- ٥٩ -

:حول مفهوم األمة في قرن

نقد تراكمي مقارن السيد عمر. د

:حدود الدراسة ومنهج البحثموضوع هذا البحث هو الدراسة النقدية المقارنة ألهم األدبيات العربية

ع عشر الهجري، وباألحرى خـالل القرن الراب) األمة(التي تعرضت لمفهوم كمال "منذ هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية األولى، وبروز نجم

في تركيا، وتهميشه لمؤسسة الخالفة ثم القضاء المبرم عليها، وما "أتاتوركرافق ذلك وترتب عليه من تكثيف غير مسبوق للجدل بخصوص حدود هذا

.المفهومآلن بين المنظورين التغريبـي واإلسـالمي، ولم يتوقف ذلك الجدل حتى ا

وشهد الربع األول من ذلك القرن ذروة الهجمة التغريبية على ذلك المفهـوم ، وتكريس الواقـع محمد عليمن أرضية الحملة الفرنسية على مصر وتجربة

. بتفكيك الدولة العثمانية١٨٧٨الذي أنشأه مؤتمر برلين عام انتعش الجدل من جديد وأعيد ١٩٦٧ة عام ومنذ الحرب العربية اإلسرائيلي

طرح الكثير من األدبيات المنشورة قبل إزالة االستعمار الغربـي التقليـدي، فضال عن ظهور أدبيات جديدة متمحورة حول ذلك المفهوم خالل ربع القرن

.أزمة مفهوم األمة: األخير، ويمكن بدون مبالغة وصف ذلك القرن بأنه قرن القراءة النقدية للخريطة اإلدراكية :أولهمالنقدية محوران، ولهذه المعالجة ا

لمفهوم األمة في ثلة من أهم األدبيات المعبرة عن رؤى جميع تيارات الحركة

- ٦٠ -

المراكمة على مـا طـرح مـن رؤى :والثانيالفكرية خالل تلك الفترة له، وبنيته بمحاولة أولية إلعادة بناء مفهوم األمة بتوصيف دالالته في لغة الضاد

القرآنية، وذلك بتطبيق االقتراب المفاهيمي المقارن الذي ال يقف عند رصـد المعالم األساسية لمفهوم األمة في تلك األدبيات، بل يحاول تقديم بنيـة بديلـة

.للمفهوم تستفيد من عيوبها، وقد تسهم في تقويمهاي القـرآن وتستخدم هذه المحاولة منهاجية التحليل السياقي لمفهوم األمة ف ذلـك أن . الكريم بعد أن تمهد لذلك بقراءة لحقوله الداللية في اللغة العربيـة

، وهو ليس مجرد "ومحكوم به "مفهوم قرآني موجود في سياق ) األمة(مفهوم اسم أو مصطلح أو لفظ، بل هو وعاء معرفي جامع، يحتاج إلى قـراءة فـي

إلمكانية التواصل بـين سياقه القرآني، تجلي خصائصه وهويته وتفتح الباب .المتحاورين بشأنه، وتفرق بينه وبين مفاهيم مجلوبة انتحلته

ويرتكز الجمع بين هذين المحورين في هذه الدراسة األولية إلى أن حقيقة داللة ذلك المفهوم ال تدور في فراغ، وهو ما يستوجب االنطالق من وصـف

المفهوم أسـيرا لـذلك ولكن التوقف عند هذا الحد يعني جعـل ذلك ،واقعهومن المطلوب بالتالي تجاوز وصف واقع مفهوم األمة وتحليل عملية . الواقع

.تقويضه إلى إعادة بنائه كخطوة على طريق استعادته وتفعيلهعن الخريطة اإلدراكية لمفهـوم : وتنقسم هذه الدراسة إلى مبحثين، أولهما

في اللغـة العربيـة والسـياق عن بنية مفهوم األمة :األمة في قرن، وثانيهما .القرآني

- ٦١ -

الخريطة اإلدراكية لمفهوم األمة في قرن: المبحث األولمع زوال الخالفة العثمانية كناظم لدولة إسالمية واحدة تغطي معظم أرجاء العالم اإلسالمي، شقت الدولة القومية طريقها لتغطي خالل فترة وجيزة

.خريطة العالم اإلسالمي برمتههذا التحول جدل كبير بين تيار فكري ينطلـق مـن المرجعيـة وصاحب

وتيـار ،اإلسالمية، ويرى ضرورة استعادة مفهوم األمة اإلسالمية الواحـدة فكري ينطلق من مرجعية غربية، ويرى التخلي عنه واستبدال ناظم آخر بـه

.هو القومية العلمانيةمة لكل من هذين وسنرصد في ما يلي معالم الخريطة اإلدراكية لمفهوم األ

.التيارين منذ الحرب العالمية األولى حتى اآلن :معالم الخريطة اإلدراكية لمفهوم األمة في المنظور التغريبي: أوال

، وفـك )القوميـة (و) األمـة (نواة هذه الخريطة هي التسوية بين مفهومي لجميع االرتباط بين مفهومي األمة والدين، وتبني الداللة المفهوميـة الغربية

القومية والدين كأرضية إلزاحة مفهـوم / المفاهيم المتشابكة مع مفهومي األمة األمة اإلسالمية، من وضعية مفهوم يشمل كل مسلمي العالم ككيـان واحـد، ليصير مفهوما يقف عند حدود الوطن العربي ويرادف األمة العربيـة تـارة،

بحيث تكون هناك ،يةويقف عند حدود كل قطر إسالمي ويرادف الدولة القوم .أمم إسالمية بعدد الدول القومية ذات األغلبية المسلمة

وسنستعرض معالم هذه الخريطة بنهج نقدي مقارن مـن خـالل أربعـة األدبيات التي كتبت عن مفهوم األمة من منظور تغريبي خالل فتـرة : روافد

طرحـت البحث، والقراءتين التغريبية واإلسالمية لجميع التصـورات التـي ، ومضـامين مفهـوم األمـة فـي )١(حول مفهـوم األمة في ذلـك القـرن

. الموسوعات السياسية العربية بالمقارنة بنظيراتها في الموسوعات الغربية

- ٦٢ -

: رؤية في أدبيات البناء التغريبي لمفهوم األمة-١ ،رغم وحدة منطلق األدبيات المحددة لمفهوم األمة من منظـور تغريبـي

لساحة الفكرية في المئوية األخيرة في اختيـار نـاظم لـذلك والتي عرفتها ا المفهوم غير الدين؛ فإنها لم تجتمع على ناظم واحد كما لم تتفق على درجـة الفصل بينه وبين الدين، وانقسمت بالتالي إلى رؤى متعددة تحمل كل رؤيـة منها نقدا غير مباشر للرؤى األخرى يحول دون اإلجماع على تصور واحـد

.له وجعـل ، األمـة والدين يفلقـد رأى البعض الفصل الكامـل بين مفهوم

إلـى "فرح أنطـون " و "شبلي شميل "العلمانية بداللتها الغربيـة، كما أدخلها سـاطع "ومن رموز هذا االتجـاه األوائـل . )٢(الشـرق منذ قرابة مائة عام

ال يصـلح ، وأن الدين )اللغة( الذي يرى أن نواة مفهوم األمة هي "الحصري :، وتستند رؤيته هذه على أربع ركائز)األمة(كناظم لمفهوم

تحديد الخط الفارق بين األمم، وتمكـين : للغة وظيفتان : محورية اللغة -أفاللغة هـي . األمة من البقاء ومن استعادة كيانها إذا استولت عليها أمة أخرى ومع . متغير تابع روح األمة وأساس حريتها، وهي المتغير المستقل وما عداه

فإن ،أن الذاكرة التاريخية والوعي بالذات والحرية من المقومات المهمة لألمة فاألمـة الخاضـعة . فقدانها يظل قابال لالسترداد ما دامت األمة لم تفقد لغتها

والتواصـل . ألمة أخرى المحافظة على لغتها شبيهة بسجين بيده مفتاح سجنه ألن فقدانه قد يسفر مع مرور الوقت عن التباعد الجغرافي مهم، ال لذاته، بل

.في اللغة فال وجـود ألمة : أسطورية وحدة األصل والدم كآصرة ناظمة لألمة -ب

واألمم كاألنهار متعددة الروافد والمنابع، وهي نتـاج انصـهار ،خالصة الدم وجدود أي أمة جـدود معنويـون ،عشرات األجناس واألعراق عبر التاريخ

- ٦٣ -

هـو المعـول ) وليس رابطة الدم الفعلية (عتقاد بالقرابة والنسب واال ،فحسب . ونواة هذه القرابة المعنوية هي اللغة كآلة للتفكير وكواسطة للتفاهم،عليه

مع أن الدين يولـد وحـدة فـي : قصور الدين كآصرة ناظمة لألمة -جـالشعور فإنه ال يصلح كنواة لألمة؛ ألن تـأثيره يختلـف بـاختالف الزمـان

أن دور الدين كناظم لألمـة -في رأي الحصري- واألهم من ذلك ،المكانو فإن كان دينا قوميا غيـر سـاع ،مرهون بخضوعه لمفهوم القومية من عدمه

إلى االنتشار كاليهودية واألديان الوثنية القديمة فهو مقوم مهم لألمة كاللغـة، ويعجـز ،لق مناخا أمميا فإنه يخ ،أما إن كان دينا عالميا كالمسيحية واإلسالم

عن خلق آصرة أقوى من اآلصرة القومية؛ ولهذا ال تكفي الرابطة الدينية في .كل األحوال لتشكيل اآلصرة القومية

يستخلص الحصري من الخبرة : أسطورية وحدة التاريخ كناظم لألمة -دلـدول األوروبية مقولة أسطورية وحدة التاريخ بالنسبة ألية أمة، مستدال بأن ا

القومية األوروبية بوصفها األقدم تاريخيا تكونت كل منهـا مـن مقاطعـات مختلفة في تاريخها ودارت بينها حروب، ولم تندمج معا فـي دولـة قوميـة

، وال توجد أمة كانت موحدة علـى طـول تاريخهـا ،واحدة في تاريخ واحد أساسـية ألي والتاريخ المشترك نسبي وانتقائي، ونسيان قسم من التاريخ سمة

.)٣(أمةلبنيـة لمفهـوم األمـة، تسـتبعد الـدين ا ساطع الحصري وهكذا يؤسس

اإلسالمي، وتمهد للترابط بين العرب بتعلية اللغة والتهوين من شـأن وحـدة التاريخ، وتمهد في ذات الوقت لفك االرتباط بين مفهـومي األمـة العربيـة

سالمي على أساس قـومي واألمة اإلسالمية، ولتسويغ رسم خريطة العالم اإل .لغوي

- ٦٤ -

وخالصة هذا الطرح هي أن بناء مفهوم لألمة العربية يقوم على اسـتبعاد الدين، والوقوف بالتاريخ عند تاريخ إزاحة اللغة العربية للغطـاءات اللغويـة

.األخرى، وتشكل ما بات يعرف بالعالم العربي، بل انساق مـع ولم يقف الحصري عند تنصيب اللغة ناظما لمفهوم األمة

الدالالت الغربية لعائلة هذا المفهوم إلى حد أسفر عن تعميق الطابع التفكيكـي بأنها إحساس جماعة مـن البشـر ) األمة( فلقد عرف ،لذلك الناظم وتشويشه

والقومية هي حب األمة، والوطن هو قطعة أرض ،بارتباط باطني يجمع بينها .حساس بارتباط باطني نحوهتعرف الوطن، والوطنية هي حب الوطن واإل

وبصرف النظر عن أن مثل هذه التعريفات تفتح الباب للفصل بين عامـل بمـا أنـه أي (، والوطن )بما أنها أي جماعة من البشر (اللغة ومفاهيم األمة

بجعل األولى ارتباطـا باطنيـا بـأرض، والثانيـة (والوطنية والقومية ) إقليملنظر عن تأكيد الحصري أن حـب الـوطن وبصرف ا ) ارتباطا باطنيا ببشر

وحب األمة كليهما يستدعي اآلخر، فإن إخضاع الحصري مفهومي الوطنيـة بداللتـه الغربيـة بتحديده لها بأنها جماعة من البشر (والقومية لمفهوم الدولة

تضـمن ) يعيشون في أرض مشتركة، مؤلفين هيئة سياسية مستقلة ذات سيادة فلقد سـاقه ،لفكرة اللغة كنواة لوحدة األمة الناطقة بها بشكل غير مباشر نسفا

ذلك إلى التسليم بإمكانية الفصل بين األمة والدولة، وتحديد مفهـوم الوطنيـة .والقومية بدالالت تختلف من حالة إلى أخرى

فالوطنية والقومية مترادفان إذا شملت دولة مستقلة واحدة أمة برمتها، وإذا إلى عدة دول ذات سيادة فإن القومية تصـير مجـرد انقسمت األمة الواحدة

رباط معنوي عابر للحدود، يسعى إلى توليد وطن معنـوي ووطنيـة عامـة .تسمو على األوطان والوطنيات الخاصة

- ٦٥ -

هي نزعة لالسـتقالل وتكـوين ووالقومية حالة تبعية األمة لدولة أجنبية، ن أكثـر مـن دولـة دولة مستقلة، وهي حالة كون األمة مستعمرة ومجزأة بي

.)٤(إحسـاس مضاد للتبعية والتجزئـةو ،أجنبية) الدولـة (وربط ) الوطن المعنوي ( بـ) األمة(وهكـذا صرنا أمام ربـط

وحصر القومية في اإلحساس المضاد للتبعية والتجزئـة، ) الوطن الفعلي (بـ كة فإن تحديـد شـب ،وهذا وإن لم يمثل تخليا عن فكرة الدولة العربية الواحدة

عالقات مفهوم األمة على هذا النحو أضفى غموضا بالغا على فكرة قيام أمة اللغة فـي حـدود النطـاق : واحدة ذات إرادة واحدة وكيان واحد ناظمها هو .الجغرافي الناطق بها والذاكرة التاريخية للعروبة

خطوة أخرى على طريق الفصل بين مفهـوم األمـة طه حسين وتحرك القومية على الدين، وربط ذلك المفهوم بالمرجعيـة الغربيـة واإلسالم وتعلية

بالقول بأن القومية العربية آصرة أعمق تاريخيا من اإلسالم، شـكلها الشـعر الجاهلي أوال ثم القرآن، ومفتاح نهضتها الحديثة هو االلتقاء بالغرب، وهو إن

صلى اهللا عليه (كان يسلم بأن المكون الحقيقي للوحدة العربية هو النبي محمد ، فإنه يدعو إلى العلمانية وفصل الدين عن الدولـة، ويسـير بـذلك )٥()وسلم

بمفهوم األمة إلى حدود تقف عند كل قطر عربي على حـدة؛ حيـث يعتبـر .)٦(العرب بغاة بغوا على مصر

عدم الوقوف بمفهوم األمة عند حدود كـل -على العكس - المازنيويرى أو علـى - ورغم إشارته إلى أن الشرق، مستقلة قطر عربي وقيام أمم عربية

عرف وحدة وثقافة إسـالمية ظلـت قائمـة ولـم -ما يهمنا منه : حد تعبيره يزحزحها انحطاط الثقافة والفتن الداخلية، وظل العلمـاء والفقهـاء واألدبـاء يرحلون من بلد إلى بلد دون أن يحسوا بأنهم تركـوا أوطـانهم أو اجتـازوا

أقطار أو تفصل أمة عن أمة، فإنه لم يخلص إلى المنـاداة حدودا تفصل بين

- ٦٦ -

باإلبقاء على الدين ناظما لألمة، بل رأى أن القومية هي اللغة ال سواها، وأنه .ما دام أقوام ينطقون بلغة واحدة فهم شعب واحد

لـو أن هـذه : (ولم يكن وراء ذلك واقعية البحث عن الممكن بدليل قوله هما ال سند له من حقائق التـاريخ والحيـاة، لوجـب أن القومية لم تكن إال و

.)٧()فاألحالم ضرورة من ضروريات الحياة، نخلقه خلقااألمـة ( فيرى أن األمة امتـداد لألسـرة، والعـرب هـم األرسوزيأما ؛ ألنهم حملة سر الرب الذين تخطى ذهنهم ولسانهم طرفي الزمـان )األصلية

وهذه األمة األصلية كائن حي ذو طـابع ،دوالمكان متعاليا نحو مصدر الوجو واللغة العربية هي ،رحماني دائم التطلع لمكارم األخالق، عبقريتها في لسانها

حلقة الوصل بين ما فيها من نسبية كائنة وما فيها من نزوع نحـو المطلـق، وهي بنيان اشتركت في تشييده السماء بالتناغم مع اإلرادة اإلنسانية، ورغـم

أن اإلسالم هو رمز استواء هذه األمة وأحد تجلياتها، فإنـه رأى أن تسليمه ب هذه المضامين توافرت في العرب قبل اإلسالم وبعده، وتحدث في مقابل تلك األمة عن األمم الهجينة التي يغلب على تفكيرها نمط التداعي اآللي المسـتمد

ه نزعة عنصرية ، وكمنت في تعريف )٨(من شطط الثقافتين اليونانية والرومانية .عن عبقرية العرب

وقال ميشيل عفلق بعالقة فريدة بين اإلسالم والعروبة ال نظير لها بين أي دين وقومية أخرى، فهو سر عبقريتها والعنصر الوحيد فيها المطلق المتجاوز

غير أنه لم ينظر إلى اإلسالم كدين، ،للزمان والمكان، وما عداه نسبي وعابر هي أثمن ما في عروبة أي عربـي، وبمعيارهـا ال يوجـد بل كثقافة قومية .عربي غير مسلم

وميـز بـين ،وظن عفلق أن باإلمكان ابتكار علمانية توافق هذا الواقـع العلمانية األوروبية التي تفرض الفكرة الالدينيـة علـى : نوعين من العلمانية

- ٦٧ -

ـ المي المجتمع وتعادي الدين وتسعى للحلول مكانه، ويرفضها المطلـق اإلسللعروبة وكثير من مقوماتها المعنوية والتاريخية، والعلمانية بمعناها القـانوني المحايد وهو الفصل بين الدين والحكومة وليس بين الدين والمجتمع وال بـين

.)٩(الدين والفرد ويقبلها الواقع العربيوال يخفى أن وراء فكرة الفصل بين الدين والحكومة تبن لمفهـوم الـدين

الته الغربية التي تقصره على نطاق الضمير والعقيدة الفرديـة، وتتـرك بدال .للقانون تنظيم أي شأن عام

ليغدو مجـرد ؛الدين عن مفهوم األمة " عفلق"وفي الوقت الذي زحزح فيه فإنه سعى إلى تعميق ورفع مفهوم القومية من آصرة عنصرية ؛رابطة ثقافية

ة من التاريخ والثقافة المشتركة تربط تقوم على الدم إلى آصرة روحية مستمد كل عربي بوطنه كبيت كبير وبأمته كأسرة واسـعة بعالقـة حـب تقتضـي

حيث وحدة المنبع من معين ،التضحية وال تعلل، بل وصل إلى تسويته بالدين القلب والصدور من إرادة اهللا، وباألخص بالنسبة لألمة العربية التـي تسـتمد

.عبقريتها من دينهاق عفلق بين قومية تأتي من الخارج، وقومية تنبعث مـن األعمـاق، ويفر كالشجرة المجتثة عن األرض، مصيرها الجفاف والفشل مهما كـان :األولى

كالبذرة التي تولد في الخفاء وما تلبـث أن تسـتوي علـى :حجمها، والثانية .سوقها

من أن القومية الوافدة من أوروبـا تنسـي العـرب -بحق- ويحذر عفلق شخصيتهم وتشوهها وتسلبهم واقعهم الحي، وتنقل إليهم األمراض التي تعاني األمم الغربية منها، في مقابل ألفاظ فارغة ورموز مجـردة وأوهـام وآمـال

.)١٠(زائفة

- ٦٨ -

إن نقل مفهوم القومية بداللته الغربية إلى العالم العربي ليس ": ويقول عفلق األرض، ويقطع أوصال الحيـاة، مجرد استبدال لفظ بلفظ، بل هو أمر يزلزل

ويحز في شرايينها، ويحل في ساعة ما نسجه الـزمن فـي دمـاء أجيـال، وشتان مـا ،واستيراد نظرية قومية هو مجرد إيهام بأن عصا صارت تسعى

وجسـم آلـي يريـد تقليـد -مهما كانت ضآلته وبساطتـه - بين جسم حي عـن شـعور العـرب ، ويقرر عفلق أن اإلسالم هو أعلى مفصح )١١("الحياة

الكوني ونظرتهم إلى الحياة، وهو كمقوم للشخصية العربية أهـم مـن اللغـة .)١٢( فاإلسالم خرج من العروبة ليصير سماء لها وللعالم،العربية

وواقع األمر أن عفلق لم يوضح كيف يمكن التحـرر مـن الوقـوع فـي بـين الـدين محظور استيراد مفهوم القومية بدالالته الغربية إذا تم الفصـل

أليست هذه هي . ةـوالسياسة والفصل بين الدين في المجتمع والدين في الدول خالصة القومية العلمانية الغربية؟

وخالصة ما سبق أن معظم رواد الفكر القومي العربي لم يتفقوا على نواة سواء بشـكل مباشـر، أو بتحـوير ،مفهوم األمة، ولكنهم تحفظوا على الدين

واختلفوا بشأن استيراد المفاهيم األوروبية، ولكنهم وقعوا جميعا مفهوم الدين، .في أسره صراحة أو ضمنا

وال يكاد الباحث في أدبيات الفكر القومي العربي من بعدهم يجد شيئا أكثر من الدوران في فلكهم وترديد مقوالتهم دون إحراز أي تقـدم علـى طريـق

ما لـم يوضـحه ل، أو حتى بيان التوصل إلى توافق أو الشروع في مراجعة إمكانية الفصل بين اللغة والتاريخ والدين، وشـكل خريطـة : الرواد من قبيل

العالم فيما لو صار من حق كل أصحاب لسان أن يكونـوا دولـة مسـتقلة، ،ومعالم القومية غير المستوردة، والعالقة بـين األمـة والقوميـة والدولـة

.والشواهد على ذلك كثيرة

- ٦٩ -

، ويدعو )العرب( نجد طرحا يعتبر األمة هي لشبلي العيسمي ة ففي دراس إلى توظيف التاريخ لخدمة حصر هذا المفهوم فـي هـذا النطـاق، ويبـرر االنتقائية في قراءة التاريخ مدعيا أن الكشف عن أن الفارابي من أصل تركي غير الئق في كتب التاريخ العربية؛ ألنه يشوش ذهنية الطالب العربي، ويرى أن قرون التاريخ العربي نسخت ما قبلها، وتمييز ما قبلها من أصول وأنساب

.)١٣(د المستحيالتافي عد ويبـدأ ، بين الرابطة الشرقية واإلسالمية والعربيـة محمود عزمي ويقارن

الرابطة النواة؛ لـيخلص بـأن الرابطـة : بالقول بأن محور مفهوم األمة هو معيار تحكمي ليس -برأيه- رابطة الشرقية فال. العربية هي الوحيدة الصالحة

أصفر، وأسود، وأسـمر، والـروابط : فالشرقيون أجناس ثالثة ،له أي أساس بينهم شبه معدومة في بعض النواحي، وليس بينهم تقارب لغوي وال ديني وال

والقاسم المشترك بين العالم اإلسالمي والعالم المسيحي أقوى منـه . حضاريالرابطة اإلسالمية بدورها ارتكزت على فلسـفة تراثيـة و. بينه وبين الشرق

ألن "تجمع بين أمم وشعوب، وهي لـم تعـد صـالحة بعـد العشـرينيات؛ االعتبارات الحديثة استدعت تراجع اإلحساس الديني وتقدم اإلحساس القومي

.)١٤("كمحدد للعالقة بين الفرد والوطنـ ى التمييـز بـين ولم يقف محمـود عزمي عند هذا الحد، بل دعــا إل

؛ األول عقيدة ال شأن لها بالمشروع القومي، والثانيـة )اإلسالمية(و) اإلسالم(هي النظام االجتماعي واالقتصادي والسياسي في اإلسالم، وهـي ال تصـلح كرابطة؛ ألنها تستند على اعتبار ديني خاص، وتؤدي بالتـالي إلـى الفرقـة

أمـا . ال يعرف كيفية تجسيدها واالنقسام، عالوة على كونها رابطة فضفاضة الرابطة القومية فهي أمتن الروابط، ويراد بها الرابطة الناشئة عـن توحيـد التاريخ بين التفكير ونوع الحياة وأساليب الحكم في المنطقـة العربيـة مـن

- ٧٠ -

المحيط إلى الخليج، والرابطة األعلى منها هالمية والرابطـة األدنـى منهـا .)١٥(فردية ضيقة انتهي عصرها

ولكن هل يمكن الحديث عن تـاريخ عربـي مشـترك إذا نحينـا البعـد "سـاطع الحصـري "اإلسالمي؟ وأين الحديث عن التاريخ المشترك من نفي

لوحدة التاريخ؟ وما مظاهر متانة الرابطة العربية عـن الرابطـة القطريـة .والرابطة اإلسالمية في ضوء الخبرة التاريخية؟

ءة ذاتية للتاريخ واالنتقائية في تدوينه وفي تجلية بقرا "عزت النص "وينادي ، ويقرأ التاريخ على النحو الـذي )قومية األمة (مضامينه، ويطرح ما يسميه

بحيث نجد أن القومية هي طور اكتمال األمة والعـرق الخـالص ،ينادي به أسطورة، واألممية مصـنوعة ومفروضـة، وخبـرة التـاريخ أن األمميـة

على قهر القوميات، وأن القوميات تقهرهـا فـي نهايـة اإلمبراطورية تقوم المطاف، وإذالل القوميات يقوض السالم العالمي وعصارة التاريخ المجـردة عن الزمان والمكان، وأن القومية رابطة محبة طبيعية دائمة نابعة من داخـل

.اإلنسان، واألممية مشيئة مفروضة من الخارج حيـث ،م القومية العلمانية الغربيةمضامين مفهو" عزت النص"ويستحضر

يعرف العلمانية بأنها جهد مشترك لقهر الطبيعة، ويرى أن الدين ظهـر مـن الحيرة والشعور الغيبي، وتناسج مـع مفهـوم الـوطن، وارتقـى التماسـك االجتماعي من األسرة إلى القبيلة، إلى دولة المدينة، ثم إلى الدولة األمة مـع

إلى عبادة األرباب المحلية، ثم االنتهاء إلى عبـادة تطور الدين من الطوطمية ويتحدث عما يسميه بمرحلـة مـا قبـل التـاريخ ،الرب أو األرباب القومية

ومراحل الصيد والزراعـة واسـتثمار شـعب لشـعب، وشـيوع النظـام .اإلمبراطوري منذ خمسة قرون على األقل لدوافع اقتصادية فحسب

- ٧١ -

الطـور التـاريخي لعالقـة اإلنسـان نتاج -في هذا الطرح - الدين إذن ولكن ماذا عن الـدين ،بالطبيعة، واإلمبراطوريات كيانات للتسلط االقتصادي

ثم تحولت علـى ،المسيحي واإلسالمي؟ المسيحية ناهضت التسلط في البداية يد الملوك إلى آلة للتسلط في الداخل والخارج، واإلسالم انتشر في البداية بال

وانتهى األمر فـي . يد العثمانيين إلى أداة لقهر القوميات تسلط، ثم تحول على الحالتين بانتصار القوميات، ويصل في المباعدة بين القومية العربية واإلسالم إلى حد القول بأن اللغة العربية صانت األمة العربية في ظل الحكم العثمـاني

، السياسـية ويرى أن قومية أي أمة تعني وحـدتها ،رغم كونه حكما إسالميا وليس قوميا وال عربيا من يقبل بالقومية المفككـة إلـى وحـدات سياسـية

.)١٦(منفصلةوهكذا يشوه هذا الطرح مفهوم الدين ويجعل الحكـم اإلسـالمي واللغـة العربية ضدين يصون الثاني منهما األمة من األول، ويعتبر القومية هي ناظم

فككة يعني قابلية هذا الناظم للتجزئة وال يستشعر أن حديثه عن قومية م ،األمةإلى مستوى قطري، فالناظم العرقي يستدعي تفككا وال يعرف حدا أعلـى وال أدنى لتقرير المصير، وال يفصح عن كيفية االنتقال من وضعية الدول القومية

.العربية إلى وضعية الدول القومية العربية الواحدة واإلسالمية مـن جهـة ،فاشية من جهة وأين الخبرة التاريخية النازية وال

أخرى من مقولة أن القومية محبة ورابطة طبيعيـة بالضـرورة، واألمميـة فرض مشيئة بالضرورة؟ ومـا مسـوغ وصـف الدولـة العثمانيـة بأنهـا إمبراطورية ضمت أمما وليست تجسيدا للشطر األكبر من األمة اإلسـالمية؟

وضعية العرب والمسلمين في ظل وأين مصداقية ذلك في ضوء المقارنة بين تلك الخالفة مهما كانت عيوبها وحالهم بعد خمس وسبعين سنة من القضـاء عليها؟ وما هو منطق عجز القومية العربية عن تحقيق الوحـدة العربيـة إذا

- ٧٢ -

كانت بالفعل رابطة طبيعية مثلى وفارقة؟ وهـل التعـدد اللغـوي والعرقـي مة؟والديني مستحيل في بنية مفهوم األ

ويتتبع عبد الفتاح العدوي تطور نواة القومية في ضوء الخبرة األوروبية، ويوضح أن مفهوم األمة ظل مرادفا لمفهوم الدولة حتى نهاية القرن الثـامن عشر، ولم ترتبط القومية بالعرق، بل بفكـرة رمزية هي الوالء لناظم متغير،

ـدد نطاقه بما يصـل إليـه الوالء السياسي لحاكم، ويتح : كان في البداية هو جماعة خاضعة : ( وكان مفهوم القومية آنئذ هو ،سلطانه ويتوسع ويتقلص معه

، وأساس االنتماء هـو فـرض )لقانون، وتمثلها الهيئة التي تسن ذلك القانون .الغالب إرادته على المغلوب

كيانا مستقال قائما بذاتـه : وفي القرن التاسع عشر صار مفهوم األمة يعني يجتمع في ظله قوم تجمعهم اللغة والفكر واألصل المشترك الناتج عن العيش

جماعة من البشـر تتـوطن : بمعنى آخر، صارت األمة و ،على أرض واحدة تراث تاريخي ودور مشـترك ورغبـة فـي حيزا جغرافيا معينا، ويجمعهم

والسيادة شرط لنشوء الدول وليست شرطا لنشـوء األمـم، ،الوحدة الوطنية .وليست القومية قطبا متنافرا مع العالمية، بل هي نواتها

والمطلوب هـو التـوازن ،ومعنى ذلك أن الفصل بين األمة والدولة وارد بحيث ال تخضع قومية لقومية أخرى، وال تتسلط واحدة علـى ،بين القوميات

وحدة القوميات المتميـزة كـل : ثم تتم الوحدة العالمية على مرحلتين ،غيرهالى حدة أوال، ثم التعانق بين القوميات على ركيزتي العدل والندية في وحدة ع

.)١٧(عالمية شاملةويؤخذ على هذا الطرح أنه سلم بإمكانية الفصـل بـين الدولـة واألمـة، وبحاجة القومية ذاتها إلى ناظم يوحد كل منها على حدة وإلـى حمايـة مـن

- ٧٣ -

اء وحدة عالمية؛ فما هو الناظم؟ وما التسلط القومي، وإلى العدل والندية إلرس المانع من التسلط؟ وما الضامن لبقاء الندية بعد الوحدة العالمية؟

قومية إقليمية تقـوم : ويميز عبد اهللا عبد الدائم بين ثالثة أنواع من القومية وقوميـة دينيـة، وهـي .على القومية القطرية الضيقة، وهي لم تعد صالحة

ن والمكان، وتنحصر في البلد الواحد فـي أحيـاء دون نسبية، يستبعدها الزما وقومية أممية تنظر إلى القومية العربية كمرحلـة .أحياء، وتقوم على التلفيق

.)١٨(لألممية، وجميعها ال تقبلها القومية العربيةومن الالفت للنظر في هذا الطرح أنه يؤكد قابليـة القوميـة؛ ألن تكـون

مدلولها بناظم آخر قد يكون هـو اإلقلـيم أو محكومة ال حاكمة، وأن يتحدد .)١٩(الدين أو التعددية العرقية

بمفهوم القومية العربية إلى القرن الثالث الهجـري، "محمد عمارة "ويعود ويرى أن المعتزلة صاغوا مفهوما غيـر عرقـي للعروبـة يشـكل بمعنـاه

نه ما يلبـث أن إال أ ،الحضاري رباطا جديدا ضد الشعوبية والعصبية األموية يسلم بأن اليقظة القومية العامة لم تحدث إال مع الحملة الفرنسية على مصـر،

فـي األدبيـات السياسـية ) أمـة (و) قـوم (ويذهب إلى التماثل بين مفهومي الجماعـة، وأمـة : فاألمة هي . العربيـة، وفي اللغة العربية، والقرآن الكريم

مجمـوع األمـة بعثـه اهللا "أنهم ب) قوم الرسول( قومه، بل إنه عرف :الرجل ألمـة ين مرادف ρأال يصير قوم محمد : وإن صح هذا التعريف . )٢٠("لهدايتها

.تشمل البشرية جمعاء من بعثه حتى قيام الساعة؟ أنها جماعة ثابتة من النـاس ال :محمد عمارة . وفي تعريفه لألمة يرى د

ض مشـتركة وحيـاة عرقية وال قبلية تكونت تاريخيا، لها لغة مشـتركة وأر اقتصادية مشتركة وتكوين نفسي مشترك ينعكس في ثقافة مشتركة، فاألمة لها

جماعة واحدة التكوين، مستقرة، لها لغة واحدة، موجودة علـى : خمس سمات

- ٧٤ -

رقعة من األرض ال تفصلها العوائق الطبيعية، وتمتلك الظروف المادية التي متلك الثقافة المشتركة التـي تجسـد وت ،تكفل لها الحياة االقتصادية المشتركة

.)٢١(تكوينا نفسيا مشتركا في اإلحساس بهذه السماتوال يخفى أننا لو طبقنا هذا المفهوم لألمة الذي نحته من أجل إقامة دولـة ؛قومية عربية واحدة، فإنه سيستحيل معه القول بوجود أمة إسـالمية واحـدة

.ية في ثنايا العالم اإلسالميلتعدد لغات المسلمين ووجود حواجز جغراف : رؤية في قراءتين لسياق مفهوم في قرن-٢

قراءة للسـياق التـاريخي لمفهـوم "ناصيف نصار" و"إبراهيم بيومي"قدم وتؤكد قراءة إبراهيم بيومي المنطلقة مـن رؤيـة ،األمة في القرن العشرين

مواطنـة إسالمية أن الساحة الفكرية المصرية لم تعرف مفهـوم الـوطن وال والوطنية بالدالالت العلمانية التي عرفتها أوروبا إال في الربع األخيـر مـن

وظل مفهوم األمة اإلسالمية حتى الحرب العالمية األولى . القرن التاسع عشر هو المعين الذي يتحدد به مفهوم الـوطن والمواطنـة والوطنيـة والتبعيـة

داللة العلمانية الغربيـة شقت ال ١٩٤٥، ١٩١٨ وفيما بين عامي ،واالستقاللطريقها إلى هذه المفاهيم، واتخذت بعدا مؤسسيا تجسد في نشأة دولة قوميـة في إطار وطني جغرافي محدد في مصر والعراق وتركيـا، وبـدأت أزمـة الجدل بين دعاة المرجعية اإلسالمية في تحديد تلك المفاهيم ودعاة تحديـدها

، وال يزال االستقطاب بينهـا قائمـا حتـى وفق المرجعية األوروبية العلمانية .اآلن

كل مكان رفعـت فيـه رايـة : الوطن بأنه "حسن البنا "وفي حين عرف منطقة جغرافية يقيم عليها شعب معين دولـة : التوحيد، عرفه طه حسين بأنه

وتكرست رؤية دعاة المرجعية األوربيـة العلمانيـة علـى . )٢٢(قومية حديثة

- ٧٥ -

في حين ظلت الرؤية المقابلة محصورة في ،سلطويالصعيدين المؤسسي وال .نطاق الساحة الفكرية

خيـر " و "الطهطاوي" على إسالمية مرجعية "إبراهيم بيومي "ورغم إلحاح في تحديد مفهوم الوطن، وحرصهما علـى اقتبـاس مـا ال "الدين التونسي

ـ انون يصطدم بالدين من الدالالت األوروبية لمفاهيم الدولة ونظام الحكم والقوالدستور، مرتبا على ذلك عدم إثارة ما ترجماه مـن تشـريعات وأعـراف أوروبية لمشكلة شرعية، فإنه تأثر هو نفسه في تصنيف المفاهيم التي بحـث سياقها التاريخي بالدالالت الغربية لها في ضـوء حديثـه عـن االسـتخدام

، ١٩٤٥عـامي لدعم فكرة القومية العربية فيما بـين ؛السياسي لمفهوم األمة األمة والوطن والقومية والدولة ونظام الحكـم (، وفي تقسيمه لمفاهيم ١٩٧٠

األول يشـمل الـوطن واألمـة : والشرعية والقانون والدستور، إلى قسـمين ، )والقومية، والثاني يشمل الدولة ونظام الحكم والشرعية والقـانون المـدني

إلسالمية واستبداله بمفهوم متخليا بذلك عن شمول مفهوم األمة في مضامينه ا القومية العلمانية، وموحيا بداللة التضمن أن المرجعية اإلسالمية لمفهوم األمة غير مكتفية ذاتيا، وأن هناك إمكانية لتطعيمها بمفاهيم غربية، وأن مضـامين

.المفاهيم الغربية تقبل التجزئةلحريـة األولـى تشـمل ا : (ثم إنه صنف المفاهيم إلى ثالث مجموعـات

والمساواة واإلخاء، والثانية تشمل األمة والوطن والقوميـة والدولـة ونظـام ، )الحكم والشريعة والقانون والدستور، والثالثة تشمل الدين والعلـم والتمـدن

وأشار إلى استدعاء مفهومي الدين والعلم مجموعتين من المفـاهيم تشمــل ثانيـة التقـدم والنهضـة األولى العقل والوحي والغيب والشهادة، وتشـمل ال .)٢٣(والتمدين والتغريب والتنمية والقديم والجديد والعلمنة

- ٧٦ -

وبدال من اإلشارة إلى كل هذه المفاهيم كشجرة مفاهيمية لمفهوم األمة فـي المرجعية اإلسالمية، وتتبع سياقها التاريخي في مواجهة المرجعيـة القوميـة

،ى التـأثر بالمرجعيـة األخيـرة العلمانية، فإن هذا التصنيف بذاته يؤشر عل ويؤدي عدم تحديد داللة المفاهيم المحورية الواردة بالدراسة إلى غموض هذه القراءة لسياق التطور التاريخي للمفاهيم وعدم قدرتها على إثبات أن اسـتيراد الطهطاوي وخير الدين التونسي لبعض الدالالت المنتقاة لمفاهيم غربية ضمن

فلقد تفاعلت تلك المفاهيم من واقع ،يم في الساحة اإلسالمية انضباط تلك المفاه وليس من واقع ما أراداه لها ومنها، وكان ذلك بالتالي ،طبيعتها التي ال تتجزأ

خطوة على طريق ظهور دعوة مكشوفة على لسان غيرهما للفصل بين الدين .)٢٤(والدولة بعد الحرب العالمية األولى

عواقب االستناد إلى المرجعية والمنهاجيـة "ناصيف نصار "وتجسد دراسة الغربية في تحليل مفهوم األمة فلقد أدى استنادها إلى التحديد الغربي لمفهـوم

ولمفهـوم الـدين ) اعتبار المحدد األساسي له هو الدولـة القوميـة (السياسة الـدين : ن معايير رابطة األمة أربعـة إ :إلى الخروج بمقولة ) العقيدة الدينية (

لغة واإلقليم الجغرافي والدولة، وبأن الفكر الحديث المعاصر عرف خمسة والودون دخول في تفصيالت ال يتسـع ). األمة(عشر صنفا من المفاهيم لكلمة

تكفي اإلشارة إلى أهم معالم تعبير هذه الدراسة عن أزمة مفهـوم ،لها المقام .األمة، رغم بأنها دينية الدراسة تتحدث عن ثالثة تصورات للمفهوم تصفها -أ

أن بعضها يدعو إلى تهميش الدين، وال تجد غضاضة في وصـفها بالدينيـة والقول بأن الجامع بينها هو اعتبـار اإلسـالم المقـوم الجـوهري لألمـة

وتتعـدى اإليحـاء بـأن ،والالمشترك بينها هو مفهوم وحدة األمة اإلسالمية إلى القـول ) مة اإلسالمية األ(ليست من المقومات األساسية لمفهوم ) الوحدة(

- ٧٧ -

بأن الواقع التاريخي قد تخطى طور الوحدة اإلسالمية الشاملة وتركيز الدولة :وتقسم الدراسة التصورات الدينية لمفهوم األمة إلى. )٢٥(على الدين

جمال الدين األفغاني، ومحمد عبده، : ، من أهم رموزه تصور توفيقي ) ١( صاحب -بزعم–، وهم حسين المرصفي وخير الدين التونسي، والكواكبي، و

،هذه القراءة ال يعتبرون الدولة اإلسالمية مـن مقومـات األمـة اإلسـالمية وهم يعرفـون أن ،ويرفعون شعارات كالجامعة اإلسالمية والرابطة الشرقية

الشرقيين أمم، ورغم أن هاجسهم هو وحدة األمة اإلسـالمية، فـإن مفهـوم جامعة المعتقد : اإلسالمية عند األفغاني هو الوحدة الذي هو شرط وجود األمة

. وليس وحدة الدولة أو الوحدة السياسية لألمة المسلمة،الديني لمفهوم األمة بمعنى الجماعة الشـاملة للمـؤمنين الكواكبيورغم استخدام

هي :، فإن المقوم األساسي لها عنده ليس الدين، واألمة عنده ρبرسالة محمد نسب أو وطن أو لغة أو ديـن، وآفـة األمـم هـي مجموعة أفراد يربطها

ورغم دعوته لبعث الخالفة فإنـه ،االستبداد، وهي عرضة له مهما كان دينها بين ثالثة أنـواع مـن حسين المرصفي وميز ،أرادها كمرجع ديني خالص

اللسان والمكان والدين، وتحدث عن األمة بحسـب : الروابط في تكوين األمم : المكان، واألمة بحسب الدين، وأضاف إليها الكواكبي اللسان، واألمة بحسب

ورابطـة الجامعـة السياسـية ، ورابطة الحقـوق المشـتركة ،رابطة النسب فاألمة عند الكواكبي تقوم على إحدى هذه الـروابط أو علـى . )٢٦(االختيارية .مزيج منهاأولهـا : أن األصول العامة للجامعة اإلسالمية ثمانيـة رشيد رضا ويرى

ووحدة ،وحدة الجنس البشري : وآخرها وحدة اللغة، ويتوسطهما ،دة األمة وح ووحـدة ، ووحدة الجنسية السياسية للدولـة ، ووحدة األخوة الروحية ،التشريع للتوحيد الديني، والثانيـة ىويقدم رشيد رضا خطتين للتوحيد، األول . القضاء

- ٧٨ -

ن المسلمين ناجم عـن للتوحيد السياسي، ويهتم باألولى؛ ألن التنازع الديني بي .التنازع السياسي

األمـة ( عن أمم إسالمية، وأكثر من استخدام مفهـوم ابن باديس وتحدث ، وفرق بين وحدة إسالمية أدبية واجتماعية، وبين البعد السياسـي )الجزائرية

الذي رأى أنه شأن خاص باألمم اإلسالمية المستقلة، واقتـرح إنشـاء هيئـة ية تقوم بمهمة المرجع األعلى الواحد لكل المسـلمين إسالمية عامة غير سياس

، وهو وإن كان قد رأى أن يسـتبقي مـن )٢٧(في الشؤون األدبية واالجتماعية االرتباط بين الدين والمجتمع، فإنه سلم بوجود : التقليدي ىمفهوم األمة بالمعن

. بين الدين والدولة-بالتالي–أمم إسالمية على الصعيد السياسي والفصل المعبر عن هذا التصور هم جماعـة اإلخـوان :تصور ديني سياسي ) ٢(

المسلمين، وإن غرست بذرته في مطلع القرن العشرين على لسان الشـيخين ، وهو يـربط مفهـومي الـوطن عبد العزيز جاويش و محمد توفيق البكري

فالوطن مرادف للدين وهو مجموع األمة اإلسالمية، ومـن . والوطنية بالدين وال وطنية . ديني: وطني، فقد قال : المسلمين في أي بقعة من األرض قال من

: ثم رفع حسن البنا شعار ،في اإلسالم غير الوطنية المالزمة لألمة اإلسالمية والمسـلمون أمـة . واألمة اإلسالمية أمة دين وأمة دولة ،اإلسالم دين ودولة

.)٢٨(دةواحدة تتحقق وحدتهـم عندما تقوم الدولة اإلسالمية الواحورغم طرح حسن البنا لفكرة وحدة األمة ورسم معالم تشكيل نواة تسـعى

حيث ،إلى استعادتهـا، فإنه لم يسلم هو نفسه من تأثير هجمة المفاهيم الغربية أمم إسالمية، واألمم اإلسالمية، وعصبة األمم اإلسـالمية، : استخدم عبارات

.)٢٩(وهيئة األمم اإلسالمية، ورابطة أمم اإلسالمووقع عبد القادر عودة في ذلك الفخ فتحدث عن مزج اإلسالم بين الـدين والدنيا وما يتعلق منه بالدنيا هو الجزء األهم، وكأن اإلسـالم لـيس مرادفـا

- ٧٩ -

ولم يقف عند هذا الحد بل تبنى التحديد الغربي لمفهوم الـدين، فقسـم ،للدين وتشـمل العقائـد ،لـدين أحكام يراد بها إقامـة ا : أحكام اإلسالم إلى نوعين

وأحكام يراد بها تنظيم الدولة والجماعـة، وتشـمل المعـامالت .والعباداتوالـدين جـزء مـن . واألحوال الشخصية والدستورية والدولة والعقوبـات

.)٣٠(اإلسالم، والحكومة هي جزؤه الثاني بل هي الجزء األهمل ما ك( لألمـة بمقولـة إن سيـد قطب تصور ناصيف نصـار ويختزل ،، وهو ما سيتضح زيفه في الجزء الثاني مـن هـذه الدراسـة )حولنا جاهلية

التي أنشـأها اإلسـالم مسـتندا إلـى ) األمة المسلمة الواحدة (ويهاجم مفهوم مرجعية قومية علمانية ترى أن مفاهيم الـوطن والمجتمـع والنظـام غيـر

احدة استنادا إلـى وتتهم باالزدواجية من يقول بإقامة أمة إسالمية و ،مترادفةقدرة اإلسالم في ضوء الخبرة التاريخية علـى إقامــة مجتمـع متجـانس ومتناسق، والتوحيد بين الشعوب والثقافات المتعددة المتباينة، واسـتثناء تلـك

.)٣١(القرآن والسنة: األمة على مبدأ التوحيد كما تجلى في نبعها الوحيدعلـى ) الالسياسي(ؤلف وصف يرتب الم :التصور الديني الالسياسي ) ٣(

عدم اعتبار التصور الديني الموصوف بالالسياسي مقومـا ضـروريا مـن مقومات األمة القائمة على رابطة الدين، موحيا بذلك ضمنا بأن الـدين يقبـل

ومن أهم رموز هـذا التصـور الـذين . )٣٢(الفصل بين مفهوم األمة والدولة لداعي إلى تجاوز التشـريع الـديني ا (محمود عزمي : أشارت إليهم الدراسة

الذي يقول بعجز الرابطـة (علي عبد الرازق ، و )حتى في األحوال الشخصية ويدعو إلى فصل الدين عن الدولـة ،الدينية دائما عن إيجاد الوحدة السياسية

).وعلمنة اإلسالم السـتعادة ؛وإذا كان الفصل بين الخالفة واإلسالم يترك البـاب مفتوحـا

ناصـيف في رأي -السياسية لألمة اإلسالمية بنظام غير نظام الخالفة الوحدة

- ٨٠ -

،يحرر اإلسالم من شـرط الدولـة " فإن الفصل بين اإلسالم والدولة -نصارخالـد ومن رموز هذا التصور أيضـا . )٣٣("ويحرر الدولة من شرط اإلسالم

ساني، الذي يرى أن الحكومة الدينية أمر فاسد، والتشريع عمل إن (محمد خالد ويطالب بقومية الحكم وديمقراطية التشريع، ويعتبر الوحـدة الدينيـة العامـة

الـذي يـرى أن (طه حسين ، و )رابطة ووحدة معنوية ال تحتاج إلى حكومة الوطن صـالحة كأسـاس للوحـدة / السياسة شيء والدين شيء آخر، واألمة

ألمـور الدين وليس بالقرآن تنظيم مجمـل وال مفصـل / الدينية بعكس األمة واإلسالم دين بال سياسة، واألمة اإلسالمية ،السياسة، بل مجرد أحكام أخالقية ).الموحدة دينيا وسياسيا مجرد وهم

الذروة في بناء تصور ديني -ناصيف نصار برأي - محمد النويهي ويبلغ ال سياسي لألمة بالقول بأن مفهوم األمة اإلسالمية مفهوم ديني خالص، بينمـا

مة العربية مفهوم لغوي سياسي، وتشريعات القرآن والسنة مجـرد مفهوم األ حلول لمشكالت معينة في مرحلة تاريخية معينة، وليست ملزمـة للمسـلمين

االلتزام بالغايات األخالقية العليا "اآلن بالضرورة، فالمتعين عليهم فحسب هو .)٣٤("المتضمنة في القرآن

تحدث هذه الدارسة عـن ثالثـة ت : التصورات اللغوية لمفهوم األمة -ب :تصورات لمفهوم األمة تتطابق مع نطاق اللغة، وهي

حسـين اللغة هـو - أول من طرق مفهوم األمة :تصور لغوي بسيط ) ١( األمة والـوطن : الذي ميز في أوائل القرن التاسع عشر بين مفاهيم المرصفي

جملة : عنده هي واألمة ،والحكومة والعدل والظلم والسياسة والحرية والتربية من الناس تجمعهم جامعة اللسان أو المكان أو الدين، واألمة بحسب اللسـان

والجامعـة اللغويـة ،اللغة، والدولـة / هي األسبق، واالنفصال تام بين األمة ليست خارجة عن الجماعة بل هي آصرة لهـا مـن ذاتهـا، وهـي تولـد

- ٨١ -

أمـا األمـة ، بالضـرورة االستئناس، ولكنها ال تستلزم وحدة الدولة السياسية أما األمة بحسـب الـدين .بحسب المكان، فإن محددها هو اإلقليم أو الوطن

وال تحدث عداوة ، وال يخرجون عن حدودها ،أتباع شريعة يلتزمون بها : فهي ليسـت ، في القرآن ، واألمة الداعية إلى الخير المأمور بها ،بين المنتمين إليها

.)٣٥(كائنة ولم تكنأحمـد فـارس الشـدياق ومن رمـوزه :ر اللغوي العنصري التصو) ٢(

، ومحور هذا يوإبراهيم اليازجي وعبد الغني العريس وصالح الدين القاسم الدعوة إلى استقالل األمة العربية عن الدولـة العثمانيـة علـى : التصور هو

أساس أن وحدة اللغة ووحدة العنصر هما المقوم األساسي لألمة، ومقومـات ومعنى ذلـك، أن ،بية والتركية ليست سياسية بعكس األمة العثمانية األمة العر

.األمة قد تترافق مع الدولة وقد تنفصل عنها ومن رموزه ساطع الحصري الذي يـرى :التصور اللغوي التاريخي ) ٣(

،أن اللغة والتاريخ هما العامالن األصليان في مفهوم األمة وتكوين القوميـات .مة غير دعم كيانها ورعايتهاأما الدولة فال تضيف لأل

ومفهوم ، ومن رموزه زكي األرسوزي :التصور اللغوي الميتافيزيقي ) ٤(األمة عنده منبثق من اللغة والرسالة القومية لألمة العربية، وسبيل اسـتعادتها هو الرجوع إلى العصر الجاهلي الستعادة األصول العربية الحقيقية لعبقريـة

وهذه الرؤية متأثرة بالنظرة األلمانية لألمـة ، في لسانها األمة العربية الكامنة .)٣٦(كعبقرية مبدعة حية متطورة تأبي الدخيل والهجين

، شفيق عفلق ونديم البيطار ومن رموزه :التصور اللغوي السياسي ) ٥(ويرى أن الدولة ال تأتي بعد األمة ال من حيث التكوين وال الكيان، وتستدعي

ـ ،دة وحدة الوجود السياسـي والعمـل السياسـي لألمـة رابطة اللغة الواحبمفهومين، ينطبـق أولهما على مصـر، ) األمة(واستخدم الخطاب الناصري

- ٨٢ -

ويوحي طرح هذه التصورات علـى ،)٣٧(وينطبق اآلخر على مجموع العرب هذا النحو بعدم االتفاق بين أصحاب التصورات اللغوية لمفهوم األمة بشـأن

. مفهومي األمة والدولةالربط أو الفصل بين يرادف اإلقليم في هذه التصورات : التصورات اإلقليمية لمفهوم األمة -ج

في منظور التصور اإلقليمي الوطني، والوطن العربي في رأي دعاة ) القطر( :القومية العربية، ومن أبرز أقسامها

يربط مفهوم األمـة بالدولـة القوميـة، األول :تصور وطني وقطري ) ١(اني يرى أن الدول القومية ترسخ التجزئة وتباعد بين أجزاء وطن واحـد والث

. واستخدم بطرس البستاني مفهوم اإلقليم الوطن كمرادف لألمة،في األصل ويربط مفهـوم رفاعة الطهطاوي من رواده :تصور إقليمي سياسي ) ٢(

األمة بالوطن وبالدولة الواحدة، ورأى أنطون سعـادة، أن المحدد األساسـي ووصل جمال حمدان إلى حد اعتبار مصر أمة بل ،لألمة هو البيئة الجغرافية

.)٣٨(هي أقدم أمة في أول دولة في التاريخ، وهي أم األمم: ومحورها النظر إلى الدولة علـى أنهـا هـي :التصورات السياسية -د

: ومن أهم أقسامها،المقوم األول لألمة أديب إسحاق وكمال يوسـف ومن رموزه :التصور السياسي البسيط ) ١(

الحجاج اللذان يعرفان األمة بالجماعة المتجنسة جنس ا، الخاضعة لقانون ا واحد وليس وحدة النسب المتجسـدة فـي ،واحد، ووحدة الجنس هي وحدة األصل

.االنتساب لدولة معينة األمة تتحدد باللغـة، والقوميـة تتحـدد :التصور السياسي المتطور ) ٢(

وال فـوق فـوق ،ان السياسي، وال بد للقومية من لغة أم واحدة بالدولة والكي األمة، وال شيء يسمو عليها، وهي مجتمع استقامت الروابط بـين أعضـائه

.على أساس وحدة األرض واالقتصاد والتاريخ واللغة

- ٨٣ -

ويحدد مفهوم األمة هنا على النحـو :التصور السياسي الدستـوري ) ٣( .)٣٩( ويراد بها بالتالي دولة من الدول القائمةالذي يتحدد به في الدساتيـر،

ومن الواضح أن التحليل النسقي الذي أفرز التصنيف السابق لتصـورات ولـم ،مفهوم األمة المعاصرة جعل بعض المفكرين رموزا ألكثر من تصور

يخرج في الواقع عن دائرة الجدل بشأن العالقة بين مفهوم األمة والمرجعيتين غربية، وكشف عن مدى ما تعرض له مفهوم األمة من تقويض اإلسالمية وال

على محاوالت لبناء المفهـوم ال تمـت ) التصور الديني (شمل إطالق وصف .للمرجعية اإلسالمية بصلة

غلبـت :مفهوم األمة في المعاجم السياسية واالجتماعيـة العربيـة -٣ فـي معاجمنـا المرجعية القومية العلمانية الغربية على تحديد مفهوم األمـة

وتكفي المقارنـة بـين تعريـف موسـوعتين ،السياسية واالجتماعية العربية . وتعريف عدة موسوعات عربية له،غربيتين له

،فاألمة فيما ورد في الموسوعة الدولية للعلوم االجتماعية مرادف للدولـة لسكان الدولة، أو أنها تشير إلى مجموعة من البشـر يجمعهـم التضـامن أو

، ويضع أفرادها الوالء لها على قمة الوالءات المتصارعة األخرى ،كالمشترمجموعة من البشـر تجمعهـم عواطـف : واألمة مرادف للقومية وهي تعني

مشتركة ال توجد بينهم وبين غيرهم تؤدي إلى التعاون الطوعي بينهم أكثـر من استعدادهم للتعاون مع غيرهم، وإلى رغبتهم في الخضوع لنفس الحكومة

.لحكم أنفسهم بأنفسهم أو بواسطة فريق منهم على سبيـل الحصروالثـورة الفرنسـية : والفكرة القوميـة مدينـة في تحقيقها للعالمية بحدثين

والحركة المعادية لالسـتعمار ،)التي نشرتها في أوروبا (والحروب النابليونية ـ ،في القرن العشرين التي مدتها إلى بقية العالم ي اللغـة وجـذر المفهـوم ف

، ويشير أصال إلى مجموعة ولدت في نفس المكـان )يولد(الالتينية هو الفعل

- ٨٤ -

ثم صار علما على سكان بلد معين فـي القـرن ،بصرف النظر عن مساحته ثم صار معناه األساسي الـدعوة إلـى الدسـتورية والعلمانيـة ،الثامن عشر

.للمجتمعوالمساواة والمركزية والتحديث وعقلنة البنية اإلدارية محاكاة لما حـدث (وكما ارتبط المفهوم بالتغيير في أوروبا ارتبط بالتغيير

واكتسـب ،فريقيا وأمريكا الالتينية في القرن العشرين أفي آسيا و ) في أوروبا الداللة على شعب غريـب، فـأطلق المسـتعمرون : ثانويا هو ىالمفهوم معن

ىمريكـا الشـمالية، وسـم على السكان األصليين فـي أ ) أمم(اإلنجليز لفظ قبل ظهور مفهوم القانون الدولي عـام ) قانون األمم (الرومان القانون الدولي

، ثم تطور المفهوم ليعني أي دولة ذات سيادة بغض النظر عن شـكل ١٧٨٠ .)٤٠( بسبب اعتبار األمم ذات سيادة؛حكومتها، وامتزج المعنيان

حق تقرير المصير وأساس وولد هذا المفهوم إشكالية أساسها الجدل بشأن إقامة دولة ألمانية علـى رأس عشـرات ةشنت ففي حين رأى ،عضوية األمة

األمراء ودافع مازيني عن الوحدة اإليطالية، سعى القوميـون فـي أوروبـا الشرقية إلى إسقاط اإلمبراطوريات الروسية والعثمانية والنمساوية المجريـة

ي أن كبح القومية هو سبب الحـرب، المتعددة األعراق، وفي حين زعم مازين ذهب الليبراليون الفرنسيون بعد قرن كامل إلى القول بأن اإلفراط في النزعة

ورغم رفض ماركس للقومية كمثاليـة برجوازيـة ،القومية هو سبب الحرب وتحالفوا مع حركـات التحريـر ،فإن ماركسيين الحقين قبلوا الفكرة القومية

الذت المستعمرات السابقة بهذا المفهـوم كوسـيلة القومية في المستعمرات، و .لالستقالل والتحديث

وأضفى الفكر الغربي مزيدا من الغموض على مفهوم المواطنـة القوميـة ) التاريخ والجغرافيا والبيئة االقتصادية (بالتفرقة بين خصائص موضوعية له

ـ )الوعي والـوالء واإلرادة (وبين خصائص ذاتية له ائص ، ورأوا أن الخص

- ٨٥ -

فمفهـوم األمـة ،الذاتية قد تعزز مشاعر المواطنة ولكنها ليست من محدداتها نسبي وقد ال تتطابق حدود الدولة مع حدود الوعي القـومي الـذاتي، وقـد تتضمن الدولة أقليات عرقية ال تشعر بنفس الوالء القومي، وقد تقسم الحـدود

أنهـا ال تـزال قيـد وقد يدعي الساسة إتمام بناء األمة مع ،مجموعة قومية .ا ما تسبق نشأة الدولة القومية بناء األمة وكثير،التشكيل

فمنذ الحرب العالميـة الثانيـة تتنـافس ،اوالوالء القومي ليس عامال ثابت الوالءات األوروبية المشتركة مع الوالءات األوربية القومية على نحـو قـد

ديثة في جوهرها دولة إقليميـة، والدولة القومية الح ،ينتهي بقيام أمة أوروبية الجغرافيـا والتـاريخ (والمعول عليه في قيامها هو الخصائص الموضوعية

.واإلرادة الشعبية) واللغةالراين : وقد يساهم في نشأة أمة ،والواقع أن الحد الطبيعي قد يفصل أمتين فالظواهر الجغرافية ليست هـي ،فصل بين فرنسا وألمانيا، والنيل وحد مصر

فالتـاريخ . ا لألمـة والتاريخ ليس مقوما جوهري ،لتي تنشئ األمم بل السكان ا .مجرد مخزن للرموز ينتقي منها كل طرف ما يحلو له

واللغة هي المعيار الذي ارتكزت عليه القومية األوروبية أكثـر مـن أي فهي تفرق البشر إلى مجموعات متمايزة، ومع ذلك فإنها ليسـت ،معيار آخر

ا كمعيارألن السياسة تشكلها وتتشكل بها؛ا للقوميةافي . فالخطوط اللغوية األوروبية تتمشى إلى حد كبير مع حدود األسر المالكـة التي سادت من القرن العاشر حتى الخامس عشر، وفي أجزاء أخـرى مـن

إما بالغة الصغر كما في إفريقيـا االسـتوائية، أو فإن المناطق اللغوية ،العالمر كما في أمريكا الالتينية والشرق األوسط العربي كمجال جغرافـي بالغة الكب

وال تتمشى الخريطة اللغوية للعالم مع الخريطة السياسـية ،لدولة قومية حديثة

- ٨٦ -

وفي قرابة نصف دول العالم ، معظمها في أوروبا ،إال في قرابة عشرين دولة .من السكان لغة واحدة% ٧٠يتحدث أقل من

عبية فيراد بها تحديد القومية باالستفتاء الشـعبي، وقـد أما عن اإلرادة الش أثبتت الخبرة أن االستفتاءات غير قادرة على تقرير الحدود القوميـة إال فـي حاالت هامشية ووفق إجراءات محددة سلفا تسـتدعي مقولـة سـير أيغـور

دع الشعب يقرر معقول في ظاهره، ولكنه مضـحك : يبدو أن معيار :جاننجز: ألن الشعب لن يستطيـع أن يقرر إلى أن يقرر شخص مـا أوال ؛في الواقع

من هو الشعب؟ويطرح الفكر الغربي حال لسيولة المحددات التي سبق له أن اعتمدها فـي القرن السابع عشر لمفهوم األمـة، بـربط المفهـوم بالحداثـة واالتصـال

.االجتماعيعبر تفاعل أوثق بـين توسيع نطاق السيطرة على الطبيعة :ويراد بالحداثة

البشر، وأساس ربطه بمفهوم األمة هو تكريس مبدأ الدول القومية المتوسـطة لتكون القومية والحداثة وجهين لثورة اجتماعيـة وسياسـية وثقافيـة ؛الحجم

واحدة، وتشكيل الوعي السياسي بالقومية عبـر التعبئـة االجتمـاعي كبعـد مية على هذه التقاليد السياسية خارج ولم ترتكز النزعة القو ،اجتماعي للحداثة

أوروبا الغربية، ولم تحترم الحدود الدولية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الالتينيـة أي منطق لغوي أو جغرافي أو اقتصادي، كما لم تستند على أي تقاليد سياسية

.لبناء األمة داخل تلك الحدودعن تحويل العنف إلـى ولم يسفر التحول من االستعمار إلى االستقالل إال

وتأكدت السمة التمزيقية للدول القوميـة ،عنف أكثر تنظيما بين الدول الجديدة ىالدولة القومية هي الصيغة األول (الناشئة إلى حد دفع سنجور إلى القول بأن

- ٨٧ -

للقرن العشرين، أما الحقيقة القادمة فهي االعتماد المتبـادل بـين األعـراق .)٤١()والقارات واألمم

مع ) أمة(في حين انفرد معجم العلوم السياسية الميسر باستخدام مصطلح و وأغفل مفهوم القومية تماما، مشيرا إلى اإلسالم كدين ودولـة، ،عدم ترجمته

وحدد وطن األمة بكل مكان يقطنه مسلمون، فإن هذا التحديد علـى بسـاطته عية اإلسالمية وافتقاره إلى أي عمق تحليلي هو الوحيد الذي حوم حول المرج

.)٤٢(في تحديد هذا المفهومأما الموسوعات السياسية األخرى التي اطلعنا عليها فالتزمت بالمرجعيـة

هـي الـركن -في القاموس السياسي - فاألمة ،القومية والعلمانية في تحديده وهي جماعة من البشر، مستقرة في إقليم وترتبط بوحدة ،األول في قيام دولة

واألمة العربية هي الشعوب القاطنة فـي العـالم . أو العقيدة األصل أو اللغة .)٤٣( ثم العقيدة،اللغة والتاريخ واألماني: العربي والجامع بينها هو

واألمة مفهوم يستمد أهميته من ارتباطه بالقومية أو العتباره أحد أركـان مـا مفهوم األمة القومية، ويراد به مجموعة من األفراد يتبلور لديهم شـعور

بالهوية المشتركة من جراء قدر من االستمرارية التاريخية والتجانس الثقـافي .واالرتباط الجغرافي بمكان بذاته

ولم تقف هذه الموسوعة عند حد التسليم بأن بعض معايير تعريفها مرتبطة بادعاءات مضللة؛ حيث اكتمل وجود أمم كثيـرة رغـم افتقادهـا لمقومـات

، بل تحـدثت )٤٤(ني أو العرقي أو التواصل الجغرافي التجانس اللغوي أو الدي عن التحرر القومي، بمعنى تحرير أمة ما من سيطرة قوة خارجية أو خلـق أمة من الداخل بكسر المؤسسات التي تشكل نوعا مـن االسـتعمار الجديـد

.األمة -وإعادة بناء الدولة

- ٨٨ -

فإنها لم تعـرف ،ورغم الشعور بوجود األمة اليونانية بمقوماتها المختلفة الدولة القومية التي ظهرت تاريخيا مع عجز اإلمبراطورية الرومانيـة عـن إحكام قبضتها على وحدات المجتمع الدولي، وظهرت كثير من الدول القومية ،المعاصرة بإرادة استعمارية خالصة، وسبقت الدولة بنـاء األمـة القوميـة

رجال الدين وفق التعاليم الدينيـة بأنها دولة يحكمها ) الدولة الدينية (وعرفت بأنها دولة تحكمها ) الدولة العلمانية (وال تعرف الفصل بين الدين والسياسة، و

هيئات مدنية خالصة ويتراجع دور الدين فيها في تسـيير أمـور الحيـاة وال .)٤٥(يصير له وجود خارج دور العبادة أو في صورة الطقوس والشعائر

جم العلوم االجتماعية من أن التعريفات الواردة ورغم ما جاء في مقدمة مع فيه ) أمة(، فإن مادة )٤٦(به روعي فيها التركيز على الجانب العربي اإلسالمي

) في اللغـة (استندت على مرجع واحد باللغة الفرنسية، وعرفت من ثم األمة بأنـه )في االصطالح(بجماعة من الناس تربطهم صفات وعادات متجانسة، و

شري له ثقافة مشتركة وأهداف واحدة تحقق التعاون والتقارب بـين مجتمع ب وفكرة الدولـة ، واألمة تحتاج إلى نظام سياسي وإداري يعرف بالدولة ،أفراده

فمن الـدول دول تنـتظم ، فالدولة ليست شرطا لألمة ؛مستقلة عن فكرة األمة فـة أو ألكثـر شعوبا مختلفة أو ناطقين بأكثر من لغة أو منتمين ألكثر من ثقا

.)٤٧(من دين، وقد تتوزع األمة بين أكثر من دولةومفاهيم أخـرى أوردهـا ) األمة(ولم يشر هذا المعجم للعالقة بين مفهوم

بمعنى السكان كوحدة متميزة عـن People :الشعب الذي حدده بمعنيين : مثل بمعنى الشعب أو جزء منـه مـن حيـث Folkو ،غيرها من الناحية العددية

وفي . ات والتقاليد والتأثير المتبادل بينه وبين الوسط الجغرافي المحيط به العادتحديده لمفهوم القبيلة رأى أنها مجموعة عشائر لها أرض مخصصـة ولغـة

- ٨٩ -

وقد يكون لها سلطة سياسية مركزية أو موزعة علـى ،مشتركة وثقافة واحدة .)٤٨(ة ويسودها تضامن اجتماعي تمليه رابطة الدم والقراب،العشـائر

والواقع أنه لو قدر لمؤلفي هذا المعجم الرجوع في بنـاء مفهـوم األمـة ومفاهيم الشعب والقبيلة والعشيرة إلى معاجم اللغة العربية لما تـأثر بناؤهـا بمقولة التطور الخطي الغربية، ولما اعتبرت أطوارا أدنى مـن األمـة، بـل

ونـوع الرابطـة ،لوجود غيره وجود أي منها ليس نافيا ؛أنساقا لمفهوم األمة . وليس عالقة نفي،القائمة في ظل كل منها تجمعه بمفهوم األمة عالقة تكامل

كون تجانسـها القـومي ي مجموعة بشرية -في موسوعة السياسة -واألمة عبر مراحل تاريخية تكون خاللها لغة مشـتركة وتـراث ثقـافي ومعنـوي

دة والمصالح االقتصادية وأدى العيش على أرض واح . وتكوين نفسي مشترك .المشتركة إلى تولد إحساس بشخصية قومية وتطلعات قومية موحدة ومستقلة

فإنهـا أوردت ربـط ) أمـة إسـالمية (وفي حين لم تشر الموسوعة إلى الماركسيين لمفهوم األمة بالرأسمالية والبرجوازية وانتقدته، وسـلمت بعـدم

رتباط المفهوم في ذهنها بالدولة قطعية الشروط الواردة في تعريفها لألمة وال فإنها قالت بوجود أمم ال تتوفر فيها هذه الشروط، وعجـز شـعوب ،القومية

توفرت فيها تلك الشروط عن البروز كأمم وبقائها في عداد الجماعات القومية ومع ذلك فإنهـا فصـلت فـي تعريفهـا لألمـة العربيـة ،داخل أمم أخرى

لعربية المقيمة في العالم العربي بـين مفهـوم بالمجموعات البشرية الناطقة با األمة والتجسد في دولة قومية حديثة واحدة، وأخرجت من نطاقهـا ضـمنيا

وعالوة على ذلك، فإن هذه الموسـوعة رأت . )٤٩(الطوائف العربية بالمهجر في عدم خلط القومية العربية بين القومية والدين دليال على وعيهـا وسـالمة

.اتجاهها

- ٩٠ -

في العالم ) األمة(صة الطرح السابق، أن مفهوم القومية أزاح مفهوم وخال وعلـى ، على الصعيد المؤسسي -على األقل -اإلسالمي في القرن العشرين

صعيد العالم العربي تحول الرأي فيما بـين الخمسـينيات وأواخـر القـرن العشرين من النظر إلى الدول القومية ككيانات مصطنعة غير راسـخة فـي

األمة العربية، إلى النظر إليها ككيانات راسخة ظلت على حالها دون أن كيان وحافظت الكيانات الجغرافية للدول العربية ،تتفكك أو تنصهر أو يعاد تركيبها

رغم معاناتها من أزمة بنائية مؤسسية )٤٣(ذات السيادة على قدرتها على البقاء واهتزاز شـرعيتها ككيـان وتبعيتها الهيكلية للخارج وتراكم خبرات تعثرها

وقسمت ظاهرة الدولة القومية جسـد . سياسي يحظى بالوالء األعلى لسكانها العالم اإلسالمي إلى قرابة ستين دولة، فضال عن ستة وعشرين إقليما إسالميا متمتعا بالحكم الذاتي أو كائنا ضمن دول غير إسالمية يقطنها خمـس أبنـاء

ند الخريطة السياسية لدول العالم اإلسالمي علـى أي وال تست،األمة اإلسالمية .)٥٠(منطق تعـددت الدراسـات :محاوالت تحديد المفهوم من مرجعية إسالمية -٤

أو مـن (الدائرة في فلك مفهوم األمة من منظور إسالمي في القرن العشرين .، ونكتفي بقراءة نقدية لبعضها)بداية القرن الرابع عشر الهجري

) النكير على منكري النعمة من الدين والخالفة واألمة (نوان ففي دراسة بع على الرابطة بين تلك المفـاهيم الثالثـة، ويـرى أن مصطفي صبري يؤكد

الخالفة العثمانية كانت تجسيدا حيا لألمة اإلسالمية وإلغاءها هدم للدين مـن ، عبـد اهللا بـن سـبأ الداخل وحلقة من حلقات مؤامرة يهودية بدأت في أيام

واسـتعمار القلـوب ، وضياع القدس ،وكانت التمهيد الحقيقي إلنشاء إسرائيل . للدين يدور في فلك التبعية والتقليد ألوروباوإقامة نظام معاد

- ٩١ -

في تطبيق الشريعة ρوالخالفة في جوهرها حكومة ما قائمة مقام الرسول صدق عليها اإلسالمية، وإن وجدت حكومة بال نيابة أو نيابة بال حكومة فال ي

حكومـة ونيابـة، والخالفـة المقترنـة : فللخالفة ركنان ؛)الخالفة(وصف التعدد، وتفترق بذلك خالفة العلماء عن خالفـة الخلفـاء، وال ىبالحكومة تأب

مانع من تعدد أنساق الخالفة على أن يكون لها في النهاية خليفة أعظم نـاظم كلمة المسلمين وتدبير الخالفـة لها، رأيه واجتهاده هو المرجع األخير لتوحيد

.)٥١(في األمور االجتهادية فصل أتاتورك الخالفة عن السلطة قبل أن يلغـي مصطفى صبري ورفض

الخالفة تماما، ورأى أن ال أمير للمؤمنين عند نزع األمر منه، بل هو بدايـة كون أفرادها مسلمين، والثـاني : واشترط إلسالم األمة شرطين ،للملك العقور

م الدولة باإلسالم مع مالحظة وجوب أن تكون الحرية هي حريـة األمـة حكتجاه الحكومة ال حرية الحكومة في التصرف في أمر األمة؛ ألن إطالق يـد

وال فرق بين تخطي الحكومة للقوانين بإهمالهـا . الحكومة يضر بحرية األمة األمـة ورأس الخطيئة أن تعد الحكومة أو حتـى ،وبين تخطيها لها بتبديلها

نفسها حرة في سن أي قانون شاءت، ورأس الشر إطالق حرية اإلنسان فـي لـم يكـن أتاتورك ومع أن الحكومة التركية قبل ،وضع ما يشاء من قوانين

ولم تكن مستقيمة تماما على طريق الشرع، فإنها كانت أفضـل ،أمرها بيدها تمكن واالسـتقالل من حكومة أتاتورك التي أتاحت القوى الغربية لها فرصة ال

مقابل التخلي عن الدين والموافقة على الكف عن جعل تركيـا نـواة لوحـدة .)٥٢(المسلمين مرة أخرى

ورغم وعي مصطفى صبري بالعالقة بين الحكومة والدين واألمـة فـإن فالرجل يتحدث ،استخدامه لمفهوم األمة يشير إلى تعرض ذلك المفهوم لألسر

) األمـة األصـلية (، بل يستخدم مفهـوم )ركيةاألمة الت (في غير موضع عن

- ٩٢ -

) األمـة (للداللة على الجزء المخلص لدينه من األمة التركية، ويستخدم لفـظ .)٥٣(المعرف باأللف والالم مجردا في اإلشارة إلى الشعب التركي

دراسة فـي طبيعـة العالقـات : المرجع واألمة "ولم تحدد دراسة بعنوان ولم تشر إلى تعدديـة المرجـع فـي األنسـاق المقصود باألمة، " والمهمات

فقط عرفت المرجع بأنه الفقيه في عصر الغيبـة الـذي ،المجتمعية المختلفة يرجع الناس إليه في أحكامهم وأمور دينهم، والرابطة بينه وبين األمة رابطـة

توفير برنامج عمل لألمة، وجهـاز إداري : اتباع واع، ووظيفة المراجع هي رها في كل المجاالت، واإلفتاء واألمر بالمعروف والنهي عـن منظم يقوم بأم

المنكر، ومقاومة االنحراف الفكري، وترفيع مستوى األمـة، والـدفاع عـن .حقوقها وحرياتها األساسية

وامتثـال ،التقليد في األحكـام الشـرعية : أما وظائف األمة تجاههم فهي وااللتفـاف حـولهم ، وإيصال العدل إليهم وتعضيدهم في األمـور ،أوامرهم

وال . )٥٤( والدفاع عـنهم وبهـم ، وإعالمهم بما يقع ،ومراجعتهـم في القضاء يخفى أن هذا التصور الشيعي يحصر عالقة األمة في مستوى العالقـة بـين الحاكم والمحكوم، ويجعل المرجع ناظما لشبكة العالقة القائمة بينهما، ويربط

.من جهة والدين من جهة أخرىبالتالي بين األمة والدولة والحكومة وردت دراسة أخرى عدم صدارة األمة اإلسالمية إلى إصابتها في عقـول

ومع ذلك فإنها اعتبرت مفهـوم ، فهم ال يفكرون إال كما يريد أعداؤهم ،أبنائهااألمة اإلسالمية بدهيا، واكتفت باإلشارة إلى أن الوحدة والوسطية مـن أهـم

والوحـدة ، واالعتقاد والعالقات والمكـان ،الوسطية في التصور : خصائصهاألخوة بين المؤمنين واإلصالح بينهم، والتعـاون بـين : بأركانها المتمثلة في

الناس، والبعد عن العزلة وأسبابها، واالعتصام بحبل اهللا ونبذ الفرقة واعتبار ٥٥(ا للكرامةالتقوى معيار(.

- ٩٣ -

/ هو تكوين الجماعـة أن المشروع السياسي لإلسالم " الفضل شلق "ويرى األمة؛ ألن الدين ال يمكن تحقيقه خارج الجماعـة، فهـي اإلطـار الوحيـد

فالجماعة مرتبطة بالدين وهـي غايـة أو ،لممارسة الفرد شعائر الدين كاملة مثل أعلى يتحقق باستمرار، والدولة هي وسيلة تحقيقها وضمان عدم انقطـاع

.سيرورتها لوراثـة األرض والسـلطة وإصـالحها، واألمة هي جماعة اهللا المختارة

وضعها الصحابة في صدر اإلسالم فوق كل اعتبار وقدموها على دفن النبـي ρ وصارت كيانا مطلقا ال يمكن توريثه وال يستطيع أحد من المسلمين ادعاء ،

، فاألمة لكل المسلمين وتضم كـل المسـلمين ،تمثيله دون غيره من المسلمين هل هـو : دل، وانصب الجدل على محط العصمة وعلت الجماعـة على الج

اإلمام أم األمة والجماعة؟ وعندما فقدت الخالفة سلطتها الفعليـة ظـل ذلـك .الرمز ضروريا

وتنتهي ،ومن األمور ذات الداللة أن الدولة السلطانية كانت تنشأ في مكان في مكان آخر، ولم يختص انتماء المسلمين بمكان معين بل شـمل كـل دار

سالم، وحرص الفقهاء على وحدة الوعي الديني، كمـا حـرص الحكـام اإلالمحليون على اعتراف الخليفة بهم وتأكيد والئهم لفكرة الجماعـة واالنتمـاء

.لألمةورغم إبراز هذه الدراسة للعالقة الوطيدة بين مفهومي الدين واألمة فـي

ى بها إلى التفرقة المنظور اإلسالمي، فإن تأثرها بمضامين المفاهيم الغربية أد بين الدولة والخالفة، والحديث عن الخالفة الفعلية والخالفة الرمزية، ودفـاع

.)٥٦(الرمز/ الفقهاء عن الخالفةوتشير دراسة ثالثة إلى ارتباط وحدة األمة بالخالفة ودوام وحدتها حتـى

وحدة أصـل اإلنسـان مهمـا : سقوط الخالفة العثمانية، وأساس الوحدة هو

- ٩٤ -

وأشـارت ، وتكريم اهللا لإلنسـان ، واختلفت اللغات واأللوان ، األقطار تباعدتفي القرآن الكريم، ولكنها بدال من ) األمة(الدراسة إلى عدد مرات ورود لفظ

وقفت عند حد تعريـف األمـة ،تحديد المفهوم من واقع تحليل سياقه القرآني أمر ما من دين القوم المجتمعون على دين واحد، وكل جماعة يجمعهم : بأنها

واحد أو مكان واحد أو زمان واحد، سواء كان ذلك األمر الجامع تسخيرا أو اختيارا، مستعيدة بذلك تعريف ابن قتيبة والراغب األصـفهاني لألمـة، ثـم

في القرآن الكـريم، وزعمـت أن ) قوم(أشارت إلى عدد مرات ورود كلمة م لم يذكرهم القـرآن مادحـا روابط القوم مادية بعكس روابط األمة، وأن القو

.)٥٧(على اإلطالقعـن الحاجـة إلـى " منى أبو الفضل "وفي تأصيلها لمفهوم األمة تتحدث

إخراج هذا المفهوم من دائرة االنفعاالت الوجدانية إلـى دائـرة المـدركات الواعية، وتشير إلى أن مفهوم األمة في اإلسالم لم يحظ بالقدر الكـافي مـن

فضال عن أن الدراسات القليلة التي تناولته جـاءت بـأقالم الدراسات الجادة، غريبة عنه، وتالحظ التقاطع بين األمة في اإلسالم ككيـان جمـاعي وبـين

.كيانات جماعية أخرىولم تقف الدراسة في بحثها عن ناظم هذا المفهوم عند جذوره، فبعد قرابة

مـد اإلحيـائي أربعين صفحة من الحديث عن العقيدة والوحـدة ومعـالم ال الجماعـة : ، وعرفتها بأنهـا )األمة القطب (المعاصر طرحت الدراسة مفهوم

القيادية المميزة ذات القدرة االستقطابية العالية التي تؤدي إلى آثار مزدوجـة بحيث تصير نقطـة إشـعاع ،من حيث تماسكها الداخلي وانفتاحها على الغير

ـ هر علـى المسـتوى وجذب على المستوى الداخلي ومركـز احتـواء وص .)٥٨(الخارجي

- ٩٥ -

ورغم إفصاح الدراسة عن أن مرجعيتها األساسية في تأصيل المفهوم هي القرآن والسنة والخبرة التأسيسية للجماعة السياسية اإلسـالمية األولـى فـي صدر اإلسالم، إال أنها لم تدخل بأي شكل في تفصيالت أي من تلك القنـوات

قفت عند حد القول بأن األمة هي وعاء القـرآن وو ،الثالثة لبناء مفهوم األمة وهي باقية ببقائه، واإلمامـة هـي الرمـز ) أمة القرآن (الكريم، وبالتالي هي

المجسد لها، إال أن افتقاد اإلمامة ال يعني عدم وجود األمـة؛ إذ لـم يقـرن كيـان -يفي المنظور القرآن - فاألمة ،بحتمية تنظيمية معينة ) األمة(اإلسالم يرتكز على عقيدة إيمانية شاملة تغطي منظومتها كافة أوجـه الحيـاة جماعي

.الدنيا واآلخرة، وال نظير لهذا المنظور في الفكر الغربي: فاألمم فـي القـرآن هـي . وتختلف األمة اإلسالمية عن أي أمة أخرى

الجماعات البشرية التي تجتمع حول التمايز النوعي والتوالي الزمنـي، أمـا فإنهـا ،مية فرغم مشاركتها سائر األمم في كونها حقيقة تاريخية األمة اإلسال

جاءت لتشكل ذلـك ،تتجاوز الزمن بوصفها وليدة عقيدة إيمانية ربانية خاتمة إنها األمة الوسـط ،)٥٩(السياق التاريخي كبؤرة جاذبية جامعة للتمايز والوحدة

يـة وهـي أن وخلصت الدراسة إلى نقطة بالغة األهم ،المستخلفة في األرض .)٦٠(وليست أمة من األمم) باأللف والالم(األمة : األمة اإلسالمية هي

وإذا كانت منى أبو الفضل قد تحدثت عـن خصوصـية لمفهـوم األمـة يوقفنا على التمايز النوعي في دالالت بعـض " زكي الميالد "اإلسالمية، فإن

مع والجامعـة الجـا (المفاهيم المنتمية إلى عائلة مفهـوم األمـة اإلسـالمية ويقوده تحليله لتلك المفاهيم من المرجعية القرآنية لمفهـوم األمـة ) والجماعة

اسم من أسماء اهللا الحسنى؛ ألنه هو الذي يؤلف ) الجامع(إلى اإلشارة إلى أن ويجمع الخالئق ليوم الحساب، وهو ،بين المتضادات والمتماثالت في الوجود

ـ ا يقتضي مـن النـاس االجتمـاع لـه ، وهو كل م )األمر الجامع (مرتبط ب

- ٩٦ -

للنـاس ) جامع( وهو ،والتشاور عليه واالتفاق حوله من أمور السلم والحرب على الدين من غير فرق وال تفاضل يجتمع فيه المسلمون للعبادة أو للعلم من غير حرج أو عصبية أو ممانعة، ويؤسس لنظم العالقة بين اإلنسـان وربـه

.وبين الطبيعة والكون والبشروبين اإلنسان ونفسه، وبينه ،والجماعة كيان يكمن وراء تكوينه القصد والتعاقد والغـرض المشـترك

. )٦١(الحـق، ال الكثـرة العدديـة : وهو المفهوم المضاد للفرقة ومعياره هـو والجـامع . والجامعـة اجتماع بقصد العلم كأساس دائـم للحركـة والعبـادة

لرابطـة بـين -لمنظور اإلسالمي في ا -والجماعة والجامعة يؤسسون بذلك الناس داخل تلك المؤسسات، وتنشئة حركية لتلك الرابطة في حياة المجتمـع

.وإنشاء المجتمع اإليمانيويستوعب كل مفهوم من هذه المفاهيم المفهومين اآلخرين ويتمثلهما، فمن الممكن أن تجتمع الجامعة والجماعة في الجامع، والجـامع والجماعـة فـي

فالجامع يقوم بوظائف دينية وعلمية ،ة، والجامعة والجامع في الجماعة الجامعالعلـم (، وأن تالزم العبادة )العبادة والدين (واجتماعية وال بد أن يالزم العلم

.، وأن تتأسس الجماعة والجامع والجامعة على العلم والدين)والدينن التحليل األفقـي وال يعيب هذه الدراسة التأسيسية إال أنها حينما انتقلت م

للمفاهيم إلى التحليل الرأسي الجزئي والتكاملي وقعت في أسر التفتيت الغربي للمفاهيم الذي يسمح بتعريف للدين يقف عند حد عالم الغيب، وتعريف للعلـم

، ناهيك عن الفصل بين مفهوم العبادة والدين، )يقف به عند حد عالم الشهادة ( ويكشف ذلـك عـن ،)٦٢(ة واالجتماعية للمسجد وبين الوظائف الدينية والعلمي

.حقيقة صعوبة بناء مفاهيم إسالمية خالية من الران المفاهيمي الغربيوتعد دراسة ماجد عرسان من أهم الدراسات الحديثة التي تناولت مفهـوم

وفـي ،األمة من حيث كثافة اعتمادها على القرآن وكتب التفسير والحـديث

- ٩٧ -

فإنها خلصـت إلـى أن )٦٣( بدالالت المفهوم اللغويةحين لم تهتم هذه الدراسة إنسان ذو رسالة، هي مجموعة من الناس تحمل رسالة حضارية نافعة : األمة

وتتدرج فـي نشـأتها ونموهـا ،ا لمبادئ تلك الرسالة لإلنسانية، وتعيش وفق بعناصـر ) األمة اإلسـالمية (وحددت مكونات مفهوم . كتدرج الجسد اآلدمي

) بالداللـة الحسـية والمعنويـة ( المؤمنون، والهجرة والمهجـر األفراد: ستة وتحدثت عن مراحل صـحة األمـة ،والجهاد، والرسالة، واإليواء، والوالية .ومرضها ووفاتها ومصير األمة المتوفاة

ويعيب هذا الطرح الذي غطى قرابة مائة وستين صفحة أنه خلط مفهـوم ،ضامين الرؤية الغربيـة العلمانيـة األمة المسلمة في تفصيالت تحليله له بم فهو يتحدث عن تطـور الرسـاالت ،وتكفي اإلشارة إلى نماذج دون الحصر

السماوية بتطور االجتماع البشري من رسالة أسرية إلى قبلية إلى قومية مـع االنتقال مما يسميه من طور التجوال األسري القبلي إلـى الطـور الرعـوي

ليزيـة مصـطلح ج يرادف فـي اللغـة اإلن ويرى أن مفهوم الشعب ،للبشريةNation ويستمد محتواه من الروابط الجغرافية المرافقة لالنتقال مـن طـور

مع بدايـة سـيولة الحـدود ) األمة( ثم جاء دور ،الرعي إلى طور الزراعة اإلقليمية وانفتاح األقوام والشعوب على بعضها البعض، فجـاءت الرسـاالت

الذي هو مفهوم فكري نفسي يستمد محتـواه ) ألمةا(بدءا من إبراهيم بمفهوم .)٦٤(في روابط العقيدة والفكر ويتخطى روابط الدم واألرض

وبدال من النظر إلى الطابع التكاملي بين أنساق الوالء للفرد المسلم، فإنـه واعتبرها مرادفة لمرحلة الدوران في فلـك ،تحدث عن مرحلة مرض األمة : ء لألفكار إلى الوالء لألشخاص، والذي يشـمل األشخاص بالتحول من الوال

اإليمان باألشخاص والهجرة والجهاد واإليواء والنصرة لألشخاص، وعدد من دوران األفكار واألشياء في فلك أشخاص القوم (طور الوالء للقوم : أطوارها

- ٩٨ -

) أمة رسالة (وتحول األمة من ) نفاق(إلى ) وتحول صلة األمة بأفكار الرسالة والثانيـة ،األولى تنفق األموال والنفس في سبيل الرسـالة ).. سلطة أمة(إلى

تنفق أموال الرسالة لتنال السلطان، وطور الوالء للعشيرة ونظائرها، وتعـدد محاور الوالء في األمة لتعدد العشائر والطوائف، وطور الوالء لألسرة بحيث

ظهـور : ي إلى وطور والء الفرد لنفسه ويؤد ) الوالء األسري (تساوي األمة .إنسان أناني غايته هي ملكية األشياء

والهـوى المتبـع والـدنيا ،وتظهر أعراض األمة المتوفية كالشح المطاع ،المؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه وسطحية التدين وسطحية العلم والتربية

التقطع والتجزؤ في األرض واالبتالء بالحسـنات ( ومصير األمة المتوفاة هو المثيرات لحافز الرجوع، بحفظ اللسان ومعرفة الزمـان واسـتقامة والسيئات

.)٦٥()الطريقة في تشخيص الداء وإخراج أمة مسلمة جديدة

* * * :مقاربة إسالمية في بناء مفهوم األمة: المبحث الثاني

تنطلق هذه المقاربة األولية في بناء مفهوم األمة من منظور إسالمي مـن الضاد، واستقراء مضامينه ونسق منظومة خواصه عبر تحديد دالالته في لغة

.التحليل السياقي له في القرآن الكريمتورد معاجم اللغة العربية في مـادة : المضامين اللغوية لمفهوم األمة :أوال

أصله، : أم الشيء : عديدة من أهمها يمعان) األمة(التي هي جذر مفهوم ) أمم(عه الجيش، ورئيس القوم، والجماعة، والطريقة، الوالدة، والعلم الذي يتب : واألم

خشـبة : والدين، والجنس من الحيوان، والقامة، والنعمة والقصد، واإلمـام .)٦٦(البناء التي يسوى عليها البناء، والطريق، والذي يعتد به، والكتاب المبين

القصـد والتعمد والتوخي لشـيء دون : هو) ماأل(ويبين لسان العرب أن الشـرعة : الحالة، واإلمة واألمـة : واإلمة ،الدليل الهادي ألنه قاصد سواه، و

- ٩٩ -

والدين والطريقة والسنة المتبعة والنعمة والملك وأهل الدين، والنعمة والحـال طريقـة (فاألمة نـاظم . )٦٧(والشأن ونضارة العيش والنعمة والعيش الرضي

ريقـه وصـراطه اتبع ط (من توخاه بمنظومة قصده ) وسنة ودين ودليل هاد تحددت به قامته وصبغته، وجنى ) المستقيم، ولم يتبع السبل المفرقة عن سبيله

، وهـذا النـاظم مرهـون )النعمة والشأن والعيش الرضي والملـك (ثمرته بمضامين مدخالته، وهو ليس من األمور التكوينية، بل هـو مـن األمـور

رجة تقترب أو تبتعد من وبالتالي، فإنه عرضة للتجسد في الواقع بد ،التكليفية .المثال

وبما أنه يتأسس على االختيار اإلنساني فإنـه يعـرف التنـوع والخطـأ ثم إنه يعرف أنسـاقا ،والنسيان واالستكراه والدورات، ويرتبط بالتالي بالحين

فكل شـيء انضـمت : واألمة ناظم ). أمه: (لكل منها نظام تراتبي رئيسه هو مكة أم القرى لتوسطها لألرض، وسمي رئـيس إليه أشياء فهو أم؛ لذا سميت

ويسوي ابن سيده بين مفهـومي األمـة، ،)٦٨(القوم أما لهم ألنه جامع أمرهم قيمـه ومصـلحه، والمتقـدم : وإمام كل شيء ، فاألمة دليل ألفرادها ،واإلمام

وهـو مفهـوم ،عليه، والمؤتم به والطريق والدليل والمثال وما يمتثل عليـه فاألئمة هم كل من يؤتم بهـم سـواء كـانوا علـى ،بمضمونهمحايد، العبرة

. فكما أن لإليمان أئمة، فإن للكفر أئمة،)٦٩(الصراط المستقيم أم كانوا ضالينالقـرن : قد يطلق على) أمة(أن لفظ ) األمة(وتفيد الدالالت اللغوية لمفهوم

من أرسـل : وأمة كل نبي هم ، والجيل والجنس من كل كائن حي ،من الناس وأمة ، وكل قوم نسبوا إلى نبي وأضيفوا إليه فهم أمته ،إليهم من كافر ومؤمن

. هي كل من أرسل إليه ممن آمن به أو كفرρمحمد وحين انتقل ابن منظور إلى بيان أن األمة ناظم قد تكون نواتـه شخصـا واحدا أشار إلى أن األم كاألمة، وكل من كان على دين الحق مخالفا لسـائر

- ١٠٠ -

، رأينـاه يـرد لفـظ )٧٠( أمة وإماما υان فهو أمة وحده، وكان إبراهيم األديالتي تأبى التعدد، ويقصر وصف الفـرد باألمـة، علـى ) األم ( إلى ) األمة(

ألنه قطب جاذب بالضرورة، وألن أسـاس الجمـع ؛المستقيم على دين الحق ما سلف على -عدم اإلكراه في الدين، بما أن أمته ستشمل : الذي سيطبقه هو

وأضيفوا ، كل من أرسل إليه ممن آمن به أو كفر، وكل من نسبوا إليه -القول .إليه بحكم إيمانهم أو كونهم رصيدا كامنا لدعوته

،أي ذو دين ) ذو أمة ( ويقال فالن ،واآلصرة قوية بين مفهوم األمة والدين عالم، ووحـدة معلم الخير، والمتفرد بدين، والجامع للخير، والمعلم وال : واألمة

.)٧١(المقصد وطلبه، والطاعة، والجماعةومع أننا سنرجئ تحليل الشجرة المفاهيمية لمفهوم األمة، وفـي مقـدمتها الدين، إلى معالجة مفهوم األمة في السياق القرآني، فإننا نالحظ بشكل أولـي

أنها هـي الـوزن (وجهه وقامته ): أمة الرجل (أنه من مضامين قول العرب أنها سـمته (سنته، وهي معظمه ومعلم الحسن منه : وأمة الوجه ) له المعنوي

: واألمـة ) ألنها ال تقوم إال على بينة (المعلم والعالم : واألمة) وعالمته وقيمته ألنها ناظم نظامه هو الدين وليس البشر، وغايته هي جمع الخير في (الطاعة

) كمقصـد واحـد ، وتحقيق اجتماعهم عليه وتعلمه وتعليمه يعنصرها البشر األمة بذلك هي األصل الذي يتفرغ عنه (اتخذها لنفسه أما، و : وتأمم فالن أما

غيره، وهي تلد وترضع وتحتضن، ويتالزم البر واإلحسان إليها والتوحيـد، ).وال يسبق اإلحسان إليها إال هو

ألن (كله من القصد وهو الوسط وعدم تجـاوز القـدر ) أمم(وأصل مادة تفيد ) القصد( وكل معاني ،) ونواة مفهوم األمة الجذب والجمع التطرف مفرق،

قصدت فالنا وأممته ويممته واعتفيته : فالعرب يقولون ،التالحم والتوجه لغاية ووردت شـرعة نـداه، ) طلبت عطيتـه ( واجتديته ،)طلبت فضله ومعروفه (

- ١٠١ -

واتصلت ببابه، وتمسكت بمعروفه، ووصلت حبلـي بحبلـه، ورفعـت إليـه .)٧٢(واستحملته نفسي وأمريحاجتي، توسـط : طلبته بعينه، وقصد في األمـر : قصدت الشيء وله وإليه : ويقال

،)٧٣(سـهل : على رشد، وطريـق قصـد : ولم يتجاوز الحد، وهو على قصد فالقصد يرتبط بالوسطية وبطلب شيء بعينه مما يعني التحرك علـى بينـة،

باألصـالة -تـه اللغويـة فـي دالال - ويرتبط مفهوم األمة ،والرشد، واليسر فاألمي هو المنسوب إلى األم، ويطلق على من ال يقرأ وال يكتـب . والفطرة

ألنه بقي على ما ولدته عليه أمـه، كمــا يـرتبط المفهـوم ؛نسبة إلى األم القصد والقدوة واالتبـاع والتأسـي، وتحصـيلها : بالقدرة، فاإلمامة لغة هي

.)٧٤(نيحتـاج إلى الوالية والسلطة والتمكيكل جماعة يجمعها أمر أو دين أو زمـان أو : ويبين الكفوي أن األمة هي

ومعنـى ذلـك، أن ،مكان واحد سواء كان األمر الجامع تسخيرا أم اختيـارا فالجيل من الناس أمـة، ،االجتماع على أمر جامع يكسب الجماعة وصف أمة

فـي مكـان وأهل كل دين أمة، واجتماع من شاهدهم موسى عند ماء مدين وكل دابـة ،)أمة(أكسبهم نعت ) األمر الجامع لهم هو سقاية أغنامهم (واحد،

).بأمر جامع اختيارا( والبشر أمم ،في األرض أمة تسخيراويجلي الكفوي اآلصرة بين مفهوم األمة والدين جاعال الموقف من الـدين

نهـي عـن حيث يعرف األمر بالمعروف باإلسالم، وال ؛أساسا لتصنيف األمم كل من آمن بنبـي، وأمـة : أمة اإلجابة : المنكر بعبادة األوثان، ويتحدث عن

أم : ، ويشير إلى اختصاص مكة باســم ρ كل من بلغته دعوة النبي : الدعوةمأثرة إبـراهيم ومنشـأة إسـماعيل (القرى، فهو علم لمكة، ويعلل ذلك بأنها

ائفها ومالذ هاربهـا ومفخرة العرب وسرة جزيرتها، وقبلة جماعاتها ومأمن خ .)٧٥()وحرم اهللا في أرضه وأم قرى عباده وأول بيت وضع للناس

- ١٠٢ -

وهكذا نصير أمام مفهوم لألمة اإلسالمية نواته هي اإلسالم وهو مـن اهللا، -والهمزة والمـيم . وهي أيضا حرم اهللا ،ومركزها في األرض هو أم القرى

األصـل : أبواب، وهـي أصل واحد يتفرع عنه أربعة -فيما يقوله ابن فارس والمرجع والجماعة والدين، وهذه األربعة متقاربة، وبعد ذلك أصـول ثالثـة

ال أمـة له، أي ال ديـن : فاألمة الدين، ويقـال . القامة والحين والقصد : هي .)٧٦(له

ومن الواضح أن العنصر البشري الوحيد في هذا المفهوم هـو الجماعـة والحكم في أمرها كله هـو ، وبالمرجع وهي محكومة باألصل الذي تعود إليه

بخلق اهللا البشر من نفـس (الدين، وهو يعود بها إلى وحدة األصل البشـري واحدة، خلق منها زوجها وبث منهما كل البشر، وهي وحـدة تقـرر وحـدة المستوى أمام اهللا إال بفضله وبالتقوى، والتسوية فـي الـدنيويات وإمكانيـة

حيث البداية من اهللا والمآل إليـه (وحدة المرجع و) الخطأ، وحتمية المراجعة وترسي مبدأ حـق (ووحدة الدين ) بما يولد استقامة المعايير ومنظومة الجزاء

وتقتضي وحدة الدين الصحيح وحدة أمـة ) االختالف وعدم اإلكراه في الدين ليشـمل الـدنيا ؛اإلجابة من عهد آدم، بحيث يتجاوز المفهوم حدود الزمـان

.ي حين تتفرق السبل بأمة الدعوة، في الحياة الدنياواآلخرة، فمن أمـة اإلجابـة ) أمة(ومع ذلك فإن كل جيل أو قرن من الناس يشكل

وبذا نصير أمام داللة لغوية لمفهوم األمـة ،الواحدة أو من إحدى أمم الدعوة أو حاال تربطه بأصل ومرجع ودين لجماعة ذات مقصد واحد، مما يولد هيئة

.)٧٧(مد معينلها، أليقتضي التحليـل المفـاهيمي السـياقي : البنية القرآنية لمفهوم األمة :ثانيا

األمة والجماعـة والـدين والقصـد : لمفهوم األمة في القرآن تحليال لكل من والمرجع، واألصل والحين والقامة، في سياق القرآن الكريم كله بوصفه جملة

- ١٠٣ -

طمح هذه الدراسة في ذلك، بل تقف عند وال ت . واحدة، وتجلية حقولها الداللية وحـده فـي ) األمة(حد التأسيس األولي له بتحليل سياقي لعينة تشمل مفهوم

السياق القرآني القريب المباشر الذي جاء به في مواضـعه البالغـة أربعـة وستين موضعا على سبيل الحصر، مع عدم التطرق لمرادفاته ومضـاداته إال

وفيما يلي رصد أولي للسياق ،)٧٨(واضع وتجليتها له بقدر ورودها في تلك الم .القرآني القريب والمباشر للفظ األمة

) أمـة مسـلمة : (فلقد وردت أمة في أول موضع في القرآن بثالث صيغ ، والثانية باآليـة ١٢٨، بسورة البقرة، األولى باآلية )أمة خلت(و) أمة وسط (و

في سـياق ) أمة مسلمة لك (، وجاءت ١٤٣، ١٤١، والثالثة في اآليتين ١٣٤يربط اإلمامة باالبتالء بأوامر وتكليفات والوفاء والتوفية بها، واإلمامـة إنمـا هي في إقامة أمر الناس بالدين وال ينالها بشرعية إلهية إال العادل، ويصـير الفرد أمة وتثبيت األمة ودوامها على أمر اهللا مرهون بتوفيقه، وهـي ليسـت

الطاعة عـن : بل هي أمر تكليفي، أساس االبتالء فيه هومن األمور التكوينية لـه والبنـه إسـماعيل، -تعالى- طلب التكليف من اهللا υفإبراهيم . اختيار

ورغب في فتح باب التكليف على نفسه ولم ير فيه إال طهرة لـه ولذريتـه، وطلب من اهللا أن يجعل أساس إمامتـه . )٧٩(وهو قمة في الطاعة عن اختيار

).أمة مسلمة هللا(ـلمنهج اهللا في األرض وأن يكون هو وابنه نواة : وأمته هوويوضح األصفهاني أن لألمة أنساقا تعود بالفرع إلى أصله األول أو تصل

فاألم بإزاء األب هي الوالدة القريبة التي ولدته والبعيدة التي ،األصل بفروعه ويقال . وبينها وسائط ولذا قيل لحواء هي أمنا وإن كان بيننا . ولدت من ولدته

: واألب). أم (ئهلكل من كان أصال لوجود شيء أو تربيته أو إصالحه أو مبد ). أبا(الوالد، ويسمى كل من كان سببا في إيجاد شيء أو إصالحه أو ظهوره

- ١٠٤ -

ويسمى معلم . ويسمي العم مع األب أبوين وكذا األم مع األب والجد مع األب .)٨٠(نزع إليه نزوعا وتهيأ لقصده: ى الشيءويقال أب إل. اإلنسان أباه

ـ وهم أقرب تسعة أشخاص للشـخص ) الرهط(واألنساق المجتمعية تبدأ بوهـم ) العشـيرة ( و ،وهما أهل بيت الرجل وخاصـته ) الفصيلة(و) األسرة(و

وهو الفرقة التي تتشعب من الـبطن، ) الفخذ(الذين يتعاقلون إلى أربعة آباء، و وهي التي تجمع البطون وهي ) العمارة(جمع األفخاذ، و وهي التي ت ) البطن(و

) الشـعب (وهي تجمع العمائر وهي دون الشـعب، و ) القبيلة(دون القبائل، و وهو االجتمـاع والكثـرة ) الجمهور(وهو الذي يجمع القبائل وتتشعب منه، و

إما عدنان أو قحطان، : وهو الجد األعلى وهو بالنسبة للعرب ) جزم النسب (و .آدم وحواء: لكل البشروبالنسبة

ويشبه الصيادي هذه األنساق بالجسد، الرهط فيه كأصابع القدم، والفصيلة بمنزلة القدم، والعشيرة بمنزلة الساقين، والفخذ سمي بذلك لقرب الفخـذ مـن

أشـبه ) الشـعب (البطن، والعمارة بمنزلة اليدين، والقبيلة بمنزلة الصـدر، و وتعارف الشـعوب والقبائـل ،جامع) ألصلا(اجتماع و ) الجمهور(بالرأس، و

وتعلم ما يتم به صلة األرحام ومعرفة الفرائض في اإلنسـان هـو أمـر اهللا .)٨١(ومراده

ومـا عـداها ،واألمة ناظمة لكل تلك األنساق فهي كاألصـل والمعـدن }}}}أمة مسـلمة لـكυ }}}} والمتأمل في دعوة إبراهيم ،كالجداول المتشعبة منها

نكرة وال تصير علما إال باإلسالم وهو االنقياد واالستسـالم ) أمة( أن يالحظألمر اهللا الذي جمع اسمه تعالى الخلق واإليجاد والتكوين واإلبداع، فيما يتعلق

الهبـة : يشـمل ) الجعل( و ،بمعرفة المبدأ والمصير والغاية والحالل والحرام ن نكون مسلمين لك ال لغيرك الحصر أ : تفيد) لك( و ،والتعليم والبيان والداللة

- ١٠٥ -

واألمة . )٨٢(قائمين بجميع شرائع اإلسالم موحدين خالصة لك نفوسنا وقصدنا .تفرز خبثا بالضرورة بدليل خروج ظالمين من ذرية إبراهيم

الذي انفرد في القرآن بالوصف بأنه (واألمة المسلمة هللا هي دعوة إبراهيم ) المسـلمين فحسـب (وليس ) الناس(وهي لم تنشأ من فراغ، تؤم ) إمام وأمة

ولم يزل في ذرية إبراهيم وإسماعيل من يعبد اهللا وحـده، ،وهم جميع البشر .ولم تزل الرسل حتى خاتمهم منها

وبجعل البيـت ،في هذا الموضع في سياق مرتبط بالكعبة ) أمة(وجاء لفظ وجعله وبتكليف إبراهيم وإسماعيل بتطهيره لألمة المسلمة ،مثابة للناس وأمنا فمع أن اهللا خلق آدم خليفة في األرض فإن النواة المكانيـة ،مثابة للناس وأمنا

لألمة المسلمة هي أم القرى، وهي البيت، وهو بيت اهللا وحرم اهللا ال بيت أحد من الناس، وإبراهيم وإسماعيل خادمـان لـه بـأمر اهللا يعـدان لعبـاد اهللا

ب واألنسـاب، بـل الصــالح الصالحين، وأساس األمة ليس وراثة األصال واإلمامـة مرهونـة ) أمة مسلمة لك(واإليمان وتقوى القلوب، واالنتساب إلى

والتمتـع بـالثمرات ،ظلم النفس بالشرك، وظلم النـاس بـالبغي : بالبعد عن .الدنيوية مرتبط باإلنسانية دون النظر إلى أي اعتبار آخر: ات األمة المسـلمة ويستشف من دعوة إبراهيم وإسماعيل هذه أن من سم

وفـي ، والحرص على نعمة اإليمان في الذريـة ،تضامن األجيال في العقيدة السياق ذاته تأتي وصية إبراهيم ثم يعقوب لذريتهما بالثبات على اإلسالم، وال يشغل ذهن يعقوب وهو يعالج سكرات الموت إال موقف بنيه من اإلسالم من

صدارة أمته وعزتها وشمول واليتهـا، وإمامة إبراهيم للناس تعني ،)٨٣(بعدهوربط ذلك بعدم الظلم يعني إمكانية حدوثه، ووصية إبراهيم ويعقـوب لبنيـه

وال ،تؤكد أن شأن األمة المسلمة أمر تكليفي وليس تكوينيا، فالدين النصـيحة .ولية كسمتين لألمة المسلمةئإكراه في الدين، ومن هنا تتأكد الحرية والمس

- ١٠٦ -

يشير إلى التوبة والرحمة واالصطفاء في الدنيا والصالح في ثم إن السياق من البقرة أمام حقيقة أن الثابـت فـي مفهـوم ) ١٣٤( وتضعنا اآلية ،اآلخرة

ـ ؛)حضور الموت (األمة هو الدين أما البشر فهم متغير في المفهوم معرض لفاآلية تشير إلى أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وبنوهم الموحـدون

أي انقرضت وانقضت بحلول أجلها، والقرآن إذ يقص أخبارهم ) أمة قد خلت (وما كانوا عليه من اإلسالم ومن الدعوة إليه، لن تنفع غيرهم سيرتهم ما لـم

.يفعلوا ما فعلوهولية الذاتية لكل أمة، أي لكل جيل أو قـرن مقـررة، فاألبنـاء ال ئوالمس

ومن أبطأ به عملـه . على كفرهم به يثابون على إسالم اآلباء هللا وال يعاقبون ) ١٤١( وتؤكد اآليـة ،لم يسرع به نسبه، وال نسب في ميزان اهللا إال التقوى

من البقرة قاعدة النهي عن بخس أمة خلت حقها وكتمان كلمـة الحـق فـي فمحاكمة الماضي وتزييفه غير جائزين، ونواة اإلسالم هللا هـي عـدم ،شأنها

فأمـة ،مان بهم جميعا كناظم للعالقة بين أمم الرسل التفرقة بين رسل اهللا باإلي جيل إبراهيم خلت، ولها ما كسبت ومسئوليتها الذاتية عن عملها ثابتة، ولـن ينفع أحد االنتساب إلى ذرية أولئك األنبياء، بل الدخول في اإلسالم باإليمـان

.)٨٤(ρبما يدعو إليه محمد النسبة لإلمامة من جهة، ومن األدلة على أن الجعل في هذا السياق ب

ولوصف البيت الحرام بالمثابة واألمن للناس أمرا تكليفيا أن إبراهيم لم يطلب بل طلبهما لجزء من ذريته، }}}}أمة مسلمة{{{{اإلمامة لذريته وال أن تكون ذريته

فدل على أن سابق العناية اإللهية ال يؤثر في حدوث الجناية، وأن والدة .لصالح واردة وال تحط من رتبة واليتهالطالح من ا

وإبراهيم بوصفه فردا وأمة بذاته، خليفة مكلف من اهللا بتدبير أمـر أهـل األرض والنظر في مصالحهم بالحكم بالعدل وعمارة اهللا بانقياد تام هللا وبوحدة

- ١٠٧ -

إنما هو أمر من اهللا لكل أمـة ) جعل البيت مثابة للناس وأمنا ( و ،القصد والنية وكـأن اهللا ،تخلف أمة مسلمة أخرى بتدبير أمر البيت وتحقيق أمنـه مسلمة جعلنا البيت مثابة للناس يثوبون إليه من كـل جانـب ويحجـون ثـم : يقول

يتفرقون، وال يقضي أحد منهم وطرا، ويعودون إليـه أعيـانهم أو أمثـالهم، ا ال يعتدي فيه أحد على أحد، وطهروه بتأسيسـه علـى التقـوى فاجعلوه آمن

يجعل اهللا أمر أمـن البيـت ) أمة مسلمة ( وحين ال توجد ،والطهارة والتوحيد أمر ا كما حدث بالنسبة ألصحاب الفيل، وكمـا حـدث لقـريش قبـل ا تكويني

ألحد فيـه، وال -رغم جاهليتهم -اإلسالم من اإليالف ال يتعرض أحد منهم من سـكان يتعرض أحد ألحد منهم حتى إن وجده بمفازة أو برية إذا علم أنه

.)٨٥(الحرم ،من سورة البقرة ) ١٤٣(في اآلية ) أمة وسط (ويشير السياق بعد ذلك إلى

ويبدأ بكاف التشبيـه التـي ρوالخطاب في هذه اآلية موجه إلى أمة محمـد بذات السنن اإللهية في الكون الذي هو كلـه مـن }}}}أمة وسطا {{{{تربط جعلها

ى اهللا إبراهيم إلى البيت هدى هذه األمة إليه، خلق اهللا ومقاليده بيده، وكما هد وكما كلف أمة إبراهيم باإلسـالم لـه ،كأوسط قبلة وكأول بيت وضع للناس

]]]]أمـة وسـطا [[[[ بأن تكون ρوتدبير أمن البيت وإقامة العدل، كلف أمة محمد أمـة ( فأول سمة فـي ،وهو عدم الميل إلى أحد الجانبين ) العدل(والوسط هو

فوسـط ،اإلفراط والتفريط : بالبعد عن الطرفين ) ميزانا(ي أن تكون ه) وسطالشيء أفضله؛ ألنه يحكم على سائر أطرافه على سواء واعتدال ومن موقـع

.التمكن وهو محمي محوط، واألطراف يتسارع إليها الخلل والفسادوالوسط يرتبط بنظام يتحوش فيه األتبـاع الرئيس ويكون فـي وسـطهم

وهي وضعية ال تتحقق إال في ظل عالقـة ألفـة بـين الحـاكم وهم حوله، ولما كانت الوسطية معللة بأن تكون هذه األمة شهودا على الناس ،والمحكوم

- ١٠٨ -

أداء الواجبات واجتنـاب : فإن العدالة تصير من مقوماتها المطلوبة ومحورها فالشهيد كالرقيب والمهيمن على المشهود لـه، وال سـبيل لـذلك ،المحرمات

.)٨٦(دون استعالء وعزةب، مشيرا إلى أن الخطاب )وسطية األمة (وينبهنا الفخر الرازي إلى مقومات

يبين أنهم وسط إذا اجتمعوا أمـا ]]]]وكذلك جعلناكم أمة وسطا [[[[في قوله تعالى إذا اختلفوا فإن هذا الوصف يزول عنهم، ويجعل شرط وسـطية الفـرد فـي

فالخطاب معهم بالجمع يقصر كسب تلـك ،يها كجماعة واحدة انتماءه إل : األمةالصفة على حالة االجتماع، ويضفي تلك الصفة على كل واحد مـنهم عنـد

، وشهادة األمة وخيريتها ال تعني خيريتها في كل األمـور ،اجتماعه مع غيره وال عدم إمكانية وقوعها في اللمم، وإنما تحريها العدل وصدق النيـة وعـدم

.)٨٧(ر على الخطأاإلصرابلفظ النكرة داللته التي تشير إلى تناوله ألهل كـل ) أمة وسطا (ولنعت اهللا

أمم : يشمل) أمة وسط (، ومفهوم )أمة( فأهل العصر الواحد الموحدون ،عصرويتضمن وصف . والتنكير يحمل على التنويع ،)٨٨(العصور المتعاقبة المسلمة

أمة كانت على قبلة وشـرعة ارتضـاها بهذا المعنى التسليم بأن كل ) الوسط(اهللا لهم في وقتهم ولم يفرقوا بذلك بين رسل اهللا، كـانوا باإلسـالم هللا علـى

األمة (صراط مستقيم، وهم من لدن آدم حتى قيام الساعة حلقات تتشكل منها .)٨٩()الوسط

على النـاس، أن أسـاس ) أمة مسلمة وسط (ومن أهم مضامين شهادة أي االجتماع ال التفـرق : المهم هللا وإجماعهم ألن شرط الخيرية شهادتهم هي إس

والرسـل مـؤدون . في األمر بالمعروف والنهي عن المنكر واإليمان بـاهللا وقول األمة عند اإلجماع حجة؛ ألنه يبـين للنـاس ، ومبينون للحق ،للشهادة

- ١٠٩ -

الحق، وال يعتد في اإلجماع بما في األمة من أمم وشجـة ممن ظهر كفـره .هته من فرق، قليل اتباعها، وإن كثر عددهاوشب

ألن قول الرسـول ؛ واألمة ليست للناس بل على الناس ρ وشهادة الرسول ρ واألمة المسلمة الوسط يقتضي التكليف بقول أو بفعل أو باالنتهاء عن قول

وهذه الشهادة جزء من منظومة الشهادة ،أو فعل وذلك عليهم ال لهم في الحال لتي تشمل الدنيا واآلخرة وتتصدرها شـهادة اهللا لألنبيـاء علـى في اإلسالم ا

أممهم، وشهادة المالئكة الموكلين بإثبات أعمـال العبـاد، وشـهادة األنبيـاء على أمته، وشـهادة ρ على سائر األمم، وشهادة محمد ρوشهادة أمة محمد

.الجوارحت علـى جهـا ،والشهادة هي اإلخبار عن حقوق الناس بألفاظ مخصوصة

،وكل من عرف حال شيء وكشف عنـه كـان شـاهدا عليـه . مخصوصةوالشهادة إذن ميزان ال تكفي العدالة والخيرية في الممسك به إال بالتمكن الذي يكفه هو عن التطفيف، حالة أخذ الحق من الغير، وعن اإلخسار في الميزان،

وله حجـة، حالة توصيل الحقوق إلى أصحابها، ويوفر له القوامة التي تجعل ق .وقوال فصال ال موضع فيه لشبهة وال اتهام

والميزان الذي تستند عليه الشهادة في تقدير قـيم األشـخاص واألحـداث وضعه اهللا في األرض وذكره معرفا، وهو المنهج اإللهي الواحد الذي ،واحد

والوسطية هي ركيزة استخدامه حيث ال موضع فيـه ،جاءت به الرسل جميعا للطغيان باإلفراط وال بالتفريط، وحيث يتعين إقامته علـى الـنفس للهوى وال

.)٩٠(قبل إقامته على الغيرووحدة الميزان هذه صبغة لكل أمة وسط مصبوغة بصبغة اهللا مفطـورة على التوحيد، تتمكن تلك الصبغة من قلوبهم بالتحقيق، وتظهر آثارهـا علـى

شرائع واحد هو التوحيـد، وهـو وأصل ال ،ذواتهم وأفعالهم وأقوالهم بالتوفيق

- ١١٠ -

منهج الرسل والمخلصين من أتباعهم في كل عصر الذين آمنوا بما أنزل من قبلهم وبما أنزل من بعدهم، وأمدهم اإلسالم هللا بوصلة وزلفى جعلـت خـاتم

وأمتـه ρالرسل شاهدا على أمته، وأمته شهيدة على كل األمم، وصار محمد هم عليه من عند اهللا هو الحجة، ومن أحدث القطب وما : إلى قيام الساعة هم

ومرة أخرى، فإن هذه الوضعية ألمة محمد . )٩١(ا فهو عليه رد في أمرهم شيئ ρ بكل أجيالها وضعية تكليف ال وضعية تكوين، وهي مشروطة بشـرط اهللا

فيها وبالتوفية بما ابتالها اهللا به من كلمات، وهي عرضة لالستبدال فيما لـو أيضا ألفة تجمع وتجذب، وعزة ) الوسطية( وتتطلب وضعية ،أخفقت وتفرقت

.من الفتنة في الدين تمنعويبين الجصاص أن شهادة الرسول على أمته حجة كأمر تكـويني، أمـا

وشهادة األمة الخيار العدول مـأخوذة مـن ،كون أمته حجة فهو أمر تكليفي فـي الـدنيا وهم يشهدون ، فهي كجماعة حجة دون كل واحد منها ،إجماعها

والعدالة والخيرية هـي ،واآلخرة على الناس بأعمالهم التي خالفوا الحق فيها مناط صدقها وعدم اجتماعها على ضاللة، وكل أمة في عصر تشهد على من في عصرها بأعمالهم دون من مات قبل زمانهم، وهم في الدنيا شهداء علـى

وكنـت علـيهمυ }}}} من شاهدوهم من أهل العصر الثاني بدليل قول عيسي ت فيهمما دا م١١٧: المائدة (}}}}شهيد.(

أما الشهادة التي هي الحجة فال تختص شهادة الرسل فيها بزمن، وكـذلك أهل كل عصر لما كانوا شهداء هللا من طريق الحجة ال من طريـق مراقبـة العمل صاروا حجة على أهل عصرهم وعلى من بعدهم من سائر األعصار،

وكـذلك {{{{ وصـار خطـاب ،وصار إجماع أهل كل األعصار حجة واحـدة خطاب تكليف لجميـع األمــة أولهـا )١٤٣: البقرة( }}}}جعلناكم أمة وسطا

- ١١١ -

) كعبـة ( وجعـل القبلـة ،وآخرها بكل حلقاتها عبر العصور إلى قيام الساعة .)٩٢( وجهه شطر أي جهة منها شاهد على ذلكوليوالتسوية بين م

ورد فـي سـياق ) أمة وسط (ومن األهمية بمكان، اإلشارة إلى أن مفهوم ، ومختص بتحويل القبلة من المسجد األقصى إلـى ρمرتبط بأمة إجابة محمد

المسجد الحرام ومصحوب بالتأكيد المغلظ على اختصاص األمـة اإلسـالمية وعلـى بالبيت الحرام كقبلة كانت هي األولى واألخيـرة، ρبعد رسالة محمد

ويتجاوز مفهوم األمة بالتوجه إلى القبلة، ،ضرورة تميزها بإقامة الدين كله هللا ؛نية االنتماء، إلى سلوكيات عملية بالغة التكرار كالصالة والحـج والعمـرة

لتأكيد قصد االنتماء وتجسيد القدوة والوسطية في التصور واالعتقاد والتفكير مقومات الوسطية التي منحها اهللا لها، والشعور والتنظيم مستفيدة في ذلك من

.وحدة إلهها ورسولها ودينها وقبلتها: وهي والتضـليل مـن داخلهـا ،وهي أمة في موضع ابتالء معرضة للتلبـيس

وخارجها، وال قاطع لحجة الناس عليها إال حرصها على وحدة القلب والصبر يمان بأن مصيرها لتكون كلمة اهللا هي العليا، واإل ؛والصالة وتقبل التضحيات

ـ فهي هللا بكل كيانها وذاتيتهـا وإليـه }}}}إنا لله وإنا إليه راجعون {{{{ محكوم ب .مرجعها في كل أمر

أمـة (و) أمة مسلمة هللا (وهذا التسليم المطلق يوحي بالتناظر بين مفهومي فالخطاب لجميع األمة من حين نزول هذه اآلية إلى قيام الساعة كمـا ؛)وسط

وهـي خاصـة ،في سائر التكاليف، وهو للموجودين بالذات وللباقين بالتبعية وحال . بأهل كل عصر من اهللا عليهم بأن جعلهم خيارا وعدوال عند االجتماع

الشخص عند انفراده بنفسه غير حاله عند اجتماعه بغيره، وهو قد يكون غير وهـذه ، االجتمـاع ويكون مقبول الشهادة عنـد ،مقبول الشهادة عند االنفراد

.)٩٣(القوامة ببيان الحق في الدنيا، والشهادة به في اآلخرة: الشهادة تعني

- ١١٢ -

من سورة البقرة دليل على ) ١٤٣(وثمة اتفاق بين المفسرين على أن اآلية ، واإلجماع هو العزم على الشيء واإلمضاء ،عصمة األمة في حالة إجماعها

الكالم المقصود منه إفهام مـن وهو ) خطاب التكليف (وخطاب الشرع يشمل خطـاب (هو متهيئ للفهم بالوجوب والتحريم والندب والكراهة واإلباحـة، و

للمخاطب الموجود وغير الموجود، والعقل يـدرك الحكـم ولـيس ) اإلخبار .بحاكم، وهو ال يقال أوجب كذا، بل أدرك كذا

ادثـة بعد وفاته في ح ρواإلجماع اصطالحا هو اتفاق مجتهدي أمة محمد ويخرج منه اتفاق العوام، فال عبرة بـه، ،من األمور في عصر من األعصار

وأهـل ،ويخرج منه اتفاق بعض المجتهدين فحسب، واتفاق األمـم السـابقة اإلجماع ال يحكمون بإجماعهم بل بصدور اإلجماع عن أصل؛ ألنه ال يجـوز

.)٩٤(القول في دين اهللا بغير دليلرد نص شرعي قـاطع الداللـة بشـأنه، وال ومجال اإلجماع هو ما لم ي

موضع له فيما عرف من الدين بالضرورة فهـو محكـوم بـالقرآن والسـنة هو بتعبير آخر، اتفاق المجتهدين، وبقية األمـة تبـع لهـم فـي ،الصحيحة

فيه فقه المكان والزمان في ىاالستجابة له ما لم يعرفوا دليال للمخالفة، ويراع . وبعد وفاتهρجماع إال من أمة محمد الحوادث، وال يكون اإل

ورغم كون األحاديث النبوية الداعية إلى لزوم الجماعة أخبار آحاد ال تفيد اليقين، فإن تواترها عن طريق المعنى هو كالتواتر في اللفظ في إيجاب العلم

كونه ال ينسـخ؛ ألنـه ال : واإلجماع ال ينسخ وال ينسخ به . بحجية إجماعها وفاة الرسول والنسخ ال يكون بعد موته، وال ينسخ بإجماع آخر يكون إال بعد أما االجتهاد في تنزيل األحكام علـى الحـوادث فتتأسـس . )٩٥(ألنه معصوم

حجيته على بذل الجهد المستطاع في فقه معطيات الزمان والمكان مع عـدم تعمد الخطأ، ولكن ذلك ال يؤسس حجية تأبيده لكونه نتاج واقعة قـد يصـح

- ١١٣ -

واإلجماع المعتبر هـو إجمـاع ، ولكنها ال تتكرر بحذافيرها ،ترشاد بها االساألمة المسلمة الوسط العدول؛ إذ إن إجماع غيرها على الخطأ متابعـة لقـول

.)٩٦(واحد منهم وإساءة لتأويل الشريعة أمر واردوردت ) أمة(من هي األمة المسلمة الوسط؟ سبق القول بأن : والسؤال اآلن

ـ بالتنكير، مشيرة إلى كل أمة مسلمة وكل أمـة ) وسط(و) لمةمس(موصوفة بوسط عبر العصور، والحظنا أن السياق يشير ضمنا إلى عدم التعدد في كـل

إال أن هذا التحديـد ، ففي كل عصر أمة مسلمة وسط واحدة ،عصر على حدة يقتضي قدرا من البيان لتحديد البعدين الزماني والمكاني للمفهوم محل البحث

فلقد رأى الـبعض أن . الة االنتقال به من التنكير إلى التخصيص والتعريف ح تحققت في إبراهيم وأهله ومن أسلم معه، وتتابعـت أمـة }}}}أمة مسلمة لك {{{{

مسلمة جيال بعد جيل إلى يوم القيامة، ورأى بعض آخر أنهـا بـدأت ببعثـة أراد بـل إن الـبعض . وأمة كل قرن أو جيل منها إلى يوم القيامـة ρمحمد

.)٩٧(ρ أو على بعض أمة محمدρعلى أمة محمد ) أمة وسط(قصر وصف هل كانـت كـل األمـم : ويقدم السيوطي دراسة مستفيضة لهذه اإلشكالية

السابقة يوصفون بأنهم مسلمون أم ال؟ وهل يطلق اإلسالم على كل ذي ديـن ن ؟ ويشير السيوطي إلى أن رأي ابن الصالح أ ρحق أو يختص بأتباع محمد

ويسـهب . اإلسالم يطلق على كل دين حق وال يخـتص باألمـة المحمديـة ρ وهو أن وصف اإلسالم خاص بأمـة محمـد ،السيوطي في إثبات العكس أنها أمة مرحومة أعطيت من النوافـل مثـل مـا : ويسوق حججا من أهمها

أعطي األنبياء وافترض اهللا عليها من الفرائض مثل ما افترض على األنبيـاء وأوتيت هذه األمة المحمدية ثالث خصال لم يعطها إال األنبياء كـان ،لوالرسبلغ وال حرج، وأنت شهيد على قومك وادع أجبـك، وقيـل : يقال له ρ النبي

- ١١٤ -

لتكونوا {{{{و، )٧٨: الحج( }}}} وما جعل عليكم في الدين من حرج {{{{: لهذه األمة ).٦٠: غافر(}}}} ادعوني أستجب لكم {{{{و) ١٤٣: البقرة (}}}} شهداء على الناس

هو إبراهيم فالضـمير فـي ) المسلمين(وليس من المؤكد أن الذي سماهم }}}} لمينسالم اكممس وقد يعود على اهللا تعالى؛ ألنـه سـماهم ) ٧٨: الحج( }}}}ه

المسلمين في كل الكتب وفي القرآن، وخصهم بهذا االسم في أم الكتاب مـن .دون سائر األمم

:المائـدة (}}}} ورضيت لكم اإلسالم دينا {{{{: ويرى السيوطي في قوله تعالى ويـذهب إلـى أن ). لكـم (نصا ظاهرا في االختصاص بهم بداللة تقديم ) ٣

اإلسالم كان من وصف األنبياء دون أممهم، وأن اهللا تسمى باسمين هما ألمة ونفـى اهللا . ون، وهو المؤمن وهم المؤمنون فهو السالم وهم المسلم : ρمحمد

عن إبراهيم كونه يهوديا أو نصرانيا بقرينة نزول التوراة واإلنجيل من بعده، دليل على أن شريعة التوراة تسمى يهودية وشريعة اإلنجيل تسمى نصـرانية

.وال تسمى واحدة منهما إسالماوبيوتهم وأوالدهـم قاصر على األنبياء، ρووصف اإلسالم قبل أمة محمد

. ال يشاركهم فيه بقية األمة، أو يحمل على االنقياد واإلذعان هللا فيما أمرهم به واستواء الشرائع كلها في أصل التوحيد ليس دليال كافيا؛ ألن اإلسـالم لـيس اسما للتوحيد فقط، بل لمجموع الشريعة بفروعها وأعمالها كما أنزلت علـى

.ρمحمد ا أطلق من وصف اإلسالم فيمن تقدم فإنما أطلق على أن كل م والخالصة

نبي أو ولد نبي تبعا له أو جماعة فيهم نبي غلب لشرفه أو علـى العـازمين في حياتهم لما يجدون في كتـبهم مـن نعتـه ρعلى اإلسالم إذا بعث محمد

وإبراهيم ،ولم تذعن أمة لنبيها مثلما أذعنت هذه األمة . وصفته واألمر باتباعه رغم نزول القرآن بعده ألن القرآن أخبر بذلك، وأمـر اهللا ، على اإلسالم كان

- ١١٥ -

للمؤمنين بالدخول في السلم كافة إنما هو أمر في الدخول في كافـة شـرائع .)٩٨(اإلسالم وعدم التمسك بشيء من أمر التوراة

وواقع األمر أن السيوطي إن كان يريد باإلسالم الدين الذي جاء به محمد ρ ل أحكامه كل ما جاء بالقرآن والسـنة الصـحيحة، أو اإلسـالم الذي تشم

بهذا ) مسلمة( إلى قيام الساعة فإن وصف ρبمعنى االنقياد هللا بعد بعثة محمد أمـا إن كـان . ρالتحديد ال ينطبق كما قال إال على من أجاب من أمة محمد

بمعنى منقادة هللا بإطالق فهي تشمل كل أهل دين حـق ) مسلمة(يريد وصف . من لدن آدم حتى قيام الساعة

واألنبياء قرينة تواصل زماني بين األمم ρوالتشابه بين خصال أمة محمد بتلك الصفة، وليس قرينة على أن اهللا ارتضى من أحد في أي زمان ومكـان

سـلمتم وقل للذين أوتوا الكتاب واألميين أأ{{{{وقوله تعالى . دينا إال اإلسالم له ) مسلمة(ليس دليال على أن صفة ) ٢٠ :آل عمران (}}}}فإن أسلموا فقد اهتدوا

بدعوى أنهم لو كانوا مسلمين لقالوا حين توجيـه هـذا ρخاصة بأمة محمد نحن مسلمون وديننا اإلسالم؛ إذ إن السؤال وجه إليهم بعد بعثة : السؤال إليهم

وطة باإليمان بالالحق حتـى الخـاتم، وعـدم ، وصفة اإلسالم مشر ρمحمد التفرقة بين أحد من رسل اهللا، وعدم اإليمان ببعض الكتاب والكفر بـالبعض

على األنبيـاء وبيـوتهم وأوالدهـم ال ) مسلمة(ومقولة قصر وصف . اآلخر .أساس له؛ ألن هذه الصفة أمر عقيدة ال عالقة عرق ونسب

) أمة مسلمة (تنفي عنهم صفة كونهم وقلة عدد من آمن بالرسل السابقين ال ) أمة مسلمة (إذ ال دخل للعدد في ذلك، وكيف يكون له دخل، وفرد واحد يعد بوصـف ρوحده؟ ورغم إلحاح السيوطي على إثبات اختصاص أمة محمـد

فإنه نبه على وجود مخالف له في ذلك، وأورد في ثنايا دفاعـه ) أمة مسلمة (

- ١١٦ -

ة بنية مفهوم األمة في المواضع القرآنية وستكشف متابع . عن رأيه ما ينقضه .األخرى أن رأي ابن الصالح أولى بالصواب

}}}}كان الناس أمـة واحـدة {{{{في الموضع الثاني بصيغـة ) أمة(ووردت في سياق ينعي على المنافقين إظهار ما يخالف حقيقتهم وعدم ) ٢١٣: البقرة(

يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة اهللا، ويثني على من ،التطابق بين قولهم وفعلهم ويدعو إلى الدخول في السلم كافة، ويذكر بسنة اهللا في ابتالء األمـم، وبـأن

هي أسرة آدم وحواء وذراريهم، وبأن النـاس ) أمة واحدة(أصل البشرية كلها مفطورون على التنوع واالختالف في االستعدادات والتصورات، ومن ثم هم

نزلة تفصل في االختالف بقول فصل، تدخل النـاس بحاجة إلى رسل وكتب م .في السلم وتحول التنوع من عامل فرقة إلى عامل قوة

وكما أن أصل البشر واحد، فإن ربهم واحد، وإلههم واحد، وما أنزل إليهم من ربهم وجاء به الرسـل جميعا كتاب واحد في أصله، بملـة واحـدة فـي

فكل نبي جاء بالدين الواحد القـائم . عمومها بمشروع واحد لكل بني اإلنسان على التوحيد الخالص، وكانت مهمة الرسل والنبيين والصالحين هـي إزالـة

وإحياء العقيدة األصلية بميزان ثابت من اهللا يفيء ،االنحراف عن هذا األصل وهو ميزان غير محكوم بزمان وال مكان، ومؤسس علـى علـم ،إليه الناس

ن وال لمجهول، ومستعل على الحاجة وعن الكون يقيني ال موضع فيه لمظنو .بما فيه ومن فيه

وهذا الميزان ليس إلزالة االختالف بل لضبطه وهدايـة العقـل البشـري والمـورد ،بالشرع في مواجهة األحوال المتطورة والظـروف المتغيــرة

البغي بين الناس، وإقامة هذا الميـزان : األساسي للطغيان في هذا الميزان هو تاج إلى االستعانة باهللا وقبول التضحيات واليقين بأن االبتالء قاعدة، واأليام تح

- ١١٧ -

فالبغي والتحاسد والتنازع فـي ،)٩٩(دول، والعاقبة لمن يتحلى بالصبر والثبات .طلب الدنيا داء لإلنسان ال يتعلق بزمان وال مكان

ن مسـلمي -بالنقـل المتـواتر -هنا هي آدم وأوالده كـانوا ) أمة واحدة (و وعلى مدى عشـرة قـرون ،مطيعين هللا إلى أن قتل قابيل هابيل حسدا وبغيا

.كان آدم وذريته كلهم على الدين الحق أمة واحدة، وكان آدم نبيا مبعوثاـ أن ) منـذرين ( ثـم )مبشرين(ويفيد وصف اهللا للنبيين في هذا الموضع ب

يجـري البشارة تجري مجرى حفظ الصحة وهو مقصود الغـذاء، واإلنـذار إزالة المرض، وهو مقصود الدواء، واألول مقصود لذاته وهو مقـدم ىمجر

والكتاب أنزل مع كافة النبيـين بـالحق وينعـي ،على الثاني المطلوب لغيره السياق على من جعلوا الكتاب الذي أنزل لضـبط االخـتالف وبيـان وجـه

ـ م عـن الصواب سببا لزيادة االختالف بنسيان وحدة األصل وتحريـف الكل .)١٠٠(مواضعه وتكفير بعضهم بعضا واإليمان ببعضه دون البعض اآلخر

كان النـاس أمـة {{{{ أن المراد بالناس في قوله تعالى :ابن الجوزي ويرى هم جميع بني آدم أو آدم وحده، فالعرب توقع الجمع علـى الواحـد، }}}}واحدة

بعده، أو أن آدم وذريتـه ومعنى اآلية كان آدم ذا دين واحد فاختلف ولده من والسياق كله يدل علـى أن كينونـة . كانوا على الحق إلى أن قتل قابيل هابيل

الناس أمة واحدة، أمر تكليفي وليست أمرا تكوينيا، فالناس ال يختلفـون فـي أمور تكوينية، ووحدة المقصد كأساس لوحدة األمة واالختالف في الدين دليل

.)١٠١(}}}}ال إكراه في الدين{{{{على أنه قائم على قاعدة حـين : وثمة حاالت خمس كان الناس فيها أمة واحدة، ثالثة على اإلسالم

أخذ اهللا من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم بالعبودية له وأخذ الميثاق أن يصدق بعضهم بعضـا، وأن ينصـر ) وعلى أممهم بالتبعية (على النبيين

كل نبي من يأتي بعده، ويوصي من أمـن بـه أن بعضهم بعضا، وأن ينصر

- ١١٨ -

ينصره إذا أدرك زمانه، وفي عهد آدم، وحين ركبوا السفينة مع نوح، وكادوا .)١٠٢(يطبقون على الكفر إال قليال في عهد نوح وفي عهد إبراهيم

أي ذوي أمة واحدة، }}}}كان الناس أمة واحدة {{{{إن معنى : الطبرسيويقول ولم تخل األرض أبدا من حجة هللا علـى . واحدة وعلى دين واحدأي أهل ملة

خلقه، ولكن الحق كان في الواحد أو الجماعة القليلة، وظل المسـلمون دعـاة ألفة واجتماع وغيرهم دعاة فرقة واختالف، وكلـف اهللا آدم وجعلـه إمامـا

وكان الناس أمة واحـدة على فطـرة اهللا ،لذريته قبل أن يهبطه إلى األرض .قبل نوح

ـ مفردا مع إرادة الكتب وقوله ) الكتاب(والتعبير عما بعث اهللا به األنبياء بمع أنه نزل على بعضهم وكان البعض اآلخر تبعا لهم دليـل ) نزل معهم (نه إ

على أن القاعدة هي الحرية وعدم اإلكراه في الدين واحترام إنسانية اإلنسـان في شأن الـدنيا وتـرك أمـر اآلخـرة هللا، ا كان دينه والتسوية بين البشر أي

والتواصل بين أمة النبيين والرسل بقرينة عدم تنزيل كتـب علـى بعضـهم ووجود أنبياء بال كتب وعدم ذكر بعض من أرسـل اهللا إلـيهم، والتكليـف

.)١٠٣(باإليمان بهم كلهم من ذكر منهم ومن لم يذكر بظهر الغيب هو الفطرة التـي يلتوحيد والهد واالختالف حدث بعد اتفاق على الحق، فا

فطر اهللا الناس عليها، وبعث اهللا الرسل إلصالح الفطرة فكان هديهم واحـدا وإن اختلفت أساليبه حسب اختالف المصالح، وكملت حلقات إصالح الفطـرة

. بالفصل في كل ما اختلف فيه السابقون بالغلو أو التقصيرρببعثة محمد ابعها حتى الرسالة الخاتمة يؤكد على شـرعية وتعدد الرسائل السماوية وتت

التعدد في الوسائل مع وحدة الهدف والقصد، وعلى أن شرعية اعتبار الزمان والمكان ال تتعلق بتحديد الهدف بل بطرائق تحقيقه، علـى أن يكـون نـاظم

.)١٠٤(الهدف ووسيلة تحقيقه محكومين بشرع اهللا

- ١١٩ -

ح البشر هـو الـدين، وأن أن معنى اآلية أن عماد صال الغرناطيويرى وكـان اهللا (على غرار ) إن الناس أمة واحدة(، بمعنى )كان الناس أمة واحدة (

وأنه لوال من اهللا على الناس بالرسل وتفضله ببعـث النبيـين ) غفورا رحيما وإنزال الكتاب معهم لكان الناس أمة واحدة في خلوهم عن الشرائع وجهلهـم

.)١٠٥(فهم ضابطبالحقائق، ولما كان الختال) أن يكون النـاس أمـة واحـدة (أنه لوال ) ٣٥ -٣٣: الزخرف(وتوضح

مجمعة على الكفر بأن يظن الناس أن إعطاء المتاع الـدنيوي دليـل محبـة فيجتمعون على الكفر ألجل المال لوسع اهللا على الكافر بال حدود في الـدنيا

ل قربـى وال رضـا وال فالسعة المادية ليست دلي ،لهوان ذلك المتاع وزواله والثراء واإلنجاز الدنيوي المجرد عن الدين الحق ال وزن لـه، . )١٠٦(اختيار

وإذا كان هذا هو الشأن في معاملة اهللا للكافر، فمعنى ذلك عدم جواز التضييق في األمور الدنيوية على أحد بسبب دينه، فالتسوية في متاع الدنيا مبنية علـى

ظ عليها هو الدليل الملموس على عدم اإلكـراه فـي إنسانية اإلنسان، والحفا .الدين

وهكذا يتضح أن الدين يجعل الناس أمة واحدة بضبط االخـتالف بيـنهم وتحريكه في إطار جامع، بينما قد يؤدي االفتتان بالسعة الدنيوية إلى إجمـاع

.على الكفر يعمق االختالف ويؤسس للفرقة، )١٠٧(مرات في سـياق واحـد في سورة آل عمران ثالث ) أمة(ووردت

ولتكن منكم أمة يـدعون إلـى الخيـر {{{{األولى في خطاب لألمة المحمدية كنـتم {{{{، والثانية بأسلوب تقريري }}}}ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر

عبالم ونرت للناس تأمة أخرجأم رخي تؤمنـوننكـر ون المع نوتنهوف ور .}}}}من أهل الكتاب أمة قآئمة{{{{، والثالثة }}}}بالله

- ١٢٠ -

في كافة تلك الحاالت واحدة، والسـياق كلـه ) أمة(والمالحظ أن خصال يدعو إلى الجماعة واأللفة ونبذ الشقاق، ويحذر من عاقبة الشقاق فـي الـدنيا

ويبين أن العبرة ليست بالهداية إلى صراط مسـتقيم، بـل بالثبـات واآلخرة، فطريق الحق دقيق والسائر عليه غيـر ،عليها بالتشبث بالدين الحق والجماعة

.مأمون أن يزل عن الجادة، ويد اهللا مع الجماعة المؤمنةهل هي للتبيين أم للتبعيض؟ ويقول : حول) منكم(وينقسم المفسرون لكلمة

لتبيين؛ ألنه ما من مكلف إال ويجب عليـه األمـر بـالمعروف البعض هي ل والنهي عن المنكر، إما بيده أو بلسانه أو بقلبه، وهو واجب علـى الكـل وإن

.كان من أمور الكفايةأما من يقولون هي للتبعيض فيرجعون ذلك إلى عجز البعض عن الدعوة

ا قصر هـذا ضمن إلى الخير واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما يعني التكليف على العلماء العارفين بالخير وبالمنكر، ويرون أن اهللا أراد من أمـة

واألمر بالمعروف ثالثة صنوف، أولها ). أمة(وفيها ) أمة( أن تكون ρمحمد نوع يؤمر به الفـرد كفرض عـين أو : يتعلق بحقوق اهللا تعالى، وهي نوعان

دميـين العامـة والخاصـة، وثالثهـا نوع يؤمر به الجمع، وثانيها بحقوق اآل .بالحقوق المشتركة كأمر أرباب البهائم برعايتها

ولما كان العاقل يقدم مهم أمر نفسه على مهم غيره، فـإن تـرك المنهـي عنه، والنهي عن ارتكاب المنهي عنه واجبان ال يغني أحدهما عـن اآلخـر،

ها ويبين أن قمـة وهذه اآلية واردة في سياق يوضح موارد للفرقة ويحذر من إلقاء الشبهات : المنكر الذي كلف اهللا تلك األمة باالنتهاء عنه وبالنهي عنه هي

في النصوص واستخراج التأويالت الفاسدة والتفـرق بالعـداوة، وباألبـدان بانفراد كل حبر بإقليم وكل رئيس ببلد، واالختالف في الدين بحيث يرى كـل

.طل كما فعل أهل الكتابمنهم أن الحق معه وصاحبه على البا

- ١٢١ -

ولما كان اهللا قد أمر هذه األمة بالدعوة إلى الخيـر واألمـر بـالمعروف والنهي عن ضده، وكان ذلك مما ال يتم إال بالقدرة على تنفيذه، فإنه حـذرهم

وصمام األمان الكفيل . )١٠٨( لكي ال يعجزوا عن القيام بهذا التكليف ؛من الفرقة االعتصام : قادرة على هذا التكليف هو ) أمة(مستوى بالتمكن من االرتقاء إلى

اإلسالم، فبه تصنع الجماعة، وينقلـب العـداء إلـى أخـوة : بحبل اهللا، وهو ) مـن (و. إيمانية، ويتوحد القصد فاألخ في اللغة من كان مقصده مقصد أخيه

ولتكونوا كلكم أمة على : تفيد الحصر بمعنى ) ولتكن منكم أمة (في قوله تعالى ، ومعنى ذلـك }}}} فاجتنبوا الرجس من الأوثان {{{{: في قوله تعالى ) من(غرار

.أن كافة أفراد هذه األمة أمروا باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمنكـر هـو معصـيته ، والمعروف هو طاعة اهللا،والخير هو اإلسالم

وتشمل هذه ، عينيا وتوجيه الخطاب لألمة كجماعة يبقي ذلك التكليف كفائيا ال ونواتهـا هـم المهـاجرون ρاألمة في رأي ابن عباس جميع أمـة محمـد

.)١٠٩(واألنصار عامة أو أهل بدروتؤكد خبرة غزوة أحد أن الثابت الوحيد في مفهوم األمـة الداعيـة إلـى

وأن ،الخير والناهية عن المنكر هو الدين، وأن عنصـرها البشـري متغيـر ببقاء الدين وليس ببقاء شخص أيا كان حتى لـو كـان بقاءها يجب أن يرتبط

نفسه؛ ألن الدين هو المقصود لذاته، أمـا البشـر بمـا فـيهم ρالنبي محمد . فليسوا مقصودين لذاتهم، بل لهديهم وقدوتهم الباقية ما بقي دينهمρ الرسول

فهـم األمـة ،وميزان اهللا أشد صرامة بالنسبة لألمة عنه بالنسبة لألفـراد ـ ρا التراجع في ساحة الجهاد تحت ذهول إشاعة أن محمد ب ا قتل سمي انقالب

رغم سرعة فيئها وتقريرها الفوري مواصلة القيام بمـا كـان ،على األعقاب وتأكد في ،، ونبذ هاجس الجبن والوهن مادام األمر كله بيد اهللا ρعليه محمد

وال ينـزل ،قامةذلك الموقف أن األمة عكس األفراد ال تبتلي وهي على است

- ١٢٢ -

وقمة ذنوب األمة أن ال تكون أمة حية . بها بالء إال بذنب وال يرفع إال بتوبة وال حافظ للجامعة وال سياج لوحدة األمة ،كالجسد الواحد باالعتصام بحبل اهللا

.إال اإلسالم الخالص: وللدعوة إلى الخير واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب أوالهـا

سائر األمم إلى الخير وإلى مشاركتها فيما هي عليه مـن ) األمة(دعوة سائر اإلسالم الذي هو دين اهللا على لسان جميع رسـله لجميـع : خير، والخير هو

. حتى قيام الساعة في أمة جامعةρ والمنحصر من بعثة محمد ،األمملهذا القصد الشريف يقتضي أن تكـون مهذبـة ) األمة المسلمة (واجتماع

إلـى ) أمة الـدعوة : وهي بالنسبة لها(ربية لها، داعية األمم األخرى لنفسها م مشاركتها قائمة بواجب تبليغ أمر اهللا، محبة لغيرها ما أحبته لنفسـها كأمـة

وهذه الوضعية ال تتم إال بالتعاون . مفتوحة ال شرط لعضويتها إال اإلسالم هللا .األهواءواالجتماع والصبر والمصابرة والمرابطة ونبذ الفرقة و

أما المرتبة الثانية فهي دعوة المسلمين بعضهم بعضا إلى الخيـر واألمـر بالمعروف والتناهي عن المنكر، ويقوم به خواص األمـة القـادرون علـى

التواصي بالحق والتواصـي : والمرتبة الثالثة ،االستنباط بفقه الزمان والمكان والمؤمن ،أليف بين قلوب األمة ا لنعمـة اهللا بالت بالصبر بين أفراد األمة، شكر

وتغيير المنكـر بالفعـل ،مرآة أخيه، وال موضع للفصل بين النهي واالنتهاء مرتبة فوق التناصح تحتاج إلى قدرة خاصة وهي اختصـاص ولـي األمـر

.ويشترط فيها إذنهإلى وجود نسق سـلطة فـي كـل األنسـاق ) األمر(ويحتاج نسق مفهوم

فالنهي عـن الشـيء ، عن المنكر وتغيير المنكر وفرق بين النهي ،المجتمعيةفهـو رسـالة . إنما يكون قبل فعله وإال كان رفعا للواقع أو تحصيال للحاصل

فإذا رأى المرء من يغش مثال وجب تغيير ذلك، والقدرة واالستطاعة ،وقائية

- ١٢٣ -

والتغيير باللسان ال يخص نهي الغاش ووعظه فحسب، بل يدخل . شرطان له ره إلى ولي األمر األقـدر على تغيير المنكر، والتغيير بالقلب هو فيه رفع أم

فالسكوت علـى المنكـر ال ،عدم الرضا بفعله مع عدم السلبية في مواجهته .يسمي تغييرا له بل تمكينا له

ومن الـالفت للنظر، أن الشرع جعل الحج فرض عين على المسـتطيع، إلـى ) األمـة (عن المنكر على ولم يشر في فريضة األمر بالمعروف والنهي

االستطاعة؛ ألن من واجبها الكد في تحصيل أسباب االستطاعة التي تتطلبهـا تلك الفريضة، وألن المثابرة على القيام بها هـي التـي تولـد االسـتطاعة

.والتمكينوليس من المتصور في ضوء تعلق فريضة الدعوة إلى الخيـر واألمـر

أن ال يكون لها نظام تقوم في ظله كل ) أمة(ـبالمعروف والنهي عن المنكر ب فاعليات األمة بدور منسق ومترابط كأعضاء الجسد الواحد، وكأنهم شـخص واحد، وال قوام ألمة واحدة تقوم بهذه الفريضة وكأنها شخص واحد إال بالعلم التام بما تدعو إليه وما تأمر به وما تنهى عنه، وبحال من توجه إليهم الدعوة،

التاريخ وسنن األولين وعبرتهم، وصال للخلف بالسـلف الصـالح، وبعصارةومعرفة حال أمة الدعوة وما بها من ملل ونحل والعلـوم المتداولـة فيهـا، والضالعة في لغاتها تأمينا للتعارف المباشر بال استعانة بمترجم أجنبي حتـى

.وإن كان أمينا، وتربية الدعاةيقتضي األخذ على يد الظالم، فإنه ال عبـرة ولما كان القيام بهذه الفريضة

بأمر بمعروف ونهي عن منكر يقوم به أفراد على نحو مبعثر، بل أن يكـون اآلمرون بالمعروف الناهون عن المنكر أمة؛ ألن األمة ال تغلب وال تخـاف في اهللا لومة الئم، وتستطيع التصدي لتعليم الجاهل، وكونها أمـة يسـتلزم أن

رأس يدبر أمر البدن، ويكفل وحـدة القصـد فـي أعمـال تكون كالجسد له

- ١٢٤ -

أعضائه وسيرهم، ويناغم بين كافة أوجه التنوع الفطرية غير الناشـئة عـن .)١١٠(نزعة التفرق والشقاق، ويعمل برأي األكثرية ما لم يظهر لألقلية برهان

لحسن ويرى ا . }}}}خير أمة أخرجت للناس {{{{إلى ) ١١٠: آل عمران (وتشير ولكنـه ρالنيسابوري أن الخطاب في هذه اآلية موجه ألصحاب النبي محمد

علما عليها دون سـواها ) األمة(عام في حق كل أمة اإلجابة والتي صار لفظ ،)أمة الـدعوة (من سائر الناس بعد بعثته، وال يطلق على غيرها إال بقيد نحو

سها بل هي مصنوعة أن هذه األمة ليست صانعة نف ) أخرجت(ومن مضامين هللا، ولم يخرجها اهللا لنفسها بل أخرجها للناس، أي أ ظهرهـا وميزهـا عـن

إقامة نموذج اإلسـالم : غيرها، وجعلها سبب الخير للناس بما أن رسالتها هي والنهي عن أنكر ) الدين الحق (الخالص والدعوة إلى أعرف المعروفات وهو

. فتنة ويكون الدين كله هللا لئال تكون؛، والجهاد)الكفر(المنكر وهو كنتم خيـر {{{{ ومعنى ،وهذه األمة مهما استقامت فلن تسلم من أذى غيرها

وال ثنـاء ،ومرة أخرى، فإن هذا أمر تكليفي لألمة . )١١١( أنتم خير أمة }}}}أمةاألمـر : عليها إن غيرت وبدلت، فشرط اهللا فيها المستدعي لخيريتهـا هـو

وبتعبير أخر أن تكون أمـة ،)١١٢(نكر واإليمان باهللا بالمعروف والنهي عن الم ـ وسط إلـى الشـهود ) أمـة كامنـة (ا مسلمة هللا، وأن تتعدى موقع الوجود ك ).أمة فاعلة(كـ

من أهل الكتاب ليست سـواء ) أمة قائمة (إلى ) ١١٣: آل عمران (وتشير مـان مع بقيتهم، وأساس عدم التسوية أنها لم تقف بالتسليم هللا عنـد حـد اإلي

بموسى أو عيسى، بل لم تفرق بين أحد من رسل اهللا واستقامت على الـدين ،)١١٣( وأخلصـت إسـالمها هللا ρالحق، وبادرت إلى اإلجابة لدعوة محمـد

مـن أهـل ρفي هذا السياق بمن آمن برسالة محمـد ) أمة قائمة (وتختص رض الكتاب، وتشمل من أعلن إسالمه منهم ومن أخفاه تقية في كل ربوع األ

- ١٢٥ -

كالنجاشى، واستقامتهم على دين الحق الذي لم يبدل أو ينسخ قبل بعثة محمـد ρ ا لبيان سر عـدمواتباعهم له عالنية، يجعل ذكر وصفهم بأهل الكتاب مهم

التسوية، ووصفهم بأهل الكتاب حالة إخفاء إسالمهم تقية وارد، كوصف مـن .)١١٤(باعتبار الظاهر) رجل من آل فرعون(كتم إيمانه بأنه

؛ ألنها دخلت في اإلسالم كافة، واستقام قصدها وصارت )أمة قائمة (وهي األمـة ( و ،، حجة على من خالفها من أهل الكتـاب )األمة المسلمة هللا (ضمن

تشمل كل من وصف بوصفها ودخل في جملة عباد ) القائمة المستقيمة العادلة مردوا على النفاق هـم أناسا) األمة المسلمة ( وكما أن في ،)١١٥(اهللا الصالحين

في الظاهر منها ولكنهم في الواقع ليسوا منها ولكنهم قوم يفرقون، فـإن فـي أناسا ليسوا منها في الظاهر وهم في الحقيقة منهـا يكتمـون ) األمة المسلمة (

).مؤمن آل فرعون(ولهم دورهم الحيوي على غرار ، إيمانهماألمم، مشيرا إلى شهادة كل شامال لكل ) ٤١: النساء(في ) أمة(وجاء لفظ

على أمته بكل أجيالها يوم القيامة، وإلى أن ρرسول على أمته وشهادة محمد فالرسل شهداء اهللا فـي . الشهادة ال تقف عند حد الدنيا بل تشمل اآلخرة أيضا وتوضح قـرائن السـياق ،األرض على أممهم وشهداء اهللا عليهم يوم القيامة

ي هذا الموضـع ارتبـاط مفهـوم األمـة بالتوحيـد ف) أمة(الذي جاءت فيه ويـأمرون النـاس ،قربين، وبالنعي على من يبخلون واإلحسان للوالدين واأل

فاألمة جسد له أنسـاق، وفريضـة إنفـاق . بالبخل ويكتمون فضل اهللا عليهم ثم بقية المحتاجين حتى تشمل ،الخير تبدأ بذوي القربي قرابة خاصة أو عامة

.)١١٦(كل بني اإلنسانولو شـاء {{{{مرتين، أوالهما بصيغة ) ٦٦، ٤٨: المائدة(في ) أمة(وتأتي

، مشيرة إلى أن إرادة اهللا بالبشر أن يعبـدوه عـن }}}}الله لجعلكم أمة واحدة ويدعو السياق األمم إلى استباق الخيرات فيمـا . اختيار ال عن تسخير وإجبار

- ١٢٦ -

الدخول في ديـن : اهللا، وذروة تلك االستقامة هي بينها باالستقامة على منهج فالقرآن مهيمن على كل الكتب السماوية السابقة ومصدق للصـحيح ،اإلسالم

والمنهج اإللهي هو وحده الصالح الستباق الخيرات؛ ألنـه ،منها وهو أم لها من رب الناس جميعهم، خالق الكون كله بما فيه اإلنسـان، وألنـه موافـق

ولسنن اهللا في الوجود والفطرة السليمة، وألنه يحرر اإلنسـان لناموس الكون .)١١٧(من العبودية لغير اهللا

ولكل أمة شرعة ومنهاج من اهللا، العدول عنه أو التعديل فيه ال يعنـي إال وهكذا يؤكد هذا الموضع على مبدأ عدم اإلكراه ، واإلفساد في األرض ،الفساد

ي وارتباط إمامة األمـة المسـلمة بـه، في الدين وعلى محورية المنهج اإلله أمـا الثانيـة . وعلى فريضة استباق الخيرات ليس كأفراد بال ناظم، بل كأمة

لم تسرف على نفسها في شأن عيسى عليه السـالم ) أمة مقتصدة (فتشير إلى ، وشرطت اآلية التي ورد بهـا )١١٨(وفي معاداة اإلسالم ودخلت فيه على بينة

بإقامة التوراة واإلنجيل؛ ألن من بـين ρإليمان بمحمد ا) أمة مقتصدة (تعبير وعلـى (أحكامهما اإليمان به وبما أنزل إلى أهل الكتاب من سائر كتـب اهللا،

؛الذي وإن نزل على غيرهم فهو في حكـم المنـزل علـيهم ) رأسها القرآن .)١١٩(لكونهم مكلفين باإليمان به في كتابهم

مرات خاصة بسلوك األمـة المسـلمة في سورة األنعام ثالث ) أمة(وترد ) ١٠٨( وتنبه اآلية ،تجاه غيرها من البشر والمخلوقات وسنة ابتالء اهللا لألمم

}}}}كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلـى ربهـم مـرجعهم {{{{من تلك السورة إلى لتي حددت معالمها في مرشدة األمة المسلمة هللا، الوسط، القائمة، المقتصدة، ا

ـ فـي األرض هونـا، دافعـة ) أمة(المواضع السالفة الذكر إلى أن تمشي كالضرر األكبر بالضرر األدنى، بأن تضبط سلوكها تجاه غيرها بالتسليم بـأن كل أمة عملها مزين لها تحسبه صوابا وتدافع عنه، ومآل األمم إلى اهللا يفصل

- ١٢٧ -

ائل وراءه مما يدفع أمة الدعوة إلـى مزيـد بينهم، وعليها أال تدخل فيما ال ط .من العناد والضالل

ويصل السياق هنا إلى حد منع سب الذين يدعون من دون اهللا خشـية أن فكل البشر من نفس واحدة خلقوا، والهداية من اهللا ومـا ،يسبوا اهللا بغير علم

م فتبين أنه من سورة األنعا ) ٣٨(أما اآلية . )١٢٠(على األمة المسلمة إال البالغ فاألمـة . }}}}وما من دآبة في األرض وال طائر يطير بجناحيه إال أمم أمثالكم {{{{

وكل دابة في األرض وكـل مخلـوق غيـر . مخلوق حي يدب في األرض اإلنسان يخضع لنظام متقن ينبغي على البشر التعلم منه واحترامه في التعامل

فاهللا جعل لكل نوع ما به قوامه، وألهمه اتباع نظامه، ،خلوقاتمع كل تلك الم وجعل له نهاية مؤجلة ال محالة، وتسخير اهللا لها لإلنسان لـيس مطلقـا بـل

.)١٢١(ولية عما فعل بها وفيهائمشروطا بمنهج اهللا ومتبوعا بالمس، تشير أوالها إلى أن )١٢٢(خمس مرات في سورة األعراف ) أمة(ووردت

وهو أجل الحياة المؤقت لها، أو الوقت المؤقت لها قبـل أن }}}}ل أمة أجل لك{{{{ ، فاألمة كالكائن الحي تبعث وتعيش وتمـوت ،)١٢٣(يحل أجل استحقاق العذاب

كما سلف القول هو قرنها، وموت أمة مـا هـو تفـرق ) األمة الجيل (وأجل .شملها وذهاب جامعتها

التي تهجر منهج اهللا وتوقف بعثها مـن ويشير القرآن إلى سنة موت األمم ألم تـر {{{{إلى نموذج لذلك ) ٢٤٤: البقرة( وتشير ،بعد موتها على العودة إليه

وتوا ثمم الله مت فقال لهوالم ذرألوف ح مهو ارهموا من ديجخر إلى الذينماهيوالخوف من الموت بهم إلى هجر وطنهم، حيث أفضي الهلع والجبن }}}}أح أن ) ثـم (اتصال الهالك بالفرار، في حين تفيد ) فقال لهم اهللا (في ) الفاء(وتفيد

ا، وأن والدة أمة جديدة تراخت إلى أن تم استشعار الداء، اإلحياء استغرق وقت .واستبدل اهللا بمن تولوا وفروا نسال صدقوا ما عاهدوا اهللا عليه

- ١٢٨ -

كائن حي يتغير محتواه البشري بالموت الطبيعي، وفـي هـذه األمة إذن الحالة ال ينقطع وجوده بالخالفة والتوارث، ويعـرف اإلبدال والبعث المغاير

.)١٢٤(حالة موته بالعقوبةللزمان والمكان وإلـى ) األمة(إلى تخطي مفهوم ) ٣٨: األعراف(وتشير

: لجامع لألمم في اآلخرة هو وحدة األمة المسلمة، وفرقة األمم األخرى؛ ألن ا ومقصود األمة المسلمة هللا واحد أبد الدهر، أمـا األمـم غيـر ،وحدة القصد

وليست أمة، وتدخل كـل أمـة مـنهم ) أمم(المسلمة فمتعددة القصد بما أنها ونالحـظ ،ينقضي أجلها، في أمم قد خلت من قبلها تماثلت معها في قصـدها

مؤاخـذ والكل. ين األمم األخوات في النار والتالعن ب ) أخت األمة (هنا تعبير باالتباع أو باالستتباع، وأساس هذه المسئولية التضامنية هو رضا كـل منهـا

.)١٢٥(باألخرى والسير على نهجهاومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبـه {{{{إلى ) ١٥٩: األعراف(وتشير

دلونعقد يطلق على القليل الـذي يهـدي ) أمة( مؤكدة مرة أخرى أن لفظ }}}}يبالحق وبه يعدل كما أطلق على الواحد، وهي هنا خاصة بمن أسلم من قـوم

.، وهي دليل على أن األرض لم تخل من أمة مسلمة هللا أبدا)١٢٦(موسىفي الموضع الثالث من األعراف مشيرة إلى وجـوب عـدم ) أمة(وتأتي

من توجه إليه، فلعل الظـن يخلــف ترك الدعوة مهما كان اليأس من حال معذرة إليه حالـة : ويدخل في دين اهللا، فالنصيحة في اهللا واجبة على كل حال

. )١٢٧(فالهدي منـه وحـده . عدم إتيانها ثمرتها، ورجاء إليه أن يأتي بثمارها أمـة (في الموضع الرابع إلى أن منهج اهللا كناظم يـؤدي إلـى ) أمة(وتشير ، وتظل بذرة اإليمان قائمة داخـل )الفرقة( يؤدي إلى ، والعرق كناظم )واحدة

إلى إعادة -كما ال حظنا في الموضع السابق -األمم التي يفرقها العرق تسعى ، وهو مـا يؤكـده الموضـع الخـامس )١٢٨(أمة الدعوة إلى طريق تقوي اهللا

- ١٢٩ -

وهي األمة المسلمة ) وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (المتحدث عن بر الزمان والمكان، وجاءت اإلشارة إليها في سياق يؤكد على أخـذ اهللا هللا ع

العهد على بني آدم بتوحيده، وإلى خلق اهللا للبشر من نفس واحدة، وإلى تفرده .)١٢٩( باألمر كله، وإقامته الحجة البالغة على عباده-سبحانه–

بـأن ، تذكر أوالها )١٣٠()أمة(وتتضمن سورة يونس ثالث إشارات لمفهوم البشر في األصل أمة واحدة، وأن االختالف وارد، وأن االبتالء بالشدة ينعش في اإلنسان فطرة التذكر والتضرع إلى اهللا، والنعمة قد تقوده إلـى النسـيان

ثم يشير الموضع الثاني إلى ،والظلم، وأن البشر مبتلون فيما استخلفهم اهللا فيه والرسـول يجـيء . }}}}ا جاء رسولهم قضي بينهم ولكل أمة رسول فإذ {{{{أنه

األولى في الدنيا بعد اإلذن له بدعائهم ويحكم علـيهم بالطاعـة : ألمته مرتين عند اتباعه، وبالمعصية أن تمسكوا بالمنسوخ وتركوا الناسخ، والثانيـة فـي

محددا ويبين الموضع الثالث أن لكل أمة أجال ،اآلخرة حين يأتي شاهدا عليهم .)١٣١(تأتي فيه وتبقى وتكون حجة أو تمهل حتى يقيم اهللا عليها الحجة

، يرد بأوالها تعبير )١٣٢()األمة(وتتضمن سورة هود أربع إشارات لمفهوم أي أجل معلوم على سبيل اإلمهال إلى مجيء أمـة وانقـراض ) أمة معدودة (

سس الدين علـى عـدم أخرى، ويشير الثاني والثالث إلى أن إرادة اهللا أن يتأ ويشـير اإلكراه، ولوال ذلك لكان الناس بالتسيير اإللهي أمة واحدة مسلمة هللا

فعلى عهد آدم كان الناس ،سنة اهللا في خلقه : الثالث إلى أن الحرية الدينية هي فصـالح اآلبـاء ال يـورث، ،أمة واحدة مسلمة هللا، وتولد االختالف والكفر

الحق والباطل ولم يبق اهللا علـى األرض إال وعلى عهد نوح فصـل اهللا بين أمما صـالحة، -كركيزة للدين-موحدا، وأفرز الطابع اإلنساني وعدم اإلكراه

ومرة أخرى، بين الحق ضرورة ربط التمتع بالـدنيا بإنسـانية ،وأمما طالحة .)١٣٣(اإلنسان وليس بدين اإلنسان

- ١٣٠ -

تؤكد أوالها وحـدة . )١٣٤()أمة(وتتضمن سورة النحل سبع إشارات لكلمة أن اعبـدوا اللـه واجتنبـوا {{{{جوهر رسالة كل الرسل في كل األمم وهـي

وتشير نتيجة الدعوة إلى أن القاعدة الثابتة هي أن أمر الدين أمـر }}}}الطاغوتولية األمم، وتلـح اإلشـارات ئتكليفي قائم على الحرية ومؤسس بالتالي لمس

ك القاعدة وتشير إلى مجيء كل رسول شاهدا على أمته الخمس التالية على تل إلى أن الشيطان زين ألمم سـابقة ρفي الدنيا ثم في اآلخرة، وتنبه أمة محمد

أعمالهم، وتحذرها من أن تكون كالتي نقضت غزلها بأن ال تحترم مواثيقهـا ـ ) األمة األربى (وعهودها، وتنظم عالقاتها بأمم الدعوة على أساس االنحياز ل

.أي لألمم األقوى واألشد بأسا والتحول عن األمم المستضعفة منهمفإقامة األمة المسلمة للعدل باحترام العهود ونصرة المستضـعف واألخـذ

غزل هذه األمة، والتحول عنه نقض له وركون إلى الذين : على يد الظالم هو ي واجتنـاب فالميزان في التعامل هو العدل واإلحسان وإيتاء ذي القرب ،ظلموا

.الفحشاء والمنكر والبغي والوفاء بعهد اهللا فهـو }}}}أمة قانتا لله {{{{بأنه كان ) إبراهيم(وأخيرا تصف اإلشارة األخيرة

.)١٣٥(قدوة يحتذى، ويعدل أمة بكاملها بالتوحيد الخالصوجدير بالمالحظة أن التحليل السياقي السالف أوضح بالدالالت الضـمنية

واآلن نصل إلى نـص قرآنـي ظـاهر ،لمسلمة هللا واحدة ال تتعدد أن األمة ا وليس عفـوا أن يـأتي النــص ،الداللة في تأكيد فريضة وحدة هذه األمة

ـ ) ٥٢: المؤمنون( و) ٩٢: األنبياء(الصريح على ذلك في سورتي {{{{ ىاألولوإن هذه أمتكم أمة {{{{والثانية }}}}إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون

في سـورة ) أمة(وفي حين لم تتكرر اإلشارة إلى . }}}}واحدة وأنا ربكم فاتقون مشيرة إلى أن لكل أمة أجل، ) ٤٤، ٤٣: المؤمنين(األنبياء، فإنها تكررت في

- ١٣١ -

تغيـر ال يعـرف فالبشر في مفهوم األمة م ،وإلى عاقبة تكذيب األمم للرسل .ا آخرا، وبفعله حينالخلود بطبعه حين

واألنبياء معصومون، وبالتالي فإن أمتهم أمة واحدة لربها عابدة، وعمـاد تقوى اهللا فهي مبتالة للصـبر وللشـكر ولألجـر : أمة المؤمنين الواحدة هو

واحدة كأمر تكـويني، ) أمة الرسل ( و ،وللتوجيه وللتأديب وللتمحيص وللتقويم هي :واألمة هنا فيما يقوله ابن الجوزي . واحدة كأمر تكليفي ) مة المؤمنين أ(و

التي ال تفرق بين أحد من رسل اهللا، وهي وحـدها ) أمة األنبياء (الدين، وهي .)١٣٦(الجامعة، وما عداها فمفرق وداعية اختالف

إلـى أن اإلرادة ) ٨٣: النمـل (وفي مقابل األمة المسلمة الواحدة، تشـير ار الممنوحين لألمم المكذبة محدود بالدنيا، أما فـي اآلخـرة فـإنهم واالختييساقون أولهم على آخـرهم حيـث ال إرادة لهـم وال وجهـة وال : يوزعون وتؤكد ،)١٣٧( ويواجهون بالتهكم والتخجيل مع عجزهم حتى عن النطق ،اختيار

ها على ذات المعنى، في حين تشير اآلية الثالثة والعشرون من ) ٧٥: القصص(إلى الطابع العابر ألية أمة ال يكون ناظمها وقصدها هو اإلسـالم هللا وإلـى وقوعها في آفة تمكن األقوياء من االستحواذ واقتصـار المستضعفين علـى

.)١٣٨()أمة ماء مدين(أخذ ما يفيض منهم كصنيع مؤكـدة علـى أن البشـارة ) ٥: غافر(و) ٢٤: فاطر(في ) أمة(ووردت

الرسل، وال يؤخذ أحد بجريرة أحد، وتكذيب الرسل لـيس واإلنذار هي مهمة ناتجا عن تقصيرهم وال عن نقص الدليل، بل عن طبيعة العنـاد والمكـابرة،

يجئ فيكذبه طغاة قومـه وال يقـارعون ρ وأن من سنة األولين أن الرسول الحجة بالحجة بل يلجئون إلى منطق الطغيان والبطش والتمويه على العامـة

ليدحضوا به الحق في مواجهة أبدية يداول اهللا فيها األيام بين الناس، ؛بالباطل

- ١٣٢ -

وينتصر فيها الحق على الباطل وفق سنن إلهية ال تتبـدل، ال موضـع فيهـا .)١٣٩(للعجلة وال لعدم خوض غمار صنوف االبتالء

وتشير اآلية الثانية من سورة الشورى إلى ضرورة عدم اإلكراه في الدين، وتحذر ،لخلق البشر على شاكلة أخرى توحد سلوكهم ومصيرهم فاهللا لو شاء

من آفة التقليد ومن االفتتان بقدرة األمم الكافرة علـى ) ٢٣، ٢٢: الزخرف(مفردا فـي ) أمة(حيازة الثراء المادي المجرد عن اإليمان، وينتهي ورود لفظ

ث والحـدي ) ٢: الجاثية(القرآن في موضع له داللته حيث الموضع في سورة عن وضعية يوم القيامة، كما يأتي البشر فرادى كما خلقهم اهللا أول مرة، تأتي

خاضعة، ولكـل أمـة }}}}كل أمة جاثية {{{{األمم فرادى ال ناصر لهم من بينهم .)١٤٠(كتاب تدعى إليه مستنسخ فيه كل عملها

* * * الخاتمة

األمة فـي يتضح من هذا الطرح أن الشقة جد واسعة بين مضامين مفهوم لغة الضاد، وفي السياق القرآني وبين ما آل إليه ذلك المفهوم في عقول فريق من المفكرين المسلمين، استحضارا وتأثرا بمضامين مفهوم القومية الغربيـة العلمانية كما ترسخت في أوروبا خالل القرون الثالثة الماضية، وفي العـالم

ورغم ما ترتب في أرض الواقع على . اإلسالمي منذ سقوط الخالفة العثمانية ذلك من تهميش وفرقة وتفتت في العالم اإلسالمي، ومن تراجع أوروبي عـن

، فإن عملة القومية العلمانيـة ال )ولكن مع التمسك بالعلمانية المادية (القومية تزال رائجة في العالم اإلسالمي دون أية بوادر إلعـادة النظـر فيهـا فـي

.المستقبل المنظور

- ١٣٣ -

ولعل أهم نتيجة توصلت إليها هذه الدراسة أن اعتبـار القوميـة مرادفـا فكرة مستوردة منقطعة الصلة تماما بالدالالت اللغوية لمفهـوم -األمة لمفهوم

األمة في اللغة التي أنزل اهللا بها القرآن، وبدالالت ذلك المفهوم ومضـامينه زيد من التوسع والتعمق وال شك أن هذه الدراسة تحتاج لم ،في القرآن الكريم

في تأصيل تلك الدالالت في السنة النبوية الصحيحة وفي السياق القرآني كلـه وإلن كانت محصلة ،وقد يكون لذلك ما يبرره . وفي عصارة سيرته التاريخية

المواجهة بين المنظورين التغريبي واإلسالمي في ساحة مفهوم األمـة فـي ىإن مفتاح الخروج من الوهدة التي ترد القرن المنصرم هي أسره وتمييعه، ف

استعادة مفهوم األمة وإعادة بنائـه مـن مصـادره : فيها العالم اإلسالمي هو .األصيلة

ويحتاج ذلك إلى تأصيل الحاجة إلى العودة إلى إحـالل الشـريعة محـل القانون بداللته الغربية بتفكيك المقوالت التي تم من خاللها تخليـق فيـروس

وني للشريعة اإلسالمية، وإبراز الطابع التفريقي واإلكراهـي ألي الهزال القان ناظم للجماعة باستثناء الدين اإلسالمي، فال سبيل ألمة واحدة وإرادة واحـدة

ويتسـع مفهـوم األمـة ، فاألمة والدين مترادفان ،في العالم اإلسالمي إال به بما فيها القومية بداللته اإلسالمية ليشمل تحت مظلته كافة األنساق المجتمعية

كذلك إال بأعضاء متنوعة متكاملـة وهو كالجسد الواحد، ال يستطيع أن يكون في وظائفها خالية من التطرف واالنعزالية، بما أن األمة مـن صـنع الـدين ونسيجها هو الوسطية الجامعة والدعوة إلى الخير واألمر بالمعروف والنهـي

.عن المنكرسالمية المشتركة لم تتمكن على مـدى ثالثـة وواقع األمر، أن الهوية اإل

عشر قرنا حتى سقوط الدولة العثمانية من تحقيق التعايش والتجـاور اآلمـن بين أقوام ولغات منوعة فحسب، بل أبدعت في التوظيـف اإليجـابي لـذلك

- ١٣٤ -

التنوع، وأسهمت الحركة اإلسالمية المعادية لالستعمار بكثافة فـي الحركـة ها أن القومية بذاتها نسق من أنساق األمة ما لم ترفع رايـة القومية إدراكا من

.العلمانيةوعالوة على ذلك، فإن تجزئة األمة إلى دول قومية لم تسـتطع زحزحـة اإلسالم كأحد أهم مقومات النسق العقيـدي لمجتمعـات البلـدان اإلسـالمية

ور ومع ذلك فإن مفهوم األمة تعرض لتشويهات جسيمة بحصره بأم . المستقلةكاللغة واالنتماء العرقي والذاكرة التاريخية المتجسدة فـي دول ذات سـيادة والزعم بإمكانية، بل وجوب الفصل بينه وبين مفهوم الدين، وعلمنـة مفهـوم القومية وتشويش مفهوم الدين بالسعي إلى اختزاله من مفهوم شـامل لنظـام

إليه بكتاب موحى جامع للحياة مصدره هو اهللا بطريق الوحي إلى نبي يوحى به، إلى مجرد عالقة روحية تتعلق بضمير اإلنسان ال عالقة له بمـا يسـمى باألمور الدنيوية، وتجذر حالة تبعية العـالم اإلسـالمي الماديـة والمعنويـة

.للغرب

* * *

في القرآن الكريم) أمة(لفظ نا أمة مسـلمة لـك وأرنـا ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريت { :البقرة

حيمالر ابأنت التو نا إنكليع ناسكنا وتب١٢٨( }م.( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسـبتم وال تسـألون عمـا كـانوا {

لونمع١٣٤( }ي.( لت لها ما كسبت ولكم ما كسـبتم وال تسـألون عمـا كـانوا تلك أمة قد خ {

لونمع١٤١ (}ي.(

- ١٣٥ -

} كمليول عسالر كونعلى الناس وي اءدطا لتكونوا شهة وسأم لناكمعج وكذلكيها إال لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلـب شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عل

ضـيعلي اللـه ا كانوم ى اللهده ة إال على الذينه وإن كانت لكبيريقبعلى عحيموف رءبالناس لر الله إن انكم١٤٣ (}إيم.(

حدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنـذرين وأنـزل معهـم كان الناس أمة وا { أوتوه ا اختلف فيه إال الذينا اختلفوا فيه ومالناس فيم نيب كمحق ليبالح الكتاب

نهيغيا بنات بيالب متهاءا جد معب من ا اختلفوا فيه مننوا لمآم الذين ى اللهدفه م ).٢١٣ (}الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخيـر ويـأمرون بـالمعروف { :آل عمران ).١٠٤( }ر وأولئك هم المفلحونوينهون عن المنك

كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بـالمعروف وتنهـون عـن المنكـر { مهوأكثـر ؤمنونالم منهم مرا لهخي ل الكتاب لكانأه نآم بالله ولو وتؤمنون

).١١٠ (}فاسقونال} ـمـل وهاللي ات اللـه آنـاءآي تلونة ية قائمل الكتاب أمأه نم اءووا سسلي

وندجس١١٣ (}ي.( }افكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤالء شهيد { :النساء

)٤١.( نا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنـا عليـه وأنزل{

فاحكم بينهم بما أنزل الله وال تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنـا اء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فـي مـا منكم شرعة ومنهاجا ولو ش

فيه تختلفون ا كنتمئكم بمنبميعا فيج كمجعرات إلى الله مرتبقوا الخيفاس آتاكم{ )٤٨.(

- ١٣٦ -

نزل إليهم من ربهم ألكلوا من فـوقهم ولو أنهم أقاموا التوراة واإلنجيل وما أ {لونمعا يم اءس منهم ة وكثيرقتصدة مأم منهلهم مجت أر٦٦ (}ومن تح.(

علم وال تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير { :األنعام لـونمعا كـانوا يم بمئهنبفي مهجعرهم مبإلى ر ثم ملهمة عنا لكل أميز كذلك{

)١٠٨.( ولكل أمة أجل فإذا جـاء أجلهـم ال يسـتأخرون سـاعة وال { :األعرافونتقدمس٣٤ (}ي(

دخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن واإلنس في النار كلما دخلتقال ا{

أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم ألوالهم ربنا هؤالء نفا مذابا ضعع لونا فآتهمأضونلمف ولكن ال تع٣٨ (} النار قال لكل ضع.(

}دلونعق وبه يبالح وندهة يى أموسم م١٥٩ (}ومن قو.( وا وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قال {

تقوني ملهولع كمبة إلى رذرع١٦٤ (}م.( }دلونعق وبه يبالح وندهة يخلقنا أم ن١٨١ (}ومم.(

وما كان الناس إال أمة واحدة فاختلفوا ولوال كلمة سـبقت مـن { :يونسمنهيب لقضي كبرختلفونا فيه ي١٩( } فيم.(

} ـونظلمال ي ـمط وهم بالقسنهيب قضي مولهسر اءول فإذا جسة رولكل أم{ )٤٧.( هم قل ال أملك لنفسي ضرا وال نفعا إال ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجل {

ونتقدمسة وال ياعس ونتأخرس٤٩ (}فال ي.( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه أال يوم { :هود

ونزءتهسا كانوا به ياق بهم موح منهوفا عرصم سلي أتيهم٨ (}ي.( }ختلفينم الونزة وال ية واحدأم ل الناسعلج كبر شاء ١١٨ (}ولو.(

- ١٣٧ -

}وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون { :يوسف)٤٥.(

ة قد خلت من قبلها أمم لتتلو علـيهم الـذي كذلك أرسلناك في أم { :الرعدأوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي ال إله إال هو عليـه توكلـت

).٣٠ (}وإليه متاب ).٥ (}خرونما تسبق من أمة أجلها وما يستأ{ :الحجرولقد بعثنا في كل أمة رسوال أن اعبدوا الله واجتنبوا الطـاغوت { :النحل

فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليـه الضـاللة فسـيروا فـي األرض ).٣٦ (}بينفانظروا كيف كان عاقبة المكذ

} ونتبـتعسي موا وال هكفر للذين ؤذنال ي ة شهيدا ثمث من كل أمعنب مووي{ )٨٤.( شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤالء ويوم نبعث في كل أمة{

ليلنا عونزلمينسى للمشرة وبمحى وردء وهانا لكل شييتب الكتاب ٨٩ (}ك.( وال تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمـانكم دخـال {

نما يبلوكم الله به وليبيـنن لكـم يـوم بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إ فيه تختلفون ا كنتمة مام٩٢ (}القي .(

} شـاءـن يـدي مهوي شاءن يضل مة ولكن ية واحدأم لكمعلج الله شاء ولولونمتع ا كنتممع ألن٩٣( }ولتس.(

}شركينالم من كي نيفا ولمة قانتا لله حأم كان اهيمرإب ١٢٠ (}إن.( ).٩٢ (}فاعبدون إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم { :األنبياء الله على ما رزقهم من بهيمة ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم {: الحج

خبتينشر المبوا ولمأس فله احدو إله كمام فإله٣٤ (}األنع.(

- ١٣٨ -

} إنك كبإلى ر عادر وفي األم نكنازعفال ي ناسكوه مكا هنسلنا معة جلكل أمى مدتقيملعلى ه٦٧( }س.( ). ٤٣ (}ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون{ :المؤمنون

ثم أرسلنا رسلنا تترا كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضـهم بعضـا { ).٤٤ (} ال يؤمنونوجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم

).٥٢ (}وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون{ }ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعـون { :النمل

)٨٣.( يه أمة من الناس يسقون ووجد من ولما ورد ماء مدين وجد عل { :القصص

ـاءعالر ـدرصقي حتـى يا قالتا ال نسكما خطبان قال من تذودأتيرام ونهمدخ كبيرونا شي٢٣ (} وأب.(

} انكمهراتوا بة شهيدا فقلنا هنا من كل أمعـل ونزق للـه وضالح وا أنلمفع ).٧٥( }عنهم ما كانوا يفترون

}إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إال خال فيها نـذير { :فاطر)٢٤.(

وهمـت كـل أمـة كذبت قبلهم قوم نوح واألحزاب من بعـدهم { :غافر ـف كـانفكي مق فأخـذتهوا به الححضداطل ليلوا بالبادوج أخذوهلي ولهمسبر

).٥ (}عقابولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل مـن يشـاء فـي { :الشورى ).٨ (}لمون ما لهم من ولي وال نصيررحمته والظا }بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتـدون { :الزخرف

)٢٢ .(

- ١٣٩ -

وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إال قال مترفوها إنـا وجـدنا { ).٢٣( }آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون

ولوال أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من {ونرظها يهليع ارجعة وم٣٣ (}فض.(

جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون مـا وترى كل أمة { :الجاثيةلونمتع ٢٨ (}كنتم.(

* * * في القرآن الكريم) أمم(لفظ

قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن واإلنـس فـي { :األعراف لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخـراهم أمة النار كلما دخلت

ألوالهم ربنا هؤالء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن ونلم٣٨ (}ال تع.(

طا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن وقطعناهم اثنتي عشرة أسبا {اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علـم كـل أنـاس

كلوا من طيبات مـا مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى ونظلمي مهونا ولكن كانوا أنفسا ظلموم قناكمز١٦٠ (}ر(

وقطعناهم في األرض أمما منهم الصالحون ومـنهم دون ذلـك وبلونـاهم {ونجعري ملهئات لعينات والسس١٦٨ (}بالح.(

قيل يا نوح اهبط بسالم منا وبركات عليك وعلى أمم ممـن معـك { :هودأليم ذابنا عم مهسمي ثم مهتعنمس م٤٨ (}وأم.(

- ١٤٠ -

تلو علـيهم الـذي كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لت { :الرعدأوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي ال إله إال هو عليـه توكلـت

).٣٠ (}وإليه متابالهم فهو تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعم { :النحل

أليم ذابع موله موالي مه٦٣ (}ولي.( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ومـا علـى الرسـول إال { :العنكبوتبينالغ الم١٨ (}الب.(

ليكـونن أهـدى مـن وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير { :فاطر ).٤٢ (}إحدى األمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إال نفورا

وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهـم وحـق { :فصلت } قبلهم من الجن واإلنس إنهم كانوا خاسرين عليهم القول في أمم قد خلت من

)٢٥.( أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من { :األحقاف

كانوا خاسرين مواإلنس إنه ١٨ (}الجن.(

* * *

- ١٤١ -

هوامش الدراسةه المعالم باألساس من دراسات أربع، أوالها بمثابة سجل أعيد فيه نشر نصوص مـا سنحاول رصد هذ )١(

وتقدم الثانيـة . كتب عن مفهوم األمة من منظور تغريبي منذ العشرينيات حتى اآلن في ثالثة مجلدات أما الدراسة الثالثـة فتقـدم . قراءة تغريبية لكافة التصورات التي طرحت في ذلك القرن لمفهوم األمة

حليال نقديا من منظور إسالمي للرؤية التغريبية للعالقة بين مفهومي األمة والدين، وتقـدم الدراسـة ت : وهذه الدراسات هي. الرابعة قراءة لسيرة مفهوم األمة في القرن العشرين من منظور إسالمي

وهو ،١٩٩٤ قراءات في الفكر القومي، مجموعة مؤلفين، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، - .يقع في ثالثة مجلدات، استعنا منها بعشرين دراسة

ناصيف نصار، تصورات األمة المعاصرة، دراسة تحليلية لمفـاهيم األمـة فـي الفكـر الحـديث - .١٩٨٦والمعاصر، الكويت، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي،

مصطفى . د : ، دراسة وتقديم مصطفى صبري، النكير على منكري النعمة من الدين والخالفة واألمة- .١٩٨٩حلمي، اإلسكندرية، دار الدعوة للطباعة والنشر والتوزيع،

بنـاء ) وآخـرون (إبراهيم البيومي غانم : إبراهيم البيومي غانم، السياق التاريخي والمفاهيم، ضمن - .١٩٩٨المفاهيم، دراسة معرفية ونماذج تطبيقية، القاهرة، المعهد العالمي للفكر اإلسالمي،

ـ …قراءات: محمـد جابر األنصاري، تسيس اإلسالم العربى، ضمن )٢( ، ص ٣،ص ١، مرجع سابق، ج٤٤٨.

.٤١ -٢٩ ص، ص١، مرجع سابق، جـ…قراءات: ساطع الحصري، عوامل القومية، ضمن )٣(يسـلم كافة األمثلة التي ساقها الحصري كتطبيقات لتلك التعريفات مأخوذة من التجربة األوروبيـة، و )٤(

ويدعي مع ذلـك . الحصري بأن الربط بين الوطن والقومية والدولة من مستحدثات القرن التاسع عشر إمكانية الفصل بين رابطة حسية مادية يقوم عليها حب الموطن واألهل، ورابطة معنويـة ال تخضـع

تاريخ هي أقـوى لقوانين الزمان والمكان والمادة ويقوم عليها حب األمة والوطن، وأن وحدة اللغة وال ـ …ساطع الحصرى، الوطنية والقومية، ضمن قراءات : انظر. آصرة بين البشر ، ١، مرجع سابق، ج

.٦١ -٥٥ صص، المرجـع السـابق، …قراءات: طه حسين، قوميتنا العربية بين الماضي والحاضر والمستقبل، ضمن )٥(

.٣٨٩ ـ ٣٨٤ ص، ص١جـ .٤٤٩، ص ٣ ، جـ…قراءات: منأكرم زعيتر، كلمة طه حسين عن العرب، ض) ٦( .٤٤ -٤٢، ص١، جـ…قراءات: إبراهيم عبد القادر المازني، القومية العربية، ضمن) ٧(ـ …قراءات: زكي األرسوزي، األمة العربية واإلنسانية، ضمن ) ٨( إلياس فرح، . ٢٦٠-٢٥٦، ص ١، ج

: وميشيل عفلق، ضمن ساطع الحصري وزكي األرسوزي : القومية العربية واإلسالم في تفكير الرواد .٧٤٠ - ٧٣٢ ص، ص١، مرجع سابق، جـ...قراءات

ـ …قراءات: محمد جابر األنصاري، تسيس اإلسالم العربى، ضمن ) ٩( ص ، ص ٣، مرجع سـابق، جـ٤٤٢-٤٣٦.

- ١٤٢ -

. ٧٧ -٧٤ ص، ص١، مرجع سابق جـ…قراءات: ميشيل عفلق، القومية حب كل شيء، ضمن) ١٠( .٨٠-٧٩، ص ١، مرجع سابق، جـ... قراءات:ميشيل عفلق، القومية، ضمن) ١١(ـ ) ١٢( ويرى البعض أنه ال فرق بين دعاة استيراد . ٧٤٠-٧٣٨ ص ، ص ١إلياس فرح، مرجع سابق، ج

المفاهيم الغربية بال قيد، ودعاة انتقاء أفضل ما في الحضارتين اإلسالمية واألوروبية؛ ألن األخيرين ينسون . تحيل تحديد ما هو نافع حالة االنفتاح على اآلخر من موقع ضعف أن الخيار يضيع متى دارت العجلة ويس

، مرجع ...قراءات: محمد عبد العزيز الدوري، الذات العربية وموقفها من الحضارة الغربية، ضمن : انظر .١١٣ -١١٠ ص ، ص٣سابق، جـ

١٣٣ -١٣٠ ص، مرجـع سـابق، ص …قراءات: شبلي العيسمي، التاريخ في خدمة األمة، ضمن ) ١٣(ـ …قراءات: ضمن فرعونيون وعرب، : أحمد حسن الزيات : انظر أيضا ص، ص٣، مرجع سابق، ج

حيث نجد مقارنة تحبذ الوقوف بالذاكرة المصرية عند حد الحقبة العربيـة بالمقارنـة بـين ٢٤ -٢٢ .اإلنجازات الفرعونية واإلنجازات العربية

: رابطة اإلسـالمية أم الرابطـة العربيـة، ضـمن الرابطة الشرقية أم ال : محمود عزمي، أيهما نقدم ) ١٤( .٢٩ -٢٦ ص ص٣، مرجع سابق، جـ…قراءات

.٣٠المرجع السابق، ص ) ١٥(ـ ،…قراءات: عزت النص، التاريخ بين القومية واإلنسانية، ضمن ) ١٦( ص ، ص ٣ مرجع سـابق، جـ

٢١١ -١٩٣. ـ …قراءات: ، ضمن عبد الفتاح العدوي، القومية والعالمية في النظرية السياسية ) ١٧( ٣، مرجع سابق، ج

ويريدون بها األمة اإلسالمية في ) األمة المعنوية(ويشير البعض إلى ما يسمونه . ٣٦٢ -٣٥٧ صصصدر اإلسالم حتى سقوط الخالفة العثمانية، ويرون أن الوحدة المعنوية لدار اإلسالم استمرت طيلة تلك

منع ظهور بديل آخر إلى عودة الـوالءات العشـائرية وأدى. الفترة كرمز للهوية الجماعية اإلسالمية . ٤٤٢ -٤٣٦ ص محمد جابر األنصاري، مرجـع سـابق، ص : انظر. والطائفية والمذهبية والمحلية

قوما : ويشير البعض إلى أن القومية بدالالتها الحديثة وليدة البيئة األوروبية، وتعني في أصلها الالتيني دماء واحدة ثم صارت تعني سكان دولة ذات سيادة ال دخـل للـدم لغتهم واحدة وتجري في عروقهم

فكيف تصلح القومية كناظم وأساسها . ولم يتحقق إجماع أبدا على أساس بعينه للناظم القومي. واللغة فيهاـ ...قراءات: حسن الدجيلى، بحث في القومية، ضمن : مختلف عليه؟ انظر ، ص ١، مرجع سابق، جـ

. ٨٥ -٨١ ص، ويتحدث ١٠٦، ص ١ ، مرجع سابق، جـ…قراءات : عبد الدائم، فكرتنا حية مطلقة، ضمن عبد اهللا ) ١٨(

آخرون عن ناظم اشتراكي للقومية وتتجلى سيولة مفهوم القومية في ذهن القوميين العرب في القـرن ه وتأكيد تميز كل قومية عن األخرى، والحديث في الوقت نفس ) القومية األم (العشرين في تكذيب مقولة

: معنى القومية العربية، ضمن: إنعام الجندي، حول كتاب جورج حنا: ، انظر)قومية إنسانية تقدمية(عن ـ …قراءات : ، ميشيل عفلق، معالم القومية التقدمية، ضمن ٢٩٥ -٢٩٤ص ص ،١ ، مرجع سابق، جـ ...قراءات ه ، على بدر، الفكر االشتراكي العربي، مقومات ٣٩٤ -٣٩٠ ص ، ص ١، مرجع سابق، ج

- ١٤٣ -

ـ ...قراءات: وعناصره وأبعاده، ضمن ويزعم بعضهم أن . ٢٧٣ -٢٦٦صص ، ٣، مرجع سابق، جعبد الفتاح العدوي، القومية والعالمية فـي :انظر. مفهوم القومية مرادف لمفهوم األمة منذ قرون عديدة

.٣٥٦، ص ٣، مرجع سابق، جـ...قراءات: النظرية السياسية، ضمن: ولة هي ناظم األمة وليس العكس، ويقسمون األمم بالتالي إلى أربعة أنـواع يشير البعض إلى أن الد ) ١٩(

والدولـة متعـددة ) أمة تتوزع على عـدة دول (واألمة المجزأة ) دولة تضم أمة بكاملها (األمة الدولة توزع أمة على عدد من الدول ذات (واألمة الممزقة ) وجود أكثر من أمة داخل دولة واحدة (القوميات

أليس هذا دليال علـى عـدم ). ت المختلفة عنها دون أن تنجح في لم شملها أو تحقيق االستقالل القومياإحسان هندي، القوميـة ودولة الوحــدة، تعريفــات : صالحية القومية كناظم لمفهوم األمة؟ انظر

وأدى تبني الداللة المفاهيميـة . ٤١٢ -٤١١ ص، ص٢، مرجع سابق، جـ ...قراءات: عامة، ضمن ربية لمفهوم الدين إلى القول بوجود مجتمع ديني ومجتمع دنيوي مدني لكل منهما صـفات مغـايرة الغ

ت، ص . معن خليل عمر، انشطار المصطلح االجتماعي، أربد، دار األمل للنشر، د . د: انظر. لآلخر١٢٧.

ـ …القومية العربية، قراءات : تعريفات سياسة : محمد عمارة . د ) ٢٠( ص ص، ١ ، مرجع سـابق، جـويزعم البعض أن اللغات األخرى عرفت مفهوم األمة وأن المصدر اللغوي لألمة والقوم . ٦٩٨ -٦٩٣

وتعود بعمـق مفهـوم . ٤٠٨إحسان هندي، مرجع سابق، ص : انظر. واحد في أغلب اللغات األجنبية . ربيةاألمة العربية إلى ظهور اللغة العربية، فهي ترى أن هناك أمة عربية منذ ظهور اللغة الع

هــ، ١٤٠٥محمد عمارة، األمة العربية وقضية الوحدة، بيروت، دار الوحدة للطباعة والنشر، . د ) ٢١( .١٨٦، ص ١٥٦، ص ٦٣ -٦٢ ص ص

-١٠٥ ص ص ، مرجع سابق، )وآخرون(إبراهيم البيومي : ، ضمن …إبراهيم البيومي غانم، السياق ) ٢٢(١٠٩ .

.١٢٦ -١١٢ ص صالمرجع السابق،) ٢٣( . ١٩٩١محمود محمد شاكر، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، القاهرة، دار الهالل، : انظر)٢٤( .١٨ -١٥ صناصيف نصار، مرجع سابق، ص. د ) ٢٥( .٦٣ -٥٤ص ص ، ٣٨ -٢٩ص ص المرجع السابق، ) ٢٦( .١٠١ -٨٢ ص صالمرجع السابق،) ٢٧( .١٢٥ -١١٨ ص صالمرجع السابق،) ٢٨( .١٣٠ص المرجع السابق، ) ٢٩(واألغرب من تحدث عبد القادر عودة عن الدين كمقابل للدنيا مع أن مقابل األخيرة هو اآلخرة، وهو ) ٣٠(

ما يسلم به ضمنا بحديثه عن الدين، كناظم للشأن اإلنساني كله في الدنيا واآلخرة، زعم المؤلف أن عبد من مقومات األمة اإلسالمية وهجومه الشديد القادر جاء بذلك برأي لم يسبقه إليه أحد، بالقول بأن الدولة

.١٣٨ ـ ١٣٦ ص ص، المرجع السابق: انظر. على ذلك الرأي، ووصفه بالالتاريخي .١٧٠ ـ ١٦٩ ص، ص١٥٤ ـ ١٤٧المرجع السابق، ص ) ٣١(

- ١٤٤ -

. ١٧١المرجع السابق ص ) ٣٢( .١٧٥ ـ ١٧٢ صالمرجع السابق، ص) ٣٣( .٢٢١ ـ ١٨٩ صالمرجع السابق ص) ٣٤(ال يخفى تأثر المرصفي في تحديده لمفهوم اللغة كرابطة وكمقوم بالفكر القومي العلماني الغربي فهو ) ٣٥(

يفصل بين األمة والدولة، ويلوذ برابط اللغة لينفي الدين كرابط ولينفي وجود أمة إسالمية بوضع شروط والـدين ) االسـتقرار (كـان وهو حين يجعل اللسان أسبق كرابطة يوحي بأن الم . يستحيل معها قيامها

ـ ٢٢٩ صالمرجع السابق، ص: انظر. ظاهرتان أحدث من وجود اإلنسان على األرض ومن اللغة٢٣٤.

.٣٠٣ ـ ٢٩٥ صالمرجع السابق، ص) ٣٦( .٣٣٧، ص ٣١٦ صالمرجع السابق ص )٣٧( .٤٤٨ ـ ٤٠٦ ص، ص٤٨٢ ـ ٣٦١ صالمرجع السابق، ص) ٣٨( .٥٠٤ ـ ٤٦٨ صالمرجع السابق، ص) ٣٩(

)٤٠ ( David L . Sills (editor) International Encyclopaedia of the Social Science , New York , the Macmillan Company & The Free Press, 1968 , vol. . 2 , PP . 7 – 9

حقها أن تقيم دولتهـا وفي موسوعة العلوم االجتماعية أن القومية هي إحساس كل أمة بأن من واجبها ومن وسبق قيام الدولة فـي . والثقافة واللغة المشتركتان مهمتان ولكنهما ليستا شرطين لقيام األمة . القومية

:انظر. إفريقيا وآسيا بناء األمةAdam Kuper and Jessica Kuper ( Editors ) The Social Science Encyclopaedia , London , Routledge & Kegan Paul , 1985 , PP . 552 – 553

هو دعم التكامل القومي بإنشاء مؤسسات قومية مشـتركة -في المنظور الغربي -والمراد ببناء األمة ) ٤١(ورموز للوحدة وهذه العملية مهمة بالذات في الدول ذات الحدود المصطنعة العارضة الناتجة عن تصفية

إلى التنمية المزدوجة للسلطة العامة والوالء القومي وتوسيع االستعمار األوروبي التقليدي، والتي تحتاج ومادامت الدولة مرادفة لألمة فإن بناء األمة يعني األخذ بالعلمانيـة السياسـية لـدعم . الحقوق المدنية

.سيطرة الدولة والطاعة الجماهيرية ,Vernon Bogdanor , Blackwell Encyclopaedia of Political Science, London: انظر

Blackwell Ltd, 1993 , PP 379 – 380

David L . Sills, op . cit. , PP . 9 – 13 :وانظر

م السياسية الميسر، القاهرة، الهيئة المصرية العامـة للكتـاب، أحمد سويلم العمري، معجم العلو . د ) ٤٢( .٣١، ص ١٩٨٥

.١٥٢ - ١٥١ ص، ص١٩٨٠أحمد عطية اهللا، القاموس السياسي، القاهرة، دار النهضة العربية، ) ٤٣(مركز البحوث والدراسات السياسية، : معجم المصطلحات السياسية، القاهرة ) محرر(نيفين مسعد . د ) ٤٤(

.١٨١ ص ،١٩٩٤

- ١٤٥ -

. ٢٠٧- ٢٠٦ ص، ص١٤٩- ١٤٨ ص، ص١٠٧المرجع السابق، ص ) ٤٤(، ١٩٧٥، معجم العلوم االجتماعية، القاهرة، الهيئـة العامـة للكتـاب، )وآخرون(إبراهيم مدكور . د) ٤٥(

.المقدمة ص ح: ، سليمان الطماوي دولـة، ضـمن ٦٦-٦٥ ص المرجع السابق، ص : عزيز الحبابي، األمة، ضمن ) ٤٦(

. ٢٦٨رجع السابق، ص الم .٤٦٦، ٤٤٧، ٣٩٢حسن سعفان للقبيلة والعشيرة والفخذ، في المرجع السابق، ص . انظر تعريف د ) ٤٧( ، ص ١٩٨٥عبد الوهاب الكيالي، موسوعة السياسة، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشـر، ) ٤٨(

.٣٠٧ -٣٠٦ صدماج في الوطن العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدة ، األمة والدولة واالن)وآخرون(غسان سالمة ) ٤٩(

.٥٢٢ -٥١٧ ص، ص٢، جـ١٩٨٩العربية، عبد الرحمن حميدة، األطلس االقتصادي للعالم اإلسالمي، دمشق، دار الفكر : راجع على سبيل المثال ) ٥٠(

، ص ١٩٩٩شوقي أبو خليل، أطلس دول العالم اإلسالمي، بيروت، دار الفكر المعاصر، . ، د ١٩٩٧١١٠.

مصطفى . د : مصطفى صبري، النكير على منكري النعمة من الدين والخالفة واألمة، دراسة وتحقيق )٥١( .١٤٩ - ١٤٧ ص، ص١٩٨٩حلنى، اإلسكندرية، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع،

وقارن مع رأي عبد الحميـد . ٢٦٨، ص ٢٤٧ - ٢٣٤ ص ص ،١٤٩- ١٤٨المرجع السابق، ص ) ٥٢(باديس الذي شبه الخالفة العثمانية بشجرة الزقوم، ووصف أتاتورك بأنه المعجزة التي حفظت تركيا بن

والشرق اإلسالمي وأعظم رجل عرفته البشرية، وقال بوجود أمم إسالمية لكل منها سيادتها وسـلطانها ا، الجزائـر، حسن عبد الرحمن سلوادي، عبد الحميد بن باديس مفسر : انظر. ونظام الحكم الخاص بها

. ٢٣٢ ـ ٢٣١ ص، ص١٩٨٨المؤسسة الوطنية للكتاب، ، ٢٧٤، ٢٦٦، ٢٥٤، ٢٢٦، ٢٠٦، ٢٠٥، ٢٠٤، ٢٠٣مصطفى صبري، مرجع سـابق، ص : انظر) ٥٣(

٢٨٥، ٢٧٧. دراسة في طبيعة العالقات والمهمات، بيروت، دار البيان : صالح محمد آل إبراهيم، المرجع واألمة ) ٥٤(

.١٨٧ - ١٦١ ص ص،٢٨ ـ ٢١، ص ١٩٩٣العربي، ، ١٩٩٢محمد بن لطفي الصباغ، توجيهات قرآنية في تربية األمة، بيروت، المكتب اإلسـالمي، . د ) ٥٥(

.١١٧ ـ ١١٤، ص ٣٦ ـ ٣٢الفضل شلق، األمة والدولة، جدليات الجماعة والسلطة في المجال العربي اإلسالمي، بيـروت، دار ) ٥٦(

.٤٥ - ٣٦ ص، ص٢١ ـ١٥، ص ١٩٩٣المنتخب العربي، فاروق حمادة، بناء األمة بين اإلسالم والفكر المعاصر، الـدار البيضـاء، دار الثقافـة للنشـر . د ) ٥٧(

.٤٤ - ٢٥ ص، ص١٩٨٦والتوزيع، منى أبو الفضل، األمة القطب، نحو تأصيل منهاجي لمفهوم األمة في اإلسالم، القـاهرة، شـركة . د) ٥٨(

.١٥ - ١٠ صص، ١٩٨٢الطوبجي للطباعة،

- ١٤٦ -

.٥٥ - ٣٨ صالمرجع السابق، ص) ٥٩( .٨٤ - ٨ صالمرجع السابق، ص) ٦٠( ص ص،١٩٩٨زكي الميالد، الجماعة والجامع والجامعة، القاهرة، المعهد العالمي للفكر اإلسالمي، ) ٦١(

٢٠ - ٣. .٦٢ - ٢٣ صالمرجع السابق، ص: انظر) ٦٢(ماجد . د : انظر. هي الجماعة من الناس التي تؤم جهة معينة -لغة–اقتصرت على القول بأن األمة ) ٦٣(

، ١٩٩١عرسان الكيالنى، إخراج األمة المسلمة وعوامل صحتها ومرضها، القاهرة، دار أخبار اليوم،

أن ترجمة مفهوم األمة يشوه معناهـا وأن عمليـة ) ٢٨ -٢٤ ص ص(ورأت هذه الدراسة . ١٧ص ). عليه السالم(يد إبراهيم إخراج األمة اإلسالمية بدأت على

ومع ذلك فإن دراسة الكيالني قامت بتفكيك العديد من المفـاهيم . ٢٤-٢٣ ص المرجع السابق، ص ) ٦٤(: انظر. الهامة في الجنسية والثقافة والهوية وبينت التغاير بين دالالتها في المنظورين القرآني والغربي

.٤٤، ٣٨ صصويعيب هذا الطرح استخدامه لمصطلحات اإليمـان والجهـاد . ١٤٩-١١٣ ص المرجع السابق، ص ) ٦٥(

والهجرة واإليواء والوالية في وصف أطوار مجافية بطبيعتها للداللة اإلسالمية لهذه المفاهيم، فضال عن .تصوره إمكانية الفصل بين كل منها كناظم للفكرة واألشخاص واألشياء في آن واحد

ألخير من القرن العشرين إلى جانب المحاوالت الجادة التي أشـرنا وعرفت الساحة الفكرية في الربع ا وتعتبره بغير حاجـة إلـى ) مفهوم األمة (إلى عينة منها في هذه الدراسة، دراسات تحمل في عنوانها

محمود شاكر، المغالطات وأثرها في األمة، بيروت، المكتب اإلسالمي، : نماذج لذلك في: انظر. تعريف١٩٩٢ .

سات يبدو في الظاهر فحسب أنها تنطلق من مرجعية إسالمية، ولكنهـا تعتمـد التلفيـق وعرفت درا ونصادف التلفيق العرضي في دراسة لنيل درجة جامعية تعـرف . العرضي حينا والمقصود حينا آخر

مجموعة الناس التي تدين بعقيدة واحدة، وتصـور واحد، وتدين لقيـادة واحـدة فاألمـة : األمة بأنها العقيدة اإلسالمية الشاملة، والقيادة المسلمة الواحدة التي تحكم بما أنزل اهللا وهي : مية لها ركنان اإلسال

إال أن الباحث ناقض نفسه أكثر من مرة ) . منها(وليس ) معها(أمة واحدة من دون الناس، وغيرها أمم إذ . ن في مفهوم األمـة بأن هذا ال يقلل من أهمية األرض واللغة كعنصرين مهمي : حين استدرك قائال

محمد موفق : كيف تعد األمة اإلسالمية أمة واحدة ذات قيادة واحدة إذا اعتبرنا اللغة من مقوماتها؟ انظر ١٦ -١٥ص ص ،١٩٨٥الغاليينى، وسائل اإلعالم وأثرها في وحدة األمـة، جـدة، دار المنـارة،

.٣١ -٢٢ صص: وقارنتزعـم الخروج من تحليل السياق القرآني لمفهوم األمة بأنـه ونصادف تلفيقا متعمدا في دراسة أخرى

واألمـة . يعني التجمعات اإلنسانية األكثر بدائية، والبهائم، والتجمعات اإلنسانية الحديثة، والفرد الواحد الثقافة، وهي مجموعة معلومات عاقلة وهي قدرة اإلنسان على : هي ما نطلق عليه بالمصطلح الحديث

. النسبة للحيوان السلوك الغريزي، وبالنسبة لإلنسان السلوك الواعيهي ب. التعبير

- ١٤٧ -

فالناس كانوا أمة واحدة عندما كانوا في المملكة الحيوانية ثم بدءوا . واألمة مفهوم تحتي لمفهوم القومية محمد. د : انظر. باالبتعاد عنها ثم تنوعت الثقافات فأصبحوا أمما ثم تنوعت األلسن فأصبحوا قوميات

-٦٥ ص، ص١٩٩٤شحرور، دراسات إسالمية معاصرة في الدولة والمجتمع، دمشق، دار سـيناء، ٧٧ .

ومعالجتهـا مـن داء االفتـراق ) األمة الواحـدة (وثمة نوعية ثالثة من الدراسات ترفع شعار استعادة : سلمين هوواالنشقاق على نفسها، وجمعها على الفطرة اإلسالمية وتري أن منشأ التشتيت واختالف الم

تعدد المذاهب، وأن بناء المعتقدات على صحيح النقل وصريح العقل، وترك األلقاب المذهبية، والتسمي باإلسالم، هو مفتاح زوال العصبية المذهبية، على أن تنطلق الدعوة إلى ذلك من حرم اهللا اآلمن ألنـه

وال ينكر مـا عـرف بالـدين مرجع الكل، وأن يكون شعارها التسامح بين كل من ينطق بالشهادتين، .بالضرورة من غير تأويل

ومن الغريب أن تكون هذه الرؤية الطموحة والجادة مجرد تمهيد لدراسة مقارنة بين رؤية األباضـية رؤية اهللا وخلق القرآن وخلود أهل الكبائر في النار تستغرق قرابة : وغيرهم بالنسبة لموضوعات ثالثة ها إلى دعوة العلماء إلى وقفة إيجابية في هذه المواضيع ألنها تهـدد مائتي صفحة، يخلص المؤلف بعد

أحمد بن حمد الخليلي، الحق الدامغ، السيب، مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، : انظر. بانصداع األمة .٢٩٩ص : وانظر. ١٦ -٦ص ص ، ١٩٩٢

١٩٧٥الحضارة العربية، نديم مرعشلي، أسامة مرعشلي، الصحاح في اللغة والعلوم، بيروت، دار ) ٦٦ (

، الشريف علي بن محمد الجرجاني، كتاب التعريفات، بيروت، دار الكتب العلمية، ٣٨ -٣٧ ص ص .٣٥، ص ١٩٨٣

.٢٤ -٢٢ص ص ، ١٢ت، جـ. أبو الفضل بن منظور، لسان العرب، بيروت، دار صادر، د ) ٦٧(ـ . بيروت، دار صادر، د ابن دريد، أبو بكر محمد بن الحسن األزدي، جمهرة اللغة، ) ٦٨( ، ص ١ت، ج

٢. .٢٦ -٢٥ ص، ص١٢ابن منظور، مرجع سابق، جـ) ٦٩(هو فـي اللفـظ ): األمة(ومن الالفت للنظر هنا قول األخفش عن مفهوم . ٢٦المرجع السابق، ص ) ٧٠(

، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، القاهرة: انظر. وفي المعني جمع واحد، . ٢٩ -٢٨ صت، ص. عيسى الحلبي وشركاه، د

.٢٨ -٢٧ ص، ص١٢ابن منظور، مرجع سابق، جـ) ٧١(إبراهيم اليازجي، كتاب نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتواتر، بيروت، مكتبة لبنـان، ) ٧٢(

.١٦٦ -١٦٥ ص، ص٢، جـ١٩٧٠ المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، بيروت، أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي، المصباح ) ٧٣(

.٥٠٥ -٥٠٤ صت، ص. المكتبة العلمية، د ، ٢٠١٦، ٢٠١، الصفحات ١٩٨٦الموسوعة الفقهية، الكويت، وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية، ) ٧٤(

٢٧٠، ٢٦٤، ٢٥٧.

- ١٤٨ -

عـدنان . د: غوية، تحقيق أيوب بن موسى الحسيني الكفوي، الكليات، معجم المصطلحات والفروق الل ) ٧٥( ص ص ، القسـم األول، ١٩٨١درويش، محمد الحصري، دمشق، وزارة الثقافة واإلرشاد القـومي،

٢٩٢-٢٩١. -٢٨ ص ص،١٩٧٩أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، القاهرة، دار الفكر، )٧٦(

٢٩. اللغوية للعائلة المفاهيمية لمفهوم األمة كما حددها وال يتسع المقام للحصر في تحليل الحقول الداللية )٧٧(

تقصي الجـذور ): األصل(ابن فارس، ويكفي إلبراز التقارب بين فروعها اإلشارة إلى تضمن مفهوم المعجـم الوسـيط، ) وآخرون(إبراهيم مدكور : والشرف واألساس، ويقابلـه الفرعي والمقلد، انظر

. ٣٠، ص ١، جــ١٩٧٢ القاهرة، شركة اإلعالنات الشرقية،المرجـع : انظر. محل الرجوع، واألصل، والمشاورة وإعادة النظر، والرجوع : المرجع(ومن معاني ضم المتفرق والعزم على األمر والحشـد ): جمع(ومن معاني مادة . والعودة. ٣٤٣، ص ١السابق،جـ

لناس يجمعها أمر واحد، ويوم والزواج وشهود الجمعة واإلجماع والجامع واألمر الجامع والطائفة من ا مجتمع الخلق : ورجل جميع. يوم القيامة، واأللفة: ويوم الجمع) أيام منى(وأيام جمع ) يوم عرفة ( جمع

.١٤٠، ص ١المرجع السابق، جـ: انظر الملتقي : والجمع. قوي قد بلغ أشده، وهو جميع الرأي سديده اهللا به، واالعتقاد بالجنان واإلقرار باللسـان وعمـل اإلسالم والملة وكل ما يعبد ): الدين(ومن معاني

الجوارح باألركان، والسيرة والعادة والحال والشأن والورع والحساب والملـك والسـلطان والحكـم االعتدال واإلقامـة واالسـتقامة والتقـويم، ): القامة(وتشمل مادة . والقضاء والتدبير والعبادة والطاعة

).ه وما يقوم بهعماد الشيء ونظام(والقوام الحسن القامة، والحسن القيام باألمور والمتـولي لهـا، : الجماعة من الناس، والقوام : والمقام والمقامة

). القيام علـى األمـر وواليتـه (القوامة ): القامة(بل إن من معاني . المعتدل، والحسن القامة : والقويمالقـائم : والقيوم. من يسوسهم ويقوم بشأنهم : لقومثبات ودوام على األمر، وقيم ا : ما لفالن قيمة : ويقال

. ٧٩٨، ص ٢المرجع السابق، جـ الحافظ لكـل شيء وهو اسم من أسماء اهللا الحسنى، االستقامة، وتعمد التوجه إلى الشيء والتوسط في األمر، بال إفراط وال تفريط، ): قصد(وتتضمن مادة

اإلسراف أو التقتير في النفقـة، والتنقـيح والتجويـد والعدل في الحكم، واالعتدال في المشية، وعدم .والتهذيب، والرشد والطريق السهل المستقيم

الدهر، ووقت من الدهر مبهم طال أم قصر، والهالك والمحنـة، وحلـول : أما الحين فمن مضامينه ـ ، المعجم الوسيط، مرجع سابق،)وآخرون(إبراهيم مدكور : انظر. األوان ، وكلهـا ٧٦٦، ص ٢جـ

. مضامين تشير إلى المرجع وإلى محورية الزمن واألجل وشأن العاجلة واآلجلةيطلق على أية جماعة من أي كائن حي ضمها قصد ما في ) أمة(وخالصة هذا التحليل اللغوي أن لفظ

يرتبط بالنسبة لألمـم -في ضوء المعاني السالفة الذكر-زمن ما، ناظمها هو الدين، وهو كأمر تكليفي التماثــل ببعـد ): األصـل (شرية بالحرية وعدم اإلكراه في الدين، ويعني ترادف مفهوم األمة مع الب

): الحين(أساسها الدين ومع : أن) القصد(العلو على كل مظاهر التعدد، ومع ) المرجع(اإلنسانية، ومع

- ١٤٩ -

ـ ): القامة(تكون األمة في زمن وانقضاؤها في زمن، ومع . ه وبالعكس ارتبـاط وزن الفرد بوزن أمتـ : انظر إال أن مضامين المفهوم محل البحث تختلف حالـة .٢٢٠، ص ٧، ص ١المرجع السابق، ج

كونه نكرة شائعة عامة، عنها حالة كونه نكرة مخصصة بالوصف أو باإلضافة أو بالمجيء بعد اسم من فالتنكير الشائع يقبل التعدد . أسماء اإلشارة عنها حالة تعريفه باأللف والالم وكذا الحال بالنسبة لمرادفاته

المطلق، في حين يتحدد المفهوم بالمضـاف حالـة تخصيصه باإلضافـة، أما حين يعـرف بـاأللف ). الدين الواحـد(و) األمـة الواحـدة ( والالم فإنـه يصير علمـا بكل مرادفاتـه على

ميـة لمفهـوم األمـة السالفــة ومن الالفت للنظـر، أنه لم يرد في القرآن الكريم من العائلة المفاهي ) الـدين (اإلسالم ويوم القيامـة، وتعينت داللة : وجـاء بمعنيين ال ثالث لهما ) الدين(الذكر معرفا إال

آل : انظــر ) إن الدين عنـد اهللا اإلســالم (معـرفا باأللـف والـالم على اإلسـالم بقوله تعالى ـا باأل . ١٩: عمـران ا وخمسين مرة، وجـاء مخصصـا لف والالم سبع ورد لفـظ الـدين معـرف

) دين الملـك (اإلسالم أربع مرات، وجاء مرة واحدة مخصصا باإلضافة، مشيرا إلى : باإلضافة بمعنى محمد فؤاد : الذي استوزر يوسف عليه السالم وتخصص معناه بالمضاف إليه في ثالثين موضعا، انظر

.٢٦٨، ص ١٩٨٧القاهرة، دار الريان للتراث، آن الكريمعبد الباقي، المعجم المفهرس أللفاظ القرفي القرآن الكريم مرتبطة بالدين وبالزمن وبضـابط التصـرف اآلدمـي فـي ) أصل(ووردت مادة

) ٣٤محمد عبد الباقي، مرجع سـابق، ص : انظر(المخلوقات، وباألمور التكليفية والتكوينية والمرجع ) المرجع(يامة والتكتل واألمر الجامع ووحدة القصد ووحدة المآل مرتبطة بالدين ويوم الق ) جمع(ومادة

: انظـر (مع الفرز على أساس الطيب والخبيث واألصل والبشرية والعزة والمسئولية والمكر والعاقبة ).١٧٧ – ١٧٦ ص صالمرجع السابق،ليف والمسـئولية مرتبطة بالحق والحقوق والفرائض ويوم القيامة واإلسالم والتكا ) دين( ووردت كلمة

صالمرجـع السـابق، ص : انظر(واليسر والجهاد والمرجع والحرية الدينية والنفاق والكفر واإليمان في سياق يرتبط بالوسطية في الدين للفـرد ولألمـة واليسـر ) قصد ( ، وجاءت مادة )٢٦٩ – ٢٦٧

).٥٤٥المرجع السابق، ص (واالبتالء ا وفترة نزول القرآن ووقت الوصية واطالع اهللا علـى السـرائر مرتبطة بالحياة الدني ) حين ( ومادة

والعالنية ومدة نضوج الثمرة واآلخرة والزمن وعمر اإلنسان وأجل األمم وما قبـل خلـق اإلنسـان ).٢٢٣ – ٢٢٢ صالمرجع السابق، ص(

عن التفـرق مرتبطة بالدين والقيومية والجهاد والتقوى والقيامة والزمن والقصد والنهي ) قوم( ومادة واالستقامة واألمة القائمة والقوم والتوبة والقدرة والتمكين والقوامة والشهادة واالسـتقرار والقيامـة،

وواضح من هذه ) ٥٨٧ – ٥٧٨ص المرجع السابق، ص : انظر(وعاقبة الطاعة والمعصية والتكليف .النظرة الخاطفة لمضامين هذه المواد أنها مترادفات

هنا إلى أن التحليل السياقي لعائلة مفهوم األمة كما تحددت في معاجم اللغـة العربيـة تكفي اإلشارة )٧٨() جمـع ( موضعا لمادة ١٢٩و) أمم( موضعا بالنسبة لمادة ١١٥: سيعني ببساطة تحليال سياقيا يشمل

وعشرة مواضـع ) رجع( موضعا لمادة ١٠٣و) قصد(وستة مواضع لمادة ) دين( موضعا لمادة ١٠١و

- ١٥٠ -

وال يدخل في ذلك بالطبع التحليل ). قوم( موضعا لمادة ٦١٤و) حين( موضعا لمادة ٣٤و) أصل(مادة لفالقرآن في الواقع جملـة . السياقي للشجرة المفاهيمية لمرادفات فرعيات أبواب مفهوم األمة وأصوله

.رآني كلهوالمسح الشامل في التحليل السياقي ألي مفهوم يعني تحليله في السياق الق. واحدة .٦٠، ص ١٩٩١محمد متولي الشعراوي، خواطر حول القرآن الكريم، القاهرة، أخبار اليوم، ) ٧٩(: ، المفردات في غريب القرآن، ضبط )المعروف بالراغب األصفهاني(أبو القاسم الحسين بن محمد ) ٨٠(

.٢٣ -٢٢ص ص ، ٨ -٧ص ص ت، . محمد سيد كيالني، دار المعرفة للطباعة، بيروت، د السيد محمد أبو الهدى الصيادي، الروض البسام فـي أشـهر البطـون القرشـية بالشـام، : انظر ) ٨١(

.٦ -٣ص ص ، ١٨٩٢اإلسكندرية، مطبعة األهرام، ـ ١٩٩١فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب، القاهرة، دار الغد العربـي، ) ٨٢( ص ص ،٣٥٠، ص ١ جـ

التوحيد : (واع للتوحيد اتفقت عليها كل الرساالت السماوية ، ويتحدث ابن القيم عن ثالثة أن ٤٢٠ -٤١٩باإليمان ) توحيد الربوبية (بإثبات صفات الكمال ونفي التشبيه والتنزيه وبأن الخلق واألمر هللا، و ) القلبي

ومراتب البشر في الهداية . مشرك وموحد : وبه يفترق الناس إلى ) توحيد األلوهية (بأنه رب كل شيء و واإلسالم هو توحيد اهللا وهو دين أنبياء اهللا ورسله وأتباعهم من أولهـم إلـى . مة متعددة الخاصة والعا

آخرهم، ولم يكن قط وال يكون له دين سواه وهو دين أهل السماوات ودين أهل التوحيـد مـن أهـل بالنفع والعبادة هي اإلخالص ومتابعة الرسل واإلقرار بتفرد اهللا. سواهااألرض وال يقبل اهللا من أحد دين

أهل العبادة واالستعانة باهللا عليها، والمعرضون عن عبادته واالستعانة به، : والضرر والناس فيها أقسامموجود يطلب رفعـه ومعدوم يطلب بقاؤه على : والشر المستعاذ به نوعان . ومن له عبادة بال استعانة

.صولهموجود يطلب دوامه، ومعدوم يطلب وجوده وح: العدم، والخير نوعانص ت . اإلمام ابن القيم، التفسير القيم، جمع محمد إويس الندوي، بيروت، دار العلوم الحديثة، د : انظر .٥٤٨، ص ٢٠٢ -٢٠٠ ص ، ص٧٣، ص ٤٥ -٣٤ص

.١١٨ -١١٠ ص، ص١، جـ١٩٨٧سيد قطب، في ظالل القرآن، القاهرة، دار الشروق، ) ٨٣(بمعنـى ) خلت(ويبين الشعراوي والطبرسي أن . ٤٤٦-٤٤٤فخر الدين الرازي، مرجع سابق، ص ) ٨٤(

أي انقضي زمانها وانفـرد عـن ) تلك أمة قد خلت (انفردت، فكل حدث يحتاج إلى زمان وإلى مكان زمانكم وانقضي مكانها وانفرد عن مكانكم، والنسب بينكم وبينهم نسب منهج واتباع وليس نسب جنس،

محمد متولي الشـعراوي، : زة بوحدة عقيدتها وإيمانها انظروسند اإللحاق بهم أن تكونوا مثلهم أمة ممي ، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسى، مجمع البيان في تفسير القرآن، ٦١٩-٦١٨مرجع سابق، ص

.٤٠١ -٤٠٠ ص، ص١٩٨٦بيروت، دار المعرفة من أمثال الحجاج ويختم أبو حيان هذا التأويل باإلشارة إلى ما يصدقه من الواقع من دخول الجبابرة ) ٨٥(

ولوال أن الحرمة أمر تكليفي ما تمكن أحـد . بن يوسف والقرامطة الحرم واالعتداء على الحرمات فيه أبو حيان األندلسي الغرناطي، تفسـير البحـر : انظر. من أن يريد فيه بإلحاد بظلم على مدي التاريخ

ر اللقيط من البحر المحيط، لإلمام تاج المحيط، وبهامشه تفسير النهر الماد من البحر، البن حيان، والد . ٣٨٣ -٣٧٩ ص، ص١٤٠، ص ١٩٨٣الدين الحنفي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط،

- ١٥١ -

شهاب الدين األلوسـى، روح : انظر. التصيير ال اإليجاد : ويشير األلوسي أيضا إلى أن الجعل هنا هو ـ . لقاهرة، مكتبة التراث، د المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى، ا ، ٣٨٥، ص ١ت، جـ

أمـر (حينما ال يكون للناس وازع عن الظلـم، و ) أمر تكويني (ويرى ابن عاشور أن جعل البيت آمنا محمد الطاهر بن عاشور، تفسير : انظر. لدى وجود أمة مسلمة قائمة في األرض بأمر اهللا، هللا ) تكليفي

. ٧١٠ -٧٠٨ص ص ، الكتاب األول،١٩٨٤سية للنشر،التحرير والتنوير، تونس، الدار التون، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل ووجوه -أبو القاسم جار اهللا محمود بن عمر الزمخشري) ٨٦(

ـ . التأويل، بيروت، دار المعرفة، د جعلنـاكم أمـة (ومن خصائص عبارة . ٩٦ -٩٤، ص ١ت، ج. الشيء ويستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنـث أن وسطا صفة باالسم الذي هو وسط ) وسطا .٩٦المرجع السابق، ص : انظر

.٤٧٥ -٤٧٠ صالفخر الرازي، مرجع سابق، صمن البقرة الواردة بهذا السياق للداللة على ) ١٣٦(في اآلية ) أحد(على ) بين(يشير الطبرسي إلى دخول

في معنى الجماعة، ومن يجحد ذلك في شقاق، وهو المشيرة هنا إلى أي رسول من رسل اهللا ) أحد(أن أبو علي : انظر. فالرسل جميعا في مقام األمة الواحدة، والدين صبغة ألنه هيئة تظهر بالمشاهدة . مفرق

.٤١١ -٤٠٧ ص ص، مرجع سابق،…الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيانع في تفسير القرآن المجيد، بيروت، دار أبو على الفضل بن الحسن الطبرسي، جوامـع الجام : انظر) ٨٩(

. ١٠١، ص ١٩٨٥األضواء، ـ . أبو الفداء إسماعيل ابن كثير، تفسير ابن كثير، القاهرة، المطبعة الفنيـة،د : انظر) ٩٠( ، ص ٤ت، جـ

، ص ٣٤٥٠ -٣٤٤٩ ص ص،٤٧٩ -٤٧٦ صالفخر الرازي، مرجـع سـابق، ص : ، وانظر ٣١٦ الحسين القمي النيسابوري، غرائب القرآن ورغائب القـرآن ، نظام الدين الحسن من محمد بن ٣٤٩٤

ص ص ، المجلد األول، ١٩٩٥على مصحف التهجد، القاهرة، دار الصفوة للطباعة والنشر والتوزيع، ) ٣٥: اإلسراء (في السيـاق القرآني يلحظ أنها وردت في ) وزن(والمتأمـل في مادة . ٣٦٨ -٣٦٧

-٨٤: هـود (و) ٨٥: األعـراف (و) ١٨٢: الشعراء(العشر، وفي ، ضمن الوصايا )١٥٢: األنعام (و) ٩ -٧: األعـراف (في ذكر مضامين دعوة شعيب إلى قومه لالستقامة وعدم ابتغاء العوج، وفي ) ٨٥

) ١٠٣ -١٠٢: المؤمنـون (في سياق يدل على عموم المساءلة للرسل ولمن أرسـلوا إلـيهم، وفـي نسان بثقل وخفة ميزان أعماله حينما يقام الوزن بالحق يوم في سياق ربط مصير اإل ) ٨، ٦: القارعة(وفي سياق خاص بخلق اهللا كل شيء بقدر، ) ١٠، ٧الرحمن (وفي . وعالقة إبليس بآدم وذريته ) القيامة(

ووضعه األرض لألنام وأمره للبشر بعدم الطغيان في الميزان بالتعامل مع كل ما في الوجـود وفـق في سياق يحذر من توهم الصواب واإلجادة على ) ١٠٥: الكهف(لقه، وفي نظامه وقدره في ميزان خا

في سياق يزاوج بين البيان والكتـاب ) ٢٥: الحديد(عكس الحقيقة بسبب زيف الميزان المستخدم، وفي والحديد والميزان، مشيرا إلى وحدة الرساالت وكونها هي الميزان العدل الـذي تشـهد بـه العقـول

ليتبع الناس الرسل، وأنزلنا الحديد فيه روع لمن يأبى الحق ويعاند بعد إقامة الحجة الصحيحة المستقيمة عليه باتخاذه سالحا، وفيه منافع للناس بما يتخذونه منه من آالت ال قوام لهم إال بها، واألمر منوط في

- ١٥٢ -

فس وبعـد عـن النهاية بالنية واإلخالص هللا وذم االبتداع في الدين ألنه باب فرقة وتشديد علـى الـن . ٧٥٠محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص : انظر. الوسطية

، ١٩٨١إبراهيم بسيوني، القاهرة، الهيئة العامة للكتاب . اإلمام القشيري، لطائف اإلشارات، تحقيق د ) ٩١(من سورة النساء واآلية الثانية من سورة ١٣٨ومن الالفت للنظر أن اآلية . ١٣٣ -١٢٥ ص ص ١٥

أن يكونوا قـوامين هللا (واآلية الثامنة من المائدة أمرتهم ) شهداء هللا (ا المؤمنين أن يكونوا الطالق أمرت وفيما عدا حالة المالعنة بين الزوج وزوجته ال نجد شهادة أحد لنفسه وال لغيـره عـدا ) شهداء بالقسط

ص صبق،محمد عبد الباقي، مرجع سـا : انظر. الرسل، بل شهادة الجميع على أنفسهم وعلى غيرهم دليل على أنه شاهد على ) اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد (وقول الرسول في حجة الوداع ) ٣٩٠ -٣٨٩

.األمة والعكس غير صحيح ،١٩٨٦، ١أبو بكر أحمد بن على الرازي الجصاص، أحكام القرآن، بيروت، دار الكتاب العربي، جـ) ٩٢(

.٩١ -٨٨ص ص نظام الدين الحسن القمي النيسـابوري، مرجـع : وانظر. ١٤٥-١٢٨سيد قطب، مرجع سابق، ص ) ٩٣(

.٣٦٩ -٣٦٨ ص صسابق،اإلمام الزركشي، بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد اهللا، البحر المحيط، تحقيق لجنـة مـن علمـاء ) ٩٤(

ص ، ٣٨٠ ص ٦، جـ ١٩٣، ص ١٦٩ -١٦٨ ص ص،١، جـ١٩٩٤األزهر، القاهرة، دار الكتب، .٣٩٧ -٣٩٤ص

زهير شقيق كبي، بيروت، دار المنتخـب العربـي، : و بكر الجصاص، اإلجماع، تحقيق ودراسة أب) ٩٥( .٢٥١ -٢٤٨ ص ، ص٥، جـ٦٦ ـ ٥٥، ص ١٧ ـ ١١ ص ١، جـ١٩٩٣

.٢١ -١٩ ص ، ص٢مرجع سابق، جـ: محمد الطاهر بن عاشور) ٩٦(ـ : انظر) ٩٧( ـ ٣٨٥ ص ١شهاب الدين األلوسي، مرجع سابق، ج قطـب ، سـيد ٥ -٤ص ص ،٢، ج

ـ بدر الـدين : انظر. هم المسلمون من ذرية إسماعيل: ، وقال ابن جماعة٣٤٩ ص ،١مرجع سابق، ج. محمد بن إبراهيم بن سعد اهللا، ابن جماعة، غرر التبيان في من لم يسم في القرآن، دراسة وتحقيق د

، وهـم بنـو هم أمة محمد : وقال الطباطبائي . ٢١٢، ص ١٩٩٠عبد الجواد خلف، دمشق، دار قتيبة، السيد محمـد حسـين : انظر. النبي وعترته الطاهرة : وأمة محمد في دعوة إبراهيم هم . هاشم خاصة

ص ، ص١، جـ١٩٨٣الطباطبائى، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة األعلمي للمطبوعات، ٢٩٧ -٢٨٣ .

سيوطي، إتمـام النعمـة فـي اإلمام جالل الدين ال : انظر. هذا الكتاب يقع في زهاء خمسين صفحة ) ٩٨(دار : السيد الحميلي، القـاهرة . أحمد عبد الرحيم السايح، د . اختصاص اإلسالم بهذه األمة، تحقيق د

.٤٨ -٢٦ ص ص،١٩٨٩المشرق العربي، .٢١٩ -٢١٥ ص ص،١سيد قطب، مرجع سابق، جـ) ٩٩(

- ١٥٣ -

محمد بـن يوسـف : وانظر ،٥١٨ -٥١٦ ص ص نظام الدين الحسن النيسابوري، مرجع سابق، ) ١٠٠(ـ ١٩٨٦أطفيش، تيسير التفسير للقرآن الكريم، سلطنة عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، ، ١، جـ

.٣٢٠ -٣١٩ص ص يوضح اإلمام محمد عبده سمو قيمة الحرية الدينية في المنظور اإلسالمي باإلشارة إلى أن القـرآن ) ١٠١(

، وذلك في معرض مالحظته الدقيقة لقول اهللا تعالى لبنـي )كمل(أطلق على من يتمتع بهذه الحرية لفظ وجعل (ولو كان يريد أنه وهبهم ملوكا لقال ) وجعلكم ملوكا (إسرائيل حين تحرروا من استعباد فرعون

محمد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم، الشهير بتفسـير المنـار، بيـروت، دار : انظر). فيكم ملوكا .٣٢٣ص ، ٦ت، جـ. المعرفة، د

جمال الدين عبد اهللا بن علي بن محمد الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، بيـروت، المكتـب ) ١٠٢(ـ ٢٣٢ -٢٢٩ص ص ، ١٩٨٤اإلسالمي، ص ، ص٢، أبو حيان األندلسي الغرناطي، مرجع سابق ج

٥٠٩ -٥٠٨. .٥٤٤ -٥٤٣ص ص ، ١، مرجع سابق جـ…أبو علي الطبرسي، مجمع البيان) ١٠٣( .٣٠٤ -٣٠١ص ص ، ٢محمد الطاهر بن عاشور، مرجع سابق، حـ) ١٠٤(أحمـد : أبو محمد عبد الحق بن عطية الغرناطي، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق ) ١٠٥(

. ٣٨ -٣٥ص ص ، ٢، جـ١٩٧٤صـادق المالح، القاهـرة، المجلس األعلى للشئـون اإلسالميـة، . دون إجماع الناس على الضالل، وال يزال هو المنقذ من ذلـك ومعنى ذلك أن الشرع هو الذي حال أمة واحدة مكلفين بالتجمع على الحق، وعدم التفرق بالباطل، بما وإرادة اهللا في البشر دائما أن يكونوا

أن أباهم واحد، وأمهم واحدة، وربهم واحد، وعلة خلق اهللا لهم واحدة هي العبـادة فلـيكن مقصـودهم . واحدااقع أن البعض حمل النص هنا ما ال يحتمل فذهب إلى أن الصالح هو األصل الذي خلـق عليـه والو

ولم تكن أسباب انحراف الفطرة السليمة متـوفرة وترتـب علـى . البشر واستند في البداية على العقل ـ الح االستقامة في اآلباء دوام االستقامة في األبناء، وكان نوح وليس آدم أول الرسل وأن آدم نبـي ص

. أوحي اهللا إليه ما يهذب به أبنائه ويعلمهم الجزاء، وهذا كالم ال يقوم على ساقفال دليل على تغيير طبيعة اإلنسان، وهو ال يوضح كيف حدث توريث الصالح وكيف انقلب الحـال، واالستشهاد بقدرة الخلق على توريث الفساد مغاير لقدرتهم على توريث الصالح؛ ألن الصالح يحتاج

ومقولة التفرقة بين النبي والرسول ال أساس لها أكثر من كون النبي نبي . لى منهج من خارج اإلنسان إفالقرآن يستخدم النبي في الغالب مرادا بـه ). بما أنه مبلغ للغير(وهو رسول ) بما أنه هو نفسه مكلف (

ـ : انظر. الرسول : رن مـع ، وقا ٣٠٨ -٣٠١ ص ص ،٢محمد الطاهر بن عاشور، مرجع سابق، جـ ١٩٨٥سعيد حوى، األساس في التفسير، القاهرة، دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع، ، ص١، جـ

.٤٩٧ -٤٩٥ص .٣١٨٨ ، وسيد قطب، مرجع سابق، ص١٢٧، ص ٤ابن كثير، مرجع سابق، جـ) ١٠٦( . ١١٣، ١١٠ - ١٠٤: آل عمران) ١٠٧(

- ١٥٤ -

أبو حيان الغرناطى، مرجـع ،٨٠١ -٧٩٩ ص ص ق،نظام الدين الحسن النيسابوري، مرجع ساب ) ١٠٨(ـ أمة (أو أن ينشئوا من صفهم ) أمة( بأن يكونوا كلهم ρويأتي تكليف أمة محمد . ٢١، ص ٣سابق، ج

الداعية إلى الخير واآلمرة بالمعروف والناهية عن المنكر بالدعوة إلى اتبـاع ملـة إبـراهيم، ) األمةلبيت الحرام وتقرير فريضة الحج إليـه واألمـر بـالتقوى، والتذكير بأن أول بيت وضع للناس هو ا

واإلشارة إلى أن فعل ذلك سيؤدي إلى استهداف دعاة التشيع والفرقة لتلك األمة ويطمئنها بأن إضرارهم لها لن يتعدى األذى ما حرصت تلك األمة على الثبات على منهج اإلسالم الخالص، ولـم تقلـد أهـل

لتحوذ منه األلفة بين القلوب المؤسسة ألخوة في اهللا أمرها كله بال شائبة،الكتاب، وحكمت شرع اهللا فيتتصاغر في ظلها كل الخالفات، ويتسنى في ظلها مواجهة شهوات وهوى من ال يرضيـه وجود هذه األمة ويريد أن يجعلها مثله عبدة للدنيا والهوى، بدل أن تكون أمة وسطا مسلمة هللا وشرط هذه الريادة

سيد قطب، مرجـع : انظر. مام ما تلقته هذه األمة من ربها من كلمات أسوة بما كان من إبراهيم هو إت .٤٥٢ -٤٣٢ص ص سابق،

ـ ) ١٠٩( ويرى اإلمام محمد عبده . ٤٤٣ -٤٣٢ص ص ، ١أبو حيان األندلسي الغرناطي، مرجع سابق، جألحكام غير مسلم به؛ ألنـه ال تشمل األمة كلها، والقول بالبعض لوجود جاهلين ال يعرفون ا ) منكم(أن

ـ : انظر. ينطبق على ما يجب أن يكون عليه المسلم من العلم ، ٤محمد رشيد رضا، مرجع سابق، جـ . ٢٧ص

. ٤٩ -٢٧ ص، ص٤محمد رشيد رضا، مرجع سابق، جـ ) ١١٠(ويشير الـبعض إلـى احتمـال . ٨٠٨ – ٨٠٥ ص، ص٢الحسن النيسابوري، مرجع سابق، جـ ) ١١١(

الطباطبائى، : انظر. عن الزمان، وإخراج هذا األمة إشعار بالحدوث والتكوين المستمر ) كنتم(انسالخ .٣٧٧ – ٣٧٦ ص ص٣مرجع سابق، جـ

. ٤٣٩ – ٤٣٨ ص صابن الجوزي، مرجع سابق،) ١١٢( . ٤٤٣المرجع السابق، ص ) ١١٣(السيد الجليند، بيـروت، مؤسسـة محمد . أحمد بن عبد الحليم، ابن تيمية، دقائق التفسير، تحقيق د ) ١١٤(

.٣١٧، ص ١، جـ١٩٨٤علوم القرآن، ، ١٩٨٣محمد بن علي الشوكاني، فتح القدير، بيروت، دار الفكر للطباعـة والنشـر والتوزيـع، ) ١١٥(

.٢١١، ص ٢، والزمخشري، مرجع سابق، جـ٣٧٤،ص ١جـ .٦٦٢ -٦٥٧ ص، ص٢سيد قطب، مرجع سابق، جـ) ١١٦(ـ المرجع الساب ) ١١٧( ويقول الشوكاني أن اهللا ابتلى البشـرية بـاختالف . ٨٩١ -٨٨٧ ص ، ص ٢ق، ج

الشرائع باختالف األوقات، هل يذعنون؟ فاختالف الشرائع هو لهذه العلة أي لالبتالء واالمتحان ال لكون عة مصالح العباد مختلفة باختالف األوقات واألشخاص، واستباق الخيرات هنا التسليم باالنتقال من الشري

) خال(من سورة فاطر لرسول كل أمة سابقة بأنه ) ٢٤(ووصف اآلية . المنسوخة إلى الشريعة الناسخة ـ : دليل على أن الشريعة التي يأتي بها الالحق تنسخ ما قبلها، انظر ، ص ٢الشوكاني، مرجع سابق، ج

- ١٥٥ -

ار الفكر، بيروت، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل أي القرآن، د: وانظر. ٤٨ .٢٧٢ -٢٦٩ص ص ، ٦، جـ١٩٨٤

. ٣٠٦، ص ٦الطبري، مرجع سابق، جـ: ،، وانظر٢٤٩ابن جماعة، مرجع سابق، ص ) ١١٨(ـ ) ١١٩( ـ ٥٨، ص ٢محمد بن علي الشوكاني، مرجع سابق، ج ص،٢، وابن الجوزي، مرجع سابق، جـ

. ٣٩٥ -٣٧٤ص ـ ، نظا ١١٦٩ -١١٥١ ص سيد قطب، مرجع سابق، ص ) ١٢٠( ، ٢م الدين النيسابوري، مرجع سابق، جـ

.١٣٠١ص ـ ) ١٢١( ، محمد الطاهر بن عاشور، مرجع سابق، ١٢١، ص ١الطبرسي، جوامع الجامع، مرجع سابق، ج

ـ ٢١٧ -٢١٣ ص ، ص ٦جـ ، وابن الجوزي، مرجـع ١٦٢١، ص ٣، سعيد حوى، مرجع سابق، ج . ٣٥، ص ٣سابق، جـ

. ١٨١، ١٦٤، ١٥٩، ٣٨، ٣٤: األعراف) ١٢٢( . ١٣٣٧، ص ٢، النيسابوري، مرجع سابق، جـ١٩٢ ص ٣ابن الجوزي، مرجع سابق، جـ) ١٢٣(ـ ) ١٢٤( والشـواهد . ٤٩٥ -٤٩١ ص ص ،٤٦٠ -٤٥٩ ص ، ص ٢محمد رشيد رضا، مرجع سابق، ج

دليل على أن األمة المسلمة لم تنقرض في أي وقت ) أمة مقتصدة (و) أمة قائمة (السالفة الذكر عن دوام بدا، وهي كما تجددت بالرساالت المتعاقبة بعد فترات الفترة، تتجدد على رأس كل قـرن ولن تنقرض أ

أبو عيسى محمـد بـن : ، انظر )صلى اهللا عليه وسلم (بالمجددين من أمة اإلجابة منذ وفاة النبي محمد ص ، ص ٤٠٤ ص ١٩٨٧كمال يوسف الحوت، بيروت، : عيسى بن سورة، الجامع الصحيح، تحقيق

، وانظر أبو محمد عبد اهللا بن مسلم بن قتيبـة، ٢١٨٠، ٢١٧٦، ٢١٦٥ألحاديث أرقام ، ا ٤١٢ -٤١٠ -١١٤ص ص ، ١٩٧٢دار الجيـل، : محمد زهيري النجار، بيروت : تأويل مختلف الحديث، تصحيح

.٦٨٤ -٦٨٣ص ص ، ٤٧٨، ص ١٨٣، ص ١١٥ـ ) ١٢٥( واألخوة هـي . الملةوهذه أخوة الدين و . ١٣٨١، ص ٢نظام الدين النيسابوري، مرجع سابق، ج

وحدة المقصد، وهي أساس تشكل األمة المسلمة في الدنيا واآلخرة، وأساس تشكل األمم غير المسـلمة في النار، والعالقة بينهم في الدنيا عالقة والء وتضامن، وفي اآلخرة عالقة تالعن ألن بعضهم ضـل

األولي : ، ووزرهما متكافئ ) أختأمة(وأول ) أمة أخت(باتباع بعض،، وذروة التالعن تكون بين آخر ، ص ٣ابن الجوزي، مرجع سابق، جـ: انظر . على الكفر واإلغراء به واألخيرة على الكفر واالتباع

.٤٦٤، ص ٣٥٧ -٣٥١ص ص ، ٣، محمد رشيد رضا، مرجع سابق، جـ١٩٥ـ ) ١٢٦( ، ابـن جماعـة، ١٤٧٣، ص ٨١٢ -٨١٠ ص ، ص ٣نظام الدين النيسابوري، مرجع سابق، ج

.٢٦٤ص رجع سابق،مـ ) ١٢٧( ـ ٣٥٩ -٣٥٨ ص ، ص ٢ابن كثير، مرجع سابق، ج ، ص ٣، سيد قطب، مرجـع سـابق، جـ

١٣٦٣ . الطبـري، مرجـع : انظر. يشير الطبري إلى أن السبب في تفرقتهم أسباطا هو اختالفهم في الدين ) ١٢٨(

ـ وقطعنـاهم (عالى من سورة األعراف يؤكد ذلك، فقوله ت ١٦٠: وسياق اآلية . ٨٩، ص ١٠سابق، ج

- ١٥٦ -

فاآلية تشير إلى اثنتـي . تتضمن كمون الفرقة في التقطع على أساس العرق ) اثنتي عشرة أسباطا أمما قبلهما رغم ذلك دليـل ) اثنتي عشرة(بل إن جمع أمة وجمع سبط، وورود ). عرقية(عشرة أمة سبطية

: انظر. ألمة عن إرادة أو بال إرادة كحتمية يقود إليها اتخاذ السبط ناظما ل ) فرقة(على كمون مقدر هو . ١٠٨، ص ٢٠٠١محمد كمال مهدي الشيخ المشبهات بالمفاعيل، والمجرور، القاهرة، كلية دار العلوم،

من سورة األعراف تبين بقاء بذرة استعادة األمة المسـلمة هللا ١٦٨، ١٦٤، ١٥٩ومع ذلك فإن اآليات رد والنجاة منه ممكنة وسبيلها الوحيد هو العودة إلى جعل وحدوث هذا الداء وا . في ثنايا األمم العرقية

، سيد قطب، مرجع ٩٤، ٨٩، ص ١٠الطبري، مرجع سابق، جـ: انظر. ناظم األمة الوحيد هو اإلسالمـ محمد عبد العظيم الزرقاني، مناهل العرفان في . د : ، وانظر ١٣٩١ -١٣٨٦ ص ص ،٣سابق، ج

.٣٩٠ت، ص . ، د ٦لحلبي، جـعلوم القرآن، القاهرة، عيسى البابي ا . ٢٩٤، ص ٣ابن الجوزي، مرجع سابق، جـ) ١٢٩( . ٤٩، ٤٧، ١٩: يونس ) ١٣٠(ـ ) ١٣١( ـ ٣٧، ص ١٧، ص ١٦، ص ٤ابن الجوزي، مرجع سابق، ج ،١١، الطبري، مرجع سابق، جـ

. ١٢٢ -١٢١ ص ص، ٥: الحجـر ، و ٣٤: األعـراف : انظـر . وتشير عدة آيات في القرآن إلى أن لكل أمة أجـل محـدد

، ٢٥: ، فصلت ٣٠: الرعد: انظر. كما أشارت آيات عديدة إلى خلو أمة وقيام غيرها ٤٣: والمؤمنون . ١٨: واألحقاف

.١١٨، ٤٨، ٨: هود) ١٣٢(ـ ) ١٣٣( بعد ذلـك فـي ) أمة(وترد . ١٧٢ -١٧١ ص ص ،١١٦، ص ٤ابن الجوزي، مرجع سابق، ج

تمكن، حيث تستخدمه بمعنى نسيان الواجب سنوات، مشيرة إلى إحدى سلبيات العزة وال ) ٤٥: يوسف(ـ : انظر. للداللة على أن نعمة الجماعة قد تؤدي إليه ، ابـن ١٩٩٣، ص ٤سيد قطب، مرجع سابق، ج

ـ مكان أمم ) أمة محمد (مشيرة إلى حلول ) ٣٠: الرعد(وترد في . ٤٨١، ص ٢كثير، مرجع سابق، جاء بالعهد وعدم نقض الميثاق والصبر على النعمة والعز، خلت، وتحدد النسق القيمي لألمة المسلمة بالوف

وعلى حماقة الناس وجهالتهم وتسليم األمر هللا ومقابلة السيئة بالحسنة وإقامة الصالة واإلنفاق في سبيل مبينة سنة األولين في العناد وإمكانية تحصيل أمـة مـا ) ٥: الحجر(في ) أمة(اهللا سرا وعالنية، وترد

ن في األرض رغم عدم استقامتها، وأن التوقف عند حد الصالح المـادي يفضـي إلـى للثروة والتمك ـ : انظر. الطغيان والفساد في األرض وهالكها بانقضاء أجلها المحدد ، ٤سيد قطب، مرجع سابق، جـ

.٢١٢٩، ص ٢١٢٦، ص ٢٠٦٠، ص ١٩٤٦ص . ١٢٠، ٩٣، ٩٢، ٨٤، ٦٣، ٣٦: النحل ) ١٣٤(، ابن كثير، مرجع سـابق، ٢٢٠١ ـ ٢٢٠٠، ٢١٩٢، ٢١٧٠، ص ٤ـسيد قطب، مرجع سابق، ج) ١٣٥(

.٥٩٢ -٥٩١ص ص ، ٥٨٦ -٥٩٦ص ص ، ٢جــ ) ١٣٦( ـ ٣٨٦، ص ٥ابن الجوزي، مرجع سابق، ج -٢٣٨٤ ص ، ص ٤، سيد قطب مرجع سابق، جـ

وكما أن للفرد أما . ٣٣٨ ـ ٣٣٧، ص ٦، أبو حيان الغرناطى، مرجع سابق، جـ٢٤٦٩، ص ٢٣٩٦

- ١٥٧ -

الحقيقة فإن والءه األعلى بجب أن يكون ألمة واحدة على سبيل الحقيقة تتضمن كـل واحدة على سبيل معاني األمومة، ويمثل ما عداها مجرد أعضاء في جسدها أو غذاء لها، وهو إن سمي أمة فعلى سبيل

. المجاز العابرألمة مقرونة في سورتي الحج والمؤمنون ال يتوسطهما إال إشارة ) وحدة األمة (والمالحظ أن موضعي

، ٣٤: ، الحج ٤٤، ٤٣المؤمنون : انظر. باألجل وعاقبة التكذيب واختصاص اهللا كل أمة بمنسك ومنهج ـ : وانظر. ٦٧ وما من نبي أدرك زمن آخر . ٦٧٢٣ -٢٤٤٢ ص ، ص ٤سيد قطب، مرجع سابق، ج

وشهد الالحق إال ونصره كما آمن لوط إلبراهيم وأيد دعوته إذ كان في زمانه، كما أيد السابق الالحق .٣٥١ – ٣٥٠ص ، ص ٣محمد رشيد رضا، مرجع سابق، جـ: انظر. للسابق

أبو : انظر. أمتي أمتي : ويرد األصفهاني وصف النبي باألمي إلى شدة تعلقه بأمته وكثرة ما كان يقول موسى محمد بن أبي بكر األصفهاني، المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، تحقيق عبد الكريم

: ، وانظر في مفهوم وحدة األمة ٩٠ت، ص . فرماوي، مكة، مركز البحث العلمي وإحياء التراث، د الفؤاد عبـد المـنعم . مصطفي حلمى، د . أبو المعلى الجويني، غياث األمم في التياث الظلم، تحقيق د

. ١٤٣، ص ١٩٧٩أحمد، اإلسكندرية، دار الدعوة للطبع والنشر، .٣٧٨ -٣٧٧ص ص ، ٣بق، جـابن كثير، مرجع سا) ١٣٧( .٣٨٥ -٣٨٤ ص، ص٣المرجع السابق، جـ) ١٣٨( .٧٢ -٧١ ص، ص٤، جـ٥٥٤ -٥٥٣ ص ص،٣ابن كثير، مرجع سابق، جـ) ١٣٩(ـ ) ١٤٠( مقصود كل أمة في حياتها : ويكون معيار الفرز هو . ١٥٣ -١٥٢ص ص ، ٤المرجع السابق، ج

سيد قطب، مرجع سابق، : ، انظر ١٨: األحقاف ،٢٥: ، فصلت ١٨: العنكبوت: انظر في ذلك . الدنيا .٣٢٦٤، ص ٣١٢١ -٣١١٩، ص ٢٧٢٧، ص ٥جـ