ـــة ـــة اإلسـالمي ـــزة:الجــامعـ غ راســــات العليــــــا الدعمــادة

ـ ـــة أصـكلي ـــ ـــنـول الدـــ يـــسـم الت ــرآن ق ـــوم الق ــسير و علـ ف

آنين الفواصل القرـاملناسبة بي

اـة وآياته

ـ إلى نهاية السورة) ١٤٢(البقرة اآليات ة لسورة دراسـة تطبيقي

البإعداد الط

كتورإشراف الد

بـات الحصـول على درجـة الماجستـير سالـة استكماال لمتطلمـت هذه الردق

فسـير وعلـوم القـرآنفـي الت

م٢٠١٠/هـ١٤٣١

: الىـال تعـق

أفال يتدبرون القرآن ولو كان من { عند غري اهللا لوجدوا فيه اختالفا كثريا {

)٨٢(النســاء

ب

اإلهداء

حممـد رشـدي، (شـهداء آل عقـيالن من بـاعوا أرواحهـم رخيـصة مـن أجـل ربهـم، وأخـصإىل ) ...وأكرم حممود، وحممد عبد القادر، ورأفت أمحد، وحممد أسامة، ووائل عبد القادر

الطاهرة إىل روح أبي ...

إىل والدتي الغالية ... أشقائي الكرام إىل ... زوجتي الصابرة إىل....

أوالدي األعزاء إىل ...

وإىل مجيع املاضني حنو احلق والعدل...

. أن يتقبله مني- عز وجل–سائال اهللا

ثـالباح نورالدين محمد عقيالن

ت

تقدير شكر و

ومن شكر فإنام يشكر لنفسه ومن كفر فإن ريب غني[:يقول تعالى كريم }٤٠:ملالن{]

)١( )من ال يشكر الناس ال يشكر اهللا: (ويقول رسوله

لم يدخر في دعمي إلتمام هذا البحث جهدا فإنني أتقدم بخالص الشكر وعظيم االمتنان لمن

حفظه اهللا، على نصحه وإرشاده جمال محمود الهوبي/ أو وقتا مبتدئا بأستاذي ومشرفي الدكتور

. حتى خرجت بهذه الرسالة العلمية على أفضل صورة

: ثم الشكر موصول لألستاذين الفاضلين

حفظه اهللا عنبرهاشممحمود / الدكتور

حفظه اهللا رياض محمود قاسم/والدكتور

قدمانه إلي أو توجيه أو نصيحة على تفضلهما بقبول مناقشة هذه الرسالة وعلى كل إفادة .

كما وأقدم كل الشكر إلى والدتي الكريمة وزوجتي الفاضلة على تحفيزهما ودعائهما لي

.بالتوفيق والسداد

كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى أخي العزيز األستاذ طارق عقيالن الذي لم يأل جهدا في مساعدتي

. إلنجاز هذا البحث

وأخيرا أتقدم بكل الشكر إلى كلية أصول الدين أساتذة وعاملين، وكذا إلى الجامعة

.اإلسالمية الغراء

، ١٩٥٤، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليـك، ح والصلة عن رسول اهللا سنن الترمذي، كتاب البر )١(

. صححه األلباني

ث

المقدمـة عليه أفضل -الحمد هللا رب العالمين، والصالة والسالم على البشير النذير سيدنا محمد

: وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، وبعد-الصالة وأتم التسليم عـز –كتاب اهللا فإن خير ما صرفت فيه الجهود من تعلم وتعليم، ودراسة وتفسير، هو

وإن خير أمة أخرجت للناس هي أمة محمد صلى اهللا عليه وسلم، وإن اهللا قد تكفل بحفظ -وجل إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له حلافظون[: كتابه العزيز فقال : وقد يسر اهللا تعلمه فقـال ، }٩:احلجر{ ]

ولقد يرسنا الق[ رآن للذكر فهل من مدكر .}١٧:القمر{ ] األسرار اإللهية، واإلشارات الربانية، فما من حرف وال لفظ من فالقرآن الكريم مستودع

فانظر التناسب بـين اآليـة ،إال لوجوده معنى، ولتكراره مغزى، ويقف خلفه جملة من الدالالت مرتبطة ارتباطا وثيقا بما قبلها من اآلية، وهي مستقرة في القرآنية وفاصلتها، فالفواصل القرآنية

. موقعها، غير نافرة، ولو استبدلتها بغيرها الختلف المعنى ولفسد الغرض

حيث أظهرت لنا جهودهم الوجه - سبحانه وتعالى -وللعلماء جزيل الثواب من اهللا اته، وهو اإلعجاز البياني رغم الذي أعجز أهل الفصاحة والبالغة عن محاكاة القرآن أو مضاه

قل لئن اجتمعت اإلنس واجلن عىل أن [: تميزهم بسرعة البداهة وسالمة السليقة وصدق اهللا إذ يقول يأتوا بمثل هذا القرآن ال يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهريا .}٨٨:اإلرساء{ ]

ويأتي هذا البحث استكماال لجهود المخلصين من الباحثين في إظهار هذه الجوانب . اإلعجازية والوقفات البيانية الكامنة في الفواصل القرآنية

:أهمية الموضوعإن لهذا الموضوع أهمية كبيرة كونه يتعلق بكتاب اهللا الكريم، وأنه يبحـث جانبـا مـن

آن الكريم، وهو المناسبة بين الفاصلة القرآنيـة وآيتهـا، حيـث جوانب اإلعجاز البياني في القر حافلة بالفواصـل - إلى نهاية السورة ١٤٢ اآليات –يرتبط معنى اآلية بفاصلتها، وسورة البقرة

. القرآنية المنسجمة مع آياتها، شأن سائر سور القرآن الكريمة الواحدة، وارتبطت آياته والقرآن الكريم عقد فريد ارتبطت ألفاظه وكلماته في اآلي

ببعضها في السورة الواحدة، وارتبطت سوره ببعضها في القرآن كله حتى كان كالبنيان يشد بعضه بعضا، وهذه الفواصل القرآنية هي أحد الروابط الهامة التي تشد القرآن بعضه إلى بعض،

.وتظهر جانبا هاما من الجوانب اإلعجازية لهذه المعجزة الخالدة

ج

:سباب اختيار الموضوعأ .الرغبة في دراسة هذا الموضوع دراسة تخصصية مستقلة محكمة -١

مالحظة كثرة الفواصل في سورة البقرة دفعني لدراسة الموضوع دراسة تطبيقيـة علـى -٢ . إلى نهاية السورة١٤٢اآليات من

فيه تشجيع أساتذتي في قسم التفسير وعلوم القرآن على طرق هذا الموضوع والبحث -٣ .والخوض في غماره

مشاركة العلماء السابقين والالحقين في بيان وإظهار بعض جوانب اإلعجاز البياني من -٤ وعالقتها - إلى نهاية السورة ١٤٢ اآليات -خالل دراسة الفواصل في سورة البقرة

.بآياتها

:أهداف البحث وغاياته .بموضوع اآليةبيان آراء العلماء قديما وحديثا بعالقة معنى الفاصلة -١

. من خالل هذه الدراسة-عز وجل–خدمة كتاب اهللا -٢

إلى نهاية ١٤٢دراسة العالقة بين معنى الفاصلة القرآنية وآيتها في سورة البقرة من اآلية -٣ .السورة دراسة تطبيقية

. إلى نهاية السورة١٤٢بيان الدالئل البالغية الكامنة في فواصل سورة البقرة من اآلية -٤

.كمال جهود العلماء السابقين في هذا الموضوعاست -٥

:الدراسات السابقةبعد البحث المستفيض، والمراسالت المتعددة بعدد من الجامعات العربية، والمراكز العلمية والبحثية تبين أن جميع الدراسات السابقة حول موضوع الفاصلة القرآنية هي دراسات

صل القرآنية في سورة البقرة وعالقتها بآياتها هو بحث عامة وغير محكمة، وأن البحث في الفوا .جديد لم تتناوله الدراسات السابقة وهو أول رسالة علمية تتناول الموضوع من ناحية تطبيقية

:ومن الدراسات السابقة التي عرضت لهذا الموضوع ولم تتناول الجانب التطبيقي .للدكتور عبد الفتاح الشين: الفاصلة القرآنية -١

.للدكتور عبد الجواد طبق: سة بالغية في السجع والفاصلة القرآنيةدرا -٢

ح

وهناك سلسلة من رسائل الماجستير أشرف عليها قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول -٣ .الدين بالجامعة اإلسالمية بغزة وهذا البحث يمثل حلقة في هذه السلسلة

:منهج البحث :يلي، وذلك وفق الخطوات اآلتيةاعتمدت على المنهج االستقرائي التحل

ذكرت اآليات القرآنية مضبوطة بالحركات، مع عزوها إلى سورها، ذاكرا اسم السورة ورقم -١ .اآلية في متن الرسالة تجنبا إلثقال الحواشي

ووقفت على مناسبة معنى ) إلى نهاية السورة١٤٢من اآلية (تتبعت آيات سورة البقرة -٢يتها ودرستها دراسة تفسيرية تطبيقية وذلك بالرجوع إلى المصادر الفاصلة القرآنية آل

.والمراجع التفسيرية المختلفة

التفسير اإلجمالي، وتحليل الفاصلة، ومناسبة : قمت بدراسة اآلية من ثالثة محاور وهي -٣ .الفاصلة آليتها

. وضعت العنوان المناسب لكل مقطع من مقاطع السورة -٤

إلى نهاية السورة، ١٤٢سورة البقرة من اآلية ية لفواصل آيات عت الظواهر البالغتتب -٥ . وأظهرت الجوانب البيانية المعجزة في تركيب الفواصل القرآنية

.رجعت إلى المصادر األصلية قديمها وحديثها، وعزوت المنقول إليها -٦

: ا مثل التي اعتنت بإبراز بالغة القرآن ومناسبة الفواصل آلياتهرجعت إلى المصادر -٧التحرير والتنوير، وتفسير الكشاف، وتفسير أبي السعود، ونظم الدرر، والبحر المحيط،

. وروح المعاني، وفي ظالل القرآن

: استشهدت باألحاديث النبوية، واآلثار التي تخدم البحث، مع عزوها إلى مظانها، وتخريجها -٨و إلى أحدهما، وإذا كانـت فـي غيرهمـا فإذا كانت في الصحيحين اكتفيت بالعزو إليهما أ

.عزوته إلى مصادره التي أوردته، مع نقل أقوال أهل العلم في الحكم عليها

شرحت الغريب من المفردات، والغامض من العبارات التي وردت في البحث، وذلك عن -٩ .طريق الرجوع إلى معاجم اللغة العربية

.ترجمت لألعالم المغمورين -١٠

فهرس اآليات القرآنية، وفهرس األحاديث النبوية، وفهرس : فهارس الالزمةأعددت ال -١١ .األعالم المترجم لهم، وفهرس المصادر والمراجع، وفهرس الموضوعات

خ

نظرا لكوني اقتسمت سورة البقرة مع الباحث أحمد المنيراوي، الذي قام مشكورا :خطة البحثيان أهداف السورة ومقاصدها، فإنني سأقتصر على بالحديث عن تعريف عام بسورة البقرة، وب، باإلضافة إلى جوانب من ) إلى نهاية السورة١٤٢(الدراسة التطبيقية للنصف الثاني للسورة

. اإلعجاز البياني في فواصل السورة لآليات السابقة :يتكون هذا البحث من مقدمة، وتمهيد، وثالثة فصول، وخاتمة، على النحو التالي

:قد اشتملت علىو: ـةالمقدم .أهمية الموضوع -١

.أسباب اختيار الموضوع -٢

.أهداف البحث وغاياته -٣

.الدراسات السابقة -٤

.منهج البحث -٥

ية القرآنةالمناسبات والفاصلويشتمل على دراسة موجزة عن : التمهيد الفصل األول

)٢١٤ إلى ١٤٢(الدراسة التطبيقية لمناسبة الفواصل مع اآليات :عفيه تسعة مقاطو

١٥٣ –١٤٢: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع األول ١٥٧ –١٥٤: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الثاني ١٧٧ – ١٥٨ المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الثالث ١٨٨ – ١٧٨: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الرابع

٢٠٣ – ١٨٩: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الخامس ٢١٤ – ٢٠٤: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع السادس

الفصل الثاني

) ٢٨٦ إلى ٢١٥(مع اآليات فواصل المناسبة لتطبيقية الدراسة ال : وفيه ستة مقاطع

٢٢٠ – ٢١٥: اصل وآياتها من اآليةالمناسبة بين الفو: المقطع األول ٢٣٤ – ٢٢١: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الثاني ٢٤٢ – ٢٣٥: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الثالث ٢٥٢ – ٢٤٤: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الرابع

٢٥٧ – ٢٥٥: الفواصل وآياتها من اآليةالمناسبة بين : المقطع الخامس

د

٢٦٠ – ٢٥٨: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع السادس ٢٧٣ – ٢٦١: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: السابعالمقطع ٢٨١ – ٢٧٥: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: الثامنالمقطع ٢٨٤ - ٢٨٢: بين الفواصل وآياتها من اآليةالمناسبة : التاسعالمقطع ٢٨٦ - ٢٨٥ :المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: العاشرالمقطع

الفصل الثالث ) إلى نهاية السورة١٤٢(اآليات جوانب من اإلعجاز البياني في فواصل

:وفيه مبحثان

.الظواهر البالغية في فواصل اآليات: األولالمبحث :أربعة مطالبوفيه

.التأكيد: المطلب األول .التقديم والتأخير: المطلب الثاني .اإلظهار في موضع اإلضمار: المطلب الثالث .االستفهام: المطلب الرابع

الفواصل المشتملة على أسماء اهللا الحسنى : المبحث الثاني

:وفيه مطلبان .فقط) اهللا(الفواصل ا لمشتملة على لفظ الجاللة : المطلب األول .الفواصل المشتملة على أكثر من اسم: المطلب الثاني

.وصياتتائج والتأهم النوقد ضمنتها :الخاتمة :وتشتمل: الفهارس

.فهرس اآليات القرآنية -١ .فهرس األحاديث النبوية -٢

.فهرس األعالم المترجم لهم -٣

.فهرس المصادر و المراجع -٤

.فهرس الموضوعات -٥

١

متهيد

:وفيـه مبحثـان

المناسبات في القرآن الكريم: لالمبحث األو

ل في القرآن الكريمـالفواص: انيالمبحث الث

٢

املبحــث األول

:مطالبثالثة وفيـه

ا واصطالحالمناسبة لغةتعريف : لالمطلب األو. .وأقوال العلماء في ذلك علم المناسبات ةأهمي: انيمطلب الثال

. المناسبات في القرآن الكريمأنواع: الثالمطلب الث

٣

المبحث األول المناسبات في القرآن الكريم

:وفيه ثالثة مطالبتعريف : لالمطلب األولغة واصطالحاالمناسبة :

تعريف :الأو ب ( منـه يعني اتصال الشيء بالـشيء، و ): نسب(من الفعل :لغة المناسبةالنـس(، مـن بعـضه التـصال سمي بـذلك المستقيم، الطريق: )النسيب(و. به ولالتصال التصاله سمي

بين الشيئين مناسـبة أي مـشاكلة : ومن معاني المناسبة أيضا المشاكلة والمقاربة، يقال .)١(بعض .)٢( ومقاربة

: اصطالحا المناسبة:ثانيا

:المناسبة في اإلصطالح لها عدة تعريفات ومرجعها في اآليات ونحوها إلى معنى رابط بينها عـام أو : "فقد عرفها السيوطي بقوله )١

خاص، عقلي، أو حسي، أو خيالي، أو غير ذلك من أنواع العالقات أو التالزم الـذهني، .)٣( "لنظيرين، والضدين ونحوهكالسبب والمسبب، والعلة، والمعلول، وا

سـر وهـو أجزائـه، ترتيب علل منه تعرف علم : " بقوله )٤( وعرفها اإلمام البقاعي )٢ . )٥( " الحال من اقتضاه لما المعاني مطابقة تحقيق إلى ألدائه البالغة

بـبعض بعـضها القرآن آي ارتباط :" عن أبي بكر بن العربي أنها )٦(ونقل الزركشي )٣ .)٧(" المباني منتظمة ، المعاني ،متسقة الواحدة كالكلمة كونت ؛حتى

).١/٨٨٩: (، لسان العرب)٥/٤٢٣: (لغة، ألبي الحسين أحمد بن فارس معجم مقاييس ال:انظر) ١(

ى حمد مرتض، تاج العروس من جواهر القاموس، لم)١٧٦: (القاموس المحيط، للفيروز أبادي: انظر) ٢( ).١/٤٨٤: (الزبيدي

).٢/٣٠١: (اإلتقان في علوم القرآن) ٣(

من الدين برهان الحسن أبو البقاعي بكر أبي بن علي بن الرباط حسن بن عمر بن إبراهيم المفسر االمام هو)٤( .٨٨٥ سنة توفي ٨٠٩ سنة بالشام معروف بلد في البقاع وهو ولد مؤلفات عدة له التاسع القرن أهل أجلة

).١/٣٧٨(نساباأل ).١/٦: ( الدرر في تناسب اآليات والسورنظم) ٥(

هـ، أحد العلماء األثبات في ٧٤٥هو اإلمام بدر الدين بن عبد اهللا الزركشي، أبو عبد اهللا، ولد بالقاهرة سنة )٦(ي علوم القرآن، البرهان ف: القرن الثامن عشر الهجري عالم بالتفسير وفقه الشافعية واألصول، له مصنفات منها

).٦/٦٠: (األعالم، للزركلي: هـ، انظر٧٩٤توفي سنة ).١/٣٦: (البرهان في علوم القرآن) ٧(

٤

هي الرابطة بين شيئين بأي وجه مـن الوجـوه، : "وعرفها الدكتور مصطفى مسلم بقوله )٤وفي كتاب اهللا تعني ارتباط السورة بما قبلها وما بعدها، وفي اآليات تعني وجه االرتباط

.)١(" في كل آية بما قبلها وما بعدها

٥( اآليـة فـي والجملة الجملة بين االرتباط وجه: بالمناسبة المراد:" ا مناع القطان فقال أم .)٢( "والسورة السورة بين أو المتعددة، اآليات في واآلية اآلية بين أو الواحدة

فبالنظر إلى تلك التعريفات يرى الباحث أن أنسب التعريفـات، هـو تعريـف الـدكتور يشمل المناسبات بين اآليات في السورة الواحدة، و بين السورة التي قبلهـا مصطفى مسلم؛ ألنه

.والتي بعدها، فهو تعريف جامع مانع

:فيه العلماء علم المناسبات وأقوالةأهمي: انيالمطلب الث

:أهمية علم المناسبات: أوالوهو علم دقيق يحتاج . جل علم المناسبات من أشرف العلوم؛ ألنه يتعلق بكتاب اهللا عز و

إلى فهم لمقاصد القرآن الكريم، وتذوق لنظمه، وبيانه المعجز، وإلـى معايـشة جـو التنزيـل، ومعرفة محور السورة والهدف األساس الذي تدور حوله، ألنه كثيرا ما يأتي إلى ذهن المفـسر

.)٣( على شاكلة إشراقات فكرية أو روحية

:ل العلماء في علم المناسباتأقوا: ثانيا قيل إن أول من أظهر ببغداد علم المناسبة ولم نكن سمعناه من غيره هو اإلمام أبـو بكـر

لم جعلت هذه اآلية إلـى جنـب : " ، وكان يقول على الكرسي إذا قرئ عليه اآلية )٤(النيسابوري ن يزري على علمـاء بغـداد هذه؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة؟ وكا

. )٥(" لعدم علمهم بالمناسبة

). ٥٨: (مباحث في التفسير الموضوعي) ١(

)٩٦: (مباحث في علوم القرآن (٢) .)بتصرف )(٥٨: (نفس المرجع) ٣(، هـ ، وكان إماما٢٣٨وري الفقيه،ولد سنة هو عبد اهللا بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون النيساب )٤(

األنساب،: انظر: هـ ٣٢٤محدثا، حافظا، متقنا، عالما بالفقه والحديث معا، توفي في شهر ربيع اآلخر من سنة . )٥/٥٥١،٥٥٠: (لسمعانيل ).١/٣٦: (رهان في علوم القرآنالب )٥(

٥

: في علم المناسباتوهذه أقوال بعض العلماء . )١("نسبة هذا العلم من علم التفسير مثل نسبة علم البيان من علم النحو: "قال اإلمام البقاعي )١ سورة تفسير في وقال.)٢(" أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط : "يقول الرازي )٢

ـ كمـا القـرآن أن علم ترتيبه بدائع وفي ورةالس نظم هذه لطائف في لتأم ومن: "البقرة هأن٣( "آياته مظون ترتيبه بسحب معجزأيضا فهو معانيه وشرف ألفاظه فصاحة بحسب معجز(.

مناسبة آياته ":وذكر السيوطي من ضمن وجوه إعجاز القرآن الكريم الوجه الرابع منها وهو )٣وسوره وارتباط بعضها ببعض، حتى تكون كالكلمة الواحـدة، متـسقة المعـاني، منتظمـة

.)٤("المباني به العقول، ويعرف به قدر القائل )٥(واعلم أن المناسبة علم شريف، تحزر : "ويقول الزركشي )٤

آخذا بأعناق بعض، علم المناسبات يجعل أجزاء الكالم بعضها : " ويقول أيضا .)٦("فيما يقول . )٧("فيقوى بذلك االرتباط ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتالئم األجزاء

من فوائد علم المناسبات، جودة سبك القرآن، وإحكام سرده، ومعنى هذا أن : ويقول الزرقاني )٥دانيه فيه أي كالم القرآن الكريم بلغ من الترابط بين كلماته وآياته ومقاطعه وسوره مبلغا ال ي

.)٨(آخر

وإلظهاره - وهو القرآن الكريم-ويرى الباحث أن علم المناسبة علم جليل الرتباطه بجليل في الربط بين سوره ومقاطعه وآياته حتى أصبح في أزهى - اهللا عز وجل -حكمة الجليل

.حلة على اإلطالق

).١/٥: (نظم الدرر) ١( ).١٠/١٤٥: (مفاتيح الغيب) ٢( ).٧/١٣٩: (المرجع السابق) ٣( ).١/٥٤: (آنمعترك األقران في إعجاز القر) ٤()٥ (رزره بالحدس: وهي من الفعل حزر، والحلسان العرب:انظر. التقدير والخرص، وقيل قد ،) :٤/٢١٧.( ). ٣٧ -١/٣٥: (البرهان في علوم القرآن،) ٦( ).١/٣٦: (ع السابقالمرج) ٧( ).١/٤٥٠: (آنناهل العرفان في علوم القر م:انظر) ٨(

٦

:أنواع المناسبات في القرآن الكريم: الثالمطلب الث

:منها أقساما، ويتضمن الواحدة، ورةالس في المناسبات: الأو

:وخواتمها ورالس فواتح بين المناسبة ]أ

ذلك الكتاب ال ريب فيه ، هدى . الم(: قوله تعالى في بداية سورة البقرة: ذلكمثال لصالة ومما رزقناهم ينفقون ، والذين يؤمنون بما أنزل للمتقين ، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون ا

نونوقي مه ةربالآخو كلقب نما أنزل مو ك٤ -١البقرة [ )إلي [ كل آمـن باللـه . ؤمنونآمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والم : (وفي ختام السورة قال تعالى

هلسرو كتبهو هالئكتمو . هلسر نم دأح نيق بوهو ختام يتناسق مع البدء ]٢٨٥البقـرة [...) ال نفر )١( !كأنهما دفتا كتاب

ة أن يذكر صفات المتقين التي يتميزون بها، ويبين في آخـر الـسور وهو في أول السورة .)٢( والذين آمنوا معه قد امتثلوا تلك الصفات وتحلوا بها^ الرسول

:لما قبلها ولما بعدها اآلية مناسبة ]ب ـ هفإن ،}٥:الفاتحة{] إياك نعبد وإياك نستعين [ :تعالى قوله ذلك مثال ـ الم لأو فـي رذك

وكونه د،المحام لكل -تعالى– اهللا استحقاق ورةالس وهو للعالمين، ارب حمنالر مـع وهو حيم،الر يقبـل أن عاقل كل شأن من كان. هللا إال ألحد فيه كلم ال ذيال اليوم في فالمتصر كلالم هذا كل

،إليه ملتجئا ،العظيم لجنابه الكامل لوالذ ،له بالعبودية فامعتر ،عظمته وتلك صفاته هذه من على يستـشرف أن ناسب ،بالعبودية واعترف ،ومجد ،وأثنى حمد الم هإن ثم والمدد، العون منه لباطا

.)٣(}٦:الفاتحة{ ]اهدنا الصراط المستقيم[: فيقول المستعان، الرب ذلك من للطلب

: بين اآلية وفاصلتها المناسبة]ج والسارق والسا[: قوله تعالى ذلك مثال رقة فاقطعوا أيـدهيام جـزاء بـام كـسبا نكـاال مـن اهللا واهللا عزيـز حكـيم وتتضح مناسبة فاصلة هذه اآلية لمضمونها في قصة األعرابـي مـع ، }٣٨:املائـدة{ ]

األصـمعي قـال أن(:تي يوردها بعض المفسرين عند تفسير آية السرقة، وهـي ال )٤(األصمعي

).١/٢٣٩: (في ظالل القرآن: انظر) ١( ).٧٦: (،مباحث في التفسير الموضوعي: انظر )٢( ).١/١٧: (ررم الدظ ن:انظر )٣( باللغة العلم أئمة أحد ،األصمعي سعيد أبو الباهلي، أصمع بن علي بن قريب بن الملك عبد: األصمعي )٤(

).٤/١٦٢: (األعالم للزركلي. هـ٢١٦ سنة البصرة في ووفاته ومولده .البلدانو والشعر

٧

، )والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكاال مـن اهللا واهللا غفـور رحـيم (: أتقر فأعدت واهللا غفـور رحـيم ، أعد : قال ، كالم اهللا : قلت ؟ كالم من هذا :وإلى جنبي أعرابي فقال

:ت له فقل ، أصبت هذا كالم اهللا : فقال ،)واهللا عزيز حكيم ( : فتنبهت فقلت ! ليس هذا كالم اهللا :فقال ولـو ، يا هذا عز فحكم فقطع : فقال ؟ فمن أين علمت أني أخطأت : قلت ، ال : قال ؟ أتقرأ القرآن

.)١()قطع غفر ورحم لما

:ورتينالس بين المناسبات: ثانيا :منها أقساما ويتضمن

:قبلها ما وخاتمة ورةالسأول بين المناسبة ]أ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل [ :لىاألحقاف قال تعا سورة آخر فيذلك مثال

ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا قونالفاس مالقو [}وفي،}٣٥:األحقاف تعالىقال تليها التي مدمح سورة لأو : ] وادصوا وكفر ينالذ

مالهمل أعبيل اهللا أضس نفالقوم الفاسقون هم ال ،}١:محمد{] عوا عن سبيل ذين كفروا وصد .)٢(اهللا

:لما قبلها كل سورةمضمون بين المناسبة ]ب إلى مضمون كل سورة ومضمون ما قبلها ومن وجوه المناسبات بين السور أن ينظر

:من أمثلة ذلكومناسبة سورة البقرة لفاتحة الكتاب، فإن البقرة تفصيل لمجمل الفاتحة، ففي سورة الفاتحة دعاء

وصراطه ،}٦:الفاتحة{ ]اهدنا الصراط المستقيم[:الذين خصوا اهللا بالعبادة واالستقامة، في قولهم] ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين[ه العزيز، لذلك قال في أول سورة البقرةالمستقيم هو كتاب

الذين : فاتبعوه فإنه الصراط المستقيم، وذكر في سورة الفاتحة الطوائف الثالثة وهم ،}٢:البقرة{ أشار إلى شئون هذه الطوائف أنعم اهللا عليهم، والمغضوب عليهم، والضالين، وفي سورة البقرة

الثالثة فذكر الذين على هدى من ربهم، وذكر الذين اشتروا الضاللة بالهدى، وذكر الذين باءوا .)٣(بغضب من اهللا

). ٢/٣٥٤: ( زاد المسير(١)

).٨٢: (مباحث في التفسير الموضوعي: انظر )٢( ).٨٤: (المرجع السابق: انظر) ٣(

٨

:ورتين بين خاتمتي الس المناسبة]ج غضوب علـيهم مثال ذلك ختم سورة الفاتحة بالدعاء للمؤمنين بأن ال يسلك بهم طريق الم

وال الضالين إجماال، وختمت سورة البقرة بالدعاء بأن ال يسلك بهم طريقهم في المؤاخذة بالخطأ والنسيان، وحمل اإلصر وما ال طاقة لهم به تفضيال، وتضمن آخرها أيضا اإلشارة إلى طريـق

فتآخـت }٢٨٥:البقـرة { ] ن رسـله ال نفرق بين أحد م [: المغضوب عليهم والضالين بقوله تعالى .)١(السورتان وتشابهتا في المقطع

).٧٠، ٦٤: (لسور تناسق الدرر في تناسب ا:انظر) ١(

املبحــث الث

انــي

:مطالبثالثة وفيـه

ا واصطالحالفاصلة لغةتعريف : لالمطلب األو. .طريق معرفة الفواصل في القرآن الكريم: انيالمطلب الث .عالقة الفاصلة بما قبلها: الثالمطلب الث

١٠

المبحث الثاني الفواصـل في القـرآن الكريـم

اصطالحا والفاصلة لغةتعريف : لالمطلب األو: ١( ).الفاصل(، مؤنث )فواصل(جمعها و)فصل(من الفعل : لغةالفاصلة: الأو(

والفصل ،فانفصل فصال يفصل همابين فصل ،الشيئين بين الحاجز الفصل: "قال ابن سيده فـي الخـرزتين بـين تفـصل التي الخرزة والفاصلة ، الجسد من عظمين ملتقى كل والمفصل

)٢(".النظام رةذش أو مرجانة لؤلؤتين كل بين يجعل بأن مفصال نظمه كان إذا: الوشاح فصلت ويقال

)٣(.واحد لون من اثنتين بين تفصل رةجوه أو

: الفاصلة اصطالحا: ثانيا :اختلف العلماء قديما و حديثا في المعنى االصطالحي للفاصلة

: فمن تعريفات العلماء القدامىأما الفاصلة فهـي الكـالم : هي كلمة آخر الجملة، وقال : "بقوله )٤( عرفها أبو عمرو الداني -١

وكذلك الفواصل يكـن ه، والكالم المنفصل قد يكون رأس آية، وغير رأس، المنفصل مما بعد فالفاصـلة تعـم ، وكل رأس آية فاصلة، وليس كل فاصـلة رأس آيـة ،رؤوس آي وغيرها

. )٥("النوعين، وتجمع الضربين

الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع توجـب حـسن : " بقوله )٦(اإلمام الرماني و عرفها -٢ فهو يؤكد على دور الفاصلة في المعنى، باإلضافة إلى دورها فـي اإليقـاع )٧(" المعاني إفهام

.المتولد من المقاطع المتشاكلة

).٥٨٥ (:المنجد في اللغة: انظر) ١()٢ (ه، حكم والمحيط األعظمالميدالبن س) :٨/٣٢٩.( ).١٢/١٩٣: (ألبي منصور محمد بن أحمد األزهري، ةتهذيب اللغ) ٣(هو اإلمام عثمان بن سعيد، أبو عمرو الداني، من أئمة القراءة، له مصنفات منها التيسير في مذاهب القراء )٤(

).٢/٥٧: (شذرات الذهب: هـ، انظر٤٢٢السبعة، توفي سنة )٥ (التيسير في مذاهب القرلدانيبعة، ألبي عمرو ااء الس) :٣٢ .( هـ، نحوي متكلم، أصولي، مفسر، توفي سنة ٢٩٦ هو اإلمام أبو الحسن علي بن عيسى الرماني، ولد سنة )٦(

).٧/٨٦٢: (معجم المؤلفين، لعمر كحالة: هـ، انظر٣٨٤قرآن، ألبي الحسن علي بن عيسى الرماني، ضمن ثالث رسائل في إعجاز القرآن النكت في إعجاز ال) ٧(

). ٩١): (رماني والخطابي والجرجانيال(

١١

.)١("هي كلمة آخر اآلية، كقافية الشعر وقرينة السجع: " وعرفها الزركشي بقوله-٣ )٢(". الكريمالقرآن من ورةس في مندرجة ومقطع مطلع ذات طائفة: "أنهارقاني الزوعرفها -٤

:ومن تعريفات العلماء المحدثينيقصد بالفاصلة القرآنية ذلك اللفظ الذي ختمت بـه : " عرفها الدكتور فضل حسن عباس بقوله -١

اآلية، فكما سموا ما ختم به بيت الشعر قافية، أطلقوا على ما ختمـت بـه اآليـة الكريمـة )٣(".فاصلة

ونعني بالفاصلة الكالم المنفصل مما بعده، وقـد يكـون : " القطان بقوله وعرفها الشيخ مناع -٢رأس آية وقد ال يكون، وتقع الفاصلة عند نهاية المقطع الخطابي، وسميت بذلك ألن الكـالم

)٤(".ينفصل عندها

:هماين معنيال تخرج عن أنهاابقة الحظ من خالل التعريفات السوالم .انيم، كما في تعريف الر تكون على نهاية الجملةالقرآنية أن الفاصلة -١ ٢- الفاصلة القرآنية تكون علـى رؤوس اآلي، كمـا هـو رأي فـضل حـسن عبـاس أن .

ـ ف الفاصلة القرآنية، فم ي في تعر ين لهما اعتبار أن كال المعني كما يالحظ ى ن ذهـب إلـى المعن في القـرآن اني فقد أجاز أنى الثن ذهب إلى المعن، وملقرآن سجع ليس في اأنهاألول فقد اعتبر

. يفوق قدرة البشر معجزه سجع؛ لكناسجع

: أنهارقاني الباحث في معنى الفاصلة القرآنية اصطالحا هو ما ذهب إليه الز يميل إليه ذي واله ليس بالضرورة أن وذلك أن )٥(". الكريم القرآن من سورة في مندرجة ومقطع مطلع ذات طائفة"

. فاصلة قد تكون ألكثر من آيةهناكف تكون لكل آية فاصلة،

).١/٥٣: ( للزركشيالبرهان في علوم القرآن،) ١(

. )١/٣٣٩: (، للزرقانيمناهل العرفان في علوم القرآن (٢) ).٢٢٥: (ناء فضل عباسباس وس لفضل حسن ع،إعجاز القرآن الكريم) ٣( ).١٥٣: (، للقطانمباحث في علوم القرآن) ٤(

).١/٣٣٩: ( للزرقانيمناهل العرفان، (٥)

١٢

:طريق معرفة الفواصل في القرآن الكريم: انيالمطلب الث

)١(.توقيفي، وقياسي: ذكر السيوطي أن لمعرفة الفواصل في القرآن الكريم طريقين

:وقيفي التالطريق: أوال . بتحديد رؤوس اآلي في السورا ثبت عن النبي وهو م كان إذا قـرأ قطـع أن رسول اهللا – رضي اهللا عنها –عن أم سلمة ما روي :ودليله

ثـم يقـف، ) الحمـد هللا رب العـالمين (بسم اهللا الرحمن الرحيم ثم يقف، : [قراءته آية آية، يقول .)٢( ...]ثم يقف) الرحمن الرحيم(

كـذلك لـيعلم النـاس رؤوس قف على كل آية، وإنما كانت قراءتـه كان ي فالنبي دائما تحققنا أنه فاصلة، وما وصله دائما تحققنا أنه ليس بفاصلة، اآليات، فما وقف عليه النبي

: مرة ووصله مرة أخرى فيحتمل الوقف عليه ثالثة أموروما وقف عليه النبي . أن يكون الوقف لتعريف الفاصلة .١ . أن يكون الوقف تعريفا للوقف التام .٢

. أن يكون الوقف لالستراحة .٣ :واحتمل الوصل له

.أن ما وصله بما بعده ليس فاصلة -١ )٣(. أو فاصلة ووصلها لتقدم بيانها -٢

:القياسي الطريق: ثانيا

وهو ما ألحق من المحتمل غير المنصوص عليه بالمنصوص والمناسب، وال محذور في )٤( . ألنه ال زيادة فيه وال نقصان، وإنما غايته أنه محل فصل أو وصلذلك

لفضل حسن ، ن في علوم القرآن ، إتقان البرها).٢/٢٦٨: ( للسيوطي اإلتقان في علوم القرآن،:انظر) ١(

). ١/٤٤١،٤٤٠: (عباس صححه األلباني٢٩٢٧ح، باب في فاتحة الكتاب، ، اهللا سنن الترمذي، كتاب القراءات عن رسول) ٢( ).٢٦٩،٢٦٨/ ٢: (اإلتقان في علوم القرآن، للسيوطي: انظر) ٣( ).٢٤٥: (أصول الفقه، ألبي زهرة: انظر) ٤(

١٣

: الفواصل بالقياس وهيولقد ذكر العلماء بعض الطرق لمعرفة :قبلها وما بعدها طوال وقصرامساواة اآلية بما )١

عندما تتبع العلماء اآليات واستقرءوا الفواصل في السور طويلها وقصيرها وجدوا أنآليات الطوال لم تأت إال في السور الطوال على مقدار متساو، وكذلك لم تأت القصار إال في ا

أقصر السور، واستنبطوا أصال لمعرفة الفاصلة، وهو مساواتها لما قبلها وما بعدها في الطول فدالهما : ( وقوله تعالى]األنعام[) إنما يستجيب الذين يسمعون: (والقصر، فلذا لم يعدوا قوله تعالى

ثم (: لعدم مساواتها في الطول للسورة التي هي فيها، وعدوا قوله تعالى،]األعراف[) بغرور ، فيبقى أن هذا الحكم الثابت باالستقراء ال يشمل الكل، فالغالب أن آيات }٢١:المدثر{)نظر

عا السور الطوال طويلة، وآيات السور القصار قصيرة، وقد يكون األمر على خالف ذلك تب . )١(للتوقيف

: مشاكلة الفاصلة لغيرها مما هو معها في السورة في الحرف األخير منها أو فيما قبله) ٢ذلك أن كل آية جاءت في القرآن فإنما تعتبر فاصلتها بآخر حرف فيها بحيـث تكـون و

الصمد الله) ١ (دأح الله هو قل(: مشاكلة لما قبلها وما بعدها في الحرف األخير نحو قوله تعالى فإن العبرة تكون بالمشاكلة فيه مـع ) يؤمنون( نحو األخير حرف مد فإذا كان قبل الحرف ))٢(

.اعتبار المساواة في الوزن، ألن حـرف المـد وقريش ، وكريم ،عظيم: يقاس بما قبل الحرف األخير فنحو وأما ما

قبله ولما افإن لم يكن مشاكال لم العلم، ذا ك هو الفاصلة في اصطالح ه الزائد قبل الحرف المتحر ها اتلم يكن رأس آية في سورة رؤوس آي : بعده من رؤوس اآلي وال مساويا له في الزنة والبنية

: ولذلك انعقد إجماع العادين على ترك عد قوله تعـالى ، إال ما ورد به النص ؛ مبنية على ما ذكر ) ونبقرلائكة الملا المجميعا(وما بعده ) وكيال(، ألن ما قبله يهلعدم مشاكلته لطرف }١٧٢:لنساءا{ )و (

)٢(.ان على األلف وهو مبني على الواووهما مبني

عالقة الفاصلة بما قبلها : الثالمطلب الثللفاصلة عالقة وثيقة بما قبلها من النص القرآني في اآلية، وقد يشير سياق اآليـة إلـى

. ة جلية، وقد يظهر ذلك بعد بحث وتأملفاصلتها إشارة لفظي

). ٣٣-٣٢: (للشاطبي، ة الزهر في علم الفواصل بشير اليسر شرح ناظم:انظر) ١( ).٣٦-٣٣: (المرجع السابق :انظر) ٢(

١٤

التمكين، والتصدير، والتوشـيح، : وعالقة الفاصلة بما قبلها تنحصر في أربعة أشياء هي .واإليغال

:التمكين: والأ

هو أن يمهد للفاصلة قبلها تمهيدا تأتي به الفاصلة ممكنة في مكانها، مستقرة في قرارها، " وال قلقة، متعلقا معناها بمعنى الكالم كله تعلقا تاما، بحيـث لـو مطمئنة في موضعها، غير نافرة

.)١("طرحت الفاصلة جانبا الختل المعنى واضطرب الفهمورد اهللا الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى اهللا المؤمنين القتال وكان اهللا [: كقوله تعالى

اقويزيز٢٥:األحزاب{ ]ا ع{ ألوهم ذلك بعض الضعفاء موافقة ) وكفى اهللا المؤمنين القتال (فإن الكالم لو اقتصر فيه على قوله

الكفار في اعتقادهم أن الريح التي حدثت كانت سبب رجوعهم إلى ديارهم، ولم يبلغوا ما أرادوا، ن نفسه بالقوة والعـزة لـيعلم المـؤمنين، وأن ذلك أمر اتفاقي، فأخبر سبحانه في فاصلة اآلية ع

ويزيدهم يقينا وإيمانا مع أنه الغالب الممتنع، وأن حزبه كذلك، وأن الريح التي هبت ليست اتفاقا، بل هي من إرساله سبحانه على أعدائه كعادته، وأنه ينوع النـصر للمـؤمنين ليزيـدهم إيمانـا

ريح كيوم األحزاب، وتارة بالرعب كبنـي النـضير، وينصرهم مرة بالقتال كيوم بدر، وتارة بال وطورا ينصر عليهم كيوم أحد، أو تعريفا لهم أن الكثرة ال تغني شيئا وأن النصر مـن عنـد اهللا

. عز وجل كيوم حنين

:التصدير: ثانيا

وهو أن يتقدم لفظة الفاصلة بمادتها في أول صدر اآلية، أو في أثنائها، أو في " قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على اهللا كذبا فيسحتكم بعذاب وقد [: كقوله تعالى.)٢("آخرها

).تفتروا(فاصلة اآلية، توافقت مع كلماتها وهي ) افترى(كلمة . } ٦١:طه{ ]خاب من افترى :التوشيح: ثالثا

. )٣("الفاصلة حتى تعرف منه قبل قراءتهاوهو أن يرد في اآلية معنى يشير إلى "

).١/٧٩: ( للزركشيالبرهان في علوم القرآن،) ١( ).١/٩٤: (المرجع السابق) ٢( ).١/٩٥: (نفس المرجع) ٣(

١٥

وسمي التوشيح بذلك لكون نفس الكالم يدل على آخره، نزل المعنى منزلة الوشاح، ونـزل أول إن الفاصلة : ، اللذين يجول عليهما الوشاح، ولهذا قيل فيه )٢( والكشح )١(الكالم وآخره منزلة العاتق

. تعلم قبل ذكرهاوآيـة لهـم [ :كقوله تعـالى . المطمع، ألن صدره مطمع في عجزه: )٣(عوسماه ابن وكي

ونمظلم مفإذا ه ارالنه نهلخ مل نسفإنه من كان حافظا لهذه السورة، متيقظـا ]٣٧:يس[ ] اللينـسلخ مـن وآية لهم الليـل (إلى أن مقاطع فواصلها النون المردفة، وسمع في صدر هذه اآلية

.لنهار عن ليله أظلم مادامت تلك الحال، فإن من انسلخ ا)مظلمون( علم أن الفاصلة ،)النهار

أنه إن كان تقدم لفظ الفاصلة بعينه في أول اآلية سمي تصديرا، : والفرق بين التصدير والتوشيح )٤(. يح معنويةوإن كان في أثناء الصدر سمي توشيحا، وداللة التصدير لفظية بينما داللة التوش

:اإليغال: رابعا وسمي اإليغـال )٥(".وهو أن ترد اآلية بمعنى تام وتأتي الفاصلة بزيادة في ذلك المعنى "

أوغل فـي : ألن المتكلم قد تجاوز المعنى الذي هو آخذ فيه وبلغ إلى زيادة على الحد، يقال : بذلك تم معناه ثم تعداه بزيادة فيه، فقد أوغل، كقولـه األرض الفالنية، إذا بلغ منتهاها، فهكذا المتكلم إذا

فإن الكالم }٥٠:المائـدة { ]أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من اهللا حكما لقوم يوقنون [: تعالىلى، فلما أتى بها أفاد احتاج إلى فاصلة تناسب القرينة األو ثم )امن أحسن من اهللا حكم و(: تم بقوله

)٦(. معنى زائدا

).١٠/٢٨٥: ( البن منظور لسان العرب،:انظر. ما بين المنكب والعنق): العاتق) (١( ).٢/٦٧٨: (المرجع السابق: انظر. الخصر): الكشح) (٢(بن صدقة، أبو بكر، الملقب بوكيع، باحث، عالم بالتاريخ والبلدان، له مصنفات هو محمد بن خلف بن حيان ) ٣(

). ٦/١١٥،١١٤: (األعالم، للزركلي: انظر. ، توفي ببغداد"الطريق"، و"أخبار القضاة وتواريخهم"منها ).١/٩٥: (البرهان، للزركشي: انظر) ٤( ).١/٩٦: (المرجع السابق) ٥( ).بتصرف يسير (،)٩٨-١/٩٦: (نفس المرجع )٦(

األولالفصــل

لموضوعاتها )٢١٤ – ١٤٢(الدراسة التطبيقية على مناسبة فواصل اآليات

:وفيه ستة مقاطع

.١٥٣ – ١٤٢: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع األول

.١٥٧ – ١٥٤: اآليةالمناسبة بين الفواصل وآياتها من: المقطع الثاني

.١٧٧ – ١٥٨: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الثالث

.١٨٨ – ١٧٨: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الرابع

.٢٠٣ – ١٨٩: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الخامس

.٢١٤ – ٢٠٤: فواصل وآياتها من اآليةالمناسبة بين ال: المقطع السادس

١٧

):١٥٣ - ١٤٢(المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية : المقطع األول :آيات المقطع األول

سيقول السفهاء [ من الناس ما والهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل هللا املرشق واملغرب هي دي مـن يـشاء إىل رصاط مستقيم وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء عىل الناس ويكون الرسول علـيكم ) ١٤٢(

شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إال لنعلم من يتبع الرسو ل ممن ينقلب عىل عقبيه وإن كانـت لكبـرية إال عىل الذين هـدى اهللا ومـا كـان اهللا ليـضيع إيامنكـم إن اهللا بالنـاس لـرؤف رحـيم قـد نـرى تقلـب ) ١٤٣(

وجهك يف السامء فلنولينك قبل ة ترضاها فول وجهك شطر املسجد احلرام وحيث ما كنتم فولـوا وجـوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه احلق من رهبم ومـا اهللا بغافـل عـام يعملـون ولـئن أتيـ) ١٤٤( ت

الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعـت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا ملن الظاملني ذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كام يعرفون ال) ١٤٥(

أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون احلق وهم يعلمون احلق من ربك فال تكونن من املمـرتين )١٤٦( )١٤٧ (ولكل وجهة هو موليها فاسـتبق وا اخلـريات أيـن مـا تكونـوا يـأت بكـم اهللا مجيعـا إن اهللا عـىل كـل يشء قـدير

ومن حيث خرجت فول وجهك شطر املسجد احلرام وإنه للحق من ربك وما اهللا بغافل عام تعملون) ١٤٨( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر املسجد احلرام وحيث ما كنتم فولـوا وجـوهكم شـطره لـئال ) ١٤٩(

يكون للناس عليكم حجة إال الذين ظلمـوا مـنهم فـال ختـشوهم واخـشوين وألتـم نع متـي علـيكم ولعلكـم هتتدون كام أرسلنا فيكم رسوال مـنكم يتلـوا علـيكم آياتنـا ويـزكيكم ويعلمكـم الكتـاب واحلكمـة ) ١٥٠(

ويعلمكم ما مل تكونوا تعلمون فاذكروين أذكركم واش)١٥١( كروا يل وال تكفرون )١٥٢([

١٨

: مقاصد فرعيةأربعةويشتمل على

:تحويل القبلة: المقصد األول

سيقول السفهاء من الناس ما والهم عن قبلتهم[ : يقول تعالى) ١٤٢(اآلية التي كانوا عليها قل هللا املرشق واملغرب هيدي من يشاء إىل رصاط مستقيم [

مـن اليهـود للمؤمنين بان الـسفهاء و^ لنبيه - سبحانه -هذا إخبار من اهللا :التفسير اإلجمالي رد أي بيت المقدس، ف )عن قبلتهم التي كانوا عليها ( أي ما صرفهم )ما ولاهم (والمنافقين سيقولون

)١(. فله أن يأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء) قل هللا المشرق والمغرب (اهللا عليهم

هيدي من يشاء إىل رصاط مـستقيم ( جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة لداللـة فعلية تفيـد ا جملة )الـصراط (و، ومفعول المشيئة محذوف تقديره من يـشاء هدايتـه، على االستمرارية في الهداية

.كناية عن اإلسالم) المستقيم

أن الخالق سـبحانه يوجـه و لما كانت اآلية تتكلم عن التولية إلى جهة الكعبة، :مناسبة الفاصلة ب من استجاب ألمره ومن لـم فكأنه في هذه الفاصلة يخاط عباده حيث أراد ال حيث أرادوا هم،

. داية دون غيرهم ممن أبى الهدايةأن اهللا يهدي خاصته من عباده ممن أراد اله و،يستجب

األمـاكن وأن تفضيل كل متجه في أي اتجاه فهو متجه إليه، و ،وطالما أن المشرق والمغرب هللا التوجه إلى المسجد الحرام و ،اس إليها توجيهه الن وإنما لتفضيل اهللا لها و ؛واالتجاهات ليس لذاتها

)٢(. االتجاه الصحيحواب فإنه حتما سيكون الطريق الصو ال دخل للعباد فيه،

ألن ؛وقد سلك في هذا الجواب لهـم طريـق اإلعـراض والتبكيـت " :يقول الطاهر بن عاشور ولم تبين لهم حكمـة ، فأجيبوا بما ال يدفع عنهم الحيرة ،إنكارهم كان عن عناد ال عن طلب الحق

)٣(." وذلك ما يعلمه المؤمنون، وال أحقية الكعبة باالستقبال،تحويل القبلة

:وسطية اإلسالم: المقصد الثاني

وكذلك [ : يقول تعالى) ١٤٣(اآلية جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء عىل الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إال لنعلم من يت بع الرسول ممن ينقلب عىل عقبيه وإن كانت

لكبرية إال عىل الذين هدى اهللا وما كان اهللا ليضيع إيامنكم إن اهللا بالناس لرءوف رحيم [

).١/٢٠١: ( فتح القدير:انظر) ١( ). ٣/١٣٠: (في ظالل القرآن: انظر )٢(

).٢/١٣: ( والتنويرالتحرير (٣)

١٩

لتكونـوا شـهداء علـى (ا عدوال أمة خيار )جعلناكم( كما هديناكم )وكذلك( :التفسير اإلجمالي التي كنت (صيرنا الجهة ما و ،أنه بلغكم ^يشهد الرسول و ، يوم القيامة أن رسلهم بلغتهم )الناسـ ( فيصدقه )من يتبع الرسول(علم ظهور ) إال لنعلم ( وهي الكعبة أوال )عليها ن ينقلـب علـى مم وقد ارتد لـذلك ،في حيرة من أمره ^ي أن النب في الدين وظنا أي يرجع إلى الكفر شكا )عقبيه

)إال علـى الـذين هـدى اهللا (شاقة على الناس ل بعد بيت المقدس إلى الكعبة التولية إنو ،جماعة، ثم طمأنهم تعالى على أجور صالتهم التي صلوها إلى بيت المقدس بأنه ال يضيعها لهم بـل منهم

المقدس أو من بقي حيا حتى صـلى سواء من مات منهم وهو يصلي إلى بيت ،يجزيهم بها كاملة )١(.إلى الكعبة، وهذا مظهر من مظاهر رأفته تعالى بعباده ورحمته

إن اهللا بالناس لرءوف رحيم( جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة : جملة تقريرية مؤكدة بمؤكـدين ))ضمون اآلية، أي لرأفته ورحمته والالم التي هي المزحلقة، والغرض من الفاصلة التعليل لم ) إن

ـ شرع أصلح لكم في الدين، ولم يض بكم نقلكم من شرع إلى في ) ال(ع إيمان من آمن، والمراد بإما الجنس أي الجميع مؤمنهم وكافرهم، وإمـا العهـد أي المؤمنـون، وتقـدم الجـار ) الناس(

رؤوف (بهم والمرحومين، و لالهتمام بالمرؤوف ) رؤوف رحيم (على متعلقه ) بالناس(والمجرور )٢( .ارة إلى سعة الرحمة وكثرة الرأفةصيغتا مبالغة لإلش) رحيم

والرؤوف صيغة مبالغة من الرأفة وهي صفة تقتضي صرف الضر، والـرحيم وصـف عـن " )٣("مة، وهي صفة تقتضي النفع لمحتاجهالرح

عن اآلالم ، والرحمة إيصال ألن الرأفة عبارة عن إيصال النعم الصافية : " يقول أبو السعود وكذا )٤("كون مع األلم لقطع العضو المتألمالنعمة مطلقا ، وقد ي

وأما وجه الحكمة في تقديم الرؤوف على الرحيم، فيبدو واضحا بعد التفريـق الـسابق، ذاك أن الرأفة التي من آثارها دفع الضرر، أهم للعبد وأحوج من جلب المنفعة التي تكـون مـن آثـار

.الرحمة

وقدم الرؤوف على الرحيم ألن الرأفة مبالغة في رحمة خاصة، وهـي : "قال األلوسي )٥(."رفع المكروه وإزالة الضرر

).٣٥،٣٤(: تفسير الجاللين: انظر)١( ).٦٠١ /١: (البحر المحيط: انظر )٢( ).٣١٠ /٩: (التحرير والتنوير )٣( ).١٧٤ /١: (إرشاد العقل السليم )٤( ).٧ /٢: (معانيروح ال )٥(

٢٠

إيمانهم وصـالتهم الـسابقة عدم إضاعة ب اآلية طمأنة من اهللا للمسلمين لما كانت :مناسبة الفاصلة عـالى متـصف بـصفتي جاءت الفاصلة مؤكدة ومعللة هذا األمر، وهو أنه ت نحو بيت المقدس، تصافه تعالى بهذين الوصفين يقتضي ال محالة أن اهللا ال يـضيع أجـورهم ا فإن الرأفة والرحمة،

يمدهم بالعون مـن عنـده الجتيـاز و ،ه ال يشق عليهم فوق طاقتهم إنو وال يدع ما فيه صالحهم )١(.حين تصدق النية االمتحان،

:حكمة تحويل القبلة: المقصد الثالث

قد نرى تقلب وجهك يف السامء فلنولينك قبلـة ترضـاها فـول وجهـك شـطر [: قال تعالى ) ١٤٤(اآلية املسجد احلرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه احلـ ق مـن رهبـم

وما اهللا بغافل عام يعملون [

تقلب عينيـك فـي أو نحو السماء ، - أيها الرسول-تحول وجهكقد نرى :اإلجمـالي التفسير كان رسـول ف ، الكعبة فلنصرفنك عن بيت المقدس إلى قبلة تحبها، وهي جهة النظر إلى السماء،

، فاستجاب له ربه وأمره بأن يحول وجهـه أن يحول إليها ربه يرضاها ويختارها ويسأل اهللالصالة فتوجهـوا وأردتم ا -أيها المسلمون - وفي أي مكان كنتم في الصالة نحو المسجد الحرام،

الكعبـة وإن الذين أعطاهم اهللا علم الكتاب من اليهود والنصارى ليعلمون أن تحويلك إلى ، هنحومن الخـوض ما اهللا بغافل عما يعمل هؤالء المعترضون المشككون و ،هو الحق الثابت في كتبهم

)٢( .في إفتان المسلمين عن دينهم بذلك

وما اهللا بغافـل عـام يعملـون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة جملة اسمية تفيد النفي بأن يكـون )مبالغة في النفـي وتأكيـدا ) بغافل(ء في اهللا تعالى غافال عن شيء مما يعمل هؤالء، وجاءت البا

، )لـيس (هنا حجازية تعمل عمـل ) ما(ن حيث إ ) نوما اهللا غافال عما يعملو (له، فأصل الجملة بالتـاء فهـو وعـد ) تعملون (بن عامر وحمزة والكسائي ا وقرأ ،لوعيدوالغرض البالغي هو ا

)٣(.الغيبة وعيد ألهل الكتاب مطلقاة لهم وعلى قراء على قراءة الخطاب وعد: للمؤمنين وقيل

جاءت اآلية تأمر بالتوجه نحو المسجد الحرام في الصالة في أي مكـان تـراد : مناسبة الفاصلة فيه الصالة، كما بينت أن أهل الكتاب يعلمون أمر تحويل القبلة إلى الكعبة، فهو موجود ثابت في

لوعيد لهم المترتب على سوء صنعهم فـي كتبهم، وجاءت الفاصلة مهددة لهؤالء فهي كناية عن ا

).١٣٣/ ١: ( في ظالل القرآن ، )٧ /٢: (روح المعاني: انظر) ١( ).١/٢٠٢/٢٠٣: (تفسير النكت والعيون: انظر )٢( ).٢/١٠: (روح المعاني :انظر )٣(

٢١

كتمانهم هذا األمر فيجازيهم عليه، وفي نفس الوقت جاءت الفاصلة على القـراءة الثانيـة وعـدا من الفريقين بمـا للمؤمنين المتثالهم هذا األمر وتوجههم نحو الكعبة في الصالة، فاهللا يجازي كال

)١(.يستحق

ولئن [ : قال تعالى) ١٤٥(اآلية أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا ملن الظامل ]ني

النصارى بكل معجزة على بأنك لو جئت اليهود و ^هذا خطاب من اهللا لنبيه : التفسير اإلجمالي ال أنت بمصل إلى قبلتهم بعد أن حولـك وال صلوا إلى قبلتك، صدقك في أمر القبلة ما اتبعوك و

لمـا بيـنهم ارى؛ قبلة اليهود، كما أن اليهود ال يتبعون قبلة النصينما النصارى بتابع واهللا عنها، يحبونـه، واتبعت ما يهوونه و قدر أنك سايرتهم على أهوائهم، و لئن فرض وخالف، من عداوة و

الكالم وارد مـن بـاب وبعد البرهان الذي جاءك من الوحي، فتكون ممن ارتكب أفحش الظلم، )٢(.أن يتبع أهوائهم ^التقدير، فحاشاه وهو على سبيل الفرض والتهييج للثبات على الحق،

إنك إذا ملن الظـاملني(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة ) إن: (جملة اسمية مؤكدة بأربعة مؤكدات)، )ظـالم (حيث لم يقـل ) من الظالمين (الجزائية، وكذا التعبير ) إذا(و ،)لمن(والالم في ، التحقيقيةا فـي زمـرة معـدود سـيكون وانه ،قمقرر محق يفيد أن وصفه بالظلم ) من الظالمين (فالتعبير )٣(.الظالمين

بالبراهين واألدلة القاطعة علـى صـدق ^لما بينت اآلية أنه مهما جاء النبي :مناسبة الفاصلة نبوته، فلن يتبعه أهل الكتاب فهم أصال ال يتبع بعضهم بعضا في توجههم في الـصالة، جـاءت

كتاب، وذلك من خالل بيان عظم هذا الذنب بأنه تباع أهواء أهل ال من ا ^الفاصلة محذرة النبي )٤(.^سيكون محسوبا من الظالمين، والغرض من هذا التحذير حفظ مكانته

).٢/٣٥: (التنوير والتحرير: انظر )١( ). ١/١٠١،١٠٠: (صفوة التفاسير:انظر )٢( ).٢/١٢:(روح المعاني: انظر )٣( ).٢/١٢: (روح المعاني :انظر)٤(

٢٢

الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كـام يعرفـون أبنـاءهم وإن فريقـا مـنهم : [قال تعالى ) ١٤٦،١٤٧(اآلية ليكتم ون احلق وهم يعلمون احلق من ربك فال تكونن من املمرتين * [

يعرفون النصارى وعلماء اليهود أحبار من واإلنجيل التوراة أعطيناهم الذين :التفسير اإلجمالي ا أنيعرفـون :وقيـل ، بأبنـائهم معرفتهم مثل كتبهم، في المذكورة بأوصافه اهللا رسول ^محمد

) ليكتمـون الحـق ( وقوله ،تحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة بالطريق التي قدمنا ذكرها يعلمـون وهـم وعند أهل القول الثاني استقبال الكعبة ^هو عند أهل القول األول نبوة محمد

نبوتـك، فال تكونن من الممترين في أن الذين تقدم ذكرهم علموا صحة ،أوصافه وثبوت صدقه،، إلى صحة نبوته وشـرعه : قيل و ، األمر إلى تحويل القبلة يرجع :قيلو، وأن بعضهم عاند وكتم

)١(.وهذا هو األقرب

احلق من ربك فال تكـونن مـن املمـرتين(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة اسـمية تفيـد جملـة )، والغرض من الفاصلة النهي، وذلـك أن )تكونن(ة بـ مؤكدة بالنون الثقيلة المتصل الثبوت، وهي

.هذا األمر المنهي عنه أمر خطير يتعلق بجانب العقيدة

يعرفـون و ،^رفون صـدق محمـد أن أهل الكتاب يع األولى بينت اآلية لما :مناسبة الفاصلة مهم بعقوبـة مع عل وأن هناك فريقا يكتمون هذا األمر ،تحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة

^ تطمينا وتثبيتـا لـه )الحق من ربك فال تكونن من الممترين (فكانت اآلية الثانية ،هذا الكتمان من خالل نهيه عن أن يكون شاكا في ذلك، مع العلم وحق ثابت من اهللا ال مجال للشك فيه، بأن ال

. أن النهي ال يستلزم أن الشك وقع منه

ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا اخلريات أين ما تكونوا يأت بكم اهللا مجيعـا [ : قال تعالى ) ١٤٨ (اآلية إن اهللا عىل كل يشء قدير [

حيـث اهللا ووجهـة ، لكل قبيلة قبلة يرضونها : يقول ،يعني بذلك أهل األديان : التفسير اإلجمالي ، هـو موليهـا وللنصراني وجهة ، موليها هو لليهودي وجهة : وقال أبو العالية ،توجه المؤمنون

ر أم : وقال مجاهد في الرواية األخرى والحسن القبلة، وهداكم أنتم أيتها األمة إلى القبلة التي هي كم قادر علـى جمعكـم مـن األرض وإن تفرقـت أجـساد اهللاو ،كل قوم أن يصلوا إلى الكعبة

)٢(.وأبدانكم

).١/٢٠٧: (فتح القدير: انظر ،)٤/١١٨: ( مفاتيح الغيب:انظر)١( ).١/١٩٥: (، البن كثيرتفسير القرآن العظيم: انظر)٢(

٢٣

إن اهللا عىل كل يشء قـدير(جاءت الفاصلة :تحليل الفاصلة ، "إن" جملة اسمية مؤكدة بأداة التوكيـد )كل على (المجرور و تقدم الجار و والغرض منها إثبات صفة القدرة المطلقة هللا تعالى على الدوام،

لفظ الجاللة وحقه اإلضمار إذ سبق ذكره فـي إلفادة العموم، وقد أظهر ) قدير(على متعلقه )شئ . اآلية، وذلك من أجل أن تجري الفاصلة مجرى المثل

هـذا و جمع األجساد المتفرقة في األرض، و ،ا كانت اآلية تتحدث عن البعث لم:مناسبة الفاصلة مـا قدرة المطلقة هللا تعالى،التي تـشمل شئ ينكره الكفار، جاءت الفاصلة مقررة ومثبتة لصفة ال

عىل كل يشء قدير(ذكر وغيره، فناسب أن تكون الفاصلة إن اهللا (.

ومن حيث خرجت فول وجهك شطر املسجد احلـرام وإنـه للحـق مـن ربـك [: قال تعالى ) ١٤٩(اآلية وما اهللا بغافل عام تعملون [

هذا تأكيد لألمر باستقبال الكعبة واهتمام بها، الن موقع التحويـل كـان : قيل :جماليالتفسير اإل . مر ليرى الناس االهتمام به فيخف عليهم وتسكن نفوسـهم إليـه صعبا في نفوسهم جدا، فأكد األ

وحيـث مـا (: ثم قال،ول وجهك شطر الكعبة، أي عاينها إذا صليت تلقاءها: أراد باألول : وقيل: ثـم قـال ،) فولوا وجوهكم شطره ( معاشر المسلمين في سائر المساجد بالمدينة وغيرها )مكنتسفار، فكان هذا أمرا بالتوجه إلى الكعبة فـي يعني وجوب االستقبال في األ )ومن حيث خرجت (

وما اهللا بغافـل ،بكهك إليه لهو الحق الثابت من ر وإن توج ،جميع المواضع من نواحي األرض )١(.عما تعملونه، وسيجازيكم على ذلك

وما اهللا بغافل عام تعملون( جاءت الفاصلة :تحليل الفاصلة ( )٢( . تؤكد على أنه حق من عنـد ولما كانت اآلية تأمر بالتولية نحو المسجد الحرام، :مناسبة الفاصلة

ذا يشير بأن هناك بعض النفوس من المؤمنين انتابهـا ه و ربهم، حذرهم من الميل عن هذا الحق، )٣(. التحذير من اهللا ومما اقتضى التوكيد الشك،ومن حيث خرجت فول وجهك شطر املسجد احلرام وحيث مـا كنـتم فولـوا [ :قال تعالى )١٥٠(اآلية

وجوهكم شطره لئال يكون للناس عليكم حجة إال الذين ظلموا منهم فال ختشوهم واخشوين وألتم نعمتي عليكم ولعلكم هتتدون [

).١/٥٧٠: ( الجامع ألحكام القرآن:انظر)١(

.١٤٤البحث،تحليل اآلية : انظر )٢(

).١/١٣٦: (في ظالل القرآن: انظر )٣(

٢٤

التقريـر وكرر األمر هنـا للتأكيـد وهذا أمر ثالث باستقبال الكعبة المشرفة، : التفسير اإلجمالي يتبع قبلتنا، و يجحد ديننا : قد عرفكم أمر القبلة حتى ال يحتج اليهود عليكم فيقولوا و بهة،إزالة الش و

يخالف قبلته، ثم استثنى اهللا سبحانه الذين ظلمـوا و يدعي محمد ملة إبراهيم : أو كقول المشركين فهؤالء ال تخشوهم، ألنهم ليسوا أصحاب حق أو منطـق سـليم، ،أنفسهم بعنادهم وعدم اقتناعهم

)١(. ألتم فضلي عليكم بالهداية إلى قبلة أبيكم إبراهيمو

وألتم نعمتي عليكم ولعلكم هتتدون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة وذلـك جملـة تعليليـة، ) )٢(. متثال ألمر اهللا في التوجه إلى الكعبةلتعليل اال

في القرآن الكريم المـراد بـه " لعل "كل لفظ : قال بعض المفسرين : "يقول أبو حفص الدمشقي )٣(".التحقيق

هو كـي ال يكـون و ن اهللا تعالى للمؤمنين علة توجيههم إلى الكعبة، بعد أن بي : مناسبة الفاصلة جاءت الفاصلة تـذكيرا قلل من شأن الكافرين بنفي سلطانهم على المؤمنين، و حجة، للناس عليهم

)٤(.هم من الجاهلية إلى نور اإلسالمفضله العظيم بإخراج ولهم بنعمة اهللا عليهم،

:شكر اهللا والصبر على طاعته: المقصد الرابع

كـام أرسـلنا فـيكم رسـو: [يقول تعالى ) ١٥٣-١٥١ (اآليات ال مـنكم يتلـو علـيكم آياتنـا ويـزكيكم ويعلمكم الكتاب واحلكمة ويعلمكم ما مل تكونوا تعلمون فاذكروين أذكركم واشكروا يل وال تكفرون * *

يا أهيا الذين آمنوا استعينوا ب الصرب والصالة إن اهللا مع الصابرين [

يذكر اهللا تعالى عباده المؤمنين ما أنعم به عليهم من بعثة رسول اهللا صـلى اهللا :التفسير اإلجمالي عليه وسلم إليهم، يتلو عليهم آيات اهللا مبينات للحق من الباطل، ويطهرهم من رذائـل األخـالق

الـسنة وهو القرآن، ويعلمكمويعلمكم الكتاب التي كانت في الجاهلية، القبيح الفع و دنس الشرك و فكانوا فـي ،وأحكام الشريعة، ويعلمكم من أخبار األنبياء، وقصص األمم السابقة ما كنتم تجهلونه

الجاهلية الجهالء يسفهون بالعقول الغراء، فانتقلوا ببركة رسالته ويمن سفارته إلى حال األولياء، وال وعمال وال بالشكر ق -أيها المؤمنون -، وخصوني وني بالعبادة أذكركم في المأل األعلى اذكرو

بالصبر على النوائب والمـصائب، : اطلبوا العون من اهللا في كل أموركم و ،تجحدوا نعمي عليكم

). ١/١٠١: (ة التفاسيرصفو:انظر )١( ).٢/٤٧: (التنوير والتحرير: انظر )٢( ).٣/٧١( :اللباب في علوم الكتاب: انظر) ٣(

). ١٣٧ /١: (في ظالل القرآن: انظر )٤(

٢٥

الـنفس، وترك المعاصي والذنوب، والصبر على الطاعات والقربات، والصالة التي تطمئن بها )١(.التأييد وبالحفظإن اهللا مع الصابرين ف ،الفحشاء والمنكروتنهى عن

إن اهللا مـع الـصابرين(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ( جملـة تقريريـة تعليليـة، تقـرر أن .اهللا معكم ألن اهللا مع الصابرينالصابرين في معية اهللا تعالى، والمعنى اصبروا ليكون

الة بـاألمر بالـشكر ومجانبـة ما ختم اآليات اآلمرة باستقبال البيت في الص ل :مناسبة الفاصلة أن مالك كـل منهمـا إيماء إلى في ذلك و )الصالة و استعينوا بالصبر : (،عقب بقوله تعالى الكفر

ال تلتفتوا إلى طعن الطاعنين في أمر القبلة فيشغلكم ذلك عن ذكري : فكأنه قيل ، الصبر والصالة عـالمين أن الـصبر ،ا وصلوا إلي متوجهين إلى القبلة التي أمـرتكم بهـا بل اصبرو ،وشكري

لما علم من هذه اآليات إعضال مـا أنه وأوالصالة نعم العون على كل ما ينوب من دين ودنيا، اإلقبال على ذكره وشكره أتبـع و بينهم وبين السفهاء وأمرهم بالدواء المنجح من اإلعراض عنهم

) يها الذين آمنوا استعينوا بالصبر يا أ (:مر يصل إلى أشد مما توهموه فقال ألذلك لإلشارة إلى أن ا فإنها أكبـر معـين استعينوا بالصالة و إياهم، ألكفيكم ؛أي على ما تلقون منهم وعلى اإلقبال إلي

، ألن ذلك اطه وكفاه إلعراضه عن كل ما سواه ، فمن أقبل بها على مواله ح العبادات عألنها أجم . ر فيمن أقبل بكليته عليهن كل كبيشأ

أي الذي له الكمـال ) إن اهللا : (الصبر اقتصر على التعليل به فقال ولما كانت الصالة ال تقوم إال ب )٢(. كان اهللا سبحانه وتعالى معه فازومعلوم أن من) مع الصابرين(كله

). ٢/١٢٥،١٢٤: (تفسير القرآن العظيم، البن كثير: انظر )١( ).٢٧٨،٢٧٧ / ١( :نظم الدرر : انظر )٢(

٢٦

):١٥٧ – ١٥٤(المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية : المقطع الثاني :آيات المقطع الثاني

وال تقولوا ملن يقتل [ يف سبيل اهللا أموات بل أحياء ولكن ال تشعرون ولنبلونكم بيشء من اخلوف ) ١٥٤( واجلوع ونقص من األموال واألنفس والثمرات وبرش الصاب رين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا ) ١٥٥(

هللا وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من رهبم ورمحة وأولئك هم املهتدون ) ١٥٦( )١٥٧([

:ويشتمل على مقصد واحد

:الصبر على الجهاد في سبيل اهللا

وال تقولوا ملن يقتل يف سبيل اهللا أموات بل أحياء ولكن ال تشعرون: [يقول تعالى) ١٥٤(ية اآل [ بل هم أحياء ولكن ال تشعرون بهذه الحياة ،هم أموات نللشهداء إ ال تقولوا أي :التفسير اإلجمالي

بحـسب ، تحكمون عليها بالموت في ظاهر األمر ألنكم ؛عند مشاهدتكم ألبدانهم بعد سلب روحهم )١(. وليسوا كذلك في الواقع بل هم أحياء في البرزخ،ما يبلغ إليه علمكم

بل أحياء ولكـن ال تـشعرون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة إما أن يكون ال ) بل أحياء ( قوله )و لكـن ال ( بأنهم أحياء، ويرجح ذلك قولـه -الى تع -محل له من اإلعراب، فهو إخبار من اهللا

إما أن يكون محله النصب بقول محذوف تقـديره، و .؛ إذ المعنى ال شعور لكم بحياتهم )تشعرون )يشعرون(، وحذف مفعول ينتصب بالقول األول لفساد المعنى وال يجوز أن هم أحياء، :بل قولوا

)٢(. أي بحياتهم: لفهم المعنى

ليست ممـا أخبرنا بأن حياتهم ا عز وجل عن وصف الشهداء بالموت، لما نهان :ةمناسبة الفاصل بالمشاعر الظاهرة من الحياة الجسمانية وإنما هي أمر روحاني ال يـدرك بالعقـل بـل بهيشعر

.بالوحي

).٢١١ /١: (فتح القدير: انظر )١( ). ٨١ / ٣: (اللباب في علوم الكتاب: انظر )٢(

٢٧

وفي اآلية داللة على أن األرواح جواهر قائمة بأنفسها مغايرة لما يحس به من البدن تبقى بعـد )١(.الموت

ولنبلـونكم بـيشء مـن اخلـوف واجلـوع ونقـص مـن األمـوال واألنفـس [: يقول تعـالى ) ١٥٥(اآلية والثمرات وبرش الصابرين [

ضـياع والجـوع، و لنمتحنكم بشئ قليل من ألوان البالء، مثل الخـوف و أي :التفسير اإلجمالي ن على هذه الباليـا بجنـات بشر الصابري و قلة الثمار، و موت بعض األحباب، و بعض األموال،

)٢(.النعيم

وبـرش الـصابرين(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة فعلية، والواو للعطـف، والخطـاب )علق تكريما لشأنه، وزيادة في ت ^ى لسان الرسول التبشير عل للنبي صلى اهللا عليه وسلم، ويفيد

المؤمنين به بحيث تحصل خيراتهم بواسطته، فمن لطائف القرآن إسناد البلـوى إلـى اهللا بـدون )٣(.^ واسطة الرسول، وإسناد البشارة بالخير اآلتي من قبل اهللا إلى الرسول

، وعدم الـشبع لما كانت اآلية تتحدث عن ابتالء المؤمنين بشئ من انعدام األمن : مناسبة الفاصلة قـوة تحمـل مـن و هذا بحاجة إلى صبر و األحبة، و قتل لألهل و الثمار، و ص في األموال والنق

محفزا لهم علـى تحمـل وكي تكون عونا ) وبشر الصابرين ( المؤمن، ناسب أن تكون الفاصلة .االبتالء

الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إن[: يقول تعالى ) ١٥٧،١٥٦ (اآليتان ا هللا وإنا إليه راجعون أولئـك * عليهم صلوات من رهبم ورمحة وأولئك هم املهتدون [

قالوا إنا هللا، فلـه أن مكروه حال الصابرين وهي أنهم إذا أصابهم بين تعالى :التفسير اإلجمـالي ـ ا ملكه وعبيده، وإننايصيبنا بما شاء ألن ه إليه راجعون بالموت، فال جزع إذا ولكن تـسليم لحكم

أولئك الصابرين بمغفرة ذنوبهم وبرحمـة مـن ربهـم، وإنهـم ثم بشر وقدره، ئهورضا بقضا )٤( .المهتدون إلى سعادتهم وكمالهم

).٢٠٧ / ١: (تفسير روح البيان: انظر )١( ).١٠٣ / ١: (صفوة التفاسير: انظر )٢( ).٥٧ ، ٥٦ /٢: (التحرير والتنوير: انظر )٣( ).١٣٤ / ١: (، للجزائريأيسر التفاسير: انظر )٤(

٢٨

وأولئك هم املهتدون (جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة البقـاعي يقول كما ،جملة اسمية مؤكدة ) إشارة إلى الذين نالتهم الصلوات والرحمة فأبقاهم مع ذلك في محل بعـد )وأولئك (: "في تحليلها

م عمـا إشعارا بصالح بـواطنه )هم( فجاء بلفظ )هم المهتدون ( ،في الحضرة وغيبة في الخطاب مقامهم وعـز إشارة إلى علو )أولئك(والذي يلوح لي أن أداة البعد في ، جره االبتالء من أنفسهم

)١(".، ولذا عبر عن هدايتهم بالجملة االسمية على وجه يفهم الحصرمرامهم

استـسلموا و الذين استرجعوا لما كانت اآليات تتحدث عن أوصاف الصابرين، :مناسبة الفاصلة لـم و، وذلك ألنهم اهتدوا لمـا هـو حـق ،هللا عز وجل، أظهر سبحانه كمال العناية بهم لقضاء ا

: والجملة مقررة لما قبـل كأنـه قيـل ، لعلمهم أن الحياة ال تخلو من األكدار، ئبجهم المصا تزع، ولذلك اسـترجعوا واستـسلموا لقـضاء اهللا المختصون باالهتداء لكل حق وصواب وأولئك هم

)٢(.تعالى

). ٢٨٢ / ١: (نظم الدرر )١( ).٥٨ / ٢: (التنوير و، التحرير )١/٢٤: (وح المعانير: انظر )٢(

٢٩

):١٧٧ - ١٥٨(المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية : المقطع الثالث :طع الثالثآيات المق

إن الصفا واملروة [ من شعائر اهللا فمن حج البيت أو اعتمر فال جناح عليه أن يطوف هبام ومـن تطـوع خـريا فإن اهللا شاكر عليم إن الذين يكتمون ما أنزلنا من ال) ١٥٨( بينات واهلدى من بعد ما بيناه للناس يف الكتاب

أولئك يلعنهم اهللا ويلعنهم الالعنون إال الذين تـابوا وأصـلحوا وبينـوا فأولئـك أتـوب علـيهم وأنـا ) ١٥٩( التواب الرحيم إن) ١٦٠( الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنـة اهللا واملالئكـة والنـاس أمجعـني

خالدين فيها ال خيفف عنهم العذاب وال هم ينظرون) ١٦١( وإهلكم إله واحد ال إله إال هو الـرمح)١٦٢ ( ن الرحيم إن يف خلق الساموات واألرض واختالف الليل والنهار والفلك التي جتري يف البحر بام ينفع ) ١٦٣(

الناس وما أنزل اهللا من السامء من ماء فأحيا به األرض بعد موهتا وبث فيها مـن كـل دابـة وتـرصيف الريـاح والسحاب املسخر بني السامء واألرض آليات لقوم يعقلون ومن الناس من يتخذ من دون اهللا أندادا ) ١٦٤(

حيبوهنم كحب اهللا والذين آمنوا أشد حبا هللا ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة هللا مجيعا وأن اهللا شديد العذاب إذ تربأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعـت هبـم األسـب) ١٦٥( ) ١٦٦(اب

وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتربأ منهم كام تربؤا منا كذلك يرهيم اهللا أعامهلـم حـرسات علـيهم ومـا هـم بخارجني من النار يا أهيا الناس كلوا مما يف األرض)١٦٧ ( حالال طيبا وال تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم

عدو مبني إنام يأمركم بالـسوء والفحـشاء وأن تقولـوا عـىل اهللا مـا ال تعلمـون ) ١٦٨( وإذا قيـل هلـم ) ١٦٩( اتبعوا ما أنزل اهللا قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولـو كـان آبـاؤهم ال يعقلـون شـيئا وال هيتـدون )١٧٠ (

ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بام ال يسمع إال دعاء ونداء صم بكم عمي فهـم ال يعقلـون يـا) ١٧١(أهيا الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا هللا إن كنتم إياه تعبدون إنام حرم عليكم امليتـة )١٧٢ (

والدم وحلم اخلنزير وما أهل به لغري اهللا فمن اضطر غري ب اغ وال عاد فال إثم عليه إن اهللا غفور رحيم )١٧٣ (إن الذين يكتمون ما أنزل اهللا من الكتاب ويشرتون به ثمنا قليال أولئك مـا يـأكلون يف بطـوهنم إال النـار وال

يكلمهم اهللا يو م القيامة وال يزكيهم وهلم عذاب أليم أولئك الذين اشرتوا الضاللة باهلدى والعذاب ) ١٧٤( باملغفرة فام أصربهم عىل النار ذلك بأن اهللا نزل الكتاب بـاحلق وإن الـذين اخت) ١٧٥( لفـوا يف الكتـاب لفـي

٣٠

شقاق بعيد ليس الرب أن تولوا وجوهكم قبل املرشق واملغرب ولكن الرب من آمن باهللا واليوم اآلخـر ) ١٧٦( واملالئكة والكتاب والنبيني وآتى املال عىل حبه ذوي القربى واليتامى واملساكني وابن السبيل والـسائلني ويف

الرقاب وأقام الصالة وآتى الزكاة واملوفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين يف البأساء والرضاء وحني البأس أولئك الذين ص دقوا وأولئك هم املتقون )١٧٧([

:ويشتمل على سبعة مقاصد فرعية

: السعي بين الصفا والمروة: المقصد األول

إن الصفا واملروة من شعائر اهللا فمن حج البيت أو اعتمر فال جناح عليه أن : [يقول تعالى) ١٥٨(اآلية طوف هبام ومن تطوع خريا فإن اهللا شاكر عليمي [

توهمـه ما ودافعا والمروة، الصفا بين السعي ةفريض مقررا تعالى اهللا يخبر :التفسير اإلجمالي صـنم الصفا على الجاهلية في كان أنه إلى نظرا بينهما السعي في إثم وجود من المؤمنين بعض

والمـروة، الـصفا بين يسعى من بهما يتمسح نائلة،: له يقال المروة على وآخر إساف، :له يقالأن الـسعي بـين :المعنىفأنزل اهللا تعالى هذه اآلية، و ، من الطواف بينهما بعد اإلسالم فتحرجوا

ومن تطوع هللا فزاد فـي ال حرج على من سعى بينهما، و المروة مما شرعه اهللا فال إثم و الصفا فـإن اهللا سـيثيبه ، سائر العبادات أو من تطوع في عبادته فزاد في ، طوافه شوطا ثامنا أو تاسعا

)١(. على ذلك

ومن تطوع خريا فـإن اهللا شـاكر علـيم(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة جـواب ، وجملة شرطية )للداللة على " إن"سمية مؤكدة بأداة التوكيد جملة ا ) فإن اهللا شاكر عليم ( جملة و الشرط محذوف،

ـ المبالغة في علمه باألشياء، و المبالغة في إحسان اهللا إلى العباد، شرط وهذه الجملة علة لجواب ال )٢(.الى أو أثابه فإن اهللا شاكر عليمومن تطوع خيرا جازاه اهللا تع: المحذوف قائم مقامه كأنه قيل

مـن شـعائر (المروة بدليل قوله و ية تحث على السعي بين الصفا لما كانت اآل :مناسبة الفاصلة نوافل أو نوافل فقط، فليس و جاءت الفاصلة بحكم كلي في أفعال الخيرات كلها من فرائض ،)اهللا

فهـي عامـة ولهـذا ، ألن خيرا نكرة في سياق الشرط ؛ خصوص السعي )خيرا(المقصود من ، الخير قاصرا على الطواف بـين الـصفا والمـروة لئال يكون ؛عطفت الجملة بالواو دون الفاء

).١/١٣٦: (للجزائريأيسر التفاسير،: انظر )١( ). ١/٢٦: (روح المعاني:انظر )٢(

٣١

فادة حكـم كلـي ألنها إل ؛فيها داللة على أن السعي من التطوع أي من المندوبات الفاصلة ليس وتمل معنى أتى بطاعة ال يتعين لكونه بمعنى تبرع بل يح )تطوع(، على أن بعد ذكر تشريع عظيم

)١( .أو تكلف طاعة

:ن آيات اهللاحكم كتما: المقصد الثاني

إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينـات واهلـدى مـن بعـد مـا بينـاه للنـاس يف [: يقول تعالى )١٥٩(اآلية الكتاب أولئك يلعنهم اهللا ويلعنهم الالعنون [

التي تدل على صدق محمـد بعـد و اه من اآليات البينات، أي يخفون ما أنزلن : التفسير اإلجمالي )٢(.، وتلعنهم المالئكة والمؤمنوناإلنجيل، أولئك يبعدهم اهللا من رحمته وتوضيحه لهم في التوراة

أولئك يلعنهم اهللا ويلعنهم الالعنـون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة إشارة إلى)أولئك: (قوله ) ، واختير اسم إشارة البعيد ليكون أبعث للسامع على التأمل منهم وااللتفات إلـيهم ،)الذين يكتمون (

مضارعا) يلعنهم (الفعلب جاء، و هو األكثر استعماال في كالمهم أو ألن اسم اإلشارة بهذه الصيغة ـ ، مع العلم بأنه لعنهم أيضا فيما مضى ،للداللة على التجدد ه ال وجـه إذ كـل سـامع يعلـم أن

، وكـرر فعـل )ويلعنهم الالعنـون : ( وكذلك القول في قوله ، المستقبل لتخصيص لعنهم بالزمن فإن اللعن من اهللا اإلبعـاد ، مع إغناء حرف العطف عن تكريره الختالف معنى اللعنين )يلعنهم(

وهـو ، لالسـتغراق )الالعنـون : ( والتعريف فـي ،عن الرحمة واللعن من البشر الدعاء عليهم أو يكون التعريف للعهد أي يلعـنهم الـذين لعنـوهم مـن ، تغراق عرفي أي يلعنهم كل العن اس

)٣(.وصوا بإعالن العهد وأن ال يكتموهاألنبياء الذين أ

لما كانت اآلية تتحدث عن علماء اليهود الذين كتموا دالئل صدق النبي محمـد : مناسبة الفاصلة أن تلـك الفاصـلة ، فمن أجل ذلك أفادت عندهم دينه الموجودة في التوراة صفات و صفاته و ^

اإلبعاد عن الرحمة، وأما لعن الناس إيـاهم فهـو واللعن إيماء لعلة و،األوصاف هي سبب الحكم .الدعاء منهم بأن يبعدهم اهللا عن رحمته

إال الـذين تـابوا وأصـلحوا وبينـوا فأولئـك أ[ :يقول تعالى ) ١٦٠( اآلية تـوب علـيهم وأنـا التـواب الرحيم [

).٦٤ / ٢: ( التنوير والتحرير: انظر )١( ).١٠٥ /١: (صفوة التفاسير: انظر )٢( ). ٦٨،٦٧ /٢: (التنوير والتحرير:انظر )٣(

٣٢

استثنى تعالى من المبعدين من رحمته من تاب من أولئك الكاتمين للحق بعـد :التفسير اإلجمالي وهو التواب الـرحيم ، فهؤالء يتوب عليهم ويرحمهم ، وأصلحوا فندموا على ما صنعوا ما عرفوه

)١(.بعباده

وأنا التواب الـرحيم(ة هنا جاءت الفاصل : تحليل الفاصلة جملة اسمية من مبتدأ وخبرين، غرضها ) علـى وزن ) التـواب (تقرير صفتين جليلتين من صفاته تعالى وقصرهما عليه، فالصفة األولى شعر باألمل وعظيم رحمته تعالى بعباده ، ألن بناء فعال وهذا الوزن يال الذي هو للمبالغة، ال فع

، وعليه فإن بناء فعـال يقتـضي )٢(ون إال لمن أدام الفعل، وكثر منه بحيث صار له كالحرفة يك، فهو إذن يتوب على عبده مرة ومرة، ال يمل المـولى )٣("االستمرار والتكرار واإلعادة والتجدد "

ـ من التوبة، ما دام فإن )الرحيم( العبد، تحرقه نزغة الذنب فيتوب، وأما عن الحكمة في اقترانه بالعبد إذا أذنب وعصى ربه، وتاب عن المعصية، يتوب اهللا عليه، ثم يستغفر لذنبه، فيغفر اهللا له،

فال تكفي التوبـة مـن قبـل يكفيان فيحتاجان إلى رحمة اهللا، وهما أمران يتعلقان بالماضي، وال ن صفاته أنهـا المولى، ألنه لو لم يرحم، فال معنى للتوبة من جهة العبد، وكون المولى أخبرنا ع

أن تواكب التوبة والمغفـرة وكـل - يحسن للعبد - الكمال، وأنه متفضل دائما، فالرحمة ىمنتهفناسـب ) ، وأتوب واتاب(فللمجاورة حيث تقدم ذكر لفظ ) الرحيم(على ) التواب(شيء، وأما تقديم

)٤(."وتقديم التوبة للمجاورة: " ، قال األلوسي)التواب(أن يبدأ بـلما كان من شأن اإلنسان معاودة الذنوب لـصفة و لما بين تعالى عظيم الوعيد، :اصلةمناسبة الف

ختم اآلية بمـا دل علـى أن ، أن الوعيد يلحقهم على كل حال يتوهم التائبون حتى ال و ،النسيان راجـع أي مرة بعد مرة لمن كر على الذنب ثـم ) لتواباوأنا : (ين فقال فإني أحب التواب : التقدير

)٥(. لمن فعل ما يرضيني)الرحيم(التوبة كرة إثر كرة إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة اهللا واملالئكـة والنـاس [ :يقول تعالى ) ١٦١(اآلية أمجعني [

حتـى استمروا على الكفـر، و ،توا ولم يتوبوا وما ،أي إن الذين كفروا باهللا : التفسير اإلجمالي أهـل والمالئكـة والطرد، من اهللا وهم على تلك الحالة الشنيعة، أولئك استقر عليهم اللعن و ماتوا

)٦(.ألرض أجمعينا

). ١٣٨ /١: (، للجزائريلتفاسير لكالم العلي الكبيرأيسر ا:انظر )١( ).٣٣٣٦: (، أبو البقاء الكفويالفروق اللغوية: انظر )٢( ).١١٠: (، للسمرائيمعاني األبنية )٣( ). ١/٢٦: (روح المعاني )٤( ) . ٢٩٠ /١:( السور و، نظم الدرر في تناسب اآليات)٣/١٠٩:(اللباب في علوم الكتاب:انظر )٥( ). ١٨١ / ١: (المقتطف من عيون التفاسير:نظرا )٦(

٣٣

اس أمجعـني(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ة اهللا واملالئكة والنـ أولئك عليهم لعن لـة هـي جم و) . االستقرار واتاسمية جئ بها للداللة على الثب

اتركـو و جوا باب اإليمان، لم يل و لما كانت اآلية تتكلم عن الفريق الذين كفروا :مناسبة الفاصلة مـن علـيهم جاءت الفاصلة لعنة الضالل، وأصروا على الكفر و المهلة تنقضي، و الفرصة تفلت،

)١(.بقة ال ملجأ منها وال صدر حنونهي لعنة مط والناس أجمعين، والمالئكة واهللا

خالدين فيها ال خيفف عنهم العذاب وال هم ينظرون[ :يقول تعالى) ١٦٢(اآلية [ ،أي ال يمهلـون اإلمهـال : واإلنظـار ،في اللعنة: وقيلجهنم، في خالدين أي :التفسير اإلجمالي

: هو من االنتظـار : وقيل ،ال ينظر اهللا إليهم فهو من النظر : ال ينظرون معنى: وقيل فيعتذرون، )٢(. أي ال ينتظرون ليعتذروا

وال هـم ينظـرون( جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة تفيد أن هؤالء الكفار ال وهي ،اسميةجملة )وقد أضمر الفاعـل وهـو اهللا تدل على الثبوت واالستقرار، فهي يمهلون حين ينزل العذاب بهم،

. إلفادة الغضب والتحقيرهاعز وجل وبني الفعل للمجهول في

تبين اآلية عقاب الكفار بالخلود في النار دون تخفيف للعذاب الواقـع علـيهم، :مناسبة الفاصلة وجاءت الفاصلة تيئيسا لهم من رحمة اهللا تعالى، فهي تشير إلى إهمالهم وتحقيرهم وعدم االلتفات

.إليهم

:وحدانية اهللا ورحمته وبرهان ذلك: المقصد الثالث

وإهلكم إلـه واحـد ال إلـه إال هـو الـرمحن الـرحيم[: يقول تعالى) ١٦٤ ، ١٦٣(اآليتان إن يف خلـق * الساموات واألرض واختالف الليل والنهار والفلك ال تي جتري يف البحـر بـام ينفـع النـاس ومـا أنـزل اهللا مـن

السامء من ماء فأحيا به األرض بعد موهتا وبث فيها من كل دابـة وتـرصيف الريـاح والـسحاب املـسخر بـني السامء واألرض آلي ات لقوم يعقلون [ إلهكم المستحق للعبادة إله واحد، ال نظير له في ذاته وال في صفاته وال في أي:التفسير اإلجمالي

هما من عجائب الصنعة وما في األرض و في إبداع السماوات أفعاله، وال معبود بحق إال هو، وإن لبحر علـى سفن الضخمة التي تسير في ا ال و ،تعاقب الليل والنهار بنظام محكم دالئل القدرة في و

فأنبـت ما أنزل من المطر إلحيـاء األرض بعـد موتهـا، و ، بما فيه مصالح الناس ،وجه الماء

). ١٥١ / ١: (في ظالل القرآن:انظر )١( ).١/٢٥١: (فتح القدير: انظر) ٢(

٣٤

، وتقليب الرياح نشر فيها من كل ما يدب عليها من أنواع الدواب المختلفة، و األشجار، و الزروع وال يعرفهـا إال ، والرحمـة بالعبـاد على الوحدانية براهين و لدالئل السحاب المذلل بقدرة اهللا، و

)١(.أصحاب العقول

آليات لقوم يعقلـون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة جملة اسمية مؤكدة بالالم، وهـي الـالم )ـ )لقوم(والجار والمجرور ،المزحلقة محذوفة والتقدير آليات كائنـة لقـوم ) آيات( يتعلق بصفة ل

)٢().قوم(صفة لـ ) يعقلون(علية يعقلون، والجملة الف

ـ ) لقوم يعقلون (يطلق على جماعة من الرجال وعلى األمة، والتعبير ) قوم(و ى أن هـذا يدل عل )٣(.ن لألقوام والقبائل خصائص تشتهر بها وتميزها عن غيرهاالوصف سجية فيهم، إذ إ

ـ لما كانت مناسبة اآلية لسابقتها هي إقامة الحج :مناسبة الفاصلة ر أن اإللـه إلـه ة على من أنكهـي مـع وذلك بأن ساق اهللا الدالئل الواضحة من أصـناف المخلوقـات، و ،واحد ال إله غيره

وضوحها تشتمل على أسرار يتفاوت الناس في إدراكها حتى يتناول كل صنف من العقالء مقدار دون أن يقـال ) لـون لقوم يعق(، فناسب أن تكون الفاصلة علومهم و األدلة منها على قدر قرائحهم

يومئ إلى أن ذلك الوصف سـجية ) قوم(اقلين ألن إجراء الوصف على لفظ للذين يعقلون أو للع ، وهو تعريض بـأن في ذلك آيات للذين سجيتهم العقل فالمعنى إن من مكمالت قوميتهم، و فيهم،

)٤(.الذين لم ينتفعوا بآيات ذلك ليست عقولهم براسخة وال هي ملكات لهم

ألنه ال يتفكر في هذه اآليات العظيمة إال مـن ): "يعقلون(و حيان في مناسبة ختم اآلية بـ قال أب كان عاقال، فإنه يشاهد من هذه اآلية ما يستدل به على وحدانية اهللا تعالى، وانفـراده باإللهيـة،

".وعظيم قدرته، وباهر حكمته

البصائر، وقسم مدرك باألبـصار، قسم مدرك ب : وهذه اآليات ذكرها تعالى على قسمين : " وقالفخلق السموات واألرض مدرك بالعقول، وما بعد ذلك مشاهد لألبصار، والمـشاهد باألبـصار

، ولـم )آليات لقوم يعقلـون : (عليه بالعقول، فلذلك قال تعالى انتسابه إلى واجب الوجود، مستدل ـ آليات لقوم يبصرون، تغليبا لحكم العق : يقل ى ل، إذ مآل ما يشاهد بالبصر راجع بالعقل نسبته إل

)٥(."اهللا تعالى

).١٠٧ / ١: (، للصابونيصفوة التفاسير: انظر )١( ).٦٤٢ /١: (، ألبي حيانالبحر المحيط : انظر)٢( ).٨٩ ، ٨٨ /٢: (، البن عاشورالتحرير والتنوير: انظر )٣( ).٨٩،٧٧،٧٦ /٢: ( ، لبن عاشورالتنوير والتحرير: انظر )٤( ).٦٤٢ /١: (، ألبي حيانالبحر المحيط )٥(

٣٥

:حب المشركين آللهتهم:المقصد الرابع

ومن الناس من يتخذ مـن دون اهللا أنـدادا حيبـوهنم كحـب اهللا والـذين آمنـوا [: يقول تعالى ) ١٦٥(اآلية أشد حبا هللا ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة هللا مجيعا وأن اهللا شديد العذاب [

يتخـذ فريـق ما لهم في اآلخرة، حيث و يذكر تعالى حال المشركين في الدنيا :التفسير اإلجمالي هم نظراء هللا تعالى، ويعطونهم من المحبـة من الناس من دون اهللا أصناما وأوثانا وأولياء يجعلون

والمؤمنون أعظم حبا هللا من حب هؤالء الكفـار هللا . والتعظيم والطاعة، ما ال يليق إال باهللا وحده ولو يعلم الذين يلجأون في جميع أمورهم إليه، و ألن المؤمنين أخلصوا المحبة كلها هللا، ؛ وآللهتهم

ن عذاب اآلخرة، أن اهللا هو المتفرد بالقوة جميعا، وأن اهللا ، حين يشاهدو عاينونه هنالك ما ي ظلمواالنتهوا عما هم فيه من و شديد العذاب، لما اتخذوا من دون اهللا آلهة يعبدونهم ، ويتقربون بهم إليه

)١( .الضالل

وأن اهللا شديد العـذاب(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة لتقريـر جملة تقريرية، الغرض منها ا)للتهويـل ولكـي )وأنه شديد العذاب (والتأكيد، وقد أظهر لفظ الجاللة في مقام اإلضمار ولم يقل

.تستقل الفاصلة وتجري مجرى المثل

مع قيام تلك لما كانت اآلية تتحدث عن قوم اتخذوا ألنفسهم من دون اهللا شركاء، :مناسبة الفاصلة ناسب أن يختم اآليـة من قبل هؤالء الناس، اشنيعا و بلما كان هذا الفعل عجي و الدالئل الواضحة،

.لمن بعدهم والوعيد كي يكون رادعا لهم وبالتهديد

إذ تربأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعـ[ يقول تعالى ) ١٦٧،١٦٦ (اآليتان ت هبـم األسباب وقال ال* ذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتربأ منهم كـام تـربءوا منـا كـذلك يـرهيم اهللا أعامهلـم حـرسات

عليهم وما هم بخارجني من النار [

عنـد رأوا العـذاب ، وفر أن السادة والرؤساء تبرأوا ممن اتبعهم على الك أي :التفسير اإلجمالي ويمكن أن يقال فيهما جميعـا إذ ال ،عند العرض والمساءلة في اآلخرة : وقيل ،المعاينة في الدنيا

قـال ، وون بها في الدنيا من الرحم وغيـره التي كانوا يتواصل تقطعت األوصال و ،مانع من ذلك أعمـالهم يـريهم اهللا و ،وا منا لو رددنا إلى الدنيا حتى نعمل صالحا ونتبرأ منهم كما تبرأ األتباع

). ١/٢٧٦: (، البن كثيرتفسير القرآن العظيم: انظر )١(

٣٦

أو يريهم األعمال الصالحة التي أوجبها عليهم فتركوهـا فيكـون ، فتكون عليهم حسرات الفاسدة )١(. فيه دليل على خلود الكفار في النار)وما هم بخارجين من النار(: وقوله،ذلك حسرة عليهم

وما هم بخـارجني (جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة مـن النـار جملة تقريرية، تفيـد أن هـؤالء )، فـإن )ليس(هنا نافية إما مهملة أو تعمل عمل ) ما(الكفار خالدون في النار ال يخرجون منها، و

فـي محـل ) هم(كانت مهملة يكون ما بعدها مبتدأ وخبر، وإن كانت عاملة يكون ضمير الفصل حال على أنه خبرها، والباء اقترنت بالخبر اسم مجرور لفظا منصوب م ) خارجين(رفع اسمها، و

.زيادة ومبالغة في النفي، أي لتأكيد النفي

كالم مستأنف لبيـان حـالهم بعـد )وما هم بخارجين من النار " ( : في تفسيره السعود و أب يقول والـضمير ،لى االسمية إلفادة دوام نفي الخروجإ والعدول ،صل وما يخرجون واأل،لناردخولهم ا

)٢( ".ليهمإة على قوة أمرهم فيما اسند للدالل

رفـوا ع و هم يعرضون على النـار، و لما كانت اآلية تتحدث عن حال األتباع : مناسبة الفاصلة اهللا عرضت عليهم أعمالهم الصالحة التي أوجبهـا و تباعهم لقادتهم، عندها أنهم كانوا مخدوعين با صـالحا، نيا فيتبرأون من رؤسائهم، ويعملونلو أنهم ردوا إلى الد عليهم فتركوها، عندها يتمنون

طهمحتى يثـب أي خالدون فيها أبدا، ) وما هم بخارجين من النار (فناسب عندها أن يكون الجواب .ا، فيكون حسرة وندامة في قلوبهميحبطهم من مجرد التفكير في الرجوع إلى الدنيو

:ئثإباحة الطيبات وتحريم الخبا: المقصد الخامس

يا أهيا الناس كلوا مما يف األرض حالال طيبا وال تتبعوا خطـوات [:يقول تعالى ) ١٦٩، ١٦٨(اآليتان الشيطان إن ه لكم عدو مبني إنام يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا عىل اهللا م* ا ال تعلمون [

الطـاهر وهـو األرض، في لكم أباحه الذي اهللا رزق من كلوا الناس أيها يا :التفسير اإلجمالي والبـدع والتحـريم، التحليـل فـي الشيطان طرق تتبعوا وال الضار، غير النافع النجس، غير

،يـه مـا يـسوء صـاحبه ويخز ، فهو الذي يـأمركم ب العداوة ظاهر لكم عدو إنه. والمعاصي )أن تقولوا على اهللا مـا ال تعلمـون و(،المعاصي وما قبح من قول أو فعل التي تعني )الفحشاء(و

ولـم ، ويتناول ذلك جميع المذاهب الفاسدة التي لم يأذن فيها اهللا ،يعني من تحريم الحرث واألنعام )٣( .^ ترد عن رسول اهللا

).٢٢٠،٢١٩ /١: ( فتح القدير: انظر )١( ).١٨٧ / ١:( إرشاد العقل السليم)٢( ).١٣٨ /١:(زيل، للخازن في معاني التنلباب التأويل: نظرا)٣(

٣٧

وأن تقولوا (جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة عىل اهللا مـا ال تعلمـون جملة فعلية معطوفة على ما ) فيدخل فيه تحريم ما أحـل اهللا ،أي التقول واالفتراء على اهللا ) تقولوا على اهللا (سبق، والمراد بـ

جملة ) تعلمون(، )تقولوا(اسم موصول في محل نصب مفعول به للفعل ) ما(وتحليل ما حرم اهللا، حيث الضمير الهاء هو الضمير العائـد ) تعلمونه( به محذوف تقديره صلة الموصول والمفعول

)١(.الذي يربط االسم الموصول بجملة صلة الموصول

تحذرنا من استدراج و لما كانت اآليات تتحدث عن حث اهللا لنا بأكل الطيبات، :مناسبة الفاصلة افتراء الكذب على اهللا بأنه حتى يصل باإلنسان إلى ، وذلك بإتباعه خطوة تلو خطوة الشيطان لنا،

حتى يكون ) وأن تقولوا على اهللا ما لا تعلمون : (أحل هذا، ناسب أن تختم اآليات بقوله و حرم هذا . يحذر من اتباع خطوات الشيطان واإلنسان على بينة

وإذا قيل هلم اتبعوا ما أنزل اهللا[: يقول تعالى ) ١٧٠(اآلية قالوا بل نتبع ما ألفينا عليـه آباءنـا أولـو كـان آباؤهم ال يعقلون شيئا وال هيتدون [

علـى ) اتبعوا ما أنـزل اللـه (: لهؤالء الكفرة من المشركين) وإذا قيل ( :التفسير اإلجمـالي : أي ) بل نتبع ما ألفينا (:من الضالل والجهل، قالوا في جواب ذلك ه رسوله، واتركوا ما أنتم في

أولو كـان (: قال اهللا تعالى منكرا عليهم . من عبادة األصنام واألنداد : أي ) عليه آباءنا (وجدنا ماؤه٢ !!. ليس لهم فهم وال هداية)آب

أولو كان آباؤهم ال يعقلون شيئا وال هيتـدون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة جملة اسـتفهامية، ) الواو للحال أو للعطف، والغرض البالغي مـن و للرد على مقولة الكفار في تشبثهم بدين آبائهم،

آليـة شرطية جوابها محذوف يفهم من ا ) لو(االستفهام بالهمزة هو اإلنكار والتعجيب من حالهم، المبالغة في إلزامهم بخطـأهم فـي أي ال يدركون والمراد) ال يعقلون شيئا (، )التبعوهم(والتقدير

محذوف ) يهتدون(متعلق الفعل و تباع من غير تبصرة وال تأمل، أن ذلك اال تباعهم لدين آبائهم و ا٣(.والتقدير ال يهتدون إلى شيء(

كيف أنهم تشبثوا بعدم مخالفتهم ما و حال المشركين، لما كانت اآلية تتحدث عن : مناسبة الفاصلة تباع والتقليد آلبائهم جاءت الفاصلة منكرة وأبوا إال اال ألفوا عليه آباءهم ، وأعرضوا عن الدعوة،

) .٤٤٧/ ١: (لبيضاوي أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ل: انظر )١( ) .٤٨٠ / ١: ( ، البن كثيرتفسير القرآن العظيم :نظرا) ٢( ).٤٤٧ /١: ( تفسير البيضاوي:نظرا )٣(

٣٨

عليهم ذلك ومبكتة لهم، إذ كيف ذلك والحال أن آباءهم ال يعقلون ببصائر قلوبهم شيئا من األشياء )١(.نهم ال يهتدون بأبصارهم إلى شيء من األشياء المحسوسةالمعقولة، كما أ

ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بام ال يسمع إال دعاء ونداء صم بكـم [: يقول تعالى ) ١٧١(اآلية عمي فهم ال يعقلون [

بالتقليد والمقلدين الذي يعطلون حواسـهم ومـداركهم السابقةية لما نددت اآل :التفسير اإلجمـالي جاءت هذه اآلية بـصورة ، لم فعلوا ولم تركوا ايعرفودون أن رؤساؤهم يأمرهم به ويفعلون ما

عجيبة ومثل غريب للذين يعطلون قواهم العقلية ويكتفون بالتبعية في كل شيء حتـى أصـبحوا؛ حيث شاء فإذا نعق بها داعيا لها أجابته ولو كان دعاؤه إياهـا كالشياه من الغنم يسوقها راعيها،

لذبحها، وكذا إذا ناداها بأن كانت بعيدة أجابته وهي ال تدري لم نوديت، إذ هي ال تسمع وال تفهم ٢ .إال مجرد الصوت الذي ألفته

فهـم ال يعقلـون(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة منها تقريـع الكفـار جملة اسمية، الغرض )الذي هو للعقالء جاء تهكما بالمـشركين ) هم(والتنبيه على غباوتهم في عبادة األصنام، والضمير

)٣(.ألنهم جعلوا أصنامهم في أعلى مراتب العقالء لما نفى تعالى عنهم الحس المدرك للمحسوسات، جاءت الفاصلة مبينة النتيجـة :مناسبة الفاصلة

ينتفعون بعقولهم، وأن شأنهم وحالهم وديدنهم الدوام واالستمرار على عدم االنتفـاع وهي أنهم ال )٤(.بعقولهميا أهيا الذين آمنوا كلوا من طيبـات مـا رزقنـاكم واشـكروا هللا إن كنـتم إيـاه [:يقول تعالى ) ١٧٢(اآلية تعبدون [

شـكروه وا،ق الحاللما طاب من الرز و من المستلذات أي كلوا أيها المؤمنون :يالمعنى اإلجمال ٥. إن كنتم تخصونه بالعبادةتعالى

إن كنتم إياه تعبـدون(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة شرطية، جوابهـا محـذوف دل )للداللة على أن المراد هـو ) تعبدون(لية ، وجاء خبر كان جملة فع)فاشكروه(عليه ما سبق تقديره

).٣١٣ /١: (نظم الدرر: انظر )١( ).١٤٦ / ١: ( ، للجزائري أيسر التفاسير:نظرا )٢( ).١١٣ /٢: (التحرير والتنوير: انظر )٣( ).٣١٤ /١: (نظم الدرر: انظر )٤( ).١١١ /١: ( صفوة التفاسير:نظرا )٥(

٣٩

عتقاد بألوهية اهللا عز المراد بالعبادة هنا اال نبالفعل، أي متصفون بالعبادة، إذ إ الوصف ال القيام )١(.وجل والخضوع له واالعتراف بنعمه، وليس المراد من العبادة هنا فعل الطاعات

علقه باختـصاصهم إيـاه ،كر ال يصح إال بالتوحيد ولما كان الش : " قال البقاعي :مناسبة الفاصلة فإن اختصاصه بذلك سبب للشكر، فـإذا انتفـى ) تعبدون(أي وحده ) إن كنتم إياه : (بالعبادة فقال

االختصاص الذي هو السبب انتفى الشكر، وأيضا إذا انتفى المسبب الـذي هـو الـشكر انتفـى )٢(".يرتفع كل واحد منهما بارتفاع اآلخراالختصاص، ألن السبب واحد، فهما متساويان

إنام حرم عليكم امليتة والدم وحلم اخلنزير وما أهل به لغري اهللا فمـن اضـطر [: يقول تعالى ) ١٧٣(اآلية غري باغ وال عاد فال إثم عليه إن اهللا غفور رح ]يم

، والـدم تمـوت حتـف أنفهـا إنما حرم اهللا عليكم ما يضركم كالميتة التـي :التفسير اإلجمالي ومن فضل اهللا عليكم وتيسيره أنه أبـاح . المسفوح، ولحم الخنزير، والذبائح التي ذبحت لغير اهللا

بغيـة غيرمن فمن ألجأته الضرورة إلى أكل شيء منها، ،كم أكل هذه المحرمات عند الضرورة ل ٣. إن اهللا غفور لعباده، رحيم بهم.، فال ذنب عليه في ذلكهو مجاوزة الحد وال عدوانو

إن اهللا غفـور رحـيم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة تقريرية، الغرض منها االمتنـان )للمضطر أكل ما حـرم المغفرة والرحمة، فهو يغفر : على العباد بأن اهللا متصف بهذين الوصفين

اهللا وذلك أنه تعالى رحيم بعباده، والمراد بالمغفرة هنا رفع اإلثم عن المضطر ال تجاوز الـذنب، )٤(.وإظهار لفظ الجاللة في مقام اإلضمار من أجل أن تجري الفاصلة مجرى المثل

ـ و لما كانت اآلية تتحدث عن إباحة المحظورات :مناسبة الفاصلة ات للمـضطر، تحليل المحرم، أي إن اهللا االمتنان بقصد ) ن اهللا غفور رحيم إ(ال تعد، فناسب أن تكون الفاصلة و بدون تجاوز

، فـالمغفرة ؛ ألنه رحيم بالناس فال جرم أن يغفر للمضطر أكل الميتة ،موصوف بهذين الوصفين )٥(.هنا بمعنى التجاوز عما تمكن المؤاخذة عليه ال بمعنى تجاوز الذنب

حرم عليه أحد إشعار بأنه ال يصل إلى حال االضطرار إلى ما ) غفور: (وفي قوله : "لبقاعيقال ا تلحقه ضرورة ألن المؤمن أو الموقن ال ه عقوبته؛ ، فلوال المغفرة لتممت علي إال عن ذنب أصابه

إنباء بأن من اضطر فأصاب مما اضطر إليه شيئا لم يبغ فيـه ولـم ) رحيم: (وفي قوله . . .

).١١٤ /٢: (، البن عاشورالتحرير والتنوير: انظر )١( ).٣١٥ /١:(، للبقاعينظم الدرر )٢( ).٢٨٠،٢٧٩ /١: ( العظيم،البن كثيرتفسير القرآن )٣( ).١٢١ ، ١٢٠ /٢:(، البن عاشوررير والتنويرالتح: انظر )٤( ) .١٢٢، ١٢١ / ٢: (المرجع السابق :نظرا) ٥(

٤٠

إلى مثله فيغفر له الـذنب الـسابق الـذي هللا رحمة توسعه من أن يضطر بعدها تناله من ا ،ديع ويناله بالرحمة الموسعة التي ينال بها من لم يقع منه ما وقع ممن اضطر إلـى ،أوجب الضرورة

)١(".مثله

:جزاء كتمان آيات اهللا: المقصد السادس

إن ال[: يقول تعالى) ١٧٦ - ١٧٤ (اآليات ذين يكتمون ما أنزل اهللا من الكتاب ويشرتون به ثمنا قليال أولئك ما يأكلون يف بطوهنم إال النار وال يكلمهم اهللا يـوم القيامـة وال يـزكيهم وهلـم عـذاب ألـيم أولئـك *

الذين اشرتوا الضاللة باهلدى والعذاب باملغفرة فام أصربهم عىل النار ذلك بأن اهللا نزل الكتاب باحلق وإن * الذين اختلفوا يف الكتاب لفي شقاق بعيد [

ا في أحبار أهل الكتاب تندد بصنيعهم، وتـريهم هذه اآليات الثالث نزلت قطع :المعنى اإلجمـالي أن مـا و وبيعهم العلم الذي أخذ عليهم أن يبينوه بعرض خسيس من الـدنيا، ،جزاء كتمانهم الحق

ومع النار غضب الجبار فال يكلمهـم ، إذ هو مسببها،يأكلونه من رشوة في بطونهم إنما هو النار فما أجرأ هؤالء علـى النار بالجنة، و الكفر باإليمان، أنهم اشتروا ، و لهم عذاب أليم و ال يزكيهم و

أن و وكل هذا الذي تم مما توعد اهللا به هؤالء الكفرة؛ ألن اهللا نزل الكتاب بـالحق، معاصي اهللا، )٢(. الذين اختلفوا في التوراة واإلنجيل وهم اليهود والنصارى لفي عداء واختالف بينهم بعيد

وإن الذين اختلفوا يف الكتاب لفي شقاق بعيـد(ة هنا جاءت الفاصل : تحليل الفاصلة جملة تقريرية، )الـذين ( و)الذين يكتمون(هم الذين سبق الحديث عنهم في اآليات وهم ) الذين اختلفوا (والمراد من

ـ )اشتروا آمنوا مـنهم، القرآن الكريم فيكون فريق منهم قد اختلف مع الذين ) الكتاب(، والمراد بـ التوراة واإلنجيل، فيكون هؤالء قد اختلفـوا مـع بعـضهم ) الكتاب(ويحتمل أن يكون المراد ب

جنس الكتـب ) الكتاب(البعض فيما يخفونه ويكتمونه وفيما يقرونه، ويحتمل أن يكون المراد بـ ي اآليـة في موضع اإلضمار إذ سبق ذكره ف ) الكتاب(المنزلة ومن جملتها القرآن، وإظهار لفظ

السابقة من أجل أن تستقل الفاصلة وتجري مجرى المثل، وقد وصف تعالى الشقاق بالبعيد مـن )٣(.قبيل المجاز إلفادة بعد الوفاق

لما كانت اآلية تتحدث عن أحبار أهل الكتاب، الذين اشتروا الـضاللة بالهـدى :مناسبة الفاصلة سـلوكهم طريقـا و اإلنجيـل، و مونه في التوراة ذلك بكتمانهم الحق الذي يعل و العذاب بالمغفرة، و

).٣١٩ /١: (نظم الدرر )١( ).١/١٥١،١٥٠: (، للجزائريأيسر التفاسير: نظر ا)٢( ).١٢٧ ، ١٢٦ /٢: (التحرير والتنوير: انظر )٣(

٤١

مخالفا لطريق الحق، فناسب أن تأتي الفاصلة منفرة للناس منهم، ذاكرة ألهم صفة لهـم، وهـي الشقاق البعيد، وجاء بكلمة بعيد بدال من كبير؛ ألنه يصعب االلتقاء بينهم في الرأي، فدل هذا أنهم

. دينه بهذا يزداد المؤمن تمسكا ب وعلى الباطل ،

:حقيقة البر: المقصد السابع

ليس الرب أن تولوا وجوهكم قبل املرشق واملغرب ولكن الرب مـن آمـن بـاهللا [: يقول تعالى ) ١٧٧(اآلية واليوم اآلخر واملالئكة والكتاب والنبيني وآتى املال عىل حبه ذوي القربى واليتامى واملـساكني وابـن الـسبيل

صالة وآتــى الزكــاة واملوفــون بعهــدهم إذا عاهــدوا والــصابرين يف البأســاء والــسائلني ويف الرقــاب وأقــام الــ والرضاء وحني البأس أول ئك الذين صدقوا وأولئك هم املتقون [

بأنـه : أي)ولكن البر من آمن بالله (ليس هذا هو البر المقصود من العباد، : أي :المعنى اإلجمالي ، ممـا يكـون بعـد ^كل ما أخبر اهللا به فـي كتابـه، أو أخبـر بـه الرسـول ب و إله واحد

جنس الكتـب التـي أنزلهـا اهللا علـى : أي )والكتاب( الذين وصفهم اهللا لنا )والمالئكة(.الموتـ (، وأعظمها القرآن، فيؤمن بما تضمنه من األخبار واألحكـام، ^رسوله النبيوعمومـا )ين ،

ثم ذكر المنفق عليهم، وهم أولى النـاس ، وب للنفوس، فال يكاد يخرجه العبد محبالأعطى المال و وهم الـذين أسـكنتهم )والمساكين(اليتامى الذين ال كاسب لهم، و هم األقارب، و انكببرك وإحس

على الذين تعرض لهم حاجة من الحوائج، واإلعانة و الغريب المنقطع به في غير بلده، و الحاجة،الحقوق التي التزمها الموفون ب و، والزكاة، لكونهما أفضل العبادات رن بين الصالة ق و عتق العبيد،

المرض : أي )والضراء(الفقر، : أي )الصابرين في البأساء و(.لعبد كاأليمان والنذور، ونحو ذلك ا: أي )أولئـك (.وقت القتال لألعداء المـأمور بقتـالهم : أي )بأسوحين ال (على اختالف أنواعه،

)١(.متقونالمتصفون بما ذكر من العقائد الحسنة، هم األبرار الصادقون الأولئك الذين صدقوا وأولئك هـم املتقـون(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملتـين اسـميتين )

ـ تفيدان ثبوت واستقرار هذين الوص في نفوس من اتصفوا بهذه األوصاف فين ـالصدق والتقوى) هم(جملة الثانية جاء ضمير الفصل الواردة في اآلية، والجملتان تفيدان الحصر والقصر، وفي ال

.للتأكيد على أنهم استحقوا مرتبة التقوىاألولى موصوال بفعل ماض إيذانا بتحقق اتصافهم به وأن ذلك ) أولئك(أتى بخبر : " قال األلوسي

قد وقع منهم واستقر، وغاير في خبر الثانية ليدل على أن ذلك ليس بمتجدد؛ بل صار كالـسجية )٢(".لهم

).٦١،٦٠: ( كالم المنان تفسير تيسير الكريم الرحمن في:أنظر )١( ).١/٤٨: (روح المعاني )٢(

٤٢

ولما كانت هذه الخالل أشرف خالل أشار إلى شـرفها بـشرف : "قال البقاعي : مناسبة الفاصلة أي ) أولئـك : (هذه الخـالل فقال مستأنفا بيانا ألنه ال يستحق اسم البر إال من اجتمعت فيه ،أهلها

، أي فيما ادعوه من اإليمـان ) الذين صدقوا (خاصة الذين علت هممهم وعظمت أخالقهم وشيمهم ليـوم )المتقـون (خاصـة ) وأولئك هم (يفعل أفعالهم لم يصدق في دعواه فيه إشعار بأن من لم ف

)١(".، وفي جعله نعتا لهم إشعار بأنهم تكلفوا هذه األفعال لعظيم الخوف الجزاء

):١٨٨ - ١٧٨(فواصل وآياتها من اآلية المناسبة بني ال: المقطع الرابع :آيات المقطع الرابع

يا أهي[ ا الذين آمنوا كتب عليكم القصاص يف القتىل احلر باحلر والعبد بالعبد واألنثى باألنثى فمن عفي له من أخيه يشء فاتباع باملعروف وأداء إليه بإحسان ذلك ختفيف من ربكم و رمحة فمن اعتـدى بعـد ذلـك فلـه

عذاب أليم ولكم يف القصاص حياة يا أويل األلباب لعلكم تتقـون ) ١٧٨( كتـب علـيكم إذا حـرض ) ١٧٩( أحدكم املوت إن ترك خريا الوصية للوالدين واألقر بني باملعروف حقا عىل املتقني فمن بدله بعد مـا ) ١٨٠(

سمعه فإنام إثمه عىل الذين يبدلونه إن اهللا سميع عليم فمن خـاف مـن مـوص جنفـا أو إثـام فأصـلح ) ١٨١( بينهم فال إثم ع ليه إن اهللا غفور رحيم يا أهيا الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كام كتب عىل الذين من )١٨٢(

قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو عىل سـفر فعـدة مـن) ١٨٣( أيـام أخـر وعـىل الذين يطيقونه فدية طعام مسكني فمن تطوع خـريا فهـو خـري لـه وأن تـصوموا خـري لكـم إن كنـتم تعلمـون

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبين) ١٨٤( ات من اهلدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو عىل سفر فعدة من أيام أخر يريد اهللا بكم اليرس وال يريد بكم العـرس ولتكملـوا

العدة ولتكربوا اهللا عىل ما هداكم ولعلكم تشكرون وإذا سألك عبادي عني فإين قريب أجيب دعوة ) ١٨٥( الداع إذا دعان فليستجيبوا يل وليؤمنوا يب لعلهم يرشدون أحل لكم ليلة الصيام الرفث إىل) ١٨٦( نـسائكم

هن لباس لكـم وأنـتم لبـاس هلـن علـم اهللا أنكـم كنـتم ختتـانون أنفـسكم فتـاب علـيكم وعفـا عـنكم فـاآلن بارشوهن وابتغوا ما كتب اهللا لكم وكلوا وارشبوا حتى يتبـني لكـ م اخلـيط األبـيض مـن اخلـيط األسـود مـن

الفجر ثم أمتوا الصيام إىل الليل وال تبارشوهن وأنتم عاكفون يف املساجد تلك حدود اهللا فال تقربوها كذلك يبني اهللا آياته للناس لعل هم يتقون وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطـل وتـدلوا هبـا إىل احلكـام لتـأكلوا )١٨٧(

فريقا من أموال الناس باإلثم وأنتم تعلمون )١٨٨([

).٣٢٥ /١: (، للبقاعينظم الدرر )١(

٤٣

:ويشتمل على خمسة مقاصد :عقوبة القصاص: المقصد األول

يا أهيا الذين آمنوا كتب عليكم القـصاص يف القـتىل احلـر بـاحلر [ :يقول تعالى ) ١٧٩ ، ١٧٨( اآليتان والعبد بالعبد واألنثى باألنثى فمن عفي له من أخيه يشء فاتباع باملعروف وأداء إليه بإحـسا ن ذلـك ختفيـف

من ربكم ورمحة فمن اعتدى بعد ذ لك فله عذاب أليم ولكـم يف القـصاص حيـاة يـا أويل األلبـاب لعلكـم * تتقون [

واة، بقتـل أي فرض عليكم أن تقتصوا للمقتول من قاتله في حالة العمد بالمسا :التفسير اإلجمالي ذلـك بقبـول و فمن ترك له من دم أخيه المقتول شئ، األنثى باألنثى، و العبد بالعبد و الحر بالحر

على القاتـل و فعلى العافي أن يطالب بالدية بال عنف، أولياء الدم بدال من قتل الجاني، نالدية م فمـن اعتـدى كم،رحمة منه ب وأن هذا التشريع هو تخفيف من ربكم، وأن يؤدي الدية بال مطل،

لكم ـ يا أولي العقول ـ فيما شرعت من وعلى القاتل بعد قبول الدية فله عذاب أليم في اآلخرة،علكـم ل تحفظ حياة النـاس، و بذلك تصان الدماء و عتداء،قصاص حياة وذلك بكف الجناة عن اال ال

)١(.تنزجرون وتتقون محارم اهللالعل(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة كم تتقـون معللة للقصاص الذي شرعه اهللا تعالى وهو أن )

)٢(. للرجاء وهي هنا تمثيل أو استعارة تبعية)لعل(تنقادوا لما شرع فتتحامون القتل، وفي ذلك ردع للنـاس عـن و، العمد لما تحدثت اآليات عن القصاص من القاتل : مناسبة الفاصلة

قتل لو ترك األمر لألخذ بالثأر لكثر ال و س البشر هو الموت، ألن أشد ما تخافه نفو ؛جريمة القتل للنفس حتى يكون رادعا ) لعلكم تتقون (، فناسب أن تأتي الفاصلة ولعاث الناس فسادا في األرض

.عن القتل ابتداءا أو ثأرا أو القتل بالخوف مـن ربكم باجتناب معاصيه المفضية إلى العذاب )لعلكم تتقون : "(قال األلوسي

)٣(".القصاص

:تشريع الوصية عند الموت: المقصد الثاني

كتـب علـيكم إذا حـرض أحـدكم املـوت إن تـرك خـريا الوصـية للوالـدين [ :يقول تعالى ) ١٨٠(اآلية واألقربني باملعروف حقا عىل املتقني [

)١١٥،١١٤: (صفوة التفاسير:انظر) ١( ).٣٣٤ /١: (نظم الدرر: انظر )٢( ).١/٤٨: (روح المعاني )٣(

٤٤

، وكان إذا أشرف أحدكم على الموت فرض اهللا عليكم، يا معشر المؤمنين : أي : اإلجمالي فسيرالتحقـا علـى : (رب الناس إليه بالمعروف، وقوله قد ترك ماال كثيرا، فعليه أن يوصي لوالديه وأق

ينتق١(.الثابت، وقد جعله اهللا من موجبات التقوى: ألن الحق هودل على وجوب ذلك؛) الم(

حقـا عـىل املتقـني( جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة الكتب جملة مؤكدة لمضمون اآلية أي لفعل ))بـ )حقا(، و )كت متعلق ) على المتقين (أو بفعل محذوف تقديره حق ذلك حقا، )كتب(متعلق إما ب

ألن المفعول المطلق يعمل نيابة عن الفعـل، ؛)حقا(المحذوف، ويجوز أن يتعلق بالمصدر بالفعل ، ووضع المظهر موضع المضمر للداللة علـى أن المحافظـة علـى المؤمنينوالمراد بالمتقين

)٢(.الوصية والقيام بها من شعائر المتقين الخائفين من اهللا تعالى

تقويـة الرابطـة حـدى عوامـل هي إ و - لما كانت اآلية تتحدث عن الوصية :مناسبة الفاصلة حقا علـى (عفيفة عن سؤال اآلخرين، ناسب أن تكون الفاصلة وبقائها قوية متماسكة، -األسريةينتقجل ـ بالعدل في بر أقاربه وحتى يتحرى الموصي مخافة اهللا ـ عز) الم .

فمن بدله بعدما سمعه فإنام إث[ :يقول تعالى) ١٨١(اآلية مه عىل الذين يبدلونه إن اهللا سميع عليم [

أو نقص أو بدل نوعا بآخر فال إثـم ار هذه الوصية، بأن زاد فيهي أي من غ :التفسير اإلجمـالي اهللا سميع عليم، تهديدا نإ: دل وغير، وختم هذا الحكم بقوله ولكن اإلثم على من ب ؛على الموصي

) ٣(. يقدم على تغيير الوصايا لغرض فاسد وهوى سيءووعيدا لمن

إن اهللا سميع عليم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة تقريريـة مؤكـدة علـى صـفتين ) .جليلتين هللا تعالى وهما السمع والعلم، والغرض منها الوعد والوعيد

أي المحيط ) إن اهللا : ( ونيات حذر بقوله الولما كان للموصي والمبدل أقوال وأفع : " قال البقاعي ، فليحـذر مـن بسره وعلنه في ذلك ) عليم(أي لما يقوله كل منهما ) سميع(بجميع صفات الكمال

)٤(".عمل السوء وإن أظهر غيره ومن دعاء المظلوم فإن اهللا يجيبه

ية وأن إثم ذلـك لما بينت اآلية حرمة إنكار أو تبديل وتغيير أي شيء في الوص :مناسبة الفاصلة الفعل واقع على الذي ينكر ويبدل ويغير، جاءت الفاصلة متوعدة هؤالء من خالل تقرير صفتين

) .٦٢: (تيسير الرحمن في تفسير كالم المنان: انظر )١( ).١/٥٥،٥٤: (روح المعاني: انظر )٢( ).١٥٨ /١: (، للجزائرير التفاسيرأيس: انظر )٣( ).٣٣٦ /١: (نظم الدرر )٤(

٤٥

ازيهم على وفقهـا، كمـا أنهـا هللا تعالى، فهو يسمع أقوال المبدلين والموصين ويعلم بنياتهم فيج )١(.ن الموصين بأنه ال إثم عليهمتطمئ

من خاف من موص جنفا أو إثام فأصلح بينهم فـال إثـم عليـه إن اهللا غفـور ف[: يقول تعالى ) ١٨٢(اآلية رحيم [

من موص ميال عن الحق والعدل بأن جار في وصـيته بـدون ف من خا أي :التفسير اإلجمالي ح فأصـل ،في وصيته وتعدى على علم ر على الموصى حيث جا إثما خطأ أو خاف أ ه ولكن ،تعمد

والغلط، وختم هـذا بين الموصي والموصى لهم فال إثم عليه في إصالح الخطأ وتصويب الخطأ )٢(.امد وعدا بالمغفرة والرحمة لمن أخطأ غير ع)إن الله غفور رحيم(: الحكم بقوله

إن اهللا غفـور رحـيم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة تقريرية تؤكد على صفتين جليلتين جملة) ر على الـذنوب، فـال يعاقـب عليهـا هو الذي يست ) الغفور(هللا تعالى وهما المغفرة والرحمة،

ليس يـراد وإذا وصف الباري بها ف أن يصون العبد من أن يمسه العذاب،والغفران والمغفرة هو " )٣(".بها إال اإلحسان المجرد

وأما يعني ساترا ذنوب عباده المؤمنين بالعفو لهم عن العقوبة عليها غفورا: " قال اإلمام الطبري )٤(".ه، ألنها من المولى إحسان وإفضالفهو المنعم المتفضل على عباد) الرحيم(

)٥(".إذ المغفرة ستر الذنوب ومحوها، والرحمة إيصال الخيرات : " أو كما يقول اإلمام العيني، يبعث في الـنفس شـعورا بالطمأنينـة، )الغفور الرحيم (يلين، و إن تجاور هذين االسمين الجل .ويزرع في القلب أنسا وارتياحا

لما بينت اآلية أن من توقع أو علم ميال وجورا في الوصية فبدل وأعادها إلـى : مناسبة الفاصلة اصلة وعـدا نهج الشرع فال إثم عليه في هذا التبديل، ذلك أنه تبديل من باطل إلى حق، جاءت الف

)٦(.للمصلح على إصالحه بمغفرة ما يفرط منه في اإلصالحولما كان المجتهد قد يخطئ فلو أوخذ بخطئه أحجم عن االجتهاد، جزاه اهللا سبحانه : "قال البقاعي

أي المخـتص بإحاطـة ) إن اهللا: (عليه بتعليل رفع اإلثم بقوله إعالما بتعميم الحكم في كل مجتهد

).١/٥٥: (روح المعاني :انظر) ١( ).١٥٩،١٥٨ /١: (، للجزائريأيسر التفاسير: انظر) ٢( ) .٣٧٤،٣٧٥:(معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم) ٣( ) .٤/٢٣٩: (جامع البيان )٤( ) .٢٢/٢٩٢: (عمدة القاري في شرح صحيح البخاري )٥( ).١/٥٦: (روح المعاني: انظر )٦(

٤٦

أي يفعـل بـه مـن اإلكـرام فعـل الـراحم ) رحيم( لمن قصد خيرا فأخطأ أي) غفور(العلم )١(".بالمرحوم

:فريضة الصيام: المقصد الثالث

يا أهيا الذين آمنوا كتـب علـيكم الـصيام كـام كتـب عـىل الـذين مـن قـبلكم [: يقول تعالى ) ١٨٣(اآلية لعلكم تتقون [

ي فرض عليكم صيام رمضان، كما فرض الصيام على األمم قبلكم، لتكونوا أ: التفسير اإلجمالي )٢(. يجتنب محارمه وممن يتق اهللا

لعلكم تتقون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة جملة بيانية، غرضها بيان الحكمـة والثمـرة )عليكم الصيام ألجل حصول التقوى لـديكم، فتكـون كتب : المرجوة من تشريع الصيام، فالمعنى

)٣( .، والتقوى هي اتقاء عذاب اهللا باالمتثال ألوامر اهللا واجتناب نواهيه)كي(بمعنى ) لعل(

جل الصيام على المؤمنين، جاءت الفاصلة مبينـة حكمـة و لما فرض اهللا عز :مناسبة الفاصلة التقـاء معاصـي كثيـرة، والصيام موجب اصي،علة الصيام، فالتقوى الشرعية هي اتقاء المع و

جـاء و. كاألمور الناشئة عن الغضب وعن الشهوة الطبيعية التي قد يصعب تركها بمجرد التفكر، إن ربكم [ :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن أبي هريرة قال أن الصوم جنة، في الحديث

كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف والصوم لي وأنا أجزي به الصوم جنـة مـن يقولـ )٤( النار ولخلوف هل واهج كمدلى أحهل عج إنو كسريح الم نم الله ندع بائم أطيفم الص و

ائمقل إني صفلي ائمن حمله على ما يصلح له مـن )٥(]صنة تعيأي وقاية ولما ترك ذكر متعلق ج أصناف الوقاية المرغوبة، ففي الصوم وقاية من الوقوع في المآثم ووقاية من الوقوع في عـذاب

عليه فحصول التقوى و ول اللذات، اآلخرة ، ووقاية من العلل واألدواء الناشئة عن اإلفراط في تنا )٦(.هو الثمرة المرجوة من فرضية الصيام

).٣٣٦ /١(:نظم الدرر )١( ).١/١١٧: (صفوة التفاسير: انظر) ٢( ).٢/١٥٨ (:التحرير والتنوير: انظر)٣( بعد حدثت رائحة ألنها الشيء بعد الشيء ينبت أن النبات في وأصلها . الفم ريح تغير : بالكسر الخلفة )٤( .)٢/١٤٣: (ريب األثر، البن األثيرالنهاية في غ. ،وخلوفا خلفة يخلف فمه خلف يقال . األولى لرائحةا، وصححه )٧٦٤ح/١٨٨ص(ما جاء في فضل الصوم،: سنن الترمذي، كتاب الصوم عن رسول اهللا، باب )٥(

.األلباني ).٢/١٥٨: (التنوير والتحرير:انظر) ٦(

٤٧

أياما معدودات فمن كان منكم مريـضا أو عـىل سـفر فعـدة مـن أيـام أخـر [ : يقول تعالى ) ١٨٤(اآلية وعىل الذين يطيقونـه فديـة طعـام مـسكني فمـن تطـوع خـريا فهـو خـري لـه وأن تـصوموا خـري لكـم إن كنـتم

تعلمون [

قليلة في غاية : لما ذكر أنه فرض عليهم الصيام، أخبر أنه أيام معدودات، أي :التفسير اإلجمالي علـى الـذين و،المسافر بقضاء ما أفطر من رمـضان والسهولة، ثم سهل تسهيال آخر للمريض

مـن زاد علـى القـدر ويستطيعون صيامه مع المشقة فدية عن كل يوم يفطرونه إطعام مسكين، )١(.فضيلة والفدية لما فيه من أجر والصوم خير من اإلفطار والمطلوب في الفدية فهو خير له،

إن كنتم تعلمون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة محـذوف ) تعلمون(عول جملة شرطية، ومف) ) لـو (بمعنى ) إن(إن كنتم تعلمون فوائده في الدنيا وثوابه في اآلخرة، وجيء بالشرط : والمعنى

)٢(.ذلك لخفاء الفائدتين على الناس فجاءت لتحقيق وتقرير ذلك

لما ساق سبحانه وتعالى اإلفطار عند اإلطاقة والفدية واجبها ومندوبها مـساق :مناسبة الفاصلة يبة، وترك ذكر الفطر وإن دل السياق عليه إشارة إلى خساسته تنفيرا عنه جعل أهل الـصوم الغ

وأن : (محل حضرة الخطاب إيذانا بما له من الشرف على ذلك كله ترغيبا فيه وحضا عليه فقال هذا فيه إشعار بأن الصائم يناله مـن و من الفدية وإن زادت، ) خير لكم (أيها المطيقون ) تصوموا

)٣(. لخير في جسمه وصحته ورزقه حظ وافر مع عظم األجر في اآلخرةا

) وعلى الذين يطيقونـه : (أي تعلمون فوائد الصوم على رجوعه لقوله : "قال الطاهر بن عاشور إن كان المراد بهم القادرين أي إن كنتم تعلمون فوائد الصوم دنيا وثوابـه أخـرى، أو إن كنـتم

ألن علمهم بـاألمرين مـن ) إن( وجيء في الشرط بكلمة حتماالت األخر، لمون ثوابه على اال تع )٤(". شأنه أال يكون محققا؛ لخفاء الفائدتين

شـهر رمـضان الـذي أنـزل فيـه القـرآن هـدى للنـاس وبينـات مـن اهلـدى [ :يقول تعالى ) ١٨٥(اآلية والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو عىل سفر فعدة من أيام أخر يريد اهللا بكم اليرس

وال يريد بكم العرس ولتكملوا العدة ولتكربوا اهللا عىل ما هداكم ولعلكم تشكرون [

).١/٦٩،٦٨: (لكريم الرحمنتيسير ا:انظر) ١( ).٢/١٦٨(:التحرير والتنوير: انظر )٢( ).١/٣٤١،٣٤٠: (نظم الدرر: انظر) ٣( ).٢/١٦٨: (التنوير والتحرير) ٤(

٤٨

بين تعالى في هذه اآلية أن المراد من األيام المعدودات أيام شـهر رمـضان :التفسير اإلجمالي المبارك الذي أنزل فيه القرآن هاديا موضحا طرق الهداية، وفارقا به بين الحق والباطل، فمـن

والـسفر، ثم ذكر عذر المرض. حضر شهر رمضان، فليصمه على سبيل الوجوب إن كان مكلفا وأن على من أفطر بهما قضاء ما أفطر بعدده، وأخبر تعالى أنه يريـد بـاإلذن فـي اإلفطـار للمريض والمسافر اليسر، وال يريد بهم العسر فله الحمد وله المنة، ثم علل تعالى للقضاء بقولـه

م إليـه، لتحمدوا اهللا على مـا أرشـدك وعدة أيام رمضان بقضاء ما أفطرتم،: ولتكملوا العدة، أي )١(. إحسانه ولتشكروا اهللا على فضلهو

ولعلكـم تـشكرون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة جملة تعليلية، والشكر يكون إما بـاألقوال ) )٢(. وباألفعال كالصدقة وفعل الطاعات-تعالى–التي فيها تعظيم هللا

ام، جاءت الفاصلة تبـين أن الـصوم لما كانت اآلية تتحدث عن فريضة الصي :مناسبة الفاصلة شعر الذين آمنوا بقيمـة الهـدى من غايات الفريضة، وذلك لي نعمة تستحق الشكر، فالشكر غاية

هم مكفوفوا و هم يجدون هذا في أنفسهم في فترة الصيام أكثر من كل فترة، و الذي يسره اهللا لهم، هم شاعرون بالهدى ملموسـا و نها،مكفوفوا الجوارح عن إتيا و القلوب عن التفكير في المعصية،

منة اهللا في هذا التكليف الذي يبدو شاقا على وهكذا تبدو محسوسا، ليشكروا اهللا على هذه النعمة، )٣(. النفوس واألبدان

وإذا سألك عبادي عني فإين قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان[ :يقول تعالى ) ١٨٦(اآلية فليـستجيبوا يل وليؤمنوا يب لعلهم يرشدون [

،عن إجابـة الـدعاء يكون ويحتمل أن ،يحتمل أن السؤال عن القرب والبعد :التفسير اإلجمالي تمثيل في هذا و ، فإني قريب باإلجابة ،ويحتمل أن السؤال عما هو أعم من ذلك وهذا هو الظاهر

فـإذا دعـي ، وسرعة إنجاحه حاجة من سأله بمن قرب مكانه ،ه لمن دعاه لحاله في سهولة إجابت ؛ كما أجبتهم إذا دعوني فليستجيبوا لي فيما دعوتهم إليه من اإليمان والطاعات و ، تلبيته في أسرع

)٤(. ليكونوا من السعداء الراشدين

).١٦٤، ١/١٦٣: (، للجزائريأيسر التفاسير: انظر) ١( ).٢/١٧٧: (التحرير والتنوير: انظر )٢( ).١/١٧٢: (في ظالل القرآن: انظر) ٣( ).١/١٨٥،١٨٤: (فتح القدير: انظر) ٤(

٤٩

فليستجيبوا يل وليؤمنوا (جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة يب لعلهم يرشـدون بـالم ا مؤكـد اأمـر )لعلهم يرشـدون(جملة و التوكيد، " يرشـدون : "وقـرئ تعليلية، والرشد هو إصابة الحق وفعله، )

" يرشدون غيرهم : ، والمفعول على هذا محذوف ، تقديره " أرشد " بضم الياء وكسر الشين من شدنياه" والرين والدهو و،و االهتداء لمصالح الد١(. خالف الغي(

لما بينت اآلية أن اهللا قريب، يجيب دعوة الداعي إذا دعـاه، جـاءت الفاصـلة : مناسبة الفاصلة إذا أي ليمتثلـوا أمـري )فليستجيبوا لي :(هي و موضحة لألمور التى من خاللها تستجاب الدعوة

أمـر بالثبـات هو و }وليؤمنوا بي { ،يبهم إذا دعوني لمهماتهم دعوتهم لإليمان والطاعة كما أج )٢(. فعله وراجين إصابة الرشد وهو إصابة الحق والمداومة عليه

:حدود الصوم وما يباح ليال:المقصد الرابع

أحل لكم ليلة الصيام الرفث إىل نسائكم هن لب[ :يقول تعالى ) ١٨٧(اآلية اس لكـم وأنـتم لبـاس هلـن علم اهللا أنكم كنتم ختتانون أنفسكم فتاب عليكم وعفـا عـنكم فـاآلن بـارشوهن وابتغـوا مـا كتـب اهللا لكـم

وكلوا وارشبوا حتى يتبني لكم اخليط األبي ض من اخليط األسـود مـن الفجـر ثـم أمتـوا الـصيام إىل الليـل وال تبارشوهن وأنتم عاكفون يف املساجد تلك حدود اهللا فال تقربوها كذلك يبني اهللا آياته للناس لعلهم يتقون [

فهن ستر لكم عن الحرام،علم اهللا أي يباح لكم في ليالي الصيام وقاع زوجاتكم، :تفسير اإلجمالي الاآلن أبـاح مباشـرة و عفا عـنكم، و أنكم كنتم تخونون أنفسكم بالجماع ليلة الصيام، فقبل توبتكم

اشـربوا إلـى طلـوع و كلـوا و اطلبوا ما أباحه لكم من االستمتاع إلنجاب الذرية، و أزواجكم،ال تقربوهن ليال أو نهارا ما دمـتم معتكفـين فـي و لفجر،ثم أتموا الصيام إلى غروب الشمس، ا

بمثل هذا التوضيح يبين اهللا أحكام و تلك األحكام هي حدود اهللا، فال تقربوها بالمخالفة، و المساجد، )٣(. يبتعدوا عن المحرمات ودينه للناس ليتقوا ربهم،

اعتـراض بـين )كذلك يبين اهللا آياته للناس لعلهـم يتقـون (اجاءت الفاصلة هن :تحليل الفاصلة المعطوف والمعطوف عليه لتقرير األحكام السابقة والترغيب إلى امتثالها بأنها شـرعت ألجـل

)٤(. يعود على األحكام المتقدم ذكرها في اآليات السابقة) ذلك(، واسم اإلشارة تقواكم

).٣/٣٠١: (اللباب في علوم الكتاب: انظر) ١( ).١/١٠٦: (تفسير البيضاوي: انظر) ٢( ).١/٩١: (التفسير الوسيط: انظر) ٣( ).٢/٦٩: (روح المعاني: انظر)٤(

٥٠

لما بينت اآلية بعض األحكام الشرعية التي وضحت بعض األمـور، جـاءت : لفاصلةمناسبة ا شـأن اهللا بينت أيضا أن هذا و نواهيه، و هو أن يتقوا مخالفة أوامره و الفاصلة تبين علة التشريع،

. في إيضاح أحكامه لئال يلتبس شيء منها على الناس

إرادة التقائهم الوقوع في المخالفة ، ألنـه ، أي )لعلهم يتقون : (قوله : " يقول الطاهر بن عاشور لو لم يبين لهم األحكام لما اهتدوا لطريق االمتثال، أو لعلهم يلتبسون بغايـة االمتثـال واإلتيـان

)١(". بالمأمورات على وجهها فتحصل لهم صفة التقوى الشرعية

ـ : "قال أبو حيان اء هنـا ألن منـع حيث ذكر التقوى فإنه يكون عقب أمر فيه مشقة ، وكذلك جاإلنسان من أمر مشتهى بالطبع اشتهاء عظيما بحيث هو ألذ ما لإلنسان من المـالذ الجـسمانية

هـم علـى : شاق عليه ذلك وال يحجزه عن معاطاته إال التقوى ، فلذلك ختمت هذه اآلية بها أي )٢(".رجاء من حصول التقوى لهم بالبيان الذي بين اهللا لهم

: الرشوة وأخذ أموال الناس بالباطل: المقصد الخامسوال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا هبا إىل احلكام لتـأكلوا فريقـا مـن [ :يقول تعالى ) ١٨٨(اآلية

أموال الناس باإلثم وأنتم تعلمون [ في هذه اآلية أن يأكل بعضنا أموال بعض بوجه لم يبحه اهللا،و نهانـا نهانا اهللا :التفسير اإلجمالي

أيضا أن ندفعها رشوة إلى الحكام، حتى يعينوننا على أخذ أموال الناس دون وجه حق، مع العلـم )٣(. حرام وبأن ذلك إثم

وأنتم تعلمـون(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة ، غرضـها التأكيـد جملة حالية، فالواو للحال )على أن الذي يأكل أموال الناس بالباطل ويدلي بذلك للحكام عالم أنه باطل ال محالة، كما أن فيها

)٤(.معنى التشنيع والتفظيع ألكل المال بهذه الكيفية . )٥("وهذه مبالغة في اإلقدام على المعصية مع العلم بها، وخصوصا حقوق العباد: "قال أبو حيان

فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فال يأخذ منه شيئا ، فإن ما أقضي له قطعة من [لحديث وفي ا .)٦(]نار

).٢/١٨٦: (التنوير والتحرير )١( ).٦٢ ، ٢/٦١(:تفسير البحر المحيط )٢( ).١/١٢١: (وة التفاسيرصف: انظر) ٣( ).٢/١٩٣(: التحرير والتنوير: انظر )٤( ).٢/٦٤ (:تفسير البحر المحيط )٥( ).٤٣٦٤ ح٨٦٢ص( الحكم بالظاهر واللحن الخفي، :األقضية، باب: صحيح مسلم، كتاب)٦(

٥١

تبين اآلية حكما من األحكام المشروعة إلصالح ما اختل من أحوال المـسلمين :مناسبة الفاصلة ن بطالنه، في الجاهلية، إذ كانت أكثر أموالهم من الباطل، وجاءت الفاصلة تأكيدا على أنهم يعلمو

وتشنيعا وتفظيعا لهذا األخذ من األموال، أي أن الذي يأكل أموال الناس بالباطل على علم جرمه .أشد

وقيد النهي واألخذ بقيد العلم بما يرتكبونه تقبيحا لهم، وتوبيخا لهم، ألن من فعل : " قال أبو حيان جزاء السيء كان أقبح في حقه وأشنع ممن يـأتي المعصية وهو عالم بها وبما يترتب عليها من ال

)١(."المعصية وهو جاهل فيها، وبما يترتب عليها

):٢٠٣ ـ ١٨٩(آياتها من اآلية والمناسبة بين الفواصل: المقطع الخامس :آيات المقطع الخامس

يسئلونك عن األهلة قل هي مواقيت للناس واحلج ول[ يس الرب بأن تأتوا البيوت مـن ظهورهـا ولكـن الـرب من اتقى وأتوا البيوت من أبواهبا واتقوا اهللا لعلكم تفلحون وقـاتلوا يف سـبيل اهللا ) ١٨٩( الـذين يقـاتلونكم

وال تعتدوا إن اهللا ال حيب املعتدين واقتلوهم حيـث ثقفتمـوهم وأخرجـوهم مـن حيـث أخرجـوكم ) ١٩٠( والفتنة أشد من القتل وال تقاتلوهم عند املسجد احلرام حتى يقاتلوكم فيـه فـإن قـاتلوكم فـاقتلوه م كـذلك

جزاء الكافرين فإن انتهوا فإن اهللا غفور رحيم ) ١٩١( وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ويكون الدين هللا ) ١٩٢( فإن انتهوا فال عدوان إال عىل الظاملني الشهر احلرام بالشهر)١٩٣( احلرام واحلرمات قـصاص فمـن اعتـدى

عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا اهللا واعلموا أن اهللا مع املتقني وأنفقوا يف سبيل اهللا ) ١٩٤( وال تلقوا بأيديكم إىل التهل كة وأحسنوا إن اهللا حيب املحسنني وأمتوا احلج والعمرة هللا فإن أحـرصتم ) ١٩٥(

فام استيرس من اهلدي وال حتلقوا رؤسكم حتى يبلغ اهلدي حمله فمن كان منكم مريضا أو بـه أذى مـن رأسـه صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن متتع بالعمرة إىل احلج فـام استيـرس مـن اهلـدي فمـن مل جيـد ففدية من

فصيام ثالثة أيام يف احلج وسبعة إذا رجعتم تلك عرشة كاملة ذلك ملن مل يكن أهله حارضي املـسجد احلـرام واتقوا اهللا واعلموا أن اهللا شديد العقاب احلج أشهر معلومات فمن فرض فيهن احلج فال رفـث وال ) ١٩٦(

فسوق وال جدال يف احلج ومـا تفعلـوا مـن خـري يعلمـه اهللا وتـزودوا فـإن خـري الـزاد التقـوى واتقـون يـا أويل األلباب ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضال من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكرو) ١٩٧( ا اهللا عند املشعر

احلرام واذكروه كام هـداكم وإن كنـتم مـن قبلـه ملـن الـضالني ثـم أفيـضوا مـن حيـث أفـاض النـاس )١٩٨(

).٢/٦٥ (:تفسير البحر المحيط )١(

٥٢

واستغفروا اهللا إن اهللا غفور رحيم فإذا قضيتم مناسككم ) ١٩٩( فاذكروا اهللا كذكركم آباءكم أو أشد ذكـرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا يف الدنيا وما له يف اآلخرة من خالق ومنهم من يقول ربنا آتنا يف الدنيا ) ٢٠٠(

حسنة ويف اآلخرة حسنة وقن ا عذاب النار أولئك هلم نصيب مما كسبوا واهللا رسيع احلـساب ) ٢٠١( )٢٠٢ (واذكروا اهللا يف أيام معدودات فمن تعجل يف يومني فال إثم عليه ومن تأخر فال إثم عليه ملـن اتقـى واتقـ وا اهللا

واعلموا أنكم إليه حترشون )٢٠٣([

: مقاصد فرعيةأربعةويشتمل على

:فائدة األهلة: المقصد األول

يسألونك عن األهلة قل هي مواقيت للنـاس واحلـج ولـيس الـرب بـأن تـأتوا [ :يقول تعالى ) ١٨٩(اآلية البي وت من ظهورها ولكن الرب من اتقى وأتوا البيوت من أبواهبا واتقوا اهللا لعلكم تفلحون [

يستدير ثم و أي يسألونك يا محمد عن الهالل لم يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يكبر :التفسير اإلجمالي واقيت للناس، حتى يعرف الناس بهـا مـواقيتهم التـي هي م : ينقص حتى يعود كما كان؟ فقل

ليس البر بدخولكم المنازل من ظهورها، كما كنتم تفعلـون فـي الجاهليـة، و يؤقتونها ألعمالهم، بر هو باتبـاع بين لهم أن ال ووكانوا يرون هذا طاعة وبرا، فأبطل اهللا تعالى هذا التعبد الجاهلي،

وجل ليفلحوا في ، وأمرهم بتقواه عز وا البيوت من أبوابها مرهم أن يأت وأ أهل التقوى والصالح، )١(.الدنيا واآلخرة

جملة بيانية، تأمر بتقوى اهللا وتبين ) واتقوا اهللا لعلكم تفلحون (جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة ـ ) تفلحـون (الثمرة المرجوة من ذلك، وهي حصول الفالح، و ى أي تظفـرون وتحـصلون عل

)٢(.المراد

أن األولـى أن و لما جاءت اآلية تعلم المسلمين أال يسألوا عما ال فائـدة منـه :مناسبة الفاصلة السؤال عمـا ذلك بعدم و اهللا، فناسب أن تأمر الفاصلة بتقوى يسألوا عن البر المتمثل في التقوى

الهدى والبر فـإن مـن بالمطلوب من لكي تفوزوا خلقه، بعد العلم بأنه أتقن كل شيء كم،ال يعني )٣( .نكشفت له دقائق األسرار حسب تقواهاى تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه وتقى اهللا تعالا

).١٧١: (، للجزائريأيسر التفاسير: انظر) ١( ).٢/١٩٩ (:لتحرير والتنويرا: انظر )٢( ).٢/٧٤: (روح المعاني و،)١/٣٤١: (، للخوارزميالكشاف: انظر )٣(

٥٣

:أحكام القتال عامة: المقصد الثاني

وقاتلوا يف سبيل اهللا الذين يقاتلونكم وال تعتدوا إن اهللا ال حي[: يقول تعالى) ١٩٠(اآلية ب املعتدين [ هذه اآليات، تتضمن األمر بالقتال في سبيل اهللا، وفي هذا التخصيص حـث :التفسير اإلجمالي

الذين هم : أي) الذين يقاتلونكم : (على اإلخالص، ونهي عن االقتتال في الفتن بين المسلمين، قوله الـذين ال رأي لهـم وال قتـال، مستعدون لقتالكم، وهم المكلفون من الرجال، غيـر الـشيوخ

والنهي عن االعتداء، يشمل أنواع االعتداء كلها، من قتل من ال يقاتل، من النـساء، والمجـانين واألطفال، والرهبان ونحوهم والتمثيل بالقتلى، وقتل الحيوانات، وقطع األشجار ونحوها، لغيـر

)١(. مصلحة تعود للمسلمين

إن اهللا ال حيـب املعتـدين(ا جاءت الفاصلة هن :تحليل الفاصلة جملة اسمية مؤكدة، غرضها تعليـل )األمر بعدم االعتداء، والتحذير منه، واالعتداء هو االبتداء بالظلم، والمحبة هنا في حق اهللا مجاز

)٢(.عن إرادة عقابه بالمعتدين

هذا الفعل محبـب إلـى اهللا و ،لما كانت اآلية تتحدث عن القتال في سبيل اهللا :مناسبة الفاصلة لما كان فعل االعتداء قد يحدث مـن و تعالى، مما يدفع المؤمنين إلى ما يرضي ربهم بهذا الفعل،

خالل القتال في سبيل اهللا من دون قصد من المؤمنين، أراد اهللا أن ينفرهم من ذلك الفعل حتى ال إن اهللا (جل، فكانت الفاصلة و رضاه عز و هيقعوا فيه، فيكونوا قد وقعوا في غضب اهللا بدال من حب

ال حيب املعتدين . (

واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجـوكم [: يقول تعالى ) ١٩٣ - ١٩١(اآليات والفتنة أشد من القتل وال تقاتلوهم عند املسج د احلرام حتى يقاتلوكم فيـه فـإن قـاتلوكم فـاقتلوهم كـذلك

جزاء الكافرين فإن انتهوا فإن اهللا غفور رحيم* وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ويكون الدين هللا فإن انتهـوا * فال عدوان إال عىل الظاملني [

من المكان واقتلوا الذين يقاتلونكم من المشركين حيث وجدتموهم، وأخرجوهم :التفسير اإلجمالي نبـه تعـالى قتل الرجال، و لما كان الجهاد فيه إزهاق للنفوس و ،)مكة(الذي أخرجوكم منه وهو

وال ،يـاهم أشد من قتلكم إ -سالم الكفر والشرك والصد عن اإل على أن ما هم مشتملون عليه من تبدؤوهم بالقتال عند المسجد الحرام تعظيما لحرماته حتى يبدؤوكم بالقتال فيه، فإن قـاتلوكم فـي

).٧١: (تيسير الكريم الرحمن: انظر) ١( ).٢/٧٣ (:تفسير البحر المحيط: انظر )٢(

٥٤

فإن تركوا ما هم فيه ،لجزاء الرادع يكون جزاء الكافرين مثل ذلك ا ،المسجد الحرام فاقتلوهم فيه )١( . اإليمان، فإن اهللا غفور لعباده، رحيم بهـم من الكفر وقتالكم عند المسجد الحرام، ودخلوا في

عندها ال يكون فتنة فـي الـدين؛ وينتشر في األرض، و قاتلوا المحاربين حتى ينتصر دين اهللا، وعن الشرك، فكفوا عن قتلهم، فمن قـاتلهم : قيل و ألن دين اهللا هو الظاهر، فإن انتهوا عن قتالكم،

)٢(. بعد ذلك فهو ظالم

فإن انتهوا فال عدوان إال عـىل الظـاملني(جاءت الفاصلة هنا :ةتحليل الفاصل سـمي و]١٩٤: البقـرة [ ) ،)فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتـدى علـيكم (: للمشاكلة كقوله عدواناجزاء الظلم

التبرئـة، " ال" في محل رفع خبـر )لظالميناإال على (، والفاء األولى للتعقيب والثانية للجزاء بـدال )لظـالمين اإال على (؛ فيكون ال عدوان على أحد : ويجوز أن يكون خبرها محذوفا، تقديره

)٣(. على إعادة العامل

منع الفتنة في الدين، و ما كان غاية القتال هو نشر اإلسالم في ربوع األرض، ل :مناسبة الفاصلة حقق الهدف بانتهاء المشركين عن قتالنا، أو عن الشرك، أي رجعوا عما استوجبوا به القتال فإن ت

تعود صفة الظلم على من ظلم حتى لو كنا نحـن و تركوا الظلم، فعندها ينتفي عنهم اسم الظلم، وفإن انتهوا فال عدوان إال عىل الظـاملني(المسلمين، فكانت الفاصلة تى نتجنب الـدخول فـي هـذا ح)

.المسمى

:حكم القتال في األشهر الحرم: المقصد الثالث

الشهر احلرام بالشهر احلرام واحلرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا [: يقول تعالى) ١٩٤(اآلية عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا ا هللا واعلموا أن اهللا مع املتقني [

أي إذا قاتلوكم في الشهر الحرام وهتكوا حرمته قاتلتموهم في الشهر الحـرام :التفسير اإلجمالي الحرمات ألنه أراد الشهر الحرام والبلد الحـرام وحرمـة جمع و،مكافأة لهم ومجازاة على فعلهم

فمن اعتدى عليكم بالقتـال ، أن تهتكوا حرمة عليه قصاصا من هتك حرمة عليكم فلكم و ،اإلحرامألنهم هم البادئون بالعـدوان، ؛ أو غيره فأنزلوا به عقوبة مماثلة لجنايته، وال حرج عليكم في ذلك

).٢٦٩-١/٢٦٧: (البن كثير: تفسير القرآن العظيم: انظر) ١( ).١/١٢٢: (صفوة التفاسير: انظر) ٢( ).٣/٣٤٧: (تفسير اللباب في علوم الكتاب و،)١/١٠٩:(تفسير البيضاوي: انظر)٣(

٥٥

وخافوا اهللا فال تتجاوزوا المماثلة في العقوبة، واعلموا أن اهللا مع الذين يتقونه ويطيعونـه بـأداء )١(.فرائضه وتجنب محارمه

جملة تعليلية، وافتتحت الجملـة )واعلموا أن اهللا مع المتقين(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة التـي هـي المالزمـة -للتنبيه على االهتمام بما سيقال بعدها، والمراد من المعيـة ) اعلموا(بـ

جاز حضا للناس على التقوى، إذ النصر والتمكين والتأييد والوقاية، فهي من قبيل الم -والصحبة ) ٢(.من كان اهللا معه فهو الغالب المنتصر

لما كانت اآلية تتحدث عن حرمة االعتداء في الشهر الحرام، باستثناء من هتك : مناسبة الفاصلة حـذر مـن واعتدى على المسلمين فيه، فللمسلمين أن ينزلوا به عقوبة مماثلة لجنايتـه، و حرمته

علما بكـل ذن لهم في القصاص، جاءت الفاصلة تأمر المسلمين بتقوى اهللا المحيط تعديهم بعد اإل أن اهللا الذي له جميع صفات الكمـال تقول لهم و ،تجاوزوايشيء بالتحري في القصاص حتى ال

ومن كان اهللا معه أفلـح ، فيه أو بالعفوترك االعتداء بما لم يرخص لكم ومعكم إن اتقيتم بالتحري )٣( .كل الفالح

وأنفقوا يف سبيل اهللا وال تلقـوا بأيـديكم إىل التهلكـة وأحـسنوا إن اهللا حيـب [ :يقول تعالى ) ١٩٥(آلية ا املحسنني [

في إنفاق األموال لنصرة دين اهللا تعالى، والجهاد - أيها المؤمنون - واستمروا :التفسير اإلجمالي وأحسنوا فـي االنفـاق والطاعـة، ومضيعة للجماعة، ،فإن ترك اإلنفاق مهلكة لألمة له، في سبي

)٤( . إن اهللا يحب أهل اإلخالص واإلحسان،ملكم كله خالصا لوجه اهللا تعالىواجعلوا ع فأخرجوا الروم ةبمدين كنا: [قال التجيبي عمران أبي أسلم عن: وقد قيل في سبب نزول هذه اآلية

بن عقبة مصر أهل وعلى ،أكثر أو مثلهم المسلمين من إليهم فخرج ،الروم من عظيما صفا إلينا دخل حتى الروم صف على نالمسلمي من رجل فحمل ،عبيد بن فضالة الجماعة وعلى عامريهمف، احفص قالوا الناسو: انحبس ي اللهلقي هيدإلى بي لكةالته، و فقامأب وبأي اريا :فقال الأنصي أعز لما الأنصار معشر فينا الآية هذه أنزلت وإنما ،ويلالتأ هذا الآية هذه تتأولون إنكم الناس أيهاالله لامالإس كثرو وهرنا فقال ،ناصضعض بعا لبرس ونول دسر لى اللهص الله هليع لمسو: إن

ما فأصلحنا ، فلو أقمنا في أموالناناصروه وكثر الإسلام أعز قد الله وإن ،ضاعت قد أموالنا

).١/٢٩٥ (:فتح القدير: انظر) ١( ).٢١٢ ، ٢/٢١١ (:، التحرير والتنوير)٢/٧٨: (البحر المحيط: انظر )٢( ).١/٣٦٦: (نظم الدرر: انظر) ٣( ). ١/٩٧: (التفسير الوسيط :انظر) ٤(

٥٦

اعا ضنهل ،مفأنز لى اللهع هلى نبيص الله هليع لمسو درنا يليا عقوا (قلنا مأنفي وبيل فس لا اللهو زال فما ،الغزو وتركنا وإصلاحها الأموال على الإقامة التهلكة فكانت) التهلكة إلى بأيديكم تلقوا

)١(] الروم بأرض دفن حتى الله سبيل في شاخصا أيوب أبو

جملة تعليلية حيـث تعلـل األمـر )إن اهللا يحب المحسنين (ءت الفاصلة هنا جا :تحليل الفاصلة لالستغراق أي جميع ) المحسنين(في ) ال(باإلنفاق واإلحسان، وغرضها الترغيب في اإلحسان، و

)٢(. قائم بهم على الدوام-اإلحسان –المحسنين من المؤمنين، وهذا الوصف يدل على أنه

تحذر المؤمنين من تـرك و لما كانت اآلية تتحدث عن اإلنفاق لنصرة دين اهللا، :اصلةمناسبة الف ذلك بالعود على المحتاجين، جاءت الفاصلة ترغيبا لهم و تحثهم على اإلحسان و الجهاد في سبيله،

الخيـر وفي اإلحسان؛ ألن محبة اهللا عبده غاية ما يطلبه الناس إذ محبة اهللا العبد سبب الـصالح )٣(. آخرةو دنيا

:فريضة الحج وأحكامه: المقصد الرابع

وأمتـوا احلـج والعمـرة هللا فـإن أحـرصتم فـام استيـرس مـن اهلـدي وال حتلقـوا [ :يقول تعالى ) ١٩٦(اآلية رءوسكم حتى يبلغ اهلدي حمله فمن كان منكم مريضا أو بـه أذى مـن رأسـه ففديـة مـن صـيام أو صـدقة أو

نسك فإذا أمنتم فمن متتع بالعمرة إىل احلج فام استيرس من اهلدي فمن مل جيد فصيام ثالثة أيام يف احلج وسبعة إذا رج عتم تلك عرشة كاملة ذلك ملن مل يكن أهله حارضي املسجد احلرام واتقوا اهللا واعلمـوا أن اهللا شـديد العقاب [

فإن منعكم عن الـذهاب . وأدوا الحج والعمرة تامين، خالصين لوجه اهللا تعالى :التفسير اإلجمالي تمامهما بعد اإلحرام بهما مانع كالعدو والمرض، فالواجب عليكم ذبح ما تيسر لكم من اإلبل أو إل

لكي تخرجوا من إحرامكم بحلق شعر الرأس أو تقصيره، وال ؛ البقر أو الغنم تقربا إلى اهللا تعالى يـه ثـم تحلقوا رؤوسكم إذا كنتم محصرين حتى ينحر المحصر هديه في الموضع الذي حصر ف

يحل من إحرامه، وغير المحصر ال ينحر الهدي إال في الحرم، الذي هو محله في يـوم العيـد، حلق، وعليـه -وهو محرم -فمن كان منكم مريضا، أو به أذى من رأسه يحتاج معه إلى الحلق

كنـتم فإذا ،ة أيام، أو يتصدق على ستة مساكين، أو يذبح شاة لفقراء الحرم بأن يصوم ثالث : فدية

ومن سورة البقرة، : تفسير القرآن عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، باب: كتاب: سنن الترمذي)١( .، قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب)٢٨٩٨ح( ).٢/٢١٦(:، التحرير والتنوير)٢/٨٠:(البحر المحيط: انظر )٢( ).٢/٢١٦: (التنوير والتحرير:انظر) ٣(

٥٧

فمن استمتع بالعمرة إلى الحج وذلك باستباحة ما حرم عليه بسبب اإلحرام بعـد : في أمن وصحة انتهاء عمرته، فعليه ذبح ما تيسر من الهدي، فمن لم يجد هديا يذبحه فعليه صيام ثالثة أيام فـي

كاملة ال بد مـن تلك عشرة أشهر الحج، وسبعة إذا فرغتم من أعمال الحج ورجعتم إلى أهليكم، ذلك الهدي وما ترتب عليه من الصيام لمن لم يكن أهله مـن سـاكني أرض الحـرم، ،صيامها

وخافوا اهللا تعالى وحافظوا على امتثال أوامره واجتناب نواهيه، واعلموا أن اهللا شديد العقاب لمن )١( .خالف أمره، وارتكب ما عنه زجر

جملـة اسـتئنافية، غرضـها )واعلموا أن اهللا شديد العقاب (جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة ـ للتنبيه على االهتمام بالخبر وزيادة في تأكيده وتحقيقه فال ) اعلموا(التأكيد والتقرير، وافتتحت ب

)٢(.شك فيه

ا يأمن ، إذ به لفة كان حريصا على تحصيل التقوى من علم شدة العقاب على المخا : "قال أبو حيان .)٣("من العقاب

ذكرت هذه اآلية أوامر ونواهي، وجاء في نهايتها األمر بـالتقوى، فناسـب أن :مناسبة الفاصلة )٤(.يعلم تعالى أنه شديد العقاب لمن خالف ما شرع

احلج أشـهر معلومـات فمـن فـرض فـيهن احلـج فـال رفـ[ :يقول تعالى ) ١٩٧ (اآلية ث وال فـسوق وال جدال يف احلج وما تفعلوا من خري يعلمه اهللا وتزودوا فإن خري الزاد التقوى واتقون يا أويل األلباب [

من أخبر تعالى أن الحج له أشهر معلومة وهي شوال وذو القعدة وعشر ليال :التفسير اإلجمالي من أحرم بالحج وجب عليه تجنب الرفث والفسق والجدال و ذي الحجة فال يحرم بالحج إال فيها،

حتى ال يفسد حجه أو ينقص أجره، وانتدب الحجاج إلى فعل الخير من صدقة وغيرهـا، وأمـر الحجاج أن يتزودوا لسفرهم في الحج بطعام وشراب يكفون به وجوههم عن الـسؤال، وأمـرهم

)٥(. في أمره ونهيه حتى ال يعصوهبالخوف منه

).١/١٢٥: (صفوة التفاسير: انظر )١( ).٢/٢٣٠(: حرير والتنويرالت: انظر )٢( ).٢/٩٠(: تفسير البحر المحيط )٣( ).٢/٩١ (:المرجع السابق: انظر )٤( ).١/١٧٩: (أيسر التفاسير، للجزائري: انظر)٥(

٥٨

واتقون يا أويل األلبـاب(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة واالستمرارية، جملة فعلية تفيد التجدد ) ألن التقـوى على العباد جميع حث بعد بالخطاب األلباب ألولي تخصيص) يا أولي األلباب (قوله

)١( .خالصه شيء كل ولب بها الناهضون اهللا ألوامر القابلون هم األلباب أرباب اآلية تتحدث عن تزود الحجاج لسفرهم بالطعام والـشراب، والحـث لما كانت :مناسبة الفاصلة

على االستكثار من فعل الخير استعدادا ليوم الجزاء، ووجههم بأن التقوى أفـضل مـن التـزود تأكيـدا علـى ) واتقون يا أولي األلباب (للسفر؛ ليكونوا عليها أحرص، فناسب أن تكون الفاصلة

التقوى، وبيانا بأن أهل العقول هم أول من يدرك التوجيه إلى التقوى، وخير مـن ينتفـع بهـذا )٢(.الزاد

ليس علـيكم جنـاح أن تبتغـوا فـضال مـن ربكـم فـإذا أفـض [:يقول تعالى ) ١٩٩،١٩٨(اآليتان تم مـن عرفات فاذكروا اهللا عند املشعر احلرام واذكروه كام هداكم وإن كنتم من قبله ملن الضالني ثم أفيـضوا مـن *

حيث أفاض الناس واستغفروا اهللا إن اهللا غفور رحيم [ االتجار أثناء وجودهم في الحج بالرزق الحـالل، اهللا عز وجل للحجاج أباح :ماليالتفسير اإلج

ثم أمرهم بذكر اهللا تعالى في مزدلفة بصالة المغرب والعشاء والصبح فيها وذلك بعـد إفاضـتهم من عرفة، ثم ذكرهم بنعمة هدايته لهم بعد الضالل الذي كانوا فيه وانتدبهم إلـى شـكره وذلـك

ذكره، ثم أمرهم بالمساواة في الوقوف بعرفة واإلفاضة منها فليقفوا كلهم بعرفـات، باإلكثار من )٣(. طلب المغفرة منه ووعدهم بالمغفرة: وليفيضوا جميعا منها، وأخيرا أمرهم باستغفار اهللا أي

واستغفروا اهللا إن اهللا غفور رحيم(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة ( )٤(.

أبـدا كانت ترى نفسها أهل الحرم فال يطـالبون فقدقريشفي هذه اآلية نزلت :مناسبة الفاصلة ، ولذلك ال يذهبون مع الناس إلى عرفات، واهللا يريد بـالحج المـساواة بما يطالب به سائر الناس

مين،فأمرهم اهللا باإلفاضة من حيث يفيض الناس حتى ال يكون تمييـزا بـين المـسل بين الناس، أن بني آدم ال يمكن لهم أن يراعوا حقوقه كما يجب أن تراعى، فـال حيث أن اهللا سبحانه يعلم و

).١/٣٠٦: (فتح القدير: انظر)١( ).٢/٢٣٦: (التحرير والتنوير: انظر)٢( ).١/١٨٠: (، للجزائريأيسر التفاسير: انظر )٣( .١٨٢البحث، تحليل اآلية : انظر)٤(

٥٩

بد أن تفلت منهم أشياء، وهو سبحانه وتعالى يعلم ذلك؛ ألنه خالقهم، فـأمرهم جلـت حكمتـه أن )١(. يستغفروه؛ ليكفروا عن سيئاتهم

فإذا قضي[ :يقول تعالى ) ٢٠٢ـ٢٠٠(اآليات تم مناسككم فاذكروا اهللا كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا يف الدنيا وما له يف اآلخرة من خالق ومنهم من يقول ربنا آتنا يف الدنيا حسنة *

ويف اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك هلم نصيب مما كسبوا واهللا رسيع احلساب* [

يرشد تعالى المؤمنين إذا فرغوا من مناسكهم بأن رموا جمرة العقبة ونحـروا :التفسير اإلجمالي ن يكثروا من ذكر اهللا تعالى عنـد وطافوا طواف اإلفاضة، واستقروا بمنى للراحة واالستجمام أ

رمي الجمرات، وعند الخروج من الصلوات ذكرا مبالغا في الكثرة منه على النحو الـذي كـانوا وبين تعالى حالهم وهي أن منهم مـن فيه مفاخر آبائهم وأحساب أجدادهم، في الجاهلية يذكرون

كان عليه أكثر الحجاج فـي الجاهليـة، همه الدنيا فهو ال يسأل اهللا تعالى إال ما يهمه منها، وهذا ربنا آتنـا يف : (وهم المؤمنون الموحدون فيقولونوأن منهم من يسأل اهللا تعالى خير الدنيا واآلخرة،

ار ة وقنا عـذاب النـ ة ويف اآلخرة حسن الدنيا حسن يخبر تعالى أن ألهل الدعاء الصالح نصيبا مـن و ،)عجل لهم تقديم الثـواب على أعمالهم التي كسبوها في الدنيا، وهو تعالى سريع الحساب في األجر

)٢(.وهو الجنة

جملة اسمية للداللة على ثبـوت هـذه )واهللا سريع الحساب (جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة ، ثم أطلق على عـد العدحساب في األصل ، وال مصدر كالمحاسبة " الحساب " و الصفة هللا تعالى،

حاسبه ، فصار الحساب يطلق على الوفاء بالحق يقال لتي يراد الجزاء عليها أو قضاؤها األشياء ا ومنه سمي يوم القيامة يوم الحساب، والحسب ما عد؛ ومنـه حـسب ، أي كافأه أو دفع إليه حقه

، ال يحتاج إلى عـد وال ن اهللا سريع الحساب ه، والمعنى أ وهو ما يعد من مآثره ومفاخر : الرجلابله الحسفعكما ي قد٣(.إلى ع(

لدنيا، واآلخر همه خير الدنيا حال فريقين من الناس، أحدهم همه ا بينت اآليات :مناسبة الفاصلة ـ و اآلخرة، فاألخير يكثر من ذكر اهللا و ت تعظيمه وااللتجاء إليه بالـدعاء لتحـصيل ذلـك، فكان

للفريق الـذي تحقيق الوعد بحصول اإلجابة، وزيادة تبشير ل ذلك و )واهللا سريع الحساب (الفاصلة

).٢/٨٥٦،٨٥٥: (تفسير الشعراوي: انظر) ١( ).١/١٨٢: (، للجزائريأيسر التفاسير) ٢( ).٢/٢٤٩(:، البن عاشورالتنوير و،التحرير)٣/٤٤٣: (، البن عادلاللباب في علوم الكتاب: انظر )٣(

٦٠

ق على مراعاة العمل الحساب هنا أطل و، إجابة الدعاء فيه سريعة الحصول بأن، همه اآلخرة كان )١(.والجزاء عليه

واذكروا اهللا يف أيام م[ :يقول تعالى ) ٢٠٣(اآلية عدودات فمن تعجل يف يومني فال إثم عليه ومن تـأخر فال إثم عليه ملن اتقى واتقوا اهللا واعلموا أنكم إليه حترشون [

ريق من شـهر ذي هي أيام التش واذكروا اهللا تسبيحا وتكبيرا في أيام قالئل، و :التفسير اإلجمالي فمن أراد التعجل وخرج من منى قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر بعد رمي الجمـار ،الحجة

ذنـب فال ذنب عليه، ومن تأخر بأن بات بـمنى حتى يرمي الجمار في اليوم الثالث عشر فـال يـه وحـده ، واعلموا أنكـم إل واستعدوا لآلخرة والتزموا تقوى اهللا ،عليه، لمن اتقى اهللا في حجه

)٢( .تحشرون بعد موتكم للحساب والجزاءواتقوا اهللا(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة واعلمـوا أنكـم إليـه حتـرشون قولـه جملـة طلـب، )

لالهتمام بما تتضمنه وحث المخاطبين على التأمل فيما بعده، وذلك من أساليب الكـالم )اعلمواو(تحقيقـا و باعلم لفتا لذهن المخاطب هميفتتح بعض الجمل المشتملة على خبر أو طلب ف البليغ أن

بعد هذا الفعل مفتوحة الهمـزة ) أن ( و ،ب عن أمر مهم وفيه تعريض غالبا بغفلة المخاط للخبر، هنـا دون ) ون تحـشر ( واختير لفظ ،الجمع بعد التفرق : والحشر ، التأكيد تفيد و حيثما وقعت،

، ألن تحشرون أجمع ألنه يدل على المصير وعلى الرجوع مع الداللة على تصيرون أو ترجعون وذلـك ) تحـشرون (على متعلقـه ) إليه( وقد تقدم الجار والمجرور أنهم يصيرون مجتمعين كلهم

)٣(. إلفادة االختصاص، أي تحشرون إليه ال إلى غيرهفي االعتبار ألمر يوم الحـشر ومواقفـه مـن الحج ومناسكه مطابق لما كان :مناسبة الفاصلة

خروج الحاج من وطنه متزودا كخروج الميت من الدنيا متزودا بزاد العمـل، ووصـوله إلـى ذلك كـان ل ، وتلبيته في حجه كتلبيته في حشره جردا كانبعاثه من القبر متعريا الميقات وإهالله مت )٤( .حشرذكر الو هو تقوى اهللا عز وجلأتم ختم ألحكام الحج

لتتناسب زحمة الحـج؛ ألنـه كمـا )تحشرون( وقد جاء سبحانه وتعالى بكلمة " :يقول الشعراوي فإذا كنت ،قادر أن يحشركم وليس لكم اختيار ، هو سبحانه ال شركم هذا الحشر وأنتم لكم اختيار ح

بـأن تـذهب قد ذهبت باختيارك إلى هذا الحشر البشري الكبير في الحج فاعرف أن الذي كلفك باختيارك لتشارك في هذا االجتماع الحشد هو القادر علـى أن يـأتي بـك وقـد سـلب منـك

)٥(."االختيار

).٢/٢٤٩: (التنوير والتحرير: انظر)١( ).١/١٠٠: (يطالتفسير الوس :انظر) ٢( ).٢/٢٦٤: (التنوير والتحرير: انظر)٣( ).١/٣٨٣: (نظم الدرر: انظر) ٤( ).٢/٨٦٣: (تفسير الشعراوي) ٥(

٦١

):٢١٤ ـ ٢٠٤(المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها من اآلية :لمقطع السادسا :آيات المقطع السادس

ومن الناس من يعجبك [ قوله يف احلياة الدن يا ويشهد اهللا عىل ما يف قلبه وهو ألد اخلـصام وإذا تـوىل ) ٢٠٤( سعى يف األرض ليفسد فيها وهيلك احلرث والنسل واهللا ال حيب الفساد وإذا قيل لـه اتـق اهللا أخذتـه ) ٢٠٥(

العزة باإل ثم فحسبه جهنم ولبئس املهاد ومن الناس من يرشي نفسه ابتغـاء مرضـات اهللا واهللا رؤف ) ٢٠٦( بالعباد يا أهيا الذين آمنوا ادخلوا يف السلم كافة وال تتبعـوا خطـوات الـشيطان) ٢٠٧( إنـه لكـم عـدو مبـني

فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن اهللا عزيز حكيم )٢٠٨( هل ينظرون إال أن يأتيهم ) ٢٠٩( اهللا يف ظلل من الغامم واملالئكة وقيض األمر وإ ىل اهللا ترجع األمور سل بني إرسائيل كم آتينـاهم مـن ) ٢١٠(

آية بينة ومن يبدل نعمة اهللا من بعد ما جاءته فإن اهللا شديد العقاب زين للـذين كفـروا احليـاة الـدنيا ) ٢١١( ويسخر ون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة واهللا يرزق مـن يـشاء بغـري حـساب كـان ) ٢١٢(

الناس أمة واحدة فبعث اهللا النبيني مبرشين ومنذرين وأنـزل معهـم الكتـاب بـاحل ق لـيحكم بـني النـاس فـيام اختلفوا فيه وما اختلف فيه إال الذين أوتوه من بعد ما جاءهتم البينات بغيا بينهم فهـدى اهللا الـذين آمنـوا ملـا

اختلفوا فيه من احلق بإذنه واهللا هيدي من يـشاء إىل رصاط مـستقيم أم حـسبتم أن تـدخلوا اجلنـة وملـا )٢١٣( يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والرضاء وزلزلوا حتـى يقـول الرسـول والـذين آمنـوا معـه

متى نرص اهللا أال إن نرص اهللا قريب )٢١٤([

:ويشتمل على خمسة مقاصد

:بعض مظاهر العصيان والنفاق: المقصد األول

ومن الناس من يعجبك قوله يف احلياة الدنيا ويشهد اهللا عـىل مـا [: يقول تعالى ) ٢٠٥، ٢٠٤(اآليتان صاميف قلبـه وهــو ألــد اخلــ وإذا تــوىل ســعى يف األرض ليفــسد فيهــا وهيلــك احلــرث والنــسل واهللا ال حيــب *

الفساد [ ، ولكنـه منـافق كالمه الفصيح -أيها الرسول - فريق يروقك وبعض الناس :التفسير اإلجمالي

حظا من حظوظ الدنيا ال اآلخرة، ويحلف مستشهدا باهللا على ما في قلبـه مذا الكال يريد به كذاب،من محبة اإلسالم، وفي هذا غاية الجرأة على اهللا، وهو شـديد العـداوة والخـصومة لإلسـالم

٦٢

ويتلـف زروع وإذا خرج من عندك أيها الرسول، جد ونشط في األرض ليفسد فيها، ، والمسلمين )١( . واهللا ال يحب الفساد،مالناس، ويقتل ماشيته

واهللا ال حيب الفـساد(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة جملة اسمية استئنافية، حيث أسـند فيهـا ) والمراد بنفي المحبة هنا أي عدم الرضـا، أي أن اهللا ال يرضـى -تعالى –نفي محبة الفساد هللا

الفساد ضد الـصالح، ومن الفاصلة التهديد والوعيد، الفساد وبالتالي يعاقب عليه، فيكون الغرض )٢(.إتالف ما هو نافع للناس نفعا محضا أو راجحا: ومعنى الفساد

تتحدث اآلية عن المنافقين الذين يظهرون محبتهم لإلسالم والمسلمين، فهم األشد :مناسبة الفاصلة تحـذيرا ) واهللا ال يحب الفساد (لة عداوة لهم، وهم الذين يعيثون في األرض فسادا، فكانت الفاص

)٣(. صريحا أو كناية مستحق للعقابإلى أولئكعلى أن من ينتسب وهي دليل وتوبيخا لهم،

أخذته العزة باإلثم فحسبه جهنم ولبئس املهاد[: يقول تعالى) ٢٠٦(اآلية وإذا قيل له اتق اهللا [ اتق اهللا واحذر عقابه، وكـف عـن : وإذا نصح ذلك المنافق المفسد، وقيل له : اإلجمالي التفسير

الفساد في األرض، لم يقبل النصيحة، بل يحمله الكبر وحمية الجاهلية على مزيـد مـن اآلثـام، )٤( .فحسبه جهنم وكافيته عذابا، ولبئس الفراش هي

هـذا و الالم واقعة في جواب قسم محـذوف، )لبئس المهادو (جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة القسم من اهللا هو تأكيد للوعيد لمن يرى أن عزته مانعة له عن اإلذعان لألمر بتقوى اهللا سـيكون

)٥( .هو الفراش الذي يأوي إليه المرء للراحة" المهاد"مهاده ومأواه النار، و

أي عزة هـذه التـي يقبل النصيحة، وتأخذه العزة باإلثم، و لما كان المنافق ال : مناسبة الفاصلة فهي ليست بعزة وإنما هي عين الذلة، فناسب أن تكـون الفاصـلة اسـتهزاء إلى النار؟ نهايتها

.وتوبيخا له فالمهاد هو الذي يأوي إليه المرء للراحة، والنار عكس ذلك

).١/١٢٩،١٢٨: (، للصابونيصفوة التفاسير: انظر) ١( ). ٢/٢٧٠:(، البن عاشورالتحرير والتنوير: انظر )٢( ).٢/٢٧٠: (المرجع السابق: انظر) ٣( ).١/١٠١: (فسير الوسيطالت: انظر) ٤( ).٢/٢٥٢،٢٥١: (تفسير المنار: انظر) ٥(

٦٣

:نموذج المؤمن الصادق: المقصد الثاني

ومن الناس من يرشي نفسه ابتغاء مرضاة اهللا واهللا رءوف بالعباد[ :قول تعالىي) ٢٠٧(اآلية [

وصنف ثاني من الناس وهم األخيار األبرار باعوا أنفسهم هللا طلبا لمرضـاته : التفسير اإلجمالي )١(. عبادهورغبة في ثوابه ال يبتغون بذلك إال وجه اهللا، واهللا عظيم الرحمة ب

جملة اسمية تعني ثبوت هـذه الـصفة، ) واهللا رءوف بالعباد(جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة أو " رؤوف بـه "خروج من ضمير الغيبة إلى االسم الظاهر؛ إذ كان األصـل ) بالعباد(وفي قوله

) الرؤوف(بيان معنى اسم وقد سبق )٢( يؤذن بالتشريف، " العباد"ج أن لفظ وفائدة هذا الخرو " بهم" .)١٤٤(في تحليل فاصلة اآلية

لما ذكر تعالى أن من الناس من يبيع نفسه ابتغاء مرضاة اهللا، وهم المؤمنـون :مناسبة الفاصلة بصيغة اإلخبار، ألن اإلخبار يدل على امتثال المأمورين، ووقوع االمخلصون، وجاءت اآلية أمر

واهللا رءوف (ؤمنين عاملين بمقتضى اإليمان، فكانت الفاصـلة الشئ منهم، والقرآن هنا يصور الم ادبألنه ما شرع ذلك إال رأفة بعباده إذ يرفع همم بعضهم ويعلي نفوسهم حتى يبذلوها فـي )بالع

)٣(. الفساد عن عباده وتقرير الحق والعدل والخير فيهم وسبيله لدفع الشر

:م الديناتباع جميع أحكا: المقصد الثالث

يا أهيا الذين آمنوا ادخلوا يف السلم كافة وال تتبعـوا خطـوات الـشيطان[ :يقول تعالى ) ٢٠٨(آلية ا إنـه لكم عدو مبني [

عـاملين يا أيها الذين آمنوا باإلسالم دينا، ادخلوا في جميع شرائع اإلسـالم، :التفسير اإلجمالي . بجميع أحكامه، وال تتركوا منها شيئا، وال تتبعوا طرق الشيطان فيما يدعوكم إليه من المعاصي

)٤(. نه لكم عدو ظاهر العداوة فاحذروهإ

إنه لكـم عـدو مبـني(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة هـذا لـسبب تعليـل وهي،جملة تعليلية) )٥(. شيء في يتبع ال بأن جدير بانتو عداوته ظهرت من ألن ،الشيطان اتباع من التحذير

).١/١٢٩: (صفوة التفاسير:انظر )١( ).٣/٤٧٢: (اللباب في علوم الكتاب: انظر )٢( ).٢/٢٥٥: (تفسير المنار: انظر )٣( ).١/١٠٣: (التفسير الوسيط: انظر)٤( ).١/٦٥٤: (البحر المحيط: انظر)٥(

٦٤

اآلية تأمر المؤمنين بااللتزام بجميع أحكام اإلسالم، وهـذا األمـر ال لما كانت : مناسبة الفاصلة يتأتى إال بمجاهدة النفس، ومخالفة كل ما يوسوس به الشيطان مـن اتبـاع لألهـواء وارتكـاب

وفي ذلك تعليل للنهي واالنتهـاء، ) إنه لكم عدو مبين (ت الفاصلة المعاصي وتفريق للصفوف، فكان .فهو عدو ظاهر العداوة بل ومظهر لها

فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن اهللا عزيز حكيم[ :يقول تعالى) ٢٠٩(اآلية [

، من بعد ما جاءتكم الحجج الواضحة مـن القـرآن ابتعدتم عن شرع اهللا ن فإ :التفسير اإلجمالي )١( .فاستعدوا لعقاب اهللا الشديد الصارموالسنة،

المذكور قبلها في لشرطل ا جواب )فاعلموا أن اهللا عزيز حكيم (جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة علم الزمـه :، والمقصود )اعلموا( مفعول ) عزيز حكيم أن اهللا ( قوله، و )فإن زللتم (اآلية في قوله

)٢(".الرفعة واالمتناع:والعزة ، القوة والشدة والغلبة: " والعز في اللغة ،وهو العقابويصعب الوصول ، اجة إليه وتشتد الح ، هو الخطير الذي يقل وجود مثله : العزيز:" يقول الغزالي

وشدة الحاجة أن يحتاج إليه كل ، يطلق عليه اسم العزيز جتمع عليه هذه المعاني لم فمن لم ت ، إليهفكان العلم بأنه تعـالى )٣("كمال إال هللا، فهو العزيز المطلق شيء في كل شيء، وليس ذلك على ال

والحكيم يجوز أن يكـون اسـم ،ءهم ، ألن العزيز ال ينجو من يناو أنه معاقبهم ال يفلته أي عزيز كفاعل من حويحتمل أنه أي قوي الحكم، ،م المالحكـيم ذو : " ، وجاء في اللـسان أن م لألمورحك

همـا ، والحكـيم الحكم وأن ألفضل العلوم، ، عرفة أفضل األشياء والحكمة عبارة عن م ، الحكمةبمعنى الحاكم، وهو القاضي، وهو فعيل بمعنى فاعل، وفيه أيضا أن الحكيم المـتقن لألمـور،

. )٤("أتقنه : أحكم األمر

، منـه هنا أن المتقن لألمور ال يفلت مستحق العقوبـة ) العزيز(بـ ) الحكيم(اسبة اقتران ومن )٥(. فالغرض من الفاصلة التهديد والوعيد

تباع م، وحذرهم من ا بعد أن حث اهللا المؤمنين على األخذ بجميع شرائع اإلسال :مناسبة الفاصلة فال عذر لهم في أن يزلوا، فكانت الفاصلة ر،الشيطان، وقد أرسل تعالى الرسل بين الحين واآلخ

) يمكح زيزاهللا ع وا أنلمفـإن زللكم أخذتم حظوظ أنفسكم من اهللا أي إياكم أن تظنوا أنكم ب )فاع ،

).١/١٠٤: (ير الوسيطالتفس: انظر)١( ). ١٠/١٣٤(: لسان العرب)٢( ).٧٣: (المقصد األسنى)٣( ).٤/١٨٦: (، البن منظورلسان العرب )٤( ). ٢/٢٨٠: (التحرير والتنوير: انظر)٥(

٦٥

غلب مرجعكم إلى اهللا وهو عزيز وعزته سبحانه هي أنه يغلب وال ي، يمكفهو ،بحق إال ينتقم ال ح )١(.وحكمةيدبر أمورنا برحمة

هـذا كان إن: وقال القرآن يقرأ ولم فأنكره أعرابى فسمعه ، )رحيم غفور( قرأ قارئا أن يورو .عليه إغراء ألنه الزلل، عند الغفران يذكر ال الحكيم، كذا يقول فال الله كالم

هل ينظرون إال أن يأتيهم اهللا يف[ :يقول تعالى ) ٢١١،٢١٠(اآليتان ظلل مـن الغـامم واملالئكـة وقـيض األمر وإىل اهللا ترجع األمور سل بني إرسائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة اهللا من بعد ما جاءتـه *

فإن اهللا شديد العقاب [

مـن يأتيهم ببأسه فـي ظلـل أو ، ون إال أن يأتيهم أمر اهللا وحكمه هل ينظر :اإلجماليالتفسير مع أن ووجه إتيان العذاب في الغمام ، ألنه يغم أي يستر الغمامسمي ب و ،السحاب الرقيق األبيض وإلى اهللا تصير األمور، وفرغ من األمر الذي هو إهالكهم ، عظم الموقع الغمام مظنة الرحمة هو

البراهين التي جاء بها أنبياؤهم في أمر محمد صلى اهللا من كم آتيناهم محمد بني إسرائيل سل يا )٢(.، وأنعمنا عليهم بنعمة اإلسالم، فمن يبدلها فإن اهللا شديد العقابعليه وسلم

كأنـه وقد أقيم مقامـه، تعليل للجواب)فإن اهللا شديد العقاب (جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة لتربية المهابـة لفظ الجاللة ، وإظهار شديد العقاب ألنه أشد عقوبة عاقبهومن يبدل نعمة اهللا : قيل

)٣(.وإدخال الروعة

اهللا ـ عـذاب لما أخبرت اآليات أن اليهود لن يدخلوا في اإلسالم حتى يـروا :مناسبة الفاصلةر وتماد في الكفر وقلة انتفاع باآليات البينات، مع تعالى ـ في ظلل من الغمام، وأنهم ذوي غرو

سلم ألنـه معلـوم لـديهم فـي وأنه كان المناسب لهم أن يبادروا باإليمان بمحمد صلى اهللا عليه )٤(. ألنهم قد ارتكبوا أشد جريمة )فإن اهللا شديد العقاب(التوراة، فناسب أن تكون الفاصلة

زين للذين كفروا احليـاة الـدنيا ويـسخرون مـن الـذين آمنـوا والـذين اتقـوا [ :يقول تعالى ) ٢١٢(اآلية فوقهم يوم القيامة واهللا يرزق من يشاء بغري حساب [

فرغبوا فيها وعملـوا ،يا أخبر تعالى أن الشيطان زين للذين كفروا الحياة الدن :التفسير اإلجمالي ولذلك سخروا من المؤمنين الزاهدين فيها لعلمهم بزوالها كما أخبر ؛لها وأصبحوا لم يروا غيرها

). ٢/٨٨٩: (تفسير الشعراوي: انظر)١( ).١/٢١٢،٢١١: (فتح القدير، للشوكاني: انظر) ٢( ).١/٢٥٠: (لسليم إلى مزايا الكتاب الكريم اإرشاد العقل: انظر) ٣( ).٢/٢٩٣: ( والتنويرالتحرير: انظر) ٤(

٦٦

حيث يدخلهم اهللا أعلـى درجـات أن المؤمنين المتقين سيجازيهم يوم القيامة خير الجزاء وأوفره )١( .ء من خلقه بغير حساب واهللا يرزق من يشا،وينزل الكافرين أسفل دركات النارالجنة،

واهللا يرزق من يشاء بغري حساب( جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة جملة استئنافية تبـين صـفة ) . من يشاء رزقه:صفات اهللا الفعلية وهي الرزق، ومفعول المشيئة محذوف والتقديرمن

ن حوال الكفار من المنافقين وأهل الكتاب؛ يعني أ معللة لما سبق من أ هذه اآلية :مناسبة الفاصلة ،، ألجل تهالكهم في محبة الحياة الدنيا وإعراضهم عن غيرهـا جميع ما ذكر من صفاتهم الذميمة

سخرون من ي ذلك ثم وام فعل ه ومن العجيب أن ، األعلى وا إلى األدنى وترك وام ذهب هألنفهم حمقى؛ ـ تعالى ـ بأن المتقين هم األعلى يوم القيامة، أما بالنسبة ، ثم يبشر اهللالذين التفتوا إلى األعلى

واهللا يرزق من يـشاء بغـري حـساب(للحياة الدنيا فال قيمة لها عند اهللا ـ تعالى ـ لذلك كانت الفاصلة (وسع ال فضيلة في المال لمن ي ه أن إلى إلى توسيعه على الكفار والفساق ، وتنبيها وفي ذلك إشارة

)٢( .على من ال يوسع عليهعليه

: الحاجة إلى األنبياء والرسل: المقصد الرابع

كان الناس أمـة واحـدة فبعـث اهللا النبيـني مبـرشين ومنـذرين وأنـزل معهـم [ :يقول تعالى ) ٢١٣(اآلية الكتاب باحلق ليحكم بني الن اس فيام اختلفوا فيه وما اختلف فيه إال الذين أوتوه من بعد ما جاءهتم البينـات

بغيا بينهم فهدى اهللا الذين آمنوا ملا اختلفوا فيه من احلق بإذنه واهللا هيدي من يشاء إىل رص اط مستقيم [

أي كان الناس على الفطرة، فاختلفوا فبعث اهللا النبيين وأنزل مع كل نبي منهم : التفسير اإلجمالي نما اختلف فـي الكتـاب إال الـذي وكتابا متلبسا بالحق؛ ليحكم اهللا بين العباد بما أنزله في كتابه،

بعضهم بعـضا، بعـدما جـاءتهم أنزل عليهم وهم اليهود والنصارى، واختالفهم كان في تكفير الرياسـة، فهـدى اهللا والدالالت الواضحة على صدق الكتاب حسدا بينهم، لحرصهم على الـدنيا

)٣( .النجاة والذين آمنوا للحق الذي اختلف فيه، واهللا يهدي من يشاء إلى طريق السعادة

واهللا هيدي من يشاء إىل(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة رصاط مـستقيم جملة استئنافية غرضها ) مـن يـشاء : بيان أن التثبيت والتوفيق للهداية بيد اهللا تعالى، ومفعول المشيئة محـذوف بتقـدير

.حتى تستقل الجملة بنفسها وتجري مجرى المثل) اهللا(هدايته، وأظهر لفظ الجاللة

).١/١٨٩: (أيسر التفاسير، للجزائري: انظر) ١( ).٢/٩٠١: (، وتفسير الشعراوي) ٣/٥٢٦: (محاسن التأويل، للقاسمي: انظر) ٢( ).١/٢٢٧: (المقتطف من عيون التفاسير، للمنصوري: انظر) ٣(

٦٧

واحدة على هدى بسيط، ثم عرضـت لهـم لما بينت اآلية أن الناس كانوا أمة :مناسبة الفاصلة الضالالت بعد حين من الزمن، فبعث اهللا النبيين بشرائع تمهيدا وتهيئة لقبول دين اإلسالم، الـذي اقتضت حكمة اهللا أن يتأخر تمام الهدى إلى وقت مجئ شريعة اإلسالم، وأن يرجع النـاس إلـى

هيدي من يـشاء(دين واحد، فكانت الفاصلة واهللا إىل رصاط مـستقيم لبيان أن فضل اهللا يعطيـه وذلك ) )١(. من يشاء

: عاقبة الصبر على الدعوة إلى اهللا: المقصد الخامس

أم حسبتم أن تدخلوا اجلنة وملا يأتكم مثل الذين خلـوا مـن قـبلكم مـسته[ :يقول تعالى ) ٢١٤(اآلية م البأساء والرضاء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نرص اهللا أال إن نرص اهللا قريب [

قبل أن تبتلوا وتختبروا وتمتحنـوا، أن تدخلوا الجنة، -أيها المؤمنون -أظننتم :التفسير اإلجمالي واألمراض والخوف والرعب، وزلزلوا بأنواع اآلالمب ، فقد ابتلوا مضوا من قبلكم الذين كما فعل ب

-رسول والمؤمنون معه فيقول ال يستفتحون على أعدائهم ويدعون بقرب الفرج، المخاوف، حتى متـى نـصر اهللا؟ أال إن نـصر اهللا قريـب مـن -ل االستعجال للنصر من اهللا تعالى على سبي )٢(.المؤمنين

أال إن نـرص اهللا قريـب(جاءت الفاصلة هنا : اصلةتحليل الف ـ ) أداةجملة استئنافية تقريرية افتتحت بالتي تفيد التنبيه على أهمية الخبر الذي يأتي بعدها وهو قرب النصر، وأظهر لفظ الجاللـة ) أال(

.للتعظيم ولكي تستقل الجملة وتجري مجرى المثل

في عصر رسـول اهللا صـلى اهللا المؤمنين موقف ة تتحدث عن لما كانت اآلي : مناسبة الفاصلة ، ومع ذلك واصل الرسول صـلى اهللا عليـه وسـلم ار واالبتالء إلى القمة بعليه وسلم من االخت

د مستهم البأساء والضراء وزلزلوا، أي أصابتهم رجفة عنيفـة لق ،والذين معه االستمساك باإليمان يسأل المؤمنون عن نصر اهللا، فناسب أن تكـون زة أن ، حتى وصل األمر من أثر هذه اله هزتهم

أال إن نرص اهللا قريب(الفاصلة )٣(. وذلك من باب البشرى والطمأنة)

).٢/٣١٢: (التحرير والتنوير: نظرا) ١( ).١/٢٩٦،٢٩٥: (تفسير القرآن العظيم، البن كثير: انظر) ٢( ).٢/٩١٦: (تفسير الشعراوي: انظر) ٣(

الثانيالفصــل

لموضوعاتها)٢٨٦ إلى ٢١٥(الدراسة التطبيقية على مناسبة فواصل اآليات

:وفيه عشرة مقاطع .٢٢٠ - ٢١٥: الفواصل وآياتها من اآليةالمناسبة بين : المقطع األول

.٢٣٤ – ٢٢١: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الثاني

.٢٤٢ – ٢٣٥: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: الثالثالمقطع

.٢٥٢ – ٢٤٤: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: الرابعالمقطع

.٢٥٧ – ٢٥٥: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الخامس

.٢٦٠ – ٢٥٨: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع السادس

.٢٧٣ – ٢٦١: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: السابع المقطع

.٢٨١ – ٢٧٥: ةالمناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلي: الثامن المقطع

.٢٨٤ – ٢٨٢: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: التاسعالمقطع

.٢٨٦ – ٢٨٥: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: العاشرالمقطع

٦٩

):٢٢٠ ـ ٢١٥(ية وآياتها من اآلية المناسبة بين الفواصل القرآن :األولالمقطع

:آيات المقطع األوليسئلونك[ ما ذا ينفقون قل ما أنفقتم من خري فللوالدين واألقربني واليتـامى واملـساكني وابـن الـسبيل ومـا

تفعلوا من خري فإن اهللا به عليم كتب عليكم القتال ) ٢١٥( وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خري لكم وعسى أن حتبوا شيئا وهو رش لكم واهللا يعلم وأنتم ال تعلمون يسئلونك عن الشهر احلرام قتال ) ٢١٦(

فيه قل قتال فيه كبري وصد عن سبيل اهللا وكفر به واملسجد احلرام وإخراج أهله منه أكرب عند اهللا والفتنة أكرب من القتل وال يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وه و

كافر فأولئك حبطت أعامهلم يف الدنيا واآلخرة وأولئك أصحاب النار هـم فيهـا خالـدون إن الـذين ) ٢١٧( آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا يف سبيل اهللا أولئك يرجون رمحـت اهللا واهللا غفـور رحـيم يـسئلونك ) ٢١٨(

عن اخلمر وامليرس قل فيهام إثم كبري ومنافع للناس وإثمهام أكرب من نفعهام ويسئلونك ما ذا ينفقون قل العفو كذلك يبني اهللا لكم اآليات لعلكم تتفك رون يف الدنيا واآلخرة ويسئلونك عـن اليتـامى قـل إصـالح )٢١٩(

هلم خري وإن ختالطوهم فإخوانكم واهللا يعلم املفسد من املـصلح ولـو شـاء اهللا ألعنـتكم إن اهللا عزيـز حكـيم )٢٢٠([

:شتمل على ثالثة مقاصدوي

:ترشيد اإلنفاق :المقصد األول

يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خري فللوالدين واألقـربني واليتـامى :[يقول تعالى ) ١١٥(اآلية واملساكني وابن السبيل وما تفعلوا من خري ف به عليم إن اهللا [

أنفقـوا أي خيـر : ينفقون وعلى من ينفقون؟ قل لهـم ماذا يا محمد ك ونيسأل :التفسير اإلجمالي يتيسر لكم من أصناف المال الحالل الطيب، واجعلوا نفقتكم للوالدين، واألقربين من أهلكم وذوي

وما تفعلوا من خيـر ،د عن أهله وماله محتاج الذي بع أرحامكم، واليتامى، والفقراء، والمسافر ال )١( . وسيجزيكم عليه أوفر الجزاءفإن اهللا تعالى به عليم

).١/١٣٣،١٣٢: (صفوة التفاسير: انظر) ١(

٧٠

وما تفعلوا من خري فإن اهللا به عليم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة استئنافية تحمل معنى ) فـإن اهللا بـه علـيم( الشرط، جوابه لفظة و، إن تفعلوا خيرا فإن اهللا يعلم كنهه ويوفي ثوابه :والمعنى )

جملة جـواب الـشرط الواقع في ، وفائدة ذلك التأكيد على الخاص "تنفقوا"أعم من و أبلغ" تفعلوا"فإن اهللا به عليم( )١(. المراد منها توفية الثواب،مؤكدة سميةا جملة وهي)

اهللا عز وجل ، أرادناف الناس التي تجوز الصدقة عليهاية أصبعد أن بينت اآل : مناسبة الفاصـلة تفعله مع هؤالء إياك أن تطلب جزاء الخير الذي : هيأن يلفت انتباه المتصدق إلى قضية مهمة و

أن يعلم الناس عنك أنك منفق على األقارب واليتامى أو، ولكن اطلبه من اهللا، من أحد من الخلق ومـا تفعلـوا مـن خـري فـإن اهللا بـه علـيم(ل صدقتك، فكانت الفاصلة ، حتى ال تبط وابن السبيل وذلـك )

)٢(. عدم إتباعها باألذى وللحث على النفقة

:تشريع القتال وثوابه: المقصد الثانيكتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكر[ :يقول تعالى ) ٢١٦(اآلية هوا شـيئا وهـو خـري لكـم

وعسى أن حتبوا شيئا وهو رش لكم واهللا يعلم وأنتم ال تعلمون [ ي سبيل اهللا، وإن كان مكروها للنفس البشرية، القرآن الكريم أن الجهاد ف بين :التفسير اإلجمـالي ، لمة اهللا واإلسالم، ودفع للظلم، ورفع لمنارة الحـق والعـدل ألنه إعالء لك ،ففيه خير كبير لألمة

حة أو اللـذة ، وقد تحبون شيئا لما فيه من الرا معتدين واسترداد الحقوق المغتصبة وسبيل لطرد ال واهللا تعالى يعلـم مـا لكم، شيئا والواقع أن فيه خيرا عظيما وقد تكرهون ،العاجلة، وهو شر لكم

)٣(. لمون ذلكهو خير لكم، وأنتم ال تعواهللا يعلم وأنـتم ال تعلمـون(جاءت الفاصلة هنا: تحليل الفاصلة لتان استئنافيتان، وقـد حـذف جم)

واهللا يعلـم الخيـر والـشر وأنـتم ال :لداللة ما قبلهما عليهما، والتقدير " تعلمون" و "يعلم "مفعوال )٤(. تعلمونهما

واإلسالم يحسب حساب الفطرة؛ فال ينكـر القتال على المسلمين، لما فرض اهللا :مناسبة الفاصلة الفطرة، ولكنه يعالج األمر من جانب آخر، ويسلط عليه يصادممشقة هذه الفريضة ، فاإلسالم ال

وراءه حكمة تهون يكون يقرر من الفرائض ما هو شاق مرير كريه المذاق؛ ، فعندما نورا جديدا ، لذلك كانـت قق به خيرا مخبوءا قد ال يراه النظر اإلنساني القصير مشقته، وتسيغ مرارته، وتح

).٢/١٠٦: (روح المعاني: انظر) ١( ).٢/٩٢٠: (تفسير الشعراوي: انظر) ٢( ).١/١١٠:(طالتفسير الوسي: انظر) ٣( ).٢/٣٢٣(: التحرير والتنوير: انظر) ٤(

٧١

واهللا يعلم وأنتم ال تعلمون(الفاصلة مقررة ذلك نفوسـهم مطمئنـة وحتى يتلقى المسلمون أمر اهللا) )١(.أنه خير

فالمقصود الترغيب العظـيم فـي )نواهللا يعلم وأنتم ال تعلمو (وقوله " :يقول ابن عادل في اللباب الجهاد، وكأنه تعالى قال يا أيها العبد، اعلم أن علمي أكمل من علمك، فكن مشتغال بطاعتي، وال

)٢( ) "إني أعلم ما ال تعلمون(: تلتفت إلى مقتضى طبعك، فهي كقوله في جواب المالئكة إن المـؤمن لـأمر عجبا[ : في الحديث الصحيح وسلم عليه الله لىص الله رسول ويؤيد ذلك قول

هرأم كله رخي سليو ذاك دن إلا لأحؤمللم إن تهابأص اءرس شكر ا فكانـرخي لـه إنو تهـابأص اءرض ربص فكان اخير ٣(]له(. يسألونك عن الشهر احلرام قتال فيه قل قتال فيه كبري وصـد عـن سـبيل اهللا [ :يقول تعالى ) ٢١٧(اآلية

وكفر به واملسجد احلرام وإخراج أهله منه أكرب عند اهللا والفتنة أكرب من القتـل وال يزالـون يقـاتلونكم حتـى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعامهلم يف الدنيا

واآلخرة وأولئك أصحاب النا ر هم فيها خالدون [ ثم بين القرآن الكريم أن انتهاك حرمة الشهر الحرام أخف من فتنة الناس عن :التفسير اإلجمالي

دينهم، وصد الناس عن سبيل اهللا وعن اإلسالم، وقتل المسلمين وإخراجهم من ديارهم وأموالهم، وهـم أهلـه المهـاجرين و النبـي ومنعهم عن المسجد الحرام وعن أداء الحج والعمرة وإخراج

وأولياؤه، كل واحدة من هذه الجرائم التي ارتكبها المشركون، أكبر إثما، وأعظم جرما عنـد اهللا والشرك الذي أنتم فيه أكبر وأشد من القتـل فـي الـشهر ،والناس، من القتال في الشهر الحرام

ومن ،فر إن استطاعوا تحقيق ذلك وال يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن اإلسالم إلى الك ،الحرام فمات على الكفر، فقد ذهب عمله في الدنيا واآلخرة، وصار مـن ،أطاعهم منكم وارتد عن دينه

)٤( .المالزمين لنار جهنم ال يخرج منها أبداوأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة اسم إشارة يدل " أولئك) "

هم ( و تدل على أنهم مختصون بها دون غيرهم وأنهم مالكها ومالزموها، " أصحاب" و على البعد، )٥(. تقريرا للجملة التي قبلها)فيها خالدون

لما تحدثت اآلية عن محاولة الكفار المستمرة عبر العصور بإبعـاد المـسلمين :مناسبة الفاصلة ، أراد اهللا عز وجل أن يبين لهم عقوبة ذلك حتى ال ح أنواع الكفر ولما كانت الردة أقب عن دينهم،

).١/٢٢٣: (في ظالل القرآن: انظر) ١( ).٣/٥٢٩،٥٢٨: (اللباب في علوم الكتاب) ٢( . )٧٣٩٤ح، ١٤٦٦ص(كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير، ) صحيح مسلم) (٣( ).١/١١٠:(لتفسير الوسيطا: انظر )٤( ).١/٤٠٧: (لدررنظم ا: انظر) ٥(

٧٢

ار هـم فيهـا خالـدون(يفكروا مجرد التفكير فيها، فكانت الفاصلة وأولئك أصـحاب النـ أي ال نهايـة ) .إلقامتهم فيها

إن الذين آمنوا والذين هاجروا [: يقول تعالى ) ٢١٨(اآلية وجاهدوا يف سبيل اهللا أولئك يرجـون رمحـة اهللا واهللا غفور رحيم [

والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل اهللا أولئك المنعوتـون بـالنعوت الجليلـة :التفسير اإلجمالي ـ في الخطـأ، واهللا غفور مبالغ في مغفرة ما فرط من عباده اهللا، يرجون ثواب ،المذكورة يم رح

)١(. يجزل لهم األجر والثواب

واهللا غفور رحـيم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة وقدم وصف المغفرة ألن توكيدا لما سبقها، ) )٢( .درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح

).١٨٢(في اآلية ) غفور رحيم(وقد سبق تحليل

اس هم من أصحاب الدرجات العلى عند اهللا، فقد لما ذكرت اآلية أصنافا من الن :مناسبة الفاصلة الرجاء دون الفوز بالمرجو مع ذلك فقد أثبتت لهم اآلية و آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اهللا،

، إذ ال استحقاق به وال يدل داللة قطعية على تحقق الثـواب ،لإلشارة إلى أن العمل غير موجب بالمعـايير اهللا لـو حاسـبنا و أ أحد من الـذنوب، فالثواب هو تفضل من اهللا عز وجل، وال يبر

)٣(). واهللا غفور رحيم(، فناسب أن تكون الفاصلة المضبوطة تماما فلسوف يتعب اإلنسان منا

:تحريم الخمر والميسر وبيان مضارهما: المقصد الثالث

يسألونك عن اخلمر وامليرس قل[: يقول تعالى ) ٢١٩(اآلية فيهام إثم كبري ومنافع للنـاس وإثمهـام أكـرب من نفعهام ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبني اهللا لكم اآليات لعلكم تتف كرون [

خمر شربا وبيعا وشـراء، وعـن حكـم عن حكم تعاطي ال يا محمد ك ونيسأل :التفسير اإلجمالي ، وإثمهمـا ماديـة ضـئيلة ومفاسد كثيرة ، وفيهما منافع عظيمةفي ذلك أضرار : القمار، قل لهم

إذ يصدان عن ذكر اهللا وعن الـصالة، ويوقعـان العـداوة والبغـضاء بـين ؛ أكبر من نفعهما أنفقوا القـدر الـذي : دقة، قل لهم ويسألونك عن القدر الذي ينفقونه من أموالهم تبرعا وص ،الناس

).١/٢٥٥: ( السليم إلى مزايا الكتاب الكريمإرشاد العقل: انظر) ١( ).٢/١١١: (روح المعاني: انظر) ٢( ).٢/١١١: (، روح المعاني)٢/٩٣٦،٩٣٥: (عراويتفسير الش: انظر) ٣(

٧٣

لكـي تتفكـروا ؛ مثل ذلك البيان الواضح يبين اهللا لكم اآليات وأحكام الشريعة،يزيد على حاجتكم )١(. فيما ينفعكم في الدنيا واآلخرة

كذلك يبني اهللا لكم اآليات لعلكم تتف(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة كر للتشبيه الكاف )ون إليه يؤول ما إلى يعود شارةإ اسم)ذلك(و ، يبين ذلك مثل تبيينا : أي ،الحال موضع في وهي عليه اهللا صلى للنبي تكون أن إما الخطاب وكاف ،النفقة في الجهد من أصلح العفو أن تبيين وهو لعلكم( والدالئل العالمات هي ياتواآل للتبليغ، فيها والالم بيبين،: متعلق ) لكم( ،للسامع أو وسلم

)٢(. اآليات تبيين عند تحصل للتفكر ترجئة ،)تتفكرون

لما كانت اآلية تتحدث عن موضوعين مختلفين، وهما سـؤالهم عـن الخمـر :مناسبة الفاصلة وسبب هذا الجمع هو أن النهي عن الخمر والميسر يتوقع منـه والميسر مع سؤالهم ماذا ينفقون،

كذلك يبـين اهللا لكـم اآليـات (ق عظيم كان ينتفع به الفقراء من الناس، فكانت الفاصلة تعطل إنفا ونتتفكر لكمفمقصد الشريعة من اإلنفاق هو إقامة مصالح ضعفاء المسلمين، وذلك ال يكـون ) لع

)٣( .بارتكاب المآثم، وإنما يكون مما استفاض من المال الحالل يف الـدنيا واآلخـرة ويـسألونك عـن اليتـامى قـل إصـالح هلـم خـري وإن [:يقول تعـالى ) ٢٢٠(ة اآلي

عزيز حكيم ختالطوهم فإخوانكم واهللا يعلم املفسد من املصلح ولو شاء اهللا ألعنتكم إن اهللا [ : ويسألونك عن اليتامى كيف يتصرفون معهم في معاشهم وأموالهم؟ قل لهـم :التفسير اإلجمالي

، فافعلوا األنفع لهم دائما، وإن تخـالطوهم فـي من اعتزالهم خير مداخلتكم على وجه اإلصالح واهللا يعلـم ، وعلى األخ أن يرعى مـصلحة أخيـه ،سائر شؤون المعاش فهم إخوانكم في الدين

ولو شاء اهللا لضيق وشق علـيكم بتحـريم ،موال اليتامى من الحريص على إصالحها المضيع أل )٤(.حكيم في خلقهال، وهو الغالب الذي ال يمتنع عليه شئ ،خالطةمال

إن اهللا عزيز حكيم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ).٢٠٩(قد سبق تحليلها في اآلية و)دثت اآلية عن اليتامى، ورخص للمؤمنين الوالية عليهم، ومخالطتهم في لما تح : مناسبة الفاصـلة

إن اهللا عزيـز حكـيم(يحذرهم فكانت الفاصلة وجل أن ينبه المؤمنين و الطعام،فأراد اهللا عز ، فكأنه )هم ، وال يستولون علي تامى نبههم على أنهم ال يقهرونهم، وال يغالبونهم لما جعل لهم والية على الي

)٥(. فال حرج في ذلكاستيالء القاهر إال بما أذنت فيه الشريعة

).١/١٣٥: (صفوة التفاسير: انظر)١( ).٢/١٦٩: (البحر المحيط: انظر)٢( ).٢/٣٥١: (حرير والتنويرالت: انظر)٣( ).١/١٣٦: (صفوة التفاسير: انظر) ٤( ).٢/١٧٣: (تفسير البحر المحيط: انظر) ٥(

٧٤

):٢٣٤ ـ ٢٢١(المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها من اآلية :الثانيالمقطع :آيات المقطع الثاني

وال تنكحوا املرشكات [ حتى يؤمن وألمة مؤمنة خري من مرشكة ولو أعجبتكم وال تنكحوا املرشكني حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خري من مرشك ولو أعجبكم أولئك يدعون إىل النار واهللا يدعوا إىل اجلنة واملغفـرة بإذنـه

ويبني آياته للن اس لعلهم يتذكرون ويسئلونك عن املحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء يف املحيض ) ٢٢١( وال تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمـركم اهللا إن اهللا حيـب التـوا بني وحيـب املتطهـرين

نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا ألنفسكم واتقوا اهللا واعلموا أنكم مالقوه وبرش ) ٢٢٢( املـؤمنني وال جتعلـوا اهللا عرضـة أليامنكـم) ٢٢٣( أن تـربوا وتتقـوا وتـصلحوا بـني النـاس واهللا سـميع علـيم

ال يؤاخـــذكم اهللا بـــاللغو يف أيامنكـــم ولكـــن يؤاخـــذكم بـــام كـــسبت قلـــوبكم واهللا غفـــور حلـــيم ) ٢٢٤( للذين يؤلون من نسائهم)٢٢٥( تربص أربعة أشهر فإن فاؤ فإن اهللا غفور رحيم وإن عزموا الطالق ) ٢٢٦(

فإن اهللا سميع عليم واملطلقات يرتبصن بأنفسهن ثالثة قروء وال حيل هلن أن يكتمن مـا خلـق) ٢٢٧( اهللا يف أرحامهن إن كن يؤمن باهللا واليوم اآلخر وبعولتهن أحق بردهن يف ذلك إن أرادوا إصالحا وهلن مثل الـذي

عليهن بـاملعروف وللرجـال علـيهن درجـة واهللا عزيـز ح كـيم الطـالق مرتـان فإمـساك بمعـروف أو ) ٢٢٨( ترسيح بإحسان وال حيل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إال أن خيافا أال يقيام حدود اهللا فإن خفتم أال يقيام

حدود اهللا فال جناح ك هـم عليهام فيام افتـدت بـه تلـك حـدود اهللا فـال تعتـدوها ومـن يتعـد حـدود اهللا فأولئـ الظاملون فإن طلقها فال حتل له من بعد حتى تنكح زوجا غريه فإن طلقها فال جناح عل) ٢٢٩( يهام أن يرتاجعا

إن ظنا أن يقيام حدود اهللا وتلـك حـدود اهللا يبينهـا لقـوم يعلمـون وإذا طلقـتم النـساء فـبلغن أجلهـن )٢٣٠( فأمسكوهن بمعروف أو رسحوهن بمعروف وال متسكوه ن رضارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفـسه

هزوا واذكروا نعمت اهللا علـيكم ومـا أنـزل علـيكم مـن الكتـاب واحلكمـة يعظكـم بـه وال تتخذوا آيات اهللا واتقــوا اهللا واعلمــوا أن اهللا بكــل يشء علــيم وإذا طلقــتم النــساء فــبلغن أجلهــن فــال تعــضلوهن أن ) ٢٣١(

ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم باملعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يـؤمن بـاهللا واليـوم اآلخـر ذلكـم أزكى لكم وأطهر واهللا يعلم وأنتم ال تعلمون والوالدات يرضعن أوالدهن حولني كاملني ملـن أراد ) ٢٣٢(

أن يتم الرضاعة وعىل املولـود لـه رزقهـن وكـسوهتن بـاملعروف ال تكلـف نفـس إال وسـعها ال تـضار والـدة بولدها وال مولود له بولده وعىل الوارث مثل ذلـك فـإن أرادا فـصاال عـن تـراض مـنهام وتـشاور فـال جنـاح

عليهام وإن أردتم أن تسرتضعوا أوالدكم فال جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم باملعروف واتقوا اهللا واعلمـوا

٧٥

أن اهللا بام تعملون بصري والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يرتبصن بأنفسهن أربعة أشهر وع) ٢٣٣( رشا بام تعملون خبري فإذا بلغن أجلهن فال جناح عليكم فيام فعلن يف أنفسهن باملعروف واهللا )٢٣٤[(

: مقاصدسبعةويشتمل على

: الزواج بالمشركات الوثنيات: المقصد األول

وال تنكحـوا [ : يقول تعالى ) ٢٢١ (اآلية املـرشكات حتـى يـؤمن وألمـة مؤمنـة خـري مـن مـرشكة ولـو أعجبتكم وال تنكحوا املرشكني حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خري من مـرشك ولـو أعجـبكم أولئـك يـدعون إىل

النار واهللا يدع و إىل اجلنة واملغفرة بإذنه ويبني آياته للن اس لعلهم يتذكرون [ من عبـدة المشركات هذا تحريم من اهللا عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا :التفسير اإلجمالي

ـ ، وقد خص من ذلك نساء أهـل الكتـاب، ، حتى يدخلن في اإلسالم األوثان وا أن امـرأة واعلم وال تزوجوا نـساءكم ،مملوكة مؤمنة باهللا، خير من امرأة مشركة، وإن أعجبتكم المشركة الحرة

واعلموا أن عبدا مؤمنا، خير من مـشرك، وإن ،لمشركين حتى يؤمنوا باهللا ورسوله المؤمنات ل م إلى ما يـؤدي أولئك المتصفون بالشرك رجاال ونساء يدعون كل من يعاشره ،أعجبكم المشرك

به إلى النار، واهللا سبحانه يدعو عباده إلى دينه الحق المؤدي بهم إلى الجنـة ومغفـرة ذنـوبهم )١(. لكي يتذكروا، فيعتبروا؛ مه للناسبإذنه، ويبين آياته وأحكا

ويبني آياته للناس لعلهـم يتـذكرون(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة فعلية معطوفة علـى ) الوصـول معناهـا "الـالم " و بيبين،: متعلق )للناس( و يعني يدعو إلى الخير مع بيانه ) يدعو(

)٢(. جملة تعليلية) لعلهم يتذكرون (والتبليغ،

، وللمـسلمين والعكـس لما كانت اآلية تنهى عن زواج المسلمين بالمـشركات :مناسبة الفاصلة يزالوا مشركين، وقد وضح لهم بأن أولئك يدعون إلى النار، واهللا يـدعو يومئذ أقارب وموالي لم

أي أن اهللا يبـين اآليـات ) ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون (إلى الجنة والمغفرة، فكانت الفاصلة )٣( . حتى تتلقاها النفوس بمزيد من القبول وتمام البصيرة؛ويوضحها

).٢٠٣، ١/٢٠٢: (تفسير القرآن العظيم، البن كثير: انظر)١( ).٢/١٧٦: (البحر المحيط: انظر)٢( ).٢/٣٦٤: (التحرير و التنوير: انظر)٣(

٧٦

:أحكام الحيض: انيالمقصد الث

ويـسألونك عـن املحـيض قـل هـو أذى فـاعتزلوا النـساء يف املحـيض وال [:يقول تعـالى ) ٢٢٢(اآلية تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم اهللا إن اهللا حيب الت وابني وحيب املتطهرين [

هو أذى مستقذر يضر مـن يقربـه، : عن الحيض، قل - يا محمد - ويسألونك :التفسير اإلجمالي فاجتنبوا جماع النساء مدة الحيض حتى ينقطع الدم، فإذا انقطع الدم، واغتسلن، فجـامعوهن فـي

التائبين من الذنب وإن تكرر إن اهللا يحب عباده ،ه اهللا لكم، وهو القبل ال الدبر الموضع الذي أحل واألذى، وهـو مـا نهـوا عنـه مـن إتيـان األقذاريتنزهون عن المتطهرين الذين و غشيانه، )١(.الحائض

إن اهللا حيب التوابني وحيب املتطهـرين(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة استئنافية تقريريـة ) ها التعليل للنهي الوارد في اآلية باعتزال النساء في المحيض، وقد كرر تعالى فعل المحبة غرض

وأفرد كل وصف بمحبة مستقلة؛ تنبيها على مزية وفـضل " يحب التوابين والمتطهرين "ولم يقل )٢(. كل منهما

نـه شـئ لما كانت اآلية تتحدث عن اعتزال النساء في وقت الحيض، وذلك أل :مناسبة الفاصلة مستقذر يضر من يقربه، ومن المعروف أن اإلسالم يحث على النظافة والطهارة، ويحـذر مـن

قـال رسـول اللـه القذارة، وقد علمنا النبي صلى اهللا عليه وسلم دعاء عند الفراغ من الوضوء لمسو هليع لى اللهص: ] ثم وءضالو نسأ فأحضتو نم لا شـريك هدحو إلا الله لا إله أن دقال أشه

ـت لـهحفت رينتطهالم ني ملنعاجو ابينالتو ني ملنعاج مالله ولهسرو هدبا عدمحم أن دأشهو لهإن اهللا حيـب التـوابني وحيـب املتطهـرين( فكانت الفاصلة )٣(] من أيها شاء ثمانية أبواب الجنة يدخل (

.التي جمعت بين طهارتين، حسية بطهارة البدن، ومعنوية بالتوبة إلى اهللا عز وجل

ين ، وأمـا وهو ارتفاق بالمخاطبين بأن ذلك المنع كان لمنفعتهم ليكونوا متطهر : "قال ابن عاشور ذكر التوابين فهو ادماج للتنويه بشأن التوبة عند ذكر ما يدل على امتثال ما أمرهم اهللا بـه مـن

.)٤(" اعتزال النساء في المحيض

).٢٠٥، ١/٢٠٤: (يم، البن كثيرن العظتفسير القرآ:انظر) ١( ).٢/١٧٩: (لبحر المحيطا: انظر)٢( صححه .)٥٥ح ، ٢٤ ص(كتاب الطهارة عن رسول اهللا، باب ما يقال بعد الوضوء،) سنن الترمذي) (٣(

.األلباني ).٢/٣٧٠: (التحرير والتنوير)٤(

٧٧

:أحكام اليمين باهللا تعالى وحكم اإليالء:الثالثالمقصد

وال جتعلوا اهللا عرضة أليامنكم[ : يقول تعالى ) ٢٢٤(اآلية أن تربوا وتتقوا وتـصلحوا بـني النـاس واهللا سميع عليم [

صلة األرحـام، واإلصـالح بـين و ال تجعلوا أيمانكم مانعة لكم من البر و أي:التفسير اإلجمالي )١(.الناس، وحاجزا لما حلفتم عليه، واهللا سميع أليمانكم عليم بنياتكم

منها خيرا غيرها فرأى يمين على حلف من[ : بقوله وسلم عليه الله صلى وقد أكد ذلك رسول اهللا )٢ (]يمينه عن وليكفر فليأتها

واهللا سميع عليم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ).١٨١(وقد سبق تحليلها في اآلية )

تتحدث اآلية عن أناس جعلوا أيمانهم حاجزة ومانعة عن فعل الخير، فنهاهم اهللا :ةمناسبة الفاصل عز وجل عن ذلك، وسامح وتجاوز عن ذلك اليمين الذي يمنع صاحبه من فعل الخيـر، فكانـت

واهللا سميع عليم(الفاصلة ، وعليم بنيتك إن كانـت خيـرا أو باليمين الذي حلفته سميع بمعنى أنه ) )٣(. لبر والتقوى واإلصالحل تجعل يمينك مانعا فال شرا

ال يؤاخذكم اهللا باللغو يف أيامنكم ولكن يؤاخذكم بام كسبت قلـوبكم واهللا [ :يقول تعالى ) ٢٢٥(اآلية غفور حليم [

منكم من األيمان الالغية، وهي التـي ال أي ال يعاقبكم وال يلزمكم بما صدر :التفسير اإلجمالي إن حلفـتم ، ولكن يؤاخـذكم يقصدها الحالف بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد وال تأكيد

)٤( . غفور لعباده حليم عليهمواهللا، وتعلمون أنه كذبعلى الشيء

واهللا غفـور حلـيم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة لى ثبات هاتين الصفتين جملة اسمية تدل ع) مبالغة في ستر الذنوب، وفـي إسـقاط )الغفور (" :كما جاء في اللسان ) غفور حليم (معنى هللا، و

الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم وأصـل الغفـر التغطيـة ، ومعناه عقوبتها

).١/٥١٩،٥١٨: (األساس في التفسير، لسعيد حوى: انظر)١(كتاب األيمان، باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير، ) مصحيح مسل)(٢( . )٤١٦٣ح، ٨٢٠ص( ).٢/٩٧٤: (تفسير الشعراوي: انظر) ٣( ).١/٣١٤،٣١٣: (تفسير القرآن العظيم، البن كثير:انظر) ٤(

٧٨

هو الذي ال يـستخفه )الحليم( و ة والقوة ، األناة والسكون مع القدر فمعناه )الحليم( وأما ،والستر . )١(" ورجل حليم من قوم أحالم وحلماءعصيان العصاه، وال يستفزه الغضب عليهم،

ومناسبة اقتران وصف الغفور بالحليم هنا دون الرحيم ، ألن هذه مغفرة لـذنب "قال ابن عاشور ك وصف اهللا نفسه بالحليم ، ألن الحليم هـو هو من قبيل التقصير في األدب مع اهللا تعالى ، فلذل

)٢(".الذي ال يستفزه التقصير في جانبه ، وال يغضب للغفلة ، ويقبل المعذرة

ل تراجعنا عن هذا اليمـين بقو اليمين التي ال تقع سبحانه وتعالى أوضح لنا لما :مناسبة الفاصلة غفور( جاءت الفاصلة فعل الخير الذي يمنعنا عن واهللا حلـيم ن تـدالن علـى حيث عقب بـصفتي )

)٣(.عدم مؤاخذتهم باللغو في أيمانهموذلك ب الحلم، وتوسعة اهللا على عباده، وإشعار لهم بالغفران

للـذين يؤلـون مـن نـسائهم تـربص أربعـة أشـهر فـإن فـاءوا فـإن اهللا غفـ[ :يقول تعالى ) ٢٢٦(اآلية ور رحيم [

نساءهم انتظار أربعة أشهر ، فـإن رجعـوا عـن يجامعوا للذين يحلفون أال :التفسير اإلجمالي رحـيم فإن الله كثير المغفرة للزوج عما حلف بقصد اإلضرار ، قبل فوات األربعة أشهر يمينهم

)٤(.بالتائبين

فإن اهللا غفور رح(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ). ١٨٢(وقد سبق تحليلها في اآلية) يم

لما كانت اآلية تتكلم عن أناس يحلفون بأال يجامعوا نـسائهم، وذلـك بقـصد : مناسبة الفاصـلة فـإن (هذا قد يؤدي بالزوجة إلى ارتكاب الفاحشة، فناسب أن تكون الفاصـلة و اإلضرار بالمرأة، اهللا غفـور رحـيم إلشعارهم بأن اإليالء حرام إذا كان بقصد اإلضرار، وأن اهللا قد غفر لهم بعد أن )

.فاءوا

سميع عليم[: يقول تعالى) ٢٢٧(اآلية وإن عزموا الطالق فإن اهللا [

، باستمرارهم في اليمين، وترك الجماع، فـإن قلوبهم وإن عقدوا على الطالق :التفسير اإلجمالي )٥(.، وسيجازيهم على ذلكبعزمه، عليم إليالئههللا سميع ا

).١٢/١٤٥ ،٥/٢٥: (لسان العرب) ١( ).٢/٣٨٤: (التحرير والتنوير)٢( ).٢/١٩١: (البحر المحيط: انظر )٣( ).١/١٢٣،١٢٢: (انظر التفسير الوسيط) ٤( ).١/٢٣٣: (فتح القدير: انظر) ٥(

٧٩

فإن اهللا سميع عليم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ). ١٨١(وقد سبق تحليلها في اآلية )

للرجال في اإليالء أجال محـدودا ، ال يتجاوزونـه ، فإمـا أن لما وضع اهللا : مناسبة الفاصلة فـإن اهللا سـميع علـيم(، فناسب أن تأتي الفاصـلة زواجهم ، وإما أن يطلقوا يعودوا إلى مضاجعة أ (

ألنـه مـن بـاب ؛العزم على الطالقب من باب المسموعات، عليم أي سميع بإيقاع الطالق؛ ألنه )١( .النيات، وال تدرك النيات إال بالعلم

واملطلقات يرتبص[: يقول تعالى) ٢٢٨(اآلية ن بأنفسهن ثالثة قروء وال حيل هلن أن يكتمن ما خلق اهللا يف أرحامهن إن كن يؤمن باهللا واليوم اآلخر وبعـولتهن أحـق بـردهن يف ذلـك إن أرادوا إصـالحا وهلـن مثـل

ذي عليهن باملعروف وللرجال عليهن درجة واهللا عزيز حكيمال [

، يجب أن تنتظر فال تتعرض للزواج مدة ثالثة أقـراء ة التي تحيض والمطلق :التفسير اإلجمالي هذه خر في أثناء تزوج رجل آ لها وال يجوز ، من فراغ الرحم من الحمل لتتأكد؛ على سبيل العدة من الحمل أو الحيض، إن كانـت رحمها ما خلق اهللا في تخفي أن ا وال يحل له ،العدة حتى تنتهي

وينبغي أن يكون ، في العدة ا أحق بمراجعته ة المطلق زوج و ، حقا باهللا واليوم اآلخر ة مؤمن ةالمطلقللمرأة حق و ، بتطويل العدة ا، وليس بقصد اإلضرار تعذيبا له طيب العشرة ذلك بقصد اإلصالح و

، وأخبر أن للرجل على المرأة درجة لم ترقها المرأة ولم تكـن لهـا على الزوج مثل الذي عليها )٢( . واهللا عزيز له العزة القاهرة، حكيم يضع كل شيء في موضعه المناسب،وهي القيومية

عزيز حكيم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة واهللا ( )٣(.

لما تضمنت اآلية أحكاما تكليفية مهمة في موضوع الطالق، فكان ال بـد مـن :مناسبة الفاصلة فاصلة تشعر بقوة المشرع في حكمه، حتى يرضخ العبد لحكم اهللا، وال يتطـرق إلـى نفـسه أي

واهللا عزيز حكيم(هوى أو زيغ، فكانت الفاصلة .(

:أحكام الطالق: الرابعالمقصد

الطالق مرتان فإمـساك بمعـروف أو تـرسيح بإحـسان وال حيـل [: ول تعالى يق) ٢٣٠، ٢٢٩(اآليتان لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إال أن خيافا أال يقـيام حـدود اهللا فـإن خفـتم أال يقـيام حـدود اهللا فـال جنـاح

عليهام فيام افتدت به تلك حدود اهللا فال تعتدوها ومن يتعد حدود اهللا فأولئك هم الظاملون فإن طلقهـا فـال *

).٢/١٩٤:(البحر المحيط: انظر) ١( ).١/٢١٢،٢١١: (أيسر التفاسير، للجزائري: انظر) ٢( .٢٠٩البحث، تحليل فاصلة اآلية : انظر)٣(

٨٠

حتل له من بعد حتى تنكح زوجا غريه فإن طلقها فال جن اح عليهام أن يرتاجعا إن ظنا أن يقيام حدود اهللا وتلك حدود اهللا يبينها لقوم يعلمون [

أوجب اإلسالم على الرجال المعاشرة الطيبة للنساء دون إساءة وال تنفير، كما :التفسير اإلجمالي أثناء الحياة الزوجية، أو عند اإلقدام على أبغض الحالل إلى أوجب التزام حدود الله وأحكامه في

الله وهو الطالق، فال يجوز بحال من األحوال التالعب بعواطف المرأة أو بالطالق ألن الطالق يقع على المرأة سواء في حال الجد أو في حال الهزل أو في حال المزاح، وال يجوز أيـضا أن

بقصد اإلضرار واإليذاء، فال هي زوجة مستمرة في زواجهـا، يستخدم حق الرجعة بعد الطالق أن تأخذوا شـيئا وال هي مطلقة تستطيع أن تتزوج بزوج آخر بعد انقضاء عدتها، وال يحل لكم

مما أعطيتموهن من المهر ونحوه، إال أن يخاف الزوجان أال يقوما بالحقوق الزوجية، فإن خاف تلـك ،تدفعه المرأة للزوج مقابل طالقهـا ، فال حرج فيما األولياء عدم إقامة الزوجين حدود اهللا

فإن ،د اهللا تعالى فأولئك هم الظالمون األحكام هي حدود اهللا ، فال تتجاوزوها، ومن يتجاوز حدو إال بعد زوجية ثانية جديدة دائمـة، وقع الطالق الثالث، بانت المرأة بينونة كبري، ال تحل له إذا

لجديدة بشكل طبيعي، فيمكن حينئذ للزوج األول تجديد عقد الزواج على ثم إذا تصدعت زوجيته ا ألنهم ؛ وتلك أحكام اهللا المحددة يبينها لقوم يعلمون أحكامه وحدوده ، هذه المرأة بعد انقضاء عدتها

)١(.المنتفعون بها

وتلك حدود اهللا يبينها لقوم ي (:جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة علمـون إشارة إلى ما تقدم )تلك( )ـ موضع الحال، أي مبينة، والعامل فيها اسم اإلشارة في )يبينها( من األحكام، و ن ي، ومعنى التبي

سـواء ، ألنهم الذين ينتفعون بما بين اهللا تعالىن لهم بالعلم تشريفا لهم ي المب ، وخص اإليضاح: هنا ووصـف القـوم بـأنهم يعلمـون ،)يبينها( بفعل يتعلق)مون يعللقوم: (قوله و، أو فعال قوال كان

، وهو تعريض بالمشركين الذين كون ما في أحكام اهللا من المصالح صريح في التنويه بالذين يدر )٢(.يعرضون عن اتباع اإلسالم

لما تكلمت اآليات عن أحكام الطالق، وبينت كيفيـة الطـالق، حتـى ال يقـع :مناسبة الفاصلة فيما حرمه اهللا عز وجل من حيث ال يدري، وال يكون معذورا إن أخطأ بعد هذا التبيين، اإلنسان

وتلك حدود اهللا يبينها لقوم يعلمون(فناسب أن تكون الفاصلة بعلمهـم بهـا يقفـون عنـدها فإنهم) . ألمر اهللاويمتثلون

).١٢٦، ١/١٢٥: (التفسير الوسيط: انظر) ١( ).٢/٤٢١: (، التحرير والتنوير)٢/٢١٣: (البحر المحيط:انظر) ٢(

٨١

:آداب الطالق: الخامسالمقصد

وإذا طلقـتم النـساء فـبلغن أجلهـن فأمـسكوهن بمعـروف أو رسحـوهن [: ل تعالى يقو) ٢٣١( اآلية بمعروف وال متسكوهن رضارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه وال تتخذوا آيات اهللا هـزوا و اذكـروا

نعمت اهللا عليكم وما أنزل عليكم مـن الكتـاب واحلكمـة يعظكـم بـه واتقـوا اهللا واعلمـوا أن اهللا بكـل يشء عليم [

راجعوهن، ونيـتكم فقاربن انتهاء عدتهن، ف طالقا فيه رجعة، إذا طلقتم النساء :التفسير اإلجمالي واحذروا ،فا، أو اتركوهن حتى تنقضي عدتهن القيام بحقوقهن على الوجه المستحسن شرعا وعر

ومن يفعل ذلك فقد ظلـم ،ار بهن ألجل االعتداء على حقوقهن أن تكون مراجعتهن بقصد اإلضر نعمـة اهللا علـيكم اذكـروا و ،يات اهللا وأحكامه لعبا ولهوا نفسه باستحقاقه العقوبة، وال تتخذوا آ

واذكروا ما أنزل اهللا عليكم من القرآن والسنة، يذكركم اهللا بهذا، ويخوفكم من المخالفة، ،باإلسالم مـن أمـوركم الـسرية والجهريـة فخافوا اهللا وراقبوه، واعلموا أن اهللا ال يخفى عليـه شـيء

)١( .وسيجازيكم على ذلك

وات(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة قوا اهللا واعلموا أن اهللا بكل يشء عليم مكونة من جملتـين؛ ) اهللا عز وجل وذلك بامتثال أوامره بتقوى األولى أمر على صـفة واجتناب نواهيه، والثانية تنبيه

.من صفات اهللا تعالى أال وهي شمول علمه المطلق بكل شيء، والفاصلة تحمل معنى التحذير

لما كانت اآلية تتكلم عن إضرار الزوج بزوجته عند إمساكها، وذلك الفعل من : ة الفاصلة مناسبأعمال القلوب، التي ال يعلم بنيته إال اهللا عز وجل، فهو في الظاهر يريد الخير وفي الباطن يريد

واتقـوا اهللا و(فما أعادها إال ليذلها وينتقم منها، فناسب أن تكون الفاصلة الشر، اعلمـوا أن اهللا بكـل يشء علـيم وفي ذلك تنبيه على أنه يعلم نياتكم في المـضارة واالعتـداء ، فـال تلبـسوا علـى )

)٢(.أنفسكم

وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فال تعـضلوهن أن يـنكحن أزو[: يقول تعالى ) ٢٣٢(اآلية اجهـن إذا تراضوا بينهم باملعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باهللا واليوم اآلخر ذلكم أزكى لكـم وأطهـر واهللا

يعلم وأنتم ال تعلمون [

).١/٣٣١،٣٣٠: (تفسير القرآن العظيم، البن كثير: انظر) ١( ).٢/٢٢٠: (تفسير البحر المحيط: ظران) ٢(

٨٢

ة دون الثالث إذا خرجت مـن العـدة، وأراد هذا خطاب ألولياء المرأة المطلق :التفسير اإلجمالي يمنعها من التـزوج بـه أن زوجها أن ينكحها، ورضيت بذلك، فال يجوز لوليها، من أب وغيره

ومن كان يؤمن باهللا واليوم اآلخر فإيمانه يمنعه من العضل، فإن ذلـك أزكـى لكـم ه، حنقا علي متثلوا أمـر مـن هـو عـالم فـا الصواب،وأطهر وأطيب مما يظن الولي أن عدم تزويجه هو

)١(. وأنتم ال تعلمون ذلكبمصالحكم

واهللا يعلم وأنتم ال تعلمون(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ( )٢(

لقد جاءت اآلية بأوامر تخالف عادات الناس القديمة، والتي اعتقدوا أن بها نفعا : مناسبة الفاصلة واهللا ( فناسب أن تكون الفاصـلة أن ما أمرهم به ونهاهم عنه هو الحق فعلمهم اهللا وصالحا لهم،

يعلم وأنتم ال تعلمون )٣(. ، وهم ال يعلمون إال ظاهرااهللا يعلم النافعف )

:أحكام الرضاع: السادسالمقصد

والوالدات يرضعن أوالدهن حول[: يقول تعالى) ٢٣٣(اآلية ني كاملني ملن أراد أن يتم الرضاعة وعىل املولود له رزقهن وكسوهتن باملعروف ال تكلف نفس إال وسعها ال تضار والدة بولدها وال مولود لـه بولـده

وعىل الوارث مثل ذ لك فإن أرادا فصاال عن تراض منهام وتشاور فال جناح عليهام وإن أردتم أن تـسرتضعوا سلمتم ما آتيتم باملعروف واتقوا اهللا واعلموا أن اهللا أوالدكم فال جناح عليكم إذا بام تعملون بصري [

أوالدهن مدة سنتين كاملتين لمن أراد أن يرضعن لوالدات ل هذا إرشاد من اهللا :التفسير اإلجمالي ؛ وكسوتهن، على الوجه المستحسن شرعا وعرفا الوالدات نفقة والد الطفل إتمام الرضاعة، وعلى

دين أن يجعلوا المولـود وسـيلة للمـضارة ألن اهللا ال يكلف نفسا إال قدر طاقتها، وال يحل للوال والد قبـل موتـه مـن النفقـة بينهما، ويجب على الوارث عند موت الوالد مثل ما يجب على ال

فإن أراد الوالدان فطام المولود قبل انتهاء السنتين فـال حـرج عليهمـا إذا تراضـيا ،والكسوةمرضعة أخرى غير والدتـه فـال وإن اتفق الوالدان على إرضاع المولود من ، وتشاورا في ذلك

وخافوا اهللا في ،للمرضعة أجرها بما يتعارفه الناس حرج عليهما، إذا سلم الوالد لألم حقها، وسلم )٤(.، وسيجازيكم على ذلكال يخفى عليه شئ من أحوالكم وأقوالكمجميع أحوالكم، واعلموا أن اهللا

).١٠٣:(ريم الرحمن في تفسير كالم المنانتيسير الك: انظر) ١( .٢١٦ية البحث، تحليل فاصلة اآل: انظر)٢( ).٢/٣٥٢: (التحرير والتنوير: انظر) ٣( ).٣٣٣ -١/٣٣١: (تفسير القرآن العظيم، البن كثير: انظر) ٤(

٨٣

واعلمو (جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ا أن اهللا بام تعملـون بـصري جملة اسـتئنافية، غرضـها )ـ للتنبيه على االهتمام بالخبر وزيادة في تأكيده وتحقيقه فال ) اعلموا(التأكيد والتقرير، وافتتحت ب

)١(.شك فيه

) بصير(على متعلقها ) بما تعملون (بالذي تعملونه، وتقدمت شبه الجملة : موصولة والمعنى ) ما(ومن بـصر، علـى " بصير" أن اهللا تعالى بصير بما تعملون، و :وذلك إلفادة العموم والشمول، أي

رأيته، ومـن أسـماء اهللا تعـالى : أبصرت الشيء " :، وفي اللسان ، من أبنية المبالغة وزن فعيل )٢(".البصير، وهو الذي يشاهد األشياء كلها، ظاهرها وخافيها بغير جارحة

وهو من أسماء اهللا تعالى وهو الذي يـشاهد األشـياء كلهـا )البصير:" (وسوجاء في تاج العر ةا بغير جارحيهها وخافرظاه، ـوتف بها كمال نعنكشالتي ي فةقه عبارة عن الصفي ح رصوالب

)٣(".المبصرات

رضاعة، وهذا األمر يتعلق بطفل ال حـول لما كانت اآلية تتكلم عن موضوع ال : مناسبة الفاصلة واتقـوا اهللا واعلمـوا أن اهللا بـام (له وال قوة، وإن وقع عليه الظلم ال يستطيع الشكوى، فكانت الفاصلة

تعملـون بـصري وفي ذلك تحذير من اهللا لوالد الرضيع، وحث له بإكرام المرضعة وإعطائها كامل ) .فل وتكرمهاألجر، لترضع الط

:أحكام المرأة المتوفى عنها زوجها: السابعالمقصد

والـذين يتوفـون مـنكم ويـذرون أزواجـا يرتبـصن بأنفـسهن أربعـة أشـهر [: يقول تعالى ) ٢٣٤(اآلية وعرشا فإذا بلغن أجلهن فال جناح عليكم فيام فعلن يف أنفسهن باملعروف واهللا بام تعملون خبري [

أربعة أشهر وعشر ليـال إن كانـت تعتد أن فعليها زوجها عنها ت من ما أي :التفسير اإلجمالي إال أن تكـون ،حرة، فال تتجمل وال تمس طيبا، وال تتعرض للخطاب بحال حتى تنقضي عدتها

فإذا انتهت المدة التي هي محدة فيها فال جناح على ذوي ،ن عدتها تنقضي بوضع حملها حامال فإ والتعـرض للخطـاب ادزوجها المتوفي وال على ذويها هي فيما تفعل بنفسها من تـرك اإلحـد

)٤( . فاحذروه، واهللا عليم بجميع أعمالكم هو مباح لهنبمنللتزوج

).٢/٢٣٠(:التحرير والتنوير: انظر )١( ) .١/٢٩٠: (لسان العرب) ٢( ).٤/٢٥٤٢( :تاج العروس، للزبيدي )٣( ).١/٢٢٤،٢٢٣: (أيسر التفاسير، للجزائري: انظر) ٤(

٨٤

جملة استئنافية، غرضـها التقريـر ) بما تعملون خبير واهللا(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة اهللا تعالى هو العـالم بكنـه حقوالخبير في على صفة من صفاته تعالى وهي الخبير، والتأكيد

)١(. شياء وخفي تدل على العلم بما لطف من األصفة الخبير و،الشيء وحقيقته من غير شك

ية تتحدث عن المرأة المتوفى عنهـا زوجهـا، فمنعهـا الـشارع لما كانت اآل :مناسبة الفاصلة الخروج من بيتها، ومن التزين، وذلك وفاء للزوج، وفي ذلك كرامة للزوجة أيضا، ثم سمح لهـا

في حدود ما أذن اهللا لهـا أي بالتزين في بيتها، وقد شرط ذلك بأن يكون بالمعروف و بالخروج،واهللا بام (، فختم بالفاصلة فيه تعملون خبري أعلم بما في نفسها وبما فـي أي ال يخفى عليه شئ، فهو )

. عليم بما تفعل وإن لم يطلع عليها أحد من الناس، وهونيتها

):٢٤٢ ـ ٢٣٥(المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها من اآلية :المقطع الثالث

:آيات المقطع الثالثوال جناح عليكم في [ ام عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم يف أنفسكم علم اهللا أنكم ستذكروهنن ولكن

ال تواعدوهن رسا إال أن تقولوا قوال معروفا وال تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتـا ب أجلـه واعلمـوا أن اهللا يعلم ما يف أنفسكم فاحذروه واعلموا أن اهللا غفور حليم ال جناح عليكم إن طلقـتم النـساء مـا مل )٢٣٥(

متسوهن أو تفرضوا هلن فريضة ومتعـوهن عـىل امل وسـع قـدره وعـىل املقـرت قـدره متاعـا بـاملعروف حقـا عـىل املحسنني وإن طلقتموهن من قبل أن متسوهن وقد فرضـتم هلـن فريـضة فنـصف مـا فرضـتم إال أن ) ٢٣٦(

يعفون أو يعفوا ا بام تعملـون لذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى وال تنسوا الفضل بينكم إن اهللا بصري حافظوا عىل الـصلوات والـصالة الوسـطى وقومـوا هللا قـانتني ) ٢٣٧( فـإن خفـتم فرجـ) ٢٣٨( اال أو

ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا اهللا كام علمكم ما مل تكونوا تعلمون والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ) ٢٣٩( وصية ألزواجهم متاعا إىل احلول غـري إخـراج فـإن خـرجن فـال ج نـاح علـيكم يف مـا فعلـن يف أنفـسهن مـن

معروف واهللا عزيز حكيم وللمطلقات متاع باملعروف حقا عىل املتقني )٢٤٠( كذلك يبـني اهللا لكـم ) ٢٤١( آياته لعلكم تعقلون )٢٤٢([

).٢/٢٣٥: (، تفسير البحر المحيط) ١/٢٣٩: (تفسير الخازن: ظران)١(

٨٥

:الثة مقاصد ثويشتمل على

: حكم التعريض في خطبة النساء:المقصد األول

وال جناح عليكم فيام عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم يف أنفسكم علم [: يقول تعالى) ٢٣٥(اآلية اهللا أنكم ستذكروهنن ولكن ال تواعدوهن رسا إال أن تقولوا قوال معروفا وال تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ

الكتاب أجله واعلموا أن اهللا يعلم ما يف أنفسكم فاحذروه واعلموا أن اهللا غفور حليم [

أن تعرضوا بخطبة النساء في عدتهن من وفاة أزواجهن من غير رج أي ال ح :التفسير اإلجمالي في أنفسكم، فرفع الحرج علم اهللا أنكم ستذكرونهن أضمرتم في أنفسكم من خطبتهن، أو تصريح،

، فاذكروهن ولكن ال تواعدوهن بالنكاح سرا إال بطريق التعريض والتلويح الـذي عنكم في ذلك توعدهم علـى مـا يقـع فـي ثم ،دة بالنكاح حتى تنقضي العدة العق وال تعقدوا أقره لكم الشرع،

ضمائرهم من أمور النساء، وأرشدهم إلى إضمار الخير دون الشر، ثم لم يؤيسهم مـن رحمتـه، )١(). واعلموا أن الله غفور حليم( :ولم يقنطهم من عائدته، فقال

واعلموا (جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة أن اهللا يعلم ما يف أنفسكم فاحذروه واعلموا أن اهللا غفور حلـيم ـ ) للتنبيـه علـى االهتمـام ) اعلموا( جملة استئنافية، غرضها التأكيد والتقرير، وافتتحت ب

في التأكيد فـي دةزيا) واعلموا(ثم أعاد التنبيه ب ،بالخبر وزيادة في تأكيده وتحقيقه فال شك فيه ).٢٢٥(هما صفتين هللا عز وجل تقدم تحليلهما في اآلية ) غفور حليم(الجملة الثانية،

لما كانت اآلية تتحدث عن التعريض في خطبة المرأة المتوفى عنها زوجهـا، :مناسبة الفاصلة ـ و وقرن ذلك بما يكون في نية الرجل، وراعى في ذلك الفطرة، تم أنه يصعب على الرجل أن يك

رغبته، فمن حلم اهللا ورحمته بنا رخص لنا في التعريض دون التصريح، والتعريض يكون فـي واعلمـوا ( فكانت الفاصلة ثم أشار إلى إضمار الخير دون الشر، المأل وليس سرا، خوفا من الفتنة، أن اهللا يعلم ما يف أنفسكم فاحذروه واعلموا أن اهللا غ فور حليم أن اهللا يحذركم من إضمار الـشر أي)

دليل على أن إباحة التعـريض رخـصة، ، وهذا التعريض ألنه حليم بكم يغفر لكم و في نفوسكم، غفرة فلعل المراد من الم ،، لوال أن اهللا علم مشقة تحريمه على الناس وأن الذريعة تقتضي تحريمه )٢(.ض ليس بإثم؛ ألن التعريهنا التجاوز ال مغفرة الذنب

).١/٣٣٦،٣٣٥(تفسير القرآن العظيم، البن كثير : انظر) ١( ).٢/٤٥٦: (، التحرير والتنوير)٢/٣٣٨: (تفسير المنار: انظر) ٢(

٨٦

:متعة الطالق ومهر غير المدخول بها: الثانيالمقصد ال جناح عليكم إن طلقتم النساء ما مل متسوهن أو تفرضـوا هلـن [ : يقول تعالى ) ٢٣٧، ٢٣٦(اآليتان

فريضة ومتعوهن عىل املوسع قدره وعىل املقرت قدره متاعا باملعروف حقـا عـىل املحـسنني وإن طلقتمـوهن * من قبل أن متسوهن وقد فرضتم هلن فريضة فنصف ما فرضتم إال أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النك اح

وأن تعفوا أقرب للتقوى وال تنسوا الفضل بينكم إن اهللا بام تعملون بصري [ إن طلقتم النساء بعد العقـد علـيهن، وقبـل أن -أيها األزواج - ال إثم عليكم :التفسير اإلجمالي

على الغني قـدر سـعة ف به جبرا لهن، تجامعوهن، أو تحددوا مهرا لهن، ومتعوهن بشيء ينتفعن رزقه، وعلى الفقير قدر ما يملكه، متاعا على الوجه المعروف شرعا، وهو حق ثابت على الذين

وإن طلقتم النـساء بعـد العقـد علـيهن، ولـم ،يحسنون إلى المطلقات وإلى أنفسهم بطاعة اهللا فيجب عليكم أن تعطوهن نصف المهر المتفق تجامعوهن، ولكنكم ألزمتم أنفسكم بمهر محدد لهن،

عليه، إال أن تسامح المطلقات، أو يسمح الزوج بأن يترك للمطلقة المهر كله، وتـسامحكم أيهـا واإلحسان بينكم، أيها المؤمنون الجميل الرجال والنساء أقرب إلى خشية اهللا وطاعته، وال تنسوا

بصير، يرغبكم فـي المعـروف، ويحـثكم علـى إن اهللا بما تعملون ،وهو التسامح في الحقوق )١( .الفضل

إن اهللا بام تعملون بصري(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ).٢٣٣(وقد سبق تحليلها في اآلية )تحدثت اآلية عن طالق الرجل لزوجته قبل المسيس، وهذا الطالق قد يكون فيه : مناسبة الفاصلة فإذا طلقها قبل المسيس ، ذلك ألن الرجل إذا تزوج بالمرأة فقد تعلق قلبها به جين،أذى ألحد الزو

نتفع بها البتة صـار ذلـك ي أن دون لها مهرا وكذلك إذا دفع الرجل ،صار ذلك سببا لتأذيها منه فنـدب ، عن قلب اآلخـر يفندب تعالى كل واحد منهما إلى فعل يزيل ذلك التأذ، سببا لتأذيه منها

، وندب المرأة إلى ترك المهـر بالكليـة ،ج إلى أن يطيب قلبها بأن يسلم المهر إليها بالكلية الزوإن اهللا بام تعملـون بـصري(فناسب أن تكون الفاصلة لك لحث الزوجين علـى الـسبق فـي فعـل وذ)

)٢(.الخيروالذين يتوفون منكم وي[: يقول تعالى ) ٢٤٠(اآلية ذرون أزواجا وصـية ألزواجهـم متاعـا إىل احلـول

غري إخراج فإن خرجن فال جناح عليكم يف ما فعلن يف أنفسهن من معروف واهللا عزيز حكيم [ أزواجا فإن لهن من اهللا تعالى وصية الذين يتوفون من المؤمنين ويتركون أي :التفسير اإلجمالي

وهي أن يسمحوا لزوجة المتوفى عنها أن تبقى معهم فـي ،على ورثة الزوج المتوفى أن ينفذوها أن و إال إذا رغبت في الخروج بعد انقضاء العدة فلها ذلـك، ،البيت تأكل وتشرب إلى نهاية السنة

).١/١٤٧: (صفوة التفاسير: انظر) ١( ).٦/١٥٦: (مفاتيح الغيب، للفخر الرازي: انظر) ٢(

٨٧

أن هذه الوصـية و. ض للخطاب لتتزوج للمعتدة إذا انقضت عدتها أن تتزين وتمس الطيب وتتعر )١( .قد شرعها عزيز حكيم فهي متعينة التحقيق والتنفيذ

عزيز حكيم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة واهللا ).٢٠٩(وقد سبق تحليلها في اآلية ) هـذه لما تحدثت اآلية عن وصية من عند اهللا تعالى، وعلى ورثة الزوج تنفيذ : مناسبة الفاصلة

الوصية، واهللا يعلم أن من الناس من تحدثه نفسه بعدم االلتزام بالوصية، فناسب أن تكون الفاصلة عزيـز حكـيم( واهللا حكيم فيمـا ، أي غالب قوي في انتقامه ممن خالف أمره ونهيه وتعدى حدوده )

)٢( .شرع من الشرائع وبين من األحكامهار للغلبة والقهر لمن منع من إنفاذ الوصية بالتمتيع المذكور، عزيز، إظ : فقوله: "يقول أبو حيان

حكيم، إظهـار أن مـا : وقوله ،أو أخرجهن وهن ال يخترن الخروج، ومشعر بالوعيد على ذلك )٣( ."شرع من ذلك فهو جار على الحكمة واإلتقان، ووضع األشياء مواضعها

:األمر بمتعة الطالق: الثالثالمقصد وللمطلقات متاع باملعروف حقـا عـىل املتقـني [ :يقول تعالى) ١٤٢، ١٤١(اآليتان كـذلك يبـني اهللا *

لكم آياته لعلكم تعقلون [ متاع من كـسوة ونفقـة عموما المدخول بهن وغير المدخول بهن وللمطلقات :التفسير اإلجمالي

مثل، المستحسن شرعا، حقا على الذين يخافون اهللا ويتقونه في أمره ونهيه على الوجه المعروف ذلك البيان الواضح في أحكام األوالد والنساء، يبين اهللا لكم آياته وأحكامه في كل ما تحتاجونـه

)٤( .لكي تعقلوها وتعملوا بها؛ في معاشكم ومعادكملعلكم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة تعقلون ).١٨٣(وقد سبق تحليلها في اآلية )

ذكرت اآلية أن سنة اهللا ماضية في بيان أحكام دينه من خالل آياته، وذلك بـأن :مناسبة الفاصلة ه، ليعدكم بـذلك يذكر الحكم وفائدته، ويقرنه بذكر اهللا والموعظة الحسنة التي تعين على العمل ب

لعلكـم تعقلـون(ل، فناسب أن تكون الفاصلة ستفادة من كل عم لكمال العقل لال أي لعلكم تعقلـون ) أي لتكونوا على حـال ) لعلكم تعقلون: " (يقول البقاعي )٥(. الحكم لتكونوا على بصيرة من دينكم

يرجى لكم معها التفكر في اآليات المسموعات واآليات المرئيات كما يفعل العقالء فيهديكم ذلـك )٦(". لإلى سواء السبي

).١/٢٣٠،٢٢٩: (أيسر التفاسير، ألبي بكر الجزائري: انظر) ١( ).١/٢٤٩: (تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل، للخازن: انظر) ٢( ).٢/٢٥٥: (تفسير البحر المحيط، ألبي حيان) ٣( ).١/١٣٦: (التفسير الوسيط: انظر) ٤( ).٢/٣٥٩: (تفسير المنار: انظر) ٥( ). ١/٤٦٢: (نظم الدرر) ٦(

٨٨

):٢٥٢ ـ ٢٤٤(المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها من اآلية :الرابعالمقطع :آيات المقطع الرابع

وقاتلوا يف سبيل اهللا [ واعلموا أن اهللا سميع عليم من ذا الذي يقرض اهللا قرضا حسنا فيـضاعفه لـه ) ٢٤٤( أضع افا كثرية واهللا يقبض ويبصط وإليه ترجعون أمل تر إىل املإل من بني إرسائيـل مـن بعـد موسـى إذ ) ٢٤٥(

قالوا لنبي هلم ابعث لنا ملكا نقاتل يف سبيل اهللا قال هل عسيتم إن كتب ع ليكم القتال أال تقاتلوا قالوا وما لنا أال نقاتل يف سبيل اهللا وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلام كتب عليهم القتال تولوا إال قليال مـنهم واهللا علـيم

بالظاملني وقال ) ٢٤٦( هلم نبيهم إن اهللا قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له امللك علينا ونحن أحق بامللك منه ومل يؤت سعة من املال قال إن اهللا اصطفاه عليكم وزاده بسطة يف العلم واجلـسم واهللا يـؤيت ملكـه

من يشاء واهللا واسع عليم وقال هلم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقيـة )٢٤٧( مما ترك آل موسى وآل هارون حتمله املال ئكة إن يف ذلك آلية لكم إن كنتم مؤمنني فلام فصل طالوت ) ٢٤٨(

باجلنود قال إن اهللا مبتليكم بنهر فمن رشب منه فليس مني ومن مل يطعمه فإنه مني إال من اغرتف غرفة بيـده فرشبوا منه إال قليال منهم فلام جاوزه هو والذين آمنـوا معـه قـالوا ال طاقـة لنـا اليـوم بجـالوت وجنـوده قـال

الذين يظنون أهنم مالقوا اهللا كم من فئة قليلة غلبت فئة ك مع الصابرين ثرية بإذن اهللا واهللا وملا بـرزوا ) ٢٤٩( جلالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صربا وثبت أقدامنا وانرصنا عـىل القـوم الكـافرين فهزمـوهم ) ٢٥٠(

بإذن اهللا وقتل داود جالوت وآتاه اهللا امللك واحلكمة وعلمه مما يشاء ولـو ال دفـع اهللا النـاس بعـضهم بـبعض لفسدت األرض ولكن اهللا ذو فـضل عـىل العـاملني نتلوهـا عليـك بـاحلق و) ٢٥١( ك آيـات اهللا تلـ إنـك ملـن

املرسلني )٢٥٢([

:ويشتمل على مقصدين

: الجهاد في سبيل اهللا بالنفس والمال: المقصد األول

وقاتلوا يف سبيل اهللا واعلموا أن اهللا سميع عليم[: يقول تعالى) ٢٤٤(اآلية [

ولتكون كلمة اهللا هي العليا، دين اهللا، الكفار لنصرة -أيها المسلمون - وقاتلوا :التفسير اإلجمالي )١( .واعلموا أن اهللا سميع ألقوالكم، عليم بنياتكم وأعمالكم

).١/١٣٨: (التفسير الوسيط: انظر) ١(

٨٩

واعلموا أن اهللا سميع عليم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة " واعلمـوا "وافتتاح الفاصلة بقوله ) الفاصلة حث على القتال وتحـذير مـن ففي للتنبيه على ما تحتوي من معنى التحذير والترغيب،

اهتماما به هنا، ألن معظم أحوال القتـال مـن " عليم"وهو أخص من " سميع"تركه، وقدم وصف )١(. ألنه يشمل العلم بجميع المعلومات" عليم"األمور المسموعة، ثم ذكر وصف

لم ما في نفوس المقاتلين لما كانت اآلية تتحدث عن القتال في سبيل اهللا، واهللا يع : مناسبة الفاصلة ـ من هواجس القعود عـن القتـال، فناسـب أن تكـون مثل غريزة الخوف، وتسويل الـنفس ب

واعلموا أن اهللا سميع عليم(الفاصلة ففيها حث على القتال وتحذير من تركه من خـالل تـذكيرهم ) . بإحاطة اهللا بجميع نواياهم

من ذ[ : يقول تعالى ) ٢٤٥(اآلية ا الذي يقرض اهللا قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثرية واهللا يقبض ويبسط وإليه ترجعون [

من ذا الذي ينفق في سبيل اهللا إنفاقا حسنا احتسابا لألجر، فيضاعفه له أضعافا :التفسير اإلجمالي فإنـه هـو ؛ ن الجزاء؟ واهللا يقبض ويبسط، فأنفقوا وال تبـالوا كثيرة ال تحصى من الثواب وحس

على من يشاء من عباده في الرزق، ويوسعه على آخرين، له الحكمة البالغـة فـي ، يقتر الرزاق )٢( .ذلك، وإليه وحده ترجعون بعد الموت، فيجازيكم على أعمالكم

وإليه ترجعـو(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة خبريـة اسـتئنافية، غرضـها التنبيـه )نوفيه تعريض بـأن . والتذكير بأن ما أعد لهم في اآلخرة أعظم مما وعدوا به من الخير في الدنيا

)٣(. الممسك عن اإلنفاق في سبيل اهللا قد حرم كثير من الخير في اآلخرة

اهللا اإلنفاق بالقرض فيه داللـة تتحدث اآلية عن اإلنفاق في سبيل اهللا، ووصف : مناسبة الفاصلة وهو سبحانه وتعالى يطمئنك على أنه هو الذي سـيقترض منـك ، على أنه ال يضيع بل يسترد،

ا فـي صـورة مـستثمرة أضـعافا ، لكن ليس في صورة ما قدمت وإنم اقترضهوأنه سيرد ما وإليه ترجعـون(، لذلك كانت الفاصلة ، إن األصل محفوظ ومستثمر مضاعفة يوم القيامة فيعيد لـك )

)٤(. القرض أضعافا مضاعفة

).٢/٤٨١،٤٨٠: (التحرير والتنوير: انظر)١( ).١/١٥٢: (صفوة التفاسير: انظر) ٢( ).٢/٢٨٣: (التحرير والتنوير: انظر) ٣( ).٢/١٠٤١،١٠٤٠: (تفسير الشعراوي: انظر) ٤(

٩٠

:الملك طالوت وقصة النبي صموئيل: المقصد الثاني

أمل تر إىل املإل من بني إرسائيل من بعد موسى إذ قـالوا لنبـي هلـم ابعـث لنـا [ : يقول تعالى ) ٢٤٦(اآلية ملكا نقاتل يف سبيل اهللا قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أال تقاتلوا قالوا وما لنا أال نقاتل يف سبيل اهللا

وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلام كتب عليهم القتال تولوا إال ق ليال منهم واهللا عليم بالظاملني [

ملكا نقاتل في سـبيل ا ابعث لن أي ألم يصل خبر القوم إليك، حين قالوا لنبيهم : التفسير اإلجمالي أخشى إن قمت : فقال لهم نبيهم ،نسترد سيادتنا ونحكم شريعة ربنا اهللا فنطرد أعداءنا من بالدنا و

وأي سبب يمنعنا أال نقاتل وقد أخـذت :؟ فدفعتهم الحمية فقالوا ! تقاتلوابتعيين الملك القائد أن ال واهللا منهزمين قبل القتـال، ما من المعركة جبنوا وتولى أكثره ؟ فلما دنو منا البالد وسبيت األوالد

)١(.عليم بالظالمين الناكثين عهودهم

واهللا علـيم بالظـا(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ملني خبرية، الغـرض اسمية جملة استئنافية ) منها التقرير والتأكيد على أن اهللا تعالى متصف بالعلم، فهو يعلم بمـا يعملـه هـؤالء النـاكثون لعهودهم، وفي الفاصلة بيان أن هؤالء استحقوا العذاب والعقوبة ألنهم وصلوا لدرجة الظلم بمـا

.اقترفوه وعملوه

أن بينت اآلية أن هؤالء القوم من بني إسرائيل هم الذين طلبوا القتال فـي بعد :مناسبة الفاصلة ، وتنافـت وأرادوا أن يقتلوا الروح المعنويـة للنـاس سبيل اهللا، ثم تقاعسوا عنه وتخاذلوا سرا،

ـ وفي ذلك ) والله عليم بالظالمين ( أقوالهم مع أفعالهم، فناسب أن تكون الفاصلة ن وعيد وتهديد لميعـد يه اهللا عل ه عما أوجب من أعرض ، وأن ل بعد أن فرض عليه بسؤاله ورغبته عن القتا خاذلت

. من الظالمين

وقال هلم نبيهم إن اهللا قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون لـه امللـك [: يقول تعالى ) ٢٤٧(اآلية علينا ونحن أ حق بامللك منه ومل يؤت سعة من املال قال إن اهللا اصطفاه عليكم وزاده بسطة يف العلم واجلسم

واهللا يؤيت ملكه من يشاء واهللا واسع عليم [

قال كبـراء ملكا منهم فعين لهم طالوت، أن يعين لهم نبيهم أي لما طلبوا من :التفسير اإلجمالي كيف يكون طالوت ملكا علينا، وهو ال يستحق ذلك؟ ألنه ليس من سبط الملـوك، : بني إسرائيل

نا ألن؛ وال من بيت النبوة، ولم يعط كثرة في األموال يستعين بها في ملكه، فنحن أحق بالملك منه ، به منكم إن اهللا اختاره عليكم وهو سبحانه أعلم : م قال لهم نبيه ،من سبط الملوك ومن بيت النبوة

).١/٢٣٤: (أيسر التفاسير، للجزائري: انظر) ١(

٩١

واهللا مالك الملك يعطي ملكه من يـشاء مـن ،لعلم وقوة في الجسم ليجاهد العدو وزاده سعة في ا )١( .بمن يستحق الملك ممن ال يستحق عليم يختص برحمته من يشاء،عباده، واهللا واسع الفضل

اهللا واسع عليمو(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة اسمية الغرض منها التقرير والتأكيـد ) بمـن "عليم" يوسع فضله على الفقير، "واسع" أي أن اهللا على ثبوت هاتين الصفتين هللا عز وجل،

)٢(.، فيضعه فيه ويختاره لههو أحق بالملك: ووسـع عليـه ة،وهو كذلك الغنى والرفاهي ، الضيقأن السعة نقيض :" وقد جاء في كتب اللغة

وغناه كـل ، رفهه وأغناه، والمولى واسع ألنه وسع رزقه جميع خلقه، ووسعت رحمته كل شيء )٣(". فقر

ربهم أن يجعل لهم ملكـا، وكـان يجـب دعوالما كانت اآلية تتحدث عن قوم :مناسبة الفاصلة ر اهللا باالعتراض وعـدم عليهم أن يستقبلوا اصطفاء اهللا للملك بالقبول والرضى، ولكنهم قابلوا أم

)واهللا واسع علـيم ( فكانت الفاصلة الرضى، وكأنهم يريدون أوصافا للملك على حسب أهوائهم، ،حانه عليم بمن يصلح لهذه المهمة ، وهو سب مناسب له أي عنده لكل مقام مقال، ولكل موقع رجل

)٤( . يصلح، ال عن ضيق أو قلة رجال، ولكن عن سعة وعلم الومنفلام فصل طالوت باجلنود قال إن اهللا مبتلـيكم بنهـر فمـن رشب منـه فلـيس [: يقول تعالى ) ٢٤٩(اآلية

مني ومن مل يطعمه فإنه مني إال من اغرتف غرفة بيده فرشبوا منه إال قليال م نهم فلام جاوزه هو والذين آمنـوا معه قالوا ال طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أهنم مالقـو اهللا كـم مـن فئـة قليلـة غلبـت فئـة

كثرية بإذن اهللا واهللا مع الصا برين [ بنهر أمامكم مختبركمإن اهللا : فلما خرج طالوت بجنوده لقتال العمالقة قال لهم :التفسير اإلجمالي

ه أو لم يشرب منه فليس مني، وال يصلح للجهاد معي، ومن لم يذق هتعبرونه، فمن شرب منكم من لوا إلى النهر انكبوا فلما وص . فإنه مني، إال من ترخص واغترف غرفة واحدة بيده فال لوم عليه

على الماء، وأفرطوا في الشرب منه، إال عددا قليال منهم صبروا على العطش والحر، واكتفـوا ولما عبر طالوت النهر هو والقلة المؤمنة معه، ورأوا كثـرة ،ذ تخلف العصاة بغرفة اليد، وحينئ

ء، فأجاب الذين يوقنون بلقاء اهللا، ال قدرة لنا اليوم بجالوت وجنوده األشدا : عدوهم وعدتهم، قالوا وأمـره كم من جماعة قليلة مؤمنة صابرة، غلبت بإذن اهللا : يذكرون إخوانهم باهللا وقدرته قائلين

)٥( . ونصره بعونه واهللا مع الصابرين،جماعة كثيرة كافرة باغية

).١/٣٥١: ( البن كثير، تفسير القرآن العظيم:انظر) ١( ).٢/٢٦٧: (تفسير البحر المحيط: انظر) ٢( ).٦/٤٨٣٤: (لسان العرب) ٣( ).٢/١٠٤٧: (، وتفسير الشعراوي)٢/٢٩١: (روح المعاني: انظر) ٤( ).١/١٤١: (التفسير الوسيط: انظر) ٥(

٩٢

واهللا مع الصابرين(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة تئنافية خبريـة، الغـرض منهـا جملة اس) .التقرير والتأكيد على أن الصابرين يكونون في معية اهللا

لما كانت اآلية تتحدث عن اختبار من اهللا لصالبة جيش طالوت، وكـان ذلـك : مناسبة الفاصلة االختبار بمنعهم عن شئ هم في أمس الحاجة إليه، وهو منعهم عن الشرب الذي سـيقويهم علـى

واهللا مـع الـصابرين(ا يحتاج إلى صبر عجيب، فناسب أن يستعينوا بمعية اهللا فقالوا القتال، وهذ أي ) إن صبرنا على العطش ابتغاء مرضاة اهللا، فسيكون اهللا معنا في قتال جالوت وجنـوده وعنـدها

.سنغلبهمفهزموهم بإذن اهللا وقتل داوود ج[: يقول تعالى) ٢٥١(اآلية الوت وآتاه اهللا امللك واحلكمة وعلمه ممـا

يشاء ولوال دفع اهللا الناس بعضهم ببعض لفسدت األرض ولكن اهللا ذو فضل عىل العاملني [

جالوت قائد -عليه السالم - وقتل داود ا جند جالوت بنصر اهللا وتأييده، فهزمو :التفسير اإلجمالي الجبابرة، وأعطى اهللا عز وجل داود بعد ذلك الملك والنبوة في بني إسرائيل، وعلمه ممـا يـشاء

بعضا، وهم أهل -وهم أهل الطاعة له واإليمان به - ولوال أن يدفع اهللا ببعض الناس ،من العلوم فـضل ت وأهل المعاصي، ولكن اهللا ذو ن الطغيان، ، وتمك الحياةالمعصية هللا والشرك به، لفسدت

)١(. البشر جميعا على وإنعام

ولكن اهللا ذو فضل عىل العاملني(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة " (تكون بين و استدراكية،" ولكنبــ ، ألن فعله يتعـدى "فضل"ـ يتعلق ب " على" و ، وهي هنا بين مدفوع به ومدفوع، متنافيين

، علـى فـالن : أي ،فضلت فالنا : مع الفعل، تقول "على"، وربما حذفت ، فكذلك المصدر "على" )٢( . بمحذوف لوقوعها صفة لفضل "على"ويجوز أن تتعلق

وينصر المـسلمين علـى ، أنه سبحانه وتعالى يدفع الناس ببعض جاء في اآلية : مناسبة الفاصلة ، وأفسدوا في األرض الكفار على المفسدين غلبت ل ذلك الدفع ، وأنه لوال الكفار ويكف بهم فسادهم

ولكن اهللا ذو فضل عىل العاملني(ثم ختمت اآلية عن مـا يريـد مـن عه منالمفسد أنه ب حتى ال يظن ) لم يبلغه مقاصده ومآربـه، فاسـتدرك حيثالفساد في األرض أن اهللا تعالى غير متفضل عليه،

؛ ألنـه حـسن إليـه م للفساد أن اهللا لذو فضل عليه، و مقاصده يبلغ هذا الطالب أنه، وإن لم عليه )٣(. ، وله فضل اإليجادندرج في عموم العالمين، وما من أحد إال وهللا عليه فضلم

).١/١٥٤: (صفوة التفاسير: انظر) ١( ).٤/٢٩٦،٢٩٥(:اللبابتفسير : انظر) ٢( ).٢/٢٧٩: (، تفسير البحر المحيط)١/١٣٢: (ويتفسير البيضا:انظر) ٣(

٩٣

):٢٥٧ -٢٥٥:(المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: الخامسالمقطع

:آيات المقطع الخامساهللا ال إله إال هو [ احلي القيوم ال تأخذه سنة وال نوم له ما يف الـساموات ومـا يف األرض مـن ذا الـذي يـشفع

عنده إال بإذنه يعلم ما بني أيدهيم وما خلفهم وال حييطون بيشء من علمه إال بام شاء وسع كرسيه الساموات واألرض وال يؤده حفظهام وهو العيل العظيم ال إكراه يف الدين قد تبني الرشد من الغـي فمـن يكفـر ) ٢٥٥(

بالطاغوت ويؤمن باهللا فقد است مسك بالعروة الوثقى ال انفصام هلا واهللا سميع علـيم اهللا ويل الـذين ) ٢٥٦( آمنوا خيرجهم من الظلامت إىل النور والذين كفروا أوليـاؤهم الطـاغوت خيرجـوهنم مـن النـور إىل الظلـامت

أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )٢٥٧([

:ويشتمل على مقصدين

:وحدانية اهللا وسعة كرسيه: المقصد األول

اهللا ال إله إال هو احلي القيوم ال تأخذه سنة وال نوم له ما يف الساموات و[ :يقول تعالى) ٢٥٥(اآلية ما يف األرض من ذا الذي يشفع عنده إال بإذنه يعلم ما بني أيدهيم وما خلفهم وال حييطون بيشء من علمـه إال بـام

شاء وسع كرسيه الساموات واألرض وال يئوده حفظهام وه و العيل العظيم [ الحي الذي له جميع معاني المعبود بحق وال معبود بحق سواه، أن اهللا هو أي : التفسير اإلجمالي

أخذه نعاس، وال نـوم، كـل مـا فـي يالحياة الكاملة كما يليق بجالله، القائم على كل شيء، ال في الدنيا أو في اآلخرة أحد كـائن يشفع عنده وال يتجاسر أن السماوات وما في األرض ملك له،

، يعلم ما بين أيدي الخالئق من األمور المـستقبلة، ومـا من كان بدون أن يأذن له في الشفاعة إال بمـا أعلمـه اهللا خلفهم من األمور الماضية، وال يطلع أحد من الخلق على شيء من علمـه

-جل جالله -موضع قدمي الرب هو : وسع كرسيه السماوات واألرض، والكرسي ،وأطلعه عليه وال يثقله أو يشق عليه حفظ السموات واألرض وما فيهمـا ومـا وال يعلم كيفيته إال اهللا سبحانه،

العلي الذي ليس فوقه شيء والقاهر الذي ال يغلبه شيء، العظيم الذي كل شيء أمام وهو . بينهما )١( .عظمته صغير حقير

).١/٢٤٥،٢٤٤: (أيسر التفاسير، للجزائري: انظر) ١(

٩٤

وهو العيل العظيم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة اسمية غرضها تقرير وتأكيد ثبـوت ) أن العظيم فعله عظـم، وهـو : "جاء في كتب اللغة . هاتين الصفتين هللا تعالى وهما العلي العظيم

ـ والع،وجل عن حدود العقول حتى ال تتصور اإلحاطة بكنهه وحقيقته ، الذي جاوز قدره فـي مظ )١( " عن ذلكلطول والعرض والعمق، واهللا تعالى جلصفات األجسام كبر ا

لما كانت اآلية تتحدث عن بعض أوصاف الخالق عز وجل، وهذا مما تتقاصر : مناسبة الفاصلة ناسب أن تكون في العلو من الظهور وفي العظمة من الخفاء لموضع اإلحاطة ماعنه األفهام، ول

وهو العيل العظـيم(الفاصلة ، وعظمته بعيـدة المنـال أي الذي ال رتبة إال وهي منحطة عن رتبته ) )٢(. عن إدراك العقول

:الحرية الدينية في اإلسالم:المقصد الثانيال إكراه يف الدين قد تبني الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن ب[: يقول تعالى) ٢٥٦(اآلية اهللا

سميع عليم فقد استمسك بالعروة الوثقى ال انفصام هلا واهللا [ د على الدخول في دين اإلسالم، فقد بان ووضح الحق مـن أي ال إجبار ألح :التفسير اإلجمالي

بـت واسـتقام فمن يكفر بكل ما عبد من دون اهللا ويؤمن باهللا، فقد ث ، والهدى من الضالل الباطل واهللا سميع ألقـوال عبـاده، ،من الدين بأقوى سبب ال انقطاع لهعلى الطريقة المثلى، واستمسك

)٣( .عليم بأفعالهم ونياتهمواهللا سميع عليم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة وقـد ). ١٨١(وقد سبق تحليلها في اآليـة )

الطاغوت واإليمان باهللا مما ينطق به اللـسان ويعتقـده ألن الكفر ب "سميع عليم "بوصفي جاء هنا )٤(.القلب

لما تحدثت اآلية عن عدم إكراه الناس للدخول في الدين، بعد أن تبين الحق من : مناسبة الفاصلة الباطل، وأن المؤمن ثابت اليقين سالم من اضطراب القلب في الدنيا، وهو نـاج مـن مهـاوي

متين ال ينفصم، وهذا مما ينفع المؤمن بأن يكون علـى الحـق السقوط؛ ألنه متمسك بعروة حبل واهللا سـميع (والبصيرة في دنياه، فناسب أن يشير إلى فائدة ذلك في اآلخرة من خـالل الفاصـلة

عليم )٥(. التي نفهم من خاللها التعريض بالوعد والثواب )

).٤/٣٠٠٤: ( لسان العرب، البن منظور) ١( ).١/٤٩٨: (نظم الدرر: انظر) ٢( ).١/١٥٨: (صفوة التفاسير: انظر) ٣( ).٣/١٦: (المحيطالبحر : انظر )٤( ).٣/٣٠،٢٩:(التحرير والتنوير: انظر) ٥(

٩٥

اهللا ويل الذين آ[ :يقول تعالى ) ٢٥٧(اآلية منوا خيرجهم من الظلامت إىل النور والذين كفروا أوليـاؤهم الطاغوت خيرجوهنم من النور إىل الظلامت أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [

وحفظه، يخرجهم مـن ظلمـات الكفـر اهللا يتولى المؤمنين بنصره وتوفيقه :التفسير اإلجمالي والذين كفروا أنصارهم وأولياؤهم األنـداد واألوثـان الـذين ،اإليمانو العلم ، إلى نور والجهل

يعبدونهم من دون اهللا، يخرجونهم من نور اإليمان إلى ظلمات الكفر، فـأهلوهم لـدخول النـار )١( .فكانوا أصحابها الخالدين فيها

أولئك أصحاب النار هم فيهـا خالـدون(لفاصلة هناجاءت ا: تحليل الفاصلة اسم إشارة يدل )أولئك() . جعل الخلود صفة لهم) فيها خالدون(توكيدية، ) هم(يدل على المالزمة، ) أصحاب(على البعد،

ـ ، ا عبـاد الـشهوات ت في المقابل ذكر، الخلص اهللا عبادت اآلية لما ذكر :مناسبة الفاصلة ذين ل تباع الشياطين والعكوف علـى األصـنام استبدلوا ما جاءهم به أنبياؤهم بشهوات النفوس، وهي ا

ناسـب أن ف وأن هذه الشهوات قد استولت عليهم فأخرجتهم من اإلسالم إلى الكفـر، وغير ذلك، أولئك أصحاب النار هم فيها خالـدون(تأتي الفاصلة د أصـبحوا مـن أهلهـا إشعارا لهم بأنهم ق )

. وخاصتها

):٢٦٠ -٢٥٨:(المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: السادسالمقطع :آيات المقطع السادس

أمل تر إىل الذي حاج [ إبراهيم يف ربه أن آتاه اهللا امللك إذ قال إبراهيم ريب الذي حييي ويميت قـال أنـا أحيـي وأميت قال إبراهيم فإن اهللا يأيت بالشمس من املرشق فأت هبـا مـن املغـرب فبهـت الـذي كفـر واهللا ال هيـدي

القوم الظاملني أو كالذي مر عىل قرية وهي خاوية ع) ٢٥٨( ىل عروشـها قـال أنـى حييـي هـذه اهللا بعـد موهتـا فأماته اهللا مائة عام ثم بعثه قال كم لبثـت قـال لبثـت يومـا أو بعـض يـوم قـال بـل لبثـت مائـة عـام فـانظر إىل

طعامك ورشابك مل يتسنه و انظر إىل محارك ولنجعلك آية للناس وانظر إىل العظام كيف ننشزها ثم نكسوها حلام فلام تبني له قال أعلم أن اهللا عىل كل يشء قدير وإذ قال إبراهيم رب أرين كيف حتي) ٢٥٩( املـوتى قـال

أومل تؤمن قال بىل ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطري فرصهن إليك ثم اجعل عىل كل جبل مـنهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن اهللا عزيز حك ])٢٦٠(يم

).١/٢٤٧: (أيسر التفاسير، للجزائري: انظر) ١(

٩٦

:ويشتمل على ثالثة مقاصد

: عليه السالمقصة النمرود وإبراهيم:المقصد األول

أمل تر إىل الذي حاج إبـراهيم يف ربـه أن آتـاه اهللا امللـك إذ قـال إبـراهيم ريب [ :يقول تعالى ) ٢٥٨( اآلية الذي حييي ويميت ق ال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن اهللا يأيت بالشمس من املرشق فأت هبـا مـن املغـرب

فبهت الذي كفر واهللا ال هيدي القوم الظاملني [ ليه الـسالم فـي توحيـد اهللا الذي جادل إبراهيم ع أي ألم تعلم قصة النمرود، :التفسير اإلجمالي

ربـي الـذي : من ربك؟ فقال عليه السالم : وسأل إبراهيم سلطانه و بسبب ملكه ؛ تعالى وربوبيته أنـا أحيـي : يحيي الخالئق فتحيا، ويسلبها الحياة فتموت، فهو المتفرد باإلحياء واإلماتـة، قـال

يطلـع إن اهللا : ءه، فقال لـه إبـراهيم وأميت، أي أقتل من أردت قتله، وأستبقي من أردت استبقا فتحيـر ؛ الشمس من المشرق، فهل تستطيع تغيير هذه السنة اإللهية بأن تجعلها تأتي من المغرب

)١( . إلى الحق والصوابواهللا ال يوفق الكافرين الكافر وانقطعت حجته، ودهش

واهللا ال هيدي القو(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة م الظاملني ال يهـدي ( جملة استئنافية، وقوله )أنه ال يهديهم؛ لظلمهم وكفرهم للحجاج وللحق، كمـا يهـدي : يحتمل وجوها منها )القوم الظالمين

)٢( . ال يهديهم إلى الثواب، أو أنه ال يهديهم بزيادة الهدى واأللطاف، أو أنهالمؤمن

وها بما فعله أنه ، مم شركة اهللا في اإلحياء واإلماتة يع حال مد ت اآلية ذكرلما :مناسبة الفاصلة ألن تلك الدعوى ال تلتبس على مـدعيها، بـل إن ،إحياء وإماتة، وال أحد أظلم ممن يدعي ذلك

واهللا ال هيـدي القـوم الظـاملني( مدعيها مكابر مخالف للعقل، فناسب أن تأتي الفاصلة فمثـل هـذا ) )٣(. ، مختوم له بالكفرالهدايةمحتوم له عدم

:قصة العزير عليه السالم: المقصد الثاني

أو كالذي مر عىل قرية وهي خاوية عىل عروشها قال أنى حييي هذه اهللا بعد [: يقول تعالى ) ٢٥٩(اآلية موهتا فأماته اهللا مئة عام ثم ب عثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بـل لبثـت مئـة عـام فـانظر إىل

طعامك ورشابك مل يتسنه وانظر إىل محارك ولنجعلك آية للناس وانظر إىل العظام كيف ننشز ها ثم نكسوها حلام فلام تبني له قال أعلم أن اهللا عىل كل يشء قدير [

).١/١٥١،١٥٠: (التفسير الوسيط: انظر) ١( ).٤/٣٤٦: (اللباب: انظر)٢( ).٣/٢٥: (البحر المحيط: انظر) ٣(

٩٧

مثل الذي مر على قرية قد تهدمت دورها، وخـوت ألم ينته إلى علمك كذلك :التفسير اإلجمالي اته اهللا مائة عـام، ثـم رد إليـه ؟ فأمخرابهاكيف يحيي اهللا هذه القرية بعد : على عروشها، فقال

بقيت يوما أو بعض يوم، فأخبره بأنه بقي : كم قدر الزمان الذي لبثت ميتا؟ قال : روحه، وقال له ميتا مائة عام، وأمره أن ينظر إلى طعامه وشرابه، وكيف حفظهما اهللا من التغيـر هـذه المـدة

بعد أن كان عظاما متفرقة؟ ولنجعلك داللـة الطويلة، وأمره أن ينظر إلى حماره كيف أحياه اهللا ظاهرة على قدرة اهللا على البعث بعد الموت، وأمره أن ينظر إلى العظام كيف يرفع اهللا بعـضها

رأى على بعض، ويصل بعضها ببعض، ثم يكسوها بعد االلتئام لحما، ثم يعيد فيها الحياة؟ فلمـا )١(. على كل شيء قديرأن اهللا علمت علم مشاهدة وأيقنت: اآليات الباهرات قال

فعـل مـضارع )أعلـم ) (أعلم أن اهللا على كل شيء قدير ( جاءت الفاصلة هنا :تحليل الفاصلة مالقدير اس ) قدير(حرف توكيد، ) أن(أن علمه كان قبل هذه الحادثة، : للداللة على تجدد علمه أي

.لمبالغة على وزن فعيل، وفعله قدرمن صيغ امن أسماء اهللا الحسنى، وهو في اللغة

، ويكونان من التقدير ، القدير هو القادر من صفات اهللا عز وجل يكونان من القدرة " وفي اللسان )٢(". قدرة أي ملكه، فهو قادر وقديرقدر على الشيء وواهللا سبحانه مقدر كل شيء وقاضيه،

. ير المتقن لكل شيء، والتقدهللا سبحانه وتعالىالقدرة المطلقة : وهمامما سبق يتضح لنا معنيان

كيف يحيـي اهللا لما دل قول ذلك السائل على أنه مؤمن وذلك من خالل سؤاله :مناسبة الفاصلة هذه بعد موتها ؟ فهو ال يشك في أن قضية اإلحياء من اهللا، وإنمـا يريـد أن يعـرف الكيفيـة،

ما أراه اهللا عز وجل إحياء الموتى أمـام عينيـه، فل ،ن الكيفية معناه التيقن من الحدث والسؤال ع ي تأكيد وتعريف بقدرة اهللا علـى وه )قال أعلم أن اهللا على كل شيء قدير ( ناسب عندها أن يقر

، فصار يعلم حق اليقين بعـد أن كـان وقدرة اهللا على اإلحياء واإلماتة ، الزمن ويقبضه أن يبسط )٣( .يعلم علم اليقين

: وإحياء الموتى عليه السالمقصة إبراهيم: المقصد الثالث

وإذ قال إبراهيم رب أرين كيف حتيي املوتى قال أومل تـؤمن قـال بـىل ولكـن [: يقول تعالى ) ٢٦٠(اآلية ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطري ف رصهن إليك ثم اجعل عىل كل جبل منهن جزءا ثم ادعهـن يأتينـك

سعيا واعلم أن اهللا عزيز حكيم [

).١/١٦١،١٦٠: (صفوة التفاسير: انظر) ١( ).٥/٣٥٤٦ (:لسان العرب) ٢( ).٧٢٥،٧٢٢،٧٢١: (تفسير الشعراوي: انظر) ٣(

٩٨

له ربه أو لم تصدق بأني فقال ،وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى :التفسير اإلجمالي قال فخذ أربعة من الطيـر فقطعهـن واخلـط ،قت ولكن ليسكن قلبي قال قد صد ؟أحيي الموتى

وأعلم أن اهللا ( ففعل ذلك ودعاهن فسعين على أرجلهن جبال،بعضهن ببعض ثم فرقهن في أربعة )١( .وقدره وشرعه وأفعاله أقواله في )حكيم( في ملكه )عزيز

واعلم أن اهللا عز(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة يز حكـيم تنبيها على صفتين مـن ) واعلم) ) ( ).٢٢٠(صفات اهللا تعالى وهما عزيز حكيم، وقد سبق تحليلهما في اآلية

بعد أن طلب إبراهيم عليه السالم من ربه أن يريه كيفية إحياء المـوتى، وأراه : مناسبة الفاصلة ـ ناسب أن تكون حانه وتعالىاهللا عز وجل ذلك السر اإللهي الذي ال يستطيعه إال الخالق ـ سب

واعلم أن اهللا عزيز حكيم(الفاصلة .(

عزيز ال يمتنع عليه ما يريد، حكيم فيما يريد ويمثل، والعزة تتضمن القـدرة ، : "يقول أبو حيان عزيز منتقم ممن ينكر بعث األموات ، حكيم في نشر العظـام : وقيل .ألن الغلبة تكون عن العزة

)٢( ."الرفاة

):٢٧٣ -٢٦١:(المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: السابعالمقطع :آيات المقطع السابع

مثل الذين ينفقون [ أمواهلم يف سبيل اهللا كمثل حبة أنبتت سبع سنابل يف كل سنبلة مائة حبة واهللا يـضاعف ن يشاء واهللا واسع عليم مل الذين ينفقون أمواهلم يف سبيل اهللا ثم ال يتبعون ما أنفقوا منا وال أذى هلـم ) ٢٦١(

أجرهم عند رهبم وال خوف عليهم وال هم حيزنون قول معروف و) ٢٦٢( مغفرة خري من صدقة يتبعها أذى واهللا غني حليم يا أهيا الذين آمنوا ال تبطلوا صدقاتكم باملن واألذى كالذي ينفـق مالـه رئـاء النـاس ) ٢٦٣(

وال يؤمن باهللا واليوم اآلخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فرتكه صلدا ال يقـدرون عـىل يشء مما كسبوا واهللا ال هيدي القوم الكافرين ومثل الذين ينفقون أمواهلم ابتغـاء مرضـات اهللا وتثبيتـا مـن ) ٢٦٤(

بـام تعملـون بـصري أ نفسهم كمثل جنة بربوة أصاهبا وابل فآتت أكلها ضعفني فإن مل يـصبها وابـل فطـل واهللا أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب جتري مـن حتتهـا األ)٢٦٥( هنـار لـه فيهـا مـن كـل الثمـرات

وأصابه الكرب ولـه ذريـة ضـعفاء فأصـاهبا إعـصار فيـه نـار فاحرتقـت كـذلك يبـني اهللا لكـم اآليـات لعلكـم

).١/١٩٩: (بحر العلوم: انظر) ١( ).٣/٤٠: (البحر المحيط) ٢(

٩٩

تتفكرون يا أهيا الذين آمنوا أنفقوا من) ٢٦٦( طيبات ما كسبتم ومما أخرجنـا لكـم مـن األرض وال تيممـوا اخلبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إال أن تغمضوا فيـه واعلمـوا أن اهللا غنـي محيـد الـشيطان يعـدكم ) ٢٦٧(

الفقر ويأمر كم بالفحشاء واهللا يعدكم مغفرة منه وفضال واهللا واسع عليم يؤيت احلكمة من يشاء ومن ) ٢٦٨( يؤت احلكمة فقد أويت خريا كثريا وما يذكر إال أولوا األلباب وما أنفقتم) ٢٦٩( من نفقة أو نذرتم من نـذر

فإن اهللا يعلمه وما للظاملني من أنصار إن تبدوا الصدقات فنعام هي وإن ختفوها وتؤتوها الفقراء فهـو )٢٧٠( خري لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم و اهللا بام تعملون خبري ليس عليك هداهم ولكـن اهللا هيـدي مـن ) ٢٧١(

يشاء وما تنفقوا من خري فألنفسكم وما تنفقون إال ابتغاء وجه اهللا وما تنفقوا من خري يـوف إلـيكم وأنـتم ال تظلمون للفقراء الذين أحرصوا يف سبيل اهللا ال يستطيعون رضبا يف األرض حيسبهم اجلاهل أغنيـاء ) ٢٧٢(

من التعفف تعرفهم بسيامهم ال يسئلون الناس إحلافا وما تنفقوا من خري فإن اهللا به عليم )٢٧٣([

: ويشتمل على أربعة مقاصد

:اإلنفاق في سبيل اهللا وآدابه: المقصد األول

مثل الذين ينفقون أمواهلم يف سبيل اهللا كمثل حبة أنبتت سبع سنابل يف كل [ :يقول تعالى ) ٢٦١(اآلية سنبلة مئ ة حبة واهللا يضاعف ملن يشاء واهللا واسع عليم [

ومثل المؤمنين . ه في سبيل لمنفقين لمضاعفة ثواب ا هذا مثل ضربه اهللا تعالى :التفسير اإلجمالي كمثل حبة زرعت في أرض طيبة، فإذا بها قد أخرجت سـاقا في سبيل اهللا الذين ينفقون أموالهم

واهللا يـضاعف األجـر لمـن ،حدة سنبلة، في كل سنبلة مائة حبةسبع شعب، لكل واتشعب منها وفضل اهللا واسع، وهو سـبحانه ،لمنفق من اإليمان واإلخالص التام يشاء، بحسب ما يقوم بقلب ا

)١( .ومن ال يستحقهعليم بمن يستحقه،

واهللا واسع عليم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ). ٢٤٧(ق تحليلها في اآلية وقد سب)

لما كانت اآلية تحرض على اإلنفاق في سبيل اهللا،و تتحدث عن أجـر المنفـق، :مناسبة الفاصلة ووصوله إلى سبعمائة مثل، ومضاعفته أكثر من ذلك لمن يشاء، فحتى ال يتسرب إلى النفوس أي

واهللا واسـع علـيم(ذرة من شك في ذلك أتبع هذه البشارة بقوله جود علـى مـن ي الملك واسعفهو) .ته يأجره على قدرها، عليم بنيأنفق

).١/٣٦٩،٣٦٨: (تفسير القرآن العظيم، البن كثير: انظر) ١(

١٠٠

:حال المنفق في سبيل اهللا والمنفق في سبيل الشيطان: المقصد الثاني

الذين ينفقون أمواهلم يف سبيل اهللا ثم ال يتبعون مـا أنفقـوا منـ[: يقول تعالى ) ٢٦٣،٢٦٢(اآليتان ا وال أذى هلم أجرهم عند رهبم وال خوف عليهم وال هم حيزنون قول معروف ومغفرة خري مـن صـدقة يتبعهـا *

أذى واهللا غني حليم [

ما أنفقوا من الخيرات عقبوني الخير، ثم ال إال وجه أموالهم ب يقصدون ال الذين :التفسير اإلجمالي منا على من أعطوه وال أذى بقول أو فعل يشعره بالتفضل عليه، لهم ثوابهم العظيم عند ربهـم،

،نون على شيء فاتهم في هذه الدنيا وال خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر اآلخرة، وال هم يحز قة يتبعها من المتصدق سؤال، خير من صد كالم طيب وعفو عما بدر من السائل من إلحاف في ال

)١( .، حليم ال يعاجلهم بالعقوبةمستغن عن الخلق واهللا ،أذى وإساءة

واهللا غنـي حلـيم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة اسمية استئنافية تدل على ثبوت هاتين ) جاء في اللـسان ،تصف بالغنى صفة مشبهة بمن ا :الغني في اللغة ) غني(الصفتين هللا عز وجل، و

وهو الغني المطلـق ال ، الغني هو الذي ال يحتاج إلى أحد في شيء، وكل أحد محتاج إليه " أن )٢(". يشارك اهللا تعالى فيه غيره

).٢٢٥(فقد سبق تحليلها في اآلية ) الحليم ( أما صفة

من واألذى؛ ألنه يبطل ثـواب لما كانت اآلية تنهى المسلم عن إتباع الصدقة بال : مناسبة الفاصلة الصدقة، وأال يوبخ السائل، وأن يحلم ويغفر لمن ألح أو تجهم عليه من السائلين، فناسب أن تكون

غنـي حلـيم(الفاصلة واهللا الغنـى : وكأن اهللا يذكر المؤمن بصفتين عليه أن يتصف بهمـا وهمـا ) )٣(.العفو والصفح عن رعونة بعض السائلينالراجع إليه الترفع عن الشح، والحلم الراجع إليه

يا أهيا الذين آمنوا ال تبطلوا صدقاتكم باملن واألذى كالذي ينفق [: يقول تعالى) ٢٦٥، ٢٦٤(اآليتان ماله رئاء الناس وال يؤمن باهللا واليوم اآلخر فمثله ك مثل صفوان عليه تـراب فأصـابه وابـل فرتكـه صـلدا ال

ال هيدي القوم الكافرين يقدرون عىل يشء مما كسبوا واهللا ومثل الذين ينفقـون أمـواهلم ابتغـاء مرضـاة اهللا * وتثبيتا من أن فسهم كمثل جنـة بربـوة أصـاهبا وابـل فآتـت أكلهـا ضـعفني فـإن مل يـصبها وابـل فطـل واهللا بـام تعملون بصري [

).١/١٦٤: (صفوة التفاسير: انظر) ١( ).٣/٧٣٩: (النهاية في غريب األثر )٢( ).٣/٤٧(: ر والتنويرالتحري: انظر) ٣(

١٠١

ثم خاطب اهللا المؤمنين بوصف اإليمان، ليكون ذلك أدعى للقبول واالمتثـال، :التفسير اإلجمالي واألذى، فهذا شبيه بالذي يخرج ماله ليراه الناس، فيثنوا عليه، وهو ال يـؤمن م المن فحرم عليه

فـال شـديد باهللا وال يوقن باليوم اآلخر، فمثل ذلك مثل حجر أملس عليه تراب هطل عليه مطر ن شـيئا مـن ، فكذلك هؤالء المراؤون تضمحل أعمالهم عند اهللا، وال يجـدو شيء يبقي من أثره

ثم بين اهللا ـ تعـالى ـ ،ن إلصابة الحق في نفقاتهم واهللا ال يوفق الكافري،ى ما أنفقوهالثواب علاعتقادا راسخا بصدق وعده، كمثل بستان عظيم بأرض عالية طيبة هطلت عليـه حال المنفق هللا

أمطار غزيرة، فتضاعفت ثمراته، وإن لم تسقط عليه األمطار الغزيرة فيكفيه رذاذ المطر ليعطي مرة المضاعفة، وكذلك نفقات المخلصين تقبل عند اهللا وتضاعف، قلت أم كثرت، فاهللا المطلـع الث

)١( .على السرائر، البصير بالظواهر والبواطن

واهللا بام تعملون بصري(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ( )٢(.

األول ذو قلب صلد ينفـق مالـه :ن الناسلما كانت اآلية تتحدث عن صنفين م : مناسبة الفاصلة ينفـق ، قلب عامر باإليمان، ندي ببـشاشته ذوالثانيرئاء الناس، وال يؤمن باهللا واليوم اآلخر، و

ابتغاء مرضاة اهللا، فاألول لم يثمر خيرا ولم يعقب مثوبة، بعكس الثاني الذي أحيته الـصدقة ماله ومرد األمر فيه كذلك بصر والبصيرة من جانب، هد مجاال لل ولما كان المش وتضاعف له األجر،

واهللا بام تعملون بـصري(إلى رؤية الله ومعرفته بما وراء الظواهر، جاء التعقيب لمسة للقلوب وفيه ) )٣(. تحذير عن الرئاء وترغيب في اإلخالصأيضا

أيود أحدكم أن تكون [: يقول تعالى ) ٢٦٦(اآلية له جنة من نخيل وأعناب جتري من حتتها األهنـار لـه فيها من كل الثمرات وأصابه الكرب وله ذرية ضعفاء فأصاهبا إعصار فيه نار فاحرتقت كذلك يبـني اهللا لكـم

اآليات لعل كم تتفكرون [

مـن بستانأيحب أحدكم أيها المنفقون في غير مرضاة اهللا تعالى أن يكون له :التفسير اإلجمالي نخيل وأعناب تجري من تحتها األنهار وله فيها من كل الثمرات والحال أنه قد تقدمت به الـسن

هذه الحالة هبت عليه ريح وأصبح شيخا كبيرا، وله أوالد صغار في حاجة إلى هذا البستان وفي

).١/١٥٤،١٥٣: (التفسير الوسيط، للزحيلي: انظر) ١( .٢٣٣البحث، تحليل فاصلة اآلية : انظر)٢( ).١/٣٠٩،٣٠٨: (في ظالل القرآن، لسيد قطب) ٣(

١٠٢

وهكذا حال غير المخلصين في نفقاتهم، يأتون يوم القيامـة وال ؛ شديدة، فيها نار محرقة فأحرقته )١(.كي تتأملوا، فتخلصوا نفقاتكم هللا؛ يبين اهللا لكم ما ينفعكمالتبيين وبمثل هذا ،ة لهمحسن

كـذلك يبـني(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ـرون اهللا لكـم اآليـات لعلكـم تتفك جملـة اسـمية ) )لكـم ( يعود على ما سبق ذكره في السياق من ضرب لألمثـال، )ذلك(استئنافية، واسم اإلشارة

العالمـات :قلت لك، ويبعد فيهـا التعليـل، واآليـات : بيبين، والالم فيها للتبليغ، كقولك : متعلق )٢( . ترجئة للتفكر تحصل عند تبيين اآليات)تفكرونلعلكم ت( ،والدالئل

مـن واألذى فـي أبهـى بعد أن ضرب اهللا مثال لعاقبة أهل الريـاء وذوي ال : مناسبة الفاصلة حتى يكون في المثل عبرة لآلخرين فيضعوا نفقاتهم في المواضع التى يرضاها معارض التمثيل؛

رونك(اهللا مع اإلخالص، فناسب أن تكون الفاصلة ذلك يبني اهللا لكم اآليات لعلكم تتفك أي كهـذا ) البيان الذي فيه تقريب المعقول بالمحسوس بين اهللا نصحا لكم رجاء تفكركم في العواقب حتى ال

)٣(.تكونوا على غفلة

:أصول اإلنفاق: المقصد الثالث

يا أهيا الذ[: يقول تعالى) ٢٦٧(اآلية ين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من األرض وال تيمموا اخلبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إال أن تغمضوا فيه واعلموا أن اهللا غني محيد [

ومما أخرجنـا لكـم مـن ، أنفقوا من جياد أموالكم يا من آمنتم باهللا عز وجل :التفسير اإلجمالي جعلوا صدقتكم منـه خاصـة دون ، فت خبيث الرديء أو الفاسد أو الخاسر وال تقصدوا ال ،األرض

فكيف ترضون هللا ما ،ا تغاضيتم عما فيه من رداءة ونقص ، ولو أعطيتموه لم تأخذوه إال إذ الجيد واعلموا أن اهللا الذي رزقكم غني عن صدقاتكم، مستحق للثناء، محمود في ال ترضونه ألنفسكم؟

)٤( .كل حال

واعلموا أن اهللا غني محيـد( جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة تنبيها على صـفة مـن ) واعلموا) (غني مح( صفات اهللا تعالى أال وهي شمول علمه المطلق بكل شيء، أن اهللا جملة تقريرية مؤكدة ) يـد

والحمـد نقـيض "فعله حمد ) حميد(و) ٢٦٣( اآلية سبق تحليلها في ) غني(و) أن(بحرف التوكيد

).١/٢٥٩: (أيسر التفاسير، للجزائري: انظر) ١( ).٢/١٦٩: (البحر المحيط: انظر)٢( ).٢/٥٢٥: (، التحرير والتنوير)٣/٦٠،٥٩: (رتفسير المنا: انظر) ٣( ).١/١٥٦: (التفسير الوسيط: انظر) ٤(

١٠٣

لـى كـل والحميد بمعنى المحمود ع ومحمدا ومحمدة فهو محمود وحميد، ، وقد حمده حمدا ، الذم .)١("حال

ته في نوعية المنفق، فيجب أن يكـون جاءت اآلية لتبين لنا ما ينبغي مراعا لما :مناسبة الفاصلة اإلنفاق من الكسب الطيب الحالل، وقد نهى أن يكون خبيثا أو من ردئ المال، فـاهللا طيـب ال

واعلموا أن اهللا غنـي محيـد(يقبل إال طيبا، فناسب أن تكون الفاصلة ، محمـود نفقاتكمغني عن أي ) . به عليكمعلى ما أنعم

الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء واهللا يعـدكم مغفـرة منـه وفـضال [: يقول تعالى ) ٢٦٨(اآلية واهللا واسع عليم [

بالمعاصي ويأمركم ، حتى تخرجوا الردىء في الزكاة ، الشيطان يخوفكم بالفقر :التفسير اإلجمالي ، بأن يجازيكم على صدقاتكم بالمغفرة والخلـف ، واهللا يعدكم بأن ال تتصدقوا ،ومخالفة اهللا تعالى

)٢(. ويعلم الغيب والشهادة، ويعلم حيث يضع ذلك، يعطي من سعةالفضل،واهللا واسع

واهللا واسع عليم(جاءت الفاصلة هنا: تحليل الفاصلة ).٢٤٧(وقد سبق تحليلها في اآلية )

، ويحـاول أن له بأن اإلنفاق إفقار لإلنسان الشيطان قد يوسوس بينت اآلية أن :مناسبة الفاصلة في المقابل فـإن اهللا يعـده و بالمعاصي والفحشاء،ه عن اإلنفاق في وجوه الخير ، ويغري هيصرف

بمغفرة وفضل، والفرق بين الوعدين أن وعد الشيطان زيف، ووعد اهللا حقيقة، فناسب أن تـأتي واهللا واسـع علـيم(ى وعد اهللا فكانت الفاصلة مؤكدة عل واسع المغفرة والقدرة على إغنـائكم، : أي)

)٣( . فهو يخلفه عليكمبكل ما تنفقون، عليم ،وإخالف ما تنفقونه

يؤيت احلكمة من يشاء ومن يؤت احلكمة فقد أويت خريا كثري[ :يقول تعالى ) ٢٦٩(اآلية ا وما يـذكر إال أولو األلباب [

، مـن عبـاده من يشاء الحق تعالى التفقه في الدين والتبصر في األمور يؤتي :التفسير اإلجمالي حـاز فقد ومن أنعم اهللا عليه بذلك ،الفهم في كتاب اهللا : وقيل ،اإلصابة في الرأي : الحكمة: وقيل

).٢/٩٨٧: (لسان العرب) ١( ).١/٢٩٧: (معاني القرآن، للنحاس: انظر) ٢( ).٤/٤١٧: (اللباب في علوم الكتاب: انظر) ٣(

١٠٤

وبأحكامه، وأتقن العمل بما أمره اهللا به، فقد صـفا ق العلم باهللا خير الدارين، وال شك أن من حق )١(. صار من أصحاب العقول المستنيرة بنور اهللا وهدايتهوقلبه،

وما يذكر إال أولو األلبـاب(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة اسـتئنافية الغـرض منهـا ) نتفعون من التذكر فيعتبرون هم أولو األلباب، والمراد أصـحاب أي أن الذين ي الحصر والقصر،

.العقول الخالصة النقية

الخير الكثير، فهما ال يفترقان، والعقـل و إن اهللا عز وجل قد قرن بين الحكمة : مناسبة الفاصلة هو السليم هو آلة الحكمة، وهو الذي يحكم بالدليل القاطع في مسائل العلم، فكل حكيم عليم عامل

يتأثر به تـأثرا يبعـث ومصدر للخير الكثير، وقد جرت سنة اهللا ـ تعالى ـ بأنه ال يتعظ بالعلم وما يـذكر إال أولـو (على العمل إال أصحاب العقول الخالصة من الشوائب، فناسب أن تكون الفاصلة

األلباب .(

وما أنفقتم[ :يقول تعالى ) ٢٧١، ٢٧٠(اآليتان من نفقة أو نذرتم من نذر فإن اهللا يعلمه وما للظـاملني من أنصار إن تبدوا الصدقات فنعام هي وإن ختفوهـا وتؤتوهـا الفقـراء فهـو خـري لكـم ويكفـر عـنكم مـن * سيئاتكم و بام تعملون خبري اهللا [

من مال أو غيره كثير أو قليل تتصدقون به ابتغاء مرضـات اهللا أو بذلتم وما :التفسير اإلجمالي وليس لمن منع الزكـاة ، ويجازيكم عليهأوجبتم على أنفسكم شيئا من مال أو غيره، فإن اهللا يعلمه

إن تظهـروا مـا ، مـن عـذاب اهللا نعهميم أو صرف المال في معاصي اهللا من معين أو نصير ويزيـل ؛تتصدقون به هللا فنعم ما تصدقتم به، وإن تسروا بها، وتعطوها الفقراء فهذا أفضل لكـم

)٢( .، ال يخفى عليه شيء من أحوالكممطلع على أعمالكم واهللا بجميل أعمالكم سئ آثامكم

بام تعم(جاءت الفاصلة هنا: تحليل الفاصلة واهللا لون خبري ( )٣( .

لما كان اإلسالم يحث على إخالص النية في كل أمر حتى ال يـضيع األجـر، : مناسبة الفاصلة يقتدي الناس بـه، لولما كان من األفضل في بعض األحيان أن يبدي اإلنسان صدقته وال يخفيها،

كون األفضل له أو يكون غنيا ويريد أن يحمي عرضه من وقوع الناس فيه، وفي أحيان أخرى ي

).١/٣٥٠: (البحر المديد، البن عجينة: انظر) ١( ).١/١٦٧: (رصفوة التفاسي: انظر) ٢( .٢٣٤البحث، تحليل فاصلة اآلية : انظر)٣(

١٠٥

واهللا بـام (أن يخفيها، فالمهم في كال الحالتين أال يكون في ذهنه رياء، فناسب أن تكـون الفاصـلة تعملون خبري )١( . أي أن اهللا يجازي على قدر نية العبد في اإلبداء أو في اإلخفاء)

:صفات المستحقين للصدقة:المقصد الرابع

للفقراء الذين أحرصوا[: يقول تعالى) ٢٧٣(اآلية يف سبيل اهللا ال يستطيعون رضبا يف األرض حيسبهم به اجلاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيامهم ال يسألون الناس إحلافا وما تنفقوا من خري فإن اهللا عليم [

فقد بين تعالى فيها أفضل جهة ينفق فيها المال ، وهي فقراء المهاجرين الذين :التفسير اإلجمالي في األرض للتجارة وال السفر ال يستطيعون ،أخرجوا من ديارهم وأموالهم وأحصروا في المدينة

رفهم بعالمـاتهم لتعففهم عن السؤال، تع ؛ للعمل، يظنهم من ال يعرفهم غير محتاجين إلى الصدقة ومـا الـسؤال، وآثار الحاجة فيهم، ال يسألون الناس بالكلية، وإن سألوا اضطرارا لم يلحوا في

تنفقوا من مال في سبيل اهللا فال يخفى على اهللا شيء منه، والزمه أن يثيبكم عليه أحـسن ثـواب )٢( .فابشروا واطمأنوا

فإ(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ن اهللا به عليم ).٢١٥(وقد سبق تحليله في اآلية ) لما كانت اآلية تتحدث عن التصدق على الفقراء الموصوفين بهذه األوصـاف :مناسبة الفاصـلة

الكاملة، وكان هذا من أعظم وجوه اإلنفاق، أتبعه بما يدل علـى عظمـة ثوابـه حتـى يرغـب فـإن اهللا بـه علـيم: (نفوسهم فقالالمسلمين في فعله، ويكون أعظم وقعا على بمعنى أال يكفيـك أن )

)٣(. يكون اهللا شاهدا على طاعتك

).٢/١١٦٨،١١٦٧: (تفسبر الشعراوي: انظر) ١( ).١/٢٦٦: (أيسر التفاسير،للجزائري: انظر) ٢( ).٧/٧٣: (مفاتيح الغيب: انظر) ٣(

١٠٦

):٢٨١ -٢٧٥:(المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: الثامنالمقطع :آيات المقطع الثامن

الذين يأكلون الربا [ ال يقومون إال كام يقوم ال ذي يتخبطه الشيطان من املس ذلك بأهنم قالوا إنام البيع مثـل الربا وأحل اهللا البيع وحرم الربا فمن جـاءه موعظـة مـن ربـه فـانتهى فلـه مـا سـلف وأمـره إىل اهللا ومـن عـاد

فأ ولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق اهللا الربا ويريب الصدقات واهللا ال حيب كل كفار أثيم ) ٢٧٥( إن الذين آمنوا وعملوا الصاحلات وأقاموا الصالة وآتوا الزكـاة هلـم أجـرهم ع) ٢٧٦( نـد رهبـم وال خـوف

عليهم وال هم حيزنون يا أهيا الذين آمنوا اتقوا اهللا وذروا ما بقي مـن الربـا إن كنـتم مـؤمنني ) ٢٧٧( )٢٧٨ (فإن مل تفعلوا فأذنوا بحرب من اهللا ورسوله وإن تب تم فلكم رؤس أموالكم ال تظلمون وال تظلمون )٢٧٩(

وإن كان ذو عرسة فنظرة إىل ميرسة وأن تصدقوا خري لكم إن كنتم تعلمون واتقوا يوما ترجعون فيه ) ٢٨٠( إىل اهللا ثم توىف كل نفس ما كسبت وهم ال يظلمون )٢٨١([

: التحذير من الربا والحث على الصدقة: ويشتمل على مقصد واحد وهو

الذين يأكلون الربا ال يقومون إال كام يقوم الذي يتخبطه الشيطان من املس[: يقول تعالى ) ٢٧٥(اآلية ذلك بأهنم قالوا إنام البيع مثل الربا وأحل اهللا البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف

وأمره إىل اهللا ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خا لدون [

ال يقومون في اآلخرة -وهو الزيادة على رأس المال -لذين يتعاملون بالربا ا :التفسير اإلجمالي إنما البيـع : ذلك ألنهم قالوا؛ له الشيطانوتخبط المصروع حال صرعه من قبورهم إال كما يقوم

تراضهم علـى أي جوزوا بذلك الع مثل الربا، في أن كال منهما حالل، ويؤدي إلى زيادة المال، لما في البيع والشراء من نفع ؛ فأكذبهم اهللا، وبين أنه أحل البيع وحرم الربا أحكام اهللا في شرعه،

فمن بلغه نهي اهللا عـن الربـا ، وضياع وهالك لألفراد والجماعات، ولما في الربا من استغالل إثم عليه فيـه، وأمـره ، فله ما مضى قبل أن يبلغه التحريم ال حال وصول شرع اهللا إليه فارتدع

إلى اهللا فيما يستقبل من زمانه، فإن استمر على توبته فاهللا ال يضيع أجر المحسنين، ومـن عـاد إلى الربا ففعله بعد بلوغه نهي اهللا عنه، فقد استوجب العقوبة، وقامت عليه الحجة، ولهـذا قـال

)١(. )دونفأولئك أصحاب النار هم فيها خال( :سبحانه

).١/٣٨٠،٣٧٩: (تفسير القرآن العظيم، البن كثير: انظر) ١(

١٠٧

هم فيها خالـدون(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة جملة اسمية، جاء المبتدأ ضميرا منفـصال ) خبر المبتدأ يفيـد تأكيـد ) فيها خالدون( و، وهو عائد على الذين يستحلون الربا بعد تحليله، )هم(

.الخلود في النار وعدم الخروج منها

إنما البيع مثـل : (اآلية تتحدث عن أناس أرادوا أن يحللوا الربا فقالوا لما كانت :مناسبة الفاصلة ، ومن المعروف أن حكم من ناقش في تحريم الربا وأراد أن يحلله، وعـاد إليـه بعـدما ) الربا

حرمه اهللا فقد خرج عن دين اإلسالم، ومن خرج عن اإلسالم فله الخلود في النـار، فناسـب أن م فيها خالدونه(تكون الفاصلة .(

يـا أهيـا الـذين آمنـوا اتقـوا اهللا وذروا مـا بقـي مـن الربـا إن كنـتم [: يقول تعالى ) ٢٨١ـ ٢٧٨(اآليات مـؤمنني فــإن مل تفعلـوا فــأذنوا بحــرب مـن اهللا ورســوله وإن تبــتم فلكـم * رءوس أمــوالكم ال تظلمــون وال

تظلمون وإن كـان ذو عـرسة فنظـرة إىل ميـرسة وأن تـصدقوا خـري لكـم إن كنـتم تعلمـون * واتقـوا يومـا * ترجعون فيه إىل اهللا ثم توىف كل نفس ما ك سبت وهم ال يظلمون [

اهللا تعالى عباده المؤمنين آمرا إياهم بتقواه تعالى، وذلك بطاعته وترك ينادي :التفسير اإلجمالي فـإن لـم ،معصيته، وبالتخلي عما بقي عند بعضهم من المعامالت الربوية مذكرا إياهم بإيمانهم

ه، وإن تبتم بترك الربا فلكم رؤوس أموالكم قاسية ضروس من اهللا ورسول ب بحر ستيقنواتفعلوا فا وإن وجد مدين لكم في حالة ،ة، وال تظلمون بنقص من رأس مالكم ال تظلمون بأخذ زياد ،ال غير

أن تتصدقوا بالتنازل عن ديونكم كلها تطهيرا ألمـوالكم وإعسار فالواجب انتظاره إلى ميسرته، يوما - أيها الناس - واحذروا هو أفضل لكم، لسيئةالتي المسها الربا وتزكية ألنفسكم من آثاره ا

ترجعون فيه إلى اهللا، وهو يوم القيامة، حيث تعرضون على اهللا ليحاسبكم، فيجازي كـل واحـد وفي اآلية إشارة إلى أن اجتناب ما حـرم اهللا ،له ظلم منكم بما عمل من خير أو شر دون أن ينا )١( .ه من إقام الصالة وإيتاء الزكاة وعمل الصالحاتمن المكاسب الربوية، تكميل لإليمان وحقوق

واتقوا يوما ترجعون فيه إىل اهللا ثم توىف كل نفس ما كسبت وهم ال (جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة

يظلمـون على المفعول )يوما(انتصب و، بفتح التاء والباقون بضم التاء } ترجعون{قرأ أبو عمرو ) ) ما كـسبت ( ، المراد يرجعون إلى ما أعد اهللا لهم من ثواب أو عقاب )ترجعون فيه إلى اهللا (به، أن المكتسب هو ذلك الجزاء، : والثاني ،أن فيه حذفا والتقدير جزاء ما كسبت : وجهان األول فيها

).١/٢٧٢،٢٧١: (لجزائريأيسر التفاسير، ل: انظر) ١(

١٠٨

فهو مالك الخلق ، والمالك إذا اهللا عز وجل، جملة تقريرية تؤكد نفي الظلم عن ) وهم ال يظلمون ( )١(. تصرف في ملكه كيف شاء وأراد لم يكن ظلما

يـا أهيـا الـذين آمنـوا اتقـوا اهللا وذروا( بدأ اهللا عز وجل اآليات بالترغيب : مناسبة الفاصلة ثـم ) ...فإن مل تفعلوا فأذنوا بح( أتبعها بالترهيب رب من اهللا ورسوله ثم دعـاهم إلـى التوبـة مـن اإلثـم )

والخطيئة واسترداد رأس المال مجردأ، ثم دعا الدائن إلى اإلنظار إلى ميسرة إذا كـان المـدين معسرا، والتحبيب في التصدق به لمن يريد مزيدا من الخير، فناسب أن تأتي بعد هـذه األحكـام

واتقـوا يومـا ترجعـون فيـه إىل اهللا ثـم تـوىف كـل (رغيب، فكانت الفاصلة خاتمة تجمع بين الترهيب والت

نفس ما كسبت وهم ال يظلمون )٢(. ما نهي عنه، وترغيبا في فعل ما أمر بهفعلترهيبا من )

):٢٨٤ -٢٨٢:(المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: التاسعالمقطع :آيات المقطع التاسع

يا أهيا الذين آمنوا [ إذا تداينتم بدين إىل أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل وال يـأب كاتـب أن يكتب كام علمه اهللا فليكتب وليملل الذي عل يه احلق وليتق اهللا ربه وال يبخس منـه شـيئا فـإن كـان الـذي

عليه احلق سفيها أو ضعيفا أو ال يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن مل يكونا رجلني فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحدامها فتذكر إحدامها األخـرى وال

يأب الشهداء إذا ما دعوا وال تسئموا أن تكتبوه صغريا أو كبريا إىل أجله ذلك م أقسط عند اهللا وأقوم للشهادة وأدنى أال ترتابوا إال أن تكون جتارة حارضة تديروهنا بينكم فليس علـيكم جنـاح أال تكتبوهـا وأشـهدوا إذا

تبايعتم وال يضار كاتب وال شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا اهللا ويعلمكم اهللا واهللا بكل يشء علـيم وإن كنتم عىل سفر ومل جتدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤمتـن ) ٢٨٢( أمانتـه

وليتق اهللا ربه وال تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه واهللا بام تعملون عليم هللا ما يف الساموات ) ٢٨٣( وما يف األرض وإن تبدوا ما يف أنفسكم أو ختفوه حياسب كم به اهللا فيغفر ملن يشاء ويعذب منيشاء واهللا عىل كل

يشء قدير )٢٨٤([

).٧/٩٢،٩١: (مفاتيح الغيب: انظر) ١( ). ١/٣٣٢،٣٣١: (في ظالل القرآن ).٣/٩٧: (التحرير والتنوير: انظر) ٢(

١٠٩

: ويشتمل على ثالثة مقاصد

: الدينأحكام: المقصد األول

يا أهيا الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إىل[ :يقول تعالى ) ٢٨٢(اآلية أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بيـنكم كاتب بالعدل وال يأب كاتب أن يكتب كام علمه اهللا فليكتـب وليملـل الـذي عليـه احلـق وليتـق اهللا ربـه وال

يبخس منه شيئا فإن كان الذ ي عليه احلق سفيها أو ضعيفا أو ال يـستطيع أن يمـل هـو فليملـل وليـه بالعـدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن مل يكونا رجلني فرجل وامرأتان ممـن ترضـون مـن الـشهداء أ ن تـضل

إحدامها فتذكر إحدامها األخرى وال يأب الـشهداء إذا مـا دعـوا وال تـسأموا أن تكتبـوه صـغريا أو كبـريا إىل أجله ذلكم أقسط عند اهللا وأقوم للشهادة وأدنى أال ترتاب وا إال أن تكون جتارة حارضة تديروهنا بينكم فليس

عليكم جناح أال تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم وال يضار كاتب وال شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا اهللا ويعل مكم اهللا واهللا بكل يشء عليم [

ليكون ذلـك أحفـظ وأوثـق لمقـدارها ؛ فاكتبوه مؤجلإذا تعاملتم بدين أي :التفسير اإلجمالي وليقم بالكتابة رجل أمين ضابط، وال يمتنع من علمه اهللا الكتابة عن ذلك، وليقم المـدين وميقاتها،

يا عليه ، شيئا الحق ربه، وال ينقص من يخشن، ول بإمالء ما عليه من الدفإن كان المدين محجور لتبذيره وإسرافه، أو كان صغيرا أو مجنونا، أو ال يستطيع النطق لخرس به أو عدم قدرة كاملـة على الكالم، فليتول اإلمالء عن المدين القائم بأمره، واطلبوا شهادة رجلين مسلمين بالغين عاقلين

فإن لم يوجد رجالن، فاطلبوا شهادة رجل وامرأتين ترضون شهادتهم، حتى إذا ، العدالة أهل مننسيت إحداهما ذكرتها األخرى، وعلى الشهداء أن يجيبوا من دعاهم إلى الشهادة، وعليهم أداؤها

ذلكم أعدل في شرع ،لومليال أو كثيرا إلى وقته المع إذا ما دعوا إليها، وال تملوا من كتابة الدين ق الشك في جنس الدين وقدره اهللا وهديه، وأعظم عونا على إقامة الشهادة وأدائها، وأقرب إلى نفي

لكن إن كانت المسألة مسألة بيع وشراء، بأخذ سلعة ودفع ثمنها في الحال، فال حاجة إلى ،وأجلهمن الواجب على الشاهد والكاتب أداء الكتابة، ويستحب اإلشهاد على ذلك منعا للنزاع والشقاق، و

وال يجوز لصاحب الحق ومن عليه الحـق اإلضـرار ،على وجهها والكتابة كما أمر اهللا الشهادة بالكتاب والشهود، وكذلك ال يجوز للكتاب والشهود أن يضاروا بمـن احتـاج إلـى كتـابتهم أو

وراقبوه يمنحكم العلـم ة اهللا، وخافوا اهللا شهادتهم، وإن تفعلوا ما نهيتم عنه فإنه خروج عن طاع )١(. النافع الذي به سعادة الدارين، واهللا عالم بالمصالح والعواقب فال يخفى عليه شئ من األشياء

).١/١٧٣،١٧٢: (صفوة التفاسير: انظر) ١(

١١٠

واتقوا اهللا ويعلمكم اهللا واهللا بكل يشء عليم(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة مـر أ) واتقوا اهللا( )تذكير بنعمة اإلسالم، وجـئ ) ويعلمكم اهللا ( بالتقوى ألنها مالك الخير، وبها يكون ترك الفسوق،

بالمضارع للداللة على االستمرارية، وفي عطفه على األمر بالتقوى إيماء إلى أن التقوى سـبب في الجمـل ) اهللا(ة وإظهار اسم الجالل ،"ليعلمكم"ن الواو فيه للتعليل أي حتى قيل إ ،إفاضة العلوم

ن إلظهار اسـم حتاجة إلى غيرها في فهمها، وقيل إ الثالث لتكون كل منها مستقلة الداللة، غير م )١(. الجاللة نكتة أخرى وهي التهويل

، تعظيمـا للمقـام وتعميمـا للتعلـيم ؛وأظهر االسم الشريف هنا وفي الذي بعده : "يقول البقاعي وهذا الختم جامع لبشرى التعليم ونذارة )بكل شيء عليم (طة الكاملة أي الذي له اإلحا ) واهللا:(فقال

)٢(". التهديدوكيف أن اهللا عـز لما كانت اآلية الكريمة تتحدث عن األحكام الخاصة بالدين، :مناسبة الفاصلة

لكثـرة المـشاكل و وجل قد علمنا إياها خطوة تلو خطوة؛ وذلك ألهمية هذه المعاملة بين الناس، تترتب على هذه المعاملة إن لم تتبع الخطوات الصحيحة عند االستدانة، وعلى كال الطرفين التي

أن يكون على علم بتلك الخطوات حتى يتجنب كل منهما حيل اآلخر، وألهمية تلك اإلرشـادات واتقوا اهللا ويعلمكـم اهللا واهللا بكـل يشء علـ(ناسب أن يختم اآلية وفي ذلك حث على التقوى، ألنها ) يم

. تفتح القلوب للمعرفة، وتلهمها علم اهللا الذي هو بكل شئ عليم :الرهن واالئتمان: المقصد الثاني

وإن كنتم عىل سفر ومل جتدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعـضكم بعـ[ :يقول تعالى ) ٢٨٣(اآلية ضا فليؤد الذي اؤمتن أمانته وليتق اهللا ربه وال تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه واهللا بام تعملون عليم [

الحق شـيئا وإن كنتم مسافرين ولم تجدوا من يكتب لكم فادفعوا إلى صاحب:التفسير اإلجمـالي يكون عنده ضمانا لحقه إلى أن يرد المدين ما عليه من دين، فإن صدف أن ائتمن شخص غيـره

ن يؤدي األمانة كاملة في ميعادها، وليتق اللـه ربـه، أ شي ء من غير رهن، فعلى المؤتمن علىـ ،ا، وكفى باهللا شاهدا وحسيب فال يخون في األمانة، فاهللا هو الشاهد الرقيب عليه ان ويحـرم كتم

ن كـتم الـشهادة ، وم الشهادة وشهادة الزور من الكبائر ، وكتمان الشهادة على الديون أو الحقوق ، واهللا المطلع على السرائر، المحيط علمه بكل أمـوركم، سيحاسـبكم علـى فإنه عاص آثم قلبه

)٣(.ذلكواهللا بام تعملون ع(جاءت الفاصلة هنا : تحليل الفاصلة ليم جملة استئنافية تفيد بأن علم اهللا يـشمل )

).١٨١(في اآلية ) العليم(كل شئ، وقد سبق تحليل صفة

).٣/١١٨: (التحرير والتنوير: انظر) ١( ).١/٥٤٩: (نظم الدرر) ٢( ).١/١٦٥: (انظر التفسير الوسيط) ٣(

١١١

تحدثت اآلية عن الدين في أثناء السفر، وأحيانا يكون من الصعب أن تجد كاتبا : مناسبة الفاصلة على ذلك اك دليل ذلك، فعندها ال يكون هن أثناء السفر ، فيكون الدين عندها مشافهة وبشهود على

الدين إال أمانة المدين أو شهادة الشهود، فأمر المدين بتقوى اهللا وأداء األمانة، ونهى الشهود عـن بام تعملـون علـيم(كتم الشهادة، وحذر من كتمانها، فناسب أن تكون الفاصلة واهللا وهو تحذير مـن )

، فإنـه ما كتم في قلبـه أنه ال يعزب عن علم اهللا اإلقدام على هذا الكتمان ، ألن المكلف إذا علم )١(.يعلم أنه تعالى يحاسبه على كل تلك األفعال ، ويجازيه عليها إن خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا

:من أدلة القدرة اإللهية: المقصد الثالث

هللا مـا يف الـساموات ومـا يف األر[: يقـول تعـالى ) ٢٨٤(اآلية ض وإن تبـدوا مـا يف أنفـسكم أو ختفـوه حياسبكم به اهللا فيغفر ملن يشاء ويعذب من يشاء واهللا عىل كل يشء قدير [

وما تظهروه مما ، ، ال يخفى عليه شيء ن هللا ملك السماوات واألرض وما فيه :التفسير اإلجمالي واهللا ، فيعفو عمن يشاء، ويؤاخذ مـن يـشاء أنفسكم أو تخفوه فإن اهللا يعلمه، وسيحاسبكم به، في

قادر على كل شيء، وقد أكرم اهللا المسلمين بعد ذلك فعفا عن حديث النفس وخطرات القلب مـا )٢( .لم يتبعها كالم أو عمل، كما ثبت ذلك عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

واهللا عىل كل يشء قدير(اءت الفاصلة هنا ج: تحليل الفاصلة جملة استئنافية، وسبق تحليل صـفة ). ).٢٥٩(في اآلية ) قدير(

لما تحدثت اآلية عن محاسبة اهللا لنا على كل شئ نبديه أو نخفيه إذا كان هناك : مناسبة الفاصـلة بالعابد هللا، فإن شـاء أمر متعلقعها اهللا عز وجل بأن المغفرةقصد وعزم على تنفيذ األمر، ثم أتب

عـذب وهـذا أمـر ال ي أن اء وإن ش أن يغفر له اهللا فليفعل أسباب المغفرة وليكثر من الحسنات، وهذه المسألة تجعلنا نعرف أن الحق سبحانه وتعالى حين يطلب ، الحسنات يعمل فال عاقليشاؤه

، فناسـب أن فنحن نتلقى منه زمام االختيـار وبمجرد إيماننا به، اإليمان به فإنه يملكنا الزمام مناواهللا عىل كـل يشء قـدير( تكون الفاصلة وال كمـال أعلـى ، كامل القـدرة سبحانه وتعالى أنهأي )

يجب على كل عاقل أن يكون عبـدا منقـادا لـه ف ،وأعظم من حصول الكمال في هذه الصفات )٣(.ونواهيه محترزا عن سخطه ،خاضعا ألوامره ونواهيه

).٧/١٠٧: (مفاتيح الغيب) ١( ).١/٣٩٤،٣٩٣،٣٩٢: (تفسير القرآن العظيم، البن كثير: انظر) ٢( ).٧/١١٠: (مفاتيح الغيب). ٢/١٢٣٥: (لشعراويتفسير ا: انظر) ٣(

١١٢

):٢٨٦ - ٢٨٥:(المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: العاشرالمقطع :آيات المقطع العاشر

آمن الرسول بام أنزل إليه من ربه واملؤمنون كل آمن باهللا ومالئكتـه وكتبـه ورسـله ال نفـرق بـني أحـ[ د مـن

رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك املصري ال يكلف اهللا نفسا إال وسعها هلا مـا كـسبت )٢٨٥( ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا وعليها ما اكتسبت ربنا وال حتمل علينـا إرصا كـام محلتـه عـىل الـذين مـن

قبلنــا ربنــا وال حتملنــا مــا ال طاقــة لنــا بــه واعــف عنــا واغفــر لنــا وارمحنــا أنــت موالنــا فانــرصنا عــىل القــوم الكافرين )٢٨٦([

: أركان اإليمان ويسر التكاليف الشرعية: مقصد واحد وهوويشتمل على

آمن الرسول بام أنزل إليه من ربه واملؤمنون كل آمن باهللا ومالئكته وكتبه ورسـله [ )٢٨٦،٢٨٥(اآليتان ال نفرق بني أحد من رسله وقالوا س معنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك املصري ال يكلف اهللا نفسا إال وسعها *

هلا ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا وال حتمل علينا إرصا كام محلته عـىل الذين من قبلنا ربنا وال حتملنا ما ال طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارمحنا أنت موالنا فانـرصنا عـىل القـوم

الكافرين [ كـذلك وحي ووال أنزل إليه من القرآن ما صدق محمد صلى اهللا عليه وسلم ب :التفسير اإلجمالي

، ال نؤمن ببعضهم وننكـر وكتبه ورسله تهمالئكآمن بالمؤمنون، كل منهم صدق باهللا ربا وإلها، و سمعنا يا ربنا ما أوحيت به، وأطعنا في : وقال الرسول والمؤمنون . بعضهم، بل نؤمن بهم جميعا

-ت الذي ربيتنا بما أنعمت بـه علينـا، وإليـك ذنوبنا، فأن -بفضلك-كل ذلك، نرجو أن تغفر خيرا، ومـن ، فال يطلب اهللا من عباده ما ال يطيقونه، فمن فعل خيرا نال اآبن مرجعنا وم -وحدك

ربنا ال تعاقبنا إن نسينا شيئا مما افترضته علينا، أو أخطأنا في فعـل شـيء ،فعل شرا نال شرا فنا من األعمال الشاقة ما كلفته من قبلنا من العصاة عقوبة لهم، ربنا نهيتنا عن فعله، ربنا وال تكل

وال تحملنا ما ال نستطيعه من التكاليف والمصائب، وامح ذنوبنا، واستر عيوبنا، وأحـسن إلينـا، أنت مالك أمرنا ومدبره، فانصرنا على من جحدوا دينك وأنكروا وحدانيتك، وكذبوا نبيك محمـدا

)١( . عليه وسلمصلى اهللا

).١/١٧٥: (صفوة التفاسير: انظر) ١(

١١٣

إن هاتين اآليتين اللتين تمثالن تلخيصا وافيا ألعظم قطاعـات الـسورة :مناسبة اآليتين للسورة تصلحان أن تكونا تذييال للسورة جميعها ذات الموضوعات الكبيرة، والتي تمثل قطاعـا ضـخما

ا فـي الوجـود، رحيبا من قواعد التصور اإليماني، وصفة الجماعة المؤمنة ومنهجها، ودوره ووموقف أعدائها منها، والتي شرحت طبيعة دور اإلنسان في األرض، ممثلة في تاريخ البـشرية

.وقصصها الواقعي

ذلـك الكتـاب ال ريـب *امل( :فقد ختمت السورة بختام يتناسق مع بداية السورة، فبدأت بقوله تعالى فيه هدى للمتقني الذين يؤمن* فقون ون بالغيب ويقيمون الصالة ومما رزقناهم ين والذين يؤمنون بام أنـزل *

إليك وما أنزل من قبلك وباآلخرة هم يوقنون آمن الرسول بام أنزل إليه مـن ربـه( :وختمت بقوله تعالى) واملؤمنون كل آمن باهللا ومالئكته وكتبه ورسله ال نفرق بني أحد من رسله ....(

في التي تخص األمة اإلسالمية تشريعاتالتكاليف و الالكثير من على في ثناياها السورة واشتملت ، إسرائيل عـن تكـاليفهم وتـشريعاتهم ول بني كما ورد فيها الكثير عن نك جميع نواحي الحياة،

، عنهـا بني إسـرائيل نكولبين بالتكاليف و المسلمين بين نهوض الفرق السورة في ختام يأتي و -، وأنه كذلك ال يحابيهـا ت هذه األمة وال إثقالها ال يريد إعنا - سبحانه -أن الله ب والذي يبين

ال يكلف اهللا نفسا إال وسعها ، هلا ما كسبت وعليهـا (: وال يتركها سدى -كما زعمت يهود عن ربها ما اكتسبت (.

وما كلفهـم مـن التي قابلوا فيها النعمة بالجحود، السورة بعض قصص بني إسرائيل تخللوقد فتوبوا إىل بارئكم فاقتلوا أنفـسكم(: كفارات بلغ بعضها حد القتل الـدعاء المقابل يكـون وفي.. )

نسينا أو أخطأنا( : في ختام السورة الخاشع من المؤمنين ربنا ال تؤاخذنا إن ربنا وال حتمل علينا إرصا . كام محلته عىل الذين من قبلنا ربنا وال حتملنا ما ال طاقة لنا به. واع. ف عنا واغفر لنا وارمحنا ...(

باسـتمداد وهي تختم في ثنايا السورة، على المؤمنين القتال واإلنفاق في سبيل الله اهللا وقد فرض : على عـدوهم حين يلصقون ظهورهم إلى ركن اهللا ويطلبون نصرته ،ربهم العون من المؤمنين

أنت موالنا فانرصنا عىل القوم( الكافرين (.

)١(. األصيل السورة خط مع يتناسق الذي الختام إنه

).١/٢٤٠،٢٣٩: (في ظالل القرآن، لسيد قطب: انظر )١(

ثالثل الـالفص

:وفيه مبحثان

اآلياتفواصل بالغية في الظواهر ال: المبحث األول

تملة على أسماء اهللا الحسنى الفواصل المش: المبحث الثاني

١١٥

المبحث األول الظواهر البالغية في فواصل اآليات

:ويشتمل على أربعة مطالب

التأكيد: المطلب األول التقديم والتأخير: الثانيالمطلب اإلظهار في موضع اإلضمار: الثالثالمطلب االستفهام: الرابعالمطلب

١١٦

المبحث األول في فواصل اآلياتبالغية الظواهر ال

:التأكيد: المطلب األولإن التوكيد هو علم عظيم الشأن، كثير الفائدة، وهو أحد أساليب البالغة التي تزيد المعنى قوة

أهـم مباحـث من أكيد من حيث كونه ع أهمية التتنبورصانة، وهو من أهم مباحث علم المعاني، اعلـم أن التأكيـد : " فع، وفي ذلك يقول العلوي ، العظيم الن أنعلم المعاني، ذاك العلم الجليل الش

تمكين الشيء في نفسه، وتقوية أمره، وفائدته إزالة الشكوك، وإماطة الشبهات عما أنت بـصدده، )١("وهو دقيق المأخذ، كثير الفوائد

ر األمر له عالقة بما ق وإن ،التوثيق من قدر إلى حاجة في تصير تتردد حين النفسوإن فيعتمد إقناع المخاطب حينئذ على قوة في ذهن المخاطب، من قوة في المعنى، أو تردد أو إنكار،

.العبارة وتوكيدها بأحد المؤكداتوهذا التوكيد يختلف قلة وكثرة على وفق أحوال اإلنكـار، ألن ": يقول محمد أبو موسى

له، فال مفر من أن تكون قـوة وظيفة الخبر حينئذ هي تثبيت هذا المعنى في تلك النفس الرافضة .)٢("العبارة، ووثاقتها مالئمة لحال النفس قادرة على اإلقناع

رفإن كان إنكاره إنكـا على حسب أحوال المنكرين، اآلياتفواصل وكيد في الت وقد جاء مستحكما تضاعفت عناصر التوكيد بمقـدار تـصاعد إنكاره أكد بمؤكد واحد، وإن كان المتردد، فال مفر من عند من يرفض الخبر حينئذ هي تثبيت هذا المعنى التوكيدنكار؛ ألن وظيفة حالة اإل

. من القوة بحيث تقنع المخاطبأن تكون العبارةى فـي ك في األول تبتدئ به المعن ألن ؛سمية واضحة الت ومناسبة": يقول محمد أبو موسى

)٣("ه إنكاراواجالث ت للخبر، والثبة طالفسلن ا وكأن،ه به تردداواجاني تفس، والثالن واحد، كـان فـي ددة بمؤكجاءت مؤكفواصل آلخر، فهناك أكيد من موقعالتاختلف وقد

وحرف )إن(دة ب أو مؤك ،) والالم إن(ينداشتملت على مؤك فواصل ، وهناك )إن(الغالب الحرف ).أال(االستفتاح

إلى نهاية السورة فوجدت التوكيد فـي ) ١٤٢(فواصل سورة البقرة من اآلية وقد تتبعت سبعة وأربعين فاصلة من إجمالي فواصلها التي بلغت مائة وخمسة فواصل، وقد قسمت الفواصل

:المشتملة على التوكيد إلى أربعة أقسام، وهي على النحو التالي

). ٢/١٧٦: (ليحيى بن حمزة العلوي، من ألسرار البالغة وعلوم حقائق اإلعجاز المتضالطراز) ١( ). ٤٨: (لمحمد أبو موسىخصائص التراكيب دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني، )٢( ).٥١: (المرجع السابق )٣(

١١٧

): إن ، أن( التأكيد بـ-١ )هر في صالحيته للت اشت الذي العربيةأحد حروف وهو )إن أكيد في م عجز عنـه واطن ي

ـ ل ذلك رأي فيها سواه، من أج نحس، وال ي هاغير وكيـد فـي واطن الت نا من خالل استعراضنا لم كريمات، وهي بذلك كانـت األكثـر آياتللثالثين فاصلة دةمؤكبمفردها ها جاءت ، أن الفواصل أو ،وكيـد األخـرى لت أعلى رقم من حيث استخدامها، بالمقارنة مع حروف الت وسج ،استخداما

. المختلفةطرقه ووسائله ):إن ، أن(والجدول التالي يبين الفواصل المؤكدة بـ

رقم اآلية الفاصلة مسلسل١ يرقد ءلى كل شياهللا ع ١٤٨ إن ٢ ابرينالص عاهللا م ١٥٣ إن ٣ يملع راهللا شاك ا فإنرخي عتطو نم١٥٨ و ١٦٥ وأن اهللا شديد العذاب ٤٥ يمحر اهللا غفور ١٧٣ إن ٦ يملع يعماهللا س ١٨١ إن ٧ يمحر اهللا غفور ١٨٢ إن ٨ ينتدعالم بحاهللا لا ي ١٩٠ إن ٩ ينتقالم عاهللا م وا أنلماع١٩٤ و

١٠ يننسحالم بحاهللا ي ١٩٥ إن ١٩٦ واعلموا أن اهللا شديد العقاب ١١١٢ يمحر اهللا غفور وا اهللا إنرتغفاس١٩٩ و ١٣ ونشرتح هإلي وا أنكملماع٢٠٣ و نه لكم عدو مبنيإ ١٤ ٢٠٨ ١٥ يمكح زيزاهللا ع وا أنلم٢٠٩ فاع ٢١٠ فإن اهللا شديد العقاب ١٦١٧ يملع اهللا به ر فإنخي نلوا ما تفعم٢١٥ و ١٨ يمكح زيزاهللا ع ٢٢٠ إن ٢٢٢ ين ويحب المتطهرينإن اهللا يحب التواب ١٩٢٠ يمحر اهللا غفور ٢٢٦ فإن ٢١ يملع يعماهللا س ٢٢٧ فإن

١١٨

رقم اآلية الفاصلة مسلسل٢٢ يملع ءبكل شي الله وا أنلماعو اتقوا الله٢٣١ و ٢٣ يرصب لونما تعاهللا بم وا أنلماع٢٣٣ و ٢٣٥ موا أن اهللا غفور حليمواعل ٢٤٢٥ يرصب لونما تعاهللا بم ٢٣٧ إن ٢٦ يملع يعماهللا س وا أنلماع٢٤٤ و ٢٧ يرقد ءلى كل شياهللا ع أن لم٢٥٩ أع ٢٨ يمكح زيزاهللا ع أن لماع٢٦٠ و ٢٩ وا أنلماعويدمح ي٢٦٧ اهللا غن ٣٠ يملع اهللا به ٢٧٣ فإن

أقوال العلماء في فوائد التوكيد بإن: ـ جملـة كـل واعلم أن : ")إن(في الفائدة من تصدير الجملة بحرف ركشي الزيقول -١ ص رت د .)١("ر مقد سؤالعليل، وجواب للتمفيدة) إن(ـب

ـ ) إن: "(طي ذلك في قوله وقد بين السيو -٢ أكيـد أحـدهما الت : شديد علـى أوجـه بالكسر والتـ أكيد بها أقوى من التوالت: قال عبد القاهر) رحيم اهللا غفور إن( وهو الغالب ،حقيقوالت ام، أكيد بالل

ـ ر، إذا كان للس مقد أكثر مواقعها بحسب االستقراء جواب لسؤال : وقال ـ .نائل فيـه ظ اني والثوهـو نـوع مـن ) رحـيم اهللا غفور واستغفروا اهللا إن ( ومثلوه بنحو )٢(ينعليل، أثبته ابن ج للت .)٣("وكيدالتفسبح بحمد ربك واستغفره إنه كـان (:تعالىأما الطاهر بن عاشور فبين من خالل تفسيره لقوله -٣

توابـا : يفيد االهتمام بالخبر، كما أنه إلفادة التعليـل، فيقـول " إن"حرف التوكيد أن ]٣: النصر[) إنكار، وال إزالة تردد، إذ ال يفرضـان فـي هنا غير مقصود به رد )إن(وحيث كان التوكيد بـ "

إذا ) إن(إلفادة االهتمام بالخبر وتأكيده، وقد تقرر أن من شـأن ) إن (تحققجانب المخاطب، فقد ا الوجه،أن تغني غناء فاء الترتيب والتسبب وتفيد التعليل، وربط الكالم بما قبلـه جاءت على هذ

.)٤("كما تفيده الفاء

). ٢/٤٠٦: (البرهان في علوم القرآن، للزرقاني) ١(

بالموصل ولد.شعر وله والنحو، االدب أئمة من: فتحال أبو الموصلي، جني بن عثمان )٢( من.عاما ٦٥ نحو عن ،هـ ٣٩٢ سنةببغداد وتوفي

).٤/٢٠٤: (األعالم للزركلي.(النحو في واللمع اللغة، في " الخصائص " تصانيفه ). ١/٤٥٤: (اإلتقان في علوم القرآن، للسيوطي) ٣( ).١٦/٤١٩: (التحرير والتنوير، البن عاشور )٤(

١١٩

في سورة البقرة وجدت أن الغرض البالغـي منـه هـو ) إن( وبتتبع ورود حرف التوكيد .التعليل في جميع المواضع

): المزحلقةإن واللام( التأكيد بـ-٢

قة، زحلام الماللوتسمى هذه مواضع،ثالثة اآليات في فواصل وكيد في وع من الت النورد هذار الجملة كراهية ابتداء قوها عن صدحلتفيد تأكيد مضمون الجملة، ولهذا ز " توكيدوهي حرف

ين، وإذا جاءت مع الكالم بمؤكد)إن (،كانت بمنزلة تكرار الجملة ثالث مرات ألن) أفادت ) إن .)١("ام صارت ثالثات اللفإذا دخل كرير مرتين،الت

وأم ا الجمع بينهما وجع ل ذلك للمنك ر، فهو مم ا يحـ ألن" ن س ر، ه إذا كان الكالم مع المنكيادة في تثبيت خبـرك، إذا كـان ه أحوج ما تكون إلى الز ، وذلك أن أكيد أشد كانت الحاجة إلى الت

اهناك ميدفعه وينك ٢("تهر صح( . :واللام) إن(والجدول التالي يبين الفواصل المؤكدة بـ

رقم اآلية الفاصلة مسلسل

١ يمحوف رءاهللا بالناس لر ١٤٣ إن ٢ ينالظالم نإذا لم ١٤٥ إنك ١٧٦ اق بعيدوإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شق ٣

):أال(وحرف االستفتاح ) إن( التأكيد بـ-٣

:وقد ورد هذا النوع من التأكيد في موضع واحد من السورة، وهو

رقم اآلية الفاصلة مسلسل ٢١٤ إن نصر اهللا قريبأال ١

). ٢/٤٠٨: ( في علوم القرآن، للزركشيالبرهان )١( ). ٣٢٧: (، للجرجانيدالئل اإلعجاز )٢(

١٢٠

: أخرىالتأكيد بأدوات توكيدية-٤

والالم الدالـة علـى ) قد: (األدوات التي ذكرناها، مثل أخرى للتأكيد خالف أدواتهناك ـ وحرف التسويف، والسين، والحصر، ونون التوكيـد الثقيلـة، وإعـادة ) قد(القسم والمقترنة ب

)١( . التي لالستفتاح مع الباء في الخبر، ولكن، وأالضمير الفصل، وما النافية

:ل هذه المؤكداتوفيما يلي جدول يبين الفواصل التي أكدت بمث

رقم اآلية نوع المؤكد الفاصلة مسلسل١ لونمعا يمل عا اهللا بغافم١٤٤ حرف الباء و ٢ ترينمالم نم ١٤٧ النون المشددة فلا تكونن ٣ لونما تعمل عا اهللا بغافم١٤٩ حرف الباء و ٤ الم مه أولئكوونتد١٥٧ "هم"الضمير ه ٥ وننظري ملا ه١٦٢ "هم"الضمير و ١٦٧ "هم"الضمير وما هم بخارجين من النار ٦ ١٧٧ "هم"الضمير أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ٧٨ ادهالم لبئس٢٠٦ الم التوكيد و ٩ وونا خالديهف مالنار ه ابحأص ٢١٧ "هم"الضمير أولئك

١٠ ينالملى العل عاهللا ذو فض نلكو ٢٥١ لكن ١١ ونا خالديهف مالنار ه ابحأص ٢٥٧ "هم"الضمير أولئك ١٢ ونا خالديهف م٢٧٥ "هم"الضمير ه

حشد هم لف مهم السورة سبب هذه رين المعاندين في ر أحوال المنك ك ذ نح مما سبق أ ويتض .وكيدمن أدوات التالكم هذا لالسورة

). ٤٢٠ – ٢/٤٠٨: ( للزركشيالبرهان في علوم القرآن،)١(

١٢١

:التقديم والتأخير: المطلب الثانيإن من الطبيعي في كالم العرب أن يكون المقدم مقدما والمؤخر مؤخرا، وإذا حـصل أن

.كس فال بد أن يجعلوا من خالل الكالم دليال على ذلك لئال يلتبس الخطابقدموا المؤخر أو العكما أن التقديم والتأخير هو سر من أسرار القرآن الكريم، وهو لحكمة أرادهـا اهللا عـز وجل، ويمكن للعلماء أن يجتهدوا في هذا المجال ويستخرجوا حكم اهللا وأسراره المكنونـة فـي

.كتابه العزيز أيضا، ومن ذلك سر تقـديم - البقرة -م و التأخير سر من أسرار هذه السورة ويعد التقدي

فالسر فـي ]٢٠٣: البقرة[) واعلموا أنكم إليه تحشرون : (شبه الجملة على ما يسمى عاملها مثل أن حشر العباد يوم القيامـة إلـى ربهـم : والمجرور هنا هو االختصاص، والمعنى الجار تقديم

.اصة، ال إلى غيره، فال مفر لهم منه سبحانه إال إليهخهم كـأن : " قالير في الجملة بالعناية واالهتمام، حيث أخقديم والت ظواهر الت وعلل سيبويه

)١(" يهمانهم ويعنيانهم كانا جميعا، وهم ببيانه أعنى، وإنذي بيانه أهم لهميقدمون الجـري مجـرى ي ا لم نجدهم اعتمدوا فيه شـيئا واعلم أن ": القول في الجرجاني وانتقده

. سيبويه هو "نجدههم"والمقصود في عبارته . )٢("األصل غير العناية واالهتمام :نقتصر في التقديم والتأخير على االهتمام والعناية فقط كما ذكر الجرجاني ال يمكن أن و

كره أهم، ولتخيلهم ذلـك قـد ذ م للعناية وألن ه قد قال إن ي ه يكفي أن اس أن وقد وقع في ظنون الن "غصقديم والتر التر أم٣("نوا الخطب فيهأخير في نفوسهم، وهو(.

: العلويوهناك من يعتبر أن الغرض من التقديم والتأخير هو مراعاة السجع، يقول وهو ما ال . )٤(" التسجيعلمشاكلة لرؤوس اآلي في يكون تقديمه من أجل مراعاة اا أنموثانيه"

وتقديم " : أبو السعودليقو، ومن المفسرين من يؤيد هذا الرأي، )٥(يقول به كثير من البيانيين . )٦("الجار والمجرور على الفعل لرعاية الفواصل

يقول ومن المفسرين من يخالف هذا الرأي و يرى أنه ال يليق بكالم اهللا عز وجل، حيث از القرآن ليس في السجع، وذلك ألن الشاعر يختار اللفظ الفاسد لضرورة الشعر وإعج: "ازيالر

).١/٦: (الكتاب، لسيبويه )١(

).١٠٧: ( للجرجانيدالئل اإلعجاز، )٢(

).١٠٧: (مرجع السابقال )٣(

).٢/٧١: ( للعلويالطراز، )٤( ).٢٥٠: (لخصائص، ألبي الفتح عثمان بن جني ا:انظر )٥( ). ٣/١١٤: (إرشاد العقل السليم، ألبي السعود )٦(

١٢٢

ن الحكمة على ما ينبغي، وجاء باللفظ علـى بي-تعالى –فظ، واهللا للوالسجع، ويجعل المعنى تبعا .)١("ما ينبغي ويؤيد الباحث الرأي األخير، وهو أن التقديم والتأخير لغرض السجع ورؤوس اآلي ليس

مقبوال، ألنه ال يليق بكالم اهللا، وأن التقديم والتأخير ما جاء إال لحكمة أرادهـا اهللا عـز وجـل، .ودور العلماء هو السعي لمعرفة تلك الحكمة

. وقد تتبعت الفواصل التي جاء فيها تقديم وتأخير، فوجدتها تسعة عشر فاصلة :وذلك على النحو التالي

رقم اآلية خرالكالم المؤ الفاصلة مسلسل١ يمحوف رءاهللا بالناس لر إن يمحوف رء١٤٣ لر ٢ يرقد ءلى كل شياهللا ع إن ير١٤٨ قد ٣ ينعمالناس أجو لائكةالمنة اهللا ولع همليع نة اهللا أولئكلع لائكةالمو

الناس أجوينعم ١٦١

٤ ونلما لا تعلى اهللا متقولوا ع أنو ونلما لا تع١٦٩ م ٥ وندبتع اهإي كنتم إن وندب١٧٢ تع ٦ ونشرتح هإلي وا أنكملماعو ونشر٢٠٣ تح إنه لكم عدو مبني ٧ عدو مبني ٢٠٨ ٨ يملع اهللا به ر فإنخي نلوا ما تفعمو يمل٢١٥ ع ٩ يملع ءبكل شي الله وا أنلماعو اتقوا اللهو يمل٢٣١ ع

١٠ يرصب لونما تعاهللا بم وا أنلماعو يرص٢٣٣ ب ٢٣٤ خبير يرواهللا بما تعملون خب ١١١٢ يرصب لونما تعاهللا بم إن يرص٢٣٧ ب ١٣ يرقد ءلى كل شياهللا ع أن لمأع ير٢٥٩ قد ١٤ يرصب لونما تعاهللا بمو يرص٢٦٥ ب ١٥ خبير لونما تعاهللا بمو ٢٧١ خبير ١٦ اهللا به فإنيملع يمل٢٧٣ ع ١٧ يملع ءبكل شي اللهو الله كملمعيو اتقوا اللهو يمل٢٨٢ ع ١٨ يملع لونما تعاهللا بمو يمل٢٨٣ ع ١٩ يرقد ءلى كل شياهللا عو ير٢٨٤ قد

). ١٥/٨٢: (مفاتيح الغيب، للرازي )١(

١٢٣

:اإلظهار في موضع اإلضمار: الثالثالمطلب أخـصر هـو و وتأكيد له، للمعنى أبين ألنه بالضمير الضمير مكان في يؤتى أن األصل

وله اإلظهار في موضع اإلضمار يسمى ما وهو الظاهر باالسم الضمير مكان يؤتى وربما للفظ،لى خالف األصل فـي فقد عد الزركشي مجموعة من األغراض البالغية للخروج ع كثيرة، فوائد

:اإلظهار منها واتقوا اهللا ويعلمكم اهللا واهللا بكل يشء عليم....[: كقوله تعالى: عظيملت ا-١ }٢٨٢:البقرة{ ]يا أهيا الذين آمنوا ال تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع [ :كقوله تعالى: حقير قصد اإلهانة والت-٢

خطوات الش يطان فإنه يأمر بالفحشاء واملنكر ولوال فضل اهللا عليكم ورمحته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن اهللا يزكي من يشاء واهللا سميع عليم .حيث أعاد ذكر لفظ الشيطان مظهرا }٢١:النور{ ]

إن اهللا يأمركم أن تؤدوا [: كقوله تعالى: امعوعة في ضمير السة المهابة وإدخال الر تربي-٣ األمانات إىل أهلها وإذا حكمتم بني الناس أن حتكموا بالعدل إن اهللا نعام يعظكم به إن اهللا كان سميعا

بص . }٥٨:النساء{ ]رياهل أتى عىل اإلنسان حني من الدهر مل يكن شيئا مذكورا[: كقوله تعالى: تعظيم األمر-٤ إنا خلقنا *

اإلنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصريا خلقناه للتنبيه على ولم يقل }٢-١:اإلنسان{ ] .ق اإلنسانعظم خل

فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعام أهلها فأبوا أن يضيفومها [ :كقوله تعالى : قصد العموم -٥ فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت ال ختذت عليه أجرا ولم يقل }٧٧:الكهف{ ]

كى، ومع ذل من أهلها إال استطعماه وأباهما لم يتركا أحداستطعمهم لإلشارة بتأكيد العموم، وأن .قابلهم بأحسن الجزاء، وفيه التنبيه على محاسن األخالق، ودفع السيئة بالحسنة

وتلك حدود اهللا ومن يتعد حدود ...( :، كقوله تعالىةاإلشعار بعلة الحكم وتأكيد استقالل الجمل-٦

اهللا فقد ظلم نفسه أمر لتهويلفأظهر في موضع اإلضمار؛) حدوده( فلم يقل ]١: الطالق) [...الحكم أن يقصد باإلشعار بعلة ، و)نفسه ظلم فقد( : تعالى قوله الحكم في بعلة شعارواإل التعدي

)١(. الختم يأتي تعليال لمعنى سابق في اآلية أن تكون كاملة بحيث لو اقتطعت من السياق الـذي ل الجملة يقصد باستقال وأما ما

استخدامها في مواطن خـارج الـسياق، هي فيه، يظل المعنى فيها على تمامه وكماله، ويحسن نى، واضح المدلول مشحون بكل الرموز الذهنية مقطع مستقل المع ) واهللا بكل شيء عليم (فالختم

).٤٩٥ -٢/٤٨٥: (البرهان في علوم القرآن: انظر) ١(

١٢٤

فهي جملة ليست مستقلة، حيـث ،)وهو بكل يشء عليم(ولو أننا أضمرنا وقلنا المرتبطة بألفاظه، ال يحسن اقتطاعها من السياق إال ووضعها في سياق مثله، فال تقوم بذاتها بغير قرينة تشير إلى

ى غير مرجعه األصلي، اللهم إال ما يـشير إليـه مدلولها، الحتمال أن يكون الضمير عائدا عل .تقديم المتعلق واستحالة أن يكون لغير اهللا

ضوابط وهو ينتمي إلى علم المعاني، وهو علم له ،وهذا العلم يعد من أهم علوم البالغة وقواعد ينبغي أن ال يخرج عنها، ولكنه حين يخرج عن تلك القواعد واألصول إنما يخرج لفائدة

.ية تراد من هذا الخروجبالغى مـا يـؤت ر وإن كر، وأريد الحديث عنه ال ي ر االسم ظاهرا ذكه حين ي ومن جملة ذلك أن

.وهذا هو األصل ، وتقع به الفائدة،بضمير يعود عليه؛ ليتم به الكالم ركشييقول الز" : تكون ظاهرة واألصل في األسماء أن وأصل الم ،ث عنـه كـذلك، حد

.)١("ابقاهر الس لالستغناء به عن الظرامضر مذك ي أنر ثانياكه إذا ذصل أنواأل: لوسـي ما يكون لفائدة بالغية غير إيجـاز الكـالم، يقـول األ إن عن األصل الخروجو

األلوسي فائدة أخرى قد أشار إليها هنا، و )٢("م له ذي تقد رته باالسم ال كر شيئا متوالعرب إذا فخ " .عظيمفخيم والتوهي التن الضمير الذي يقع موقع االسم الظاهر، ويتوصل به إلى المعنى المراد، لـيس هـو وإ

االسم الظاهر، فهو ال يساويه، وال ينطبق عليه بكل ظالله إال في الحكم اإلعرابي الذي يتم تمامانفس أقوى وأكثـر تـأثيرا ظالله على الن األثر الذي يتركه االسم الظاهر ويلقي ب إبه المعنى، إذ ألن تصور الذهن عن كليهما مختلف من حيث إيقاع ظالله على الـنفس، ثـم إنـه من الضمير؛

أن تقوم مقام المثل أو الحكمة، في حين يستطاع بناء جملة مستقلة ذات إيحاء قوي وفعال، يصح أنال يؤدي نفس الغرضمير الض.

وقد أدرك البالغيون وحي الكلمة وعملهـا بمـا ": التراكيبوقد جاء في كتاب خصائص –فس، ال يستطيعها الضمير العائد عليها، فأشاروا إلى أن الكنايـة يثيره لفظها من شئون في الن

والتعريض ال يعمالن في العقول عمل اإلفصاح والتكشيف، فـإذا كـان –ويعنون بها الضمير إال أن قدرا كبيرا مـن التـأثير ،عليه تحضره في النفس الضمير يعطي إشارة ذهنية إلى العائد

ها تتولد حـين يقـرع عنه، ألن مير حملها نيابة يظل االسم الظاهر محتفظا بها، وال يستطيع الض

).٢/٤٨٤: ( للزركشيم القرآن،البرهان في علو )١(

).١/٣٣٤: ( لأللوسيروح المعاني، )٢(

١٢٥

مع بجرسه، وارتباطاته المختلفة التي اكتسبها في قصته الطويلة مع الكلمات واألحـداث فظ الس الل .)١("والمواقف

:تبعت الفواصل التي جاء فيها اإلظهار موضع اإلضمار، وهي على النحو التاليوقد ت

رقم اآلية االسم المظهر الفاصلة مسلسل١ يمحوف رءاهللا بالناس لر ١٤٣ اهللا إن ١٤٤ اهللا عملونتوما اهللا بغافل عما ٢٣ قد ءلى كل شياهللا ع إن١٤٨ اهللا ير ٤ لونما تعمل عا اهللا بغافم١٤٩ اهللا و ٥ ونتدهالم مه أولئكو ١٥٧ أولئك ١٦٥ اهللا وأن اهللا شديد العذاب ٦٧ ونتدهلا يئا وشي لونقعلا ي ماؤهآب كان لوأو ماؤه١٧٠ آب ٨ إنينتدعالم بح١٩٠ اهللا اهللا لا ي ٩ ينتقالم عاهللا م وا أنلماع١٩٤ اهللا و

١٠ يننسحالم بحاهللا ي ١٩٥ اهللا إن ١٩٦ اهللا واعلموا أن اهللا شديد العقاب ١١١٢ يمحر اهللا غفور وا اهللا إنرتغفاس١٩٩ اهللا و ٢١١ اهللا فإن اهللا شديد العقاب ١٣ ٢١٣ اهللا واهللا يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ١٤١٥ اهللا قريب رنص ٢١٤ اهللا ألا إن ١٦ يمحر اهللا غفور٢١٨ اهللا و ١٧ يمكح زيزاهللا ع ٢٢٠ اهللا إن ١٨ رينتطهالم بحيو ابينالتو بحاهللا ي ٢٢٢ اهللا إن

). ١٩٣: ( لمحمد أبو موسىخصائص التراكيب، )١(

١٢٦

رقم اآلية االسم المظهر الفاصلة مسلسل١٩ يملح اهللا غفور٢٢٥ اهللا و ٢٠ لمونعم يا لقونهيباهللا ي وددح لكت٢٣٠ اهللا و ٢١ يملع ءبكل شي الله وا أنلماع٢٣١ اهللا و ٢٣٣ اهللا موا أن اهللا بما تعملون بصيرواعل ٢٢٢٣ يملح اهللا غفور وا أنلماع٢٣٥ اهللا و ٢٤ يملع يعماهللا س وا أنلماع٢٤٤ اهللا و ٢٥ يملع عاساهللا و٢٤٧ اهللا و ٢٦ ابرينالص عاهللا م٢٤٩ اهللا و ٢٥١ اهللا ذو فضل على العالمينولكن اهللا ٢٧٢٨ يملع عاساهللا و٢٦١ اهللا و ٢٩ يملع عاساهللا و٢٦٨ اهللا و ٣٠ يملع ءبكل شي اللهو الله كملمعيو اتقوا الله٢٨٢ اهللا و ٣١ يرقد ءلى كل شياهللا ع٢٨٤ اهللا و

١٢٧

:االستفهام: المطلب الرابعوهو من أنواع اإلنشاء الطلبي، واألصل فيه طلب اإلفهام واإلعالم لتحصيل فائدة عملية

وأيـن وكيـف وكم وأي ومن وما وهل الهمزة( له الموضوعة واأللفاظمجهولة لدى المستفهم، :، وتستعمل كالتالي)وأيان ومتى وأنى

.التصديق لطلب )الهمزة (- .فحسب التصديق لطلب )هل (و - مـا :كقولنا ،المسمى ماهية وإما ؟ العنقاء ما :كقولنا ،االسم شرح إما :ابه يطلب التي )ما( و -

؟الحركة .العلم ذوي من الجنس عن للسؤالالتي هي )من( و - ثيـاب عندي :القائل يقول أن: مثل.يعمهما أمر في المتشاركين أحد يميز عما للسؤال) أي( و -

.الثوبية في يشاركها عما عندك يميزها وصفا منه فتطلب هي الثياب أي فتقول .العدد عن للسؤال) كم( و - .الحال عن للسؤال )كيف( و - .المكان عن للسؤال )أين( و -فأتوا حرثكم أنـى شـئتم (:تعالى اهللا قال ؟،كيف :بمعنى تارة تستعملو )أنى( و - ،]٢٢٣البقـرة [ ) .؟لك أين من :أي ) هذا لك أنى ( :تعالى اهللا قال ؟أين من :بمعنى وأخرى ،شئتم كيف يأ

: وقيل ،الجمعة يوم :فيجيب جئت أيان أو جئت متى قيل إذا الزمان عن فللسؤال )وأيان متى( و -يسأل أيان يوم القيامة (تعالى كقوله التفخيم مواضع في تستعمل أيان نإ ].٦مة القيا[ )

يناسـب مـا بحـسب ، وذلك االستفهام غير معان في تستعمل ما كثيرا األلفاظ هذه إن ثم مـا يل ال أرى اهلدهـد (:قوله نحو التعجبو ،دعوتك كم :نحو االستبطاء :منها المقام ،]٢٠النمـل [ )

؟، فالنـا أؤدب ألـم :األدب يسيء لمن كقولك الوعيدو ،تذهبون فأين نحو الضالل على التنبيهوفهل أنتم مـسلمون (:تعالى قوله نحو األمرو أن الهمـزة في ويشترط ،التقرير ومنها ،]١٤هود [ )

للتـوبيخ إما اإلنكار ومنها،منه كان الفعل بأن تقرره أن أردت إذا ؟أفعلت كقولك به المقرر يليهاأصـالتك تـأم (نحـو التهكم ومنها، للتكذيب وإما رك أن نـرتك مـا يعبـد آباؤنـا أو أن نفعـل يف أموالنـا مـا نشاء نحـو االسـتبعاد ومنها، التهويل ومنها؟، هذا وما ؟هذا من كقولك التحقير ومنها،]٨٧هود [)

أنى هلم الذكرى( كيف (تعالى كقوله معا والتعجب التوبيخ ومنها، ]١٣الدخان [) تكفرون باهللا وكنـتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم حيييكم ثم إليه ترجعون )١(. ]٢٨البقرة [ )

).١٤١ - ١٣١: ( للقزويني في علوم البالغة،اإليضاح :انظر) ١(

١٢٨

أداة واحدة فقط من أدوات االستفهام وهيفوجد ورود وقد تتبع الباحث الفواصل

: الهمزة غرضال رقم اآلية الفاصلة مسلسل

١ ونتدهلا يئا وشي لونقعلا ي ماؤهآب كان لواالنكار والتعجب ١٧٠ أو

١٢٩

الثاني المبحث

الفواصل المشتملة على أسماء اهللا الحسنى

:نويشتمل على مطلبي

فقط) اهللا(الفواصل المشتملة على لفظ الجاللة : المطلب األول

واصل المشتملة على أكثر من اسم الف: المطلب الثاني

١٣٠

المبحث الثاني الفواصل المشتملة على أسماء اهللا الحسنى

مـن سـورة ) ٢٨٦ - ١٤٢(لقد وردت أسماء اهللا الحسنى بكثرة في فواصل اآليـات

إما اشـتملت البقرة، وبالنظر إلى هذه الفواصل ومالحظة ورود األسماء الحسنى فيها وجدت أنها أن تكون قد اشتملت على أكثر مـن اسـم مـن ، وإما )اهللا(قط هو لفظ الجاللة على اسم واحد ف :، لذا فقد جعلت الحديث عن األسماء الحسنى في مطلبين على النحو التالياألسماء الحسنى

:فقط) اهللا(لفظ الجاللة الفواصل المشتملة على : المطلب األول

.فقط، فوجدتها ثمانية وعشرين فاصلة) اهللا(لة لقد قمت بتتبع الفواصل التي ورد فيها لفظ الجال، وهي مرتبة حسب ورودها في ) اهللا(والجدول التالي يبين الفواصل التي ورد فيها لفظ الجاللة

:السورة

رقم اآلية الفاصلة مسلسل ١٤٤ عملونتوما اهللا بغافل عما ١ ١٤٩ نوما اهللا بغافل عما تعملو ٢٣ ابرينالص عاهللا م ١٥٣ إن ٤ نوناللاع منهلعياهللا و منهلعي ١٥٩ أولئك ٥ ينعمالناس أجو لائكةالمنة اهللا ولع همليع ١٦١ أولئك ١٦٥ وأن اهللا شديد العذاب ٦ ١٦٩ اهللا ما لا تعلمونوأن تقولوا على ٧٨ تقوني ملهللناس لع هاتاهللا آي نيبي ١٨٧ كذلك ٩ ونحتفل لكماتقوا اهللا لع١٨٩ و

١٠ ينتدعالم بحاهللا لا ي ١٩٠ إن ١١ ينتقالم عاهللا م وا أنلماع١٩٤ و ١٩٥ ن اهللا يحب المحسنينإ ١٢ ١٩٦ واعلموا أن اهللا شديد العقاب ١٣ ٢٠٢ واهللا سريع الحساب ١٤

١٣١

رقم اآلية الفاصلة مسلسل١٥ ادالفس بحاهللا لا ي٢٠٥ و ٢١٠ فإن اهللا شديد العقاب ١٦ ٢١١ فإن اهللا شديد العقاب ١٧١٨ زراهللا يابوسر حبغي شاءي ن٢١٢ ق م ٢١٣ واهللا يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ١٩٢٠ ونلملا تع أنتمو لمعاهللا ي٢١٦ و ٢١ ونتتفكر لكملع اتاآلي اهللا لكم نيبي ٢١٩ كذلك ٢٢٢ وابين ويحب المتطهرينإن اهللا يحب الت ٢٢٢٣ لمونعم يا لقونهيباهللا ي وددح لكت٢٣٠ و ٢٤ ونلملا تع أنتمو لمعاهللا ي٢٣٢ و ٢٥ ينبالظالم يملاهللا ع٢٤٦ و ٢٦ ابرينالص عاهللا م٢٤٩ و ٢٥١ و فضل على العالمينولكن اهللا ذ ٢٧٢٨ ينالظالم مي القودهاهللا لا ي٢٥٨ و ٢٩ ونتتفكر لكملع اتاآلي اهللا لكم نيبي ٢٦٦ كذلك

١٣٢

:الفواصل المشتملة على أكثر من اسم: المطلب الثاني اسم من األسماء الحسنى، فوجدت أنها إحدى لقد قمت بتتبع الفواصل التي ورد فيها أكثر من

.ن فاصلةأربعوووالجدول التالي يبين الفواصل التي اشتملت على أكثر من اسم من األسماء ا الحسنى مرتبة

:حسب ورودها في السورة رقم اآلية الفاصلة مسلسل

١ يمحوف رءاهللا بالناس لر ١٤٣ إن ١٤٨ ل شيء قديرإن اهللا على ك ٢٣ يملع راهللا شاك ا فإنرخي عتطو نم١٥٨ و ٤ يمحالر ابأنا التو١٦٠ و ٥ يمحر اهللا غفور ١٧٣ إن ٦ يملع يعماهللا س ١٨١ إن ٧ يمحر اهللا غفور ١٨٢ إن ٨ وا اهللا إنرتغفاسويمحر ١٩٩ اهللا غفور ٩ ادبوف بالعءاهللا ر٢٠٧ و

١٠ يمكح زيزاهللا ع وا أنلم٢٠٩ فاع ١١ اهللا قريب رنص ٢١٤ ألا إن ١٢ يملع اهللا به ر فإنخي نلوا ما تفعم٢١٥ و ١٣ يمحر اهللا غفور٢١٨ و ١٤ إنيمكح زيز٢٢٠ اهللا ع ١٥ يملع يعماهللا س٢٢٤ و ١٦ يملح اهللا غفور٢٢٥ و ١٧ يمحر اهللا غفور ٢٢٦ فإن ١٨ يملع يعماهللا س ٢٢٧ فإن ١٩ يمكح زيزاهللا ع٢٢٨ و ٢٣١ شيء عليمواتقوا الله واعلموا أن الله بكل ٢٠٢١ يرصب لونما تعاهللا بم وا أنلماع٢٣٣ و ٢٢ خبير لونما تعاهللا بم٢٣٤ و

١٣٣

رقم اآلية الفاصلة مسلسل٢٣ يملح اهللا غفور وا أنلماع٢٣٥ و ٢٤ يرصب لونما تعاهللا بم ٢٣٧ إن ٢٥ يمكح زيزاهللا ع٢٤٠ و ٢٦ اعويملع يعماهللا س وا أن٢٤٤ لم ٢٧ يملع عاساهللا و٢٤٧ و ٢٨ يمظالع يلالع وه٢٥٥ و ٢٩ يملع يعماهللا س٢٥٦ و ٣٠ يرقد ءلى كل شياهللا ع أن لم٢٥٩ أع ٣١ يمكح زيزاهللا ع أن لماع٢٦٠ و ٣٢ اهللا وويملع ع٢٦١ اس ٣٣ يملح ياهللا غن٢٦٣ و ٣٤ يرصب لونما تعاهللا بم٢٦٥ و ٣٥ يدمح ياهللا غن وا أنلماع٢٦٧ و ٣٦ يملع عاساهللا و٢٦٨ و ٣٧ خبير لونما تعاهللا بم٢٧١ و ٣٨ يملع اهللا به ٢٧٣ فإن ٢٨٢ تقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليموا ٣٩٤٠ يملع لونما تعاهللا بم٢٨٣ و ٤١ يرقد ءلى كل شياهللا ع٢٨٤ و

لقد تبين لنا من خالل الجداول السابقة أن الخواتم المشتملة على أسماء اهللا الحسنى شكلت

آنية فريدة، لها معالمها ودالالتها، وقد أبان إحصاؤنا للفواصل التـي تحتـوي علـى ظاهرة قر إلى نهاية السورة، قد بلغ عددها سبعين آيـة ) ١٤٢(األسماء الحسنى في سورة البقرة اآليات من

من أصل مائة وخمسة فواصل، مما يدلل على أن أغلب الفواصل القرآنية تحتوي على أسماء اهللا لى أن جل األسماء الحسنى تتركز في الخواتم، وتستقر فيها، فتكتسب الخـواتم إذن الحسنى، وع

أهمية من خالل احتوائها تلك الدرر النفيسة، وتشكل بؤرا إشعاعية عالية من خالل تلك الطاقـة .النورانية المستقرة في معاني األسماء

١٣٤

اخلامتة فإن أحسنت فيه فمـن اهللا وحـده، وإن الحمد هللا الذي وفقني إلى االنتهاء من هذا العمل، يطان، ومهما أجهدت نفسي فأجدني مقصرا تجاه كتاب ربي عـز وجـل، ن نفسي والش أسأت فم

وكيف ال وهو الكتاب األوحد الذي فيه الكمال، فأنى لبشر أن يتصف بالكمال؛ ليقدر على تغطيـة ل لآليات من المواضيع التي اهـتم بهـا آيات القرآن من كل جوانبها، وموضوع مناسبة الفواص

إلـى ) ١٤٢( من آلياتهاالبقرةالعلماء وبينوا أهميتها، ومن خالل دراستي لمناسبة فواصل سورة : خلصت إلى النتائج التاليةنهاية السورة

أن علم المناسبات يعمل على تقوية االرتباط بين أجزاء القرآن، ويظهر وجها من وجوه -١ .رار ترتيب سوره وآياتهإعجازه، ويبين أس

.الفاصلة القرآنية تظهر جانبا مشرقا من جوانب اإلعجاز البياني -٢أن أنواع المناسبات في القرآن الكريم تبين أن القرآن عقد فريد قـد ارتبطـت ألفاظـه -٣

وكلماته في اآلية الواحدة وارتبطت آياته ببعضها في السورة الواحدة، وارتبطت سـوره . كله، فهو كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاببعضها في القرآن

.الفاصلة القرآنية قد تكون جزءا من آية، أو آية بجملتها -٤ .ليس لكل آية فاصلة، فقد تكون الفاصلة لمجموعة من اآليات -٥أن اآليات التي درسها الباحث من سورة البقرة وعددها مئة وخمـس وأربعـون آيـة، -٦

.تشتمل على مئة وخمسة فواصل إذ إن السورة تتحدث عن ٦٩د أسماء اهللا الحسنى في كثير من الفواصل بلغ عددها ورو -٧

أمور تشريعية، وهو األمر الذي يختص به تعالى وحده دون غيره، وكـأن ورود هـذه .األسماء دليل على اختصاصه تعالى بالحاكمية المطلقة

اإلضمار، واالسـتفهام، التوكيد، والتقديم والتأخير، واإلظهار موضع : تنوع بناء الفاصلة -٨ .وغيرها

مؤكدة وذلك إلفادة التقرير، حيث إن السورة تتحـدث عـن جاءت أكثر فواصل السورة -٩ .األحكام التشريعية، فتأتي الفواصل تقريرا لمضمون آياتها

أن التقديم والتأخير الذي ورد في بعض الفواصل ال يراد منه مراعاة الفواصل، كما أنـه -١٠لعناية واالهتمام، بل جاء إلحكام الفواصـل فـي مبناهـا ومعناهـا ليس محصورا في ا . وشكلها ومضمونها

التوصياتطلبة العلم بمزيد من االهتمام بالمواضيع التي تتعلق بالقرآن الكريم، فهـو نبـع يوصي الباحث

فياض ال يبخل على من ورده، والغوص في أعماق اآليات الستنباط مفاهيم قرآنية تساهم في حل .مشكالت الواقع المعاصر وفق النظرة القرآنية

الفهـــارس

: ة فهارسـخمس على وتشتمل

فهرس اآليات القرآنية. فهرس األحاديث النبوية.

المترجم لهمفهرس األعالم .

المصادر والمراجع .

فهرس الموضوعات.

١٣٦

الفاتحة سورةإياك نعبد وإياك نستعني .١ ٦ ٥

اهدنا الرصاط املستقيم .٢ ٧ ، ٦ ٦

البقـرة سورة ٧، ٦ ٢، ١ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، الم .٣

٤. الة والص ونيمقيب وبالغي نونؤمي ينالذقوننفي مقناهزا رم٦ ٣ م

٥. نما أنزل مو كبما أنزل إلي نونؤمي ينالذ٦ ٤ و

٦. هملتبق نع ملاها والناس م نم اءفهقول السي١٨ ١٤٢ ...س

٧. اءدطا لتكونوا شهسة وأم لناكمعج كذلكلى و١٨ ١٤٣ ...ع

٢٠ ١٤٤ ...قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة .٨

٢١ ١٤٥ ...ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا .٩

٢٢ ١٤٦ ...ون الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرف .١٠

١١. ترينمالم نم فلا تكونن كبر نق م٢٢ ١٤٧ الح

٢٢ ١٤٨ ...ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما .١٢

٢٣ ١٤٩ ...ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام .١٣

١٤. ام ورالح جدسالم شطر كهجل وت فوجث خريح ن٢٣ ١٥٠ ) ...م

٢٤ ١٥١ ...كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا .١٥

٢٤ ١٥٢ فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون .١٦

٢٤ ١٥٣ ...ذين آمنوا استعينوا بالصبر يا أيها ال .١٧

٢٦ ١٥٤ ...ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل اهللا أموات بل .١٨

١٣٧

١٩. ننقص موع والجو فالخو نم ءبشي نكملولنب٢٧ ١٥٥ ...و

٢٧ ١٥٦ قالوا إنا هللا وإنا إليه راجعون الذين إذا أصابتهم مصيبة .٢٠

٢١. ونتدهالم مه أولئكة ومحرو همبر نات ملوص همليع ٢٧ ١٥٧ أولئك

٢٢. رتمت أو اعيالب جح نائر اهللا فمشع نة مورالمفا والص ٣٠ ١٥٨ ...إن

٢٣. دعب نى مدالهو ناتيالب نلنا ما أنزم ونكتمي ينالذ ٣٠ ١٥٩ ...إن

٢٤. همليع أتوب نوا فأولئكيبوا ولحأصوا وتاب ين٣٠ ١٦٠ ...إلا الذ

٢٥. أولئك كفار مهاتوا وموا وكفر ينالذ نة اهللا إنلع هملي٣٢ ١٦١ ...ع

٢٦. وننظري ملا هو ذابالع منهخفف عا لا ييهف ين٣٣ ١٦٢ خالد

٢٧. يمحالر نمحالر وإلا ه لا إله داحو إله كمإله٣٣ ١٦٣ و

٢٨. اختض واألرو اتاومالس ي خلقف ار إنالنهل واللي ٣٣ ١٦٤ ...لاف

٣٥ ١٦٥ ...ومن الناس من يتخذ من دون اهللا أندادا يحبونهم كحب اهللا .٢٩

٣٥ ١٦٦ ...إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا .٣٠

٣١. اتب ينقال الذا وكم منهأ مرة فنتبلنا كر أن وا لو٣٥ ١٦٧ ...ع

٣٦ ١٦٨ ...يا أيها الناس كلوا مما في األرض حلالا طيبا .٣٢

٣٦ ١٦٩ ...إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على .٣٣

٣٤. يل لهإذا قنا وا ألفيم ل نتبعل اهللا قالوا با أنزوا ماتبع ٣٧ ١٧٠ ...م

٣٥. اءعإلا د عمسا لا يق بمنعي يثل الذوا كمكفر ينثل الذم٣٨ ١٧١ ...و

٣٨ ١٧٢ ...كم واشكروا يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقنا .٣٦

٣٩ ١٧٣ ...إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير .٣٧

١٣٨

٣٨. به ونشتريتاب والك نل اهللا ما أنزم ونكتمي ينالذ ٤٠ ١٧٤ ...إن

٣٩. ينالذ أولئك ةرغفبالم ذابالعى ودلالة بالها الضو٤٠ ١٧٥ ... اشتر

٤٠ ١٧٦ ...ذلك بأن اهللا نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في .٤٠

٤١. نلكغرب والمو شرقل المبق كموهجلوا وتو أن البر س٤١ ١٧٧ ... لي

٤٢. ري القتلى الحف اصصالق كمليع بنوا كتآم ينا الذها أي٤٣ ١٧٨ ...ي

٤٣. تتقون لكماب لعا أولي األلباة يياص حصي القف لكم٤٣ ١٧٩ و

٤٣ ١٨٠ ...رك خيرا الوصية كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ت .٤٤

٤٥. إن لونهدبي ينلى الذع ها إثمفإنم هعما سمدعب لهدب ن٤٤ ١٨١ ...فم

٤٦. فلا إثم منهيب لحا فأصإثم نفا أووص جم نخاف م ن٤٥ ١٨٢ ...فم

٤٧. ا الذها أيلى يع با كتكم اميالص كمليع بنوا كتآم ٤٦ ١٨٣ ...ين

٤٧ ١٨٤ ...أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة .٤٨

٤٧ ١٨٥ ...شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس .٤٩

٤٨ ١٨٦ ...ذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع وإ .٥٠

٥١. لكم اسلب نه ائكمسفث إلى نام الريلة الصلي ل لكم٤٩ ١٨٧ ...أح

٥٠ ١٨٨ ...إلى الحكام ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها .٥٢

٥٣. سليو جالحيت للناس واقوم يقل ه لةن األهع ألونكس٥٢ ١٨٩ ...ي

٥٣ ١٩٠ ...وقاتلوا في سبيل اهللا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن اهللا .٥٤

٥٣ ١٩١ ...موهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم واقتلوهم حيث ثقفت .٥٥

٥٦. يمحر اهللا غفور ا فإنو٥٣ ١٩٢ فإن انته

١٣٩

٥٣ ١٩٣ ...وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين هللا فإن .٥٧

٥٤ ١٩٤ ...والحرمات قصاص الشهر الحرام بالشهر الحرام .٥٨

٥٩. لكةإلى الته يكمدلا تلقوا بأيبيل اهللا وي سقوا فأنف٥٥ ١٩٥ ...و

٦٠. نم رستيا اسفم تمرصأح ة هللا فإنرمالعو جوا الحمأت٥٦ ١٩٦ ...و

٥٧ ١٩٧ ...من فرض فيهن الحج فلا رفث الحج أشهر معلومات ف .٦١

٦٢. تمفإذا أفض كمبر نلا متغوا فضتب أن ناحج كمليع س٥٨ ١٩٨ ...لي

٥٨ ١٩٩ ...ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا اهللا إن اهللا .٦٣

٥٩ ٢٠٠ ...قضيتم مناسككم فاذكروا اهللا كذكركم آباءكم أو أشد فإذا .٦٤

٦٥. ةري اآلخفنة وسا حنيي الدنا فنا آتبقول ري نم منهم٥٩ ٢٠١ ...و

٥٩ ٢٠٢ ب أولئك لهم نصيب مما كسبوا واهللا سريع الحسا .٦٦

٦٠ ٢٠٣ ...واذكروا اهللا في أيام معدودات فمن تعجل في .٦٧

٦٨. شهديا ونيالد اةيي الحف لهقو كجبعي نالناس م نم٦١ ٢٠٤ ...و

٦١ ٢٠٥ ... وإذا تولى سعى في األرض ليفسد فيها ويهلك الحرث .٦٩

٧٠. هبسة باإلثم فحزالع اهللا أخذته اتق يل لهإذا ق٦٢ ٢٠٦ ...و

٦٣ ٢٠٧ ...ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اهللا .٧١

٦٣ ٢٠٨ ...تبعوا يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا ت .٧٢

٦٤ ٢٠٩ ...فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن اهللا .٧٣

٦٥ ٢١٠ ...هل ينظرون إلا أن يأتيهم اهللا في ظلل من الغمام .٧٤

٧٥. نم مناهآتي ائيل كمري إسنل بل سدبي نمو نةيب ة٦٥ ٢١١ ... آي

١٤٠

٦٥ ٢١٢ ...زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا .٧٦

٧٧. ريننذمو شرينبم ينث اهللا النبيعة فبداحة وأم الناس ٦٦ ٢١٣ ...كان

٧٨. كملقب نا مخلو ينثل الذم كمأتا يلمنة وخلوا الجتد أن تمبسح ٦٧ ٢١٤ ...أم

٦٩ ٢١٥ ...يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير .٧٩

٧٠ ٢١٦ ...أن تكرهوا شيئا كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى .٨٠

٨١. دصو كبير يهتال فقل ق يهتال فام قرر الحن الشهع ألونكس٧١ ٢١٧ ...ي

٧٢ ٢١٨ ...إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل اهللا .٨٢

٨٣. ن الخمع ألونكسللناس ي عنافمو كبير ا إثميهمر قل فسيالم٧٢ ٢١٩ ...ر و

٨٤. مله لاحى قل إصتامن اليع ألونكسيو ةراآلخا ونيي الد٧٣ ٢٢٠ ...ف

٨٥. م رنة خيؤمة ملأمو نؤمتى يح شركاتوا المحلا تنكو ٧٥ ٢٢١ ...ن

٨٦. اءتزلوا النسأذى فاع ويض قل هحن المع ألونكسي٧٦ ٢٢٢ ...و

٧٧ ٢٢٤ ...ولا تجعلوا اهللا عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا .٨٧

٨٨. ي نلكو كمانمي أياهللا باللغو ف ذكمؤاخا لا يبم ذكم٧٧ ٢٢٥ ...ؤاخ

٨٩. ر فإنأشه ةعبأر صبتر ائهمسن نم ؤلوني ين٧٨ ٢٢٦ ...للذ

٩٠. يملع يعماهللا س وا الطلاق فإنمزع إن٧٨ ٢٢٧ و

٩١. و وءثلاثة قر هنبأنفس نصبترطلقات يالمل وح٧٩ ٢٢٨ ...لا ي

٧٩ ٢٢٩ ...الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .٩٢

٩٣. فإن هرا غيجوز حتى تنكح دعب نم ل لها فلا تحطلقه ٧٩ ٢٣٠ ...فإن

٩٤. لغنفب اءالنس إذا طلقتمو وفرعبم نكوهسفأم نله٨١ ٢٣١ ...أج

١٤١

٩٥. أن نلوهضفلا تع نلهأج لغنفب اءالنس إذا طلقتم٨١ ٢٣٢ ...و

٩٦. متي أن ادأر نن لملين كامليوح نهلادأو نعضرات يالدالو٨٢ ٢٣٣ ...و

٨٣ ٢٣٤ ...لذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن وا .٩٧

٩٨. أو اءالنس ةطبخ نم به تمضرا عيمف كمليع ناحلا ج٨٥ ٢٣٥ ...و

٩٩. ستم ا لمم اءالنس طلقتم إن كمليع ناحلا ج ن٨٦ ٢٣٦ ...وه

١٠٠. تمضفر قدو نوهستم ل أنقب نم نوهطلقتم إن٨٦ ٢٣٧ ...و

١٠١. اجهموة لأزيصا واجوأز ونذريو نكمم نفوتوي ينالذ٨٦ ٢٤٠ ...و

١٠٢. قح وفرعبالم تاعم طلقاتللمو ينتقلى الم٨٧ ٢٤١ ا ع

١٠٣. لونقتع لكملع هاتآي اهللا لكم نيبي ٨٧ ٢٤٢ كذلك

١٠٤. يملع يعماهللا س وا أنلماعبيل اهللا وي سلوا فقات٨٨ ٢٤٤ و

١٠٥. له فهاعضنا فيسا حضاهللا قر قرضي يذا الذ ن٨٩ ٢٤٥ ...م

٩٠ ٢٤٦ ...ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى .١٠٦

٩٠ ٢٤٧ ...وقال لهم نبيهم إن اهللا قد بعث لكم طالوت ملكا .١٠٧

١٠٨. يكمتلباهللا م قال إن نودل طالوت بالجا فص٩١ ٢٤٩ ...فلم

١٠٩. لكاهللا الم آتاهالوت وج وداوقتل دبإذن اهللا و موهمز٩٢ ٢٥١ ...فه

٩٣ ٢٥٥ ...اهللا لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما .١١٠

٩٤ ٢٥٦ ...لرشد من الغي فمن يكفر لا إكراه في الدين قد تبين ا .١١١

٩٥ ٢٥٧ ...اهللا ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور .١١٢

١١٣. لكاهللا الم آتاه أن هبي رف يماهرإب اجي حإلى الذ تر ٩٦ ٢٥٨ ...ألم

١٤٢

١١٤. ا قال أوهوشرلى عة عخاوي يهو ةيلى قرع ري م٩٦ ٢٥٩ ... كالذ

٩٧ ٢٦٠ ...وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال .١١٥

٩٩ ٢٦١ ...ت مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اهللا كمثل حبة أنبت .١١٦

١٠٠ ٢٦٢ ...الذين ينفقون أموالهم في سبيل اهللا ثم لا يتبعون ما أنفقوا .١١٧

١٠٠ ٢٦٣ ...قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى .١١٨

١١٩. لوا صطنوا لا تبآم ينا الذها أياألذى يو نبالم كمقات١٠٠ ٢٦٤ ...د

١٠٠ ٢٦٥ ...ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة اهللا .١٢٠

١٠١ ٢٦٦ ...أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب .١٢١

١٠٢ ٢٦٧ ...نفقوا من طيبات ما كسبتم ومما يا أيها الذين آمنوا أ .١٢٢

١٢٣. كمدعاهللا يو شاءبالفح كمرأميو الفقر كمدعي طان١٠٣ ٢٦٨ ...الشي

١٢٤. يأوت ة فقدكمؤت الحي نمو شاءي نة مكمي الحؤت١٠٣ ٢٦٩ ...ي

١٠٤ ٢٧٠ ...فقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن اهللا يعلمه وما أن .١٢٥

١٢٦. اءا الفقرتؤتوها وتخفوه إنو يا همعفن قاتدوا الصدتب ١٠٤ ٢٧١ ...إن

١٠٥ ٢٧٣ ...طيعون ضربا للفقراء الذين أحصروا في سبيل اهللا لا يست .١٢٧

١٠٦ ٢٧٥ ...الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي .١٢٨

١٢٩. نم يقا بوا مذرنوا اتقوا اهللا وآم ينا الذها أي١٠٧ ٢٧٨ ...ي

١٣٠. نب مرلوا فأذنوا بحتفع لم فإن فلكم تمتب إنو ولهسر١٠٧ ٢٧٩ ... اهللا و

١٠٧ ٢٨٠ ...وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا .١٣١

١٠٧ ٢٨١ ...واتقوا يوما ترجعون فيه إلى اهللا ثم توفى كل .١٣٢

١٤٣

١٠٩ ٢٨٢ ...منوا إذا تداينتم بدين إلى أجل يا أيها الذين آ .١٣٣

١١٠ ٢٨٣ ...وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة .١٣٤

١١١ ٢٨٤ ...هللا ما في السماوات وما في األرض وإن تبدوا ما .١٣٥

١١٢، ٨، ٦ ٢٨٥ ..ما أنزل إليه من ربه والمؤمنون آمن الرسول ب .١٣٦

١١٢ ٢٨٦ ...لا يكلف اهللا نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها .١٣٧

النساء سورة

١٣٨. ر اللهغي ندع نم كان لوو آنالقر ونربتدأ ٨٢ ...أفال ي

١٣٩. ونبقرلائكة الملا الم١٣ ١٧٢ ...و

المائدة سورة

٦ ٣٨ ...والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما .١٤٠

١٤١. غونبي ةيلاهالج كم١٥ ٥٠ ...أفح

األنعام سورة ١٣ ٣٦ إنما يستجيب الذين يسمعون .١٤٢

األعراف سورة ١٣ ٢٢ ...فدلاهما بغرور .١٤٣

سورة الحجر١٤٤. ظونافلح إنا لهو لنا الذكرنز نث ٩ ... إنا نح

اإلسراء سورة ث ٨٨ ... نقل لئن اجتمعت اإلنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآ .١٤٥

١٤٤

طه سورة ١٤ ٦١ ...قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على اهللا .١٤٦

األحزاب سورة ١٤ ٢٥ ...ورد اهللا الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا .١٤٧

يس سورة١٤٨. وارالنه نهلخ مل نساللي مة له١٥ ٣٧ ...آي

األحقاف سورة ٧ ٣٥ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل .١٤٩

محمد سورة ٧ ١ الذين كفروا وصدوا عن سبيل اهللا أضل أعمالهم .١٥٠

المدثر سورة ١٣ ٢١ ..ثم نظر .١٥١

اإلخالص سورة ١٣ ١ أحد الله هو قل .١٥٢

١٥٣. الله دم١٣ ٢ الص

١٤٥

رقم الصفحة الحديــث م

ت من ال يشكر الناس ال يشكر اهللا .١ ١٢ ... كان إذا قرأ قطع قراءته آية آيةأن رسول اهللا .٢ ٤٦ ...ر أمثالها إلى سبع مائة ضعفإن ربكم يقول كل حسنة بعش .٣

فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فال يأخذ منه شيئا ، فإن ما أقضي له .٤ قطعة من نار

٥٠

٥٥ ....كنا بمدينة الروم فأخرجوا إلينا صفا عظيما .٥ ٧١ ....عجبا ألمر المؤمن إن أمره .٦٧. وءضالو نسأ فأحضتو ن٧٦ م ٨. نلف ملى حين عمأى يا فرهرا غيرا خينها مهأتفلي كفرليو نه عينم٧٧ ي

١٤٦

رقم الصفحة االســــم م

٣ ابراهيم بن عمرالبقاعي .١

٣ بدر الدين محمد بن عبد اهللا الزركشي .٢

٤ د النيسابوريعبداهللا بن محمد بن زيا .٣

٦ عبد الملك بن قريب األصمعي .٤

١٠ عثمان بن سعيد، أبو عمرو الداني .٥

١٠ أبو الحسن علي بن عيسى الرماني .٦

١٥ ، أبو بكر، الملقب بوكيعمحمد بن خلف بن حيان بن صدقة .٧

١١٨ عثمان بن جني الموصلي أبو الفتح .٨

١٤٧

الطبع ة األول ى -دكتور ف ضل ح سن عب اس، دار الفرق ان األس تاذ ال : الق رآن إتقان البرھان في علوم ،

.م١٩٩٧

أبو السعود القاضي محمد بن محمد بـن مـصطفى : إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم -٢ . لبنان- بيروت– الفكرالعمادي الحنفي، دار

يوطي أبو الفضل، تحقيـق عبـد لعبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الس :أسرار ترتيب القرآن -٣ . القاهرة–عتصام الا القادر أحمد عطا، دار

بالباقالني أبـو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم البصري، المعروف : إعجاز القرآن -٤ . الطبعة الرابعة- دار المعارف-بكر

.م١٩٩١هـ ١٤١٢فضل حسن عباس وسناء فضل عباس، : الكريمإعجاز القرآن -٥

ي عمر بن محمـد لإلمام القاضي ناصر الدين أبي سعيد عبد اهللا أب : ر التنزيل وأسرار التأويل أنوا -٦ .م٢٠٠٢-هـ١٤٢٤ األولى،الطبعة - بيروت -دار الكتب العلمية -الشيرازي البيضاوي

جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكـر الجزائـري، :أيسر التفاسير لكالم العلي الكبير -٧ .م٢٠٠٣-هـ١٤٢٤ الخامسة، الطبعة -لوم والحكممكتبة الع

لجالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، قدم لـه وعلـق عليـه : اإلتقان في علوم القرآن -٨ بيـروت، – دار إحياء العلـوم كر، وراجعه األستاذ مصطفى القصاص، األستاذ محمد شريف س

.م١٩٩٦ -هـ ١٤١٦ ، الطبعة الثانية- الرياض–مكتبة المعارف و

.م٢٠٠٣-هـ١٤٢٤ سادسة، الطبعة ال - القاهرة-سعيد حوى، دار السالم: تفسيراألساس في ال -٩

دين الزركلـي، لخير ال: األعالم ألشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين -١٠ .م١٩٨٠ لبنان، الطبعة الخامسة، – بيروت -دار العلم للماليين

عبـد اهللا : تقديم وتعليقلكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني،لإلمام أبي سعد عبد ا : األنساب -١١ . م ١٩٨٨ - هـ ١٤٠٨ ، لبنان، الطبعة األولى– دار الجنان، بيروت عمر البارودي،

الخطيب القزويني، شرح وتعليق وتنقيح الدكتور محمد عبد المنعم : اإليضاح في علوم البالغة -١٢ . الطبعة الرابعة-انيخفاجي، منشورات دار الكتاب اللبن

.م١٩٨٥ ، بيروت–أبو عمرو الداني، دار الكتب العلمية : التيسير في مذاهب القراء السبعة -١٣

يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم : الطراز المتضمن ألسرار البالغة وعلوم حقائق اإلعجاز -١٤، الطبعة األولـى، لبنان – بيروت -العلوي، تحقيق محمد عبد السالم شاهين، دار الكتب العلمية

.م١٩٩٥هـ ١٤١٥

١٤٨

أبو البقاء أيوب بن موسى الكفـوي، تحقيـق : الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية -١٥ . مؤسسة الرسالة-عدنان درويش ومحمد المصري

ي، أبو الليث نصر بن محمد بن إبـراهيم الـسمرقند : بحر العلوم المعروف بتفسير السمرقندي -١٦ . بيروت- دار الفكر-رجيتحقيق الدكتور محمود مط

لإلمام الشاطبي، تأليف خادم العلم والقرآن : بشير اليسر شرح ناظمة الزهر في علم الفواصل -١٧ . مصر - ميدان األزهر الشريف–عبد الفتاح القاضي، المكتبة المحمودية التجارية

الـشيخ محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان األندلسي، دراسة وتحقيق وتعليـق : البحر المحيط -١٨ - لبنـان – بيـروت –عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية

. م٢٠٠١- هـ١٤٢٢ ،الطبعة األولى

–أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة اإلدريسي الشاذلي، دار الكتب ا لعلميـة : البحر المديد -١٩ .م٢٠٠٢هـ ١٤٢٣بيروت،

ي، تحقيـق محمـد أبـو در الدين محمد بن عبد اهللا الزركش لإلمام ب : البرهان في علوم القرآن -٢٠ . القاهرة– مكتبة التراث -الفضل إبراهيم

الطبعة - مصر-مرتضي الزبيدي، بالمطبعة الخيرية محمد : تاج العروس من جواهر القاموس -٢١ . هـ١٣٠٦األولى، المحمدية سنة

محمـد الـسالم عبد قيقتح ،)هـ٣٧٠ (األزهري أحمد بن محمد منصور ألبي ؛اللغة تهذيب -٢٢ . والنشر واألنباء للتأليف العامة المصرية المؤسسة هارون،

تـونس، –محمد الطاهر بن عاشور، دار سحنون للنشر والتوزيـع : تفسير التحرير والتنوير -٢٣ .م١٩٩٧

- القـاهرة -تفسير الجاللين، لجالل الدين المحلي وجالل الدين السيوطي، مؤسـسة المختـار -٢٤ . م٢٠٠٤ هـ ١٤٢٤ الطبعة األولى،

. قطاع الثقافة-، أخبار اليوم الشعراوي متولي محمد الشيخ فضيلةلالشعراوي، تفسير -٢٥

الهيئـة المـصرية السيد محمد رشيد رضا، : تفسير القرآن الحكيم المشتهر باسم تفسير المنار -٢٦ . م١٩٩٠العامة للكناب،

الطبعة األولى -مكتبة الصفا الدمشقي، لإلمام أبي الفداء الحافظ ابن كثير: تفسير القرآن العظيم -٢٧ .م٢٠٠٢-هـ١٤٢٣

ألبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري، دار الكتـب : تفسير النكت والعيون -٢٨ . لبنان- بيروت-العلمية

لإلمام فخر الدين محمد بن عمر التميمي الـرازي، دار ): التفسير الكبير (تفسير مفاتيح الغيب -٢٩ .م١٩٨١هـ ١٤٠١لطبعة األولى ا– بيروت – الفكر

١٤٩

دمـشق، – لبنان، ودار الفكـر –تفسير الوسيط، وهبة الزحيلي، دار الفكر المعاصر، بيروت -٣٠ .م٢٠٠١هـ ١٤٢٢الطبعة األولى

لإلمام جالل الدين عبد الرحمن السيوطي، دراسة وتحقيق عبد : تناسق الدرر في تناسب السور -٣١ .م١٩٨٦-هـ١٤٠٦ لبنان، الطبعة األولى –يروت القادر أحمد عطا، دار الكتب العلمية، ب

العالمة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر الـسعدي، : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان -٣٢ .م١٩٩٥هـ ١٤١٥ الطبعة األولى -مؤسسة الرسالة

ألبي جعفر محمد بن جرير الطبري، تحقيق أحمـد محمـد : جامع البيان عن تأويل آي القرآن -٣٣ .م٢٠٠٠هـ ١٤٢٠سسة الرسالة، الطبعة األولى، شاكر، مؤ

– دار الحـديث -الجامع ألحكام القرآن، ألبي عبد اهللا محمد بن أحمد األنـصاري القرطبـي -٣٤ . م٢٠٠٢ هـ ١٤٢٣القاهرة،

محمد أبـو موسـى، دار التـضامن، : خصائص التراكيب دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني -٣٥ .م١٩٨٠هـ ١٤٠٠القاهرة، الطبعة الثانية

. بيروت–أبو الفتح عثمان بن جني، تحقيق محمد علي النجار، دار الكتب : الخصائص -٣٦

أبو بكر بن عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني النحـوي، : دالئل اإلعجاز في علم المعاني -٣٧ . م٢٠٠١هـ ١٤٢٢قرأه وعلق عليه أبو فهر محمود محمد شاكر، مطبعة المدني، الطبعة الثالثة

اإلمام الشيخ إسماعيل حقي بن مـصطفى الحنفـي الخلـوتي : ان في تفسير القرآن روح البي -٣٨ . لبنان- بيروت– إحياء التراث العربيالبروسوي، دار

للعالمة أبي الفضل شهاب الدين محمود : روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني -٣٩ . م١٩٨٧ هـ ١٤٠٨ بيروت، -األلوسي البغدادي، دار الفكر

-عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، المكتـب اإلسـالمي : زاد المسير في علم التفسير -٤٠ . هـ ١٤٠٤ الطبعة الثالثة، -بيروت

لإلمام الحافظ محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، حكم على أحاديثـه وآثـاره : سنن الترمذي -٤١و عبيدة مشهور بن حسن آل وعلق عليه العالمة المحدث محمد ناصر الدين األلباني، اعتنى به، أب

.، الطبعة األولىالرياضسلمان، مكتبة المعارف

لإلمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيـسابوري، حقـق نـصوصه : صحيح مسلم -٤٢ -الفكر، مطبعة دار صدقي جميل العطار وصححه ورقمه وعد كتبه وأبوابه وأحاديثه وعلق عليه

. م٢٠٠٣ هـ ١٤٢٤ الطبعة األولى، -لبنان

الشيخ محمد علي الصابوني، نسخة منقحة ومصححة، ): تفسير القرآن الكريم (صفوة التفاسير -٤٣ .العاشرة الطبعة - القاهرة-الحديثدار

١٥٠

عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بدر الدين محمود بن أحمد العيني، دار إحيـاء التـراث -٤٤ . لبنان- بيروت-العربي

اإلمام محمد بن علي بن محمـد : اية والدراية من علم التفسير فتح القدير الجامع بين فني الرو -٤٥ . لبنان- بيروت–دار المعرفة الشوكاني،

هــ ١٤١٢لسيد قطب، دار الشروق، الطبعة الشرعية الـسابعة عـشرة، : في ظالل القرآن -٤٦ . م١٩٩٢

العالمة اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي، تحقيـق مكتـب : القاموس المحيط -٤٧ .م١٩٨٠-هـ١٤٠٦تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، مؤسسة الرسالة، الطبعة األولى

أبو القاسم جار اهللا محمود ابن : الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل -٤٨ . بيروت- الفكرعمر الزمخشري الخوارزمي، تحقيق عبد الرازق المهدي، دار

عالء الدين علي بن محمد بـن إبـراهيم البغـدادي الـشهير : زيللباب التأويل في معاني التن -٤٩ .م١٩٧٩هـ ١٣٩٩ ، بيروت–بالخازن، دار الفكر

اللباب في علوم الكتاب، أبو حفص عمر بن علي بن عادل ا لدمشقي الحنبلي، تحقيـق عـادل -٥٠ م،١٩٩٨هـ ١٤١٩ لبنان – بيروت -أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، دار الكتب العلمية

.الطبعة األولى

اإلمام العالمة جمال الدين أبي الفضل محمد بن مكرم بن منظـور األنـصاري : لسان العرب -٥١اإلفريقي المصري، حققه وعلق عليه ووضع حواشيه عامر أحمد حيدر، راجعه عبد المنعم خليـل

،لـى الطبعـة األو - لبنان – بيروت –إبراهيم، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية .م٢٠٠٣-هـ١٤٢٤

ـ : مباحث في التفسير الموضوعي -٥٢ ، الطبعـة األولـى - دمـشق -ممصطفى مـسلم، دار القل .م١٩٨٩هـ١٤١٠

مناع القطان، مؤسـسة الرسـالة، الطبعـة الخامـسة والثالثـون، : مباحث في علوم القرآن -٥٣ .م١٩٩٨-هـ١٤١٩

.محاسن التأويل، محمد جمال الدين القاسمي، دار إحياء الكتب العلمية -٥٤

.م١٩٨٨معاني األبنية في العربية، فاضل صالح السمرائي، منشورات جامعة بغداد، -٥٥

معاني القرآن الكريم، للنحاس، تحقيق محمد علي الصابوني، جامعة أم القرى مكة المكرمـة، -٥٦ .هـ١٤٠٩ ،الطبعة األولى

القـسم جالل الدين السيوطي، تحقيق علي محمد البجاوي، : معترك األقران في إعجاز القرآن -٥٧ .األول، دار الفكر العربي

١٥١

-معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية، عمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربـي -٥٨ .بيروت

. دار الفكر-معجم مفردات ألفاظ القرآن، للعالمة الراغب األصفهاني، تحقيق نديم مرعشلي -٥٩

حقيق وضبط عبد السالم محمد ألبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، ت : معجم مقاييس اللغة -٦٠ .م١٩٧٩هـ ١٣٩٩ ، الطبعة األولى-الفكرهارون، دار

محمـد علـي : الشيخ مصطفى الحصن المنـصوري، تحقيـق : المقتطف من عيون التفاسير -٦١ . بيروت– دمشق، والدار الشامية – دار القلم -الصابوني

: الغزالي أبو حامد، تحقيق محمد بن محمد : المقصد األسنى في شرح معاني أسماء اهللا الحسنى -٦٢ . م١٩٨٧ هـ ١٤٠٧ الطبعة األولى، - قبرص-بسام عبد الوهاب الجابي، دار الجفان والجابي

. لبنان-الطبعة العشرون، دار المشرق، بيروت: المنجد في اللغة -٦٣

لإلمام محمد عبد العظيم الزرقاني، مطبعـة عيـسى البـابي : مناهل العرفان في علوم القرآن -٦٤ .ركاهالحلبي وش

المرسي أبو الحسن علي بن اسماعيل بنم سيده، تحقيق عبد الحميـد : المحكم والمحيط األعظم -٦٥ .م٢٠٠٠ بيروت، –هنداوي، دار الكتب العلمية

لإلمام برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي، : نظم الدرر في تناسب اآليات والسور -٦٦ .م١٩٩٥هـ ١٤١٥ بيروت، – العلمية تحقيق عبد الرزاق غالب المهدي، دار الكتب

النكت في إعجاز القرآن، أبو الحسن علي بن عيسى الرماني، ضمن ثالث رسائل في إعجـاز -٦٧، حققها وعلق عليها محمد خلف اهللا ومحمد زغلول سالم، )الرماني والخطابي والجرجاني (القرآن

.دار المعارف بمصر، الطبعة الثالثة

١٥٢

رقــم احملتويــات الصفحة

ب داءــاإله ت شكر وتقدير

ث ةـالمقدمـ

١ التمهيد

٢ المناسبات في القرآن الكريم: لمبحث األولا ٣ المناسبة لغة واصطالحا: المطلب األول

٣ المناسبة لغة: أوال ٣ المناسبة اصطالحا: ثانيا

٤ لم المناسبات وأقوال العلماء في ذلكأهمية ع: المطلب الثاني ٤ أقوال العلماء في بيان أهمية علم المناسبات

٦ أنواع المنسبات في القرآن الكريم: المطلب الثالث ٦ المناسبات في السورة الواحدة : أوال

٧ المناسبات بين السورتين : ثانيا ٩ الفواصل في القرآن الكريم: المبحث الثاني

١٠ الفاصلة لغة واصطالحا : ب األولالمطل ١٠ الفاصلة لغة: أوال ١٠ الفاصلة اصطالحا: ثانيا

١٢ الكريم القرآن في الفواصل معرفة طريق: الثاني المطلب: المطلب الثاني ١٣ قبلها بما الفاصلة عالقة: المطلب الثالث

١٤ التمكين: أوال ١٤ التصدير: ثانيا ١٤ التوشيح : ثالثا

١٥ اإليغال: رابعا ١٦ ٢٥٤ - ١٤٢ اآلياتدراسة تطبيقية على مناسبة فواصل : األولالفصل

١٧ ١٥٣ - ١٤٢: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع األول ٢٦ ١٥٧ - ١٥٤: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الثاني

١٥٣

٢٩ ١٧٧ - ١٥٨: بين الفواصل وآياتها من اآليةالمناسبة: المقطع الثالث ٤٢ ١٨٨ - ١٧٨: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الرابع

٥١ ٢٠٣ - ١٨٩: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع الخامس ٦١ ٢١٤ - ٢٠٤: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: المقطع السادس

٦٨ ٢٨٦ - ٢١٥ اآلياتدراسة تطبيقية على مناسبة فواصل : لثانياالفصل ٦٩ ٢٢٠ - ٢١٥: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: األولالمقطع ٧٤ ٢٣٤ - ٢٢١: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: الثانيالمقطع ٨٤ ٢٤٢ - ٢٣٥: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: الثالثالمقطع ٨٨ ٢٥٢ - ٢٤٤: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: الرابعالمقطع ٩٣ ٢٥٧ - ٢٥٥: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: الخامسالمقطع ٩٥ ٢٦٠ - ٢٥٨: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: السادسالمقطع ٩٨ ٢٧٣ - ٢٦١: اآليةالمناسبة بين الفواصل وآياتها من: السابعالمقطع ١٠٦ ٢٨١ - ٢٧٥: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية : الثامنالمقطع ١٠٨ ٢٨٤ - ٢٨٢: المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: التاسعالمقطع ١١٢ ٢٨٦ - ٢٨٥ :المناسبة بين الفواصل وآياتها من اآلية: العاشرالمقطع

البقرة من عجاز البياني في فواصل سورة جوانب من اإل: الفصل الثالث إلى نهاية السورة١٤٢اآلية

١١٤

١١٥ بالغية في فواصل اآليات الظواهر ال: المبحث األول ١١٦ التأكيد: المطلب األول

١٢١ التقديم والتأخير: المطلب الثاني ١٢٣ اإلظهار في موضع اإلضمار : الثالثالمطلب

١٢٧ االستفهام: المطلب الرابع ١٢٩ الفواصل المشتملة على أسماء اهللا الحسنى: المبحث الثاني

١٣٠ فقط) اهللا(الفواصل المشتملة على لفظ الجاللة : المطلب األول ١٣٢ الفواصل المشتملة على أكثر من اسم: المطلب الثاني

١٣٤ الخاتمة ١٣٥ الفهارس

١٣٦ فهرس اآليات القرآنية ١٤٥ فهرس األحاديث

١٤٦ رس األعالمفه ١٤٧ المصادر والمراجع

١٥٢ فهرس الموضوعات

ملخص الرسالة باللغة العربية

هذا البحث يتحدث عن جانب من جوانب اإلعجاز البياني في القرآن الكريم وهو بعنوان إلـى نهايـة ١٤٢المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها دراسة تطبيقية لسورة البقرة اآليـات "

". رةالسو

: مقدمة، وتمهيد، وثالثة فصول، وخاتمة، على النحو التالي: حيث يتكون هذا البحث من

وتشمل أهمية الموضوع، وأسباب اختيار الموضـوع، وأهـداف البحـث وغاياتـه، :المقدمـة .والدراسات السابقة، ومنهج البحث

.وفيه الحديث عن المناسبات والفواصل في القرآن الكريم: التمهيد

، ودراسة فواصلها دراسة تفسيرية )٢١٤ - ١٤٢( وفيه تتبعت آيات سورة البقرة :األوللفصل اتحليلية تطبيقية تظهر من خاللها العالقة بين الفاصلة وموضوع اآلية القرآنية التي اختتمت بهـذه

.الفاصلة

ا دراسة تفسيرية ، ودراسة فواصله )٢٨٦ - ٢١٥( وفيه تتبعت آيات سورة البقرة :الثانيالفصل تحليلية تطبيقية تظهر من خاللها العالقة بين الفاصلة وموضوع اآلية القرآنية التي اختتمت بهـذه

.الفاصلة

البقرة التي تم دراسـتها البالغية في فواصل سورة من الظواهر وفيه بيان بعضا :الفصل الثالث .ماء اهللا الحسنى وبيان الفواصل التي اشتملت على أس،في الفصلين السابقين

. وضمنها الباحث أهم النتائج والتوصيات:الخاتمة

Abstract

This research is talking about the miracle aspect of the chart in the Kuran,

entitled:

(Deep divisions between appropriate and mandates- Hunger applied study

of surat Al Baqarah from ١٤٢ to the end).

This research consists of an introduction preface three chapters and a

conclusion as follows:

Introduction: It contains the importance of the subject, and the reasons of

the selecting the topic the research goals and objectives, previous studies,

and curriculum and research.

Preface: The researcher her talks about science events and the spacing in

the Quran.

Chapter ١:The researcher in this chapter followed out the verses of Sorat Al

Baqarah from (٢١٤ -١٤٢) to find out the divisions between the Faselah and

its verse.

Chapter ٢: Also in this chapter the researcher followed out the verses from

٢١٥ to the end of Sorat Al Baqarah to find out the divisions between

faselah and verse.

Chapter ٣: the researcher explained some of the tonical phenomena of

faselah in Sorat Al Baqarah which have studied in the previous two

Chapters and the explaination of faselah in Allah names.

Conclusion: The warnings included the most important findings and

recommendations.