ﱯﻄﻟﺍ ﺄﻄﳋﺍ ﻦﻋ ﺔﻴﻧﺪﳌﺍ ﺔﻴﻟﻮﺌﺴﳌﺍ … · -أأ2...

450
ﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﲣﺼﺺ: ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻭﻗﺎﻧﻮﻥ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺩﻛﺘﻮﺭﺍ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﲢﺖ ﻌﻨﻮﺍﻥ: ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﳋﻄﺄ ﺍﻟﻄﱯ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺗﻘﺪﱘ: ﻗـ ﻮﺍﺩﺭﻱ ﳐﺘ ـ ﺎﺭ ﲢﺖ ﺇﺷﺮﺍﻑ: ﳋﻀ ـ ﺎﺭﻱ ﳋﻀ ـ ﺃﻋﻀـﺎﺀ ﳉﻨـﺔ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸـﺔ: ﻣـﺮﻭﺍﻥ ﳏﻤﺪ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻭﻫﺮﺍﻥ ﺭﺋﻴﺴـﺎ ﳋﻀﺎﺭﻱ ﳋﻀﺮ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻭﻫﺮﺍﻥ ﻣﻘـﺮﺭﺍﺍﺏ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﳏﺎﺿﺮ_ _ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻭﻫﺮﺍﻥ ﻣﻨﺎﻗﺸـﺎ ﻗﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﺑﻠﻌﺒﺎﺱ ﻣﻨﺎﻗﺸـﺎ ﺳﻨﻴﻨـﻲ ﳏﻤ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﳏﺎﺿﺮ_ _ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺒﻠﻴﺪﺓ ﻣﻨﺎﻗﺸـﺎ ﺧﻠﻮﺍﰐ ﺻﺤﺮﺍﻭﻱ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﳏﺎﺿﺮ_ _ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻌﻴﺪﺓ ﻣﻨﺎﻗ ﺸـﺎ ﺍﻟﺴﻨـﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴـﺔ: 2010/2009 1431/1430 ﻫـ

Upload: others

Post on 01-Sep-2019

2 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

جلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبيةا

وزارة التعليم العايل والبحث العلمي

كلية احلضارة اإلسالمية والعلوم اإلنسانية

شريعة وقانون: ختصص–قسم العلوم اإلسالمية

:عنوانبحتت يف الشريعة والقانونه دكتوراأطروحة

املسئولية املدنية عن اخلطأ الطيب

دراسة مقارنة

رـاري خلضـخلض: حتت إشراف ارـوادري خمتقـ: تقدمي

:أعضـاء جلنـة املناقشـة

رئيسـا جامعة وهران أستاذ مـروان حممد ♦

مقـررا جامعة وهران أستاذ خلضاري خلضر ♦

مناقشـا جامعة وهران _ أ_ أستاذ حماضر زاب ربيعةح ♦

مناقشـا جامعة سيدي بلعباس أستاذ قادة بن بن علي ♦

مناقشـا جامعة البليدة _ أ_ أستاذ حماضر د سنينـي حمم♦

شـا مناق جامعة سعيدة _ أ_ أستاذ حماضر خلوايت صحراوي♦

هـ1431/1430 –م 2010/2009:السنـة اجلامعيـة

450 من 1صفحة 1 - أأ ب ب- االلل

1

ــم ــوهم إنهـ وقفـ

ئولونسم

24 ة،ـاآلي: اتـافسورة الص

450 من 2صفحة 2 - أأ ب ب- االلل

2

﴾ ھــــــداءإ﴿

الكرميني اللذين إىل بصحبتهما حينا مـن والدي سررت

ر، وال أزال، وتعلمت منهما معاين حب العلـم والـدين الده

.والوطن

واخلالن الذين ميثلون سـند املـرء يف األهل والبنني إىل

.احلياة

إىل كل من حيب احلق ، ويسعد اخللق ، ويروم املصلحة

ا ؛ على اختالف ألوام وألسنتهم ومشارم، أهـدي ـالعلي

.ذا ـي هـعمل

450 من 3صفحة 3 - أأ ب ب- االلل

3

﴾ ـراتــتشك ﴿

:قدم بأمسى آيات الشكر، وعظيم االمتنان، وفائق التقدير إىلأت

من تفضل علي بإشرافه على هذه األطروحة؛ بوصفه مشرفا .1

رئيسيا، مساحة األستاذ الدكتور خلضر خلضاري، إذ أمدين بكل توجيه

.لشرعي، خصوصا فيما يتعلق باملنهج الكليوتسديد يف اجلانب ا

ومن تشرفت بإشرافها علي؛ باعتبارها مشرفة مساعدة، السيدة .2

املوقرة الدكتورة ربيعة حزاب، وتقدميها يل كل عون ومساعدة فيما

.يتعلق باجلانب القانوين

كليـة احلضـارة اإلسالميـة والعلوم اإلنسانيـة، إدارة.3

مية ، وأساتذـا الفضالء على ما حبونيه من دعم قسم العلوم اإلسال

.وتشجيع

وزارة التعليم العايل والبحث العلمي اجلزائرية، فلوال دعمها يل من .4

خالل برامج التكوين قصري املدة باخلارج، ما كان هلذا العمل أن يظهر

.ذا الشكل

د؛ بنصيحـة، أو جهـد، أو ـب أو بعيـأعانين من قريكل من .5

.دعاء بالتوفيـق

450 من 4صفحة 4 - أأ ب ب- االلل

4

مقدمة

سئولية املدنية الناشئة عن اخلطأ الطيب يف تطورها حبقبات، أوالها كانت عاصفة، املمرت

. رزةفكتب فقهاء القانون فيها وأكثروا، ورسم االجتهاد القضائي هلا يف جمال تطبيقها خطوطا با

وكلما ظن البعض أا استقرت على إطار ثابت هلا، طرأ ما يعيدها إىل الواجهة يف البحث

حىت أا المست خطوط متاس بني القانون اخلاص والقانون العام يف عدة نقاط؛ منها ،القانوين

عن املرفق اخلطأ املفترض بناء على نظرية حتمل التبعة، وتراجع فكرة اخلطأ أساسا ملسئولية الدولة

. العام؛ حسب االجتاه احلديث للقضاء، خصوصا لدى جملس الدولة الفرنسي

وجتدر اإلشارة إىل أن فقهاء الشريعة تناولوا املوضوع يف أبواب ومسائل متناثرة، ليست

وقد قدمت دراسات حديثة غري يسرية، حول املسئولية . حمبوكة يف إطار جامع أو نظرية كاملة

ل اجلنائي؛ وذلك لوضوح الفقه اجلنائي الشرعي، احملكوم مبنظومة احلدود خصوصا، الطبية يف اا

وهذا فضال عن االجتهاد احملدود يف باب التعزيرات؛ اليت غالبا ما حتكمها قاعدة ترك الفصل يف

سات بيد أن الدرا. النازلة حلكومة العدل، أو إىل السلطة التقديرية للقاضي بالتعبري القانوين احلديث

قليلة إن مل نقل - يف حدود علمي-املتعلقة باملسئولية الطبية من الوجهة املدنية للفقه اإلسالمي هي

نادرة، على عكس األحباث يف اجلانب القانوين، ومرد ذلك أن الفقه املدين الشرعي رحب األفق،

قواعد وخصب االجتهاد، فال تعدم االختالف الفقهي حىت يف القواعد الفقهية، فضال عن

.الضمان

لقد جذب انتباهي يف السنوات األخرية، تلك الزيادة املطردة يف املشاكل القانونية اليت

أصبحت تثريها احلوادث الطبية، ليس يف بلدان ما يصطلح عليه بالعامل الثالث فحسب، بل حىت يف

ملؤمترات والندوات بلدان العامل املتقدم، لدرجة أن أصبحت مادة شبه يومية يف وسائل اإلعالم، وا

.العلمية، حمليا وعامليا، وهذا فضال عن أروقة احملاكم

واحلقيقة، أن املسئولية الطبية املدنية، وإن كانت صورة من صور املسئولية املدنية بوجه عام، إال أا

: تكتسي أمهيـة خاصـة، وذلك لسببني

450 من 5صفحة 5 - أأ ب ب- االلل

5

ج الطبيب الذي ينهض ا، إىل قدر كبري تعد مهنة الطب من أنبل املهن اإلنسانية، وحيتا:ألولا

وباملقابل، فإن حياة املريض أو سالمته اجلسدية، تعترب من أغلى القيم . من احلرية والثقة واالطمئنان

.اليت حيرص اتمع على محايتها، واليت تعد من األمور املتعلقة بالنظام العام

نذ القرن املاضي إىل بداية القرن احلادي هذا التزايد املطرد يف دعاوى املسئولية، م:والثاين

والعشرين، وعلى حد تعبري بعض الفقهاء، فإن دعاوى املسئولية الطبية اليت كانت نادرة يف القدمي؛

، أضحت كثرية، ومرد ذلك إىل جترد العالقة بني األطباء "بالطب العائلي"حيث وجود ما يسمى

1.ة التجاريةواملرضى من الصفة الشخصية، واتصافها بالصبغ

ومن العوامل اليت سامهت يف ارتفاع دعاوى املسئولية، ازدياد املخاطر الطبية، وشيوع

الثقافة الطبية لدى طائفة كبرية من الناس، وما صاحب ذلك من نقص الثقة يف القائمني على

ئولية ونقصد باخلطأ الطيب يف هذه األطروحة، خطأ الطبيب؛ باعتباره مسئوال مس. العمل الطيب

.شخصية أو عن الغري أو األدوات الطبية اليت يستعملها

وإذا كان دور القانون يف اتمع هو إقامة توازن عادل بني مصاحل األفراد املتباينة

املتعارضة، فإن احللول اليت يأخذ ا القضاء يف جمال اخلطأ الطيب حتقق قدرا كبريا من هذا التوازن

. ب، من جهة، وبني املريض، من جهة ثانيةالعادل بني مصلحة الطبي

وعليه، فإن دعاوى املسئولية الطبية رغم ازديادها يف الوقت احلاضر، ال تكاد تعد شيئا

يذكر إذا ما قورنت ذا النشاط اهلائل الذي نشهده كل يوم يف جمال العمل الطيب، كما أن هذه

جبهم النبيل حبماس واندفاع، فالطبيب اجليد؛ الدعاوى ال ميكن أن تقعد األطباء عن قيامهم بوا

خصوصا بعدما بات التأمني من 2.كما يقول سافاتييه، ال يفكر كثريا يف مسئوليته القانونية

وأما خطأ الطبيب اجلنائي، خصوصا إذا كان . املسئولية يغطي خطئه املدين يف حدود مبلغ التأمني

.خالله بااللتزامات اليت تفرضها عليهم مهنة الطب النبيلةعمديا ، فإنه ال حيظى حبماية القانون؛ إل

جوانب املوضوع بني كل من الشريعة اإلسالمية وبني ومنهجي يف هذه الدراسة أن أقـارن

: القانون الوضعي احلديث، وذلك بني دائرتني اثنتني

1 : L. et J. Mazeaud, Leçons de droit civil, T.2, 1re vol.6e éd. 1978, par F. Chabas p.464 : حمسن .أشار له د

.6يثة إىل خطأ الطبيب املوجب للمسئولية يف ظل القواعد القانونية التقليدية، صعبد احلميد البيه، نظرة حد2: G. Boyer Chammard et Paul Monzein, La responsabilité médicale, 1974, p.7 et s : ةـجملحممد هشام القاسم ، . أشار له د

.م1992، يونيو، جامعة الكويت، )2(، عدد 5احلقوق و الشريعة، س

450 من 6صفحة 6 - أأ ب ب- االلل

6

ا يرتبط ا من القوانني متثل القانون املدين اجلزائري ونظرييه املصري والفرنسي، وم: الدائرة األوىل

وال أخرج عن ذلك إىل قوانني أخرى ؛ كالقانون السويسري، أو األردين، أو العراقي، . األخرى

ويف هذا اإلطار، عولت على أعمال . أو اللييب، إال إذا دعت الضرورة إىل ذلك، ويف حدود ضيقة

وقد استقيت كثريا من . املختلفةالفقه املتميزة، وأحكام القضاء، فضال عن التشريعات القانونية

املفاهيم القانونية واألحكام القضائية الفرنسية بالدرجة األوىل، إما مباشرة من مراجع أجنبية حينا،

أو باإلحالة من مراجع عربية حينا آخر؛ وذلك حلقيقة واضحة وهي تقـدم الفقه والقضاء

ويأيت الفقه والقضاء والتشريع متقدما يف مصر . والتشريع الفرنسي عن نظريه العريب، وتأثيـره فيه

استيطاين فرنسي " استدمار"عنه يف اجلزائر؛ ومرد ذلك إىل مجلة عوامل، منها تعرض اجلزائر إىل

ومل تتعرض مصر . عمل على حمو اهلوية اجلزائرية؛ ومنها القانون الذي يعكس مقومات الشعب

ولكن مع ذلك هنالك يف بالدنا . هنا جمال بسط هذاخالل انتداا الربيطاين إىل مثل ذلك، وليس

حماوالت فقهية جادة، وحتوالت تشريعية متالحقة، مواكبة للتطورات القانونية على املستوى

ولكن ليس من السهولة . وال شك أن هنالك اجتهادات قضائية على الساحة القانونية. العاملي

إىل قنوات - يف حدود علمي- ؛ الفتقار اجلزائراحلصول على أحكام قضائية حديثـة بطريقة رمسية

.تسهل جلميع الباحثني احلصول عليها ودراستها

متثل املذاهب الفقهية األربعة؛ وهي احلنفية واملالكية والشافعية واحلنابلة، ومل أعدل : الدائرة الثانية

املستقلني، الذين عنها إىل مذاهب أخرى؛ كالظاهرية والزيدية واإلمامية، فضال عن بعض العلماء

ذلك، والضرورة تقدر ، إال إذا أملت الضرورة 3ليست هلم مذاهب معروفة؛ كأيب ثور

ويف إطار الشريعة، أعدل أحيانا عن املنهج اجلزئي إىل املنهج الكلي، من خالل قواعد .بقدرها

ولد سنة .محص أهل سيد الثالثة، كان منثقة تابعي: ثور أبو الكندي، السكوين خيثمة بن مازن بن ثور بن قيس بن عمروھو : 3

الشافعي ماماإل صاحب البغدادي، املكىن بأيب ثور الفقيه الكليب اليمان أيب بن خالد بن براهيمإغري وهو . هـ140، ومات سنة 40

، الزركلي، 1/56¡1/743:التهذيب تقريبوابن حجر، ، 1/70: الشريازي طبقات الفقهاءأبو إسحاق : جعرا .)هـ240ت (

. ]للمطبوع موافق الكتاب ترقيم[ يعسوب موقع :الكتابني األخريين مصدر، 1/37¡5/83: للزركلي األعالم

450 من 7صفحة 7 - أأ ب ب- االلل

7

وعرضت ذلك الشريعة ومقاصدها العامة؛ اليت عرضها بعض الفضالء من أئمة الفقه اإلسالمي،

األحكام الشرعية مبعان كنوط؛ "خصائص التشريع اإلسالمي"يف مبحث يف الباب التمهيدي حول

وإناطة ، والسماحة ورفع حرج، غياب التفريع يف زمن التشريعو، بأمساء وأشكالال وأوصاف

ص وهي على غاية من األمهية؛ حبيث إا تسعفنا حينما نعدم الن. التشريع بالضبط والتحديد

اجلزئي؛ للتدليل على مسألة ما يف الشريعة؛ باعتبار أن مثل هذه القواعد الكلية هي معقول مجلة

.من النصوص اجلزئية، وقد دل االستقراء على أا قطعية الداللة

ويف املقارنة اليت نعقدها، ال نقصد إجياد املفاهيم القانونية املطابقة أو املشاة، فذلك متعذر؛

.املبادئ والفلسفة القانونية قانون يف خلصوصيات كل

ال ميكن القول إن هناك نظرية يف املسئولية العقدية يف الفقه اإلسالمي، على النحو الذي " فمثال

نظرية املسئولية العقدية يف الفقه الغريب من ما يقابلاستخالصوإمنا ميكن . رأيناه يف الغريب

.4"وهذا هو شأننا يف املقابالت اليت جنريها ما بني الفقهنياألحكام املقررة يف الفقه اإلسالمي،

أنواع :فصله األولأتناول يف : باب متهيديوسوف أقسم البحث إىل ثالثـة أبواب،

الفصل و. ، ووظائفها ومراحل تطور املسؤولية املدنية؛ مبا فيها املسئولية املدنية،املسؤوليات الطبية

األحكام العامة لفكرة ، يف مبحث أول، والتشريع اإلسالميخصائص سأسلط الضوء على : الثاين

.، يف مبحث ثانإلسالميالفقه االضمان يف

:الفصل األولحيث أبني يف . الطبيعة القانونية للمسؤولية املدنية للطبيبحول : والباب األول

ضعي، يف مبحث أول، يف الفقه املدين الوحقيقة املسؤولية املدنية للطبيب يف إطار العالقات الطبية

الفصل وأتناول يف . ، يف مبحث ثاينموقف الفقه اإلسالمي من املسؤولية املدنية يف اال الطيبو

والتكييف يف الفقه املدين الوضعي يف مبحث أول، ف املسؤولية املدنية للطبيبـتكيي: الثاين

.، يف مبحث ثانالفقهي للمسؤولية الطبية املدنية يف الفقه اإلسالمي

الفصل ، وفيه احلديث يف يتضمن حتريـك دعوى املسؤولية املدنية الطبية:البـاب الثـاينو

أركان املسؤولية ، يف مبحث أول، وعناصر املسؤولية املدنية الطبية يف القانون الوضعي عن :األول

دعوى ممارسة بدراسة يتعلق:الفصل الثاينو. يف مبحث ثانالطبية املدنية يف الفقه اإلسالمي

القانون من كليف وذلك ب، وكل ما يتعلق ا؛ مثل التأمني من املسئولية،املسؤولية املدنية للطبي

. مث أخلص إىل خامتـة البحث، متبوعة بالفهارس. ، يف مبحثني على التوايلوالشريعة اإلسالمية

.6/138:السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي. د:4

450 من 8صفحة 8 - أأ ب ب- االلل

8

: قائـمــة املختـصـرات

:قائمة املختصرات بالعربية: أوال

.املدين اجلزائريالقانون : ج.م.ق

.قانون العقوبات اجلزائري: ج.ع.ق

.قانون اإلجراءات املدنية اجلزائري. : ج.م.إ.ق

.قانون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري: ج.ج.إ.ق

. القانون املدين املصري: م.م.ق

.القانون املدين الفرنسي :ف.م.ق

.دون تاريخ ومكان نشر: ن.م.ت.د

فقرة: ف

"Abréviation":تصرات بالفرنسيةقائمة املخ: ثانياC.Civ : Code Civil.

G.P : Gazette du Palais.JCP : Jurisclasseur Périodique. (La Semaine Juridique).

R.T.D.C : Revue Trimestrielle de Droit Civil.D : dalloz.

S : receuil Sirey.D.S : Dalloz Sirey.

L.G.D.J: Librairie générale de Droit et de Jurisprudence. Paris.Bull.Civ: Bulletin des Arrêts de la cour de cassation(Chambres Civiles).

Cass.Civ. : Cassation Civil.Gaz.Pal. : Gazètte de Palais.

Cong.Int.Mor.Méd : Congrès international de morale de médecine.Chr. : Chronique.Chapr : Chapitre.

Con.Médi. : Le concours médical.J.O : Journal officiel de la république.

Op.Cit. : opere citato (Dans l’ouvrage cité).Ibid. : Ibidem.

T.G.I : Tribunal grande instance.Ass.plén : L’assemblée plénière de la cour de cassation.

R.G.A.T: Revue générale des assurances terrestres.T.G.I : Tribunal grande instance.

450 من 9صفحة 9 - أأ ب ب- االلل

9

ديـبــاب التمهيــال

يـال الطبـع اإلسالمي يف اـص التشريـائـة وخصـة املدنيـاملسؤولي

:يتضمـن فصليــن

ةـدنيور املسؤولية املـات الطبية ومراحل تطـأنواع املسؤولي: الفصل األول

األحكام العامة لفكرة الضمان يف الفقه اإلسالمياإلسالمي وخصائص التشريع : الفصل الثاين

450 من 10صفحة 10 - أأ ب ب- االلل

10

ةـور املسؤولية املدنيـات الطبية ومراحل تطـأنواع املسؤولي: الـفصل األول

تعريف املسؤولية الطبية وأنواعها: املبحث األول

وما يتعلق ،ئولية، وأنواعها، خصوصا املسئولية املدنية تعريف املسبيانيتضمن هذا املبحث

: على النحو التايلذلك، وأحكامما يستلزم ذلك من ا من مسئوليات، و

تعريف املسؤولية الطبية : املطلب األول

احلكم على الشيء فرع عن تصوره، وعليه، ما معىن املسئولية الطبية يف اللغة واالصطالح ؟

ريف املسؤولية الطبية لغةتع: الفرع األول

املسؤولية الطبية اسم مركب من كلمتني ال يتضح ماهيته إال ببيان كل كلمة على حدا،

.ومها املسؤولية والطب

وقبل بيان أصل كلمة املسؤولية يف اللغة البد أن نشري إىل أن املسؤولية كلمة حديثة

وال املعاصرين، وإمنا هي تعبري معاصر االستعمال ليس هلا وجود يف استعماالت فقهائنا األقدمني

.استعمله رجال القانون

إا مصدر صناعي، فهي اسم : ولو أردنا تأصيل هذه الكلمة من جهة لغة العرب نقول

مردفا بتاء مفعول معناها املصدر؛ كقولنا ميسور ومعسور وحنو ذلك، مث أدخلت عليها ياء النسبة

. وهو اسم زائد على األصل5ذا العصر باملصدر الصناعي،التأنيث، لتصبح بذلك ما يسمى يف ه

اسم مفعول يدل على ذات، تعلق ا " مسؤول"ذلك أنه قبل زيادة الياء والتاء، كان لفظ

على معىن زائد، وهو جمموعة دالةسؤال، عن أمر قامت به، أما بعد الزيادة أصبحت الكلمة

. كل عمل قام ويقوم به املسؤول وهو اإلنسانالصفات اليت ختتص بذلك احلكم، وهو السؤال عن

وبذلك تكون كلمة املسؤولية لفظا عاما، ينصرف إىل كل ما ميكن أن يسأل عنه يف جمال علم

6.الطب، وغريه من العلوم املختلفة

.307أمحد اهلامشي، القواعد األساسية للغة العربية، صالسيد، : رانظ : 5.18 ص التداوي و املسؤولية الطبية يف الشريعة اإلسالمية حممد آل الشيخ مبارك،قيس.د: انظر : 6

450 من 11صفحة 11 - أأ ب ب- االلل

11

أمـور وال ومطالبا عن ئما يكون به اإلنسان مس" :إذن، يقصد باملسؤولية يف اللغة العربية

يء برا أو هي حال أو صفة من يسأل عن أمر تقع عليه تبعته؛ يقال أن7،"اـ أتاهأفعالأو

8.ولئ كما تعين يف اللغة أيضا التقريع والتوبيخ، وإجياب احلجة على املس.من مسؤولية هذا العمل

اله هلـا استعم:منها ةـ مبعاين خمتلفتوهلذه الكلمة جذور يف القرآن الكرمي، وقد استعمل

9.»يسألونك عن األهلة قل هي مواقيت للناس واحلج«: اهول؛ كقوله تعاىلنستفسار ععىن االمب

10.»وقفوهم إم مسئولون«: كقوله تعاىل؛ووردت مبعىن التهويل والتهديد والتغرمي والعقوبة

عن ولئ ومسكلكم راع":أنه قال وكذلك وردت هذه الكلمة يف السنة املطهرة، فقد صح عنه

لرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، واملرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي رعيته، وا

مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، أال فكلكم راع وكلكم مسئول عن

12.استعملت هذه الكلمة فيما فيه تبعة ومؤاخذةقد ة أيضا ـوبذلك تكون السنة النبوي 11."رعيته

، للداللة على هذا املعىن كلمة مأخوذية، - رضي اهللا عنه – 13مام الشافعيواستعمل اإل

فال عقل وال مأخوذية إن حسنت نيته هللا ... ": فقال بعد كالم له عن الطبيب احلاذق املأذون له

14."تعاىل

استقاه من مصادر اللغة العربية ،وهذا التعبري منه ال إشكال فيه، وهو أحد أئمة اللغة

يدرك أن هلاتني الكلمتني معىن مشتركا جيمع بينهما، ومعىن تستقل به يف ذلك،واملتأمل .ومواردها

يبدأ بالسؤال أما املعىن املشترك بينهما، فهو أن كال منهما تدل على معىن واحد، .كل كلمة

ولية، أما املعىن الذي تستقل به كل كلمة، فهو أن كلمة املسؤ.وينتهي باازاة والتأديبوالتحقيق،

.316املنجد يف اللغة، ص : القسم األول-واألعالماملنجد يف اللغة : 7.10ة املدنية يف الفقه اإلسالمي والقانون، صعثمان بطيخ، املسؤولي. د: راجع : 8.189سورة البقرة، اآلية : 9

.24سورة الصافات، اآلية : 10.(113/13): صحيح البخاري بشرح فتح الباري البن حجر العسقالين، كتاب األحكام : 11.88-89حسن صاحل العناين، املسؤولية واجلزاء يف السنة املطهرة، ص. د : 12ب املعروف، كان حبرا يف العلم وآية يف الذكاء، وهو أول من ه، صاحب املذيب اإلمام حممد ابن إدريس اهلامشي القرشي املطلهو : 13

ابن السبكي عبد : راجع. هـ مبصر204هـ بغزة أو عسقالن ومات سنة 150دون علم أصول الفقه يف كتابه الرسالة، ولد سنة

.100/1: ىالوهاب بن علي، طبقات الشافعية الكرب.6/176: األم : 14

450 من 12صفحة 12 - أأ ب ب- االلل

12

يتقدم فيها معىن املساءلة والتحقيق والتثبت من صحة الدعوى قبل اإلقدام على العقاب، خبالف

وبذلك يكون .اخذة واملعاقبة، أقوى من معىن املساءلةؤكلمة املأخوذية اليت يكون فيها معىن امل

.استعمال كلمة املسؤولية أوىل من كلمة املؤاخذة

التزام الشخص مبا يصدر عنه قوال أو عمال، وتطلق قانونا أخالقيا على املسئولية وتطلق

ول من رجال الدولة ئاملسمنه قوهلم على االلتزام بإصالح اخلطأ الواقع على الغري طبقا للقانون، و

15.املنوط به عمل تقع عليه تبعته

هو احلذق والطب يف اللغة العربية يطلق على عدة معان، أوهلا وهو األصل يف وضع هذه الكلمة

16.باألشياء واملهارة فيها

:هـر بقولـوهو املعىن الذي عناه الشاع .ارة طبيبـرة ومهـفيقال ملن له خب

إن تد يف دونـي القنـاع فإنينـغ 17مـارس املستلهـذ الفـ بأخ طـب

كما يطلق الطب ويراد به السحر، فيقال رجل مطبوب، أي مسحور، والطبيب هو

ل؛ ؤيف ذلك هي ما كانت تفعله العرب من تسمية الشيء بنقيضه على سبيل التفاالساحر، والعلة

فمن ذلك إطالق لفظ السليم على اللديغ تفاؤال بالربء، وإطالق لفظ املفازة على الصحراء الواسعة

ك يطلق لفظ املطبوب على تفاؤال بالفوز واخلروج منها إىل شاطئ النجاة والسالمة، فكذل

18. من السحرهـبشفائ املسحور تفاؤال

املعاجلة معىنورغم أن أصل الكلمة هو احلذق واملهارة، فإن املشهور يف استعماهلا هو

19.واملداواة

.10عثمان بطيخ، املسؤولية املدنية يف الفقه اإلسالمي والقانون، ص. د: راجع : 15

ببت يا رجل بالكسر طبا أي صرت طبيبا و املتطبب ومجع القلة أطبة والكثرة أطباء تقول منه طبالطب العامل الطبيب بب ط":16

.1/163:خمتار الصحاح": وكل حاذق عند العرب طبيبالطب الطاء وفتحها لغتان يف بضمالطب و الطبالذي يتعاطى علم إن ترخي وترسلي دوين القناع أي تستتري فإين حاذق يف أخذ الفرسان الدارعني، : هذا البيت لعنترة بن شداد يف معلقته ومعناه : 17

.ن.ت.، د1/175: عنترةديوان: انظر. أي ال ينبغي أن تزهدي يف مع جنديت وشدة بأسي ومراسي.79-78، وابن القيم، الطب النبوي، ص 1/554: لسان العربابن منظور، : 18.27-28¡21-22قيس بن حممد آل الشيخ مبارك، املرجع السابق، ص. د : 19

450 من 13صفحة 13 - أأ ب ب- االلل

13

تعريف املسؤولية الطبية اصطالحا: الفرع الثاين

هي حالة الشخص الذي ارتكب أمرا ": ام عند فقهاء القانونملسؤولية يف معناها العا

فإن كان هذا الفعل خمالفا لقاعدة أخالقية، وصفت مسؤولية مرتكب الفعل ،20"يوجب املؤاخذة

.أا مسؤولية أدبية، ال تتعدى استهجان اتمع لذلك املسلك املخالفب

ررا للغري، ـحالة الشخص الذي سبب ضدة قانونية، فهي ـأما إذا كان هذا الفعل خمالفا لقاع

21.فاستوجب مؤاخذة القانون له على ذلك

ول ئوللمسؤولية أنواع سيأيت ذكرها يف املطلب اآليت، وأطراف ثالثة؛ هم السائل واملس

يف صلب األطروحة إن 22 عناصر املسؤولية وشروطها سيأيت مبسوطابيانو .وموضوع املساءلة

.شاء اهللا

عن الفقه اإلسالمي، وإن ية الذي شاع يف القانون احلديث، غريبومصطلح املسؤول

استعملته بعض القوانني العربية، واملصطلح الذي دأب على استعماله الفقه اإلسالمي هو لفظ

23. كما سيأيت ذلك مفصال؛الضمان؛ سواء أكان ضمان عقد، أو ضمان يد، أو ضمان إتالف

، قصرت مدلول هذا اللفظ على معىن خاص، وهو الطب، إن إضافة كلمة املسؤولية إىل الطب"

املتعلقة وبذلك خترج املسؤوليات األخرى، غري .دون النظر إىل ما سواه من املعاين األخرى

24. "بالطب، فتخرج مسؤولية القاضي، ومسؤولية املهندس، ومسؤولية احلاكم وغريها

:كاآليتني هويف القانونـوالطب يف تعري

ذلك العمل الذي يقوم به شخص متخصص من "العمل الطيب؛ بأنه " Savatier" عرف األستاذ-

25".أجل شفاء الغري، طاملا كان هذا العمل يستند إىل األصول والقواعد املقررة يف علم الطب

العمل الذي تربره ضرورة العالج أيا كان من ميارسه، وأنه يعطي القائم به " وعرفه آخرون بأنه-

26."جسم املريضحرية العمل على

.10سليمان مرقس، املسؤولية املدنية يف تقنيات البالد العربية، ص. د: انظر : 20.1/1: س، الوايف يف شرح القانون املدينسليمان مرق. د: انظر : 21. وما بعدها143راجع الفصل الثاين من الباب األول ، ص :22 . وما يليها53الباب التمهيدي، ص الثاين من الفصل من لثاملطلب الثا: انظر : 23.30قيس آل الشيخ مبارك، املرجع السابق، ص. د : 24

25 : Savatier et autres, Traité de droit médical, paris, 1956, p.11.26 :Gilbèrt (H) et Glorieaux (P.L), La necessité d,un critère de l,acte médical, Gong.Int.Mor.Med.Paris,1955, T.L. p.74.

450 من 14صفحة 14 - أأ ب ب- االلل

14

ذلك اجلانب من املعرفة الذي يتعلق مبوضوع الشفاء وختفيف املرض ووقاية " ويف رأي ثالث هو-

27".الناس من األمراض

بأحوال بدن واصطلح أهل هذا العلم قدميا، على إطالق كلمة الطب، على العلم الذي يعىن

.اإلنسان ونفسه وطريقة عالجه

بأحوال بدن اإلنسان، حيفظ به حاصل الصحة، وحده علم": ا يلي مب،28فقد عرفه داود األنطاكي

29."ويسترد زائلها

من " بأحوال بدن اإلنسان"وقوله . وصف أدخل به قسمي الطب النظري والتطبيقي" علم"فقوله

ه ـصحة ومرض، خيرج به ما ال يتعلق ببدن اإلنسان؛ كسائر العلوم، من العلوم الشرعية؛ كالفق

.و العلوم الكونية؛ كاهلندسة والزراعة وغري ذلكأو احلديث، أ

ذل بب ؛أخرج به ما ال حيقق غاية حفظ الصحة" حيفظ به حاصل الصحة ويسترد زائلها"وقوله

. ببذل األسباب املوجبة لرجوعهاها؛األسباب املوجبة لبقائها، وما ال حيقق استرداد

:ه حتقيق أمرينـوغايت .هفموضوع علم الطب هو النظر يف بدن اإلنسان وما يتعلق ب

. الوقائي حفظ الصحة، حىت ال تزول، وهذا ما يسمى بالطب: األول

30.إعادة ما زال عن جسم اإلنسان من الصحة إليه، وهذا يدعى بالطب العالجي: الثاين

ةـة الطبيـواع املسؤوليـأن: املطلب الثاين

ة، فالطبيب ميكن ـة متباينـبيعة النامجة عن اخلطأ الطيب ذات طـة القانونيـإن املسؤولي

،ةـة أو نقابيـة إداريـة أو مسؤولية تأديبيـة أو مسؤولية مدنيـأن يواجه مبسؤولية جنائي

:وذلك كما يلي

27 : Desobèrt et autres, Droit médical , Paris, Masson, 1974, p.135.ن ية، وله تصانيف منها نزهة األذهاطبيب حكيم مشارك يف أنواع من العلوم املختلفة، ولد بأنطاك: يداود بن عمر البصري األنطاك : 28

.140/4: معجم املؤلفنيو ، 416/8: شذرات الذهب: راجع. هـ1008م ا اهللا عمحهيف طب األبدان، تويف ر.1/9: تذكرة أويل األلباب واجلامع للعجب والعجاب للمؤلف: راجع : 29

.29قيس آل الشيخ مبارك، التداوي واملسؤولية الطبية، ص. د: ظران : 30

450 من 15صفحة 15 - أأ ب ب- االلل

15

املسؤوليتان الطبيتان اجلنائية واملدنية والفرق بينهما: الفرع األول

املسؤولية الطبية اجلنائية: أوال

خطأ الطبيب الذي يصيب املريض بضرر، يتمثل يفي تبعـةملسؤولية الطبية اجلنائية ها

ل أو اجلرح أو العاهة املستدمية أو اإلصابة وحنو ذلك، سواء أكان ذلك عمدا من حيث ـ القت

31.األصل، أو كان خطأ يف حاالت حيددها القانون

القوانني اإلمهال وعدم االحتراز، وعدم مراعاة: واخلطأ الطيب اجلنائي له عدة صور تتمثل يف

.واللوائح واألنظمة

وحينما يرتكب الطبيب خطأ جنائيا تسلط عليه عقوبة تتناسب مع اجلرم الذي ارتكبه،

هلا حق حتريك الدعوى اجلنائية ضد الطبيب وتقدميه – حبسب األصل –والنيابة العامة هي اليت

32.للمحاكمة، وطلب توقيع العقوبة املقررة

كل أذى يصيب الشخص يف تبعة ائية يف الفقه اإلسالمي تتمثل يف واملسؤولية الطبية اجلن

داء على النفس أو على طرف من أطرافها، أو جرح يترتب عليه تشويه جسم ـجسمه؛ من اعت

.ان، أو عجز عن العمل، أو ضعف يف كسبهـاإلنس

34ات،ـ أو الدي33اص،ـي يستوجب القصـائي يف الفقه اإلسالمـرر اجلنـوالض

، وهذا اجلزاء 36رة من الشارع، وإما متروكة لتقدير حكومة العدل إما مقداألروشو 35أواألروش،

هـ ال شأن له بالتعويض؛ ألن– حسب تقدير البعض –املتمثل يف القصاص والديات واألروش

37.ة زاجرة للجاينـ كعقوبمفروض

صفر عام 18ؤرخ يف امل 66-156 من قانون العقوبات اجلزائري املقرر بأمر رقم 288جرمية القتل اخلطأ حسب املادة : انظر مثال: 31

. من نفس القانون442/2 و 289ادتني املتمم واملعدل بعد ذلك، واجلرح اخلطأ حسب امل1966 يونيو عام 8هـ املوافق لـ 1386.11حممد حسني منصور، املسؤولية املدنية، ص. د : 32

.225 التعريفات، ص، اجلرجاين:هو أن يفعل بالفاعل مثل ما فعل : 33.142التعريفات، ص: ة هي املال الذي هو بدل النفسـالديمجع دية، و :34.31 صالتعريفـات: ى ما دون النفسهو اسم للمال الواجب عل واألرش،مجع أرش : 35الذى استحسنه ابن عرفـه فيما إذا مل يكن ىف اجلرح شىء مقدر القول بأن على اجلاىن أجرة الطبيب و مثن الدواء سواء برىء على شني أم ال ...":36

و الرأس فيلزم مع املقدر فيها أجرة الطبيب و أما ما فيه شىء مقدر فليس فيه سواه و لو برىء على شني، سوى موضحة الوجه. مع حكومة ىف األول

املراد األنقال اتفقت على أن ¡ و هو خالف قول ابن عاشر¡بالشىء احملكـوم بـه :إخل أشار بذلك إىل تفسري احلكومـة) أى شىء حمكوم به : ( قوله

: أمحد الصـاوي، بلغـة السـالك": تفسر باحملكوم بهيستحق اىن عليه من اجلاىن، وحينئذ فال فيماو إعمـال الفكرباحلكومة االجتهـاد

4/192-193..169-170حممد فتح اهللا النشار، حق التعويض املدين بني الفقه اإلسالمي والقانون املدين، ص. د: 37

450 من 16صفحة 16 - أأ ب ب- االلل

16

املسؤولية الطبية املدنية: ثانيا

رار مادية ـض املضرور عما حل به من أضـ تعوية يف القانون يفـتتمثل املسؤولية املدني

. الطيبالتدخلأو أدبية بسبب

، وذلك بهكما يهدف الفقه اإلسالمي يف هذا املعىن إىل تعويض الغري عن الضرر الالحق

38.يـقان مبعناه الضـتأسيسا على الضم

فإذا نشأ . عويضلحصول على التل والدعوى املدنية اليت يرفعها املضرور أو ذووه هي وسيلة

جنائية ومدنية، فإن املضرور يكون باخليار بني رفع دعوى مدنية أمام : عن اخلطأ الطيب دعويان

الذي احملكمة املدنية، أو رفع دعوى جنائية أمام احملكمة املختصة واالستفادة من ذيلها املدين،

التعويضتعويض النهائي أو وللمحكمة يف حالة ثبوت اإلدانة، أن تقضي له بال. باحلق املدينيدعى

إىل احلكم اجلنائي وقد يستند املضرور. املؤقت، عن األضرار النامجة عن اجلرمية موضوع الدعوى

. ليطلب التعويض أمام القاضي املدين؛الصادر باإلدانة

بعد أن مت الغربيةدا كبريا يف فرنسا وغالبية الدول اـعوقد أخذت املسؤولية املدنية الطبية ب ،

تغطيتها بالتأمني اإلجباري، خصوصا التأمني من املسؤولية املهنية يف اال الطيب، حيث تلتزم

39.ه احملكمةـ الضرر بدفع التعويض الذي تقضي بحمدثشركات التأمني املؤمن لديها عن

الذي يتردد يف احلكم بالتعويض يف غري حاالت - مثال- وهذا خبالف القضاء املصري

40.ية اجلنائيةثبوت املسؤول

الفرق بني املسؤوليتني الطبيتني جلنائية واملدنية: ثالثا

ما يعرف بداهة عن املسؤولية اجلنائية هي ذلك الفعل أو االمتناع عن الفعل، الذي يقصد

وهذا خيتلف عن املسؤولية املدنية اليت يكون ،إحداث ضرر جنائي، يهدد أمن اتمع

. حمددا بذاتهمرتكب الضرر فيها يهدد شخصا

به نظرية الضمان يف للضمان معىن واسع، إذ يشمل املسؤولية املدنية واجلنائية؛ حيث عرفه الدكتور حممد فوزي فيض اهللا يف كتا : 38

وهنا تتجلى [أو بتعويض عن ضرر ] وهنا تتجلى املسؤولية اجلنائية[الضمان هو شغل الذمة حبق، : "، بقوله648الفقه اإلسالمي، فقرة

. حبول اهللايل الضمان يف املبحث الثاين من هذا الفصلصوسوف يأيت تف]". املسؤولية املدنية .الباب الثاين من هذه األطروحةاين ضمن الفصل الثسيأيت تفصيل ذلك يف : 39.11-13حممد حسني منصور، املرجع السابق، ص. د: انظر : 40

450 من 17صفحة 17 - أأ ب ب- االلل

17

وردع كل من تسول له نفسه ،باجلاين العقاب إىل إيقاعاملسؤولية اجلنائية دف بينما إذ

؛ بإعادة املتعاقدين إىل احلالة الذي كانا الواقع دف املسؤولية املدنية إىل رفع الضرربذلك،

41. وإال عدل إىل فرض تعويض عادل-ما أمكن-عليها

نائية فرقت الشريعة اإلسالمية بني العمد واخلطأ، حيث يعاقب ويف نطاق املسؤولية اجل

اجلاين بالقصاص أو احلد، إذا كان بالغا راشدا خمتارا متعمدا، فإن مل تتوفر نية العمد يف فعله وجب

أساس املسؤولية اجلنائية اإلدراك واالختيار، لذلك حملها اإلنسان املدرك ، إذن الضمان املايل

42.املختار

، فحيثما وجد الضرر تكون 43الضرر: ا املسؤولية املدنية فتقوم على أساس مادي هوأم

سواء أصدر هذا الضرر من عاقل رشيد أو من قاصر جمنون؛ إذ ال عربة بالقصد ،املسؤولية

44.واإلدراك واالختيار

اجلوابر مشروعة، جللب ما ": رمحه اهللا- 45يف هذا املعىن يقول عز الدين بن عبد السالم

فات من املصاحل، والزواجر مشروعة لدرء املفاسد، والغرض من اجلوابر جرب ما فات من مصاحل

حقوق اهللا، وحقوق عباده، وال يشترط يف ذلك أن يكون فيمن وجب عليه اجلرب آمثا، ولذلك

شرع اجلرب مع اخلطأ والعمد واجلهل، والعلم والذكر والنسيان، وعلى اانني والصبيان، خبالف

46."زواجر، فإن معظمها ال جتب إال على عاص زاجرا له عن املعصيةال

والزواجر ،اجلوابر مشروعة الستدراك املصاحل الفائتة": ونفس املعىن جاء يف الذخرية

ولذلك ، وال يشترط فيمن وجب يف حقه اجلابر أن يكون آمثا،املتوقعةمشروعة لدرء املفاسد

خبالف الزواجر فإن ، والذكر والنسيان وعلى اانني والصبيانشرع اجلرب مع العمد واجلهل والعلم

؛ وقد تكون على غري العصاة دفعا للمفاسد من غري إمث،معظمها على العصاة زجرا عن املعصية

41 : Mazeaud, Leçons de droit civil, , p302..226ابن جزي املالكي، القوانني الفقهية، ص : 42.355وهبة الزحيلي، نظرية الضمان يف القه اإلسالمي، ص. د:راجع : 43.34 عبد اهللا بن سامل الغامدي، مسؤولية الطبيب املهنية، ص:عراج : 44 املقدسي مث الدمشقي فاملصري، أبو حممد، كان عاملا حمققا، آمرا باملعروف وناهيا عن يهو عبد العزيز بن عبد السالم السلم : 45

يوسف بن ثغري بردي األتابكي، :راجع. هـ660ة تويف رمحه اهللا سن. جماز القرآن، واألمايل يف أدلة األحكام:املنكر، من تآليفه

.20/7: النجوم الزاهرة يف ملوك مصر والقاهرة.1/150:اعد األحكام يف مصاحل األنامقو: انظر : 46

450 من 18صفحة 18 - أأ ب ب- االلل

18

؛ لتفريق الكلمة مع عدم املأمث وقتال البغاة درءا، هلمصالحاإكتأديب الصبيان ورياضة البهائم

47".ألم متأولون

متفقا عليه -كما سبق بيانه-اجلنائية واملدنية ان مناط أو أساس كل من املسؤوليتنيوإن ك

ساس يف الشريعة والقانون؛ بني اإلدراك والقصد يف األوىل، وحمض الضرر يف الثانية، فإن هذا األ

ا يف الشريعة اإلسالمية منذ واضحرب ، بينما مل يتبلور هذا الفرق يف القانون الوضعي إال عنشأ

48.تطور مراحل زمنية طويلة سيأيت شرحها مفصال

حجية احلكم اجلنائي أمام القاضي املدين: اينـرع الثـالف

رغم تباين نطاق وأساس كل من الدعويني اجلنائية واملدنية، فقد اتفقت التشريعات ومن

49. اجلنائيةبينها املشرع اجلزائري على أنه جيب وقف الدعوى املدنية حىت يتم الفصل يف الدعوى

فإذا صدر احلكم اجلنائي بإدانة الفاعل، ووصف فعله القانوين باجلرمية فإنه يكون ملزما

للقاضي املدين، الذي ليس عليه حبث املسألة من جديد، وإمنا يقتصر حبثه على تقدير قيمة التعويض

.عن الضرر الناجم عن هذه اجلرمية

أمام احلجيةوزحـلعدم ثبوت اخلطأ يف جانبه يأما احلكم اجلنائي الصادر برباءة الطبيب

احملكمة املدنية، وميتنع عليها خمالفته، وليس هلا أن تقضي بالتعويض للمريض أو ذويه على هذا

.األساس

وإذا صدر احلكم اجلنائي بالرباءة تأسيسا على أن الفعل ال يعاقب عليه القانون اجلنائي، فال

مع جترده –م القاضي املدين، حيث ميكنه البحث فيما إذا كان الفعل أمايكون هلذا احلكم حجية

مدنيا يستوجب احلكم بالتعويض، ونفس الشيء إذا صدر حكم يشكل خطأ–من وصف اجلرمية

.تفاء القصد اجلنائي، أو انقضاء الدعوى اجلنائية، أو موت املتهم، أو العفونبالرباءة املؤسسة على ا

القاضي اجلنائي ال يقضي باإلدانة إال عند اليقني بثبوت أركان املسؤولية ن فإ،ومما الشك فيه

La"اجلنائية، أما القاضي املدين فيمكن أن حيكم بالتعويض استنادا إىل فكرة اخلطأ املفترض faute

.1/368:و أورد حنوه يف الفروق مع هوامشه.3/301:رايفـالق:47

.18، صاملطلب األول من املبحث الثاين من هذا الفصل: انظر : 48

بأثر 15/6/1966 املؤرخ يف 154-66، الصادر باألمر رقم انون اإلجراءات املدنية اجلزائري، من ق165¡156املادتان : راجع : 49

. م16/11/1965 هـ املوافق 1385 رجب عام 22 املؤرخ يف 65-278رجعي ابتداء من األمر رقم

450 من 19صفحة 19 - أأ ب ب- االلل

19

présumée" أو حتمل املخاطر "Les risques" حرصا على مصلحة املضرور، خصوصا بعد ،

.عامل مساعد على حتمل املسؤولية املدنيةظهور التأمني ك

التأديبيتان الطبيتان اإلدارية والنقابيةناتاملسؤولي: ثـرع الثالـالف

املسؤولية الطبية التأديبية اإلدارية: أوال

يعمل لدى مصلحة حكومية أو هيئة إدارية تابعة ، توقع هذه املسؤولية على كل طبيبذإ

يف للسلطات التأديبية املنصوص عليها يف قوانني العمل النظرلوزارة الصحة مثال؛ حيث ميكن

طبقا هلذه القوانني على األخطاء اليت يرتكبوا يف عملهم؛ بوصفها خارجة عن ،تأديب األطباء

على عمل املؤسسة، ويتم توقيع اجلزاءات التأديبية املناسبة مىت كان لذلك تأثري،نطاق القانون

50.الوظيفيةملراكزهم القانونية

املسؤولية الطبية التأديبية النقابية: ثانيا

تتمثل يف حق النقابة النظر فيما أحدثه األطباء من أخطاء غري مغتفرة، خارجة عن أصول

51.املهنة، وتوقيع اجلزاءات طبقا للقانون األساسي لنقابتهم

النقابية تتداول بينهم وعمليا قد حيصل حماباة األطباء لزمالئهم؛ باعتبار أن هذه املناصب

. يتدىن فيها الوعي املهين، ولكن هذا ال مينع من وجودهايت ال؛لفةتخخصوصا يف الدول امل

حجية احلكم اجلنائي أمام جهة التأديب: عـرع الرابـالف

أمام القضائني اإلداري والتأدييب؛ إن احلكم اجلنائي النهائي يكون من حيث األصل حجة

تأديب باحلكم اجلنائي الفاصل، فلو أنه أدان الفاعل، فليس هلا إعادة حبث حيث تتقيد سلطة ال

.ته، ولو أنه حكم برباءته، فليس هلا أن تنسب إليه ذات الفعل لتزيد عليه العقابئمسألته لتثبت برا

:واستثناء مما تقدم ال تتقيد جهات التأديب باحلكم اجلنائي يف احلاالت اآلتية

ي بالرباءة؛ النعدام أحد أركان اجلرمية؛ كتخلف القصد اجلنائي، إذا صدر احلكم اجلنائ.1

إدارية أوإذا كانت األفعال اليت ارتكبها الطبيب ال تشكل جرمية، ولكنها تعد خمالفة

.أومهنية؛ ألن مناط العقاب فيها هو خمالفة النظام الوظيفي أو النظام املهين

،ةـ أو عدم كفاية األدل،طالن اإلجراءاتاحلكم اجلنائي الصادر بالرباءة املؤسسة على ب.2

من 124انظر املادة . ار الشفوي وتنتهي بالفصل دون دفع تعويضاتحيث تصنف إىل درجات حسب اخلطورة، إذ تبدأ باإلنذ : 50

.هـ1405 رجب 1 املوافق لـ 1988 مارس 23 املؤرخ يف 59/85املرسوم التنظيمي اجلزائري رقم .14منصور، املسؤولية الطبية، صحممد . د: انظر : 51

450 من 20صفحة 20 - أأ ب ب- االلل

20

. أو الشك يف االام

.احلكم اجلنائي الصادر باإلدانة مع وقف التنفيذ.3

.صدور عفو شامل عن العقوبة أو اجلرمية.4

ال تتقيد جهات التأديب يف تلك احلاالت باحلكم اجلنائي، وميكنها مساءلة الطبيب تأديبيا؛

طبيعتها وأركاا عن اجلرمية اجلنائية، ومن مث جيوز اجلمع بني ألن اجلرمية التأديبية ختتلف يف

.املسؤوليتني اجلنائية والتأديبية، دون أن يعد ذلك ازدواجا

عن املسؤولية املدنية النامجة - إن شاء اهللا- يف هذه األطروحةيركز حديثأ سوف ،وأخريا

يف ذات الوقت بطبيعة خاصة يف اال ؛ باعتبارها الشريعة العامة وتتميز"اجلرمية املدنية"عن

52.الطيب

.14-15حممد حسني منصور، املرجع السابق، ص. د: انظر : 52

450 من 21صفحة 21 - أأ ب ب- االلل

21

الوضعي القانونيف ووظائفهاتطور املسؤولية املدنية : املبحث الثاين

لفكرة الضمان يف كل من الفقه إلسالمي، األحكام العامة ، مثتطور املسؤولية املدنيةسنتناول

: ، وذلك يف مطلبنيالفقه القانوين الوضعيو

ةـور املسؤولية املدنيـل تطـمراح :طلب األولامل

مراحل ة كغريه من األنظمة القانونية بعدبل مر، واحدةمل يتقرر نظام املسؤولية املدنية دفعة

.ةـتارخيي

شري إىل مالحظة عامة وهي أنه منذ العهد القدمي، أ، بسط مفاصل هذا املوضوعقبلو

ظلت قواعد املسؤولية املدنية ، املراحل من العهد احلديثفالعهد الوسيط يف عمومه، بل حىت بعض

ومل تعرف ،فكرة العقوبة اجلنائيةب ا وظل التعويض املدين خمتلط،خمتلطة بقواعد املسؤولية اجلنائية

"Domat" من أمثال؛ على يد كبار فقهاء القانون الفرنسي القدمي املتأخرينبينهما إال التامالفصل

فاملسؤولية املدنية هي خالصة حلقات تارخيية طويلة، كان يعرف بعضها ،إذن. كما سيأيت بيانه

. من التقدم حنو ظهور مبدأ املسؤولية املدنيةيئاش

أسباب الرق من جند أن، مثال– مؤسس الدولة البابلية وصانع قانوا -ففي قانون محورايب

يتجاوز هذا جتاه زوجته وأوالده، على أال رب األسرة املعسر بهعند البابليني هو الرهن الذي يقوم

53.الرهن مدة ثالث سنوات

فاألصل يف الرهن أن يقع اجلنائية،فنالحظ يف هذا املثال تداخل األحكام املدنية باألحكام

.احلبس على املمتلكات العقارية واملنقولة، دون األشخاص

يف دولة مصر يسوخوروالتطور الذي نالحظه يف هذا الشأن هو ما جاء به قانون ب

حيث ألغى هذا القانون اإلكراه البدين الذي كان يسلط على ،الفرعونية يف العالقات املالية اخلاصة

ة ـلدولواستثين من ذلك الديون املستحقة ل .هة دون شخصـ، ليقع االلتزام على ذمته املالييناملد

54.دلديون املستحقة للمعاب اأو

.44ص النظم القدمية ، دليلة فركوس ،-القانونيةتاريخ النظم : انظر :53.م1997 بريوت- الدار اجلامعية56طارق اذوب، ص. تاريخ النظم القانونية االجتماعية ، د :انظر :54

450 من 22صفحة 22 - أأ ب ب- االلل

22

الليتورجي " يطلق عليه اسم يباارة األثينية جند نظاما ماليا غرـض حنو احلاـوإذا اجتهنا غرب

Lithurgie" ، هلا أن وفحوى هذا النظام أن الدولةتعين أحد األغنياء ليمواـ عامر مرفقال ويسي

مث ،داية متعلقا باالحتفاالت الدينيةوكان هذا النظام يف الب. ةـمواله اخلاصأة بـمصلحة عام أو

.اا بعد األعباء السياسية و اإلدارية وغريمهمشل فيم

ل ضمان القيام به،ب ألمهية هذا االلتزام، مل يكن بإمكان األغنياء مغادرة بالدهم قونظرا

وليس أمام املواطن املرهق ذا العبء سوى . ـابالذي يتهرب من هذا االلتزام يتعرض للعقو

يقترح ، وكدليل على صدق ادعائه. ليحل حملهإخطار بوجود مواطن آخر أكثر منه غىن أواقتراح

55.تبادل الثروات بينهما

اليت ها كانت جتهل ما يسمى باجلباية أو الضريبة مبختلف أنواعثينيةوذا نستنتج أن الدولة األ

أما أن يفرض التزام على البعض، ويعاقب إن مل .يتساوى أمامها األفراد وفق مقاييس منضبطة

وأموال األفراد ، بني مال الدولةمل يكن يف تصور هذه الدولة فرق، إذن. ظلمينفذه، فهو عني ال

. املديناإلداريور صيف التواضح خلل -كما يبدو–وهذا . كانوا من األغنياء حىت لو ،اخلاصة

،اين فقد حتدث عن مسؤولية الشخص عن األضرار اليت حيدثها بالغريـأما القانون الروم

جلرمية املكونةاألفعال عشر ذكرانون األلواح االثينـقف. تقرر ذلكحيث جاءت بعض قوانينه

Damnum"ضرار بالغري إلا injuria datum " رعي املاشية يف :يف ثالثـة هيعلى سبيل احلصر

.يققإتالف شيء مملوك للغري من حيوان أو ر و، قطع أشجار الغري، أرض الغري

امعقب 57 البعض وذكر56. احلاصلة الضررـتساوي قيم ةـغراموكانت عقوبة األفعال تتمثل يف

Lex" وقانون أكيليا ."وهذه الغرامة هي األصل التارخيي ملبدأ املسؤولية التقصريية: "قولهبعلى هذا

aquilia "حينما جعل الغرامة أعلى من قيمة الشيء املتلف خالل السنة ، من األفعال املضرةحد

يف رعيال حالة يفن أو العبيد، أو خالل ثالثني يوما السابقة للضررالسابقة يف حالة قتل احليوا

58.قطع الشجر أو أرض الغري

.161 ص،تاريخ النظم دليلة فركوس،.د:55.374نظم القانونية ، صوسيط يف تاريخ القانون و الال ،عبد السالم الترمانيين: انظر :56.224ص، املرجع السابق، دليلة فركوس:57

58 :La portée primitive de la loi(aquilia),cardacia (guillaume),extrait de daubenoster,edinburgh,scotish, Academic press.1974, p 53-75.

450 من 23صفحة 23 - أأ ب ب- االلل

23

إىل اختالطها إضافة- يف أوىل مراحل تطورها–وما نالحظه على فكرة املسؤولية املدنية

La"أرـ الثةفكربفكرة املسؤولية اجلنائية، هو ظهور vengeance privé"ºة معتمدة يقركط

59.دى عليهتابه مبن اعصس الضرر الذي أنفحق إيقاع ه عليدىكان للمعت حيث؛الستيفاء احلق

La"فكرة الدية ظهرت ،ويف مرحلة متقدمة composition" ذا ،60رلتحل حمل الثأو

ةيف البداي الديةوكانت، عليهىكان للمعتدي أن يفدي نفسه بدفع مبلغ من املال إىل املعتد

الدفع إجباريةيف مرحلة الحقة مث أصبحت ¡اللمضرور أن يقبلها، وله أن يرفضه ارية،اختي

61.والقبول

francs"عهدوقد اختذت الدية أشكاال خمتلفة، ففي القانون األملاين القدمي يف saliques"

رض امة اليت تفلغرااليوم يشبه وهو ما؛لكملدفع جزء من الدية إىل املضرور، وجزء منها إىل اكان ي

.كحق جزائي للدولة

، إىل أن اليت اعتنقتها طويال، كنف املسؤولية اجلنائيةيفاملسؤولية املدنية وقد نشأت

.انفصلت عنها مؤخرا مع تطور املذهب الليربايل الفردي

القاضي بفرض تعويض ؛وسار القانون الفرنسي القدمي على منوال القانون الروماين

، بيد أن األمر كان يتعلق مببدأ عقوبة، يدفعه من كان خمطأعن أيللمضرور، بشكل مستقل

La "ةـأكثر منه مببدأ السببي" L’imputabilité"اد ـاإلسن causalité".

، ففي القرن امليالدي قبل القرن الثامن عشرويبدو أن مصطلح املسؤولية مل يكن مستعمال

Le"بالتعويضول مبعىن امللتزم ئ املس عنالسابع عشر، كان احلديث répondant ou le garant

وبدا إىل العيان مبدأ مسؤولية كل ، حينما أرسيت مبادئ احلرية يف القرن الثامن عشر، لكن"

L’homme"إنسان عن عمله est garant de son fait"¡ ة بني احلرية ـتشري هذه الرابطإذ

.ى إمهالهواملسؤولية إىل التطور الذي بدأ يبحث عن مسلك الفرد، ومد

على يد ، متيزت املسؤولية املدنية بشكل تام عن كل ما عداها،ويف خضم هذه التطورات

ون ـكبار فقهاء القانون الفرنسي القدمي املتأخرين، الذين استقلت أفكارهم عن أفكار القان

59 : Girard (F) : Manuel élémentaire de droit romain ,7éd 1924 P. 41260 : Patrice Jourdain, Les principes de la responsabilité civile, éd. 2000, Dalloz.61 : Roudier®, théorie générale du droit, 1945, N° 4 , Fau Connet (P), La responsabilité, étude desociologie,Paris,1920,P330, Giffard(A.E) : Droit romain et ancien droit français, Coll. robert Villers,2ed.1967,N :318

450 من 24صفحة 24 - أأ ب ب- االلل

24

"هـ يف كتابDomatر ـ الفرنسي الكبيالفقيه ويرجع الفضل كل الفضل يف ذلك إىل .الكنسي

les"انني املدنية القو lois civiles" ،ىحيث استوح، الذي صاغ مبدأ املسؤولية املدنية، بصفة عامة

ذات من 1383¡1382 نـالشهريتي تيـن املادصياغـةه ـ من62 الفرنسيحمررو القانون املدين

63.ونـانـالق

دوما يف القانون الروماين والقانون الكنسي وحىت القانون الفرنسي يف عهداخلطأوظل

¡64"أال مسؤولية بدون خط"ويف ذلك العهد اختذت قاعدة . لقيام املسؤولية املدنية أساسياشرطا

:ما يليفيعرضه نوشهد القانون الفرنسي تطورا ملحوظا بالنسبة للمسؤولية املدنية

:65ةـ موضوعيةـة مدنيـ مسؤوليحنو: الفـرع األول

، ينيامليالد القرن العشرينيف ع عشر وخصوصا امتدت املسؤولية منذ منتصف القرن التاس

:على النحو اآليتوسأتناول ذلك .ليتسم باملوضوعيةحيث تغري مسار املسؤولية املدنية

:هذه األسباب يف ثالثة أسباب رئيسية وميكن مجع:أسباب التطور املوضوعي: أوال

فالتطور . م19ن التحول اجلذري للمجتمع على امتداد القربيتعلق السبب األول .1

.ضراراإلصابات أو األ، أدت إىل تعدد وخطورة باآلالتالنشاطات اإلنسانيةرتباط او، الصناعي

حبيث أصبح ؛اآللة يف كل مكانانتشار حيث ؛م مع التقدم التقين20 الظاهرة يف القرن وتضاعفت

. أخطائها من وقت آلخر ضحيةمطرداإلنسان بشكل

خلقت نوعا جديدا من املعضالت، ينبغي وضعها يف " ةالتكنولوجي"فهذه األخطار

Le"ادثـاحل ررـفمفهوم الض. احلسبان dommage accidentel"– اجلزايفرقابل الضريإذ ،

م ـوارتبط هذا املفهوم، مبفاهي. ملحوظاشهد تطورا- بشريةالالذي حيصل نتيجة األخطاء

Les " لعام مثل الضرر املتتايل، أو الضرر اإلمجايل ا؛دةـجدي préjudices sériels, ou de

masse"شكلال من الضحايا، وتتخذ أحيانا، عددا هائ؛ حيث أضحت هذه األضرار تصيب

عن هذه ، هي يف أمس احلاجة إىل تعويضكالتش ليواجه م؛تواجد القانونيتطلب هنا و،الكارثة

.ةئـرار الناشضـاأل

com.legifrance.www.:م01/01/2008املعدل بآخر تعديل له يف م 14/3/1803ريخ االصادر بت:62

.38صة السببية ،طالرابالقانوين فهوم عادل حبيب، امل.د: انظر: 6364 : Patrice Jourdain, La responsabilité civile, p.8-9.

L’objectivation":Patrice " جعل الشيء موضوعيا التعبري األدق الوارد باملرجع هو:65 Jourdain, Ibid, p. 8-9

450 من 25صفحة 25 - أأ ب ب- االلل

25

طالبةاملو، عـض هذا الوضـان إىل رفـإلنسرية دفعت باـات اخلطـن تزايد النشاطإ.2

املواطنني إىل ب الشخصية اإلنسانية" L’évaluation"وقد أدى تقييم. بالتعويض عن كل األضرار

.املطالبة أكثر فأكثر من الدولة احلامية

وإن احلماية واملساعدة اليت كان يكفلها اتمع، زادت لدى الفرد احلاجة يف األمان، وحثته إىل

. ان التعويض عن األضرار حقا مكتسب يطالب بأن يكوأن

La "يف هذا السياق، أصبحت الرمحة االجتماعيةو commisération sociale" إىل حد

ةـاخلطأ، لتنتقل بشكل مفاجئ ملصلح ملصلحة املتسببني يف إحداث بشكل خاصتنمو اآلن

تقوم عليه املسؤولية املدنية، ميثل غطاء ا وحيداأساسباعتباره ؛أـفإن االقتصار على اخلط. الضحايا

د بعيست بالتايل، - أي اخلطأ-أضحىو يستجيب متاما للوظيفة التعويضية للمؤسسة، ال،ضيقا

.ةـ أصبح ال يتالئم مع هذه الغايمن مثالفردي الذي منحه القانون املدين، و واألساس الروحي

واـ، واقترح"من أعلى مركببقذف اخلطـأ "ى بعض املؤلفني ـ، أوصم1870فمنـذ

رـبفكرة اخلطستبدل أن ي"L’idée de risque"-فإن ترتيبا على ذلك،و 66- كما سيأيت بيانه

، فقد بناء عليهو . عنه باخلطر الذي حيدثكذلكناط باخلطأ فحسب، وإمنا تال ينبغي أن املسؤولية

.ض عن األضرارـ التعويه من املسؤولية املدنية، أال وهوـأضحى القانون يتوجه حنو هدف

:ور املوضوعيط مظاهر الت:اـثاني

أكثر منه "Jurisprudentiel "تتجلى هذه املظاهر يف اال االجتهادي الفقهي أو القضائي

:يلي يف اال القانوين، وذلك كما

إن اال االجتهادي هو الذي باشر يف القانون الوضعي حركة امتداد املسؤولية املدنية، . 1

فصلت حمكمة النقض الفرنسية م،1885 فمنذ .بقبول أن تكون مستقلة عن كل خطأ شخصي

املسؤولية املتعلقة باألضرار النامجة عن احليوان، بتحديد إمكانية إعفاء املالك أو احلارس، يف حالة

La "وحيدة تتمثل يف القوة القاهرة force majeure".رار ـ قمثTeffains م، 16/06/1896ـل

ون، الفقرة األوىل، من القان1384 أن يكون حارس الشيء مسئوال، على أساس املادةلبذي قال

إال بإثبـات ئه يقبل إعفـاومل ".Occultes " لو كانت عيوب هذا الشيء خفيـةاملدين، حىت

Le"احلـادث الطـارئ cas fortuit". م القرار الشهري1930 عامويفعم " Jand’heur"º

.143من هذه األطروحة، ص الفصل األول للباب الثاين املطلب األول للمبحث األول ضمن ماهية اخلطأ من:راجع: 66

450 من 26صفحة 26 - أأ ب ب- االلل

26

ذلكم املبدأ هو املسؤولية القانونية مشكال مبدءا عاما؛ سى التعميم أمهية غري عادية،اكتيثح

.هـارس الشيء الذي يستعملـة حلـالكامل

يف عقد سفر األشخاص ¡1911ويف جمال املسؤولية العقدية، أدخلت حمكمة النقض الفرنسية سنة

Obligation "التزام السالمة de sécurité"،التعويض للمسافرين الضحايا، يف تضمن مبوجبها

.ظروف مشاة ملا يتصل باملسؤولية التقصريية حلارس األشياء

لدرجة ة يف حد ذاا، حيث إن التزام السالمة امتد ليشمل عقودا كثرية،رهذه الطريقة كانت ثو

قيلةوضع أعباء على املهنيني تتمثل يف التزامات ثيقر االجتهاد القضائي اليوم إىل أن أصبح

، مل يترددوا يف تشبيه فمثال ، كبريةاليت شكلت مسؤولية )كالضمان، األمن، اإلعالم، والنصح(

لتشديد مسؤوليته، أو أيضا استنتاج خطأ تقصريي مبجرد عدم ، البائع احملترف بالبائع سيئ النية

.تنفيذ متعاقد اللتزاماته التعاقدية

لتطور، فقد أنشأ سلسلة من القوانني يف اية يبق املشرع الفرنسي مبنأى عن هذا امل.2

. يف امليادين اليت ترتفع فيها درجة األخطار دون خطأوخصص أنظمة خاصة للمسؤولية، 20القرن

مبوجبه الذي يضمن ،09/04/1898ل الصادر بتاريخ ـوادث العمـون حـا قانهلكان أوحيث

. األضرار اليت حلقت م جزافيا أو حمددا عناـايا حوادث العمل تعويضـلضح

خصوصا باملسؤوليات القانونية التامة تتعلقوضع كذلك قوانني أخرى يف ميادين جد حمددة، و

ففي . والطاقة النووية67 األشياء اخلطرية مثل املالحة اجلوية، و التليفريكالناشئة عن استعمال

نني داخلية، اليت فرضت أنظمة خاصة من االتفاقيات الدولية، بقوابدل كثريميدان قانون السفر، أ

ليحسن ،05/07/1985مث جاء قانون . لتعويض جزايف، مؤسس على مبادئ املسؤولية بدون خطأ

.نهجامن وضعية ضحايا حوادث املرور، ذلك مبنحهم تعويضا كامال ومم

بتعليمة ، ليغري يف القانون الفرنسي التنظيمات املتعلقة 19/05/1998وفضال عن ذلك، جاء قانون

حول مسؤولية مفعول املنتجات املعيبة، باالحتفاظ بنفس املبدأ 25/07/1985عامة صدرت بتاريخ

.املتعلق باملسؤولية دون خطأ للمنتجني واملوزعني

تتعلق بالتعويضات عن األضرار ميكن أن تظهر نصوص عامة مستقبال، ويف ميادين أخرى

.تتبىن تنظيمات مشاة، املتعلقة بالبيئة

- الكرت،جروان السابق: انظر. ، وهي العربة املتعلقة بسلك لنقل األشخاص و السلعTèlèphèriqueالكلمة فرنسي أصل هذه:67

.1123ص عريب، –قاموس فرنسي

450 من 27صفحة 27 - أأ ب ب- االلل

27

. أثاروا اهتمام وعناية املشرع الفرنسيكذلك العقود الطبيةبعض ضحاياوأخريا، فإن

لعمليات التطعيم اإلجباري، و التربع ية بضمان تلقائي لألضرار املسندة فإىل جانب القوانني القاض

ارتضوا أن يتعرضوا تعويض األضرار النامجة عن بعض األشخاص الذين بالدم، اليت سهلت مؤخرا

.ـة لبحـوث طبي

فالتطور املوضوعي للمسؤولية املدنية الذي : 68ةتوزيع عبء األضرار للمسؤولية املدني: الثـثا

بيناه، ال ميكن قيامه منطقيا إال من خالل ظاهرة اجتماعية يف غاية األمهية، لتعرف التطور املنشود،

L’assurance" متمثلة يف التأمني من املسؤولية de résponsabilité".

احلقيقي ول من الدفعئ وتتجلى أمهية التأمني من املسؤولية يف مسامهتها يف حترير املس

Les"ةـوادث املاليـ احلللتعويض، مبنحه أمانـا ضد incidences pécuniaires" املتعلقة

ا، فقد رافق عد أثرا للمسؤولية املدنية، ال يوجد بدوفإذا كان التأمني من املسؤولية ي. مبسؤوليته

، لتطور يف آن معا وعلة نتيجة، إذن،فأصبح. امتداده، وشجع، وأثر حتى يف تلك املسؤولية

.املسؤولية امللحوظ

بال وكل من هذين النظامني يؤثر يف اآلخر؛ حيث إنه بغياب التأمني، تتردد احملاكم، كثريا

.ة قد تقودهم إىل اإلفالسظتعويضات باهولني مل يقترفوا أي خطأ، بدفع ئأدىن شك، يف إدانة مس

فليس ألن األضرار ، فإذا كانت عنايتنا اليوم تنصرف أكثر من أي وقت مضى إىل الضحايا

ة ـففي كل احلاالت أو معظمها ،هنالك إمكاني، إىل ذلكهي يف غاية اجلسامة، ولكن إضافة

.ولئـه املسـزام بالتأمني يواجـأوالت

فإن عبء التعويض يقع على جمموع ، ار اليت حيققها التأمنيعن تبادل األخط وفضال

نيناملؤم" Les assurés "م اليتامن خالل اشتراكاال فس. يدفعوالمتـداد يحاوهنا يبقى ا

69.املسـؤولية

La" يقابله يف االصطالح الفرنسي:68 collectivisation de la Responsabilité civile"69 : V .Patrice Jourdain, p14-15

450 من 28صفحة 28 - أأ ب ب- االلل

28

.ةـائف املسؤولية املدنيـوظ: اين ـ الثاملطلب

ثرية، طرأت عليها، مما يدعونا إىل بالنظر إىل تاريخ املسؤولية املدنية، نالحظ تطورات ك

ية يف جمال العقود، واستخدام لتتالئم وتطور احلياة االجتماعـمزيد بذل اجلهد والنظر لتحديدها،

عض ن باـا األساسية، وإمنا يطوع مدم أركوهو تطويـر ال يه."وجيا احلـديثةاآلالت والتكنول

70."…سعته يف جماالت أخرىعض القطاعات، وتوشروطـها، لتضييق نطاقها يف ب

مترابطة تتلخص فيما مخس وظائفساد االعتقاد لفترة من الزمن أن املسؤولية املدنية ختدم

والوقاية من ، وتعويضه، وإعادة ترتيب النظام االجتماعي معاقبة املذنب، وانتقام املضرور، :يلي

71.السلوك غري االجتماعي

مل منها، ظهور حبوث رجال علم اإلجرام بيد أن هذا االعتقاد تزعزع، بفضل عوا

اتفقت حتليالم ، املوضوعيني يف القرن التاسع عشر، ودراسات علماء معاصرين يف نفس اال

وإعادة ترتيب ، عقاب حمدث الضرر :اء الوظائف التقليدية للمسؤولية املدنية وهيـعلى اختف

. اعي، وكذلك انتقام املضرور الحقاالنظام االجتم

املضرور، والوقاية من السلوك تعويض: مها بوظيفتنيلك احتفظت املسؤولية املدنية وبذ

ومما ساعد على بروز هذه الوظائف اجلديدة واختفاء الوظائف األخرى، هو .االجتماعيغري

، ظهور نظام التأمني من املسؤولية نتيجة األخطار الناجتة عن احلوادث، يف عامل التكنولوجيا

يئات حقوق اإلنسان يف املنتديات العاملية والوطنية املطالبة بضمان حقوق وكذلك ظهور ه

.املواطنني إزاء هذه املخاطر املستجدة

فأنصار املذهب املوضوعي، خيالفون . وقد اختلف رجال الفقه حول أساس هذه املسؤولية

جتاه الشخصي ما يراه أنصار املذهب االجتماعي من وظائف هلذه املسؤولية، كما أن أنصار اال

.يرون أن هلا وظائف مغايرة ملا ذهب إليها أصحاب االجتاهني السابقني

وظائف ال: اثنتني مهايف طائفتني هذه الوظائف بلورة أنه ميكن 72 يرى البعضويف هذا املقام

.يةالتعويضـظائف الوة، وـييبتهذال

.16ص.وزيع عبء املسؤولية املدنيةاملفهوم القانوين لرابطة السببية وانعكاساته يف ت:70

أغسطس، ، أعداد يوليو،16ملسؤولية املدنية ، جملة احملامي الكويتية،س حقيقة أزمة ا،حمسن عبد احلميد إبراهيم البيه. د: انظر:71

. وما بعدها133، ص2، بند1992سبتمرب

450 من 29صفحة 29 - أأ ب ب- االلل

29

.ةـة املدنيـة للمسؤوليـالوظائف التهذيبي: الفـرع األول

تمع، يف يقصددف إعادة توافقه مع ا ،ا تلك الوظائف اليت تؤثر يف السلوك الفردي

:وتتركز الوظائف التهذيبية للمسؤولية املدنية يف حمورين .ضوء االعتبارات االجتماعية

دئة املضرور، وصرف رغبته عن االنتقام: ثانيهماالوقاية من السلوك غري االجتماعي، و: أوهلما

.إضافة إىل حتقيق العدالة، ولئمن املس

:الوظيفـة الردعيـة: أوال

تتمثل – رغم أا ال حتظى بقدر كاف من االهتمام – للمسؤولية املدنية فالوظيفة األوىل

وهي وظيفة هلا صلة وثقى بالدور . يف ردع السلوك غري االجتماعي أو الوقاية من األضرار

فليس اخلوف من القائمني على تطبيق يفتها التعويضية؛أكثر من وظ 73األخالقي للمسؤولية املدنية

القانون، هو الذي يردع السلوك غري االجتماعي، ولكن املسؤولية املدنية تشكل أداة قانونية رائعة،

.ملنع وقوع أضرار غري مشروعة

وهكذا يستطيع األفراد أن حيصلوا على حق شخصي مبوجب أمر قضائي يف منع أو إيقاف

74.وذلك بإجهاضه من أصله أو بالوقاية منهلف للقانون،أي تصرف خما

املشروع املتمثل يف السلوك غري االجتماعي قد وقع فعـال، و أوقع أما إذا كان الضرر غري

تتقدم لتحمي حقا أو مصلحة مستقبلة، وقع عليها ، اضطرابا اجتماعيا، فإن املسؤولية املدنية

كأن تأمر احملكمة ؛ية، اليت يؤدي التمسك ا إىل وقوع الضرراملخالفة، وذلك بإزالة احلالة الواقع

أو تأمر دم بناء أقيم على خالف قواعد ، بإعالن أو نشر أن عالمة معينة هي مزيفة غري حقيقية

75.إاخل…تنظيم املدن

ع السلوك االجتماعي يف جمال املخالفة رد يف وإن كان دور املسؤولية املدنية ضعيفا،هذا

على العكس، جد فعال و مؤثر يف نطاق املخالفات املالية واالقتصادية واالعتداء ،فإنه، ةاجلنائي

.على احلقوق الشخصية؛ من تشهري و مساس حبرمة احلياة اخلاصة

.وما يليها20ص¡املفهوم القانوين لرابطة السببيةعادل جربي حممد حبيب، . د:7273 : Le tourneau (p) : la verdeur de la faute dans la responsabilité civile, R.T.D.C, 1988, p.508.74 : lindon® : validité de la clause de non- concurrence ; j .c.p 1960 N° 1593.75 : Aktam El Kholy, La réparation en nature en droit français et en droit égyptien. Th. Paris1954.N°32.

450 من 30صفحة 30 - أأ ب ب- االلل

30

ةـة التهذيبيـالوظيف: ثانيـا

يف دئة نفس املضرور، وإطفاء جذوة الغضب، وحماولة إشباع احلاجة تتمثل هذه الوظيفة

، أو توفري بارقة اوميكن مواساة ودئة املضرور عن طريق منحه تعويضا مالي. ر بالعدالةللشعو

.األمل لديه يف ذلك

أمهية بالغة على هذه الوظيفة خصوصا يف حاالت التشهري 76الشراح ويعلق بعض

دث ضرور يف االنتقام من حموحىت يف غري هذه احلاالت، فإنه من املمكن إشباع رغبة امل. والتضليل

77.ا سببه لألول من ضررسأل عميخري على املثول أمام العدالة لعندما يجرب هذا األالضرر،

؟ امـة يف االنتقـاء يف السماح للمضرور بإشباع الرغبـة القضـولكن هل تتمثل وظيف

الشك أن إتاحة هذا األمر للمضرور، هو أفضل بكثري من تركه يتأذى أو يتصيد أية فرصة لالنتقام

يرد له رمسياوكل ما يستطيع القضاء فعله هو توفري للمدعي إشهارا. الفردي غري املنضبط

.87د حمسن البيه، حقيقة أزمة املسؤولية بن. د: انظر:76عدم جواز " الواقع أن القضاء يف اتمعات احلديثة ، هو جهاز الدولة الذي يكفل حتقيق القانون، ويعمل على محايته، تطبيقا ملبدأ:77

Nemo": االقتضاء الذايت للحق bebet essa jedex inproprai causa"فالدولة هي املسئولة عن حتقيق العدالة، وإقامة النظام ،.

Justice فقد لوحظ ميل بعض التشريعات احلديثة، إىل بعض فكرة االنتصاف اخلاصو مع ذلك privée من جديد، دون الرجوع إىل

وقد صادفت ... سلطة القاضي، ويف مقدمة هذه التشريعات ، التقنني املدين املصري، و التقنني املدين األملاين؛ و التقنني املدين السويسري

تلك " بعد أن عرف االنتصاف اخلاص بأنهvallimarescoجند األستاذ ا من جانب بعض الفقه، وهكذا تأييدفكرة االنتصاف اخلاص

Laالواقعة اليت يكون مبقتضاها لصاحب احلق أن يبادر من تلقاء نفسه، وبدون تدخل السلطات حلماية حقه أو لتنفيذه justice

privée est le fait pour le titulaire d’un droit de procéder de sa propre initiative et sans l’interventiondes autorités à la protection ou à l’exécution de son droit : vallimaresco (A) : la justice privée en droitmoderne th.Paris 1926 p.14.

فته البشرية يف عهودها البدائية، الذي عرAnarchiqueحيث يقسم الفترات اليت مر ا هذا املبدأ إىل فترة االنتصاف اخلاص الفوضوي

، وإىل فترة االنتصاف اخلاص تنظيم حيث خطا االنتصاف اخلاص،خطوته حنو الTransitoire إىل فترة االنتصاف االنتقايلمث

ف العام من نفقـات وهذا النوع األخري يتفق مع املبادئ القانونية، متجردا من عيوب وسائل االنتصاSubsidiaireالتكميلي

وق، كلية احلقعادل حبيب، رسالة دكتوراه،. د التنفيذ العيين لاللتزامات العقدية يف القانون املقارن، :رـ انظ.لةوإجراءات طويـ

.336ص ،253، بند 1986جامعة املنصورة

450 من 31صفحة 31 - أأ ب ب- االلل

31

وعلى هذا األساس، فإن جمرد منح مبلغ رمزي ميكن أن يسهم يف رد هذا االعتبار، أكثر . االعتبار

. عن الضرر الناجم من االعتداء على السالمة اجلسديةتعويضا، من دفع مبلغ مايل كبري

ناء عليه، تساهم املسؤولية املدنية على مستوى القضاء يف فرض العدل العقايب، والعدل وب

.التعويضي

: ةـة للمسؤولية املدنيـ الوظائف التعويضي:ثالثـا

وق ـان حقـرار، وضمـع عبء األضـرور، وتوزيـتتمثل أساسا يف تعويض املضإذ

.رادـاألف

، هي الوظيفة األساسية للمسؤولية املدنية تعويض األضرار، إىل أن 78ذهب البعضحيث

بل وصعبة التطبيق، حينمـا تعرضت ألنظمة منافسة متثلت ، أصبحت اليوم أقل بروزا، وحمدودية

اليت تساهم يف سد النقص يف الوظيفة التعويضية للمسؤولية املدنية، دون أن ، و التأمني، يف الضمان

واالعتداء ، عبة التحقيق يف جمال األضرار األدبيةوكم تكون هذه الوظيفة ص .تشكل بديال عنها

.على السالمة اجلسدية، حيث يصعب تقديرها، بل قد تكون غري قابلة للتطبيق أحيانا

، ذلـك ألن املسؤولية املدنيـة تتعلق توزيع عبء األضـراروتتمثل الوظيفة الثانية يف

لك فمن الظلم أن يتحمل حمدث ولذ. باخلطأ الذي حيدث الضـرر سـواء أكان عمدا أم خطـأ

الضرر خطأ كل التعويض، بل جيب التخفيف عنه، بطريقة يصبح معها حتمل التعويض ممكنا،

على النحو الذي - يكون توزيع عبء األضرار ،وعلى هذا األساس .بإشراك غريه معه يف ذلك

. واجبا على اتمع-بينا

ع عبء األضرار إما عن طريق نظام التأمني، وتستطيع املسؤولية املدنية أن تساهم يف توزي

.وإما بطريق مباشر، وهي ختتلف يف مفهومها عن نظرية حتمل املخاطر

، يف كماهلم اجلسماين، أو يف ضمان حقوق املواطننيكما تضطلح املسؤولية املدنية بوظيفة

البا ملصلحة الراجلني ويف هذا األمر نالحظ حتيز احملاكم غ .أو يف حقوقهم الشخصية، ذمتهم املالية

وبذلك تبدو . ضد سائقي السيارات، حىت حينما يكون الراجلون ضحايا ألخطائهم الشخصية

.الرغبة واضحة متاما يف مساعدة هؤالء الضحايا من املواطنني

ميثل ظاهرة جديدة، ناشئة عن التأثر ال، ومع ذلك، فإن هذا التحيز إىل جانب املضرور"

رعـاملشاء وحده، وإمنا سار فيه ـكما أنه ليس اجتاه القض، و األخالقية بالنواحي الدينية أ

78 : MAZEAUD (H.etL) etTunc(A) M traité théorique et pratique et La responsabilité civile délictuelleet contractuelle T.II , 1950 ed.1965, N° 173 p.145

450 من 32صفحة 32 - أأ ب ب- االلل

32

ة عن فعل الغري، واملسؤولية عن األضرار اليت تسببها احليوانات،ـ نفسه، منذ أن ظهرت املسؤولي

تقاليد طويلة، كانت تتسع شيئا فشيئا، مدفوعة بالشعور ، فقد كان وراء كل ذلك. أو دم البناء

79."تجه إىل ضرورة تعويض من يضار من خسارة نامجة عن احلوادثاالجتماعي امل

ة ـون املسؤوليـور قانـ يف تط،وق املواطننيـان حقـرة ضمـوبذلك سامهت فك

.ةنيـاملد

.29-28 رجع السابق، ص امل،عادل حبيب. د: راجع: 79

450 من 33صفحة 33 - أأ ب ب- االلل

33

األحكام العامة لفكرة الضمانخصـائص التشريع اإلسالمي و: الفصل الثاين

الميـه اإلسـيف الفق

الميـع اإلسـص التشريـخصائ: املبحث األول

، وهي على غاية من أمهها، سنستعرض املميزةريع اإلسالمي جبملة من اخلصائصشيتسم الت

-األمهية؛ حبيث إا تسعفنا حينما نعدم النص اجلزئي؛ للتدليل على مسألة ما يف الشريعة، فنعول

.بحثكرها يف ثنايا هذا املذ على القواعد العامة؛ اليت سيأيت -حينها

ةـريعة اإلسالميـوم الشـعم: املطلب األول

والعموم 81،ر إذا مشلهماألم ومنه قوهلم عمهم ¡80الشامل و خالف اخلاص: يقصد بالعام يف اللغة

. وهو كل لفظ عم شيئني فصاعدا، وقد يستعمل يف شيئني ويستعمل يف مجيع اجلنس،لغة الشمول

82.طاءع فكقولك عممت الناس بال،طاء، وأما الثاينع فكقولك عممت زيدا وعمرا بال،أما األول

83."لفظ وضع وضعا واحدا لكثري غري حمصور، مستغرق مجيع ما يصلح له" : هوالحطصويف اال

غري" كزيد وعمرو، و؛ خيرج ما مل يوضع لكثري"لكثري" خيرج املشترك، و"وضعا واحدا": فقيد

وضعت وضعا واحدا لكثري، وهي مستغرقة مجيع ما خيرج أمساء العدد، فإن املائة مثال 84"حمصور

خيرج اجلمع املنكر، حنو رأيت "مستغرق مجيع ما يصلح له" لكن الكثري حمصور، وقوله ،يصلح له

.رجاال

.2/629:إبراهيم مصطفى وآخرون املعجم الوسيط80

.12/426:ابن منظور، لسان العرب : 81

82 :على التوايل154/1: ةـ، قواطع األدلينالسمعا ، أبو املظفر82/2 :اجـالسبكي، اإل ،..1/56: التنقيحعبيد اهللا بن مسعود احملبويب البخاري احلنفي، التوضيح يف حل غوامض: 83.305عبد الكرمي زيدان، الوجيز يف أصول الفقه؛ ص. د: راجع: وإن كان يف الواقع حمصورا؛ كالسموات وعلماء البلد مثال: 84

450 من 34صفحة 34 - أأ ب ب- االلل

34

وهو قيد يفرق بني العام واملطلق، فالعام 85"دفعة واحدة"وأضاف البعض إىل قوله وضعا واحدا

فردا أو أفرادا ال واحدة، بينما املطلق ال يشمل دفعة واحدة إيشمل كل فرد من أفراده دفعة

87. ال مجيع األفراد86،شائعة

ومن ـآال، اال ومـتبني مما سبق أن أحكام التشريع سيقت لتستغرق املكلفني حي ، إذن

:ة على ذلكـة الدالـاألدل

األدلة من القرآن الكرمي: أوال

88.» يريد بكم العسريريد اهللا بكم اليسر وال«: قوله تعاىل.1

89.»ولكم يف القصاص حياة يا أويل األلباب«: قوله جل شأنه.2

.، الذي يفيد بصياغته العموم " بكم ، ولكم"يف قيد : ووجه الداللة

األدلة من السنة النبوية: ثانيا

90". حراموأعراضكم بينكم وأموالكم مإن دمائك: "قوله صلى اهللا عليه وسلم.1

91".مـا أسكـر كثيـره فقليـله حـرام: "سلمقوله صلى اهللا عليه و.2

.طه جابر العلواين. د:، حتقيق2/513:مثل الفخر الرازي يف احملصول:85.82/2ايف السبكي، اإلاج، ك علي بن عبد ال:راجع: 86فالعام هو اللفظ الدال على مجيع أجزاء ماهية مدلوله، وقد استفيد من هذا التقسيم معرفة حدود ما : "رفه ابن بدران بقولهوع: 87

تضمنه من احلقائق، وهو املطلق والعلم والنكرة واسم العدد؛ فاملطلق هو اللفظ الدال على املاهية اردة عن وصف زائد، والعلم هو

ستقل اما : "وقيل العام هو.273/1: املدخل: مدلوله ماهياتمعينة، واسم العدد هو اللفظ الدال على بعضاللفظ الدال على وحدة

، واجلمع املعرف "كل و مجيع"ومن صيغ العوم لفظ .154/1: السمعاين، قواطع األدلة": جبنسه مل على مسمياتتلفظه بنفسه وال يش

، وأمساء الشرط، والنكرة الواردة يف سياق النفي أو "من"وصولة، وأمساء االستفهام مثل ، واألمساء امل)ال للعهد أو اجلنس(بأل لالستغراق

الوجيز يف : النهي

.305أصول الفقه، ص .185اآلية : سورة البقرة: 88.179اآلية : سورة البقرة: 89مصطفى .، حتقيق د67:1/37رقم أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب قول النيب صلى اهللا عيه وسلم رب مبلغ أوعى من سامع، :90

، حتقيق حممد فؤاد عبد 1679:3/1305 رقمالبغا، وأخرجه مسلم ، كتاب القسامة، باب تغليظ حترمي الدماء و األعراض واألموال،

".فإن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام"الباقي، ولفظ مسلم أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وقال ابن وبن عمر رضي اهللا عنهما، أخرجه أمحد وابن ماجة والدار قطين وصححه من حديث ا: 91

، من 375/1: الشوكايت، الدراري املضية: راجع. من حديث جابر، وأخرجه أيضا أمحد والنسائي وابن ماجة؛اله ثقاتجر: حجر

.كتاب األشربة

450 من 35صفحة 35 - أأ ب ب- االلل

35

واضح من النص األول؛ وذلك من حيث تعلقها باملخاطبني، ويف النص الثاين : ةـووجه الدالل

.يدل على العموم" مـا"فإن اسم املوصول

ن النيب وكا ...قبلي أعطيت خمسا لم يعطهن أحد: " صلى اهللا عليه وسلمقال رسول اهللا .3

.93 "افةـالناس كأرسلت إىل" :، وقال 92"ةـ وبعثت إلى الناس عام،يبعث إىل قومه خاصة

، ويف روايـة94"ةـ يرسل إىل خاصإىل األحمر واألسود وكان النيب أرسلت :" وقال

أرسلت إىلقبلي مل يعطهن نيب أعطيت مخسا :"، و قال 95"كل أمحر وأسودأرسلت إىل:"

،ةـ أرسلت إىل الناس عام": وجاء يف رواية. 96"هـاألمحر واألسود وكان النيب يرسل إىل خاصت

.97"وكان من قبلي إمنا يرسل النيب إىل قوم

صلى اهللا أن هذه اآلثار تعاضدت على معىن واحد، وهو عموم رسالة النيب : ووجه االستـدالل

.، لكل الناس، على اختالف أجناسهم وأعراقهم وبيئاملمعليه وس

وعموم الشريعة وبقاءها وعدم قابليتها للنسخ باعتبارها الشريعة اخلامتة، يستلزم أن تكون

قواعدها وأحكامها على حنو حيقق مصاحل الناس يف كل عصر ومصر، ويفي حباجام وال يضيق ا

وهذا كله متوافر يف الشريعة اإلسالمية وطبيعة . تمعوال يتخلف عن أي مستوى عال يبلغه ا

.مبادئها وأحكامها وما ابتنت عليه هذه األحكام من املصادر

وملا كانت الشريعة اإلسالمية شريعة إهلية، وعامة جلميع البشر، فمن حقها وواجب البشر "

.98"القانونية املطلقة هلا، دون غريها) السيادة(حنوها جعل

.533كتاب التيمم حديث رقم، 4/7 : شرح صحيح البخاريعمدة القاريبدر الدين حممود بن أمحد العيين، :92 .أخرجه البخاري أيضا يف الصالة ويف اخلمس وأخرجه مسلم يف الصالة: قال العيين و.4/8:العيين، عمدة القاري :93.11047، رقم 11/61:املعجم الكبري: سليمان بن أمحد بن أيوب أبو القاسم الطرباين: 94وقال . عبد امللك بن عبد اهللا بن دهيش:، حتقيق األحاديث املختارةد احلنبلي املقدسي، أبو عبد اهللا حممد بن عبد الواحد بن أمح: :95

.إسناده صحيح:املؤلفاألبيض واألسود أرسلت إىل: " ويف رواية.32063رقم 11/198: كرت العمالعالء الدين علي املتقي بن حسام الدين اهلندي، :96

، ويف أخرى 32058رقم " الناس كافة األمحر واألسود وكان النيب قبلي يبعث إىل قومهبعثت إىل: "، ويف أخرى32060رقم " واألمحر

.32059:11/197رقم " وكان النيب يبعث إىل خاصة قومه وبعثت أنا إىل اجلن واألنس : "أيضا .رناؤوط، حتقيق شعيب األ4489رقم 11/349:شرح مشكل اآلثار،أبو جعفر أمحد بن حممد بن سالمة الطحاوي :97.13رات يف الشريعة اإلسالمية، ص ـعبد الكرمي زيدان، نظ.د:98

450 من 36صفحة 36 - أأ ب ب- االلل

36

الشريعة على أا ما وضعت إال لتحقيق مصاحل العباد يف العاجل واآلجل ودل استقراء

إما تدرء مفاسد، أو 100والشريعة كلها مصاحل،: " حىت إن بعض الفقهاء قال وقوله حق99معا،

101".جتلب مصاحل

ويتصور العموم حىت يف التخصيص والتقييد، ذلك أن الشارع احلكيم، إذ مسح بصالة

102فطر للمريض واحلائض والنفساء يف ار رمضان، وأجاز عقد بيع السلم،القصر للمسافر، وبال

إال أنه رخص 103،"ال تبع ما ليس عندك: "وإن كان األصل يقتضي بطالن بيع املعدوم، لقوله

.فيه ألجل احلاجة

إدخاهلم يف االستثناء من وعليه، فإن إخراج بعض املكلفني من أحكام العموم واإلطالق، و

أن يوقع املكلفني ،من شأن اإلغراق يف القواعد العامة إذ لعامة، إمنا ليستغرقهم التشريع؛االقواعد

ينتفي معه االمتثال، فلكي يشملهم اخلطاب الشرعي ال بد من استثنائهم من القواعد يف حرج

.العامة، فهم وإن خرجوا من العموم و املطلقات، مل خيرجوا من التشريع

ومسمى العموم يف األحكام هو، أن وي إليها العقول الراجحة، وتذعن هلا النفوس

السليمة؛ جلبا ملصاحلها، ودفعا للفساد من خالهلا، وال ميكن هلذا الشمول أن يتقرر، إال إذا كان

ات من شأنه أن يوقع املكلفني يف حرج االحتكام فيه إىل الكليات؛ ألن طرد أو اطراد اجلزئي

104.وعنت، وهو املرفوع قطعـا بعدم وقوعـه

.4/2: اإلمام أبو سحاق الشاطيب، املوافقات: نظر ا99 . وليس بالضرورة أن يعرف املكلف حكمة كل تشريع وجهلها من جهلها،أدركها من أدركها،: 100.9/1: اإلمام العز بن عبد السالم، قواعد األحكام: 101 مسي سلما لتسليم رأس املال يف جملس العقد، ويسمى كذلك سلفا لتقدمي رأس املال؛ وذلك لتقدمي الثمن واستالم احملصول املتفق :102

من أسلف يف شيء ففي كيل : "وذلك لقوله صلى اهللا عليه وسلم عن ابن عباس رضي اهللا عنهما. عليه الحقا يف موسم احلصاد مثال

: حممد بن عبد الواحد السيواسي، شرح فتح القدير: نظرارواه الستة وقد أمجع الفقهاء على ذلك، . "معلوممعلوم ووزن معلوم إىل أجل

، ومرعي بن يوسف احلنبلي، دليل الطالب، 102/1: ، حممد اخلطيب الشربيين، مغين احملتاج337، وابن عبد الرب، الكايف، ص69/7

.118ص، وقال 149/2: ابن حجر، الدراية يف ختريج أحاديث اهلداية: انظر. رر أخرجه مسلم النهي عن بيع الغأخرجه األربعة وحديث: 103

الرجل : كتاب البيوع، باب،العظيم آبادي، عون املعبود: راجع.حسن: أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي: املنذري

صحيحه من حديث يوسف بن مالك عن حكيم بن حزام وأخرجه أمحد وأصحاب السنن وابن حبان يف. 291/9: يبيع ما ليس عنده

.5/3: ابن حجر، تلخيص احلبري، كتاب البيوع، باب ما يصح به البيع: ، راجعخمتصرا و مطوال.71¡7 يف مقـاصد الشريعة، ص-لنفس املؤلف-ـنيـة يف شرح نظم الفائـق عبد الرمحن األخضر األخضري، القاأبأستاذنا الدكتور : راجع 104

450 من 37صفحة 37 - أأ ب ب- االلل

37

ومن لوازم العموم التجرد من الذوات والصفات، أو مبعىن آخر التجرد من اجلزئيات، اليت

.وهذا ما سيأيت بيانه يف املطلب اآليت. تتسم باخلصوصية، واالعتماد على الكليات العامة اجلامعة

غياب التفريع يف زمن التشريع: ثايناملطلب ال

جاءت الشريعة اإلسالمية مببادئ تتسم بالعموم واملرونة؛ حبيث يتسع لكل تنظيم قانوين،

.ولكل نظام حكم مهما بلغ النوع البشري من التقدم

جاءت أحكامها شاملة ملختلف شؤون احلياة؛ ختاطب كل البشر يف كل ذلك أن الشريعة

نسان سبيل اإلميان بربه، وتأمره بتزكية نفسه وترقية خلقه، وحتكم عالقاته عصر ومصر، وترسم لإل

105.مع غريه إن على املستوى الفردي أو اجلماعي أو حىت على املستوى الدويل

ومن األدلة على خلود الشريعة ومرونتها أا مل تأت فيما هو خاضع للتطور بتشريع

يفضي إليه من املشقة واحلرج، بل قد يؤدي من الناحية تفصيلي؛ فيمثل ذلك عائقا أمام املكلفني ملا

.العملية إىل إبطال الشريعة وهجرها؛ ألا ال تناسب العصر أو البيئة الفالنية وما شاكل ذلك

واقتضى أن يكون للشريعة اخلامتة جواب يف غاية اإلتقان واإلحكام والعدل عن كل

وهذا الشمول يف األحكام قد يكون . النوازلسؤال، وهلا حكم ملفوظ أو ملحوظ لكل نازلة من

بنص صريح واضح، أو عن طريق قاعدة كلية وأصل جامع، وملا كانت احلوادث متجددة ال

يف التركة العظيمة اليت -رمحهم اهللا- تنتهي، والنصوص متناهية حمصورة، نقب الفقهاء األوائل

والقواعد ، وبينوا األشباه والنظائر، فأظهروا األصول -صلى اهللا عيه وسلم- رسول اهللا -تركها

106.وأوضحوا الفروق واالستثناءات

ومن حكمة اهللا املشرع احلكيم أن أنزل يف كتابه احملكم أحكاما وقواعد كلية؛ وذلك مثل

107،»وأمرهم شورى بينهم«: قوله تعاىل يف احلث على الشورى اليت هي إحدى دعائم امللك

يف أمر تعم به البلوى - ومل يثبت يف سنة صحيحة 108.»مروشاورهم يف األ«: وقوله جل شأنه

ألحد من - صلوات اهللا وسالمه عليه- أن أوصى الرسـول الكرمي-بتعبري األصوليني واحملدثني

عبد الكرمي زيدان، مدخل لدراسة الشريعة اإلسالمية، . ، د88-94، صةبن عاشور، مقاصد الشريعة اإلسالميا العالمة: راجع: 105

.17-22وهبة الزحيلي، العالقات الدولية يف اإلسالم مقارنة بالقانون الدويل احلديث، ص. ، و د39-53ص.1/19: ضوابط الفقهية علي أمحد الندوي، موسوعة القواعد و ال.د: راجع : 106.38اآلية : سورة الشورى: 107.159اآلية : سورة آل العمران: 108

450 من 38صفحة 38 - أأ ب ب- االلل

38

يف -رضي اهللا عنهم-الصحابة بشيء يف أمر اخلالفة؛ ولذلك اختلفت اجتهادات اخللفاء الراشدين

يث اختري أبو بكر بغري ما اختري به عمر، واستخلف عثمان بغري طريقة الترشيح والبيعة باخلالفة، ح

. ما استخلف علي

أن النظر يف زمن اخلطاب تعلقت أحكامه " عدم قصد التفريع يف زمن التشريع"ويراد بـ

بعيون النوازل اليت تنقدح منها أسباب عامة، ال ميكن أن تكون قاصرة، بل هي الكليات املستفادة

109.ليس ذلك تعويال على خصوص السبب، بل العربة فيه بعموم اللفظلضبط كل واقعة، و

وإذا كان األصل يف العبادات التفريع البتنائها على مقاصد قارة، وال حرج يف دوامها

ولزومها لألمم والعصور، إال يف أحوال نادرة تدخل حتت حكم الرخصة، فإن األصل يف املعامالت

110.إىل اختالف تفاريعها باختالف األحوال واألمكنة والعصورهو جتنب التفريع، إذ إا حباجة

فاملعامالت عموما، واملالية منها خصوصا، هي املادة الغزيرة إلعمال القواعد، وقد اشتدت

احلاجة يف وقتنا احلاضر إىل دراسة هذه القواعد دراسة شاملة واعية، ملعاجلة كثري من القضايا

111.لنصوص الشرعية الصحيحة على الوقائع الطارئة املناسبةاملعاصرة املستجدة، وإنزال ا

وملا كان العمل الطـيب يتصل باملعامالت، فكان أدعى إىل أن يندرج حتت القواعـد

.واألصول منه إىل النصوص اجلزئيـة

نوط األحكام الشرعية مبعان وأوصاف ال بأمساء وأشكال: املطلب الثـالث

ام الشرعية مبعان وأوصاف مقصودة للتشريع، ومل جيعل إن الشارع احلكيم أناط األحك

فالعبـرة باملسمى وليس االسم، وباملعىن وليس الشكل . األمساء وال األشكال مناط األحكام حبال

قيد خرج به األوصاف البيانية املقارنة هلا، اليت ال " أوصاف مقصودة للتشريع"أو الرسم وقولنا

الشارع، ويسمو ا غرض ا األوصاف الطردية، وإن كانت احلقيقة اللغوية الغالبة على يتعلق

احلقيقة الشرعية؛ مثل الكون يف الربية يف حقيقة احلرابة، فإن ذلك أمر غالب وليس هو مقصودا

ولذلك أفىت حـذاق الفقهاء باعتبار حكم احلرابـة يف املدينـة، إذا كان اجلاين حامال . الشارع

.هل املدينةللسالح، ختفيفا أل

.71األخضر األخضري، املرجع السابق، ص.أستاذنا د: راجع 109.137العالمة الطاهر بن عاشور ، املرجع السابق، ص : راجع 110.ما بعدها و 20علي أمحد الندوي، املرجع السابق، ص .د: راجع 111

450 من 39صفحة 39 - أأ ب ب- االلل

39

وعليه، فإن األمساء الشرعية إمنا تعترب باعتبار مطابقتها للمعاين امللحوظة شرعا يف مسمياا

.عند وضع املصطلحات الشرعية، فإذا تغري املسمى مل يكن لوجود االسم اعتبار

العربة يف العقود للمقاصد : "ولذلك وضع فقهاء الشريعة اإلسالمية قاعدة فقهية وهي

، ومثلوا هلا مبا لو قال ويل املرأة وهبت فالنة إليك مبهر كذا، كانت "اين ال لأللفاظ واملباينواملع

تلك صيغة نكاح ولو مساها هبة، والعطايا املشـروط فيها تصرف املعطي يف املعطى إىل موتـه

.112تؤول إىل الوصية وإن مسوها حبسا أو هبة أو عمرى

ج علماء أصول الفقه على ذكرها يف باب تنقيح مناط مسالك العلة، ومن األمثلة اليت در

أن اخلمر إمنا حرمت لعلـة اإلسكار املفضي إىل غياب العقل وما ترتب عنه من مفسدة، وليست

.العلة كوا من العنب أو سائال أو ذات لون معني وحنو ذلك

ر، وال اعتبار هنا لتغيري امسها فتحرمي اخلمر هنا مرتبط بوصف ظاهر منضبط وهو اإلسكا

وكما أن تغيري االسم غري مؤثر يف حتليل احلرام، كذلك ال . مع بقاء املسمى للقول جبواز تناوهلا

113.يكون مؤثرا يف حترمي احلالل

وبناء عليه، فإن هنالك ألفاظا ال يعرفها قاموس الشريعة اإلسالمية مثل مصطلح املسؤولية

ننا إذا نظرنا إىل ما حتمله هذه الكلمة من جزاء أو ورد للعدوان، وتعويض بأنواعها املختلفة، ولك

املضرور، وجدنا ذلك حتت اسم آخر وهو الضمان، وبالتايل كان لزاما علينا أن نقبل هذا املسمى

ال مشاحة يف االصطالح ما دامت احلقائق : وقد قال فقهاءنا رمحهم اهللا. ومل نعر االسم أي اهتمام

.ل اتفـاقحم

السماحة ورفع احلرج: املطلب الرابـع

السماحة سهولة املعاملـة يف اعتدال؛ فهي وسط بني التضييق والتساهل، والتوسط بني

وكذلك «: طريف اإلفراط والتفريط هو منبع الكماالت، وقد قال اهللا تعاىل يف وصف هذه األمة

ورفع. فسري هذه اآلية أن الوسط هو العدل وقد جزم احملققون يف ت114»جعلناكم أمـة وسطـا

. احلرج معناه التيسري على املكلفني بإبعاد املشقة عنهم يف خماطبتهم بتكاليف الشريعة اإلسالمية

112..." .219-1/218: جنم الدين عمر بن حممد النسفي، طلبة الطلبة...": إلعمارهي عارية والعمرى االسم من :

.3/336:،علي بن حممد اآلمدي، اإلحكام105-107شريعة اإلسالمية، صالالعالمة، حممد الطاهر بن عاشور، مقاصد : راجع: 113

.143ة ـاآلي: رةـسورة البق: :114

450 من 40صفحة 40 - أأ ب ب- االلل

40

:واألدلـة اليت استنـد إليها لتقـرير السماحـة ورفع احلـرج هي

:األدلة من الكتـاب: أوال

115.»سـر وال يريد بكم العسريريد اهللا بكم الي«: قال تبارك و تعاىل.1

116.»مـا يريد اهللا ليجعل عليكم من حرج«: قال عز و جل.2

117.»يريـد اللـه أن خيفـف عنكـم«: قال جل شأنـه .3

أن اهللا أنزل إليكم هذه الشريعة ومل يرد لكم فيها أي مشقـة ال : ووجه الداللة من هذه اآليات

.تطيقوـا

:من السنـةاألدلة : ثانيا

118".أحب الدين إىل اهللا احلنيفة السمحة: " أنه قال-صلى اهللا عليه وسلم-عن رسول اهللا .1

أن أحب األديان إىل اهللا دين اإلسالم، وأنه أثبت له السماحة وامليل عن الشرك : ووجه الداللـة

.والشذوذ واالحنراف إىل االستقامة، وامللـة السمحـة هي تلك اليت ال ضيق فيها

119".إن اهللا حيب الرفق يف األمر كله: "قالعن عائشة رضي اهللا عنها أن رسول اهللا .2

بني أمرين قط إال اختار أيسرمهـا مـا ما خير رسول اهللا : "عن عائشة رضي اهللا عنها قالت

120".مل يكن إمثا، فإن كان إمثا كان أبعـد الناس عنه

الشريفني؛ حيث إن اهللا تعاىل أنزل الدين اإلسالمي ووجه الداللة واضح من هذين احلديثني

.185اآليـة : سورة البقـرة:115.07سورة املائـدة، اآليـة :116.28اآلية : سورة النساء: 117:7351، و أخرجه الطرباين يف املعجم األوسط عن أيب هريرة رقم809رقم1/521:رواه ابن القيسراين يف تذكرة احلفاظ: 118

.1/60809::رواه الطرباين يف األوسط و فيه عبد اهللا بن إبراهيم الغفاري منكر احلديث: الزوائد، وقال اهليثمي يف جممع7/229

: و أخرجه البخاري تعليقـا، كتاب اإلميان، باب الدين يسر و قول النيب صلى اهللا عيه و سلم أحب الدين إىل اهللا احلنيفية السمحة

وهذا احلديث املعلق مل يسنده املؤلف يف هذا الكتاب؛ ألنه : قال ابن حجر يف الفتحمصطفى البغا، و . ، حتقيق د1/23:صحيح البخاري

ليس على شرطه، نعم وصله يف كتاب األدب املفرد وكذا وصله أمحد بن حنبل و غريه من طريق حممد بن إسحاق عن داود بن احلصني

وأخرجه اإلمام أمحد يف ¡881:2/541لصحيحة، رقم،وصححه األلباين يف السلسلة ا1/94:عن عكرمة عن ابن عباس وإسناده حسن

.1/236:مسنده عن ابن عباس119

.2165:فضيلة اإلمام العادل وعقوبة اجلائر واحلث على الرفق، رقم: ، كتاب اإلمارة، باب1706/4 صحيح مسلم،:.، رقم4/250:أخرجه أبو داود يف السنن، كتاب األدب، باب التجاوز يف األمر: 120 4785

450 من 41صفحة 41 - أأ ب ب- االلل

41

يسريا ال مشقة يف تنفيذ تعاليمه، حىت أن الرسول الكرمي صلى اهللا عليه وسلم لو خري بني أمرين

.الختار أسهلها ما مل يكن حمرما

:أقوال العلمـاء: ثالثا

122".هذه األمة بلغت مبلغ القطعإن األدلة على رفع احلرج يف : " رمحه اهللا121قال اإلمام الشاطيب

استقراء الشريعة دل على أن السماحة واليسر من مقاصد : " رمحه اهللا123وقال اإلمام ابن عاشور

124".الدين

نوط التشريع بالضبط والتحديد: املطلب اخلامـس

مة يف بأن الشريعة ملا قصدت التيسري على األ– رمحه اهللا –قال العالمة حممد الطاهر بن عاشور

امتثال الشريعة وإجرائها يف سائر األحوال عمدت إىل ضبط وحتديد يتبني به جليا وجود األوصاف

واملعاين، اليت راعتها الشريعة، فبذلك قد نصبت للعلماء أمارات التشريع باألوصاف واملعاين

ليت قد ختفى على املراعاة يف التشريع، ونصبت ملن دوم حدودا وضوابط حتتوي على تلك املعاين ا

كما كانت احلدود والضوابط هادية ملن احنط عن درجة العلماء إىل أن يرتقي قليال إىل ... أمثاهلم

فهم املعاين واألوصاف املقصودة من التشريع فيما حتتويه تلك الضوابط من املعاين واألوصاف

– رمحه اهللا – 125 مالكوهذا مسلك قد دق على كثري من الفقهاء، وقد أشار إليه قول... اخلفية

البيعان باخليار ما مل : "، قاليف بيع اخليار من املوطأ، فقد أخرج حديثا أن رسول اهللا

اإلمام احلافظ اتهد ، من أفراد احملققني ، وأكابر املتفينني فقها، ،هو إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي ، الغرناطي ، أبو إسحاق:121

وأصوال، وعربية وغريها وكان ـ رمحه اهللا ـ حريصا على اتباع السنة ، وعلى قدم راسخ من الصالح ، له تآليف جليلة مشتملة عل

، والفكر السامي يف تاريخ 46نيل االبتهاج بتطريز الديباج، ص : انظر. هـ790اث نفيسة؛ كاملوافقات، واالعتصام ، تويف سنة أحب

.4/291: الفقه اإلسالمي

.254/1:املوافقات يف أصول الشـريعة:122

ا الشهري بابن عاشور كان فصيح عصره ومفخر لشريف التونسي القاضي املالكي املفيتاحممد الطاهر بن عاشور بو عبد اهللاأ هو:123

حاشية على شرح التفتازاين ،فريقي، الغيث اإل من تصانيفه شفاء القلب اجلريح يف شرح بردة املديح.هـ1284مصره تويف سنة

طفى بن عبد اهللا مص: راجع. صدق حبيب وهو حاشية على شرح القطر البن هشامأ هدية االريب اىل ،لتلخيص القزويين يف علم البالغة

.6/378: القسنطيين الرومي احلنفي، هدية العارفني أمساء املؤلفني وآثار املصنفني.61مقـاصد الشريعـة اإلسالمـية، ص:124

هو مالك بن أنس بن مالك بن أيب عامر األصبحي، نسبة إىل جده التاسع ذي أصبح ، وأصبح من أكرم قبائل اليمن، أبو عبد اهللا ، :125

الديباج املذهب يف : انظر . 179هـ وتويف سنة 93 دار اهلجرة، وإليه نسبة املذهب املالكي، وهو غين عن التعريف ، ولد سنة إمام

.17معرفة أعيان علماء املذهب، البن فرحون املالكي مع نيل االبتهاج للتنبكتي، ص

450 من 42صفحة 42 - أأ ب ب- االلل

42

وليس هلذا عندنا حد حمدود، وال أمر معمول به : " عقبه– رمحه اهللا –مث قال مالك ،126"يتفرقا

127".فيه

يني ما فتئوا يؤكدون يف تعريف هو عني الصواب، فإن األصول– رمحه اهللا –وما ذكره

العلة على أنها وصف ظاهر منضبط يؤدي إىل حتقيق معىن وهو احلكمة أو املصلحة؛ فاإلسكار هو

وهلذا إذا . علة حترمي اخلمر، وهو وصف ميكن التحقق من وجوده يف اخلمر ويف كل نبيذ مسكر

مظنته ويدل عليه؛ كالتراضي يف كانت العلة وصفا خفيا أقام الشارع مقامه أمرا ظاهرا هو

أمر خفي يتعلق بالقلب وخلجات التنفس، وال سبيل : املعاوضات، وهو أساس نقل امللكية، وعلته

.إىل إدراكه، فال يصلح أن يكون هو العلة، هلذا أقام املشرع مقامه أمرا ظاهرا، وهو صيغـة العقد

االنضباط، كما كان احلال من صفات وقد ترتهت الشريعة عن أال تكون أحكامها منوطة ب

.اجلاهلية الذين كانوا ميسكون املطلقة ضرارا فيعلقونه إىل غري ميعاد حمدد، وكذلك قسمة امليت

وال يستثىن من ذلك إال أحكام قليلة أقرا الشريعة؛ كمقدار الدية بالنسبة للعامة دون اخلاصة وهو

.128مائة من اإلبل

حد حمدود، وال ضبط معني، صري إىل العـرف اجلاري، وهلذا قال فإذا مل يرد يف الشرع

إن الشرط يف العقـد يكون صحيحا إذا اقتضاه : املعروف عرفا كاملشروط شرطا، وقالوا: الفقهاء

.العقد أو ورد به الشرع، أو جرى به العرف

ا حصل خطأ والعرف له أنواع كثرية، فقد يكون عاما أو طائفيا أو مهنيا وحنو ذلك، فإذ

من طبيب استوجب الضمان، نظر يف تقدير خطأ الطبيب إىل معيار الطبيب؛ من مثله يف ختصصه

129.والظروف احمليطة به كما سيأيت شرحه

وهنا يتطابق القانون مع الشريعة اإلسالمية يف أمهية إعمال العرف خصوصا يف العقود، إال

عد الكلية اليت دف إىل مسايرة األوضاع واألزمنة أن العرف يف الشريعة اإلسالمية تقتضيه القوا

املختلفة، وبذلك يكفل تسهيل تطبيق مبادئ الشريعة بروحها ومقاصدها، ويهدف العرف يف

، ومسند 1532البيوع باب الصدق يف البيع والبيان، رقم ، كتاب 1765/3: - رضي اهللا عنه-ماصحيح مسلم عن حكيم بن حز: 126

.4927 وعن حكيم بن حزام رقم 4916 رقم - رضي اهللا عنهما– ، عن ابن عمر266/3: عوانةيبأ.466، واملوطأ برواية حيي بن حيي الليثي، كتاب البيوع، باب بيع اخليار، ص 234/.3: الكربىاملدونة: 127.121-120عة اإلسالمية، ص مقــاصد الشري: راجع: 128 . الثاين من املطلب األول للمبحث األول ضمن الفصل األول للباب الثالثالفرع : راجع: 129

450 من 43صفحة 43 - أأ ب ب- االلل

43

وبذلك 130.القانون إىل سد نقص التشريع الوضعي وتغطية ثغراته ومواجهة كل احتماالت تطبيقه

.المية مساعد، ويف القانون الوضعي مكمل أن العرف يف الشريعة اإلس-واهللا أعلم-يبدو

ويشترط يف إعمال العرف أال خيالف أصال شرعيا، فإذا تعارف الناس عقدا أو تصرفا فاسدا؛

كعقد مضاربة اشترط فيه لرب املال قدر من الربح معين ال نسيب؛ أو عقد من التأمينات حكم

رورة، فيكون احلكم مبنيا على مراعاة الضرورة، ببطالنه، إال أن تدعو إىل ما جرى به العرف ضـ

131.ويدخل يف قبيل الرخصة اليت يقررها الفقيه العارف مبقاصد الشريعة على سبيل االجتهاد

وإذا كان الشارع احلكيم يتوىل يف معظم احلاالت بيان شرعية األفعال؛ ألن حتديد ذلك

لك إىل العرف، وهو ما تعارفه الناس موكول أصال للشرع، فإنه يف بعض األحوال يترك بيان ذ

.واعتادوه من معامالت، مما استقامت أمورهم عليه، وهو ذا يعد أصال من األصول الفقهية

واطرد هذا احلكم يف أصول الفقهاء حىت أضحى من قواعدهم املعروفة، واستقر لديهم أن

جع فيه إىل العرف، ومثلوا له كل ما ورد به الشرع مطلقا وال ضـابط له فيه و ال يف اللغة ير"

132...".باحلرز يف السرقة، والتفرق يف البيع

وإذا كانت املصاحل متثل دعامة الفقه اإلسالمي فيما يتعلق مبعامالت الناس؛ حيث ال نصا

جزئيا فاصال، فإن مراعاة العرف الذي ال فساد فيه ضرب من ضروب املصلحة، ال يصح تركه،

.بل جيب األخذ به

وكان الباعث عليها هو احلاجة مل بالقانون الطبيعي وقواعد العدالة، ع،العرفالعمل بر أنه يف حالة تعذ الوضعي إىلأشار القانون: 130

وذلك ما قضى .38، صمقاصد الشريعة اإلسالمية و مكارمهاعالل الفاسي، : راجع.تشريع و العرف القدمينيإىل إكمال النقص يف ال

من حيث جودته ومل يكن يتبني ) حمل االلتزام(وإذا مل يتفق املتعاقدان على درجة الشيء "... :94به القانون املدين اجلزائري يف املادة

نظريتا القانون إسحاق إبراهيم منصور، : راجع". املدين بتسليم شيء من صنف متوسطذلك من العرف أو من أي ظرف آخر التزم

.147، صمصادر التشريع اإلسالمي فيما ال نص فيه،عبد الوهاب خالف الشيخ، و157، صواحلقالسلم وبيع العرايا، بيع على صلى اهللا عليه وسلم ملا وجد عرف أهل املدينة جاريا الكرمي الرسولنومما يستند إليه هذا الرأي أ: "131

مع أن كال منهما حبسب ؛ عنها املتعاملون أباحهما، فرخص يف السلم ورخص يف العراياوأصبح هذان النوعان من البيوع اليت ال يستغين

ى صلى اهللا األحكام الشرعية عقد غري صحيح؛ ألن السلم بيع مبيع غري موجود وقت البيع بثمن حال، فهو عقد على معدوم، وقد

عليه وسلم عن بيع املعدوم، والعرايا بيع الرطب على النخل بالتمر اجلاف، وهذا ال ميكن فيه التحقق من تساوي البديلني، وقد ى صلى

اهللا عليه وسلم عن بيع الشيء جبنسه متفاضال، ولكن ضرورات الناس دعتهم إىل هذا النوع من التعامل وجرى عرفهم به؛ =

شيخ األزهر حممد اخلضر حسني يف : راجع ." اهللا صلى اهللا عليه وسلم ضرورم و عرفهم و رخـص فيـهفراعى رسول

¡مصادر التشريع اإلسالمي فيما ال نص فيه، نقال عن عبد الوهاب خالف، "مراعاة العرف"حبث له مبجلة األزهر بعنوان

.147-148ص.98شباه و النظائر،صاإلمام جالل الدين عبد الرمحن السيوطي، األ: 132

450 من 44صفحة 44 - أأ ب ب- االلل

44

ما قال األصوليون و الفقهاء فيه، يتبني أن العرف ليس ظر الدقيق إىل العرف وأمثلته ووبالن

دليال مستقال، يكيف احلكم يف الواقعة بناء عليه، وإمنا هو دليل يتوصل به إىل فهم املراد من

إليه يف ويستند. عبارات النصوص، ومن ألفاظ املتعاملني، وإىل ختصيص العام منها و تقييد املطلق

ويف رفض مساع بعض الدعاوى اليت يكذا . تصديق قول أحد املتداعيني إذا مل توجد ألحدمها بينة

إلفـا و و العرف وحنو ذلك مما جيعل اجتهاد اتهد أو قضاء القاضي مالئما حال البينة ومتفق

133.الناس ومصالحهم

الذي حيدد يف كثري من األحوال مدى وعليه، فال أحد ينكر أمهية العرف يف الوسط الطيب؛

، وبيان درجة العناية 134مطابقة فعل الطبيب ألصول الفن أو العلم الطيب على اختالف أنواعه

.الطبية الالزمة وما شاكل ذلك

إذا أخطأ الطبيب خطأ ال خيطئ مبثله؛ بأن قطع يدا :"نقل أهل العلم عن أهل الظاهر قوهلم

؛ ألنه متعد، وإن كان ال يرجى هلا برؤ وال دواء هلا إال بالقطع يرجى شفاءها وجب عليه القصاص

135".فال شيء على القاطع وقد أحسن ؛ ألنه دواء

فمن يا ترى من حيدد لنا من يرجى شفاءه من عدمه و ما يترتب عليه من تبعات، ومن

لشرعي، إن مل يكن حيدد لنا املسؤوليات إذا حصل أذى باجلسم البشري املعصوم اجلانب يف النظر ا

.التقرير الطيب الفاصل أو اخلربة الطبية الصحيحة، اليت يستند إليها القضاء يف إصدار حكمـه

وجدير بالذكر أن الفقه اإلسالمي عرف مبدأ عدم الرجعية، الذي ما استقر يف القانون

العرف الذي : "ئرالنظاالغريب إال يف القرون األخرية يف العصر احلديث؛ حيث جاء يف األشباه و

136."تحمل عليه األلفاظ إمنا هو املقارن السابق دون املتأخر

وإن قـرر كراهية احلـد يف بعض األشياء، فهي لدفع الفساد عن املكلفني، ورفع احلرج

وميثل له بالواجب املوسع؛ مثل أداء الصالة يف وقت ممتد بني وقتني؛ كصالة الظهر بني . عنهم

العصر، والواجب املخير وهو ما طلبه الشارع مبهما يف واحد من أمور معينة؛ الزوال وصالة

كإحدى خصال كفارة اليمني، والواجب غري احملدد، وهو ما مل يعين الشارع مقداره؛ كالصدقات

حممد فتح اهللا النشار، التعويض املدين بني الفقه اإلسالمي و . ، و د149الشيخ عبد الوهاب خالف، املرجع السابق، ص: راجع: 133

.147القانون الوضعي ص .من طب كالسيكي باختالف فروعه وختصصاته ، و طب بديل و حنو ذلك: 134.10/444: احمللى : ابن حزم األندلسي: 135.96 ص - وهو كتاب يف القواعد الفقهية -لإلمام السيوطي الشافعي: 136

450 من 45صفحة 45 - أأ ب ب- االلل

45

املطلقة، وسد حاجات احملتاجني، وإغاثة امللهوفني، وإنقاذ الغرقى، واجلهاد واألمر باملعروف والنهي

137.ملنكر، ويدخل حتته سـائر فروض الكفاياتعن ا

:وقد استقـرأ العالمة ابن عاشـور من طرق االنضباط والتحديد يف الشريعة ست وسائل

:الوسيلة األوىل

االنضباط بتمييز املواهي واملعاين متييزا ال يقبل االشتباه؛ حبيث تكون لكل ماهية خصائصها

.ابة املستحقة للمرياث، وحترمي احملارم يف النكاحوآثارها املترتبة عنها؛ مثل طرق القر

:الوسيلة الثانية

جمرد حتقق مسمى االسم، وذلك بإقامة احلد يف اخلمر بشرب جرعة منه؛ ألنه لو تعلق احلد

حبصول اإلسكار، الختلفت نسبة السكر يف العقول، فلم تكد تنضبط، فال يتحقق املقصود وهو

ولونيط كذلك بنهاية السكر وهو حد اإلطباق، حلصلت . باس وتفاوتإقامة احلد إال بعناء والت

إذن، فلهذه االعتبارات العملية أصبح إقامة حد الشرب . مفاسد مجة قبل حصول تلك النهايـة

يكاد يكون متعذرا، أو يكون ولكن بطريقة عبثية غري منضبطة، فتفتح جماال للحكم بالطبع واهلوى

ز احلكيم الكاملة الشاملة مرتهـة عن النقص؛ وعليـه، اقتضى ذلك أن والتشهي، وشريعـة العزي

. يكون ما ذكر منضبطـا

ولذلك علقت الشريعة صحة بيع الثمار ببدو صالحها، وقررت إكمال املهر مبجرد

.املسيس، وحنو ذلك

:الوسيلة الثالثة

ق، ونصاب القطع يف التقديـر؛ كنصب الزكوات املختلفة، وعدد الزوجات، واية الطال

.السرقة عند القائلني بالنصاب، وأقل املهر، وأنصبة املواريث

:الوسيلة اخلامسة

الصفات املعينة للمواهي املعقود عليها؛ كتعيني العمل يف اإلجارة والوكالة، وكاملهر،

.والويل يف ماهية النكاح ليتميزه عن ما سواه

إذا قلنا إن واجب الكفاية متوجه على اجلميع، لكن إذا : يقول اإلمام الشاطيب رمحه اهللا. أما فروض الكفايات فقهيا كالم طويل: 137

ولكن الضابط ... ، ففيه تفصيلهوأما من جهة جزئي. ي الطلبألمة سقط اإلمث عن الباقني، فهذا القول صحيح من جهة كلاقام به بعض

ال على ، للقيام بذلك الفعل املطلوبالطلب وارد على بعض األمة ولكن ليس عليه كيف كان، بل على من فيه أهليةن جلملة ذلك هو أ

ونوهم بكل الوسائل ليتحقق هذا املهم ويعاجيربوهم ويبقى الطلب متوجها على اجلميع، مبعىن أن ينهضوهم ويعدوهم و. اجلميع عموما

.، حتقيق الشيخ عبد اهللا دراز وآخرون126/1:املوافقات: راجع . املتأهل وغريه،م مجيع املكلفنيثـمن املصلحة، فإن مل حيصل أ

450 من 46صفحة 46 - أأ ب ب- االلل

46

:الوسيلة السادسة

ا يف إحياء األرض املوات، حبيث ال يصل إليها دخان القرية، اإلحاطة والتحديد؛ كم

139.، وحدود احلرز الذي يتحقق به معىن السرقة138وكمنع االحتطاب من احلزم ما عدا االذخر

األحكام العامة لفكرة الضمان يف الفقه اإلسالمي: املبحث الثاين

:هـه وأسبابـان ومشروعيتـة الضمـوفيما يلي بيان ماهي

. و الفرق بينه وبني التعريف القانوين يف الفقه اإلسالميتعريف الضمان:ل األولباملط

:ان ـف الضمـتعري: الفرع األول

تنمض:" 140جاء يف املصبح املنري. زامضمان يف اللغة اإللزام وااللتيقصد بال: ةـتعريفه لغ:أوال

ألزمته ؛نته املال ضم:ى بالتضعيف فيقال ويتعد،التزمته: وضمنيضامن فأنا، ضمانا،هـ وب،املال

".إياه

:اـه اصطالحـتعريف:ثانيا

:يطلق الضمان عند الفقهاء مبعنيني

.الضمان مبعىن الكفالة، وهذا خارج عن نطاق حبثنا: اأحدمه

.وفيما يلي تعريفات الفقهاء. الضمان مبعىن التعويض: ثانيهما

: ة ـان مبعىن الكفالـتعريف الضم. 1

ة ـل ذمـان شغـالضم:"هـ بقول141عرفه صاحب حاشية الدسوقي: ةـتعريف املالكي -أ

142".قـأخرى باحل

زن ينبت يف السهل واحل، له أصل مندفن وقضبان دقاق، طيب الريح، نبت معروف عند أهل مكةاالذخر" :قال ابن حجر:138

وأهل مكة يسقفون به البيوت بني اخلشب ويسدون به اخللل بني ،جودهأ والذي مبكة : قال،وباملغرب صنف منه فيما قاله بن البيطار

فتح ": نبت معروف توجد فيه اهلوام غالبا يف الربيةواالذخر: "، وقال يف موضع آخر"اللبنات يف القبور ويستعملونه بدال من احللفاء

.على التوايل¡9/311¡4/49: صحيح البخاريالباري بشرح .120-122مقاصد الشريعة اإلسالمية، ص: راجع: 139

.2/364: ، مادة ضمنيف غريب الشرح الكبري للرافعي، تصنيف أمحد بن حممد بن علي الفيومي:140 يف مذهب مالك، ذو احلواشي البديعة، هو أبو عبد اهللا حممد بن عرفة الدسوقي املصري، ولد بدسوق، حمقق عصره بالديار املصرية:141

.2/353: ، احلجوي، الفكر السامي361حممد خملوف ، شجرة النور الزكية يف طبقات املالكية، ص: هـ، انظر1230تويف عام .4/537: ى الشرح الكبري على منت خليلوذلك عل: :142

450 من 47صفحة 47 - أأ ب ب- االلل

47

ون ـامن إىل ذمة املضمـان ضم ذمة الضـالضم: " املغينجـاء يف :احلنابلـةتعريف -ب

143".قـزام احلـ يف الت،عنه

:تعريف الضمان مبعىن التعويض. 2

، -رمحهم اهللا-ى لسـان الفقهـاء ذا املعىن علورد الضمـان " :144ذكر بعض الباحثني

هـدلـيء، أو بـان هو واجب رد الشـن أن الضمم 145زايلـام الغـره اإلمومن ذلك ما ذك

وكذلك 148. بأنه عبـارة عن غرامـة التالف147وعرفه الشوكـاين. 146باملثـل أو بالقيمـة

كان مثليـا، أو قيمته إن من أن الضمـان عبارة عن رد مثل اهلالك إن149ما نقله احلمـوي

.150"كان قيميـا

إعطاء مثل الشيء إن كان من : " من جملة األحكام العدلية الضمان؛ بأنه 416وعرفت املادة

أن -رمحه اهللا– 152 وذكر الشيخ علي اخلفيف151".املثليات، وقيمته إن كان من القيميات

.5/70: عبد الرمحن ابن قدامة رمحه لشمس الدين أيب الفرج،وذلك مع الشرح الكبري على منت املقنع: 143.27-26، صحق التعويض املدين، بني الفقه اإلسالمي و القانون املدين، حممد فتح اهللا النشار. د:انظر:144ولد يف . الغزايل هو حممد بن حممد بن أمحد الطوسي الشافعي، امللقب حبجة اإلسالم، ويكىن بأيب حامد، نسبة إىل صناعة الغزل:145

من .هو فقيه أصويل صويف وفيلسوف.م1111-هـ505م، وتويف ا عام 1058- هـ 450بران قصبة الطوس خبراسان عام الطا

من أهم شوخه إمام احلرمني أبو املعايل اجلويين رمحهما .إخل...مصنفاته إحياء علوم الدين، و املستصفى يف أصول الفقه، وافت الفالسفة

.201-6/191: ،السبكي،طبقات الشافعية الكربى)2/293:(ت الشافعيةابن قاضي شهبة، طبقا:انظراهللا، .1/208: مذهب اإلمام الشافعي الوجيز يف فقه :146إحدى : قرية من قرى السجامية: و الشوكاين نسبة إىل شوكان. هو أبو عبد اهللا حممد بن علي بن حممد الشوكاين مث الصنعاين:147

ولد سنة . صنعاء ، وكان قاضي صنعاء األكرب لفترة ،أصويل جمتهد مشارك يف علوم كثريةقبائل خوالن، على مسافة يوم واحد من

ح القدير، وإرشاد الفحول، والبدر الطالع نيل األوطار ، وفت:من مصنفاته. وقيل غري ذلك ه1250، وتويف سنة ه1173 ، وقيله1172

).6/298:(الزركلي، األعالم :مبحاسن من بعد القرن السابع،راجع.6/71: نيل األوطار شرح منتقى األخبار:148من .هـ، عامل فقيه مشارك يف أنواع من العلوم1098هو أمحد بن حممد احلسيين احلموي احلنفي ، شهاب الدين ، ولد عام :149

وزارة عموقwww.islamic-council.comموسوعة األعالم : راجع. بايا الكرت يف الفقه احلنفيكشف الرمز يف خ: مصنفاته

. كتابه غمز عيون البصائر اآليت ذكرهمقدمةو¡1/159: املصرية األوقاف

.3/218: غمز عيون البصائر شرح األشباه و النظائر: انظر:150.1/79: حيدر علي، درر احلكام: راجع:151البحوث والدراسات العربية، وعضو جممع أستاذ الشريعة بكلية احلقوق جبامعة القاهرة،أستاذ الدراسات العليا يف معهد فقيه أصويل، :152

.1/37: املالح، الفتوى :راجع.الشركات يف الفقه اإلسالمي، وامللكية يف الشريعة اإلسالمية:االبحوث اإلسالمية باألزهر،من آثاره

450 من 48صفحة 48 - أأ ب ب- االلل

48

جيب الوفاء به من مال أو عمل، واملراد الضمان مبعناه األعم يف لسان الفقهاء، هو شغل الذمة مبا

153.ثبوته فيها مطلوبا أداؤه شرعا عند حتقق شرط أدائه

أن تضمني اإلنسان عبارة عن احلكم عليه : - رمحه اهللا– 154وذكر الشيخ حممود شلتوت

155.بتعويض الضرر الذي أصاب الغري من جهته

157."م بتعويض مايل عن ضرر للغريالتزا:" الضمان بأنه156 الزرقا أمحدوعرف األستاذ ر مصطفى

ولقد شرع الضمان للجرب ال للعقوبة، بصرف النظر عن أهلية ومسلك الشخص؛ ألن

ال ينايف عصمة احملل، وبالتايل كل ضرر وقع بأحد هو خمالفة للشرع، ولذا وجب -مثال-اخلطأ

158.رفعه

القانون الوضعي الفرق بني تعريف الضمان يف كل من الفقه اإلسالمي و:الفـرع الثاين

استأثر الفقه اإلسالمي باستعمال لفظ الضمان، ومل يستخدم يف الغالب مصطلح غريه،

عدا مصطلح التبعة مثال يف بعض املواضع، وما ذاك إال لتأثر فقهاء اإلسالم بنصوص الشرع،

.ما سيأيت بيانه قريبا؛ كالواردة يف السنة النبوية

لذي شاع يف الفقه الغريب حديثا، وما تفرع عنه من ولية املدنية ائوأما مصطلح املس

مصطلحات، فهو مصطلحعنه، ومع ذلك فقد استخدمته بعض القوانني العربية املتأثرة غريب

مثل؛حيث انتهج التقسيمات الغربية التقليدية؛159بالقانون الفرنسي؛ كالقانون املدين املصري

. مثل دفع التعويض وحنو ذلكعمل مصطلحاتاستكما التقصريية، و املسؤولية العقديةنوعي

.5الضمان يف الفقه اإلسالمي ، ص:153م، حيث عني وكيال لكلية الشريعة ، 1918األزهر سنة م وتتخرج ب1893ولد مبنية بين منصور بالبحرية سنة.فقيه ومفسر مصري:154

.م إىل وفاته رمحه اهللا1958، مث شيخا لألزهر سنة 1946م، وعضوا مبجمع اللغ العربية سنة 1946عني عضوا هليئة كبار العلماء سنة

.7/173: ألعالما :هذا هو اإلسالم، اإلسالم عقيدة وشريعة حكم الشريعة يف استبدال النقد باهلدي،:من مؤلفاته .20 املسؤولية املدنية و اجلنائية يف الشريعة اإلسالمية ، ص:انظر:155م، حاز دبلوم الشرعية اإلسالمية من كلية احلقوق جبامعة فؤاد 1904/هـ1322من علماء الشام املربزين، ولد حبلب الشهباء سنة :156

ة اإلسالمـية والقانـون املدين بكلييت الشريعة واحلقوق جبامعة دمشق أستـاذا للشريعـ1944،عني يف ) جامعة األزهر حاليا(األول

.، املدخل الفقهي العامالفعل الضار: من مصنفاته . مث أستاذا بكلية الشريعة باجلامعة األردنية بعمان .81/49الفقرة ) 2/1034: ( املدخل الفقهي العام -الفقه اإلسالمي يف ثوبه اجلديد:157

.375 عبد احلميد حممود البعلي، ص.تبعة بني الشريعة والقانون دحتمل ال:158.55/1970 املعدل بآخر قانون رقم 131/1948القانون رقم :159

450 من 49صفحة 49 - أأ ب ب- االلل

49

دين املصري ، يف انتهاجه ، فقد اقتفى أثر القانون امل160أما القانون املدين اجلزائري

-يف حدود معينة- اللالتقليدية، إال أنـه أراد أن ينحو حنو االستقـات املسؤولية املدنية لتقسيمـ

.اغة و الفلسفة القانونية لروح والصيعن مبادئ القانـون الفرنسي ، وهذا ما يظهـر يف ا

حيث أدرج القانون املدين اجلزائري كثريا من أحكام الشريعة اإلسالمية؛ كاحلق يف احلبس للضمان

).369م(، وتبعة اهلالك )408م(، وتصرف املريض مرض املوت ) وما بعدها937.م(

فوائد الربوية بني األفراد ، وحترمي ال) 732¡358م (اقتبس أحكام الغنب يف بيع العقار ما ك

ج يف مصادر التشريع .م . إىل ما نص عليه قهذا إضافةو ، إخل من الشريعة اإلسالمية)...454م(

يف اجلزائر إىل أنه إذا مل جيد القاضي نصا خاصا يف التشريع ، جلأ إىل مبادئ الشريعة اإلسالمية،

املصري ، الذي قدم العرف، على مبادئ مقدمة على العرف على خالف ما جاء يف القانون املدين

161.، مراعاة إىل مواطنيها غري املسلمني من األقباط خصوصاالشريعة، العتبارات خاصة

ولكن رغم ذلك يبقى القانون اجلزائري متأثرا باملدرسة الفرنسية يف املبادئ العامة للمسؤولية

.ني املرتبطة به سواء من خالل نصوص القانون املدين، أو القوان،املدنية

بينما استخدمت بعض القوانني العربية املتأثرة بالفقه اإلسالمي مصطلح الضمان ، كما

من القانون املدين 256ورد يف القانون املدين العراقي، و القانون املدين األردين حيث جاء يف املادة

". الضرربضمانله كل إضرار بالغري يلزم فاع: "األردين حتت فصل الفعل الضار ما يلي

إذا كان الضمان مبعناه الواسع يف : يضاحية للقانون املدين األردين أول الفصل إلوتذكر املذكرة ا

.لسان الفقهاء هو شغل الذمة مبا جيب الوفاء به من مال أو عمل

ويعلق ... قد تستعمل يف الداللة على املال املطلوب أداءه تعويضا ) الضمان( فإن كلمة

الوصول إىل صياغة نظرية عامة، ينبغي أن خنتار " ة مصطفى الزرقا على ذلك أنه إذا أردناالعالم

هو اللفظ األعم الذي ) املسؤولية(فيها أعم التعابري اليت تشتمل خمتلف احلاالت واآلثار ولفظ

ي فعل تدخل حتته مجيع صور مقتضى الفعل الضار، من رد املثل، أو القيمة، أو اإلزالة، أو القيام بأ

162."جيرب الضرر حبسب األحوال

املتمم وم، املعدل 1975 سبتمرب، سنة 26 املوافق ل ه1395رمضان، عام 20املؤرخ يف 75/58الصادر مبوجب أمر رقم :160

.م2007 مايو 13، املؤرخ يف05-07، وآخر تعديل كان مبقتضى أمر2005 يونيو20 املؤرخ يف ،10-05باألمر.33-1/32 : يف القانون املدين اجلزائرياللتزامالعامة لنظرية ال ،بلحاج العريب. د: انظر:161.63-62الفعل الضار والضمان فيه، ص: راجع:162

450 من 50صفحة 50 - أأ ب ب- االلل

50

وانتقد األستاذ الزرقا املذكرة اإليضاحية األردنية وما وقعت فيه من اضطراب بينها وبني

ميثله القانون املصري، : القانون املدين، وما ذاك إال ألا حاولت اجلمع بني منهجني خمتلفني، أوهلما

ثل يف القانون العراقي، الذي أتى بعناوين من الفقه يتم: مبا حيتويه من تقسيم تقليدي ، وثانيهما

الذي يقع على املال، عن العمل غري املشروع الذي يقع اإلسالمي، حيث أفرد العمل غري املشروع

باب الغصب، وباب اإلتالف من الفقه اإلسالمي : وأدخل فيما يقع على املال بابني. على النفس

. آخر للمسؤولية عن األشياء، مث فرعا للمسؤولية عن عمل الغريمث عقد فرعا

إن عنواين الغصب واإلتالف غري موجودين يف التقسيم القانوين :" ومن بني ما انتقده قوله

عند القانونيني، ذلك ألما من األفعال الضارة بصاحب املال، ومشموالن بالقواعد العامة يف فرع

ر القانوين ، شرائط هذه املسؤولية، وآثارها يف املسؤولية عن الفعل الشخصي، وتطبق فيهما بالنظ

التعويض عن الضرر الالحق بصاحب املال املغصوب أو املتلف، دون أي فرق بينهما وبني سائر

. أنواع الضرر

فال حاجة إىل إفرادمها بعناوين خاصة يف نظرية الفعل الضار ومسؤوليته، لكن األمر يف

وبالتايل، ليس فيه . فيه نظرية عامة للحقوق وااللتزاماتالفقه اإلسالمي خيتلف، إذ مل يصوغوا

.نظرية شاملة، للفعل الضار، الذي هو جزء منها

لكل نوع من العقود والتصرفات، تعرض يف مسائله ولذا يفردون يف كتب الفقه، بابا

ت واملبادئ ، وتبني أحكامها مع التعليالت واملبادئ احلاكمة يف املسألة، تلك التعليالعرضا فروعيا

اليت حنن يف صدد جتميعها مع األحكام ذات الصفة العامة، كي نصوغ منها نظرية عامة للحقوق

163."وااللتزامات، على غرار نظرية االلتزام العامة يف الفقه القانوين والقوانني املدنية األجنبية

لعام السابق املدخل الفقهي ا" فعله يف كتابه - مشكورا–وهو ما حاول األستاذ الزرقا

الذكر، واملدخل إىل نظرية االلتزام العامة يف الفقه اإلسالمي، وقد تناول نظرية االلتزام بشكل

معمق، من خالل اهتمامه اخلاص بالقواعد الفقهية اجلامعة، وقد تناول جزءا منه كثري من الباحثني

قد، ولكن أبرز من ، حيث أفرد جزءا خاصا عن نظرية الع164منهم الدكتور عبد الكرمي زيدان

.65-64املرجع ذاته، ص : راجع163قسم الدراسات اإلسالمية، وأستاذا لفقه املقارن بجبامعة بغداد سابقا، وعمل أستاذا لبكلية احلقوق أستاذ الشريعة ورئيس قسمها : 164

نظام القضاء يف الشريعة : منها . وهو معروف بغزارة مؤلفاته وعمقها ومنهجيتها. بكلية اآلداب ، جبامعة صنعاءبقسم الدراسات العليا

. الشريعة اإلسالمية؛ الذي تناول فيه نظرية العقداإلسالمية، وأصول الدعوة ، واملدخل لدراسة

450 من 51صفحة 51 - أأ ب ب- االلل

51

يف كتابه مصادر احلق 165 هو العالمة عبد الرزاق السنهوري– يف تصوري –أبدع يف هذا اال

دراسة مقارنة بالفقه الغريب، فانتهج فيه الطريقة التقليدية الغربية ، مبينا -يف الفقه اإلسالمي

166.أحكامها يف كل من فقه الشريعة و الفقه الغريب

– كما تبني سابقا –ولية الذي هو أوسع مدلوال من مصطلح الضمان إذن، مصطلح املسؤ

167.يسري كذلك على مصطلح التعويض الذي يستعمله البعض كمرادف هلا

انـة الضمـمشروعي: الثاين املطلب

للحقوق، ورعايــاشرع اهللا تعاىل الضمان، حفظ لألضرار، راللعهود، وجبـة

،ةـو السنة النبوي رآن الكرمي،ـداء، يف نصوص كثرية، من الق لالعتداـ للجناة ، وحراـوزج

:ومن ذلك

: مبعىن الكفالة بالضمانة من الكتاب فيما يتعلقـاألدل -أوال

عليه –؛ أي كفيل ضامن، فقد ضمن يوسف168»وملن جاء به محل بعري وأنا به زعيم«:قال تعاىل

قدر ما حيمله البعري من –شرب به وهو إناءه الذي كان ي- ملن جاء بصواع امللك-السالم

.واالستدالل ذا املعىن خارج عن حمل الرتاع، كما أشرنا من قبل .الطعام

:" قال-رضي اهللا تعاىل عنه- 169 املالية وحنوها، حبديث أنست وفيما يتصل باإلتالفا-ثانيا

أهدت بعض أزواج النيبها فألقت ما إىل النيب طعاما يف قصعة ، فضربت عائشة القصعة بيد

170."طعام بطعام، وإناء بإناء: " - صلى اهللا عليه وسلم -فيها ، فقال النيب

والرواد عمالقةال من نة من عمل الغربية من إقليم الديار املصرية، هو أشهر من نار على علم، وهو بال منازعاملدينسبة إىل سنهور :165

إىل جانب مكتبة ترك مكتبته مبكتبة ون املدين، الوسيط يف القانالذين جيمعون بني الفقه القانوين والفقه اإلسالمي، له مؤلفات حسان منها

.جامعة القاهرة وقد رأيتها بأم عيين–كلية احلقوق الشيخ علي اخلفيف ببيان : د إبراهيم إبراهيم قد يف الشريعة اإلسالمية ، وأمحامللكية ونظرية الع: وممن كتب يف هذا اال الشيخ حممد أبو زهرة :166

النظرية : صبحي حممصاين . ة، دالنظرية العامة لاللتزامات يف الشريعـة اإلسالمي: هاتشفيق شح.سالمية، ديف الشريعة اإلااللتزامات

النظرية العامة ،بلحاج العريب . د: انظر .العامة للموجبات و العقود يف الشريعة ، عبد الناصر العطار، نظرية االلتزام يف الشريعة اإلسالمية

1/28:اجلزائريلاللتزام يف القانون املدين

.76-75 جبامعة عني مشس ، صركن اخلطأ يف املسؤولية املدنية، رسالة دكتوراه، حممد حسني علي الشامي. د: انظر :167.72اآلية : سورة يوسف:168

لم ،حيث قدم املدينة وهو ابنهو أنس بن مالك بن النضر األنصاري اخلزرجي، أبومحزة، خادم رسول اهللا صلى اهللا عليه وس:169

ابن حجر، اإلصابة يف متييز :انظر.هـ، وقيل غري ذلك91سنني، نزيل البصرة وهو آخر من بقي ا من الصحابة، تويف سنةعشر

.1/71: الصحابة

450 من 52صفحة 52 - أأ ب ب- االلل

52

على اليد : "- رضي اهللا عنه-171حديث مسرة بن جندب: وفيما يتصل بضمان وضع اليد– ثالثا

.ـه أي ضمان؛172"يما أخذت حىت تؤد

عاقبتم فعاقبوا مبثل ما وإن«: وحنوها قوله تعاىل- بوجه عام–وفيما يتصل باجلنايات -رابعا

».173عوقبتم به

من أوقف دابة يف سبيل:"قال رسول اهللا : قال - رضي اهللا عنه- 174وحديث النعمان بن بشري

176."175فهو ضامن من سبل املسلمني أو سوق من أسواقهم، فأوطأت بيد أو رجل

177".رارـرر وال ضـال ض" – صلى اهللا عليه وسلم -ه ـاع ذلك قولـومج

¡1359:3/640:أخرجه الترمذي يف السنن ، كتاب األحكام، باب ما جاء فيمن يكسر له الشىء حيكم له من مال الكاسر، رقم :170

القصعة حىت ــصلى اهللا عليه وسلموقال كلوا وحبس الرسول " بلفظ وأصله يف البخاري. ذا حديث حسن صحيحه:قال الترمذي

:2249صحيح البخاري، كتاب املظامل، باب إذا كسر قصعة أو شيئا لغريه رقم ": فرغوا فدفع القصعة الصحيحة وحبس املكسورة

2/877. عليه وسلم هوغالم، ونزل البصرة، ، صحايب جليل، كان حيفظ عن النيب صلى اهللابن جندب بن هالل الفزاري، أبو سليمان :171

ستيعاب يف معرفة ابن عبد الرب،اال: راجع.وكان شديدا على اخلوارج، روى عنه العطاردي و الشعيب وابن أيب ليلى، مات قبل سنة ستني

.3/130: اإلصابة يف متييز الصحابةو ،2/153: األصحاب:3561، أخرجه أبو داود يف السنن، كتاب اإلجارة، باب يف تضمني العارية، رقم )ض(ي عن مسرة بن جندب احلديث مرو:172

، وأخرجه بلفظ (566/3):1266، وأخرجه الترمذي يف السنن، كتاب البيوع، باب ما جاء يف أن العارية مؤداة، رقم (296/3)

، واحلاكم يف املستدرك، كتاب البيوع، (802/2):2400لعارية، رقم ، وابن ماجة يف السنن، كتاب الصدقات، باب ا"حىت تؤديه"

: بقولهاحلبـريهذا حديث صحيح اإلسناد على شرط البخاري ومل خيرجه، وأعله ابن حجر يف تلخيص ا: ، وقال(55/2):2302رقم

.(348/5):1516 إرواء الغليل رقم :"ضعيف: "، وقال األلباين(55/3)": واحلسن خمتلف يف مساعه من مسرة".126ية اآلسورة النحل :173هـ على األصح، مسنده مئة2لد سنة هو نعمان بن بشري بن سعد بن ثعلبة األنصاري اخلزرجي ، خاله عبد اهللا بن رواحة، و:174

عة أشهر، مث على ملعاوية سبةكان أمريا على الكوف.وأربعة عشر حديثا ، اتفقا له على مخسة، وانفرد البخاري حبديث، ومسلم بأربعة

ابن عبد الرب، :راجع. فلما مات يزيد صار زبرييا، فخالفه أهل محص، وأخرجوه منها وقتلوه غيلة. محص ملعاوية مث يزيد

).3/411: (، والذهيب، السري)1500-4/1496(االستيعاب179/3 :أخرجه الدارقطين يف سننه، كتاب احلدود والديات وغريه، رقم:175 لسنن الكربى، كتاب األشربة يف ا، والبيهقي 285:

344/8 :فيها،باب الدابة تنفخ برجلها رقمواحلد .أبوجزي، والسري بن إمساعيل : وضعف رجلني يف إسناده ،1747:.28/221/22: املوسوعة الفقهية الكويتية :انظر:176يرة وجابربن عبداهللا وعائشة وثعلبة بن أيب مالك روي من حديث عبادة بن الصامت وعبداهللا بن عباس وأيب سعيد اخلدري وأيب هر:177

وأخرجه 529، ص1426، كتاب األقضية، باب القضاء يف املرفق، رقم أخرجه مالك يف املوطأ مرسال.القرظي وأيب لبابة رضي اهللا عنهم

يهقي يف السنن الكربى، وأخرجه الب، 2340:2/784 م رق،هابن ماجة يف سننه، كتاب األحكام، باب من بىن يف حقه ما يضر جبار

: وأخرجه يف كتاب آداب القاضي، باب ما ال حيتمل القسمة، رقم ، 11166:6/69كتاب الصلح، باب ال ضرر وال ضرار، رقم

وقال .صحيح على شرط مسلم ومل خيرجاه: ، وقال2345وأخرجه احلاكم يف املستدرك، كتاب البيوع رقم ،20230:10/133

450 من 53صفحة 53 - أأ ب ب- االلل

53

ذ هذا احلديث الشريف، الذي هو من جوامع الكلم قاعدة كلية ، حتكم الضمان، وقد واخت

يف غاية األمهية ، تتعلق بدفع الضرر قبل وقوعه من باب استنبط منها فقهاء الشريعة قواعد فرعية

وعلى رأس تلك القواعد الضابطة الناظمة لألحكام . وبرفع الضرر وإزالته بعد وقوعه–الوقاية

178."زال ـرر يـ الض"قوهلم

:و مما جاء من أحكام يف الفقه اإلسالمي، تطبيقا هلذه القاعدة ما يلي

إذا سلط اإلنسان ميزابه على الطريق العام؛ حبيث يضر باملارين؛ : ففي ميدان احلقوق العامة".1

.فإنه يزال، وكذلك إذا تعدى على الطريق ببناء أو غريه

وإذا طالت . ض ما أتلف، للضرر الذي أحدثهوتلف عضمن املي: ويف ميدان احلقوق اخلاصة.2

. وتدلت على دار جاره، فأضرته، يكلف رفعها أو قطعهاأغصان شجرة لشخص

روقد شمن اخليارات يف العقود إلزالة األضرار الواقعة على أحد املتعاقدين؛ كخيار العيب، ع كثري

179."وخيار الغنب بالتغرير، وخيار تفريق الصفقة

تعرب عن وجوب دفع الضرر " ، وهذه القاعدة" دفع بقدر اإلمكانالضرر ي" وقوهلم كذلك

قبل وقوعه، بكل الوسائل الكافية الكفيلة، وفقا لقاعـدة املصاحل املرسلة و السياسية الشرعية؛ ألن

الوقايـة خري من العالج، وذلك بقدر اإلمكان؛ ألن التكليف الشرعي على حسب االستطاع،

رع اجلهاد لدفع شر األعداء، ووجبت العقوبات لقمع اإلجرام وصيانة ش: ففي ميدان املصاحل العامة

األمن الداخلي، ووجب سد ذرائع الفساد وأبوابه من مجيع أنواعه، إىل غري ذلك من التدابري

.الالزمة لدفع الشر و احليلولة دونه

:ويف ميدان احلقوق اخلاصة

.قاصد؛ منها دفع ضرر سوء اجلوارشرع حق الشفعة مل -

.وشرع احلجر على السفيه؛ لدفع ضرر سوء تصرفاته عن نفسه و أسرته -

.وشرع احلجر على املدين املفلس؛ منعا لضرر الدائنني من تصرفاته -

- حـب الدائن، حىت يوكل وكيال عنه ل للقاضي منع املدين من السفر، بناء على طق

. لضرر الدائن؛ منعانه عـزل هذا الوكيـل ما دام هـو مسافراباخلصـومة، ومل يصـح م

وابن حجر، ،4/110:منبع الزوائد:اهليثمي:راجع.وباجلملة فاحلديث حسن بكثرة شواهده.بعضها ببعضله طرق يقوى : النووي

.896:3/408، رقم ، األلباين،إرواء الغليل531-529 ابن رجب، جامع العلوم واحلكم، ص¡2/282:الدراية يف ختريج أحاديث اهلداية

.2/993:ه اإلسالمي، للمعامالت املالية يف الفقةابط الفقهية احلاكمموسوعة القواعد والضوعلي أمحد الندوي، .د: انظر:178.2/993: ، املدخل الفقهي العاممصطفى الزرقا:179

450 من 54صفحة 54 - أأ ب ب- االلل

54

وشرع اإلجبار القضائي على قسمة املال قسمة املشترك القابل للقسمة، بناء على طلب أحد -

.الشركاء؛ دفعا لضرر شركة امللك

هن، وقرروا إجبار الشريك على املسامهة يف نفقات تعمري العقار املشترك، أو ترميمه، إذا تو -

، بقوة 180]عنده[وإذا مل يفعل، فلشريكه اآلخر أن يعمره، وحيبسه . وكان غري قابل للقسمة

.القضاء، أو يستغله كله حىت يستويف

وخيار الشرط، وخيار الرؤية وقد شرعت بعض اخليارات يف العقود لدفع الضرر؛ كما يف خيار -

181."ستشارة قبل البتالتعيني يف البيع، حلاجة بعض املشترين إىل التروي واال

و الضرر األشد يزال بالضرر" ،"كالضرر ال يزال مبثله" وقرر الفقهاء قواعد فرعية أخرى؛

182"املصاحل جلب ودرأ املفاسد أوىل من"، "يتحمل الضرر اخلاص لدفع الضرر العام" و"األخف

.من القواعد، اليت ال تسمح حدود هذه الدراسة باالستفاضة فيهاإخل ...

أن األصل فيها احلضر، وأنه يف الشرع، و أمجع الفقهاء على أن الدماء واألموال مصونةوقد

183.ال حيل دم املسلم، وال حيل ماله إال حبق

ان يف الفقه اإلسالميـاب الضمـأسب: الثالث املطلب

: واإلتالف، وفيما يلي بيان ذلك، يف كل من العقد، والغصبتتمثل أسباب الضمان عموما

:دـان العقـضم :لفرع األولا

العقد شريعة املتعاقدين، فإذا حصل خلل يف االلتزام الناشئ بني املتعاقدين يف اال الطيب

.وترتب عنه ضرر، وجب جربه ضمان عقد

وال يكاد فقيه من فقهاء املذاهب اإلسالمية املعروفة؛ خصوصا األربعة منها إال ذكره ضمنا

ه ـ، فإن185زاعـاد و البـو أما فعل الفص: " يقول - رمحه اهللا– 184فهذا السرخسي. أو صراحة

. وليس الشريكو يبـدو أنه يقصــد بالضميـر العقار،. أ مطبعيطولعله خ" عند" ورد يف النص لفظ:180.993-2/992: األستاذ الزرقا، املرجع ذاته:181.85-1/49: ، وموسوعة القواعد و الضوابط الفقهية 1000-2/994: دخل الفقهي العامامل: انظر:182

.28/222: املوسوعة الفقهية الكويتية :راجع:183أحد األئمة الفحول أصحان الفنون ، كان حجة متكلما فقيها أصوليا هو حممد بن أمحد بن أيب سهل ، أبو بكر السرخسي،:184

مات يف حدود .ط، وله شرح اجلامع الكبريلإلمام حممد، وشرح السري الكبري، و شرخ خمتصر الطحاوي أشهر كتبه املبسو.مناظرا

.28ابن أيب الوفاء، اجلواهر املضية ص: راجعهـ،490 املطلع على أبواب، وحممد البعلي، 4/69: لسان العرب: راجع.أي البيطارأو احلجام و هو فعال من بزغ الدم، والبزاغ للتكثري:185

.1/267:املقنع

450 من 55صفحة 55 - أأ ب ب- االلل

55

186."ضمـان عقـدمضمون

اد أو بزاغ مل يتعد املوضع املعتاد؛ م أو فصوال يضمن حجا: " 187قال صاحب البحر الرائق

ان، كما إذا ـ عليه، والفعل الواجب ال جيامعه الضمـا، فصـار واجبالعقــدبألنه التزمه

188."قاضي أو عزر ومات املضرور بذلك حد ال

:ف ضمان العقد عن ضمان اإلتالف فيما يليـخيتلعليـه، و

ة، يشترط يف العقود صحة أهلية األداء لثبوت صحة التصرفات الشرعي : من حيث األهليـة: أوال

ه املؤن، والصالت اليت تشب ة والغرامات واملؤنومناطها اإلدراك و العقل ، بينما اإلتالفات املالي

فيجزأ فيها أهلية الوجوب فقط، وهي صالحيته لثبوت احلقوق له وعليه، فحكم الصغري غري املميز

189.م معصومة، وذلك ألن أموال الناس ونفوسهل النيابةم الكبري، و أداء الصغري يتحمفيها كحك

ان اإلتالف يقوم التعويض يف ضمان العقد على التراضي، ويقوم يف ضم:من حيث التعويض: ثانيا

هـور، فتعترب فيـدة ، والضرر حمظـرر، وإزالة املفسـاملقصود فيها دفع الضا ة، إذـعلى املماثل

.»191وجزاء سيئة سيئة مثلها«:ه تعاىلـ، وذلك بعموم قول190ةـ املماثل

: من حيث األوصاف و العوارض الذاتية : ثالثا

، وقرر احلنفية أن األوصاف ال تضمن ضماا يف العقود ويف اإلتالفاتفقد فرق الفقهاء يف

بالعقد، وتضمن بالغصب؛ وذلك ألن الغصب قبض، واألوصاف تضمن بالفعل، وهو القبض، أما

فعل حيل بالذات - وكذلك اإلتالف-العقد فريد على األعيان، ال على األوصاف، والغصب

192.جبميع أجزائها فكانت مضمونة

.26/149: املبسوط:186.).هـ970-926(م احلنفي رمحه اهللاـ البن جني؛شرح كرت الدقائق:187

188:8/33..28/227 : املوسوعة الفقهية الكويتية: راجع:189.11/80: املبسوط للسرخسي : انظر :190.40اآلية : سورة الشورى :191.5/225: تبيني احلقائق، والزيلعي،8/129: البحر الرائق: راجع:192

450 من 56صفحة 56 - أأ ب ب- االلل

56

الفب و اإلتصالغ: الفـرع الثـاين

اق الفقهاء، سواء أدى إىل التلف أو مل يتلف؛ كأن يتجسد يف ـالغضب مضمون باتف

ة هي نقل املغصوب إىل بلد آخر ال يتيسر ملالك ـكما ذكر الشافعية، واحليلول ةـصورة احليلول

.الشيء االستفادة منه

ن من ه، يضمن من أتلف الشيء بقيمته إن كان من القيميات، أو مبثله إن كاـوعلي

.اتـاملثلي

رـرة أو بأم، ولو بقوة قاهوب إذا تلف يف يـده أن الغاصب ضامن للشيء املغصـكما

. رمحه اهللا194 بتعبري ابن رشد احلفيـد193اءـالسممن

ه، إال أن يردها الغاصب، فريد القيمة ـة الشيء ومنافعـة قيمـويضمن صاحب احليلول

.ـب هو الذي تسبب يف ذهـاـان الغاصـ، إذ يستحقها املالك؛ ألله دون املنافع

ة ـعنايال مل حتسن العناية به ، أو يف يد مؤمتنةوأما اإلتالف فقد يكون بعد غصب

.فـال املفضي إىل التلـ فتوصف باإلمهالالزمـة؛

ؤذن مل ي يف موضع؛ كحفر بئراـ، أو تسببرة؛ كإحراق ثوبـوقد يكون اإلتالف باملباش

. إىل اإلتالفاـادة غالبـ يف العفيه، مما يفضي

نتيجة،ب تتعلق بالتعويض الناشئ من الضرر املايل للغريـام يف الغالـوملا كانت األحك

إذا –، ومل ينبثق هذا الضرر يف الغالب من العقد أو من غري قصد، قصدا أو تبعا حصل أصالةتلف

ا ـ الغصب واإلتالف، والنظر يف مآالمع بنيـة اجلمـ من احلكمإن ف- ةـاستثنينا عقد الوديع

.دـد واحـيف بن

.760بداية اتهد واية املقتصد، ص : راجع:193 هو حممد بن أمحد بن حممد بن أمحد بن رشد، أبو الوليد، قاضي اجلماعة بقرطبة، وأحد علمائها األعالم ، له بع طويل يف األصول :194

هـ 595ى ، والكليات يف الطب، والضروري يف العربية، تويف عام خمتصر املستصف: والكالم إضافة إىل غريها من العلوم ، من تصانيفه

احلجوي الثعاليب الفاسي، الفكر السامي يف تاريخ مد بن احلسن ، حم4/320: شذرات الذهب يف أخبار من ذهب،ابن العماد :انظر.

.4/267: ر اإلسالميالفك

450 من 57صفحة 57 - أأ ب ب- االلل

57

الطبيعة القانونية للمسؤولية املدنية للطبيب: الباب األول

:يتضمن فصليـن

حقيقة املسؤولية املدنية للطبيب يف إطار العالقات الطبية: الفصل األول

ــة للطبيبتكيـــيف املسؤوليـــة املدني : الفصل الثاين

450 من 58صفحة 58 - أأ ب ب- االلل

58

حقيقة املسؤولية املدنية للطبيب يف إطار العالقات الطبية:الفصل األول

املسؤولية املدنية للطبيب يف الفقـه الوضعـي:املبحث األول

تنقسم املسؤولية املدنية للطبيب إىل قسمني رئيسيني مها املسؤولية العقدية، واملسؤولية

:ليط الضوء على كل منهماا يلي تسمالتقصريية وفي

ةـة العقديـاملسؤولي: املطلب األول

إذ يتعلق ببيان ماهية املسئولية العقدية وما يتصل ا من التزامات يف إطار عالقات متنوعة

: يف اال الطيب

مفهوم املسؤولية العقدية: الفرع األول

الصة يبدو سهال مبدئيا؛ إن وضع تعريف جامع مانع للمسؤولية العقدية بصيغة جمردة خ

فالبحث فيها أقرب إىل البحث الرياضي، إذ ال تعدو أن تكون . بسبب طبيعة هذه املسؤوليةوذلك

.تطبيقا ألبسط املعادالت والعمليات احلسابية

: بالقول-يف معرض حديثه عنها–فقد عرفها األستاذ السنهوري باختصار شديد

ض حديثه عن الفرق بينها وبني رعيف م–ضا ر وعرفها ع195،"داملسؤولية العقدية هي جزاء العق"

.196"بالتزام عقدي هي جزاء اإلخالل املسؤولية العقدية ": بقوله- املسؤولية التقصريية

وباجتاه آخر أقرب إىل فكر السنهوري، عرف العالمة مصطفى أمحد الزرقا املسؤولية

أن واعترب، "العقد اإللزاميةالقانوين املؤيد لقوة ي اجلزاء إن املسؤولية العقدية ه ":العقدية فقال

د قوته امللزمة للعقد، وأن التعويض م العقدي مؤيدا جزائيا، يستالتنفيذ بطريق التعويض يف االلتزام

النظر يفميكن اعتباره تعريفا للمسؤولية العقدية، إذ إن التعويض هو ما حيل حمل عدم تنفيذ العقد

197.القانوين

ة ـاملسؤولية العقدية هي التبعإن ميكن القول أيضا عمق،ولتوضيح التعريف بشكل أ

. سبب ضررا للمتعاقد اآلخرالناشئة عن إخالل أحد املتعاقدين بالتزاماته على حنو

.424:1/653 بند ،الوسيط يف القانون املدين: 195.512:1/752بند : املرجع نفسه: 196

.77احملامي بسام حمتسب باهللا، املسؤولية الطبية املدنية واجلزائية، ص: 197

450 من 59صفحة 59 - أأ ب ب- االلل

59

كانت هذه االلتزامات سواء يه، فإن عدم وفاء املتعاقد بالتزاماته املتولدة عن العقد، أيالوع

وذلك بعدم تنفيذ ، عن خطأ عقدي ببذل عناية أم بتحقيق غاية، أو كانت ناجتةالتزاماتكانت أ

حبيث أحلق مبن اتفق معه ضررا، ؛متأخر معيب وأما اتفق عليه، أو مت تنفيذه ولكن بشكل جزئي

ب لذلك، ومل يكن فقط ممن أسند إليه الضرر وانقطعت العالقة السببية بينه وبنيوكان هو املسب

.له فيه د وذلك بوجود سبب أجنيب ال ي؛الضرر

دين ـاجتا عن غش املـ سواء أكان ن،ويتحقق اخلطأ العقدي باملعىن الذي سبق ذكره

سبب أجنيب كقوة عنفعله ارد من اإلمهال، أو حىت كان ناجتا عن إمهاله، أو أو وسوء نيته

198.ية املدين ال تقومقاهرة، غري أنه يف هذه احلالة األخرية، فإن مسؤول

ملبدأ إثبات االلتزام العقدي وحتديد مضمونه، وإثبات ادائن من حيث ـويتعني على ال

.اء ذلكرالضرر الذي أصابه من ج

وإذا كان العقد يرجع يف مصدره إىل إرادة طرفيه، فإن هذه اإلرادة املشتركة متلك أيضا

ف من مسؤولية هلذه اإلرادة املشتركة أن ختفسلطة التعديل من أحكام املسؤولية العقدية، فيمكن

وال حيد . املدين إىل درجة اإلعفاء منها، وميكنها كذلك التشديد من هذه املسؤولية إىل أقصى حد

من اإلرادة يف هذا الشأن إال الطبيعة الفنية لتكوين العقد، أو فكرة النظام العام، فالعقد شريعة

. مىت متت يستطيع أن يتدخل يف الدائرة التعاقدية،املشرع وال حىت ، فال القاضي،املتعاقدين

:غري أن هذه احلرية يف تعديل قواعد املسؤولية العقدية مقيدة بقيدين مها

منها، إال ما ينشأ عن غشهـفيخفاء املدين من املسؤولية أو التـوز االتفاق على إعفـجي: أوال

ري ساوى بني اخلطأ اجلسيم والفعل الضار، ومع أو خطئه اجلسيم، وهنا يالحظ أن املشرع اجلزائ

اخلطأ اجلسيم الذي يقع من من املسؤولية النامجة عن الغش أوئهذلك جيوز للمدين أن يشترط إعفا

199. يستخدمهم يف تنفيذ التزاماتهأشخاص

وذلك 200 يقضي باإلعفاء من املسؤولية النامجة عن العمل غري املشروع،ل كل شرطـيبط: ثانيا

وعليه، فإذا وقع شرط. ن أحكام املسؤولية التقصريية تتعلق بالنظام العام، فال جيوز اإلعفاء منهاأل

ال لعدم توافر ركن اخلطأ فيها، ولكن لعدم توافر عالقة السببية بني اخلطأ والضرر كما سيأيت بيانه يف الفصل األول من الباب : 198

.الثاين .ج.م. ق2¡178/1املادة : راجع: 199178/3يف النص الفرنسي لنفس املادة وردت اليت " العمل غري املشروع"بدل " العمل اإلجرامي"ورد خطأ يف النص العريب كلمة : 200

edélictuellresponsabilitéexonérant«ج.م.ق de la-dol ou faute lourde-Est nulle toute clause«

450 من 60صفحة 60 - أأ ب ب- االلل

60

وإذا وقع .جاء به الشرط صحيحا، فإنه يترتب عليه إعفاء املدين من املسؤولية بالقدر الذياإلعفاء

إال إذا كان الشرط شرط اإلعفاء باطال، فإن الشرط هو الذي يبطل وحده، ويبقى العقد قائما،

ويستطيع . طبقا لفكرة الباعث غري املشروع-حينئذ–هو الدافع إىل التعاقد، فيبطل العقد كله

ما مل يكن عمدا، وكذلك عن خطأ شخصين من مسؤوليته العقدية عن كل خطأ أن يؤميناملد

.201الغري ممن يستخدمهم يف تنفيذ العقد، كما سيأيت تفصيله الحقا

ذا فإن الفقهاء حىت املتحمسني منهم للمسؤولية التقصريية أقروا صحة مسؤولية وهك

ألم ببساطة أحسوا بالواقع ومل يستطيعوا اهلروب من احلقيقة، خاصة وأن مبدأ ؛األطباء العقدية

ألن فكرة العقد ؛سلطان اإلرادة كان قد أينع وازدهر بفعل العوامل االقتصادية واالجتماعية

ع للتوجيه من نصوص قانونية، مما مسح بإقحام القواعد القانونية اآلمرة للدائرة أصبحت ختض

202.العقدية

.ةـة العقديـروط املسؤوليـش: الفرع الثاين

: شروطةيشترط لقيام هذه املسؤولية العقدية ثالث

.أن يربط بني الدائن واملدين عقد صحيح مت اإلخالل به بداية : أوال

احلل، يقال عقدت احلبل فهو معقود، أي شددا وربطتها، ومنه عقـدة نقيض العقد لغة

203.204"أوفوا بالعقود:"ويأيت أيضا مبعىن العهد، ومنه قوله تعاىل. النكاح

يلتزم مبوجبه العقد هو اتفاق ": أما العقد اصطالحا فقد عرفه املشرع اجلزائري بقوله

نح أو فعل أو عدم فعل شيء و شخص أو عدة أشخاص آخرين مبشخص أو عدة أشخاص حن

205."اــم

.342اين من الباب الثاين إن شاء اهللا، ص ألول اخلاص بالفصل الثاملطلب الثاين من املبحث ا: راجع:201

سليمان، النظرية العامة يعلي عل. ، د283-1/271: بلحاج العريب، النظرة العامة لاللتزام يف القانون املدين اجلزائري. د: راجع: 202

، املسؤولية املدنية للطبيب يف ضوء النظام القانوين األردين ىأمحد احليار. ، د111اللتزام، مصادر االلتزام يف القانون املدين اجلزائري، ص

(P)¡250ة لألطباء صـة املدنيـ حممد، املسؤولييسرا. ، د58والنظام القانوين اجلزائري، Durandn les conventions

d’irresponsabilité,thèse, paris, 1931, (j) Robino, in R.T.D.C, 1951, p1 et s, (B) Stark, les clauses denon responsabilité, D. 1974, chapr 157 No 16, Philippe tourneau et Roic Cadiet, Droit de la

responsabilité p.398.ed dalloz,1996.ed.delta.1997,liban, francois terre, philippe "sinler et Yveslequette, droit civil, les obligations P346, 6 ed. Dall0z, 1996, ed. delta, 1998.

.01سورة املـائدة، اآليـة :203.2/318: احلديث، غريب أمحد بن حممد البسيتواخلطـايب¡397-3/396: ابن منظور، لسان العرب: 204.ف.م. ق1101ج يقابلها املادة .م. ق54املادة : 205

450 من 61صفحة 61 - أأ ب ب- االلل

61

ويقصد بالعقد الصحيح ما استوىف أركانه من الرضا والسبب واحملل والشكلية يف العقود

وهذا على تفصيل يف ذلك . كالعارية وحنوها؛والتسليم يف العقود العينيةكبيع العقارات، ؛الشكلية

وإذا كان العقد غري صحيح، فإما أن .معروف ومبسوط يف كتب نظرية االلتزام من القانون املدين

يعترب يف حكم العدم من يوم قيامه، وإن نشأت ويف هذه احلالة يكون باطال بطالنا مطلقا،

مسؤولية عنه فتكون تقصريية، وأما إذا كان العقد قابال لإلبطال، فما دام أنه مل حيكم بإبطاله فهو

أي مبعىن أنه قائم وصحيح إىل أن يتقرر ال؛ ولكنه مهدد خبطر الزومنتج آلثاره الزم ألطرافه،

وعليه . وذلك الحقاة،صحته باإلجازة أو مضي مدة التقادم أو يتقرر بطالنه بالتمسك حبق اإلبطال

ه ـة قبل أن يبدو مآلـة عقديـوال مسؤوليئفإذا أخل أحد املتعاقدين فيه بتنفيذ التزامه، كان مس

ار بأثر رجعي واعترب كأن مل يكن، واملسؤولية اليت تنشأ عنه يتقرر مصريه، فإن قضي بإبطاله، ا أو

.تكون بالضرورة تقصريية

وحىت تتحقق املسؤولية العقدية للطبيب جيب أن يكون الضرر الذي حلق باملريض ناشئا عن

206.وسيأيت تفصيل الكالم عن التزامات الطبيب.اإلخالل بالتزام من االلتزامات الواردة يف العقد

.هـد احناللـ وبع،ام العقدـل قيـان، قبـرض مسألتوهنا تع

la" ا قبل قيام العقدمرحلة م:ة األوىلاملسأل période précontractuelle:" إذا قامت مفاوضات

بني شخصني إلبرام عقد، ووعد أحدمها اآلخر والتزم بإدارته املنفردة بالبقاء على وعده ملدة معينة،

. ن رغبته، فإن الواعد يلتزم بالبقاء على وعده طوال املدة احملددةفما دام أن الطرف اآلخر مل يعل

ه إليه الوعد، إذا أصابه ضرر من هذا اإلخالل، أن يرجع على الواعد فإذا أخل بوعده، كان للموج

وأما إذا مل يكن هناك وعد، بل كانت جمرد . ألن الوعد يعترب عقدا متهيديا؛باملسؤولية العقدية

إلمتام العقد، مث فشلت بسبب خطأ أحد الطرفني، وترتب عن ذلك طرفني متهيدامفاوضات بني ال

207. العقد مل ينشأ بعدضرر للطرف لآلخر، فال جمال للحديث عن مسؤولية عقدية، ألن

la "مرحلة مـا بعد احنالل العقد: املسألة الثانية période poscontractuelle:" وميثل هلا بعامل

صاحب مصنع، فأبرم عقد عمل جديد مع صاحب مصنع آخر، وأطلعه على انتهى عقد عمله مع

، فمكن أسرار صنع السلعة اليت ينتجها املصنع األول، بفضل علمه ا أثناء عمله باملصنع األول

.114، صدميف املطلب الرابع من املبحث األول يف الفصل القا:206، اليت جتعل للمفاوضات التمهيدية قوة قانونية، حيث تقتضي قيام IHERINGوهذا خالفا لنظرية اخلطأ عند تكوين العقد لـ : 207

بأن هذه النظريةولقد اعترض على . ب عليه املسؤولية العقديةي فإذا أخل أحد الطرفني بذلك، ترتعقد ضمين، يستلزم إبرام عقد ائ

. على عدم وجود عقد، وهذا خمالف للمفاهيم والقواعد القانونية ال تقومقديةاملسؤولية الع

450 من 62صفحة 62 - أأ ب ب- االلل

62

سببت له أضرارا، فهل حيق منافسةصاحب املصنع الثاين من منافسة صاحب املصنع األول

على عامله السابق باملسؤولية العقدية؟لصاحب املصنع األول أن يرجع

خيتلف اجلواب هنا حبسب ما إذا كان عقد العمل األول قد تضمن شرطا مينع العامل طبعا

تكون مسؤوليته بالتايل و،قد خالف شرطا عقدياحينئذ فيكون العامل ،من إفشاء أسرار اإلنتاج

ويف هذه احلالة ال تكون ، هذا الشرطما إذا كان عقد العمل األول مل يتضمن مثل أعقدية، و

. إال تقصريية- حينئذ–مسؤولية العامل عقدية، ألن العقد قد انتهى، وال ميكن أن تكون مسؤوليته

وكذلك األمر بالنسبة إىل إاء عقد عمل غري حمدد املدة يف وقت غري مناسب، وإن كان

وقد استقر القضاء . تعسف يف استعمال احلقاإلاء يف هذه احلالة حق للطرفني، إال أنه ال ينبغي ال

. ألن العقد انقضى؛الفرنسي على اعتبار املسؤولية يف هذه احلالة تقصريية

ينطبق على هذه ،ي يف العقدـويبدو أن هذا يف حالة ما إذا مل يكن هناك شرط جزائ

208.املتعاقدين ألن العقد شريعة ؛ فال شك يف قيام املسؤولية العقدية،الة، فإن كان كذلكـاحل

:أن يكون من أصابه ضرر الطبيب أحد املتعاقدين أو خلفا عاما له: اـثاني

وهو املريض أو (لتزام عقدي من طرف الطبيب ضرر للمتعاقد معه إذا نتج عن اإلخالل با

.، فإن إقامة الدعوى تبقى يف نطاق املسؤولية العقدية)وهم ورثته (أو خلفه العام) ممثله القانوين

ذا كان الضرر ناشئا عن عدم الوفاء بالتزام عقدي، وكان املسؤول عن الضرر من الغري، أو مل أما إ

تستبعد وال ميكن حبث املسؤولية -حينئذ–تكن الضحية مشمولة يف العقد، فإن املسؤولية العقدية

.إال من خالل الزاوية التقصريية

ولية العقدية ضد الدائن وى على أساس املسؤـوال يقبل القانون وال القضاء رفع دع

:حالة كونه ضحية من الغري، إال يف حاالت معينة وهي) غريب عن العقدال(

:االشتراط ملصلحة الغري.1

يستطيع مبقتضاه أن يطالب املتعهد ،ن عقد االشتراطمال شك أن للمنتفع حقا مباشرا ينشأ

. كانت مسؤولية املتعهد عقدية،ربتنفيذ التزامه، وإذا أخل املتعهد بالتزامه وأصاب املنتفع ضر

، جمانا) املنتفع(على أن يعاجل عماله) متعهد(مع طبيب ) املشترط(وميثل له مبا لو تعاقد رب عمل

209.فإن إخالل الطبيب مبعاجلة املريض أو إصابة أحدهم بضرر يرتب املسؤولية العقدية

.286حممد رايس، املسؤولية املدنية لألطباء، ص. ، د119-121علي علي سليمان، النظرية العامة لاللتزام ص. د: راجع: 208209: Patrice Jourdain, les principes de la responsabilité civile, p 40-41.

450 من 63صفحة 63 - أأ ب ب- االلل

63

:ةـالفضـال.2

د، فقد حيدث يف ـاء على عقـ بنوم الطبيب بعالج املريضـل أن يقـإن كان األص

وهذا د،ـذا العقـود هلـل الطبيب لرعاية املريض وعالجه دون وجـبعض احلاالت أن يتدخ

:نيـميكن أن يكون يف فرضالتصور

:الفرض األول

فيتدخل من تلقاء نفسه إلسعاف وإنقاذ ضحية هذا احلادث، ؛ ماأن يشاهد الطبيب حادثا

. احلال إن هناك عقدا بينهماوهنا ال ميكن القول بطبيعة

:الفرض الثاين

بوجود عقدستدعى الطبيب ويتدخل بناء على دعوة من الغري، وهنا ال جمال للقولأن ي

ي بامسه الشخص الغيـرعاقدويف مثل هذا احلال قد يتبني الطبيب وبني مريضه أو ممثله القانوين،

.ضـر للمريـد ترتيب حق مباش يقص أنمع الطبيب لتحقيق مصلحته الشخصية أيضا دون

ده احلق ـ فله وح، يتصرف يف ملك غريه لضرورة وحنوهااـوإن كان الغري فضوليحىت ،هـوعلي

يف إقامة دعوى عقدية، وال ينصرف أثر العقد املربم للمريض، ومن مث ليس أمام املريض إال املطالبة

.حبقه على أساس الدعوى التقصريية

يف أكثر من ، يف فرنسا عن الفضالة يف عالقة الطبيب باملريضومن التطبيقات القضائية

أن الطبيب الذي يعمل يف مستشفى خاص، وقام يف حالة : حكم حملكمة النقض الفرنسية جاء فيه

فضويل مبثابة الضرورة باستدعاء زميل له جراح متخصص إلنقاذ حياة املريض، يكون تصرفه

210.ملصلحة املريضيعمل

ة حال ـيف التمسك باملسؤولية العقدي) ورثته(حول خلف املريض العام وقد أثري نقاش

وفاته؛ باعتبار أم امتداد لسلفهم يف اكتساب احلقوق ويف حتمل االلتزامات يف حدود ما آل إليهم

؟ ألن املضرور قد تويف؛ةـ تقصريي تعد األقارببلول قئ أم أن مسؤولية املس ؟،من التركة

بامسهم ( الدعوى اليت يرفعها اخللف العام هل هي دعوى شخصية وخيتلف احلال يف

، فإذا كانت دعوى )نيابة عن مورثهم املضرور(أو دعوى موروثة ) الشخصي كطرف مدين

، عبد الرشيد مأمون، 64، وأمحد احلياري، مرجع سابق، ص114-115سيد رضوان، العالقة بني الطبيب واملريض وآثارها، ص. د: 210

، املسؤولية املدنية يف يبعبد احلميد الشوار. د وي عز الدين الدناصور. وما بعدها، د45التأمني من املسؤولية املدنية يف اال الطيب، ص

.1409-1410اء ، صضوء الفقه والقض

450 من 64صفحة 64 - أأ ب ب- االلل

64

العقد، وتكون املسؤولية تقصريية، وإذا كانت دعوى موروثة فهي عقديةبشخصية فال عالقة هلا

.هي تقصريية إذا مل يكن بني السلف واملسؤول عقدإذا كان السلف مرتبطا بعقد مع املسؤول، و

غري أن القضاء الفرنسي خرج على هذا وقرر أن للخلف أن يتمسك باملسؤولية العقدية يف

ضمين ذلك على أساس وجود اشتراط ىنمطالبته بالتعويض عما أصابه شخصيا من ضرر، وب

1122تند يف ذلك إىل نص املادة ملصلحة الغري يفترض أن السلف كان قد اشترطه، ويبدو أنه اس

ملصلحة اخللف، ومبا أنه ال وجود ملثل هذا ضمينف، اليت تنص على افتراض وجود اشتراط .م.ق

فال يسوغ القول بوجود مثل هذا االشتراط الضمين ملصلحة الغري يف قوانيننا 211النص عندنا،

ه يف هذا الرأي األستاذ أنور وينضم إلي212العربية، بيد أن األستاذ السنهوري يرى وجوده عندنا،

بالقضاء الفرنسي يف ذلك، ا ويرى األستاذ علي علي سليمان أن هذين الفقيهني تأثر213سلطان،

ف، وليس هلذا النص مثيل عندنا، وبالتايل فليس . م1122والقضاء يف رأيه يستند إىل نص املادة

اس املسؤولية التقصريية إال على أس من ضررما أصابه شخصياع للخلف أن يطالب بتعويض

214.وحدها

ةـة تعاقديـات طبيـعالق: لـثرع الثاـالف

يكتنف العقد الطيب عالقات متعددة، بعضها يكون بني املريض وبني املستشفى اخلاص

املستشفى العام، وضمن هاتني العالقتني عالقات أخرى بني بني املريض وبعضها اآلخر والطبيب، و

تشفى عاما كان أو خاصا، وكذلك عالقة الطبيب مبساعديه، وبالفريق بني كل من الطبيب واملس

.الطيب

عالقة املريض بالطبيب واملستشفى اخلاص: أوال

Clinique"قد يلجأ املريض إىل طبيب خمتص يف عيادته اخلاصة privée"،عقد بناء على

.لعالج املناسب للكشف عليه وتشخيص حالته املرضية وإعطائه ا؛)مكتوب(أو صريح ضمين

وقد تستدعي حالة املريض الصحية أن يشري عليه الطبيب املختص بالدخول إىل مستشفى

خاص حمدد لالستشفاء أو القيام بعمل جراحي، وجرت العادة أن يكون ذلك الطبيب ميارس

154، املقابلة للمادة 116املادة : ملصلحة الغري، راجعلصريحاقتصر القانون املدين اجلزائري على إيراد نص خاص باالشتراط ا: 211

.م.م.ق.1 هامش 375 بند 40/1 :الوسيط: راجع: 212.348مصادر االلتزام، ص: راجع: 213.122-124ص املرجع السابق، علي علي سليمان،. د: نظرا: 214

450 من 65صفحة 65 - أأ ب ب- االلل

65

مقابل نسبة معينة من األجر تدفع ،نشاطه يف ذلك املستشفى الذي غالبا ما يربطه به عقد

شفى املتفق عليه مع املريض، على أن يقوم الطبيب املختص باستغالل املستشفى من حيث للمست

املكان املختص للعمل اجلراحي، واألجهزة الطبية الالزمة هلذا العمل، على أن يقوم املستشفى

اخلاص مبتابعة مراقبة املريض وتقدمي العالج من قبل الطاقم الطيب العامل بصورة دائمة داخل هذا

.ستشفى من أطباء وممرضنيامل

ومبجرد توجيه الطبيب املختص ملريضه بالتوجه للمستشفى اخلاص الذي حدده، وموافقة

برم بني املريض وبني املريض على ذلك وتوجهه لذلك املستشفى يقال إن عقدا ضمنيا جديدا قد أ

وجبه جتاه املريض بتقدمي مستقال عن عقده مع الطبيب، تلتزم إدارة املستشفى مب،إدارة املستشفى

واخلدمة الفندقية طيلة إقامة املريض باملستشفى اخلاص، على أن يسأل 215الرعاية الطبية الالزمة

الطبيب األخصائي شخصيا عن التزامه جتاه املريض بالتأكد من أن حالة املريض تستدعي وجوده

يض لذلك، فكل هذا عمل فين املرباملستشفى أو القيام بعمل جراحي حمدد، ومدى مالئمة جسم

. خيتص به الطبيب األخصائي دون إدارة املستشفى اخلاصحبت

الطبيب املختص من خالل عمله الطيب باملستشفى، طرففإذا صدر خطأ طيب شخصي من

أيت بيانه، أما سي باعتباره تابعا له كما ؛ من األقوال هو انعقاد مسؤولية املستشفى العامحفإن الراج

واملستشفيات اخلاصة فالقاعدة العامة تقرر عدم مسؤوليتها؛ حيث يتمتع كل من الطبيب العيادات

216. الفين اإلداري و العملوالعيادة اخلاصة باالستقالل يف العملاملختص

ى اخلاص عالقة عمل، لكن القضاء يتحفظ بالنسبة للطبيب األجري الذي تربطه باملستشف

217. يصدر من العاملني فيهعترب مسؤوال عن كل خطأي هذا املستشفى، حيث ويقرر مسؤولية

أو طاقمها الطيب يف املستشفى جتاه اخلاص ويف حالة ارتكاب خطأ طيب من إدارة املستشفى

¿املريض وأحلق به ضررا، فما نوع هذه املسؤولية

عقد لقول بقيام مسؤولية إدارة املستشفى العقدية؛ وذلك استنادا للإىل اذهب اجتاه فقهي

ألن هذا العقد يتضمن يف طياته عقدا آخر لصاحل ؛ والطبيب األخصائي اخلاصاملربم بني املستشفى

الرعاية تتناول عدة أمور كالغذاء والدواء واملكان املناسب للعمل اجلراحي وتوفري الطاقم الطيب املساعد للطبيب املختص أثناء : 215

.التدخل اجلراحي وصالحية األجهزة الطبية كتنظيم املستشفى وحسن ؛ العاديأو اإلداري ويقابله العمل، كالتشخيص والعالج واجلراحة؛ أعمال التطبيبيقصد بالعمل الفين : 216

.328طالل عجاج، املرجع السابق، ص: راجع. سري العمل وتقدمي الرعاية.Civ¡126حممد منصور، املسؤولية الطبية، ص. د: راجع: 217 4 juin 1991,J.C.P. 91. 21730

450 من 66صفحة 66 - أأ ب ب- االلل

66

ه عقد االشتراط شب وهذا ي218 بتنفيذ االلتزامات الالزمة، اخلاص املريض، يلتزم فيه املستشفى

واملريض ملصلحة الغري، حيث يعترب الطبيب من الناحية الصورية مشترطا، واملستشفى متعهدا،

.منتفعا

ذه احلالة ال تسأل مباشرة من املريض إال على أساس ويرى بعض الفقهاء أن املستشفى

ألنه ؛املسؤولية التقصريية، لكن للمريض الرجوع على الطبيب األخصائي باملسؤولية العقدية

سؤولية العقدية عن استنادا ألحكام امل ،لعقد املربم بينه وبني املريضلمسئول عن تنفيذ املستشفى

219.فعل الغري

عدم مسؤولية الطبيب اجلراح 1951/10/29د ذلك بالقضاء الفرنسي الذي قرر بتاريخ وأي

عن مراقبة املريض وقت إقامته باملستشفى اخلاص بعد االنتهاء من العملية اجلراحية، وأن ذلك من

220.اختصاص املستشفى بعد إفاقته من مفعول املادة املخدرة

ا ـدم امللوث الذي تسلمه من بنك الدم حمفوظـال يسأل املستشفى اخلاص عن الكما

221.مبعرفته

إىل مستشفى خاص إلجراء عالج -يف الظروف العادية -وأحيانا يتوجه املريض مباشرة

Contrat"أو عمل جراحي، وهنا تبدأ العالقة بني إدارة املستشفى واملريض مبوجب عقد استشفاء

d’hospitalisation "سلفا من ضمين أو مكتوب، ويف الغالب يتم توقيع املريض على عقد معد

من عالج أو عمل ؛ن هذا العقد االلتزامات السابقة الذكرمقبل املستشفى اخلاص، وتنشأ

وإذا ارتكب أحد أفراد الطاقم الطيب باملستشفى خطأ .جراحي، ورعاية طبية الزمة، وخدمة فندقية

مريض، نشأت عنه مسؤولية املستشفى اخلاص العقدية، وإذا كان التزام املستشفى سبب ضررا لل

بصرف النظر عن شخص من يقدم تلك العناية، ؛ببذل عناية الزمة، يعد مسئوال إذا مل يتم ذلك

إال إذا ،وإذا كان التزام املستشفى حتقيق نتيجة، تقوم مسؤوليته عند عدم حتقق النتيجة املطلوبة

، وال يدخل يف معىن السبب األجنيب الذي مينـع من انعقاد العالقة السببيـةبب األجنيبأثبت الس

222.من يستعني به املستشفى اخلاص يف تنفيذ العقد

.72أمحد احلياري، املرجع السابق، ص: راجع: 218.75 املستشفى اخلاص عن أخطاء الطبيب ومساعديه، صأمحد حممود سعد، مسؤولية. د: انظر: 219.125حممد حسني منصور، املرجع السابق، ص. ، د129-132عبد املنعم حممد داوود، املسؤولية القانونية للطبيب، ص: راجع: 220

221: Paris 11 Mai 1995, G.P. 95..74-75، صىأمحد احليار. ، د177 السابق، صاملرجعأمحد حممود سعد، : راجع: 222

450 من 67صفحة 67 - أأ ب ب- االلل

67

Contrat"ومما سبق نالحظ أن العقد الطيب médical "وعقد االستشفاء"Contrat

D’hospitalisation" كالطبيب يف العقد األول، ميكن أن يناط كل واحد منهما بعالقة خاصة؛

الثاين، إال أنه ميكن يتحدا يف يد شخص واحد؛ كأن يكون طبيبا ميلك العقدواملستشفى يف

223.اء على عقد مع مالكهاـ، أو يستقل بإدارا بنـامستشفى خاص

عالقة املريض باملستشفى العام: ثانيا

ع عشر، ويف مصر أوائل القرن إن النظرية اليت كانت سائدة يف فرنسا أواخر القرن التاس

العشرين، كانت ترى أن العالقة بني املوظف واإلدارة هي عالقة تعاقدية، على أساس أن قبول

املوظف لاللتحاق بالوظيفة العامة، وكذا الشأن بالنسبة لإلدارة، يعترب عقدا من عقود القانون

ظف بعمل مادي، أو عقد وكالة بوصفه عقد إجيار أشخاص إذا قام املو؛ خيضع ألحكامه،املدين

224.إذا كلف املوظف بعمل قانوين

وملا أخذت معامل القانون اإلداري بالظهور، وبرزت خصائص أحكامه، قضت بعض

احملاكم، جمارية بعض الفقه يف فرنسا على أن الرابطة بني املوظف واإلدارة، رابطة تعاقدية من

225.روابط القانون العام

اسع عشر، جرى قضاء جملس الدولة الفرنسي على أن مركز وبعد منتصف القرن الت

من نصوص القوانني واللوائح املوظف نظامي وليس تعاقديا، وأن احلقوق الوظيفية مستمدة

226.مباشرة

ذهب أغلبية الفقه إىل أن عالقة املريض باملستشفى العام ليست تعاقدية، وإمنا ،وبناء عليه

لة الطبيب إال على أساس املسؤولية ئ ال ميكن مسا،ى هذا األساسهي من طبيعة إدارية الئحية، وعل

الذي يستفيد منه املريض مبقتضى ) املستشفى( باعتباره موظفا يف هذا املرفق العام ؛التقصريية

مثله كباقي املواطنني على حد سواء، ويف هذا االجتاه قضت حمكمة النقض املصرية بأنه ال ،القانون

227.احلالة بأن املريض قد اختار الطبيب لعالجه حىت ينعقد عقد بينهماميكن القول يف هذه

.396، نقال عن مجال زكي، مشكالت املسؤولية، ص125حممد حسني منصور، املسؤولية الطبية، ص. د: راجع: 223 . وما بعدها29وفاء أبو مجيل، اخلطأ الطيب، ص. د: راجع: 224فرنسية بتاريخ ال" نيم"، وقد أشار إىل قرار حمكمة 76-77حسن األبراشي، مسؤولية األطباء واجلراحني املدنية، ص. د: راجع: 225

1932/06/12..322، طالل عجاج، املرجع السابق، ص77حسن األبراشي، املرجع السابق، ص. د: راجع: 226.18أمحد شرف الدين، املسؤولية الطبية، ص. ، أورده د1969/07/03: قرار حمكمة النقض: 227

450 من 68صفحة 68 - أأ ب ب- االلل

68

أما بشأن طبيعة العالقة بني الطبيب واملستشفى، فقد ذهب رأي إىل أن استقالل الطبيب يف

إن مل يكن طبيبا مثله ميكنه مراقبته ،أداء عمله من الناحية الفنية مينع من كونه تابعا لشخص آخر

إال أن الرأي الراجح هو أن الطبيب يعترب تابعا للمستشفى الذي يعمل فيه، ، 228ينيف هذا العمل الف

229.ولو كانت عالقة التبعية إدارية، فإا تكفي ألن يتحمل املستشفى خطأ الطبيب

ولو كانت قاصرة ،كما أن عالقة التبعية تقوم كلما كان للمتبوع سلطة فعلية على التابع

يلزم لقيام رابطة التبعية أن جتتمع للمتبوع سلطة اإلشراف الفين على الرقابة اإلدارية، إذ ال

230.واإلداري على التابع

عندما يصرح املستشفى العام ألحد األطباء باستخدام بعض ،على أنه يرد عليه استثناء

ملعاجلة مرضاه، فهنا تقوم العالقة مباشرة بني هذا الطبيب واملريض وال دخل إلدارة هترسأ

231.ستشفى اامل

ومثل هذا االستثناء معمول به يف بريطانيا، ولكن بشكل معكوس بالنسبة ملن يسمى

اص، الذي يقوم حبجز سرير يف مستشفى عام؛ حيث يتعاقد فرديا مع جراح خاص ـباملريض اخل

إلجراء عملية داخل املستشفى، فهنا يتكون عقد بني املريض من جهة، ؛وطبيب ختدير خاص

.جلراح واملخدر من جهة أخرى، وعقد آخر مع املستشفى يتعلق باخلدمات التمريضيةوالطبيب ا

ألما غري ؛هـوعليه، فإذا حدث خطأ من الطبيب اجلراح أو املخدر، فال عالقة للمستشفى ب

وال عن أي خطأ يلحق باملريض ضررا، ئتابعني له وال خيضعان إلشرافه، ولكن املستشفى يبقى مس

232.ريضـ عن أعمال التمويكون ناجتا

ويف غري حاالت االستثناء هذه، جيوز كقاعدة عامة للمريض املتضرر الرجوع على املرفق

عمال والطبيب، اللذين يلتزمان معا بالتضامن، طبقا لقواعد مسؤولية املتبوع عن أ) املستشفى العام(

¡113منصور، املسؤولية الطبية، صحممد حسني . بذلك أشار إليه د1935/02/04حيث قضت حمكمة مصر األهلية يف : 228

.(3)هامش.(4)، هامش 114، أشار إليه املرجع عينه، ص1936/06/22: قرار حمكمة النقض املصرية: 229أمحد شرف الدين، . د: ، راجع1614، ص18، جمموعة أحكام النقض، السنة 1967/11/07: قرار حمكمة النقض املصرية: 230

.25-26املدنية يف املستشفيات العامة، ص مشكالت املسؤولية–الطبيب مسؤولية .126عبد املنعم حممد داوود، املسؤولية القانونية للطبيب، ص. د: راجع: 231

232: Margaret Brazier, médecine patients and the law, 1992, p.143.

450 من 69صفحة 69 - أأ ب ب- االلل

69

ليها جمتمعني أو منفردين تابعه، بدفع كامل التعويض للمريض املضرور، الذي حيق له أن يرجع ع

233.بكامل التعويض املقضي به

وطبقا لقضاء احملكمة اإلدارية العليا يف مصر، فإن للمرفق العام أن يرجع على موظفه

املخطأ باسترداد التعويض الذي أداه للمضرور، ويقسم بني املتبوع والتابع بنسبة اشتراك كل منهما

234.يف اخلطأ

؛ا إىل أن دعاوى املسؤولية املرفوعة على طبيب املستشفى العاموقد انتهى القضاء يف فرنس

ويف . خيتص ا القضاء اإلداري، الذي تكون اإلدارة طرفا فيه،بسبب خطئه الطيب أثناء قيامه بعمله

؛ ألن املرفق العام يقوم بتغطية األخطار الصادرة من خطأ الطبيب مرفقيامثل هذه احلالة يسمى

.تابعيه

مر خيتلف بطبيعة احلال إذا كان اخلطأ الذي ارتكبه الطبيب غريبا عن عمله داخل لكن األ

، وهو هنا خيضع للقضاء العادي، وتطبق عليه باخلطأ الشخصياملرفق الصحي، وهو ما يدعى

القواعد العامة للمسؤولية املدنية، وذلك مثل األخطاء اليت يرتكبها أطباء املستشفيات العامة خالل

235.م حلسام الشخصي، أي أثناء قيامهم بالكشف اخلاص حلساماشتغاهل

ونفس الشيء بالنسبة لألطباء الذين يتعاقدون مع شركات ومؤسسات معينة لعالج العاملني فيها،

وال يسأل رب العمل إال إذا ثبت أن هناك 236.فهم يسألون عن أخطائهم طبقا للقواعد العامة

237.مة الصحية وجتهيزهاتقصري من جانبه يف تنظيم اخلد

وجرى القضاء اجلزائري على منوال القضاء الفرنسي يف كثري من أحكامه وقراراته؛ حيث

ح، . بإدانة الطبيب ب07/02/2007قضت حمكمة سعيدة يف حكم هلا بقسم اجلنح بتاريخ

م، اللذين تسببا يف موت طفل حديث العهد بالوالدة، حيث نقل خطأ إىل مصلحة .والقابلـة ب

ساعة أنه على قيد احلياة، فقضت احملكمة يف 14حفظ اجلثث على أنه ميت، مث اكتشف بعد

الدعوى العمومية على كل واحد منهما بثمانية عشر شهرا سجنا موقوفة النفاذ، وعشرة آالف

أن دينار جزائري غرامة نافذة، ويف الدعوى يف ذيلها املدين بإلزام املتهمني املدانني بالتضامن بينهما

يدفعا لذوي حقوق الضحية مبلغ مخسمـائة ألف دينار جزائري تعويضـا عن مجيع األضرار

.26 رجع السابق، ص مأمحد شرف الدين. د: 233.(5)، هامش 118حممد منصور، املرجع السابق، ص. عن د، نقال1979/02/04: احملكمة العليا اإلدارية: 234

235: Civ. 11 juillet. 1962 D.1963. 13.236: T.G.I. Lyon. 28 Nov. 1973 j.c.p 1974. 17652 note Savatier.237: Soc. 8 Dec. 1960 D. Soc. 1961. 314, Paris. 29 Mai. 1961. D. 1961. 497.

450 من 70صفحة 70 - أأ ب ب- االلل

70

وبعد رفع االستئناف من املتهمني، قررت الغرفة اجلزائية لس قضاء سعيدة . املاديـة واملعنويـة

احلكم يف الدعوى اجلزائية تأييد احلكم املستأنف، و يف الدعوى املدنية إلغاء11/12/2007بتاريخ

املستأنف لعدم االختصاص؛ وذلك ألن الطبيب املتهم نسب إليه ارتكاب أخطاء إدارية بصفته

مدير عيادة الوالدة، وأخطاء مهنية بصفته طبيبا، كما أن القابلـة املتهمة نسب إليها اإلمهال وعدم

الدعوى ختضع مراعاة األنظمة الداخلية للعيادة، ومادام أن ذلك مت باملرفق الصحي العام، فإن

.للقضاء اإلداري؛ حيث ميثل املرفق العـام وشركة التأمني من املسؤولية طرفـا يف الدعوى238

عالقة الطبيب بالفريق الطيب والعمل اجلماعي املشترك: اـثالث

تطورت العلوم الطبية وخمتلف وسائلها التقنية تطورا هائال، حبيث مل تعد ممارسة مهنة

، مما جعل اشتراك أكثر من طبيب تهد الفردي للطبيب يف كثري من احلاالالطب قاصرة على اجل

يف إجناز العمل الطيب منشئا لظاهرة الفريق الطيب والطب اجلماعي املشترك، خصوصا يف جمال

239.ا يواكبها من مشكالتـاجلراحة وم

L'équipe "ق الطيبـويفرق الشراح بني الفري médicale" من الذي يشارك فيه أكثر

ركـي املشتـا يسمى بالطب اجلماعـطبيب مؤهل وبنفس التخصص لعالج مريض، وبني م

"la médecine de groupe" حيث يتواجد عدد من األطباء لعالج مريض، إال أن كال منهم ،

خمتص بتقدمي خدمة طبية منفصلة عن اختصاص األطباء اآلخرين املشتركني معه يف نفس العمل،

240.ت مكملة لبعضها يف مراحل ألداء عالج احلالة املرضيةلكن هذه التخصصا

يشترك اجلميع يف حتمل نفس املسؤولية، ويف احلالة الثانية ) الفريق الطيب(ففي احلالة األوىل

يظل كل منهم مسؤوال عن نتائج تدخله وهذا حسب ما ذهب إليه جانب كبري ) الطب اجلماعي(

.من الفقهاء

)ة الطبيب املعاجل والطبيب البديلمسؤولي( الفريق الطيب -1

وجيدر باإلشارة إىل أن الطبيب عندما حييل املريض إىل أخصائي معني، فإن هذا األخصائي

يكون مسؤوال عن نتائج تدخله كاملة دون أدىن مسؤولية على الطبيب احمليل، وال يسأل الطبيب

.11/12/2007: ، تاريخ القرار07/06562: ، رقم الفهرس02614/07: قرار جزائي، رقم امللف:238¡1999حممد سامي الشوا، اخلطأ يف وسط الفريق اجلراحي، حبث مقدم للمؤمتر العلمي األول، جامعة جرش، األردن، : راجع: 239

.1ص¡177-170¡76، ص أمحد حممود سعد، املرجع السابق. ، د90-95حممد حسني منصور، املرجع السابق، ص. د: راجع: 240

.59، املرجع السابق، صهحمسن عبد احلميد البي. د

450 من 71صفحة 71 - أأ ب ب- االلل

71

ن قد اختار طبيبا غري مؤهل للقيام عن األخطاء الصادرة من الطبيب الذي أحله حمله إال إذا كا

بتلك املهمة، وتقوم املسؤولية كذلك إذا تعهد الطبيب مبباشرة احلالة بنفسه، إال أنه عهد ا إىل

241.طبيب آخر دون موافقة املريض

عدم جوار إحضار الطبيب األصيل طبيبا بديال عنه الستكمال إىلذهب اجتاه فقهي

صي الذي تعاقد عليه مع املريض، بيد أن حمكمة النقض الفرنسية العالج، بسبب االعتبار الشخ

الطبيب البديل، إذا مل يقترن طرفقررت مسؤولية الطبيب األصيل، بسبب ضرر مس املريض من

وفسر البعض هذه املوافقة على أا إرادة ضمنية إلنشاء عقد جديد بني الطبيب . مبوافقة من املريض

للمريض أو ورثته بالتايل، فو .فى الطبيب األصيل من أي مسؤوليةالبديل واملريض، وبذلك يع

مبوجب عقد احللول املربم بني الطبيب األصيل والطبيب ؛الرجوع على الطبيب البديل بالتعويض

.البديل

الطبيب األصيل من حقه أن يتوقف عن ن ذهب اجتاه فقهي آخر إىل أ،وعلى النقيض

فر أو الراحة، وأن على املريض أن يعلم ويتوقع مثل هذا ألسباب مرضية أو الس؛عالج املريض

وقت إبرامه العقد مع الطبيب األصيل، وبقبول املريض الطبيب البديل للعالج، يعين أن رابطة

.عقدية جديدة قد نشأت بينهما، مما يثري مسؤولية الطبيب البديل دون سواه

الطبيب البديل عن الضرر الذي فقرر مسؤولية ،وذهب القضاء الفرنسي إىل هذا االجتاه

أصاب املريض بسببه، ما مل يثبت أن الطبيب األصيل أساء يف اختيار الطبيب البديل، أو أن الطبيب

اجلراح مت استبداله بطبيب جراح آخر، دون احلصول على موافقة املريض، ما مل تكن هناك حالة

لطبيب األصيل مسؤوال عن كافة ضرورة تعترض هذا االستبدال، ففي مثل هذه احلاالت يكون ا

242.األضرار النامجة عن تدخل الطبيب البديل

)الطاقم الطيب( الطب اجلماعي املشترك .2

أدى التطور املتزايد يف علم الطب وفنه إىل اللجوء إىل فريق من األطباء املتخصصني، كل

املتخصصني، وخاصة فإذا اقتضت حالة املريض الصحية وجود عدد من األطباء . يف ميدان ختصصه

241 CIV. 25 MAI. 1987, B1, N°170 91حممد حسني منصور، مرجع سابق، ص .نقال عن د :

.115-119أمحد حممود سعد، مرجع سابق، ص. ، 75-77أمحد احلياري، مرجع سابق، ص. د: راجع: 242

450 من 72صفحة 72 - أأ ب ب- االلل

72

يف إجراء العمليات اجلراحية؛ مثل الطبيب اجلراح وطبيب التخدير وطبيب اإلنعاش وطبيب

243.األشعة، للقيام بالعمل املطلوب يف وقت حمدد، لتشكل مراحل متعاقبة على جسم املريض

، أمرهويعد الطبيب اجلراح يف مثل هذه العمليات رئيسا للفريق الطيب، الذي يعمل حتت

.ألحوال ال يعرف املريض سواهافهو الذي يدير وينسق كل نشاطات مساعديه، ويف أغلب

. يربم العقد معه،وبالتايل

ومن املقرر أن الطبيب يسأل عن إجرائه لعملية جراحية دون توافر املساعدة الضرورية، ما

244.مل يكن هناك حالة ضرورة

l'équipe "يفإذا حدث خطأ من أحد أفراد الطاقم الطيب اجلراح chirurgicale" بسب ،

ن ادأاط القائم بني أفراد فريق اجلراحة، وـجته إىل قبول االرتباضررا للمريض، فإن القضاء اجلنائي

يف حالة –نية، فهو يعترب أن احلق يف التعويض ماـ األطباء بصفة تض– يف الدعوى املدنية –

245. يستند إىل املسؤولية التقصريية–اجلرمية

التدخل اجلراحي قد مت بناء ال يكونريية حينما ـ حال فإن املسؤولية تعد تقصيةلى أوع

الذين يعدون هن مساعديمعلى اتفاق بني املريض واجلراح؛ حيث يعترب مسؤوال باعتباره متبوعا

247).246مدة إجراء العملية(تابعني له بصفة عرضية

عقدستوجب التعويض، ومت ذلك بناء على كب خطأ أثناء القيام بالعمل الطيب يأما إذا ارت

– بناء على اجتاه فقهي –وال مسؤولية عقدية ئمربم بني الطبيب واملريض، فإن الطبيب يكون مس

عن أي خطأ، سواء أكان بفعله أم بفعل أحد أفراد الفريق الطيب، أم كان اخلطأ شائعا بني أعضائه؛

وهو الطرف 248ل الفريق الطيب،و الذي شك وذلك ألن الطبيب ه؛عرف من ارتكبهحبيث ال ي

عبد املنعم داوود، املسؤولية . ، د77أمحد احلياري، مرجع سابق، ص. ، ود91ور،ـ مرجع سابق، صحممد منص. د: راجع: 243

.134القانونية للطبيب، صال، فقد أعفى القضاء جفاستعانة الطبيب مبساعدين الستشارم ليس التزاما عاما، بل جوازيا له، يف حاالت الضرورة واالستع: 244

دة، وجرائه عملية والدة بنفسه، دون االستعانة بطبيب خمتص، وذلك يف ظروف صعبة وبإمكانيات حمدالطبيب من املسؤولية نتيجة إ

.92حممد منصور، مرجع سابق، ص. د: راجع. ترتب عليها بعض األضرار لألم، إذ مل يكن للطبيب خيار آخر إلنقاذ حياة األم245: Crim. 26 Dec 1964, GP 1965, 312-22 Juin 1972, 17266 N Savatier

: ما يقع من أخطاء من الطاقم الطيب املساعد قبل وبعد العملية اجلراحيبة، يسأل عنه العيادة أو املستشفى الذي يعملون به: 246

Civ. 31 Mai. 1960, D 1960 571 – 11 Juin, 1963 GP 1963.2.307247: Civ. 15 Nov. 1955 D 1956 113 93، صحممد منصور، مرجع سابق . د: أشار إليه :

العمل أصاب أثناءع خطأ م بالعمل الطيب املطلوب، فإذا وقإذا حصل أن قام املريض باختيار أعضاء الفريق الطيب، وتعاقد معهم للقيا: 248

قع مسؤوليته العقدية يف مواجهة املريض، وإذا مل يكن باإلمكان معرفة من تاملريض بالضرر وأمكن حتديد مرتكبه من بني أعضاء الفريق،

450 من 73صفحة 73 - أأ ب ب- االلل

73

بسبب الشهرة أو التخصص أو اخلربة، وإذا استعان ؛الذي تعاقد معه املريض العتبارات الثقة

الطبيب بالفريق الطيب لتنفيذ التزامه العقدي حنو املريض، وبذلك يسأل عن أخطائه الشخصية،

249. الغري الذي استعان به لتنفيذ التزامهوال عقديا عن فعلئن بوصفه مسيوأخطاء األطباء اآلخر

ها مسؤولية املتبوع عن فعل سويرى اجتاه آخر أن مسؤولية الطبيب هنا تكون تقصريية، أسا

تابعه، وهو ما حيقق سلطة الرقابة والتوجيه واإلشراف على الفريق أثناء العمل الطيب، فإذا حصل

تابعه تكون قد حتققت على أساس خطأ فإن شروط مسؤولية املتبوع عن فعل ،خطأ أثناء ذلك

مفترض يف جانبه، يتمثل يف أنه قصر يف اختيار الفريق الطيب أو يف رقابته، وبالتايل ال يستطيع

الطبيب أن يدفع املسؤولية عن نفسه بنفي اخلطأ املفترض، إال بإثبات السبب األجنيب؛ كأن يثبت

250.و قوة قاهرةأن الضرر يعود خلطأ املريض نفسه أو خطأ الغري أ

وإذا كان الطبيب اجلراح يوصف بأنه متبوع عرضي، فإنه من املقبول، يف الوقت احلاضر،

لسلطة شخص آخر إذا كان ذلك من أجل تنظيم الناحية -مثال–أن خيضع طبيب التخدير

فهل ميكن اعتبار .اإلدارية للعمل، وهذه بصفة خاصة، حالة األطباء الذين يعملون حلساب غريهم

الطبيب تابعا لغريه يف ممارسة عمله الفين؟

د لرابطة بني مؤي251 منذ وقت طويل،هذا ما أثار جدال كبريا يف الفقه والقضاء الفرنسني

، يتمسك باملادة التاسعة من قانون الصحة التبعية لالعتبارات السابقة الذكر، وما بني معترض

ب يف استقالله املهين حتت أي شكل من تصرف الطبي"اليت تقرر عدم إمكانية 252الفرنسي،

".األشكال

.وإن التطور الكبري الذي أحاط بدور أطباء التخدير أثار كثريا من الشك حول هذا الرأي

اد على أحدهم عـرتكب اخلطأ، تكون مسؤولية أعضاء الفريق الطيب مسؤولية عقدية فردية، وتكون تضامنية، أي إن املريض إذا ا

. بالتعويض، وقام بدفعه فإنه يستطيع أن يرجع على باقي زمالئه من أعضاء الفريق مبقدار نصيب كل واحد يف التعويض الذي دفعه

.359، طالل عجاج، ص13ولية عن خطأ الفريق الطيب، صموسى أبو ملوح، املسؤ. د: راجع-357 ، طالل عجاج، مرجع سابق، ص4، ص مرجع سابقموسى أبو ملوح. ، ود85حمسن البيه، مرجع سابق، ص. د: راجع: 249

358..3-4موسى أبو ملوح، املرجع السابق، ص. د: راجع: 250

251: Grenoble, 29 Oct 1901, D. 1904, 2, 300, Trib.Béthune, 7 Fév 1936, D.H, 1936, 435.يف فرنسا، تشترط شركات التأمني لقبول التأمني من مسؤولية اجلراحني أن يوجد معهم طبيب ختدير، كما ظهرت عقود خاصة : 252

.ةبأطباء التخدير، إضافة إىل اجتهاد القضاء ملعاقبة عدم التزام اجلراح باللجوء إىل طبيب ختدير عند إجراء العملية اجلراحي

450 من 74صفحة 74 - أأ ب ب- االلل

74

إذ بينمها كان الطبيب اجلراح هو صاحب السيطرة الكاملة يف غرفة العمليات اجلراحية، وكان

أعضاء الفريق، يتمثل دوره يف ضمان عدم تأمل طبيب التخدير جمرد عنصر خاضع مع غريه من بقية

العملية اجلراحية، أصبح اليوم طبيب التخدير واإلنعاش حيتل مكانة مرموقة، أثناء املريض، وثباته

بسبب اختصاصه يف هذا الفن؛ حيث امتد اختصاصه ليشمل تنظيم تنفس املريض، ودورته الدموية

ية من األزمات اجلراحية، وهذا إضافة إىل الفحوص أثناء اجلراحة، وبذلك فإنه يساهم يف الوقا

.اقة املريضـاحليوية والفنية الدقيقة اليت جيريها قبل العملية اجلراحية، وحتمله عبء إف

وهذا ما يربز أن دور طبيب التخدير على درجة كبرية من األمهية، وقد صدرت يف فرنسا بعض

واإلنعاش، بطريقة ميكن اجلزم معها، أن مكانة القوانني اخلاصة اليت تنظم عمل أطباء التخدير

.طبيب التخدير واإلنعاش اآلن ال تقل أمهية عن مكانة الطبيب اجلراح

ولقد كان هلذا التطور تأثريه على بعض أحكام القضاء الفرنسي، حيث قررت عدم

253.مسؤولية اجلراح عن أخطاء طبيب التخدير

بناء على فعله ،الطيب؛ من حتميل عضو املسؤوليةوإضافة إىل ما سبق، بالنسبة خلطأ الفريق

باعتباره مسئوال عن فعل أعضاء الفريق، ففي فرض آخر، ميكن أن يلجأ القضاء إىل ؛الشخصي

ة أن يلجأ إىل فكر– خاصة يف القانون الفرنسي –فكرة املسؤولية التضامنية، وإن كان الغالب

ومع ذلك، فيجب .ب اجتماع املسؤوليات، فالطب احلديث يرتدي ثو254يةاملسؤولية التضامم

االعتراف أن الفرض األخري ليس أكثر من جمرد أمنية ملا ينبغي أن يكون؛ ألن أحكام القضاء ما

أطباء من خالل تدخل جراحي، باط الذي قام بني عدةتزالت خملصة للقواعد التقليدية، فرغم االر

255. مل تقرر سوى مسؤولية طبيب واحد

للفريق الطيب، " Defacto"مبسؤولية اجلراح وحده رغم الوجود الواقعي مكما كانت حتك

، أو ألن اجلراح وحده هو الذي تعاقد مع "Dejuro"ولكن ألن هذا األخري ليس له وجود قانوين

256.املريض، أو ألنه كانت له سلطة أكرب من طبيب التخدير خالل العملية اجلراحية

.70-72حمسن البيه، مرجع سابق، ص. د: 253املسؤولية التضامنية تعين اشتراك أعضاء الفريق لتحمل عبء التعويض الذي يدفع للمريض، أي هي مسؤولية واحدة مشتركة، أما : 254

بينما يف الواقع ال يوجد إال ية، فهي تقرر تعدد املسؤولني يف حتمل عبء التعويض جتاه املضرور، أي تعدد املسؤوليات، املسؤولية التضامم

.94-95حمسن البيه، مرجع سابق، ص. د: راجع. ية ال تتفق مع احلقيقةالتزام واحد، وهذا ما دفع البعض إىل القول إن املسؤولية التضامم255: Montpellier 5 Mai 1971, G.P. 1971, 2, p.53, AIX 26 Nov 1969, la presse médicale 17 Janv 1970,p.134.

.94 البيه، خطأ الطبيب املوجب للمسؤولية املدنية، صسنحم. د: 256

450 من 75صفحة 75 - أأ ب ب- االلل

75

ن مسؤولية أعضاء الفريق الطيب تكون مسؤولية ذهب اجتاه فقهي إىل القول بأيف حني

مجاعية عندما يكون مرتكب اخلطأ الذي سبب الضرر جمهوال، أو غري حمدد؛ ألن من شأن ذلك

إاء مشكلة حتديد دور خطأ كل عضو من أعضاء اموعة بالنسبة ملا وقع من ضرر، وتاليف

ألعضاء الفريق الطيب؛ ألن ذلك قد يؤدي إىل عدم النتائج اليت تترتب على القول باملسؤولية الفردية

حتقق مسؤولية كل عضو من أعضاء الفريق؛ ألنه يف كثري من األحوال ال يفواملضرور يف إثبات ق

، بدل إعفائهم من نسب الواقعة الضارة إىل جمموع الفريق أن تاألوىل ف، وبالتايل.اخلطأ الفردي

.املسئولية

مثل اجلراح وطبيب التخدير يف ؛سبب عدة أطباء من خالل فريقوهكذا احلال عندما يت

وبناء . وفاة املريض، فقد يستحيل كشف نصيب كل واحد منهم يف اخلطأ الذي أفضى إىل الوفاة

على ذلك، وعلى منوال ما تقرر بالنسبة حلوادث الصيد عندما يصيب طلق ناري شخصا على أثر

سأل ول، يئصياد يف اجتاه الضحية، ويستحيل حتديد املسإطالق ناري مجاعي ومتزامن ألكثر من

سأل هنا أيضا الفريق الطيب، ويف هذا حل ملشكلة إثبات رابطة يوقياسا عليه، فريق الصيد كله،

257.السببية، وانعقاد املسؤولية

la"صـار إضفـاء الشخصيـة علـى الفريـق ويذهب أن personnalisation

de l’équipe médicale" إىل تكييف الفريق بأنه شخصية حكمية، على اعتبار أن عناصرها قد

تتمثل يف القيام بالعمل الطيب، ،ن لتحقيق مصلحة اجتماعيةحتققت يف الفريق الطيب؛ حيث كو

قدر من التنظيم يف العمل يضمن استقراره واستمراره كفريق، إضافة إىل أن هدفه وجود و

ويستندون عدم وجود نص قانوين،) لشخصية احلكميةاأي (ذا الوصف مشروع، وال يؤثر يف ه

258.القضاء الفرنسي اجتهادإىل يف ذلك

وإضفاء الشخصية على الفريق الطيب، ال مينع من مسؤولية األعضاء يف ذممهم املالية اخلاصة

ىل زيادة فضي إيفيما يحكم به من تعويض للمضرور، كما أن اللجوء إىل الصفة اجلماعية للفريق

259.ولني، وتوفري ضمانة قوية لتعويض املريض أو ذويهئعدد املس

.359-360، وطالل عجاج، ص96-97حمسن البيه، املرجع نفسه، ص. د: 257.17، ص(21)، وقد أشار إىل قرار حمكمة النقض الفرنسية يف اهلامش 10موسى أبو ملوح، مرجع سابق، ص. د: راجع: 258.10-11موسى أبو ملوح، مرجع سابق، ص. ، ود99ق، صحمسن البيه، مرجع ساب. د: راجع: 259

450 من 76صفحة 76 - أأ ب ب- االلل

76

كان يأخذ مببدأ استقالل املسؤوليات يف - سبقما في-رنا إىل أن القضاء الفرنسيشوقد أ

وسط الفريق اجلراحي، على أساس االستقالل الفين املهين ألخصائي التخدير مثال عن اجلراح،

. اجلراح واملريضوعلى أساس وجود عقد ما بني

ول عن ئ تتمثل أساسا يف حتديد شخصية املس،نه إذا كان هلذا املبدأ بعض احملاسنأوالشك

الضرر ضمن الفريق الطيب، إال أن له مساوئه اليت تنعكس سلبا على املريض وتعرض سالمته

إىل دائرة للخطر، حيث سيتجه كل أخصائي إىل االهتمام املطلق باملهام واألعمال اليت تنتمي

ختصصه، وهذا يتناقض مع فكرة الفريق الطيب عندما يكون هناك منطقة اختصاص مشتركة يف

وقد أخذ القضاء الفرنسي بفكرة االختصاص .العمل، حبيث يقع عبء القيام ا على اجلميع

261.262واملسؤولية املشتركة ألعضاء الفريق260املشترك،

ةـريـة التقصيــاملسؤولي: املطلب الثاين

وفيما يلي بيان ماهية املسئولية التقصريية ومقوماا ونطاقها وما يتعلق ا من مسئولية التابع

.عن أعمال تابعه يف اال الطيب

وم املسؤولية التقصرييةــمفه: الفرع األول

تعرف املسؤولية املدنية التقصريية على أا اجلزاء املترتب على الطبيب نتيجة إخالله بالتزام

نوين، وهو التزام يفرض عدم اإلضرار باآلخرين، ويعرب عنه باخلطأ غري املشروع، ومعياره احنرافقا

سلوكه وتصرفاته عن جانب احليطة واحلذر والتبصر، وعن بذل العناية الالزمة يف املرء

263. من مثله يف ختصصه وظروف حاله وإمكانياته؛العادي للرجل

ون عن قصد أو غري قصد، ويقصد بالقانون معناه فالفعل التقصريي هو ما خالف القان

إخل، وهذا املبدأ العام ينطبق على كل نص ... الواسع الذي يتضمن القوانني واللوائح والقرارات

، اـذي طبيعة آمرة، سواء تعلق بعقاب مدين كالبطالن، أو باجتهاد قضائي أعطى قيمة لتصرف م

.ة واملهنيةأو حىت ما تعلق باألعراف والتقاليد النظامي

."SARAZIN"الروائية كاتبة ، يف قضية ال1972/06/27فرنسية الصادر عن الدائرة اجلنائية يف لوذلك يف حكم حمكمة النقض ا: 260,D.1999,s¡1997/10/28: قرار حمكمة النقض الفرنسية: 261 p.383.. د ،32-33حممد سامي الشوا، اخلطأ الطيب وسط الفريق اجلراحي، ص. ، د362-365طالل عجاج، مرجع سابق، ص: راجع: 262

.128-129أمحد حممود سعد، مرجع سابق، ص .اآلتـيل ـادي بشكل مفصل يف املطلب الرابع من املبحث األول من الفصـة الالزمة للرجل العـسيأيت شرح العناي: 263

450 من 77صفحة 77 - أأ ب ب- االلل

77

واملسؤولية التقصريية تستلزم وجود ضحية ومسؤول عن الضرر الذي أصاا، وهذا الضرر

.ليس ناجتا عن إخالل بالتزام تعاقدي على اإلطالق

ما أن املسؤولية التقصريية تقوم كلما سقط شرط من شروط املسؤولية العقدية اليت مت ك

.اذكره

فر فيه ا ومل تتو،الفعل غري املشروع الذي يصيب الغري بضرر ذلك ،فاخلطأ التقصريي هو باختصار

.أركان اجلرمية اجلنائية

لتأثر ؛ومل حيدث أن اختلف الفقهاء حول مفهوم قانوين مثل ما اختلفوا حول مفهوم اخلطأ

رف تطورات كبرية ع وعليـه، فقد.اخل ...سفية واجتماعيةات دينية وفلرتعهذه الكلمة ب

264.جدا

القانون الفرنسي القدمي، والفضل يف ة املسؤولية عن كل خطأ مل يظهر إال يفوتقرير قاعد

لة من تسبب يف وقوعه، ئإن كل ضرر يوجب مسا: قالوا ذلك يعود إىل رجال الكنيسة الذين

من هذا القول –أو قانون نابليون كما يطلق عليه أحيانا - وقد استلهم القانون الفرنسي اجلديد

.لمسؤولية التقصريية، وميزها عن املسؤولية اجلزائيةلة القاعدة العام

: ف، حبيث تشمل مجيع أنواع الفعل الضار بقوله. م1382وقررت هذه القاعدة يف املادة

وسبب ضررا للغري بفعله اخلاطئ، يلزم فاعله بالتعويض عن ، صدر عن شخص،كل فعل أيا كان"

. من قبلDomatي مما نادى ا دوما وقد استنبطها املشرع الفرنس265،"هذا الضرر

266ق بني اجلنح وأشباه اجلنح، حني فرPothierف مما نادى به بوتيه . م1383كما استنبط املادة

ول ليس فقط عن الضرر الذي حيدثه بفعله، ولكنه ئإن اإلنسان مس":حيث نصت على ما يلي

ولقد عاجل املسؤولية املدنية 267".مسؤول أيضا عن الضرر الذي حيدثه بسبب إمهاله وعدم تبصره

. يف وقت مل تكن احلاجة تدعو إىل أكثر من ذلك،التقصريية يف مخس مواد

مث شهد الفقه والقضاء الفرنسي تطورا كبريا، نتيجة التطورات اليت تلت الثورة الصناعية،

résponsabilite"فتوسعا يف املسؤولية املفترضة presumée"الضارة حىت كادت تشمل األفعال

.إن شاء اهللا وما يليها 143ص فصل األول من الباب الثاين هلذه األطروحة سيأيت شرح ذلك مفصال يف املبحث األول من ال:264265 : Tout fait quelconque de l’homme qui cause a autrui un dommage oblige celui par la faute du quelil est arrivé à le réparer.

leاجلنحة املدنية :266 délit civilنحة تعين اخلطأ العمد، وشبه اجلle quasi délit civilتعين اخلطأ غري املتعمد .267 : Chacun est responsable du dommage qu’il a causé non seulement par son fait, mais encore par sanégligence ou son imprudence.

450 من 78صفحة 78 - أأ ب ب- االلل

78

ولية التقصريية بني قائل باخلطأ املفترض وقائل بتحمل ئ، واختلف الفقهاء يف أساس املسبرمتها

268.ةـالتبع

العيوب اليت شابت التقنني القدمي، فعرض م1949ولقد عاجل القانون املدين املصري لعام

:أحكام املسؤولية التقصريية يف ثالثة أقسام

وجعل قوامها اخلطأ (163-172)ولية عن العمل الشخصي يف املواد املسؤ: تناول يف القسم األول

.الواجب اإلثبات

.(173-175)ر يف املواد ـاملسؤولية عن عمل الغي: وتناول يف القسم الثاين

.(176-178)اء يف املواد ـاملسؤولية عن األشي: وتناول يف القسم الثالث

بيد أا ال ختتلف ،صياغة دقيقة حديثةوقد صاغ املشرع املصري نصوص املسؤولية املدنية

كثريا عن األحكام املعمول ا يف فرنسا، لكنه مل يكتف باالقتباس من القانون املدين الفرنسي

فحسب، بل جلأ إىل تشريعات أخرى وأخذ منها ما يناسبه مراعيا يف ذلك البيئة املصرية وأحكام

.القضاء املصري

؛التبعة بشكل صريح، واكتفى يف ذلك ببعض التشريعات اخلاصةكما أنه مل يأخذ بنظرية حتمل

. املتعلق بإصابات العمل1936 لعام 64 امللغي لقانون رقم 1950 لعام 89مثل القانون رقم

ة ـإىل ثالث وفق التقسيم التقليدي ة ـوقسم القانون املدين اجلزائري املسؤولية التقصريي

:قسـامأ

، وقد نص يف 133 إىل 124سؤولية عن العمل الشخصي يف املواد تناول فيه امل : األولقسمال

. على املسؤولية التقصريية وجعل قوامها اخلطأ الواجب اإلثبات124املادة

.137 إىل 134ر، حيث نص عليها باملواد ـتناول فيه املسؤولية عن عمل الغي : الثاينالقسم

.269 مكرر140 إىل 138اء باملواد ـألشيتناول فيه املسؤولية الناشئة عن ا : الثالثقسمال

اخلطأ مفترضا افتراضا يقبل إثبات العكس، وذلك يف حالة مسؤولية 134وقد جعلت املادة

.ةـمتويل الرقاب

.اب الثاين هلذه األطروحةمفصال يف املبحث األول من الفصل األول من الب - إن شاء اهللا-كما سيأيت بيانه:268.2005 يونيو 20 املؤرخ يف 05-10وذلك مبقتضى القانون املتمم رقم :269

450 من 79صفحة 79 - أأ ب ب- االلل

79

ع عن أعمال تابعه مفترض تبوأ يف مسؤولية املـ النص على أن اخلط136وورد يف املادة

إثبات السبب األجنيب، وهنا نالحظ أن بىت دحض ح يال يقبل إثبات العكس، بل والا ـافتراض

.ة يف اخلطأـيتقليدد أنواع املسؤولية قسوة، وهي مبنية على النظرية الـهذه املسؤولية هي أش

ملتبوع حق الرجوع على تابعه يف حالة ارتكابه خطئا ا تعطي 137وإن كانت املادة

270.جسيما

اسة األشياء غري احلية، مث املسؤولية عن املسؤولية عن حر139 واملادة 138وتناولت املادة

دحض إال الذي ال ي، وأقامتهما على أساس اخلطأ املفترض،حراسة األشياء احلية على التوايل

.بإثبات السبب األجنيب

:ةـ على نوعني من املسؤولي140ادة ـكما اشتملت امل

األوىل من هذه املادة، وأقيمت هو املسؤولية عن احلريق، حيث نص عليها يف الفقرة: النوع األول

.املسؤولية يف هذه احلالة على أساس اخلطأ واجب اإلثبات

اء، حيث إن ـتعلق باملسؤولية الناشئة عن الضرر الذي حيدث بسبب دم البني :أما النوع الثاين

اخلطأ يف هذه املسؤولية مفترض، ولكنه افتراض قابل إلثبات العكس يف أحد شطريه، وغري قابل

271.إلثبات العكس يف شطره اآلخر

على مسؤولية املنتج عما أصاب املستهلك من ضرر بسبب عيب يف 140ادة ـونصت امل

272.منتوجه، ولو مل تربطه به عالقة تعاقدية

إذا انعدم املسؤول عن الضرر اجلسماين ومل تكن": على أنه1 مكرر140ادة ـونصت امل

273."ض عن هذا الضررـوية بالتعـ فيه، تتكفل الدول للمتضرر يد

.م 2005يونيو 20املؤرخ يف 10-05رقم مبقتضى القانون املتمم للقانون املدين: :270 كان اداما جزئيا، ما مل يثبت أن مالك البناء مسؤول عما حيدثه ادام البناء من ضرر ولو«: الفقرة الثانية140تنص املادة :271

وجيوز ملن كان مهددا بضرر من البناء أن يطالب املالك . احلادث ال يرجع سببه إىل إمهال يف الصيانة، أو قدم يف البناء، أو عيب فيه

من احملكمة يف اختاذ هذه التدابري باختاذ ما يلزم من التدابري الضرورية للوقاية من اخلطر، فإن مل يقم املالك بذلك، جاز احلصول على إذن

.»على حسابه . السابق الذكر05-10رقم املتمم وذلك مبقتضى القانون: 272 .املصـدر نفسـه: 273

450 من 80صفحة 80 - أأ ب ب- االلل

80

ةـاق املسؤولية التقصرييـنط: يـرع الثانـالف

حدود املسؤولية التقصريية واضحة، كما هي يف املسؤولية العقدية ، وهي بشكل عام تتميز

نسلطها قبل وقوع الضرر، وفيما يلي ئانتفاعقدية بعدم وجود رابطة عقدية أوسؤولية الاملعن

.سؤولية التقصرييةالضوء على حاالت قيام امل

حالة بطالن العقد الطيب: أوال

والفسخ ، القابلية للبطالن،نقصد بالبطالن معناه الواسع الذي يشمل البطالن املطلق

إذا بطل العقد الطيب ألي سبب من األسباب اليت يقررها القانون، فإن األصل ،وعليه. واالحنالل

ن بطالن العقد من الناحية القانونية كالعدم؛ فإذا بطل أن تقوم املسؤولية التقصريية؛ وتعليل ذلك أ

.األصل وهو العقد صري إىل البدل، وهو االلتزامات اليت يفرضها القانون

ميكن أن يناط عدم تنفيذ العقد باملسؤولية العقدية، سواء ،احلاالتمثل هذه بعض لكن، يف

La"أكان ذلك يف مرحلة ما قبل العقد période précontractuelle" أو ما بعده ،"La période

postcontractuelle".

فإنه من حيث املبدأ ال يوجد احنالل تعاقدي إذا صدر ،ملرحلة ما قبـل العقدفبالنسبة

وإن املتضرر يف هذه احلالة ليس 274ضرر ما يف مرحلة ما قبل العقد؛ ألن العقد مل يوجد بعد،

.ولية التقصرييةأمامه إال اللجوء إىل قواعد وأحكام املسؤ

جتاه الزبون "L’information"ولذلك فإن عدم قيام املهين كالطبيب مثال بواجب اإلعالم

يأ( هذا الفعل لىه لذلك بطريقة غري سليمة، يرتب عئـالبسيط حول جوهر العقد الطيب، أو أدا

.ةـالسابق على تكوين العقد املسؤولية التقصريي) "L’omission"عدم القيام بالفعل

ا ـالم يؤثر على الرضـالل بواجب اإلعـوهذا القول يصح إذا نظرنا إىل أن اإلخ

"consentementLe"؛ الذي يعد أحد أركان العقد، ويؤدي إىل بطالنه.

أما إذا نظرنا إىل أن اإلخالل بواجب اإلعالم يؤثر على تنفيذ العقد، اعترب ذلك تطبيقا

سؤوليةمخالل، وإنه ملن املنطقي أن نربط بني العقد وبني للمسؤولية العقدية منذ حدوث هذا اإل

l’inexécution"األخطاء اليت ميكن أن تنتج يف املرحلة التمهيدية اليت تشكل عدم تنفيذ حكمي

virtuelle".275

274: Com. 28 juin 1988, j.c.p 88, 1i, 319.275: Com. 09 juill 1975, D. 76, 417.

450 من 81صفحة 81 - أأ ب ب- االلل

81

، حينما ال يوجد العقد، وذلك بإنتاجه ملرحلة ما بعـد العقدوكذلك الشأن بالنسبة

أو االنتهاء، فإن املسؤولية اليت ميكن أن تنشأ فيما بعد بني املتعاقدين إما عرب االحنالل ،آلثاره

276.ةيـ تقصري ال ميكن أن تكون إال،السابقني

كل إخالل فإن ما إذا قصد هؤالء تنظيم مرحلة ما بعد العقد، ،ويستثىن من ذلك

277.بالتزامات متفق عليها يعطي اال لألضرار واملصاحل التعاقدية

، بإجراء جتارب طبية على اإلنسان دف غري الشفاء؛ ملخالفة القانون؛الن العقدوميثل لبط

وبقصد البحث العلمي، فمثل هذا العمل غري مشروع حىت لو حتصل الطبيب على رضا املريض،

278.وهنا تثور أحكام املسؤولية التقصريية

حالة امتناع الطبيب وحاالت االستعجال: ثانيا

يف قبوله عالج املريض من عدمه، وفقا للقواعد العامة الواردة يف األصل أن الطبيب حر

ة دعت الفقهاء إىل إقرار مسؤولية الطبيب الذي ـنظرية االلتزام، إال أن ظهور فكرة املصلحة العام

ن هدف إذا كاوذلك ال يتحمل معها تأجيل العالج، ؛ميتنع عن تلبية الدعوى لعالج مريض

وهذا املوقف يستنتج من . عده البعض تعسفا يف استعمال حقهريض، حيث الطبيب اإلساءة إىل امل

عن العقدية تنتفي مسؤوليته، طارئ ظرففإذا منع الطبيب. الظروف اخلاصة بالطبيب واملريض

تقوم مسؤوليته املدنية على أساس املسؤولية ، بالعالج الفوري، وإذا انتفى هذا السببالتدخل

كان تدخله حيث دون عذر قانوين، ، يف منطقة نائية، مريضلطبيب زيارةفض اإن رف.التقصريية

279.وقعه حتت طائلة املسؤولية التقصرييةي ، إلنقاذ حياة املريض؛الفوري ضروريا

الطبيب العامل يف مرفق عام: اـثالث

ال ميكن القول ه للمواطنني، فإنه اتمدإذا نظرنا إىل الظروف اليت يقدم فيها املرفق العام خ

بأن املريض اختار الطبيب لعالجه، حىت ينعقد عقد بينهما، فالطبيب يشكل مركزا تنظيميا داخل

. العــاماملرفق الصحي

املهين لصاحب املصنع الثاين لينافسه منافسة غري السرل يفشي بالعامل الذي انتهى عقد عمله مع صاحب املصنع األول، ه لهميثل: 276

. رتب حينئذ املسؤولية العقديةفيـ ئه إال إذا اتفق يف العقد السابق على عدم إفشا،؟ واجلواب كما سلف أن املسؤولية تقصريية قانونية

Philipe :راجع le tourneau, loic cadiet, droit de la responsabilité, p.84277: Ibid, p.74-85

.108زروقي الرشدان، الطب يف األردن، خربة ورأي، ص. د: راجع: 278شقفة، املسؤولية رحممد فه. ، د198-199حممد منصور، املرجع السابق، ص. ، د82أمحد احلياري، املرجع السابق، ص. د: راجع: 279

.78، ص1986، السنة السادسة، 34، عدد الل محزة، جملة الرائد العريبجحممود . ، د36املدنية التقصريية، ص

450 من 82صفحة 82 - أأ ب ب- االلل

82

بأنه ال توجد عالقة عقدية يف املرفق الصحي العام ؛ذهب غالبية الفقه الفرنسي إىل القول

، وأن املريض ينتفع باخلدمات اليت يقدمها أو بني املريض وإدارة املستشفى،بني الطبيب واملريض

فال ميكن إقامة ، وعليه.هذا املستشفى الذي يديره املرفق العام، وفقا للقانون واللوائح التنظيمية

.ة على األخطاء الطبية اليت متت داخل مؤسسااـمسؤولية املرفق الصحي العام العقدي

ميكن القول يف هذه احلالة بأن املريض وذهب القضاء العريب وخصوصا يف مصر إىل أنه ال

قد اختار طبيبه، كما ال ميكن القول بوجود اشتراط ملصلحة املريض بني إدارة املستشفى العام وبني

أطبائها؛ ألن عالقة الطبيب املوظف باجلهة اإلدارية اليت يتبعها عالقة تنظيمية وليست تعاقدية،

280.رة املسؤولية التعاقديةـ الطاعن يف دائ لبحث مسؤوليةوبذلك ال يكون هناك حمل

واستقر القضاء اإلداري يف اجلزائر على تكييف األخطاء الصادرة يف املستشفيات العامة بناء

281.على املسؤولية التقصريية

282.ةـة يف هذه احلالـوبناء على ما سبق، فإن مسؤولية الطبيب تكون تقصريي

اجلنائياقتران اخلطأ املدين باخلطأ: اـرابع

وهنا يرى البعض . وذلك يف حالة خمالفة الطبيب اللتزامه؛ حبيث تأخذ خمالفته طابعا جنائيا

رغم وجود عقد بينه وبني حمدث ،أن للمضرور أن يلجأ إىل قواعد املسؤولية التقصريية

يف -الضرر، إذا كان الفعل الضار يشكل جرمية جنائية، حيث يصبح من حق املضرور أن خيتار

بني البقاء يف نطاق املسؤولية العقدية، أو االنتقال منها إىل املسؤولية -رفعه للدعوى املدنية

283.التقصريية

ا حتت لواء التجرمي، فإن سبب يوهناك من يرى أنه عندما يصبح فعل الطبيب منطو

دعوى املسؤولية الطبية هو الفعل املكون للجرمية، ومن مث فالقضاء اجلنائي يكون خمتصا بال

284.املدنية

عديل خليل، املوسوعة القانونية يف املهن : ، أشار إليه1969/07/03 املؤرخ يف 417قرار حمكمة النقض املصرية، الطعن رقم : راجع: 280

.148الطبية، ص.28أمحد احليارى، مرجع سابق، ص .د:راجع: 281أمحد شرف الدين، مسؤولية .، د76-74، املسؤولية املدنية للطبيب، ص ، طالل عجاج83-84أمحد احلياري، ص. د: راجع: 282

.20مشكالت املسؤولية املدنية يف املستشفيات العامة، ص -الطبيب.67سهري املنتصر، املسؤولية عن التجارب الطبية لألطباء، ص. د: انظر: 283.197 منصور، املرجع السابق، ص حسنيحممد. د: راجع: 284

450 من 83صفحة 83 - أأ ب ب- االلل

83

موت يف إمهاهلا اجلسيم ب ت مبناسبة املمرضة اليت تسبب؛طبق القضاء الفرنسي املبدأ املذكور

مما ترتب على ذلك وفاة املريض، ؛الوليد، ومبناسبة نسيان اجلراح ألداة من أدوات اجلراحة باجلرح

285.ففي مثل هذه الصور يكون الطبيب مسؤوال جنائيا أصالة ومدنيا تبعا

املسؤولية العقدية من قضت حمكمة النقض املصرية أن املشرع خص كال،ويف هذا الصدد

واملسؤولية التقصريية بأحكام تستقل ا عن األخرى، وجعل كال من املسؤوليتني يف نطاق

وأنه ال جيوز إذا توفرت املسؤولية العقدية األخذ بأحكام املسؤولية التقصريية اليت يرتبط ... حمدد

ملضرور فيها بعالقة عقدية سابقة، ملا يترتب على األخذ بأحكام املسؤولية التقصريية يف مقام ا

أن ، ضد أحد الطرفني املتعاقدين، لنصوص العقد، وذلك ما مل يثبتالعالقة العقدية من إهدار

طأ يكون جرمية جنائية أو يعد غشا أو خ،الفعل الذي ارتكبه وأدى إىل اإلضرار بالطرف اآلخر

286.287 بالتزام قانوين مما تتحقق معه املسؤولية التقصريية، تأسيسا على أنه أخل؛جسيما

إصابة غري املريض بضرر: اـخامس

هنالك حاالت تقوم فيها مسؤولية الطبيب التقصريية نتيجة أخطاء ترتكب أثناء خضوع

إحلاق الضرر بغري املريض للمراقبة أو العالج حتت إشراف الطبيب أو املستشفى فتؤدي إىل

اة شخص خمتل عقليا، فيصيب الغري بضرر، أو بانتقال ـال هؤالء يف مراعـوذلك كإمه .املريض

288.عدوى مريض إىل آخر بسبب استعمال الطبيب لنفس اآللة للعالج مثال

ويبدو هذا الفرض جليا يف احلاالت اليت يسلم فيها الطبيب للمريض شهادة طبية غري

Certificat"يقة مطابقة للحق erroné" اون، فإن فسواء أكان حترير تلك الشهادة عن قصد أو ،

وذلك ؛ الذي أصابه ضرر بسبب تلك الشهادة،املسؤولية التقصريية للطبيب تقوم يف مواجهة الغري

ا يف مواجهة جهات العمل ـ لالحتجاج ؛رير شهادة مرضية غري مطابقة للواقع للعمالـمثل حت

289.لتأمني االجتماعيهيئات ا أو

285: Crim. 12 Dec 1946.1947, Aix, 12 Jan. 1954 D. 1954. 338.سهري املنتصر، مرجع . ، أشارت إليه د762، ص19، جمموعة األحكام س 1968/04/26قرار حمكمة النقض املصرية، بتاريخ : 286

.(1)، هامش 68-69سابق، ص.80-81طالل عجاج، املسؤولية املدنية للطبيب، ص: راجع: 287

288: Civ. 25 Mai 1971, j.c.p. 1971. 16859.، طالل عجاج، 86، أمحد احلياري، املسؤولية املدنية للطبيب، ص198حممد حسني منصور، املسؤولية الطبية، ص. د: راجع: 289

.80املسؤولية املدنية للطبيب، ص

450 من 84صفحة 84 - أأ ب ب- االلل

84

اخلدمات الطبية اانية: اـسادس

إىل نفي الطبيعة العقدية عن اخلدمات اانية على يف الفقه الفرنسيذهب الرأي الراجح

ية مل يكن قصده أن يرتب أساس أن العقد يقتضي من طرفيه االلتزام به، فالواعد باخلدمة اان

ذه النية، فمثل هذه االلتزامات مصدرها اللياقة واللباقة، وال يف ذمته، واملوعود له يعلمالتزامات

ينتج عن هذه االلتزامات سوى املسؤولية ، ال وبالتايل.يتحمل املدين بشأا إال واجبات أدبية

290.التقصريية

إن من يبذل عناية جمانا ال يقصد أن يتعهد : 291"هنري وليون مازو"ويف هذا املعىن يقول

292. وبناء عليه، تكون مسؤوليته تقصريية.له يف ذلك حال الناقل بغري أجراحبأي التزام،

إال أن هناك آراء فقهية ذهبت إىل اعتبار مسؤولية الطبيب تعاقدية، سواء أكانت املعاجلة

كأن تكون مقدمة على سبيل التربع بدافع الزمالة أو الصداقة أو القرابة، ؛الطبية بأجر أم بغري أجر

كما هو احلال يف العالج الذي ،لة التعاقدية عن الضرر احلاصلئى الطبيب من املساحبيث ال يعف

293.يباشره مقابل أتعاب

برأي الفقه الفرنسي، حيث قضت حمكمة – منذ عهد قدمي –ومل يأخذ القضاء الفرنسي

نبأن التقليد الذي جرى عليه األطباء يف عدم تقاضي أجر من زمالئهم ميكن أ"النقض الفرنسية

يين على التبادل، ومن مث فالعقد احلاصل بني الطبيبني ال فسر على أنه إبراء اختياري من دين ب

294."يكون من قبيل التربع

ملعرفة ما إذا ؛وهناك رأي حديث يف الفقه املصري، ينادي بوجوب الرجوع إىل املالبسات

أم كان قصد ،ق الطبيبتهما إىل إنشاء التزام على عاتيكان املريض والطبيب قد انصرفت ن

ااملة فحسب، حبيث إذا تبني وجود عقد يف حالة العالج جمانا، القيام بالعالج على سبيل الطبيب

295. يف حالة ارتكاب خطأ يف جانبه، طبقا ألحكام املسؤولية العقدية؛والئفإن الطبيب يكون مس

.1387عز الدين الديناصوري وعبد احلميد الشواريب، املسؤولية املدنية يف ضوء الفقه والقانون، ص: راجع: 290 . خمتصون يف القانون اخلاصفقهاء فرنسيون :291.66حسن األبراشي، مسؤولية األطباء واجلراحني املدنية، ص. د: راجع: 292¡1993، ومنذر الفضل، املسؤولية الطبية، حبث مقدم جلامعة عمان األهلية باألردن، 77ابق، صمرجع سطالل عجاج، : انظر: 293

.8ص.67ن األبراشي، مرجع سابق، صحس. أشار إليه د1938/01/18قرار : 294، طالل عجاج، مرجع سابق، 66، حسن األبراشي، مرجع سابق، ص56وفاء حلمي أبو مجيل، اخلطأ الطيب، ص. د: راجع: 295

.87، أمحد حياري، مرجع سابق، ص78ص

450 من 85صفحة 85 - أأ ب ب- االلل

85

)القة التبعيةع(مسؤولية الطبيب التقصريية عن فعل الغري : لـثرع الثاـالف

مما الشك فيه أن روح التشريع الذي ينظم أحكام املسؤولية التقصريية بشكل عام، تتجه

. ألنه غالبا هو الطرف الضعيف؛دائما إىل محاية املضرور

:يف النقاط التالية نعاجل هذا املوضوع ،وبناء عليه

النص القانوين: أوال

تناوله يف1384 يف املادة 296 أثر القانون املدين الفرنسي136ة اقتفى القانون املدين اجلزائري يف املاد

وال عن الضرر الذي حيدثه تابعه بفعله الضار ئع مسويكون املتب": هلذا املوضوع حيث عرفه بقوله

وتتحقق عالقة التبعية ولو مل يكن .مىت كان واقعا منه يف حالة تأدية وظيفته أو بسببها أو مناسبتها

297."عو يعمل حلساب املتبالتابع مىت كان ، يف اختيار تابعهع حراواملتب

إليه دعوى املسؤولية ودعوى احلصول على هجو حدد من ت– تيسريا على املتضرر –فاملشرع

.التعويض عن األضرار اليت أصابته

:ع عن أعمال تابعهوشروط قيام مسؤولية املتب: ثانيا

:فر الشروط التاليةا أعمال تابعه، تطبيقا للنصوص السابقة، توع عنويقتضي النعقاد مسؤولية املتب

.ول عن تعويض هذا الضررئاملتبوع املسبني و،ول عن الضررئوجود عالقة تبعية بني التابع املس. 1

ويقصد بالعالقة التبعية بني شخصني أن يكون أحدمها خاضعا لآلخر، ويتحقق ذلك إذا كان

.علية يف الرقابة والتوجيه، ولو مل يكن املتبوع حرا يف اختيار تابعه فلمتبوع على تابعه سلطةل

أن يكون شترط ي ال كماعالقة التبعية وجود عالقة عقدية أو دفع أجر للتابع، يف شترط يوال

توافر حالة خضوع والتوجيه من الناحية الفنية، بل يكفي لقيامها توجيه التابع من الناحية اإلدارية،

.بة املتبوع وتعليماتهالتابع لرقا

للطبيب يف عيادته اخلاصة، والطبيب تابع إلدارة املستشفى اخلاص أثناء عالج فاملمرضة تابعة

298.املرضى، والصيديل تابع ملالك الصيدلية

يسبب ضررا للغري، وأن تكون هنالك عالقة بني اخلطأ والوظيفة اليت يقوم ارتكاب التابع خطأ. 2

299.سببهابارتكاب اخلطأ أثناء تأدية الوظيفة أو ا التابع، مبعىن

.م01/01/2008م املعدل بآخر تعديل له يف14/3/1803الصادر بتلريخالقانون املدين الفرنسي :296.2005 مؤرخ يف يونيو 05-10نون رقم قا: 297.88-89أمحد احلياري، املرجع السابق، ص. ، د318/2-323بلحاج العريب، نظرية االلتزام، . د: راجع: 298.260/1: عبد ايد احلكيم، املوجز يف شرح القانون املدين. د: راجع: 299

450 من 86صفحة 86 - أأ ب ب- االلل

86

لكن ذهب بعض الفقهاء إىل أن مسؤولية املتبوع عن أعمال تابعه انتقلت إلينا وهي مشبعة

.يف جوهرها بآثار الروح الفردية والربجوازية اليت كانت تسود اتمع الفرنسي

وليست عن الغري، كما هي مسؤولية ذاتية،هوعليه، فمسؤولية املتبوع عن أعمال تابع

مبعىن؛أـرر الواقع من التابع صادرا عن خطـيقول أغلب الفقهاء، ولذا ال يشترط أن يكون الض

هـأ التابع، ما دام يقوم بنشاطه خالل تأدية وظيفتـخطرر بالغري ولو مل يـ يكفي أن حيدث الض

غري ولو عن غري خطأ خارج إطار أما لو وقع الضرر منه بال .أو بسببها النعقاد مسؤولية املتبوع

دام عالقة ـ النع؛ وليس إىل املتبوع- أي التابع-تأديته لوظيفته أو بسببها، فإن املسؤولية تسند إليه

300.ة يف تلك احلالةـالتبعي

.175-176 لاللتزام، صالل محزة، العمل غري املشروع باعتباره مصدراجحممود . د: راجع: 300

450 من 87صفحة 87 - أأ ب ب- االلل

87

موقف الفقه اإلسالمي من املسؤولية املدنية يف اال الطيب: املبحث الثاين

ائي التقليدي الغريب للمسئولية املدنية ؟ ـمي من التقسيم الثنترى ما موقف الفقه اإلسال

نصوصها اجلزئية، فضال عن نصوص فقهاء املذاهب اإلسالمية ما يف قواعد الشريعة الكلية ووهل

يوحي بوجوده لفظا كان أو معىن ؟

اعد املقررة يف والقو نظرية املسئوليتني العقدية والتقصريية مستنبطة من األحكام :املطلب األول

الفقه اإلسالمي

ملا كانت الشريعة اإلسالمية تنيط أحكامها باألوصاف واملعاين دون األمساء واألشكال

فإن لفظي املسؤولية العقدية واملسؤولية التقصريية يعترب نشازا عن قاموس 301-كما بينا سابقا -

إليهما من حيث الصياغة والشكل، ولكن إذا أمعنا النظر يف كنههما الشريعة اإلسالمية إذا نظرنا

.ومعنامها وجدنامها يقابالن مفهوم لفظ الضمان املقرر جلرب الضرر يف الفقه اإلسالمي

إن املسؤولية الطبية مل تكن معروفة يف الشريعة اإلسالمية فحسب، بل كان هلا فيها من القواعد "

جوهره، أقرب ما يكون إىل أحدث ما وصلت إليه أرقى الشرائع الدقيقة ما جيعل تنظيمها يف

.302"املدنية يف العصر احلديث

وللضمان يف الفقه اإلسالمي إطالقات متعددة، يهمنا منها ما يتعلق مبسؤولية الضامن عن

ه أو إتيانه أي فعل ينجم عنه ضرر للغري، أو إحداث) وهذه مسؤولية عقدية(خمالفة التزاماته العقدية

، واالثنان معا يشكالن ما يعرف وضعا )وتلك هي املسؤولية التقصريية(هذا الضرر بالغري

.باملسؤولية املدنية

ال ميكن القول إن هناك نظرية يف املسئولية العقدية يف الفقه " ويشري البعض إىل أنه

ظرية املسئولية وإمنا ميكن استخالص ما يقابل ن. اإلسالمي، على النحو الذي رأيناه يف الغريب

العقدية يف الفقه الغريب من األحكام املقررة يف الفقه اإلسالمي، وهذا هو شأننا يف املقابالت اليت

.303"جنريها ما بني الفقهني

وبناء عليه، فإن موجبات التعويض يف اال الطيب، من وجهة نظر الفقه اإلسالمي، ال تكاد

.35، ص املبحث األول من الفصل الثاين من الباب التمهيدي اخلاص خبصائص التشريع اإلسالمي: راجع: 301.46عبد السالم التوجني، املسؤولية املدنية للطبيب يف الشريعة اإلسالمية ويف القانون السوري واملصري والفرنسي، ص: 302

.6/138:يف الفقه اإلسالميالسنهوري، مصادر احلق . د:303

450 من 88صفحة 88 - أأ ب ب- االلل

88

انت حمكومة بعقد مت اإلخالل به، أم كانت ناشئة عن فعل ختتلف عنها يف الفقه القانوين، سواء ك

ضار، متثل يف واقعة من الوقائع املنشئة للحق، وهذه الوقائع تتداخل يف بعضها تداخال كبريا، حىت

إنه ليصعب يف كثري من األحوال الفصل بينها، ولكنها تنحصر يف الفقه اإلسالمي يف الغالب حتت

ليه ما حيصل من ضرر باملريض، وكان للطبيب بذلك عالقة سببية، يضاف إ". التعدي"مسمى

304.سواء كانت بطريق املباشرة أم التسبب، وسيأيت بيان ذلك الحقا

من أن املسؤولية التعاقدية للطبيب ينطبق عليها 305وجتدر اإلشارة إىل ما سيأيت بيانه

هن اليت يلتزم فيها صاحب املهنة القواعد العامة لإلجارة على األعمال، وهي السائدة يف كل امل

وقد يكون التعامل على أساس اإلجارة اخلاصة اليت يسمى . بأداء منفعة للمتعاقد حمددة بإجناز معني

. ، وذلك حني يرتبط خالل مدة معينة بأال يعمل لغري من تعاقد معه"األجري اخلاص"مقدم املنفعة

؛ وهو الذي يقدم منفعته لعامة " املشتركاألجري"وحينما تكون اإلجارة عامة، يسمى الطبيب بـ

306.الناس مقابل أجره متفق عليها

العقدية والتقصريية يف الفقه اإلسالميمسئولية الطبيب: املطلب الثاين

إن كان الفقه اإلسالمي يقسم الضمان إىل ضمان عقد وضمان إتالف فإن بعض الباحثني

سؤولية العقدية يف القانون، حيث قصروا ضمان العقد فرقوا بني بيان العقد يف الفقه اإلسالمي وامل

على إتالف املال، بينما يكون التعويض يف املسؤولية العقدية عن الضرر الناشئ عن عدم تنفيذ

. العقد

كما تبني أن ضمان العقد الذي يعرفه : "-رمحه اهللا- ويف ذلك يقول الشيخ علي اخلفيف

فضمان العقد ضمان مال .اصطالح فقهاء التشريع الوضعي غري املسؤولية العقدية يف ،الفقهاء

تالف بناء على عقد اقتضى الضمان، أما املسؤولية العقدية فليس التعويض فيها تعويضات عن املال

وذلك ... تالف، وإمنا هو تعويض عن ضرر نشأ عن عدم تنفيذ املدين ما التزم به بناء على العقد ال

إن عدم قيام امللتزم بالتزامه يستلزم شرعا إلزامه وإجباره عليه، فإن امتنع ما ال يراه فقهاء الشريعة، ف

كان امتناعه معصية يستحق عليها التعزيز إال أن ميتثل، أما إلزامه على وجه التعويض عما أحدثه

ألن ؛... فال تبيحه القواعد الفقهية واألصول الشرعية ،ل يف فقد مالتمث ال يربامتناعه من ضر

.للفصل األول ضمن الباب الثايناملطلب األول من املبحث الثاين : راجع:304 . الفصل القادميف من املبحث الثاين تكييف العقد الطيب اخلاص باملطلب األول: راجع: 305156عبد الستار أبو غدة، فقه الطبيب وآدابه، ص. د: عاجر: 306 ..

450 من 89صفحة 89 - أأ ب ب- االلل

89

وعلى هذا األساس، فالفقه اإلسالمي ال ... نظر الفقهاء مقابلة املال باملال لتعويض يفأساس ا

،ويتفق الدكتور فتحي الدريين .307..."عرف املسؤولية العقدية اليت يعرفها الفقه الوضعي ي

.308والدكتور وهبة الزحيلي مع رأي الشيخ علي احلفيف

بأنه ال ميكن القول بأن هناك نظرية يف -رمحه اهللا–ويرى الدكتور عبد الرزاق السنهوري

قورن بنظريه الغريب، الفقه اإلسالمي للمسؤولية العقدية على النحو السائد يف الفقه الغريب، إذا ما

حيث إن الفقه الغريب يعوض عن كل ضرر مادي أو أديب، ويف الضر املادي يعوض عن كل ما

كان ذلك منفعـة أو عمل أو أي أمر يتحمله الدائن من خسارة وما فاته من ربح، ولو

أما يف الفقه اإلسالمي فإنه يشترط . ومتوقعا ...وال يشترط يف الضرر إال أن يكون مباشرا...آخر

يف الضمان أن يكون الضمان ماال متقوما يف ذاته، وأن توجد املماثلة بينه وبني املال الذي يعطى

ومن باب أوىل ال ... عمل إال يف استثناءات حمدودةبدال عنه؛ فال تعويض على املنافع وال عن ال

تعويض عن أي خسارة حتملها الدائن أو أي ربح فاته إذا مل يكن هناك مال متقوم يف ذاته ضاع

309.على الدائن

أما ضمان اإلتالف أو التعدي الذي يقابل املسؤولية التقصريية بالتعبري القانوين احلديث،

ما فتئ علماء الفقه اإلسالمي يؤكدون على وجوب ضمان سالمية تقبله، ففإن قواعد الشريعة اإل

منها أن يكون جاهال لقواعد الطب، أو غري حاذق، أو قصر يف ؛الطبيب ملا يتلفه يف صور كثرية

؛ كما لو خنت صغريا بغري إذن وليه، فأدى ذلك إىل تلف أو ض بال إذن منهيب املرالتطبيب، أو طب

310.وضع املعتاد، فإنه يضمن يف كل ذلك ما ترتب عليهعيب، أو جاوز امل

ويف املقابل، فإن هنالك نصوصا فقهية، خصوصا لدى فقهاء املذهب احلنفي، توحي

حينما خيالف شرطـا اتفق عليه بالعقد، أو بوجود املسئولية العقدية يف الفقه اإلسالمي، ومن ذلك

ما يضمنه األجري : "311بدائع الصنائعخيالف العقـد من أساسه، ويف هذا يقول صاحب

ال باإلفساد واإلتالف؛ ألن ذلك يستوي فيه املتاع واآلدمي، دـبالعقيضمنه ] كالطبيب[املشترك

.20-19قه اإلسالمي، صالضمان يف الف: 307 . الزحيلي وهبة. فتحي الدريين، ونظرية الضمان، د. النظريات الفقهية د: راجع: 308.796¡1/271: الوسيط يف القانون املدين، 6/168: مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي: 309 التاج واإلكليل ،5/375: ح الكبريحاشية الدسوقي على الشر، 129 خمتصر الطحاوي ، 5/43: حاشية ابن عابدين: راجع: 310

: املغين مع الشرح الكبري، 2/427 : وأسىن املطلب،2/737 واية احملتاج، 4/505: ، الشرح الصغري :6/320امش مواهب اجلليل

6/120. . رمحه اهللاهو إمام احلنيفة عالء الدين الكاساين: 311

450 من 90صفحة 90 - أأ ب ب- االلل

90

وال يضمن "313:وقال صاحب البحر الرائق. 312"وأن وجوب الضمان فيه باخلالف ال باإلتالف

، فصار دــبالعقـاد؛ ألنه التزمه مل يتعـد املوضع املعت-أي بيطار-حجـام أو فصاد أو بزاغ

وفرق صاحب املبسوط بني ضمان 314".واجبـا عليه، والفعل الواجب ال جيامعـه الضمـان

وأما فعل الفصاد : "العقد وضمان اجلناية عرضا، وهو يقرر مسئولية الطبيب العقديـة، حيث قال

315". من ضمان العقـدةضمان اجلنايـ، ولكي ال يتولد دـان عقـضمفإنه مضمون والبزاغ

إذن، نستخلص مما سبق أن االجتاه السائد يف الفقه اإلسالمي ال يعرف املسؤولية العقدية

باملعىن الدقيق هلا يف غري اال املايل، فكان من الطبيعي أن يكيف اخلطأ الطيب على أساس املسؤولية

. التقصريية مبا تتضمنه من عمل غري مشروع أو تعـدي

وال ضمان على حجام والختان وال بزاغ : "- رمحه اهللا-316قول صاحب املبدعويف ذلك ي

واقتضى ذلك أم إذا مل يكن هلم ... وال طبيب إذا عرف منهم حذق الصنعة ومل جتن أيديهم

¡حمرمـاحذق يف الصنعة أم يضمنـون؛ ألنه ال حتـل هلم مباشـرة القطع، فإذا قطع فقد فعل

317".فيضمن سرايتـه

كن هذا ال مينع من إعادة النظر يف هذه املسألة، بالقول إن الفقه اإلسالمي يعرف ول

-كما يبدو–املسئوليتني العقدية، تأسيسها على نصوص السـادة احلنفيـة؛ ألن االختالف فيها

يعود إىل األعراف والبيئات والقرائح، وبالتايل، يصح أن نطلق عليه اختالف عصر وزمان ال

. ة وبيان، وهذا فضال عن املسئولية التقصرييـةاختالف حج

ما جيب فيه : حمل الضمان هو: "وقد أصاب يف اعتقادي من مجع بني املسؤوليتني بقوله

318".الضمان سواء أكان الضمان ناشئا عن عقد، أم كان ناشئا عن إتالف ويد

.212/4: بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع: 312 .رمحه اهللا احلنفيجنيمبن اين الدين هو ز: 313.33/8: شرح كرت الدقائقالبحر الرائق: 314.149/26: املبسوط، مشس األئمة أبو بكر حممد بن أمحد بن سهل السرخيب احلنفي: 315 .هو أبو إسحاق إبراهيم بن حممد بن عبد اهللا بن مفلح احلنبلي: 316.110/5: املبدع: 317.228/2: لكويتيةاملوسوعة الفقهية ا: 318

450 من 91صفحة 91 - أأ ب ب- االلل

91

ن تؤدوا األمانات إىل إن اهللا يأمركم أ«: وعلق البعض على مشروعية الضمان بقوله تعاىل

أن اهللا تعاىل أوجب أداء األمانة بصريح األمر، وهذا يستلزم : ووجه االستدالل: فقال319»أهلها

شغل الذمة به، وإال كان توجه اخلطاب بالطلب يف غري مطلوب، وهذا ال يتصور، وشغل الذمة

¡ضمان إتالفنوعيـه فالضمان بوعلى هذا، . به مما يتحقق به الضمان الذي يستوجب األداء

320. يشمله عمـوم اآليـةوضمان العقد

مسؤولية الطبيب املدنية واستحقاقه لألجر هو قوله صلى اهللا عليه دوإن ما يدعو إىل انعقا

ة الشيء كأجرة الطبيب، إمنا تكون أي إن استحقاق اخلراج أي غل؛321"اخلراج بالضمان": وسلم

و هلكله خسارة هالك ذلك الشيء لمقابل حتم.

من الشيء ، اليت تفيد أن التكاليف واخلسارة اليت حتصل"نمرم بالغالغ"وبناء عليه قرر العلماء قاعدة

322.تكون على من يستفيد منه شرعا

فقد اختلفوا يف ،اء موجبها ـ مسؤولية الطبيب بانتفرفـع العلماء على ومع اتفاق

.ةيـاملسؤولهذه ل رفع ـتعلي

ويقصد .العلة ترجع إىل الضرورة االجتماعية، وإذن اين عليه أو وليهة أن ـفرأى احلنفي

تشجيعه وعدم التقييد والتشديد اليت تقتضيىل عمل الطبيببإبالضرورة االجتماعية، القوة الدافعة

كي ال حيجم عن القيام بالواجب، ألن يف ؛يف شأنه، بل وإباحة العمل له ورفع املسؤولية عنه

.58: اآلية: سورة النساء: 319.197فتحي الدريين، النظريات الفقهية، ص. د: 320 فاستغرب البخاري بعض طرقه وأنكر البعض اآلخر وقال ابن حزم وابن ؛ وتكلم البعض يف سنده،أخرجه غري ما أحد من األئمة: 321

رواه اخلمسة : "ى هذا احلديث اإلمام الشوكاين يف النيل فقالق علوخري من عل. ال يصح، وصححه بعضهم كما سيأيت: اجلوزي

=حه الترمذي وابن حبان وابن اجلارود واحلاكم وابن القطانوأخرجه أيضا الشافعي وأبو داوود الطيالسي وصح ،حه ومن مجلة من صح

.فه البخاريال يصح وضع: ابن خزمية كما حكي ذلك عنه يف بلوغ املرام وحكي عنه يف التلخيص أنه قال

ولعل سبب ذلك . كاإسناده ليس بذ: ة قال أبو داودثاثنتان رجاهلما رجال الصحيح والثال: ذا احلديث يف سنن أيب داود ثالث طرقهلو

وقال ". أن فيه مسلم بن خالد الزجني شيخ الشافعي وقد وثقه حيي من معني وتابعه عمر بن علي املقدمي وهو متفق على االحتجاج به

: إسناد آخريف وقال ،حسن صحيح: إحدى طرقه يفوقال الترمذي. فتلقى العلماء هذا اخلرب بالقبول: مة يف شرح معاين اآلثارابن سال

¡3509¡3508، كتاب اإلجارة باب من اشترى عبدا فاستعمله مث وجد به عيبا رقم 284/3: راجع سنن أيب داود: حسن غريب

،و شرح معاين5/250:احمللى،و ابن حزم يف982،رقم 596/2: ، وابن اجلوزي يف العلل املتناهية1189 رقم 22/3: ، ابن حجر، تلخيص احلبري3510

، كتاب 1285، رقم 581/3: ، وسنن الترمذي4927 كتاب البيوع باب خيار العيب رقم 298/11: وصحيح ابن حبان¡4/22:اآلثار

. فيه عيباالبيوع، باب ما جاء فيمن يشتري عبدا ويستغله مث جيد.1038¡1036/2: مصطفى الزرقا، املدخل الفقهي العام: راجع : 322

450 من 92صفحة 92 - أأ ب ب- االلل

92

جلة له، فكأمنا اوإذن املريض أو وليه هو قبول من املريض بإجراء املع. ري باتمعإحجامه ضرر كب

323.هو رضاء منه برفع املسؤولية

ة إىل أن علة رفع املسؤولية عن الطبيب، أن يأيت فعله بإذن اين عليه ـ الشافعي املالكيـة ووذهب

ر به، فإن فعل ذلك كان عمله أو وليه، وأن يقصد صالح املفعول وال يقصد اإلضرا) املريض(

، وألن فعل الطبيب مظنون النتيجة؛ فكأن املريض إذ أذن للطبيب مباحا ال تترتب عليه املسؤولية

إذا خالف أصول اللهم إالسؤولية الطبيب،مفتنتفي بالعالج غرر بنفسه على حد تعبري املالكية،

324.الفن، أو أخطأ يف فعله

ذا التعليل مع إضافة أن يكون فعل الطبيب بإذن احلاكمبني السابقنياملذهة مع ـويتفق احلنابل

كإذن من طرف ويل األمر؛ فعل مأذون فيه شرعا، ألنهأو من له والية عليه، فال يضمن حينئذ

وزارة الصحة يف إجازة الطبيب بالعمل، إذا استجمع شروط الكفاءة اليت تؤهله للتطبيب، ومعيار

يتفق مع ما جاء النتفاء مسؤولية الطبيب، وهو رأيجع إىل ويل األمر، وإذنه شرطهذه الكفاءة تر

325.يف القوانني الوضعية احلديثة

.305/7بدائع الصنائع، : راجع : 323.8/35، الرملي، اية احملتاج676ص وما بعدها،بداية اتهد، 5/375:حاشية الدسوقي مع الشرح الكبري للدردير:راجع : 324.313/5املغين، : راجع : 325

450 من 93صفحة 93 - أأ ب ب- االلل

93

تكييف املسؤولية املدنية للطبيب: الفصل الثاين

تكييف املسؤولية املدنية للطبيب يف الفقه الوضعي: املبحث األول

:ةـتوطئ

املشكالت يف القانون املدين وال تزال متثل جماال واسعا لالجتهاد، املسؤولية املدنية هي مهد

فلم توضع قواعدها وأحكامها دفعة واحدة، بل وضعت متناثرة مبناسبة األقضية املتباينة اليت

عرضت على احملاكم على مر األزمة واليت كتب الفقه منها كثريا، مسترشدا مبا متليه العدالة واملنطق

326.القانوين

وقد احتار فقهاء القانون يف إسناد اخلطأ الطيب والتعويض عن الضرر الناشئ عنه إىل املسؤولية

.املسؤولية التقصريية أو العقدية

ويرجع .م19راب األحكام القضائية يف فرنسا ومصر خصوصا يف القرن طوحصل ذلك نتيجة الض

تزام الطبيب ببذل عناية، وإىل ما يترتب ذلك إىل طبيعة ما يلتزم به الطبيب، خصوصا يف حالة ال

327.رق يف عبء اإلثبات بني نوعي املسؤوليةفعلى ذلك من زوال ال

وانتهى القضاء الفرنسي إىل تكييف مسؤولية الطبيب املدنية على أا مسؤولية تعاقدية،

ذلك بسط وسيأيت،كما قرر القضاء املصري لفترة طويلة من الزمن على أا مسؤولية تقصريية

:فيما يلي

املسؤولية العقدية: املطلب األول

مفهومها فقها: الفرع األول

إن املريض إذا اجته إىل الطبيب يعرض مصلحته، ويكشف له بعض أوجاعه ومتاعبه،

قد مت، وأن عقدا قد انعقد، ويعترب فهذا يعين أن هناك تبادال للرضا ملتمسا منه املساعدة والتطبيب،

. لاللتزامات املتقابلةالعقد مصدرا

. وما بعدها2، ص1989 ، دنية يف القانون املدين اجلزائريعلي علي سليمان، دراسات يف املسؤولية امل. د: راجع : 326، مبجلة )مسؤولية الطبيب ومسؤولية إدارة املستشفى(تعليقات على األحكام يف املواد املدنية : األستاذ سليمان مرقس: نظرا : 327

هـ، يناير 1355، السنة السابعة، العدد األول، ذو القعدة سنة 162-165معة القاهرة، صالقانون واالقتصاد التابعة لكلية احلقوق، جا

.م1937عام

450 من 94صفحة 94 - أأ ب ب- االلل

94

فاملسؤولية التعاقدية تقوم بني الطبيب واملريض، ما دام قد ارتبطا فيما بينهما برباط عقدي حىت لو

328.كان العقد شفهيا أو ضمنيا

وهذه العالقة تكيف على أا مسؤولية طبية عقدية، وذلك ألن الطبيب املمارس إما بفتحه

ية يبني فيها صفته الطبية وختصصه أو انضمامه إىل مجعية مهنية، لعيادته، ووضعه للوحة إشهار

أوملئه الستمارة يفرضها القانون ملمارسة مهنة الطب، يعترب الطبيب كمن قدم إجيابا موجها

Une"للجمهور offre adressant au public" ذا العرض إمنا ؛ وبالتايل فإن أي شخص يقبل

يعية وتامة، وله أن يطعن يف تصرفاته إذا شكلت خرقا اللتزاماته يربم عقدا مع الطبيب بصفة طب

329.التعاقدية

كلما كان الطبيب يةويرى الرأي السائد يف الفقه املعاصر أن مسؤولية الطبيب تكون عقد

قد بدأ يف عالج املريض بناء على طلبه أو طلب نائبه حىت ولو كان فضوليا، ونتج عن ذلك ضرر

330.طبيب خمال بالتزاماته التعاقدية، وبالتايل تنشأ عن ذلك املسؤولية العقديةاملريض، فيعترب ال

وقد رجع شراح القانون يف فرنسا منذ أوائل القرن العشرين إىل تكييف مسؤولية األطباء

بشكل صحيح، واكتشفوا خطأ االجتاه القائل باملسؤولية التقصريية، حيث اعتربوا مسؤولية الطبيب

ا االتفاق بني الطبيب واملريض، واتفقوا على أن احملاكم البد أن تعود إىل هذا تعاقدية مصدره

التكييف عندما تعرض عليها املسألة يف صورة تكون فيها للتفرقة بني املسؤوليتني التعاقدية

331.والتقصريية أمهية عملية

دية إال يف ومال غالبية الفقه العريب وخصوصا يف مصر إىل اعتبار املسؤولية الطبية تعاق

، وحالة بضرر عقليا فيصيب الغري خمتل شخص وعالج كإمهال الطبيب يف مراعاة؛حاالت معينة

332. من عدوى املريض حتت رعاية الطبيب، أو بسبب استعماله نفس اآللة للعالج الغريإصابة

: حججهم– أي مسؤولية الطبيب العقدية –ويؤكد أصحاب هذا االجتاه

.254املسؤولية املدنية لألطباء، ص: رايس حممد. د: نظرا : 328329 : M.R Cohin – L’abstention fautive en droit civil et pénal, p.173.

.384/2شرح القانون املدين، الوايف يف : سليمان مرقس. د: نظرا : 330ملسؤولية املدنية للطبيب ا مسؤولية الطبيب يف القانون، -، املسؤولية املدنيةيعبد السالم التو جن.، د(60/2)املرجع نفسه، : راجع :331

نية للطبيب، دراسة ، واملسؤولية املد32-33يف ضوء النظام القانوين األردين والنظام القانوين اجلزائري، أمحد حسن عباس احليارى، ص

.55مقارنة، للقاضي طالل عجاج، ص.34 املسؤولية املدنية للطبيب، صأمحد حيارى،. د،200حممد حسني منصور، املسؤولية الطبية، ص: راجع 332

450 من 95صفحة 95 - أأ ب ب- االلل

95

إىل اجلمهور، وال دائم موجه بال، يعترب الطبيب يف حالة إجياجيف حاالت االستعأنه حىت . 1

واملساعدة، وإن استدعاء املريض له للعونإذا كان ختصصه ال يسمح له بالتدخل يستثىن منه إال

.عد قبوال ذلك يعدافيها

عليه، ألن الطبية مردودوإن القول جبهل املريض ملاهية ما يتعاقد عليه مع الطبيب من العلوم . 2

املريض عند إبرامه للعقد مع الطبيب يأخذ على عاتقه أنه يبذل ما يلزم من العناية بالوصف الذي

.ذكرناه آنفا

واعد النظام العام يف القانون، ال خيرجه من قوإن العقد الطيب إذ يقتضي محاية املريض اليت هي. 3

ئرة االلتزامات املفروضة قانونا؛ املرتبطة باملسؤولية التقصريية، من دائرة االلتزامات التعاقدية، إىل دا

.غي جتاوزه يتمثل يف العناية الالزمة أدىن ال ينباوإن كان يضع حد

4 .للصواب؛ ألن األطباء ما فتئوا وإن القول بأن خدمات الطبيب غري قابلة للتقدير املادي جمانب

املريض، وتبقى العالقة تعاقدية حىت لو عاجل الطبيب ن بدفع األجر نظري التزامهم بعالجوطالبي

333.قة أو ااملةاض على سبيل الصدواملريض بال ع

اءـا قضـمفهومه: يـرع الثانـالف

تعرض القضاء الفرنسي إىل حتديد الطبيعة القانونية للمسؤولية املدنية للطبيب عن أخطائه

لطبيب واملريض عالقة تعاقدية، وأن التزام املريض م أن العالقة بني ا1839قدميا، حيث قرر عام

.بدفع األجر للطبيب يعد تعاقديا

مث عدل عن ذلك ملدة قرن من الزمن، فكان يطبق املسؤولية التقصريية، بيد أن غالبية رجال

ما فتئوا ينادوا القضاء الفرنسي العتماد املسؤولية ) جوسران(الفقه الفرنسي وعلى رأسهم الفقيه

.قدية عن األخطاء الطبية بدال من املسؤولية التقصرييةالع

وقد أمثر جهادهم، وصدق حدسهم، حيث تبىن القضاء الفرنسي املسؤولية التعاقدية عن

عليه، حيث عرضت على حمكمة النقض الفرنسية دعوى تتلخص وقائعها يف واستقر اخلطأ الطيب

، ورفعت (x)ب خماطي نتيجة عالجها بأشعة أصيبت يف وجهها بالتها" مريكري"أن زوجة األستاذ

هذا الطبيب منبسبب ارتباط حالتها بالعالج الذي تلقته،" نقوال"دعوى املسؤولية على الطبيب

وكان أمام .الذي يعترب إمهاله عن غري قصد خمرجا لتصرفه من الدائرة اجلزائية إىل الدائرة املدنية

-340التزامات الطبيب يف العمل الطيب، ص: يدةعلي حسن جن. ، د35-37املسؤولية املدنية للطبيب، ص: أمحد احليارى: أنظر : 333

.56حسن األبراشي، مسؤولية األطباء و اجلراحني املدنية، ص .، د، 19وفاء حلمي أبو اجلميل، اخلطأ الطيب، ص. د،341

450 من 96صفحة 96 - أأ ب ب- االلل

96

ى أساس املسؤولية التقصريية، وإما على أساس املسؤولية القضاء قبول الدعوى واحلكم فيها، إما عل

حمكمة النقض هو الذي استندت إليه ،املسؤولية العقدية ؛ وهوالعقدية، وهذا األساس األخري

. يف هذه الدعوى1936/05/20الصادر بتاريخ الفرنسة يف حكمها الشهري

ثالث سنوات، يف حال االستناد م بعد مرور حق املريضة يف الدعوى ستسقط بالتقادولواله كان

إىل اخلطأ التقصريي للطبيب، وهو ما كان يتمسك به الطبيب أثناء احملاكمة، إال أن احملكمة

عن إخفاقه يف تنفيذ العقد الطيب املربم بينه وبني املريض، قبل وقوع اعتربت أن خطأ الطبيب ناتج

ى بأن مسؤولية الطبيب مسؤولية وعليه، قضت حمكمة النقض الفرنسية يف هذه الدعو .اخلطأ

334.تعاقدية، ال تسقط بسقوط الدعوى العامة

يتكون بني املريض وطبيبه عقد حقيقي، ال ": وقد قالت حمكمة النقض الفرنسية يف هذا احلكم بأنه

يلتزم فيه الطبيب بشفاء املريض حتما، وإمنا يلتزم بأن يبذل جهودا صادقة وخملصة مصدرها

احلاالت يف غري– اليقظة واالنتباه، وهذه اجلهود يقتضي أن تكون مطابقةري، ومؤادهامالض

وأن اإلخالل حىت : "وتضيف احملكمة يف ذات احلكم 335." لألصول العلمية الثابتة–االستثنائية

336." تعاقدية أيضا، يترتب عليه مسؤولية من نفس النوع،غري املقصود ذا االلتزام التعاقدي

337.من نفس احملكمة على احلكم بأن مسؤولية الطبيب هي مسؤولية تعاقديةواستقر القضاء

339.نفس االجتاه وتبىن الفقه 338واتبعت جهات ودرجات القضاء األخرى لنفس احلكم،

ول عن تعويض ئ فالطبيب مس340أما القضاء يف مصر فقد اعترب مسؤولية الطبيب تقصريية،

وإن .ة، بعيدة عن املسؤولية العقديةـهذه تقصريي يف العالج، ومسؤوليته خطئه عن املترتبالضرر

اءـد يف القضـاملبدأ العام السائ وة، إال أن األصلـقضى يف بعض األحوال باملسؤولية العقدي

341.ةـة التقصرييـ إىل املسؤولياالستناد املصري هو

، عبد (60/2-61)سليمان مرقس، الوايف يف شرح القانون املدين، . ، د55-56القاضي طالل عجاج، املرجع السابق، ص: أنظر : 334

.، الكتاب الثاين 25املسؤولية املدنية، صاملعين مجعة، موسوعة القضاء يف 96.عبد اللطيف احلسيين، املسؤولية املدنية عن األخطاء املهنية، ص. د: راجع : 335

336 : Cass. 20 Mai 1936 D. 1936.1.88 Note E.P.337 : Cass. 18 Jan 1938 G.P. 1938, 27 Mai 1940.D. 1941 P.33 Note Nast, 31 Mai 1960 D. 1960, P.571338 : Paris 18 Mars 1938 D. 1938, P.337, Bordeaux, 11 oct 1938 D. 1939, P.28.339 : Lambart, le médecin devant ses sugés, 1973, ENC. Dalloz Médecin N 335 et s.

.91ولية املدنية، ص، املسؤيعبد السالم التو جن. الذي أشار إليه د1936/06/27: قرار احملكمة العليات املصرية: أنظر : 340.57، طالل عجاج، املرجع السابق، ص193حممد منصور، املرجع السابق، ص. د: نظرا، يف املطلب القادمسيأيت تفصيل هذا :341

450 من 97صفحة 97 - أأ ب ب- االلل

97

اء الطبيب ر فإن التطبيقات العملية لفكرة املسؤولية التعاقدية عن أخطـبالنسبة للجزائ"أما

342."املهنية قليلة جدا، وأن احملكمة العليا يف اجلزائر مل تضع أي مبدأ حول طبيعة مسؤولية الطبيب

املسؤولية التقصريية: املطلب الثاين

:وسأتناوهلا يف فرعني كما يلي

مفهوم املسؤولية التقصريية فقها: الفرع األول

ديد الطبيعة القانونية للمسؤولية املدنية انقسم الفقه يف فرنسا والبالد العربية حول حت

ن تقصريية، بينما ذهب البعض إىل القول إ أا أا مسؤولية عقدية، ومن قائلب للطبيب، فمن قائل

نوعا متثل ذات طبيعة واحدة، ، املترتبة عن أخطاء الطبيب الفنية،املسؤولية العقدية والتقصريية

ألن العقد يقوم مقام القانون ؛اللتزام القانوين وااللتزام العقديمن التقصري، وال فرق بني اواحدا

343.نبني املتعاقدي

وذهب جانب من الفقه الفرنسي إىل أن األخطاء الناجتة عن خطأ الطبيب يف ممارسته

ومربرهم يف ذلك هو أن ، رتب عليه املسؤولية التقصرييةلعمله، واألضرار اليت يسببها للمريض، ت

344.ة، هلذا جيب أن خيضع ألحكام هذه املسؤوليةـلطبيب التزام ببذل عنايمدى التزام ا

القائل بقيام ،ويف الواقع فإن هذا االجتاه الفقهي يعارض الغالبية العظمى من الفقه يف فرنسا

قرار حمكمة النقض الفرنسية الشهري الصادر يف أيضامسؤولية الطبيب العقدية، ويعارض

.فيه على خطأ الطبيب املسؤولية العقديةبق ، الذي ط1936/05/20

(Demolombe)ومن أنصار نظام املسؤولية التقصريية بعض الفقهاء مثل دميولومب

يدعو هذا االجتاه الفقهي إىل تطبيق حيث .(Larombière) والرومبيار (Guilloward)وغويار

بني الطبيب واملريض، املسؤولية التقصريية على خطأ الطبيب حىت يف حالة وجود عالقة عقدية

يقابل هذا ويرى أن العقد يقضي بأن يلتزم املريض بدفع األجر للطبيب فحسب، وليس من أثر

.االلتزام بالنسبة للطبيب

.255رايس حممد، مرجع سابق، ص. د : 342حممد فهد شفقة، . نون املدين، دسليمان مرقس، الوايف يف شرح القا. د. 18أمحد احليارى، املسؤولية املدنية للطبيب، ص: أنظر : 343

.1991¡5، العدد 36، السنة 135املسؤولية املدنية التقصريية املترتبة على عمل الطبيب، جملة احملامون السورية، ص.19أمحد احليارى، الرجع السابق، ص: راجع : 344

450 من 98صفحة 98 - أأ ب ب- االلل

98

ويرى أن ما جاءت به حمكمة النقض الفرنسية، بإقرارها املسؤولية العقدية للطبيب يف قرارها "

القانون اجلنائي الفرنسي اخلاصة بالتقادم الثالثي، من 638 ، جتنب تطبيق مادة1936الشهري عام

حيث هدفت إىل احلكم فقط بإخضاع الدعوى املدنية للتقادم الطويل، وليس مثة سبب فين آخر

للذهاب إىل ما أتت به هذه احملكمة، حيث تسببت بإدخالنا يف تناقض، فالفعل الواقع من الطبيب

نائية ومسؤولية مدنية يف آن واحد، وال يوجد أساس جلرمية ذات مسؤولية جنفعل واحد، مكو

كما أن تطبيق املسؤولية العقدية بدال من . للتمييز بني هاتني املسؤوليتني عن الفعل املرتكب

لمجين عليه، وأن العقد هنا مفترض وأنه غري موجود يف لائدة فاملسؤولية التقصريية ال جيين أية

345.مجيع احلاالت

إىل أن مسؤولية – على عكس الغالبية –يف مصر يف اجتهادهم وذهب بعض الفقهاء

الطبيب ذات طابع تقصريي، على اعتبار أن طبيعة العمل الطيب تستمد أصوهلا من القواعد القانونية

له ذا البالتزام الطبيب للحيطة واحلذر وأن تكون تصرفاته مطابقة لألصول العلمية الثابتة، وإخ

346. أحكام املسؤولية التقصرييةااللتزام يستوجب تطبيق

وأما الفقه يف اجلزائر فإنه أمام التوجه القضائي اجلزائري الذي اعتمد يف كثري من أحكامه

بأن القولعنه ثرأ، و املسؤولية التقصريية- طرف منهاسيأيت ذكر اليت –وقراراته القضائية

فهي إذن ؛لغريلطأ وسبب ضررا املسؤولية التقصريية هي جزاء عام يرتبه القانون على من أخ

ال يسري إال إذا كان بني ،أما املسؤولية العقدية فهي استثناء. األصل العام، الذي جيب تطبيقه

347. أخل املدين بأحد التزاماته،الدائن واملدين عقد

:احتج القائلون باملسؤولية التقصريية خلطأ الطبيب جبملة من احلجج أمهها

بطة عقدية بني الطبيب واملريض قد ال يستقيم يف كل احلاالت، وذلك كما إن القول بوجود را. 1

فقده وعيه، أو جعله عاجزا عن التعبري عن إرادته بغياب من ميثله ألو أصيب املريض حبادث مفاجئ

قانونا، فإن تدخل الطبيب لعالجه دون وجود اتفاق سابق يعترب حينئذ يف حالة واجب، تكفل

بناء عليه، فإذا حصل خطأ من طرف الطبيب فإنه خطأ تقصريي، وبتحديدها النظام القانوين

¡61أ الطبيب املوجب للمسؤولية املدنية، صسن عبد احلميد البيه، خطحم.ود، 19-20 أمحد احلياري، املرجع السابق، ص:انظر :345

.61/1:سليمان مرقس، الوايف. دحممد . د، و98عبد اللطيف احلسيين، املسؤولية املدنية عن األخطاء املهنية، ص. ، و د58طالل عجاج، املرجع السابق، ص: أنظر : 346

.280/2:لتزاموحيد الدين سوار، النظرية العامة لال.118-119ي سليمان، النظرية العامة لاللتزام، صعلي عل. د:راجع : 347

450 من 99صفحة 99 - أأ ب ب- االلل

99

ويقاس عليه حترير طبيب لتقرير طيب مناف لواقع احلالة . بسبب انعدام العالقة العقديةحمض؛

348.الصحية دف إعفاء شخص من اخلدمة العسكرية مثال

الذي هو مرتبط مبصلحة اتمع، األشخاصإن العالج يتعلق باملساس حبياة األشخاص وسالمة . 2

وإن أي اعتداء على ذلك يعد مساسا بالنظام العام، إال إذا رخص القانون ذاته للطبيب مبباشرة

وبالتايل فإن هذه ؛ لك األعمال وفق الشروط والقواعد اليت حيددها، فيجعل أعماهلم مباحةت

دون غريها، إذ إن العقد ال يربر املساس مبا املسؤولية التقصريية،االعتبارات جترنا إىل إعمال قواعد

.به ه القانون ومل يأذنزوال يبيح عمال مل جيهو من النظام العام ،

إن انفراد الطبيب مبعرفة أصول الطب، ومستواه العلمي الدقيق، وختصصه يف جمال فنه، ال . 3

ا وأن يناقش وخاصة إذا كان من عامة الناس، أن يقدر األمور حق قدره،يسمح للمريض

تفاصيلها؛ ومن مث فال يفترض أن يقوم بينهما التزامات يف إطار عقدي ال صراحة وال ضمنا،

وبالتايل فإن مهنة الطب ذات طبيعة فنية حبتة، ال ميكن أن تكون حمال للتعاقد، وال قابلة للتقدير

349.املادي

ين الذي يف حالة غش معاملة ختضع بالرجوع إىل القواعد القانونية جند أن املشرع يعامل املد. 4

للقانون على الرغم من وجود عقد بني املتعاقدين، والعدالة هنا تطبق قواعد املسؤولية التقصريية

.رغم وجود عقد مربم بينهما

إذا اقترن تنفيذ العقد بارتكاب جرمية جنائية، تطبق على العقد أيضا أحكام املسؤولية . 5

أحكام املسؤولية العقدية اليت أقامت العالقة أصال بني الدائن واملدين يف التقصريية، متناسني تطبيق

350.املطالبة بالتعويض املدين

إن القول بوجود الفتة يف مدخل عيادة الطبيب متضمنة معلوماته اخلاصة، تدل على أن الطبيب . 6

دعوة للتعاقد، ألن ذلك ال يعدو أن يكون ؛يف حالة إجياب دائم موجه للجمهور ينايف احلقيقة

ودليل ذلك أن العالج ال يتم إال بعد مفاوضات ومعرفة سابقة على إبرام العقد، وإن سلمنا جدال

أهواء املرضى، وبالتايل يصبح من السهل على ريبذلك فإنه يعين إهدار حرية الطبيب وإبقائه أس

.املريض اختيار املتهم من األطباء

.J¡262حممد رايس، املرجع السابق، ص. دو ، 21أمحد احلياري، املرجع السابق، ص: انظر : 348 Penneau – la

responsabilité du médecin, p.12..21، أمحد احليارى، املرجع السابق، ص261-262حممد رايس، املرجع السابق، ص. د: أنظر : 349.22أمحد احلياري، املرجع السابق، ص: أنظر : 350

450 من 100صفحة 100 - أأ ب ب- االلل

100

لتقصريية قضاءمفهوم املسؤولية ا: يـرع الثانـالف

دأبت احملاكم الفرنسية ردحا طويال من الزمن على تطبيق القواعد العامة للمسؤولية املدنية،

املسؤولية املهنية مبا أساس من القانون املدين الفرنسي، وذلك على 1383 و1382استنادا إىل املاتني

ات تذكر دون التحقق عما وكانت احملاكم تطبق اجتهادها دون صعوب351.فيها مسؤولية الطبيب

ومبقتضى هذا االجتاه مل 352.إذا كانت املسؤولية املدنية قد أنشأت عن عدم تنفيذ موجب عقدي

يكن على احملكمة سوى البحث عن الكشف عن خطأ الطبيب أثناء عنايته مبريضه لتربر بذلك

ة عن أخطاء الطبيب ويف احلقيقة فإن إعمال املسؤولية التقصريي 353.تطبيق املادتني املذكورتني

la"املدنية، أقرته غرفة العرائض chambre des requêtes" 1835.354در عام اصالقرارها يف

فهاهي ذي حمكمة ،واستمرت احملاكم يف فرنسا على نفس املنوال يف العديد من القضايا

على 1826/07/26حكمها الصادر بتاريخ يف النقض الفرنسية تكرس مبدأ املسؤولية التقصريية

نفس األساس، وأخضعت األطباء كغريهم من الناس للقواعد العامة للمسؤولية التقصريية مبجرد

ورغم 355.اقتناع القاضي بوجود خطأ من طبيب سبب ضررا للمريض، فيقضي له بالتعويض

، الذي قلب طبيعة املسؤولية املدنية من )السابق الذكر (1936/05/20صدور القرار املبدئي يف

وهذا ما يظهر يف ،ية إىل عقدية، فال تزال العديد من احملاكم تطبق مبدأ املسؤولية التقصرييةتقصري

ذهبت حمكمة باريس يف كذلك 1938.356منها القرار الصادر بتاريخ " تولوز"قرارات حملكمة

.90 املسؤولية املدنية عن األخطاء املهنية، صعبد اللطيف احلسيين، . د،23أمحد احلياري، املرجع السابق، ص: أنظر : 351,1931-2-141حمكمة : 352 Dalloz (D.P), 1931/03/13, Paris مع تعليق Jean Loup.,1925-1-166حمكمة : 353 Gazette du Paris, 1914/11/20, Paris.

354 : Cass. CH. Req. 18/06/1835, Sirey, 1-401, Note Dupin.

: التالية احليثياتوقد ورد يف القرار

« Les faits matériels sont du nombre du ceux qui peuvent entraîner la responsabilité civile de la partdes individus à qui, ils sont imputables, et ils sont soumis d’après les dispositions des arts, 1882 et1883C. Civ.Fr à l’appréciation des juges ».

.Cassعبد اللطيف احلسيين، املرجع السابق، . ، ود260حممد رايس، املرجع السابق، ص. د: أنظر : 355 CH. Reg. 0217/1862

– Sirey 1861-1-818.

:حيث ورد فيه

« … toute personne, quelle que soit sa situation ou sa profession, est soumise a cette règle :responsabilité à raison de la simple imprudence ou négligence… ».

.1940/01/25، و1939/05/26، ويف 1936/10/05، غازيت دي بالية 1938/05/25تولوز يف : 356

450 من 101صفحة 101 - أأ ب ب- االلل

101

إىل أن املسؤولية اليت تتعرض هلا املستشفيات ذات طابع 1938/03/18حكمها الصادر بتاريخ

357. النعدام حرية املريض باختيار الطبيب؛ي بصفة عامةتقصري

ن القضاء الفرنسي استقر على اعتبار مسؤولية الطبيب مسؤولية إومن هنا ميكننا القول

يف بعض احلاالت مسؤولية تقصريية، وهذا ما يبدو من خالل حيثيات يعتربهاعقدية، لكنه قد

.1936رار ـد قـ أي ما بع؛رةـالقضايا األخي

ا االجتهاد القضائي يف مصر فقد استقر على اعتبار مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصريية، أم

.كمبدأ عام، إال أنه يف بعض احلاالت قد تكون تعاقدية

مبدأ مسؤولية الطبيب 1936/06/22فقد أقرت حمكمة النقض املصرية يف حكم صدر عنها بتاريخ

جله، كما قضت بتحمل املستشفى اخلاص التقصريية عما حيدثه من ضرر باملريض الذي يعا

358. ولو كانت عالقة التبعية بني الطبيب واملستشفى جمرد عالقة أدبية،املسؤولية

ال ميكن مسائلة ": بأنه1967/07/03 قضت حمكمة النقض املصرية يف حكم هلا صدر بتاريخ أيضا

كن القول يف هذه احلالة بأن ألنه ال مي؛طبيب املستشفى العام إال على أساس املسؤولية التقصريية

ض اختار الطبيب لعالجه حىت ينعقد عقد بينهما، كما ال ميكن القول بوجود عقد اشتراط ياملر

ألن عالقة الطبيب املوظف باجلهة اإلدارية؛ملصلحة املريض بني إدارة املستشفى العام وبني أطبائها

لبحث مسؤولية طبيب ال يكون هناك حمل هي عالقة تنظيمية وليست تعاقدية، وبذلك ،اليت يتبعها

359."املستشفى العام يف دائرة املسؤولية التعاقدية

على هذا احلكم القضائي بقوله إن هذا احلكم إمنا يقرر الطبيعة التقصريية 360البعضيعلق و

للمسؤولية الطبية يف فرض خاص، وهو العالج لدى طبيب املستشفى العام ويف حاالت مشاة،

وما عدا ذلك فال ميكن أن .في املسؤولية العقديةتم اختيار املريض للطبيب، ومن مث تنحيث ينعد

يبه؛يصلح كمبدأ عام، يف مجيع احلاالت للمسؤولية املدنية الطبية، خصوصا عندما خيتار املريض طب

.كأن يلجأ إىل عيادته اخلاصة مثال

.25أمحد احليارى، املرجع السابق، ص : 357، حمكمة النقض 93-94عبد اللطيف احلسيين، املرجع السابق، ص. ، ود199حممد حسن منصور، املرجع السابق، ص. د: ظران : 358

ليمان س. ، ود26أمحد احليارى، املرجع السابق، ص. ، ود376 رقم 1156 صفحة -1-، اموعة الرمسية 1936/06/22املصرية،

.155، ص7 السنة 1مرقس، تعليقات على األحكام يف املواد املدنية، جملة القانون واالقتصاد املصرية، العدد .199حممد حسني منصور، املرجع السابق، ص. د : 359

.200 املرجع نفسه، ص،حممد حسني منصور. د : 360

450 من 102صفحة 102 - أأ ب ب- االلل

102

هذا القضاء ويؤيد القضاء الفرنسي يف يعارض – كما أشرنا من قبل –وإن كان الفقه يف جمموعه

. بيااسبقاعتبار أن األصل هو أن تكون املسؤولية الطبية تعاقدية إال يف حاالت معينة

ري فإنه جتدر اإلشارة إىل أنه كان خاضعا للقانون املدين الفرنسي ـاء اجلزائـأما القض

أما بعد االستقالل . (1962/07/05)والجتهادات القضاء الفرنسي خالل فترة ما قبل االستقالل

مستكمال 1975ة صدور أول قانون مدين يف سبتمرب ـف لغاي.م.فاستمر يف تطبيق أحكام ق

بذلك جزءا كبريا من مقومات السيادة الوطنية، وقد تأثرت بعض أحكامه بالقانون املدين

ليس هنا جمال ،المية بالقانون املدين املصري، وأخرى مببادئ الشريعة اإلسبعضها الفرنسي، و

.بسطها

يف مادته 1985 عام 361واستكملت اجلزائر ترسانتها القانونية بسن قانون الصحة وترقيتها

أرست الدولة 1992ويف عام .ةـة واجلزائيـعلى مسؤولية الطبيب التقصريياليت تنص 239

منها من ممارسته 14 حيث منعت الطبيب يف املادة 362؛اجلزائرية قواعد مدونة أخالقيات الطب

17زد على ذلك أن املادة .ملهنته يف ظروف من شأا أن تضر بنوعية العالج أو األعمال الطبية

رر له خالل فحوصه الطبية ـر ال مبـض املريض خلطـيرمن ذات املدونة منعت الطبيب من تع

أن يتخلى عن نصت على أنه ال جيوز للطبيب فقد من نفس املدونة 105أما املادة .عالجه أو

استقالله املهين حتت أي شكل من األشكال، وهذا ما يوحي بأن املشرع اجلزائري قد اجته حنو

حبيث ال خيضع يف تأديتها ألي ؛هـالل التام للطبيب يف ممارسته ملهنتـفكرة ضرورة توفري االستق

– منه 167ة فنصت يف املاد364 أصدرت اجلزائر قانون التأمينات1995ويف عام 363.توجيه كان

جيب على املؤسسات الصحية املدنية وكل " : على أنه املسؤولية املدنية- حتت عنوان مسؤوليات

أعضاء السلك الطيب وشبه الطيب والصيدالين املمارسني حلسام اخلاص أن يكتتبوا تأمينا لتغطية

من هذه الناحية التأمني عن ونظم هذا القانون . "مسؤوليتهم املدنية املهنية جتاه مرضاهم وجتاه الغري

365.املسؤولية املدنية يف اجلانب الطيب يف العديد من املواد

.1985 فرباير 16 املوافق 1405 مجادى األوىل عام 26املؤرخ يف ، 85-05رقم :361.1992 يوليو سنة 6 املوافق لـ 1413 حمرم عام 5 املؤرخ يف 92-276بناء على املرسوم التنفيذي رقم : 362.42علي علي سليمان، دراسات يف املسؤولية املدنية، ص. ، ود263حممد رايس، املرجع السابق، ص. د: أنظر : 363.13 يف اجلريدة الرمسية، العدد 1995 يناير 25 املوافق لـ 1415ن عام شعبا23 املؤرخ يف 95-07بناء على أمر رقم : 364 . من ذات القانون173، و169املادة : أنظر : 365

450 من 103صفحة 103 - أأ ب ب- االلل

103

وبالتايل فرغم تضمن القانون املدين اجلزائري ألحكام املسؤولية التقصريية واملسؤولية العقدية

دين ، والنظام القانوين املـةة صرفـة مدنيـا قضائيـ جند أحكامن أاملتعذربشكل عام، فإنه من

وهذا على عكس قانون العقوبات . بإمتام قانون التأمني1995يف اال الطيب مل يكتمل إال يف عام

1966.366الذي صدر عام

لدى املواطن إال يف أوقات متأخرة، ةـاملدنية ـوهذا ما سبب يف اعتقادي ضعف الثقاف

أصدرها إما القضاء ال الطيب األحكام القضائية يف ارـولذلك فأكث. وخصوصا يف اال الطيب

.اإلداري أو القضاء اجلنائي

وقد أفرد املشرع اجلزائري قواعد املسؤولية التقصريية يف الفصل الثالث حتت عنوان العمل

L’acteاملستحق للتعويض ( dommageable (367.من القانون املدين اجلزائري

: عويض املدين حيث جاء فيه بالتاإلداريةقضى جملس قضاء وهران بغرفته وعليـه، فقد

لحقها بالغري األشخاص عن األضرار اليت يأنه من املقرر قانونا أن متويل الرقابة مسئول"

،"ومن مث فإن التعليق على القرار املطعون فيه مبخالفة للقانون غري صحيح. ن حتت رقابتهواملوضوع

املرضى عقليا إخالل من املستشفى واعترب مسؤولية وفاة الضحية نتيجة االعتداء عليه من أحد

بواجب الرقابة الذي يقع على عاتقها، مما يشكل خطأ مرفقيا يستوجب تطبيق املادة ) بوديس(

368.ج، والتعويض لورثة الضحية مببلغ قدره مائة وأربعون ألف دينار جزائري،م، ق134

ج يف حكم .م. ق124 املادة وقضت احملكمة العليا بغرفتها اإلدارية مبسؤولية املستشفى على أساس

أن املريض نأن مسؤولية املستشفى ثابتة، وال جمال لقبول الدفع املقدم من الطاعنة، م" ورد فيه

؛ تفقده بشكل دوري من عمال املستشفىا ما دام فاقدا لقواه العقلية ومطلوب،هو السبب يف ذلك

طبقا ؛ملستشفى هي تعويض ذوي الضحية، وحيث إن مسؤولية ا "نظرا حلالته الصحية املتميزة

القرار املستأنف بوجود اون وتقصري من عمال املستشفى، يف حسبما جاء ،ج.م. ق124للمادة

369.حبيث نتج عنه وفاة الضحية، هلذا فاستبعاد تطبيق هذه املادة يف غري حمله

.1966 يونيو سنة 8 املوافق لـ 1386 صفر عام 18 املؤرخ يف 66-156الصادر بأمر : 366 .ج.م.ق124-140املواد: راجع :367-122، ص1988/07/16 تاريخ 52862، ملف رقم 1991¡1رية الصادرة عن احملكمة العليا، العدد الة القضائية اجلزائ: أنظر : 368

120..1991/01/13 تاريخ 75670، ملف رقم 1996، سنة 2الة القضائية اجلزائرية، العدد : أنظر : 369

450 من 104صفحة 104 - أأ ب ب- االلل

104

رار صادر عن الس وقضت احملكمة العليا بنقض القرار لعدم االختصاص، وهذا النقض يتعلق بق

طيب أثناء العمل اجلراحي، وحكمت عليهم بدفع القضائي من املستشفى اجلامعي بوهران خلطأ

، غري أن احملكمة العليا نقضت القرار لعدم ةمبلغ كتعويض مدين للضحية عن مجيع األضرار جمتمع

ية املدنية للمراكز االستشفائية إن الدعوى املدنية املتعلقة باملسؤول" : لة ذلك بالقولاالختصاص معل

– القضائي ساجلامعية والقضاء عليها بدفع التعويضات، يرجع اختصاص الفصل فيها إىل ال

370." من قانون اإلجراءات املدنية اجلزائري7 وهذا طبقا للمادة –الغرفة اإلدارية، كدرجة أوىل

ام ـق أحكـه حنو تطبيـجري أنه يتوـاء اجلزائـويتضح من األحكام الصادرة عن القض

ة، وذلك لتعلق األخطاء ـتعويض للمتضرر عن األخطاء الطبيحكم بال لل؛ةـة التقصرييـاملسؤولي

371.رـة بشكل أكثـة للدولـة باملستشفيات العامـالطبي

أهم الفروق بني املسؤولية العقدية واملسؤولية التقصريية: رع الثالثـالف

تناوهلا الفقه القانوين منذ وقت طويل من الزمن، مل يسلم بني نوعي املسؤولية فروق كثرية،

ولقد وقفت هنا عند نقاط االفتراق احلقيقية أو اجلوهرية بني املسؤوليتني 372.أكثرها من املعارض

:متمثلة فيما يلي

االختالف من حيث التعويض: أوال

، فأطراف العقد هم يكون التعويض يف املسؤولية العقدية بناء على اتفاق مسبق للمتعاقدين

كما يف الشرط اجلزائي ؛ددوا مداه، وأن يقدروا مقدار التعويض عن الضررحيالذين هلم احلق أن

"La clause pénale " الذي ال يسمح للقاضي بالتدخل يف تقدير تعويض متفق عليه من تلقاء

قد أمجع فقهاء القانون و. نفسه، إال إذا طالب أحد املتعاقدين بتعديله ألسباب نص عليها القانون

.1998/10/20 تاريخ 5755، ملف رقم 1998، سنة 2الة القضائية اجلزائرية، العدد : انظر : 370.27-28أمحد احليارى، املرجع السابق، ص: انظر : 371La"محل لواء هذه النقطة نظريتان، نظرية ازدواج املسؤولية : 372 dualité de la responsabilité " ونظرية وحدة املسؤولية

"L’unité de la responsabilité"ومن احلجج اليت قدمها أنصار النظريتني ومل تسلم من املع ،االختالف بني : وهيارضة والنقد سبع

ة ـ، درج6)ة احملكمة العليا، ـ رقاب5)ات التعويض، ـ تأمين4)ادم، ـ التق3)ذار، ـ اإلع2)ة، ـ األهلي1): املسؤولية من حيث

الطبيب، فبقي ضمنا يف املطلب الرابع عند حديثي عن صفة التزامهات، وإن كان آخرها أي اإلثبات أقواها، وسأوردـواإلثب 7)اخلطأ،

وا ـع أنصار وحدة املسؤولية أن يهدمـاالختالف من حيث التعويض والتضامن واإلعفاء، وبذلك مل يستط: ثالث حجج هي،إذن

راجع يف كثري من املراجع اليت تتحدث عن نظرية االلتزام يف القانون املدين، روق بني املسؤوليتني، وهذه املعلومات مبسوطةـمجيع الف=

.113-118 مصادر االلتزام يف القانون املدين اجلزائري، ص- سليمان، النظرية العامة لاللتزام عليعلي.د: مثال

450 من 105صفحة 105 - أأ ب ب- االلل

105

ألنه غري مشمول بعبارة ؛على أن ال تعويض عن الضرر غري املباشر يف جمال املسؤولية العقدية

.العقد، ومل تتجه إرادة األطراف إليه

وهذا ،الضرر املعنوي يف املسؤولية العقدية خمتلف فيهأو والتعويض عن الضرر األديب

لذلك وجب ، وأ عن التزام سابق حدده القانون وقدر مداهبعكس املسؤولية التقصريية اليت تنش

التعويض عن الضرر املباشر قطعا، وقد يعوضجدت أسبابه، كالضرر عن الضرر غري املباشر إذا و

املدة أو املستمر، كما قضى بذلك القضاء الفرنسي أحيانا، وأمجع الفقهاء على جواز املتراخي

إذن، فمدى التعويض يف املسؤولية التقصريية . التقصريية املسؤوليةالتعويض عن الضرر األديب يف

373.ةـة العقديـ مما هو يف املسؤوليأوسـع

نـامـالتض: ثانيا

ة، وال يتحقق التضامن إال إذا اشترطه العاقدان ـال تضامن بني املدينني يف املسؤولية العقدي

فإذا اشترك عدة أشخاص يف إحداث ة، ـ أما يف املسؤولية التقصريي374أو نص عليه القانون،

375.ولنيئ فنشأ التضامن بني املس، التعويضالضرر، كان كل منهم مسؤوال، ووجب عليه كامل

ةـاء من املسؤوليـاإلعف: ثالثا

ألما مها اللذان حددا االلتزام ؛اإلعفاء من املسؤولية العقدية يتم بتراضي املتعاقدين

ن يتراضيا على اإلعفاء منه، طبعا يف غري احلاالت اليت يكون فيها ا أمالتعاقدي ورمسا مداه، فله

ألن االتفاق على جواز سوء النية يف ؛)ج .م.ق107/1¡182/2املواد ( غش أو خطأ جسيم

ىل املسؤولية رجه من دائرة املسؤولية العقدية إالصورة األوىل، واإلمهال يف الصورة الثانية، خي

ول التزامئ الذي أخل به املسأما يف املسؤولية التقصريية فإن االلتزام . قانوناالتقصريية، فكان باطال

376. ألنه مرتبط بالنظام العام؛قانوين، ال ميكن للطرفني التراضي على اإلعفاء منه

.27-28حممود محزة، العمل غري املشروع، ص. ، د117-118علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. د : 373 . مدين جزائري217 مدين مصري، واملادة 297املادة : انظر : 374 . مدين جزائري126 مدين مصري، واملادة 169املادة : انظر : 375.116-127علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. ، د27-28حممود محزة، املرجع السابق، ص. د: انظر : 376

450 من 106صفحة 106 - أأ ب ب- االلل

106

تكييف العقد الطيب: املطلب الثالث

ريض، ويف بيان طبيعته اختلف فقهاء القانون يف حتديد ماهية العقد املربم بني الطبيب وامل

أو القول بأنه - كما سيأيت بيانه- برده إىل طائفة من العقود ؛هم يف وصفهاؤالقانونية، فتنوعت آر

:عقد من نوع خاص

عقد وكالة أو عقد إجيار أشخاص: رع األولـالف

ةـعقد وكال: أوال

؛وماينأصحاب هذا املذهب بنوا فكرم على أساس تارخيي يرجع إىل القانون الر

خيتص ا املواطنون الرومان دون العتقاء و العبيد؛ الذين كانت فالوظائف العامة واملهن الفكرية

أما املهن احلرة والشريفة فلم . األعمال اليدوية، على اعتبار أا قابلة للتقومي بالنقودتسند إليهم

درجت مهنة كن ليس هلا مثن، وقد أيقوم ا النبالء وهلا قيمة، ولإذ تكن قابلة للتقومي بالنقود،

الطب ضمن املهن احلرة الكرمية، حيث كانت يف األصل جمانية، وهذا ما أدى إىل عدم ظهورها يف

إطار عقد اإلجيار، الذي ال يظهر إال يف األعمال اليدوية، وهلذا كان عقد الوكالة أكثر مالئمة

هل الطبقات العليا ال يصح أن يؤجروا عند الرومان، على اعتبار أن أ377لتكييف العالج الطيب

ألن الوكالة عقد تربع ؛ الطبيب واحملامي من حق املطالبة مبقابل األتعابموبناء عليه، حر. خدمام

378.اـوجوب

رية الوكالة يف فكر نظوجدتوقد تأثر الفقه الفرنسي بالرأي السائد لدى الرومان، حيث

قد بني الطبيب واملريض هو عقد وكالة، وما األجور اليت الذي اعترب أن الع"Pothier"الفقيه

379.يقدمها املريض إال من باب اهلبة مبقابل

جلأ إىل حيلة لتربير حق الطبيب يف املطالبة باألجور على ما بوتييهويرى البعض أن الفقيه

والعرفان قام به من عمل، على اعتبار أن على املريض تقدمي هبة ليخفف عن نفسه واجب الوفاء

380.باجلميل الذي يقع على كاهله

.97-98عبد الرشيد مأمون، عقد العالج بني النظرية والتطبيق، ص. ، ود82طالل عجاج، املرجع السابق، ص: انظر : 377.92 األبراشي، مسؤولية األطباء واجلراحني، صحسني. د : 378.234 مسؤولية الطبيب، ص-عبد السالم التوجني، املسؤولية املدنية. د : 379.92حسني األبراشي، املرجع السابق، ص. د : 380

450 من 107صفحة 107 - أأ ب ب- االلل

107

الذي على تفاوت املهن، ألا مبنية؛على أن نظرية أو مذهب الوكالة كانت حمل انتقاد

ليس له ما يربره، كما أن القانون ال يقر بوجود تفاوت ودرجات للعقود، وال ميكن اعتبار الوكالة

381.أرفع من أي عقد آخر

عقد وكالة، ال يتفق وطبيعة الوكالة يف القانون، فالوكالة يف كما أن اعتبار العقد الطيب

وم تق )ف.م. ق1984املادة ( يف القانون الفرنسيو )ج .م. ق571املادة ( القانون اجلزائري

ل ب وعقد التطبيب ليس كذلك، 382 أن حمل الوكالة تصرف قانوين،أوهلما: على خاصيتني اثنتني

لوكيل يتصرف باسم األصيل ونيابة عنه، وهو قول خمالف أن اثانيهماهو عمل مادي حمض، و

عن األصيل املريض الذي جيهل فن للقانون، إذ كيف ميكن للطبيب أن يقوم بأداء عمل نيابة

الطبيب يزاول مهنة الطب بامسه الشخصي، أو باسم املستشفى الذي يعمل فيه، ذلك فإن ك. الطب

جدا عن التصرفات بعيدسب، وعمله فيندومنا رقيب إال من قواعد مهنته وضمريه فح

383.القانونية

واقع فإن384 يف التشريعات احلديثة، كما هو وارد؛وإذا كان األصل يف الوكالة التربع

385.عقد التطبيب خبالف ذلك، إذ األصل فيه املعاوضة

مث إن القول بوجود أعمال يدوية حيكمها عقد إجيار األشخاص، وأعمال فكرية ختضع

386. فيه ال يكون للعقل دور جتاوزه الزمن، فليس هناك عمل الوكالة، قوللعقد

.الةـــد وكـاره عقـد الطبيب ال ميكن اعتبـول بأن عقـوهكذا خنلص إىل الق

عقد إجيار أشخاص: ثانيا

لقول إىل ا فقهي قضائي على العكس من القائلني بأن العقد الطيب عقد وكالة، ذهب اجتاه

حسب تعبريات ؛ عمل أو عقد، خدمات إجارة أو عقد387، أشخاص إجيارطيب عقدبأن العقد ال

388.بعض الشراح

.83، طالل عجاج، املرجع السابق، ص52-53حممد السعيد رشدي، عقد العالج الطيب، ص. د : 381382 : Cass.civ-19/02/1968-393.

املؤرخ يف 68-05 املهام ذات الطابع القانوين املساعدة للقضاء مبقتضى القانون رقم نيط به بعضفرنسا أيالحظ أن الطبيب يف : 383

، وأمحد 301-302حممد رايس، املرجع السابق، ص. د: انظر. منه490ملعدل للقانون املدين الفرنسي، وخاصة املادة ا 1968/01/03

¡119حممد بشري شرمي، األخطاء الطبية بني االلتزام واملسؤولية، ص. ، ود65 صاحليارى،

M.M.Hannouz et A.R. Hakem, précis de droit médical, p.33. .ج.م. ق581ف، واملادة .م. ق1986املادة : انظر : 384

385 : J.Penneau, responsabilité du médecin, p.8..39كام عقد املقاولة، صحممد لبيب شنب، شرح أح. د : 386

450 من 108صفحة 108 - أأ ب ب- االلل

108

فقد وصفت بعض احملاكم العقد الطيب بأنه عقد إجارة أشخاص، يلتزم املريض مبوجبه بأداء

األجر للطبيب مقابل قيام الطبيب بالعالج، حتت إدارته وإشرافه، وما دام أن القانون ال يق بني فر

389.األعمال املادية واألعمال الفكرية من حيث األجر، فالطبيب يقوم خبدمة إنسانية مقابل أجر

خضوع األجري،وقد انتقد هذا االجتاه أيضا، ذلك أن من أهم ما مييز عقد إجيار األشخاص

هذا يتناىفرقابة املستأجر، ووجود عالقة تبعية قانونية من جانب العامل لرب العمل، ول أثناء عمله

.لك الطبيب احلرية التامة أثناء ممارسته لعمله الطيبتمع عالقة الطبيب باملريض، حيث مي

فالقول بأن العقد الطيب عقد إجارة أشخاص يشكل قيدا شديدا على حرية الطبيب ،إذن

390.ئمة واملسؤولية على من هو حتت رقابتهلاليف اختيار العالج، وجيعله يلقي با

كان هلذا الرأي وجاهته خصوصا يف جمال التعاقد الفردي، إال أنه ال يؤخذ على على أنه إذا

خصوصا وأن مهنة الطب قد تطورت مع تطور الصناعة، ووجود الشركات واستخدامها ،إطالقه

للعمال والتزامها يف احملافظة على صحتهم وقدرم اإلنتاجية، وهو ما جعلها تتفق مع أطباء

بشكل دوري ومعاجلتهم إذا اقتضى األمر ذلك، مقابل راتب شهري تدفعه للكشف على عماهلا

391. حبيث يلتزموا جتاه الشركة بتخصيص بعض الوقت لتقدمي خدمام املتفق عليها؛لألطباء

بأن املستشفى "الفرنسية بالرأي السالف وقضت " دجيون"وقد أخذت حمكمة استئناف

، وهذا احلكم بنته احملكمة على أساس "لى رأسهيكون مسؤوال عن نشاط الطبيب الذي يعمل ع

ف، حيث وصفت العالقة بني الطبيب واملستشفى بأا عالقة تبعية، أي عالقة.م. ق1384املادة

بني املستشفى ت بوجود عقد عمل، وهو ما يدعو إىل االفتراض بأن هذه احملكمة أقر بتابعهمتبوع

392.والطبيب

.94حسن األبراشي، مسؤولية األطباء واجلراحني املدنية، ص. د: انظر : 387.106عبد الرشيد مأمون، عقد العالج بني النظرية والتطبيق، ص. د: انظر : 388ؤولية األطباء واجلراحني حسن األبراشي، مس. ، د245 مسؤولية الطبيب، ص-عبد السالم التوجني، املسؤولية املدنية. د: انظر : 389

.1931/07/16الفرنسية الصادر يف " اكس" من ذات الصفحة إىل حكم حمكمة (1)، وأشار يف اهلامش رقم 94املدنية، ص، طالل 245مسؤولية الطبيب، ص - املسؤولية املدنية،عبد السالم التوجني. ، ود94براشي، املرجع السابق، صاألحسن . د: انظر : 390

.65-66، وأمحد احليارى، املرجع السابق، ص84-86ع السابق، صعجاج، املرج.95-96حسن األبراشي، املرجع السابق، ص. د: انظر : 391، وكذلك قرار 96حسن األبراشي، املرجع السابق، ص. ، أشار إليه د1903/03/18قرار حمكمة دجيون الفرنسية الصادر بتاريخ : 392

.246، ص(1)عبد السالم التوجني، املرجع السابق، هامش . ، أشار إليه د1933/02/06حمكمة مونبولييه املؤرخ بـ

450 من 109صفحة 109 - أأ ب ب- االلل

109

أخذت بوجهة نظر احملاكم الفرنسية يف هذا اال، حيث اعتربت ويبدو أن احملاكم املصرية

أن الطبيب الذي تستخدمه املؤسسة بعقد عالج عماهلا، إمنا خيضع ألحكام عقد العمل الفردي،

بالشركة ) وهو الطبيب(ف ضده بأن عالقة املستأن"حيث قضت حمكمة استئناف اإلسكندرية

، مقابل األجر الذي كانت تدفعه إليه شهريا،فيه حتت إدارافة يف املهام اليت استخدمته املستأن

393." قانون العمل الفردي وحيكمها نصوصههاينطبق علي

:)استصناع(العقد الطيب عقد مقاولة : رع الثاينـالف

أحد املتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عقد يتعهد مبقتضاه" يعرف عقد املقاولة بأنه

394." اآلخريتعهد به املتعاقد أجرمقابل عمال

أن التعريف املتقدم ذكره ينطبق على العقد الطيب، على اعتبار أن 395ويرى بعض الفقهاء

يف حتديد العالج 396 مع احتفاظ الطبيب حبريته الكاملة معني أجرالطبيب يلتزم بعالج املريض لقاء

397.وطريقته دون أن تكون هناك رابطة تبعية بني الطبيب واملريض

وإن ذهب البعض إىل أن الطبيب خاضع لرقابة املؤسسة اليت يعمل ا ملصلحة عماهلا من

الناحية اإلدارية، إال أن هذه الرقابة هي رقابة نسبية جزئية، وال متتد إىل العمل الفين الذي يقوم به

398.الطبيب

جتاهطبيب يف مصر بأن تعهد ال ما ذهب إليه الفقه، حيث قضت حمكمةوقد ساند القضاء

ل للمريض حق الفسخ االنفرادي مع حفظاع، ومن مث خيونـاملريض، هو من قبيل عقد االستص

وقا تكلفه يف العمل الذي أ حق الطبيب يف التعويض، عم399.ف

م أن التزام الطبيب التزاممن حيث 400 ببذل عنايةويؤخذ على هذا املذهب أن أنصاره فا

كما أن الطبيب ، 401اول الذي يلتزم بتحقيق غاية يف أغلب العقوداألصل، وهذا على عكس املق

عبد السالم التوجني، . ، أشار إليه د1956/12/10 بتاريخ 97 عمال، االستئناف رقم /قرار حمكمة اإلسكندرية املدنية الثانية : 393

.248املرجع السابق، ص . من القانون املدين املصري646بلها املادة من القانون املدين اجلزائري، ويقا549املادة : 394طالل : مثل روسا، وجوسران، وأندريه بريتون ويسرف، وعبد الرزاق السنهوري، حممد لبيب شنب، حممد السعيد رشدي، انظر : 395

.303رايس حممد، املرجع السابق، ص. ، د67، وأمحد احلياري، ص90-91عجاج، املرجع السابق، ص . من مدونة أخالقيات الطب اجلزائرية425املادة : لعالج أو أن يرفضه، انظرأن يقبل افله : 396.97-98حسن األبراشي، املرجع السابق، ص. د: انظر : 397.90طالل عجاج، املرجع السابق، ص: انظر : 398.97، ص(2)السابق، هامش حسن األبراشي، املرجع . ، أشار إليه د1937/05/05قرار حمكمة مصر اجلزئية املختلطة املؤرخ بـ : 399

450 من 110صفحة 110 - أأ ب ب- االلل

110

كقاعدة عامة، على هو حمل اعتبار شخصي يف عقد العالج، حيث ينتهي العقد مبوت الطبيب

402.خالف عقد املقاولة الذي ميكن أن ينتقل إىل ورثته

ن يعهد به إىل وبناء عليه، فال يستطيع الطبيب الذي التزم بتقدمي العالج الالزم للمريض أ

إن مل 403غريه من األطباء، بينما يستطيع املقاول أن ينفذ العمل أو جزءا منه بواسطة مقاول فرعي،

. )ج.م. ق564املادة (متنعه شروط العقد

والعقد الطيب غري ملزم للطرفني، وقابل لإلاء مىت ما فقدت الثقة بينهما، حيث يستطيع املريض أن

كما ميكن للطبيب أن يفسخ العقد بشرط أن ، تعويض مدين للطبيبيتحلل من العقد مقابل

404.يضمن مواصلة العالج للمريض

وتنص مدونة أخالقيات مهنة الطب يف اجلزائر على مبدأ حرية االختيار يف إقامة العالقة

التعاقدية أو عدمها بني الطبيب واملريض، وللطبيب أن يرفض تقدمي العالج ألسباب شخصية، إال

405.اك خطرا وشيه يواج كان املريضإذا

-وقد فرض القضاء الفرنسي قيودا على الطبيب عند ممارسته حلق رفض استمرار العالج

إذ أوقع عليه واجب عدم التخلي عن مريضه يف اللحظات –خصوصا إذا كان العقد حمدد املدة

التزم باحلضور لرعاية مبسؤولية الطبيب الذي كان قد" Amiens" حيث قضت حمكمة 406احلرجة،

407. أثناء عملية الوالدة مث اعتذر يف اللحظة األخريةامرأة

400 : R.Savatier, traité de droit médical, p.212.قد يلتزم الطبيب بتحقيق غاية يف حاالت نادرة سيأيت ذكرها يف املطلب القادم، واالستثناء ال ينقض القاعدة، ومن أمثلة ذلك : 401

د مقاولة بالنسبة لطبيب األسنان الذي يتعاقد على صناعة طاقم حكم احملكمة الفدرالية يف سويسرا اليت كيفت العقد الطيب على أنه عق

: انظر. من األسنان االصطناعية، ففي هذه احلالة يلتزم بتحقيق نتيجة ويضمن نوعية املنتج الذي يعده خصوصا بالوسائل التقنية احلديثة

.67أمحد احليارى، املرجع السابق، ص: راجع .1979حكم لوزان لعام وقت مؤهالته الشخصية بعني االعتبار ت أخذإذاينقضي عقد املقاولة مبوت املقاول ": ج على ما يلي.م. ق569ادة تنص امل : 402

552 فإن العقد ال ينتهي تلقائيا، وال جيوز لرب العمل فسخه يف غري احلاالت اليت تطبق فيها املادةخالف ذلك كان األمر إنالتعاقد، و

."العملاول الضمانات الكافية حلسن تنفيذ إال إذا مل تتوفر يف ورثة املق] االتفاق أو عرف احلرفة بغري ذلكما مل يقض. [.نية الفقرة الثا403 : J.Savatier, la profession libérale, p.214

. مدونة أخالقيات مهنة الطب اجلزائرية50املادة : انظر : 404 . على التوايل من نفس املدونة9¡42املادة : انظر : 405

والتطبيق، يةعبد الرشيد مأمون، عقد العالج بني النظر. ، أشار إليه د1923/06/21قرار حمكمة النقض الفرنسية املؤرخ بـ : 406

.111، ص(1)هامش ¡(2)عبد الرشيد مأمون، املرجع نفسه، هامش . ، أشار إليه د1857/11/16قرار احملكمة الفرنسية املذكورة املؤرخ بـ : 407

.111ص

450 من 111صفحة 111 - أأ ب ب- االلل

111

وبالتايل، يتبني مما تقدم أن الطبيب يقوم بعمل مدين إنساين بالدرجة األوىل، وإن كان

الربح إىل من ورائهيسعىأما املقاول فإنه يقوم بنشاط جتاري . من وراء مهنته رحبايبتغي

408.أصالة

ة من نواحي ـد املقاولـف عن عقـب خيتلـد التطبيـ خنلص مما تقدم بأن عق،راـأخي

.هـه بـاد وصفـا يستدعي استبعـ م– رغم تشاهما أحيانا -متعددة

)من نوع خاص(العقد الطيب عقد غري مسمى : رع الثالثـالف

طيب، جيب أن بعد استعراض املذاهب واالجتاهات السابقة اليت حتدثت حول تكييف العقد ال

مما سبق –إذ مما الشك فيه أن كل اجتاه . حندد موقفنا من ذلك، ونبني التكييف الشامل هلذا العقد

من الصحة، حيث أخذ عنصرا من عناصر هذه العالقة واستبعد عناصر حاز على نصيب–عرضه

ل دون إغفال غين عن احلقيقة الكاملة، اليت تتضح معاملها بشكل شامأخرى، غري أن ذلك ال ي

409.التصورعنصر من العناصر، ولو كان الغرض من ذلك هو تسهيل املقارنة بني الواقع و

ولعل الوقوف على طبيعة العقد الطيب قليلة الفائدة من الناحية العملية، لذلك نادرا ما جند

طة وخاصة احلديثة منها، تثري هذا املوضوع، وتتعرض لتكييف هذه الراب410األحكام القضائية،

411.العقدية

ولقد قرر جانب من الفقه أن العقد الطيب هو عقد غري مسمى، على أساس أن هذا العقد

عقد الوكالة أو عقد إجيار ك ؛ من العقود السابقة الذكرله مميزاته اخلاصة اليت تأىب إخضاعه ألي

412.األشخاص أو عقد املقاولة

بني املريض والطبيب الذي يقدم قضت حمكمة النقض الفرنسية بأن االتفاق املربمحيث

413.اع بل إنه عقد من نوع خاصنصه، ال ميكن أن يوصف بأنه عقد استمساعدته وجهود

. من القانون التجاري اجلزائري اليت حتدد األعمال التجارية حبسب املوضوع02املادة : نظرا : 408

M.M.HANNOUZ et A.R.HAKEM, précis de droit médical, p.32..234/1: أمحد ماهر زغلول، الدفاع املعاون: انظر : 409 . القضاء اجلزائريمل أعثر على حكم أو قرار يكيف رابطة املريض بالطبيب العقدي يف : 410.312حممد رايس، املرجع السابق، ص. د: انظر : 411.253عبد السالم التوجني، املرجع السابق، ص. د: انظر : 412عبد الرشيد مأمون، املرجع السابق، . د: ، أشار إليه217-1-1939، واحلكم منشور بسرياي 1937/07/13القرار مؤرخ بـ : 413

.253عبد السالم التوجني، املرجع السابق، ص. ، ود99، ص(2)براشي، املرجع السابق، هامش حسن األ. ، د116، ص(10)هامش

450 من 112صفحة 112 - أأ ب ب- االلل

112

دافع عن هذا املذهب واستبعد النظريات األخرى، وقال " سافاتيه"وجيدر بالذكر أن الفقيه

ئمني مبمارسة املهن ى، على اعتبار أن العمل املستقل لألشخاص القامبأن العقد الطيب عقد غري مس

احلرة جيعلهم غري حمكومني ألي عقد مسمى يف القانون، وأم خيضعون فقط للقواعد العامة اليت

414.حتكم االتفاقات والعادات اليت تسري عليها املهن احلرة

– رغم التشابه –، وخيتلف صفته املستقلةويف مصر يرى بعض الفقه أن العقد الطيب له

415.ةعن العقود التقليدي

نوع من هو عقـدد التطبيبـن كذلك أن عقـويف اجلزائر يرى بعض الباحثي

416.خاص

بأنه عقد – بشأن التكييف الصحيح لعقد التطبيب – إىل القول -مما تقدم- خنلصعليه،و

على الرغم من وجاهة األسباب اليت دعت بعض قائم بذاته، له طبيعة ومميزات خاصة به، وهذا

417.مي إىل اعتباره عقد إجارة أشخاصفقهاء الفقه اإلسال

صفة التزام الطبيب: املطلب الرابع

يترتب على تدخل الطبيب إلسعاف املريض يف إطار العقد أو خارجه التزامات متعددة،

يدعى البعض اآلخر ببذل عناية، ودعى بعضها االلتزاميبتحقيق غايةااللتزام .

ين حتقيق نتيجة معينة، بل يوجب عليه أن يبذل اجلهد وااللتزام ببذل عناية ال يوجب على املد

أما االلتزام بتحقيق غاية فهو .للوصول إىل هدف معني، سواء حتقق هذا اهلدف أو مل يتحقق

: وهو ما سنشرحه يف فرعني418. معينة هي حمل االلتزاميفرض على املدين أن حيقق هدفا أو نتيجة

:ةالتزام الطبيب ببذل عناي: الفرع األول

ومنها املهن الطبية سواء يف 419من املسلم به بوجه عام أن قواعد القانون املدين وقواعد املهن احلرة

ذلك أكانت العالقة بني الطبيب واملريض تعاقدية أم تقصريية، فإا ال تفرض على الطبيب االلتزام

.118عبد الرشيد مأمون، املرجع السابق، ص. د: انظر: 414حسن األبراشي . ، ويرى د117عبد الرشيد مأمون، مرجع سابق، ص. ، ود253عبد السالم التوجني، مرجع سابق، ص. د: انظر: 415

.99سابق، صالرجع امل، راجع أحوط ملميزات العقد الطيب اخلاصةأن هذا الرأي416 : M.M.Hannouz, et A.R.Hakem, Précis de droit médical, p.34.

.93-94طالل عجاج، مرجع سابق، ص: انظر: 417صادر االلتزام، دراسة يف عبد املنعم فرج الصده، م. ود، 657/1:، الوسيط يف شرح القانون املدينعبد الرزاق السنهوري. د: انظر: 418

.656القانون اللبناين والقانون املصري، ص

450 من 113صفحة 113 - أأ ب ب- االلل

113

أ ذمته بذلك لو مل حبيث ترب420 من العناية الطبية الالزمة،لزمه ببذل قدربشفاء املريض، بل ت

421.يتحقق الشفاء

ال على تقصريـن دليـويف االلتزام ببذل عناية ال تقوم مسؤولية الطبيب إال إذا أقام الدائ

وأن ، وجيب تنفيذ العقد طبقا ملا اشتمل عليه وحبسن نية422. يف بذل العناية الواجبةإمهال أو

ولو 423بذل من العناية ما يبذله الشخص العادي،يتوخى املدين احليطة يف تنفيذ التزامه، وذلك إذا

424.مل يتحقق الغرض املقصود، هذا ما مل ينص القانون أو االتفاق على خالف ذلك

ن أ– وهو يعاجل مرضاه –وتنص التشريعات الطبية اجلزائرية على أنه جيب على الطبيب

نة عند الضرورة بالزمالء يتسم باإلخالص والتفاين واملطابقة ملعطيات العلم احلديثة واالستعا

425.املختصني واملؤهلني

. من خالل رأي الفقه وتطبيقات القضاءىفوفيما يلي شرح ذلك بشكل أو

:هـرأي الفق: أوال

يكاد ينعقد إمجاع الفقه على أن أصل التزام الطبيب يف مواجهة املريض إن هو إال التزام

أم يف العقد، إذ إنه ال يلتزم بشفاء املريض، وإمنا ه يف القانون مصدردجو أ سواء426ببذل عناية،

هي – كما يبدو من شروح فقهاء القانون – ببذل عناية يف سبيل شفائه، ألن العلة حسبيلتزم ف

كبرية من االحتمال واحلدس والتخمني، وهلذا ال يتصور أن يلتزم أن العمل الطيب يتضمن نسبة

خصوصا اجلراحي منه، فهذا ليس يف ،ن العمل الطيبالطبيب بشفاء املريض أو ضمان سالمته م

.كاحملامي الذي ال يلتزم بكسب القضية، وإمنا ببذل جهود خملصة للدفاع عن موكله: 419Margaret :سيأيت احلديث عن معيار العناية املطلوبة يف هذا الفرع، راجع: 420 Brazier, médecine, patient And the law,

p.120..397سليمان مرقس، تعليقات على األحكام يف املواد املدنية، ص. د: انظر: 421.161ية، صننائل عبد الرمحن، دراسات، جملة العلوم والشريعة والقانون باجلامعة األرد. د: انظر: 422Le" يقابله يف الفرنسية : 423 bon pére de famille"سيأيت شرح هذا املصطلح قريبا، و. .م.م. ق211/1، املادة ج وما يقابلها.م. ق1/172ج، واملادة .م. ق1/07 املادة :انظر: 424.45مدونة أخالقيات مهنة الطب، املادة : انظر: 425، عبد الفتاح عبد الباقي، أحكام االلتزام 6931، ص548، ف 741، ص429 عبد الرزاق السنهوري، املرجع السابق، ف : انظر:426

¡8، حممد هشام القاسم، اخلطأ الطيب يف نطاق املسؤولية املدنية، جملة احلقوق والشريعة الكويتية، ص34¡24يف القانون الكوييت، ص

ويقابلها يف .73، شامار ومونزن، ص382، ص151، مرقس، املسؤولية املدنية، ف135لبيب شنب، نظرة يف مسؤولية األطباء، ص

": الفرنسية Une obligation générale de prudence et diligence"

450 من 114صفحة 114 - أأ ب ب- االلل

114

غري نتيجته احتماليةمقدوره، ألنه عمل غري مضمون النتيجة، بل مظنوا، أو بعبارة أخرى، ألن

428.رأيـذا الـالمي إىل هـه اإلسـراح الفقـ من شقـم فريـ وينض .427امقطوع

يتمثل يف سلوك الرجل 429موضوعيوااللتزام ببذل عناية له معيار حيدده، وهو معيار

معيار طبيب متوسط من مستواه املهين، وجد يف نفس العادي، ويقصد به هنا يف العمل الطيب

.ظروفه اخلارجية، مع مراعاة األصول العلمية الثابتة

فال يتساوى الطبيب العام مع الطبيب األخصائي يف العناية املطلوبة، حيث يطلب من

من العناية تتفق ومستواه العلمي املهين التخصصي، وجيب مقارنة سلوكه الطبيب األخصائي قدرا

.بسلوك أخصائي مثله

ألنه جيب يف حقه الدقة يف التشخيص، ؛وهنا جيب التشدد يف تقدير اخلطأ الطيب بالنسبة له

430.واالعتناء، وعدم اإلمهال يف املعاجلة

ن ذلك يف مستشفى مزود كأن يكو؛ويقصد بالظروف اخلارجية زمان ومكان العالج

بأحدث اآلالت واألجهزة الطبية، أو يف منطقة منعزلة ال وجود فيها لتلك اإلمكانيات، أو تكون

حالة املريض يف درجة من اخلطورة تقتضي إجراء جراحة له فورا يف مكان وجوده دون نقله إىل

431.ادةـمستشفى أو عي

أمحد شرف الدين، مسؤولية الطبيب، . ، ود118-119حمسن عبد احلميد البيه، خطأ الطبيب املوجب ملسؤولية املدنية، ص. د: 427

، حيث 386سليمان مرقس يف كتابه املسؤولية املدنية، ص. ، وخالف د43-44مشكالت املسؤولية املدنية يف املستشفيات العامة، ص

بشفاء املريض إن كان احتماليا إال أنه ليس مستحيال، فيجوز التعهد به، حبيث إذا حتقق برأت ذمة الطبيب، صحة تعهد الطبيبرأى

.وإذا ختلف كان ضامنا . يف االستدالل وسيأيت بيان ذلك يف املبحث الثاين من هذا الفصلبيد أن هلم طريقة خمتلفة: 428 لشخص ما مبسلكه العادي، فإن اتضح أنه كان يستطيع أن يتفادى الفعل الضار يقابله املعيار الشخصي، وهو أن يقارن ما وقع: 429

للبعض جيب وقد تردد الفقه والقضاء بني هذين املعيارين يف تقدير خطأ الطبيب، فوفقا. املنسوب إليه، اعترب مقصرا، وإال فإنه غري خمطئ

عدالة هذا املعيار يف التقدير، إذ يؤدي تطبيقه إىل مكافأة من اعتاد أنه لوحظ عدم بيداألخذ باملعيار الشخصي، ألنه تقدير واقعي،

وديع فرج، مسؤولية األطباء واجلراحني املدنية، جملة : انظر. التقصري بعدم حماسبته على تقصريه، وجمازاة من اعتاد اليقظة على أقل هفواته

.م1942هـ يناير سنة 1361سنة ، العدد األول، السنة الثانية عشرة حمرم 396القانون واالقتصاد، صسليمان . ، ود.154، املرجع السابق، صيعبد السالم التو جن. ، د116عديل خليل، املوسوعة القانونية يف املهن الطبية، ص: انظر: 430

.336مرقس، حبوث وتعليقات على األحكام يف املسؤولية املدنية، ص.112ل عجاج، املرجع السابق، ص، طال207حممد حسني منصور، املرجع السابق، ص. د : 431

450 من 115صفحة 115 - أأ ب ب- االلل

115

تكون األعمال الطبية املبذولة متفقة مع يدخل يف حتديد مدى التزام الطبيب أن،وأخريا

األصول العلمية الثابتة، ويقصد ا األعمال الطبية اليت جتاوزت مرحلة اجلدل واخلالف، وأصبحت

432. تتحقق معه املسؤوليةيعترب اخلروج عليها خطأإذ مسلما ا من كل طبيب،

قطع للجدل العلمي، ومل يويرى البعض جواز القيام باألعمال الطبية اليت ال تزال حمال

بصحتها بعد، وعلى ذلك ال تصح مسائلة الطبيب عن تصرف ارتكبه أو أسند إليه إذا كانت

اآلراء الفنية خمتلفة حوله، فهنا يتمتع الطبيب مبيزة الشفاعة له من املسؤولية، ولو كانت اآلراء اليت

يف تصرفه على مرجع يصح االعتماد قليلة، بل إن الطبيب يعفى من املسؤولية إذا اعتمدتؤيده

433.عليه، حىت لو ثبت فيما بعد أن هذا املرجع كان بعيدا عن احلقيقة والصواب

– فيما يبدو –وهذه مسألة يدق فيها النظر، خصوصا من الناحية العملية، إذ ال جيوز

أما بالنسبة . ليدي وهذا يف الطب التق،للطبيب ترك القواعد الفنية املستقرة إىل ما ال يستقر بعد

كالطب باألعشاب الطبيعية، والطب البديل، والطب بالطاقة وحنو ذلك، ؛ألنواع الطب املستجدة

فهي مسألة حتتاج يف رأيي إىل اجتهاد مجاعي مؤسسي حيوي خمتلف جهابذة صنوف الطب يف

.العصر احلديث واهللا أعلم

ةـتطبيقات قضائي: ثانيا

على أن العقد املربم 1936/5/20رار حمكمة النقض الشهري يف استقر القضاء يف فرنسا يف ق

أن يبذل – إن مل يلتزم بطبيعة احلال بشفاء املريض –بني الطبيب واملريض، يقتضي من الطبيب

عنايته وجهوده الصادقة اليقظة املتفقة مع الظروف اخلارجية احمليطة واملنبثقة من األصول العلمية

434.الثابتة

لقضاء الفرنسي يف جانب مراعاة الظروف اخلارجية احمليطة بالطبيب من كما أثر عن ا

حيث الزمان حكم يقضي بعدم مسؤولية طبيب ترك قطعة شاش يف جسم مريضه، بسبب السرعة

، حيث اعتربت احملكمة احلادث من قيمة كبريةاليت فرضتها تلك العملية اليت كان لكل حلظة فيها

435. الطبيب، ما دام أنه قام مبا يف وسعه يف إجناح العمليةظروف العملية، وال ضمان على

.8عبد الرمحن الطحان، حيوية املسؤولية عن اخلطأ الطيب، ص. د: انظر : 432.143-144حسن األبراشي، املرجع السابق، ص. ، ود8انظر عبد الرمحن الطحان، املرجع نفسه، ص : 433.204حممد حسن منصور، املرجع السابق، ص. د: راجع : 434.(1)، هامش 8عبد الرمحن الطحان، مرجع سابق، ص. ، أشار إليه د1932 أكتوبر 26 الفرنسية، Besanoonقرار حمكمة : 435

450 من 116صفحة 116 - أأ ب ب- االلل

116

هلا ظرف ذلك ألن العملية كان ؛ واحلقيقة أن قرار احملكمة الفرنسية له طابع استثنائي

ألن ؛للمسؤوليةموجب در اإلشارة إىل أن ترك قطعة شاش يف جسم املريض هو خطأ خاص، وجت

بإحصاء األدوات اليت يستعملها يف العملية قبل وبعد التعاليم الطبية توجب على الطبيب أن يقوم

436.عذر فيه الطبيب إن ترك شيئا منهاانتهاء العملية اجلراحية، وهو ما ال ي

ولقاضي املوضوع تقدير مسلك الطبيب، إما بقيامه بالعناية الطبية الالزمة أو انتفائها يف

عد املهنة، دون التقيد بتلك القواعد إذا ما ضوء الوقائع املوجودة، وباالستعانة بأهل اخلربة وقوا

ية واخلالفات الطبية مثبت خمالفتها للتبصر واحليطة، ودون الدخول يف فحص النظريات العل

437.القائمة

كان م 20 وبداية القرن م19القضاء الفرنسي خصوصا يف اية القرن فقد ثبت أن ،إذن

438.طلوبة وليس إىل حتقق الشفاءيصب جهده يف النظر إىل وجود العناية الطبية امل

الذي سلكه القضاء الفرنسي، حيث قضى بأنه ال ينبغي يف مصر النهجوقد شايع القضاء

للقاضي يف حتديد مسؤولية الطبيب أن خيوض يف اخلالفات الطبية وأن يرجح رأيا على رأي، ولكن

بل على ،الف فينعلمي، وأصبحت ال تنطوي على خالمىت خرجت الواقعة من نطاق البحث

ال وجهل باألشياء اليت يتعني على كل طبيب أن يعرفها، كان للمحاكم أن تقرر املسؤولية مهإ

439.اـرهوتقد

ذهب القضاء املصري إىل أن األصل يف التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية وليس التزاما حيث

ولكن مىت احنرف الطبيب عن أداء 440 بالقيود واالحترازات اليت أوردناها من قبل،،بتحقيق غاية

.112عبد الرمحن الطحان، املرجع ذاته، من ذات الصفحة واهلامش، طالل عجاج، املرجع السابق، ص. د: انظر : 436437:Montpellier 14 Dec, 1954 D, 1955 745 n .Carbonier208حممد منصور، املرجع السابق، ص. ه د أشار إلي¡

.(4)هامش قرار حمكمة النقض : لذلك جند أحكاما تقرر عدم وجوب جزم القاضي نسبة اخلطأ للطبيب يف القضايا العلمية املختلفة فيها راجع : 438

كاما تعفي الطبيب من ، بل جند أح(9)، هامش 8عبد الرمحن الطحان، مرجع سابق، ص. ، أشار إليه د1862/07/22الفرنسية

: املسؤولية املترتبة عن قتل املريض، وذلك بزيادة كمية املخدر استنادا من الطبيب إىل رأي أحد علماء الطب يف كتاب مطبوع، راجع

– فيما يبدو– وهذا احلكم القضائي 144حسن األبراشي، املرجع السابق، ص. ، أشار إليه د1904/11/07قرار حمكمة ليون الفرنسية

حمل نظر، خصوصا بعد تطور الطب يف عصرنا ورسوه على قواعد دقيقة وتفصيالت كثرية يف هذا الشأن تتناسب وطبيعة كل مرض

.ومريضعبد الرمحن الطحان، مرجع . ، أشار إليه د1939/02/07بتاريخ ) بصفتها االستثنائية(قرار حمكمة مصر االبتدائية الوطنية : انظر : 439

.8، ص(9)سابق، هامش .205 منصور، صنيحممد حس. املسؤولية الطبية، د: ، نقال عن1062، ص11، س1971/12/21نقض : راجع : 440

450 من 117صفحة 117 - أأ ب ب- االلل

117

دالواجب املنوط به عت عليه عمله خطأ يستوجب مسؤوليته عن الضرر الذي أصاب املريض وفو

441.فرصة العالج، مىت ارتبط السبب باملسبب

أجاب بعريضة ) ك(وقررت احملكمة العليا اجلزائرية يف غرفتها اإلدارية حيث إن الفريق

يف اليوم التايل لدخول مستشفى ) م.ك( مذكرين أن وفاة مورثهم م،1990/01/11مؤرخة يف

لعدم إنارة الغرفة اليت كان ا، وما دام عمال سطيف لألمراض العقلية كان بسبب إمهال

يكونوا قد ارتكبوا خطأ كبريا يتحمل املستشفى ،املستشفى مل يقوموا بالعناية الالزمة للمريض

442.تبعته

ةـم الطبيب بتحقيق غايالتزا: رع الثاينـالف

إذا كان األصل يف التزام الطبيب هو االلتزام ببذل عناية؛ التفاقه مع الطبيعة االحتمالية

لألعمال الطبية، فإنه مىت كانت بعض هذه األعمال ال تتضمن مثل هذا االحتمال، وتفضي

، فإن التزام الطبيب بالعكس إىل نتائج مؤكدة بسبب التقنيات احلديثة اليت أصبحت يف متناول اليد

وحينئذ يثبت خطأه مبجرد ختلف تلك النتيجة، واملسؤولية هنا . بشأا يكون التزاما بتحقيق نتيجة

مبنية على أساس اخلطأ املفترض غري القابل للدحض، وال ميكن التخلص من املسؤولية إال إذا مت

ب تربطه باملريض شبكة من والشك أن الطبي. إثبات وجود القوة القاهرة أو احلادث الفجائي

وعليه، ميكننا تصنيف أهم 443.االلتزامات، قليل منها ببذل عناية، وكثري منها بتحقيق غاية

:االلتزامات ببذل نتيجة إىل ثالث طوائف كما يلي

التزامات تتصل بالواجبات اإلنسانية واألخالقية للطبيب: أوال

خالقية واإلنسانية ملهنة الطب اليت تعد التزامات إن أظهر االلتزامات اليت ترتبط بالناحية األ

التزام الطبيب بإعـالم املريض، واحلصول على موافقتـه، والتزامه بسر املهنة،: حمددة بنتيجة هي

ومتابعة عالج املريض، وتستوي هذه االلتزامات فيما إذا كانت ذات مصـدر عقدي أو غري

.الطبيب بإعـالم املـريضوسوف نفصـل إحداهـا وهي التـزام . عقدي

.205-206، نقال عن املرجع نفسه، ص636، ص17س، 1966/03/22نقض : راجع : 441.127، ص1991/01/13 قرار بتاريخ 75670، ملف رقم 1996¡02الة القضائية اجلزائرية، العدد : راجع : 442.119، وطالل عجاج، املسؤولية املدنية للطبيب، ص179حمسن عبد احلميد، خطأ الطبيب املوجب للمسؤولية املدنية، ص. د : 443

450 من 118صفحة 118 - أأ ب ب- االلل

118

:الم املريضـالتزام الطبيب بإعـ

من املبادئ الثابتة يف اال الطيب، منذ عهد بعيد، التزام الطبيب بإخبار املريض وتبصريه

وسواء أكان مصدر االلتزام باإلعالم القانون، من خالل املبادئ 444مبخاطر املرض والعالج،

أو كان مصدر االلتزام 445 املعامالت، أو مبقتضى نصوص خاصة،العامة، مثل مبدأ حسن النية يف

¡446 الشهري السالف الذكرMercierباإلعالم التعاقد، وهو ما مال إليه الفقه احلديث بعد قرار

.وذلك للحصول على رضا املريض

ويرجع الفضل الكبري يف تطوير مفهوم الرضا مبفهومه احلديث يف اال الطيب إىل القضاء

447.يب، خاصة األجنلوسكسوين منهالغر

أما القضاء الفرنسي فلم يعتمد صراحة على نظرية الرضا املتبصر رغم تعرضه للكثري من

448.القرارات يف هذا املوضوع

مبناسبة صدور 1994ومل ينظم املشرع الفرنسي هذا األمر بنصوص تشريعية إال سنة

449.القانون اخلاص باجلسم البشري

منه على ما 16 من املادة 3ن املدين الفرنسي، حيث نصت الفقرة وكذلك تعديل القانو

ال جيوز املساس بالسالمة البدنية للشخص إال لضرورة عالجية، وجيب احلصول على رضا : "يلي

املريض قبل مباشرة العالج باستثناء حالة االستعجال اليت تتطلب تدخال عالجيا، وال ميكن

450. حالته الصحيةاحلصول على موافقة املريض بسبب

، عند صدور قانون محايـة الصحـة 1985أما التشريع الطيب اجلزائري فيعود إىل سنة

. وهذا إضافة إىل مدونة أخالقيات مهنة الطب كما سيأيت عرضه قريبا451وترقيتهـا،

444 : Civ, 1er Juin 1937, s.1937, 1, 270 ; Civ, 23 Jan 1942, D.1946, 63; Civ, 8 Nov 1955, J.C.P. 1955,11, 9014, note Savatier; D. 1956, GP. 1956, 1, 37.

. وغريه كما سيأيت بيانه1955/11/28، الصادر بتاريخ 55-1591 من قانون الواجبات الطبية الفرنسي رقم 43املادة : انظر : 445.1936/5/20قرار حمكمة النقض الفرنسية يف :446

تبصر، وأبطل مفهوم األبوية يف املمارسة الطبية، يف أمريكا يف اخلمسينيات واجنلترا يف السبعينيات، الذي اعتمد نظرية الرضا امل : 447

.60-66، ص)رسالة دكتوراه (مون، رضا املريض عن األعمال الطبية واجلراحيةأعبد الكرمي م. د: على اختالف بني النظامني، راجع . من هذه الصفحة1رقم وقد ذكرنا بعضا منها يف اهلامش : 448 . الذي أنشأ تغطية طبية عاملية1999/07/27 الصادر بتاريخ 99-641 من قانون 70 باملادة املعدل1994/07/29الصادر بتاريخ : 449

450 : Code civil français, N° 94-653 du 26/07/1994, GAZ.PAL 1994, 2, Bull. leg, p.576. . منه154 يف املادة 1990/07/31 املؤرخ يف 17/90 املتمم واملكمل بالقانون 1985/02/16 املؤرخ يف 05/85قانون رقم : 451

450 من 119صفحة 119 - أأ ب ب- االلل

119

مارس 04(أما خبصوص عبء إثبات االلتزام باإلعالم فلم يغري القانون الفرنسي اجلديد

ثريا منه، مما يعين بقاء القواعد اليت وضعها القضاء الفرنسي، وأا سارية املفعول، إال ك452¡)2002

أن يكون اإلعالم شفهيا، وهذا يلزم الطبيب التحدث إىل املريض 2/1111أنه أوجب يف املادة

ن وعدم االكتفاء باإلعالم كتابيا، الذي قد ال يستوعبه املريض، غري أن ذلك ال مينع الطبيب م

.اجلمع بني الشفاهة والكتابة إلثبات موافقة املريض على العالج

وظل عبء اإلثبات يف القانون اجلديد على الطبيب واملؤسسات االستشفائية وفقا للقرار

وباستعمال كل طرق اإلثبات طبقا 453¡1997 فرباير 25التارخيي حملكمة النقض الفرنسية بتاريخ

454. أكتوبر من نفس السنة14لقرار

أما يف اجلزائر فلم أعثر على سوابق قضائية حول هذا املوضوع، غري أن اعتراف النظام

455القانوين اجلزائري برمته بأمهية املوافقة املتبصرة للمريض، وهو ما أكدته أخالقيات مهنة الطب،

يفرض على القاضي يف حالة الرتاع، التأكد من مدى حصول الطبيب على رضا املريض، بغض

. عن األساس الذي اعتمد عليه يف متابعتهالنظر

ويف الواقع هناك الكثري من األدلة اليت تبني احترام رضا املريض يف املمارسة الطبية يف

اجلزائر، وهو ما متليه نصوص قانونية صرحية، خصوصا فيما يتعلق بالتدخالت الطبية اجلراحية، أين

456.يتطلب القانون أن تكون املوافقة صرحية

منه 323 عدنا إىل القواعد العامة لعبء اإلثبات يف القانون املدين اجلزائري جند املادة وإذا

".على الدائن إثبات االلتزام، وعلى املدين إثبات التخلص منه: " تنص على ما يلي

ففي إطار العالقة الطبية يعترب املريض هو الدائن باإلعالم، يف حني يكون الطبيب هو املدين بتزويد

457.ريض ذا اإلعالمامل

الشهري الذي منح تعويضا للوالدين عن الضرر Perrucheاملعدل لقانون الصحة العمومية ومن أسباب ظهوره ما أنتجه قرار : 452

La)الذي أصاب الطفل بداء احلمرياء rubéole)الذي مل يكتشف يف حينه . 453 : Cass. Civ, 25 Fev 1997, GAZ Pal, 1997.2.454 : Cass. 1er Civ, 14 Oct 1997, op.cit.

.منه44راجع املادة : 455 . من قانون محاية الصحة وترقيتها بشأن املوافقة على نزع وزرع األعضاء1/162حكم املادة : انظر : 456.195-196مون، املرجع السابق، صأعبد الكرمي م. د:راجع : 457

450 من 120صفحة 120 - أأ ب ب- االلل

120

يف األحوال العادية اجلراحة تثريواحلقيقة أن التزام الطبيب بإعالم املريض مبخاطر العالج أو

األوىل، ترتبط بقلة علم املريض بالنواحي الفنية الطبية، والثانية، تتصل حبالة : صعوبتني أساسيتني

.املريض النفسية أو املعنوية

، فعدم إخبار املريض بالتفاصيل الفنية، 458ين االعتبارينولكن جيب حتقيق توازن بني هذ

واملريض له عقل يفكر به، . ال مينع الطبيب من أن يشري إليه بصفة عامة إىل خماطر العالج املطلوب

فإن ضرورة مراعاة حالته املعنوية ال جيب أن ترجح على حقه يف معرفة . وحرية يف اختاذ القرار

459.مصريه ذا العمل الطيب

من حيث املبدأ، ميثل خطأ يؤدي إىل وبناء عليه، فإن خمالفة الطبيب لاللتزام بإعالم املريض،

.انعقاد مسؤوليته املدنية؛ ألن التزامه هو التزام بتحقيق نتيجة كما شرحنا من قبل

ولذلك فإذا كان على الدائن إثبات االلتزام بناء على القواعد العامة للقانون املدين اجلزائري

يف غري اال الطيب، فريى البعض أنه من غري املنطقي أن يقع عبء إثبات خمالفته على املريض، إذ

. إننا سوف نحمله حينئذ بإثبات واقعة سلبية، تتمثل يف عدم إخباره مبخاطر العالج أو اجلراحة

ء ذا االلتزام، ولذا، يبدو أن األسلم أن يلقى ذا العبء على عاتـق الطبيب؛ كي يثبت إما الوفا

ويربر البعض هذا احلل بالثقة اليت جيب أن تسود عالقة املريض . أو أن سببا أجنبيا منعه من ذلك

.بالطبيب، ومتنع املريض من إعداد دليل كتايب أو شهود على مضمون عالقته بالطبيب

اإلثبات، مما ويؤيد بعض الفقهاء هذا القول بأن املريض يواجه صعوبات فنية مجة يف سبيل

جيعله يف حاجة إىل طلب خبري من أجل تقدير ظروف العمل الطيب، وهذا يواجه بعقبة متسك

460.إخل... األطباء حبقهم القانوين يف حفظ أسرار املهنة

ورغم وجاهة هذه التربيرات، فقد قررت حمكمة النقض الفرنسية بأن على املريض أن يثبت

461.لعقدي، ومل خيربه مبخاطر العالج أو اجلراحةأن الطبيب قد قصر يف التزامه ا

ومن خالل ما سبق، حنن يف أمس احلاجة إىل تأصيل دقيق ملن يتحمل عبء اإلثبات، وإن

كان األوىل يف نظر بعض الفقهاء هو حتميله إىل من يعرف تبعات العمل العالجي أو اجلراحي وهو

.سبب األجنيب الذي منعه من ذلكالطبيب، وبذلك جيب عليه أن يثبت الوفاء به، أو ال

458 : Savatier ®, traité de la responsabilité civile, p.384, 2ème ed. T2, 1951459 : Civ. 21 Fev 1961, J.C.P. 1961 OII, 12129, note Savatier.

.187-188حمسن عبد احلميد البيه، املرجع السابق، ص. د: راجع : 460461 : Civ. 8 Oct 1974, B. Civ N° 255, p.218.

450 من 121صفحة 121 - أأ ب ب- االلل

121

ويدخل يف معىن السبب األجنيب، حالة االستعجال أو الضرورة املطلقة، واحلالة الصحية املتردية

.للمريض، وكذب املريض

فال يعترب الطبيب خمطئا، إذا مل خيرب املريض مبخاطر العالج بسبب ضرورة ملجئة، حيث

مل يتدخل بالعالج أو اجلراحة فورا، دون انتظار يوجد خطر وشيك يهدد حياة املريض، إذا

.املريض؛ كما لو كان فاقدا للوعي مثال

كما أن سوء احلالة الصحية للمريض ميكن أن تربر إعفاء الطبيب من إعالم املريض مبخاطر

ولكن مع . العالج، إذا كان ذلك يؤدي إىل تفاقم حالته الصحية أكثر ؛بسب تردي حالته النفسية

جيب على الطبيب أن خيبـر من هلم سلطة قانونية أو واقعية على املريض، كوالده أو أبنائه، ذلك

.أو أي فرد من أسرته

كما ال تقع أية مسؤولية على الطبيب إذا مل خيرب املريض مبخاطر العالج؛ بسبب كذب املريض

رغم ندرة هذا الفرض إال أنه و. نفسه يف إدالئه ببيانات تتعلق حبالته الصحية؛ كأن بني بأا مطمئنة

462.ممكن احلدوث

أما بالنسبة إىل مضمون االلتزام، فإن الفقه والقضاء الفرنسي مييل إىل ضرورة إعالم الطبيب

للمريض باملخاطر العادية املتوقعة ولو كانت جسيمة، وإعفائه من ذلك بالنسبة للمخاطر

463.االستثنائية غري املتوقعة

:ةـ بأعمال فنيت تتصلاالتزام: اـثاني

يف ضوء التقدم العلمي املستمر وجدت صور كثرية تربز التزامات الطبيب بتحقيق نتيجة

التحاليل املخربية، واستعمال األدوات واألجهزة الطبية، ونقل الدم والسوائل : وذلك مثل

.والتحصني، والتركيبات الصناعية، خصوصا يف جمال طب األسنان

حداهـا، وهي نقل الدم؛ لإليفاء بالغرض، وذلك ألا وسوف نسلط الضوء على إ

464.مبسوطة يف كثري من الكتب اليت حتدثت عن هذا املوضوع

إن عمليـة نقل الدم، بداية، تلزم الطبيب بفحص حالـة املتربع : منوذجـادمـل الـنق ـ

465.الصحية إلجراء كشف أويل عن حالته، وبيان قدرته على التربع من عدمها

.189-190حمسن عبد احلميد البيه، املرجع السابق، ص. د : 462.182-185نفس املؤلف من املرجع ذاته، ص: 463 فما 210حمسن البيه، خطأ الطبيب املوجب للمسؤولية املدنية، ص. ، د212-232حممد منصور، املسؤولية الطبية، ص. د: راجع : 464

.47-53بعد، وأمحد احليارى، املسؤولية املدنية للطبيب، ص

450 من 122صفحة 122 - أأ ب ب- االلل

122

د جرت العادة أن حيلل الدم املأخوذ من املتربع على يد طبيب خمتص، أو من طرف وق

خمترب خاص يدعى بنك الدم، وذلك قبل نقل الدم إىل جسم املريض، يراعى فيه أن يكون هناك

تعهد بني الطبيب املعاجل من جهة، وبني الطبيب املختص بالدم أو بنك الدم من جهة أخرى،

يكون خاليا من اجلراثيم والفريوسات، ويكون حمله التزام بتحقيق 100%م يتضمن تقدمي دم سلي

466.نتيجة بناء على رابطة عقدية فيها اشتراط ملصلحة الغري

وقد حرص املشرع اجلزائري على إنشاء وكالة وطنية متخصصة يف نقل الدم، وبين طرق

بشخصية معنوية مستقلة استقالال تنظيمها وعملها، وهي مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تتمتع

حيث حرص املشرع اجلزائري على منع القيام جبمع الدم 467".الوكالة الوطنية للدم"ماليا تسمى

468...من القصر أو الراشدين احملرومني من قدرة التمييز أو ألغراض استغالليـة

اء مبقابل بينما أجاز املشرع املصري احلصول على الدم على سبيل التربع أو الشر

469.رمزي

"Savatier"لكن الفقه الفرنسي رفض فكرة بيع الدم كسائر األعضاء البشرية؛ حيث يرى

أن جسم اإلنسان ليس حمال للمتاجرة، فالقيم اإلنسانية تسمو على املال، ولذلك جيوز لإلنسان أن

470.يتنازل عن جزء من جسمه لشخص آخر بدافع احلب، وليس بدافع املال

كمة باريس مبسؤولية الطبيب املعاجل واملستشفى ومركز نقل الدم عن إصابة وقد قضت حم

أحد املرضى بفريوس السيدا أو اإليدز، مىت ثبت أن عملية نقل الدم كانت هي السبب يف اإلصابة

.471ذا املرض

ويغطي التأميـن من املسئوليـة األخطـار النامجة عن نقل الـدم، إذا ما حصل قصور

472.كز من مراكـز نقل الـدموظيفي ملر

.30ض اإليدز والتهاب الكبد الوبائي، صأمحد السعيد الزقرد، تعويض ضحايا مر. د: راجع : 465.86عبد احلميد الشورايب، مسؤولية األطباء والصيادلة واملستشفيات، ص. د: راجع : 466.1995 لعام 21، املادة األوىل والثالثة، اجلريدة الرمسية رقم 1995 أبريل 9 املؤرخ يف 95-108 مرسوم تنفيذي رقم مبقتضى : 467 . السابق الذكر85-5من قانون محاية الصحة وترقيتها رقم 158املادة : راجع : 468.131مسرية عايد الديات، عمليات نقل وزرع األعضاء البشرية، ص. د: انظر : 469.129حسام الدين األهواين، املشاكل القانونية اليت تثريها عمليات زرع األعضاء البشرية، ص. د: راجع : 470

471 : Paris 01/07/1991, J.C.P. 1991, II, 1762 note Harichaux , 178 حممد رايس، املرجع السابق، ص. د: أشار إليه

. وما يليها739 ص دراسة مقارنة-املسئولية املدنية عن عمليات نقل الدم وائل حممود أبو الفتوح العزيري،.د: راجع:472

450 من 123صفحة 123 - أأ ب ب- االلل

123

ة املريضـااللتزام بضمان سالم: اـثالث

ال يقصد بالتزام الطبيب بضمان سالمة املريض، أن يلتزم بشفائه، بل يلتزم بأال يعرضه ألي

أذى نتيجة ملا يستعمل من أدوات، أو يعطيه من أدوية، وأال يتسبب يف نقل مرض آخر إليه عن

األدوات أو املكان، أو عن طريق ما ينقل إليه من دم أو حماليل طريق العدوى؛ لعدم تعقيم

473.أخرى

فما يصيب املريض يف هذه احلالة من أضرارها مادية غري مرتبطة بالعمل الطيب مبفهومه الفين، فإن

474. يكون التزاما بنتيجة، هي ضمان سالمة املريض-بصدده–حمل االلتزام

ل الطبية البحتة، ذات اخلصائص الفنية، مبا تنطوي أما إذا نشأت األضرار عن تلك األعما

عليه من عنصر االحتمال، فإن التزام الطبيب جتاهها يكون وفقا للرأي الراجح جمرد التزام ببذل

475. تقصري يف جانبه وجودثبتإذا عناية، وال تنعقد مسؤوليته إال

لطفل، قد عقد على بأن املستشفى، بقبوله ا" بوردو"وعليـه، فقد قضت حمكمة استئناف

نفسه ضمنـا االلتزام باحللول حمل أمه يف كل ما يتعلق برعايته وسالمته النفسية واجلسمية، ومن

مث فإذا أصيب الطفل بأذى، فهذا ال يعفي املستشفى من املسؤوليـة، إال بإثبات احلادث الفجائي

476.أو القوة القاهرة أو فعل الغري

ان سالمة املريض، الذي يقع على كاهل طبيب يف مستشفى وهنا نشري إىل أن االلتزام بضم

عام ال خيتلف عن االلتزام بالسالمة الذي يقع على طبيب خاص، فهو التزام حمدد بتحقيق نتيجة،

وليس مقصورا على اال العقدي، وإمنا ميتد إىل اال غري العقدي، وال يرد القول بأن هذا االلتزام

. قانون، وأن أيا منهما غري موجود، ذلك أن هذا القول تعميم غري دقيقال ينشأ إال بعقد أو

فمع التسليم بأن املريض نزيل املستشفى العام يكون يف مركز تنظيمي وليس عقديا، إال أنه

ال يوجد ما مينع أو يعوق أن يلتزم هذا املرفق العام بضمان سالمة نزالئه من املرضى، خصوصا أن

تشفى عام تنطوي على خماطر كثرية مثل العدوى أو اإلصابات املختلفة، وبالتايل اإلقامة يف مس

.212حممد منصور، املسؤولية الطبية، ص. د: انظر : 473474 : Savatier, note sous : T.G.l, seine, 3 mars 1965, J.C.P, 1966, 14582.

.235حمسن البيه، املرجع السابق، ص. د : 475.(2)، هامش 228حسن األبراشي، مرجع سابق، ص. ، أشار إليه د1929/03/14قرار حمكمة استئناف بوردو الفرنسية، : 476

450 من 124صفحة 124 - أأ ب ب- االلل

124

يكون التزام املستشفى بضمان سالمة املريض، كما هو احلال يف جمال النقل، ولو كان من يقوم به

477.مرفقـا عامـا

ختامـا، يتضح لنا مما سبق، من خالل استعراضنا لألنواع الثالثـة اللتزامات الطبيب

بتحقيق نتيجـة، أن مثل هذه االلتزامات املفروضة على عاتق الطبيب أمر طبيعي، وال يتعارض مع

أي من املبادئ القانونية املسلم ا، وأن عدد هذه االلتزامات يف تزايـد مستمر، نتيجة للتطور

.العلمي والفين املعاصر

التزامـات؛ بعضها ببذل عناية، وهكذا، فإنه من احملتمل أن يواجه الطبيب الواحد عدة

وميثل لـه بطبيب األسنان، الذي يلتزم بتقدمي األسنان الصناعية املطلوبة، . وبعضها بتحقيق نتيجة

478.وهو التزام بنتيجـة، كما يلتزم بتركيبها يف مكاا الصحيح، وهو التزام ببذل عنايـة

.236-238دنية، صحمسن البيه، خطأ الطبيب املوجب ملسؤولية امل. د : 477.238املرجع نفسه، ص: انظر : 478

450 من 125صفحة 125 - أأ ب ب- االلل

125

ة الطبية املدنية يف الفقه اإلسالميالتكييف الفقهي للمسؤولي: املبحث الثاين

:متهيد

ما فتئ علماء الفقه اإلسالمي يؤكدون على وجوب ضمان الطبيب ملا يتلفه يف صور

ض ي املرعاجلر يف التطبيب، أو منها أن يكون جاهال لقواعد الطب، أو غري حاذق، أو قص؛كثرية

479.إخل...بال إذن منه

ة، ـأ الطبيب إما على أساس املسؤولية العقديـخطف ـوإذا كان القانون الوضعي يكي

ف؟ـق القانون الوضعي يف مثل هذا التكييـأو املسؤولية التقصريية، فهل الفقه اإلسالمي يطاب

موازنة بني املسؤولية العقدية واملسؤولية التقصريية يف اال الطيب يف الفقه : املطلب األول

ياإلسالم

كما سبق بيانه يف - الضمان إىل ضمان عقد وضمان إتالف إن كان الفقه اإلسالمي يقسم

فإن بعض الباحثني فرقوا بني بيان العقد يف الفقه اإلسالمي واملسؤولية العقدية يف - الباب التمهيدي

القانون، حيث قصروا ضمان العقد على إتالف املال، بينما يكون التعويض يف املسؤولية العقدية

480.نفيذ العقدعن الضرر الناشئ عن عدم ت

كما تبني أن ضمان العقد الذي : "- رمحه اهللا- 481ويف ذلك يقول الشيخ علي اخلفيف

ضمان العقد فضمان، غري املسؤولية العقدية يف اصطالح فقهاء التشريع الوضعي،يعرفه الفقهاء

عن تعويضا بناء على عقد اقتضى الضمان، أما املسؤولية العقدية فليس التعويض فيها تالفمال

... نشأ عن عدم تنفيذ املدين ما التزم به بناء على العقد عن ضرر، وإمنا هو تعويض تالفالم

إلزامه وإجباره عليه، وذلك ما ال يراه فقهاء الشريعة، فإن عدم قيام امللتزم بالتزامه يستلزم شرعا

ل، أما إلزامه على وجه التعويض عما فإن امتنع كان امتناعه معصية يستحق عليها التعزيز إال أن ميتث

... فال تبيحه القواعد الفقهية واألصول الشرعية ل يف فقد ماليتمث ال رأحدثه بامتناعه من ضر

، فإذا قوبل املال بغري مال كان أكال له نظر الفقهاء مقابلة املال باملال ألن أساس التعويض يف

. وما بعدها12/138: املوسوعة الفقهية الكويتية: راجع: 479 حيث نسب هذا القول إىل الشيخ علي 42ºص ) رسالة دكتوراه( حممد جندات احملمد، ضمان العقد يف الفقه اإلسالمي. د :راجع: 480

حممد اجلندي، ضمان العقد أو املسئولية العقدية، ص .، ود231لشرط اجلزائي، ص أسامة احلموي، ا.، ود20اخلفيف، الضمان ص

139. .سبق ترمجته: 481

450 من 126صفحة 126 - أأ ب ب- االلل

126

ابلة مال، وهو األجرة بغري مال، وهو املنفعة فيما يرى بالباطل، وإمنا جازت اإلجارة مع أن فيها مق

احلنفية؛ للضرورة واملصلحة العامة اليت اقتضت ذلك تأسيسا على قيام األعيان فيها مقام منافعها،

عرف املسؤولية العقدية يوعلى هذا األساس فالفقه اإلسالمي ال وعلى تراضي املتعاقدين على ذلك،

482...."ي اليت يعرفها الفقه الوضع

484. مع رأي الشيخ علي احلفيف483ويتفق الدكتور فتحي الدريين والدكتور وهبة الزحيلي

يف بأنه ال ميكن القول بأن هناك نظرية-رمحه اهللا–ويرى الدكتور عبد الرزاق السنهوري

الفقه الفقه اإلسالمي للمسؤولية العقدية على النحو السائد يف الفقه الغريب، بناء على أن الضرر يف

الفقه الغريب يعوض عن كل ضرر "قورن بنظريه الغريب، حيث إن إذا ما 485اإلسالمي حمدود ضيق

مادي أو أديب، ويف الضرر املادي يعوض عن كل ما يتحمله الدائن من خسارة وما فاته من ربح،

وال يشترط يف الضرر إال أن يكون ...ولو كان ذلك منفعة أو عمال أو أي أمر آخر

أما يف الفقه اإلسالمي فإنه يشترط يف الضمان أن يكون الضمان ماال متقوما . ومتوقعا ...مباشرا

يف ذاته، وأن توجد املماثلة بينه وبني املال الذي يعطى بدال عنه؛ فال تعويض على املنافع وال عن

ن أو أي ومن باب أوىل ال تعويض عن أي خسارة حتملها الدائ... العمل إال يف استثناءات حمدودة

486."ربح فاته، إذا مل يكن هناك مال متقوم يف ذاته ضاع على الدائن

أما ضمان اإلتالف أو التعدي الذي يقابل املسؤولية التقصريية بالتعبري القانوين احلديث،

فإن قواعد الشريعة اإلسالمية تقبله، حيث يضمن الطبيب إن جهل قواعد الطب أو كان غري

فه أو أحدث به عيبا، أو علم قواعد الطب ولكن قصر يف التطبيب، حاذق فداوى مريضا فأتل

فسرى إليه التلف أو التعييب، أو رغم علمه بالطب مل يقصر ولكنه طبب املريض بغري إذن منه،

كما لو خنت صغريا بغري إذن وليه، فأدى ذلك إىل تلف أو عيب، فإنه يضمن يف كل ذلك ما

487.ترتب عليه

.20-19الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص: 482 هو الدكتور امها من علماء الشام املشهورين املعاصرين وأساتذة جبامعة دمشق، هلم إسهامات يف علوم شرعية كثرية وأكثرمها تأليف: 483

. هبة الزحيليو . الزحيلي وهبة. فتحي الدريين، ونظرية الضمان، د. النظريات الفقهية د: راجع: 484. إن شاء اهللا304 ص سوف نناقش هذه النقطة باستفاضة يف املطلب الثاين من املبحث الثاين ضمن الفصل األول للباب الثاين،:485.6/168: مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي: 486.6/120: البن قدامة، واملغين2/427 :لبا وأسىن املط، 2/191: جواهر اإلكليل: راجع: 487

450 من 127صفحة 127 - أأ ب ب- االلل

127

ذلك، وكان اإلذن معتربا، وكان حاذقا، ومل جتن يده، ومل يتجاوز ما أذن أما إذا أذن له يف

وعليه، فال ضمان على . فيه، وسرى إليه التلف فإنه ال يضمن، ألنه فعل فعال مباحا مأذونا فيه

وحجام وختان وقالع ضرس ما دام قد أذن هلم ذا ومل يقصروا، ومل ) جراح (488طبيب وبزاغ

489.ملوضع املعتاد، وإال لزم الضمانجياوزوا ا

إذا فعل احلجام أو اخلتان واملطبب ما أمروا به، مل : - رمحه اهللا- 490يقول ابن قدامة

، أن يكونوا ذوي حذق يف صناعتهم، فإذا مل يكونوا كذلك كان فعلهم أحدمها:يضمنوا بشرطني

.حمرما، فيضمنوا سرايته

طع، فإن كان حاذقا وجتاوز، أو قطع يف غري حمل القطع، أو يف أال يتجاوز ما ينبغي أن يق:الثاينو

وقت ال يصلح فيه القطع وأشباه هذا، ضمن فيه كله، ألنه إتالف ال خيتلف ضمانه بالعمد واخلطأ،

ال نعلم فيه : وكذلك احلكم يف القاطع يف القصاص وقاطع يد السارق، مث قال.فأشبه إتالف املال

491.خالفا

إذا خنت اخلاتن صبيا، أو سقى الطبيب مريضا دواء، أو : -رمحه اهللا- 492قال الدسوقي

قطع له شيئا، أو كواه فمات من ذلك، فال ضمان على واحد منها ال يف ماله وال يف عاقلته؛ ألنه

مما فيه تغرير، فكأن صاحبه هو الذي عرضه ملا أصابه، وهذا إذا كان اخلاتن أو الطبيب من أهل

فالدية على - واحلال أنه من أهل املعرفة– خيطئ يف فعله، فإذا كان اخلطأ يف فعله املعرفة ومل

.عاقلته، فإن مل يكن من أهل املعرفة عوقب

ملالك، وهو الراجح؛ : البن القاسم، والثاين: األول: ويف كون الدية على عاقلته أو يف ماله قوالن

493.ألن فعله عمد، والعاقلة ال حتمل عمدا

التشريط، واسم اآللة : والتبزيغ البزغ البيطار أشاعر الدابة وبضعها إذا شق ذلك املكان منها مببضعه، وبزغ وهو الشق، يقال البزغ:488

.1/22:خمتار الصحاحو ، 8/418:لسان العرب:راجع . وبابه قطعجم والبيطار أي شرطا احلابزغاملشرط، و:بالكسر املبزغ

: ، واية احملتاج)4/505: (، الشرح الصغري)6/320: (التاج واإلكليل امش مواهب اجلليل) 5/43: (حاشية ابن عابدين: راجع: 489

)6/120: (، واملغين مع الشرح الكبري) 2/377(هـ، وتويف سنة 541دامة املقدسي، موفق الدين، أحد كبار علماء احلنابلة يف عصره، ولد سنة هو عبد اهللا بن أمحد بن حممد بن ق: 490

: ابن مفلح، املقصد األرشد،)5/88: (ابن العماد، شذرات الذهب: ع وروضة الناظر، راجعناملغين والكايف واملق: من آثاره. هـ620

).2/166: (، الذهيب، سري أعالم النبالء)2/19(.12/139: يةتاملوسوعة الفقهية الكو، 5/358: املغينراجع : 491 .سبق ترمجته: 492).376-5/375: (حاشية الدسوقي على الشرح الكبري: راجع: 493

450 من 128صفحة 128 - أأ ب ب- االلل

128

إذا كان يف يد أحد آكلة، فاستأجر رجال ليقطع : -رمحه اهللا- 494صر الطحاويويف خمت

يده فمات، فال ضمان عليه، ألن أصل العمل كان مأذونا فيه، فما تولد منه ال يكون مضمونا عليه

ومن استؤجر ليقلع ضرسا ملريض، فأخطأ، فقلع غري ما أمر بقلعه ضمنه؛ ألنه 495.إال إذا تعدى

496.ايتهمن جن

إذن، نستخلص مما سبق أن الفقه اإلسالمي ال يعرف املسؤولية العقدية يف غري اال املايل،

فكان من الطبيعي أن يكيف اخلطأ الطيب على أساس املسؤولية التقصريية مبا يتضمنه من عمل غري

497".كما يسميه الدكتور عبد الرزاق السنهوري"مشروع أو تعدي

.ف العقد الطيبتكيي: املطلب الثاين

إن الفقه اإلسالمي مياثل القانون الوضعي يف االنتقادات اليت وجهت إىل التكييفات السابقة

الذكر؛ كالوكالة أو عقد العمل، أو املقاولة، ماعدا عقد اإلجارة، وذلك ألن فقهاء الشريعة

ية ألحد، كما هو اإلسالمية يقولون بأن الطبيب هو أجري مشترك، واألجري املشترك ليس له تبع

رغم عدم –احلال بالنسبة لألجري اخلاص، فسلم من االعتراض، وهذا ما جعل بعض فقهاء القانون

498. يقولون بواجهته-اعتمادهم هلذا التكييف الذي انتهجه فقهاء الشريعة اإلسالمية

ب إن عالقة الطبيب باملريض يف ظل الفقه اإلسالمي هي عالقة مؤجر مبستأجر، إذ إن الطبي

يؤجر علمه ومثرة جتاربه وحذقه وقدرته على إزالة األمراض واآلالم إىل املريض، حيث إن هناك

499.عقدا هو عقد اإلجارة، فاألجري الذي يعرض خدماته لكل من يطلبها يسمى باألجري املشترك

هـ، 237هو أمحد بن حممد بن سالمة بن سلمة األزدي الطحاوي، أبو جعفر، فقيه انتهت إليه رياسة احلنفية مبصر، ولد سنة : 494

هـ من 321، تفقه على مذهب الشافعي مث حتول إىل حنفي، رحل إىل الشام، وتويف بالقاهرة سنة من قرى مصرونشأ بطحـا

، الشريازي، طبقات الفقهاء، )15/27: ( الذهيب، السري: اختالف العلماء، الشروط وأحكام القرآن، ومعاين اآلثار، راجع: مصنفاته

.102ت احلنفية، ص، عبد القادر بن أيب الوفا، اجلواهر املضية يف طبقا142ص).12/140: (، واملوسوعة الفقهية الكونية129صخمتصر الطحاوي : راجع: 495)3/70: (، ومنهاج الطالبني) 5/543: (املغين البن قدامة: نظرا: 496).796¡1/271: (الوسيط يف القانون املدين: راجع: 497.94-93طالل عجاج، املرجع السابق، ص: راجع: 498، حتت مقدم إىل املؤمتر العلمي 24جلبار ناجي املال صاحل، التزامات الطبيب يف إجراء العملية اجلراحية يف حبث له، صعبد ا: نظر ا499

. بعنوان األخطاء الطبية يف ميزان الشريعة والقانون1999األول لكلية الشريعة، جامعة جرش، سنة

450 من 129صفحة 129 - أأ ب ب- االلل

129

وال خالف بني فقهاء الشريعة اإلسالمية على جواز استئجار الطبيب للعالج، ألنه فعل

إليه ومأذون فيه شرعا، فجاز االستئجار عليه كسائر األفعال املباحة، غري أن الشافعية حيتاج

اشترطوا لصحة هذا العقد أن يكون هذا الطبيب ماهرا؛ مبعىن أن يكون خطأه نادرا، واستئجار

األجرة الطبيب يكون باملدة ال بالربء والعمل، فإذا متت املدة وبرئ املريض، أو مل يربأ تستحقق له

كلها، وإن برئ قبل متام املدة انفسخت اإلجارة فيما بقي من املدة؛ لتعذر استيفاء املعقود

500.عليه

وقد دل القرآن الكرمي على مشروعية اإلجارة على العمل الطيب بعموم اآليات الدالة على

ة من ، ووجه الدالل501»فإن أرضعن لكم فئاتوهن أجورهن«: جواز اإلجارة، ومنها قوله تعاىل

فأجاز اإلجارة على الرضاع، والرضاع : " بقوله- رمحه اهللا- 502هذه اآلية بينه اإلمام الشافعي

خيتلف لكثرة رضاع املولود وقلته، وكثرة اللنب وقلته، ولكن ملا مل يوجد فيه إال هذا، جازت

503".اإلجارة عليه، وإذا جازت اإلجارة عليه جازت على مثله، وما هو يف مثل معناه

قالت إحدامها يا أبت استأجره إن خري من «: ن اآليات الدالة على اإلجارة قوله تعاىلوم

قال إين أريد أن أنكحك إحدى ابنيت هاتني على أن «: ، وقوله تعاىل504»استأجرت القوي األمني

لنفسه مدة -عليه السالم- ووجه الداللة ظاهر يف تأجري سيدنا موسى 505.»تأجرين مثاين حجج

فاآليات الكرمية السالفة دلت على مشروعية اإلجارة على إرضاع . بأجرة معلومةمن الزمن

األطفال وعلى إجيار اإلنسان منافعه كرعي الغنم، والطب يعد من املنافع املباحة، بل هو من

ال أعلم علما بعد احلالل واحلرام أنبل من : "-رمحه اهللا-أشرفها كما قال اإلمام الشافعي

506.الطب

، حبث مقدم جلامعة جرش 5يترتب عليها من ضمانات املتلفات، صعدنان الصمادي، مسؤولية الطبيب التعاقدية وما . د: أنظر: 500

.1999األردن، يف املؤمتر العلمي األول .6سورة الطالق، اآلية : 501 سبق ترمجته: 502.4/25: األم: 503.26سورة القصص، اآلية : 504.27سورة القصص، اآلية : 505 . يف نفس املؤمتر السابق الذكر9د الطيب، يف حبث له صقيس بن حممد آل الشيخ مبارك، حقيقة العق. د: أنظر: 506

450 من 130صفحة 130 - أأ ب ب- االلل

130

ت السنة على جواز عقد اإلجارة على العمل الطيب، فقد جاء يف حديث سيدنا كما دل

وأعطى - صلى اهللا عليه وسلم-احتجم النيب: " رضي اهللا عنهما أنه قال507عبد اهللا بن العباس

أجره مقابل املنفعة اليت 509أعطى احلجـام ووجه الداللة أن رسول اهللا 508".احلجـام أجـره

النيب 511حجم أبو طيبة: "أنه قال) ض (510ي عن سيدنا أنس بن مالكأداها، وكذلك ما رو

دفع صاعا من متر على ووجه الداللة أن رسول اهللا 512".فآمر له بصاع أو صاعني من الطعام

513.هذا العمل الطيب وهو احلجامـة

وأخريا، مع هذا التكييف الذي حنا إليه الفقه اإلسالمي، فليس هنالك ما مينع أن يكون

العقد الطيب عقد مقاولة مثال يف بعض احلاالت، وهذا راجع إىل تطور الدول من الناحية اإلدارية،

وخصوصا اليوم مع انتشار املستشفيات العامة واخلاصة، ولكن حىت إذا ذهبنا مع هذا القول، فإن

قبل الطبيب يف الطبيب يعمل حلسابه، وال خيضع لرقابة أحد، وإن الرقابة اإلدارية واخلضوع هلا من

514.املؤسسة هي رقابة نسبية جزئية، وال متتد إىل العمل الفين الذي يقوم به الطبيب

القانون الوضعي جيد صعوبة يف ختريج العقد الطيب، وإحلاقه بأصوله، كانولذلك، فإذا

بناء على اجتاه الفقه اإلسالمي، بأن العقد القول فيقول بأنه عقد من نوع خاص، فال ضري يف

حلكمة والفقه بااألمة، اشتهر بإمامته يف العلم بربكات الدعوة النبوية له حبـر هو عبد اهللا بن العباس بن عبد املطلب، أبو العباس: 507

).3/384: ( أسد الغابة يف معرفة الصحابةابن األثري،: هـ، راجع58والتأويل، ولد قبل اهلجرة بثالث سنني، تويف بالطائف عام (2158صحيح البخاري، كتاب اإلجارة، باب إخراج احلجام رقم : 508 ، وصحيح مسلم، كتاب املساقاة، باب حل أجرة )2/796:

(1577احلجامة، رقم :3/1205.(دم الفاسد واستخراجه، احلجامة تعين احلجام من ميتهن احلجامة، واحلجامة تقوم على شق موضع معني من اجلسم وشرطه ملص ال: 509

املداواة واملعاجلة باحملجم، واحملجم هو كل شيء كالكأس يفرغ من اهلواء ويوضع على اجللد فيحدث فيه ييجا وجيذب الدم واملادة

قيطي، أحكام حممد بن حممد املختار الشن. ، ود53، الرازي، خمتار الصحاح، ص)12/117: (ابن منظور، لسان العرب: راجع. بقوة

.88، ص)رسالة دكتوراه(اجلراحة الطبية واآلثار املترتبة عليها، .سبق ترمجته:510، واختلف يف صحة امسه، فقيل امسه دينار، وقيل ميسره، وقيل )صلى اهللا عليه وسلم(هو موىل األنصار من بين حارثة، حجم النيب : 511

).7/233: (ابن حجر، اإلصابة: نافع، راجع(1996، رقم ء البخاري، كتاب اإلجارة، باب ضريبة العبد وتعاهد ضرائب اإلماصحيح: 512 ، وصحيح مسلم، كتاب )2/796:

(1577، باب حل أجرة احلجامة، رقم ةاملسافا :3/1204.(.9قيس بن حممد آل الشيخ مبارك، املرجع السابق، ص. د: راجع: 513.90طالل عجاج، املرجع السابق، ص: راجع : 514

450 من 131صفحة 131 - أأ ب ب- االلل

131

لطيب، هو عقد إجارة، وأن الطبيب هو أجري مشترك، وإن كان هلذا املصطلح داللة خاصة يف جمال ا

.الطب

واألجري املشترك هو الذي يعمل لعامة الناس، أو هو الذي يستحق األجرة بالعمل ال

ويقابل األجري املشترك، األجري .بتسليم النفس، كالصباغ واحلداد والكواء والصانع وحنو ذلك

اخلاص أو أجري الواحد، وهو الذي يعمل لشخص واحد مدة معلومة، فيستحق األجر بتسليم نفسه

515.يف املدة، وإن مل يعمل كاخلادم

أمانة، ال ه يد منهما يدوقد كان احلكم يف صفة يد األجري املشترك كاألجري اخلاص، كل

ذمم الناس وكثرة ادعائهم التلف، يضمن هالك الشيئ إال بالتعدي أو بالتقصري، لكن نظرا لفساد

.أوجب الفقهاء تضمني األجري املشترك ملصلحة الناس يف ذلك

فإن املذاهب األربعة متفقة على أن األجري اخلاص ال يكون ضامنا للعني اليت ،وعلى هذا

. كالوكيل والشريك املضارب؛ أمانة يد يدهنتسلم إليه للعمل فيها إال بالتفريط؛ أل

فهو ضامن ملا جنت يده أو قصر يف حفظه ، فإن تلف الشيء يف يده من غري : جري املشتركوأما األ

:تعد منه وال إمهال، ففي تضمينه رأيان للعلماء

رضي اهللا 517 واإلمامان الشافعي وأمحد516حنفية،وأبوهو ما ذهب إليه اإلمام : الرأي األول

يضمن إال ال ن األجري املشتركأالكية عنهما يف الصحيح من قوليهما، والقول املعتمد عند امل

بالتعدي

:واستدلوا على ذلك مبا يلي .الف شرطا اتفق عليهخ أو أو التقصري

.، كاألجري اخلاصةألن يده يد أمان.1

518.»فال عدوان إال على الظاملني«: ألن التضمني ال يكون إال بالتعدي؛ لقوله تعاىل.2

.166وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، ص. ، ود557/5:الكاساين، بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع: اجعر : 515هو اإلمام األعظم النعمان بن ثابت الفارسي الكويف، صاحب املذهب املعروف، وهو من أتباع التابعني ، وقد أدرك أربعة من : 516

زء القراءة، والترمذي يف الشمائل، وله مسند مدون، ووثقه ابن معني يف خالصة الصحابة، أخرج له النسائي يف السنن، والبخاري يف ج

الفقه : وحاشاه أن يكون جاهال بالسنة، وإمنا الذي نفاه عياض اإلمامة فيها، من آثاره: قال ابن خلدون يف املقدمة. تذهيب التهذيب

: بد القادر بن أيب الوفاء، اجلواهر املضية يف طبقات احلنفيةراجع حمي الدين ع. هـ ببغداد150هـ، وتويف سنة 80األكرب، ولد سنة

.(323/13): ، اخلطيب البغدادي، تاريخ بغداد(26/1)أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل الشيباين، املروزي، مث البغدادي، أبو عبد اهللا، إمام السنة وصاحب املذهب املشهور، من آثاره : 517

.(96/2): ، ابن العماد، شذرات الذهب(412/4): البغدادي، تاريخ بغداد: راجع. هـ241 سنة هـ، وتويف164املسند، ولد سنة .193سورة البقرة، اآلية : 518

450 من 132صفحة 132 - أأ ب ب- االلل

132

519. أمانة، فهو يقبض العني ملنفعته ومنفعة املالكوقياسا على الشريك املضارب؛ ألن يده.3

عند احلنفية، والشافعي وأمحد يف قول يفىت وبقوهلما 520وهو ما قال به الصاحبان،: اينـالرأي الث

عندمها، وقول عند املالكية أن األجري املشترك ضامن مطلقا، سواء أتلف الشيء بتعد منه أم بغري

:ة التاليةتعد، واستدلوا على ذلك باألدل

521.»فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه مبثل ما اعتدى عليكم«: قوله تعاىل.1

522."على اليد ما أخذت حىت تؤدي": قول النيب صلى اهللا عليه وسلم.2

.ه، فيضمن، خبالف الذي يقبض ملصلحة غريهوألنه قبض ملصلحة نفس.3

ن ادعاء الفساد ولتحقيق مصلحة الناس عند فساد الذمم، وهو من باب سد الذرائع؛ أل.4

523. إىل تضييع أموال الناسفضيبسبب خارج عن إرادة األجري، سي

، ملن اعتدىاستدل أصحاب الرأي األول باآلية، وهي بعبارا تنسب العقوبة واملساءلة: ةـمناقش

وال يتحقق هذا يف األجري املشترك دائما، لكن ما ذهب إليه أصحاب الرأي الثاين من تضمني

رك مطلقا من باب سد الذرائع املفضية إىل ضياع مصاحل الناس وجيه، نظرا لفساد األجري املشت

وأما يف حق الطبيب، وهو مشمول مبصطلح 524.ضمائر الناس غالبا، خصوصا يف األزمنة املتأخرة

إذا قصر أو تعدى؛ ألنه ال يشبه األجري املشترك من كل إال األجري املشترك، فال جيوز مساءلته

األجري املشترك ميكنه حتقيق ما اتفق عليه، لكن الطبيب يف حاالت، يطالب ببذل ما يف وجه، ف

لكنه ال . وسعه من عناية، ويف حاالت أخرى، يكون مطالبا بتحقيق غاية حمددة إلمكانه ذلك

525.»وإذا مرضت فهو يشفني«: الكرميةميلك حتقيق الشفاء، فاهللا هو الشايف، لنص اآلية

هذا ما سيأيت بيانه ؟ دون غريها حتديدا ل ميكن مساءلة الطبيب يف حاالت فه،وبناء عليه

:يف املطلب التايل

: ، الشربيين، مغين احملتاج(373/5-376): ، حاشية الدسوقي على الشرح الكبري(103/15): السرخسي، املبسوط: راجع : 519

.(306/5-307): ، ابن قدامة، املغين351/2) .، وسيأيت ترمجتهما فيما بعدمها أبو يوسف وحممد بن احلسن الشيباين رمحهما اهللا : 520.194سورة البقرة، اآلية : 521.51سبق خترجيه ص : 522 أسامة إبراهيم، مسؤولية الطبيب اجلنائية يف الشريعة اإلسالمية، ص. ، ود168/166وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، ص. د: راجع : 523

20-19..19-20، مسؤولية الطبيب اجلنائية يف الشريعة اإلسالمية، صهأسامة إبراهيم علي التاي. د: راجع : 524.80سورة الشعراء، اآلية : 525

450 من 133صفحة 133 - أأ ب ب- االلل

133

الترجيح بني االلتزام ببذل عناية وبني االلتزام بتحقيق غاية: املطلب الثالث

ال ميكن أن نقعد قاعدة عامة بأن التزام الطبيب هو التزام بتحقيق غاية مثل املهن األخرى

ال، إذ غاية عمل املهندس املعماري أن يقوم ببناء حسب املواصفات، وغاية عمل كاملهندس مث

كما ال ميكن اجلزم بأن التزامه هو التزام ببذل عناية، . الصيديل صنع دواء بتركيب حمدد ومعروف

إذ العمل الطيب خيتلف عن األعمال املهنية األخرى اليت ميكن أن نقرر فيها طبيعة االلتزام، فالطبيب

و أحيانا ، نظرا لظروف احلالة املرضية،قد يعاجل حالة ال ميكنه جتاهها إال بذل العناية املمكنة لديه

.تكون احلاالت مما ال يقبل من الطبيب فيها إال حتقيق غاية حمددة

ويرى الباحث أن هذا كله يتقرر وفق أصول الطب ومسار تطوره، فما يكون يف نطاق

د يصري بعده يف نطاق غلبة الظن أو اليقني، كما أن للظروف االحتمال يف زمن ماض، ق

526.واإلمكانيات أثر يف تقرير طبيعة االلتزام

زام الطبيب يف الفقه اإلسالمي أنه التزام ـل يف التـ، فإن األصهومهما يكن مما سبق قول

ه، ـد ممارسة عمل يف موضعه عنهـ مثلنادة مـ ببذل العناية املعت مبعىن أنه مطالب؛ةـببذل عناي

ة، دون خطأ منه، ونتج عن ذلك ضرر ال ميكن ـفإذا استعمل الطبيب حقه يف احلدود املشروع

راز عنه فهو ـال ميكن االحتما "ة ـه، إعماال للقاعدة الفقهيـان عليـراز منه، فال ضمـاالحت

527."وـعف

مح يف جهاالت اعلم أن صاحب الشرع قد تسا": - رمحه اهللا - 528يقول اإلمام القرايف

يف الشريعة فعفا عن مرتكبها، وأخذ جبهاالت فلم يعف عن مرتكبها، وضابط ما يعفى عنه من

.21-22أسامة إبراهيم، املرجع السابق، ص. د: انظر : 526ذكر أن هذه القاعدة عميقة األثر وكثرية ، وقد (428/1-429): علي أمحد الندوي، موسوعة القواعد والضوابط الفقهية. د : 527

" كل ما ال ميكن االحتراز عن مالبسته معفو عنه: "الدوران يف الفقه اإلسالمي، صاغها العلماء بصياغات وأساليب متماثلة، منها

اع االمتناع ما ال يستط"، و)43/5: ، واملغين184/26¡606¡599¡326¡139¡72¡71¡17¡592/21: جمموع فتاوى ابن تيمية(

عالء الدين ": (ما ال ميكن االحتراز عنه فليس مبضمون"، و)224/11¡141¡140/3: املبسوطالسرخسي، : ("عنه فهو معفو

، وإمنا يتقيد بشرط السالمة فيما )52: الفرائد البهية: (ما ال ميكن االحتراز عنه ال ضمان فيه"، أو )123/3: الفقهاءـةالسمرقندي، حتف

). كتاب الديات328¡326/10: اهلداية مع فتح القدير: (راز عنه، وال يتقيد ا فيما ال ميكن التحرز عنهميكن االحتهو أمحد بن إدريس بن عبد الرمحن الصنهاجي املصري، شهاب الدين، أبو العباس، امللقب بالقرايف، األصويل الفقيه، أخذ عن ابن : 528

الفروق يف القواعد الفقهية، والذخرية يف الفقه، وشرح تنقيح : ليف نفيسة منهاتآين، له عبد السالم والفاكها بناحلاجب والعزيز

. هـ684شرح احملصول، يف أصول الفقه، واإلحكام يف متييز الفتاوى عن اإلحكام وتصرفات اإلمام، تويف سنة يف الفصول، والنفائس

¡188 ص ، الزكيـة، وحممد خملوف، شجرة النور62ذهب، صة أعيان علماء املفـابن فرحون، الديباج املذهب يف معر: راجع

.(273/4): واحلجوي، الفكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي

450 من 134صفحة 134 - أأ ب ب- االلل

134

اجلهل الذي يتعذر االحتراز عنه عادة، وما ال يتعذر االحتراز عنه وال يشق، مل يعف : اجلهاالت

529."عنه

مناط بتعبري بيد أن حتديد ما ميكن التحرز منه وما ال ميكن التحرز منه مسألة حتقيق

.فصل فيها بناء على اخلربة القضائيةي بتعبري أهل القانون، موضوع أو مسألة ،األصوليني

ومن .اءـة كما قرر الفقهـد بشرط السالمـه، فإنه ال يتقيـن الطبيب إذا قام بواجبإمث

على حنو ما ة املعلنة هلذا التكييف، والعل "530."ةالمالس فـبوص التتقيد الواجبات":مقوهل ذلك

يبدو من شروح الفقهاء هي أن العمل الطيب يتضمن نسبة كبرية من االحتمال واحلدس والتخمني،

وهلذا ال يتصور أن يلتزم الطبيب بشفاء املريض أو بضمان سالمته من العمل الطيب أو اجلراحي ،

موازية؛ ألن وا، أو يف عبارة ظنفهذا ليس يف مقدوره، ألنه عمل غري مضمون النتيجة، بل م

نتيجته احتمالية غري مقطوع ا، وينضم فريق من شراح الفقه اإلسالمي إىل هذا الرأي، فيقدرون

أي ال يسبب (أنه ال يصح أن يشترط على الطبيب أو اجلراح العمل على وجه ال يسري

،ىنب العمل إمنا يرجع إىل أن سالمة املريض تبالسالمة يفد الطبيب ي وأن عدم تقي531،)الضرر

533."532ورـول غري متصـراز من اهـ إىل طباعه، على اهول، واالحتإضافة

لو شرط على احلجام وحنوه العمل على وجه ال " : قوله534جاء يف حاشية ابن عابدين

535. "يسري ال يصح؛ ألنه ليس يف وسعه

كه إن إن كانت األدوية من العليل فالبد من كوا يف مل" : التاج املذهب قولهيف وردو

عينت معلومة القدر، ويستأجر الطبيب على أن يداوي ا مدة معلومة على صفة معلومة، فإن

شفي يف أول املدة استحق األجرة املسماة، وبقيت األدوية ملالكها، وإن مل يشف حىت مضت املدة

.2/260:الفروق : 529

: ، الكاساين بدائع الصنائع346: يم، األشباه والنظائر، كتاب اجلنايات ابن جن(260/10): اهلداية مع تكملة فتح القدير: راجع : 530

.8الشني الغايايت، مدى مسؤولية الطبيب عن أخطائه يف الشريعة والقانون، ص. د، و)305/1 .هـ1368¡20، جملة األزهر، الد 212عبد العزيز املراغي، مسؤولية األطباء، ص: راجع : 531 .هـ1318¡20 الد ، جملة األزهر،20أمحد إبراهيم، مسؤولية األطباء يف الشريعة اإلسالمية والقانون املقارن، ص: انظر : 532.119، ص حمسن عبد احلميد البيه، خطأ الطبيب . د : 533نسمات األسحار على : هو حممد أمني بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي، فقيه الشام وإمام احلنفية يف عصره، من مصنفاته : 534

عبد اهللا مصطفى املراغي، الفتح املبني طبقات : راجع. هـ1252هـ، وتويف ا سنة 1198شرح املنار يف األصول، ولد بدمشق سنة

.(276/6) :، األعالم، وخري الدين الزركلي(114/4)األصوليني .(69/6)حاشية رد احملتار على الدر املختار : راجع : 535

450 من 135صفحة 135 - أأ ب ب- االلل

135

قدر البد من كوا موجودة يف ملكه معلومة الفوإن كانت األدوية من الطبيب . استحق املسمى

على أن يداوى ا مدة معلومة على صفة معلومة، فإن شفي يف أول املدة، استحق مثن األدوية

واألجرة املسماة مجيعا وباقي األدوية للمشتري، وكذا لو مضت املدة مع استعمال األدوية استحق

536. "الثمن واألجرة املسماة، وإن مل حيصل الشفاء

ومن ذلك الطبيب واخلتان والبيطار ... «: قوله-عند اإلباضية- يلنورد يف كتاب ال و

537.»وقالع الضرس واحلجام، وال ضمان عليهم إن مل يتعدوا، وإن أخطئوا فعلى العاقلة

، فإذا خنت اخلاتن صبيا أو سقى يبوكذا اخلتان والطب": ي قولهقوجاء يف حاشية الدسو

فال ضمان على واحد منهما ال يف الطبيب مريضا دواء أو قطع له شيئا أو كواه فمات من ذلك،

، فكأن صاحبه هو ]أي احتمال مما ال ميكن التحرز عنه[ماله وال على عاقلته، ألنه مما فيه تغرير

الذي عرضه ملا أصابه، وهذا إذا كان اخلاتن أو الطبيب من أهل املعرفة ومل خيطئ يف فعله، فإذا

لدية على عاقلته، فإن مل يكن من أهل املعرفة كان أخطأ يف فعله، واحلال أنه من أهل املعرفة فا

األول البن القاسم، والثاين ملالك، وهو : عوقب، ويف كون الدية على عاقلته أو يف ماله قوالن

538."مل عمداحتالراجح؛ ألن فعله عمد، والعاقلة ال

أن إىل- يف كتابات علمائنا القدامى رمحهم اهللا- ورغم ميل االجتاه العام للفقه اإلسالمي

إىل قصور مهنة – فيما يبدو–األصل يف صفة التزام الطبيب أنه التزام ببذل عناية، فإن مرد ذلك

.الطب وعنصر االحتمال فيها خاصة يف العصور املتقدمة

نة الطب تطورت بشكل كبري يف العصر احلديث، وأصبحت كثري من املعامالت هأما وأن م

فعلى . ظن، وأصبح عنصر االحتمال فيها يكاد يكون منعدماالطبية أقرب إىل القني إن مل يكن ال

هذا األساس، ليس هنالك ما مينع من القول جبواز التزام الطبيب بتحقيق غاية حمددة، كتحقيق

539.إخل... السالمة يف نقل الدم، أو إقامة التحاليل بشكل صحيح

.(107/3-108)الصنعاين، التاج املذهب ألحكام املذهب : 536

.(239/10): لـ العليل وشفاءنيـكتاب ال يوسف طفيش، حممد بن : 537.(375/5-376): على الشرح الكبري للدردير : 538 . و ما يليها116 ص على النحو الذي فصلناه يف املطلب الرابع من املبحث األول من هذا الفصل : 539

450 من 136صفحة 136 - أأ ب ب- االلل

136

أو قصر يف – 540دردير أي ال–وقوله ": ومن العبارات اليت جرت على لسان فقهاء اإلسالم

املعاجلة، أي كأن أراد خلع سن فقلع غريها خطأ، أو جتاوز بعري اختياره احلد املعلوم يف الطب عند

وأما لو قصد ضرره، فإنه يقتص ... فإنه يضمن... أهل املعرفة، كأن زلت أو ترامت يد خاتن

وصا يف وقتنا احلاضر حيث ، وخصه فخلع السن يعترب فيه حتقيق الغاية؛ ألنه مقدور علي541،"منه

ر طب األسنان بشكل مذهل، فال شك أن مثل هذا االلتزام هو نوع من أنواع االلتزامات تطو

.بتحقيق غاية، وال حيق حبال االكتفاء ببذل عناية

إىل ة الطبيب على الربء أو الشفاء ـواز مشارطـاء اإلسالم يف مدى جـواختلف فقه

:مذهبني

542.ةـ، وبه صرح املالكي أو الشفاءءرمشارطة الطبيب على البواز ـج: املذهب األول

544ةـ والشافعي543ةـ، وبه قال احلنفيءدم جواز مشارطة الطبيب على الربـع: املذهب الثاين

547.ةـ والزيدي546ةـ والظاهري545ةـواحلنابل

هـ، هو شيخ 1127هو أمحد بن حممد بن أمحد العدوي املالكي األزهري اخللويت، الشهري بالدردير، ولد ببين عدي مبصر سنة : 540

املالكية يف عصره يف الديار املصرية، من آثاره أقرب املسالك ملذهب اإلمام مالك، وحتفة اإلخوان يف آداب أهل العرفان يف التصرف،

.(232/3): ، الزركلي، األعالم(348/2): احلجوي، الفكر السامي: راجع. هـ1201تويف مبصر سنة .4/355: حاشية الدسوقي على الشرح الكبري : 541

ال يستحق الطبيب األجرة إال حبلوله، فإن ترك قبل الربء فال شيء له، إال أن يتمم غريه، فله حبساب كرائه األول، : حيث قالوا : 542

على الشرح الصغري بلغة السالك ألقرب املسالك ،الشيخ أمحد الصاوي ب: راجع. فإن مل جيعل األجرة على الربء، فله حبساب ما عمل

.513/3-514 :يرللدردأ قرحه، فمات من إذا حجم احلجام بأجر أو بزغ البيطار، أو حقن احلاقن بأجر حرا، أو عبدا بأمره، أو بط"ذكر السرخسي أنه : 543

سليم عن العيب، وذلك يف مقدور البشر، يصح الذلك فال ضمان عليه، خبالف القصار إذا دق فخرق؛ ألن املستحق عليه هناك العمل

زامه بالعقد، وهنا املستحق عليه عمل معلوم جبده، ال عمل غري ساري، ألن ذلك ليس يف مقدور البشر، فاجلرح فتح باب الروح، الت

.11-16/10: ، املبسوط" بعد املعاوضةفال جيوز التزامهوالربء بعده بقوة الطبيعة على دفع أثر اجلراحة، وليس ذلك يف مقدور البشر،

على األصح مثل قلع سن، وفيه الوجهان يف غري ذلك مثل الفصد واحلجامة؛ ألن هذه اإليالمات إمنا تباح ذكر النووي جوازه : 544

.259/4-260:روضة الطالبني: انظر. للحاجة، وقد تزول احلاجةطه على الربء، حني رقى الرجل شار] اخلدري[ال بأس مبشارطة الطبيب؛ ألن أبا سعيد " وقال ابن موسى: "ابن قدامة رمحه اهللا قال: 545

فتجوز على عمل جمهول كرد اللقطة واآلبق، وحديث أيب سعيد يف الرقية جعـالة أن هذا جيوز، لكن يكون – إن شاء اهللا –والصحيح

.123/6-124:املغين مع الشرح الكبري": إمنا كان جعالة فيجوز ههنا مثله.196/8:احمللى...": ال ألنه بيد اهللا تعاىلـبيب على الربء أصوز مشارطة الطـال جت" أنه - رمحة اهللا عليه-ذكر ابن حزم: 546محد بن قاسم ألوقد نسب خطأ[، 2/78: البحر الزخار اجلامع لعلماء األمصار، )م 1437 -هـ840(أمحد بن حيي املرتضي :راجع: 547

، اعتمادا على طبعة دار ن حيي املرتضي والصواب أنه ألمحد ب بينما هو صاحب التاج املذهب ألحكام املذهب،العنسي الصنعاين،

)املكتبة الشاملة( ws.shamela.www اإلسالم موقع] الكتاب اإلسالمي، ويبدو أنه حصل خلط يف نقل املعلومات من املصدر وهو

450 من 137صفحة 137 - أأ ب ب- االلل

137

د ما ذهب إليهواستدل كل من الفريقني بأدلة تؤي:

: إذ قالوا،لفقهاء على عدم جواز املشارطة على الربء باملعقولاستدل مجهور ا: أدلة اجلمهور:أوال

إن الشفاء بيد اهللا تعاىل ال بيد أحد سواه، وإمنا الطبيب معاجل للداء، مبا يضاده من الدواء، وال

يعرف مقدار املعاجلة اليت يكون ا الشفاء؛ فهو ال يعرف مالئمة كمية قوة الدواء ملدى قوة الداء،

ليت يتم فيها الشفاء، بل ال يعرف أحيصل الشفاء أم ال، ومن مث فال جيوز اإلجارة على وال املدة ا

الشفاء؛ ألن األجرة إن كانت يف مقابلة العالج الذي يتم به الشفاء، فهو جمهول جلهالة مقداره

.ومقدار زمانه، وإن كانت يف مقابلة الشفاء، فهو جمهول وغري مقدور التسليم

548:استدل املالكية على جواز املشارطة على الربء باملعقول: ةـالكية املـأدل: ثانيا

إن الشفاء وإن كان بيد اهللا تعاىل إال أنه عز شأنه، جعل له سببا وهو املعاجلة، فإن مل يكن : فقالوا

مقدورا من حيث ذاته، فهو مقدور من حيث أسبابه، وأهل الطب يعرفون أصناف األدوية

الج وأزمنته، وما يكون منها قابال للشفاء، وما يكون غري قابل، وهذا العلم ودرجاا، ومقادير الع

لف أحيانا، وهذا التخلف يتخمبين على التجارب الكثرية، ومن مث فهو علم عادي ال يقدح فيه أن

.اهوالتال جيعل الشفاء من غري املقدورات، وال من

:االعتراض

جمهولة؛ ألن املريض قد ميوت، فيذهب تعب اعترض على هذا بأن عاقبة عمل الطبيب

الطبيب سدى، وقد يطول عالجه فيكون األجر املشروط زهيدا، وقد يقصد عالجه فيكون أكثر

.مما يستحق عادة، ويف ذلك غرر، والغرر مبطل للعقود

والبرء":ومتام النص هو. هـومل أجده ب وهو موقع وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف السعودية،com.islam-al.wwwإىل موقعوقد نسب اخلطأ

ضرالمو ل منق ( الله فع : ( وزجي ل منره فعكالطبيب غي، قلت بالأقر هأن ة في خلافارإذ ،عب لو لدا في خورنقدم لم قبي ريضم

."صحيحا عدو ولا مرضه على

. طبعا االستدالل باملنقول هنا مل يسلم من املعارض، فتركناه إىل غريه؛ ألن الدليل إذا تطرق إليه االحتمال سقط به االستدالل : 548

من الغنم، – ثالثني رأسا – رقى ملدوغا بعقرب بالفاحتة على قطيع –اهللا عنه رضي -جاء يف السنة أن أبا سعيد اخلدري ذلك أنه

لـف. على ذلك، واحلديث رواه البخاري ومسلم وغريمها– صلى اهللا عليه وسلم – النيب هوأقرالشافعية واحلنابلة هذا على جوازه أو

ا هو احلال يف رد اللقطة، ويكفي للجعالة حتديد مقدار اجلعل كم؛ة، واجلعالة جتوز على عمل جمهولراـ ال اإلجاجلعـالةمن باب

اب اإلجارة، باب ما يعطى يف الرقية على ، كتصحيح البخاري: راجع. ر العملاملطلوب حتقيقها بغض النظر عن مقدا=وبيان الغاية

جرة على الرقية بالقرآن ، كتاب السالم، باب جواز أخذ األوصحيح مسلم¡2156:795/2أحياء العرب بفاحتة الكتاب، رقم

وابن ،329/6-330: بهية شرح منظومة البهجة الورديةواإلمام زكريا بن حممد األنصاري، الغرر ال. 2201:4/1727واألذكار، رقم

.146/6:قدامة، يف املغين

450 من 138صفحة 138 - أأ ب ب- االلل

138

:اجلواب

أجيب على هذا االعتراض بأن علم الطبيب مينعه من املشارطة على الشفاء مىت كان املرض

شارط فيها على الشفاء إمنا هي من شأنه أن يطول أو ال يقبل الشفاء، ومن مث فإن األحوال اليت ي

األحوال اليت يغلب فيها حصوله، فيكون الغرر قليال جدا، وهذا ال يؤثر؛ ألنه متوقع يف كل أمر،

ا ما ينشده من حىت السكىن والبناء وخياطة الثوب وغريها، فقد يسكن املستأجر الدار وال جيد فيه

549.ف يف العمل أكثر منهااء على بناء معني بأجرة معلومة يتكلراحة واستقرار، وقد يشارط البن

:حـرأي الراجـال

مما سبق ذكره أن الرأي الراجح هو رأي القائلني جبواز مشارطة الطبيب على الربء يلتبني

ألنه يف هذه احلالة يكون بعيدا عن كذلك؛زمانـه و،عالجه معلومـا، إذا كان ممكنـامىت كان

.، واهللا سبحانه وتعاىل أعلم والرد إليه أسلم وأحكم إليهة داعيةـ احلاجالغرر واجلهالة، وألن

.215-218سيد رضوان حممد مجعة، ص. ود،115/2:اينأمحد بن غنيم بن سامل النفراوي، الفواكه الدو: راجع : 549

450 من 139صفحة 139 - أأ ب ب- االلل

139

حتريـك دعوى املسؤولية املدنية الطبية: البـاب الثـاين

: يتضمن فصليـن كاآليت

سؤولية املدنية الطبية يف القانون الوضعي والفقه اإلسالميعناصر امل: الفصل األول

لشريعة اإلسالميةاو ممارسة دعوى املسؤولية املدنية للطبيب يف القانون: الفصل الثاين

450 من 140صفحة 140 - أأ ب ب- االلل

140

عناصر املسؤولية املدنية الطبية يف القانون الوضعي والفقه اإلسالمي: الفصل األول

املدنية يف القانون الوضعيعناصر املسؤولية : املبحث األول

،طأ والضرر والعالقة السببيةن تقوم عليها، تتمثل أساسا يف اخلللمسئولية عناصر أو أركا

. ، يف كل من التشريع والفقه والقضاءوفيما يلي بيان ذلك بالتفصيل

اخلطأ الطيب: املطلب األول

يسة يف القرون الوسطى، إال أن برزت فكرة اخلطأ يف أول أمرها لدى فقهاء الكنيف احلقيقة

، وأقام "القوانني املدنية"ه فالذي أبرز فكرة اخلطأ بوضوح يف مؤل" دوما"الفضل يعود للفقيه

550.املسؤولية املدنية يف نوعيها التقصريي والعقدي على أساس اخلطأ" هيبوتي"و" دوما"

من الزمن إىل أن لفترة طويلة سائدة-ام املسؤولية املدنية للطبيبوعلى أا ق - وظلت فكرة اخلطأ

جعلتها تتراجع أو تنحصرحصلت تطورات .

اخلطأ وإثبات، اخلطأ الطيب يف فرع أول سنناقش يف هذا املطلب ماهية،وبناء على ماتقدم

. اخلطأ الطيب يف فرع ثالث وصور،الطيب يف فرع ثان

ـأ الطبـية اخلطـماهي: الفرع األول

:النقاط التاليةى ماهية اخلطأ الطيب من خالل سنلقي الضوء عل

أـف اخلطـتعري: أوال

حيث يأيت مبعىن العمل غري املشروع الذي يرتكبه الشخص: يأيت على معنينياخلطأ لغة

املخطئ من أراد الصواب فصار إىل : وعليـه، يقال. ويأيت مبعىن ضد العمد، وضد الصواب عمدا،

551. ينبغي واخلاطئ من تعمد ما ال،غريه

؛ ألن اخلطأ عن عمد أو قصد غالبا ما وتعريف القانون املدين للخطأ باملعىن الثاين، وليس األول

.يكون يف دائرة القانون اجلنائي

املسؤولية العقدية أو التقصريية هو كل من اق ـ سواء يف نط- بوجه عام –أ ـاخلط إن

اليتروفـ الظ يف ذاتدـج وظـ يقناـال يصدر عن إنس مسلك الشخص ر يفـتقصي"

.143علي علي سليمان، النظرية العامة لاللتزام، ص. د: 550.168املنجد يف اللغة واألعالم، ص، و1/75: خمتار الصحاح، 66/1: لسان العرب: راجع: 551

450 من 141صفحة 141 - أأ ب ب- االلل

141

552".باملسؤول أحاطت

الل ـة الطبيب خـأ يرتكبه شخص يتمتع بصفـخط"ميكن القول إن اخلطأ الطيب هو و

إخالل الطبيب بالتزاماته يف مواجهة مريضه، " أو أنه 553،"أو مبناسبة ممارسته لألعمال الطبية

555. وهذا إضافة إىل تعريفات أخرى كثرية554،" الطبيةوالذي يتمثل يف خمالفة املعطيات واألصول

ومهما حاولت هذه التعريفات حتديد ماهية اخلطأ إال أا مل تسلم من النقد، فالتعريف

مبخالفة االلتزام العقدي أو االلتزام القانوين، "سلك الشخصمتقصري يف "األول ينقصه تقييد

ل ام أما التعريف الثالث، فهو ش.واقص التعريفوالتعريف الثاين عرف اخلطأ باخلطأ، وهو من ن

األدىن إىل ه ويبدو أن على حد سواء، وااللتزامات اإلنسانية والفنية،لاللتزامات العقدية والقانونية

الصواب، لتماشيه مع مفهوم اخلطأ املهين، ولكن مع ذلك ينقصه ذكر معيار اخلطأ؛ كمعيار الرجل

le"العادي bon père de famille"لذي وجد يف نفس الظروف اخلارجية اليت أحاطت ؛ ا

بأمثاله من األطباء، وال يعترب هذا مقارنة، وذلك كطبيعة ودرجة التخصص؛بالطبيب املسؤول

الوسائل املتاحة وما فضال عنوهذا . داخلية ظروفا إذ هي ليست،أخذا بالظروف الشخصية

.شاكل ذلك

:أ يرجع إىل أمرينوسبب اختالف الفقهاء يف تعريف اخلط

فأصحاب االجتاه .من وجهة نظره اليت يراهايعود إىل أن كل فقيه عرف اخلطأ: األمر األول

املوضوعي استخلصوا تعريف اخلطأ من الفعل ذاته، بصرف النظر عن شخص فاعله من حيث

ؤول السن واإلدراك وحنو ذلك، ومن أخذ باالجتاه الشخصي وضع يف اعتباره حالة الشخص املس

.من حيث كونه مميزا أو غري مميز وما شاكل ذلك

واحدة يندرج حتتها أعداد ال حصر هلا من أعمال يعود إىل أن كلمة اخلطأ كلمة: األمر الثاين

552 : Mazeau et tunc :" Théorie et pratique de la responsabilité civile délictuelle et contractuelle" 6é.ed,

1965,I, N° 669 : 60أشرف جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص. د: أشار إليه

.11ه، نظرة حديثة إىل خطأ الطبيب املوجب للمسؤولية املدنية يف ظل القواعد التقليدية، صـ البي عبد احلميدحمسن. د: 553554 : Finon (Odile) : Faute et Assurance dans la responsabilité civile médicale, p.21.

لوضع تعريف للخطأ يف كل من الدائرتني العقدية والتقصريية، بل إن اخلطأ يف مجيع األحوال هو أنه ال مربرحيث ذهب البعض إىل : 555

فته اخلطأ بأنه اإلخالل بواجب سابق كان باإلمكان معر" سافاتيه"وعرف ". بالنيول"اإلخالل بواجب سابق، وهو ما ذهب إليه الفقيه

ويذهب الدكتور السنهوري إىل أن . اخلطأ بأنه اعتداء على حق يدرك املعتدي فيه جانب االعتداء" دميوج"وعرف الفقيه . ومراعاته

عبد السالم التوجني . د: راجع. عبارات االعتداء على احلق واإلخالل بالواجب وغريها ال حتدد معىن اخلطأ بل هي ذاا حباجة إىل حتديد

777-778.، ص526، فقرة 1الوسيط، جعبد الرزاق السنهوري، . ، ود 257ص مسؤولية الطبيب، -ة املدنيةاملسؤولي–

450 من 142صفحة 142 - أأ ب ب- االلل

142

556.وأمناط السلوك اإلنساين

ويتضح مما سبق أن الفقه مل يستقر على تعريف معني للخطأ، وهذا حىت عند أصحاب

هو أهم أركان املسؤولية التقصريية، بل الركن 557ئلني بأن ركن اخلطأ النظرية اخلطئية القا

األساسي فيها، إال أنه مع ذلكم مل تتفق كلمة فقهائهم على حتديد املقصود باخلطأ حتديدا جامعا

.مانعا

القواعد العامة ضمن تعريف اخلطأ جتنب التشريعات املعاصرةولعل هذا ما جعل معظم

558.الجتهاد الفقهي واالجتهاد القضائيل املدنية، تاركني ذلك للمسؤولية

ت اخلطـأتطورا: اـثاني

فكرة اخلطأ من أدق األفكار يف القوانني املدنية، ويرجع ذلك إىل أن هذه الفكرة غري يف احلقيقة إن

لضبط لزم ا كانت فكرة األخالق يعوزها التحديد واحمددة؛ التصاهلا عن قرب بفكرة األخالق، ومل

تؤول إىل قدكما أن فكرة اخلطأ نسبية و 559.أن تكون فكرة اخلطأ غري حمدودة وال منضبطة

. للخطأ، كما سوف نرى الحقاالزوال، وتصبح املسؤولية موضوعية ال تقيم وزنا

.129قيس الصقري، املسؤولية املهنية الطبية، ص. د: راجع: 556والثاين ؛ ويقصد به اإلخالل بواجب قانوين أو التزام تعاقدي،مادي وقوامه االحنراف أو التعدياألوليبدو أن للخطأ ركنني، : 557

؛ ويراد به أن يكون من وقع منه التعدي مدركا لفعله ومميزا لتبعاته من أصحاب املسؤولية اخلطئيةعند قوامه اإلدراك والتمييزمعنوي

. ية مسؤوال ال من الناحية اجلنائية وال من الناحية املدن-كانون والصيب غري املميز–وعليه، فال يكون عدمي التمييز . خري أو شر

وقد أثار إعفاء فاقد التمييز من . وهذه قاعدة قدمية استقرت يف عهد القانون الروماين، واحندرت منه إىل بعض التشريعات احلديثة

املبنية على حتمل التبعة، مما جعل أصحاب املسؤولية اخلطئية يعدلون موقفهم من أ املوضوعيةانتقاد أنصار املسؤولية املاديةاملسؤولية

إن كان اخلطأ ضروريا لقيام املسؤولية، : ولية عدمي التمييز، عمال باعتبارات العدالة اليت نادى ا أصحاب املسؤولية املادية، فقالوامسؤ

بيد أن هذا االجتاه مل يسلم من . إال أن اخلطأ ليس له إال ركن واحد فقط هو الركن املادي، وبالتايل، ال يشترط التمييز لتحقق اخلطأ

، وبقي عنصر اإلدراك قائما إىل جانب عنصر التعدي، خصوصا يف نطاق املسؤولية التقصريية، وما كان ألصحاب املسؤولية عارضامل

وهو قيد خرج به من فقد إرادته بسكر وحنوه، فال اعتبار – عدمي التمييز الالإرادياخلطيئة الوقوع يف اخلطأ هروبا من االنتقاد؛ ألن

إىل عدمي التمييز املتبوع، وتأسيسها على املسؤولية املدنية، فال ضري من إسناد كفالة شخص يتوىل مسؤوليته يكون يف عادة ما-لذلك

طالل : راجع. خطأ مفترض فرضا ال يقبل إثبات العكس، فإن اخلطأ املفروض يكون قائما يف جانب عدمي التمييز، وال ينفيه انعدام متييزه

.118-123حممد فتح اهللا النشار، حق التعويض املدين بني الفقه اإلسالمي و القانون املدين، ص.، ود183عجاج، املرجع السابق، ص¡83 مكرر ، باستثناء بعضها كالتشريع املدين التونسي يف املادة 124، و124ومن بينهم املشرع املدين اجلزائري يف املادتني : 558

عبارة عن إمهال ما جيب أو إتيان ما جيب االمتناع عنه دون قصد "رفا اخلطأ على أنه ، حيث ع77والتشريع املدين املغريب يف املادة

عامر : راجع. سليمان مرقس بقوله إن هذا التعريف اقتصر على خطأ اإلمهال دون العمد. ؛ إذ انتقد هذا التعريف من قبل د"اإلضرار

.59اعي، صالقيسي، مشكالت املسؤولية الطبية املترتبة عن التلقيح االصطن.443عبد احلي حجازي، مصادر االلتزام، ص. د: راجع: 559

450 من 143صفحة 143 - أأ ب ب- االلل

143

- مثال- حىت املوت ألا تتغري بتغري األزمان واختالف البيئات؛ فاملبارزة؛ففكرة اخلطأ نسبية

.رتب املسؤولية فعال خاطئا يأصبحت يف عصرنا من أعمال البطولة والشرف قدميا، وقد كانت

¡560»فعظوهن واهجروهن يف املضاجع واضربوهن«: لقوله تعاىل؛وتأديب املرأة عندنا مشروع

. من أسباب الطالق غري مشروع يف البالد الغربية وسببوهو عمل

تالط املسؤولية املدنية باجلنائية وباملسؤولية اخللقية، وقد من اخإن فكرة اخلطأ ما زالت بقية

أضحت اليوم مسؤولية موضوعية دف إىل تعويض ما حيدثه وانفصلت املسؤولية املدنية عنهما،

إن املسؤولية املدنية قد مث. بفعله غري اخلاطئم سواء بفعله اخلاطئ أ؛ لغريهالشخص من ضرر

إىل صورا األوىل يف اتمعات البدائية حني كانت كل القبيلة ، وعادت أصبحت اليوم مجاعية

تدفع التعويض عما ارتكبه أحد أفرادها، وها هي شركات التأمني ومؤسسات الضمان االجتماعي

.وغريها تقوم بنفس الدور كما سيأيت بيانه يف الفصل الثاين من هذا الباب إن شاء اهللا

عشرات األمثلة عن Tunc"562" عن األستاذ تونك 561 علي علي سليماناألستاذوقد نقل

نظرا ؛األخطاء اليت ترتكب وتسبب أضرارا فادحة للمجتمع، ومع ذلك ال حياسب مرتكبوها عليها

ملكانتهم الرفيعة أو لقدرم الفائقة على إخفاء أخطائهم، وينتهي من ذلك إىل القول بأن البحث

Common)مي اجلدوى، حيث إن دول الكومن لو عن اخلطأ يف املسؤولية املدنية أصبح عد Law)

La)تطلق على املسؤولية القائمة على اخلطأ عبارة املسؤولية اليت تقوم على النصيب Loterie)º

فق يف إثبات خطئه ألن املضرور قد ينجح يف إثبات خطأ املسؤول فيكسب التعويض، وقد خي

563. غري خلقيةفيخسر التعويض، فهي يف رأي هذه الدول مسؤولية

تراجع اخلطأ كأساس للمسؤولية: اـثالث

يف بروز اآللة والتطور الصناعي اهلائل الذي تنظرا لعوامل اقتصادية بالدرجة األوىل متثل

يالحق حـالرب حيث اتسمت سلوكيات الفرد باملادية، فأصبح هاجس ؛متيز به عصرنا احلايل

رر ميكن أن يلحق بالعامل من جراء ـي ضض عن أـأرباب الصناعات، يقابله هاجس التعوي

.34النساء، اآلية سورة : 560 منها نفيسة، الزمن، وله مؤلفات من لعقود،جامعة اجلزائر –هو أبو القانون املدين اجلزائري بال منازع، درس أستاذا بكلية احلقوق : 561

، دراسات يف ، ضرورة إعادة النظر يف القانون املدين اجلزائري القانون املدين اجلزائري يف- مصادر االلتزام-النظرية العامة لاللتزام

.املسئولية املدنية يف القانون املدين اجلزائري . وما بعدها98املسؤولية املدنية، ص: راجع: 562.148-150 يف القانون املدين اجلزائري، ص-مصادر االلتزام– لاللتزام العامةالنظرية : راجع: 563

450 من 144صفحة 144 - أأ ب ب- االلل

144

عمل اآللة أو نشاط الغري مما جعل اخلطر حيدق به يف عمله وتنقله، فاتسع رويدا رويدا مفهوم

.املسؤولية ليشمل هذه املخاطر كافة

، متثلت يف تقلص املذهب الفردي أمام املبادئ )إيديولوجية(وهذا إضافة إىل عوامل فلسفية

. قلبت اآلية وجعلت مصاحل اتمع أهم من مصاحل الفرداالشتراكية، اليت

ويف هذا اخلضم، برزت أسباب اجتماعية، متثلت يف شخصية العامل الذي أخذ يدرك مدى

ين نقابات العمال للدفاع و جيب احترامها، مما دفعه إىل تكأمهيته يف اتمع، ويشعر بأن له حقوقا

.عن حقوقها

نونية اليت جتسدت يف قصور النصوص القانونية عن تغطية ما ضف إىل ذلك العوامل القا

ب العمال الضعفاء طالاستجد من حوادث مل تكن معروفة من قبل، وأصبح من غري املنطقي أن ي

.بإثبات خطأ ضد أصحاب املصانع الكربى طبقا للقواعد القانونية التقليدية

ه بإثبات اخلطأ على عاتق امللتزم لمتضرر دون إلزامللذلك، منا الشعور بوجوب التعويض

564.بالتعويض، مما أدى إىل اضمحالل اخلطأ ومن مث إىل أفوله كركن الزم إلقامة املسؤولية املدنية

سارع الفقه إىل إجياد املركز القانوين للمسؤولية املدنية فقدم نظرية املخاطر، مث وعلى هذا األساس،

.نظرية الضمان كما سيأيت بيانه

ول اخلطأ ظهور شركات التأمني على املخاطر، وظهور التشريعات امللزمة فأيضا على أوما شجع

توفري ضمانات كافية للمتضرر، وجعله حيصل على تعويض بأقرب السبل إىل بالتأمني، مما أدى

ا على املسؤولية املدنية كبدائل عن هلاتني النظريتني حمددين أثرمهوفيما يلي بيان 565.وأسهلها

.اخلطأ

البدائل عن اخلطأ ومدى جناحها: اـابعر

I .رـة املخاطـنظري:

وجوسران" Saleilles" السابقة، اختذ بعض الفقهاء؛ مثل سايلباالستناد لالعتبارات

"Josserand"مني نظريـة املخاطـر أ بصوـ من اخلطاـ مناهضاـ موقفرة مبدئية مقد

564 : Le tourneau, la verdeur de la faute sans la responsabilité civile. RTDC 1988, P.505.

املسؤولية املدنية، –، ومصطفى العوجي، القانون املدين، اجلزء الثاين 150-152علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. د: انظر: 565

.232-234ص

450 من 145صفحة 145 - أأ ب ب- االلل

145

"La Théorie du Risque"566.ولية املدنية كبديل تؤسس عليه املسؤ

Le"فقامت يف املرحلة األوىل على أساس الغرم بالغنم Risque-Profit"رت إىل، مث تطو

Le" فيها املسؤولية على أساس اخلطر املستحدث حيث أقيمتمرحلة ثانية Risque Crée" مث ،

طأ إىل جانب فكرة اخلطر، واإلبقاء على فكرة اخل انتهت يف املرحلة الثالثة إىل التوفيق بني اخلطأ و

.اخلطر

ولقد اتسمت النظرية خالل املرحلتني األوليني مبحاربة فكرة اخلطأ بكل الوسائل، واملناداة

باستبداهلا بفكرة اخلطر، وذلك إلسعاف ضحايا حوادث العمل وغريها باحلصول على التعويض

الضحايا بإقامة الدليل عن الضرر الذي أصام من قبل أرباب العمل مثال، وإن يف مطالبة هؤالء

هلم وضياعا حلقوقهم، خصوصا أن أكثر احلوادث على خطأ رب العمل وحوادث النقل إرهاقا

ة فنية يعز عليهم احلصول عليها، ربفها، وحيتاج إىل خاتظل أسبابه خفية يعسر عليهم اكتش

قة قوية غنية، وهذا والتمسك بضرورة إثبات اخلطأ يعين أن نضحي مبصاحل طبقة ضعيفة ملصلحة طب

. اليت ننادي ا567ة ـ ملعىن العدالمناف

، فمن الذي ينبغي أن يتحمل نتيجة هذا بضرر أصاب شخصافإذا ما حدث حادث

والذي كان موقفه من احلادث موقفا سلبيا، وقد يكون ، ال ذنب لهيالضرر؟ أهو املصاب الذ

ا، وقد كان فعله ذا فائدة تعود ث موقفا إجيابي أم هو الفاعل الذي كان موقفه من احلاد،معسرا

له ه حيمبعليه، فينبغي أن يدفع مثنها، وإذا مل تعد عليه فائدة، فقد كان ينبغي عليه أال يأتيه، وقيامه

.وزره

بأن ؛الغرم بالغنمبالتبعة يف مرحلتها األوىل القائلة املخاطر أو ولقد انتقدت نظرية حتمل

على صاحبه بالغنم؛ مثلما هو واقع املؤسسات الصناعية اليت حتقق أرباحا من ليس كل نشاط يعود

عماهلا، بل هناك نشاطات ال يربح صاحبها من ورائها شيئا؛ بل وهناك نشاطات قد تعود على

األمر مث دميوج وليف أ" Ripert" يف تعليقاته، ولوران يف بلجيكا، وريبري "Labbé"بيهالمحل لواء هذه النظرية أيضا : 566

"Demogue" وسافاتيه "Savatier" .152علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. د: راجع.ذمتني ماليتني؛ فإذا ت القانونية على أا عالقات بني ا هم ماديو الرتعة وينظرون إىل العالقرليس كل القائلني بنظرية املخاط: 567

ذهب بعضهم إىل هجر اخلطأ بدواعي العدالة املثالية فقد عاد التوازن بني الذمتني، استفادت إحدامها على حساب األخرى وجب أن ي

,Henri:راجع. يف العدالة االجتماعية أو العدالة الفرديةممثلة Leon, et Jean Mazeaud, Leçon de droit civil, T. II,

P.357 .

450 من 146صفحة 146 - أأ ب ب- االلل

146

صاحبها باخلسارة، فهل من يركب دراجة فتصدمه سيارة ميكن أن حيمل غرم استعماهلا مقابل ما

؟ ناء استعماهلا أثحققه من غنم

ولذلك حتول أنصار هذه النظرية إىل املرحلة الثانية، وبنوها على فكرة اخلطر املستحدث،

ولكن سرعان ما انتقدت النظرية يف هذه املرحلة أيضا بأا تلجم كل نشاط وتشل كل مبادرة

النظرية فيؤدي ذلك إىل اجلمود وعدم التطور، وانكفأ حمبذو هذه ،568فردية خشية املسؤولية

للضرر يرتب موجب التعويض على ، وهي أن ليس كل نشاط حمدثة مهمةحينما واجهت عقب

حدثها للغري ضمن نطاق عدم ا قانونا رغم األضرار اليت ت مسموح كثرية ألن نشاطات؛صاحبه

569.جتاوز حدود ممارسة احلق حبسن نية

عنها ورجع إىل ملرحلة الثالثة، فبعضهم ارتدوبناء عليه، حتول بعض أنصار هذه النظرية إىل ا

، والبعض اآلخر رجع إىل فكرة اخلطأ وجعلها فكرة Ripert"570" مثل ريبري ؛وحدها اخلطأ فكرة

لجأ إليها حينما تتطلب العدالة يSubsidiaire"،"أصلية إىل جانب فكرة اخلطر كفكرة احتياطية

كل لطأ واخلطر متساويني، وجعل عاد فجعل اخل572 وبعضهم اآلخر مثل جوسران571ذلك،

فنطاق اخلطأ هو املسؤولية عن األفعال الشخصية، املنصوص عليها ؛منهما نطاقا يساوي اآلخر

، ونطاق اخلطر هو املسؤولية عن فعل الغري، )ج.م. ق124يقابل املادة (ف .م. ق1382باملادة

، )ج.م.، ق136¡134ملواد يقابل ا (6,5,4ف يف الفقرات .م. ق1384املنصوص عليها باملادة

ويضيف جوسران إىل هذا النطاق، القوانني اخلاصة اليت نصت على مسؤوليات تقوم على

573.اخلطر

حيث ذهب بعض فقهاء هذه النظرية املنادين ؛لقد امتزج الطرح القانوين بالتناول الفلسفي

La"بالعدالة الفردية justice individuelle "إىل القول بأن العدالة" L’equité "تقتضي الوقوف

النشاط احلر لألفراد، فال يعيقهم يؤمن، ولكن ميكن أن ة ليس يف محاية الضحايا دائماـة أو املصلحة االجتماعيـإن دواعي العدال: 568

H,L :راجع. ولو كان سلوكهم بعيدا عنها،يهددهم مبسؤولية متحملة أو et J.Mazeau, op.cit, p.357

.235/2-237 :، مصطفى العوجي، املرجع السابق152-155علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. د: راجع: 569la:راجع مؤلفه: 570 règle morale dans les obligations civiles, 4é ed. paris, 1949, p.29

René: راجع: 571 Savatier, traité de la responsabilité civile en droit français, paris, T.I. N° 279- حيث ،281

رغم أن املسؤولية بدون خطأ ال ميكن أن تكون إال مكملة، و مبين على اخلطر، مبين على اخلطأ، وقسمقسم: قسم املسؤولية إىل قسمني

,H: ها إال يف جماالت حمدودة، هذه ااالت اليت أضحت فسيحةوال ميكن للمشرع تبني L et J.Mazeau, op.cit, P.359, N° 431

.41 بند 2، ج1933شرح القانون املدين الفرنسي، طبعة : راجع مؤلفه: 572.155علي علي سليمان، النظرية العامة لاللتزام، ص. د: راجع: 573

450 من 147صفحة 147 - أأ ب ب- االلل

147

؟ أم إىل جانب حمدث الضرر دون خطأ من قبلهم، إىل جانب الضحايا

أن نفرق بني الفعل اخلاطئ وغري اوانتهوا بعد نقاش طويل إىل أنه يفترض عدالة أو أخالق

اخلاطئ؛ ألن تقرير أن تترتب املسؤولية عن الفعل غري اخلاطئ قد يبرة على مستوى املصلحر

L’utilité"االجتماعية Sociale"ولكن ال ، ر حبيعلى املستوى األخالقي الـرب "La morale."

فحينما . ن هناك فارقا بني املسؤولية املدنية يف القانون اخلاص وبينها يف القانون العامإ مث

ل مسؤولية دون أن نقبلألخالق افيا من قبل أعواا، فليس منا ضررة عاممؤسسةحتدث الدولة أو

وحنمله عبء – عدالة وهو ما هو مرفوض– بذاته فقر طرفا ألننا يف هذه احلالة ال ن؛خطأ

La"التعويض، وإمنا نقوم بتقسيم األعباء العامة repartition des charges publiques " اليت

.يتساوى األفراد أمامها

يقها يف جماالت معينة يف القانون ن نظرية حتمل التبعة إذا أمكن تطبأ يضاف إىل ذلك

575. يف القانون اخلاصأ قدمـ مل جتد موط- ماعدا استثناءات جد حمدودة– فإا 574العام،

وفيما يلي ، ا يف اال القانوينـرا واسعـة تأثيـة حتمل التبعـ فقد كان لنظري،ومع ذلك

:تأثريها على القضاء والتشريعات الوضعيةبيـان

:ة على القضاءـية حتمل التبعتأثريات نظر.1

: التاليةرح باعتناقها، ويتجلى ذلك يف النقاطتأثر القضاء الفرنسي ذه النظرية دون أن يص

La": رضتتبين اخلطأ املف. أ faute présumée"واخلطأ . يف املسؤولية عن فعل األشياء وفعل الغري

وجود هلا يف احلقيقة، بل هي جمرد حيلة املفترض ليس يف الواقع إال فكرة افتراضية أو تقديرية ال

.رور من إثبات اخلطأضاهتدى إليها القضاء إلعفاء امل

كانت ختضع لضرورة إثبات اخلطأ، صدر ألول مرة بينماأما بالنسبة للمسؤولية عن فعل احليوان،

1885/10/27 بتاريخ الفرنسيةحكم مبحكمة النقضلى قررت فيه أن هذه املسؤولية تقوم ع،576

شك إال بإثبات السبب األجنيب، وما منافتراضا ال يقبل إثبات العكس، وال يدحض خطأ مفترض

.ر هذا احلكم بنظرية حتمل التبعةـيف تأث

االجتاهات احلديثة لس الدولة (أساسا ملسؤولية املرفق الطيب العام " اخلطأ"حممد فؤاد عبد الباسط، تراجع فكرة . د: راجع: 574

.، وما يليها102¡6، ص)الفرنسي575 : H,L et J.Mazeau, op.cit, n° 429, p.358.

.33 رقم 1 عدد 1885 سنة نشر هذا احلكم يف جمموعة سرييه .576

450 من 148صفحة 148 - أأ ب ب- االلل

148

وأما بالنسبة للمسؤولية عن فعل األشياء غري احلية، وكانت ختضع لضرورة إثبات اخلطأ

1896/06/11كمة النقض بتاريخ ، صدر ألول مرة حكم من حمف. م1382 حلكم املادة طبقا577

افتراضاقرر أن اخلطأ فيها مفترض نفى إال بإثبات السبب األجنيب، ال يقبل إثبات العكس، وال ي

578.ف. م1384وقد صدر هذا احلكم عقب اكتشاف الفقرة األوىل من املادة

ان من يتوىل سواء أك،مسؤولية متويل الرقابة حنو الصيب أو التلميذ أو اخلادموخبصوص

رقابتهم شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا؛ كمركز املعوقني ذهنيا أو مركز إعادة التربية لألحداث

حدثه من توىل رقابتهم من ضرر، بناء على خطأ ياجلاحنني، فإن متويل الرقابة يعترب مسؤوال عما

579. األجنيبعفى منه إال بإثبات السببمفترض يف جانبه ال يقبل إثبات العكس، وال ي

وقد أفضت فكرة اخلطأ املفترض بالنسبة ملسؤولية متويل الرقابة يف املؤسسات التربوية

منها، بتقدمي بديل، يتمثل يف ف كبري، مما دفع املشرع إىل التخفي حرجالعامة أو اخلاصة إىل

05/4/1937.581قانون يف فقرا الثامنة من 1384 وهو ما أنتج املادة 580مسؤولية الدولة

افتراض املسؤوليةأ إىل اصطالح ـراض اخلطـاء عن اصطالح افتـ عدل القض،لذلك

"présomption de la responsabilitéLa " تمعة يف قضيةجانديـر يف حكم الدوائر ا

"Jand’heur " ، 1930/02/13.582الصادر بتاريخ

سؤولية نتيجة، والنتيجة ال ل إن امليقف من االنقاد؛ هذا االصطالح اجلديدومل يسلم

.تفترض، وإمنا تفترض الوقائع اليت تستخلص منها النتيجة

قررت يف حكم هلا ، حيث اضطرت حمكمة النقض إىل العدول عن هذا االصطالح،لذلك

1956/10/18صدر بتاريخ وة ـة تقوم بقـسؤولية حارس األشياء غري احلية مسؤوليم أن 583

17 رقم 1 عدد 1896 سنة هنشر هذا احلكم يف جمموعة سريي: : 577

.156علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. د: 578579 : Civ.2, 12 oct. 1955, D.56.301, n. R.Rodière et, obs. La notion de faue présumée. V. Philippe LeTourneau et Loic Cadiet, Droit de la responsabilité, P.711, et Francois Terré et d’autres, Droit Civil,Les Obligations, P.632 et S.

:8/ف.م. ق1384نص املادة : 580

"En ce qui concerne les instituteurs, les fautes, imprudences ou négligences invoquée contre eux

comme ayant causé le fait dommageable, devront être prouvées conformément au droit commun, par

le demandeur à l’instance".581 : Ph. Le Tourneau et L. Cadiet, op.cit, p.720.

.37، رقم 1، عدد 1930كم يف داللوز، سنة نشر هذا احل: 582

450 من 149صفحة 149 - أأ ب ب- االلل

149

de "ونـالقان plein droit" وبذلك حسمت حمكمة النقض رأيها يف نبذ فكرة اخلطأ يف مثل ،

.ةـهذه املسؤولية، وكل هذا مت بأثري نظرية حتمل التبع

م ابتكر القضاء الفرنسي 1911منذ سنة :ابتكار القضاء الفرنسي فكرة االلتزام بالسالمة. ب

L’obligation"ة ـزام بالسالمـفكرة االلت de resultat"¡584صل املنقول سليما معاىف وهي أن ي

"Sain et sauf "إىل حملخاليطت به املسؤولية دون حاجة بالتزامه ون الوصول، وإال اعترب الناقل م

ده، ورغم توجيه الفقه لسهام نقده هلذا االلتزام الذي ض بإثبات خطأهإىل مطالبة املتضرر أو خلف

شمل يإليه القانون، مضى القضاء يف اجتهادر ه ه معمما ذلك على كثري من العقود، وال ريب يف أن

.تأثر بنظرية حتمل التبعة

ال ـابتكر القضاء الفرنسي نظرية األفع :ابتكار القضاء الفرنسي نظرية األفعال اخلاطئة.جـ

Les"ة ـاخلاطئ faits fautifs"585 فاعترب بعض احلوادث مرتبة خلطأ حمدثها مبجرد وقوعها دون

نقل أو انفجار مرجل ةمطالبة املتضرر بإثبات خطأ ارتكب ضده؛ وذلك مثل انفجار أداحاجة إىل

"chaudière"اخلطأ بالقوة من قبيل األفعال اخلاطئة فكرةت وحنو ذلك، واعترب "la faute

virtuelle"م إىل أحكام املسؤولية عن 1928 حني كان خيضعه قبل سنة ، يف حقل النقل التربعي

بإثبات خطأ الناقل، فأضحى القضاء معتربا الناقل ااين اناي، ويطالب املنقول جمالفعل الشخص

خمطئا مبجرد إصابة املنقول بضرر ناتج عن خلل يف مركبة الناقل، وأعفى املنقول جمانا من إثبات

586.خطأ الناقل

دا ر الفرنسي مطبعد أن كان القضاء :القضاء الفرنسي يقر مبسؤولية فاقد الوعي عن احلراسة.د

نسب لفاقد يف أحكامه على ضرورة توافر التمييز أو اإلدراك لدى املسؤول عن احلراسة، فال ي

1964/12/01 يرتب املسؤولية، قرر ألول مرة يف حكم له صدر يف التمييز خطأ يف قضية 587

فرنسي إىل إدخال املشرع الا مسؤولية فاقد الوعي عن احلراسة، وهو ما دع"Tritchard"تريتشارد

، وأصبح القضاء الفرنسي1968/01/03 يف القانون املدين مبوجب قانون صدر يف 489-2املادة

. بعدها يعمم مسؤولية عدمي التمييز يف كل أنواع املسؤولية متأثرا بنظرية حتمل التبعة

.365، رقم 2، عدد 1956نشر هذا احلكم يف جازيت دي باليه سنة : 583obligation"وهو ما مساه الفقهاء مازو : 584 déterminée :" راجع.أي التزام حمدد : Leçon de droit civil, T II, P.21

.306 ، ص33 ، بند1، ج1951ول املسؤولية املدنية، طبعة سنة انظر يف هذه النظرية سافاتيه يف مؤلفه ح: 585.103 ، ص233د ، بن1972انظر يف هذا ستارك، االلتزامات، طبعة سنة : 586.202 رقم1 عدد1965اليه سنة بنشر هذا احلكم يف جازيت دي : 587

450 من 150صفحة 150 - أأ ب ب- االلل

150

: حتمل التبعةنظرية من اجلزائريو املصريئنيالقضاموقف . هـ

القضاء املصري االبتدائية واالستئنافية يف بعض أحكامها بنظرية حتمل فقد تأثرت حماكم

لرأي فقيه مصري، هو األستاذ عبد السالم يف ذلك القضاء الفرنسي ومستجيبةالتبعة، جمارية

الذي نادى يف مصر ذه النظرية، ولكن حمكمة النقض املصرية رفضت األخذ ذه 588ذهين

1934/11/15 هلا صدر يف النظرية رفضا باتا يف حكملة ذلك برفض املشرع املصري معل؛589

590.هلا

يبدو أنه مل يأخذ ا، وأما موقف القضاء اجلزائري بعد االستقالل من نظرية حتمل التبعة،

فإين مل أعثر على أي حكم له يدل على األخذ ا، : فقد صرح الدكتور علي علي سليمان بقوله

591.يعتنق هذه النظريةوأعتقد فيما أعلم أنه مل

:مدى تأثري نظرية حتمل التبعة على التشريعات الوضعية. 2

امتد تأثري النظرية إىل كثري من التشريعات املتعلقة باحلوادث واألضرار واإلصابات على

: اإلشارة إىل أهم هذه التشريعات اخلاصةوحسبنااملستوى العاملي،

ة ـار املهنيـخاص باألخطم 1898/4/09انون بتاريخ صدر فور ظهور النظرية ق :يف فرنسا. أ

"Les risque professionnelles" حل حمله قانون موحد يتضمن األضرار الناشئة عن كل أنواع ،

، كما صدر قانون يف 1945/10/30، مث قانون بتاريخ 1940/10/04النشاط املهين بتاريخ

Les" اهلوائية ت جعل مسؤولية مستغلي العربا1940/7/08 téléphériques " يقومان على حتمل

الذي حل حمله تشريع الطريان املدين والتجاري 1924صدر قانون الطريان املدين عام التبعة،كما

وكلها ، املتعلقة مبستغلي املنشآت الذرية،1965/11/19 مث تشريعات ،1967/3/30الصادر بتاريخ

1985/7/05 املؤرخ يف 577ناك قانون رقم كما صدر ه. تقيم املسؤولية على أساس حتمل التبعة

خاص باألضرار الناشئة عن أدوات النقل الربي املتحركة مبحرك، وقد أقام املسؤولية على أساس

.حتمل التبعة

علي سليمان، املرجع السابق، ص .ر إليه د، أشا وما يليه781ندب، 1921راجع مؤلفه حول االلتزامات الذي نشر مبصر سنة : 588

159. .علي سليمان، املرجع ذاته، من ذات الصفحة: ، راجع845 ، ص1نشر هذا احلكم يف جمموعة عمر، عدد: 589 . وما يليها771، ص وما يليه521 ، بند1السنهوري، الوسيط، ج: راجع: 590.159، صالسابقاملرجع : راجع: 591

450 من 151صفحة 151 - أأ ب ب- االلل

151

بشأن 1950 لسنة 89، الذي حل حمله القانون رقم م1936 لسنة 64صدر القانون : يف مصر. ب

بشأن التعويض عن األمراض املهنية، 1950 لعام 117قم التعويض عن إصابات العمل، مث القانون ر

وقد أقاما املسؤولية على أساس حتمل التبعة

، حيث أقام املسؤولية م1972صدر قانون التعويض عن حوادث العمل يف سنة : يف اجلزائر .ج

عامل دون ارتكبه العف املسؤول من املسؤولية جزئيا إال بإثبات خطأعلى أساس حتمل التبعة، ومل ي

30.592% إىل حد ال يتجاوز مربر، فيخفض التعويض حينئذ

II .انـة الضمـنظري:

وتتلخص هذه 593قدم ستارك هذه النظرية يف أطروحة، مث استعادها يف مؤلفاته ودراساته،

النظرية، اليت هي صورة خمففة من حتمل التبعة، يف أا عابت على احملاوالت السابقة إلقامة النظرية

عن اخلطأ الذي ارتكبه، والضرر باحثة"ررـدث الضـحم"عامة للمسؤولية املدنية تركيزها على ال

وكان ينبغي هلا أن تنظر إىل حقوق . ة لتحديد مسؤوليتهة السببيـالذي أنتجه، ومدى توافر عالق

ر، تطلب محاية قانونية من خالل اجلزاء الذي يوقع مبسبب الضرت، اليت "ةـرر أو الضحيـاملتض"

ة، ـده وسالمة ذمته املاليـة احلق يف احترام حرمة جسـفللضحي .هانأال وهو موجب التعويض ع

.ه املادي واملعنويـأو بعبارة أخرى، له احلق يف أمن

، ويضيف ستارك بأنه مقابل هذا احلق بالضمان، يوجد حق اآلخرين بالتصرف حبقوقهم

رر يبقى مشروعا وال مسؤولية على أصحاب وإن أحدثت ضررا مقصودا للغري، إال أن هذا الض

لزم هؤالء بالتعويض ولكي ي. احلق، طاملا أن ممارسة هذا احلق متت يف حدود ما يسمح به القانون

ذلك، حق املنافسة يف التجارة أو حق لةومن أمث 594.أ من قبلهمـات حصول اخلطـالبد من إثب

أو حق اإلضراب، فال جمال للتعويض عن األضرار النقد األديب أو الفين أو حق اللجوء إىل القضاء

يتعلق 1956/03/20، وكمل مبرسوم صدر يف 1952، حل حمله قانون سنة 1909در املشرع قانونا لعام أص: يف أملانياوكذلك : 592

علي علي سليمان، . د: راجع. بالتعويض عن حوادث املرور، وقد أقام املسؤولية على أساس حتمل التبعة، ومل يقبل أي إعفاء منها

.159-160املرجع السابق، ص593 : Boris Stark : A- Essai d’une théorie générale de la responsabilité civile considérée en sa double

fonction de garantie et de peine privée. Th. paris, 1947¡B- Domaine et fondement de la responsabilité

sans faute. RTDC, 1958. 475-515 ¡ C- droit civil.obligations.ed.1972.clause,5,p34 et s.

مالم عليه إذا سار سريا عاديا بسرعة مفرطة أدت إىل إيذاء الغري، وإال فالرتهكمن يثبت خطأه وهو يستعمل حقه بقيادة سيا: 594

ا ، فترتب عن ذلك ضرر، وهذا حسبما تقتضي النظرية ويف مثل هذا من حوادث املرور، فقد مر بنا أن بعض التشريعات مشروع

.لتعويض بصرف النظر عن وجود اخلطأ من عدمه تأثرا بنظرية حتمل التبعةالوضعية تفرض ا

450 من 152صفحة 152 - أأ ب ب- االلل

152

اليت حتدثها للغري، إذا متت بطريقة مشروعة وحبسن نية وجتردت من وصفها باخلطأ، ألن هذه

لزم صاحب احلق بالتعويض أدى ذلك إىل األضرار املشروعة مالزمة ملمارسة تلك احلقوق، فإذا أ

.تعطيل هذا احلق كليا

يتعلق بسالمة اجلسم : النوع األول :يز بني نوعني من احلقوقوينتهي ستارك إىل التمي

"L’intégrité corporelle" أو الذمة املالية "L’intégrité des biens" وهذه احلقوق ترتب ،

خاص ببعض احلقوق : والنوع الثاين .مسؤولية من اعتدى عليها دون حاجة إىل إثبات خطأ ضده

Droits"تاركاالقتصادية واملعنوية اليت يسميها س purement économiques ou purement

moraux"حيث ال ترتب مسؤولية حمدث الضرر فيها إال إذا ثبت خطأه ،.

على من الضمان، فهي من جهة ترتب "مزدوجة"ة املسؤولية املدنية ـوهكذا تكون وظيف

حمدثها، ومن أحدث ضررا ميس سالمة جسم اإلنسان أو سالمة ذمته املالية ، دون أن يثبت خطأ

خاصا بالنسبة ملن حيدث خبطئه ضررا اقتصاديا حمضا أو معنويا حمضا، جزاءجهة أخرى، ترتب

.فمىت ثبت خطأه وجب عليه التعويض واعترب كعقوبة خاصة

ومن البمتاهات، إذ يف يؤدي إىل الدخول ،ن أن تصنيف ستارك للحقوق على هذا الشكلي

اعتماده هلذه الغاية للتفرقة بني نوعي احلقوق وما يترتب عنها من ما هو املعيار الذي جيب

مل جتد نظرية الضمان سبيال هلا يف الفقه والقضاء والتشريع، وكانت حمل انتقاد ،لذلك 595.؟آثار

596.ورفض من بعض الفقهاء

لفكرة اخلطأ أساسا للمسؤولية يف حدود معينةحترجي: خامسا

دو أن النظرة املتوازنة ليس يف القول بضرورة توافر اخلطأ النعقاد بناء على ما سبق بيانه، يب

املسؤولية املدنية، فقد يشق على املضرور إثباته إذا اتسم بالصفة الفنية، فينجو الفاعل ويتملص من

،ىل ضياع احلقوق، وتغليب مصلحة طرف دون آخر، وكل هذا باطلإضي ذلك فاملسؤولية، في

وليس الصواب يف القول .و ضرورة اشتراط اخلطأ النعقاد املسؤولية وه،فباطل ما يؤدي إليه

اضمحالل إىل ألن ذلك يؤدي من خالل مؤسسات التأمني وحنوها مطلقا؛ وأفوله اخلطأجران

ومن جهة .املسؤولية الفردية، والتشجيع إىل إشاعة ثقافة اإلمهال والتقصري واالتكال، هذا من جهة

.238-240، ومصطفى العوجي، املرجع السابق، ص160-161علي علي سليمان، املرجع السابق، ص: راجع: 595596 : Louis Bach : Réflexions sur le problème du fondement de la responsabilité civile en droit français,RTDC, 1977, p17 et s. et p221 et s., Marty et Raynaud, Droit civil, les obligations, 2ème ed. T.I, sirey,1988, N° 414.

450 من 153صفحة 153 - أأ ب ب- االلل

153

بضرورة توافر االلتزام - مثال-ق العقداطن القاضية يف ،ق لقواعد القانونأخرى، ملا يف ذلك من خر

قياس درجة تلك العناية للقول مبسؤولية ى مريضه، ومدلبببذل العناية الالزمة من طرف الطبيب ق

.الطبيب أو عدمها

لذلك، فال مناص من اشتراط اخلطأ يف ميدان املسؤولية التقصريية عن الفعل الشخصي،

.املسؤولية العقدية يف دائرة االلتزام ببذل عنايةميدان ويف

ا يف جمال املسؤولية التقصريية عن فعل الغري ـبينما يلعب اخلطر أو الضرر دورا رئيسيو

وعن حراسة األشياء، وكذلك يف إطار املسؤولية العقدية يف دائرة االلتزام بتحقيق نتيجة على

.الـا أو مكمـطأ إذاك دورا ثانوياختالف تسمياته وأشكاله، يلعب اخل

ورهـواع اخلطأ الطيب وصـأن: رع الثاينـالف

: وذلك كما يليه،سنلقي الضوء بشكل موجز على أهم أنواع اخلطأ وبعض صور

أهم أنواع اخلطأ الطيب:أوال

La" مثل اخلطأ االفتراضي ؛نفاآللخطأ أنواع كثرية، منها ما أوردناه faute présumée"¡

La"وة القانونـواخلطأ املفترض بق faute de plein droit"597 ،ردي،ـأ فـومنها ما هو خط

selon " ومنها ما ينظر إىل اخلطأ حسب درجة جسامته598هو خطأ مجاعي،وما sa gravité"¡

مثل اخلطأ اجلسيم واخلطأ اليسري، ويذهب معظم فقهاء القانون إىل ؛حيث قسم إىل درجات

را، واخلطأ اليسري هو ذلك الناس تبصسيم بأنه ذلك اخلطأ الذي ال يصدر من أقلتعريف اخلطأ اجل

:الذي يصدر حىت من أكثر الناس عناية، إال أنه يؤخذ على هذا التعريف لكال النوعني ما يلي

من املسلم به أن درجة اخلطأ ال تقاس مبا يترتب عليه من ضرر، ذلك أن أبشع الكوارث قد .1

.فه األخطاء، كما أن أكثر األخطاء خطورة قد ال يترتب عليها إال أضرار بسيطةت ألةتكون نتيج

2 .إن األخذ بفكرة تدرج اخلطأ يستلزمم، ونتساهل الناس عناية أن حناسب أكثرعلى أقل هفوا

ى أن هذا مبين عل وظاهر، الناس حرصا على جسيم أخطائهم، وهذا عني الظلم واحملاباةمع أقل

. وهو القول بفكرة تدرج اخلطأ،معيار شخصي غري منضبط، وإذا سقط األصل سقط الفرع

la"أما . وقد شرحنا ذلك يف تأثري نظرية حتمل التبعة يف القضاء والتشريعات الوضعية: 597 théorie de la faute virtuelle " ذا

، فقد انتقد من طرف الغرفة املزدوجة حبكم صادر بتاريخ أي املبين على جمرد الفرضية؛ يعين نظرية اخلطأ االفتراضيذي الصطلحامل

Le: ، راجع37¡1969 ونشر بدالوز 1968/12/20 Tourneau, et Cadiet, op.cit, clause 3072, p.645.الث من املطلب األول من املبحث األول ضمن الفصل األول اخلاص بالباب الفرع الث: انظر . حتت مسمى خطأ الفريق الطيبتناولته: 598

.69األول ص

450 من 154صفحة 154 - أأ ب ب- االلل

154

بقياس درجة اخلطأ ؛يتعذر تطبيقها يف الواقعو ،إن فكرة تدرج اخلطأ يصعب حتقيق مناطها. 3

. ذايتاجلسيم أو اليسري، الرتباطها مبعيار

599. اخلطأول بفكرة تدرجـاء القـه والقضـر الفقـ هج،هـوهلذا كل

وقد أتى حنيمن الفقه والقضاء يقول بالتمييز بني خطأ الطبيب من الدهر كان جانب

فإذا وقع خطأ. من املسؤولية املادي أو العادي، وما يترتب على ذلك الفين أو املهين وبني خطئه

الطبيب الذي خيالف فيه نكون بصدد خطأ فين، وهو أدائه لعمله الطيب، مبناسبةمن الطبيب،

. جسيمااألصول املهنية، فيجب النعقاد مسؤوليته عنه أن يكون خطأ

أما إذا ارتكب الطبيب فعال ضارا، أثناء مزاولته ملهنته ولكنه ال يتصل ا، وميكن أن يقع

الذي ينحرف فيه الطبيب عن السلوك املألوف ،هذا هو اخلطأ العاديفمن أي شخص عادي،

.سأل عنه ولو كان يسريا فإنه ي،للرجل العادي

بعد 600ه القانون اخلاص على األقل،ـاء العادي وفقـاه يف القضـر هذا االجتـلقد اندث

قـ أنه دقيإضافـة إىلادي،ـي واخلطأ العـز الذي يقيمه بني اخلطأ الفنـأن التميي أن لوحظ

.رر له يف الواقعـد له يف القانون وال مبـ ال سن601ب،ـ وصع

كغريه الطبيب من املسؤولية عن خطئه مهما كان يسريا، فهو خاضعستثنوالقانون مل ي

من أصحاب املهن للقواعد العامة، وال ميكن أن تربواحلرية األطباء إىل الطمأنينة والثقة حاجةر

. املريض إىل احلماية من أخطائهم حاجةاءـيف مزاولة أعماهلم إلغ

بارات اليت دفعت باالجتاه السابق للتفرقة بني اخلطأ العادي والواقع أن أهم اعتبار من االعت

يتدخل القاضي يف فحص النظريات واألساليب الطبية، وأن واخلطأ الفين، يكمن يف الرغبة يف أال

أشرف . ، د106 وما بعدها، أمحد احلياري، املسؤولية املدنية للطبيب، ص200طالل عجاج، املسؤولية املدنية للطبيب، ص: راجع: 599

.66جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص391، ص313 وما بعدها، سافاتيه وآخرون، القانون الطيب، ف 272 ص508 ف 1تنلك، املسؤولية املدنية ج وو ماز: راجع: 600

، حيث اجته القضاء 33-34أمحد شرف الدين، مسؤولية الطبيب، مشكالت املسؤولية املدنية يف املستشفيات العامة، ص. وما بعدها، ود

.ة اإلدارة عن اخلطأ املرفقي يف مزاولته األعمال الطبية أن يكون هذا اخلطأ جسيمااإلداري يف فرنسا الذي يستلزم النعقاد مسؤولي كالطبيب الذي مل يأمر بنقل املريض إىل :159 تعليقات على املسؤولية املدنية، ص،سق الصعوبة يف مرهأمثلة على هذ: راجع: 601

هل اخلطأ هنا عادي أو فين؟ أيضا الطبيب الذي يباشر عملية جراحية ال لغرض عالجي ولكن إلصالح املستشفى يف الوقت املناسب ف

.240، ص274تشويه خلقي، فاخلطأ هنا قد يكون عاديا أو فنيا، حسني عامر، مرجع سابق، ف

450 من 155صفحة 155 - أأ ب ب- االلل

155

ين حكمه على القواعد الثابتة يف بيتفادى النظر يف املناقشات الفنية عند تقرير مسؤولية الطبيب، لي

602. من اليقني ال على الشكه على أساسءقضامهنة الطب، وليقف

وهذا االعتبار ال يقتضي أبدا، النعقاد مسؤولية الطبيب عن خطئه املهين أن يكون جسيما،

واقتنع القاضي بذلك بناء ، خيرج بصفة قاطعة عن املبادئ الفنية الثابتةفإذا وقع من الطبيب فعل

أن األمور الطبية ذات الطابع الفين، ميكنه حينئذ دون أن يتوغل بنفسه يف،على اخلربة القضائية

فهذا ما .يقرر مسؤولية الطبيب عن الضرر الناجم عن فعله، سواء أكان خطأ جسيما أم يسريا

، ولكن اأم جسيما كان يقتضيه التطبيق الصحيح لقواعد القانون، فالعربة ليست بصفة اخلطأ، يسري

.ال الشك واالحتمالبثبوته على وجه التحقيق والقطع

كما يستطيع القاضي أن يقضي خبطأ الطبيب العادي كاإلمهال وعدم التحرز، دون

حكمه ولكن لإلشكاالت اليت أشرنا إليها آنفا، يفضل أن يؤسس القاضي ،603االستعانة باخلرباء

.اخلرباء يف جمال الطببناء على تقريرما دو

بعض صور اخلطأ الطيب:ثانيا

وحتليال وتعليقا، حدود هذه الدراسة اإلحاطة جبميع صور اخلطأ الطيب، معاجلةال يسعين يف

وسأصرف النظر عن . نظرا ألمهيته لإليفاء بالغرض؛بل يكفي أن أورد بعضها مما هو أكثر شيوعا

مثل املتصلة ببعض األعمال الفنية؛ ؛ كتلكةـق نتيجـبعض األخطاء املتعلقة بااللتزامات بتحقي

ات ـ وعن بعضها مما يتعلق بااللتزام،ة نقل الدم، التحاليل الطبية، وجراحة التجميلعملي

604.ه، ومتابعة عالجه، مما قد تناولته من قبل سرءاإلنسانية؛ كإعالم املريض، وعدم إفشا

إىل احلدس - مثال–ومما الشك فيه أن علم الطب متطور غري ثابت، ويعتمد فيه التشخيص

األمراض، وهو ما جيعل وقوع الطبيب يف " symptomes "شابه كثري من أعراضواالستنتاج؛ لت

املريض؛ كإدالله ببيان خاطئ أ بفعلـوهذا فضال عن إمكان وقوع الطبيب يف اخلط، اخلطأ ممكنا

.الفرض نادر الوقوعهذا أوكاذب ملا يتصل حبالته الصحية، وإن كان

: لطبيب أن يضع يف اعتباره مجلة أمور منهاوجيب على القاضي، وهو بصدد تقدير خطأ ا

وما يتعلق ا من موهبة طبيعية؛ كدقة ومهارة اجلراح، ودراسات الكفاءة الشخصية للطبيب،

.159مرقس، التعليقات، ص: راجع : 602 .ما بعدها و34أمحد شرف الدين، مسؤولية الطبيب، ص. د: راجع : 603.120¡117 صملبحث األول للفصل األول من الباب األولمن ااملطلب األول : راجع: 604

450 من 156صفحة 156 - أأ ب ب- االلل

156

الظروف احمليطة بالعمل الطيب،حتدد مستوى الطبيب؛ مثل كونه طبيبا عاما أو متخصصا، مث

فيه العالج، ومدى خطورة احلالة يي جيرويقصد ا باختصار شديد ظروف الزمان واملكان الذ

ويدخل . املرضية، وما تستلزمه من وسائل قد ال تكون مواتية للطبيب إذا كان يف منطقة نائية مثال

يف ذلك أيضا حالة الضرورة واالستعجال، اليت توجب اإلسراع يف إجراء العملية، وقد تعفي

الطبيب العصمة، يفرض تيه، فإن القانون مل يف وعل.الطبيب من االلتزام بإعالم املريض وحنو ذلك

برعونة وطيش مع إغفال استعمال وسائل يوصى ا -مثال– تشخيص املريض ليهخذ عأنه يإال أ

605.الطب احلديث

:اخلطأ يف التشخيص. 1

وهذه املرحلة هي على جانب كبري . تبدأ جهود الطبيب يف عالج املريض بتشخيص املرض

.إذ يترتب عليها قرار الطبيب بتكييف املرض وحتديد نوع العالجمن الدقة واألمهية،

وسواء أكان التشخيص لغرض عالجي أو كان لغريه؛ كبيان مدى سالمة الفرد من الناحية

الصحية؛ ألسباب تتعلق مبمارسة مهنة ما أو للتأمني الصحي عليه وحنو ذلك، جيب على الطبيب أن

وأن يستخدم يف كل إجراء يقوم به الطرق العلمية ،حليطة واحلذر من العناية وا606يبذل قدرا كبريا

.املعاصرة

وتتوقف سالمة التشخيص إىل حد كبري على كمية ونوعية احلقائق الثابتة الالزمة إلجراء

االستنتاج السليم، وبعضها ميكن الوصول إليه من خالل املالحظة والكشف اخلارجي واملعلومات

والبعض اآلخر غري ظاهر ويصعب التحقق منه دون اللجوء إىل الفحوص ، اليت يديل ا املريض

املخربية وأجهزة األشعة وغريها من املستحدثات اليت أوجدها التطور العلمي، واليت يغلب أن

وذلك للتأكد من أن العالج املراد وصفه ال ينطوي على درجة ،رينختكون من اختصاص أطباء آ

.من اخلطورة على صحة املريض

ه ؤومن املستقر عليه أن جمرد خطأ الطبيب يف التشخيص ال يثري مسؤوليته، ما مل يكن خط

واخلطأ يف التشخيص أمر طبيعي بني . وفيه خمالفة لألصول العلمية الثابتة،منطويا على جهل

، مسؤولية األطباء وتطبيقاا يف سامي الشواحممد. ، ود90-92حممد البار، مسؤولية الطبيب، ص. حسان باشا، ود. د: راجع: 605

.62-67قانون العقوبات، ص606 :اشتراط القدر الكبري من العناية ليس بالضرورة أن يكون يف متناول الطبيب؛ كالطبيب العام الذي عليه أن يوجاملريض إىل ه

.أخصائي إذا دعت احلاجة إىل ذلك

450 من 157صفحة 157 - أأ ب ب- االلل

157

األطباء،؛ ذلك أن الطبيب ال يكون مندهشا عندما يكتشف غلط زميل له يف التشخيص؛ لتشابه

607.ألمراض، ولتطور النظريات الطبية وما شاكل ذلكأعراض ا

:أخطاء العالج. 2

بعد مرحلة التشخيص تأيت مرحلة حتديد العالج املناسب حلالة املريض، والعالج هو تلك

املرحلة اليت دف إىل دراسة الطرق والوسائل املمكنة واملتاحة للوصول باملريض إىل الشفاء ما

تيار خ من فرنسا ومصر على تكريس حرية الطبيب يف ااء يف كلوقد استقر القض. أمكن ذلك

.طريقة العالج اليت يراها

فهو ال يتعرض ألية مسؤولية إذا فضل طريقة دون أخرى؛ حبيث رأى أا الطريقة املوافقة

إذ احلاالت .واملالئمة للحالة املعروضة عليه، مادام هذا العالج مبنيا على أسس علمية صحيحة

ضية ال تتطابق متام املطابقة، وجيب أن يترك للطبيب جانب من احلرية يف التصرف حسب املر

.مهارته الشخصية وجتاربه

أال يعرض مريضه خلطر ال تدعو إليه حالته، أو ال تتناسب مع الفائدة اليت ولكن جيب عليه

.تنجم عن وصف العالج

بية واضح ودقيق، وهذا ما نصت وعلى الطبيب أن يتأكد من أن ما يدونه يف الوصفة الط

وهو ما أوجبه املشرع اجلزائري 608 من قانون أخالقيات مهنة الطب الفرنسي،37عليه املادة

609.كذلك

املشرع اجلزائري بنصه على إلزام الطبيب بتدوين اسم ولقب الطبيب وعنوانه قد متيزو

ادات واملؤهالت املعترف ا علىتاريخ االستشارة، وأمساء األطباء املشاركني، والشهوورقم هاتفه

610. الورق املخصص للوصفات والبطاقات الشخصية والدليل املهين

كون مباشرة العالج ي ؛ حيث تهرـذلك على مباشكطبق على وصف العالج ينطبق نوما ي

وقد تكون هناك حاالت مرضية خطرية .كما يف حالة وصف الدواء والتوجيه واإلرشاد باستعماله

وما بعدها، وطالل عجاج، املرجع 118، ص، املرجع السابقىاري، وأمحد احل63 أخطاء األطباء، ص،فائق اجلوهري: راجع: 607

وما 53 وما بعدها، حممد منصور، املرجع السابق، ص186 وما بعدها، وبابكر الشيخ، املسؤولية القانونية للطبيب، ص251السابق، ص

.بعدها.66-67مروك نصر الدين، رسالة دكتوراه، احلماية اجلنائية للحق يف سالمة اجلسم، ص. د: راجع: 608 . من مدونة أخالقيات مهنة الطب اجلزائرية47املادة : راجع: 609

.396روك نصر الدين، املرجع نفسه، صام. د: من مدونة أخالقيات مهنة الطب اجلزائرية، راجع77وذلك حسب املادة : 610

450 من 158صفحة 158 - أأ ب ب- االلل

158

شمل يو. ون ذلك حتت إشراف الطبيب املباشرال املريض املستشفى لرعايته، ويكي إدخعتستد

ير وجراحة د القيام بعمليات جراحية وما تستلزمه من فحص وتشخيص وختمباشرة العالج أيضا

611.ورقابة وحنو ذلك من اإلجراءات والضوابط اليت ال يتسع املقام لذكرها

: أخطاء التوليد. 3

إذ تقوم .روع الطب اليت أدت وال تزال إىل عدد هائل من القضايا الطبيةيعترب التوليد من ف

وذلك كمباشرته -إذا دعته املريضة احلامل ملعاجلتها–مسؤولية الطبيب من ساعة حصول احلمل

.ور ال يتناسب مع حالتها الصحية، مثل وصفه ألدوية ضارة باجلنني، فأدت إىل إسقاطهظلعالج حم

بصدد حبث مسؤولية الطبيب أن يتحرى فيما إذا كان تصرف الطبيبوعلى القاضي وهو

وقد يتعذر القول مبسؤوليته على أساس أنه أمهل يف إجراء ، مسؤوليتهتثري ينطوي على أخطاء

.عملية جراحية كانت ضرورية؛ لصعوبة إثبات هذه الضرورة

تقصريه وعدم اتباعه أصول أنه ميكن مساءلته يف أحوال اإلصابات اليت تنجم عن جهله وإال

أو إصابة بعض أعضاء 612الفن الطيب؛ كما يف أحوال متزق الرحم أو خرقه بواسطة أداة الوالدة،

وء ـاجلنني، أو إجراء عملية قيصرية بدون حاجة تدعو إىل ذلك، أو بطريقة خمالفة لألصول، أو س

. احلديث الوالدةربط احلبل السري، أو إمهال العالجات الالزمة لألم أو الطفل

نصت ونظرا لتقدم املعدات الطبية يف العصر احلديث؛ كاألجهزة التلفزيونية وأجهزة الت

يوضح للحامل مجيع األمور نعرفة حركته، فإن على الطبيب ألقياس ضربات قلب اجلنني أو م

.املتعلقة حبالتها

؛هـلية الطبيب عن خطئ هو أن مسؤو-سبق بيانه إضافة إىل ما - ارة إليهـوما جيب اإلش

عن على القواعد املستقرة بعيداتؤسس جيب أن ، الذي يقرره اخلرباء يف الطب بطلب من القضاء

613.ات العلمية اجلدليةقشالنظريات واملنا

، وطالل عجاج، املرجع السابق، 69فائق اجلوهري، املرجع السابق، ص. ، ود121، املرجع السابق، صىأمحد احليار. د: راجع: 611

.264صاملسؤولية الطبية يف قانون العقوبات، : راجع. وهي أداة تستخدم يف جذب رأس املولود" جفت الوالدة"فائق اجلوهري إىل . أشار د: 612

FORCEPS االصطالح الفرنسي، يقابلها يف(2) هامش 425رسالة دكتوراه، ص : est instument obstretical disposé en

forme de pince a branches séparables. Il est destiné à saisir la tete du fœtus et à l’extraire rapidementquand la lenteur de l’accouchement mét en péril la mère ou l’enfant : M,V,J et T. Garnier, Garnierdelamare, dictionnaire illustré des termes de médecine, Matoine-paris 2004, P.335.

.316، طالل عجاج، املسؤولية املدنية للطبيب، ص85فائق اجلوهري، أخطاء األطباء، ص.د: راجع: 613

450 من 159صفحة 159 - أأ ب ب- االلل

159

أـار اخلطـمعي: رع الثالثـالف

ة استقر القضاء على أن العناية املطلوبة من الطبيب تقضي منه أن يبذل جهودا صادقة يقظ

تتفق يف غري الظروف االستثنائية مع األصول املستقرة يف علم الطب، فيسأل عن كل تقصري يف

جمسلكه الطيب ال يقع من طبيب يقظ يف مستواه املهين ويف نفس الظروف اخلارجية اليت د

ويتضح مما سبق أن معيار .أحاطت بالطبيب املسؤول، كما يسأل عن خطئه العادي بصورة عامة

Critère"معيار موضوعيجهة من فهو ام، ـار عـمعي هنا اخلطأ Objectif" ؛ حيث يقاس

الفعل على أساس سلوك جمرد ال خيتلف من حالة إىل أخرى، وهو سلوك الشخص املعتاد؛ أي إن

القاضي يف سبيل تقدير خطأ طبيب، يقيس سلوكه على سلوك طبيب آخر من نفس املستوى؛

. تخصصا أم أستاذا يف الطبسواء أكان طبيبا عاما أم م

للشخص عدم االعتداد بالظروف الذاتية والداخليةواألخذ باملعيار املوضوعي يقتضي

الشخصية وحالته ه كطباع؛موضع املسؤولية؛ وهي تلك األحوال اللصيقة بشخص املسؤول

.باملعيار الذايتالنفسية والصحية واالجتماعية وسنه وجنسه، وهذا هو عني األخذ

اليت بالظروف اخلارجيةاالعتداد - املعيار املوضوعي أي-ن جهة أخرى، يضاف إليهوم

أحاطت بالشخص املسؤول وقت الفعل؛ كخطورة احلالة املرضية وما تتطلبه من إسعافات سريعة

وإمكانيات قد ال تكون متوفرة، أو إجراء العمل الطيب يف مكان بعيد ال توجد به مساعدة طبية،

614. يصعب فيه العملأو زمان معني

ارض من ذهب إىل ع يسلم من املوملوهذا املعيار العام هو ما ذهب إليه الفقه والقضاء،

هروبا من االنتقادات اليت املعيار املختلط؛ دمج املعيار املوضوعي باملعيار الذايت حتت عنوان

615.د بالظروف اخلارجيةوجهت إىل كل من املعيار الذايت واملعيار املوضوعي ارد الذي ال يعت

قد يبدو سهل - بالتفصيل الذي ذكرناه-واحلديث عن املعيار العام للخطأ يف اال الطيب

املنال من الناحية النظرية، ولكن حتقيق مناطه أو إنزاله إىل الواقع وتطبيقه على الواقعة املعروضة،

ففي حني يطبق القضاء. ثري كثريا من اإلشكاالتيانون يف بعض أحكامه، جيانب الق صحيح

.الصواب يف بعضها اآلخر حىت يف الدول املتقدمة

16-619.حممد منصور، املسؤولية الطبية، ص. د: راجع: 614

وما بعدها، جالل علي العدوى، أصول االلتزامات، مصادر 117 حممد، رسالة دكتوراه، املسؤولية املدنية، صرايس. د: راجع: 615

.يليها وما 231أسامة عبد اهللا قايد، املسؤولية اجلنائية لألطباء، رسالة دكتوراه، ص. وما بعدها، د364االلتزام، ص

450 من 160صفحة 160 - أأ ب ب- االلل

160

La "ومن اإلشكاالت املتصلة مبعيار اخلطأ الطيب، التمييز بني مصطلحي اخلطأ faute"

ن شخص فطن حذر مفاخلطأ سلوك ال يصدر . ، وما يترتب عليه من نتائج"L’érreur"والغلط

616.غلط ال يعدو أن يكون جمرد حلظة سهوواع بالتزاماته، يف حني أن ال

والغلط كمفهوم .617فالغلط وهم يتولد يف ذهن الشخص حيمله على اعتقاد خالف الواقع

فشذوذ السلوك الذي مييزه ميكن أن يقع فيه ؛قانوين يبدو كحادث فجائي يقترب من القوة القاهرة

وحديثا ذهب البعض618.نشاطه وذلك بالنظر إىل تعقيدات الظروف اليت ميارس فيها ،كل إنسان

وأن الغلط يف هذا اال ال ، أن الغلط يف التشخيص هو اال املعتاد إلعمال فكرة الغلطإىل

والغلط حيدث من أكثر الناس حرصا 619. تنشأ به مسؤولية الطبيبيشكل من حيث املبدأ خطأ

واالجتاه العام يف .620ين إدانة للطب ذاتهوال ميكن جتنبه يف اال الطيب، فإن املؤاخذة التلقائية له تع

فقه القضاء املقارن، أن الطبيب يسأل عن كل تقصري ال يقع من طبيب يقظ يف مستواه املهين وجد

.يف نفس الظروف اخلارجية اليت أحاطت بالطبيب املسؤول

ويعمل الطبيب قدر طاقته، يف ظل العديد من االحتماالت اليت يقدرها املريض، واليت ال

غري أنه ال حيول دون وقوعه يف الغلط . يكون ألي منها درجة اليقني لتحقيق أفضل النتائج للمريض

ه على عدم حدوث ذلك، فهذا الغلط يكاد يكون مالزما ملمارسة العمل الطيب مالزمة حرص

621. يتعذر معها القول مبسؤولية الطبيب عند وقوع ذلك الغلط،حتمية

عرفة ما إذا كان الطبيب خالل قيامه بالفحص حذرا ومتيقظا أم بيد أنه ليس من اليسري م

تنعقد به مسؤولية الطبيب، وهذا فضال عن خطأال، ولذلك فإنه ليس من العدالة اعتبار كل غلط

املنطقي أن نطلب من كافة األطباء نفس املوهبة وامللكة واملقدرة، يف جمال يبدو فيه من أنه ليس

622. اإلشكال والتعقيدة يفـالفن الطيب غاي

فالتمييز بني ما هو خطأ موجب للمسؤولية وبني ما يقتصر عند حد الغلط العلمي املغتفر،

بقدر ما هو ضروري بقدر ما هو دقيق، إذ يتعذر حىت على القضاء، وهذا ما يفسر رفض حمكمة

.150لطبية، صعديل خليل، املوسوعة القانونية يف املهن ا: راجع: 616.100بلحاج العريب، النظرية العامة لاللتزام يف القانون املدين اجلزائري، ص. د: راجع: 617

618 : J. penneau, Faute et erreur en matière de resposabilité médicale, L.G.D.J, 1973, P.220619 : J.Penneau, La responsabilité du médecin, connaissance de droit, P.23620 : A.Tunc,intervention au deuxieme congres international de morale medicale,paris,1966, T.I , P.2621 :Finon (odile), Faute et assurance dans la responsabilité médicale, thèse, paris, 1972, P.65.

.211طبيق، صعبد الرشيد مأمون، عقد العالج بني النظرية والت: راجع: 622

450 من 161صفحة 161 - أأ ب ب- االلل

161

ميثل خطأ وإمنا جمرد التمييز بينهما، واعتبار مسلك الطبيب وإن كان ال -أحيانا–النقض الفرنسية

. لتحقق مسؤوليتهغلط إال أن قيام السببية بني فعل الطبيب وبني الضرر الذي أصاب املريض كاف

باالستعانة يف ذلك باخلرباء والسوابق ، بالرجوع إىل كل ظرف،وقد ميكن الفصل يف ذلك

623. النهائي لتقدير قاضي املوضوعتاة، مع بقاء سلطة البشالقضائية امل

يستعني يف تقدير سلوك الطبيب 625 أو فرنسا،624وميكن القول، إن القضاء سواء يف مصر

ائي دون سواه؛ فما يعتربه غلطا مغتفرا يف التشخيص بالنسبة صمبدى ختصصه، فيتشدد مع األخ

على أساس أن التخصص هو صفة لطبيب عام، يعده خطأ موجبا للمسؤولية إذا وقع من خمتص؛

ووجه التشدد هو يف مقارنة . الناس على زيادة الثقة بهلمح وتعلى زيادة علم،ظاهرة للمأل تدل

626.مسلكه مبسلك الطبيب العام، دون مسلك طبيب أخصائي مثله

احلادثة فكرة التمييز بني وفيما يتعلق مبفهوم اخلطأ الطيب اعتنقت حمكمة النقض الفرنسية

يف احلالة باملسؤولية املوضوعيةت بناء على ذلك وأخذ¡وبني جمرد اإلخفاق يف العالج، الطبية

. املؤسسة على اخلطأ يف احلالة الثانيةباملسؤولية الشخصيةاألوىل، وقصرت األخذ

ويبدو هذا االجتاه جليا يف قضاء احملكمة يف حكمني حديثني متتابعني، مل تطبق فيهما ذات

.بني إخفاق العالجاحلل تأسيسا على فكرة التمييز بني احلادثة الطبية و

املسماة حبكم 1997 يناير 07 بـ627الصادر حكمها–تتلخص وقائع القضية األوىل

Franchot- يف أن مريضا كان يعاين من آالم يف ذراعه األيسر، نتيجة ضغط واقع على أعصاب

، وشرايني الذراع عند اتصاله بالصدر، مما استلزم إجراء جراحة له، وأثناء إجراء هذه اجلراحة

اللتصاق ااح شريانا شديدولتشابك وتالحم العديد من الشرايني العصبية يف هذا املكان، قطع اجلر

.بالشريان املراد جراحته، مما أحدث نزيفا للمريض، ترتبت عنه وفاته

تقرير اخلربة من دعوى املسؤولية، وعلى الرغم أقامت زوجة املتوىفبعد أن

L,expertise"الطبية médicale" بأن اجلراحة متت وفقا لألصول الطبية، وأن الوفاة ى قضذيال ؛

االبتدائية قضت "Every"، إال أن حمكمة م استثنائي غري متوقع يف حالة املريضقكانت نتيجة تفا

.74¡75أشرف جابر، املرجع السابق، ص. د: انظر: 623.713، ص16، املنشور جبملة احملاماة س1936/11/02حمكمة استئناف مصر الصادر بتاريخ حكم: راجع: 624

625 : Paris, 17 Juin, D.1988.inf.rap, P.497. Note. penneau. . وما يليها6 حممد حسن قاسم، إثبات اخلطأ يف اال الطيب، ص.، د78-79أشرف جابر، املرجع السابق، ص. د: راجع: 626

627 : Cass. Ire Civ. 7 Janv. 1997 : Gaz. Pal ,. 7-8 Fév. 1997, Flash juripr. P.32

450 من 162صفحة 162 - أأ ب ب- االلل

162

غري سليم يف إجراء اجلراحة، ووصفته بأنه بناء على أنه ارتكب مسلكا،ام مسؤولية اجلراحـبقي

عندما ، 1994 يونيو 30وذهبت حمكمة االستئناف بباريس يف .ل الطبيةميثل رعونة وخرقا لألصو

دم مسؤولية الطبيب اجلراحـالعكس متاما، حيث قضت بعإىل ،فعت إليها القضيةر.

La"عن يف هذا احلكم بالنقض ذهبت حمكمة النقض وحني ط cour de cassation " إىل أن

من 1147 و1135 للمادتني ميثل خرقا- االستئنافكما قضت حمكمة –القول بانتفاء املسؤولية

، وبناء على ذلك، قررت أن الضرر الذي حدث للمريض قد وقع بفعل اجلراح.628التقنيني املدين

.انبه من عدمهجبصرف النظر عن ثبوت اخلطأ يف

، يكفي لقيام مسؤوليته، من جانب الطبيب،ويشري هذا احلكم إىل أن جمرد صدور الفعل

ة ـة طبيـحادث"وع ـ وبعبارة أخرى إن وق. على خطأ من قبلهل منطوياـيكن هذا الفع ولومل

يكفي لتحقيق مسؤولية اجلراح، ولو مل تنطو هذه احلادثة على أي خطأ ميكن نسبته " ةـأو جراحي

.هـإلي

629اليت صدر مبوجبها حكم–ع الدعوى الثانية ـوتتلخص وقائ يف -1997 فرباير 25

، بإمرار بالون مطاطي غري 630أثناء إجراء جراحة ملريض يعاين من انسداد الناسورام اجلراح ـقي

وملا أراد اجلراح سحب هذا . منتفخ، متصل بأنبوب، خالل ارى املراد توسعته لدى املريض

بعد نفخه بواسطة األنبوب املتصل به، حدث أمر- أي ارى املراد توسعه –البالون من مكانه

ومنه إىل أحد 631ايت،بل البالون عن األنبوب، وانطلق حنو الشريان السصيث انفغري متوقع؛ ح

.شرايني املخ، مما أعاق سري الدم يف املخ، وأفضى إىل إصابة املريض بشلل نصفي

بعدم وجود خطأ يف جانب "Lyon"ويف ضوء تقارير اخلربة، قضت حمكمة استئناف

دين بأن امل1147 بأنه جيب تنفيذ العقد وفقا ملا تقتضيه اعتبارات العدالة والعرف املعترب، كما تقضي املادة 1335تقضي املادة : 628

الذي أخل بالتزامه يلتزم بالتعويض سواء بسبب عدم التنفيذ أو التأخري فيه إال إذا أثبت أن هذا اإلخالل يرجع إىل سبب أجنيب ال يد له

.فيه629 : Cass. Tre Civ. 25 Fév. 1997, JCP 1997, ed.G.N°.11.

وأنشد ،ا أعاله رجع غربا فاسدا ويقال أصابه غرب يف عرقه بالسني والصاد عرق غرب وهو عرق يف باطنه فساد فكلما بدالناسور":630

والصاد مجيعا ني بالسالناسور ، العرق الغرب الذي ال ينقطع الصحاحالناسور وقيل ،فهو ال يربأ ما يف صدره مثل ما ال يربأ العرق الغرب

.5/205: لسان العرب": اللثة وهو معربعلة حتدث يف مآقي العني يسقي فال ينقطع قال وقد حيدث أيضا يف حوايل املقعدة ويف

Artère"يقابل يف االصطالح الفرنسي: 631 carotide" ،2ج: فرنسي - ور عبد النور، معجم عبد النور املفصل، عريبجب: راجع¡

.1106ص

450 من 163صفحة 163 - أأ ب ب- االلل

163

عد من قبيل املخاطر املالزمة للنشاط وأن احلادث يالطبيب، أو عيب يف األدوات املستخدمة،

.اجلراحي، وانتهت بناء عليه، إىل انتقاء املسؤولية عن اجلراح

طعن يف هذا احلكم بالنقض على أساس إخالل اجلراح بالتزامه بتحقيق السالمة، غري أن

اء مسؤولية اجلراح فحمكمة النقض رفضت هذا الطعن، وأيدت احلكم املطعون فيه فيما قرره من انت

على أساس أن اجلراح ال يلتزم يف مواجهة مريضه إال ببذل عناية، مؤكدة أن مسلك الطبيب اتسم

وانتهت . باليقظة واحلذر واملطابقة لألصول العلمية األكثر تطورا، وهو ما أثبتته تقارير اخلرباء

فى مسؤولية اجلراح سواء يف احملكمة إىل أن احلكم املطعون فيه قد أصاب صحيح القانون، حني ن

632.مرحلة اإلعداد للجراحة أو أثناء إجرائها

يف باملسؤولية املوضوعيةخذ وهنا يالحظ التباين الواضح بني احلكمني السابقني؛ حيث أ

أي جمرد إخفاق ؛ يف احلالة الثانيةاملسؤولية اخلطئيةقت ناحلالة األوىل؛ أي احلادثة الطبية، بينما اعت

إىل التساءل عن مسلك احملكمة العليا اليت يوحي ظاهر أحكامها 633ذا ما دعا البعضه .العالج

.ةـعداللل وهو منافبالتمييز بني املتشاني،

واحلق أن اجلواب عن هذا التساءل يكمن يف بيان فكرة التمييز بني احلادثة الطبية وبني جمرد

.إخفاق العالج

يتعني أن ) غري خطئية(اء مسؤولية موضوعية إىل أن إقرار القض634ذهب البعضحيث

.ةـادثة الطبيـإىل واقعة ميكن وصفها باحلفيها يطبق على كل حالة يرجع الضرر املتحقق

من جهة، على الضرر ذاته، ومن جهة أخرى، على العمل وجود احلادثة الطبية، ويتوقف

.عية ومتوقعة حلالة املريضة طبيـرر الواقع نتيجـ يكون الضأال، جيب فمن جهة أوىل .الطيب

وذلك مثل اإلصابة بشلل أو اضطرابات عصبية نتيجة فحص بسيط أو جراحة عادية، أو حدوث

ادة على إثر نقل الدم،ـر املريض، أو حدوث عدوى مبرض يفضي إىل الوفاة عـوفاة إثر ختدي

ار مثل هذه أو سقوط املريض من على منضدة اجلراحة، ففي كل هذه الفروض ال ميكن اعتب

.احلوادث آثارا عادية للعمل الطيب

كر الشيخ، املسؤولية القانونية للطبيب، باب. وما يليها، ود125أشرف جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص. د: راجع: 632

.200-201ص633 : G.Viney et p. Jourdain, L’indemmisation des accidents médicaux : que peut faire la cour decassation, JCP, ed. n° 17, doc. 4016, P.182.634 : Ibid, P.181.

450 من 164صفحة 164 - أأ ب ب- االلل

164

؛ادي ال يقتضيه التدخل الطيبـومن جهة ثانية، يلزم أن يكون الضرر احملقق راجعا إىل عمل م

يء لألجهزة الطبية من قبل سكأن ترجع الرضوض اليت تلحق جبسم املريض إىل االستخدام ال

الطبيب، أو أن يلحق اجلراحررخال بعضو الض العضو املراد جراحتهف .

ويالحظ يف هذين الفرضني أن الضرر نتج عن فعل منفصل عن العمل العالجي، وبالتايل

التزام -وحده– الذي يصح أن يثار خبصوصه ،فهو ضرر غري مترتب على جمرد إخفاق العالج

،السابقةوعلى العكس من ذلك، فإن األضرار الطبية املتمثلة يف الفروض . الطبيب ببذل عناية

.ال الطبيعي للحادثة الطبيةـام آخر، وهو أن املسؤولية املوضوعية هي اـيتعني إخضاعها لنظ

جند أنه على - السابقي الذكر– 1997 فرباير 25 يناير و7وإذا أعدنا النظر يف حكمي

تأخذ ذا منهما حادثة طبية، إال أن احملكمة مل يصح اعتبار كلالرغم من أما يتعلقان بواقعتني

الذي يتعذر معه فهم أو تفسري حكمها يف هذا ؛النظر إال فيما خيص احلكم األول دون الثاين

635.املوضع

ة اخلطئية، ونعين به إخالل الطبيب ـال الطبيعي للمسؤوليـهو اوإخفاق العالج

.عني إعماله هناهو املبدأ املتةـبذل عنايببالعناية الالزمة جتاه مريضه، ويعترب مبدأ االلتزام

:ويربر ذلك اعتباران

هو أن إلزام الطبيب بالتزام عام بتحقيق نتيجة ال يصح؛ ملنافاة ذلك لطبيعة النشاط الطيب : األول

الذي يتسم باملخاطر والتطور املستمر، وإن كان ذلك ال حيول دون القول ذا االلتزام يف مثل

واملسؤولية غري،بقاء على املسؤولية اخلطئية كقاعدة، وهذا التوازن بني اإلذلكوحنحالة الفحوص و

636.يف ردع األخطاء حتتفظ بدورها األخالقيناستثناء، يسمح للمسؤولية املدنية بأكاخلطئية

ة ترك اال للمسؤولية اخلطئية، حىت إذا حصل أن نظم املشرع روريتمثل يف ض: يـوالثان

على رجوع ال جانب الطبيب، حيث يتقرر حق بعيدة عن اشتراط اخلطأ يف؛مسؤولية موضوعية

يض ضحايا اليت تلتزم بتعو- سواء متثلت يف شركة تأمني أو صندوق ضمان –الذمة اجلماعية

le"النشاط الطيب على الغري tièrs" 31املسؤول عن طريق احللول حمل املضرور، كما قرره قانون

637. خبصوص تعويض ضحايا اإليدز1991ديسمرب

635 : Ibid, P.184-185.636 : S. Hoquet-Berg, obligation de moyens ou obligation de resultat à propos de la responsabilitémédicale, thèse. Paris XII, 1995, N°26.637 : G.Viney et p. jourdain, op. cit, P.186.

450 من 165صفحة 165 - أأ ب ب- االلل

165

خفق العالج يف إحداث أثره املتوقع، قامت املسؤولية على أساس اخلطأ واجب فإذا ما أ

ويدخل يف معىن إخفاق العالج تلك األضرار اليت تعترب نتائج مباشرة وحتمية للتدخل .اإلثبات

مىت خديرالطيب، حىت لو كانت هذه األضرار استثنائية، كتلك اآلثار اجلانبية الين حتصل مبناسبة الت

. من جانب الطبيب ألصول مهنتهرقنشأ عن خ

يتعلق برسم احلدود الفاصلة بني االلتزام ببذل عناية ،ويبقى أن نقرر أننا أمام إشكال دقيق

ويتعني على القضاء، .والهوااللتزام بتحقيق غاية، كلما كان سبب الضرر يف كل حالة كامنا أو جم

.يف هذا اخلصوص، أن يستعني باملعايري السابقة الذكر

تبين ومع ذلك، ال يفوتنا أن نؤكد على أن هذا االجتاه اجلديد حملكمة النقض الفرنسية، امل

لفكرة احلادثة الطبية ليس من شأنه أن يذلل كل الصعوبات اليت تعن للقاضي، وإن كان بإمكانه

ظار يف انتعأن يقرر تعويض عدد غري قليل من ضحايا احلوادث الطبية، على أن يبقى احلل األجن

ويف انتظار ذلك، يسجل بوضوح توجه قضاء النقض 638.التدخل الضروري للمشرع

639.الفرنسي حنو اعتناق مسؤولية موضوعية يف اال الطيب

ات اخلطأ الطيبـإثب: رع الرابعـالف

واإلثبات بصفة عامة هو. إثبات اخلطأ الطيب موضوع متشعب اجلوانب ودقيق يف آن معا

أما يف معناه القانوين، وهو ما يطلق عليه . أمر معني أو حقيقة هذا األمر تأكيد وجود أو صحة

اإلثبات القضائي، فيقصد به إقامة الدليل أمام القضاء، بطريق من الطرق اليت حيددها القانون، على

كرها نوجود أو صحة واقعة قانونية متنازع فيها، أو على حقيقة واقعة يؤكدها أحد األطراف، وي

.آلخر االطرف

هذا التعريف أن اإلثبات ليس حمله احلق املدعى به، أو أي أثر قانوين آخر يتمسك ىومؤد

640.به املدعي يف دعواه، وإمنا حمله الواقعة القانونية مصدر هذا احلق أو ذاك األثر

والواقعة حمل اإلثبات يف دراستنا هي اخلطأ املنسوب إىل الطبيب املدعى عليه، وما دام

واخلطأ مبفهومه السابق، يفترض سبق وجود قاعدة .ة، يتم إثباته بكافة طرق اإلثباتاخلطأ واقع

641.لسلوك وقيام أحد األفراد باخلروج عليهالحمددة

638 : bid, P.186..128-132أشرف جابر، املرجع السابق، ص. د: راجع: 639.5-6حممد حسن قاسم، إثبات اخلطأ يف اال الطيب، ص. ، د3 يف اإلثبات، ص مسري تناغو، النظرية العامة. د: راجع : 640.127عبد الرشيد مأمون، املرجع السابق، ص. د: راجع : 641

450 من 166صفحة 166 - أأ ب ب- االلل

166

على أساس اخلطأ، فقد ختلى – حبسب األصل –وإذا كانت املسؤولية الطبية ال تزال قائمة

عن اشتراط اخلطأ اجلسيم النعقاد -ال باعتباره الرائد يف هذا ا-القضاء اإلداري يف فرنسا

1992مسؤولية اإلدارة عن اخلطأ املرفقي، مكتفيا منذ سنة باخلطأ اليسري كخطوة أوىل، مث 642

وفق - 643 أخذ باملسؤولية دون خطأ جتاه املنتفعني خبدمات املرفق العام1993 من عام ابتداء

ه الفرنسي إىل مناشدة القضاء العادي بقوة دفع بالكثري من الفق على حنو–شروط وضوابط معينة

لتذليل صعوبة إثبات ؛حملاولة اللحاق مبا انتهى إليه القضاء اإلداري، وتطويع قواعد املسؤولية املدنية

املشرع إىل التدخل فعاخلطأ الطيب، ومتكني املتضررين من احلصول على التعويض، ومن مث د

طورات، ال تزال املسؤولية الطبية تقوم على أساس ولكن رغم كل هذه الت 644.لتكريس هذا احلل

.اخلطأ، إن يف جمال القطاع اخلاص أو القطاع العام

ملكلف بعبء اإلثبات وما يثريه من صعوباتحتديد ا: أوال

1315 هذا املبدأ الذي يتضمنه املشرع الفرنسي يف املادة 645،"البينة على املدعي"وفقا ملبدأ

واملشرع اجلزائري يف 647املشرع املصري يف املادة األوىل من قانون اإلثباتو 646من القانون املدين

، وحيدد ذلك طبيعة يعبء إثبات خطأ الطبيب على املدع، يقع 648 من القانون املدين323املادة

. كانت أو تقصريية عقدية؛زام الطبيب، بصرف النظر عن طبيعة مسؤوليتهـالت

إثبات املريض، فإنه يقع على التزاما ببذل عنايةريض فمىت اعترب التزام الطبيب بعالج امل

الطبيب باملريض مبوجب طومضمون هذا االلتزام ال خيتلف حبسب ما إذا كان يرتب .خطأ الطبيب

1992/04/10ArretEpoux يفمبقتضى حكم جملس الدولة الفرنسي : 642 v.,j.c.p.,1992-II-21881,note j.moreau

1993.4.09Rec.C.E.P.127 حول مسؤولية املستشفى العام يف Bianchiطبقاحلكم :643 ;1993-II-22061, note

j.moreauطبية العامة، دراسة محدي علي عمر، املسؤولية دون خطأ للمرافق ال.د:، حيث أشار إىل 14-13حممد حسن قاسم، املرجع السابق، ص .د:راجع: 644

.308مقارنة، ص ، كتاب الدعوى والبينات، باب البينة على املدعي واليمني على املدعى عليه، 10/252:البيهقي، السنن الكربىأصله حديث رواه : 645

.20990رقم »: نصهـا: 646 Celui qui réclame l’exécution d’une obligation doit la prouver, réciproquement celui qui

se prétend libéré, doit justifier le payement ou le fait qui a produit l’extension de sonobligation ».

حيث ينص 1968/05/30 بتاريخ 22 املنشور يف اجلريدة الرمسية، العدد 1968 لسنة 25وهو خاص باملواد املدنية والتجارية رقم : 647

".ى الدائن إثبات االلتزام وعلى املدين إثبات التخلص منهعل: "على ما يليعلى الدائن إثبات االلتزام وعلى املدين إثبات التخلص : " فيهايستنتج أا اقتبست نص قانون اإلثبات املصري لفظا ومعىن، إذ ورد: 648

".منه

450 من 167صفحة 167 - أأ ب ب- االلل

167

لذلك يقع على عاتق املريض، فضال عن إثبات التزام .عقد أم أنه يؤدي العالج مبقتضى اللوائح

بأن ؛ائح، إثبات أن الطبيب مل ينفذ التزامه ببذل العناية املطلوبةالطبيب بعالجه طبقا للعقد أو اللو

.املعايري اليت شرحنا من قبلوفق يقيم الدليل على إمهاله أو احنرافه عن أصول الفن الطيب املستقرة

ومؤدى ذلك، أنه ال يكفي املريض، إلثبات خطأ الطبيب الذي مل يلتزم إال ببذل عناية، أن يقيم

وجود هذا االلتزام وإصابته بالضرر أثناء تنفيذه، بل جيب عليه فضال عن ذلك أن يثبت الدليل على

.د خطأ يف حق الطبيبـأن عدم التنفيذ يع

وز افتراضه رد إصابة املريض بالضرر، ولكنه ـ فخطأ الطبيب ال جي،وعلى هذا األساس

امة الدليل على أنه بذل يف تنفيذ أي بإق؛واجب اإلثبات، ويستطيع الطبيب أن ينفيه بإثبات العكس

649.ةـالتزامه ما ينبغي من عناي

سواء كان مضمونه ؛ على عاتق الطبيبالتزام بتحقيق نتيجةوخيتلف األمر إذا قيل بوجود

.إجراء عمل حمدد أو ضمان سالمة املريض من األضرار

يت كانت تواجه وتظهر أمهية القول بالتزام الطبيب بتحقيق نتيجة يف تذليل الصعوبات ال

فإنه يكفي املريض أن يثبت وجود التزام ،وبناء عليه. املريض فيما يتعلق بعبء إثبات اخلطأ الطيب

الطبيب، وإصابته بالضرر أثناء تنفيذ التزامه ليدل بذلك على إخالل الطبيب بالتزامه، املتمثل يف

.يف جانب الطبيبت وقوع خطأ حمدد عدم حتقق النتيجة املقصودة، دون حاجة إىل إثبا

سواء اعترب هذا خطأ ؛ النعقاد مسؤولية الطبيب عنهفمجرد حدوث الضرر للمريض كاف

وال ترتفع مسؤوليته إال ،ةـت عليه قريندل 651اـ مفترض أو خطأ، يف حق الطبيب650اـثابت

كقوة قاهرة أو خطأ املريض ؛بإثبات أن الضرر الذي أصاب املريض يرجع إىل سبب أجنيب

.تنتفي به عالقة السببية الذي خطأ الغري،وضرور، امل

.64-65أمحد شرف الدين، مسؤولية الطبيب، ص. د: راجع: 649 هو خطأ عقدي، فإذا أثبت الدائن بتحقيق نتيجة إن عدم تنفيذ االلتزام :، الذي يقول661-660، ص429فالسنهوري، : راجع: 650

، إذا أثبت املريض إمهال الطبيب ببذل عناية وكذلك الشأن بالنسبة لاللتزام .عدم تنفيذ االلتزام، فإن اخلطأ يكون ثابتا وليس مفترضا

.ت الطبيب أن عدم تنفيذه اللتزامه يرجع إىل سبب أجنيبوعدم قيامه بالعناية الالزمة، ما مل يثبقررت بعض التشريعات احلديثة يف أحكام افتراض اخلطأ، ومن هذه األحكام املسؤولية عن فعل الغري، واملسؤولية الناشئة عن : 651

حراسة شيء وكانت له قدرة كل من توىل:" اليت تنص على أن ؛ج.م. ق138ف، وتقابلها املادة .م. ق1384املادة : راجع. األشياء

ويعفى من املسؤولية، احلارس للشيء إذا أثبت أن ذلك . عن الضرر الذي حيدثه ذلك الشيءيعترب مسؤوالاالستعمال والتسيري والرقابة،

".الضرر حدث بسبب مل يكن يتوقعه، مثل عمل الضحية أو عمل الغري أو احلالة الطارئة أو القوة القاهرة

450 من 168صفحة 168 - أأ ب ب- االلل

168

وال يكفي الطبيب لنفي خطئه الثابت أو املفترض أن يثبت أنه بذل العناية الالزمة لتنفيذ

.التزامه

وبالنسبة لألطباء الذين يعملون يف املستشفيات العامة، يقدر البعض أن مسؤولية الطبيب

ل بأن التزامه يكون بتحقيق نتيجة؛ ألن االلتزام القانوين الذي تكون تقصريية، وبالتايل فال حمل للقو

املدينر حىت ال يضرلتقصريية، هو التحلي باليقظة والتبص يف املسؤولية ا به خطأيعترب اإلخالل

بسلوكه الغريسبيل تربير هذه النظرية، يذكر صاحب هذا يفو . ةـ ببذل عناي، هو التزام

. تفاقيابضمان السالمة ال ينشأ على عاتق املدين إال مبقتضى نص قانوين أو تزام ل، أن اال652الرأي

عدم وجود عقد بني املستشفى العام وبني املريض، أو املريض والطبيب - كما يرى–ومن الثابت

املعاجل، كما ال يوجد نص يف القانون يقرره، وال جيوز واحلالة هذه، أن يتأسس وجود مثل هذا

.لسالمة، على اإلرادة املفترضة للطرفني؛ ألنه ال يوجد عقدا أصال بينهماااللتزام بضمان ا

وبناء على ذلك، يؤكد أن االلتزام بضمان سالمة املريض الذي يتلقى عالجه يف مستشفى

عام، عن األضرار اليت تصيبه، على فرض وجوده، ليس إال التزاما ببذل عناية، جيب إثبات عدم

. املريضتنفيذه على املدعي وهو

بقوهلم أنه ال ميكن التسليم به بشكل مطلق، ففي 653ولقد صادف هذا الرأي انتقاد البعض

لتزام بنتيجة، يستوي أن يكون املدعى عليه طبيب خاص أو طبيب يف األحوال اليت يكون فيها اال

وأكثر حتديدا، فإن االلتزام بضمان سالمة املريض الذي يقع على الطبيب يف. مستشفى عام

نه التزام حمدد إمستشفى عام ال خيتلف يف مضمونه، عن ذلك الذي يقع على طبيب خاص، إذ

.بتحقيق نتيجة

ويؤكد هذا بأن الفقه حمق يف رأيه، أن االلتزام بتحقيق نتيجة ليس مقصورا على اال

و قانون، وأن وإذا قيل بأنه ال ينشأ إال بعقد أ654.العقدي، وإمنا يوجد أيضا يف اال غري العقدي

فمع التسليم بأن املريض نزيل املستشفى . تعميم غري دقيق-يف رأيه–أيا منهما غري موجود، فهذا

العام يكون يف مركز تنظيمي وليس عقديا، إال أنه ال يوجد ما مينع أن يلتزم هذا املرفق العام

ستشفى العام من املخاطر؛ مثل ونظرا ملا تنطوي عليه اإلقامة يف امل. بضمان سالمة نزالئه من املرض

.66-67، صاملرجع السابقرف الدين، شمحد أ. د: راجع: 652.237حمسن عبد احلميد البيه، خطأ الطبيب املوجب للمسؤولية املدنية، ص. د: راجع: 653.237، عزاه إليهم حمسن البيه، املرجع ذاته، ص 15، ص21، بند 2مازو وشاباس، دروس يف القانون املدين، ج: 654

450 من 169صفحة 169 - أأ ب ب- االلل

169

وهي خماطر ال تقل جسامة عن خماطر النقل، فيكون التزام املستشفى ،خلإ... العدوى أو اإلصابات

.ا عامابضمان سالمة املريض بنتيجة، كما حيدث يف جمال النقل ولو كان القائم به مرفق

سمح للمريض باختيار ومن ناحية أخرى، فإن نظام العمل يف املستشفيات العامة قد ي

وبناء عليه، ميكن تصور انصراف إرادة هذين الطرفني إىل ترتيب االلتزام .الطبيب اجلراح أو املعاجل

655.بضمان السالمة على عاتق الطبيب، وال يقدح يف ذلك أن يكون العالج مبقابل أو جمانا

ان سالمة املريض ولعل الرأي الثاين هو األدىن للصواب؛ ألن من شأن فرض االلتزام بضم

على املرفق الطيب العام أن مينح املريض مزيدا من الثقة واألمان يف أداء عالجهم أو جراحتهم

. خاصة بعد أن تعرضت هذه الثقة لالهتزاز يف كثري من األحوال،باملستشفيات العامة

ات بعبء إثب املريض املتضرروإذا كان بعض الفقه قد رحب مبا كرسه القضاء من تكليف

اخلطأ الطيب؛ باعتباره مدعيا حسب قواعد اإلثبات، فإن الصعوبات اليت يواجهها املريض يف ذلك

.دـا أحـال ينكره

على عاتقه، فهو ىوالواقع أنه إذا كان عبء اإلثبات يف حد ذاته ميثل مشقة لكل من يلق

.ت تكليفا مبا ال يطاقعترب يف كثري من احلاال، ويمن املؤكد يشكل مشقة زائدة يف اال الطيب

فالعالقة بني الطبيب واملريض هي يف ذاا عالقة يسودها انعدام املساواة، إذ يعاين أحد

ومثل هذه العالقة ال .بالطبيب الذي يضع فيه ثقتهاألطراف من علة ويلتمس اخلالص يف االستنجاد

ل يف الواقع دون استعداد املريض وهذه الثقة اليت حت. على أساس الثقة املتبادلةيتصور قيامها إال

. إلثبات خطأ من وضع ثقته فيه-عند احلاجة–املسبق حبصوله على دليل ميكنه االستعانة به

يواجهه به عادة من صمت من قبل مايضاعف من صعوبة اإلثبات أيضا بالنسبة للمريض

وإظهارا للتضامن بني زمالء الطبيب املخطئ ومساعديه، التزاما باحملافظة على السر املهين أحيانا،

.املهنة الواحدة أحيانا أخرى

اخلطأ الواجب خبايا كشفوقد يقال إنه ميكن االستعانة باخلرباء يف الطب للمساعدة على

ه إىل ما قد يلجأ إليه هؤالء ينبـ و، خماوفه من هذا الطريق أيضايخفغري أن الفقه ال ي. إثباته

التنبيه بل ومل يفت القضاء أيضا656.خطاء زمالئهم أو تربير مسلكهماخلرباء من حماوالت لتغطية أ

657.على التزام احلذر جتاه تقرير اخلرباء

.237-238، صنفسهحمسن البيه، املرجع . د: انظر: 655.401، ص1942، يناير 12، س1وديع فرج، مسؤولية األطباء واجلراحني املدنية، جملة القانون واالقتصاد، ع. د: راجع: 656

450 من 170صفحة 170 - أأ ب ب- االلل

170

الطبيب وما يتعلق به من مشكالتـرخطـأ لقاضي يف تقديسلطـة ا: اـثاني

ر، دون معقب عليه من حمكمة النقض أو احملكمة العليا، حتقق لقاضي املوضوع أن يقد

لكن تكييفه ، "Defacto" أو الترك أو عدم حصوله؛ ألن هذا من مسائل الواقع حصول الفعل

حسب املعيار القانوين، هو مما يتصل مبسائل القانون القانوين لسلوك املدعى عليه، واعتباره خطأ

"Dejuro"ة احملكمة العلياـ خيضع لرقاب،هـ، وعلي.

تسبيبه خاطئا؛ بأن شابه ع إذا كان ومتتد رقابة احملكمة العليا إىل موقف قاضي املوضو

.الفساد يف االستدالل ملخالفة ذلك ألوراق ثبوتية

يل السابق عرضه، فإنه ال ص إثبات خطأ الطبيب يقع على املريض وفقا للتفوملا كان عبء

حيق لقاضي املوضوع، فضال عمن هو أعلى منه رتبة، أن يقوم بإثبات ما جيب على املريض إثباته،

ع اليت برهن املريض على نسبتها ائ من انطباق وصف اخلطأ على الوقتواجبه يف أن يتثبينحصر و

. الطبيبىلإ

ويتمثل عمل القاضي هنا، من ناحية، يف التحقق من حدوث هذه الوقائع، ومن ناحية

658. ملعرفة ما إذا كان ميكن استنباط اخلطأ منها؛عرضها على معيار اخلطأبأخرى،

لعادي، الذي يتمثل مبناسبة التقصري يف بذل العناية الالزمة للمريض، فبالنسبة للخطأ ا

واإلخالل بواجب احليطة واحلذر املفروض على كل شخص، فإن القاضي يستطيع أن يستخلص

عدم احلصول كه هذا اخلطأ الذي يقع يف جمال األعمال العادية والواجبات اإلنسانية للطبيب؛ سبنف

659.على رضاء املريض

لنسبة للخطأ الفين أو املهين فإن تقديره يزداد صعوبة على القاضي الذي يتعني عليه أن أما با

يستخلص اخلطأ الفين من كافة عناصر الدعوى، إال أنه جيدر به عدم اخلوض يف النظريات العلمية

وينبغي أن يكون واضحا أن استخالص خطأ . خاصة إذا كانت حمل خالف بني أهل صناعة الطب

تتمثل يف حتديد مدى مطابقة هذا العمل ¡ األوىل: ممارسة عمله الفين مير مبرحلتنيالطبيب يف

للقواعد الفنية للمهنة واألصول العلمية الثابتة، وهذا عمل فين ال يستطيع أن يقوم به إال شخص

تتجسد يف عرض نتيجة املرحلة ¡الثانيةو. ينتسب إىل مهنة الطب يف ختصص الطبيب حمل املساءلة

64حممد حسن قاسم، املرجع السابق، ص. د: انظر: 657

.74-77أمحد شرف الدين، املرجع السابق، ص. د: راجع: 658.170السابق، صعبد احلميد البيه، املرجع حمسن . د: راجع: 659

450 من 171صفحة 171 - أأ ب ب- االلل

171

وىل على املعيار القانوين للخطأ؛ أي حتقيق مناطه يف التكييف القانوين، وهذا عمل قانوين يقوم األ

.به قاضي املوضوع

تبقى بعد ذلك مسألة فرعية تتعلق حبدود سلطة قاضي املوضوع يف اعتماد القرائن الدالة

واضحة الداللة علىجيب على القاضي العتماد مقل هذه القرائن أن تكون إذ . على خطأ الطبيب

ومن بني هذه . األمر املراد إثباته، وهو هنا اخلطأ الطيب وما يتعلق به من ضرر ورابطة سببية

660.ر اخلرباءـرة اخلطأ االحتمايل، وتقاريـن فكـالقرائ

La"فكرة اخلطأ االحتمايل:فكرة اخلطأ االحتمايل لدى حمكمة النقض الفرنسيةـ faute

virtuelle"ا حمكمة النقض الفرنسية، خالل فترة من الزمن، تقتضي استنتاج خطأ خذتاليت أ

الطبيب من جمرد وقوع الضرر، وذلك خالفا للقواعد العامة يف املسؤولية املدنية اليت تتطلب من

ث لوال وأساس هذه الفكرة، أن الضرر ما كان ليحد. عليهى املدعي إقامة الدليل على خطأ املدع

فرغم أنه مل يثبت بوجه قاطع أن الطبيب أمهل يف بذل العناية الواجبة، 661.وقوع خطأ من الطبيب

أو مل يتخذ االحتياطات اليت يوجبها عليه التزامه باحليطة، فإن القاضي يستنتج هذا اخلطأ من وقوع

.الضرر ذاته

طة القاضي يف استخالص ويقدر البعض أن فكرة اخلطأ االحتمايل ما هي إال استعمال لسل

662.اخلطأ من كافة القرائن مىت كانت قاطعة الداللة على حدوثه

وقد تبىن القضاء اإلداري الفرنسي أيضا فكرة اخلطأ االحتمايل، حيث قضى بأن وفاة

طفلني أثناء القيام بعملية التطعيم اجلماعي يدل على اختالل سري املرفق العام، وتنعقد بناء عليه

663إلدارةمسؤولية ا.

أن حمكمة النقض املصرية أخذت مبقتضى فكرة اخلطأ االحتمايل، يف أحد 664ويرى البعض

حيث قررت بأنه يكفي املريض ليثبت خطأ طبيب 665؛قضايا املسؤولية عن جراحة التجميل

.167-171حمسن البيه، ص. ، ود78أمحد شرف الدين، املرجع السابق، ص. د: راجع: 660.80، ص65 بينوف 1968-4-208، األسبوع القانوين، 1968/11/12، األسبوع القانوين، 12/11/1968نقض مدين فرنسي، : 661

662 : Savatier,note sous Mciv,28 juin 1960,11,11787 ; penneau, la responsabilité medicale,n° 65,p.77.663 : T.Ad.de bordeaux , 29 fev.1956, D.1956,642 ;Conseil d,etat.13.juil.1962.D.1962, note lemasurier.

. وما يليها81، ص30رف الدين، املرجع السابق، بندشأمحد . د: راجع: 664

450 من 172صفحة 172 - أأ ب ب- االلل

172

يكون بذلك قد أقام قرينة قضائية على تنفيذ الطبيب " إمهاله وحالتجميل، أن يقدم واقعة ترج

فينتقل عبء اإلثبات مبقتضاه إىل الطبيب، ويتعني عليه لكي يدرأ املسؤولية عن نفسه أن اللتزامه،

".يثبت قيام حالة الضرورة اليت اقتضت إجراء الترقيع واليت من شأا أن تنفي عنه وصف اإلمهال

ورغم ذلك يعتقد صاحب هذا الرأي أنه ال ميكن اعتبار هذا احلكم مقررا ملبدأ عام ينطبق

اعتربت حمكمة النقض ؛ حيث كل أبواب املسؤولية الطبية؛ ألنه صدر يف شأن طبيب جتميلعلى

أكثر منها يف أحوال اجلراحة األخرى، اعتبارا بأن "املصرية أن العناية املطلوبة منه، حبسب تعبريها

جراحة التجميل ال يقصد منها شفاء املريض من علة يف جسمه، وإمنا إصالح تشويه ال يعرض

".حياته ألي خطر

ف صأي حبق أن فكرة اخلطأ االحتمايل ليس هلا من ولواقع، كما يرى صاحب هذا الروا

خالبة ملصلحة املتضرر على وال يعدو األمر أن يكون استعماال لوسيلة،اخلطأ ومضمونه إال االسم

ضم إىل غريها من نت اال القانوين على استحياء، لحساب القواعد القانونية، وهي وسيلة دخلت

ها القضاء ملواجهة التحوالت االقتصادية واالجتماعية اليت يشهدها دعاألفكار االحتمالية اليت ابت

وجود رابطة سببية بني العملية من ؛بل إن بعض أحكام القضاء الفرنسي تستنتج. العصر احلديث

خطأ احتمايل يف ة، وجوداجلراحية والضرر الذي أصاب املريض وفوت عليه فرصة العالج أو احليا

666.جانب الطبيب اجلراح

ةة بني فكرة اخلطأ االحتمايل، وبني املنهج الذي يؤيد توسع إىل التفرقـ667ويذهب البعض

أن هذا االختالف يتمثل يف ناحيتني 668إذ يرى مع غريه. جمال االلتزامات بنتيجة يف حق الطبيب

بناء على خطأ ثابت يف رأي، أو مفترض –طبيب خمطئا ، يف االلتزام بنتيجة، يعترب الأوال:مهمتني

لفكرة اخلطأ االحتمايل، يفترض خطأ أما طبقا. مبجرد ختلف النتيجة املطلوبة-يف رأي آخر

يف االلتزام بنتيجة ال يستطيع الطبيب أن : ثانياو. مىت وقعت للمريض نتائج سيئةحسبالطبيب ف

La"األجنيب يتلخص من املسؤولية إال بإثبات السبب cause étrangére"لفكرة ، أما وفقا

، وإمنا كذلك، بإثبات الظرف األجنيب قطاالحتمايل، يستطيع ذلك، ليس بإثبات السبب األجنيب ف

ويالحظ أن حمكمة النقض أخذت يف هذا احلكم على 166 رقم 1075، ص20، اموعة السنة 1969/6/27نقض مدين مصري : 665

.قضاة حمكمة االستئناف تفسريهم لتقرير اخلبري املنتدب مبا ال حيتمله.82، ص30أمحد شرف الدين، املرجع السابق، بند. د: راجع: 666.246-247، ص139حمسن عبد احلميد البيه، املرجع السابق، بند. د: راجع: 667

668 : F.Chabs,obs lyon 8 janv 1981,j.c.p.1981,11,19699.

450 من 173صفحة 173 - أأ ب ب- االلل

173

"La circonstance étrangère"حيث يعترب هذا املصطلح أكثر مرونة واتساعا من مفهوم ؛

.السبب األجنيب

الرأي، أن فكرة اخلطأ االحتمايل إن كانت ال جتد سندا واحلقيقة، كما يرى صاحب هذا

فإن جلوء القضاء إليها، إمنا يكشف عن شعوره املتزايد بعدم كفاية القواعد 669يف القانون،

القانونية التقليدية لتوفري احلماية للمريض، وألن القضاء ليس من صالحياته تعديل هذه القواعد

ل سوى حماولة تطويعها، كي جيد الوسيلة اليت خيفف ا عبء القانونية، فلم يكن أمامه من سبي

اإلثبات الذي ينوء به كاهل املريض، خاصة بعد أن ترسخ يف األذهان تلك الفكرة الشائعة وغري

الدقيقة، املتمثلة يف القول إمجاال بأن التزام الطبيب جمرد التزام ببذل عناية، إذ إنه ال يضمن شفاء

670.اء بإرادة اهللا وحدهاملريض، وإمنا الشف

وجود التزامات بتحقيق نتيجة على عاتق بولذلك، فإن مواجهة الواقع بوضوح، واالعتراف

الطبيب، إضافة إىل االلتزام ببذل عناية، ميثل يف رأينا األسلوب األمثل لتحقيق التوازن يف العالقة

671.بني الطبيب واملريض، خاصة فيما يتعلق بعبء اإلثبات

-وإن كانت ال تكفي- لت بعض الصعاب ما بذله القضاء من حماوالت ذلىفهذا وال خي

حيث تعترب هذه املهمة شبه ؛على املريض يف قيامه بعبء اإلثبات، خاصة يف املستشفيات العامة

.ةـة واقعيـمستحيلة، نظرا ملا يتمتع به املرفق العام من حصان

:هـوهذا ما سيأيت بيان ،راءـر اخلبـتقرية يف ـة الثانيـوتتمثل القرين

أ الطبيبـرة يف إثبات خطـدور اخلب: اـثالث

كعدم ؛سه خطأ الطبيب يف عمله العاديفكان القاضي يستطيع أن يستخلص بن إذا

حصوله على رضاء املريض مثال، يف غري األحوال االستثنائية كحالة الضرورة، وهذه مسألة تدخل

ج، حيث أناطتها حبالة .م. ق138ف، واملادة .م. ق1384الصحيح أن فكرة اخلطأ االحتمايل، تضمنتها بعض التشريعات كاملادة : 669

يفعاماد سندا جت ال" األصوب أن يقول فكانحراسة األشياء، وقد أشرت إىل ذلك آنفا يف هذا الفرع اخلاص بإثبات اخلطأ الطيب،

".القانون – الشفاء ليس بإرادة اهللا، ولكنه يقصد والزم قوله أن على فكرة أن الشفاء بإرادة اهللا، اعتراض صاحبهايوحي ظاهر هذه العبارة : 670

أو حياة اإلنسان لبدن حماربة الفكر اجلربي الذي يتكأ عليه الناس للتملص من مسؤوليام، فال يكاد يساءل أحد، وال يبقى –فيما يبدو

. إىل هذا املعىن الذي ذكرته،" بإرادة اهللاء الشفا"إىل عبارة" وحده" بإضافته لقيد ؛بة بيد األطباء، ولعله يشريع لفيصريعصمة، .247، ص139، املرجع السابق، بند البيهحمسن عبد احلميد . د: راجع: 671

450 من 174صفحة 174 - أأ ب ب- االلل

174

لك بالنسبة لعمل الطبيب الفين، حيث يتعني عليه أن ضمن اختصاص القاضي، فإنه يصعب عليه ذ

.يستعني بأهل اخلربة يف جمال الطب

حبكم ختصصه يف املسائل الفنية حيث ؛وما ينبغي اإلشارة إليه أن اخلبري الطيب يفرض نفسه

تباع رأي اخلبري وال بالنتائج اوهذا ال يستلزم أن يكون القاضي ملزما ب، ال يكون القاضي خمتصا

ال يعدو أن يكون تقرير اخلبري الطيب عنصرا من عناصر اإلثبات اليت إذ. ليت خلص إليها تقريرها

. فللقاضي حسب سلطته التقديرية أن يعتد به أو أن يطرح ما جاء به672.ختضع لتقدير القاضي

ولكن إن هو أخذ بذلك التقرير فإنه جيب عليه أن يطبقه كما هو دون حتريف أو تعديل، وذلك

.ن الطبيعة الفنية لعمل اخلبري حتول دون أية منازعة فيهأل

،وللقاضي أن يأخذ بتقارير اخلرباء واملوازنة بينها، إن تعارض رأي أحدهم مع آراء غريه

ة على خطأ الطبيب، ومؤدى ذلك أنه ال يلزم يف القرينة املستمدة ـإذا اقتنع بأا واضحة الدالل

يف التدليل الداللة على هذا اخلطأ، بل يكفي أن تكون واضحةمن تقارير اخلرباء أن تكون قاطعة

673.هـعلي

والقول حبرية القاضي يف تقدير اخلبري تفضي إىل إشكال عويص، وذلك حينما ال يعتد

القاضي برأي اخلبري، وينفض ما انتهى إليه من نتائج، نظرا إىل ما حييط به هذا القاضي من تربيرات

فلئن كان من سلطة القاضي طرح . أن خيلق موقفا قد يوصف فيه بالتطرفمتشابكة، فإنه خياكر ب

إال أن ذلك لن يكون 674ما ورد بتقرير اخلبري الفين، واحلكم طبقا ملا يقتنع بأنه حمقق للعدالة،

.يسريا عليه يف كل األحوال ما مل يقدم تربيرا قويا ومقنعا له

دون – وهو صاحب االختصاص الفين –بري ومما الشك فيه أن معارضة القاضي لرأي اخل

من شأا أن تضفي غموضا على اخلطأ حمل – مع صعوبة ذلك –أن يدعم وجهة نظره حبجة قوية

.اإلثبات بني الرؤية الفنية والرؤية القانونية

cass.civ.14: ، ويف نفس املعين2882، ص415، رقم 32سرية، ، جمموعة أحكام النقض املص1981/12/14نقض مدين : 672

dec.1983.j.c.p.1984, IV, p.63.، املرجع السابق، ى، أمحد احليار117-118، أشرف جابر، املرجع السابق، 79-80أمحد شرف الدين، املرجع السابق، ص: راجع: 673

.117صبس عليه، وتكوين تصوره يف ضوء ذلك وقد نصت على هذا احلكم املادة له يف سبيل ذلك أن يستدعي اخلبري الستيضاح ما قد يلت: 674

juillet25JORF2.art-1989juillet20du511-89Décret.: املعدل بـ من قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي اجلديد245 n°

1989septembre15en vigueur le1989

450 من 175صفحة 175 - أأ ب ب- االلل

175

ينبغي عليه أن – على تقرير اخلبري 675 إذ ميارس سلطته التقديرية–ولذلك فإن القاضي

:ارينيوازن بني اعتب

احلذر ملا قد يكون من جماملة وتضامن مهين بني اخلبري والطبيب حمل املسائلة، ويف ذلك : األول

ر، تفرض على ـرة معهود ا من شخص عادي، وهو القاضي، إىل طبيب خبيـاخلب«: ورد أن

676.»اـل متيقظظالقاضي أن ي هذا

اليت قد يظن البعض من األشخاص االعتداد برأي اخلبري، خصوصا يف املسائل الفنية: الثاين

677.أنه يستطيع فهمها، ومنهم القاضي، العاديني

واألصل أن اختيار اخلبري يرجع إىل اتفاق األطراف املتخاصمة، فإن مل يتحقق اتفاقهم

بذلك، تعني احملكمة اخلبري الطيب، من هو على قدر من الكفاءة والرتاهة واجلدارة هلذا العمل،

– اليت هي من اختصاص القاضي فحسب –ى به عن اخلوض يف املسائل القانونية تنأاخلبريومهمة

وتدعيم ، ذات العالقة بالعمل الطيب وتقدير اخلطأ الطيب من عدمه؛لتقتصر على البحث عن الوقائع

.ذلك باحلجج العلمية الدامغة

طاروقد أوجب املشرع اجلزائري على اخلبري الطيب قبل الشروع يف أي عمل خربة إخ

نفس الوقت خبريا وطبيبا معاجلاالشخص املعين ذه املهمة، وال ميكن أن يكون اخلبري الطيب يف

ه للخطر يف نفسه أو أحد زبائنه أو جهة تطلب ضرع تةملنفس املريض، وال جيوز له أن يقبل مه

.خدماته

تقنيات الطب احلقيقية، ويتعني على اخلبري الطيب أن يرفض الرد على أسئلة يراها غريبة عن

العناصر اليت من شأا أن عنوأوجب على الطبيب اخلبري عند صياغته لتقرير اخلربة أال يكشف إال

تقدم اإلجابة على األسئلة املطروحة يف قرار تعيينه، وأن يكتم ما اطلع عليه خالل مهمته من

678.أسرار

قيب على تقرير اخلبري من اال الفين إىل اال القانوين معتدا يف ذلك مبجموع ويربر هذه السلطة اليت يتمتع ا القاضي يف التع: 675

العناصر النفسية واإلنسانية احمليطة باملسألة حمل الرتاع، وبناء عليه، فتطبيق املعطيات الفنية الواردة يف تقرير اخلبري ال يتم بصورة جمردة،

بينو، املسؤولية : راجع. جعل هذه املعطيات الفنية قابلة لالستعمال يف اال القانوينفحرية التقدير اليت يتمتع ا القاضي تتجه إىل

.175-177رجع السابق، صامل، مشار إليه عند حمسن البيه، 143، ص129املدنية، بند ,Savatier¡118مشار إليه عند أشرف جابر، املرجع السابق، ص : 676 la responsabilité civile, T,II, N°778..118 وما يليها، وأشرف جابر، املرجع السابق، ص174حمسن عبد احلميد البيه، املرجع السابق، ص: راجع : 677 . على التوايل من مدونة أخالقيات مهنة الطب اجلزائرية99¡98¡97¡96املواد : راجع : 678

450 من 176صفحة 176 - أأ ب ب- االلل

176

؛ر اليت أصيب ا املريض بلغة األرقام إذا جاز للخبري الطيب أن يعرب عن تقديره لألضرا،هذا

كبيان نسبة العجز اليت أصيب ا عضو من أعضاء املريض، فإنه ال ميكنه حبال أن يكون تقديره

679.ست من مهامهي ألن هذا التقدير يدخل يف املسائل القانونية اليت ل؛نقديا، أي مببلغ من النقود

ة، ـ الواقع صعوبتان، األوىل موضوعيوإن حصول اخلبري على تقرير موضوعي تعترضه يف

.ةـشخصي ةـوالثاني

فأما الصعوبة املوضوعية، تتمثل يف الناحية الفنية للخربة الطبية، إذ ليس من املؤكد، بصفة

لكامل يف وسط نظري، ويف املراكز العلمية الطبية، يستطيع بامطلقة، أن اخلبري الذي يقوم مبهمته

د فيه الطبيب حمل ج أن يقدر بدقة املوقف الذي و–ابع ارد يف مثل هذه الظروف ذات الط–

إن اخلبري لكي يقدم تقريرا صحيحا، . خمتلفةيةاملساءلة، والذي كان ميارس عمله يف ظروف واقع

جيب أن يكون يف مقدرته معرفة هذه الظروف الواقعية، فالصعوبة تكمن هنا، يف االختالف الكبري

. وبني احلقيقة الواقعية امللموسة املعطيات اردة،بني

وأما الصعوبة من الناحية الشخصية، فترجع إىل عدم حياد تقارير اخلرباء، اليت قد ال تلتزم

ومما ال شك، أنه مىت ثبت مثل . مع الطبيب حمل املسائلة بدافع الزمالةحباإلطار العلمي وتتسام

680.املهنةا يف شرف ونزاهة فسوف يدان أشد اإلدانة ، إذ إنه ميثل قصورهذا

وحيال هذا األمر، يلجأ القضاء لدرأ هذه املعضلة إىل تشكيل جلنة خرباء أو استشارة خرباء

وهذا يف اعتقادي .681دف حتقيق أعلى قدر من العدالة والرتاهة؛من مؤسسات أو جهات خمتلفة

ة ال يفقهها إال ذوو يف مسائل فنيللطبيب القاضيمسلك احترازي سديد؛ وذلك ألن مساءلة

االختصاص، جيعل فكرة العقاب غالبا متعذرة، إذ قد تفضي إىل حتكم القاضي، بتقديره ملسائل

العدول عن ب ، وذلكستلزم عند االقتضاءويف مثل هذا املسلك، الذي ي. فنية، ليست من ختصصه

.خربة طبية إىل غريها، عقوبة فنية قاسية على ذوي املروءات

نا من احلديث عن ركن اخلطأ، جيدر بنا أن نسلط الضوء على ركن ئد انتهابعأخريا،

:الضرر يف املطلب اآليت

679 : Lambert Faivre, droit du dommage corporel, système d’indemnisation, p.136..115-116أشرف جابر، املرجع السابق، ص. ، ود173-174حمسن البيه، املرجع السابق، ص. د: راجع: 680.116أمحد احلياري، املرجع السابق، ص. د: راجع: 681

450 من 177صفحة 177 - أأ ب ب- االلل

177

الضرر الطيب: املطلب الثاين

: وذلك كما يلي ركن الضرربيان جيب ،عناصر املسؤولية املدنية يف اال الطيبل ستكماالا

مفهوم الضرر وأمهيته: الفرع األول

كانت عقدية أم تقصريية، فال أ من أركان املسؤولية املدنية، سواءنتناول الضرر كركن

ى الضرر فاملسؤولية توافر ركن اخلطأ، بل جيب أن ينجم عن هذا اخلطأ ضرر، فإذا انت يكفي لقيام

.فال تقبل دعوى املسؤولية؛ ألنه ال دعوى بغري مصلحة

682.ام املسؤولية التقصريية وقد اشترط املشرع اجلزائري صراحة ضرورة توافر الضرر لقي

ويشمل التعويض : " اجلزائري املشرع املديننصأما خبصوص املسؤولية العقدية فيستفاد ذلك من

ال يكون التعويض احملدد : "وقال يف موضع آخر". ما حلق الدائن من خسارة وما فاته من كسب

إذا جاوز : "ويف موضع آخر" أن الدائن مل يلحقه أي ضرريف االتفاق مستحقا إذا أثبت املدين

683.الضرر قيمة التعويض احملدد يف االتفاق، فال جيوز للدائن أن يطالب بأكثر من هذه القيمة

ولكنه يفضي إىل املسؤولية اجلنائية، ويعترب خطأ مدنيا-مثال-الشروع يف اجلرميةوعليه، ف

ال يف كثري من املخالفات وكذلك احل684ال يشكل املسؤولية التقصريية إذا مل يترتب عليه ضرر،

685.باعتبار أن املسؤولية التقصريية متثل الذيل املدين للمسؤولية اجلنائية

وقد اختلفت تعبريات فقهاء القانون 686والضرر يف اللغة ضد النفع، واملضرة خالف املنفعة

خيتلف عن يف تعريفهم للضرر عموما؛ مبا فيه الضرر يف اال الطيب، فاستعمل كل منهم اصطالحا

.غريه

أا تنقسم -687يف تصوري اخلاص- ات، يبدو يل ـة من التعريفـوبعد تتبع وفحص مجل

:إىل قسمني رئيسيني مها

عرفه بعضهم ، حيث خلطأ طيب، تقصرييا كان أم عقدياةـ عرف الضرر بأنه نتيج:القسم األول

. من القانون املدين اجلزائري124املادة : راجع: 682 .ج.م.، ق185¡1/184¡1/182املواد : راجع: 683، مشار إليه عند بلحاج العريب، أحباث ومذكرات يف الفقه 53951، ملف رقم 13-12-1988عليا اجلزائرية، قرار احملكمة ال: 684

.67/1: االسالمي685 : H,L et J.Mazeaud, op.cit, Clause 408, P.337 , 67بلحاج العريب، املرجع السابق، ص

.1/159: خمتار الصحاح: انظر:686 تالف الفقهاء يف ركن اخلطأ ما بني قائل باملسؤولية اخلطئية واملسؤولية املوضوعية كما بينوقد استهملت هذا التقسيم من اخت: 687

.ذلك تفصيال يف املطلب السابق

450 من 178صفحة 178 - أأ ب ب- االلل

178

: الضرر املعترب هوأن بعض إىل ذهب ال و.688"صلحة ذات قيمة للمضرورم حبق أو إخالل"بأنه

وذهب آخر 689." حق لإلنسان من حقوقه الطبيعية أو املالية بغري مربر من جواز شرعيصانتقا"

هو حالة نتجت عن فعل طيب مست باألذى جسم "إىل القول بأن الضرر يف جمال املسؤولية الطبية

690".ته يف مال الشخص أو عواطفه ومعنوياالشخص، وقد يستتبع ذلك نقصا

نيط الضرر خبطأ طيب؛ أشار إليه التعريف هذه التعريفات يبدو أا يف جمموعها تبعد تأمل و

، وصرح "بغري مربر... حقصانتقا" الثاين بعبارة ريف، والتع"صلحةمإخالل حبق أو "األول بعبارة

يا، شخصيا ل الطيب قد يكون ماديا أو فنـة نتجت عن فعل طيب، والفعـ بأنه حاللثالتعريف الثا

. ويف كل األحوال ال يعدو أن يكون خطئا ثابتا أو مفترضا مرفقيا،أو

الضرر يف جمال هنا؛ باعتباره تناول باوولعل التعريف الثالث هو أدىن التعريفات للص

هو حالة : أن يضيف قيدا آخر إىل التعريف ليصبح كالتايل الكاتب، وكان حريا باملسؤولية الطبية

ه ترور؛ كعدم متابعـفعل املضعن إخل؛ ليشمل الضرر الناتج..."مبناسبتـه" فعل طيب أونتجت عن

عة لرابطة انإجراءات الطبيب، أو إدالئه ببيان كاذب حلالته الصحية، وحنو ذلك من األسباب امل

وهذه التعريفات وإن .السببية، اليت ال تستطيع أن تنسب الضرر إىل فعل الطبيب وإن حصل فعال

هي أا تضمنت خمتلف أنواع فق على حقيقة واحدة، وات معظمها إال أن،لفت مصطلحاااخت

.الضرر

.هـأ أو عدمـعرف أصحابه الضرر بشكل عام بصرف النظر عن كونه نتيجة خط: القسم الثاين

ما يصيب الشخص يف حق من حقوقه، أو مصلحة مشروعة": إذ ذهبوا إىل القول بأن الضرر هو

عاطفته، ه، أوـمالو ه، أـان ذلك احلق أو تلك املصلحة، متعلقا بسالمة جسمله، سواء ك

691."ه أو غري ذلكـشرف ه أوـريتحأو

. وع اخلطأـويوحي ظاهر هذا التعريف على عمومه، أنه ال يعلق حدوث الضرر على وق

ي ورد يف اال التعريف الوحيد الذ يف اال الطيب، ولعللكن عمومه ال يؤهله أن يكون تعريفا

.األوفقالطيب هو ما ذكرته آنفا، وبإحداث تعديل فيه ميكن أن يكون هو التعريف

حالة نتجت عن فعل طيب أو مبناسبته، "وعليه، ميكن تعريف الضرر يف اال الطيب بأنه

.971/1: السنهوري، الوسيط:688.381، ص)رسالة دكتوراه(ر الدين حممد، أساس التعويض يف الفقه اإلسالمي والقانون املصري، نصحممد . د: 689.234باهللا، املسؤولية الطبية املدنية واجلزائية بني النظرية والتطبيق، صبسام حمتسب : 690.127، املسؤولية املدنية للطبيب، صىأمحد احليار. ، ود68، صاملرجع السابقبلحاج العريب، . د: 691

450 من 179صفحة 179 - أأ ب ب- االلل

179

مست باألذى جسم الشخص أو فوتت عليه فرصة العالج، وما يستتبعه من نقص يف مال

."وياتهالشخص أو معن

ا تعريف الضرر يف االصطالح الفرنسي وليس مهم"Le préjudice" ؛ ألنه ال خيتلف عن

Le"رادف للفظ ـوهو اليوم م. املستعمل يف اللغةاملعىن Dommage"وذلك حسب االصطالح ،

يستعمل أحيانا يف معىن خمتلف، "Dommage"، لكن مصطلح 692تعمال اللغوي احلديثسواال

ليدل

Dommges" عن األضرار، املسمى بـيضعلى التعو intérets "أو"Dommges et intétréts"

693".دوما"كما يفسره الفقيه " Dédomagement"أو

إن عنصر الضرر من األمهية مبكان النعقاد املسؤولية املدنية؛ حبيث إن عدم تنفيذ العقد إذا

.يضمل يصب املدين بضرر، ال ميكن أن مينحه حق املطالبة بالتعو

س العقاب كما هو حال املسؤولية يواملسؤولية املدنية تنهض حيثما وجد التعويض، ول

وهذا ما . ومع ذلك حتتفظ املسؤولية املدنية أحيانا ببعض اآلثار النامجة عن أصلها اجلنائي .اجلنائية

املدنية، رغم يةملسؤولاتنفيذ العقد ب يفسر قبول القضاء، يف حالة واحدة، وذلك حينما يثري اإلخالل

Clause"عدم حصول ضرر، حينما يتضمن العقد شرطا جزائيا pénale " حيدد مسبقا املبلغ

يترجم فكرة سم به الشرط،فإن االسم أو الوصف ذاته الذي و. الواجب دفعه يف حالة عدم تنفيذه

عتقد أن وأ694. مبلغ التعويض- يف بعض احلاالت- وحىت املشرع ذاته، حيدد جرافا .العقاب

الشرط اجلزائي فكرة مدنية ابتكرت لكي ترفع عن املتعاقدين عبء إثبات الضرر؛ خصوصا

.استقرار املعامالتدف املعنوي منه، وتضفي مزيدا من التقدير والصرامة يف تنفيذ العقود،

ت وما دام الضرر أمرا ماديا يف الغالب، جيوز إثبات وقوعه بكافة الطرق، ويقع عبء اإلثبا

وإثبات حصول الضرر أو نفيه من األمور الواقعية اليت تقررها .على مدعيه وفقا للقاعدة العامة

وبناء عليه، فإن تقدير التعويض عن الضرر . حمكمة املوضوع، وال رقابة فيها للمحكمة العليا

:Mazeaud(s)الفـريق يقول حيث ، القانون الروماين يف ظل اكان يف األصل للتعبريين معىن خمتلف:692

« Le Damnum de la loi aquilia etait l’atteinte a l’intégrite d’une chose ,cette atteinte ettaitsanctionnée sans que l’on ait a rechercher si elle portait prejudice au proprietaire ; et aucun autreprejudice n’ettait sanctionne. Les jurisconsultes romains s’efforcèrent de substituer a la notion dedamnum celle de prejudice » : Op.cit, N° 407, p.337. cette notion est la meme dans un dictionnaire

either,s own,the loss or dimunition of what is man;damage:Damnumm“:juridique anglais qui ditby fraud ,carelessness,or accident”: Henry campbell black,and others, Black dictionnary, p. 393.

693 : H,L, et J. Mazeaud, op. cit, Clause 407, P.337.694 : Ibid, clause 408, P.338.

450 من 180صفحة 180 - أأ ب ب- االلل

180

ختضع ها كل،ما حتديد الضرر وبيان عناصره وموجباته وتكييف نوعه أ.تستقل به حمكمة املوضوع

.لرقابة احملكمة العليا؛ ألا من مسائل القانون

املدعي بإثبات الضرر الذي أصابه وخطأ املدعى عليه، بل جيب عليه أن يثبتي وال يكتف

، أن يثبتعبارة أخرىب أو ، أن الضرر الذي يدعيه، إمنا هو ناشئ عن اخلطأ املدعى عليه مباشرة

695. عالقة السببيةأن مثة عالقة مباشرة بينهما، وتلك هي

واع الضرر يف اال الطيبـأن: الفرع الثاين

أنواع الضرر، وإمنا تلك األنواع املتعلقة استتقصاء كلال نقصد يف حدود هذه الدراسة

: وذلك كما يلي فحسب،بامليدان الطيب

الضرر املادي: أوال

يصيب اإلنسان يف الضرر الذي"بأنه ذلك " matérielpréjudice "يعرف الضرر املادي

يف املسؤولية ،يوعاش والضرر املادي أكثر ،696"جسده أو ماله أو إخالله مبصلحة ذات قيمة مالية

préjudice"697يتمثل الضرر اجلسديإذ . من الضرراألديب،العقدية corporel " يف األذى الذي

ت فرصة العالج فيفو؛ ته أو إحداث عاهة دائمة أو مؤقتةويصيب جسم اإلنسان فيؤدي إىل م

عليه، وينعكس سلبا على ذمته املالية؛ حبيث يعطل قدرته على الكسب وإعالة نفسه وأوالده، فضال

عما استتبعته للمضرور جسديا من املطالبة بالتعويضفيمكن حينئذ. زمة لعالجهلالعن النفقات ا

حسب نصيبه من ثة، كلحال وفاته يصبح التعويض من حق الور ويف .من خسارة ماليةحالته

لقيام احلق يف ؛ أي غري خمالفة للقانون؛ مبصلحة مشروعةالتركة، وهذا األذى يف اجلسد واملال خيل

أما إذا كانت . كمصلحة من يعوهلم الشخص يف بقائه على قيد احلياة؛التعويض عن الضرر

ال يوجب التعويض عن املصلحة اليت حصل املساس ا غري مشروعة، فإن القانون ال حيميها و

698.املساس ا

.88بلحاج العريب، املرجع السابق، ص. د: راجع: 695.114اهر حسني، مشكالت املسؤولية املدنية يف جمال عمليات نقل الدم، صحممد عبد الظ. د: 696 من خالهلا احلصول على املتضررستطيعيرر اجلسماين متصال بالضرر املادي أو االقتصادي املتعلق حبوادث العمل اليت الضكان : 697

.F: تسبب الضرر حق التعويض اخلاص من مىتعويض من صندوق الضمان االجتماعي، مث انفصل عنه ليعط Terré, P.Simler, Y.

Lequette, Droit-civil-Les obligations, P.559..69بلحاج العريب، املرجع السابق، ص. ، أشار إليه، د2، عدد1972، نشرة القضاة، 01-02-1971احملكمة العليا اجلزائرية، : 698

450 من 181صفحة 181 - أأ ب ب- االلل

181

وبناء عليه، فال جيوز للخليلة أن تطالب بالتعويض عن فقد خليلها، حىت ولو كان يتولى

.اإلنفاق عليها؛ ألن مصلحتها يف استمرار العالقة هي مصلحة غري مشروعة

700ة، وحمكمة النقض الفرنسية يف غرفتها املدني699وهذا ما قضت به حمكمة النقض املصرية

خالفا للغرفة اجلنائية اليت مسحت بذلك بشرط أن تكون عالقتها خبليلها ظلت مستمرة ومستقرة

.لفترة طويلة، وأال تكون قائمة على الزنا

هلا قضى بأن نص701غري أن الدائرة املختلطة حملكمة النقض الفرنسية حسمت األمر حبكم

وجود رابطة قانونية بني املضرور ال خيضع احلق يف التعويض إىل شرطف.م.1382املادة

ة بوالضحية، ومنذ ذلك احلني أصبحت اخلليلة تستطيع احلصول على التعويض، كما أصبح للخطي

.مثل هذا احلق

ز أن تطالب بتعويض عن ضرر وفاخلليلة ال جي: "نهوريس األستاذ اللأما عندنا، فيقو

703."702وعةأصاا بفقد خليلها؛ ألن العالقة بينهما كانت غري مشر

ن يف م يك، يف هذه املسألة،ربغالخمالفينا يف بالد أن سبب اخلالف بيننا وبني وواضح

قة عن نظرتنا إىل الكون واحلياة، يف إطار ما يسمى يف القانون بفكرة بثاختالفنا يف بعض املبادئ املن

.تلف من بيئة إىل أخرى املرتبطة بفكرة النظام العام، ذات الطابع املرن، الذي خي؛اآلداب العامة

) الفرنسي، املصري، اجلزائري: التشريع والقضاء( ويـرر املعنـالض: ثانيا

املضرور يف مشاعره أو عواطفه أو يف شرفه سما مي"يعرف الضرر املعنوي أو األديب بأنه

. يف املسؤولية التقصريية وهو أكثر حدوثا704"أو يف عقيدته

مبعىن أن الضرر ؛ الضرر املعنوي هو مقابل للضرر املادي متاماوليس صحيحا أن نعترب أن

ن الضرر املادي هو ضرر موروث إاملعنوي هو الذي ال ميكن تقومي خسارته بالنقود؛ فنقول

.68بلحاج العريب، املرجع السابق، ص. إليه د، أشار167¡1975¡16ن، .أ.، م1965 نوفمرب 26نقض مدين مصري، : 699.163علي سليمان، النظرية العامة لاللتزام، ص. أشار إليه د8، رقم 1 عدد 1938، داللوز، 27-07-1937نقض مدين فرنسي، : 700.201، رقم 1970، نشر يف داالوز سنة 27-02-1970صدر بتاريخ : 701.858، ص573، بند 1ج: الوسيط: 702علي علي سليمان، . ، ود68-69بلحاج العريب، املرجع السابق، ص. ، د127-128أمحد احليارى، املرجع السابق، ص. د:راجع: 703

.285/1: بلحاج العريب، النظرية العامة لاللتزام. ، د162-163املرجع السابق، ص.162علي علي سليمان، النظرية العامة لاللتزام، ص. د: 704

450 من 182صفحة 182 - أأ ب ب- االلل

182

préjudice patrimonial - أن التركة ال حتتوي إال على عناصر مالية ب إذ قبلنا"élements

pécuniaires"-ضرر غري موروث، والضرر املعنوي هو " préjudice extra-patrimonial."

فاإلصابة اليت تسبب معاناة . إنه نادرا ما يكون الضرر املعنوي غري خمتلط بالضرر املادي

وإن . نفسية للمضرور، ال ختلو من ضرر مادي، يتمثل يف نفقات العالج أو العجز عن العمل

ا، فإنه غالبا ما يحدث ضررا ماديا أيضا ، القذف إذ يصيب شرف امرئ؛ فيحدث له ضررا معنوي

.يتمثل يف فقد مكانة اجتماعية وحنو ذلك يف اال -يف تقديري- ويعترب هذا الرأي صحيحا 705

706.الطيب؛ الذي ال تنفك الظاهرة العالجية املادية عن الظاهرة العالجية النفسية

ية؛ كتشويه جسمه أثناء فالضرر املعنوي الذي يصيب الشخص من جراء آالمه اجلسد

القيام جبراحة التجميل، أو تعطيل منافع أحد أعضائه، وما يستتبع ذلك من آالم نفسية، حترمه

بشكل مؤقت أو دائم من التمتع بنشاطات مهنية أو ترفيهية؛ أي ما يعرب عنه مبتع احلياة ومباهجها

"les joies de l’existence" أو"les plaisirs de la vie"، وهي حق لكل إنسان فيما وهبه

يف التخفيف من وطأة اآلثار اجلسدية بل 708 وبالتايل يساهم التعويض¡707اهللا من مواهب شىت

.وحىت النفسية

وقد أقر فقهاء القانون الفرنسي القدمي التعويض عن الضرر املعنوي، غري أم قصروه.1

ماين مل يكن يقضي بالتعويض عن الضرر على املسؤولية التقصريية، ظنا منهم أن القانون الرو

مث صدر تقنني نابليون خاليا من أي نص صريح يفيد التعويض 709.املعنوي يف املسؤولية العقدية

املعنوي يف املسؤوليتني، وترتب على ذلك أن ظل القضاء مترددا يف األخذ ذا عن الضرر

عن الضرر املعنوي، لعـدم إمكانيـة التعويض، فذهب يف بداية األمر إىل القول بعـدم التعويض

تعويضـه

705 : H,L et J. Mazeaud, Leçons de droit civil, T2, clause 417, P.343.طبعا، قد يتصور أن يستقل الضرراملعنوي عن الضرر املادي كما يف حالة األمل الناتج عن فقد عزيز، وإن كانت املوت قد تنتج : 706

الفلسفي، لنركز على أبسط األضرار املادية وهي البكاء، وبالتايل فال وجود لضرر معنوي حمض واألفضل أن خنرج من هذا اجلدل

.الضرر املعنوي يف اال الطيب.166املسرولية املدنية، ص -2 جـمصطفى العوجي، القانون املدين،. د: راجع: 707 ألننا ال نستطيع أن حني يف اال الطيب؛"réparation"أدق من لفظ اإلصالح " Indemnisation"استعمال لفظ التعويض : 708

F.Terre :يده أو رجله" l’amputé"ر وت نعيد للمبأواألموات et autres, op.cit,clause 677,p.559

يف حني أن القانون الروماين أخذ بالتعويض عن الضرر املعنوي يف آخر مراحله، وورد يف التعويض عن الضرر املادي عبارة : 709

"Damnum injuria detum"وعن الضرر املعنوي عبارة "Actionjurirum" ، ومل يفرق يف التعويض بني املسؤولية التقصريية

.164علي علي سليمان، النظرية العامة لاللتزامات، ص. د: واملسؤولية العقدية، راجع

450 من 183صفحة 183 - أأ ب ب- االلل

183

إضافة إىل 711 مث استقر على جواز التعويض عن الضرر األديب يف املسؤولية العقدية710بالنقود،

. الفرنسي من القانون املدين1382املسؤولية التقصريية، استنادا إىل عموم املادة

ض يف جمال الضرر األديب، إذ تعترضه ومع ذلك، ما فتأ الفقه ينبه إىل صعوبة تطبيق التعوي

يف سبيل ذلك اعتراضات، تتمثل بصفة خاصة، حينما يصطنع املتضرر دموع التماسيح للتأثري على

ترجع على القضاء ما دام أنه - يف تقديري- ومهما يكن فإن السلطة التقديرية. 712حكم احملكمة

La"حسم أمره يف ذلك، فإن صحة األحكام القضائية validité " شيء، وفعاليتها

"L’éfficacité " شيء آخر، ويف وجود درجات التقاضي املختلفة تقريب لألحكام القضائية من

.إحقاق العدل يف جمال التعويض عن الضرر املعنوي

وتوسع القضاء الفرنسي يف مفهوم الضرر املعنوي حىت أصبح يقضي بالتعويض عن الضرر

أن القضاء العادي ، تأثرا بالقانون الفرنسي القدمي، مل يأخذ بيد 713.املعنوي الناتج عن فقد حيوان

أما القضاء اإلداري، فقد 1932.714بالتعويض عن الضرر املعنوي يف املسؤولية العقدية إال يف عام

، إذ قبل هذا التعويض جملس الدولة 1961كان رافضا للتعويض عن الضرر املعنوي حىت عام

715.الفرنسي

العربية بالتعويض عن الضرر املعنوي منذ أمد بعيد، سواء يف إطار وأخذت القوانني .2

املسؤولية التقصريية أو املسؤولية العقدية، وكان رائدها القانون املدين املصري الذي نص صراحة

¡1849، داللوز الدوري، 1849 مارس 29، نقض جنائي فرنسي، 477¡1¡1874، سريي، 1873 مارس 27حمكمة باريس، : 710

.1/286: ، النظرية العامة لاللتزامبلحاج العريب. ، أشار إليه د225¡1قبل إذا أحدث الطبيب أضرارا ملريض، يكون مسؤوال إذا كان املريض كيف ي: تعليل بديع إذ قالوا"مازو" ورد عن املصنفني : 711

un"أجنبيا tièrs"-أي ال تربطه به رابطة عقدية -عقدبه هسأل إذا كان زبونا يربط، وال ي : OP.Cit, P clause. 422, P. 347.712 : G. Ripert, le prix de la douleur, D. 1948, chron1, P. Esmein, la commercialisation du dommagemoral, D. 1954, chron 113, R.Savatier, le dommage et la personne, D. 1955, chron. 1 ; F. Givord, laréparation du préjudice moral, thè.grenoble,1939 ;P Kayser, remarque sur l’imndenisation dudommage moral dans le droit contemporain, mélanges maqueron, 1974, P. 411s :Térré, OP.Cit,p562.713 : Cass. 1ère civ , 16 Janv. 1962 D. 1962, 199, note R. Rodière, jcp 1962, 11, 12557, note p. esmein,RTD civ, 1962, 316, obs. A.turc (mort d’une jument, préjudice d’affection: 500F!); TGI, obs. A. Tunc(mort d’un teckel, préjudice d’affection: 600 F!); V. Aussi cass. 1ère civ, 27 Janv, 1982, JCP 1983, 11,19923, note F, chabas. – v.j.p. Marguénaud, l’animal en droit privé, thèse limages, éd.1992, p.484 s. :F.terré et autres, op.cit, p.562.

، أشار 295، رقم 01، عدد 1932، املنشور يف جازيت دي باليه، سنة 1932/02/20حكم حمكمة السني التجارية الصادرة يف : 714

.165علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. إليه د القاضي التقديرية، فإن شاء أخذ به، وإن شاء رفضه، ةنيطه بسلطن األملاين ال يقبله مبدئيا، والقانون السويسري يوإن كان القانو: 715

H,l¡165علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. د: راجع et Mazeaud, op.cit, clause 423, p.347.

450 من 184صفحة 184 - أأ ب ب- االلل

184

222.716على ذلك يف املـادة

من غري أن القانون املدين املصري والقوانني اليت حذت حذوه، جعلت احلق بالتعويض على

أصابه ضرر معنوي له هو شخصيا، وبالتايل فال حيق لورثته يف حالة وفاته أن خيلفوه يف هذا احلق،

717.إال إذا حتدد التعويض مبقتضى اتفاق أو طالب به الدائن أمام القضاء

ومل يورد القانون اجلزائري نصا مماثال للنصوص العربية األخرى اخلاصة بالتعويض عن .3

، مقلدا يف ذلك تقنني نابليون، فهل يعين سكوت املشرع اجلزائري عن مثل هذا الضرر املعنوي

النص يف القانون املدين أنه ال يأخذ بالضرر املعنوي؟

ظل اجلدل بالنسبة هلذا املوضوع ردحا من الزمن إىل أن تدخل املشرع اجلزائري بنص صريح عام

:م؛ كما سيأيت بيانه2005

:م اعتماد املشرع اجلزائري للضرر املعنوي االجتاه القائل بعـد.أ

ذهب البعض إىل القول بأن القانون املدين اجلزائري ال يأخذ بالتعويض عن الضرر املعنوي،

:مربرا رأيه جبملـة من احلجج

أراد املشرع اجلزائري برفضه للتعويض عن هذا الضرر أن يسري على النهج االشتراكي.1/أ

.سوفيايت والصني الشعبية ومها يرفضان التعويض عن الضرر املعنوي الذي انتهجه االحتاد ال

أراد املشرع اجلزائري أن يأخذ بالرأي الغالب يف الشريعة اإلسالمية الذي يرى أا .2/أ

.ترفض التعويض عن هذا الضرر

در ج، هي اليت تق. م182ج املتعلقة مبدى التعويض اليت حتيل على املادة . م131 إن املادة .3/أ

التعويض مبعيار ما حلق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، لتقتصر ذا املعيار على الضرر

718.املادي وحده

إىل نفس االجتاه بالقول إن عدم إتيان املشرع اجلزائري بنص 719وذهب الدكتور بلحاج العريب،

تداركه، بتكريسه يف صريح يقضي مببدأ التعويض عن الضرر األديب، يعترب نقصا يف التشريع ينبغي

720.ج.م. ق131نص صريح يضاف إىل املادة

وقانون املوجبات ) 205م(والقانون املدين العراقي ) 225م(اللييب والقانون املدين ) 223م(دين السوري ملاحذا حذوه القانون : 716

علي علي سليمان،.د: راجع. )1/78م( التقنيني املغريب ومدونة)1/83¡82م(، والقانون املدين التونسي )263 وم362/234م(اللبناين

.134، املرجع السابق، صىأمحد احليار. د و،165-166املرجع السابق، ص.134أمحد احلياري، املرجع السابق، ص. ن، املرجع السابق، داعلي علي سليم. د: راجع: 717 . وما يليها117، ص)رسالة ماجستري( مقارنةمقدم السعيد، التعويض عن الضرر املعنوي يف املسؤولية املدنية، دراسة: 718

450 من 185صفحة 185 - أأ ب ب- االلل

185

:ل باعتماد املشرع اجلزائري للضرر املعنويئـاالجتاه القا. ب

يرى هذا االجتاه وعلى رأسه أبو القانون املدين يف اجلزائر األستاذ الدكتور علي علي

ضرر الذي يصيب الغري، مما م جاء عاما، إذ إنه مل حيدد نوع ال. ق124 أن نص املادة 721سليمان،

يفيد أن التشريع اجلزائري يقبل التعويض عن الضرر األديب، ذلك أنه من املبادئ املقررة يف تفسري

النصوص أن النص العام ال يخصص بدون نص مخصص، السيما إذا كان من شأن التخصيص أن

عواقبه أفدح وأخطر من تلك اليت يفلت من املسؤولية من يسبب للغري ضررا أدبيا، قد تكون

722.تترتب على الضرر املادي

عمن قال بأن املشرع اجلزائري قصد رفض هذا التعويص بعدم 723مث أضاف ردودا بديعة،

:النص عليه صراحة يف القانون املدين يف نقاط فقال

لو كان املشرع اجلزائري يريد رفض هذا التعويض، لكان متناقضا مع نفسه حني.1/ب

اليت أجازت للقاضي اجلزائي أن 724،من قانون اإلجراءات اجلزائية3/4أورد النص عليه باملادة

وما من شك أن احملكمة اجلزائية . حيكم به يف الدعوى املدنية اليت ترفع إليه تبعا للدعوى العمومية

؛ أي إن اختصاص ال ختتص أصال بالدعوى املدنية إال بشرط أن تكون مترتبة على اجلرمية اجلنائية

احملكمة اجلزائية بالنظر يف الدعوى املدنية استثناء، وأن االختصاص يف األصل للمحكمة املدنية،

فهل يعقل أن يمنح للمحكمة االستثنائية احلق يف احلكم بالتعويض عن هذا الضرر، وتحرم منه

! احملكمة املدنية املختصة أصال ؟

725. من قانون العمل08لضرر األديب يف حوادث العمل باملادة كما ورد النص على التعويض عن ا

.ظرية العامة لاللتزام يف القانون املدين اجلزائري الن سابقا، من مؤلفاتهاجلزائر-أستاذ القانون املدين بكلية احلقوق، جامعة وهران: 719.74-76بلحاج العريب، أحباث ومذكرات يف القانون والفقه اإلسالمي، ص. د: 720721 :س لعقود من الزمن بكلية احلقوق جبامعة اجلزائر، له مؤلفات عديدة منها، هو أشهر من نار على علم يف ميدان ختصصه، در

". النظرية العامة لاللتزام" راجع مقدمة كتابه . القانون املدين، ودراسات يف املسؤولية املدنية يف القانون اجلزائريوضرورة إعادة النظر يف.238-242اجلزائري، صاملدين علي علي سليمان، دراسات يف املسؤولية املدنية يف القانون . د: راجع: 722.167-168كتابه، النظرية العامة لاللتزام، ص: راجع: 72322-06 املعدل واملتمم، بآخر تعديل بقانون 1966 يونيو سنة 08هـ املوافق 1386 صفر 18 املؤرخ يف 155-66الصادر باألمر :724

تقبل دعوى املسؤولية عن كافة أوجه الضرر سواء كانت مادية أو : "مايلي وتنص هذه املادة على. 2006 ديسمرب 20املؤرخ يف

...".جسمانية أو أدبية قانون عالقات العمل الصادر يف وتبعه، م1978 غشت سنة 05 املوافق 1398 رمضان عام 12 املؤرخ يف12-78ون رقم قان: 725

. على تعويض العامل عن الضررين املادي واملعنوي157 و2/6نص يف املادتني حيث ي 1990/04/25

450 من 186صفحة 186 - أأ ب ب- االلل

186

منه على التعويض عن الضرر املعنوي املترتب عن فسخ 05مث جاء قانون األسرة لينص يف املادة

726.اخلطبة

لقد استمد الفقه والقضاء يف فرنسا التعويض عن الضرر املعنوي من عموم نص .2/ب

التعويض عن الضرر املادي بالذكر، بل جاء عاما ليشمل ف، الذي مل خيص .م. ق1382املادة

ج حرفيا، فإنه بعمومه يفيد التعويض .م.ق124نوعي التعويض، وهو نفس ما جاء به نص املادة

727.عن الضررين

ال يصدق إال " ما حلق الدائن من خسارة وما فاته من كسب"إن القول بأن معيار .3/ب

إذ إن هذا املعيار يصلح كذلك بالنسبة للتعويض عن الضرر على الضرر املادي، قول غري سديد،

املعنوي، فقد يتسبب شخص يف نشر إشاعة كاذبة عن طبيب أو حمام أو مهندس يف كفائته املهنية،

.فتتأثر بذلك مسعته، فينفض عنه الزبائن، وتلحقه خسارة فادحة ويفوته كسب كبري

ن التعويض عن الضرر املعنوي مقبول يف التشريع إىل القول بأ- حبق- وبناء على ما تقدم، خلص

فقد استقر القضاء اجلزائري . وهو القول الذي يؤيده تواتر أحكام القضاء يف اجلزائر. اجلزائري

حيث صدر حكم من الس القضائي 728على احلكم به حىت قبل صدور القانون املدين أصال،

.املعنوي مببلغ عشرين ألف دج قضى بالتعويض عن الضررين املادي و729بالعاصمة،

واستمر القضاء اجلزائري باطراد، يقضي بالتعويض عن الضرر املعنوي يف كثري من

أحكامه، سواء تعلق األمر بالتعويض عن اجلروح غري املتعمدة والقتل اخلطأ واألضرار اجلمالية،

لزوجة بسبب واملساس بالشرف من هتك العرض، وعن الضرر اجلسمي واملعنوي الذي حلق ا

طردها بعد ثالثة أيام فقط من زواجها، وعن ضحايا حوادث املرور، وهذا بصرف النظر عن

730.وجود التعويض عن الضرر املادي أو عدمه

املؤرخ يف 02-05، املعدل باألمر م1984يونيو 09هـ املوافق 1404رمضان عام 09املؤرخ يف 11-84بقانون رقم الصادر : 726

.2005فرباير هنا أورد الكاتب تأثري املشرع اجلزائري باملشرع الفرنسي بداللة العبارة، ورد بالسلب بطريق غري مباشر على من قال بأنه متأثر : 727

.أسلوب منطقي حمكم وهو – يف تقديري اخلاص –باملشرع السوفيايت أو املشرع الصيين، بداللة االقتضاء .1975/09/26الذي صدر يف : 728.469-1399، قضية رقم 1975/05/29 بتاريخ :729، وحمكمة الرغايا، 84/9023، رقم 1984/10/04 وحمكمة اجلنح بوهران، 170/883، رقم 1979/02/28حكم حمكمة الثنية، :730

، جملس قضاء 1979/11/27ريدة الشعب اجلزائرية بتاريخ ، املنشور جب1979/9/26، حمكمة اجلنح باجلزائر، 170، رقم 1979/02/28

450 من 187صفحة 187 - أأ ب ب- االلل

187

ولقد كان قرار الس القضائي األعلى قاطعا يف عدم إخضاع التعويض عن الضرر املعنوي

ج، وترك هذا التقدير ملشاعر قضاة املوضوع دون .م. ق182للمعيار املايل املنصوص عليه يف املادة

أن « : الذي ورد به1981/12/10أن يكونوا ملزمني بتسبيب تقديرهم يف قراره الصادر بتاريخ

قاضي املوضوع ليس ملزما بتعليل حكمه عن الضرر املعنوي، وإذا كان ملزما بذكر خمتلف

ض عن الضرر املادي، فهو غري ملزم بذلك يف حكمه العناصر اليت استند إليها فعال للحكم بالتعوي

731.»عن الضرر املعنوي؛ ألنه يرتكز على العنصر العاطفي الذي ال حيتاج إىل تعليل

من مكرر182أخيـرا، قطـع املشرع اجلزائري هذا اجلدل الفقهي، حيث ورد يف املادة

يشمل التعويض عن :" جاء فيهاالقانون املدين اعتماده صراحة للتعويض عن الضرر املعنوي إذ

732".الضرر املعنوي، كل مساس باحلرية أو الشرف أو السمعة

ما " بـ 182وذا ارتفع اللبس الذي غشى معيار التعويض عن الضرر الذي أناطته املادة

وذا . ، واتضح أنه يشمل التعويض عن الضرر املعنوي"حلق الدائن من خسارة وما فاته من كسب

. مكرر ما كان مجمال يف أصل املادة182ملادة فسـرت ا

ررـروط الضـش: رع الثالثـالف

:يشترط لتحقـق الضرر الشـروط التاليـة

اـقانونرور معتربة املساس حبق أو مصلحة ذات قيمة للمض: أوال

جيب لتحقق الضـرر أن يسنـد إىل فعل خيل حبق أو مصلحـة ذات قيمـة بالنسبـة

733.واء أكانت ماليـة أو غري ماليـة، حيميها القانـونللمضـرور؛ س

أن يكون الضـرر حمققـا: ثانيا

؛ أي أن يكون حاال، قد "certain"جيب لقيام املسؤولية أن يكون الضرر حمقق الوقوع

.وقع فعال بصورة أكيـدة

: أشار إليهم¡ على التوايل¡38452/137، رقم 1986/6/03، واحملكمة العليا، 25.03.1969، نشرة القضاة، 1968/11/14مستغامن،

.169رية العامة لاللتزام، صعلي علي سليمان، النظ. ، د74-76، ص يف القانون و الفقه إلسالميبلحاج العريب، أحباث ومذكرات. دعلي . د: ، أشار إليه24500، ملف رقم 1986نشر هذا احلكم يف قرارات الس األعلى، ديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، : 731

.169علي سليمان، املرجع نفسه، ص.2005 يونيو 20، املؤرخ يف 05-10مبوجب قانون رقم : 732 .. وما يليها180مفهوم الضرر املادي، ص من على التفصيل الذي ذكرناه ض:733

450 من 188صفحة 188 - أأ ب ب- االلل

188

dommage"فالضرر احملقق واألكيد هو قيد خرج به الضرر االفتراضي supposé"

dommage"، والضرر احلال خرج به الضرر املستقبلي "éventuel" أواالحتمايل futur " ما مل

.يكن حمقق الوقوع يف املستقبل كما سيأيت بيانه

فالستحقاق التعويض جيب أن يكون الضررالواقع فعليا قابال للتحديد بتاريخ احلكم

يساوي الضرر احملقق وقت احلكم بالتعويض، فإن مل يكن كذلك جاز للقاضي أن يقدر تعويضا

به، وحيتفظ للمحكوم له حبق املطالبة بتعويض آخر عن الضرر الذي يتحقق بعد صدوره، كما

.جيوز للقاضي أن يؤجل احلكم بالتعويض حىت يتبني مدى الضرر كله عن طريق اخلربة الطبية

لتعويض النهائي بعد أن وجيوز له كذلك احلكم بتعويض مؤقت، ويرجئ إىل تاريخ الحق احلكم با

ويتعني على . يتبني له مدى األضرار اليت حلقت املضرور من الفعل الذي يطلب التعويض بسببه

734.املتضرر أن يقدم اإلثبات على حتققه، وأن حيدد مطالبه جلهة التعويض عنه

يض، وجيب التمييز هاهنا، بني الضرر املستقبل وبني تفويت الفرصة، اللذين يستوجبان التعو

ينبغي وبني الضرر احملتمل الذي ال يكفي إلجياب التعويض، وال يصلح لقيام املسؤولية املدنية، بل

.االنتظـار حىت يتحول االحتمال إىل يقني

Dommage"الضرر املستقبل . 1 futur:"

الضرر املستقبل هو ضرر حتقق سببه وتراخت آثارها، كلها أو بعضها إىل املستقبل؛

.بعاهة مستدمية تعجزه عن الكسب مستقبالكإصابة شخص

ويستتبع املسؤولية والتعويض، 735وهذا النوع من الضرر يعترب يف حكم الضرر احملقق،

وميكن للقاضي أن يقضي بالتعويض كله يف احلال، الذي يقدره طبقا ملا توافر لديه من عناصره،

استكمال التعويض يف حالة تطور وإال حكم بتعويض مؤقت مع حفظ احلق للمضرور يف املطالبة ب

736.الضرر

وبناء عليه، كي يؤخذ الضرر املستقبلي يف االعتبار عند نظر القاضي يف دعوى التعويض،

من خالل –أن يكون باإلمكان : الثاينأن يكون وقوعه مؤكدا، و: ام أوهل:جيب أن يتوافر شرطان

. حتديد قيمة التعويض بشأنه–الوسائل الالزمة

.197، املسؤولية املدنية، ص2مصطفى العوجي، القانون املدين، ج. وما يليها، ود80 صاملرجع السابق،بلحاج العريب، . د: راجع: 734 . واآلثار اليت مل تتحقق بعد، مؤكدة الوقوع يف املستقبل،إن العاهة حمققة وهي السبب: 735.206، حق التعويض املدين، ص184، علي سليمان، املرجع السابق، ص82-83ج العريب، املرجع نفسه، صبلحا. د: راجع: 736

450 من 189صفحة 189 - أأ ب ب- االلل

189

هلذا مبا لو أحلق شخص بآخر ضررا جسديا أجلأه إىل إجراء عملية جراحية له، فقرر ويمثل

األطباء ضرورة إجراء عملية أخرى له بعد مرور فترة حمددة، وكان املتضرر عامال يتقاضى راتبا

يف مثل هذا الوضع . شهريا، وقد أقعدته إصابته اجلسدية عن الكسب ملدة أشهر متتد مستقبال

ان القاضي أن حيدد التعويض؛ بأن يشمل نفقات العملية اراة، وتلك اليت ستجري، والربح بإمك

الفائت املتمثل خبسارة أجر األشهر اليت سيكون خالهلا مقعدا عن العمل، باإلضافة إىل التعويض

.عن اآلالم النفسية واجلسدية وسائر عناصر الضرر اليت يتحقق منها القاضي

ذا قدر أن العجز الناجم، من إصابة ما، سيظل يف املستقبل، أن جيعل وللقاضي أيضا إ

une"التعويض إيرادا مرتبا ملدى احلياة rente viagére."

وإذا تفاقم الضرر، فال مانع من الناحية القانونية من طلب املتضرر إعادة النظر يف التعويض

دة، بشرط أن ال يكون تفاقم الضرر نتيجة املقرر له، إذ يكون قد طرأ سبب جديد يربر هذه اإلعا

.عوامل خارجة عن رابطة السببية بني الفعل الضار والضرر احلاصل سابقا

من وقت وقوعه حىت احلكم، مث استفحل 737وإذا تردد القاضي بني الزيادة والنقص،

زادت الضرر، كما لو بدت إصابة املضرور طفيفة فقدر القاضي التعويض على هذا األساس، مث

ر أو ضرتجيوز للم ففي هذه احلالة. بعد ذلك خطورة اإلصابة، فأدت إىل عاهة مستدمية أو الوفاة

قد دخل يف أن يطالبوا يف دعوى جديدة بالتعويض عن الضرر الذي استفحل، ومل يكن ذويه

Laه تقدير القاضي أول مرة، وال حيول دون ذلك قوة الشيء املقضي ب force de la chose"

jugée".738

قق الوقوع، وليس مظنونا كما حموبناء على ما سبق، فإن الضرر املستقبلي هو ضرر

739. أو احملتملاحلال بالنسبة للضرر االحتمايلهو

Dommage"الضرر احملتمل . 2 éventuel:"

مل يقع بعد، وال يوجد ما يؤكد أنه سيقع يف املستقبل، بل هو حيتمل الوقوع هو ضرر

وضعفا، وقد تبلغ من الضعف ه على حد سواء، وتتفاوت درجة هذا االحتمال قوةوعدم وقوع

.81بلحاج العريب، املرجع ذاته، ص. د: 737أي لزوم احلكم النهائي، وعلى العكس من ذلك إذا قدر القاضي التعويض، مث تناقص الضرر على خالف ما ظنه وقت احلكم : 738

مراجعة النظر يف تقدير ال يصحالة احل هففي هذ. لإلصابة اإلصابة خطرية مث حصل بعد ذلك أن زال كل أثر كما لو بدت؛بالتعويض

.(3)، هامش 81بلحاج العريب، املرجع نفسه، ص. د: انظر. ألن هذا ينايف حجية األمر املقضي به؛التعويض . وما يليها199مصطفى العوجي، املرجع السابق، ص. د: راجع: 739

450 من 190صفحة 190 - أأ ب ب- االلل

190

وهذا النوع من الضرر ال ميكن أن يكون حمال لتعويضه، إذ إنه ضرر افتراضي . عترب ومهياحدا ي

"Préjudice supposé"بىن األحكام على االفتراض، وال تتأسس بناء عليها أية مسؤولية ما ، وال ت

جيب أن يكون احلق ، وعليه. إىل حني وقوعهن الضرر مل يتحقق فعال، بل البد من التريثدام أ

يكون شيئا متوقعا يف املستقبل، فإذا كانت الالذي يطالب املضرور حبمايته حمققا وحاال، وأن

فاألصل يف. املصلحة غري صاحلة، بل جمرد احتماالت قد تكون قوية، وقد تكون ضعيفة أو واهية

إن . أا ال تربر قبول الدعوى قبل حلوهلا– كغريه من القوانني –القانون القضائي اجلزائري

الرتاعات اليت تقوم فعال بني الناس، وليس تنبؤ الرتاعات وظيفة القضاء هي أصال فض

740.املستقبلية

la"ة ـتفويت الفرص. 3 pérte d’une chance:"

حتمل أن حتقق له كسبا أو جتنبه خسارة كان يتفويت الفرصة هي حرمان الشخص فرصة

وبناء على هذا، فإن حتقيق هذه الفرصة هو جمرد أمل، ومن مث فهو أمر احتمايل ال يقبل .معينة

بني الشخص وبني حماولة حتقيق فرصتهةـوللي احلرر املترتب بالفعل نتيجةـالتعويض، لكن الض

ضررا هفرصة، وبالتايل يعترب تفويت الفرصة يف حد ذات تقوم عليه الذيتقضي على االحتمال ال

741.حمققا يقبل التعويض

ذات – اليت يعترب تفويتها ضررا حمققا واجب التعويض –ميكن القول إن الفرصة من مث و

وال ينبغي قصر النظر .، وواقعية وحقيقية من ناحية أخرىمفهوم مزدوج، فهي احتمالية من ناحية

من نطاق الفرصة وحتد من قيضة تـفلئن كانت الصفة االحتمالي؛ ا املفهوم هذيعلى أحد شق

درا من التحقق، جيعل ـة تضفي عليها قـقيمتها، وال جتعلها جديرة بالتعويض، فإن الصفة الواقعي

ويف هذا القدر من التحقق يتحدد الضرر احلقيقي الذي حلق .هذا القدر من التحقق أمرا راجحا

–لذي يتمثل يف مدى الفرصة اليت كان ميلكها يف حتقيق الكسب، فهذه الفرصة هلا املضرور، وا

742. قيمة موضوعية تقدر بقدر ما تتضمنه من إمكانية لتحقيق الكسب–بال ريب

ل لذلك بتفويت فرصة استئناف حكم بسبب تأخر احملامي يف تقدمي االستئناف يف مثوي

راك يف امتحان أو مسابقة بسبب حادث، وميكن التمثيل لذلك امليعاد احملدد، أو تفويت فرصة االشت

رضا عبد احلليم، املسؤولية الطبية عن اخلطأ يف . ، ود36بلحاج العريب، دروس يف القانون القضائي اجلزائري، ص. د: جعرا: 740

.133تشخيص تشوهات اجلنني وأمراضه الوراثية، ص.135، صذاتهرضا عبد احلليم، املرجع . ، ود140أشرف جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص. د: 741.149، ص1986¡03، ع10إبراهيم الدسوقي أبو الليل، تعويض تفويت الفرصة، جملة احلقوق الكويتية، س: راجع: 742

450 من 191صفحة 191 - أأ ب ب- االلل

191

تيجة نقل الدم يف حتقيق مستوى ن" فريوس"ة ضياع فرصة على املصاب بـيف اال الطيب حبال

ووظيفي أفضل، أو حتسني حالة أسرته املعيشية نتيجة عجزه عن العمل أو اإلقالل منه، جتماعي ا

مة حياة زوجية عادية نتيجة إصابة زوجته باإليدز، وكذلك تفويت فرصة على الزوج يف إقا

743.وإضاعة فرصة على الزوجة يف اإلجناب من زوجها املريض

ويف هذا الصدد قضت حمكمة النقض املصرية بالتعويض يف إحالة موظف إىل التقاعد قبل

بلوغ سن التقاعد دون مسوغ، مممة وقضت حمك 744.ت عليه فرصة الترقي إىل درجة أعلىا فو

وحبس أصوله ،امتناع الناشر عن طبع املؤلف املتعاقد على طبعه" : النقض املصرية كذلك بقوهلا

ورفض دعوى ،ه خالل تلك املدة، ضرر حمققـة تسويقـضيع فرصت ،عن مؤلفه عدة سنوات

745." يف القانونعد خطأ ي،التعويض باعتبار أن الضرر احتمايل

كمة النقض الفرنسية ال زالت تؤكد على إمكانية التعويض ويف جمال املسؤولية الطبية فإن حم

la"عن تفويت فرصة الشفاء pérte de chance de guérison" أو البقاء على قيد احلياة "la

survie".746

ة خصوصا يف اال الطيب يف القضاء اجلزائري، وذكر ومل أعثر على حكم لتفويت الفرص

يف ليس و. حقيقية ، مىت كانت فرصةهعلى مبدأ التعويض عن أن القضاء اجلزائري جيري 747البعض

.عتد بضياع الفرصة ضمن عناصر التعويضأن يمينع القاضي من ما القانون اجلزائري

خالفا –ويقتصر التعويض يف املسؤولية العقدية على الضرر املباشر املتوقع احلصول

، ويشمل -ري املتوقع غاشر املتوقع وللمسؤولية التقصريية اليت تشمل التعويض عن الضرر املب

. مقبولة ما دام هلذا الكسب أسباب748التعويض ما حلق الدائن من خسارة وما فاته من كسب،

¡1995، يوليو 02، ع10حممد عبد الظاهر، مشكالت املسؤولية املدنية يف جمال نقل الدم، جملة البحوث القانونية واالقتصادية، س: 743

.185لسابق، صعلي سليمان، املرجع ا. وما يليها، د125صعلي . ، أشار إليه د709، ص873، رقم 05، ونشر يف جمموعة أحكام النقض لعمر، عدد 1949/02/03صدر هذا احلكم يف : 744

.185سليمان، املرجع السابق، ص.136رضا عبد احلليم، املرجع السابق، ص. ،أشار إليه د403ص36ق س52 لسنة 873 طبعة رقم 1985.3.14نقض جلسة :745.G، تعليق 4 - ، ملخص1991، داللوز، 1990/02/07فرنسي، الدائرة األوىل يف نقض : 746 Memeteauوعدد خاص 183، ص ،

، نشرة حمكمة النقض 1988/10/11، وحكمها الصادر يف 22، ص1997/10/25لة جازيت دي باليه عن قانون الصحة العامة يف

.139م، املرجع نفسه، صرضا عبد احللي. ، أشار إليه د192، ص281، رقم 1988-2سنة .86بلحاج العريب، املرجع السابق، ص. د: راجع: 747ج اليت أشارت مبفهوم املخالفة، إىل أن من ارتكب غشا أو خطأ جسيما يف إطار .م. ق182م، واملادة .م. ق221طبقا للمادة : 748

. يستوجب املسؤولية التقصرييةاملسؤولية العقدية، فإنه يسأل عن التعويض غري املتوقع، ألنه عمل غري مشروع،

450 من 192صفحة 192 - أأ ب ب- االلل

192

روالتعويض عن فوات الفرصة ييف املسؤولية التقصريية متاما مثل ما يرد يف املسؤولية د

، وهلذا وجدية أن تكون فرصة حقيقيةشترط يف الفرصة الفائتة على أنه يف كل األحوال ي،العقدية

، فاشترطت مثال للتعويض عن فرصة وشيكة أوةـطالبت احملاكم أن تكون الفرصة الفائتة حال

749.ترقية، أن تكون ترقية وشيكة وقت وقوع احلادث الذي منعها

س ويرجع يف تقدير الضرر الذي يترتب على فوات الفرصة لقضاة املوضوع، وال رقابة للمجل

750.األعلى يف ذلك

وإذا كان التعويض عن تفويت الفرصة يرتبط بركن الضرر أساسا، إال أنه وثيبق الصلة

ة بني اخلطأ املنسوب إىل الطبيب وبنيـ ألن هذه الفكرة تبحث عن سببية حمتمل؛ةـبركن السببي

ركن ، كما سيأيت بيانه يف موضعه من املطلب القادم اخلاص ب الضرر الذي أصاب املريض

.751السببية

إذ ،وعن التعويض عن تفويت فرصة اإلجهاض اإلرادي، قضى القضاء الفرنسي لألبوين

ن أن حالة جاء ولدمها مشوها، وذلك يف حالة ما إذا أخطأ الطبيب يف تشخيصه وفحوصاته، فبي

اجلنني مطمئنة، مث اتضح بعد الوالدة أن الولد مشوهأساس وهذا على . بأمراض خطرية أو مصاب

طبقا للنصوص ، ألسباب طبية؛ت على األبوين فرصة اإلجهاض اإلراديأن الطبيب فو

752.القانونية

أما تعويض الطفل وذلك بدفع نفقات حياته كلها، فقد اختلفت جهتا القضاء العادي

فبينما استمر جملس الدولة والقضاء اإلداري يف قراره بعدم جواز مطالبة . واإلداري يف احلكم به

حمكمة وعلى رأسه القضاء العادي ب الطفل املعوق بالتعويض، وقصر ذلك على األبوين فحسب، إذ

. نتج عنها تعويضات مالية كبرية753النقض يف اجتاهها اجلديد يقر ذا احلق يف أحكام متتالية،

.pérruche"754"ومسي هذا االجتاه اجلديد باجتاه

.145 سليمان مرفس، الوايف يف شرح القانون املدين، ص :راجع: 749¡164، ص188، رقم01 منشور يف اموعة املدنية، عدد1972/08/10حكم للدائرة املدنية األوىل حملكمة النقض الفرنسية يف : 750

.186علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. أشار إليه د.224 الفرع الثالث، ص :راجع :751.6/172001/ الصادر يف 2001-588 وتعديالته والقانون رقم 01/171975/ الصادر يف 75-17القانون الفرنسي رقم : 752¡1989/02/17، حمكمة استئناف باريس يف 98، ص1995-4، داللوز، 1993/7/07حكم حمكمة استئناف فرساي يف : راجع: 753

، حمكمة 323، ص1991-4، وداللوز 158، ص1991-2، داللوز، 7/07-1989، وحمكمة النقض يف 316، ص1989-4داللوز،

، عدد 1996، جملة األسبوع الثقايف، 1996/3/26، حمكمة النقض، الدائرة األوىل، 183 ص،1991-4، داللور، 1990/02/07النقض

450 من 193صفحة 193 - أأ ب ب- االلل

193

ة نتج عنه ردود أفعال وانعكاسات كثرية على وهذا االلتباس والتباين يف األوساط القضائي

دته إذ عارض أغلبية الفقه االجتاه اجلديد للمحكمة العليا ألسباب قانونية، بينما أي.أكثر من صعيد

.بعض اآلراء لدواعي إنسانية

إذ وجد الطبيب نفسه أمام التزام بسالمة ، من القلق والذعر أصابه كثري والوسط الطيب

خطر، وخصوصا أطباء األشعة الذين مت وضعهم أمام مسؤولية كبرية وشبه اجلنني من أي

755. ضرورة التعرف على كل العيوب اخلفية، والكشف عن كل أسرار األجنة يفتمثل، تمستحيلة

وألجل جتنب دعاوى املسؤولية، أضحى الطبيب يلجأ لإلجهاض يف حالة وجود أدىن شك لديه

.وال يوجد ما مينع قانونا من ذلكيف وجود إعاقة، ولو كانت بسيطة،

نيتها يف رفع أقساط التأمني التأمنيت شركاتد هذا الوضع أبومن الناحية املالية، حيال

عن املسؤولية املهنية، وال خيفى أن هذا ينعكس كذلك على املستوى العملي يف رفع األطباء

لقيمة الكشف " حتاليلو نساء وتوليد، أشعة تشخيصية،خصوصا أخصائيو "املتخصيصني

التحاليل يف أكثر من معمل، ءدأواالختبارات، بل ويطالبوا باختيارات كثرية وإضافية، ويطالبوا ب

.خاصة اختيارات فحص خاليا اجلنني

إىل تعويض وعلى املستوى اخللقي، فإن اإلقرار حبق الطفل املعوق يف التعويض إضافة

.قصةنتاملوت على احلياة املوالديه، حيمل رسالة مضموا تفضيل

وما بعدها، حمكمة النقض 17، ص33، رقم 1998، وجملة الطب والقانون، 35، ص1997-2، وداللوز 282، ص3946، رقم1-27

، اجلمعية 1999/02/05 وما بعدها، حمكمة النقض يف 2293، ص2000/12/13 يف 50، األسبوع القانوين، عدد2000/11/17يف

. حكمان2001/11/28 ويف 2001/07/13العمومية حملكمة النقض يف Nicolasنسبة إىل قضية : 754 perrucheسبب إصابته بداء احلمرياء الذي ولد معاقا ب"la rubéole" عن طريق احلمل حيث مل

وقد صدر يف حقه حكم بالتعويض عن اإلعاقة بسبب أنه . كشف عن إصابة والدته يف وقت مبكر، مما يسمح هلا باإلجهاض اإلراديي

l’assemblée "كان ينبغي أن ال يولد، وذلك عن اجلمعية العمومية حملكمة النقض plénière de la cour de cassation" بتاريخ

arrêt"وكان االجتهاد القضائي حامسا يف هذا املوضوع، وقد عرف هذا احلكم بـ . 2000/11/17 perruche"حيث ورد فيه :

« dès lors que les fautes commises par le médecin et le laboratoire dans l’exécution des contratsformés avec Mme X avaient empêché celle-ci d’exercer son choix d’interrompre sa grossesse afind’éviter la naissance d’un enfant atteint d’un handicap, ce dernier peut demander la réparation d’unpréjudice résultant de ce handicap et cause par les fautes retenues ».

. ، والقضية موجودة يف مواقع كثرية على الشبكة العنكبوتية ومايليها152صرضاعبد احلليم، املرجع السابق، . د: راجع.1218، ص15-1، عدد رقم 2002داللوز، سنة : راجع : 755

450 من 194صفحة 194 - أأ ب ب- االلل

194

لعدم وجود ؛أما موقف اللجنة القومية لألخالق فقد كان رافضا لالجتاه القضائي اجلديد

،رابطة سببية مباشرة بني اخلطأ املهين والضرر، والنعكاسه سلبا على احلماية الذاتية للمهنيني

756.النسلتحمل أعباء إضافية للوصول إىل حتسني ت ت أضحيتوكذلك لألسر ال

كل جوانبه، أصدر املشرع الفرنسي القانون املرتقب منوبعد اقتراحات ودراسة املوضوع

حيث عاجل املوضوع معاجلة شاملة، ،757" جودة النظام الصحي وقانون حقوق املرضى"ـومسي ب

أي للمجتمع ككل، جتاه املعوقني، وليس مسؤولية شخص بعينه، مما يؤدي ؛فقرر مسؤولية مجاعية

؟ إذن ضق عن اإلعاقة، ولكن كيف يعوعدم قبول دعوى تعويض الطفل املعوإىل

ة بتأمني نفقات املعوق، إال يف ـ التضامن جتاه املعوقني، تكفل الدول758تضمنت نصوص

أ طيب، متثل يف سوء ـت يقينا أن السبب املباشر لإلعاقة أو تفاقمها هو خطثبحالة ما إذا

اعتقاد أن احلامل لديها مناعة علىدم التطعيم قبل احلمل، بناء وذلك كع؛أو اإلمهال التشخيص

كما نظم . بعدم اختاذ التدابري الصحية الالزمةضد بعض األمراض، فالشك أن الطبيب خمطئ

، لألعباء سؤولية الطبية، مبا يكفل توزيعا عادالن اإلجباري ضد املـاملشرع الفرنسي عملية التأمي

من إىل ما هنالك الالزمة ملخالفة نصوص هذا التشريع، 759العقوباتبني مجيع األطراف، وحدد

النصوص

760.هـاملنظمة للموضوع بكامل

اـرا وشخصيـأن يكون الضرر مباش: ثالثا

:يشترط فقهاء القانون يف الضرر حىت يكون موجبا للتعويض ما يلي

هو ما كان نتيجة طبيعية أن الضرر املباشر 761 بعض الفقهاءىرأ: راـأن يكون الضرر مباش. 1

221 السنهوري بنص املادة األستاذللخطأ الذي أحدثه، ولتحديد ما يعترب نتيجة طبيعية يستعني

.ضامنوزير العمل والتطلب ، بناء على 2001 مايو 29 يف 68حيث أصدرت اللجنة رأيها يف املوضوع حيمل رقم : 756األول خاص بالتضامن الوطين جتاه : ، يتضمن ثالث موضوعات رئيسية2002 مارس 04، الصادر بتاريخ 303/2002رقم : 757

مادة 162ويقع القانون يف . والثالث خاص بتعويض احلوادث الطبية،املعوقني، والثاين بشأن حقوق املرضى مستفيدو النظام الصحي

ومبقتضاه مت إدخال تعديالت عدة على قانون الصحة العامة، والقانون املدين، وقانون العقوبات، مقسمة على مخسة أبواب رئيسية،

.188، صالسابقرضا عبد احلليم، املرجع . د: راجع. وقانون التأمني، وقانون التضامن االجتماعي ".امن االجتماعي احلق يف التض– أيا كانت سبب اإلعاقة –كل معوق ل: " حيث تنص ما يلي02يف املادة : 758 .معنويا أو طه املهين سواء كان الشخص طبيعيا على نشااحلظـر إىل ألف يورو إضافة45تتمثل يف غرامة قدرها : 759 . وما يليها140رضا عبد احلليم، املسؤولية الطبية عن اخلطأ يف تشخيص تشوهات اجلنني وأمراضه الوراثية، ص. د: راجع: 760.910ص ، 610بند ، 1ج: الوسيط: 761

450 من 195صفحة 195 - أأ ب ب- االلل

195

نتيجة طبيعية إذا مل يكن يف -أي املباشر-ويعترب الضرر«: من القانون املدين املصري ليقول

جيمع بني الدقة تعبري ويعلق على ذلك بأنه762.»اه ببذل جهد معقولقاستطاعة الدائن أن يتو

.واملرونة

هي وحدها اليت حتتفظ من الناحية القانونية بعالقة السببية بينها "ويضيف أن هذه األضرار

أما األضرار غري املباشرة، وهي اليت ال تكون نتيجة طبيعية للخطأ الذي أحدث .وبني اخلطأ

."املدعى عليه مسؤوال عنهاالضرر، فتنقطع عالقة السببية بينها وبني اخلطأ، وال يكون

ط بني النتيجة الطبيعية للخطأ وإمكانية اتقائها، قائال بأن ـ على الرب763ويعترض البعض

»رميا ومبعزل عن النتيجة الطبيعية هي حدث مادي يتكون بفعل اخلطأ احلاصل، أكان عقديا أو ج

مثن البضاعة اليت باعها، ة لعدم دفع ـارة اليت حتل بتاجر نتيجة طبيعيـفاخلس .أي سبب آخر

؟ وكذلك األمر يف إصابة فكيف تكون غري طبيعية إذا كان بإمكانه اتقاءها، وكيف ميكنه ذلك

شخص يف جسده نتيجة لضربه، فكيف ميكن أن تكون اإلصابة غري طبيعية إذا كان بإمكانه دفعها

.هائعنه، فهي لن حتدث أصال إذا متكن من اتقا

ض عنه هو الضرر املباشر فقط، سواء أكان متوقعا يف املسؤولية فالضرر الواجب التعوي

أوغري متوقع يف املسؤولية التقصريية، فإذا حدث وترتب على الفعل أو اخلطأ أكثر من العقدية،

764.ضرر، فإن التعويض يقتصر على الضرر املباشر فقط، وال يعوض عن باقي األضرار

suite"جة مباشرة للخطأ خنلص مما تقدم أن الضرر املباشر هو نتي immédiate et directe

de la faute ."على - خرج به الضرر غري املباشر، وإذا كان الضرر املباشروالضرر املباشر هو قيد

هه، فإن الضرر غري املباشر يثري أكثر من صعوبة، ن ال يثري صعوبة يف إدراك ك-النحو الذي ذكرناه

multiples" بأكثر من سببيث يرتبط الضرر احلاصل عادة، حإن تعلق األمر مبفهومه أو آثاره

causes"765 ،مل تكن نتيجة طبيعية "وال عن تعويض األضرار اليت ئوحينها ال يكون الدائن مس

pasخلطئه immédiatement réalisé par sa faute" وهذا ما يبدي بوضوح أن املشرع يف ،

: وذلك يف املسؤولية التقصريية، أما يف املسؤولية العقدية فرياد به الضرر الذي يكون نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بااللتزام أو التأخر فيه: 762

.208النشار، حق التعويض املدين، ص.214مصطفى العوجي، املرجع السابق، ص. د: 763.209حق التعويض املدين، ص: راجع: 764.221،الفرع الثالث، صسيأيت بيانه يف املطلب اآليت اخلاص بركن السببيةكما : 765

450 من 196صفحة 196 - أأ ب ب- االلل

196

س األخذ مبفهوم السبب الفعلافرنسا كر" la cause efficiente" وهذا هو موقف القضاء ،

766.ةـبصفة عام

إذن، فالضرر غري املباشر هو ذلك الضرر الذي حيدث مبعرض الفعل الضار األصلي من غري

أن يتصل به مباشرة، فيكون اتصاله به عن طريق سبب آخر، مبعىن أن الفعل األصلي يبقى عامال

ن العامل الكايف إلحداثه، إذ إن سببا أو أسبابا أخرى الزما حلصول ذلك الضرر، وإمنا ال يكو

رت للضرر قائمة بذاا هي اليت بانضمامها إىل الفعل األصلي أو بتسلسلها بعده ويف ظرفه، قد وف

767.هـفرصة حدوث

لتوضيح الضرر املباشر يف إطار ؛ درج على استعماله فقهاء القانونتقليديومثة مثل

ة، ئ وهو أن تاجر مواش باع بقرة موبو،"Pothier"ه الفقيه الفرنسي بوتييه ساق،املسؤولية العقدية

فإنه ال جيب عليه رد الثمن فحسب، بل تعويض املشتري عن املواشي اليت نفقت نتيجة انتقال

زاعما أن نتيجة موت العدوى إليها، ويف املقابل ال يستطيع املشتري طلب تعويضات عن أضرار

عن سداد ديونه وأدى إىل أقعدهة أرضه، وفاته أن جيين منها حمصوال، مما مواشيه، عجز عن زراع

.مصادرة ممتلكاته، وما كان ذلك ليحدث لوال هذه األحداث

ألن ذلك بال ؛هنا يبني لنا هذا املثال أننا ال نستطيع أن نذهب بعيدا يف سلسلة النتائج

768. ما النتائج غري املباشرة هلذه األفعالشك، يعترب أمرا غري منطقي وال منصف أن حنمل شخصا

ونفس الشيء ينطبق على املسؤولية التقصريية يف حالة ما إذا ترك مالك املركبة سيارته يف

فكانت النتيجة األوىل أن سارقا استحوذ على سيارته، والنتيجة الثانية االطريق بدون إغالق أبوا ،

سأل مالك السيارة عن موت الراجل بسبب ال، فهل يه قتياأن السارق صدم راجال بسيارته فأرد

إمهاله؟ ذهب القضاء ممثال يف حمكمة النقض الفرنسية إىل أن إمهال املالك هو سبب السرقة، وليس

وإن رابط السببية كاف يف هذا الفرض الذي متثل يف دفع السارق . املباشر للحادثالسبب

766 : F. Terré et autres, Droit civil, Les obligations, p.469-470.مصطفى العوجي، املرجع السابق، . ، أشار إليه د298عاطف النقيب، النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن فعل األشياء، ص. د : 767

ال نرى أن حدوث هذا الضرر يفترض تدخل سبب آخر إلحداثه، بل إن سببه هو اإلصابة اليت نتجت : "يث انتقده قائال، ح215ص

".عن الفعل األصلي768 : F. Terré et autres, op.cit, p.470, H,L et J. Mazeaud, op.cit, p.525.

450 من 197صفحة 197 - أأ ب ب- االلل

197

سفل فتقلب املار أو الراجل، وهو متاما حينما حيدث للسيارة حنو منحدر لتنطلق وحدها حنو األ

769.احلادث خالل متابعة السارق لقيادة السيارة اليت استحوذ عليها

مبعىن أين ينتهي الضرر املباشر ويبدأ الضرر ؛ويبقى أن نعلم ما هي حدود الضرر املباشر

أو تقديره، املوضوع هذا السؤال يعتمد بشكل كبري على رأي قاضيلىاإلجابة ع. غري املباشر

770.لقضاة املوضوعاملراقبة حمكمة النقض غالبا السلطة العليا متثلو

والضرر غري املباشر مرادف ، إىل أن الضرر املباشر هو الضرر األصلي771وذهب البعض

ل استعمال كلمة الضرر الفرعي وعليه، فض. – الذي سيأيت بيانه –للضرر املرتد أو املنعكس

ضرر غري املباشر، والضرر األصلي للتعبري عن الضرر املباشر، وذلك حبجة أن كليهما للتعبري عن ال

اتصاال مباشرا بالفعل اخلاطئ، أما إذا فقد هذا االتصال، مل يكن من حمل للمطالبة ليف الواقع متص

لعدم ؛ إىل هجر استعمال الضرر املباشر والضرر غري املباشر772وذهب البعض اآلخر .بالتعويض

املتمثل يف منح التعويض عن الضرر الذي يربطه بالفعل ،لدقة الكافية يف أدائهما للمعىن املقصودا

بالنظر ، أي وصف هذا الضرر؛وإن حتقيق مناط ذلك يف الواقع. اخلاطئ رابطة السببية األكيدة

. هو حمل خالف يف بعض األحوال، ووصف غريه بغري املباشر،لوجود عالقة السببية باملباشر

، إال أنه ال ميكننا ترجيحهما؛ لعدم هلذين الرأيني من الوجاهةرغم ما ويف اعتقادي اخلاص،

أما بالنسبة ملصطلحي الضرر األصلي والضرر الفرعي بدل الضرر املباشر . تقدميهما بديال صاحلا

ب والضرر غري املباشر على الرأي األول، فال يستقيم مثال يف حالة الضرر املرتد؛ حيث يصا

شخص ما بضرر يقعده عن الكسب، مث ينعكس هذا الضرر على من يعوهلم مثال، وهنا ال ميكن

وصف الضرر املرتد إال بأنه ضرر فرعي، مقابل الضرر األصلي ملعيلهم، وهذا ال يعطي معىن أن

أي -وذلك على عكس ما يصفه. لذويه حق رفع دعوى شخصية بل يكتفون برفع دعوى موروثة

أهل القانون بأنه ضرر مباشر أصاب أصحاا شخصيا، وبالتايل، لذوي املتضرر -دالضرر املرت

كذلك، يوحي هذا االصطالح بسهولة فصل أسباب األضرار عن . احلق يف رفع دعوى شخصية

وأما هجر مصطلحي الضرر املباشر وغري املباشر . بعضها إىل أصلي وفرعي، وهذا مناف للواقع

769 : civ.civ.20 nov, 1951, D.1952.268, GAZ.pal.1952.1.180, et CF en matière contractuelle, civ.1ère

civ.10 avril 1962, Bull.civ.1962.I, N0 207, p.184, respectivement : H, L et J. Mazeaud, op.cit, p.525-526.770 : F. Terré et autres, op.cit, p.470.

.215-217مصطفى العوجي، املرجع السابق، ص. د: راجع : 771.216مصطفى العوجي، املرجع السابق، ص. أشار إليه د278، النظرية العامة للموجبات والعقود، رقم جورج سيويف: راجع : 772

450 من 198صفحة 198 - أأ ب ب- االلل

198

ح مصطلح بديل على الرأي الثاين، فهو مل يزد على النار إال دخانا مما لعدم دقتهما، دون اقترا

. يستدعي استبعاده

ويشترط يف الضرر أيضا أن يكون شخصيا بالنسبة لطالبه، سواء : أن يكون الضرر شخصيا. 2

.أكان الشخص طبيعيا أم معنويا وبعبارة أخرى، جيب أن يكون طالب التعويض هو املضرور 773

االدعاء املبين على ضرر حل بشخص آخر، ما مل يكن ذلك الشخص ، بالتايل،ستبعد، ويأصال

كما حيق للوكيل أن يطالب ،عدمي األهلية، فيتوىل عندها وليه واملسؤول عنه االدعاء بامسه

.بالتعويض عن األضرار اليت حلقت مبوكله

عيات محاية املستهلك، كالنقابات املهنية أو مج؛أما فيما خيص دعوى الشخص املعنوي

سمع دعواها أيضا يف حال مس الضرر بقدر ما أجاز هلا القانون محاية املهنة أو املستهلك بقدر ما ت

ويعترب ذلك مساسا ا يف ذمتها – كما يف حالة املستهلك –أحد أعضائها أو أحد أفراد اتمع

فإذا حصل تعد . إىل ضرر حل باملهنة ككلاملادية أو املعنوية، ولكن ادعائها يكون دوما استنادا

على حمام أو طبيب أو مهندس أو أي صاحب مهنة أخرى، وأحدث له هذا التعدي ضررا جسديا

عي بصفتهاأو ماديا أو معنويا، فإنه حيق لنقابته املخولة السهر على سالمة املهنة وأعضائها أن تد

774.ميس باملهنة ذاا أو باملنتمني إليها الشخصية فيما إذا كان االعتداء املذكور

رم من ممارسة مهنته أو اضطر إللغاء عقد، فإن الضرر بوجهيه وإذا أصيب شخصفح

فإذا ارتد هذا الضرر . صيب به املطالبة بالتعويضاجلسدي واملايل يبقى ضررا شخصيا يخول من أ

ررا ـليها، كان ضررها ضرمت من نفقة زوجها عفح -مثال- كالزوجة؛على شخص آخر

Dommage"دا ـمرت par ricochet" ، ومتصفا بالصفة الشخصية، خيوهلا املطالبة بالتعويض عن

.حرماا من النفقة

نفك أن يظل دائنا، هلذا التعويض يطلب يوإذا حصل أن مات الضحية املتضرر، فإنه ال

إىل ورثته، دون أن يؤثر يف حق ه كحق شخصي يدخل يف ذمته املالية، وينتقل بعدهائاستيفا

الناتج عن الضرر املرتد عليهم شخصيا نتيجة للفعل الضار، فيمارسون هذا احلق املنتقل ،هؤالء

أي حق التعويض ؛ وحيق لكل وريث ممارسة هذا احلق بكامله،إليهم من مورثهم كجزء من التركة

773 : p. le tourneau et L. Cadiet, op.cit, p.194.H.L.J و ،219-220مصطفى العوجي، املرجع السابق، ص. د: راجع : 774 Mazeaud, op.cit, clause.610, p.567-568.

450 من 199صفحة 199 - أأ ب ب- االلل

199

préjudice"عن الضرر املرتد والضرر املوروث transmis"ن موجب التعويض غري قابل ؛ أل

775.ةـللتجزئ

غري أن الضرر املرتد هو ،776ويعترب كل من الضرر املرتد والضرر املوروث، ضررا مباشرا

ة حق ـ، والضرر املوروث هو ضرر غري شخصي، لكن ممارس- كما بينا –ضرر شخصي

دعوى وذلك إذا رفع السلف ؛ةـوى موروثـ يكون إما بدع،التعويض عن الضرر املوروث

الدعوى بامسه، ليدخل هذا احلق يف ذمته هه العام أن يواصلوا السري يف هذفالتعويض مث مات، فلخل

أي بامسهم اخلاص ؛ شخصيةىوـاملالية، مث ينتقل إليهم بعد ذلك عن طريق التركة، أو يكون بدع

.يف حالة ما إذا مات السلف فورا بعد حادث مثال ومل يرفع دعوى التعويض

يف اشتراطها انتقال الضمان777 املشرع املدين اجلزائري القوانني العربية األخرى،رجاومل ي

عن الضرر املعنوي إىل الغري إال إذا حتددت قيمته مبقتضى اتفاق أو حكم قضائي، وأغفل النص

.على ذلك

إىل أنه ال مانع يف القانون اجلزائري من انتقال التعويض عن 778وبناء عليه، ذهب البعض

ث عن املطالبة به، إذ رمبا حالت ظروف احلادث دون ملعنوي إىل الورثة ولو سكت املورلضرر اا

حقيقي مبوته وهم األزواج ويقتصر التعويض على من أصابه أمل.املطالبة به أو االتفاق عليه

.222 كما نص على ذلك القانون املدين املصري يف املادة ؛واألقارب إىل الدرجة الثانية

د به نص ب األستاذ علي علي سليمان إىل أنه مبا أن القانون املدين اجلزائري مل يروذه

مماثل، فينبغي طبقا له، أن يساوي الضرراملادي الضرر وأن يكون لكل من أصابه ، املعنوي

شخصيا ضررأديب اء موت املضرور، أن يطالب بالتعويض عنه، بدون التزام التحديد الذي من جر

779.ورد يف القانون املدين املصري والقوانني اليت حذت حذوه

:حدود التعويض عن الضرر: الفرع الرابع

التعويض النقدي ال ميحو الضرر؛ ألن ما حصل قد حصل، ولكنه يساعد على إصالح ما

.220-221ى العوجي، املرجع السابق، صمصطف. د: راجع: 775776 : Terré, op.cit, clause.672, p.554.

. وما يليها183، ص سبق اإلشارة إليها يف معرض احلديث عن الضرر املعنوي: 777ي، بلحاج العريب، أحباث ومذكرات يف القانون والفقه اإلسالم. ، ود191علي سليمان، النظرية العامة لاللتزام، ص. د: راجع: 778

.87ص.191املرجع ذاتـه، ص: راجع: 779

450 من 200صفحة 200 - أأ ب ب- االلل

200

طبقا للقاعدة العامة أن يكون – فضال عن الشروط السابقة الذكر –وجيب . حصل قدر املستطاع

780. وال يقل عنه، فال يزيد التعويض عن الضرر؛لتعويض على قدر كاف جلرب الضررا

قد استقر القضاء الفرنسي، وأير التعويض عن الضرر يوم ده يف ذلك الفقه، على أنه يقد

سواء يف عناصره املكونة الداخلية ال يوم حدوث الضرر؛ 781النطق باحلكم النهائي،

« Intrinsèque 783.ته النقدية أم يف قيم782¡«

ثري مسألة جد ، فإنه كثريا ما حيدث يف األمثان، ويExtrinsèque»»أما تغري الضرر خارجيا

هل يؤخذ يف االعتبار اخنفاض القوة الشرائية للعملة، وهي ظاهرة مستمرة يف : مهمة مفادها هو

عصرنا احلايل؟

ني االعتبار؛ لتحديد التعويض إن تغري قيمة الضرر النقدية يف اال الطيب، يقتضي أخذه بع

وهو ما حدا مبحكمة النقض الفرنسية حديثا، إىل االعتداد بزيادة 784.عن الضرر اجلسدي املستمر

Augmentation»األسعار الالحقة بعد صدور احلكم النهائي des prix posterieures au

jugement de comndanation زيادة يف أسعار املواد ، إذ يزداد التعويض يف مقداره، بقدر ال«

الالزمة إلصالح الضرر، وتتجسد الوسيلة الفنية اليت جلأت إليها لتحقيق هذا الغرض يف ربط

»التعويض احملكوم به يف صورة إيراد دوري قياسي Rente viagère indexée» حسب ،

L’indice»مؤشرات األسعار املعيشية du coût de la vie»مثل ؛ضا أو معدل الدخل الفردي أي

حالة اإلصابة بالعجز الكلي عن العمل، حيث يضمن املصاب احلصول على مبلغ يساوي الراتب

785.الذي كان ينبغي أن يقبضه لو ال حصول احلادث

وعليه، للقاضي أن يستعني بوسيلة حسابية تقيم التناسق املستمر بني مقدار التعويض وقيمة

قة، للطريقة اليت ينص عليها القانون املدين املصري يف الضرر، وهذه طريقة موازية إن مل تكن مطاب

؛ اليت قوامها أن للقاضي، إن مل يتيسر له حتديد 170، والقانون املدين اجلزائري يف املادة 131املادة

مقدار التعويض حتديدا كافيا، أن حيتفظ للمضرور باحلق يف أن يطالب خالل مدة معقولة بإعادة

.113أمحد شرف الدين، املرجع السابق، ص. ، ود224مصطفى العوجي، املرجع السابق، ص. د: راجع: 780 .يف الفرع السابق حول شروط الضرر) املتفاقم واملتغري(سبق معاجلة ذلك ضمن الضرر املستقبل : 781.61 الضرر يف جسم املضرور وماله يف املسؤولية املدنية العقدية والتقصريية، صأمحد شوقي، مدى التعويض عن تغري. د: راجع: 782.183علي سليمان، املرجع السابق، ص. ، ود120، صالسابقأمحد شرف الدين، املرجع . د: راجع: 783.13أمحد شوقي، املرجع عينه، ص. د: راجع:784

785 : H,L et J. Mazeaud, op.cit, n° 626, p.590.

450 من 201صفحة 201 - أأ ب ب- االلل

201

إن الطريقة اليت ابتدعتها حمكمة النقض الفرنسية أفضل؛ ألا ال تكلف النظر يف التقدير، بل

.املضرور عناء رفع دعوى جديدة، ليصل إىل مسايرة التعويض لقيمة الضرر

، حيث 1951 الذي أكمل تشريع 30/12/1975ذلك بتاريخ وقد توىل التشريع الفرنسي

ياة، وتوىل هذا التشريع نفسه حتديد أجاز تعديل التعويض املقضى به يف صورة مرتب ملدى احل

.مقدار الزيادة يف اإليرادات؛ حبيث ال يكون املضرور حباجة إىل طلب إعادة النظر يف التعويض

ما مينع من األخذ بكل من القضاء والتشريع الفرنسي احلديث، يف 786وال يوجد يف رأي البعض

وتفاديا حلجية الشيء 787. مرتبظل نصوص قانونية تسمح بأن يكون التعويض يف صورة إيراد

املقضي به؛ اليت متنع من إعادة النظر يف تقدير اإليراد بعد أن حدده القاضي يف حكمه مببلغ من

النقود، يستطيع القاضي أن يأمر يف ذات احلكم بتغيري مقدار اإليراد بتغير سعر النقد، وال حرج

.قضى به، أن يكون خمصصا لنفقة املضرورعلى القاضي يف ذلك إذا كان قد روعي يف التعويض امل

مدين جزائري بأنه إذا كان التعويض مقسطا أو إيرادا مرتبا، فإنه جيوز 132/1وقد نصت املادة

إلزام املدين بتقدمي تأمني، وذلك حىت يكون السداد مضمونا، وقد يتم التعويض يف صورة أسهم

788.للمضرور؛ كحق انتفاع أو استعمال أو سندات، وقد يتم يف صورة تقدمي حق عيين

وقد يكون مصدر تقدير التعويض يف اال الطيب القـانون؛ حيث يتوىل القانون، كما هي

احلال يف قوانني العمل، حتديد مبلغ التعويض عن إصابات العمل وقد يكون مصدر التقدير هو

روف يف املسؤولية العقدية اليت يتفق االتفاق مقدما، وهذا نادر يف املسؤولية التقصريية، ولكنه مع

»فيها املتعاقدان على الشرط اجلزائي la clause pénale ج على .م. ق183وقد نصت املادة . «

جيوز للمتعاقدين أن حيددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها يف العقد أو يف اتفاق «: أنه

ج للقاضي أن يعفي املدين من أي .م. ق184وهذا هو الشرط اجلزائي، وأجازت املادة » ...الحق

تعويض حمدد سلفا إذا أثبت أن املدين مل يلحقه ضرر، كما جيوز للقاضي أن خيفض مبلغ التعويض

وقضت املادة . إذا أثبت املدين أن التقدير كانت مفرطا أو أن االلتزام األصلي قد نفذ جزء منه

التعويض املتفق عليه؛ بذريعة أن الضرر جتاوز ج أنه ال جيوز للدائن أن يطالب أكثر من.م. ق185

.122أمحد شرف الدين، املرجع السابق، ص. د:راجع:786.مدين كوييت جديد246مدين جزائري، واملادة132مدين مصري، واملادة171/1املادة: راجع:787

.210علي سلميان، دراسات يف املسؤولية املدنية يف القانون اجلزائري، ص. د: راجع:788

450 من 202صفحة 202 - أأ ب ب- االلل

202

وهذه . قيمة التعويض احملدد يف االتفاق، إال إذا أثبت أن املدين قد ارتكب غشا أوخطأ جسيما

.225¡224¡223النصوص مقابلة ملا ورد يف القانون املدين املصري يف املواد

بأنه ال جيوز 1152وىل من املادة أما املشرع املدين الفرنسي، فبعد أن قرر يف الفقرة األ

إجراء زيادة يف التعويض املقدر بالشرط اجلزائي وال ختفيض، وكان ذلك تشبثا منه مببدأ سلطان

؛ اليت تقضي بأن العقد شريعة املتعاقدين، عدل عن 1134اإلدارة، وبأحكام الفقرة األوىل من املادة

أن تقلص مبدأ سلطان اإلرادة عقب احلربني العامليتني ذلك ليساير التقنينات احلديثة، السيما بعد

قضى فيها بأن للقاضي أن خيفض التعويض 789¡1152األخريتني، وأضاف فقرة ثانية إىل املادة

مث أضاف يف هذه . املقدر بالشرط اجلزائي وأن يزيد فيه، إذا اتضح له جبالء أنه مفرط أو يسري

هو أن كل اتفاق على غري ذلك يعترب كأن مل يكن، الفقرة حكما مل يكن موجودا من قبل، و

وهكذا أباح للقضاء ختفيض هذا التعويض أو زيادته، دون أن يعلقه على شرط إثبات املدين أن

التقدير كان مفرطا أو إثبات الدائن بأن املدين قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما، وخالف بذلك

مر يف احلالتني لتقدير القضاء، والشك يف ذلك أن تقدير القوانني العربية السابقة الذكر، فترك األ

.القضاء سوف يعتمد على إثبات كل من الطرفني

هذا، وإذا كان االتفاق على التعويض نـادرا يف املسؤولية التقصرييـة؛ اليت ال يعرف فيها

ا يف هذه املسؤول املتضرر إال بعد وقوع احلادث، إال أنه ميكن أن يتفق على التعويض مقدم

املسؤولية، كما هي احلال يف املباريات الرياضية، حيث يتفق الالعبون بكرة القدم أو املالكمون

على قدر من التعويض قبل ممارسة اللعب، ولكن يشترط لذلك، أال يكون الضرر الذي حيدث فيما

الضرر الذي بعد نتيجة خطأ متعمد، وأن يقتصر هذا الشرط على الضرر الذي يصيب املال، دون

.يصيب اجلسم

ملقدار التعويض فهو األصل يف املسؤولية التقصريية، وهو الغالب يف 790أما تقدير القضاء

أن تقدير التعويض يتحدد وقت صدور – كما ذكرنا آنفا – والقاعدة 791.املسؤولية العقدية

ا لقيمتها يف ضوء احلكم القضائي النهائي، حيث يكتمل يف هذا الوقت عناصر الضرر احملققة، وفق

تقتضي تقدير التعويض، بناء على 792تغري القيمة الشرائية للنقود، ومع ذلك فإن هنالك اعتبارات

.1975/07/09بقانون صدر يف:789.ج.م.ق182، 131ة غياب التعويض املقدر يف العقد أو القانون، راجع املوادخصوصا يف حال:790.216-217 علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. د: راجع:791. وما يليها63أمحد شوقي، املرجع ذاته، ص. د: راجع:792

450 من 203صفحة 203 - أأ ب ب- االلل

203

قيمته يف وقت سابق على صدور احلكم النهائي؛ كتجمد الضرر بناء على إصالح املضرور للضرر،

ويض، ومن ذلك رفضه وبالتايل يضع حدا لتفاقمه، أو خطأ املضرور املؤثر يف تقدير قيمة التع

عرض املسؤول بإصالح الضرر، فيتسبب خبطئه يف اشتداده، وحتمل املسؤول األثر املترتب على

اخنفاض األسعار وقت صدور احلكم القضائي؛ حبيث تتحدد قيمة التعويض يف وقت سابق على

قيمة فإن بدت ناقصة؛ أي إن نقصت . هذا االخنفاض، بالقدر الذي يغطي الضرر تغطية كاملة

الشيء وقت صدور احلكم القضائي عن قيمته وقت الفعل الضار، اعترب ضررا إضافيا حمققا، ينبغي

جربه بالتعويض يف حدود هذا الفرق، وليس من األضرار االحتمالية، أو جمرد ضرر عن ضياع

صدور طاملا أنه لن يعتد بشأنه باألسعار املتباينة من وقت وقوع الفعل الضار إىل حني793فرصة،

794.احلكم القضائي

ومن االعتبارات النـادرة الوقوع، اليت جيب على القاضي إعماهلا يف عملية تقدير التعويض

وميثل هلذه املسألة بقضية الدكتور . كامال، هو أال يستفيد املتضرر من إحلاق الضرر به تبعا

Dellile منها بفريوس يدعى الذي شاء أن خيلص ملكيته من األرانب الربية، فحقن بعضا

وكانت النتائج مذهلة وجتاوزت ملكيته إىل فرنسا كلها وأوروبا عامة، حيث " مكسوماتوز"

.تفتحت لذلك أسارير املزارعني وغضب له الصيادون وأصحاب املطاعم وجتار اجللود

إن أحد جريان الدكتور وهو صياد أقام عليه دعوى يطالبه فيها مبليون فرنك فرنسي قدمي،

995ت له احملكمة خبمسة آالف، معلنة أن أرضه استفادت من اختفاء القوارض مبا يساوي فحكم

.795ألف فرنك

ةـة السببيـعالق: املطلب الثالث

السببية كفكرة قانونية، تعد عنصرا الزما النعقاد املسؤولية املدنية، وقد يبدو للوهلة األوىل، أنه من

فاملشتغلون بالقانون . أيا كان، لكن احلقيقة ليست كذلكالسهل نسبة ضرر ما إىل نشاط معني

793 Mazeaud et Chabas,Traité théorique et pratique de la résponsabilite civile,T.3, N° 2423-5 : أشار إليه

.81أمحد شوقي، املرجع عينه، ص.د

، أشار إليه، 291رقم ، 262ص، 1994رادية، طبعةاملصادر غري اإل، 2حسام الدين كامل األهواين، النظرية العامة لاللتزام، ج:794

.81أمحد شوقي، املرجع السابق ص. د: راجع .13 رقم1-1312¡1956يف األسبوع القانوين " ستارك"، ومقال 1956-1-107 غازيت القصر 1955/01/25باريس : 795

.241-242شبه اجلرم، صيوسف جنم جربان، النظرية العامة للموجبات، مصادر املوجبات، القانون واجلرم و

450 من 204صفحة 204 - أأ ب ب- االلل

204

خصوصا يف نطاق العلوم اإلنسانية، إىل حد أن يعرفون مدى ما تبلغه رابطة السببية من التعقيـد،

les“"مبحاولة تقصي اللغز، أو عذابات السببية وصفوها affres de la causalitéوحتديد . 796

عد من األمور الشاقة والعسرية؛ نظرا التسام اجلسم اإلنساين بالتعقيد رابطة السببية يف اال الطيب ي

797.يف خصائصه وتغري حاالته وعدم وضوح األسباب اليت أدت إىل املضاعفات الظاهرة

ماهية رابطة السببية: الفرع األول

الذي يراد بالعالقة السببية العلة اليت تربط الضرر الطيب احلاصل باخلطأ أو الفعل املرتكب،

.أدى إىل وقوع الضرر

فالطبيب الذي يقع منه خطأ يسبب ضررا للمريض، يستوجب وجود عالقة سببية بني

وقد يقع خطأ من الطبيب من غري أن يتسبب بضرر .اخلطأ املرتكب والضرر الواقع على املريض

إذا كانت وفاة للمريض؛ كإمهال الطبيب لتعقيم األدوات اجلراحية، ال يكفي لقيام عالقة السببية،

وقد يقع الضـرر بناء على فعل 798.املريض ناجتة عن سبب عارض؛ كالنوبة القلبية املفاجئة

مرتكب، ينفـي رابطة السببية بني الضرر وفعل الطبيب، وذلك حينما يكون نتيجـة خطأ

.املريض أو خطأ الغري، أو نتيجة عنصر أجنيب كاحلادث الفجائي أو القوة القاهرة

من شك يف أن السببية القانونيـة ختتلف عن السببية العلميـة، حيث تكون عدة وما

799.معطيات أصال لضررها، ويتعني أن نعلق الضرر على سبب أكثر من غريه

وطبقا لقواعد اإلثبات، فإن الذي يتوسل بالتبعة عن فعل شيء ما ، يقع عليه عبء إثبات

.دليل على الدور السبيب للشيء يف إحداث الضررما توسل به؛ أي ينبغي أن يقيم املتضرر ال

أن يقع الضرر : ويتخذ الوضع الشاذ صورا منها. ويتجسد ذلك يف اخلطأ أو الوضع الشاذ

بفعل شيء ساكن؛ أي غري متحرك؛ كسقوط شخص على درج كان بوضع شاذ، وهنا

بني الشيء يف حتركه جيب على املتضرر إثبات الوضع الشاذ، أو يقع الضرر من غري اتصال مادي

وبني املتضرر؛ كمرور سيارة مسرعة بالقرب من الرصيف الذي وقف عليه ولد، وأحدثت من

الصوت الغريب غري املعتاد ما فاجأ الولد وأدخل اهللع إىل نفسه فوقع، وهنا كذلك جيب إثبات

أنف كليوباترا هذه أم عذابات :" لكتابه حول السببية ESMEINويبدو هذا من العنوان املثري الذي اختاره الفقيه الفرنسي 796

.241عادل جربي،، املفهوم القانوين لرابطة السببية، ص .أشار إليه د" السببية.33عبد املنعم داوود، املسؤولية القانونية للطبيب، ص. ود، 241عادل جربي ، املرجع ذاته، ص. د: راجع : 797.136أمحد احلياري، املسؤولية املدنية للطبيب، ص. د: راجع: 798

799 : F. terré et autres, op.cit, p.555.

450 من 205صفحة 205 - أأ ب ب- االلل

205

ر؛ كارتطام شيء وضع السيارة الشاذ، أو يقع الضرر نتيجة اتصال بني الشيء املتحرك وبني املتضر

800.به، وهنا يفترض أن الشيء يف حتركه يكون العامل املولد للضرر

إن رابطة السببية من األمهية مبكان، حبيث إن معظم الرتاعات املطروحة أمام قضاء النقض

801.تتعلق بتأسيس رابطة السببية

خلطأ الواجب وإن إثبات السببية من طرف املتضرر طبقا للنظرية التقليدية القائمة على ا

.اإلثبات، يبدو سهل التطبيق بالنسبة للقاضي، وإن كان صعب املنال بالنسبة للمتضرر

كما أن نفي حلقة السببية بني اخلطأ والضرر من طرف الطبيب طبقا لنظرية املخاطر، اليت

تفترض اخلطأ أو املسؤولية يف جانب الطبيب، تبدو مهمة حمددة وصعبة يف إسنادها للطبيب

يستعني بتقرير اخلرباء -مع ذلك-فائه من املسؤولية، وإن كانت سهلة بالنسبة للقاضي، الذي إلع

802.للتأكد من صحة استنتاج اخلطأ املفترض

كما -لكن الصعوبة والغموض تكون أكثر ما تكون حينما تتعدد األسباب املنتجة للضرر

Cause" وهذا خبالف السبب املعزول-سيأيت بيانـه بعد حني isolée et facilement

décelable"803الذي ال يثري صعوبة يف كشفه ،.

¡804القانون اجلنائي والقانون املدين يف كل من رابطـة السببيةوهنا جيدر بنا التمييز بني

تعرض السببية يف القانون املدين على ج قريب من جها يف القانون اجلنائي، فلها يف حيث

يف إثارة املسؤولية القائمة على أساس منطقي واحد، وخيضع حتديد القانون املدين ذات الدور

.معيارها العتبارات متقاربة، وإن كان ذلك ال يقتضي بالضرورة احتاد املعيار يف القانونني

: بينهما يتمثل فيما يليالفـأوجـه اخلو

ة بني اخلطأ والضرر، يقرر القانون املدين قاعدة شبه مطلقة مؤداها أنه إذا انتفت رابطة السببي.1

فال قيام للمسؤولية، إذ ال جيوز عدالة، أن يلزم شخص بتعويض ضرر،مل يكن فعله هو السبب يف

فثمة . لكن القانون اجلنائي، وإن تبىن نفس القاعدة، فهو ال جيعل منها قاعدة مطلقة. حدوثه

السببية؛ مثل الشروع يف اجلرمية، حاالت تقوم فيها املسؤولية اجلنائية على الرغم من انتفاء عالقة

.وما بعدها164عاطف النقيب، النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن فعل األشياء، ص: راجع: 800801

: Sylvie Welsch, Résponsabilité du médecin, p.165.802 : M.M. Hannouz et A.R. Hakem, précis de droit médical, p.77.803 :Terre et autres, op.cit. p. 664

.257-262عادل جربي حبيب، املرجع السابق، ص. د: راجع:804

450 من 206صفحة 206 - أأ ب ب- االلل

206

وإن مل يفض إىل حدوثها، وتثور املسؤولية اجلنائية يف اجلرائم السلبية البسيطة؛ أي جرائم االمتناع،

.وإن مل يؤد إىل نتيجة؛ كامتناع القاضي عن احلكم يف الدعوى

باستبعادها كل نتيجة ال لرابطة السببية يف القانونني دور مهم يف رسم حدود املسؤولية، وذلك .2

وإذا قيل يف . ويشترك اخلطأ معها يف ذلك جاعال حدا لنطاق املسؤولية. تتوافر فيها رابطة السببية

، فإن األصل أن يقال يف القانون املدين كذلك "ال عقوبة بغري خطيئة"إن األصل : القانون اجلنائي

وإذا اتفق . أ أحد أركان املسؤولية املدنيةوعلى هذا النحو اعترب اخلط". ال عقوبة بغري خطأ"أنه

. بذلك القانونان يف األصل العام، فإما ال يلبثا أن يفترقا يف درجة العموم اليت يقرراا هلذا األصل

. فالقانون اجلنائي يطلـق أصله، فال يقرر مسؤولية جنائية، ما مل يتوافر لدى املتهم القصد أو اخلطأ

يعترف ذا اإلطالق ألصل اعتبار اخلطأ أحد أركان املسؤولية؛ ففي ولكن القانون املدين ال

حاالت أقام قرينة على توافر اخلطأ، ويف حاالت جعل هذه القرينة غري قابلة إلثبات العكس، بل

استبعد اخلطأ كركن للمسؤولية، وأقامها على – ووفقا لرأي البعض –إنه يف حاالت أخرى

يف رسم حدود املسؤولية " اخلطأ"هذه احلاالت يضعـف دور ويف 805".حتمل التبعـة"حمض

املدنية

أو يتالشى، ويستتبع هذا أن تنفـرد عالقة السببيـة بوظيفة رسم حدود املسؤولية، وينعكس

.هذا االختالف على معيار رابطة السببية يف كل من القانونني

ن نطاق رابطة السببية؛ كاملعيار املستمد فمن املتصور أن يتبىن القانون اجلنائي معيارا يوسع م.3

وفقا هلذا – وال خطورة يف ذلك، فإذا امتدت رابطة السببية 806،"نظرية تكافؤ األسباب"من

املتمثل يف – إىل نتائـج ليس من العدالـة أن يسأل املتهم عنها، فإن الركن املعنوي –املعيار

وهذا يعين أن . نتائج، إذا مل تثبت اخلطيئة إزاءها يستبعد املسؤولية عن هذه ال–اخلطـأ أو القصد

.اخلطأ يصلح يف القانون اجلنائي من عيوب معيار متسع لرابطة السببية

ولكن هذا القول غري صحيح يف القانون املدين، فإذا قامت املسؤولية املدنية دون خطأ، فإن تبين

ليه عن أضرار ليس من العدالة أن يسأل معيار متسع لرابطة السببية، يؤدي إىل مساءلة املدعى ع

ويعين ذلك أن القانون املدين، وخاصة يف حاالت . عنها، وال وسيلة من اخلطأ إلصالح ذلك

. لرابطة السببية– أو على األقل معتدال –املسؤولية دون اخلطأ، يتطلب معيارأ مضيقا

.146 من هذا املبحث، ص سبق بيان ذلك يف املطلب األول اخلاص باخلطأ: 805. و ما يليها209، ص سيأيت تناول النظريات املتعلقة برابطة السببية بعد حني يف هذا املطلب : 806

450 من 207صفحة 207 - أأ ب ب- االلل

207

جلنائي عنه يف القانون املدين، ومؤدى ذلك، جـواز اختالف معيار رابطة السببية يف القانون ا

.فيكون األول موسعها والثاين مضيقا

نظرية تكافؤ "وهذا االختالف بني القانونني واضح يف القضاء األملاين، فبينما تبىن القضاء اجلنائي

ويف فرنسا أخذ القضاء املدين بنظرية 807،"بنظرية السببية املالئمة"أخذ القضاء املدين " األسباب

ألسباب، حينما كان أصل اشتراط اخلطأ؛ باعتباره ركنا يف املسؤولية املدنية غالبا، فلما اجته تكافؤ ا

، اجته "حتمل التبعة"التطور التشريعي إىل التوسع يف قرائن اخلطأ، ودخلت يف القانون حاالت

808.القضاء حنو معيار أكثر تضييقا لرابطة السببية

لسببية يف الفكر القانوينحتديد معيار رابطة ا: الفرع الثاين

أوهلما، حيث جيتمع لتحقيق واقعة ما : جيب التمييز يف حتديد رابطة السببية بني فرضني

أكثر من سبب قانوين، وبعبارة أكثر حتديدا، عندما يكون حتققها هو األثر املباشر للتأثري بينها، يف

جتتمع أو تتراكم آثار أسباب وثانيهما، حيث. هذه احلالة تنعقد املسؤولية على أساس مشترك

منفصلة، يف هذه احلالة جيب أن ينسب إىل كل سبب األثر الناتج عنه، ويستحيل تبعا لذلك انعقاد

ففي الفرض األول، يعترب الضرر واحدا مل يتعاقب، واألسباب هي . املسؤولية على أساس مشترك

واحدا مل يتعدد، واألضرار هي اليت تلك اليت تعاقبت وتعددت، ويف الفرض الثاين، يعترب السبب

.تعاقبت عن هذا السبب الواحد، فصارت أضرارا متعددة

تقدير ذلك يف حال تعاقب األضـرار: أوال

ميكن أن تتتابع األضرار يف الزمن، حبيث جتري إحداها األخرى على شكل سلسلة، فيكون

يكون األول هو سبب الثالث إخل، ولكن هل... األول هو سبب الثاين، والثاين سبب الثالث

أين يتوقف الترابط السبيب يف هذه السلسة إذن؟ يرى البعض أن هذه وعليه،. إخل... أواخلامس

املسألة تتعلق بالسبب غري املباشر؛ ففي احلقيقة ال يعدو هذا اإلشكال أن يكون مظهرا أكثر عموما

لة هو نتيجة لكل ما سبقه، لدرجة أن لتعدد األسباب؛ حيث يعترب احلادث األخري يف هذه السلس

807 Nagub Hocni, le lien de causalité en droit pénal, 1955, N°10 : 262 عادل جربي،املرجع السابق،،ص.أشارإليه د

808 Marty (G), la relation du cause et effet comme condition de la responsabilité civile, rev. Trim. Dr.Civ. 1939, p.685 et s ; Mazeaud (H.L) et Tunc (A), traité théorique et pratique de la responsabilité

civile délictuelle et contractuelle,1960,T.II, N°1442, p359 : 262عادل جربي، املرجع ذاته،،ص. أشار إليه د

450 من 208صفحة 208 - أأ ب ب- االلل

208

وال يغري من طبيعة املسألة تعاقب األضرار . تستدعي معرفة أيا منها ميكن استخالصه كسبب قانوين

809.بدال من تالمحها

-بيع البقرة املوبوئة الذي سبق ذكره–مثله التقليدي الشهري" Pothier"وقد أورد بوتييه 811. يلتزم إال بتعويض الضرر املباشر للتدليل على أن مرتكب الفعل ال810

وحتديد معيار رابطة السببية يف هذه احلال، ينطبق عليه معيار الضرر غري املباشر الذي سبق

.بيانه عند حديثنا عن الضرر غري املباشر

تقدير ذلك يف حال تعدد األسبـاب: ثانيا

وميثل لذلك . ألحداثيكون الضرر، يف هذه احلال، غالبا نتيجة تضافر سيء جلملة من ا

هذه الوفاة نتجت عن سري املركبة، يف هذه الساعة وهذا املكان . مبوت راجل بارتطامه بسيارة

بالتحديد؛ حيث كان سريها فائقا، وكانت املكابح شبه معطلة، كما أن الشخص املار قطع

د الضباب تسري حنوه، وكان حذاءه أملسا، ويف وجو الطريق دون أن يتثبت من وجود سيارة

جاءت سيارة أخرى يف االجتاه املعاكس مستعملة الضوء الساطع، وكان الضحية مصابا مبرض

إخل كل هذه األحداث، هي سبب الوفاة؛ حبيث لو غاب ... قليب، مل ميكنه من التغلب على إصاباته

).الوفاة(أحدها ملا حتقق الضرر

داث سببا من الناحية القانونيـة؟ ففي مثل هذا احلال، هل ميكن اعتبار مجيع هذه األح

وبعبارة أخرى، هل ميكن اعتبار أن للجميع أثـرا على مسؤوليـة الشخص املستحقـة

812للتعويـض عن الضرر ؟

حاول الفقه حيال هذا اإلشكال، وضع العديد من املعايري يف شكل نظريات خمتلفة، وكان

.اليت ينبغي عرض أمهها، و إبراز أكثرها قبوالالفقه األملاين هو األسبق يف بناء هذه النظريات،

La":نظرية تعـادل األسباب. 1 Théorie d’équivalence des causes ou des conditions"

متثل نظرية تعادل األسباب أو تكافئها، اليت ترجع صياغتها األوىل إىل الفقيه األملاين فون

Von"بريي Buri "وطبقا هلذه النظرية جند . نظريات مقارنة بغريهاأمهية خاصة؛ باعتبارها أوىل ال

ومن الصعب التفرقة بني . أن الضرر حيدث نتيجة موعة من األسباب املشاركة يف الواقعة الضارة

809 H.L et J.Mazeaud, Leçons de droit civil, T.II, N° 568, P.524 et s..

.الضرر غري املباشر يف املطلب السابق: راجع:810811 : H.L et J.Mazeaud, Ibid, T.II, P.524-525.812 : H,L et J.Mazeaud, Ibid, , N° 566, P.523 et s.

450 من 209صفحة 209 - أأ ب ب- االلل

209

هذه األسباب حبسب أمهيتها أو خطورا، فجميعها متعادلة؛ حيث يعطي كل سبب لآلخر القدرة

البد من توافره حلدوث الضرر، وبدونه تكون األسباب السببية، مما يؤدي إىل أن كل سبب

813.األخرى عدمية الفائدة

واملعيار املنبثق من هذه النظرية يقوم على املوازنة بني النتيجة وبني العامل من زاوية سببيـة

واسعـة، فإن تبين أن النتيجة مرتبطة بالعامل على الشكل الذي يظهر معه أا مل تكن لتحدث لو

814. يكن هذا العامل قد وقع، فإن هذا العامل يكون مصدرا سببيا للنتيجةمل

ورغم ما تتميز به هذه النظرية من البساطة اليت متكن املتضرر من إثبات السببية بسهولة

:فائقة، إال أن النظرية تعرضت لنقد شديد، بيانه فيما يلي

علني تتفاوت من حيث اجلسامة، ولذلك ذهب البعض إىل أا غري صحيحة؛ ألن أخطاء الفا. أ

.يوزع القضاة التعويض بني املسؤولني تبعا جلسامة خطأ كل منهم

تعترب هذه النظرية غري عادلة؛ ألن توسيعها لنطاق السببية، ينعكس على توسيع دائرة . ب

ادث املسؤولية؛ وذلك بإلقاء الالئمة على كل من بدا سلوكه بالشكل السليب الذي وفـر للح

وسيلتـه من غري قصـد يف إحداثه، ومل تكن هذه الوسيلة سببا مباشـرا للنتيجـة أو متصال ا

815.على الوجه الطبيعي

ليست نظرية تعادل األسباب مما يسهل ضبطه أو تقييده، إذ إن معيارها يتيح التوسع فيها .ج

ممنوعة أخفاها يف سترته، فإن نقل شخص آلة حادة . باملدى الذي خيرجها عن كل حد معقول

فسقطت منه أثناء إسراعه بعيدا عن عراك شاهده وخشي نتائجه، فالحظ أحد املتعاركني اآللة

تسقط، فاستعجل يف استعماهلا وأحلق خبصمه ضررا بليغا بفعله، فإنه ميكن يف إطار هذه النظرية

صابة اجلسيمة بنقله هذه اآللة وبالتوسع الذي حتتمله، أن يعد صاحب اآللة مسؤوال أيضا عن اإل

.املمنوعة وبتقصريه الذي أتاح سقوطها بالطريقة اليت ابتعد ا عن العراك ارتباكا

ومثل هذه الوجهة، ال تستسيغها القواعد اليت تنظم املشاركة يف الفعل الضار أو تسهيله،

ا مجهور أهل الفقه والقضاء، وجتاه هذه النظرية اليت مل يسلم 816.وال القواعد اليت تنشد العدالة

.كان االجتاه إىل نظرية أخرى أكثر دقة وحتقيقا للعدالة يف نظرهم، وهي نظرية السببية املالئمة

وائل حممود، املسؤولية املدنية عن . ، أشار إليه د78، ص1، النظرية العامة لاللتزامات، مصادر االلتزام، جحمسن البيه: راجع: 813

.665عمليات نقل الدم، ص .200عاطف النقيب، النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن فعل األشياء، ص: راجع: 814.201يب، املرجع ذاته، ص وعاطف النق¡665وائل حممود، املرجع السابق، ص. د: راجع: 815

450 من 210صفحة 210 - أأ ب ب- االلل

210

La": نظرية السببية املالئمة. 2 théorie de la causalité adéquate"

La"817ترجع نظرية السببية املالئمة أو السبب املنتج cause éfficiente "لفقه األملاين إىل ا

Johane"مبصدرها، إذ تنسب إىل الفقهني جوهانس فون كريس Ven Kries " وروملني

"Rumelin"فإذا كانت نظرية تكافؤ األسباب تقرر . ، حيث تنطلق من اعتبارات املنطق القانوين

ور هذه املساواة الكاملة بني عوامل النتيجة، فإن نظرية السببية املالئمة تؤدي إىل التمييز بني د

ذلك أن بعض هذه العوامل فقط، يتضمن . العوامل؛ من حيث الدور السبيب الذي يعتد به القانون

.يف ذاته اجتاهـا إىل إحداث الضرر، دون سائر العوامل

فال يكون الشخص، تبعا هلذه النظرية، مسؤوال عن النتيجة الضارة إال إذا كان من شأن

حا وفقا للمجرى الطبيعي لألمور فعله، كما حصل يف ظرفه، أن يدثه"Le déroulement

naturel des choses "وملا ألفه الناس أو قدروه.

وهذا املعيار يتطلب نظرة موضوعية جمردة إىل سلوك حمدث الضرر، وذلك بالوقوف على

، ما يصلح من العوامل إلحداث الضرر بالوجه املعتاد أو ينطوي على إحداثه بالوجه املتصور

ملا " génératrice"أو الفعال " éfficiente"أو املنتج " adéquate"فيؤلف بذلك السبب املالئم

حدث، دون ما ال يستطيع منها هذا الضرر على النحو املشاهد أو املستفاد من التجارب، فيبقى

818.ال يهتم به القانون" Fortuit"سببا عارضا

نتج هو الذي يعتد به سببا قانونيا للنتيجة، فيشكل وتبعا هلذا التوضيح، يكون السبب امل

.شرطا الزما حلدوثها

والواقع أن نظرية السببية املالئمة جنحت يف إصالح عيوب سابقتها، إال أا مل تسلم من

أن أنصار نظرية السببية املالئمة حصروا 819النقد، ومن بني ما أخذ عليها، بناء على قول البعض،

م يف جتزئة أو توزيع املسؤولية بني أطراف متعددين، حينما يشارك أكثر من شخص يف كل جهده

إحداث الضرر، وليس يف الدور السببيب لسلوك كل منهم، وهذه الوظيفة التوزيعية اليت قصروا

قد اقتضت منهم تبعا لذلك، النظر إىل - على حد تعبري هذا البعض–عليها دور هذه النظرية

.202عاطف النقيب، املرجع السابق، ص: راجع: 816H,L:كما يدعوها بعض املؤلفني املعاصرين: 817 et J.Mazeaud, Op. Cit, N° 566, P.523..203-204وعاطف النقيب، املرجع السابق، ص، 311-312عادل جربي، املرجع السابق، ص. د: راجع:818

819 : Deschamps (C.Lapoyade), La respoonsabilité de la victime, Thèse, Bordeaux, 1977, P.116 et s :

.318-319ل جربي، املرجع السابق، صادع. أشار إليه د

450 من 211صفحة 211 - أأ ب ب- االلل

211

رف باملقارنة خلطأ الطرف اآلخر، وليس حتديد قدر الدور الذي لعبه كل خطأ جسامة خطأ كل ط

وهكذا خيلص هؤالء إىل أن نظرية السببية املالئمة، تفضي بدورها إىل طريق . يف إنتاج الضرر

.مسدود

ومثل هذه االنتقادات جعلت من العسري القول بأن نظرية السببية املالئمة قد حسمت

. ءت مبعيار دقيق، مما يستدعي بذل جهود أخرى الستكمال بناء هذه النظريةمشكلة السببية، وجا

بل إن حمكمة 820.ولكن رغم ذلك فقد القت النظرية تأييدا واسعا من قبل غالبية عظمى من الفقه

كما أخذ ا القضاء يف الدول العربية، ويبدو أن 821النقض الفرنسية أخذت بنظرية السبب املنتج،

بية قد أخذت ا يف إطار املسؤولية املدنية، حني نصت على أن يكون الضرر نتيجة القوانني العر

.م.م. ق221ج وما يقابلها يف املادة .م. ق182طبيعية لعدم تنفيذ االلتزام، يف املادة

والرأي الذي أخذ به الفقه العريب ومعظم الفقه الفرنسي، هو تطبيق ملعيـار هذه النظرية

أن الفقه الفرنسي يرى -سابقا–ريية فضال عن املسؤولية العقدية، وقد الحظنا يف املسؤولية التقص

822.أن التعويض يف املسؤولية التقصريية يكون حىت عن الضرر غري املباشر

823:أثـر هاتني النظريتني يف الفقـه. 3

:يوإزاء هاتني النظريتني السابقتني، تولد لدى الفقه نوعني من الردود متثل فيما يل

صعوبة إخضاع فكرة السببية ألي معيار علمي: االجتاه األول

مل يتردد بعض الفقه من القول بأن مشكلة السببية تستعصى على احلل، وأي اقتراح يضاف

ويف حني توقف البعض . لن يكون سوى أن يضيف إىل الضباب دخانا-على حد تعبريهم-حللها

ضها، ذهب البعض اآلخر إىل أن حسم ذلك يترك إىل عن ترجيح أي من النظريتني واكتفى بعر

.السلطة التقديرية للقاضي املبنية على االجتهاد واحلدس

تطوير نظرية السببية املالئمة:االجتاه الثاين

اجته البعض اآلخر من الفقهاء إىل تطوير نظرية السببية املالئمة وذلك بإمداد القاضي ببعض

يف التقدير؛ اليت تساعده يف االستخالص النهائي ملدى توافر رابطة القواعد املوجهة أو املرشدة

.السببية

.319عادل جربي، املرجع ذاته، ص.د: راجع:820821 : H, L et J. Mazeaud, op.cit.No566,P.524 : selon les articles 1384, al. 1er, et 1385. C. Civ. Fr.

.193علي علي سليمان، النظرية العامة لاللتزام، ص. د: راجع:822.وما يليها325عادل جربي، املرجع السابق، ص. د: راجع: 823

450 من 212صفحة 212 - أأ ب ب- االلل

212

ولتحقيق ذلك، يرى هذا االجتاه ضرورة حصر كل العوامل السابقة على حدوث الضرر يف

تعترب كلها ضرورية أم ال يف إحداث كل حالة، مث إعمال العقل فيها؛ للتحقق مما إذا كانت

Les"ء؛ من خالل االستعانة بقوانني اإلحصاء الضرر، ويتم ذلك لدى هؤال statistiques " اليت

شخصي، وذلك : ضروري أو مادي وثانيهما: ميكن أن توظف على صعيدين خمتلفني، أحدمها

:كما يلي

La: "التقدير املوضوعي، مدى احتمال حدوث الضرر. أ probabilité du dommage" فإن

La"وعية فكرة االحتمالية أو اإلمكانية املوض probabilité objective"، دون -هي البعض، لدى

وبنـاء عليه، . أكثر الوسائل تأكدا يف سبيل االعتداد باألسباب املنتجة أو الفعالة للضرر- شك

يقدر القاضي الصلة القائمة بني الواقعة املولدة للضرر وبني املسؤولية تقديرا إحصائيا، وذلك

. االقتضـاءباالستعانة باخلربة عند

على أنه يؤخذ على هذه احملاولة، أا تستند من ناحية، على عناصر أو عوامل غيـر

مؤكدة أو أجنبية عن فكرة السببية، ومن ناحية أخرى، فإن االستقـراء يدل على أن أسلوب

ما التقدير باالستعانة بفكرة االحتماالت هذه، يهجرها القضاء بصورة متزايدة، وهذا فضال عن أن

سوف يقدره القاضي؛ باعتبار أنه عامل حمتمل إلحداث الضرر، إمنا سيكون يف احلقيقة، هو العامل

الذي جيب على الشخص املعتاد أن يتوقعـه، وهكذا نعود مع فكرة التوقع هذه إىل تقدير عنصر

.اخلطأ وليس عنصر السببية ذاته

La":التقدير الشخصي، مدى استطاعة توقع الضرر. ب prévision du dommage" : اجته

La"البعض اآلخر، عن طريق االستعانة لفكرة االحتماالت، إىل إدخال معيار التوقـع املعقول

prévision raisonnable" عترب سببا منتجا للضرر إال األحداث اليت كان جيب علىفال ي ،

.الشخص املعتاد أن يتوقعها يف تقديره محتمة إلنتاج هذا الضرر

على أن هذه احملاولة، ميكن أن يرد عليها أيضا نفس املآخذ؛ من حيث أا بقيامها على

.تقدير سلوك مرتكب الفعل، إمنا تعود مرة أخرى إىل البحث عن اخلطأ

ررـاب الضـدد أسبـة تعـوين يف حالـر القانـد األثـحتدي: ثـالـرع الثـالف

أي اليت تؤدي إىل انعقاد ؛إال باألسباب القانونيةال يعتين القانون يف حالة تعدد األسباب

سببا قانونيا، وبالتايل ، بوقائعه املختلفة، عليه، فال يعترب السبب األجنيب وبناء.املسؤولية املدنية

450 من 213صفحة 213 - أأ ب ب- االلل

213

ويستوي يف ذلك إذا نشأ الضرر عن خطأ املضرور أو خطأ .يستحيل معه انعقاد املسؤولية املدنية

. تفصيالالغري كما سيأيت بيانه

السبب األجنيب وأثره يف عدم انعقاد املسؤولية املدنية: أوال

I .ماهية السبب األجنيب:

خالف فقهي، يتميز بطبيعة قانونية هي موضع اليت ،إن السبب األجنيب مبقوماته القانونية

ىل جمرد دم انعقاد املسؤولية املدنية وليس إـ فهو كنظام قانوين ميتد دوره الوظيفي إىل ع.خاصة

لذا فإن الدراسات . التسليم بانعقادها املسؤولية يفترض بداهة منن اإلعفاءألك ، ذاإلعفاء منها

الرامية إىل اعتباره سببا لإلعفاء ال يفسره يف القانون الوضعي سوى املتعلقة بالسبب األجنيب

824. تعويض للضرراالجتاهات التشريعية اهلادفة إىل التيسري على املتضررين يف احلصول على

La "وإن فكرة السبب األجنيب يف أهم صورها وهي القوة القاهرة force majeure " تعد

يف بلد أو وقت ما سببا أجنبيا، ميكن أالدع فما ي، فكرة نسبية متطورة-كرة النظام العامفك-

ار دودة القطن وغارات انتش خطر، سببا أجنبيا،عد فمثال قد ي؛يعترب كذلك يف بلد أو وقت آخر

اجلراد وااليارات اجلليدية وجتمد األار واالرتفاع الشديد لدرجة حرارة الطقس يف قطر أو إقليم

825.عد كذلك يف قطر أو إقليم آخرما، وال ي

كل واقعة مستقلة عن إرادة املدين، وال يكون بإمكان هذا املدين " والقوة القاهرة هي

مبفهومه الواسع املتداول ،ويدخل يف معىن عبارة السبب األجنيب826." توقعها أو منع حدوثها

مبا فيها فعل – كما سيأيت بيانه –اليوم، كل واقعة تتضمن شروط أو مقومات السبب األجنيب

827. كفعل الغري؛اإلنسان

؛ وذلك واحلادث املفاجئ التفرقة بني القوة القاهرة ورغم حماوالت بعض الفقهاء عبثا

أن القوة القاهرة هي اليت يستحيل دفعها استحالة مطلقة، وهي تقارب مفهوم الكارثة بالقول ب

الطبيعية املستعمل يف قانون التأمينات، أما احلادث الفجائي هو ما ال ميكن دفعه إال نسبيا؛ حيث

824 :عترب قرينة على حتقق اخلطأ ونسبته إىل شخص معني باعتباره حارسا لألشياء غري احلية، كتقرير الشارع أحيانا أن حتقق الضرر ي

.361، صاملفهوم القانوين لرابطة السببيةعادل جربي، . د: راجع.373-372عادل جربي، املرجع ذاته، ص. د: راجع: 825

826 : Tout fait indépendant de la volonté du débiteur qui n’a pu être ni prévu ni empéché par lui, et quile met dans l’impossibilité absolue de remplir ses obligations : « Dufourmantelle (R), la force majeure

dans les contrats , paris,1920, p.12 : 375عادل جربي، املرجع ذاته، ص. أشار إليه د827 : H, L et J. Mazeaud, op.cit, N°575, p.528.

450 من 214صفحة 214 - أأ ب ب- االلل

214

وهذا التمييز املبين على. إن الشخص األكثر كفاءة واستعدادا ميكنه مع بعض الصعوبة استيعابه

vis(فالقوة القاهرة. أساس الضرر يبدو مسبوقا باعتراض يتعلق باخلاصية األساسية لكل منهما

maxima (تكون خصوصا غري ممكنة الدفع"insurmontable"بينما احلادث الفجائي ،)fors(

وإذا كان كالمها مرادفا لآلخر، فهذا بال شك". imprévisible"يكون أساسا غري ممكن التوقع

وبناء على هذا التحليل، فقد . ألن االجتهاد القضائي تشدد يف طلبه اجلمع بني هاتني اخلاصيتني

التشريعات الوضعية وجرى القضاء والفقه على أما شيء واحد من حيث األثر؛ املتعلق جرت

ع ـة الدفـ املتمثلة يف استحال؛ة، ومن حيث الشروط الواجب توافرهاـاء عن املسؤوليـباإلعف

828.عـة التوقـواستحال

،وكان معيار االستحالة يف هاتني احلالتني مقيدا يف القضاء الفرنسي مبعيار الرجل املعتاد

يف مادة " Normalement" ادةـوأخذ يضيف يف أحكامه إىل جانب هذه االستحالة كلمة ع

بية وتقاس باملعيار املسؤولية عن فعل الشيء غري احلي، مما يفيد أن االستحالة ليست مطلقة، بل نس

من القانون 138لمادة ل 829مث عدل القضاء الفرنسي عن ذلك، وظل النص الفرنسي. املذكور

.اءهـ متأثرا باالجتاه القضائي الفرنسي السابق، مما ينبغي إلغاملدين اجلزائري

II .مقومات السبب األجنيب:

Courts"أرست حماكم العدالة of equity " ايف بريطانيا مبدأوشهريا مفاده أن من مهم

»يلتمس العدالة ينبغي أن يأيت إليها نظيف اليدين He who comes to equity must come

with clean hands »º830حفةي ويعين هذا املبدأ أن من يسعى إىل التخف؛ف من األوضاع ا

.و تقصريا من جانبه أ يكون هو نفسه قد ارتكب خطأبااللتجاء إىل قواعد العدالة، جيب أال

فاملتتبع .831والواقع أن هذا املبدأ يعكس اختالف الفقه حول مقومات السبب األجنيب

آلراء الفقه يف املقومات اليت يلزم اجتماعها يف السبب األجنيب، ميكنه تصنيفها إىل ثالث

التوقع ضرورة توافر شرطي عدم إمكان ،تشترط اموعة األوىل يف السبب األجنيب: عاتوجمم

828 :Ph.le tourneau et L.cadiet , op. cit . n°900 , p. 260, 195لي سليمان، النظرية العامة لاللتزام، صعلي ع. د

علي علي سليمان، النظرية . د:راجع: على عكس النص العريب لنفس املادة، " Normalement" يوجد يف النص الفرنسي كلمة : 829

.195-196العامة لاللتزام، ص830 : Saghir Ahmad khan, principles of equity – Maxims and cases, p.26.

أن يبحث يف جماهلا موضوع السبب األجنيب، حيث جيبدر اإلشارة إىل أن اختالف الفقه مرده إىل انقسامه يف بيان املنطقة اليتجت: 831

دائرة السببية، بينما ذهب أنصار النظرة الشخصية إىل ضرورة حبثه يف نطاق دائرة يف ذهب أصحاب النظرة املوضوعية إىل ضرورة حبثه

.381 جربي، املرجع السابق، صعادل. راجع د.اخلطأ

450 من 215صفحة 215 - أأ ب ب- االلل

215

اء اإلسناد، يف فوعدم إمكان الدفع، بينما تتطلب اموعة الثانية، ضرورة توافر شرطي السببية وانت

وفيما يلي عرضها . السابقتني اموعتنيحني تتجه اموعة األخرية إىل اختاذ موقف توفيقي من

.تفصيال

"L’imprévisibilité":عدم إمكان التوقع. 1

بال ريب، أنه يف إمكانه استشراف املستقبل والتنبؤ؛ من خالل من خصائص اإلنسان،

ومن املنطقي التأكيد على أنه ينبغي أن يكون . معطيات معينة، حبصول أوضاع أو أحداث مستقبال

.مسؤوال يف حدود قدرته على التوقع

حبيث يسمح للشخص الذي ؛واشتراط التوقع لتحقق السبب األجنيب هو من األمهية مبكان

كان يتوقع ظرفا أو حادثا ما أن يتحاشى وقوعه باالستعداد املسبق، فيجنب نفسه اإلصابة بضرر

لذلك كان عدم التوقع شرطا مهما ومنطقيا يف حتقق السبب األجنيب، . تقصرييا كان أو عقديا

لسبب وبالتايل عدم انعقاد املسؤولية املدنية، فالشخص الذي كان يتوقع احلادث الناشئ عن ا

األجنيب، ومع ذلك يسفر عنها قدم على إتيان السلوك أو التعاقد، يكون قد ارتضى بالنتائج اليت ي

. بعدم انعقاد مسؤوليتهأن يتذرعسمح له ذلك، فليس من السائغ أن يك داموما. هذا احلادث

يت ختتلف وبناء على ما تقدم، ميكن اإلشارة إىل أن شرط التوقع يعد من األمور النسبية ال

من شخص إىل شخص، ومن إقليم إىل إقليم، بل ومن مهنة إىل أخرى، وقد انعكس ذلك على

هل من معيار عام : وهذا ما يدعونا إىل حبث مسألة جد مهمة وهي. اختالف األحكام القضائية

؟ هـمنضبط تقاس درجة التوقع يف ضوئ

ه البعض إىل تفضيل معيار شخصي ينما اجتبللوصول إىل هذا املعيار انقسم الفقه والقضاء، ف

.يف تقدير التوقع، اجته آخرون إىل تفضيل معيار موضوعي

:املعيار الشخصي يف تقدير التوقع. أ

شخص ذاته وظروفه اخلاصة وثقافته الجيري تقدير درجة التوقع وفقا هلذا املعيار بالنظر إىل

وجب أن ة واحدة لدى مجيع األفراد، بدرجوقدرته العقلية، وملا كانت هذه األمور ليست قائمة

. املعيار اختالف األشخاص، و تفاوم يف القدرات الطبيعية واملكتسبةيستوعب

بظروف العتد إ، فطبقا له ال يوبناء عليه، يبدو أن العمل باملعيار الشخصي منطقي وعادل

. من حيث قدرته احلقيقية والفعلية على توقع احلادث؛الشخص ذاته

450 من 216صفحة 216 - أأ ب ب- االلل

216

جتهت بعض احملاكم املدنية يف فرنسا إىل تطبيق املعيار الشخصي، فراعت يف أحكامها وقد ا

ما يوجد من اختالف بني القدرات العقلية لألفراد، وما يكون لديهم من ثقافة وخربة، حيث

"Grenoble"ه حمكمة استئناف جرينوبلت التجارية يف حكم هلا أيد"Rouen"قضت حمكمة روان

¡1908 بوصفه رجل صناعة متمرس، إذ يعمل يف إنتاج السيارات منذ سنة "Renault"رينو” بأن

فتها احلرب يف الصناعة، ويف ، أن يتوقع الصعوبات اليت خل1919كان جيب عليه، وقد تعاقد عام

مبدأ "عرف يف فرنسا باسم وهذا االجتاه القضائي بات ي832. "احلصول على األيدي العاملة

La"ع ـدم التوقـة عـنسبي relativité de la notion d’imprévisibilité". “833

عاب عليه، قيامه على عوامل نفسية وذهنية، ورغم ما يتميز به هذا املعيار من املزايا، إال أنه ي

يها أو التحقق منها، كما أن التباين الكبري يف ظروف وقدرات األشخاص يؤدي يصعب تقص

أكثر دقة وهلذا هجره الفقه والقضاء، واستبداله مبعيار. لول وتباين اآلراءبدوره إىل تنوع احل

.وحتقيقا للعدالة يف تقديرمها، أال وهو املعيار املوضوعي

:املعيار املوضوعي يف تقدير التوقع. ب

وال 834يتم تقدير درجة التوقع حسب هذا املعيار وفقا للمسلك املألوف للشخص املعتاد،

وال أن يكون835ملعيار أن يكون الشخص من ذوي الفكر الثاقب أو العبقرية الفذة،يتطلب هذا ا

بني االثنني، مما تتكون شخصا وسطا ذوي التفكري الضحل أو الغفلة، وإمنا يتطلب هذا املعيارمن

ار غري أن اإلغراق يف إعمال هذا املعي،بىن على الغالب األحكام تألن836؛منه غالبية أفراد اتمع

، بل ثلةقد يؤدي إىل نتائج غريبة وجمافية للمنطق والعدالة، وذلك أن الشخص املعتاد ليس حقيقة ما

ظ على استقرار اتمع، وليس من العدل يف كثري من األحيان، أن اصد به احلفهو جمرد تصور ق

نهمل شخصعى عليه ومسلك املداحلفاظ على هذا يف العالقة القانونية، حبجة ه الذايت، وهو طرف

. االستقرار

832 Trib. Com Rouen, 19 Mars 1920, confirmé, Grenoble 12 Oct 1920, D, 1921-2-43, et voir aussi :Trib. Com Seine, 16 Déc, D. 1920-2-33.833 : Abdel Gawad (M), la force obligatoire du contrat en droit musulman et la théorie de l’imprévision

en droit égyptien, thèse, paris, 1957, p.443 :411عادل جربي، املرجع السابق،ص . ليه د إأشار834 : Lyon 2 Mai 1969, D. 1970-2-244.

السنهوري، الوسيط، . د: راجع. من أشد الناس يقظة وتبصرا باألموروإن اشترط البعض أن يكون التقدير وفقا ملعيار شخص: 835

Weill¡878 ، ص588، بند 1ج (A) et Terre (F), droit civil, P 130..413عادل جربي، املرجع ذاته، ص. ، أشار إليه د50، ص40، بند 3عبد احلي حجازي، النظرية العامة لاللتزام، جـ . د: راجع: 836

450 من 217صفحة 217 - أأ ب ب- االلل

217

درجون نكما أن تطبيق هذا املعيار، يؤدي إىل حماسبة طائفة كبرية من األشخاص؛ الذين ي

ون جسمح لألشخاص الذين يندر املستوى األدىن إىل ما قبل املستوى املتوسط بقليل، وباملقابل ييف

قرية باإلفالت من املسؤولية، يف املستوى األعلى بقليل من املستوى املتوسط ودون مستوى العب

.رغم توقعهم حصول احلادث املتولد من السبب األجنيب

: معيار الشخص املعتاد بني نظرائه: املعيار املقترح. ج

ه، ـه، ويتحنب مساوئـ يأخذ من كل معيار حماسن،من األفضل أن تدي إىل معيار

،مع بني املعيار الذايت واملعيار املوضوعيجي أي الذي؛طـار املختلـوميكن تسمية هذا املعيار باملعي

.هـاد بني نظرائـار الشخص املعتـعيمب ما ميكن أن نطلـق عليهأو

ووفقا هلذا املعيار املقترح، يتم قياس توقع املدعى عليه ليس بالنظر إىل شخص املدعى عليه

عليه أو نظريا له؛ ر، يكون يف مستوى هذا املدعى ـ آخه شخصـذاته، ولكن يف ضوء ما يتوقع

ا بسيطا، يبيع حمصوله، فإننا لن نطبق عليه معيار الشخص املتوسط ـفإذا كان املدعى عليه مزارع

أو املعتاد ارد، وإمنا نطبق عليه معيار الشخص النظري، أي الشخص الذي يكون مزارعا بسيطا

الشخص النظري، الذي ينتمي إىل مثله، يف طبقته، ويعيش يف نفس ظروفه، فإذا اتضح لنا أنا هذا

ه أن يتوقع احلادث؛ مبا يتوافق مع ـطائفة كبرية من الناس؛ وهم طائفة املزارعني، كان باستطاعت

، وال عذر هـعى عليه أن يتوقعه، قضينا مبسؤوليتر على املدالظروف اجلديدة، يف الوقت الذي تعذ

837.هـ يستطيعون توقعله يف تقصريه، ما دام نظراءه

"L'irrésistibilité": استحالة الدفع.2

ال يكفي لقيام السبب األجنيب أن يكون احلدث غري متوقع، إمنا يشترط أيضا أن يكون مما

. بالوجه الطبيعي عليهيستحيل على الشخص دفعه أو التغلب

وهذه االستحالة هي بدورها مطلقة، حيكمها معيار موضوعي، ينطلق من وضع الشخص

د جيه، لو وقتظ، فإن مل يكن ملثل هذا الشخص أن يتدارك احلادث أو يز احلصيف اليقالعادي احملتر

838.فراايف ظرف احلادث، فإن شرط االستحالة يكون متو

.414 ص ،املفهوم القانوين لرابطة السببيةعادل حبيب، . د: راجع: 837.307عاطف النقيب، النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن فعل األشياء، ص: راجع: 838

450 من 218صفحة 218 - أأ ب ب- االلل

218

املعيار املعتمد يف هذه احلال، جيب أن يكون أن839وعلى العكس من ذلك، رأى البعض

حوال احمليطة به، فليس من العدل مطالبة نظر فيه إىل ظروف املسؤول الشخصية واألشخصيا، ي

.املسؤول ببذل جهد يكون فوق طاقته، وتقصر إمكاناته وموارده دون بذله

؛ جيب أن حيكمه عدة أمور،ن املعيار املعتمدفإومع تسليمي بأن هذه املسألة جد شائكة،

ا مثل القوة ـم طبيعة السبب األجنيب، فإذا كان السبب األجنيب عا– يف تصوري اخلاص –أمهها

القاهرة؛ كالزالزل وحنوها، فالشك أن املعيار هنا موضوعي مادي جمرد، ميكن قياسه باملسلك

أما إذا كان السبب األجنيب .املألوف للشخص املعتاد، وذلك لتساوي الناس يف هذا الظرف

840 الذي يتضمن فعل الغري،؛ا؛ كما جرى استعماله اليوم يف معناه الواسعـخاصضل اعتماد ف ي

املعيار املختلط الذي جيمع بني حماسن املعيارين املوضوعي والشخصي؛ لالعتبارات اليت أشرنا إليها

.آنفا يف حالة عدم إمكان التوقع

من الناحية النظرية، فليس مستغربا إذا اختلفت وجهة التقدير؛ولئن اختلف الفقه يف هذا

ال، إىل إىل غموض املعيار يف هذه احل إضافة،ع ذلك من الناحية العملية، ويرج؛ بني قاض وآخر

ومهما يكن من أمر، فإن السلطة التقديرية 841.سبية كما سبق بيانهام السبب األجنيب بالناتس

لقاضي املوضوع؛ الذي يستطيع استخراج العناصر اليت تؤيد القول باالستحالة أو استبعادها،

عترض على هذا بأن وقد ي. صل يف أي نزاعاالفحسب معطيات القضية وأسباب الواقعة، هي

: وميكن الرد على ذلك من وجهني. بسلطة القاضي التقديرية، قد تفضي إىل حتكم القاضيتهإناط

يف درجات إن: حبدود وضوابط القانون، والثاين إن السلطة التقديرية للقاضي حمكومة:األول

.جد باحلد من هذا التحكم إن وفيلةالتقاضي العليا من استئناف أو معارضة وطعن، ك

ال ـه، وبني نتيجـة له مل تكن لتحصل لووال ينبغي اخللط بني حدث غري متوقع يف منشئ

إمهال من احلارس الذي سهل حصوهلا أو أتاح فرصتها، إذ يف هذه احلالة كان له أن يتدارك

ج عن طاقتهف بالشكل الواجب الذي مل يكن ليخرالنتيجة أو خيفف منها لو تصر.

.425 ، صاملرجع ذاتهعادل جربي، : راجع: 839.H,L,J :اه إىلـسبق اإلشارة إىل هذا وقد عزين: 840 Mazeaud, op.cit, N° 575, p.528..راجع ماهية السبب األجنيب يف هذا الفرع: 841

450 من 219صفحة 219 - أأ ب ب- االلل

219

من مستتبعا لزاما استحالة الدفع، إذ لكل،وتبعا هلذا، ال يكون شرط عدم التوقع، لو حتقق

منا يأيت يف ظرفه قابال إفقد يكون احلادث غري متوقع يف توقيت حصوله، . هـالشرطني كيان

842.تداركه على يد حارس الشيء

املسؤولية عن نفسه، حبجة السبب دفع– مثال –وبناء عليه، ال يستطيع حارس الشيء

843. ملنع حادث أو احلد من تفاقمه، وكان يف إمكانه ذلك؛األجنيب، إذا ما عجز عن بذل جهد

جتاه املدعى عليه، إذا تعلق األمر باستحالة الدفع، ظهر االجتهاد القضائي تشددا هذا، وي

ي باحلراسة، وااللتزام العقدي بتحقيق متاما مثل حالة عدم إمكان التوقع، يف إطار االلتزام التقصري

844.ةـغاي

ة التنفيذـ استحالدم إمكان الدفع شكلـذ عخففي ميدان املسؤولية العقدية، يت.

يستحيل تنفيذ االلتزام، إذا كان احملل من القيميات ،ه، إذا هلك حمل االلتزام بقوة قاهرةـوعلي

les"ل أما املثليات فإا ال تلك حبا845دون املثليات، choses de genre ne périssent

pas"º846هلا يف السوقلـود مثيـان وجـ إلمك .

ال التعاقدي، يتخذ يف العمل صورا شىتفقد يكون . وإن مفهوم القدرة على الدفع، يف ا

دين أن مينع حدوث األثر املتولد عن السبب األجنيب بصورة مطلقة، وقد يكون بإمكان املتعاقد امل

كقيام املتعاقد املدين بإبالغ الطرف ؛كانه التقليل من حجم هذا األثر، أو اختاذ تدابري وقائيةيف إم

اآلخر بوقوع احلادثة، حىت يتخذ هو بدوره ما يلزم للتخفيف مما قد يترتب على هذه احلالة من

، حتت ليته مسئو وال يستطيع دفع،والئر املتعاقد يف ذلك، مع قدرته عليه اعترب مسفإن قص.آثار

ذريعة السبب األجنيب، وذلك ألن مبدأ حسن النية والرتاهة يف التعامل حيتم عليه أن يتخذ املسلك

847.املناسب

,Civ.2: بأن احلدث الذي يستحيل التغلب عليه ميكن أن يؤلف عامل قوة قاهرة وإن كان متوقعامثة رأي: 842 15 mai 1956, B,II,

N° 268, civ, 1,7 mars 1966, GP 66,409, motifs, jcp 66, 14878, 1ère esp – civ 3;10 oct. 1972, D, 73, 379.

:يث مل يكن يف الوسع بعد اكتشاف أي طريقة ملنع ذلك حبوخبصوص تآكل جنم عن وجود بكترييا يف أنبوب؛

L.cadiet et Ph le tourneau, op.cit,n° 906, p.262. . وما يليها307عاطف النقيب، املرجع السابق، ص: راجع: 843

844 : H, L et J. Mazeaud, op.cit; N° 576, p.529يوجد ما ال يوجد له مثيل يف السوق أو يوجد ولكن مع التفاوت املعتد به، واملثليات من املثلى وهو ما لقيمي وهو القيميات من ا: 845

.33¡32/1 :جملة األحكام العدلية: راجع. واملعدودات السوق بدون تفاوت معتد به، وهو يشمل املكيالت واملوزوناتمثيله يف846 : L. cadiet et ph, le tourneau, op.cit, N° 907, p.262.

. وما يليها419عادل جربي، املرجع السابق، ص. د: راجع: 847

450 من 220صفحة 220 - أأ ب ب- االلل

220

Le": انتفاء اإلسناد أو اخلارجية. 3 non-imputabilité ou l'extériorité"

ةـة عن فعل الشيء غري احلي شرط اخلارجيـي يف مادة املسؤوليفرنساء الـاشترط القض

وبتعبري . عيهبني املسؤول املدعى عليه وبني السبب األجنيب الذي يد) عدم الصلة(أو انتفاء اإلسناد

آخر، جيب أن يكون احلدث خارجا عنهما، فال يرتد إىل تكوين الشيء أو إىل عيب فيه، وال

د عنه إىل حارس الشيء يف منشئه أو تتابع وقائعه أو تفاقم الضرر املتولىعزي.

يعين هذا االشتراط، بالضرورة إخراج الشيء عن دائرة احلدث، وإمنا ال جيعل منه وال

848.السبب املنتج للضرر، إذ يرجع مصدر احلادث أصال إىل العامل األجنيب الذي ولده

وميتد هذا الشرط، الذي قالت به حمكمة النقض، بال ريب، من املسؤولية التقصريية لفعل

، أما خارج نطاق مسؤولية )كحوادث النقل باملركبات(عقدية لفعل األشياء األشياء إىل املسؤولية ال

–أو اخلارجية ويف اال التعاقدي تكمن أمهية شرط انتفاء اإلسناد 849.األشياء، فهو موضع جدل

لطريق أمام املتعاقد سيء النية، يف جين مثار تقصريه، فعدم يف سد ا–وفقا لتعبري القضاء الفرنسي

ا الشرط، قد يدفع باملتعاقدين يف فروض غري قليلة، إىل تسبيب احلوادث بطريق عمدي، ب هذتطل

.حتاشيا لتنفيذ االلتزام

كصورة من صور السبب األجنيب؛ حيث تبىن القضاء الفرنسي شرط ؛صوص فعل الغريوخب

اخلارجية، ال يدفع املسؤولية، إال إذا كان سببا أجنبيا حقا؛ أي ال يوعلى ذلك، 850.فيه للمدين د

سببا يف وقوع احلادث – ساهم يف وقوع احلادث ولو كان يف حد ذاته خطأ–عد فعل الغري ال ي

851.أ للغري ارتكاب اخلطأعى عليه، إال إذا كان املدعى عليه هو الذي هيول املدئبالنسبة إىل املس

، وعاطف النقيب، املرجع 382عادل جربي، املرجع السابق، ص. ، ود197علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. د: راجع: 848

. على التوايل309السابق، صيف نظرية حتمل املخاطر، أين يكون كل ضرر يستوجب املسؤولية، لكن فتطبيقه على مسؤولية الفعل الشخصي، يسهل تربيره : 849

:علق السبب بعدم اإلسناد أي باخلارجيةنشد منه صعوبة إذا أردنا وأيصعب ذلك خارج إطار هذه النظرية،

H,L, et J. Mazeaud, op.cit, N° 577, p.530850 : Carbonier (J), droit civil, T4, les obligations, 6ème éd, N° 248.

السيارة يف طريق منحدر، دون أن يغلق أبواا، فيعبث ا األطفال، فتنحدر وتصيب شخصا، فال – مثال –كأن يترك احلارس : 851

يقبل من احلارس، يف هذا الفرض، أن يدفع خبطأ الغري كسبب أجنيب، لوجود الصلة بني احلارس وفعل الغري، ومن ناحية أخرى ال يعد

فاملشاجرة بني عمال القطارات ومستخدمي هيئة السكك احلديدية، ال يبيح ؛ تابعي املدعى عليه على بعضهم البعضءنبيا، اعتداسببا أج

ق، جمموعة أحكام حمكمة النقض 31، س 41، طعن رقم 1965 نوفمرب 16نقض مدين (للهيئة، دفع دعوى املضرورين منهم خبطأ الغري

.384ادل جربي، املرجع السابق، صع. د: راجع.)1082املصرية، ص

450 من 221صفحة 221 - أأ ب ب- االلل

221

حلادث إىل ما طرأ فجأةومن فتأ االجتهاد القضائي يستبعد القوة القاهرة، كلما كان مرد ا

مرضية وحنوها، مما جعله عاجزا عن حتريك أو توجيه أو إحكام على حارس الشيء من علة

السيطرة على الشيء، فأدى هذا الوضع اخلاص الذي استجد إىل حادث أضر بشخص آخر،

.مرجعه إليهذ إوتربير االجتهاد ملا استبعده هو أن الوضع الذي طرأ على احلارس ليس غريبا عنه،

وهذه الوجهة يف االجتهاد، انطلقت من قرار حملكمة التمييز الفرنسية يف غرفتها الثانية،

وتتعلق القضية بسائق سيارة 852. يف قضية تريشار، فعرف ذا االسم1964/12/18در بتاريخ اصال

د متسكت أصيب بالصرع فجأة، فجر حترك سيارته، بعد الذي أصابه، إىل إنزال ضرر بالغري، وق

853.854احملكمة ذاا بعد ذاك القرار املبدئي بوجهتها يف قرارات تلته

تعدد أسباب الضرر وأثره يف حتديد نسبة املسؤولية املدنية: ثانيا

حبيث يكون حتققها هو األثر ؛ر من سبب قانوينـا، أكثـإذا اجتمع لتحقق واقعة م

Influence"املتبادل بينها réciproque"واقعةة املدنية قد تكون، نتيجة، فاملسؤولي شارك املريض

لفروض ينبغي ا خبطئه يف حتققها، ففي هذه شارك الغري واقعة خبطئه يف حتققها، أو نتيجة)املضرور(

على أن توزيع هذا العبء، . من ساهم يف إحداث الضرر كلتوزيع عبء التعويض بنسبة خطأ

قاد املسؤولية على أساس مشترك، والشك يف أن هذه الفروض أن يكون مسبوقا بانعفترض بداهةي

.ل السبب األجنيب الذي قد يؤثر على مسؤولية الطبيبميكن أن تشك

من حالة تدخل وبناء عليه، نتناول على التوايل، كيفية حتديد نسبة املسؤولية املدنية يف كل

. حتقق هذا الضرر يف حتقق الضرر، مث حالة تدخل الغري يف)املضرور(املريض

I. ررـيف حتقق الض) املريض(تدخل املضرور:

: التاليـةاطـ ذلك يف النقمن املناسب معاجلـة

:صور اجتماع خطأ املريض مع خطأ الطبيب. 1

قد يستغرق أحد اخلطئني اآلخر، وقد ال يستغرقه، فهاتان صورتان الجتماع خطأ املريض

: مع خطأ الطبيب

852:Arrêt Trichard ،14304¡2¡1965 األسبوع القانوين.1966/01/21 و148¡1¡1966 جملة القصر 1965/11/04 و55، ص4¡1967، األسبوع القانوين 1967/03/01متييز مدين، : 853

.422، ص1974لفصلية للقانون املدين، ا، الة 13/02/1974جملق القصر،¡24/10/1973 و-1966،1،348 القصرجملة.312عاطف النقيب، املرجع السابق، ص: راجع :854

450 من 222صفحة 222 - أأ ب ب- االلل

222

:ق أحد اخلطئني اآلخراستغرا: الصورة األوىل

وتتحق هذه الصورة يف العديد من الفروض، األول هو أن يكون أحد اخلطئني متعمدا،

. لآلخروالثاين أن يقع الضرر برضاء املضرور، والثالث أن يكون أحدمها نتيجة

د إحداث فاملبدأ هنا هو أن من تعم،ففي الفرض األول، حيث يكون أحد اخلطئني متعمدا

. كل آثار هذا اخلطأ– وحده –ل كان خطأه هو السبب الوحيد، وبالتايل حتمالضرر

فقد يقع اخلطأ العمدي من الطبيب، فيكون وحده املسؤول عن حتقق الضرر، حىت لو ساهم

كأن يتعمد الطبيب عدم متابعة املريض بعد إجراء جراحة له، وإمهال ؛املريض خبطئه يف ذلك

وعلى العكس من .ناول العالج، مما يترتب على ذلك وفاة املريض ت– يف نفس الوقت –املريض

د إحلاق الضرر بنفسه، ويف هذه احلالة تنتفي املسؤولية عن ذلك، فقد يكون املريض هو من تعم

من العالج زائدة جرعات- بقصد االنتحار-ع ذلك إذا تناول املريض متعمدا الطبيب، وقد يق

855.بيبده له الطر الذي حدقدعن ال

أما يف الفرض الثاين، وهو الذي يقع فيه الضرر برضاء املريض، فالقاعدة هنا أن رضاء

املريض ال يرفع عن فعل الطبيب صفة اخلطأ، فموافقة املريض على إجراء جراحة ال تدعو إليها

ه وتبقى مسؤوليت، من جانبه، لكنها ال ختلع عن الطبيب صفة اخلطأل خطأالضرورة الصحية، متث

حمل رضاء املريض بالضرر، على أنه اتفاق إلعفاء الطبيب من جتاه ذلك كاملة، وال ميكن أن ي

املسؤولية، وعلى فرض التسليم بوجود هذا االتفاق فهو باطل؛ ألنه يستطيل على املساس جبسم

.اإلنسان، ويف هذا خمالفة للنظام العام واآلداب العامة

وفيه إما أن يكون خطأ : لآلخر نتيجةد اخلطئنيالفرض الثالث، حيث يكون أحأما يف

. خلطأ املريض أي أن يكون خطأ الطبيب نتيجة؛املريض ناجتا عن خطأ الطبيب، أو العكس

، وبالتايل. خلطأ الطبيب، يكون خطأ الطبيب مستغرقا خلطأ املريضفحيث يقع خطأ املريض نتيجة

ل له بتناول املريض العالج بطريقة مثوي. ة الطبيبال يكون خلطأ املريض أي أثر على حتقق مسؤولي

.ب عليه تفاقم حالته الصحية على توصية الطبيب بذلك، مما ترتخاطئة، بناء

الستغراق ؛ خلطأ املريض، تنتفي مسؤوليته بذلك فإنه حيث يكون خطأ الطبيب نتيجة،وباملقابل

قضت حمكمة النقض املصرية يف هذا املعىن بأن خطأ اين عليه يقطع رابطة السببية مىت استغرق خطأ اجلاين وكان كافيا يف ذاته : 855

أشرف جابر، املرجع السابق، . د: له، أشار 475/17نقض اجلنائي ، جمموعة أحكام ال1966 أبريل 25إلحداث النتيجة، نقض جنائي

.158ص

450 من 223صفحة 223 - أأ ب ب- االلل

223

جا ال يتناسب مع حالة املريض، بناء أن يصف الطبيب للمريض عال:خطأ املريض خطئه، ومثاله

856. غري صحيحة ذكرها املريض كاذبة أوراضععلى أ

)اخلطأ املشترك(ني لآلخر ئعدم استغراق أحد اخلط: الصورة الثانية

سببا خمففا ملسؤولية الطبيب، حيث ساهم خبطئه، بقدر– املضرور –يعد خطأ املريض

خطأ املضرور وخطأ : ل أن للضرر املشترك سببني متميزينا يف وقوع الضرر، حبيث ميكن القوـم

. بقدر مسامهته يف إحداث الضرراملسؤول، ويتم توزيع عبء التعويض بينهما يف هذه احلالة، كل

إىل الضرر، هو قيد خرج به الضرر غري املشترك؛ فلو ثبت أن فعل" املشترك"وإضافة كلمة

غريه، فال تضامن بني الفاعلني، الذي أحدثه فعلأحدهم قد أحدث ضررا متميزا عن الضرر

857. عن الضرر الذي أحدثه كاملة مسؤوال مسؤوليةويعترب كل أحد

بني ض ال ميكن أن ينفي رابطة السببية بني اخلطأ الطيب وـأ املريـرا، فإن خطـأخي

ر من ـ آخأ ونوعـة بني اخلطـالضرر الواقع فحسب، بل ميكن أيضا أن ينفي رابطة السببي

ة يف احلياة، أو الشفاء أو يف حتسني ـوات الفرصـ أال وهو ف- ض عنه القضاءيعو –رر ـالض

858.اـاحلالة أو تفادي تفاقمه

مذهب ( ألسباب دينية ؛ فيها حبادثةابص املضف روقد طبق القضاء الفرنسي ذلك يف حالة

كان من املقرر أن النجاة من املوت ليست فإن . ، فتويف بعد عدة أيامدم نقل إليهأن ي) اجليوفا

، قد ساهم بالضرورة يف حرمانه من إليهدة يف حالة نقل الدم، إال أن رفض املصاب لنقل الدممؤك

فرص احلياة، وي859.هـخطئبسبب ؛ التعويض بنسبة حرمانه منهالزم إنقاص

:شروط اعتبار خطأ املريض سببا إلعفاء أو امتناع مسؤولية الطبيب. 2

:ة يشترط يف هذا املوضوع بإجياز ما يليـوفقا للقواعد العام

ثل م؛كأن يقع بتحريضه؛ عى عليهجيب أال يكون خطأ املضرور راجعا إىل خطأ املد. أ

ا، وما يليه77، وعبد الرشيد مأمون، عقد العالج، ص172 وما يليها، وص36حممد منصور، املسؤولية الطبية، ص. د: راجع: 856

وما بعدها،401ج، املسؤولية املدنية للطبيب، ص وما يليها، طالل عجا157أشرف جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص. د

.312عبد السالم التوجني، املسؤولية املدنية للطبيب، ص. د، عينهحممد منصور، املرجع . ، ود200سليمان، نظرية االلتزام، صي عل. ، د160، صذاتهأشرف جابر، املرجع . د: راجع: 857

.174ص.404، وطالل عجاج، املرجع السابق، ص173حممد منصور، املرجع السابق، ص. د: راجع: 858

859 : Crim 30 oct 1974, J.C.P. 1975.2.18.38 n. Mourgeon Lyon, 6 Juin 1975 D.1976, 415 n. Savatier.

450 من 224صفحة 224 - أأ ب ب- االلل

224

. على وصف الطبيب بذلكتناول املريض لعالج بطريقة خاطئة، بناء

أثر هذه الفعل بب الضرر، وخيتلف جيب كذلك، أن يكون فعل املضرور هو الذي س .ب

الطبيب، به، فإذا اشترك خطأ املريض خبطأ على مسؤولية الطبيب، حبسب أمهية الدور الذي يقوم

عليه بقدر ا، فيخفض عنه التعويض احملكوم بهـاء الطبيب من املسؤولية جزئيـترتب عنه إعف

د ـ هو السبب الوحيأما إذا كان خطأ املريض. كانت طبيعة التزام الطبيبانسبة خطأ املريض، أي

النقطاع رابطة ؛اد مسؤولية الطبيب املدنية أصالـدم انعقـب عنه عيف إحداث الضرر، ترت

يف هذه احلالة يف حكم )املضرور( يعترب خطأ املريض ، عليهوبناء. السببية بني الضرر وفعل الطبيب

.السبب األجنيب الذي مينع قيام صلة السببية

خرية، سببا أجنبيا مينع انعقاد يف احلالة األ،رورـ اعتبار فعل املض وإذا كان من املقرر.ج

واستحالة، توقعلروط السبب األجنيب؛ من عدم إمكانية اـسؤولية الطبيب، جيب أن تتوافر فيه شم

رور ـفعل املضويف اشتراط أن ينطوي .كما مت بيانه آنفا؛ إىل عدم اإلسناد واخلارجية إضافة،الدفع

هـإىل عدم اشتراط أخرىامـ أحكت يف حني ذهب،860ةـ قضائيامـ ذهبت أحكعلى خطأ861.862

:خطأ املضرور والتأمني من املسؤولية. 3

إذا اعترب خطأ املضرور سببا أجنبيا يرفع مسؤولية : جيدر بنا هنا طرح السؤال التايل

الطبيب، فهل ي؟ الذي تعرض لألذىول ذلك دون تعويض املريضـح

يرى البعض إمكان التعويض، بل وضرورته، يف ظل األخذ بالتأمني من املسؤولية الطبية،

أي بفعل - ولو كان وقوع الضرر بفعله،ينبغي أن يأخذ على عاتقه تعويض املضرور له نفاملؤم

.ه احلالة حيث ال يكون جديرا بأي تعويض يف مثل هذ؛، ما مل يكن قد تعمده-املضرور نفسه

حيث ،863هذا الرأي ال ميكن تربيره من الناحية القانونية إال يف ضوء التأمني من املسؤولية

لقاضي أن مينح املضرور تعويضا كامال، مىت علم بأن املسؤوللسمح ياملسؤولية يغطيه تأمني .

860 : Cass. Civ, 1ère, 31 Janv 1973, Bull. civ, I, N° 41; D. 1973, p.149, note Schmelck; R.T.D.C. 1973,p.576, note G. Durry. R.T.D.C, 1973, p.567.861 : cass civ. 14 Avr 1958, J.C.P. 1959, II, 10935, note Rodier.

.160-161أشرف جابر، املرجع السابق، ص. د: راجع: 862أشرف . د: راجع. هو عقد اهلدف منه ضمان املؤمن له ضد رجوع الغري، الذي أصابه ضرر، يكون املؤمن له مسؤوال عن تعويضه: 863

.، وسيأيت تفصيله الحقا يف املبحث األول من الفصل القادم إن شاء اهللا8املرجع السابق، صجابر،

450 من 225صفحة 225 - أأ ب ب- االلل

225

ضرور، فبينما مستقلة جتاه خطأ امل من التأمني واملسؤولية فلسفة أن لكل إىلويرجع ذلك

يهدف التأمني إىل تغطية مسؤولية حمدث الضرر، ترمي املسؤولية إىل إنقاص ما يستحقه املضرور

من التعويض بقدر ما ساهم خبطئه يف إحداث الضرر، ويتمثل ذلك يف اإلعفاء اجلزئي للمسؤول

864.من املسؤولية

تقضي بعدم االعتداد يف أن -إزاء هذا الوضع - مل تتردد حمكمة النقض الفرنسية،لذلك

وهو ما يعين اقتناع احملكمة 865.خبطأ املضرور ورفض اإلعفاء اجلزئي للمسؤول بسبب هذا اخلطأ

تأمينا من مسؤوليته، ما دامت قواعد قد أبرمعة ما دام املسؤول بضرورة تبين مسؤولية موس

866. إىل تعويض مضروري احلوادثشبع احلاجةاملسؤولية ال ت

أن اال الطبيعي لتطبيق هذا احلل الذي اهتدت إليه حمكمة - حبق- 867ضوقد قرر البع

حيث يكون التأمني من املسؤولية إجباريا، فإلغاء توزيع املسؤولية بني ،النقض هو فحسب

املسؤول واملضرور يرتبط منطقيا بوجود هذا التأمني اإلجباري، وهو ما اعتنقه املشرع الفرنسي

حيث ، الصادر خبصوص تعويض ضحايا حوادث السيارات؛1985ليو يو50الحقا يف قانون

.أحدث تغيريا جذريا يف األثر التقليدي ألسباب اإلعفاء من املسؤولية، وعلى رأسها خطأ املضرور

من املسؤولية خلطأ املضرور يف نطاق املسؤولية ي ينبغي إعادة النظر يف األثر املعف:خالصة القول

النشاط الطيب من أكثر األنشطة املهنية اليت حتدث أضرارا جسدية، وقد ال يكون الطبية، السيما أن

مثل هذا الرأي سائغا، ولكننا نظن أن عدم القول بذلك يعين إنكار وجتاهل دور التأمني من

املسؤولية يف التأثري على الوظيفة التعويضية للمسؤولية املدنية، وهو أمر يصعب غض الطرف

868.عنه

II .ررـداث الضـري يف إحـل الغـتدخ:

:ر كالتايلـنتناول هذا املوضوع يف عناص

ملسؤولية احمسن البيه، حقيقة أزمة. ، ود185¡173، ص)رسالة دكتوراه(سعد واصف، التأمني من املسؤولية يف عقد النقل : راجع: 864

.121¡63ودور تأمني املسؤولية، ص املدنية865 : Cass. Civ, 21 juill. 1982, Gaz. Pal. 1982, II, p.391.

.62حمسن عبد اهللا البيه، املرجع السابق، ص. د: راجع: 866867 : G. Viney: l'indemnisation des victimes de dommages causés par le fait d'une chose, D. 1982,Chron, p.201 et s.

.164أشرف جابر، املرجع السابق، ص. د: راجع: 868

450 من 226صفحة 226 - أأ ب ب- االلل

226

:هـر وخصائصـل الغيـوم فعـمفه. 1

ك يف هذا الصدد بالغريقصدي ،عى عليه أو أحد ممثليه أو ل من عدا املضرور واملد

؛الغريسأل عنهم املدعى عليه مدنيا من وعلى هذا األساس، ال يعترب األشخاص الذين ي869.أتباعه

كما لو تسبب يف الضرر ولدأو تابع يف مسؤولية للمدعى عليه، فال يكون للخطأ الصادر منه أثر

إ 870عى عليه حنو املضرور،املدعد صادرا عن املدكما هو احلال بالنسبة 871؛عى عليه شخصياذ ي

طأ الذي يصدر من هذا ا إذا مل يكن املدعى عليه مسؤوال عن الغري، فاخلأم. لتابعي الطبيب مثال

بني الغري، ال يؤثر يف مسؤولية املدعى عليه، بل جيوز أن يستغرق خطئه، حىت لو قامت عالقة

سيارةاملدعى عليه وذلك الغري؛ فإذا ترك صاحب أن يدفع لهه إىل أحد أقاربه أو أصدقائه، سيارت

.بفعل الغري، عما يكون قد تسبب فيه هذا الغري من ضرر

ثبت فعل الغري، كان هو السبب فيما ترتب من أنه إذا مل يستطع املدعى عليه أن يعلى

872.ةـة كاملـضرر، فإن املدعى عليه يظل مسؤوال مسؤولي

بالتعيني، ال يعين حبال أن ذلك الغري معروفا وغين عن البيان أن إسناد الفعل الضار إىل شخص

قق أن الضرر قد جنم عن فعل شخص، ولو كانت وإمنا املقصود ذا أن يكون من احمل873بذاته،

874. ماشخصيته جمهولة لسبب

من عدمه، ثار اخلالف حول ما إذا كان من الالزم أن ينطوي فعل الغري على خطأكما

:ويفرق الفقه يف هذا اخلصوص بني فرضني

869 : H,L et J. Mazeaud, op.cit, N° 585, p.540. دائما هو املسؤول املدعى عليهوينبين على ذلك أن خطأ الولد أو التلميذ أو التابع، ال جيوز أن يستغرق خطأ املدعى عليه، بل يبقى : 870

التعويض أو كله على الغري الذي ارتكب ولكن هذا ال مينع من رجوع املدعى عليه ببعض هذا . حنو املضرور ويدفع له التعويض كامال

وعلى أي حال فإن املسؤولية املدنية عن أفعال الغري، كما تقرر حمكمة النقض . اخلطأ ولو كان هو مسؤوال عن هذا الغري حنو املضرور

س الذي عده القانون مبعثا املصرية، ليست أمرا اجتهاديا بل جيب أن حتصر يف األحوال اليت نص عليها القانون، وأن ترتكز على األسا

الذي يقضي بأن اإلنسان ال يسأل إال عن أعماله الشخصية، وما دام هذا شأا فال جيوز ؛دها على خالف األصلوورلهلا، وذلك

–، جمموعة القواعد القانونية لربع قرن 1947 فرباير سنة 17 ق، جلسة 16 لسنة 1909نقض جنائي، طعن رقم : راجع. التوسع فيها

، جمموعة األحكام، 1979 أكتوبر سنة 08 ق، جلسة 49 لسنة 640، ويف نفس املعىن، نقض مدين، طعن رقم 1298امللحق ص

.504عادل جربي، املرجع السابق، ص. أشار إىل ذلك د: 755ص871 : P. Malaurie et L. Aynès, cours de droit civil T. VI, n° 834, P.481; cass 1er civ. 23 juill. 1979, Bull.civ, I, n° 228.872 : Dijon 20 janv. 1931, Gaz. Pal. 1931-1-404; Lyon, 01 Mars 1943, D. 1943-J-137.873 : H,L,J. Mazeaud, op. cit, P.540.874 : Cass. Civ. 21 Janv. 1946-J-131; Paris 05 Mars 1948, D. 1948-J-207.

450 من 227صفحة 227 - أأ ب ب- االلل

227

ينطوي هذا د لوقوع الضرر، وهنا ال يلزم أن ـ فعل الغري هو السبب الوحين، أن يكواألول

875.الفعل على خطأ

، أن تكون هناك أسباب أخرى إىل جانب فعل الغري، وهنا انقسم الفقه إىل رأيني؛ حيث والثاين

املدين من عفيدم اشتراط أن يكون فعل الغري خطأ، وذلك حىت يـ إىل ع876ذهب بعض الفقهاء

يف حني ذهبت غالبية الضرر،املسؤولية جزئيا، ولو مل يتصف باخلطأ، ما دام أنه كان أحد أسباب

le" ،أـ أن يتصف باخلط إىل أن فعل الغري جيب877الفقه fait du tiérs droit être fautif"¡

سند فعل الغري إىل املدعى كي يعد سببا أجنبيا، يفضي إىل عدم انعقاد مسؤولية املدعى عليه، فإذا أ

عدم الصلة بينه وبني فعل الغري الذي أحدث أو "l'extériorité"عليه؛ انتفى شرط اخلارجية

يعترب املدعى عليه مسؤوال عن وقوع الضرر، وال ميكنه، واحلال هذه؛ كما إذا ،الضرر، وبالتايل

يف جانب االستفادة من خطأ مفترض الغري على اخلطأ، أن يدفع بفعل الغري، وال ميكنه حبالضحر

878.االفتراض جاء مقررا ملصلحة الضحية املتضرر ليس إالالغري؛ باعتباره حارسا للشيء؛ ألن هذا

اليد امللوثة ال ميكن أن تنال من كرم العدالة " القائلة بأنوميكن أن نؤسس هذا على املقولة الشهرية

aucune main souillée ne peut touchér les pures fontaines de la justice""، على أنه

من املسؤولية شروط القوة القاهرة؛ - الطبيب- إلعفاء املدين عد سببايشترط يف فعل الغري الذي ي

.ه كما سلف ذكر؛ إىل شرط اخلارجية إضافة879بأن يكون غري متوقع وغري ممكن الدفع،

نتج عنه إصابة ، أو ج سلوكاوبناء على ما سبق، ميكن للمدعى عليه الذي مارس نشاطا

ه يف ممارسة هذا النشاط كان نتيجةئ أن يثبت أن خط،ملكتسبة بعدوى مرض فقد املناعة اي عاملد

أن يكون املدعى عليه قد جلأ إىل طبيب:ومثال ذلك. من املسؤولية، حىت ميكنه اإلعفاءخلطأ الغري

وبعد . أم ال880رض فقد املناعة املكتسبةلفحص حالته الصحية وملعرفة ما إذا كان مصابا مب

على مشورة الطبيب اخلاطئة مارس ، وبناءهذا الداء خطأ من فريوس الفحص أفاده الطبيب خبلوه

وهنا . لزوجههذا الداءتب عليه أن انتقلت عدوى رالشخص حياته اجلنسية بطريقة عادية، مما ت

مستغرقا خلطأ املسؤول؛ الذي مل يتخذ االحتياطات الوقائية الالزمة ) الطبيب(كان خطأ الغري وهو

.117لرشيد مأمون، املرجع السابق، ص، عبد ا896/1: السنهوري، الوسيط: راجع: 875876: Maty et Raynaud, Droit civil – les obligations, T.II, n° 495.

.117، عبد الرشيد مأمون، املرجع السابق، ص251 شنب، املسؤولية عن األشياء، صبحممد لبي: 877878 : H,L,J. Mazeaud, op. cit, P.540.879 : P. Malaurie et L. Aynès, op. cit; P.481.

."Sida" ، وباللغة الفرنسية بـ " Aids" يعرف هذا الداء باللغة اإلجنليزية بـ :880

450 من 228صفحة 228 - أأ ب ب- االلل

228

ه، يلتزم الطبيب بالتعويض ـوعلي. خطأ الطبيب يف التشخيصى لزوجه، نتيجةملنع انتقال العدو

يف مواجهة الزوج الذي انتقلت إليه العدوى من الزوج اآلخر، الذي عرض نفسه على الطبيب

881.وأفاده خطأ خبلوه من فريوس فقد املناعة املكتسبة

:ة الطبيبـر على مسؤوليـر فعل الغيـأث. 2

الغري على الطبيب حبسب ما إذا كان هذا الفعل هو السبب الوحيد لوقوع خيتلف أثر فعل

فإذا كان فعل الغري هو السبب الوحيد لوقوع ،الضرر، أو سامهت معه أسباب أخرى يف ذلك

اء عالقة السببية بني ف يكون مبنأى عن أي صلة بالضرر؛ النت-الطبيب-الضرر، فإن املدعى عليه

882. حباللتايل ال تنعقد مسؤوليتهالضرر، وباخطئه وبني هذا

أما إذا كان فعل الغري هو أحد أسباب متعددة سامهت يف وقوع الضرر، وهو ما حيدث

طبيب خطأ، الطبيب املدعى عليه إىل جانب خطأ،كثريا يف نطاق املسؤولية الطبية، حني يساهم

-ي يف مواجهة املدعي عقدآخر يف إحداث الضرر، فينبغي أن نفرق بني من يلتزم بالتزام

.ةـ وبني ما ال تربطه به رابطة عقدي-املضرور

أو نص للقواعد العامة، ال يكون هناك تضامن بني املدينني بغري اتفاقففي اال العقدي، وطبقا

فإن -يف إطار االلتزام العقدي- جراحة ملريض د العديد من األطباء إجراءعهت فإذا 883قانوين،

اء التضامن بينهم، وذلك ما مل يقضف النت؛ع أن يطالب أيا منهم بالتعويض كامالاملريض ال يستطي

نصيبه بغري ذلك، ولذلك ال رجوع له على أي منهم إال بقدراتفاق .

أما يف جمال املسؤولية التقصريية، يكون املسؤولون ممني بالتعويض على سبيل التضامن فيما لز

يف أن يرجع على املتضامنني معه، كل منهم مبقدار نصيبه يف ويكون احلق للمضرور 884بينهم،

.التعويض

.102-103حممد حممد أبو زيد، بعض املشكالت القانونية الناجتة عن مرض فقد املناعة املكتسبة، ص. د: 881882 : Ph. le tourneau, L. cadiet, op. cit, n° 949, P.274.

.م.م. ق279ج، ويقابلها املادة .م. ق217 املادة: راجع: 883إذا تعدد املسؤولون عن فعل ضار، كانوا متضامنني يف التزامهم بتعويض : "05-10ج، مبوجب القانون .م.ق 126طبقا للمادة : 884

169ابلة للمادة املق". الضرر، وتكون املسؤولية فيما بينهم بالتساوي، إال إذا عين القاضي نصيب كل منهم يف االلتزام بالتعويض

ر أما يف فرنسا فال يوجد نص على التضامن يف املسؤولية التقصريية إال يف مسؤولية األبوين عن الضرر الذي حيدثه أبناءمها القص. م.م.ق

التضاممأما يف غري هذه احلالة فقد اضطر القضاء الفرنسي إىل ابتكار فكرة . 1970/6/04الساكنون معهما، طبقا لقانون

(Insoludum)= يف املسؤولية التقصريية، وهو ما يساوي التضامن فيما يتعلق مبسؤولية املتعددين، وإن كان خيتلف يف أن املتضامنني

. ال فيما ينفعهم وال فيما يضرهماون ال ميثل بعضهم بعضـمينوب بعضهم عن بعض فيما ينفعهم ال فيما يضرهم؛ بينما املتضام

رابطة سببية -3 وحدة الضرر، الذي أحدثه كل واحد منهم، -2دد األخطاء من مسؤولني متعددين، تع-1: ويشترط لقيام التضامن

450 من 229صفحة 229 - أأ ب ب- االلل

229

ر باخلطأ املفترض للطبيب لدفع مسؤوليته، ـاج الغيـويثور التساءل عن مدى جواز احتج

وال خالف يف أن افتراض اخلطأ يف جانب الطبيب إمنا يقرر ملصلحة املضرور وحده، فال يستطيع

خطأ كون حال- فإنه يف حالة اشتراك خطأ الغري مع خطأ الطبيب ، وبالتايل.غريه أن حيتج به

885. أن حيتج به- لغريلأي - مل جيز له ،- مفترضاالطبيب

:ةـالتأمني من املسؤوليفعل الغيـر و. 3

كدفع يدفع به الطبيب مسؤوليته؟ " فعل الغري"هل ميكن أن يؤثر التأمني من املسؤولية على

امة ال تقبل ذلك، ولكن إذا كان ذلك هو ما ينبغي التسليم به يف نطاق من املقرر أن القواعد الع

عالقة ال تشمل سوى الطبيب واملريض، فإننا نظن أنه يف ظل وجود ذمة مالية مجاعية تتمثل يف

. حيول فعل الغري دون جرب الضرر الذي حاق باملريضالأجيب فإنه ، -شركة التأمني-املؤمن

ذلك الدور الذي ينبغي أن يلعبه التأمني من املسؤولية باعتباره هو أن،سندنا يف ذلك

أساسا للمسؤولية، فاهلدف األساسي للمسؤولية هو تعويض املضرور، فتأمني املسؤولية يساهم إىل

حد كبري يف سد النقص يف الوظيفة التعويضية للمسؤولية املدنية دون أن يكون بديال عنها، وإمنا

886.يعمل إىل جوارها

قناعة املشرع الفرنسي ذا الدور للتأمني من املسؤولية هو الذي دفعه إىل أن خيرج ولعل

معف من املسؤولية، وذلك حني عن القواعد العامة يف املسؤولية؛ اليت تقر فعل الغري كسبب أجنيب

جيوز خبصوص حوادث السيارات، على أنه ال1985 يوليو 05 يف املادة الثانية من قانون نص

887. من قائد السيارة أو حارسهااالحتجاج يف مواجهة املضرور بفعل الغري سواء

قاعدة ق وهو ما يؤكد اجتاه املشرع حنو جتاوز القواعد التقليدية يف املسؤولية، واعتنا

ومل يكن هلذا املشرع أن ينجح يف ذلك لو مل . هي ضرورة تعويض املضرور مطلقا،جديدة

. املسؤولية إجباريا يف حوادث السياراتجيعل التأمني من

عادل جربي، املرجع . وما يليها، ود198علي علي سليمان، نظرية االلتزام، ص. د: راجع. مباشرة بني أخطاء املسؤولني والضرر برمته

. وما بعدها514السابق، ص . وما يليها166لتأمني من املسؤولية املدنية لألطباء ، صأشرف جابر، ا. د: راجع: ، 885.121البيه، املرجع السابق، صعبد احلميد حمسن . د: راجع: 886

887 : V. Contagrel, l'indemnisation par l'assureur de responsabilité civile de la victime décédée

accidentellement, 1993, P.91 et s :169أشرف جابر، املرجع السابق، ص.د أشار إليه

450 من 230صفحة 230 - أأ ب ب- االلل

230

املخاطر املرتبطة بالنشاط الطيب ليس أقل يرى البعض أن املريض الذي يقع ضحية،هـوعلي

غري مستحق، إال بالتعويض من ضحية حوادث السيارات، فإذا كان كالمها قد أصابه ضررجدارة

املفاضلة بينهما بقدر التأكيد ههنالقصدأن املريض قد أتاه الضرر من حيث يرجو الشفاء، وليس ا

على أن علة النص السابق، وهي وجود تأمني من املسؤولية، متحققة خبصوص تعويض املريض،

ن تطبيق ذات احلكم باستبعاد فعل الغري كسبب فمىت تقرر نظام التأمني من املسؤولية الطبية، تعي

888.أجنيب ناف ملسؤولية الطبيب املؤمن له

.169أشرف جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص. د: 888

450 من 231صفحة 231 - أأ ب ب- االلل

231

أركان املسؤولية الطبية املدنية يف الفقه اإلسالمي: املبحث الثاين

تعدي، وضرر، ال جيب الضمان أو املسؤولية يف اال الطيب إال إذا توافرت أركانه؛ من

واألركان مجع ركن، والركن يف اللغة األساس، ويف االصطالح، هو ما . وإفضاء للفعل إىل الضرر

واألركان عادة . وده وجود الشيء، وعلى عدمه العدم، وهو داخل يف ماهيتهيتوقف على وج

حتتاج إىل شروط تكملها، والشروط مجع شرط، والشرط يف اللغة العالمة الالزمة، ويف

عن حقيقته، وال يلزم من وكان خارجا،االصطالح، هو ما يتوقف وجود الشيء على وجوده

وسنفصل ذلك يف مطلبني 889.عدمه عدم ذلك الشيء ولكن يلزم من ،وجوده وجود الشيء

: اثنني

يف الفقه اإلسالمي يف اال الطيبموجبات التعويض: املطـلب األول

: يف ثالثة فروع كاآليتالتعدي، والضرر، واإلفضاء، وفيما يلي بيان ذلكموجبات الضمان ثالث،

: عـدي ـالت: رع األولـالف

ديـف التعـتعري: أوال

للخطأ كموجب للضمان؛ ألن" اخلطأ"م فقهاء الشريعة اإلسالمية التعبري بلفظ مل يلتز

". التعدي" وإمنا يعربون عنه يف الغالب بلفظ 890عندهم مدلوال خيتلف عن مدلوله عند القانونيني،

. وقد يعربون عنه أحيانا بألفاظ أخرى؛ كالتقصري واإلمهال والتفريط وعدم التحرز أو االحتياط

انت هذه األلفاظ يف جمموعها ال خترج عندهم عن لفظ التعدي يف مدلوله اللغوي وإن ك

.واالصطالحي

: تعريف التعدي لغـة.1

يقال عدا فالن عدوا .الظلم و جماوزة احلد أو القدر أو احلق: إذ يراد بالتعدي يف اللغة

ويف معىن جتاوز احلد يف . ي هو الظاملوعدوانا واعتداءا وتعديا، إذا ظلمه ظلما جماوزا للحد، والعاد

.59عبد الكرمي زيدان، الوجيز يف أصول الفقه، ص.د:889وما كان «: ري قوله تعاىل يقول اإلمام القرطيب يف تفس.إذا أطلق اخلطأ عند فقهاء الشريعة فإنه ينصرف غالبا إىل ما يقابل العمد: 890

اجلامع ألحكام ...": دم القصدـوه اخلطأ كثرية ال حتصى يربطها عـوج: " من سورة النساء 92اآلية » ملؤمن أن يقتل مؤمنا إال خطأ

ضمان ويتعرض فقهاء الشريعة للتمييز ين العمد واخلطأ يف مبحث أوجه القتل، غري أم ال يفرقون بينها يف نطاق .313/5: القرآن

.43-44 حق التعويض املدين، ص: راجع. األموال وتغرمي املتلفات ومنها اجلناية على النفس أو ما دوا

450 من 232صفحة 232 - أأ ب ب- االلل

232

، ويف ] 190سورة البقرة، اآلية[»وقاتلوا يف سبيل اهللا الذين يقاتلونكم وال تعتدوا«:الشيء قال تعاىل

º]239سورة البقرة، اآلية[»»تلك حدود اهللا فال تعتدوها«: جماوزة الشيء إىل غريه قال جل شأنه

فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم «: عز من قائلأي ال جتاوزوها إىل غريها، وقال

891.؛ أي املتجاوزون ما حد هلم وما أمروا به] 07، اآليةاملؤمنونسورة [»»العادون

:اـه اصطالحـتعريف-2

منهم بيد أن892ال خيرج استعمال الفقهاء للفظ التعدي يف االصطالح عن معناه يف اللغة،

، ومنهم من قيد اـاوزة بغري 893د أو احلق دون تقييدمن أطلق التعدي مبعىن جماوزة احل

جمـاوزة ما ينبغي أن " وبناء عليه، عرفـه البعض بأنه 894.املشروع، أو مبا ينبغي أن يقتصر عليه

895".يقتصر عليه شرعا أو عرفا أو عادة

وجه وظاهر أن تعريفات التعدي هذه ال خترج يف جمموعها عن معىن يتسع يف مشوله لكافة أ

.التعدي، سواء أحدثت عن طريق العمد أو اإلمهال أو التفريط أو عدم االحتراز واالحتياط

وبناء على ما سبق، فالتعدي هو االعتداء على حق الغري أو االعتداء على الغري، والتعدي

رة هو إتيان الطبيب فعال حمظورا، سواء أكان ذلك إجيابا وسلبا، عمدا أو خطأ، مباش: املقصود هنا

وال شك أن التعبري الشرعي للفظ التعدي أوىل وأدق من التعبري القانوين للفظ اخلطأ؛ . أو تسببا

فالتعدي اإلجيايب؛ كأن يقوم . فالتعدي يشمل العمد واخلطأ، ويشمل التقصري واإلمهال وحنومها

فيتمثل يف أما التعدي السليب،. الطبيب بقتل املريض، أو بتر أحد أعضائه، أو إتالف أحد منافعه

الترك؛ كرفض الطبيب معاجلة املريض أو إسعافه، ويترتب على ذلك إزهاق روحه أو تفاقم حالته

896.سـوءا

¡1688، والفريوز آبادي، القاموس احمليط، ص397/2:، والفيومي، املصباح املنري33/15: ابن منظور، لسان العرب: راجع:891

.233/12: املوسوعة الفقهية الكويتية ومبعىن انتقال احلكم إىل حمل آخر؛ كتعدي العلة، والتعدي يف احلرمة، ، مبعىن االعتداء على حق الغري وهو موضوع حبثنافيستعمل: 892

.233/12: املوسوعة الفقهية الكويتية: وغري ذلك.155/3: ، واإلمام ابن العريب، أحكام القرآن107/12: اإلمام القرطيب، اجلامع ألحكام القرآن: راجع: 893، واإلمام فخر الدين الرازي، مفاتيح 179/6: شهاب الدين األلوسي، روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع املثاين: اجعر: 894

.، على التوايل12/5:الغيب أو التفسري الكبري.189فوزي فيض اهللا، املسؤولية التقصريية بني الشريعة والقانون، رسالة دكتوراه، ص .د: 895

.75حممد علي البار، ص.حسان مشس باشا ، ود.د: راجع: 896

450 من 233صفحة 233 - أأ ب ب- االلل

233

هو األوليستعمل يف معنيني جيب التمييـز بينهما، إىل أن التعدي897أشار بعض العلماء

ظور يف ذاته شرعا، بقطع هو العمل احملوالثاين ااوزة الفعلية إىل حق الغري أو ملكه املعصوم،

.النظر عن كونه متجاوزا على حقوق الغري أم ال

هو املقصود هنا يف هذا املقام، وهو شرط أساسي يف ) التجاوز(فالتعدي باملعىن األول

وال يشترط ملسؤولية املتعدي بالضرورة أن . مسؤولية كل من املباشر واملتسبب على حد سواء

898.لإلضرار، بل يستوي عند وجود التعدي اخلطأ و العمديكون متعمدا؛ أي قاصدا

فليس بشرط للمسؤولية يف كل من ) وهو العمل احملظور شرعا(أما التعدي باملعىن الثاين

املباشر واملتسبب، بعد توافر التعدي مبعىن التجاوز إىل حق الغري أو ماله املعصوم؛ فقد يتحقق

وذلك . ل حمظورا شرعا، بل قد يكون واجبا ويثبت معه الضمانالتعدي ذا املعىن وال يكون الفع

مثل االضطرار إىل أكل طعام غريه بال إذن لدفع اهلالك عن نفسه، فإنه جائز، بل واجب، لكنه ال

وكذا لو أتى فعال غري إرادي مما ال يوصف . ينفي الضمان؛ ألن االضطرار ال يبطل حق الغري

إنسان أو أغمي عليه فوقع على مال غريه فأتلفه، فإنه ضامن وإن مل باجلواز أو احلظر؛ كما لو زلق

ال باملعىن الثاين ) التجاوز إىل حق معصوم(فهنا قد توافر التعدي باملعىن األول . يأت عمال حمظورا

899).عدم اجلواز الشرعي(

هذه والتعدي مبعناه السابق يتمثل يف الواقعة الضارة اليت أحدثت الضرر، سواء أكانت

وهذه الواقعـة ال خترج عن سببني، مها - أي االمتناع- 900الواقعة إرادية باإلجياب أم بالسلب

.خمالفة العقـد أو اإلتـالف

.عالمة الشام مصطفى أمحد الزرقا:897 املوطأ، باب عقل اجلراح يف ]":أي الدية[وإن ما أخطأ به الطبيب، أو تعدى، إذا مل يتعمد ذلك ففيه العقل:" لك رمحه اهللااقال م: 898

.614اخلطأ، ص .79-78ار والضمان فيه، ص الفعل الض: راجع : 899–وذلك ألن من أمكنه إنقاذ إنسان من اهلالك،بأن كان عنده فضل طعام، فلم يفعل حىت مات، فعند احلنفية والشافعية واحلنابلة : 900

بلة والشافعية إذا وهذا احلكم عند احلنا. ال ضمـان على املمتنع؛ ألنه مل يهلكه ومل حيدث فيه فعال مهلكا، لكنه يأمث-عدا أيب اخلطاب

كان املضطر مل يطلب املساعدة، أما إذا طلبها فمنع حىت مات، فإنه يضمن يف هذه احلالة؛ ألن منعه من ذلك كان سببا يف هالكه،

الك ؛ ألنه مل ينجه من اهلدية خطأ إن تأول يف املنع وإال اقتص منهوعند املالكيـة، وأيب اخلطاب، يضمن. فضمنه بفعله الذي تعدى به

رق احلنفيـة بني ـوف. وأدخل الدسوقي يف املضطر حىت غرب اآلدمي، وقاس على فضل الطعام فضل اللباس والركوب. مع إمكانه

فليس للذي خياف اهلالك من العطش أن يقاتل صاحب املاء بالسالح ": وبني احملرز اململوك، فقالوا) العام(الشراب املباح ام أوـالطع

وهلذا كان اآلخذ ضامنا له، فإذا . يف الطعام ألنه ملك حمرز لصاحبهوكذلكذ منه فيقاتله على ذلك بغري سالح، على املنع، ولكن يأخ

صحيح :متفق عليه[" فهو شهيد دون مالهلتمن ق": وقال عليه الصالة والسالم. أخذه حلاجته، فاملانع يكون دافعا عن ماله=جاز له

450 من 234صفحة 234 - أأ ب ب- االلل

234

وقد تكون الواقعـة الضارة غري إراديـة؛ أي ال إرادة ملن يسند إليه الفعل؛ كتلف حدث

لواقعة الضارة إرادية كانت أم وا. يف يـد ضمـان؛ نتيجـة فعل ال يد لصاحب الضمان فيـه

هو - 901كما سيأيت بيانه–غري إرادية تستوجب الضمـان يف الفقه اإلسالمي، ذلك ألن العربة

.حتقق الضرر، بغض النظر عن كون هذا الضرر نتيجة خطأ أم ال

واع التعـديـأن: ثانيـا

ية املدنية إىل من الناح؛ الذي يوجب الضمان عما ينشأ عنه من ضرر،ينقسم التعدي

: مها التعدي باملباشرة، والتعدي بالتسبب :قسمني رئيسني

Ü ماة بينهـالتفرق ضابط:

شريعة اإلسالمية، فيما يتعلق بوجوب ضمان الضرر، بني ما إذا نتج الضرر عن ز فقهاء المي

مهية، ، مث يؤسسون على ذلك حكما على قدر من األ903 كان أم تسببا902الفعل الضار مباشرة

حيث يقررون أنه يف حالة حدوث الضرر عن طريق املباشرة، فإن حمدث هذا الضرر يضمنه يف

أما إذا حدث -مثل األفعال الالإرادية املوجبة للضمان-كل األحوال؛ سواء تعدى أم مل يتعد ،

الضرر بالتسبب، فال يضمن إال بالتعـدي؛ سواء أكان يف صورة العمد أو القصد بالنسبة

. تسبب، وإمهاله و عدم حترزهللم

يشترط لوجوب الضمان أن تكون املباشـرة : وبناء عليـه، ميكن القول يف عبارة موجزة

فكيف يقاتل من إذا ]62:1/124رقم ¡اإلميان:كتاب،صحيح مسلمو¡2348:2/877رقم ،املظامل والغصب: كتابالبخاري،

فأما البئر مباح غري مملوك لصاحب البئر فال يكون هو يف املنع دافعا عن ملكه، ولكنه مانع عن . قتله كان شهيدا على لسان رسول اهللا

ألن صاحب املاء مأمور بأن يدفع إليه بقدر ما يدفع به ؛أن يقاتل مبا دون السالححقه فكان له أن يقاتله بالسالح، ولألول املضطر

الشرح الكبري مع ¡23/166:السرخسي، املبسوط: راجع ." فيؤدبه على ذلك بغري سالح، ما ال حيل فهو يف املنع مرتكب،الضرورة عنه

.بتصرف204/11: املوسوعة الفقهية الكويتية¡2/298: اإلراداتشرح منتهى، البهويت، 4/309:مغين احملتاج¡2/373:حاشية الدسوقي.257الفرع الثاين من هذا املطلب، :راجع :901 باشر الرجل امرأته مباشرة وبشارا، كان -كما ذكر ابن منظور-، ومنه1/22: خمتار الصحاح: بنفسكها أن تليمورألا مباشرة :902

.4/61: لسان العرب:معها يف ثوب واحد فوليت بشرته بشرتهاوالسبب احلبل، وهو ما يتوصل به إىل االستعالء، مث استعري لكل شيء يتوصل به إىل أمر من األمور؛ فيقال . من السببالتسبب: 903

¡1/262:أمحد بن حممد بن علي الفيومي، املصباح املنري يف غريب الشرح الكبري للرافعي: راجع. هذا سبب هذا، وهذا مسبب هذا

.1/458: يل سببا إىل فالن يف حاجيت وودجا؛ أي وصلة و ذريعةجعلت فالنا و: يف لسان العربوجاء

450 من 235صفحة 235 - أأ ب ب- االلل

235

وأخطأ بعض الباحثني إذ أناط التعمد بالتسبب، اعتمادا على . 904بإطالق، والتسبب مع التعدي

". تسبب ال يضمن إال بالتعمدامل"قاعدة مفادها 93 األحكام العدلية؛ حيث تضمنت يف املادة جملة

ال معىن القصد، " التعدي"معىن " التعمد"وتعقب ذلك العالمة مصطفى الزرقا بقوله أنه يراد بلفظ

وأيد كالمه بأن التعدي هو أساس . ومع ذلك فهو تعبري غري سديد ال سيما يف قاعدة؛ ألنه موهم

905.ء، بغض النظر عن التعمد أو اخلطأالتضمني يف حاليت املباشرة والتسبب على حد سوا

وهذا صحيح، فإن ربط الضمان بالتعدي هو الذي جرى عليه الفقهاء من القدمي، ومن عبارام

الضمان على "، 906"الضمان على من تعدى: "الكثرية الدوران يف مناسبات التعليل قوهلم

909.910"الضمان منوط بالتعدي"، و908"الضمان بالتعدي"، و907"املتعدي

وعلى ذلك، فإن معيار التمييز بني التعدي باملباشرة والتعدي بالتسبب يكمن يف حتديد

فالتعدي باملباشرة يتحقق حينما . الطريقة اليت حيدث ا الضرر املوجب للضمان يف الفقه اإلسالمي

ر؛ حيدث الضرر عادة نتيجة مباشرة ملا باشره املعتدي من فعل، دون أن يتوسط بينهما فعل آخ

أما التعدي بطريق التسبب فيتحقق حينما حيصل الضرر، ليس عن فعل . يتسبب عنه الضرر

911.الشخص ذاته، وإمنا عن أمر آخر يفصل بني فعله و الضرر

ديـ التع أو ضابطمعيـار: ثالثـا

الظاهر أن التعدي يف الفقه اإلسالمي، كما:" قال العالمة عبد الرزاق السنهوري رمحه اهللا

فمعياره موضوعي ال ذايت، كما. الفقه الغريب، احنراف عن السلوك املألوف للرجل املعتاد هو يف

عادل جربي، املفهوم القانوين لرابطة السببية، دراسة .و ما يليها، د 58الشيخ علي اخلفيف، الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص: راجع:904

.222مقارنة بأحكام الفقه اإلسالمي، ص.81/90 ، بند 2/1047:دخل الفقهي العامامل: راجع:905

.، باب ضمان املقارض إذا تعدى، وملن الربح8/252: مصنف عبد الرزاق:906، وحيدر علي، درر احلكام 7/274: ، الكاساين، بدائع الصنائع5/96: ، و ابن مفلح، املبدع5/292: ابن قدامة، املغين: راجع: 907

.2/234: شرح جملة احلكام، حممد بن حممد بن عبد الرمحن 2/271: محد بن غنيم بن سامل النفراوي، الفواكه الدواين على رسالة أيب زيد القريواينأ: راجع: 908

عثمان بن علي الزيلعي، تبيني احلقائق ،1/308: عيون البصائر ، أمحد بن حممد احلموي ، غمز5/265، مواهب اجلليل، )احلطاب(

.6/150: شرح كرت الدقائق

.2/301: لزركشي على خمتصر اخلرقيشرح ا: 909.343-1/342:علي أمحد الندوي، موسوعة القواعد والضوابط الفقهية احلاكمة للمعامالت املالية يف الفقه اإلسالمي .د: 910. وما يليها222 ص،السابقعادل جربي، املرجع .دو ، 58األستاذ علي اخلفيف، املرجع السابق، ص : راجع: 911

450 من 236صفحة 236 - أأ ب ب- االلل

236

هو شأن سائر املعايري يف الفقه اإلسالمي، فالعربة إذن يف قياس السلوك املألوف بني الناس، فما

ايل، فالخرج عن املعتاد، كان احنرافا حيقق املسؤولية، وما كان معتادا، ال يكون تعديا؛ وبالت

912". يكون سببا للضمـان

وبناء عليه، يعترب الطبيب متعديا إذا تصرف تصرفا ليس من عادة أهل فن الطب أن يفعلوه،

.سواء تعلق األمر بدرجة العناية الالزمة أو احليطة والتبصر و احلذر

اه اللغوي بتعريف التعدي يف معن إىل أن فقهاء الشريعة اعتنوا 913 ذهب البعض،ويف املقابل

ضابطه، ولكن ليس معىن ذلك أنه ال وأ على معياره واالصطالحي، إال أم مل ينصوا صراحة

فمن املقرر أن احلاكم على أفعال العباد هو ؛ةـ يف الشريع- تعديالضابط أي -ته وجود لفكر

. دون سواه- أواملشرع بلغة القانونيني- سبحانه وتعاىلالشارع

إمنا يرجع أصال إىل الشارع إىل ما ال جيوز،ا جيوز ـة مزد جماوـ حوبناء عليه، فإن معرفة

ويف األحوال اليت يسكت فيها الشارع احلكيم .يف األحوال اليت ينص فيها على مشروعية األفعال

وال يف ، يف الشرععلم له ضابطم ي؛ فلاـ م حدودا هلا، حلكمةرسم أو مل يعن بيان حكم مسألة

914.ع فيه إىل العرفجيرأصل اللغة،

ض وليس العرف الفاسد الذي يناق،قصد بالعرف الذي جيب مراعاته هو العرف الصحيحيحيث

ي وهو الذ؛اـنصا من نصوص الشريعة أو أصال من أصوهلا، سواء أكان هذا املألوف عرفا عام

ن البلدان، أو وهو الذي يسود يف بلد م؛اـأم عرفا خاصيتفق عليه الناس يف كل األمصـار،

فكل ما يراه وعليه، . وحنو ذلك أو األطباء كعرف التجار أو الزراع؛ة من الناس ـطائفلدى

.عد معيارا للتعدي ي– الذكر ة بالضوابط السابق–املسلمون جتاوزا للمألوف الناس أو

والتوفيق بني الرأيني يقتضي القول، إن الفقهاء على فرض أم مل ينصوا صراحة على

إال أنه يستشف من خالل استقراء نصوصهم -ما عدا اال الطيب-ضابط للتعدي بصفة عامـة

ومن . أن هذا الضابط كان ماثال يف أذهام، ورمبا من شدة وضوحه أنه مل تدعهم احلاجة إىل بيانه

ريا حبيث يزلق كث إذا رش ماء]أي يضمن[قالوا هذا : " ذلك ما يليأمثلة ما ورد يف فروعهم يؤيد

ال ادةـع أنه ال يزلق به والظاهـراملعتـاد أما إذا رش ماء قليال كما يف ،ادةـعبه

.6/149: احلق يف الفقه اإلسالميمصادر : راجع:912. وما يليها146 بني الفقه اإلسالمي و القانون املدين، ص التعويض املدين:حممد فتع اهللا النشار. د: 913.هلذه األطروحة الفصل الثاين من الباب التمهيدي يف ، خصائص التشريع اإلسالميحول املطلب اخلامسوذلك كما سبق بيانه يف : 914

450 من 237صفحة 237 - أأ ب ب- االلل

237

، فإنه العـادة وقد خالف -مثال-كما لو وضع ترابا يف الطريق يطين به سطحـه" و915."يضمن

916". يزلق بـه يضمن من

جماوزة ما ينبغي أن "ف التعدي بأنـه ولعل هذا ما دفع بعض الفقهاء املعاصرين إىل تعري

917".يقتصر عليه شرعـا، أو عرفـا أو عـادة

أما ضابط التعدي يف اال الطيب فقد أشار إىل ذلك غري ما أحد من الفقهاء، إذ يتمثل يف

عدم خروج الطبيب عن فعل مثلـه من األطباء، فإن خرجت أعماله عن الرسم املعتاد اعتبر

كمن يطبب املريض بغري إذنـه، أو يتجاوز املوضع املطلوب جراحته فيستأصل 918؛ضامنـا

عضوا صحيحا، أو يستعمل آلة يكثر أملها مع وجود بديل أفضل منها، أو يباشر اجلراحة يف وقت

ال يصلح لذلك من غري ضرورة؛ كاحلر أو الربد املفرطني، أو يف حال ضعف املريض، أو يكون منه

تقصري يف التطبيب يفضي إىل اإلتالف، فال شك يف تعدي الطبيب يف مثل هذه الصور ونظريها،

-920ويسمي العالمة ابن القيم. 919وإن كان حاذقا أو ماهرا يف صناعة الطب، مأذونا له يف ذلك

، حيث كشف عن قاعدة جليلة يف 921 هذا النوع جناية خطأ، تستوجب الضمان-رمحه اهللا

.192/4: بكر املرغيناين، اهلداية شرح بداية املبتديعلي بن أيب: 915.7/357: حممد بن شهاب الدين الرملي، اية احملتاج إىل شرح املنهاج:916

حممد فاروق بدوي العكام، الفعل املوجب .، و د.189فوزي فيض اهللا، املسؤولية التقصريية بني الشريعة و القانون، ص .د: 917

يف والعقودصبحي احملمصاين، النظرية العامة للموجبات.، ود77، ص 1977مي، رسالة دكتوراه، القاهرة، للضمان يف الفقه اإلسال

.222عادل جربي، املرجع السابق، ص .أشار إىل ذلك د: 175الشريعة اإلسالمية، ص

ع القطع فيما قارب كان خطأ، وإن إذا قطع يف الوضع املعتاد فمات مل يكن عليه شيء، وإن زاد على ذلك يسريا ووق:اللخميقال : 918

عبداهللا بن ، قال8/15: حممد بن عبد اهللا اخلرشي، شرح خمتصر خليل: زاد على ذلك فيما ال يشك فيه أن ذلك عمد كان فيه القصاص

¡ابن جنيم: وال يضمن حجام أو فصاد أو بزاغ مل يتعد املوضع املعتاد: حافظ الدين أبو الربكات صاحب كرت الدقائقأمحد النسفي

¡ابن القيم: ال أعلم خالفا يف أن املعاجل إذا تعدى، فتلف املريض كان ضامنا: اخلطايبوقال .8/33: البحر الرائق شرح كرت الدقائق

العلم بتلك الصناعة فلا أهل فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند": الشافعي وقال .80الطب النبوي، ص

ضمان عليه وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح وكان عالما به فهو ضامن وله أجر ما عمل يف الحالين يف السلامة

.6/172: األم": والعطبحممد أمحد سراج، ضمان العدوان يف الفقه . د¡63د الفتاح حممود إدريس، قضايا طبية من منظور إسالمي، ص عب.د: راجع:919

.8/15: على خمتصر خليل اخلرشيحشر، 48أمحد شرف الدين، مسؤولية الطبيب، ص .، د580اإلسالمي، ص بابن القيم نسبة إىل أبيه الذي ته ، أبو عبد اهللا ، وتسميهو حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد بن جرير، الزرعي، الدمشقي احلنبلي:920

ـ رمحه اهللا ـ جمتهدا مطلقا، مث ذكر أنه غلب كان قيما على مدرسة اجلوزية، برع يف مجيع العلوم، وفاق األقران حىت عده الشوكاين

. هـ 751 تصانيف كثرية نافعة ـ تويف سنة عليه حب شيخه ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ حىت كان ال خيرج عن شيء من أقواله، له

.2/143: البدر الطالع مبحاسن من بعد القرن السابع، للشوكاين : انظر .81، والطب النبوي، ص 4/140: زاد املعاد:راجع: 921

450 من 238صفحة 238 - أأ ب ب- االلل

238

وقاعدة الباب : " الطبيب احلاذق الذي أعطى الصنعة حقها ومل جتن يده، فقالمعرض حديثه عن

أن سراية اجلنايـة مضمونة باالتفاق، وسراية الواجـب مهدرة باالتفاق، وما : إمجاعا ونزاعا

فأبو حنيفة أوجب ضمانه مطلقا، وأمحد ومالك أهدرا ضمانه، وفرق الشافعي . بينهما ففيه الرتاع

فأبو حنيفة نظر إىل أن اإلذن يف الفعل . قدر فأهدر ضمانه، وبني غري املقدر فأوجب ضمانهبني امل

إمنا وقع مشروطا بالسالمة، وأمحد ومالك نظرا إىل أن اإلذن أسقط الضمان، والشافعي نظر إىل أن

رات؛ كالتعزيزات واملقدالتأديبات، ر ال ميكن النقصان منه، فهو مبرتلة النص، وأما غري املقد

922".فاجتهادية، فإذا تلف ا، ضمن؛ ألنه يف مظنة العدوان

إثبـات تعدي الطبيب: رابعـا

، جمردة من أي دليل، بل ال بد أن بالتعدياه إيماهت م،ضد الطبيب ال تقبل دعوى املريض

ب مساءلته، يقدم ما يثبت دعواه من من أدلة و براهني تدل على أن الطبيب قد ارتكب ما يوج

لو يعطى : "، و قال صلى اهللا عليه وسلم923»قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقني«: قال تعاىل

ويف رواية 924،"الناس بدعواهم الدعى أناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمني على املدعى عليه

925".ولكن البينة على املدعي، و اليمني على من أنكر: "أخرى

اإلسالمية من خالل نصوصها املتضافرة، اليت تشكل قاعدة عامة، تقتضي فبينت الشريعة

عدم قبول الدعاوى اردة من أي دليل، إذ يف قبوهلا ذريعة لالعتداء على دماء الناس وأعراضهم

.وأمواهلم، وهذا يتعارض مع املقاصد الشرعية الضرورية اليت جاءت الشريعة حبفظها ورعايتها

م، فإن املريض أو نائبه إذا ادعى ما يوجب مسؤولية الطبيب، وأنكر وبناء على ما تقد

الطبيب صحة تلك الدعوى، يتعني على املدعي إبراز ما لديه من األدلة الواضحة؛ إلثبات تسبب

و يف املقابل لو ادعى الطبيب أن ما أصاب . الطبيب يف ضرره، وإال فال مسؤولية على الطبيب

لسبب أجنيب ال يـد له فيه، أو خلطأ املريض نفسه، وأنكر ذلك املريض من ضرر، كان نتيجة

.80الطب النبوي، ص :922.64سورة النمل، اآلية :923، البيهقي يف 11/477: ى عليه عند عدم بينة املدعي مبا يدعيصحيح ابن حبان، كتاب الدعوى، باب ذكر ما جيب على املدع:924

، وسنن الدارقطين، 10585:5/331السنن الكربى، كتاب مجاع أبواب اخلراج بالضمان والرد بالعيوب، باب اختالف املتبايعني رقم

.4/157: كتاب الوصايا، باب خرب الواحد يوجب العمل.20990:10/252وى والبينات، باب البينة على املدعي واليمني على املدعى عليه، رقم البيهقي، السنن الكربى، كتاب الدع:925

450 من 239صفحة 239 - أأ ب ب- االلل

239

املدعى عليه، فإنه يتعني على الطبيب أيضا إقامـة الدليل على ما يدعيه إلثبات صحـة

926.دعواه

¡927فالبينة يف الدعاوى عموما على املدعي، و اليمني على املدعى عليه، وعلى هذا أمجع أهل العلم

ها القانون الوضعي مع الفقه اإلسالمي، حيث يتعني عبء اإلثبات على املدعي وهي مسألة يتفق في

928.كأصل عام؛ وذلك بإثبات خطأ املعتدي، ووقوع الضرر

فإذا كان اخلطأ عقديا، فالظاهر يف الفقه اإلسالمي أنه جيب التمييز يف يد املدين بني ما إذا

ه وهو التزام بتحقيق غاية، وبني ما إذا كانت كانت يد ضمـان، فيقع عليه إثبات أنه قام بالتزام

مبقتضى التزامه ببذل يد أمانـة، فيقع على الدائن عبء إثبات أن املدين، مل يبذل العناية الواجبة؛

929.عنايـة

وإذا كان اخلطأ تقصرييا، يبدو، وفقا للقواعد العامة لإلثبات، أن على املدعي إثبات خطأ

، وذلك بإثبات حصول الضرر من جهة، وإسناد سببه إىل املدعى عليه من )املدعى عليه(املتعدي

. جهة أخرى

وبناء على هذا التحليل، إذا رفع املدعي دعواه، فإن القاضي، بعد أن يطلب من املدعي أن

يبني دعواه، يسأل املدعى عليه، فإن أقر به ثبت بإقراره احلق الذي يدعيه املدعي و صدر احلكم

ا أنكر املدعى عليه ما يدعيه املدعي، طلب القاضي من املدعي أن يقدم بينته اليت يثبت ا وإذ. به

ما يدعيه؛ كالشهود العدول مثال، فإن قدم البينة، ثبتت الدعوى و صدر احلكم ا، و إن عجز

املدعي عن تقدمي البينة، عرض عليه القاضي حق حتليف خصمه اليمني، فإن طلب حتليفه وحلف

وإن نكل املدعى عليه عن اليمني اعترب ذلك إقرارا ضمنا، وثبت . ملدعى عليه، رد القاضي الدعوىا

عليه احلق الذي يدعيه املدعي، وصدر احلكم به، إما مبجرد نكوله أو بعد رد اليمني على

930.املدعي

دراسة تأصيلية مقارنة بني الشريعة اإلسالمية و القوانني املعاصرة-عبد اهللا بن سامل الغامدي، مسؤولية الطبيب املهنية: راجع: 926

.268-267ص ) رسالة جامعية(

.62، ص إلمجاعم، ا حممد بن ابراهيابن املنذر:927.270وهبة الزحبلي، نظرية الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص .د: راجع:928.6/152: عبد الرزاق السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي.د:929

.133عبد الكرمي زيدان، نظام القضاء يف الشريعة اإلسالمية، ص.د: راجع: 930

450 من 240صفحة 240 - أأ ب ب- االلل

240

ل علم مثفوسائل إثبات الدعوى يف الفقه اإلسالمي كثرية جدا، بعضها خمتلف فيه؛

، وبعضها متفق عليه؛ كاإلقرار، الشهادة، واليمني القرائن، القسامة، القيافة، والقرعة، القاضي

لذلك، أرى من املناسب . والنكول عنها، وهي بال ريب أكرب من أن حتيط ا حدود هذه الدراسة

بها أو ذيلها أن أسلط الضوء على ما يالئم الدعاوى الطبية املعاصرة من وسائل اإلثبات، يف جان

:، وذلك كما يلي931املدين

932:اإلقـرار.1

هو إخبار بثبوت حق للغري 934 وعند الفقهاء933. هو اإلذعان للحق و االعتراف بهاإلقرار

حال كونه عاقال بالغا خمتارا غري حمجور عليه أو مفلس إذا تعلق اإلقرار حبق مايل، على املخرب،

فاإلخبار هو قيد خرج . معلومة ملن ال حيسن غريها كاألخرسسواء كان لفظا أو كتابة أو إشارة

، وال يقبل اإلقرار من جمنون أو صيب أو مكره، 935به اإلنشاء عند مجهور الفقهاء ماعدا احلنفية

ويصح إقرار السفيه واملفلس باحلد والقصاص؛ ألنه غري متهم، دون إقراره باملال؛ فإن السفيه

ف باملال، وإن احملجور عليه بإفالسه متهم يف تأثريه على حق الغري متهم بعدم أهليته يف التصر

ويستوي أن يكون اإلقرار باللفظ الصريح أو تقدميه مكتوبا إىل جملس القضاء، أو . كالدائنني

. باإلشارة املتداولة عرفا اليت ليس فيها شك يف الداللة على مقصودها، وتتعني يف حق األخرس

قر، يؤخذ به وحيكم عليه مبقتضاه، ويعترب أقوى وسيلة من صرة على املواإلقرار هو حجة قا

اإللزام باإلقرار أشد أسباب احلكم وأقوى من البينة؛ ألن احلكم باإلقرار "وسائل اإلثبات، فـ

وقد أطلق عليه سيد األدلة ؛ ألنه اعتراف من 936؛"مقطوع به، بينما احلكم بالبينة مظنون فيه

ذلك أن اجلاين؛ بوصفه طبيبا مثال، إذا شهد على نفسه . ، وهو أعلم ا من غريهاجلاين على نفسه

مبا يوجب الضرر ا، غالبا ما يكون صادقا يف شهادته على نفسه، وهو أعلم من غريه حبقيقة فعله،

لدعوى أخرى؛ جنائية كانت أم إدارية، بالذيل ؛ أي التابعةجلانب، وبالدعوى املدنية التبعيةأشرت إىل الدعوى املدنية األصلية با: 931

. يف هذا التعبريوأرجو أن أكون موفقا الغامدي، مسؤولية بن سامل، عبد اهللا285-284مبارك، التداوي و املسؤولية الطبية، ص بن حممد آل الشيخ قيس. د: راجع :932

. وما يليها135، ص يف الشريعة اإلسالمية عبد الكرمي زيدان، نظام القضاء.، ود172-171الطبيب املهنية، ص

.5/88: ان العربـلس: 933.6/452:، وكشاف القناع2/243: ، املهذب ،:5/64اية احملتاج5/216:، مواهب اجلليل4/156: الفتاوى اهلندية: راجع:934 ال يكون إال مبا هو -أي اإلنشاء-ا وقد يكون كذبا واإلعالم والبشارة واإلشهادفإن اخلرب قد يكون صدق" :السرخسيقال :935

.18/20: املبسوط": صدق

. وقد عزاه إىل معني احلكام لعالء الدين علي بن خليل الطرابلسي احلنفي¡4/98: علي حيدر، درر احلكام شرح جملة األحكام936:

450 من 241صفحة 241 - أأ ب ب- االلل

241

ويف حالة اإلقرار يسقط عبء اإلثبات عن املدعي، ليصري . ومن مث كان اإلقرار الصادر حجة عليه

وال يصح الرجوع عن اإلقرار بعد . قرار حجة كاملة يف ذاته، مبثابة النص يف حمل الرتاعاإل

ويف ذلك يقول العالمة . وذلك ألن القضاء باإلقرار يستند إىل العلم احلاصل باإلقرار937القضاء،

لو أقر أحد اخلصمني عند القاضي، فحكم عليه مستندا إلقراره، : - رمحه اهللا- 938ابن فرحون

د شهود الس بذلك، مث أنكـر أن يكون أقـر، أنفذ تلك املقالة على قائلها ومل يعذر إليه وشه

يف شهادة شهودها؛ لكوا بني يديه وعلمه ا وقطعه حبقيقتها، وال يفيد اخلصم إنكاره، وهذا هو

939.األصح، وبه جرى احلكم والعمل

:واالختالف بيتها وبني رأي اخلرباء الشهـادة-2

الصادر عن علم حاصل باملشاهدة، فهي اإلخبار أو البيان؛ أي القول: ةهادة يف اللغـالش

وقد تطلق أيضا على احللف، ومن . اليت تنىبء عن املعاينة، وا يقع البيان إذن مشتقة من املشاهدة

لق وتط940،»ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات باهللا إنه ملن الكاذبني« :ذلك قوله تعاىل

وقوله جل 941،»وهم على ما يفعلون باملؤمنني شهود«:أيضا على احلضور؛ ومن ذلك قوله تعاىل

942.»فمن شهد منكم الشهر فليصمه«: شأنـه

ـا فهي إخبار صادق يف جملس احلكم بلفظ الشهادة أو ما يقوم : أما الشهادة شرع

احلق فيمايف النفس و تكشف وتسمى البينة؛ ألا تبني ما 944.؛ إلثبات حق على الغري943مقامها

ا الرجوع عنه بعد إصدار احلكم فال ـأم . جائز، إذا مت حتت اإلكراه مثال، وإال فالقبل إصداراحلكم يبدو أن الرجوع عن اإلقرار:937

جيوز؛ ألن حجية احلكم املقضى به متنع من ذلك، وهو ما يعرب عنه الفقهاء بأنه يفضي إىل التسلسل و الدور و هو باطل، فباطل ما

.يؤدي إليه وهو الرجوع عن احلكم بعد إصدارهان الدين إبراهيم بن علي املشهور بابن فرحون ، أحد كبار فقهاء املالكية ، ولد باملدينة بعد السبعمائة بيسري ، وله القاضي برههو : 938

. هـ 799تبصرة احلكام ، ودرر الغواص يف حماضرة اخلواص ، والديباج املذهب ، تويف ـ رمحه اهللا ـ سنة : مؤلفات كثرية منها

: ، حتقيق45:، ص وتوشيح الديباج وحلية االبتهاج، ، بدر الدين حممد بن حيي القرايف30:اج، صنيل االبتهاج بتطريز الديب: انظر

. أمحد الشتيوي.1/143: تبصرة احلكام: راجع:939.08سورة النور، اآلية :940.07سورة الربوج، اآلية :941

.185سورة البقرة، اآلية : 942

،"أحتقق"و " أعلم"يف مستهل شهادته، وال يقوم غريها مقامها؛ كقوله " أشهد"يبدأ الشاهد بكلمة أن احلنفيةاشترط حيث :943

و للمالكية قوالن أظهرمها عدم االشتراط، وإمنا املدار فيهاعلى ما يدل على حصول علم الشاهد مبا شهد به كرأيت كذا ، و مسعت

¡6/282:الكاساين، بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع : انظر. دائها صيغة معينةكذا، أو أحتقق أن هلذا عند هذا كذا، فال يشترط أل

.6/60: وحاشية الدسوقي، على الشرح الكبري للدردير

450 من 242صفحة 242 - أأ ب ب- االلل

242

وهي فرض كفائي، ذلك أن . 946"البينات شرعت إلثبات خالف الظاهر" و945اختلف فيه،

يؤدي إىل حصول -بال عذر-الشريعة قاضية بأن من علم شيئا؛ من طبيب و غريه، وكان كتمانه

ـة الشاهد وإن وظيف. مفسدة و دفع مصلحة عامة أو خاصة، أنه جيب عليه إظهاره واإلخبار به

فهي من عمل ) أي االستنتاج(هي النقل ارد ملا رآه أو مسعه، أما ترتيب املسببات على األسباب

الذي يتعني عليه احلكم باحلـق يف القضية 947ووظيفته،) أي قاضي املوضوع ( احلاكم

948،»فاحكم بني الناس باحلق«:املعروضة، ألنه مأمور بذلك بنص الكتـاب يف قولـه تعـاىل

تعترب من احلق الذي جيب احلكم استنادا 949والشهادة كما تشري اآليات الدالة على مشروعيتها،

950.إليه

وفيما خيص فعل الطبيب فإنه ال يقبل أن تقدم شهادة عليه من أشخاص عاديني، غري عاملني

يل، وإمنا يعول يف بطبيعة العمل الطيب، إال يف حالة التدليل على عدم سابقة اإلذن من املريض أو الو

الشهادة على أهل اخلربة و االختصاص؛ لبيان وضع العمل الذي قام به الطبيب، ومدى اتفاقه مع

951.األصول العلمية و الفنية املتفق على اتباعها يف مهنة الطب

واملراد بشهادة أهل اخلربة، إخبار اخلبري عن حقيقة أمر ال ميكن التوصل إىل معرفته إال عن

فحقيقة ما يعرض على جسم اإلنسان من مرض، ال يتبينه وال حيدد . أهل االختصاصطريق

مل اجتاهي الفقهاء، و يبدو أن اشتراط احلنفية للفظ الشهادة أسلم، سدا لذريعة شلي على حنو بصياغة خاصةو قد أوردت التعريف :944

أحكم، و ذلك ألنه يغلب املقاصد على -على أظهر القولني عندهم -فاظ، فتضيع املعاين، وأن عدم اشتراط املالكية له التالعب باألل

فإن اعترض على هذا بأن ". العربة يف العقود املقاصد و املعاين، ال لأللفاظ و املعاين" الوسائل، وهو يتماشى مع القاعدة الفقهية املعروفة

واألصل أن . ، فهي يف حكم العقود)تصرف قانوين عند القانونيني(د، أمكن القول بأن الشهادة تصرف شرعيالشهادة ليست بعق

الشريعة مل تشترط لفظا خاصا ال يف كتاب و ال سنة، وهلذا مل يتطرق لبحثها بعض الفقهاء، على أنه يف كل األحوال ينبغي للقاضي أن

. واهللا تعاىل أعلم. ن أتت بأي لفظ أو لسان يتأكد من سالمة و دقة الشهادة املقدمة، وإ.141 نظام القضاء، ص ،عبد الكرمي زيدان.، أشار إليه د145-144الشيخ علي قرعة، األصول القضائية، ص : انظر:945

.669¡3/370: علي أمحد الندوي، موسوعة القواعد والضوابط الفقهية.د: 946.288صقيس بن حممد آل الشيخ مبارك، املرجع السابق،.أشار إليه د:395¡353ابن أيب الدم، أدب القضاء، ص : 947

.38، اآلية صسورة: 948ر إحدامها إحدامها فتذك و امرءتان أن تضل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن مل يكونا رجلني فرجل«:كقوله تعاىل: 949

. على التوايل283¡282سورة البقرة، اآليتان : » آمث قلبهلشهادة ومن يكتمها فإنهوا اوال تكتم «:و قوله تعاىل، »خرىاأل.6/282: عالء الدين الكاساين، بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع: راجع: 950.276-275عبد اهللا بن سامل الغامدي، املرجع السابق، ص : راجع:951

450 من 243صفحة 243 - أأ ب ب- االلل

243

اخلربة يف الشهادة - رمحهم اهللا-وقد اشترط الفقهاء . حجمه وصفته و خطره إال الطبيب املختص

أن يكون عارفـا مبا يتعلق به، ففي عيوب النساء يكون عاملا يشتـرط يف كل شاهـد: "فقالوا

952".ببالط

واخلبري . والتخصصات يف وقتنا، حىت بات يلقب بعصر التخصصات فقد تشعبت العلوم

هو كل شخص له دراية خاصة ومعرفة كاملة مبسألة من املسائل؛ سواء تعلقت بعلم الطب

أوغريه، تستلزم أن يرجع إليه القاضي إذا أشكل عليه أمر؛ ملعرفة رأيه الفين الكاشف ملقتضى

953.»فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون«: اىلقال تع. احلال

وقد صرح األصحاب أنه تقبل شهادة الرجل الواحد من :" ما نصه954 وجاء يف الطرق احلكمية

وتقبل شهادة الطبيب العدل يف : يف خمتصره فقال955غري ميني عند احلاجة، وهو الذي نقله اخلرقي

، وورد يف املنتقى شرح "ك البيطار يف داء الدابة إذا مل يقدر على طبيبني، وكذل956املوضحة

. استخدام العارف واخلبري يف شرب اخلمر للكشف عن شاربيها957املوطأ

فقد ذكـر. وجيوز قبول شهادة اخلبري حىت لو كان غري عدل، أو غري مسلم عند احلاجـة

ومما نقله . عا للمسألة يف باب شهادة غري العدول للضرورة كالما بليغا جام-رمحه اهللا-ابن فرحون

وعليه، . ، أنه إذا كان املوضع ال عدول فيه، جاز احلكم بشهادة أمثاهلم958عن بعض علماء املالكية

.4/327:حاشية قليويب:952.43سورة النحل، اآلية :953954 :123ة، صـوزيم اجلالبن قي.

املذهب احلنبلي، كان عاملا بارعا يف املذهب، وكان ذا هو عمر بن احلسني بن عبد اهللا بن أمحد، أبو القاسم، اخلرقي، أحد أئمة:955

يف كتابه له مصنفات كثرية يف املذهب مل ينتشر منها إال املختصر يف الفقه الذي شرحه مجاعة من العلماء، منهم ابن قدامة . دين وورع

-، حتقيق حممد حامد الفقي، دار املعرفة2/75: حممد بن أيب يعلى أبو احلسني، طبقات احلنابلة: هـ334 سنة -رمحه اهللا- تويف . املغين

.ن.ت.بريوت د.1/302: خمتار الصحاح": شجة اليت تبدي وضح العظم الاملوضحة":956.3/142:لسليمان بن خلف الباجي: 957

وإذا جاز نصب الشهود فسقة؛ ألجل : "ة للقرايف يف كتاب األقضية نقال عن أيب زيد القريواين يف النوادر، أنه قالجاء يف الذخري:958

أنا ال نشك أن قضاة زماننا : "...واستطرد قائال". عموم الفساد، جـاز التوسع يف أحكام املظامل و اجلرائم؛ ألجل كثرة فساد الزمان

انوا يف العصر األول ما ولوا وال حرج، وواليتهم حينئذ فسق ظن، وألم فإن خيار زماننا هم أراذل وشهودهم ووالم وأمنائهم لو ك

أدركت أقواما كانت نسبة أحدنا إليهم كنسبة البقلة إىل :-رمحه اهللا-فقد قال احلسن البصريذلك الزمان، ووالية األراذل فسوق،

ويعضد ، ما كان قبيحا واتسع ما كان ضيقا واختلفت األحكام باختالف األزمان فقد حسن؛ وهذا زمان احلسن فكيف زماننا،النخلة

ع للموقع يف النجاسة ويف زمن املطر يف طينه وأصحاب القروحذلك من القواعد األصلية أن الشرع وس،ز ترك أركان الصالة وجو

.10/46" : وكذلك كثري يف الشرع ،وشروطها إذا ضاقت احلال عن إقامتها

450 من 244صفحة 244 - أأ ب ب- االلل

244

أقمنا أصلحهم وأقلهم فجورا للشهادة عليهم، ويلزم مثل ذلك يف القضاة وغريهم، رعاية

ال تنهدر الدماء وتضيع احلقوق للمصاحل، فإن التكليف شرط يف اإلمكان، وهذا كله للضرورة؛ لئ

وتتعطل احلدود؛ ولذلك أجازوا احلكم بقول الطبيب النصراين يف العيوب ويف مقادير اجلراح

959.وتسميتهـا

ويبدو أن القول جبواز شهادة غري املسلم، حينما ال يوجد سواه، سائغ ومناسب لعصرنا

أما شهادة غري . ت و توافر وسائلهالذي شهد تعامل املسلمني بغريهم، نتيجة لسهولة االتصاال

. العـدل أو الفاسق حتديدا، فإا جائزة بشرط، يف حال تعذر وجود العدل، وإال فال تقبـل

وذلك ألن إسقاط شهادة الفاسق إمنا كانت لكون الفسق مظنة كذب الفاسق ال سلب أهليته،

لة يف منع قبول شهادته، وإمنا يعلم صدقه فإذا علم كونه صادقا فقد انتفت مظنة كذبه اليت هي الع

أما تقدير القرائن . تدل على ذلك، وتبعث االطمئنان على أنه صادق960قرائنمع فسقه بوجود

ويعترب هذا القول . الدالة على صدق الفاسق؛ فأمر متروك إىل القاضي حسب تقديره واجتهاده

وجيوز شهادة املرأة، 961.دالة الشاهدسائغا، يف حال غلبة الفسق على الناس، وتعذر إثبات ع

خصوصا فيما ال يطلع عليه غريهن؛ من ممرضات وقابالت وطبيبات، الاليت يباشرن عالج املرضى

962.وجراحتهم، وهن أوىل بالنظر إىل عورات النساء املريضات من الرجال، إال لضرورة

حتت إشرافه؛ كاملمرض ويشترط أال يكون الشاهد أجريا عند املشهود عليه أو عامال

بالنسبة للطبيب و الطبيب ألستاذه، فيكون عرضة لالام بأنه استعمل شهادته جللب منفعة أو دفع

مضرة، وأال يكون بني الشاهد واملشهود عليه عداوة أو تنافس، ولو كان عدال، على قول أكثر

963.أهل العلم

.2/26: تبصرة احلكام: راجع:959 كالقرن بني احلج و العمرة، واجلمع بني التمرتني، ومنه ما يطلق على املقارنة واملصاحبة؛ لغة مأخوذة من والقرينة، مجع قرينة: 960

.2/373: الطبالقانون يف: ثل اخلفقان مبقرينة؛ ال يدل إال - أي األحوال-وبعضها : قال ابن سينا. وعلى الزوج قرين،الزوجة قرينة

مثلا إذا خرج أحد من دار خالية خائفا مدهوشا وفي يده الأمارة البالغة حد اليقنيالقرينة القاطعة هي : " من الة1741جاء يف املادة

رار وخل في الدم فدثة بالدلوم إلى سكني فتلتلا يص وخالش نه قاتل ذلكفي كو هبتشقت فلا يالو في ذلك وحذبم صخا شفيه ئي

هفسل نا قتمبر ذكورالم صخالش كون ذلكفة كأن يرة الصميهالات الوتما . 4/431: درر احلكام": الاحأمر ": وقال اجلرجاين بأ

.1/223: التعريفات": املطلوب إىل يشري.155-154عبد الكرمي زيدان يف نظام القضاء، ص . ، مشار إليه عند د4/88: الروض النضري شرح جمموع الفقه الكبري:انظر:961

.293-292التداوي واملسؤولية الطبية، ص: راجع:962. وما يليها155، ونظام القضاء، ص 293املرجع ذاته، ص : راجع: 963

450 من 245صفحة 245 - أأ ب ب- االلل

245

: باء من وجهنيختتلف الشهـادة عن رأي اخلبـراء الفنيني كاألط

إن رأي اخلبري الفين هو إخبار عن حقيقة علمية، ميكن أن تنطبق على أي إنسان : الوجه األول

وقعت له نفس الظروف واألحداث اليت وقعت لذلك الطبيب و املريض، أما الشهادة فإا تتعلق

.باملريض نفسه وما حدث له يف عالقته بالطبيب

دة أن تكون من اثنني على األقل، أما اخلربة فإنه يكفي فيها قول يشترط يف الشها: والوجه الثاين

964.خبري واحد؛ النتفاء الشبهة، إذ ال يتصور منه معاداة مجيع اخللق

وحيصل أن يتفق أهل اخلربة على حتديد نوع احلالة اليت أمامهم، ويف هذه احلالة ال إشكال

أما إذا اختلفت شهادم على سبيل التضاد، . ضاءيف قبول شهادم، واعتبارها بينة يستند إليها الق

:وهذه احلالة هلا احتمـاالن

أن يتساوى عدد الشهود يف كل جانب، وذلك بأن يكون يف جانب الطبيب :االحتمال األول

ففي هذه احلالة تلغى شهادة أهل اخلربة من اجلانبني؛ . شاهدان ويف جانب املريض شاهدان أيضا

تعارضها يف الداللة، فتتهاتر أو تتساقط ويعمل باألصل، و هو السالمة وبراءة لتساويها يف العدد و

الكحال :"جاء يف الفتاوى اهلندية. 965الذمة؛ ألا األصل املتيقن، فال يصح إثبات العيب خبالفه

ا إذا غلط، فإن قال رجلان إنه إذا صب الدواء يف عين رجل فذهب ضوءها لا يضمن كالختان إل

نمضل لا يلان هو أهجوقال ر ،لهق فعرذا من خهل و966".ليس بأه

أن ترجح كفة أحد اجلانبني على األخرى؛ وذلك كأن يكون الشهود يف جانب : االحتمال الثاين

احلالة، يعترب جانب الطبيب، وتلغى شهادة من منهم يف جانب املريض، ففي هذه 967الطبيب أكثر

والعكس صحيح، تعترب شهادة املريض إذا كان الشهود يف جانبه أكثر منهم . كان جبانب املريض

وإن كان يف جانب الكحال واحد، ويف جانب : "ومن تقريرات العلماء قوهلم. يف جانب الطبيب

رمحهم - وقد تطرق علماءنا قدميا.281 ص و الغامدي يف مسؤولية الطبيب املهنية،¡290التداوي و املسؤولية الطبية، ص : راجع: 964

خرب خيتص هي هادة اليت واية خربا عاما ال خيتص مبعني، خبالف الشر للمسألة بعنوان الفرق بني الشهادة و الرواية، حيث اعتربوا ال-اهللا

.وقد عزاه إىل اإلمام أيب عبداهللا املازري. 1/12: أمحد بن إدريس القرايف يف الفروق: انظر.بشخص معني.39الشيخ أمحد بن حممد الزرقا، شرح القواعد الفقهية، ص: 965

.4/512:ومجاعة من علماء اهلندالدين الشيخ نظام : 966. شرعا ملغاة، بال توافر الشروط العدد،أما كثرة .؛كالعدالة وحنو ذلك آنفااملبينة شرعا، عتربةشهود امللطبعا بشروط ا:967

450 من 246صفحة 246 - أأ ب ب- االلل

246

منان ضر اثنفضمن الطبيب يف هذه احلالة؛ ألن الشهود جبانب املريض أكثر منهم يف 968".الآخ

.جانب الطبيب

ويستثىن من هذه احلالة ما لو اضطربت أقواهلم، حيث يكون اختالفهم سببا لتساقط

969.شهادام، فضال عن أن تكون حجة ملن شهدوا له

يف نازلة نزلت -قاضياوقد كان - 970"وثائق يف الطب اإلسالمي"وقد أشار إىل هذا صاحب

فذهب . واختلفت فيها أقوال أهل اخلربة، يف عيب يف عني جارية-أعادها اهللا لإلسالم-بقرطبة

واضطربت أقوال شهود املدعى عليه الثالثة يف . ثالثة من األطباء إىل صحة وجود العيب وقدمـه

ل آخر إن العيب يقدم حدوث العيب، فذهب أحدهم إىل القول بعدم وجود أثر للعيب، و قا

فأفىت بإسقاط شهادة شهود املدعى عليه؛ الضطراب . ويحدث، وقال الثالث إن العيب حديث

. أقواهلم، واعترب شهادة غريهم التفاقهم على معىن واحد

:وحكمها شرعا يف اال الطيب ةـ الكتاب.3

بيب و املريض، سواء كان عقدا طبيا، املراد بالكتابة ما يتم كتابته يف إطار العالقة بني الط

أو توقيعات للمريض أو وليه تدل على موافقته وإذنه للطبيب بإجراء عملية جراحية، وحنو ذلك

من الوصفات الطبية، وما يكتبه الطبيب من تقارير وبيانات عن احلالة الصحية للمريض، وما يتعلق

.به للرجوع إليها عند احلاجة هلا

أمهية خاصة يف جمال اإلثبات يف الفقه اإلسالمي، وقد دلت على مشروعيتها آية وحتظى الكتابة ب

، وإن ذهب مجهور العلماء إىل أن 971»وليكتب بينكم كاتب بالعدل«:املداينة، حيث قال تعاىل

األمر يف هذه اآلية بالكتابة ينصرف إىل االستحباب واإلرشاد إىل صون املال عن الفساد

؛ ألنه أدفع للرتاع وأقطع للخالف 973عض العلماء الذين ذهبوا إىل الوجـوب، خالفا لب972والبوار

.4/512:جلنة من علماء اهلند برئاسة نظام الدينتأليف الفتاوى اهلندية،: 968

.295املسؤولية الطبية، صوالتداوي : راجع:969

.66-60، ص ) هـ486ت ( - رمحه اهللا- األصبغ عيسى بن سهل بن عبد اهللا األسدي القرطيب، أبواإلمام: 970

.282سورة البقرة، اآلية:971

وما يليها، الرازي، 3/384: ، تفسري القرطيب1/329: ، ابن العريب، أحكام القرآن2/206: اجلصاص، أحكام القرآن:راجع:972

، الشنقيطي، أضواء 1/63: اجلاللني تفسري¡1/578: ، تفسري البيضاوي1/352: ، الزخمشري، الكشاف7/93: التفسري الكبري

.1/184:البيان، الشوكاين حممد بن علي، فتح 3/120:أبو جعفر الطربي، جامع البيان يف تأويل القرآن: راجع .وبه قال البعض مثل عطاء والشعيب:973

.8/80: باآلثار، احمللى علي بن أمحد، ابن حزم1/300: القدير

450 من 247صفحة 247 - أأ ب ب- االلل

247

وفقا للقواعد العامة -وعليه، يبدو يل أن عصرنا احلايل حيتم علينا. الناتج عن النسيان أو اجلحود

يف األشياء اخلطرية املفضية إىل ترجيح العمل بالرأي الثاين القائل بالوجـوب،-للشريعة اإلسالمية

حفظا للمال، وكحل األبضاع يف النكاح 974رتاع؛ كالعقارات واملنقوالت املتقومة دون اليسريةال

حفظا للدين والنسل، وكاملعامالت الطبية بصفة عامـة؛ ألن ذلك أدعى إىل حفظ النفس، وذلك

:من وجهني

باخلريية، اتسم سلف هذه األمة، خصوصا يف القرون الثالثة األوىل املشهود هلا : الوجه ألول

فكان القول . بانتشار الصالح و الورع؛ الذي مينعهم من التعدي على حقوق الغري بغري حق

أما عصرنا الذي غلب عليه فساد الذمم وقلة الورع، فإن القول . باالستحباب يف حقهم سائغا

تدين باستحباب الكتابة يف حقهم غري سائغ؛ ملا يؤول إليه من ضياع حقوق الناس، و تشجيع املع

فسد ذريعة الفساد أمر واجب، ودرء املفاسد باعتبار ما يؤول إليه أوىل من جلب . على ذلك

.املصاحل، بل هو عني املصلحة

إىل أنه ملا كانت األمية منتشرة يف العصور األوىل، فإن القول 975أشار البعض:الوجه الثاين

وما جعل عليكم «:نه وتعاىل يقولبالوجوب يف حقهم يف ذلك الوقت يدعو إىل احلرج، واهللا سبحا

، أما اآلن وقد انتشر التعليم، فإن املانع للوجوب قد زال، وبالتايل فإن 976»يف الدين من حرج

الكتابة ينبغي أن يكون هلا أولوية وأمهية يف اإلثبات أمام اجلهات القضائية، خصوصا أن كثريا من

عليها ملعرفة التعدي أو اخلطأ الطيب، وهو رأي اإلجراءات الطبية تتم بطريقة مكتوبة، ميكن التعويل

. لـه وجاهتـه- كما يبدو-

. مث إن حفظ املعلومات اخلاصة باملرضى ال يتم إال بكتابتها يف أوراق مرتبة موثقة ومؤرخة

وعليـه، ينبغي أن يتم التوثيق بعبارات واضحة يف مدلوهلا على املعىن املراد من وضعها له، ويف

وعليه التحرز من العبارات احملتملة للمعاين، وجتنب: "- رمحه اهللا-977إلمام اجلصاصهذا يقول ا

وهذا ما أخذت به كثري من القوانني . رأي القائل باالستحباب فيما ال يفضي إىل الرتاع؛ كاملال اليسرييفهم من ذلك جواز العمل بال:974

م، إذ جاء 2005ج، مبوجب قانون .م. ق333انظر مثال املادة .احلديثة، حتت مسمى العقود الرضائية، اليت ال تتطلب الشكلية أي الكتابة

. من ذات القانون334 يشترط فيها الشكلية، ما عدا استثناءات وردت باملادة ج، ال.فيها أن كل ما ال يفوق مائة ألف د.284-283الغامدي يف مسؤولية الطبيب املهنية، ص: انظر:975

.78سورة احلج، اآلية:976

شرح خمتصر صول، و والفصول يف األعلي الرازي أبوبكر، إمام احلنفية يف عصره، من تصانيفه أحكام القرأن،حممد بن هو أمحد بن :977

.1/84: ابن أيب الوفاء، طبقات احلنفية :اجعر.هـ370 تويف سنة هـ و305، وشرح أمساء اهللا احلسىن، ولد ببغداد سنة الطحاوي

450 من 248صفحة 248 - أأ ب ب- االلل

248

.978" األلفاظ املشتركة، وحتري حتقيق املعاين، بألفاظ مبينة، خارجة عن حد الشركة واالحتمال

ومما جرى العمل به يف عصرنا أن يكون لكل مريض ملف طيب، حيفظ فيه كل ما يتعلق به

وقد نص العلماء على . حوال، وال شك أن هذا األمر فيه مصلحة شرعية لذوي احلقوقمن أ

وجوب حفظ الوثائق، سواء من قبل القاضي أو الطبيب، يف مكان أمني ال تصل إليه يد تغير ما فيه

، وعلى وجوب ضمان من تسبب يف إتالف وثيقة تثبت حق ضامن؛ لتسببه يف 979من بيانات

تقطيع الوثيقة املتضمنة للحق وللشهادة كو:" فقد عد القـرايف من أسباب الضمانضياع حقه،

لتسببه ؛ذلك احلق -رضي اهللا عنه- فيضمن عند مالك، فيضيع احلق بسبب تقطيعها، به

980".هـفي

:ررـالض: اينـالفرع الث

جرى الغريب؛ حيث والتشريعالفقهن اخلطأ هو أبرز عناصر الضمان يف كل من ذا كاإ

القول والعمل على أنه جيب يف الفعل الذي ينشأ عنه الضرر أن يكون خطأ، فإن الضرر هو أبرز

عناصره يف الفقه اإلسالمي؛ حيث ال يشترط الفقه اإلسالمي يف الضـرر املوجب للتعويض، أن

على أن ، وإن كانا يتفقان981يكون ناشئا عن اعتداء، وخمالفة حمظورة، بل جيب الضمان فيه مطلقا

وقد أخطأ من ظن أن . ملسؤولية املدنية ال تتحقق، دون وقوع أي ضرر باملضروراالضمان أو

مسؤولية الطبيب، يف الشريعة اإلسالمية، تقوم على أساس التعدي واخلطأ، ال على أساس الضرر؛

، وسيأيت جواب ذلك من خالل ما يأيت. 982باعتباره األساس العام للضمان، ومنطق العدالة

وبناء عليـه، يطيب يل تناول هذا الفرع يف النقـاط . خصوصا أثناء حديثي عن معيـار الضرر

:التاليـة

تعريـف الضـرر: أوال

لفظ الضرر من حيث معرفة ماهية علينا احلكم على الشيء فرع عن تصوره؛ لذلك كان لزاما

: وذلك كما يلي،اللغة واالصطالح

.1/484: أحكام القرآن: 978

.2/77:أدب القاضي¡)هـ450ت(أبو احلسن املاوردي علي بن حممد: راجع: 979

.2/336: وق يف أنواع الفروق مع هوامشهالقـرايف، أنوار الرب: راجع:980.54-53الشيخ علي اخلفيف، الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص : انظر:981

.201، ص"ضمان العقد يف الفقه اإلسالمي"حممد جندات احملمد، يف أطروحته املتميزة للدكتوراه بعنوان .د: راجع:982

450 من 249صفحة 249 - أأ ب ب- االلل

249

: ةـه لغـريفـعت. 1

ضد النفع، وبابه رد، وضاره بالتشديد مبعىن ضره الضرر: 983اء يف خمتار الصحاحج

والضر بالضم اهلزال وسوء ... واالسم الضرر، وضرة املرأة امرأة زوجها، والبأساء و الضراء الشدة

ورجل ذو ضارورة وضرورة أي حاجة، وقد اضطر إىل الشيء أي واملضرة خالف املنفعة، احلال،

. ضرير بين الضرارة بالفتح؛ أي ذاهب البصر، والضرائر احملاويجأجلىء إليه، ورجل

الضرر النقصان يدخل يف الشيء، يقال دخل عليه ضرر يف : 984وورد يف لسان العرب

الضرة األذاة، : 985وهو الزمن، والضراء الزمانة، قال ابن األعرايبماله، والضر أيضا حال الضرير

أي غري من به : 987؛ أي غري أويل الزمانة، وقال ابن عرفـة986»غري أويل الضرر«: وقوله تعاىل

علة تضره وتقطعه عن اجلهاد، وهي الضرارة أيضا، يقال ذلك يف البصر و غريه، والضرر الضيق،

، فإن للضرر معان أخرى أيضا، ال يستدعي مقام يهوبناء عل. ومكان ضرر أو ذو ضرر، أي ضيق

. أنه ضد النفع، والنقصان واألذى بصفة عامة-كما يبدو- تقصاءها، وأشهر معانيهالبحث اس

:تعـريفـه اصطالحـا.2

ال ضرر وال "تناول كثري من فقهاء الشريعة لفظ الضرر بالتعريف، مبناسبة شرحهم حلديث

ر بين ناتج ، وكانت كثري من معانيهم االصطالحية قريبة من املعاين اللغوية، وفيها قصو988"ضرار

كما تناولوا تعريفه 989.عن املقارنة بني الضرر والضرار واعتمادهم يف تعريفه على سياق احلديث

.1/159:مد بن أيب بكر بن عبد القادر الرازيحمل:983

.484 ، 4/483:البن منظور:984

هو حممد بن زياد أبو عبد اهللا بن األعرايب، من موايل بين هاشم، كان عاملا باللغة و الشعر، كثري السماع، راوية لألشعار، حسن : 985

يف الوعاةجالل الدين السيوطي، بغية :راجع. هـ. 231 هـ ، وتويف على الراجح سنة 150احلفظ هلا، كان موطنه بالكوفة، ولدسنة

.1/106 :طبقات اللغويني و النحاة .95 اآلية،النساءسورة:986

حممد بن عرفة الورغمي املالكي، أبو عبداهللا، عالمة مشارك يف علوم كثرية منها علوم الشرع والعربية، كان إمام بن هو حممد :987

املختصر الكبري يف فقه املالكية، و احلدود يف : من مصنفاته . هـ803 هـ، وتويف فيها سنة 716ولد ا سنة . تونس وعاملها يف عصره

.7/272: الزركلي، األعالم: انظر.التعريفات الفقهية.51 ص سبق خترجيه: 988

أي ال يضر الرجل أخاه فينقص شيئا من حقه أو مسلكه وهو ) ال ضرر ( لكل واحدة من اللفظتني معىن غري اآلخر فمعىن قوله :989

اـ فالضرار منهما مع،أي ال يضار الرجل جاره مجازاة فينقصه ويدخل عليه الضرر يف شيء فيجازيه مبثله) ال ضرار ( د النفع وقوله ض

ي، أبو منصور حممد بن أمحد األزهر: أي ال يدخل الضرر وهو النقصان على الذي ضره) وال ضرار ( ومعىن قوله ،والضرر فعل واحد

أي ال ضرر على أحد مبعىن أنه ال يلزمه الصرب عليه ؛)ال ضرر(وقال الباجي يف املنتقى حيتمل أن يريد بقوله .11/314:ةـذيب اللغ

ع هذا فكيف مبن يصلح مال نفسه بإفساده مال ن فإذا م، أن تضر نفسك لتضر بذلك غريك)الضرار( وقال غريه ،وال جيوز له إضرار بغريه

450 من 250صفحة 250 - أأ ب ب- االلل

250

الضرر مما يتناسب وطبيعة البحث، وذلك تعريفاتوحسيب أن أورد أهم. يف مباحثهم املختلفة

:كما يلي

له خسارة مالية املراد بالضـرر كل أذى يصيب اإلنسان؛ فيسبب: " عرفه بعضهم بقوله.أ

يف أمواله، سواء كانت ناجتة عن نقصها أم عن نقص منافعها أو عن زوال بعض أوصافها وحنو

990".ذلك مما يترتب عليه نقص يف قيمتها عما كانت عليه قبل حدوث ذلك الضرر

غري جامـع، فهو ال يشمل مجيع أنواع الضرر؛ -991كما يبدو-غري أن هذا التعريف

الضرر املعنوي، فقد خص هذا التعريف بالضرر املادي، ولعله قصر التعريف كالضرر اجلسمي و

–أما الضرر املعنوي . على الضـرر املـايل؛ ألنه النوع الوحيد الذي يستلزم التعويـض يف نظره

فهو غري قابل للتعويض، وأما الضرر اجلسمي، فهو وإن كان يوجب بـدال ماليا يف - كما يظهر

ـا عن ضرر، وال حالة امتناع القص اص لسبب مـا، فهو يف نظر املصنف عقوبـة وليس تعويض

993. أو حكومة العـدل992فـرق يف ذلك عنـده بني ما يستوجب الديـة أو األرش

األذى إيالم النفس وما يتبعها من األحوال، والضـر إيالم اجلسم وما : "وقال بعضهم. ب

؛ ألن الضرر -كما يظهر- قابل األذى، غري جامع وتعريف الضرر، يف م994".يتبعه من احلواس

.ةـو السمعة والعاطفكما يعتري األبدان، يعتري األموال، بل قد يعتري الشرف

رر ما قصد به اإلنسان ـ فيكون الض؛ ما يضر صاحبك وال ينفعك)الضرار( و، ما ينفعك ويضر صاحبك)الضرر(قال اخلشين و...غريه

ونفس هذه املعاين ¡2/258:رةـالتبصرحون، ـابن ف: رار ما قصد به اإلضرار بغريهـ والض،منفعة نفسه وما كان فيه ضرر على غريه

.82-3/81:ريب األثرة يف غـالنهايزري يف ـ اجل ابنأوردها

.38ان، صـالشيخ علي اخلفيف، الضم:990

.27-26، ص بوساق، التعويض عن الضرر يف الفقه اإلسالميبن املدين حممد .د: راجع:991

على 31¡42 ص،التعريفاتاجلرجاين، : دون النفس هو اسم للمال الواجب على مااألرش، ملال الذي هو بدل النفسا:الدية":992

.التوايل

معىن احلكومة يف أرش اجلراحات اليت ليس فيها دية معلومة أن و: "احلكومة يف أرش اجلراحات"ديث ح قال األزهري يف تعليقه على:993

فيقتاس، مما يبقي شينه وال يبطل العضو،جرح اإلنسان يف موضع يف بدنهي ]رقدهذا أورد.[12/145:لسان العرب: احلاكم أرشه]أي ي

وال خيرج : املوسوعة الفقهية الكويتيةوجاء يف ]. وحبثت عن سنده، فلم أعثر له على أصل¡1/420: ثري يف النهايةاحلديث ابن األ

قال . استعمال الفقهاء هلذا اللفظ عن املعىن اللغوي، فقد أطلقوه على الواجب الذي يقدره عدل يف جناية ليس فيها مقدار معني من املال

وسبب التسمية أن . لى أن املراد باحلكومة االجتهاد وإعمال الفكر فيما يستحقه اين عليه من اجلاين عاألنقالاتفقت : ابن عاشر

ألفاظ املدونة يأيت : قال ابن عرفة. استقرار احلكومة يتوقف على حكم حاكم أو حمكم معترب، ومن مث لو اجتهد فيها غريه مل يكن له أثر

.69-18/68: الجتهاد، فيحتمل أن يكونا مترادفنيفيها تارة لفظ احلكومة، وتارة لفظ ا.6/18:فيض القدير: عزاه املناوي إىل احلرايل، راجع:994

450 من 251صفحة 251 - أأ ب ب- االلل

251

، فإنه يشمل الضرر األديب إضافة إىل الضرر اجلسمي، 995لكننا إذا اعتربنا األذى مرادفا للضرر

لك، فإن التعريف ترك احملترزات؛ ورغم ذ. وال مشاحة يف االصطالح ما دامت احلقائق حمل اتفاق

ألن إيالم النفس أو اجلسم مبسوغ شرعي؛ كالقصاص أو التعزير، يعترب يف فحوى التعريف ضررا،

. وهو ليس كذلك

أو هو كل أذى يلحق الشخص، سواء أكان يف ماله ¡الضرر هو إحلاق مفسدة باآلخرين. "ج

لعله أقرب التعريفات احلديثة إىل : 997 معلقاقال أحد الباحثني. 996"أو جسمه أو عرضه أو عاطفته

مطابقة املعىن املراد، فهو يشمل مجيع أنواع الضرر، ولكنه ترك احملترزات، وهذا جيعله غري مانع؛

. ألنه ذا اإلطالق ميكن اعتبار املال غري املتقوم ضررا، وإتالف النفس غري املعصومة كذلك

يلحق الشخص سواء أكان يف مال متقوم حمترم، أو جسم كل أذى"ف الضرر بأنهكما عر .د

هو أمشلها حملل الضرر، ذكرا هذه التعريفات ويبدو أن آخر.998"معصوم، أو عرض مصون

، كما يتضمن احملترزات؛ كاملال املتقوم 999وطريقة حدوثه، وأمشل حلاليت القصد إليه وعدمه

.له مانعا من دخول غريه فيهاحملترم، واجلسم املعصوم، والعرض املصون، اليت جتع

بأن الضرر الطيب ميكن القولق،بناء على ما سب":يف اال الطيب"التعريف املختار. هـ

يف جسمه، وما يستتبع ذلك كل أذى يلحق الشخص حمل التطبيب، دون مسوغ شرعي،: "هو

".سه أو ذويه ومن هلم به مصلحة مشروعـةفمن أذى مادي أو معنوي، يف ن

صيغة تفيد العموم واالستغراق لكل " كل أذى: "وميكن شرح التعريف على النحو التايل

وعبارة . أذى سواء أكان جسيما أم يسريا، حاال أم مستمرا، مت عن قصد أو عن جمرد خطأ

، تشمل املريض كما تشمل غريه؛ كمن يقوم بفحوص أو كشوف "الشخص حمل التطبيب"

نفسه، أو بناء على طلب من جهة رمسية ؛ كمؤسسة عمل أو شركة تأمني، دورية وقائية من تلقاء

أخرج ما يكون من " دون مسوغ شرعي"وقيد . أو هيئة تتطلب فحوصا لعقد قران وحنو ذلك

ضرر مل حيظ حبماية الشرع؛ كقصاص أو تعزير، وكل ضرر أملته ضرورة إنقاذ شخص على

.13/57: ، عمدة القاري)هـ855ت( بدر الدين حممد بن أمحد العيين: األذى و هو الضرر:995، والنظرية العامة للموجبات يف العقود يف 586زرقا فلللعام ا، وقد عزاه إىل املدخل الفقهي 23وهبة الزحيلي، الضمان، ص.د: 996

.هـه يف تعريفـب، ولعله أخذ من كل مرجع، على التوايل، طرفـا مث رك1948 ط 1/169:الشريعة لصبحي حممصاين.28حممد بن املدين بوساق، التعويض عن الضرر يف الفقه اإلسالمي، ص .د: راجع:997

998: .ته، من ذات الصفحة املرجع ذاحممد بن املدين بوساق،.د:.46عبد القادر جعفر، نظام التأمني اإلسالمي، ص.د: راجع: 999

450 من 252صفحة 252 - أأ ب ب- االلل

252

مستشفى ناء غري مزود بأجهزة متطورة أو يف أوقات جناح السرعة؛ مثل القيام بعمل جراحي يف

يف جسمه وما يستتبع ذلك من أذى مادي "ووصف األذى احلاصل . 1000الكوارث واحلروب

يشمل كل أنواع الضرر؛ اجلسمي منه، وكل ما يترتب عليه من ضرر مادي، جنم عن " أومعنوي

كسب طيلة هذه املدة، بل وكل ما تكبده إجراء عملية جراحية بناء على خطأ طيب، وما فاته من

. من أذى معنوي نغص عليه حياته، وحرمه من التمتع مبباهجها

ا فأم. "سه أو ذويه ومن هلم به مصلحة مشروعـةفيف ن" ويستوي يف ذلك أن يقع الضرر

فيشمل ما يصيب عياله من ضرر، خصوصا ما " ذويه"، وأما لم من خالل ما سبق فع"يف نفسه"

ويتأثر سلبا تبعا كل من تربطه .يترتب عليه من توقف النفقة أو انقطاعها يف حالة الزمانة أو املوت

، سواء أكان دائنا، أو موصى له أو وارثا يف حالة موته؛ الذين حيق هلم أن يخلفوه يف "مصلحة"به

ليدخل الضمان يف ذمته املالية، مث متابعة الدعوى يف ذيلها املدين إن رفعت، وأن يرفعوها بدال عنه؛

.يؤول إليهم استيفاء حقوقهم بعدئذ

؛ لسقوط كل حق مل يرد به الشرع؛ كرشوة كان يدفعها امليت "مشروعة" وقيدت املصلحة بأا

لقضاء حوائجه، أو خليلة كان ينفق عليها، خبالف ما آل إليه األمر يف الفقه و القضاء الفرنسيني

هذا الشرط واالكتفاء بوجود مصلحة للخلف، بصرف النظر عن كوا مشروعة أم من إلغاء

1001.ال

حكـم الضـرر : ثـانيـا

األصل حتريـم سائر األنواع إال بدليل، " :جاء يف املوسوعة الفقهية الكويتية ما نصه

له وتزداد حرمته كلما زادت شدته، وقد شهدت على ذلك النصوص الشرعية الكثرية، منها قو

وال تمسكوهن ضرارا «: ، وقوله تعاىل»ال تضار والدة بولدها وال مولود له بولده«: تعاىل

، وهذا احلديث 1003"ال ضرر وال ضرار: ")صلى اهللا عليه وسلم(وقال رسول اهللا . 1002»التعتدو

حوق أو إحلاق، يشمل كل أنواع الضرر؛ ألن النكرة يف سياق النفي تعم، وفيه حذف أصله ال ل

على املسلمنيبأعىت األسلحة املتطورة واحملظورة يف القانون الدويل العام " دولة إسرائيل"ـيف عدوان ما يسمى بمؤخرا كما حصل : 1000

: م2009رـيناي19إىل م 2008يسمرب د27صل منذ بشكل متوا-أعادها اهللا حرة طليقة-بفلسطني زة ـغيف العزل

www.peaceforlife.org/resources/mideast/2009/09-0100-gazawar.html.181 اجلانب القانوين، ص سبق تناول ذلك يف: 1001

.، على التوايل231، سورة البقرة اآلية 233سورة البقرة اآلية : 1002.51 ص سبق خترجيه: 1003

450 من 253صفحة 253 - أأ ب ب- االلل

253

أما إدخال الضرر . أي ال جيوز شرعا إال ملوجب خاص: أو ال فعل ضرر أو ضرار بأحد يف ديننا

على أحد يستحقه لكونه تعدى حدود اهللا فيعاقب بقدر جرميته، أو لكونه ظلم نفسه وغريه،

ما أن الضرر يباح استثناء يف ك. فيطلب املظلوم مقابلته بالعدل، فهذا غري مراد باحلديث قطعا

و قاعدة " الضرورات تبيح احملظورات" أحوال أخرى، ضبطتها بعض القواعد الفقهية من أمثال

1004".وما إىل ذلك من القواعد" الضرر األشد يزال بالضرر األخف"

وخشية االستطراد الذي خيرج بنا عن املقصود، نكتفي بالوقوف فحسب عند القاعدة

تقتضي عدم إزالة " الضرر األشد يزال بالضرر األخف"فقاعدة . ا يتصل ا من القواعداألخرية، وم

ألن السعي يف إزالته " الضرر ال يزال مبثله"الضرر بضرر مثله؛ وهذا ما تتضمنه قاعدة أخرى هي

لك قاعدة أخرى وهنا. مبثله عبث، وال مبا هو أشد منه، فهذا كله ال جيوز شرعا وال عقال أيضا

، أي ال يزال "يتحمل الضرر اخلاص لدفع الضرر العام" ، وهي"الضرر ال يزال بمثله"تقيد قاعدة

الضرر بالضرر إال إذا كان أحدمها عاما واآلخر خاصا، فيتحمل حينئذ الضرر اخلاص لدفع الضرر

ة على املقاصد الشرعية يف جلب مصاحل وهذه بال ريب قواعد مهمة من قواعد الشرع مبني. العام

. العباد ودفع الفساد عنهم

هـار الضرر وإثباتـمعي: ثـالثا

، فقد جعل الفقه اإلسالمي معياره أو ضابطه ةـملا كان الضرر يف الغالب حالة مادي

وال . إثباته بكافة طرق اإلثبات ومنها البينة والقرائنموضوعيا أو ماديا، وبالتايل جيوز للمضرور

خيتلف يف ذلك منهج الفقه اإلسالمي عن منهج فقهاء القانون، فكالمها يقيم الضرر على أساس

موضوعي، قوامه إحلاق األذى بالغري، أو انتقاص حق من حقوقه، غري أن فقهاء القانون املدين وهم

تباره أحد أركان املسؤولية املدنية، شأنه يف ذلك شأن اخلطأ بصدد تعريف الضرر يتعرضون له باع

أما فقهاء الشريعة اإلسالمية فيتعرضون له باعتباره أساس املسؤولية، إذ . ورابطة السببية بينهما

للخطأ، يعتربونه الركن األساسي الذي يرتب التعويض أو الضمان على وقوعه، وال يقيمون وزنا

إذ ال يلزم أن يكون الضرر 1005الضرر بصرف النظر عن وقوع خطأ أم ال،فالتعويض مرتبط ب

1006.ناجتا عن اعتداء

.180-28/179: إصدار وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية بالكويت،املوسوعة الفقهية :1004

.166حممد النشار، التعويض املدين بني الفقه اإلسالمي والقانون املدين، ص.د: راجع: 1005

.53الشيخ علي اخلفيف، الضمان، ص: راجع: 1006

450 من 254صفحة 254 - أأ ب ب- االلل

254

ن حدث منه الضرر، ودون اعتبار لوجود كما يكون التعويض مستحقابصرف النظر عم

وعليـه، جيب أن يكون التعويض مقدرا على . اإلمث يف اجلناية أو عدمه؛ ألن الضرر واقعة ماديـة

1007.رـ وآخز بني متسببـودون متييطية ما وقع فعال، دون زيادة أو نقصان، أساس تغ

نظر إىل االعتبارات الشخصية عند تقدير ولقد ورد عن بعض املالكية ما يثبت لزوم ال

التعويض عن الضرر؛ فمن قطع ذنب دابـة ذي اهليئة، غرم قيمتها كاملة، إذا أراد صاحبها

املقصود من ملكيتها وهو الركوب؛ حيث إا ال تصلح له بعد هذا وعللوا ذلك بذهاب. تركها

:1009"حتفة احلكام" وذلك تقريرا على ما جاء يف أرجوزة 1008.العيب؛ ألن مثله ال يركبهـا

ومتلف منفعـة مقصـودة مما لـه كيفيــة معهـودة

صاحبـه خيـر يف األخـذ مع أخـذه األرش عيب حلـه

خـذه لقيمـة املعيـب يـوم حـدوث حـالة التغييبأو أ

- أي املالكية- فعندنا،ذنب بغلة القاضي وحنو ذلك" :-رمحه اهللا-للقـرايف جاء يف الفروق

ليس لـه يف -رضي اهللا عنهما- وقال الشافعي وابن حنبل ، يف مجيع صور ذلك،يضمن اجلميع

ومنشأ اخلالف خالفهم يف ...ا بقي على ملكهمجيع صور ذلك إال ما نقص؛ ألن األصل بقاء م

فلذا قال الضمان الذي سببه عدوان ؛ وهو قول املخالف،اـضاف للضمان وسببه معامللك هل ي

. وهو قولنا، أو يضاف للضمان فقط ال لسببه، للتغليط ال سبب للرفق ألنه سبب؛ال يوجب ملكا

بأدلة كل فريق، املسألةهذهبسط قد مت و."ليه، فالضمان قدر مشترك بني العدوان وغريهوع

:فمـن الوجوه اليت ذكرها املالكيـة. وحسيب أن أن أورد طرفا منها؛ لإليفاء بالغرض

أما أنه . كما لو قتلها؛أن نقول إنه أتلف املنفعة املقصودة فيضمن :األول، وهـا وجـلن"

،والركوب هو املقصود، دـذنب بغلته ال يركبها بع فألن ذا اهليئة إذا قطع ؛أتلف املنفعة املقصودة

مع بقاء انتفاعه بإطعامها لكالبه ، فألنه إذا قتلها ضمنها اتفاقا؛وأما قياس ذلك على قتلها

فلما ، إىل غري ذلك من املنافع غري املقصودة عادة،وبدبغ جلدها فينتفع به أو بغري دباغ1010بزاتهو

.170يف الفقه اإلسالمي، ص حممد بوساق، التعويض عن الضرر.د :راجع:1007

مع حلي املعاصم لفكر ابن عاصم ةـة يف شرح التحفـالبهج، )هـ1258ت(التسويل، أبو احلسن علي بن عبد السالم : راجع:1008

.ح حممد عبد القادر شاهنييصحتضبط و، 2/584:)هـ1209ت( لإلمام عبد اهللا بن حممد التاودي .2/584: للتسويلبهجةالمع )829ت( بكر حممد بن حممد بن عاصم األندلسيبوقاضي ألل:1009 ويف ،ه سلبه وبابه ردبز: "، ورد يف خمتار الصحاح5/312: لسان العرب: " بالكسر اهليئة والشارة واللبسةةزـالب:"زة وـمجع ب:1010

املثل من عزو ابتزه استلبه، أي من غلب سلب؛ بز ،1/21: " بالكسر اهليئةزة الب و،از و البز من الثياب أمتعة البز.

450 من 255صفحة 255 - أأ ب ب- االلل

255

وهو ذهاب ، للقدر املشترك بينهما منها الضمان مضاف علمنا أن،مل مينع ذلك من الضمان

". باشتراكهما يف املوجب عمال، فيستويان يف احلكم،املقصود

: خمالفـوهم، يف وجهـني، كاآليت احتج بهوما

ل ـثفمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بم«: قوله تعاىل" :األول،وأما ما احتجوا به من األمرين"

فتلزمه قيمة البعض،داء حصل يف البعضـاالعت، و]194 البقرة، اآلية سورة[» عليكما اعتدى ـم .

بل إمنا خيتلف باختالف البالد ، أن مقتضى أن تقومي املتلفات ال خيتلف باختالف الناس:والثاين

ه كما لو جىن على عبد؛ا يف غريهاـه يف بغلة القاضي أو األمري مثلةيـ أن تكون اجلنا،واألزمان

اب أو خرق ر ويؤيد ذلك أنه لو قطع ذنب محار الت، يف عدم لزوم قيمة اجلميع بل البعض،داره أو

فإما ال يلبسان ذلك ، مع تعذر بيع ذلك من األمري والقاضي،اب مل يلزمه مجيع القيمةثوب احلط

ملا اختلفت ، أنف القاضيأو وأنه لو قطع أذن األمري نفسه ،الثوب بسبب ذلك القطع اليسري

".دـ مع أن شني القاضي بقطع أنفه أش، فكيف بدابته اجلناية

أن ظاهر : األول، بأحد ثالثة وجوه:األولفاجلواب عن :"مث رد عن هذه األدلة مبا يلي

اآلية يقتضي أن يروعفرس واجلاين كما عرا وردت : الثاين، وهذا الظاهر متروك إمجاعا،ه فرسأ

ألنه ؛ أي أنفسكم إمنا تناول أنفسنا"عليكم" أن قوله تعاىل :الثالثو ،لدماء ال يف األمواليف ا

.ضمري األنفس

: الثاين، خبالف الفرس مقصودها حاصل أن الدار جل: األول،ة وجوهـ بثالث:الثاينوعن

أال ترى أن ،"ن بل باختالف البالد واألزما،ال خيتلف التقومي باختالف الناس"أنا ال نسلم قوهلم

ولتوقع ، لعموم األغراض فيها؛ قيمة كالقضاة واخلطباء أنفس؛الدابة الصاحلة للخاصة والعامة

أن القياس على أذن :الثالثو. حد الفريقني اليت ال تصلح إال أل من أكثر،املنافسة يف املزايدة فيها

، ال مزايا الرجال،لدماء مزايا األموال ألن القاعدة أن املعترب يف باب ا؛لـاألمري وأنف القاضي باط

". فأين أحد البابني من اآلخر،فإن دية أشجع الناس وأعلمهم كدية أجنب الناس وأجهلهم

ما تذهب : األول،وباجلملة فالنقص عند العلماء ثالثة أقسام" : وعلـق القـرايف قائـال

، ال يبطل املقصود فال تلزم به القيمة اتفاقا ما: والثاين،به العني بالكلية فيوجب طلب القيمة اتفاقا

1011". املذكور ما خيل باملقصود فهو حمل اخلالف:والثالث

.73-4/71: الفـروق وهوامشـه: راجع:1011

450 من 256صفحة 256 - أأ ب ب- االلل

256

وتعليقا على ما سبق ذكره، ميكن القول إن رأي غيـر املالكية ينضح مبعيـار موضوعي

يط مـادي حبت، يهتم مبحل الضرر كقيمة مالية تثبت يف الذمة، دون طريف االلتزام، بينما ين

الضـرر مبعيـار موضوعي -باعتباره منوذجا يف هذه املسألة فحسب-املالكيـة، يف رأيهم هذا

للرجل العادي يف وسط أترابـه، وال يعترب على اإلطالق دليال على قوله باملعيـار الشخصي .

عيـار أو الضابط فنخلص إىل أن الرأي الغالب يف الفقه اإلسالمي، مبا فيهم املالكية، ينتهجون امل

.املوضـوعي

، فهو ال يشترط يف الضرر املوجب للتعويض أن ةـنزعة ماديالفقه اإلسالمي ذو إذن، ف

ذلك ألن الشريعة اإلسالمية ؛يكون ناشئا عن اعتداء وخمالفة حمظورة، بل جيب الضمان فيه مطلقا

علةجتعل الضرر العلةجدت وسببا للتضمني، فإذا و ج وواإللزام يف ذلك إمنا هو من علول املد ،

كصغري ال ؛ ال إدراك له يف مالهن مانـ الضممخطاب الوضع ال من خطاب التكليف، ولذا لز

غلت ذمته به دون أن تشغل ذمته باألداء، وإمنا جيب األداء يف هذه احلال على يعقل أو جمنون، وش

.من له والية على املال

ألن مدار حكمهم ؛ االجتاه الشخصيهاء القانون أم يتبنون أما الغالب األعم عند فق

حىت ميكن احلكم عليه مبا إذا كان قد احنرف ،يتعلق بوصف سلوك الشخص ومدى إدراكه ومتييزه

وهذا فضال عن اشتراطهم ألهلية ،وصف باخلطأ أم اليعن السلوك املألوف للرجل العادي ف

ئا فشيئا ينفصل عن املسؤولية الشخصية، و يتجه صوب مث بدأ التشريع الغريب شي1012.التمييز

املسؤوليـة املوضوعية، كما أشرنا إليه يف أكثر من موضع؛ مثل تشريع التأمني عن حوادث السري،

وال عجب أن نرى القانون الوضعي يصوب نفسه ويتدارك . بصرف النظر عن وجود خطأ أم ال

. خطئه؛ ليقترب من فقه شريعة رب العاملني

يف التعريف هو ما يعتربه الشرع ضررا، وأما ما إىل أن الضرر املراد1013بعضهمأشار قد و

ال يعتربه الشرع ضررا، فهو وإن مسي ضررا يف اللغة، فإنه ال يترتب عليه شيء، خالفا للضرر

. فإن فيه التعويض وغريهاملعترب شرعا،

الضرر يثبت أيضا بالعقل و التجربة و العادة، ما يقرره أهل اخلربة، كل وأضاف غريه بأن

يف اختصاصه؛ كإثبات األطباء أن يف التبغ ضررا، وإثبات اخلرباء بأن يف الغازات املنبعثة من مداخن

.54علي اخلفيف، الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص الشيخ ، و145-146، صالتعويض املدين حممد النشار،. د:راجع:1012.28يف الفقه اإلسالمي ، ص حممد بوساق، التعويض عن الضرر.د: راجع:1013

450 من 257صفحة 257 - أأ ب ب- االلل

257

من أن السرعة املفرطـة سبب يف ضررا، وما ثبت بالعادة -من أكسيد كربون وغريه-املركبات

1014.أضرار فادحة باألنفس واملمتلكات

ررـواع الضـأن: رابعـا

الضرر باعتبارات خمتلفة إىل أنواع كثرية، لكل حكمها يف الشرع، ويهمنا التركيز ينقسم

:على أمهها مما له مثاره العملية، وفيما يلي بسط ذلك

I .حي: أنواع الضرر من حيث طبيعتهادرك باحلواس، وما ـث ينقسم الضرر إىل ضرر حسي؛ ي

:يقابله من ضرر أديب أو معنوي

:ضرر جسمـي، وضرر مالـي: قسمانوهو :يـرر احلسـالض. 1

ة عضو منـهو ما كان حمله جسد اإلنسان، سواء أكان بإبان: رر اجلسميـالض. أ

ح أو تشويه ينقص اجلمال، أم عاهة تقعد عن العمل األعضاء ،أم بتعطيل معىن من املعاين، أم جر

د، العيين يف العم 1015، يف كونه شرع فيه القصاصايلاملويفارق الضرر اجلسمي الضرر . والكسب

ضرورة احملافظة على النفس؛ لقولـه اقتضتها ص الضرر اجلسمي بذلك؛ حلكمة بالغةخوقد

،اجلناياتا اجلانب يف الضرر اجلسمي من قسم هذو ¡]179:البقرة[» ولكم يف القصاص حياة«:تعاىل

وهو خارج عن موضوع حبثنا؛ ألن القصاص هو عقوبة زاجرة للجاين، وإن اعتربت مبثابة تعويض

أما إذا حصل الضرر خطـأ، أو كان عمدا وامتنع . معنوي شفاء لغليل اين عليه أو وليه

ض املايل أصـالة وصار إىل العففي هذه احلالة يالقصاص، لسبب من األسباب أو مانع من املوانع،

ويتمثل العوض املايل يف الدية أو األرش، وإن اختلفت .هـدال يف غريطأ، وباخليف الضرر الناتج عن

آراء الفقهاء يف اعتبار البدل املايل، بني قائل بأنه عقوبة وليس تعويضا، وبني قائل بأنه جيمع بني

1016.العقوبة و التعويض

¡عقارا مـاال، سواء أكان حيوانا، أم منقوال أو وهو ما كان حمله: الضـرر املايل.ب

حدوث نقص وسواء أكان الضرر الذي حلق به إتالفا تاما للذات، أم تعطيال لبعض الصفات، أو

.46 اإلسالمي، صعبد القادر جعفر، نظام التأمني.د: راجع:1014

.225ات، صـالتعريفاجلرجاين، : القصاص هو أن يفعل بالفاعل مثل ما فعل:1015

.40-39عن الضرر، ص حممد بوساق، التعويض.د: 1016

450 من 258صفحة 258 - أأ ب ب- االلل

258

قصان فيها أو تعييب؛ حيث خيرج املال من أن يكون منتفعا به املنفعة املطلوبة، أو يؤدي ذلك إىل ن

1017.هـقيمت

ويكون التعويض عن الضرر املايل بإعادة احلال إىل ما كان عليه قبل حدوث الضرر إن

أمكن، وإال كان التعويض متمثال يف تغرمي املسئول نظري ما أتلفه من املال، أو قيمته جلرب الضرر

.الواقع وإزالته

جيوز ختيري املضرور بني أخذ والتعويض هو السبيل الوحيد جلرب الضرر املايل، ومن مث فال

من - يف حكم الضرر- وذلك ملا تقرر آنفا1018التعويض أو إتالف مال املسئول نظري إتالفه ملاله،

أن إتالف الشيء مبثله مفسدة، بل وعبث وضياع للمال من غري فائدة، والشريعة الغراء اليت جاءت

، مرتهة عن النقص والعبث يف -ه وتعاىلسبحان-برعاية املصاحل ودرء املفاسد، من لدن حكيم خبري

. أحكامها

صلى اهللا عليه -فقد غرم النيب فيما يتصل باإلتالفات املالية وحنوها، وهو املنهج الذي طبقته السنـة

-رضي اهللا عنهن مجيعا-إحداهن فضربت ، يف قصعة طعاماه إليه أزواج أهدت بعض حينما-وسلم

طعـام بطعـام، وإنـاء : "- صلى اهللا عليه وسلم-فقال النيب، فيها بيدها فألقت ما القصعة

1019".بإنـاء

فالقصاص ال يكون إال يف األبدان؛ ألن الغاية منها تأديب اجلاين وردع غريه، ملنع حدوث

اجلرمية، وال سبيل إىل ذلك إال مبعاقبة اجلاين مبثل ما فعل، أما إتالف األموال فاألنفع واألصلح فيه

لتضمني، وذلك بإحالل مال حمل املال الذي أتلف، وذا تتبني احلكمة من تشريع الضمان يف ا

1020.القصاص يف الدماء، فما سوى اهللا بني األمرين يف طبع وال عقل وال شرعتشريع األموال، و

د، وقد ذهب إليه بعض أهل العلم على أن للمقابلة يف إتلاف المال بمثل فعله مساغا يف الاجتها

وال شك أن هذا 1021. يف الكفار بإفساد أموالهم إذا كانوا يفعلون ذلك بنا أو كان يغيظهمايةكن

ني مطابق ملا هو معروف اليوم مببدأ املعاملة باملثل يف القانون الدويل العام؛ حيث يكون الصراع ب

.40حممد بوساق، املرجع ذاته، ص.د: راجع:1017

.173-172حممد النشار، التعويض املدين بني الفقه اإلسالمي و القانون املدين، ص .د:1018، يف كتاب املظامل ، وقد سبق خترجيه يف الباب التمهيدي البخاريصحيح ألحكام، وأصله يف كتاب ارواه الترمذي يف سننه يف :1019

. مشروعية الضمانحول

.174، والتعويض املدين، ص 125-2/124: ، إعالم املوقعنيابن القيم: راجع:10201021: .2/123: ، املرجع ذاتهابن القيم: راجع:

450 من 259صفحة 259 - أأ ب ب- االلل

259

أما إذا كان الرتاع مرتبطا مبعاملة مالية ذات عنصر أجنيب، فيحكمها قواعد القانون . سيادات دول

الدويل اخلاص؛ مبوجب معاهدات واتفاقيات قضائية بني الدول، نتيجة انفتاح اتمعات على

بالتايل، فال و. بعضها وتعاوا يف الوقت احلاضر، مما جيعل إنصاف املظلوم ممكنا من قبل القضاء

. جيوز املقابلـة يف إتالف األموال؛ ملا تقـرر آنفـا

):والرأي املختار يف هذه املسألة(ويـرر املعنـالض.2

أو عاطفته أو أذى يصيب اإلنسان يف عرضه هو كل1022 أو األديبالضرر املعنوي

وقد اعتنت .الشعورومسي ضررا أدبيا أو معنويا؛ ألنه غري مادي؛ فإن حمله العاطفة و. شعوره

الشريعة اإلسالمية حبماية اجلنس البشري من مجيع اآلفات املادية واملعنوية، من منطلق تكرمي اهللا

ولقد كرمنا بين آدم ومحلناهم يف الرب والبحر ورزقناهم «: تعاىل لإلنسان، مبوجب قوله عز من قائل

، فسدت الشريعة الغراء كل منافذ ]70:اإلسراء[ »من الطيبات وفضلناهم على كثري ممن خلقنا تفضيال

وسبل العبث واإلضرار حبقوق الناس بغري حق، سواء يف أمواهلم، أو يف أجسادهم، أو يف أعراضهم

فكما وضعت حدودا لردع من يعتدي على أموال الناس وأنفسهم، . وعواطفهم ومشاعرهم

لألعراض، وصيانة للمجتمع من شيوع وضعت حـد القذف وعقوبات أخرى غري مقدرة محاية

1023.الرذيلـة والفسـاد، فاجلانب املعنـوي يف اإلنسان ال يقل أمهية عن اجلانب املادي فيـه

بني الضرر األديب والضرر التفريق- رمحه اهللا- الشيخ علي اخلفيفالتفريق بني الضرر األديب والضرر املعنوي مشكل، وعبثا حاول:1022

يتمثل يف األذى الذي يصيب اإلنسان يف شرفه وعرضه من فعل أو قول يعد مهانة له؛ كما يف القذف الضرر األديباملعنوي، فقال إن

. يصيبه من أمل يف جسمه، أو يف عاطفته من ضرب ال حيدث فيه أثرا، أو من حتقري يف خماطبته، أو امتهان يف معاملتهوالسب، وفيما

يف تفويت مصلحة غري مالية ملتزم ا؛ كما يف التزام امتنع فيه امللتزم عن تنفيذ التزامه؛ كالوديع ميتنع عن تسليم الضرر املعنويويتمثل

، وحنو ذلك من كل ا، واملستعري ميتنع عن تسليم العارية إىل املعري، واملستأجر ميتنع عن تسليم العني املؤجرة إىل مؤجرهاالوديعة إىل مالكه

اليت ساقها أنه فسر الضرر املعنوي األمثلةويبدو من خالل . 44، ص الضمان: راجع. ما ليس فيه تفويت مال على صاحب العني

ولكن ليس للشخص االستئثار عليه إال بواسطة ذمة شخص آخر و هو املدين، هو حق مايلواحلق الشخصيبتفويت حق شخصي، =

فكأنه حصر الضرر غري املعنوي؛ أي املادي، فيما فيه تفويت حلق عيين؛ وهو ما يستأثر صاحبه عليه . ولذلك أطلق عليه حق الدائنيـة

وبناء عليه، فضلت أن أسري يف البحث على أن الضرر األديب . يلدون واسطة كملك العقار، وهذا غري صحيح، إذ كالمها حق ما

تربير (.والضرر املعنوي مترادفان، جبامع أن كليهما ضرر غري مايل، وال مشاحة يف االصطالح ما دامت احلقائق حمل اتفاق، واهللا أعلم

ن حيازا، إذ هي شيء معنوي ال يتصور وضع اليد عليه رمبا ألنه يرى رأي احلنفية أن املنافع ليست ماال؛ ألنه ال ميك:ما ذهب إليه

:حاشية ابن عابدين، وليس ماال ملكوجاء فيما يلي أن املنفعة¡5/122 شرح كرت الدقائقتبيني احلقائق ،الزيلعي: استقالال

4/502.29، ص يف الفقه اإلسالمي عن الضرر حممد بوساق، التعويض.د:1023

450 من 260صفحة 260 - أأ ب ب- االلل

260

فإذا وقع ضرر أديب أو معنوي، فهو مساو للضرر املادي يف وجوب الضمان يف العرف

ضرار على النواحي املادية دون ، إال أن مجهور الفقه اإلسالمي اقتصروا يف تعويض األ1024احلاضر

املعنوية، اليت اكتفوا فيها بإجياب عقوبـة جنائيـة عليها؛ كحد القـذف مثانني جلدة الثابت

؛ أي العقوبات غري املقدرة املفوضة إىل رأي القاضي، وذلك يف 1025بنص الكتاب، أو التعزيـر

1027نومع هذا فقد ذهب الصاحبا. فيهـا1026كل معصية أو جناية ال حـد نمن احلنفية، وم

، إىل أنه جيب التعويض عن الضرر األديب، ولكل من 1028حذا حذومها من الباحثني املعاصرين

: املذهبني أدلتـه اخلاصـة، نستعرضها فيما يلي

:التعويض عن الضرر األديبالقائلني جبواز ة ـأدل. أ

يسقط ، ومل يبق هلا أثر،رونبت الشعولو شج رجال، فالتحمت ": جاء يف جممع األر .1

وهو حكومة ، جيب أرش األمل1030 وعند أيب يوسف،-أي أيب حنيفة-عند اإلمام1029األرش

.ل اتفاق يف القوانني الوضعية املعاصرةيقصد بذلك أا حم: 1024لعدل، ما ا الذي يرى أن للمجين عليه يف شرفه أن يفعل باجلاين مثل ما فعل به، متحريا البن القيماجلمهور خالفا وهذا مذهب : 1025

ه، أنه أقرب إىل الكتاب ويعلل ما ذهب إلي. مل يكن الفعل حمرما يف ذاته؛ كالكذب عليه وقذفه وسب والديه، فليس له فعل ذلك اتفاقا

وعند حتقيق مناط قول ابن القيم . واامليزان وآثار الصحابة، من التعزير املخالف للجناية جنسا ونوعا وقدرا وصفة، وهو مقتضى القياس

والشتم من يها؛ ألن السب جند أنه متعذر التطبيق؛ ألن لغالب يف األمور املعنوية أا حرام ألا ادعاء بالباطل، ولصعوبة حتقيق العدل ف

، هو ترك تقدير التعزير للقاضيو ، ولذا كان مذهب اجلمهور . شخص آلخر، بل ومن بيئة ألخرىختتلف من ة اليتعنوياملر وماأل

التعويضحممد بوساق، .د: راجع. ألنه يقضي على الفتنة ، ومينع الشطط، وحيقق مصلحة الطرفني ، فكان هو القول الراجح؛هواألسلم

.1/318:إعالم املوقعنيو¡33-32 عن الضرر، ص

وهبة .د: راجع. عقوبة مقدرة وجبت حقا للمجتمع؛ مثل حذ السرقة وحد الزنا والقذف وشرب املسكرات واحملاربة: احلد: 1026

.24الزحيلي، نظرية الضمان، ص ).هـ189-132(د بن احلسن الشيباين و اإلمام حمم) هـ 182ت(ومها اإلمام أبويوسف يعقوب بن إبراهيم األنصاري:1027حيث أقر فكرة التعويض عن الضرر ) 144-135، ص 59-53ف(فوزي فيض اهللا يف رسالته عن املسؤولية التقصريية .مثل د: 1028

دلته من أاستعرضم 267 كما أشار إىل أن املشرع املدين األردين أخذ بذلك يف املادة -اـ أشار إليه العالمة مصطفى الزرق :األديب

.وما يليها121، ص الفعـل الضـار: -الشريعة يف مذكرته اإليضاحية.122الزرقا، الفعل الضار، ص : ، أما العقوبة فواجبة حتماسقوط األرش ال يستلزم سقوط العقوبة:1029

القضاة أيام هارون قاضي، ثهو اإلمام اتهد العالمة احملدصاحب أيب حنيفة، األنصاري الكويف، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم:1030

ربيع األول سنة اثنتني ومثانني 5تويف يوم اخلميس هـ 113ولد سنة. من مآثره اخلراج، أدب القاضي، واختالف األمصارالرشيد،

:ءالذهيب، حممد بن أمحد أبو عبد اهللا، سري أعالم النبال: وقال غريه مات يف غرة ربيع اآلخر وعاش تسعا وستني سنة 182ئة اوم

8/535.

450 من 261صفحة 261 - أأ ب ب- االلل

261

ألن ؛ عليه أجرة الطبيب1031 وعند حممد،فاألمل احلاصل مل يزل، ألن الشني املوجب إن زال؛عدل

ي قول أيب ر يف شرح الطحاو وفس. وكأنه أخذ ذلك من ماله وأعطاه للطبيب،ذلك لزمه بفعله

ولإلمام . فعلى هذا ال خالف بني أيب يوسف وحممد، بأجرة الطبيب واملداواة؛يوسف عليه األرش

واملنافع ، وقد زال ذلك بزوال أثره،أن املوجب األصلي هو الشني الذي يلحقه بفعله وزوال منفعته

ومل يوجد ،منهما كاإلجارة واملضاربة الصحيحني أو شبه العقد كالفاسد ؛ال تتقوم إال بالعقد

فال تلزمه الغرامة وكذا جمرد األمل ال يوجب شيئا ألنه ال قيمة ،شيء من ذلك يف حق اجلاين

.1032"هـل

هذا أصال للقول بالتعويض املايل عن الضرر املعنوي؛ - رمحه اهللا-فجعل قول أيب يوسف

أديب عند القائليـن جبواز باعتبار أن أبا يوسف قد قرر التعويض املايل على األمل، و األمل ضرر

وعلى التفسري الوارد يف شرح الطحاوي، السابق الذكر، ال خالف بني . ذلك يف الفقه اإلسالمي

بإمكانية التعويض : الصاحبني يف القول بالتعويض عن الضرر األديب، وانطالقا من هذا األصل قالوا

. عن الضرر األديب يف غيـر هذه الصورة

لو سلمنا مبا ذهب إليه الصاحبان من احلنفية، فال ميكن التسليم بأن األمل :ويرد عليه مبا يأيت

الناتج عن اجلرح ضرر أديب خالص، فهذا النوع من الضرر نتج عن فعل مادي، وقد يكون هذا

مسوغا للتعويض عنه؛ باعتباره ضررا ماديا يؤدي إىل خسارة مالية؛ ألنه قد يعطل عن العمل، وفيه

فمثل هذا الضرر ليس معنويا إطالقا، وبذلك يكون ما ذهب إليه أبو . طبيب ومثن الدواءأجرة ال

1033.يوسف صحيحا، ولكن ال جيوز اختاذه أصال للقول بالتعويض عن الضرر املعنوي

هلا ، على وجه ال يبقىيف اجلراحات اليت تندمل "- رمحه اهللا- عن اإلمام حممد بن احلسن نقل.2

وحكومة العدل هي ما يقدره ،1034" من األمل -اروحأي -قه بقدر ما حل جتب حكومة،أثر

القاضي

الذي -، ويلتقي نسبه باإلمام أيب حنيفة يف طاووس بن هرمزبن عبد اهللا بن طاوس بن هرمز ملك بين شيبان حممد بن احلسن هو:1031

ونشأ هـ132قدم أبوه العراق فولد حممد بواسط سنة ، أبو عبد اهللا، من قرية حرسىت من أعمال دمشق، )ض(أسلم على يد عمر

م من اإلمام األعظم واألوزاعي واإلمام مالك والثوري ومسعر بن كدام وروى عنه اإلمام الشافعي وغريه من العلماء بالكوفة ومسع العل

.1/526:ابن أيب الوفاء، طبقات احلنفية: ، يعترب هو وأبو يوسف كبار أصحاب أيب حنيفة امللقبني بالصاحبنيالكرام واملشائخ العظام ومثله ¡356-4/355: يف شرح ملتقى األحبر جممع األر سليمان الكليبويل املدعو بشيخي زاده، بن حممد بنعبد الرمحن: راجع: 1032

.6/138: يف تبيني احلقائق.36حممد بوساق، التعويض عن الضرر، ص .د: راجع: 1033

.26/81:السرخسي، املبسوط:راجع :1034

450 من 262صفحة 262 - أأ ب ب- االلل

262

1035.راءـر اخلبـ على تقرياءـ بنضـمن تعوي

ذهب ، توجب ديتهما إن1037أن قطع حلمتي الثديني، عند مالك والثوري "1036:ورد يف املغين.3

1038.صيب املرأة؛ أي بقدر العيب الذي ي"اللنب، وإال وجبت حكومة بقدر شينه

باللطم يعزر فقط، إحلاقا للجرح" نص الشافعية على أنه لو جرحه وبرء ومل ينقص أصال أنه.4

1040".1039وقيل يفرض القاضي شيئا باجتهاده، ورجحه البلقيين. والضرب، للضرورة

5.ارويف الفقه الزيدي جاء يف البحر الزخ ": إن لمة وكومفي الإيلام حوثرؤوع،ينمم وإذ ه "¡

يؤثر يف اجلمال، فإن أثر بأن أخذ النصف فما وال شيء يف قطع طرف الشعر، إذ ال:"وفيه أيضا

1041".فوقه فحكومة؛ ملا فيه من الزينة

وميكن الـرد على هذه األدلـة يف جمموعها بنفس ما ورد الرد عنه؛ وذلك بأا ليست

، فاألمل والشني وفوات الزينة الطبيعية بفقدان الشعر، كلها أضرار مادية من الضرر األديب يف شيء

ال نزاع يف جواز التعويض املايل عنها، وال تصلح حبال لالحتجاج شرعا على التعويض املايل عن

على أنه يالحظ أن بعض ما يوصف تساهال بأنه ضرر أديب هو يف حقيقته ضرر . الضرر األديب

إيقاع األمل : يضه وفق القواعد الشرعية يف تعويض األضرار املادية، ومن ذلكمادي، ميكن تعو

بالضرب أو اللطم و لو مل يترك أثرا، ونقص مجال عضو من األعضاء، والضرر األديب الذي له

اام طبيب باجلهل بالطب، أو اام : انعكاسات مالية يقبل التعويض كأي ضرر مايل، وميثل له بـ

.36رقا، الفعل الضار، ص ، و العالمة مصطفى الز24وهبة الزحيلي، الضمان، ص .د: راجع:1035.624-9/623: البن قدامة:1036

أمري املؤمنني يف احلديث ، كان سيد أهل : هو سفيان بن سعيد بن مسروق ؛ من بين ثور بن عبد مناة من مضر ، أبو عبد اهللا :1037

ذيب : راجع . يف احلديث" لصغريواجلامع ا: اجلامع الكبري : هـ من آثاره 161تويف بالبصرة سنة . زمانه يف علوم الدين والتقوى

.3/158: ، والزركلي يف األعالم9/151:اريخ بغداد للخطيب البغدادي، وت4/111: التهذيب.122الفعل الضار، ص : راجع:1038

ملتكلم عمر بن رسالن بن نصري بن صاحل بن شهاب بن عبد اخلالق بن عبد احلق الشيخ الفقيه احملدث احلافظ املفسر األصويل ا هو:1039

النحوي اللغوي املنطقي اجلديل اخلاليف النظار، سراج الدين أبو حفص الكناين العسقالين األصل البلقيين املولد املصري مولده يف شعبان

كان أعجوبة الزمان، فقد فاق أقرانه على رأس القرن الثامن . هـ805 ببلقينة من قرى مصر الغربية، وتويف يف ذي القعدة سنة 724سنة

طاشكربي زاده، و ،4/36:طبقات الشافعيةأبو بكر بن أمحد بن عمر بن قاضي شهبة، : راجع. الفقه على مذهب الشافعي رمحه اهللايف

.1/22:الشقائق النعمانية، العقد املنظوم.2/247:فتح الوهابزكريا بن حممد بن أمحد بن زكريا األنصاري أبو حيىي، : راجع:1040

:على التوايل15/242، و15/245: البحر الزخار اجلامع ملذاهب علماء األمصار ،)م 1437 -هـ840ت(أمحد بن حيي املرتضي :1041

.com.islam-al.www موقع اإلسالم

450 من 263صفحة 263 - أأ ب ب- االلل

263

اخل، مما يصرف الناس عن التعامل معه ويضر ...عدمي األمانة أو أنه على وشك اإلفالستاجر بأنه

1042.مبورده املايل

مواضع يف أيضا مشروعالتعزير بالعقوبات املالية و"ر، ـإن الواجب يف الضرر املعنوي التعزي.6

وىف ، مواضع بال نزاع عنهمحد يفأومذهب ، 1043 املشهور عنه مذهب مالك يفخمصوصة يف

1045". تفصيل ذلكن تنازعوا يفإ و،1044 قول يفي والشافع،هـفيها نزاع عن مواضع

واخللفاء الراشدين، بإضعاف الغرم على -وسلم عليه اهللا صلى -وقد جاءت السنة عن النيب

¡1048، وأخذ شطر مال مانع الزكاة1047، وحتريق املكان الذي يباع فيه اخلمر1046كامت الضالة

إن من قال إن العقوبات املالية منسوخة، وأطلق ذلك، فقد غلط يف نقل وحنو ذلك كثري، حىت

شيء قط يقتضى أنه -وسلم عليه اهللا صلى -ل، ومل يرد عن النيب بال دليقال قوالمذاهب األئمة و

على دليل، بعد موته، اخللفاء الراشدين وأكابر أصحابه بذلك بل أخذ،م مجيع العقوبات املاليةحر

وإن من أئمة املذاهب األربعة الذين ال جييزون التعزير بأخذ املال .1049حمكم غري منسوخأن ذلك

يف الراجح عندهم، نظروا إىل اعتبارات سياسية حمضة، وهي خشية أن يتسلط الظلمة من احلكام

وهذا احملذور غري قائم اآلن . 1050على أموال الناس، فيأخذوا بغري حق باسم العقوبة، مث يأكلوا

1051.د تنظيم القانون الوضعي كيفية دفع الغرامات إىل اخلزينة العامة مباشرةبع

:ويـرد على هذا االستدالل مبا يلي

.124-123، ص الفعل الضاراألستاذ مصطفى الزرقا، : راجع:1042، ونقل القرايف كالم ابن فرحون والتعزير ال خيتص بفعل معني وال قول معني:لفص¡2/221:تبصرة احلكامابن فرحون، : راجع:1043

. بني قاعديت احلدود والتعازير)246(الفرق السادس واألربعون واملائتان، 4/324: مع هوامشهالفروقوأكده يف شهاب ،9/179حاشية الشرواينشرواين، عبد احلميد ال :راجع. ؛ أي جيوز يف املذهب القدمي"وال جيوز على اجلديد بأخذ املال":1044

.4/206عمريةحاشيةالدين أمحد الرسلي امللقب بعمرية،

.110-28/109:الفتاوى الكربىابن تيمية،:1045

.2/139:سنن أيب داود : "ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها: " قال- وسلم عليه اهللا صلى -عن أيب هريرة أن النيب:1046

.13744، احلديث رقم 5/200:كرت العمال: راجع. مثلما فعل علي كلرم اهللا وجهه:1047

سنن ": ومن أبى فإنا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا ": عن ز بن حكيم عن أبيه عن جده) ص(قال النيب:1048

.2444رقماحلديث ¡5/16:لنسائيا

.28/110: الفتاوى الكربى :راجع:1049

.6/125: البهويت، كشف القناع:راجع:1050

.25 الضمان، ص،وهبة الزحيلي. د:راجع:1051

450 من 264صفحة 264 - أأ ب ب- االلل

264

لو سلمنا بأن التعزير بالعقوبات املالية مل ينسخ، وهو الراجح كما يرى ابن القيم، فإن ذلك

فلن يستطيع من يدعي ذلك من باب العقوبات، وليس من باب التعويض املايل عن الضرر؛ ولذلك

يفرض على اجلاين ويعطى إىل املتضرر جربا ملا أصابه من : أن يأيت مبثال واحد فيه تعويض، أي

أما التعـزير بإتالف مال اجلاين، أو تعظيم الغرم عليه، . الضرر املعنوي، وهذا هو حمل النـزاع

ا الصدد، نتجت عن ضرر مادي، وليس مث إن األمثلة املذكورة يف هذ. فخارج عن نطاق موضوعنا

عن ضرر معنوي، فال عالقة إذن، بني التعزير بالعقوبات املالية وبني الضرر املعنوي، واهللا

1052.أعلم

يف زماننا : وحتمس بعض الباحثني املعاصرين للقول بالتعزير املايل عن الضرر املعنوي فقال

يف -كما يعرب القانونيون– وبفرض الغرامة -اءكما يعرب عنه الفقه–هذا يكون التعزير بأخذ املال

ولعل من احلق ...أمضى يف العقاب، وأحسن يف حتقيق النتائج التأديبية...األضرار األدبية أو املعنوية

فليكن حق اهللا ...وحق العبد...حق اهللا: إن يف هذه األضرار األدبية جيتمع حقان: أن يقال

واملال على حسب األحوال، وليكن حق العبد بفرض بالعقوبات الواقعة على اجلسم والنفس

1053...الغرامات املالية، ولكل منهما أثره القوي يف الزجر والتأديب

ملن أضر ) أي العقوبة املالية(لو سلمنا بالتعزير املايل: ورد األستاذ مصطفى الزرقا عليه فقال

يب املتضرر، وهذا ال يقولون به، بغريه أدبيا، لوجب أن يذهب املال إىل خزينة الدولة ال إىل ج

1054.وليس هو مراد املستدلني جبواز التعزير املايل شرعا

للتعويض 300 صللقانون املدين األرديناملذكرة اإليضاحيةبه حتجت اا عرض األستاذ الزرقا م.7

:املايل عن الضرر األديب ببعض النصوص الفقهية اليت سلفت، وباحلجج التالية أيضا

وهو نص عام، فقصره على الضرر ". ال ضرر وال ضرار"د يف هذا الباب حديث السن.أ

.املادي ختصيص بغري خمصص

ليس املقصود بالتعويض جمرد إحالل مال حمل مال، بل يدخل يف الغرض منه املواساة إن .ب

.مل تكن املماثلة، ومن أظهر تطبيقات ذلك الدية و األرش

.38-37حممد بوساق، التعويض عن الضرر، ص .د:1052

.144، ص 57فوزي فيض اهللا، املسؤولية التقصريية، ف.د: راجع:1053.124الفعـل الضـار، ص :1054

450 من 265صفحة 265 - أأ ب ب- االلل

265

ن الضرر األديب، يفتح الباب على مصراعيه للمعتديـن على إن القول بعـدم التعويض ع.ج

:هـالزرقا بقولمصطفى اذ ـألستا رد وجوابا على ذلك، ...أعراض الناس ومسعتهم

واهيتان بل موهومتان، إذ تفترضان أن القول بعدم التعويض املايل يعين ) ج(و ) أ (إن احلجتني

عدم زجر املعتدين على أعراض الناس ومسعتهم، بينما حمل اخلالف هو طريقة الزجر، والشريعة

. ايل يف الضرر األديبأخذت يف مبدأ الزجر بعقوبة التعزير ال بالتعويض امل

فال تصح؛ ألن الديـة عوض قدرته الشريعة عن الضرر الذي يلحق أولياء ) ب(أما احلجة

القتيل وورثته، ومن العسري التسليم بأنه ضرر أديب، بل األوجه أن يوصف بأنه ضرر مايل ومادي

تفاوتت مرتلتهم وخاصة أن الشريعة ساوت يف مقدار الدية بني األفراد املختلفني مهما"

وال يعين ذلك أن الضرر املادي . أما األرش فواضح أيضا أنه تعويض عن ضرر مادي". االجتماعية

ال يحدث أملا يف املضرور، بل يعين أنه ال خيدش مسعته واعتباره بني الناس، ولكن فيه أذى جسميا

كون له انعكاس مايل، إذ يعوق وال ميكننا التسليم بأن األمل ضرر مادي حمسوس، وقد ي. ظاهرا

1055.اإلنسان أو يعطله أحيانا عن ممارسة نشاطاته ووسائل كسبه

:التعويض عن الضرر األديباملانعني جلواز ة ـأدل. ب

ز التعويض املايل عن الضرر األديبـ الشريعة ال جتياستدل مجهور الفقهاء على دعواهم بأن

:ا يليـ على م-يبدوفيما -

شرف اإلنسان ومسعته ماال تعدة الالشريعذلك ألن باملال؛ يس يف مال حىت ينجرب الضرر ل.1

متقوما يعوض مبال آخر إذا اعتدي عليه، فاملثل العليا تأىب أن يساوم الشخص على شرفه وعرضه

من باب وعليـه، فالتعويض عما يشني اإلنسان يف عرضه باملال، يعترب. كما يساوم على أمواله

. األخذ على العرض ماال وهذا ال جيوز؛ ولذلك ال جيوز أن يصاحل املقذوف من قذفه على مال

وال ،د ور، أو مال مل جيز1057ومن صاحل من قذف على شقص :"1056جاء يف مواهب اجلليل

1058". االـرض مذ على العـه من باب األخـ وجعل... أم الامـغ اإلمـ بل،هـفي شفعة

بول مبدأ التعويض املايل عن األضرار األدبية له حمذور واضح، هو أن تقوميه باملال إن ق.2

والتعويض . ال يستند إىل أساس سليم، وتقديره خيتلف باختالف األشخاص، وال يكون إال حتكما

.125ل الضـار، ص الفعـ:1055.5/305: للحطاب، حممد بن عبد الرمحن املغريب أبو عبداهللا:10561057" .7/49:لسان العرب": وأودت بقلبك إال شقيصا فتلك اليت حرمتك املتاع : قال األعشى،والشقيص الشيء اليسري:

.34لفقه اإلسالمي، صحممد بوساق، التعويض عن الضرر يف ا.، ود46الشيخ علي اخلفيف، الضمان، ص: راجع:1058

450 من 266صفحة 266 - أأ ب ب- االلل

266

تناسب املوضوعي فيه يكون اعتباطيـا، ال ينضبط بضابط، بينما حيرص الشرع على التكافؤ أو ال

1059.ني الضرر والتعويضب

إذا كان الغرض من التعويض املايل هو جرب الضرر وحموه وإزالته، فإن أخذ املال يف مقابل .3

إن الضرر وبالتايل، ف. الضرر األديب ال يعود به الشعور اروح أو الشرف املثلوم إىل ما كانا عليه

سالمية ما يناسبه من احلد والتأديب، املعنوي ال جيربه التعويض املايل؛ ولذلك وضعت الشريعة اإل

وهذا تعويض كاف، يزيل آثار الضرر، ويشفي غيظ املتضرر، ويزيل العار عنه، ويعيد له اعتباره،

1060.أعلم تعاىل واهللا

إن الضرر املعنوي ليس فيه خسارة ماليـة، وهو شيء غري حمسوس، وغري ممكن حتديده .4

والتعويض يف الفقه اإلسالمي ال يكون إال عن . اجلسم وال تقديره، وال يترك آثارا ظاهرة يف

ضـرر مايل واقع فعـال، أو ما يف حكمه؛ كنقص يف جزء من أجزاء اجلسم البشري، أو تشويه

فالتعويض املايل إذا شرع ملقابلة مال ضائع على املضرور، أو بدال عن القصاص إذا تعذر . خلقته

، أو عفا اين عليه أو وليه، أو ألسباب أخرى؛ فألن الضرر يفإجراؤه؛ لكون الضرر وقع خطأ

1061. هذه احلالة تسبب يف فقد شيء حمسوس، وغالبـا ما يتبع الضرر اجلسمي خسارة ماليـة

انعكاسات مالية يقبل التعويض ه هذا الرأي، بأن الضرر األديب الذي للى عكن الردومي

كاام طبيب باجلهل بالطب، : يت ساقها األستاذ الزرقاة الـكأي ضرر حمسوس، وميثل له باألمثل

اخل مما يصرف الناس عن معاملته ويضر ...ام تاجر بأنه عدمي األمانة أو على وشك اإلفالسأو ا

1062.مبورده املايل

على تأكيد شدة حترمي الشريعة لإلضرار األديب، 1063لقد تضافرت النصوص الشرعية.5

لكن األسلوب الذي اتبعته الشريعة يف معاجلة .ى ذلكوأن حد القذف مثال واضح عل

.124، و األستاذ مصطفى الزرقا، الفعل الضار، ص46األستاذ علي اخلفيف، الضمان، ص : راجع:1059

.35عن الضرر، ص حممد بوساق، التعويض .د، و 176حممد فتح اهللا النشار، حق التعويض املدين، ص .د: راجع:1060

.35-34 املرجع ذاته، ص حممد بوساق،.د:راجع :1061.124الفعل الضار، ص : نظرا:1062

الرب : كتاب :"عرضهكل املسلم على املسلم حرام، دمه وماله و:" أنه قال) ص(عن النيب) ض( عن أيب هريرة مسلممثلما روى : 1063

املفلس :" قالعنه و .2564حلديث رقم ، ا4/1983: تحرمي ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله :باب ،والصلة واآلداب

هذا وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، وقـذف،شتـم هذامن أميت من يأيت يوم القيامة بصالة وصيام وزكاة، ويأيت وقد

مث طرح يف فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه،

.2581 احلديث رقم ¡4/1997: حترمي الظلم من ذات الكتاب:بابصحيح مسلم،": النار

450 من 267صفحة 267 - أأ ب ب- االلل

267

1064.إمنا هو التعزير الزاجر، وليس التعويض املايل اإلضرار األديب

التعزير نه خيضع لقواعدألال جيوز التعويض عن الضرر األديب احملض كالشرف والسمعة؛ .6

لشريعة يف معاجلة الشرعي، وهو ليس جماال صاحلا للتعويض املايل فيما عرف من أساليب ا

االحنراف، وأما إذا كان للضرر األديب آثار مالية، فتشمله األحكام العامة للفعل الضار يف الشريعة؛

، ويالحظ أن بعض ما يوصف تساهال بأنه ضرر أديب هو يف حقيقته ضرر باعتباره ضررا ماديا

1065. املاديةمادي، ميكن تعويضه وفق القواعد الشرعية يف تعويض األضرار

التعويض باملال عن الضرر املعنوي، باعتراف بعض رجال القانون الوضعي صراحة، ليس .7

1066.كافيا، وال يزيل آثار الضرر، فالضرر املعنوي ال ميحى وال يزول بعوض مايل

267/2ºومن بني ما علق به األستاذ الزرقا على تقرير املشرع املدين األردين يف املادة .8

ايل للزوج واألقارب عما يصيبهم من ضرر أديب مبوت املصاب، حيث ذكر أن هذا بتعويض م

احلكم املستحدث ليس مقبوال على اإلطالق يف فقـه الشريعة؛ النطوائه على خمالفات شرعية

صارخـة، وهو مثال جلي للفوضى التشريعية اليت يحدثها تطبيق مبدأ التعويض املايل عن الضرر

عترب أن موت املصاب ضرر أديب لزوجته وأسرته، يستحقون مبوجبها تعويضا ال حدود األديب، إذا ا

كما أن فيه خمالفة صرحية ألحكام املرياث . له يضاف إىل الدية الشرعية، حتت اسم الضرر األديب

1067.يف الشرع؛ بترك القاضي يوزع التعويض على أحظ أفراد العائلة من احلزن والفجيعة

على ما تقدم، عدم وجوب الضمان بسبب تفويت فرصة من الفرص، كان من ومما فرع.9

احملتمل أن يكون ورائها كسب مايل؛ وذلك مثل ضياع فرصة استئناف حكم بسبب تأخر احملامي

يف تقدمي استئنـاف يف موعده، أو ضياع فرصـة دخول يف امتحان للترشيح يف وظيفة معينـة،

1068.س يف ذلك ضرر يتمثل يف فقد مال قائمأو للحصول على ترقية، إذ لي

.124الفعـل الضـار، ص : انظر :3

.123¡126املرجع نفسه، ص : راجع1065

لإلشارة . 36 أشار إليه بوساق يف املرجع السابق، ص 1/866:الوسيط يف شرح القانون املدينعبد الرزاق السنهوري، .د: راجع:1066

الضرر األديب ال ميكن حمو آثاره، فذلك ال يتصور، فإن السنهوري من القائلني جبواز التعويض عن الضرر األديب، وعبارته تدل على أن

ويفهم من فحوى كالمه أن التعويض يكون مبقابل . وإمنا يعوض عنه بتعويض ضئيل أو نشر حكم على سبيل رد االعتبار للمضرور

.رمزي.127-126الفعـل الضـار، ص : عراج:1067

.46األستاذ علي اخلفيف، الضمان، ص : راجع:1068

450 من 268صفحة 268 - أأ ب ب- االلل

268

وميكن أن يرد على هذا الرأي، على وجاهته نسبيا؛ بأنه يفتح ذريعة الفساد ويغطي على

أصحابه مسئوليام، يف وقت ضعف فيه الوازع الديين، إذا مل مينعهم زاجر أو جابر، على أنه ينبغي

ددها التشريع القائم، حىت ال يزيد التعويض عن نسبة فقد أال يتجاوز التعويض حدودا معقولة، حي

املال احملتمل؛ الذي يترك حلكومة العدل؛ أي لسلطة القاضي التقديرية؛ حبيث ال ينبغي أن يصل

يف تصوري -تعويض املال احملتمل تفويته حد املال القائم، فيكون يف تصوري كمن يبلغ يف التعزير

. املعتدين، وذلك منهي عنه؛ افاته للعدل واإلنصاف عقوبة احلد، فيكون من-اخلاص

: يف هذه املسألـةرأي املختـارالـ .ج

، يف الفقه اإلسالمي للغايةعويصةالتعويض عن الضرر املعنوي أو األديب ال شك بأن مسألة

.كنهها أحالمقه ر عن فقصتأو ¡ فيها أقدامتزلفال غرابة أن

ويض عن الضرر األديب بشكل عام إىل وجود منظومة ويرجع سبب عدم القول بالتع

العقوبات؛ املتمثلة يف احلدود والديات؛ لتأديـب كل من تسول له نفسه املساس حبق من حقوق

مبعايري ام الفقه اإلسالمي ـ إىل اتس- فيما يبدو-كما يرجع السبب. اإلنسان، ماديا كان أو معنويا

.ي قابلة للتقومي أو التقدير مادية منضبطة؛ أ1069أو ضوابط موضوعية

ويف املقابل، قال البعض بالتعويض املايل عن الضرر األديب جمـاراة لرياح القانون الوضعي

العاتيـة، خصوصا يف الغرب؛ الذي بالـغ التشريع والقضاء فيه، حىت أصبحنا نسمع يف دعـاواه

تفاهة، رمبا اختلقها أصحاا أصال و أقضيته فرض تعويضات خيالية لقاء مزاعم أدبية يف منتهى ال

للحصول على مبالغ مالية، خصوصا من أصحاب الثراء الواسع أو اجلاه العريض؛ سواء عن طريق

. الصلح أو القضاء

وأمام إمهال تطبيق أحكام الشريعة اإلسالمية يف ساحة احلياة، عدا أحكاما يسرية، اقترح

ايل عن الضرر األديب، أنه إذا كان حتريك الدعوى وإن مل يكن قائال بالتعويض امل1070البعض،

يف النظام القضائي، من املتضرر أن يطلب تعويضا اجلزائية؛ ملعاقبة من أضر أدبيا بسواه، يتطلب،

وإذا كان للضرر األديب، بالنسبة . عن ضرره األديب، ميكن للقاضي أن حيكم بتعويض مايل رمزي

الطبيب، انعكاسات على عملهم تسبب هلم أضرارا مالية، لبعض األشخاص ذوي املهن احلرة ك

. خيضع لألحكام العامـة يف التعويض-حينئذ–فإن الضرر األديب

.6/149: السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي: راجع:1069.128-127األستاذ مصطفى الزرقا، الفعل الضار، ص : انظر:1070

450 من 269صفحة 269 - أأ ب ب- االلل

269

:وبناء على ما سبق عرضه وبيانه، ميكن التوصل إىل النتائـج التاليـة

لألدلة اليت ساقها كالشرف والسمعة؛؛األديب احملض ال يصح التعويض عن الضرر.1

. قدميا وحديثا-رمحهم اهللا- الرأي الثاين، وهم مجهور الفقهاء أصحاب

؛ كاام جيوز التعويض عن الضرر األديب أو املعنوي إذا كانت له انعكاسات مالية.2

قلنا، ويستوي األمر يف هذه احلالة سواء. على مهنته ودخله املاديطبيب يف مسعته، مما يؤثر سلبا

ملا آل ل إىل ضرر مادي، فأمكن ضبطه وحتديده وقياسه،أو قلنا إنهإنه تعويض عن ضرر أديب، آ

إال، حمسوس ليس ادي ـض عن ضرر مـإىل ضرر مادي، فاملعترب ما آل إليه، وبالتايل فهو تعوي

املؤدي إىل اعتبار التعويض ومهما يكن طريق االستدالل،. وليس بتعويض عن ضرر أديب البتـة

دة، وهي جواز التعويض عن الضرر األديب الذي له ـنتيجة واح فالعن الضرر األديب أو عدمه،

حمل اتفاق، ما دامت احلقائق،آثار مالية، وال مشاحة يف االصطالح ويف طريق االستدالل ذيول أو

.ه تعاىل أعلمـوالل

II .طريقـة حدوثـهن حيث أنـواع الضرر م:

مباشر، وضرر واقع ينقسم الضرر من حيث طريقة حدوثه إىل ضرر مباشر وضرر غري

، بالنسبة للضرر، وما يتعلق ما من أحكام، "املباشر وغري املباشر"فأما بيان معىن . وضرر متوقع

فبقي أن أسلط الضوء على كل من الضرر الواقع، والضرر املتوقع، 1071.فحسيب ما بينته سابقا

:والضرر احملتمل، وتفويت الفرصة، وذلك على النحو التايل

ين؛ أي الضرر الناجز الذي وقع بالتعبري القانووهو يقابل الضرر احلال: الواقـعالضـرر.1

ن التعويض يف الفقه اإلسالمي ال يكون إال عن ضـرر وقع فعال؛ ألنه السبب يف ألذلك . فعال

فعال- أي النتيجة-بالتعويض، واملسب ال يتقدم سببه، وإال مل يكن سببا له، ولكن إذا وقع الضرر

مل جيب بوجب التعويض؛ ألن السبب يفضي إىل مسب ه دائما؛ وهلذا إذا مل يترتب على الفعل ضرر

يرجى حياا، ال يضمن إذا ذبح رجل شاة آلخر ال :1072به ضمان، وقد جاء يف جممع الضمانات

عليها املوت يفوذكر يف النوازل شاة إلنسان سقطت وخ. ، سواء كان أجنبيا أو راعيااستحسانا

وعلل األستاذ علي . ألنه مـأذون داللـة؛ ال يضمن استحسانا، كي ال متوتفذحبها إنسان

أفاد مالكها ومل يضره، حيث إنه مل -وقد أشرفت على اهلالك- اخلفيف ذلك؛ بأنه بعمله هذا

.لتعديأنواع التعدي وضابط التفرقة بينهما يف الفرع السابق اخلاص با: راجع:1071.1/464: املسائل االستحسانية باب الصيد والذبائحأليب حممد بن غامن البغدادي يف : انظر:1072

450 من 270صفحة 270 - أأ ب ب- االلل

270

ذبح بدل وهذا خبالف ما لو. يفوت عليه حلمها، على حني يفوت عليه لو تركها لك بدون ذبح

الشاة فرسا، فإنه يضمن؛ إلتالفه ماال وقت االعتداء، وهو ضرر كان من احملتمل أال يكون، وذلك

1073.ببرئها

ني، وهو ضرر حتقق القانونياصطالححيث يقابل الضرر املستقبل يف : الضـرر املتوقـع.2

ن الكسب يف احلال، يكون سببه فعال، وتراخت آثاره يف املستقبل؛ كإصابة عامل إصابة تعجزه ع

وإذا اتفق الفقه اإلسالمي مع . أا ستؤثر على عمله يف املستقبل-وفقا لتقارير األطباء-من احملقق

الفقه القانوين يف وجوب حتقق الضرر؛ أي وقوعه فعال، حىت يستوجب احلكم بالتعويض، فإنه مل

وذلك ألن هذا . يض عن الضرر املتوقعجياره يف النتيجة املتوصل إليها، وهي عدم جواز التعو

الضرر وإن حتققت أسبابه، وبات من املؤكد وقوعه، إال أنه مل يقع فعال، وما دام كذلك فال

يعوض عنه إال حني وقوعه،؛ ألن التعويض عنه رمبا يؤدي إىل نتائج غري مقبولة، كما إذا زاد

كما سبق بيانه يف -نوين وضع لذلك حلوالالضرر أو قل عن التعويض املقدر، وإن كان الفقه القا

وذلك جبواز املطالبة بتعويض عن الضرر الزائد، إال أنه خبس املسئول حقه إذا -اجلانب القانوين

قلت األضرار عن مقدار التعويض، فلم جيز له املطالبة برد الزائد من التعويض على قيمة الضرر؛

أما الفقه . به، وال ريب أن هذا ال يتماشى ومبادئ العدالةحبجة أن هذا ينايف حجية األمر املقضي

اإلسالمي، فقد حتاشى الوقوع يف مثل هذا، فمنع التعويض عن الضرر املتوقع أو املستقبل حىت يقع

فعال؛ ذلك ألن الضرر هو السبب يف التعويض، وال يتقدم املسبب على سببه، والضرر املتوقع وإن

وقواعد الشريعة تأىب التعويض إال عن الضرر 1074. ينكشف مقداره حاالحتقق سببه، إال أنه مل

املاثل الواقع فعال؛ الذي ميكن تقوميه باملال، أما الضرر املتوقع فال تعويض فيه؛ ألنه معدوم وقت

1075.حدوث األذى باجلسم، وال قيمة للمعدوم، فال يصح مقابلته باملال

، نيئفها لوليني فزوجاها من رجلني كرأة أمروإذا جعلت امل: "-رمحه اهللا-قال القرايف

ا،رف كالبيعفاملعترب أوهلما إن ع ا األخري فهو أحق فيت الدخول 1076،" إال أن يدخلوهنا ي

بأنا أمجعنا على األخذ : "ويعلل ذلك قائال. بالعقد الثاين العقد األول؛ ملا يترتب عنه من الفساد

ألجل الضرر الداخل على ؛ وتسليط الشفيع على إبطاله،عقد السابق وهو إبطال أثر ال،فعةبالش

.38 الضمـان يف الفقه اإلسالمي، ص:راجع:1073.212-211حممد فتح اهللا النشار، التعويض املدين بني الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي، ص.د: راجع:1074.38يف، الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص األستاذ علي اخلف: راجع:1075.3/187 :الفروقأنوار البروق يف أنواع :1076

450 من 271صفحة 271 - أأ ب ب- االلل

271

ع غري الناجز بدون أن ينضم إليه ـي بتقدمي جمرد الضرر املتوقض وإذا ق،الشريك من توقع القسمة

قضى هاهنا بتقدمي الضرر الناجز املنضم إليه عقد على العقد وجب أن ي،عقد على العقد هنالك

فألا قد حتصل وقد ال ؛ ال ناجزا أما كون ضرر الشريك يف الشفعة متوقعا.السابق بطريق األوىل

1077".تقع البتة

-وتعريف القرايف للضرر املتوقع ذا املعىن؛ أي بأنه ما قد حيصل، وقد ال يقع بتاتا، جيعله

و وه- خيرج عن التعريف، الذي اعتمدته سلفا-يف تقديري اخلاص مع صحة ما أورده من أمثلة

. للضرر املتوقع، ليندرج حتت مسمى الضرر احملتمل-تعريف القانونيني لتسهيل عقد املقارنة

غري أن آثاره املستقبلية غري معروفة 1078والضرر املتوقع أقوى من الضرر احملتمل؛ ألنه مؤكـد ،

عة من خالل وعليـه، يبدو أن الشري. وأما الضرر احملتمل، فهو غري مؤكد وقوعه باملرة. بالتدقيق

د، أو ما يف حكمه؛ ، جتيز الشفعة لضرر مؤك1079ما رأينا أا تنيط أحكامها بالضبط والتحديد

. وقد ال يقع، ال لضـرر حمتمل؛ قد يقع-بالتعريف الوارد سلفا-وهو مظنة وقوع الضرر املتوقع

ضرر املتوقع نظرا إىل أن ال...ال يسن غسل داخل العينني"أنه وقرر بعض الفقهاء

1080.؛ أي يف حكم الضرر املتحقق"كاملتحقق

وهو ما حيتمل الوقوع وغريه على حد سواء، والضرر احملتمل، وإن :لـرر احملتمـالض.3

مظنونا، وقد يكون موهوما، والشيء، مبقتضى تتفاوت درجة احتماله قوة وضعفا، فقد يكون

وعليه، فال يعرف الفقه اإلسالمي . ه االستداللقواعد الشرع، إذا تطرق إليه االحتمال، سقط ب

، حيث إن -شأنه يف ذلك شأن الفقه القانوين على اختالف بينهم- التعويض عن الضرر احملتمل

وهم - فقهاء الشريعة ال يقولون بالتعويض عن الضرر احملتمل مطلقا، بينما يرى فقهاء القانون

ضا عما فاته من كسب، وال ريب أن هذا ضرر أن املضرور يستحق تعوي- بصدد تقدير التعويض

ومن مث فقد أحسن الفقه اإلسالمي حينما جرد التعويض من . احتمايل، قد ال يتحقق للشخص

1081.االحتماالت، اليت ميكن أال تتحقق، فإذا كان الضرر حمتمال، فال ضمان وال تعويض

.3/190:هـع ذاتـاملرج:1077

مد أيف طول الضرر املتوقع الشفعة لدفع "حاال وتؤثر على عمله مآال، ومثله كإصابة عامل إصابة تعجزه عن الكسب وذلك :1078

.7/281: القرايف، الذخرية": ال برضا صاحبهإال حرث صالح وال جذاذ وإه ال يقدر على أنالشركة و.خصائص التشريع اإلسالمي يف الباب التمهيدي: راجع:1079.1/34: شرح مشس الدين أيب عبد اهللا حممد بن عبد اهللا الزركشي احلنبلي على خمتصر اخلرقي: راجع:1080.199حممد النشار، التعويض املدين، ص .د: راجع:1081

450 من 272صفحة 272 - أأ ب ب- االلل

272

عىن الوارد آنفا، تفويت ل أو االحتمايل، باملتماحملوقريب من الضرر :ةـتفويت الفرص.4

الفرصة، وذلك لكونه ضرر غري متحقق، فتفويت فرصة الترقية أو استئناف احلكم، وإن كان فيه

نوع ضرر، وهو تفويت الوسيلة، إال أن ذلك ال يستلزم ضرورة اإلضرار به فيما يتعلق بالنتيجة

لنتيجة احتمالية؛ إذ إن الشخص وهي احلصول على الترقية أو كسب القضية املستأنف فيها، فإن ا

. قد يمكن من الوسيلة وال يكسب نتيجتها

المتناع وباعتبار أن تفويت الفرصة هي، من وجه آخر، ضرر معنوي ليس فيه تعويض

، ولكن ذلك ال مينع التعزير؛ مبا يراه ويل األمر حمققا للمصلحة - على ما سبق آنفا- شرط املالية

بت أن الفقه اإلسالمي يلتزم منهجا موضوعيا يف وجوب التضمني، وجيمع شتات العامة، وذا يث

النوازل، حىت ال يفلت جمرم من العقاب، دون أن يتخلى عما اشترطه من عدم جواز التعويض مبال

1082.إال يف مقابلة مال سلب أو أتلف

كل ألموال الناس وذهب البعض إىل أن استحقاق التعويض عن تفويت جمرد الفرصة، هو أ

خبالف ما لو وقع فعال بتفويت الفرصة ضياع مال، . بالباطل، وهو مناف لشريعة اإلسالم اخلالدة

وحتقق ذلك قطعا، من غري توهم أو احتمال ضعيف، فمن حق من ضاع ماله يف هذه احلال، أن

1083.يطالب بتعويض ما حلقه من ضرر؛ بتفويت الفرصة عليـه

أن يسأل اإلنسان عن ضرر يحدثه غريه وال اإلسالمى شريعةبأت :رضـرر املفتـالض.5

وقوله ¡]164سورة األنعام، اآلية [» وال تزر وازرة وزر أخرى«: يد فيه، وذلك ما يدل عليه قوله تعاىل

.]286، اآلية البقرةسورة [» ها ما اكتسبتال يكلف اهللا نفسا إال وسعها لها ما كسبت وعلي«:تعاىل

ذلك، ال يسأل اإلنسان عن ضرر أحدثه حيوانه إال إذا كان نتيجة إثارة منه، أو إمهال يف وعلى

يسأل عن ضرر حيدث من سقوط بناء لـه، حفظه وحراسته، حيث جيب ذلك شرعا وعرفا، وال

ي ذلك؛ بأن بناه واهنا، أو أغفل نقضه أو إصالحه، على الرغم تقصري يف حتاشإال إذا كان نتيجة

كما ال يسأل عما يحدثه أوالده وال أتباعه من ضرر، إمنا .من تنبيهه إىل وهنه وتعرضه للسقوط

.يسألون هم عنه يف أمواهلم

الذي تأخذ به القوانني الوضعية احلديثة، اليت ألزمت املتبوع ضمان الضرر وهذا ما مل

حيدث من تابعه، بعمله غري املشروع، مىت كان واقعا منه يف حال تأدية وظيفته، أو بسبب تأديتها،

.46علي اخلفيف، الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص . ، وأ212¡119مد النشار، املرجع نفسه، صحم.د: راجع:1082.126-125، ص يف الفقه اإلسالمي عن الضرر حممد بوساق، التعويض.د: راجع:1083

450 من 273صفحة 273 - أأ ب ب- االلل

273

بناء على افتراض خطئه يف اختياره ذلك التابع، أو على وجوب حتمل تبعة إنابته إياه عنه يف عمله،

األشياء؛ الذي اعترب وهو نفس املبدأ الذي طبقته مع حارس. واعتربته خطأ ال يقبل إثبات العكس

وقرروا مسؤولية املتبوع عن تابعه، طبقا . مسئوال بناء على افتراض تقصريه يف بذل العناية اخلاصة

اليت فسرت على حنو خاص؛ حبيث جعلت كل مـا جيين منه اإلنسان 1084"الغنم بالغرم"لقاعدة

ر بغريه، يف حني أن معىن القاعدة، فيما رحبا، لقـاء ذلك، عليـه تبعـة مـا حيدث عنه من ضر

،ـه، إذا ما أصاب هذا املال ضررغرامت يراه فقهاء الشريعة، أن غنم اإلنسان من مال، يستتبع

. وذلك بتحمله ضرره، ال ضرر غيـره

ء وال شك أن هذا املبدأ ال أساس له من العدالة، فإن املال ومثراته ملالكه، ال يؤخذ منه شي

إال حبقه، سواء كان معاوضة، أو تربعا عن طيب نفس، أو تعويضا عن مال أتلف، وليس يف

افتراض خمالفة، مل تحدث عمال ضارا، مما يصلح أساسا للتعويض أو التقومي، ولذلك لـم يكن

مع مبادئ الفقه ، مما يتفق 1085اإللزام بالتعويض، بناء على النظرية املادية أو نظرية حتمل التبعـة

اإلسالمي، وال ريب أن مساءلة الشخص عن ضرر ال يد له فيه هو أخذ للمال بغري حقه، وأنه

يا أيها الذين آمنوا ال تأكلوا « :أكل للمال بالباطل، واهللا تعاىل يؤكد على أخذه حبقه، إذ يقول

فإن «: ويقول¡]29، اآلية النساءسورة ا[»ن تراض منكم أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون جتارة ع

.]04، اآلية النساءسورة ا[»طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئـا1086

واملبدأ العام يف الشريعة اإلسالمية هو املسؤولية الشخصية، وعليه، فقد قرر فقهاء اإلسالم

نية للقصر واانني وحنوهم عن كل فعل يصدر عنهم، وذلك من أمواهلم اخلاصة املسؤولية املد

احلاضرة أو املستقبلة اليت حيوزوا بعد الرشد، ممل يدل على اجتاههم يف التضمني حنو الرتعة

1087.ومما قرروه أن الصغري مؤاخذ بضمان ما أتلفه من األموال. املوضوعية املادية

وأحيانا يعربون عنها " ور بالغرمالغرم جمب"و" من له الغنم فعليه الغرم" هذه القاعدة سبق إليها فقهاء الشريعة مبفردات مغايرة، منها:1084

¡85،87، وهي املواد 80-1/78:درر احلكام":اخلراج بالضمان"وهي مرتبطة بقاعدة " النعمة بقدر النقمة، والنقمة بقدر النعمة"بلفظ

.217، صالتعويض املدين، و782-1/781:حجة اهللا البالغة، اإلمام أمحد املعروف بشاه ويل اهللا بن عبد الرحيم الدهلوي، 88.146تفصيل ذلك فيما من املطلب األول ضمن املبحث األول هلذا الفصل، ص : راجع :1085

. ومايليها217، و النشار، التعويض املدين، ص48-46األستاذ علي اخلفيف، الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص : راجع:1086 ينتظر إىل ، وإن مل يكن له مال، فيلزم الضمان من ماله،غريهإذا أتلف صيب مال:" من جملة األحكام العدلية916جاء يف املادة :1087

يلزم الضمان على الصيب إذا أتلف مال الغري وإن كان :" من نفس املرجع960، وباملادة 1/177:درر احلكام"حال يساره وال يضمن وليه

.1/186: درر احلكام"غري مميز

450 من 274صفحة 274 - أأ ب ب- االلل

274

بدأ العدالة، ودفعا للضرر عن املتضرر، فإن املتسبب يف إحداث الضرر إال أنه مراعاة مل

وعليه، فال يسأل األولياء واألوصياء عن فعل غريهم إال إذا صدر منهم ما يوجب . يسأل عنه

الضمان؛ كالتقصري يف احلفظ عمدا أو اإلغراء باإلتالف أو التسليط على الضرر، أو األمر به وما

؛ "املباشر ضامن وإن مل يتعد، واملتسبب ضامن إذا كان متعديا"اس قاعـدة شاكل ذلك، على أس

ال على أساس اخلطأ املفترض الذي ال يقبل ، 1088إما بالتعمد أو التقصري وعدم التحرز يف اإلضرار

. الذي جاءت به نظرية حتمل التبعة يف القانون، العكسإثبات

تلميذ األجري " أعمال تابعه، يف حكم أعمال وقد حبث فقهاء الشريعة مسؤولية املتبوع عن

:، ومما قالوه فيها"املشترك

؛ ألن وطأ الثوب غري إذا وطئ تلميذ األجري املشترك على ثوب من ثياب القصارة فخرقه يضمن -

1089.مأذون فيه

؛ )املعلم( فالضمان على األستاذ، فاحترق ثوب من ثياب القصارةتلميذ سراجال إذا وقع من يد-

1090.املشي بالسراج عمل مأذون فيهألن

أن املتبوع يسأل عن أعمال تابعه، إذا : ويتلخص من تعليالت فقهاء احلنفية السابق ذكرها

يف الضرر الواقع من التلميذ يف حدود العمل الذي يشتركان، وكان عقد إجارة بينهماكان هناك

مأمـورا به من األستاذ صراحة أو ضمنا، إجنازه آلة وحمال وكيفية حبسب العرف الشائع، أو كان

1091.فإن مل يتحقق هذان الشرطان فال ضمـان على األستـاذ

على أساس الضرر الناشئ، يف هذه احلالة، عن -فيما يبدو-وبناء عليـه، تقوم املسؤولية

النص يف) األستاذ(يف النص األول، أو من املتبوع ) التلميذ(اخلطأ الثابت، سواء كان من التابع

. الثاين، وليس بتاتا على أساس اخلطأ املفترض للمتبوع بصفة عامة

: وما تعلق به من مسائلالتعويـض عن الضـرر: خامسـا

:-رمحه اهللا- قال اإلمام الشافعي. وهو البدل واخللف من العوضة مشتقـالتعويض لغ

255.254-األستاذ وهبـة الزحيلي، الضمـان، ص : راجع:1088

.135البغدادي، جممع الضمانات، ص أبوحممد بن غامن : راجع:1089. من ذات الصفحة،املصدر ذاته: راجع:1090

، وقد أشار يف اهلامش إىل الشيخ حممود شلتوت، املسؤولية املدنية واجلنائية، ص 257األستاذ وهبـة الزحيلي، الضمـان، ص :1091

.390ة، ص فوزي فيض اهللا، املسؤولية التقصريي. ، ود28

450 من 275صفحة 275 - أأ ب ب- االلل

275

" افرسجتعد ن تفارقون تنأى عنه وتغترب؛ أي بدال 1092...هضا عممأما شرعا فلم . مكافئا ع

تستعمل كتب الفقه القدمية مصطلح التعويض، وإمنا استعملت، باملعىن املراد، بدله مصطلح

املال الذي يحكم به على من أوقع ضررا على " ، وهو 1093الضمان، على أحد تعريفي الضمان

1094".غريه يف نفس أو مال

الواقع بالتعدي أو اخلطأ، بصرف النظر عمن من التعويض جرب الضرريقصدوبناء عليه،

وعليه، . حدث منه الضرر، ودون اعتبار لوجود اإلمث يف اجلناية أو عدمه؛ ألن الضرر واقعة مادية

ودون متييز جيب أن يكون التعويض مقدرا على أساس تغطية ما وقع فعال، دون زيادة أو نقصان،

1095.ر وآخبني متسبب

فقده، وعلى ذلك، إذا مل يفت، فعل ضرر للمتضرر، يأخذ املتضرر أكثر مماالجيب أو

وقد أورد احلنفية . وال منفعة، فال شيء له؛ ألن التعويض شرع جلرب نقصان املال أو فواته صفة

يف عليها إلنسان سقطت وخوذكر يف النوازل شاة : "مسائل استحسنوا عدم الضمان فيها، فقالوا

1096". داللـة ألنه مـأذون؛ ال يضمن استحسانا، كي ال متوت فذحبها إنسان،املوت

والتعويض عن الضرر يف اال الطيب أمر الزم؛ حيث يغطي نفقات عالج اين عليه، إذا

ساؤال عما إذا كان وهنا البد أن نطرح ت. بقي حيا، واستيفاء الدية من طرف أوليائه يف حال وفاته

اجلاين يتحمل نفقات طبية باهظة، قد تفوق الدية أو األرش أو حكومة العدل يف اجلراحات اليت

تترك أثرا تشويهيا؟ فقد يلحق القتيل قبل وفاته نفقات طبية، كما تلحق اين عليه فيما دون

.النفس أنواع من النفقات الطبية إىل حني شفائه

وجوب حتمل اجلاين تكاليف العالج الطيب، إذ لوال هذا العالج رمبا حصلت ال شك يف

فقد عرف الطب احلديث ألوانا متعددة من العالج، وقد . سراية يف اجلراحات قد تتلف النفس

فماذا يبقى . تستغرق تكاليف العالج معظم الدية يف حال الوفاة، أو كل األرش فيما دون النفس

وهذا . ه إذا تويف؟ إم عندئذ يتحملون اجلناية دون عوض من دية أو أرشللمجين عليه أو لورثت

.48ديوان الشافعي، ص: راجع:1092باب املبحث الثاين اخلاص بأحكام الضمان يف اال الطيب يف الفصل الثاين من ال:راجع .وهو رد الشيء أو بدله ال الكفالة :1093

.التمهيدي.155، ص يف الفقه اإلسالمي عن الضرر حممد بوساق، التعويض.د: راجع:1094

.170 املرجع عينـه، ص ،حممد بوساق.د: راجع :1095.1/464: باب الصيد والذبائح مناملسائل االستحسانيةالبغدادي، جممع الضمانات، :1096

450 من 276صفحة 276 - أأ ب ب- االلل

276

خالف املقصد الشرعي يف جعل الدية أو األرش عوضا عما فقد من نفس أو عضو، وعما شوه من

يف كتاب الديات فيما دون النفس اتفاق مجهور الفقهاء، - رمحه اهللا-وقد نقل ابن رشد. البدن

فيها، إمنا فيها حكومة عدل، قال - أي ال دية- ال عقل1097 اليت دون املوضحةعلى أن الشجة

1098.بعضهم هي أجرة الطبيب

إن أجرة الطبيب هي ضرر مايل قد حلق باين عليه، غري: وعقب األستاذ الزرقا قائال

، بقي فإذا كانت أجرة الطبيب هي حكومة العدل الواجبة تعويضا. األذى الذي حلقه يف جسمه

وهذا مناف لعدل الشريعة اإلسالمية احلكيمة . الضرر الذي أصاب جسمه بال عوض

1099.واعتداهلا

ولكن هل على اجلاين أن يتحمل نفقة العالج مهما بلغت ولو كانت كبرية ؟

إىل أن هذه املسألة اجتهادية، حيث حتتاج إىل مزيد من البحث 1100وقد ذهب البعض

وميكن القول بأن النفقات اليت هي . الشريعة ومقاصدها وفقه املذاهبوالتفكري يف ضوء نصوص

. من قبيل تعويض العضو املفقود؛ كتركيب رجل صناعية مثال، هي مشمولة حتما مببلغ األرش

لكن النفقات الالزمة للوصول إىل حالة الشفاء، ودف إىل احلد من سراية التلف وتفاقمه، ميكن

.ولعل األفضل ترك ذلك لتقدير احملكمة. ا على اجلاينحتميلها كال أو بعض

طبعا الكالم عن التعويض؛ بالدية أو األرش املقدر أو غري املقدر، يستقيم يف حالة اجلناية

.على النفس وما دوا خطأ، أما يف حالة العمد، جيب القصاص باإلمجاع

عويض، بعد وقوع الضرر؛ على وليس هناك ما مينع املضرور من الرتول عن حقه يف الت

سبيل اإلبراء، أو قبل حدوثه مبوجب اتفاق على اإلعفاء أو التخفيف من املسؤولية املدنية، متاما

. كما جيوز االتفاق على تشديدها، وذلك مبضاعفة الشرط اجلزائي يف حالة إخالل بالتزام تعاقدي

1101.لى النفس، فال يعتد به شرعاأما اإلعفاء أو اإلذن بالعمل غري املشروع؛ كاجلناية ع

:طلبة الطلبة: راجع: وتوضح العظم أي تبينه- وهي جلدة تكون بني اللحم وعظم الرأس رقيقة-واملوضحة اليت تقطع السمحاق:1097

اليت بلغت املوضحة ، السمحاق اليت بينها وبني العظم جلدة، الباضعة اليت تقطع اللحم،سالشجاج الدامية اليت تدمى ا الرأ"و.1/329

الكاتب : اآلمة اليت تصل إىل أم الدماغ وكذلك اجلائفة، اهلامشة اليت شم العظم أي تكسره، املنقلة اليت خيرج منها العظم،العظم

.1/15:مفاتيح العلوماخلوارزمي، .856هـد واية املقتصد، ص بدايـة ات:راجع:1098.138الفعـل الضـار، ص :1099.138األستاذ الزرقا يف الفعل الضار، ص : راجع:1100.108وهبـة الزحيلي، الضمـان، ص .د: راجع:1101

450 من 277صفحة 277 - أأ ب ب- االلل

277

واختلفت املذاهب يف حق ويل الدم هل هو القصاص فحسب دون الدية، أو أحدمها على

البدلية، فللويل أن خيتار الدية بدال من القصاص ولو مل يرض اجلاين ؟

إال ويل الدم أنه ليس ل- رمحهم اهللا- 1103 ومالك عن ابن القاسم1102ذهب احلنفيـة

أي ليس عفو جمانا، وليس له أن يجرب اجلاين على دفع الدية إذا امتنع وسلم نفسه؛ أو ال القصـاص

من 1105، وأشهب1104وذهب الشافعيـة. لويل اجلناية العدول إىل أخذ الدية إال برضا القاتل

1106.املالكيـة إىل أنه له حق االنتقال من القصاص إىل الدية، وأن جيرب اجلاين على دفع الدية

يف تقرير حق العدول عن القصاص إىل الدية، ضمانا الرأي الثاين أوىل؛ ذ بويبدو أن األخ

لتعويض ويل الضحية عما أصاب خلفهم من الضرر من جهة، وحل للمعضالت على اختالف

. تشوف إىل سفك الدماءال يوالشارع احلكيم أنواعها بالطرق السلمية،

رأي أهل اخلربة أو املعرفة بتسمية بعض ويستعني القاضي يف تقرير وتقدير التعويض إىل

ويرجع إىل أهل الطب واملعرفة باجلراح يف معرفة طول اجلرح : " جاء يف تبصرة احلكام. الفقهاء

رجع إىل أهل املعرفة من النساء يف قياس اجلرح وقدره إذا كان مما وكذلك ي... وعمقه وعرضه

1107...."جتوز فيه شهادة النساء

تقدير التعويض شرعانظر يفولكن، هل ي ملة يف الضرر الناجم عن إىل تغري قيمة الع

االعتداء ؟

1102" .6/529: حاشية ابن عابدين: " إذا كان القود عندنا هو الواجب يف العمد فال ينقلب ماال إال من جهة الصلح:الفقيه املالكي مجع بني الزهد والعلم وتفقه املصري، بن جنادة العتقي بالوالء عبد اهللا عبد الرمحن بن القاسم بن خالدأبو هو:1103

وهو صاحب املدونة يف ،باإلمام مالك رضي اهللا عنه ونظرائه وصحب مالكا عشرين سنة وانتفع به أصحاب مالك بعد موت مالك

ليلة اجلمعة هـ191 وتويف 128 وقيل 133 وقيل 132وكانت والدته يف سنة . ذها سحنوني من أجل كتبهم وعنه أخمذهبهم وه

.3/129:وفيات األعيان: اجعر. مضني من صفر مبصر ودفن خارج باب القرافة الصغرى قبالة قرب أشهب الفقيه املالكيلسبع ليال 1104" خترت القصاص فهل له أن يرجع إىل اوإن قال . سقط القصاص وثبت املال ومل يكن له أن يرجع إىل القصاصاختار الدية وإن :

نه والثاين ليس له أن يرجع إىل الدية أل، فجاز أن ينتقل عنه إىل األدىن ،ن القصاص أعلى أحدمها له أن يرجع أل: فيه وجهان ؟الدية

.2/188 أبو إسحاق الشريازي، املهـذب": لقصاصكا؛ تركها فلم يرجع إليها تفقه على اإلمام مالك رضي ، بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي مث اجلعدي الفقيه املالكي املصريأشهبأبو عمرو هو :1105

يش فيه وكانت املنافسة بينه وبني قال اإلمام الشافعي رضي اهللا عنه ما رأيت أفقه من أشهب لوال ط. اهللا عنه مث على املدنيني واملصريني

وقال أبو جعفر ابن اجلزار يف تارخيه ولد هـ 150وكانت والدته مبصر سنة . وانتهت الرياسة إليه مبصر بعد ابن القاسم،القاسم=ابن

.1/238:وفيات األعيان: 204 وتويف سنة 140سنة .6/180:حاشية الدسوقيمع الشرح الكبري :1106

.2/80: البن فرحـون :1107

450 من 278صفحة 278 - أأ ب ب- االلل

278

وال عربة بتغري األسعار، فإن نقص بسببها سعر املغصوب، :"-رمحه اهللا-قال األستاذ علي اخلفيف

¡1108مل يكن على الغاصب بسبب ذلك ضمان؛ وهذا خبالف احلكم يف حال التعـدي عند مالك

1109."يف هذه احلـال نقص السعـرإذ يضمن املعتدي،

ـاءـاإلفض: رع الثالثـالف

ال يكفي إللزام شخص بالضمان، أن يتوافر ركنا التعدي والضرر، بل جيب أن يكون من

عنه عربي شأن التعدي اإلفضاء إىل هذا الضرر؛ أي أن يكون مترتبا على هذا التعدي، وهو ما

لركن الثالث من أركان نظرية الضمـان يف الفقـه الفقهاء املعاصرون برابطة السببية، وهو ا

وغين عن البيـان أن فقـه الشريعـة القدمي مل يتناول ركن اإلفضـاء أو السببيـة، . اإلسالمي

يف أبواب الضمـان، بنحو صريـح، مثلما فعل فقـه القانـون، وإمنا كان لبعض الباحثيـن

1110.لـه وإظهـارهاحملدثيـن يف الفقـه اإلسالمي الفضـل يف تناو

تعـريف اإلفضـاء: أوال

ه ـليإ وأفضى ،ىل الفضاءإ خرج أفضىوقد "اإلفضاء مصدر أفضى وفضا،: تعريفـه لغــة. 1

1111". مسها بباطن راحته يف سجوده،ىل األرضإ بيده وأفضى -أي أعلمه به-بسره

صله أنه صار يف فرجته وأ، و أفضى فالن إىل فالن أي وصل إليه،فضا املكان و أفضى إذا اتسع"و

وقال بعضهم إذا خال ا ، و أفضى إىل املرأة غشيها، دخل على أهلهو أفضى الرجل...وفضائه

وكيف تأخذونه «: ومنه قوله تعاىل،، و اإلفضاء يف احلقيقة االنتهاء غشي أو مل يغش،فقد أفضى

عل جامعها فج إذا،اةـ فهي مفضو أفضى املرأة... 1112»وقد أفضى بعضكم إىل بعض

ومعناه أن ال جيعله ، هكذا جاء يف رواية،ال يفضي اهللا فاك... مسلكيها مسلكا واحدا كأفاضها

وأمرهم فضا ، ويقال الناس فوضى إذا كان ال أمري عليهم وال من جيمعهم... فيهنفضاء ال س

لتعريف الشرعي والتعريف اللغوي قريب من ا1113".رـ إذا افتقأفضى و،بينهم أي ال أمري عليهم

.5/175: الشرح الكبري للدردير مع حاشية الدسوقي: راجع:1108

.101الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص : راجع:1109

¡96فوزي فيض اهللا، نظرية الضمان، ص. ، د177عبد الرزاق السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي، ص.د: راجع:1110

دراسة مقارنة بأحكام الفقه اإلسالمي، -عادل حبيب، املفهوم القانوين لرابطة السببية .، و د26 ص وهبة الزحيلي، نظرية الضمان،.د

.263ص.1/212:احـار الصحـخمت:1111

.21سورة النساء، اآلية: 1112

.158¡15/157:ربـان العـلس :1113

450 من 279صفحة 279 - أأ ب ب- االلل

279

الذي درج على استعماله فقهائنا القدامى، ورمبا تأثروا يف تقرير ذلك مبا ورد يف القرآن الكرمي؛

1114.مثل اآلية السابقة الذكر، حيث قصروه على اجلماع وما يف حكمه كاخللوة

ال أن يكون الفعل موصال إىل نتيجة" عند الباحثني املعاصرينوهو: تعريفـه اصطالحــا-2

" الفعـل" ولعلـه تعريـف صحيح؛ حيث تشمل عبارة 1115".تتخلف عنه إال إذا انتفت املوانع

ما كان سببـا، سواء كان عن تعدي أو عدمه، أو جمرد خطأ أو كان عمدا، ومن شأن هذا

السبب أن يؤدي حتما إىل املسبب أو النتيجة، اليت ال تتخلف إال ملانع؛ من آفة مساوية مثل

أو خطأ املتضرر أو خطأ الغري؛ كما سيأيت بيانه يف موضوع انتفاء اإلفضاء وحنوها،1116ائحـةاجل

1117.يف الفقه اإلسالمي

ومما يشري إىل صحة استعمال املتأخرين هلذا التعريف الشامل، وعدم حصره يف اجلماع

حدود وحنوه، استخدام الفقهـاء القدامى للفظ اإلفضـاء، يف مباحثهم الفقهيـة، خارج

إىلاء ـاإلفضوالتجـارة كثيـرة : "تعريفهـم االصطالحي املشـار إليه آنفـا، ومنه قوهلـم

¡1119"ةـول إىل شيء من غري واسطـالوصاء ـاإلفضأصل و:"، وقوهلم1118"املنـازعـة

إن :"- رمحه اهللا-1121، وقال ابن تيمية1120"لـ يكون بينك وبينه حائإىل الشيء أالاإلفضاء"و

والذريعة ما كان ، بأن حرمها وى عنها؛ا الذرائع املفضية إىل احملارمله سداهللا سبحانه ورسو

.10/14: التفسري الكبرياإلمام فخر الدين الرازي، : راجع:1114فوزي . ، ولعله مقتبس من تعريف د78حممد علي البار، مسؤولية الطبيب بني الفقه والقانون، ص . باشا، و دحسان مشسي . د :1115

.264عادل حبيب، يف املفهوم القانوين لرابطة السببية ص .د، أشار إليه 96فيض اهللا، نظرية الضمان، ص1116" قال "، و2/60:غريب احلديثم القاسم اهلروي أبو عبيد، ابن سال": فإا املصيبة حتل بالرجل يف ماله فتجتاحه كلهاجلائحة :

يعين ما أصيب ، واملعىن بوضع صدقات ذات اجلوائح،ما أذهب الثمر بأمر مساوي ويف حديث أمر بوضع اجلوائح) اجلائحة ( الشافعي

.1/113:الفيومي، املصباح املنري": من الثمار بآفة مساوية ال يؤخذ منه صدقة فيما بقي. هذا الباب منلفصل األوليف ااملطلب الثالث من املبحث األول : راجع:1117

5/145:التفسري الكبرياإلمام فخر الدين الرازي، :1118

.3/277:تفسري الثعاليب:1119

.1/89:ابن اجلوزي ،كشف املشكل: 1120 امللقب بتقي الدين وشيخ اإلسالم، ولد سنة هو أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم احلراين الدمشقي احلنبلي، أبو العباس،:1121

هـ، كان كثري البحث يف فنون احلكمة، داعية دين وإصالح يف الدين، له مؤلفات كثرية نافعة، منها منهاج 728هـ، وتويف سنة 661

.6/286:، والزركلي، األعالم1/35:ابن خلكان، وفيات األعيان: راجع. السنة النبوية، ودرء العقل والنقل

450 من 280صفحة 280 - أأ ب ب- االلل

280

ولو ،ا أفضت إىل فعل حمرم عمةرف الفقهاء عبار لكن صارت يف ع، إىل الشيءوسيلة وطريقا

1122".مل يكن فيها مفسدةاءـذلك اإلفضجتردت عن

ة اإلفضاء يف الفقه اإلسالميـطبيع: ثانيا

رةـاملباشاء رابطـة السببيـة أو اإلفضـاء؛ بأن تكون إما على سبيل وحـدد الفقهـ

وقد سبق أن أشرنا إىل تعريف كل من 1123.، فال ضمان يف غري املباشرة والتسببلسببيـةأو ا

ويف هذا املعىن يقرر .، وبقي أن نشري إىل تعريفهما يف الشرع1124املباشرة والتسبب يف اللغة

أن نفرق بني املباشرة والتسبب؛ بأن املباشرة تولد اجلرمية دون واسطة، إنا نستطيع:" البعض بقوله

1125".وأن السبب يولد املباشرة، أو هو واسطة لتولد املباشرة اليت تتولد عنها اجلرمية

الضرر املباشر هو ما كان نتيجة التصال " ويف نفس املعىن ذهب الشيخ علي اخلفيف إىل أن

ملسبب هو ما كان بفعل يف حمل أفضى إليه فعل آخر يف حمل آخر مع آلـة التلف مبحله، والضرر ا

احتمال ختلف الفعل الثاين عنه، فإن مل يكن التخلف حمتمال عد الضرر حينئذ مباشرا، وكان

وقد قيل أيضا يف بيان الضرر املسبب هو ما أدى إليه فعل بواسطة فعل . الفعالن مبثابة فعل واحد

وعليـه، يبدو أن نسبة الضرر إىل املباشر أقوى من 1126".رتب عليه مباشرةآخر متوسط بينهما ت

.املتسبب

أن قوة إسناد النتيجة إىل الفعل، هي مناط التفرقة " وبناء على ما سبق، يقرر البعض حبق

بني املباشرة و التسبب، فإذا كانت قوة اإلسناد شديدة؛ حبيث يكون الفعل موجد العلة، كان

وإن مل يكن من القوة ؛ حبيث مل يوجد العلة بنفسه، وإمنا أوجد ما يستوجب وجود الفعل مباشرة،

العلة، كان تسببا، ومن أوجد ملزوم العلة كان متسببا، و على هذا جند أن التسبب أقل مرتبة من

1127".املباشرة

وعلى ذلك، فإن معيار التمييز بني التعدي باملباشرة والتعدي بالتسبب، يكمن يف حتديد

الطريقة اليت حيدث ا الضرر املوجب للضمان يف الفقه اإلسالمي، فالتعدي باملباشرة يتحقق حينما

.3/256: الفتاوى الكربى:1122.26وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، ص .، أشار إليه د1/180:احملمصاين، النظرية العامة للموجبات والعقود. د: راجع:1123.أنواع التعدي يف الفرع األول من هذا املطلب: راجع:1124

.451عبد القادر عودة، التشريع اجلنائي اإلسالمي مقارنا بالقانون الوضعي، ص .د: 1125.58ان يف الفقه اإلسالمي، صـالضم :1126.224عادل جربي حبيب، املفهوم القانوين لرابطة السببية، ص .د: 1127

450 من 281صفحة 281 - أأ ب ب- االلل

281

حيدث الضرر عادة نتيجة مباشرة ملا باشره املعتدي من فعل، دون أن يتوسط بينهما فعل آخر

أما التعدي بطريق التسبب فيتحقق حينما حيصل الضرر، ليس عن فعل . يتسبب عنه الضرر

1128.خص ذاته، وإمنا عن أمر آخر يفصل بني فعله و الضررالش

ويرجع الفقه التمييز بني املباشرة والتسبب من حيث شروط الضمان إىل أحد القواعد

، وتقضي بأن العلة باعتبارها وصفا مؤثرا بذاته يف احلكم، 1129األصولية اليت متيز بني العلة والسبب

يضاف إليها لثبوت احلكم، فيدور معها املعلول وجودا وعدما، متصال به، فال حتتاج إىل أمر زائد

أما السبب فهو طريق إىل احلكم بدون تأثري، إذ ال بد فيه أن يتوسط بينه وبني احلكم علة؛ لذلك

وعليه، فإن املباشرة . ال يضاف إليه احلكم إال بزيادة وصف جيعله صاحلا للعلة أو يف حكم العلة

ة، فيوجد عقبها املعلول حتما، وملا كان املباشر علة، واملتسبب سببا؛ أي علة العلة، ترتل مرتلة العل

يضاف إىل املباشر، دون حاجة إىل شروط أخرى ما عدا مباشرته - أي الضمان-فإن احلكم

1130.للضرر، لكنه ال يضاف إىل املتسبب إال بشرط آخر وهو التعدي

فقد جاء يف البحـر . له عند فقهائنا قدميا وحديثا كالم سديد، وأص-يف اعتقادي-وهذا

فصار ، ومل يوجد، وشرط الضمان التعدي،وإنما مل يضمن لأن هذه الأشياء تسبب:" الرائـق

. وما يليها222 ص،ذاتهعادل جربي، املرجع . ، د58األستاذ علي اخلفيف، املرجع السابق، ص : راجع: 11281129

الفريوزآبادي، القاموس ": سببه: وهذه علته:" وهلموتأيت مبعىن السبب كق، 1/189:خمتار الصحاح: العلة لغة املرض:

.3/137:احمليط

العلة قسم : "...التحبري شرح التحريرقال املرداوي يف . 1/119:خمتارالصحاح": احلبل وكل شيء يتوصل به إىل غريه: "والسبب يف اللغة

عم من ذلك؛ فقد يكون زمانا ومكانا وغري ذلك ويفرق بينهما يف من السبب، فالسبب أعم منها، فإا تعترب فيها املناسبة، والسبب أ

احلبل سببا، وذكروا للعلة معاين يدور فأما اللغة فالسبب ما يتوصل به إىل غريه ولو بوسائط كتسمية. اللغة والكالم واألصول والفقه

وأما الكالم . م للتعليل والباء للسببية والتعليل فغاير بينهمااألمر املشترك فيها على أن يكون أمرا مستمرا؛ وهلذا يقول أكثر النحاة الال

فالسبب ما حيصل الشيء عنده ال به، والعلة ما حيصل به، وأيضا العلة ما يتأثر ا املعلول بال واسطة وال شرط، والسبب ما يفضي

العلة ما : يف األصول فقال اآلمدي يف جدلهوأما . للحكم بواسطة وبشرط؛ ولذلك يتراخى حىت توجد وسائطه وشرطه وتنتفي موانعه

ومثلوا له . 3184-7/3183..." : تكون للمظنة وللحكمة، وأما السبب فللمظنة دائما إذ باملظنة يتوصل إىل احلكم ألجل احلكمة

السبب ويف الزنا واللواطة القصاص، احلكم الزجر حلفظ النفس، والعلة هو القتل العمد العدوان، والسببففي املثقل واحملدد :"بقوهلم

.1/377: الشوكاين، إرشاد الفحول": وجوب احلداحلكم الزجر حلفظ النسب، والعلةإيالج فرج يف فرج حمرم شرعا مشتهى طبعا، و التقصريية يف حممد صالح الدين حلمي، أساس املسؤولية. د:وقد أشار إىل¡333 ص،السابقعادل جربي، املرجع .د:راجع:1130

بني التقييد واإلطالق، إبراهيم أبو الليل، املسؤولية املدنية. ، د246 ص)1978رسالة جبامعة القاهرة، ( اإلسالمية والقانون املدينالشريعة

األجنلو أمريكية مع طرح فكرة التعدي كأساس للمسؤولية املدنية، -اإلسالمية-دراسة حتليلية لألنظمة القانونية املعاصرة، الالتينية

.228ص

450 من 282صفحة 282 - أأ ب ب- االلل

282

مى سهما يف ملكه فأصاب بخلاف ما إذا ر،كما لو حفر بئرا يف ملك نفسه فتلف به إنسان

، فلا يبطل حكمها المباشرة علة لأن ؛ فلا يشترط فيه التعدي، لأنه مباشر؛ حيث يضمن،إنسانا

1131 ".علة، فلا بد من التعدي ليلتحق بالوالسبب ليس بعلة، بعذر

وحد املباشرة إجياد علة التلف؛ كالقتل واألكل :" يف عبارة وجيزة -رمحه اهللا-وقال الغـزايل

1132".واإلحراق، وحد السبب إجياد ما حيصل اهلالك عنده، ولن بعلة أخرى

ن أن الفاعل هو م...م يضاف احلكم إىل املباشر ملا تقد: "وجاء يف شرح القواعد الفقهية

ألن تلك؛ ال إىل أسباا املوصلة، واألصل يف األحكام أن تضاف إىل عللها املؤثرة،ملؤثرةالعلة ا

واحلكم يضاف إىل العلة ال إىل علة ،فاملباشر مقدم كالعلة وعلة العلة ... أقوى وأقرب

.1133"العلة

يف الفقه اإلسالمي حتديد معيار رابطة اإلفضاء عند تعدد أسباب الضرر :ـاثالث

أسباب، فمن هو املسئول األول عن إحداث الضرر، هل يشترك مجيع املعتدين ن للضرر عدةإذا كا

يف حتمل التبعة، أم ينفرد ا أحدهم دون اآلخرين ؟

.إمـا أن يكون فعـل املعتدين من نوع واحـد، أو من نوع خمتلـف: يف اجلواب تفصيل

:تعدد أسباب الضرر مع وحدة الفاعلني:احلالة األوىل

؛ بأن كانوا مجيعا مباشرين أو متسببني، فهم 1134 فعل املعتدين من نـوع واحدإن كان

مجيعا مسئولون على حد سواء، وميثل له يف املسؤولية املدنية باشتراك مجاعة يف إتالف شيء، فإم

يضمنون املثل أو القيمة، ويتحمل كل واحد منهم نصيبه دون تضامن فيما بينهم، عمال مببدأ

؛ أي ال ]15سورة اإلسراء، اآلية [» وال تزر وازرة وزر أخرى«: املسؤولية الفردية املقرر يف الشرع

.تتحمل نفس آمثـة جنايـة آخـر

قياسا وإن تفاوت فعل املعتدين قوة وضعفا، قدم السبب األقوى عند املالكية واحلنابلة، و

قتل إنسان، كل على انفراده دون اتفاق مع غريه، أو قصد - مثال–عند احلنفية، فإن قصد أفراد

.8/43:بن جنيم احلنفيال:1131.2/48¡1/205: الوجيز:راجع :1132

.447العالمة أمحد بن الشيخ حممد الزرقا، ص:1133.ليهاوماي37وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، ص.د: راجع:1134

450 من 283صفحة 283 - أأ ب ب- االلل

283

كل واحد منهم ضربه بال قصد قتل فمـات، قـدم للقصاص األقـوى فعال حيث متيزت

وذلك إذا أمكن -أفعاهلم، كما يقتص ممن كان فعله أشـد من فعل غريه؛ بأن جرح أو قطع عضوا

1135. ويعزر من مل جيرح-عذر ذلك صري إىل الديةاملماثلة يف القصاص، فإن ت

وأما مقتضى االستحسان عند احلنفية، فهو توزيع الضمان على املشتركني، حسب دور كل واحد

1136.يف إحداث الضرر قوة وضعفا

، فدفع بعضهم بعضا،ازدمحوا يوم اجلمعة"جاء يف جممع الضمانات عند احلنفية عن مجاعة

1137". إن انكسرت بقوة دفعه،عـيضمن الداف : فانكسرت، زاف وقدورهفوقع على زجاج اخل

وميثل رأي مجهـور الفقهاء ورأي احلنفية قيـاسا، الذي يعتد بالسبب األقـوى، عند

تعدد األسباب، ما يقابل األخذ بنظرية السببية املالئمـة أو السبب املنتج عند فقهاء القانـون،

ما يقابل األخذ بنظرية توزيع الضمـان على املشتركني،أي وميثل رأي احلنفية استحسانـا؛

1138.تكافؤ األسبـاب أو تعادهلا عندهم، كما تقدم بيانه

:تعدد أسباب الضرر مع اختالف عمل الفاعلني:الثانيةاحلالة

وأما إن اختلف عمل املعتدين؛ بأن كان بعضهم مباشرا، واآلخر متسببا، فاحلكم هنا تقدمي

يضافإذا اجتمع املباشر واملتسبب، :"ملتسبب، مبوجب القاعدة الفقهية اليت تقولاملباشر على ا

، وذلك بأن تقطع عمله وأثره، وهذا ما ؛ أي إذا غلبت املباشرة السبب1139"احلكم إىل املباشر

شيء إذا اجتمع المباشر؛ أي عامل ال": جاء يف درر احلكام. قرره الفقهاء بنصوص فقهية صرحية

ببالس كني لمء، ويالش قوع ذلكفضي لوب المبالفاعل للس وهب؛ وبستالم عبالذات، م فاعلهو

،رل فاعل آخبفع عبتي لم وئة إذا هية الستيجي إلى الندؤا يمكمالح افضلى ايع بترتلذي ي

يقدم المباشر في الضمان عن وبعبارة أخصر . إلى الفاعل المباشر دون المتسببالفعل،

في ذلك البئر، ضمن لو حفر رجل بئرا في الطريق العام، فألقى أحد حيوان شخص ...المتسبب

الذي ألقى الحيوان، ولا شيء على حافر البئر؛ لأن حفر البئر بحد ذاته لا يستوجب تلف الحيوان،

.8/397: الطوري، تكملة البحر الرائق¡327القواعد ص ، ابن رجب،196-6/195:الدردير، الشرح الكبري مع الدسوقي: راجع:1135.327فوزي فيض اهللا، املسؤولية التقصريية، ص.، د8/397: تكملة البحر الرائق: راجع:1136.1/351: للبغدادي:1137.209املطلب الثالث ضمن املبحث األول من الفصل األول هلذا الباب، ص : راجع:1138.1/27:درر احلكام: من الة، راجع90املادة : 1139

450 من 284صفحة 284 - أأ ب ب- االلل

284

. في البئر، لما تلف الحيوان بحفر البئر فقطولو لم ينضم إليه فعل المباشر، وهو إلقاء الحيوان

ول الإلقاء ها أن فعل الإلقاء، فبمى فعأتا تفر، لمل الحل فعصحي لم لو هقول بأنقائل ي برو

الت أضيف فقد ،الأخري فصةالوالجيلوفي الو درو قده، وإلي بعلة ذات ( 1140لف تثبكم يكل ح

أما إذا كان ذلك الحيوان سقط ،) يضاف الحكم إلى الوصف الذي وجد منهما أخريا ،وصفين

يترتب على ... فالضمان ،كان حافر البئر قد حفره بدون أمر من ولي الأمر فإذا ،بنفسه في البئر

.1141"حافر البئر

إذا اجتمع من أسباب الضمان الثالثة سببان كاملباشرة والتسبب من : "جاء يف الفـروق

. واألول متسبب، فهذا مباشر،ر فألقاه فيه فجاءه آخ،ليقع فيه كمن حفر بئرا إلنسان؛جهتني

فيقدم يف ،شأن الشريعة تقدمي الراجح عند التعارض ألن؛فالغالب تقدمي املباشرة على التسبب

1142".هـان عليـي فيكون الضمقلاملثال املذكور امل

يف حمل عدوان فتردت فيه حفر بئرا]من[ جيب الضمان على :"التاج واإلكليلكما جاء يف

فعلى امل، فإن رداه غريه،يمة أو إنسان 1143". للمباشرة على التسبب تقدميا؛يدر

وقد تنازع الفقهاء يف املشتركني يف القتل إذا باشر بعضهم : "وورد يف الفتاوى الكربى

وقيل إذا كان ، وهو قول أيب حنيفة،ةـ إال على املباشر خاصدو فقيل ال جيب الق،دون بعض

والشهود بالزنا والقصاص إذا رجعوا ،هكره واملكركامل؛املباشر واملتسببجب على والسبب قويا

، وقتله اآلخر مث إذا أمسك واحد،وهذا مذهب اجلمهور كمالك والشافعي وأمحد، وقالوا تعمدنا

والرواية األخرى يقتل ، وهو إحدى الروايتني عن أمحد،فمالك يوجب القود على املمسك والقاتل

كقول أيب حنيفة ؛قيل ال قود إال على القاتلو ...ل وحيبس املمسك حىت ميوتالقات

1144".والشافعي

بلدة من لواجلوأهل من الفتح ظهري الدين عبد الرشيد بن أيب حنيفة بن عبد الرزاق الولواجلي، أي الفتاوى الولواجلية أليب:1140

540، ومات بعد 467 إمام فاضل حسن السرية وتفقه على مجاعة وكتب األمايل وولد يف مجادى األول ،سكن مسرقندبلخ، طخارستان

انظر: مهـ وذكره الذهيب يف هذه الطبقة من الذين مل تعرف وفا:,com.books-islamic-arabic.www

trajem/4/b/com.islamport.www,com.ahlelhadeeth.www,com.lsooot3.www..1/80:يدر عليحلشرح جملة األحكام العدلية، : 1141

.2/339:رايفـالق::1142

.5/278:حملمد بن يوسف العبدري:1143.6/279:ةـابن تيميشيخ اإلسالم :1144

450 من 285صفحة 285 - أأ ب ب- االلل

285

؛ حيث يكون املتسبب وحده هو ملتسبباقاعدة املباشر مقدم على ومثة حاالت تستثىن من

:الضامن، أو يشترك مع املباشر يف الضمان، وذلك كما يلي

:دهـضمان املتسبب وح.1

لعامل الرئيسي يف إحداث الضرر، وذلك بأن يتغلب السبب على إذا كان املتسبب هو ا

وهو الضمان -تعذر إضافة احلكم إىل املباشر بالكلية، فيضاف احلكمإذا ، وذلك املباشرةالعلة

إىل املتسبب وحده ؛ كما إذا دفع رجل إىل صيب سكينا ليمسكه، فسقط من يده، فجرحه، -هنا

.ىن العلةضمن الدافع؛ ألن السبب هنا يف مع

ومل يأمره فيه ،وإذا أعطى الرجل صبيا عصا أو سالحا ميسكه له: "1145جاء يف املبسوط

1146 فضمانه على عاقلة، فمات، فوقع على رجله، بأن سقط من يده؛ فعطب الصيب بذلك،بشيء

يف ذلك متعد، هلالكه وهو سبب، يف استعمال الصيب يف إمساك ما دفع إليه ألنه جان؛الرجل

1147.؛ ألن الصيب مل يباشر فعال معينا فهو غري مسئول، واآللة بطبيعتها جارحة..."السبب

-ع املودإذا دل "1148:وميثل هلذا يف اإلخالل بالتزام عقدي، مبا ورد يف جممع الضمانات

، وهنا أضيفت السرقة إىل الدال املتسبب، دون املباشر "ه احلفظـ اللتزام؛ضمن سارقـا، -لديه

. لة وجود عقد إيداعللسرقة؛ بدال

ـا.2 :ضمان املتسبب و املباشر مع

مساو إذا اشترك املتسبب واملباشر يف إحداث الضرر، وكان لكل واحد منهما دور بارز

1149.اآلخر، حبيث تساوا يف أثر الفعل، فإما يشتركان يف الضمانلفعل

إذا كان السبب شيئا لا يعمل ،مع المباشر يضمن االمسبب إنما ل " أن1150قال الزيلعي

وأما إذا ، فإن الحفر لا يعمل شيئا بدون الإلقاء، كما يف الحفر مع الإلقاء؛راده يف الإتلافـبانف

1151". فيشتركان،بانفرادهكان السبب يعمل

.26/185: السرخسي:1145هي العصبة واألقارب "و¡1/187: خمتار الصحاح: "دية من قتله خطأالرجل عصبته وهم القرابة من قبل األب الذين يعطونعاقلة":1146

: النهـاية": وأصلها اسم فاعلة من العقل وهي من الصفات الغالبةعاقلةمن قبل األب الذين يعطون دية قتيل اخلطأ وهي صفة مجاعة

3/278..191وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، ص.د: راجع: 1147.1/363: البغدادي: 1148. يليها وما43، صاملرجع السابقوهبة الزحيلي، .د: انظر: 1149

450 من 286صفحة 286 - أأ ب ب- االلل

286

كان ، ووطئت إنسانا، المأمور الدابةفنخس ،أن الراكب إذا أمر إنسانا: "ة ذلكأمثلومن

فتبين ذا أنهما ، والآمر راكب، فالناخس سائق؛ فاشتركا يف الضمان،الضمان عليهما

1152".يستويان

شخصا ليقتله آخر، فالضمان عليهما معا عند مالك ويف رواية عند أمحد، ومن أمسك

1153.خالفا أليب حنيفة والشافعي؛ كما تقدم

لـ أن القت يعتقدن مرم إذا أ،هرك الذي مل يرـ يف اآلموقد تنازعوا أيضا:"قال ابن تيميـة

هل جيب الق، حمرموكقطع ؛ فيما حيتاج فيه إىل املعاونة1154ردءـوأما ال ،اآلمر على قولني على د

وهو قول أيب حنيفة ومالك ، فجمهورهم على أن احلد جيب على الردء واملباشرة مجيعا،الطريق

1157". لقطاع الطريق1156الناطوروهو 1155 يأمر بقتل الربيئة)ض(وكان عمر بن اخلطاب وأمحد

تجنيه بيديها ورأسها دون رجليها راكب الدابة ما ضمن: "1158وجاء يف الروضة البهيـة

إلا أن يكون ،لاشتراكهمـا في اليـد والسببيـة ؛ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان...

. " لأنه المتولي أمرها؛فيختص الضمان بالآخر، لصغر أو مرض،أحدهما ضعيفا

فهذه النصوص الفقهية تدل بوضوح إسناد الضرر إىل السبب األقوى، وهو السبب املباشر

من حيث األصل، إال يف حاالت استثنائية؛ حيث يتغلب السبب على املباشر، فينسب الضمان إليه،

ملنتج يف الفقه القانوين املدين؛ اليت حتظى بقبول وهذا يقابل األخذ بنظرية السببية املالئمة أو السبب ا

هـ، فقيه حنفي 743هو فخر الدين عثمان بن علي بن محجن، من أهل زيلع بالصومال، أبو عمر قدم القاهرة وتويف ا سنة: 1150

.3/258: الدرر الكامنة يف أعيان املائة الثامنة: شهاب الدين أبو الفضل أمحد بن علي بن حممد العسقالين: راجع. مشارك يف عدة علوم.6/150: حلقائق شرح كرت الدقائقتبيني ا: 1151. من احلنفية-رمحه اهللا-املرجع ذاته من ذات الصفحة، وقد عزي إىل حممد بن احلسن الشيباين: 1152.، املذكور آنفا 6/279:كالم ابن تيمية يف الفتاوى: راجع: 1153.2/213: حلديث واألثر، النهاية يف غريب ا1/85: ، لسان العرب1/101: خمتار الصحاح: العون والناصر: 1154 وال يكون إال على جبل أو شرف ،وهو العني والطليعة الذي ينظر للقوم لئال يدمههم عدو... يقال ربأ لنا فالن و ارتبأ إذا اعتان" :1155

.2/179:النهاية": يربأ أهله أي حيفظهم من عدوهم"، و1/82:لسان العرب": و ارتبأت اجلبل صعدته،ينظر منه وقال أبو حنيفة هي ، قال بعضهم وليست بعربية حمضة. حافظ الزرع والتمر والكرم: من كالم أهل السوادالناطور و نطر الناطر":1156

:قال الناطر، تغذينا إذا هبت علينا ومتأل وجه ناطركم غبارا، أال يا جارتا بأباض إين رأيت الريح خريا منك جارا: قال الشاعر،عربية

.5/215: لسان العرب": احلافظ

1157.6/279:الفتاوى الكربى:

بريوت،– دار العامل اإلسالمي :ناشرال :5/389: زين الدين بن علي العاملي اجلبعي، ل)فقه اإلمامية(يف شرح اللمعة الدمشقية:1158

].ق للمطبوعالكتاب مشكول ومرقم آليا غري مواف[¡com.islam-al.wwwموقع اإلسالم:املصدر

450 من 287صفحة 287 - أأ ب ب- االلل

287

، وال شك يف املساواة يف الضمان، يف حالة تساوي 1159معظم الفقه والقضاء املدنيني كما تقدم

املباشر مع املتسبب، على أحد اآلراء الفقهية املذكورة، وهذا فضال عن تساوي كل من املباشر مع

.ا يبدو، واهللا تعاىل أعلماملباشر، واملتسبب مع املتسبب، فيم

حتديد معيار رابطة اإلفضاء عند تسلسل األضرار يف الفقه اإلسالمي: رابعـا

أنه عند حدوث أضرار متعاقبة، - باالتفاق يف ذلك مع فقه القانون-يرى فقه الشريعة

تسبب البعض يف وقوع اآلخر منها، الوقوف عند السبب املباشر، الذي أنتج أثره فيها، دون

، وقد عبر الفقهاء عن ذلك 1160التجاوز إىل أبعد منه، حيث ينقطع أثر فعله بتدخل سبب آخر

.1161باشتراط أن يكون الضرر نتيجة التصال آلة التلف مبحله

: ومن أمثلـة ذلك

يضمن الضارب املال ...ء وسقط منه شي، عليهمغشيا فسقط املضروب،ضرب رجاللو "-

1162". لو تلفت،ثيابه اليت عليه وكذا يضمن ،هو املستهلك ألنه ؛الذي مع املضروب

، فإن دخل الوهن يف احلائط من ثقله، حىت ادم احلائط،ه جارفوهن جدار ، كثرياألقى ترابا"-

1163. "ضمن

وتعلق الثاين فتعلق هذا الرجل برجل آخر، جل حفر بئرا يف الطريق، فجاء رجل وسقط، ر"-

توا، إن مل يعلم كيف ماتوا، ومل يقع بعضهم على بعض، فدية األول على بآخر، ووقعوا مجيعا وما

احلافر؛ ألنه ليس ملوته سبب سوى الوقوع يف البئر، ودية الثاين تكون على األول؛ ألن األول هو

1164."الذي دفعه حيث جره إىل نفسه، ودية الثالث تكون على الثاين هلذا املعىن

1159.الفرع الثاين من املطلب الثالث ضمن املبحث األول يف الفصل األول هلذا الباب: راجع:.280 صعادل حبيب، املفهوم القانوين لرابطة السببية،.د، 46وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، ص.د: انظر:11601161

.58، الضمـان ، صاألستاذ علي اخلفيف: راجع:.1/278: لسان احلكام:راجع. -رمحهما اهللا- أيب حنيفةوهذا عند حممد صاحب:1162.1/356:جممع الضمانات :1163

.1/408:جممع الضمانات:1164

450 من 288صفحة 288 - أأ ب ب- االلل

288

والثالث برابع، فوقعوا جميعا، ، والثاني بثالث، ، فتعلق بثان1165لزبيةلو وقع واحد في ا" -

ليع نع ،دالأس مهسرافت-لامه السليا، -عدأح ملزد، لا ية الأسل فريسأن الأو ى في ذلكقض هأن

مرغيو لهأه

ثلث الدية للثاني، ويغرم الثاني للثالث ثلثي الدية، ويغرم الثالث للرابع الدية كاملة، وعمل بها

.أكثر الأصحاب

فترك العمل بمضمونها ، ا بواقعتها ممكنوتخصيص حكمه...كن توجيهها على الأصول مشكلل

هجوتطلقا مم . ،ابعالرالثالث و ول هقتل والأو لهقت الثانيو ،دأح لهقتي ل لما؛ بأن الأوهجيهوتو

والثالث قتله اثنان وقتل هو . ، فاستحق منها بحسب ما جني عليهفقسطت الدية على الثلاثة

ن كذلكثلثي قحتا، فاساحدة . ويالد اممت قحتالثلاثة، فاس لهقت ابعالراع-وزضع النوليل بمعإذ ، ت

.زم من قتله لغيره سقوط شيء من ديته عن قاتلهلا يل

وإنما نسبها إلى . لاشتراكهم جميعا في سببية قتله، وربما قيل بأن دية الرابع على الثلاثة بالسوية

اني استحق على الأول ثلث الدية فيضيف إليه ثلثا آخر ويدفعه إلى الثالث فيضيف لأن الث، الثالث

.إلى ذلك ثلثا آخر ويدفعه إلى الرابع

أن عليا عليه 1167وفي رواية أخرى. 1166ن لا يتم في الآخري-مع مخالفته لظاهر الرواية-وهذا

. وللرابع الدية كاملة، وللثاني ثلث الدية ،وللثالث نصف الدية، للأول ربع الدية:السلام قال

ل ذلكعجو

يحمدزاقلة الملى عع ام كلهدحا إلى الازندتساس مالافترا، وانودع تفرن البئر حبكو تهجون، و

.المانع من التخلص

لاثة أرباع السبب وهو ث، فالأول مات بسبب الوقوع في البئر، ووقوع الثلاثة فوقه، إلا أنه بسببه

قهن فوياقيقوع البوب وبثلث الس وهل وذب الأوب جببس اتالثاني مافر، ولى الحع عبقى الربفي

لث مات من جذب الثاني ووقوع الرابع والثا، وهو ثلثاه ووقوعهما عليه من فعله فيبقى له ثلث

تي لا يعلوها الماء وفي الزابية ال: وهي الحفرة تحفر للأسد سميت بذلك ، لأنهم كانوا يحفرونها في موضع عال ، وأصلها :1165

com.islam-al.wwwموقع اإلسالم: املصدر:5/392:) فقه اإلماميةيف(البهية لروضة ا: راجع. بلغ السيل الزبا: المثل.5/392:البهيةالروضة : راجع. في رواية محمد بن قيس عن الباقر:11661167:لامه السليد الله عبأبي ع نع عممس نع مد الله الأصبع نون عمن شاب ناد عزي نل بها ساهورير، رحة في التلامة العخري وهو .

.394-5/393:الروضة البهيةاجلبعي، :راجع

450 من 289صفحة 289 - أأ ب ب- االلل

289

والرابع موته بسبب جذب الثالث ، لكن الرابع من فعله فيبقى له نصف، وكل منهما نصف السبب

".هـفله كمال الدية؛ لاستقلاله بإتلاف

وإذا تتابعت أربعة أضرار مثال، حبيث كان سبب الرابع الثالث، والثالث الثاين، والثاين

األول، فعلى الرغم من أن سبب الضرر الرابع هو الضرر الثالث؛ باعتباره سببا قريبا أو مباشرا، إال

األول منها، وإن كان حقيقة، وإمنا يسند إىل -أي الثالث- أن الضرر الرابع ال ميكن إسناده إليه

ولعل ذلك هو ما يقصده فقهاء الشريعة بقوهلم أن التسبب امللجئ إىل . سببا بعيدا أو غري مباشر

املباشرة، حكمه حكم املباشرة، أو هو كاملباشرة، طاملا كان هذا الفعل نتيجة حتمية لفعل املباشرة

1168.وفقا رى العادة واملألوف

ار، يتطلب مجهور الفقه اإلسالمي لقيام املسؤولية، وبالتايل، ففي حالة تسلسل األضر

الضمان، أن يترتب الضرر على الفعل مباشرة؛ أي دون أن يفصل بني الفعل و الضرر فعل آخر،

وهو ما يعين يف تعبري مواز، أنه عند تعدد املباشر أو املتسبب على سبيل التعاقب، فإنه يعتد بالفعل

1169.ة املباشرة والسبب األقوى يف حالة التسبباألقوى يف حال

وميثل لذلك بقيام شخص جبرح رقبة آخر جرحا شديدا، ويأيت ثان وحيز رقبته، أو يقوم

.األول حبز الرقبة مبا حييا معها، ويقوم الثاين باجلرح؛ ففي هذه احلالة ال يعتد إال بالفعل األقوى

ويضمن أسبق : "السبب األسبق يف الوجود، وذلك بالقولويذهب اإلمامية إىل االعتداد ب

فيضمن واضع ، فيعثر بالحجر فيقع في البئر،كواضع الحجر وحافر البئر؛ السببين لو اجتمعا

كما لو نصب ؛ولو تقدم الحافر، تأخر الوضع عن الحفر وإن،لأنه أسبق السببين فعلا ؛الحجر

فالضمان ، فمات؛ فأصابته السكني، فوقع فيها إنسان من غير عثار،في قعر البئرإنسان سكينا

؛ فلو كان فعل أحدهما في ملكه فالضمان على الآخر، متعديينهذا إذا كانا. على الحافر

1170".لاختصاصه بالعدوان

ومبكن أن يرد حبق على ذلك؛ بأن اهلدف من حتديد الضمان هو بيان مدى ارتباط فعله

األسباب من حيث اإلتالف ال من بالضرر احلادث، وهذا ال يكون إال بالنظر إىل أولوية أحد

.85األستاذ علي اخلفيف، الضمـان ، ص : اجعر:1168

.2هامش 281عادل حبيب، املرجع السابق، ص:راجع:1169com.islam-al.www:5/139 :يف شرح اللمعة الدمشقية الروضة البهية:1170

450 من 290صفحة 290 - أأ ب ب- االلل

290

حيث الوجود، وال اعتبار من ناحية السبق يف الوجود، إذ كيف نقدم سببا رغم ضعفه رد سبقه

1171يف الوجود، وترك السبب األقوى بالرغم من أثره البالغ يف إحداث الضرر رد تأخره ؟

وإن حفر في الطريق :"أقواهلمونقل عن اإلباضية يف هذا الصدد القول باملساواة مجيعا، ومن

،وإن جعل فيها آخر رمحا أو عقربا أو حية أو غير ذلك، فهو ضامن لمن تضرر بهاحفرة

منـضع1172".اـا م

مي املباشر على أن الرأي الذي انتهى إليه اإلباضية يتناقض مع قاعدة تقد1173وقدر البعض

ولعل تعليقه، على هذا املثال، ال يستقيم؛ ألنه يتضمن . املتسبب، اليت هي حمل اتفاق الفقهاء

ولقد استخرجت مثاال آخر، جيتمع فيه مباشر ومتسبب؛ ألحتقق من هذا الزعم، وهو . متسببني

وغطاها ثالث فهم ، جعل فيها ما يضر وركز فيها آخر رمحا أو،وإن حفر حفرة": قوهلم

ففي هذا املثال يعترب الثالثـة 1174".ة ضامنونـإن دفع فيها رابع رجلا فالأربع وكذا،ضامنون

بصحة وكالم اإلباضية هذا موهم. األوائل متسببني، دون الرابع؛ أي الدافع، إذ يعترب مباشرا

بإطالق العبـارة، "ونـة ضامنـفالأربع"التعليق السابق؛ ألنه ورد يف كتاب الديـات، وقوهلم

. دون بيان أو توجيه، يقتضي ظاهرها االشتراك والتضامن على سبيل املساواة

عند تعدد األسباب على سبيل التعاقب، بالسبب وميثل رأي مجهور الفقهاء يف اعتدادهم،

ما يقابل األخذ بنظرية السببيـة املالئمـة أو السبب املنتج عند فقهاء القانون، ويعترب وى، األق

رأي اإلباضيـة؛ القائل باملسـاواة بني األسباب يف الضمان، موازيا للقول بنظرية تكافؤ

. األسبـاب أو تعادهلـا عندهم

ه يف الضمانانتفاء اإلفضاء أو السببية يف الفقه اإلسالمي وأثر: خامسـا

الطبيب تلف النفس أو عضو منها، بعد إجراء عمل طيب ملريضه، إذا قام بواجبهال يضمن

على الوجه املعتاد، إذا ما انتفت عالقة اإلفضاء أو السببية بني فعله والتلف، وذلك يف حالة ما إذا

يجة خطأ املريض التضرر أسند التلف إىل سبب أجنيب، ال يد له فيه؛ بأن كان بفعل خملوق؛ أي نت

.282 ، صعادل حبيب، املفهوم القانوين لرابطة السببية. د:اجعر: 1171: ، مصدر الكتاب ، نشر مكتبة اإلرشاد30/415: شرح النيل وشفاء العليلكتابحممد بن يوسف بن عيسى أطفيش، : راجع:1172

].الكتاب مشكول ومرقم آليا غري موافق للمطبوع [ www.al-islam.comموقع اإلسالم .282عادل حبيب، املرجع السابق، ص .د:راجع:1173.30/416: املرجع السابقالشيخ اطفيش، : راجع:1174

450 من 291صفحة 291 - أأ ب ب- االلل

291

ذاته، أو خطأ غريه ممن ليسوا حتت إشراف الطبيب، أو كان نتيجة حصول عارض مساوي وهو ما

.يعرب عنه باآلفة السماوية، أو اجلائحة؛ كما سيأيت بيانه

حبق أن فقه الشريعة الغراء مل حيدد املقصود بالسبب األجنيب، كما مل 1175ويرى البعض

نظرية عامة لدفع الضمان، ولكن ميكن استخالص ذلك من خالل تتبع ما أورده يتناوله يف إطار

ما ال ميكن "الفقهاء من أمثلة تطبيقية لصوره، ومن بعض القواعد الفقهية اليت ذكروها، ومن أمهها

.1176"ما ال ميكن االحتراز عنهال يضمن "، و"االحتراز عنه عفو

تقابل القوة القاهرة أو احلادث الفجائي يف إذ: ضماناء الـفنتة وأثرها يف ااآلفـة السماوي.1

، ومن ضروب اآلفة السماوية اجلائحـة، وهي اآلفة اليت تصيب األموال الفقه القانوين

.1177كالثمار

يبدو أن اآلفة -وسيأيت طرف منها- ومن التطبيقات اليت وردت يف نصوص الفقه اإلسالمي

راز عنه، وال يف الوسع توقعه، وجيعل تنفيذ االلتزام السماوية هي أمر ليس يف اإلمكان االحت

1178.مستحيال، وهذا هو عني ما هو مقرر يف الفقه الغريب

كالغرق لا يمكن الاحتراز عنها الزرع آفة سماوية 1179إذا اصطلم"ومما قرره الفقهاء أنه

؛ جائحةوكل ما ال يستطاع الدفع له "، 1180"فلا خراج، ا أشبه ذلكوم، والحرق وشدة البرد

...واجلراد املنتشر ... الكاشح وكالعدو كفتنة؛ من اجلوائح واجليش معدود،مثل الرياح املرسلة

رقت يف أو س مساويةةـآف الثمارإذا أصابت"و ¡1181"واملطر والربد والطري والنار وحنوها

.377-376ص عادل حبيب، املفهوم القانوين لرابطة السببية،.د: راجع:1175

. على التوايل4/170: حاشية ابن عابدين، و 2/139: السرخسي، املبسوط:1176 واجلمع ، فهي جائحة من باب قال إذا أهلكته و جتيحه جياحة لغة؛ يقال جاحت اآلفة املال جتوحه جوحا،اآلفة: اجلائحة":راجع:1177

اجلائحة ما أذهب الثمر : قال الشافعي، واجتاحت املال مثل جاحته،جماح واملال جموح و جميح و أجاحته باأللف لغة ثالثة فهو،اجلوائح

ه ومنه اجليم والواو واحلاء أصل واحد وهو االستئصال يقال جاح الشيء جيوحه استأصل"جوح".1/113:املصباح املنري": بأمر مساوي

.2/376:الروضة الندية": اجلائحة اآلفة اليت لك الثمار واألموال"، و1/492: العربيةمقاييس اللغةمعجم ابن فارس، ":اشتقاق اجلائح

.6/178:عبدالرزاق أمحد السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي.د: راجع:11781179" .1/328:النسفي، طلبـة الطلبـة": ه من أصلهـراد به قطع أ، االصطالم االستيصال:اصطلمويف األنف الدية إذا :

.2/242: الفتاوى اهلندية:1180.1/489:شرح ميارة:1181

450 من 292صفحة 292 - أأ ب ب- االلل

292

واملراد إذا ،لفوات اإلمكان ؛ فال شيء على املالك باتفاق األصحاب، فإن تلف اجلميع...الشجرة

.1182" فانه يضمن، فأخر أو وضعها يف غري حرز؛أمكن الدفع فأما إذا ،مل يقصر

ولا خلاف أن .. . وهي الآفة التي تصيب الثمار فتهلكها،الجوائح جمع جائحة: " قال الشوكاين

؛ وأما ما كان من الآدميني.آفة سماوية وكذلك كل ما كان ،البرد والقحط والعطش جائحة

رقة ففيه خلافة،كالسائحج هري لم نم مهله1183 منإ" - صلى اهللا عليه وسلم- لقو الله عنذا م

1186". تشبيها بالآفة السماوية1185إنه جائحة: ومنهم من قال ، 1184"الثمرة

منها حيصر األول¡1187وحول طبيعة اجلائحة ونطاقها اختلف فقهاء املالكية إىل ثالثة آراء

يشمل إضافة إىل النوازل الثاين، واجلوائح يف احلوادث أو النوازل السماوية دون أفعال اآلدميني

السماوي أفعال اآلدميني إذا كانت غالبة؛ كاجتياز اجليش اجلرار، الذي ال ميكن دفعه، وأما إذا

كانت غري غالبة، حىت لو حدثت بغتة وعلى حني غرة؛ كالسرقة مثال، فال تعترب يف حكم اجلائحة،

وسع يف معىن اجلائحة؛ حبيث تشمل اآلفات السماوية تالثالثوالرأي . إذ من املمكن التحرز منها

.وأفعال اآلدميني على السواء

-"إذا منع الله الثمرة"ودليل الرأي األول فيما يتعلق بالنوازل السماوية، ظاهر حديث

ثاين؛ ودليل أصحاب الرأي ال. ، و أن املنع إمنا يرجع إىل اهللا وليس إىل فعل اإلنسان-املذكور آنفا

الذين أضافوا فعل اآلدمي إذا كان غالبا، فقد نظروا إىل وجه الشبـه بني احلادثة السماوية والفعل

أما دليل أصحاب الرأي الثالث؛ الذين . اإلنساين الغالب، من حيث االستعصـاء على الدفع والرد

بوا فكرة املسؤولية املدنيةتوسعوا يف معىن اجلائحة لتشمل احلادثة السماوية واآلدمية، فيبدو أم غل

1188.أو الضمـان

.2/252: اإلمام النووي، روضة الطالبني:1182

.4/86 :املغين، ابن قدامة، 2/86: البهويت شرح منتهى اإلرادات: راجع :1183

اب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة بكتاب البيوع،صحيح البخاري،): ض(متفق عليه رواه أنس بن مالك:1184

.1555، احلديث رقم 3/1190:باب وضع الجوائح ،املساقاة، وصحيح مسلم، كتاب 2086، رقم احلديث 2/766:فهو من البائع.2/252:روضة الطالبني:راجع :1185

.281-5/280:نيل األوطار:1186

.38-12/37: ، كتاب اجلوائحاملدونة الكربى: راجع. بن القاسم مالك، والثالث الرواية عنين البن نافع ، والثا الرأي األول:1187 وما يليها بتصرف، إذ رغم عرضه للمسألة بتميز، خلط يف نقل أمساء الفقهاء 377عادل حبيب، املرجع السابق، ص .د: راجع:1188

.- يف املدونـة ومل أجدهملطرفاملذكورة، كما أشار إىل رأي ثالث

450 من 293صفحة 293 - أأ ب ب- االلل

293

. وبناء على ما سبق بيانه، يتضح أن النوازل السماوية تعترب يف حكم اجلائحة باتفاق الفقهاء

اآليت -وأما ما يتعلق بفعل اآلدميني من خالف، يبدو أن رأي املالكية الثاين ورأي ابن قيم اجلوزية

رط يف فعل اآلدميني أن يكون غالبا؛ أي أن تتوافر فيه علة اآلراء وأعدهلا، فهو اشت أرجح-بيانه

اجلائحة، وهي عدم إمكان التحرز والدفع، وهذا الرأي يشبه رأي فقهاء القانون يف اشتراطهم

أن تكون عامة، وذلك حىت - إضافة إىل الشروط األخرى-للظروف الطارئة يف نطاق تنفيذ العقود

فقبول . يتمكنوا من خرق العقود واإلفالت من املسؤولية القانونيةال خيتلق األفراد هذه الظروف، ف

على الشرع؛ كما قد يفضي إىل فعل اآلدميني مطلقا، دومنا قيد أو شرط، قد يفضي إىل التحايل

ولعل هذا املعىن هو . على القانون يف اصطناعهم للظرف الطارئ اخلاص، واهللا تعاىل أعلم التحايل

فليس يف احلديث ،وإن قدر أن المصيبة كانت جائحة :"... بقوله-محه اهللار-ما قصده ابن القيم

ـةأا كانت جائحة امع،اصة خائحا جلهل لعمنها؛ةـ ب ازترالاح كنموص اليت يرقة اللصكس،

ة ـ والتلف بآفنهب الجيـوش بخلاف ،المشتري الثمن عنومثل هذا لا يكون جائحة تسقط

اويموميكن القول بأن شرط عدم التوقـع الذي اشترطه فقهاء القانون لتحقق 1189".ةـس

الزما من لوازم عدم إمكـان -فيما يبدو- السبب األجنيب، ال يقول به فقهاء الشريعة، إال إذا كان

والتحرز، وبذلك جتنب الفقه اإلسالمي التخبط الذي وقع فيه فقهاء القانون يف وضع معيار الدفع

دقيق له، ما بني قائل باملعيار الشخصي، وقائل باملعيار املوضوعي، ومقترح ملعيار خمتلط جيمع

1190.معيار الشخص املعتاد بني نظرائهبينهما، وهو

:مي املضرور يف الفقـه اإلسالأـخطأثـر .2

إال رور يف حتقق الضرر أو اتساع نطاقهـال يرتب الفقه اإلسالمي أثرا على تدخل املض

إذا كان هذا التدخل من شأنه نفي رابطـة السببية بني التعدي والضرر، حيث يستطيع املدعى

عليه أن يدفع الضمان املطلوب منه بإثبات أن الضرر نشأ نتيجـة تدخـل املتضـرر يف

وخطأ املضـرور قد يكون هو السبب الوحيد واملباشر يف إحداث . لضرر أو تفاقمهإحـداث ا

:وفيما يلي عرض كل من هذين الفرضني. الضرر، وقد يشترك مع خطأ املدعى عليـه يف إحداثه

.2/357: الم املوقعنيـإع: 1189.الفرع الثالث من املطلب الثالث يف املبحث األول من الفصل األول للباب الثاين: راجع:1190

450 من 294صفحة 294 - أأ ب ب- االلل

294

:خطأ املضرور باعتباره السبب الوحيد واملباشر يف حتقق الضرر. أ

السبب الوحيد واملباشر يف إحداث الضرر، ، هو كاملريض مثال؛إذا كان خطأ املضرور

دون اشتراك املدعى عليه يف إحداثه، ارتفع الضمان عن املدعى عليه وهو الطبيب، وحتمل املضرور

؛ وذلك كما لو باشر املريض دواء دون مشورة الطبيب، حتمل عاقبة فعله، لو 1191تبعة خطئه

نتفي ي ، وبالتايل،د إحلاق الضرر بنفسه املريض هو من تعمففي هذه احلالة، يعترب.أصيب بأذى

ه هو السبب أكان خطو بنفسه،د إحداث الضررفاملبدأ هنا هو أن من تعم. عن الطبيبالضمان

1192. كل آثار هذا اخلطأ– وحده –ل الوحيد، حتم

هلك املبيعلو ": ومن أمثلتهم.ويف هذا الفرض يتفق فقه الشريعة مع ما فقه القانون املدين

وإن هلك بفعل ، لو مقبوضاويرجع بالثمن البيعبطل ، أو بفعل املبيع أو بأمر مساويلبائعابفعل

وإن كان اخليار للبائع أو كان البيع . أو بشرط اخليار له إن كان البيع مطلقا،فعليه مثنه املشتري

1193". وقيمته إن كان قيميا، لزمه ضمان مثله إن كان مثليا،فاسدا

:عى عليه يف حتقق الضرررور مع خطأ املد خطأ املضاجتماع. ب

ني اآلخر، وقد ال ئأحد اخلط، فقد يستغرق جتمع خطأ املريض مع خطأ الطبيبإذا ا

.، فهاتان صورتان الجتماع خطأ املريض مع خطأ الطبيب وهو ما يسمى باخلطأ املشتركيستغرقه

:رـد اخلطئني اآلخـاستغـراق أح: الصورة األوىل

أن الثايناء املضرور، وـن يقع الضرر برضأ األول: فرضنيرة يف هذه الصوقوتتحق

رـ لآلخةـمها نتيجيكون أحد.

هنا كما هي يف -، فالقاعدةالذي يقع فيه الضرر برضاء املريض، وهو األولأما يف الفرض

عمل أن رضاء املريض ال يرفع عن فعل الطبيب صفة اخلطأ، فموافقة املريض على إجراء - القانون

وتبقى مسؤوليته ،، متثل خطأ من جانبه، لكنها ال ختلع عن الطبيب صفة اخلطأضرورة له ال طيب

حمل رضاء املريض بالضرر، على أنه اتفاق إلعفاء الطبيب من وال ميكن أن ي.جتاه ذلك كاملة

. وما يليها497عادل حبيب، املرجع السابق، ص .د: راجع:1191.158ني من املسؤولية املدنية لألطباء، صأشرف جابر، التأم. د: راجع:1192.4/560: حاشية ابن عابدين:1193

450 من 295صفحة 295 - أأ ب ب- االلل

295

،النفس البشرية وعلى فرض التسليم بوجود هذا االتفاق فهو باطل؛ ألنه يستطيل على .املسؤولية

.لقواعد الشرع القاضية بأن الضرر مرفوع شرعاويف هذا خمالفة

وفيه إما أن يكون خطأ، اخلطئني نتيجة لآلخريكون أحدالفرض الثاين، حيث أما يف

. خلطأ املريض أي أن يكون خطأ الطبيب نتيجة؛ ناجتا عن خطأ الطبيب، أو العكساملريض

خطأ ستغرقمباشـرا ي الطبيب، يكون خطأ الطبيب خلطأ نتيجة املريضفحيث يقع خطأ

، الطبيبضمان ال يكون خلطأ املريض أي أثر على حتقق بناء عليه، و.؛ باعتباره متسببااملريض

ل له بتناول املريض العالج بطريقة خاطئة، بناء مثوي. إعماال لقاعدة تقدمي املباشرة على التسبب

.ه تفاقم حالته الصحيةن ععلى توصية الطبيب بذلك، مما ترتب

؛ خلطأ املريض، تنتفي مسؤوليته بذلك نتيجة الطبيبفإنه حيث يكون خطأوباملقابل أيضا،

ومثاله أن يصف الطبيب للمريض . إعماال لنفس القاعدة املذكورةالستغراق خطأ املريض خطئه،

ري صحيحة ذكرها غبيانـات كاذبة أوعالجا ال يتناسب مع حالة املريض، بناء على

1194.املريض

اخلطـأ املشتـرك: الصورة الثانية

سببا خمففا ملسؤولية الطبيب، حيث ساهم خبطئه، بقدر– املضرور –يعد خطأ املريض

خطأ املضرور وخطأ: وقوع الضرر، حبيث ميكن القول إن للضرر املشترك سببني متميزين مـا يف

ينهما يف هذه احلالة، كل بقدر مسامهته يف إحداث يتم توزيع عبء التعويض بحيث املسئول،

.الضرر

خرج به الضرر غري املشترك؛ فلو ثبت أن فعل إىل الضرر، هو قيد" املشترك"وإضافة كلمة

فال ، أحدهم قد أحدث ضررا متميزا عن الضرر الذي أحدثه فعل غريه، اعترب كل منهما مباشرا

1195.هـ الضرر الذي أحدثانـ منهما ضمن بني الفاعلني، وعلى كلـتضام

. وما يليها157صاملرجع السابق، أشرف جابر، . ود، 172¡36حممد منصور، املسؤولية الطبية، ص. د: راجع: 1194.200سليمان، نظرية االلتزام، صي علي عل. ، د160أشرف جابر، املرجع السابق، ص. د: راجع: 1195

450 من 296صفحة 296 - أأ ب ب- االلل

296

بينما ذهب بعض الفقهاء إىل القول بضمان كل واحد منهما لآلخر سفينة اآلخر أو دابته

إذا تصادما، ذهب جانب آخر من الفقهاء إىل اشتراكهما يف الضمان؛ وذلك بأن يضمن كل

.واحد منهما نصف دية اآلخر؛ ألا متت بفعله، وفعل صاحبه

ولو كان سائق وراكب، قيل لا يضمن السائق ما وطئت الدابة؛ ":1196تبيني احلقائق ورد يف -

الضمان لأن الراكب مباشر فيه لما ذكرنا والسائق مسبب، والإضافة إلى المباشر أولى، وقيل

ذكر يف الأصل أن -رحمه الله تعالى-1197كل ذلك سبب الضمان ألا ترى أن محمدا لأن عليهما

فاشتركا يف الراكب إذا أمر إنسانا فنخس المأمور الدابة ووطئت إنسانا كان الضمان عليهما؛

ولو اصطدم فارسان أو ماشيان ...الناخس سائق والآمر راكب فتبين ذا أنهما يستويان فالضمان

فرر، وقال زة الآخا ديمهاحد مناقلة كل وع منا ضات1198فم ا اللهمهحمر افعيالشعلى و جبي

ولأن كل واحد منهما مات بفعله وفعل صاحبه، ... نصف دية الآخرا ة كل واحد منهمعاقل

فصالن رـدهيو فهنص ـر ".فيعتب

ولو بسفينتين ، ؛ أي عمدا، فالقود مطلقاداـقصإذا تصادما :" 1199جاء يف حاشية الدسوقي -

على الراجح ؛ بمعنى أنه إذا مات أحدهما فالقود على من بقي، وأما إذا ماتا معا فلا قود ولا دية،

ن دية كل منهما على عاقلة الآخر فالدية على العاقلة ولو بسفينتين ؛ بمعنى أأـخطوإن تصادما

فيحمل يف ،زاـعجإن ماتا معا، وإن مات أحدهما، فديته على عاقلة من بقي منهما، وإن كان

".ح هذا هو الراج، ويف السفينتين يكون هدرا،غير السفينتين على اخلطأ

.6/150:اإلمام فخر الدين الزيلعي 1196. وقد سبق ترمجتهحممد بن احلسن الشيباين صاحب أيب حنيفة رمحهما اهللا،أي : 1197¡110 أصفهان ولد سنة ، فقيه كبري من أصحاب أيب حنيفة، أصله منابن اهلذيل بن قيس العنربي البصري الكويف، أبو اهلذيلهو : 1198

حنن ال نأخذ بالرأي ما دام أثر وإذا جاء األثر تركنا الرأي، وعن حممد بن وهب أنه كان من وعن ابن املبارك قال مسعت زفر يقول

ابن أيب الوفاء، : راجع .هـ158أصحاب احلديث وكان أحد العشرة الذين دونوا الكتب مات بالبصرة ىف أول خالفة املهدي سنة

.536-1/535:طبقات احلنفية

.6/192: للدرديرعلى الشرح الكبري :1199

450 من 297صفحة 297 - أأ ب ب- االلل

297

سفينة الآخرضمن كل واحد منهما وإن اصطدمت سفينتان فغرقتا : "1200جاء يف اإلنصاف -

ضمن كل ،إن فرط...قال المصنف وغيره محله... هكذا أطلق كثري من الأصحابوما فيها،

". فلا ضمان على واحد منهما، وإن مل يفرط،وما فيها الآخر سفينةواحد

د من ـوقال بعض أصحابنا إذا اصطدمت السفينتان بغير قص" :1201كما جاء يف احمللى-

؛ادمـ فإن حمال سفينتهما على التص ،ان يف ذلك أصالـ فال ضم،غفلة أو لكن بغلبة،ركابهما

لكتاح ،اـفهكل و منندض فىصرة الأخفينة الس؛قيمهـ ألنلهمن فع لكتل ،اـا هفع منو

كابهاـر."

جتاه الفقهي ، فإن اال- رمحهم اهللا-وبناء على ما سيق من نصوص فقهية للسادة العلماء

إىل توزيع عبء الضمان بني املدعى عليه واملضرور، يف حالة اشتراكهما يف إحداث الذي يتجه

. الضرر املراد ضمانه، يتسق مع ما استقر عليه فقهاء القانون املدين املعاصر

الطيب التعدي بني حلقة اإلفضاء أو السببيةرا، فإن خطأ املريض ال ميكن أن ينفي ـأخي

– آخر من الضرر ونوعالتعدي بني اإلفضاء صلةرر الواقع فحسب، بل ميكن أيضا أن ينفي والض

يعواء أو يف حتسني ـاة، أو الشفـة يف احليـ أال وهو فوات الفرص– الوضعي عنه القضاءض

1202.اـة أو تفادي تفاقمهـاحلال

فيها املصاب يف حالة رفض،1203 القضاء الفرنسي طبق ذلك سبق اإلشارة إىل أنوقد

كان من املقرر وإن. نقل إليه دم، فتويف بعد أيامأن ي) 1204مذهب اجليوفا( ألسباب دينية ؛حبادثة

أن النجاة من املوت ليست مؤكدة يف حالة نقل الدم، إال أن رفض املصاب لنقل الدم إليه، قد

التعويضساهم بالضرورة يف حرمانه من فرص احلياة، ويلزم حرمانه منها؛ بسبب ة بنسب إنقاص

.خطئه

.6/244: املرداوي :1200.503-10/502: ابن حزم: 1201

.404، وطالل عجاج، املرجع السابق، ص173حممد منصور، املرجع السابق، ص. د: راجع: 12021203 : Crim 30 oct 1974, J.C.P. 1975.2.18.38 n. Mourgeon Lyon, 6 Juin 1975 D.1976, 415 n. Savatier:

.173، املرجع السابق، ص منصور حسنيحممد. أشار إليه د1204

: Accepter du sang pour sauver des vies revient à nier la foi, encourir la colère de Dieu etméprisent la mesure pour le salut éternel que Dieu a ordonné, que le sang précieux du Christ :http://it.wikipedia.org/wiki/Testimoni_di_Geova#Principi_dottrinali_basilari_dei_Testimoni_di_Geova

450 من 298صفحة 298 - أأ ب ب- االلل

298

بيد أن الشريعة، وإن كانت ال تعترف بفوات الفرصة باعتباره ضررا يف النظر الشرعي، إال

أا من خالل قواعد الضمان، خصوصا قاعدة املباشرة والتسبب، حتكم بضمان املريض، إذا كان

ضمان، على أما متسببان، السبب الوحيد، على أنه مباشر لإلضرار بنفسه، وباشتراكهما يف ال

.واهللا سبحانه وتعاىل أعلم

: يف الفقـه اإلسالميرـأ الغيـخط.3

عى عليه من ال فقهاءيعدشريعة فعل الغري سببا من األسباب اليت تؤدي إىل إعفاء املد

ت رابطة فإذا هلك الشيء بفعل أجنيب، انتف. الضمان، ويعرب هؤالء الفقهاء عن الغري بتعبري األجنيب

يف عقـود األمانـات؛ كالعارية نـن املديـال يضمـ، فاإلفضاء أو السببية بني التعدي والضرر

-باعتباره عقد إجارة عامة- كعقد التطبيب ؛1205والوديعة وحنو ذلك، دون عقـود الضمـان

حيث ميكن للمدعى عليه دفع الضمان، مث الرجوع على الغري مبا دفع، وهذا يف حالة ما إذا مل

.تطالب الضحية بالتعويض من الغري األجنيب

وميثل لذلك مبا لو سرقت العارية من املستعري، فال يضمن؛ ألن السرقة بفعل أجنيب، وال يد

بفعل عدو مكابر، كان هذا فعل األجنيب، ومل يضمن املودع وإذا هلكت الوديعة. له فيها

:مي ما يليجاء على ألسنة الفضالء من أئمة الفقه اإلسال 1206.عنده

وإن ، بال غرم النقصاناص فإن شاءت أخذت ناق، مساوي قبل القبضولو حدث باملهر عيب"ـ

وإن حدث ،صارت قابضة باجلناية وإن حدث بفعل الزوجة،شاءت أخذت القيمة يوم العقد

، وإن شاءت أخذت قيمته من الزوج،ان من األجنيبصقفإن شاءت أخذت قيمة الن¡أجنيببفعل

وقواعـد الضمـان تقتضي أال يضمن الزوج 1207".اين باألرشـ اجل-أي الزوج- عـاتبو

. إذا أسنـد اإلفضـاء لغيـرهنقصـان املهـر،

دون، فعلى الناخس، فما نشأ عنها، معها راكب أو قائد أو سائق،دابةأجنيب ولو خنس رجل"ـ

.6/182: السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي. أ:راجع:1205

.6/180: عبدالرزاق السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي. ، ود527عادل حبيب، املرجع السابق، ص . د:راجع:1206.2/730: البغدادي، جممع الضمانات: 1207

450 من 299صفحة 299 - أأ ب ب- االلل

299

بذا يتضح أن فعل الناخس 1208".خس فهو على عاقلة النا، من فعلها فإن مات أحد، الثالثة

. األجنيب قطع صلة اإلفضاء، بني الثالثة املدعى عليهم، وبني الضرر املشكو منه

غاب وحيلف فيما ي،غاب عليه من رقيق أو حيوان فيما ال يقد ص،اع أا هلكتتبلو ادعى امل" -

1209".من غري سببه بأن اهلالك - أي يأيت ببينة- إال أن يشهد،ةـ ويغرم القيم، لقد هلكت:عليه

، إال أنه ملا أسند -يغاب عليهمما –وكان مقتضى القياس أن يضمن املشتري هالك الشيء

. لغريه، يضمن الغيـر قيمـة التلف- ببينة-اإلفضاء

م فاحلك،كآفة مساوية ؛ قبل القبض املبيع األجنيبفإن قلنا إتالف¡أجنيب - أي املهر-وإن أتلفه "-

إن شاءت ، فللمرأة اخليار؛ للمشتري وهو املذهباخليار وإن قلنا يوجب ،- أي الفسخ- ما سبق

قيمته ومثل الصداق أو، تأخذ من الزوج مهر املثل إن قلنا بضمان العقد وحينئذ؛ الصداقفسخت

،ثل أو القيمةف امل تأخذ من املتلأجازتوإن ، فتلامل من مر الغ ويأخذ الزوج،إن قلنا بضمان اليد

أي ما يقابل املسؤولية - إن قلنا بضمان اليد،ف فريجع هو على املتل؛رموهلا أن تطالب الزوج بالغ

1210". فليس هلا مطالبة الزوج،- أي املسؤولية العقدية - وإن قلنا بضمان العقد،- التقصريية

لقولني؛ نظرا ويتضح عدم إسناد الضمان للزوج قبل زوجته، والقول بالفسخ على أحد ا

العتبار فعل األجنيب كاآلفة السماوية، وإن وجب ضمان األجنيب ما أتلفه يف حق الزوج، على

القول املعتمد يف املذهب، حيث يكون للزوجة اخليار بني فسخ الصداق وإجازته، ويف كل من

ة، على التفصيل الفرضني، يعترب األجنيب ضامنا جتاه الزوج أو الزوجة؛ إما مهر املثل أو القيم

. املذكور؛ وذلك النقطاع رابطة اإلفضاء، بني تلف املهر وفعل الزوج، بفعل األجنيب

ة ـ ومطالب،خـ املشتري بني الفسرـخي بل ي...مل ينفسخ العقـد أجنيب - أي املبيع-إذا أتلفه "-

مـفلتواملشتري؛ بفعل ووجه جواز الفسخ، انتفاء رابطة اإلفضاء بني اإلتالف1211".هـله ببد

وكذلك الشأن يف حال إمضائه للعقد، حيث يرجع على . األجنيب، الذي يعد ضامنـا قبل البائع

.األجنيب بضمانه؛ لنفس العلة املذكورة

.2/256:تبصرة احلكامابن فرحون، : 1208.27-9/26:الذخريةالقرايف، : 1209.7/251: النووي، روضة الطالبني: 1210

.2/9:شرح الزركشي:1211

450 من 300صفحة 300 - أأ ب ب- االلل

300

وبناء على ما سبق، يعترب الطبيب أجريا مشتركا، وبالتايل، فإن يده يد ضمان، على

ط أو التعدي النعقاد ضمان الطبيب، وهو قول أيب حنيفة اختالف بني العلماء يف اشتراط التفري

والشافعي وأمحد يف الصحيح من قوليهما والقول املعتمد عند املالكية، وعدم اشتراط التعدي

عند عندمها، وقولوالشافعي وأمحد يف قولوالقول بالضمان مطلقا، وهو املفىت به عند احلنفية،

.1213يف مظانـه، كما عرضناه مفصال 1212ةـاملالكي

بني الفقهني اإلسالمي والقانوين اال الطيبيف مقارنة موجبات الضمان : املطلب الثاين

بعد استعراضنا ملوجبات التعويض يف كل من الشريعة والقانون، جيدر بنا أن نعقد هذا

وذلك ، القانون املدين يف هذا املوضوعفقه املطلب للموازنة بني منهج كل من الفقه اإلسالمي و

.باإلشارة إىل االجتاهات العامـة

يف حالة وجود خطأ، نتج عنهان ـومما الشك فيه أن الفقهني يلتقيان معا يف إجياب الضم

خرج إذا أية الطب؛ صناعه أهلئ مثل خيط ال خطأ من أخطأ علىغري، ويف فرض تعويضال بضرر

بب ضررا للغري، ولو بال قصد كذلك الشأن فيمن س.عن أصول وقواعد هذا الفن املستقرة

-الفقه القانوين أي-اإلضرار، ويظهر هذا يف التحوالت اليت حدثت يف الفقه القانوين، حيث عمل

على تراجع فكرة اخلطأ، وذا التقى مع الفقه اإلسالمي، الذي يغلب فكرة الضرر، بصرف النظر

ر إىل الشخص الذي تناط به رابطة كما أن الفقهني يتفقان يف إسناد الضر. عن وجود تعدي أم ال

. اإلفضاء أو السببية، ويتفقان يف غموض فكرة السببية وتعقيدها

:ا يتميز فيها الفقه اإلسالمي عن الفقه القانوين نوجزها فيما يليـلكن هناك أوجه

ري ارز واجلوهـلشخصية ميثل العنصر الب عند أصحاب النظرية اخلطئية أو اأـاخلطملا كان : أوال

عن الفعل الذي يولد الضرر أو ينشأ عنه التلف مىت أـباخلطيف املسؤولية التقصريية، كان التعبري

ولذلك . هو من أبرز مالمح القانونينيالسلوك املألـوف للشخص العادياحنرف مرتكبه عن

وهبة .د، 306/5-307: ، املغين351/2: مغين احملتاج، 373/5-376: ، حاشية الدسوقي103/15: السرخسي، املبسوط: راجع:1212

.19-20 ، مسؤولية الطبيب اجلنائية يف الشريعة اإلسالمية، ص التايهأسامة إبراهيم. ، ود168/166الزحيلي، نظرية الضمان، ص

اخلاص بالفصل األول من الباب لثاينااملطلب الثاين من املبحث :راجع . لألجري اخلاص، الذي تعترب يده يد أمانةخالفاوذلك: 1213

. األول

450 من 301صفحة 301 - أأ ب ب- االلل

301

ملعرفة ما إذا؛، وأدى ذلك م إىل البحث عن سلوكه وتقصى مسلكههمكان الفرد حمل اهتمام

. من غريه قد احنرف عن هذا السلوك فاقترف خطأكان

الشريعة اء الشامل للخطأ أو العمد، فهو من منطلق اهتمام فقهديـبالتعأما تعبري فقهاء الشريعة

ال باخلطأ كأساس للتعويض، ومن مث فهم جيعلون األمهية يف االلتزام حملله ويغلبونه على بالضـرر

قيمة مالية وينظرون إىل العالقة بني طريف االلتزام على أا عالقة بني ون باحملل ك فهم يعتد.طرفه

حالة الفرد، والبحث عن ي الضرورة عندهم تقص ولذلك مل تدع.ذمتني ماليتني، ال بني ذاتني

1214.ا وقوع خطأفيهتصور الذمة ال ي ألن؛ أم ال اقترف خطأقدمسلكه ملعرفة ما إذا كان

ألن مدار حكمهم يتعلق بوصف ؛ هو الغالب األعم عند فقهاء القانونياالجتاه الشخص: اـثاني

مبا إذا كان قد احنرف عن السلوك ؛سلوك الشخص ومدى إدراكه ومتييزه حىت ميكن احلكم عليه

. وهذا فضال عن اشتراطهم ألهلية التمييز،وصف باخلطأ أم الي ف؛املألوف للرجل العادي

هو معيار " االحنراف عن سلوك الرجل العادي"عي عن قوهلم بأن ومهما دافع علماء القانون الوض

موضوعي جمرد، فإن ذلك ال ينضبط يف كثري من احلاالت، ويتعذر من الناحية العملية على قاضي

ألن سلطة القاضي التقديرية تسلط ؛لة الطبيب من عدمهئاملوضوع عدم اخلطأ يف تقدير مدى مسا

الزمان واملكان احمليطة به، وهي أمور قد تتغري من بالد على قياس سلوك الطبيب يف ظروف

من زمان آلخر، كما أن القضاة أنفسهم ميكن أن خيتلفوا يف إدراك هذه الوقائع املادية بل ،ألخرى

قياس الرجل العادي قد يؤدي إىل عدم جرب ضرر مبابة حملكمة النقض عليها، واألخذ ـاليت ال رق

بغريه من التعويضاملضرور، وإىل إفالت من أضر .

ـه ولكن عند حتقيق مناط،هذا املعيار من الناحية النظرية ممكنا يبدووبناء عليه، قد

ثريه من تساؤالت حول حدود سلوك الرجل ا يمل ؛يبدو صعب املنال املعروضة عائوتطبيقه على الوق

.العادي، خصوصا مع اختالف صور وأشكال اخلطأ

كما جيب أن يكون، فإم ينظرون إىل واقع السلوك يف اخلارج أما علماء الفقه اإلسالمي

نزعة الفقه اإلسالمي ذو إذن، ف.بغض النظر عن ذات شخص السالك ومداركه من الداخل

حمضة، فهو ال يشترط يف الضرر املوجب للتعويض أن يكون ناشئا عن اعتداء وخمالفة ةـمادي

وسببا الشريعة اإلسالمية جتعل الضرر علة ذلك ألن؛حمظورة، بل جيب الضمان فيه مطلقا

.145 صحممد فتع اهللا النشار، التعويض املدين،. د : 1214

450 من 302صفحة 302 - أأ ب ب- االلل

302

للتضمني، فإذا وجد املعلول، واإللزام يف ذلك إمنا هو من خطاب الوضع ال من جدت العلة و

غلت كصغري ال يعقل أو جمنون، وش؛ ال إدراك له يف مالهن مانـخطاب التكليف، ولذا لزم الضم

.ب األداء يف هذه احلال على من له والية على املالذمته به دون أن تشغل ذمته باألداء، وإمنا جي

النصوص القانونية أعناق من يليونوبالتايل، مل يلجأ فقهاء الشريعة اإلسالمية إىل ما جلأ إليه القانون

–لكي يصلوا عن طريق –لة عدمي التمييز ئن عدم مساعيهم لجهت إ بعد االنتقادات اليت و

1215.هـلتئاالستثناءات إىل مسا

قال اإلمام العزاحل، ـاجلوابر مشروعة جللب ما فات من املص«: -رمحه اهللا-1216الم بن عبد الس

ما فات من مصاحل حقوق اهللا اجلوابر جربند، والغرض مـوالزواجر مشروعة لدرء املفاس

ـشتوحقوق عباده، وال يرط يف ذلك أن يكون من وجب عليه اجلربرع اجلرب مع آمثا، وكذلك ش

1217.»...طأ والعمد، واجلهل والعلم، والذكر والنسيان، وعلى اانني والصبياناخل

عند كل من فقهاء الشريعة وفقهاء القانون، فإن اخلطأ أوط التعدي ـلضابأما بالنسبة : اـثالث

ومعياره كما بينا آنفا ، يضعوا تعريفا للخطأ، وإمنا وضعوا له معيارا أو ضابطا ملفقهاء القانون

.أنه مقياس جمرد وموضوعي يف تصورهم على " االحنراف عن السلوك املألوف للرجل العادي"

وعلى العكس من ذلك، عىن فقهاء الشريعة بتعريف التعدي يف معناه اللغوي واالصطالحي، إال

أم مل ينصوا صراحة على معياره وضابطه، ولكن ليس معىن ذلك أنه ال وجود لفكرة ضابط

وبناء عليه، . فمن املقرر أن احلاكم على أفعال العباد هو الشارع دون سواه؛ريعةللتعدي يف الش

نص إمنا يرجع أصال إىل الشارع يف األحوال اليت يإىل ما ال جيوز ا جيوز ـفإن معرفة حد جماورة م

.فيها على مشروعية األفعال

حدودا هلا، رسمو مل ي أويف األحوال اليت يسكت فيها الشارع احلكيم عن بيان حكم مسألة

1218.جع فيه إىل العرفير يف الشرع، وال يف أصل اللغة، علم له ضابطم ي؛ فلاـ محلكمة

.54، وعلي اخلفيف، الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص145-146، صالتعويض املدين: راجع : 1215.سبق ترمجته :1216.150/1: قواعد األحكام يف مصاحل األنام : 1217.من الفصل الثاين من الباب التمهيدي من هذه األطروحةضكما سبق بيانه يف خصائص التشريع اإلسالمي : 1218

450 من 303صفحة 303 - أأ ب ب- االلل

303

نصا ضقصد بالعرف الذي جيب مراعاته هو العرف الصحيح وليس العرف الفاسد الذي يناقوي

ي يتفق وهو الذ ؛من نصوص الشريعة أو أصال من أصوهلا، سواء أكان هذا املألوف عرفا عاما

طائفة من عند وهو الذي يسود يف بلد من البلدان، أو ؛أم عرفا خاصاعليه الناس يف كل األمصار،

. أو األطباء كعرف التجار أو الزراع؛الناس

فكل ما يالذكر ة بالضوابط السابق–تعديا أو جتاوزا للمألوف ى ر –عد معيارا للتعدي ي.

إذا رش ماء]أي يضمن[قالوا هذا ": يؤيد ذلك ما يلي فقهاء الشريعةوعومن أمثلة ما ورد يف فر

ال اد والظاهر أنه ال يزلق به عادةتع أما إذا رش ماء قليال كما يف امل،ادةـعكثريا حبيث يزلق به

1219."يضمن

.رفـالقليل مرده إىل العو املاء موضوعي، ومقياس املاء الكثري مادي هناه، فالضابط ـوعلي

يؤسس قواعده على األمور الظاهرة دون الباطنة ويبين نوالفقه اإلسالمي الذي اعتاد أ

اليت – كظرف الزمان واملكان –مسائله على ضوابط موضوعية، يعتد بالظروف اخلارجية

. إخل... كجنس املسئول وسنه؛أحاطت باملسئول، دون الظروف الذاتية

لو رش املاء يف «: قوهلم يفورد بظرف الزمان كماثر عن بعض الفقهاء اعتدادهم وقد أ

على موضع الرش ومل املارإمنا يضمن الراش إذا مر: فصل، قالواأو توضأ فيه ضمن ومل يالطريق

، أو أعمى فعثر به ومات، وأما إذا علم املار بالرش والصب فال الـلي بأن كان ؛1220يعلم به

سبة للمضرور وليس للمسئول، فال تفيد االعتداد هنا وردت بالن" أعمى" و عبارة 1221.»يضمن

. للمسئول حبالالظروف الذاتيةب

قل اعتدادهم بظرف املكان يف قوهلمكما ن :»ـولو تعموضع صب املاء ـ يف مد املرور

ألنه جيد موضعا للمرور ؛ الطريقبعض ، وقيل هذا إذا رشن، ألنه صاحب علةـط ال يضمـفسق

تعمد املرور على موضع صب املاء مع علمه بذلك مل يكن على الراش شيئا، وإن ال أثر له فيه، فإذا

1222.» يضمن، ألنه مضطر يف املرورمجيع الطريقرش

.192/4: كر املرغيناين، اهلداية شرح بداية املبتديعلي بن أيب ب : 1219 كحالة العلم هنا، غري أن هذا ليس بصحيح؛ ألن العلم هنا مقيد بقرائن مادية أن بعض الفقهاء يعتدون بالظروف الذاتيةيبدو: 1220

.منظبطة؛ كالعمى أو الليل، إذن، فاملعترب هي القرائن املادية ليس إال.41/6: برئاسة الشيخ نظام، الفتاوى اهلندية من علماء اهلند جلنة: 1221.193/4: اهلداية: 1222

450 من 304صفحة 304 - أأ ب ب- االلل

304

عليه ابن ومما جاء يف نصوص الفقهاء يدل على عدم اعتدادهم بالظروف الذاتية ما نص

أن يكون من وجب -انضمالي أ-شترط يف ذلك وال ي... «: - بنا آنفاما مرك-عبد السالم

ر مع اخلطأ والعمد، واجلهل والعلم، والذكر والنسيان، ـا، وكذلك شرع اجلبـعليه اجلرب آمث

1223.»انـن والصبيـوعلى ااني

احملققني وعلى ذلك، فإن ضابط التعدي عند فقهاء الشريعة موضوعي، ومعيار اخلطأ عند

احلديث الذي استبعد اخلطأ كموجب للضمان؛ شخصي، خالفا لالجتاه القانوينفقهاء القانون من

خصوصا بعد ظهور شركات التأمني اليت سامهت كثريا يف دفع عبء - تاركا الساحة للضرر

. وهو ذا يلتقي أخريا مع ذهب إليه الفقه اإلسالمي منذ قرون خلت-التعويض

ره موضوعيا أوماديا، ، فقد جعل الفقه اإلسالمي معياملا كان الضرر يف الغالب حالة ماديةو

وال خيتلف يف ذلك منهج . وبالتايل، جيوز للمضرور إثباته بكافة طرق اإلثبات ومنها البينة والقرائن

، قوامه إحلاق فكالمها يقيم الضرر على أساس موضوعيالفقه اإلسالمي عن منهج فقهاء القانون،

ون املدين وهم بصدد تعريف الضرر األذى بالغري، أو انتقاص حق من حقوقه، غري أن فقهاء القان

يتعرضون له باعتباره أحد أركان املسؤولية املدنية، شأنه يف ذلك شأن اخلطأ ورابطة السببية

أما فقهاء الشريعة اإلسالمية فيتعرضون له باعتباره أساس املسؤولية، إذ يعتربونه الركن . بينهما

عه، وال يقيمون وزنا للخطأ، فالتعويض مرتبط األساسي الذي يرتب التعويض أو الضمان على وقو

1224.بالضرر بغض النظر عن وقوع خطأ أم ال

إىل أن فكرة الضرر يف الفقه اإلسالمي حمدودة ضيقة، 1225ذهب بعض الفقهاء احملدثني: رابعـا

وهو بذلك خيتلف عن الفقه الغريب اختالفا بينا، إذ بينما يعوض عن كل ضرر مادي أو أديب يف

قانون، ويف الضرر املادي يعوض عن كل ما أصاب الدائن من خسارة وما فاته من ربح، إطار ال

ولو كان ذلك عن منفعة أو عمل أو أي أمر آخر، على التفصيل الذي أوردناه، يشترط الفقه

اإلسالمي يف الضمان أن يكون املضمون ماال متقوما يف ذاته، وأن توجد املماثلة بينه وبني املال

فال يعوض عن املنافع وال عن العمل، إال يف استثناءات حمدودة سيأيت . ى بدال عنهالذي يعط

فمن باب أوىل ال تعويض عن أية خسارة حتملها الدائن أو عن أي ربح فاته، إذا مل يكن . ذكرها

.150/1: قواعد األحكام: 1223.166حممد النشار، التعويض املدين بني الفقه اإلسالمي والقانون املدين، ص.د: راجع:1224

. وما يليها6/168: عبد الرزاق السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي. د:انظر:1225

450 من 305صفحة 305 - أأ ب ب- االلل

305

ذلك أن األصل أن .هناك مال متقوم يف ذاته ضاع على الدائن، فيؤخذ من املدين مثله أو قيمته

من قبيل األعراض، فهي ليست ماال متقوما -كسكىن الدار وركوب احليوان وعمل األجري-ةاملنفع

وال تقوم املنفعة إال بعقد؛ كعقد اإلجيار، فعندئذ تستحق األجرة . يف ذاته حىت جيب فيه الضمان

ومن مث ال تكون املنفعة مضمونة . عن املنفعة، ال حبكم الضمان، بل حبكم العقد الذي قومها

. ، إذ ال عقد هنا يقومها1226صببالغ

: ويزيد يف التضييق من فكرة الضرر يف الفقه اإلسالمي قاعدتـان شهريتان فيه، مها

أن فوائد املبيع "ومؤدى القاعدة األوىل ". األجر والضمان ال جيتمعان"، و1227"بالضماناخلـراج"

فمن كان ضمان املبيع "،1228" فالباء سببية، إذا أتلف عنده، بسبب ضمانه للمبيع؛ميلكها املشتري

وقد تلف ، وكما أن املبيع لو تلف أو نقص يف يد املشتري فهو يف عهدته، كان خراجه له،عليه

إذا فسخ ، فهو له ال للبائع، فكذا لو زاد وحصل منه على غلة،ملكه ليس على بائعه شيء على

.1229" فالغنم ملن عليه الغرم،بنحو عيب

مفهياع من القوان الثةدةي-كما بينتا املهمن امل86 ةاد ة في "1230- ةلجرالأج جبلا ت هأن

لا يضمن سوى ،وهلكت بلا تعد الحال التي يجب فيها الضمان؛ يعني أن الإنسان إذا استأجر دابة

وقد يصل القياس يف هذه ". " ولا أجرة عليه، يضمن قيمتها،صب دابة فهلكت وإذا غ،الأجرة

فإذا استأجر عينا لغرض معني، . القاعدة إىل حد الغرابة، ولذلك يعدل عنه إىل االستحسان

فإذا . تمعانآخر، فالقياس أنه ال يضمن وال أجر عليه؛ ألن األجر والضمان ال جيفاستعملها لغرض

فرض أن العني مل يصبها ضرر من استعماهلا يف الغرض اآلخر، فإنه ال يضمن شيئا وال جيب عليه

فإذا ... والتعدي خمتص بالتعدي على املنافع دون الرقاب،الغصب عند الفقهاء هو التعدي على الرقاب":-رمحه اهللا-لشاطيبقال ا:1226

ألن االنتفاع تابع فإذا كان تابعا صار ؛ وإمنا يضمن قيمة الرقبة يوم الغصب ال بأرفع القيم، ال للمنافع للرقابفهو ضامن غاصباكان

بناء على أن املنافع ، فلذلك ال يضمن قيمة املنافع إال على قول بعض العلماء؛ع تابعا للنهي عن االستيالء على الرقبةالنهي عن االنتفا

وسبب ذلك ما ذكر من أن ، اخلراج بالضمان واألظهر أن ال ضمان عليه لعموم قوله عليه الصالة والسالم ،مشاركة يف القصد األول

فإذا كان البيع مع التصريح ، وإمنا هو شبيه بالبيع وقت النداء،نفسه بل هو تابع للنهي عن الغصبنتفاع غري مقصود لالنهي عن اال

.وما يليها3/117:املوافقات": فأوىل أن يصح مع النهي الضمين، لكونه غري مقصود يف نفسه؛ عند مجاعة من العلماءبالنهي صحيحا.سبق خترجيه أصلها حديث صحيح :1227.3/106: شوكاين، السيل اجلراراإلمام ال:1228.3/503:العالمة عبد الرؤوف املناوي، فيض القدير:1229

.79-1/78:درر احلكام شرح جملة األحكام:1230

450 من 306صفحة 306 - أأ ب ب- االلل

306

جاء يف جممع .1231"األجر؛ ولذلك قيل إنه جيب األجر يف هذه احلالة، استحسانـا ال قياسا

وينبغي ،ضمن وال جيب األجر فيما ، فادمت من عمله ضمنقصارالو أقعد فيها : "الضمانات

وجيب ، ولو مل ينهدم شيء من القصارة ال جيب األجر قياسا،أن جيب فيما مل يضمن وهو الساحة

.1232"املسمى استحسانا

حبق إىل أن هذه القاعدة يف حاجة إىل قاعدة أخرى 1233وذهب األستاذ السنهوري

إذا -وبالتايل، . تكملها، وهي تلك اليت تقضي بأن الضامن ميلك املضمون بالضمان من وقت قبضه

ميكن القول بأن ضابط هذه القاعدة أن األجر والضمان ال جيتمعان يف حالة وجوب –صح هذا

الضمان فعال؛ فيدفع املدين قيمة الشيء أو مثله، ويصبح مالكا له من يوم قبضه، وتكون منافعـه

حتمل تبعة اهلالك ال أما إذا مل جيب الضمان، فمجرد احتمال . له كمالك، فال جيب األجر عليه

مينع من األجر، ويكون اجتماع األجر واحتمال حتمل التبعة، يف هذه احلالة، آتيا على سبيل

.القياس

وملا كانت هذه النظرة إىل املنافع نظرة صناعية حمضة، وهي نظرة ضيقة مل تالحظ فيها

:ثالثـةاالعتبارات العملية، فقد وسع الفقه احلنفي منها قليال باستثناءات

إذا استخدم شخص صغريا بدون إذن وليه، كان للصغري مىت بلغ أن يأخذ أجر مثل خدمته عن .1

تلك املدة، ولو تويف الصغري، فلورثته أن يأخذوا أجر مثل املدة من مستخدم الصغري، طبقا للمادة

1234. من جملة األحكام العدلية599

ضمان املنفعة؛ -خالفا لألصل-وىل عليه أحد، فعليهإذا كان املال مال وقف أو مال صغري، واست.2

. من الة596أي أجرة املثل، حسب املادة

إذا كان املال معدا لالستغالل، فيلزم من استوىل عليه، عاملا بذلك ودون شبهة ملك أو عقد، .3

.6/169: عبد الرزاق السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي. أ:1231

.1/95: البغدادي:1232

.170-6/169: مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي: راجع:1233

1234:" هلوليون إذن وا بدغريص دأح مدختة اسدالم مثل تلك رذوا أجأخثته أن يرفلو غريالص فيوت لوته وممثل خد رذ أجأخلغ يفإذا ب

الصغري بدون عوض ما عدا الأب والجد والوصي ولهؤلاء استخدامه على سبيل التهذيب ليس لأحد أن يستخدم.من ذلك الرجل

أي بدون ؛دون إذن وليه أو وصيه أو القاضي لو استخدم أحد صغريا مدة ولو كان من ذوي قرباه أو كان زوج أمه ب،فعليه. والرياضة

":له فإذا لم يكن ذلك مساويا أجر مثل خدمته يأخذ أجر مث، في تلك المدةأخذ أجر مثل خدمته فإذا بلغ الصغري سن الرشد ،أجرة

.1/590: درر احلكام شرح جملة األحكام

450 من 307صفحة 307 - أأ ب ب- االلل

307

1235. من الة596أي أجرة املثل، مبوجب املادة ضمان املنفعة؛

على الوديعة أو املستعري على ما ر بعض املالكية أن تعدي املودع لديهوفضال عن ذلك، قر

استعاره، فاستعملها يف سفر طويل حىت نقصت أسواقها؛ أي نقص سعرها يف السوق، فاعتربوه

مؤثرا كبريا، لدرجة أم جعلوه مفوتا للغرض املقصود؛ لذلك جعلوا لرا اخليار يف أخذها مع

. يمتها يوم التعدي، لكنهم يشترطون أن تكون الدواب معدة للتجارة ال للقنيةكرائها، أو أخذ ق

ورجعت حباهلا مثل ما ، فتعدى عليها وأكراها ملكة مثال،من استودع إبال مثال"جاء عندهم أن

فلرا أن يأخذ ، بأن كانت زمن غيبتها غالية؛إال أنه حبسها عن أسواقها، كانت عليه يوم اإليداع

وكذلك ،ةـراء والدابـ وله أن يأخذ الك،يوم التعدي وال كراء له ألنه؛ا يوم كرائهاـهقيمت

فليس له ةين وأما لو كانت للق، يعني أا للتجارة،حبسها عن أسواقها: وقوله...احلكم يف املستعري

1236". إن مل تتلف،إال كرائها

ن تكون معدة وهو بأ- ، ولكنه مل يذكر القيد السابق1238 حنـوه1237وذكر احلطاب

وهذا قد يفهم منه أن هناك اجتاها يف الفقه املالكي، يرى تأثري تغري السعر يف باب التعدي -للتجارة

.، على أساس تفويت النفع على صاحبها1239مطلقا

، أو بتفويت غريه، حتت يده الضامنة بتفويته...إن فات شيء و: "وجاء يف قواعد األحكام

من حني وضع يده إىل ،كرب ما كانتأ بقيمته -رمحه اهللا- عند الشافعي نه خيري إ ف،أو بآفة مساوية

1240".قصى قيمةأ فلذلك وجب عليه ، ألنه مطالب برده يف كل زمان؛حتت يدهحني الفوات

وعليـه، خنلص مما تقدم أن هنالك تيارات ملحوظة يف الفقه اإلسالمي تتجه إىل ضمان

-تأثري تغري السعر يف باب التعديصب، واملالكية يراعون فالشافعي جيعلها مضمونة يف الغ. املنافع

1235": احبهلوون إذن صالا بدم دل أحمعتال اسالم إن كان ذلك لكنافعه وناء مأد هملزب لا يصقبيل الغ من وقف فهال وم ال أوم

أي أجر المثل إذا لم يكن المنفعةضمان يلزمه معدا للاستغلال وإن كان ، المنفعة أي أجر المثل في كل حالضمان فحينئذ يلزم صغري

.1/584: درر احلكام": أو عقد بتأويل ملك

.6/115:شرح اخلرشي على خمتصر خليل:1236

شجرة النور : راجع. هـ945هـ، وتويف سنة 902 حممد بن حممد احلطاب املكي املولد والقرار، الفقيه املالكي، ولد سنة هو: 1237

.270الزكية، ص .5/439: مواهب اجلليل:1238.230بوساق، التعويض عن الضرر يف الفقه اإلسالمي، ص . د: راجع:1239.1/153:العز بن عبد السالم: 1240

450 من 308صفحة 308 - أأ ب ب- االلل

308

بلزوم الضمان إذا نقص ، وأبو ثور، وبعض شيوخ احلنابلة،1241قد قال ابن حزم و،-كما تقدم

، واحلنفية جيعلون األجرة والربح للغاصب، ولكن ذلك ال يطيب له، 1242الشيء باخنفاض األسعار

وهذا يقترب من . 1243 املالك حل للمالك تناوهلاولو دفع الغلة إىلوجيب عليه أن يتصدق ا،

ضمان أجر الصغري ومال -وقد أقر احلنفية احلالتني األوليني. فكرة االلتزام الطبيعي يف الفقه القانوين

أي أجر املال املعد - ؛ ألسباب إنسانية، وحلماية الوقف، أما الثالثة-الوقف ومال الصغري

ذلك ألن املذهب احلنفي ملا كان يرى أن املنفعة ال تقوم وال فقد أقرها ألسباب فنية؛ -لالستغالل

تضمن إال بالعقد، وابتغاء توسيع هذه القاعدة، افترض عقد إجيار ضمين، وينقض افتراض اإلجيار

الضمين أن يكون املال غري معد لالستغالل، أو يكون معدا ولكن املستويل ال يعلم ذلك، أو كان

على املال بتأويل عقد آخر غري اإلجيار الضمين، أو بتأويل ملك مما يتعارض يعلم ولكنه وضع يده

وقد أقيم حبيث ال يتعارض مع املالبسات -فعقد اإلجيار املفترض هذا. مع افتراض اإلجيار الضمين

فمن هنا جيب أن يستمر . صناعة فقهية أريد ا التوسع من ضيق قاعدة ضيقة جامدة-والظروف

يفترض اإلجيار يف كل الظروف، مث يترك هذا الفرض إطالقا ويقال مباشرة بتقوم التطور؛ حبيث

فقد وصل يف مراحل هذا -املستمد من الفقه اإلسالمي-املنافع، وهذا ما فعله التقنني املدين العراقي

1244.التطور إىل املرحلة األخرية

لتعويض عن املنفعة، بأن وخالصـة القول، ميكننا القول؛ بناء على االجتاه الفقهي القائل با

فعل التطبيب، باعتباره عقد إجارة عامة أو مشتركة، يستوجب التعويض عن أية خسارة حتملها

الدائن املريض، وعن أي ربح فاته؛ ألن هذه املنفعة مال متقوم بالعقد ضاع على الدائن، وهو ضرر

الطبيب على أساس متفرع عن الضرر األصلي، فحكمه حكم األصل، فيعود به على املدين

وحىت على فرض أن فعل الطبيب أفضى إىل ضرر املريض يف غري صورة العقد؛ . املسؤولية العقدية

مثل تعامل املريض مع طبيب يف مستشفى عام، حيث يعترب خدمة عمومية منظمة بقوانني الئحية،

األصلي، حيث فليس هنالك ما مينع من القول بالتعويض عن املنفعة، على ضرر متفرع عن الضرر

علي بن أمحد بن سعيد بن حزم األندلسي الظاهري، أبو حممد، عامل األندلس يف عصره، وأحد أئمة اإلسالم، ولد بقرطبة سنة هو :1241

هـ، له مصنفات كثرية يف فنون خمتلفة؛ كاإلحكام يف أصول األحكام، واحمللى، والفصل يف امللل واألهواء 456هـ، وتويف سنة 384

.3/299: أخبار من ذهب أليب الفالح عبد احلي بن العماد احلنبلي شذرات الذهب يف: انظر. والنحل

.، على التوايل152-1/151: وقواعد األحكام¡6/155: ، واإلنصاف8/139: احمللى: راجع:1242.1/313:جممع الضمانات:راجع :1243

. وما يليها6/174: مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي: راجع:1244

450 من 309صفحة 309 - أأ ب ب- االلل

309

ويف كلتا . يكون حكمه حكم األصل، أنه جيب فيه الضمان، بناء على املسؤولية التقصريية

ويف اعتقادي، هذا هو عني . الصورتني، جيب على من يزعم ضياع أو فوات منفعة إثبات ذلك

وهو ما ذهب إليه . القول بالتعويض عن فوات الفرصة إذا كانت حمققة ال حمتملة أو مظنونة

لألضرار احملتملة تأثري يف تقدير التعويض، إذا كانت مؤكدة الوقوع؛ : "؛ حيث قال1245البعض

: وإن اعترض على تفويت الفرصة يف نفس املقام فقال". ألا عندئذ تكون يف حكم الواقعة فعال

ض أو األضرار املتوقعة نتيجة تفويت فرصة، وغري ذلك من األضرار غري مؤكدة الوقوع، فال تعوي"

فبين مناط الرفض عن التعويض عن فوات الفرصة؛ بأن األضرار غري ". فيها يف الفقه اإلسالمي

من حيث هو؛كوسيلة - بينوا أن تفويت الفرصة-كما تقدم- مؤكدة الوقوع، وفقهاء القانون املدين

ا، تستعمل للوصول إىل املراد، هو ضرر حمقق، بصرف النظر عن مآل الضرر، سلبا كان أم إجياب

مع قواعد الشريعة القاضية بسد ذرائع الفساد، فكيف يسيغ لنا -يف اعتقادي-وهو ما يتماشى

فلو منع أحد غريه بأي وسيلة كانت؛ مثل تأخر وسيلة نقل جوي عن موعدها، . القول بفتحها

ته ففوت عليه ميعاد إجراء عملية جراحية جمدولة منذ مدة، فعدم إجرائه للعملية يف موعدها حبد ذا

ضرر حمقق، بقطع النظر عن إفضائها إىل ضرر بالنفس أو دوا من األعضاء؛ أو عدم إفضائه

لذلك، فذلك ضرر آخر، لو حصل ميكن أن ينسب إليه، ولو مل حيصل فال يفلت من التبعة عن

أي الضرر األول، ولو مل نقل بذلك لفتحنا بابا واسعا ملن أراد أن يضر بغريه، مفوتا عليه منفعة؛

هو عني فتح ذرائع -يف اعتقادي–مدخال عليه ضررا، دون أن يقع حتت طائلة املسؤولية، وهذا

.الفساد، واهللا منعنا من ذلك

بيد أن التعويض عن هذا النوع من الضرر، مشروط بوجود بينـة قطعيـة ثابتـة، ال

.احتمالية وال مفترضة

- ما ذهب الفقـه اإلسالمي-ي اخلاص يف تصور-وبناء على هذا التحليل، فال خيتلـف

. عن فقـه القانـون املـدين-يف اجتاهه املشار إليه مع تطويره كما نادى به األستاذ السنهوري

وبناء على ما سبق من حتليل، فإن القول بأن فكرة الضرر يف الفقه اإلسالمي حمدودة ضيقة

للسادة العلماء؛ من فحول الفقه غري صحيحة؛ ملا بينا من نصوص فقهية، متثل اجتاهات عريضة

اإلسالمي، الذين استقوا آراءهم الواسعة يف هذا املوضوع، من خالل فهمهم للشريعة اإلسالمية

.262-261التعويض عن الضرر يف الفقه اإلسالمي، ص حممد بوساق، . د: راجع :1245

450 من 310صفحة 310 - أأ ب ب- االلل

310

الغـراء، وإمنا غاية ما يف األمر، ميكن القول بأن فكرة الضرر يف الفقه اإلسالمي هي منضبطة

.حبدود الشرع

املشتغلني الغموض، جعلت بعض من قه القانوين كثري السببية يف الفولقد شاب ماهية: خامسـا

خصوصا يف نطاق العلوم السببية؛ كفكرة قانونية، من التعقيـد، بالقانون يصرحون مبدى ما بلغته

وحتديد رابطة . 1246مبحاولة تقصي اللغز، أو عذابات السببيةاإلنسانية، إىل حد أن وصفوها

الشاقة والعسرية؛ نظرا التسام اجلسم اإلنساين بالتعقيد يف السببية يف اال الطيب يعد من األمور

1247.خصائصه وتغري حاالته وعدم وضوح األسباب اليت أدت إىل املضاعفات الظاهرة

إن رابطة السببية من األمهية مبكان، حبيث إن معظم الرتاعات املطروحة أمام قضاء النقض

ن من بني الوسائل اليت يستعملها القضاء ، وسوف نرى الحقا أ1248تتعلق بتأسيس رابطة السببية

اجلزائي الفرنسي؛ لعدم قبول الفصل يف الدعوى املدنية التابعة للدعوى العمومية، هو نقض رابطة

1249.السببية

لكن الصعوبة والغموض تكون أكثر ما تكون حينما تتعدد األسباب املنتجة للضرر، وهذا

وهذا ما أدخل فقهاء القانون، .1250 الكشف عنهخبالف السبب املعزول، الذي ال يثري صعوبة يف

إذ بينما تبىن القضاء اجلنائي . بله احملاكم، يف معارك ضارية حول حتديد معيار دقيق لركن السببية

نظرية "، أخذ القضاء املدين مبعيار ضيق جتسد يف "نظرية تكافؤ األسباب"معيارا موسعا متثل يف

، "نظرية تكافؤ األسباب" أما يف فرنسا أخذ القضاء املدين بـ1251.ملانياوهذا يف أ" السببية املالئمة

حينما كان أصل اشتراط اخلطأ؛ باعتباره ركنا يف املسؤولية املدنية غالبا، فلما اجته التطور التشريعي

، اجته القضـاء حنو معيـار "حتمل التبعة"إىل التوسع يف قرائن اخلطأ، ودخلت يف القانون حاالت

1252.أكثر تضييقا لرابطة السببية

أنف كليوباترا هذه أم عذابات :" لكتابه حول السببية ESMEINويبدو هذا من العنوان املثري الذي اختاره الفقيه الفرنسي :1246

.241عادل جربي، املفهوم القانوين لرابطة السببية، ص . أشار إليه د:"السببية.33عبد املنعم داوود، املسؤولية القانونية للطبيب، ص. ، ود241 ، املرجع ذاته، صعادل جربي. د: راجع: 1247

1248: Sylvie Welsch, Responsabilité du médecin, p.165.

. هلذه األطروحة إن شاء اهللابحث األول من الفصل األخريسيأيت بسط هذه املسألة يف الفرع الثاين من املطلب األول ضمن امل:12491250 :Terre et autres, op.cit. p. 6641251 : Nagub Hocni, le lien de causalité en droit pénal, 1955, N°10 : ص عادل جربي،املرجع السابق،.أشارإليه د

2621252 : Marty (G), la relation du cause et effet comme condition de la responsabilité civile, rev. Trim. Dr.Civ. 1939, p.685 et s ; Mazeaud (H.L) et Tunc (A), traité théorique et pratique de la responsabilité=

450 من 311صفحة 311 - أأ ب ب- االلل

311

االجتاه األول؛وإزاء هاتني النظريتني السابقتني، تولد لدى الفقه نوعني من الردود متثل يف

االجتاه الثاينوذهب أصحاباع فكرة السببية ألي معيار علمي، إخضصعوبةالبعض حيث رأى

نني اإلحصاء؛ اليت ميكن أن توظف على من خالل االستعانة بقوا¡ملالئمة تطوير نظرية السببية اإىل

.شخصي: موضوعي، وثانيهما: صعيدين خمتلفني، أحدمها

، باستخدام فكرة االحتمالية، مدى احتمال حدوث الضرر يفالتقدير املوضوعيإذ يتمثل

وعليه، يقدر القاضي الرابطة القائمة . اليت تعترب أكثر الوسائل للتأكد من األسباب املنتجة للضرر

. الواقعة املولدة للضرر وبني املسؤولية تقديرا إحصائيابني

بيد أنه يؤخذ على هذه احملاولة، أا تستند على عناصر أجنبية عن فكرة السببية، وقد دل

هجره القضاء -أي التقدير باالستعانة بفكرة االحتماالت–االستقـراء على أن هذا األسلوب

ما سوف يقدره القاضي، على أنه عامل حمتمل إلحداث وهذا إضافة إىل أن . بشكل متزايد

الضرر، إمنا يكون يف احلقيقة، هو العامل الذي جيب على الشخص املعتاد توقعـه، وهكذا نعود

.مع فكرة التوقع هذه إىل تقدير عنصر اخلطـأ، وليس عنصر السببية ذاتـه

ه البعض اآلخر عن طريق ، حيث اجتيف مدى استطاعة توقع الضرر التقدير الشخصيتجسد وي

االستعانة لفكرة االحتماالت، إىل إدخال معيار التوقـع، فال يعترب سببا منتجا للضرر إال األحداث

.اليت كان جيب على الشخص املعتاد أن يتوقعها يف تقديره حمتمة إلنتاج هذا الضرر

يث أا بقيامها على على أن هذه احملاولة، ميكن أن يرد عليها أيضا نفس املآخذ؛ من ح

.تقدير سلوك مرتكب الفعل، إمنا تعود مرة أخرى إىل البحث عن اخلطأ

كما لف الغموض بعض مقومات فكرة السبب األجنيب؛ كعدم إمكان التوقع، الذي

اضطربت فيه املعايري، بني قائل باملعيار الشخصي، وبني قائل باملعيار املوضوعي، وجامع بينهما يف

ار املختلط، ـذ من كل معيار حماسنه، ويتجنب مساوئه، وميكن تسمية هذا املعيار باملعيمعيار يأخ

، لكن هذا املعيار يبقى أمرا ميسورا من عيار الشخص املعتاد بني نظرائهمب ما ميكن أن يطلق عليهأو

.حيث التصور، لكنه متعذر من حيث التطبيق

انون بالنسبة لغموض فكرة السببية، حيث وعليـه، ال خيتلف فقـه الشريعة عن فقـه الق

1253.، فال ضمان يف غريمهاةلسببي أو ااملباشرةحدد رابطة اإلفضاء؛ بأن تكون إما على سبيل

civile délictuelle et contractuelle,1960,T.II, N01442, p359 : 262عادل جربي، املرجع ذاته،،ص. أشار إليه د

.26وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، ص .، أشلر إليه د1/180:مة للموجبات والعقوداحملمصاين، النظرية العا. د: راجع:1253

450 من 312صفحة 312 - أأ ب ب- االلل

312

املباشرة والتسبب؛ الذي يستند إىل قوة رابطة بني مييزالتضابط بأن 1254 البعضإذ سجل

وبني -مباشرة كان أو تسببا- الفعلفتحقق رابطة السببية بني. السببية، يعترضه بعض الصعوبات

.ة بالنتيجة الضارةـالضرر، تستوجب الضمان باملساواة، فلكل من املباشر واملتسبب عالق

ويرجع الفقه اإلسالمي التمييز بني املباشرة والتسبب من حيث شروط الضمان إىل أحد

لعلة باعتبارها وصفا مؤثرا بذاته ، وتقضي بأن ا1255القواعد األصولية اليت متيز بني العلة والسبب

يف احلكم، متصال به، فال حتتاج إىل أمر زائد يضاف إليها لثبوت احلكم، فيدور معها املعلول

وجودا وعدما، أما السبب فهو طريق إىل احلكم بدون تأثري، إذ ال بد فيه أن يتوسط بينه وبني

دة وصف جيعله صاحلا للعلة أو يف حكم العلة وهو احلكم علة؛ لذلك ال يضاف إليه احلكم إال بزيا

1256.التعدي

تكون مباشرة؛ لعدم " املباشرة"أما القول بأنه لكون رابطة اإلفضاء أو السببية يف حالة

وجود ما يفصل بني فعل املباشر والضرر، فيجب الضمان مطلقا، ولكوا يف حالة التسبب غري

ر، فال يقوم الضمان إال بشروط أخرى؛ هذا القول بعيد مباشرة؛ لوجود فاصل بني الفعل والضر

عن الصحة، و ال مستند له، بل خمالف لقواعد ومنطق الضمان، فالفاصل بني فعل املتسبب

والضرر، إما أن يترتب عليه هدم رابطة السببية بني الفعل والضرر، وهنا لن تقوم املسؤولية مطلقا،

ي أثر من حيث إسناد الضرر إىل املتسبب، ويف هذه احلال وإما أن ال يترتب على هذا الفاصل أ

.يكون وضعه وضع املباشر، وال تكون هناك حاجة الشتراط أمر آخر

وإن عدم دقة التمييز يفضي إىل نتائج غريبة ومتناقضة، وهذا ما نلمحه يف اضطراب

1257.تكييفات الفقهاء يف النوازل واملسائل

دراسة مقارنة بأحكام الفقه - وانعكاساته يف توزيع عبء املسؤولية املدنيةعادل جربي حبيب، املفهوم القانوين لرابطة السببية.د:1254

.يليها وما237، ص اإلسالمي. من املطلب األول ضمن هذا املبحث صطالح يف الفرع الثالث أشرنا إىل تعريفهما يف اللغة واال:1255

التقصريية يف حممد صالح الدين حلمي، أساس املسؤولية. د:وقد أشار إىل¡333 ص،السابقعادل جربي، املرجع .د:راجع:1256

يد واإلطالق، دراسة حتليلية لألنظمة بني التقيإبراهيم أبو الليل، املسؤولية املدنية. دو ، 246صالشريعة اإلسالمية والقانون املدين

.228صاألجنلوأمريكية مع طرح فكرة التعدي كأساس للمسؤولية املدنية، -اإلسالمية-القانونية املعاصرة،الالتينية، وقد ذكر املصنف أن التشريعات احلديثة تنبذ هذه التفرقة، ومن أخذ ا مثل التشريعني العراقي أو الكوييت جعلها يف حدود ضيقة:1257

. وما يليه232إبراهيم الدسوقي أبو الليل، املسؤولية املدنية، بند .د: عزاه إىل

450 من 313صفحة 313 - أأ ب ب- االلل

313

من النظر الشرعي، فاشتراط التعدي يف التسبب ذريعة إىل وهذا الرأي له وجاهته وحظه

قاضية بضمان ما يصيب الغري من ضرر مطلقا؛ - فيما نعلم- ضياع حقوق الناس، وقواعد الشرع

. سواء كانت عن حمض تسبب ليس فيه معىن التعدي، أو تسببا ينطوي على معىن التعدي

حفرة حفرها شخص ما يف ملكه، فال ضمان وبناء عليه، ميكن القول بأن من سقط يف

احلفرة؛ حبيث . على احلافر؛ ليس بسبب أنه غري متعدي، ولكن ألن الساقط مباشر فإن غطى احلافر

مل يرها الساقط، أو حفرها يف الطريق العام، يكون ضامنا؛ ألنه متسبب، حىت لو مل يقصد من وراء

سؤولية املوضوعية اليت عرف ا الفقه إلسالمي، ونبتعد عن وذا نقترب من امل. ذلك األذى بغريه

يف عدة حماوالت؛ مثل - املسؤولية الشخصية أو اخلطئية؛ اليت عرف ا الفقه القانوين قبل أن يتجه

.1258 صوب املسؤولية املوضوعية أو الشيئية- التأمينات اإلجبارية

ذي يعتد بالسبب األقوى، عند تعدد وميثل رأي مجهور الفقهاء ورأي احلنفية قياسا، ال

األسباب، ما يقابل األخذ بنظرية السببية املالئمة أو السبب املنتج عند فقهاء القانون، وميثل رأي

ما يقابل األخذ بنظرية تكافـؤ األسباب توزيع الضمـان على املشتركني،احلنفية استحسانا؛ أي

.1259 القانوينأو تعادهلـا عندهم، كما تقدم بيانه يف اجلانب

حبق أن فقه الشريعة الغراء مل حيدد املقصود بالسبب األجنيب، كما مل 1260ويرى البعض

يتناوله يف إطار نظرية عامة لدفع الضمان، ولكن ميكن استخالص ذلك من خالل تتبع ما أوردوه

ميكنما ال"من أمثلة تطبيقية لصوره، وكذلك من بعض القواعد الفقهية اليت ذكروها، ومن أمهها

". االحتراز عنه ال ضمان فيه

. وبناء على ما سبق بيانه، يتضح أن النوازل السماوية تعترب يف حكم اجلائحة باتفاق الفقهاء

اآلراء وأعدهلا، أرجح1261وأما ما يتعلق بفعل اآلدميني من خالف، يبدو أن رأي املالكية الثاين

تتوافر فيه علة اجلائحة، وهي عدم إمكان فهو اشترط يف فعل اآلدميني أن يكون غالبا؛ أي أن

التحرز والدفع، وهذا الرأي يشبه رأي فقهاء القانون يف اشتراطهم للظروف الطارئة يف نطاق تنفيذ

أن تكون عامة، وذلك حىت ال خيتلق األفراد هذا الظرف، -إضافة إىل الشروط األخرى-العقود

فقبول فعل اآلدميني مطلقا، دومنا قيد . قانونيةفيمكنهم خرق العقود واإلفالت من املسؤولية ال

.األول هلذا الفصل من هذا الباب الثاينملبحث ضمن ايف الفرع األول من املطلب األول ، تراجع اخلطأ كأساس للمسؤولية: انظر:1258.209ل من هذا الفصل األول للباب الثاين، ص الفرع الثاين من املطلب الثالث يف املبحث األو: راجع:1259.377-376ص عادل حبيب، املفهوم القانوين لرابطة السببية،.د: راجع:1260

.12/38: املدونـة، كتاب اجلوائح: يف رواية عن مالك:1261

450 من 314صفحة 314 - أأ ب ب- االلل

314

على القانون يف على الشرع؛ كما قد يفضي إىل التحايل أوشرط، قد يفضي إىل التحايل

.اصطناعهم للظرف الطارئ اخلاص، واهللا تعاىل أعلم

د إحداث هو أن من تعمكما أن املبدأ العام يف حال خطأ املضرور باعتباره اخلطأ الوحيد،

كل آثار هذا – وحده –ل ه هو السبب الوحيد، حتمأكان خطو بنفسه،ضرر ال

. ويف هذا الفرض يتفق فقه الشريعة متاما مع ما ورد يف فقه القانون املدين1262.اخلطأ

إىل توزيع عبء الضمان يتجه،ميثله رأي احلنفية استحسانا الذي1263مث إن االجتاه الفقهي؛

حالة اشتراكهما يف إحداث الضرر املراد ضمانه، ومل يعلم مقدار بني املدعى عليه واملضرور، يف

مسامهة كل واحد منهما، يتسق مع ما ذهب إليه فقهاء القانون املدين املعاصر من األخذ بنظرية

لكن يف حال القدرة على متييز أي منهما كان العامل املسبب للضرر، فإن رأي . تكافؤ األسباب

ما استقر عليه معظم الفقه فضال عن القضاء خصوصا يف فرنسا، ومن مجهور الفقهاء يتفق مع

1264.تأثر به من البالد العربية يف نطاق حمدود بقواعد املسئولية العقدية

الطيب التعدي بني حلقة اإلفضاء أو السببية، فإن خطأ املريض ال ميكن أن ينفي كذلك

– آخر من الضرر ونوعالتعدي بني فضاءاإل صلةوالضرر الواقع فحسب، بل ميكن أيضا أن ينفي

يعوأال وهو فوات الفرصة يف احلياة، أو الشفاء أو يف حتسني – الوضعي احلديث عنه القضاءض

1265.تفادي تفاقمها احلالة أو

غري أن الشريعة، وإن كانت ال تعترف بفوات الفرصة باعتباره ضررا يف النظر الشرعي؛

، إال أا من خالل قواعد الضمان، خصوصا قاعدة املباشرة والتسبب، ألنه غري متحقق أو موهوم

.حتكم بضمان املريض، إذا حتققت هذه األضرار احملتملة يف املستقبل، وإال فال، واهللا أعلم

شريعة أن فعل األجنيب سببا من األسباب اليت تؤدي إىل إعفاء املدعى اعترب فقهاء الوقد

، فال هلك الشيء بفعل أجنيب، انتفت رابطة اإلفضاء بني التعدي والضررفإذا . عليه من الضمان

باعتباره عقد - يف عقود األمانات؛ كالوديعة، دون عقود الضمان، كعقد التطبيبيضمن املدين

حيث ميكن للمدعى عليه دفع الضمان، وأن يعود على الغري مبا دفع، وهذا يف حالة -إجارة عامة

.ة بالتعويض من الغري األجنيب ما إذا مل تطالب الضحي

.158أشرف جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص. د: راجع:1262. تكافؤ األسباب أو تعادهلا عند فقهاء القانون كما تقدم آنفاما يقابل األخذ بنظريةوهو ،انا رأي احلنفية استحسهوميثل:1263

.212ص: راجع:1264

.404، وطالل عجاج، املرجع السابق، ص173حممد منصور، املرجع السابق، ص. د: راجع: 1265

450 من 315صفحة 315 - أأ ب ب- االلل

315

األجنيب ينفي بأن السبب1266-رمحه اهللا- السنهوري األستاذ يرىويف هذا الصدد،

الضمان يف يد األمانة دون يد الضمان، وذلك مثل يد البائع قبل تسليم املبيع، فإن االلتزام يصبح

أن الفقه اإلسالمي يكتفي يف ذلك . التزاما بتحقيق غاية، فال ينتفي الضمان حىت بالسبب األجنيب

فوق الفسخ تعويضا آخر، فلم مينع السبب األجنيب من هذه احلال بفسخ العقد، وال يوجب

أما يف الفقه الغريب فهناك تعويض فوق الفسخ، وهذا التعويض وحده هو الذي ميتنع . الفسخ

جد فرق عملي يف هذه ومن مث رتب على ذلك نتائج خطرية، تتمثل يف أنه ال يو. بالسبب األجنيب

ولكن يالحظ يف الفقه اإلسالمي أنه إذا كان السبب . املسألة بني الفقهني اإلسالمي والغريب

وما دام السبب األجنيب يف الفقه اإلسالمي ال ينفي . األجنيب هو خطأ املضرور، فإنه مينع الفسخ

ه حىت لو ثبت ال يرفع الضمان، الضمان، إذا كانت يد املدين يد ضمان، فال جدوى من إثباته؛ ألن

.ومن مث ال حمل للتساؤل عمن يقع عليه عبء اإلثبات هنا

وإذا أردنا أن نسقط كالم السنهوري على فعل الطبيب، فإنه يستقيم يف حالة ما إذا التزم

وجب االتفاق، وميثل لذلك جبراحة التجميل، أو االلتزام الطبيب بتحقيق غاية؛ كااللتزام بالبرء مب

ال يرتفع يف الفقه بسالمة املريض يف نقل الدم، الذي متليه قواعد القانون، فال ريب أن الضمان

.اإلسالمي حبال؛ ألن يد الطبيب يد ضمان، ال يد أمانة

ال يفضي إىل الفسخ فحسب، دون التعويض؛ ألن جمرد - يف تصوري اخلاص-بيد أن ذلك

إذا مل يترتب على ذلك ضرر؛ كأن يفوت الطبيب على الفسخ متصور قبل مباشرة الفعل الطيب،

أما إذا باشر الطبيب فعله، ووقع . مريضه فرصة شفائه؛ بتنصله من التزامه يف وقت غري مناسب

الضرر باملريض، أو أحجم الطبيب عن عالج املريض بعد إبرامهما عقد التطبيب، فإن القول

، القاضية برفع الضرر قبل ه مقاصد الشرع وقواعد الضمانبالفسخ فحسب، دون التعويض، تأبا

موجبات التعويض يف وقد عاجلت مسألة التعويض عن الضرر ضمن . وقوعه، وجربه بعد وقوعه

1267.فيما سبقاال الطيب يف الفقه اإلسالمي

.183-6/182: مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي:راجع:1266. من املطلب األول التابع للمبحث الثاين ضمن الفصل األول من الباب الثاين الفرع الثاين:راجع:1267

450 من 316صفحة 316 - أأ ب ب- االلل

316

يض، أما إذا كان التزام الطبيب ببذل عنايـة؛ أي كانت يده يد أمانة، ووقع الضرر باملر

فال ضمان، إال إذا أسند الضرر إىل فعل الطبيب، بأن استطاع مدعي الضرر إقامة الدليل على أن

فعل الطبيب، الذي اتصف باخلطأ الذي خرج به عن أصول أهل صناعة الطب، أفضى إىل الضرر

سبب ويستطيع الطبيب أن يدفع عن نفسه التهمة، بأن يثبت الطبيب أن ذلك يرجع إىل. احلاصل

.أجنيب؛ مثل فعل الغري أو خطأ املضرور ذاته

450 من 317صفحة 317 - أأ ب ب- االلل

317

ممارسة دعوى املسؤولية املدنية للطبيب يف القانون و الشريعة اإلسالمية :الفصل الثاين

ممارسة دعوى املسؤولية املدنية للطبيب يف القانون الوضعي: املبحث األول

مث نبني ، يتعلق ا ومقوماا يف إطار القانوننستعرض يف هذا املبحث تعريف الدعوى وما

؛ سواء كان ذلك عن طريق التسوية القضائية أو التسوية الودية، وهذا جمال تطبيق الدعوى املدنية

مث نتناول يف مطلب ثان ماهية التأمني من املسئولية، وحدود اخلطر املؤمن منه يف . يف مطلب أول

.اال الطيب

وى املسؤولية املدنية وجمال تطبيقها دع: املطلب األول

دعوى املسؤولية املدنية إىل حصول املتضرر على التعويض الذي ميكنه من إعادة ترمي

خصوصا يف اال -احلال إىل ما كانت عليه قبل أن حيل به الضرر ما أمكن، فإن تعذر ذلك

إىل أقصى حد ممكن، وذلك أمكنه بواسطتها ختفيف الضرر - الطيب؛ حيث يتعذر التعويض العيين

.1268"تعذر األصلوالبدل إمنا جيب عند "بطلب تعويض نقدي، عمال بقاعدة

الدعوى املدنية وشروطهامفهوم :الفرع األول

ةـوى املدنيـف الدعـتعري:أوال

:ف الدعوى لغـةـتعري.1

ه دعوة ويف نسب،دعوىعي ادعاء و عى يد واد،دعا يدعو دعوة ودعاء"الدعوى مشتقة من

يقال دعي بني الدعوة ؛ غري أبيهيع الدال ادعاء الولد الدعوة بكسروالد، أي دعوى

1270".مطالب أي ؛ودعاوى دعوى مراأل هذا يف"و 1269".والدعاوة

، حالة املساملة واملنازعة مجيعا، عبارة عن إضافة الشيء إىل نفسه،اللغة يف الدعوى"و

1271". بأن قال يل؛ إذا أضافه إىل نفسه،عى فالن شيئا من قوهلم ادمأخوذة

للمخرب حق عن إخبارا كان نإف:" وفرق بعضهم بني الدعوى واإلقرار والشهادة، فقال

نفسه املخرب على للغري حبق إخبارا كان وإن - Claim- دعوى: فهو القاضي أمام الغري على

.2/165:شيخ اإلسالم ابن تيمية، شرح العمدة: 1268.14/261:لسان العرب: 1269.1/8383:القاموس جواهر من العروس تاج ، الزبيدي مبرتضى، امللقب الفيض، أبو احلسيين، الرزاق عبد بن حممد بن حممد:1270

www.ahlalhdeeth.com :من الكتاب وتتمة www.alwarraq.com:الكتاب مصدر

.1/242:القونوي، أنيس الفقهاء: 1271

450 من 318صفحة 318 - أأ ب ب- االلل

318

Recognition- إقرار: فهو of right - فهو القاضي أمام الغري على ريللغ حبق خباراإ كان وإن :

Attestation–".1272- شهادة

: املدنية اصطالحـاف الدعوىـ تعري.2

الوسيلة القضائية اليت يستطيع املتضرر عن طريقها " املسؤولية املدنية بأا تعرف دعوى

1273". اتفاقابه املتضرراحلصول من املسئول على تعويض الضرر الذي أصابه، إذا مل يسلم له

الدعوى هي طلب أحد حقه من آخر يف :"بقوهلا1613وعرفتها جملة األحكام العدلية يف املادة

1274".حضور القاضي، ويقال له املدعي، ولآلخر املدعى عليه

فرياد به إضافة وأما شرعا:" وزاد صاحب أنيس الفقهاء إىل تعريف الدعوى لغة فقال

1275". حالة املنازعةالشيء إىل نفسه يف حالة واحدة خمصوصة وهي

) املدعي(وعليه، يتبني من هذه التعريفات أن دعوى املسؤولية املدنية هي طلب املتضرر

، موجه للقاضي للفصل فيه، إذا مل يحل الرتاع بالتسوية )املدعى عليه(تعويضا ممن سبب له الضرر

. الودية أو الصلح

ةـوى املدنيـروط الدعـش:اـثاني

، سواء أكان شخصا أ العام أن يسمح لكل مطالب حبق أن يتقدم بدعواهإذا كان املبد

طبيعيا أو معنويا، مواطنا أو أجنبيا، إال أنه يشترط لسماع الدعوى أن يكون للمدعي صفة وأهلية

1276.ومصلحة

يقصد بالصفة أن يكون للمدعي عالقة مباشرة بالشيء املدعى به؛ كأن يكون مستأجرا

وبذلك فمىت انتفت . إخل...وهذه الصفة قد تتعدى إىل الويل والوصي والوكيل. ا لهلعقار أو حائز

والشيء الذي ينازع فيه، فإن مآل دعواه الرفض؛ النعدام صفته يف -مثال–العالقة بني املدعي

1277.والصفة قد تثبت بوكالة خاصة. التقاضي

].للمطبوع موافق الكتاب ترقيم[ يعسوب موقع : الكتاب مصدر1/48:الفقهاء لغة معجمسعدي أبو حبيب، : 1272.151أمحد احليارى، املسؤولية املدنية للطبيب، ص. د: 1273.4/151:در علي، درر األحكامحي: 1274.1/242:القونـوي: 1275نصا -سائح سنقوقة ، قانون اإلجراءات املدنية. أ، و154-66 من قانون اإلجراءات املدنية اجلزائري، رقم459املادة : راجع: 1276

.369-368وتعليقا وشرحا وتطبيقا، ص.120، ص 03/1991، الة القضائية، عدد22/2/1998ؤرخ يف امل45¡387قرار احملكمة العليا اجلزائرية، رقم : راجع: 1277

450 من 319صفحة 319 - أأ ب ب- االلل

319

ويكون ذلك ببلوغ سن حمددة أما األهلية فهي قدرة املدعي على مباشرة تصرفاته بنفسه،

، وأن خيلو من العيوب اليت تؤثر على صحة تصرفاته؛ كعدم متتعه بقواه العقلية أو احلجر 1278قانونا

فإذا كان الشخص صبيا مميزا، مل يبلغ سن الرشد، أو بلغ سن الرشد وكان سفيها . على تصرفاته

ؤالء حبسب األحوال؛ ألحكـام الواليـة وبالتايل، خيضع ه. أو ذا غفلـة، يعترب ناقص األهليـة

1279.أو الوصايـة أو القوامـة، وفقا للشروط والقواعد املقررة قانونا

وإذا كان الشخص املعنوي مدعيا، فإن متثيله يف احملاكمة يتم بواسطة أحد ممثليه القانونيني،

.املعنوية األخرى رئيسهاوهذا إمجاال، يف الشركات رئيس جملس اإلدارة أو املدير، ويف اهليئات

ومن القواعد املقررة قانونا، أنه ال دعوى بغري مصلحة، واملصلحة املقصودة هي محاية

شخص حلق اعتدى عليه، أو اغتصب منه، فأساس املصلحة احلق الثابت املعتدى عليه بأي صفة

كما - قه العريبويشترط الف. كانت، واهلدف من إقامة الدعوى هو محاية ذلك احلق أو استرداده

. أن تكون املصلحة مشروعة- 1280سبق بيانه

فكل هذه الشروط جيب توافرها يف املدعي، فضال عن املدعى عليه، وإال رتب القانون على

الدعوى جزاء البطالن، والبطالن من النظام العام، حيكم به القاضي من تلقاء نفسه، دومنا حاجة

1281.إىل إثارته من قبل أحد األطراف

ةـاملدنياملسؤولية وى ـدع قـجمـال تطبي:يـرع الثانـالف

: ةـالتسوية القضائي: أوال

واملسئول عن الضرر بفض الرتاع وديا، وذلك بدفع تعويض منصف إذا مل ينته املضرور

ويكون ذلك يف .حتما؛ لتحصيل حقهلجأ إىل التسوية القضائية يملضرور ا يرضى به املضرور، فإن

أن ال يكون الطبيب املسئول عن الضرر مؤمنا على مسؤوليته، فيعجز عن سداد األول، : فرضني

مؤمنا على مسؤوليته، ولكنه استعمل ويف الثاين، ميكن أن يكون الطبيب. التعويض، إذا كان كبريا

، طرقا احتيالية لغنب املضرور يف مبلغ التعويض، سواء مت ذلك مبفرده، أو باالتفاق مع شركة التأمني

ملضرور بفضل الدعوى وا. ؛ الستحقاق الضمان دعوى قضائيةال يتردد يف رفع املضرورجتعل

.ج.م. ق40سنة حسب املادة ) 19(سن الرشد تسعة عشر : 1278 . ج.م. ق44¡43املادة : راجع: 1279.شروط الضرر يف املطلب الثاين من املطلب الثاين ضمن الفصل األول من هذا الباب: انظر:1280نصا وتعليقا وشرحا -، قانون اإلجراءات املدنية30-29ملي يف إجراءات الدعوى املدنية، ص الدليل الع،سائح سنقوقة. أ: راجع: 1281

.655مصطفى العوجي، املرجع السابق، ص . ، ود351وتطبيقا، ص

450 من 320صفحة 320 - أأ ب ب- االلل

320

بالتعويض مدينا يكونناملؤمف واملؤمن له،-شركة التأمني-يكون دائنا لكل من املؤمن ،املباشرة

طبقا لقواعد ؛ مدينايكون - املسئولالطبيب- ن له املؤمو حبكم الدعوى املباشرة، ؛املستحق له

.املسؤولية

بل مها ، إال أما غري متضامنني فيه، من املؤمن واملؤمن له مدينان بدين واحدفكل

وطبقا للقواعد العامة املقررة يف الدعوى املباشرة ، بسبب اختالف املصدر؛مسئوالن عنه بالتضامم

استوىف حقه من أحدمها فإن،ع على كل منهماورجله ال و،ال جيوز للمضرور أن جيمع بينهما

ن حقه من املؤم كل أما إذا مل يستوف، ألحدمها حق الرجوع على اآلخرى ويبق،برأت ذمة اآلخر

.ن له املسئول رجع بالباقي على املؤم،لعدم كفاية مبلغ التأمني

شركة - نملواجهة املؤم؛ التسوية القضائيةإىل ن لهاملؤمالطبيب يلجأ ويف املقابل، ميكن أن

ومن جهة .، هذا من جهة بواسطة دعوى أصلية، وذلك يستحق مبلغ التأمني منه، إذا مل- التأمني

أمام القضاء، ، بدعوى حلول ؛ املسئولالغري الرجوع على -شركة التأمني- ن ميكن للمؤم،أخرى

.انؤممأو ، لهانمؤم أوا، سواء كان مضرور،قحطالب لكل هو ما يضمن احلماية القانونية و

ن له بناء على عقد التأمني من املسؤولية، ويرتبط باملضرور عن ن يرتبط باملؤمإذا كان املؤمف

إليه، فإنه ميكن أن يرتبط كذلك بالغري املسئول املضرورطريق الدعوى املباشرة اليت يوجهها هذا

.عن احلادث املؤمن منه

منها أن يكون مرتكب احلادث تابعا للمؤمن وتقوم هذه العالقة يف العديد من الفروض ،

مشترك بني املؤمن له وبني الغري فتكون املسؤولية أأن يتحقق اخلطر املؤمن منه نتيجة خط له، أو

.تضامنية أو تضاممية حبسب األحوال بينهما

ومثال ذلك يف نطاق التأمني من املسؤولية يف اال الطيب، أن يتحقق اخلطر املؤمن منه

طة أحد تابعي أو مساعدي الطبيب املؤمن له ، أو بواسطة طبيب آخر ال تقوم بينه وبني هذا بواس

. كما هو احلال بالنسبة للطبيب البديل، أو طبيب التخدير مع اجلراح ،األخري عالقة تبعية

ففي مثل هذه الفروض إذا وىف املؤمشركة التأمني-ن-املضرور أو املؤم له بالتعويضن ،

1282. له بعد ذلك أن يرجع على هذا الغري بنصيبه يف التعويضكان

¡2، ع4جملة احلقوق الكويتية، س: أمحد شرف الدين، األساس القانوين لرجوع املؤمن على الغري املسئول عن احلادث.د: راجع: 1282

.231ص¡1980ريل أب

450 من 321صفحة 321 - أأ ب ب- االلل

321

حيل املؤمن حمل املؤمن له، يف " أنه1283 من قانون التأمينات اجلزائري38ونصت املادة

وقررت املادة إعفاء املؤمن ".احلقوق والدعاوى جتاه الغري املسئولني، يف حدود التعويض املدفوع له

ؤمن له، إذا تسبب املؤمن له يف استحالة قيام املؤمن برفع دعوى من الضمان أو جزء منه جتاه امل

كما منعت املؤمن من ممارسة دعوى الرجوع ضد الغري، إذا كان هذا . الرجوع ضد الغري املسئول

الغري ممن يسأل عنهم مدنيا؛ كتابعيه أو من خيضعون لرقابته أو أقاربه املباشرين الذين يقيمون معه،

.هم فعل قصد اإلضرارإال إذا صدر عن

وغالبا ما يضع املؤمن قيودا يف عقد التأمني تلزم املؤمن له لتسري دعوى املسئولية؛ وفق ما

يتفق مع وجهة نظره وحيقق مصلحته، وذلك جتنبا ملا قد يصدر عن املؤمن له من اون أو تساهل

ركن إىل أن مسؤوليته قد مع املضرور، سواء حبسن نية، أو بتواطؤ بينهما؛ ألن املؤمن له قد ي

وتتمثل هذه الشروط يف شرط تقدمي املستندات املتعلقة مبطالبة املضرور . غطيت بعقد التأمني

1284.القضائية، فضال عن شرطي عدم اإلقرار باملسئولية، وإدارة املؤمن دعوى املسئولية

:اختصاص احملكمة الفاصلة.1

ملختصة بالنظر يف الدعوى وفقا لقواعد ترفع الدعوى املدنية أمام اجلهات القضائية ا

. االختصاص احمللي والنوعي

إىل احملكمة اليت يقع يف دائرة - من حيث األصل-حيث يؤول االختصاص احمللي للمحكمة

اختصاصها موطن املدعى عليه أو حمل إقامته، فإن تعدد املدعى عليهم يعود االختصاص للجهة اليت

وميكن أن يكون مكـان وقوع الرتاع . وطن أحـدهم أو مسكنهيقع يف دائـرة اختصاصهـا م

أو الفعل الضار، أو اجلهة القضائية اليت مت تقدمي طلب الضمان األصلي هلا، أو اجلهة اليت مت االتفاق

ولإلشارة فإن االختصاص احمللي ليس من النظام العام، ومن مث 1285.فيها، أو مكان تنفيذ العقد

ة قضائية لطرح الرتاع أمامها، شريطة االتفـاق على ذلك بإقـرار ميكن اللجوء إىل أية جه

مكتوب وموقـع، أو مؤشر عليه إن مل حيسن صاحبه التوقيع، وإذاك يبقى القاضي خمتصا بذلك

.1995يناير سنة 25لـ املوافق 1415شعبان عام 23، املؤرخ يف 07-95مبوجب أمر : 1283 .وما يليها310أشرف جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص .د: راجع: 1284 .قانون اإلجراءات املدنية اجلزائري09¡08املادة : راجع: 1285

450 من 322صفحة 322 - أأ ب ب- االلل

322

؛ ولذلك فليس للقاضي إثارة 1286الرتاع، وكذلك األمر بالنسبة للجهة اليت يؤول إليها االستئناف

طلب أحد األطراف، وهذا على عكس االختصاص النوعي، الذي عدم االختصاص احمللي دون

.1287يعترب من النظام العام، وعليـه، فللقاضي أن يثريه من تلقاء نفسه

واالختصاص النوعي للمحكمة حيدده نوع القضية بذاا، وهذا النوع من القضايا عددته

فقد ترفع . لك القضايا، كما حددت اجلهة الناظرة لت1288النصوص القانونية على سبيل احلصر

فالدعوى اليت يرفعها . كما قد ترفع أمام القضاء اإلداري ،دعوى املسؤولية أمام القضاء العادي

تكون اجلهة القضائية املختصة هو القضاء ،املضرور ضد املرفق الصحي عند قيام مسؤوليتها

باء باملستشفى العام يف حالة ألن األخطاء املقترفة من األط؛ال خيتص ا القضاء العاديو ،اإلداري

صاحب فالقضاء اإلداري هو عليـه، و .ةـ بتنفيذ خدمة عام تكون مرتبطة دائما،ثبوا

تغطية األخطاء الصادرة من العام بولذا لزم حتميل إدارة املستشفى 1289.االختصاص الفاصل

منازعة ينبغي عليه ،وله على حقهولكي يضمن املضرور حص أثناء قيامهم بأعمال املرفق، ،تابعيها

ن الدعاوى املرفوعة ضد املستشفيات ورغم الضمانات القانونية، فإ. املتبوع أمام القضاء اإلداري

نقص الثقافة و ،رمبا يعود ذلك إىل قلة الوعي الطيب، و بالنظر لألخطاء الطبية الشائعة؛العامة قليلة

1290.الطبية يف أوساط املواطنني واملتضررين خاصة

ن بأ 1291، وفق ما نص عليه التشريع اجلزائري؛قضاء حماكم القضاء اإلدارياستقر قد و

. يف مثل هذه الدعوى، هي ذات االختصاص احمللي والنوعي،داريةالغرفة اإل

ويف فرنسا يعود االختصاص يف مثل هذه الدعاوى إىل القضاء اإلداري، ما عدا الدعوى املباشرة،

. تكون دعوى تعويض مدين، خيتص بنظرها، وفقا للقواعد العامة، القضاء العادياليت ال تعدو أن

الدليل العملي يف إجراءات الدعوى : سائح سنقوقة. أ أشار إليه27/3/1998مؤرخ يف 45651ئرية رقم قرار احملكمة العليا اجلزا: 1286

.20املدنية، ص .ج.م.إ.ق93املادة : راجع: 1287 . ج.م.إ.ق02-01املادتني : راجع: 1288.6 دراسة مقارنة، ص -ظاهري حسني، اخلطأ الطيب واخلطأ العالجي يف املستشفيات العامة.د: راجع: 1289.79ظاهري حسني، املرجع السابق، ص .د: راجع: 1290ختتص االس القضائية بالفصل ابتداء حبكم قابل لالستئناف أمام احملكمة العليا يف مجيع القضايا أيا : " م .إ.ق07حسب املادة : 1291

...".ة طرفا فيهاكانت طبيعتها اليت تكون الدولة أو الواليات أو إحدى املؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلداري

450 من 323صفحة 323 - أأ ب ب- االلل

323

وهو ما أكدته حمكمة التنازع، على أساس أن الدعوى املباشرة ال دف إال إىل تنفيذ التزام املؤمن،

1292.وهو التزام يستند إىل القانون اخلاص

أي بني املضرور - مباشرةوى ورفعت دع،فعت دعوى مسؤولية أمام القضاء اإلداريفلو ر

وقف الفصل يف ،يتعني على القضاء العاديففي هذه احلالة، ، أمام القضاء العادي-واملؤمن،

نشاطه ن له مزاوال املؤممىت كان وذلك ،الدعوى حىت يفصل القضاء اإلداري يف دعوى املسؤولية

1293. عاممرفق طيبيف

موميةالدعوى املدنية املرتبطة بالدعوى الع.2

وبناء على ما سبق، جيدر يب إثارة نقطة جد مهمة، تتعلق باختصاص احملكمة الفاصلة

. لدعـوى املسؤولية املدنيـة

، وعليه.القضاء املدين، وبالتحديد عادي اللقضاءبادين املتعويض الدعوىاألصل أن تناط

ر يف دعوى املسؤولية املدنية فاملرجع الصاحل العادي للنظ. االختصاص إىل احملاكم االبتدائية يرجع

هو القضاء املدين، ولكن يكون الضرر أحيانا نتيجة لفعل جرمي، يعاقب عليه القانون، فتقع

ويف هذه احلالة يكون أمام املتضرر . املالحقة اجلزائية على املتسبب يف الضرر؛ بصفته مدعى عليه

.حق االختيار بني القضاء املدين وبني القضاء اجلزائي

وخيتار البعض طريق القضاء اجلزائي؛ نظرا لكون اإلجراءات أمامه أكثر بساطة منها أمام

القضاء املدين، ومن مث فإن الدعوى اجلزائية تشكل وسيلة ضغط معنوي على املتسبب بالضرر؛

له للقيام بإيفاء التعويض؛ ألنه ميكن ملن حكم له بالتعويض من طرف القضاء اجلزائي أن يحكم

كما ميكنه . ؛ حتصيال لدينـه عليـه1294كذلك باإلكراه البدين؛ أي حببس احملكوم عليه املدين

احلصول على تعويض معنوي يرد له اعتباره؛ ألي سبب كان؛ مثل طلب االعتذار العلين يف قاعة

ستجيباحملكمة أو بالنشر يف الصحف، إذا كان من شأن التعدي املساس بكرامته أو مسعته، وي

. القاضي لطلبه ما دام مقبوال اجتماعيا ومشروعا قانونا

1292 : T.Cconfl., 3 mars 1969, R.G.A.T. ; T.Cconfl., 22juin 1992, p.343, note F.Vincent : شار إليه أ

35 املرجع السابق، صجابر، أشرف.د

.350أشرف جابر، املرجع السابق، ص . د:راجع: 1293يونيو 08هـ املوافق 1386صفر 18املؤرخ يف 155-66قانون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري، الصادر باألمر 599املادة : راجع: 1294

.01أحسن بوسقيعة، قانون اإلجراءات اجلزائية يف ضوء املمارسة القضائية، ص : راجع.املعدل واملتمم1966سنة

450 من 324صفحة 324 - أأ ب ب- االلل

324

لكن هل أبواب القضاء مشرعة أمام كل ادعاء، بالنسبة للدعوى املدنية املرتبطة بالدعوى

من غري ما ضابط ؟

يف احلقيقة إن حق اختيار الطريق اجلنائي جائـز يف كل من التشريع اجلزائري والتشريع

- كما سيأيت بيانه-لى حنو أرحب منه يف التشريع الفرنسي؛ الذي ضيق جمال هذا احلقاملصري، ع

وذلك مادام احلـق املدين قائمـا، مل ينقض لسبب مـا؛ كالتنازل، عنه أو الوفاء به، أو التقادم،

طريق أو صدور حكم ائي، ذلك أن هذه األسباب تسد أمام املضرور كال من الطريق اجلنائي وال

.املدين على حد سواء

ومع افتراض بقاء هذا احلق املدين قائما، فإن خيار املضرور بني الطريقني اجلنائي واملدين،

:وإن كان حقا عاما متسع النطاق، إال أنه مقيد ببعض القيـود، نبينها فيما يلي

:القيود الواردة على تبعية الدعوى املدنية للدعوى اجلنائية.2/1

ء اجلنائي حتركا صحيحا؛ كعدم تقدمي شكوى يف إذا مل تتحرك الدعوى اجلنائية أمام القضا .أ

اجلرائم اليت حتتاج إىل شكوى، أو فوات ميعادها، أو التنازل عنها، فال ميكن االدعاء مدنيا أمامه،

يم دعواه ويف هذه احلالة ليس أمام املضرور إال أن يرجع إىل القواعد العادية يف االختصاص ويق

.املدنية أمام القضاء املدين

وكذلك الشأن إذا كانت الدعوى اجلنائيـة قد انقضت لسبب خاص ا؛ مثل وفاة املتهم، .ب

أو العفو الشامل، أو صدور حكم ائي فيها قبل إقامة الدعوى املدنية، فال يكون هناك من سبيل

.أمام املضرور سوى االلتجاء إىل القضاء املدين

أيضا إذا كانت احملكمة اجلنائية غري خمتصة بنظر الدعوى اجلنائية اليت سببت الضرر املدعى به، . ج

1295.فإا تكون غري خمتصة كذلك بنظر الدعوى املدنية

:القيود اليت ترجع إىل نوع اجلهة املختصة بنظر الدعوى اجلنائية.2/2

ية، فال يكون أمام احملاكم اجلنائية اليت مقصور على احملاكم اجلنائية العادحق االدعاء مدنيا

كما ال . خوهلا القانون اختصاصا استثنائيا؛ مثل حماكم أمن الدولة، واالس واحملاكم العسكرية

أمام االس التأديبية، ذلك أنه حق استثنائي حبت، فال حمل للتصريح به إال إذا االدعاء مدنياجيوز

األحداث؛ قصد توفري الوقت الكايف هلا ألداء ال جيوز أمام حمكمةأباحه القانون صراحة، ومثله

.رسالتها

.143عبد املنعم داود، املسؤولية القانونية للطبيب، ص .د: راجع: 1295

450 من 325صفحة 325 - أأ ب ب- االلل

325

وإذا كان املضرور من اجلرمية قد رفع دعواه أوال إىل احملكمة اجلنائية، فيمكنه أن يترك هذا

الطريق، ويقيم نفس دعواه من جديد أمام احملكمة املدنية، ويستوي يف ذلك أن يكون قد رفع

أمام احملكمة اجلنائية بطريق االدعاء املباشر، أو بطريق التبعية للدعوى العمومية دعواه األوىل،

واإللغاء هنا منصب على اإلجراءات ال على أصل احلق، فال مينع من . املرفوعة من النيابة العامة

العودة إعادة رفعه أمام احملكمة املدنية، إال إذا صرح بالتنازل عن احلق املدعى به، فعندئذ يمنع من

1296.إىل الدعوى من جديد أمام أي جهة قضائية

وباملقابل، إذا رفع، من ناله ضرر من اجلرمية، دعواه؛ بطلب التعويض إىل احملكمة املدنية يف

1297مبدأ األمر، فال حيق له أن يترك دعواه هذه ويرفعها إىل احملكمة اجلنائية، إال إذا رفعت النيابة

أن يعدل عن الطريق املدين ، ويقيم دعواه أمام -حينئذ- بعد، فيحق له الدعوى اجلنائية فيما

ومبفهوم املخالفة يتضح أنه 1298.احملكمة اجلنائية بطريق التبعية للدعوى اجلنائية اليت أقامتها النيابة

فإذا كان . ليس له أن يقيم الدعوى اجلنائية بنفسه عن طريق االدعاء املباشر أمام احملكمة اجلنائية

ذا الطريق مفتوحا أمامه فهجره خمتارا إىل الطريق املدين، فيحمل على أنه قد تنازل عنه تنازال ه

والفرض أن الواقعة جنحة أو خمالفة، أما إذا . يقيده بطبيعة احلال؛ ألن الطريق املدين أصلح للمتهم

ملدين وال بعده من باب كان جناية، فاملضرور ما كان ميلك االدعاء املباشر ال قبل اختيار الطريق ا

1299.أوىل

جيوز أيضا مباشرة " منه على أنه 04نص قانون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري يف املادة

الدعوى املدنية منفصلة عن الدعوى العمومية، غري أنه يتعني أن ترجئ احملكمة املدنية احلكم، يف

". العمومية إذا كانت قد حركتتلك الدعوى املرفوعة أمامها، حلني الفصل ائيا يف الدعوى

ويصح، يف حاالت استثنائيـة، أن تنفصل الدعوى املدنية عن الدعوى اجلنائية، فتستمر

أمام القضاء اجلنائي، حني تكون الدعوى اجلنائية قد انقضت لسبب أو آلخر، -وحدها-مطروحة

عند بدء نائية ال حمل له إال للدعوى اجلتبعية الدعوى املدنيةوهذه األحوال تدعو إىل القول بأن

1950لسنة 150 قانون اإلجراءات اجلزائية املصري، رقم 260/1قانون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري، واملادة 247املادة : راجع: 1296

.2007لسنة 153املتمم واملعدل بآخر قانون رقم إبراهيم مصطفى ): حمدثة ( على متهم وحنوه نيابة عن اين عليه فردا كان أو جمتمعا الدعوىبإقامة هيئة قضائية تقوم النيابة:1297

.2/964: وآخرون، املعجم الوسيط .م.ج.إ.ق264، واملادة .ج.ج.إ.ق05املادة : راجع: 1298.147-146عبد املنعم داود، املسؤولية القانونية للطبيب، ص.د: راجع: 1299

450 من 326صفحة 326 - أأ ب ب- االلل

326

أمام القضاء اجلنائي فحسب، أمـا بعـد ذلك فاستقالل كل منهما عن مباشرة الدعوى املدنية

حالة انقضاء الدعوى اجلنائية؛ لسبب طرأ بعد -أ: اآلخر متصور احلصول يف ظروف متعددة؛ مثل

-وجود وجه للحكم بالتعويض، جحالة احلكم بالرباءة مع - رفع الدعوى املدنية بالتبعية هلا، ب

1300.حالة الطعن يف احلكم الصادر يف الدعوى املدنية دون اجلنائية

وبناء على ما سبق، يبدو أن التشريع اجلزائي اجلزائري أجاز هذا احلق مثل ما ذهب إليه

رفع املشرع اجلزائي املصري، ويف نفس الوقت تأثر باملشرع اجلزائي الفرنسي يف اشتراطه أال يقبل

، لكن مل جياره )02املادة(الدعوى املدنية املالزمة للدعوى اجلنائية إال ممن سبب له الضرر شخصيا

يف بقية األحكام؛ حيث أجاز دعوى املسؤولية عن كافة أوجه الضرر، سواء كان ماديا، جسميا،

، على عكس ما ذهب )03/02املادة(أو أدبيا، مادامت نامجة عن الوقائع موضوع الدعوى اجلزائية

.إليه التشريع والقضاء اجلزائيني يف فرنسا

لقبول الدعوى املدنية أمام القضاء اجلزائي، أن يكون 1301ºحيث اشترط التشريع الفرنسي

الضـرر احلاصـل من جناية أو جنحة أو خمالفة، يعـود ملن مسـه ضـرر شخصـي، نـاتج

، جيب توافرمها، لسماع الدعوى املدنية طان أساسيانشر إذن، هنالك 1302.مباشـرة عن اجلـرم

حدوث ضرر شخصي، مما يستبعد املطالبة بالتعويض عن -أ :أمام القضاء اجلزائي الفرنسي، مها

نتجت هي أيضا مباشرة عن اجلرم، عندها يعود للمتضرر ، إال إذا1303األضرار احلاصلة للغري

لة السببية املباشرة بني الضرر املشكو منه وبني ـ أن تقوم الصب. شخصيا أن يطالب بالتعويض

1304.وهذا ما يستبعد حتما األضرار غري املباشرة. اجلرم احلاصل

ومل تتردد حمكمة التمييز الفرنسية يف التضييق يف قبول الدعوى املدنية أمام القضاء اجلزائي،

القضاء ، الذي ينصب اهتمامه وكان ذلك نابعا من إرادة احملاكم االحتفاظ بالطابع اجلزائي هلذا

على حماكمة ارمني؛ بغية إنزال العقاب باملذنبني منهم، مبتعدا قدر اإلمكان عن االشتغال

بالنواحي املدنية من الدعاوى اجلزائية؛ لئال تغرق احملاكم يف املسائل املدنية، فيضعف االهتمام

ول للفصل األول املبحث األمن املطلب الثاين كما سبق تناوله يف ،147ملنعم داود، املسؤولية القانونية للطبيب، صعبد ا.د: راجع:1300

.من الباب لتمهيدي .وما يليها746مصطفى العوجي، املرجع السابق، ص .د: راجع: 1301.31/12/1957 قانون أصول احملاكمات اجلزائية الفرنسي، الصادر بتاريخ 02/1املادة : راجع: 1302

1303:Cass.Assembée Pleniere, 12 janv,jcp 1980. 19335 Rapport Pousard et obs.Carbonnier , et crim. 24

janv. 1979 d. 1979. Ir. 247.1304 : Cass.Crim 13 juin 1978 d. 1978 ir. 9.

450 من 327صفحة 327 - أأ ب ب- االلل

327

هة أخرى، اتقاء إلقدام األفراد على ومن ج. بالدعوى العامة ويؤخر الفصل فيها، هذا من جهة

إصباغ مطالبهم بالصبغة اجلزائية؛ بغية ممارسة الضغط واالبتزاز على املدينني وإكراههم على

ومن ناحية ثالثة، سدا لذريعة . االمتثال ملطالبهم، خشية الفضيحة والتشهري وحىت العقوبة اجلزائية

رضها بعض الدعاوى املدنية، والتحرر من عبء وسائل حماولة األفراد التحرر من الشكليات اليت تف

.اإلثبات احملددة حصرا يف األصول املدنية

كما يبدو أن احلرص على عدم املساس حبق النيابة العامة، يف انسيابية املالحقة اجلزائية،

سياسة وعلى عدم إحراجها وانتزاع املبادرة منها يف حتريك دعوى احلق العام، لعب دورا يف حتديد

التضييق اليت اعتمدا حمكمة التمييز الفرنسية يف قبول الدعوى املدنية أمام القضاء اجلزائي، حىت أا

أنه يف حال عدم حصول وفاة ضحية جرم -مثال–اختذت منحى ال خيلو من االنتقاد، عندما قررت

مل الذي حلق م نتيجة وقع عليها، ال حيق لذويها االدعاء أمام القضاء اجلزائي بالتعويض عن األ

كما اعتربت أنه إذا .1306أما إذا توفيت الضحية، فيصبح هذا احلق مقبوال. 1305رؤية جروحها

كانت وفاة الضحية تحدث مباشرة لدى ذويها ضررا ماسا بعاطفتها، إال أن املرض العضوي الذي

ترب ضررا غري مباشر، يصيب هؤالء من جراء املساس بالعاطفة ال حيصل مباشرة من اجلرم؛ أي يع

وعليـه، يرى بعض املعلقني على . مما حيول دون مساع الدعوى بالتعويض عنه أمام القضاء اجلزائي

هذا القرار أنه يعتمد مفارقة غري مقبولة، فكيف يقبل االدعاء باألمل النفسي املدىل حبصوله لذوي

م نفس القضاء اجلزائي بالتعويض عن الضحية، دون وجود وسيلة للتحقق منه، وال يقبل االدعاء أما

وهل ميكن التسليم . املرض العضوي امللموس القابل للتشخيص، الناتج عن األمل النفسي املدىل به

1307.بأن مثل هذا املرض، ال يتأتى مباشرة من األمل الذي أحدثه اجلرم

اية مصاحل لكن االجتهاد القضائي الفرنسي أوجد خمرجا للنقابات واجلمعيات املكونة حلم

نقابية أو مهنية أو خاصة ببعض فئات من املواطنني، فقبل الدعوى املدنية املقدمة منها عندما

يلحقها ضرر شخصي ومباشر نتيجة جرم وقع بأحد أعضائها، من شأنه أن ميس باملصلحة اليت

1308.حتميها

1305 : Cass.Crim. 26 nov. 1966- jcp. 1967. 14979 note p.c et 23 janv. 1975-jcp 1975. 18333 note Robertet D. 1976. 375 note Savatier, etc…1306: G.Viney. note sous cass. Crim. 01 mars 1973 JCP. 1974 II. 17615.1307 : Note .G.Viney. Précité.1308 : Cass.Crim. 03 janv. 1925. D.P. 1925.1.85. Cour d,assises de Paris 15 Déc . 1977. D. 1978. 16note Mayer.

450 من 328صفحة 328 - أأ ب ب- االلل

328

سواء وعلى عكس القضاء املدين، الذي توسع يف منح التعويض للمتضررين من اجلرم،

مرتدا، مباشرا أو غري مباشر، ماديا أو معنويا، تشدد القضاء اجلزائي كان الضرر شخصيا أو

الفرنسي يف قبول مثل هذه الدعاوى، ولكي يستبعدها جنح هذا القضاء إىل نفي الصلة السببية بني

تمرارية العالقة الضرر املدىل به وبني اجلرم احلاصل، وإىل التشدد يف التحقق من جدية وقوة واس

اإلنسانية والعاطفية اليت كانت قائمة بني مدعي الضرر املرتد واين عليه، مع العلم أن القضاء

. املدين الفرنسي مل يعد يشترط وجود رابطة شرعية بني مدعي الضرر وضحية اجلرم

وذهب البعض حبق إىل أن التوسع يف دائرة الضرر الالحق بالغري، وحىت الذي ميس

شخص، عندما ال يكون من النتائج الطبيعية للفعل اجلرمي، يسبب حرجا للمحاكم، إذ غالبا ما ال

يرهق املدعى عليه، مبا ال طاقة له به، كما يرهق الضامن بصورة جتعل كلفة الضمان مرتفعة؛ من

وهذا 1309.ناحية الثمن، وموجبات الضمان، مما ميكن أن يؤدي إىل شلل املؤسسة أو إفالسها

. يد، ولعله السبب وراء اشتراط شركات التأمني على املستأمن عدم االعتراف خبطئهسد

ةـة الوديـالتسوي: ثانيـا

؛ للحصول على تعويض جيرب الضرر،هي وسيلة فعالة يف هذا النظام: التسويـة الوديـة

وجينب املضرور مشاكل، من كثرة القضايا املعروضة على القضاءففاألسلوب خي هذاو

يرفضه املضرور إذا و ، وإن أهم ميزة يف هذا اإلجراء كونه اختياريا،إجراءات الدعوى القضائيةو

1310.عدم شفاء غليله بعد أو ،الحظ عدم كفاية املبلغ املقترح

للمسؤولية النامجة عن ؛ واملضرور على تسوية وديةاملستأمنفال يوجد ما مينع من أن يتفق

أو أو بكتاب عادي أو موصى عليه) حمضر( على يد منفذ بإنذار و تتم املطالبة،احلادث

1311.شفويا

املستأمن ضررت يتحقق مبطالبة امل،ضررت يف حالة التسوية الودية بينه وبني املاملستأمنفرجوع

املستأمن ويستجيب .بالتعويض عن األضرار اليت حلقته بسبب احلادث؛ عن احلادث وديااملسئول

سؤوليته ويتصاحل مع املضرور على تعويض معني، يف هذه احلالة يكون اخلطر للمطالبة ويقر مب

.750مصطفى العوجي، املرجع السابق، ص .د: راجع: 1309.97ص دراسة مقارنة، –مسعود شيهوب، املسؤولية عن املخاطر وتطبيقاا يف القانون اإلداري . د: راجع: 1310.1/287:ديد األحكام العامة طبقا لقانون التأمني اجل– التأمني يف القانون اجلزائري –إبراهيم أبو النجا . د: راجع: 1311

450 من 329صفحة 329 - أأ ب ب- االلل

329

للمستأمن وحيق ،ن منه قد حتققاملؤم-" Assuré(e)"-نالرجوع على املؤم-"Assureur"ي أ

1312.بالضمان نتيجة اإلقرار أو التصاحل -شركة التأمني

قتناعه ال؛ ضرر عن املطالبةتازل امل كما لو تن؛املستأمنوالتسوية الودية قد تكون يف صاحل

ويف هذه احلالة ال يترتب على حتقق اخلطر املؤمن منه،املستأمنبأن احلادث الضار مل يقع خبطأ من

نضررأيأي شركة التأمني- بالنسبة للمؤم-،على املستأمنأو ن له ومن مث فال حمل لرجوع املؤم

انـن بالضمـاملؤم .

ما لو أقر املؤمن له مبسؤوليته أو تصاحل مع ؛ كضررتوية الودية لصاحل املوقد تكون التس

ومن مث يكون للمؤمن له أن يرجع على ،املضرور بشأا، ويف هذه احلالة يعترب الضرر قد حتقق

ن بالضماناملؤم،؛ن عند الرجوع عليه بالضمان ، أن يدفع مطالبة املؤمن له ومع ذلك جيوز للمؤم

:؛ كما يليفوع اليت يستطيع أن يتمسك اجبميع الد

1.ن االتفاق على عدم جواز اإلقرار باملسؤولية أو الصلح بغري موافقة املؤم

عليها صاحل التمبسؤوليته أو شرطا حيظر على املستأمن اإلقرار وثيقة التأمني تتضمن كثريا ما

رتب على خمالفة ت وي، جيب العمل بها،هذا الشرط صحيحيعترب ن، واملضرور بغري موافقة املؤممع

مبا مت ن أو على األقل عدم االحتجاج على املؤم، سقوط حق املؤمن له يف مبلغ التأمني،هذا املنع

:بالقول أنههذا الوضع على 622/2نص القانون املدين اجلزائري يف املادة قد و.من إقرار أو تصاحل

"ريكون باطال ما يني من الشروط اآلتية يف وثيقة التأمد :

لك ذ إال إذا كان، بسبب خرق القوانني أو النظم؛الشرط الذي يقضي بسقوط احلق يف التعويض-

."اخلرق جناية أو جنحة عمدية

نويربر منع املؤم له؛ مباالة املؤمنال بناء علىن له من أن يقر مبسؤوليته أو يصاحل للمؤم

، احلادث دقيق لظروف على اإلقرار أو الصلح دون وزن قدم في؛التأمني قد غطى مسؤوليتهكون ل

ورمبا دفع ،مبلغ كبري على له مع املضرور باملسؤولية أو يصاحله ن خشية أن يتواطأ املؤمكما يربره

باختاذ إجراءات جنائية ضدهله ديد املضرور ة؛ نتيجة رهب إىل ذلك ما تولد يف نفسه مناملؤمن له

.168 مبادئ عقد التأمني، ص –حممد حسني منصور . د: راجع: 1312

450 من 330صفحة 330 - أأ ب ب- االلل

330

إال أنه ال ينبغي على القضاء أن يتمسك حبرفية اجلزاء 1313.اإلقرار أو الصلحليحمله بذلك على

أن إقراره أو و ،بال شك فإذا ما تبني للمحكمة أن مسؤولية املؤمن له متحققة،املقرر يف هذه احلالة

أو أنه بغري ،معهؤ أو نتيجة ديد املضرور أو تواطاونا مل يكن، و بإرادة حرة خمتارةمتصلحه

أن يرتب جزاء ففي هذه احلاالت ال ينبغي للقضاء. ال حمالة على املضرورحيفذا اإلقرار سيقع ه

يعين ضياع حينئذ،ن ترتيب هذا اجلزاء أل؛ أو صلحه مع املضروراملستأمنهذا الشرط عند إقرار

1314.يف هذا خمالفة للنظام العام و ،املخطئ على التهرب من آثار خطئه احلقوق و معاونة

ويقصد باإلقرار يف هذا املقام اإلقرار باملسؤولية من الناحية القانونية ال جمرد اإلقرار بالوقائع

ما ، باملسؤوليةاال يعترب إقراركذلك، 1315.له املؤمنعلى هو واجب ، فذلكاملادية كما حدثت

يروي مث ؛ ميليها عليه واجب اإلنسانية من إسعافات؛ عقب احلادث، للمضروراملستأمنيقدمه

18هذا ما يتفق مع نص املادة و ، دون أن يكتم شيئا من وقائعه املاديةحصل فعال،احلادث كما

ال بأية ى املؤمن بأي اعتراف باملسؤولية، وال حيتج عل:" بقوهلا 1316من قانون التأمني اجلزائري

تقضي بعدم املادة فهذه". باملسؤوليةإقراراالعتراف حبقيقة أمر، ال يعد او ،مصاحلة خارجة عنه

أو التصاحل عليها مع املضرور يف غيبة املؤمن مع له مبسؤوليته حتجاج على املؤمن بإقرار املؤمنالا

ن له أن فإذا ما أراد املؤموبالتايل،. اعتبار اعتراف املؤمن له بالوقائع املادية إقرارا باملسؤوليةعدم

1317. املضرور بطرق اإلثبات األخرىجتاه أن يثبت مسؤوليته،ن بالضمانعلى املؤميرجع

2.أصلية أو بدعوىن وديا تسوية الضمان مع املؤم :

كان له أن ، على النحو الذي تقدم، إذا ما انتهى املؤمن له مع املضرور إىل تسوية ودية

إذا ما استجاب له ،وهذا الرجوع إما أن يكون وديا1318.ن بالضمانيرجع بعد ذلك على املؤم

، إذا ملن عن طريق رفع دعوى أصلية بالضمان على املؤم، قضائياإما أن يكون رجوعاو ،ؤمنامل

.ةـيستجب للتسوية الودي

مد منصور، املرجع السابق،حم.د، 479دراسة مقارنة، ص - عقد الضمان-مصطفى حممد مجال، أصول التأمني. د: راجع: 1313

.168ص.169مد حسني منصور، مبادئ عقد التأمني، صحم.د: راجعم: 1314.2/1521: السنهوري، الوسيطعبد الرزاق . د: راجع: 1315 .م25/01/1995هـ، املوافق 1415شعبان عام 23املؤرخ يف 07-95مبوجب األمر رقم : 1316.1/289:إبراهيم أبو النجا، التأمني يف القانون اجلزائري. د: راجع: 1317.1521 ص2 جملد7جـ: الوسيط: السنهوري.د: راجع: 1318

450 من 331صفحة 331 - أأ ب ب- االلل

331

ن له بإثبات حتقق يكلف املؤم –دعوى أصلية أو تسوية ودية – الفرضنيويف كال

،صلح القرار أوال يكتفي يف هذا اإلثبات باإلو ،ل اإلثباتـوسائ؛ بكافة ضررتمسؤوليته حنو امل

مسؤوليته داخلة يف ؛ أي إن -ي شركة التأمنيأ"-نأن هذه املسؤولية يغطيها ضمان املؤموإثبات

.نطاق عقد التأمني

:التسويـة عن طريـق الصلـح .3

ويصلح يصلح صلح" بني طرفني؛ والصلح مشتق من الصلحميكن أن تتم التسوية بطريـق

المسالمة، أي المصالحة؛ من الاسم الصلح" و،1319"الفساد ضد الصالحوصلوحا، و صالحا

هيو ة خلافماصخفي"،1320"الملح وة إطفاء الصائرالن ة هياوداء العنحالشالصلح"و 1321."و :

ل عن جزء من حقه أو ادعائه؛ وذلك بأن يتنازل كل طرف على وجه التقاب،1322"اخلصومة إاء

. يتجنبان نزاعا حمتمال ليحسم به الطرفان نزاعا قائما أو

أو يتوقيان قائما الصلح عقد ينهي به الطرفان نزاعا " 1323ج.م. ق419 لنص املادة فقاوو

، وهذا النص يتوافق "على وجه التبادل عن حقه حمتمال، و ذلك بأن يتنازل كل منهما به نزاعا

. ف.م . ق2044م، واملادة .م. ق549ص املادة ون

وتعريف التشريع املدين اجلزائري مطابق لنظريه املصري، وإن اختلفت عبارتامها قليال، مما

يتنازل كل :" يوحي بأن األول اقتبس من الثاين، ولكنه مل مياثله يف الدقة، ويتمثل ذلك يف قوله

عن جزء يرتل كل منهما على وجه التقابل :"بارة الثاين، خالفا لع"عن حقهمنهما على وجه التبادل

" عن جزء من ادعائه" أمشل للكل وللبعض، وأما عبارة" عن حقه"إذ يتضح أن عبارة ". من ادعائه

والتنازل عن كل احلق يوحي ظاهره باإلبراء ال الصلح، لوال تقييد . قاصرة على البعض دون الكل

.ع ذلك فهو مشكل، وم"على وجه التبادل" ذلك بعبارة

مستأمنويتفق اإلقرار والصلح؛ من حيث وسائل اإلثبات، من خالل املسؤولية، فيجوز لل

.2/516: لسان العرب: 1319.1/294:طلبة الطلبةفص عمر بن حممد النسفي، جنم لدين أبو ح: 1320.1/294:املرجع ذاتـه: 1321 .يعسوب موقع : الكتاب مصدر .1/215:الفقهي القاموسسعدي أبو حبيب، : 1322املؤرخ 08-93؛ املعدلة مبوجب املرسوم التشريعي 317كما نصت عليه بعض القوانني اجلزائرية؛ مثل القانون التجاري يف مادته : 1323

-08 يف القانون رقم ، وقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلزائري381املادة : ، وقانون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري25/04/1993يف

www.joradp.dz:974-970املادة : 2008 فرباير سنة 25املوافق 1429صفر عام 18ؤرخ يف امل09

450 من 332صفحة 332 - أأ ب ب- االلل

332

وقد يكون اإلقرار باملسؤولية صرحيا؛ يف ورقة . أن يقر للمضرور باملسؤولية أو يصاحله عليها

ا؛ باختاذ موقف ال كما يكون ضمني مكتوبة يقر فيها باملسؤولية ويتعهد بدفع التعويض، أو شفويا،

خطرا والصلح ال يقل .قد يكون الصلح مكتوبا أو مشافهة كذلك. يدع جماال للشك يف اإلقرار

سؤولية، عن اإلقرار، إذ هو إقرار، مضافا إليه تقدير ملبلغ التعويض، وهو يف القليل إقرار كامل بامل

فإن ، أو صاحل عليها، أو ضمنيا صرحياقرارا فإذا أقر املؤمن له باملسؤولية إ، املقدارمساومة علىو

1324.ضي سقوط حقه يف الضمانتيق ناالتفاق الذي مت بينه و بني املؤم

قانون من 68مبوجب املادة (فر األهلية القانونية لها يشترط تو،والصلح كأي تصرف قانوين

بري عن أهلية الوجوب يف تعين التعود باألهلية هنا أهلية االختصام، واملقصو ،)التأمني اجلزائري

مبا يتضمن من حقوق ؛كتساب املركز القانوين للخصمال وصالحية الشخص ،اال اإلجرائي

شترط ي:" ج .م.ق460املادة العامة اليت نصت عليها قاعدة واستنادا لل. 1325واجبات إجرائيةو

". حالصل عقد يشتملهااليت احلقوق للتصرف بعوض يف فيمن يصاحل أن يكون أهال

دون املسائل املتعلقة باحلالة الشخصية أو بالنظام فحسب، يف املصاحل املاليةإال الصلح وال يصح

أن عبارات التنازل اليت يتضمنها املقرر قانونا منو .ج.م .ق 461 املادة ؛ طبقا ملا قررتهالعام

يشمل إال احلقوق ل ال ، فإن التناز كانت تلك العباراتا أي؛ جيب أن تفسر تفسريا ضيقا،الصلح

ج.م.ق464؛ طبقا للمادة الذي حسمه الصلح، للرتاعاليت كانت بصفة جلية حمال.

:التسويـة عن طريـق الوساطـة .4

، تطرق إىل 1326بعد أن نظم قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلزائري الصلح

ض إجراء الوساطة على عر؛ كطرق بديلة حلل الرتاعات، حيث أوجب على القاضي 1327لوساطةا

العام، باستثناء قضايا شؤون األسرة والقضايا العمالية وكل ما من شأنه أي ميس بالنظام ¡اخلصوم

ل اخلصوم هذا إلجراء ، عني القاضي وسيطا لتفهم وجهة نظرهم وحماولة التوفيق بينهم؛ وإذا قب

جزء منه، وال يترتب على ومتتد الوساطة إىل كل الرتاع أو . لتمكينهم من إجياد حل للرتاع

وحتدد مدة . الوساطة ختلي القاضي عن القضية، فيمكنه اختاذ أي تدبري يراه مناسبا يف أي وقت

الصلح بثالثة أشهر، قابلة للتجديد مرة واحدة، بناء على طلب الوسيط، طبعا بشرط موافقة

.7/1522:السنهوري، الوسيط.د: راجع: 1324.74 نظرية اخلصومة واإلجراءات االستثنائية، ص – نظرية الدعوى - بوبشري حمند أمقران، قانون اإلجراءات املدنية .د: انظر:1325.09-08ون رقم ـيف القان993-990واد ـ، وامل974-970واد ـامل: راجع: 1326 .ونـ القانمن ذات1005-994واد ـامل: انظر: 1327

450 من 333صفحة 333 - أأ ب ب- االلل

333

. ص طبيعي أو معنويوتسند الوساطة إىل شخ. التمديد اخلصوم وسلطة القاضي التقديرية يف

وجيب أن يكون الشخص الطبيعي املكلف بالوساطة من بني األشخاص املعترف هلم حبسن السرية

األهلية القانونية عموما واألهلية يف النظر يف املنازعة املعروضة عليه واالستقامة؛ الذي يشترط فيه

ويأخذ . لإلجراءات احملددة لذلكخصوصا، واحليادية واالستقالل يف ممارسة الوساطة، وهذا وفقا

.ج.إ.م.إ.ق1004 و600حمضر االتفاق نفس قيمة وحجية احلكم القضائي مبوجب املادتني

: ةـح والوساطـ من الصلة عن طريق كلـرق بني التسويـالف.5

، يتفق الصلح مع الوساطة يف أن لكليهما أثره 1328 يف التشريع اجلزائريبناء على ما تقدم

خلصومة، إذا ما قدر هلما النجاح، وهلما حينئذ نفس حجية احلكم القضائي، وكالمها يف إاء ا

. سنـدا تنفيذيـا يعترب

، والصلح يعرضه اخلصوم أو يتم ةوخيتلفـان يف كون الصلح جوازي، والوساطة وجوابي

بسعي من القاضي، والوساطة تسند إىل شخص طبيعي أو معنوي يسمى الوسيط، والصلح غري

والصلح ميكن . مقيد مبدة، خبالف الوساطة، إذ مدا حمددة بثالثة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة

اللجوء إليه يف أي مرحلة كانت عليها الدعوى، أما الوساطة فعلى القاضي القيام ا يف أول

وميدان . ، بينما تتناول الوساطة كل الرتاع أو جزءا منه1329جلسة، والصلح يتناول املوضوع كله

قضايا شؤون األسرة والقضايا الصلح وميدان الوساطة مقيدان ببعض القوانني؛ حيث استثين منهما

وحمضر الصلح سند تنفيذي مبجرد التأشري عليه العام، العمالية وكل ما من شأنه أي ميس بالنظام

.وإيداعه، وحمضر الوساطة سند تنفيذي بعد املصادقة عليه باألمر القضائي

حـة عن طريق الصلـة الوديـا التسويـيمزا.6

،ن لهاملؤمو ،ن من املؤما لكلـلتسوية الودية بطريق الصلح مزايلحتقق ال خيفى أن

1330.املضرورو

: ن بالنسبة للمؤم.أ

ته مسؤوليم إن اقتنع بعد، عن مطالبة املؤمن لهالصلح قد يؤدي إما إىل نزول املضرور متاما

به لو رفع األمر إىل ىقضتوصل إىل تعويض أقل مما يال و إما أن يؤدي إىل ،ابهعن الضرر الذي أص

.09-08رقم جراءات املدنية واإلدارية اجلزائري يف القانون املدين اجلزائري، و قانون اإل: 1328 .آنفا يف هذا الفرع ج.م. ق459سبق أن انتقدنا هذا يف معرض إيراد الصلح طبقا للمادة : 1329.297أشرف جابر، املرجع السابق، ص.د: راجع: 1330

450 من 334صفحة 334 - أأ ب ب- االلل

334

ال كن يف املؤم و مصلحةتكون مسؤولية املؤمن له ثابتة بشكل قطعي،لك عندما وذ ،القضاء

.رةـاحلالتني ظاه

: ن له بالنسبة للمؤم.ب

اليت حتفظ له مسعته ؛اوضاته ميزة من خالل سرية مف– الطبيب -حيقق الصلح للمؤمن له

تداول نتيجة؛ اليت تتسم ا جلسات احملاكم وما يترتب عليها من النيل منه؛نيةاملهنية خبالف العال

هده ويؤثر يف النهاية على ممارسته جهو ما يهدر وقته وو ،دعاوى املسؤولية بني أروقة القضاء

.ه ـلعمل

: بالنسبة للمضرور.ج

،جينبهوهو ما ، على تعويض الضرر الذي أصابهاحلصول سريعايضمن الصلح للمضرور

للدعوى، ضمونة امل النتائج غري ، من جهة أخرى،جينبه و، نفقات ومصاريف الدعوى،من جهة

ميكن موجزة وجامعة،وبكلمة . من األحيان ثريك يف له لصعوبة إثبات خطأ الطبيب املؤمننظرا

procèsLa"ى لدعوالقول إن الصلح يسمح بتجنب خماطر ا loterie".

حـق الصلـض عن طريـآل التعويـم.7

، يف حالة تفاقم تأثري على صحة عقد الصلح؛ كأحد عيوب اإلرادة، للغلطولكن هل

الضرر بعد الصلح ؟

الغالبة للضرر املترتب للطبيعةيثور هذا التساؤل يف نطاق التأمني من املسؤولية الطبية نظرا

، فمن املتصور أن يتسبب نشاط الطبيب يف إصابة حيث يكون ضررا جسديا؛طيبعلى النشاط ال

يف بادئ - و تبدو إصابة املريض، باألشعةالجع أو ، جراحي تدخلنتيجة ؛املريض بضرر جسدي

. حمدودة يف نطاق معني -األمر

؛شركة التأمني على تعويض هذا الضرر الذي أصابه تصاحل املريض مع الطبيب أوفإذا

جيوز له أن يطالب فهل . ، مث تفاقم ضرره بعد ذلك يسريا تعويضالب و ق،خطأ الطبيب نتيجة

اإلرادة، ، و هو أحد عيوبعلى أساس توافر الغلط ،بتعويض تكميلي يف ضوء ما آلت إليه حالته

1331ل ؟ لإلبطااليت جتعل العقد قابال

الذيبه؛ حجية الشيء املقضي إىل مستندا، من الفقه إىل عدم جواز ذلكذهب جانب

.304-303أشرف جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص .د: راجع: 1331

450 من 335صفحة 335 - أأ ب ب- االلل

335

من أن الغلط يف 1332الفرنسيمن التقنني املدين 2052 ملا تنص عليه املادة يتمتع به الصلح وفقا

إال إذا كان - البطالن– لبطالن الصلح ، و ال يترتب هذا األثر أو جسامة الضرر ليس سببا درجة

.الضرر الغلط يف طبيعة

حيث قضى بأن الغلط يف ، الفرنسي إىل األخذ ذا الرأي بعض أحكام القضاءتوقد اجته

. ال خيول املضرور احلق يف املطالبة بتعويض تكميلي ، يف الضررالعقد ال يعدو أن يكون غلطا حمل

باملقابل، ذهب رأي آخر يف الفقه تؤيده بعض أحكام القضاء الفرنسي إىل أن الغلط يف و

ويستند هذا الرأي إىل فكرة العدالة، . به عقد الصلح يبطل،جسامة الضرر يعد غلطا جوهريا

ما وهو. ا فضال عن ذلك قيمة هذا احلق و إمن،حيث أن حمل العقد ليس فحسب احلق يف التعويض

أكرب من احلماية للمضرور، يستوي يف ذلك أن يكون تفاقم الضرر بعد الصلح متوقعاحيقق قدرا

.يض تكميلي للمضرور أن يطالب بتعو فيكون،أم ال

خيضع ، الغلط الواقع يف عقد الصلح ألن؛الرأي األول هو األدىن إىل القبولويبدو أن

أن يبلغ حدا من ، إلبطال العقد اليت تستلزم يف الغلط الذي يكون سببا؛للقواعد العامة يف الغلط

تكشفت هذه اإذ إال ،األمر كذلك ال يكونو. حبيث ميتنع معه املتعاقد عن إبرام العقد؛اجلسامة

كحدوث عاهة ؛اجلسامة عن ضرر خيتلف يف طبيعته عن الضرر الذي كان موجودا وقت الصلح

فال يعدو أن ،أما جمرد تفاقم الضرر الذي كان موجودا وقت الصلح، مستدمية أو موت املصاب

. والغنب ال يؤثر يف الصلح ،ينتج غبنا

جيب على " بأنهن حكم هلا، حيث قضتحمكمة النقض الفرنسية يف أكثر مأكدته وهو ما

أن يقف على حقيقة الضرر ،ضررت عند النظر يف طلب التعويض التكميلي من امل،قاضي املوضوع

ائيا الذي حتدد؛الضرر األصلية حيث ال ميلك أن يعيد النظر يف قيم الالحق على الصلح،

".1333

1332 : Art .2052 stipule: « Les transactions ont, entre les parties, l'autorité de la chose jugée en dernier

ressort, elle ne peuvent être attaquées pour d’erreur causé de droit, ni pour cause de lésion ». Il fautdonc, pour qu'un recours en aggravation puisse prospérer, une demande nouvelle qui n'a pas donnélieu à un jugement ou à la conclusion d'une transaction entre la victime et l'assureur responsabilité del'auteur du dommage corporel initial : www.macsf.fr/vous-informer/prejudice-aggravation-reparation.

1333 : Civ.2è, 22 avr. 1971, II , n. 152 ; Civ.2è, 11janv. 1995, bull. civ. II, n. 19.

450 من 336صفحة 336 - أأ ب ب- االلل

336

يستطيع املريض أو رثته ،لطبية يف نطاق التأمني من املسؤولية ا، بأنه إذن،ميكن القولو

الذي مت الصلح ؛ يف طبيعة الضرر واقعاالغلط مىت كان هذا ،التمسك ببطالن عقد الصلح للغلط

.غري صحيح على حنو،بناء على تقديره

مناذج عن التسوية الودية يف اال الطيب.8

دف حيث ،الطيبيف اال أو تصورات عن التسوية ألوروبية مناذج ا تبنت بعض الدول

من هذه النماذج ، وإن اختلفتألطباء من جانب آخرا و،إىل تسوية ودية بني املرضى من جانب

ن هي تقدمي العوو ، إال أا من حيث اجلوهر دف إىل غاية واحدة،شكل أو اهليكلال حيث

هي النموذجو ،يف ثالثوتتمثل هذه النماذج .القضاء عن ساحةألطراف الرتاع يف تسويته بعيدا

سويسريوالنموذج ال ، اللجان الطبيةالنموذج األملاين حيث ،نظام املوفق الطيب حيث فرنسيال

كما تبنت اجلزائر منوذجا أقرب إىل النقابة منه إىل الوسيط الطيب، متثل 1334.اخلربة مكاتبحيث

.الطبمهنة لس أخالقيات جميف

Le"نظام املوفق الطيب: النموذج الفرنسي .أ médiateur médical"

؛ العديد من االقتراحات اليت تنادي بضرورة تأسيس نظام املوفق الطيبدمت، يف فرنسا،ق

ورغم . وبني األطباء من جهة أخرى،الصلح بني املرضى من جهةإجراء على ليتوىل اإلشراف

: ثة مناذج هي، إال أنه اختلفت صور االقتراحات إىل ثال هذا النظامضرورة إجياد مثلعلى االتفاق

Mac"مشروع : االقتراح األول .1/أ Alees"

Macتقدمت اللجنة املشكلة برئاسة السيد يف أواخر السبعينات Alees تأسيس شروع مب

:نظام املوفق الطيب، و قد متثلت مالمح هذا املشروع يف النقطتني التاليتني

عاتقه عرض وبيان كافة املعلومات من جهة يأخذ علىف ، مزدوجةؤدي املوفق الطيب وظيفةـ ي

أخرى إمتام الصلح بني األطراف يف ومن جهة،اليت جيب إحاطة األطراف ا، السيما املريض

.ضوء تلك املعلومات

.ن الطبيب بتحمل نفقات اخلربة اليت يؤديها هؤالء ويلتزم مؤم،يقوم بتحديد اخلرباءـ كما

"J.L.Masson "مشروع: االقتراح الثاين -2/أ

مبشروع قانون خبصوص إنشاء جلان تعويض1982 ديسمرب 14يف Masson السيد تقدم

:يف النقاط التالية هذا املشروع متخصصة يف جمال املسؤولية الطبية، وتتمثل فكرة

. وما يليها298أشرف جابر، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، ص .د: راجع: 1334

450 من 337صفحة 337 - أأ ب ب- االلل

337

وأطباء ، هلاا وتتكون من موفق طيب رئيس،تنشأ يف دائرة كل حمكمة ابتدائية إحدى هذه اللجانـ

.، وممثلني للمرضىمنتخبني

مث ترفع ، وحتديد التعويض املناسب هلا،تتوىل هذه اللجنة تقدير األضرار النامجة عن اخلطأ الطيبـ

.تقريرها إىل احملكمة االبتدائية

أما الثالث ، أخصائي، وعام ممارس: منهم طبيبان،فق الطيب بتحديد ثالث خرباءويقوم املـ

م هؤالء اخلرباء بإعداد التقرير الفين من الناحيتني الطبية يقو، حيثفيكون من رجال القانون

.والقانونية وتقدميه إليه بعد ذلك

.هلا ةـا إىل احملكمة االبتدائية التابعـ تقوم اللجنة برفع تقريره،وأخرياـ

.B"مشروع : االقتراح الثالث -3/أ Debré"

Bernard تقدم السيد1987 نوفمرب 17يف Debré قانون إىل اجلمعية الوطنية عمبشرو

.بإجياد نظام يسمح باحلد من دعاوى املسؤولية ضد األطباء

وقد نصت املادة األوىل من هذا املشروع على أن نظام املوفق الطيب ميكن أن حيقق هذا

يف سبيل أداء مهمته بتذليل كافة السبل أمام األطراف للوصول إىل أن هذا املوفق يلتزمواهلدف،

.ية الوديةالتسو

ليس له أي لكنه ،عطى هذا املشروع للموفق صفة القاضي الشريفوعلى سبيل التأكيد أ

ويف حالة عدم وصول هؤالء إىل التسوية كما أنه ال يتمتع بأية سلطة إلزام األطراف،،دور قانوين

فع إىل اليت تر وتكون بني أوراق الدعوى،اخلبري الذي يصدق عليه املوفقتقرير يرفق ،الودية

.القضاء

ا إىل ئو سواء أن يلج إن من مصلحة املرضى واألطباء على حد،وميكن القول بصفة عامة

خالل املؤمن فإن املريض يستطيع أن حيصل من ، فإذا كانت مسؤولية الطبيب ثابتة،هذا النظام

طيب يستطيع فإن املوفق الب، اخلطأ يف جانب الطبييثبتمل وإذا،وقت قصري على تعويض مناسب

يا النتائج الضارة اليت حلقت به تعترب تطورا طبيع تكنمل ما ،للمريض تعويضا مناسبا أن يقدم

.للمرض

احلاالت معظم إال أن ،لطبيبا سواء للمريض أو ،م املوفق الطيب غري ملز رأي أنرغمو

1335.تنتهي باألخذ برأيه من الطرفني

1335 : F.Du Verier et J.F.Naud :" La couverture de l’aléa médical Con. Médical". 07 nov. 1992,

450 من 338صفحة 338 - أأ ب ب- االلل

338

Les"اللجان الطبية " النموذج األملاين -ب commissions médicales"

لية، مت إقرار بني نقابة األطباء واحتاد مؤمين املسؤو1975من خالل االتفاق املربم يف عام

Des"إنشاء جلان الصلح commission de conciliation" بني املرضى واألطباء، على أن تشكل

الثالث ممثال عن الطبيب املنسوب و،ثنان منهم لتمثيل نقابة األطباءا: أعضاء هذه اللجان من أربعة

. والرابع ممثال عن املريض ،إليه اخلطأ

إدارة ، و إثبات الوقائع املادية حمل الرتاع:ورـأم ـة ثالثيف يتمثل دور هذه اللجان حيث

.تقدمي تقرير مسبب إىل كل أطراف الرتاع، مث و توجيه اخلربة الطبية

ذو طبيعة فنية حبتة، حبيث ال تقوم هذه اللجان بأنه ؛أي تقدمي التقرير،هذا الدوريتميز و

Elle "حمل العدالة ال حتلموازيةبعبارة و ،بأي دور قضائي ne remplacent pas la justice

".1336

وهذه اللجان . يتوقف على رغبة أطراف الرتاع،اختياريفهو أما اللجوء إىل هذه اللجان

فإذا قدرت هذه اللجان 1337. على نقابة األطباءعبء متويلها يقع، إذ بال مقابلاتقدم خدما

اقتراح وهو،ن مسؤوليته باقتراح مبلغ التعويضؤمم فإا تتقدم إىل ،توافر اخلطأ يف جانب الطبيب

يف حالة ، الذي له حق اللجوء إىل القضاءخصوصا املريض، ،ال للطبيب وال للمريض، غري ملزم

.ترحهققبوله ملبلغ التعويض الذي تعدم أو،عدم اقتناعه برأي هذه اللجان

Des"مكاتب اخلربة " النموذج السويسري .ج bureaux d’expertise"

90 يضم زهاء ، الذينييسويسرال األطباء احتاد مبسامهة 1982أنشأت هذه املكاتب سنة

Lausanne" كمقاطعيت؛ سويسرااتمقاطعيف كثري من من ممارسي املهن الطبية يف سويسرا %

et Bern" 1338.ةـ اليت تثور بني املرضى واألطباء بصورة ودي،تعمل على فض املنازعاتل

إىل أو إمهالسب فيها خطأنويف سبيل ذلك تقوم هذه املكاتب بدراسة احلاالت اليت ي

رفض أي طلب وتتمتع هذه املكاتب بالسلطة التقديرية لقبول أو.طبيب أثناء ممارسته نشاطه الطيب

بناء على هذه السلطة هلا و .وجود خطأ من جانب الطبيبزاعما ، من جانب املريضإليها يقدم

1336 : F. Ewald : Le problème français des accidents thérapeutiques enjeux et solutions , 1992, p.72.1337 :B. Esnault : Quelles solutions aux problèmes d,indemnisation des victimes d,accidentsthérapeutiques : responsabilité objective et/ou assurance du risque thérapeutique, 1992, p.61.1338 : B. Esnault, op.cit. p.62.

450 من 339صفحة 339 - أأ ب ب- االلل

339

عدم وجود أي خطأ ب هظاهرما يوحي يف إذا بدا ، فحص أي طلب كيديفض أن تر،التقديرية

1339.ن ينسب إىل الطبيبأميكن

ا ، متاما كمدون مقابل؛ طلب من أطراف الرتاعبناء على ،تقوم هذه املكاتب بدورهاإذ

مل هذه ع حيث يتوىل احتاد األطباء حتمل نفقات ، أملانيا الطبية يفجانهو احلال فيما يتعلق بالل

يف ،طلب املقدم إليهااللتزم هذه املكاتب بإعداد تقرير برأيها إىل أطراف الرتاع يف تو1340.املكاتب

1341.غضون ثالثة شهور من تاريخ تقدميه إليها

: ري ـاجلزائلنمـوذج ا.د

املنظمة يعرف األجهزةمل ولم يظهر هذا النظام إال حديثافص التشريع اجلزائري أما خبصو

هذه املدونة اليت. 1342أخالقيات الطب و هذا فيما هو منصوص عليه يف مدونةله إال مؤخرا

¡)164م(، وبينت أجهزته )163م( بوالية اجلزائر خالقيات الطبأللس الوطين حددت مقر ا

عاجلة كل املسائل ذات االهتمام املشترك لألطباء وجراحي ملتمثلة يف م، ا)165م(وصالحياته

السلطةةارس، ومملتقاضي، حيث يتوىل ا فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا املرسوم،األسنان والصيادلة

.التأديبية من خالل الفروع النظامية اليت تشكله

كل جملس منها يتكون من ا،جهويفإىل جانب الس الوطين، هنالك اثنا عشر جملسا

البت يف املسائل ذات االهتمام املشترك بالنسبة للفروع ا صالحيا، من)168م(فروع حمددة

هو ميارس السلطة التأديبية من خالل و .تشكل منها على مستوى املنطقةتالنظامية الثالثة اليت

أحكام خاصة بتكوينه لفرع النظاميول ).169م (النظامية اجلهوية اليت يتشكل منها الفروع

ويسهر الفرع النظامي اجلهوي على تنفيذ قرارات الس اجلهوي والس ). 176-172م(وعضويته

، له صالحيات إدارية تتعلق الوطين املناسبالنظامي والفرع .الطبية الوطين ألخالقيات املهنة

توفيقية للفصل يف الرتاعات ال النظامية اجلهوية السلطة للفروعو).177م(بضوابط املمارسة الطبية

بني وكذلك الرتاعات،صيادلة أنفسهم الاألسنان أو جراحي اليت قد حتدث بني املرضى واألطباء أو

).178م(جراحي األسنان أو الصيادلة اإلدارة واألطباء أو

1339 : F. Ewald : Le problème français des accidents thérapeutiques, op.cit. p.73.1340 : B. Esnault, op.cit. p.63.1341 : F. Ewald : Le problème français…, op.cit. p.73.

.م1992يوليو06موافق لـ لهـ ا1413حمرم 05املؤرخ يف 276-92حسب املرسوم التنفيدي رقم: 1342

450 من 340صفحة 340 - أأ ب ب- االلل

340

ملتعلقةالقضايا ا؛ مبا فيها اصة مبمارسة املهنةاخل اياقضالالطب عاجل جملس أخالقيات مهنةوعمليا ي

."األخطاء الطبية" بـ

أخالقيات لسجمرئيس ، " حممدبركاين طبقا"ويف حديثه عن األخطاء الطبية دافع الدكتور

، مما جينب- أي التأمني من املسؤولية-مهنة الطب يف اجلزائر، عن مبدأ تعميم تأمني مكاتب األطباء

باملسؤولية املدنية، على أن تقوم شركات الطبيب املتابع يف حالة إقرار احملكمة بالتعويض فيما يتعلق

التأمني بتعويض القيم املالية بدال عنه، موضحا أن عمادة األطباء ال حتمل طابع املسؤولية اجلزائية،

من األطباء غري °/20حيث أشار إىل أن ... 1343وتنحصر مهمتها يف تسليط العقوبات التأديبية

ط فإن اجلزائري ما زال بقاوبرأي الدكتور .لف طبيب أ45مسجلني يف الالئحة الوطنية اليت تضم

ينظر إىل جملس أخالقيات املهنة على أنه جمرد أداة، تدافع عن مصاحل الطبيب دون املواطن، ما

دوما يف قراراا، علما بأن عمادة األطباء يف اجلزائر مل تفصل بعد يف امللفات جيعله يشكك

نظرا حلساسية القرار املتخذ، 2006نذ استحداثها يف ملف م200املطروحة أمامها، املقدرة ب

1344.خوفا من اإلجحاف يف حق الطرفني ، سواء الضحية أو الطبيب

املسئول األول عن جملس أخالقيات مهنة صرح ،أما من حيث التنسيق بني الس والقضاء

ما تطلب هذه إذ نادرا،أن التنسيق مع الكثري من حماكمنا عرب التراب الوطين غائبسابقا؛ بالطب

1345. موقفناةمهيأرغم احملاكم رأي الس

بيد أن هذا اإلشكال قد يزول إذا فعل نظام الوساطـة؛ بنصوص تنظيمية تشمل املسؤولية

وعليه، يكون الوسيط . املشار إليه سابقا09-08 املدنية واإلدارية تالطبية؛ مبوجب قانون اإلجراءا

إىل املوفق الطيب الذي الحظناه يف النموذج الفرنسي، ويف الوساطة أيضا ما يف هذه احلال، أقرب

قد يوحي بتأثر املشرع اجلزائري باملشرع السويسري، يف تقييد مدة الوساطة بثالثة أشهر، لكن

. قابلة للتجديد مرة واحدة، بناء على طلب الوسيط- اجلزائريعيف التشري -الفارق بينهما، أا

التأمني من املسؤولية املدنية للطبيب: اينالثاملطلب

، جعلته يسلك كل سبل األمان منذ فجر إن اإلنسان له رغبة جاحمة يف أن يعيش يف أمان

. وهي اإلنذار، التوبيخ، واملنع من املمارسة بصفة ظرفية، واملنع من املمارسة بصفة ائية:األربع:1343 .ص. هـ، تقرير رتيبة1430 مجادى األوىل 11م، املافق لـ2009 ماي06 املؤرخ يف 5628جريدة اخلرب اجلزائرية، العدد : 1344 .ملوك.م، تقرير ع02/04/2005جريدة اخلرب اجلزائرية، بتاريخ : 1345

450 من 341صفحة 341 - أأ ب ب- االلل

341

التاريخ، فكانت السبب وراء تكوين اجلماعات والعشائر والقبائل، مث تطور ذلك إىل شكل دول

سيطة ، وهي أن اإلنسان ال يستطيع ومجاعات دول، كل ذلك كان انطالقا من حقيقة أساسية وب

لقد فكر . مواجهة أخطار احلياة ومصاعبها مبفرده، بل يتحتم عليه أن يتعاون مع أترابه يف ذلك

اإلنسان يف رفع اخلطر بعد وقوعه أو التخفيف من آثاره، فسلك لذلك سبال متعددة، يهمنا منها

. من األمان-كما يبدو- إذ هو مشتقسبيل التأمني، ولفظ التأمني ذاته يدل على هذا املعىن،

حقيقة التأمني والتأمني من املسؤولية: الفرع األول

: وتطوره التأمني التعريف ب:أوال

:نـوم التأميـمفه.1

وهو ،عملية حيصل مبقتضاها أحد الطرفني" بأنه "L’assurance"يعرف الفقه التأمني

، وهو املؤمن،وهو القسط، على تعهد الطرف اآلخر يدفعه مقابل، نظري أو املؤمن لهناملستأم

ه جمموعة من ن على عاتق معني، ويتحمل املؤمن أو للغري عند حتقق خطراملستأم لصاحلبدفع مبلغ

".املخاطر، جيري املقاصة بينها وفقا لقوانني اإلحصاء

ن تضاه أن يؤدي إىل املؤمن مبق عقد يلتزم املؤمالتأمني: "ري التأمني بقولهيعرف املشرع املص

يف ،له أو إىل املستفيد الذي اشترط التأمني لصاحله مبلغا من املال أو إيرادا أو أي عوض مايل آخر

وذلك يف نظري قسط أو أية دفعة مالية أخرى ،حالة وقوع احلادث أو حتقق اخلطر املبني بالعقد

يؤديها املؤم1346".نن له للمؤم

، بلفظه وفحواه، مما 619 ادةاملاجلزائري يف املدين املشرع أورده وهو نفس التعريف الذي

.رياملشرع املصيوحي باقتباس املشرع اجلزائري له من

ويعرف املشرع اللبناين التأمني بقوله إن عقد الضمان هو عقد يلتزم مبقتضاه شخص، يقال

أو بأمواله، مقابل دفع له الضامن؛ بعض املوجبات، عند نزول بعض الطوارئ بشخص املضمون

1347.بدل يسمى القسط أو الفريضة

ويالحظ أن تعريف املشرع اللبناين ال خيتلف كثريا عن تعريف املشرع املصري، إال يف

¡"Assurance"املصطلحـات املستخدمة؛ حيث يستخدم مصطلح الضمـان بدال من التأميـن

.من القانون املدين املصري747املادة : 1346.11ر، مبادئ عقد التأمني، صحممد حسني منصو.د: من قانون املوجبات والعقود اللبناين، أشار له950املادة : 1347

450 من 342صفحة 342 - أأ ب ب- االلل

342

."Assuré"بدال من املؤمـن لـه واملضمـون ¡"Assureur"ن والضامـن بدال من املؤمـ

. ويطلق على احلـادث أو الكارثـة اليت يستوجب وقوعها دفع مبلغ التأمني لفظ الطـوارئ

.وتستخدم كل القوانني العربية مصطلح التأمني واملؤمن واملؤمن له

:ويتضح مما سبق أن التأمني يقوم على جانبني

صورة مشروع من مشروعات التأمني، بتغطية اخلطر، من حيث يقوم املؤمن، يف: اجلانب الفين

ويكمن جوهر العملية . خالل التعاقد مع عدد كبري من املستأمنني تتقاضى منهم أقساطا معينة

التأمينية يف التعاون املنظم بني جمموع املستأمنني، من خالل ما يدفعونه من أقساط، على حتمل

إذ يقوم املؤمن؛ ذه العملية، . ب الكوارث املؤمن منهااخلسارة اليت يتعرض هلا أحدهم؛ بسب

بتجميع املخاطر املتشاة وإجراء املقاصة بينها وفقا لقوانني اإلحصاء اليت يتم، طبقا هلا، حتديد سعر

القسط على حنو يضمن تغطية ما حتقق من املخاطر املؤمن منها، إضافة إىل نسبة من الربح للشركة

.ري قيامها بالعمليةاملؤمنة، نظ

ة بني املستأمن واملؤمن، حيث يسعى األول لتأمني نفسه يتمثل يف العالقة التعاقدي:اجلانب القانوين

ويلتزم املؤمن، نظري احلصول على قسط معني، بتغطية . أو غريه من خطر أو حادث يخشى وقوعه

1348.هذا اخلطر وتعويض املستأمن عنه

هتطورنشأة التأمن و.2

، بل حمصلة تطور طويل على يد املشرعتهنشأيتسم التأمني باحلداثة نسبيا، فلم تكن

. احلياةاطرخمدف حصول اإلنسان على األمان يف مواجهة وبطيء

ولعل البدايات األوىل للتأمني كانت يف صورة التضامن بني أهل احلرفة األوىل أو املهنة؛

األعضاء اخلسارة اليت تلحق بأحدهم؛ باشتراك كل منهم مببلغ لتبادل املعونة بينهم ، حيث يتحمل

.من املال

وكان اال األول لظهور التأمني هو جمال املخاطر البحرية، نتيجة ازدهار التجارة البحرية،

حيث ظهر التأمني البحري يف اية العصر الوسيط يف صورة نظام القرض البحري لدى اليونان

شخص ملالك السفينة بتحمل خماطر الرحلة البحرية نظري مبلغ معني، فإذا والرومان، حيث يتعهد

املتعهد القرض الذي دفعه للمالك، أما إذا وصلت بسالم فإن املقرض حيصل هلكت السفينة يفقد

.12-11حممد حسني منصور، مبادئ عقد التأمني، ص .د: راجع: 1348

450 من 343صفحة 343 - أأ ب ب- االلل

343

وهذا النظام وإن كان حيقق األمان بالنسبة للمالك، إال . على فائدة مرتفعة إضافة إىل مبلغ القرض

با من ضروب املقامرة، ويتسم بالطابع الفردي، مما يبعده عن نظام التأمني الذي يقوم أنه يعد ضر

.على أساس التعاون املتبادل

ولقد أدى حترمي الكنيسة للقرض الربوي إىل االبتعاد عن نظام القرض البحري، والتطور

رة البحرية يف حوض م، حيث ازدهرت التجا14حنو ظهور التأمني البحري مبعناه احلقيقي يف القرن

فقد أدى قيام املشروعات الكبرية بالعملية إلىل اختاذها . البحر األبيض املتوسط على يد اإليطاليني

صبغة مجاعية، ومت حتويل مبلغ القرض إىل عوض مايل ، يتم دفعه عند وقوع الكارثة، وحتويل

.االلتزام برد لقرض إىل قسط يدفع مقدما

Assurance"ظهور التأمني الربيال وبعد زمن طويل تاله يف Terrestre "إجنلترا خالل يف

حيث ، وتسبب يف خسائر كبرية ¡1666بسبب احلريق الذي نشب يف لندن عام ؛ 17 القرن

وتأخر ظهور التأمني على احلياة؛ . ظهرت كثري من الشركات للتأمني على هذا النوع من املخاطر

، لتنافيه مع الوازع الديين قبيل املضاربة على حياة اإلنسان؛ له أنه منرجال الكنيسة بسبب اعتبار

إىل أن أمكن وضع جداول وإحصائيات خاصة بالوفيات، تتيح حتديد درجة احتمال الوفاة، وقسط

التأمني على حنو علمي وفين دقيق، مما أدى إىل اكتساب هذه الصورة من صور التأمني للشرعية

.19القرن القانونية يف النصف الثاين من

واملواصالت وما صحب ذلك من خماطر إىل وانتشار اآلالتوقد أدى ازدهار الصناعة

؛االجتماعية، والتأمينات التأمني من املسؤولية عن مزاولة املهنةظهور التأمني من املسؤوليـة؛ ك

.التأمني اإلجباري عن حوادث السيارات وإصابات العملك

الل القرن العشرين، حيث ازدادت حجم عملياته وتعددت مث تطور التأمني تطورا هائال خ

جماالته؛ بسبب تطور األنظمة االقتصادية واالجتماعية وتعقد احلياة احلديثة وزيادة املخاطر فيها،

1349.حىت أصبح يغطي الكثري من األحداث والنشاطات اإلنسانية

:هي ثالث راحل مبزائر فقد مر ـأما التأمني يف اجل

:1966 ماي 27 و1962 جويلية05املمتدة بني استرجاع السيادة الوطنية يف : ىلاملرحلة األو

عقد -عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط يف شرح القانون املدين.، د14-12حممد حسني منصور، املرجع ذاتـه، ص .د: راجع :1349

.1025، ص 02، الد 07التأمني ، اجلزء

450 من 344صفحة 344 - أأ ب ب- االلل

344

الذي يبني كيفية ؛ 1963 جوان08وهي املرحلة اليت صدر فيها القانون املؤرخ يف

.إخضاع الشركات الفرنسية اليت كانت تنشط يف جمال التأمني يف اجلزائر لرقابة السلطة اجلزائرية

:1974 جانفي 30 و 1966 ماي 27املرحلة املمتدة ما بني : املرحلة الثانية

مجيع الشركات الناشطة يف جمال متاما هي املرحلة اليت صدر فيها القانون الذي خيضع

27 املوافق 1386 صفر عام 06 املؤرخ يف 127-66؛ مبقتضى األمر رقم التأمني بالسلطة اجلزائرية

ويف هذه املرحلة . الدولة لعمليات التأمني، الذي تضمن تأسيس احتكار 1966 مايو سنة

الشركة اجلزائرية للتأمني، الشركة اجلزائرية : استحدثت الدولة عدة شركات يف التأمني وهي

.ة إلعادة التأمني، الشركة اجلزائرية لتأمني النقليالشركة املركزوللتأمني وإعادة التأمني،

:ليها وما ي1974 جانفي 30مرحلة : املرحلة الثالثة

بينت ؛ اليترفت بصدور عدة قوانني تنظم الشركات الناشطة يف جمال التأمنيهذه املرحلة ع

:1350 ما يليمههالعل أ ، التأمنيةعملي

، املتعلق بإلزامية 1974 يناير سنة 30 املوافق 1394 حمرم عام 06املؤرخ يف 74/15رقم مر ألـ ا

التعويض عن األضرار، املعدل واملتمم بالقانون رقم املراكب الربية ذات حمرك وبنظام التأمني على

.1988 يوليو 19 املوافق 1408 ذي احلجة عام 05 املؤرخ يف 88-31

، اخلاص 1975 يناير سنة 26 املوافق 1395 رمضان عام 20 املؤرخ يف 58-75ـ األمر رقم

).625-619املادة (بالقانون املدين؛ الذي نص على األحكام العامة لعقد التأمني

املتعلق ¡1980 أوت 09 املوافق 1400 شعبان عام 28 املؤرخ يف 07-80ـ القانون رقم

. حول أنواع التأمني الواردة بالقانون املدين643-626بالتأمينات؛ حيث ألغى املواد

املتعلق ¡1983 يوليو سنة02 املوافق 1403 رمضان عام 21 املؤرخ يف 11-83ـ القانون رقم

.الجتماعيةت ابالتأمينا

.حبوادث العمل واألمراض املهنيةاملتعلق ¡02/7/1983 املؤرخ يف 13-83ـ القانون رقم

يناير 25 املوافق 1415 شعبان عام 23ـات، املؤرخ يف مينأام التـ املتضمن نظ07-95األمر ـ

.1995سنة

.املشار إليه أعاله07-95هـ ، اليت تناولت التأمينات باألمر 1415شوال عام 07املؤرخ يف 13العدد اجلريدة الرمسية : 1350

450 من 345صفحة 345 - أأ ب ب- االلل

345

املؤرخ يف 13-83رقم للقانوناملعدل واملتمم¡06/7/1996 املؤرخ يف 19-96ـ األمر رقم

.حبوادث العمل واألمراض املهنيةاملتعلق ¡02/7/1983

: التأميـن عقـد ص خصائـ-3

:يتسم عقد التأمني باخلصائص القانونية التاليةيف ضوء ما مت بيانه،

فيه، إال أنه لعدم وجود إكراه؛ مبجرد توافق اإلجياب والقبولينعقد عقد رضائي األصل فيه أنه .أ

.ة إال بوثيقة التأمنيال يثبت عاد

.أعطىمقابال ملا يأخذ من املتعاقدين ألن كال؛عقد معاوضةوهو .ب

. ألن االلتزامات تستمر فيه طوال فترة التأمني زمين؛عقد كما أنه .ج

ال ميلك حق مناقشة الذين هو الطرف الضعيف ألن املستأم؛د اإلذعانوعق وهو أيضا من .د

.كة التأمني، وأكثرها مفرغ يف منوذج مطبوع ومعروض على اجلمهور شر الشروط اليت تفرضها

التأمني من عقود حسن النية، وال شك أن مبدأ حسن النية ينبغي أن يسود يف كافة العقود، .هـ

.إال أن هذا املبدأ يلعب يف عقد التأمني دورا مهما وحامسا

هلا األمهية الكربى يف صدد احلكم وأهم خاصية من خصائص عقد التأمني، اليت سوف تكون.و

1351.عليه من الناحية الشرعية، وهي أنه عقد احتمـايل؛ أي من عقود الغـرر

ة ـن من املسؤوليـ التأمي:ثانيـا

هو تأمني ه ال بد من اإلشارة إىل أن وما يتعلق به، تعريف التأمني من املسؤوليةبيانقبل

Assurance " األضرارمنيندرج حتت التأمني خاص، de dommages"¡ وهو ما يقابل تأمني

Assurance "األشخاص de personnes" على احلياة أو املرض أو اإلصابـات اليت متس سالمة

والتأمني من األضرار يتعلق بتأمني املؤمن له عن اخلسارة اليت تصيبه يف ذمته املالية، وهو . جسمه

Assurance"تأمني على األشياء: نوعان de choses" ؛ كالتأمني ضد احلريق، أو السرقة، أو موت

Assurance"املاشية، وتأمني من املسؤولية de responsabilité" ن؛ الذي يرمي إىل تعويض املؤم

لـه عن املبالـغ اليت يدفعها للغري إذا حتققت مسؤوليتـه؛ وذلك كتأمني املسؤولية الناشئة عن

.املصاعد الكهربائيةحوادث العمل، وحوادث السيارات، و

حممد حسني . وما يليها، ود29املستشار حممد سعيد عبد اللطيف، نظم التأمني وحكمها يف الشريعة اإلسالمية، ص :راجع: 1351

. وما يليها97منصور، املرجع السابق، ص

450 من 346صفحة 346 - أأ ب ب- االلل

346

ن املسؤولية م تعريف التأمني .1

ضد رجوع الغري الذي أصابه املؤمن له اهلدف منه ضمانعقد هو التأمني من املسؤولية

1352.ضرر يكون املؤمن له مسئوال عن تعويضه

اخلسارة اليت تلحقه بسبب التعويض الذي -الطبيب مثال- وعليه، يغطي تأمني مسؤولية

وبالتايل، . ور، حينما يتسبب الطبيب يف اإلضرار باملريض، وتنعقد مسؤوليته املدنيةيدفعه للمضر

مبا تكبده من مصروفات - شركة التأمني-نع على املؤمورج ال-الطبيب- يكون للمستأمن

.وتكاليف يف دفع املسؤولية عنه

ذي له أن املؤمن، واملؤمن له، واملصاب؛ ال: ويف هذه احلالة نكون بصدد ثالثـة أشخاص

يرفع دعوى ضد املؤمن له؛ على أساس املسؤولية، أو ضد املؤمن على أساس الدعوى املباشرة؛

وهذا عكس تأمني األشيـاء ؛ الذي . للحصول على تعويض، بالرغم من أنه ليس طرفا يف العقد

).املستفيد(املؤمن، واملؤمن له: فيه طرفـان مها

ني املسؤولية، بالصفة التعويضية، فال يتقاضى املؤمن له ويتميز تأمني األضرار؛ مبا فيه تأم

ومن مث فإن التعويض ال يتحدد إال . مبلغ التعويض إال حبلول الضرر، وبالقدر الذي يتناسب معه

وهذا على عكس تأمني األشخاص، الذي ليس له صفة تعويضية، . بعد وقوع اخلطر وتقدير الضرر

ن منه عند وقوع اخلطر، بغض النظر عن وجود ضرر من حيث حيصل املستفيد على املبلغ املؤم

.فهذا املبلغ يكون حمددا سلفا عند بدء التأمني. عدمه

تأمني األضرار؛ مبا فيه تأمني املسؤولية، اجلمع بني مبلغ التأمني وال جيوز للمستأمن يف

ن؛ أي شركة والتعويض الذي يتقاضاه من الغري املسئول، بل يكون ذلك التعويض من حق املؤم

-بالتايل-التأمني، وهذا خبالف تأمني األشخاص، حيث ميكن اجلمع بني املبلغني، وال جيوز للشركة

. أن ترجع على الغري املتسبب يف احلادث

وتأمني األضرار؛ مبا فيه تأمني املسؤولية، مرتبط مبوضوع التأمني، خبالف تأمني األشخاص،

.فشخصية املستأمن هي حمل اعتبار

تأمني على األضرار؛ الذي يعد لدير بالذكر أن التأمني على اإلصابات، ليس مرادفا لوج

. ، وإمنا هو يندرج حتت تأمني األشخاص- كما قد يتوهم-تأمني املسؤولية نوعا منه

1352 : Picard et Besson :" Les assurances terrestres 5e ed ., 1982 n174, Viney(G) Les obligation, la

responsabilité : effets 1988, n° 356, p. 464" : 8أشرف جابر، املرجع السابق، ص . أشار إليه د

450 من 347صفحة 347 - أأ ب ب- االلل

347

اإلعفاء من املسؤولية يؤدي إىل ؛ ألن اإلعفاء من املسؤوليةال يعين ن املسؤولية موالتأمني

أما التأمني من .ط حق املضرور يف املطالبة بالتعويضوقس، وبالتايل عة مطلقامن أي تباإلعفاء

ضاف إىل ذمة مجاعية تقف وراء ي ، غاية ما يف األمر أن التعويضاملسؤولية فهو يؤكد املسؤولية

ا وبعبارة موازية ال يلغي التأمني املسؤولية، ولكنه حيوهل.الذمة الفردية للمسئول وهي شركة التأمني

من عاتق املسئول إىل عاتق املؤمن، وهو بذلك يدعم مركز املضرور، وال يضعفه كما هو الشأن

1353.يف شرط عدم املسئولية

التأمني من املسؤولية يف التشريع اجلزائري.2

التأمني من املسؤولية حتت عنوان 07-95وقد نظم املشرع اجلزائري يف قانون التأمني رقم

-145املواد من (لزامية يف جمال النشاطات البحرية إلة؛ حيث خصص التأمينات االتأمينات اإللزامي

وما 163يف اال الربي حددت املادة و) . 160-158املواد (ويف جمال النشاطات اجلوية ) 150

.يليها املؤسسات واألشخاص واملهن اليت تكون فيها التأمني من املسؤولية املدنية أمرا إجباريا

جيب على املؤسسات الصحية واملدنية وكل أعضاء :" بقوهلا167 املادة تحيث نص

السلك الطيب، والشبه الطيب والصيدالين املمارسني حلسام اخلاص أن يكتتبوا تأمينا لتغطية

". مسؤوليتهم املدنية املهنية جتاه مرضاهم و جتاه الغري

ب جي":بقوهلا169ملادة ؛ مبوجب ا للقطاع الصحي املؤسسات التابعةأخضعت لهكما

طيب أن تكتتب تأمينا ضد الستعمال االأو تغيري الدم من أجل على املؤسسات اليت تقوم برتع

".العواقب املضرة اليت قد يتعرض هلا املتربعون بالدم أو املتلقون له

على املبتكرين أو املستوردين أو املوزعني إلزامية التأمني من 168كذلك أوجبت املادة

مسؤوليام املدنية املهنية؛ اليت تتسبب يف أي ضرر، جتاه املستهلكني واملستعملني والغري، لكل

. اخل...املستحضرات الغذائية والصيدالنية ومستحضرات التجميل واملواد الصناعية

أن يكون الضمان املكتتب كافيا، بالنسبة لألضرار اجلسمانية 173وأوجبت املادة

ومنعت عقد التأمني من أن ينص على سقوط أي حق؛ ميكن أن . ة على حد سواءواألضرار املادي

. يحتج به على الضحايا، أو ذوي حقوقهم

املسؤولية منعدم االمتثال إللزامية التأمني حتت طائلة املسؤولية 184أخريا، جعلت املادة و

.12-11التأمني من املسؤولية املدنية لألطباء ، ص :أشرف جابر. د: راجع: 1353

450 من 348صفحة 348 - أأ ب ب- االلل

348

172 إىل 163شار إليها يف املواد يعاقب على عدم االمتثال إللزامية التأمني امل": املدنية بقوهلا

وجيب أن تدفع هذه . دج100.000دج و 5.000 أعاله بغرامة مالية يتراوح مبلغها بني 174و

". الغرامة دون اإلخالل باكتتاب التأمني املعين

ة ـام التأمني من املسؤوليـأقس.3

حمدود أو معني، طر التأمني من خ: ينقسم التأمني من املسؤولية إىل قسمني رئيسيني مها

:1354وذلك كما يلي، معنيغري أو غري حمدودوالتأمني من خطر

ا ضمان؛هو تأمني على قيمة مقدرة أو قابلة للتقدير : التأمني من املسؤولية عن خطر حمدود.أ

تقدير قيمة التعويض -بالتايل-معني، وميكنيء شب املؤمن له عن الضرر الذي يلحق ةملسؤولي

.ة ما تكون قيمة هذا الشيء، وهي عادسلفا

هذا الشيء؛ غري مالكحيوزه شخصويتحقق ذلك يف التأمني من املسؤولية عن شيء معني

، والناقل بالنسبة إىل البضائع اليت ينقلها، فيؤمن املستأجر من رةلعني املؤجكاملستأجر بالنسبة ل

. ليته عن البضائع اليت ينقلهامسئوليته عن حريق العني املؤجرة، ويؤمن أمني النقل من مسئو

هو تأمني خال من قيمة مقدرة أو قابلة للتقدير، :التأمني من املسؤولية عن خطر غري حمدود. ب

، وهنا يلتزم املؤمن بتغطية ال ميكن تقدير قيمة الضمان سلفا،ويالحظ أنه عكس النوع األول

التأمني من املسؤولية عن وذلك مثل. مسؤولية املؤمن له أيا كان مقدار التعويض الواجب دفعه

.حوادث السيارات، والتأمني من املسؤولية املهنية

يستطيع حتديد التزامه بالضمان يف حدود - شركة التأمني- نوجتدر اإلشارة إىل أن املؤم

، بالرغم من أن اخلطر املؤمن منه غري حمدود، وهذا ال يعين أننا بصدد تأمنيالتأمني املتفق عليهمبلغ

.عن خطر حمدود

وعلى الرغم من أن التأمني من املسئولية الطبية تأمني من خطر غري حمدود، إال أنه ليس

هناك ما حيول دون أن يضع املؤمن حدا أقصى ملبلغ التأمني؛ الذي يلتزم به يف حالة حتقق مسئولية

.الطبيب، املؤمن له

يت تطبق على كل قسم منهـا، وتبدو أمهيـة هذا التقسيم يف اختـالف األحكـام ال

أشرف جابر، التأمني من املسؤولية . ، و د43حممد سعيد عبد اللطيف، نظم التأمني وحكمها يف الشريعة اإلسالمية، ص: راجع: 1354

.16-14املدنية لألطباء ، ص

450 من 349صفحة 349 - أأ ب ب- االلل

349

La"فقاعـدة النسبيـة règle proportionnelle"1355 والتأمني الزائــد أو املغــاىل ،

La"ه ـفيـ surassurance"1356 منهما على التأمني، إال إذا كنا بصدد ال تطبق أحكام أي ،

.التأمني من خطـر حمـدود؛ حيث نكون بصدد قيمة مقـدرة أو قابلـة للتقديـر

ما يف نطاق التأمني من املسئولية غري احملدود؛ مثل التأمني من املسئولية الطبية، فال جمال أ

لتطبيق قاعدة النسبية؛ حيث ال توجد قيمة مقدرة أو قابلة للتقدير، إذ جيهل كل من الطبيب املؤمن

ى القيمة احلقيقية للخطر؛ ألنه ال يعرف حتديدا مدى الضرر وال مد-فضال عن املؤمن-له

وهو ما ميكن القول معه أننا ال جند يف هذا . التعويض الذي ميكن أن يترتب على نشاطه الطيب

النوع من التأمني من املسئولية قيمة حمددة مؤمنا عنها، حىت ننسب إليها مبلغ التأمني، فنعرف ما

1357.إذا كان يقل عنها أم ال

أن يثور خطر غري حمدود، فال يتصورأيضا ملا كان التأمني من املسئولية الطبية تأمينا من

بشأنه التأمني الزائد، ذلك أنه من املتعذر على الطبيب املؤمن له، بل على املؤمن ، أن يقدر مسبقا

وال يتعارض مع ذلك أن - اخلطر احملتمل حتققه، فاخلطر الطيب ال سبيل أمام طريف العقد إىل تقديره

واملؤمن عادة ما ينظر إىل هذا -دمه مبوجب عقد التأمنيحيدد املؤمن حدا أقصى للضمان الذي يق

Un"التقديراخلطر على أنه خطر سيء risque mal tarifié" وهذا ما حيمل الكثري من املؤمنني ،

على العزوف عن ضمان مسئولية األطباء فيما يتعلق باملخاطر اجلسيمة، اليت تنجم عن بعض صور

1358.النشاط الطيب بوجه خاص

من قانون 3-121 كما نظمتها املادة -القول، ال جمال لتطبيق أحكام التأمني الزائدخالصة

يف نطاق التأمني من املسئولية الطبية، فطلب إبطال عقد التأمني يف حالة - 1359التأمني الفرنسي

وهي من تطبيقات قاعدة عدم التزام املؤمن إال بقيمة الضرر الفعلي، ومفادها عدم استحقاق كل قيمة الضرر املؤمن منه، إذا هلك : 1355

: شيء هالكا جزئيا، بل استحقاق نسبة من قيمة الضرر تعادل نسبة مبلغ التأمني إىل قيمة الشيء وقت الكارثة ال

.262أشرف جابر، املرجع السابق، ص . دعلى قيمة يكون التأمني زائدا حينما يكون املبلغ املؤمن به يف عقد تأمني واحد، أكرب من قيمة الشيء املؤمن عليه، أو هو الذي يرد : 1356

.266أشرف جابر، املرجع ذاته، ص . د:قابلة للتحديد، وتكون القيمة املعلنة فيه أكرب من القيمة احلقيقية للشيء املؤمن عليه1357 : Picard(M) et Besson(A) , Les assurances terrestres, 5e éd. 1982,n°. 312, p.312,461: . د : أشار لـه

.265-264 ص أشرف جابر، املرجع السابق،1358 : Jean Lois Foyix : Difficultés et Perspectives d,avenir de l'assurance des profession médicales,

1982, p.11 : 267ص أشرف جابر، املرجع السابق،. دأشار إليه

.01/8/2003املؤرخ يف 706-2003 قانون: 1359

450 من 350صفحة 350 - أأ ب ب- االلل

350

حصول املغاالة بسوء نية، أو ختفيض مبلغ التأمني يف حالة حصول ذلك حبسن نية، ال وجه

.اق هذا التأمنيإلعماله يف نط

هـر املؤمن منـاق اخلطـنط.4

، وما يترتب وال عنهئمسوقوع احلدث الذي يكون املؤمن له حتقق اخلطر املؤمن منه هو

ويستوي يف ذلك أن تكون املطالبة ،مطالبة املضرور من هذه الواقعة للمؤمن له بالتعويضعنه من

ملؤمن ال يلتزم بالتعويض إال إذا حتقق اخلطر القاعدة أن او 1360.قضائية أو أن تكون خارج القضاء

ال ،املضرور بتاريخ حتقق احلادث املؤمن منهيف تعويض د ويعت ،املؤمن منه أثناء سريان الضمان

وفيما يلي عرض املخاطر املغطاة . ألن حقه ينشئ من وقوع احلادث ال من املطالبة ؛بتاريخ املطالبة

.بعقد التأمني، واملخاطر املستبعدة

I :اة ـر املغطـاملخاط

أثناء – املؤمن له – كافة اآلثار املالية النامجة عن املسؤولية املدنية للطبيب ةيقصد ا تغطي

إذا كان اخلطر احملقق صور متعددة، وتتقرر مسؤوليته يف باختالف صورها، مباشرة أعمال مهنته،

.اخلربة الطبية، على النحو الذي سبق تفصيلهيعترب خطأ ثابتا أو مفترضا، اعتد به القضاء؛ بناء على

، حبيث ال يقتصر العقدية والتقصرييةوعقد التأمني بالضرورة يغطي شقي املسؤولية املدنية للطبيب

.إال ما استثناه القانون؛ كاألخطاء العمدية؛ كما سيأيت بيانهعلى أحدمها دون اآلخر،

املسؤولية عن حوادث سؤولية عن الغري، مث وسنتناول ضمن املخاطر املغطاة، كال من امل

.جهزة املستخدمة يف النشاط الطيباآلالت واأل

:ـرة عن الغيـاملسؤولي.أ

، وكذلك الطبيب البديل هـة من تابعي الطبيب املؤمن لـرار الواقعـحيث تشمل األض

.الذي حيل حملـه

ثار خالف فقهي حول ترتيب أحكام التزام املؤمن بقيمة التأمني، حيث اعتد الرأي األول بترتيب هذه األحكام مبجرد وقوع : 1360

حممد مجال مصطفى .د: راجـع. احلادث املؤمن منه، بينما ذهب الرأي الثاين إىل ترتيبها إىل حني املطالبة بالتعويض من جانب املضرور

.474ص ) عقد الضمان( أصول التأمني –

450 من 351صفحة 351 - أأ ب ب- االلل

351

:ن لهتغطية العقد لألضرار الواقعة من تابعي الطبيب املؤم.1/أ

اليت ،كل األضرار اليت تنجم عن األشخاص التابعني للطبيبيشمل تغطية عقد التأمني

يف احلدود اليت يكون فيها هذا الغري مسئوال عن ؛ حبيث يرجع على املؤمن للتأمني عليهاتكون قابلة

ن يضمن املؤم" من قانون التأمني الفرنسي على أنه121/2 نص املادةيف وقد ورد. التعويض

، مبوجب املادة اخلسائر واألضرار اليت تقع بواسطة األشخاص الذين يسأل عنهم املؤمن له مدنيا

كانت طبيعة أخطائهم أيا من القانون املدين،-1361 اخلاصة باملسئولية التقصريية عن الغري–1384

ن املدين من القانو136 من القانون املدين املصري، واملادة 769ويقابلها املادة . "وجسامتها

.1362اجلزائري

من عقد تأمني احتاد املؤمنني الطيب يف فرنسا 2/1املادة وقد نصت على هذا الضمان أيضا

GAMMحىت يشمل الضمان نتائج - صفة التابع للطبيب املؤمن له ، وال يلزم فيمن توافرت فيه

أن يقوموا ء إذ مدار هؤال. أن يكون عمله لقاء أجر، إذ من املمكن أن يكون متطوعا-فعله

.ن لهاملؤم–بأعماهلم حتت الرقابة املباشرة والفعلية للطبيب

حيث ، يف عقد التأمني عليه صراحةا الضمان أن يكون منصوصإلعمال هذاشترط ي وال

؛ زيادة القسطأن املؤمن عادة ما يشترط النص عليه صراحة يف العقد دفإال يكون تلقائيا،

زاد عدد املساعدين واملمرضني، وهو ما حيدث يف احلاالت اليت ميتلك فيها الذي يتضاعف كلما

.الطبيب املؤمن له عيادة أو مستشفى

ويف هذا البند اخلاص يلزم حتديد عدد مساعدي الطبيب املؤمن له وطبيعة دور كل منهم،

املستشفيات يفذلك يصعب ، بينما يف العيادات اخلاصةأية صعوبة تحديد إجراء هذا ال وال يثري

تعترب هيئـة قابلـة ةـ املرافق العام؛ حيث يصعب تقدير هؤالء؛ ألم يف تغري مستمر؛ ألنالعامة

Un"للتغيري والتبديل corps interchangeable" ،ن إال أن يلجأ إىل وال سبيل حينئذ أمام املؤم

1363.زايفـر اجلـالتقدي

1361 : Dernière modification du texte le 01 juin 2009 - Document généré le 30 avril 2009 - Copyright(C) 2007-2008 Legifrance .

.10-05مبوجب قانون : 1362 .وما يليها188 أشرف جابر، التأمني من املسئولية املدنية لألطباء، ص. د: راجع: 1363

450 من 352صفحة 352 - أأ ب ب- االلل

352

: نطاق الضمان من حيث األفعال.2/أ

نطاق تابعي الطبيب املؤمن له، أوبعض أخطاء استبعادسألة األوىل مبدى جوازتتعلق امل

.ضمان املؤمن ألفعال تابعي الطبيب املؤمن له

أخطاء تابعي الطبيب أن عقد التأمني يشمل كل بإذا كانت القواعد العامة تقضي ومن مث،

من الفقه ا، فإن جانب- ي املؤمن لهأ- ألا ال تتعلق بإرادته؛جسامتهادرجة مهما كانت املؤمن له،

تعترب ال،عن النتائج الضارة لألخطاء العمدية للغري املسئول عنهم مدنياله ن يرى أن مسؤولية املؤم

ويبين رأيه على ،ن لهالتدليس للمؤم من مبدأ عدم جواز التأمني من اخلطأ العمدي أواستثناء

:اعتبارين مها

من يشكل نوعا عنهم املؤمن له مدنيالذين يسأل األشخاص اصا،، خصو خطأ الغري:األول

ن له يقع عليه إال أن املؤم،ةـ وإذا كان خطر هؤالء األشخاص ليس من قبيل احلالة الفجائي،اخلطر

ات اليت متنعهم من ـ أن يتخذ بعض االحتياط،ايلـ بالت، ويستطيع.ةـحنوهم عبء الرقاب

.ررـداث الضـإح

هذه له فلن تكون ، ولو كان عمديا، عنهم مدنياسئوال ماملؤمن له ؛ الذي يعترب الغريأ خط:ثاينال

ن له ميكن أن يرقى إىل مرتبة الغش الصادر من املؤم ن ، إذ الة يف مواجهة املؤمـالصف

1364.شخصيا

: نطاق الضمان من حيث األشخاص .3/أ

الطبيب املؤمن له، أو نطاق بعض تابعيء وتتعلق املسألة الثانية مبدى جواز استبعاد أخطا

.ضمان املؤمن من حيث األشخاص؛ الذين يعترب املؤمن له مسئوال عنهم مدنيا

خالفا ملا ذهبت إليه حمكمة النقض الفرنسية، من عدم جواز االتفاق على استبعاد أفعال

من 121/2لمادةمرة لبعض تابعي املؤمن له أو مجيعهم من نطاق الضمان، على أساس القوة اآل

جيب أن يقوم عقد أيضا إىل أنه 1366 ومصر1365، ذهب الفقه يف فرنساقانون التأمني الفرنسي

– التأمني من األخطار الناشئة عن خطأ املؤمن له يف القوانني املصري ، الفرنسي ، الكوييت –البيه عبد احلميد حمسن . د: راجع: 1364

.224 ، ص 1987 طبعة –جملة احملامي الكويتية 1365 : Picard et Besson, op.cit., n°. 189, p.308.

.206، ص ، التأمني، دراسة مقارنة بني القانون املصري والقانونني الكوييت والفرنسيجالل حممد إبراهيم: راجع:1366

450 من 353صفحة 353 - أأ ب ب- االلل

353

حىت ،بتحديد األشخاص الذين يشملهم الضمان -خارج نطاق حاالت التأمني اإلجباري–التأمني

ة مسؤولية كافءن له عبال نضع على عاتق من يقبل ضمان املسؤولية الشخصية للمؤم

يستلزم أن يصبح تأمني أفعال هؤالءهذا القول ف .عنهم مدنياوالئمسيكون الذين ؛األشخاص

يف األساسية أحد املبادئ ذلك مع اتفاقوال شك يف . وهو ما مل يقصده املشرع،ا إجبارياتأمين

ادة يسمح ، فمبدأ سلطان اإلرمبدأ حرية املتعاقدين يف حتديد اخلطر املؤمن منهوهو ،عقد التأمني

.لألفراد بتحديد موضوع وحمل العقد؛ أي إن هلم حرية حتديد اخلطر حمل التأمني ومدى الضمان

تطبيقا لذلك يف جمال التأمني من املسئولية الطبية، ميكن االتفـاق يف عقد التأمني على و

.لالزمةر فيهم اخلربة والكفاءة اـ الذين ال تتواف؛املؤمن لهالطبيب عي ـض تابـاد بعـستبعا

وجتدر اإلشارة إىل أن املشرع اللييب قد نظم تأمينا إجباريا من املسئولية الطبية، ليس على

القائمني باملهن الطبية فحسب، وإمنا كذلك على القائمني باملهن املرتبطة ا، وهؤالء هم التابعون،

".هيئة التأمني الطيب"ويربم هذا التأمني لدى

تتم تغطيته عن طريق عقد ،تابعي الطبيبأحد بفعل املريض يصيب ضررفكلولذلك،

إىل إثارة الضمان الناشئ عن عقد التأمني املربم التأمني املربم بواسطة هذا الشخص، دون حاجة

يف ظل التأمني اإلجباري لتابعي األطباء يف قانون -وهو ما ميكن القول معه. ببواسطة الطبي

االتفاق على استبعـاد بعض تابعي الطبيب املؤمن له من بعـدم جواز -1367الصحة اللييب

.الضمان

Le"البديللألضرار الواقعة من التأمني تغطية عقد .ب remplaçant"

وال شك يف أمهية الدور املقصود بالبديل الشخص الذي حيل حمل الطبيب يف حالة غيابه،

عالج املرضى، خصوصا بالنسبة الذي يقوم به هذا البديل، الذي يتمثل يف ضمان استمرارية

. ألصحاب األمراض املزمنة؛ الذين ال تتحمل حالتهم توقف الرعاية الصحية

عن كل فعل الطبيب املؤمن له سأل إال أنه ي، للطبيبيعترب تابعا وبالرغم من أن البديل ال

.، وتقوم هذه املسئولية على أساس سوء اختياره لهيصدر من البديل

.26 طبقا للمادة حيث ربط الترخيص ملزاولة مهنة الطب بإبرام عقد التأمني من املسؤولية106/1973القانون الصحي رقم :1367

.193، ص املرجع السابقأشرف جابر، . د: راجع

450 من 354صفحة 354 - أأ ب ب- االلل

354

على أنه يضمن مسئولية البديل، يف عقد التأمني،صراحةاملؤمن له الطبيب وجيب أن ينص

اددكما جيب أن يخطر شركة التأمني؛ خبطاب موصى عليه باسم الطبيب الذي سيحل حمله، حم

.املؤمن لهالطبيب حمل البديلل فيهايحاملدة الذي س

اصة بالطبيب املؤمن له، والغالب أن يسري الضمان، بالنسبة للبديل، بنفس الشروط اخل

ومع ذلك قد يضع املؤمن شروطا أو قيودا على ضمان البديل، تتعلق هذه الشروط بكفاءة البديل؛

كما تتعلق بالظروف واألحوال . كأن يشترط حصوله على مؤهل معني أو تكون له خربة كافية

ملؤمن أن يكون غياب الطبيب يف اليت جيوز فيها قيام البديل حمل الطبيب املؤمن له؛ كأن يشترط ا

احلاالت املسموح ا قانونا؛ أي مبسوغ قانوين، فإن كان غيابـه خمالفا ألحكام القانون، فال ميتد

له قانونايف البديل أن يكون مأذونا -بداهة–شترط يو. الضمان إىل أخطاء البديل الذي حيل حمله

.الذي يضطلع بهمبزاولة النشاط

، وإمنا يقتصر جانبهإىل أن يزاول نشاطه للطبيب املؤمن لهجيوز القيام البديل بعمله، وأثناء

.وحده من الضمانالعمل على البديل وحده؛ حيث يكون البديل هو املستفيد

ومع ذلك يظل الطبيب املؤمن له حمتفظا بالضمان بالنسبة للنشاط الطيب؛ الذي ميارسه يف احلالة

؛ وهي حالة الضرورة، املتعلقة بااللتزام مبساعدة 1368قانون العقوبات املقارناملنصوص عليها يف

. األشخاص؛ الذين يكونون يف حالة خطر

الذي يغطيه عقد التأمني ،ن ذات اخلطرع تهسؤوليمإبرام عقد التأمني من وال حيق للبديل

.املؤمن لهاملربم بواسطة الطبيب

، بني الطبيب املؤمن له والبديلSolidum"1369"وقد قضي بالتعويض على سبيل التضامم

فأما وجه .وقوع أضرار للمريضعليه، مما ترتب ،شعةأيف استخدام جهاز أخطأ البديليف حالة

توافرها للشروط الالزمستويفامل غري ،ساءته يف اختيار البديلهو إ –ن له املؤم–مسؤولية الطبيب

لقبوله استخدام اجلهاز ، فكانت مسؤولية البديلوأما وجه .إذ كان ال يزال طالبا يف هذا العمل،

.تهئعدم كفامع علمه ب

ف، حسب آخر .ع.، ق7-6-235/5ج، املادة .ع.ق182/2، املادة58/1937ون العقوبات املصري رقم قان63املادة : راجع: 1368

01 :تعديل avril 2009 - Document généré le 28 avril 2009 : www.Legifrance.gouv.fr1369 :Cou. d’app. de paris, 1er juill. 1992,J.C.P , 7 oct. 1992,2591 ; D. 1993, som.com., p.28.

450 من 355صفحة 355 - أأ ب ب- االلل

355

وفضال عن البديل، ميكن أن يغطي العقد األخطاء اليت يرتكبها األشخاص الذين ال يزالون

Les"يتلقون تدريبهم على مزاولة الطب stagiaires " حتت إشراف الطبيب املؤمن له، ومثل

ز، إذ ميكن أن يتضمن عقد التأمني من املسئولية املربم بواسطة الطبيب املؤمن له هؤالء أطباء االمتيا

1370.شرطا بامتداد الضمان إىل هؤالء

:جهزة املستخدمة يف النشاط الطيب ة عن حوادث اآلالت واألـاملسؤولي.2

أساسوقد يتعدى عقد تأمني التابعني إىل ما يستخدمه الطبيب من أجهزة وآالت علمية،

ة بني الطبيب ـ مىت كانت العالقوذلك ؛ة ال التقصرييةـة العقديـة هي العالقـهذه املسؤولي

.ةـة عقديـعالق واملريض

؛ ألن فترضاملوليس ثابت ويترتب على ذلك أن هذه املسئولية ههنا تقوم على اخلطأ ال

ميدانه الذي يسود فيه اخلطأ املفترض ال وجود له يف العالقة العقدية بني الطبيب واملريض، وإمنا

-هو؛ حيث يكون الطبيب حارسا للشيء، وتكون العالقـة بني الطبيب واملريض غيـر عقديـة

؛ ففي هذه احلالة فحسب، يسأل الطبيب عن تعويض الضرر، دون حاجة إىل إثبات -أي تقصريية

عن األشيـاء غري خطأ يف جانبه؛ طبقا للنصوص القانونيـة املنظمة للمسئوليـة التقصرييـة

.1371احليـة

، فلن توجد أمهية لتحديد 1372وتربير ذلك، يتمثل يف أنه مىت كانت مسئولية الطبيب عقدية

املصدر املادي للضرر؛ ألن أحكام املسئولية العقدية ال ختتلف تبعا ملا إذا كان الضرر ناشئا عن

ء استخدمه الطبيب يف تابع للطبيب، أو عن تدخل شيالفعل الشخصي للطبيب، أو فعل شخص

وبناء على ذلك، مىت قام عقد عالج بني طبيب ومريض، واستخدم الطبيب 1373.العمل الطيب

آلـة أو جهازا ، فتسبب ذلك يف ضرر للمريض، فال تنعقد مسئولية الطبيب، إال إذا أثبت هذا

.194أشرف جابر، التأمني من املسئولية املدنية لألطباء، ص . د: راجع: 1370

.ج.م.ق138/1م ، واملادة .م.ق178واملادة ف ،.م. ق1384/1وهي املادة : 1371 للطبيب هي الذي اعترب أن املسئولية العقدية–وهو الوضع الغالب يف الوقت احلاضر بعد قرار حمكمة النقض الفرنسية الشهري : 1372

.1936.5.20الصادر يف - األصل، وليس التقصرييةفضال عن أن مبدأ عدم جواز اخلرية بني املسئوليتني العقدية والتقصريية مينع من تطبيق قرينة اخلطأ عن فعل األشياء احلية، يف اال : 1373

,oct.1967:انظر مثال. العقدي B. civ.,1,n° 273 ;Civ.16 nov.1965,D.1966, 61 ,.Civ

450 من 356صفحة 356 - أأ ب ب- االلل

356

صلح ي الاجهازاملريض خطأ يف جانب الطبيب؛ كأن يربهن على أن الطبيب قد استخدم

.1374استخدامه

عن أو، عن اخلطأ الشخصي للطبيب سواء كانت ناشئة،األضرارويضمن املؤمن تلك

يعرف بشرط ما" يف عقد التأمني وهو ويتم النص عليه مباشرة، أو البديل،خطأ أحد تابعيه

La "استخدام األجهزة clause d’usage d’appareil". هذا كما يلزم حتديد تلك األجهزة يف ثنايا

الشرط؛ حبيث يتحدد على حنو دقيق مدى التزام املؤمن بتغطية مسئولية الطبيب عن استخدام هذه

. األجهزة

أخيـرا، جدير باإلشارة إىل أنه من املتصور أال يقبل املؤمن تغطية األضرار اليت ميكن أن

يقبل املؤمن تغطية تلك تنشأ عن بعض األجهزة؛ كأجهزة األشعة اليت تنجم عنها أضرار بالغة، وقد

. األضرار نظيـر أقساط مرتفعـة

دة ـر املستبعـاملخاط: ثانيـا

مهما كان ، حتقق اخلطر املؤمن منه النامجة عنعقد التأمني مجيع األضراراألصل أن يشمل

.حىت حاليت الغش واخلطأ العمدسببه،

و، حيث ال خيلو عادة من شروط إال أنه من النادر عمليا أن يأيت العقد على هذا النح

يدرجها املؤمن مستبعدا ا الضمان عن بعض املخاطر، وعقد التأمني من املسئولية الطبية بشكل

قد يترتب عليها خاص يتميز بأنه يرد على خماطر ذات طبيعة خاصة، تتصل بالنشاط الطيب ذاته،

قد على تلك الشروط اليت تستبعد تلك لذا كان من الطبيعي أن حيتوي الع.آثار غاية يف األمهية

".استبعاد اتفاقي"املخاطر، وهنا نكون بصدد

إضافة إىل ذلك، فإنه وفقا للقواعد العامة يف التأمني، ال جيوز التأمني من بعض املخاطر،

".االستبعاد القانوين"وهو ما يعرف بـ

مبدأ احلرية التعاقدية السقوط، فاالستبعاد يقصد به التعبري عن عناالستبعاد وخيتلف

املؤمن التزاموعدم استبعاد بعض املخاطر بللمتعاقدين اليت تتجلى يف حتديد نطاق اخلطر املؤمن منه

. الضمانبإدراجها يف

.وما يليها248حمسن عبد احلميد البيه، نظرة حديثة إىل خطأ الطبيب املوجب للمسئولية، ص . د :راجع تفصيل هذا: 1374

450 من 357صفحة 357 - أأ ب ب- االلل

357

ومقتضاه ، السقوط هو جزاء منصوص عليه يف وثيقة التأمني أو ملحق هلاأن يف حني

عدم إعالن بالتزاماته؛ مثل-املؤمن له-، إذا أخل هن له يف تغطية اخلطر املؤمن منسقوط حق املؤم

ن بوقوع اخلطر أو الكارثةاملؤم.

Les"وينـاد القانـاالستبع.1 exclusions légales"

، واخلطأ العمدي على حد سواء، وال خصوصية لعقد املسؤولية اجلنائية من ال جيوز التأمني

.النظام العام للتأمني، ويتعلق ب العامةقواعدلا التأمني من املسئولية، فهو استبعاد تقرره

رمية الطبيب املؤمن له جلال ميكن أن يضمن املؤمن الغرامات الناجتة عن ارتكابفمن جهة،

الطبيب هذه املبالغ حيث جيب أن يتحمل ؛ تطبيقا ملبدأ شخصية العقوبة يف قانون العقوبات؛جنائية

.من ذمته املالية اخلاصة

ر ولو كانت الغرامة احملكوم ا على الطبيب مبناسبة خطأ صادر من شخص ويسري احلظ

، حيث يكون مبزاولة أعمال الطبهلما مرخصاآخر؛ كأن يستعني ببديل أو تابع، دون أن يكون

. الطبيب قد ساهم جنائيا بقدر ما يف ارتكاب اجلرمية من البديل أو التابع

كم اجلنائي، فهذه جيوز التأمني منها، ولذلك فإن وال يتناول احلظر اآلثار املدنية للح

التعويض املدين الذي قد يحكم به تبعا للعقوبة اجلنائية اليت يقضى ا على الطبيب، جيوز أن

.يضمنه عقد التأمني من املسئولية؛ ألنه ال حيمل صفة الردع أو العقوبة

خلطأ العمدي، وهذا تطبيقا للطبيب أن يؤمن من مسئوليته عن اال جيوزومن جهة أخرى،

للقواعد العامة اليت تستلزم أال يكون اخلطر املؤمن منه معلقا على حمض إرادة أحد طريف العقد،

وخاصة املؤمن منه، وإال انتفى العنصر اجلوهري لعقد التأمني وهو االحتمال؛ ألنه من املقرر عدم

.ستحيلجواز التأمني على اخلطر املؤكد احلدوث، فضال عن امل

وهذا الفرض وإن كان نادرا، إال أنه متصور؛ كما لو أعطى الطبيب للمريض مادة سامة

لريحيه من داء عضال، وهو ما يسمى باملوت الرحيم، أو أن يبتر عضوا لشخص بقصد إلعفائه من

تعويض الضرر الذي يلحقه -شركة التأمني- وعليـه، فال يتحمل املؤمن. اخلدمة العسكرية

.بيب املؤمن له عمدا بالغريالط

450 من 358صفحة 358 - أأ ب ب- االلل

358

واختلف الفقه يف حالة اخلطأ العمد، فذهب معظم الفقه املصري إىل القول ببطالن عقد

من -أي اخلطأ العمدي-التأمني بطالنا مطلقا، وذهب بعض الفقه إىل القول باستبعاد هذا الشرط

خطار اليت ال ترجع إىل اخلطأ عقد التأمني، ويبقى العقد صحيحا ومنتجا آلثاره فيما يتعلق باأل

ورد هؤالء على القائلني بالبطالن بالقول بأن القواعد العامة ال تستلزم . العمدي للمؤمن له

، هو 1375وما يستفاد من فحوى نصوص قانونية مقارنة. البطالن، وإمنا إزالة العارض فحسب

ل متعمد من املؤمن له، دون أن سقوط التزام املؤمن، وإبراء ذمة املؤمن إذا حتقق اخلطر نتيجة فع

1376.يترتب على ذلك أي بطالن

Les "اقيـتفالاد اـاالستبع.2 éxclusions conventionnelles"

يكون ألطراف وبالتايل،. 1377العقد شريعة املتعاقديناألصل أن ، بدأ سلطان اإلرادةمل طبقا

.ضمان الذي يلتزم به املؤمن وشروطه، ومدى الاخلطر املؤمن منهالعقد حرية حتديد حمله؛ كتحديد

وليس هناك ما مينع دون اتفاق املؤمن مع املؤمن له، على حتديد اخلطر املؤمن عليه؛ سواء من

حيث نوع املسئولية أو جسامة اخلطأ أو وضع قيـود أخرى، يكون الغرض منها عـدم تأميـن

"Non assurance" بعض املخاطر، أو استبعاد خطر ما"Exclusion de risque " من ضمان

: مها نيلالستبعاد االتفاقي صورتوبناء على ماسبق، فإن . املؤمن

L’éxclusion" االستبعاد املباشر.أ directe"

. على أن املؤمن ال يضمن خطرا أو أخطارا معينةصراحة وثيقة التأمني االتفاق يفيقصد به

مسؤولية الطبيب أن ينص املؤمن أن العقد ال يغطيومثاله يف نطاق التأمني من املسئولية الطبية،

وعادة ما يشترط املؤمن يف الطبيب الذي يريد ، املأذون له قانونا مبزاولتهخارج حدود ختصصه

؛ حىت يضمن قدرا أدىن من الكفاءة لديه، تقل معه "أخصائيا"التأمني من مسئوليته أن يكون

.ن مسئولية املمارس العاماحتماالت حتقق اخلطر، فيستبعد من الضما

Exclusionومن ذلك ما قد يرد يف وثيقة التأمني من استبعاد املسئولية التضاممية de"

responsabilité in solidum " للطبيب املؤمن له، ويواجه هذا الشرط حالة ما إذا حتققت

.قانون مدين مصري768/2قانون التأمني الفرنسي، واملادة 12/2قانون التأمني اجلزائري، واملادة 102/1املادة : 1375.159ص جالل إبراهيم، التأمني ،58صحممد منصور، مبادئ عقد التأمني، .، د203أشرف جابر، املرجع السابق، ص . د: 1376 .من القانون املدين اجلزائري106 ما قضت به املادة مثالراجع: 1377

450 من 359صفحة 359 - أأ ب ب- االلل

359

. سبيل التضامم على -مثال– مع طبيب التخدير - كأن يكون جراحا-مسئولية الطبيب املؤمن

ومبقتضى هذا الشرط ال يلتزم املؤمن إال بتغطية نصيب املؤمن له من املسئولية، دون غريه من

نب جتويهدف املؤمن من هذا الشرط إىل . املسئولني، ويستطيع أن حيتج به يف مواجهة املضرور

. التعويض كامال حقه يفملضرورا إن هو أوىف ،ولني مع املؤمن لهئمصاعب الرجوع على بقية املس

يف هذا اال قضت حمكمة النقض الفرنسية بصحة هذا الشرط وجواز االحتجاج به يف

بشرط أن يكون ذلك قبل ، أو يف ملحق هلا،ص عليها يف الوثيقة ذاا سواء ن،مواجهة املضرور

1378.ةـحتقق الكارث

ة يف مواجهة ـمل قائظ وإمنا ت،اء الطبيب من هذه املسؤوليةـلكن هذا ال يعين إعف

.هـن عليزء غري املؤمـاملضرور عن اجل

:رة ـورة مباشـ بص اليت تستبعـدرـاطـومن املخ

اليت ميكن واملنتجات الدوائية قبل تسويقها، ، 1379املسؤولية الناجتة عن إجراء التجارب الطبيةـ

.أن يترتب عليها قدر كبري من اجلسامة

La"ل التجميجراحةاملسؤولية الناجتة عن ـ chirurgie esthétique" ، وذلك ألن املؤمنني ال

املؤمنونومع ذلك يقبل للعالج، تدخل يف اإلطار التقليديينظرون إىل هذه اجلراحة على أا

. القسط ضمـان هذا اخلطر مقابـل زيـادة يف مقدار

L’interruption"الوقف اإلرادي للحمل املسؤولية الناجتة عن عمليات ـ volontaire de

grossesse"1380.، ويسمى اإلجهاض االختياري للحمل

Exclusion" االستبعاد غري املباشر.ب indirecte"

، فيدخل يف الضمان ما يقصد به احلالة اليت حيدد فيها املؤمن بدقة املخاطر اليت يضمنها

مني على أ الت كأن ينص يف عقد؛د يف هذا التحديدرما مل ي ويستبعديندرج حتت هذه املخاطر،

1378 : Cass.1re civ., 1re oct. 1980, Bull. Civ.I, n° .235..20/12/1988الصادر يف 88/1138جب قانون مبو نظم املشرع الفرنسي تأمينا إجباريا من املسئولية لناشئة عنها: 1379 فقد أجاز املشرع الفرنسي هذا اإلجهاض بضوابط خالل عشرة أسابيع األوىل من احلمل إذا كان لغري غرض عالجي حسب :1380

162/12من قانون الصحة العامة، أو يف أي وقت إذا كان استمرار احلمل يعرض صحة املرأة خلطر شديد مبوجب املادة 162/1املادة

.من ذات القانون

450 من 360صفحة 360 - أأ ب ب- االلل

360

فأي خطر يتحقق أثناء ممارسة ،هـ وعليمعينة أو مستشفى معني،تغطية مسؤولية الطبيب يف عيادة

ومثال االستبعاد غري املباشر .أمني عليهكون حمال للتيال أو مستشفى آخر نشاطه يف عيادة أخرى

صريية، فهذا يعد استبعادا أيضا أن يقصر املؤمن الضمان على مسئولية الطبيب العقدية أو التق

ومثال ذلك أيضا أن ينص املؤمن على أن العقد يغطي األضرار اجلسدية، اليت . للمسئولية األخرى

تصيب املريض، فهذا يعد استبعادا غري مباشر؛ لألضرار املادية واألدبية اليت تصيبه، من نطاق

.الضمـان

بول االستبعـاد من التأمني، وهي أن وبناء على ما سبق، جيب توافر ثالثـة شـروط لق

: وذلك كما يلي. يكون واردا يف العقد، وأن يكون قاطعا، وحمددا

بنص خاص جيب إدراج شرط االستبعاد يف وثيقة التأمني أو يف حملق هلا، على أن يرد

يف الوثيقة، وذلك ألن االستبعاد ال يفترض وال يستنتج بطريق القياس على أسباب ورد

.يان بالوثيقة على استبعادهاب

ة دار عن إاكاشفشرط االستبعاد من التأمني قاطعا؛ مبعىن أن يكون جيب أن يكون

، ال لبس فيه و ال غموضيف استبعاد بعض املخاطر من الضمان، يف وضوح تام األطراف

.وذلك بوروده يف الوثيقة بشكل ظاهر مميز عما عداه من الشروط، وإال كان باطال

جيب أن يكون شرط االستبعاد من التأمني حمددا، وهو ما يعين عدم جواز وروده يف

صيغة عامة، حتتمل كثريا من التأويل والتحكم، سواء من قبل األطراف أو قاضي

. املوضوع

ة يف جمال التأمني من املسئولية، أن ـة اليت تقع باطلـاد العامـومن أمثلة شروط االستبع

للطبيب املؤمن له، دون أن يضع حتديدا يعني يف التعرف " األخطاء اجلسيمة"ؤمن يستبعد امل

للطبيب املؤمن له دون اخلطأ " اخلطأ املهين أو الفين"عليها، أو أن يرد االستبعاد على

العادي، وهذه بدورها صيغة غري حمددة ؛ ألن التمييز بني اخلطأ الفين واخلطأ العادي ال

تالف، فما تعتربه حمكمة أنه خطأ عادي، قد تقدره حمكمة أخرى على أنه خيلو من االخ

1381.خطأ فين؛ ألنه يتعذر يف بعض احلاالت الفصل بني فعل الطبيب العادي وفعله الفين

.207املرجع السابق، ص ، أشرف جابر.د :راجع:1381

450 من 361صفحة 361 - أأ ب ب- االلل

361

ممارسة دعوى املسؤولية املدنية للطبيب يف الشريعة اإلسالمية : املبحث الثاين

دنية يف الفقه اإلسالمي يف مطلب أول، وما يرافقها جيدر بنا التعرض لدعوى املسئولية امل

.من تأمني حول املسئولية يف مطلب ثان

دعوى املسؤولية املدنية وجمال تطبيقها : املطلب األول

، ال بد من اإلشارة إىل أن الفقه اإلسالمي احتوى على مبادئ وإجراءات بداية

ع األطراف، وأعلن ختام املرافعة، ، فإذا فرغ القاضي من مساع حجج وبينات ودفو1382مفصلة

وهذا احلكم يستمده من الشريعة . وجب عليه إصدار احلكم املناسب يف الدعوى دون تأخري

ولكن هل يقصد . اإلسالمية؛ ألا هي قانونه الواجب التطبيق، وإال نقض حكمه واعترب باطال

املذاهب باعتبار أن لمعامالت؛ بالنسبة لالتطبيق التقيد مبذهب واحد، خصوصابالقانون الواجب

. ؟ هي مدارس تفسريية واجتهادية الستنباط األحكام الشرعية من نصوص الكتاب والسنة

:دم جواز تقييد القاضي مبذهب معني، ومن ذلك قوهلمـالفقهاء على عبعض فقد نص

وال أعلم ، وهذا مذهب الشافعي،وال جيوز أن يقلد القضاء لواحد على أن حيكم مبذهب بعينه"

واحلق ال يتعني يف ¡]26 ص، اآلية سورة[»فاحكم بني الناس باحلق«: ألن اهللا تعاىل قال،فيه خالفا

1383".مذهب، وقد يظهر له احلق يف غري ذلك املذهب، فإن قلده على هذا الشرط بطل الشرط

، وبعد أن حكى اخلالف يف1384قيد بعضهم عدم جواز الشرط باتهد دون املقلدإذ

وقد اختلف : " املسألة، فرق البعض بني التولية املطلقة وبني التولية املقيدة مبذهب حمدد، فقال

د التولية؟ أو تصح ويفسد الشرط؟ ـهل تفس، نيعاحلكم مبذهب مالفقهاء فيما إذا اشترط عليه

فال، والناس تصح ويصح الشرط؟ والقول بالصحة وفساد الشرط إمنا هو يف اتهد، أما املقلد أو

.إثبـات تعدي الطبيب يف الفرع األول من املطلب األول للمبحث الثاين يف الفصل السابق من هذا الباببصدد منها ما تطرقنا له 1382، "شافعيا اجتهاده إلى أن يحكم بمذهب أيب حنيفة يف قضية جازاوردي ولو أدى ـقال الم"و، 10/136:ة، املغينـابن قدام:1383

بعد وكان بعض أصحابنا يمنع من اعتزى إلى مذهب أن يحكم بغيره لتوجه التهمة وهذا وإن اقتضته السياسة :"وقال ابن تيميـة

:الفتاوى الكربى": فحكم الشرع لا يوجبه لما يلزمه من الاجتهاد يف كل حكم طريقه الاجتهاد،استقرار املذاهب وتمييز أهلها

2/213.

جاز له أن حيكم ،مقلـدا وإن كان ،لراجح عنده فال جيوز له أن حيكم ويفيت إال با،تهـدا احلاكم إن كان جم:رايفـوقال الق":1384

وأما اتباع ،باملشهور من مذهبه وأن يفيت به وإن مل يكن راجحا عنده مقلدا يف رجحان القول احملكوم به إمامه الذي يقلده يف الفتيا

.1/22: ابن فرحون، تبصرة احلكام ": اـاهلوى يف احلكم والفتيا فحرام إمجاع

450 من 362صفحة 362 - أأ ب ب- االلل

362

إن الذي توىل : هذه األعصار، فال يأيت هذا القول فيهم، والذي أقوله يف 1385دونـاليوم مقل

مذهبه إن كان مقلدا، ومبا يراه إن مبشهور حلكم؛هالقضاء على اإلطالق إذا أطلق السلطان توليت

أن يتجاوز مشهور على مذهب فالن ليس لهكان جمتهدا، والذي يقول له السلطان وليتك القضاء

ذلك املذهب إن كان مقلدا، وإن كان جمتهدا يف مذهبـه فله احلكم مبا ترجح عنده منه بدليل

.1386"؛ ألن التولية حصرته يف ذلك كان أو جمتهداقوي، وليس له جماوزة ذلك املذهب مقلدا

يدة يعود يف باب السياسة ولعله أعدل املذاهب يف هذه املسألة، فتقدير التولية املطلقة والتولية املق

. الشرعية إىل احلاكم املسلم

دة، ـاد التولية املقيـومن املناسب يف تصوري اخلاص، يف هذه املسألة العويصة، إسن

،من خالل تقنني األحكام الفقهية، سواء كانت من مذهب واحدبالنسبة لقضاة احملكمة االبتدائية،

اـ؛ منعالصرحية، ومتليه املصلحة وقواعد الشريعة، حسبما تقضي به النصوص أو من عدة مذاهب

ا ـة لقضاة احملاكم العليا؛ تشجيعـاد التولية املطلقـللقاضي من التحكم والتشهي، وإسن

. لالجتهاد القضائي، املنضبط بضوابط الشرع

قاعدة ال يعترب الشرع من : "املتصلة بالدعوى ما ذكره القـرايف بقولهومن املسائل املقررة

وكذلك ال يسمع ،دةـ ملفس أو دارئةـ ملصلح حمصل صحيحد إال ما تعلق به غرضـملقاصا

1387 ".رةـاحلقي ةـالتافهاء ـاحلاكم الدعوى يف األشي

مسه ضرر حقيقي، ولعل إذا وبناء عليـه، ال حيق ملريض أن يرفع دعوى على طبيب إال

لشريعة يشترطون يف الضرر حمل التعويض أن يكون ماديا هذا من بني األسباب اليت جعلت فقهاء ا

.؛ الذي يصعب قياسه1388أو جسديا حمسوسا، دون غريه من الضرر األديب

وعلى الطبيب أن يتحمل عبء التعويض جتاه مريضه، إذا أصابه أذى من جراء تدخله

فع عن نفسه خطر مسئوليته؛ ليدعلى يف أن يعقد تأمينا- كما سيأيت بيانه-الطيب، وال حرج

ان، وذلك بأن تدفع شركة التأمني التعويض يف حدود ما هو متفق ـرجوع املضرور عليه بالضم

. العقـدعليه يف وثيقة

1385" ابن ":الصلاح لا يجوز لأحد أن يحكم يف هذا الزمان بغير مذهبه فإن فعل نقض لفقد الاجتهاد من أهل هذا الزمانقول ابن :

.2/213: تيميـة، الفتـاوى

.13-2/12: السبكي، تقي الدين علي بن عبد الكايف، فتاوى السبكي:1386.479-5/478 :رةـالذخي:1387

. الفصل السابق يف كل من اجلانب القانوين وجانب فقه الشريعةسبق معاجلته يف:1388

450 من 363صفحة 363 - أأ ب ب- االلل

363

وأمام املتضـرر أن يسلك الطريق القضائي، على التفصيـل الوارد يف اجلانب

ارتضياه ألن ما تولية اخلصمني حاك هووالتحكيم . ، أو العدول عنه إىل التحكيم1389القانوين

، دون القصاص واحلدود؛ الذي يستلزم يف األموال وما يف معناها فإن ذلك جائز،حيكم بينهما

عن 1391الصلحالعفو أو وميكن 1390.إثبات حكم أو نفيه من احملكم، وليس له والية على احلكم

من أهل كانا وإذا خشي القاضي من تفاقم األمر بني اخلصمني أو، 1392 على مال- مثال- القصاص

حالفضل أو بينهما ر1393.؛ ابتعادا عما يورثه التقاضي من الضغائن بالصلح أمرمها م

وال حرج من اقتباس أي جتربة قانونية إجرائية؛ مما عرضناه أو غريه من أنظمة التسوية

. ، طاملا تتماشى مع مقاصد الشريعة وقواعدها1394القضائية

كان - يف حدود علمي-لنظام اإلسالمي سابقاالقاضي يف اكما جتدر اإلشارة إىل أن

القواعد يقضي يف مجيع املنازعات؛ لتمكنه من العلم الشرعي؛ من خالل القواعد األصولية و

الفقهية، فضال عن النصوص التفصيلية ملا ورد يف الكتاب والسنة، إذا كان جمتهدا، ومن خالل

هذا خبالف العلم جبميع نصوص القانون اليوم، و. مدونات مذهبه املعتمدة، إذا كان مقلدا ملذهب

بالنسبة للقاضي حىت يف جمال اختصاصه فإنه متعذر، فما بالك مبا هو خارج عن حقل اختصاصه

ومرد ذلك لكثرة التشريعات وتالحقها كالطوفان أو االيار اجلليدي؛ من تعديل وإمتام . القضائي

بالتشريعات الفرعية اليت تصدرها السلطة التنفيذية، وإلغاء، فضال عن اختالط التشريعات العادية

حىت أصبح املختص بقانون ما ال حييط علما حىت بتخصصه، وهذا ما جعل علماء االجتماع

يؤكدون على انتشار ظاهرة اجلهل بالقانون، واقترحوا مجلة اقتراحات منها أن تفعل 1395القانوين

. القاعدة القانونية إىل الناسمجيع وسائل االتصال واإلعالم إليصال

ال حرج من اإلحالة عليه ألن القانون احلديث احتوى على إجراءات أكثر و. املطلب األول من املبحث األول هلذا الفصل: راجع:1389

ور، على عكس الشريعة املغيبة عن ساحة احلياة القانونية، عدا نواحي حمدودة جدا، يتطفهو وبالتايل ،تفصيال، والسبب أنه يواجه الواقع

خصوصا ما يتعلق باألحوال الشخصية، وحىت هذه الدائرة تواجه احنسارا، نتيجة تأثر قوانيننا بآثار العوملة القانونية؛ اليت فرضت قوانينها

قوة ايل فإن تطور القانون اإلجرائي مقابل الشريعة، هو تطور زمان وليس دليال عن وبالت. على العامل ومنها جمتمعاتنا العربية اإلسالمية

.غري مطبق بني ما هو و، غ بني ما هو مطبقاستسرنة ال تاحجة وبرهان؛ ألن املق.1/50: ابن فرحون، تبصرة احلكام:1390

.4/308: ابن قدامة، املغين: معاقدة يتوصل ا اىل اإلصالح بني املختلفنيالصلح:1391

.3/247: جممع األر يف ملتقى األحبر: راجع:1392.1/50: تبصرة احلكام:راجع:1393

.املطلب األول من املبحث األول هلذا الفصل: راجع:1394. وما يليها599ظرية العامة للقانون، ص مسري تناغو، الن.د: راجع:1395

450 من 364صفحة 364 - أأ ب ب- االلل

364

ورغم ذلك، بغية إيصال القضاء اإلسالمي إىل أكرب درجة من التخصص؛ جتنبا لألخطاء

Fast"يف األحكام القضائية، وإسراعا يف الفصل يف املنازعات releif " بصفة عامة؛ ليصل إىل

Courts"درجة أكرب من حماكم العدالة يف اجنلترا of Equity or Chancery"1396 حيث يقضي ،

القاضي جبملة مبادئ مستوحاة من القانون الطبيعي ومبادئ العدالة، فضال عن القضاء االستعجايل

، ومن تأثر به مثل القضاء املصري والقضاء اجلزائري، وإن Référé"1397"يف القضاء الفرنسي

ويقضي يف حقوق معترف ا كان القضاء االستعجايل يف بالدنا العربية حمدود للغاية؛ ألنه مؤقت

قانونا؛ مثل حق النفقة للحاضنة قبل صدور احلكم بالطالق، وال متس األوامر املستعجلة أصل

وعليه، جيب على القضاء اإلسالمي اعتماد قواعد االختصاص القضائي، خصوصا . 1398احلق

وصيات الشريعة النوعي منه، حبيث يقضي القاضي يف جمال حمدد يصبح ختصصا له، مع مراعاة خص

اإلسالمية، اليت من بني ما تتطلب بيان مؤهالت القضاة يف درجات التقاضي املختلفة، فاحملاكم

وليس يف قواعد الشريعة فضال عن . العليا تتطلب مؤهالت علمية أكرب، تصل إىل درجة االجتهاد

ستصالحية تقرر فهذه قضية انصوصها اجلزئية ما مينع من األخذ بقواعد االختصاص القضائي ،

. تبعا للمصلحة، واهللا أعلم

، وهي اخلاصة ما يعرف بوالية املظامل أو قضاء املظاملاالستثنائية أو ومن األنظمة القضائية

وظيفة قضائية، إال أا أوسع من وظيفة القاضي العادي، ذلك الحتوائها على اختصاصات تدخل

وعليه، فهي ليست وظيفة . لطة التنفيذيةيف صالحيات القاضي واختصاصات خاصة بأصحاب الس

ونصفة ،ةـهي وظيفة ممتزجة من سطوة السلط"بل قضائية حبتة، وال وظيفة تنفيذية خالصة،

وكأنه ، وحتتاج إىل علو يد وعظيم رهبة تقمع الظامل من اخلصمني وتزجر املعتدي،اءـالقض

بينات والتقرير واعتماد األمارات ويكون نظره يف ال،مضي ما عجز القضاة أو غريهم عن إمضائهي

،الف الشهودح ومحل اخلصمني على الصلح واست، وتأخري احلكم إىل استجالء احلق،والقرائن

.1399"وذلك أوسع من نظر القاضي

1396 :Saghir Ahmad Khan, Principles of Equity- Maxims and Cases, p.5; Black’s Law Dictionary,p.356.1397 : Strickler (Y), Le juge des référés, juge du provisoire, thèse Strasbourg III, 1994,www.dictionnaire-juridique.com.

.ج.إ.م.إ. ق305-299املواد راجع:1398.222صابن خلدون، عبد الرمحن بن حممد، مقدمة ابن خلدون، :1399

450 من 365صفحة 365 - أأ ب ب- االلل

365

سلطان أو خللفاء أو من جيعلون ذلك له من وزير مفوضبا ناطكانت تولية هذه الوظائف إمنا تو

وايل للمظامل على وجه التخصيص، فيباشر وظيفته على ، مبوجب عقد صريح؛ كتعيني متغلب

عقد ضمين، كما لو عني القاضي أمري إقليم أو وزير أساس هذا التعيني، وقد يكون بصورة

تفويض، فلهؤالء صالحية النظر يف األمور العامة حبكم واليتهم، وهلم بعموم هذه الوالية حق النظر

.ن خاصيف املظامل، دون حاجة إىل تقليد أو إذ

ومن صالحيات قاضي املظامل، النظر يف تعدي الوالة على الرعية، من تلقاء نفسه، دون

حاجة إىل متظلم، وله أن يتصرف جتاههم وفق ما تقتضيه املصلحة، ويف حال اعوجاجهم بعد أن

ينصحهم، له حق رفع تقرير بشأن ذلك للخليفة أو أمري اإلقليم، أما إذا تظلم شخص ضد الوايل

.األمري، فلوايل املظامل أن حيكم يف هذه الظالمة ويلزم تنفيذ حكمه فيهاأو

ومن صالحيام كذلك النظر يف تنفيذ األحكام القضائية، فيلزم من مل يستطع القاضي إلزامه، وله

من املصاحل العامة؛ كااهرة مبنكر ضعف احملتسب 1400النظر فيما عجز عنه الناظرون يف احلسبة

. والتعدي يف طريق عجز عن منعهعن دفعه،

وتتكون هيأة حمكمة املظامل من احلماة واألعوان؛ جلذب القوي وتقومي اجلريء، والقضاة

واحلكام؛ الستعالم ما يثبت عندهم من احلقوق ومعرفة ما جيري يف جمالسهم بني اخلصوم،

والشهود على ما أمضاه من والفقهاء؛ لريجع إليهم فيما أشكل عليه، والكتاب؛ ليثبتوا احملاكمة،

1401.أحكام

ويظهر من أنظمة القضاء املختلفة؛ من قضاء عادي، وقضاء املظامل، واحلسبة، إضافة إىل

أعوان القضاء ومنهم الشرطة، ما يدل على حرص الشريعة الشديد يف منع التعدي قبل وقوعه،

ألحيان، إال أن هذه ورمبا كان هنالك تداخال يف الصالحيات يف بعض ا. ورفعه بعد حدوثه

، األنظمة اليت كانت يف العصر الوسيط، متثل أرقى ما وصلت إليه البشرية من العدل واإلنصاف

احلسبة هي وظيفة دينية من باب األمر باملعروف والنهي عن املنكر الذي هو فرض على القائم بأمور املسلمني يعني لذلك من يراه :1400

أهال له فيتعني فرضه عليه ويتخذ األعوان على ذلك ويبحث عن املنكرات ويعزر ويؤدب على قدرها وحيمل الناس على املصاحل العامة

مثل املنع من املضايقة يف الطرقات ومنع احلمالني وأهل السفن من اإلكثار يف احلمل واحلكم على أهل املباين املتداعية للسقوط يف املدينة

دمها وإزالة ما يتوقع من ضررها على السابلة والضرب على أيدي املعلمني يف املكاتب وغريها يف اإلبالغ يف ضرم للصبيان املتعلمني

ه على تنازع أو استعداء بل له النظر واحلكم فيما يصل إىل علمه من ذلك ويرفع إليه وليس له إمضاء احلكم يف وال يتوقف حكم

الدعاوي مطلقا بل فيما يتعلق بالغش والتدليس يف املعايش وغريها يف املكاييل واملوازين وله أيضا محل املماطلني على اإلنصاف وأمثال

.225مقـدمـة ابن خلـدون، ص : إنفاذ حكم وكأا أحكامذلك مما ليس فيه مساع بينة وال . وما يليها253عبد الكرمي زيدان، نظام القضاء، ص.د: راجع:1401

450 من 366صفحة 366 - أأ ب ب- االلل

366

ومن روعة التشريع اإلسالمي أنه جاء بقواعد ومبادئ كلية، ومل يتوغل يف اإلجراءات

املقاصد، والتفصيالت اليت من شأا أن تتطور، ولذلك يتساهل يف الوسائل ما ال يتساهل يف

وعليـه، فأي جتربة قانونية ال تتعارض مع قواعد الشريعة ميكن االنتفاع ا، إذا دعت إىل ذلك

.احلاجة بله الضرورة

ومن القضايا اليت كانت حمل تظلم أو تقاضي، ما كان حيصل للمرضى من أذى بسبب

إلسالمية وختلف تدخل األطباء، رغم ما كان يسود يف عصور خلت، يف عهد احنطاط احلضارة ا

املسلمني، بل حىت أوقات قريبة من القرن العشرين امليالدي، يف بالد العرب واملسلمني، من

إحجامهم من رفع قضايا ضد األطباء، حبجة أن الطب كالسحر ال يفك ألغازه إال األطباء،

قانونية يف آن وبذريعة أن ما حدث هو قدر وحنو ذلك، مما يعكس غياب الثقافة الطبية والثقافة ال

. معا، فهو قصور يف فهم الناس، واإلسالم بريء من ذلك

إىل نازلة نزلت - وقد كان قاضيا-"1402وثائق يف الطب اإلسالمي"وقد أشار صاحب

واختلفت فيها أقوال أهل اخلربة، يف عيب يف عني جارية، فذهب - أعادها اهللا لإلسالم- بقرطبة

واضطربت أقوال شهود املدعى عليه الثالثة يف . د العيب وقدمـهثالثة من األطباء إىل صحة وجو

مقدحدوث العيب، فذهب أحدهم إىل القول بعدم وجود أثر للعيب، و قال آخر إن العيب ي

فحكم حينئذ بإسقاط شهادة شهود املدعى عليه؛ . ويحدث، وقال الثالث إن العيب حديث

. غريهم التفاقهم على معىن واحدالضطراب أقواهلم، واعترب شهادة

أي لويل عاف عن القاتل ) وال دية لعف: "( عند املالكية1403وجاء يف الشرح الكبري

بقرائن األحوال ) إال أن تظهر(بأن مل يصرح حال العفو، بدية وال غريها ...يف عفوه) مطلق(

يف ) ويبقى على حقه(فيصدق بيمني أي ) فيحلف(ويقول باحلضرة إمنا عفوت على الدية ) إرادا(

القاتل من إعطاء الدية، فإن مل يقل ذلك باحلضرة، بل بعد طول، فال شيء له، ) وإن امتنع(القتل

وبطل حقه؛ ملنافاة الطول لإلرادة "وعبارة". ول لإلرادة املذكورةـوبطل حقه؛ ملنافاة الط

هو مرور زمن معني على حق أو عني " قادم احلقت"و. تحمل على سقوط حقه بالتقادم " املذكورة

من حيث - والتقادم ال يسقط احلق يف التعويض1404.دون مطالبة صاحبهما مع قدرته عليهما

.) هـ486ت ( - رمحه اهللا- عيسى بن سهل بن عبد اهللا األسدي القرطيب، أبو األصبغلإلمام¡66-60ص : 1402

.6/181: رـدرديلل:1403.361حممد جندات يف ضمان العقد، ص .، أشار إليه د165نظرية الضمان، ص جممد فوزي فيض اهللا، .د: راجع:1404

450 من 367صفحة 367 - أأ ب ب- االلل

367

. يف الشريعة اإلسالمية؛ ألنه ال جيوز ألحد أخذ مال غريه بغري رضاه، وبال سبب شرعي-املبدأ

سبب ذلك 1405، ويرجع األستاذ وهبة الزحيليلكن التقادم يعترب مانعا من مساع الدعوى باحلق

إىل محاية االستقرار يف األوضاع احلقوقية، وجتنب إثارة املشكالت يف اإلثبات وحنوه، وذلك ألن

ظهرالقضاء يف اإلسالم م-له، واحلقوق الثابتة ال يؤثر فيها ديانة -أي كاشف ثبتللحق ال م

سالم العام األزيل هو احترام ملكية اآلخرين، إال أن القضاء مرور الزمن وتقادم العهد؛ ألن مبدأ اإل

مع هذا يقبل التخصيص بالزمان واملكان واخلصومة ويقبل التعليق بالشرط، وبناء عليه، يصح

للحاكم العام يف مذهب احلنفية منع القاضي من مساع دعوى على شخص مضى على وضع يده

1406. غري نافذمخس عشرة سنة مثال، فيعترب قضاؤه بعدئذ

قردعواه يف التعويض خالل مدة مقررة، سقط حقه يف إقامة الدعوى، إال أن ي فإذا ترك شخص

من 1674، وعلى ذلك نصت املادة 1407اخلصم باحلق، فينهدم مرور الزمن؛ لظهـور احلق بإقراره

ولو تقادم الزمن أحقابا ، الزمنلا يسقط الحق بتقادم ":بقولهوعلق الشارح على ذلك . الة

مبني على الأمر السلطاني بسبب ، المبين آنفا، وأن عدم استماع الدعوى بمرور الزمن،كثرية

تزوير لقطع الحيل والتزوير والأطماع الفاسدة خوف وقوع ال،امتناع الحكام عن سماع الدعوى

1408 ". الفاشية بين الناس

أن التقـادم، بوجه عام يف الفقه اإلسالمي، هو قضية 1409وذكر األستاذ مصطفى الزرقا

ومن املمكن استصالحية خاضعة لقواعد املصاحل املرسلة، وليست منظمة بنص يف أصل الشريعة،

وهو ما قرره صاحب درر . التعديل فيها حبسب احلال مقتضيات املصلحة الزمنية والتنظيم القضائي

.؛ بأنه أمر اجتهادي1410احلكام

ويتفق الفقه اإلسالمي مع القانون يف اعتبار التقادم مسقطا للحقوق، على النحو الذي

تقادم مكسبا للحق، عـدا ما ورد عن املالكية بيناه، إال أنه خيتلف عن القانون يف اعتبـاره لل

.102نظرية الضمان، ص : راجع:1405قار غير العائدة لأصل الوقف أو للعموم كالدين الوديعة والعالدعاوى لا تسمع" : لة على ذلك بقوهلاا من 1660نصت املادة :1406

":خمس عشرة سنة بعد تركهاالملك والمرياث والمقاطعة في العقارات الموقوفة أو التصرف بالإجارتين والتولية المشروطة والغلة

.4/261: حيدر علي، درر احلكام شرح جملة األحكام.336-23/4:1/335الزرقا، املدخل الفقهي العام ف : راجع:1407

.4/279: درر احلكام شرح جملة األحكام حيدر علي، :راجع:1408.131الفعل الضار، ص : راجع:1409

.4/261: حيدر علي: راجع:1410

450 من 368صفحة 368 - أأ ب ب- االلل

368

:"أنه قال - صلى اهللا عليه وسلم-مرفوعا إىل النيب) ض(قوهلم به اعتمادا على أثر عن سعيد بن املسيب

غريوإن حاز أجنيب: " بقوله1412أشار الشيخ خليلوإليه . 1411"من حاز شيئا عشر سنني فهو له

إال بإسكان،هـتنيسمع وال ب مل ي، سنني عشر بال مانع، ساكتعى حاضر مث اد، وتصرفشريك

يف خامتة باب القضاء، مثلـه الرسالة، ويفوجاء يف املدونة يف الشهادة على احليازة .1413"وحنوه فمضت عليه عشر سنني ، وماله يف يد غريه،إذا كان الرجل حاضرا: " 1415وقال ربيعة. 1414

أسكن أو أعار على أنه أكرى أو، إال أن يأيت اآلخر ببينة،يف يده فاملال للذي هو ،وهو على ذلك

1416". وإال فال شيء لهعارية

فذلك ، عروضا أو حيوانا أو رقيقامن حاز على حاضر" أن 1417ابن القاسموجاء عن

. واألمة توطأ، والدواب تركب وتكرى، إن كانت الثياب تلبس ومتتهن،1418كاحليازة يف الربع

ى أن هذا حازها دون ر ولكن على قدر ما ي، وال غري ذلك،ك يف الرباع عشر سننيمل حيد مالو

مل يوقت يف ... "-رمحه اهللا- ؛ أي مبعىن أن مالكـا1419" ويهدم ويكرى ويسكنبىن فيما ي؛اآلخر

اـذلك حد،ر ما يأى ذلك على قدرهـ وتجيى وـرفيه الإم ـد 1420"ام

1411" شرح )":ص(يب احلديث للنقال يف املقرب عن ابن وهب عن عبد اجلبار بن عمر عن ربيعة عن سعيد بن املسيب يرفع:

¡1/169¡1/168:الطرق احلكمية": وهذا لا يثبت"، " وزيد بن أسلم،يذكر عن سعيد بن المسيب": قال ابن القيم، و2/279:ميارة

.على التوايل.سبق ترمجته:1412

:التاج واإلكليلوالعبدري، ¡2/272:شرح ميارة ، 6/169:الشرح الكبري: ومن أمهها .توىل شرحها كل شروح خليل:1413

6/210..2/245: أيب زيد القريواينالفواكه الدواين على رسالة ابن ، و13/192: الكربى املدونة، مالك عن ابن القاسم:1414

ن ربيعة بن أيب عبد الرمحن فروخ موىل آل املنكدر التيميني تيم قريش املعروف بربيعة الرأي فقيه أهل املدينة أدرك أبو عثماهو:1415

.ربيعة الرأيوقال مالك ذهبت حالوة الفقه منذ مات .مجاعة من الصحابة رضي اهللا عنهم وعنه أخذ مالك بن أنس رضي اهللا عنه

.290-2/288: وفيات األعيان: راجع. ثالثني ومائة وقيل سنةهـ،136وكانت وفاته يف سنة

.2/272:شرح ميارةأبو عبد اهللا حممد بن أمحد، : راجع:1416.سبق ترمجته ::1417

1418" .1/97: خمتار الصحاح": ةـ أيضا احمللالربع و، ومجعها رباع و ربوع و أرباع و أربع،دار بعينها حيث كانتـ الالربع: وكل شيء حبسبه ، وأما غريها من ثياب أو حيوان أو عبد فذلك أقصر مدة، يف الدور واألرضني-سنني أي عشر -هذا" يلوق:1419

.6/210:لـاج واإلكليـالتحممد بن يوسف العبدري، ":بستفالثياب السنة والسنتان فيها حيازة إذا ل، وقدره.1/169:الطـرق احلكميـةابن القيم، :1420

450 من 369صفحة 369 - أأ ب ب- االلل

369

ألن ؛كذبهرف يألن الع؛ مع الشروط املذكورة، وإمنا مل تسمع دعواه:1421 الكبريوجاء يف الشرح

ال يسكت عن ملكه تلك جلري العادة أن اإلنسان؛ احلائز على صدق دليلسكوته تلك املدة

، ال يحتاج معها ليمني أي من احلائز،وهذا يف حمض ويف املدونة احليازة كالبينة القاطعة...املدة

". ، فتسمع فيه البينة ولو تقادم الزمن-الذي هو حق هللا- دمي، وأما الوقف بأنواعهحق اآل

. علم أا مبطلة ظالمة فلا يلتفت إليهايد ي:" الأولىفالأيدي ثلاث، : - رمحه اهللا- قال ابن القيم

ةـالثاني :ي دادليحقة عا مأ لمع ارده ديف ي داهشت نى عليها؛ كموعالد عمسة، فلا ت فرصتي

من غير منازع ولا ، ةـمـدة طويلن عمارة وخراب وإجارة وإعارة، مفيها بأنواع التصرف؛

فجاء من ادعى أنه غصبها منه واستولى عليها بغير حق، وهو ،مطالب، مع عدم سطوته وشوكته

يشاهده يف هذه المدة الطويلة، ويمكنه طلب خلاصها منه، ولا يفعل ذلك، فهذا مما يعلم فيه

املدعى عليه م دأن يعي، ودالم ابه وهو . حقةكذبحأصالك وة مدينل المأه بذههذا م

ـالصاب1422"و.

التأمني من املسؤولية يف اال الطيب يف الشريعة اإلسالمية:الثايناملطلب

نردفه مبوقف الفقه اإلسالمي يف فرع أول، مث التأمني يف اإلسالموأنظمةإذ نبني فيه فلسفة

. يف فرع ثان املسئولية يف اال الطيبمن التأمني من

التأمني يف اإلسالموأنظمة فلسفة : الفرع األول

¡1423ة يف اجلانب القانوينـن من املسئوليـن والتأميـبناء على ما مت بيانه حول التأمي

فإن فلسفـة التأمني أصال تقوم على أساس اشتـراك مجع غفري من الناس يف إزالـة الضـرر

وهو ما ينوء عن حتمله شخص مبفرده، لكن تفريـق تكاليف رفعه أو ختفيفه . ختفيفهاحلاصل أو

1424.على طائفـة كبرية من الناس، جيعل حتمله يسريا، ال يصيب أي أحد منهم بغنب فادح

.6/170: حاشية الدسوقيمع رـللدردي: 1421

.1/167:ةـرق احلكميـالط:1422.املطلب الثاين من املبحث األول من هذا الفصل: راجع :1423

.126حممد رواس قلعه جي، مباحث يف االقتصاد اإلسالمي من أصوله الفقهية، ص .د: راجع :1424

450 من 370صفحة 370 - أأ ب ب- االلل

370

إن اخللفية اإلنسانية اجلميلة للتأمني قد شابها كثري من الكدر عندما انقلب عقد التأمني من

على اخلري وتربع وخدمة للشعوب إىل عقد استرباح، بيد شركات كربى يسيطر عليها عقد تعاون

1425.اجلشع وحب كرت املال

وإن كان عقد التأمني غري معروف يف الفقه اإلسالمي، إال أن فكرة التأمني متثلت يف

:الشريعة يف مجلة من األنظمة هي

:حق الفقراء يف النفقة من بيت املال: أوال

وقبل أن يعرف اتمع الغريب نظام التأمني بقرون، : "1426الدكتور يوسف القرضاوييقول

هو شركة ) بيت مال املسلمني(كان اتمع اإلسالمي يؤمن أفراده بطريقته اخلاصة؛ إذ كان

1427..."التأمني الكربى، اليت يلجأ إليها كل من نكبه الدهر، فيجد فيه العون واملالذ

ولكن ال م للمعسر؛ الذي ليس له قريب موسر ينفق عليه، أو ينفق عليه ولقد راعى اإلسال

وأما النوع : " يف بدائعه قائال1428يفي حباجاته، قرر له حقا يف بيت املال، وإىل هذا أشار الكاساين

ابعت املال[الريارف بصم إلى ] من فرصالفياء واء الفقرودعلاجهمى وضرى متوإلى أكفان المو

وإلى نفقة من هو عاجز عن الكسب وليس له ، وإلى نفقة اللقيط وعقل جنايته،الذين لا مال هلم

هفقتعليه ن جبو ذلك،من تحنهذه ال، و فرام صلى الإمعا وحقيهتسقوق إلى م1429."ح

:نظام الزكـاة: ثانيا

إن نظام الزكاة جزء من نظام التكافل االجتماعي يف اإلسالم، ذلك التكافل الذي مل يعرفه

وعرفه . الغرب إال يف دائرة ضيقة هي دائرة التكافل املعيشي، مبساعدة الفئات العاجزة والفقرية

والزكاة يف رأي . 1430، حبيث يشمل جوانب احلياة املادية واملعنويةاإلسالم يف دائرة أعمق وأفسح

.املرجع ذاته من ذات الصفحة: راجع:1425 .، صاحب التصانيف، يشتغل بالفقه والدعوى واإلصالحمأشهر من نار على علعامل مصري أزهري معاصر :1426.2/907:ـاةه الزكـفق:1427

،تفقه على حممد بن أمحد بن أيب أمحد السمرقندي ، عالء الدينباملنعوت أبو بكر بن مسعود بن أمحد الكاساين ملك العلماءهو :1428

وصنف كتاب البدائع وهو شرح التحفة وعرضه على شيخه ، ولوقرأ عليه معظم تصانيفه مثل التحفة ىف الفقه وغريها من كتب األص

وطلبها ، الفقهاء ىف عصره شرح حتفته وزوجه ابنته، وجعل مهرها منه ذلك، فقال الفقيهة العاملة ابنته احلسناء به وزوجهفازداد فرحا

بلدة وراء الشاس ا قلعة وهي كاسان إىل ، ونسبتهواشتغل ىف أشغاله بالفقه فلم ينجب. فامتنع والدها مجاعة من ملوك بالد الروم

.2/244: طبقات احلنفية: راجع. هـ587سنة رجب منعاشرال يف رمحه اهللا حبلبمات ، حصينة

.م1982¡2 بريوت، ط-، دار الكتاب العريب2/69: بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع:1429سياسي، والتكافل الدفاعي، والتكافل اجلنائي، والتكافل األخالقي، والتكافل فهناك التكافل األديب، والتكافل العلمي، والتكافل ال:1430

، االقتصادي، والتكافل العبادي، والتكافل احلضاري، وأخريا التكافل املعيشي، وهو الذي خصص اليوم خطأ باسم التكافل االجتماعي

450 من 371صفحة 371 - أأ ب ب- االلل

371

؛ ألا ال تعطي الفرد مبقدار ما دفع من قسط؛ كما هو التأمني منها إىل للضمانإىلالبعض أقرب

1431.الشأن يف نظام التأمني، وإمنا تعطيه بقدر ما حيتاج إليه، قل ذلك أو كثر

:ية الدلةاقالعحتمل نظام : ثالثا

جىن أحد جناية قتل غري عمد؛ حبيث يكون موجبها األصلي مضمون هذا النظام أنه إذا

الدية ال القصاص، فإن دية النفس توزع على أفراد عاقلته الذين حيصل بينه وبينهم التناصر عادة،

1432.وهم الرجال البالغون من أهله وعشريته، وكل من يتناصر م ويعد واحدا منهم

.لبعض أن العاقلة هم أهل نصرة الرجل من رجال قبيلته أو أهل نقابته أو حزبه السياسيويرى ا1433

1434عقد املواالة: رابعا

: خص جمهول النسب آلخرشصورته أن يقول شخص ممن أسلم من غري العرب لعريب أو

العقد ، فيقبل العريب، فيصري القابل ذا 1435"ذا جنيتإ وتعقل عين ،أنت موالي ترثين إذا مت"

وسيأيت احلديث عن موقف الفقهاء منه . بدفع الدية عمن عقل عنه يف جناية اخلطأعاقال؛ أي يلتزم

.يف الفرع القادم

موقف الفقه اإلسالمي من التأمني والتأمني من املسئولية يف اال الطيب: الفرع الثاين

تأمني التعاوين؛ كالتأمني العلماء املعاصرين على جواز خمتلف صور الكثري من ، اتفق ةـبداي

.الربحأساسا إىل ، الذي يهدف 1436 التأمني التجاريعلى خالفاالجتماعي،

وبناء عليه، اختلف بعض الفقهاء املعاصرين يف جواز التأمني التجاري، مبا فيه التأمني من

التأمني من املسئولية، ما بني مبيح حمرم، ويهمنا يف حدود هذه الدراسة موقف الفقه اإلسالمي من

ضد رجوع الغري؛ الذي أصابه ضرر بسببه، بدعوى املستأمن املسئولية؛ اليت تتمثل يف ضمان

التأمني "ددة ، والزكاة تشمل شيئا واحدا وهو ما يعرف بونظام التكافل االجتماعي أوسع كثريا من الزكاة؛ ألنه يشمل أمورا متع

.2/880: اةـه الزكـفق: راجع". الضمان االجتماعي"و" االجتماعي.2/281:اةـه الزكـفقالعالمة القرضاوي، : راجع:1431.80املستشار حممد سعيد عبد اللطيف، نظم التأمني وحكمها يف الشريعة اإلسالمية، ص : راجع:1432

.127حممد رواس قلعه جي، املرجع السابق، ص .د: راجع:1433 ،الوالء نوعان والء عتاقة ويسمى والء نعمة وسببه العتق على ملكه يف الصحيح حىت لو عتق قريبه عليه بالوراثة كان الوالء له":1434

.3/271: ااملرغيناين، اهلداية شرح البداية": ر ـ واملعىن فيهما التناص...دـالة وسببه العقاووالء مو

.1/432: احلكاملسانإبراهيم بن أيب اليمن حممد احلنفي، :1435.، مالحقنظام التأمني وموقف الشريعة منهالشيخ فيصل مولوي، : الزرقا، راجعمصطفى األستاذ البعض مثل ماعدا :1436

450 من 372صفحة 372 - أأ ب ب- االلل

372

مبا تكبده -شركة التأمني-نع على املؤمورج ال- الطبيب مثال-فيكون للمستأمن. التعويض عليه

. نفسهمن مصروفات وتكاليف يف دفع املسؤولية عن

.Iيـأدلاـات عليهـزين واالعتراضـة ا

: من املسئوليـة، استدل جبملة أدلــة نوردها فيما يليلتأمنيافمن أجـاز التأمني ومنه

اإلنسان ، على ترميم الكوارث الواقعة علىاون وتضامن اجتماعيـد تعـعقد التأمني عق:أوال

يتحمل أضرارها يف ماله عن طريق جتزئتها وتفتيتها وتوزيعها على جمموع املستأمنني، بدال من أن

إن . ومما ال شك فيه أن التعاون على اخلري أمر تقره الشريعة وتدعو إليه. الشخص املصاب وحده

مينح األمان واالطمئنان للمستأمن على ماله ومستقبل حياته، هذا األمان الذي هو من عقد التأمني

ذا البيت الذي أطعمهم من فليعبدوا رب ه«: أعظم نعم اهللا، والذي من به على قريش بقوله

.1437»جوع وآمنهم من خوف

اعترض البعض على هذا بالقول بأننا إذا سلمنا أن فكرة التعاون والتضامن االجتماعي

موجودة يف نظام التأمني التجاري، فإننا ال نسلم أا هي الغاية من هذا التأمني، بل إن شركات

باهظة من أقصر الطرق، ومجاهري الفقراء واملتوسطني التجارية إمنا انطلقت لتحقيق أرباح التأمني

إمنا يقبلون على التأمني انطالقا من ظروفهم اخلاصة، فريون أم يدفعون القليل ليحصلوا على

مث إن التعاون . الكثري، إذا تعرض أحدهم حلادث، ويف هذا ربح فوق أنه اطمئنان على املستقبل

ال جدال فيه، لكن من املعروف أن الغاية املشروعة تستلزم وسيلة على اخلري أمر تقره الشريعة، هذا

1438.فلماذا ال نفعل أساليب شرعية لتقصرينا، ونستحدث أسلوبا حتوم حوله الشبهات. مشروعة

، بل جيـوز استحداث صـور جديدة من ليست العقود يف الشريعة حمددة حمصورة:ثانيـا

يف العقود اإلباحـة، عند أكثر العلماء، ما مل يرد نص العقود كلما دعت احلاجـة، واألصل

وعقد التأمني مل يرد خبصوصه نص مينعه، . ةتكون خمالفة لقواعد الشريعة العامة القطعي مينعها أو

1439.وليس فيه ما خيالف قواعد الشريعة، فضال عن أن حاجة الناس تقتضيه، فيكون جائزا شرعا

ن األصل يف العقود اإلباحة، وأنه مل يرد يف الشرع نص بتحرمي اعترض على هذا بأنا نسلم بأ

التأمني بذاته؛ ألنه أصال مل يكن معروفا عند نزول الشريعة، لكن القول بأن التأمني ال خيالف

.4-3 سورة قريش، اآلية:1437.40نظام التأمني وموقف الشريعة منه، صالشيخ فيصل مولوي، : راجع:1438

.22نظام التأمني وموقف الشريعة منه، صمصطفى الزرقا، ذكره الشيخ فيصل مولوي، . أ: راجع:1439

450 من 373صفحة 373 - أأ ب ب- االلل

373

مث إن حاجة الناس .الربا والغرر والقمارقواعد الشريعة العامة فيه نظر، وذلك ملا يف التأمني من

كلة احلوادث املفاجئة بأي أسلوب شرعي كان، وال تقتضي بالضرورة قيام تقتضي إجياد حل ملش

1440.عقد التأمني

مستندا ، ما يصلح أن يكون أحكام الشريعة، وأصول فقهها ونصوص الفقهاءإن يف : ثالثـا

:ومن ذلك. جواز عقد التأمني يف قياسيـا واضحـا

: ةـام العاقلـنظ.1

ختفيف : ألوىلا: أن نظام العواقل يف اإلسالم يهدف إىل غايتنييشري األستاذ مصطفى الزرقا إىل

صيانة دماء ضحايا اخلطأ عن أن تذهب هدرا؛ ألن اجلاين : الثانيةأثر املصيبة عن اجلاين املخطئ، و

.املخطئ قد يكون فقريا ال يستطيع دفع التأدية فتضيع الدية

يا يف القتل غري العمد؛ ملا حيققه هذا فنظام العاقلة هو نظام تعاوين جعله اإلسالم إجبار

النظام من مصلحة قدر الشارع أمهيتها، وهو بذلك يلتقي مع نظام التأمني فيما يتعلق بتنظيم

التعاون بني الناس على ترميم الكوارث املالية اليت تلحق ببعضهم؛ ملا حيققه التأمني وخصوصا

واملصلحة اليت . صلحة اليت حيققها نظام العواقلالتأمني من املسئولية من مصاحل، تتجانس مع امل

يراها الشارع احلكيم بالغة من القوة درجة توجب جعلها ملزمة، ال يسوغ أن تصبح مفسدة، إذا

.حققها الناس على نطاق واسع بطريق التعاقد واملعاوضة

قياس عقد ال يرى، ردا على األستاذ الزرقا،1441 أيب زهرة حممدعلى أن فضيلة الشيخ

التأمني على حتمل العاقلة الدية؛ ألن العاقلة أسرة يربطها الدم، على التعاون يف حتمل الغرم

ويرى الشيخ فيصل مولوي أن 1442.واالشتراك يف كسب الغنم، وهذا ال يتوافر يف عقد التأمني

. ا تعاونيا حبتاقياس التأمني على نظام العاقلة هو قياس مع الفارق؛ ألن هذا التأمني ليس نظام

إذا كان نظام العاقلة نظاما شرعيا بال خالف، فلماذا ال نطبقه إلزاميا يف حدوده : ويضيف قائال

الشرعية، واختياريا فيما نتعاقد عليه، بدل أن نلجأ إىل نظام جديد، ليس أفضل منه وال أيسر يف

1443.ع سائر األنظمة الغربيةالتطبيق، وليس له ميزة إال أنه نظام قائم موجود وفد إلينا م

.42الشيخ فيصل مولوي، املرجع ذاته، ص: راجع:1440

.شيخ األزهر يف زمانه من القرن العشرين امليالدي، له مؤلفات حسان، منها امللكية، واجلرمية إخل:1441.81يد عبد اللطيف، املرجع السابق، ص املستشار حممد سع: راجع:1442

.46 نظام التأمني وموقف الشريعة منه، صالشيخ فيصل مولوي،:راجع:1443

450 من 374صفحة 374 - أأ ب ب- االلل

374

:واالةـد املـعق.2

وهو الذي يوايل رجال جيعل له والءه ،موىل املواالةوال يعقل " :-رمحه اهللا-قال ابن قدامة

وال احلليف وهو الرجل حيالف اآلخر على أن يتناصرا على دفع الظلم ويتضافرا على من ،ونصرته

، عشرية له ينضم إىل عشرية فيعد نفسه معهم وال العديد وهو الذي ال،قصدمها أو قصد أحدمها

وقال مالك إذا كان الرجل يف ،ويرثموىل املواالة وقال أبو حنيفة يعقل ،ذا قال الشافعيـو

1444."غري عشريته فعقله على القوم الذي هو معهم

عقد من أول من اختذ عقد املواالة دليال قياسيا على جواز ويعترب األستاذ أمحد طه السنوسي

، مستندا إىل أن أركان عقد املواالة تتفق إىل حد كبري وأركان عقد 1445التأمني من املسئولية

:التأمني املشار إليه، فهو

بني طرفني أوهلما موىل املواالة ويقابل شركة التأمني، وثانيهما املعقول عنه ويقابل عقد. أ

.املؤمن له

تزام موىل املواالة بالدية أو التعويض عن وض املايل، الذي يتمثل يف ال يتضمن عنصر الع. ب

اجلرمية اليت نتج عنها ضرر للغري، وهذا يقابل التزام شركة التأمني بدفع التعويض للمضرور

.يف التأمني من املسئولية

، إذا مل يكن له وارث يتضمن عنصر املقابل املايل، املتمثل فيما يتركه املعقول عنه من تركة. ج

. التزام شركة التأمني بدفع التعويضط اليت يدفعها املؤمن له نظريوهذا مقابل األقسا

كبري مع التأمني من هـإن عقد املواالة فيه شب: هذا بالقول1446ويؤيد األستاذ مصطفى الزرقا

املسئولية، فبمقتضى عقد املواالة يتحمل الويل املسئولية؛ أي الضمان املايل، الذي يترتب على

. رغم أن املوىل املتعاقد مل جين شيئا، اخلطأ الصادرة منه، وذلك بسبب العقداية جناملوىل، نتيجة

يستفيد الويل اإلرث من املوىل إذا مات من غري ) االحتمايل غري احملقق(ويف مقابل هذا التحمل

). وهو أيضا عوض احتمايل غري حمقق(وارث

:على أن البعض يعتـرض على ذلك فيقـول

.8/307: املغين:1444.م1953-هـ1373، سنة 25، جملة األزهر، الد "عقد التأمني يف الشريعة اإلسالمية" يف حبث له بعنوان: 1445سعيد حممد وما يليها، أشار إليه 22م، وطبعه بعد ذلك، ص 1961قه اإلسالمي بدمشق سنة يف حبثه الذي قدمه يف أسبوع الف:1446

.80عبد اللطيف، املرجع السابق، ص

450 من 375صفحة 375 - أأ ب ب- االلل

375

قط جتمع عقد التأمني مع عقد املواالة؛ ألن عقد املواالة جيعل غري العريب يف إنه ال جامعة . أ

أسرة عربية، ينتمي إليها ويكون كأحد أفرادها وحيمل امسها ولقبها، وهذا ال يتوافر يف املتعاقد مع

انيتها شركة التأمني، إذ إنه ال يعد واحدا منها، وليس عضوا يف مجعيتها العامة وال يتدخل يف ميز

1447.وما جيب يف أوجه االستقالل واإلنفاق

عقد املواالة هو حل استثنائي الحتواء غري العريب، الذي دخل يف اإلسالم، والتحق باتمع . ب

املسلم، وليس له فيه عاقلة، ومادام أنه حل استثنائي، جاء على خالف القياس، فال يقاس عليه

.غريه

ـا أساسيـة، وهي أكرب من وجوه مث إن بني عقد املواالة وبني ا. ج لتأمني من املسئولية فروق

:التشابـه، وهـذه الفـروق هي

طرفني متعادلني، بينما التأمني من املسئولية عمل جتاري بني إن عقد املواالة أساسه التناصر بني. أ

.طرفني غري متكافئني

اخلطأ أمرا احتماليا، كما بة على جنايةيف عقد املواالة يكون حتمل الويل للمسئولية املالية املترت. ب

أما يف عقد التأمني من املسئولية . أن اكتساب اإلرث أمر احتمايل أيضا، وبذلك يتعادل الطرفان

فإن اكتساب الشركة للقسط أمر مؤكد، بينما اكتساب املستأمن أمر احتمايل، فينعدم التعادل بني

1448.الطرفني

:د املالكيةد امللزم عنـة الوعـدالل.3

بالقول إن الشخص قد يعد غريه عدة إىل هذه الداللة،1449أشار بعض الفقهاء املعاصرين

والوعد امللزم . بقرض أو حتمل خسارة عنه أو إعارة أو حنو ذلك مما ليس بواجب عليه يف األصل

أن تتحمل عنه -لولو بال مقاب-لصاحبه يشبه عقد التأمني، حيث تلتزم شركة التأمني للمستأمن

فإذا وقع احلادث ، وجب الوفاء بالوعد، بناء على . أضرار احلادث املعين وتعوض عليه خسائره

، وعزاه إىل حبث األستاذ الزرقا السابق 80عبد اللطيف، املرجع السابق، ص بو زهرة، ذكره حممد سعيد أحممد الشيخ : راجع:1447

. الذكر.45-44 مولوي، نظام التأمني وموقف الشريعة منه، صالشيخ فيصل: راجع:1448علي اخلفيف، يف حبثه يف عقد . ، وأ58م، ص1951الزرقا يف حبثه الذي قدمه يف أسبوع الفقه اإلسالمي بدمشق سنة . أ: راجع:1449

.م1972 مايو -هـ1392التأمني املقدم لندوة البيضاء، يف ربيع األول سنة

450 من 376صفحة 376 - أأ ب ب- االلل

376

وعند احلنفية املواعيد ليست ملزمة إال يف حاالت ضيقة إذا . 1450بعض أقوال املذهب املالكي

.1451صدرت بطريق التعليق

املالكية األوسع يف هذه القضية، فإننا جند يف إننا إذا نظرنا إىل مذهب : يقول األستاذ الزرقا

ويشري األستاذ علي . قاعدة االلتزامات هذه متسعا لتخريج عقد التأمني على أساس الوعد امللزم

اخلفيف إىل أن التأمني ال يقل مرتلة عن وعد أقيم على سبب، إذ إنه يتضمن االلتزام بدفع التعويض

له، وإذا كان الوعد واجب الوفاء قضاء، فأوىل أن جيب الوفاء بااللتزام عند نزول الضرر املؤمن

. بالتعويض يف التأمني

فوق أا مما اختلف فيه - على هذا بالقول إن قاعدة الوعد امللزم1452ويعترض البعض

قد تصلح للتطبيق يف - الفقهاء ومل يأخذ ا مجهورهم، بل مل يأخذ ا مجهور املالكية أنفسهم

وفضال عن . حوادث فردية، ولكنها ال ميكن أن تصلح لبناء نظام كامل يتعامل به مثل نظام التأمني

ذلك، فإن الوفاء بالوعد يدخل يف عقود التربعات، بينما يدخل الوفاء بعقد التأمني يف عقود

امللزم، املعاوضات؛ ألنه يكون مبقابل وهو القسط املدفوع، وعليه، فإن قياس التأمني على الوعد

. قياس مع الفارق

:ريقـان الطـ ضم.4

أخذ مالك فأنا فإن،اسلك هذا الطريق "لغيرهرجل يتمثل ضمان الطريق فيما لو قال

امنض" الهفأخذ م لكهفس ،حيحان صماـ كان الض،هجون عنه ممضالمولـ و،هذا ج عمو زو

مويرى األستاذ مصطفى الزرقا أن يف هذا النص عند احلنفية دليال استثنائيا قويا يف 1453.انـالض

.إباحة التأمني على األموال من األخطار

قوله اهدم دارك وأنا أسلفك ما الوعدالذي يلزم من : سحنونود يف سبب يلزمه بوعده، حيث قال املوعاملوعدوذلك إذا أدخل :1450

فال الوعديبىن به أو اخرج إىل احلج وأنا أسلفك أو اشتر سلعة أو تزوج امرأة وأنا أسلفك ألنك أدخلته بوعدك يف ذلك، أما جمرد

إذا كان وعده مقرونا بذكر :أصبغوقال . خالق؛ أي إمنا يوجب املسئولية اخللقية فحسبيلزمك الوفاء به، بل الوفاء به من مكارم األ

السبب، حيث قال يقضى عليك به تزوج املوعود أم ال، وكذا أسلفين ألشتري سلعة كذا لزمك، تسبب يف ذلك أم ال، والذي ال يلزم

.4/54:روقـالف: راجع. من ذلك أن تعده من غري ذكر سبب

.6/212: السرخسي، املبسوط، كتاب الطالق، باب اخليار :راجع:1451.49، صاملرجع السابقفيصل مولوي، : راجع:1452

.2/588:، و جممع الضمانات3/277:الفتاوى اهلندية: راجع:1453

450 من 377صفحة 377 - أأ ب ب- االلل

377

وقد اعترض عليه بنفس ما اعترض على داللة الوعد امللزم؛ من أنه حل استثنائي ملشاكل

1454.خبالف التأمني؛ الذي يدخل يف املعاوضاتفردية، وأنه يتخلل عقود التربعات،

أثر العرف أو املصلحة أو الضرورة يف استنباط حكم التأمني يف الشريعة :رابعـا

أن عقد التأمني قد احتل أمهية كربى وذاع وانتشر يف مجيع ذكر فضيلة الشيخ علي اخلفيف

دعامات اليت يقوم عليها النشاط البالد، وذلك ملا حيققه من مزايا وفوائد، حبيث أصبح من أهم ال

االقتصادي، فضال عما حيققه لألفراد من مصاحل شخصية واجتماعية، فهو يبعث فيه االطمئنان

ويشعره باألمان مبا حيققه له من مزايا وضمانـات إذا أصيب مبرض أو عجز أو شيخوخة، ومبا

ع وهذه مجيعها حتقق حكمة الشار. حيققه لذويه من أن يعيشوا يف يسر ويف مأمن من غوائل الدهر

.يف كثري من األحكام؛ مثل التعاون على اخلري

وبسبب ما حيققه التأمني من مزايا ومصاحل، فقد بلغ مستوى العرف العام يف مجيع البالد

وال يقدح فيه أن عدد املؤمن هلم بالنسبة إىل غريهم قليل، وأن من الناس من ينكره، إذ . اإلسالمية

باشره كل فرد من أفراد األمة، وال أن يعمل به ال يشترط يف أن يصري الشيء عرفا عاما أن ي

أكثرها من ناحية العدد، وال أن يكون عليه إنكار، فالعرف هو األمر املتكرر من غري عالقة عقلية،

ن ومثل عقد التأمني يف ذلك مثل عقد االستصناع، بل إن انتشار عقد التأمني وذيوعه أعظم م

ومن 1455انتشار عقد االستصناع، ومل يقدح يف أن يكون عقد االستصناع عرفا عاما أن الشافعية

. ذهب مذهبهم ينكرونه

يف ااالت االقتصادية بل إن احلاجة إىل عقد التأمني تكاد تقارب الضرورة، ال سيما

ى الفرد بإمكانياته مواجهتها لوال وجود التأمني؛ لذا وجماالت مواجهة املخاطر اليت يستحيل عل

اقتضت احلاجة الستمرار مشروعات التأمني الكربى والتوسع فيها، تقاضي أقساط التأمني، وذلك

.يستوجب جواز عقد التأمني وبقائه

وقد اعترض عليه بأن يف التأمني االجتماعي مندوحة عن التأمني؛ ملا فيه من شبهة، كما دعا إىل

1456.تبين مجعيات تعاونية هلذا الغرض

1454.50، صاملرجع السابقالشيخ فيصل مولوي، : راجع:

1455.1/447: ، و فتاوى السبكي4/173: الوسيط:راجع:

: ، أشار إليه1951 يف أسبوع الفقه اإلسالمي بدمشق سنة مصطفى الزرقاحممد أبو زهرة، يف رده على حبث األستاذ الشيخ : راجع: 1456

.11عيد عبد اللطيف، املرجع السابق، صحممد س

450 من 378صفحة 378 - أأ ب ب- االلل

378

.II اـرد عليهـن والـة املانعيـأدلأهم:

. العلماء املعاصرين ينكرون التأمني، مبا فيه التأمني من املسئولية انربى مجاعة من الباحثني و

منها ما ذكرناه يف معرض الرد على أدلة ايزين، إذ يكفي اإلشارة . وهلم يف ذلك عدة أسانيـد

يه؛ منعا للتكرار الذي ال طائل منه، ومنها ما سأعرضه بشيء من اإلجياز غري املخل، مع توجيهها إل

لتقتصر على التأمني من املسئولية املدنية الطبية؛ لتحاشي االستطراد والطول، وهو ما ال تسمح به

.حدود هذه الدراسة

:رر يف عقد التأمنيـأثر الغ:أوال

التأمني يشتمل على الغـرر؛ ألن ال أحد من الطرفني يعلم مقدار يرى هذا االجتاه أن عقد

.ما يدفع ومقدار ما يأخذ، فقد يقبض أحد الطرفني أكثر مما دفع أو أقل، وهو منهي عنه

واعترض عليهم بأن الغرر إمنا ي عنه؛ ألنه قد يفضي إىل الرتاع ، فإذا اتفق األطراف،

عت علة التحرمي، فارتفع معها املعلول، وهو القول بتحرمي التأمني ارتفع الرتاع، ويف هذه احلال امتن

.ملا فيه من غرر

: انعدام التعادل بني األقساط ومبلغ التأمني وما يثريه من شبهة الربا:اـثاني

. هذا االجتاه أن مبلغ التأمني إذا زاد عن األقساط املدفوعة، فهو ربا، والربا منهي عنهيرى

خ أيب زهرة يف هذه احلالة أن عقد التأمني يعترب صرفا باطال؛ ألنه شراء دين ويرى فضيلة الشي

1457.بدين، وعقد الصرف ال يصح إال بالقبض

على أن ايزين يردون ذلك بأن ربا الفضل يتحقق يف مبادلة مال مبال زائد، عند احتاد

وربا النسيئة . ها، أو ما أحلق اجنس البدلني، إذا كان من األصناف الربوية الستة املنصوص علي

هو ما يتضمن فضل مال يف مقابلة األجل؛أي تأخري الوفاء، أو بعبارة موازية، يتحقق ربا النسيئة

وعقد التأمني خال من الربا؛ ألن املعاوضة . بتأخري قبض البدل، ويسري على هذا أحكام الصرف

.وبني منفعة تتمثل يف حتملها تبعة الكارثة أو الضمانفيه معاوضة بني نقود تدفع أقساطا للشركة،

.IIIةـار يف هذه املسألـختالرأي امل:

أن ما ذهب إليه أصحاب االجتاه األول ايز للتأمني، خصوصا - يف اعتقادي- ال ريب

فلنتصور كم من اإلشكاالت ميكن أن تطرح يف اال . التأمني من املسئولية، هو عني املصلحة

طيب، إذا مل يكن هنالك تأمني؟ فبالنسبة لألطباء سوف يدفع الكثري منهم إىل مسح كل أثر يدل ال

.95¡83، ص يف أسبوع الفقه اإلسالميحبثه املشار إليه : راجع:1457

450 من 379صفحة 379 - أأ ب ب- االلل

379

Les"على مسئوليته؛ كإحجام بعض األطباء عن كتابة الدفتر الطيب feuilles de protocoles"

ال للتدخل الطيب بشكل مفصل، أو كتابته مع عدم التوقيع والتأشري عليه، أو تقدميه إىل طبيب

حيمل الصفة واملؤهالت الالزمة؛ ككتابة تقرير عن عملية جراحية من طبيب عام مناوب أو من

طرف طبيب ال زال يف طور التكوين؛ مما يسهل للطبيب احلاذق عدمي الضمري اإلفالت من

يام وعليـه، ففي القول بإلزام الطبيب الق. املسئولية، وإن اهللا ليزع بالسلطان ما ال يزع بالقرآن

بالتأمني من املسئوليـة سـد لذريعـة الفسـاد، وحفظ ومحايـة ملصلحة الطرف الضعيف، أال

. وهو املريض

ويف املقابل، إن بقاء الطبيب مهدد بإمكان تسليط سيف املسائلة عليه، سوف يدفعه إىل أن

التخصصات يحجم عن أن يتحلى بالشجاعة واجلرأة الالزمتني يف مهنتهما، خصوصا يف بعض

احلساسة، وهو ما من شأنه أن يقعده عن ارتياد اخلطر، وتطوير البحث العلمي يف اال الطيب،

الذي هو يف صراع أبدي مع العلل، اليت طورت بدورها من أساليبها، فال يكاد ميضي زمن إال

خطر رجوع مسعنا فيه مبرض جديد، ويف فرض إلزامية التأمني من املسئولية محاية للطبيب من

املضرور عليه بالضمان، وما ال يتم الواجب إال به فهو واجب، فكان تفعيل التأمني من املسئولية؛

. حتصيال للمقصود، واجبـا، وأدىن درجاته اجلواز

ويف كلتا احلالتني السابقتني حتري مقلـة املصلحة الشرعية، اليت توازن بني املصاحل

. صلحة العامـة دون ريباملتعارضة، وتراعي امل

IV.حنو تأمني ذي طابع إسالمي:

ال أحد يشك يف أن اعتماد شركات تأمني إسالمية، تقوم على التعاون، وتصرف مصارفها

. فيما حيل، وال يكون مهها مجع املال بقدر ما يكون مهها الشاغل هو تقدمي اخلدمة للمتعاملني

كما . على أنه عقد إجارة مشتركةمتها، مؤسسوأظن أن حصول هذه الشركات على مقابل خلد

ية ومواجهة األزمات املالية، اتجيوز للشركة أن حتصل على ربح لتطوير قدراا التنافسية واخلدم

تسعفها املؤهالت ال وهذا ما جيعل شركات التأمني أقدر على غريها من اجلمعيات اليت قد

م املالية أن شركات تأمني 2009-2008 أزمة بعد أن ال حظنا خاللواخلربات الالزمة، خصوصا

عمالقة، بل بنوك عريقة زالت من الوجود أو غريت استراتيجياا؛ بأن جلأت إىل شراكة حكومية

.أو خاصة

450 من 380صفحة 380 - أأ ب ب- االلل

380

وبناء عليه، يبدو أن احلكمة يف اإلبقاء على الشيء وتطويره، وصوال إىل اهلدف املنشود،

لحة الشرعية تقتضي أنه إذا بطل األصل صري إىل البدل، و احلكمة بل املص. أوىل من القول حبرمته

عقد ى املصلحة يف اإلبقاء علوأما نقض األصل دومنا بدل فلم يقل به عقل وال شرع، وبالتايل، ف

. واهللا تعاىل أعلم، مع تعديلهالتأمني من املسئولية

من املسئولية يف اال وبناء على هذا التحليل، ال أرى مانعا من القول جبواز عقد التأمني

الطيب، بالضوابط اليت أشرنا إليها، فإذا زال املانع؛ بأن أصبحت لنا القدرة الكافية الستحداث

تأمني إسالمي، ارتفع املمنوع، وهو قولنا جبواز التأمني من املسئولية على صورته احلالية بدواعي

.انه ورسوله الضرورة واملصلحة، فما املصلحة إال فيما شرع اهللا سبح

450 من 381صفحة 381 - أأ ب ب- االلل

381

خــامتــة

يف اية هذا البحث، ال يسعين يف حدود هذه الدراسة املترامية األطراف، ما بني اجلانب

الحظات القانوين وجانب الشريعة، أن أشري إىل كل النتائج املتوصل إليها، إمنا يكفي اإلشارة إىل امل

. الرئيسية؛ اليت حيق علينا أن نطلق عليها زبدة البحث نصا واستنباطا

وأهم نتيجة يف هذا البحث هو تبيان صحة القول بانعقاد املسئولية املدنية عن اخلطأ ـ

إذ بينما نادى بعض فقهاء القانون ردحا من . الطيب من عدمه، وبيان حدود اخلطأ إن صح ذلك

وعرف هؤالء بأصحاب النظرية الشخصية، طرأت عوامل عديدة ئولية دون خطأ،الزمن أنه ال مس

عن تغطية ما استجد من حوادث اقتصادية وفلسفية، بل وحىت قانونية، متثلت يف القصور التشريعي

ضد ،طالب العمال الضعفاء بإثبات خطأ أن ياإلنصافمل تكن معروفة من قبل، وأصبح من غري

ظهور شركات التأمني هذا فضال عن . طبقا للقواعد القانونية التقليدية؛ىأصحاب املصانع الكرب

ر ضمانات كافية للمتضرر، ـلزمة بالتأمني، مما وفم تشريعات ما رافقها منعلى املخاطر، و

.وجعله حيصل على تعويض بأقرب السبل وأسهلها

حيث دعا إىل هجر فكرة هذه العوامل كلها، كان هلا األثر البالغ يف فقه القانوين املدين؛

وما كان هلا من تأثري على القضاء؛ حيث التبعةأو نظرية املخاطراخلطأ واستبداهلا ببدائل؛ أبرزها

يليها يف األمهية . تبنت فكرة اخلطأ املفترض، وهذا فضال عن تأثريها يف كثري من التشريعات احلديثة

. ، بيد أنه مل يكتب هلا ما لسابقتها من جناحةاليت هي صورة خمففة من حتمل التبعنظرية الضمان؛

واعتنق هذا االجتاه أصحاب املسئولية املوضوعية، الذين يهتمون مبحل االلتزام، املتمثل يف ضرورة

تعويض من أصيب بضرر طيب مطلقا، بغض النظر عن طريف االلتزام، والبحث يف مسلك الفرد يف

. اتصافه باخلطأ من عدمه

، يبدو أن النظرة املتوازنة ليس يف القول بضرورة توافر اخلطأ النعقاد املسؤولية يهبناء علو

املدنية، فقد يشق على املضرور إثباته إذا اتسم بالصفة الفنية، فينجو الفاعل ويتملص من املسؤولية،

ما فباطل،ضي ذلك على ضياع احلقوق، وتغليب مصلحة طرف دون آخر، وكل هذا باطلففي

اخلطأ وليس الصواب يف القول جران. وهو ضرورة اشتراط اخلطأ النعقاد املسؤولية،يهيؤدي إل

اضمحالل املسؤولية إىل ألن ذلك يؤدي من خالل مؤسسات التأمني وحنوها مطلقا؛وأفوله

ومن جهة أخرى، .ى إشاعة ثقافة اإلمهال والتقصري واالتكال، هذا من جهةعلالفردية، والتشجيع

450 من 382صفحة 382 - أأ ب ب- االلل

382

بضرورة توافر االلتزام ببذل -مثال- ق العقداطن القاضية يف ، من خرق لقواعد القانونملا يف ذلك

ة ـة للقول مبسؤوليـ قياس درجة تلك العنايى مريضه، ومدجتاهالعناية الالزمة من طرف الطبيب

.عدمها الطبيب أو

عن الفعل أ يف ميدان املسؤولية التقصريية ـال مناص من اشتراط اخلطيبدو يل أنه لذلك،

رر ـر أو الضـبينما يلعب اخلط .الشخصي، ويف املسؤولية العقدية يف دائرة االلتزام ببذل عناية

ا يف جمال املسؤولية التقصريية عن فعل الغري وعن حراسة األشياء، وكذلك يف إطار ـدورا رئيسي

ـأ يلعب اخلطومع ذلك سمياته، م على اختالف ،املسؤولية العقدية يف دائرة االلتزام بتحقيق نتيجة

.الـا أو مكمـ دورا ثانوي-حينئذ–

وال زال للخطأ أمهية كربى يف كل من التشريع و القضاء اجلزائري، وأكرب عائق ال زال

يواجه املريض، خصوصا يف بالدنا اجلزائر، هو صعوبة إثبات خطأ الطبيب؛ ألن احلصول على

دخل العالجي، مؤشر عليها بتوقيع الطبيب الرئيسي، مرفقا وثائق رمسية مفصلة للحالة املرضية والت

بذكر بياناته؛ كما تنص على ذلك الربوتوكوالت الطبية، بات أمرا متعذرا، سواء يف القطاع العام

أو القطاع اخلاص، وإذا أمكن املريض أو ذووه، باستعمال حيلهم ووسائلهم اخلاصة، إثبات بعض

. إثبات كل جوانب احلالة الطبيةحيثيات الواقعة، فمن العسري

وبناء عليه، إن مل نقل بضرورة تبين فكرة اخلطأ املفترض؛ مثلما هو عليه احلال يف حوادث

، وكل ما يتعلق به مثل قانون التأمني وقانون الضمان 1458املرور، جيب مراجعة قانون الصحة

مينح -مثال-لتأمني اجلزائري فال زال قانون ا. االجتماعي، بشكل شامل ليستجيب ملتطلبات الواقع

تعويضات جمحفة للمتضررين، بناء على نسبة الضرر املؤشر عليه يف تقرير اخلبري الطيب، مما جيعل

.البعض يستبعد التسوية الودية، ويلجأ إىل التسوية القضائية، رغم ما فيها من إجراءات وتكاليف

، فهو ال يشترط يف الضرر املوجب ديـةنزعة ما ذو واالجتاه الغالب يف الفقه اإلسالمي أنه

ذلك ألن ؛للتعويض أن يكون ناشئا عن اعتداء وخمالفة حمظورة، بل جيب الضمان فيه مطلقا

علةالشريعة اإلسالمية جتعل الضرر العلةجدت وسببا للتضمني، فإذا و ج وواإللزام يف املعلولد ،

ال إدراك له يف ن مانـتكليف، ولذا لزم الضمذلك إمنا هو من خطاب الوضع ال من خطاب ال

غلت ذمته به دون أن تشغل ذمته باألداء، وإمنا جيب األداء يف كصغري ال يعقل أو جمنون، وش؛ماله

.هذه احلال على من له والية على املال

.505املسئولية املدنية لألطباء، ص رايس حممد، .د: ثالانظر م. وهو ما نادى به بعض الباحثني اجلزائريني:1458

450 من 383صفحة 383 - أأ ب ب- االلل

383

تغري قيمة الضرر النقدية يفـ ومن النتائج املهمة اليت تتعلق بالضرر الطيب، حتقيق مسألة

وهو ما حدا مبحكمة النقض . مستمر جسدي عن ضررا تعويضحالة ما إذا حدد لشخص

يزداد التعويض إذ.الفرنسية حديثا، إىل االعتداد بزيادة األسعار الالحقة بعد صدور احلكم النهائي

نية اليت جلأت يف مقداره، بقدر الزيادة يف أسعار املواد الالزمة إلصالح الضرر، وتتجسد الوسيلة الف

une»إليها لتحقيق هذا الغرض يف ربط التعويض احملكوم به يف صورة إيراد دوري قياسي rente

viagère indexée»مثل حالة ؛، حسب مؤشرات األسعار املعيشية أو معدل الدخل الفردي أيضا

ب الذي اإلصابة بالعجز الكلي عن العمل، حيث يضمن املصاب احلصول على مبلغ يساوي الرات

.كان ينبغي أن يقبضه لو ال حصول احلادث

وعليـه، للقاضي أن يستعني بوسيلة حسابية تقيم التناسق املستمر بني مقدار التعويض

¡131وقيمة الضرر، وهذه طريقة موازية للطريقة اليت ينص عليها القانون املدين املصري يف املادة

اليت قوامها أن للقاضي، إن مل يتيسر له حتديد مقدار ؛ 170والقانون املدين اجلزائري يف املادة

التعويض حتديدا كافيا، أن حيتفظ للمضرور باحلق يف أن يطالب خالل مدة معقولة بإعادة النظر يف

التقدير، لكن الطريقة اليت ابتدعتها حمكمة النقض الفرنسية أفضل، ألا ال تكلف املضرور عناء

.سايرة التعويض لقيمة الضرررفع دعوى جديدة، ليصل إىل م

، حيث أجاز تعديل التعويض 30/12/1975بتاريخ ذلكوقد توىل التشريع الفرنسي

املقضي به يف صورة مرتب ملدى احلياة، وحتديد مقدار الزيادة يف اإليرادات، دون اشتراط طلب

ما مينع من - نراه وهو ما- وال يوجد يف رأي بعض الفقه العريب. املضرور إعادة النظر يف التعويض

األخذ مبا ذهب إليه كل من القضاء والتشريع الفرنسي احلديث، يف ظل نصوص قانونية تسمح بأن

وتفاديا حلجية الشيء املقضي به، اليت متنع من إعادة 1459.يكون التعويض يف صورة إيراد مرتب

يستطيع القاضي أن يأمر النظر يف تقدير اإليراد بعد أن حدده القاضي يف حكمه مببلغ من النقود،

يف ذات احلكم بتغيري مقدار اإليراد بتغير سعر النقد، وال حرج على القاضي يف ذلك، إذا كان قد

.روعي يف التعويض املقضي به، أن يكون خمصصا لنفقـة املضرور

.مدين كوييت جديد246مدين جزائري، واملادة132مدين مصري، واملادة171/1املادة: راجع:1459

450 من 384صفحة 384 - أأ ب ب- االلل

384

مدين جزائري بأنه إذا كان التعويض مقسطا أو إيرادا مرتبا، فإنه 132/1وقد نصت املادة

جيوز إلزام املدين بتقدمي تأمني، وذلك حىت يكون السداد مضمونا، وقد يتم التعويض يف صورة

1460.أسهم أو سندات، وقد يتم يف صورة تقدمي حق عيين للمضرور؛ كحق انتفاع أو استعمال

ملقدار التعويض، هو األصل يف املسؤولية التقصريية، وهو الغالب 1461مث إن تقدير القضاء

والقاعدة أن تقدير التعويض يكون وقت صدور احلكم القضائي 1462.ية العقديةيف املسؤول

النهائي، حيث يكتمل يف هذا الوقت عناصر الضرر احملققة، وفقا لقيمتها يف ضوء تغري القيمة

تقتضي تقدير التعويض، بناء على قيمته يف 1463الشرائية للنقود، ومع ذلك فإن هنالك اعتبارات

حلكم النهائي؛ كتجمد الضرر بناء على إصالح املضرور للضرر، وبالتايل وقت سابق على صدور ا

يضع حدا لتفاقمه، أو خطأ املضرور املؤثر يف تقدير قيمة التعويض، ومن ذلك رفضه عرض

املسئول بإصالح الضرر، فيتسبب خبطئه يف اشتداده، وحتمل املسئول األثر املترتب على اخنفاض

قضائي؛ حبيث تتحدد قيمة التعويض يف وقت سابق على هذا األسعار وقت صدور احلكم ال

فإن بدت ناقصة عما كان عليه وقت حصول . االخنفاض، بالقدر الذي يغطي الضرر تغطية كاملة

الفعل الضار، اعترب ضررا إضافيا حمققا، ينبغي جربه بالتعويض يف حدود هذا الفرق، وليس من

ضياع فرصة، طاملا أنه لن يعتد بشأنه باألسعار املتباينة من األضرار االحتمالية، أو جمرد ضرر عن

.وقت وقوع الفعل الضار إىل حني صدور احلكم القضائي

ـ وفيما يتعلق بالتعويض عن الضرر، هنالك تيارات ملحوظة يف الفقه اإلسالمي تتجه إىل

تغري السعر يف باب تأثريفالشافعي جيعلها مضمونة يف الغصب، واملالكية يراعون . ضمان املنافع

بلزوم الضمان إذا نقص ، وأبو ثور،قد قال ابن حزم وبعض شيوخ احلنابلة و،- كما تقدم-التعدي

، واحلنفية جيعلون األجرة والربح للغاصب، ولكن ذلك ال يطيب له، 1464الشيء باخنفاض األسعار

1465. ولو دفع الغلة إىل املالك حل للمالك تناوهلاوجيب عليه أن يتصدق ا،

.210علي سلميان، دراسات يف املسؤولية املدنية يف القانون اجلزائري، ص. د: راجع:1460.ج.م.ق182، 131ملقدر يف العقد أو القانون، راجع املوادخصوصا يف حالة غياب التعويض ا:1461.216-217 علي علي سليمان، املرجع السابق، ص. د: راجع:1462. وما يليها63، صالسابقأمحد شوقي، املرجع . د: راجع:1463.، على التوايل152-1/151: وقواعد األحكام¡6/155: ، واإلنصاف8/139: احمللى: راجع:1464.1/313:جممع الضمانات:عراج :1465

450 من 385صفحة 385 - أأ ب ب- االلل

385

وبناء على هذا االجتاه الفقهي، ميكننا القول بالتعويض عن املنفعة ، فإن فعل التطبيب

باعتباره عقد إجارة عامة أو مشتركة، يستوجب التعويض عن أية خسارة حتملها الدائن املريض،

وعن أي ربح فاته؛ ألن هذه املنفعة مال متقوم بالعقد ضاع على الدائن، وهو ضرر متفرع عن

. ر األصلي، فحكمه حكم األصل، فيعود به على املدين الطبيب على أساس املسؤولية العقديةالضر

وحىت على فرض أن فعل الطبيب أفضى إىل ضرر املريض يف غري صورة العقد؛ مثل تعامل املريض

مع طبيب يف مستشفى عام، حيث يعترب خدمة عمومية منظمة بقوانني الئحية، فليس هنالك ما

قول بالتعويض عن املنفعة، على ضرر متفرع عن الضرر األصلي، حيث يكون حكمه مينع من ال

ويف كلتا الصورتني، جيب . حكم األصل، أنه جيب فيه الضمان، بناء على املسؤولية التقصرييـة

.على من يزعم ضياع أو فوات منفعة إثبات ذلك

تفويت الفرصة هو ء بأن أما بالنسبة للتعويض عن فوات الفرصة، فقد قرر مجع من الفقها

ذلك ال مينع - على ما سبق بيانه- المتناع شرط املاليةضرر معنوي ليس فيه تعويض ولكن ،

إىل أن التعويض ال 1467 و ذهب البعض1466 .التعزير؛ مبا يراه ويل األمر حمققا للمصلحة العامة

لألضرار احملتملة تأثري ":احملتملة مؤكدة الوقوع ال مظنونة؛ حيث قال يسوغ إال إذا كانت األضرار

وإن ". يف تقدير التعويض، إذا كانت مؤكدة الوقوع؛ ألا عندئذ تكون يف حكم الواقعـة فعال

أو األضرار املتوقعة نتيجة تفويت فرصة، :" اعترض على تفويـت الفرصـة يف نفس املقام فقال

فبني مناط ". قه اإلسالميوغري ذلك من األضرار غري مؤكدة الوقوع، فال تعويض فيها يف الف

الرفض من التعويض عن فوات الفرصة؛ بأا من مجلة األضرار غري مؤكدة الوقوع، وفقهاء القانون

بينوا أن تفويت الفرصة من حيث هو؛كوسيلة تستعمل للوصول إىل املراد، هي - كما تقدم- املدين

يف تصوري - هو ما يتماشىضرر حمقق، بصرف النظر عن مآل الضرر، سلبا كان أم إجيابا، و

فلو منع . مع قواعد الشريعة القاضية بسد ذرائع الفساد، فكيف يسيغ لنا القول بفتحها-اخلاص

أحد غريه بأي وسيلة كانت؛ مثل تأخر وسيلة نقل جوي عن موعدها، ففوت عليه ميعاد إجراء

د ذاته ضرر حمقق، بقطع النظر عملية جراحية مجدولة منذ مدة، فعدم إجرائه للعملية يف موعدها حب

عن إفضائها إىل ضرر بالنفس أو دوا من األعضاء؛ أو عدم إفضائه لذلك، فذلك ضرر آخر، لو

حصل ميكن أن ينسب إليه، ولو مل حيصل فال يفلت من التبعة عن الضرر األول، ولو مل نقل بذلك

.46علي اخلفيف، الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص . ، وأ212¡119حممد النشار، املرجع نفسه، ص.د: راجع:1466.262-261حممد بوساق، التعويض عن الضرر يف الفقه اإلسالمي، ص . د: راجع :1467

450 من 386صفحة 386 - أأ ب ب- االلل

386

نفعة؛ أي مدخال عليه ضررا، دون أن يقع لفتحنا بابا واسعا ملن أراد أن يضر بغريه، مفوتا عليه م

.حتت طائلة املسؤولية، وهذا هو عني فتح ذرائع الفساد، والشرع منعنا من ذلك

بيد أن التعويض عن هذا النوع من الضرر، مشروط بوجود بينـة قطعيـة ثابتـة، ال

ليه الفقـه ما ذهب إ- يف تصوري اخلاص-وبناء عليـه، فال خيتلـف. احتمالية وال مفترضة

.اإلسالمي عن ما توصل له فقـه القانـون املـدين

وبناء على ما سبق من حتليل، فإن القول بأن فكرة الضرر يف الفقه اإلسالمي حمدودة

، غري صحيحة؛ ملا بينا من آراء فقهية، متثل اجتاهات عريضة 1468ضيقة، كما أشار إليها البعض

الذين استقوا آراءهم من معني الشريعة اإلسالمية للسادة العلماء؛ من فحول الفقه اإلسالمي،

الغـراء، وإمنا غاية ما يف األمر، ميكن القول بأن فكرة الضرر يف الفقه اإلسالمي منضبطة حبدود

. الشرع

ـ إن رابطة السببية من األمهية مبكان، حبيث إن معظم الرتاعات املطروحة أمام قضاء

وهذا صحيح، فمن الوسائل القانونية اليت عمد إليها 1469.ةالنقض تتعلق بتأسيس رابطة السببي

اليت حتاول إصباغ القضاء اجلزائي الفرنسي لرفض الفصل يف الدعوى املدنية املطروحة أمامه؛

دعوا بالصبغة اجلزائية، والتحرر من شكليات بعض الدعاوى املدنية املفروضة، والتحرر من عبء

. نفي حلقة السببيةاألصول املدنية، هو وسائل اإلثبات احملددة حصرا يف

وإن إثبات السببية من طرف املتضرر، طبقا للنظرية التقليدية؛ القائمة على اخلطأ الواجب

اإلثبات، صعب للغايـة، وإن كان سهل التطبيق بالنسبة للقاضي، كما أن نفيهـا من طرف

ليت تفترض اخلطأ يف جانبه، صعب املنـال، إلعفائه من املسؤولية؛ طبقا لنظرية املخاطر، ا الطبيب

يستعني بتقرير اخلرباء للتأكد من صحة - مع ذلك- على سهولة تنفيذه بالنسبة للقاضي، الذي

.استنتاج اخلطأ املفترض

لكن الصعوبة والغموض تكون أكثر ما تكون حينما تتعدد األسباب املنتجة للضرر،

فمن املتصور أن يتبىن القانون اجلنائي .وبة يف كشفهخبالف السبب املعزول، الذي ال يثري صع

، وال خطورة "نظرية تكافؤ األسباب"معيارا يوسع من نطاق رابطة السببية؛ كاملعيار املستمد من

إىل نتائج ليس من العدالة أن يسأل املتهم – وفقا هلذا املعيار –يف ذلك، فإذا امتدت رابطة السببية

.6/168 :عبد الرزاق السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي. د:انظر:14681469 : Sylvie Welsch, Responsabilité du médecin, p.165.

450 من 387صفحة 387 - أأ ب ب- االلل

387

يستبعد املسؤولية عن هذه النتائج، إذا مل – املتمثل يف اخلطأ أو القصد –عنوي عنها، فإن الركن امل

وهذا يعين أن اخلطأ يصلح يف القانون اجلنائي من عيوب معيار متسع لرابطة . تثبت اخلطيئة إزاءها

.السببية

فإن ولكن هذا القول غري صحيح يف القانون املدين، فإذا قامت املسؤولية املدنية دون خطأ،

تبين معيار متسع لرابطة السببية، يؤدي إىل مساءلة املدعى عليه عن أضرار ليس من العدالة أن

ويعين ذلك أن القانون املدين، وخاصة يف حاالت . يسأل عنها، وال وسيلة من اخلطأ إلصالح ذلك

ومؤدى . بية لرابطة السب– أو على األقل معتدال –املسؤولية دون اخلطأ، يتطلب معيارأ مضيقا

ذلك، جـواز اختالف معيار رابطة السببية يف القانون اجلنائي عنه يف القانون املدين، فيكون األول

.موسعها والثاين مضيقا

نظرية "وهذا االختالف بني القانونني واضح يف القضاء األملاين، فبينما تبىن القضاء اجلنائي

ويف فرنسا أخذ القضاء املدين 1470،"لسببية املالئمةبنظرية ا"أخذ القضاء املدين " تكافؤ األسباب

بنظرية تكافؤ األسباب، حينما كان أصل اشتراط اخلطأ؛ باعتباره ركنا يف املسؤولية املدنية غالبا،

، "حتمل التبعة"فلما اجته التطور التشريعي إىل التوسع يف قرائن اخلطأ، ودخلت يف القانون حاالت

1471.ثر تضييقا لرابطة السببيةاجته القضاء حنو معيار أك

ºاالجتاه األولوإزاء هاتني النظريتني السابقتني، تولد لدى الفقه نوعني من الردود متثل يف

االجتاه الثاين وذهب أصحاباع فكرة السببية ألي معيار علمي، إخضصعوبةالبعض حيث رأى

اإلحصاء؛ اليت ميكن أن توظف على من خالل االستعانة بقوانني¡ملالئمة تطوير نظرية السببية اإىل

مدى يفالتقدير املوضوعيإذ يتمثل . شخصي: موضوعي، وثانيهما: صعيدين خمتلفني، أحدمها

فكرة االحتمالية، اليت تعد دون شك أكثر الوسائل للتأكد من ، باستعمال احتمال حدوث الضرر

ني الواقعة املولدة للضرر واملسؤولية وعليه، يقدر القاضي الصلة القائمة ب. األسباب املنتجة للضرر

على أنه يؤخذ على هذه احملاولة، أا . تقديرا إحصائيا، وذلك باالستعانة باخلربة عند االقتضاء

تستند من ناحية، على عناصر غيـر مؤكدة أو أجنبية عن فكرة السببية، ومن ناحية أخرى، فإن

نة بفكرة االحتماالت هذه، يهجرها القضاء االستقـراء يدل على أن أسلوب التقدير باالستعا

1470 Nagub Hocni, le lien de causalité en droit pénal, 1955, N°10 : السابق، عادل جربي،املرجع.إليه د أشار

262 ص 1471 Marty (G), la relation du cause et effet comme condition de la responsabilité civile, rev. Trim. Dr.Civ. 1939, p.685 et s ; Mazeaud (H.L) et Tunc (A), traité théorique et pratique de la responsabilitécivile délictuelle et contractuelle,1960,T.II, N01442, p359 .

450 من 388صفحة 388 - أأ ب ب- االلل

388

بصورة متزايدة، وهذا فضال عن أن ما سوف يقدره القاضي، باعتبار أنه عامل حمتمل إلحداث

الضرر، إمنا سيكون يف احلقيقة، هو العامل الذي جيب على الشخص املعتاد أن يتوقعـه، وهكذا

.ليس عنصر السببية ذاتـهنعود مع فكرة التوقع هذه إىل تقدير عنصر اخلطـأ، و

، حيث اجته البعض اآلخر عن طريق يف مدى استطاعة توقع الضرر التقدير الشخصيتجسد وي

االستعانة لفكرة االحتماالت، إىل إدخال معيار التوقـع، فال يعترب سببا منتجا للضرر إال األحداث

على أن هذه . نتاج هذا الضرراليت كان جيب على الشخص املعتاد أن يتوقعها يف تقديره حمتمة إل

احملاولة، ميكن أن يرد عليها أيضا نفس املآخذ؛ من حيث أا بقيامها على تقدير سلوك مرتكب

.الفعل، إمنا تعود مرة أخرى إىل البحث عن اخلطأ

كما لف الغموض بعض مقومات فكرة السبب األجنيب؛ كعدم إمكان التوقع، الذي

قائل باملعيار الشخصي، وقائل باملعيار املوضوعي، وجامع بينهما يف اضطربت فيه املعايري، بني

معيار يأخذ من كل معيار حماسنه، ويتجنب مساوئه، وميكن تسمية هذا املعيار باملعيار املختلط، أو

لكن هذا املعيار يبقى أمرا سهال باعتبار .عيار الشخص املعتاد بني نظرائهمب ما ميكن أن يطلق عليه

. ولكنه أمر صعب من حيث التطبيقالتصور

أو رةـاملباشـ وحدد فقه الشريعة رابطة اإلفضـاء؛ بأن تكون إمـا على سبيل

املباشرة والتسبب بني مييـزالتضابـط ويرى البعض بأن 1472.، فال ضمان يف غريمهاةلسببيا

السببية بني فتحقق رابطة . 1473الذي يستند إىل قوة رابطة السببية، يعترضه بعض الصعوبـات

والضرر، تستوجب الضمان باملساواة، فلكل من املباشر واملتسبب - مباشرة كان أو تسببا- الفعل

ويرجع الفقه اإلسالمي التمييز بني املباشرة والتسبب من حيث شروط . ة بالنتيجة الضارةـعالق

ي بأن العلة باعتبارها ، وتقض1474الضمان إىل أحد القواعد األصولية اليت متيز بني العلة والسبب

وصفا مؤثرا بذاته يف احلكم، متصال به، فال حتتاج إىل أمر زائد يضاف إليها لثبوت احلكم، فيدور

معها املعلول وجودا وعدما، أما السبب فهو طريق إىل احلكم بدون تأثري، إذ ال بد فيه أن يتوسط

ال بزيادة وصف جيعله صاحلا للعلة أو يف حكم بينه وبني احلكم علة؛ لذلك ال يضاف إليه احلكم إ

.26وهبة الزحيلي، نظرية الضمان، ص .أشلر إليه د، 1/180:احملمصاين، النظرية العامة للموجبات والعقود. د: راجع:1472 دراسة مقارنة بأحكام الفقه - وانعكاساته يف توزيع عبء املسؤولية املدنيةعادل جربي حبيب، املفهوم القانوين لرابطة السببية.د:1473

.237، ص اإلسالمي.ين يف املبحث األول من الفصل األول هلذا البابمن املطلب الثا أشرنا إىل تعريفهما يف اللغة واالصطالح يف الفرع الثالث:1474

450 من 389صفحة 389 - أأ ب ب- االلل

389

" املباشـرة" أما القول بأنه لكون رابطة اإلفضاء أو السببية يف حالة 1475.العلة وهو التعدي

تكون مباشرة؛ لعدم وجود ما يفصل بني فعل املباشر والضرر، فيجب الضمـان مطلقـا،

ني الفعل والضرر، فال يقوم الضمـان إال غري مباشرة؛ لوجود فاصل ب" التسبب"ولكوا يف حالة

بشروط أخرى؛ هذا القول بعيد عن الصحة، و ال مستند له، بل خمالف لقواعد ومنطق الضمان،

فالفاصل بني فعل املتسبب والضرر، إما أن يترتب عليه هدم رابطة السببية بني الفعل والضرر، وهنا

لى هذا الفاصل أي أثر من حيث إسناد الضرر إىل لن تقوم املسؤولية مطلقا، وإما أن ال يترتب ع

.املتسبب، ويف هذه احلال يكون وضعه وضع املباشر، وال تكون هناك حاجة الشتراط أمر آخر

وإن عدم دقة التمييز يفضي إىل نتائج غريبة ومتناقضة، وهذا ما نلمحه يف اضطراب

وجاهته وحظه من النظر الشرعي، فاشتراط وهذا الرأي له. تكييفات الفقهاء يف النوازل واملسائل

قاضية بضمان ما -فيما نعلم- التعدي يف التسبب ذريعة إىل ضياع حقوق الناس، وقواعد الشرع

يصيب الغري من ضرر مطلقا؛ سواء كانت عن حمض تسبب ليس فيه معىن التعدي، أو تسببا

. ينطوي على معىن التعدي

أن من سقط يف حفرة حفرها شخص ما يف ملكه، فال ضمان وبناء عليه، ميكن القول ب

فإن غطى احلافر احلفرة؛ حبيث . على احلافر؛ ليس بسبب أنه غري متعدي، ولكن ألن الساقط مباشر

مل يرها الساقط، أو حفرها يف الطريق العام، يكون ضامنا؛ ألنه متسبب، حىت لو مل يقصد من وراء

ترب من املسؤولية املوضوعية اليت عرف ا الفقه إلسالمي، ونبتعد عن وذا نق. ذلك األذى بغريه

يف عدة حماوالت؛ مثل التأمينات -املسؤولية الشخصية؛ اليت عرف ا الفقه القانوين قبل أن يتجه

.1476 صوب املسؤولية املوضوعية-اإلجبارية

ب األجنيب، كما مل حبق أن فقه الشريعة الغراء مل حيدد املقصود بالسب1477ويرى البعض

يتناوله يف إطار نظرية عامة لدفع الضمان، ولكن ميكن استخالص ذلك من خالل تتبع ما أوردوه

ما ال ميكن "من أمثلة تطبيقية لصوره، وكذلك من بعض القواعد الفقهية اليت ذكروها، ومن أمهها

". االحتراز عنه ال ضمان فيه

التقصريية يف حممد صالح الدين حلمي، أساس املسؤولية. د:وقد أشار إىل¡333 ص،السابقعادل جربي، املرجع .د:راجع:1475

دراسة حتليلية لألنظمة القانونية بني التقييد واإلطالق،إبراهيم أبو الليل، املسؤولية املدنية. ، د246صالشريعة اإلسالمية والقانون املدين

.228صاألجنلوأمريكية مع طرح فكرة التعدي كأساس للمسؤولية املدنية، -اإلسالمية-املعاصرة،الالتينية . الثاينالباباألول للفصل األول من ملبحث ضمن ايف الفرع األول من املطلب األول ، تراجع اخلطأ كأساس للمسؤولية: انظر:1476

.233-232بند ل حبيب، املفهوم القانوين لرابطة السببية،عاد.د: راجع:1477

450 من 390صفحة 390 - أأ ب ب- االلل

390

. زل السماوية تعترب يف حكم اجلائحة باتفاق الفقهاءوبناء على ما سبق بيانه، يتضح أن النوا

اآلراء وأعدهلا ، أرجح1478وأما ما يتعلق بفعل اآلدميني من خالف، يبدو أن رأي املالكية الثاين

فهو اشترط يف فعل اآلدميني أن يكون غالبـا؛ أي أن تتوافر فيه علـة اجلائحـة، وهي عدم

يم يف اجلائحة اآلدمية أن تكون عامـة حبيث ال ميكن إمكـان التحرز والدفع، واشترط ابن الق

، وهذا الرأي 1479االحتراز منها؛ كنهب اجليوش دون سرقة اللصوص اليت ميكن االحتراز منها

إضافة إىل الشروط -يشبه رأي فقهاء القانون يف اشتراطهم للظروف الطارئة يف نطاق تنفيذ العقود

لق األفراد هذا الظرف ، فيمكنهم خرق العقود أن تكون عامة، وذلك حىت ال خيت-األخرى

فقبول فعل اآلدميني مطلقا، دومنا قيد أو شرط، قد يفضي إىل . واإلفالت من املسؤولية القانونية

على القانون يف اصطناعهم للظرف الطارئ على الشرع؛ كما قد يفضي إىل التحايل التحايل

.اخلاص، واهللا تعاىل أعلم

د إحداث الضرر هو أن من تعم يف حال خطأ املضرور باعتباره اخلطأ الوحيد،كما أن املبدأ العام

ويف هذا 1480. كل آثار هذا اخلطأ– وحده –ل ه هو السبب الوحيد، حتمأكان خطو بنفسه،

.الفرض يتفق فقه الشريعة مع ما فقه القانون املدين

ب األقوى، عند تعدد وميثل رأي مجهور الفقهاء ورأي احلنفية قياسا، الذي يعتد بالسب

األسباب، ما يقابل األخذ بنظرية السببية املالئمة أو السبب املنتج عند فقهاء القانون، وميثل رأي

ما يقابل األخذ بنظرية تكافؤ األسباب أو توزيع الضمان على املشتركني،احلنفية استحسانا؛ أي

ع عبء الضمان بني املدعى عليه إىل توزيويعترب االجتاه الفقهي الذي يتجه. تعادهلا عندهم

واملضرور، يف حالة اشتراكهما يف إحداث الضرر املراد ضمانه، يتسق مع ما استقر عليه فقهاء

. القانون املدين املعاصر

الطيب التعدي بني حلقة اإلفضاء أو السببية، فإن خطأ املريض ال ميكن أن ينفي كذلك

رر ـ آخر من الض ونوعالتعدي بني اإلفضاء صلةنفي والضرر الواقع فحسب، بل ميكن أيضا أن ي

–ي عوأال وهو فوات الفرصة يف احلياة، أو الشفاء أو يف حتسني احلالة أو – الوضعي عنه القضاءض

: ة جبائحةالسرقليست : القائلبن نافع الأن السرقة جائحة مطلقا، و القائل باألرجح ما روي عن مالك ، خالفا البن القاسم:1478

.12/38: رىـدونة الكبـامل: راجع.2/357: الم املوقعنيـإع :1479.158تأمني من املسؤولية املدنية لألطباء، صأشرف جابر، ال. د: راجع:1480

450 من 391صفحة 391 - أأ ب ب- االلل

391

غري أن الفقه اإلسالمي، وإن كان بعضه ال يعترف بفوات الفرصة باعتباره 1481.تفادي تفاقمها

متحقق أو موهوم أو ليس مبال متقوم، إال أنه، من خالل قواعد ضررا يف النظر الشرعي؛ ألنه غري

الضمان، خصوصا قاعدة املباشرة والتسبب، حيكم بضمان املريض، إذا حتققت هذه األضرار

.احملتملة يف املستقبل، وإال فال، واهللا أعلم

املدعى شريعة أن فعل األجنيب سببا من األسباب اليت تؤدي إىل إعفاءاعترب فقهاء الوقد

، فال فإذا هلك الشيء بفعل أجنيب، انتفت رابطة اإلفضاء بني التعدي والضرر. عليه من الضمان

باعتباره عقد - يف عقود األمانات؛ كالوديعة، دون عقود الضمان، كعقد التطبيبيضمن املدين

يف حالة حيث ميكن للمدعى عليه دفع الضمان، وأن يعود على الغري مبا دفع، وهذا -إجارة عامة

.ما إذا مل تطالب الضحية بالتعويض من الغري األجنيب

األجنيب ينفي بأن السبب1482-رمحه اهللا- السنهوري األستاذ يرىويف هذا الصدد،

الضمان يف يد األمانة دون يد الضمان، وذلك مثل يد البائع قبل تسليم املبيع، فإن االلتزام يصبح

ذلك أن الفقه اإلسالمي يكتفي يف . ضمان حىت بالسبب األجنيبالتزاما بتحقيق غاية، فال ينتفي ال

فوق الفسخ تعويضا آخر، فلم مينع السبب األجنيب من هذه احلال بفسخ العقد، وال يوجب

أما يف الفقه الغريب فهناك تعويض فوق الفسخ، وهذا التعويض وحده هو الذي ميتنع . الفسخ

ائج خطرية، تتمثل يف أنه ال يوجد فرق عملي يف هذه ومن مث رتب على ذلك نت. بالسبب األجنيب

ولكن يالحظ يف الفقه اإلسالمي أنه إذا كان السبب . املسألة بني الفقهني اإلسالمي والغريب

وما دام السبب األجنيب يف الفقه اإلسالمي ال ينفي . األجنيب هو خطأ املضرور، فإنه مينع الفسخ

املدين يد ضمان، فال جدوى من إثباته؛ ألنه حىت لو ثبت ال يرفع الضمان، الضمان، إذا كانت يد

.ومن مث ال حمل للتساؤل عمن يقع عليه عبء اإلثبات هنا

وإذا أردنا أن نسقط كالم السنهوري على فعل الطبيب، فإنه يستقيم يف حالة ما إذا التزم

جبراحة التجميل، أو االلتزام وجب االتفاق، وميثل لذلكالطبيب بتحقيق غاية؛ كااللتزام بالبرء مب

ال يرتفع يف الفقه بسالمة املريض يف نقل الدم، الذي متليه قواعد القانون، فال ريب أن الضمان

.اإلسالمي حبال؛ ألن يد الطبيب يد ضمان، ال يد أمانة

.404، وطالل عجاج، املرجع السابق، ص173حممد منصور، املرجع السابق، ص. د: راجع: 1481.183-6/182: مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي:راجع:1482

450 من 392صفحة 392 - أأ ب ب- االلل

392

ال يفضي إىل الفسخ فحسب، دون التعويض؛ ألن جمرد - يف تصوري اخلاص-بيد أن ذلك

تصور قبل مباشرة الفعل الطيب، إذا مل يترتب على ذلك ضرر؛ كأن يفوت الطبيب على الفسخ م

أما إذا باشر الطبيب فعله، ووقع . مريضه فرصة شفائه؛ بتنصله من التزامه يف وقت غري مناسب

الضرر باملريض، أو أحجم الطبيب عن عالج املريض بعد إبرامهما عقد التطبيب، فإن القول

، القاضية برفع الضرر قبل الفسخ فحسب، دون التعويض، تأباه مقاصد الشرع وقواعد الضمانب

. وقوعه، وجربه بعد وقوعه

فال أما إذا كان التزام الطبيب ببذل عناية؛ أي كانت يده يد أمانة، ووقع الضرر باملريض،

الضرر إقامة الدليل على أن فعل ضمان، إال إذا أسند الضرر إىل فعل الطبيب، بأن استطاع مدعي

الطبيب، الذي اتصف باخلطأ الذي خرج به عن أصول أهل صناعة الطب، أفضى إىل الضرر

ويستطيع الطبيب أن يدفع عن نفسه التهمة، بأن يثبت الطبيب أن ذلك يرجع إىل سبب . احلاصل

. أجنيب؛ مثل فعل الغري أو خطأ املضرور ذاته

اثل القانون الوضعي يف االنتقادات اليت وجهت إىل التكييفات ـ إن الفقه اإلسالمي مي

اخلاصة بعقد التطبيب؛ كالوكالة أو عقد العمل، أو املقاولة، ماعدا عقد اإلجارة، وذلك ألن فقهاء

الشريعة اإلسالمية يقولون بأن الطبيب هو أجري مشترك، واألجري املشترك ليس له تبعية ألحد، كما

رغم – لألجري اخلاص، فسلم من االعتراض، وهذا ما جعل بعض فقهاء القانون هو احلال بالنسبة

1483. يقولون بواجهتـه-عدم اعتمادهم هلذا التكييف الذي انتهجـه فقهاء الشريعة اإلسالمية

ـ ملا كانت الشريعة اإلسالمية تنيط أحكامها باألوصاف واملعاين دون األمساء واألشكال،

دية واملسؤولية التقصريية يعترب نشازا عن قاموس الشريعة اإلسالمية، إذا فإن لفظي املسؤولية العق

نظرنا إليها من حيث الصياغة والشكل، ولكن إذا أمعنا النظر يف كنههما ومعنامها وجدنامها

إن املسؤولية الطبية مل تكن . "يقابالن مفهوم لفظ الضمـان املقرر جلرب الضرر يف الفقه اإلسالمي

الشريعة اإلسالمية فحسب، بل كان هلا فيها من القواعد الدقيقة ما جيعل تنظيمها يف معروفة يف

.1484"جوهره، أقرب ما يكون إىل أحدث ما وصلت إليه أرقى الشرائع املدنية يف العصر احلديث

وللضمان يف الفقه اإلسالمي إطالقات متعددة، يهمنا منها ما يتعلق مبسؤولية الضامن عن خمالفة

أو إتيانه أي فعل ينجم عنه ضرر للغري، أو إحداثه هذا ) وهذه مسؤولية عقدية(ه العقدية التزامات

.94-93طالل عجاج، املرجع السابق، ص: راجع: 1483.46للطبيب يف الشريعة اإلسالمية ويف القانون السوري واملصري والفرنسي، صعبد السالم التوجني، املسؤولية املدنية : 1484

450 من 393صفحة 393 - أأ ب ب- االلل

393

، واالثنان معا يشكالن ما يعرف وضعا باملسؤولية )وتلك هي املسؤولية التقصريية(الضرر بالغري

.املدنية

فقه ال ميكن القول إن هناك نظرية يف املسئولية العقدية يف ال" ويشري البعض إىل أنه

وإمنا ميكن استخالص ما يقابل نظرية املسئولية . اإلسالمي، على النحو الذي رأيناه يف الغريب

العقدية يف الفقه الغريب من األحكام املقررة يف الفقه اإلسالمي، وهذا هو شأننا يف املقابالت اليت

.1485"جنريها ما بني الفقهني

ن عقد وضمان إتالف فإن بعض إن كان الفقه اإلسالمي يقسم الضمان إىل ضماـ مث

الباحثني فرقوا بني بيان العقد يف الفقه اإلسالمي واملسؤولية العقدية يف القانون، حيث قصروا

ضمان العقد على إتالف املال، بينما يكون التعويض يف املسؤولية العقدية عن الضرر الناشئ عن

كما تبني أن ضمان العقد : "- اهللارمحه -ويف ذلك يقول الشيخ علي اخلفيف . عدم تنفيذ العقد

فضمان العقد . غري املسؤولية العقدية يف اصطالح فقهاء التشريع الوضعي،الذي يعرفه الفقهاء

ضمان مال تالف بناء على عقد اقتضى الضمان، أما املسؤولية العقدية فليس التعويض فيها

تنفيذ املدين ما التزم به بناء تالف، وإمنا هو تعويض عن ضرر نشأ عن عدمالتعويضات عن املال

وذلك ما ال يراه فقهاء الشريعة، فإن عدم قيام امللتزم بالتزامه يستلزم شرعا إلزامه ... على العقد

وإجباره عليه، فإن امتنع كان امتناعه معصية يستحق عليها التعزيز إال أن ميتثل، أما إلزامه على

فال تبيحه القواعد الفقهية ،ل يف فقد مالتمث ي الروجه التعويض عما أحدثه بامتناعه من ضر

وعلى هذا ... نظر الفقهاء مقابلة املال باملال ألن أساس التعويض يف؛...واألصول الشرعية

ويتفق .1486..."عرف املسؤولية العقدية اليت يعرفها الفقه الوضعي ياألساس، فالفقه اإلسالمي ال

عبد ، والدكتور الزحيلي مع رأي الشيخ علي احلفيف والدكتور وهبة ،الدكتور فتحي الدريين

.1487الرزاق السنهوري

أما ضمان اإلتالف أو التعدي الذي يقابل املسؤولية التقصريية بالتعبري القانوين احلديث،

ما فتئ علماء الفقه اإلسالمي يؤكدون على وجوب ضمان فإن قواعد الشريعة اإلسالمية تقبله، ف

منها أن يكون جاهال لقواعد الطب، أو غري حاذق، أو قصر يف ؛ر كثريةالطبيب ملا يتلفه يف صو

.6/138:السنهوري، مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي. د:1485

.20-19الضمان يف الفقه اإلسالمي، ص: 1486¡6/168: فقه اإلسالميمصادر احلق يف ال الزحيلي، وهبة. فتحي الدريين، ونظرية الضمان، د. النظريات الفقهية د: راجع: 1487

.796¡1/271: الوسيط يف القانون املدين

450 من 394صفحة 394 - أأ ب ب- االلل

394

؛ كما لو خنت صغريا بغري إذن وليه، فأدى ذلك إىل تلف أو ض بال إذن منهيب املرالتطبيب، أو طب

1488.عيب، أو جاوز املوضع املعتاد، فإنه يضمن يف كل ذلك ما ترتب عليه

خصوصا لدى فقهاء املذهب احلنفي، توحي ويف املقابل، فإن هنالك نصوصا فقهية،

حينما خيالف شرطـا اتفق عليه بالعقد، أو بوجود املسئولية العقدية يف الفقه اإلسالمي، ومن ذلك

ما يضمنه األجري : "1489خيالف العقـد من أساسه، ويف هذا يقول صاحب بدائع الصنائع

ألن ذلك يستوي فيه املتاع واآلدمي، ال باإلفساد واإلتالف؛ دـبالعقيضمنه ] كالطبيب[املشترك

وال "1491:وقال صاحب البحر الرائق. 1490"وأن وجوب الضمان فيه باخلالف ال باإلتالف

¡دــبالعق مل يتعـد املوضع املعتـاد؛ ألنه التزمه -أي بيطار- يضمن حجـام أو فصاد أو بزاغ

ق صاحب املبسوط بني وفر1492".فصار واجبـا عليه، والفعل الواجب ال جيامعـه الضمـان

وأما فعل : "ضمان العقد وضمان اجلناية عرضا، وهو يقرر مسئولية الطبيب العقديـة، حيث قال

من ضمان ضمان اجلنايـة، ولكي ال يتولد دـان عقـضمفإنه مضمون الفصاد والبزاغ

1493".العقـد

سؤولية العقدية إذن، نستخلص مما سبق أن االجتاه السائد يف الفقه اإلسالمي ال يعرف امل

باملعىن الدقيق هلا يف غري اال املايل، فكان من الطبيعي أن يكيف اخلطأ الطيب على أساس املسؤولية

ولكن هذا ال مينع من إعادة النظر يف هذه . التقصريية مبا تتضمنه من عمل غري مشروع أو تعـدي

ة؛ تأسيسها على نصوص السـادة املسألة، بالقول إن الفقه اإلسالمي يعرف املسئوليتني العقدي

يعود إىل األعراف والبيئات والقرائح، وبالتايل، يصح -كما يبدو–احلنفيـة؛ ألن االختالف فيها

أن نطلق عليه اختالف عصر وزمان ال اختالف حجة وبيان، وهذا فضال عن املسئولية

.التقصرييـة

التاج واإلكليل ،5/375: حاشية الدسوقي على الشرح الكبري، 129 خمتصر الطحاوي ، 5/43: حاشية ابن عابدين: راجع: 1488

: املغين مع الشرح الكبري، 2/427 : وأسىن املطلب،2/737 واية احملتاج، 4/505: ، الشرح الصغري :6/320امش مواهب اجلليل

6/120. . رمحه اهللاهو إمام احلنيفة عالء الدين الكاساين: 1489.212/4: بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع: 1490 .رمحه اهللا احلنفيجنيمبن اهو زين الدين : 1491.33/8: شرح كرت الدقائقالبحر الرائق: 1492.149/26: املبسوط، لسرخيب احلنفيمشس األئمة أبو بكر حممد بن أمحد بن سهل ا: 1493

450 من 395صفحة 395 - أأ ب ب- االلل

395

ما جيب فيه : حمل الضمان هو: "وهلموقد أصاب يف اعتقادي من مجع البعض املسؤوليتني بق

1494".الضمان سواء أكان الضمان ناشئا عن عقـد، أم كان ناشئا عن إتالف ويد

إذا كان األصل أن الطبيب يلتزم ببذل عناية؛ ألن اهللا هو الشايف، دون االلتزام بتحقيق ـ

جبواز مشارطة الطبيب على أن الرأي الراجح هو رأي القائلنيمن خالل ما تناولناهيتبني لنا غاية،

وزمانه كذلك؛ ألنه يف هذه احلالة يكون بعيدا عن ، مىت كان ممكنا، إذا كان عالجه معلوما،الربء

.الغرر واجلهالة، وألن احلاجة داعية إليه

ـ وحول مقارنة موجبات التعويض بني الشريعة والقانون، نالحظ أنه رغم تقدم القانون

ملدنية الطبية الناتج عن تطبيق القانون الوضعي يف امليدان، وغياب تطبيق التفصيلي للمسؤولية ا

الشريعة عن ساحة احلياة إال ما ندر، تظل الشريعة تتفق مع آخر التطورات احلاصلة يف امليدان

القانوين يف العصر احلديث، إن مل نقل تتفوق عليه، إن أخذنا يف احلسبان بعامل الزمن بالنسبة

.قهي، وعامل التطبيق من عدمه بالنسبة لالجتهاد القضائيلالجتهاد الف

ومن املفيد اإلشارة إىل تقرير مبدأ التأمني اإلجباري من املسئولية املهنية للطبيب، حيث ـ

وقد تكون هذه األضرار إن اخلطأ أو إصابة املريض بضرر متوقع دائما يف نطاق العمل الطيب،

ولية الطبيب بالتعويض، ويزداد الواقع تعقيدا أن بعض هذه شديدة اخلطورة على املريض وعلى مسئ

األضرار ال تظهر إال بعد وقت طويل من تاريخ العالج الطيب، أو تظهر ولكن تتراخى آثارها إىل

فال شك أن التأمني اإلجباري حيقق قدرا كبريا من االستقرار يف الوسط الطيب، من خالل . املستقبل

.صاحل املتعارضة لألطراف املتنازعةما حيقق من تسويـة بني امل

ـ وغري خاف على أحد ما للمعاجلة التشريعية للوقائع والنوازل الطبية من أمهية، بيد أننا

مهما بلغ من الدقة، قاصر عن تسويتها بالشكل الذي يرضي -وحده–نالحظ أن احلل التشريعي

ويلة لسنني، وتأخري الفصل يف املنازعات مجيع األطراف، فكم تبقى القضايا عالقة حببال القضاء الط

لون من الظلم ومظهر من مظاهر التخلف، ال يليق بأمم تصبو إىل املعايل أن تتصف به؛ لذلك كان

لزاما علينا أن ننادي بإشاعة الثقافة الطبية، وخلق التسامح والتراحم بني أفراد اتمع، فمهنة الطب

ريا، كما أن التطاول على الطبيب بال حق، هو خلق يأباه اتمع أنبل من أن تكون مشروعا استثما

.احلي

.228/2: املوسوعة الفقهية الكويتية: 1494

450 من 396صفحة 396 - أأ ب ب- االلل

396

ـ ال حرج يف أن نستفيد من جتـارب من سبقنا، مثلما هو عليه احلال يف فرنسا أو غريها

من الدول املتطـورة، إن يف احلقل التشريعي؛ سواء تعلق األمر بقانون الصحـة أو قانون

لوديـة، أو يف احلقل القضائي، وما يتعلق به من اجتهادات حامسة، التسوية ا التأمينات أو أنظمة

والشريعة . طاملا اتصف ذلك باملصلحـة املرسلة، يف حدود ما تسمح به شريعتنا وقانوننا

اإلسالمية خصوصا من خالل القواعد العامة أو الكلية، ليس فيها ما مينع من اقتباس القوانني

سئولية الطبية، واألخذ بالتأمني اإلجباري عن مسئولية الطبيب، اإلجرائيـة املتعلقة بدعاوى امل

.وقواعد االختصاص القضائي، وما شاكل ذلك

بشكل خاص -فضال عن إشاعة الثقافة الطبية لدى العامة–ـ ينصح بتدريس القانون الطيب

ال لطالب الدراسات الشرعية؛ حىت يتمكنوا من إنزال النصوص الشرعية على النوازل ترتي

كما ينصح بتدريس ما يتعلق بالقانون الطيب من . صحيحا، ميثل حبق روح الشريعة ومقاصدها

معني الفقه اإلسالمي ضمن املنظومة التعليمية اخلاصة بالطب، فضال عن غريها من التخصصات؛

وذلك حىت يكون الطبيب املسلم على بصرية من دينه، خصوصا فيما يتعلق باملعامالت الطبية

. يثةاحلد

ـ يتوجب علينا املزيد من إشاعة الثقافة الطبية لدى عامة الناس، خصوصا مع تطور وسائل

أو حيدوا منها، اإلعالم واالتصال اليوم؛ وذلك حىت يسامهوا يف جتنب األخطاء الطبية من أن تقع

لى تنامي وحىت يطالبوا حبقوقهم فيما يتعلق بالتعويضات عن األضرار اليت تصيبهم، وأكرب دليل ع

الوعي الطيب، بعد إثارته من طرف وسائل اإلعالم املختلفة، هو إحجام عدد غري يسري عن

التحصني ضد وباء إفلوانزا اخلنازير، ومثل هذا املناخ جيعل الطبيب أكثر حيطة وحذرا يف استعماله

.لنشاطه الطيب

م09/6/2009وافق ل هـ امل1430مجادى الثانية 15يوم الثالثاء مت حبمد اهللا وتوفيقه

450 من 397صفحة 397 - أأ ب ب- االلل

397

Abstract

This thesis named as “Civil liability over medical error- Comparative

study” is focusing on Algerian, Egyptian, and French legislatures and

jurisprudences, on one hand, and Islamic jurisprudence in different schools,

especially the “four sunny schools” in other hand.

The medical suits pending before the courts, in almost all over the world,

illustrate that medical malpractice rises different legal issues in its civil field.

The most importantly, that civil medical liability is a result of “medical

error” i.e. when there is no proof or evidence regarding medical malpractice

that takes place either because of bad faith or a breach of contract, does the

patient subject to medical malpractice or his successors can claim any remedy

from that convicted physician; either judicially or extra judicially, because there

is no responsibility without mistake?

This judicial concept, which is based on a given mistake, is lead by

judicial school so called “subjective or mistaken school”. According to this

school, when there is no error there is no liability.

Unlike the former school, so called “objective or material school” argues

that there is no need to look for an “error” to claim a remedy. If a “Damage”

appears after a medical treatment, the physician is presumed to be liable;

irrespective that damage is a result of a mistake or not, unless it is proved that

such a damage belongs to other cause.

Medical malpractice costs has been raised, as a result of civil medical

liability litigations. To solve this issue, “Medical Assurance” was involved by

different laws, as a compulsory elements to cover physicians responsibility

about material, moral or emotional damage.

Legal standards has been discovered by different facts and studies as far

as classical legal rules are concerned. error, damage, causal relation, negligence,

450 من 398صفحة 398 - أأ ب ب- االلل

398

lack of care, and the extension or the scope of compensation, all these lead to the

suggestion of substantial medical liability reforms.

To improve the current system, private as well as public medical care

sector and the government must share common goals of establishing a medical

liability system that provides the resolution of claims in a fair, cost-effective and

timely manner, deters negligence, look for fraud, prevent injuries, fairly

compensates patients, and provides relief to physicians. The current system is

not working well for physicians and patients even at developed states. Only trial

lawyers benefit from this system. Therefore, it must be a fair balance to control

the big number of controversies among different parties.

Finally, if we look to Islamic jurisprudence in its different schools, we

find that Islamic law so called “sharia” , in its general rules as legal maxims,

specific sentences, prophet Muhammad “Blessing and peace be upon him practice

so called “sunna”, and his big companions deeds who understand the spirit of

law which is named “ maqasid al-sharia”, rather than the jurisprudence of big

scholars of Islam, has made fair legal rules, which is focusing on general interest

or public welfare.

However, Islamic legal rules authorize us to get profit from any judicial

experience, related to substantive and especially adjective or procedural legal

rules as court jurisdiction rules.

450 من 399صفحة 399 - أأ ب ب- االلل

399

﴾ ةـات الكرميـ اآلي فهرس﴿

-م مسئولونوقفوهم إ ،24سورة الصافات.............................

- يسألونك عن األهلة 189سورة البقرة، اآلية.....................................

-يريد اهللا بكم اليسر 37¡31............................185اآلية : سورة البقرة

- ولكم يف القصاص حياة 261¡31.........................179اآلية : سورة البقرة

-وأمرهم شورى بينهم 34.............................38اآلية : سورة الشورى

-وشاورهم يف األمر 34..........................159اآلية : العمرانسورة آل

-ة وسطاوكذلك جعلناكم أم 143اآلية : سورة البقرة.....................

- بكم اليسر يريد اهللا185اآلية : سورة البقرة........................................

-ما يريد اهللا ليجعل عليكم من حرج37.................07ملائدة، اآلية، سورة ا

-ريـد اللـه أن خيفـف عنكـمي37...................28اآلية : سورة النساء

- وملن جاء به محل بعري وأنا به زعيم49..................72اآلية: سورة يوسف

- بهوإن عاقبتم فعاقبوا مبثل ما عوقبتم50................126اآلية : سورة النحل

-وجزاء سيئة سيئة مثلها 40سورة الشورى، اآلية..........................

Üإن اهللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إىل أهلها.................................

- تلك حدود اهللا فال تعتدوها91.......................229اآلية : سورة البقرة

-ملؤمن أن يقتل مؤمنا إال خطأوما كان 91...................92سورة النساء، اآلية

-فإن أرضعن لكم فئاتوهن أجورهن 132..................6سورة الطالق، اآلية

- قالت إحدامها يا أبت استئجره 132...................26سورة القصص، اآلية

- ...اين حججعلى أن تأجرين مث 132....................27سورة القصص، اآلية

- فال عدوان إال على الظاملني 134........................193 سورة البقرة، اآلية

-فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه... 194سورة البقرة، اآلية............

-وإذا مرضت فهو يشفني80آلية سورة الشعراء، ا............................

1

11

34 ،40

34،257

37

37

39

40

40

40

49

52

5591

91

91

129

129

129

131

132، 255

132

450 من 400صفحة 400 - أأ ب ب- االلل

400

-فعظوهن واهجروهن يف املضاجع واضربوهن 34سورة النساء، اآلية..............

-و ما كان ملؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ92 النساء، اآلية سورة..............

-تلك حدود اهللا فال تعتدوها 239سورة البقرة ، اآلية.....................

-فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون 07سورة املؤمنون ، اآلية....

-وقاتلوا يف سبيل اهللا الذين يقاتلونكم وال تعتدوا190سورة البقرة، اآلية.....

-قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقني 242.......................64سورة النمل، اآلية

-ويدرؤوا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات 245...........08سورة النور، اآلية

- وهم على ما يفعلون باملؤمنني شهود 245..............07سورة الربوج، اآلية

- فمن شهد منكم الشهر فليصمه 245..................185سورة البقرة، اآلية

-وا شهيدين من رجالكمواستشهد... 246...............282سورة البقرة، اآلية

- وا الشهادةوال تكتم ... 247..........................283سورة البقرة، اآلية

- فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون 247...............43سورة النحل، اآلية

-بالعدل وليكتب بينكم كاتب 250............................282سورة البقرة، اآلية

- وما جعل عليكم يف الدين من حرج 251..................78سورة احلج، اآلية

- ررغري أويل الض 253..................................95سورة النساء اآلية

والدة بولدها وال ارضله بولده ال ت مولود 256...............233سورة البقرة، اآلية

- وادتعضرارا لت مسكوهنوال ت 231سورة البقرة، اآلية..................

- ولكم يف القصاص حياة 179، اآلية البقرةسورة................................

- منا بين آدم ومحلناهم يفوالبحرولقد كر الرب263......................70:اإلسراء

-ىرأخ رة وزازرو زروال ت 5 اإلسراء، اآليةسورة¡164سورة األنعام، اآلية

- اهعسفسا إال واهللا ن كلفال ي 276...........................286سورة البقرة، اآلية

-... أككم بالباطل ال تبين الكمولوا أم 277....................29سورة االنساء، اآلية

277............04سورة االنساء، اآلية فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا-

- وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إىل بعض 21سورة النساء، اآلية....

- فاحكم بني الناس باحلق38سورة ص، اآلية....................................

143

232

232

232

232

238241

241

241

242

242

243

246

247

249

252

257

259

272

272، 282

272

273

273278

361

450 من 401صفحة 401 - أأ ب ب- االلل

401

- فليعبدوا رب هذا البيت ... 372.................................4-3سورة قريش، اآلية

450 من 402صفحة 402 - أأ ب ب- االلل

402

اآلثـار رسـفه

8................................................كلكم راع ومسؤول عن رعيته-

31.................................... حراموأعراضكم بينكم وأموالكم مإن دمائك-

................................................مــا أسكر كثريه فقليـله حرام -

-دأح نطهعي سا لممخ لي أعطيت32.......................... ................قب

32...................................................الناس كـافة أرسلت إىل-

-سلتدأرواألسر وم32..................................................إىل األح

32............... ..................................كل أمحر وأسودأرسلت إىل-

32..............................................قبلي أعطيت مخسا مل يعطهن نيب -

32.... ................................................ةـأرسلت إىل الناس عام-

33........................................................ال تبع ما ليس عندك -

37..........................................أحب الدين إىل اهللا احلنيفة السمحة -

37..............................................إن اهللا حيب الرفق يف األمر كله -

37........................................بني أمرين قط ) ص(ما خير رسول اهللا-

38.................................................... ما مل يتفرقا البيعان باخليار-

..................................................طعام بطعام، وإناء بإناء-

11

34

34

35

35

35

35

35

35

36

40

40

40

41

51 ،258

450 من 403صفحة 403 - أأ ب ب- االلل

403

¡50............................................ي على اليد ما أخذت حىت تؤد-

50 ................................من أوقف دابة يف سبيل من سبل املسلمني-

268، .................................................. رارـرر وال ضـال ض-

92...... .....................................................اخلراج بالضمان-

132.....)....................................................ص(احتجم النيب-

133) ..................................................ص(حجم أبو طيبة النيب-

139..................أن أبا سعيد اخلدري رقى ملدوغا بعقرب بالفاحتة على قطيع... -

............................................................البينة على املدعي-

...........................................ن ماله فهو شهيدل دومن قت-

242....................لو يعطى الناس بدعواهم الدعى أناس دماء رجال وأمواهلم-

242..............................ولكن البينة على املدعي، و اليمني على من أنكر-

-امة غرومكتالة الإبل الماضهعا ممثلها وه267 .................................. ت

267 ......................ومن أبى فإنا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا-

271 .............................كل املسلم على املسلم حرام، دمه وماله وعرضه-

..................من أميت من يأيت يوم القيامة بصالة وصيام وزكاةاملفلس -

...................................................الثمرة الله منع إذا

51 ،132

52

52 ،250 ،258

91

130

130

136

166

233

238

238

263

263

266

266

292

450 من 404صفحة 404 - أأ ب ب- االلل

404

الم املترجم هلمـرس األعـفه

..................................................................................................................................أبو ثور-

8...................................................................................................................اإلمام الشافعي-

11....................................................................................................................داود األنطاكي-

..................................................................................................عز الدين بن عبد السالم-

.............................................................................................اإلمام الشاطيب، أبو إسحاق-

...........................................................................................................العالمة ابن عاشور-

..........................................................................................................................اإلمام مالك-

....................................................................................أبو عبد اهللا حممد بن عرفة الدسوقي-

45...............................................................................................................زايلـالغأبو حامد -

.........................................................................أبو عبد اهللا حممد بن علي بن حممد الشوكاين-

..............................................................................................أمحد بن حممد احلسيين احلموي-

................................................................................................................الشيخ علي اخلفيف-

...........................................................................................................الشيخ حممود شلتوت-

............................................................................................................. الزرقا أمحدمصطفى-

.........................................................................................................عبد الكرمي زيدان-

..................................................................................................عبد الرزاق السنهوري-

........................................................................................................................أنس بن مالك-

..................................................................................................................مسرة بن جندب-

...................................................................................................................النعمان بن بشري-

.............................................................. حممد بن أمحد بن أيب سهل ، أبو بكر،السرخسي-

.........................................................................................................................ابن رشد احلفيد-

.................................................................................................................هنري وليون مازو

6

11

14

17

41

41

41

46

47

47\\\

47

47

48

48

50

51\

51

52

52

54

56

84

450 من 405صفحة 405 - أأ ب ب- االلل

405

...........................................................................................يفتحي الدريين و وهبة الزحيل-

..............................................................................................................................ابن قدامة-

.........................................................................أمحد بن حممد بن سالمة الطحاوي، أبو جعفر-

......................................................................................................................عبد اهللا بن العباس-

....................................................................................................................................أبو طيبة-

.......................................................................................................................اإلمام أبو حنيفة-

............................................................................................................... اإلمام أمحد بن حنبل-

...........................................................................................................................اإلمام القرايف-

...............................................................................................................................ابن عابدين-

.................................................................................................الدردير، هو أمحد بن حممد العدوي-

............................................................................................................................علي علي سليمان -

............................................................................................................................ابن القيم -

...........................................................................................................................................ابن فرحون-

.................................................................................................عمر بن احلسني أبو القاسم، اخلرقي-

.......................................................................................................................اإلمام اجلصاص-

.....................................................................................................................................ابن األعرايب-

إمام ........................................................................................................اإلمام ابن عرفة املالكي-

...............................................................................................................أبو يوسف

.....................................................................................................حممد بن احلسن الشيباين-

...................................................................................................................سفيان الثوري-

................................................................................... البلقيينعمر بن رسالن بن نصري -

................................................................................. أبو عبد اهللا عبد الرمحن،بن القاسما-

....................................................................................عمرو بن عبد العزيز أبوأشهب، -

................................................................ أمحد بن عبد احلليمشيخ اإلسالم ابن تيمية، -

..............................................................................................فخر الدين عثمانالزيلعي، -

.....................................................................................................بن اهلذيل بن قيسزفر، -

126

127

128130

130

131

131

133

134

136

143

237241

243

247

249

249

260

261

262

262

277

277279

285

296

450 من 406صفحة 406 - أأ ب ب- االلل

406

................................................................................................ حممد بن حممد احلطاب-

................................................................ألندلسيا علي بن أمحد بن سعيد ،بن حزما-

............................................................... أبو عثمان بن أيب عبد الرمحن الرأي،ةـربيع-

...............................................................................................................يوسف القرضاوي -

.............................................................................الكاساين، أبو بكر بن مسعود بن أمحد-

................................................................................................................حممد أبو زهرة -

307

308

368371

371

374

450 من 407صفحة 407 - أأ ب ب- االلل

407

ثبت املصـادر واملراجـع

ةـة اإلسالميـه الشريعـاملراجع يف فق

مراجع يف التفسري و احلديث: أوال

، دار الكتب عون املعبود شرح سنن أيب داودـ آبادي، أبو الطيب حممد مشس احلق العظيم،

هـ1415¡2العلمية، بريوت، ط

زهريحممدإشراف، السبيلمنارأحاديثختريجيفالغليلإرواءـ األلباين، حممد ناصر الدين،

.م 1979/هـ1399¡1ط، بريوت اإلسالمي،املكتب الشاويش،

¡ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ Üن.ت.، مكتبة املعارف، الرياض، دالسلسلة الصحيحة .

¡روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم و السبع املثاينـ األلوسي، شهاب الدين السيد حممود،

.دار إحياء التراث العريب، بريوت

كثري، ابندار، البغاديبمصطفىيقحتق، صحيح البخاريـ البخاري، حممد بن إمساعيل،

م1987/هـ1407¡3ط، بريوت

.ن.ت.، دار الفكر، بريوت، دتفسري البيضاويـ البيضاوي،

دارمكتبة، عطاالقادرعبدحتقيق، الكربىالبيهقيسنن ،عليبناحلسنيبنأمحد¡ـ البيهقي

م1994/هـ1414ة، املكرممكة الباز،

.، حتقيق أمحد شاكر، دار إحياء التراث، بريوت سنن الترمذييسى،حممد بن ع¡ـ الترمذي

، مؤسسة األعلمي للمطبوعات، تفسري الثعاليبـ الثعاليب، عبد الرمحن بن حممد بن خملوف،

ن.ت.بريوت، د

، حتقيق طاهر أمحد النهاية يف غريب احلديث واألثرـ اجلزري، أبو السعادات املبارك حممد،

.م1979/هـ1399ناحي، املكتبة العلمية، بريوت، الزاوي وحممود الط

، حتقيق حممد الصادق قمحاوي، دار إحياء أحكام القرآنـ اجلصاص، أمحد بن علي الرازي ،

هـ1405التراث العريب، بريوت،

450 من 408صفحة 408 - أأ ب ب- االلل

408

، حتقيق خليل امليس ،العلل املتناهية يف األحاديث الواهيةـ ابن اجلوزي، أبو الفرج عبد الرمحن،

هـ1403¡1، طبريوت، لعلميةدار الكتب ا

¡ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ Üحتقيق علي حسني البواب، كشف املشكل من حديث الصحيحني ،

م1997/هـ1418دار الوطن، الرياض،

Ü ،حتقيق مصطفى عبد القادر املستدرك على الصحيحني، احلاكم، حممد بن عبد اهللا النيسابوري

م1990/هـ1411¡1عطا، دار الكتب العلمية، بريوت، ط

، حتقيق شعيب صحيح ابن حبانـ ابن حبان، أبو حامت حممد بن حبان بن أمحد التميمي البسيت،

م1993/هـ1414¡2األرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بريوت، ط

Üت بريو املعرفة،دارمياين،هاشماهللاعبدحتقيق، الدارقطين سنن ،عمربنعلي¡الدارقطين

م1966/هـ1386

ن.ت.، دمصر، مؤسسة قرطبةمسند اإلمام أمحد، أمحد الشيباين اهللا بن حنبل، أبو عبدـ ا

، حتقيق حمي الدين عبد احلميد، مطبعة السعادة، سنن أيب داودسليمان بن األشعث،¡ـ أبو داود

هـ 1369¡1ط

¡1دار الكتب العلمية، بريوت، ط¡التفسري الكبريـ الرازي، فخر الدين حممد بن عمر التميمي،

.م2000/هـ1421

حتقيق مسعد بن كامل و أسامة بن جامع العلوم و احلكم، ـ ابن رجب، عبد الرمحن بن شهاب،

.م2002/هـ1423عبد العليم، دار ابن رجب، مصر،

، حتقيق عبد الرزاق املهدي، دار الكشاف¡ ـ الزخمشري، أبو القاسم حممود بن عمر اخلوارزمي

.إحياء التراث العريب، بريوت

، حتقيق مكتب أضواء البيانطي، حممد األمني بن حممد بن املختار اجلكين الشنقيطي، ـ الشنقي

.البحوث و الدراسات، دار الفكر، بريوت

ن.ت.، دار الفكر، بريوت، دفتح القديرـ الشوكاين، حممد بن علي،

¡ÜÜÜÜÜÜ Üدار اجليل:نيل األوطار من أحاديث سيد األخيار شرح منتقى األخبار ،

.م1978- ه1398طبعة مكتبة الكليـات األزهرية و م، 1973، بريوت

حممد سعيد البدري : م، حتقيق1992هـ، 1412ــــ، إرشاد الفحول، دار الفكر بريوت، -

450 من 409صفحة 409 - أأ ب ب- االلل

409

،، حتقيق طارق بن عوض اهللا بن حممداملعجم األوسط، سليمان بن أمحد أبو القاسم الطرباين،ـ

.هـ1415، القاهرة، احلرمنيدار، عبد احملسن بن إبراهيم احلسيين و

: حتقيق2 املوصل، ط-، مكتبة الزهراءاملعجم الكبريالطرباين، سليمان بن أمحد بن أيوب ، ـ

. م1983/هـ1404محدي بن عبد ايد السلفي،

، دار جامع البيان يف تأويل القرآنـ الطربي، أبو جعفر حممد بن جرير بن يزيد بن خالد ،

شرح معاين ، أمحد بن حممد بن سالمة أبو جعفر الطحاوي،ـ .ـه1405الفكر، بريوت،

: حتقيق هـ،1399¡1، طبريوت، دار الكتب العلمية، حتقيق حممد زهري النجارـ : اآلثار

.1 م، ط1987-هـ1408 بريوت - شعيب األرناؤوط مؤسسة الرسالة

حتقيق حممد عبد القادر عطا، ، أحكام القرآنـ ابن العريب، أبو بكر حممد بن عبد اهللا أبو بكر،

.دار الفكر، بريوت

دـالسيحتقيق، الكبريالرافعيأحاديثختريجيفاحلبريتلخيصابن حجر، علي¡ـ العسقالين

م 1964/هـ1384، ورةـاملنةـاملديننشري،ـاملدنيـاليمانمـهاشاهللاعبد

¡ÜÜÜ Üشم اليماين املدين، دار املعرفة، حتقيق عبد اهللا هاالدراية يف ختريج أحاديث البداية.

¡ÜÜ Ü ن.ت.، داملعرفةداراخلطيب،الدينحمبحتقيق، البخاريصحيحشرحالباريفتح.

، حتقيق أمين بن عازف الدمشقي، مسند أيب عوانةـ أبو عوانة، يعقوب بن إسحاق االسفرائين،

م1998¡1دار املعرفة، بريوت، ط

أمحد، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، دار إحياء التراث ـ العيين، بدر الدين حممود بن

ت . بريوت، د-العريب

، دار الشعب، القاهرة، اجلامع ألحكام القرآنـ القرطيب، أبو عبد اهللا حممد بن أمحد األنصاري،

ن.ت.د

،الفكردارالباقي،عبدفؤادحممدحتقيق، ماجهبن اسنن القزويين، يزيدبنحممد¡ماجهبنـ ا

ن.ت.د.بريوت

إعداد ، برواية حيي بن حيي الليثيموطأ اإلمام مالك اهللا األصبحي، أبو عبد،مالك بن أنسـ

.م1983/هـ1404¡7أمحد راتب عرموش، دار النفائس، بريوت، ط

بريوت، - ، دار الكتب العلميةكرت العمالـ املتقي، عالء الدين علي بن حسام الدين اهلندي،

. ، حتقيق حممود عمر الدمياطي1م، ط1998/هـ1419

450 من 410صفحة 410 - أأ ب ب- االلل

410

، دار احلديث، تفسري اجلاللنيـ حممد بن أمحد، وعبد الرمحن بن أيب بكر احمللي و السيوطي،

.ت.، د1القاهرة، ط

-دار السلف، عبد الرمحن الفريوائي.د: حتقيق ،ذخرية احلفاظ، حممد بن طاهر،املقدسيـ

.م1996/هـ1416¡1، طالرياض

عبد امللك بن : ، حتقيق األحاديث املختارةبن عبد الواحد بن أمحد احلنبلي، املقدسي، حممد ـ

.1هـ، ط1410 مكة املكرمة، - عبد اهللا بن دهيش، مكتبة النهضة احلديثة

، املكتبة التجارية الكربى، مصر، فيض القدير شرح اجلامع الصغريـ املناوي، عبد الرؤوف،

.هـ1356¡1ط

مكتب املطبوعات سنن النسـائي، شعيب بن عبد الرمحن أبو عبداهللا، لنسائي اتيب،أمحد بنـ ا

.، حتقيق عبد الفتاح أبو غدة2طم،1986 - هـ1406 حلب، -اإلسالمية

،بريوت العريب،التراثإحياءدار، مسلمصحيحشرحأبو زكريا حيي بن شرف، ـ النووي،

هـ1392¡2ط

¡ÜÜÜÜ Üن.ت.د.إلسالمية باألزهر طبع مكتبة النهضة ا،مسلمصحيحشرح.

إحياءدار، الباقيعبدفؤادحممدحتقيق، مسلمصحيحمسلم بن احلجاج، ¡ـ النيسابوري

.ن.ت.، دبريوت، التراث

دار الكتاب - دار الريان للتراث ،جممع الزوائد ومنبع الفوائد، علي بن أيب بكر، اهليثميـ

هـ1407، بريوت–القاهرة ، العريب

ةـه و أصول املذاهب الفقهيـع يف فقـمراج: ثانيا

:يـاملذهب احلنف

هـ، 1993 القاهرة، - ، البايب احلليبلسان احلكامـ إبراهيم ابن أيب اليمن حممد احلنفي،

.2م، ط1973

جلنة من كبار ديوان األحكام العدلية ، صنفت على املذهب احلنفي يف عهد ، وهي مجعية الةـ

كارخانه جتارت نشر، جنيب هواويين: احملاميحتقيق، األحكام العدليةجملة الدولة العثمانية،

ن.ت.، دكتب

اه ـر شرح األشبـغمز عيون البصائـاحلموي، شهاب الدين أمحد بن حممد املكي احلسيين،

.م1985 / ه1405¡1؛ البن جنيم احلنفي، دار الكتب العلمية، بريوت، طو النظائر

450 من 411صفحة 411 - أأ ب ب- االلل

411

، تعريب احملامي فهمي احلسيين، دار الكتب رح جملة األحكامدرر احلكام شـ حيدر، علي،

ت.العلمية، بريوت، د

، دار الكتاب اإلسالمي، تبيني احلقائق شرح كرت الدقائقـ الزيلعي، فخر الدين عثمان بن علي،

هـ 1313القاهرة،

ية، ـ دار الكتب العلم¡ن.ت.د. بريوت، دار املعرفةـ :ملبسوطا مشس الدين،، السرخسيـ

.م1993/هـ1414بريوت،

Üم1984/هـ1405دار الكتب العلمية، بريوت، حتفة الفقهاء، عالء الدين، ¡السمرقندي.

.بريوت، دار الفكر، 2 ط،شرح فتح القدير، كمال الدين حممد بن عبد الواحد، السيواسيـ

¡2بريوت، ط، رد احملتار مع الدر املختار شرح تنوير األبصارـ ابن عابدين، حممد أمني،

.م2003/هـ1424

، حتقيق أمين صاحل شعبان، البناية شرح اهلدايةـ العيين، بدر الدين حممود بن أمحد بن موسى،

.م2000/هـ1410¡1منشورات علي تيضون، ط

يف مذهب اإلمام األعظم أيب حنيفة جممع الضمانات ـ غامن البغدادي، أبو حممد بن حممد،

ن.م.ت.سراج و علي مجعة حممد، دالنعمان، حتقيق حممد أمحد

¡2، طبريوت، دار الكتاب العريب، بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع، عالء الدين، الكاساينـ

.م1982

جممع األر يف شرح ملتقى الكليبويل، عبد الرمحن بن حممد بن سليمان املدعو بشيخي زاده، ـ

.، حتقيق عمران منصور1، طم1998هـ 1419- بريوت-دار الكتب العلميةاألحبر،

ملنت التنقيح يف شرح التلويح على التوضيح ، عبيد اهللا بن مسعود البخاري احلنفي، احملبويبـ

. م1996/هـ1416، بريوت، دار الكتب العلمية، حتقيق زكريا عمريات أصول الفقه،

¡شرح بداية املبتديهلداية ا، احلسن علي بن أيب بكر بن عبد اجلليل الرشداينوأب، املرغياينـ

ن.ت.، بريوت، داملكتبة اإلسالمية

يف اجلزء الثامن؛ تكملته، مع البحر الرائق شرح كرت الدقائقـ ابن جنيم، زين الدين احلنفي،

، إذ تويف ابن جنيم رمحه اهللا قبل أن يتمه ووصل حممد بن حسني بن علي الشهري بالطوريللعالمة

. ن.ت.، د2ة، بريوت،، طـ دار املعرف اإلجارة، إىل كتاب

450 من 412صفحة 412 - أأ ب ب- االلل

412

¡2، دار املعرفة، طكرت الدقائق مع البحر الرائقـ النسفي، أبو الربكات عبد اهللا بن أمحد،

ن.ت.بريوت، د

يف مذهب اإلمام األعظم أيب حنيفة النعمان، دار الفتاوى اهلندية ـ نظام و مجاعة من العلماء،

.م1991/هـ1411الفكر،

:يـالكـاملذهب امل

، املكتبة الثقافية، جواهر اإلكليل شرح خمتصر خليليب، صاحل عبد السميع، ـ اآل

ن.ت.د.بريوت

ن.ت.، دار الكتاب العريب، بريوت، داملنتقى شرح املوطأـ الباجي، سليمان بن خلف،

، الفكردار¡لشرح خمتصر خليلاجلليلمواهبـ احلطاب، حممد بن عبد الرمحن املغريب،

. م1978/هـ1398¡2طبريوت،

، مع حلي البهجة يف شرح التحفة¡)هـ1258ت( التسويل، أبو احلسن علي بن عبد السالمـ

-، دار الكتب العلمية)هـ1209ت ( املعاصم لفكر ابن عاصم لإلمام عبد اهللا بن حممد التاودي

.م، ضبطه وصححه حممد عبد القادر شاهني1998هـ، 1418¡1بريوت، ط

، دار الكتب العلمية، بريوت، حاشية الدسوقي على الشرح الكبري ،حممد عرفه، الدسوقيـ

.م2003/هـ1424¡2ط

م، 2004-هـ1425¡1 بريوت، ط- بداية اتهد واية املقتصد، مؤسسة الرسالة ناشرون-

. حتقيق سامل اجلزائري

د، دار الكتب حممد عبد اهللا دراز و عبد السالم حممحتقيق، املوافقاتـ الشاطيب، أبو إسحاق،

.م1991/هـ1411¡1العلمية، بريوت، ط

التونسيةللشركةالكتابمصنع، اإلسالميةالشريعةمقاصدـ ابن عاشور، حممد الطاهر،

.م1978، تونس، للتوزيع

مع أرجوزة حتفة احلكام، ¡)829ت( ابن عاصم ،القاضي أبو بكر حممد بن حممد األندلسي ـ

س.م1998هـ، 1418¡1 بريوت، ط- العلميةالبهجة للتسويل، ، دار الكتب

، دار الكتب العلمية ،الكايف يف فقه أهل املدينة، أبو عمر يوسف بن عبد اهللا، بن عبد الربـ ا

.هـ1407¡1، طبريوت

450 من 413صفحة 413 - أأ ب ب- االلل

413

دار ، التاج واإلكليل ملختصر خليل، حممد بن يوسف بن أيب القاسم أبو عبد اهللاـ العبدري،

.هـ1398¡2، طبريوت، الفكر

.م1993¡5، دار الغرب اإلسالمي، طومكارمهااإلسالميةالشريعةمقاصدالفاسي، عالل، ـ

ومناهجاألقضيةأصوليفاحلكامتبصرةـ ابن فرحون، إبراهيم بن أيب عبد اهللا حممد،

م2001/هـ1422¡1، بريوت، طالعلميةالكتبدار مرعشلي،مجالحتقيق، األحكام

حتقيق حممد . م1994 بريوت، -، دار الغربلذخيـرة ا بن إدريس،ـ القرايف، شهاب الدين أمحد

.حجي

¡ÜÜ Üحتقيق خليل منصور، -م، 1994 حتقيق حممد حجي، دار الغرب، بريوت، -:الفروق

.م1998/هـ1418¡1دار الكتب العلمية، بريوت، ط

ر الفكر، بريوت، ، داالفواكه الدواين شرح رسالة أيب زيد القريواينأمحد بن غنيم، ¡ـ النفراوي

م 2000/هـ1420

ن.ت.، دار الفكـر، بيـروت، داملدونـة الكربىـ مـالك ابن أنس،

حتقيق عبد اللطيف حسن عبد ، شرح ميارة الفاسيـ ميارة، أبو عبد اهللا حممد بن أمحد املالكي،

. م2000/هـ1420¡1، طبريوت، دار الكتب العلمية، الرمحن

:يـافعـشاملذهب ال

دار ،سيد اجلميلي. حتقيق د ،اإلحكام يف أصول األحكام علي بن حممد، أبو احلسن، اآلمدي ـ

.هـ1404¡1، طبريوت، الكتاب العريب

، ، حتقيق طه جابر فياض العلواينحملصول يف علم األصولا، حممد بن عمر بن احلسني الرازي،ـ

.هـ1400¡1، طضالريا، جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية

، دار الفكر، بريوت، اية احملتاج إىل شرح املنهاجـ الرملي، أمحد بن محزة بن شهاب الدين،

.م1984/هـ1404

على منهاج اإلاج يف شرح املنهاج ، تقي الدين علي بن عبد الكايف أبو احلسنـ السبكي،

.هـ1404¡1، طبريوت، لعلميةدار الكتب ا،حتقيق مجاعة من العلماء¡الوصول إىل علم األصول

Ü¡ÜÜÜÜن.ت. بريوت، د-، دار املعرفـةفتـاوى السبكي .

¡1، طبريوت، ، دار الكتب العلميةاألشباه والنظائر ،عبد الرمحن بن أيب بكرالسيوطي،ـ

.هـ1403

450 من 414صفحة 414 - أأ ب ب- االلل

414

.2هـ، ط1993 بريوت، -، دار املعرفةاألمالشافعي، حممد بن إدريس، -

، بريوت، شركة سايب، مغين احملتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج، حممد اخلطيب، الشربيينـ

.م1900/هـ1374

ن.ت. بريوت، د-، دار الفكرحاشية الشرواينـ الشرواين، عبد احلميد،

¡1، بريوت، طتكملة اموع شرح املهذب للنوويـ الشريازي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي،

.م2002/هـ1423

¡ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ Üن.ت.يف فقه اإلمام الشافعي، دار الفكـر، بريوت، دهذب امل

ن.ت.، دار الكتب العلمية، بريوت، داألناممصاحليفاألحكامقواعد، السالمعبدبنالعزـ

¡1 بريوت، ط-، دار الفكرحاشية عمريةـ عمرية، شهاب الدين أمحد الرسلي ،

.م، حتقيق مكتب البحوث والدراسات1998/هـ1419

.م1979 / ه1399 بريوت –يف فقه مذهب اإلمام الشافعي ، دار املعرفة الوجيـز يل، الغزا-

، حتقيق مكتب البحوث و حاشية قليويبـ القليويب، شهاب الدين أمحد بن أمحد بن سالمة،

م1998/هـ1419¡1الدراسات، دار الفكر، بريوت، ط

، دار الفكر، لبنان، تقرير الشربيينشرح مجع اجلوامع مع حاشية البناين وـ احمللي، مشس الدين،

.م1982/هـ1402

¡3، حتقيق فؤاد عبد املنعم، اإلسكندرية، دار الدعوة، طاإلمجاعـ ابن املنذر، حممد بن إبراهيم،

هـ1402

.م2000/هـ1421، بريوت، روضة الطالبني وعمدة املفتنيـ النووي،

:يـاملذهب احلنبل

، حتقيق حممد بشري األدليب، املكتب طلع على أبواب املقنعاملـ البعلي، حممد بن أيب الفتح،

.م1981/هـ1401اإلسالمي،

، الطريق للنشر احلسبة و مسؤولية احلكومات اإلسالميةـ ابن تيمية، أمحد بن عبد احلليم،

ن.ت.والتوزيع، اجلزائر العاصمة، د

¡ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ Ü مكتبة العبيكان، حتقيق سعود صاحل العطيشانيف الفقه، شرح العمدة ،

.هـ1413¡1، طالرياض

450 من 415صفحة 415 - أأ ب ب- االلل

415

¡ ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ Üن.ت.، دار املعرفـة، بريوت، دالفتـاوى الكربى

حتقيق عبد ، شرح الزركشي على خمتصر اخلرقيـ الزركشي، مشس الدين حممد بن عبد اهللا،

.م2002/هـ1423، بريوت، دار الكتب العلمية، املنعم خليل إبراهيم

.م1985/هـ1405بريوت،، الفكردار¡ املغين،أمحدبناهللاعبدـ ابن قدامة،

ربعناملوقعنيإعالمـ ابن القيم، أبو عبد اهللا حممد بن أيب بكر أيوب الزرعي الدمشقي،

.م1973ت، بريو، اجليلدار، سعدالرؤوفعبدطهحتقيق، العاملني

Ü¡ÜÜÜÜÜط و عبد القادر ، حتقيق شعيب األرناؤوزاد املعاد يف هدي خري العباد

.م1986/هـ1407¡14األرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بريوت، ط

¡ÜÜÜÜ Ü ،م2001/هـ1422¡1مكتبة الثقافة الدينية، بور سعيد، مصر، طالطب النبوي .

¡ÜÜÜÜÜ Üحتقيق حممد مجيل غازي، مطبعة املدين، الطرق احلكمية يف السياسة الشرعية ،

ن.ت.القاهرة، د

على مذهب اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف ، علي بن سليمان احلسنأبو، املرداويـ

ن.ت.، دبريوت، دار إحياء التراث العريب، حتقيق حممد حامد الفقي -: اإلمام أمحد بن حنبل

¡1 حتقيق عبد الرمحن اجلربين و آخرين، مكتبة الرشد، السعودية، ط-

.م2000/هـ1421

املكتب على مذهب اإلمام املبجل أمحد بن حنبل،دليل الطالب ، احلنبليبن يوسف، امرعيـ

. هـ1389¡2، طبريوت، اإلسالمي

:ريـاملذهب الظاه

، حتقيق جلنة إحياء التراث العريب، دار اآلفاق احمللىـ ابن حزم، أبو حممد علي بن أمحد بن سعيد،

ن.ت.اجلديدة، بريوت، د

:ديـاملذهب الزي

، حتقيق إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصولحممد بن علي بن حممد، ـ الشوكاين،

. م1992/هـ1412¡1حممد سعيد البدري، دار الفكر، بريوت، ط

¡ÜÜÜÜ Üالكتبدار،زايدإبراهيمحممدحتقيق، األزهارحدائقعلىاملتدفقاجلرارالسيل

هـ1405¡1ط،بريوت العلمية،

450 من 416صفحة 416 - أأ ب ب- االلل

416

:يـاضـاملذهب اإلب

نشر وزارة التراث القومي و الثقافة، شرح النيل وشفاء العليل،ـ اطفيش، حممد بن يوسف،

م1986/هـ1407سلطنة عمان،

:ةـة حديثـة و أصوليـمراجع فقهي: اـثالث

يف مقاصد - لنفس املؤلف-القنيـة يف شرح نظم الفائق األخضري، األخضر أبو عبد الرمحن، -

.م2008/هـ1429 اجلزائر، -الشريعة، مكتبة الرشاد

، حتقيق حممود حممد شعبان كتاب معامل القربةـ ابن اإلخوة، حممد بن حممد بن أمحد القرشي،

.م1976وصديق أمحد عيسى املطيعي، اهليئة املصرية العامة للكتاب،

¡1 ط– حبث فقهي مقارن – قضايا طبية من منظور إسالميـ إدريس، عبد الفتاح حممود،

.ن.م.م، د1993/هـ1414

، نشر دار العروبة، الكويت، عقود التأمني من وجهة الفقه اإلسالميـ بلتاجي، حممد،

.م1982/هـ1402

¡2، مؤسسة احلليب، دمشق، طاملسؤولية اجلنائية يف الفقه اإلسالميـ شي، أمحد فتحي،

.م1969

¡1 دار إشبيليا، الرياض، ط،التعويض عن الضرر يف الفقه اإلسالميـ بوساق، حممد بن املدين،

.م1999/هـ1419

، م2000 دار الفكر العريب، القاهرة، :الضمان يف الفقه اإلسالميـ اخلفيف، الشيخ علي،

.م1971املطبعة الفنية احلديثة ، -

¡5، دار القلم، الكويت، طال نص فيهمصادر التشريع اإلسالمي فيما ـ خالف، عبد الوهاب،

.م1982/هـ1402

، مؤسسة أثر االختالف يف القواعد األصولية يف اختالف الفقهاءـ اخلن، مصطفى سعيد،

.م2003/هـ1424¡2الرسالة، بريوت، ط

.م1993¡2، منشورات جامعة دمشق، طالنظريات الفقهيةـ الدريين، فتحي،

، دار الكتب حجة اهللا البالغة بشاه ويل اهللا بن عبد الرحيم، ـ الدهلوي، اإلمام أمحد املعروف

.ن.ت.بغداد، حتقيق سيد سابق، د- القاهرة–مكتبة املثىن -احلديثة

، دار الفكر )النص، الواقع، املصلحة ( االجتهاد ـ الريسوين، أمحد وحممد مجال باروت،

450 من 417صفحة 417 - أأ ب ب- االلل

417

.م2002/هـ1422 دار الفكر، دمشق، –املعاصر، بريوت

¡7 دار الفكر املعاصر، بريوت، ط–، دار الفكر، دمشق نظرية الضمان ي، وهبة، ـ الزحيل

.م2006/هـ1427

، حتقيق مصطفى أمحد الزرقا، دار القلم، شرح القواعد الفقهيةـ الزرقا، أمحد بن حممد الزرقا،

.م1989/هـ1409¡2دمشق، ط

دمشق، الطبعة –طبعة دار القلم - املدخل إىل نظرية االلتزام العامة يف الفقه اإلسالميـــ، -

.م1999-هـ 1440األوىل،

.م1984بريوت، -دمشق، دار العلوم- ـــ، الفعل الضار والضمان فيه، دار القلم-

/هـ1425¡2ط، م1999/هـ1440¡1 دمشق، ط- دار القلم: املدخل الفقهي العامــ،

. م2004

دراسة فقهية مقارنة بأحكام – -ضمان العدوان يف الفقه اإلسالمي اج، حممد أمحد، ـ سر

.م1990/هـ1410 دار الثقافة للنشر و التوزيع، القاهرة، –املسؤولية التقصريية يف القانون

¡1، مطبعة السعادة، طضمان املتلفات يف الفقه اإلسالميـ سليمان، حممد أمحد،

.م1985/هـ1405

، دار النهضة ...)املسؤولية املدنية( حبوث يف الشريعة اإلسالميةو سعد، حممد حممد، ـ شتا أب

.م1994العربية، القاهرة،

شلتوت، الشيخ حممود املسؤولية املدنية و اجلنائية يف الشريعة اإلسالمية، طبعة مطبعة -

ن .ت.األزهر،د

، دار الفكراملعاصر، لتجديدمقاصد الشريعة، آفاق اـ مشس الدين، حممد مهدي و آخرون،

.م2005/هـ1426¡2 دار الفكر، دمشق، ط–بريوت

ن.ت.، دار االعتصام، دالطب اإلسالميـ طه، أمحد،

¡1، مؤسسة الرسالة ناشرون، ط13عبد الكرمي زيدان، نظرات يف الشريعة اإلسالمية، ص -

.م2000 -هـ1421

.م2004/هـ1425¡1ريوت، ط ب- ــ، الوجيز يف أصول الفقه، مؤسسة الرسالة-

¡3، مؤسسة الرسالة، دار العلوم اإلنسانية، دمشق، طرفع احلرجـ عدنان، حممد مجعة،

.م1993/هـ1413

450 من 418صفحة 418 - أأ ب ب- االلل

418

-مقارنا بالقانون الوضعي، مكتبة العروبةالتشريع اجلنائي اإلسالمي ـ عودة، عبد القادر،

.1960القاهرة،

دراسة تأصيلية مقارنة بني الشريعة –بيب املهنية مسؤولية الطـ الغامدي، عبد اهللا بن سامل،

¡1، دار األندلس اخلضراء، جدة، ط)7(، سلسلة الرسائل اجلامعية اإلسالمية والقوانني املعاصرة

.م1997/هـ1418

، دار حبوث يف الفقه الطيب و الصحة النفسية من منظور إسالمي ـ أبو غدة، عبد الفتاح،

.م1991/هـ1411¡1األقصى، ط

.م1989¡1، دار الشواف، الرياض، طالطب اإلسالمي عرب القرونـ الفاضل، عبيد اهللا،

التعاون ال االستغالل أساس عقد التأمني –اإلسالم و التأمني ـ الفنجري، حممد شوقي،

.م1989اهليئة املصرية العامة للمكتبات، –اإلسالمي

بني املقاصد الكلية و النصوص اجلزئية، ة دراسة يف فقه مقاصد الشريع-: ـ القرضاوي، يوسف

.م2006/هـ1417¡1دار الشروق، القاهرة، ط

¡ÜÜÜÜم2000هـ، 1420¡24 بريوت، ط- دار الرسالـة، فقـه الزكـاة.

- حممد رواس قلعه جي، مباحث يف االقتصاد اإلسالمي من أصوله الفقهية، دار النفائسـ

.م2005هـ، 61426بريوت، ط

، دراسة عامة مع نظم التأمني وحكمها يف الشريعة اإلسالميةعبد اللطيف، حممد سعيد ـ

القاهرة، - تطبيقها على النظام القانوين للتأمني يف اجلمهورية العربية الليبية، توزيع مكتبة دار التراث

.م1997هـ، 1418¡1احلقوق حمفوظة للمؤلف، ط

تبني حقيقة التأمني التعاوين بصورته دراسة فقهية–التأمني اإلسالمي ـ ملحم، أمحد سامل،

األردن، –دار األعالم، عمان –النظرية و العملية و ممارساته يف شركات التأمني اإلسالمي

.م2002/ هـ1423

، دار الرشاد 45-44 الشيخ فيصل ، نظام التأمني وموقف الشريعة منه، ص- مولوي، ـ

.م1988 -هـ1408¡1 بريوت، ط-اإلسالمية

، الشيخ علي أمحد، موسوعة القواعد و الضوابط الفقهية احلاكمة للمعامالت املالية الندويـ

.م2004هـ ـ 1425 دمشق، الطبعة الثانية، -يف الفقه اإلسالمي، دارالقلم

¡3، مؤسسة الرسالة، بريوت، طالطب النبوي و العلم احلديثـ النسيمي، حممود ناظم،

450 من 419صفحة 419 - أأ ب ب- االلل

419

.م1991

، دار اجلامعة التعويض املدين بني الفقه اإلسالمي و القانون املدينحق ـ النشار، حممد فتح اهللا،

.م2002اجلديدة، اإلسكندرية،

.2، دار السالسل، الكويت، طاملوسوعة الفقهيةـ وزارة األوقاف و الشؤون اإلسالمية الكويتية،

كتب التراجم و األعالم والتاريخ والطب: رابعا

نشر مري حممد كتب ، جلواهر املضية يف طبقات احلنفيةا، حممدعبد القادر بن، بن أيب الوفاءـ ا

. ن.ت.، باكستان، دكراتشي، خانه

.ن.ت.دار الشعب، د¡أسد الغابة يف معرفة الصحابةـ ابن األثري،

األندلسي، عيسى بن سهل أبو عبد اهللا، وثائق يف الطب اإلسالمي ووظيفته يف معاونة -ـ

حممد عبد الوهاب خالف، .، حتقيق دخمطوط األحكام الكربى من القضاء يف األندلس، مستخرجة

حممد علي مكي، مستشار مصطفى كامل إمساعيل، توزيع املركز العريب الدويل . مراجعة وتقدمي د

.1982، القاهرة، 1لإلعالم، ط

لشتيوي، دار أمحد ا: توشيح الديباج وحلية االبتهاج، حتقيق، بدر الدين حممد بن حيي القرايفـ

.مÜ1983هـ 1403¡1طالغرب اإلسالمي ،

النجوم الزاهرة يف ملوك مصر ، احملاسنو مجال الدين يوسف أب بردي األتابكي،غريثبن ـ ا

- وزارة الثقافة واإلرشاد القومي-م، 1938/هـ1357دار الكتب املصرية، القاهرة، - : والقاهرة

.ت.مصر، د

¡اإلصابة يف متييز الصحابة العسقالين، الدين أبو الفضل أمحد بن عليشهاب ـ ابن حجـر،

.هـ1328¡1مطبعة السعادة، القاهرة، ط

-¡ÜÜÜÜللمطبوع موافق الكتاب ترقيم[ يعسوب ، موقعالتهذيب تقريب[ .

-¡ÜÜÜÜذيب التهذيبهـ1327¡1اهلند، ط-، مطبعة جملس دار املعارف النظامية.

-¡ÜÜÜاهلند، -، جملس دائرة املعارف العثمانية، صيدر آبادمنة يف أعيان املائة الثامنةالدرر الكا

. ، مراقبة حممد عبد املعيد ضان2م، ط1972هـ، 1392

، دار الكتب اإلسالميالفقهتاريخيفالساميالفكر، الثعاليباحلسنبن حممدـ احلجوي،

.م1995/هـ1416¡1العلمية، بريوت، ط

ن.ت.، دبريوت، دار الكتب العلمية، تاريخ بغداد، أبو بكر محد بن علي، البغدادياخلطيب ـ

450 من 420صفحة 420 - أأ ب ب- االلل

420

.5، ط1984 بريوت، –ابن خلدون، عبد الرمحن بن حممد، مقدمة ابن خلدون، دار القلم -

أبناء أنباءوفيات األعيان و ، أبو العباس مشس الدين أمحد بن حممد بن أيب بكر،بن خلكانـ ا

ن.ت.، دلبنان، دار الثقافة، عباسحسانإحتقيق ، الزمان

ن.ت.، دبريوت، دار الكتب العلمية، 1 ط،تذكرة احلفاظحممد بن أمحد بن عثمان، الذهيب،ـ

¡ÜÜÜÜÜ Üحتقيق شعيب األرناؤوط وحممد نعيم العرقسوي، مؤسسة سري أعالم النبالء ،

هـ 1413، 9الرسالة، بريوت، ط

. موقع يعسوب- م، 1980¡5 دار العلم للماليني، بريوت، ط-:األعالمخري الدين، ـ الزركلي،

وحتقيق حممود حممد الطناحي، طبقات الشافعية الكربى، تاج الدين بن علي ،السبكيـ ابن

.م1966/هـ1385¡1، مطبعة البايب احلليب، طعبد الفتاح حممد احللو

.حممد أمحد الضناوي: ن، وضع حواشيه.م.ت.، دبالقانـون يف الطابن سينا، -

دار ، حتقيق خليل امليس ، طبقات الفقهاء،إبراهيم بن علي بن يوسف أبو إسحاق،الشريازيـ

ن.ت.، دبريوت، القلم

بريوت، -، دار الكتاب العريبالشقائق النعمانية، العقد املنظومـ طاشكربي زاده ،

.م1975/هـ1395

علي قيق حت- : االستيعاب يف معرفة األصحاب، ف بن عبد اهللا بن حممديوس،بن عبد الربـ ا

حتقيق علي معوض وعادل عبد - م، 1992/هـ1412¡1، طبريوت، دار اجليل¡حممد البجاوي

. م1995/هـ1415 بريوت، -املوجود، دار الكتب العلمية

ر إحياء التراث دا-: ذهبمنأخباريفالذهبشذرات، أمحدبناحليعبدـ ابن العماد،

.م1979/هـ1399¡2 دار املسرية، بريوت، ط- ن ، .ت.العريب، بريوت، د

يف معرفة أعيان املذهبالديباجـ ابن فرحون، إبراهيم بن علي بن حممد اليعمري املالكي،

ن.ت.، بريوت، دالعلميةالكتبدارعلماء املذهب،

عبداحلافظ حتقيق، الشافعيةطبقات بن حممد بن عمر،أمحدبنبكرأبو¡ـ ابن قاضي شهبة

.هـ1407¡1طت، بريوالكتب،عامل، خانالعليم

هـ1349، املطبعة السلفية، القاهرة، شجرة النور الزكية يف طبقات املالكيةـ خملوف، حممد،

¡2، دار الكتب العلمية، طالفتح املبني يف طبقات األصولينيـ املراغي، عبد اهللا مصطفى،

. م1974/هـ1394

450 من 421صفحة 421 - أأ ب ب- االلل

421

حتقيق عبد ، املقصد األرشد يف ذكر أصحاب أمحدـ ابن مفلح، برهان الدين إبراهيم بن حممد،

.هـ1410¡1مكتبة الرشد، الرياض، ط¡الرمحن بن سليمان العثيمني

ةـم و اللغـكتب املعاج: اـخامس

Ü ن.م.ت.د، دار الدعوة، ، حتقيق جممع اللغة العربيةاملعجم الوسيط إبراهيم مصطفى وآخرون

Ü ،ت. بريوت، د-، دار الكتب العلميةالقواعد األساسية للغة العربية أمحد اهلامشي.

Ü ذيب اللغة، أبو منصور حممد بن أمحد، األزهري ،دار إحياء ، حتقيق حممد عوض مرعب

.م2001¡1، طبريوت، التراث العريب

¡1 دار العلم للماليني، بريوت، ط¡ فرنسي-عريبملفصل، معجم عبد النور اـ جبور، عبد النور،

.م1983

،دار الكتاب العريب، حتقيق إبراهيم األبياري، التعريفات، علي بن حممد بن علي، اجلرجاينـ

هـ 1405¡1، طبريوت

ت.د دار الكتاب العريب، بريوت، ،تاريخ بغدادخلطيب البغدادي، ا ـ

-دار الكتب العلميةمفاتيح العلوم، د بن يوسف أبوعبد اهللا، اخلوارزمي الكاتب، حممد بن أمحـ

.ن.ت.د.بريوت

مكتبة لبنان ، حتقيق حممود خاطر، خمتار الصحاح، القادر حممد بن أيب بكر بن عبد، لرازيـ ا

.م1995/هـ1415، ريوت، بناشرون

.م1985¡1، قاموس فرنسي عريب، دار السابق، بريوت، طالكنـزـ السابق، جروان،

حممد عبد املعيد خان، دار .د: ، حتقيقغريب احلديثـ ابن سالم القاسم اهلروي أبو عبيد،

.هـ1396¡1بريوت، ط-الكتاب العريب

، اجلامع الكبري لكتب التراث اإلسالمي والعريب، اإلصدار ديوان عنترةـ عنترة، بن شداد،

. م2005/هـ1426الثاين،

.ن.ت.، حتقيق زهدي يكن، دار الثقافة، بريوت، دن الشافعيديواـ الشافعي، حممد بن إدريس،

-هـ1420 بريوت، -، دار اجليلمعجم مقاييس اللغة العربيةـ ابن فارس، أمحد بن زكريا،

.، حتقيق عبد السالم حممد هارون2م، ط1999

ن.ت.، دبريوت، مؤسسة الرسالة ،القاموس احمليط، حممد بن يعقوب، آبادي الفريوزـ

للرافعي، املصباح املنري يف غريب الشرح الكبري ، أمحد بن حممد بن علي املقري، ميالفيوـ

450 من 422صفحة 422 - أأ ب ب- االلل

422

ن.ت.، دبريوت، املكتبة العلمية

Üم2005¡41، توزيع دار املشرق، بريوت، طاملنجد يف اللغة و األعالم.

¡1، دار صادر، بريوت، طلسان العربـ ابن منظور، حممد بن مكرم اإلفريقي املصري،

ن.ت.د

، حتقيق خالد عبد الرمحن العك، دار طلبة الطلبةـ النسفي، أبوحفص جنم الدين عمر بن حممد،

.م1995/هـ1416النفائس، عمان،

ةـة العربيـة باللغـع القانونيـاملراج

:ع العامـةـاملراج: أوال

ن املطبوعات ، ديوانظريتا القانون و احلق و تطبيقاا يف القوانني اجلزائريةـ إسحاق إبراهيم،

.م2005¡8اجلامعية، اجلزائر، ط

قانون اإلجراءات املدنية ـ نظرية الدعوى ـ نظرية اخلصومة ـ بوبشري، حممد أمقران،

.م1998، ديوان املطبوعات اجلامعية، واإلجراءات االستثنائية

ة الكويت ، الطبعة وسيط يف تاريخ القانون و النظم القانونية ، جامع، العبد السالم ، الترمانيينـ

.م1986الثالثة،

مصر، - ، توزيع منشأة املعارف، اإلسكندريةالنظرية العامة للقانونـ تناغو، مسري عبد السيد،

ن.ت.د

.م1977¡3، بغداد، ط2 و 1، ج املوجز يف شرح القانون املدينـ احلكيم، عبد ايد،

املوجبات، القانون و اجلرم و شبه النظرية العامة للموجبات، مصادر ـ جربان، يوسف جنم،

.م1981¡2 باريس، ط–، ديوان املطبوعات اجلزائرية، منشورات عويدات ، بريوت اجلرم

جالل حممد إبراهيم، التأميـن، دراسة مقارنة بني القانون املصري والقانونني الكوييت -

.1994والفرنسي، دار النهضة العربية،

ن.ت.، مطبعة ضة مصر، دتزاممصادر االلـ حجازي، عبد احلي،

، دار املطبوعات اجلامعية، تاريخ النظم القانونية و االجتماعيةـ حسن، أمحد إبراهيم،

.م1979اإلسكندرية،

.م1989¡1، دار النهضة املصرية، طاملوسوعة القانونية يف املهن الطبيةـ خليل، عديل،

450 من 423صفحة 423 - أأ ب ب- االلل

423

ديوان -: يف القانون املدين اجلزائريدراسات يف املسؤولية املدنية ـ سليمان، علي علي،

.م1989¡2ديوان املطبوعات اجلزائرية، ط-م، 1984¡2طاملطبوعات اجلامعية،

¡ÜÜÜ Üج، .م.، د يف القانون املدين اجلزائري-مصادر االلتزام-النظرية العامة لاللتزام

1998.

ن.ت.بريوت، د، دار إحياء التراث العريب، الوسيطـ السنهوري، عبد الرزاق،

املسؤولية عن األشياء ـ دراسة مقارنة يف القانون املدين املصري مقارنا ـ شنب، حممد لبيب،

.مكتبة النهضة املصريةبالقانون الفرنسي ـ

مسائل عن املخاطر و تطبيقاا يف القانون اإلداري ـ دراسة مقارنة ـ ـ شيهوب، مسعود،

.م1998ديوان املطبوعات اجلامعية،

، منشأة املعارف، اإلسكندرية، أصول االلتزامات، مصادر االلتزامالعدوي، جالل علي، ـ

م2001مصر،

ديوان املطبوعات ، 1 ج-أحباث ومذكرات يف القانون والفقه اإلسالمي ـ العريب، بلحاج،

.1996 ، اجلزائر- ة ياجلامع

ÜÜ ÜÜ¡ عة وهران، اجلزائر، ، قسم املاجستري، جامدروس يف القانون القضائي اجلزائري

.م1988

¡ÜÜÜ Üم1999، ج.م.د ،يف القانون املدين اجلزائرينظرية العامة لاللتزامال.

¡2، دار الطباعة احلديثة، القاهرة، طالنظرية العامة للحق يف سالمة اجلسمـ عصام، أمحد حممد،

.م1988

.م1993، أطلس للنشر، ديسمرب تاريخ النظم القانونيةـ فركوس، دليلة،

دراسة عامة مع ¡نظم التأمني وحكمها يف الشريعة اإلسالميةحممد سعيد عبد اللطيف، ـ

- توزيع مكتبة دار التراث الليبية،تطبيقها على النظام القانوين للتأمني يف اجلمهورية العربية

.م1997هـ، 1418¡1القاهرة، احلقوق حمفوظة للمؤلف، ط

يف الفعل الضار واملسؤولية 2Ü االلتزامات 2الوايف يف شرح القانون املدين، ـ مرقس، سليمان،

.م1988املدنية،

ن .ت.رية، د، دار اجلامعة اجلديدة، اإلسكندمبادئ عقد التأمنيـ منصور، حممد حسني،

¡ÜÜÜÜÜÜÜÜ Üن.ت.، دار اجلامعة اجلديدة، اإلسكندرية، دمبادئ قانون التأمني

450 من 424صفحة 424 - أأ ب ب- االلل

424

يف مبادئها القانونية اء ـة عن فعل األشيـالنظرية العامة للمسؤولية الناشئـ النقيب، عاطف،

¡2يس، طأوجهها العملية، ديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، منشورات عويدات، بريوت، بار و

.م1981

ةـع املتخصصـاملراج: اـثاني

يف التشريع املصري و القانون مسؤولية األطباء و اجلراحني املدنية ـ األبراشي، حسن زكي،

.املقارن، دار النشر للجامعات املصرية، القاهرة

، دار النهضة العربية، القاهرة، التأمني من املسؤولية املدنية لألطباءـ أشرف جابر،

هـ1420/م1999

دراسة يف األحكام العامة لسياسات القوانني املسؤولية القانونية للطبيب ـ ـ بابكر، الشيخ،

.م2002¡1 ط– األردن –املقارنة واجتاهات القضاء، دار مكتبة احلامد، عمان

، دار القلم، مسؤولية الطبيب بني الفقه و القانونـ باشا، حسان مشس و حممد علي البار،

.م2004/هـ1425¡1دمشق، ط

ن.م.ت.، د- احلالل و احلرام–التأمني بني الشريعة و القانون ـ بسام، حمتسب باهللا،

¡ÜÜÜÜÜ Üدار اإلميان، بريوت، املسؤولية الطبية املدنية و اجلزائية بني النظرية و التطبيق ،

.م1984/هـ1404¡1ط

ريعة اإلسالمية و يف القانون السوري للطبيب يف الشاملسؤولية املدنيةـ التوجني، عبد السالم،

ن.م.ت.، دواملصري و الفرنسي

.م1987، دار النهضة العربية، اخلطأ الطيبـ أبو مجيل، وفاء حلمي،

.م1962، دار املعارف، القاهرة، نوفمرب أخطاء األطباءـ اجلوهري، حممود فائق،

، دار عمليات نقل الدممشكالت املسؤولية املدنية يف جمالـ حسني، حممد عبد الظاهر،

.م1995النهضة العربية،

، الشركة العاملية للكتاب، دار املسؤولية املدنية عن األخطاء املهنيةـ احلسيين، عبد اللطيف،

.م1997¡1 دار الكتاب العاملي، ط–الكتب اللبناين

األردين و املسؤولية املدنية للطبيب يف ضوء النظام القانوينـ احليارى، أمحد حسني عباس،

.م2005 األردن، -، دار الثقافة، عمانالنظام القانوين اجلزائري

¡املسؤولية املدنية يف ضوء الفقه و القانونـ الديناصوري، عز الدين و عبد احلميد الشواريب،

450 من 425صفحة 425 - أأ ب ب- االلل

425

.م1988احلديثة للطباعة، القاهرة، مارس

، دار الفتح للطباعة، ميلاجلوانب القانونية والشرعية جلراحة التجـ رشدي، حممد السعيد،

.م1978

دراسة و صياغة قانونية مؤصلة على –الفعل الضار و الضمان فيهـ الزرقا، مصطفى أمحد،

دار القلم، – نصوص الشريعة اإلسالمية و فقهها انطالقا من نصوص القانون املدين األردين

.م1988/هـ1409¡1دمشق، ط

" قانونية الناجتة عن مرض فقد املناعة املكتسبة بعض املشكالت الـ أبو زيد، حممد حممد،

، مطبوعات جامعة الكويت، )يف اإلطار الطيب و خارجه(يف جماالت املسؤولية املدنية " اإليدز

.م1996/م1995

ن .ت.، منشأة املعارف، اإلسكندرية، داخلطر يف عقد التأمنيـ شرعان، حممد،

الت املسؤولية املدنية يف املستشفيات العامة مسؤولية الطبيب ـ مشكـ شرف الدين، أمحد،

، طبع و تصميم دار ـ دراسة مقارنة بالفقه اإلسالمي و القضاء الكوييت و املصري و الفرنسي

.م1986/هـ1406السالسل، الكويت،

التجارب الطبية، ( مسؤولية األطباء و تطبيقاا يف قانون العقوبات ـ الشوا، حممد سامي،

، دار النهضة العربية، ) عمليات حتول اجلنس، استقطاع األعضاء و نقلها جراحة التجميل،

.م2003القاهرة،

م، 1966¡1، طاملسؤولية املهنية الطبية يف اململكة العربية السعوديةـ الصقري، قيس الصقري،

ن.ت.د

اجلديدة، ، مكتبة اجلالء حقيقة أزمة املسؤولية املدنية و دور تأمني املسؤوليةـ ظاهري، حسني،

.م1993املنصورة،

¡ÜÜÜÜÜ Üـ دراسة مقارنة ـاخلطأ الطيب و اخلطأ العالجي يف املستشفيات العامة

. م2002اجلزائر فرنسا، دار هومـة، اجلزائـر،

املفهوم القانوين لرابطة السببية و انعكاساته يف توزيع عبء املسؤولية ـ عادل جربي حممد ،

.م2003 دار الفكر العريب، اإلسكندرية، –حكام الفقه اإلسالمي دراسة مقارنة بأ-املدنية

املؤسسة احلديثة للكتاب، – دراسة مقارنة –املسؤولية املدنية للطبيب ـ عجاج، طالل،

.م2004 – لبنان –طرابلس

450 من 426صفحة 426 - أأ ب ب- االلل

426

املسؤولية الطبية عن اخلطأ يف تشخيص تشوهات اجلنني و أمراضه ـ عبد احلليم، رضا،

.م2003¡1 دار النهضة العربية، القاهرة، ط مقارنة بالقانون الفرنسي ــ دراسةالوراثية

، مكتبة نشر الثقافة، اإلسكندرية، املسؤولية القانونية للطبيبـ عبد املنعم، حممد داوود،

.م1988

.م1989¡1، دار النهضة، القاهرة، طاملوسوعة القانونية يف املهن الطبيةـ عديل، خليل،

بريوت، - املسؤولية املدنية، منشورات احلليب احلقوقية2، جالقانون املدين، ـ العوجي، مصطفى

. م2004¡2ط

دار الثقافة و الدار – دراسة مقارنة – املسؤولية الطبية يف اجلراحة التجميليةـ الفضل، منذر،

.م2000¡1 ط- األردن–العلمية الدولية، عمان

االجتاهات ( طأ أساسا ملسؤولية املرفق الطيب العام تراجع فكرة اخلـ فؤاد، حممد عبد الباسط،

.م2003منشأة املعارف، اإلسكندرية، ، )احلديثة لس الدولة الفرنسي

إثبات اخلطأ يف اال الطيب ـ دراسة فقهية و قضائية مقارنة يف ضوء ـ قاسم، حممد حسني،

.م2004اجلديدة، اإلسكندرية، دار اجلامعة التطورات املعاصرة ألحكام املسؤولية الطبية ـ

، دار النهضة العربية، القاهرة، عقد العالج بني النظرية و التطبيقـ مأمون، عبد الرشيد،

. م1986

نظرة حديثة إىل خطأ الطبيب املوجب للمسؤولية املدنية يف ظل ـ حمسن عبد احلميد البيه،

. م1993، مطبوعات جامعة الكويت، القواعد القانونية التقايدية

مدى التعويض عن تغري الضرر يف جسم املضرور وماله يف ـ حممد عبد الرمحن، أمحد شوقي،

.م2000، منشأة املعارف، اإلسكندرية، مصر، املسؤولية املدنية العقدية و التقصريية

أصول التأمني ـ عقد الضمان دراسة مقارنة ـ للتشريع و الفقه ـ مصطفى، حممد مجال،

م1999¡ضوء األسس الفنيةوالقضاء يف

، دار النهضة العربية، القاهرة، إيداع املسؤولية عن التجارب الطبية لألطباءـ املنتصر، مسري،

.م1990

.م2001، دار اجلامعة اجلديدة، اإلسكندرية، املسؤولية الطبيةـ منصور، حممد حسني،

عامة طبقا للقانون اجلديد ـ التأمني يف القانون اجلزائري ـ أحكاماـ أبو النجا، إبراهيم،

ن.م.م، د1992¡2، ط1ج

450 من 427صفحة 427 - أأ ب ب- االلل

427

، دار اجلامعة حق التعويض املدين بني الفقه اإلسالمي و القانون املدينـ النشار، حممد فتح اهللا،

.م2002اجلديدة، اإلسكندرية،

دار دراسة مقارنة، -املسئولية املدنية عن عمليات نقل الدمـ وائل حممود أبو الفتوح العزيري،

.م2006/هـ1427املغريب للطباعة،

ونـة والقانـة يف كل من الشريعـائل اجلامعيـالرس: اـثالث

، رسالة ماجستري يف القضاء مسؤولية الطبيب اجلنائية يف الشريعة اإلسالميةـ أسامة، إبراهيم،

.م1994الشرعي، كلية الدراسات العليا، اجلامعة األردنية، كانون األول،

عبد احلميد حممود، حتمل التبعة بني الشريعة والقانون، رسالة دكتوراة جبامعة األزهر،ي، ـ البعل

.ـ ه1397

–، رسالة ماجستري باجلامعة األمريكية املفتوحة نظام التأمني اإلسالميـ جعفر، عبد القادر،

.م2006/هـ1427¡1 دار الكتب العلمية، بريوت، ط–لبنان

، رسالة دكتوراة يف ائل الطبية املعاصرة و موقف الفقه اإلسالمي منهااملسـ اجلفال، علي داود،

.م1985/هـ1405الفقه املقارن، كلية الشريعة و القانون، جامعة األزهر، القاهرة،

، دراسة مقارنة يف الفقه العالقة بني الطبيب و املريض و آثارهاـ مجعة، السيد رضوان حممد،

الة دكتوراة يف الفقه املقارن، كلية الشريعة و القانون، جامعة اإلسالمي و القانون الوضعي، رس

.م1992/هـ1413األزهر،

، رسالة دكتوراة، جامعة فؤاد املسؤولية الطبية يف قانون العقوباتـ اجلوهري، فائق اجلوهري،

. م 1951األول، دار اجلوهري للطباعة و النشر، القاهرة،

ملدنية للطبيب يف القطاع اخلاص يف ضوء النظام القانوين املسؤولية اـ احليارى، حسن عباس،

. األردن-، دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان األردين و النظام القانوين اجلزائري

، رسالة دكتوراة، جامعة اجلياليل اليابس، سيدي املسؤولية املدنية لألطباءـ رايس، حممد،

.م2004/2005بلعباس، كلية احلقوق،

، جامعة مسؤولية املستشفى اخلاص عن أخطاء الطبيب و مساعديه أمحد حممود، ـ سعد،

.م1983القاهرة،

، رسالة ماجستري، كلية التعويض عن الضرر املعنوي يف املسؤولية املدنيةـ السعيد، مقدم،

.م1982احلقوق، جامعة اجلزائر،

450 من 428صفحة 428 - أأ ب ب- االلل

428

املقارن، ، رسالة دكتوراه ، كلية ـ عادل حبيب، التنفيذ العيين لاللتزامات العقدية يف القانون

.1986احلقوق، جامعة املنصورة

دراسة تأصيلية مقارنة بني الشريعة –مسؤولية الطبيب املهنية ـ الغامدي، عبد اهللا بن سامل،

، دار )7(اإلسالمية والقوانني املعاصرة مع دراسة معمقة للنظام السعودي، سلسلة الرسائل اجلامعية

.م1997/هـ1418¡1، جدة، طاألندلس اخلضراء

، رسالة دكتوراة، دار النهضة العربية، القاهرة، املسؤولية اجلنائية لألطباءـ قايد، أسامة عبد اهللا،

. م1990

، رسالة دكتوراة، قسم الفقه و التداوي و املسؤولية الطبيةـ قيس آل الشيخ، ابن حممد مبارك،

¡3ار الفارايب للمعارف، حلبوين، سوريا، طالسياسة الشرعية، جامعة الزيتونة، تونس، د

.م2007/هـ1427

رسالة – دراسة مقارنة – رضا املريض عن األعمال الطبية و اجلراحيةـ مأمون، عبد الكرمي،

.م2004/2005دكتوراة، جامعة أيب بكر بلقايد، تلمسان، كلية احلقوق،

شريعة اإلسالمية والقانون املدين، ـ حممد صالح الدين حلمي، أساس املسؤولية التقصريية يف ال

.1978جبامعة القاهرة، رسالة

مسؤولية الطبيب يف جراحة التجميل يف الفقه اإلسالمي والقانون ـ حممد فرج، غرب إمساعيل،

.م1998/هـ1419، حبث فقهي مقارن، كلية الشريعة و القانون، القاهرة، الوضعي

املكتبة، رسالة دكتوراة، وتطبيقااأصوهلاهاوتطورنشأاالفتوى، حممدحسنيـ املالح،

.م2001/هـ1422¡1ط، بريوت العصرية،

¡1 دمشق، ط-، دار املكتيبضمان العقد يف الفقه اإلسالميـ النجدات، حممد جندات،

.م2007/هـ1427

ون املسؤولية املدنية لألطباء يف الفقه اإلسالمي و القانـ هاشم عبد اهللا، عبد الراضي حممد،

.م1994/هـ1414رسالة دكتوراة يف القانون، كلية احلقوق، جامعة القاهرة، الوضعي،

.م1985، جامعة القاهرة، التأمني من املسؤولية يف عقد النقلـ واصف، سعيد،

اجلناية العمد للطبيب على األعضاء البشرية باجلراحة الطبية يف الفقه ـ يسري، حممد إبراهيم،

.م2002/هـ1414اجستري، كلية الشريعة، جامعة األزهـر، القاهرة، ، رسالة ماإلسالمي

االت يف فقه الشريعة والقانونـاث و املقـاألحب: اـرابع

450 من 429صفحة 429 - أأ ب ب- االلل

429

-هـ1373، سنة 25 أمحد طه السنوسي، عقد التأمني يف الشريعة اإلسالمية، جملة األزهر، الد -

.م1953

، يونيو، )2(، عدد 5حلقوق و الشريعة، س، جملة ااملسؤولية اجلزائيةـ حومد، عبد الوهاب،

.م1992جامعة الكويت،

، نقال عن "مراعاة العرف" اخلضر، حممد حسني، شيخ األزهر يف حبث له مبجلة األزهر بعنوان -

.147-148عبد الوهاب خالف، مصادر التشريع اإلسالمي فيما ال نص فيه، ص

قدم لندوة البيضاء، يف ربيع األول سنة اخلفيف، الشيخ علي، يف حبثه يف عقد التأمني امل-

.م1972 مايو -هـ1392

.م1961 الزرقا، مصطفى، حبث حول التأمني الذي قدمه يف أسبوع الفقه اإلسالمي بدمشق سنة -

، جمموعة القواعد القانونية قضاء النقض املدين يف املسؤولية و التعويضـ شعلة، سعيد أمحد،

.م2004 ساعة، دار الكتب القانونية، مصر، الة الكربى، 72اليت قررا حمكمة النقض خالل

، حبث مقدم للمؤمتر العلمي األول، اخلطأ يف وسط الفريق اجلراحيـ الشوا، حممد سامي،

.م1999جامعة جرش، األردن،

حيوية املسئولية عن اخلطأ الطيب، حبث مقدم إىل كلية الشريعة، املؤمتر عبد الرمحن الطحان، ـ

.م1999 األردن -ي األول ، جامعة جرشالعلم

، حبث مقدم مدى مسؤولية الطبيب عن أخطائه يف الشريعة و القانونـ الغايايت، الشني،

.م1999للمؤمتر العلمي األول حول األخطاء الطبية، جامعة جرش، األردن،

لية احلقوق، ، جملة القانون و االقتصاد، كمسؤولية األطباء و اجلراحني املدنيةـ فرج، وديع،

.م، مطبعة إلياس نوري، مبصر1942 يناير - هـ 1361، حمرم 1، ع12جامعة القاهرة، س

م 1993، حبث مقدم جلامعة عمان األهلية، األردن، املسؤولية الطبيةـ الفضل، منذر،

م1986¡03، ع10، جملة احلقوق الكويتية، ستعويض الفرصةـ أبو الليل، إبراهيم الدسوقي،

التأمني من األخطار الناشئة عن خطأ املؤمن له يف القوانني املصري ، الفرنسي – البيه حمسن. ـ د

.224 ، ص 1987 طبعة – جملة احملامي الكويتية –، الكوييت

، جملة القانون و االقتصاد، مسؤولية الطبيب و مسؤولية إدارة املستشفىـ مرقس، سليمان،

م، مطبعة إلياس 1937 يناير -هـ 1355ذو القعدة ، 1، ع7كلية احلقوق، جامعة القاهرة، س

.نوري، و أوالده مبصر

450 من 430صفحة 430 - أأ ب ب- االلل

430

، جملة السماعة لنقابة األطباء األردنيني، املسؤولية الطبية بني الشعار و التطبيقـ مصاروة، فريد،

.49–48، ص 98 آذار – 97، كانون األول 64ع

:اـامسـخ

التـات و اـأـ الدوري

األخطاء الطبية يف –ملخصات املؤمتر لكليات الشريعة ( هلية، األردن، ـ جملة جامعة جرش األ

.م1999 تشرين ثاين، )3–1(ميزان الشريعة و القانون

.م1986¡03، ع10ـ جملة احلقوق الكويتية، س

.م1992 يونيو، جامعة الكويت، ،)2(، عدد 5ـ جملة احلقوق و الشريعة، س

- هـ 1355، ذو القعدة 1، ع7ية احلقوق، جامعة القاهرة، سـ جملة القانون و االقتصاد، كل

.م، مطبعة إلياس نوري، و أوالده مبصر1937يناير

يناير -هـ 1361، حمرم 1، ع12ـ جملة القانون و االقتصاد، كلية احلقوق، جامعة القاهرة، س

.م، مطبعة إلياس نوري، و أوالده مبصر1942

تاريخ 52862، ملف رقم 1991¡1رة عن احملكمة العليا، العدد ـ الة القضائية اجلزائرية الصاد

.120-122، ص1988/07/16

.1991/01/13 تاريخ 75670، ملف رقم 1996، سنة 2ـ الة القضائية اجلزائرية، العدد

.1998/10/20 تاريخ 5755، ملف رقم 1998، سنة 2ـ الة القضائية اجلزائرية، العدد

:اجلرائـدÜب

مجادى األوىل 11م، املافق لـ2009 ماي06 املؤرخ يف 5628ريدة اخلرب اجلزائرية، العدد ـ ج

.ص. هـ، تقرير رتيبة1430

.ملوك.م، تقرير ع02/04/2005جريدة اخلرب اجلزائرية، بتاريخ ـ

قوانيـن ومراسيـم: سادسا

Ü 1395 رمضان، عام 20 املؤرخ يف 75/58الصادر مبوجب أمر رقم القانون املدين اجلزائري

يونيو 20،املؤرخ يف10-05م، املعدل و املتمم باألمر1975 سبتمرب ، سنة 26 ـ املوافق له

.م2007 مايو 13 ، املؤرخ يف05-07، وآخر تعديل كان مبقتضى أمر2005

يونيو 8 املوافق 1386 صفرعام 18 املؤرخ يف 156-66األمر : ـ قانون العقوبات اجلزائري

.84اجلريدة الرمسية رقم ¡2006ديسمرب 20 املؤرخ يف 23-06املتمم بآخر تعديل املعدل و1966

450 من 431صفحة 431 - أأ ب ب- االلل

431

Ü بأثر 15/6/1966 املؤرخ يف 154-66 قانون اإلجراءات املدنية اجلزائري، ، الصادر باألمر رقم

/16/11 هـ املوافق 1385 رجب عام 22 املؤرخ يف 65-278رجعي ابتداء من األمر رقم

.م1965

08هـ املوافق 1386 صفر 18 املؤرخ يف155-66إلجراءات اجلزائية، الصادر باألمر قانون ا-

¡2006 ديسمرب 20 املؤرخ يف 22-06 املعدل واملتمم، بآخر تعديل بقانون 1966يونيو سنة

.84اجلريدة الرمسية رقم

صفر عام 18 الؤرخ يف 09-08 يف القانون رقم وقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلزائريـ

.2008 فرباير سنة 25 املوافق 1429

09 هـ املوافق 1404 رمضان عام 09 املؤرخ يف 11-84ـ قانون األسرة الصادر بقانون رقم

.42 السنة 15، اجلريدة الرمسية رقم 2005 املؤرخ يف فرباير 02-05، املعدل باألمر 1984يونيو

ني كيفية إخضاع الشركات الفرنسية اليت كانت ؛ الذي يب1963 جوان 08القانون املؤرخ يف ـ

.تنشط يف جمال التأمني يف اجلزائر لرقابة السلطة اجلزائرية

، املتضمن 1966 مايو سنة 27 املوافق 1386 صفر عام 06 املؤرخ يف 127-66ـ األمر رقم

.تأسيس احتكار الدولة لعمليات التأمني

، املتعلق بإلزامية 1974 يناير سنة 30 املوافق 1394 حمرم عام 06 املؤرخ يف 74/15ـ األمر رقم

التأمني على املراكب الربية ذات حمرك وبنظام التعويض عن األضرار، املعدل واملتمم بالقانون رقم

1988 يوليو 19 املوافق 1408 ذي احلجة عام 05 املؤرخ يف 88-31

، اخلاص 1975ناير سنة ي26 املوافق 1395 رمضان عام 20 املؤرخ يف 58-75ـ ألمر رقم

).625-619املادة (بالقانون املدين؛ الذي نص على األحكام العامة لعقد التأمني

، املتعلق 1980 أوت 09 املوافق1400 شعبان عام 28 املؤرخ يف 07-80ـ القانون رقم

. حول أنواع التأمني الواردة بالقانون املدين643-626بالتأمينات؛ حيث ألغى املواد

، املتعلق 1983 يوليو سنة02 املوافق1403 رمضان عام 21 املؤرخ يف 11-83لقانون رقم ـ ا

.بالتأمينات االجتماعية

.، املتعلق حبوادث العمل واألمراض املهنية02/7/1983 املؤرخ يف 13-83ـ القانون رقم

16املوافق 1405 مجادى األوىل عام 26، املؤرخ يف 85-5ـ قانون محاية الصحة وترقيتها رقم

.1985فرباير

450 من 432صفحة 432 - أأ ب ب- االلل

432

املؤرخ يف 13-83، املعدل واملتمم للقانون رقم 06/7/1996 املؤرخ يف 19-96ـ األمر رقم

.، املتعلق حبوادث العمل واألمراض املهنية02/7/1983

يناير سنة 25 املوافق 1415 شعبان عام 23 املتضمن نظام التأمينات، املؤرخ يف 07-95ـ األمر

هـ ، اليت تناولت التأمينات 1415 شوال عام 07 املؤرخ يف 13 الرمسية العدد اجلريدة.1995

.07-95باألمر

¡1995 أبريل 9 املؤرخ يف 95-108الناشئة مبقتض املرسوم التنفيذي رقم " الوكالة الوطنية للدم"ـ

.1995 لعام 21املادة األوىل والثالثة، اجلريدة الرمسية رقم

املوافق لـ 1988 مارس 23 املؤرخ يف 59/85رقم ) للوظيفة لعامة(ائري املرسوم التنظيمي اجلز-

.هـ1405 رجب 1

هـ، 1415 شعبان عام 23 املؤرخ يف 07-95مبوجب األمر رقم : ـ قانون التأمينات اجلزائري

.م25/01/1995املوافق

تداء من ، الذي تقرر العمل به اب1975 سبتمرب26ـ القانون التجاري اجلزائري الصادر يف

25/04/1993 املؤرخ يف08-93 ، املعدل مبوجب املرسوم التشريعي 05/7/1975

حمرم 05 املؤرخ يف 276-92حسب املرسوم التنفيدي رقم ، مدونة أخالقيات الطبـ

.م1992 يوليو06هـ املوافق لـ 1413

م30/04/2009 م املعدل بآخر تعديل له يف14/3/1803الصادر بتاريخ القانون املدين الفرنسي -

.01/4/2009 املعدل يف الفرنسي قانون العقوبات -

املعدل لقانون الصحة 2002 مارس 04 الصادر يف 303/2002 قانون الصحة الفرنسي رقم -

للوالدين عن الضرر الذي الشهري الذي منح تعويضاPerrucheومن أسباب ظهوره ما أنتجه قرار( العمومية

La"مرياءأصاب الطفل بداء احل rubéole"الذي مل يكتشف يف حينه(.

.31/12/1957ـ قانون أصول احملاكمات اجلزائية الفرنسي، الصادر بتاريخ

Ü 01/8/2003 املؤرخ يف 706-2003قانون التأمني الفرنسي املعدل بقانون.

املعدل بآخر م ، اخلاص باملسئولية الطبية، 2002 ديسمرب 30 بتاريخ 1577-2002ـ القانون رقم

. الذي عدل قانون الصحة العامة وقانون التأمينات02/11/2003قانون يف

، الذي دخل حيز التنفيذ 01/8/2003، الصادر يف 706-2003ـ قانون التأمينات املعدل بقانون

.02/11/2003يف

450 من 433صفحة 433 - أأ ب ب- االلل

433

مبوجب يةعن إجراء التجارب الطبنظم املشرع الفرنسي تأمينا إجباريا من املسئولية لناشئة ـ

.20/12/1988 الصادر يف 88/1138قانون

.55/1970 املعدل بآخر قانون رقم 131/1948 القانون املدين املصري القانون رقم -

153 املتمم واملعدل بآخر قانون رقم 1950 لسنة 150قانون اإلجراءات اجلزائية املصري، رقم

.2007لسنة

.58/1937ـ قانون العقوبات املصري رقم

أمام احملاكم املختلطة، املعدل بآخر تعديل له 16/9/1875 قانون املرافعات املصري، الصادر يف ـ

.18/1999بقانون رقم

.25/1968ـ قانون اإلثبات املصري، رقم

حيث ربط الترخيص ملزاولة مهنة الطب بإبرام عقد التأمني 106/1973رقم قانون الصحة اللييب ـ

.تابعي األطباءلاإلجباري من املسؤولية

.القانون املدين األردين-

.ـــــ الكوييت-

.ـــــ العراقي-

I-Ouvrages:مراجـع أجنبيـة géneraux :

-Cardacia (G), la portee primitive de la loi(aquilia), extrait de daube noster ,edinburgh, scotish, Academic press,1974.- Carbonier (J), droit civil, T4, les obligations, 22ème éd. Hémis Droit privé, Puf,janv.2000.-Cohin(- M.R) – L’abstention fautive en droit civil et pénal.- Fau Connet (P), La responsabilité, étude de sociologie,Paris,1920.- François térré, philippe sinler et Yves lequette, Droit civil, les obligations, 6 ème

ed. Dalloz, 1996, ed. delta, 1998.-Garnier Délamare et autres, Dictionnaire illustré des termes de

médecine, 28 é ed. Matoine-paris 2004-Giffard(A.E) : Droit romain et ancien droit français, Coll. robert Villers,2ed.1967.- Girard (F) : Manuel élémentaire de droit romain ,7 ème éd 1924.-Henry campbell black, and others, Black,s Law Dictionary, sixth ed. 1990, westpublishing co.Usa

450 من 434صفحة 434 - أأ ب ب- االلل

434

- Mazeaud (Henri, Leon, et Jean), Leçon de droit civil, T. II, ObligationsGénérales : Biens- Droit de propriété et ses démembrements, 3ème éd.Montchrestien, Paris, 1966.- Malaurie (P) et Aynès (L), cours de droit civil T. VI. 1998.- Marty et Raynaud, droit civil, les obligations, 2ème éd. TI, sirey, 1988.- Nagub Hocni, Le lien de causalité en droit pénal, 1955.-Patrice Jourdain, Les principes de la responsabilité civile, éd. 2000,Dalloz.- Philippe le tourneau et Roic Cadiet, Droit de la responsabilité , éd.Dalloz,1996.éd. Delta, Liban,1997.- Saghir Ahmad khan, principles of equity – Maxims and cases, Mansoor bookhouse, Lahore- Pakistan, 1999.- Savatier (J), la profession libérale.-Ripert, la règle morale dans les obligations civiles, 4é ed. paris, 1949.-Roudiere®, théorie générale du droit, 1945.

II-Ouvrages spéciaux:-Contagrel (V), L'indemnisation par l'assureur de responsabilité civile de lavictime décédée accidentellement, 1993.- Desobèrt et autres, Droit médical , Paris, Masson, 1974,- Dufourmantelle (R), la force majeure dans les contrats civils au Commérciauxet dans les marchés administratifs , paris,1920.-Esmein (paul), Le nez de cléopatra, ou Les affres de la Causalité, Dalloz. 1964.- Esnault ( B) : Quelles solutions aux problémes d,indemnisation des victimesd,accidents thérapeutiques : responsabilité objective et/ou assurance du risquetherapeutique, 1992Ewald (F) :Le probléme français des accidents thérapeutiques enjeux etsolutions , 1992.- Foyix Jean Lois: Difficultes et Perspectives d,avenir de l,assurance desprofession médicales, 1982. ???***- Gilbèrt (H) et Glorieaux (P.L), La necessité d,un critère de l,acte médical,Cong.Int.Mor.Méd.Paris, 1955, T.L.- Hannouz.M.M. et Hakem. A.R., Préçis de droit médical, Opu, Alger,03-1991.-Lambart, le médecin devant ses sugés, 1973, Enc. Dalloz Médecin.-Lambert Faivre, Droit du dommage corporel, système d’indemnisation- Mazeaud (H.et L) etTunc(A) M traité théorique et pratique et La responsabilitecivile délictuelle et contractuelle T.II , éd.1950, 1960, 1965.- Margaret Brazier, médecine patients and the law, Penguim Book, 1992.-Picard et Besson : " Les assurances terrestres 5e éd . 1982.-Savatier.R, traité de la responsabilité civile en droit français, , T.I. II 2ème éd.paris , 1951.- Savatier et Aubry, Traité de droit médical, paris, 1965.-Sylvie Welsch, Responsabilité du médecin.- Viney(G) Les obligation, la resposabilité : effets 1988.

450 من 435صفحة 435 - أأ ب ب- االلل

435

III- Théses :- Abdel Gawad (M), la force obligatoire du contrat en droit musulman et lathéorie de l’imprévision en droit égyptien, thèse, paris, 1957.-Aktam El Kholy, La réparation en nature en droit français et en droit égyptien.Th. Paris1954 (P) : durandn les conventions d’irresponsabilité, thèse, paris,1931.-Deschamps (C.Lapoyade), La responsabilité de la victime, Thèse, Bordeaux,1977.-Durandn, les conventions d’irresponsabilité, thèse, paris, 1931.-Finon (odile) : Faute et assurance dans la responsabilité civile médicale, thèse,paris, 1972.- Givord (F), La réparation du préjudice moral, Thèse.grenoble,1939.-Hoquet-Berg(S), obligation de moyens ou obligation de resultat à propos de laresponsabilité médicale, thèse. Paris XII, 1995.–Marguénaud(v.j.p.), l’animal en droit privé, Thèse limages, éd.1992.-penneau(J), La faute et erreur en matière de résponsabilité medicale, Paris,1972.- Strickler (Y), Le juge des référés, juge du provisoire, Th. Strasbourg III, 1994,www.dictionnaire-juridique.com.-vallimaresco (A) : la justice privée en droit moderne th. Paris 1926.

IV-Articles:- Esmein(P), la commercialisation du dommage moral, D. 1954, chron 113.Le tourneau (p), la verdeur de la faute dans la responsabilité civile,R.T.D.C ,1988.-Lindon®, validité de la clause de non- concurrence ; j .c.p 1960.-Louis Bach, réflexions sur le problème du fondement de la responsabilité civileen droit français, R.T.D.C, 1977.-Marty (G), la relation du cause et effet comme condition de la résponsabilitécivile, R.T.D.C , 1939.-Penneau( J), Faute et erreur en matière de responsabilité médicale, L.G.D.J,1973.-Penneau( J), La responsabilité du médecin, connaissance de droit ???***-Ripert(G), le prix de la douleur, D. 1948, chron1.Robino (j), in R.T.D.C, 1951,-Savatier.R, le dommage et la personne, D. 1955, chron.1.- Tunc (A),intervention au deuxieme congrés international de morale medicale,paris,1966, T.I.-Stark (B), les clauses de non responsabilité, D. 1974, chapr.157 No 16.-Viney(G) et Jourdain(p), L’indemmisation des accidents médicaux : que peutfaire la cour de cassation, JCP, ed. N° 17, doc. 4016, P.182.-Viney(G ) l'indemnisation des victimes de dommages causés par le fait d'unechose, D. 1982, Chron.

450 من 436صفحة 436 - أأ ب ب- االلل

436

V-Arrêts :- Cass.Civ. Arrêt Mercier célèbre, du 20.5.1936.

-Civ. 31 Mai. 1960, D 1960 571 – 11 Juin, 1963 GP 1963.2.307-Civ. 15 Nov. 1955 D 1956 113-Grenoble, 29 Oct 1901, D. 1904, 2, 300, Trib.Béthune, 7 Fév 1936, D.H, 1936,435.-Montpellier 5 Mai 1971, G.P. 1971, 2.- AIX 26 Nov 1969, la presse médicale 17 Janv 1970.-Com. 28 juin 1988, j.c.p 88, 1i, 319.-Com. 09 juill 1975, D. 76, 417.-Crim. 12 Dec 1946.1947, Aix, 12 Jan. 1954 D. 1954. 338-Civ. 25 Mai 1971, j.c.p. 1971. 16859.-Cass. 20 Mai 1936 D. 1936.1.88 Note E.P.- Cass. 18 Jan 1938 G.P. 1938, 27 Mai 1940,D. 1941 P.33 Note Nast, 31 Mai1960 D. 1960, P.571.-Paris 18 Mars 1938 D. 1938, P.337, Bordeaux, 11 oct 1938 D. 1939, P.28.-Cass.ass.pl.07/02/1990, D. 1991,Resumé 4, note .G. Mémeteau, p.183.-N° spécial sur le droit de la santé publique du 25/10/1997, p.22.-Cass.11/10/1988,Bull.Civ.1988,n° 281, p.192.- Cass.Civ.Ass.plén. Arrêt pérruche celébre, du 17/11/2000, qui a donnédommage intéret au victime sur la base que la victime a le droit «d’exercer sonchoix d’interrompre sa grossesse afin d’éviter la naissance d’un enfant atteintd’un handicap».L,arrêt est celèbre et disponible sur plusieurs sites d,internèt.-Cass. Ire Civ. 7 Janv. 1997, Gaz. Pal, 7-8 Fév. 1997, Flash juripr. Paris 11 Mai1995, G.P. 95.- T.G.I. Lyon. 28 Nov. 1973 j.c.p 1974. 17652 note Savatier-Crim. 26 Dec 1964, GP 1965, 312-22 Juin 1972, 17266 N. Savatier-Civ. 21 Fev 1961, J.C.P. 1961 OII, 12129, note Savatier.-Paris 01/07/1991, J.C.P. 1991, II, 1762 note Harichaux-Savatier, note sous : T.G.I, seine, 3 mars 1965, J.C.P, 1966, 14582.-Paris, 17 Juin, D.1988.inf.rap, P.497. Note. penneau-F.Chabs,obs lyon 8 janv 1981,j.c.p.1981,11,19699.Civ.2, 12 oct. 1955, D.56.301, n.R.Rodière.Crim 30 oct 1974, J.C.P. 1975.2.18.38 n. Mourgeon Lyon, 6 Juin 1975 D.1976,415 n. SavatierT.Cconfl., 3 mars 1969, R.G.A.T. ; T.Cconfl., 22juin 1992, p.343, noteF.Vincent.- Cass.civ.14 dec.1983.j.c.p.1984, IV-Cass. 1ère civ , 16 Janv. 1962 D. 1962, 199, note R. Rodière, jcp 1962, 11,12557, note p. esmein, RTD civ, 1962, 316, obs. A.turc (mort d’une jument,préjudice d’affection: 500F!);TGI, obs. A. Tunc (mort d’un teckel, préjudiced’affection: 600 F!);-Cass. 1ère civ, 27 Janv, 1982, JCP 1983, 11, 19923, note F, chabas.

450 من 437صفحة 437 - أأ ب ب- االلل

437

-Cass.Assembée Pleniere, 12 janv,jcp 1980. 19335 Rapport Pousard etobs.Carbonnier , et crim. 24 janv. 1979 d. 1979. Ir. 247. - Cass.Crim 13 juin1978 d. 1978 ir. 9.-Cass.Crim. 03 janv. 1925. D.P. 1925.1.85. Cour d,assises de Paris 15 Déc .1977. D. 1978. 16 note Mayer.- F.Du Verier et J.F.Naud :" La couverture de l,aléa medical Con. Medical". 07nov. 1992-Cou. D,app. De paris 1re, 1er, juill. 1992,JCP , 7 oct. 1992,2591 ; D. 1993,som.com., p.28.-Arrêt Trichard , D.H ،1965 ،2 ،14304.-Soc. 8 Dec. 1960 D. Soc. 1961. 314, Paris. 29 Mai. 1961. D. 1961. 497.-CIV. 25 MAI. 1987, B1, N°170-Arret Epoux v.,j.c.p.,1992-II-21881,note j.moreau -Rec.C.E.P.127 ;1993-II-22061, note j.moreauCrim 30 oct 1974, J.C.P. 1975.2.18.38 n. Mourgeon Lyon, 6 Juin 1975 D.1976,415 n. Savatiercass. Civ, 1ère, 31 Janv 1973, Bull. civ, I, N° 41; D. 1973, note Schmelck;R.T.D.C. 1973, , note G. Durry. R.T.D.C, 1973.Cass.Crim. 26 nov. 1966- jcp. 1967. 14979 note p.c et 23 janv. 1975-jcp 1975.18333 note Robert et D. 1976. 375 note Savatier, etc…: G.Viney. note sous cass. Crim. 01 mars 1973 JCP. 1974 II. 17615.Civ.2è, 22 avr. 1971, II , n. 152 ; Civ.2è, 11janv. 1995, bull. civ. IIcass 1er civ. 23 juill. 1979, Bull. civ, I, n° 228.Cass.civ-19/02/1968-393.Cass. Civ, 25 Fev 1997, GAZ Pal, Cass. 1er Civ, 14 Oct 1997, 1997.2.Civ. 8 Oct 1974, B. Civ N° 255Cass. Tre Civ. 25 Fév. 1997, JCP 1997, ed.G.N°.11Cass.1re civ., 1re oct. 1980, Bull. Civ.I, n° .235.

"Sites éléctroniques " :رونيـةـإلكتواقـعـم

www.dictionnaire-juridique.com

www.legifrance.gouv.fr

www.joradp.dz

www.islamic-council.com ةـاف املصريـموقع وزارة األوق

www. shamela.ws ةـة الشاملـاملكتب

www.al-islam.com ةـة واألوقاف السعوديـموقع وزارة الشؤون اإلسالمي

www.alwarraq.com

450 من 438صفحة 438 - أأ ب ب- االلل

438

www.ahlalhdeeth.com

)حيتوي عدة مواقع سنية وشيعية(ب يعسوموقع

www.al-islam.com

4 shared ةـة العربيـاملكتب

www.islamic-council.com الم ـة األعـموسوع

www.arabic-islamic-books.com,

www.islamport.com/b/4/trajem,

www.ahlelhadeeth.com,

www.3lsooot.com.www.http://it.wikipedia.org/wiki/Testimoni_di_Geova#Principi_dottrinali_basilari_dei_Testimoni_di_Geova

www.macsf.fr/vous-informer/prejudice-aggravation-reparation.

www.peaceforlife.org/resources/mideast/2009/09-0100-gazawar.html

450 من 439صفحة 439 - أأ ب ب- االلل

439

فهرس املوضوعات

1.............................................................................................................................................مقدمـة

المسؤوليـة المدنيـة وخصـائـص التشريـع اإلسالمي: البـاب التمهيدي

6.......................................................................................................................................................... في المجـال الطبـي

الفـصل األول

7.....................................................أنـواع املسؤوليات الطبية ومراحـل تطـور املسؤوليـة املدنيـة

7.....................................................................................تعريف املسؤولية الطبية وأنواعها :املبحث األول

7....................................................................................................تعريف املسؤولية الطبية :املطلب األول

7....................................................................................................ية لغة تعريف املسؤولية الطب: الفرع األول

10.........................................................................................تعريف املسؤولية الطبية اصطالحا : الفرع الثاين

11.....................................................................................................أنواع املسؤولية الطبية : الثايناملطلب

12...................................................................املسؤوليتان الطبيتان اجلنائية واملدنية والفرق بينهما : الفرع األول

15................................................................................حجية احلكم اجلنائي أمام القاضي املدين : الفرع الثاين

............................املسؤوليتان التأديبيتان الطبيتان اإلدارية والنقابية : الفرع الثالث ........................................16

16.................................................................................حجية احلكم اجلنائي أمام جهة التأديب : الفرع الرابع

18........................................................ الوضعي القانونيف ووظائفهاتطور املسؤولية املدنية :املبحث الثاين

18................................................................................ة ـور املسؤولية املدنيـل تطـمراح :املطلب األول

21............................................................................................ موضوعية مسؤولية مدنيةحنو: الفرع األول

21.............................................................................................................. أسباب التطور املوضوعي: أوال

22........................................................................................................... ور املوضوعيط مظاهر الت:ثانيـا

24.........................................................................................توزيع عبء األضرار للمسؤولية املدنية : ثالثـا

25.........................................................................................يـة وظـائف املسؤولية املدن: املطلب الثاين

26......................................................................................الوظائف التهذيبية للمسؤولية املدنية : الفرع األول

27...........................................................................................................................ة الوظيفة الردعي: أوال

............................................................الوظيفـة التهذيبيـة : ثانيـا .................................................27

........................................................................الوظائف التعويضيـة للمسؤولية املدنيـة : ثالثـا ...........28

4

9

10

10

10

10

13

14

15

18

19

19

21

21

24

24

25

27

28

29

29

30

31

450 من 440صفحة 440 - أأ ب ب- االلل

440

الفصـل الثاين

30........................خصـائص التشريع اإلسالمي و األحكام العامة لفكرة الضمان يف الفقـه اإلسالمي

....................................................خصائص التشريع اإلسالمي : املبحث األول ......................................30

............عمـوم الشـريعة اإلسالميـة : املطلب األول ...........................................................................30

....................................غياب التفريع يف زمن التشريع : املطلب الثاين ...................................................34

35................................................نوط األحكام الشرعية مبعان وأوصاف ال بأمساء وأشكال : املطلب الثالث

36...................................................................................................السماحة ورفع احلرج : املطلب الرابع

38..................................................................................نوط التشريع بالضبط والتحديد : املطلب اخلامس

44.............................................................األحكام العامة لفكرة الضمان يف الفقه اإلسالمي: املبحث الثاين

44...............................تعريف الضمان يف الفقه اإلسالمي و الفرق بينه وبني التعريف القانوين : األولاملطلب

44.............................................................................................................. انـتعريف الضم: الفرع األول

44................................................................................................................................. تعريفه لغـة:أوال

44....................................................................................................................... اـ تعريفه اصطالح:ثانيا

44........................................................................................................... تعريف الضمان مبعىن الكفالة-1

44......................................................................................................... تعريف الضمان مبعىن التعويض -2

46....................................ضمان يف كل من الفقه اإلسالمي و القانون الوضعي الفرق بني تعريف ال: الفرع الثاين

49...................................................................................................مشروعيـة الضمـان:املطلب الثاين

53........................................................................يف الفقه اإلسالميأسبـاب الضمـان :املطلب الثالث

53............................................................................................................ضمـان العقـد : الفرع األول

54.............................................................................................................إلتالف الغصب و ا: الفرع الثاين

56.......................................الطبيعـة القانونيـة للمسؤولية المدنيـة للطبيب: البـاب األول

ل األولـفصــال

57...........................................................ملدنيـة للطبيب يف إطار العالقـات الطبيةحقيقـة املسؤولية ا

57...............................................................املسؤولية املدنية للطبيب يف الفقـه الوضعـي : املبحث األول

57.....................................................................................................عقديـة املسؤوليـة ال: املطلب األول

57....................................................................................................مفهوم املسؤولية العقدية : الفرع األول

59........................................................................................شـروط املسؤوليـة العقديـة : ع الثاين الفر

59.............................................................أن يربط بني الدائن واملدين عقد صحيح مت اإلخالل به بداية : أوال

..............................................أن يكون من أصابه ضرر الطبيب أحد املتعاقدين أو خلفا عاما له : ثانيـا

33

33

33

37

38

39

41

46

46

46

46

46

46

46

48

51

54

54

56

57

58

58

58

58

60

60

62

450 من 441صفحة 441 - أأ ب ب- االلل

441

64......................................................................................................عالقات طبية تعاقدية : الفرع الثالث

64........................................................................................عالقة املريض بالطبيب واملستشفى اخلاص : أوال

66.....................................................................................................عالقة املريض باملستشفى العام : ثانيا

69..........................................................................عالقة الطبيب بالفريق الطيب والعمل اجلماعي املشترك : ثالثا

70...................................................................." مسؤولية الطبيب املعاجل والطبيب البديل"الفريق الطيب -1

71..........................................................................................." الطاقم الطيب"الطب اجلماعي املشترك -2

.....املسؤوليـة التقصرييـة: املطلب الثاين ..............................................................................................76

76...............................................................................................مفهـوم املسؤولية التقصريية : الفرع األول

79...................................................................................................نطاق املسؤولية التقصريية : لفرع الثاينا

79.......................................................................................................حالة بطالن العقد الطيب : أوال

81..................................................................................حاالت االستعجال حالة امتناع الطبيب و: ثانيا

81.....................................................................................................الطبيب العامل يف مرفق عام : ثالثا

82...............................................................................................اقتران اخلطأ املدين باخلطأ اجلنائي : ا رابع

83........................................................................................................إصابة غري املريض بضرر : خامسا

83..........................................................................................................اخلدمات الطبية اانية : سادسا

84...........................................................................مسؤولية الطبيب التقصريية عن فعل الغري : الفرع الثالث

85.....................................................................................................................النص القانوين : أوال

85.........................................................................شروط قيام مسؤولية املتبوع عن أعمال تابعه : ثانيا

87...................................................موقف الفقه اإلسالمي من املسؤولية املدنية يف اال الطيب: املبحث الثاين

ر الفقه الغريب مستنبطة من األحكام نظرية املسئوليتني العقدية والتقصريية على غرا:املطلب األول

87.......................................................................................................والقواعد املقررة يف الفقه اإلسالمي

......................................................... العقدية والتقصريية يف الفقه اإلسالميمسئولية الطبيب: املطلب الثاين

الفصــل الثـاين

95........................................................................ تكييـــف املسؤوليــة املدنيـــة للطبيـب

95.............................................................املدنية للطبيب يف الفقه الوضعي تكييف املسؤولية : ملبحث األولا

...........................................................................................................املسؤولية العقدية : املطلب األول .95

95......................................................................................................................مفهومها فقها: الفرع األول

97......................................................................................................................مفهومها قضاء: الفرع الثاين

99...........................................................................................................املسؤولية التقصريية: املطلب الثاين

99..............................................................................................مفهوم املسؤولية التقصريية فقها : الفرع األول

64

64

67

70

70

71

76

76

80

80

81

81

82

83

84

85

85

85

87

87

88

93

93

93

93

95

97

97

450 من 442صفحة 442 - أأ ب ب- االلل

442

102............................................................................................مفهوم املسؤولية التقصريية قضاء: الفرع الثاين

107......................................................لية التقصريية أهم الفروق بني املسؤولية العقدية واملسؤو: الفرع الثالث

...................................................تكييف العقد الطيب: املطلب الثالث ..................................................108

108.................................................................................. عقد وكالة أو عقد إجيار أشخاص: الفرع األول

112...................................................................................) استصناع(العقد الطيب عقد مقاولة : الفرع الثاين

114...................................................................) من نوع خاص( مسمى العقد الطيب عقد غري: الفرع الثالث

114......................................................................................................صفة التزام الطبيب : املطلب الرابع

116...................................................................................................ب ببذل عناية التزام الطبي: الفرع األول

116.................................................................................................................................رأي الفقه : أوال

118.........................................................................................................................تطبيقات قضائية : ثانيا

120.................................................................................................التزام الطبيب بتحقيق غاية : الفرع الثاين

120..................................................................التزامات تتصل بالواجبات اإلنسانية واألخالقية للطبيب : أوال

121.......................................................................................... ـ التزام الطبيب بإعالم املريض منوذجا

124........................................................................................................التزامات تتصل بأعمال فنية : ثانيا

125......................................................................................................................ـ نقل الـدم منوذجـا

126.....................................................................................................االلتزام بضمان سالمة املريض : ثالثا

128..........................................الفقهي للمسؤولية الطبية املدنية يف الفقـه اإلسالميالتكييف : املبحث الثاين

موازنة بني املسؤولية العقدية واملسؤولية التقصريية يف اـال الطيب:املطلب األول

128.......................................................................................................................... يف الفقـه اإلسالمي

131..................................................................................................تكييـف العقـد الطيب: املطلب الثاين

135............................................لتزام بتحقيق غايةالترجيح بني االلتزام ببذل عناية وبني اال: املطلب الثالث

142............................................تحريـك دعوى المسؤولية المدنية الطبية: البـاب الثـاني

الفصـــل األول

143...................................................عناصر املسئولية املدنية الطبية يف القانون الوضعي والفقه اإلسالمي

143......................................................................عناصر املسئولية املدنية يف القانون الوضعي: املبحث األول

143....................................................................................................................اخلطأ الطيب: املطلب األول

143.................................................................................................ماهيـة اخلطـأ الطبـي : الفرع األول

145.......................................................................................................................تعريـف اخلطـأ : أوال

ـا 142............................................................................................................................تطوراتـه : ثاني

100

104

106

106

109

111

112

112

113

115

117

117

118

121

121

123

125

125

128

133

139

140

140

140

140

140

142

450 من 443صفحة 443 - أأ ب ب- االلل

443

147....................................................................................................أ كأساس للمسؤولية تراجع اخلط: ثالثا

148...................................................................................................البدائل عن اخلطأ ومدى جناحها : رابعا

I . 148..............................................................................................................................نظرية املخاطر

150........................................................................................... تأثريات نظرية حتمل التبعة على القضاء .1

150..........................................................................................................................تبين اخلطأ املفروض . أ

152.................................................................................ابتكار القضاء الفرنسي فكرة االلتزام بالسالمة .ب

152..................................................................................ابتكار القضاء الفرنسي نظرية األفعال اخلاطئة . ج

152........................................................................القضاء الفرنسي يقر مبسؤولية فاقد الوعي عن احلراسة . د

.............................................................: موقف القضائني املصري واجلزائري من نظرية حتمل التبعة . هـ

......................................... ) ، اجلزائرفرنسا، مصر ( مدى تأثري نظرية حتمل التبعة على التشريعات الوضعية.2

II. 154............................................................................................................................نظرية الضمان

156............................................................نة ترجيح لفكرة اخلطأ أساسا للمسؤولية يف حـدود معي: خامسا

156..............................................................................................أنواع اخلطأ الطيب وصوره : الفرع الثاين

156.............................................................................................................أهم أنواع اخلطأ الطيب : أوال

158.............................................................................................................بعض صور اخلطأ الطيب : ثانيا

159..............................................................................................................ص اخلطأ يف التشخي.1

........................................................................................................................أخطاء العالج .2

161......................................................................................................................اء التوليد أخط.3

162..........................................................................................................معيار اخلطأ : الفرع الثالث

162......................................................................ـ املعيار املوضوعي، املعيار الذايت، و املعيار املختلط

164.........................................................................................................ـ الفرق بني اخلطأ والغلط

165.............................................................ـ التمييز بني احلادثة الطبية، وبني جمرد اإلخفاق يف العالج

169..........................................................................................................إثبات اخلطأ الطيب : الفرع الرابع

170.......................................................................حتديد ملكلف بعبء اإلثبات وما يثريه من صعوبات : أوال

174........................................................سلطة القاضي يف تقديرخطأ الطبيب وما يتعلق به من مشكالت : ثانيا

............................................................................. لدى حمكمة النقض الفرنسية ـ فكرة اخلطأ االحتمايل

177...........................................................................................دور اخلبـرة يف إثبات خطـأ الطبيب : ثالثا

....................................................................................................................الضرر الطيب: املطلب الثاين

181......................................................................................................مفهوم الضرر وأمهيته : الفرع األول

184................................................................................................أنواع الضرر يف اال الطيب : الفرع الثاين

184..............................................................................................................................الضرر املادي : أوال

143

144

144

147

147

149

149

149

150

150

151

152

153

153

155

156

157

158

159

159

160

161

165

166

170

171

173

177

177

180

180

450 من 444صفحة 444 - أأ ب ب- االلل

444

.......................................................... )الفرنسي، املصري، اجلزائري: والقضاءالتشريع( الضرر املعنوي: ثانيا

192.........................................................................................................الضـرر شـروط : الفرع الثالث

192............................................................املساس حبق أو مصلحة ذات قيمة للمضرور معتربة قانونـا : أوال

192.........................................................................................................ن الضـرر حمققـا أن يكو: ثانيا

193......................................................................................................................الضرر املستقبل .1

194.........................................................................................................................الضرر احملتمل .2

194......................................................................................................................تفويت الفرصة .3

199........................................................................................أن يكون الضرر مباشـرا وشخصيـا : ثالثا

204..............................................................................................حدود التعويض عن الضرر : الفرع الرابع

208......................................................................................................عالقـة السببيـة : املطلب الثالث

208.........................................................................................................ماهية رابطة السببية : الفرع األول

211.......................................................................حتديد معيار رابطة السببية يف الفكر القانوين : الفرع الثاين

212........................................................................................تقدير ذلك يف حال تعاقب األضـرار : أوال

212.............................................................................................تقدير ذلك يف حال تعدد األسبـاب : ثانيا

213................................................................................................نظرية تكافؤ األسباب أو تعادهلا .1

214............................................................................................................نظرية السببية املالئمة .2

216...................................................................................................أثر هاتني النظريتني يف الفقه .3

216.......................................................صعوبة إخضاع فكرة السببية ألي معيار علمي : ـ االجتاه األول

216................................................................................ املالئمة تطوير نظرية السببية: ـ االجتاه الثاين

....................................................................حتديد األثر القانوين يف حالة تعدد أسباب الضرر : الفرع الثالث

217.....................................................................دم انعقاد املسؤولية املدنية السبب األجنيب وأثره يف ع: أوال

I. 217.............................................................................................................ماهية السبب األجنيب

II. 219.....................................................................................................األجنيب مقومات السبب

219....................................................................................................................عدم إمكان التوقع .1

222.......................................................................................................................استحالة الدفع . 2

224......................................................................................................انتفاء اإلسناد أو اخلارجية.3

226..............................................................تعدد أسباب الضرر وأثره يف حتديد نسبة املسؤولية املدنية : ثانيا

I. 226................................................................................يف حتقق الضـرر ) املريض(تدخل املضرور

226.............................................................................صور اجتماع خطأ املريض مع خطأ الطبيب .1

228...............................................شروط اعتبار خطأ املريض سببا إلعفاء أو امتناع مسؤولية الطبيب .2

181

187

187

187

188

189

190

194

199

203

204

207

207

208

208

210

211

211

211

212

213

213

214

215

217

220

221

221

221

223

450 من 445صفحة 445 - أأ ب ب- االلل

445

230.......................................................................................خطأ املضرور والتأمني من املسؤولية .3

II. 230.........................................................................................تدخل الغـري يف إحداث الضـرر

230.................................................................................................... فعل الغري وخصائصه مفهوم.1

232...........................................................................................أثر فعل الغري على مسؤولية الطبيب .2

233.............................................................................................ل الغري والتأمني من املسؤولية فع.3

235..................................................أركـان املسؤولية الطبيـة املدنيـة يف الفقه اإلسالمي : املبحث الثاين

235.....................................................موجبات التعويض يف اال الطيب يف الفقه اإلسالمي : ب األولاملطل

235...............................................................................................................التـعـدي : الفـرع األول

235................................................................).............................لغة واصطالحا(تعريـف التعـدي : والأ

238..............................................................) التعدي باملباشرة، والتعدي بالتسبب(أنـواع التعـدي : ثانيـا

Ü 238...................................................................................................................ضابط التفرقـة بينهما

239......................................................................................................معيـار أو ضابط التعـدي : ثالثـا

242.........................................................................................................إثبـات تعدي الطبيب : رابعـا

244............................................................................................................................اإلقـرار -1

................................................................................ واالختالف بينها وبني رأي اخلرباءالشهـادة-2

.......................................................................................... يف اال الطيبوحكمها شرعاالكتابـة -3

.....................................................................................................................الضـرر : الفرع الثـاين

253...........................................................................................) لغة واصطالحا(تعريـف الضـرر: أوال

256.............................................................................................................حكـم الضـرر : ثـانيـا

257..........................................................................................................معيـار الضرر وإثباتـه : ثـالثا

261.................................................................................................................أنـواع الضـرر : رابعـا

I- 261................................................................................................أنواع الضرر من حيث طبيعتها

261..........................................................ضرر جسمي، وضرر مايل : وهو قسمان: الضـرر احلسي.1

...........................................................................)والرأي املختار يف هذه املسألة(الضـرر املعنـوي .2

264....................................................................أدلـة القائلني جبواز التعويض عن الضرر األديب . أ

269........................................................................أدلـة املانعني جلواز التعويض عن الضرر األديب . ب

II- 273................................................................................أنواع الضرر من حيث طريقـة حدوثـه

273..................................................................................................................الضـرر الواقـع .1

274..............................................................................................................الضـرر املتوقـع .2

275.................................................................................................................الضـرر احملتمـل .3

276...............................................................................................................تفويت الفرصـة .4

224

225

226

228

229

231

231

231

231

234

234

235

238

240

241

246

248

248

252

253

257

257

257

259

260

265

269

269

270

271

272

450 من 446صفحة 446 - أأ ب ب- االلل

446

276...........................................................................................................الضـرر املفتـرض .5

.........................................................................وما تعلق به من مسائلالتعويـض عن الضـرر : خامسـا

...................................................................................................... )السببية(اإلفضــاء: الفـرع الثالث

282........................................................................................) لغة واصطالحا(تعـريف اإلفضـاء : أوال

284.............................................................................................. طبيعـة اإلفضاء يف الفقه اإلسالمي: ثانيا

286........................................ حتديد معيار رابطة اإلفضاء عند تعدد أسباب الضرر يف الفقه اإلسالمي اثالثـ

286..............................................................................دة الفاعلني تعدد أسباب الضرر مع وح: احلالة األوىل

تقدمي املباشر علىحتكمها قاعدة (تعدد أسباب الضرر مع اختالف عمل الفاعلني : احلالة الثانية

287............................................................................................................)وجود استثناءات مع املتسبب

291.............................................حتديد معيار رابطة اإلفضاء عند تسلسل األضرار يف الفقه اإلسالمي : رابعـا

294....................................................لضمان انتفاء اإلفضاء أو السببية يف الفقه اإلسالمي وأثره يف ا: خامسـا

295.............................................................................اآلفـة السماوية وأثرها يف انتفـاء الضمان .1

297..............................................................................أثـر خطـأ املضرور يف الفقـه اإلسالمي .2

.................................................................................................. يف الفقـه اإلسالمي خطـأ الغيـر.3

303.............................والقانويناال الطيب بني الفقهني اإلسالمي يف مقارنة موجبات الضمان : املطلب الثاين

) التعدي أو اخلطأ، الضرر، اإلفضاء أو السببية: فروق أساسية تتعلق بعناصر الضمان الثالثة(

الفصل الثاين

319...................................... ممارسـة دعوى املسؤولية املدنية للطبيب يف القانون و الشريعة اإلسالمية

319..............................................ممارسة دعوى املسؤولية املدنية للطبيب يف القانون الوضعي: املبحث األول

319........................................................................... دعوى املسؤولية املدنية وجمال تطبيقها: املطلب األول

.......................................................................................... الدعوى املدنية وشروطها مفهوم: الفرع األول

319...........................................................................) لغة واصطالحا ( تعريـف الدعـوى املدنيـة : أوال

320...................................................................................................شـروط الدعـوى املدنيـة : ثانيـا

321........................................................................جمـال تطبيـق دعـوى املسؤولية املدنيـة : الفرع الثاين

321.....................................................................................................................التسوية القضائيـة : أوال

323...................................................................................................اختصاص احملكمة الفاصلة .1

325...............................................................................الدعوى املدنية املرتبطة بالدعوى العمومية .2

331..................................................................................................................التسوية الوديـة : ثانيـا

331........................................ االتفاق على عدم جواز اإلقرار باملسؤولية أو الصلح بغري موافقة املؤمن .1

233....................................................................تسوية الضمان مع املؤمن وديا أو بدعوى أصلية .2

272

274

278

278

280

282

282

283

287

290

291

293

298

300

317

317

317

317

317

318

319

319

321

323

328

329

330

450 من 447صفحة 447 - أأ ب ب- االلل

447

233.....................................................................................................التسوية عن طريق الصلح .3

335...................................................................................................التسوية عن طريق الوساطة .4

335..............................................................الفرق بني التسوية عن طريق كل من الصلح والوساطة .5

336.......................................................................................مزايا التسوية الودية عن طريق الصلح .6

337.........................................................................................مـآل التعويض عن طريق الصلح .7

338..................................................................................منادج عن التسوية الودية يف اال الطيب .8

339.................................................................................نظام املوفق الطيب : النموذج الفرنسي - أ

340..........................................................................................اللجان الطبية " النموذج األملاين - ب

341...................................................................................مكاتب اخلربة" النموذج السويسري -ج

342............................................................................................................. النموذج اجلزائري - د

343............................................................................التأمني من املسؤولية املدنية للطبيب: الثايناملطلب

344.................................................................................حقيقة التأمني والتأمني من املسؤولية : الفرع األول

344..........................................................................................................التعريف بالتأمني وتطوره : أوال

344.....................................................................................................................مفهـوم التأمني .1

345..............................................................................................................نشأة التأمن وتطوره .2

347..........................................................................................................التأمني عقد خصائص.3

348.........................................................................................................التأميـن من املسؤوليـة : ثانيـا

348..................................................................................................تعريف التأمني من املسؤولية .1

350.................................................................................التأمني من املسؤولية يف التشريع اجلزائري .2

351.................................................................................................:....أقسام التأمني من املسؤولية.3

351........................................................................................التأمني من املسؤولية عن خطر حمدود . أ

351................................................................................ غري حمدود التأمني من املسؤولية عن خطر. ب

353.................................................................................................نطـاق اخلطـر املؤمن منـه .4

.I 353....................................................................................................................املخاطـر املغطـاة

............................................................................................................................... الغريعن املسؤوليـة. أ

.........................................................................تغطية العقد لألضرار الواقعة من تابعي الطبيب املؤمن له .1/أ

...........................................................................................تغطية عقد التأمني لألضرار الواقعة من البديل .2/أ

.............................................................املسؤولية عن حوادث اآلالت واألجهزة املستخدمة يف النشاط الطيب . ب

II .358....................................................................................................................املخاطـر املستبعـدة

359..........................................................................................................االستبعـاد القانـوين . أ

331

332

333

333

334

336

336

338

338

339

340

341

341

341

342

345

345

346

347

348

349

348

350

351

350

351

352

353

356

357

450 من 448صفحة 448 - أأ ب ب- االلل

448

360....................................................وشروط قبوله ) املباشر، وغري املباشر ( ياد االتفاقـاالستبع. ب

364.......................................ممارسة دعوى املسؤولية املدنية للطبيب يف الشريعة اإلسالمية: املبحث الثاين

364.........................................................................دعوى املسؤولية املدنية وجمال تطبيقها: املطلب األول

Ü 364.................................................................هل يقصد بالقانون الواجب التطبيق التقيد مبذهب واحد ؟

Ü365.............................................................................احلقرية التافهة ياء ال يسمع احلاكم الدعوى يف األش

Ü 366........................................................................على مال إذا دعت املصلحة ذلك الصلح العفو أوكن مي

Ü يقضي يف مجيع املنازعات، وليس هنالك ما مينع من استحداث قواعد االختصاص القاضي املسلم

367..........................................................................................................صلحة ذلك القضائي إذا دعت امل

Ü367....................................................................................قضاء املظامل واختصاصاته : القضاء االستثنائي

Ü 368..................................................................................................الناظرون يف احلسبة وأعوان القضاء

Ü369..........................................................................................................دعوى قضائية طبية باألندلس

Ü 370..........................................................................قضية استصالحية " املسقط للحقوق" تقادم الدعوى

372................................................التأمني من املسؤولية يف اال الطيب يف الشريعة اإلسالمية : املطلب الثاين

372.....................................................................................فلسفة وأنظمة التأمني يف اإلسالم : الفرع األول

373................................................................................................حق الفقراء يف النفقة من بيت املال : أوال

373.............................................................................................................................نظام الزكـاة : ثانيا

374................................................................................................................نظام حتمل العاقلة الدية : ثالثا

374...............................................................................................................................عقد املواالة : رابعا

374.....................................موقف الفقه اإلسالمي من التأمني والتأمني من املسئولية يف اال الطيب : الفرع الثاين

.Iيزيـن واالعتراضـات عليها 375...................................................................................:........أدلـة

375......................................................................................د التأمني عقد تعاون وتضامن اجتماعي عق: أوال

375.........................................................................................ليست العقود يف الشريعة حمددة حمصورة : ثانيا

376.....................:واضحـامستندا قياسيـا يف أحكـام الشريعة، وأصـول فقهها ما يصلح أن يكون : ثالثـا

376........................................................................................................................نظام العاقلـة .1

377.....................................................................................................................عقـد املـواالة .2

378...................................................................................................داللة الوعد امللزم عند املالكية .3

379.................................................................................................................ضمـان الطـريق .4

380..........................................أثر العرف أو املصلحة أو الضرورة يف استنباط حكم التأمني يف الشريعة : رابعـا

.IIة املانعيـن والـرد عليهاـدلهم أ أ......................................................................................................

...........................................................................................................أثر الغـرر يف عقد التأمني : أوال

358

361

361

361

362

363

363

364

365

366

366

369

369

370

370

371

371

371

372

372

372

372

373

374

375

376

377

378

378

450 من 449صفحة 449 - أأ ب ب- االلل

449

381...................................................انعدام التعادل بني األقساط ومبلغ التأمني وما يثريه من شبهة الربا : ثانيـا

III. 381.................................................................................................... يف هذه املسألة رالرأي املختا

IV. 382.................................................................................................. حنو تأمني ذي طابع إسالمي

.............................................................................................................................خـامتــة

Abstract..............................................................................................................................403

: ارسـالفه

405......................................................................................................ـ فهرس اآليات الكرمية 1

407.................................................................................................................... ـ فهرس اآلثـار 2

409...............................................................................................الم املترجم هلم ـ فهرس األع3

411...................................................................................................... ـ ثبت املصادر واملراجع 4

442........................................................................................................س املوضوعـات ـ فهر5

378

378

379

381

397

399

402

404

407

439