم بها : " قوله: ن علية، عن ابن أبي نجيج، عن عمرو بن دينارحدثنا إسماعيل ب: وقد حدثنا ابن وآيع، قال

.، ما نزا ذآر على ذآر حتى آان قوم لوط" من أحد من العالمين

عني بالمنكر الذي آانوا يأتونه في ناديهم في هذا : والصواب من القول في ذلك عند قول من قال: قال أبو جعفر

منه، للخبر الوارد بذلك عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، الذي حدثناه أبو الموضع حذفهم من مر بهم وسخريتهمحدثنا أبو أسامة، عن حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن أبي صالح مولى أم : آريب وابن وآيع، قاال

آانوا : ، قال" كر وتأتون في ناديكم المن: " هانئ، عن أم هانئ عن رسول اهللا صلىاهللا عليه وسلم في قوله تعالى .يحذفون أهل الطريق ويسخرون منهم، وهو المنكر الذي آانوا يأتونه

حدثنا سليمان بن حيان، قال أخبرنا أبو يونس القشيري، عن سماك بن حرب، عن : حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: ، قال" ن في ناديكم المنكر وتأتو: " سألت النبي صلى اهللا عليه وسلم عن قوله: أبي صالح، عن أم هانئ، قالت

.آانوا يحذفون أهل الطريق ويسخرون منهم

121

: حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، قال: حدثنا سعيد بن زيد، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قالى اهللا عليه وسلم سألت النبي صل: حدثنا سماك بن حرب، عن باذام أبي صالح، مولى أم هانئ، عن أم هانئ، قالت

آانوا يجلسون بالطريق فيحذفون أبناء السبيل ويسخرون منهم، : ، فقال" وتأتون في ناديكم المنكر : " عن هذه اآليةفكان لوط عليه السالم يدعوهم إلى عبادة اهللا، وينهاهم بأمر اهللا إياه عن األمور التي آرهها اهللا تعالى لهم من قطع

على إصرارهم على ما آانوا عليه مقيمن من ذلك -تيان الذآور في األدبار، ويتوعدهم السبيل ورآوب الفواحش وإالعذاب األليم فال يزجرهم عن ذلك وعيده وال يزيدهم وعظه إال تماديا وعتوا واستعجاال لعذاب -وترآهم التوبة منه

، حتى سأل لوط ربه عز وجل " قين ائتنا بعذاب اهللا إن آنت من الصاد: " اهللا، إنكارا منهم وعيده، ويقولون لهالنصرة عليهم لما تطاول عليه أمره وأمرهم وتماديهم في غيهم، فبعث اهللا عز وجل لما أراد خزيهم وهالآهم

إن الملكين اآلخرين آان أحدهما : وقد قيل .ل عليه السالم وملكين آخرين معهونصرة رسوله لوط عليهم جبرائي .مشاة في صورة رجال شباب -فيما ذآر -وا ميكائيل واآلخر إسرافيل فأقبل

:ذآر بعض من قال ذلك

حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره، عن أبي مالك : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا موسى بن هارون، قال وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا عليه -وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن أبي صالح، عن ابن عباس

وبعث اهللا المالئكة لتهلك قوم لوط، فأقبلت تمشي في صورة رجال شباب، حتى نزلوا على إبراهيم فتضيفوه، : وسلمفلما ذهب عن إبراهيم الروع جاءته . فكان من أمرهم وأمر إبراهيم ما قد مضى ذآرنا إياه في خبر إبراهيم وسارة

هم لهالك قوم لوط ناظرهم وحاجهم في ذلك آما أخر اهللا البشرى، وأطلعته الرسل على ما جاءوا له، وأن اهللا أرسل " .فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط : " عنه فقال

حدثنا جعفر، عن سعيد : حدثنا يعقوب القمي، قال: ما حدثنا به ابن حميد، قال - فيما بلغنا - وآان جداله إياهم في ذلك

إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها آانوا : " لما جاءه جبرئيل ومن معه، قالوا إلبراهيم: قال" ط يجادلنا في قوم لو" أفتهلكون قرية فيها ثالثمائة مؤمن؟ : ال، قال: أتهلكون قرية فيها أربعمائة مؤمن؟ قالوا: قال لهم إبراهيم" . ظالمين

: ال، قال: أفتهلكون قرية فيها مائة مؤمن؟ قالوا: ال، قال: أفتهلكون قرية فيها مائتا مؤمن؟ قالوا: قالوا ال، قالال، وآان إبراهيم : أفتهلكون قرية فيها أربعة عشر مؤمنا؟ قالوا: ال، قال: أفتهلكون قرية فيها أربعون مؤمنا؟ قالوا

.يعدهم عشر بأمرأة لوط، فسكت عنهم، واطمأنت نفسه

قال : ش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قالحدثنا الحماني، عن األعم: حدثنا أبو آريب، قال

.إن آان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب: الملك إلبراهيم

بلغنا أنه : قال" يجادلنا في قوم لوط : " حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: حدثنا محمد بن عبد األعلى، قال

وأربعون؟ : إن آان فيهم خمسون لن نعذبهم، قال: ن من المسلمين؟ قالواأرأيتم إن آان فيهم خمسو: قال لهم يومئذما من قوم ال يكون : وإن آانوا عشرة؟ قال: وثالثون، حتى بلغ عشرة، قالوا: وثالثون؟ قالوا: وأربعون، قال: قالوا

إشفاقا منه عليه، " إن فيها لوطا: " فيهم عشرة فيهم خير، فلما علم إبراهيم حال قوم لوط بخبر الرسل قال للرسل " .نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إال امرأته آانت من الغابرين : " فقالت الرسل

ثم مضت رسل اهللا نحو أهل سدوم، قرية قوم لوط، فلما انتهوا إليها ذآر أنهم لقوا لوطا في أرض له يعلم فيها، وقيل

.إنهم لقوا عند نهرها ابنة لوط تستقي الماء

: قال لقوا لوطا ذآر من

122

حدثنا سعيد، عن قتادة، عن حذيفة أنه لما جاءت الرسل لوطا أتوه وهو : حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قالإنا مضيفوك : فأتوه فقالوا: ال تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط، قال: واهللا أعلم -في أرض له يعمل فيها، وقد قيل لهم

أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ واهللا ما أعلم على ظهر األرض : ى ساعة التفت فقالفانطلق بهم فلما مش. الليلةفمضى معهم ثم قال الثانية مثل ما قال، فانطلق بهم، فلما بصرت بهم عجوز السوء امرأته : قال. أناسا أخبث منهم .انطلقت فأنذرتهم

: مرو ابن قيس المالئي، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، قالحدثنا ع: حدثنا الحكم بن بشير، قال: حدثنا ابن حميد، قالإن شهد لوط عليهم أربع شهادات، فقد أذنت لكم في هلكتهم، : أتت المالئكة لوطا وهو في مزرعة له، وقال اهللا تعالى

أنها لشر قرية أشهد باهللا: وما أمرهم؟ فقال: وما بلغكم أمرهم؟ قالوا: يا لوط، إنا نريد أن نضيفك الليلة، قال: فقالوا .في األرض عمال، يقول ذلك أربع مرات، فشهد عليهم لوط أربع شهادات، فدخلوا معه منزله

ذآر من قال إنما لقيت حين دنت من سدوم

ابنة لوط دون لوطحدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره عن أبي مالك، : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قال

وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا عيه -وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - ي صالح، عن ابن عباس وعن أبلما خرجت المالئكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط، فأتوها نصف النهار فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة : وسلم، قال

يا جارية، هل : فقالوا لها -واسم الصغرى رعزيا اسم الكبرى ريثا: وآانت له ابنتان - لوط تستقي من الماء ألهلها يا أبتاه، أرادك فتيان على : نعم فإنكم ال تدخلوا حتى أتيكم فرقت عليه من قومها، فأتت أباها، فقالت: من منزل؟ قالت

وقد آان قومه نهوه أن يضيف رجال -باب المدينة، ما رأيت وجوه قوم هي أحسن منهم، ال يأخذهم قوم فيفضحوهم : خل عنا فلنضف الرجال، فجاء بهم فلم يعلم أحد إال أهل بيت لوط، فخرجت امرأته فأخبرت قومها فقالت: فقالوا له -

.إن في بيت لوط رجاال ما رأيت مثلهم ومثل وجوههم حسنا قط، فجاءه قومه يهرعون إليه

، هؤالء " ضيفي أليس منكم رجل رشيد وال تخزون في " يا قوم اتقوا اهللا : فلما أتوه قال لهم لوط: قال أبو جعفر

لقد علمت ما لنا في بناتك من حق، وإنك ! أو لم ننهك أن تضيف الرجال: فقالوا له. بناتي هن أطهر لكم مما تريدونيقول " . لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى رآن شديد : " فلما لم يقبلوا منه شيئا مما عرضه عليهم قال! لتعلم ما نريدلو أن لي أنصارا ينصرونني عليكم أو عشيرة تمنعني منكم، لحلت بينكم وبين ما جئتم تريدونه من : معليه السالحدثني عبد الصمد : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثني المثنى، قال! أضيافي

: ، فوجد عليه الرسل وقالوا" و آوي إلى رآن شديد لو أن لي بكم قوة أ: " قال لوط له: بن معقل، أنه سمع وهبا يقول" إن رآنك لشديد، فلما يئس لوط من إجابتهم إياه إلى شيء مما دعاهم إليه وضاق بهم ذرعا، قالت الرسل له حينئذ يا لوط إنا رسل ربك لئن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل وال يلتفت منكم أحد إال امرأتك إنه مصيبها ما

.أهلكوهم الساعة: ، فذآر أن لوطا لما علم أن أضيافه رسل اهللا وأنها أرسلت بهالك قومه قال لهم" ابهم أص: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: حدثنا ابن حميد، قال: ذآر من روي ذلك عنه أنه قال من أهل العلم

يا لوط، إنا : م ما ذآر اهللا قال جبرئيل للوطمضت الرسل من عند إبراهيم إلى لوط، فلما أتوا لوطا وآان من أمرهإن : " أهلكوهم الساعة، فقال جبرئيل عليه السالم: فقال لهم لوط. مهلكو أهل هذه القرية، إن أهلها آانوا ظالمين

" .أليس الصبح بقريب " فأنزلت على لوط " موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب

فسار فلما آانت الساعة التي أهلكوا : ل وال يلتفت منهم أحد إال امرأته، قالوأمره أن يسري بأهله بقطع من اللي: قال

فيها أدخل جبرئيل جناحه في أرضهم فقلعها ورفعها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة، ونباح الكالب، فجعل .آها حجر فقتلهافأدر! واقوماه: وسمعت امرأة لوط الهدة فقالت:عاليها سافلها، وأمر عليهم حجارة من سجيل، قال

آان لوط أخذ على امرأته أال : حدثنا يعقوب، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية، قال: حدثنا ابن حميد، قالفلما دخل عليه جبرئيل ومن معه ورأتهم في صورة لم تر مثلها قط انطلقت تسعى : تذيع شيئا من سر أضيافه، قال

أقبلوا يهرعون مشيا بن الهرولة والجمز، فلما انتهوا إلى لوط قال لهم إلى قومها، فأتت النادي فقالت بيدها هكذا، ف

123

فقال بيده، فطمس أعينهم، : يا ولط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك، قال: قال جبرئيل. لوط ما قال اهللا تعالى في آتابه .فجعلوا يطلبونهم، يلتمسون الحيطان وهم ال يبصرون: قال

- يعني بالرسل -لما بصرت بهم : حدثنا سعيد، عن قتادة، عن حذيفة، قال: يزيد، قالحدثنا : حدثنا بشر بن معاذ، قالوال : قال - قد تضيف لوطا قوم ما رأيت قوما أحسن منهم وجوها : عجوز السوء، امرأته، انطلقت فأنذرتهم فقالت

ال اهللا عز وجل، فأصفق لوط ، آما ق" يهرعون إليه " فأتوه : قال - وأشد بياضا وأطيب ريحا منهم : أعلمه إال قالتفاستأذن جبرئيل ربه عز وجل في عقوبتهم، فأذن له، فصفقهم بجناحه، فترآهم : فجعلوا يعالجونه، قال: قال. الباب

ولقد ذآر : عميانا يترددون في أخبث ليلة، ليلة أنت عليهم قط، فأخبروه إنا رسل بك، فأسر بأهلك بقطع من الليل، قالحين خرج من القرية امرأته، ثم سمعت الصوت فالتفتت، فأرسل اهللا تعالى عليها حجرا لنا أنه آانت مع لوط

.فأهلكها

حدثنا عمرو ابن قيس المائي، عن سعيد : حدثنا الحكم بن بشير، قال: حدثنا الحكم بن بشير، قال: حدثنا ابن حميد، قال

إلى قومها -يعني حين رأت الرسل -رأتهم حين -يعني امرأة لوط -انطلقت امرأته : بن بشير، عن قتادة، قالفجاءوا يهرعون إليه فبادرهم لوط . إنه قد ضافه الليلة قوم ما رأيت مثلهم قط أحسن وجوها، وال أطيب ريحا: فقالت

، فدخلوا على " أو لم ننهك عن العالمين : " ، فقالوا" هؤالء بناتي إن آنتم فاعلين : " إن أن يزحمهم على الباب فقال: قال. يا لوط جئتنا بقوم سحرة، سحرونا آما أ نت حتى نصبح: لمالئكة فتناولتهم المالئكة، فطمست أينهم فقالواا

فاحتمل جبرئيل قريات لوط األربع، في آل قرية مائة ألف، فرفعهم على جناحه بين السماء واألرض حتى سمع أهل .سافلها السماء الدنيا أصوات ديكتهم ثم قلبهم، فجعل اهللا عاليها

أخبرنا عبد الرزاق، جميعا عن : وحدثنا الحسن بن يحيى، قال. حدثنا محمد بن ثور: حدثنا محمد بن عبد األعلى، قال

قد تضيف لوطا : لما دخلوا عليه ذهبت عجوزه، عجوز السوء، فأتت قومها فقالت: حذيفة: قال: معمر، عن قتادة، قالفاستأذن جبرئيل - فسده : يقول -جاءوا يهرعون إليه، فقام ملك فلز الباب ف: الليلة قوما قط أحسن وجوها منهم، قال

إن رسل ربك لن يصلوا : في عقوبتهم، فأذن له، فضربهم جبرئيل بجناحه، فترآهم عميانا، فباتوا بشر ليلة، ثم قالواعت صوتا، فالتفتت فأصابهم فبلغنا أنها سم: إليك، فأسر بأهلك بقطع من الليل، وال يلتفت منكم أحدا إال امرأتك، قال

.حجر وهي شاذة من القوم معلوم مكانها

حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره، عن أبي مالك : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قال

وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا -وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن أبي صالح، عن ابن عباس ، بسط حينئذ إسرائيل جناحه ففقأ أعينهم، وخرجوا " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى رآن شديد : " لما قال لوط: عليه

فإن في بيت لوط أسحر قوم في األرض، فذلك قوله ! النجاء النجاء: يدوس بعضهم في آثار بعض عميانا، يقولونإنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من : " وقالوا للوط" ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم : " تعالى

: وقال لوط. سر بهم فامضوا حيث تؤمرون، فأخرجهم اهللا تعالى إلى الشأم: ، يقول" الليل وال يلتفت منكم أحد فلما آان السحر خرج لوط وأهله معه إال ! إنا لم نؤمر إال بالصبح، أليس الصبح بقريب: فقالوا. أهلكوهم الساعة

" .إال آل لوط نجيناهم بسحر : " أته، وذلك قوله تعالىامر

حدثني عبد الصمد أنه سمع وهب بن : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا المثنى، قالعث آان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم سوء قد استغنوا عن النساء بالرجال، فلما رأى اهللا ذلك منهم ب: منبه يقول

المالئكة ليعذبوهم، فأتوا إبراهيم، فكان من أمره وأمرهم ما ذآره اهللا تعالى في آتابه، فلما بشروا سارة بالولد قاموا، إنا أرسلنا قوم سدوم لندمرها فإنهم قوم سوء، : أخبروني لم بعثتم؟ وما خطبكم؟ قالوا: وقام معهم إبراهيم يمشي، فقالإذا ال نعذبهم، فلم يزل :أرأيتم إن آان فيهم خمسون رجال صالحا؟ قالوا: ال إبراهيمق. قد استغنوا بالرجال عن النساء

إن امرأته هواها معهم، : فلوط وأهل بيته، قالوا: فإن آان فيهم بيت صالح، قال: ينقص حتى قال أهل البيت، قالواه أعجبها حسنهم وجمالهم، فلما يئس إبراهيم انصرف ومضوا إلى أهل سدوم فدخلوا على لوط، فلما رأتهم امرأت

فأرسلت إلى أهل القرية أنه قد نزل بنا قوم لم نر قوما قط أحسن منهم وال أجمل، فتسامعوا بذلك، فغشوا دار لوط من

124

يا قوم ال تفضحون في ضيفي وأنا أزوجكم بناتي فهن أطر : آل ناحية، وتسوروا عليه الجدران، فلقيهم لوط فقاللو أن لي بكم قوة أو آوي إلى رآن شديد، فوجد عليه الرسل : بناتك لقد عرفنا مكانهن، فقاللو آنا نريد : ، قالوا.لكم

: إن رآنك لشديد، وإنهم آتيهم عذاب غير مردود، فمسح أحدهم أعينهم بجناحه، فطمس أبصارهم، فقالوا: فقالواقرآن، فأدخل ميكائيل وهو صاحب سحرنا، انصرفوا بنا حتى نرجع إليه، فكان من أمرهم ما قد قص اهللا تعالى في ال

العذاب جناحيه حتى بلغ أسفل األرضين، فقلبها فنزلت حجارة من السماء، فتتبعت من لم يكن منهم في القرية حيث .آانوا فأهلكهم اهللا، ونجى لوطا وأهله إال امرأته

ذ جبرئيل قوم لوط من سرحهم أخ: حدثنا األعمش، عن مجاهد، قال: حدثنا جابر بن نوح، قال: حدثنا أبو آريب، قال

.ودورهم، حملهم بمواشيهم وأمتعتهم، حتى سمع أهل السماء نباح آالبهم ثم آفأها

أدخل جبرئيل جناحيه تحت األض السفلى من قوم لوط، ثم أخذهم : وحدثنا أبو آريب مرة أخرى، عن مجاهد، فقال

.بالجناح األيمن وأخذهم من سرحهم ومواشيهم ثم رفعها

فلما جاء : " آان يقول: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: المثنى، قالحدثني

لما أصبحوا غدا جبرئيل على قريتهم ففتقها من أرآانها ثم أدخل جناحيه، ثم حملها : أمرنا جعلنا عاليها سافلها، قال .على خوافي جناحيه

وحدثني هذا ابن أبي نجيح، عن إبراهيم بن أبي بكر، : حدثنا شبل، قال: ذيفة، قالحدثنا أبو ح: حدثني المثنى، قال

فحملها على خوافي جناحيه بما فيها، ثم صعتد بها إلى السماء حتى : ولم يسمعه أبن أبي نجيح من مجاهد قال: قالفجعلنا عاليها سافلها : " عالىسمع أهل السماء نباح آالبهم، ثم قلبها، فكان أول ما سقط منها شرافها، فذلك قوله ت

حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، : حدثنا محمد بن عبد األعلى، قال" وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل بلغنا أ ن جبرئيل عليه السالم أخذ بعروة القرية الوسطى ثم ألوى بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء : قال

وبلغنا أنهم آانوا : قال قتادة. لى بعض، فجعل عاليها سافلها، ثم أتبعتهم الحجارةضواغي آالبهم، ثم دمر بعضها ع .أربعة آالف ألف

وذآر لنا أن جبرئيل أخذ بعروتها الوسطى، : حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال

م ثم دمر بعضها على بعض، ثم أبتع شذان القوم ثم ألوى بها إلى جو السماء حتى سمعت المالئكة ضواغي آالبهوذآر لنا أنه آان فيها أربعة آالف ألف، : وهي ثالث قرى يقال لها سدوم، وهي بين المدينة والشأم، قال: صخرا، قال

.سدوم يوما هالك: وذآر لنا أن إبراهيم آان يشرف ثم يقول: قال

لما : حدثنا أسباط، عن السدي باإلسناد الذي قد ذآرناه: لحدثنا عمرو بن حماد، قا: حدثني موسى بن هارون، قالنزل جبرئيل عليه السالم واقتلع األرض من سبع أرضين، فحملها حتى بلغ بها السماء - يعني قوم لوط - أصبحوا

، " والمؤتفكة أهوى: " الدنيا، حتى سمع أهل السماء نباح آالبهم وأصوات ديوآهم، ثم قلبها فقتلهم، فذلك حين يقولالمنقلبة حيت أهوى بها جبرئيل عليه السالم األرض فاقتلعها بجناحيه، فمن لم يمت حين أسقط األرض أمطر اهللا

فجعلنا عاليها : " تعالى عليه وهو تحت األرض الحجارة، ومن آان منهم شاذا في األرض، وهو قول اهللا تعالىالقرى، فكان الرجل يتحدث فيأتيه الحجر فيقتله، فذلك قوله ، ثم تتبعهم في " سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل

.وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل: " تعالى

حدثت أن اهللا : حدثني محمد بن آعب القرظي، قال: حدثني ابن إسحاق، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

هم، فاحتملها بجناحيه ثم أصعد بها حتى إن أهل تعالى بعث جبرئيل إلى المؤتفكة قرية قوم لوط التي آان لوط في

125

السماء الدنيا ليسمعون نابحة آالبها وأصوات دجاجها، ثم آفأها على وجهها ثم أتبعها اهللا عز وجل بالحجارة، يقول ت، ، فأهلكها اهللا تعالى وما حولها من المؤتفكا" فجعلنا عليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل : " اهللا تعالى

صبعة، وصعرة وعمرة، ودوما، وسدوم هي القرية العظمى، ونجى اهللا تعالى لوطا ومن معه من : وآن خمس قريات .أهله، إال امرأته آانت فيمن هلك

ذآر وفاة سارة بنت هاران

وهاجر أم إسماعيل وذآر أزواج إبراهيم عليه السالم وولده

العرب رة أم إسحاق، فأما موضع وفاتها فإنه ال يدفع أهل العلم منقد ذآرنا فيما مضى قبل ما قيل في مقدار عمر سا

إنها ماتت بقرية الجبابرة من أرض آنعان في حبرون، فدفنت في مزرعة اشتراها : وقيل .والعجم أنها آانت بالشأم .وقيل إن هاجر عاشت بعد سارة مدة. إبراهيم

ي، حدثنا أسباط، عن السد: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قال. فأما الخبر فبغير ذلك وردائذني لي أنطلق إلى ابني فأنظر إليه، : ثم إن إبراهيم اشتاق إلى إسماعيل، فقال لسارة .باإلسناد الذي قد ذآرناه قبل

أة من ل، وتزوج إسماعيل امرفأخذت عليه عهدا أال ينزل حتى يأتيها، فرآب البراق، ثم أقبل وقد ماتت أم إسماعيحدثنا : وآان سبب ذلك فيما حدثنا به موسى بن هارون، قال. وإن إبراهيم عليه السالم آثر ماله ومواشيه .جرهم

وقد -حدثنا أسباط، عن السدي باإلسناد الذي قد ذآرناه قبل، أن إبراهيم عليه السالم احتاج : عمرو بن حماد، قالفرآب حمارا له، ثم أتاه، فلما ! أتيت خلتك فأصبت لنا منه طعاما لو: فقالت له سارة - آان له صديق يعطيه ويأتيه

أتاه تغيب منه، واستحيا إبراهيم أن يرجع إلى أهله خائبا، فمر على بطحاء، فلما منها خرجه، ثم أرسل الحمار إلى سارة قد جعلت له أهله، فأقبل الحمار وعليه حنطة جيدة، ونام إبراهيم عليه السالم فاستيقظ، وجاء إلى أهله، فوجد

صدقت : نعم من الحنطة التي جئت بها من عند خليلك، فقال: وهل من شيء؟ فقالت: أال تأآل؟ فقال: طعاما، فقالتمن عند خليلي جئت بها، فزرعها فنبتت له، وزآا زرعه وهلكت زروع الناس، فكان أصل ماله منها، فكان الناس

اهللا فليدخل فليأخذ، فمنهم من قال فأخذ، ومنهم من أبى فرجع، وذلك قوله ال إله إال: من قال: يأتونه فيسألونه فيقولفلما آثر مال إبراهيم ومواشيه احتاج على " . فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وآفى بجهنم سعيرا : " تعالى

م، وآان ابن أخيه والحجاز إلى أرض الشأ -فيما قيل -السعة في المسكن والمرعى، وآان مسكنه ما بين قرية مدين لوط نازال معه، فقاسم ماله لوطا، فأعطى لوطا شطره فيما قيل، وخيره مسكنا يسكنه ومنزال ينزله غير المنزل الذي

هو به نازل، فاختار لوط ناحية األردن فصار إليها، وأقام إبراهيم عليه السالم بمكانه، فصار ذلك فيما قيل سببا .اعيل، وآان ربما دخل أمصار الشأمآلثاره بمكة وإسكانه إياها إسم

حدثنا سلمة، عن ابن : فيما حدثنا ابن حميد، قال -ولما ماتت سارة بن هاران زوجة إبراهيم تزوج إبراهيم بعدها يقسان بن إبراهيم، وزمران بن إبراهيم، : قطورا بنت يقطن، امرأة من الكنعانيين، فولدت له ستة نفر -إسحاق

يسبق بن إبراهيم، وسوح بن إبراهيم، وبسر بن إبراهيم، فكان جميع بني إبراهيم ثمانية ومديان بن إبراهيم، وفنكح يقسان بن إبراهيم رعوة بنت زمر بن يقطن بن لوذان : قال. بإسماعيل وإسحاق، وآان إسماعيل يكره أآبر ولدهوولد لمديان . زامير الذين ال يعقلونوولد زمران بن إبراهيم الم. بن جرهم بن يقطن بن عابر، فولدت له البربر ولفها

.أهل مدين قوم شعيب بن ميكائيل النبي، فهو وقومه من ولده بعثه اهللا عز وجل إليهم نبياآان أبو : حدثنا هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثني الحارث بن محمد، قال

السنين، فأتى هرمز جرد باألهواز، ومعه امرأته أم إبراهيم، واسمها توتا إبراهيم من أهل حران، فأصابته سنة من .بنت آرينا بن آوثي، من بني أرفخشد بن سام بن نوح

: حدثنا محمد بن عمر األسلمي عن غير واحد من أهل العلم قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: وحدثني الحارث، قال

: وآان بعضهم يقول. فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح اسمها أنموتا من ولد أفراهم بن أرغوا بن .اسمها انمتلي بنت يكفور

126

نهر آوثي آراه آرينا جد : أخبرنا هشام بن محمد، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

بهر مزجرد، ثم انتفل إلى آوثي من أرض إبراهيم من قبل أمه، وآان أبوه على أصنام الملك نمرود، فولد إبراهيم بابل، فلما بلغ إبراهيم وخالف قومه، دعاهم إلى عبادة اهللا، وبلغ ذلك الملك نمرود فحبسه في السجن سبع سنين، ثم

.فخرج منها سليما لم يكلم! حسبي اهللا ونعم الوآيل: بني له الحير بجص، وأوفد له الحطب الجزل، وألقى فيه، فقالحدثنا هشام بن محمد، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، : حدثنا محمد بن سعد، قال: ارث، قالحدثني الح

لما هرب إبراهيم من آوثي، وخرج من النار ولسانه يومئذ سرياني، فلما عبر الفرات من حران غير اهللا لسانه : قالدعوا أحدا يتكلم بالسريانية إال جئتموني به، ال ت: عبراني، أي حيث عبر الفرات، وبعث نمرود في أثره، وقال: فقيل

.فلقوا إبراهيم عليه السالم فتكلم بالعبرانية، فترآوه ولم يعرفوا لغته

فهاجر إبراهيم من بابل إلى الشأم فجاءته : أخبرنا هشام، عن أبيه قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثني الحارث، قال

هو يومئذ ابن سبع وثالثين سنة، فأتى حران، فأقام بها زمانا، ثم أتى سارة، فوهبت له نفسها فتزوجها، خرجت معه واألردن فأقام بها زمانا، ثم خرج إلى مصر فأقام بها زمانا، ثم رجع إلى الشأم فنزل السبع أرض بين إيليا وفلسطين

لة وإيليا، فاحتفر به ثم إن بعض أهل البلد آذاه فتحول من عندهم، فنزل منزال بني الرم. واحتفر بئرا، وبنى مسجدابئرا أقام به، وآان قد وسع عليه من المال والخدم، وهو أول من أضاف الضيف، وأول من ثرد الثريد، وأول من

.رأى الشيب

وأمه هاجر وهي قبطية، وإسحاق، وآان ضرير البصر، -وولد إلبراهيم عليه السالم إسماعيل وهو أآبر ولده : قال

ومدن، ومدين، - ناخور بن ساروع بن أرغوا بن فالغ بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح وأمه سارة ابنة بتويل بن .ويقسان، وزمران، وأسبق، وسوح، وأمهم قنطورا بنت مقطور من العرب العاربة

: فأما يقسان فلحق بنوه بمكة، وأقام مدن ومدين بأرض مدين، فسميت به، ومضى سائرهم في البالد وقالوا إلبراهيم

فعلمهم اسما : بذلك أمرت، قال: فقال! أبانا أنزلت إسماعيل وإسحاق معك، وأمرتنا أن ننزل أرض الغربة والوحشة يا: من أسماء اهللا تبارك وتعالى، فكانوا يستسقون به ويستنصرون، فمنهم من نزل خراسان، فجاءتهم الخرز فقالوا

.فسموا ملوآهم خاقان: رض، قالينبغي للذي علمكم هذا أن يكون خير أهل األرض، أو ملك األ .ساح: يسباق، وفي سوح: ويقال في يسبق: قال أبو جعفرتزوج إبراهيم بعد سارة امرأتين من العرب، إحدهما قنطورا بنت يقطان، فولدت له ستة بنين، وهو : وقال بعضهم

.وأميم، ولوطان، ونافس آيسان، وشورخ،: الذين ذآرنا، واألخرى منهما حجور بنت أرهير، فولدت له خمسة بنين

ذآر وفاة إبراهيم عليه السالم

.فلما أراد اهللا تبارك وتعالى قبض روح إبراهيم صلى اهللا عليه وسلم، أرسل إليه ملك الموت في صورة شيخ هرم

ن آا: حدثنا أسباط، عن السدي باإلسناد الذي ذآرته قبل: حدثنا عمرو بن حماد، قال: فحدثني موسى بن هارون، قالإبراهيم آثير الطعام يطعم الناس، ويضيفهم، فبينا هو يطعم الناس إذا هو بشيخ آبير يمشي في الحرة، فبعث إليه

بحمار، فرآبه حتى إذا أتاه أطعمه، فجعل الشيخ يأخذ اللقمة يريد أن يدخلها فاه، فيدخلها عينه وأذنه ثم يدخلها فاه، قد سأل ربه عز وجل أال يقبض روحه حتى يكون هو الذي يسأله وآان إبراهيم. فإذا دخلت جوفه خرجت من دبره

ابن آم أنت؟ : يا إبراهيم، الكبر، قال: بالك يا شيخ تصنع هذا؟ قال: الموت، فقال الشيخ حين رأى من حاله ما رأىم، قال نع: قال! إنما بيني وبينك سنتان، فإذا بلغت ذلك صرت مثلك: فزاد على عمر إبراهيم سنتين، قال إبراهيم

.اهللا أقبضني إليك قبل ذلك، فقام الشيخ فقبض روحه، وآان ملك الموت: إبراهيم

127

فن عند قبر د - وآان موته وهو ابن مائتي سنة، وقيل ابن مائة وخمس وسبعين سنة -ولما مات إبراهيم عليه السالم

ن الصحف فيما قيل عشر صحائف، وآان مما أنزل اهللا تعالى على إبراهيم عليه السالم م .سارة في مزرعة حبرونحدثني الماضي بن محمد، : أخبرني عمي عبد اهللا بن وهب، قال: آذلك حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال

يا رسول اهللا، آم : قلت: عن أبي سليمان، عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخوالني، عن أبي ذر الغفاري، قالأنزل اهللا عز وجل على آدم عليه السالم عشر صحائف، وعلى شيث : اب وأربع آتبمائة آت: آتاب أنزل اهللا؟ قال

خمسين صحيفة، وأنزل على أخنوخ ثالثين صحيفة، وأنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل جل وعز التوراة يها الملك المسلط أ .آانت أمثاال آلها: إبراهيم؟ قاليا رسول اهللا، فما آانت صحف : قلت. واإلنجيل والزبور والفرقان

المبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكن بعثك لترد عني دعوة المظلوم، فإني ال أردها .وإن آانت من آافر

وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة : وآانت فيها أمثالنع اهللا عز وجل، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحالل في يفكر فيها في ص. تزود لمعاده، ومرمة لمعاشه، ولذة في غير محرم: على العاقل أال يكون ظاعنا إال في ثالث. المطعم والمشرب

حسب آالمه من عمله قل آالمه إال فيما ومن. وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبال على شأنه، حافظا للسانه .يعنيه

وهو أبو لوط، وقيل إن هاران هو الذي بنى مدينة حران، -أخوان يقال ألحدهما هاران - فيما ذآر - وآان إلبراهيم

واآلخر منهما ناحورا وهو أبو بتويل وبتويل هو أبو البان ورفقا ابنة بتويل، ورفقا امرأة إسحاق بن - وإليه نسبت .إبراهيم أم يعقوب ابنة بتويل، وليا وراحيل امرأتا يعقوب ابنتا البان

ذآر خبر ولد إسماعيل

ابن إبراهيم خليل الرحمن عليه السالم

ولما آبر إسماعيل . قد مضى ذآرنا سبب مصير إبراهيم بابنه إسماعيل، وأمه هاجر إلى مكة وإسكانه إياهما بها

ها ما قد تقدم ذآره، ثم طلقها بأمر أبيه إبراهيم بذلك، ثم تزوج أخرى يقال لها تزوج امرأة من جرهم، فكان من أمرقولي لزوجك : السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، وهي التي قال لها إبراهيم إذا قدم مكة،وهي زوجة إسماعيل

.قد رضيت لك عتبة بابك: إذا جاء

ولد إلسماعيل ابن إبراهيم اثنا عشر رجال، وأمه السيدة : لحدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قا: فحدثنا ابن حميد، قال

نابت بن إسماعيل، وقيدر بن إسماعيل، أدبيل بن إسماعيل، ومبشا بن إسماعيل، : بنت مضاض بن عمرو الجرهميومسمع بن إسماعيل، ودوما بن إسماعيل، وماس بن إسماعيل، وأدد بن إسماعيل، ووطور بن إسماعيل، ونفيس بن

.، وطما بن إسماعيل، وقيدمان بن إسماعيلإسماعيلوآان عمر إسماعيل فيما يزعمون ثالثين ومائة سنة، ومن نابت وقيدر نشر اهللا العرب، ونبأ اهللا عز وجل : قال

وقد ينطق أسماء أوالد إسماعيل بغير األلفاظ التي ذآرت .وقبائل اليمن -فيما قيل -اليق إسماعيل، فبعثه إلى العمذوما ومسا، وحداد، : مبشام، وفي دما: أدبال، وفي مبشا: ، قيدار، وفي أدبيل:اق، فيقول بعضهم في قيدرعن ابن إسح

.وتيم، ويطور،ونافس، وقادمن

إن إسماعيل لما حضرته الوفاة أوصى إلى أخيه إسحاق وزوج ابنته من العيص بن إسحاق، وعاش إسماعيل : وقيل

.ن في الحجر عند قبر أمه هاجرفيما ذآر مائة وسبعا وثالثين سنة، ودف

128

حدثنا خالد بن عبد الرحمن المخزومي، عن مبارك بن حسان صاحب األنماط، : حدثني عبدة بن عبد اهللا الصفار، قالإني فاتح لك بابا : شكا إسماعيل إلى ربه تبارك وتعالى حر مكة فأوحى اهللا تعال إليه: عن عمر بن عبد العزيز، قال

.روحها إلى يوم القيامة، وفي ذلك المكان تدفنمن الجنة يجري عليك

:ونرجع اآلن إلى

ذآر إسحاق ابن ابراهيم عليهما السالم وذآر نسائه وأوالده

إذا آان التأريخ غير متصل على سياق معروف ألمة بعد الفرس غيرهم؛ وذلك أن الفرس آان ملكهم متصال دائما

ى أن زال عنهم بخير أمة أخرجت للناس، أمة نبينا محمد صلى من عهد جيومرت الذي قد وصفت شأنه وخبره، إلوآانت النبوة والملك متصلين بالشأم ونواحيها لولد إسرائيل بن إسحاق إلى أن زال عنهم بالفرس . اهللا عليه وسلم

يى وسنذآر إذا نحن انتهينا إلى الخبر عن يح. والروم بعد يحيى بن زآرياء وبعد عيسى بن مريم عليهما السالم .وعيسى عليهما السالم سبب زوال ذلك عنهم إن شاء اهللا

فأما سائر األمم غير الفرس، فإنه غير ممكن الوصول إلى علم التأريخ بهم؛ إذ لم يكن لهم ملك متصل في قديم األيام

لوقت الذي وحديثه إال ما ال يمكن معه سياق التأريخ عليه وعلى أعمار ملوآهم، إال ما ذآرنا من ولد يعقوب إلى اوقد . ذآرت، فإن ذلك وإن آانت مدته انقطعت بزواله عنهم؛ فإن قدر مدة زواله عنهم إلى غايتنا هذه معلوم مبلغه

آان لليمن ملوك لهم ملك، غير أنه آان غير متصل، وإنما آان يكون منهم الواحد بعد الواحد، وبين األول واآلخر لقلة عنايتهم آانت بها ومبلغ عمر األول منهم واآلخر، إذا لم يكن من فترات طويلة، ال يقف على مبلغها العلماء،

األمر الدائم، فإن دام منه شيء فإنما يدوم لمن دام له منهم بأنه عامل لغيره في الموضع الذي هو به ال يملكه بنفسه، وا على فرج ثغر العرب وذلك آدوامه آلل نصر بن ربيعة بن الحارث بن مالك بن عمرو بن نمارة بن لخم؛ فإنهم آان

للفرس من الحيرة إلى حد اليمن طوال وإلى حدود الشأم وما اتصل بذلك عرضا، فلم يزل ذلك دائما لهم من عهد أردشير بابكان إلى أن قتل آسرى أبرويز بن هرمز بن أنوشروان النعمان بن المنذر، فنقل عنهم ما آان إليهم من

.يصة الطائيالعمل على ثغر العرب إلى إياس بن قب

نكح إسحاق بن إبراهيم رفقا بنت بتويل بن إلياس، فولدت : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فحدثنا ابن حميد، قال

ثم نكح عيص بن . له عيص بن إسحاق، ويعقوب بن إسحاق، يزعمون أنهما آانا توءمين وأن عيصا آان أآبرهما: وقال. ، فولدت له الروم بن عيص، فكل بني األصفر من ولدهإسحاق ابنة عمه بسمة ابنة إسماعيل بن إبراهيم

.وبعض الناس يزعم أن األشبان من ولده، وال أدري أمن ابنة إسماعيل أم ال

ابنة خاله ليا ابنة لبان بن بتويل بن إلياس، فولدت له روبيل بن يعقوب، - وهو إسرائيل - ونكح يعقوب بن إسحاق

عقوب، والوى بن يعقوب، ويهوذا بن يعقوب، وزبالون بن يعقوب، ويسحر بن وآان أآبر ولده، وشمعون بن يثم توفيت ليا بنت لبان فخلف يعقوب على أختها " . يشحر " وقد قيل في يسحر إن اسمه . يعقوب، ودينة ابنة يعقوب

وولد -ربية شداد وهو بالع -راحيل بنت لبان بن بتويل بنت إلياس، فولدت له يوسف بن يعقوب، وبنيامين بن يعقوب دان بن يعقوب، ونفثالى بن يعقوب، وجاد بن : له من سريتين؛ اسم إحداهما زلفة، واسم األخرى بلهة، أربعة نفر

.يعقوب، وأشر بن يعقوب، فكان بنو يعقوب اثني عشر رجال

ابناه عيصا وقد قال بعض أهل التوراة إن رفقا زوجة إسحاق هي ابنة ناهر بن آزر عم إسحاق، وإنها ولدت لهويعقوب في بطن واحد، وإن إسحاق أمر ابنه يعقوب أال امرأة من الكنعانيين، وأمره أن ينكح امرأة من بنات خاله لبان بن ناهر، وأن يعقوب لما أراد النكاح مضى إلى خاله لبان ابن ناهر خاطبا، فأدرآه الليل في بعض الطريق،

أن سلما منصوبا إلى باب من أبواب السماء عند رأسه، والمالئكة تنزل فبات متوسدا حجرا، فرأى فيما يرى النائم

129

ليا وهي الكبرى، وراحيل وهي : وتعرج فيه، وأن يعقوب صار إلى خاله فخطب إليه ابنته راحيل، وآانت له ابنتانابنتك، فإن ال، إال أني أخدمك أجيرا حتى تستوفي صداق : هل من مال أزوجك عليه؟ فقال يعقوب: الصغرى، فقال له

ذلك بيني : فزوجني راحيل وهي شرطي، ولها أخدمك، فقال له خاله: قال يعقوب. صداقها أن تخدمني سبع حججوبينك، فرعى له يعقوب سبع سنين، فلما وفى له شرطه دفع إليه ابنته الكبرى ليا، وأدخلها عليه ليال، فلما أصبح

غررتني وخدعتني واستحللت عملي سبع سنين، : قال لهوجد غير ما شرط، فجاءه يعقوب وهو في نادي قومه فيا ابن أختي، أردت أن تدخل على خالك العار والسبة، وهو خالك ووالدك، : ودلست علي غير امرأتي، فقال له خاله

وآان الناس يومئذ -فهلم فاخدمني سبع حجج أخرى، فأزوجك أختها ! ومتى رأيت يزوجون الصغرى قبل الكبرىفرعى له سبعا، فدفع إليه راحيل، فولدت - ألختين إلى أن بعث موسى عليه السالم وأنزل عليه التوراة يجمعون بين ا

وولدت له راحيل يوسف وأخاه بنيامين وأخوات لهما، وآان . روبيل، ويهوذا، وشمعان، والوى: له ليا أربعة أسباطين ليعقوب، فولدت آل واحدة منهما له ثالثة رهط البان دفع إليه ابنتيه حين جهزهما إلى يعقوب أمتين فوهبتا األمت .من األسباط، وفارق يعقوب خاله، وعاد حتى نازل أخاه عيصا

ولد ليعقوب دان ونفثالى من زلفة جارية راحيل؛ وذلك أنها وهبتها له وسألته أن يطلب منها الولد حين : وقال بعضهم

منافسة لراحيل في جاريتها، وسألته أن يطلب منها الولد، تأخر الولد عنها، وأن ليا وهبت جاريتها بلهة ليعقوبوأشير، ثم ولد له من راحيل بعد اليأس يوسف وبنيامين، فانصرف يعقوب بولده هؤالء وامرأتيه . فولدن له جاد

المذآورتين إلى منزل أبيه من فلسطين على خوف شديد من أخيه العيص، فلم ير منه إال خيرا، وآان العيص فيما لحق بعمه إسماعيل، فتزوج إليه ابنته بسمة وجملها إلى الشام، فولدت له عدة أوالد فكثروا حتى غلبوا الكنعانيين ذآر

ولذلك : قال. وآان العيص فيما ذآر يسمى آدم ألدمته. بالشأم، وصاروا إلى البحر وناحية اإلسكندرية ثم إلى الرومبعد أن خال من عمر -سحاق بن إبراهيم ابنيه العيص ويعقوب سمى ولد األصفر، وآانت والدة رفقا بنت بتويل إل

توءمين في بطن واحد، والعيص المتقدم منهما خروجا من بطن أمه، فكان إسحاق فيما ذآر -إسحاق ستون سنة يختص العيص، وآانت رفقا أمهما تميل إلى يعقوب، فزعموا أن يعقوب ختل العيص في قربان قرباه بأمر أبيهما

برت سن إسحاق، وضعف بصره، فصار أآثر دعاء إسحاق ليعقوب، وتوجهت البرآة نحوه بدعاء أبيه بعدما آإسحاق له، فغاظ ذلك العيص وتوعده بالقتل، فخرج يعقوب هاربا منه إلى خاله البان ببابل، فوصله البان زوجه

تهم دينا إلى الشأم إلى منزل آبائه، ابنيته ليا وراحيل، وانصرف بهما وبجاريتهما وأوالده األسباط االثني عشر وأخثم عبر إلى الروم فأوطنها، وصار . وتألف أخاه العيص حتى نزل له البالد وتنقل في الشأم، حتى صار إلى السواحل

.فيما زعم هذا القائل - الملوك من ولده وهم اليونانية

تزوج إسحاق : أسباط، عن السدي، قالأخبرنا : حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي، قالامرأة فحملت بغالمين في بطن، فلما أرادت أن تضعهما اقتتل الغالمان في بطنها، فأراد يعقوب أن يخرج قبل

واهللا لئن خرجت قبلي ألعترضن في بطن أمي ألقتلنها، فتأخر يعقوب، وخرج عيص قبله، : عيص، فقال عيصصا ألنه عصى، فخرج قبل يعقوب، وسمى يعقوب ألنه خرج أخذا بعقب وأخذ يعقوب بعقب عيص، فخرج فسمى عي

عيص، وآان يعقوب أآبرهما في البطن، ولكن عيصا خرج قبله، وآبر الغالمان، فكان عيص أحبهما إلى أبيه، وآان يا بني أطعمني لحم صيد : يعقوب أحبهما إلى أمه، وآان عيص صاحب صيد، فلما آبر إسحاق وعمي، قال لعيص

ترب مني أدع لك بدعاء دعا لي به أبي، وآان عيص رجال أشعر، وآان يعقوب رجال أجرد، فخرج عيص يطلب واقيا بني، اذهب إلى الغنم فاذبح منها شاة ثم اشوه، والبس جلده وقدمه إلى : الصيد، وسمعت أمه الكالم فقالت ليعقوب

: أنا ابنك عيص، قال: من أنت؟ قال: يا أبتاه آل، قال: أنا ابنك عيص، ففعل ذلك يعقوب، فلما جاء قال: أبيك، وقل لهقدم طعامك، فقدمه : هو ابنك عيص فادع له، قال: المس مس عيص، والريح ريح يعقوب، قالت أمه: فمسه، فاقل

: فأآل منه، ثم قال ادن مني، فدنا منه، فدعا له أن يجعل في ذريته األنبياء والملوك، وقام يعقوب، وجاء عيص فقاليا بني : واهللا ألقتلنه، قال: يا بني قد سبقك أخوك يعقوب، فغضب عيص وقال: ئتك بالصيد الذي أمرتني به، فاقلقد ج

تكون ذريتك عددا آثيرا آالتراب وال يملكهم أحد غيرهم، وقالت : قد بقيت لك دعوة، فهلم أدع لك بها، فدعا له فقاللك عيص، فانطلق إلى خاله، فكان يسري بالليل ويكمن الحق بخالك فكن عنده خشية أن يقت: أم يعقوب ليعقوب

أما إذ غلبتني على الدعوى فال تغلبني على : بالنهار، ولذلك سمى إسرائيل، وهو سري اهللا، فأتى خاله وقال عيص .لئن فعلت لتدفنن معه: إبراهيم وإسحاق، فقال" القبر، أن أدفن عند آبائي

130

فخطب إلى أبيهما الصغرى منهما، فأنكحهما إياه على - وآانت له ابنتان -له ثم إن يعقوب عليه السالم هوى ابنة خا

إنما أردت راحيل، فقال له : أن يرعى غنمه إلى أجل مسمى، فلما انقضى األجل زف إليه أختها ليا، قال يعقوباألجل زوجه راحيل فلما انقضى . إنا ال ينكح فينا الصغير قبل الكبير، ولكن ارع لنا أيضا وانكحها، ففعل: خاله

جمع يعقوب بين ليا : يقول " .ا بين األختين إال ما قد سلف وأن تجمعو: " أيضا، فجمع يعقوب بينهما، فذلك قول اهللاوولدت راحيل يوسف، وبنيامين، ماتت راحيل في نفاسها . وراحيل، فحملت ليا فولدت يهوذا، وروبيل وشمعون

. - ماتت فيه الذي - من وجع النفاس : ببنيامين، يقول

وقطع خال يعقوب ليعقوب قطيعا من الغنم، فأراد الرجوع إلى بيت المقدس، فلما ارتحلوا لم يكن له نفقة، فقالت

خذ من أصنام أبي لعلنا نستنفق منه فأخذ، وآان الغالمان في حجر يعقوب، فأحبهما وعطف : امرأة يعقوب ليوسفليه يوسف عليه السالم، فلما قدموا أرض الشأم، قال يعقوب لراع من عليهما ليتمهما من أمهما، وآان أحب الخلق إ

نحن : من أنتم؟ قالوا: من أنتم؟ فقولوا نحن ليعقوب عبد عيص، فلقيهم عيص فقال: إن أتاآم أحد يسألكم: الرعاةليعقوب عبد عيص، فكف عيص عن يعقوب، ونزل يعقوب ورأى يوسف في المنام آأن أحد عشر آوآبا والشمس

يا بني ال تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك آيدا إن الشيطان : " لقمر رآهم ساجدين له، فحدث أباه بها فقالوا " .لإلنسان عدو مبين

ذآر أيوب عليه السالم

حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن ال يتهم، : أيوب بني باهللا؛ وهو فيما حدثنا ابن حميد، قال - فيما قيل -ومن ولده

.هب بن منبه، أن أيوب آان رجال من الروم، وهو أيوب بن موص بن رازح بن عيص إسحاق بن إبراهيمعن و .هو أيوب بن موص بن رغويل بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم: وأما غير ابن إسحاق فإنه يقول

م يوم أحرقه آان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السال: ويقول. هو أيوب بن موص بن رعويل: وآان بعضهم يقول .لها ليا؛ آان يعقوب زوجها منه: نمرود، وآانت زوجته التي أمر بضربها بالضعث ابنة ليعقوب بن إسحاق، يقال

أن عدو -واهللا أعلم -ذآر : أخبرنا غياث بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، قال: وحدثني الحسين بن عمرو بن محمد، قالوآانت أم . يا ليا ابنة الصديق وأخت الصديق: فقال - ها آانت ليا بنت يعقوب وذآر أن -اهللا إبليس لقي امرأة أيوب

إن زوجته التي أمر بضربها بالضعث هي رحمة بنت أفرائيم بن يوسف بن : أيوب ابنة للوط بن هاران؟ وقيلالذي حدثنيه محمد عن وهب بن منبه في الخبر -فيما ذآر -يعقوب، وآانت لها البثنية من الشام آلها بما فيها، وآان

: حدثني عبد الصمد ابن معقل، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم أبو هشام، قال: بن سهل بن عسكر البخاري، قالإن إبليس لعنه اهللا سمع تجاوب المالئكة بالصالة على أيوب، وذلك حين ذآره اهللا تعالى : سمعت وهب بن منبه يقول

فسأل اهللا أن يسلطه عليه ليفتنه عن دينه، فسلطه اهللا على ماله دون جسده وعقله، وأثنى عليه، فأدرآه البغي والحسد،وجمع إبليس عفاريت الشياطين وعظماءهم، وآان أليوب البثنية من الشام آلها بما فيها بين شرقها وغربها، وآان

ل، ويحمل آلة آل فدان أتان، بها ألف شاة برعاتها، وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد، لكل عبد امرأة وولد وماماذا عنكم من القوة والمعرفة؟ : فلما جمعهم إبليس، قال. لكل أتان ولد؛ بين اثنين وثالثة وأربعة وخمسة وفوق ذلك

فقال آل من عنده قوة . فإني قد سلطت على مال أيوب؛ فهي المصيبة الفادحة والفتنة التي ال يصبر عليها الرجالفأرسلهم فأهلكوا ماله آله، وأيوب في آل ذلك يحمد اهللا وال يثنيه شيء أصيب به من ماله . على إهالك شيء ما عنده

فلما رأى ذلك من أمره إبليس لعنه . عن الجد في عبادة اهللا تعالى والشكر له على ما أعطاه، والصبر على ما ابتاله بهسلطانا على جسده وقلبه وعقله، فأهلك ولده اهللا سأل اهللا تعالى أن يسلطه على ولده، فسلطه عليهم، ولم يجعل له

آلهم، ثم جاء إليه متمثال بمعلمهم الذي آان يعلمهم الحكمة جريحا مشدوخا يرققه حتى رق أيوب فبكى، فقبض قبضة .من تراب فوضعها على رأسه، فسر بذلك إبليس، واغتنمه من أيوب عليه السالم

131

فلما لم يثن أيوب عليه . لمالئكة بتوبة فبدروا إبليس إلى اهللا عز وجلثم إن أيوب تاب واستغفر، فصعدت قرناؤه من ا

السالم ما حل به من المصيبة في ماله وولده عن عبادة ربه، والجد في طاعته، والصبر على ما ناله، سأل اهللا عز ذلك منه سلطانا، وجل إبليس أن يسلطه على جسده، فسلطه على جسده خال لسانه وقلبه وعقله؛ فإنه لم يجعل له على

فجاءه وهو ساجد، فنفخ في منخره نفخة اشتعل منها جسده، فصار من جملة أمره إلى أن أنتن جسده، فأخرجه أهل .وقد ذآرت اختالف الناس في اسمها ونسبها قبل. القرية من القرية إلى آناسة خارج القرية ال يقربه أحد إال زوجته

وآانت زوجته تختلف إليه بما يصلحه وتلزمه، وآان قد أتبعه ثالثة نفر :ثم رجع الحديث إلى حديث وهب بن منبهعلى دينه، فلما رأوا ما نزل به من البالء رفضوه واتهموه من غير أن يترآوا دينه؛ يقال ألحدهم بلدد، ولآلخر اليفز

أقبل على ربه يستغيثه فانطلقوا إليه وهو في بالئه فبكتوه، فلما سمع أيوب عليه السالم آالمهم . وللثالث صافرارآض برجلك هذا : " ويتضرع إليه، فرحمه ربه ورفع عنه البالء، ورد عليه أهله وماله ومثلهم معهم، وقال له

.؛ فاغتسل به فعاد آهيئته قبل البالء في الحسن والجمال" مغتسل بارد وشراب

لقد مكث أيوب عليه : عن الحسن، قال حدثنا فضيل بن عياض، عن هشام،: فحدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال

فما على : السالم مطروحا على آناسة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرا، ما يسأل اهللا عز وجل أن يكشف ما به، قال! لو آان لرب هذا فيه حاجة ما صنع به هذا: وجه األرض أآرم على اهللا من أيوب، فيزعمون أن بعض الناس قال

.فعند ذلك دعا

بقي أيوب عليه السالم على آناسة : حدثني ابن علية، عن يونس، عن الحسن، قال: عقوب بن إبراهيم، قالحدثني ي

.لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرا اختلف فيها الرواة

فهذه جملة من خبر أيوب صلى اهللا عليه وسلم، وإنما قدمنا ذآر خبره وقصته قبل خبر يوسف وقصته لما ذآر من

.نبيا في عهد يعقوب أبي يوسف عليهم السالمأمره، وأنه آان

وذآر أن عمر أيوب آان ثالثا وتسعين سنة، وأنه أوصى عند موته إلى ابنه حومل، وأن اهللا عز وجل بعث بعده ابنه بشر بن أيوب نبيا، وسماه ذا الكفل وأمره بالدعاء إلى توحيده، وأنه آان مقيما بالشأم عمره حتى مات، وآان عمره

بعين سنة، وأن بشرا أوصى إلى ابنه عبدان، وأن اهللا عز وجل بعث بعده شعيب بن صيفون بن عيفا بن خمسا وس .نابت بن مدين ابن ابراهيم إلى أهل مدين

.وقد اختلف في نسب شعيب فنسبه أهل التوراة النسب الذي ذآرت

.حميد، عن ابن إسحاقهو شعيب بن ميكائيل من ولد مدين، حدثني بذلك ابن : وآان ابن إسحاق يقول

لم يكن شعيب من لد إبراهيم، وإنما هو من ولد بعض من آان آمن بإبراهيم واتبعه على دينه، وهاجر : وقال بعضهم معه إلى الشأم، ولكنه ابن بنت لوط؛ فجده شعيب ابنة لوط

ذآر خبر شعيب عليه السالم

.ضرير البصر -فيما ذآر - اب في نسبه، وآان وقيل إن اسم شعيب يزون، وقد ذآرت نسبه واختالف أهل األنس

أخبرنا شريك، عن سالم، عن سعيد : حدثنا أسيد بن زيد الجصاص، قال: حدثني عبد األعلى بن واصل األسدي، قال .آان أعمى: ، قال" وإنا لنراك فينا ضعيفا : " بن جبير في قوله

132

حدثنا : د وإسحاق ابن المنذر وعبد الملك بن يزيد، قالواحدثنا إبراهيم بن زيا: حدثنا أحمد بن الوليد الرملي، قال .شريك، عن سالم، عن سعيد، مثله

وإنا : " سمعنا شريكا يقول في قوله: حدثنا عمرو بن عون ومحمد بن الصباح، قاال: حدثني أحمد بن الوليد، قال

.أعمى: ، قال" لنراك فينا ضعيفا

.حدثنا عباد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، مثله: ه، قالحدثنا سعدوي: حدثني أحمد بن الوليد، قال

، " وإنا لنراك فينا ضعيفا : " حدثنا عباد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد: حدثنا الحماني قال: حدثني المثنى، قال .آان ضرير البصر: قال

دثنا خلف بن خليفة، عن سفيان، عن ح: حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي، قال: حدثني العباس بن أبي طالب، قال

.آان ضعيف البصر: ، قال" وإنا لنراك فينا ضعيفا : " سالم، عن سعيد بن جبيرآان ضعيف : ، قال" وإنا لنراك فينا ضعيفا : " حدثنا سفيان، قوله تعالى: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثني المثنى، قال

وإن اهللا تبارك وتعالى بعثه نبيا إلى أهل مدين، وهم أصحاب وآان يقال له خطيب األنبياء،: قال سفيان. البصروآانوا أهل آفر باهللا وبخس للناس في المكاييل والموازين وإفساد ألموالهم، وآان -واأليكة الشجر الملتف -األيكة

عيب عليه اهللا عز وجل وسع عليهم في الرزق، وبسط لهم في العيش استدراجا منه لهم، مع آفرهم به، فقال لهم شني أخاف عليكم يا قوم اعبدوا اهللا ما لكم من إله غيره وال تنقضوا المكيال والميزان إني أراآم بخير وإ: " السالم

.فكان من قول شعيب لقومه وجواب قومه له ما ذآره اهللا عز وجل في آتابه " .عذاب يوم محيط

فيما ذآر لي يعقوب - فكان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : قال ابن إسحاق: حدثنا سلمة، قال: فحدثنا ابن حميد، قال

فلما طال تماديهم في .سن مراجعته قومه فيما يرادهم به، لح" ذاك خطيب األنبياء : " إذا ذآره قال -بن أبي سلمة آهم، سلط وأراد اهللا تبارك وتعالى هال -لهم -غيهم وضاللهم، ولم يردهم تذآير شعيب إياهم، وتحذيرهم عذاب اهللا

حدثني سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد، : حدثنا الحسن بن موسى األشيب، قال: قال - فيما حدثني الحارث -عليهم فأخذهم : " سألت عبد اهللا بن عباس عن هذه اآلية: حدثني يزيد الباهلي، قال: حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، قال: قال

بعث اهللا وبدة وحرا شديدا، فأخذ بأنفاسهم : فقال عبد اهللا بن عباس، " عذاب يوم الظلة إنه آان عذاب يوم عظيم فدخلوا أجواف البيوت، فدخل عليهم أجواف البيوت فأخذ بأنفاسهم فخرجوا من البيوت هرابا إلى البرية فبعث اهللا عز

تها أرسل اهللا وجل سحابة، فأظلتهم من الشمس، فوجدوا لها بردا ولذة، فنادى بعضهم بعضا، حتى إذا اجتمعوا تح " .إنه آان عذاب يوم عظيم " فذاك عذاب يوم الظلة؛ : عليهم نارا، قال عبد اهللا ابن عباس

بعث شعيب : حدثني جرير بن حازم أنه سمع قتادة يقول: حدثنا ابن وهب، قال: حدثني يونس بن عبد األعلى، قالكة من شجر ملتف، فلما أراد اهللا عز وجل أن إلى قومه أهل مدين، وإلى أصحاب األيكة، وآانت األي: إلى أمتين

يعذبهم بعث عليهم حرا شديدا، ورفع لهم العذاب آأنه سحابة، فلما دنت منهم خرجوا إليها رجاء بردها، فلما آانوا " .فأخذهم عذاب يوم الظلة : " فذلك قوله تعالى: تحتها أمطرت عليهم نارا، قال

حدثني رجل من أصحابنا عن : حدثني أبو سفيان، عن معمر بن راشد، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قالعطلوا حدا، فوسع اهللا عليهم في الرزق، ثم عطلوا حدا فوسع اهللا -يعني قوم شعيب -آانوا : بعض العلماء، قال

لط عليهم حرا ال عليهم في الرزق، فجعلوا آلما عطلوا حدا وسع اهللا عليهم في الرزق، حتى إذا أراد اهللا هالآهم سيستطيعون أن يتقاروا، وال ينفعهم ظل وال ماء، حتى ذهب ذاهب منهم فاستظل تحت ظلة فوجد روحا، فنادى

.هلموا إلى الروح، فذهبوا إليه سراعا؛ حتى إذا اجتمعوا ألهبها اهللا عليهم نارا، عذاب يوم الظلة: أصحابه

" " دثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن زيد بن معاوية في قوله تعالى ح: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا ابن بشار، قال

133

أصابهم حر قلقلهم في بيوتهم، فنشأت سحابة آهيئة الظلة فابتدروها، فلما ناموا : ، قال" فأخذهم عذاب يوم الظلة .تحتها أخذتهم الرجفة

حدثنا : حدثنا الحسن، قال: ارث، قالوحدثني الح. حدثنا عيسى: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثني محمد بن عمرو، قال

.ظالل العذاب: ، قال" عذاب يوم الظلة : " ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله

" فأخذهم عذاب يوم الظلة : " حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: حدثني القاسم، حدثنا الحسين، قال

لما أنزل اهللا تعالى عليهم أول العذاب أخذهم منه حر شديد، فرفع اهللا : ابن جريجقال . أظل العذاب قوم شعيب: ، قاللهم غمامة، فخرج إليها طائفة منهم ليستظلوا بها، فأصابهم منها برد وروح وريح طيبة، فصب اهللا عليهم من فوقهم

" .عذاب يوم الظلة إنه آان عذاب يوم عظيم : " من تلك الغمامة عذابا، فذلك قوله

فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه آان عذاب يوم : " قال ابن زيد في قوله: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يونس، قال

بعث اهللا عز وجل إليهم ظلة من سحاب، وبعث اهللا إلى الشمس فأحرقت ما على وجه األرض، : ، قال" عظيم الظلة، وأحمى عليهم الشمس، فاحترقوا آما فخرجوا آلهم إلى تلك الظلة؛ حتى إذا اجتمعوا آلهم آشف اهللا عنهم

.يحترق الجراد في المقلى

من حدثك من : حدثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عامر، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

.العلماء، ما عذاب يوم الظلة، فكذبه

حدثني محمود بن خداش، حدثنا حماد بن خالد الخياط، قال، حدثنا داوود بن قيس، عن زيد بن أسلم في قوله عز

آان مما ينهاهم عنه حذف : ، قال" أصالتك تأمرك أن تترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء : " وجل .قطع الدراهم، الشك من حماد: أو قال - الدراهم

: سمعت محمد بن آعب القرظي يقول: حدثنا ابن أبي فديك، عن أبي مودود قال: سهل بن موسى الرازي، قال حدثنا

أصالتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو : " بلغني أن قوم شعيب عذبوا في قطع الدراهم، ثم وجدت ذلك في القرآن " .أن نفعل في أموالنا ما نشاء

عذب قوم شعيب : زيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن آعب القرظي؛ قال حدثنا: حدثنا انن وآيع، قال

" .يا شعيب أصالتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء : " في قطعهم الدراهم، فقلوا

:ونرجع اآلن إلى

ذآر يعقوب وأوالده

ما بعد ما ولد له العيص ويعقوب مائة سنة، ثم توفي وله مائة وستون ذآروا واهللا أعلم أن إسحاق بن إبراهيم عاش

134

العيص ويعقوب عند قبر أبيه إبراهيم في مزرعة حيرون، وآان عمر يعقوب بن إسحاق آله مائة : سنة فقبره ابناه .وسبعا وأربعين سنة، وآان ابنه يوسف قد قسم له وألمه من الحسن ما لم يقسم لكثير من أحد من الناس

: أخبرنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال: وقد حدثني عبد اهللا بن محمد وأحمد بن ثابت الرازيان، قاال " .أعطى يوسف وأمه شطر الحسن : " عن أنس عن النبي صلى اهللا عليه وآله وسلم، قال - البناني -أخبرنا ثابت

ته تحضنه، فكان من شأنه وشأن عمته التي آانت تحضنه ما وأن أمه راحيل لما ولدته دفعه زوجها يعقوب إلى أخآان أول ما دخل : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد اهللا بن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: حدثنا ابن حميد، قال

على يوسف من البالء فيما بلغني أن عمته ابنة إسحاق، وآانت أآبر ولد إسحاق، وآانت إليها صارت منطقة وآانوا يتوارثونها بالكبر، فكان من اختانها من وليها آان له سلما ال ينازع فيه، يصنع فيه ما شاء، وآان إسحاق،

يعقوب حين ولد له يوسف قد آان حضنته عمته، فكان معها وإليها، فلم يجب أحد شيئا من األشياء حبها إياه، حتى إذا ية سلمي إلى يوسف، فواهللا ما أقدر على أن يغيب عني يا أخ: ترعرع وبلغ سنوات، ووقعت نفس يعقوب عليه، فقال

فدعه عندي أياما أنظر إليه وأسكن عنه، لعل ذلك : قالت. فواهللا ما أنا بتارآه: واهللا ما أنا بتارآته؛ قال: ساعة، قالت فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت - أو آما قالت - يسليني عنه آشفوا أهل البيت، : لقد فقدت منطقة إسحاق، فانظروا من أخذها ومن أصابها، فالتمست ثم قالت: ثيابه، ثم قالت

وأتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال : قال. واهللا إنه لي لسلم أصنع فيه ما شئت: فكشفوهم فوجدوها مع يوسف، فقالت: قال. يع غير ذلك فأمسكته، فما قدر عليه يعقوب حتى ماتتأنت وذاك، إن آان فعل ذلك فهو سلم لك، ما أستط: لها

" .إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل : " فهو الذي يقول إخوة يوسف حين صنع بأخيه ما صنع حين أخذهفلما رأت إخوة يوسف شدة حب والدهم يعقوب إياه في صباه وطفولته وقلة صبره عنه حسدوه على : قال أبو جعفريعنون بالعصبة الجماعة، " . ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة : " ل بعضهم لبعضمكانه منه، وقا " إن أبانا لفي ضالل مبين : " وآانوا عشرة

. ثم آان من أمره وأمر يعقوب ما قد قص اهللا تبارك وتعالى في آتابه من مسألتهم إياه إرساله إلى الصحراء معهم،

له حفظه، وإعالم يعقوب إياهم حزنه بمغيبه عنه، وخوفه عليه من الذئب، وخداعهم ليسعى وينشط ويلعب، وضمانهم والدهم بالكذب من القول والزور عن يوسف، ثم إرساله معهم وخروجهم به وعزمهم حين برزوا به إلى الصحراء

نا عمرو بن محمد حدث: ما حدثنا ابن وآيع، قال -فيما ذآر -على إلقائه في غيابة الجب، فكان من أمره حينئذ معهم، فأخرجوه وبه عليهم آرامة، فلما برزوا -يعني يعقوب يوسف - أرسله : العنقزي، عن أسباط، عن السدي قال

إلى البرية أظهروا له العداوة، وجعل أخوه يضربه فيستغيث باآلخر فيضربه، فجعل ال يرى منهم رحيما، فضربوه فلما آادوا يقتلونه، قال ! لو تعلم ما يصنع بابنك بنو اإلماء! أبتاه يا يعقوبيا : حتى آادوا يقتلونه، فجعل يصيح ويقول

فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوه، فجعلوا يدلونه في البئر فيتعلق ! أليس قد أعطيتموني موثقا أال تقتلوه: يهوذاادع : فقالوا! ي الجبيا إخوتاه، ردوا علي قميصي أتوارى به ف: بشفيرها، فربطوا يديه، ونزعوا قميصه، فقالإني لم أر شيئا، فدلوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن : الشمس والقمر واألحد عشر آوآبا تؤنسك، قال

يموت، فكان في البئر ماء، فسقط فيه، ثم أوى إلى صخرة فيها، فقام عليها، فلما ألقوه في الجب جعل يبكي، فنادوه، قد أعطيتموني : أجابهم، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه، فقام يهوذا، فمنعهم وقالفظن أنها رحمة أدرآتهم، ف

.موثقا أال تقتلوه، وآان يهوذا يأتيه بالطعام

ثم خبره تبارك وتعالى عن وحيه إلى يوسف عليه والسالم وهو في الجب لينبشن إخوته الذين فعلوا به ما فعلوا

حدثنا محمد بن عبد األعلى . آذلك روى ذلك عن قتادة. الذي أوحى إلى يوسفبفعلهم ذلك وهم ال يشعرون بالوحي أوحي إلى : ، قال" وأوحينا إليه لننبنهم بأمرهم هذا : " حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: الصنعاني قال

.بذلك الوحي" وهم ال يشعرون " يوسف وهو في الجب أن ينبئهم بما صنعوا به

.أن سينبئهم: أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة بنحوه، إال أنه قال: حدثنا سويد، قال: قالحدثني المثنى، حدثنا : وهم ال يشعرون أنه يوسف، وذلك قول يروى عن ابن عباس؛ حدثني بذلك الحارث، قال: وقيل معنى ذلك .عباس يقول ذاك، وهو قول ابن جريجسمعت ابن : حدثنا صدقة بن عبادة األسدي، عن أبيه، قال: عبد العزيز، قال

: " ثم خبره تعالى عن إخوة يوسف ومجيئهم إلى أبيه عشاء يبكون، يذآرون له أن يوسف أآله الذئب، وقول والدهم

135

ثم خبره جالله عن مجيء السيارة، وإرسالهم واردهم، وإخراج الوارد " .أمرا فصبر جميل بل سولت لكم أنفسكم .يبشرهم" يا بشراي هذا غالم : " بقوله يوسف وإعالمه أصحابه به

، تباشروا به حين " يا بشراي هذا غالم : " حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال

.وهي بئر بأرض بيت المقدس معلوم مكانها -أخرجوه

آذلك ذآر عن . فناداه باسمه الذي هو اسمه إنما نادى الذي أخرج يوسف من البئر صاحبا له يسمى بشرى،: وقد قيل: يحيى بن آدم، عن قيس بن الربيع، عن السدي في قوله: حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا خلف بن هشام، قال. السدي

.آان اسم صاحبه بشرى: ، قال" يا بشراي "

يا بشراي : " عن السدي في قوله حدثنا الحكم بن ظهير،: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، قال: حدثني المثنى، قال

ثم خبره عز وجل عن السيارة وواردهم الذي استخرج .يا زيد: الغالم بشرى، آما تقول اسم: ، قال" هذا غالم ، على زهد فيه وإسرارهم إياه بضاعة، خيفة " بثمن بخس دراهم معدودة " يوسف من الجب إذ اشتروه من إخوته

.شرآة فيه، إن هم علموا أنهم اشتروهممن معهم من التجار مسألتهم ال

حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح، : حدثنا أبو عاصم، قال: حدثني محمد بن عمرو، قال: آذلك قال في ذلك أهل التأويل

إنا استبضعناه خيفة أن يستشرآوهم : صاحب الدلو ومن معه قالوا ألصحابهم: ، قال" وأسروه بضاعة : " عن مجاهد نه، وتبعهم إخوته يقولون للمدلي فيه إن علموا بثم

.فاشتراه الملك، والملك مسلم! من يبتاعني ويبشر: استوثقوا منه ال يأبق، حتى وقفوه بمصر فقال: وأصحابه: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه؛ غير أنه قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قالاستوثقوا منه ال يأبق حتى وقفوه : موا به، واتبعهم إخوته، يقولون للمدلي وأصحابهخيفة أن يستشرآوهم إن عل

.بمصر

لما اشتراه : ، قال" وأسروه بضاعة : " حدثنا ابن وآيع ، قال، حدثنا عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدي

بضاعة، : ما هذا؟ قلنا: سألونا إن: اشتريناه فيسألونهم الشرآة فيه فقالوا: الرجالن فرقوا من الرفقة أن يقولواالناقص فكان بيعهم إياه ممن باعوه منه بثمن بخس، وذلك " .وأسروه بضاعة : " ، فذلك قولهاستبضعناه أهل الماءدرهمين درهمين، وأخذوا - وهم عشرة - وقيل إنهم باعوه بعشرين درهما، ثم اقتسموها .القليل من الثمن الحرام

إذا آانت أقل من أوقية وزنها أربعون درهما لم تكن -فيما قيل - ن؛ ألن الدراهم حينئذ العشرين معدودة بغير وزباعوه باثنين وعشرين : يلوق. إنهم باعوه بأربعين درهما: وقد قيل .ن أقل أوزانهم يومئذ آانت أوقيةتوزن، ألمديان بن إبراهيم الخليل عليه وذآر أن بائعه الذي باعه بمصر آان مالك بن دعر بن يوبب ابن عفقان بن .درهماسائب، عن أبي صالح، عن ابن حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن ال: حدثنا بذلك ابن حميد، قال. السالمحدثني . قطفير - فيما ذآر عن ابن عباس - ؛ فإن اسمه " المرأته أآرمي مثواه : " وأما الذي اشتراه بها وقال .عباس

آان اسم الذي : حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: حدثني عمي، قال: ي أبي، قالحدثن: محمد بن سعد، قالوقيل إن اسمه أطفير، بن روحيب، وهو العزيز، وآان على خزائن مصر، والملك يومئذ الريان بن .اشتراه قطفير

.حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: الوليد، رجل من العماليق، آذلك حدثنا ابن حميد، قال

آان يومئذ الملك بمصر وفرعونها الريان بن الوليد بن ثروان بن أراشة بن قاران بن عمرو بن : فأما غيره فإنه قال

.عمالق بن الوذ بن سام بن نوح

136

إن هذا الملك لم يمت حتى آمن واتبع يوسف على دينه، ثم مات ويوسف بعد حي، ثم ملك بعده : وقد قال بعضهمن نمير بن السلواس بن قاران بن عمرو بن عمالق بن الوذ بن سام بن نوح عليه قابوس بن مصعب بن معاوية ب

.السالم، وآان آافرا، فدعاه يوسف إلى اإلسالم فأبى أن يقبل

أن الذي آان من أمر يوسف وإخوته والمصير به إلى مصر، وهو ابن سبع : وذآر بعض أهل التوراة أن في التوراة

منزل العزيز الذي اشتراه ثالث عشرة سنة، وأنه لما تمت له ثالثون سنة استوزره عشرة سنة يومئذ، وأنه قام في فرعون مصر؛ الوليد بن الريان، وأنه مات يوم مات وهو ابن مائة سنة وعشر سنين وأوصى إلى أخيه يهوذا، وأنه

عد موافاته بأهله آان بين فراقه يعقوب واجتماعه معه بمصر اثنتان وعشرون سنة، وأم مقام يعقوب معه بمصر ب .سبع عشرة سنة، وأن يعقوب صلى اهللا عليه وسلم أوصى إلى يوسف عليه السالم

-وآان دخول يعقوب مصر في سبعين إنسانا من أهله، فلما اشترى أطفير يوسف، وأتى به منزله، قال ألهله واسمها

فيكفينا إذا هو بلغ " ي مثواه عسى أن ينفعنا أآرم: " راعيل - حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق : فيما حدثنا ابن حميد، قالحدثنا : فيما حدثنا ابن حميد، قال - ، وذلك أنه آان " أو نتخذه ولدا : " وفهم األمور بعض ما نحن بسبيله من أمورنا

رجال ال يأتي النساء، وآانت امرأته راعيل حسناء ناعمة في ملك ودنيا، فلما خال من عمر - سلمة عن ابن إسحاق .ف عليه السالم ثالث وثالثون سنة أعطاه اهللا عز وجل الحكم والعلميوس

: قال: " آتيناه حكما وعلما : " حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثني المثنى، قال

وهي راعيل امرأة - " التي هو في بيتها عن نفسه :حين بلغ من السن أشده " وراودته " .العقل والعلم قبل النبوةتذآر ليوسف محاسنه -فيما ذآر -عليه وعليها للذي أرادت منه، وجعلت " وغلقت األبواب " - العزيز أطفير

.تشوقه بذلك إلى نفسها

.ذآر من قال ذلك

ه يا قالت ل: ، قال" ولقد همت به وهم بها : " حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: حدثنا ابن وآيع، قال

هي أول ما يسيل إلى : قال! هو أول ما ينتثر من جسدي، يا يوسف ما أحسن عينيك: قال! ما أحسن شعرك: يوسفهو للتراب يأآله، فلم تزل حتى أطعمته فهمت به وهم : قال! يا يوسف ما أحسن وجهك: األرض من جسدي، قالت

بصورة يعقوب قائما في البيت قد عض على إصبعه فدخال البيت وغلقت األبواب، وذهب ليحل سراويله فإذا هو . بهايا يوسف ال تواقعها، فإنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو السماء ال يطاق، ومثلك إن واقعتها مثله إذا : يقول

مات وقع في األرض ال يستطيع أن يدفع عن نفسه، ومثلك ما لم تواقعها مثل الثور الصعب الذي ال يعمل عليه، فربط سراويله، . إن واقعتها مثل الثور حين يموت فيدخل النمل في أصل قرنيه ال يستطيع أن يدفع عن نفسه ومثلك

وذهب ليخرج يشتد، فأدرآته فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه فخرقته حتى أخرجته منه، وسقط وطرحه يوسف، .واشتد نحو الباب

حدثنا ابن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي : وقد حدثنا أبو آريب وابن وآيع وسهل بن موسى، قالوا

.حل الهيمان، وجلس منها مجلس الحائز: سئل عن هم يوسف ما بلغ؟ قال: مليكة، عن ابن عباسقلت : أخبرنا عبد اهللا بن أبي مليكة، قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال

استلقت له وجلس بين رجليها ينزع ثيابه، فصرف اهللا تعالى عنه ما آان هم : ن هم يوسف؟ قالما بلغ م: البن عباس .صورة يعقوب عاضا على إصبعه -فيما قال بعضهم - به من السوء بما رأى من البرهان الذي أراه اهللا، فذلك

: وقال بعضهم! وال ريش لهأتزني فتكون آالطير وقع ريشه، فذهب يطير : بل نودي من جانب البيت: وقال بعضهمفقام حين رأى برهان ربه هاربا يريد باب " وال تقربوا الزنا إنه آان فاحشة وساء سبيال : " رأى في الحائط مكتوبا

137

البيت، فرارا مما أرادته، واتبعته راعيل فأدرآته قبل خروجه من الباب، فجذبته بقميصه من قبل ظهره، فقدت .جالسا عند الباب، مع ابن عم لراعيل - وهو زوجها أطفير -ها قميصه وألفى يوسف وراعيل سيد

آان : قال" . وألفيا سيدها لدى الباب : " حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي،: آذلك حدثنا ابن وآيع، قال؛ إنه " اب أليم ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إال أن يسجن أو عذ: " جالسا عند الباب وابن عمها معه، فلما رأته قالت

بل هي راودتني عن نفسي، فأبيت وفررت : قال يوسف. راودني عن نفسي، فدفعته عن نفسي فأبيت فشققت قميصهقد من دبر فكذبت وهو من " ، وإن آان القميص " قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين " منها، فإن آان القميص

إنه من آيدآن إن آيدآن عظيم يوسف أعرض عن هذا : " ل، فأتى بالقميص، فوجده قد من دبر، قا" الصادقين " .واستغفري لذنبك إنك من الخاطئين

أخبرنا شيبان، عن أبي إسحاق، عن نوف الشامي، : حدثنا عبيد اهللا بن موسى، قال: حدثني محمد بن عمارة، قال

: ، قال" أن يسجن أو عذاب أليم ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إال: " ما آان يوسف يريد أن يذآره حتى قالت: قالإن آان قد من قبل فصدقت " وقد اختلف في الشاهد الذي شهد من أهلها " .هي راودتني عن نفسي : " وقال فغضب

.، فقال بعضهم، ما ذآرت عن السدي" وهو من الكاذبين

حدثنا عفان بن : بن محمد، قالآان صبيا في المهد، وقد روى في ذلك عن رسول اهللا ما حدثنا الحسن : وقال بعضهم .، فذآر فيهم شاهد يوسف" تكلم أربعة وهم صغار : " مسلم، قال

حدثنا العالء بن عبد الجبار، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، : حدثنا ابن وآيع، قاليوسف، وصاحب جريج، وعيسى بن ابن ماشطة ابنة فرعون، وشاهد : تكلم أربعة وهم صغار: عن ابن عباس، قال

.مريم .وقد قيل إن الشاهد آان هو القميص وقده من دبره

:ذآر بعض من قال ذلك

ز حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول اهللا ع: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثني محمد بن عمرو، قال تلك الشهادة، فلما رأى زوج المرأة قميص يوسف قميصه مشقوق من دبره ف: قال " .وشهد شاهد من أهلها : " وجل

أعرض عن ذآر ما آان منها : ، ثم قال ليوسف" إنه من آيدآن إن آيدآن عظيم : " قد من دبر قال لراعيل زوجته " .استغفري لذنبك إنك من الخاطئين : " من مراودتها إياك عن نفسها فال تذآره ألحد، قال لزوجته

امرأة العزيز : " أمر امرأة العزيز بمصر ومراودتها إياه على نفسها فلم ينكتم، وقلنوتحدث النساء بأمر يوسف و. ، قد وصل حب يوسف إلى شغاف قلبها فدخل تحته حتى غلب على قلبها" تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا

.غالفه وحجابه: وشغاف القلب

والشغاف جلدة على : ، قال" قد شغفها حبا : " السدي حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن: حدثنا ابن وآيع، قال

دخل الحب الجلد حتى أصاب القلب، فلما سمعت امرأة العزيز بمكرهن وتحدثهن : القلب يقال لها لسان القلب؛ يقول. بينهن بشأنها وشأن يوسف، وبلغها ذلك أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ يتكئن عليه إذا حضرنها من وسائد

.دمت إليهن طعاما وشرابا وأترجا، وأعطت آل واحدة منهن سكينا تقطع به األترجوحضرنها فق

حدثنا أبو آدينة، عن حصين، عن مجاهد، عن ابن : حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال

.واحدة منهن سكينا أعطتهن أترجا، وأعطت آل: ، قال" وأعتدت لهن متكأ وآتت آل واحدة منهن سكينا : " عباس

138

فلما فعلت امرأة العزيز ذلك بهن، وقد أجلست يوسف في بيت ومجلس غير المجلس الذي هن فيه جلوس، قالت ، فخرج يوسف عليهن، فلما رأينه أجللنه وأآبرنه وأعظمنه، وقطعن أيديهن بالسكاآين " اخرج عليهن : " ليوسف

فلما " . إن هذا إال ملك آريم " معاذ اهللا ما هذا إنس، : ترج، وقلنالتي في أيديهن، وهن يحسبن أنهن يقطعن بها األامرأة : " حل بهن ما حل من قطع أيديهن من أجل نظرة نظرنها إلى يوسف وذهاب عقولهن، وعرفتهن خطأ قيلهن

ياه على ، وإنكارهن ما أنكرن من أمرها أقرت عند ذلك لهن بما آان من مراودتها إ" العزيز تراود فتاها عن نفسه .، بعدما حل سراويله" فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم : " نفسها، فقالت

قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن : " حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: حدثنا ابن وآيع، قال

" ولئن لم يفعل ما آمره : " ري ما بدا له ثم قالت لهنبعدما حل السراويل استعصم، ال أد: ، تقول" نفسه فاستعصم رب السجن أحب : " ، فاختار السجن على الزنا ومعصية ربه، فقال" ليسجنن وليكونا من الصاغرين " من إتيانها

" .إلي مما يدعونني إليه

إلي مما يدعونني إليه قال رب السجن أحب: " حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: حدثنا ابن وآيع، قال

فأخبر اهللا " . وإال تصرف عني آيدهن أصب إليهن وأآن من الجاهلين : " من الزنا، واستغاث بربه عز وجل فقال" عز وجل أنه استجاب له دعاءه، فصرف عنه آيدهن ونجاه من رآوب الفاحشة، ثم بدا للعزيز من بعد ما رأى من

، وخمش في الوجه، وقطع النسوة أيديهن وعلمه ببراءة يوسف مما قرف به اآليات ما رأى من قد القميص من الدبر .في ترك يوسف مطلقا

حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط عن : إن السبب الذي من اجله بدا له في ذلك، ما حدثنا به ابن وآيع، قال: وقد قيلإن هذا العبد العبراني : قالت المرأة لزوجها :، قال" ثم بدا لهم من بعد ما رأوا اآليات ليسجننه حتى حين : " السدي

قد فضحني في الناس يعتذر إليهم ويخبرهم أني راودته عن نفسه، ولست أطيق أن أعتذر بعذري، فإما أن تأذن لي ثم بدا لهم من بعد ما رأوا اآليات ليسجننه : " فأخرج فأعتذر، وإما أن تحبسه آما حبستني، فذلك قول اهللا عز وجل

.فذآر أنهم حبسوه سبع سنين" حتى حين

: ذآر من قال ذلك

سبع سنين؛ فلما حبس : ، قال" ليسجننه حتى حين : " حدثنا المحاربي، عن داود، عن عكرمة: حدثنا ابن وآيع، قاليوسف في السجن صاحبه العزيز، أدخل معه السجن الذي حبس فيه فتيان من فتيان الملك صاحب مصر األآبر؛

.الريان؛ أحدهما آان صاحب طعامه، واآلخر آان صاحب شرابهوهو الوليد بن

حبسه الملك، وغضب على خبازه؛ بلغه أنه يريد : حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: حدثنا ابن وآيع، قال

ودخل : " وجلأن يسمه فحبسه، وحبس صاحب شرابه؛ ظن أنه ماأله على ذلك، فحبسهما جميعا، فذلك قول اهللا عز : حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: فلما دخل يوسف قال فيما حدثني به ابن وآيع، قال " .السجن فتيان معه

هلم فلنجرب هذا العبد العبراني، فتراءيا : إني أعبر األحالم، فقال أحد الفتيين لصاحبه: لما دخل يوسف السجن، قال، وقال " إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأآل الطير منه : " زله، فسأاله من غير أن يكونا رأيا شيئا، فقال الخبا

" .نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين " إني أراني أعصر خمرا، : " اآلخر

حدثنا خلف بن خليفة، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك : آان إحسانه ما حدثنا به إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: فقيلآان إذا مرض إنسان في : ما آان إحسانه؟ قال" : إنا نراك من المحسنين : " ولهسأل رجل الضحاك عن ق: قال

" ال يأتيكما طعام ترزقانه : " السجن قام عليه، وإذا احتاج جمع له، وإذا ضاق عليه المكان وسع له، فقال لهما يوسفلهما ما سأاله عنه، وأخذ في غير فكرة صلى اهللا عليه أن يعبر. في اليقظة" إال نبأتكما بتأويله " في يومكما هذا

139

يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير : " الذي سأال عنه لما في عبارة ما سأال عنه من المكروه على أحدهما فقال " .أم اهللا الواحد القهار

نبو، وهو واسم اآلخر -وهو الذي ذآر أنه رأى فوق رأسه خبزا - وآان اسم أحد الفتيين اللذين أدخال السجن محلب

الذي ذآر أنه رأى آأنه يعصر خمرا، فلم يدعاه والعدول عن الجواب عما سأاله عنه حتى أخبرهما بتأويل ما سأاله وأما اآلخر فيصلب فتأآل " وهو الذي ذآر أنه رأى آأنه يعصر خمرا، -" أما أحدآما فيسقي ربه خمرا : " عنه فقال

.ما رأينا شيئا: ه تعبيره، قاالفلما عبر لهما ما سأال" . الطير من رأسه

عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اهللا، في -يعني ابن القعقاع - حدثنا ابن فضيل، عن عمارة : حدثنا ابن وآيع، قال

قضي : " إنما آنا نلعب، فقال: الفتيين اللذين أتيا يوسف في الرؤيا إنما آانا تحالما ليختبراه، فلما أول رؤياهما قااليعني عند الملك، " اذآرني عند ربك : " وهو الذي ظن يوسف أنه ناج منهما -ثم قال لنبو " لذي فيه تستفيان األمر ا

.، غفلة عرضت ليوسف من قبل الشيطان" فأنساه الشيطان ذآر ربه " وأخبره أني محبوس ظلما،

عن بسطام بن مسلم، عن مالك بن حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، : حدثنا عبد العزيز، قال: فحدثني الحارث، قال

. يا يوسف، اتخذت من دوني وآيال؟ ألطيلن حبسك: قيل: ، قال" اذآرني عند ربك : " قال يوسف للساقي: دينار، قالحدثنا عمرو بن : حدثنا ابن وآيع، قال! يا رب أنسى قلبي آثرة البلوى فقلت آلمة، فويل إلخوتي: فبكى يوسف وقال

: قال النبي صلى اهللا عليه وسلم: زيد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، قالمحمد، عن إبراهيم بن يلفرج من عند غير اهللا عز ما لبث في السجن طول ما لبث حيث يبتغي ا - يعني الكلمة التي قال -لو لم يقل يوسف "

أخبرنا عمران أبو الهديل : ، قالأخبرنا عبد الرزاق: فلبث في السجن، فيما حدثني الحسن بن يحيى، قال " .وجل أصاب أيوب البالء سبع سنين، وترك يوسف في السجن سبع سنين، وعذب : سمعت وهبا يقول: الصنعاني، قال

.بختنصر فحول في السباع سبع سنين

.ثم إن ملك مصر رأى رؤيا هالته

اهللا عز وجل أرى الملك في منامه إن : حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي، قال: فحدثنا ابن وآيع، قال، فجمع السحرة، " سبع بقرات سمان يأآلهن سبع عجاف وسبع سنبالت خضر وأخر يابسات : " رؤيا هالته، فرأى

أضغاث أحالم وما نحن بتأويل األحالم بعالمين، وقال الذي نجا " والكهنة والحازة والقافة، فقصها عليهم، فقالوا " أنا أنبئكم بتتأويله فأرسلون : " ، يعني بعد نسيان" بعد أمة " حاجة يوسف " وادآر " بو، من الفتيين وهو ن" منهما

أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأآلهن سبع عجاف وسبع : " فأرسلوه فأتى يوسف فقال. ، يقول فأطلقون .؛ فإن الملك رأى ذلك في نومه" سنبالت خضر وأخر يابسات

لم يكن السجن في المدينة، فانطلق : قال ابن عباس: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: قال فحدثنا ابن وآيع،

.اآليات... " أفتنا في سبع بقرات سمان: " الساقي إلى يوسف، فقال

فالسمان " أفتنا في سبع بقرات سمان " حدثنا سعيد، عن قتادة، : حدثنا يزيد، قال: فحدثنا بشر بن معاذ، قال

أما " وسبع سنبالت خضر وأخر يابسات : " قوله. اصيب، والبقرات العجاف هن السنون المحول الجدوبالمخفلما أخبر يوسف نبو بتأويل ذلك، أتى نبو الخضر فهن السنون المخاصيب، وأما اليابسات فهن الحدون المحول

.ائتوني به: قال الملك، فأخبره بما قال له يوسف، فعلم الملك أن الذي قال يوسف من ذلك حق،

ائتوني به، فلما : لما أتى الملك رسوله فأخبره، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: فحدثنا ابن وآيع، قال

140

ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الالتي قطعن : " أتاه الرسول ودعاه إلى الملك أبى يوسف الخروج معه، وقال . "أيديهن إن ربي بكيدهن عليم

لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلم الملك بشأنه ما زالت في نفس العزيز منه حاجة، : قال ابن عباس: قال السدي

ما : فلما رجع الرسول إلى الملك من عند يوسف جمع الملك أولئك النسوة، فقال لهن. هذا الذي راود امرأتي: يقوللما : حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: وآيع، قال فيما حدثنا ابن -قلن ! خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه

؛ ولكن امرأة العزيز " ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش هللا ما علمنا عليه من سوء : " قال الملك لهنعن اآلن حصحص الحق أنا راودته : " أخبرتنا أنها راودته عن نفسه، ودخل معها البيت، فقالت امرأة العزيز حينئذ

ذلك هذا الفعل الذي فعلت من ترديدي رسول الملك بالرساالت التي : فقال يوسف" . نفسه وإنه لمن الصادقين ن اهللا ال يهدي آيد وأ" في زوجته راعيل، " أني لم أخنه بالغيب " أرسلت في شأن النسوة، ليعلم أطفير سيدي

حدثنا وآيع، عن إسرائيل، عن سماك، : أبو آريب، قالما حدثنا : فلما قال ذلك يوسف قال له جبرئيل " .الخائنين قلن حاش هللا ما " هل راودتن يوسف عن نفسه؟ : لما جمع الملك النسوة، فسألهن: عن عكرمة، عن ابن عباس، قال

: قال يوسف" علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز اآلن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين : " وال يوم هممت بها؟ فقال: فقال له جبرئيل: قال" . لم أني لم أخنه بالغيب وأن اهللا ال يهدي آيد الخائنين ذلك ليع"

ائتوني به أستخلصه لنفسي : " فلما تبين للملك عذر يوسف وأمانته قال " .نفسي إن النفس ألمارة بالسوء وما أبرئ " .اجعلني على خزائن األرض : " فقال يوسف للملك" . ين آلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أم" أتي به " فلما

آان : قال" اجعلني على خزائن األرض : " قال ابن زيد في قوله: أخبرنا ابن وهب، قال: فحدثني يونس، قال .لفرعون خزائن آثيرة غير الطعام، فسلم سلطانه آله إليه، وجعل القضاء إليه أمره، وقضاؤه نافذ

: ، قال" اجعلني على خزائن األرض : : " حدثنا إبراهيم بن المختار، عن شيبة الضبي في قوله: لحدثنا ابن حميد قا .إني حفيظ لما استودعتني، علم بسني المجاعة، فواله الملك ذلك: يقول" إني حفيظ عليم . " على حفظ الطعام

اجعلني على خزائن األرض : : " للملكلما قال يوسف : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وقد حدثنا ابن حميد، قالعمل إطفير، وعزل إطفير عما آان عليه، يقول اهللا -فيما يذآرون -قد فعلت، فواله : قال الملك" إني حفيظ عليم وآذلك مكنا ليوسف في األرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء وال نضيع أجر : " تبارك وتعالى

أن إطفير هلك في تلك الليالي، وأن الملك الريان بن الوليد زوج يوسف - واهللا أعلم -ي فذآر ل: قال" المحسنين أيها : فيزعمون أنها قالت: قال! أليس هذا خيرا مما آنت تريدين: امرأة إطفير راعيل، وأنها حين دخلت عليه قال

دنيا، وآان صاحبي ال يأتي النساء، حسناء جميلة ناعمة، في ملك و -آما ترى -الصديق ال تلمني، فإني آنت امرأة فيزعمون أنه وجدها عذراء، وأصابها فولدت . وآنت آما جعلك اهللا في حسنك وهيئتك، فغلبتني نفسي على ما رأيت

.أفراييم بن يوسف ومنشا بن يوسف: له رجلين

يتبوأ منها حيث وآذلك مكنا ليوسف في األرض: : " حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: حدثنا ابن وآيع، قال: : " استعمله الملك على مصر، وآان صاحب أمرها، وآان يلي البيع والتجارة وأمرها آله، فذلك قوله: قال" يشاء

فلما ولي يوسف للملك خزائن أرضه واستقر به القرار في " .ي األرض يتبوأ منها حيث يشاء وآذلك مكنا ليوسف فآان يوسف أمر بترك ما في سنبل ما حصدوا من الزرع فيه، ودخلت عمله، ومضت السنون السبع المخصبة التي

السنون المجدبة وقحط الناس، أجدبت بالد فلسطين فيما أجدب من البالد، ولحق مكروه ذلك آل يعقوب في موضعهم .الذي آانوا فيه، فوجه يعقوب بنيه

الناس الجوع حتى أصاب بالد يعقوب التي أصاب: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: فحدثنا ابن وآيع، قال

هو بها، فبعث بنيه إلى مصر، وأمسك أخا يوسف بنيامين، فلما دخلوا على يوسف عرفهم وهم له منكرون، فلما نظر جئنا : فما جاء بكم؟ قالوا: نحن قوم من أرض الشأم، قال: قالوا! ما أمرآم؟ فإني أنكر شأنكم: أخبروني: إليهم قال

. أنتم عشرة آالف، آل رجل منكم أمير ألف: عشرة، قال: آم أنتم؟ قالوا! آذبتم، أنتم عيون: ، قالنمتار طعاماإنا إخوة، بنو رجل صديق، وإنا آنا اثني عشر، وآان أبونا يحب أخا لنا، وإنه ذهب معنا : فأخبروني خبرآم، قالوا

فكيف : قال. إلى أخ لنا أصغر منه: بوآم بعده؟ قالوافإلى من سكن أ: قال. إلى البرية فهلك فيها، وآان أحبنا إلى أبينا

141

فإن لم تأتوني : " ائتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه! تخبرونني أن أباآم صديق وهو يحب الصغير منكم دون الكبير " .به فال آيل لكم عندي وال تقربون، قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون

.ا، فوضعوا شمعونفضعوا بعضكم رهينة حتى ترجعو: قال

آان يوسف حين رأى ما أصاب الناس من الجهد قد آسى : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وحدثنا ابن حميد، قال

بينهم، فكان ال يحمل للرجل إال بعيرا واحدا، وال يحمل الواحد بعيرين تقسيطا بين الناس، وتوسيعا عليهم، فقدم عليه ون الميرة من مصر، فعرفهم وهم له منكرون لما أراد اهللا تعالى أن يبلغ بيوسف فيما إخوته قدم عليه من الناس يلتمس

ائتوني بأخيكم من أبيكم، ألحمل لكم بعيرا آخر، : ثم أمر يوسف بأن يوقر لكل رجل من إخوته بعيره، فقال لهم. أرادوأنا خير من أنزل " . خير المنزلين وأنا " فال أبخسه أحدا، " أال ترون أني أوف الكيل : " فتزدادوا به حمل بعير

بأخيكم من أبيكم فال طعام لكم عندي أآيله، وال تقربوا " فإن لم تأتوني " ضيفا على نفسه بهذه البلدة، فأنا أضيفكم في " - وهي ثمن الطعام الذي اشتروه به -" اجعلوا بضاعتهم : " وقال لفتيانه الذين يكيلون الطعام لهم. بالدي

" .رحالهم

، أي ورقهم، " اجعلوا بضاعتهم في رحالهم : " حدثنا سعيد، عن قتادة: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بشر، قال

حدثنا : ما حدثنا به ابن وآيع، قال: فلما رجع بنو يعقوب إلى أبيهم، قالوا .وا ذلك في رحالهم وهم ال يعلمونفجعليا أبانا، إن ملك مصر أآرمنا آرامة؛ لو آان رجال من : هم قالوافلما رجعوا إلى أبي: عمرو، عن أسباط، عن السدي

ائتوني بأخيكم هذا الذي عطف عليه أبوآم بعد أخيكم الذي : ولد يعقوب ما أآرمنا آرامته، وإنه ارتهن شمعون وقالآما أمنتكم على هل آمنكم عليه إال: " قال يعقوب. هلك؛ فإن لم تأتوني به فال آيل لكم عندي وال تقربوا بالدي أبدا

إذا أتيتم ملك مصر فأقرءوه مني السالم : فقال لهم يعقوب: قال" . أخيه من قبل فاهللا خير حافظا وهو أرحم الراحمين .إن أبانا يصلي عليك، ويدعو لك بما أوليتنا: وقولوا له

فيما ذآر -هم، وآان منزلهم خرجوا حتى إذا قدموا على أبي: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قالباألوالج من ناحية الشعب أسفل من : وبعضهم يقول. بالعربات من أرض فلسطين بغور الشأم -لي بعض أهل العلم

يا أبانا منع : فلما رجع إخوة يوسف إلى والدهم يعقوب قالوا له. حسمي فلسطين، وآان صاحب بادية، له إبل وشاءلم يكل لكل واحد منا إال آيل بعير، فأرسل معنا أخانا بنيامين يكتل لنفسه، وإنا له منا الكيل فوق حمل أباعرنا، و

هل آمنكم عليه إال آما أمنتكم على أخيه من قبل فاهللا خير حافظا وهو أرحم الراحمين : " لحافظون، فقال لهم يعقوب. "

وا به من مصر، وجدوا ثمن طعامهم الذي ولما فتح ولد يعقوب الذين آانوا خرجوا إلى مصر للميرة متاعهم الذي قدميا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد آيل : " اشتروه به رد إليهم، فقالوا لوالدهم

.أخر على أحمال إبلنا" بعير

، قال لكل رجل " بعير ونزداد آيل" حدثنا حجاج، عن ابن جريج، : حدثنا القاسم، قال: وقد حدثني الحارث، قال

. آيل بعير حمل بعير حمار: قال مجاهد: قال ابن جريج. منهم حمل بعير، فقالوا أرسل معنا أخانا نزداد حمل بعير: " فقال يعقوب " .بعير " قال له في بعض اللغات يعني مجاهد أن الحمار ي: قال القاسم: وهي لغة؛ قال الحارث: قال

إال أن تهلكوا جميعا، فيكون حينئذ ذلك : يقول" وثقا من اهللا لتأتنني به إال أن يحاط بكم لن أرسله معكم حتى تؤتون م " .اهللا على ما نقول وآيل : " لكم عذرا عندي، فلما وثقوا له باأليمان قال يعقوب

فا عليهم من ثم أوصاهم بعد ما أذن ألخيهم من أبيهم بالرحيل معهم، أال تدخلوا من باب واحد من أبواب المدينة خو

العين، وآانوا ذوي صورة حسنة، وجمال وهيئة، وأمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة، آما حدثنا محمد بن عبد آانوا قد أوتوا صورة : ، قال" وادخلوا من أبواب متفرقة : " حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: األعلى، قال

ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما آان يغني عنهم من اهللا : " ك وتعالىوجماال، فخشي عليهم الناس، فقال اهللا تبار

142

ما تخوف على أوالده أعين - وآانت الحاجة التي في نفس يعقوب فقضاها -، " من شيء في نفس يعقوب قضاها .الناس لهيئتهم وجمالهم

حدثنا عمرو، عن أسباط، عن : قال ولما دخل إخوة يوسف على يوسف ضم إليه أخاه ألبيه وأمه، فحدثنا ابن وآيع،

وأنزلهم منزال، وأجرى عليهم الطعام : عرف أخاه، قال: ، قال" ولما دخلوا على يوسف أوى إليه أخاه : " السديهذا : لينم آل أخوين منكم على مثال، فلما بقي الغالم وحده قال يوسف: والشراب، فلما آان الليل جاءهم بمثل فقال

ما : شي، فبات معه، فجعل يوسف يشم ريحه، ويضمه إليه حتى أصبح؛ وجعل روبيل يقولينام معي في على فرا .رأينا مثل هذا إن نجونا منه

- يعني ولد يعقوب -لما دخلوا : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وأما ابن إسحاق فإنه ما حدثنا به ابن حميد، قال

قد أحسنتم وأصبتم، : فذآر لي أنه قال لهم. ك به، قد جئناك بههذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتي: على يوسف قالواإني أراآم رجاال، وقد أردت أن أآرمكم، فدعا صاحب ضيافته : ثم قال .جدون جزاء ذلك عندي، أو آما قالوسته إني أرى هذا الرجل الذي جئتم به ليس مع: ثم قال. أنزل آل رجلين على حدة، ثم أآرمهما وأحسن ضيافتهما: فقال

ثان، فسأضمه إلي فيكون منزله معي، فأنزلهم رجلين رجلين إلى منازل شتى، وأنزل أخاه معه فأواه إليه، فلما خال إني أنا أخوك يوسف فال تبتئس بشيء فعلوه بنا فيما مضى؛ فإن اهللا قد أحسن إلينا فال تعلمهم مما أعلمتك؛ : به قال

ل ، يقو" إليه أخاه قال إني أنا أخوك فال تبتئس بما آانوا يعملون ولما دخلوا على يوسف أوى: " يقول اهللا عز وجلفلما حمل يوسف إبل إخوته ما حملها من الميرة وقضى حاجتهم ووفاهم آيلهم، جعل .، فال تحزن" فال تبتئس : " له

.في رحل أخيه بنيامين -وهو الصواع -اإلناء الذي آان يكيل به الطعام

الصواع : حدثنا عبد الواحد، عن يونس، عن الحسن أنه آان يقول: حدثنا عفان، قال: الحدثنا الحسن بن محمد، ق .والسقاية سواء، هما اإلناء الذي يشرب فيه، وجعل ذلك في رحل أخيه، واألخ ال يشعر فيما ذآر

، " ل أخيه فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رح: " حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: حدثنا ابن وآيع، قال " .إنكم لسارقون : " واألخ ال يشعر، فلما ارتحلوا أذن مؤذن قبل أن ترتحلوا العير

حمل لهم بعيرا بعيرا، وحمل ألخيه بنيامين بعيرا باسمه آما : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

نت من فضة، فجعلت في رحل أخيه بنيامين، ثم وزعموا أنها آا -وهو الصواع -حمل لهم، ثم أمر بسقاية الملك . أيتها العير إنكم لسارقون، قفوا: أمهلهم حتى إذا انطلقوا فأمعنوا من القرية، أمر بهم فأدرآوا واحتبسوا، ثم نادى مناد

ما لم ألم نكرم ضيافتكم، ونوفكم آيلكم، ونحسن منزلكم، ونفعل بكم: -فيما يذآرون - وانتهى إليهم رسوله فقال لهم سقاية : بلى، وما ذاك؟ قال: قالوا. أو آما قال لهم! نفعل بغيرآم، وأدخلناآم علينا في بيوتنا، وصار لنا عليكم حرمة

وآان " . تاهللا لقد علمتم ما جئنا لنفسد في األرض وما آنا سارقين : " قالوا. الملك فقدناها، وال يتهموا عليها غيرآم .آانت العير حميرا. مجاهد يقول

وآان فيما نادى به : أخبرني رجل، عن مجاهد: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثني بذلك الحارث، قالوإنما قال -" آفيل " يعني -من جاء بصواع الملك فله حمل بعير من الطعام، وأنا بإيفائه ذلك زعيم : منادي يوسف

، ألنهم ردوا ثمن الطعام الذي آان آيل لهم المرة " ما آنا سارقين لقد علمتم ما جئنا لنفسد في األرض و: : " القوموقيل إنهم آانوا معروفين بأنهم ال -لو آنا سارقين لم نردد ذلك إليكم : فردوه إلى يوسف، فقالوا. األولى في رحالهم

ؤه في حكمنا بأن يسلم جزا: ما جزاء من آان سرق ذلك؟ فقالوا: فقيل لهم -يتناولون ما ليس لهم، فلذلك قالوا ذلك .لفعله ذلك إلى من سرقه حتى يسترقه

قالوا فما جزاؤه إن آنتم آاذبين، قالوا جزاؤه من : " حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: حدثنا ابن وآيع، قال

ا ثم فبدأ يوسف بأوعية القوم قبل وعاء أخيه بنيامين، ففتشه. تأخذونه، فهو لكم" وجد في رحله فهو جزاؤه .استخرجها من وعاء أخيه ألنه أخر تفتيشه

143

ذآر لنا أنه آان ال ينظر في وعاء : حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال

لى ب: قالوا. ما أرى هذا أخذ شيئا: قال -وآان أصغر القوم - إال استغفر اهللا تأثما مما قرفهم به، حتى بقي أخوه ثم استخرجها من وعاء أخيه آذلك آدنا ليوسف ما آان ليأخذ أخاه . " فاستبرئه، أال وقد علموا حيث وضعوا سقايتهم

يعني في حكم الملك، ملك مصر، وقضائه ألنه لم يكن من حكم ذلك الملك وقضائه أن يسترق " . في دين الملك .قاؤه وإخوته بحكمهم عليه وطيب أنفسهم بالتسليمالسارق بما سرق، ولكنه أخذه بكيد اهللا له حتى أسلمه رف

ما آان ليأخذ : " قوله: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: حدثنا شبابة، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال إن يسرق فقد سرق أخ له: " إال بعلة آادها اهللا له، فاعتل بها يوسف، فقال إخوة يوسف حينئذ" أخاه في دين الملك

.وقد قيل إن يوسف آان سرق صنما لجده أبي أمه، فكسره، فعيروه بذلك .عنون بذلك يوسفي -" من قبل حدثنا مسعر، عن أبي : حدثنا الفيض بن الفضل، قال: حدثني أحمد بن عمرو البصري، قال: ذآر من قال ذلك

ف صنما لجده أبي أمه فكسره سرق يوس: ، قال" إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل : " حصين، عن سعيد بن جبير .وألقاه في الطريق، فكان إخوته يعيبونه بذلك

آان بنو يعقوب على طعام، إذ نظر يوسف إلى : سمعت أبي قال: حدثنا ابن إدريس، قال: وقد حدثنا أبو آريب، قال: " ك منهم، فقال، فأسر في نفسه يوسف حين سمع ذل" إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل " عرق فخبأه فعيروه بذلك

.به أخا بنيامين من الكذب، ولم يبد ذلك لهم قوال" أنتم شر مكانا واهللا أعلم بما تصفون

لما استخرجت السرقة من رحل الغالم انقطعت : حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: فحدثنا ابن وآيع، قالبل بنو راحيل الذين : أخذت هذا الصواع؟ فقال بنيامينمتى ! يا بني راحيل، ما يزال لنا منكم بالء: ظهورهم، وقالوا

ال يزال لهم منكم بالء، ذهبتم بأخي فأهلكتموه في البرية، وضع هذا الصواع في رحلي الذي وضع الدراهم في : لفلما دخلوا على يوسف دعا بالصواع، فنقر فيه ثم أدناه من أذنه، ثم قا. ال تذآر الدراهم فتؤخذ بها: فقالوا. رحالكم

فلما سمعها بنيامين قام فسجد . إن صواعي هذا ليخبرني أنكم آنتم اثني عشر رجال، وأنكم انطلقتم بأخ لكم فبعتموهفاصنع : قال. هو حي، وسوف تراه: أيها الملك، سل صواعك هذا عن أخي أين هو؟ فنقره، ثم قال: ليوسف ثم قال

أيها الملك، : يوسف فبكى ثم توضأ، ثم خرج فقال بنيامين فدخل: قال. بي ما شئت، فإنه إن علم بي فسوف يستنقذنيإن صواعي هذا : فنقره، فقال. إني أريد أن تضرب صواعك هذا فيخبرك بالحق من الذي سرقه فجعله في رحلي

وآان بنو يعقوب إذا غضبوا لم : قالوا! من صاحبي؟ فقد رأيت مع من آنت: آيف تسألني: غضبان، وهو يقولأيها الملك، واهللا لتترآنا أو ألصيحن صيحة ال تبقى بمصر حامل إال ألقت ما في : بيل وقاليطاقوا، فغضب رو

وآان - قم إلى جنب روبيل فمسه : فقال يوسف البنه. بطنها، وقامت آل شعرة في جسد روبيل، فخرجت من ثيابهالبلد لبزرا من بزر من هذا؟ إن في هذا: فقال روبيل - بنو يعقوب إذا غضب أحدهم فمسه اآلخر ذهب غضبه

أيها الملك، ال تذآر يعقوب فإنه إسرائيل اهللا بن ذبيح اهللا بن : من يعقوب؟ فغضب روبيل وقال: يعقوب، فقال يوسف .أنت إذن آنت صادقا: قال يوسف. خليل اهللا

تخليصه صاروا ولما احتبس يوسف أخاه بنيامين، فصار بحكم إخوته أولى به منهم، ورأوا أنه ال سبيل لهم إلى: قال

يا أيها العزيز إن له أبا شيخا آبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من : " إلى مسألته تخليته ببذل منهم يعطونه إياه، فقالواأن نأخذ " معاذ اهللا أن نأخذ إال من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون : " فقال لهم يوسف. في أفعالك" المحسنين ئس إخوة يوسف من إجابة يوسف إياهم ما سألوا من إطالق أخيه بنيامين وأخذ بعضهم مكانه، فلما ي! بريئا بسقيم

ألم : -وهو روبيل، وقد قيل إنه شمعون -: فقال آبيرهم. خلصوا نجيا ال يفترق منهم أحد، وال يختلط بهم غيرهمومن قبل هذه المرة ما ! أن يحاط بنا أجمعينتعلموا أن أباآم قد أخذ عليكم موثقا من اهللا أن نأتيه بأخينا بنيامين إال

في الخروج منها وترك أخي بنيامين بها " حتى يأذن لي أبي " التي أنا بها " فلن أبرح األرض " فرطتم في يوسف أو يحكم اهللا لي بحرب من منعني من االنصراف بأخي : وقد قيل معني ذلك - " أو يحكم اهللا لي وهو خير الحاآمين " ؛ ألن صواع " وما شهدنا إال بما علمنا " ، فأسلمناه بجريرته، " ا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق ارجعو" -

، يعنون بذلك أنا إنما ضمنا لك أن نحفظه مما لنا إلى حفظه " وما آنا للغيب حافظين " الملك لم يوجد إال في رحله، ل أهل القرية التي آنا فيها فسرق ابنك فيها، والقافلة التي آنا سبيل، ولم نكن نعلم أنه يسرق فيسترق بسرقته، واسأ

.فيها مقبلة من مصر معنا عن خبر ابنك، فإنك تخبر بحقيقته ذلك

144

بل سولت لكم أنفسكم أمرا أردتموه، فصبر : فلما رجعوا إلى أبيهم فأخبروه خبر بنيامين، وتخلف روبيل قال لهم

.د ولدي، عسى اهللا أن يأتيني بهم جميعا بيوسف وأخيه وروبيلجميل ال جزع فيه على ما نالني من فق" وابيضت عيناه من الحزن فهو آظيم : " يقول اهللا عز وجل" يا أسفا على يوسف : " ثم أعرض عنهم يعقوب وقالآر تاهللا ال تزال تذ: فقال له بنوه الذين انصرفوا إليه من مصر حين سمعوا قوله ذلك. ، مملوء من الحزن والغيظ

فأجابهم ! يوسف فال تفتر، من حبه وذآره حتى تكون دنف الجسم، مخبول العقل من حبه وذآره، هرما باليا أو تموتإنما أشكو بثي وحزني إلى اهللا ال إليكم، وأعلم من اهللا ما ال تعلمون من صدق رؤيا يوسف؛ أن تأويلها : يعقوب فقال

.آائن، وأني وأنتم سنسجد له

ما بلغ وجد يعقوب على ابنه؟ قال : قيل: حدثنا حكام، عن عيسى بن يزيد، عن الحسن، قال: د، قالوقد حدثنا ابن حميوما ساء ظنه باهللا ساعة قط من ليل وال : أجر مائة شهيد، قال: فما آان له من األجر؟ قال: وجد سبعين ثكلى، قال

.نهار

ن يونس، عن الحسن، عن النبي صلى اهللا عليه حدثنا حكام، عن أبي معاذ، ع: وحدثنا ابن حميد مرة أخرى، قال

.وسلم مثله

: حدثنا سلمة، عن المبارك بن مجاهد، عن رجل من األزد، عن طلحة بن مصرف اليامي، قال: حدثنا ابن حميد، قال

يا يعقوب، مالي أراك قد انهشمت وفنيت ولم تبلغ من السن ما : أنبئت أن يعقوب ابن إسحاق دخل عليه جار له فقاليا يعقوب أتشكوني : فأوحى اهللا عز وجل إليه. هشمني وأفناني ما ابتالني اهللا به من هم يوسف وذآره: بلغ أبوك؟ قال

إنما أشكو : فإني قد غفرت لك، فكان من ذلك إذا سئل قال: قال. يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي: قال! إلى خلقي .نبثي وحزني إلى اهللا، وأعلم من اهللا ما ال تعلمو

آان منذ خرج يوسف من عند : حدثنا عمرو بن عبد الحميد اآلملي، حدثنا أبو أسامة، عن هشام عن الحسن، قال

واهللا ما على : قال الحسن. يعقوب إلى أن رجع ثمانون سنة لم يفارق الحزن قلبه، ولم يزل يبكي حتى ذهب بصره .األرض خليفة أآرم على اهللا من يعقوب

اذهبوا : الذين قدموا عليه من مصر بالرجوع إليها وتحسس الخبر عن يوسف وأخيه، فقال لهمثم أمر يعقوب بنيه

فرجعوا إلى مصر . فتحسسوا من يوسف وأخيه وال تيئسوا من روح اهللا، يفرج به عنا وعنكم الغم الذي نحن فيهنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئ: " فدخلوا على يوسف فقالوا له حين دخلوا عليه

دراهم ردية - فيما ذآر -وآانت بضاعتهم المزجاة التي جاؤوا بها معهم " . وتصدق علينا إن اهللا يجزي المتصدقين آانت سمنا : وقال بعضهم. آانت حلق الغرارة والحبل ونحو ذلك: وآان بعضهم يقول. زيوفا ال تؤخذ إال بوضيعة

آانت قليلة دون ما آانوا يشترون به قبل، : وقال بعضهم. نت صنوبرا وحبة الخضراءآا: وقال بعضهم. وصوفا. فسألوا يوسف أن يتجاوز لهم ويوفيهم بذلك من آيل الطعام مثل الذي آان يعطيهم في المرتين قبل ذلك، وال ينقصهم

" .فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن اهللا يجزي المتصدقين : " فقالوا له

. بفضل ما بين الجياد والردية: ، قال" وتصدق علينا : " حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: ن وآيع، قالحدثنا اب " .إن اهللا يجزي المتصدقين " وتصدق علينا برد أخينا إلينا : إن معنى ذلك: وقد قيل

م، غلبته نفسه فارفض دمعه ذآر أنهم لما آلموه بهذا الكال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

ولم يعن بذآر " . هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون : " باآيا، ثم باح لهم بالذي آان يكتم منهم، فقال

145

فلما قال لهم يوسف . أخيه ما صنعه هو فيه حين أخذه، ولكن التفريق بينه وبين أخيه إذ صنعوا بيوسف ما صنعواإنه " بأن جمع بيننا بعد تفريقكم بيننا، " أنا يوسف وهذا أخي قد من اهللا علينا : " قال! يوسف ها أنت: ذلك قالوا له

" .من يتق ويصبر فإن اهللا ال يضيع أجر المحسنين

" أنا يوسف وهذا أخي : " لما قال لهم يوسف: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: حدثنا ابن وآيع قال

ال تثريب عليكم اليوم يغفر اهللا لكم : " قال لهم يوسف" . لقد آثرك اهللا علينا وإن آنا لخاطئين تاهللا: " اعتذروا وقالوا .فلما عرفهم يوسف نفسه سألهم عن أبيه" . وهو أرحم الراحمين

لما فاته : ما فعل أبي بعدي؟ قالوا: قال يوسف: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: حدثنا ابن وآيع، قال

اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين، ولما : " يامين عمي من الحزن فقالبن " .إني ألجد ريح يوسف : " عير بني يعقوب، قال يعقوب" فصلت العير

نت الريح استأذ: حدثني ابن شريح، عن أبي أيوب الهوزني، حدثه، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: فحدثني يونس، قالإني ألجد ريح : " بأن تأتي يعقوب بريح يوسف حين بعث بالقميص إلى أبيه قبل أن يأتيه البشير، ففعلت، فقال يعقوب

" .يوسف لوال أن تفندون

ولما " حدثنا وآيع، عن إسرائيل، عن ابن سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس في : حدثنا أبو آريب، قال: " هاجت ريح فجاءت بريح يوسف من مسيرة ثمان ليال، فقال: قال" هم إني ألجد ريح يوسف فصلت العير قال أبو

" .إني ألجد ريح يوسف لوال أن تفندون

ذآر لنا أنه آان بينهما : عن قتادة، عن الحسن، قال: حدثنا سعيد: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال

.ض مصر ويعقوب بأرض آنعان، وقد أتى زمان طويليومئذ ثمانون فرسخا، يوسف بأر

وقد آان فارقه " إني ألجد ريح يوسف : " قوله. حدثنا حجاج، عن ابن جريج: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

. لوال أن تسفهوني فتنسبوني إلى الهرم وذهاب العقل" لوال أن تفندون " " ويعني قوله . قبل ذلك سبعا وسبعين سنة. يعنون في خطئك القديم -" لفي ضاللك القديم " تاهللا إنك من ذآر يوسف وحبه : قال له من حضره من ولده حينئذف

يبشر بحياة يوسف وخبره، وذآر أن البشير - يعني البريد الذي أبرده يوسف إلى يعقوب - " فلما أن جاء البشير " .آان يهوذا بن يعقوب

اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه : " قال يوسف: و، عن أسباط، عن السدي، قالحدثنا عمر: حدثنا ابن وآيع، قال

أنا ذهبت بالقميص ملطخا بالدم إلى يعقوب فأخبرته أن يوسف : قال يهوذا" . أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين فلما أن جاء البشير .آان البشيرو أآله الذئب، وأنا أذهب اليوم بالقميص فأخبره بأنه حي، فأقر عينه آما أحزنته؛ فه

ي أعلم من اهللا ما ال ألم أقل لكم إن: " يعقوب بقميص يوسف ألقاه على وجهه، فعاد بصيرا بعد العمى، فقال ألوالدهمن صدق تأويل رؤيا يوسف التي رآها أن األحد عشر آوآبا والشمس والقمر -وذلك أنه آان قد علم " .تعلمون

: " فقال لهم يعقوب" . يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا آنا خاطئين : " فقالوا ليعقوب. ا يعلمونما لم يكونو - ساجدون .وقيل إنه أخر ذلك إلى ليلة الجمعة. إنه أخر الدعاء لهم إلى السحر: قيل" . سوف أستغفر لكم ربي

حدثنا : حدثنا الوليد بن مسلم، قال: لحدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قا: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال

قال : " قال رسول اهللا صلى عليه وسلم: ابن جريج، عن عطاء وعكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال

146

فلما دخل يعقوب وولده وأهاليهم على يوسف " .، يقول حتى تأتي ليلة الجمعة " سوف أستغفر لكم ربي : " يعقوبحدثنا : حدثنا ابن وآيع، قال. ألن يوسف تلقاهم -فيما قيل - عليه قبل دخولهم مصر آوى إليه أبويه، وآان دخولهم

حملوا إليه أهليهم وعيالهم، فلما بلغوا مصر آلم يوسف الملك الذي فوقه فخرج : عمرو، عن أسباط، عن السدي، قالفلما دخلوا على يوسف آوى إليه " . ادخلوا مصر إن شاء اهللا آمنين : " هو والملك يتلقونهم، فلما بلغوا مصر قال

.أبويه

لما ألقي القميص على : حدثنا جعفر بن سليمان، عن فرقد السبخي، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثني الحارث، قال

ائتوني بأهلكم أجمعين، فحمل يعقوب وإخوة يوسف، فلما دنا يعقوب أخبر يوسف أنه قد : وجهه ارتد بصيرا، وقالوآان يعقوب -فلما دنا أحدهما من صاحبه - وآانوا يعظمونه -ورآب معه أهل مصر : قال. يتلقاهدنا منه، فخرج

يا يهوذا، هذا : فنظر يعقوب إلى الخيل والناس، فقال: قال - يمشي وهو يتوآأ على رجل من ولده، يقال له يهوذا به ذهب يوسف يبدؤه بالسالم، فمنع فلما دنا واحد منهما من صاح: ال، هذا ابنك يوسف، قال: فرعون مصر، فقال

السالم عليك يا مذهب األحزان، فلما أن دخلوا مصر رفه أبويه : فقال. ذلك، وآان يعقوب أحق بذلك منه وأفضل .على السرير وأجلسهما عليه

آان أحدهما أبوه يعقوب، واآلخر: وقد اختلف في اللذين رفعهما يوسف على العرش، وأجلسهما عليه، فقال بعضهموخر له يعقوب وأمه وولده . بل آان اآلخر خالته ليا وآانت أمه قد آانت ماتت قبل ذلك: وقال آخرون. أمه راحيل

.يعقوب سجدا

آانت تحية الناس : قال" وخروا له سجدا : " حدثنا محمد بن عبد األعلى، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة

هذا : ، يعني بذلك:يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا" : أن يسجد بعضهم لبعض، وقال يوسف ألبيهالسجود منكم، يدل على تأويل رؤياي التي رأيتها من قبل، صنع إخوتي بي ما صنعوا، وتلك الكواآب األحد عشر

يوسف رؤياه وقيل آان بين أن أري .قد حقق الرؤيا بمجيء تأويلها: ليقو" . قد جعلها ربي حقا " والشمس والقمر .هذه ومجيء تأويلها أربعون سنة

: ذآر بعض من قال ذلك

آان بين : حدثنا أبو عثمان، عن سلمان الفارسي، قال: حدثنا معتمر، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن عبد األعلى، قال .آان بين ذلك ثمانون سنة: وقال بعضهم .إلى أن رأى تأويلها أربعون سنة رؤيا يوسف

: من قال ذلكذآر بعض

آان منذ فارق يوسف : حدثنا هشام، عن الحسن، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: حدثنا عمرو بن علي، قاليعقوب إلى أن التقيا ثمانون سنة، لم يفارق الحزن قلبه ودموعه تجري على خديه، وما على األرض يومئذ أحب إلى

.اهللا عز وجل من يعقوب

حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن يونس، وآان بين ذلك وبين : حدثنا داود بن مهران، قال: ، قالحدثنا الحسن بن محمد

.لقائه يعقوب ثمانون سنة، وعاش بعد ذلك ثالثا وعشرين سنة، ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة

يوسف في الجب، وهو ألقي : حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثني الحارث، قال

147

ابن سبع عشرة سنة، فغاب عن أبيه ثمانين سنة، ثم عاش بعد ما جمع اهللا شمله، ورأى تأويل رؤياه ثالثا وعشرين .سنة، فمات وهو ابن عشرين ومائة سنة

دخل يوسف مصر وله سبع عشرة سنة، فأقام في منزل العزيز ثالث عشرة سنة، قلما تمت : وقال بعض أهل الكتاب

ثالثون سنة استوزره فرعون ملك مصر، واسمه الريان بن الوليد بن ثروان بن أراشة بن قاران بن عمرو بن له عمالق بن الوذ بن سام بن نوح، وأن هذا الملك آمن، ثم مات، ثم ملك بعده قابوس بن مصعب بن معاوية بن نمير

وآان آافرا، فدعاه يوسف إلى اإليمان باهللا فلم . بن السلواس بن قاران بن عمرو ابن عمالق بن الوذ بن سام بن نوحيستجب إليه، وأن يوسف أوصى إلى أخيه يهوذا، ومات وقد أتت له مائة وعشرون سنة، وأن فراق يعقوب إياه آان اثنتين وعشرين سنة، وأن مقام يعقوب معه بمصر آان بعد موافاته بأهله سبع عشرة سنة، وأن يعقوب لما حضرته

وتقدم إلى يوسف عند وفاته أن . وآان دخول يعقوب مصر في سبعين إنسانا من أهله -لى يوسف الوفاة أوصى إيحمل جسده حتى يدفنه بجنب أبيه إسحاق، ففعل يوسف ذلك به ومضى به حتى دفته بالشأم، ثم انصرف إلى مصر،

.جه من مصر معهوأوصى يوسف أن يحمل جسده حتى يدفن إلى جنب آبائه، فحمل موسى تابوت جسده عند خروأن غيبة يوسف عن يعقوب آانت - واهللا أعلم - ذآر لي : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وحدثنا ابن حميد، قال

.ثماني عشرة سنة

وأهل الكتاب يزعمون أنها آانت أربعين سنة أو نحوها، وأن يعقوب بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع : قال

صندوق من مرمر في ناحية من النيل في جوف -آما ذآر لي في -وقبر يوسف : قال. إليهعشرة سنة، ثم قبضه اهللا .الماء

وفي التوراة : قال. عاش يوسف بعد موت أبيه ثالثا وعشرين سنة، ومات وهو ابن مائة وعشرين سنة: وقال بعضهم

.أنه عاش مائة سنة وعشرين سنين

سف، فولد إلفراييم نون، فولد لنون إفراييم يوشع بن نون وهو فتىوولد ليوسف أفراييم بن يوسف ومنشا بن يو

ويزعم أهل التوراة أنه .بن منشا نبئ قبل موسى بن عمران إن موسى: وقيل .موسى، وولد لمنشا موسى بن منشا .الذي طلب الخضر

قصة الخضر

وخبره وخبر موسى وفتاه يوشع عليهم السالم

ن في أيام أفريدون الملك بن أثفيان في قول عامة أهل الكتاب األول، وقبل موسى آان الخضر ممن آا: قال أبو جعفروقيل إنه آان على مقدمة ذي القرنين األآبر، الذي آان أيام إبراهيم خليل الرحمن . بن عمران صلى اهللا عليه وسلم

- لماشيته في صحراء األردن وهي بئر آان إبراهيم احتفرها - صلى اهللا عليه وسلم، وهو الذي قضى له ببئر السبع وإن قوما من أهل األردن ادعوا األرض التي آان احتفر بها إبراهيم بئره، فحاآمهم إبراهيم إلى ذي القرنين الذي

ذآر أن الخضر آان على مقدمته أيام سيره في البالد، وإنه بلغ مع ذي القرنين نهر الحياة، فشرب من مائه وهو ال .لقرنين ومن معه، فخلد، فهو حي عندهم إلى اآلنيعلم، وال يعلم به ذو ا

وزعم بعضهم أنه من ولد من آان آمن بإبراهيم خليل الرحمن، واتبعه على دينه، وهاجر معه من أرض بابل حين

وآان أبوه : اسمه بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، قال: وقال. هاجر إبراهيم منها .عظيما ملكا

148

وعلى : آخرون ذو القرنين الذي آان على عهد إبراهيم صلى اهللا عليه وسلم هو أفريدون بن أثفيان، قال: وقال

.مقدمته آان الخضرحدثنا محمد بن المتوآل، : وقال عبد اهللا بن شوذب فيه ما حدثنا عبد الرحمن بن عبد اهللا بن عبد الحكم المصري قال

الخضر من ولد فارس، وإلياس من بني إسرائيل، يلتقيان : ، عن عبد اهللا بن شوذب، قالحدثنا ضمرة بن ربيعة: قال .في آل عام بالموسم

بلغني أنه استخلف اهللا عز : حدثني ابن إسحاق، قال: حدثنا سلمة، قال: وقال ابن إسحاق فيه ما حدثنا ابن حميد، قال

واسم الخضر : قال. ، فبعث اهللا عز وجل لهم الخضر نبياوجل في بني إسرائيل رجال منهم، يقال له ناشية بن أموصوبين هذا . أو رميا بن خلقيا، وآان من سبط هارون بن عمران - فيما آان وهب بن منبه يزعم عن بني إسرائيل -

.الملك الذي ذآره ابن إسحاق وبين أفريدون أآثر من ألف عام

القرنين األآبر وقبل موسى بن عمران أشبه بالحق إال أن إن الخضر آان في أيام أفريدون وذي : وقول الذي قال

يكون األمر آما قاله من قال إنه آان على مقدمة ذي القرنين صاحب إبراهيم، فشرب ماء الحياة، فلم يبعث في أيام نه إبراهيم صلى اهللا عليه وسلم نبيا، وبعث أيام ناشية بن أموص؛ وذلك أن ناشية بن أموص الذي ذآر ابن إسحاق أ

آان ملكا على بني إسرائيل، آان في عهد بشتاسب بن لهراسب، وبين بشتاسب وبين أفريدون من الدهور واألزمان .ما ال يجهله ذو علم بأيام الناس وأخبارهم، وسأذآر مبلغ ذلك إذا انتهينا إلى خبر بشتاسب إن شاء اهللا تعالى

ن صلى اهللا عليه وسلم أشبه بالحق من القول الذي قاله ابن آان الخضر قبل موسى بن عمرا: قول من قال: وإنما قلنا

إسحاق وحكاه عن وهب بن منبه، للخبر الذي روى عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أبي بن آعب، أن صاحب هو الخضر، - وهو العالم الذي أمره اهللا تبارك بطلبه إذ ظن أنه ال أحد في األرض أعلم منه - موسى بن عمران

.اهللا صلى اهللا عليه وسلم آان أعلم خلق اهللا بالكائن من األمور الماضية، والكائن منها الذي لم يكن بعد ورسول

حدثنا : حدثنا يحيى بن آدم، قال: والذي روى أبي بن آعب في ذلك عنه صلى اهللا عليه وسلم ما حدثنا أبو آريب، قالإن نوفا يزعم أن الخضر ليس بصاحب : البن عباس قلت: سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد، قال

إن موسى قام في بني : موسى، فقال آذب عدو اهللا، حدثنا أبي بن آعب عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قالبل عبد لي عند مجمع : أنا، فعتب اهللا عليه حين لم يرد العلم إليه، فقال: فقال. أي الناس أعلم: إسرائيل خطيبا فقيل

فأخذ حوتا فجعله في : قال. تأخذ حوتا فتجعله في مكتل فحيث تفقده فهو هناك: يا رب، آيف به؟ قال: ين، فقالالبحرفانطلقا يمشيان على ساحل البحر حتى أتيا صخرة، فرقد موسى . إذا فقدت هذا الحوت فأخبرني: مكتل، ثم قال لفتاه

عنه جرية الماء فصار مثل الطاق، فصار للحوت فاضطرب الحوت في المكتل، فخرج فوقع في البحر، فأمسك اهللا " آتنا غذاءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا : " ثم انطلقا، فلما آان حين الغذاء قال موسى لفتاه. سربا، وآان لهما عجبا

لحوت أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت ا: " فقال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوز حيث أمره اهللا، قال: قالذلك ما آنا نبغ فارتدا على آثارهما : " فقال: قال" وما أنسانيه إال الشيطان أن أذآره واتخذ سبيله في البحر عجبا

وأنى : فأتيا الصخرة فإذا رجل نائم مسجى بثوبه، فسلم عليه موسى فقال: قال. يقصان آثارهما: قال" . قصصا يا موسى، إني على علم من علم اهللا، : نعم، قال: إسرائيل؟ قالموسى بني : أنا موسى، قال: قال! بأرضنا السالم

فإني أتبعك على أن تعلمني مما علمت : علمنيه اهللا ال تعلمه، وأنت على علم من علم اهللا علمكه اهللا ال أعلمه، قالل، فإذا بمالح فانطلقا يمشيان على الساح" . قال فإن اتبعتني فال تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذآرا . " رشدا

في الماء، فقال -أو فنقد - في سفينة، فعرف الخضر، فحمله بغير نول، فجاء عصفور فوقع على حرفها فنقر .هذا العصفور من البحر -أو نقد -ما ينقص علمي وعلمك من علم اهللا إال مقدار ما نقر : الخضر لموسى

فبينما هم في السفينة لم يفجأ موسى إال وهو يتد وتدا أو : قال" نقر " أنا أشك، وهو في آتابي هذا : قال أبو جعفر

149

لقد جئت شيئا إمرا، قال ألم أقل إنك لن ! " حملنا بغير نول وتخرقها لتغرق أهلها: ينزع تختا منها، فقال له يا موسىطلقا يمشيان، ثم خرجا فان: قال -فكانت األولى من موسى نسيانا : قال - " تستطيع معي صبرا ال تؤاخذني بما نسيت

أقتلت نفسا زاآية بغير نفس لقد جئت شيئا : " فأبصرا غالما يلعب مع الغلمان، فأخذ برأسه فقتله، فقال له موسى " .نكرا، ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا، قال إن سألتك عن شيء بعدها فال تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا

، فلم يجدا أحدا يطعمهم وال يسقيهم، فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه فانطلقا حتى أتيا أهل قرية استطعما أهلهاقال هذا فراق " . " لو شئت التخذت عليه أجرا " لم يضيفونا ولم ينزلونا، : فقال له موسى - مسحه بيده : قال -بيده

" .يقص علينا قصصهم لوددت أنه آان صبر حتى : " فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: قال" بيني وبينك

حدثني الزهري، عن عبيد اهللا بن عبد اهللا بن : حدثنا األوزاعي، قال: أخبرني أبي قال: حدثني العباس بن الوليد، قالأنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، فقال ابن : عتبة بن مسعود، عن ابن عباس

إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى : فدعاه ابن عباس فقال هو الخضر، فمر بهما أبي بن آعب،: عباسنعم إني سمعت رسول اهللا صلى اهللا : عليه السالم الذي سأل السبيل إلى لقائه، فهل سمعت رسول اهللا يذآر شأنه؟ قال

ن أحد اعلم منك؟ تعلم مكا: بينا موسى عليه السالم في مأل من بني إسرائيل، إذ جاءه رجل فقال: " عليه وسلم يقول: بلى عبدنا الخضر، فسأل موسى السبيل إلى لقائه، فجعل اهللا الحوت آية، وقال له: ال، فأوحى إلى موسى: قال موسى

أرأيت : " في البحر فقال فتى موسى لموسى -إذا افتقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه، فكان موسى يتبع أثر الحوت، ، فوجدا " ذلك ما آنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا : " ، وقال موسى - " وت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الح

" .الخضر، فكان من شأنهما ما قص اهللا في آتابه

حدثنا عبد اهللا بن عمر النيمري، عن يونس بن يزيد، : حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثني محمد بن مرزوق قال

أنه تمارى هو : د اهللا بن عبد اهللا بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباسأخبرني عبي: سمعت الزهري يحدث قال: قال .والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، فذآر نحو حديث العباس عن أبيه

وإذ : " حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس؛ قوله: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن مسعد، قال

لما ظهر موسى وقومه على مصر نزل قومه : اآلية، قال... " أبرح حتى أبلغ مجمع البحرينقال موسى لفتاه ال فخطب قومه، فذآر ما آتاهم اهللا من . أن ذآرهم بأيام اهللا: مصر، فلما استقرت بهم الدار، أنزل اهللا عز وجل عليه

: ا استخلفهم اهللا في األرض، فقالالخير والنعمة، وذآرهم إذ أنجاهم اهللا من آل فرعون، وذآرهم هالك عدوهم، وموآلم اهللا موسى نبيكم تكليما، واصطفاني لنفسه، وأنزل على محبة منه، وآتاآم اهللا من آل ما سألتموه، فنبيكم أفضل

فلم يترك نعمة أنعمها اهللا عليهم إال ذآرها وعرفها إياهم، فقال له رجل من بني . أهل األرض وأنتم تقرؤون التوراةال، فبعث اهللا : و آذلك يا نبي اهللا، وقد عرفنا الذي تقول، فهل على األرض أحد أعلم منك يا نبي اهللا؟ قاله: إسرائيل

وما يدريك أين أضع علمي؟ بلى إن : إن اهللا تعالى يقول: عز وجل جبرئيل عليه السالم إلى موسى عليه السالم فقالفسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى اهللا إليه أن -هو الخضر : قال ابن عباس -على شط البحر رجال أعلم منك

ائت البحر، فإنك تجد على شط البحر حوتا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وهلك منك، .فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب

: " وت، فقال له فتاه وهو غالمهفلما طال سفر موسى نبي اهللا صلى اهللا عليه وسلم ونصب فيه، سأل فتاه عن الح

لقد رأيت الحوت : قال الفتى. لك" أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت، وما أنسانيه إال الشيطان أن أذآره فأعجب ذلك موسى فرجع حتى أتي الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب . حين اتخذ سبيله في البحر سربال موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء، يتبع الحوت، وجعل الحوت ال يمس شيئا من في البحر ويتبعه موسى، وجع

الماء إال يبس حتى يكون صخرة، فجعل نبي اهللا صلى اهللا عليه يعجب من ذلك حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من ومن ! السالم بهذه األرضوعليك السالم، وأنى يكون هذا : جزائر البحر، فلقي الخضر بها، فسلم عليه، فقال الخضر

ما جاء بك؟ جئت على أن : نعم، فرحب به وقال: الخضر صاحب بني إسرائيل؟ قال: أنا موسى، فقال له: أنت؟ قالستجدني إن شاء : " ال تطيق ذلك، قال موسى: ، يقول" إنك لن تستطيع معي صبرا : " تعلمني مما علمت رشدا، قال

ال تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك : فانطلق به، وقال له: الق" . اهللا صابرا وال أعصي لك أمرا

150

فرآبا في السفينة يريدان أن يتعديا إلى البر، فقال الخضر، فخرق السفينة فقال " . حتى أحدث لك منه ذآرا : " قوله .ثم ذآر بقية القصة" ... أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا : :له موسى

سأل موسى عليه : حدثنا يعقوب القمي، عن هارون بن عنترة عن أبيه، عن ابن عباس قال: ابن حميد، قالحدثنا فأي عبادك أقضى؟ : الذي يذآرني وال ينساني، قال: أي رب؛ أي عبادك أحب إليك؟ قال: السالم ربه عز وجل فقال

الذي يبتغي علم الناس إلى علمه، عسى : الالذي يقضي بالحق وال يتبع الهوى، قال أي رب، أي عبادك أعلم؟ ق: قالأعلم : قال أبو جعفر أظنه قال -رب فهل في األرض أحد : أن يصيب آلمة تهديه إلى هدى، أو ترده عن ردي، قال

على الساحل، عند الصخرة التي ينفلت : وأين أطلبه؟ قال: الخضر، قال: رب، فمن هو؟ قال: نعم، قال: مني؟ قالفخرج موسى يطلبه حتى آان ما ذآره اهللا عز وجل وانتهى موسى إليه عند الصخرة، فسلم آل : عندها الحوت، قال

فإن : بلى، قال: لن تطيق صحبتي، قال: إني أريد أن تستصحبني، قال: واحد منهما على صاحبه، فقال له موسىة خرقها قال أخرقتها فال تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذآرا، فانطلقا حتى إذا رآبا في السفين" صحبتي

لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا، قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال ال تؤاخذني بما نسيت وال ترهقني : ، إلى قوله" من أمري عسرا، فانطلقا حتى إذا لقيا غالما فقتله قال أقتلت نفسا زاآية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا

" .التخذت عليه أجرا "

ولطلب شيء من الدنيا، وآان قوله في السفينة وفي " التخذت عليه أجرا " فكان قول موسى في الجدار لنفسه : قال

: " ، فأخبره بما قال اهللا" قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا . " الغالم هللا عز وجلفسار به في البحر : قال. اآلية... " وأما الجدار" اآلية، .... " الغالم وأما" اآلية، ... " أما السفينة فكانت لمساآين

وبعث ربك الخطاف، فجعل يستقي : حتى انتهى به إلى مجمع البحرين، وليس في األرض مكان أآثر ماء منه، قالوسى فإن علمي يا م: قال! ما أقل ما رزأ: آم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء؟ قال: منه بمنقاره، فقال لموسى

وآان موسى عليه السالم قد حدث نفسه أنه ليس أحد . وعلمك في علم اهللا آقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء .أعلم منه، أو تكلم به؛ فمن ثم أمر أن يأتي الخضر

تيبة، عن حدثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن ع: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قاليا أبا العباس إن نوفا ابن امرأة : جلست عند ابن عباس وعنده نفر من أهل الكتاب، فقال بعضهم: سعيد بن جبير، قال

فقال ابن : قال سعيد. آعب، ذآر عن آعب أن موسى النبي عليه السالم الذي طلب العالم إنما هو موسى بن منشا: قلت: أنت سمعته يا سعيد؟ قال: م، أنا سمعت نوفا يقول ذلك، قالنع: فقلت له: أنوف يقول هذا؟ قال سعيد: عباس

حدثني أبي بن آعب عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن موسى نبي : ثم قال ابن عباس. آذب نوف: نعم، قالفي نعم : أي رب، إن آان في عبادك أحد أعلم مني فادللني عليه، فقال له: إسرائيل سأل ربه تبارك وتعالى فقال

عبادي من هو أعلم منك، ثم نعت له مكانه، وأذن له في لقائه، فخرج موسى عليه السالم ومعه فتاه، ومعه حوت .إذا حيي هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك، وقد أدرآت حاجتهم: مليح قد قيل له

خرة وإلى ذلك الماء فخرج موسى ومعه فتاه، ومعه ذلك الحوت يحمالنه، فسار حتى جهده السير، وانتهى إلى الصفلما نزال منزال ومس . وذلك الماء، ماء الحياة، من شرب منه خلد، وال يقاربه شيء ميت إال أدرآته الحياة وحييآتنا غذاءنا لقد لقينا من : " الحوت الماء حيي، فاتخذ سبيله في البحر سربا، فانطلق فلما جاوزا بمنقلة قال موسى لفتاه

أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إال الشيطان أن : " الفتى وذآر قال" . سفرنا هذا نصبا وظهر موسى على الصخرة حتى انتهيا إليه، فإذا رجل متلفف : قال ابن عباس" . أذآره واتخذ سبيله في البحر عجبا

صاحب : أنا موسى ابن عمران، قال :ومن أنت؟ قال: في آساء له، فسلم عليه موسى، فرد عليه السالم، ثم قال لهجئتك لتعلمني : قال له موسى! نعم أنا ذلك، وما جاء بك إلى هذه األرض؛ أن لك في قومك لشغل: بني إسرائيل؟ قال

بلى، : إنك لن تستطيع معي صبرا، وآان رجال يعمل على الغيب قد علم ذلك، فقال موسى: مما علمت رشدا، قال، أي إنما تعرف ظاهر ما ترى من العدل ولم تحط من علم الغيب بما " م تحط به خبرا وآيف تصبر على ما ل: " قالفإن اتبعتني فال تسألني : " قال. وإن رأيت ما يخالفني" قال ستجدني إن شاء اهللا صابرا وال أعصي لك أمرا . " أعلم

. لك منه ذآرا، أي خبرا ، أي فال تسألني عن شيء وإن أنكرته حتى أحدث" عن شيء حتى أحدث لك منه ذآرا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرضان الناس، يلتمسان من يحملهما حتى مرت بهما سفينة جديدة وثيقة، لم يمر

151

بهما شيء من السفن أحسن وال أجمل وال أوثق منها، فسأال أهلها أن يحملوهما، فحملوهما، فلما اطمأنا فيها، ولججت را ومطرقة، ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى خرقها، ثم أخذ لوحا فطبقه بهما مع أهلها، أخرج منقا

" ! أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا ! " فأي أمر أفظع من هذا: عليها، ثم جلس عليها يرقعها، قال له موسىألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا، : " قال! حملونا وآوونا إلي سفينتهم، وليس في البحر سفينة مثلها، فلم خرقتها

ثم خرجا من السفينة، " . وال ترهقني من أمري عسرا " ، أي بما ترآت من عهدك " قال ال تؤاخذني بما نسيت فانطلقا حتى أتيا أهل قرية، فإذا غلمان يلعبون، فيهم غالم ليس في الغلمان غالم أظرف وال اترف وال أوضأ منه،

فرأى موسى أمرا فظيعا ال صبر عليه، صبي صغير : قال. ا فضرب به رأسه حتى دمغه فقتلهفأخذ بيده وأخذ حجرلقد جئت شيئا نكرا، " ، أي صغيرة بغير نفس، " أقتلت نفسا زاآية بغير نفس : " فقال! قتله بغير جناية وال ذنب له

، " احبني قد بلغت من لدني عذرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال إن سألتك عن شيء بعدها فال تصفانطلقا حتى أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن . " أي قد أعذرت في شأني

لو شئت : " ، فهدمه ثم قعد يبينه، فضجر موسى مما رآه يصنع من التكلف لما ليس عليه صبر، فقال:ينقض فأقامهأي قد استطعمناهم فلم يطعمونا، واستضفناهم فلم يضيفونا، ثم قعدت تعمل في غير صنيعة، " التخذت عليه أجرا

قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا، أما " ولو شئت ألعطيت عليه أجرا في عمله وفي قراءة أبي بن - آل سفينة السفينة فكانت لمساآين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وآان وراءهم ملك يأخذ

وأما . " ، وإنما عبتها ألرده عنها، فسلمت منه حين رأى العيب الذي صنعت بها" غصبا - آل سفينة صالحة : آعبالغالم فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وآفرا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زآاة وأقرب رحما،

ما لم تستطع عليه " -إلى -" مين يتيمين في المدينة وآان تحته آنز لهما وآان أبهما صالحا وأما الجدار فكان لغال .ما آان الكنز إال علما: فكان ابن عباس يقول" . صبرا

: حدثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن أبيه، عن عكرمة، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قالفقال ابن عباس فيما يذآر من حديث الفتى، ! لم نسمع لفتى موسى بذآر من حديث وقد آان معه :قيل البن عباس

شرب الفتى من ماء الخلد فخلد، فأخذه العالم فطابق به سفينة، ثم أرسله في البحر، فإنها لتموج به إلى يوم : قال .القيامة، وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه فشرب

، ذآر لنا " فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما : " حدثنا يزيد، عن شعبة، عن قتادة، قوله: الحدثنا بشر بن معاذ، ق

أنتم خير أهل األرض : أن نبي اهللا موسى لما قطع البحر وأنجاه اهللا من آل فرعون، جمع بني إسرائيل فخطبهم فقال: إن ها هنا رجال هو أعلم منك قال: فقيل له: قالوأعلمهم قد أهلك اهللا عدوآم، وأقطعكم البحر وأنزل عليكم التوراة،

إذا نسيما ما معكما لقيتما رجال : فانطلق هو وفتاه يوشع بن نون يطلبانه، فتزودا مملوحة في مكتل لهما، وقيل لهمام عالما يقال له الخضر، فلما أتيا ذلك المكان، رد اهللا إلى الحوت روحه فسرب له من الجد حتى أفضى إلى البحر، ث

فلما جاوزوا قال : :ومضى موسى وفتاه، يقول اهللا عز وجل: سلك فجعل ال يسلك فيه طريقا إال صار ماء جامدا، قال، فلقيا رجال عالما يقال له " وعلمناه من لدنا علما : " -إلى قوله - " لفتاه آتنا غذاءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا

.ا سمي الخضر خضرا ألنه قعد على فروة بيضاء فاهتزت به خضراءإنم: الخضر، فذآر لنا أن نبي اهللا قالفهذه األخبار التي ذآرناها عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وعن السلف من أهل العلم تنبئ عن أن الخضر آان

وبين إنه أورميا بن خلقيا، ألن أورميا آان في أيام بختنصر،: قبل موسى وفي أيامه، ويدل على خطأ قول من قالعهدي موسى وبختنصر من المدة ما ال يشكل قدرها على أهل العام بأيام الناس وأخبارهم؛ وإنما قدمنا ذآره وذآر خبره ألنه آان في عهد أفريدون فيما قيل؛ وإن آان قد أدرك على هذه األخبار التي ذآرت من أمره وأمر موسى

عهد منوشهر، وآان ملك منوشهر بعد ما ملك جده أفريدون، وفتاه أيام منوشهر وملكه، وذلك أن موسى إنما نبئ فيفيما - فكل ما ذآرنا من أخبار من ذآرنا أخباره من عهد إبراهيم إلى الخبر عن الخضر عليهما السالم، فإن ذلك آله

.هماآان في ملك بيوراسب وأفريدون، وقد ذآرنا فيما مضى قبل أخبار أعمارهما ومبلغهما ومدة آل واحد من - ذآر

:ونرجع اآلن إلى الخبر عن

منوشهر وأسبابه والحوادث الكائنة في زمانه

152

.ثم ملك بعد أفردون بن أثفيان برآاو منوشهر، وهو من ولد ابرج بن أفريدون

بن منشخورنر بن - فيما يقول نسابة الفرس - وقد زعم بعضهم أن فارس سميت بمنوشهر هذا، وهو منوشهر آيازيه يرح بن ويرك بن سروشنك بن أبوك بن بتك بن فرزشك بن زشك ابن فرآوزك بن آوزك بن إ منشخوا ربغ ابن

وقد يزعم بعض المجوس أن أفريدون وطئ .بهذه األسماء بخالف هذه األلفاظوقد ينطق .أفريدون بن أثفيان برآاوه فولدت له جارية يقال لها فولدت له جارية يقال لها فرآوشك، ثم وطئ فرآوشك هذ ابنة البنه أيرح، يقال لها آوش

زوشك، ثم وطئ زوشك هذه، فولدت له جارية يقال لها بيتك، ثم وطئ بيتك هذه فولدت له جارية يقال هل إيرك، ثم : ويقول بعضهم. وطئ إيرك فولدت له إيزك، ثم وطئ إيزك فولدت له ويرك، ثم وطئ ويرك فولدت له منشخرفاغ

وأن منشخرفاغ وطئ منشجرك فولدت له منشخرنر، وجارية يقال لها منشجرك،: منشخواربغ وجارية يقال لها .فيقول بعضهم آان مولده بدنباوند .ر وطئ منشراروك فولدت له منوشهرمنشراروك، وأن منشخرن

آان مولده بالري، وإن منشخرنر ومنشراروك لما ولد لهما منوشهر أسرا أمره خوفا من طوج وسلم : ويقول بعض

ر لما آبر صار إلى جده أفريدون، فلما دخل عليه توسم فيه الخير، وجعل له ما آان جعل لجده عليه، وإن منوشه .إيرج من المملكة، وتوجه بتاجه

وقد زعم بعض أهل األخبار أن منوشهر هذا هو منوشهر بن منشخرنر ابن أفريقيس بن إسحاق بن إبراهيم؛ وأنه

ف سنة وتسعمائة سنة واثنتان وعشرون سنة، من عهد جيومرت، انتقل إليه الملك بعد أفريدون وبعد أن مضى أل .واستشهد لحقيقة ذلك بأبيات لجرير بن عطية، وهو قوله

حمائل موت البسين السنورا... وأبناء إسحاق الليوث إذا ارتدوا

وآسرى وعدوا الهرموان وقيصرا... إذا انتسبوا عدوا الصبهبذ منهم انوا بإصطخر الملوك وتستراوآ... وآان آتاب فيهم ونبوة

أب ال نبالي بعده من تأخرا... فيجمعنا والغر أبناء فارس رضينا بما أعطى اإلله وقدرا... أبونا خليل اهللا، واهللا ربنا

وأما الفرس فإنها تنكر هذا النسب، وال تعرف لها ملكا إال في أوالد أفريدون، وال تقر بالملك لغيرهم، وترى أن

.، فإنه دخل فيه بغير حق -قبل اإلسالم -ن دخل عليهم في ذلك من غيرهم في قديم األيام داخال إن آاملك طوج وسلم األرض بينهما بعد قتلهما أخاهما إبرج ثالثمائة سنة، ثم ملك : وحدثت عن هشام بن محمد، قال

- على رأس ثمانين سنة -ي منوشهر بن إيرج بن أفريدون مائة وعشرون سنة، ثم إنه وثب به ابن البن طوج الترآفنفاه عن بالد العراق اثنتي عشرة سنة، ثم أديل منه منوشهر، فنفاه عن بالده، وعاد إلى ملكه، وملك بعد ذلك ثمانيا

.وعشرين سنة

وآان منوشهر يوصف بالعدل واإلحسان، وهو أول من خندق الخنادق، وجمع آلة الحرب، وأول من وضع : قال

ويقال إن : قال. رية دهقانا، وجعل أهلها له خوال وعبيدا، وألبسهم لباس المذلة، وأمرهم بطاعتهالدهقنة فجعل لكل ق .موسى النبي صلى اهللا عليه وسلم ظهر في سنة ستين من ملكه

نحن مقوون مقاتلينا، ومعدوهم لالنتقام : وذآر غير هشام أن منوشهر لما ملك توج بتاج الملك وقال يوم ملك

وأنه سار نحو بالد الترك طالبا بدم جده إيرج بن أفريدون، فقتل طوج بن أفريدون . ع العدو عن بالدناألسالفنا، ودفالذي تنسب إليه األتراك، بن -وأخاه سلما، وأدرك ثأره وانصرف، وأن فراسياب بن فشنج ابن رستم بن ترك

153

حارب منوشهر، بعد - نج بن زاشمين وقد يقال لفشك فش. ابن إرشسب بن طوج بن أفريدون الملك: ويقال. شهراسب .أن مضى لقتله طوجا وسلما سنوت سنة، وحاصره بطبرستان

ثم إن منوشهر وفراسياب اصطلحا على أن يجعال حد ما بين مملكتيهما منتهى رمية سهم رجل من أصحاب منوشهر

رميته تلك مما يلي فحيث ما وقع سهمه من موضع - إيرش : وربما خفف اسمه بعضهم فيقول - يدعى أرشباطير وإن أرشباطير نزع بسهم في قوسه، ثم . بالد الترك فهو الحد بينهما ال يجاوز ذلك واحد منهما إلى الناحية األخرى

فبلغت رميته من طبرستان إلى نهر بلخ ووقع السهم هنالك، فصار نهر بلخ حد -وآان قد أعطى قوة وشدة -أرسله وعمل الفرس، فانقطع بذلك من رمية أرشباطير حروب ما بين فراسياب ما بين الترك وولد طوج وولد إيرج

.ومنوشهر

وقيل إنه هو الذي آرا الفرات األآبر، وأمر . وذآروا أن منوشهر اشتق من الصراة ودجلة ونهر بلخ أنهارا عظاما

باطير لرميته التي الناس بحراثة األرض وعمارتها، وزاد في مهنة المقاتلة الرمي، وجعل الرئاسة في ذلك ألرش .رماها

: إن منوشهر لما مضى من ملكه خمس وثالثون سنة تناولت الترك من أطراف رعيته، فوبخ قومه وقال لهم: وقالواأيها الناس، إنكم لم تلدوا الناس آلهم، وإنما الناس ناس ما عقلوا من أنفسهم ودفعوا العدو عنهم، وقد نالت الترك من

من ترآكم جهاد عدوآم، وقلة المباالة، وإن اهللا تبارك وتعالى أعطانا هذا الملك ليبلونا أنشكر أطرافكم، وليس ذلك إال : نعم واعتذروا، فقال: ونحن أهل بيت عز ومعدن الملك هللا؛ فإذا آان غدا فاحضروا، قالوا! فيزيدنا، أم نكفر فيعاقبنا

اورة، فدعاهم وأدخل الرؤساء من الناس، ودعا انصرفوا، فلما آان من الغد أرسل إلى أهل المملكة وأشراف األسموبذ موبذان، فأقعد على آرسي مقابل سريره، ثم قام على سريره، وقام أشراف أهل بيت المملكة وأشراف األساورة

أيها الناس، إنما الخلق للخالق، والشكر : فجلسوا فقال. اجلسوا فإني إنما قمت ألسمعكم آالمي: على أرجلهم، فقالوالتسليم للقادر، وال بد مما هو آائن، وإنه ال أضعف من مخلوق طالبا آان أو مطلوبا، وال أقوى من خالق، للمنعم،

وال أقدر ممن طلبته في يده، وال أعجز ممن هو في يد طالبه، وإن التفكر نور، والغفلة ظلمة، والجهالة ضاللة، وقد وإن اهللا ! لنا أصول نحن فروعها، فما بقاء بعد ذهاب أصلهورد األول وال بد لآلخر من اللحاق باألول، وقد مضت قب

عز وجل أعطانا هذا الملك فله الحمد، ونسأله إلهام الرشد والصدق واليقين، وإن للملك على أهل مملكته حقا، وألهل يعطيهم مملكته عليه حقا، فحق الملك على أهل المملكة أن يطيعوه ويناصحوه ويقاتلوا عدوه، وحقهم على الملك أن

أرزاقهم في أوقاتها، إذ ال معتمد لهم على غيرها، وإنها تجارتهم، وحق الرعية على الملك أن ينظر لهم، ويرفق بهم، وال يحملهم على ما ال يطيقون، وإن أصابتهم مصيبة تنقص من ثمارهم من آفة من السماء أو األرض أن يسقط عنهم

ما يقويهم على عماراتهم، ثم يأخذ منهم بعد ذلك على قدر ما ال خراج ما نقص، وإن اجتاحتهم مصيبة أن يعوضهميجحف بهم في سنة أو سنتين، وأمر الجند للملك بمنزله جناحي الطائر، فهم أجنحة الملك متى قص من الجناح ريشة

أولها أن : لأال وإن الملك ينبغي أن يكون فيه ثالث خصا. آان ذلك نقصانا منه؛ فكذلك الملك إنما هو بجناحه وريشهيكون صدوقا ال يكذب، وأن يكون سخيا ال يبخل، وأن يملك نفسه عند الغضب؛ فإنه مسلط ويده مبسوطة، والخراج يأتيه، فيبتغي أال يستأثر عن جنده ورعيته بما هم أهل له، وأن يكثر العفو؛ فإنه ال ملك أبقى من ملك فيه العفو، وال

فينبغي للملك أن . مرء إن يخطئ في العفو فيعفو، خير من أن يخطئ في العقوبةأال وإن ال. أهلك من ملك فيه العقوبةوإذا رفع إليه من عامل من عماله ما يستوجب به العقوبة فال ينبغي له . يتثبت في األمر الذي فيه قتل النفس وبوارها

ن عجز عنه أدى عنه الملك أن يحابيه، وليجمع بينه وبين المتظلم؛ فإن صح عليه للمظلوم حتى خرج إليه منه، وإأال ومن سفك دما بغير حق، أو قطع يدا بغير حق، فإني . ورده إلى موضعه، وأخذه بإصالح ما أفسد؛ فهذا لكم عليناوإن الترك قد طعمت فيكم فاآفونا، فإنما تكفون أنفسكم، . ال أعفو عن ذلك إال أن يعفو عنه صاحبه فخذوا هذا عني

أال وإن الملك . عدة وأنا شريككم في الرأي، وإنما لي من هذا الملك اسمه مع الطاعة منكموقد أمرت لكم بالسالح والومهما بلغنا من الخالف فإنا ال نقبله من المبلغ له حتى نتيقنه، فإذا . ملك إذا أطيع، فإذا خولف فذلك مملوك ليس بملكعند المصيبات األخذ بالصبر والراحة إلى أال وإن أآمل األداة . صحت معرفة ذلك وإال أنزلناه منزلة المخالف

وأفضل األمور التسليم ألمر اهللا والراحة إلى اليقين . اليقين؛ فمن قتل في مجاهدة العدو رجوت له الفوز برضوان اهللاوإنما يتقلب في آف الطالب، وإنما هذه الدنيا سفر ألهلها ال يحلون ! والرضا بقضائه، وأين المهرب مما هو آائن

ومن أحق ! رحال إال في غيرها؛ وإنما بلغتهم فيها بالعواري، فما أحسن الشكر للمنعم والتسليم لمن القضاء لهعقد ال

154

فثقوا بالغلبة إذا آانت نياتكم أن النصر من اهللا، ! بالتسليم لمن فوقه ممن ال يجد مهربا إال إليه، وال معوال إال عليهواعلموا أن هذا الملك ال يقوم إال باالستقامة وحسن الطاعة وقمع . موآونوا على ثقة من درك الطلبة إذا صحت نياتك

.العدو وسد الثغور والعدل للرعية وإنصاف المظلوم

انظروا للرعية . فشفاؤآم عندآم، والدواء الذي ال داء فيه االستقامة، واألمر بالخير والنهي عن الشر، وال قوة إال باهللافيها رغبوا في العمارة، فزاد ذلك في خراجكم، وتبين في زيادة أرزاقكم، وإذا فإنها مطعمكم ومشربكم، ومتى عدلتم

حفتم على الرعية زهدوا في العمارة، وعطلوا أآثر األرض فنقص ذلك من خراجكم، وتبين في نقص أرزاقكم، قبل أن يكثر، وما فتعاهدوا الرعية باإلنصاف؛ وما آان من األنهار والبثوق مما نفقة ذلك من السلطان فأسرعوا فيه

آان من ذلك على الرعية فعجزوا عنه فأقرضوهم من بيت مال الخراج، فإذا حان أوقات خراجهم، فخذوا من خراج هذا قولي وأمري . غالتهم على قدر ما ال يجحف ذلك بهم، ربع في آل سنة أو ثلث أو نصف، لكيال يشق ذلك عليهم

نعم، قد قلت : فقالوا! ا الذي سمعت في يومك؛ أسمعتم أيها الناسيا موبذ موبذان، الزم هذا القول، وخذ في هذوآان ملكه . ثم أمر بالطعام فوضع فأآلوا وشربوا، ثم خرجوا وهم له شاآرون: فأحسنت، ونحن فاعلون إن شاء اهللا

. قوة إال باهللا آم عندآم، والدواء الذي ال داء فيه االستقامة، واألمر بالخير والنهي عن الشر، وال.مائة وعشرين سنةانظروا للرعية فإنها مطعمكم ومشربكم، ومتى عدلتم فيها رغبوا في العمارة، فزاد ذلك في خراجكم، وتبين في زيادة أرزاقكم، وإذا حفتم على الرعية زهدوا في العمارة، وعطلوا أآثر األرض فنقص ذلك من خراجكم، وتبين في نقص

ما آان من األنهار والبثوق مما نفقة ذلك من السلطان فأسرعوا فيه قبل أن أرزاقكم، فتعاهدوا الرعية باإلنصاف؛ ويكثر، وما آان من ذلك على الرعية فعجزوا عنه فأقرضوهم من بيت مال الخراج، فإذا حان أوقات خراجهم، فخذوا

هذا . ليهممن خراج غالتهم على قدر ما ال يجحف ذلك بهم، ربع في آل سنة أو ثلث أو نصف، لكيال يشق ذلك عنعم، : فقالوا! قولي وأمري يا موبذ موبذان، الزم هذا القول، وخذ في هذا الذي سمعت في يومك؛ أسمعتم أيها الناس

. ثم أمر بالطعام فوضع فأآلوا وشربوا، ثم خرجوا وهم له شاآرون: قد قلت فأحسنت، ونحن فاعلون إن شاء اهللا .وآان ملكه مائة وعشرين سنة

ن الكلبي فدا حدثت عنه أن الرائش بن قيس بن صيفي ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان آان وقد زعم هشام ب

من ملوك اليمن بعد يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ وإخوته، وأن الرائش آان ملكه باليمن أيام ملك منوشهر، هم فأدخلها اليمن، فسمي لذلك لغنيمة غنمها من قوم غزا - واسمه الحارث بن أبي شدد - وإنه إنما سمي الرائش

الرائش، وأنه غزا الهند فقتل بها وسبى وغنم األموال، ورجع إلى اليمن ثم سار منها، فخرج على جبلي طيئ ثم على شمر بن العطاف، فدخل على : األنبار، ثم على الموصل، وأنه وجه منها خيله وعليها رجل من أصحابه، يقال له

أيديهم يومئذ، فقتل المقاتلة وسبى الذرية، وزبر ما آان من مسيره في حجرين، فهما الترك أرض أذربيجان وهي في :وفي ذلك يقول امرؤ القيس: قال. معروفان ببالد أذربيجان

ختور العهد يلتقم الرجاال... ألم يخبرك أن الدهر غول وقد ملك السهولة والجباال... أزال عن المصانع ذا رياش

وللزراد قد نصب الحباال... منار وأنشب في المخالب ذا

وذو منار الذي ذآره الشاعر هو ذو منار بن رائش، الملك بعد أبيه، واسمه أبرهة بن الرائش، وإنما سمى ذا : قال

. منار ألنه غزا بالد المغرب فوغل فيها برا وبحرا، وخاف على جيشه الضالل عند فقوله، فبنى المنار ليهتدوا بهاليمن أنه آان وجه ابنه العبد بن أبرهة في غزوته هذه إلى ناحية من أقاصي بالد المغرب، فغنم ويزعم أهل ا: قال

.وأصاب ماال وقدم عليه بنسناس لهم خلق وحشية منكرة، فذعر الناس منهم، فسموه ذا األذعارالموضع لما فأبرهة أحد ملوآهم الذين توغلوا في األرض؛ وإنما ذآرت من ذآرت من ملوك اليمن في هذا: قال

ذآرت من قول من زعم أن الرائش آان ملكا باليمن أيام منوشهر، وأن ملوك اليمن آانوا عماال لملوك فارس بها، .ومن قبلهم آانت واليتهم بها

ذآر نسب موسى بن عمران

وأخباره وما آان في عهده وعهد منوشهر بن منشخورنر الملك من األحداث

155

حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن : فحدثنا ابن حميد، قال. ل اهللا وعددهم وموالدهمقد ذآرنا أوالد يعقوب إسرائيثم أن الوى بن يعقوب نكح نابتة ابنة ماري بن يشخر، فولدت له عرشون بن الوى ومرزي بن الوى : إسحاق، قال

فولدت له يصهر . لياسفنكح قاهث بن الوى فاهى ابنة مسين بن بتويل بن إ. وقاهث ابن الوى - ومردي بن الوى -فولدت له عمران بن يصهر، وقارون . بن قاهث، فتزوج يصهر شميث ابنة بتاديت بن برآيا ابن يقسان بن إبراهيم

بن يصهر، فنكح عمران يحيب ابنة شمويل بن برآيا ين يقسان بن إبراهيم؟ فولدت له هارون بن عمران وموسى بن .عمران

قوب بن إسحاق مائة وسبعا وأربعين سنة، وولد الوى له، وقد مضى من عمره آان عمر يع: وقال غير ابن إسحاق

تسع وثمانون سنة، وولد لالوى قاهث بعد أن مضى من عمر الوى ست وأربعون سنة، ثم ولد لقاهث يصهر، ثم ولد عمره وآان عمر يصهر مائة وسبعا وأربعين سنة، وولد له عمران بعد أن مضى من -وهو عمران -ليصهر عمرم

وامرأته صفورا ابنة يترون، وهو -آان اسمها باختة : وقيل -ستون سنة، ثم ولد لعمران موسى، وآانت أمه يوخابد وولد موسى جرشون وإبيليعازر، وخرج إلى مدين خائفا وله إحدى وأربعون سنة، . شعيب النبي صلى اهللا عليه وسلم

.اء، وله ثمانون سنةوآان يدعو إلى دين إبراهيم، وتراءى اهللا بطور سين

وآان فرعون مصر في أيامه قابوس بن مصعب بن معاوية صاحب يوسف الثاني، وآانت امرأته آسية ابنة مزاحم

فلما نودي موسى أعلم أن قابوس بن مصعب قد مات، وقام . بن عبيد بن الريان بن الوليد، فرعون يوسف األول .وس وأآفر وأفجر، وأمر بأن يأتيه هو وأخوه هارون بالرسالةأخوه الوليد بن مصعب مكانه، وآان أعتى من قاب

ويقال إن الوليد تزوج آسية ابنة مزاحم بعد أخيه وآان عمر عمران مائة سنة وسبعا وثالثين سنة، وولد موسى : قالوقد مضى من عمر عمران سبعون سنة، ثم صار موسى إلى فرعون رسوال مع هارون، وآان من مولد موسى إلى

رج ببني إسرائيل عن مصر ثمانون سنة، ثم صار إلى التيه بعد أن عبر البحر، فكان مقامهم هنالك إلأن خ

.ى أن خرجوا مع يوشع بن نون أربعين سنة، فكان ما بين مولد موسى إلى وفاته في التيه مائة وعشرين سنةقبض اهللا يوسف، وهلك الملك : إسحاق، قالحدثنا سلمة، عن ابن : وأما ابن إسحاق فإنه قال فيما حدثنا ابن حميد، قال

الذي آان معه الريان بن الوليد، وتوارثت الفراعنة من العماليق ملك مصر، فنشر اهللا بها بني إسرائيل، وقبر يوسف في صندوق من مرمر في ناحية من النيل في جوف الماء، فلم يزل بنو إسرائيل تحت - آما ذآر لي -حين قبض

م على بقايا من دينهم مما آان يوسف ويعقوب وإسحاق وإبراهيم شرعوا فيهم من اإلسالم، أيدي الفراعنة وهمتمسكين؛ به حتى آان فرعون موسى الذي بعثه اهللا إليه، ولم يكن منهم فرعون أعتى منه على اهللا وال أعظم قوال

م يكن من الفراعنة فرعون أشد الوليد بن مصعب، ول - فيما ذآروا لي -وآان اسمه . وال أطول عمرا في ملكه منهغلظة، وال أقسى قلبا، وال أسوأ ملكة لبني إسرائيل منه، يعذبهم فيجعلهم خدما وخوال، وصنفهم في أعماله، فصنف

يبنون، وصنف يحرثون، وصنف يزرعون له، فهم في أعماله، ومن لم يكن منهم في صنعة له من عمله فعليه ، وفيهم مع ذلك بقايا من أمر دينهم ال يريدون فراقه، وقد استنكح منهم " ء العذاب سو: " الجزية، فسامهم آما قال اهللا

امرأة يقال لها آسية ابنة مزاحم، من خيار النساء المعدودات، فعمر فيهم وهم تحت يديه عمرا طويال يسومهم سوء .العذاب، فلما أراد اهللا أن يفرج عنهم وبلغ موسى األشد أعطى الرسالة

تعلم أنا نجد في علمنا أو مولودا : ر لي أنه لما تقارب زمان موسى أتى منجمو فرعون وحزاته إليه، فقالواوذآ: قال

من بني إسرائيل قد أظلك زمانه الذي يولد فيه، يسلبك ملكك، ويغلبك على سلطانك، ويخرجك من أرضك، ويبدل من الغلمان وأمر بالنساء يستحيين، فجمع القوابل فلما قالوا له ذلك أمر بقتل آل مولود يولد من بني إسرائيل. دينك

ال يسقطن على أيديكن غالم من بني إسرائيل إال قتلتموه، فكن يفعلن ذلك، وآان يذبح : من نساء أهل مملكته فقال لهن .من فوق ذلك من الغلمان، ويأمر بالحبالى فيعذبن حتى يطرحن ما في بطونهن

لقد ذآر لي أنه : عن محمد بن إسحاق، عن عبد اهللا بن أبي نجيح، عن مجاهد، قالحدثنا سلمة، : حدثنا ابن حميد، قالآان يأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار، ثم يصف بعضه إلى بعض، ثم يأتي بالحبالى من بني إسرائيل

تتقي به حز القصب فيوقفهن عليه فيحز أقدامهن، حتى إن المرأة منهن لتمصع بولدها فيقع بين رجليها، فتظل تطؤه

156

أفنيت الناس، وقطعت النسل، وإنهم : عن رجليها، لما بلغ من جهدها، حتى أسرف في ذلك، وآاد يفنيهم، فقيل لهفأمر أن يقتل الغلمان عاما ويستحيوا عاما، فولد هارون في السنة التي يستحيا فيها الغلمان، وولد . خولك وعمالك

.ان هارون أآبر منه سنةموسى في السنة التي فيها يقتلون، فكحدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره عن أبي مالك وعن : وأما السدي فإنه قال ما حدثنا موسى بن هارون، قال

وعن ناس من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه -وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود - أبي صالح، عن ابن عباس ا في منامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت وسلم أنه آان من شأن فرعون أنه رأى رؤي

مصر، فأحرقت القبط وترآت بني إسرائيل، وأخربت بيوت مصر، فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة، فسألهم هه رجل يكون على وج - يعنون بيت المقدس -يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه : عن رؤياه فقالوا له

انظروا : وقال للقبط. فأمر ببني إسرائيل أال يولد لهم غالم إال ذبحوه، وال يولد لهم جارية إال ترآت. هالك مصرفجعل بني إسرائيل في . مملوآيكم الذين يعملون خارجا فأدخلوهم واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك األعمال القذرة

" تجبر في األرض، " يقول " إن فرعون عال في األرض : " هللاأعمال غلمانهم وأدخلوا غلمانهم، فذلك حين يقول ا، " يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم " - يعني بني إسرائيل حين جعلهم في األعمال القذرة -" وجعل أهلها شيعا

أسرع فجعل ال يولد لبني إسرائيل مولود إال ذبح، فال يكبر الصغير، وقذف اهللا في مشيخة بني إسرائيل الموت، فإن هؤالء القوم قد وقع فيهم الموت، فيوشك أن يقع العمل على : فيهم، فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه، فقالوا

فأمر أن يذبحوا سنة ويترآوا سنة؛ ! غلماننا نذبح أبناءهم فال يبلغ الصغار، ويفنى الكبار، فلو أنك تبقي من أوالدهمولد هارون فترك، فلما آان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى فلما آان في السنة التي ال يذبحون فيها

وهو " أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم : " بموسى فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه، فأوحى اهللا إليهادعت له نجارا فلما وضعته أرضعته، ثم " . وال تخافي وال تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين " النيل،

تعني قصي أثره " وقالت ألخته قصيه " فجعل له تابوتا وجعل مفتاح التابوت من داخل، وجعلته فيه وألقته في اليم، فأقبل الموج بالتابوت يرفعه مرة، ويخفضه أخرى، حتى . ، أنها أخته" فبصرت به عن جنب وهم ال يشعرون "

آسية امرأة فرعون يغتسلن، فوجدن التابوت فأدخلته إلى آسية، أدخله بين أشجار عند بيت فرعون، فخرج جواري فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه، فلم تزل . وظنن أن فيه ماال، فلما نظرت إليه آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته

هالآنا، إني أخاف أن يكون هذا من بني إسرائيل، وأن يكون هذا الذي على يديه: آسية تكلمه حتى ترآه لها، قالفأرادوا له المرضعات، فلم يأخذ من أحد من " . فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا : " فذلك قول اهللا تعالى

وحرمنا عليه : " النساء، وجعل النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع، فأبى أن يأخذ، فذلك قول اهللاإنك قد : ، فأخذوها، وقالوا" ى أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون هل أدلكم عل" أخته " المراضع من قبل فقالت

.هم للملك ناصحون: ما أعرفه، ولكني إنما قلت: فقالت. عرفت هذا الغالم فدلينا على أهله

إن آادت لتبدي به لوال أن : " فعصمها اهللا، فذلك قول اهللا! هو ابني: ولما جاءت أمه أخذ منها ثديها فكادت أن تقول" مو " ، وإنما سمي موسى ألنهم وجدوه في ماء وشجر، والماء بالقبطة " بطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ر

فاتخذه فرعون ولدا فدعي " . فرددناه إلى أمه آي تقر عينها وال تخزن : " فذلك قول اهللا عز وجل" شا " والشجر خذه قرة : هي ترقصه وتلعب به إذ ناولته فرعون، وقالت فلما تحرك الغالم أرته أمه آسية صبيا، فبينما. ابن فرعون

لو أنه قال وهو لي قرة عين إذا آلمن : قال عبد اهللا بن عباس. هو قرة عين لك وال لي: عين لي ولك، قال فرعون تقتلوه ال: " قالت آسية! علي بالذباحين، هذا هو: به؛ ولكنه أبى، فلما أخذه إليه أخذ موسى بلحيته فنتفها، فقال فرعون

، إنما هو صبي ال يعقل؛ وإنما صنع هذا من صباه، وقد علمت أنه لي سفي أهل " عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا مصر امرأة أحلى مني؛ أنا أضع له حليا من الياقوت، وأضع له جمرا، فإن أخذ الياقوت فهو يعقل فاذبحه، وإن أخذ

له طستا من جمر، فجاء جبرئيل فطرح في يده جمرة فطرحها الجمر فإنما هو صبي، فأخرجت له ياقوتها فوضعت فزالت عن " . واحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي : " موسى في فيه فأحرق لسانه، فهو الذي يقول اهللا عز وجل

وآبر موسى فكان يرآب مراآب فرعون، ويلبس مثل ما يلبس، وآان إنما يدعى موسى بن . موسى من أجل ذلكإن فرعون قد رآب، فرآب في أثره : فرعون رآب مرآبا وليس عنده موسى، فلما جاء موسى قيل له ثم إن. فرعون

فأدرآه المقيل بأرض يقال لها منف، فدخلها نصف النهار، وقد تغلقت أسواقها، وليس في طرقها أحد، وهو قول اهللا هذا من بني : يقول" هذا من شيعته ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتالن: " عز وجلفاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوآزه موسى فقضي " من القبط : يقول" وهذا من عدوه " إسرائيل،

عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور " خائفا أن يؤخذ، " لي فلن أآون ظهيرا للمجرمين، فأصبح في المدينة خائفا يترقب الرحيم، قال رب بما أنعمت ع

ثم أقبل موسى لينصره، " . قال له موسى إنك لغوي مبين " يستغيثه : يقول" فإذا الذي استنصره باألمس يستصرخه

157

يلي وفرق من موسى أن يبطش فلما نظر إلى موسى قد أقبل نحوه ليبطش بالرجل الذي يقاتل اإلسرائيلي، قال اإلسرائأتريد أن تقتلني آما قتلت نفسا باألمس إن تريد إال أن تكون جبارا في " يا موسى -به من أجل أنه أغلظ الكالم

فترآه وذهب القبطي، فأفشى عليه أن موسى هو الذي قتل الرجل، " . األرض وما تريد أن تكون من المصلحين اطلبوه في بنيات الطريق، فإن موسى غالم ال يهتدي : بنا، وقال للذين يطلبونهخذوه فإنه صاح: فطلبه فرعون وقال

إن المأل يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك " إلى الطريق، وأخذ موسى في بنيات الطريق وجاءه الرجل وأخبره ي بنيات الطريق فلما أخذ موسى ف" . من الناصحين، فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ال تسجد لي، ولكن اتبعني، فاتبعه فهداه : جاءه ملك على فرس بيده عنزة، فلما رآه موسى سجد له من الفرق؛ فقال

، فانطلق به الملك حتى انتهى " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " نحو مدين، وقال موسى وهو متوجه نحو مدين حدثنا : حدثنا أصبع بن زيد الجهني، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: البه إلى مدين حدثني العباس بن الوليد، ق

القاسم،

، فسألته عن " وفتناك فتونا : " سألت عبد اهللا بن عباس عن قول اهللا لموسى: حدثني سعيد ابن جبير، قال: قال أصبحت عذوت على ابن عباس فلما: استأنف النهار يا بن جبير، فإن لها حديثا طويال، قال: الفتون ما هي؟ فقال ليتذاآر فرعون وجلساؤه ما وعد اهللا إبراهيم من أن يجعل في ذريته أنبياء : فقال ابن عباس: قال. ألنتجز منه فأوعدنيإن بني إسرائيل لينتظرون ذلك ما يشكون، ولقد آانوا يظنون أنه يوسف بن يعقوب، فلما هلك : وملوآأ، فقال بعضهم

فائتمروا بينهم، وأجمعوا أمرهم على أن : فكيف ترون؟ قال: هللا وعد إبراهيم، قال فرعونليس هكذا آان ا: قالوايبعث رجاال معهم الشفار، يطوفون في بني إسرائيل فال يجدون مولودا ذآرا إال ذبحوه، فلما رأوا أن الكبار من بني

سرائيل فتصيروا إلى أن تباشروا من توشكون أن تفنوا بني إ: بآجالهم، وأن الصغار يذبحون قالوا إسرائيل يموتواألعمال والخدمة التي آانوا يكفونكم، فاقتلوا عاما آل مولود ذآر، فيقل أبناؤهم؛ ودعوا عاما ال تقتلوا منهم أحدا، فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار؛ فإنهم لن يكثروا بمن تستحيون منهم فتخافوا مكاثرتهم إياآم، ولن يقلوا

فأجمعوا أمرهم على ذلك فحملت أم موسى بهارون في العام الذي ال يذبح فيه الغلمان فولدته عالنية آمنة .بمن تقتلونمما دخل عليه -وذلك من الفتون يا ابن جبير -حتى إذا آان العام المقبل حملت بموسى فوقع في قلبها الهم والحزن

وأمرها " . وال تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين أال تخافي: " في بطن أمه مما يراد به، فأوحى اهللا إليهافلما ولدته فعلت ما أمرت به، حتى إذا توارى عنها ابنها أتاها إبليس، . إذا ولدته أن تجعله في تابوت، ثم تلقيه في اليم

إلى حيتان البحر ما صنعت بابني؟ لو ذبح عندي فواريته وآفنته آان أحب إلي من أن ألقيه بيدي: فقالت في نفسهافانطلق به الماء حتى أوفى به عند فرضة مستقى جواري آل فرعون، فرأينه فأخذنه، فهممن أن يفتحن . ودوابه

إن في هذا ماال؛ وإنا إن فتحناه لم تصدقنا امرأة فرعون بما وجدنا فيه، فحملنه آهيئته : التابوت، فقال بعضهن لبعضفلما فتحته رأت فيه الغالم، فألقى عليه منها محبة لم يلق مثلها منها على أحد لم يحرآن منه شيئا حتى دفعنه إليها،

فلما سمع الذباحون بأمره أقبلوا . من ذآر آل شيء، إال من ذآر موسى" وأصبح فؤاد أم موسى فارغا " من الناس، انصرفوا، فإن هذا : لذباحينل: فقالت - وذلك من الفتون يا بن جبير - إلى امرأة فرعون بسفارهم يريدون أن يذبحوه

الواحد ال يزيد في بني إسرائيل، فآتي فرعون فاستوهبه إياه، فإن وهبه لي آنتم قد أحسنتم وأجملتم، وإن أمر بذبحه يكون لك، فأما أنا فال حاجة لي : ، قال فرعون" قرة عين لي ولك ال تقتلوه : " فلما أتت به فرعون قالت. لم ألمكم

والذي يحلف به، لو أقر فرعون أن يكون له قرة عين آما أقرت به لهداه : " صلى اهللا عليه وسلمفيه، فقال رسول اهللاتوشكون أن تفنوا بني إسرائيل : بآجالهم، وأن الصغار يذبحون قالوا" .اهللا به، آما هدى امرأته، ولكن اهللا حرمه ذلك

نكم، فاقتلوا عاما آل مولود ذآر، فيقل أبناؤهم؛ ودعوا فتصيروا إلى أن تباشروا من األعمال والخدمة التي آانوا يكفوعاما ال تقتلوا منهم أحدا، فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار؛ فإنهم لن يكثروا بمن تستحيون منهم فتخافوا

ح فيه فأجمعوا أمرهم على ذلك فحملت أم موسى بهارون في العام الذي ال يذب. مكاثرتهم إياآم، ولن يقلوا بمن تقتلونوذلك من الفتون يا -الغلمان فولدته عالنية آمنة حتى إذا آان العام المقبل حملت بموسى فوقع في قلبها الهم والحزن

أال تخافي وال تحزني إنا رادوه إليك : " مما دخل عليه في بطن أمه مما يراد به، فأوحى اهللا إليها - ابن جبير فلما ولدته فعلت ما أمرت به، . ته أن تجعله في تابوت، ثم تلقيه في اليموأمرها إذا ولد" . وجاعلوه من المرسلين

ما صنعت بابني؟ لو ذبح عندي فواريته وآفنته آان أحب : حتى إذا توارى عنها ابنها أتاها إبليس، فقالت في نفسهاتقى جواري آل فانطلق به الماء حتى أوفى به عند فرضة مس. إلي من أن ألقيه بيدي إلى حيتان البحر ودوابه

إن في هذا ماال؛ وإنا إن فتحناه لم تصدقنا : فرعون، فرأينه فأخذنه، فهممن أن يفتحن التابوت، فقال بعضهن لبعضامرأة فرعون بما وجدنا فيه، فحملنه آهيئته لم يحرآن منه شيئا حتى دفعنه إليها، فلما فتحته رأت فيه الغالم، فألقى

من ذآر آل شيء، إال من " وأصبح فؤاد أم موسى فارغا " ها على أحد من الناس، عليه منها محبة لم يلق مثلها منوذلك من الفتون يا بن -فلما سمع الذباحون بأمره أقبلوا إلى امرأة فرعون بسفارهم يريدون أن يذبحوه . ذآر موسى

158

عون فاستوهبه إياه، فإن وهبه انصرفوا، فإن هذا الواحد ال يزيد في بني إسرائيل، فآتي فر: للذباحين: فقالت -جبير ، قال " قرة عين لي ولك ال تقتلوه : " فلما أتت به فرعون قالت. لي آنتم قد أحسنتم وأجملتم، وإن أمر بذبحه لم ألمكم

والذي يحلف به، لو أقر : " يكون لك، فأما أنا فال حاجة لي فيه، فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: فرعون " .قرة عين آما أقرت به لهداه اهللا به، آما هدى امرأته، ولكن اهللا حرمه ذلك فرعون أن يكون له

فأرسلت إلى من حولها من آل أنثى لها لبن لتختار له ظئرا، فجعل آلما أخذته امرأة منهن لترضعه لم يقبل ثديها، السوق، مجمع الناس حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمتنع من اللبن فيموت، فحزنها ذلك، فأمرت به فأخرج إلى

ترجو أن تصيب له ظئرا يأخذ منها، فلم يقبل من أحد، وأصبحت أم موسى فقالت ألخته قصيه واطلبيه هل تسمعين أحي ابني أم قد أآلته دواب البحر وحيتانه؟ ونسيت الذي آان اهللا وعدها، فبصرت به أخته عن جنب وهم ال ! له ذآرا

" . هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون : " الظئوراتيشعرون، فقالت من الفرح حين أعياهم : فقالت -وذلك من الفتون يا ابن جبير - هل تعرفينه؟ حتى شكوا في ذلك ! وما يدريك ما نصحهم له: فأخذوها فقالوا

فأخبرتها الخبر، فترآوها، فانطلقت إلى أمها . نصحهم له، وشفقتهم عليه، ورغبتهم في ظئورة الملك، ورجاء منفعتهفجاءت فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها حتى امتأل جنباه، فانطلق البشراء إلى امرأة فرعون يبشرونها أن قد

امكثي عندي ترضعين ابني هذا فإني : وجدنا البنك ظئرا، فأرسلت إليها فأتيت بها وبه، فلما رأت ما يصنع بها قالتال أستطيع أن أدع بيتي وولدي فيضيع، فإن طابت نفسك أن تعطينيه فأذهب إلى : فقالت: قال. لم أحب حبه شيئا قط

وذآرت أم موسى ما آان اهللا وعدها، . بيتي، فيكون معي ال آلوه خيرا فعلت، وإال فإني غير تارآة بيتي وولديمها، فأنبته اهللا فتعاسرت على امرأة فرعون، وأيقنت أن اهللا عز وجل منجز وعده، فرجعت بابنها إلى بيتها من يو

نباتا حسنا، وحفظه لما قضي فيه، فلم تزل بنو إسرائيل وهم مجتمعون في ناحية المدينة يمتنعون به من الظلم أريد أن تريني موسى، فوعدتها يوما تريها إياه : والسخر التي آانت فيهم، فلما ترعرع قالت امرأة فرعون ألم موسى

ال يبقين أحد منكم إال استقبل ابني بهدية وآرامة، ليرى ذلك، وأنا باعثة : تهافيه، فقالت لحواضنها وظئورها وقهارمفلم تزل الهدية والكرامة والتحف تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن . أمينة تحصى ما يصنع آل إنسان منكم

: أثرها عليه، وقالت دخل على امرأة فرعون، فلما دخل عليها بجلته وأآرمته وفرحت به وأعجبها ما رأت من حسنفلما دخلن به على فرعون وضعنه في حجره، فتناول موسى لحية فرعون . انطلقن به إلى فرعون فليبجله وليكرمه

فأرسل إلى الذباحين ! أال ترى ما وعد اهللا إبراهيم أنه سيصرعك ويعلوك! عدو من أعداء اهللا: حتى مدها، فقالفجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون . بعد آل بالء ابتلى به وأريد به -وذلك من الفتون يا بن جبير -ليذبحوه اجعل بيني : فقالت! أال ترينه يزعم أنه سيصرعني ويعلوني: ما بدا لك في هذا الصبي الذي وهبته لي؟ قال: فقالت

جمرتين علمت انه وبينك أمرا يعرف فيه الحق؛ أئت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهن إليه، فإن بطش باللؤلؤتين واجتنب اليعقل، وإن تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين فاعلم أن أحدا ال يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل، فقرب ذلك

فصرفه اهللا عنه بعد ما آان قد هم ! أال ترى: إليه فتناول الجمرتين فنزعوهما منه مخافة أن تحرقا يده، فقالت المرأةأمره، فلما بلغ أشده وآان من الرجال لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني به، وآان اهللا بالغا فيه

إسرائيل بظلم وال سخرة، حتى امتنعوا آل امتناع، فبينما هو يمشي ذات يوم في ناحية المدينة إذا هو برجلين رعوني، فغضب موسى واشتد يقتتالن؛ أحدهما من بني إسرائيل واآلخر من آل فرعون، فاستغاثه اإلسرائيلي على الف

غضبه ألنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل وحفظه لهم، وال يعلم الناس إال أنما ذلك من قبل الرضاعة غير أم موسى؛ إال أن يكون اهللا عز وجل أطلع موسى من ذلك على ما لم يطلع عليه غيره، فوآز

هذا من عمل الشيطان : " ل واإلسرائيلي، فقال موسى حين قتل الرجلالفرعوني فقتله، وليس يراهما إال اهللا عز وجفأصبح في " . رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم : " ، ثم قال" إنه عدو مضل مبين

ا بحقنا، وال إن بني إسرائيل قد قتلوا رجال من آل فرعون فخذ لن: المدينة خائفا يترقب األخبار، فأتى فرعون فقيل لهفطلبوا ذلك، . ابغوني قاتله، ومن يشهد عليه؛ ألنه ال يستقيم أن نقضي بغير بينة وال ثبت: ترخص لهم في ذلك، فقال

ذلك اإلسرائيلي يقاتل فرعونيا، فاستغاثه اإلسرائيلي فبينما هم يطوفون ال يجدون بينة، إذ مر موسى من الغد، فرأىدم على ما آان منه باألمس، وآره الذي رأى، فغضب موسى فمد يده وهو على الفرعوني، فصادف موسى وقد ن

فنظر اإلسرائيلي إلى " . إنك لغوي مبين : " يريد أن يبطش بالفرعوني، فقال لإلسرائيلي لما فعل باألمس واليوم: " ما قال له موسى بعد ما قال ما قال، فإذا هو غضبان آغضبه باألمس الذي قتل فيه الفرعوني، فخاف أن يكون بعد

فخاف اإلسرائيلي فحاجز الفرعوني، - ولم يكن أراده، وإنما أراد الفرعوني -، أن يكون إياه أراد " إنك لغوي مبين وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله، " ! أتريد أن تقتلني آما قتلت نفسا باألمس " يا موسى : وقال

أتريد أن تقتلني آما : " ى قومه فأخبرهم بما سمع من اإلسرائيلي من الخبر، حين يقولفتتارآا، فانطلق الفرعوني إلفأرسل فرعون الذباحين، وسلك موسى الطريق األعظم وطلبوه وهم ال يخافون أن يفوتهم، " ! قتلت نفسا باألمس

159

فأخبره الخبر؛ وذلك وآان رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة، فاختصر طريقا قريبا حتى سبقهم إلى موسى، ذلك اإلسرائيلي يقاتل فرعونيا، فاستغاثه اإلسرائيلي على الفرعوني، فصادف موسى وقد ندم .من الفتون يا بن جبير

على ما آان منه باألمس، وآره الذي رأى، فغضب موسى فمد يده وهو يريد أن يبطش بالفرعوني، فقال لإلسرائيلي فنظر اإلسرائيلي إلى موسى بعد ما قال ما قال، فإذا هو غضبان " . مبين إنك لغوي: " لما فعل باألمس واليوم

-، أن يكون إياه أراد " إنك لغوي مبين : " آغضبه باألمس الذي قتل فيه الفرعوني، فخاف أن يكون بعد ما قال لهأتريد أن تقتلني آما "يا موسى : فخاف اإلسرائيلي فحاجز الفرعوني، وقال -ولم يكن أراده، وإنما أراد الفرعوني

وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله، فتتارآا، فانطلق الفرعوني إلى قومه " ! قتلت نفسا باألمس فأرسل فرعون " ! أتريد أن تقتلني آما قتلت نفسا باألمس : " فأخبرهم بما سمع من اإلسرائيلي من الخبر، حين يقول

يق األعظم وطلبوه وهم ال يخافون أن يفوتهم، وآان رجل من شيعة موسى من أقصى الذباحين، وسلك موسى الطر .المدينة، فاختصر طريقا قريبا حتى سبقهم إلى موسى، فأخبره الخبر؛ وذلك من الفتون يا بن جبير

من آثرة: يقول" فلما ورد ماء مدين وجد عليه أمه من الناس يسقون : " قال. ثم رجع الحديث إلى حديث السدي .الناس يسقون

حدثنا الفضل بن موسى، عن األعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن : وقد حدثنا أبو عمار المروزي، قال

وآان يقال نحو من الكوفة إلى : قال -خرج موسى من مصر إلى مدين، وبينهما مسيرة ثمان ليال : جبير، قال .افيا، فما وصل إليها حتى وقع خف قدمهولم يكن له طعام إال ورق الشجر، فخرج ح - البصرة

.حدثنا األعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس بنحوه: حدثنا أبو آريب، حدثنا عثام، قالما خطبكما : " تحبسان غنمهما، فسألهما: يقول" ووجد من دونهم امرأتين تذودان . " رجع الحديث إلى حديث السدي

، فرحمهما موسى فأتى البئر فاقتلع صخرة على البئر، آان " الرعاء وأبونا شيخ آبير قالتا ال نسقي حتى يصدرالنفر من أهل مدين يجتمعون عليها حتى يرفعوها، فسقى لهما موسى دلوا فأروتا غنمهما، فرجعتا سريعا، وآانتا إنما

لما أنزلت إلي من خير فقير رب إني: " تسقيان من فضول الحياض، ثم تولى موسى إلى ظل شجرة من السمر فقاللقد قال موسى، ولو شاء إنسان أن ينظر إلى خضرة أمعائه من شدة الجوع ما يسأل اهللا إال : قال ابن عباس: ، قال" .أآلة

حدثنا حكام بن سلم، عن عنبسة، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله : حدثنا ابن حميد، قال

رب إني : " ورد الماء وإنه ليتراءى خضرة البقل في بطنه من الهزال فقال: ، قال" د ماء مدين ولما ور: " عز وجل .شبعة: قال" لما أنزلت إلي من خير فقير

فلما رجعت الجاريتان إلى أبيهما سريعا، سألهما فأخبرتاه خبر موسى، فأرسل . رجع الحديث إلى حديث السدي" قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا " ، -وهي تستحيي منه -" تمشي على استحياء " إحداهما فأتته

امشي خلفي : امضي، فمشت بين يديه، فضربتها الريح فنظر إلى عجيزتها، فقال لها موسى: فقام معها، وقال لهالمين، قالت وقص عليه القصص قال ال تخف نجوت من القوم الظا" ودليني على الطريق إن أخطأت، فلما أتى الشيخ

هذه القوة قد : قال الشيخ. وهي الجارية التي دعته" . إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي األمين إني مشيت قدامه فلم يحب أن يخونني في نفسي، : رأيت حين اقتلع الصخرة، أرأيت أمانته ما يدريك ما هي؟ قالت

أيما " -إلى -" أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني إني: " وأمرني أن أمشي خلفه، قال له الشيخ " .واهللا على ما نقول وآيل " ، إما ثمانيا وإما عشرا، " األجلين قضيت

فأمر إحدى ابنتيه أن تأتيه بعصا فأتته بعصا، آانت تلك . الجارية التي دعته هي التي تزوج بها: قال ابن عباس

فدخلت الجارية فأخذت العصا فأتته بها، فلما رآها . ه ملك في صورة رجل، فدفعها إليهالعصا عصا استودعها إياال، ائتيه بغيرها، فألقتها، فأخذت تريد أن تأخذ غيرها فال يقع في يدها إال هي، وجعل يرددها، فكل : الشيخ قال لها

آانت : ثم إن الشيخ قدم وقال. هاذلك ال يخرج في يدها غيرها، فلما رأى ذلك عمد إليها فأخرجها معه، فرعى بهي عصاي، فأبى أن يعطيه، فاختصما بينهما : أعطني العصا، فقال موسى: فخرج يتلقى موسى فلما لقيه قال. وديعة

160

ضعاها في األرض فمن حملها : ثم تراضيا أن يجعل بينهما أول رجل يلقاهما، فأتاهما ملك يمشي فقضى بينهما فقال .فلم يطقها، وأخذها موسى بيده فرفعها، فترآها له الشيخ، فرعى له عشر سنينفهي له، فعالجها الشيخ

.آان موسى أحق بالوفاء: قال عبد اهللا بن عباس

حدثني إبراهيم بن : حدثنا سفيان، قال: حدثنا الحميدي عبد اهللا ابن الزبير، قال: حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: " بان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قاليحيى بن أبي يعقوب، عن الحكم بن أ

" .أي األجلين قضى موسى؟ قال أتمهما وأآملهما : سألت جبرئيل

قال لي : حدثني اين إسحاق، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

ال أعلم : إني أراك رجال يتبع العلم، أخبرني أي األجلين قضى موسى؟ قلت: - حج وأنا أتجهز لل -يهودي بالكوفة فسأسأله عن ذلك، فلما قدمت مكة سألت ابن عباس عن ذلك - يعني ابن عباس -وأنا اآلن قادم على حبر العرب

فقدمت : قال سعيد .قضى أآثرهما وأطيبهما؛ إن النبي إذا وعد لم يخلف: وأخبرته بقول البهودي، فقال ابن عباس .واهللا العالم. صدق، وما أنزل اهللا على موسى هذا: العراق فلقيت اليهودي فأخبرته، فقال

: أخبرنا األصبع بن زيد، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا ابن وآيع، قال

فلقيت ابن عباس، - وأنا يومئذ ال أعلم -ال أعلم : لتأي األجلين قضى موسى؟ ق: سألني رجل من أهل النصرانيةأما آنت تعلم أن ثمانيا واجبة عليه، لم يكن نبي لينقص منها شيئا، وتعلم : فذآرت له الذي سألني عنه النصراني، فقال

.أن اهللا آان قاضيا عن موسى عدته التي وعده، فإنه قضى عشر سنين

أخبرني وهب بن سليمان : حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: الحسين، قالحدثنا : حدثنا القاسم بن الحسن، قال

اسم الجاريتين ليا وصفورة، وامرأة موسى ابنة يترون، آاهن مدين، والكاهن : الذماري، عن شعيب الجباني قال .حبر

آان الذي :حدثنا أبو معاوية، عن األعمش، عن عمرو ابن مرة، عن أبي عبيدة، قال: حدثني أبو السائب، قال

.استأجر موسى يترون، ابن أخي شعيب النبي

الذي : حدثنا العالء بن عبد الجبار، عن حماد بن سلمة، عن أبي جمرة، عن ابن عباس، قال: حدثنا ابن وآيع، قال

.استأجر موسى اسمه يثرى صاحب مدين

: سلمة، عن أبي جمرة، عن ابن عباس، قالحدثنا أبو قتيبة، عن حماد بن : حدثني إسماعيل بن الهيثم أبو العالية، قال

.اسم أبي امرأة موسى يثرى

آان : قال عبد اهللا بن عباس. فضل الطريق" فلما قضى موسى األجل وسار بأهله . " رجع الحديث إلى حديث السديا لعلي آتيكم قال ألهله امكثوا إني آنست نار" -وآانت من نور اهللا 0في الشتاء، ورفعت له نار، فلما ظن أنها نار

فلما أتاها نودي من -من البرد : قال -" لعلكم تصطلون " ، فإن لم أجد خبرا أتيتكم منها بشهاب قبس، " منها بخبر فلما سمع موسى " . أن بورك من في النار ومن حولها " . " شاطئ الوادي األيمن في البقعة المبارآة من الشجرة

وما تلك بيمينك يا موسى، " . يا موسى إني أنا اهللا رب العالمين : " فنودي. لمينالحمد هللا رب العا: النداء فزع وقال

161

ولي فيها " ، يقول أضرب بها الورق، فيقع للغنم من الشجر " قال هي عصاي أتوآأ عليها وأهش بها على غنمي ، فألقاها فإذا هي حية ألقها يا موسى: " حوائج أخرى أحمل عليها المزود والسقاء، فقال له: ، يقول" مآرب أخرى

يا موسى ال تخف إني ال : " فنودي. لم ينتظر: ، يقول" فلما رآها تهتز آأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب " . " تسعى واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من " ، " أقبل وال تخف إنك من اآلمنين " . " يخاف لدي المرسلون

رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون، وأخي : " لك حين يدعو موسى ربه، فقالالعصا واليد آيتان، فذ" ربك " " قال " إني أخاف أن يكذبون " آما يصدقني : ، يقول" هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني

والسلطان الحجة -" سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا" - يعني بالقتيل -" ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " .فاتيا فرعون فقوال إنا رسول اهللا رب العالمين " ، " فال يصلون إليكما بآياتنا ومن اتبعكما الغالبون " -

فيما ذآر لي ابن إسحاق، عن وهب بن منبه -، خرج " فلما قضى موسى األجل : " حدثنا ابن حميد، حدثنا سلمةغنم له، ومعه زند له وعصاه في يده يهش بها على غنمه نهاره، فإذا أمسى اقتدح عنه، ومعه -فيما ذآر له -اليماني

آما وصف لي -بزنده نارا، فبات عليها هو وأهله وغنمه، فإذا أصبح إذا بأهله وبغنمه يتوآأ على عصاه، وآانت .ذات شعبتين في رأسها، ومحجن في طرفها -عن وهب بن منبه

سلمة عن ابن إسحاق، عمن ال يتهم من أصحابه، أن آعب األحبار قدم مكة وبها عبد اهللا حدثنا : حدثنا ابن حميد، قال

سلوه عن ثالث، فإن أخبرآم فإنه عالم، سلوه عن شيء من الجنة وضعه اهللا للناس : بن عمرو بن العاص، فقال آعبأما : اهللا عنها فقال في األرض، وسلوه ما أول ما وضع في األرض؟ وما أول شجرة غرست في األرض؟ فسئل عبد

الشيء الذي وضعه اهللا للناس في األرض من الجنة فهو هذا الرآن األسود، وأما أول ما وضع في األرض فبرهوت فلما بلغ . باليمن يرده هام الكفار، وأما أول شجرة غرسها اهللا في األرض فالعوسجة التي اقتطع منها موسى عصاه

!صدق الرجل، عالم واهللا: ذلك آعبا قال

فلما آانت الليلة التي أراد اهللا بموسى آرامته، وابتدأه فيها بنبوته وآالمه، أخطأ فيها الطريق حتى ال يدري أين : قاليتوجه، فأخرج زنده ليقدح نارا ألهله ليبيتوا عليها حتى يصبح، ويعلم وجه سبيله، فأصلد عليه زنده فال يورى له

فقال ألهله امكثوا إني آنست نارا لعلي أتيكم منها بقبس أو أجد على " فرآها، نارا، فقدح حتى إذا أعياه الحت النار فخرج نوها، فإذا هي في . عن علم الطريق الذي أضللنا بنعت من خبير: ، بقبس تصطلون، وهدى" النار هدى

رجع عنها، في عوسجة، فلما دنا استأخرت عنه، فلما رأى استئخارها: وبعض أهل الكتاب يقول. شجرة من العليق: وأوجس في نفسه منها خيفة، فلما أراد الرجعة منت منه، ثم آلم من الشجرة، فلما سمع الصوت استأنس، وقال اهللا

ما تلك بيمينك يا موسى، قال هي عصاي : " فألقاهما ثم قال" . اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى " يا موسى قال ألقها يا موسى، فألقاها فإذا هي " ، أي منافع أخرى، " رب أخرى أتوآأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآ

. قد صار شعبتاها فمها وصار محجنها عرفا لها، في ظهر تهتز، لها أنياب، فهي آما شاء اهللا أن تكون" حية تسعى ، أي " ا األولى سنعيدها سيرته" أن يا موسى أقبل وال تخف، : فرأى أمرا فظيعا فولى مدبرا ولم يعقب، فناداه ربه

، وأدخل يدك في فمها، وعلى موسى جبة من " خذها وال تخف : " فلما أقبل قال: قال. سيرتها عصا آما آانتصوف، فلف يده بكمه وهو لها هائب، فنودي أن ألق آمك عن يدك، فألقاه عنها، ثم أدخل يده بين لحييها، فلما أدخلها

ن شعبتيها حيث آان يضعها، ومحجنها بموضعه الذي آان ال ينكر منها قبض عليها فإذا هي عصاه في يده، ويده بيوآان موسى عليه السالم -أي من غير برص " أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء : " ثم قيل. شيئا

آانت فأدخل يده في جيبه ثم أخرجها بيضاء مثل الثلج، ثم ردها في جيبه، فخرجت آما - رجال آدم أقنى جعدا طواال فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم آانوا قوما فاسقين، قال رب إني قتلت منهم نفسا : " على لونه، ثم قال

، أي يبين لهم عني ما أآلمهم " فأخاف أن يقتلون، وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي رداء يصدقني دك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فال يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن قال سنشد عض. " به، فإنه يفهم عني ما ال يفهمون

" .اتبعكما الغالبون

فأقبل موسى إلى أهله فسار بهم نحو مصر حتى أتاها ليال، فتضيف على أمه وهو . رجع الحديث إلى حديث السديرون فلما أبصر ضيفه سأل عنه أمه ال يعرفهم، فأتاهم في ليلة آانوا يأآلون الطفيشل، فنزل في جانب الدار، فجاء ها

أنا موسى، فقام آل واحد : من أنت؟ قال: فأخبرته أنه ضيف، فدعاه معه فأآل معه، فلما قعدا تحدثا، فسأله هارونيا هارون انطلق معي إلى فرعون، إن اهللا قد أرسلنا إليه، : منهما إلى صاحبه فاعتنقه، فلما أن تعارفا قال له موسى

فانطلقا إليه . أنشدآما اهللا أال تذهبا إلى فرعون فيقتلكما فأبيا: وطاعة، فقامت أمهما فصاحت وقالت سمع: فقال هارون

162

من هذا الذي يضرب بابي في هذه الساعة؟ : ليال، فأتيا الباب فضرباه ففزع فرعون، وفزع البواب، وقال فرعونإن ها : ففزع البواب فأتى فأخبره فقال" لمين إني رسول رب العا: " فأشرف عليهما البواب، فكلمهما، فقال له موسى

إني رسول رب العالمين؛ أن أرسل معي : أدخله، فدخل فقال: هنا إنسانا مجنونا يزعم أنه رسول رب العالمين، قالألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين، وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت : " بني إسرائيل، فعرفه فرعون فقال

قال فعلتها إذا وأنا من الضالين، ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ! " معنا على ديننا هذا الذي تعيب" . افرين من الكوربيتني قبل " وجعلني من المرسلين، وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل " - والحكم النبوة -" ربي حكما

" . ما يا موسى، قال ربنا الذي أعطى آل شيء خلقه ثم هدى فمن ربك" . " قال فرعون وما رب العالمين ! " وليدا، " إن آنت جئت بآية فأت بها إن آنت من الصادقين : " أعطى آل دابة زوجها ثم هدى للنكاح، ثم قال له: يقول

أو لو جئتك بشيء مبين، قال فأت به إن آنت من : " قال موسى. وذلك بعدما قال له من الكالم ما ذآر اهللا تعالىقاتحة فاها، واضعة لحيها األسفل في -والثعبان الذآر من الحيات - " الصادقين، فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين

ولم يكن - األرض واألعلى على سور القصر، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه، فلما رآها ذعر منها ووثب، فأحدث فأخذها موسى فعادت عصا، ثم . عك بني إسرائيليا موسى خذها وأنا أؤمن بك وأرسل م: وصاح -يحدث قبل ذلك

فخرج موسى من عنده على ذلك، وأبى فرعون أن يؤمن به، . نزع يده وأخرجها من جيبه، فإذا هي بيضاء للناظرينيا أيها المأل ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين : " أو يرسل معه بني إسرائيل، وقال لقومه

فلما بني له الصرح ارتقى فوقه؛ فأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء " . رحا لعلي أطلع إلى إله موسى فاجعل لي ص .قد قتلت إله موسى: فردت إليه، وهي ملطخة دما، فقال

: ، قال" فأوقد لي يا هامان على الطين : :حدثنا سعيد، عن قتادة: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال

.أول من طبخ اآلجر يبني به الصرح آان

خرج موسى لما بعثه اهللا عز : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وأما ابن إسحاق، فإنه قال ما حدثنا ابن حميد، قالوجل حتى قدم مصر على فرعون هو وأخوه هارون، حتى وقفا على باب فرعون يلتمسان اإلذن عليه، وهما يقوالن

سنتين يغدوان على بابه، ويروحان ال يعلم بهما، -فيما بلغنا -فمكثا . مين، فآذنوا بنا هذا الرجلإنا رسوال رب العال: أيها الملك، إن على الباب : وال يجترئ أحد على أن يخبره بشأنهما، حتى دخل عليه بطال له يلعبه ويضحكه، فقال له

دخل ومعه هارون أخوه، وبيده عصاه، فلما وقف أدخلوه، ف: رجال يقول قوال عجيبا، يزعم أن له إلها غيرك، قالألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك : " إني رسول رب العالمين، فعرفه فرعون فقال: على فرعون قال له

ثم أقبل . أي خطأ ال أريد ذلك" سنين، وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين، قال فعلتها إذا وأنا من الضالين أي اتخذتهم " ! وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل : " ى ينكر عليه ما ذآر من يده عنده، فقالعليه موس

قال . " إني إنما صيرني إلى بيتك وإليك ذلك. عبيدا تنزع أبناءهم من أيديهم، فتسترق من شئت، وتقتل من شئتقال رب السموات واألرض ! " ما إلهك هذا ، أي يستوصفه إلهه الذي أرسله إليه، أي" فرعون وما رب العالمين

قال . " ليس له إله غيري: أي إنكارا لما قال" أال تسمعون " من ملئه " وما بينهما إن آنتم موقنين، قال لمن حوله إن رسولكم الذي أرسل إليكم : " قال فرعون. الذي خلق آباءآم األولين وخلفكم من آبائكم" ربكم ورب آبائكم األولين

قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن آنتم " ، أي ما هذا بكالم صحيح إذ يزعم أن لكم إلها غيري، " ون لمجنلتعبد " قال لئن اتخذت إلها غيري . " أي خالق المشرق والمغرب وما بينهما من الخلق إن آنتم تعقلون" تعقلون

، أي بما تعرف بها صدقي وآذبك " بشيء مبين ألجعلنك من المسجونين، قال أو لو جئتك " غيري وتترك عبادتي ، فمألت ما بين سماطي " قال فأت به إن آنت من الصادقين، فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ! " وحقي وباطلك

فارفض عنها الناس، وحال فرعون عن سريره ينشده . فرعون، فاتحة فاها، قد صار محجنها عرفا على ظهرهابه فأخرجها بيضاء مثل الثلج، ثم ردها آهيئتها، وأدخل موسى يده في جيبه فصارت عصا ثم أدخل يده في جي. بربه

في يده، يده بين شعبتيها، ومحجنها في أسفلها آما آانت، وأخذ فرعون بطنه، وآان فيما فرعون يمكث الخمس إنه ليس من : ول ما يقولآما يلتمسه الناس، وآان ذلك مما زين له أن يق - يريد الخالء -والست ما يلتمس المذهب

.الناس بشبه

فمشى بضعا : حدثت عن وهب بن منبه اليماني، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فحدثنا ابن حميد، قالأي ما ساحر أسحر منه، " إن هذا لساحر عليم : " وعشرين ليلة، حتى آادت نفسه أن تخرج، ثم استمسك فقال لملئه

العبد الصالح وآان اسمه - أقتله؟ فقال مؤمن من آل فرعون " كم بسحره فماذا تأمرون يريد أن يخرجكم من أرض"

163

ثم خوفهم عقاب ! بعصاه ويده" أتقتلون رجال أن يقول ربي اهللا وقد جاءآم بالبينات من ربكم : " فيما يزعمون حبركاألرض فمن ينصرنا من بأس اهللا إن يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في: " اهللا وحذرهم ما أصاب األمم قبلهم، وقال

وقد وهنهم من سلطان -وقال المأل من قومه " . جاءنا قال فرعون ما أريكم إال ما أرى وما أهديكم إال سبيل الرشاد ، أي آاثره بالسحرة لعلك أن " أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين، يأتوك بكل سحار عليم : " اهللا وما وهنهموقد آان موسى وهارون خرجا من عنده حين أراهم من سلطان اهللا ما . من جاء بمثل ما جاء به تجد في السحرة

أنه جمع - واهللا أعلم -أراهم، وبعث فرعون مكانه في مملكته، فلم يترك في سلطانه ساحرا إال أتى به؛ فذآر لي احر ما رأينا مثله قط، وإنكم إن غلبتموه قد جاءنا س: خمسة عشر ألف ساحر، فلما اجتمعوا إليه أمرهم أمره، فقال لهم

فعد لنا موعدا : نعم، قالوا: قال؟! إن لنا ذلك عليك إن غلبناه: أآرمتكم وفضلتكم وقربتكم على أهل مملكتي، قالواساتور، وعادور، وحطحط، ومصفى؛ أربعة، : نجتمع نحن وهو، فكان رؤوس السحرة الذين جمع فرعون لموسى

رأوا ما رأوا من سلطان اهللا، فآمنت السحرة جميعا وقالوا لفرعون حيت توعدهم القتل وهم الذين آمنوا حين أن : فبعث فرعون إلى موسى" . لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض : " والصلب

، يوم عيد آان فرعون " بيننا وبينك موعدا ال تخلفه نحن وال أنت مكانا سوى، قال موعدآم يوم الزينة " اجعل ، حتى يحضروا أمري وأمرك، فجمع فرعون الناس لذلك الجمع، ثم أمر " وأن يحشر الناس ضحى " يخرج إليه، فصف خمسة . ، أي قد أفلح من استعلى اليوم على صاحبه" ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى : " السحرة فقال

وخرج موسى ومعه أخوه يتكئ على عصاه، حتى أتى الجمع عشر ألف ساحرا، مع آل ساحر حباله وعصيه،ويلكم ال : " وفرعون في مجلسه ومعه أشراف أهل مملكته، وقد استكف له الناس، فقال موسى للسحرة حين جاءآم

ما هذا بقول : ، فتراد السحرة بينهم، وقال بعضهم لبعض" تفتروا على اهللا آذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاآم من أرضكم بسحرهما : " ر، ثم قالوا وأشار بعضهم إلى بعض بتناجساح

يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى، قال بل ألقوا فإذا حبالهم : " ثم قالوا" . ويذهبا بطريقتكم المثلى طفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون، ثم فكان اول ما اخت" . وعصيهم يخل إليه من سحرهم أنها تسعى

أبصار الناس بعد، ثم ألقى آل رجل منهم ما في يده من العصي والحبال، فإذا هي حيات آأمثال الجبال، قد مألت واهللا إن آانت لعصيا في أيديهم، ولقد عادت : ، وقال" فأوجس في نفسه خيفة موسى . " الوادي يرآب بعضها بعضا

وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما : " فأوحى اهللا إليه - أو آما حدث نفسه - ي هذه حيات، وما تعدو عصاوفرج عن موسى فألقى عصاه من يده، فاستعرضت ما ألقوا من " . صنعوا آيد ساحر وال يفلح الساحر حيث أنى

حية حية، حتى ما يرى فجعلت تلقفها، تبتلعها -وهي حيات في عين فرعون وأعين الناس تسعى - حبالهم وعصيهم قالوا " في الوادي قليل وال آثير مما ألقوا، ثم أخذها موسى فإذا هي عصاه في يده آما آانت، ووقع السحرة سجدا

آمنتم له : " وأسف ورأى الغلبة البينة - قال لهم فرعون . ، لو آان هذا سحرا ما غلبنا" آمنا برب هارون وموسى فألقطعن أيديكم وأرجلكم من " ، أي لعظيم السحار الذي علمكم " ذي علمكم السحر قبل أن آذن لكم إنه لكبيرآم ال

، أي لن نؤثرك على اهللا وعلى ما جاءنا من الحجج مع نبيه فاقض ما " فاقض ما أنت قاض " -إلى قوله - " خالف ال فيها، ثم ال سلطان إال التي ليس لك سلطان إ" إنما تقضي هذه الحياة الدنيا " أنت قاض، أي فاصنع ما بدا لك،

.إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا" فيها، ثم ال سلطان لك بعدها،

فرجع عدو اهللا مغلوبا وملعونا ثم . ، أي خير منك ثوابا، وأبقى عقابا" وما أآرهتنا عليه من السحر واهللا خير وأبقى ما .يه باآليات، وأخذه بالسنين، فأرسل عليه الطوفانأبى إال اإلقامة على الكفر، والتمادي في الشر، فتابع اهللا عل

فرجع عدو اهللا مغلوبا وملعونا ثم أبى . ، أي خير منك ثوابا، وأبقى عقابا" أآرهتنا عليه من السحر واهللا خير وأبقى .نإال اإلقامة على الكفر، والتمادي في الشر، فتابع اهللا عليه باآليات، وأخذه بالسنين، فأرسل عليه الطوفا

ذآر أن اآليات التي ابتلى اهللا بها قوم فرعون آانت : وأما السدي فإنه قال في خبره. رجع الحديث إلى حديث السدي

ثم إن اهللا أرسل عليهم . قد قتلنا إله موسى: لما رجع إليهم ملطخا بالدم قال: قبل اجتماع موسى والسحرة، وقاليا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا، ونحن نؤمن لك ونرسل معك : افغرق آل شيء لهم، فقالو -وهو المطر - الطوفان

فبعث اهللا عليهم الجراد فأآل حروثهم، . ما يسرنا أنا لم نمطر: فكشفه اهللا عنهم، ونبتت زروعهم، فقالوا. بني إسرائيلنؤمن وقد بقي لنا لن : فسألوا موسى أن يدعو ربه فيكشفه ويؤمنوا به، فدعا فكشفه، وقد بقي من زروعهم بقية، فقالوا

، فلحس األرض آلها، وآان يدخل بين ثوب أحدهم وبين جلده - وهو القمل - من زروعنا بقية، فبعث اهللا عليهم الدبا فيعضه، وآان أحدهم يأآل الطعام فيمتلئ دبا حتى إن أحدهم ليبني األسطوانة بالجص واآلجر فيزلقها حتى ال يرتقي

وقها الطعام؛ فإذا صعد إليه ليأآله وجده مآلن دبا، فلم يصبهم بالء آان أشد عليهم فوقها شيء من الذباب، ثم يرفع ف

164

فسألوا موسى أن يدعو ربه فيكشفه عنهم ويؤمنوا به، . من الدبا؛ وهو الرجز الذي ذآره اهللا في القرآن أنه وقع عليهمأتي هو والقبطي فيستقيان من ماء واحد، فلما آشف عنهم أبوا أن يؤمنوا، فأرسل اهللا عليهم الدم، فكان اإلسرائيلي ي

فلما اشتد ذلك عليهم سألوا موسى أن يكشفه ويؤمنوا به فكشف . فيخرج ماء هذا القبطي دما، ويخرج لإلسرائيلي ماءما أعطوا من العهود، " فلما آشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون : " ذلك عنهم، فأبوا أن يؤمنوا، فذلك حين يقول اهللا

" .ونقص من الثمرات لعلهم يذآرون " - وهو الجوع -" ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين : " يقول وهو حين

هل : ، فأتياه فقال له موسى" قوال قوال لينا لعله يتذآر أو يخشى " ثم إن اهللا عز وجل أوحى إلى موسى وهارون أن رد إليك لذة المناآح والمشارب والرآوب، لك يا فرعون في أن أعطيك شبابك وال تهرم، وملكك وال ينزع منك، وي

فلما . آما أنت حتى يأتي هامان: فوقعت في نفسه هذه الكلمات، وهي اللينة، فقال! فإذا مت دخلت الجنة؟ تؤمن بيوآان قبل ذلك إنما يسميه الساحر، فلما آان ذلك -من هو؟ : أشعرت أن ذلك الرجل أتاني؟ قال: جاء هامان قال له

وما رددت عليه؟ : آذا وآذا، قال هامان: قال لي: وما قال لك؟ قال: موسى، قال: قال فرعون -ه الساحر اليوم لم يسمقد آان ظني بك خيرا من هذا، تصير عبدا يعبد بعد أن : حتى يأتي هامان فأستشيره، فعجزه هامان وقال: قلت: قال

ما علمت " وآان بين آلمته " . نا ربكم األعلى أ: " فذلك حين خرج عليهم فقال لقومه وجمعهم فقال! آنت ربا يعبدإن هذا لساحر عليم، يريد أن : " وقال لقومه. أربعون سنة" أنا ربكم األعلى : " وبين قوله" لكم من إله غيري

" . يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون، قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين، يأتوك بكل سحار عليم أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى، فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا ال تخلفه : " نقال فرعو

وذلك يوم -" موعدآم يوم الزينة وان يحشر الناس ضحى : " عدال، قال موسى: يقول - " نحن وال أنت مكانا سوى المدائن حاشرين؛ فحشروا عليه السحرة، وأرسل فرعون في " . فتولى فرعون فجمع آيده ثم أتى " -عيد لهم

أئن لنا : " إلى قوله - " هل أنتم مجتمعون، لعلنا نتبع السحرة إن آانوا هم الغالبين : " وحشروا الناس ينظرون، يقولويلكم : " فقال لهم موسى" . قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين " -عطية تعطينا : يقول - " ألجرا إن آنا نحن الغالبين

، من " فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى . " يهلككم بعذاب: ، يقول" تفتروا على اهللا آذبا فيسحتكم بعذاب الإن هذان لساحران يريدان أن يخرجاآم من أرضكم بسحرهما ويذهبا : " دون موسى وهارون، وقالوا في نجواهم

.يذهبا بأشراف قومكم: ، يقول" بطريقتكم المثلى

نعم، قال : أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق؟ قال: سى وأمير السحرة، فقال له موسىفالتقى مووفرعون ينظر -آلتين غدا بسحر ال يغلبه سحر، فواهللا لئن غلبتني ألومنن بك، وألشهدن أنك على حق : الساحر" لتخرجوا منها أهلها " التقيتما لتتظاهرا ، إذ " إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة : " وهو قول فرعون - إليهما وآانوا -ألقوا فألقوا حبالهم وعصيهم : ، قال لهم موسى" يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين : " فقالوا

: يقول" قلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبهم " -بضعة وثالثين ألف رجل، ليس منهم إال ومعه حبل وعصا " . وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا " أال تخف، : ، فأوحى اهللا إليه" فأوجس في نفسه خيفة موسى " .فرقوهم

قال " . آمنا برب العالمين موسى وهارون : " فألقى موسى عصاه فأآلت آل حية لهم، فلما رأوا ذلك سجدوا، وقالواآما قال عبد اهللا بن - فقتلهم وقطعهم " لنخل فألقطعن أيديكم وأرجلكم من خالف وألصلبنكم في جذوع ا: " فرعونآانوا في أول النهار سحرة، وفي آخر النهار : قال" . ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين : " حين قالوا - عباس .شهداء

يما ف -، وآلهته " أتذر موسى وقومه ليفسدوا في األرض ويذرك وآلهتك : " ثم أقبل على بني إسرائيل فقال له قومه

.آانت البقر، آانوا إذا رأوا بقرة حسناء أمرهم أن يعبدوها، فلذلك أخرج لهم عجال بقرة -زعم ابن عباس فأمر " . إنكم متبعون " ليال " أن أسر بعبادي : " ثم إن اهللا تعالى ذآره أمر موسى أن يخرج ببني إسرائيل فقالي من القبط، وامر أال ينادي إنسان صاحبه، وأن يسرجوا موسى بني إسرائيل أن يخرجوا، وأمرهم أن يستعيروا الحل

وأمر من خرج يلطخ بابه بكف من دم حتى " عمرو : " موسى، قال: في بيوتهم حتى الصبح، وأن من خرج إذا قالوإن اهللا أخرج آل ولد زنا في القبط من بني إسرائيل إلى بني إسرائيل، وأخرج آل ولد زنا في . يعلم أنه قد خرج

.سرائيل من القبط إلى القبط، حتى أتوا آباءهمبني إ

165

ربنا إنك آتيت : " ثو خرج موسى ببني إسرائيل ليال والقبط ال يعلمون، وقد دعوا قبل ذلك على القبط، فقال موسىت قد أجيب: " ، فقال اهللا تعالى" حتى يروا العذاب األليم : " إلى قوله" فرعون ومأله زينة وأمواال في الحياة الدنيا

" .قد أجيبت دعوتكما : " فزعم السدي أن موسى هو الذي دعا وأمن هارون، فذلك حين يقول اهللا" دعوتكما فذآر أم طمس األموال أنه جعل دراهمهم ودنانيرهم حجارة، ثم قال لهما " ربنا اطمس على أموالهم : " وقوله

رجل، فأصبحوا يدفنونهم، فشغلوا عن طلبهم استقيما، فخرجا في قومهما، وألفي على القبط الموت، فمات آل بكر " .فأتبعوهم مشرفين : " حتى طلعت الشمس؛ فذلك حين يقول اهللا

: يا نبي اهللا، أين أمرت؟ قال: وآان موسى على ساقه بني إسرائيل، وآان هارون أمامهم يقدمهم، فقال المؤمن لموسىألف وعشرين ألف مقاتل، ال يعدون ابن العشرين وخرج موسى في ستمائة. البحر، فأراد أن يقتحم فمنعه موسى

لصغره وال ابن الستين لكبره، وإنما عدوا ما بين ذلك سوى الذرية، وتبعهم فرعون، وعلى مقدمته هامان، في ألف فأرسل فرعون في المدائن حاشرين، إن هؤالء : " ألف وسبعمائة حصان، ليس فيها ماذيانة، وذلك حين يقول اهللا

" قد حذرنا فأجمعنا أمرنا، : ، يقول -" وإنا لجميع حاذرون " - يعني بني إسرائيل -" هم لنا لغائظون لشرذمة، وإنيا موسى، أوذينا : قالوا" . إنا لمدرآون : " ، فنظرت بنو إسرائيل إلى فرعون قد ردفهم، قالوا" فلما تراءى الجمعان

إنا ! اءنا، ومن بعد ما جئتنا اليوم يدرآنا فرعون فيقتلنامن قبل أن تأتينا، آانوا يذبحون أبناءنا، ويستحيون نس" سيكفيني، : ، يقول" آال إن معي ربي سيهدين : " لمدرآون، البحر من بين أيدينا وفرعون من خلفنا، قال موسى

فتقدم هارون فضرب البحر فأبى " . قال عسى ربكم أن يهلك عدوآم ويستخلفكم في األرض فينظر آيف تعملون فانفلق فكان آل " حتى أتاه موسى فكناه أبا خالد، وضربه، ! من هذا الجبار الذي يضربني: أن ينفتح، وقال البحر

آالجبل العظيم، فدخلت بنو إسرائيل، وآان في البحر اثنا عشر طريقا، في آل طريق : ، يقول" فرق آالطود العظيم أصحابنا، فلما رأى ذلك موسى دعا اهللا فجعلها لهم قد قتل : فقال آل سبط. سبط، وآأن الطرق إذا انفلقت بجدران

قناطر آهيئة الطيقان، فنظر أخرهم إلى أولهم، حتى خرجوا جميعا؛ ثم دنا فرعون وأصحابه، فلما نظر فرعون إلى وأزلفنا ثم : " فذلك قول اهللا! أال ترون البحر فرق مني، وقد تفتح لي حتى أدرك أعدائي فأقتلهم: البحر منفلقا قال

.قربنا ثم اآلخرين؛ هم آل فرعون: ، يقول" آلخرين ا

فلما قام فرعون على أفواه الطرق أبت خيله أن تقتحم، فنزل جبرئيل على ماذيانة، فشمت الحصن ريح الماذيانة فاقتحمت في أثرها حتى إذا هم أولهم أن يخرج ودخل آخرهم، أمر البحر أن يأخذهم فالتطم عليهم، وتفرد جبرئيل

آمنت أنه ال إله إال الذي أمنت بنو : " بمقلة من مقل البحر، فجعل يدسها فيه، فقال حين أدرآه الغرقبفرعون " . آآلن وقد عصيت قبل وآنت من المفسدين : " ، فبعث اهللا إليه ميكائيل يعيره، قال" إسرائيل وأنا من المسلمين

أما أحدهما فمن الجن وهو إبليس حين أبى أن : ينيا محمد، ما أبغضت أحدا من الخلق ما أبغضت رجل: فقال جبرئيل، ولو رأيتني يا محمد، وأنا آخذ مقل البحر فأدخله " أنا ربكم األعلى : " يسجد آلدم، وأما اآلخر فهو فرعون حين قال

فدعا لم يغرق فرعون، اآلن يدرآنا فيقتلنا، : وقالت بنو إسرائيل! في فم فرعون مخافة أن يقول آلمة يرحمه اهللا بهافأخرج فرعون في ستمائة ألف وعشرين ألفا، عليهم الحديد فأخذته بنو إسرائيل يمثلون به، وذلك قول اهللا : اهللا موسىفلما أرادوا أن يسيروا ضرب . لبني إسرائيل آية: ؛ يقول" فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية : " لفرعون

إن يوسف لما مات : ما بالنا؟ فقالوا له: مشيخة بني إسرائيل فسألهم عليهم تيه، فلو يدروا أين يذهبون، فدعا موسىأين موضع : بمصر أخذ على إخوته عهدا أال تخرجوا من مصر حتى تخرجوني معكم، فذلك هذا األمر، فسألهم

يعلم أنشد اهللا آل من آان يعلم أين موضع قبر يوسف إال أخبرني به، ومن لم: قبره؟ فلم يعلموا، فقام موسى يناديأسأل ربي، : وآان يمر بين الرجلين ينادي فال يسمعان صوته، حتى سمعته عجوز لهم فقالت! فصمت أذناه عن قولي

نعم، : إني أريد أال تنزل غرفة من الجنة إال نزلتها معك، قال: فأمره اهللا عز وجل أن يعطيها، فأتاها فأعطاها، فقالتإنه في جوف الماء، فادع اهللا أن : احملني، فلما دنا من النيل، قالتإني عجوز آبيرة ال أستطيع أن أمشي ف: قالت

" احفره، ففعل فحمل عظامه، ففتح لهم الطريق، فساروا، : يحسر عنه الماء، فدعا اهللا فحسر الماء عن القبر، فقالتم تجهلون، إن هؤالء فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها آما لهم آلهة قال إنكم قو

" .وباطل ما آانوا يعملون " -مهلك ما هم فيه : يقول - " متبر ما هم فيه

يعني على -فتابع اهللا عليه باآليات -حدثنا ابن سلمة عنه : فيما حدثنا ابن حميد، قال -: فأما ابن إسحاق، فإنه قال

وأمر السحرة ما آان، فأرسل عليه الطوفان، ثم وأخذه بالسنين إذ أبى أن يؤمن بعد ما آان من أمره - فرعون الجراد، ثم القمل، ثم الضفادع، ثم الدم آيات مفصالت، أي آية بعد آية، يتبع بعضها بعضا، فأرسل الطوفان وهو

فلما بلغهم . الماء، ففاض على وجه األرض ثم رآد، ال يقدرون على أن يحرثوا، وال يعملوا شيئا، حتى جهدوا جوعا

166

فدعا موسى " . لئن آشفت عنا الرجز لنومنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل " يا موسى ادع لنا ربك، : اذلك قالوفيما بلغني حتى أنه آان ليأآل -ربع فكشفه عنهم فلم يفوا له بشيء مما قالوا، فأرسل اهللا عليهم الجراد فأآل الشجر

ا مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشفه عنهم فلم يفوا لي بشيء مسامير األبواب من الحديد حتى تقع دورهم ومساآنهم، فقالوفذآر لي أن موسى أمر أن يمشي إلى آثيب فيضربه بعصاه فمشى إلى آثيب . مما قالوا، فأرسل اهللا عليهم القمل

أهيل عظيم فضربه بها فانثال عليهم قمال حتى غلب على البيوت واألطعمة، ومعهم النوم والقرار، فلما جهدهم قالواله مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشف عنهم فلم يفوا له بشيء مما قالوا، فأرسل اهللا عليهم الضفادع، فمألت البيوت

واألطعمة واآلنية فال يكشف أحد منهم ثوبا وال طعاما وال إناء إال وجد فيه الضفادع قد غلبت عليه، فلما جهدهم ذلك م يفوا له بشيء مما قالوا، فأرسل اهللا عليهم الدم فصارت مياه آل قالوا له مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشف عنهم فل

.فرعون دما، ال يستقون من بئر وال نهر وال يغترفون من إناء إال عادت دما عبيطا

حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن آعب القرظي أنه حدث أن : حدثنا سلمة، قال: حدثنا محمد بن حميد، قالاسقيني من مائك، فتغرف لها : ت تأتي المرأة من بني إسرائيل حين جهدهم العطش، فتقولالمرأة من آل فرعون آان

اجعليه في فيك ثم مجيه في في، : من جرتها أو تصب لها من قربتها، فيعود في اإلناء دما، حتى إن آانت لتقول لهاادع لنا ربك بما عهد عندك لئن : " الوافتأخذ في فيها ماء، فإذا مجته في فمها صار دما، فمكثوا في ذلك سبعة أيام، فق

فلما آشف عنهم الرجز نكثوا ولم يفوا بشيء مما قالوا، " . آشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل فأمر اهللا موسى أن يسير، وأخبره أنه منجيه ومن معه، ومهلك، فرعون وجنوده، وقد دعا موسى عليهم بالطمسة؛

وال تتبعان " -إلى -" آتيت فرعون ومأله زينة وأمواال في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا إنك: " فقالالنخل والرقيق واألطعمة، فكانت إحدى اآليات التي أراهن اهللا : فمسخ اهللا أموالهم حجارة" . سبيل الذين ال يعلمون

.فرعون

ن بريدة ابن سفيان بن فروة األسلمي، عن محمد بن آعب حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، ع: حدثنا ابن حميد، قال

الطوفان، والجراد، : سألني عمر بن عبد العزيز عن التسع اآليات التي أراهن اهللا فرعون، فقلت: القرظي، قالدعا : فأنى عرفت أن الطمسة إحداهن؟ قلت: فقال عمر. والقمل، والضفادع، والدم، عصاه، ويده والطمسة، والبحر

ثم دعا بخريطة فيها أشياء ! آيف يكون الفقه إال هكذا: موسى وأمن هارون، فمسخ اهللا أموالهم حجارة، فقالعليهم مما آان أصيب لعبد العزيز بن مروان بمصر؛ إذ آان عليها من بقايا أموال آل فرعون، فأخرج البيضة مقشورة

.سةنصفين؛ وإنها لحجر، والجوزة مقشورة وإنها لحجر، والحمصة، والعد

قد رأيت النخلة مصروعة، : حدثنا سلمة، عن محمد، عن رجل من أهل الشأم آان بمصر، قال: حدثنا ابن حميد، قال

ولقد أتينا موسى : " وإنها لحجر، وقد رأيت إنسانا ما شككت أنه إنسان وإنه لحجر، من رقيقهم، فيقول اهللا عز وجل .اشقي: يقول" مثبورا " إلى قوله " تسع آيات بينات

حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه، أن اهللا حين أمر موسى : حدثنا ابن حميد، قال

بالمسير ببني إسرائيل أمره أن يحتمل يوسف معه حتى يضعه باألرض المقدسة، فسأل موسى عمن يعرف موضع إن أنت أخرجتني معك، ولم تخلفني . هللا، أنا أعرف مكانهيا نبي ا: قبره، فما وجد إال عجوزا من بني إسرائيل، فقالت

أفعل، وقد آان موسى وعد بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع الفجر، فدعا ربه أن : بأرض مصر دللتك عليه قاليؤخر طلوعه حتى يفرغ من أمر يوسف، ففعل، فخرجت به العجوز حتى أرته إياه في ناحية من النيل في الماء،

فمن ذلك تحمل اليهود موتاها من آل أرض إلى : قال عروة. موسى صندوقا من مرمر، فاحتمله معه فاستخرجه .األرض المقدسة

أن موسى قال لبني إسرائيل فيما أمره -فيما ذآر لي - آان : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

ني منفلكم أموالهم مع هالآهم؛ فلما أذن فرعون في الناس آان مما استعيروا منهم المتعة والحلي والثياب فإ: اهللا به .لم يرضوا أن خرجوا بأنفسهم حتى ذهبوا بأموالكم معهم: يحرض به على بني إسرائيل أن قال حين ساروا

167

حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد ابن آعب القرظي، عن محمد عبد اهللا بن شداد بن : حدثنا ابن حميد، قاللقد ذآر لي أنه خرج فرعون في طلب موسى على سبعين ألفا دهم الخيل سوى ما في جنده من شيات : اد، قالاله

فلما تراءى " الخيل، وخرج موسى حتى إذا قابله البحر ولم يكن عنه منصرف طلع فرعون في جنده من خلفهم، أي للنجاة، وقد وعدني ذلك وال خلف ، " الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدرآون، قال آال إن معي ربي سيهدين

.لموعوده

إلى - فيما ذآر لي - فأوحى اهللا تبارك وتعالى : حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قالإذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له، فبات البحر يضرب بعضه بعضا فرقا من اهللا وانتظارا ألمره، فأوحى : البحر

فانفلق فكان آل " أن اضرب بعصاك البحر، فضربه بها وفيها سلطان اهللا الذي أعطاه، : وجل إلى موسىاهللا عز فاضرب لهم طريقا في : " يقول اهللا لموسى عليه السالم. ، أي آالجبل على نشز من األرض" فرق آالطود العظيم

قائمة يبس سلك فيه موسى ببني إسرائيل، فلما استقر له البحر على طريق" . البحر يبسا ال تخاف درآا وال تخشى .واتبعه فرعون بجنوده

حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن آعب القرظي، عن عبد اهللا بن شداد : حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قاله من الخيل، حدثت أنه لما دخلت بنو إسرائيل فلم يبق منهم أحد أقبل فرعون وهو على حصان ل: بن الهاد الليثي، قال

حتى وقف على شفير البحر وهو قائم على حاله، فهاب الحصان أن يتقدم، فغرض له جبرئيل على فرس أنثى وديق، فقربها منه فشمها الفحل، ولما شمها قدمها، فتقدم معه الحصان عليه فرعون، فلما رأى جند فرعون أن فرعون قد

الحقوا : ن، وميكائيل على فرس خلف القوم يشحذهم يقولدخل دخلوا معه، وجبرئيل أمامه، فهم يتبعون فرعوبصاحبكم، حتى إذا فصل جبرئيل من البحر ليس أمامه أحد، ووقف ميكائيل على الناحية األخرى ليس خلفه أحد،

أن ال : طبق عليهم البحر، ونادى فرعون حين رأى من سلطان اهللا وقدرته ما رأى، وعرف ذله وخذلته نفسه، نادى .الذي آمنت به بنو إسرائيل، وأنا من المسلمينإله إال

حدثنا أبو داود البصري، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن : حدثنا ابن حميد، قال

يا محمد، لقد رأيتني وأنا أدس من حمأ البحر في فم : جاء جبرئيل إلى النبي عليه السالم فقال: ابن عباس، قال، أي " آآلن وقد عصيت قبل وآنت من المفسدين، فاليوم ننجيك ببدنك : " يقول اهللا! أن تدرآه الرحمةفرعون مخافة

لو لم يخرجه اهللا ببدنه حتى عرفوه : فكان يقال. أي عبرة وبينة" لتكون لمن خلفك آية " سواء لم يذهب منك شيء، .لشط فيه بعض الناس

قالوا يا موسى اجعل لنا إلها آما لهم آلهة " م يعكفون على أصنام لهم، ولما جاوز ببني إسرائيل البحر أتوا على قو

قال إنكم قوم تجهلون، إن هؤالء متبر ما هم فيه وباطل ما آانوا يعملون، قال أغير اهللا أبغيكم إلها وهو فضلكم على .ووعد اهللا موسى حين أهلك فرعون وقومه ونجاه وقومه ثالثين ليلة" . العالمين

ثم إن جبرئيل أتى موسى يذهب به إلى اهللا عز وجل فأقبل على فرس فرآه السامري . حديث إلى حديث السديرجع ال

إن لهذا لشأنا، فأخذ من تربة الحافر الفرس، فانطلق موسى واستخلف : إنه فرس الحياة، فقال حين رآه: فأنكره، ويقاليا بني إسرائيل، إن الغنيمة ال : بعشر، فقال لهم هارون هارون على بني إسرائيل، وواعدهم ثالثين ليلة، وأتمها اهللا

تحل لكم، وإن القبط إنما هو غنيمة، فاجمعوها جميعا فاحفروا لها حفرة فادفنوها فيها، فإن جاء موسى فأحلها خرج أخذتموها، وإال آان شيئا لم تأآلوه، فجمعوا ذلك الحلي في تلك الحفرة، وجاء السامري بتلك القبضة فقذفها، فأ

اهللا من الحلي عجال له خوار، وعدت بنو إسرائيل موعد موسى، فعدوا الليلة يوما واليوم يوما، فلما آان العشر خرج ترك موسى إلهه ها هنا، وذهب يطلبه : يقول" . هذا إلهكم وإله موسى فنسي : :لهم العجل فلما رأوه قال لهم السامري

إنما ابتليتم به، : يقول" يا بني إسرائيل إنما فتنتم به : " ال لهم هارونفعكفوا عليه يعبدونه، وآان يخور ويمشي، فق، فأقام هارون ومن معه من بني إسرائيل ال " وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري " بالعجل، : يقول

هم أوالء على وما أعجلك عن قومك يا موسى، قال : " يقاتلونهم، وانطلق موسى إلى إلهه يكلمه، فلما آلمه قال له

168

فلما أخبره خبرهم قال " . أثري وعجلت إليك رب لترضى، قال فإنا فد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري رب أنت إذا : قال. أنا: يا رب هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: موسى .أضللتهم

قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن " ر إليه، ثم أن موسى لما آلمه ربه أحب أن ينظ، فحف حول الجبل المالئكة، وحف حول المالئكة بنار، وحف حول النار بمالئكة، " استقر مكانه فسوف تراني

.وحول المالئكة بنار، ثم يتجلى ربه للجبل

حدثني السدي، عن عكرمة، عن ابن : حدثنا أسباط، قال: لحدثنا عمرو بن حماد، قا: فحدثني موسى بن هارون، قال

تجلى منه مثل طرف الخنصر، فجعل الجبل دآا وخر موسى صعقا، فلم يزل صعقا ما شاء اهللا، ثم : عباس، أنه قالني يا موسى إ: " ، يعني أول المؤمنين من بني إسرائيل، فقال" سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين : " أنه أفاق فقال

اصطفيتك على الناس برساالتي وبكالمي فخذ ما آتيتك وآن من الشاآرين، وآتبنا له في األلواح من آل شيء وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " ، يعني بجد واجتهاد " فخذها بقوة " من الحالل والحرام " موعظة وتفصيال لكل شيء

أحد أن ينظر في وجهه، وآان يلبس وجهه بحريرة، فكان موسى بعد ذلك ال يستطيع . أي بأحسن ما يجدون فيها" " - إلى - " قال يا قوم ألم يعدآم ربكم وعدا حسنا " حزينا : يقول" غضبان أسفا " فأخذ األلواح ثم رجع إلى مومه

" من حلي القبط : يقول" ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم " بطاقتنا، : يقولون" قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا احفروا لهذا الحلي حفرة، واطرحوه فيها، فطرحوه : ، ذلك حين قال لهم هارون" فقذفناها فكذلك ألقى السامري

قال يا بن أم ال تأخذ بلحيتي وال برأسي " فقذف السامري تربته، فألقى موسى األلواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه، : " فترك موسى هارون، ومال إلى السامري، فقال" . إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي

ثم أخذه فذبحه، ثم " . في اليم نسفا : " إلى" بصرت بما لم يبصروا به : " ، قال السامري" فما خطبك يا سامري اشربوا منه فشربوا، : حرفه بالمبرد ثم ذراه في البحر، فلم يبق بحر يجري إال وقع فيه شيء منه، ثم قال لهم موسى

قلما سقط في " . وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم : " فمن آان يحبه خرج على شاربه الذهب، فلذلك حين يقول" ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويفغر لنا لنكونن من الخاسرين " أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى

يا قوم : " تي آرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل، فقال لهم موسىفأبى اهللا أن يقبل توبة بني إسرائيل إال بالحال ال. ، فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوه " إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذآم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم

سبعون ألفا، حتى بالسيوف، فكان من قتل من الفريقين شهيدا، حتى آثر القتل حتى آادوا أن يهلكوا، حتى قتل بينهمفأمرهم أن يضعوا السالح، وتاب عليهم، فكان من ! ربنا البقية البقية! ربنا هلكت بنو إسرائيل: دعا موسى وهارون

" .فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم : " قتل آان شهيدا، ومن بقي آان مكفرا عنه، فذلك قوله

د بن إسحاق، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن حدثني محم: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

آان السامري رجال من أهل باجرما، وآان من قوم يعبدون البقر، فكان حب عبادة البقر في نفسه، وآان : عباس، قالقد اظهر اإلسالم في بني إسرائيل، فلما فصل هارون في بني إسرائيل، وفصل موسى معهم إلى ربه تبارك وتعالى

إنكم قد تحملتم أوزانا من زينة القوم آل فرعون، وأمتعة وحليا، فتطهروا منها فإنها نجس، وأوقد لهم : ال لهم هارونقنعم، فجعلوا يأتون بما آان فيهم من تلك الحلي وتلك األمتعة : اقذفوا ما آان معكم من ذلك فيها، قالوا: نارا، وقال

رأى السامري أثر فرس جيرئيل، فأخذ ترابا من أثر حافره، ثم أقبل إلى فيقذفون به فيها، حتى انكسرت الحلي فيها، نعم، وال يظن هارون إال أنه آبعض ما جاء به غيره من تلك : يا نبي اهللا، ألقى ما في يدك؟ قال: الحفرة فقال لهارون

ذا إلهكم وإله موسى، فعكفوا ه: آن عجال جسدا له خوار، فكان للبالء والفتنة، فقال: المتعة والحلي، فقذفه فيها، وقاليعني -، أي ترك ما آان عليه من اإلسالم؛ " فنسي " " عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط، فقال اهللا عز وجل

" .أفال يرون أال يرجع إليهم قوال وال يملك لهم ضرا وال نفعا " - السامري

، فدخل في بني إسرائيل، فلما رأى هارون ما وقعوا وآان اسم السامري موسى بن ظفر، فوقع في أرض مصر: قالفأقام هارون فيمن معه من المسلمين ممن " . حتى يرجع إلينا موسى " -إلى قوله -" يا قوم إنما فتنتم به : " فيه قال

: سىلم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له مو، وآان هائبا له مطيعا، ومضى موسى ببني إسرائيل إلى الطور، وآان " فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي "

169

اهللا عز وجل وعد بني إسرائيل حين أنجاهم واهلك عدوهم جانب الطور األيمن، وآان موسى حين سار ببني فأمر أن يضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا إسرائيل من البحر قد احتاجوا إلى الماء، فاستسقى موسى لقومه،

عشرة عينا، لكل سبط عين يشربون منها قد عرفوها، فلما آلم اهللا موسى طمع في رؤيته، فسأل ربه أن ينظر إليه، " .وأنا أول المؤمنين : " إلى قوله" لن تراني ولكن انظر إلى الجبل " إنك : فقال له

سأريكم دار الفاسقين : " إلى قوله" يتك على الناس برساالتي وبكالمي فخذ ما آتيتك إني اصطف: " ثم قال اهللا لموسى، ومعه عهد اهللا " فا فرجع موسى إلى قومه غضبان أس: " إلى قوله" وما أعجلك عن قومك يا موسى : " وقال له" .

فيما يذآرون - واح من يده، وآانت ولما انتهى موسى إلى قومه فرأى ما هم فيه من عبادة العجل ألقى األل .في ألواحهولم : " إلى قوله" ما منعك إذ رأيتهم ضلوا، أال تتبعني : " من زبرجد أخضر، ثم أخذ برأس أخيه ولحيته ويقول -

يا بن أم إن القوم استضعفوني وآادوا يقتلونني فال تشمت بي األعداء وال تجعلني مع القوم : " فقال" . ترقب قولي " .رب اغفر لي وألخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين : " رعوي موسى وقال، فا" الظالمين

وأقبل على " . عجال جسدا له خوار : " إلى قوله" يا قوم ألم يعدآم ربكم وعدا حسنا : " وأقبل على قومه فقالثم أخذ " . ل شيء علما وسع آ: " إلى قومه" فما خطبك يا سامري، قال بصرت بما لم يبصروا به : " السامري فقال

" .وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون . أخذ األلواح: " األلواح، يقول اهللا

: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن صدقة ابن يسار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: حدثنا ابن حميد، قال

شيء وهدى ورحمة، فلما ألقاها رفع اهللا ستة أسباعها آان اهللا تعالى قد آتب لموسى فيها موعظة وتفصيال لكل ، ثم أمر موسى بالعجل " وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون : " وأبقى سبعا، يقول اهللا عز وجل

إنما آان : فسمعت بعض أهل العلم يقول: قال ابن إسحاق .رمادا، ثم أمر به فقذف في البحرفأحرق، حتى رجع .واهللا أعلم. ه ثم ذراه في البحرأحرقه ثم سحل

انطلقوا إلى فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على من : الخير فالخير، وقال: ثم اختار موسى منهم سبعين رجالترآتم وراءآم من قومكم، صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم، فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه، وآان

: حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا معه للقاء ربه - فيما ذآر لي - نه وعلم، فقال له السبعون ال يأتيه إال بإذن مأفعل، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى آله، ودنا موسى : اطلب لنا نسمع آالم ربنا، فقال

ساطع ال يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر ادنوا، وآان موسى إذا آلمه وقع على جبهته نور: فدخل فيه، وقال للقومإليه، فضرب دونه بالحجاب، ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا، فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره

لن نؤمن لك : " افعل وال تفعل، فلما فرغ إليه من أمره انكشف عن موسى الغمام، فأقبل إليهم فقالوا لموسى: وينهاه، وهي الصاعقة، فانفلتت أرواحهم فماتوا جميعا، وقام موسى يناشد ربه " فأخذتهم الرجفة " ، " جهرة حتى نرى اهللا

قد سفهوا، أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل " رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي : " ويدعوه، ويرغب إليه ويقولالخير فالخير، أرجع إليهم وليس معي رجل واحد، اخترت منهم سبعين رجال. إن هذا هالك لهم! بما فعل السفهاء منا

فلم يزل موسى يناشد ربه، ويسأله ويطلب إليه حتى رد إليهم أرواحهم، وطلب إليه التوبة ! فما الذي يصدقونني بهفأمر نصبر ألمر اهللا، : فبلغني أنهم قالوا لموسى: وقال. ال، إال أن يقتلوا أنفسهم: لبني إسرائيل من عبادة العجل، فقال

موسى من لم يكن عبد العجل أن يقتل من عبده، فجلسوا باألفنية، وأصلت عليهم القوم السيوف، فجعلوا يقتلونهم، وبكى موسى وبهش إليه الصبيان والنساء يطلبون العفو عنهم، فتاب عليهم وعفا عنهم، وأمر موسى أن يرفع عنهم

.السيف

اده قبل أن مصير موسى إلى ربه بالسبعين الذين اختارهم من قومه وأما السدي فإنه ذآر في خبره الذي ذآرت إسن

إنه هو التواب : " بعد ما تاب اهللا على عبدة العجل من قومه، وذلك انه ذآر بعد القصة التي قد ذآرتها عنه بعد قولهالعجل، ووعدهم ثم إن اهللا أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة: قال" . الرحيم

ألن نؤمن : " موعدا، فاختار موسى قومه سبعين رجال على عينه، ثم ذهب بهم ليعتذروا، فلم أتوا ذلك المكان قالوارب : ، فإنك قد آلمته فأرناه، فأخذتهم الصاعقة فماتوا، فقام موسى يبكي ويدعو اهللا يقول" لك حتى نرى اهللا جهرة

رب لو شئت أهلكتهم من قبل إياي، أتهلكنا بما فعل السفهاء ! هم وقد أهلكت خيارهمماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتإن هي إال : " إن هؤالء السبعين ممن اتخذ العجل، فذلك حين يقول موسى: فأوحى اهللا عز وجل إلى موسى! منا

وإذ : " ، وذلك قوله تعالى، يقول تبنا إليك" إنا هدنا إليك : " إلى قوله" فتنتك تضل بها من تشاء وتهذي من تشاء

170

ثم إن اهللا أحياهم، فقاموا وعاشوا . ، والصاعقة نار" قلتم يا موسى لن نؤمن حتى نرى اهللا جهرة فأخذتكم الصاعقة يا موسى، أنت تدعو اهللا فال تسأله شيئا إال أعطاك، : آيف يحيون؟ فقالوا: رجال رجال، ينظر بعضهم إلى بعض

.، ولكنه قدم حرفا وأخر حرفا" ثم بعثناآم من بعد موتكم : " اهللا فجعلهم أنبياء، فذلك قولهفادعه يجعلنا أنبياء، فدعا

ثم أمرهم بالسير إلى أريحا، وهي ارض بيت المقدس، فساروا حتى إذا آانوا قريبا منها بعث موسى اثني عشر نقيبا لقيهم رجل من الجبارين يقال له عاج، فأخذ من جميع أسباط بني إسرائيل، فساروا يريدون أن يأتوه بخبر الجبارين، ف

انظري إى هؤالء القوم الذين : االثني عشر فجعلهم في حجزته وعلى رأسه حملة حطب، فانطلق به إلى امرأته فقالال، بل خل عنهم حتى : فقالت امرأته! أال أطحنهم برجلي: يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا، فطرحهم بين يديها، فقال

يا قوم، إنكم أخبرتم بني إسرائيل بخبر القوم : ومهم بما رأوا، ففعل ذلك، فلما خرج القوم قال بعضهم لبعضيخبروا قارتدوا عن نبي اهللا، ولكن اآتموهم وأخبروا نبي اهللا، فيكونان هما يريان رأيهما، فأخذ بعضهم على بعض الميثاق

الرجل منهم يخبر أخاه وأباه بما رأوا من أمر عاج، وآتم بذلك ليكتموه، ثم رجعوا فانطلق عشرة فنكثوا العهد، فجعلولقد أخذ اهللا الميثاق بني إسرائيل وبعثنا : " رجالن منهم، فأتوا موسى وهارون فأخبرهما الخبر، فذلك حين يقول اهللا

يملك " لكم ملوآا يا قوم اذآروا نعمة اهللا عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجع: " فقال لهم موسى" . منهم اثني عشر نقيبا وال " التي أمرآم اهللا بها : ، يقول" يا قوم ادخلوا األرض المقدسة الني آتب اهللا لكم . " الرجل منكم نفسه وأهله وماله

إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى : " مما سمعوا من العشرة" ترتدوا على أدبارآم فتنقلبوا خاسرين، قالوا ، وهما اللذان آتما، " وا منها فإنا داخلون، قال رجالن من الذين يخافون أنعم اهللا عليهما يخرجوا منها فإن يخرج

ادخلوا عليهم " يا قوم : فقاال - آالب بن يوفنة ختن موسى : وقيل - وهما يوشع بن نون فتى موسى وآالوب بن يوفنة فغضب " . نت وربك فقاتال إنا ههنا قاعدون قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أ" . " الباب

وآانت عجلة من " رب إني ال أملك إال نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين : " موسى، فدعا عليهم، فقالفلما ضرب عليهم التيه، ندم " . فأنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في األرض : " موسى عجلها، فقال اهللا

أال : ما صنعت بنا يا موسى؟ فلما ندم أوحى اهللا عز وجل إليه: مه الذين آانوا معه يطيعونه، فقالوا لهموسى وأتاه قويا موسى، فكيف لنا بماء ها هنا؟ أين الطعام؟ : فلم يحزن، فقالوا. تأس، أي ال تحزن على القوم الذين سميتهم فاسقين

فكان يأتي -وهو طير يشبه السماني -لترنجبين والسلوى فأنزل اهللا عليهم المن والسلوى، فكان يسقط على الشجر اهذا الطعام فأين الشراب؟ فأمر : أحدهم فينظر إلى الطير، فإن آان سمينا ذبحه وإال أرسله، فإذا سمن أتاه، فقالوا

هذا الطعام والشراب،: فقالوا. موسى فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، يشرب آل سبط من عينهذا الظل، فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم آما تطول الصبيان، وال : فأين الظل؟ فظلل اهللا عليهم الغمام، فقالوا

وإذ استسقى موسى : " وقوله" . وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى : " يتخرق لهم ثوب، فذلك قوله: ، فأجمعوا ذلك، فقالوا" اثنتا عشرة عينا قد علم آل أناس مشربهم لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه

وهي -" يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع ربك يخرج لنا مما تنبت األرض من بقلها وقثائها وفومها " " ر، من األمصا" أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا : " قال" . وعدسها وبصلها " -الحنطة

فلما خرجوا من التيه رفع المن والسلوى، وأآلوا البقول، والتقى موسى وعاج فنزا موسى في " . فإن لكم ما سألتم .السماء عشرة أذرع، وآانت عصاه أذرع، وآان طوله عشرة أذرع، فأصاب آعب عاج فقتله

آان طول عوج ثمانمائة ذراع، : لحدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن نوف، قا: حدثنا ابن بشار، حدثنا مؤمل، قالوآان طول موسى عشرة أذرع، وعصاه عشرة أذرع، ثم وثب في السماء عشرة أذرع، فضرب عوجا فأصاب آعبه

.فسقط ميتا، فكان جسرا للناس يمرون عليه

س، أخبرنا قيس، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبا: حدثنا ابن عطية، قال: حدثنا أبو آريب، قال

آانت عصا موسى عشرة أذرع، ووثبته عشرة أذرع، وطوله عشرة أذرع، فأصاب آعب عوج فقتله، فكان : قال .وقيل إن عوج عاش ثالثة آالف سنة. جسرا ألهل النيل

ذآر وفاة موسى وهارون

ابني عمران عليهما السالم

171

ا أسباط، عن السدي في خبر ذآره عن أبي حدثن: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا موسى بن هارون الهمذاني، قالوعن ناس من أصحاب النبي -وعن مرة الهمذاني عن عبد اهللا بن مسعود - مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس

فانطلق . ثم إن اهللا تبارك وتعالى أوحى إلى موسى، أنى متوف هارون فأت به جبل آذا وآذا: صلى اهللا عليه وسلملجبل، فإذا هما بشجرة لم ير مثلها، وإذا هما ببيت مبني، وإذا هما فيه بسرير عليه فرش، موسى وهارون نحو ذلك ا

يا موسى إني ألحب أن أنام على : وإذا فيه ريح طيبة، فلما نظر هارون إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه، فقالال ترهب : ت فيغضب علي، قال له موسىإني أخاف أن يأتي رب هذا البي: فنم عليه، قال: هذا السرير، قال له موسى

يا موسى بل نم معي، فإن جاء رب البيت غضب علي وعليك جميعا، فلما ناما : أنا أآفيك رب هذا البيت فنم؛ قاليا موسى خدعتني، فلما قبض رفع ذلك البيت وذهبت تلك الشجرة ورفع : أخذ هارون الموت، فلما وجد حسه قال

فإن موسى قتل هارون وحسده : ع موسى إلى بني إسرائيل، وليس معه هارون قالواالسرير إلى السماء، فلما رجلحب بني إسرائيل له، وآان هارون أآف عنهم وألين لهم من موسى، وآان في موسى بعض الغلظ عليهم، فلما بلغه

ى اهللا فنزل بالسرير فلما أآثروا عليه قلم فصلى رآعتين ثم دعا إل! آان أخي أفترونني أقتله! ويحكم: ذلك قال لهمثم إن موسى بينما هو يمشي ويوشع فتاه إذا أقبلت ريح سوداء، فلما . حتى نظروا إليه بين السماء واألرض فصدقوه

تقوم الساعة وأنا ملتزم موسى نبي اهللا، فاستل موسى من : نظر يوشع إليها ظن أنها الساعة والتزم موسى، وقال: قال! قتلت نبي اهللا: ع، فلما جاء يوشع بالقميص أخذته بنو إسرائيل، وقالواتحت القميص وترك القميص في يد يوش

فإذا لم تصدقوني فأخروني ثالثة أيام، فدعا اهللا : قال. ال واهللا ما قتلته، ولكنه استل مني، فلم يصدقوه وأرادوا قتلهرفعناه إلينا، فترآوه ولم يبق أحد فأتي آل رجل ممن آان يحرسه في المنام، فأخبر أن يوشع لم يقتل موسى، وأنا قد

.ممن أبى أن يدخل قرية الجبارين مع موسى إال مات، ولم يشهد الفتح

آان صفي اهللا قد آره الموت وأعظمه، فلما آرهه أراد اهللا : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

بوة إلى يوشع بن نون، فكان يغدو عليه ويروح، فيقول له تعالى أن يحبب إليه الموت ويكره إليه الحياة، فحولت النيا نبي اهللا، ألم أصحبك آذا وآذا سنة، فهل آنت : يا نبي اهللا، ما أحدث اهللا إليك؟ فيقول له يوشع بن نون: موسى

ذلك أسألك عن شيء مما أحدث اهللا إليك حتى تكون أنت الذي تبتدئ به وتذآره؟ فال يذآر له شيئا، فلما رأى موسى .آره الحياة وأحب الموت

إنما يستظل في عريش - فيما ذآر لي وهب بن منبه -وآان صفي اهللا : قال ابن إسحاق: قال سلمة: قال ابن حميد

ويأآل ويشرب في نقير من حجر؛ إذا أراد أن يشرب بعد ان أآل آرع آما تكرع الدابة في ذلك النقير، تواضعا هللا .ه من آالمهحين أآرمه اهللا بما أآرمه ب

فذآر لي أنه آان من أمر وفاته أنه صفي اهللا خرج يوما من عريشه ذلك لبعض حاجته ال يعلم به أحد من : قال وهب

خلق اهللا، فمر برهط من المالئكة يحفرون قبرا فعرفهم وأقبل إليهم، حتى وقف عليهم، فإذا هم يحفرون قبرا لم ير يا مالئكة اهللا لمن تحفرون هذا : ن الحضرة والنضرة والبهجة، فقال لهمشيئا قط أحسن منه، ولم ير مثل ما فيه م

وذلك حين ! ما رأيت مضجعا وال مدخال! إن هذا العبد من اهللا المنزل: نحفره لعبد آريم على ربه، قال: القبر؟ قالوافانزل : وددت قالوا: ليا صفي اهللا، أتحب أن يكون لك؟ قا: حضر من أمر اهللا ما حضر من قبضه، فقالت له المالئكة

فنزل فاضطجع فيه، وتوجه إلى ربه، ثم تنفس . فاضطجع فيه، وتوجه إلى ربك، ثم تنفس أسهل تنفس تنفسته قط .فقبض اهللا تعالى روحه، ثم سوت عليه المالئكة، وآان صفي اهللا زاهدا في الدنيا راغبا فيما عند اهللا

عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، مولى بني هاشم، عن حدثنا مصعب بن المقدام، : حدثنا أبو آريب، قالإن ملك الموت آان يأتي الناس عيانا حتى أتى موسى فلطمه : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: أبي هريرة، قالي موسى، ائت عبد: يا رب، إن عبدك موسى فقأ عيني، ولوال آرامته لشققت عليه، فقال: فرجع فقال: ففقأ عينه، قال

فأتاه : فليضع آفه على متن ثور، فله بكل شعرة وارت يده سنة؛ وخيره بين ذلك وبين ان يموت اآلن، قال: فقل لهفجاء بعد ذلك إلى : قال. فاآلن إذا، فشمه شمة قبض روحه: الموت، قال: فما بعد ذلك؟ قال: فخيره، فقال له موسى

" .الناس خفية

172

مات موسى : سلمة، عن أبي سنان الشيباني، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قالحدثنا : حدثنا ابن حميد، قال

وهارون جميعا في التيه، مات هارون قبل موسى، وآانا خرجا جميعا في التيه إلى بعض الكهوف، فمات هارون، قتلته لحبنا إياه، آذبت ولكنك: مات، قالوا: ما فعل هارون؟ قال: فدفنه موسى، وانصرف إلى بني إسرائيل، فقالوا

وآان محببا في بني إسرائيل، فتضرع موسى إلى ربه، وشكا ما لقي من بني إسرائيل، فأوحى اهللا إليه أن انطلق بهم يا : فانطلق بهم إلى قبر هارون، فنادى: قال. إلى موضع قبره، فإني باعثه حتى يخبرهم أنه مات موتا ولم تقتله

.فعد إلى مضجعك، وانصرفوا: ال واهللا، ولكني مت، قال: انا قتلتك؟ قال: فقالهارون، فخرج من قبره ينفض رأسه، فكان جميع مدة عمر موسى عليه السالم آلها مائة وعشرين سنة، عشرون من ذلك في ملك أفريدون، ومائة منها في

.ملك منوشهر، وآان ابتدأه من لدن بعثه اهللا نبيا إلى أن قبضه إليه في ملك منوشهر

وشع بن نون عليه السالمذآر ي

ثم ابتعث اهللا عز وجل بعد موسى عليه السالم يوشع بن نون بن أفراييم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم

فاختلف السلف من أهل العلم في ذلك، وعلى بد من آان . نبيا، وأمره بالمسير إلى أريحا لحرب من فيها من الجبارينلم يسر يوشع : في حياة موسى بن عمران آان مسيره إليها أم بعد وفاته؟ فقال بعضهم ذلك؟ ومتى سار يوشع إليها؟

إلى أريحا، وال أمر بالمسير إليها إال بعد موت موسى، وبعد هالك جميع من آان أبى المسير إليها مع موسى بن في التيه قبل خروجهما مات موسى وهارون جميعا: عمران، حين أمرهم اهللا تعالى من فيها من الجبارين، وقالوا

.منه : ذآر من قال ذلك

قال أبو سعيد، عن عكرمة، عن : حدثنا سفيان، قال: حدثنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثني عبد الكريم بن الهيثم، قال رب إني ال أملك إال نفسي وأخي فافرق بيننا: " يعني بدعائه قوله -لما دعا موسى : قال اهللا تعالى: ابن عباس، قال

فدخلوا التيه، فكل من دخل : قال" . وبين القوم الفاسقين، قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في األرض فلبثوا في تيههم : قال. فمات موسى في التيه، مات هارون قبله: التيه ممن جاوز العشرين سنة مات في التيه، قال

.فتتح يوشع المدينةأربعين سنة، وناهض يوشع بمن معه مدينة الجبارين فا

إنها محرمة عليهم أربعين : " قال اهللا تعالى: قال. حدثنا سعيد عن قتادة: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثني بشر، قال

.اآلية، حرمت عليهم القرى، فكانوا ال يهبطون قرية، وال يقدرون على ذلك أربعين سنة... " سنة .لم يدخل بيت المقدس منهم إال أبناؤهم، والرجالن اللذان قاال ما قاالوذآر لنا أن موسى مات في األربعين سنة، و

حدثنا أسباط، عن السدي في الخبر الذي ذآرت إسناده : حدثنا عمرو، قال: حدثني موسى بن هارون الهمداني، قالن اهللا عز وجل ثم إ. لم يبق أحد ممن أبى أن يدخل مدينة الجبارين مع موسى إال مات، ولم يشهد الفتح: فيما مضى

لما انقضت األربعون سنة بعث يوشع بن نون نبيا فأخبرهم أنه نبي وأن اهللا أمره أن يقاتل الجبارين، فبايعوه وصدقوه، فهزم الجبارين، واقتحموا عليهم، فقتلوهم، فكانت العصابة من بني إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل

.يضربونها ال يقطعونها

، " فإنها محرمة عليهم : " حدثنا سليمان بن حرب، عن هالل، عن قتادة في قول اهللا تعالى: حدثنا ابن بشار، قال

.أبدا: قال

: " حدثنا مسلم بن إبراهيم، عن هارون النحوي، عن الزبير بن الخريت، عن عكرمة في قوله: حدثني المثنى قال

.التيه التحريم: ، قال" فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في األرض

173

.إنما فتح أريحا موسى؛ ولكن يوشع آان علة مقدمة موسى حين سار إليهم: وقال آخرون

: ذآر من قال ذلك

يعني من ذراري الذين أبوا -لما نشأت النواشي من ذراريهم : حدثنا ابن حميد، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قالن سنة التي تبهوا فيها؛ سار بهم موسى ومعه يوشع بن وهلك آباؤهم، وانقضت األربعو -قتال الجبارين مع موسى

نون، وآالب بن يوفنة، وآان فيما يزعمون على مريم ابنة عمران أخت موسى وهارون، فكان لهم صهرا، فلما انتهوا إلى أرض آنعان، وبها بلعم بن باعور العروف، وآان رجال قد آتاه اهللا علما، وآان فيما أوتي من العلم اسم

.الذي إذا دعي اهللا به أجاب، وإذا سئل به أعطى -فيما يذآرون -ألعظم اهللا ا

حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سالم أبي النضر، أنه حدث أن موسى لما نزل أرض : حدثنا ابن حميد، قالذلك المنزل، فلما نزل موسى ببني إسرائيل -قرية من قرى البلقاء -بني آنعان من أرض الشأم، وآان بلعم ببالعة

يا بلعم، هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل قد جاء يخرجنا من بالدنا، ويقتلنا : أتى قوم بلعم إلى بلعم، فقالوا له: ويحلها بني إسرائيل، ويسكنها، وإنا قومك وليس لنا منزل، وأنت رجل مجاب الدعوة، فاخرج فادع اهللا عليهم، فقال

ما لنا من منزل، : قالوا! آيف أذهب أدعو عليهم، وأنا أعلم من اهللا ما أعلم! والمؤمنوننبي اهللا معه المالئكة ! ويلكمفلم يزالوا به يرققونه، ويتضرعون إليه حتى فتنوه، فافتتن فرآب حمارة له متوجها إلى الجبل الذي يطلعه على

ل عليها فضربها حتى أذلقها عسكر بني إسرائيل، وهو جبل حسبان، فما سار عليها غير قليل، حتى ربضت به، فنزفقامت فرآبها، فلم تسر به آثيرا حتى ربضت به، ففعل بها مثل ذلك، فقامت فرآبها، فلم تسر به آثيرا حتى ربضت

أال ترى المالئكة أمامي ! أين تذهب! ويحك يا بلعم: به، فضربها حتى إذا أذلقها اهللا أذن لها فكلمته حجة عليه، فقالتفلم ينزع عنها يضربها، فخلى اهللا سبيلها حين ! أتذهب إلى نبي اهللا والمؤمنين تدعو عليهم !تردني عن وجهي هذا

فعل بها ذلك، فانطلقت حتى إذا أشرفت به على جبل حسبان، على عسكر موسى وبني إسرائيل، جعل يدعو عليهم، رف لسانه إلى بني إسرائيل، فقال فال يدعو عليهم بشيء إال صرف اهللا لسانه إلى قومه، وال يدعو لقومه بخير إال ص

فهذا ما ال أملك، هذا شيء قد غلب اهللا عليه، : أتدري يا بلعم ما تصنع؟ إنما تدعو لهم، وتدعو علينا، قال: له قومهقد ذهبت اآلن مني الدنيا واآلخرة، فلم يبق إال المكر والحيلة، فسأمكر لكم : واندلع لسانه فرفع على صدره، فقال لهم

جملوا النساء وأعطوهن السلع، ثم أرسلوهن إلى العسكر يبعنها فيه، ومروهن فال تمنع امرأة نفسها من وأحتال، رجل أرادها؛ فإنه إن زنى رجل واحد منهم آفيتموهم، ففعلوا، فلما دخل النساء العساآر مرت امرأة من الكنعانيين

برجل من عظماء بني - ، هو آان آبيرهم رأس أمته وبني أبيه من آان منهم في مدين - اسمها آسى ابنة صور إسرائيل، وهو زمري بن شلوم، رأس سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فقام إليها فأخذ بيدها حين

أجل هي حرام : قال! هذه حرام عليك: إني أظنك ستقول: أعجبه جمالها، ثم أقبل حتى وقف بها على موسى، فقال. هللا ال نطيعك في هذا، ثم دخل بها قبته فوقع عليها، فأرسل اهللا الطاعون في بني إسرائيلفو ا: عليك ال تقربها، قال

وآان فنحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر موسى، وآان رجال قد أعطي بسطة في الخلق، وقوة في البطش، ر الخبر، فأخذ حربته آان غائبا حين صنع زمرى بن شلوم ما صنع، فجاء والطاعون يحوس في بني إسرائيل، فأخب

ثم دخل عليهما القبة وهما متضاجعان فانتظمهما بحربته، ثم خرج بهما رافعهما إلى -وآانت من حديد آلها - - وآان بكر العيزار - السماء، والحربة قد أخذها بذراعه، واعتمد بمرفقه على خاصرته، وأسند الحربة إلى لحيته

فيما بين -ورفع الطاعون فحسب من يهلك من بني إسرائيل في الطاعون ! يكاللهم هكذا نفعل بمن يعص: فجعل يقولعشرون ألفا، في : فوجدوا قد هلك منهم سبعون ألفا، والمقلل لهم يقول -أن أصاب زمرى المرأة إلى أن قتله فنحاص

ذبحوها القبة ساعة من النهار، فمن هنالك تعطي بنو إسرائيل ولد فنحاص بن العيزار بن هارون من آل ذبيحة والذراع واللحى، العتماده بالحربة على خاصرته، وأخذه إياها بذراعه، وإسناده إياها إلى لحيته، والبكر من آل

واتل : " أموالهم وأنفسهم، ألنه آان بكر العيزار، ففي بلعم بن باعور، أنزل اهللا تعالى على محمد صلى اهللا عليه" لعلهم يتفكرون : " إلى قوله" فأتبعه الشيطان " يعني بلعم بن باعور، -" منها عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ

يعني بني إسرائيل؛ أنى قد جئتهم بخبر ما آان فيهم مما يخفون عليك لعلهم يتفكرون فيعرفون أنه لم يأت بهذا الخبر .عما مضى فيهم إال نبي يأتيه خبر من السماء

أريحا في بني إسرائيل فدخلها بهم، وقتل بها الجبابرة الذين آانوا فيها، وأصاب ثم إن موسى قدم يوشع بن نون إلىمن أصاب منهم، وبقيت منهم بقية في اليوم الذي أصابهم فيه، وجنح عليهم الليل، وخشي إن لبسهم الليل أن يعجزوه،

174

موسى ببني إسرائيل، فأقام فيها فاستوقف الشمس، ودعا اهللا أن يحبسها، ففعل اهللا عز وجل حتى استأصلهم؛ ثم دخلها .ما شاء اهللا أن يقيم، ثم قبضه اهللا إليه، ال يعلم بقبره أحد من الخالئق

فأما السدي في الخبر الذي ذآرت عنه إسناده فيما مضى؛ فإنه ذآر في خبره ذلك أن الذي قاتل الجبارين يوشع بن آره، وهو أنه ذآر فيه أن اهللا بعث يوشع نبيا بعد أن نون بعد موت موسى وهارون، وقص من أمره وأمرهم ما أنا ذا

انقضت األربعون سنة، فدعا بني إسرائيل فأخبرهم أنه نبي، وأن اهللا قد أمره أن يقاتل الجبارين، فبايعوه وصدقوه، ال :فكفر وأتى الجبارين، فقال -وآان يعلم االسم األعظم المكتوم -بلعم : وانطلق رجل من بني إسرائيل يقال له

ترهبوا بني إسرائيل؛ فإني إذا خرجتم تقاتلونهم أدعو عليهم دعوة فيهلكون؛ فكان عندهم فيما شاء من الدنيا، غير أنه واتل عليهم نبأ الذي : " آان ال يستطيع أن يأتي النساء من عظمهن، فكان ينكح أتانا له، وهو الذي يقول اهللا عز وجل

ولكنه أخلد إلى األرض واتبع : " إلى قوله" ا فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين فانسلخ منه" أي فبصر " آتينا آياتنا ، فكان بلعم يلهث آما يلهث الكلب، فخرج يوشع يقاتل " هواه فمثله آمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تترآه يلهث

ئيل، فكلما أراد أن يدعو على الجبارين في الناس، وخرج بلعم مع الجبارين على أتانه، وهو يريد أن يلعن بني إسراإنما أردت بني إسرائيل، فلما بلغ : إنك إنما تدعو علينا، فيقول: بني إسرائيل جاء على الجبارين، فقال الجبارون

أنت تنكحني : المدينة أخذ ملك بذنب األتان فأمسكها، وجعل يحرآها فال تتحرك، فلما أآثر ضربها تكلمت، فقالتولو أني أطقت الخروج لخرجت بك؛ ولكن هذا الملك يحبسني، فقاتلهم يوشع يوم ! ويل منك! بالليل وترآبني بالنهار

إنك في طاعة اهللا وأنا في : فدعا اهللا فقال للشمس. الجمعة قتاال شديدا حتى أمسوا وغربت الشمس، ودخل السبتة، فهزم الجبارين واقتحموا عليهم طاعة اهللا، اللهم اردد علي الشمس، فردت عليه الشمس، فزيد في النهار يومئذ ساع

وجمعوا غنائمهم، . يقتلونهم، فكانت العصابة من بني إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل يضربونها ال يقطعونهايا بني إسرائيل إن اهللا عز وجل عندآم : وأمرهم يوشع أن يقربوا الغنيمة فقربوها، فلم تزل النار تأآلها، فقال يوشع

فأتاه برأس ثور من ذهب مكلل ! هلم ما عندك: وني، فبايعوه فلصقت يد رجل منهم بيده، فقالطلبة، هلموا فبايع .بالياقوت والجوهر، آان قد غله، فجعله في القربان، وجعل الرجل معه، فجاءت النار فأآلت الرجل والقربان

يوشع بعد موسى، وأمره أن يعبر هلك هارون وموسى في التيه، وإن اهللا أوحى إلى: وأما أهل التوراة؛ فإنهم يقولوناألردن إلى األرض التي أعطاها بني إسرائيل، ووعدهم إياهم، وأن يوشع جد في ذلك ووجه إلى أريحا من تعرف خبرها، ثم سار ومعه تابوت الميثاق، حتى عبر األردن، وصار له وألصحابه فيه طريق، فأحاط بمدينة أريحا ستة

في القرون، وضج الشعب ضجة واحدة، فسقط سور المدينة فأباحوها واحرقوها، وما أشهر، فلما آان السابع نفخوا ثم إن رجال من بني إسرائيل غل . آان فيها ما خال الذهب والفضة وآنية النحاس والحديد، فإنهم أدخلوه بيت المال

ع بين األسباط، ففعل حتى شيئا، فغضب اهللا عليهم وانهزموا، فجزع يوشع جزعا شديدا، فأوحى اهللا إلى يوشع أن يقرانتهت القرعة إلى الرجل الذي غل، فاستخرج غلوله من بيته، فرجمه يوشع وأحرق آل ما آان له بالنار، وسموا

ثم نهض بهم يوشع إلى ملك عايى . الموضع باسم صاحب الغلول، وهو عاجز فالموضع إلى هذا اليوم غور عاجزع أن يكمن لهم آمينا ففعل، وغلب على عايى وصلب ملكها على خشبة، وشعبه، فأرشدهم اهللا إلى حربه، وأمر يوش

وأحرق المدينة وقتل من أهلها اثني عشر ألفا من الرجال والنساء، واحتال أهل عماق وجيعون ليوشع حتى جعل لهم زق ملك أمانا، فلما ظهر على خديعتهم دعا اهللا عليهم أن يكونوا حطابين وسقائين، فكانزا آذلك، وأن يكون با

أورشليم يتصدق، ثم أرسل ملوك األرمانيين، وآانوا خمسة بعضهم إلى بعض، وجمعوا آلمتهم على جيعون، فاستنجد أهل جيعون يوشع، فأنجدهم وهزموا أولئك الملوك حتى حدروهم إلى هبطة حوران، ورماهم اهللا بأحجار

وسأل يوشع الشمس أن تقف والقمر أن يقوم حتى البرد، فكان من قتله البرد أآثر ممن قتله بنو إسرائيل بالسيف،ينتقم من أعدائه قبل دخول السبت، ففعال ذلك وهرب الخمسة ملوك فاختفوا في غار، فأمر يوشع فسد باب الغار حتى

فرغ من االنتقام من أعدائه، ثم أمر بهم فأخرجوا، فقتلهم وصلبهم ثم أنزلهم من الخشب، وطرحهم في الغار الذي ثم مات . ه، وتتبع سائر الملوك بالشأم؛ فاستباح منهم أحدا وثالثين ملكا، وفرق األرض التي غلب عليهاآانوا في

يوشع، فما مات دفن في جبل أفراييم، وقام بعده سبط يهوذا وسبط شمعون بحرب الكنعانيين، فاستباحوا حريمهم، قد آان : يه ورجليه، فقال عند ذلك ملك بازقوقتلوا منهم عشرة آالف ببازق، وأخذوا ملك بازق فقطعوا إبهامي يد

يلقط الخبز من تحت مائدتي سبعون ملكا مقطعي األباهيم، فقد جزاني اهللا بصنيعي، وأدخلوا ملك بازق أورشليم، . وحارب بنو يهوذا سائر الكنعانيين واستولوا على أرضهم، وآان عمر يوشع مائة وستا وعشرين سنة. فمات بها

.إسرائيل منذ توفي موسى إلى أن توفي يوشع بن نون شبعا وعشرين سنةوتدبيره أمر بني

شمير بن : وقد قيل إن أول من ملك من ملوك اليمن، ملك آان لهم في عهد موسى بن عمران من حمير، يقال له

175

ري هذا األملول، وهو الذي بنى مدينة ظفار باليمن، وأخرج من آان بها من العماليق، وإن شمير بن األملول الحمي .آان من عمال ملك الفرس يومئذ على اليمن ونواحيها

وزعم هشام بن محمد الكلبي أن بقية بقيت من الكنعانيين بعد ما قتل يوشع من قتل منهم، وأن إفريقيس بن قيس بن صيفي بن سبأ بن آعب ابن زيد بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان مر بهم متوجها إلى إفريقية،

ملهم من سواحل الشام، حتى أتى بهم إفريقية، فافتتحها وقتل ملكها جرجيرا، وأسكنها البقية التي آانت بقيت من فاحتوإنما سموا بربرا، ألن إفريقيس قال : فهم البرابرة، قال: قال. الكنعانيين الذين آان احتملهم معه من سواحل السام

:يقيس قال في ذلك من أمرهم شعرا، وهو قولهفسموا بربرا، وذآر أن إفر! ما أآثر بربرتكم: لهم

من أراضي الهلك للعيش العجب... بربرت آنعان لما سقتها

.وأقام من حمير في البربر صنهاجة وآتامة، فهم فيهم إلى اليوم: قال

ذآر أمر قارون بن يصهر قاهث

حدثني حجاج، عن ابن جريج، : قال حدثنا الحسين،: حدثنا القاسم، قال. وآان قارون ابن عم موسى عليه السالم

-هكذا قال القاسم، -قارون ابن يصفر : فإن. ابن همع، أخي أبيه: ، قال" إن قارون آان من قوم موسى : " قولهبن قاهث، وموسى بن عمرر بن قاهث، وعمرر بالعربية عمران؛ هكذا قال القاسم، وإنما هو - وإنما هو يصهر

.عمرم

تزوج يصهر بن قاهث شميت ابنة تباويت بن : حدثنا سلمة، عنه: ال ما حدثنا به ابن حميد، قالوأما ابن إسحاق فإنه قعم -إسحاق على ما قال ابن -فولدت له عمران بن يصهر وقارون بن يصهر، فقارون . برآيا بن يقسان بن إبراهيم

.ما قال ابن جريج وأما أهل العلم من سلف أمتنا ومن أهل الكتابين فعلى .موسى أخو ألبيه وأمه

:ذآر من حضرنا ذآره ممن قال ذلك من علمائنا الماضين

إن قارون : " أخبرنا إسماعيل ابن أبي خالد، عن إبراهيم في قوله: حدثنا جابر بن نوح، قال: حدثنا أبو آريب، قال .آان ابن عم موسى: ، قال" آان من قوم موسى

إن : " حدثنا عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن إبراهيم، قال: قال حدثنا عبد الرحمن،: حدثنا ابن بشار، قال

.، آان قارون ابن عم موسى" قارون آان من قوم موسى

آان : ، قال" إن قارون آان من قوم موسى : " حدثنا أبي، عن سفيان، عن سماك، عن إبراهيم: حدثنا ابن وآيع، قال .ابن عمه فبغى عليه

آان قارون ابن عم : ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن سماك بن حرب، عن إبراهيم، قالحد: حدثنا ابن وآيع، قال

.موسى

176

، " إن قارون آان من قوم موسى : " حدثنا أبو معاوية، عن ابن أبي خالد، عن إبراهيم، قال: حدثنا ابن وآيع، قال

.آان ابن عمه: قال

، آنا " إن قارون آان من قوم موسى : " عن قتادة، قوله حدثنا سعيد،: حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر بن معاذ قال

نحدث أنه آان ابن عمه أخي أبيه، وآان يسمى المنور من حسن صورته في التوراة، ولكن عدو اهللا نافق آما نافق .السامري، فأهلكه البغي

لغني أن موسى بن ب: حدثني بشر بن هالل الصواف، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن مالك بن دينار، قالوآتيناه من الكنوز ما إن : " عمران آان ابن عم قارون، وآان اهللا قد آتاه ماال آثيرا، آما وصفه اهللا عز وجل، فقال

وذآر أن مفاتيح خزائنه آانت آالذي حدثنا ابن .تثقل" تنوء : " ، يعني بقوله" مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوةنجد : قال" ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة : " منصور، عن خيثمة في قولهحدثنا جرير، عن : حميد، قال

.فاتيح قارون وقر ستين بغال غرا محجلة، ما يزيد مفتاح منها على إصبع؛ لكل مفتاح منها آنزم: مكتوبا في اإلنجيل" ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة " :اخبرنا إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح: حدثنا هشيم، قال: حدثني أبو آريب، قال

.آانت مفاتيح خزائنه تحمل على أربعين بغال: ، قال

آانت مفاتيح قارون تحمل على : أخبرنا األعمش عن خيثمة، قال: حدثنا جابر بن نوح، قال: حدثنا أبو آريب، قال

.ستين بغال، آل مفتاح منها لباب آنز معلوم، مثل اإلصبع، من جلود

آانت مفاتيح قارون من جلود، آل مفتاح مثل : حدثنا أبي، عن األعمش، عن خيثمة، قال: آيع، قالحدثنا ابن و

.اإلصبع، آل مفتاح على خزانة واحدة على حدة، فإذا رآب حملت المفاتيح على ستين بغال أغر محجليه عليهم آان بأن زاد عليهم في وقيل إن بغ .فبغى عدو اهللا لما أراه اهللا به من الشقاء والبالء على قومه بكثرة ماله

حدثنا حفص ابن غياث، عن ليث، : آذلك حدثني على بن سعيد الكندي وأبو السائب وابن وآيع، قالوا. الثياب شبرا .عن شهر بن حوشب

فوعظه قومه على ما آان من بغيه ونهوه عنه، وأمروه بإنفاق ما أعطاه اهللا في سبيله والعمل فيه بطاعته، آما أخبر

إذ قال له قومه ال تفرح إن اهللا ال يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك اهللا الدار : " عز وجل عنهم أنهم قالوا له فقالاهللا" . اآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا وأحسن آما أحسن اهللا إليك وال تبغ الفساد في األرض إن اهللا ال يحب المفسدين

ال تنس في دنياك أن تأخذ نصيبك فيها آلخرتك، فكان جوابه إياهم " : وال تنس نصيبك من الدنيا: " وعني بقولهإنما أوتيت ما أوتيت من هذه الدنيا على : جهال منه، واغترارا بحلم اهللا عنه، ما ذآر اهللا تعالى في آتابه أن قال لهم

.على خير عندي، آذلك روي ذلك عن قتادة: معنى ذلك: علم عندي قيل

أو لم : " لوال رضاء اهللا عني ومعرفته بفضلي ما أعطاني هذا، قال اهللا عز وجل مكذبا قيله: عني بذلك: وقال غيرهولو آان اهللا إنما يعطى األموال . لألموال" يعلم أن اهللا قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة واآثر جمعا

ك من أرباب األموال الكثيرة قبله، مع آثرة ما آان والدنيا من يعطيه إياها لرضاه عنه، وفضله عنده، لم يهلك من أهلأعطاهم منها، فلو يردعه عن جهله، وبغيه على قومه عظة من وعظه، وتذآير من ذآره باهللا ونصيحته إياه؛ ولكنه

تمادي في غيه وخسارته، حتى خرج على قومه في زينته راآبا برذونا أبيض مسرجا بسرج األرجوان، قد لبس ثيابا .قد حمل معه من الجواري بمثل هيئته وزينته على مثل برذونه ثالثمائة جارية وأربعة آالف من أصحابه معصفرة،

.آان الذين حملهم على مثل هيئته وزينته من أصحابه سبعين ألفا: وقال بعضهم

177

، " في زينته فخرج على قومه : " حدثنا أبو خالد األحمر، عن عثمان بن األسود، عن مجاهد: حدثنا ابن وآيع، قال

فتمنى أهل الخسار من الذين خرج عليهم في . على براذين بيض، عليها سروج األرجوان، عليهم المعصفرة: قال، فأنكر ذلك من قوله عليهم أهل " يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم : " زينته مثل الذي أوتيه، فقالوا

اتقوا اهللا، واعملوا بما أمرآم اهللا به، وانتهوا عما نهاآم ! متمنون مثل ما أوتي قارونويلكم أيها ال: العلم باهللا فقالوا لهم: عنه، فإن ثواب اهللا وجزاءه أهل طاعته خير لمن آمن به وبرسله، وعمل بما أمره به من صالح األعمال، يقول اهللا

صبروا عن طلب زينة الحياة الدنيا، وآثروا ال يلقي مثل هذه الكلمة إال الذين : ، يقول" وال يلقاها إال الصابرون " فلما عتا الخبيث .ها، فعلموا له بما يوجب لهم ذلكجزيل ثواب اهللا على صالح األعمال على لذات الدنيا وشهوات

وتمادى في غيه، وبطر نعمة ربه ابتاله اهللا عز وجل من الفريضة في ماله والحق الذي ألزمه فيه ما ساق إليه شحه .ابه، وصار به عبرة للغابرين وعظة للباقينبه أليم عق

أخبرنا األعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد اهللا بن الحارث، : حدثنا جابر بن نوح، قال: فحدثنا أبو آريب، قاللما نزلت الزآاة أتى قارون موسى فصالحه عن آل ألف دينار دينارا، وعلى آل ألف درهم : عن ابن عباس، قالثم أتى بيته : قال -أنا أشد : قال أبو جعفر الطبري -وآل ألف شاة شاة : ل ألف شيء شيئا، أو قالدرهما، وعلى آ

يا بني إسرائيل، إن موسى قد أمرآم بكل شيء فأطعمتموه، وهو اآلن : فحسبه فوجده آثيرا فجمع بني إسرائيل، فقالآمرآم أن تجيئوا بفالنة البغي فتجعلوا لها : ئت، فقالأنت آبيرنا وسيدنا، فمرنا بما ش: فقالوا له. يريد أن يأخذ أموالكمإن قومك قد اجتمعوا : فدعوها فجعلوا لها جعال على أن تقذفه بنفسها، ثم أتى موسى فقال. جعال فتقذفه بنفسها

يا بني إسرائيل، من سرق قطعنا يده، ومن افترى : لتأمرهم وتنهاهم، فخرج إليهم وهم في براح من األرض، قالرجمناه حتى : أو قال -ه ثمانين، ومن زنى ولي سله امرأة جلدناه مائة، ومن زنى وله امرأة جلدناه حتى يموت جلدنا

وإن بني إسرائيل يزعمون : قال. وإن آنت أنا: وإن آنت أنت؟ قال: فقال له قارون - قال أبو جعفر أنا أشك -يموت : قال! لبيك: يا فالنة، قالت: ، فلما أن جاءت قال لها موسىادعوها، فإن قالت فهو آما قالت: أنك فجرت بفالنة، فقال

ال، وآذبوا، ولكن جعلوا إلي جعال على أن أقذفك بنفسي، فوثب فسجد وهو : أنا فعلت بك ما يقول هؤالء؟ قالتيا أرض خذيهم : يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى أقدامهم، ثم قال: مر األرض بما شئت، قال: بينهم، فأوحى إليه

يا موسى، ويتضرعون إليه، : فجعلوا يقولون: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى أعناقهم، قال: ذتهم إلى رآبهم، ثم قالفأخيا موسى يا موسى، فال ترحمهم، أما لو : يا موسى يقول لك عبادي: يا أرض خذيهم، فأطبقت عليهم، فأوحى اهللا إليه

، وآانت زينته أنه خرج على " فخرج على قومه في زينته : " فذلك قوله: إياي دعوا لوجدوني قريبا مجيبا، قالقال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما : " دواب شقر عليها سروج أرجوان، عليها ثياب مصبغة بالبهرمان،

لوا في تلك الدار اآلخرة نجعلها للذين ال يريدون ع" يا محمد " . ال يفلح الكافرون : " إلى قوله" أوتي قارون " .األرض وال فسادا والعاقبة للمتقين

حدثنا يحيى بن عيسى، عن األعمش، عن المنهال، عن رجل، عن ابن عباس بنحوه، وزادني : حدثنا أبو آريب، قالفدعا لهم فأوحى اهللا : ادع لنا ربك، قال: فأصاب بني إسرائيل بعد ذلك شدة وجوع شديد، فأتوا موسى فقالوا: قال: فيهيا موسى، أتكلمني في قوم قد أظلم ما بيني وبينهم من خطاياهم، وقد دعوك فلم تجبهم أما لو إياي دعوا : إليه

.ألجبتهم

حدثنا علي بن هاشم ابن البريد، عن األعمش، عن المنهال، عن سعيد بن : حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

آان ابن عمه، وآان موسى يقضي في : ، قال" موسى إن قارون آان من قوم : " جبير، عن ابن عباس في قولهفدعا بغية آانت في بني إسرائيل، فجعل لها جعال على أن ترمي موسى : ناحية بني إسرائيل وقارون في ناحية، قال

يا موسى، ما حد من سرق؟ : بنفسها، فترآه، حتى إذا آان يوم يجتمع فيه بنو إسرائيل إلى موسى أتاه قارون فقالنعم، : وإن آنت أنت؟ قال: أن يرجم، قال: فما حد من زنا؟ قال: فإن آنت أنت؟ قال نعم، قال: تقطع يده، قال أن: قالأنشدك بالذي أنزل التوراة، أصدق قارون؟ : بفالنة، فدعاها موسى فقال: بمن؟ قال! ويلك: فإنك قد فعلت، قال: قالاهللا، وأن عدو اهللا قارون جعل لي جعال على أن أرميك اللهم إذ نشدتني، فإني أشهد أنك بريء، وأنك رسول: قالت

: فوثب موسى فخر ساجدا، فأوحى اهللا إليه أن أرفع رأسك فقد أمرت األرض أن تطيعك، فقال موسى: بنفسي، قال

178

: يا موسى، قال: خذيهم فأخذتهم حتى بلغوا الصدور، قال: يا موسى، قال: خذيهم، فأخذتهم حتى بلغوا الحقوا، قال .يا موسى، استغاث بك فلم تغثه، أما لو استغاث بي، ألجبته وألغثته: فأوحى اهللا إليه: فذهبوا، قال: م، قالخذيه

خرج : حدثنا على بن زيد بن جدعان، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، قال: حدثنا بشر بن هالل الصواف، قال

نها جلس وتساند عليها وجلسنا إليه، فذآر سليمان بن عبد اهللا بن الحارث من الدار، ودخل المقصورة فلما خرج مثم : قال" . إن ربي غني آريم : " إلى قوله" قال يا أيها المأل أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين " داود و

، وآان قد أوتي من الكنوز ما ذآره" إن قارون آان من قوم موسى فبغى عليهم : " سكت عن حديث سليمان، فقالوعاد موسى وآان : إنما أوتيته على علم عندي قال: فقال" . ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة : " اهللا في آتابه

مؤذيا له، فكان موسى يصفح عنه، ويعفو للقرابة حتى بنى دارا، وجعل باب داره من ذهب، وضرب على جدر داره يه ويروحون، فيطعمهم الطعام ويحدثونه ويضكحونه، فلم صفائح الذهب، وآان المأل من بني إسرائيل يغدون عل

هل لك : تدعه شقوته والبالء حتى أرسل إلى امرأة من بني إسرائيل مشهورة بالخنا مشهورة بالسب، فجاءت قال لهايا قارون أل تنهى عني : أن أمولك وأعطيك وأخلطك بنسائي، على أن تأتيني والمأل من بني إسرائيل عندي فتقولي

بلى، فلما جلس قارون، وجاءه المأل من بني إسرائيل أرسل إليها فجاءت، فقامت بين يديه، فقلب اهللا : قالت! ىموس: ال أجد اليوم توبة أفضل من أال أوذي رسول اهللا وأعذب عدو اهللا، فقالت: قلبها، وأحدث لها توبة، فقالت في نفسها

سائي على أن تأتيني والمأل من بني إسرائيل عندي، هل لك أن أمولك وأعطيك وأخلطك بن: إن قارون قال ليفلما تكلمت . فلم أجد توبة أفضل من أال أوذي رسول اهللا، وأعذب عدو اهللا! يا قارون أال تنهى عني موسى: فتقولي

بهذا الكالم سقط في يدي قارون، ونكس رأسه، وسكت عن المأل، وعرف أنه قد وقع في هلكة، فشاع آالمها في يا رب عدوك لي مؤذ، أراد : ى بلغ موسى، فلما بلغ اشتد غضبه فتوضأ من الماء وصلى وبكى، وقالالناس، حت

فأوحى اهللا إليه أن مر األرض بما شئت تطعك، فجاء موسى إلى قارون، . فضيحتي وشيتني، يا رب سلطني عليهفاضطربت : رض خذيهم، قاليا أ: يا موسى ارحمني، قال: فلما دخل عليه عرف الشر في وجه موسى له، فقال له

يا أرض خذيهم، فاضطربت : يا موسى ارحمني، قال: داره، وساخت بقارون وأصحابه إلى الكعبين، وجعل يقوليا أرض : قال! يا موسى، ارحمني: داره وساخت، وخسف بقارون وأصحابه إلى رآبهم وهو يتضرع إلى موسى

حدثنا ! يا موسى، ما أفظك، أما وعزتي لو إياي نادى ألجبته: وقيل لموسى: خذيهم، فخسف به وبداره وأصحابه، قالال أعبد األرض : بلغني أنه قيل لموسى: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، قال: بشر بن هالل، قال

.ألحد بعدك أبدا

آر لنا أنه يخسف به آل ، ذ" فخسفنا به وبداره األرض " حدثنا سعيد عن قتادة، : حدثنا يزيد، قال: حدثنا بشر، قال .يوم قامة، وأنه يجلجل فيها وال يبلغ قعرها إلى يوم القيامة

فلما نزلت نقمة اهللا بقارون حمد اهللا على ما أنعم به عليهم المؤمنون الذين وعظوه وأنذروه بأمر اهللا، : قال أبو جعفر

ما هو فيه من آثرة المال، والسعة في العيش ونصحوا له من المعرفة بحقه والعمل بطاعته، وندم الذين آانوا يتمنونويكأن اهللا يبسط الرزق : " على أمنيتهم، وعرفوا خطأ أنفسهم في أمنيتها، فقالوا ما أخبر اهللا عز وجل عنهم في آتابه

س ، فصرف عنا ما ابتلى به قارون وأصحابه مما آنا نتمناه باألم" لمن يشاء من عباده ويقدر لوال أن من اهللا علينا فنجى اهللا تعالى من آل هول وبالء نبيه موسى والمؤمنين به المتمسكين بعهده من . لخسف بنا آما خسف به وبهم

فرعون وهامان وقارون : بني إسرائيل، وفتاه يوشع بن نون المتبعين له بطاعتهم ربهم، وأهلك أعداءه وأعداءهمبالخسف بعضا، وبالسيف بعضا، وجعلهم عبرا لمن والكنعانيين بطفرهم وتمردهم عليه وعتوهم، بالغرق بعضا، و

اعتبر بهم، وعظة لمن اتعظ بهم، مع آثرة أموالهم وآثرة عدد جنودهم، وشدة بطشهم، وعظم خلقهم وأجسامهم، فلم تغن عنهم أموالهم وال أجسامهم وال قواهم وال جنودهم وأنصارهم عنهم من اهللا شيئا؛ إذ آانوا يجحدون بآيات اهللا،

في األرض فسادا، ويتخذون عباد اهللا ألنفسهم خوال، وحاق بهم ما آانوا منه آمنين؛ نعوذ باهللا من عمل ويسعونوروي عن النبي صلى اهللا عليه ! يقرب من سخطه، ونرغب إليه في التوفيق لما يدني من محبته، ويزلف إلى رحمته

حدثني الماضي بن محمد، عن أبي سليمان، : حدثنا عمى، قال: وسلم ما حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قالأول أنبياء : " قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: عن القاسم بن محمد، عن أبي إدريس الخوالني، عن أبي ذر، قال

آانت عبرا آلها، : يا رسول اهللا، ما آان في صحف موسى؟ قال: قلت: قال" . بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى ! بالنار ثم يضحك، عجبت لمن أيقن بالموت ثم يفرح، عجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لم يعملعجبت لمن أيقن

179

وآان تدبير يوشع أمر بني إسرائيل من لدن مات موسى، إلى أن توفي يوشع، آله في زمان منوشهر عشرين سنة، .وفي زمان فراسياب سبع سنين

:ونرجع اآلن إلى

بعد منوشهر رسذآر القائم بالملك ببابل من الف .إذ آان التاريخ إنما تدرك صحته على سياق مدة أعمار ملوآهم

ولما هلك منوشهر الملك بن منشخورنر، قهر فراسياب بن فشنج ابن رستم بن ترك على خنيارث ومملكة أهل فارس

.مملكة أهل فارسإلى أرض بابل، فكان يكثر المقام ببابل وبمهرجان قذق، فأآثر الفساد في - فيما قيل - وصار نحن مسرعون في إهالك البرية، وإنه عظم جوره وظلمه، وخرب ما آان : إنه قال حين غلب على مملكتهم: وقيل

عامرا من بالد خنيارث، ودفن األنهار والفتي، وقحط الناس في سنة خمس من ملكه، إلى أن خرج عن مملكة أهل .السنين، وحالت األشجار المثمرةفارس، ورد إلى بالد الترك، فغارت المياه في تلك

: بغير ذلك فيقول بعضهم" زو " ولم يزل الناس منه في أعظم البلية، إلى أن ظهر زو بن طهماسب وقد يلفظ باسم

راسب بن طهماسب بن آانجو بن زاب بن أرفس بن : زاغ، ويقول بعضهم: زاب بن طهماسفان، ويقول بعضهموأم زو مادول ابنة وامن بن واذرجا .بن نوذر بن منوشهر -ابم منسوا شهراسف بن ونديج بن أريج بن نوذ وجو

.بن قود بن سلم بن أفريدون

إن منوشهر آان وجد في أيام ملكه على طهماسب بسبب جناية جناها، وهو مقيم في حدود الترك لحرب : وقيل

فيما - وآان من عدل منوشهر . كتهفراسياب، فأراد منوشهر قتله بسبب ذلك، فكلمه في الصفح عنه عظماء أهل مملأنه قد آان يسوي بين الشريف والوضيع، والقريب والبعيد في العقوبة، إذا استوجبها بعض رعيته على ذنب - ذآر هذا في الدين وهن، ولكنكم إذ أبيتم علي، فإنه ال يسكن في شيء : فأبى إجابتهم إلى ما سألوه من ذلك، وقال لهم -أتاه

يقيم به، فنفاه عن مملكته فشخص إلى بالد الترك، فوقع إلى ناحية وامن، فاحتال البنته وهي من مملكتي، والمحبوسة في قصر من أجل المنجمين آانوا ذآروا لوامن أبيها أنها تلد ولدا يقتله، حتى أخرجها من القصر الذي آانت

.محبوسة فيه، بعد أن حملت منه بزو

انقضت أيام عقوبته في العود إلى خينارث مملكة فارس، فأخرج مادول ابنة ثم إن منوشهر إذن لطهماسب بعد أن وامن بالحيلة منها ومنه في إخراجها من قصرها من بالد الترك إلى مملكة أهل فارس، فولدت له زوا بعد العود إلى

ب عن مملكة أهل قتل جده، وامن في بعض مغازيه الترك، وآطرد فراسيا - فيما ذآر -بالد إيرانكرد، ثم إن زوا فارس، حتى رده إلى الترك بعد حروب جرت بينه وبينه وقتال، فكانت غلبة فراسياب أهل فارس على إقليم بابل

.اثنتي عشرة سنة، من لدن توفي منوشهر إلى أن طرده عنه، وأخرجه زو بن طهماسب إلى ترآستان

روزأبان من شهر أبانماه، فاتخذ العجم هذا اليوم وذآر أن طرد زو فراسياب عما آان عليه من مملكة أهل فارس في

.عيدا لما رفع عنهم فيه من شر فراسياب وعسفه وجعلوه الثالث من أعيادهم النوروز والمهرجان

وآان زو محمودا في ملكه، محسنا إلى رعيته، فأمر بإصالح ما آان فراسياب أفسد من بالد خنيارث، ومملكة بابل

ون ذلك، ونثل ما آان طم وغور من األنهار والقنى، وآرى ما آان اندفن من المياه حتى وبناء ما آان هدم من حصإلى أحسن ما آان عليه، ووضع عن الناس الخراج سبع سنين، ودفعه عنهم، فعمرت بالد - فيما ذآر - أعاد آل ذلك

180

الزاب، وأمر فبنيت على فارس في ملكه، وآثرت المياه فيها، ودرت معايش أهلها، واستخرج بالسواد نهرا سماهمنها طسوج : حافتيه مدينة وهي التي تسمى المدينة العتيقة، آورها آورة، وسماها الزوابي، وجعل لها ثالثة طساسيج

الزاب األعلى، ومنها طسوج الزاب األوسط، ومنها طسوج الزاب األسفل؛ وأمر بحمل بزور الرياحين من الجبال بذر من ذلك، زغرس ما يغرس منه، وآان أول من اتخذ له ألوان الطبيخ وأمر بها إليها وأصول األشجار، وبذر ما ي

وقال يوم . بأصناف األطعمة، وأعطى جنوده مما غنم من الخيل والرآاب، مما أوجف عليه من أموال الترك وغيرهم .نحن متقدمون في عمارة ما أخربه الساحر فراسياب: ملك وعقد التاج على رأسه

.سب بن أثرط بن سهم بن نريمان بن طورك بن شيراسب بن أروشسب بن طوج بن أفريدون الملكوآان له آرشا

هو آرشاسف بن أشنان بن طهموس بن أشك بن ترس بن : وقد نسبه بعض نسابي الفرس غير هذا النسب فيقول .مؤازرا على ملكه -رحر بن دودسرو بن منوشهر الملك

ن في الملك، والمعروف من أمرهما أن الملك آان لزو بن طهماسب وأن آان زو وآرشاسب مشترآي: ويقول بعضهم

آرشاسب آان له مؤازرا وآان آرشاسب عظيم الشأن في أهل فارس، غير أنه لم يملك، فكان جميع ملك زو إلى أن .ثالث سنين - فيما قيل - انقضى ومات

وآان متزوجا بفرتك ابنة . نوذر بن منوشهر ثم ملك بعد زو آيقباذ، وهو آيقياذ بن زاغ بن نوحباه بن منشو بن

تدرسا الترآي، وآان تدرسا من رؤوس األتراك وعظمائهم، فولدت له آي إفنه، وآي آاوس، وآي أرش، وآيبه .أرش، وآيفاشين وآيبية؛ وهؤالء هم الملوك الجبابرة وآباء الملوك الجبابرة

ن مدوخون بالد الترك ومجتهدون في إصالح بالدنا، حدبون نح: وقيل إن آيقباذ قال يوم ملك وعقد التاج على رأسه

عليها، وأنه قدر مباه األنهار والعيون لشرب األرضين، وسمى البالد بأسمائها، وحدها بحدودها، آور الكور، وبين ر فيما ذآ -حير آل آورة منها وحريمها، وأمر الناس باتخاذ األرض، وأخذ العشر عن غالتها ألرزاق الجند، وآان

.آيقباذ يشبه في حرثه على العمارة، ومنعه البالد من العدو، وتكبره في نفسه بفرعون -وقيل إن الملوك الكيية وأوالدهم من نسله، وجرت بينه وبين الترك وغيرهم حروب آثيرة، وآان مقيما في حد ما

فارس، وآان ملكه مائة سنة، بين مملكة الفرس والترك بالقرب من نهر بلخ، لمنع الترك من تطرق شيء من حدود .واهللا أعلم

:ونرجع اآلن إلى

ذآر أمر بني إسرائيل

والقوام الذين آانوا بأمرهم بعد يوشع بن نون واألحداث التي آانت في عهد زو وآيقباذ

ل بعد وال خالف بين أهل العلم بأخبار الماضين وأمور األمم السالفين من أمتنا وغيرهم أن القيم بأمور بني إسرائي .يوشع آان آال بو يوفنا، ثم حزقيل بن بوذي من بعده، وهو الذي يقال له ابن العجوز

إنما سمي حزقيل بن بوزي ابن العجوز؛ أنها سألت اهللا : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فحدثنا ابن حميد، قالالذي دعا للقوم الذين ذآر اهللا في الكتاب ابن العجوز؛ وهو : الولد، وقد آبرت وعقمت، فوهبه اهللا لها، فبذلك قيل له

" .ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت : " عليه السالم آما بلغنا

حدثني عبد الصمد بن معقل؛ أنه سمع : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قال

181

يا ليتنا قد متنا : سرائيل بالء وشدة من الزمان، فشكوا ما أصابهم فقالواأصاب ناسا من بني إ: وهب بن منبه يقولإن قومك صاحوا من البالء، وزعموا أنهم ودوا لو ماتوا فاستراحوا، : فأوحى اهللا إلى حزقيل! فاسترحنا مما نحن فيه

نة آذا وآذا فإن فيها أربعة فانطلق إلى جبا! أيظنون أني ال أقدر على أن أبعثهم بعد الموت! وأي راحة لهم في الموتفقم - " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت : " وهم الذين قال اهللا تعالى: قال وهب -آالف

يا أيتها العظام النخرة، إن اهللا : فيهم فنادهم، وآانت عظامهم قد تفرقت؛ فرقتها الطير والسباع، فناداها حزقيل، فقالأيتها العظام، إن اهللا : فاجتمع عظام آل إنسان منهم معا، ثم نادى ثانية حزقيل فقال. ن تجتمعيعز وجل بأمرك أ

أيتها األرواح، : يأمرك أن تكتسي اللحم، فاآتست اللحم، وبعد اللحم جلدا، فكانت أجسادا، ثم نادى حزقيل الثالثة فقال .ا تكبيرة واحدةفقاموا بإذن اهللا، وآبرو. إن اهللا يأمرك أن تعودي في أجسادك

حدثنا أسباط، عن السدي، في خبر ذآره عن أبي مالك : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قال

وعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا -وعن مرة الهمذاني، عن ابن مسعود - وعن أبي صالح، عن ابن عباس آانت قرية " م ألوف حذر الموت فقال لهم اهللا موتوا ثم أحياهم ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وه: " عليه وسلم

يقال لها داوردان قبل واسط، فوقع بها الطاعون، فهرب عامة أهلها فنزلوا ناحية منها، فهلك أآثر من بقي في القرية هؤالء آانوا أصحابنا: وسلم اآلخرون، فلم يمت منهم آثير، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين، فقال الذين بقوا

فوقع في قابل فهربوا وهم بضعة . ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن معهم! أحزم منا، لو صنعنا آما صنعوا بقيناأن موتوا، : وثالثين ألفا، حتى نزلوا ذلك المكان، وهو واد أفيح، فناداهم ملك من أسفل الوادي، وآخر من أعاله

م نبي يقال له هزقيل، فلما رآهم وقف عليهم فجعل يتفكر فيهم، ييلوي فماتوا حتى هلكوا، وبليت أجسادهم، فمر بهنعم، وإنما آان تفكره أنه تعجب من : يا هزقيل، أتريد أن أريك آيف أحييهم؟ قال: شدقه وأصابعه، فأوحى اهللا إليه

ي، فجعلت العظام يطير ناد، فنادى يا أيتها العظام، إن اهللا يأمرك أن تجتمع: نعم، فقيل له: قدرة اهللا عليهم، فقاليا أيتها العظام؛ إن اهللا يأمرك أن تكتسي لحما : بعضها إلى بعض؛ حتى آانت أجسادا من عظام، ثم أوحى اهللا أن ناديا أيتها األجساد، إن اهللا بأمرك أن : ناد، فنادى: فاآتست لحما ودما وثيابها التي ماتت فيها؛ وهي عليها، ثم قيل له

.تقومي، فقاموا

فزعم منصور بن المعتمر عن مجاهد أنهم قالوا حين : حدثنا أسباط، قال: حدثنا عمرو، قال: ني موسى، قالحدثسبحانك ربنا وبحمدك ال إله إال أنت؛ فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم آانوا موتى، سحنة الموت على : أحيوا

.آلجالهم التي آتبت لهموجوههم، ال يلبسون ثوبا إال عاد دسما مثل الكفن، حتى ماتوا

بينما عمر بن الخطاب يصلي : حدثنا حكام، عن عنبسة، عن أشعث، عن سالم النصري، قال: حدثنا ابن حميد، قالأرأيت : فلما انفتل عمر قال: أهو هو؟ قال: ويهوديان خلفه، وآان عمر إذا أراد أن يرآع خوى، فقال أحدهما لصاحبه

إنا نجد في آتابنا قرنا من حديد يعطى ما أعطى حزقيل الذي أحيا الموتى بإذن : الأهو هو؟ فقا: قول أحدآما لصاحبه" أما تجد في آتاب اهللا : ما نجد في آتابنا حزقيل، وال أحيا الموتى بإذن اهللا إال عيسى ابن مريم، فقاال: اهللا، فقال عمر

نحدثك أن نبي إسرائيل وقه فيهم الوباء، بلى، قاال وأما إحياء الموتى فس: ، فقال عمر" ورسال لم نقصصهم عليك فخرج منهم قوم حتى إذا آانوا على رأس ميل أماتهم اهللا، فبنوا عليهم حائطا، حتى إذا بليت عظامهم بعث اهللا حزقيل

ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف : " فبعثهم اهللا له، فأنزل اهللا في ذلك! ما شاء اهللا: فقام عليهم، فقال .، واآلية... " ذر الموتح

أن آالب بن يوفنا لما قبضه اهللا : حدثنا محمد بن إسحاق، عن وهب بن منبه: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن حميد، قال

حزقيل بن بوذي، وهو ابن العجوز، وهو الذي دعا للقوم الذين - يعني في بني إسرائيل - بعد يوشع؟، خلف فيهم .اآلية... " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم: " صلى اهللا عليه وسلم آما بلغناذآر اهللا في الكتاب لمحمد

فبلغني أنه آان من حديثهم أنهم خرجوا فرارا مهن بعض األوباء من : قال سلمة قال ابن إسحاق: قال ابن حميد

: ن البالد قال لهم اهللالطاعون، أو من سقم آان يصيب الناس حذرا من الموت وهم ألوف، حتى إذا نزلوا بصعيد م

182

موتوا، فماتوا جميعا، فعمد أهل تلك البالد فحظروا عليهم حظيرة دون السباع، ثم ترآزهم فيها، وذلك أنهم آثروا عن أن يغيبوا، فمرت بهم األزمان والدهور، حتى صاروا عظاما نخرة، فمر بهم حزقيل بن بوذي، فوقف عليهم،

فناداهم بذلك، . أتحب التي قد رمت وبليت، ليرجع آل عظم إلى صاحبه: قيل لهفتعجب ألمرهم، ودخلته رحمة لهم، فقل أيها اللحم والعصب والجلد، اآس العظام بإذن ربك، قال : فنظر إلى العظام تتواثب يأخذ بعضها بعضا، ثم قيل له

م األرواح، ثم دعا لهم فنظر إليها والعصب يأخذ العظام، ثم اللحم والجلد واألشعار، حتى استووا خلقا ليست فيهفلم ! سبحان اهللا فقد أحياهم اهللا: بالحياة، فتغشاه من السماء شيء آربه، حتى غشي منه، ثم أفاق والقوم جلوس يقولون

.يذآر لنا مدة مكث حزقيل في بني إسرائيل

الياس واليسع عليهما السالم

ئيل، وترآوا عهد اهللا الذي عهد إليهم في التوراة، في بني إسرا -فيما ذآر -ولما قبض اهللا حزقيل آثرت األحداث .إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران: وعبدوا األوثان، فبعث اهللا إليهم فيما قيل

ثم إن اهللا عز وجل قبض حزقيل، وعظمت في : حدثني محمد بن إسحاق: حدثنا سلمة، قال: فحدثنا ابن حميد، قالحداث، ونسوا ما آان من عهد اهللا إليهم، حتى نصبوا األوثان وعبدوها من دون اهللا، فبعث اهللا إليهم بني إسرائيل األ

إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران نبيا؛ وإنما آانت األنبياء من بني إسرائيل بعد موسى ن ملوك بني إسرائيل يقال له أحاب، وآان اسم امرأته فكان إلياس مع ملك م. يبعثون إليهم بتجديد ما نسوا من التوراة

أزبل، وآان يسمع منه ويصدقه، وآان إلياس يقيم له أمره، وآان سائر بني إسرائيل قد اتخذوا صنما يعبدونه من ما آان بعل إال امرأة يعبدونها من دون : وقد سمعت بعض أهل العلم يقول: قال ابن إسحاق. بعل: دون اهللا، يقال له

اهللا ربكم ورب آبائكم األولين : " إلى قوله -" وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه أال تتقون " هللا يقول اهللا لمحمد افجعل إلياس يدعوهم إلى اهللا، وجعلوا ال يسمعون منه شيئا إال ما آان من ذلك الملك، الذي آان إلياس معه، يقوم - "

به يوما يا إلياس، واهللا ما أرى ما تدعو إليه إال باطال، واهللا ما أرى فالنا له بأمره، ويراه على هدى من بين أصحاوفالنا فعد ملوآا من ملوك بني إسرائيل قد عبدوا األوثان من دون اهللا إال على مثل ما نحن عليه، يأآلون ويشربون

.من فضل ويتنعمون، مملكين، ما ينقص دنياهم أمرهم الذي تزعم أنه باطل، وما نرى لنا عليهم

أن إلياس استرجع وقام شعر رأسه وجلده، ثم رفضه وخرج عنه ففعل ذلك الملك فعل - واهللا أعلم -فيزعمون اللهم إن بني إسرائيل قد أبوا إال الكفر بك، والعبادة لغيرك، : فقال إلياس. أصحابه؛ عبد األوثان، وصنع ما يصنعون

.أو آما قال. فغير ما بهم من نعمتك

إنا قد جعلنا أمر : ذآر لي أنه أوحى إليه: حدثني محمد بن إسحاق، قال: حدثنا سلمة، قال: ن حميد، قالحدثنا اب

فحبس عنهم ثالث . اللهم فأمسك عنهم المطر: فقال إلياس. أرزاقهم بيدك وإليك؛ حتى تكون أنت الذي تأمر في ذلكحين -فيما يذآرون -وآان إلياس .دا شديداوالشجر، وجهد الناس جهسنين حتى هلكت الماشية والدواب والهوام

دعا بذلك على بني إسرائيل قد استخفى شفقا على نفسه منهم، وآان حيث ما آان وضع له رزق، فكانوا إذا وجدوا ثم إنه أوى . لقد دخل إلياس هذا المكان، فطلبوه، ولقي أهل ذلك المنزل منهم شرا: ريح الخبز في دار أو بيت قالوا

امرأة من بني إسرائيل، لها ابن يقال له اليسع بن أخطوب، به ضر، فآوته وأخفت أمره، فدعا إلياس البنها ليلة إلى فعوفي من الضر الذي آان به، واتبع اليسع فآمن به وصدقه ولزمه، فكان يذهب معه حيثما ذهب، وآان إلياس قد

هللا أوحى إلى إلياس أنك قد هلكت آثيرا من الخلق أن ا -واهللا أعلم -فيزعمون . أسن وآبر، وآان اليسع غالما شاباممن لم يعص، سوى بني إسرائيل ممن لم أآن أريد هالآه بخطايا بني إسرائيل من البهائم والدواب والطير والهوام

أي رب، دعني أآن أنا الذي أدعو : أن إلياس قال -واهللا أعلم -فيزعمون . والشجر، بحبس المطر عن بني إسرائيله، وأآن أنا الذي آتيهم بالفرج مما هم فيه من البالء الذي أصابهم، لعلهم أن يرجعوا وينزعوا عما هم عليه من لهم ب

إنكم قد هلكتم جهدا، وهلكت البهائم والدواب : قيل له نعم، فجاء إلياس إلى بني إسرائيل، فقال لهم. عبادة غيركفإن آنتم تحبون أن تعلموا ذلك - أو آما قال لهم -رور والطير والهوام والشجر بخطاياآم، وأنكم على باطل وغ

وتعلموا أن اهللا عليكم ساخط فيما أنتم عليه، وأن الذي أدعوآم إليه الحق، فاخرجوا بأصنامكم هذه التي تعبدون وتزعمون أنها خير مما أدعوآم إليه؛ فإن استجابت لكم فذلك آما تقولون، وإن هي لم تفعل علمتم أنكم على باطل

183

أنصفت، فخرجوا بأوثانهم وما يتقربون به إلى اهللا من : قالوا. فنزعتم، ودعوت اهللا ففرج عنكم ما أنتم فيه من البالءولم تفرج عنهم ما آانوا فيه من البالء، حتى عرفوا ما هم فيه من . أحداثهم التي ال يرضى، فدعوها فلم تستجب لهم

س؛ إنا قد هلكنا، فادع اهللا لنا، فدعا لهم إلياس بالفرج مما هم فيه، وأن يا إليا: الضاللة والباطل، ثم قالوا إللياسيسقوا، فخرجت سحابة مثل الترس بإذن اهللا على ظهر البحر، وهم ينظرون، ثم ترامى إليه السحاب، ثم أدجنت، ثم

لم يرجعوا وأقاموا على أرسل اهللا المطر فأغاثهم، فحييت بالدهم، وفرج عنهم ما آانوا فيه من البالء، فلم ينزعوا و: فيما يزعمون - فلما رأى ذلك إلياس من آفرهم دعا ربه أن يقبضه إليه فيريحه منهم، فقيل له . أخبث ما آانوا عليه

انظر يوم آذا وآذا فاخرج فيه إلى بلد آذا وآذا، فما جاءك من شيء فارآبه وال تهبه، فخرج إلياس، وخرج معه البلد الذي ذآر له في المكان الذي أمر به أقبل فرس من نار، حتى وقف بين يديه اليسع بن أخطوب حتى إذا آان ب

يا إلياس، يا إلياس، ما تأمرني؟ فكان آخر عهدهم به، فكساه اهللا الريش وألبسه : فوثب عليه، فانطلق به فناداه اليسع .رضيا سمائياالنور، وقطع عنه لذة المطعم، والمشرب، وطار في المالئكة، فكان إنسيا ملكيا أ

اليسع، فكان فيهم ما شاء اهللا أن - بعده يعني بعد إلياس -يعني في بني إسرائيل - ثم قام بعد إلياس بأمر بني إسرائيل

يكون، ثم قبضه اهللا إليه، وخلفت فيهم الخلوف، وعظمت فيهم الخطايا، وعندهم التابوت يتوارثونه آابرا عن آابر، به معهم إال هزن آل موسى وآل هارون، فكانوا ال يلقاهم عدو فيقدمون التابوت ويزحفون فيه السكينة وبقية مما ترك

والسكينة فيما ذآر ابن إسحاق عن وهب بن منبه عن بعض أهل العلم من بني إسرائيل رأس هرة .اهللا ذلك العدو .ميتة، فإذا صرخت في التابوت بصراخ هر أيقنوا بالنصر، وجاءهم الفتح

ملك يقال له إيالف، وآان اهللا قد بارك لهم في جبلهم من إيليا، ال يدخله عليهم عدو، وال يحتاجون معه ثم خلف فيهم يجمع التراب على الصخرة، ثم ينبذ في الحب، فيخرج اهللا له ما يأآل منه - فيما يذآرون -إلى غيره، فكان أحدهم

آل؛ هو وعياله سنة، فلما عظمت أحداثهم، وترآوا سنة، وهو وعياله، ويكون ألحدهم الزيتونة فيعتصر منها ما يأعهد اهللا إليهم، نزل بهم عدو فخرجوا إليه وأخرجوا التابوت آما آانوا يخرجونه، ثم زحفوا به فقوتلوا حتى استلب

فمالت عنقه فمات آمدا عليه، فمرج أمرهم بينهم . من أيديهم، فأتى ملكهم إيالف، فأخبر أن التابوت قد أخذ واستلباختلف ووطئهم عدوهم حتى أصيب من أبنائهم ونسائهم، فمكثوا على اضطراب من أمرهم، واختالف من أحوالهم و

يتمادون أحيانا في غيهم وضاللهم، فسلط اهللا عليهم من ينتقم به منهم، ويراجعون التوبة أحيانا فيكفيهم اهللا عند ذلك .عليهم تابوت الميثاق شر من بغاهم سوءا؛ حتى بعث اهللا فيهم طالوت ملكا، ورد

التي آان أمر بني إسرائيل في بعضها إلى القضاة منهم والساسة، وفي - وآانت مدة ما بين وفاة يوشع بن نون

بعضها إلى غيرهم ممن يقهرهم فيتملك عليهم من غيرهم إلى أن ثبت الملك فيهم، ورجعت النبوة إليهم بشمويل بن آوشان، فقهرهم : ان أول من سلط عليهم غيما قيل رجل من نسل لوط، يقال لهفك. أربعمائة سنة وستين سنة -بالي

أربعين -فقام بأمرهم فيما قيل -وأذلهم ثماني سنين، ثم تنقذهم من يده أخ لكالب األصغر يقال له عتنيل بن قيس رجل من سبط بنيامين -فيما قيل -سنة، سلط عليهم ملك يقال له جعلون فملكهم ثماني عشرة سنة، ثم تنقذهم منه

يقال له أهود بن حيرا األشل اليمنى، فقام بأمرهم ثمانين سنة، ثم سلط عليهم ملك من الكنعانيين يقال له يا فين، رجل من -فيما قيل - امرأة نبية من أنبيائهم يقال لها دبورا فدبر أمرهم -فيما قيل -فملكهم عشرين سنة، ثم تنقذهم

ربعين سنة، ثم سلط عليهم قوم من نسل لوط آانت لهم منازل في تخوم الحجاز فملكوهم سبع قبلها يقال له باراق أسنين، ثم تنقذهم منهم رجل من ولد نفثالي بن يعقوب يقال له جدعون بن يواش، فدبر أمرهم أربعين سنة، ثم دبر

. تولغ بن فوا بن خال أبيملكأمرهم من بعد جدعون ابنه أبيملك بن جدعون ثالث سنين، ثم دبرهم من بعد أبيملك ياثير اثنتين : ثالثا وعشرين سنة، ثم دبر أمرهم بعد تولغ رجل من بني إسرائيل يقال له - وقيل إنه ابن عمه

وعشرين سنة، ثم ملكهم بنو عمون، وهم قوم من أهل فلسطين ثماني عشرة سنة، ثم قام بأمرهم رجل منهم يقال له ه يجشون، وهو رجل من بني إسرائيل سنع سنين، ثم دبرهم بعده ألون عشر سنين، يفتح ست سنين، ثم دبرهم من بعد

ثماني سنين، ثم قهرهم أهل فلسطين وملوآهم أربعين سنة، ثم وليهم -ويسميه بعضهم عكرون -ثم من بعده آيرون عشر - ما قيل في - شمسون وهو من بني إسرائيل عشرين سنة، ثم بقوا بغير رئيس وال مدبر ألمرهم بعد شمسون

سنين، ثم دبر أمرهم بعد ذلك عالي الكاهن، وفي أيامه غلب أهل غزة وعسقالن على تابوت الميثاق، فلما مضى من ثم سألوا شمويل حين . عشر سنين -فيما ذآر -وقت قيامه بأمرهم أربعين سنة، بعث سمويل نبيا فدبر شمويل أمرهم

184

هم، أن يبعث لهم ملكا يجاهدون معه في سبيل اهللا، فقال لهم شمويل ما قد نالهم بالذل والهوان بمعصيتهم ربهم أعداؤ .قص اهللا في آتابه العزيز

ذآر خبر شمويل

ابن بالى بن علقمة بن يرخام بن اليهوا بن تهو بن صوف، طالوت وجالوت

رهم، ووطئت بالدهم، آان من خبر شمويل بن بالى أن بني إسرائيل لما طال عليهم البالء، وأذلتهم الملوك من غي

وقتلوا رجالهم، وسبوا ذراريهم، وغلبوهم على التابوت الذي فيه السكينة والبقية مم اترك آل موسى وآل هارون، وبه .آانوا ينصرون إذا لقوا العدو، ورغبوا إلى اهللا عز وجل في أن يبعث لهم نبيا يقيم أمرهم

حدثنا أسباط عن السدي، في خبر ذآره عن : بن حماد، قالحدثنا عمرو : فحدثني موسى بن هارون الهمداني، قالوعن ناس من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه -وعن مرة عن ابن مسعود - أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس

آانت بنو إسرائيل يقاتلون العمالقة، وآان ملك العمالقة جالوت، وأنهم ظهروا على بني إسرائيل فضربوا : وسلملجزية، وأخذوا توراتهم، فكانت بنو إسرائيل يسألون اهللا أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه، وآان سبط النبوة قد عليهم ا

هلكوا، فلم يبق منهم إال امرأة حبلى فأخذوها فحبسوها في بيت، رهبة أن تلد جارية فتبد له بغالم، لما ترى من رغبة اهللا سمع : ن يرزقها غالما، فولدت غالما فسمته سمعون، تقولبني إسرائيل في ولدها، فجعلت المرأة تدعو اهللا أ

فكبر الغالم فأسلمته يتعلم التوراة في بيت المقدس وآفله شيخ من علمائها وتبناه فلما بلغ الغالم أن يبعثه اهللا . دعائييا شمويل، فقام : يخنبيا، أتاه جبريل والغالم نائم إلى جنب الشيخ، وآان ال يأمن عليه أحدا غيره فدعاه بلحن الش

يا بني، ارجع فنم، : ال فيفزع الغالم، فقال: فكره الشيخ أن يقول! يا أبتاه، دعوتني: الغالم فزعا إلى الشيخ، فقالفقال ارجع فنم، فإن دعوتك الثالثة فال تجبني، فلما ! دعوتني: ثم دعاه الثانية فلباه الغالم أيضا، فقال. فرجع الغالم فنام

فلما . اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك، فإن اهللا قد بعثك فيهم نبيا: ظهر له جبرئيل عليه السالم فقالآانت الثالثة إن آنت صادقا فابعث لنا ملكا يقاتل في سبيل اهللا، آية من : استعجلت بالنبوة ولم يألك وقالوا: أتاهم آذبوه وقالوا

.قاتلواعسى إن آتب عليكم القتال أال ت: نبوتك، قال لهم سمعون

قالوا وما لنا أال نقاتل في سبيل اهللا وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا بأداء الجزية، فدعا اهللا فأتى بعصا، تكون مقدارا

إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا، فقاسوا أنفسهم بها، فلم : على طول الرجل الذي يبعث فيهم ملكا، فقاليستقي على حمار له، فضل حماره، فانطلق يطلبه في الطريق، فلما رأوه يكونوا مثلها، وآان طالوت رجال سقاء

ما آنت قط أآذب منك : قال القوم" إن اهللا قد بعث لكم طالوت ملكا : " دعوه فقاسوه بها فكان مثلها؛ وقال لهم نبيهم: عه لذلك، فقال النبيالساعة، ونحن من سبط المملكة، وليس هو من سبط المملكة، ولن يؤت أيضا سعة من المال فنتب

إن : " فأن آنت صادقا فأتنا بآية أن هذا ملك، قال: ، فقالوا" إن اهللا اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم " " .آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك أل موسى وأل هارون

فيما -أعطاها اهللا موسى، وفيها وضع األلواح، وآانت األلواح والسكينة طست من ذهب يغسل فيها قلوب األنبياء،

من در وياقوت وزبرجد، وأما البقية فإنها عصا موسى ورضاضة األلواح، فأصبح التابوت وما فيه في دار -بلغنا .طالوت، فآمنوا بنبوة سمعون، وسلموا الملك لطالوت

جاءت المالئكة بالتابوت : ، عن ابن جريج، قال ابن عباسحدثني حجاج: حدثنا الحسين، قال: حدثنا القاسم، قال

.تحمله بين السماء واألرض، وهم ينظرون إليه حتى وضعته عند طالوت

185

نزلت المالئكة بالتابوت نهارا ينظرون إليه عيانا، حتى : قال ابن زيد: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يونس، قال

.، وخرجوا ساخطينفأقروا غير راضين: وضعوه بين أظهرهم، قال

رجع الحديث إلى حديث السدي، فخرجوا معه وهم ثمانون ألفا، وآان جالوت من أعظم الناس وأشدهم بأسا يخرج

إن اهللا مبتليكم : " يسير بين يدي الجند، وال يجتمع إليه أصحابه حتى يهزم هو من لقي، فلما خرجوا قال لهم طالوتوهو نهر فلسطين، فشربوا منه هيبة من جالوت، فعبر " مه فإنه مني بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطع

معه منهم أربعة آالف ورجع ستة وسبعون ألفا، فمن شرب منه عطش، ومن لم يشرب منه إال غرفة روى، فلما الذين ال طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال : " جاوزه هو والذين أمنوا معه، فنظروا إلى جالوت رجعوا أيضا وقالوا

فرجع عنه . آم من فئة قليلة غلبت فئة آثيرة بإذن اهللا واهللا مع الصابرين" ، الذين يستيقنون " يظنون أنهم مالقوا اهللا .أيضا ثالثة آالف وستمائة وبضعة وثمانون، وخلص في ثالثمائة وتسعة عشر عدة أهل بدر

حدثني عبد الصمد بن : دثنا إسماعيل ابن عبد الكريم، قالح: حدثني المثنى، قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج، قالآان لعيلى الذي ربى شمويل ابنان شابان، أحدثا في القربان شيئا لم يكن فيه آان : أنه سمع وهب بن منبه يقول: معقل

وآانا إذا مسوط القربان الذي آانوا يسوطونه به آالبين، فما أخرجا آان للكاهن الذي يسوطه، فجعله ابناه آالليب، فبينما أشمويل نائم قبل البيت الذي آان ينام فيه عيلى إذ سمع صوتا . جاءت النساء يصلين في القدس يتشبثان بهن

: ارجع فنم، فنام، ثم سمع صوتا آخر يقول! ال: مالك دعوتني؟ قال: لبيك، فقال: فوثب إلى عيلى فقال! أشمويل: يقول" لبيك : " لم أفعل، ارجع فنم، فإن سمعت شيئا فقل: يك؛ مالك دعوتني؟ فقاللب: فوثب إلى عيلى أيضا، فقال! أشمويلانطلق : لبيك، أنا هذا فمرني أفعل، قال: أشمويل، فقال: ، فرجع فنام فسمع صوتا أيضا يقول" مرني فافعل " مكانك،

عصياني، فألنزعن منه منعه حب الولد من ان يرجر ابنيه أن يحدثا في قدسي وقرباني، وأن ي: إلى عيلى، فقل لهالكهانة ومن ولده، وألهلكنه وإياهما، فلما أصبح سأله عيلى فأخبره، ففزع لذلك فزعا شديدا، فسار إليهم عدو ممن

حوله فأمر ابنيه أن يخرجا بالناس ويقاتال ذلك العدو، فخرجا وأخرجا معهم التابوت الذي فيه األلواح وعصا موسى ماذا صنعوا؟ فجاءه رجل يخبره وهو قاعد على : قتال هم وعدوهم جعل عيلى يتوقع الخبرفلما تهيئوا لل. لينتصروا به

ذهب به العدو قال فشهق ووقع على : فما فعل التابوت؟ قال: أن ابنيك قد قتال، وأن الناس قد انهزموا، قال: آرسيهصنم يعبدونه، فوضعوه تحت قفاه من آرسيه فمات، وذهب الذين سبوا التابوت حتى وضعوه في بيت آلهتهم، ولهم

الصنم والصنم من فوقه، فأصبح من الغد الصنم تحته، وهو فوق الصنم، ثم أخذوه فوضعوه فوقه، وسمروا قدميه في أليس قد : التابوت، فأصبح من الغد قد قطعت يد الصنم ورجاله، وأصبح ملقى تحت التابوت، فقال بعضهم لبعض

فأخرجوا التابوت فوضعوه في ناحية من . فأخرجوه من بيت آلهتكم! له شيءعلمتم أن إله بني إسرائيل ال يقوم ما هذا؟ فقالت لهم جارية آانت : قريتهم، فأخذ أهل تلك الناحية التي وضعوا فيها التابوت وجع في أعناقهم، فقالوا

: قالوا. من قريتكم ما آان هذا التابوت فيكم، فأخرجوه! ال تزالون ترون ما تكرهون: عندهم من سني بني إسرائيلإن آية ذلك أن تأتوا ببقرتين، لهما أوالد لم يوضع عليهما نير قط، ثم تضعوا وراءهما العجل، ثم : آذبت، قالت

تضعوا التابوت على العجل وتسيروهما وتحبسوا أوالدهما، فإنهما تنطلقان به مذعنتين، حتى إذا خرجتا من أرضكم رتا نيرهما، وأقبلتا إلى أوالدهما، ففعلوا ذلك، فلما خرجتا من أرضهم ووقعتا ووقعتا في أدنى أرض بني إسرائيل آس

في أدنى أرض بني إسرائيل، آسرتا تيرهما وأقبلتا إلى أوالدهما، ووضعتاه في خربة فيها حصاد من بني إسرائيل، أشمويل اعترضوا، فمن آنس من ففزع إليه بنو إسرائيل، وأقبلوا إليه فجعل ال يدنو منه أحد إال مات، فقال لهم نبيهم

نفسه قوة فليدن منه، فعرضوا عليه الناس، فلم يقدر أحد على أن يدنو منه؛ إال رجالن من بني إسرائيل، أذن لهما بأن . يحماله إلى بيت أمهما، وهي أرملة، فكان في بيت أمهما، حتى ملك طالوت، فصلح أمر بني إسرائيل مع أشمويل

قد آفاآم اهللا القتال، قالوا إنا نتخوف من حولنا، : ويل ابعث لنا ملكا يقاتل في سبيل اهللا، قالفقالت بنو إسرائيل ألشمأن ابعث لهم طالوت ملكا وادهنه بدهن القدس، فضلت حمر ألني : فيكون لنا ملك نفزع إليه، فأوحى اهللا إلى أشمويل

ا، فقال إن اهللا قد بعثك ملكا على بني إسرائيل، طالوت، فأرسله وغالما له يطلبانها فجاءا إلى أشمويل يسأالنه عنهأفما علمت أن قبيلتي أدنى : بلى، قال: قال! نعم، قال أو ما علمت أن سبطي أدنى أسباط بني إسرائيل: قال! أنا: قال

رجع وقد بآية أنك ت: فبأية آية؟ قال: بلى، قال: أما علمت أن بيتي أدنى بيوت قبيلتي؟ قال: بلى، قال: قال! قبائل سبطيإن اهللا : " فدهنه بدهن القدس، وقال لبني إسرائيل. وجد أبوك حمره، وإذا آنت في مكان آذا وآذا نزل عليك الوحي

قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن اهللا " . اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم

186

فعبر يومئذ أبو داود " ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا " رجع الحديث إلى حديث السدي، يا أبتاه، ما أرمي بقذافتي شيئا إال : فيمن عبر في ثالثة عشر ابنا له، وآان داود أصغر بنيه وإنه أتاه ذات يوم فقال

يا أبتاه لقد دخلت بين الجبال : اهللا قد جعل رزقك في قذافتك، ثم أتاه مرة أخرى فقالأبشر يا بني، إن : صرعته، قالأبشر يا بني، فإن هذا خير يعطيكه اهللا، ثم أتاه : فوجدت أسدا رابضا فرآبت عليه وأخذت بأذنيه فلم يهجني، فقال

أبشر يا بني، فإن هذا خير : معي، فقال يا أبتاه إني ألمشي بين الجبال فأسبح فال يبقى جبل إال سبح: يوما آخر، فقالفأتى النبي عليه السالم بقرن فيه -وآان داود راعيا، وآان أبوه خلفه يأتي إلى أبيه وإلى إخوته بالطعام -أعطاآه اهللا

إن صاحبكم الذي يقتل جالوت يوضع هذا القرن على رأسه، فيغلي : دهن وتنور من حديد، فبعث به إلى طالوت، قالفدعا طالوت . هن منه وال يسيل على وجهه، ويكون على رأسه آهيئة اإلآليل، ويدخل في هذا التنور فيمألهحتى يد

: هل بقي لك ولد لم يشهدنا؟ قال: بني إسرائيل، فجربهم به فلم يوافقه منهم أحد، فلما فرغوا قال طالوت ألبي داودخذنا يا داود تقتل : في الطريق بثالثة أحجار فكلمنه وقلن له نعم، بقي ابني داود، وهو يأتينا بطعام، فلما أتاه داود مر

من قتل جالوت زوجته ابنتي، وأجربت خاتمه : فأخذهن وجعلهن في مخالته، وآان طالوت قد قال: بنا جالوت، قالفي ملكي، فلما جاء داود وضعوا القرن على رأسه، فغلى حتى ادهن منه ولبس التنور فمأله، وآان رجال مسقاما مصفارا، ولم يلبسه أحد إال تقلقل فيه، فلما لبسه داود تضايق التنور عليه حتى تنقض، ثم مشى إلى جالوت، وآان

يا فتى، ارجع فإني أرحمك : جالوت من أجسم الناس وأشدهم، فلما نظر إلى داود قذف في قلبه الرعب منه، فقال لههذا : فوضعها في القذافة، آلما رفع منها حجرا سماه، فقال فأخرج الحجارة. ال بل أنا أقتلك: أن أقتلك، فقال داود

باسم أبي إبراهيم، والثاني باسم أبي إسحاق، والثالث باسم أبي إسرائيل، ثم أدار القذافة فعادت األحجار حجرا واحدا، حتى لم يكن ثم أرسله فصك به بين عيني جالوت فنقبت رأسه، ثم قتلته؛ فلم تزل تقتل آل إنسان تصيبه تنفذ فيه،

بحيالها أحد، فهزموهم عند ذلك، وقتل داود جالوت، ورجع طالوت فأنكح داود ابنته، وأجرى خاتمه في ملكه، فمال .الناس إلى داود وأحبوه

فلما رأى ذلك طالوت وجد في نفسه وحسده، وأراد قتله، فعلم داود أنه يريده بذلك، فسجى له زق خمر في مضجعه،

داود وقد هرب داود، فضرب الزق ضربة فخرقه، فسالت الخمر منه، فوقعت قطرة من خمر فدخل طالوت إلى مناميرحم اهللا داود، ما آان أآثر شربه للخمر ثم إن داود أتاه من القابلة في بيته وهو نائم، فوضع سهمين : في فيه، فقال

يقظ طالوت بصر بالسهام فعرفها فلما است. عند رأسه، وعند رجليه وعن يمينه وعن شماله سهمين سهمين، ثم نزلثم إنه رآب يوما فوحده يمشي في البرية، ! يرحم اهللا داود، هو خير مني، ظفرت به فقتلته وظفر بي فكف عني: فقال

فرآض على أثره طالوت، ففزع - وآان داود إذا فزع لم يدرك -اليوم أقتل داود : وطالوت على فرس، فقال طالوتفأوحى اهللا إلى العنكبوت فضربت عليه بيتا، فلما انتهى طالوت إلى الغار نظر إلى بناء داود، فاشتد فدخل غارا،

.لو آان دخل ها هنا لخرق بيت العنكبوت، فخيل إليه فترآه: العنكبوت، فقال

ماء يقتلهم، وطعن العلماء على طالوت في شأن داود، فجعل طالوت ال ينهاه أحد عن داود إال قتله، وأغراه اهللا بالعلفلم يكن يقدر في بني إسرائيل على عالم يطيق قتله إال قتله، حتى أتي بامرأة تعلم اسم اهللا األعظم، فأمر الخباز أن

فترآها، فوقع في قلب طالوت التوبة وندم، وأقبل على البكاء . لعلنا نحتاج إلى عالم: يقتلها، فرحمها الخباز، وقال! أنشد اهللا عبدا علم أن لي توبة إال أخبرني بها: يخرج إلى القبور فيبكي، وينادي حتى رحمه الناس، وآان آل ليلة

فازداد ! أن يا طالوت، أما ترضى أن قتلتنا أحياء حتى تؤذينا أمواتا: فلما أآثر عليهم ليالي ناداه منادي من القبورهل لي من توبة؟ فقال له : عالما أسألههل تعلم لي في األرض : مالك؟ فقال: بكاء وحزنا، فرحمه الخباز فكلمه فقال

ال تترآوا في القرية : هل تدري ما مثلك؟ إنما مثلك مثل ملك نزل قرية عشاء فصاح الديك، فتطير منه، فقال: الخباز! وهل ترآت ديكا يسمع صوته: إذا صاح الديك فأيقظونا حتى ندلج، فقالوا له: ديكا إال ذبحتموه، فلما أراد أن ينام قال

أرأيتك إن دللتك على عالم : فازداد حزنا وبكاء، فلما رأى الخباز منه الجد، قال! هل ترآت عالما في األرض ولكنانطلق بي إليها أسألها هل لي من : ال، فتوثق عليه الخباز، فأخبره أن المرأة العالمة عنده، قال: قال! لعلك أن تقتله

إنها إن رأتك غشي عليها، وفزعت : يت رجالهم علمت النساء، فقالتوبة؟ وآان إنما يعلم ذلك االسم أهل بيت؛ إذا فنألست أعظم الناس منة عليك؟ أنجيتك من القتل، : منك، فلما بلغ الباب خلفه خلفه، ثم دخل عليها الخباز، فقال لها

الفرق، هل له من توبة؟ فغشي عليها من: فإن لي إليك حاجة، هذا طالوت يسألك: بلى، قال: قالت. وآويتك عنديال، واهللا ما أعلم لطالوت توبة، ولكن هل تعلمون : هل له من توبة؟ قالت: إنه ال يريد قتلك، ولكن يسألك: فقال لها

نعم هذا قبر يوشع بن نون، فانطلقت وهما معها إليه، فدعت، فخرج يوشع بن نون ينفض رأسه : مكان قبر نبي؟ قالواهل له من توبة؟ قال : ال، ولكن طالوت يسألك: ما لكم؟ أقامت القيامة؟ قالت :من التراب، فلما نظر إليهم ثالثتهم قال

187

ما أعلم لطالوت من توبة إال أن يتخلى من ملكه، ويخرج هو وولده فيقاتلون بين يديه في سبيل اهللا، حتى إذا : يوشع .قتلوا شد هو فقتل؛ فعسى أن يكون ذلك له توبة، ثم سقط ميتا في القبر

زن ما آان، رهبة أال يتابعه ولده، فبكى حتى سقطت أشفار عينيه، ونحل جسمه، فدخل عليه بنوه ورجع طالوت أح

وهم ثالثة عشر رجال فكلموه وسألوه عن حاله، فأخبرهم خبره، وما قيل له في توبته، فسألهم أن يغزوا معه، اود بعد ذلك، وجعله اهللا نبيا، فذلك فجهزهم فخرجوا معه، فشدوا بين يديه حتى قتلوا، ثم شد بعدهم هو فقتل، وملك د

.هي النبوة؛ أتاه نبوة شمعون وملك طالوت: ؛ قيل" وآتاه اهللا الملك والحكمة : " قوله عز وجل

واسم طالوت بالسريانية شاول بن قيس بن أبيال بن ضرار بن بحرت بن أفيح بن أيش بن بنيامين ين يعقوب بن

.إسحاق بن إبراهيم

ن النبي الذي بعث لطالوت من قبره حتى أخبره بتوبته اليسع بن أخطوب؛ حدثنا بذلك ابن حميد، آا: وقال ابن إسحاق

وزعم أهل التوراة أن مدة ملك طالوت من أولها إلى أن قتل في الحرب مع ولده .حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: قال .آانت أربعين سنة

ذآر خبر داود

حشون بن عمى نادب بن رام بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن ابن إيشى بن عويد بن باعز بن سلمون بن ن

حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، عن : فيما حدثنا ابن حميد، قال -يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وآان داود عليه السالم .قصيرا أزرق قليل الشعر، طاهر القلب نقيه -بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه

ألم تر إلى الذين خرجوا : " حدثني ابن زيد في قول اهللا: أخبرنا ابن وهب، قال: د األعلى، قالحدثني يونس بن عبأوحى اهللا إلى نبيهم أن في ولد فالن : قال" واهللا عليم بالظالمين : " إلى قوله" من ديارهم وهم ألوف حذر الموت

إن اهللا عز وجل أوحى : فيض ماء، فأتاه فقالرجال يقتل اهللا به جالوت، ومن عالمته هذا القرن يضعه على رأسه فيفأخرج له اثني عشر رجال أمثال السواري : نعم يا نبي اهللا، قال: فقال. إلي أن في ولدك رجال يقتل اهللا به جالوت

ارجع، فيردده عليه، فأوحى : وفيهم رجال بارع عليهم، فجعل يعرضهم على القرن فال يرى شيئا، فيقول لذلك الجسيميا رب، قد زعم أنه ليس له ولد : إنا ال نأخذ الرجال على صورهم، ولكنا نأخذهم على صالح قلوبهم، قال: يهاهللا إل

قد صدق يا نبي اهللا إن لي ولدا قصيرا : قال. إن لك ولدا غيرهم: إن ربي قد آذبك، وقال: آذب، فقال: غيره، فقالفي شعب آذا وآذا، من جبل آذا وآذا، فخرج إليه : الفأين هو؟ ق: استحييت أن يراه الناس فجعلته في الغنم، قال

ووجده يحمل شاتين شاتين، يجيز بهما السيل وال : قال. فوجد الوادي قد سال بينه وبين البقعة التي آان يريح إليهالى فوضع القرن ع: قال! هذا هو، ال شك فيه، هذا يرحم البهائم، فهو بالناس أرحم: فلما رآه قال. يخوض بهما السيل

.رأسه ففاض

حدثني عبد الصمد بن معقل، عن وهب : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثني المثنى، قال

فليغز أهل : أن قل لطالوت: لما سلمت بنو إسرائيل الملك لطالوت، أوحى اهللا إلى نبي بني إسرائيل: بن منبه قالني سأظهره عليهم، فخرج بالناس حتى أتى مدين، فقتل من آان فيها، إال ملكهم مدين، فال يترك فيها حيا إال قتله، فإ

أال تعجب من طالوت إذ أمرته بأمري فاختل فيه، فجاء بملكهم : فإنه أسره، وساق مواشيهم، فأوحى اهللا إلى أشمويللقيامة، فإني إنما أآرم من ألنزعن الملك من بيته، ثم ال يعود فيه إلى يوم ا: فالقه فقل له! أسيرا، وساق مواشيهم

إنما : لم جئت بملكهم أسيرا، ولم سقت مواشيهم؟ قال! ما صنعت: فلقيه فقال له. أطاعني، وأهين من هان عليه أمريإن اهللا قد نزع من بيتك الملك ثم ال يعود فيه إلى يوم القيامة، فأوحى اهللا إلى : سقت المواشي ألقربها، قال له أشمويل

188

فانطلق . إلى إيشى فيعرض عليك بنيه، فادهن الذي آمرك بدهن القدس، يكن ملكا على بني إسرائيلانطلق : أشمويلاعرض علي بنيك، فدعا إيشى أآبر ولده، فأقبل رجل جسيم حسن المنظر، فلما نظر إليه : حتى أتى إيشى، فقالعينيك تبصران ما ظهر، وإني أطلع على إن: فأوحى اهللا إليه! الحمد هللا، إن اهللا بصير بالعباد: أشمويل أعجبه، فقال

ليس بهذا، : فعرض عليه ستة، في آل ذلك يقول. ليس بهذا، اعرض علي غيره: فقال! ما في القلوب، ليس بهذاأرسل إليه، : قال. بلى، لي غالم أمغر وهو راع في الغنم: هل لك من ولد غيرهم؟ فقال: اعرض علي غيره، فقال

فسار . اآتم هذا، فإن طالوت لو يطلع عليه قتله: م أمغر؛ فدهنه بدهن القدس، وقال ألبيهفلما أن جاء داود، جاء غالجالوت في قومه إلى بني إسرائيل فعسكر، وسار طالوت ببني إسرائيل وعسكر، وتهيئوا للقتال، فأرسل جالوت إلى

. لي، وإن قتلتني آان الملك لك لم يقتل قومي وقومك؟ ابرز لي، أو أبرز لي من شئت، فإن قتلتك آان الملك: طالوتثم ذآر قصة طالوت وجالوت وقتل داود إياه، وما آان من ! من يبرز لجالوت: فأرسل طالوت في عسكره صائحا

.طالوت إلى داود

وفي هذا الخبر بيان أن داود قد آان اهللا حول الملك له قبل قتله جالوت، وقبل أن يكون من طالوت : قال أبو جعفرإنما ملك داود بعدما قتل طالوت : من محاولته قتله، وأما سائر من روينا عنه قوال في ذلك، فإنهم قالوا إليه ما آان

.وولده

لما : عن وهب بن منبه قال - فيما ذآر لي بعض أهل العلم - وقد حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق

جالوت وخلع طالوت، وأقبل الناس على داود مكانه حتى لم قتل داود : قتل داود جالوت، وانهزم جنده قال الناس .يسمع لطالوت بذآر

ولما اجتمعت بنو إسرائيل على داود أنزل اهللا عليه الزبور، وعلمه صنعة الحديد، وأالنه له، وأمر الجبال : قالفيما - ل صوته، آان إذا قرأ الزبور أحدا من خلقه مث -فيما يذآرون -والطير أن يسبحن معه إذا سبح، ولم يعط اهللا

ترنو له الوحوش حتى يؤخذ بأعناقها، وإنها لمصيخة تسمع لصوته، وما صنعت الشياطين المزامير -يذآرون والبرابط والصنوج إال على أصناف صوته، وآان شديد االجتهاد، دائب العبادة، آثير البكاء، وآان آما وصفه اهللا

واذآر عبدنا داود ذا األيد إنه أواب، إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي : " لسالم فقالعز وجل لنبيه محمد عليه ا .واإلشراق، يعني بذلك ذا القوة

، " واذآر عبدنا داود ذا األيد إنه أواب : " حدثنا سعيد، عن قتادة: حدثنا يزيد، قال: وقد حدثنا بشر بن معاذ، قال

وقد ذآر لنا أن داود عليه السالم آان يقوم الليل ويصوم نصف . ي اإلسالمأعطي قوة في العبادة، وفقها ف: وقال .في آل يوم وليلة أربعة آالف - فيما ذآر -وآان يحرسه . الدهر

، " وشددنا ملكه : " حدثنا أسباط، عن السدي، في قوله: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثني محمد بن الحسين، قال

وذآر أنه تمنى يوما من األيام على ربه منزلة آبائه إبراهيم وإسحاق .لة أربعة آالفآان يحرسه آل يوم ولي: قال .ويعقوب، وسأله أن يمتحنه بنحو الذي آان امتحنهم، ويعطيه من الفضل نحو الذي آان أعطاهم

آان داود قد قسم الدهر : السدي: قال: حدثنا أسباط، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: فحدثني محمد بن الحسين، قاليوما يقضي فيه بين الناس، ويوما يخلو فيه لعبادة ربه، ويوما يخلو فيه لنسائه، وآان له تسع وتسعون : ثالثة أيام

امرأة، وآان فيما يقرأ من الكتب أنه آان يجد فيه فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فلما وجد ذلك فيما يقرأ من ر آله قد ذهب به آبائي الذين آانوا قبلي، فأعطني مثل ما أعطيتهم، وافعل بي مثل ما يا رب أرى الخي: الكتب، قالفأوحى اهللا إليه أن آباءك ابتلوا بباليا لم تبتل بها، ابتلي إبراهيم بذبح ابنه، وابتلي إسحاق بذهاب : قال. فعلت بهم

يا رب ابتلني بمثل ما ابتليتهم به، : قال. بصره، وابتلي يعقوب بحزنه على ابنه يوسف، وإنك لم تبتل من ذلك بشيءفمكث بعد ذلك ما شاء اهللا أن يمكث إذ : قال. فأوحى اهللا إليه أنك مبتلى فاحترس: قال. وأعطني مثل ما أعطيتهم

فمد يده ليأخذه : جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة من ذهب، حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي، قال

189

فأبصر : دا حتى وقع في آوة، فذهب ليأخذه، فطار من الكوة، فنظر أين يقع فيبعث في أثره، قالفتنحى فتبعه، فتباعامرأة تغتسل على سطح لها، فرأى امرأة من أجمل النساء خلقا، فحانت منها التفاتة فأبصرته، فألقت شعرها فاستترت

فبعث : أن زوجها غائب بمسلحة آذا وآذا، قالفسأل عنها فأخبر أن لها زوجا، و: فزاده ذلك فيها رغبة، قال: به، قالوآتب إليه بذلك، فكتب إليه : فبعثه ففتح له، قال: قال. إلى صاحب المسلحة يأمره أن يبعث أهريا إلى عدو آذا وآذا

فكتب : فكتب إلى داود بذلك، قال: فبعثه ففتح له أيضا، قال: قال. أن ابعثه إلى عدو آذا وآذا، أشد منهم بأسا: أيضاوتزوج داود امرأته، فلما دخلت عليه لم : فقتل المرة الثالثة، قال: فبعثه، قال: قال. ليه أن ابعثه إلى عدو آذا وآذاإ

تلبث عنده إال يسيرا حتى بعث اهللا ملكين في صورة إنسيين فطلبا أن يدخال عليه، فوجداه في يوم عبادته، فمنعهما ففزع : فما شعر وهو يصلي إذا هو بهما بين يديه جالسين، قال: قال الحرس أن يدخال عليه، فتسورا عليه المحراب،

" ال تحف، : يقول" خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق وال تشطط " ال تخف، إنما نحن : منهما، فقاالي له تسع إن هذا أخ: " أحدهما: فقال: قصا علي قصتكما، قال: قال. إلى عدل القضاء" واهدنا إلى سواء الصراط

ما تقول؟ : فقال لآلخر: فهو يريد أن يأخذ نعجتي، فيكمل بها نعاجه مائة، قال" . وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة وهو : إن لي تسعا وتسعين نعجة، وألخي هذا نعجة واحدة، فأنا أريد أن آخذها منه، فأآمل بها نعاجي مائة، قال: فقالفإن ذهبت تروم ذلك أو تريد ذلك، : قال! ما أنت على ذلك بقادر: وذاك، قال إذا ال ندعك: وهو آاره، قال: قال! آاره

يا داود، أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا، : فقال - وفسر أسباط طرف األنف والجبهة -ضربنا منك هذا وهذا . وتزوجت امرأتهفلم تزل به تعرضه للقتل حتى قتل، . حيث لك تسع وتسعون امرأة، ولم يكن ألهريا إال امرأة واحدة

فمكث يبكي ساجدا : فخر ساجدا فبكى، قال: فعرف ما قد وقع فيه، وما ابتلي به، قال: فنظر فلم ير شيئا، قال: قالأربعين يوما ال يرفع رأسه إال لحاجة ال بد منها، ثم يقع ساجدا يبكي، ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه،

يا رب، آيف أعلم أنك قد : يا داود، ارفع رأسك قد غفرت لك، فقال: ربعين يومافأوحى اهللا إليه عز وجل إليه أ: قالغفرت لي وأنت حكم عدل ال تحيف في القضاء؛ إذا جاء أهريا يوم القيامة آخذا رأسه بيمينه أو بشماله تشخب

دعوت أهريا إذا آان ذلك: قال فأوحى اهللا إليه! يقول يا رب، سل هذا فيم قتلني: أوداجه دما في قبل عرشكفما استطاع أن يمأل عينيه : رب اآلن علمت أنك قد غفرت لي، قال: قال. فأستوهبك منه، فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة

.من السماء حياء من ربه حتى قبض

حدثني عطاء الخراساني، : حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثني علي بن سهل، قال

.نقش داود خطيئته في آفه لكيال ينساها؛ فكان إذا رآها خفقت يده واضطربت :قالإن سبب المحنة بما امتحن به، أن نفسه حدثته أنه يطيق قطع يوم من األيام بغير مقارفة سوء، فكان اليوم : وقد قيل

.الذي عرض له فيه ما عرض، اليوم الذي ظن أنه يقطعه بغير اقتراف سوء

:ذآر من قال ذلك

يوما : حدثنا سعيد، عن مطر، عن الحسن، أن داود جزأ الدهر أربعة أجزاء: حدثنا يزيد، قال: جدثنا بشر، قالفلما . لنسائه، ويوما لعبادته، ويوما لقضاء بني إسرائيل، ويوما لبني إسرائيل؛ يذاآرهم ويذاآرونه، ويبكيهم ويبكونه

فأضمر داود في نفسه أنه سيطيق ! يأتي على اإلنسان يوم ال يصيب فيه ذنبا هل: آان يوم بني إسرائيل، ذآروا فقالواذلك، فلما آان يوم عبادته غلق أبوابه، وأمر أال يدخل عليه أحد، وأآب على التوراة، فبينما هو يقرؤها إذا حمامة من

عت غير بعيد، من غير أن فطارت فوق: ذهب، فيها من آل لون حسن، قد وقعت بين يديه، فأهوى إليها ليأخذها، قالفما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل، فأعجبه خلقها وحسنها، فلما رأت ظله في : تؤئسه من نفسها، قال

األرض جللت نفسها بشعرها، فزاده ذلك أيضا إعجابا بها، وآان قد بعث زوجها على بعض جيوشه، فكتب إليه أن وقال قتادة بلغنا : قال - ففعل فأصيب، فخطبها فتزوجها : قال -ر إليه لم يرجع مكان إذا سا -يسير إلى مكان آذا وآذا

فبينما هو في المحراب إذ تسور الملكان عليه، وآان الخصمان إذا أتوه يأتونه من باب : قال - أنها أم سليمان وال :حتى بلغ " ال تخف خصمان بغى بعضنا على بعض : " المحراب، ففزع منهم حين تسوروا المحراب، فقالوا

- " إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة " أي أعدله وخيره، " واهدنا إلى سواء الصراط " أي وال تمل " تشطط فقال أآفلنيها وعزني " وإنما آان للرجل امرأة واحدة : قال" ولي نعجة واحدة " -وآان لداود تسع وتسعون امرأة

، فعلم أنما " وظن داود " إال -" لمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه قال لقد ظ. " ، أي ظلمني وقهرني" في الخطاب " .فخر راآعا وأناب " أضمر له، أي عني بذلك،

190

لما أصاب داود الخطيئة، : سمعت ليثا يذآر عن مجاهد، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قاليا رب قرح الجبين، : ن البقل ما غطى رأسه، ثم نادىخر هللا ساجدا أربعين يوما، حتى نبت من دموع عينيه م

أجائع فتطعم؟ أم مريض فتشفى؟ أم مظلوم فينتصر : فنودي. وداود لم يرجع إليه من خطيئته شيء! وجمدت العينوآانت خطيئته مكتوبة بكفه يقرؤها، وآان يؤتي . فنحب نحبة هاج آل شيء آان نبت، فعند ذلك غفر له: قال! لك

رب فال يشرب إال ثلثه أو نصفه، وآان يذآر خطيئته فينتحب النحبة تكاد مفاصله يزول بعضها عن باإلناء ليشإن دمعة داود تعدل دمعة الخالئق، ودمعة أدم تعدل : وآان يقال. بعض، ثم ما يتم شربه حتى يمأل اإلناء من دموعه

: قال! رب ذنبي ذنبي قدمني: بكفه فيقولوهو يجيء يوم القيامة خطيئته مكتوبة : قال. دمعة داود ودمعة الخالئق .فيؤخر فال يأمن: فيقدم فال يأمن، فيقول رب أخرني، قال

أخبرني ابن لهيعة، عن أبي صخر، عن يزيد الرقاشي، : أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يونس بن عبد األعلى، قال

د النبي عليه السالم حين نظر إلى إن داو: سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول: عن أنس بن مالك يقولإذا حضر العدو فقرب فالنا بين يدي : المرأة فأهم، قطع على بني إسرائيل بعثا، فأوصى صاحب البعث، فقال

التابوت، وآان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الملكان على داود يقصان عليه قصته، ففطن داود فسجد، فمكث أربعين ليلة ساجدا، الجيش، فقتل زوج المرأة، ونزل

فلم أحص من الرقاشي -حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه، وأآلت األرض من جبينه، وهو يقول في سجوده وتغفر ذنبه ربي إن لم ترحم ضعف داود، ! رب زل داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب: إال هؤالء الكلمات

يا داود، إن اهللا قد غفر لك الهم : فجاءه جبرائيل من بعد أربعين ليلة فقال. جعلت ذنبه حديثا في الخلوف من بعدهقد علمت أن اهللا قادر على أن يغفر لي الهم الذي هممت به، وقد عرفت أن اهللا عدل ال : الذي هممت به، فقال داود

ما سألت ربك عن ذلك، : فقال جبرئيل! يا رب دمي الذي عند داود: ة؛ فقاليمول، فكيف بفالن إذا جاء يوم القيامقد سألت اهللا يا داود : فعرج جبرئيل وسجد داود، فمكث ما شاء اهللا ثم نزل، فقال: نعم، قال: ولئن شئت ألفعلن، قال

: دمك الذي عند داود، فيقول هب لي: يا داود، إن اهللا يجمعكما يوم القيامة فيقول: قل له: عن الذي أرسلتني فيه فقال .فإن لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا: هو لك يا رب، فيقول

ويزعم أهل الكتاب أن داود لم يزل قائما بالملك بعد طالوت إلى أن آان من أمره وأمر امرأة أوريا ما آان، فلما واقع واستخف به بنو إسرائيل، ووثب عليه ابن له يقال له إيشى، - فيما زعموا - ما واقع من الخطيئة اشتغل بالتوبة منها

فلما تاب اهللا على داود ثابت إليه ثائبة من الناس، : فدعا إلى نفسه فاجتمع إليه أهل الزيغ من بني إسرائيل، قالواطلبه القائد فحارب ابنه حتى هزمه، ووجه في طلبه قائدا من قواده، وتقدم إليه أن يتوقى حتفه، ويتلطف ألسره، ف

فتعلق بعض أغصان الشجرة بشعرة فحبسه، ولحقه -وآان ذا جمة -وهو منهزم، فاضطره إلى شجرة فرآض فيها القائد فقتله مخالفا ألمر داود، فحزن داود عليه حزنا شديدا، وتنكر للقائد، وأصاب بني إسرائيل في زمانه طاعون

ويسألونه آشف ذلك البالء عنهم، فاستجيب لهم، فاتخذوا ذلك جارف، فخرج بهم إلى موضع بيت المقدس يدعون اهللاوتوفي قبل أن يستتم بناءه، فأوصى إلى . إلحدى عشرة سنة مضت من ملكه -فيما قيل - الموضع مسجدا، وآان ذلك

.ء المسجدسليمان باستتمامه، وقتل القائد الذي قتل أخاه، فلما دفنه سليمان نفذ ألمره في القائد وقتله، واستتم بنا

: حدثني إسماعيل بن عبد الكريم، قال: وقيل في بناء داود ذلك المسجد في ما حدثنا محمد بن سهل بن عسكر، قال

إن داود أراد أن يعلم عدد بني إسرائيل آم هم؟ فبعث : أنه سمع وهب بن منبه يقول: حدثني عبد الصمد بن معقلقد علمت أني وعدت إبراهيم : لغ عددهم، فعتب اهللا عليه ذلك، وقاللذلك عرفاء ونقباء، وأمرهم أن يرفعوا إليه ما ب

: أن أبارك فيه وفي ذريته حتى أجعلهم معدد نجوم السماء، وأجعلهم ال يحصى عددهم، فأردت أن تعلم عدد ما قلتو الموت ثالثة إنه ال يحصى عددهم، فاختاروا بين أن أبتليكم بالجوع ثالث سنين، أو أسلط عليكم العدو ثالثة أشهر، أ

ما لنا بالجوع ثالث سنين صبر، وال بالعدو ثالثة أشهر، فليس لهم : فاستشار داود في ذلك بني إسرائيل فقالوا! أيامفذآر وهب بن منبه أنه مات منهم في ساعة من نهار ألوف آبيرة ال . بقية، فإن آان ال بد فالموت بيده وال بيد غيره

يا رب، أنا آآل : اود، شق عليه ما بلغه من آثرة الموت، فتبتل إلى اهللا ودعاه فقاليدرى ما عددهم، فلما رأى ذلك دأنا طلبت ذلك فأمرت به بني إسرائيل، فما آان من شيء فبي واعف عن بني ! الحماض وبنو إسرائيل يضرسون

يرتقون في سلم من ذهب فاستجاب اهللا له ورفع عنهم الموت، فرأى داود المالئكة سالين سيوفهم يغمدونها، . إسرائيلهذا مكان ينبغي أن يبنى فيه مسجد، فأراد داود أن يأخذ في بنائه، فأوحى اهللا : من الصخرة إلى السماء، فقال داود

191

إليه أن هذا بيت مقدس، وأنك قد صبغت يديك في الدماء، فلست ببانيه، ولكن ابن لك أملكه بعدك أسميه سليمان، .أسلمه من الدماء

مائة -اهللا عليه وسلم صلى فيما وردت به األخبار عن رسول اهللا -يمان بناءه وشرفه، وآان عمر داود فلما ملك سل

.وأما بعض أهل الكتب، فإنه زعم أن عمره آان سبعا وسبعين سنة، وأن مدة ملكه آانت أربعين سنة .سنة ذآر خبر سليمان بن داود عليهما السالم

اود أمر بني إسرائيل، وسخر اهللا له الجن واإلنس والطير والريح، وآتاه مع ذلك ثم ملك سليمان بن داود بعد أبيه د

النبوة وسأل ربه أن يؤتيه ملكا ال ينبغي ألحد من بعده، فاستجاب اهللا له فأعطاه ذلك وآان فيما حدثنا ابن حميد، قال ن بيته إلى مجلسه عكفت إذا خرج م: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه

أبيض جسيما وضيئا، آثير -فيما يزعمون - عليه الطير، وقام له اإلنس والجن، حتى يجلس على سريره، وآان في - فيما ذآر - الشعر يلبس من الثياب البياض، وآان أبوه في أيام ملكه بعد أن بلغ سليمان مبلغ الرجال يشاوره

ود الحكم في الغنم التي نفشت في حرث القوم، الذين قص اهللا في آتابه خبرهم و وآان من شأنه وشأن أبيه دا. أمورهوداود و سليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وآنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان : " خبرهما فقال

" .وآال آتينا حكما وعلما

حدثنا المحاربي، عن أشعث، عن أبي إسحاق، عن مرة، عن ابن : الفحدثنا أبو آريب وهارون بن إدريس األصم، قاآرم قد أنبتت عناقيده : ، قال" وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم : " مسعود في قولهتدفع الكرم :وما ذاك؟ قال: غير هذا يا نبي اهللا؟ قال: فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان: فأفسدته، قال

إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود آما آان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها، حتى إذا آان الكرم وآان رجال غزاء " . ففهمناها سليمان : " فذلك قوله. آما آان، دفعت الكرم إلى صاحبه، ودفعت الغنم إلى صاحبها

وآان فيما حدثنا ابن حميد، . في ناحية من األرض إال أتاه حتى يذله ال يكاد يعقد عن الغزو، وآان ال يسمع بملكإذا أراد الغزو أمر بعسكره فضرب له بخشب، ثم نصب له على - فيما يزعمون - حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق : قال

يح فدخلت الخشب، ثم حمل عليه الناس والدواب وآلة الحرب آلها، حتى إذا حمل معه ما يريد، أمر العاصف من الرتحت ذلك الخشب، فاحتملته حتى إذا استقلت به أمر الرخاء فمر به شهرا في روحته، وشهرا في غدوته إلى حيث

: " ، أي حيث أراد، وقال اهللا" فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب : " أراد ويقول اهللا عز وجل " .ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر

: آتاب آتبه بعض أصحاب سليمان، إما من الجن، وإما من اإلنس: ي أن منزال بناحية دجلة مكتوب فيهوذآر ل: قال " .نحن نزلناه وما بنيناه، ومبنيا وجدناه، غدونا من اصطخر فقلناه، ونحن رائحون منه إن شاء اهللا، فبائتون بالشام " .ى به إلى ما أراد، وإنها لتمر بالمزرعة فما تحرآهالتمر بعسكره الريح، والرخاء تهو - فيما بلغني - وآان : قال

حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن آعب القرظي، : حدثني الحسين، قال: وقد حدثنا القاسم بن الحسن، قالبلغنا أن سليمان آان عسكره مائة فرسخ، خمسة وعشرون منها لإلنس، وخمسة وعشرون للجن، وخمسة : قال

مسة وعشرون للطير، وآان له ألف بيت من قوارير على الخشب، فيها ثالثمائة صريحة، وعشرون للوحش، وخ: وسبعمائة سرية، فأمر الريح العاصف فرفعته وأمر الرخاء فسيرته، فأوحى اهللا إليه وهو يسير بين السماء واألرض

.أنى قد زدت في ملكك، أنه ال يتكلم أحد من الخالئق إال جاءت به الريح وأخبرتك

حدثنا أبو معاوية، عن األعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن : دثني أبو السائب، قالح

آان سليمان بن داود يوضع له ستمائة آرسي، ثم يجيء أشراف اإلنس فيجلسون مما يليه، ثم يجيء : عباس، قالفتسير في الغداة : يدعو الريح فتحملهم، قالثم يدعو الطير فتظلهم، ثم : أشراف الجن فيجلسون مما يلي اإلنس، قال

.الواحدة مسيرة شهر

192

ذآر ما انتهى إلينا من مغازي سليمان

عليه السالم

ابنة : ويقول بعضهم -يلمقة ابنة اليشرح -وهي فيما يقول أهل األنساب -فمن ذلك غزوته التي راسل فيها بلقيس

بن أيلى شرح بن الحارث بن قيس بن صيفي بن سبأ بن بن ذي جدن - ابنة ذي شرح : أيلى شرح، ويقول بعضهمأنه - فيما ذآر -وآان سبب مراسلته إياها . ثم صارت إليه سلما بغير حرب وال قتال. يشجب بن يعرب بن قحطان

فقد الهدهد يوما في مسير آان يسيره، واحتاج إلى الماء فلم يعلم من حضره بعده، وقيل له علم ذلك عند الهدهد، .بل إنما سأل سليمان عن الهدهد إلخالله بالنوبة: عن الهدهد فلم يجده وقال بعضهمفسأل

حدثنا علي بن عاصم، : فكان من حديثه وحديث مسيره ذلك وحديث بلقيس، ما حدثني العباس بن الوليد اآلملي، قالليمان بن داود إذا سافر أو أراد سفرا آان س: حدثني مجاهد، عن ابن عباس، قال: حدثنا عطاء بن السائب، قال: قال

قعد على سريره، ووضعت الكراسي يمينا وشماال، فيأذن لإلنس، ثم يأذن للجن عليه بعد اإلنس، فيكونون خلف اإلنس، ثم يأذن للشياطين بعد الجن فيكونون خلف الجن، ثم يرسل إلى الطير فتظلهم من فوقهم، ثم يرسل إلى الريح

ره، والناس على الكراسي فتسير بهم، غدوها شهر ورواحها شهر، رخاء حيث أصاب، ليس فتحملهم وهو على سريوآان سليمان اختار من آل طير طيرا؛ فجعله رأس تلك - فبينما سليمان يسير . بالعاصف وال اللين، وسطا بين ذلك

سير إذ نزل مفازة فسأل عن فبينما سليمان ي -الطير، فإذا أراد أن يسائل شيئا من تلك الطير عن شيء سأل رأسها ال ندري، فغضب : ال ندري، فسأل الشياطين، فقالوا: ال ندري، فسأل الجن فقالوا: بعد الماء ها هنا، فقال اإلنس

يا رسول اهللا ال تغضب، فإن يك : فقالت له الشياطين! ال أبرح حتى أعلم آم بعد مسافة الماء ها هنا: سليمان فقالما لي ال أرى الهدهد أم آان : " علي بالهدهد، فلم يوجد، فغضب سليمان فقال: ، فقال سليمانشيئا يعلم فالهدهد يعلمه

بعذر مبين لم غاب عن مسيري هذا؟ : ، يقول" من الغائبين، ألعذبنه عذابا شديدا أو ألذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين من هوام األرض إن أراد ذلك، أو يذبحه، وآان عقابه للطير أن ينتف ريشه ويشمسه فال يستطيع أن يطير، ويكون

.فكان ذلك عذابه

ومر الهدهد على قصر بلقيس، فرأى بستانا لها خلف قصرها، فمال إلى الخضرة فوقع عليها، فإذا هو بهدهد لها : قال

: الومن سليمان؟ فق: أين أنت عن سليمان؟ وما تصنع ها هنا؟ قال له هدهد بلقيس: في البستان، فقال هدهد سليمانأي شيء : فقال له هدهد بلقيس: قال. بعث اهللا رجال يقال له سليمان رسوال، وسخر له الريح والجن واإلنس والطير

أوتيت من " إن هذا لعجب، وأعجب من ذاك أن آثرة هؤالء القوم تملكهم امرأة، : أقول لك ما تسمع، قال: قال! تقولوذآر الهدهد سليمان فنهض : قال. سجدوا للشمس من دون اهللا، جعلوا الشكر هللا أن ي" آل شيء ولها عرش عظيم

وآان عذاب سليمان للطير : قال. توعدك رسول اهللا، فأخبروه بما قال: عنه، فلما انتهى إلى العسكر تلقته الطير وقالوا: الهدهد: قالف: قال. أن ينتف ريشه ويشمسه فال يطير أبدا، فيصير من هوام األرض، أو يذبحه فال يكون له نسل أبدا

ما غيبك عن مسيري؟ : فلما أتى سليمان، قال: أو ليأتيني بعذر مبين، قال: بل قال: أو ما استثنى رسول اهللا؟ قالوافاعتل له بشيء، : قال" . فانظر ماذا يرجعون " حتى بلغ " أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين : " قال

سننظر أصدقت أم آنت من الكاذبين، " قد اعتللت، : لهدهد، فقال له سليمانوأخبره عن بلقيس وقومها وما أخبره افوافقها وهي في قصرها، فألقى إليها الكتاب فسقط في حجرها أنه آتاب آريم، : ، قال" اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم

ت في قومها؛ فقالت وأشفقت منه، فأخذته وألقت عليه ثيابها، وأمرت بسريرها فأخرج، فخرجت فقعدت عليه، وناديأيها المأل إني ألقي إلي آتاب آريم، إنه من سليمان وإنه بسم اهللا الرحمن الرحيم، أال تعلوا علي وأتوني : " لهم

قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد واألمر إليك فانظري ماذا " ولم أآن ألقطع أمرا حتى تشهدون، " مسلمين ، فإن قبلها فهذا ملك من ملوك الدنيا وأنا أعز منه وأقوى، وإن لم " ليهم بهدية وإني مرسلة إ" -إلى -" تأمرين

.يقبلها فهذا شيء من اهللا

وهم صاغرون : " إلى قوله -" أتمدونن بمال فما آتاني اهللا خير مما آتاآم : " فلما جاء سليمان الهدية قال لهم سليمان

فسأل سليمان اإلنس فلم : اثقب هذه، قال: زة غير مثقوبة، فقالتبعثت إليه بخر: قال. وهم غير محمودين: ، يقول"

193

ترسل إلى األرضة، : فسأل الشياطين، فقالوا: يكن عندهم علم ذاك، ثم سأل الجن فلم يكن عندهم علم ذاك، قال فجاءت األرضة فأخذت شعرة في فيها فدخلت فيها فنقبتها بعد حين، فلما رجع إليها رسولها خرجت فزعة في أول

.وآان معها ألف قيل: قال ابن عباس. النهار من قومها وتبعها قومها .عشرة آالف ألف: قال علي: قال العباس. أهل اليمن يسمون القائد قيال، مع آل قيل عشرة آالف: قال ابن عباس

فأقبلت بلقيس : هاد، قالحدثني عبد اهللا بن شداد بن ال: فأخبرنا حصين بن عبد الرحمن، قال: قال علي: قال العباس .إلى سليمان ومعها ثالثمائة قيل واثنا عشر قيال، مع آل قيل عشرة آالف

وآان سليمان رجال مهيبا ال يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه، : قال عطاء، عن مجاهد، عن ابن عباس

وقد نزلت منا : بلقيس يا رسول اهللا، قال: ما هذا؟ قالوا: فخرج يومئذ فجلس على سريره، فرأى رهجا قريبا منه، فقالفأقبل على : فوصف لنا ذلك ابن عباس فحزرته ما بين الكوفة والحيرة قدر فرسخ، قال: قال مجاهد! بهذا المكان" أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك : " جنوده فقالقال الذي عنده علم من " من يأتيني به قبل ذلك؟ : قال سليمان: قال. يه إلى الحين الذي تقوم إلى غدائكالذي أنت ف

، فنظر إلى سليمان، فلما قطع آالمه رد سليمان بصره على العرش، " الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك إذ " نده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر فلما رآه مستقرا ع" فرأى سريرها قد خرج ونبع من تحت آرسيه،

فوضعوا لها : قال. إذ جعل من تحت يدي أقدر على المجيء به مني" أم أآفر " أتاني به قبل أن يرتد إلي طرفي : ثم قالت" ! آأنه هو : " ؟ فنظرت إليه فقالت" أهكذا عرشك : " فلما جاءت قعدت إلى سليمان، قيل لها: عرشها، قال

إني أريد أن أسألك عن شيء ! ه في حصوني، وترآت الجنود محيطة به، فكيف جيء بهذا يا سليمانلقد ترآتوآان إذا جاء سليمان شيء ال : قال - أخبرني عن ماء رواء، ال من سماء وال من أرض : سلي، قالت: فأخبرنيه، قال

: ن لم يكن عند الجن علم به سأل الشياطينيعلمه بدأ فسأل األنس عنه، فإن آان عند اإلنس فيه علم وإال سأل الجن، فإ: مر الخيل فلتجر ثم تمأل اآلنية من عرقها، فقال لها سليمان! ما أهون هذا يا رسول اهللا: فقالت له الشياطين: قال

فوثب سليمان عن سريره فخر : قال ابن عباس: قال. أخبرني عن لون الرب: قالت. صدقت: عرق الخيل، قالت .صعق فغشي عليه، فخر عن سريره: فأخبرني عمرو بن عبيد، عن الحسن، قال: قال علي: قال العباس. ساجدا

ما شأنك؟ : يا سليمان، يقول لك ربك: فقامت عنه، وتفرقت عنه جنوده، وجاءه الرسول فقال: ثم رجع، إلى حديثه قالتعود إلى سريرك فتعقد عليه، وترسل فإن اهللا يأمرك أن : أن أعيده، قال -أو يكابدني -سألتني عن أمر يكابرني : قال

إليها وإلى من حضرها من جنودها، وترسل إلى جميع جنودك الذين حضروا فيدخلوا عليك فتسألها وتسألهم عما سألتك عن ماء رواء، ال من سماء وال : عم سألتني؟ قالت: ففعل، فلما دخلوا عليه جميعا، قال لها: قال. سألتك عنه

ما سألتك عن شيء غير : وعن أي شيء سألتني؟ قالت: صدقت، قال: عرق الخيل، قالت: قلت لك: من أرض، قال: قال العباس -قد آان ذاك لشيء ال أدري ما هو : قال لها سليمان، فألي شيء خررت عن سريري؟ قالت: قال. هذا

ن والطير وآل شيء آان فسأل جنوده من اإلنس والج: فسأل جنودها فقالوا مثل ما قالت، قال: قال -نسيته : قال علي: يقول اهللا لك: وقد آان قال له الرسول -: ما سألتك يا رسول اهللا إال عن ماء رواء، قال: حضره من جنوده، فقالوا

فرجع : ابنوا لي صرحا تدخل علي فيه بلقيس، قال: للشياطين: وقال سليمان: قال - عد إلى مكانك فإني قد آفيتهم سليمان رسول اهللا سخر اهللا ما سخر، وبلقيس ملكة سبأ ينكحها فتلد له غالما، : لواالشياطين بعضهم إلى بعض، فقا

.فال ننفك من العبودية أبدا

ابنوا له بنيانا ليرى ذلك منها، فال يتزوجها، فبنوا له صرحا من : وآانت امرأة شعراء الساقين، فقالت الشياطين: قالقوارير آأنه الماء، وجعلوا في باطن الطوابيق آل شيء يكون من الدواب في قوارير أخضر، وجعلوا له طوابيق من

فألقي لسليمان آرسي في أقصى الصرح، : ادخل الصرح، قال: البحر من السمك وغيره، ثم أطبقوه، ثم قالوا لسليمانالصرح، فلما ذهبت ادخلي: أدخلوا علي بلقيس، فقيل لها: فلما دخله ورأى ما رأى أتى الكرسي، فقعد عليه، ثم قال

وآشفت عن ساقيها لتدخل، - حسبته ماء -تدخله رأت صورة السمك وما يكون في الماء من الدواب، فحسبته لجة إنه صرح ممرد من قوارير، : وصرف بصره عنها - وآان شعر ساقيها ملتويا على ساقيها، فلما رآها سليمان، ناداها

ما : فدعا سليمان اإلنس فقال: قال" وأسلمت مع سليمان هللا رب العالمين رب إني ظلمت نفسي : " فألقت ثوبها فقالتثم دعا الجن فسألهم : قال. المواسي تقطع ساقي المرأة: قال. يا رسول اهللا الموسى: ما يذهب هذا؟ قالوا! أقبح هذا. لمواسي تقطع ساقي المرأةا: الموسى، فقال: ال ندري، ثم دعا الشياطين فقالوا ما يذهب هذا؟ قالوا مثل ذلك: فقالوا .فاستنكحها سليمان -فإنه ألول يوم رئيت فيه النورة : قال ابن عباس -فتلكؤوا عليه، ثم جعلوا له النورة : قال

194

لما رجعت : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب ابن منبه، قال: قال: حدثنا ابن حميدقد واهللا عرفت ما هذا بملك، وما لنا به من طاقة، وما نصنع بمكاثرته شيئا، : قالت الرسل إلى بلقيس بما قال سليمان،

ثم أمرت بسرير ملكها الذي . وبعثت إليه أنى قادمة عليك بملوك قومي حتى انظر ما أمرك، وما تدعو إليه من دينكأبيات بعضها في بعض، فجعل في سبعة -وآان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ - آانت تجلس عليه

: ثم قالت لمن خلفت على سلطانها. ثم أقفلت على األبواب، وآانت إنما تخدمها النساء، معها ستمائة امرأة تخدمهاثم شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف . احتفظ بما قبلك، وسرير ملكي فال يخلص إليه أحد وال يرينه حتى آتيك

ل قيل منهم ألوف آثيرة، فجعل سليمان يبعث الجن فيأتونه بمسيرها ومنتهاها قيل معها من ملوك اليمن، تحت يد آيأيها المأل أيكم يأتيني بعرشها : " آل يوم وليلة، حتى إذا دنت جمع من عنده من الجن واإلنس ممن تحت يديه، فقال

ين أسلمت وفرغ من فزعم أن سليمان قال لها ح: قال. وأسلمت فحسن إسالمها: قال" . قبل أن يأتوني مسلمين ومثلي يا نبي اهللا ينكح الرجال، وقد آان لي في قومي من الملك : اختاري رجال من قومك أوزجكه، قالت: أمرها

نعم، إنه ال يكون في اإلسالم إال ذلك، وال ينبغي لك أن تحرمي ما أحل اهللا لك، فقالت، : قال! والسلطان ما آان ليدان، فزوجه إياها، ثم ردها إلى اليمن، وسلط زوجها ذا تبع على اليمن، ودعا زوجني إن آان ال بد ذا تبع ملك هم

فصنع لذي تبع الصنائع باليمن، ثم لم يزل بها : قال. اعمل لذي تبع ما استعملك لقومه: زوبعة أمير جن اليمن فقال .ملكا يعمل له فيها ما أراد؛ حتى مات سليمان بن داود عليه السالم

بينت الجن موت سليمان أقبل رجل منهم، فسلك تهامة حتى إذا آان في جوف اليمن صرخ بأعلى فلما حال الحول وت

فعمدت الشياطين إلى حجرين عظيمين، فكتبوا : قال. يا معشر الجن، إن الملك سليمان قد مات فارفعوا أيديكم: صوتها صرواح ومراح وبينون برحاضة أيدين، نحن بنينا سلحين، سبعة وسبعين خريفا، دائبين، وبنين: فيهما آتابا بالمسند

.وهندة وهنيدة، وسبعة أمجلة بقاعة، وتلثوم بريدة، ولوال صارخ بتهامة، لترآنا بالبون إمارةوسلحين وصرواح ومراح وبينون وهندة وهنيدة وتلثوم حصون آانت باليمن، عملتها الشياطين لذي تبع، ثم : قال

.ذي تبع وملك بلقيس مع ملك سليمان بن داود عليهما السالم رفعوا أيديهم، ثم انطلقوا، وانقضى ملك

ذآر غزوته أبا زوجته

جرادة وخبر الشيطان الذي أخذ خاتمه

سمع سليمان بمدينة : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض العلماء، قال قال وهب بن منبه: حدثنا ابن حميد، قالصيدون، بها ملك عظيم السلطان لم يكن للناس إليه سبيل، لمكانه في البحر، في جزيرة من جزائر البحر، يقال لها

وآان اهللا قد آتى سليمان في ملكه سلطانا ال يمتنع منه شيء في بر وال بحر، إنما يرآب إليه إذا رآب على الريح، فقتل ملكها واستفاء ما فخرج إلى تلك المدينة تحمله الريح على ظهر الماء، حتى نزل بها بجنوده من الجن واإلنس،

فيها، وأصاب فيما أصاب ابنة لذلك الملك لم ير مثلها حسنا وجماال، فاصطفاها لنفسه، ودعاها إلى اإلسالم فأسلمت على جفاء منها وقلة ثقة، وأحبها حبا لم يحبه شيئا من نسائه، ووقعت نفسه عليها، فكانت على منزلتها عنده ال يذهب

ويحك ما هذا الحزن الذي ال : ، فقال لها، لما رأى ما بها وهو يشق عليه من ذلك ما يرىحزنها، وال يرقأ دمعهافقد أبدلك : إن أبي أذآره وأذآر ملكه وما آان فيه وما أصابه، فيحزنني ذلك، قال: قالت! يذهب، والدمع الذي ال يرقأ

إن ذلك : الم وهو خير من ذلك آله، قالتاهللا به ملكا هو أعظم من ملكه، وسلطانا هو أعظم من سلطانه، وهداك لإلسلكذلك؛ ولكني إذا ذآرته أصابني ما قد ترى من الحزن، فلو أنك أمرت الشياطين، فصوروا صورة أبي في داري

التي أنا فيها، أراها بكرة وعشية لرجوت أن يذهب ذلك حزني، وأن يسلي عني بعض ما أجد في نفسي، فأمر لها صورة أبيها في دارها حتى ما تنكر منه شيئا، فمثلوه لها حتى نظرت إلى أبيها في مثلوا : سليمان الشيطان، فقال

نفسه، إال انه ال روح فيه، فعمدت إليه حين صنعوه لها فأزرته وقمصته وعممته وردته بمثل ثيابه التي آان يلبس، والئدها حتى تسجد له ويسجدن مثل ما آان يكون فيه من هيئة، ثم آانت إذا خرج سليمان من دارها تغدو عليه في

له، آما آانت تصنع به في ملكه، وتروح آل عشية بمثل ذلك، ال يعلم سليمان بشيء من ذلك أربعين صباحا، وبلغ وآان صديقا، وآان ال يرد عن أبواب سليمان أي ساعة أراد دخول شيء من بيوته دخل، -ذلك آصف بن برخيا

! يا نبي اهللا، آبرت سني، ودق عظمي، ونفذ عمري، وقد حان مني ذهاب: فقال فأتاه -حاضرا آان سليمان أو غائبا

195

وقد أحببت أن أقوم مقاما قبل الموت أذآر فيه من مضى من أنبياء اهللا، وأثني عليهم بعلمي فيهم، وأعلم الناس بعض يبا، فذآر من مضى من افعل، فجمع له سليمان الناس، فقام فيهم خط: ما آانوا يجهلون من آثير من أمورهم، فقال

ما آان أحلمك : أنبياء اهللا، فأثنى على آل نبي بما فيه، وذآر ما فضله اهللا به، حتى انتهى إلى سليمان وذآره، فقالفي صغرك، وأورعك في صغرك، وأفضلك في صغرك، وأحكم أمرك في صغرك، وأبعدك من آل ما يكره في

يا آصف، : غضبا، فلما دخل سليمان داره أرسل إليه، فقال ثم انصرف فوجد سليمان في نفسه حتى مأله! صغركذآرت من مضى من أنبياء اهللا فأثنيت عليهم خيرا في آل زمانهم، وعلى آل حال من أمرهم، فلما ذآرتني جعلت إن : تثني علي بخير في صغري، وسكت عما سوى ذلك من أمري في آبري، فما الذي أحدثت في آخر أمري؟ قال

إنا هللا وإنا إليه : في دارك، قال: قال! في داري: بد في دارك منذ أربعين صباحا في هوى امرأة، فقالغير اهللا ليعلقد عرفت أنك ما قلت إال عن شيء بلغك، ثم رجع سليمان إلى داره فكسر ذلك الصنم، وعاقب تلك المرأة ! راجعون

األبكار، وال ينسجها إال األبكار، وال يغسلها إال ووالئدها، ثم أمر بثياب الطهرة فأتي بها، وهي ثياب ال يغزلها إالاألبكار، وال تمسها امرأة قد رأت الدم، فلبسها ثم خرج إلى فالة من األرض وحده، فأمر برماد ففرش له، ثم أقبل فر تائبا إلى اهللا حتى جلس على ذلك الرماد، فتمعك فيه بثيابه تذلال هللا عز وجل وتضرعا إليه، يبكي ويدعو ويستغ

رب ماذا ببالئك عند آل داود أن يعبدوا غيرك، وأن : فيما ذآر لي واهللا أعلم -مما آان في داره، ويقول فيما يقول فلم يزل آذلك يومه حتى أمسى، يبكي إلى اهللا ويتضرع إليه ويستغفره، ثم ! يقروا في دورهم وأهاليهم عبادة غيرك

مينة، آان إذا دخل مذهبه، أو أراد إصابة امرأة من نسائه وضع خاتمه األ: وآانت أم ولد له يقال لها -رجع إلى داره عندها حتى يتطهر، وآان ال يمس خاتمه إال وهو طاهر، وآان ملكه في خاتمه، فوضعه يوما من تلك األيام عندها

مان ال تنكر منه في صورة سلي - وآان اسمه صخرا -الشيطان صاحب البحر ثم دخل مذهبه وأتاه. آما آان يضعهفناولته إياه، فجعله في يده، ثم خرج حتى جلس على سرير سليمان، وعكفت عليه الطير ! خاتمي يا أمينة: شيئا، فقال

! يا أمينة، خاتمي: والجن واإلنس، وخرج سليمان فأتى األمينة، وقد غيرت حالته وهيئته عند آل من رآه، فقالآذبت، لست بسليمان بن داود، وقد جاء سليمان فأخذ خاتمه، وهو : داود، فقالتأنا سليمان بن : ومن أنت؟ قال: فقالت

فعرف سليمان أن خطيئته قد أدرآته، فخرج يقف على الدار من دور بني إسرائيل، . ذاك جالس على سريره في ملكهيزعم ! ن، أي شيء يقولانظروا إلى هذا المجنو: أنا سليمان بن داود، فيحثون عليه التراب ويسبونه، ويقولون: فيقول

فلما رأى سليمان ذلك عمد إلى البحر، فكان ينقل الحيتان ألصحاب البحر إلى السوق، فيعطونه . أنه سليمان بن داودآل يوم سمكتين، فإذا أمسى باع إحدى سمكتيه بأرغفة وشوى األخرى، فأآلها، فمكث بذلك أربعين صباحا، عدة ما

صف بن برخيا وعظماء بني إسرائيل حكم عدو اهللا الشيطان في تلك األربعين عبد ذلك الوثن في داره، فأنكر آأمهلوني : نعم، قال: قالوا! يا معشر بني إسرائيل، هل رأيتم من اختالف حكم ابن داود ما رأيت: صباحا، فقال آصف

النيته؟ فدخل على هل أنكرن منه في خاصة أمره ما أنكرنا في عامة أمر الناس وع: حتى أدخل على نسائه فأسألهنأشده ما يدع امرأة منا في دمها، وال يغتسل من : هل أنكرتن من أمر ابن داود ما أنكرنا؟ فقلن! ويحكن: نسائه فقالإن هذا لهو البالء المبين، ثم خرج إلى بني إسرائيل، فقال ما في الخاصة أعظم ! إنا هللا وإنا إليه راجعون: جنابة، فقال

ضى أربعون صباحا طار الشيطان عن مجلسه، ثم مر بالبحر، فقذف الخاتم فيه، فبلعته سمكة، مما في العامة، فلما موبصر بعض الصيادين فأخذها وقد عمل له سليمان صدر يومه ذلك، حتى إذا آان العشي أعطاه سمكتيه، فأعطى

األرغفة، ثم عمد إلى السمكة السمكة التي أخذت الخاتم، ثم خرج سليمان بسمكتيه فيبيع التي ليس في بطنها الخاتم باألخرى فبقرها ليشويها فاستقبله خاتمه في جوفها، فأخذه فجعله في يده ووقع ساجدا هللا، وعكف عليه الطير والجن،

وأقبل عليه الناس وعرف أن الذي دخل عليه لما آان أحدث في داره، فرجع إلى ملكه، وأظهر التوبة من ذنبه، وأمر به، فطلبته له الشياطين حتى أخذوه، فأتى به، فجاب له صخرة، فأدخله فيها، ثم سد عليه ائتوني: الشياطين فقال

في -وآان اسمه صخرا -ن صاحب البحر .بأخرى، ثم أوثقها بالحديد والرصاص، ثم أمر به فقذف في البحرم خرج حتى جلس على سرير فناولته إياه، فجعله في يده، ث! خاتمي يا أمينة: صورة سليمان ال تنكر منه شيئا، فقال

سليمان، وعكفت عليه الطير والجن واإلنس، وخرج سليمان فأتى األمينة، وقد غيرت حالته وهيئته عند آل من رآه، آذبت، لست بسليمان بن داود، وقد جاء : أنا سليمان بن داود، فقالت: ومن أنت؟ قال: فقالت! يا أمينة، خاتمي: فقال

فعرف سليمان أن خطيئته قد أدرآته، فخرج يقف على . ك جالس على سريره في ملكهسليمان فأخذ خاتمه، وهو ذاانظروا إلى هذا : أنا سليمان بن داود، فيحثون عليه التراب ويسبونه، ويقولون: الدار من دور بني إسرائيل، فيقول

ر، فكان ينقل الحيتان فلما رأى سليمان ذلك عمد إلى البح. يزعم أنه سليمان بن داود! المجنون، أي شيء يقولألصحاب البحر إلى السوق، فيعطونه آل يوم سمكتين، فإذا أمسى باع إحدى سمكتيه بأرغفة وشوى األخرى، فأآلها، فمكث بذلك أربعين صباحا، عدة ما عبد ذلك الوثن في داره، فأنكر آصف بن برخيا وعظماء بني إسرائيل حكم عدو

يا معشر بني إسرائيل، هل رأيتم من اختالف حكم ابن داود ما : ، فقال آصفاهللا الشيطان في تلك األربعين صباحاهل أنكرن منه في خاصة أمره ما أنكرنا في عامة : أمهلوني حتى أدخل على نسائه فأسألهن: نعم، قال: قالوا! رأيت

196

أشده ما يدع : فقلنهل أنكرتن من أمر ابن داود ما أنكرنا؟ ! ويحكن: أمر الناس وعالنيته؟ فدخل على نسائه فقالإن هذا لهو البالء المبين، ثم خرج إلى بني ! إنا هللا وإنا إليه راجعون: امرأة منا في دمها، وال يغتسل من جنابة، فقال

إسرائيل، فقال ما في الخاصة أعظم مما في العامة، فلما مضى أربعون صباحا طار الشيطان عن مجلسه، ثم مر ته سمكة، وبصر بعض الصيادين فأخذها وقد عمل له سليمان صدر يومه ذلك، حتى بالبحر، فقذف الخاتم فيه، فبلع

إذا آان العشي أعطاه سمكتيه، فأعطى السمكة التي أخذت الخاتم، ثم خرج سليمان بسمكتيه فيبيع التي ليس في بطنها فأخذه فجعله في يده ووقع الخاتم باألرغفة، ثم عمد إلى السمكة األخرى فبقرها ليشويها فاستقبله خاتمه في جوفها،

ساجدا هللا، وعكف عليه الطير والجن، وأقبل عليه الناس وعرف أن الذي دخل عليه لما آان أحدث في داره، فرجع ائتوني به، فطلبته له الشياطين حتى أخذوه، فأتى به، فجاب : إلى ملكه، وأظهر التوبة من ذنبه، وأمر الشياطين فقال

.سد عليه بأخرى، ثم أوثقها بالحديد والرصاص، ثم أمر به فقذف في البحر له صخرة، فأدخله فيها، ثم

ولقد فتنا سليمان : " حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قالآان : آرسيه أربعين يوما، قالالشيطان حين جلس على : ، قال" الشيطان جسدا : ، قال" وألقينا على آرسيه جسدا

لسليمان مائة امرأة، وآانت امرأة منهن يقال لها جرادة، وهي آثر نسائه عنده، وأمنهن عنده، وآان إذا أجنب أو أتى إن أخي بينه وبين فالن : حاجة نزع خاتمه، وال يأتمن عليه أحدا من الناس غيرها، فجاءته يوما من األيام فقالت له

نعم، ولم يفعل، فابتلي فأعطاها خاتمه، ودخل المحرج فخرج : أن تقضي له إذا جاءك، فقال خصومة، وأنا أحبهاتي الخاتم، فأعطته، فجاء حتى جلس على مجلس سليمان، وخرج سليمان بعد فسألها : الشيطان في صورته، فقالث الشيطان يحكم بين الناس ومك: ال، وخرج من مكانه تائها، قال: ألم تأخذه قبل؟ قال: أن تعطيه خاتمه، فقالت

: فأنكر الناس أحكامه، فاجتمع قراء بني إسرائيل وعلماؤهم، وجاؤوا حتى دخلوا على نسائه فقالوا: قال. أربعين يومافأقبلوا يمشون : فبكى النساء عند ذلك، قال: قال! إنا قد أنكرنا هذا، فإن آان سليمان، فقد ذهب عقله، وأنكرنا أحكامه

فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه، ثم طار : قوا به ثم نشروا فقرؤوا التوراة، قالحتى أتوه، فأحدوأقبل سليمان في حاله التي : حتى ذهب إلى البحر، فوقع الخاتم منه في البحر، فابتلعه حوت من حيتان البحر، قال

إني أنا : تد جوعه، فاستطعمه من صيدهم، وقالآان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع، وقد اشفجعل يغسل دمه وهو على شاطئ البحر، فالم الصيادون : سليمان، فقام إليه بعضهم فضربه بعصا فشجه، قال

فأعطوه سمكتين مما قد : إنه زعم أنه سليمان، قال: قال! بئس ما صنعت حيث ضربته: صاحبهم الذي ضربه وقالواما آان به من الضرب، حتى قام على شط البحر، فشق بطونهما، وجعل يغسلهما، فوجد ضرب عندهم، فلم يشغله

خاتمه في بطن إحداهما، فأخذه فلبسه، فرد اهللا عليه بهاءه وملكه، وجاءت الطير حتى حامت عليه، فعرف القوم أنه ى ما آان منكم، آان هذا ما أحمدآم على عذرآم، وال ألومكم عل: سليمان، فقام القوم يعتذرون مما صنعوا، فقال

.األمر ال بد منه

فجاء حتى أتى ملكه، فأرسل إلى الشيطان فجيء به، وسخرت له الريح والشياطين يومئذ، ولم تكن سخرت له : قال

" .وهب لي ملكا ال ينبغي ألحد من بعدي إنك أنت الوهاب : " قبل ذلك، وهو قوله

ندوق من حديد، ثم أطبق عليه، وأقفل عليه بقفل، وختم عليه وبعث إلى الشيطان فأتى به، فأمر به فجعل في ص

.بخاتمه، ثم أمر به فألقي في البحر، فهو فيه حتى تقوم الساعة، وآان اسمه حبقيق

ثم لبث سليمان بن داود في ملكه بعد أن رده اهللا إليه، تعمل له الجن ما يشاء من محاريب وتماثيل : قال أبو جعفر

راسيات، وغير ذلك من أعماله، ويعذب من الشياطين من شاء، ويطلق من أحب منهم وجفان آالجواب وقدور : ما حدثني به أحمد بن منصور قال - فيما بلغني -إطالقه، حتى إذا دنا أجله، وأراد اهللا قبضه إليه، آان من أمره

ن سعيد بن جبير، عن ابن حدثنا موسى بن مسعود أبو حذيفة قال حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن السائب، عما : آان سليمان نبي اهللا إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه، فيقول لها: عباس، عن النبي صلى اهللا عليه وسلم قال

ألي شيء أنت؟ فإن آانت لغرس غرست، إن آانت لدواء آتبت فبينما هو يصلي : آذا وآذا، فيقول: اسمك؟ فتقوللخراب هذا البيت، : ألي شيء أنت؟ قالت: الخروب، قال: ما اسمك؟ قالت: قال لهاذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه ف

اللهم عم على الجن موتى حتى يعلم اإلنس أن الجن ال يعلمون الغيب، فنحتها عصا، فتوآأ عليها حوال : فقال سليمان

197

.غيب ما لبثوا في العذاب المهينميتا، والجن تعمل، فأآلتها األرضة فسقط، فتبينت اإلنس أن الجن لو آانوا يعلمون ال .فشكرت الجن األرضة، فكانت تأتيها بالماء: قال" حوال في العذاب المهين " وآان ابن عباس يقرؤها : قال

حدثنا عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدي في حديث ذآره عن أبي مالك وعن : حدثني موسى بن هارون، قالوعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا عليه -عن مرة الهمذاني، عن ابن مسعود و0أبي صالح، عن ابن عباس

آان سليمان يتجرد في بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأآثر، يدخل : وسلم قالت في بيت المقدس طعامه وشرابه، فأدخله في المرة التي مات فيها، فكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه إال نبت

ألي شيء نبت؟ فتقول نبت لكذا وآذا : اسمي آذا وآذا، فيقول لها: ما اسمك؟ فتقول الشجرة: شجرة، فيأتيها، فيسألهانبت دواء لكذا وآذا، فيجعلها لذلك، : فيأمر بها فتقطع، فإن آانت نبتت لغرس غرسها، وإن آانت نبتت دواء قالت

نبت لخراب : وألي شيء نبت؟ قالت: أنا الخروبة، قال: ما اسمك؟ قالت: سألهاحتى نبتت شجرة يقال لها الخروبة فما آان اهللا ليخربه وأنا حي، أنت التي على وجهك هالآي وخراب بيت المقدس، فنزعها : قال سليمان. هذا المسجد

، وهم في ذلك وغرسها في حائط له، ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصاه فمات، وال تعلم به الشياطينيعملون له يخافون أن يخرج فيعاقبهم، وآانت الشياطين تجتمع حول المحراب، وآان المحراب له آوى بين يديه

ألست جليدا إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب؟ فيدخل حتى يخرج : وخلفه، فكان الشيطان الذي يريد أن يخلع يقولولم - يكن شيطان ينظر إلى سليمان في المحراب إال احترق من الجانب اآلخر، فدخل شيطان من أولئك، فمر ولم

يسمع صوت سليمان، ثم رجع فلم يسمع، ثم رجع فلم يسمع ثم رجع فوقف في البيت فلم يحترق ونظر إلى سليمان قد وهي العصا بلسان -سقط ميتا، فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات، ففتحوا عنه فأخرجوه، ووجدوا منسأته

قد أآلتها األرضة، ولم يعلموا منذ آم مات، فوضعوا األرضة على العصا، فأآلت منها يوما وليلة، ثم - الحبشةفمكثوا يدينون له من بعد موته حوال : " حسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة، وهي في قراءة ابن مسعود

أنهم علموا الغيب لعلموا موت سليمان، ولم يلبثوا في ، فأيقن الناس عند ذلك أن الجن آانوا يكذبونهم، ولو " آامال في " - إلى قوله -" ما دلهم على موته إال دابة األرض : " العذاب سنة يعملون له، وذاك في قول اهللا عز وجل

عام لو آنت تأآلين الط: ثم إن الشياطين قالوا لألرضة. بين أمرهم للناس أنهم آانوا يكذبونهم: يقول" العذاب المهين فهم : قال. أتيناك بأطيب الطعام، ولو آنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب، ولكنا سننقل إليك الماء والطين

ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو ما يأتيها به الشياطين شكرا : قال. ينقلون إليها ذلك حيث آانتا وخمسين سنة، وفي سنة أربع من ملكه ابتدأ ببناء بيت المقدس وآان جميع عمر سليمان بن داود فيما ذآر نيف! لها

.فيما ذآر

ذآر من ملك إقليم بابل والمشرق

من ملوك الفرس بعد آيقباذ

.ونرجع اآلن إلى الخبر عمن ملك إقليم بابل والمشرق من ملوك الفرس بعد آيقباذ: قال أبو جعفر

إن اهللا تعالى إنما خولنا : فذآر أنه قال يوم ملك. آيبيه بن آيقباذ الملكوملك بعد آيقباذ بن زاغ بن يوجياه آيقاوس بن األرض وما فيها لنسعى فيها بطاعته، وأنه قتل جماعة من عظماء البالد التي حوله، وحمى بالده ورعيته ممن

في عصره في جماله حواليهم من األعداء أن يتناولوا منها شيئا، وأنه آان يسكن بلخ، وأنه ولد له ابن لم ير مثله وآماله وتمام خلقه، فسماه سياوخش، وضمه إلى رستم الشديد بن دستان بن بريمان بن جودنك بن آرشاسب بن

.أثرط بن سهم بن نريمان

وآان إصبهبذ سجستان وما يليه من قبله يربيه ويكفله، وأوصاه به فأخذه منه رستم، فمضى به معه إلى موضع عمله رباه رستم ولم يزل في حجره يجمع له وهو طفل الحواضن والمرضعات، ويتخيرهن له، حتى إذا سجستان، ف

ترعرع جمع له المعلمين، فتخير له منهم من اختاره لتعليمه، حتى إذا قدر على الرآوب علمه الفروسية حتى إذا تحنه والده آيقاوس، فوجده نافذا في تكاملت فيه فنون اآلداب، وفاق في الفروسية قدم به على والده رجال آامال، فام

بل إنها بنت ملك : ابنة فراسياب ملك الترك، وقيل - فيما ذآر -آل ما أراد بارعا، فسر به، وآان آيقاوس تزوج اليمن، وآان يقال لها سوذابة، وآانت ساحرة، فهويت سياوخش، ودعته إلى نفسها، وأنه امتنع عليها، وذآرت لها

أن سوذابة لم تزل لما - فيما ذآر لي - ذآرها الكتاب، غير أن آخر أمرهما صار في ذلك ولسياوخش قصة يطول ب

198

رأت من امتناع سياوخش عليها فيما أرادت منه من الفاحشة بأبيه آيقاوس حتى أفسدته عليه، وتغير البنه سياوخش، آان ضمن له عنه إنكاحه فسأل سياوخش رستم أن يسأل أباه آيقاوس توجيهه لحرب فراسياب لسبب منعه بعض ما

ابنته إياه، وصلح جرى بينه وبينه، مريدا بذلك سياوخش البعد عن والده آيقاوس، والتنحي عما تكيد به عنده زوجته سوذابة، ففعل ذلك رستم، واستأذن له أباه فيما سأله، وضم إليه جندا آثيفا، فشخص إلى بالد الترك للقاء فراسياب،

جرى بينهما صلح، وآتب بذلك سياوخش إلى أبيه يعلمه ما جرى بينه وبين فراسياب من فلما صار إليه سياوخش، الصلح، فكتب إليه والده يأمره بمناهضة فراسياب ومناجزته الحرب، إن هو لم يذعن له بالوفاء بما آان فارقه عليه،

بينه وبينه من الصلح والهدنة فرأى سياوخش أم في فعله ما آتب به إليه أبوه من محاربة فراسياب بعد الذي جرى من غير نقض فراسياب شيئا من أسباب ذلك عليه عارا ومنقصة ومأثما، فامتنع من إنفاذ أمر أبيه في ذلك، ورأى في

نفسه أنه يؤتى في آل ذلك من زوجة أبيه التي دعته إلى نفسها فامتنع عليها، ومال إلى الهرب من أبيه، فراسل وآان السفير بينهما في ذلك - فسه منه، واللحاق به، وترك والده، فأجابه فراسياب إلى ذلك فراسياب في أخذ األمان لن

فلما فعل ذلك سياوخش انصرف عنه من - فيران بن ويسغان : رجال من الترك من عظمائهم يقال له -فيما قيل - .آان معه من جند أبيه آيقاوس

وسفافريد، وهي أم آيخسرونه، ثم لم يزل : ابنة له يقال لهافلما صار سياوخش إلى فراسياب بوأه وأآرمه وزوجه

مكرما حتى ظهر له أدب سياوخش وعقله وآماله وفروسيته ونجدته ما أشفق على ملكه منه، فأفسده ذلك عنده، آندر بن فشنجان عليه بإفساد أمر سياوخش عنده، حسدا منهم له، : وزاده فسادا عليه سعي ابنين له وأخ يقال له

ا على ملكهم منه، حتى مكنهم من قتله، فذآر في سبب وصولهم إلى قتله أمر يطول بشرحه الخطب، إال أنهم وحذرقتلوه ومثلوا به وامرأته ابنة فراسياب حامل منه بابنه آيخسرونه، فطلبوا الحيلة إلسقاطها ما في بطنها فلم يسقط،

ا صح عنده ما فعل فراسياب من قتله سياوخش، وأن فيران الذي سعى في عقد الصلح بين فراسياب وسياوخش لمأنكر ذلك من فعله، وخوفه عاقبة الغدر، وحذره الطلب بالثأر من والده آيقاوس ومن رستم، وسأله دفع ابنته

.وسفافريد إليه لتكون عنده إلى أن تضع ما في بطنها ثم يقتله

فيما - ه وستر أمره، حتى بلغ المولود، فوجه ففعل ذلك فراسياب، فلما وضعت رق فيران لها وللمولود، فترك قتل

آيقاوس إلى بالد الترك بي بن جوذرز، وأمره بالبحث عن المولود الذي ولدته زوجة ابنه سياوخش، والتأني - ذآر إلخراجه إليه، إذا وقف على خبره مع أمه، وأن بيا شخص لذلك؛ فلم يزل يفحص عن أمر ذلك المولود، متنكرا حينا

.فال يعرف له خبر، وال يدله عليه أحدمن الزمان

-ثم وقف بعد ذلك على خبره، فاحتال فيه وفي أمه حتى أخرجهما من أرض الترك إلى آيقاوس، وقد آان آيقاوس

حين اتصل به قتل ابنه أشخص جماعة من رؤساء قواده؛ منهم رستم بن دستان الشديد، وطوس بن -فيما ذآر فأثخنا الترك قتال وأسرا، وحاربا فراسياب حربا شديدة وأن رستم قتل بيده شهر نوذران، وآانا ذوي بأس ونجدة،

.وشهرة ابني فراسياب وأن طوسا قتل بيده آندر أخا فراسياب

وذآر أن الشياطين آانت مسخرة لكيقاوس، فزعم بعض أهل العلم بأخبار المتقدمين أن الشياطين الذين آانوا سخروا يطيعونه عن أمر سليمان بن داود إياهم بطاعته، وأن آيقاوس أمر الشياطين فبنوا له مدينة سماها له إنما آانوا

ثمانمائة فرسخ، وأمرهم فضربوا عليها سورا من صفر، وسورا -فيما زعموا - آنكدر، ويقال قيقذون؛ وآان طولها وآانت الشياطين تنقلها ما بين . من شبه، وسورا من نحاس، وسورا من فخار، وسورا من فضة، وسورا من ذهب

وذآروا أن آيقاوس آان ال يحدث وهو يأآل . السماء واألرض وما فيها من الدواب والخزائن واألموال والناس .ويشرب

ثم إن اهللا تعالى بعث إلى المدينة التي بناها آذلك من يخربها، فأمر آيقاوس شياطينه بمنع من قصد لتخريبها، فلم

199

- وآان آيقاوس . لما رأى آيقاوس الشياطين ال تطيق الدفع عنها، عطف عليها، فقتل رؤساءهايقدروا على ذلك، فلما آان من -مظفرا ال يناوئه أحد من الملوك إال ظفر عليه وقهره، ولم يزل ذلك أمره حتى حدثته نفسه -فيما ذآر

.بالصعود إلى السماء -العز والملك وأنه ال يتناول شيئا إال وصل إليه

ما بقي شيء من األرض إال قد ملكته، وال : فحدثت عن هشام بن محمد أنه شخص من خراسان حتى نزل بابل، وقال

بد من أن أعرف أمر السماء والكواآب وما فوقها، وأن اهللا أعطاه قوة ارتفع بها ومن معه في الهواء حتى انتهوا إلى أفلت بنفسه وأحدث يومئذ، وفسد عليه ملكه، وتمزقت األرض، السحاب، ثم إن اهللا سلبهم تلك القوة فسقطوا فهلكوا، و

.وآثرت الملوك في النواحي، فصار يغزوهم ويغزونه، فيظفر مرة وينكب أخرى

فلما ورد بالد اليمن خرج عليه - والملك بها يومئذ األذعار بن أبرهة ذي المنار ابن الرائش -فغزا بالد اليمن : قال

فلما أظله آيقاوس ووطئ بالده في : قال. قد أصابه الفالج؛ فلم يكن يغزو قبل ذلك بنفسهذو األذعار بن أبرهة وآان جموعه خرج بنفسه في جموع حمير وولد قحطان، فظفر بكيقاوس، فأسره، واستباح عسكره، وحبسه في بئر،

فزعمت . الناسوخرج من سجستان رجل يقال له رستم، آان جبارا قويا فيمن أطاعه من : قال. وأطبق عليه طبقاوزعم أهل اليمن أنه لما بلغ ذا األذعار : قال. الفرس أنه دخل بالد اليمن، واستخرج قبوس من محبسه وهو آيقاوس

إقبال رستم خرج إليه في جنوده وعدد، وخندق آل واحد منهما على عسكره، وأنهما أشفقا على جنديهما من البوار، اصطلحا على دفع آيقاوس إلى رستم، ووضع الحرب، فانصرف رستم وتخوفا إن تزاحفا إال تكون لهما بقية، ف

بكيقاوس إلى بابل، وآتب آيقاوس لرستم عتقا من عبودة الملك، وأقطعه سجستان وزابلستان، وأعطاه قلنسوة منسوجة بالذهب وتوجه، وأمر أن يجلس على سرير من فضة، قوائمه من ذهب، فلم تزل تلك البالد بيد رستم حتى

.وآان ملكه مائة وخمسين سنة: قال .قاوس وبعده دهرا طويالهلك آي

وزعم علماء الفرس أن أول من سود لباسه على وجه الحداد شادوس بن جودرز على سياوخش، وأنه فعل ذلك يوم

ورد على آيقاوس نعي ابنه سياوخش وقتل فراسياب إياه، وغدره به، وأنه دخل على آيقاوس، وقد لبس السواد، وقد حقق ما ذآر ابن الكلبي من أسر صاحب اليمن قابوس الحسن .ل ذلك ألن يومه يوم إظالم وسوادنه فعفأعلمه أ

:بن هانئ في شعر له فقال

سنين سبعا وقت لحاسبها... وقاظ قابوس في سالسلنا

خش بن آيقاوس بن آيبيه بن آيقباذثم ملك من بعد آيقاوس ابن ابنه آيخسرو بن سياو

بي بن جوذرز إليه من بالد - وربما قيل وسففره - آيقاوس حين صار به وبأمه وسفافريد ابنه فراسياب وآانالترك، وملكه، فلما قام بالملك بعد جده آيقاوس، وعقد التاج على رأسه خطب رعيته خطبة بليغة، أعلمهم فيها أنه

بأصبهان ونواحي -آان - ذرز األصبهبذ على الطلب بدم أبيه سياوخش قبل فراسياب الترآي، ثم آتب إلى جويأمره بالمصير إليه، فلما صار أعلمه ما عزم عليه من الطلب بثأره من قتل والده، وأمره بعرض جنده، - خراسان

وانتخاب ثالثين ألف رجل منهم، وضمهم إلى طوس بن نوذران، ليتوجه بهم إلى بالد الترك، ففعل ذلك جوذرز، يمن أشخص معه برزافره بن آيقاوس، عم آيخسرو وبي بن جوذرز، وجماعة آثيرة من وضمهم إلى طوس، وآان ف

إخوته، وتقدم آيخسرو إلى طوس؛ أن يكون قصده لفراسياب وطراخنته، وأال يمر بناحية من بالد الترك، وآان فيها ض مدائن الترك أيام أخ له يقال له فروذ بن سياوخش، من امرأة يقال لها برزا فريد، آان سياوخش تزوجها في بع

فيما - سار إلى فراسياب، ثم شخص عنها وهي حبلى، فولدت فروذ فأقام بموضعه، إلى أن شب فغلط في أمر فروذ وذلك أنه لما صار بحذاء المدينة التي آان فيها فروذ هاج بينه وبينه حرب ببعض األسباب، فهلك فروذ فيها، -قيل

افره عمه آتابا غليظا، يعلمه فيه ما ورد عليه من خبر طوس بن نوذران فلما اتصل خبره بكيخسرو آتب إلى برزومحاربته فروذ أخاه، وأمره بتوجيه طوس إليه مقيدا مغلوال، وتقدم إليه في القيام بأمر العسكر والنفوذ به لوجهه،

وتقييده، ووجهه مع فلما وصل الكتاب إلى برزافره، جمع رؤساء األجناد والمقاتلة، فقرأه عليهم، وأمر بغل طوس

200

ثقات من رسله إلى آيخسرو، وتولى أمر العسكر، وعبر النهر المعروف بكاسبروذ، وانتهى الخبر إلى فراسياب، فوجه إلى برزافره جماعة من إخوته وطراخنته لمحاربته، فالتقوا بموضع من بالد الترك يقال له واشن، وفيهم

ر فراسياب، وهماسف بن فشنجان، وقاتلوا قتاال شديدا، وظهر فيران بن ويسغان وإخوته طراسيف بن جوذرز صهمن برزافره في ذلك اليوم فشل لما رأى من شدة األمر وآثرة القتلى، حتى انحاز بالعلم إلى رؤوس الجبال

واضطرب على ولد جوذرز أمرهم، فقتل منهم في تلك الملحمة في وقعة واحدة سبعون رجال، وقتل من الفريقين وانصرف برزافره ومن آان معه إلى آيخسرو، وبهم من الغم والمصيبة ما تمنوا معه الموت، فكان بشر آثير،

أتيتم في وجهكم : خوفهم من سطوة آيخسرو أشد، فلما دخلوا على آيخسرو أقبل على برزافره بالئمة شديدة، وقالغ ما أصيبوا به من آيخسرو حتى لترآكم وصيتي ومخالفة وصية الملوك، تورد مورد السوء، وتورث الندامة، وبل

فلما مضت لموافاتهم أيام أرسل إلى جوذرز فلما دخل عليه أظهر . رئيت الكآبة في وجهه، ولم يلتذ طعاما وال نوماإن : التوجع له، فشكا إليه جوذرز برزافره، وأعلمه أنه آان السبب للهزيمة بالعلم وخذالنه ولده، فقال له آيخسرو

الزم لنا، وهذه جنودنا وخزائننا مبذولة لك في مطالبة ترتك، وأمره بالتهيؤ واالستعداد والتوجه حقك بخدمتك آلبائناأيها : إلى فراسياب، والعمل في قتله وتخريب بالده، فلما سمع جوذرز مقالة آيخسرو نهض مبادرا فقبل يده، وقال

لعبيد دوم ملوآها، وأوالدي المقتولون فداؤك، الملك المظفر، نحن رعيتك وعبيدك، فإن آانت آفة أو نازلة، فلتكن باونحن من وراء االنتقام من فراسياب واالشتفاء من مملكة الترك، فال يغمن الملك ما آان، وال يد عن لهوه؛ فإن

.وخرج من عنده مسرورا. الحرب دول، وأعلمه أنه على النفوذ ألمره

رؤساء أجناده والوجوه من أهل مملكته، فلما دخلوا عليه أعلمهم ما فلما آان من الغد أمر آيخسرو أن يدخل عليهعزم عليه من محاربة األتراك، وآتب إلى عماله في اآلفاق يعلمهم ذلك، ويأمر بموافاتهم في صحراء تعرف بشاه

فتوافت رؤساء األجناد في ذلك الموضع، وشخص إليه آيخسرو . أسطون، من آوره بلخ، في وقت وقته لهمفلما تكاملت الملحمة، واجتمعت . بهبذته وأصحابهم، وفيهم برزافره عمه وأهل بيته، وجوذرز وبقية ولدهبإص

المرزابة، تولى آيخسرو بنفسه عرض الجند حتى عرف مبلغهم، وفهم أحوالهم، ثم دعا بجوذرز بن جشوادغان، فأعلمهم أنه قد - شوماهان : هاوأغص ابن وصيفة آانت لسياوخش، يقال ل -وميالذ بن جرجين وأغص بن بهذان

أراد إدخال العساآر على الترك من أربعة أوجه، حتى يحيطوا بهم برا وبحرا، وأنه قد قود على تلك العساآر، وجعل أعظمها إلى جوذرز، وصير مدخله من ناحية خراسان، وجعل فيمن ضم إليه برزافره عمه وبي بم جوذرز وجماعة

ليه يومئذ العلم األآبر الذي آانوا يسمونه درفش آابيان، وزعموا أن ذلك العلم لم يكن من األصبهبذين آثيرة، ودفع إدفعه أحد من الملوك إلى أحد من القواد قبل ذلك، وإنما آانوا يسيرونه مع أوالد الملوك إذا وجهوهم في األمور

إلى جوذرز، وأمر أغص وأمر ميالذ بالدخول مما يلي الصين، وضم إليه جماعة آثيرة دون من ضم. العظامبالدخول من ناحية الخزر في مثل من ضم إلى ميالذ، وضم إلى شموهان إخوتها وبني عمها وتمام ثالثين ألف رجل

.من الجند، وأمرها بالدخول من طريق بين طريق جوذرز وميالذ

ى جميع هؤالء فمض. إن آيخسرو إنما غزا شومهان لخاصتها بسياوخش، وآانت تذرت أن تطالب بدمه: ويقال

لوجههم، ودخل جوذرز بالد الترك من ناحية خراسان، وبدأ بفيران بن ويسغان، فالتحمت بينهما حرب شديدة مذآورة، وهي الحرب التي قتل فيها بيزن بن بي خمان بن ويسغان مبارزة، وقتل جوذرز فيران أيضا، ثم قصد

ن الوجه الذي دخل منه، واتبع القوم بعد ذلك آيخسرو جوذرز فراسياب، وألحت عليه العساآر الثالثة، آل عسكر مبنفسه، وجعل قصده للوجه الذي آان فيه جوذرز، وصير مدخله منه، فوافى عسكر جوذرز، وقد أثخن في الترك،

وقتل فيران رئيس إصبهبذي فراسياب، والمرشح للملك من بعده، وجماعة آثيرة من إخوته؛ مثل خمان، وأوستهن، ومن ولده، مثل روين بن فيران، وآان مقدما عند فراسياب، . ق، وبهرام، وفرشخاذ، وفرخالذوجلباد، وسيام

وأسربروا بن فشنجان قاتل سياوخش، . رتدراي، وأندرمان، وأسفخرم، وأخست: وجماعة من إخوة فراسياب، مثليده من األسرى ثالثين ووجد جوذرز قد أحصى القتلى واألسرى، وما غنم من الكراع واألموال، فوجد مبلغ ما في

ألفا، ومن القتلى خمسمائة ألف ونيفا وستين ألف رجل، ومن الكراع والورق واألموال ما ال يحصى آثرة، وأمر آل واحد من الوجوه الذين آانوا معه أن يجعل أسيره أو قتيله من األتراك عند علمه لينظر آيخسرو إلى ذلك عند

.موافاته

موضع الملحمة اصطفت له الرجال، وتلقاه جوذرز وسائر اإلصبهبذين، فلما دخل فلما وافى آيخسرو العسكر و

201

أيها الجبل : العسكر جعل يمر بعلم علم، فكان أول قتيل رآه جثة فيران عند علم جوذرز، فلما نظر إليها وقف ثم قالألم ! اب في هذه المطالبة؟ألم أنهك عن هذه المحاربة، وعن نصب نفسك لنا دون فراسي! الصعب الذرا المنيع األرآان

! أبذل لك نفسي، وأعرض عليك ملكي فلم تحسن االختيار؟ ألست الصدوق اللسان، الحافظ لإلخوان، الكاتم لألسرار؟ألم أعلمك مكر فراسياب وقلة وفائه فلم تفعل ما أمرتك بل مضيت في نومك حتى احتوشتك الليوث من مقاتلتنا وأبناء

! وويل لسخائك وصدقك! فويل لحلمك وفهمك! سياب، وقد فارقت الدنيا وأفنيت آل ويسغانمملكتنا؟ ما أغنى عنك فرا !إنا بك اليوم لموجعون

ولم يزل آيخسرو يرثي فيران حتى صار إلى علم بي جوذرز، فلما وقف عليه وجد بروا بن فشنجان حيا أسيرا في فقرب منه آيخسرو، ثم طأطأ رأسه . ئل به عند قتله إياهيدي بي، فسأل عنه فأخبر أنه بروا قاتل سياوخش الما

وأنت الذي ! أنت الذي قتلت سياوخش، ومثلت به! الحمد هللا الذي أمكنني منك يا بروا: بالسجود شكرا لربه، ثم قالاربة، سلبته زينته وتكلفت من بين األتراك إبارته، فغرست لنا بفعلك هذه الشجرة من العداوة، وهيجت بيننا هذه المح

أما تهيبت أيها الترآي ! أنت الذي جرى على يديك تبديل صورته، وتوهين قوته! وأشعلت في آال الفريقين نارا موقدةلست ! وأين أخوك الساحر عن نصرتك! أين نجدتك وقوتك اليوم! أال بقيت عليه للنور الساطع على وجهه! جماله

.لك أال تتواله، وسأقتل من قتله ببغيه وجرمه أقتلك لقتلك إياه؛ بل لكلفتك وتوليك ما آان صالحا

ثم أمر أن تقطع أعضاؤه حيا ثم يذبح ففعل ذلك به بي، ولم يزل آيخسرو يمر بعلم علم، وأصبهبذ أصبهبذ؛ فإذا

صار إلى الواحد منهم قال له نحو ما ذآرنا، ثم صار إلى مضاربه، فلما استقر فيها دعا ببرافره عمه، فلما دخل عليه عن يمينه، وأظهر له السرور بقتله جلباذ بن ويسغان مبارزة، ثم أجزل جائزته وملكه على آرمان ومكران أجلسه

أيها األصبهبذ الرشيد، والكهل الشفيق، إنه مهما آان من هذا الفتح : ونواحيها، ثم دعا بجوذرز، فلما دخل قال لهايتك حقنا، وبذلك نفسك وأوالدك لنا، وذلك مذخور العظيم فمن ربنا عز وجل، وعن غير حيلة منا وال قوة، ثم برع

؛ وهي الوزارة، وجعلنا لك أصبهان وجرجان " بزرجفر مذار " لك عندنا، وقد حبوناك بالمرتبة التي يقال لها .وجبالهما، فأحسن رعاية أهلها

ع جوذرز ممن حسن فشكر جوذرز ذلك، وخرج من عنده بهجا مسرورا، ثم أمر بالوجوه من أصبهبذته الذين آانوا م

بالؤه، وتولى قتل طراخنة األتراك، ولد فشنجان وويسغان؛ مثل جرجين بن ميالذان، وبي، وشادوس ولخام، وجدمير بن جوذرز، وبيزن بن بي، وبرازه بن بيفغان، وفروذه بن فامدان وزنده بن شابريغان، وبسطام بن

نهم من ملكه على البلدان الشريفة، ومنهم من خصه فدخلوا عليه رجال رجال؛ فم. آزدهمان، وفرته بن تفارغانبأعمال من أعمال حضرته، ثم لم يلبث أن وردت عليه الكتب من ميالذ وأغص شومهان بإثخانهم في بالد الترك،

وأنهم قد هزموا فراسياب عسكرا بعد عسكر، فكتب إليهم أن يجدوا في محاربة القوم، وأن يوافوه بموضع سماه لهم فزعموا أن العساآر األربعة لما أحاطت بفراسياب، وأتاه من قتل من قتل، وأسر من أسر، وخراب . تركمن بالد ال

فوجهه نحو آيخسرو بالعدة - وآان ساحرا -ما خرب ما أتاه، ضاقت عليه المذاهب، ولم يبق معه من ولده إال شيده ، فجمع أصبهبذته وتقدم إليهم في االحتراس من والعتاد، فلما وافى آيخسرو أعلم أن أباه إنما وجهه لالحتيال عليه

.غلبته

إن آيخسرو أشفق يومئذ من شيده وهابه، وظن أال طاقة له به، وأن القتال اتصل بينهما أربعة أيام، وإن رجال : وقيلينهم من خاصة آيخسرو يقال له جرد بن جرهمان عبى يومئذ أصحاب آيخسرو، فأحسن تعبيتهم، فكثرت القتلى ب

واستماتت رجال خنيارث وجدت، وأيقن شيده أال طاقة له بهم فانهزم، واتبعه آيخسرو بمن معه، ولحقه جرد فضربه على هامته بالعمود ضربة خر منها ميتا، ووقف آيخسرو على جيفته، فعاين منها سماجة شنعة، وغنم آيخسرو ما

ته، فلما التقى وآيخسرو، ونشبت بينهما حرب شديدة ال آان من عسكرهم، وبلغ الخبر فراسياب، فأقبل بجميع طراخنيقال إن مثلها آان على وجه األرض قبلها، فاختلط رجال خنيارث برجال الترك، وامتد األمر بينهم حتى لم تقع

العين يومئذ إال على الدماء، واألسر من جوذرز ولده وجرجين وجرد بسطام، ونظر فراسياب وهم يحمون آيخسرو ود ضاربة، فانهزم موليا على وجهه هاربا، فأحصيت القتلى فيما ذآر يومئذ؛ فبلغت عدتهم مائة ألف، وجد آأنهم أس

آيخسرو وأصحابه في طلب فراسياب، وقد تجرد للهرب فلم يزل يهرب من بلد إلى بلد حتى أتى أذربيجان، فاستتر منه بالحديد، ثم أقام لالستراحة بموضعه في غدير هناك يعرف ببئر خاسف، ثم ظفر به، فلما أتى آيخسرو استوثق

202

ثالثة أيام، ثم دعاه، فسأله عن عذره في أمر سياوخش، فلم يكن له عذر وال حجة، فأمر بقتله، فقام إليه بي بن جوذرز، فذبحه آما ذبح سياوخش، ثم أتى آيخسرو وبدمه، فغمس فيه يده، وقال هذا بترة سياوخش، وظلمكم إياه

.م انصرف من أذربيجان ظافرا غانما بهجاث. واعتدائكم عليه

وذآر أن عدة من أوالد آيبيه جد آيخسرو الكبر وأوالدهم آانوا مع آيخسرو في حرب الترك، وأن ممن آان معه

آى أرش بن آيبيه، وآان مملكا على خوزستان وما يليها من بابل وآى به أرش، وآان مملكا على آرمان ونواحيها، بن آيفاشين بن آيبيه، وآان مملكا على فارس، وآى أوجى هذا هو أبوآى لهراسف الملك؛ وآى أوجى بن آيمنوش

آى شراسف، صار إلى بالد الترك بعد قتل آيخسرو أخاه، فاستولى على : ويقال إن أخا لفراسياب آان يقال لهن أخي فراسياب ملك الترك ملكها، وآان له ابن يقال له خرزاسف، فملك البالد بعد أبيه، وآان جبارا عاتيا، وهو اب

الذي آان حارب منوشهر، وجوذرز هو ابن جشواغان بن يسحره بن قرحين بن حبر بن رسود بن أورب بن تاج بن .رشيك بن أرس بن وندح بن رعر بن نودراحاع بن مسواغ بن نوذر بن منوشهر

ك، وأعلم الوجوه من أهله وأهل فلما فرغ آيخسرو من المطالبة بوتره، واستقر في مملكته زهد في الملك، وتنس

مملكته أنه على التخلي من األمر، فاشتد لذلك جزعهم، وعظمت له وحشتهم، واستغاثوا إليه، وطلبوا وتضرعوا، فإذا قمت على ما أنت : وراودوه على المقام بتدبير ملكهم، فلم يجدوا عنده في ذلك شيئا، فلما يئسوا قالوا بأجمعهم

قلده إياه، وآان لهراسف حاضرا، فأشار بيده إليه، وأعلمهم أنه خاصته ووصيه، فأقبل الناس عليه فسم للملك رجال ن إنه غاب للنسك فال يدرى أين مات، وال آيف: وفقد آيخسرو، فبعض يقول. إلى لهراسف، وذلك بعد قبوله الوصيةجاماس، : روله، وولد آيخس وتقلد لهراسف الملك بعده على الرسم الذي رسم .آانت منيته، وبعض يقول غير ذلك

.وآان ملك آيخسرو ستين سنة .وأسبهر، ورمى، ورمين

أمر إسرائيل بعد سليمان ابن داود عليهما السالم

.رجع الحديث إلى الخبر عن أمر بني إسرائيل بعد سليمان بن داود عليهما السالم

سبع عشرة - فيما قيل -مان، وآان ملكه ثم ملك بعد سليمان بن داود على جميع بني إسرائيل ابنه رحبعم بن سلي

ثم افترقت ممالك بني إسرائيل فيما ذآر بعد رحبعم، فكان أبيا بن رحبعم ملك سبط يهوذا وبنيامين، دون سائر . سنةاألسباط؛ وذلك أن سائر األسباط ملكوا عليهم يوربعم بن نابط، عبد سليمان، لسبب القربان الذي آانت زوجة سليمان

داره، وآانت قربت فيها جرادة لصنم، فتوعده اهللا بإزالة بعض الملك عن ولده، فكان ملك رحبعم إلى أن قربته في .ثالث سنين - فيما ذآر -توفي

إلى أن توفى، - وهما سبط يهوذا وسبط بنيامين -ثم ملك أسا بن أبيا أمر السبطين اللذين آان أبوه يملك أمرهما

.إحدى وأربعين سنة

سا بن أبيا وزرح الهنديآر خبر أذ

حدثني عبد الصمد بن معقل، أنه سمع : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم؛ قال: حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قالإن ملكا من ملوك بني إسرائيل يقال له أسا بن أبيا، آان رجال صالحا، وآان أعرج، وآان ملك : وهب بن منبه يقول

زرح، وآان ملكا جبارا فاسقا يدعو الناس إلى عبادته، وآان أبيا عابد أصنام؛ له صنمان من ملوك الهند يقال لهثم . يعبدهما من دون اهللا، ويدعو الناس إلى عبادتهما؛ حتى أضل عامة بني إسرائيل، وآان يعبد األصنام حتى توفى

د مات وأهله، وعاش اإليمان وأهله، إال إن الكفر ق: ملك ابنه أسا من بعده، فلما ملكهم بعث فيهم مناديا ينادي

203

وانتكست األصنام وعبادتها، وظهرت طاعة اهللا وأعمالها، فليس آافر من بني إسرائيل يطلع رأسه بعد اليوم بكفر فإن الطوفان لم يغرق الدنيا وأهلها، ولم يخسف بالقرى، ولم تمطر الحجارة والنار . في واليتي ودهري، إال أني قاتله

بترك طاعة اهللا، وإظهار معصيته؛ فمن أجل ذلك ينبغي لنا أال نقر هللا معصية يعمل بها، وال نترك من السماء إالطاعة هللا إال أظهرناها جهدنا، حتى نطهر األرض من نجسها، وننقبها من دنسها، ونجاهد من خالفنا في ذلك بالحرب

.والنفي من بالدنا

الملك فشكوا إليها فعل ابنها بهم وبآلهتهم، ودعاءه إياهم إلى مفارقة فلما سمع ذلك قومه ضجوا وآرهوا، فأتوا أم أسا

دينهم، والدخول في عبادة ربهم، فتحملت لهم أمه أن تكلمه وتصرفه إلى عبادة أصنام والده؛ فبينا الملك قاعد وعنده ن تجلس فيه، معرفة أشراف قومه ورؤوسهم وذوو طاعتهم؛ إذ أقبلت أم الملك فقام لها الملك من مجلسه، وأمرها أ

لست ابني إن لم تجبني إلى ما أدعوك إليه، وتضع طاعتك في يدي حتى تفعل : فأبت عليه وقالت. بحقها وتوقيرا لها. ما آمرك به، وتجيبني إلى أمر؛ إن أطعتني فيه رشدت وأخذت بحظك، وإن عصيتني فحظك بخست، ونفسك ظلمت

عوتهم إلى مخالفة دينهم، والكفر بآلهتهم، والتحول عما آان عليه آباؤهم، إنه بلغني يا بني أنك بدأت قومك بالعظيم؛ دتعظيما لوقارك، ومعرفة بمكانك، وتشديدا -فيما زعمت - وأحدثت فيهم سنة، وأظهرت فيهم بدعة؛ أردت بذلك وحدك؛ ودعوت جميع الناس إلى حربك، وانتدبت لقتالهم. لسلطانك؛ وفي التقصير يا بني دخلت، وبالشين أخذت

أردت بذلك أن تعيد األحرار لك عبيدا، والضعيف لك شديدا؛ سفهت بذلك رأي العلماء، وخالفت الحكماء، واتبعت رأي السفهاء، ولعمري ما حملك على ذلك يا بني إال آثرة طيشك، وحداثة سنك، وقلة علمك؛ فإن أنت رددت علي

يا بني بأي شيء تدل على قومك؟ لعلك . لملك لمثلكآالمي، ولم تعرف حقي، فلست من نسل والدك، وال ينبغي اأو لعلك أوتيت من القوة ما . أوتيت من الحروف مثل ما أتى موسى إلى فرعون؛ أن غرقه وأنجى قومه من الظلمةأو لعلك أوتيت من الملك . أوتي داود؛ أن قتل األسد لقومه، ولحق الذئب فشق شدقه، وقتل جالوت الجبار وحده

يا بني إنه ما يأتك من ! مما أوتي سليمان بن داود رأس الحكماء؛ إذ صارت حكمته مثال للباقين بعده والحكمة أفضل .حسنة فأنا أحظى الناس بها، وإن تكن ألخرى فأنا أشقاهم بشقوتك

إنه ال ينبغي أن آآل على مائدة واحدة مع حبيبي ! يا أمه: فلما سمعها الملك اشتد غضبه، وضاق صدره، فقال لها

هلمي إلى أمر إن أطعتني فيه رشدت، وإن ترآته غويت؛ أن تعبدي اهللا . عدوي، آذلك ال ينبغي أن أعبد غير ربيوما آنت ألفارق : قالت له .هللا عدو، وإنا ناصره ألني عبده وتكفري بكل آلهة دونه، فإنه ليس أحد يرد هذا علي إال هو

.وال أعبد الرب الذي تدعوني إليه وال أترك ذلك لقولك،. أصنامي، وال دين آبائي وقوميوأمر بها الملك عند ذلك فأخرجها .ذا قد قطع فيما بيني وبينك رحميحينئذ يا أمه، إن قولك ه: فقال لها الملك

.وغربوها، ثم أوصى إلى صاحب شرطته وبابه أن يقتلها إن هي ألمت بمكانه

عت في قلوبهم المهابة، فأذعنوا له بالطاعة، وانقطعت فيما بينهم وبينه فلما سمع ذلك منه األسباط الذين آانوا حوله وقفاحتالوا له آل حيلة، ! قد فعل هذا بأمه، فأين نقع نحن منه إذا خالفنا في أمره، ولم نجبه إلى دينه: آل حيلة، وقالوا

ئتمروا بأن يهربوا من بالده، فلما لم يكن لهم عن ذلك صبر، وال على فراق دينهم قوام؛ ا. فحفظه اهللا وأباد مكرهمويسكنوا بالدا غيرها؛ فخرجوا متوجهين إلى زرح ملك الهند يطلبون أن يستحملوه على أسا ومن اتبعه؛ فلما دخلوا

نحن من أرضك أرض : وأي عبيد أنتم؟ قالوا: نحن عبيدك، قال: من أنتم؟ قالوا: على زرح سجدوا له، فقال لهمحتى ظهر فينا ملك صبي حديث السن سفيه، فغير ديننا، وسفه رأينا، وآفر آباءنا، وهان الشام، وإنا آنا نعتز بملكك،

عليه سخطنا، فأتيناك لنعلمك ذلك، فتكون أنت أولى بملكنا؛ ونحن رؤوسهم، وهي أرض آثير مالها، ضعيف أهلها، شع بن نون خليفة موسى سار بهم طيبة معيشتها، آثيرة أنضارها، وفيهم الكنوز وملك ثالثين ملكا، وهم الذين آان يو

في البحر هو وقومه؛ فنحن وأرضنا لك، وبالدنا بالدك، وليس أحد فيها يناصبك، هم دافعون أيديهم إليك بغير قتال، .بأموالهم وأنفسهم مسالمة

منكم، لعمري، ما آنت ألجيبكم إلى ما دعوتموني إليه، وال أستجيب إلى مقاتلة قوم لعلهم أطوع لي: لهم زرح: قال

حتى أبعث إليهم من قومي أمناء، فإن وقع األمر على ما تكلمتم به قدامي نفعكم ذلك عندي، وجعلتكم عليها ملوآا، .وإن آان آالمكم آذبا فإني منزل بكم العقوبة التي تنبغي لمن آذبني

204

ت عليهم، واختار من فأمر عند ذلك باألرزاق فأجري. تكلمت بالعدل، وحكمت بالقسط، ونحن به راضون: قال القومقومه أمناء ليبعثهم جواسيس، فأوصاهم بوصيته، وخوفهم وحذرهم بطشه إن هم آذبوه، ووعدهم المعروف إن هم

إني مرسلكم ألمانتكم، وشحكم على دينكم، وحسن رأيكم في قومكم، لتطالعوا لي أرضا من : وقال زرح. صدقوهوملكها وجنودها وعددها وعدد مياهها، وفجاجها وطرقها، أرضي، وتبحثوا لي عن شأنها، وتعلموني علم أهلها

وخذوا معكم من . ومداخلها ومخارجها، وسهولتها وصعوبتها؛ حتى آأني شاهد ذلك وعالمه، وحاضر ذلك وخابرهفأمكنهم من .ه، ويشترون منكم إذا نظروا إليهالخزائن من الياقوت والمرجان والكسوة ما يفرغون إليه إذا رأو

حتى أخذوا منها، فجهزهم لبرهم وبحرهم، ووصف لهم القوم الذين أتوهم الطرق، ودلوهم على مقاصدها، خزائنه فساروا آالتجار؛ حتى نزلوا ساحل البحر، ثم رآبوا منه حتى أرسوا على ساحل إيلياء، ثم ساروا حتى دخلوها،

يشتروا منهم؛ فلم يفرغوا لبضاعتهم، وآسدت فخلفوا أثقالهم فيها، وأظهروا أمتعتهم وبضاعتهم، ودعوا الناس إلى أن تجارتهم، فجعلوا يعطون بالشيء القليل الكثير؛ لكيال يخرجوهم من قريتهم، حتى يعلموا أخبارهم، ويحقوا شأنهم

.ويستخرجوا ما أمرهم به ملكهم من أخبارهم

بهيئة امرأة لها زوج إال قتلها أو نفاها وآان أسا الملك قد تقدم إلى نساء بني إسرائيل أال يقدر على امرأة ال زوج لها

من بالده إلى جزائر البحار؛ فإن إبليس لم يدخل على أهل الدين في دينهم بمكيدة هي أشد من النساء؛ فكانت المرأة التي ال زوج لها ال تخرج إال منتقبة في رثة الثياب لئال تعرف؛ فلما بذل هؤالء األمناء بضاعتهم ما ثمنه مئة درهم

هم، جعل نساء بني إسرائيل يشترين خفية بالليل سرا، ال يعلم بهن أحد من أهل دينهن؛ حتى أنفقوا بضاعتهم بدرواشتروا بها حاجتهم، واستوعبوا خبر مدينتهم وحصونهم، وعدد مياههم، وآانوا قد آتموا رؤوس بضاعتهم

لون من رأوا من أهل القرية عن خبر الملك ومحاسنها من اللؤلؤ والمرجان والياقوت هدية للملك، وجعل األمناء يسأإن آان غنيا فإن عندنا من طرائف البضاعات ! وشأنه إذ لم يشتر منهم شيئا، ما شأن الملك ال يشتري منا شيئا

قال ! فنعطيه ما شاء مما لم يدخل مثله في خزائنه، وإن آان محتاجا فما يمنعه أن يشهدنا فنعطيه ما شاء بغير ثمنإن له من الغنى والخزائن وفنون المتاع ما لم يقدر على مثله؛ إنه استفرغ الخزائن : من أهل القرية لهم من حضرهم

التي آان موسى سار بها من مصر، والحلي الذي آان بنو إسرائيل أخذوا، وما جمع يوشع بن نون خليفة موسى، . يقدر على مثلهاوما جمع سليمان رأس الحكماء والملوك، من الغنى الكثير واآلنية التي ال

فما قتاله؟ وبأي شيء عظمته؟ وما جنوده؟ أرأيتم لو أن ملكا انحرف عليه ففتق ملكه ما آان إذا قتاله : قال األمناءإياه؟ وما عدته وعدد جنوده؟ أم بأي الخيل والفرسان غلبته؟ أم من أجل آثرة جمعه وخزائنه وقعت في قلوب الرجال

إن أسا قليلة عدته، ضعيفة قوته، غير أن له صديقا لو دعاه واستعان به على أن يزيل : قوم وقالوافأجابهم ال! هيبته .الجبال أزالها؛ فإذا آان معه صديقه فليس شيء من الخلق يطيقه

ومن صديق أسا؟ وآم عدد جنوده؟ وآيف مواجهته وقتاله؟ وآم عدد عساآره ومراآبه؟ وأين قراره : قال لهم األمناء

أما مسكنه ففوق السموات العال، مستو على عرشه، ال يحصى عدد جنوده، وآل شيء من : ه؟ فأجابهم القومومسكنالخلق له عبد، لو أمر البحر لطم على البر، ولو أمر األنهار لغارت في عنصرها وال يرى وال يعرف قراره، وهو

.صديق أسا وناصره

يأيها : سا وقضية أمره، فدخل بعض هؤالء األمناء عليه فقالوافجعل األمناء يكتبون آل شيء أخبروا به من أمر أ

.الملك، إن معنا هدية نريد أن نهديها لك من طرائف بالدنا، أو تشتري منا فنرخصه عليكبل يفنى هذا ويفنى : هل يبقى هذا ألهله ويبقون له؟ قالوا: أئتوني بذلك حتى أنظر إليه، فلما أتوه به قال لهم: قال لهمفخرجوا من عنده، .ألهله، ال تزول وال يزولون عنه ال حاجة لي فيه، إنما طلبتي ما تبقى بهجته: قال لهم أسا. أهله

فلما أتوه نشروا له آتاب خبرهم . ورد عليهم هديتهم، فساروا من بيت المقدس متوجهين إلى زرح الهندي ملكهمفلما سمع زرح آالمهم استحلفهم بعزته، وبالشمس .وأنبئوه بما انتهى إليهم من أمر ملكهم، وأخبروه بصديق أسا

.فصدقوه. والقمر اللذين يعبدونهما ولهما يصلون أال يكتموه من خبر ما رأوا في بني إسرائيل شيئاإن بني إسرائيل لما علموا أنكم جواسيس، وأنكم قد : فلما فرغوا من خبرهم وخبر أسا ملكهم وصديقه، قال لهم زرح

إن صديق أسا ال يطيق أن يأتي . م ذآروا لكم صديق أسا وهم آاذبون؛ أرادوا بذلك ترهيبكماطلعتم على عوراته

205

بأآثر من جندي، وال بأآمل من عدتي، وال بأقسى قلوبا وال أجرأ على القتال من قومي؛ إن لقيني بألف لقيته بأآثر .من ذلك

الف جندا بعدتهم حتى استمد يأجوج ثم عمد زرح عند ذلك فكتب إلى آل من في طاعته أن يجهزوا من آل مخ

من زرح الجبار الهندي ملك : ومأجوج والترك وفارس من سواهم من األمم ممن جرت عليه لزرح طاعة، آتبأما بعد فإن لي أرضا قد دنا حصادها وأينع ثمرها؛ وأردت أن تبعثوا إلي بعمال : األرضين، إلى من بلغته آتبي

صوا عني، وغلبوا على أطراف من أرضي وقهروا من تحت أيديهم من رقيقي، أغنمهم ما حصدوا منها، وهم قوم قفاجتمعوا إليه من آل .دي قوتكم، فإنه ال تتعطل خزائنيوقد منحتهم من نهض إليهم معي، فإن قصرت بكم قوة فعن

من خزائنه، ثم أمر ناحية، وأمدوه بالخيل والفرسان والرجالة والعدة؛ فلما اجتمعوا عنده أمكنهم من السالح والجهاز وأمر بمائة مرآب فقرن له البغال، آل . بإحصاء عددهم وتعبيتهم، فبلغ عددهم ألف ألف ومائة ألف سوى أهل بالدهم

أربعة أبغل جميعا عليها سرير وقبة، وفي آل قبة منها جارية، ومع آل مرآب عشرة من الخدم، وخمسة أفيال من ة ألف، وجعل خاصته الذين يرآبون معه مائة من رؤوسهم، وجعل في آل فيلته، فبلغ في آل عسكر من عساآره مائ

عسكر عرفاء، وخطبهم وحرضهم على القتال، فلما نظر إليهم وسار فيهم تعزز وتعظم شأنه في قلوب من حضره، أين صديق أسا؟ هل يستطيع أن يعصمه مني؟ أو من يطيق غلبتي؟ فلو أن أسا وصديقه ينظران إلي : ثم قال زرح

إلى جندي ما اجترأ على قتالي؛ ألن عندي بكل واحد من جنده ألفا من جنودي، ليدخلن أسا أرضي أسيرا، وألقدمن و .سبيا في جنودي

اللهم أنت الذي : فجعل زرح ينتقص أسا ويقول فيه ما ال ينبغي، فبلغ أسا صنيع زرح وجمعه عليه، فدعا ربه فقالن فيهن حتى صار جميع ذلك في قبضتك، أنت ذو األناة الرفيقة، والغضب بقوتك خلقت السموات واألرض وم

الشديد، أسألك أال تذآرنا بخطايانا فيما بيننا وبينك، وال تعمدنا وال تجزينا على معصيتك؛ ولكن تذآرنا برحمتك التي ما نحن فيه من الضيق جعلتها للخالئق، فانظر إلى ضعفنا وقوة عدونا، وانظر إلى قلتنا وآثرة عدونا، وانظر إلى

والغم، وانظر إلى ما فيه عدونا من الفرح والراحة، فغرق زرحا وجنوده في اليم بالقدرة التي غرقت بها فرعون - واهللا أعلم -فأري أسا في المنام ! وأسألك أن تحل على زرح وقومه عذابك بغتة. وجنوده، وأنجيت موسى وقومه

، وأني على عرشي، وأني إن غرقت زرحا الهندي وقومه، لم يعلم بنو أني قد سمعت آالمك، ووصل إلي جؤاركإسرائيل وال من آان بحضرتهم آيف صنعت بهم، ولكن سأظهر في زرح وقومه لك ولمن اتبعك قدرة من قدرتي،

حتى أآفيك مؤنتهم، وأهب لك غنيمتهم، وأضع في أيديكم عساآرهم؛ حتى يعلم أعداؤك أن صديق أسا ال يطاق وليه، عبدا، وعساآره لك ولقومك ك وال يهزم جنده، وال يخيب مطيعه، فأنا أتمهل له حتى يفرغ من حاجته، ثم أسوقه إلي

فسار زرح ومن معه حتى حلوا على ساحل ترشيش، فلم يكن إال محلة يوم حتى دفنوا أنهارها، ومحوا .خوالهم، فساروا حتى آانوا على مرحلتين من مروجها؛ حتى آان الطير ينقصف عليهم، والوحش ال تستطيع الهرب من

إيلياء، ففرق زرح عساآره منها إلى إيلياء، وامتألت منهم تلك األرض جبالها وسهولها، وامتألت قلوب أهل الشام .منهم رعبا، وعاينوا هلكتهم

الذين بعثهم أسا فسار القوم . فسمع بهم أسا الملك؛ فبعث إليهم طليعة من قومه، وأمرهم أن يخبروه بعددهم وهيئتهم

حتى نظروا إليهم من رأس تل، ثم رجعوا إلى أسا فأخبروه أنه لم تر عيون بني آدم، وال سمعت آذانهم مثلهم ومثل أفيالهم وخيولهم وفرسانهم؛ وما ظننا أن في الناس مثلهم آثرة وعدة، فلت من إحصائهم عقولنا، وفلت من قتالهم

فسمع بذلك أهل القرية فشقوا ثيابهم، وذروا التراب على رؤوسهم، وعجوا حيلتنا، وانقطع بيننا وبينهم رجائنا نحن خارجون بأجمعنا : ثم ساروا حتى أتوا الملك فقالوا. بالعويل في أزقتهم وأسواقهم، وجعل بعضهم يودع بعضا

معاذ اهللا أن نلقي : لكقال لهم أسا الم. إلى هؤالء القوم فدافعون إليهم أيدينا، لعلهم أن يرحمونا فيقرونا في بالدنافاحتل لنا حيلة، واطلب إلى صديقك وربك الذي : قالوا! بأيدينا في أيدي الكفرة، وأن نخلي بيت اهللا وآتابه للفجرة

آنت تعدنا بنصره وتدهونا إلى اإليمان به، فإن هو آشف عنا هذا البالء؛ وإال وضعنا أيدينا في أيدي عدونا لعلنا .نتخلص بذلك من القتل

فابرز له لعله أن يجيبك فيرحم ضعيفنا، فإن : قالوا. إن ربي ال يطاق إال بالتضرع والتبتل واالستكانة: ل لهم أساقا

206

فدخل أسا المصلى، ووضع تاجه من رأسه، وخلى ثيابه، ولبس المسوح . الصديق ال يسلم صديقه على مثل هذااللهم رب السموات : ودموع سجال، وهو يقول وافترش الرماد، ثم مد يده يدعو ربع بقلب حزين، وتضرع آثير،

السبع ورب العرش العظيم، إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب واألسباط؛ أنت المستخفى من خلقك حيث شئت وال يدرك قرارك، وال يطاق آنه عظمتك، أنت اليقظان الذي ال تنام، والجديد الذي ال تبليك الليالي واأليام؛ أسألك

تي سألك بها إبراهيم خليلك فأطفأت بها عنه النار، وألحقته بها باألبرار، وبالدعاء الذي دعاك به نجيك بالمسألة الموسى فأنجيت بني إسرائيل من الظلمة، وأعتقهم به من العبودية، وسيرتهم في البر والبحر، وغرقت فرعون ومن

عد الضعف القوة، ونصرته على جالوت وبالتضرع الذي تضرع لك عبدك داود فرفعته، ووهبت له من ب. اتبعه. وبالمسألة التي سألك بها سليمان نبيك فمنحته الحكمة، ووهبت له الرفعة، وملكته على آل دابة. الجبار، وهزمته

أسألك يا إلهي أن ترحمني بإجابة . أنت محيي الموتى، ومفني الدنيا، وتبقى وحدك خالدا ال تفنى، وجديدا ال تبلىج مسكين من أضعف عبادك، وأقلهم حيلة، وقد حل بنا آرب عظيم، وحزب شديد، ال يطيق آشفه دعوتي، فإني أعر

.غيرك، وال حول وال قوة لنا إال بك، فارحم ضعفنا بما شئت، فإنك ترحم من تشاء بما تشاء

اعتصم بك وحدك، وال اللهم أجب اليوم عبدك، فإنه قد : وجعل علماء بني إسرائيل يدعون اهللا خارجا وهم يقولونفألقى اهللا على أسا النوم وهو .أمه وجميع الخالئق إال من أطاعكتخل بينه وبين عدوك، واذآر حبه إياك، وفراقه

يا أسا، إن الحبيب ال يسلم حبيبه، وإن اهللا عز وجل يقول : فقال - واهللا أعلم -في مصاله ساجدا، ثم أتاه من اهللا آت ووجب لك نصري فأنا الذي أآفيك عدوك، فإنه ال يهون من توآل علي، وال يضعف من إني قد ألقيت عليك محبتي

: آنت تذآرني في الرخاء، وأسلمك عند الشدائد، وآنت تدعوني آمنا، وأنا أسلمك خائفا، إن اهللا القوي يقول. تقوي بيأنا الذي أبعث طرفا من أنا أقسم أن لو آايدتك السموات واألرض بمن فيهن لجعلت لك من جميع ذلك مخرجا، ف

.زبانيتي يقتلون أعدائي، فإني معك، ولن يخلص إليك وال إلى من معك أحد

فخرج أسا من مصاله وهو يحمد اهللا، مسفرا وجهه، فأخبرهم بما قيل له، فأما المؤمنون فصدقوه، وأما المنافقون

أن اهللا قد أجابه إذا ألصلح رجله، إن أسا دخل أعرج وخرج أعرج، ولو آان صادقا: فكذبوه، وقال بعضهم لبعضفبينا الملك يخبرهم عن صنع اهللا بهم إذ قدم رسل من زرح فدخلوا ! ولكن يغرنا ويمنينا، حتى تقع الحرب فينا فيهلكنا

أن أدع صديقك الذي أضللت به : إيلياء ومعهم آتب من زرح إلى أسا، فيها شتم له ولقومه، وتكذيب باهللا، وآتب فيها .ارزني بجنوده، وليظهر لي مع أني أعلم أنه لن يطيقني هو وال غيره، ألني أنا زرح الهندي الملكقومك فليب

: فلما قرأ أسا الكتب التي قدم بها عليه هملت عيناه بالبكاء، ثم دخل مصاله ونشر تلك الكتب بين يدي اهللا، ثم قالأن يطفأ هذا النور الذي أظهرته في أيامي هذه، اللهم ليس لي شيء من األشياء أحب إلي من لقائك، غير أني أتخوف

وقد حضرت هذه الصحائف وعلمت ما فيها، ولو آنت المراد بها آان ذلك يسيرا، غير أن عبدك زرحا يكايدك .ويتناولك، فخر بغير فخر، وتكلم بغير صدق، وأنت حاضر ذلك وشاهده

وال خلف لموعدي، وال تحويل ألمري، فاخرج من مصالك، أنه ال تبديل لكلماتي، - واهللا أعلم - فأوحى اهللا إلى أسا

فخرج أسا فأخبرهم بما قيل له، .بعك حتى تقفوا على نشز من األرضثم مر خيلك أن تجتمع، ثم اخرج بهم وبمن اتفخرج اثنا عشر رجال من رؤسائهم، مع آل رجل منهم رهط من قومه، فلما أن خرجوا، ودعوا أهاليهم بأال يرجعوا

فوقفوا لزرح على رابية من األرض، فأبصروا منها زرحا وقومه، فلما أبصرهم زرح نفض رأسه ليسخر . لدنياإلى اودعا عند ذلك بالنفر الذين آانوا نعتوا عنده أسا ! إنما نهضت من بالدي، وأنفقت أموالي لمثل هؤالء: منهم، وقالهم وباألمناء الذين آان بعثهم ليخبروه خبرهم، فقتلوا فأمر ب! آذبتموني وزعمتم أن قومكم آثير عددهم: وقومه، فقال

ما أدري ما أفعل بهؤالء القوم؟ وما أدري ما قدر : جميعا، وأسا في ذلك آثير تضرعه، معتصم بربه، فقال زرح .قلتهم في آثرتنا؟ إني ألستقلهم عن المحاربة وأرى أال أقاتلهم

! تعدنا به، وتزعم أنه يخلصك مما يحل بكم من سطواتيأين صديقك الذي آنت : فأرسل زرح إلى أسا فقال له

. يا شقي، إنك لست تعلم ما تقول: فأجابه أسا فقال! أفتضعون أيديكم في يدي فأمضى فيكم حكمي، أو تلتمسون قتاليأتريد أن تغالب ربك بضعفك، أم تريد أن تكاثره بقلتك؟ هو أعز شيء وأعظمه، وأغلب شيء وأقهره، ! ولست تدري

207

ده أذل وأضعف عنده من أن ينظروا إليه معاينة هو معي في موقفي هذا ولن يغلب أحد آان اهللا معه فاجتهد يا وعبا .شقي بجهدك حتى تعلم ماذا يحل بك

فبعث اهللا مالئكة من آل . فلما اصطف قوم زرح وأخذوا مراتبهم، أمر زرح الرماة من قومه أن يرموهم بنشابهمعونا ألسا وقومه، ومادة له، فوقفهم أسا في مواقفهم، فلما رموا نشابهم، حال المشرآون بين -م واهللا أعل -سماء

ضوء الشمس وبين األرض، آأنها سحابة طلعت فنحتها المالئكة عن أسا وقومه، ثم رمت بها المالئكة قوم زرح، مه في آل ذلك يحمدون اهللا آثيرا، فأصابت آل رجل منهم نشابته التي رمى بها، فقتل رماتهم بها آلها وأسا وقو

فلما رآهم الشقي زرح وقع الرعب في قلبه، وسقط في -واهللا أعلم -ويعجون إليه بالتسبيح، وتراءت المالئكة لهم إن أسا لعظيم آيده، ماض سحره، وآذلك بنو إسرائيل، حيث آانوا ال يغلب سحرهم ساحر، وال يطيق : يده، وقال

أن سلوا سيوفكم، ثم احملوا : وه من مصر، وبه ساروا في البحر، ثم نادى الهندي في قومهمكرهم عالم، وإنما تعلم .عليهم حملة واحدة فدقوهم

فلما رأى ذلك زرح .بقى منهم غير زرح ونسائه ورقيقهفسلوا سيوفهم ثم حملوا على المالئكة فقتلتهم المالئكة، فلم ي

ظهر عالنية، وأهلكني صديقه سرا، وإن آنت أنظر إلى أسا ومن إن أسا: ولى مدبرا فارا هو ومن معه، وهو يقول .معه واقفين ال يقاتلون والحرب واقعة في قومي

اللهم إن زرحا قد ولى مدبرا، وإنك إن لم تحل بيني وبينه استنفر علينا : فلما رأى اسا أن زرحا قد ولى مدبرا قال

منهم ولكني قتلتهم، فقف مكانك، إني لو خليت بنيك وبينهم فأوحى اهللا إلى أسا إنك لم تقتل من قتل. قومه ثانيةأهلكوآم جميعا، إنما يتلقب زرح في قبضتي، ولن ينصره أحد مني، وأنا لزرح بالمكان الذي ال يستطيع صدودا عنه

وال تحويال، وإني قد وهبت لك ولقومك عساآره وما فيها من فضة ومتاع ودابة، فهذا أجرك إذ اعتصمت بي، وال فسار زرح حتى أتى البحر يريد بذلك الهرب،ومعه مائة ألف، فهيئوا سفنهم ثم ! ألتمس منك أجرا على نصرتك

رآبوا فيها، فلما ساروا في البحر بعث اهللا الرياح من أطراف األرضين والبحار إلى ذلك البحر واضطربت من آل ن آان معه، واضطربت بهم األمواج ناحية أمواجه، وضربت السفن بعضها بعضا حتى تكسرت، فغرق زرح وم

أن -واهللا أعلم -حتى فزع لذلك أهل القرى حولهم، ورجفت األرض، فبعث أسا من يعلمه علم ذلك، فأوحى اهللا إليه اهبط أنت وقومك أهل قراآم فخذوا ما غنمكم اهللا بقوة، وآونوا فيه من الشاآرين، فإني قد سوغت آل من أخذ من

.واهللا أعلم. فهبطوا يحمدون اهللا ويقدسونه، فنقلوا تلك العساآر إلى قراهم ثالثة أشهر. أخذههذه العساآر شيئا ما ثم ملك بعده يهوشافاظ بن أسا إلى أن هلك خمسا وعشرين سنة ثم ملكت عتليا وتسمى عزليا ابنة عمرم أم أخزيا،

فإنه ستر عنها، ثم قتلها يواش وأصحابه، وآانت قتلت أوالد ملوك بني إسرائيل، فلم يبق منهم إال يواش بن أخزيا، .وآان ملكها سبع سنين

.ثم ملك يواش بن أخزيا إلى أن قتله أصحابه، وهو الذي قتل جدته فكان ملكه أربيعن سنة

: وقد يقال لعوزيا -ثم ملك أموصيا بن يواش إلى أن قتله أصحابه تسعا وعشرين سنة، ثم ملك عوزيا بن أموصيا

.وفي، اثنتين وخمسين سنةإلى أن ت - غوزيا

.ثم ملك يوتام بن عوزيا إلى أن توفي ست عشرة سنة

.ثم ملك أحاز بن يوتام إلى أن توفي، ست عشرة سنة

208

وقيل إنه صاحب شعيا الذي أعلمه شعيا انقضاء عمره، فتضرع إلى ربه فزاده . ثم ملك حزقيا بن أحاز إلى أن توفي .وأمهله، وأمر شعيا بإعالمه ذلك

.صاحب شعيا الذي هذه القصة قصته اسمه صديقة: محمد بن إسحاق فإنه قالوأما

ذآر صاحب قصة شعيا

من ملوك بني إسرائيل، وسنحاريب

آان فيما أنزل اهللا على موسى في خبره : حدثني ابن إسحاق، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، قال: حدثنا ابن حميد، قالوقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في األرض : " هم فاعلون بعده، قال عن بني إسرائيل وإحداثهم وما

، فكانت بنو إسرائيل وفيهم األحداث " وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا " -إلى - " مرتين ولتعلن علوا آبيرا بهم في ذنوبهم ما آان والذنوب، وآان اهللا في ذلك متجاوزا عنهم، متعطفا عليهم، محسنا إليهم، وآان مما أنزل اهللا

فكان أول ما أنزل بهم من تلك الوقائع، أن ملكا منهم آان يدعى صديقة، . قدم إليهم في الخبر عنهم على لسان موسىال ينزل . وآان اهللا إذا ملك الملك عليهم بعث نبيا يسدده ويرشده، فيكون فيما بينه وبين اهللا، يحدث إليه في أمرهم

مرون بإتباع التوراة واألحكام التي فيها، وينهونهم عن المعصية، ويدعونهم إلى ما ترآوا من عليهم الكتب، إنما يؤ .الطاعة

فلما ملك ذلك الملك بعث اهللا معه شعيا بن أمصيا، وذلك قبل مبعث عيسى وزآرياء ويحيى وشعيا الذي بشر بعيسى

ضى ملكه، وعظمت فيهم األحداث، وشعيا معه، ومحمد، فملك ذلك الملك بني إسرائيل وبيت المقدس زمانا، فلما انقبعث اهللا عليهم سنحاريب ملك بابل معه ستمائة ألف راية، فأقبل سائرا حتىنزل حول بيت المقدس والملك مريض،

يا ملك بني إسرائيل، إن سنحاريب ملك بابل، قد نزل بك هو وجنوده في : في ساقه قرحة، فجاءه النبي شعيا، فقال لهيا نبي اهللا، هل أتاك وحي من اهللا فيما : فكبر ذلك على الملك، فقال. راية، وقد هابهم الناس وفرقوا منهمستمائة ألف

لم يأتني وحي حدث إلي في : حدث فتخبرنا به آيف يفعل اهللا بنا وبسنحاريب وجنوده؟ فقال له النبي عليه السالم .شأنك

ت ملك بني إسرائيل فأمره أن يوصى بوصيته، ويستخلف على أن ائ: فبينما هم على ذلك أوحى اهللا إلى شعيا النبي

إن ربك قد أوحى إلى أن آمرك : فأتى النبي شعيا ملك نبي إسرائيل صديقة، فقال له. ملكه من يشاء من أهل بيته .توصى وصيتك، وتستخلف من شئت على الملك من أهل بيتك، فإنك ميت

فصلى وسبح، ودعا وبكى، وقال وهو يبكي ويتضرع إلى اهللا بقلب أقبل على القبلة، : فلما قال ذلك شعيا لصديقة

اللهم رب األرباب، وإله اآللهة والقدوس المتقدس، يا رحمن يا رحيم، : مخلص، وتوآل وصبر، وظن صادقاذآرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل، وذلك آله . المترحم، الرءوف الذي ال تأخذه سنة وال نوم

فأوحى اهللا إلى . وإن الرحمن استجاب له وآان عبدا صالحا. فأنت أعلم به من نفسي وسري وعالنيتي لك آان منك،شعيا، فأمره أن يخبر صديقة الملك أن ربه قد استجاب له وقبل منه ورحمه، وقد رأى بكاءه، وقد أخر أجله خمس

لك، ذهب عنه الوجع، وانقطع عنه الشر فلما قال له ذ. عشرة سنة، وأنجاه من عدوه سنحاريب ملك بابل وجنودهأنت الذي تعطي الملك من . يا إلهي وإله آبائي، لك سجدت وسبحت، وآرمت وعظمت: والحزن، وخر ساجدا، وقال

تشاء، وتنزعه من تشاء، وتعز من تشاء، وتذلك من تشاء، عالم الغيب والشهادة، أنت األول واآلخر، والظاهر .دعوة المضطرين، أنت الذي أجبت دعوتي، ورحمت تضرعيوالباطن، وأنت ترحم وتستجيب

209

أن قل للملك صديقة، فيأمر عبدا من عبيده، فيأتيه بماء التين فيجعله على قرحته : فلما رفع رأسه أوحى اهللا إلى شعيا

دونا سل ربك أن يجعل لنا علما بما هو صانع بع: وقال الملك لشعيا النبي. ففعل ذلك فشفي. فيشفى ويصبح وقد برئ. سل ربك أن يجعل لنا علما بما هو صانع بعدونا هذا: هذا فقال اهللا لشعيا النبي قل له إني قد آفيناه عدوك لشعيا النبي

قل له إن قد آفيتك عدوك، وأنجيتك منهم، وإنهم سيصبحون موتى آلهم إال سنحاريب وخمسة :فقال اهللا لشعيا النبي .من آتابه

يا ملك بني إسرائيل إن اهللا قد آفاك عدوك فاخرج، فإن : صارخ فصرخ على باب المدينةفلما أصبحوا جاءه فلما خرج الملك التمس سنحاريب فلم يودد في الموتى، فبعث الملك في طلبه، فأدرآه . سنحاريب ومن معه قد هلكوا

ملك بني إسرائيل، فلما رآهم الطلب في مغاره وخمسة من آتابه أحدهم بختنصر، فجعلوهم في الجوامع، ثم أتوا بهم آيف ترى فعل ربنا بكم؟ ألم يقتلكم بحوله : خر ساجدا من حين طلعت الشمس حتى آانت العصر، ثم قال لسنحاريب

قد أتاني خبر ربكم ونصره إياآم، ورحمته التي رحمكم بها قبل أن : فقال سنحاريب له! وقوته ونحن وأنتم غافلونولم يلقني في الشقوة إال قلة عقلي، ولو سمعت أو عقلت ما غزوتكم، ولكن الشقوة أخرج من بالدي، فلم أطع مرشدا

الحمد هللا رب العزة الذي آفاناآم بما شاء، إن ربنا لم يبقك ومن : فقال ملك بني إسرائيل. غلبت علي وعلى من معيدوا شقوة في الدنيا، وعذابا في لتزدا. معك لكرامة لك عليه، ولكنه إنما أبقاك ومن معك إلى ما هو شر لك ولمن معك

ولدمك ودم من معك . اآلخرة، ولتخبروا من وراءآم بما رأيتم من فعل ربنا، ولتنذروا من بعدآم، ولوال ذلك ما أبقاآمثم إن ملك بن إسرائيل أمر أمير حرسه فقذف في رقابهم الجوامع، وطاف بهم ! أهون على اهللا من دم قراد لو قتلته

يت المقدس، وآان يرزقهم آل يوم خبزتين من شعير، لكل رجل منهم، فقال سنحاريب لملك بني سبعين يوما حول بأن قل : فأمر بهم الملك إلى سجن القتل، فأوحى اهللا إلى شعيا النبي. فافعل ما أمرت: القتل خير مما تفعل بنا: إسرائيل

فبلغ النبي شعيا . حتى يبلغوا بالدهم. يحملهململك نبي إسرائيل سنحاريب ومن معه لينذروا من وراءهم، ولكيرمهم ول. الملك ذلك، ففعل، فخرج سنحاريب ومن معه حتى قدموا بابل، فلما قدموا جمع الناس فأخبرهم آيف فعل اهللا بجنوده

يا ملك بابل، قد آنا نقص عليك خبر ربهم وخبر نبيهم ووحى اهللا إلى نبيهم، فلم تطعنا، : فقال له آهانهو وسحرتهمة ال يستطيعها أحد من ربهم، فكان أمر سنحاريب مما خوفوا به، ثم آفاهم اهللا إياه تذآرة وعبرة، ثم لبث وهي أ

.سنحاريب بعد ذلك سبع سنين ثم مات

وقد زعم بعض أهل الكتاب أن هذا الملك من بين إسرائيل الذي سار إليه سنحاريب آان أعرج، وآان عرجه من

مع في مملكته لزمانته وضعفه، وأنه قد آان سار إليه قبل سنحاريب ملك من ملوك عرق النسا، وأن سنحاريب إنما طبابل، يقال له ليفر، وآان بختنصر ابن عمه آاتبه، وأن اهللا أرسل عليه ريحا أهلكت جيشه، وأفلت هو وآاتبه، وأن

حاريب سار بعد ذلك إليه، هذا البابلي قتله ابن له، وأن بختنصر غضب لصاحبه، فقتل ابنه الذي قتل أباه، وأن سنوآان مسكنه بنينوى مع ملك أذربيجان يومئذ، وآان يدعي سلمان األعسر، وأن سنحاريب وسليمان اختلفا، فتحاربا

.حتى تفانيا جنداهما، وصار ما آان معهما غنيمة لبني إسرائيل

حاط ببيت المقدس وبجنوده بل الذي غزا حزقيا صاحب شعيا سنحاريب ملك الموصل وزعم أنه لما أ: وقال بعضهم

وآان ملكه إلى أن توفي تسعا . بعث اهللا ملكا، فقتل من أصحابه في ليلة واحدة مائة ألف وخمسة وثمانين ألف رجل .وعشرين سنة

.أمرهم منشيا بن حزيقيا إن أن توفي خمسا وخمسين سنة -فيما قيل -ثم ملك بعده

.ه ، اثنتى عشرة سنةثم ملك بعد أمون بن منشيا إلى أن قتله أصحاب

.ثم ملك بعده يوشيا بن أمون إلى أن قتله فرعون األجدع المقعد ملك مصر، إحدى وثالثين سنة

210

ثم ياهواحاز بن يوشيا، وآان فرعون األجدع قد غزاه وأسره وأشخصه إلى مصر، وملك فرعون األجدع يوياقيم بن من بني -فيما زعموا - إليه، فكان يوياقيم يجبى ذلك ياهواحاز على ما آان عليه أبوه، ووظف عليه خراجا يؤديه

.اثنتي عشرة سنة -فيما زعموا - إسرائيل، ويحمله

. ثم ملك أمرهم من بعده يوياحين بن يوياقيم، فغزاه بختنصر، فأسره وأشخصه إلى بابل بعد ثالثة أشهر من ملكه

فأوثقه وحمله إلى بابل بعد أن ذبح ولده بين يديه، وملك مكانه متنيا عمه وسماه صديقيا فخالفه، فغزاه فظفر به، وسمل عينيه وخرب المدينة والهيكل، وسبى بني إسرائيل، وحملهم إلى بابل، فمكثوا بها إلى أن ردهم إلى بيت و - المقدس آيرش بن جاماسب ابن أسب، من أجل القرابة التي آانت بينه وبينهم، وذلك أن أمه أشتر ابنة جاويل

إحدى - فيما قيل - اإلسرائيلي، فكان جميع ما ملك صديقيا مع الثالثة األشهر التي ملك فيها يوياحين -ل قيل حاوي .عشرة سنة وثالثة أشهر

.ثم صار ملك بيت المقدس والشام ألشتاسب بن لهراسب، وعامله على ذلك آله بختنصر

أن صديقة ملك بني إسرائيل الذي قد ذآرنا : ثنا سلمة عنهحد: وذآر محمد بن إسحاق، فيما حدثنا به ابن حميد، قال

خبره، لما قبضه اهللا مرج أمر بني إسرائيل، وتنافسوا الملك، حتى قتل بعضهم بعضا عليه، ونبيهم شعيا معهم، ال لما قام أنطق قم في قومك أوح على سانك، ف: لشعيا -فميا بلغنا - فلما فعلوا ذلك قال اهللا . يرجعون إليه وال يقبلون منه

.اهللا لسانه بالوحي، فوعظهم وذآرهم وخوفهم الغير، بعد أن عدد عليهم نعم اهللا عليهم، وتعرضهم للغيرليقتلوه، فهرب منهم، فلقيته شجرة، فانفلقت له، فدخل - فيما بلغني -فلما فرغ شعيا إليهم من مقالته عدوا عليه : قال

ه فأراهم إياها، فوضعوا المنشار في وسطها، فنشروها حتى قطعوها فاخذ بهدبة من ثوب. فيها وأدرآه الشيطان .وقطعوه في وسطها

حدثنا إسماعيل بن عبد : وقد حدثني بقصة شعيا وقومه من بني إسرائيل وقتلهم إياه، محمد بن سهل البخاري، قال

.حدثني عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه: الكريم قال

سبذآر خبر لهراسب وابنه بشتا

وغزو بختنصر بني إسرائيل وتخريبه بيت المقدس

ثم ملك بعد آيخسرو من الفرس لهراسب بن آيوجي بن آيمنوش بن آيفاشين، باختيار آيخسرو إياه، فلما عقد التاج

واتخذ سريرا من ذهب مكلال بأنواع الجواهر للجلوس عليه، وأمر . نحن مؤثرون البر على غيره: على رأسه قالرض خرسان مدينة بلخ، وسماها الحسناء، ودون الدواوين، وقوى ملكه بانتخابه لنفسه الجنود، وعمر فبنيت له بأ

.بخترشه -فيما قيل -األرض واجتبى الخراج ألرزاق الجنود، ووجه بختنصر، وآان اسمه بالفارسية تدت شوآة الترك في فبنى مدينة بلخ، فاش -وهو ابن أخي قبوس -ملك لهراسب : فحدثت عن هشام بن محمد قال

وآان بختنصر في زمانه، وآان أصبهبذ ما بين األهواز إلى أرض الروم : قال. زمانه، وآان منزله ببلخ يقاتل التركفي غربي دجلة، فشخص حتى أتى دمشق فصالحه أهلها ووجه قائدا له فأتى بيت المقدس فصالح ملك بني إسرائيل،

: فلما بلغ طبرية وثبت بنو إسرائيل على ملكهم فقتلوه، وقالوا. وانصرفوهو رجل من ولد داود، وأخذ منه رهائن واستعدوا للقتال، فكتب قائد بختنصر إليه بما آان، فكتب إليه يأمره أن يقيم بموضعه حتى ! راهنت أهل بابل وخذلتنا

ينة عنوة، فقتل يوافيه، وأن يضرب أعناق الرهائن الذين معه، فسار بختنصر حتى أتى بيت المقدس، فأخذ المد .المقاتلة، وسبى الذرية

. إلى بني إسرائيل - فيما بلغنا -وبلغنا أنه وجد في سجن بني إسرائيل إرميا النبي، وآان اهللا تعالى بعثه نبيا : قال

211

يحذرهم ما حل بهم من بختنصر، ويعلهم أن اهللا مسلط عليهم من يقتل مقاتلتهم، ويسبى ذراريهم، إن لم يتوبوا ما خطبك؟ فأخبره أن اهللا بعثه إلى قومه ليحذرهم الذي حل بهم، : فقال له بختنصر. عن سيء أعمالهموينزعوا

فاجتمع إليه من بقي . وخلى سبيله، وأحسن إليه! بئس القوم قوم عصوا رسول ربهم: فقال بختنصر. فكذبوه حبسوهفدعا . اهللا مما صنعنا، فادع اهللا أن يقبل توبتناإنا قد أسأنا وظلمنا، ونحن نتوب إلى : من ضعفاء بني إسرائيل، فقالوا

: ربه فأوحى إليه أنهم غير فاعلين، فإن آانوا صادقين فليقيموا معك بهذه البلدة، فأخبرهم بما أمرهم اهللا به، فقالواربوا إن عبيدا لي ه: فأبوا أن يقيموا، فكتب بختنصر إلى ملك مصر! آيف نقيم ببلدة قد خربت وغضب اهللا على أهلها

ماهم بعبيدك،ولكنهم األحرار : فكتب إليه ملك مصر. مني إليك، فسرحهم إلي، وإال عزوتك وأوطأت بالدك الخيلأبناء األحرار، فغزاه بختنصر فقتله، وسبى أهل مصر، ثم سار في أرض المغرب، حتى بلغ أقصى تلك الناحية، ثم

.غيره من األنبياءانطلق بسبي آثير من أهل فلسطين واألردن، فيهم دانيال و .وفي ذلك الزمان تفرقت بنو إسرائيل، ونزل بعضهم أرض الحجاز بيثرب ووادي القرى، وغيرها: قال

فخرج إليها حتى قدمها وهي . إنى عامر بيت المقدس فاخرج إليها، فأنزلها: فيما بلغنا -ثم أوحى اهللا إلى إرميا : قالأمرني اهللا أن أنزل هذه البلدة، وأخبرني أنه عامرها، فمتى يعمر هذه، ومتى !سبحان اهللا: خراب، فقال في نفسهثم وضع رأسه فنام ومعه حماره وسلة فيها طعام، فمكث في نومه سبعين سنة، حتى هلك ! يحييها اهللا بعد موتها

ك بعده بشتاسب ومل. بختنصر والملك الذي فوقه، وهو لهراسب الملك األعظم وآان ملك لهراسب مائة وعشرين سنةابنه، فبلغه، عن بالد الشأم أنها خراب، وأن السباع قد آثرت في أرض فلسطين، فلم يبق بها من اإلنس أحد، فنادى

وملك عليهم رجال من آل داود، وأمره أن . إن من شاء أن يرجع إلى الشام فليرجع: في أرض بابل في بني إسرائيلفعمروها، وفتح اهللا إلرميا عينيه، فنظر إلى المدينة آيف تعمر وتبنى، يعمر بيت المقدس ويبني مسجدها، فرجعوا

ومكث في نومه ذلك، حتى تمت له مائة سنة، ثم بعثه اهللا وهو ال يظن أنه نام أآثر من ساعة وقد عهد المدينة خرابا .أعلم أن اهللا على آل شيء قدير: يبابا، فلما نظر إليها قال

المقدس ورد إليهم أمرهم، وآثروا بها حتى غلبت عليهم الروم في زمان ملوك وأقام بنو إسرائيل ببيت: قال

.الطوائف، فلم يكن لهم بعد ذلك جماعة

فيما زعم قوم من -وفي زمان بشتاسب ظهر زرادشت، الذي تزعم المجوس أنه نبيهم، وآان زرادشت : قال هشام

ميا النبي خاصا به، أثيرا عنده، فخانه فكذب عليه، من أهل فلسطين، خادما لعبض تالمذة إر -علماء أهل الكتاب فدعا اهللا عليه، فبرص فلحق ببالد أذربيجان، فشرع بها دين المجوسية، ثم خرج منها متوجها نحو بشتاسب، وهو

ببلخ، فلما قدم عليه وشرح له دينه أعجبه فقسر الناس على الدخول فيه، وقتل في ذلك من رعيته مقتلة عظيمة، .ه، فكان ملك بشتاسب مائة سنة واثنتى عشرة سنةودانوا ب

وأما غيره من أهل األخبار والعلم بأمور األوائل فإنه ذآر أن آي لهراسب آان محمودا في أهل مملكته، شديد القمع للملوك المحيطة بإيران شهر، شديد التفقد ألصحابه، بعيد الهمة آثير الفكر في تشييد البنيان، وشق األنهار وعمارة

البالد، فكانت ملوك الروم والمغرب والهند وغيرهم يحملون إليه في آل سنة وظيفة معروفة وإتاوتة معلومة، .ويكاتبونه بالتعظيم ويقرون له أنه ملك الملوك هيبة له وحذرا

إن بختنصر حمل إليه من أوريشلم خزائن وأمواال، فلما أحس بالضعف من قوته ملك ابنه بشتاسب، : ويقال: قال

.مائة سنة وعشرين سنة -فيما ذآر -واعتزل الملك وفوضه إليه، وآان ملك لهراسب

، وأنه رجل من العجم، من ولد جوذرز، وأنه " بخترشه " وزعم أن بختنصر هذا الذي غزا بني إسرائيل اسمه شتاسب، وأن لهراسب وجهه عاش دهرا طويال جاوزت مدته ثلثمائة سنة، وأنه آان في خدمة لهراسب الملك، ابي ب

212

فسار إليها ثم انصرف، وأنه لم يزل من بعد لهراسب في خدمة ابنه . إلى الشام وبيت المقدس ليجلي عنها اليهودوأنه أمر -وهي التي آانت تسمى الحسناء - بشتاسب، ثم في خدمة بهمن من بعده، وأن بهمن آان مقيما بمدينة بلخ

ليجلي اليهود عنها، وأن السبب في ذلك وثوب صاحب بيت المقدس على رسل بخترشه بالتوجه إلى بيت المقدسفلما ورد الخبر على بهمن دعا بخرشه فملكه على بابل، وأمره بالمسير إليها، . آان بهمن وجههم إليه، وقتله بعضهم

وبسط يده فيمن يختار والنفوذ منها إلى الشام وبيت المقدس،والقصد إلى اليهود حتى يقتل مقاتلهم، ويسبى ذراريهم،من األشراف والقواد، فاختار من أهل بيت المملكة داريوش بن مهرى، من ولد ماذي بن يافث بن نوح، وآان ابن

واختار آبرش آيكوان من ولد غليم بن سام، وآان خازنا على بيت مال بهمن، وأخشويرش بن . أخت يخترشهفضم بهمن إليه من أهله وخاصته هؤالء األربعة، . ش بن بشتاسبآيرش بن جاماسب الملقب بالعالم، وبهرام بن آير

وضم إليه من وجوه األساورة ورؤسائهم ثلثمائة رجل، ومن الجند خمسين ألف رجل، وأذن له من أن يفرض ما ة ثم أقبل بهم حتى صار إلى بابل، فأقام بها للتجهز واالستعداد سنة، والتفت إليه جماع. احتاج إليه، وفي إثباتهم

عظيمة، وآان فيمن سار إليه رجل من ولد سنحاريب، الملك الذي آان غزا حزقيا بن أحاز الملك، الذي آان بالشام وببيت المقدس من ولد سليمان بن داود صاحب شعيا، يقال له بختنصر بن نبوزرادان بن سنحاريب، صاحب

بن سالمون بن داود بن طامي بن هامل بن الموصل وناحيتها، بن داريوش بن عبيري بن تيرى بن روبا ابن رابيا .هرمان بن فودي بن همول بن درمي بن قمائل بن صاما بن رغما بن نمروذ بن آوش بن حام بن نوح عليه السالم

وآان مسيره إليه بسبب ما آان آتى خزقيا وبنو إسرائيل إلى جده سنحاريب عند غزوه إياهم، وتوسل إليه بذلك فقدمه ثم اتبعه، فلما توافت العساآر ببيت المقدس، نصر بخترشه على بني إسرائيل لما أراد اهللا بهم من في جماعة آثيرة،

العقوبة، فسباهم، وهدم البيت وانصرف إلى بابل، ومعه يوياحن بن يوياقيم ملك بني أسرائيل في ذلك الوقت، من ولد .سليمان بعد أن ملك متنيا عم يوحينا، وسماه صدقيا

نصر ببابل خالفه صدقيا، فغزاه بختنصر ثانية فظفر به، وأخرب المدينة والهيكل، وأوثق صدقيا، فلما صار بخت

فمكث بنو إسرائيل ببابل إلى أن رجعوا إلى بيت المقدس، فكان غلبة . وحمله إلى بابل بعد أن ذبح ولده، وسمل عينيه .أربعين سنة -ا الذي حكينا قوله في قوله هذ -على بيت المقدس إلى أن مات -المسمى بخترشه -بختنصر

ثم قام من بعده ابن يقال له أولمرودخ، فملك الناحية ثالثا وعشرين سنة، ثم هلك وملك مكانه ابن يقال له بلتشصر بن وما يتصل بها من الشأم . أولمرودخ سنة، فلما ملك بلتشصر خلط في أمره، فعزله بهمن وملك مكانه على بابل

وي، المنسوب إلى ماذي بن يافث بن نوح عليه السالم حين صار إلى المشرق، فقتل بلتشصر، وغيرها داريوش الماذثم عزله بهمن وولى مكانه آيرش الغيلمي، من ولد غيلم بن سام ابن نوح، الذي . وملك بابل وناحية الشأم ثالث سنين

آيرش آتب بهمن أن يرفق ببني آان نزع إلى جامر مع ماذي عندما مضى جامر إلى المشرق، فلما صار األمر إلىإسرائيل، ويطلق لهم النزول حيث أحبوا، والرجوع إلى أرضهم، وأن يولى عليهم من يختارونه، فاختاروا دانيال

من - النبي عليه السالم، فولى أمرهم، وآان ملك آيرش على بابل وما يتصل بها ثالث سنين، فصارت هذه السنون معدودة من خراب بيت المقدس، منسوبة إلى -مره وأمر ولده وملك آيرش الغيلمي وقت غلبة بختنصر إلى انقضاء أ .بختنصر، ومبلغها سبعون سنة

ثم ملك بابل وناحيتها من قبل بهمن رجل من قرابته، يقال له أخشوارش ابن آيرش بن جاماسب، الملقب بالعالم، من ه إلى الشأم من قبل بهمن، وذلك أن أخشوارش انصرف إلى بهمن األربعة الوجوه الذين اختارهم بخترشه عند توجه

أن رجال آان يتولى -فيما زعم -من عند بختنصر محمودا، فواله ذلك الوقت بابل وناحيتها، وآان السبب في واليته أخشويرش لبهمن ناحية السند والهند يقال له آراردشير بن دشكال خالفه، ومعه من األتباع ستمائة ألف، فولى بهمن

الناحية، وأمره بالمسير إلى آراردشير، ففعل ذلك وحاربه، فقتله وقتل أآثر أصحابه، فتابع له بهمن الزيادة في العمل، وجمع له طوائف من البالد، فلزم السوس، وجمع األشراف، وأطعم الناس اللحم، وسقاهم الخمر، وملك بابل

لمائة وعشرين قائدا في يوم واحد األلوية، وصير تحت يد آل قائد إلى ناحية الهند والحبشة وما يلي البحر، وعقدألف رجل من أبطال الجند الذين يعدل الواحد منهم في الحرب بمائة رجل، وأوطن بابل، وأآثر المقام بالسوس،

وآان وتزوج من سبى بن إسرائيل امرأة يقال لها أشتر ابنة أبي جاويل، آان رباها ابن عم لها يقال له مردخي، أخاها من الرضاعة، ألن أم مردخي أرضعت أشتر، وآان السبب في تزوجه إياها قتله امرأة آانت له جليلة جميلة

خطيرة يقال لها وشتا فأمرها بالبزور ليراها الناس ليعرفوا جاللتها وجمالها، فامتنعت من ذلك قتلها، فلما قتلها جزع ء العالم، ففعل ذلك، وحببت إليه أشتر صنعا لبني إسرائيل، فتزعم لقتلها جزعا شديدا، فأشير عليه باعتراض نسا

النصارى أنها ولدت له عند مسيره إلى بابل ابنا فسماه آيرش، وأن ملك أخشويرش آان أربع عشرة سنة، وقد علمه

213

حتنيا مردخ التوراة، ودخل في دين بني إسرائيل، وفهم عن دانيال النبي عليه السالم ومن آان معه حينئذ، مثللو آان معني منكم ألف نبي ما : وميشايل وعازريا، فسألوه بأن يأذن لهم في الخروج إلى بيت المقدس فأبى وقال

وولى دانيال القضاء، وجعل إليه جميع أمره أن يخرج آل شيء في الخزائن مما آان . فارقني منكم أحد ما دمت حياوآان . بيت المقدس، فبنى وعمر في أيام آيرش بن أخشويرش بختنصر أخذه من بيت المقدس ويرده، وتقدم في بناء

.ملك آيرش، مما دخل في ملك بهمن وخماني اثنتين وعشرين سنة

ومات بهمن لثالثة عشرة سنة مضت من ملك آيرش، وآان موت آيرش ألربع سنين مضين من ملك خماني، فكان

.جميع ملك آيرش بن أخشويرش اثنتين وعشرين سنة

.أهل السير واألخبار في أمر بختنصر وما آان من أمره وأمر بني إسرائيل فهذا ما ذآر

حدثنا : وأما السلف من أهل العلم فإنهم قالوا في أمرهم أقواال مختلفة، فمن ذلك ما حدثني القاسم بن الحسن، قال

آان : سمعه يقول حدثني يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جنبير، أنه: حدثني حجاج عن ابن جريج، قال: الحسين، قالبكى، وفاضت عيناه، ثم أطبق " بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد : " رجل من بني إسرائيل يقرأ، حتى إذا بلغ

أي رب، أرني هذا الرجل الذي جعلت هالك بني إسرائيل على : ثم قال! ذلك ما شاء اهللا من الزمان: المصحف، فقالأين : فقيل له - وآان رجال موسرا - يقال له بختنصر، فانطلق بمال وأعبد له فأرى في المنام مسكينا ببابل . يديه

أريد التجارة، حتى نزل دارا ببابل فاستكراها، ليس فيها أحد غيره، فجعل يدعو المساآين ويلطف بهم : تريد؟ فقالمريض، يقال له بختنصر، نعم مسكين بفج آل فالن: حتى ال يأتيه أحد إال أعطاه، فقال هل بقي مسكين غيرآم؟ فقالوا

احتملوه فنقله إليه فمرضه : بختنصر، فقال لغلمته: ما اسمك؟ قال: انطلقوا بنا، فانطلق حتى أتاه فقال: فقال لغلمتهأبكي : ما يبكيك؟ قال: حتى برئ، وآساه وأعطاه نفقة، ثم أذن اإلسرائيلي بالرحيل، فبكى بختنصر، فقال اإلسرائيلي

فجعل اآلخر يتبعه ويقول . بل شيئا يسيرا، إن ملكت أطعتني: قال! وال أجد شيئا أجزيك أنك فعلت بي ما فعلت،لقد علمت ما يمنعك : فبكى اإلسرائيلي وقال. وال يمنعه أن يعطيه ما سأله إال أنه يرى أنه يستهزئ به! تستهزئ بي

.هان تعطيني ما سألتك، إال أن اهللا عز وجل يريد أن ينفذ ما قضى وآتب في آتاب

وما ضرك لو : قالوا! لو أنا بعثنا طليعة إلى الشأم: وضرب الدهر من ضربه، فقال صيحون، وهو ملك فارس ببابلفالن، فبعث رجال، وأعطاه مائة ألف، وخرج بختنصر في مطبخه ال يخرج إال ليأآل : فمن ترون؟ قالوا: قال! فعلت

أآثر أرض اهللا فرسا ورجال جلدا، فكسره ذلك في ذرعه، فلم يسأل، في مطبخه، فلما قدم الشام رأى صاحب الطليعة . ما يمنعكم أن تغزوا بابل؟ فلو غزوتموها، فما دون بيت مالها شيء: فجعل بختنصر يجلس مجالس أهل الشام فيقول

بما رأى، وجعل فأخبر متقدم الطليعة ملكهم . ال نحسن القتال وال نقاتل حتى تنفد مجالس أهل الشام، ثم رجعوا: قالوافرفع ذلك إليه، فدعاه فأخبره الخبر، . لو دعاني الملك ألخبرته غير ما أخبره فالن: بختنصر يقول لفوارس الملك

إن فالنا لما رأى أآثر أرض اهللا آراعا ورجال جلدا، آسر ذلك في ذرعه، ولم يسألهم عن شيء، وإني لم أدع : وقالفقال -للذي ذآر سعيد بن جبير أنه قال لهم - م آذا وآذا، فقالوا لي آذا وآذا مجلسا بالشام إال جالست أهله، فقلت له

. لو أعطيتني بيت مال بابل ما نزعت: قال. لك مائة ألف وتنزع عما قلت! فضحتني: متقدم الطليعة لبختنصرإال امتشوا ما لو بعثنا جريدة خيل إلى الشأم، فإن وجدوا مساغا ساغوا، و: وضرب الدهر من ضربه، فقال الملك

بل الرجل الذي أخبرني بما أخبرني، فدعا : فالن، قال: فمن ترون؟ قالوا: قال! ما ضرك لو فعلت: قالوا. قدروا عليهبختنصر، فأرسله وانتخب معه أربعة آالف من فرسانهم، فانطلقوا فجاسوا خالل الديار، فسبوا ما شاء اهللا ولم يخربوا

على رسلكم حتى نأتي أصحابكم، فإنهم فرسانكم، : استخلفوا رجال، قالوا: ون، قالواولم يقتلوا، ورمى في جنازة صيحما رأينا أحدا أحق : فأمهلوا حتى جاء بختنصر بالسبى وما معه، فقسمه في الناس فقالوا! أن ينغصوا عليكم شيئا

.فملكوه! بالملك من هذا

.حربهم حين قتلت بنو إسرائيل يحيى بن زآرياءإنما آان خروج بختنصر إلى بني إسرائيل ل: وقال آخرون منهم

:ذآر بعض من قال ذلك منهم

214

حدثنا أسباط عن السدي، في الحديث الذي ذآرنا إسناده : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثني موسى بن هارون، قالوبلغ صيحائين أن يختنصر بعثه صيحائين لحرب بني إسرائيل حين قتل ملكهم يحيى بن زآرياء عليه السالم، : قبل .قتله

استخلف اهللا عز وجل على بني إسرائيل بعد : فيما بلغني - حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال : حدثنا ابن حميد، قال

فيما آان وهب بن منبه يزعم - شعيا رجال منهم يقال له ياشية بن أموص، فبعث اهللا لهم الخضر نبيا، واسم الخضر .ا، وآان من سبط هارونإرميا بن حلقي - عن بني إسرائيل

حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، : وأما وهب بن منبه فإنه قال فيه ما حدثني محمد بن سهل بن عسكر البخاري قال

حدثنا سلمة، عن ابن : وحدثنا ابن حميد، قال: سمعت وهب بن منبه يقول: حدثني عبد الصمد بن معقل، قال: قالقال اهللا عز وجل إلرميا حين بعثه نبيا إلى بني : ليماني أنه آان يقولإسحاق عمن ال يتهم عن وهب بن منبه ا

يا إرميا، من قبل أن أخلقك أخترتك، ومن قبل أن أصورك في بطن أمك قدستك، ومن قبل أن أخرجك : " إسرائيل" يتك من بطن أمك طهرتك، ومن قبل أن تبلغ السعي نبيتك، ومن قبل أن تبلغ األشد اختبرتك، وألمر عظيم اجتب

فبعث اهللا عز وجل إرميا إلى ذلك الملك من بين إسرائيل يسدده ويرشده، ويأتيه بالخبر من قبل اهللا فيما بينه وبين اهللا .عز وجل

ثم عظمت األحداث في بني إسرائيل، ورآبوا المعاصي، واستحلوا المحارم، ونسوا ما آان اهللا صنع بهم، وما : قالاريب وجنوده فأوحى اهللا عز وجل إلى إرميا أن أتت قومك من بني إسرائيل، فاقصص عليهم نجاهم من عدوهم سنح

إني ضعيف إن لم تقوني، عاجز إن لن تبلغني، : فقال إرميا. ما آمرك به، وذآرهم نعمي عليهم، وعرفهم إحداثهمم تعلم أن األمور آلها تصدر أل: قال اهللا عز وجل. مخطئ إن لم تسددني، مخذول إن لم تنصرني، ذليل إن لم تعزني

وإني أنا اهللا الذي ال شيء مثلي، قامت ! عن مشيئتي، وأن القلوب آلها واأللسن بيدي، أقلبها آيف شئت فتطيعنيالسموات واألرض وما فيهن بكلمتي، وأنا آلمت البحار ففهمت قولي، وأمرتها فعقلت أمري، وحددت عليها بالبطحاء

آالجبال، حتى إذا بلغت حدي ألبستها مذلة طاعتي خوفا واعترافا ألمري، إن معك ولن فال تعدي حدي، تأتي بأمواجيصل إليك شيء معي، وإني بعثتك إلى خلق عظيم من خلقي لتبلغهم رساالتي، ونستحق بذلك مثل أجر من اتبعك

ماه، ال ينقص ذلك منهم، ال ينقص ذلك من أجورهم شيئا، وإن تقصر به عنها تستحق بذلك مثل وزر من ترآت في عإن اهللا ذآر بكم صالح آبائكم، فحمله ذلك على أن يستتيبكم يا معشر : انطلق إلى قومك فقل. من أوزارهم شيئا

.األبناء

وهل علموا أن أحدا قبلهم أطاعني فشقى ! وسلهم آيف وجد أباءهم مغبة طاعتي، وآيف وجدوا هم مغبة معصيتي

الدواب مما تذآر أوطانها الصالحة تنتابها، وأن هؤالء القوم رتعوا في وأن! بطاعتي، أو عصاني فسعد بمعصيتيحتى . أما أحبارهم ورهبانهم فاتخذوا عبادي خوال يتعبدونهم دوني، ويحكمون فهيم بغير آتابي. مروج الهلكة

ذوا آتابي، وأما أمراؤهم وقادتهم فبطروا نعمتي، وأمنوا مكري، ونب. أجهلوهم أمري، وأنسوهم ذآري، وعروهم منيونسوا عهدي، وغيروا سنتي، وادان لهم عبادي بالطاعة التي ال تنبغي إال لي، فهم يطيعونهم في معصيتي،

ويتابعونهم على البدع التي يبتدعون في ديني، جرأة علي وغرة، وفرية علي وعلى رسلي، فسبحان جاللي وعلو ! هل ينبغي أن أخلق عبادا أجعلهم أربابا من دونيو! وهل ينبغي لبشر أن يطاع في معصيتي! مكاني وعظمة شأني

وأما قراؤهم وفقهاؤهم فيتعبدون في المساجد، ويتنزينون بعمارتها لغيري لطب الدنيا بالدين، ويتفقهون فيها لغير وأما أوالد األنبياء فمكثورون مقهورون مغترون، يخوضون مع الخائضين، . العلم، ويتعلمون فيها لغير العمل

على مثل نصرة آبائهم، والكرامة التي أآرمتهم بها، ويزعمون أن ال أحد أولى بذلك منهم مني بغير صدق فيتمنونوال تفكر وال تدبر وال يذآرون آيف نصر آبائهم لي، وآيف آان جدهم في أمري، حين غير المغيرون، وآيف بذلوا

بهؤالء القوم لعلهم يستجيبون، فأطولت أنفسهم ودماءهم، فصبروا وصدقوا حتى عز أمري، وظهر ديني، فتأنيت وفي آل ذلك أمطر . لهم، وصفحت عنهم لعلهم يرجعون، وأآثرت ومددت لهم في العمر لعلهم يتفكرون، فأعذرت

فحي . عليهم السماء، وأنبت لهم األرض، وألبسهم العافية، وأظهرهم على العدو، فال يزدادون إال طغيانا وبعدا منيفإني أحلف بعزتي ألقيضن لهم فتنة يتحير فيها الحليم، ويضل فيها رأي ! أم إياي يخادعون! أني يتمرسون! متى هذا

215

ثم ألسلطن عليهم جبارا قاسيا عاتيا، ألبسه الهيبة، وأنزع من صدره الرأفة والرحمة . ذي الرأي وحكمة الحكيمآب أمثال العجاج، آأن خفيق راياته والليان، يتبعه عدد مثل سواد الليل المظلم، له عساآر مثل قطع السحاب، ومرا

.طيران النسور، وآأن حملة فرسانه آرير العقبان

ويافث أهل بابل، فهم من ولد يافث بن نوح عليه -ثم أوحى اهللا عز وجل إلى إرميا أني مهلك بني إسرائيل بيافث

ملعون يوم ولدت فيه، : قالفلما سمع إرميا وحى ربه صاح وبكى وشق ثيابه، ونبذ الرماد على رأسه، ف -السالم ويوم لقنت فيه التوراة، ومن شر أيامي يوم ولدت فيه، فما أبقيت آخر األنبياء إال لما هو شر علي، لو أراد بي خيرا

!ما جعلني آخر األبنياء من بني إسرائيل، فمن أجلي تصيبهم الشقوة والهالك

نعم يا : قال! يا إرميا، أشق عليك ما أوحيت لك: ف يقول، ناداهفلما سمع اهللا عز وجل تضرع الخضر وبكاءه، وآيوعزتي وجاللي ال أهلك بيت المقدس وبني : رب، أهلكني قبل أن أرى في بني إسرائيل ما ال أسر به، فقال اهللا تعالى

، والذي بعث ال: إسرائيل حتى يكون األمر من قبلك في ذلك ففرح عند ذلك إرميا لما قال له ربه، وطابت نفسه وقال .موسى وأنبياءه بالحق، ال آمر ربي بهالك بني إسرائيل أبدا

ا إن يعذبنا ربنا فبذنوب آثيرة قدمناه: ثم أتى ملك بني إسرائيل فأخبره بما أوحى اهللا إليه فاستبشر وفرح، وقال

معصية وتماديا في الشر، وذلك ثم إنهم لبثوا بعد هذا الوحي ثالث سنين لم يزدادوا إال .ألنفسنا، وإن عفا عنا فبقدرتهحين أقترب هالآهم، فقل الوحي حين لم يكونوا يتذآرون اآلخرة، وأمسك عنهم حين ألهتهم الدينا وشأنها، فقال لهم

يا بني إسرائيل، انتهوا عما أنتم عليه قبل أن يمسكم بأس اهللا، وقبل أن يبعث اهللا عليكم قوما ال رحمة لهم بكم، : ملكهموإن . فأبوا عليه أن ينزعوا عن شيء مما هم عليه. يب التوبة مبسوط اليدين بالخير، رحيم بمن تاب إليهفإن ربكم قر

ونمروذ صاحب -اهللا ألقى في قلب بختنصر بن نبوزراذان بن سنحاريب بن دارياس بن نمروذ بن فالغ ابن عابر ثم يفعل فيه ما آان جده سنحاريب أراد أن أن يسير إلى بيت المقدس، -إبراهيم عليه السالم، الذي حاجه في ربه

فخرج في ستمائة ألف راية يريد أهل بيت المقدس، فلما فصل سائرا أتى ملك بني إسرائيل الخبر أن بختنصر . يفعليا إرميا، أين ما زعمت لنا أن ربك أوحى إليك أال : قد أقبل هو وجنوده يريدآم، فأرسل الملك إلى إرميا، فجاءه فقال

.إن ربي ال يخلف الميعاد، وأنا به واثق: فقال إرميا للملك! هل بيت المقدس حتى يكون منك األمر في ذلكيهلك أ: فلما اقترب األجل ودنا انقطاع ملكهم، وعزم اهللا تعالى على هالآهم، بعث اهللا عز وجل ملكا من عنده، فقال له

فقال . لملك إلى إرميا، وقد تمثل له رجال من بني إسرائيلفأقبل ا. وأمره بالذي يستفتيه فيه. اذهب إلى إرميا واستفتهيا نبي اهللا، : أنا رجل من بني إسرائيل أستفتيك في بعض أمري، فأذن له، فقال له الملك: من أنت؟ قال: له إرميا

ال تزيدهم ف. أتيتك أستفتيك في أهل رحمي، وصلت أرحامهم بما أمرني اهللا به، لم آت إليهم إال حسنا، ولم آلهم آرامةأحسن فيما بينك وبين اهللا، وصل ما أمرك اهللا أن : فقال له! آرامتي إياهم إال إسخاطا لي، فأفتنى فيهم يا نبي اهللا

فانصرف عنه الملك، فمكث أياما ثم أقبل إليه في صورة ذلك الرجل الذي آان جاءه، فقعد : قال. تصل وأبشر بخيرأو ما طهرت : أنا الرجل الذي أتيتك أستفتيك في شأن أهلي، فقال له نبي اهللا .من أنت؟ قال: بين يديه، فقال له إرميا

يا نبي اهللا، والذي بعثك بالحق ما أعلم آرامة يأتيها أحد من الناس إال : قال! لك أخالقهم بعد، ولم تر منهم الذي تحبسن إليهم، واسأل اهللا الذي يصلح ارجع إلى أهلك فأح: فقال النبي. أهل رحمه إال وقد أتيتها إليهم وأفضل من ذلك

فقام الملك من عنده فلبث أياما . عباده الصالحين أن يصلح ذات بينكم، وأن يجمعكم على مرضاته، ويجنبكم سخطهوقد نزل بختصر وجنوده حول بيت المقدس بأآثر من الجراد، ففزع منهم بنو إسرائيل فزعا شديدا، وشق ذلك على

ثم إن الملك أقبل إلى إرميا . إني بربي واثق: يا نبي اهللا، أين ما وعدك اهللا؟ فقال: ا فقالملك بني إسرائيل فدعا إرميمن أنت؟ : وهو قاعد على جدار بيت المقدس يضحك ويستبشر بنصر ربه الذي وعده، فقعد بين يديه، فقال له إرميا

يا : فقال الملك! هم أن يفيقوا من الذي هم فيهأو لم يأن ل: أنا الذي آنت أتيتك في شأن أهلي مرتين، فقال له النبي: قالنبي اهللا، آل شيء آان يصيبني منهم قبل اليوم آنت أصبر عليه، وأعلم أن مآلهم في ذلك سخطي، فلما أتيتهم اليوم

يا نبي اهللا، رأيتهم على عمل : على أي عمل رأيتهم؟ قال: رأيتهم في عمل ال يرضاه اهللا وال يحبه، قال له النبيمن سخط اهللا، فلو آانوا على مثل ما آانوا عليه قبل اليوم، لم يشتد غضبي عليهم، وصبرت لهم ورجوتهم، عظيم

ولكني غضبت اليوم هللا ولك، فأتيتك ألخبرك خبرهم، وإني أسألك باهللا الذي هو بعثك بالحق إال ما دعوت عليهم أن على حق وصواب فأبقهم، وإن آانوا على سخطك وعمل يا ملك السموات واألرض، إن آانوا : قال إرميا. يهلكهم اهللا

.ال ترضاه فأهلكهم

216

ن، فلما خرجت الكلمة من في إرميا أرسل اهللا عز وجل صاعقة من السماء في بيت المقدس فالتهب مكان القربايا ملك السماء : الفلما رأى ذلك إرميا صاح وشق ثيابه،ونبذ التراب على رأسه، وق .وخسف بسبعة أبواب من أبوابها

يا إرميا، إنه لم يصبهم الذي أصابهم إال بفتياك التي أفتيت : فنودي! ويا أرحم الراحمين، أين ميعادك الذي وعدتني .فاستيقن النبي أنها فتياه التي أفتى بها ثالث مرات، وأنه رسول ربه. بها رسولنا

دس، فوطئ الشأم، وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم، وطار إرميا حتى خالط الوحوش، ودخل بختصر وجنوده بيت المق

وخرب بيت المقدس، ثم أمر جنوده أن يمأل آل رجل منهم ترسه ترابا ثم يقذقه في بيت المقدس، فقذفوا فيه التراب ثم انصرف راجعا إلى أرض بابل، واحتمل معه سبايا بني إسرائيل، وأمرهم أن يجمعوا من آان في بيت . حتى ملئوه

آلهم، فاجتمع عنده آل صغير وآبير من بين إسرائيل، فاختار منهم مائة ألف صبي، فلما خرجت غنائم المقدس أيها الملك، لك عنائمنا آلها واقسم بيننا هؤالء : جنده، وأراد أن يقسمها فيهم، قالت له الملوك الذين آانوا معه

دانيال، : وآان من أولئك الغلمان - أربعة غلمة ففعل فأصاب آل رجل منهم. الصبيان الذين اخترتهم من بني إسرائيلوسبعة آالف من أهل بيت داود، وأحد عشر ألفا من سبط يوسف بن يعقوب وأخيه - وحنانيا، وعزاريا، وميشايل

بنيامين، وثمانية آالف من سبط أشر بن يعقوب، وأربعة عشر ألفا من سبط زبالون ابن يعقوب، ونفثالي بن يعقوب، من سبط روبيل والوي ابني يعقوب، وأربعة آالف من سبط يهوذا بن يعقوب ومن بقي من بني وأربعة آالف

وذهب بآنية بيت المقدس حتى أقدمها . وثلثا سبى، وثلثا قتل. وجعلهم بختنصر ثالث فرق، فثلثا أقر بالشام. إسرائيلولى التي أنزلها اهللا ببني إسرائيل وذهب بالصبيان السبعين األلف حتى أقدمهم بابل، وآانت هذه الوقعة األ. بابل

.بإحداثهم وظلمهم

فلما ولى بختنصر عنهم راجعا إلى بابل بمن معه من سبايا بني إسرائيل أقبل إرميا على حمار له معه عصير من

إني يحيى : عنب في رآوة وسلة تين، حتى غشى إيلياء فلما وقف عليها ورأى ما بها من الخراب دخله شك، فقالفأماته اهللا مائة عام، وحماره وعصيره وسلة تينه عنده حيث أماته اهللا وأمات حماره معه، وأعمى ! بعد موتهاهذه اهللا

آم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر : " اهللا عنه العيون فلم يره أحد، ثم بعثه اهللا فقال لهوانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام آيف " - غير يقول لم يت - " إلى طعامك وشرابك لم يتسنه

بالعروق والعصب، ثم -وقد آان مات معه -فنظر إلى حماره يتصل بعض إلى بعض " ننشزها ثم نكسوها لحما ثم نظر إلى عصيره وتينه، فإذا هو على . آيف آسى ذلك منه اللحم حتى استوى، ثم جرى فيه الروح، فقال ينهق

ثم عمر اهللا " أعلم أن اهللا على آل شيء قدير : " فلما عاين من قدرة اهللا ما عاين، قال. هيئته حين وضعه لم يتغير .إرميا بعد ذلك فهو الذي يرى بفلوات األرض والبلدان

ذ رأى شيئا أصابه ثم إن بختنصر أقام في سلطانه ما شاء اهللا أن يقيم، ثم رأى رؤيا، فبينما هو قد أعجبه ما رأى إأخبروني عن رؤيا : فأنساه الذي آان رأى، فدعا دانيال، وحنانيا وعزاريا، وميشايل من ذ رارى األنبياء، فقال

ما أذآرها، : أخبرنا بها نخبرك بتأويلها، قال: رأيتها، ثم أصابني شيء فأنسانيها، وقد آانت أعجبتني ما هي؟ قالوا لهفخرجوا من عنده، فدعوا اهللا واستغاثوا وتضرعوا إليه، وسألوه أن يعلمهم . عن أآتافكموإن لم تخبروني بتأويلها ألنز

قدماه وساقاه من فخار، ورآبتاه : صدقتم، قالوا: رأيت تمثاال؟ قال: فجاءوه فقالوا له. فأعلمهم الذي سألهم عنه. إياهافبينما أنت تنظر : قالوا. صدقتم: قال. وفخذاه من نحاس، وبطنه من فضة، وصدره من ذهب، ورأسه وعنقه من حديد

تأويلها : صدقتم، فما تأويلها؟ قالوا: قال. إليه قد أعجبك، فأرسل اهللا عليه صخرة من السماء فدقته، فهي التي أنستكهاأنك أريت ملك الملوك، فكان بعضهم ألين ملكا من بعض، وبعضهم آان أحسن ملكا من بعض، وبعضهم آان أشد

ثم آان فوقه النحاس وهو أفضل منه وأشد، ثم آان فوق . ن أول الملك الخفار وهو أضعفه وألينهملكا من بعض، فكاالنحاس الفضة وهي أفضل من ذلك وأحسن، ثم آان فوق الفضة الذهب، فهو أحسن من الفضة وأفضل، ثم آان

اهللا عليه من السماء فدقته، الحديد ملكك، فهو آان أشد الملوك وأعز مما آان قبله، وآانت الصخرة التي رأيت أرسل .نبيا يبعثه اهللا من السماء فيدق ذلك أجمع، ويصير األمر إليه

فإنا واهللا ! ثم إن أهل بابل قالوا لبختنصر أرأيت هؤالء الغلمان من بني إسرائيل الذين آنا سألناك أن تعطيناهم ففعلت

م، وصرفن وجوههن إليهم، فأخرجهم من بين أظهرنا أو لقد أنكرنا نساءنا منذ آانوا معنا، لقد رأينا نساءنا علقن به

217

شأنكم بهم، فمن أحب منكم أن يقتل من آان في يده فليفعل، فأخرجوهم فلما قربوهم للقتل تضرعوا إلى : اقتلهم، قالن اهللا عليهم يا ربنا، أصابنا البالء بذنوب غيرنا، فتحن: فلما قربوهم للقتل تضرعوا إلى اهللا فقالوا. شأنكم بهم: اهللا قال

دانيال، وحنانيا، : برحمته، فوعدهم أن يحيهم بعد قتلهم، فقتلوا إال من اشتبقى بختنصر منهم، وآان ممن استبقى منهم .وعزاريا، وميشايل

أرأيتم هذا البيت : ثم إن اهللا تبارك وتعالى حين أراد هالك بختنصر، انبعث فقال لمن آان في يديه من بني إسرائيل

هذا بيت اهللا ومسحد من مساجده، وهؤالء : وهؤالء الناس الذين قتلت، من هم؟ وما هذ ا البيت؟ قالوا الذي أخربت،أهله آانوا من ذرارى األنبياء فظلموا وتعدوا وعصوا فسلطت عليهم بذبوهم، وآان ربهم رب السموات واألرض،

.اهللا وسلط عليهم غيرهمورب الخلق آلهم يكرمهم ويمنعهم ويعزهم، فلما فعلوا ما فعلوا أهلكهم

فأخبروني ما الذي يطلع بي إلى السماء العليا، لعلي أطلع إليها فأقتل من فيها وأتخذها ملكا؟، فإني قد فرغت من : قال

لتفعلن أو ألقتلنكم عن : ما تقدر على ذلك وما يقدر على ذلك أحد من الخالئق، قال: األرض ومن فيها، قالوا لهبعوضة فدخلت في منخره ثم - ليريه ضعفه وهوانه عليه -وتضرعوا إليه، فبعث اهللا بقدرته آخرآم، فبكوا إلى اهللا

ساخت في دماغه حتى عضت بأم دماغه، فما آان يقر وال يسكن حتى يوجأ له رأسه على أم دماغه، فلما عرف ت شقوا رأسه، فوجدوا إذا مت فشقوا رأسي، فانظروا ما هذا الذي قتلني؟ فلما ما: الموت قال لخاصته من أهله

البعوضة عاضة بأم دماغه ليرى اهللا العباد قدرته وسلطانه، ونجى اهللا من آان بقي في يديه من بني إسرائيل وترحم .عليهم وردهم إلى الشأم وإلى إيلياء المسجد المقدس، فبنوا فيه وربلوا وآثروا حتى آانوا على أحسن ما آانوا عليه

.ن اهللا أحيا أولئك الموتى الذين قتلوا فلحقوا بهمأ - واهللا أعلم -فيزعمون

ثم إنهم لما دخلوا الشأم دخلوها وليس معهم عهد من اهللا، آانت التوراة قد استبيت منهم فحرقت وهلكت، وآان عزير م، وإنما هو ببطون من السبايا الذين آانا ببابل فرجع إلى الشأم يبكي عليها ليله ونهاره، قد خرج من الناس فتوحد منه

يا : األودية وبالفلوات يبكي، فبينما هو آذلك في حزنه على التوراة وبكائه عليها، إذا أقبل إليه رجل وهو جالس، فقالأبكي على آتاب اهللا وعهده، آان بين أظهرنا فبلغت بنا خطايانا، وغضب ربنا علينا أن سلط : عزير ما يبكيك؟ قال

- وأخرب بالدنا، وأحرق آتاب اهللا الذي بين أظهرنا، الذي ال يصلح دنيانا وآخرتنا غيره علينا عدونا، فقتل رجالنا،نعم : وهل إلى ذلك من سبيل؟ قال: أفتحب أن يرد ذلك عليك؟ قال: قال! فعالم أبكي إذا لم أبك على هذا - أو آما قال

وتطهر وطهر ثيابه، ثم عمد إلى فرجع عزير فصام. أرجع فصم وتطهر وطهر ثيابك، ثم موعدك هذا المكان غدافسقاه من ذلك اإلناء، فمثلت -وآان ملكا بعثه اهللا إليه -فجلس فيه، فأتاه ذلك الرجل بإناء فيه ماء . المكان الذي وعده

التوراة في صدره، فرجع إلى بني إسرائيل، فوضع لهم التوراة يعرفونها بحاللها وحرامها وسننها وفرائضها حبا لم يحبوه شيئا قط، وقامت التوراة بين أظهرهم، وصلح بها أمرهم، وأقام بين أظهرهم عزير وحدودها، فأحبوه

هو ابن اهللا، وعاد اهللا عليهم فبعث : مؤديا لحق اهللا، ثم قبضه اهللا على ذلك، ثم حدثت فيهم األحداث حتى قالوا لعزير .امة التوراة وما فيهافيهم نبيا آما آان يصنع بهم، يسدد أمرهم، ويعلمهم ويأمرهم بإق

وقال جماعة آخر عن وهب بن منبه في أمر بختنصر وبني إسرائيل وغزوه إياهم أقواال غير ذلك، ترآنا ذآرها

.آراهة إطالة الكتاب بذآرها

ذآر خبر غزو بختنصر للعرب

ة واألنبار منزال آان بدء نزول العرب أرض العراق وثبوتهم فيها، واتخاذهم الحير: حدثت عن هشام بن محمد، قال

قال -أن اهللا عز وجل أوحى إلى برخيا بن أحنيا بن زر بابل بن شلتيل من ولد يهوذا -فيما ذآر لنا واهللا أعلم -أن ائت بختنصر وأمره أن يغزو العرب الذين ال أغالق لبيوتهم - وشلتيل أول من اتخذ الطفشيل : قال الشرقي: هشام

د، فيقتل مقاتلتهم ويستبيح أموالهم، وأعلمه آفرهم بي، واتخاذهم اآللهة دوني، وال أبواب، ويطأ بالدهم بالجنو

218

.وتكذيبهم أنبيائي ورسليوأخبره بما أوحي اهللا -وهو نبوخذ نصر فعربته العرب - فأقبل برخيا من نجران حتى قدم على بختنصر ببابل : قال

فوثب بختنصر من آان في بالده من تجار العرب، إليه وقص عليه ما أمره به وذلك في زمان معد بن عدنان قال .وآانوا يقدمون عليهم بالتجارات والبياعات، ويمتارون من عندهم الحب والتمر والثياب وغيرها

فجمع من ظفر به منهم، فبنى لهم حيرا على النجف وحصنه، ثم ضمهم فيه ووآل بهم حرسا وحفظة، ثم نادى في تشر الخبر فيمن يليهم من العرب، فخرجت إليه طوائف منهم مسالمين مستأمنين، الناس بالغزو، فتأهبوا لذلك وان

إن خروجهم إليك من بالدهم قبل نهوضك إليهم رجوعا منهم عما آانوا عليه، : فاستشار بختنصر فيهم برخيا، فقال .فأقبل منهم، فأحسن إليهم

وخلى عن أهل : قال. كرهم بعد، فسموه األنبارفأنزلهم بختنصر السواد على شاطئ الفرات، فابتنوا موضع عس: قال

وأما غير هشام .الحير، فاتخذوها منزال حياة بختنصر، فلما مات انضموا إلى أهل األنبار، وبقي ذلك الحير خرابافكان آخر من أهل العلم بأخبار الماضين فإنه ذآر أن معد بن عدنان لما ولد، ابتدأت بنو إسرائيل بأنبيائهم فقتلوهم،

من قتلوا يحيى بن زآريا، وعدا أهل الرس على نبيهم فقتلوه، وعدا أهل حضور على نبيهم فقتلوه، فلما أجترءوا على أنبياء اهللا أذن اهللا في فناء ذلك القرن الذين معد بن عدنان من أنبيائهم، فبعث اهللا بختنصر على بني إسرائيل، فلما

أو -ائن وانتسف بني إسرائيل نسفا، فأوردهم أرض بابل أرى فيما يرى النائم فرغ من إخراب المسجد األقصى والمدأن يدخل بالد العرب فال يستحي فيها إنسيا وال بهيمة، وأن ينتسف ذلك نسفا، حتى ال - أمر بعض األنبياء أن يأمره

استعرضوا آل ذي روح أتوا فنظم بختنصر ما بين إيلة واألبلة خيال ورجال، ثم دخلوا على العرب ف. يبقى لهم أثراوأن اهللا تعالى أوحى إلى إرميا وبرخيا أن اهللا قد أنذر قومكما، فلم ينتهوا، فعادوا بعد الملك عبيدا، . عليه وقدروا عليه

وبعد نعيم العيش عالة يسألون الناس، وقد تقدمت إلى أهل عربة بمثل ذلك فأبوا إال الحاجة، وقد سلطت بختنصر م به النبوة، وأرفع به م، فعليكما بمعد بن عدنان، الذي ولده محمد الذي أخرجه في آخر الزمان، أختعليهم ألنتقم منه

فخرجا تطوى لهما األرض حتى سبقا بختنصر، فلقيا عدنان قد تلقاهما، فطوياه إلى معد، ولمعد يومئذ .من الضعةحران من ساعتهما، وطويت األرض إلرميا اثنتا عشرة سنة، فحمله برخيا على البراق، وردف خلفه، فانتهيا إلى

فأصبح بحران، فالتقى عدنان وبختنصر بذات عرق، فهزم بختنصر عدنان، وسار في بالد العرب، حتى قدم إلى حضور واتبع عدنان، فانتهى بختنصر إليها، وقد اجتمع أآثر العرب من أقطار من عربة إلى حضور، فخندق

! بالثارات األنبياء: ثم نادى مناد من جو المساء -لك أول آمين آان فيما زعم وذ -الفريقان، وضرب بختنصر آمينا فأخذتهم السيوف من خلفهم ومن أيديهم، فندموا على ذنوبهم، فنادوا بالويل، ونهى عدنان عن بختنصر ونهى

ب وعليهم فرقة أخذت إلى يسو: بختنصر عن عدنان، وافترق من لم يشهد حضور، ومن أفلت قبل الهزيمة فرقتين، " وآم قصمنا من قرية آانت ظالمة : " وإياهم عنى اهللا بقوله: عك، وفرقة قصدت لوبار وفرقة حضر العرب، قال

فلما أحسوا " آافرة األهل، فإن العذاب لما نزل بالقرى وأحاط بهم في آخر وقعة ذهبوا ليهربوا فلم يطيقوا الهرب، ال ترآضوا . " يهربون، قد أخذتهم السيوف من بين أيديهم ومن خلفهم" إذ هم منها يرآضون" انتقمنا منهم " بأسنا

" لعلكم تسألون " مصيرآم " ومساآنكم " إلى العيشة على النعم المكفورة " وارجعوا إلى ما أترفتم فيه " ال تهربوا " لت تلك دعواهم حتى جعلناهم يا ويلنا إنا آنا ظالمين، فما زا: " فلما عرفوا أنه واقع بهم أقروا بالذنوب، فقالوا.

، موتى وقتلى بالسيف فرجع بختنصر إلى بابل بما جمع من سبايا عربة فألقاهم باألنبار، فقيل " حصيدا خامدين .أنبار العرب، وبذلك سميت األنبار، وخالطهم بعد ذلك النبط

تنصر خرج معد بن عدنان معه فلما رجع بختنصر مات عدنان وبقيت بالد العرب خرابا حياة بختنصر، فلما مات بخ

األنبياء، أنبياء بني إسرائيل صلوات اهللا عليهم حتى أتى مكة فأقام أعالمها، فحج وحج األنبياء معه، ثم خرج معد حتى أتى ريسوب فاستخرج أهلها، وسأل عمن بقي من ولد الحارث بن مضاض الجرهمي، وهو الذي قاتل دوس

بقي جوشم بن جلهمة، فتزوج معد ابنته معانة، فولدت له نزار بن : ، فقيل لهالعتق، فأفنى أآثرهم جرهم على يديه .معد

219

رجع الخبر إلى قصة بشتاسب

وذآر ملكه والحوادث التي آانت في أيام ملكه التي جرت على يديه ويد غيره من عماله في البالد خال ما جرى من ذلك على يد بختنصر

: لسالفة من العجم والعرب، أن بشتاسب بن آي لهراسب لما عقد له التاج، قال يوم ملكذآر العلماء بأخبار األمم اإنه ابتنى بفارس مدينة فسا، وببالد الهند وغيرها : وقيل. نحن صارفون فكرنا وعملنا وعلمنا إلى آل ما ينال به البر

ه مراتب، وملك آل واحد منهم ناحية بيوتا للنيران، ووآل بها الهرابذة، وإنه رتب سبعة نفر من عظماء أهل مملكتجعلها له، وإن زرادشت ابن أسفيمان ظهر بعد ثالثين سنة من ملكه فادعى النبوة، وأراده على قبول دينه، فامتنع من

ذلك ثم صدقه، وقبل ما دعاه إليه وأتاه به من آتاب ادعاه وحيا، فكتب في جلد اثنى عشرة ألف بقرة حفرا في هب، وصير بشتاسب ذلك في موضع من إصطخر، يقال له دزنبشت، وآل به الهرابذة، ومنع الجلود، ونقشا بالذ

وآان بشتاسب في أيامه تلك مهادنا لخرزاسف بن آي سواسف، أخي فراسياب ملك الترك على . تعليمه العامةواب التي ضرب من الصلح، وآان من شرط ذلك الصلح أن يكون لبشتاسب بباب خرزاسف دابة موقوفة بمنزلة الد

تنوب على أبواب الملوك، فأشار زرادشت على بشتاسب بمفاسدة ملك الترك، فقبل ذلك منه، وبعث إلى الدابة فأجمع على محاربة -وآان ساحرا عاتيا -والموآل بها، فصرفهما إليه، وأظهر الخبر لخرزاسف، فغضب من ذلك

دث حدثا عظيما، وأنكر قبوله ما قبل زرادشت، وأمره بشتاسب، وآتب إليه آتابا غليظا عنيفا، أعلمه فيه أنه أح .بتوجيهه إليه، وأقسم إن امتنع أن يغزوه حتى يسفك دمه، ودماء أهل بيته

فلما ورد الرسول بالكتاب على بشتاسب، جمع إليه أهل بيته وعظماء أهل مملكته، وفيهم جاماسف عالمهم وحاسبهم،

لترك آتابا غليظا جواب آتابه، آذنه فيه بالحرب، وأعلمه أنه غير فكتب بشتاسب إلى ملك ا. وزرين بن لهراسبفسار بعضهما إلى بعض، مع آل واحد منهما من المقاتلة ما ال يحصى آثرة، ومع بشتاسب . ممسك عنه إن أمسك

يومئذ زرين أخوه ونسطور ابن زرين وإسفنديار وبشوتن ابنا بشتاسب، وآل لهراسب جميعا، ومع خرزاسف واندرمان أخواه وأهل بيته، وبيدرفش الساحر، فقتل في تلك الحروب زرين، واشتد ذلك على بشتاسب، وجوهر مز

فأحسن الغناء عنه ابنه إسفنديار، وقتل بيدرفش مبارزة، فصارت الدبرة على الترك، فقتلوا قتال ذريعا، ومضى لى إسفنديار رجل يقال له قرزم، خرزاسف هاربا، ورجع بشتاسب إلى بلخ، فلما مضت لتلك الحروب سنون سعى ع

فأفسد قلب بشتاسب عليه، فند به لحرب بعد حرب، ثم أمر بتقييده وصيره في الحصن الذي فيه حبس النساء، وشخص بشتاسب إلى ناحية آرمان وسجستان، وصار منهاإلى جبل يقال له طميذر لدراسة دينه والنسك هناك،

له الكبر، وترك خزائنه وأمواله ونساءه مع خطوس امرأته، فحملت وخلف لهراسب أباه مدينة بلخ شيخا قد أبطالجواسيس الخبر إلى خزاسف، فلما عرف جمع جنودا ال يحصون آثرة، وشخص من بالده نحو بلخ، وقد أمل أن

وآان مرشحا للملك -فلما انتهى إلى تخوم ملك فارس قدم أمامه جوهر مز أخاه . يجد فرصة من بشتاسب ومملكتهوأمره أن يغذ السير حتى يتوسط المملكة ويوقع بأهلها، ويغير على القرى -في جماعة من المقاتلة آثيرة بعده

والمدن، ففعل ذلك جوهرمز، وسفك الدماء واستباح من الحرم ما ال يحصى، واتبعه خرزاسف فأحرق الدواوين، الكنوز، وسبى ابنتين لبشتاسب، يقال وقتل لهراسف والهرابذة، وهدم بيوت النيران، واستولى على األموال و

العلم األآبر الذي آانوا يسمونه درفش آابيان وشخص متبعا -فميا أخذ - خماني، ولألخرى باذافره، وأخذ : إلحداهمالبشتاسب، وهرب منه بشتاسب حتى تحصن في تلك الناحية مما يلي فارس في الجبل الذي يعرف بطميذر، ونزل

، فيقال إنه لما اشتد به األمر خروجه إلى إسفنديار جاماسب حتى استخرجه من محبسه، ببشتاسب ما ضاق به ذرعاثم صار به إليه، فلما أدخل عليه اعتذر إليه، ووعده عقد التاج على رأسه، وأن يفعل به مثل الذي فعل لهراسب به،

.وقلده القيام بأمر عسكره، ومحاربة خرزاسف

ه آفر له خاشعا، ثم نهض من عنده، فتولى عرض الجند وتمييزهم، وتقدم فيما احتاج إلى فلما سمع إسفنديار آالمالتقدم فيه، وبات ليلته مشغوال بتعبئته، فلما أصبح أمر بنفخ القرون، وجمع الجنود، ثم سار بهم نحو عسكر الترك،

ن، فالتحمت الحرب بينهم، فلما رأت الترك عسكره خرجوا في وجوههم بتسابقون، وفي القوم جوهرمز وأندرماوانقض إسفنديار وفي يده الرمح آالبرق الخاطف، حتى خالط القوم، وأآب عليهم بالطعن، فلم يكن إال هنيهة حتى ثلم

في العسكر ثلمة عظيمة، وفشا في الترك أن إسفندريار قد أطلق من الحبس، فانهزموا ال يلوون على شيء، األعظم، وحمله معه منشورا، فلما دخل على بشتاسب استبشر بظفره، وأمره وانصرف إسفنديار، وقد ارتجع العلم

220

باتباع القوم، وآان مما أوصاه به أن يقل خرزاسف إن قدر عليه بلهراسف، ويقتل جوهر مز وأندرمان بمن قتل من ووجه معه ما .ولده، ويهدم حصون الترك ويحرق مدنها، ويقتل أهلها بمن قتلوا من حملة الدين، ويستنقذ السبايا

.احتاج إليه من القواد والعظماء

من حراسة جنده، وقتل ما قتل من -فذآروا أن إسفنديار دخل بالد الترك من طريق لم يرمه أحد قبله، وأنه قام

وتفسيرها -بما لم يقم به أحد قبله، ودخل مدينة الترك التي يسمونها دزر وئين -السباع، ورمى العنقاء المذآورة عنوة حتى قتل الملك وإخوته ومقاتلته، واستباح أمواله وسبى نساءه، واستنقذ أختيه، وآتب - بية الصفرية بالعر

ويقال . بالفتح إلى أبيه، وآان أعظم الغناء في تلك المحاربة بعد إسفنديار لفشوتن أخيه وأدرنوش ومهرين ابن ابنتهآاسروذ، ومهرروذ، ونهرا آخر لهم عظيما، وإن إسفنديار إنهم لم يصلوا إلى المدينة حتى قطعوا أنهارا عظيمة مثل

دخل أيضا مدينة آانت لفراسياب، يقال لها وهشكند، ودوخ البالد وصار إلى آخر حدودها، وإلى أتبت وباب صول، ثم قطع البالد وصير آل ناحية منها إلى رجل من وجوه الترك بعد أن آمنهم، ووظف على آل واحد منهم خراجا

.لى بشتاسب في آل سنة، ثم انصرف إلى بلخيحمله إ

ثم إن بشتاسب حسد ابنه إسفنديار لما ظهر منه، فوجهه إلى رستم بسجستان، فحدثت عن هشام بن محمد الكلبي أنه

هذا : قد آان بشتاسب جعل الملك من بعده البنه إسفنديار، وأغزاه الترك، فظفر بهم، وانصرف إلى أبيه، فقال له: قالطا بالدنا، وليس يعطينا الطاعة الدعائه ما جعل له قابوس من العتق من رق الملك، فسر إليه فأتنى به، رستم متوس

.ومات بشتاسب، وآان ملكه مائة سنة واثنتى عشرة سنة. فسار إسفنديار إلى رستم فقاتله، فقتله رستمبشتاسب فصار إليه إلى بلخ، ودخل وذآر بعضهم أن رجال من بني إسرائيل، يقال له سمى آان نبيا، وأنه بعث إلى

مدينتها، فأجتمع هو وزرادشت صاحب المجوس، وجاماسب العالم بن فخد، وآان سمى يتكلم بالعبرانية ويعرف زرادشت ذلك بتلقين، ويكتب بالفارسية ما يقول سمى بالعبرانية، ويدخل جاماسب معهما في ذلك، وبهذا السبب سمى

.جاماسب العالم

جم أن جاماسب هو ابن فخد بن هو بن حكاو بن نذآاو بن فرس بن رج بن خوراسرو بن منوشهر وزغم بعض الع

الملك، وأن زرادشت بن يوسيسف ابن فردواسف بن اربحد بن منجدسف بن جخشنش بن فيافيل بن الحدي ابن .هردان بن سفمان بن ويدس بن أدرا بن رج بن خوراسرو بني منو شهر

راسب آانا على دين الصابئين، حتى أتاه سمى وزرادشت بما أيتاه به، وأنهما أتياه بذلك وقيل إن بشتاسب وأباه له .لثالثين سنة مضت من ملكه

آان ملك بشتاسب مائة وخمسين سنة، فكان ممن رتب بشتاسب من النفر السبعة المراتب الشريفة، : وقال هذا القائل

ن،وقارن الفلهوي ومسكنه ما نهاوند، وسورين الفلهوي وسماهم عظماء بهكا بهند ومسكنه دهستان من أرض جرجا .ومسكنه سجستان، وإسفنديار الفلهوي ومسكنه الرى

.آان ملك بشتاسب مائة وعشرين سنة: وقال آخرون

ذآر الخبر عن ملوك اليمن في أيام قابوس

وبعده إلى عهد بهمن بن إسفنديار

س آان في عهد سليمان بن داود عليهما السالم، ومضى قد مضى ذآرنا الخبر عمن زعم أن قابو: قال أبو جعفر

.ذآرنا من آان في عهد سليمان من ملوك اليمن والخبر عن بلقيس بنت إيليشرحفحدثت عن هشام بن محمد الكلبي أن الملك باليمن صار بعد بلقيس إلى ياسر بن عمرو بن يعفر الذي آان يقال له

.إلنعامه عليهم بما قوى من ملكهم،وجمع من أمرهموإنما سموه ياسر أنعم : قال. ياسر أنعم

221

فزعم أهل اليمن أنه سار غازيا نحو المغرب حتى بلغ واديا يقال له وادي الرمل، ولم يبلغه أحد قبله، فلما انتهى : قاليقال له - بيته إليه لم يجد وراءه مجازا لكثرة الرمل، فبينما هو مقيم عليه إذ انكشف الرمل، فأمر رجال من أهل

فلما رأى ذلك أمر بصنم نحاس فصنع، ثم نصب على صخرة . أن يعبر هو وأصحابه، فعبروا فلم يرجعوا - عمرو هذا الصنم لياسر أنعم الحميري،وليس وراءه مذهب، قال يتكلفن ذلك : " على شفير الوادي، وآتب في صدره بالمسند

" .أحد فيعطب

بان أسعد، وهو أبو آرب بن ملكي آرب تبع بن زيد بن عمرو بن تبع، وهو ذو ثم ملك من بعده تبع، وهو ت: قال

.وآان يقال له الرائد: قال. األذعار بن أبرهة تبع ذي المنار ابن الرائش بن قيس بن صيفي بن سبأفكان تبع هذا في أيام بشتاسب وأردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب، وأنه شخص متوجها من اليمن في : قال

الطريق الذي سلكه الرائش، حتى خرج على جبلي طيء، ثم سار يريد األنبار فلما انتهى إلى الحيرة وذلك ليال بخير فأقام مكانه وسمى ذلك الموضع الحيرة ثم سار وخلف به قوما من األزد ولخم وجذام وعاملة وقضاعة، فبنوا وأقاموا

ثم توجه إلى األنبار ثم إلى . ون وبلحارث بن آعب وإيادبه، ثم انتقل إليهم بعد ذلك ناس من طيئ وآلب والسكفأقام بها . الموصل، ثم إلى أذربيجان، فلقى الترك بها فهزمهم، فقتل المقاتلة، وسبى الذرية، ثم أنكفأ راجعا إلى اليمن

والمسك فقدم عليه رسول ملك الهند بالهدايا والتحف، من الحرير . دهرا، وهابته الملكوك وعظمته وأهدت إليهأقل ما ! أبيت اللعن: فقال! أآل ما أرى في بالدآم! والعود وسائر طرف بالد الهند، فرأى ما لم ير مثله، فقال ويحك

ترى في بالدنا، وأآثره في بالد الصين، ووصف له بالد الصين وسعتها وخصبها وآثرة طرفها فآلى بيمين اب القالنس السود، ووجه رجال من أصحابه، يقال له ثابت فسار بحمير مساحال، حتى أتى الزآائك وأصح. ليغزونها

: قال. نحو الصين، في جمع عظيم فأصيب، فسار تبع حتى دخل الصين، فقتل مقاتلها، واآتسح ما وجد فيهاويزعمون أن مسيره آان إليها ومقامه بها ورجعته منها في سبع سنين، وأنه خلف بالتبت اثنى عشر ألف فارس من

.هل التبت، وهم اليوم يزعمون أنهم عرب، وخلقهم وألوانهم خلق العرب وألوانهاحمير، فهم أقرأت على عبد اهللا، عن إسحاق بن : حدثني سليمان، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عبد اهللا بن أحمد المروزي، قال

منزال من منازله، أن تبعا خرج في العرب يسير، حتى تحيروا بظاهر الكوفة، وآان : يحيى، عن موسى بن طلحةفبقى فيها من ضعفة الناس فسميت الحيرة لتحيرهم وخرج تبع سائرا فرجع إليهم وقد بنوا وأقاموا، وأقبل تبع إلى

.اليمن وأقاموا هم، ففيهم من قبائل العرب آلها من بني لحيان، وهذيل وتميم، وجعفى وطيء، وآلب

ذآر خبر أردشير بهمن وابنته خمانى

نحن محافظون على : اسب ابن ابنه أردشير بهمن، فذآر أنه قال يوم ملك وعقد التاج على رأسهثم ملك بعد بشت

لتناوله آل ما مد إليه - فيما قيل - الوفاء، ودائنون رعيتنا بالخير، فكان يدعى أردشير الطويل الباع، وإنما لقب بذلك تنى بالسواد مدينة، وسماها آباد أردشير هي القرية يده من الممالك التي حوله، حتى ملك األقاليم آلها، وقيل إنه اب

المعروفة بهمينا في الزاب األعلى، وابتنى بكور دجلة مدينة وسماهن بهمن أردشير، وهي األبلة، وسار إلى سجستان ة طلبا بثأر أبيه، فقتل رستم وأباه دستان وأخاه إزواره وابنه فرمرز، واجتبى الناس ألرزاق الجند ونفقات الهرابذ

وبيوت النيران وغير ذلك أمواال عظيمة، وهو أبو دارا األآبر، وأبو ساسان أبي ملوك الفرس األخر أردشير بن .بابك وولده، وأم دارا خماني بنت بهمن

-فيما ذآروا - ملك بعد بشتاسب أردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب، وآان : فحدثت عن هشام بن محمد قال

ويقال أنه غزا : قال. عبد اهللا وخادم ا هللا، السائس ألمرآم: وآانت آتبه تخرج من أردشيرمتواضعا مرضيا فيهم، .الرومية الداخلة في ألف ألف مقاتل

هلك بهمن ودارا في بطن أمه، فملكوا خماني شكرا ألبيها بهمن، ولم تزل ملوك األرض تحمل إلى : وقال غير هشامشأنا، وأفضلهم تدبيرا، وله آتب ورسائل تفوق - فيما قالوا - أعظم ملوك الفرس بهمن اإلتاوة والصلح، وآان من

آتب أردشير وعهده، وآانت أم بهمن أستوريا، وهي أستار بنت يائير بن شمعى بن قيس بن ميشا بن طالوت الملك

222

اهيم خليل الرحمن بن قيس ابن أبل بن صارور بن بحرث بن أفيح بن إيشي بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبروآان بهمن ملك . وآانت أم ولده راحب بنت فنحس من ولد رحبعم بن سليمان بن داود عليه السالم. عليه السالم

أخاها زر بابل بن شلتايل على بني إسرائيل، وصير له رياسة الجالوت، ورده إلى الشام بمسألة راحب أخته إياه خمانى التي ملكت بعده، وفرنك وبهمن : ابناه دارا األآبر وساسان، وبناته: ذلك، فتوفى بهمن يوم توفى وله من الولد

.دخت، وتفسير بهمن بالعربية الحسن النية، وآان ملكه مائة واثنتى عشرة سنة

.آان ملكه ثمانين سنة: فأما ابن الكلبي هشام فإنه قال

انه ولكمال عقلها وبهائها وفروسيتها ثم ملكت خماني بنت بهمن، وآانوا ملكوها حبا ألبيها بهمن، وشكرا إلحس

إنما ملكت خمانى بعد أبيها بهمن : وقال بعضهم. فكانت تلقب بشهرازاد - فيما ذآره بعض أهل األخبار - ونجدتها أنها حين حملت منه دارا األآبر سألته أن يعقد التاج له في بطنها ويؤثره بالملك، ففعل ذلك بهمن بدارا، وعقد عليه

فلما رأى ساسان ما فعل . في بطنها، وساسان ابن بهمن في ذلك الوقت رجل يتصنع للملك ال يشك فيهالتاج حمال أبوه في ذلك لحق بإصطخر، فتزهد وخرج من الحلية األولى وتعبد فلحق برؤوس الجبال يتعبد فيها، واتخذ عنيمة،

صار ساسان راعيا، فكان ذلك سبب : قالوافكان يتولى ما شيته بنفسه، واستشنعت العامة ذلك من فعله، وفظعت به، ونسبة الناس إياه إلى الرعي، وأم ساسان انبة شالتيال ابن يوحنا بن أوشيا بن أمون بن منشى بن حازقيا بن أحاذ بن

.يوثام بن عوزيا ابن يورام بن يوشافط بن أبيا بن رحبعم بن سليمان بن داود

وأنها ولدته بعد أشهر من ملكها وأنفت من إظهار ذلك، فجعلته في إن بهمن هلك وابنه دارا في بطن خمانى،: وقيل

بل نهر بلخ، وإن التابوت : وقال بعضهم. تابوت، وصيرت معه جوهرا نفيسا وأجرته في نهر الكبر من إصطخرصار إلى رجل طحان من أهل إصطخر، آان له ولد صغير فهلك، فلما وجده الرجل أتى به امرأته، فسرت به

نفاسة ما وجد معه، فحضنوه، ثم أظهر أمره حين شب، وأقرت خمانى بإساءتها إليه وتعريضها إياه للتلف، لجماله وفلما تكامل امتحن فوجد على غاية ما يكون عليه أبناء الملوك، فحولت التاج عن رأسها إليه، وتقلد أمر المملكة،

جيشا بعد جيش، وآانت قد أوتيت ظفرا، وتنقلت خمانى وصارت إلى فارس وبنت مدينة إصطخر، وأغزت الروم وآانت خماني حين . فقمعت األعداء، وشغلتهم عن تطرف شيء من بالدها،ونال رعيتها في ملكها رفاهة وخفضا

أغزت أرض الروم سبى لها منها بشر آثير، وحملوا إلى بالدها، فأمرت من فيهم من بنائي الروم، فبنوا لها في آل والثاني على . بنيانا على بناء الروم منيفا معجبا، أحد ذلك البنيان في مدينة إصطخر موضع من حيز مدينة إصطخر

والثالث على أربعة فراسخ منها في المدرجة . المدرجة التي تسلك فيها إلى دارا بجرد، على فرسخ من هذه المدينةوتيت الظفر والنصر، وخففت وإنها أجهدت نفسها في طلب مرضاة اهللا عز وجل، فأ. التي تسلك فيها إلى خراسان

.وآان ملكها ثالثين سنة .عن رعيتها في الخراج

:ثم نرجع اآلن إلى ذآر خبر بني إسرائيل

ومقابلة تأريخ مدة أيامهم إلى حين تصرمها بتأريخ مدة من آان في أيامهم من ملوك الفرس

ني إسرائيل الذين آان بختنصر قد ذآرنا فيما مضى قبل سبب انصراف من انصرف إلى بيت المقدس من سبايا ب

سباهم وحملهم معه إلى أرض بابل، وأن ذلك آان في أيام آيرش بن أخشويرش وملكه ببابل من قبل بهمن بن إسفنديار في حياته وأربع سنين بعد وفاته في ملك ابنته خمانى، وأن خمانى عاشت بعد هالك آيرش بن أخشويرش

-وآانت مدة خراب بيت المقدس من لدن خربه بختنصر إلى إن عمر . ن سنةستا وعشرين سنة في ملكها، تمام ثالثيسبعين سنة، آل ذلك في أيام بهمن بن إسفنديار بن لهراسب بعضه -فيما ذآره أهل الكتب القديمة والعلماء باإلخبار

.وبعضه في أيام خمانى، على ما قد بين في هذا الكتاب

223

آي أرش إنما هو عم لجد بشتاسب، : بشتاسب، وأنكر ذلك من قبله بعضهم وقالوقد زعم بعضهم أن آيرش هو هو آي إرش أخو آيقاوس ابن آيبيه بن آيقباذ األآبر، وبشتاسب الملك هو ابن آيلهراسب بن آيوجي ابن : وقال

وزستان وما ولم يملك آي أرش قط، وإنما آان مملكا على خ: قال. آيمنوش بن آيقاوس بن آيبيه بن آيفباذ األآبريتصل بها من أرض بابل من قبل آيقاوس، ومن قبل آيخسرو بن سياوخش بن آيقاوس، ومن قبل لهراسف من

- وآان طويل العمر، عظيم الشأن، ولما عمر بيت المقدس ورجع إليه أهله من بني إسرائيل آان فيهم عزير . بعدهعليهم بعد ذلك من قبل الفرس، إما رجل منهم وإما وآان الملك - وقد وصفت ما آان من أمره وأمر بني إسرائيل

رجل من بني إسرائيل، إلى أن صار الملك بناحيتهم لليونانية والروم بسبب غلبة اإلسكندر على تلك الناحية حين قتل .ثمانيا وثمانين سنة - فيما قيل - وآانت جملة مدة ذلك . دارا بن دارا

:ونذآر اآلن

األصغر خبر دارا األآبر وابنه دارا

وملك دارا بن بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب، وآان ينبه ابن دارا األآبر وآيف آان هالآه مع خبر ذي القرنين

فذآروا أنه نزل بابل، وآان ضابطا لملكه، قاهرا لمن حوله من الملوك، يؤدون - يعني به آريم الطبع -بجهرازاد ا بجرد، وحذف دواب البرد ورتبها، وآان معجبا بانبه دارا، وأنه إليه الخراج، وأنه ابتنى بفارس مدينة سماها دار

من حبه إياه سماه باسم نفسه، وصير له الملك من بعده، وأنه آان له وزير يسمى رستين محمودا في عقله، وأنه إن : شجر بينه وبين غالم تربى مع دارا األصغر، يقال له برى شر وعداوة، فسعى رستين عليه عند الملك، فقيل

الملك سقى برى شربة مات منها، واضطغن دارا على رستين الوزير وجماعة من القواد، آانوا عاونوه على برى ما .آان منهم، وآان ملك دارا اثنتى عشرة سنة

ثم ملك من بعده انبه دارا بن دارا بن بهمن، وآانت أمه ما هيا هند بنت هزار مرد بن بهرادمه، فلما عقد التاج على

وقيل إنه بنى بأرض الجزيرة مدينة دارا، . لن ندفع أحدا في مهوى الهلكة، ومن تردى فيها لم نكففه عنها: الرأسه قواستكتب أخا برى واستوزره ألنسه آان به وبأخيه، فأفسد قلبه على أصحابه، وحمله على قتل بعضهم، فاستوحشت

.قودا جبارالذلك منه الخاصة والعامة، ونفروا عنه، وآان شابا غرا حميا ح

ملك من بعد دارا بن أردشير دارا ابن دارا أربع عشرة سنة، فأساء السيرة في : وحدثت عن هشام بن محمد قال

رعيته، وقتل رؤساءهم، وغزاه اإلسكندر على تئفة ذلك، وقد مله أهل مملكته وسئموه، وأحبوا الراحة منه، فلحق فالتقيا ببالد الجزيرة، فاقتتال سنة، ثم . ى عورة دارا، وقروه عليهآثير من وجوههم وأعالمهم باإلسكندر، فأطلعوه عل

هذا جزاء من اجترأ : إن رجاال من أصحاب دارا وثبوا به فقتلوه، وتقربوا برأسه إلى اإلسكندر، فأمر بقتلهم، وقالدرية، فهلك وتزوج ابنته روشنك بنت دارا، وغزا الهند ومشارق األرض، ثم انصرف وهو يريد اإلسكن. على ملكه

بناحية السواد، فحمل إلى اإلسكندرية في تابوت من ذهب، وآان ملكه أربع عشرة سنة، واجتمع ملك الروم، وآان .قبل اإلسكندر متفرقا، وتفرق ملك فارس وآان قبل اإلسكندر مجتمعا

ماها دارنوا، وهي التي وذآر غير هشام أن دارا بن دارا لما ملك أمر فبنيت له بأرض الجزيرة مدينة واسعة وس: قال

تسمى اليوم دارا، وأنه عمرها وشحنها من آل ما يحتاج إليه فيها، وأن فيلفوس أبا اإلسكندر اليوناني من أهل بلدة من بالد اليونانيين تدعى مقدونية، آان ملكا عليها وعلى بالد أخرى احتازها إليها، آان صالح دارا على خراج

يلفوس هلك، فملك بعده ابنه اإلسكندر، فلم يحمل إلى دارا ما آان يحمله إليه أبوه من يحمله إليه في آل سنة، وأن فالخراج، فأسخط ذلك عليه دارا، وآتب إليه يؤنبه بسوء صنيعه في ترآه حمل ما آان أبوه يحمل إليه من الخراج

إليه بصولجان وآرة وقفيز من وغيره، وأنه دعاه إلى حبس ما آان أبوه يحمل إليه من الخراج الصبا والجهل، وبعث سمسم، وأعلمه فيما آتب إليه أنه صبى، وأنه إنما ينبغي له أن يلعب بالصولجان والكرة اللذين بعث بهما إليه، وال

224

يتقلد الملك، وال يتلبس به، وأنه إن لم يقتصر على ما أمره به من ذلك، وتعاطى الملك واستعصى عليه، بعث إليه من .وأن عدة جنوده آعدة حب السمسم الذي بعث به إليه يأتيه به في وثاق،

فكتب إليه اإلسكندر في جواب آتابه ذلك، أن قد فهم ما آتب، وأن قد نظر إلى ما ذآر في آتابه إليه من إرساله نه محتاز الصولجان والكرة، وتيمن به إللقاء الملقى الكرة إلى الصولجان، واحترازه إياه، وشبه األرض بالكرة، وأ

ملك دارا إلى ملكه، وبالده إلى حيزه من األرض، وأن نظره إلى السمسم الذي بعث به إليه آنظرة إلى الصولجان وبعث إلى دارا مع آتابه بصرة من خردل، وأعلمه في ذلك الجواب أن . والكرة لدسمه وبعده من المرارة والحرافة

به في الحرافة والمرارة والقوة، وأن جنوده في آل ما وصف به ما بعث به إليه قليل، غير أن ذلك مثل الذي بعث .منه

ندر وسار نحو هب اإلسكفلما وصل إلى دارا جواب آتاب اإلسكندر، جمع إليه جنده، وتأهب لمحاربة اإلسكندر، وتأ

دارا، فلما رأى وبلغ ذلك دارا، فزحف إليه فالتقى الفئتان، واقتتال أشد القتال، وصارت الدبرة على جند .بالد داراذلك رجالن من حرس دارا، يقال إنهما آانا من أهل همذان، طعنا دارا من خلفه فأردياه من مرآبه، وأرادا بطعنهما

إياه الحظوة عند اإلسكندر، والوسيلة إليه، ونادى اإلسكندر أن يؤسر دارا أسرا وال يقتل، فأخبر بشأن دارا، فسار د بنفسه، فنزل اإلسكندر عن دابته حتى جلس عند رأسه، وأخبره أنه لم يهم قط اإلسكندر حتى وقف عنده، فرآه يجو

: لي إليك حاجتان: سلني ما بدا لك فأسعفك فيه، فقال له دارا: بقتله، وأن الذي أصابه لم يكن عن رأيه، وقال لهفأجابه . وج ابنتي روشنكواألخرى أن تتز - وسماهما وبالدهما -إحداهما أن تنتقم لي من الرجلين اللذين فتكا بي

إلى الحاجتين، وأمر بصلب الرجلين اللذين أنتهكا من دارا ما انتهكا، وتزوج روشنك وتوسط بالد دارا، وآان ملكه .له

وزعم بعض أهل العلم بأخبار األولين أن اإلسكندر هذا الذي حارب دارا األصغر، هو أخو دارا األصغر الذي

آان تزوج أم اإلسكندر، وأنها ابنة ملك الروم واسمها هالي، وأنها حملت إلى زوجها حاربه، وأن أباه دارا األآبر دارا األآبر، فلما وجد نتن ريحا وعرقها وسهكها، أمر أن يحتال لذلك منها، فاجتمع رأي أهل المعرفة في مداواتها

يرا من ذلك النتن، ولم يذهب على شجرة يقال لها بالفارسية سندر فطبخت لها فغسلت بها وبمائها، فأذهب ذلك آثآله، وانتها نفسه عنها لبقية ما بها، وعافها وردها إلى أهلها، وقد علقت منه فولدت غالما في أهلها، فسمته باسمها

.هالى سندروس، فهذا أصل اإلسكندروس: واسم الشجرة التي غسلت بها، حتى أذهبت عنها نتنها

ابنه دارا األصغر، وآانت ملوك الروم تؤدى الخراج إلى دارا األآبر في وهلك دارا األآبر، وصار الملك إلى : قال

: آل سنة، فهلك أبو هالي ملك الروم جد اإلسكندر ألمه، فلما صار الملك البن ابنته بعث دارا األصغر إليه للعادة. ال نابذناك المحاربةإنك أبطأت علينا بالخراج الذي آنت تؤديه ويؤديه من آان قبلك، فابعث إلينا بخراج بالدك وإ

أني قد ذحبت الدجاجة، وأآلت لحمها، ولم يبقى لها بقية، وقد بقيت األطراف، فإن أحببت : فرجع إليه جوابهفعند ذلك نافره دارا وناجزه القتال، وجعل اإلسكندروس لحاجبي دارا حكمها على . وادعناك، وإن أحببت ناجزناك

نفسهما، فلما التقوا للحرب، طعن حاجبا دارا دارا في الوقعة، فلحقه اإلسكندر الفتك به، فاحتكما شيئا، ولم يشترطا أإنما قتلك حاجباك، : صريعا، فنزل إليه وهو بآخر رمق، فمسح التراب عن وجهه ووضع رأسه في حجره، ثم قال له

. أحببتولقد آنت أرغب بك يا شريف األشراف وحر األحرار وملك الملوك، عن هذا المصرع، فأوصني بما فقبل وصيته . فأوصاه دارا أن يتزوح ابنته روشنك، ويتخذها لنفسه ويستبقي أحرار فارس، وال يولى عليهم غيرهم

قد وفيت لكما آما : وعمل بأمره، وجاء اللذان قتال دارا إلى اإلسكندر فدفع إليهما حكمهما، ووفى لهما ثم قال لهما. قاتلكما، فإنه ليس ينبغي لقتله الملوك أن يستبقوا إال بذمة ال تخفر اشترطتما ولم تكونا اشترطتما أنفسكما، فأنا

.فقتلهما

225

وذآر بعضهم أن ملك الروم في أيام دارا األآبر آان يؤدي إلى دارا اإلتاوة فهلك، وملك الروم اإلسكندر، وآان ذلك من نفسه القوة فنشز على دارا رجال ذا حزم وقوة ومكر، فيقال إنه غزا بعض ملوك المغرب فظفر به، وآنس ل

األصغر، وامتنع من حمل ما آان أبوه يحمله من الخراج، فحمى دارا لذلك، وآتب إليه آتبا عنيفة، ففسد ما بينهما واختلفت بينهما الكبت والرسائل، ووجل اإلسكندر من . وسار آل واحد منهما إلى صاحبه وقد احتشدا والتقيا في الحد

وقد اختلفوا . عاه إلى الموادعة فاستشار دارا أصحابه في أمره، فزينوا له الحرب لفساد قلوبهم عليهمحاربة دارا، ودفي الحد وموضع التقائهما، فذآر بعضهم أن التقاءهما آان بناحية خراسان مما يلي الخزر، فاقتتلوا قتاال شديدا حتى

قال له بو آفراسب، ويقال إن رجال من أهل خلص إليهما السالح، وآان تحت اإلسكندر يومئذ فرس له عجيب يفارس حمل ذلك اليوم حتى تخرق الصفوف، وضرب اإلسكندر ضربة بالسيف خيف عليه منها، وأنه تعجب من

هذا من فرسان فارس الذين آانت توصف شدتهم، وتحرآت على دارا ضغائن أصحابه، وآان في حرسه : فعله وقال .ندر والتمسا الحيلة لدارا حتى طعناه، فكانت منيته من طعنهما إياه، ثم هربارجالن من أهل همذان، فراسال اإلسك

فقيل إنه لما وقعت الصيحة، وانتهى الخبر إلى اإلسكندر رآب في أصحابه، فلما انتهى إلى دارا وجده يجود بنفسه، بين أعدائك وحيدا، أتيت من مأمنك، وغد ربك ثقاتك،وصرت : فكلمه ووضع رأسه في حجره، وبكى عليه، وقال له

فيما زعم هذا - يعني القرابة بين سلم وهيرج ابني أفريذون - فسلني حوائجك فإني على المحافظة على القرابة بيننا وأظهر الجزع لما أصابه، وحمد ربه حين لم يبتله بأمره، فسأله دارا أن يتزوج ابنته روشنك ويرعى لها - القائل

.ثأره، فأجابه اإلسكندر إلى ذلكحقها، ويعظم قدرها، وأن يطلب ب

هذا جزاء : ثم أتاه الرجالن اللذان وثبا على دارا يطلبان الجزاء، فأمر يضرب رقابهما وصلبهما، وأن ينادى عليهما

إن اإلسكندر حمل آتبا وعلوما آانت ألهل فارس من علوم ونجوم : ويقال .ن اجترأ على ملكه، وغش أهل بلدهم .إلى السريانية ثم إلى الروميةوحكمة، بعد أن نقل ذلك

وله من البنات روشنك، وآان . أشك بن دارا وبنو دارا وأردشير: وزعم بعضهم أن دارا قتل وله من الولد الذآور

.ملك دارا أربع عشرة سنة

وذآر بعضهم أن األتاوة التي آان أبو اإلسكندر يؤديها إلى ملوك الفرس آانت بيضا من ذهب، فلما ملك اإلسكندر

إني قد ذبحت تلك الدجاجة التي آانت تبيض ذلك البيض، وأآلت : بعث إليه دارا يطلب ذلك الخراج، فبعث إليههو أخو دارا بن دارا من أبيه : وقد ذآرت قول من يقول. ثم ملك اإلسكندر بعد دارا بن دارا. لحمها فأذن بالحرب

.دارا األآبر

هو ابن بيلبوس بن : هو اإلسكندر بن فيلفوس، وبعضهم يقول: لونوأما الروم وآثير من أهل األنساب فإنهم يقو

ابن مصريم ابن هرمس بن هردس بن ميطون بن رومى بن ليطى بن يونان بن يافث بن ثوبة بن : مطريوس، ويقالسرحون بن رومية بن زنط بن توقيل بن رومي بن األصفر بن اليفز ابن العيص بن إسحاق بن إبراهيم خليل

فجمع بعد مهلك دارا ملك دارا إلى ملكه، فملك العراق والروم والشأم ومصر، وعرض جنده . ه السالمالرحمن علي بعد هالك د

.ألف ألف وأربعمائة رجل، منهم من جنده ثمانمائة ألف ومن جند دارا ستمائة ألف -فيما قيل - ارا فوجدهم زقنا خالف ما آان يتوعدنا به، وأنه هدم ما آان في قد أدالنا اهللا من دارا، ور: وذآر أنه قال يوم جلس على سريره

بالد الفرس من المدن والحصون وبيوت النيران، وقتل الهرابذة، وأحرق آتبهم ودواوين دارا، واستعمل على مملكة دارا رجاال من أصحابه، وسار قدما إلى أرض الهند، فقتل ملكها وفتح مدينتهم، ثم سار منها إلى الصين، فصنع بها

نيعه بأرض الهند، ودانت له عامة األرضين، وملك التبت والصين، ودخل الظلمات مما يلي القطب الشمالي آصوالشمس جنوبية في أربعمائة رجل يطلب عين الخلد، فسار فيها ثمانية عشر يوما، ثم خرج ورجع إلى العراق،

.وملك ملوك الطوائف، ومات في طريقه بشهر زور

226

.سنة في قول بعضهم، وحمل إلى أمه باإلسكندريةوآان عمره ستا وثالثين

وأما الفرس فإنها تزعم أن ملك اإلسكندر آان أربع عشرة سنة، والنصارى تزعم أن ذلك آان ثالث عشرة سنة

.وأشهرا، ويزعمون أن قتل دارا آان في أول السنة الثالثة من ملكه

ة، وسماها آلها إسكندرية، منها مدينة بأصبهان، يقال جى، بنيت على وقيل إنه أمر ببناء مدن فبنيت اثنتا عشرة مدينمثال الحية، وثالث مدائن بخراسان، منهن مدينة هراة ومدينة مرو ومدينة سمرقند، وبأرض بابل مدينة أروشنك

.بنت دارا، وبأرض اليونانية في بالد هيالقوس مدينة للفرس، ومدنا أخر غيرهاالملك من بعده على ابنه اإلسكندروس، فأبى واختار النسك والعبادة، فملكت اليونانية ولما مات اإلسكندر عرض

بطلميوس بن لوغوس، وآان ملكه ثمانيا وثالثين سنة، فكانت المملكة أيام اليونانية بعد اإلسكندر - فيما قيل -عليهم سرائيل ببيت المقدس ونواحيها الديانة وحياة اإلسكندر إلى أن تحول الملك إلى الروم المصاص لليونانية، ولبني إ

والرياسة على غير وجه الملك إلى أن خربت بالدهم الفرس والروم، وطردوهم عنها بعد قتل يحيى بن زآرياء عليه .السالم

.ثم آان الملك ببالد الشأم ومصر ونواحي المغرب بعد بطلميوس بن لوغوس لبطلميوس دينايوس أربعين سنة

.وس أورغاطس أربعا وعشرين سنةثم من بعده لبطليم .ثم من بعده لبطلميوس فيالفطر إحدى وعشرين سنة .ثم من بعده لبطلميوس أفيفانس أثنتين وعشرين سنة

.ثم من بعده لبطلميوس أورغاطس تسعا وعشرين سنة .ثم من بعده لبطلميوس ساطر سبع عشرة سنة

.ثم من بعده لبطلميوس األحسندر إحدى عشرة سنة .عده لبطلميوس الذي احتفى عن ملكه ثماني سنينثم من ب

.ثم من بعده لبطلميوس دونسيوس ست عشرة سنة .ثم من بعده لبطلميوس قالو بطري سبع عشرة سنة

فكل هؤالء آانوا يونانيين، فكل ملك منهم بعد اإلسكندر آان يدعى بطلميوس، آما آانت ملوك الفرس يدعون

.قانيونأآاسرة، وهو الذين يقال لهم المف

.المصاص، فكان أول من ملك منهم جايوس يوليوس خمس سنين -فيما ذآر الروم - ثم ملك الشام بعد قالوبطرى

فلما مضى من ملكه اثنتان وأربعون سنة ولد عيسى بن مريم عليه . ثم ملك الشام بعده أغوسطوس ستا وخمسين سنة .سنين السالم، وبين مولده وقيام اإلسكندر ثلثمائة سنة وثالث

ذآر أخبار ملوك الفرس بعد اإلسكندر

وهم ملوك الطوائف .ونرجع اآلن إلى ذآر خبر الفرس بعد مهلك اإلسكندر لسياق التأريخ على ملكهم

فاختلف أهل العلم بأخبار الماضين في الملك الذي آان بسواد العراق بعد اإلسكندر، وفي عدد ملوك الطوائف الذين

.بعد ه إلى أن قام بالملك أردشير بابكان آانوا ملكوا إقليم بابل

227

وهو الذي بنى : قال. ملك بعد اإلسكندر يالقس سلقيس، ثم أنطيحس: فيما حدثت عنه - فأما هشام بن محمد فإنه قال

وآانوا يتطرقون الجبال وناحية األهواز : وآان في أيدي هؤالء الملوك سواد الكوفة، قال: قال. مدينة أنطاآيةرج رجل يقال له أشك، وهو ابن دارا األآبر، وآان مولده ومنشؤه بالري، فجمع جمعا آثيرا وسار وفارس، حتى خ

يريد أطيحس فزحف إليه أنطيحس فالتقيا ببالد الموصل فقتل أنطيحس، وغلب أشك على السواد فصار في يده من من فعله، وعرفوا له فضله، الموصل إلى الري وأصبهان وعظمه سائر ملوك الطوائف لنسبه، وشرفه فيهم ما آان

.وبدءوا به في آتبهم، وآتب إليهم فبدأ بنفسه، وسموه ملكا، وأهدوا إليه من غير أن يعزل أحدا منهم أو يستعمله

- وهو الذي غزا بني إسرائيل المرة الثانية، وآان سبب تسليط اهللا إياه عليهم : قال. ثم ملك بعده جوذرز بن أشكانقتلهم يحيى بن زآرياء، فأآثر القتل فيهم، فلم تعد لهم جماعة آجماعتهم األولى، ورفع اهللا عنهم -هل العلم فيما ذآر أ

وقد آانت الروم غزت بالد فارس، يقودها ملكها األعظم يلتمس أن يدرك بثأرها في : قال. النبوة وأنزل بهم الذلبو أردوان، الذي قتله أردشير ابن بابك، فكتب بالش فارس لقتل أشك ملك بابل أنطيحس، وملك بابل يومئذ بالش أ

إلى ملوك الطوائف يعلمهم ما اجتمعت عليه الروم من غزو بالدهم، وأنه قد بلغه من حشدهم وجمعهم ماال آفاء له عنده، وأنه إن ضعف عنه ظفروا بهم جميعا، فوجه آل ملك من ملوك الطوائف إلى بالش من الرجال والسالح

وآان ملكا من ملوك -قوته، حتى اجتمع عنده أربعمائة ألف رجل، فولى عليهم صاحب الحضر والمال بقدر فسار بهم حتى لقى ملك الروم فقتله واستباح عسكره، وذلك هيج - الطوائف يلى ما بين انقطاع السواد إلى الجزيرة

اءها الملك قسطنطين، وهو أول ملوك فكان الذي ولى إنش. الروم على بناء القسطنطينية ونقل الملك من رومية إليهاعيسى بن مريم، فأخذ - بزعمه - الروم تنصر، وهوأجلى من بقى من بني إسرائيل عن فلسطين واألردن لقتلهم

.الخشبة التي وجدهم يزعمون أنهم صلبوا المسيح عليها، فعظمها الروم، فأدخلوها خزائنهم، فهي عندهم، إلى اليوم .فذآر هشام ما ذآرت عنه، ولم يبين مدة ملك القوم. تفرقا حتى ملك أردشيرولم يزل ملك فارس م: قال

ملك بعد اإلسكندر ملك دارا أناس من غير ملوك الفرس، غير أنهم آانوا : وقال غيره من أهل العلم بأخبار فارس .يخضعون لكل من يملك بالد الجبل ويمنحونه الطاعة

.فكان ملكهم مائتي سنة وستا وستين سنة: قال. لوك الطوائفوهم الملوك األشغانون الذين يدعون م: قال

.فملك من هذه السنين أشك بن أشجان عشر سنين. ثم ملك بعده سابور بن أشغان ستين سنة، وفي سنة إحدى وأربعين من ملكه ظهر عيسى بن مريم بأرض فلسطين

بن مريم بنحو من أربعين سنة، فقتل وإن ططوس بن أسفسيانوس ملك رومية غزا بيت المقدس بعد ارتفاع عيسى .من في مدينة بيت المقدس، وسبى ذراريهم، وأمرهم فنسفت مدينة بيت المقدس، حتى لم يترك بها حجرا على حجر

.ثم ملك جوذرز بن أشغانان األآبر، عشر سنين .ثم ملك بيزن األشغاني، إحدى وعشرين سنة

.نرسى األشغاني، أربعين سنةثم ملك جوذرز األشغاني، تسع عشر سنةز ثم ملك .ثم ملك هرمز األشغاني، سبع عشرة سنة

.ثم ملك أردوان األشغاني، اثنتى عشرة سنة .ثم ملك آسرى األشغاني، أربعين سنة

.ثم ملك بالش األشغاني، أربعا وعشرين سنة .ثم ملك أردوان األصغر األشغاني، ثالث عشرة سنة

.ثم ملك أردشير بن بابكملك بالد الفرس بعد اإلسكندر ملوك الطوائف الذين فرق اإلسكندر المملكة بينهم، وتفرد بكل ناحية : وقال بعضهم

وآان . من ملك عليها من حين ملكه، ما خال السواد، فإنها آانت أربعا وخمسين سنة بعد هالك اإلسكندر في يد الروم، ثم غلب ولده بعد ذلك على السواد، فكانوا في ملوك الطوائف رجل من نسل الملوك مملكا على الجبال وأصبهان

ملوآا عليها وعلى الماهات والجبال وأصبهان، آالرئيس على سائر ملوك الطوائف، ألن السنة جرت بتقديمه وتقديم .ولده، ولذلك قصد لذآرهم في آتب سير الملوك، فاقتصر على تسميتهم دون غيرهم

د بأوريشلم بعد إحدى وخمسين سنة من ملوك الطوائف، فكانت سنو ويقال إن عيسى بن مريم عليه السالم ول: قال

228

.ملكهم من لدن اإلسكندر إلى وثوب أردشير بن بابك وقتله أردوان واستواء األمر له، مائتين وستا وستين سنةن بن فمن الملوك الذين ملكوا الجبال ثم تهيأت ألوالدهم بعد ذلك الغلبة على السواد أشك بن حره بن رسبيا: قال

: وقال بعضهم. والفرس تزعم أنه أشك بن دارا: قال. أرتشاخ بن هرمز بن ساهم بن رزان بن أسفنديار بن بشتاسب .أشك بن أشكان الكبير، وآان من ولد آيبيه بن آيقباذ، وآان ملكه عشر سنين

.ثم ملك من بعده أشك بن أشك بن أشكان، إحدى وعشرين سنة

.، إحدى وعشرين سنةثم ملك سابور بن أشك بن أشكان .ثم ملك سابور بن أشك بن أشكان، ثالثين سنة

.ثم ملك جوذرز األآبر بن سابور بن أشكان، عشر سنين .ثم ملك بيرن بن جوذرز، إحدى وعشرين سنة .ثم جوذرز األصغر بن بيزن، تسع عشرة سنة 3ثم نرسه بن جوذرز األصغر، أربعين سنة

.كان، سبع عشرة سنةثم هرمز بن بالش بن أش .ثم أردوان األآبر وهو أردوان بن أشكان، اثنتى عشرة سنة

.ثم آسرى بن أشكان، أربعين سنة .ثم بهافريد األشكاني، تسع سنين

.ثم بالش األشكاني، أربعا وعشرين سنةاألآبر، وآان ثم أردوان األصغر وهو أردوان بن بالش بن فيروز بن هرمز بن بالشر بن سابور بن أشك بن أشكان

إنه آان أعظم األشكانية ملكا، وأظهرهم عزا، وأسناهم ذآرا، وأشدهم قهرا لملوك : ويقال. جده آيبيه بن آيقباذالطوائف، وأنه آان قد غلب على آورة إصطخر التصالها بأصبهان، ثم تخطى إلى جور وغيرها من فارس، حتى

.انت له، وآان ملكه ثالث عشرة سنةغلب عليه، ودانت له ملوآها لهيبة ملوك الطوائف آ .ثم ملك أردشير

ملك العراق وما بين الشأم ومصر بعد اإلسكندر تسعون ملكا على تسعين طائفة آلهم يعظم من يملك : وقال بعضهم

فملك من األشكانيين أفقور شاه بن بالش بن سابور بن أشكان بن أرش الجبار بن : قال. المدائن، وهم األشكانيون .بن آيقاوس الملك اثنتين وستين سنةسياوش

.ثالثا وخمسين سنة -وعلى عهده آان المسيح ويحيى عليهما السالم - ثم سابور بن أفقور

.ثم جوذرز بن سابور بن أفقور الذي غزا بني إسرائيل طالبا بثأر يحيى ابن زآرياء، ملك تسعا وخمسين سنة .بعين سنةثم ابن أخيه أبزان بن بالش بن سابور، سبعا وأر .ثم جوذرز بن أبزان بن بالش، إحدى وثالثين سنة

.ثم أخوه نرسى بن أبزان، أربعا وثالثين سنة .ثم عمه الهرمزان بن بالش، ثمانيا وأربعين سنة

.ثم ابنه الفيروزان بن الهرمزان بن بالش تسعا وثالثين سنة .ثم ابنه آسرى بن الفيروزان سبعا وأربعين سنة

.بن بالش، وهو آخرهم، قتله أردشير بن بابك، خمسا وخمسين سنة ثم ابنه أردوان .وآان ملك اإلسكندر وملك سائر ملوك الطوائف في النواحي خمسمائة وثالثا وعشرين سنة: قال

؟؟ذآر األحداث التي آانت في أيام الطوائفأرض بابل، وإلحدى لمضي خمس وستين سنة من غلبة اإلسكندر على - فيما زعمته الفرس -فكان من ذلك

.والدة مريم بنت عمران عيسى بن مريم عليه السالم - وخمسين سنة من ملك األشكانيين

229

فأما النصارى فإنها تزعم أن والدتها إياه آانت لمضي ثلثمائة سنة وثالثة سنين من وقت غلبه اإلسكندر على أرض

وذآروا أن مريم حملت . السالم بستة أشهر وزعموا أن مولد يحيى بن زآرياء آان قبل مولد عيسى عليه. بابلبعيسى ولها ثالث عشرة سنة، وأن عيسى عاش إلى أن رفع اثنتين وثالثين سنة وأياما، وأن مريم بقيت بعد رفعه

.ست سنين، وآان جميع عمرها نيفا وخمسين سنة

وآان . قبل أن يرفع عيسى وزعموا أن يحيى اجتمع هو وعيسى بنهر األردن وله ثالثون سنة، وأن يحيى قتل: قال

زآرياء بن برخيا أبو يحيى بن زآرياء وعمران بن ماثان أبو مريم متزوجين بأختين، إحدهما عند زآرياء وهي أم يحيى، واألخرى منهما عند عمران بن ماثان، وهي أم مريم، فمات عمران بن ماثان وأم مريم حامل بمريم، فلما

واسم أم مريم حنة بنت فاقود ابن قبيل، . مها، ألن خالتها أخت أمها آانت عندهولدت مريم آفلها زآرياء بعد موت أواسم أختها أم يحيى األشباع ابنة فاقود وآفلها زآرياء وآانت مسماة بيوسف بن يعقوب بن ماثان بن اليعازار بن

ا بن يوشيا بن أمون بن اليوذ بن أحين بن صادوق بن عازور بن الياقيم بن أبيوذ بن زر بابل بن شلتيل بن يوحنيمنشا بن حزقيا بن أحاز بن يوثام بن عوزيا بن يورام بن يهوشافاظ بن أسا بن أبيا بن رحبعم بن سليمان بن داود،

.ابن عم مريم

ابنة عمران بن ياشهم - فيما بلغني عن نسبها - مريم : وأما ابن حميد، فإنه حدثنا عن سلمة، عن ابن إسحاق، أنه قال

منشا بن حزقيا ابن أحزيق بن يوثام بن عزريا بن أمصيا بن ياوش بن أحزيهو بن يارم بن يهشافاظ بن بن أمون بنفولد لزآرياء يحيى ابن خالة عيسى بن مريم، فنبئ صغيرا، فساح، ثم دخل الشأم . أسا بن أبيا بن رحبعم بن سليمان

.يسىيدعو الناس، ثم اجتمع يحيى وعيسى، ثم افترقا بعد ان عمد يحيى ع

وآان فيما نهوهم عنه نكاح : قال: إن عيسى بعث يحيى بن زآرياء في اثنى عشر من الحواريين يعلمون الناس: وقيلحدثنا أبو معاوية، عن األعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن : بنات األخ، فحدثني أبو السائب ، قال

فكان فيما : رياء، في اثنى عشر من الحواريين يعلمون الناس، قالبعث عيسى بن مريم يحيى بن زآ: عباس، قالوآان لملكهم ابنة أخ تعجبه، يريد أن يتزوجها، وآانت لها آل يوم حاجة يقضيها، :قال. نهوهم عنه نكاح ابنة األخزآرياء، فلما حاجتي أن تذبح لي يحيى بن : إذا دخلت على الملك، فسألك حاجتك فقولي: فلما بلغ ذلك أمها قالت لها

ما أسألك إال هذا، : دخلت عليه سألها حاجتها قالت حاجتي أن تذبح لي يحيى بن زآرياء فقال سليني غير هذا، قالتفلما أبت عليه دعا يحيى،ودعا بطست فذبحه، فندرت قطرة من دمه على األرض، فلم تزل تغلي حتى بعث اهللا : قال

فألقى اهللا في قلبه أن يقتل على ذلك الدم : ل، فدلته على ذلك الدم، قالبختنصر عليهم، فجاءته عجوز من بني إسرائي .منهم حتى يسكن، فقتل سبعين ألفا منهم من سن واحدة، فسكن

حدثنا أسباط، عن السدي، في خبر ذآره عن أبي : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا موسى بن هارون الهمداني، قالوعن ناس من أصحاب النبي صلى -وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود - مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس

اهللا عليه وسلم، أن رجال من بني إسرائيل، رأى في النوم أن خراب بيت المقدس وهالك بني إسرائيل على يدى غالم زل على يتيم، ابن أرملة من أهل بابل، يدعى بختنصر، وآانوا يصدقون فتصدق رؤياهم، فأقبل يسأل عنه، حتى ن

أمه وهو يحتطب، فلما جاء وعلى رأسه حزمة حطب ألقاها، ثم قعد في جانب البيت، فكلمه، ثم أعطاه ثالثة دراهم اشتر بهذه طعاما وشرابا، فاشترى بدرهم لحما، وبدرهم خبزا، وبدرهم خمرا، فأآلوا وشربوا، حتى إذا آان : فقال

إني أحب أن تكتب لي أمانا إن أنت ملكت يوما : الث فعل ذلك، ثم قالاليوم الثاني فعل به ذلك، حتى إذا آان اليوم الثوما عليك : فكلمته أمه، فقالت! ولكن ما عليك أن تتخذ بها عندي يدا: إني ال أسخر بك: قال! تسخر بي: من الدهر قال

فاجعل لي ! ني وبينكأرأيت إن جئت والناس حولك، قد حالوا بي: فكتب له أمانا، فقال! إن آان، وإال لم ينقصك شيئا .فكساه وأعطاه. ترفع صحيفتك على قصبة فأعرفك بها: آية تعرفني بها، قال

ثم إن ملك بني إسرائيل آان يكرم يحيى بن زآرياء، ويدنى مجلسه، ويستشيره في أمره، وال يقطع أمرا دونه، وإنه لست أرضاها لك، فبلغ ذلك أمها : كاحها، وقالهوى أن يتزوج ابنة امرأة له، فسأل يحيى عن ذلك، فنهاه عن ن

230

فحقدت على يحيى حين نهاه أن يتزوج انبتها، فعمدت إلى الجارية حين جلس الملك على شرابه، فألبستها ثيابا رقاقا حمرا، وطيبتها، وألبستها من الحلي، وألبستها فوق ذلك آساء أسود، فأرسلتها إلى الملك، وأمرتها أن تسقيه، وأن

له، فإن أرداها على نفسها أبت عليه، حتى يعطيها ما سألته، فإذا أعطاها ذلك سألته أن تؤتى برأس يحيى بن تعرض ال أفعل حتى : زآرياء في طست، ففعلت فجعلت تسقيه وتعرض له، فلما أخذ فيه الشراب أرادها على نفسها، فقالت

: يحيى بن زآرياء، فأوتى بأسه في هذا الطست، فقال أسألك أن تبعث إلى: ما تسأليني؟ قالت: تعطيني ما أسألك، قالفلما أبت عليه، بعث إليه فأتى برأسه، والرأس يتكلم، : قال. ما أريد أن أسألك إال هذا: ويحك سليني غير هذا؟ قالت

ال تحل لك، فلما أصبح إذا دمه يغلي، فأمر بتراب فألقى عليه فرقى الدم فوق : حتى وضع بين يديه، وهو يقولتراب يغلي، فألقى عليه التراب أيضا، فارتفع الدم فوقه، فلم يزل يلقى عليه التراب حتى بلغ سور المدينة، وهو في ال

ذلك يغلي وبلغ صيحائين فنادي في الناس، وأراد أن يبعث إليهم جيشا، ويؤمر عليهم رجال، فأتاه بختنصر، فكلمه، دخلت المدينة، وسمعت آالم أهلها، فابعثني، فبعثه فسار إن الذي آنت أرسلت تلك المرة ضعيف، فإني قد: وقال

بختنصر، حتى إذا بلغوا ذلك المكان تحصنوا منه في مدائنهم، فلم يطقهم، فلما اشتد عليه المقام، وجاء أصحابه أراد لغني أنك إنه ب: أين أمير الجند؟ فأتى به إليها، فقالت: الرجوع، فخرجت إليه عجوز من عجائز بني إسرائيل، فقالت

نعم، قد طال مقامي، وجاع أصحابي، فلست أستطيع المقام فوق : قال. تريد أن ترجع بجندك قبل أن تفتح هذه المدينةأرأيتك إن فتحت لك المدينة، أتعطيني ما أسألك، فتقتل من أمرتك بقتله، وتكف إذا أمرتك أن : الذي آان مني، فقالت

قسم جندك أربعة أرباع، ثم أقم على آل زاوية ربعا، ثم ارفعوا بأيديكم إلى إذا أصبحت فا: نعم، قالت: قال لها. تكفففعلوا، فتساقطت المدينة، ودخلوا من . إنا نستفتحك يا اهللا بدم يحيى بن زآرياء فإنها سوف تتساقط: السماء، فنادوا

وهو على تراب آثير، فقتل آف يدك، اقتل على هذا الدم حتى يسكن، فانطلقت به إلى دم يحيى : جوانبها، فقالت لهآف يدك، فإن اهللا عز وجل إذا قتل نبي لم : عليه حتى سكن، فقتل سبعين ألف رجل وامرأة، فلما سكن الدم، قالت له

فأتاه صاحب الصحيفة بصحيفته، فكف عنه وعن أهل بيته، وخرب بيت . يرض حتى يقتل من قتله ومن رضى قتلهمن طرح فيه جيفة فله جزيته تلك السنة، وأعانه على خرابه الروم : وقال المقدس، وأمر به أن تطرح فيه الجيف،

من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زآرياء فلما خربه بختنصر ذهب معه بوجوه بني إسرائيل وسراتهم، وذهب قدم أرض بابل بدانيال وعليا وعزريا وميشائيل، هؤالء آلهم من أوالد األنبياء، وذهب معه برأس الجالوت، فلما

وجد صيحائين قد مات، فملك مكانه، وآان أآرم للناس عليه دانيال وأصحابه، فحسدهم المجوس، فوشوا بهم إليه، أجل إن لنا ربا نعبده، : إن دانيال وأصحابه ال يعبدون إلهك، وال يأآلون من ذبيحتك، فدعاهم فسألهم فقالوا: فقالوا

انطلقوا فلنأآل : ، فألقوا فيه وهم ستة، وألقى معهم سبع ضار ليأآلهم، فقالواولسنا نأآل من ذبيحتكم، وأمر بخد فخدولنشرب، فذهبوا، فأآلوا وشربوا، ثم راحوا فوجدوهم جلوسا، والسبع مفترش ذراعيه بينهم لم يخدش منهم أحدا، ولم

ا آانوا ستة؟ فخرج إليه السابع ما بال هذا السابع؟ إنم: ينكأه شيئا، فوجدوا معهم رجال، فعدوهم فوجدوهم سبعة، فقال .فلطمه لطمة فصار في الوحش، فكان فيهم سبع سنين -وآان ملكا من المالئكة -

الذي روي عمن ذآرت في هذه األخبار التي رويت وعمن لم يذآر في هذا الكتاب، من -وهذا القول : قال أبو جعفرعند أهل السير واألخبار والعلم بأمور - م يحيى بن زآرياء أن بختنصر، هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتله

الماضين في الجاهلية، وعند غيرهم من أهل الملل غلط، وذلك أنهم بأجمعهم مجمعون على أن بختنصر إنما غزا د بني إسرائيل عند قتلهم نبيهم شعيا في عهد إرميا بن حلقيا، وبني عهد إرميا وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مول

ويذآرون أن ذلك عندهم في آبتهم . يحيى بن زآرياء أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة في قول اليهود والنصارىوأسفارهم مبين، وذلك أنهم يعدون من لدن تخريب بختنصر بيت المقدس إلى حين عمرانها في عهد آيرش بن

م من قبل ابنته خمانى سبعين سنة، ثم من ث. أخشويرش أصبهبذ بابل من قبل أردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسببعد عمرانها إلى ظهور اإلسكندر عليها وحيازة مملكتها إلى مملكته ثمانيا وثمانين سنة، ثم من بعد مملكة اإلسكندر

.لها إلى مولد يحيى بن زآرياء ثالثمائة سنة وثالث سنين، فذلك على قولهم أربعمائة سنة وإحدى وستون سنةإنها توافق النصارى واليهود في مدة خراب بيت المقدس، وأمر بختنصر، وما آان من أمره وأمر وأما المجوس ف

بني إسرائيل إلى غلبة اإلسكندر على بيت المقدس والشام وهالك دارا، وتخالفهم في مدة ما بين ملك اإلسكندر ومولد الختالف في مدة ما بين ملك فبين المجوس والنصارى من ا. يحيى، فتزعم أن مدة ذلك إحدى وخمسون سنة

والنصارى تزعم أن يحيى ولد قبل عيسى بستة أشهر، وأن الذي قتله . اإلسكندر ومولد يحيى وعيسى وما ذآرتملك لبني إسرائيل يقال له هيردوس، بسبب امرأة يقال لها هيروذيا، آانت امرأة أخ له، يقال له فيلفوس، عشقها

ة يقال لها دمنى فأراد هيردوس أن يطأ امرأة أخيه المسماة هيروذيا، فنهاه يحيى فوافقته على الفجور، وآان لها ابنوأعلمه أن ال تحل له، فكان هيردوس معجبا باالبنة، فألهته يوما، ثم سألته حاجة فأجابها إليها، وأمر صاحبا له

231

أسقط في يده وجزع جزعا بالنفوذ لما تأمره به، فأمرته أن يأتيها برأس يحيى، ففعل، فلما عرف هيردوس الخبر +.شديدا

.وأما ما قال في ذلك أهل العلم باألخبار وأمور أهل الجاهلية فقد حكيت منه ما قاله هشام بن محمد الكلبي

عمرت بنو : حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: وأما ما قال ابن إسحاق فيه، فهو ما حدثنا به ابن حميد، قاليحدثون األحداث، يعود اهللا عليهم ويبعث -د مرجعهم من أرض بابل إلى بيت املمدس يعنى بع - إسرائيل بعد ذلك

فيهم الرسل، ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون، حتى آان آخر من بعث فيهم من أنبيائهم زآرياء ويحيى بن زآرياء مسلم بن صدوق بن وهو يحيى بن زآرياء بن أدى ابن . وعيسى بن مريم، وآانوا من بيت آل داود عليه السالم

نحشان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن برخية بن شفاطية بن فاحور بن شلوم بن يهفاشاط بن أسا بن أبيا .بن رحبعم ابن سليمان بن داود

: يقولوبعض الناس -فلما رفع اهللا عيسى عليه السالم من بين أظهرهم، وقتلوا يحيى بن زآرياء عليه السالم : قالأبتعث اهللا عليهم ملكا من ملوك بابل يقال له خردوس، فسار إليه بأهل بابل، حتى دخل عليهم الشام، - وقتلوا زآرياء

لئن أنا : إني آنت حلفت بإلهي: فلما ظهر عليهم أمر رأسا من رؤس جنوده يدعى نبوزراذان، صاحب القتل، فقال لهل دماؤهم في وسط عسكري، إلى أال أجد أحدا أقتله، فأمره أن ظهرت على أهل بيت المقدس ألقتلنهم حتى تسي

وإن نبوزراذان دخل بيت المقدس، فقام في البقعة التي آانوا يقربون فيها قربانهم، فوجد . يقتلهم، حتى يبلغ ذلك منهمشيئا من أمره، يا بني إسرائيل، ما شأن هذا الدم يغلي؟ أخبروني خبره وال تكتموني: فيها دما يغلي، وسألهم، فقال

هذا دم قربان آان لنا آنا قربناه فلم يقبل منا، فلذلك هو يغلي آما تراه، ولقد قربنامنذ ثمانمائة سنة القربان، : فقالوالو آان آأول زماننا لقبل منا، ولكنه قد انقطع منا الملك : ما صدقتوني الخبر، قالوا له: قال. فقبل منا إلى هذا القربان

، فلذلك لم يقبل منا، فذبح منهم نبوزراذان على ذلك الدم سبعمائة وسبعين روحا من رؤسهم فلم يهدأ، والنبوة والوحيفأمر فأتى بسبعمائة غالم من غلمانهم، فذبحوا على الدم فلم يهدأ، فأمر بسبعة أالف من نيتهم وأزواجهم فذبحهم على

يا بني إسرائيل، ويلكم أصدقوني واصبروا على أمر ربكم، : الدم فلم يبرد، فلما رأى نبوزراذان الدم ال يهدأ قال لهمفقد طالما ملكتم في األرض تفعلون فيها ما شئتم، قبل أال أترك منكم نافخ نار، أنثى وال ذآرا إال قتلته فلما رأوا

أطعناه فيها إن هذا دم نبي منا آان ينهانا عن أمور آثيرة من سخط اهللا، فلو: الجهد وشدة القتل صدقوه الخبر فقالوايحيى بن : ما آان اسمه؟ قالوا: فقال لهم نبوزراذان. لكان أرشد لنا، وآان يخبرنا بأمرآم فلم نصدقه فقتلناه، فهذه دمه

فلما رأى نبوزراذان أنهم قد صدقوه خر ساجدا، وقال لمن . اآلن صدقتموني، لمثل هذا ينتقم ربكم منكم: زآرياء، قاليا يحيى بن : ثم قال. وأخرجوا من آان ها هنا من جيش خردوس وخال في بني إسرائيل حوله أغلقوا أبواب المدينة،

زآرياء، قد علم ربي وربك ما قد أصاب قومك من أجلك، وما قتل منهم من أجلك، فاهدأ بإذن اهللا قبل أال أبقي من آمنت به بنو إسرائيل، وصدقت به آمنت بما : قومك أحدا، فهدأ دم يحيى بإذن اهللا، ورفع نبوزراذان عنهم القتل، وقال

وأيقنت أنه ال رب غيره، ولو آان معه آخر لم يصلح، لو آان معه شريك لم تستمسك السموات واألرض، ولو آان له ولد لم يصلح، فتبارك وتقدس وتسبح وتكبر وتعظم ملك الملوك الذي يملك السموات السبع بعلم وحكم وجبروت

فأوحى إلى رأس . ها رواسي ال تزول، فكذلك ينبغي لربي أن يكون ويكون ملكهوعزة، الذي بسط األرض وألقى فيوأن نبوزراذان قال لبني -والحبور بالعبرانية حديث اإليمان -من رؤوس بقية األنبياء أن بوزراذان جبور صدوق

لست أستطيع أن وإني فاعل، . إن عدو اهللا خردوس أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤآم وسط عسكره: إسرائيلأفعل ما أمرت به، فأمرهم فحفروا خندقا، وأمر بأموالهم من الخيل والبغال والحمير والبقر والغنم : قالوا له. أعصيه

واإلبل فذبحها، حتى سال الدم في العسكر، وأمر بالقتلى الذين آانوا قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم، .رودس إال أن ما آان في الخندق من بني إسرائيلحتى آانوا فوقهم، فلم يظن خ

ثم انصرف . ارفع عنهم، فقد بلغني دماؤهم، وقد انتقمت منهم بما فعلوا: فلما بلغ الدم عسكره أرسل إلى بنوزراذان

عنهم إلى أرض بابل، وقد أفنى بني إسرائيل أو آاد، وهي الواقعة األخيرة التي أنزل اهللا ببني إسرائيل، يقول اهللاوجعلنا جهنم للكافرين : " إلى قوله" وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب : " تعالى لنبيه محمد صلى اهللا عليه وسلم

" .حصيرا

232

وعسى من اهللا حق، فكانت الوقعة األولى بختنصر وجنوده، ثم رد اهللا لهم الكرة عليهم، ثم آانت الوقعة األخيرة

ن، فيها آان خراب بالدهم وقتل رجالهم وسبى ذراريهم ونسائهم، يقول خردوس وجنوده، وهي آانت أعظم الوقعتي " .وليتبروا ما علوا تتبيرا : " اهللا عز وجل

وآانت مريم ويوسف بن يعقوب ابن عمها يليان : قال. رجع الحديث إلى حديث عيسى بن مريم وأمه عليهما السالموماء يوسف أخذ آل واحد منهما قلته، فانطلق إلى المغارة - فيما ذآر -خدمة الكنيسة، فكانت مريم إذا نفد ماؤها

وآان -فلما آان اليوم الذي لقيها فيه جبرئيل . التي فيها الماء الذي يستعذبانه، فيمأل قلته، ثم يرجعان إلى الكنيسةإن عندي لفضال من ماء : يا يوسف، أال تذهب بنا نستقي قال: نفد ماؤها، فقالت -أطول يوم في السنة وأشده حرا لكني واهللا ما عندي ماء، فأخذت قلتها، ثم انطلقت وحدها، حتى دخلت المغارة : أآتفي به يومي هذا إلى غد، قالت

: يا مريم، إن اهللا قد بعثني إليك ألهب لك غالما زآيا، قالت: فقال لها: فتجد عندها جبرئيل قد مثله اهللا لها بشرا سوياإني : " إنما أنا رسول ربك، قالت: ، وهي تحسبه رجال من بني آدم فقال" منك إن آنت تقيا إني أعوذ بالرحمن "

يكون لي غالم ولم يمسني بشر ولم أك بغيا قال آذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وآان اهللا، فنفخ في جيبها، ثم انصرف فلما قال ذلك استسلمت لقضاء . ، أي أن اهللا قد قضى أن ذلك آائن" أمرا مقضيا

.عنها، ومألت قلتها

حدثني عبد الصمد بن : فحدثني محمد بن سهل بن عسكر البخاري، قال حدثنا إسماعيل ابن عبد الكريم، قال: قال

: فقالت. لما أرسل اهللا عز وجل جبرئيل إلى مريم، تمثل لها بشرا سويا: سمعت وهبا قال: معقل، ابن أخي وهب، قال، ثم نفخ في جيب درعها حتى ومصلت النفخة إلى الرحم، واشتملت على " ي أعوذ بالرحمن منك إن آنت تقيا إن"

.عيسى

وآان معها ذو قرابة لها يقال له يوسف النجار، وآانا منطلقين إلى المسجد الذي عند جبل صهيون، وآان ذلك : قاليوسف يخدمان في ذلك المسجد في ذلك الزمان، وآان لخدمته المسجد يؤمئذ من أعظم مساجدهم، وآانت مريم و

فضل عظيم، فرغبا في ذلك، فكانا يليان معالجته بأنفسهما وتجميره وآناسته وطهوره، وآل عمل يعمل فيه، فكان ال ذي يعلم من أهل زمانهما أحد أشد اجتهادا وعبادة منهما، وآان أول من أنكر حمل مريم صاحبها يوسف، فلما رأى ال

بها استعظمه،وعظم عليه، وفظع به، ولم يدر على ماذا يضع أمرها؟ فإذا أراد يوسف أن يتهمها ذآر صالحها فلما اشتد عليه ذلك آلمها، فكان أول . وبراءتها وأنها لم تغب عنه ساعة وإذا أراد أن يبرئها رأى الذي ظهر بها

ر قد حرصت على أن أميته، وأآتمه في نفسي، فغلبني إنه قد وقع في نفسي من أمرك أم: آالمه إياها أن قال لهاهل ينبت : ما آنت ألقول إال ذلك، فحدثيني: فقل قوال جميال، قال: ذلك، فرأيت أن الكالم فيه أشفى لصدري، قالت

فهل يكون ولد من غير : نعم، قال: نعم، قال فهل تنبت شجرة من غير غيث يصيبها؟ قالت: زرع بغير بذر؟ قالتنعم، ألم تعلم أن اهللا أنبت الزرع يوم خلقه من غير بذر، والبذر إنما آان من الزرع الذي أنبته اهللا من : تذآر؟ قال

غير بذر؟ أو لم تعلم أن اهللا أنبت الشجر من غير غيث، وأنه جعل بتلك القدرة الغيث حياة للشجر بعد ما خلق آل ر، حتى استعان عليه بالماء، ولوال ذلك لم يقدر على إنباته واحد منهما وحده أو تقول لم يقد اهللا على أن ينبت الشج

أو لم : قالت له مريم. آن فيكون: ال أقول ذلك، ولكني أعلم أن اهللا بقدرته على ما يشاء يقول لذلك: قال لها يوسفه أن الذي بها بلى، فلما قالت له ذلك وقع في نفس: تعلم أن اهللا عز وجل خلق آدم وامرأته من غير ذآر وال أنثى؟ قال

ثم تولى يوسف خدمة المسجد، . شيء من اهللا عز وجل، وأنه ال يسعه أن يسألها عنه، وذلك لما رأى من آتمانها لذلكوآفاها آل عمل آانت تعمل فيه، وذلك لما رأى من رقة جسمها واصفرار لونها، وآلف وجهها، ونتوء

آذلك، فلما دنانفاسها أوحى اهللا إليها أن اخرجي من بطنها،وضعف قوتها، ودأب نظرها، ولم تكن مريم قبل ذلكوأختها حينئذ حبلى، وقد -فأفضت عند ذلك إلى أختها . أرض قومك، فإنهم إن ظفروا بك عيروك ونقلوا ولدك

فلما التقيا وجدت أم يحيى ما في بطنها خر لوجهه ساجدا معروفا بعيسى، فاحتملها يوسف إلى أرض - بشرت بيحي ار له، ليس بينها حين رآبت الحمار وبين األآاف شيء، فانطلق يوسف بها، حتى إذا آان متاخما مصر على حم

في أصل -يعني مزود الحمار - ألرض مصر في منقطع بالد قومها أدرك مريم النفاس، وألجأها إلى آرى حمار إلى النخلة، فاحتضنتها نخلة، وذلك في زمان الشتاء، فاشتد على مريم المخاض، فلما وجدت منه شدة التجأت

.واحتوشتها المالئكة، قاموا صفوفا محدقين بها

233

إني نذرت للرحمن صوما فلن " إلى " أال تحزني قد جعل ربك تحتك سريا : " فلما وضعت وهي محزونة، قيل لها .، فكان الرطب يتساقط عليها، وذلك في الشتاء" أآلم اليوم إنسيا

آانت تعبد من دون اهللا حين ولدت بكل أرض مقلوبة منكوسة على رؤسها، ففزعت فأصبحت األصنام التي الشياطين وراعها، فلم يدروا ما سبب ذلك، فساروا عند ذلك مسرعين، حتى جاءوا إبليس، وهو على عرش له، في

أتوه وقد خال لجة خضراء، يتمثل بالعرش يوم آان على الماء ويحتجب، يتمثل بحجب النور التي من دون الرحمن، فست ساعات من النهار، فلما رأى إبليس جماعتهم، فزع من ذلك، ولم يرهم جميعا منذ فرقهم قبل تلك الساعة؛ إنما

آان يراهم أشتاتا، فسألهم فأخبروه أنه قد حدث في األرض حدث أصبحت األصنام منكوسة على رؤوسها، ولم يكن كلمهم، وندبر أمرهم فيظنون أنها التي تكلمهم، فلما أصابها هذا شيء أعون على هالك بني آدم منها؛ آنا ندخل فن

واعلم أنا لن تأتك حتى . الحدث صغرها في أعين بني آدم، وأذلها وأدناها، ذلك وقد خشينا أال يعبدوها بعد هذا أبداإن هذا ألمر : سقال لهم إبلي. أحصينا األرض، وقلبنا البحار وآل شيء قوبنا عليه، فلم نزدد بما أردنا إال جهال

فطار إبليس عند ذلك، فلبث عنهم ثالث ساعات، فمر فيهن . عظيم، لقد علمت بأني آتمته، وآونوا على مكانكم هذابالمكان الذي ولد فيه عيسى؛ فلما رأى المالئكة محدقين بذلك المكان، علم أن ذلك الحدث فيه، فأراد إبليس أن يأتيه

ثم أراد أن يأتيه من تحت األرض؛ فإذا أقدام المالئكة . ومناآبهم عند السماء من فوقه؛ فإذا فوقه رؤوس المالئكة .ثم أراد أن يدخل من بينهم فنحوه عن ذلك. راسية أسفل مما أراد إبليس

ما جئتكم حتى أحصيت األرض آلها مشرقها ومغربها، وبرها وبحرها، : ثم رجع إبليس إلى أصحابه فقال لهم

لقد آتمت شأنه، وما : ؛ وآل هذا بلغت في ثالث ساعات؛ وأخبرهم بمولد المسيح، وقال لهموالخافقين، والجو األعلىاشتملت قبله رحم أنثى على ولد إال بعلمي، وال وضعته قط، إال وأنا حاضرها؛ وإني ألرجو أن أضل به أآثر مما

.يهتدي به، وما آان نبي قبله أشد علي وعليكم منه

نه من أجل نجم طلع أنكروه، وآان قبل ذلك يتحدثون أن مطلع ذلك النجم من عالمات وخرج في تلك الليلة قوم يؤمو

أين : فخرجوا يريدونه، ومعهم الذهب والمر واللبان، فمروا بملك من ملوك الشأم، فسألهم. مولود في آتاب دانيالألن : تلك أمثاله: ياء آلها؟ قالوافما بال الذهب والمر واللبان أهديتموه له من بين األش: يريدون؟ فأخبروه بذلك، قال

الذهب هو سيد المتاع آله، وآذلك هذا النبي هو سيد أهل زمانه، وألن المر يجبر به الجرح والكسر، وآذلك هذا النبي يشفي به آل سقيم ومريض؛ وألن اللبان ينال دخوله السماء وال ينالها دخان غيره، آذلك هذا النبي يرفعه اهللا

.رفع في زمانه أحد غيرهإلى السماء ال ي

اذهبوا، فإذا علمتم مكانه فأعلموني ذلك، فإني أرغب في مثل ما : فلما قالوا ذلك لذلك الملك حدث نفسه بقتله، فقال

فانطلقوا حتى دفعوا ما آان معهم من تلك الهدية إلى مريم، وأرادوا أن يرجعوا إلى هذا الملك . رغبتم فيه من أمرهال ترجعوا إليه، وال تعلموه بمكانه، فإنه إنما أراد بذلك ليقتله، فانصرفوا : لقيهم ملك فقال لهمليعلموه مكان عيسى، ف

: " في طريق آخر، واحتملته مريم على ذلك الحمار ومعها يوسف، حتى وردا أرض مصر، فهي الربوة التي قال اهللا " .وأويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين

عشرة سنة تكتمه من الناس، ال يطلع عليه أحد، وآانت مريم ال تأمن عليه وال على معيشته أحدا، فمكثت مريم اثنتيآانت تلتقط السنبل من حيث ما سمعت بالحصاد، والمهد في منكبها والوعاء الذي تجعل فيه السنبل في منكبها اآلخر،

اس منه أن أمه آانت نازلة في دار دهقان من أهل حتى تم لعيسى عليه السالم اثنتا عشرة سنة، فكان أول آية رآها النمصر، فكان ذلك الدهقان قد سرقت له خزانة، وآان ال يسكن في داره إال المساآين، فلم يتهمهم، فحزنت مريم

يا أمه، أتحبين أن أدله على : لمصيبة ذلك الدهقان، فلما أن رأى عيسى حزن أمه بمصيبة صاحب ضيافتها، قال لهاقولي له يجمع لي مساآين داره، فقالت مريم للدهقان ذلك، فجمع له مساآين دراه، فلما : نعم يا بني، قال :ماله؟ قالت

قم به، قال : أحدهما أعمى واآلخر مقعد، فحمل المعقد على عاتق األعمى، ثم قال له: اجتمعوا عمد إلى رجلين منهمت على ذلك البارحة؟ فلما سمعوه يقول ذلك، بعثوا فكيف قوي: أنا أضعف من ذلك، قال عيسى عليه السالم: األعمى

هكذا احتاال لمالك البارحة، : قال عيسى. األعمى، حتى قام به، فلما استقل قائما حامال هوى المقعد إلى آوة الخزانة

234

صدق، فردا على الدهقان ماله ذلك، فوضعه : ألنه استعان األعمى بقوته، والمقعد بعينيه، فقال المقعد واألعمىفأعطيه ابنك، قالت هو أعظم : إني لم أخلق لذلك، قال الدهقان: يا مريم خذي نصفه، قالت: لدهقان في خزانته، وقالا

مني شأنا، ثم لم يلبث الدهقان أن أعرس ابن له فصنع له عيدا فجمع عليه أهل مصر آلهم، فلما انقضى ذلك زاره وليس عنده يومئذ شراب، فلما رأى عيسى اهتمامه بذلك دخل قوم من أهل الشآم لم يحزرهم الدهقان، حتى نزلوا به،

بيتا من بتوت الدهقان، فيه صفان من جرار، فأمر عيسى يده على أفواههم، وهو يمشي، فكلما أمر يده على جرة امتألت شرابا، حتى أتى عيسى على آخرها، وهو يومئذ ابن اثنتى عشرة سنة، فلما فعل ذلك عيسى فزع الناس لشأنه

ا أعطاه اهللا من ذلك فأوحى اهللا عز وجل إلى أمه مريم، أن أطلعي به إلى الشأم، ففعلت الذي أمرت به، فلم تزل ومثم رفعه اهللا إليه، فلما رآه . بالشأم حتى آان ابن ثالثين سنة، فجاءه الوحي على ثالثين سنة، وآانت نبوته ثالث سنين

فتمثل له برجل ذي سن وهيئة، وخرج معه شيطانان ماردان متمثلين إبليس يوم لقيه على العقبة لم يطق منه شيئا، .آما تمثل إبليس، حتى خالطوا جماعة الناس

وزعم وهب أنه ربما اجتمع على عيسى من المرضى في الجماعة الواحدة خمسون ألفا فمن أطاق منهم أن يبلغه

نما آان يداويهم بالدعاء إلى اهللا عز وجل، فجاءه بلغه، ومن لم يطق ذلك منهم أتاه عيسى عليه السالم يمشي إليه، وإإبليس في هيئة يبهر الناس حسنها وجمالها، فلما رآه الناس فرغوا له، ومالوا نحوه، فجعل يخبرهم باألعاجيب، فكان

ل قا. إن شأن هذا الرجل لعجب، تكلم في المهد، وأحيا الموتى، وأنبأ عن الغيب، وشفى المريض، فهذا اهللا: في قولهوال يسكن األرحام، وال تسعه أجواف . جهلت أيها الشيخ، وبئس ما قلت ال ينبغي هللا أن يتجلى للعباد: أحد صاحبيه

بئس ما قلتما، آالآما قد أخطأ وجهل، ليس ينبغي هللا أن يتخذ ولدا، ولكنه إله : وقال الثالث. النساء، ولكنه ابن اهللا .آخر العهد منهم معه، وغابوا حين فرغوا من قولهم، فكان ذلك

حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذآره، عن أبي مالك، : حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا موسى بن هارون، قالوعن ناس من أصحاب النبي صلى اهللا عليه -وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن أبي صالح، عن ابن عباس

: " حراب لحيض أصابها فاتخذت من دونهم حجابا من الجدران، وهو قولهخرجت مريم إلى جانب الم: وسلم، قالفي شرق المحراب، فلما طهرت إذا هي برجل معها، " فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا، فاتخذت من دونهم حجابا

إني أعوذ : " فلما رأته فزعت منه وقالت" . فتمثل لها بشرا سويا " فهو جبرئيل " فأرسلنا إليها روحنا : " وهو قولهبالرحمن منك إن آنت تقيا، قال إنما أنا رسول ربك ألهب لك غالما زآيا، قالت أني يكون لي غالم ولم يمسني بشر

" قال آذلك قال ربك وهو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وآان أمرا مقضيا " -تقول زانية - " ولم أك بغيا فدخلت النفخة في -وآان مشقوقا من قدامها - ا، فنفخ في جيب درعها فخرجت، عليها جلبابها، فأخذ بكميه.

يا : صدرها، فحملت، فأتتها أختها امرأة زآرياء ليلة تزورها، فلما فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زآرياءبطني يسجد فإني وجدت ما في: قالت امرأة زآرياء. أشعرت أني أيضا حبلى: قالت مريم. مريم أشعرت أني حبلىفولدت امرأة زآرياء يحيى، ولما بلغ أن تضع مريم، خرجت إلى . مصدقا بكلمة من اهللا: " لما في بطنك، فذلك قوله

ألجأها المخاض إلى جذع : يقول" فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة : " جانب المحراب الشرقي منه، فأتت أقصاه: نسيا: تقول" . ياليتني مت قبل هذا وآنت نسيا منسيا : " ن الناسوهي تطلق من الحبل استحياء م: قالت" النخلة،

من تحتها أال تحزني قد : " ، جبرئيل" فناداها . " نسى أثري، فال يرى لي أثر وال عين: نسي ذآري، ومنسيا، تقولهزته، فإذا ، وآان جذعا منها مقطوعا ف" وهزي إليك بجذع النخلة . " ، والسرى هو النهر" جعل ربك تحتك سريا

فإنا ترين " آلي واشربي وقري عينا، : هو نخلة، وأجرى لها من المحراب نهرا فتساقطت النخلة رطبا جنيا، فقال لها، فكان من صام في ذلك الزمان لم يتكلم حتى " من البشر أحد فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أآلم اليوم إنسيا

ا ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل أن مريم قد ولدت، فأقبلوا يشتدون، ال تزيدي على هذا، فلم: يمسي، فقيل لهيا أخت هارون ما آان أبوك أمرأ " -يقول عظيما -فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا " فدعوها

يا : سى، وهي آما تقول، فما بالك أنت يا أخت هارون؟ وآانت من بني هارون أخي مو" سوء وما آنت أمك بغيا إلى عيسى -فقالت لهم ما أمرها اهللا، فلما أرادوها بعد ذلك على الكالم أشارت إليه . أخا بني فالن، إنما تعني قرابته

قالوا آيف نكلم من آان في " لسخريتها بنا حين تأمرنا أن تكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها؟ : فغضبوا وقالوا -فقالت بنو " إني عبد اهللا أتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مبارآا أينما آنت : " عيسى فقال فتكلم" المهد صبيا

: ما أحبلها أحد غير زآرياء، هو آان يدخل إليها، فطلبوه ففر منهم فتشبه له الشيطان في صورة راع، فقال: إسرائيلفيها، فدعا اهللا فانتفتحت الشجرة، فدخل فيها يا زآرياء، قد أدرآوك، فادع اهللا حتى تنفتح لك هذه الشجرة فتدخل

نعم سحر هذه : يا راعي، هل رأيت رجال من ها هنا قال: وبقي من ردائه هدب، فمرت بنو إسرائيل بالشيطان، فقالوا

235

الشجرة، فانفتحت له، فدخل فيها، وهذا هدب ردائه، فعمدوا فقطعوا الشجرة، وهو فيها بالمناشير، وليس تجد يهوديا .تلك الهدبة في ردائه، فلما ولد عيسى لم يبق في األرض صنم يعبد من دون اهللا إال أصبح ساقطا لوجههإال

حدثني عبد الصمد بن : حدثنا إسماعيل ابن عبد الكريم، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثني المثنى، قالم لما أعلمه اهللا أنه خارج من الدنيا جزع من الموت، وشق إن عيسى بن مريم عليه السال: معقل، أنه سمع وهبا يقول

عليه، فدعا الحواريين، فصنع لهم طعاما، فقال احضروني الليلة، فإن لي إليكم حاجة، فلما اجتمعوا إليه في الليل، موا ذلك عشاهم وقام يخدمهم، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده، ويمسح أيديهم بثيابه، فتعاظ

أما ما : أال من رد على شيئا الليلة مما أصنع فليس مني وال أنا منه فأقروه حتىإذا فرغ من ذلك قال: وتكارهوه، فقالصنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام، وغسلت أيديكم بيدي، فليكن لكم بي أسوة، فإنكم ترون أني خيرآم، وال

وأما حاجتي التي أستعينكم عليها، . سه لبعض، آما بذلك نفسي لكميتعظم بعضكم على بعض، وليبذل بعضكم نففتدعون اهللا لي، وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي، فلما نصبوا أنفسهم للدعاء، وأرادوا أن يجتهدوا، أخذهم النوم،

: فيها؟ قالوا سبحان اهللا ما تصبرون لي ليلة واحدة حتى تعينوني: حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم، ويقوليذهب : واهللا ما ندري ما لنا؟ لقد آنا نسمر فنكثر السمر، ومانطيق الليلة سمرا، ومانريد دعاء إال حيل بيننا وبينه فقال

الحق ليكفرن بي أحدآم، قبل أن يصيح : وجعل يأتي بكالم نحو هذا، ينهى به نفسه، ثم قال. بالراعي وتتفرق الغنمفخرجوا فتفرقوا، وآان اليهود تطلبه، فأخذوا . أحدآم بدراهم يسيرة، وليأآلن ثمني الديك ثالث مرات، وليبيعننيما أنا بصاحبه، فترآوه، ثم أخذه آخر فجحد آذلك، ثم : هذا من أصحابه، فجحد وقال: شمعون، أحد الحواريين، فقالوا

لي إن دللتكم على المسيح؟ ما تجعلون: سمع صوت ديك، فبكى، فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود، فقالفأخذوه، فاستوثقوا منه، وربطوه بالحبل، -وآان شبه عليهم قبل ذلك -فجعلوا له ثالثين درهما، فأخذها ودلهم عليه

أنت آنت تحيي الموتى، وتنتهر الشيطان، وتبرئ المجنون، أفال تفتح نفسك من هذا الحبل : فجعلوا يقودونه، ويقولونون عليه الشوك، حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها، فرفعه اهللا إليه، وصلبوا ما ويبصقون عليه، ويلقجاءتا تبكيان عند -التي آان عيسى يداويها فأبرأها اهللا من الجنون -ثم إن أمه والمرأة . شبه لهم، فكمث سبعا

إني قد رفعني اهللا إليه، ولم : عليك، فقال: على من تبكيان؟ فقالتا: المصلوب، فجاءهما عيسى عليه السالم، فقاليصبني إال خير، وإن هذا شيء شبه لهم، فأمرا الحواريين أن يلقوني إلى مكان آذا وآذا، فلقوه إلى ذلك المكان أحد

إنه ندم على ما صنع، فاختنق وقتل نفسه، : عشر، وفقد الذي آان باعه، ودل عليه اليهود، فسأل عنه أصحابه، فقالواهو معكم، فانطلقوا فإنه سيصبح آل إنسان : لو تاب تاب اهللا عليه ثم سألهم عن غالم يتبعهم يقال له يحيى، فقال: لفقا

.منكم يحدث بلغة قوم فلينذرهم وليدعهم

توفي اهللا عيسى : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن ال يتهم، عن وهب بن منبه اليماني، قال: حدثنا ابن حميد، قال

.الث ساعات من النهار، حتى رفعه اهللا إليهبن مريم ث

والنصارى يزعمون أنه توفاه اهللا سبع ساعات من النهار، ثم :حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: حدثنا ابن حميد، قالاهبط، فأنزل على مريم المجدالنية في جبلها، فإنه لم يبك عليك أحد بكاءها، ولم يحز عليك أحد : أحياه اهللا، فقال له

، ثم لتجمع لك الحواريين، فبثهم في األرض دعاة إلى اهللا، فإنك لم تكن فعلت ذلك، فأهبطه اهللا عليها، فاشتعل حزنهاالجبل حين هبط نورا، فجمعت له الحواريين، فبثهم وأمرهم، أن يبلغوا الناس عنه ما أمره اهللا به، ثم رفعه اهللا إليه،

طعم والمشرب، فطار في المالئكة وهو معهم حول العرش، فكان فكساه الريش، وألبسه النور، وقطع عنه لذة المإنسيا ملكيا سمائيا أرضيا، وتفرق الحواريون حيث أمرهم، فتلك الليلة التي أهبط فيها الليلة التي تدخن فيها

.النصارى

وآان من - بولس وآان ممن وجه من الحواريين واألتباع الذين آانوا في األرض بعدهم، فطرس الحواري ومعهوهي فيما نرى - إلى رومية، وأندراييس ومثى إلى األرض التي يأآل أهلها الناس -األتباع، ولم يكن من الحواريين

وتوماس إلى أرض بابل من أرض المشرق، وفيلبس إلى القيروان وقرطاجنة، وهي إفريقية، ويحنس إلى -لألساود بس إلى أوريشليم، وهي إيليا بيت المقدس، وابن تلما إلى العرابية، وهي دفسوس، قرية الفتية أصحاب الكهف، ويعقو

إلى أريوبس، جعل مكان -ولم يكن من الحواريين -أرض الحجاز، وسيمن إلى أرض البربر دون أفريقية، ويهوذا .يوذس زآريا يوطا، حين أحدث ما أحدث

236

بن عبد اهللا بن عروة بن الزبير، عن ابن سليم حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عمر ا: حدثنا ابن حميد، قال - جبل بالعقيق من ناحية المدينة -آان على امرأة منا نذر، لتظهرن على رأس الجماء : األنصاري، ثم الزرقي، قال

فظهرت معها، حتى إذا استوينا على رأس الجبل، إذا قبر عظيم، عليه حجران عظيمان، حجر عند رأسه : قالفيهما آتاب بالمسند، ال أدري ما هو؟ فاحتملت الحجرين معي، حتى إذا آنت ببعض الجبل منهبطا وحجر عند رجليه

هل يعرفون آتابه؟ فلم يعرفوه، وعرضته : ثقال علي، فألقيت أحدهما وهبطت باآلخر، فعرضته على أهل السريانيةما لم أجد أحدا ممن يعرفه ألقيته تحت فل: قال. على من يكتب بالزبور من أهل اليمن، ومن يكتب بالمسند فلم يعرفوه

هل لكم من آتاب؟ : تابوت لنا، فمكث سنين، ثم دخل علينا ناس من أهل ماه من الفرس يبتغون الخرز، فقلت لهمهذا قبر رسول اهللا عيسى بن مريم عليه السالم : نعم، فأخرجت إليهم الحجر، فإذا هم يقرؤونه، فإذا هو بكتابهم: فقالوا

.البالد، فإذا هم آانوا أهلها في ذلك الزمان، مات عندهم فدفنوه على رأس الجبل إلى أهل هذه

ثم عدوا على بقية الحواريين يشمسونهم ويعذبونهم، وطافوا : حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا ابن حميد، قال

ال آان في هؤالء الناس الذين إن رج: فقيل له -وآانوا تحت يديه، وآان صاحب وثن - بهم، فسمع بذلك ملك الروم تحت يديك من بني إسرائيل عدوا عليه فقتلوه، وآان يخبرهم أنه رسول اهللا، قد أراهم العجائب، وأحيا لهم الموتى،

ويحكم : قال. وأبرأ لهم األسقام، وخلق لهم من الطين آهئية الطير، ونفخ فيه فكان طائرا بإذن اهللا، وأخبرهم بالغيوبثم بعث إلى الحواريين، . ذآروا هذا لي من أمره وأمرهم فواهللا لو علمت ما خليت بينهم وبينهفما منعكم أن ت

فانتزعهم من أيديهم، وسألهم عن دين عيسى وأمره، فأخبروه خبره، فتابعهم على دينهم، واستنزل سرجس فغيبه، رائيل، فقتل منهم قتلى آثيرة، فمن وأخذ خشبته التي صلب عليها، فأآرمها وصانها لما مسها منه، وعدا على بني إس

.هنالك آان أصل النصرانية في الروم

وذآر بعض أهل األخبار أن مولد عيسى عليه السالم آان لمضي اثنتين وأربعين سنة من ملك أغوسطوس، وأن

.وأياما: قال بعضهم -أغوسطوس عاش بعد ذلك بقية ملكه، وآان جميع ملكه ستا وخمسين سنة

ليهود بالمسيح، والرياسة ببيت المقدس في ذلك الوقت ليقصر، والملك على بيت المقدس من قبل و وثبت ا: قال

قيصر هيردوس الكبير الذي دخلت عليه رسل ملك فارس الذين وجههم الملك إلى المسيح، فصار إلى هيردوس بان، وأنهم نظروا إلى غلطا، وأخبروه أن ملك فارس بعث بهم ليقربوا إلى المسيح ألطافا معهم من ذهب ومر ول

فلما عرف هيردوس خبرهم آاد . نجمه قد طلع، فعرفوا ذلك بالحساب وقربوا األلطاف إليه ببيت لحم من فلسطينالمسيح، فطلبه ليقتله، فأمر اهللا الملك أن يقول ليوسف الذي آان مع مريم في الكنيسة ما أراد هيردوس من قتله،

إن هيردوس قد مات، : ر، فلما مات هيردوس قال الملك ليوسف وهو بمصروأمره أن يهرب بالغالم وأمه إلى مصوملك مكانه أرآالوس ابنه، وذهب من آان يطلب نفس الغالم، فانصرف به إلى ناصرة من فلسطين ليتم قول شعيا

ومات أرآالوس، وملك مكانه هيردوس الصغير، الذي صلب شبه المسيح في واليته، . من مصر دعوتك: النبينت الرياسة في ذلك الوقت لملوك اليونانية والروم، وآان هيردوس وولده من قبلهم، إال أنهم آانوا يلقبون باسم وآا

الملك، وآان الملوك الكبار يلقبون بقيصر، وآان ملك بيت المقدس في وقت الصلب لهيردوس الصغير من قبل فيالطوس من قبل قيصر، وآانت : له طيباريوس بن أغوسطوس دون القضاء، وآان القضاء لرجل رومي يقال

.رياسة الجالوت ليونن بن بهبوثن

أيشوع بن فنديرا وآان ملك طيبا ريوس : وذآروا أن الذي شبه بعيسى وصلب مكانه رجل إسرائيلي، يقال له: قال .لك خمس سنينثالثا وعشرين سنة وأياما منها إلى وقت ارتفاع المسيح ثماني عشرة سنة وأيام، ومنها بعد ذ

ذآر من ملك من الروم أرض الشام

بعد رفع المسيح عليه السالم إلى عهد النبي صلى اهللا عليه وسلم في قول النصارى

237

زعموا أن ملك الشام من فلسطين وغيرها صار بعد طيباريوس إلى جايوس بن طيباريوس، وأن ملكه : قال أبو جعفر .آان أربع سنين

.قلوديوس أربع عشرة سنة: يقال لهثم ملك بعده ابن له آخر،

.ثم ملك بعده نيرون، الذي قتل فطرس وبولس، وصلبه منكسا، أربع عشرة سنة .ثم ملك بعده بوطاليوس، أربع أشهر

ولمضي ثالث سنين من ملكه وتمام . ثم ملك بعده أسفسيانوس أبو ططوس الذي وجهه إلى بيت المقدس عشر سنينعليه السالم وجه أسفسيانوس ابنه ططوس إلى بيت المقدس، حتى هدمه وقتل من أربعين سنة من وقت رفع عيسى .قتل من بني إسرائيل غضبا للمسيح

.ثم ملك بعده ططوس بن أسفسيانوس، سنتين .ثم من بعده دو مطيانوس، ست عشرة سنة

.ثم من بعده نارواس، ست سنين .ثم من بعده طرايانوس، تسع عشرة سنة

.وس، إحدى وعشرين سنةثم من بعده هدر يان .ثم ملك من بعده ططورس بن بطيانوس، اثنتين وعشرين سنة

.ثم من بعده مرقوس وأوالده، تسع عشرة سنة .ثم من بعده قوذوموس، ثالث عشرة سنة

.ثم من بعده فرطناجوس، ستة أشهر .أربع عشرة سنة. ثم من بعده سبروس

.ثم من بعده أنطنياوس، سبع سنين .قيانوس، ست سنينثم من بعده مر

.ثم بعده أنطنيانوس، أربع سنين .ثم الحسندروس، ثالث عشرة سنة

.ثم غسميانوس، ثالث سنين .ثم جورديانوس، ست سنين .ثم بعده فليفوس، سبع سنين

.ثم داقيوس، ست سنين .ثم قالوس، ست سنين

.ثم بعده والرييانوس وقاليونس، خمس عشرة سنة .ثم قلوديس، سنة

.ه قريطاليوس، شهرينثم من بعد .ثم أورليانوس، خمس سنين .ثم طيقطوس، ستة أشهر

.ثم فولوريوس، خمسة وعشرين يوما .ثم فرابوس، ست سنين

.ثم قوروس وابناه، سنتين .ثم دوقلطيانوس، ست سنين

.ثم محسميانوس، عشرين سنة .ثم قسطنطينوس، ثالثين سنة .ثم قسطنطين، ثالثين سنة

.سنةثم قسطنطين عشرين .ثم اليانوس المنافق، سنتين

.ثم يويانوس، سنة .ثم والمطيانوس وغرطيانوس، عشر سنين

238

.ثم خرطانوس ووالنطيانوس الصغير، سنة .ثم تياداسيس األآبر، سبع عشرة سنة .ثم أرقديوس وأنوريوس، عشرين سنة

.ثم تياداسيس األصغر ووالنطيانوس ست عشرة سنة .ثم مرقيانوس، سبع سنين

.الون، ست عشرة سنةثم .ثم زانون، ثماني عشرة سنة، ثم أنسطاس، سبعا وعشرين سنة

.ثم يوسطنيانوس، سبع سنين .ثم يوسطنيانوس الشيخ، عشرين سنة

.ثم بوسطينس اثنتي عشرة سنة .ثم طيباريوس، ست سنين

.ثم مريقيس وتاذاسيس ابنه، عشرين سنة .ثم فوقا الذي قتل، سبع سنين وستة أشهر

.هرقل الذي آتب إليه رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، ثالثين سنةثم ألف سنة ونيف، ومن ملك اإلسكندر - على قولهم -فمن لدن عمر بيت المقدس بعد تخريبه بختنصر إلى الهجرة

ومن . إليها تسعمائة سنة ونيف وعشرون سنة، من ذلك من وقت ظهوره إلى مولد عيسى ثالثمائة سنة وثالث سنين .مولده إلى ارتفاعه اثنتان وثالثون سنة، ومن وقت ارتفاعه إلى الهجرة خمسمائة وخمس وثمانون سنة وأشهر

وزعم بعض أصحاب األخبار أن قتل بني إسرائيل يحيى بن زآرياء آان في عهد أردشير بن بابك لثماني سنين .ابور الجنود ابن أردشير بن بابكخلت من ملكه، وأن بختنصر إنما صار إلى الشأم لقتال اليهود من قبل س

نزول قبائل العرب الحيرة واألنبار أيام ملوك الطوائف

دنو من دنا من - فيما ذآر هشام بن محمد - وآان من األحداث أيام ملوك الطوائف إلى قيام أردشير بن بابك بالملك .ي ذلكقبائل العرب من ريف العراق ونزول من نزل منهم الحيرة واألنبار وما حوال

لما مات بختنصر انضم الذين آان أسكنهم الحيرة من العرب حين أمر بقتالهم إلى : فحدثت عن هشام بن محمد، قالأهل األنبار وبقي الحير خرابا، فغبروا بذلك زمانا طويال، ال تطلع عليهم طالعة من بالد العرب، وال يقدم عليهم

يهم من أهل الحيرة من قبائل العرب من بني إسماعيل وبني معد بن عدنان؛ فلما قادم، وباألنبار أهلها ومن انضم إلآثر أوالد معد بن عدنان ومن آان معهم من قبائل العرب، وملئوا بالدهم من تهامة وما يليهم، فرقتهم حروب وقعت

ارف الشأم، وأقبلت منهم بينهم، وأحداث حدثت فيهم، فخرجوا يطلبون المتسع والريف فيما يليهم من بالد اليمن ومشقبائل حتى نزلوا البحرين، وبها جماعة من األزد آانوا نزلوها في دهر عمران بن عمرو، من بقايا بني عامر، وهو

.ماء السماء بن حارثة، وهو الغطريف بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن األزد

بن تيم اهللا بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن وآان الذين أقبلوا من تهامة من العرب مالك وعمرو ابنا فهم

عمران بن الحاف بن قضاعة، ومالك بن زهير بن عمرو بن فهم بن تيم اهللا بن أسد بن وبرة، في جماعة من قومهم، ولحق بهم غطفان بن عمرو بن الطمثان بن . والحيقار بن الحيق بن عمير بن قنص بن معد بن عدنان، في قنص آلها

بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن إياد بن نزار بن معد بن عدنان، وزهير بن الحارث بن الشلل بن زهر بن عوذ مناة .إياد وصبح، بن صبيح بن الحارث بن أفصى بن دعمي بن إياد

وتعاقدوا على التوازر والتناصر، - وهو المقام -فاجتمع بالبحرين جماعة من قبائل العرب، فتحالفوا على التنوخ

وتنخ عليهم بطون : قال .االسم، آأنهم عمارة من العمائر ا يدا على الناس، وضمهم اسم تنوخ، فكانوا بذلكفصاروودعا مالك بن زهير جذيمة األبرش بن مالك بن فهم بن غانم بن دوس األزدي إلى التنوخ : قال. من نمارة بن لخم

ممن آان بها من قومهم من األزد، فصار مالك معه، وزوجه أخنه لميس ابنة زهير، فتنخ جذيمة بن مالك وجماعة وآان اجتماع من اجتمع من قبائل العرب .ئر تنوخ، وآلمة تنوخ آلها واحدةوعمرو ابنا فهم األزد حلفاء دون سا

بالبحرين وتحالفهم وتعاقدهم أزمان ملوك الطوائف الذين ملكهم اإلسكندر، وفرق البلدان بينهم عند قتله دارا بن دارا

239

ارس، إلى أن ظهر أردشير بن بابك ملك فارس على ملوك الطوائف، وقهرهم ودان له الناس، وضبط له ملك ف .الملك

وإنما سموا ملوك الطوائف؛ ألن آل ملك منهم آان ملكه قليال من األرض، إنما هي قصور وأبيات، وحولها : قال

.ى صاحبه ثم يرجع آالخطفةخندق وعدوه قريب منه، له من األرض مثل ذلك ونحوه، يغير أحدهما علفتطلعت أنفس من آان بالبحرين من العرب إلى ريف العراق، وطمعوا في غلبة األعاجم على ما يلي بالد : قال

العرب منه أو مشارآتهم فيه، واهتبلوا ما وقع بين ملوك الطوائف من االختالف، فأجمع رؤساؤهم بالمسير إلى ذلك؛ فكان أول من طلع منهم الحيقار بن الحيق في جماعة قومه العراق، ووطن جماعة ممن آان معهم على

يقاتلون األردوانيين، -وهم الذين بأرض بابل وما يليها إلى ناحية الموصل - وأخالط من الناس، فوجدوا األرمانيين م تدن لهم، فل -وهي قرية من سواد العراق إلى األبلة وأطراف البادية -وهم ملوك الطوائف؛ وهم فيما بين نفر

وآان يقال لعاد إرم، فلما هلكت قيل لثمود إرم، ثم سموا األرمانيين؛ وهم بقايا إرم، وهم : قال .فدفعوهم عن بالدهم .إرم: ويقال لدمشق. نبط السواد

فارتفعوا عن سواد العراق وصاروا أشالء بعد في عرب األنبار وعرب الحيرة، فهم أشالء قنص بن معد، : قال

.عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سعود بن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم وإليهم ينسبإن : وهذا قول مضر وحماد الرواية؛ وهو باطل، ولم يأت في قنص بن معد شيء أثبت من قول جبير بن مطعم

.النعمان آان من ولده

ير الطعام، وآانت تسمى األهراء، ألن آسرى يرزق وإنما سميت األنبار أنبار ألنها آانت تكون فيها أناب: قال

.أصحابه رزقهم منها

ثم طلع مالك وعمرو، ابنا فهم بن تيم اهللا، ومالك بن زهير بن فهم بن تيم اهللا، وغطفان بن عمرو بن الطمثان، : قالر، على ملك األرمانيين، وزهير بن الحارث وصبح بن صبيح؛ فيمن تنح عليهم من عشائرهم وحلفائهم على األنبا

وملكان بن آندة، ومالك وعمرو -وهم قبيلة من العماليق يدعون إلى آندة -والنجدة -فطلع نمارة بن قيس بن نمارة ابنا فهم ومن حالفهم، وتنح معهم على نفر على ملك اآلردوانيين، فأنزلهم الحير الذي آان بناه بختنصر لتجار العرب

ين أمر بغزو العرب في بالدهم، وإدخال الجيوش عليهم، فلم تزل طالعة األنبار وطالعة نفر الذين وجدوا بحضرته حفي - وهو أسعد أبو آرب بن ملكيكرب - على ذلك، ال يدينون لألعاجم، وال تدين لهم األعاجم؛ حتى قدمها تبع

لرجوع إلى بالده، وانضموا إلى جيوشه، فخلف بها من لم تكن به قوة من الناس، ومن لم يقو على المضي معه، وال اهذا الحير، واختلطوا بهم؛ وفي ذلك يقول آعب بن جعيل بن عجرة بن قمير بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن

:حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل نزل الحيرة من أهل عدن... وغزا تبع في حمير حتى

على حالهم، وانصرف راجعا إلى اليمن، وفيهم من آل القبائل من وخرج تبع سائرا ثم رجع إليهم، وأقاموا فأقرهم

قال ابن . يعني بقايا جرهم - بني لحيان؛ وهم بقايا جرهم؛ وفيهم جعفي، وطئ، وآلب، وتميم؛ وليسوا إال بالحيرة .لحيان بقايا جرهم: الكلبي

ه، إلى ناحية األنبار وما واالها في ونزل آثير من تنوخ األنبار والحيرة وما بين الحيرة إلى طف الفرات وغربي

المظال واألخبية، ال يسكنون بيوت المدر، وال يجامعون أهلها فيها، واتصلت جماعتهم فيما بين األنبار والحيرة، وآانوا يسمون عرب الضاحية؛ فكان أول من ملك منهم في زمان ملوك الطوائف مالك بن فهم، وآان منزله مما يلي

ثم هلك عمرو بن فهم، فملك من بعده جذيمة األبرش بن . الك، فملك من بعده أخوه عمرو بن فهمثم مات م. األنبار .مالك بن فهم بن غنم بن دوس األزدي

240

دوس بن عدثان بن عبد اهللا بن نصر بن زهران بن آعب بن الحارث بن آعب بن عبد اهللا بن مالك : قال ابن الكلبي .زيد بن آهالن بن سبأبن نصر بن األزد بن الغوث بن مالك بن

: قال. ويقال إن جذيمة األبرش من العاربة األولى، من بني وبار بن أميم بن لوذ بن سام بن نوح: قال ابن الكلبي

وآان جذيمة من أفضل ملوك العرب رأيا، وأبعدهم مغارا، وأشدهم نكاية، وأظهرهم حزما، وأول من استجمع له وغزا بالجيوش، وآان به برص، فكنت العرب عنه، وهابت العرب أن الملك بأرض العراق؛ وضم إليه العرب،جذيمة الوضاح، وجذيمة األبرش؛ وآانت مناوله فيما بين الحيرة واألنبار : تسميه به وتنسبه إليه إعظاما له، فقيل

ه األموال، وبقة وهيت وناحيتها، وعين التمر، وأطراف البر إلى الغوير والقطقطانة وخفية وما واالها، تجبى إليوتفد إليه الوفود، وآان غزا طسما وجديسا في منازلهم من جو وما حولهم؛ وآانت طسم وجديس يتكلمون بالعربية،

فأصاب حسان بن تبع أسعد أبي آرب، قد أغار على طسم وجديس باليمامة، فانكفأ جذيمة راجعا بمن معه، وتأتي :خبرهم، فقال جذيمة خيول تبع على سرية لجذيمة فاجتاحتها، وبلغ جذيمة

ترفعن بردي شماالت... ربما أوفيت في علم

في باليا غزوة باتوا... في فتو أنا آالئهم وأناس بعدنا ماتوا... ثم أبنا غانمي نعم

إذ ممر القوم خوات... نحن آنا في ممرهم نحن أدلجنا وهم باتوا... ليت شعري ما أماتهم قائل صاتوا قال منا... ولنا آانوا ونحن إذا أهلها السودان أشتات... ولنا البيد البعاد التي

ذاآم قومي وأهالتي... ثبة األخيار شاهدة ناعما في غير أصوات... قد شربت الخمر وسطهم

فستبكيني بنياتي... فعلى ما آان من آرم غير ربي الكافت الفات... أنا رب الناس آلهم

.أرواحهم، والفات الذي يفيتهم أنفسهم؛ يعني اهللا عز وجل يعني بالكافت الذي يكفتوفي مغازيه وغاراته على األمم الخالية من العاربة األولى : ثالثة أبيات منها حق، والبقية باطل قال: قال ابن الكلبي

:يقول الشاعر في الجاهلية قد حاز ما جمعت في دهرها عاد... أضحى جذيمة في يبرين منزله

وآان - ومكان الضيزنين بالحيرة معروف : قال -الضيزنان : مة قد تنبأ وتكهن، واتخذ صنمين؛ يقال لهمافكان جذييستسقي بهما ويستنصر بهما على العدو، وآانت إياد بعين أباغ، وأباغ رجل من العماليق، نزل بتلك العين، فكان

دي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن يغازيهم؛ فذآر لجذيمة غالم من لخم في أخواله من إياد يقال له عسعود بن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم، له جمال وطرف، فغزاهم جذيمة، فبعث إياد قوما فسقوا سدنة الصنمين

إن صنميك أصبحا فينا، زهدا فيك ورغبة فينا؛ فإن : الخمر، وسرقوا الصنمين، فأصبحا في إياد، فبعث إلى جذيمة .زونا رددناهما إليكأوثقت لنا أال تغ

فدفعوه إليه مع الصنمين، فانصرف عنهم، وضم عديا إلى نفسه، وواله شرابه، . وعدي بن نصر تدفعونه إلي: قاليا عدي، اخطبني إلى الملك، فإن لك حسبا : فأبصرته رقاش ابنة مالك أخت جذيمة، فعشقته وراسلته، وقالت

إذا جلس على شرابه، وحضره : ال أطمع أن يزوجنيك، قالتال أجترئ على آالمه في ذلك، و: وموضعا، فقالندماؤه، فاسقه صرفا، واسق القوم مزاجا، فإذا أخذت الخمرة فيه، فاخطبني إليه، فإنه لن يردك، ولن يمتنع منك؛ فإذا

رف إليها، زوجك فأشهد القوم؛ ففعل الفتى وما أمرته به، فلما أخذت الخمرة مأخذها خطبها إليه، فأملكه إياها، فانصآثار : ما هذه اآلثار يا عدي؟ قال: وأنكر ما رأى به - فأعرس بها من ليلته، وأصبح مضرجا بالخلوق، فقال له جذيمة

زوجنيها الملك، فضرب جذيمة بيده على : قال! من زوجكها ويحك: قال! عرس رقاش: قال! العرس، قال أي عرسعلى وجهه هاربا، فلم ير أثر، ولم يسمع له بذآر، وأرسل إليه جبهته، وأآب على األرض ندامة وتلهفا، وخرج عدي

:جذيمة، فقال

241

!أبحر زنيت أم بهجين... حدثيني وأنت ال تكذبيني

أم بدون فأنت أهل لدون... أم بعبد فأنت أهل لعبد

؛ فكف عنها، ال بل أنت زوجتني امرأ عربيا، معروقا حسيبا، ولم تستأمرني في نفسي، ولم أآن مالكة ألمري: فقالت

.وعرف عذرها

ورجع عدي بن نصر إلى إياد، فكان فيهم، فخرج ذات يوم مع فتية متصيدين، فرمى به فتى منهم من لهب فيما بين

جبلين، فتنكس فمات، واشتملت رقاش على حبل، فولدت غالما، فسمته عمرا ورشحته؛ حتى إذا ترعرع عطرته رآه أعجب به، وألقيت عليه منه مقة ومحبة، فكان يختلف مع ولده، ويكون وألبسته وحلته، وأزارته خاله جذيمة، فلما

فخرج جذيمة متبديا بأهله وولده في سنة خصبة مكلئة، فضربت له أبنية في روضة ذات زهرة وغدر، وخرج . معهمفي حجزته ولده وعمرو ومعهم يجتنون الكمأة، فكانوا إذا أصابوا آمأة جيدة أآلوها، وإذا أصابها عمرو خبأها

:فانصرفوا إلى جذيمة يتعادون، وعمر ويقول

إذ آل جان يده إلى فيه... هذا جناي وخياره فيه

فضمه إليه جذيمة والتزمه، وسر بقوله وفعله، وأمره فجعل له حلى من فضة وطرق، فكان أول عربي ألبس طوقا،

الجن فاستهوته، فضرب له جذيمة في البلدان فكان يسمى عمرا ذا الطوق، فبينما هو على أحسن حاله، إذا استطارته مالك وعقيل، ابنا فارج بن مالك بن : يقال لهما -وأقبل رجالن أخوان من بلقين : قال. واآلفاق زمانا ال يقدر عليه

من -آعب بن القين بن جسر ابن شيع اهللا بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة أم : جذيمة، قد أهديا له طرفا ومتاعا، فلما آان ببعض الطريق نزال منزال، ومعهما فينة لهما يقال لهاالشام يريدان

عمرو، فقدمت إليهما طعاما، فبينما هما يأآالن إذ أقبل فتى عريان شاحب، قد تلبد شعره، وطالت أظفاره، وساءت : " القينة آراعا، فأآلها ثم مد يده إليها، فقالت حاله، فجاء حتى جلس حجرة منهما، فمد يده يريد الطعام، فناولته

، فذهبت مثال، ثم ناولت الرجلين من شراب آان معها، وأوآت زقها، فقال " تعطى العبد آراعا فيطمع في الذراع :عمر بن عدي

وآان الكأس مجراها اليمينا... صددت الكأس عنا أم عمر !الذي ال تصحبينابصاحبك ... ما شر الثالثة أم عمرو

إن تنكراني أو تنكرا نسبي، فإني أنا عمرو بن عدي، ابن تنوخية، اللخمى، : من أنت يا فتى؟ فقال: فقال مالك وعقيل

فنهضا إليه فضماه وعسال رأسه، وقلما أظفاره، وأخذا من شعره وألبساه مما .دا ما ترياني في نمارة غير معصىوغ. آنا لنهدي لجذيمة هدية أنفس عنده، وال أحب إليه من ابن أخته، قد رده اهللا عليه بناما : آان معهما من الثياب وقاال

: فخرجا به، حتى دفعا إلى باب جذيمة بالحيرة، فبشراه، فسر بذلك سرورا شديدا، وأنكره لحال ما آان فيه، فقااللقد رأيته يوم : اما ثم أعادته إليه، فقالفأرسل به إلى أمه، فمكث عندها أي .إن من آان في مثل حاله يتغير! نأبيت اللع

شب عمرو : ذهب وعليه طوق، فما ذهب عن عيني وال قلبي إلى الساعة، فأعادوا عليه الطوق، فلما نظر إليه قالفهما ندمانا جذيمة ! حكمنا منادمتك ما بقينا وبقيت: حكمكما، قاال: عن الطوق، فأرسلها مثال، وقال لمالك وعقيل

:ثال في أشعار العرب، وفي ذلك يقول أبو خراش الهذلياللذان ضربا م

وإن ثوائي عندها لقليل... لعمرك ما ملت آبيشة طلعتي

نديما صفاء مالك وعقيل... ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا

242

:وقال متمم بن نويرة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا... وآنا آندماني جذيمة حقبة

لطول اجتماع لم نبت ليلة معا ...فلما تفرقنا آأني ومالكا

وآان ملك العرب بأرض الجزيرة ومشارف بالد الشام عمرو بن ظرب ابن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر

ويقال العمليق، من عاملة العماليق، فجمع جذيمة جموعا من العرب، فسار إليه يريد غزاته، وأقبل عمرو - العملق وا، فاقتتلوا قتاال شديدا، فقتل عمرو بن ظرب، وانفضت جموعه، وانصرف جذيمة بن ظرب بجموعه من الشام، فالتق

:بمن معه سالمين غانمين، فقال في ذلك األعور بن عمرو بن هناءة بن مالك بن فهم األزدي

ولم تكن حوله الرايات تختفق... آأن عمرو بن ثربى لم يعش ملكا

لنيران ترتشقفيها حراشف با... القى جذيمة في جاواء مشعلة

:فملكت من بعد عمرو ابنته الزباء واسمها نائلة، وقال في ذلك القعقاع بن الدرماء الكلبي

وبين مجر نائلة القديم... أتعرف منزال بين المنقى

وآان جنود الزباء بقايا من العماليق والعاربة األولى، وتزيد وسليح ابنى حلوان ابن عمران بن الحاف بن قضاعة،

ن معهم من قبائل قضاعة، وآانت للزباء أخت يقال لها زبيبة، فبنت لها قصرا حصينا على شاطئ الفرات ومن آافلما أن استجمع لها أمرها، واستحكم لها . الغربي، وآانت تشتو عند أختها، وتربع ببطن النجار، وتصير إلى تدمر

يا : وآانت ذات رأي ودهاء وإرب -ها زبيبة ملكها، أجمعت لغزو جذيمة األبرش تطلب بثأر أبيها، فقالت لها أختزباء، إنك إن غزوت جذيمة فإنما هو يوم له ما بعده إن ظهرت أصبت ثأرك وإن قتلت ملكك، والحرب سجال، وعثراتها ال تستقال، وإن آعبك لم يزل ساميا على من ناوأك وساماك، ولم ترى بؤسا وال غيرا، وال تدرين لمن

فقالت لها الزباء قد أديت النصيحة، وأحسنت الروية، وإن الرأي ما رأيت، ! تكون الدائرةتكون العاقبة، وعلى من فانصرفت عما آانت أجمعت عليه من غزو جذيمة، ورفضت ذلك، وأتت أمرها من وجوه الختل . والقول ما قلتأنها لم : ن فيما آتبت بهوآا. فكتبت إلى جذيمة تدعوه إلى نفسها وملكها، وأن يصل بالده ببالدها. والخدع والمكر

تجد ملك النساء إال إلى قبيح في السماع، وضعف في السلطان، وقلة ضبط المملكة، وإنها لم تجد لملكها موضعا، وال .لنفسها آفئا غيرك، فأقبل إلى، فاجمع ملكي إلى ملكك، وصل بالدي ببالدك، وتقلد أمري مع أمرك

يمة، وقدم عليه رسلها استخفه ما دعته إليه، ورغب فيما أطمعته فيه، وجمع إليه أهل فلما انتهى آتاب الزباء إلى جذالحجى والنهى، من ثقات أصحابه، وهو بالبقة من شاطئ الفرات، فعرض عليهم ما دعته إليه الزباء، وعرضته

هم رجل يقال له قصير وآان في. عليه، واستشارهم في أمره، فأجمع رأيهم على أن يسير إليها، ويستولي على ملكهاوآان سعد تزوج أمة لجذيمة، فولدت له قصيرا، وآان . بن سعد بن عمر جذيمة بن قيس بن ربى بن نمارة بن لخم

. رأى فاتر، وعذر حاضر، فذهبت مثال: أريبا حازما، أثيرا عند جذيمة، ناصحا، فخالهم فيما أشاروا به عليه، وقالاآتب إليها، : وقال لجذيمة. إني ألرى أمرا ليس بالخسا وال الزآا، فذهبت مثال :فرادوه الكالم ونازعوه الرأي، فقال

فلم يوافق . فإن آانت صادقة فلتقبل إليك، وإال لم تمكنها من نفسك، ولم تقع في حبالها، وقد وترتها، وقتلت أباها :جذيمة ما أشار به عليه قصير، فقال قصير

أتت دون شيء مرة الوذمإذا ... إن امرؤ ال يميل العجز ترويتي ال ولكنك امرؤ رأيك في الكن ال في الضح فذهبت مثال فدعا جذيمة ابن أخته عمرو بن عدي فاستشاره : فقال جذيمة

: إن نمارة قومي مع الزباء ولو قدروا لصاروا معك فأطاعه وعصى قصيرا فقال قصير: فشجعه على المسير وقال :ل بن حرى أين ضمرة بن جابر التميميال يطاع لقصير أمر، وفي ذلك يقول نهش

243

آعالم يطع بالبقتين قصير... ومولى عصاني واستبد برأيه

وولت بأعجاز االمور صدور... فلما رأى ما غب أمري وأمره وقد حدثت بعد األمور أمور... تمنى نئيشا أن يكون أطاعني

عمرو بن عدي على ملكه وسلطانه، وجعل عمرو ببقية أبرم األمر، فذهبت مثال، واستخلف جذيمة : " وقالت العرب

فلما نزل . بن عبد الجن الجرمي معه على خيوله، وسار في وجوه أصحابه، فأخذ على الفرات من الجانب الغربيببقية ترآت الرأي، فذهبت مثال، واستقبلته رسل الزباء بالهدايا : ما الرأي؟ قال: الفرضة دعا قصيرا، فقال

خطر يسير في خطب آبير، فذهبت مثال وستلقاك الخيول، فإن سارت : قصير آيف ترى؟ قاليا : واأللطاف، فقالأمامك فإن المرأة صادقة، وإن أخذت جنبيك وأحاطت بك من خلفك، فإن القوم غادرون، فارآب العصا وآانت فرسا

وبين العصا، فرآبها قصير، فلقيته الخيول والكتائب، فحالت بينه . فإني راآبها ومسايرك عليها -لجذيمة ال تجارى يا ضل ما تجرى به : ، فذهبت مثال، فقال!ويل أمة جزما على ظهر العصا: ونظر إليه جذيمة موليا على متنها، فقال

. وجرت به إلى غروب الشمس ثم نفقت، وقد قطعت أرضا بعيدة، فبنى عليها برجا يقال له برج العصا! العصا .مثل تضربه" صا خير ما جاءت به الع: " وقالت العرب

يا : وسار جذيمة، وقد أحاطت به الخيول، حتى دخل على الزباء، فلما رأته تكشفت فإذا هي مضفورة اإلسب، فقالت

أما وإلهي ما بنا من : بلغ المدى، وجف الثرى، وأمر غدر أرى، فقالت: جذيمة أدأب عروس ترى، فذهب مثال فقالإني أنبئت أن دماء الملوك شفاء من الكلب، : فذهبت مثال، وقالت" . اس عدم مواس، ال قلة أواس، ولكنه شيمة ما أن

ثم أجلسته على نطع، وأمرت بطست من ذهب، فأعدته له وسقته من الخمر حتى أخذت مأخذها منه، وأمرت وآانت - إن قطر من دمه شيء في غير الطست طلب بدمه : براهشيه فقطعا، وقدمت إليه الطست، وقد قيل لها

فلما ضعفت يداه سقطتا، فقطر من دمه من غير الطست، -ال تقتل بضرب األعناق إال في قتال، تكرمة للملك الملوكدعوا دما ضيعه أهله، فذهبت مثال، فهلك جذيمة واستبقت الزباء دمه، : ال تضيعوا دم الملك، فقال جذيمة: فقلت

العصا بين أظهرهم، حتى قدم على عمرو فجعلته في برس قطن في ربعة لها، وخرج قصير من الحي الذي هلكتال، بل ثائر سائر، فذهبت مثال، ووافق قصير الناس وقد : أداثر أم ثائر، قال: ابن عدي وهو بالحيرة، فقال له قصير

اختلفوا، فصارت طائفة منهم مع عمرو بن عبد الجن الجرمي، وجماعة منهم مع عمرو بن عدي، فاختلف بينهما :انقاد عمرو بن عبد الجن لعمرو بن عدي ومال إليه الناس، فقال عمرو بن عدي في ذلكقصير حتى اصطلحا، و

تتابع في غرب السفاه وآلما... دعوت ابن عبد الحن للسلم بعد ما مريت هواه مرى آم روائما... فلما أر عوى عن صدنا باعترامه :فقال عمرو بن عبد الجن مجيبا له

على قلة العزي أو النسر عندما... خالها أما ودماء ماثرات ت أبيل األبيلين المسيح بن مريما... وما قدس الرهبان في آل هيكل

: فقال قصير لعمرو بن عدي - لقد آان آذا وآذا : هكذا وجد الشعر ليس بتام، وآان ينبغي أن يكون البيت الثالث: قال

أمنع من عقاب الجو؟ فذهبت مثال، وآانت الزباء سألت وآيف لي بها وهي: قال. تهيأ واستعد، وال تطل دم خالكأرى هالآك بسبب غالم مهين، غير أمين، وهو عمرو بن عدي، ولن تموتي : آاهنة لها عن أمرها وملكها، فقالت

فحذرت عمرا، واتخذت نفقا من مجلسها الذي آانت تجلس فيه إلى . بيده، ولكن حتفك بيدك، ومن قبله ما يكون ذلكودعت رجال مصورا أجود أهل بالدها .إن فجأني أمر دخلت النفق إلى حصني: داخل مدينتها، وقالتحصن لها

سر حتى تقدم على عمرو بن عدي متنكرا، فتخلوا : تصويرا، وأحسنهم عمال لذلك، فجهزته وأحسنت إليه، وقالت له

244

له، ثم أثبت عمرو بن عدي معرفة، والثقافة . بشمه، وتنضم إليهم، وتخالطهم وتعلمهم ما عندك من العلم بالصور .وصوره جالسا وقائما، وراآبا ومتفضال، ومستلحا بهيئة ولبسته وثيابه ولونه، فإذا أحكمت ذلك، فأقبل إلي

فانطلق المصور حتى قدم على عمرو، وصنع الذي أمرته به الزباء، وبلغ ما أوصته به، ثم رجع إليها بعلم ما وجهته له، وأرادت أن تعرف عمرو بن عدي، فال تراه علىحال إال عرفته وحذرته، وعلمت له من الصور على ما وصفت

ما أنا بفاعل وما أنت : فقال عمرو. اجدع أنفى واضرب ظهري، ودعني وإياها: فقال قصير لعمرو بن عدي. علمه .فذهبت مثال" خل عني إذا وخالك ذم : " فقال قصير! لذلك بمستحق مني

فقال له عمرو، : بو الزباء اتخذ النفق لها وألختها، وآان الحصن ألختها في داخل مدينتها، قالآان أ: قال ابن الكلبي :، وفي ذلك يقول المتلمس" لمكر ما جدع أنفه قصير : " فقالت العرب. فجدع قصير أنفه، وأثر بظهره. فأنت أبصر

قصير وخاض الموت بالسيف بيهس... ومن حذر األوتار ماحز أنفه

3 :وقال عدي بن زيد" . ورام الموت : "ويروي

دع أشرافه لشكر قصير... آقصير إذ لم يجد غير أن ج

فلما أن جدع قصير أنفه وأثر تلك اآلثار بظهره، خرج آأنه هارب، وأظهر أن عمرا فعل به ذلك، وأنه يزعم أنه إن قصيرا بالباب، فأمرت به : قيل لهامكر بخاله جذيمة، وغره من الزباء، فسار قصير حتى قدم على الزباء، ف

زعم عمرو بن عدي : ما الذي أرى بك يا قصير؟ فقال: فأدخل عليها، فإذا أنفه قد جدع، وظهره قد ضرب، فقالتفأقبلت إليك، وعرفت أني ال ! وعششته وماألتك عليه، ففعل بي ما ترين. أني غررت خاله، وزينت له السير إليك

وأصابت عنده بعض ما أرادت من الحزم والرأي والتجربة . فألطفته وأآرمته. ه منكأآون مع أحد هو أثقل عليإن لي بالعراق أمواال آثيرة، وبها : والمعرفة بأمور الملوك، فلما عرفت أنها قد استرسلت إليه، ووثقت به، قال لها

ثيابها، وصنوف ما يكون طرائف وثياب وعطر، فابعثني إلى العراق ألحمل مالي وأحمل إليك من بزورها وطرائفبها من األمتعة والطيب والتجارات، فتصيبين في ذلك أرباحا عظاما،وبعض ما ال غنى بالملوك عنه، فإنه ال طرائف

انطلق إلى العراق، فبع بها ما : فلم يزل يزين لها ذلك حتى سرحته، ودفعت معه عيرا، فقالت! آطرائف العراقفسار قصير بما دفعت إليه حتى قدم العراق، . ا يكون بها من الثياب وغيرهاجهزناك به، وابتع لنا من طرائف م

جهزني بالبز والطرف واألمتعة، لعل اهللا : وأتى الحيرة متنكرا، فدخل على عمرو بن عدي، فأخبره بالخبر، وقاللك آله إلى فأعطاه حاجته، وجهزه بصنوف الثياب وغيرها، فرجع بذ. يمكن من الزباء فتصيب ثأرك، تقتل عدوك

الزباء، فعرضه عليها، فأعجبها ما رأت، وسرها ما أتاها به، وازدادت به ثقة، وإليه طمأنينة، ثم جهزته بعد ذلك بأآثر مما جهزته في المرة األولى، فسار حتى قدم العراق، ولقي عمرو بن عدي، وحمل من عنده ما ظن أنه موافق

ثم عاد الثالثة إلى العراق فأخبر عمر . متاعا قدر عليه إال حمله إليهللزباء، ولم يترك جهدا، ولم يدع طرفة وال وقصير أول من عمل : قال ابن الكلبي -إجمع لي ثقات أصحابك وجندك، وهيئ لهم الغرائر والمسوح : الخبر، وقال

مدينة الزباء وأحمل آل رجلين على بعير في غرارتين، وأجعل معقد رؤس الغرائر من باطنها، فإذا دخلوا -الغرائر اقمتك على باب نفقها، وخرجت الرجال من الغرائر، فصاحوا بأهل المدينة فمن قاتلهم قتلوه، وإن أقبلت الزباء تريد

.النفق جللتها بالسيف

ففعل عمرو بن عدي، وحمل الرجال في الغرائر على ما وصف له قصير، ثم وجه اإلبل إلى الزباء عليها الرجال

نوا قريبا من مدينتها، تقدم قصير إليها، فبشرها وأعلمها آثرة ما حمل إليها من الثياب والطرائف، وأسلحتهم، فلما آا. وسألها أن تخرج فتنظر إلى قطرات تلك اإلبل، وما عليها من األحمال، فإني جئت بما صاء وصمت فذهبت مثال

فخرجت الزباء . لنهار وسار الليلآان قصير يكمن النهار ويسير الليل وهو أول من آمن ا: وقال ابن الكلبي :يا قصير: فأبصرت اإلبل تكاد قوائمها تسوخ في األرض من ثقل أحمالها، فقالت

245

!أجندال يحملن أم حديدا! ... ما للجمال مشيها وئيدا !أم صرفانا باردا شديدا

، فنخس بها الغرائر التي فدخلت اإلبل المدينة، حتى آان آخرها بعيرا مر على بواب المدينة وهو نبطي بيده منخسة

في الجوالق شر : بشتابسقا: فقال البواب بالنبطية بشتابسقا يعني بقوله. تليه فتصيب خاصرة الرجل الذي فيها، فضرطوأرعب قلبا، فذهبت مثال، فلما توسطت اإلبل المدينة أنيخت، ودل قصير عمرا على باب النفق قبل ذلك، وأراه إياه،

بأهل المدينة؟ ووضعوا فيهم السالح، وقام عمرو بن عدي على باب النفق، : ئر، وصاحواوخرجت الرجال من الغراوأقبلت الزباء مولية مبادرة تريد النفق لتدخله، وأبصرت عمرا قائما، فعرفته بالصورة التي آان صورها لها

قاها عمرو بن عدي، بيدي ال بيدك يا عمرو، فذهبت مثال، وتل: وقالت -المصور فمصت خاتمها، وآان فيها سم فجللها بالسيف فقتلها، وأصاب ما أصاب من أهل المدينة، وانكفأ راجعا إلى العراق، فقال عدي بن زيد في أمر

:جذيمة وقصير والزباء وقتل عمرو بن عدي إياها قصيدته

تقادم عهدها أم قد بلينا... أبدلت المنازل أم عفينا

.إلى آخرها

:عوف السعدي وقال المخبل، وهو ربيعة بن

ولكل من يهوى الجماع فراق... يا عمرو إني قد هويت جماعكم

من ال يزايل بينه األخالق... بل آم رأيت الدهر زايل بينه

)1/257(

دورا ومشربة لها أنفاق... طابت به الزباء وقد جعلت لها من آل دومة رسلة معناق... حملت لها عمرا وال بخشونة

عضب يلوح آأنه مخراق... صارم حتى تفرعها بأبيض شعب الغبيط فحومتة فأفاق... وأبو حذيفة يوم ضاق بجمعه

ومن الجنود آتائب ورفاق... وله معد والعباد وطيئ جردا آأنه متونها اإلطالق... يهب النجائب والنزائع حوله

مما أفاء وال أفاد عتاق... فأتت عليه ساعة ما إن له رفد أميل إناؤه مهراق... ؤه فكأن ذلك يوم حم قضا

:وقال بعض شعراء العرب ونحن ختنا نبت زبا بمنجل... نحن قتلنا فقحال وابن راعن من التمر هذا أم حديد وجندل... فلما أتتها العير قالت أبارد

يس، عاد، وثمود، والعماليق، وطسم، وجد: واسمه بهرا من العرب العاربة، وهم عشرة أحياء -وقال عبد باجر

: -والسلف دخل في حمير : وأميم، والمود، وجرهم، ويقطن، والسلف قال

246

لقد رآبت مرآبا غير الوطى... ال رآبت رجلك من بين الدلى

إن آنت غضبي فاغضبي على الرآى... على العراقي بصفا من الطوى

.وعاتبي القيم عمرو بن عدي

ر بن ربيعة بن الحارث بن مالك بن عمرو بن نمارة بن فصار الملك بعد جذيمة البن أخته عمرو بن عدي بن نص

لحم، وهو أول من اتخذ الحيرة منزال من ملوك العرب، وأول من مجده أهل الحيرة في آتبهم من ملوك العرب بالعراق، وإليه ينسبون، وهم ملوك آل نصر، فلم يزل عمرو بن عدي ملكا حتى مات وهو ابن مائة وعشرين سنة،

مستبدا بأمره، يغزو المغازي ويصيب الغنائم،وتفد عليه الوفود دهره األطول، ال يدين لملوك الطوائف منفردا بملكه، .بالعراق، وال يدينون له، حتى قدم أردشير بن بابك في أهل فارس

وإنما ذآرنا في هذا الموضع ما ذآرنا من أمر جذيمة وابن أخته عمرو بن عدي لما آنا قدمنا من ذآر ملوك اليمن،

أنه لم يكن لملكهم نظام، وأن الرئيس منهم إنما آان ملكا على مخالفه ومحجره، ال يجاوز ذلك، فإن نزع منهم نازع، فإنما ذلك منه عن غير ملك له موطد، وال -وإن بعدت مسافة سيره من مخالفه -أو نبغ منهم نابغ فتجاوز ذلك

رد من المتلصصة، فيغير على الناحية باستغفاله أهلها، فإذا آلبائه، وال ألبنائه، ولكن آالذي يكون من بعض من يشقصده الطلب لم يكن له ثبات، فكذلك آان أمر ملوك اليمن، آان الواحد منهم بعد الواحد يخرج عن مخالفه ومحجره

أحيانا فيصيب مما يمر به ثم يتشمر عند خوف الطلب، راجعا إلى موضعه ومخالفه، من غير أن يدين له أحد من غير أهل مخالفه بالطاعة، أو يؤدي إليه خرجا، حتى آان عمرو ابن عدي الذي ذآرنا أمره، وهو ابن أخت جذيمة الذي اقتصصنا خبره، فإنه اتصل له ولعقبه وألسبابه الملك على ما آان بنواحي العراق وبادية الحجاز من العرب

من العرب، إلى أن قتل أبرويز بن هرمز النعمان بن باستعمال ملوك فارس إياهم على ذلك، وستكفأهم أمر من وليهمالمنذر، ونقل ما آانت ملوك فارس بجعلونه إليهم إلى غيرهم، فذآرنا ما ذآرنا من أمر حذيمة وعمرو ابن عدي من

أجل ذلك، إذ آنا نريد أن نسوق تمام التاريخ على ملك ملوك فارس، ونستشهد على صحة ما روي من أمرهم بما وآان أمر آل نصر بن ربيعة ومن آان من والة ملوك الفرس وعمالهم على ثغر .االستشهاد به عليها سبيال وجدنا إلى

.العرب الذين هم ببادية العراق عند أهل الحيرة متعالما مثبتا عندهم في آنائسهم وأسفارهم

نصر بن ربيعة، ومبالغ إني آنت أستخرج أخبار العرب وأنساب آل: وقد حدثت عن هشام بن محمد الكلبي أنه قال

.أعمار من عمل منهم آلل آسرى وتاريخ سنيهم من بيع الحيرة، وفيها ملكهم وأمورهم آلها

فأما ابن حميد، فإنه حدثنا في أمر ولد نصر بن ربيعة ومصيرهم إلى أرض العراق غير الذي ذآره هشام، والذي أن ربيعة بن نصر اللخمى رأى رؤيا نذآرها بعد : ض أهل العلمحدثنا به من ذلك عن سلمة، عن ابن إسحاق، عن بع

ثم ذآر في خبره ذلك أن -عند ذآر أمر الحبشة، وغلبتهم على اليمن وتعبير سطيح وشق وجوابهما عن رؤياه -ربيعة بن نصر لما فرغ من مسألة سطيح وشق وجوابهما إياه، وقع في نفسه أن الذي قاال له آائن من أمر الحبشة،

فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم، وآتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرزاذ، فمن بقية ربيعة ابن نصر آان النعمان ملك حيرة، وهو النعمان بن المنذر بن النعمان بن : قال. فأسكنهم الحيرة

.أهل اليمن وعلمهمذلك الملك في نسب . المنذر ابن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر

ذآر طسم وجديس

247

ونذآر اآلن أمر طسم وجديس إذ آان أمرهم أيضا آان في أيام ملوك الطوائف، وأن فناء جديس آان : قال أبو جعفر

.على يد حسان بن تبع، إذ آنا قدمنا فيما مضى ذآر تبابعة حمير، الذين آانوا على عهد ملوك فارس

حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق وغيرهما من علماء العرب، أن : قال. بن حميدوحدثنا ا. وحدثت عن هشام بن محمد

طسما وجديسا آانوا من ساآني اليمامة، وهي إذ ذاك من أخصب البالد وأعمرها وأآثرها خيرا، لهم فيها صنوف ه، يقال الثمار ومعجبات الحدائق والقصور الشامخة، وآان عليهم ملك من طسم ظلوم غشوم، ال ينهاه شيء عن هوا

له عملوق، مضرا بجديس، مستذال لهم، وآان مما لقوا من ظلمه واستذالله، أنه أمر بأال تهدى بكر من جديس إلى قد ترون ما نحن : زوجها حتى تدخل عليه فيفترعها، فقال رجل من جديس، يقال له األسود بن غفار لرؤساء قومه

. متعض منه، فأطيعوني فإني أدعوآم إلى عز الدهر، ونفي الذلفيه من العار والذل الذي ينبغي للكالب أن تعافه وتإني صانع للملك ولقومه طعاما، فإذا جاؤوا نهضنا إليهم بأسيافنا وانفردت به فقتلته، وأجهز آل : وما ذاك قال: قالوا

ودفنوها في رجل منكم على جليسه، فأجابوه إلى ذلك، وأجمع رأيهم عليه فأعد طعاما، وأمر قومه فانتضوا سيوفهم إذا أتاآم القوم يرفلون في حللهم، فخذوا سيوفهم، ثم شدوا عليهم قبل أن يأخذوا مجالسهم، ثم اقتلوا : الرمل، وقال

الرؤساء، فإنكم إذا قتلتموهم لم تكن السفلة شيئا، وحضر الملك فقتل وقتل الرؤساء، فشدوا على العامة منهم، بن مرة، حتى أتى حسان بن تبع، فاستغاث به، فخرج حسان في حمير، فأفنوهم، فهرب رجل من طسم يقال له رياحاليمامة، ليس : إن لي أختا متزوجة في جديس، يقال لها! أبيت اللعن: فلما آان من اليمامة على ثالث، قال له رياح

أصحابك على وجه األرض أبصر منها، إنها لتبصر الراآب من مسيرة ثالث، وإني أخاف أن تنذر القوم بك، فمر فليقطع آل رجل منهم شجرة فليجعلها أمامه ويسير وهي في يده، فأمرهم حسان بذلك، ففعلوا، ثم سار فنظرت

أرى رجال في شجرة، معه آتف : وما الذين ترين؟ قالت: فقالوا. لقد سارت حمير: اليمامة، فأبصرتهم، فقالت لجديس، وصبحهم حسان فأبادهم وأخرب بالدهم وهدم قصورهم فكذبوها، وآان ذلك آما قالت. يتعرقها، أو نعل يخصفها

.وحصونهم

وآانت اليمامة تسمى إذ ذاك جوا والقرية، وأتى حسان باليمامة ابنة مرة، فأمر بها ففقئت عيناها، فإذا فيها عروق

ت فيما وآان. حجير أسود يقال له اإلثمد، آنت أآتحل به: ما هذا السواد في عروق عينيك؟ قالت: سود، فقال لها .ذآروا أول من اآتحل باإلثمد، فأمر حسان بأن تسمى جو اليمامة

:وقد قالت الشعراء من العرب في حسان ومسيره هذا، فمن ذلك قول األعشى

أهدت له من بعيد نظرة جزعا... آوني آمثل الذي إذ غاب وافدها

حقا آما صدق الذئبى إذ سجعا... ما نظرت ذات أشفار آنظرتها إذ يرفع اآلل رأس الكلب فارتفعا... مقلة ليست بمقرفة إذ قلبت

!أو يخصف النعل، لهفي أية صنعا... قالت أرى رجال في آفه آتف ذو آل حسان يزجى الموت والشرعا... فكذبوها بما قالت فصبحهم

وهدموا شاخص البنيان فاتضعا... فاستنزلوا أهل جو من مساآنهم

:عكليومن ذلك قول النمر بن تولب ال

والخل والخمر التي لم تمنع... هال سألت بعادياء وبيته

248

من بعد مرأى في الفضاء ومسمع... وفتاتهم عنز عشية آنست أصال وجو آمن لم يفزع... قالت أرى رجال يقلب آفه

رقص الرآاب إلى الصياح بتبع... ورأت مقدمة الخميس وقبله ا بذيفان السمام المنقعصبحو... فكأن صالح أهل جو غدوة

يلوون زاد الراآب المتمتع... آانوا آأنعم من رأيت فأصبحوا إن تبعثوه بارآا بي أصرع... قالت يمامة احملوني قائما

وحسان بن تبع، الذي أوقع بجديس، هو ذو معاهر، وهو تبع بن تبع تبان أسعد أبي آرب بن ملكيكرب بن تبع بن

الذي يزعم أهل اليمن أنه قدم مكة، وآسا الكعبة، وأن الشعب من المطابخ إنما سمي أقرن، وهو أبو تبع بن حسانهذا اإلسم لنصبه المطابخ في ذلك الموضع وإطعامه الناس، وأن أجيادا إنما سمي أجيادا، ألن خيله آانت هنالك، وأنه

بسبب شكاية من شكاهم إليه من قدم يثرب فنزل منزال يقال له منزل الملك اليوم، وقتل من اليهود مقتلة عظيمةاألوس والخزرج بسوء الجوار، وأنه وجه ابنه حسان إلى السند وسمرا ذا الجناح إلى خرسان، وأمرهما أن يستبقا

إلى الصين، فمر سمر بسمر قند فأقام عليها حتى افتتحها، وقتل مقاتلتها، وسبى وحوى ما فيها ونفذ إلى الصين، اليمن من يزعم أنهما ماتا هنالك، ومنهم من يزعم أنهما انصرفا إلى تبع باألموال فوافى حسان بها، فمن أهل

.والغنائم

ومما آان في أيام ملوك الطوائف ما ذآره اهللا عز وجل في آتابه من أمر الفتية الذين أووا إلى الكهف فضرب على

.آذانهم