بسم اهللا الرمحن الرحيم

ةـجامــــعة أم درمـان اإلســـالمي

ليــــات العساكلـــــــية الدرا

لعربيـةكلــــــــية اللــــغة ا

ةـديــقسم الدراسات األدبية والنق

رسالة مقدمة لنیل درجة الماجستیر في البالغة والنقد

بعنوان :

ويالنب ىاخلطاب الوعظ

ـ بالغية) (دراسة حتليلة

اد ار /إاف اإ/

حمد محمد عثمان مد ادم أحمد محمد أح

م٢٠١٢ -هـ١٤٣٣

أ

اآلیة

وقال إنني من (ومن أحسن قوال ممن دعا إلى الله وعمل صالحا

السیئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا المسلمین *وال تستوي الحسنة وال

إال الذین صبروا وما حمیم * وما یلقاهاوبینه عداوة كأنه ولي الذي بینك

١یلقاها إال ذو حظ عظیم )

. ٣٥ـ ٣٣سورة فصلت ـ رقم ا الیات القرآن الكریم ـ / ١

ب

اإلهداء

أهدي هذا البحث إلي من كل علمني حرفا أو علما

إلي والدي العزیز أطال اهللا عمره .

إلي والدتي متعها اهللا بالصحة والعافیة وأمد اهللا

.عمرها

، طالب العلم والمعرفة ، الباحثین عن إلي زمالئي

أهدي هذه الرسالة ءالحقیقة أینما كانت إلي هوال

راجیا من اهللا العلي القدیر أن یتقبلها مني وأن یستفاد

.طالب العلم والمعرفة أخوانى منها

ج

الشكر والعرفان

ن أتقدم بالشكر ا حقه أنه لمن واجب إعطاء كل ذي حقه

لجنة المناقشة هللا سبحانه وتعالي أوال ثم من بعد لعرفانوا

للذي لم ینأي حمد محمد عثمان المشرف :للدكتور :

هي ومتابعتي عن قرب والوقوف یطرفة عین في توج

الداخلي والي المناقشاه إشرافه على البحث بمسؤولیة تج

المناقش ، ومحمد:الدكتور :عبد الرحمن عطا المنان

لإلخوة ، والشكر أجزله خالد بابكر هاشمخارجي الدكتور ال

أم درمان اإلسإلمیة الذین لم بالمكتبة المركزیة بجامعة

ستفساراته .ق صدورهم یوما بأسئلة الباحث وأتض

والي كل من ساعدني في ،تعاملهم الراقي الطیب شكرهم لأو

هذه الرسالة .

- ١ -

المقدمة

الحمد هللا رب العالمین ، صلي اهللا علي سیدنا محمد خاتم أنبیائه ورسله ، وعلي آله

واصحابه ومن أهتدي بهدیه .

وبعد :

فجاء اإلسالم یخاطب الناس باللین والرفق لتذكیر المؤمن بدعوة غیر المسلمین إلى

یحقق الغایة ملة اإلسالم فأمر بان تكون الدعوة بالحكمة والموعظة والعدل وبما

المطلوبة؛ ثم أن اهللا سبحانه وتعالى بین انه یمكن أن یكون التأثیر باللطف والرفق

ابلغ بكثیر من التأثیر بخالف ذلك وقد قال سبحانه وتعالى:( وال تستوي الحسنة وال

نه عداوة كأنه ولي حمیم* وما یلقاها السیئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بینك وبی

.١إال الذین صبروا وما یلقاها إال ذو حظ عظیم)

فعندما یدفع اإلنسان السیئة بالتي هي أحسن ینسجم المدعو مع الداعي ویتفاعل معه

عز وجل أن الدعوة بهذا األسلوب تفاعال تاما ویستجیب لهذه الدعوة وقد بین اهللا

الحسن تؤلف النافر وتقرب الشارد وتدني البعید حتى یكون الخصم اللدود كأنه

الصدیق الحمیم.

والرسول صلى اهللا علیه وسلم كان مثاال في الدعوة بالتي هي أحسن والتأثیر على

. ٢الناس بالتلطف والترفق بهم

أسباب األختیار: ـ

لالسلوب الخطابى النبوى .ـ المیول الشخصى ١

ـ أكتشاف أسرار االسلوب الخطابى النبوي . ٢

ـ ـ مدى أهتمام الناس وحاجتهم لالسلوب الخطابى النبوى.٣

) .٣٥ - ٣٤رقم اآلیات ( –/ سورة فصلت ١ – ١٨٤ص –) ١دون تاریخ ـ ج( –مكانھا : مكتبة الجیل الواعد بیروت –) ١ط( –للشیخ احمد بن خلیل –/ إعادة صیاغة األمة ٢

١٨٥.

- ٢ -

أهمیة الموضوع وأهدافه : ـ

ـ اإلطالع على منهجیة النبى علیه الصالة والسالم فى الخطاب مضمونا وأسلوبا ١

وأداء

نبوى وأهدافه.ـ توضیح أنواع الخطاب ال ٢

ـ توضیح البالغة النبویة ومدى تأثیرها.٣

ـ أهمیة الخطاب النبوى الوعظي ودوره فى حل المشكالت.٤

ـ مدى أهتمام السابقین واألولین باالسلوب الخطابى للنبى صلى اهللا علیه وسلم.٥

مشكلة البحث : ـ

ـ دراسة مضمون الخطاب النبوى الوعظى وأسلوبة وخصائصه.١

سمات المنهج النبوى فى األداء الخطابى. ـ ماهى٢

ـ ماهى خصائص المنهج النبوى فى التأثیر واألقناع.٣

ـ التوصل الى أن البالغة النبویة هى أ رفع وأسمى بالغة ألنها مأخوذة من بالغة ٤

١یوحى) وما ینطق عن الهوى إن هو إال وحي القران الكریم قال تعالى : (

ساؤالت التي یسعي لإلجابة عنها : ـالت

أن طرح مجموعة من التساؤالت التي یسعي البحث لإلجابة علیها یعتبر خطوة بدیلة

؛وحیث أن هذا البحث ینتمي ٢لعملیة فروض الفروض التي نجدها في بحوث أخري

إلي البحوث اإلستكشافیة التي ال تستهدف أصال اختیار فروض نظرا الن مشكلة

تتناولها البحوث بإفاضة ولم تحدد معالمهما بعد تحدیدا دقیقا ، قام الباحث البحث لم

بطرح مجموعة من التساؤالت یسعى البحث لإلجابة علیها ، وقد تركزت هذه

التساؤالت فیما یلي : ـ

. ما أسالیب الخطاب الوعظي النبوي في التأثیر واإلقناع ؟١

؟ . ما أسالیب الخطاب الوعظي في التبلیغ٢

. ما سمات مضمون الخطاب الوعظي النبوي ؟٣

. ما القیم التي ركز علیها الخطاب الوعظي النبوي؟ ٤

).٤ـ٣ـ رقم االیات (/ سورة النجم ١ ) .٩٨) ـ ص (١ج ( –م ١٩٧٦) ـ مكانھما ـعالم الكتب القاھرة ـ تاریخھا ١/ بحوث االسس المبادى ـ سمیر محمد حسین ـ ـ ط ( ٢

- ٣ -

. ما تأثیر البیئة آنذاك في الخطاب الوعظي النبوي ؟٥

. ما سمات اإلسلوب النبوي في الخطاب ؟٦

. إلي أي مدي حقق الخطاب الوعظي النبوي األهداف المرجوة منه ٧

ات الرئیسیة المستخدمة في البحث : ـ المناهج واألدو

نظرا لتعدد المناهج التي یستطیع الباحث أن یستعین بها في إجراء بحثه فإن طبیعة

الهدف من البحث التي تحدد المنهج الذي ینبغي إتباعه ولهذا اتبع الباحث المنهج

الوصفي الذي یصف ویسجل ما مضي من وقائع وأحداث ویحللها ویفسرها على

منهجیة علمیة دقیقة بعد التوصل إلي حقائق وتعمیمات ال تساعدنا على فهم أسس

١الماضي فحسب وانما تساعد أیضا على فهم الحاضر بل التبؤ بالمستقبل .

( والمنهج الوصفي التحلیلي الذي یهتم بجمع وتلخیص الحقائق الجاهزة والمرتبطة

وعة من الظروف أو نظام بطبیعة جماعة من الناس أو عدد من األشیاء أو مجم

.٢فكري أو أي نوع من الظواهر التي یمكن أن یرغب الشخص في دراستها)

حدود البحث:

لقد واجهتنى صعوبة فى تحدید األطار الزمانى للبحث ، منبع هذه الصعوبة هو

األختالف فى مبتدأ الخطب النبویة واألحادیث والوصایا لدى كتاب الفقة والسیرة

هم لبدایة الخطب النبویة بالعام الثالث الهجرى للبعثة ومع بدایة فحیث یؤرخ بعض

الجهر بالدعوة ، ویرى بعضهم غیر ذلك ، ویروا أن الخطب المعتمدة هى التى تمت

بعد الهجرة وفى ذلك یقول :( اإلمام البخارى ) :

( (بدایة التاریخ من هجرتة ، عن سهل بن سعد الساعدى رضى اهللا عنه قال:

من مبعثة صلى اهللا علیه وسلم ، والمن وفاته ماعدوا اال من مقدمه ماعدوا

. ٣المدینة)

لقاھرة ـ ) ـ مكانھا : دار النھضة ا١ـ ط ( ١٠٢) ـ ص ١/ مناھج البحث فى التربیة وعلم النفس ـ جابر عبد الحمید وأحمد خیرى ـ ج ( ١

م .١٩٩٢تاریخھا

. ١٠٥) ـ ص ١/ المصدر نفسھ ـ ج ( ٢

).٦٣) ـ ص ( ٣ـ مكانھا : دار الفكر العربي القاھرة . د. ت. ـ ج (١/ صحیح البخاري ـ أبوعبد هللا بن إسماعیل (البخاري). ط ٣

- ٤ -

وعلیه تكون حدود البحث بخطبة النبى علیه الصالة والسالم بالمدینة ، فى أول

جمعة صلها بالمدینة ، وینتهى بخطبة النبى صلى اهللا علیه وسلم التى قالها فى

ألعلى .مرض موتة الذى أنتقل به الى الرفیق ا

الدراسات السابقة : ـ

أطلع الباحث على عدد من المراجع والدوریات والدراسات والكتابات التي لها صلة

بالموضوع هذا البحث : الخطاب الوعظي النبوي .

وذلك بهدف االستفادة من هذه الدراسات في تحدید مسار البحث والوقوف على

لذي یتعبر مجاال جدیدا للدراسة إذ أن منهجیة من تصدي الدراسة هذا الموضوع ا

لم یحظ بدراسة مستقلة أو كتاب –وحسبما تكشف للباحث –موضوع هذا البحث

مستقل قائم بذاته وأنما تأتي اإلشارة إلیه في الكتابات والدراسات التي ال یكون

موضوعها األساسي :

صلتها بموضوع والباحث بذلك هدف اإلفادة من تلك الدراسات على قلتها وقلة

البحث والبدء من حیث أنتهي األخرون ومن تلك الدراسات .

.ـ ذكیة النور یوسف / الوظائف اإلعالمیة في الخطب النبویة١

/ وسائل وأسالیب الدعوة بین األصالة والمعاصرة ـ على أدریس الشین .٢

. یمـ النوراني عبد الكر / مرتكزات الخطاب اإلعالمي في القرآن الكریم٣

.ـ دریة یس عبد الرحمن/ اإلیجاز واإلطناب في الحدیث النبوي ٤

- ٥ -

صعوبات واجهت الباحث : ـ

تتمثل الصعوبات التي واجهتني في األتي :

/ ال توجد مصادر خاصة بخطب النبي (صلى اهللا علیه وسلم) وحدها ، تتوفر فیها ١

واجهت صعوبة بالغة الثقة إذا أنها توجد متفرقة في كتب الفقه اإلسالمي ،ومن ثم

في تحقیق نصوص الخطب كما واجهت صعوبة في تحدید مجتمع البحث .

/ المراجع والمصادر التي وجدتها وتحصلت علیهامن المكتبات معظمها قدیم في ٢

التألیف والنشر.

/ كما واجهت صعوبة شدیدة جدا في التوثیق . ٣

- ٦ -

التمهید

لغة، أن خلق الطباع مائلة إلى حب الشهواتمن سنن اهللا الثابتة وحكمه البا إن

الشهوات من النساء المردیة، والبطالة المؤذیة، كما قال تعالى: ﴿زین للناس حب

مة والبنین والقناطیر ة والخیل المسو ١رث﴾واألنعاموالح المقنطرة من الذهب والفض

. فلما خلقت النفوس على هذه الحال، ٢جما﴾ وقال عز وجل: ﴿وتحبون المال حبا

أفتقرت إلى مقوم، ومثقف،ومحذر یردها إلى الحق، والى الغایة التي خلقت ألجلها،

.٣ن﴾لیعبدو األحد، قال تعالى: ﴿وماخلقت الجن واألنس إال وهي عبادة الواحد

والترهیب، والوعظ والزجر، وأنزلت علیهم ولهذا بعث األنبیاء علیهم السالم بالترغیب

مبشرین ومنذرین، وبلسان الوعظ في أقوامهم الكتب للتثقیف والتأدیب، فما زالوا

طباعهم مقومین، قال تعالى: ﴿أولئك الذین یعلم سائرین، وبسیاط الزجر لما فسد من

وقال على ٤أنفسهم قوال بلیغا﴾ قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في ا فيالله م

٥رساالت ربي وأنصح لكم﴾ لسان رسله: ﴿أبلغكم

وسلم أطغى الطغاة وأكفر الكفرة، وبالوعظ فبالوعظ خاطب النبي صلي اهللا علیه

خاطب األتقیاء والبررة، فالوعظ كان لسان دعوته، العصاة، وبالوعظخاطب الجهال و

.وأجل وسائل بالغته

كان حال النبي (صلي اهللا علیه وسلم) فلم یزل واعظا ومذكرا، ومرشدا وهكذا

م وعظهم فأعرض عنه تعالى: ﴿أولئك الذین یعلم الله ما في قلوبهم ومقوما، كما قال

، فكانت أقواله وخطبه تذكیرا ووعظا، وتنبیها وزجرا، ٦بلیغا﴾ وقل لهم في أنفسهم قوال

عوجاجا، ال یؤخر

البیان عن وقت الحاجة، وال یرضى أن یرى فى الناس خلال وا

.١٤/ سورة آل عمران ـ رقم اآلیة ١ .٢٠/ سورة الفجر ـ رقم اآلیة ٢ .٥٦ذاریات ـ رقم اآلیة / سورة ال ٣ .٦٣/ سورة النساء ـ رقم اآلیة ٤ .٦٢/ سورة األعراف ـ رقم اآلیة ٥ .٦٣/ سورة النساء ـ رقم اآلیة ٦

لمدارك األذهان، وتنویر ا فكان قائم على إرشاد العقول، وتهذیب النفوس، وتثقیف

غشي األفهام القاصرة من وتصحیح المعتقدات، وابانة سر العبادات، واماطة ما

.غیاهب الجهالة، وتراث الضاللة

- ٧ -

سیرة النبي صلي اهللا علیه وسلم وتتبع أقواله، ومما تقدم ندرك عظم أهمیة دراسة

فیها فائدة والوعظ واإلرشاد والتعلیم، ف وخاصة في مجال الدعوة إلى اهللا، كالنصح

.عظیمة ومنفعة جلیلة

فقد ترك النبي صلي اهللا علیه وسلم لنا میراثا زاخرا بالعلم والحكمة، ومتى نهل

من هذا المعین كان في مأمن من الزیغ والضالل بإذن اهللا عز وجل، فالنبي الداعیة

اسا یهتدى نبر صلي اهللا علیه وسلم تمثل القرآن والسنة بین یدیه فكانت دعوته وأقواله

.به

واإلرشاد، جعل ولهذا فإن البعد عن منهج النبي صلي اهللا علیه وسلم في الدعوة

بغیتها، بل قد بعض الدعوات الیوم تتهافت في طریق الدعوة دون أن تصل إلى

في ظلمات من تسيء من حیث تظن أنها تحسن، في وقت نجد األمة فیه تتخبط

المادیات إال من رحم اهللا، وفي عصر طغت فیه الجهل والبعد عن رب العالمین

فیهم غیر وأستحوذت فیه الشهوات على عقول الناس وأفئدتهم، فأصبح وعظ الدعاة

.مجد، والى اهللا المشتكى

إذا ما عیب علیه أسلوبه، ونصح بضرورة - ولربما یدعي كثیر من هؤالء الوعاظ

ومتبع لهدي النبي صلي اهللا علیه الكتاب والسنة أنه مقتف لمنهج -تأصیل دعوته

.النقد تعرت هذه الدعوى وسلم، ولكن إذا ما وضعت دعواه على میزان

هدي النبي صلي اهللا فلزم على كل داعیة حصیف یرجو الخیر ألمته، الرجوع إلى

.ته، لیقتدي به في دعوته ووعظهعلیه وسلم وسن

- ٨ -

ملخص البحث النبوي الوعظي الخطاب دراسة حول یدور رئیس دفھ من الدراسة ھذه تنطلق والمراجع ، المصادر على فیھا ثــالباح إعتمد حیث ، بالغیھ تحلیلیھ دراسة

. الموضوع ھذا دراسة فى التخصصیة

فى والصفحة بالجزء مصادرھا إلى باإلحالة النصوص توثیق علي عمل كما

. للبحث السفلیة الھوامش

وذلك ، ثمانیة مباحث ضمت وثالثة فصول وتمھید مة مقد من فیتكون البحث أما

: التالیة الخطة وفق

وأھمـــیتھ البحث مشكلة من وتتكون ، والدراسة البحث أساسیات عن مقدمة ، إعداده فى المتبع والمنھج ، موضوعھ إلختیار الباحث دعت التى واألســـباب

. فیھا البحث ھذا ومكانة ، الموضوع فى السابقة والجھود

مفھوم الخطاب الوعظي النبوي وھو مقسم الي األول الفصل في الباحث تناول وقدمبحثین المبحث األول : تعریف الخطاب الوعظي النبوي ، وفي المبحث الثاني :

البیئة الخطابیة النبویة وأصناف المخاطبین .ج المختارة من أما في الفصل الثاني فقد ضم الدارسة التطبیقیة فكان بعنوان النماز

: ـ ھيذا الفصل ثالثة مباحث فمكونات الخطاب الوعظي النبوي ؛ فحوي ھالمبحث األول : األحادیث النبویة ، المبحث الثاني : الوصایا النبویة ، المبحث

الثالث : الخطب النبویة .أما في الفصل الثالث فكان بعنوان تحلیل الموقف الخطابي للنبي صلي هللا علیھ

،فقد ضم ثالثة مباحث فھما كاألتي :ـ وسلمالمبحث األول : الخصائص الفنیة ، المبحث الثاني : منھج النبي صلي هللا علیھ

وسلم في األداء الخطابي ، المبحث الثالث : الموضوعات واألھداف . ل لھا من خالل أو نتھت الدراسة بخاتمة أشار فیھا الباحث إلى أھم النتائج التى توص

تھ لھذا الموضوع ، كما عرض فیھا مقترحاتھ وتوصیاتھ ، ثم إختتم الدراسة دراسستعان بھا الباحث إلنجاز ھذا البحث ، ولقد أشارة إلى المصادر والمراجع التى باإل

بذل الباحث فى سبیل ذلك ما وسعھ من جھد ووقت . فللھ الحمد على ما وفق فلنعم المولى ولنعم النصیر .

- ٩ -

صل األولالف

مفھوم الخطاب الوعظي النبوي

ویحتوي علي مبحثین : ـ تعـــــريـــف الخطــــاب الـوعـظـي النبوي : ل المبحث األو

ا لمبحث ا لثاني:ا لبيئة ا لخطابية ا لنبوية وأ صناف ا لمخاطبين

- ١٠ -

المبحث األول نبويتعریف الخطاب الوعظي ال

البد لكل مجتمع متدین من واعظ یرشدة الى الخیر ، وهادى یهدیه الى الفالح ،

والمواعظ عبارة عن جرعات عالجیة روحیة تعطى للمجتمع بقدر الداء اإلجتماعى

المتفشى فیه ، والوعاظ هم أطباء المجتمعات یقومون بتقدیر حجم المرض

الخطب والمواعظ.اإلجتماعى ثم یقدمون العالج الناجع من بلیغ

وقد عرف العالم العربى خطب المواعظ منذ قدیم الزمان قبل اإلسالم ، منذ أن كان

یقف قس بن ساعدة یعظ الناس بمثل قوله: ( یامعشر ایاد أین األباء واألجداد

.١....الخ)

ثم جاء األسالم وجاء الرسول علیه الصالة والسالم ، وهو سید أهل الحكمة ، وسید

وعظة ، دعا الى سبیل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، وعلى نهجه سار أهل الم

الخلفاء الراشدین ، ومن جاء من بعدهم.

تعریف الخطاب في اللغة واإلصطالح: ـ

األصول اللغویة لكلمة (خطاب) في القوامیس العربیة : ـ

ة نقرأ في مادة [خطب] في لسان العرب: (الخطب: األمر الذي تقع فیه المخاطب

٢والشأن والحال ، والمخاطبة مفاعله من الخطاب والمشاورة).

ویعتبر ابن منظور الخطاب مرادفا للكالم ، ویجعل له بدایة ونهایة دون أن یغفل

خاصیة التفاعل فیه. ومن ثم فالخطاب في لسان كالم عادي أو مزخرف ، له بدایة

ن) في تفاعل بینهما ونهایة ، وهو یتم بین متخاطبین أو أكثر یدخالن (یدخلو

(بینهم).

وال یضیف القاموس المحیط جدیدا في هذا الصدد ؛ حیث یعتبر هو األخر (الخطاب

١بمثابة الكالم).

.٦٧ـ ص ١/ جمھرة خطب العرب ـ أحمد ذكي صفوت ـ المكتبة العلمیة بیروت ـ د.رقم طبع ـ د.ت ـ ج ١

٢

–) ١م. ـ ج (٢٠٠٤تا ریخھا –مكانھا : دار صادر بیروت –) ٣مادة خطب ـ ط ( –أبو الفضل (ابن منظور) ––/ لسان العرب . ٩٨ – ٩٧ص

- ١١ -

أما الخطاب في محیط المحیط فهو :( صدر خاطب یخاطب مخاطبة وخطابا ، وهو

٢بحسب أهل اللغة توجیه الكالم لمن یفهم).

-فقد قال الشاعر المتنبئ :

عن غیه وخطاب من ال یفهم البلیة عزل من ال یرتوي ومن

٣وقد یستعمل لفظ الخطاب للكالم الذي یخاطب به الرجل صاحبه.

أما المعجم الوسیط :( فیشیر إلى ما أشارت إلیه القوامیس السابقة ، ال سیما لسان

العرب والقاموس المحیط. وبالنظر إلى اشتمال هذا القاموس على بعض اإلشارات

حدیثة التي لم ترد في القوامیس السابقة ، نكتفي بإیرادها بدون تكرار ما سبق ال

استخالصه، وعلیه فالخطاب (الكالم) والخطاب المفتوح خطاب یوجه إلى بعض

أولى األمر عالنیة ، والخطبة الكالم المنثور یخاطب به متكلم فصیح جمعا من

٤الناس إلقناعهم ، والخطیب المتحدث عن القوم).

-إن هذا القاموس یضیف ثالثة أشیاء جدیدة:

إن الخطاب موجه إلى أشخاص محددین -١

كما انه یرمى إلى اإلقناع. -٢

وقد یكون كالم الشخص المتحدث نیابة عن أشخاص آخرین. -٣

وحاصل األمر أن كلمة (خطاب) في القوامیس العربیة تحمل دالالت متعددة ،

توجیه الكالم ، وهو محدد في الحیز الزمني بنقطة فالخطاب قد یكون الكالم أو فعل

بدایة وبنقطة انتهاء ، مع اشتراط وجود شخصین أو أكثر یتفاعالن(ون) فیما

بینهما(هم) بهدف تحقیق اإلفهام أو اإلقناع أو هما معا.

یدور لفظ الخطاب في كتب المعاني حول إلقاء بعض الكلمات الهادفة على أخر

ب الناس وفیهم وعلیهم خطابة وخطبة اى : ألقى علیهم خطبه وآخرین فیقال : (خط

١مكانھا : دار الفكر –) ١مادة خطب ـ ط ( ––مادة خطب ـ ضبط وتوثیق یوسف الشیخ البقاعى –/ القاموس المحیط ـ الفیروزأبادى

..٧٦ص –الیوجد ) ـ ١ج ( ـ م.٢٠٠٣تاریخھا –للطباعة والنشر والتوزیع ٢٠٨ص –) ١م. ـ ج (١٩٧٩تاریخھا –مكانھا : بیروت –مادة خطب ـ دون رقم طبع طبع –/ محیط المحیط ـ بطرس البستاني ٢.

٣ ).٢٠٨ـ ص ( ١/ محیط المحیط ـ بطرس البستاني ـ مادة خطب ـ ج

٤ص –) ١تاریخھا: ال یوجد ـ ج ( –نھا: المطبعة اإلسالمیة تركیا مكا –) ١مادة خطب ـ ط ( –مؤلف جماعى ـ –/ المعجم الوسیط

٢٢ .

- ١٢ -

، تخاطبا :تكلما وتحدثا ، وخاطبه اى: وجه إلیه كالما ، ویقال خاطبه في األمر اى

١حادثه بشأنه).

وعلیه فان الخطاب هو المحادثة وتوجیه الكالم من طرف آلخر بأمر من األمور

.عا بهدف تحقیق اإلفهام أو اإلقناع أو هما م

- الخطاب في اإلصطالح:

(هو كل ملفوظ یندرج تحت نظام اللغة وقوانیها فهو نص، واذا ما خرج لیندرج تحت

٢السیاقات االجتماعیة سمى خطابا").

وقد استعمل لفظ الخطاب في األصطالح االصولى للتعریف (بالحكم الشرعي

هللا علیه وسلم و صادر عن رسوله صلى ادر عن اهللا مباشرة وهو القرآن ، أالصا

٣وهى السنة).

الموعظة في اللغة:

. ٤الموعظة في اللغة : ( مصدر الفعل وعظ )

قال أبن فارس رحمة اهللا : ( الواو والعین والظاء كلمة واحدة ، والوعظ التجویف ،

.٥والعظة االسم منه )

ل بوعظه فاتعظ، اي ق ظا ع و ه ت ظ ع الوعظ والنصح والتذكیر بالعواقب تقول: و

٦الموعظة ، یقال السعید من وعظ بغیره والشقي من اتعظ به غیره.

تعریف الموعظة في االصطالح: ـ

بن منظور رحمه اهللا : ( الوعظ والعظة والموعظة : النصح والتذكیر بالعواقب عند إ

(٧ .

وتحلیل هذا التعریف یحتوى على : ـ

تذكیر اإلنسان بما یلین قلبه من ثواب وعقاب . -١

.٦٦ـ ص ١ـ ج صدر نفسھ / الم ١ ) .٥٦ص ( –) ١مادة خطب ـ ج ( –مجمع اللغة العربیة –/ المعجم الوجیز ٢٣ )٥ص ( –مصدر سابق –محمد علي بن علي التھانوى معجم اصول الفقھ ـ / م ـ مادة وعظ ٢٠٠٤ـ بیروت ـ دار صادر ـ ٣بو الفضل جمال الدین محمد بن مكرم ( إبن منظور ) ـ مادة وعظ ـ طـ لسان العرب ـ أ ٤.

) _ ١م _ ج ( ١٩٩٩) _ مكانھا بیروت _ تاریخھا ١/ مقاییس اللغة ـ ابن فارس ـ مادة وعظ ـ تحقیق إبراھیم شمس الدین _ ط ( ٥ . ٣٦٨ص

مكانھا : دار العلم للمالیین -)٢ط( -–تحقیق : احمد عبد الغفور –ماعیل بن حماد الجوھري ـ مادة وعظ إس –/ الصحاح تاج اللغة ٦ . ٨ص -)٣م ـ ج(١٩٨٤تاریخھا -لبنان

. ٣٤٥ـ ص ١ه ـ ج١٣٢١/ المخصص ـ علي بن إسماعیل بن سیده ـ ا ـ مادة وعظ . القاھرة المطبعة األمیریة ـ ٧

- ١٣ -

األمر والنهى ، المقرون بالترغیب والترهیب . -٢

فقد جاء في مفردات القرآن الكریم الوعظ بأنه : ـ

هو زجر مقترن بتخویف ، قال الخلیل : ( هو التذكیر بالخیر فیما یرق له القلب

، قال تعالى : ١والعظة والموعظة : االسم ). قال تعالى : (یعظكم لعلكم تذكرون)

، وقال تعالى : (قد ٣، قال تعالى : (ذلكم توعظون به) ٢(قل إنما أعظكم بواحدة)

بكم) جاءتكم موعظة من ر، وقال تعالى : (وكتبنا له في األلواح من كل شيء ٤

موعظة وتفصیال)٥.

القرآن بمعاني متعددة منها : ( التحذیر والتخویف واألمر فقد وردت الموعظة في

والتذكیر ، الحث على فعل الخیر وترك الشر ) .

ویمكن تعریف المصطلح القرآني المعروف ( الموعظة الحسنة ) بأنة : ( النصیحة

الهادفة إلى الخیر الداعیة إلیة والدالة علیه ).

التي یستحسنها السامع وتكون في نفسها هي المقالة المشتملة على الموعظة الحسنة

حسنة باعتبار انتفاع السامع بها؛ وقیل وهي الحجج الظنیة االقناعیة الموجبة

للتصدیق بمقترحات مقبولة ، قیل ولیس للدعوة إال هاتان الطریقتان، ولكن الداعي قد

ل، یحتاج مع الخصم أال لد إلى استعمال المعارضة والمناقضة ونحو ذلك من الجد

.٦ولهذا قال سبحانه وتعالى:( وجادلهم بالتي هي أحسن)

.٧(والموعظة هي التي ال یخفى علیهم انك تناصحهم بها وتقصد ما ینفعهم فیها)

فالموعظة قد تكون حسنة وقد تكون سیئة، وذلك بحسب ما یعظ به اإلنسان ویأمر به

قیدا بالقرآن الكریم قال تعالى:( ادع وبحسب أسلوب الواعظ من هنا جاء األمر بها م

م إلى سبیل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعل

.٨بمن ضل عن سبیله وهو أعلم بالمهتدین)

. ٩٠آلیة / سورة النحل ـ رقم ا ١ . ٤٦/ سورة سبأ ـ رقم اآلیة ٢ . ٣/ سورة المجادلة ـ رقم اآلیة ٣ . ٥٧/ سورة یونس ـ رقم اآلیة ٤ . ١٤٥/ سورة األعراف ـ رقم اآلیة ٥ .١٢٥سورة النحل ـ رقم اآلیة / ٦تاریخھا: بال -والنشر والتوزیعر الفكر للطباعة مكانھا: دا –دون طبع –-أبي القاسم جار هللا محمود بن عمر الزمخشري –الكشاف / ٧

.٤٣٥ص -)٢ـ ج( تاریخ . ١٢٥رقم اآلیة –/ سورة النحل ٨

- ١٤ -

األمـر بهـا ، انصرفـت إلى الحسـن قال اهللا تعالى:( فإذا أطلقت الموعظة في مقـام

فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فال تبغوا علیهن سبیال إن

.١الله كان علیا كبیرا)

- یلي:عظم أثارها في نفوس المدعوین ، ویظهر هذا في ما

سرعة االستجابة إلیها غالبا. –قبول الموعظة -١

غرس المحبة والمودة في قلوب المدعوین. -٢

محاصرة المنكرات والقضاء على انتشارها بحیث یخجل الناس إذا لم یستجیبوا -٣

٢ممن یعظهم موعظة حسنة ، وال یجاهرون بمنكراتهم.

للین والرقة والرحمة، وال یقوم على إن منهج الدعوة اإلسالمیة یقوم على الرفق ، وا

العنف والشدة والغلظة، وقد رسم القرآن الكریم منهج الدعوة بقوله تعالى :( ادع إلى

سبیل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم

.٣سبیله وهو أعلم بالمهتدین)بمن ضل عن

والدعوة بالحكمة تعني الخطاب الذي یقنع العقول بالحجة والبرهان؛ والموعظة تعني

الخطاب الذي یستمیل العواطف؛ ویؤثر في القلوب بأحسن الظروف؛ رغبا ورهبا

ى والجدال بالتي هي أحسن یعني: الحوار مع المخالفین بأحسن الطرق؛ وأرق

األسالیب التي تقربهم وال تبعدهم.

وقد رأینا القران الكریم وهو یعرض لنا قصص الرسل علیهم السالم؛ كیف خاطبوا

أقوامهم بالحسنى یقول تعالى:( كذبت قوم نوح المرسلین* إذ قال لهم أخوهم نوح أال

* فاتقوا الله وأطیعون* وما أسألكم علیه من أجر إن تتقون* إني لكم رسول أمین

.٤أجري إال على رب العالمین)

وأیضا كما یقول تعالى:( قال یا قوم إني لكم نذیر مبین* أن اعبدوا الله واتقوه

ركم إلى أجل مسم�ى إن أجل الله إذا جاء ال } یغفر ٣وأطیعون{ لكم من ذنوبكم ویؤخ

ر لو كنتم تعلمون) . ٥یؤخ

. ٣٤رقم اآلیة –/ سورة النساء ١ .. ٢٥٨ص –) ١تاریخھا : الیوجد ـ ج( –مكانھا: دار الحدیث القاھرة –) ١ط ( –أبو الفتح البیانو ي –/ المدخل إلى علم الدعوة ٢ ١٢٥رقم اآلیة –/ سورة النحل ٣ ). ١٠٩ – ١٠٥رقم اآلیات ( –/ سورة الشعراء ٤ ). ٤ – ٢رقم اآلیات ( –/ سورة نوح ٥

- ١٥ -

.١فأنظر كیف بدأ خطابه بقوله یا (قوم) یذكرهم انه واحد منهم ولیس غریبا عنهم

قوم) یرید إن یوضح لهم انه جزء عندما بدأ نوح علیه السالم خطابه إلى قومه (یا

منهم وناصح أمین لهم؛ یرید أن یرشدهم لما فیه الخیر لهم وله؛ فإذا فعلوا ما طلبه

منهم یكونون بذلك قد فازوا بسعادة الدارین الدنیا واآلخرة.

وجاء اإلسالم یخاطب الناس باللین والرفق لتذكیر المؤمن بدعوة غیر المسلمین إلى

مر بان تكون الدعوة بالحكمة والموعظة والعدل وبما یحقق الغایة ملة اإلسالم فأ

المطلوبة؛ ثم أن اهللا سبحانه وتعالى بین انه یمكن أن یكون التأثیر باللطف والرفق

ابلغ بكثیر من التأثیر بخالف ذلك وقد قال سبحانه وتعالى:( وال تستوي الحسنة وال

ي هي أحسن فإذا الذي بینك وبینه عداوة كأنه ولي حمیم* وما یلقاها السیئة ادفع بالت

.٢إال الذین صبروا وما یلقاها إال ذو حظ عظیم)

فعندما یدفع اإلنسان السیئة بالتي هي أحسن ینسجم المدعو مع الداعي ویتفاعل معه

تفاعال تاما ویستجیب لهذه الدعوة وقد بین اهللا عز وجل أن الدعوة بهذا األسلوب

الحسن تؤلف النافر وتقرب الشارد وتدني البعید حتى یكون الخصم اللدود كأنه

الصدیق الحمیم.

الرسول صلى اهللا علیه وسلم كان مثاال في الدعوة بالتي هي أحسن والتأثیر على

. ٣بهمالناس بالتلطف والترفق

والموعظة الحسنة هي الكلمة الطیبة تخرج من فم الداعیة لتصل الى عقول الناس

فیجدون فیها الخیر والسعادة، فیحسون من خاللها صدقه وحرصه على جلب الخیر

لهم ودفع الشر عنهم، وقد مثل القرآن الكریم بقوله تعالى:( ألم تر كیف ضرب الله

یبة كشجرة طیبة أصلها ثابت وفرعها في السماء* تؤتي أكلها كل حین مثال كلمة ط

.٤بإذن ربها ویضرب الله األمثال للناس لعلهم یتذكرون)

–دون تاریخ –مكانھا: دار الشروق القاھرة –) ١ط ( ––د. یوسف القرضاوي –/ الصحوة اإلسالمیة من المراھقة إلى الرشد ١

).٢٧٧ص ( ) .٣٥ - ٣٤رقم اآلیات ( –صلت / سورة ف ٢ ١٨٤ص –) ١دون تاریخ ـ ج ( –مكانھا : مكتبة الجیل الواعد بیروت –) ١ط ( –للشیخ احمد بن خلیل –/ إعادة صیاغة األمة ٣– ١٨٥. ).٢٥ - ٢٤رقم اآلیات ( –/ سورة إبراھیم ٤

- ١٦ -

-الفرق بین موعظة التعلیم وموعظة التأدیب :

ل یدعو إلى الخیر والصالح وینهى عن الشر والفساد إال الشك أن الوعظ عمل جلی

أن الموعظة تكون للتعلیم ابتداء كما تكون للتأدیب في المواقف والحاالت وبیان ذلك

.

موعظة التعلیم :(تعنى أستعمال الوعظ في األمر أو الداللة على ما استلزم واستتبع

الخیر والنهى عن ما استلزم أو أستتبع الشر) .

إن :(ذلك قولة تعالى مثال ا بني ال تشرك با� ھ ی ھو یعظ بنھ و وإذ قال لقمان ال

رك لظلم عظیم .١)الش

فیما یتضح أمر لقمان البنه وتعلیمة اإلخالص في التوحید والنهى عن الشرك ،

رون یعظكم لعلكم ت (ومثل قوله تعالى : . ٢)ذك

قال أبن كثیر في تفسیره :( أي یأمركم بما یأمر به من الخیر وینهاكم عما ینهاكم

. ٣عنه من الشر)

: ( یأمركم بما فیه غایة صالحكم ونهیكم عما فیه مضرتكم ). وقال السعدي

م ( : ومثل قوله تعالى ن تقوموا � ل إنما أعظكم بواحدة أ روا ق ثنى وفرادى ثم تتفك

دي عذاب شدید ن ی ی ن ھو إال نذیر لكم ب ن جنة إ .٤)ما بصاحبكم م

بمعنى أنه سبحانه یقول لنبیه صلى اهللا علیه وسلم _ أن یأمر هؤالء الكفار بأن

، وتمتاز موعظة التعلیم یقوموا مخلصین هللا سائلین متناصحین بین بعضهم لبعض

أنها بالقول البلیغ اللین الهادئ وقد تتضمن التخویف والتذكیر بالعواقب الحسنة أو

السیئة لألفعال والممارسات.

موعظة التأدیب:-٢

وتشتمل على األمر والنهى الغلیظ وتتضمن التصریح بالزجر أو یغلب علیها

الخطاب المشتمل على الردع والتخویف.

یعظكم :(قوله تعالى مثال ذلك عودواأن هللا دا لمثلھ ت .٥)مؤمنین كنتم إن أب

١٣/ سورة لقمان _ رقم اآلیة ١ . ٩٠ھ رقم االی -/ سوره النحل ٢ ).٢٢٢ص ( -)٦دون تاریخ ج ( –مكانھا: القاھرة –) ١ط ( –إبن كثیر -/ تفسیر إبن كثیر ٣ .٤٦رقم اآلیة -/ سوره سبا ٤ .١٧رقم االیھ -/ سوره النور ٥

- ١٧ -

بن كثیر في تفسیره (هذا تأدیب أخر بعد األول) یقول اهللا تعالى (ولوال إذ إ قال

ى (ما ینبغي لنا انتفوه بهذا الكالم وال لتم ما یكون لنا أن نتكلم بهذا)،أسمعتموه ق

ا بھتان عظیم وله تعالى (. وق ١ألحد) تذكره ذ اى :سبحان اهللا أن یقال ٢)سبحانك ھ

هذا الكالم على زوجه رسوله، وجلیلة وخلیله، ثم قال تعالى :(یعظكم اهللا أن تعودوا

. اى ینهاكم اهللا متوعدا أن یقع منكم ما یشبه هذا ابدآ ، اى فیما یستقبل ٣لمثله ابدآ)

:(إن كنتم مؤمنین)، اى (إن كنتم تؤمنون باهللا وشرعه وتعظمون رسوله ،ولهذا قال

صلى اهللا علیه وسلم).

في مجـال الموعظة نسمع هذه الكلمات: (وعظ ؛ إرشاد؛ تربیة؛ تذكیر؛ قصص...الخ

.(

:(زجر مقترن بتخویف ؛ والتفكیر بالخیر في ما یرق له القلب).فالوعظ هو

عملیة تعلیمیة تهدف إلى تعدیل السلوك لألفراد في واإلرشاد هو:نظام تعلیمي أو

مجال معین؛ وهو أیضا" الهدایة إلى الطریق الموصل إلى المطلوب.

. ٤قال تعالى:( أولئك هم الراشدون)

:هي عملیة اجتماعیة تهدف إلى مساعدةاالفراد على النمو الشامل والتربیة

رهم االجتماعیة والعیش في المجتمع لشخصیاتهم بحیث یستطیعون القیام بأدوا

والمشاركة في خیراته.

لین) .٥ومنه قول المولى عز وجل:( قال ربكم ورب آبائكم األو

:(تعریف الخلق بنعم اهللا سبحانه وتعالى علیهم وحثهم علیها من الثواب التذكیر

والعقاب ؛ یقال : وعظه فاتعظ أذا أثرت فیه الموعظة).

الهدف من الوعظ واإلرشاد:هو العالج الناجح لصالح العالم والدین الحنیف وهو و

الدواء المفید لشفاء القلوب من أمراضها.

وفي الحقیقة أمراض القلوب كثیرة؛ ولكن االلتزام بالدین الحنیف هو السبیل الوحید

الذي به تحصل المناعة من تلك األمراض الكثیرة والدعاة هم األطباء الذین

).٢٢٤ص( -)٨إبن كثیر ـ ج( –/ تفسیر إبن كثیر ١ .٧/ سورة الحجرات ـ رقم اآلیة ٢ .٢٦آلیة / سورة الشعراء ـ رقم ا ٣

. ٧رقم اآلیة –/ سورة الحجرات ٤ . ٢٦رقم اآلیة –/سورة الشعراء ٥

- ١٨ -

یشخصون األمراض ویصفون العالج؛ والعالج ال یتم إال باألداة الحسنة التي تلین

القلب والوجدان حتى یستجیب الشخص؛ وبذلك یكون الداعیة بأسلوبه الحسن ؛

والموعظة أسعدت كثیرا من الناس بالدخول في اإلسالم أو بتغییر مفاهیم كثیر من

لفكرة التي یدعو إلیها ؛ وبذلك ینیر قلوبهم الناس ؛ واالستماع إلى قوله؛ واإلقناع با

فتتجه إلى المولى عز وجل فتكتمل سعادتهم.

معنى الترغیب . -

معنى الترغیب في اللغة: –ا

:(الرغب ، والرغبة، والرغبات والرغبة والرغبى والرغباء -رحمه اهللا -قال ابن منظور

راعة، والمراغب األطماع) ١.الض

معنى الترغیب في اإلصطالح:( كل ما یشوق المدعو إلى االستجابة، وقبول -ب

.٢الحق والثبات علیه)

معنى الترهیب: -

معنى الترهیب في اللغة: -ا

م: أي خاف م والفتح ورهبا بالتحریك، ورهبانا بالض (رهب، یرهب، رهبة ،ورهبا بالض

ز كما جزم به صاحب كشف الكشاف، ورهبه رهبا، وأرهبه واسترهبه: أو م ع تحر

استدعى رهبته حتى رهبه الناس، والراهبة: الحالة التي ترهب واسترهبه:أخافه وفزعه

التعبد في صومعة وقد ترهب الرجل إذا صار راهبا د وقیل:التعب أي تفزع،والترهب :

.٣یخشى اهللا)

معنى الترهیب في اإلصطالح: -ب

(هوكل ما یخیف ویحذر المدعو من عدم االستجابة، أو رفض الحق، أو عدم الثبات

.٤علیه قبوله)

. ٤٢٢ـ ص ١/ لسان العرب ـ أبن منظور ـ مادة رغب ـ ج ١ .٤٧٧م ـ ص ١٩٩٣ -ھـ١٤١٤/ أصول الدعوة ـ د: عبد الكریم زیدان ـ مؤسسة الرسالة ـ بیروت، لبنان ـ الطبعة الثالثة ـ ٢ .٤٣٦) ـ ص ١سان العرب ـ أبن منظور ـ مادة رھب ـ ج(/ ل ٣ . ٤٣٧/ أصول الدعوة ـ د. عبد الكریم زیدان ـ ص ٤

- ١٩ -

فوائد الترغیب والترهیب:

لوب الترهیب له فوائد عدیدة، ألنه یجعل العصاة والمستهترین مما تبین لي أن أس

یقفون على حقیقة عاقبتهم ومآلهم استقراءا" من سوء أعمالهم في الدنیا ، مما یزود

المؤمن بما یدفع به إغواء الشیطان فیقلع عن المعاصي فیعجل بتوبته حتى ال یدركه

لتي خلق من أجلها وعصیانه الموت وهو في إساءته وتفریطه للحقوق والواجبات ا

أمر اهللا في حقه وحق نفسه واآلخرین من المخلوقین فیكون من المجرمین الخاسرین.

والترهیب من هذا كله یورث الخوف من عذاب اهللا عز وجل ویولد الرهبة حتى یصیر

طبعا في اإلنسان وخلقا تصل به إلى تقوى اهللا عز وجل ، فإنها دلیل كمال اإلیمان

اإلسالم واألمن من الفزع األكبر یوم القیامة وطریق موصل إلى محبة اهللا وحسن

وجنته ومظهر من مظاهر صالح العبد في الدارین وتشیع المسالمة بین الناس مما

تثمر حسن الخلق وطهارة النفس والعزوف عن التنافس في الدنیا.

تعریف كلمه نبوي لغة واصطالحا : ـ

صحاح:أوال":النبي في مختار ال

.١رتفع من األرض)_النباوه، وهى ما أ:(النبوةلغة

واصطالحا: في جامع األصول:

.٢(هو المخبر عن الحقائق االلهیه)

والمقصود هنا نبي التشریع ال التعریف وهى النبوة التي تختص بالرسالة وهى نبوه

.٣منقطعة بعد سیدنا محمد صلى اهللا علیه وسلم :(ال نبي بعدي)

علیه الصالة والسالم ینطلق من الوحي فلذا البد لنا إن نعرف الوحي.فخطاب النبي

-التعریف اللغوي للوحي: یقول (القصبي) :

(یقال وحیت إلیه ، وأوحیت إلیه ، وأوحیت : أذا كلمته بما تخفیه عن غیره ،

والوحي اإلشارة السریعة وذلك یكون بالكالم على سبیل الرمز والتعویض ، وقد یكون

.٤رة بعض الجوارح)بإشا

ـ مكانھا: دار الحدیث القاھره ـ تاریخھا : ١اإلمام محمد بن بكر نن عبد القادر الرازي ـ ط -مختار الصحاح -/ مختار الصحاح ١

) .٤٥م ص(٢٠٠٨ه ـ ١٤٢٩ . ٧٣ص -ھـ ١٣٣١تاریخھا -مكانھا دار الكتب العربیة لبنان -)١ط ( - احمد ضاء الدین الكمشخاوى - / جامع األصول ٢ . ٢٤ـ ص ٥/ صحیح البخاري ـ اإلمام البخاوي ـ ج ٣

. ٢٧) ـ دون مكان وتاریخ نشر ـ ص ٢/ التبیان في علوم القرآن ـ القصبي محمود ـ ط ( ٤

- ٢٠ -

فقد أطلق الوحي على مجموع من المعاني أهمها : ـ

ینآ إلى أم موسى ى أم موسى (اإللهام الفطري لإلنسان ، كالوحي إل .١)وأوح

حل أن اتخذي من لحیوان ، كالوحي إلى النحل (اإللهام الغریزي ل وأوحى ربك إلى الن

عرشون الجبال ا ی .٢)بیوتا ومن الشجر ومم

اإلشارة السریعة على سبیل الرمز واإلیحاء ، كإیحاء زكریا فیما حكاه القرآن عنه قال

یا قومھ فخرج على (ى : تعال بحوا بكرة وعش یھم أن س حراب فأوحى إل .٣)من الم

وتزیینه الشر في النفس اإلنسان : ( وال تأكلوا مما لم یذكر أسم اهللا وسوسة الشیطان

علیه وأنه لفسق وأن الشیطان لیوحون إلى أولیائهم لیجادلوكم وان أطعمتموهم إنكم

.٤لمشركون )

وما یلقیة اهللا إلى المالئكة من أمر لیفعلون ، قال تعالى : ( إذ یوحى ربك إلى

.٥ذین أمنوا .... الخ )المالئكة أنى معكم فثبتوا ال

.٦الكالم الخفي: قال عز وجل: (یوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )

.٧: كقوله تعالى: (واذ أوحیت إلى الحواریین أن آمنوا بي وبرسولي )األمر

الوحي في األصطالح : ـ

الصادر من اهللا سبحانه وتعالى بأي وسیلة لنبي من : ( هو اإلعالمقال القصبي

.٨األنبیاء )

وعلیه فان تحدید تعریف دقیق لدى االصولیه لمصطلح الخطاب ، وفى الثقافة

العربیة یقتضى بعض التریث، ذلك ألنه مصطلح شامل یتسع لكثیر من الدالالت

هامه.،فضال على اتساع المفهوم لیشمل كالم اهللا ویشمل دالالت أخرى

- الخطاب الوعظي:

(خطاب حامل للعواطف والخلجات وكل :ویعرفه عبد السالم المسدي بأنه

االنفعاالت، فهو خطاب مشحون وانفعالي، فهو خطاب یتجه إلى القلب لیستدعي

. ٧/ سورة القصص ـ رقم اآلیة ١ . ٦٨/ سورة النحل ـ رقم اآلیة ٢ . ١١/ سورة مریم ـ رقم اآلیة ٣ . ١٢١/ سورة األنعام ـ رقم اآلیة ٤ . ١٢/ سورة األنفال ـ رقم اآلي ٥ .١١٢/ سورة األنفال ـ رقم اآلیة ٦ .١١١/ سورة المائدة ـ رقم اآلیة ٧ . ٢٨ / التبیان في علوم القران ـ القصبي محمود ــ ص ٨

- ٢١ -

إنفعاالته، مما جعل هذا الخطاب ینمو ویتطور صوب تنمیة الوسائل والسبل إلیقاد

.١،وشمل بذلك أحادیثه ووصایاه وخطبه)العاطفة الدینیة عند اإلنسان

ویتداخل مصطلح (الوعظ) في التراث اإلسالمي مع مصطلح (القاص) و(المذكر)

وتتداخل مهماتهم بشكل واضح وال سیما أن غایاتهم جمیعا دعوة المسلم لتقویة إیمانه

وتذكیره بما ینتظره من عذاب أن أساء؛ ونعیم إن أحسن، بید إن القصاص تعرضوا

كثیر من االنتقادات(أكثر من الفئتین األخریین) وكانت أكثر االنتقادات أهمیة هي لل

(إن مجالسهم بدع لم تكن موجودة في عهد النبي علیه السالم ، وانهم یخلطون

الصحیح من األخبار واألحادیث بالموضوع، وان القصص افسدة قلوب العوام وان

ما یكفي غیره مما لم یصح، وان معظم في القرآن الكریم والسنة الثابتة من العظة

القصاص ال یتحرون الصواب؛ وكما أنهم قد یكذب بعضهم بوضع األحادیث لیرغب

، حتى قال احد منتقدیهم :(ما رأیت الكذب في احد أكثر منه ٢الناس في الخیر)

.٣فیمن ینسب إلى الخیر)

الناس بمظهر الخیر، وسبب ذلك ثقتهم الزائدة فیمن یروون عنهم، أو كذبهم وخداعهم

وربما كان السبب جهلهم بخطورة هذا األمر ، وهذا الجهل قد یجعل بعضهم یستشهد

بحوادث شاذة دون مراعاة اتساقها مع المقاصد األساسیة للشریعة اإلسالمیة.

وقد فرق بین القاص والواعظ والمذكر، فالقص هو:(فن مخاطبة العامة ووعظهم

قصد من القصص في األصل هو مقصد دیني طیب، إذ باالعتماد على القصة، والم

.٤في إیراد القصة موعظة وعبرة)

وتبین التعریفات إن هناك تداخال واضحا بین وظائف كل فئة ؛ فال یمكن للمذكر أو

الواعظ إن یؤدي مهمته بدون القص، وال یعقل إن القاص الدیني بان یأتي بقصة

یطلقون على الواعظ اسم القاص، وعلى مجردة عن الوعظ مما جعل كثیرا من الناس

القاص اسم المذكر، وهذا التداخل جعل بعض الباحثین یعتقد أن هذه التسمیات

. ٣٩ـ الدار العربیة للكتاب طرابلس ـ د. ت ـ ص ٣/ األسلوب واألسلوبیة ـ عبد السالم المسدي ـ ط ١ـ ٢٩٥ه ـ ص ١٤٠٩ـ المكتب اإلسالمي بیروت ـ ٢ـ كتاب القصاص والمذكرین ـ إبن الجوزي ـ تحقیق : محمد لطفي الصباغ ـ ط ٢

٣٤٢ . .٤٥١ـ ص ١ـ دار الفكر القاھرة ـ د. تاریخ ـ ج ١راقي ـ طـ الباعث علي الخالص ـ الحافظ الع ٣م ـ ص ١٩٨٥ـ تاریخ القصاص وأثرھم في الحدیث النبوي ورأي العلماء فیھم ـ محمد بن لطفي الصباغ ـ المكتب األسالمي بیروت ـ ٤

١٣.

- ٢٢ -

المتعددة هي لمسمى واحد ، وربما فر من تسمیة (القصاص) من یقوم بهذه المهمة

هربا مما لصق به من ذم.

بالجنة وتحذیره من ومن ذلك كله یتبین إن غایة الوعظ هي:(حث المسلم على الفوز

النار عبر طرق ووظائف مختلفة، وهو خطاب یختلف من شخص ألخر، ولكل

وسائله في اإلقناع والتأثیر في الجمهور ویمكن أن یضاف إلى الخطاب الوعظي

المعروف الخطاب الدیني الذي یقدم علما بخصائص معینة، فغایة لیس تقدیم

لترغیب في الجنة أو التحذیر من النار المعلومة مجردة من أي غایة بل هو یبتغي ا

أو زیادة اإلیمان باهللا عز وجل ، لتصبح غایة هذا الحضور توظیف ماهو علمي من

اجل فهم الواعظ لما هو دیني، مما جعل الكثیر من الوعاظ ال یتقبلون الحقائق

العلمیة إال بعد أن یبحث في التراث اإلسالمي لیبحث عن صلة بین هذه الحقیقة

لمیة وما ورد في القرآن الكریم أو الحدیث الشریف أو القول المأثور، وال ضیر في الع

ذلك إن اخذ بالحقائق العلمیة كما توصل إلیها أصحابها وبشكل مجرد؛ ثم یتفرع عن

ذلك (اإلعجاز القرآني اإلسالمي) لیكون مبحثا مستقال یمكن فیه اإلجتهاد .

- ثیرة إلى التعریف األتي:ومن ذلك كله نخلص من هذه التعارف الك

للخطاب الوعظي النبوي: ـ

هو الكالم الصادر من النبي صلى اهللا علیه وسلم؛ لتذكیر الناس بما یلین قلوبهم

وتخویفهم من العقاب بالنار، وترغیبهم بالثواب بالجنة والمقرون باألمر والنهي

ها تحرك العاطفة الدینیة والترغیب والترهیب والمحتوى على اإلستمالة القلبیة التى بدور

لدى اإلنسان ، وهو یحتوي في مضمونه أحادیثه ووصایاه وخطبه .

:هو كالم النبي صلى اهللا علیه وسلم الذي یحتوي على موعظة التأدیب تعریف أخر

وموعظة التعلیم ، یحوي ذلك أحادیثه ووصایاه وخطبه.

من الوحي، والوحي كما نجد إن خطاب نبي اإلسالم صلى اهللا علیه وسلم ینطلق

یعني اإلشارة االلهیة، وكان النبي علیه السالم من خالل خطبه ووصایاه وأحادیثه لم

ینزل إلى مستوى الحكام والفالسفة والحكماء والساسة أبدا".

وان القرآن الكریم لم یستشهد باألدلة الفلسفیة إلثبات ادعاءات النبي صلى اهللا علیه

یتمحور حول الوحي فان الكالم كان یستند فقط إلى وسلم ، فعندما كان الحدیث

- ٢٣ -

سلطة الوحي نفسه، وكان الوحي ال یتنزل إلى مستوى الفلسفة، ولهذا السبب فان

النبي صلى اهللا علیه وسلم بقى نبیا إلى آخر عمره، على رغم إن الجزیرة العربیة

لى عمره هي كلها تقریبا كانت تحت سلطته السیاسة، ولذلك كانت معالم حیاته وا

معالم األنبیاء.

- ٢٤ -

ا لمبحث ا لثاني

لبیئة ا لتي كان یخطب فیها النبي صلي اهللا علیه وسلم وأصناف المخاطبینا

-/ البیئة الدینیة:أ

حارب االسالم االدیان الفاسدة ؛ والعقائد الباطلة واالوهام الضارة ودعا الى التوحید

اسا لكل االعمال والعبادات ، فكان ثمرة ذلك ان تالشت معالم الوثنیة الخالص اس

الجاهلیة من شرك وشعوذة وسحر وكهانة ، وتشعبت حیاة المسلمین بالعقیدة

یق الفضیلة ومكارم الصحیحة القائمة على الربط بین االیمان والعمل وعلى بیان طر

صحابه على التوحید وعلى أ )صلي اهللا علیه وسلم( النبي بى ن ر االخالق فكان أ

طهارة النفوس ونبذ الفواحش والرذائل.

ى رفیع وفى ظل هذه البیئة تهذبت نفوس المسلمین ورق شعورهم وسموا الى مستو

وذلك الن للدین تأثیر كبیر في األخالق والعواطف بحیث یلقى بظالله على مناحي ؛

االدب، والنه قوام الحیاة النفسیة للشعوب .

ة اإلجتماعیة : ـب / البیئ

كمـا سبق فقد كان العرب یعیشون قبل اإلسالم في تنافر وتناحر، وشقاق وخصام

وحروب مدمرة مهلكة تأكل األخضر والیابس ، واحقاد تستبیح كل إثم وتستهین بكل

جرم ألتفه األسباب واوهي الحوادث ، یتفاخرون باألحساب ویتكاثرون باألنساب

قوا ، یأكلـون الربـا اضعافاـ مضاعفـة ، ویستقسمـون باألزالم ینقضـون المیثاق اذا واث

... الخ.

وغیر ذلك لما اتصفت به حیاة العرب في جاهلیتهم .

فلما جاء اإلسالم هذب الطبائع وغیر العادات ومحا ما كان فیهم من السوء فكان

. من أهم الدعائم التي قامت علیها البیئة اإلجتماعیة في العهد النبوي

المؤاخاة : ـ

لم یكتف اإلسالم بإبراز حقوق اإلنسان الطبیعیة بل عنى كذلك بمبادئ إجتماعیة

قیمیة فدعا الى األخاء والصفاء والمؤاخاة معروفة لدى العرب منذ القدم ، ولكن

- ٢٥ -

جعلها عامة ال فردیة وجعلها تستند على اساس )صلي اهللا علیه وسلم(الرسول

صلي اهللا (كان علیه الحال عند قبائل العرب ، فجعل الرسول دیني ال على الدم كما

األخوة في الدین أسمى وأقدس من آخاء النسب حتى یستل ما في نفوس )علیه وسلم

نما أمن سخائم العصبیة ، وطبائع الجاهلیة ویعمر صدورهم بالحب والسماحة (

١واتقوا الله لعلكم ترحمون ) المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویكم

لهذه التوجیه الرباني تتمثل في دعوة )صلي اهللا علیه وسلم(فكانت إستجابة الرسول

لإلخاء والصفاء في تحقیقه لفكرة األخوة في حیاة الجماعة اإلسالمیة في شكل عملي

الجماعة الصغیرة التي لقت هذه )صلي اهللا علیه وسلم(تطبیقي فبعد هجرته النبي

تحاول إن تقوى باألیمان والتي تحیط بها اإلخطار من كل جانب من دهاء الیهود

وخبثهم الى جوارها الى أصداء الحقد الجاهلي المضطرم في قلوب أهل مكة التي ال

تلین التي تربط القبائل حول المدینة.

نصار وكانوا المهاجرون واألأخالق األخوة فیتأخى )صلى اهللا علیه وسلم(لقنها النبي

نصار ، آخى بینهم على نصفهم من المهاجرون ونصفهم من األ تسعین رجال

المواساة ، وعلى أن یتوارثوا بعد الموت دون ذوى األرحام الى واقعه بدر الى ان انزل

الله بكل شيء علیم اهللا اآلیة (أولوا األرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن

(٢ .

نتهى العمل بتقدیم توارث أخوة اإلسالم على أخوة األرحام وآخى بین األوس إف

والخزرج.

وبذلك یكون األخاء اإلسالمي من المعاني اإلنسانیة السامیة التي یحفظها قاموس

) علیه وسلمصلى اهللا(األخالق في اإلسالم ومن تلك المبادئ في األخاء التي أرساها

بمجتمع المدینة :

الوفاء بالعهد بین األفراد في المعامالت الفردیة. -

األمانة لما فیها من سعادة المجتمع بتقلیل أسباب العداء ونشر الثقة بین الناس -

فتقوى رابطة األخاء بینهم .

.١٠/ سورة الحجرات ـ رقم اآلیة ١ .٥٧/ سورة األنفال ـ رقم اآلیة ٢

- ٢٦ -

المحافظة على الدماء واألموال واألعراض حتى ال تشیع البغضاء بین أفراد -

مجتمع ویظلوا متحابین. ال

.١( المؤمن للمؤمن كالبنیان یشد بعضه بعضا ) هالتعاون في شتى صور -

االمر بالمعروف والنهى عن المنكر . -

فقد صورت خطابة النبي هوفى هذه البیئة كان صلى اهللا علیه وسلم یخطب خطب -

وه الثورة الروحیة صلى اهللا علیه وسلم روح االخوة اإلسالمیة بإعتبارها وجها من وج

الكبرى ، كما صورت غیر ذلك من المفاهیم الدینیة والخلقیة تقیم حیاة الناس على

هذه األساس الجدید.

المساواة: ـ

جعل اإلسالم الكرامة والعزة بما یعمر القلــوب من التقــوى ویعمـر النفـوس من اإلیمان

.٣بطأ به عمله لم یسرع به نسبه) ومن (ا ٢قال تعالى :( إن اكرمكم عند اهللا اتقاكم )

سالم سواء وهم ( سواسیة كأسنان المشط ال فضل لعربي على ن الناس في اإلا و

.٤أعجمي اال بالتقوى )

.٥دم من تراب )آدم و (وكلكم آل

..٦وهم ید على من سواهم )أدانهم ( والمؤمنون تتكافا دماؤهم ویسعى بذمتهم

اشد الناس عذابا یوم القیامة من اشركه اهللا في ( ):صلى اهللا علیه وسلم (كما قال

. ٧سلطانه فجار في حكمه )

غنیاعلى فقیرا وال صدیقا على خصم وأعطى لي اهللا علیه وسلمفلم یؤثر الرسول ص

كل ذي حق حقه مهما كانت مكانتة في المجتمع.

: ذلك وقد ضرب الرسول صلى اهللا علیه وسلم مثال في المساواة في غزوة الخندق

أنه لما أتفق المسلمون على حفر الخندق حول المدینة كان صلى اهللا علیه وسلم أول

.٥٦٤ـ ص ٥اري ـ اإلمام البخاري ـ ج/ صحیح البخ١

.) ٦٩٤) ـ ص (٢م ـ ج(١٩٨٩ تاریخھا:ـ مكانھا: مكتبة التربیة الریاض ـ ١صحیح سنن أبو داؤد ـ محمد ناصر األلباني ـ ط/ ٢ ).٤) ـ ص (٥/ المسند ـ األمام أحمد بن حنبل ـ األندلس ـمؤسسة قرطبة ـ دون تاریخ نشر . ج( ٣ـ مكانھا : دار سحنون للدعوة ٢(موسوعة الكتب الستة وشرحھا) ـ أبوعیسي محمد بن عیسي بن سورة (الترمذي) ـ طسنن الترمذي / ٤

تونس ـ د.ت. ٢م ـ ج٢٠٠٧ـ دار الكتب العلمیة بیروت ـ تاریخھا: ١سنن أبو داؤد ـ أبي سلیمان السجستاني ـ تحقیق محمد عبد العزیز الخالدي ـ ط/ ٥ . ٥٤١ـ .٦٨ـ ص ٣ـ مكانھا : دار الفكر العربي القاھرة . د. ت. ج١البخاري ـ أبوعبد هللا بن إسماعیل (البخاري). طصحیح / ٦ .١٨٢ـ ص ١م. ج١٩٨٩ـ مكانھا: مكتبة التربیة الریاض ـ تاریخھا: ١صحیح سنن أبو داؤد ـ محمد ناصر األلباني ـ ط/ ٧

- ٢٧ -

من أمسك بالفأس ، لیعاون المسلمین مساویا نفسه بهم ، ولذك أندفع الجمیع حتى

أتموا الحفر في مدة وجیزة.

یعة كما ساوى اإلسالم بین الرجل والمرأة ولم یفرق بینهما إال حیث تدعو الى ذلك طب

األسرة ، ومصلحة، هالعام المصلحةكل من الجنسین ، وما یصلح له ومراعاة

المرأة نفسها ، وفي ظل المساواة نالت حتى األقلیات الدینیة من یهود ومصلحة

ونصارى حقها وبذلك أرسى اإلسالم مبدا المساواة في الحقوق والتكالیف وهناك

فى العهد النبوي وهى تعتبر من ثمرات مبادئ كثیرة قامت علیها الحیاة اإلجتماعیة

اآلخاء والمساواة في اإلسالم كالتراحم والتعاضد والتكافل اإلجتماعي بتشریع فریضة

فكانت البیئة اإلجتماعیة التي كان النبي صلى اهللا علیه وسلم یخطب فیها هالزكا

حیاة حیاة شریفة سمحة ال یستبد بها بطش وال یسودها حقد وال تفسدها ضغائن ،

محفوفة باألدب الكریم والقول اللین والخلق العظیم.

ج / البیئة السیاسیة :

قام اإلسالم على تقریر السیادة اإللهیة وسیطرتها على أمور المسلمین الدینیة

والدنیویة سیطرة تنهض بمبادئ الحق والعدل واألمر بالمعروف والنهى عن المنكر

شترك في الحیاة العامة للجماعة ونشاطها وبذلك فرض اإلسالم على كل مسلم أن ی

.١السیاسي وهو نشاط ینبغي أن یقوم على مبادئ الدین ومقاصده

فقد كفل اإلسالم في المجال السیاسي حریة الرأي ، حریة العقیدة وحق المعارضة في

. أ الشورى في اإلسالماإلسالم وحریة المشاركة السیاسیة التي تتمثل في مبد

فقد أسبغ اإلسالم على مجتمع المدینة )صلى اهللا علیه وسلم (بيأما في عهد الن

ویناقش ویجادل صراحة وغرس فیه حریة واسعة یستطیع بها اإلنسان أن یراجع

الحریة قد أتسع مداها وامتد أفقها حتى شملت النساء فلم تكن المرأة ویخاصم ، وهذه

ادل ، لقد ذهبت تسكت عما تظن إنه حق لها ، بل تخطب في ذلك وتتحدث وتج

وافدة النساء إلیك أنا یا رسول اهللا امرأة الى رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم، وقالت :

؛ ثم ذكرت ماللرجال في الجهاد من األجر والغنیمة ؛ ثم قالت : فما لنا من ذلك ؟

١

٩٨٧ص –) ١ج ( ١سنة ـ –االسكندریة منشاة المعارف ٥٥كریم احمد كشكاكش –صرة / الحریات العامة في األنظمة السیاسیة المعا

- ٢٨ -

فقال صلى اهللا علیه وسلم : ( أبلغي من لقیت من النساء إن طاعة الزوج إعترافا

١دل ذلك وقلیل منكن ما یفعله )بحقه یع

وقالت اخرى (یا رسول اهللا غلبنا علیك الرجال فاجعل لنا یوما تحدثنا فیه ولهم كذلك)

صلى اهللا (وفى مثل هذه البیئة التي أزدهرت فیها حریة الرأي وحریة المشاركة كان

الرأي .سالم الثقة في التفكیر وابداء الى عقول إعطاها اإل هیخطب خطب )علیه وسلم

ا عاشت المدینة في عهد النبي صلى اهللا علیه وسلم أستقرار د/ البیئة اإلقتصادیة :

)صلى اهللا علیه وسلم(إنعكس في اإلستقرار النفسي للمسلمین، فقد أتجه أقتصادیا

وكانت المؤآخاة أول السبل في ذلك ،المادي والتباین االكتفاءبعد هجرته الى تحقیق

لیه وسلم یعلم أن أمة ال تملك قوتها ال ینتظر منها أن تقود العالم وكان صلى اهللا ع

الى الحد من اإلستغالل فحرم اإلسالم الربا كما )صلى اهللا علیه وسلم(، وأتجه

علي فرض الزكاة من أجل تحقیق التباین المادي والتفاوت اإلجتماعي وتأكیدا

التعاون من الناحیة المادیة.

على اإلنفاق والصدقة ،وأنكر إكتناز الذهب )اهللا علیه وسلمصلى (واكد الرسول

والفضة ، فكان لهذه المبادئ تأثیر قوى في إستقرار الحیاة اإلقتصادیة بالمدینة

)صلى اهللا علیه وسلم(وبالتالي اإلستقرار النفسي للمسلمین ، وفى هذه البیئة كان

یخطب فیها .

ه / البیئة الثقافیة :

الى التفكیر المستقل في حدود التوحید ، وبعث في الناس حب المعرفة سالم اإل دعا

عتبار ان النبي صلى اهللا علیه وسلم كان یخطب في امة هذا اذا وضعنا في اإل

تتصف بالملكیة االصیلة في البیان ومطاوعة الكالم ، حتى لم یكن یصعب علیهم

لى اهللا علیه وسلم خطاب ، وفى هذه البیئة كان صأو ذهانهم أو بند عن أقول

.هیخطب خطب

ه ـ ١٤١٤ـ تاریخھا : بیروت ـ مكانھا : مكتبة القدسي ٢ـ ١/ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ـ نور الدین علي بن أبي بكر(الھیثمي) ـ ط ١ .٣٠٥ـ ص ٤م ـ ج١٩٩٤ـ

- ٢٩ -

في المدینة هیلقى فیها خطب )صلى اهللا علیه وسلم(للقول في البیئة التي كان واكماال

سالمیة البد من الحدیث عن كیانات بالمدینة ، كان لها وجودها في مسیرة الدعوة اإل

في عهد الرسول صلى اهللا علیه وسلم بالمدینة وهى :

الیهود:١

ن الیهود بیثرب بعد ان آجالهم الروم من فلسطین ، فاتخذوا منها وطنا نزل كثیر م

لهم حتى ظهروا هلها من العرب ، واتخذوا التجارة والزراعة والصناعة حرفا ألهم بین

بأموالهم ، ثم عاملوهم بالربا الفاحش حتى إبتزوا كثیرا من أرضهم ، ١على العرب

رت لهم بها حصون وآطام كثیرة من أرضهم وصا هوصارت لهم بهذه البالد قوة ومنع

.١، وصارت لهم بها قبائل وافرة العدد كبنى النضیر وبنى قینقاع وبنى قریظة

ولما طال العهد علیهم في هذه البالد ،أنغمسوا في جاهلیتها واشتركوا في حروبهاو

نو ألوس والخزرج حروب في جاهلیتهم؛ قد دخل بلأنقسموا على أنفسهم بها فقد كان

قریظة في حلف األوس ،ودخل بنو النضیر، وبنو قینقاع ، في حلف الخزرج وقاتل

الیهود بعضهم بعضا؛ في هذه الحروب غیر أن ذلك لم یمنعهم من عدم االخالص

.٢للعرب في معامالتهم

الى المدینة أراد أن یجعل منها وطنا واحدا )صلى اهللا علیه وسلم(ولما هاجر النبي

ما كان بین أهل )صلى اهللا علیه وسلم(ود رغم أختالف الدین ، فابطل للعرب والیه

المدینة قبل اإلسالم من المعاهدات المفرقة الظالمة وعقد بینهم معاهدة تجعلهم أمة

واحدة على أعوانهم ،وكتب بها كتابا بین المهاجرین واألنصار والیهود، وأودع فیه

.٣ الهم )الیهود وعاهدهم وأقرهم على دینهم وأمو

( ولم یخلص الیهود لمعاهدة النبي صلى اهللا علیه وسلم العادلة بل كان في نیتهم

٤عند إبرامها خداع المسلمین وأن یدبروا في السر ما یفسدون به أمرهم )

_ النصارى:

.٩٠ـ ص ٢ـ مكانھا : دار الفكر العربي القاھرة ـ د . ت ـ ج ١النبوة ـ عبد المعتال الصعیدي ـ ط السیاسة اإلسالمیة في عھد/ ١ .٦٠ـ ٢المرجع السابق ـ ج/ ٢ .٥٧ـ ص ٢ج - السیاسة اإلسالمیة في عھد النبوة ـ عبد المعتال الصعیدي/ ٣ .٥٥ـ ١ج ها : المكتبة العصریة بیروت ـ دون تاریخ نشر.) ـ مكان١تاریخ العرب فى االسالم ـ محمد عزة دروزة ـ ط (/ ٤

- ٣٠ -

أما النصارى فى العهد النبوى داخل المدینة فلم تكن لهم كتلة كبیرة تستطیع مواجهة

الة والسالم ؛ غیر أن مواقفهم تجاة الدعوة المحمدیة كانت متنوعة ؛ الص هالنبى علی

إذكان من المستجیب المقبل أحسن أقبال؛ والمنقبض المتمسك بما هو علیه، بل

.١المجادل المشاد الصاد عن سبیل اهللا، والمقتدى والمعتدل)

المنافقین:

ي اهللا علیه وسلم؛ بین وكالیهود لم یلخصوا للمعاهدة الجدیدة التي عقدها النبي صل

صلي اهللا علیه (قبائل المدنیة،بل أخلصوا لمعاهدتهم القدیمة؛ التي ألغاها النبي

؛ وكانوا في سرهم مع قریش على المسلمین ؛ یتجسسون لقریش علیهم ؛ )وسلم

ویضمرون للمسلمین من الحقد ما یضمرون ، ویكونون لهم البغض ما یكنون ،

تفعله قریش في الجهر ، ولهذا كان ضررهم على اإلسالم ویعملون في الخفاء ما ال

صلي اهللا علیه (بلیغا لوال فضح القرآن لهم ولخططهم ومفاسدهم ؛ وسیاسة النبي

الحكیمة ، فقد أخذهم بما جري علیه في سیاستة من مطاولة خصوصه )وسلم

ن والصبر على خصومتهم إلي أن یقطع عذرهم ،وهو : أي المنافقین یزیدون ع

غیرهم بقرابتهم لمن أخلص في إسالمه من األوس والخزرج ، فراعي منهم صلي اهللا

علیه وسلم من وراء أكرمه من أهلهم ؛ولم یفید اإلحتیاط في أمرهم والتیقظ لما ید بروة

في السر ،حتى ال یؤخذ المسلمون بما یدبرونه من المفاسد.

ي بیئة فیها المؤیدین إلي یخطب ف )صلي اهللا علیه وسلم(كان النبي الشاهد :

أقصي درجات التأیید والمعارضین إلي أقصي درجات المعارضة ؛والذین ال تقف

سائس. لمعقول بل تتصدي إلي الكید والدمعارضتهم عند الحد ا

الظروف االستماعیة المصاحبة لخطب النبي صلي اهللا علیه وسلم :

لم التي سبق الحدیث عنها. . البیئة التي كانت یخطب النبي صلي اهللا علیه وس١

. نظرة المسلمین إلي الرسول صلي اهللا علیه وسلم ومحبتهم له. ٢

. التذوق الفني للمسلم باعتباره عربي متذوق.٣

).٦٣ـ٥٩ـ ص ( ٢المرجع السابق ـ ج/ ١

- ٣١ -

السالم :ي علیه أوال : محبة الصحابة للنب

من العوامل التي أظهرت قوة )صلي اهللا علیه وسلم(كان حب الصحابة للنبي

ي للنبي علیة السالم وتروي كتب السیرة الكثیر من المواقف التي اإلقناع الخطاب

وتفضیلهم له على النفس والمال (صلي اهللا علیه وسلم) تكشف حب الصحابة للنبي

والولد وكل مغریات الحیاة الدنیا وزینتها.

حب األنصار للنبي صلي اهللا علیه قبل هجرته إلیهم :

من بني ساعده : لما بلغنا مخرج رسول اهللا ( روي أبو عبد اهللا الحافظ عن رجل

صلي اهللا علیه وسلم من مكة كنا نخرج غداة فنجلس له بظاهر الحرة نلجأ إلي ظل

الجدر حتى تغلبنا علیه الشمس ثم نرجع إلي رحالنا حتى إذا كان الیوم الذي جاء فیه

كر رضي اهللا وأبو برسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم قد أناخا ناقتیهما إلي الظل هو

واهللا ما ندري أیهما أكبرهما فكلهم فى سن واحدة حتى رأینا أبو بكر ینجاز له عنه

. ١عن الظل فعرفنا رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم بذلك )

وعند قدومه بدأ حبهم له صلي اهللا علیه وسلم في تزاحمهم على الناقة كل منهم یرید

اره ، فلما أنتهت به الناقة إلي حیث هي أن ینزل النبي صلي اهللا علیه وسلم بد

وظهر أبو مأمورة عند باب بنى أیوب ، مدخل بیت أبي أیوب فانزله في أسفل بیته

فوق رأس النبي صلي اهللا علیه وسلم فلم هكان أبو أیوب منزلأیوب على أعلى البیت

مت یارسول اهللا أنني أخشي أن أكون قد ظل یزل ساهرا حتى أصبح فاتاه فقال:(

نفسي أني كنت ساكنا فوق رأس النبي صلي اهللا علیه وسلم فنثیر التراب من وطء

أقدامنا علیك ؛وأنا أطیب لنفسي أن أكون تحتك في أسفل البیت ؛فقال النبي صلي

اهللا علیه وسلم أسفل البیت أرفق بنا وبمن یغشانا .فلم یزل أبو أیوب یتضرع إلیه

سلم إلي العلو ؛ وأقام رسول اهللا صلي اهللا علیه حتى أنتقل النبي صلي اهللا علیه و

رسول اهللا بنيویأتیه جبریل حتى وسلم ساكنا في بیت أبي أیوب ینزل علیه القرآن ؛

. ٢صلي اهللا علیه وسلم مسجده ومسكنه )

.١٨٩م ـ ص ٢٠٠٦ـ مكتبة الرحاب القاھرة ـ ١ـ ھذا الحبیب یامحب محمد صلي هللا علیھ وسلم ـ أبوبكر الجزائري ـ ط ١ .١٩٠ـ المرجع السابق ـ ص ٢

- ٣٢ -

أما حب الصحابة للنبي صلي اهللا علیه وسلم ففیه الكثیر من المروي في كتب

- السیرة وكتب الحدیث :

( البخاري ) : عن سیدنا عمر بن الخطاب أنه قال النبي صلي اهللا علیه وسلم روي

: ( لن یؤمن أحدكم حتى أكون أحب إلیه من نفسه ) فقال عمر: ( والذي أنزل علیك

ي من نفسي التي بین جنبي ) فقال له النبي صلي اهللا علیه لالكتاب ال أنت أحب إ

بكمال اإلیمان. وسلم :(اآلن نطقت بالحق ) أو ظهر أتصافك

: ( أن رجال أتي النبي صلي اهللا علیه وسلم) وعن أنس بن مالك رضي اهللا عنه قال

فقـال: ( متي الساعة یارسول اهللا ) ؟قال صلي اهللا علیه وسلـم : ( مـا أعددت لها )

؟ قال: ( ما عددت لها من كثیرصالة وال صوم وال صدقة ولكني أحب اهللا ورسوله

.١علیه وسلم: ( أنت مع من أحببت ) ).قال صلي اهللا

: ( كیف كان حبكم لرسول اهللا صلي وسئل عن على بن أبي طالب رضي اهللا عنه

اهللا علیه وسلم) ؟؛ قالوا:( كان واهللا أحب إلینا من أموالنا وأوالدنا وآبائنا وأمهاتنا ومن

. ٢الماء البارد على الظمأ)

علیه وسلم وبین الصحابة انعكست : عالقة الحب بین النبي صلي اهللا الشاهد

إجالال وتعظیما وتوقیرا وطاعة تامة إذ تروي بعض كتب السیرة أنه صلي اهللا علیه

فكان السوط یسقط من أحدهم ابه على ال یسألوا الناس شیئا" وسلم بایع نفرا من أصح

بما یقوله وال یسأل أحدا أن یناوله إیاه ، وبذلك فأن تأثیر الصحابة هفینزل فیاخذ

الرسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم فاق حد التأثیر الفكري فقط ، وانما انعكس على

ع أي مصلح والنبى الوصول إلیها ، فلم یتثبت في التاریخ یسلوكهم بدرجة لم یستط

أن وصلت طاعة جماعة لنبیها إلي هذا الحد فحب الصحابة للرسول صلي اهللا علیه

في التأسي بما یقول ویفعل.وسلم كان له دورا أساسیا

التذوق الفني للعربي المسلم :

فقد كان معنیا بمعني الكالم والقائه وبالغته ، بعد أن كان في الجاهلیة معنیا باللقاء

الكالم في المقام األول ثم بالغتة في بعض األحایین ؛ ثم اإللقاء في أحیان آخري

.٤٩ـ ص ٨باب عالمات حب هللا عز وجل) ـ اإلمام البخاري ـ ج/ صحیح البخاري (كتاب األدب ـ ١ھـ ـ ١٤٠٧ـ مكانھا : دار الفیحاء عمان ـ تاریخھا: ٢/ الشفاء بتعریف المصطفي ـ عیاض بن موسي بن عیاض (القاضي عیاض) ـ ط ٢ . ٥٦٨ـ ٥٦٥ـ ص ٢ج

- ٣٣ -

اإلسالم محورا أساسیا لمحاور كان أما في عهد النبي صلي اهللا علیه وسلم فقد

التذوق الفني وهو محور المعني ، وهو من أهم المحاور فأصبح تفاعل المسلم مع

عند العرب معني المعني الذي تحویه الخطب هو األساس ؛ وبذلك اإلسالم غیر

.الثواب والعقاب والجهاد الى أخره ها ، وأضاف معاني جدیدة مثلالحیاة بكل تفصیل

جانبي البالغة واألداء ؛ أما البالغة فقد )صلي اهللا علیه وسلم(ذا لم یغفل ومع ه

أدرك بفطنته أن )صلي اهللا علیه وسلم(سبق للباحث العرض إلیها ؛ وأما األداء فأنه

هتمام بإلقاء الكالم ؛ وذلك ألن الكالم كان عندهم العربي المسلم ال یزال متأثرا باإل

عتماد على ، وكان اإلعتماد على الحفظ ؛أكثر من اإل مسموعا أكثر منه مقروءا

التدوین ؛ ألنهم شعب أمي والكاتبون فیه قلیلون. كما یشكل الظرف اإلستماعي

وبین هعلى أساس توحید العقیدة والفكر بین )صلي اهللا علیه وسلم(لخطب النبي

لنبي صلي جمهور المخاطبین من المسلمین ؛ أال أن األساس العقدي والفكري بین ا

اهللا علیه وسلم الخطیب وأصحابه كان في درجة عالیة من اإلشتراك ، فحتى مالم

وهو معلمهم الذي سرعان )صلي اهللا علیه وسلم(یكن المسلمون یعلمونه فقد كان النبي

ما یستجاب لتوجیهاته.

- ٣٤ -

الفصل الثاني

التطبیقیة الدراسة

ج المختارة من مكونات الخطاب الوعظي النبويذالنما

ویتكون من ثالثة مباحث :

األحادیث النبویةالمبحث األول :

الوصا یا النبویةالمبحث الثاني : الخطب النبویةالمبحث الثالث :

- ٣٥ -

المبحث األول

األحادیث النبویة

أوال : السنة في اللغة:

ة ، وهي السیرة حمیدة كانت أو غیر حمیدة ، ومن ذلك قول الرسول : الطریق هي

صلي اهللا علیه وسلم : ( من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها الي

یوم القیامة ومن سن سنة سیئة كان علیه وزرها ووزر من عمل بها الي یوم

. ١القیامة)

المحدثین وهناك سنة النبویة عند : السنة في اإلصطالح : هنالك تعریف ال ثانیا

ن ، وهناك تعریف السنة عن الفقهاء.تعریف السنة عند األصولیی

:المحدثینالسنة عند

المحدثون وعلماء الحدیث فإنما یبحثون في السنة عن رسول اهللا صلي اهللا علیه

مام الهادي، النبي الرسول الذي أخبرنا ربنا سبحانه وتعالي أنه أسوتناوسلم اإل

قوال وأفعال أوقدوتنا، ومن ثم فقد نقلوا كل ما یتصل به صلي اهللا علیه وسلم من

وتقریرات، سواء أثبت ذلك حكما شرعیا أم لم یثبت، كما نقلوا عنه علیه الصالة

والسالم أخباره وشمائله وقصصه وصفاته خلقا وخلقا، وهذا ما قررته كتب الحدیث،

ومن هنا فقد عرفوا السنة بأنها : وأنتجته مجهودات المحدثین

( كل ما أثر عن النبي صلي اهللا علیه وسلم من قول أو فعل أو تقریر أو صفة

.٢خلقیة أو خلقیة ،سواء كان ذلك قبل البعثة أو بعدها)

وأما علماء اإلصول:

فهم یبحثون في السنة عن رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم المشرع الذي یضع القواعد

ویوضح الطریق أمام المجتهدین من بعده ویبین للناس دستور الحیاة فأهتموا من ،

السنة بأقوال النبي صلي اهللا علیه وسلم وأفعاله وتقریراته التي تستقي منها األحكام

واإلباحة وغیر ذلك ولذلك عرفوا السنة هعلي أفعال العباد من حیث الوجوب والحرم

فمثال ٣ي اهللا علیه وسلم من قول أو فعل أو تقریر )بأنها : ( ما نقل عن النبي صل

.٢١٢١ص –) ٣م ـ ج (٢٠٠٤ادر بیروت ـ تاریخھا : ـ مكانھا : دار ص ٣أبو الفضل (إبن منظور) ـ ط –/ لسان العرب ١ ٧١ص –) ١دون تاریخ. ـ ج ( –مكانھا : دار الحدیث القاھرة –) ١ط ( – ٧٣ ––متاع القطان –/ تاریخ التشریع اإلسالمي ٢ . ٢٣ص –) ١دون مكان وتاریخ ـ ج ( –) ١ط ( –زین الدین الجمعي –/ الروضة البھیة بشرح اللمعة الدمشقیة ٣

- ٣٦ -

ما نقل إلینا من ا األعمال بالنیات ومثال الفعل القول ؛ قوله صلي اهللا علیه وسلم أنم

فعله صلي اهللا علیه وسلم في الصلوات من وقتها وهیئتها؛ ومناسك الحج وغیر ذلك

الصحابة في أمر صالة ، ومثال التقریر ؛ إقراره علیه الصالة والسالم ألجتهاد

أحدكم العصر إال في بني ي قریظـة حیـث قال لهم : ( الصلین زوة بنـالعصر في غ

قریظة ) ففهم بعضهم النهي علي ظاهرة فأخر الصالة فلم یصلها حتي فات وقتها

وفهم بعضهم أن المقصود حث الصحابة علي اإلسراع؛ فصلوها في وقتها قبل

.١لغ النبي علیه السالم ما فعل الفریقان فأقرهما جمیعا)الوصول الي بني قریظة وب

فیبحثون في السنة عن رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم الذي ال هوأما علماء الفق

تخرج أقواله وأفعاله عن الداللة علي حكم من األحكام الشرعیة ومن هنا كانت السنة

أمرا غیر جازم ، أو ما ثبت –عندهم هي : ( ما أمر به النبي صلي اهللا علیه وسلم

فتراض وال وجوب ، أو في فعله ثواب وفي أعن النبي صلي اهللا علیه وسلم من غیر

تركه مالمة وعتاب ال عقاب ، وهي تقابل الواجب وغیره من األحكام الخمسة لدى

الفقهاء.

وقد تطلق علي وفق ما كان علیه الني صلي اهللا علیه وسلم ویقال : فالن علي

إذا عمل خالف ذلك. بدعة،

ویطلق لفظ السنة عندهم كذلك علي ما عمل علیه منهم أو من خلفائهم لقوله صلي

: ( علیكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدین المهدیین من بعدي). وسلماهللا علیه

.٢(هو ضد القدیم) الحدیث في اللغة :

ل أو فعل أو :( ما أضیف الي النبي صلي اهللا علیه وسلم من قو وفي اإلصطالح

.٣تقریر أو صفة خلقیة أو خلقیة)

دون تاریخ ج –) مكانھا : دار غریب للطباعةوالنشر القاھرة ١ط ( - –د. أحمد عطا ابراھیم حسن -/ دراسات في الحدیث النبوي ١ . ٣٣ص –) ١(

.٣٣٢م ـ ص ١٩٩٦) ـ مؤسة الرسالة بیروت ـ تاریخھا ٥/ القاموس المحیط ـ مجد الدین ( الفیروز آبادي) ـ مادة حدث ـ ط ( ٢ . ٢٦م ـ ص ١٩٩٢ه ـ ١٤١٢) ـ دار الفكر دمشق ـ تاریخھا ٣/ منھج النقد فى علوم الحدیث ـ نور الدین عنتر ـ ط ( ٣

- ٣٧ -

الحدیث األول

دعائم اإلسالم

قال : "سمعت -عن أبي عبد الرحمن عبد اهللا بن عمر الخطاب رضي اهللا عنه

رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم یقول: "بني اإلسالم على خمس: شهادة أن ال إله إال

صالة، وایتاء الزكاة، وحج البیت، وصوم اهللا، وأن محمدا رسول اهللا، واقام ال

.١رمضان"

رواه البخاري ومسلم.

هذا الحدیث أصل عظیم في معرفة الدین وعلیه اعتماده، وقد جمعت أركانه في لفظ

بلیغ وجیز.

وقوله صلى اهللا علیه وسلم: "بني اإلسالم على خمس" أي فمن أتي بهذه الخمس فقد

نه كذلك اإلسالم یتم بأركانه وهي خمس، فهذه تم إسالمه، كما أن البیت یتم أركا

الخمسة المذكورة هي أساس البناء، أما المتممات والمكمالت كبقیة الواجبات وسائر

المستحبات، فهي زینة للبناء.

واإلسالم صور االنقیاد والخضوع، والشهادة هي قول صادر عن علم حاصل

بمشاهدة بصرا وبصیرة.

اء وهي أقوال وأفعال مبتدئه بالتكبیر ومنتهیة بالتسلیم والصالة في األصل هي الدع

إقامتها: تقویمها بالخشوع فیها والتفكیر في معانیها، والبد أن من نقیم له فهو من أقام

العود إذا أقومه.

الزكاة األصل: مصدر "زكا" والزرع یزكو إذ نما.

تعالى لیصرف وهي في الشرع: "أطلقت على ما یخرجه اإلنسان من ماله حقا هللا

لذوي الحاجات".

األربعون حد یثا ا لنوویة ـ اإلمام یحیى بن شرف الدین النووى ـ شرح الشیخ : عبد ا لمجید ا لشرنوبى األزهرى ـ دون رقم طبع ـ ا / ١

).٣٠للكتب ا لخرطوم ـ دون تاریخ نشر ـ ص ( لمكان : الدار السودانیة

- ٣٨ -

الصوم في اللغة هو "اإلمساك" والمراد به ترك الطعام والشراب والجماع من الفجر

: "القصد" وفي الشرع : "قصد بیت اهللا الحرام والحج لغة هوإلى غروب الشمس.

للنسك".

الحدیث الثاني

أحوال اإلنسان

: "حدثنا رسول اهللا صلى قال -رضي اهللا عنه -عن أبي عبد الرحمن بن مسعود

اهللا علیه وسلم وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم یجمع خلقه في بطن أمه أربعین

لملك ا، ثم یرسل إلیه یوما نطفه، ثم یكون علقه مثل ذلك، ثم یكون مضعة مثل ذلك

فینفخ فیه الروح ویأمر بأربع كلمات: "یكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعید" فو

ال إله غیره إن أحدكم لیعمل بعمل أهل الجنة حتى ما یكون بینه وبینهما إال اهللا الذي

ذراع، فیسبق علیه الكتاب، فیعمل بعمل أهل النار فیدخلها، وان أحدكم لیعمل بعمل

أهل النار حتى ما یكون بینه وبینهما إال ذراع فیسبق علیه الكتاب فیعمل بعمل أهل

.١الجنة فیدخلها"

رواه البخاري.

هللا بن مسعود: "وهو الصادق المصدوق" أي: شهد اهللا له بأنه الصادق، اقول عبد

والمصدوق بمعني المصدق فیه، وهو الصادق في أقواله وأحواله، والمصدق فیما

یأتیه من الواحي وقوله علیه الصالة والسالم: "یجمع خلقه في بطن أمه" یحتمل أن

ا الولد، كما قال اهللا تعالى: (خلق من ماء یراد یجمع ماء الرجل والمرأة فیخلق منهم

.٢دافق)

ویحتمل أن المراد أنه یجمع من البدن كله، وذلك أنه قیل: إن النطفة في الطور

جمع ویدر تي في جسد المرأة أربعین یوما، وهي أیام الوحمة، ثم بعد ذلك ر األول تس

طور الثاني فیأخذ في الكبر ستمر في التعلیها من تربة المولود فتصیر علقة، ثم

حتى تصیر مضغة، وسمیت مضغة ألنها بقدر اللقمة التي تمضغ، ثم في الطور

ـ ـ دار الجمع للنشر ٢شرح األحادیث متن األربعین النوویة في األحادیث الصحیحة النبویة ـ اإلمام یحي بن شرف الدین النووي ـ ط / ١

.١٤ـ ص ١م ـ ج١٩٨٦ه ـ ١٤٠٦والتوزیع جدةـ ).٦سورة الطارق ـ رقم اآلیة (/ ٢

- ٣٩ -

الثالث یصور اهللا تلك المضغة ویشق فیها السمع والبصر والشم والفم ویصور في

ركم في األرحام كی ف داخل جوفها الحوایا واألمعاء قال اهللا تعالى: (هو الذي یصو

.١یشاء ال إلـه إال هو العزیز الحكیم)

ثم إذا تم الطور الثالث وهو أربعون صار للمولود أربعة أشهر نفخت فیه الروح قال

.٢ اهللا تعالى: (یا أیها الناس إن كنتم في ریب من البعث فإنا خلقناكم من تراب)

"أباكم آدم" ثم من "نطفه" یعني ذریته، والنطفة المني واصلها الماء القلیل یعني:

وجمعها نطاف ثم من "علقة" وهو الدم الغلیظ المتجمد وتلك النطفة تصیر دما غلیظ

ثم من "مضغة" وهي لحمة "مخلقة وعیر مخلقة" مخلقة یعني تامة وغیر المخلقة

وهي غیر التامة بل هي ناقصة الخلق.

ت في الرحم أخذها الملك رضي اهللا عنه: "إن النطفة إذا استقر –بن مسعود وعن أ

رب مخلقة أو غیر مخلقة، فإن قال غیر مخلقه قذفها في الرحم دما ا: أیبكفة فقال

ولم تكن نسمة، وان قال: "مخلقه" قال الملك: "أي ذكر أم أنثي"؟ "شقي أم سعید"؟

فیقال له :" اذهب على أم الكتاب، فإنك "ما الرزق وما األجل؛ وبأي ارض تموت"؟

تجد فیها كل ذلك" فیذهب فیجدها في أم الكتاب فینسخها فال تزال معه حتى یأتي

ته، ولهذا قیل: "السعادة قبل الوالدة" قوله صلى اهللا علیه وسلم فیسبق عإلى أخر ص

لذي علیه الكتاب أي: الذي سبق في العلم، أو الذي سبق في اللوح المحفوظ، أو ا

سبق في بطن األم، وقد تقدم أن المقادیر أربعة قوله صلى اهللا علیه وسلم :" حتى

یكون بینه وبینها إال ذراع" وهو تمثیل وتقریب والمراد قطعة من الزمان من أخر عمره

ولیس المراد حقیقة الذراع وتحدیده من الزمان، فإن الكافر إذا قال: "ال إله إال اهللا ،

ثم مات دخل الجنة، والمسلم قال تكلم في أخر عمره بكلمة الكفر محمد رسول اهللا،

دخل النار" وفي الحدیث دلیل على عدم القطع بدخول الجنة أو النار، وان فعل سائر

أنواع البر أو عمل سائر أنواع الفسق، وعلى أن الشخص ال یتكل على عمله وال

أن یسأل اهللا سبحانه وتعالى یعجب به، ألنه ال یدري ما الخاتمة، وینبغي لكل أحد

).٦ان ـ رقم اآلیة (سورة آل عمر / ١ ).١٥سورة الحج ـ رقم اآلیة (/ ٢

- ٤٠ -

عن حسن الخاتمة ویستعیذ باهللا تعالى من سوء الخاتمة وشر العاقبة فإن قیل: قال

الحات إنا ال نضیع أجر من أحسن عمال) .١اهللا تعالى: (إن الذین آمنوا وعملوا الص

، واذا حصل القبول بوعد الكریم ظاهر اآلیة أن العمل الصالح من الملخص یقبل

أمن من سوء الخاتمة، فالجواب من وجهین: أحدهما أن یكون ذلك معلقا على شرط

القبول وحسن الخاتمة، ویحتمل أن من أمن وأخلص العمل ال یختم له دائما إال بخیر

وأن خاتمة السوء إنما تكون في حق من أساء العمل أو خلطه بالعمل الصالح

: "إن أحدكم لیعمل بعمل الحدیث اآلخروع من الریاء والسمعة یدل علیه المشوب بن

أهل الجنة فیما یبدو للناس" أي: فیما یظهر من صالح ظاهرة مع فساد سریرته

ثها واهللا أعلم.بوخ

وفي الحدیث دلیل على استحباب الحلف لتأكید األمر في النفوس، وقد اقسم اهللا

.٢األرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون)تعالى: (فورب السماء و

تم وقال تعالى: (زعم الذین كفروا أن لن یبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عمل

.واهللا أعلم.٣ وذلك على الله یسیر)

أفكار الحدیث:

ظ مادة خلق اإلنسان في رحمة أمة أربعین یوما.تحف .١

یصیر الجنین بعد ذلك قطعة دم غلیظ أربعین یوما. .٢

یكون الجنین بعد ذلك قطعة لحم صغیرة أربعین یوما. .٣

یرسل إلیه الملك فیدخل إلیه الروح. .٤

یؤمر بأربع كلمات یكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعید. .٥

فیكفر قبل موته فیدخل النار.قد یعمل إنسان عمل أهل الجنة .٦

قد یعمل إنسان عمل أهل النار فیؤمن قبل موته فیدخل الجنة. .٧

ما یستنبط من الحدیث:

یقدر على اإلنسان الشقاوة أو السعادة قبل الوالدة. .١

).٣٠سورة الكهف ـ رقم اآلیة (/ ١ ).٢٣سورة الذاریات ـ رقم اآلیة (/ ٢ ).٧سورة التغابن ـ رقم اآلیة (/ ٣

- ٤١ -

ال یجوز لإلنسان أن یقطع من دخول الجنة أو النار. .٢

األعمال بالخواتیم. .٣

یستحب الحلف لتأكید األمر في النفوس. .٤

الحدیث الثالث

النهي عن البدع

رضي اهللا عنها قالت: قال رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم: -عن أم المؤمنین عائشة

. رواه البخاري ومسلم.١"من أحدث في أمرنا هذا ما لیس منه فهو رد"

هذا الحدیث قاعدة عظیمة من قواعد اإلسالم ومن جوامع حكمه صلى اهللا علیه

من البدع والجماعة المخالفة علیه أهل السنة.وسلم وفیه التحذیر

وقوله صلى اهللا علیه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما لیس منه فهو رد" أي:

مردود، وفیه دلیل أن العبادات من الغسل والوضوء والصوم والصالة إذا فعلت على

على خالف الشرح تكون مردودة على فاعلها، وأن المأخوذ بالعقد الفاسد یجب رده

صاحبه وال یملك، وقال صلى اهللا علیه وسلم للذي قال له: "إن ابني كان عسیقا على

هذا فزني بإمرته، واني أخبرت أن على ابني الرجم فافتدیت منه بمائه شاة وولیدة

فقال صلى اهللا علیه وسلم: "الولیدة والغنم رد علیك" وفیه دلیل على ان من ابتدع في

الشرع فإثمها علیه، وعمله مردود علیه، وأنه یستحق الوعید، وقد الدین بدعة ال توافق

قال صلى اهللا علیه وسلم: "من أحدث حدثا أو أذي محدثا فعلیه لعنة اهللا".

ما یستنبط من الحدیث:

كل بدعة ال تستند إلى دلیل شرعي ترد في وجهة صاحبها. .١

التحذیر من البدع المذمومة شرعا. .٢

لدین.الحث على االهتمام با .٣

كمال الدین. .٤

.٥٦ص / األربعون حدیث النوویة ـ اإلمام النووي ـ ١

- ٤٢ -

الحدیث الرا بع

ترك الشبهات

قال: "سمعت رسول اهللا -رضي اهللا عنهما -عن أبي عبد اهللا النعمان بن بشیر

صلى اهللا علیه وسلم" یقول: "إن الحالل بین وان الحرام بین، وبینهما أمور مشتبهات

ضه، ومن وقع ال یعلمهن كثیر من الناس، فمن اتقي الشبهات، فقد أسنبرأ لدینه وعر

في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي یرعي حول الحمي یوشك أن یرتع فیه، أال وان

لكل ملك حمي، أال وان حمي اهللا ومحارمه، أال وان في الجسد مضغة إذا صلحت

.١صلح الجسد كله، واذا فسدت فسد الجسد كله، أال هي القلب"

الحنیف، ألنه یحتوي على علوم هذا الحدیث الشریف قاعدة من أعظم قواعد الدین

الشریعة ففیه الحالل واجتناب الحرام واإلمساك عن الشبهات، وأیضا االهتمام بشؤون

القلب.

وقوله علیه الصالة والسالم: "إن الحالل بین والحرام بین.. الخ" اختلف العلماء في

دل الدلیل على "الحالل ما -حد الحالل والحرام، فقال "أبو حنیفة" رحمة اهللا تعالى

حلة" وقال: اإلمام الشافعي رضي اهللا عنه: "الحرام ما دل الدلیل على تحریمه" وقوله

صلى اهللا علیه وسلم: "وبینهما أمور متشابهات" أي: بین الحالل والحرام أمور

مشتبهة بالحالل والحرام فحین انتفت الشبهة انتفت الكراهة وكان السؤال عنه بدعة،

علیه وسلم: "فمن اتقي الشبهات فقد أستبرأ لدینه وعرضه" أي: طلب وقوله صلى اهللا

براءة دینه وسلم من الشبهة، وأما براءة العرض، فإنه إذا لم یتركها تطاول إلیه

السفهاء بالغیبة ونسبوه إلى أكل الحرام فیكون مدعاة لوقوعهم في اإلثم، وقد ورد عنه

ن باهللا والیوم األخر فال یقضن مواقف صلى اهللا علیه وسلم أنه قال: "من كان یؤم

.٢التهم"

وقوله علیه الصالة والسالم: "فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام" یحتمل

أمرین: أحدهما: أن یقع في الحرام وهو یظن أنه لیس بحرام، والثاني: أن یكون

ـ ١م ـ ج١٩٩٨ه ـ ١٤١٨ـ دار الوفاء للطباعة والنشر المنصورة ـ ١محمد تاتاي ـ طإیضاح المعاني الخفیة في األربعین النوویة ـ / ١

.٢٠ص قول السیدة عائشة رضي اهللا عنها./ ٢

- ٤٣ -

ا ١س إذالمعني قد قارب أن یقع في الحرام كما یقال: "المعاصي برید الكفر" ألن النف

وقعت في المخالفة تدرجت من مفسدة إلى أخر أكبر منها، قیل: والى ذلك اإلشارة

كانوا یعتدون) .١یقول تعالى: (ویقتلون األنبیاء بغیر حق ذلك بما عصوا و

یسرق یرید أنهم تدرجوا بالمعاصي إلى قتل األنبیاء، وفي الحدیث :" لعن اهللا السارق

.٢البیضة فتقطع یده ویسرق الحبل فتقطع یده"

أي: یتدرج من البیضة والحبل إلى نصاب السرقة، والحمي ما یحمیة الغیر من

الحشیش في األرض المباحة، فمن رعي حول الحمي یقرب أن تقع فیه ماشیته

كل فیرعي فیما حماه الغیر، بخالف ما إذا ما رعي إبله بعیدا عن الحمي، وأعلم أن

محرم له حمي یحیط به فالفرج محرم وحماه الفخذان، ألنهما جعال حریما للمحرم،

وكذلك الخلوة باألجنبیة حمي للمحرم، فیجب على الشخص أن یتجنب الحریم

والمحرم، فالمحرم حرام لعینة، والحریم محرم، ألنه یتدرج به إلى المحرم، وقوله

مضغة" أي: في الجسد مضغة إذا خشعت صلى اهللا علیه وسلم: "أال وان في الجسد

خشعت الجوارح، واذا طمحت طمحت الجوارح، واذا فسدت فسدت الجوارح.

قال العلماء: "البدن مملكة النفس مدینتها، والقلب وسط المملكة، واألعضاء كالخدم

والقوي الباطنیة كضیاع المدینة، والعقل كالوزیر المشفق الناصح به، الشهوة طالب

لخدم، والغضب صاحب الشرطة، وهو عبد مكارم خبیث یتمثل بصورة أزراق ا

الناصح ونصحه سم قاتل ودأبه أبدا منازعة الوزیر الناصح، والقوة المخیلة في مقدم

الدماغ كالخازن، والقوة المفكرة في وسط الدماغ، والقوة الحافظة في أخر الدماغ،

كل كل واحد منهم بصنیع من واللسان كالترجمان والحواس الخمس جواسیس، وقد و

الصناعات، وكل العین بعالم األلوان، والسمع بعالم األصوات، وكذلك سائرها، فإنها

أصحاب األخبار، ثم قیل: هي كالحجیة توصل إلى النفس ما تدركه: وقیل: إن

السمع والبصر والشم كالطاقات تنظر منه النفس، فالقلب هو الملك فإذا صلح الراعي

ة وكذلك إذا فسد فسدت الرعیة، وانما یحصل صالحیة بسالمته من صلحت الرعی

األمراض الباطنة، كالغل والحقد والحسد والشح والبخل والكبر والسخریة والریاء

).١١٢سورة آل عمران: اآلیة (/ ١ .٦٧٨ـ ص ٣ج ه ـ٦٧٦/ شرح صحیح مسلم ـ یحي بن زكریا النووي ـ أشراف : علي عبد الحمید أبو الخیر ـ دار السالم ـ القاھرة ـ ٢

- ٤٤ -

والسمعة والمكر والحرص والطمع وعدم الرضي بالمقدور، وأمراض القلب كثیرة تبلغ

لب سلیم.نحو األربعین، عافانا اهللا منها وجعلنا ممن یأتیه بق

أفكار الحدیث:

الحالل واضح. .١

الحرام واضح. .٢

بین الحالل والحرام أمور متشابهات. .٣

من یقع في الشبهات یقع في الحرام. .٤

إذا صلح القلب صلح الجسد. .٥

ما یستنبط من الحدیث:

طلب التحرر مما یتوهم منه. .١

اجتناب الصغائر ألنها تجر إلى الكبائر. .٢

ل الحرام.عاإلكثار من الشبهات یوصل إلى ف .٣

یندب ضرب األمثال لفهم المفهوم. .٤

االهتمام بالقلب فعلیه صالح الجسد. .٥

أكل الحالل ینور القلب فتصلح الجوارح. .٦

أكل الحرام یظلم القلب فتفسد الجوارح. .٧

التقوى ترك بعض المباحات خوفا من الوقوع في الحرام. .٨

تعظیم القلب والسعي فیما یصلحه. .٩

- ٤٥ -

الحدیث الخامس

ةالنصیح

)صلي اهللا علیه وسلم(رضي اهللا عنه أن النبي –عن أبي رقیة تمیم بن أوس الداري

قال ( الدین النصیحة ، قلنا : لمن قال : هللا ولكتابه ولرسوله والئمه المسلمین

رواه مسلم . ١وعامتهم)

قوله صلي اهللا علیه وسلم والئمة المسلمین وعامتهم قال الخطابي : النصیحة كلمة

معناها حیازة الحظ للمنصوح له : وقیل النصیحة مأخوذة من نصح الرجل جامعة

ثوبه إذا خاطه ، فشبهوه فعل الناصح فیما یتحراه من صالح المنصوح له بما یسد

من خلل الثوب ، وقیل : أنها مأخوذة نصحت العسل إذا صفیته من الشمع ؛ شبهوا

ل العلماء : أما النصیحة هللا تخلیص القول من الغش بتخلیص العسل من الخلط ؛ قا

تعالي فمعناه یتصرف إلي اإلیمان باهللا ونفي الشریك عنه وترك االلحاد في صفاته ؛

عن جمیع أنواع –سبحانه وتعالي –ووصفه بصفات الكمال والجالل كلها ؛ وتنزیهة

النقائص ، والقیام بطاعته ، واجتناب معصیته و والحب فیه ، والبغض فیه ، ومودة

أطاعه ومعادة من عصاه ، وجهاد من كفر به واالعتراف بنعمته وشكره علیها من

واإلخالص في جمیع األمور والدعاء إلي جمیع األوصاف المذكورة والحث علیها ؛

والتلطف بجمیع الناس أو من أمكن منهم علیها و وحقیقة هذه األوصاف راجعة إلي

ح الناصحین وأما النصیحة لكتاب العبد في نصحه نفسه ؛ واهللا تعالي غني عن نص

اهللا تعالي : فاإلیمان بأنه كالم اهللا تعالي وتنزیله ، ال یشبهه شي من كالم الناس

والیقدر على مثله أحد من الخلق ، ثم تعظیمه وتالوته حق تالوته ، وتحسینها و

ین والخشوع عندها ، واقامة حروفه في التالوة ؛ عنه لتأویل المحرفین وتعرض الطاعن

والتصدیق بما فیه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومة وأمثاله ؛ واالعتبار بمواعظه

والتفكیر في عجابئه والعمل بحكمه ، والتسلیم لمتشابهه ، والبحث عن عمومه

وخصوصه وناسخه ومنسوخه ونشر علومه والدعاء إلیه والي ما ذكرناه من نصیحة

فتصدیقه على الرسالة ؛ واإلیمان بجمیع )مصلي اهللا علیه وسل(وأما النصیحة لرسوله

ما جاء به وطلعته في أمره ونهیه ؛ ونصرته حیا ومیتا ، ومعادة من عاداه ، ومواله

.٦٧ـ ص ١/ إ یضاح المعاني الخفیة في األربعین النوویة ـ محمد تاتاي ـ ج ١

- ٤٦ -

واعظام حقه وتوفیره واحیاء طریقته وسنته ؛ وبث دعوته ونشر سنته ونفي التهم عنها

تعلیمها واعظامها ونشر علومها ؛ والتنفقه فیها ، والدعا لها والتلطف في تعلمها و

واجاللها والتأدب عن قراءتها واإلمساك عن الكارم فیها بغیر علم واجالل أهلها ال

تناسبهم إلیها ؛والتخلف باخألقة والتأدب بإدابه ومحبة أهل بیته وأصحاب ؛ ومجانبه

من إبتداع في سننه أو تعرض الحد من أصحاب ونحو ذلك ؛وأما النصیحة ألمة

نتهم على الحق ،وطاعتهم فیه ؛بل ذكر هذه الثالثة خاصة ، وقوله المسلمین : فمعاو

صلي اهللا علیه وسلم ( إال بحق اإلسالم ) ، فمن حق اإلسالم فعل الواجبات و فمن

ترك الواجبات جاز قتله ؛كالبغاة وقطاع الطریق والصائل ومانع الزكاة والممتنع من

والممتنع عن قضاء الدین مع القدرة بذله الماء المضطر والبهیمة المحترمة والجاني

والزاني المحصن وتارك الجمعة، والوضوء ففي تلك األحوال یباح قتله وقتاله وكذلك

لو ترك الجماعة ، وقلنا أنها فرض عین أو كفایة و قوله صلي اهللا علیه وسلم (

دمه الزكاة عصم واتاءدتین وأقام الصالة اهبهم على اهللا ) یعني من أتي بالشوحسا

وماله ، ثم أن كان فعل ذلك بینه خالصة صالحة فهو مؤمن ، وان كان فعله تقنیة

وخوفا من السیف كالمنافق فحسابه على اهللا وهو متولي السرائر ؛ وكذلك من صلي

بغیر وضوء أو غسل من الجنابة أو اكل في بیته وداعي انه صائم یقبل منه وحسابه

على اهللا عز وجل واهللا أعلم .

فكار الحدیث :أ

ـ عدم إعالن الحرب على الذین أشركوا حتي یسلموا. ١

ـ جواز قتل من أنكر الصالة .٢

ـ في عقاب معاني الزكاة .٣

. ودمائهم ـ عدم جواز التعدي على أموال المسلمین٤

فقه الحدیث :

. في تفسیر واهللا یتولي السرائر. ١

القتل. یوجب. عقاب المسلم إذا عمل عمال ٢

- ٤٧ -

الحدیث السادس

ال تكلیف إال بقدر االستطاعة

رضي اهللا عنه قال سمعت رسول اهللا صلي –عن أبي هریرة عبد الرحمن بن صخر

اهللا علیه وسلم یقول ( مانهیتكم عنه فأجتنبوه، وما أمرتكم به فاتوا منه ما أستطعتم

١فإنما أهلك الذین من قبلكم؛ كثرة مسائلهم واختالفهم على أنبیائهم. )

رواه البخاري ومسلم.

قوله صلي اهللا علیه وسلم ( مانهیتكم عنه فاجتنبوه ) أي أجتنبوه جملة واحدة ال

تفعلوه والشیئا منه ، وهذا محمول على نهي التحریم ، فأما نهي الكراهة فیجوز فعله

وأصل النهي في اللغة : المنع قوله صلي اهللا علیه وسلم ( وما أمرتكم به فأتوا منه

فیه مسائل منها : إذا وجد ماء للوضوء ال یكفیه فاألظهر وجوب )أستطعتم ما

أستعماله ثم یتیم للباقي . ومنها : إذا وجد بعض الصاع في الفطرة ، فأنه یجب

إخراجه ومنها : إذا وجد بعض ما یكفي لنفقته القریب أو الزوجة أو البهیمة ، فإنه

ا یكفي لنفقته القریب أوالزوجة أو یجب بذله ، وهذا بخالف ما إذا وجد بعض م

البهیمة ، فانه یجب بذله وهذا بخالف ما إذا وجد بعض الرقبة ، فانه ال یجب عتقه

فإنما ) صلي اهللا علیه وسلم (وم ، وقوله ــعن الكفارة الن الكفارة لها بدل وهو الص

ال على أهلك الذین من قبلكم كثرة مسائلهم واختالفهم على أنبیائهم أعلم أن السؤ

أقسام : القسم األول : سؤال الجاهل عن فرئض الدین ؛ كالوضوء والصالة والصوم

وعن أحكام المعاملة ونحو ذلك ؛ هذا السؤال واجب علیه حمل قوله صلي اهللا علیه

وال یسع اإلنسان السكوت عن ٢وسلم ( طلب العلم فریضة على كل مسلم ومسلمه)

وقال إبن عباس رضي ٣أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون) ذلك قال اهللا تعالي (فاسألوا

رضي اهللا –اهللا عنهم ( إني أعطیت لسانا سؤال وقلبا عقوال) ، كذلك أخبر عن نفسه

و القسم الثاني : السؤال عن التفقه في الدین ال العمل وحده ، مثل –تعالي عنه

ه سبحانه وتعالي (وما كان المؤمنون القضاء والفتوي ، وهذا فرض كفایة ، لقول

ومهم إذا لینفروا كآفة فلوال نفر من كل فرقة منهم طآئفة لیتفقهوا في الدین ولینذروا ق

.٥٥ـ ص ١/ إ یضاح المعاني الخفیة في األربعین النوویة ـ ج ١ .٦٧٨ـ ص ٢ـ صحیح البخاري ( كتاب العلم ـ باب طلب العلم ) ـ اإلمام البخاري ـ ج ٢ .٤٣ـ سورة النحل ـ رقم اآلیة ٣

- ٤٨ -

( إال فلیعلم الشاهد منكم . وقال صلي اهللا علیه وسلم١رجعوا إلیهم لعلهم یحذرون)

علي غیره وعلى القسم الثالث : أن یسأل عن الشي لم یوجبه اهللا علیه وال ٢الغائب )

النه قد یكون في السؤال ترتب مشقة بسبب تكلیف یحصل ، هذا الحمل الحدیث ،

ولهذا حمل الحدیث ، ألنه قد یكون في السؤال ترتب مشقة بسبب تكلیف یحصل ؛

حدیث ، ألنه قد یكون السؤال ترتب مشقة بسبب تكلیف یحصل ؛ ولهذا ولهذا حمل ال

:( وسكت عن أشیاء رحمة لكم فال تسألوا عنها) وعن )صلي اهللا علیه وسلم(قال

لما نزلت (ولله على الناس حج البیت من استطاع إلیه –رضي اهللا عنه –على

قال رجل أكل عام یارسول اهللا ؟ ٣اهللا غني عن العالمین) سبیال ومن كفر فإن

( ):صلي اهللا علیه وسلم(ـ فقال رسول اهللا فاعرض عنه حتى أعاد مرتین أو ثالثا

وما یوشك أن أقول : نعم واهللا لو قلت نعم لو جبیت ، ولو جبت لما أستطعتم

كثرة مسائلهم واختالفهم على أنبیائهم ؛ فأتركوني ما تركتم فإنما أهلك الذین من قبلكم

فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما إستطعتم واذا نهیتكم عن أمر فأجتنبوه ) فأنزل اهللا

تعالي (یا أیها الذین آمنوا ال تسألوا عن أشیاء إن تبد لكم تسؤكم وان تسألوا عنها

ل أي لم أمركم بالعمل بها ٤القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حلیم ) حین ینز

وهذا النهي خاص بزمانه صلي اهللا علیه وسلم أما بعد أن إستقرت الشریعة وأمن من

الزیادة فیها زال النهي بزوال سببه وكره جماعة من السلف السؤال عن معاني اآلیات

بهة. المشت

. فقال ٥) ن على العرش استوىرحمة اهللا تعالي عن قوله تعالي (الرحم –سئل مالك

: اإلستواء معلوم ، والكیف مجهول واإلیمان به واجب والسؤال عنه بدعه ، وأراك

رجل سوء اخرجوه عني ، وقال بعضهم : مذهب السلف أسلم ، ومذهب الخلف أعلم

وهو السؤال .

.١٢٢ـ سورة التوبة ـ رقم اآلیة ١ .٤٣٢ـ ١ـ خطب الرسول ـ محمد خلیل الخطیب ـ ج ٢ .٩٧ـ سورة آل عمران ـ رقم اآلیة ٣ .١٠١ـ سورة المائدة ـ رقم اآلیة ٤ .٥ـ سورة طھ ـ رقم اآلیة ٥

- ٤٩ -

:الحدیث أفكار

. )صلي اهللا علیه وسلم(إجتناب ما نهي عنه رسول اهللا .١

بقدر االستطاعة . )صلي اهللا علیه وسلم(إمتثال أمر النبي .٢

النهي عن كثرة السؤال لغیر الحاجة. .٣

فقه الحدیث

متثال ال یحصل إال بترك جمیع المنهیات .اإل .١

ال یكلف اهللا نفسا إال وسعها. .٢

عسور. قط المیسور بالمسال ی .٣

المشقة تجلب التیسیر. .٤

. )صلي اهللا علیه وسلم(ینبغي المسلم إتباع النبي .٥

الحدیث السابع

أكل ا لحالل

ن اهللا اهللا صلي اهللا علیه وسلم ( إ رضي اهللا عنه قال : قال رسول –عن أبي هریرة

تعالي طیب ال یقبل إال طیبا وان اهللا أمر المؤمنین بما أمر به المرسلین ، فقال

تعالي ( یا أیها الرسل كلوا من الطیبات واعملوا صالحا ) وقال تعالي ( یا أیها الذین

أغبر یمد یدهیه أشعثأمنوا كل من طیبات ما رزقناكم) ، ثم ذكر رجل یطیل السفر

حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام إلي السماء یارب ... یارب ومطعمه حرام ومشربه

؟ .١فاني یستجاب له )

ه مسلم .روا

( اللهم أني أسالك باسمك المطهر الطاهر :یقول) صلي اهللا علیه وسلم (قوله

الطیب المبارك األحب إلیك الذي إذا دعیت به أجبت ،إذا سئلت به أعطیت واذا

أسترحمت به رحمت و واذا أستفرجت به فرجت ، ومعني الطیب : المنتزه عن

قیل طیب الثناء، ومسلتذ األسماء عند النقائص والخبائث فیكون ، بمعني القدوس و

العارفین بها : وهو طیب عباده لدخول الجنة باألعمال الصالحة وطیبها لهم والكلمة

:( ال یقبل إال طیبا )، أي فال )صلي اهللا علیه وسلم(الطیبة ال إله إال اهللا قوله

.٥٦ـ ص ١/ إیضاح المعاني الخفیة في األربیعن النوویة ـ محمد تاتاي ـ ج ١

- ٥٠ -

المسوس من الطعام كالحب العتیق ءیتقرب إلیه بصدقة حرام ویكره التصدق بالردي

وال تیمموا الخبیث منه تنفقون وكذلك یكره التصدق بما فیه شبه قال اهللا تعالي: (

فكما أنه تعالي ال ١ولستم بآخذیه إال أن تغمضوا فیه واعلموا أن الله غني حمید )

العمل إال الطیب الخالص من شائبه الطیب كذلك ال یقبل منإال یقبل من المال

یا أیها ( :ال تعـاليـفق )ه وسلمـصلي اهللا علی(الریاء والعجب والسمعة ونحوها قوله

سل كلوا من الطیبات واعملوا صالحا إني بما تعملون علیم) وقوله تعالي ( كلوا ٢الر

المراد بالطیبات ٣قناكم وما ظلمونا ولـكن كانوا أنفسهم یظلمون)من طیبات ما رز

كله إذا قصد به التقوي أفي الحدیث دلیل على إن الشخص یثاب على ما یو الحالل

هعلى الطاعة أو حیاء نفسه وذلك من الواجبات بخالف ما إذا أكل لمجرد الشهو

ومشربه حرام وغذي بالحرام) أي : شبع ، الغذي بالكسر والتنعم قوله ( مطعمة حرام

والقصر وأما الغذاء قال اهللا تعالي :( قال لفتاه آتنا غداءنا) قوله علیه الصالة

والسالم : ( فأني یستجاب له أي إستبعاد لقبول أجابة الدعاء ولهذا شرط (العابدي)

د أستجاب لشر خلقه حالل والصحیح أن ذلك لیس بشرط ، فقاللقبول الدعاء أكل

٤إبلیس ، فقال تعالي : (قال إنك من المنظرین )

:أفكار الحدیث

ال یقبل إال طیبا. .١

أمر اهللا المؤمنین بما أمر به المرسلین . .٢

ال یستجیب دعاء أكل الحرام. .٣

:ما یستنبط من الحدیث

الطیب ما طیبه الشارع . .١

القوة على الطاعة. یثاب العبد إذا أكل طیبا وقصد به .٢

دعاء المسافر مستجاب . .٣

دعاء المنكسر قلبه مستجاب . .٤

.٢٦٧قرة ـ رقم اآلیة / سورة الب ١ .٥١/ سورة المؤمنون ـ رقم اآلیة ٢ . ٥٧/ سورة البقرة ـ رقم اآلیة ٣ .١٥/ سورة األعراف ـ رقم اآلیة ٤

- ٥١ -

الحدیث الثامن

الـورع

، سبط رسول اهللا صلي اهللا علیه عن أبي محمد الحسن بن على بن أبي طالب

قال حفظت من رسول اهللا صلي اهللا علیه –رضي اهللا عنهما –وسلم وریحانته

١بك)ییر بك إلي ما ال یوسلم ( دع ما یر

رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حدیث حسن صحیح .

بك) وفیه دلیل على أن یبك إلي ما الیر یقوله صلي اهللا علیه وسلم ( دع ما یر

رام وقد كل المال الذي فیه شبه كما یحرم علیه أكل الحأالمتقي ینبغي له أن ال ی

فیه من الطعام الذي ك) أي:أعدل غلي ما الریبیبر تقدم قوله ( إلي ما ال ی

یطمئن به القلب وتسكن إلیه النفس ، والریبه : الشك وتقدم الكالم على الشبه

:أفكار الحدیث

/ على المرء أن یبني أموره علي الیقین .١

:فقه الحدیث

بالیقین . ذدع الشك وخ .١

ال یزول الیقین بالشك . .٢

یسن الخروج عن أختالف العلماء .. .٣

الحث علي الورع. .٤

.٥٨ـ ص ١/ إیضاح المعاني الخفیة في األربعین النوویة ـ محمد تاتاي ج ١

- ٥٢ -

حدیث التاسعال

التتدخل فیما الیعنیك

قال :( قال رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم –عن أبي هریرة رضي اهللا تعالي عنه

١من حسن إسالم المرء تركه ما ال یعنینه)

حدیث حسن رواه الترمذي وغیره هكذا.

قوله صلي اهللا علیه وسلم ( من حسن إسالم المرء تركه ما ال یعنیه أي ما الیهمه

فعال واألقوال وقال صلي اهللا علیه وسلم : البي ذرحین من أمر الدین والدنیا من األ

كلها كان فیها أیها السلطان المغرور أني ساله عن صحف إبراهیم قال كانت أمثاال

بعثك لتجمع األموال بعضها عن بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، ألم

فر وكان فیها : على العاقل ما لم یكن مغلوبا على فأني ال أردها ، ولو كانت من كا

ساعة یناجي فیها ربه ،وساعة یتفكر في صنع اهللا عقله أن یكون له أربع ساعات ،

تعالي ، وساعة یحدث فیها نفسه ،وساعة یخلو بذي الجالل واإلكرام ، أن تلك

على عقله الساعة عون على تلك الساعات، وكان فیها علي العاقل مالم یكن مغلوبا

أن ال یكون ساعیا إال في ثالث : تزود لمعاد وموونه لمعاد ، ولذه في غیر محرم

وكان فیها على العاقل ما لم یكن مغلوبا على عقله ،أن یكون بصیرا لزمانه ،

مقبال على شأنه حافظا لسانه ؛ ومن حسب الكالم من عمله یوشك أن یقول الكالم

وأمي ؛فما كان في صحف موسي ؟ قال كانت عیرا أكلها إال فیما یعنیه قلت بأبي

كان فیها : عجبا لمن أیقن بالنار كیف یضحك ، وعجبا لمن أیقن بالموت ،كیف

یفرح وعجبا لمن رأي الدنیا وتقلبها بأهلها ؛وهو یطمئن إلیها وعجبا لمن أیقن بالقدر

ل قلت بأبي وأمي هل ثم هو یغضب ؛وعجبا لمن أیقن بالحساب غدا، وهو ال یعم

بقي مما كان في صحفهما ؟ قال نعم یا أباذر ( قد أفلح من تذكي إلي آخر السورة

قال أوصیك بتقوي اهللا ؛ فإنه رأس أمرك كله قال قلت ى: بابي وأمي أوص قلت

فإنه یذكرك في السماء قلت : زدني زدني قال علیك بتالوة القرآن وذكر اهللا كثیرا ؛

مت ؛ فإنه مطردة للشیاطین عنك وعون لك على أمر دینك ؛ قلت قال علیك بالص

زدني قال : قل الحق ولو كان مرا ،قلت زدني قال: ال تأخذك في اهللا لومة الئم ،

.٧٨ص ـ ١/ إیضاح المعاني الخفیة في األربعین النوویة ـ محمد تاتاي ـ ج ١

- ٥٣ -

قلت زدني قال صل رحمك وأن قطعوك ؛قلت زدني قال : بحسب أمرئ من الشر ما

كالكف وال حسن ما ال یعنیه یا أباذر ال عقل كالتدبیر ویتدخلیجهل من نفسه

.حسن الخلقك

:أفكار الحدیث

من كمال إسالم المرء تركه ما ال تتعلق عنایته به.

فقه الحدیث :

عدم التدخل فیما ال یعني اإلنسان في الكالم وغیره .

- ٥٤ -

الحدیث العاشر

آداب إجتماعیة

عن أبي هریرة رضي اهللا عنه قال : قال رسول اهللا صلي اهللا علیة وسلم: ( وال

تحاسدوا وال تناجشوا وال تباغضوا وال تدابروا وال یبع بعضكم على بیع بعض ، وكونوا

التقوي ، هعباد اهللا إخوانا المسلم أخوه المسلم ال یظلمه وال یخذله وال یكذبه ، وال یحقر

هنا ، ویشیر إلي صدره ثالث مرات ، بحسب أمري من الشر أن یحقر أخاه اه

١مسلم حرام : دمه وماله وعرضه)المسلم كل المسلم علي ال

رواه مسلم .

على ثالثة أنواع یثقوله صلي اهللا علیه وسلم ( وال تحاسدوا ) قد تقدم أن الحد

والنجش : أصله اإلرتفاع والزیادة وهو أن یزید ثمن سلعة غیره وهو حرام : ألنه غش

حدكم أخاه وان راه ( وال تدابروا أي ال یهجر أ ) :صلي اهللا علیه وسلم(وخدیعة قوله

قال صلي اهللا علیه وسلم ال یحل لمسلم أن یهجر أخاه فوق ه )أعطاه دبره أو ظفر

بالسالم والبیع أخیه أثالث لیال یلتقیان فیعرض هذا ویعرض هذا وخیرهما الذي یبد

صورته أن یبیع أخوه شیئا فیأمر المشتري بالفسخ لیبیعه مثله أو أحسن منه بأقل من

والشراء على الشراء حرام : بأن یأمر البائع بالفسخ لیشتریه منه باعلي ،ثمن ذلك

ثمن ؛ وكذلك یحرم السوم علي سوم أخیه ؛ وكل هذا داخل في الحدیث لحصول

المعني وهو التباغض والتدابر وتقیید النهي بیع أخیه یغتضي أنه ال یحرم على بیع

والعهد هنه من باب الوفاء بالذمالكافر وهو وجه البن خالویه ، والصحیح ال فرق أل

نها وأشار بیده إلي صدره أراد القلب ، وقد تقدم اقوله صلي اهللا علیه وسلم التقوي ه

ال وان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد أ( ):صلي اهللا علیه وسلم(قوله

خذله ) أي عند أمره بالمعروف یالحدیث قوله صلي اهللا علیه وسلم ( وال ) في كله

و نهیه عن المنكر أو عند مطالبته بحق من الحقوق بل ینصره ویعنیه ویدفع عنه أ

) أي فال یحكم على نفسه هاألذي ما أستطاع قوله صلي اهللا علیه وسلم ( وال یحقر

، فإن ه أو ال یحكم بشئبأنه خیر من غیره ؛ بل یحكم على غیره بأنه خیر من

له ،فإذا رآي صغیرا مسلما حكم ؛بأنه خیر العاقبة منطویة وال یدري العبد بما یختم

.٨٨ـ ص ١/ إیضاح المعاني الخفیة في األربعین النوویة ـ محمد تاتاي ـ ج ١

- ٥٥ -

منه بأعتبار أنه أخف ذنوبا منه؛ وأن رأي من هو أكبر سنا منه حكم له بالخیریة؛

بأعتبار أنه أقدم هجرة منه في اإلسالم وأن رآي كافرا لم یقطع له بالنار؛ إلحتمال أنه

ن الشر ) أي یكفیه یسلم فیموت مسلما قوله صلي اهللا علیه وسلم ( بحسب أمرئ م

ر أخاه ) یعني أن هذا شر عظیم یكفي فاعله عقوبة هذا الذنب ـر أن یحقـمن الش

( كل المسلم ...الخ ) قال في حجة الوداع ( إن ):صلي اهللا علیه وسلم(قوله

واستدل ١دماءكم وأموالكم وأعراضكم علیكم حرام كحرمة یومكم هذا في بلدكم هذا)

على أن الغیبة والوقوع في عرض المسلمین كبیرة إما لداللة الكرابیسي بهذا الحدیث

اإلقتران بالدم والمال؛ واما للتشبیه بقوله كحرمة یومكم هذا، في شهركم هذا ،في

بلدكم هذا ،وقد توعد اهللا تعالي بالعذاب االلیم علیه ، فقال تعالي: (من یرد فیه

. ٢ألیم ) بإلحاد بظلم نذقه من عذاب

:أفكار الحدیث

.النهي عن التحاسد .١

.النهي عن الزیادة في السلعة لضرر غیره .٢

.النهي عن الهجر .٣

.النهي عن البیع الذي یكون بیع أخیه المسلم .٤

.األمر بأخاء المسلم النهم أخوه المسلم .٥

.أ/ تحریم ظلم المسلم

.ب/ تحریم خذالن المسلم

.مج/ النهي عن تكذیب المسل

.د/ تحریم تحقیر المسلم

.هـ/ احتقار المسلم شر مستطیر

.و/ تحریم سفك دماء المسلم

.ز/ تحریم أكل مال المسلم

.ح/ تحریم التعدي علي عرض المسلم

.٦٧ـ ص ١ـ دار الفضیلة للنشر والتوزیع ـ القاھرة ـ دون تاریخ ـ ج ١/ خطب الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ محمد خلیل الخطیب ـ ط ١ .٢٥/ سورة الحج ـ رقم ٢

- ٥٦ -

.التقوى في القلب .٦

:فقه الحدیث

. حث اإلسالم على السمو بالنفس واإلنسانیة إلي المثالیة العالیة ١

یدة وعبادة فحسب ، بل هو اخالق ومعاملة . لیس اإلسالم عق٢

. النفاق مرض اجتماعي خبیث یجب استئصاله ٣

.. الحث علي الصدق في القول واألمانة في العمل الوفاء في النیة٤

الحدیث الحادى عشر

اإلسراع في الخیرات

عن أبى مالك ـ الحارث بن عاصم ـ األشعرى رضى اهللا عنه قال : قال رسول اهللا

هللا علیه وسلم :( الطهور شطر اإلیمان ، والحمد هللا تمأل المیزان ، وسبحان صلى ا

اهللا والحمد هللا تمألن ـأوتمأل ـ مابین السماء واألرض ، والصالة نور ، والصدقة

برهان ، والصبر ضیاء ، والقرآن حجة لك أو علیك ، كل الناس یغدو فبائع نفسه

رواة مسلم . ١فمقتها أوموبقها)

، وان أرید لألعمالمن الحدث والخبث جزء من اإلیمان الكامل الشامل الطهارة

٢: (یضیع إیمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحیم ) الصالة فى قوله تعالىباإلیمان

، وان أرید باإلیمان النصف: صالتكم الى بیت المقدس كان الشطر بمعنى أى

المعنى على التشبیه أى : هو كالشطر منه بجامع توقف كمال التصدیق القلبى كان

: لو جسم ثواب التلفظ بها مع أستحضار معناها أىاإلیمان علیه ( تمأل المیزان)

واألذعان له ، وكذا یقال فیما بعده ، والمقصود التنبیه على كثرة الثواب والتحقیق أن

والكفار توزن أعمالهم والمنفى فى المیزان واحد وجمعه فى االیة بأعتبار الموزونات

) شك ا هو الوزن النافع ( أو تمألـقیم لهم یوم القیامة وزنا ) أنمنقوله تعالى : ( فال

من الراوى فى سماع لفظ الحدیث ، أى : تمأل هذه الجملة المشتمله علیهما ( مابین

: حبس ىأوالصبر ) السماء ) ؛ برهان أى : حجة لصاحبها فى أداء حق المال (

النفس عن المعاصى وعلى طاعة اهللا ومكاره الدنیا ، وأنما كان الصبر كالشمس

.٩٨ـ ص ١عین النوویة ـ محمد تاتاي ـ ج/ إیضاح المعاني الخفیة في األرب ١ .١٤٣/ سورة البقرة ـ رقم ٢

- ٥٧ -

ولذا ضیاء والصالة كالقمر نورا ؛ ألنه صبر علیها وعلى غیرها فهو أشمل وأعظم

قدم فى : ( وأستعینوا بالصبر والصالة ) والمراد أن صاحبه الیزال مستضیئا بنور

من حسن معونة اهللا أحسن رفیق ( حجة لك ) أى : إن المعارف والتوفیق واجدا له

عملت بمقتضاه ( أوعلیك ) أن خالفت ماأمرك به اهللا ، وفى الحدیث : ( القران شافع

ومشفع ، وماحل مصدق ، من جعله أمامه قاده الى الجنة ، ومن جعله وراءه دفعه

د من أتخذه وراء ظهره فى قفاه الى النار ) ماحل من المكابرة والمكایدة ، فالقران یكی

، وقال بعض (السلف ): جالس أحد القران فقام عنه خالیا بل إما أن یخسر ثم تال :

ل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنین وال یزید الظالمین إال خسارا) ١(وننز

یبیعها أى : یهاكها .: كل إنسان یسعى بنفسه ،فمنهم من فمناه

: ورد فى الحدیث أن من قال حیث یصبح ویمسى أربع مرات : ( اللهم إنى فائدة

أصبحت أشهداك وأشهد حملة عرشك ومالئكتك وجمیع خلقك أنك أنت اهللا الإله إال

أنت وحدك الشریك لك وأن محمدا عبدك ورسولك ، أعتقه اهللا

بعة ، ومرتین نصفه ، وثالثة أرباعه ، وحین من النار ، ومن قالها مرة أعتق اهللا ر

: ( اللهم إنى أمسیت ..... الخ ). یقولیمسى ،

.٨٢/ سورة اإلسراء ـ رقم اآلیة ١

- ٥٨ -

الحدیث الثانى عشر

أبواب في الطاعات والصدقات

صلى اهللا علیه (عن أبى ذر رضى اهللا عنه أیضا أن ناسا من أصحاب رسول اهللا

هللا ذهب أهل الدثور باألجور ، :( یارسول ا )صلى اهللا علیه وسلم(قالوا للنبى ) ؛وسلم

یصلـون كمـا نصلى ، ویصومون كمـا نصـوم ، ویتصدقـون بفضـول أموالهـم )، قـال :

( أو لیس قد جعل اهللا لكم ماتصدقون ، إن لكم لكل تسبیحة صدقة ، ونهى عن

منكر صدقة ، وفى بضع أحدكم صدقة) ؛ یارسول اهللا أیأتى أحدنا شهوته ویكون له

؟ قال : ( أرایتم لو وضعها فى حرام ، أكان علیه وزر ؟ فكذلك إذا فیها أجر

رواة مسلم . ١وضعها فى الحالل كان له أجر )

فا ألناس هنا مقصود بهما فقراء المهاجرین ، والمقصود هنا ذهب أهل األموال

الكثیرة بالدرجات الزائدة بسبب زیادتهم بالتصدق بأموالهم الفاضلة أى : الزائدة عن

فایتهم ، وهذا من الغبطة وهى تمنى مثل ماللغیر من الخیر فدلهم على مایسا وونهم ك

به من التسبیح والتحمید بقوله: ( أو لیس ) والهمزة لألنكار بمعنى النفى أى : فباداء

هذه المأمورات یستوى الفقیر الصابر ، والغنى الشاكر ؛ ألن فى كل خصوصیة ،

الن فى كل خصوصیة ، وأما إن فعلها الغنى أیضا واما إن فعلها الغنى الشاكر ؛

أیضا فإنه یكون أفضل بدلیل مافى الروایة األخرى (لمسلم ) أیضا من أن الفقراء

رجعوا الى النبى صلى اهللا علیه وسلم ، وأ خبروه بأ ن إ خوا نهم األ غنیاء لما

اء ) فالصدقة أى: علموابما اخبروهم به فعلوه فقال : ( ذلك فضل اهللا یؤتیه من یش

الحسنة وسماها صدقة مشاكلة لصدقة المال ، وقد ورد أنه صلى علیه وسلم خرج

على أصحابه فقال : ( خذو جنتكم ) فقالوا : ( یارسول اهللا من عدو وحضر ) ؟قال

ال : ( سبحان اهللا والحمد هللا ـ( وما جنتنا من النار ) ؟ ق( بل مـن النار) ، قالـوا: :

ن یأتین یوم القیامة ـهللا ،واهللا أكبر والحول والقوة إالباهللا العلى العظیم ، فإنهوالإله إالا

ا ـدم صاحبهـمقدمات ومنجیات ومعقبات وهن الباقیات الصالحات ) والمعنى أنها تق

ة وتنجیة من النار ، قالوا : ( وماجنتنا من النار ) ؟ قال : ( سبحان اهللا ـالى الجن

اهللا ، واهللا أكبر والحول والقوة اإل باهللا العلى العظیم ، فإنهن والحمد هللا والإالله اإل

.٦٧ـ ص ١إیضاح المعاني الخفیة في األربعین النوویة ـ محمد تاتاي ـ ج/ ١

- ٥٩ -

یأتین یوم القیامة مثقدمات ومنجیات ومعقبات مهن الباقیات الصالحات ) والمعنى

أنها تقدم صاحبها الى الجنة وتنجیه من النار وتحفظه من المكاره .

أجر؟ قال : أرایتم لو ( قالوا : یارسول اهللا أیاتي أحدنا شهوته وله فیها:وقوله

وضعها في حرام أكان علیه وزر).

أعلم أن شهوة الجماع شهوة أحبها األنبیاء والصالحون ،قالوا لما فیها من المصالح

الدینیة والدنیویة من غض البصر وكسر الشهوة عن الزنا ، وحصول النسل الذي تتم

به عمارة الدنیا وتكثر األمة الي یوم القیامة.

- ٦٠ -

المبحث الثاني

ا لوصایا ا لنبویة

أوال : ـ

.١: ( من وصیت الشئ : إذا وصلته)تعریفها : في اللغة

: ( تملیك مضاف الي ما بعد الموت بطریق التبرع) ،وقد سمیت أما في اإلصطالح

. تعریف آخر ٢بذلك ألن الموصي وصل ما كان في حیاته بما بعده من أیام مماته)

ما عرفها فى األ صطالح صاحب كتاب البیان المحمدى:(هى ضرب من القول وك

یتسم بالبالغة في الصیاغة والنصاعة في التعبیر ، یتضمن نصائح غالیة وتوجیهات

.٣سدیدة ،تصدر عادة عن حكیم صاحب تجربة أو عاقل صاحب بصیرة)

نفیسة التي صدرت ولقد حفلت كتب تراثنا بالكثیر من الوصایا الحكیمة والتجارب ال

عن حكماء العرب ومفكري المسلمین.

ولقد أمتاز اإلسالم بخصائصه الفذة الكریمة التي جمعها اهللا تعالي فیه من قوة

العقیدة ورسوخ اإلیمان ، وشمول الشریعة لجمیع جوانب الحیاة وتوجیهها نحو السعادة

اله ، فقدم االسالم في ،ورعایة اإلنسان في عامة شؤونه وسلوكه وآدابه في جمیع أحو

هذه المجاالت أصدق صور اإلیمان ، وأصح مبادئ اإلعتقاد ، وأشمل مناهج

التشریع وأكمل مناهج االخالق ، وذلك من خالل أیات القرآن الكریم ، وأحادیث

الرسول علیه الصالة والسالم ، فقد جاءت جمیعها متناسقة مترابطة متكاملة حول

إلنسان فربطت بین العقدیة والشریعة ، وبین السلوك واألخالق قضایا الكون والحیاة وا

فرسمت لإلنسان المنهج المتكامل لعقیدته ومعامالته الخاصة والعامة وآدابه وسلوكه

وأخالقه وبذلك أصبح اإلنسان المسلم الملتزم بمبادئ اإلسالم ذا شخصیة مستقلة ال

ضله األوهام فهو علي بینة ووضوح تتقاذفه األهواء ،وال تتالعب به الشهوات ، وال ت

لكل ما یعترض حیاته من أمور وأحوال.

ومن خصائص اإلسالم التي أمتاز بها في الجانب التوجیهي الي باقي الجوانب

الصالة والسالم في كافة جوانب هاألخري ،والوصایا التي وردت عن الرسول علی

. ٣٢٤ـ ص ١/ القاموس المحیط ـ الفیروز أبادي ـ ما دة وصي ـ ج ١ .٣١٦ص –) ١مكانھا : دار الحدیث القاھرة ـ ج ( –) ١ط ( –بد القادر علوي ع –/ الدرر السنیة ٢ .٣٥٢ـ ص ١م ـ ج١٩٩٥ـ مكانھا : الدار المصریة اللبنانیة ـ تاریخھا ١/ البیان المحمدي ـ د. مصطفي الشكعة ـ ط ٣

- ٦١ -

لوكیة فقد جاءت هذه خالقیة أوالس: اإلعتقادیة أوالعقلیة أواألمنها حیاة المسلم سواء

ومصححة لمسار اإلنسان في جمیع تلك األمور. الوصایا موجه

وبهذا كان اإلسالم كال ال یتجزأ منهاجا وسلوكا واصالحا وتهذیبا ولذلك نجد وصایا

في هلجمیع تلك الجوانب فقد أتت وصایا هشامل )صلي اهللا علیه وسلم(الرسول

.١وكما في العبادة وكما هي في المعاملة) الق ،كما في األخ العقیدة

ثانیا : أجزاء الوصیة: ـ

: وفیها تمهید وتهیئة لقبولها. / المقدمة١

: وفیه عرض لألفكار بوضوح واقناع هادي.الموضوع / ٢

وفیها إجمال مؤجز لهدف الوصیة. / الخاتمة :٣

ثالثا : خصائص أسلوب الوصیة: ـ

وضوح األلفاظ. -١

صر الجمل.ق – ٢

اإلطناب بالتكرار والترادف والتعلیل. – ٣

تنوع اإلسلوب بین الخبر واإلنشاء. – ٤

اإلقناع بترتیب األفكار وتفصیلها وبیان أسبابها. – ٥

اإلیقاع الموسیقي الجمیل. – ٦

: ـ الوصایا فى عهد النبى صلى اهللا علیه وسلم

وخاتم األنبیاء وأفصح الفصحاء فإذا كانت هذه الوصایا صادرة عن سید الخلق

وأحكم الحكماء فإنها بغیر شك تحتل الموقع األسمي والمقام األرفع بین جمیع

الوصایا التي صدرت عن البشر.

صلي اهللا (ستهدفت الحكمة الدنیویة ، فإن وصایا محمد ٳواذا كانت وصایا البشر

یا ونعیم األخرة ، وذلك قد تمیزت عن قرنیاتها بأنها تستهدف سعادة الدن )علیه وسلم

من خالل منهج الرسول علیه السالم الخاتم الذي أدبه ربه فأحسن تأدیبه ، مصداقا

،ومن ثم فإنه یؤدب ٢: ( أدبني ربي فأحسن تأدیبي ) )صلي اهللا علیه وسلم(لقوله

مكانھا دار الحكمة للطباعة –) ٣ط ( –ن تقدیم ومراجعة خالد عبد الرحم –محمد ادریس –/ وصایا الرسول صلي هللا علیھ وسلم ١

. ٨ص –) ٣م ج (١٩٩٦ -ھـ ١٤١٦تاریخھا –والنشر دمشق .٣ـ ص ٣/ وصایا الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ محمد أدریس ـ ج ٢

- ٦٢ -

البشر أفرادا وجماعات من خالل وصایاه الحكیمة التي عز مثلها ، وأستعصي

نظیرها.

ات الوصایا النبویة:موضوع

/ تنظیم المجتمع المسلم ١

/ التنظیم السیاسي واإلرشاد الي نظام الحكم.٢

/ الدعاء واإلرشاد.٣

/ التعلیم.٤

/ التوجیه.٥

/ الحرب.٦

وهذا لیس للحصر ، فموضوعاتها التي تناولتها كثیرة ومتعدده كما أن النبي علیه

الوصایا المتعددة متي ما دعت الصالة والسالم یأتي بموضوع من موضوعات

. ١الضرورة والحاجة إلیها لوضع المسلمین علي النهج القویم وعلي المحجة البیضاء)

الوصایا النبویة ا لمختارة للد را سة

أ وال : وصایا النبي صلى اهللا علیه وسلم بالنساء

الوصیة األولي:

علیه وسلم: عن أبي هریرة رضي اهللا عنه قال : قال رسول اهللا صلي اهللا

(إستوصوا بالنساء خیرا ،فإن المرأة خلقت من ضلع ، وأن أعوج ما في الضلع

٢أعاله فإن ذهبت تقیمه كسرته ،وأن تركته لم یزل أعوج،فاستوصوا بالنساء )

(إستوصوا بالنساء خیرا ) یعني: أقبلوا هذه الوصیة التي أوصیكم بها ، وذلك أن

ألن النساء قاصرات في العقول وقاصرات في الدین وقاصرات تفعلوا خیرا مع النساء ،

في التفكیر وقاصرات في جمیع شؤنهن فإنهن خلقن من ضلع فذلك أن آدم علبه

الصالة والسالم خلقه اهللا من غیر أب والأم بل خلقه من تراب ثم قال له :( كن

زوجة فخلقها من فیكون)، ولما أراد اهللا تعالي أن یبث منه هذه الخلقیة، خلق منه

. ٣٢٢ص –) ١ج ( –د. مصطفي الشكعة –/ البیان المحمدي ١ ) .٣٣١) ـ ص (١ى ـ ج (صحیح البخارى ( الوصاة بالنساء) ـ االمام البخار/ ٢

- ٦٣ -

ضلعه األعوج ، فخلقت من الضلع األعوج ، والضلع األعوج أن أستمتعت به

أستمعت به وفیه العوج، إن ذهبت تقیمه أنكسر .

فهذه المرأة أیضا أن إ ستمتع بها اإلنسان إستمتع بها على عوج ، فیرضي بما تیسر

تكون لزوجها على ما یرید في وان أراد أن تستقم فال تستقیم فیما تقتضیه طبیعتها،وال

مع القصور الذى فیها. بل البد من مخالفة وال بد من تقصیر، ئكل ش

فهي قاصرة بمقتضي قیمتها ،ومقصرة أیضا" فأن ذهبت تقیمها كسرتها ، وكسرها

یعنى طال قها ومعني ذلك إنك أن حاولت أن تستقم لك على ما ترید فال یمكن ذلك

ها ، فكسرها طالقها. وحینئذ تسأم منها وتطلق

وفي هذا توجیه من الرسول علیه السالم إلي معاشرة اإلنسان ألهله ، وأنه ینبغي أن

یأخذ منهم العفو ما تسیر ، كما قال تعالي ( خذ العفو ) یعني ما عفي وسهل من

. ١)لین وأعرض عن الجاه خذ العفو وأمر بالعرف أخالق الناس قال تعالى : (

( و التوجد امرأه مهما كان األمر سالمة من العیب مائة بالمائة أو مواتیة للزوج

مائة بالمائة، ولكن كما أرشد النبي علیه الصالة والسالم أ ن یستمتع بها على ما

فیها من العوج ، وأیضا إن كرهت منها خلقا" رضیت منها خلقا" اخر فقابل هذا بهذا

شیئا ویجعل الله فیه فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا{ل تعالي: مع الصبر، وقد قا

٢خیرا كثیرا}

: الوصیة الثانیة

عن أبي هریرة رضي اهللا عنه قال :قال رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم ( ال یفرك

٣ره مؤمن مؤمنة أن كره منها خلقا رضي منها آخر ) وقال : غی

ال یعادي المؤمن المؤمنة كزوجة مثال ال یعادیها ویبغضها إذا رأي منها ما یكرهه

من األخالق، وذلك ألن اإلنسان یجب علیه القیام بالعدل ، وأن یراعي المعامل له

بما تقتضیه حالة ،والعدل أن یوازن بین السیئات والحسنات وینظر إلي أیهما أكثر

كان أشد تأثیرا ألن هذا هو العدل . ما كان أكثر على ر وقعا فیغلبوأیهما اكث

. ١٩٩/ سورة األعراف ـ رقم االیة ١ .١٩/ سورة النساء ـ رقم االیة ٢

.١٤٦٩ص –) ٢األمام مسلم ـ ج( –/ صحیح مسلم ٣

- ٦٤ -

وال ◌ كما قال اهللا تعالي (یا أیها الذین آمنوا كونوا قوامین لله شهداء بالقسط

إن الله ◌ واتقوا الله ◌ اعدلوا هو أقرب للتقوى ◌ یجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا

.١خبیر بما تعملون )

فالشاهد أن الرسول علیه السالم أمر أن یكون اإلنسان حاكما بالعدل وبالقسط فقال (

ال یفرك مؤمن مؤمنة ) یعني: ال یبغضها ألخالقها أن كره منها خلقا رضي منها

خلقا آخر .

لكنها أحسنت إلیك عدة مرات ، أساءت لیلة هعلیك مر إذا أساءت مثال في ردها

لكن أحسنت كثیرا وهكذا . هلكنها أحسنت عدة لیالي أساءت في معاملة األوالد مر

فأنت إذا أساءت إلیك زوجتك ال تنظر إلي اإلساءة في الوقت الحاضر ، ولكن أنظر

٢إلي الماضي وللمستقبل وأحكم بالعدل

الوصیة الثالثة :

عاویة بن حیدة رضي اهللا عنه قال :( قلت یارسول اهللا ما حق زوجة أحدنا عن م

علیه )؟ قال: ( إن تطعمها إذا أطعمت وتكسوها إذا أكتسیت ، وال تضرب الوجه ،

.٣وال تقبح وال تهجر إال في البیت)

( أن تطعمها ، وتكسوها إذا أكتسیت ) یعني : التخص نفسك بالكسوة دونها وال

م دونها ، بل هي شریكة لك یجب علیك أن تنفق علیها ؛كما تنفق على نفسك بالطعا

وحتى أن كثیرا من العلماء یقول :( إذا لم ینفق الرجل على زوجته : وطالبت بالفسخ

عند القاضي؛ فاللقاضي الحق أن یفسخ هذا النكاح ؛ ألنه مقصر بحقها الواجب لها

تقبح ) فال تضربها إال لسبب واذا ضربتها : ( وال تضرب الوجه وال قال علیه السالم

فأجتنب الوجه ، ولیكن ضرب غیر مبرح .

ویحق للزوج إذا رأي من أمراته نشوزا وترفعا علیه ،وانها ال تقوم بحقة وعظها أوال ،

حق له أن یضربها اثم هجرها في المضجع ، ثم ضربها ضربا غیر مبرح ، فإذ

ضرب على الوجه ، توجه وكذلك غیر الزوجة ال لوجود السبب فإنه ال یضرب ال

) .٨/ سورة المائد ة ـ رقم االیة ( ١شرحه من كالم سید المرسلین فضیلة –لالمام الحافظ ا لفقیة أبي زكریا یحي بن شرف ا لنووي –/ شرح ریاض الصالحین ٢

.١٩٥) ص ٢ج ( –الشیخ / محمد بن صالح ا لعثیمین . ٢ص – ٥١ج –أ بي سلیمان بن األشعث ا لسجستاني –/ سنن أبي داؤد ٣

- ٦٥ -

فاألبن إذا أخطاء ال یضرب على الوجه؛ الن الوجه أشرف ما في اإلنسان وهو واجه

، یعني ل لإلنسان مما لو ضرب فى غیر وجهالبدن كله، فإذا ضرب كان أذ

فال یري بذلك أنه أستذل ، ، أومع ظهره أو مع عضضه یضرب الرجل مع كتفه ،

وضربته على وجهه ، ولهذا نهي عن ضرب الوجه.كما ل

أوقبح اهللا وجهك، ، هالتقل أنت قبیح وقوله علیه السالم : ( التقبح ) یعني :

ویشمل النهي عن التقبیح الحسي والمعنوي فال یحق له أن یقول مثال:( أنت من

ي نهي اهللا ، أو غیر ذلك ، وكل ذلك من التقبیح الذ قبیلة ردئیة أو من عائلة سیئة )

عنه ،قال :( والتهجر إال فى البیت) معناه: ( وال تهجرها علنا وتظهر للناس أنك

هجرتها ؛ أهجرها فى البیت ؛ النه ربما تهجرها الیوم وتتصالح معها الغد فتكون

حالكما مستورة لكن إذا أظهرت حالكما للناس؛ بأن قمت بنشر ذلك الحدیث او

هجرها في البیت ،وال یطلع على هجرك أحد ،حتي إذا التحدث به كان هذا خطأ ؛أ

أصطلحت معها رجع كل شي على ما یرام ، دون أن یطلع علیه أحد من الناس.

الوصیة الرابعة:

عن أبي هریرة رضي اهللا عنه قال : قال رسول اهللا صلي اهللا علیـه وسلـم (

.)١(ئهم ) أكمل المؤمنین إیمانا أحسنتم خلقا ، وخیاركم خیاركم لنسا

قال اإلمام النووي: ( اإلیمان یتفاوت ویتفاضل ) كما قال تعالى :( ویزداد الذین

لیس الناس في اإلیمان سواء ؛ ألن من الناس من یؤمن بالغیب وكأنه ٢)آمنوا إیمانا

یشاهده شهود عیان،و یؤمن بیوم القیامة : وكأنه اآلن فى تلك الساعات ، ویؤمن

نة وكأنها ماثلة أمامه ،یؤمن بالنار وكأنه یراها بعینه ، یؤمن إیمانا حقیقا البالج

یخاطه شك.

ومن الناس من یعبد الله على ومن الناس من یكون مزعزع اإلیمان كما قال تعالي (

خسر الدنیا لب على وجهه اطمأن به وان أصابته فتنة انق حرف فإن أصابه خیر

٣)واآلخرة ذلك هو الخسران المبین

.١٦٢ص – ١صحیح الترمذي ـ االمام الترمذى ـ ج/ ١ .١٣/ سورة المدثر ـ رقم االیة ٢ .١١/ سورة الحج ـ رقم األیة ٣

- ٦٦ -

فأكمل المؤمنین إیمانا أحسنهم خلقا وفي هذا ، حث عظیم على حسن الخلق ،

وحسن الخلق مع اهللا ،وحسن الخلق مع الناس.

قد إلیها مسلما" راضیا أما حسن الخلق مع اهللا ، فأن یرضي اإلنسان بشریعته ، وینا

مطئنا بها سواء كان أمرا یأمر به أو نهایا ینهي عنه.

وان یرضي بقدر اهللا عز وجل ، ویكون الذي قدر اهللا علیه مما یسوءه كالذي قدر

اهللا علیه مما یسره ، فیقول :( یارب كل شي من عندك ،فأنا راض بك ربا ، أن

ني صبرت، و فیرضي باهللا قضاءا ني ما یسر ا یسري شكرت ، وان أصابأعطیتني مم

وقدرا ، وأمرا وشرعا، وهذا حسن الخلق مع اهللا .

أما حسن الخلق مع الناس فظاهره فهوكف األذي ،وبذل الندي ، والصبر علیهم

وعلى إذاهم،و هذا من حسن الخلق مع الناس ؛ أن تعاملهم بهذه المعاملة تكف

ني العطاء والكرم ؛ سواء كان ماال أو جاها، أو غیر آلذاك عنهم ، وتبذل الندي : یع

ذلك ، كذلك تصبر على البالء منهم فإذا كنت كذلك كنت أكمل الناس إیمانا .

ثم قال النبي صلي اهللا علیه وسلم ( خیركم خیركم ألهله وأنا خیركم ألهلي ) فخیر

ن فیك خیر فلیكن الناس هو خیرهم ألهله ؛ الن األقریبن أولي بالمعروف فإذا كا

.١أهلك هم أول المستفدین من هذا الخیر

وهذا عكس ما یفعله بعض الناس الیوم ، تجده سیئ الخلق مع أهله، و حسن

الخلق مع غیرهم، وهذا خطأ عظیم ،أهلك أحق بإحسان الخلق معهم؛ أل نهم هم

ن سررت الذین معك لیال ونهارا وسرا وعالنیة ، إن أصابك شيء اصیبوا معك ، وا

سروا معك ، وان حزنت حزنوا معك ، فلتكن معاملتك معهم خیرا من معاملتك مع

األجانب ، فخیر الناس خیرهم ألهله .

.٢٠٤ص ٢األمام النووى ـ ج –شرح ریاض الصالحین / ١

- ٦٧ -

الوصیة الخامسة :

عن عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا عنهما أن رسول اهللا صلي اهللا علیه

.١) وسلم قال : ( الدنیا متاع ، وخیر متاعها المرأة الصالحة

أن النبي صلي اهللا علیه وسلم قال : ( الدنیا متاع ، وخیر متاعها المرأة الصالحة )

فقوله علیه السالم: ( الدنیا متاع ) یعني :شئ یتمتع به كما یتمتع المسافر بزاده ثم

ینتهي ،وخیر متاعها المرأة الصالحة ،إذا وقف اإلنسان ال مرأة صالحة في دینها

متاع الدنیا النها تحفظه في سره وماله وولده واذا كانت صالحة وعقلها ، فهذا خیر

في العقل أیضا" ، فإنها تدبر له التدبیر الحسن في بیته وفي تربیته أوالدها،و أن

نظر إلیهاأ سرته، إن غاب عنها حفظته ، وان وكل إلیها أمره لم تخنه فهذه المرأة

.٢هي خیر متاع الدنیا

عن أبي هریرة رضي الله عنه عن النبي صلى علیه وسلم ولهذا قال النبي صلي اهللا

تنكح المرأة ألربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدینها: فاظفر " :(اهللا علیه وسلم قال

ذات الدین ) یعني :علیك بها ،فإنها خیر من یتزوجه اإلنسان فبذات الدین تربت یداك

إن كانت غیر جمیلة الصورة ، لكن یجملها خلقها ودینها ، فأظفر بذات الدین ترتبت

یداك.

ثالثا : وصایا النبي صلي اهللا علیه وسلم في بر الوالدین

:الوصیة األولي

عن أبي عبد الرحمن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا عنه قال : سألت النبي صلي

مل أحب إلي اهللا تعالي قال : ( الصالة على وقتها ) قلت ثم اهللا علیه وسلم أي : الع

متفق علیه. ٣أي ؟ قال :( بر الوالدین ) قلت : ثم أي قال: ( الجهاد في سبیل اهللا )

قال : اإلمام النووي رحمه اهللا تعالي في باب بر الوالدین ، الوالدان هما األب واألم

.وعبر بالوالدان اتباعا لما جاء في النص

. ١٤٦٧ص – ١اإلمام مسلم ـ ج –صحیح مسلم / ١ .٥٥ـ ص ٢الحافظ بن حجرالعسغالني ـ ج –فتح الباري شرح صحیح البخاري / ٢ . ٨٥ـ ص ١االمام مسلم ـ ج –صحیح مسلم / ٣

- ٦٨ -

وبر الوالدین من أفضل األعمال ، بل هو الحق الثاني بعد حق اهللا ورسوله وقد ذكر

به تشركواوال الله واعبدوا :(القرآن الكریم آیات كثیرة في هذا المعني كقوله تعالي

والجار القربى ذي والجار ساكین والم والیتامى القربى وبذي إحسانا وبالوالدین ◌ شیئا

احب الجنب من كان یحب ال الله إن ◌ أیمانكم ملكت وما السبیل وابن بالجنب والص

. ١فخورا) مختاال

لقكم من نفس واحدة وخلق منها خ یا أیها الناس اتقوا ربكم الذيوقال تعالي (

واتقوا الله الذي تتساءلون به واألرحام إن الله منهما رجاال كثیرا ونساء زوجها وبث

٢كان علیكم رقیبا)

لله به أن یوصل ویخشون ربهم ویخافون والذین یصلون ما أمر ا وقال تعالى :(

.٣سوء الحساب)

نسان بوالدیه حسنا ینا اإل وان جاهداك لتشرك بي ما لیس ◌ قال عز وجل :( ووص

٤ئكم بما كنتم تعملون ﴾إلي مرجعكم فأنب ◌ لك به علم فال تطعهما

إحسانا إما یبلغن عندك قال تعالى :(وقضى ربك أال تعبدوا إال إیاه وبالوالدین

قوال كریما . واخفض كالهما فال تقل لهمآ أف وال تنهرهما وقل لهما الكبر أحدهما أو

بكم . وقل رب ارحمهما كما ربیاني صغیرا لهما جناح الذل من الرحمة أعلم بما في ر

٥لألوابین غفورا ) نفوسكم إن تكونوا صالحین فإنه كان

نسان بوالدیه حملته أمه وهنا على:( وو وقال عز وجل ینا اإل وهن وفصاله في ص

٦إلي المصیر ) عامین أن اشكر لي ولوالدیك

كل هذا بیان سبب حقها العظیم .

على بیان وفي هذه الوصیة نجد أن بر الوالدین أعلى من مرتبة الجهاد ، وهذا دلیل

فضل بر الوالدین ، فان قال قائل : ماهو البر قلنا : هو اإلحسان إلیهما بالقول

والفعل ، والمال بقدر المستطاع ( اتقوا اهللا ما استطعتم ) وضد ذلك العقوق.

. ٣٦سورة النساء ـ رقم / ١ .١لنساء اآلیة رقم سورة ا/ ٢ .٢١/ سورة الرعد ـ رقم االیة ٣ .٨/ سورة العنكبوت ـ رقم االیة ٤ .٢٥ـ٢٣/ سورة االسراء ـ رقم االیات ٥ .١٤/ سورة لقمان ـ رقم االیة ٦

- ٦٩ -

الوصیة الثانیة :

عن أبي هریرة رضي اهللا قال : جاء رجل إلي رسول اهللا (صلي اهللا علیه وسلم )

مك، قال ثم من؟ قال رسول اهللا من أحق الناس بحسن صحابتي ؟قال :أفقال : (یا

. متفق علیه.١أمك، قال: ثم من ؟ قال أمك، قال ثم من ؟ قال أبوك)

فقد بین النبي (صلي اهللا علیه وسلم) أن أحق الناس بصحبة اإلنسان هو

ثم بعد ذلك األم، فأعید علیه السؤال فقال: (أمك) مرة ثانیة، وكرر ذلك ثالث مرات،

األب، ألن األم حصل علیها من العناء والمشقة للولد ما لم یحصل لغیرها، حملته

. وفي اللیل ٢أمه وهنا على وهن قال تعالى: (حملته أمه كرها ووضعته كرها ....)

نها تغذیه تهدهده وتهدئه حتى ینام، واذا أتاه ما یؤلمه لم تنم تلك اللیلة حتى ینام. ثم أ

بنفسها بالتدفئة عند البرد، والتبرید عند الحر وغیر ذلك على أشد عنایة من األب

بالطفل، لهذا كان حقها مضاعفا ثالث مرات على حق األب.

ثم أنها ضعیفة ال تأخذ بحقها ، فلهذا أوصى بها النبي علیه الصالة والسالم ثالث

على أن یحسن اإلنسان صحبة أمه مرات وأوصى باألب مرة واحدة، وفي ذلك الحث

.٣وصحبة أبیه أیضا بقدر المستطاع

في عدم عقوق الوالدین : صلى علیه وسلمرابعا : وصایا الرسول

الوصیة األولي :

عن أبي بكر تفیع بن الحارث رضي اهللا عنه قال : رسول صلي اهللا علیه وسلم: (

سول اهللا قال ( أن ال تشراك باهللا وعقوق ال أنبئكم باكبر الكبائر ) ثالثا قلنا : بلي یار

الوالدین وكان متكئا فجلس، فقال ( إال وقول الزور وشهادة فمازال یكرروها حتي قلنا

متفق علیه . ٤لیته سكت )

العقوق بالنسبة للوالدین ، وقطیعة األرحام بالنسبة لألقارب غیر الوالدین والعقوق من

ن الكتاب والسنة ،وكذلك قطیعة الرحم قال اهللا كبائر الذنبوب لثبوت الوعید علیه م

.٩٨ـ ص ٣/ صحیح البخاري (كتاب األدب ـ باب من أحق الناس بحن الصحبھ) ـ اإلمام البخاري ـ ج ١ .١٥حقاف ـ رقم اآلیة / سورة األ ٢ .٢٣٨ـ ص ٢شرح ریاض الصالحین من كالم سید المرسلین ـ اإلمام النووى ـ ج / ٣ .٢٩١ـ ص ٤/ صحیح البخاري (باب عدم عقوق الوتالدین ) ـ ج ٤

- ٧٠ -

الذین أن تفسدوا في األرض وتقطعوا أرحامكم *أولئك فهل عسیتم إن تولیتمتعالي (

١لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)

سدوا في األرض وقطعتم الرحم وحقت ( أعمي أبصارهم ) یعني أنكم إذ تولیتم أن تف

علیكم اللعنة و والمراد باألبصار هنا البصیرة ولیس بصر العین والمراد أن اهللا تعالي

یعمي البصیرة اإلنسان والعیاذ باهللا حتي یري الباطل حقا والحق باطال.

وهذه العقوبة أخرویة ودنویویة

) أما االخرویة فقوله ( أولئك الذین لعنهم اهللا

أما الدنیویة فقوله ( فاصمهم ) یعني أصم آذانهم عن سماع الحق واالنتفـاع بـه (

وأعمي أبصارهم) عن رؤیة الحق االنتفاع به.

ما أمر الله به أن والذین ینقضون عهد الله من بعد میثاقه ویقطعون وقال تعالي (

: میثاق العهد ٢)أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ي األرض یوصل ویفسدون ف

توكیدة ، فینقدون العهد ، ویقطعون ما أمر اهللا به أن یوصل من القرابات وغیرهم

ویفسدون في األرض بكثرة المعاصي ( أولئك لهم اللعنة ) واللعنة تعني الطرد

سوء الدار ) أي : سوء العاقبة وقال اهللا تعالي: ( واالبعاد عن رحمة اهللا ( ولهم

ما أو وقضى ربك أال تعبدوا إال إیاه وبالوالدین إحسانا إما یبلغن عندك الكبر أحده

قوال كریما . واخفض لهما جناح الذل كالهما فال تقل لهمآ أف وال تنهرهما وقل لهما

٣من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربیاني صغیرا )

فهذا هو أمر اهللا به بالنسبة للوالدین في حال الكبر ، أما في حال الشباب فأن الوالد

في الغالب یكون مستغنیا عن والده والیهمه.

ة الثانیة :الوصی

عن أبي هریرة رضي اهللا عنه أن رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم قال : ( من

الكبائر شتم الرجل والدیه ) قالوا : یا رسول اهللا وهل یشتـم الرجل والدیـ؟! قـال : ( نعم

.متفق علیه.٤یسب أبا الرجل ، فیسب أباه ، ویسب أمه ، فیسب أمه)

.٢٣ـ ٢٣/ سورة محمد ـ رقم االیة ١ . ٢٥/ سورة الرعد ـ رقم االیة ٢ ) .٢٣/ سورة االسراء ـ رقم االیة ( ٣ـ مكانھا: دار الكتب ١ـ طمحمد حبیب هللا بن عبد هللا بن أحمد الشنقیطي تألیف : –زاد المسلم علي مااتفق علیھ البخاري ومسلم / ٤

). ٢٠٥ص ( –) ١ج ( –العلمیة بیروت ـ د. ت

- ٧١ -

لوالدیة ، وذلك تحذیر من أن یكون اإلنسان سببا في من الكبائر سب الرجل ولعنة

شتم والدیة بأن یأتي الي شخص فیشتم والدي الشخص ،فیقابل الشخص اآلخر

بالمثل ویشتم والدیة ، والیعني ذلك أنه یجوز للثاني أن یشتم والدى الرجل ، ألنه ال

زي غیرة بالمثل ، تزر وأزرة وزر أخري ، ولكنه في العادة والطبیعة أن اإلنسان یجا

◌ال تسبوا الذین یدعون من دون الله فیسبوا فإذا سبه سبه وذلك كما قال تعالي :(

وا م بما كان الله عدوا بغیر علم كذلك زینا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فینبئه

.١یعملون )

لذلك لما كان سببا في سب والدیه علیة إثم ذلك.

الوصیة الثالثة:

عن أبي عیسي المغیرة بن شعبة رضي اهللا عنه عن النبي صلي اهللا علیه وسلم قال

: ( إن اهللا تعالي حرم علیكم عقوق األمهات ، ومنعا وهات ، ووأد البنات ،وكره لكم

.٢ال ،واضاعة المال)قیل وقال ، وكثرة السؤ

متفق علیه.

ومن هذا الحدیث الشریف قوله : ( عقوق األمهات ) وهو قطع ما یجب لهن من

البر أما ( وأد البنات ) فهو دفنهمن أحیاء ،وذلك ألنهم في الجاهلیة كانوا یكرهون

البنات ، ویعیبون بقاء البنت عند الرجل ویقولون :( إن بقاء البنت عند الرجل مسبة

قال له )،فكانوا والعیاذ باهللا یأتون بالبنت ویحفرون لها حفرة ویدفنونها وهي حیة

فحرم اهللا ذلك وهو ال شك من أكبر ٣ا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت)إذ تعالى: (و

ومن الكبائر ،واذا كان قتل األجنبي المؤمن سببا للخلود في النار كما قال تعالي :(

دا مؤمنا یقتل عذابا له وأعد ولعنه علیه الله وغضب فیها خالدا جهنم فجزاؤه متعم

. ( ومنعا وهات) یعني : أن یكون اإلنسان جموعا منوعا ، یمنع ما یجب ٤عظیما)

عني :( أعطوني المال ) ومنعا علیه بذلة من المال ، ویطلب ما لیس له ، فهات ی

آى:( یمنع ما یجب علیه بذلة من المال) ، وال یجوز أن یسأل ما ال یستحق ،

فكالهما حرام ،ولهذا قال علیه الصالة والسالم : ( إن اهللا تعالي حرم علیكم عقوق

.١٠٨رقم االیة –سورة االنعام / ١ ). ٥٦ص ( –) ١ ـ ج (–زاد المسلم على مااتفق علبھ البخارى ومسلم / ١ . ٨ـ ٧/ سورة التكویر ـ رقم االیات ٢ .٩٣رقم االیة –سورة النساء / ٣

- ٧٢ -

األمهات ،ومنعا وهات). ( وكره لكم قیل وقال ، وكثرة السؤال ، واضاعة المال ) كره

وحرم لیس بینهما فرق ، ألن الكراهة في لسان الشارع معناها التحریم ، ولكن هذا

واهللا أعلـم مـن ( كره لكم قیل وقال ) یعني: نقل الكالم ، وكثرة ما یتكلم به اإلنسان

ویثرثر ، وأن یكون لیس له هم إال الكالم في الناس ، قالوا :( كذا) ؛ وال سیما إذا

ل العلم وأعراض والة األمور ،فإنه سیكون أشد كراهة عند كان هذا في أعراض أه

اهللا عز وجل، واإلنسان المؤمن هو الذي ال یقول إال خیرا كما قال النبي صلي اهللا

علیه وسلـم : ( من كان یؤمن باهللا والیوم اآلخر فلیقل خیرا أو لیصمت). وكثرةالسؤال

أنه یكون المراد السؤال عن المال، یحتمل أن یكون المراد السؤال عن العلم،ویحتمل

أما األول : وهو كثرة السؤال عن العلم فهذا إنما یكره إذا كان اإلنسان ال یرید إال

إعنات السؤال ، واإلشقاق علیه ،وادخال السآمة والملل علیه ، إما إذا كان یرید العلم

رضي اهللا عنه فإنه ال ینهي عن ذلك ، وال یكره ذلك ، وقد كان عبد اهللا بن عباس

كثیر السؤال ،فقد قیل له :( بم أدركت العلم)؟ قال : ( أدركت العلم بلسان سؤول

، لكن إذا كان قصد السائل اإلشقاق علي المسئول ١،وقلب عقول ، وبدن غیر ملول)

واإلعنات علیه ، والحاق السآمة به ،أو تلفظ زالته لعلة یزل فیكون في ذلك قدح فیه

كروه، واما الثاني : وهو سؤال المال فإن كثرة المال قد تلحق ، فإن هذا هو الم

اإلنسان بأصحاب الشح والطمع ، ولهذا ال یجوز لإلنسان سؤال المال إال عند

الحاجة ، أو إذا كان برى أن المسئول یمن علیه أن یسأله ، كما كان صدیقا لك قوى

ون بذلك ممنونا ، فهذا ال بأس الصداقة ، قریبا جدا فسألتة حاجة وأنت تعرف أنه یك

به ، أما إذا كان األمر علي خالف ذلك فال یجوز أن یسأل إال عند الضرورة، أما

إضاعة المال فهذا بذل االنسان له في غیر فائدة ال دینیة وال دنیویة ، ألن اهللا تعالي

وقولوا واكسوهم فیها وارزقوهم قیاما لكم الله جعل التي أموالكم السفهاء تؤتوا وال قال :(

،فالمال قیام للناس ، تقوم به مصالح دینهم ودنیاهم ، فإذا بذله ٢ ) معروفا قوال لهم

اإلنسان في غیر ذلك فهذا إضاعة له ،وأقبح من ذلك أن یبذله في محرم ،فیرتكب

: إضاعة المال ، والمحظور الثاني : إرتكاب في هذا محظورین : المحظور األول

.٣٣) ـ ص ٤/ أعالم الموقعین عن رب العالمین ـ محمد بن أبى بكر الزرعى (أبن الجوزیة) ـ مرجع سابق ـ ج( ١

.٥/ سورة ـ رقم التوبة ـ رقم األیة ٢

- ٧٣ -

المحرم، فاألموال یجب أن یحافظ علیها اإلنسان ، وأال یضیعها وأال یبذلها إال فیما

.١فیه مصلحة له دینیة أو دنیویة

سادسا : وصایا النبى صلى علیه وسلم ألصحابه: ـ

الوصیة األولى :

الوصایا األربع

صلى اهللا علیه وآله وسلم –قال: أوصاني خلیلي أبي ذر الغفاریرضي اهللا عنه عن

قال لي: یا أباذر:بأربع كلمات هن إلى أحب من الدنیا وما فیها، –

(أحكم السفینة فإن البحر عمیق، وأستكثر الزاد فإن السفر طویل ، وخفف ظهرك فإن

، وأخلص العمل فإن الناقد بصیر).٢العقبة كؤود

صلي اهللا علیه وسلم )إلى عمقها هي الدنیا!!؟؟ (ولعل السفینة التي یوصى الرسول

كما إني نظرت لهذا المعنى من خالل هذه الوصیة اللقمانیة التي یقول فیها

سیدنا لقمان الحكیم لولده وهو یعظه:

ها ( یا بني إن الدنیا بحر عمیق، وقد غرق فیه أناس كثیرا، فلتكن سفینتك فی

تقوى اهللا عز وجل، حشوها اإلیمان باهللا تعالى، وشراعها التوكل على اهللا عز وجل

!!؟٣لعلك تنجا وما أراك ناجیا)

قد شبه الدنیا في هذه الوصیة صلي اهللا علیه وسلم ) (واذا كان الرسول

كمثل بالبحر العمیق فهذا معناه أنها دارا ال أمان فیها وال استقرار !! ومثلها في ذلك

البحر الذي ال أمان له، فقد تراه تارة هادئا، وقد تراه هائجا.

ولهذا كان البد وان یقف اإلنسان على خطورتها حتى ال یغتر بها ویقع في

شباكها وقد رأیت في أول هذا العرض أن أقف على بعض ما قیل في شأنها وذكرها

.١١٥ –) ٢ج ( –المرسلین ـ اإلمام النووي شرح ریاض الصالحین من كالم سید/ ١ / كؤود: شاقة المصعد صعبة المرتقى. ٢ .٤٥ـ ١وصایا الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ محمد أدریس ـ ج ٣

- ٧٤ -

الحیاة الدنیا باآلخرة فال یخفف عنهم العذاب وال اهللا تعالى بقوله: (أولئك الذین اشتروا

.١هم ینصرون)

ثم ذكر بعد ذلك بعض األحادیث منها:

.٢( الدنیا سجن المؤمن وجنة الكافر)

وأستكثر الزاد فإن السفر طویل

كل عاقل أن یتزود فالمراد بالزاد هنا هو العمل الصالح إذن هو الزاد الذي یجب على

به قبل انتقاله من عالم العمل إلى عالم الحساب، وقبل أن یقول: ما أشار إلیه اهللا

سبحانه وتعالى في قوله:( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي

قائلها ومن ورائهم برزخ إلى یوم یبعثون أعمل صالحا فیما تركت كال إنها كلمة هو

ور فال أنساب بینهم یومئذ وال یتساءلون * فمن ثقلت موازینه * فإذا نفخ في الص

الذین خسروا أنفسهم في جهنم فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازینه فأولئك

.٣خالدون)

فالبد لإلنسان في هذه الدنیا أن یتبع نهج الهدى بطاعة اهللا عز وجل واجتناب نواهیه

وان یكثر من فعل العبادات والخیرات.ویقول اهللا تعالي في كتابه العزیز : ( إن الذین

الحات ٤لهم أجر غیر ممنون ) آمنوا وعملوا الص

كما قال علیه الصالة والسالم: ( ال تحقرن من المعروف شیئا ولو أن تلقى أخاك

.٥بوجه طلق)

.٦وقوله اهللا تعالى: ( یوم ینظر المرء ما قدمت یداه)

سئل: لم زهدت وروى إن إبراهیم بن ادهم رحمه اهللا وقد كان من أساتذة العلم النافع

في الدنیا یا إبراهیم؟ فقال: لثالث: األول: رأیت الطریق طویال ولیس معي زاد،

والثاني: رأیت القبر موحشا ولیس معي مؤنس الثالث: رأیت الجبار قاضیا ولیس

معي حجة وال من یدافع عني.

.٨٦ـ سورة البقرة ـ رقم اآلیة ١ .١٢٢ـ ص ٣ـ صحیح الترمذي ( كتاب الزھد ) ـ اإلمام الترمذي ـ ج ٢ ). ١٠٣-٩٩آلیة (رقم ا –/ سورة المؤمنون ٣ .٨/ سورة فصلت ـ رقم األیة ٤ ).٤٨٣ص ( –٢اإلمام أحمد بن حنبل ـ ج –/ المسند ٥ ).٤٠رقم اآلیة ( –/ سورة النبأ ٦

- ٧٥ -

كؤود. ١وخفف ظهرك فإن العقبة

ولعل المراد بهذا التوجیه المحمدي هو:

تعمل قبل رحیلك إلى العالم اآلخر على إعطاء كل ذي حق حقه حتى ال تتعرض أن

للخیبة التي أشار اهللا سبحانه وتعالى إلیها في قوله: (وعنت الوجوه للحي القیوم وقد

.٢خاب من حمل ظلما)

وأخلص العمل فإن الناقد بصیر!!

صلي اهللا (لذي یوصیك به الحبیب المصطفى وحسبك إذا أردت أن تحقق هذا ا

٣علیه وسلم )أن تقرأ قول اهللا تبارك وتعالى: ( وال تطغوا إنه بما تعملون بصیر)

٤وقال تعالى:( واعملوا صالحا إني بما تعملون بصیر)

٥صیر)وقال تعالى: (إن الله بعباده لخبیر ب

وذلك حتى تظل مراقبا هللا سبحانه وتعالى على الدوام: في جمیع أعمالك الدنیویة

صلي اهللا علیه (واألخرویة وحتى یتحقق من جانبك اإلحسان الذي عناه الرسول

وسلم ) عندما سأله سیدنا جبریل علیه السالم عن اإلحسان فقال: " أن تعبد اهللا كأنك

فإنه یراك".تراه، فإن لم تكن تراه

: أسأل اهللا سبحانه لي ولك التوفیق والسداد والنور، والرشاد، حتى أكون أخي المؤمن

: الذین أعد اهللا لهم في جنة الخلد ما ال عین رأت وال أذن خیر العبادوایاك من

سمعت وال خطر على قلب بشر، إنه تعالى على كل شيء قدیر وباإلجابة جدیر!!

/ العقبة: الطریق في أعلى الجبال. ١ ).١١١رقم اآلیة ( –/ سورة طھ ٢ .١١ـ سورة ھود ـ رقم اآلیة ٣ .٣٤ـ سورة سبأ ـ رقم اآلیة ٤ .٤٢سورة الشوري ـ رقم اآلیة ـ ٥

- ٧٦ -

الوصیة الثانیة

ستعداد لآلخرةفي األ

صلي اهللا علیه وسلم (عن عبد اهللا بن عمرو رضي اهللا عنهما قال: أخذ رسول اهللا

١) بمنكبي فقال: (كن في الدنیا كأنك غریب أو عابر سبیل)

وكان إبن عمر یقول: ( إذا أمسیت فال تنتظر الصباح، واذا أصبحت فال تنتظر

تك لموتك).المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حیا

في هذه الدنیا الفانیة، وهي تسمى بالدنیا لدنوها، أو لقلة متاعها: كأنك غریب عنها،

صلي اهللا علیه وسلم ) التي یوصینا (أو عابر سبیل فیها: امتثاال لوصیة الرسول

جمیعا بها في شخص عبد اهللا ابن عمر رضي اهللا عنهما أي: ( ال تكن إلى الدنیا

وال تحدث نفسك بالبقاء فیها، وال تتعلق بها، إال كما یتعلق به وال تتخذها وطنا

صلي اهللا (الغریب في وطن غیر وطنه)!! وكما قال اإلمام النووي وأكده الرسول

علیه وسلم ) على حین رقد حمیر. فأثر في جلده فقلت: یأبي أنت وأمي، یا رسول

صلي اهللا علیه (ه!؟ فقال: الرسول اهللا: لو كنت آذنت لنا ففرشنا لك شیئا یقیك من

.٢وسلم ) ( ما أنا والدنیا ؟! إنما أنا والدنیا كراكب أستظل تحت شجرة ثم راح وتركها)

وقوله علیه الصالة والسالم ألم المؤمنین عائشة رضي اهللا عنها:(إذا أردت اللحوق

ثوبا حتى ٥خلفيوایاك ومحاسبة األغنیاء وال تست٤فیكفیك من الدنیا كزاد الراكب ٣بي

ترقعیه).

صلي اهللا علیه وسلم ) یوصینا بأن نعتبر أنفسنا في هذه الدنیا غرباء (إن الرسول

ألنه عرفها ووقف على خطورتها من خالل وصف اهللا سبحانه وتعالى لها في قوله:(

ینكم وتكاثر في األموال واألوالد اعلموا أنما الحیاة الدنیا لعب ولهو وزینة وتفاخر ب

).٤١ـ ص (٢ج –ـ المسند ـ اإلمام أحمد بن حنبل ١ ).٣٠١ص ( –٢/ المسند ـ اإلمام أحمد بن حنبل ـ ج٢ / اللحوق بي: مرافقتي في الجنة.٣ / كزاد الراكب: ما یحتاج إلیھ المسافر من الزاد.٤ / وال تستخلفي: أي ال تتخذي ثوبا آخر بدال منھ.٥

- ٧٧ -

كمثل غیث أعجب الكفار نباته ثم یهیج فتراه مصفر�ا ثم یكون حطاما وفي اآلخرة

.١ا إال متاع الغرور)عذاب شدید ومغفرة من الله ورضوان وما الحیاة الدنی

ولهذا كان صلوات اهللا وسالمه علیه یعمل دائما وأبدا على التحذیر من شأنها وشأن

عند اهللا جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ٢غرورها فیقول: " لو كانت تعدل

.٣ماء)

نیا وغرورها أن صلي اهللا علیه وسلم ) یرید من وراء هذا التحذیر لشأن الد (والرسول

یكون هناك حب للدار اآلخرة التي هي دار البقاء التي رغبنا اهللا سبحانه وتعالى فیها

صلي اهللا (. كما كان النبي ٤فقال: (قل متاع الدنیا قلیل واآلخرة خیر لمن اتقى ...)

ته أضر بدنیاه، علیه وسلم ) یقول: ( من أحب دنیاه أضر بآخرته ومن أحب آخر

.٥فآثروا ما یبقى على ما یفني)

ولهذا كان من الفطنة أن یأخذ اإلنسان من هذه الحیاة الدنیا ما یكفیه دون طمع،

ودون تعلق بها وحرص علیها حتى ال یكون لها مكان في قلبه ولهذا كان العبد

وفي ذلك المؤمن خالي القلب من حب الدنیا بسبب حمایة اهللا سبحانه وتعالى له،

یقول صلوات اهللا وسالمه علیه: (إن اهللا لیحمي عبده المؤمن الدنیا وهو یحبه كما

. وهكذا یؤكد خطورتها والتحذیر منها وقد یكون ٦تحمون مریضكم الطعام والشراب)

صلي اهللا علیه وسلم ) كان یحرص على غرس حب (هذا هو السر في أن النبي

نب التحذیر من عواقب الجشع الذي أستقر في القناعة في قلوب أصحابه، إلى جا

قلب اإلنسان كان سببا في هالكه وشقائه!

: ابن عمر إذا أمسیت فال تنتظر الصباح، واذا أصبحت فال تنتظر وكما یقول

: أن یكثر اإلنسان باألعمال الصالحة ویتزود بها ألنه القولالمساء، یقصد بهذا

مفارق ال محالة.

).٢٠رقم اآلیة ( –سورة الحدید / ١ / تعدل: تزن وتساوي. ٢ .٢٥٥ص –) ١ج ( –/ صحیح الترمذي (كتاب الزھد ) ـ األمام الترمذى ٣ ).٧٧رقم اآلیة ( –/ سورة النساء ٤ ).٤١٢ـ ص (٢ج –اإلمام أحمد بن حنبل –/ المسند ٥ ).٤٢ـ ص (٢ج –/ المرجع السابق ٦

- ٧٨ -

تك لمرضك).: ( وخذ من صح وقوله

وذلك ألن اإلنسان كالوردة البد وان تذبل، والبد أن یمر بجمیع مراحل الحیاة بما فیها

من صحة وعافیة وسقم، وقد ورد البد للمرء من ثمانیة: " عسر ویسر، وحزن وفرح،

واجتماع وفرقة، وسقم وعافیة" تلك هي طبیعة الحیاة، بل تلك هي سنة اهللا في

ولهذا البد أن یكون هناك انتهاز لفرصة عافیة ١لسنة الله تبدیال)خلقه،( ولن تجد

اإلنسان قبل أن یصاب بمرض ال یمكنه من عمل شيء یجد ثمرته عند اهللا تعالى

یوم القیامة وما أحوجنا فیه إلى زاد في حیاتنا األولى تقربنا في كل لحظة من السفر

بیر بدونه سنكون أفقر الفقراء وذلك في قوله الطویل الذي سنحتاج فیه إلى زاد ك

ویوم یقول المرء المفرط:( یا لیتني قدمت ٢تعالى: (یوم ینظر المرء ما قدمت یداه)

.٣لحیاتي)

فأحذر أن تفرط بأیامك وتظلم نفسك فأنت أحوج إلى كل لحظة من عمرك فال

تضیعه هباء منثورا.

صلي اهللا علیه وسلم ) یوصینا بالمحافظة على الصحة، وذلك بعدم (ول فالرس

اإلسراف في الطعام والشراب.

صلي اهللا علیه وسلم ): ( ما مأل آدمي وعاء شرا من بطنه، (فقد قال الرسول

بحسب ابن ادم لقیمات یقمن صلبه، فإن كان ال محالة فاعال فثلث لطعامه، وثلث

.٤لشرابه وثلث لنفسه)

ومن حیاتك لموتك

إذا أردنا أن نتحدث عن الموت فهو نهایة المطاف الدنیوي وهو حكم اهللا في جمیع

.٥خلقه بعد انتهاء آجالهم قال تعالى: (لكل أجل كتاب)

).٢٣رقم اآلیة ( –/ سورة الفتح ١ ).٤٠رقم اآلیة ( –/ سورة النبأ ٢ ).٢٤رقم اآلیة ( –/ سورة الفجر ٣ .٢٢٣ـ ص ٢اإلمام أحمد بن حنبل ـ ج –/ المسند ٤ ).٣٨رقم اآلیة ( –/ سورة الرعد ٥

- ٧٩ -

كرام) لنبیه وقال ١وقال تعالى:( كل من علیها فان * ویبقى وجه ربك ذو الجالل واإل

فالموت إذن هو ٢ومصطفاه صلوات اهللا وسالمه علیه:(إنك میت وانهم میتون )

نهایتنا جمیعا، وقد جعله اهللا من أعظم المصائب، ولیس الموت هو نهایة المطاف

ذلك فقط، وانما هو أیضا مرحلة انتقال وفي ذلك یقول اهللا تبارك وتعالى:(ثم إنكم بعد

ثم یقول: (ثم إنكم یوم القیامة تبعثون) ٣لمیتون)٤.

وهذا هو أهم ما یجب علینا أن نركز علیه إذا أردنا أن نخرج من هذه الدنیا وقد

رضي اهللا عنا، وغفر لنا، ولكي یكون هناك إیقاظ وتذكیر قبل فوات اآلوان، وقبل

دار الحساب بدون رصید من الحسنات: كان البد وأن أنتقالنا من دار العمل إلى

نسان القیامة قال تعالىیكون هناك تذكیر بالیوم اآلخر وهو یوم : (ولقد خلقنا اإل

ان عن ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إلیه من حبل الورید * إذ یتلقى المتلقی

الیمین وعن الشمال قعید * ما یلفظ من قول إال لدیه رقیب عتید * وجاءت سكرة

ور ذلك یوم الوعید * وجاءت الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحید * ونفخ في الص

ها سائق وشهید * لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك كل نفس مع

.٥فبصرك الیوم حدید)

٦قال تعالى:(یوم نقول لجهنم هل امتألت وتقول هل من مزید)

لینا المصیر * یوم تشقق األرض عنهم سراعا وقوله تعالى:(إنا نحن نحیي ونمیت وا

ذلك حشر علینا یسیر * نحن أعلم بما یقولون وما أنت علیهم بجبار فذكر بالقرآن

٧من یخاف وعید)

).٢٧-٢٦رقم اآلیة ( –/ سورة الرحمن ١ ).٣٠رقم اآلیة ( –/ سورة الزمر ٢ ).٣٠رقم اآلیة ( –/ سورة الزمر ٣ ).٣٠رقم اآلیة ( –/ سورة الزمر ٤ ).٢٠- ١٦رقم اآلیة ( –/ سورة ق ٥ ).٣٠رقم اآلیة ( –/ سورة ق ٦ ).٤٣ - ٤٢رقم اآلیة ( –/ سورة ق ٧

- ٨٠ -

لوصیة الثالثةا

أغتنم خمسا قبل خمس

بن عباس رضي اهللا عنه قال: قال( صلي اهللا علیه وسلم) لرجل◌ وهو یعظه: عن إ

(أغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك،

.١وفراغك قبل شغلك، وحیاتك قبل موتك)

صلي اهللا علیه وسلم ) بهذه الموعظة الجامعة التي (هذا الرجل الذي وعظه الرسول

ت فأوعت وحددت معالم الطریق كما بینت أسباب النجاة، وما أحوجنا جمیعا جمع

إلى أن نموت بعد حیاة كحیاة األنعام بل أضل، ویا لیتنا إن لم نعرفها نكون كاألنعام

التي لم ترتكب ذنبا ولم یحدث خطیئة!؟ ومن هنا كان البد وأن نكون أسمى من هذا

نس المعنى، وأن نكون أهال لما خلقنا اهللا من أجله وهو العبادة:(وما خلقت الجن واإل

.٢إال لیعبدون)

فالبد أن نذكر ذلك جیدا وننفذ موعظة الحبیب المصطفى صلوات اهللا وسالمه علیه،

صلي اهللا علیه وسلم ) یشیر إلى مالحظة هامة وهي أن اإلنسان لن یظل (والرسول

ذل العمر وانما هو كالنبات والزهور تكبر وتذبل ویتمثل ذلك في متمتعا بشبابه إلى أر

قوله تعالى:( اعلموا أنما الحیاة الدنیا لعب ولهو وزینة وتفاخر بینكم وتكاثر في

یهیج فتراه مصفر�ا ثم یكون حطاما األموال واألوالد كمثل غیث أعجب الكفار نباته ثم

وفي اآلخرة عذاب شدید ومغفرة من الله ورضوان وما الحیاة الدنیا إال متاع

.٣الغرور)

كما یستطیع اإلنسان بنفسه الوصول إلى هذه الحقیقة الملموسة وهي أن اإلنسان

لق من ساللة من طین ثم كان بعد ذلك نطفة في قرار مكین. ثم تقرأ بعد ذلك قوله خ

نسان من ساللة من طین * ثم جعلناه نطفة في قرار مكین * تعالى:(ولقد خلقنا اإل

ة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغ

وهكذا ینشأ الطفل ثم یتلقى ٤لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقین)

).٥٥ص ( - ) ١تاریخھا ال یوجد ـ ج( –مكانھا القاھرة –) ١اإلمام البیھقي ـ ط ( –/ شعب اإلیمان ١ ).٥٦رقم اآلیة ( –ذاریات / سورة ال ٢ ).٢٠رقم اآلیة ( –/ سورة الحدید ٣ ).١٤رقم اآلیة ( –/ سورة المؤمنون ٤

- ٨١ -

حنان األبوة كما ینتقل الطفل من مرحلة الطفولة لكي نراه بعد ذلك غالما ثم رجال

األربعین ثم شیخا كبیرا معمرا وعندما سیصل إلى هذا الحد لن نراه وقتئذ في سن

یقوى على السیر إال وهو یتوكأ على العصا، وبعد ذلك إذا طال عمره سنراه ال یقوى

على السیر حتى على العصا وانما سنراه إذا أراد أن ینتقل من مكان إلى مكان یحبو

م بعد ذلك سیموت بعد انتهاء أجله لكي یعود إلى كما كان یحبو یوم أن كان طفال، ث

بطن األرض كما خرج من بطن األم التي هي أصال من ساللة من طین.

ولهذا كان البد وأن یقف الشاب علي حقیقة هذه الحیاة الدنیا حتى ال یغتر

بها وینشغل عن هدفه األساسي وهو الرجوع إلى اهللا قبل فوات األوان فقد قیل في

ه الدنیا( ما من یوم تطلع فیه الشمس إال وهو ینادي یا ابن آدم أنا خلق جدید أیام هذ

فأذكر وكن شابا ١وعلى عملك شهید، فأغتنم مني فإني لن أعود إلى یوم القیامة )

صالحا حتى تكون مع الشباب الذین سیظلهم اهللا تحت ظله یوم ال ظل إال ظله فقد

المرتبة الثانیة ( وشاب نشأ في عبادة اهللا جاء في هذا الحدیث الشریف عن هذا في

تعالى).

وصحتك قبل سقمك

وذلك ألن اإلنسان كالوردة البد وأن تذبل، والبد وأن یمر بجمیع مراحل الحیاة

بما فیها من صحة وعافیة وسقم، وقد ورد: البد للمرء من ثمانیة: "عسر ویسر،

بیعة الحیاة ، بل تلك هي سنة وحزن وفرح، واجتماع وفرقة، وسقم وعافیة" تلك هي ط

ومن أجل كل هذا ٢الحیاة أي سنة اهللا في خلقه تعالى: (ولن تجد لسنة الله تبدیال)

البد وأن یكون هناك انتهاز لفرصة عافیة اإلنسان قبل أن یصاب بمرض ال یمكنه

ى كل لحظة في من عمل شيء یجد ثمرته عند اهللا تعالى یوم القیامة وما أحوجنا إل

حیاتنا األولى تقربنا في كل لحظة من السفر الطویل الذي سنحتاج فیه إلى زاد كبیر

.٣بدونه سنكون من أفقر الفقراء في قوله تعالى: (یوم ینظر المرء ما قدمت یداه)

.١٢٩ـ ص ٢/ الجامع الكبیر( باب الجلوس في المصلي وانتظار الصالة) ـ االمام البراني ـ ج ١ .٤٣/ سورة فاطر رقم اآلیة ٢ ).٤٠١رقم اآلیة ( –/ سورة الفتح ٣

- ٨٢ -

.١ویوم یقول المرء المفرط: (یا لیتني قدمت لحیاتي)

تفرط بأیامك وتظلم نفسك فأنت أحوج إلى كل لحظة من عمرك فال فأحذر أن

تضیعه هباء منثورا.

ویوصینا علیه الصالة والسالم حتى تكون نشیطین في طاعة اهللا عز وجل بصورة

جادة بأن نحافظ على صحتنا بعدم اإلسراف في األكل والشرب فقد قال علیه الصالة

من بطنه، بحسب أبن آدم لقیمات یقمن صلبه، والسالم: " ما مأل آدمي وعاء شرا

فإن كان ال محالة فاعال فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه).

وغناك قبل فقرك:

وتلك أیضا كالشباب ال ضمان لدوامها فكم من الناس كانوا یملكون فأصبحوا ال

س، وكم من یملكون غیر القوت الضروري الذي ربما ال یحصلون علیه إال بشق األنف

الناس كانوا ال یملكون القوت الضروري وصاروا اآلن یملكون القناطیر المقنطرة من

الثروة والمال قال تعالى:(زین للناس حب الشهوات من النساء والبنین والقناطیر

ة والخیل المسو مة واألنعام والحرث ذلك متاع الحیاة الدنیا المقنطرة من الذهب والفض

.٢والله عنده حسن المآب)

وتلك هي طبیعة الدنیا أن طلبتها تركتك وان تركتها طلبتك، فإن كنت غنیا ففي

وال بنون * استطاعتك اآلن أن تقدم خیرا لنفسك ینفعك یوم القیامة (یوم ال ینفع مال

.٣إال من أتى الله بقلب سلیم)

.٤قال تعالى:(وما تقدموا ألنفسكم من خیر تجدوه عند الله)

ما وقوله تعالى:(وال تجعل یدك مغلولة إلى عنقك وال تبسطها كل البسط فتقعد ملو

محسورا)٥.

).٢٤رقم اآلیة ( –النبأ / سورة ١ ).١٤رقم اآلیة ( –/ سورة الفجر ٢ ).٨٨-٨٧رقم اآلیة ( –/ سورة آل عمران ٣ ).٨٨رقم اآلیة ( –/ سورة الشعراء ٤ ).٢٠رقم اآلیة ( –/ سورة المزمل ٥

- ٨٣ -

وأعلم أنه ما وقع تدبیر في قلیل إال كثرة، وقد قال الصدیق ( رضي اهللا عنه): (إني

ألبغضن أهل بیت ینفقون رزق األیام الكثیرة في یوم واحد)، ویقول معاویة (رضي

اهللا عنه): ( ما رأیت أسرفا قط إال والى جانبه حق مضیع)، وبذلك البد أن نضع

صلي اهللا علیه وسلم ) في نصب أعیننا ( الید العلیا خیر من الید (وصیة النبي

.١السفلى)

وفراغك قبل شغلك

حد الحكماء وهذا ما یعنیه الرسول ( الوقت كالسیف إن لم تقطعه قطعك) هكذا قال أ

في قوله هذا وذلك: الن العمر قصیر، واللحظات محسوبة اهللا علیه وسلم) ((صلي

من األوقات، واللحظة التي تمضي لن تعود مرة أخرى، ولن علیك والواجبات أكثر

یعرف اإلنسان قیمتها إال في یوم الحساب الذي یجب أن یعمل له من اآلن ألف

حساب ولهذا كان البد وأن یكون هناك اغتنام لفرصة فراغه، فربما ال یستطیع بعد

راغه وكبر سنه ذلك أن یعمل بنفس الطاقة التي كان یعمل بها قبل ذلك بسبب عدم ف

وكثرة مشاغله ثم بعد ذلك ستنقضي أیامه لكي یجد نفسه أمام اهللا في موقف له

خطورته ألنه سیسأل فیه عن كل شيء فعله في هذه الحیاة األولى وعن كل لحظة

صلي اهللا علیه وسلم ):( ال تزول قدما عبد◌ (قضاها فیها وفي ذلك یقول الرسول

ربع: ( عن عمره فیم أفناه؟ وعن شبابه فیما أباله؟ وعن یوم القیامة حتى یسأل عن أ

.٢ماله من أین اكسبه وفیمن أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فیه)

فأحذر ضیاع الوقت، وأغتنم فرصة فراغك وقدم لنفسك ما ینفعك في حیاتك األخرى

وما یترك لك أثرا صالحا في حیاتك األولى.

وحیاتك قبل موتك

دث عن الموت الذي یشیر إلیه هذا العنصر الخامس فهو نهایة واذا أردنا أن نتح

المطاف الدنیوي وهو حكم اهللا في جمیع خلقه بعد انتهاء آجالهم قال تعالى: (لكل

.٣أجل كتاب)

) .٢٨) ـ ص (٢ج ( –األم الترمذي –/ سنن الترمذى ( كتاب الزكا ة) ١ ) .١) ـ ص (٢ج ( –األم الترمذي –كتاب الزكا ة) / سنن الترمذى ( ٢ ).٣٨رقم اآلیة ( –/ سورة الرعد ٣

- ٨٤ -

كرام ) لنبیه وقال ١وقال تعالى:(كل من علیها فان * ویبقى وجه ربك ذو الجالل واإل

فالموت إذن هو ٢ومصطفاه صلوات اهللا وسالمه علیه:(إنك میت وانهم میتون )

نهایتنا جمیعا، وقد جعله اهللا من أعظم المصائب كما سماه بهذا في قوله

.٣تعالى:(فأصابتكم مصیبة الموت)

ى دار، من دار عمل إلى دار وذلك ألنه تبدل من حال إلى حال، وانتقال من دار إل

الحساب، ولیس الموت هو نهایة المطاف فقط، وانما هو أیضا مرحلة انتقال كما

رأیت، وفي ذلك یقول اهللا تعالى بعد أن حدثنا عن مراحل خلق اإلنسان " ثم إنكم بعد

.٤"ذلك لمیتون * ثم إنكم یوم القیامة تبعثون

وهذا هو أهم ما یجب أن نركز علیه إذا أردنا أن نخرج من هذه الدنیا وقد رضي اهللا

عنا، وغفر لنا، ولكي یكون هناك إیقاظ وتذكیر قبل فوات األوان، وقبل انتقالنا من

دار العمل إلى دار الحساب بدون رصید من الحسنات كان البد وان یكون هناك

یامة .تذكیر بالیوم اآلخر وهو یوم الق

).٢٧ – ٢٦رقم اآلیة ( –/ سورة الرحمن ١ ).٣٠رقم اآلیة ( –/ سورة الزمر ٢ ).١٠٦رقم اآلیة ( –/ سورة المائدة ٣ ).١٦ – ١٥رقم اآلیة ( –/ سورة المؤمنون ٥

- ٨٥ -

الوصیة الرابعة

الوصیة الجامعة للعمل واإلیمان

صلي (عن أبي العباس عبد اهللا بن عباس رضي اهللا عنهما قال: كنت خلف النبي

اهللا علیه وسلم )یوما فقال: ( یا غالم إني أعلمك كلمات: أحفظ اهللا یحفظك أحفظ

نت فأستعن باهللا، وأعلم أن األمة لو اهللا تجده تجاهك، إذا سألت فأسال اهللا، واذا أستع

اجتمعت على أن ینفعوك بشيء لم ینفعوك إال بشيء قد كتبه لك، وان اجتمعوا على

أن یضروك بشيء لم یضروك إال بشيء قد كتبه اهللا علیك، رفعت األقالم وجفت

.١الصحف)

تناب ما : أي أحفظ اهللا بحفظ فرائضه وحدوده، ومالزمة تقواه واجأحفظ اهللا یحفظك

ال یرضاه: یحفظك في نفسك وأهلك ودنیاك، وال سیما عند الموت إذ الجزاء من

جنس العمل!!؟

صلي اهللا علیه وسلم ): (بني اإلسالم على (أما عن الفرائض فقد ورد: قول الرسول

خمس: شهادة أن ال إله إال اهللا، وأن محمدا رسول اهللا، واقامة الصالة ، وایتاء

.٢لبیت، وصوم رمضان)الزكاة، وحج ا

صلي اهللا علیه (ولما كانت الصالة هي أهم هذه الفرائض التي جمعها المصطفى

صلي اهللا علیه وسلم ): (في قوله: ( بني اإلسالم ... الخ) وذلك بدلیل قوله وسلم )

(أول ما یحاسب علیه العبد یوم القیامة الصالة، فإن صلحت صلح سائر عمله وان

.٣عمله) فسدت فسد سائر

. ولما كانت ٤وقوله علیه الصالة والسالم: ( بین الرجل وبین الكفر ترك الصالة)

صلي اهللا علیه وسلم ) في (الصالة كذلك هي: عماد الدین كما أشار المصطفى

وحتى نحافظ ٥قوله: (رأس األمر اإلسالم، وعموده الصالة، وذروة سنامه الجهاد)

ى، وحتى نكون من الذین تحدث اهللا عنهم في قوله: " على الصالة كما أمرنا اهللا تعال

).٢٩٣ـ ص (٢ج –د بن حنبل اإلمام أحم –/ المسند ٤ ). ٢- ١) ـ ص ( ١٠ج ( -تاریخھا : ال یوجد –اإلمام البخاري –/ صحیح البخارى ( كتاب اإلیمان) ١ ).١٨٨ص ( –اإلمام الترمذي –)/ سنن الترمذى ( كتاب الصالة ٢ ).٨٩ص ( –اإلمام الطبراني –/ المعجم الكبیر ( كتاب السفر) ٣ ).٢٣١)ـ ص (١١مام أحمد بن حنبل ـ مرجع السابق ـ ج(األ -/ المسند ٤

- ٨٦ -

والذین هم على صلواتهم یحافظون * أولئك هم الوارثون * الذین یرثون الفردوس هم

.١فیها خالدون"

ظون * أولئك في جنات وقوله سبحانه وتعالى: "والذین هم على صالتهم یحاف

مكرمون"٢.

: الدعاء، وشرعا: عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة مفتحة بالتكبیر، والصالة لغة

الة (مختمة بالتسلیم، وهي ثابتة بالكتاب والسنة واجماع األمة قال تعالى: إن الص

أي: مفروضا مقدرا وقتها فال تؤخر عنها.٣)كانت على المؤمنین كتابا موقوتا

فقد فرضت لیلة اإلسراء قبل الهجرة بسنة ونصف وحكمة مشروعیتها القیام بشكر

المنعم وتكفیر الذنوب بأدائها ففي الحدیث الشریف:

صلي اهللا علیه وسلم ) قال: ( أرأیتم لو (رضي اهللا عنه): أن النبي (عن أبي هریرة

م یغتسل فیه كل یوم خمس مرات ما تقولون؟ هل یبقى من درنة أن نهرا بباب أحدك

: ( فذلك مثل الصلوات الخمس یمحوشیئا؟ قالوا: ال یبقى ذلك من درنة شیئا؟ قال

.٤اهللا بها الخطایا)

وثمرة الصالة البعد عن المخالفات في الدنیا، ونیل الثواب في العقبى قال تعالى:

الة إن ال( الة تنهى عن الفحشاء والمنكروأقم الص إنا ال نضیع (وقوله تعالى: ) ٥ ص

.٦أجر من أحسن عمال)

وكان من الواجب على كل مسلم ومسلمة أن: یحافظ على هذه الصلوات الخمس،

خلف وعلى أوقاتها، إال كان من الذین قال اهللا في شأنهم: (فخلف من بعدهم

الة واتبعوا الشهوات فسوف یلقون غی�ا) .٧أضاعوا الص

قرأ هذه قال إبن كثیر: قال األوزاعي عن إبراهیم بن زید أن عمر بن عبد العزیز

اآلیة، ثم قال: لم تكن إضاعتهم تركها ولكن أضاعوا الوقت!؟

).١١-٩رقم اآلیة ( –/ سورة المؤمنون ٥ .)٣٥ – ٣٤رقم اآلیة ( –/ سورة المعارج ٦ ).١٠٣اآلیة ( –/ سورة النساء ٣ ) .٦ـ ص ( ٥األمام الترمذي ـ ج –)/ صحیح الترمذى ( كتاب الزكاة ٤ ).٤٥آلیة (رقم ا –/ سورة العنكبوت ٥ ).٣رقم اآلیة ( –/ سورة الكھف ٦ .٥٩/ سورة مریم ـ رقم اآلیة ٧

- ٨٧ -

اهللا: هو أن ال یصلي الظهر حتى یأتي وقال سعید بن المسیب إمام التابعین رحمه

العصر وال یصلي العصر إلى المغرب، وال یصلي المغرب إلى العشاء، وال یصلي

العشاء إلى الفجر، وال یصلي الفجر إلى طلوع الشمس. فمت مات وهو مصر على

هذه الحالة ولم یتب وعده اهللا (بغي) وهو واد في جهنم بعید قعره.

هي الفاضل عن ذكر اهللا أن یقرأ قول اهللا تعالى:(یا أیها الذین آمنوا ویكفي هذا الال

١ال تلهكم أموالكم وال أوالدكم عن ذكر الله ومن یفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون )

٢ین * الذین هم عن صالتهم ساهون)ویكیفه كذلك أن یقرأ قوله تعالى:(فویل للمصل

فإن كان هذا هو حال من یؤخر الصالة فما بالك بمن ال یصلیها نهائیا.

صلي اهللا علیه وسلم ) قال: ( أمرت أن (وعن ابن عمر رضي اهللا عنهما أن النبي

موا الصالة، أقاتل الناس حتى یشهدوا أن ال إله إال اهللا وأن محمدا رسول اهللا ویقی

٣ویؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إال بحقها، وحسابهم على اهللا)

وأحفظ اهللا تعالى بحفظ حدوده ومحارمه

الحدود وهي جمع حد، وهي في اللغة: المنع، وأما في الشرع: فهي محارم اهللا

وعقوباته التي قرنها بالذنوب.

المنع والفصل بین الشیئین) فكأن حدود الشرع فصلت قال في النهایة: (وأصل الحد

بین الحالل الحرام، فمنها ما ال یقرب كالفواحش المحرمة، ومنه قوله تعالى:(تلك

ومنها ما ال یتعدى كالمواریث المعینة وتزوج األربع ومنه ٤حدود الله فال تقربوها")

.٥ تعتدوها)قوله تعالى:(تلك حدود الله فال

.٦ومنه الحدیث الشریف: (إني أصبت حدا فأقمه على ...)

أي: أصبت ذنبا أوجب على حدا أي: عقوبة.

).٩رقم اآلیة ( –/ سورة المنافقون ١ ).٦-٥رقم اآلیة ( –/ سورة الماعون ٢ .)١ص ( -) ١ج ( تاریخھا ال یوجد –مكانھا القاھرة –) ١ط ( –إبن ماجة –/ سنن أبن ماجة ـ ( كتاب الفتن) ٣ ).١٨٧رقم اآلیة ( –ورة البقرة / س ٤ ).٢٢٩رقم اآلیة ( –/ سورة البقرة ٥ .٥٩٩ـ ص ١٢ـ صحیح الترمذي ( كتاب الصالة ) ـ اإلمام الترمذي ـ ج ٦

- ٨٨ -

والمراد هنا عدم األقتراب من محارم اهللا تعالى حذرا من الوقوع فیما یوجب دخول

.١جهنم فیقول علیه الصالة والسالم:(أتق المحارم تكن أعبد الناس...)

قد مدح اهللا تعالى المتقین الحافظین لحدوده فقال: (وأزلفت الجنة للمتقین غیر بعید و

.٢* هذا ما توعدون لكل أواب حفیظ * من خشي الرحمن بالغیب وجاء بقلب منیب)

أحفظ اهللا تجده تجاهك:

وكن ممن من خشي الرحمن بالغیب وجاء بقلب منیب، تجده : أحفظ اهللافالمراد

أمامك أي معك بالحفظ واإلحاطة والتأیید واإلعانة، حیثما كنت فتستأنس له،

وتستغنى به عن خلقه.

إذا سألت فأسال اهللا إذا أردت سؤال شيء فأسال اهللا أن یعطیك إیاه ، وال تسأل

در وال متفضل غیره، فهو أحق أن یقصد وقد أمر اهللا الناس أن غیره، ألنه ال قا

یدعوه ویتضرعوا إلیه ووعدهم أن یستجیب لهم ویحقق لهم سؤالهم، فقال تعالى: (

.٤وقال تعالي:( ادعوا ربكم تضرعا وخفیة) ٣ادعوني أستجب لكم)

صلي اهللا علیه وسلم ): ( (سول اهللا رضي اهللا عنه) قال: قال ر (وعن أبي هریرة

.٥الدعاء سالح المؤمن، وعماد الدین، ونور السموات واألرض)

آداب الدعاء:

صلي اهللا علیه وسلم ) حین سأله سعد بن وقاص (. تحرى الحالل ، قال النبي ١

أن یدعو له اهللا بأن یكون مستجاب الدعوة فقال: ( یا سعد، أطب مطعمك تكن

وة، والذي نفسه محمد بیده إن الرجل لیقذف اللقمة الحرام في جوفه ما مستجاب الدع

.٦یتقبل منه أربعین یوما، وأیما عبد نبت لحمه من السحت والریا فالنار أولى به)

صلي اهللا علیه وسلم ) یستسقى فدعا (. استقبال القبلة إن أمكن، فقد خرج: النبي ٢

وأستسقى وأستقبل القبلة!!

.٤٤ـ ص ١٣ـ صحیح مسلم ( كتاب التوبة ) ـ اإلمام مسلم ـ ج ١ .٦٠ـ سورة ق ـ رقم اآلیة ٢ .٦٠ـ سورة غافر ـ رقم اآلیة ٣ .٥٥األعراف ـ رقم اآلیة ـ سورة ٤ .٢٥٧ـ ص ٥ـ صحیح مسلم ( كتاب الذكر والدعاء ـ باب التوبة واإلستغفار) ـ اإلمام مسلم ـ ج ٥ ).١٨ص ( –) ٢ج ( –االمام أحمد بن حنبل –ـ المسند ٦

- ٨٩ -

ى األوقات الفاضلة والحاالت الشریفة مطلب شرعي: كیوم عرفة وشهر . تحر ٣

رمضان، ویوم الجمعة، والثلث األخیر من اللیل، ووقت السحر، وأثناء السجود وعند

نزول الغیث، وبین اآلذان واإلقامة، والتقاء الجیوش، وعند الخوف ورقة القلب، وبكاء

العین من خشیة اهللا تعالى!!

صلي (یر إثم أو قطیعة رحم، فعن أبي سعید الخدري أن الرسول . الدعاء من غ٤

اهللا علیه وسلم ) قال: ( ما من مسلم یدعو اهللا عز وجل بدعوة لیس فیها إثم وال

قطیعة رحم إال أعطاه اهللا بها إحدى ثالث خصال: إما أن یعجل له دعوته، واما أن

ثلها. قالوا: إذا تكثر؟ قال اهللا یدخرها له في اآلخرة، واما أن یصرف عنه من السوء م

.١أكثر)

. اختیار جوامع الكلم .٥

. تكرار الدعاء ثالثا.٦

. الثقة باهللا من أسباب االستجابة.٧

فالبد أن تكون مع اهللا تعالى دائما حتى یكون معنا ونسأله وال نسأل غیره.

واذا استعنت فأستعن باهللا

ور الدنیا واآلخرة فاستعنت باهللا تعالى ألنه أي: إذا طلبت اإلعانة على أمر من أم

القادر على كل شيء، وغیره عاجز عن كل شيء حتى جلب مصالح نفسه ودفع

مضارها، وقد كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزیز: ( ال تستعن بغیر اهللا یكلك اهللا

إلیه)، وأعلم أن: من أعتمد على ماله قل ومن أعتمد على عقله ضل، ومن أعتمد

.٢على جاهة ذل: ومن أعتمد على اهللا ال قل، وال ضل وال ذ ل

( وأعلم أن األمة لو اجتمعت ... الخ ).

هذا معناه أنه لیست هناك قوة على وجه األرض تستطیع أن تنفع أو تضر إال بإذن

اهللا سبحانه وتعالى التي قدرها في لوحة المحفوظ.

). ١٩ص ( –) ٢ج ( –االمام أحمد بن حنبل –ـ / المسند ١ نھ./ من كالم سیدنا على رضي هللا ع ٢

- ٩٠ -

صابك لم یكن لیخطئك، وأعلم أن وأعلم أن ما أخطاك لم یكن لیصیبك، وما أ

.١النصر مع الصبر، وأن الفرح مع الكرب، وأن مع العسر یسرا)

الوصیة الخامسة

الوصیة بكثرة الذكر والشكر

رضي اهللا عنه) أن الرسول (صلي اهللا علیه وسلم) أخذ (عن معاذ بن جبل

تدعن في دبر كل بیده وقال: ( یا معاذ واهللا إني ألحبك ثم أوصیك: یا معاذ: ال

.٢صالة أن تقول: ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)

إال أنه كان حبیبا لرسول أهال لهذه الوصیة العظیمة التي ما فاز بها سیدنا معاذ

(صلي اهللا علیه وسلم)، مع مالحظة أن هذا الدعاء الوارد في هذه الوصیة من

األدعیة الوارد في ختام الصالة.

عن ثوبان مولى النبي (صلي اهللا علیه وسلم) قال: كان رسول (صلي اهللا علیه

إذا أنصرف من صالته أستغفر اهللا ثالثا وقال: ( اللهم أنت السالم ومنك وسلم)

.٣السالم تباركت یا ذو الجالل واإلكرام)

ة ( رضي اهللا عنه ) أن النبي (صلي اهللا علیه وسلم) قال: ( من قرأ آی وعن على

.٥إلى الصالة األخرى) ٤الكرسي في دبر الصالة المكتوبة كان في ذمةاهللا

وما ورد في التهلیل والتكبیر والتسبیح والتحمید عقب الصالة: عن أبي هریرة أن

ثالثا وثالثین، وحمد ٦النبي (صلي اهللا علیه وسلم) قال: ( من سبح دبر كل صالة

وثالثین، فتلك تسع وتسعون، ثم قال في تمام اهللا ثالثا وثالثین، وكبر اهللا ثالثا

المائة: ال إله إال اهللا وحده ال شریك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء

.٧قدیر، غفرت خطایاه ولو كانت مثل زبد البحر)

).٥٩ص ( –األمام الترمذي –)/ صحیح الترمذى ـ( كتاب القیامة ١ ).١٥٥ص ( –البخاري –/ صحیح البخارى ـ كتاب اآلذان ٢ )١٣٦ – ١٣٥ص ( –اإلمام مسلم –/ صحیح مسلم (كتاب المساجد) ٣ / ذمة هللا : حفظ هللا . ٤ـ ١ج ـ ـ مكتبة ابن تیمة ، القاھرة د ون تاریخ نشر ١دي عبد المجید السلفي ـ .طتحقیق حم –اإلمام الطبراني –/ المعجم الكبیر ٥

).٥٦٥ص ( / دبر كل صالة: أي بعد كل صالة. ٦ .٩٨٥ـ ص ٤/ صحیح مسلم ( كتاب فضل الدعاء واألذكار) ـ ج ٧

- ٩١ -

عن أبي هریرة رضي اهللا عنه أن فقرأ المهاجرین أتوا رسول اهللا (صلي اهللا علیه

هل الدثور بالدرجات العال والنعیم المقیم؟ قال:(وما ذاك) قالوا: وسلم) فقالوا: ذهب أ

یصلون كما نصلى، وسیصومون كما نصوم، ویتصدقون وال نتصدق، ویعتقون وال

نعتق؟

فقال رسول اهللا (صلي اهللا علیه وسلم) : أفال أعلمكم شیئا تدركون به من سبقكم

إال من صنع مثل ما صنعتم؟ وتسبقون به من بعدكم وال یكون أحد أفضل منكم

قالوا: بلى یا رسول اهللا ، قال: تسبحون اهللا وتكبرون وتحمدون دبر كل صالة ثالثا

. فرجع فقراء المهاجرین إلى رسول اهللا (صلي اهللا علیه وسلم) فقالوا: ١وثالثین مرة)

یه سمع إخواننا أهل األموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول اهللا (صلي اهللا عل

.٢وسلم): (ذلك فضل اهللا یؤتیه من یشاء !!؟)

فمن الروایات یتبین لنا بوضوح أن التسبیح، والتحمید والتكبیر دبر كل صالة وأرد

بأعداد مختلفة غیر أن أقواها روایة، التسبیح، التحمید والتكبیر ثالث وثالثین، كما

وابها الحتمال أن علم من هذه الروایات والمفروض أن ال نتعداها حتى ال نحرم ث

یكون لتلك األعداد حكمة وخاصیة تفوت بمجاوزة ذلك العدد وكما ورد عن احد رواة

األحادیث (إن من البدع المكروهة الزیادة في المندوبات المحدودة ، ألن شأن

العظماء إذا حدو شیئا أحبوا أن یوقف عنده ، فقد مثله بعضهم بالدواء یكون فیه مثال

ر فلو زید فیه أوقیة أخرى قل اإلنتفاع به ، وكما ورد جواز عد الذكر أوقیة من السك

بالنوى والحصى.

ومن األدعیة المأثورة التي سمعت من النبي(صلي اهللا علیه وسلم):( اللهم إني أعوذ

بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك إن أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك

من عذاب القبر).من فتنة الدنیا، وأعوذ بك

(اللهم عافني في بصري، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك

من عذاب القبر ال إله إال أنت).

.٩٨٠ـ ص ٤/ صحیح مسلم ( كتاب فضل الذكر والدعاء ) ـ اإلمام مسلم ـ ج ١ ).٢٣٨) ـ ص ( ١١ج ( –األمام أحمد بن حنبل –د / المسن ٢

- ٩٢ -

ومع مالحظة أن النبي (صلي اهللا علیه وسلم) كان یقول بعد صالة الصبح وبعد

و على كل شيء المغرب: (ال إله إال اهللا وحده ال شریك له، له الملك وله الحمد وه

قدیر، عشر مرات)!!

وخالصة القول للمعاني التي تنطوي علیه كلمات هذا الدعاء: (اللهم اعني على

ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) وهي إن الدنیا كثیرا ما تكون سببا في انشغال اإلنسان

عن ربه وكثیرا ما تكون سببا في ضیاعه وهالكه، ولهذا كان من الحكمة أن نسأل

سبحانه وتعالى أن یعیننا على ذكره وشكره، وحسن عبادته، حتى تكون في اهللا

حصانة من فتنها وكیدها!!

ومع مالحظة إن الذكر في اللغة ضد النسیان، وانه ال یكون فقط باللسان وانما یجب

أن یكون بجمیع الجوارح، ولهذا قال العلماء: ذكر القلب الخوف والرجاء وذكر اللسان

ناء، وذكر البدن الوفاء، وذكر الروح التسلیم والرضي عن اهللا تعالى.المدح والث

وأعلم أن قراءة القرآن ذكر وهو أفضل األذكار والصالة على النبي (صلي اهللا علیه

وسلم) ذكر، واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذكر، ومدارسة العلوم الدینیة

فهو ذكر.والفقیة فیها ذكر، كل یوصلك إلى اهللا تعالى

: فهو االقرار واالعتراف بما أنعم اهللا تعالى به علینا، وهو أیضا الثناء وأما الشكر

على المحسن بذكر إحسانه، وهو: زیادة في النعم وأمان من النقم قال تعالى: (وان

.٢ن الله)، وقوله تعالى:(وما بكم من نعمة فم ١تعدوا نعمة الله ال تحصوها)

وال سیما نعمة اإلیمان واإلسالم، ونعمة: الصحة والعافیة ونعمة الغنى عن الناس إلى

آخره، فكل هذه النعم ال حصر لها تحتاج منا شكرا للمنعم سبحانه الذي یقول:(وأیدكم

.٣بنصره ورزقكم من الطیبات لعلكم تشكرون)

وأعلم أن الشكر كما ٤الى:(لئن شكرتم ألزیدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشدید)وقوله تع

یكون في القلب واللسان یكون بجمیع الجوارح فشكر الیدین العطاء وشكر العینین أن

).١٨رقم اآلیة ( –/ سورة النحل ١ ).٥٣رقم اآلیة ( –/ سورة النحل ٢ .٢٦/ سورة األنفال ـ رقم اآلیة ٣ .٧/ سورة أبراھیم ـ رقم اآلیة ٤

- ٩٣ -

ن ال تسمع ما تنظر إلى ما یحل، وشكر األذنین إ تستر عیب أخیك المسلم، وان ال

دخل سفیان على تطهیره من األحقاد واألدران ،حل، وذكر القلب أن تعمل ال ی

وقال له علمني یا أبن رسول لثوري رحمه اهللا على جعفر الصادق رضي اهللا عنها

اهللا (صلي اهللا علیه وسلم) مما علمك اهللا فقال له: (إذا تظاهرت الذنوب فعلیك

واذا تظاهرت الغموم فقل: ال حول وال باإلستغفار، واذا تظاهرت النعم فعلیك بالشكر،

قوة إال باهللا؟ فخرج سفیان یقول: ثالث وأي ثالث!

سابعا :الوصایا األخیرة للنبي صلي اهللا علیه وسلم

وصیة الرسول صلى اهللا علیه وسلم للمسلمین حیال حكامه

الوصیة األولى :

ل اهللا صلى اهللا علیه عن العریاض بن ساریة رضي اهللا عنه قال : " صلى بنا رسو

وسلم ذات یوم ثم أقبل علینا فوعظنا موعظة بلیغة ذرفت منها العیون ووجلت منها

القلوب، فقال قائل: " یا رسول اهللا كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلینا؟

فقال:(أوصیكم بتقوى اهللا ، والسمع والطاعة وان عبدا حبشیا فإنه من یعیش منكم

تالفا كثیرا ، فعلیكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدین المهتدین ، بعدى فسیرى إ خ

تمسكوا بها وعضوا علیها بالنواجذ، وایاكم ومحدثات األمور فإن كل محدثة بدعة

١وكل بدعة ضاللة)

كانوا الصحابة علیهم السالم یتأثرون بالمواعظ النافعة التي كانوا یستمعون الیها من

، أنهم كانوا إذا جلسوا بین یدیه منصتین كأن على رؤسهم النبي صلى اهللا علیه وسلم

الطیر، والسبب في ذلك هو حبهم له واقتناعهم به.

صلى اهللا علیه (ونستطیع اآلن ان نتصور لماذا تأثر األصحاب بموعظة الرسول

التي ذرفت منها العیون ووجلت منها القلوب بصورة فاقت جمیع المواعظ )وسلم

ي جعلهم یشعرون بهذا اإلحساس المؤلم وهو قرب وفاة الرسول السابقة األمر الذ

: یا رسول اهللا كأن هذه موعظة مودع تتمزقفقالوا وقلوبهم )صلى اهللا علیه وسلم(

، ثم طلبوا منه إن صح توقعهم أن یزودهم بوصیة تكون نصب أعینهم حتى یلتقوا به

د إلینا؟" فقال: " أوصیكم تحت عرش الرحمن یوم ال ظل إال ظله، فقالوا " ماذا تعه

.١٢٦ـ ص ٤/ المسند ـ اإلمام احمد بنى حنبل ـ ج ١

- ٩٤ -

ومن یتق الله یجعل له بتقوى اهللا" ألن تقوى اهللا هي رأس األمر كله، قال تعالى:"

.١" مخرجا ویرزقه من حیث ال یحتسب

كما تحدث عن طاعة األمیر ألنها واجبة وألنها أمر من اهللا تعالى بشرط أن تكون

، واال فإنه ال طاعة لمخلوق في معصیة الخالق، وهذا هو ماقاله في طاعة اهللا

الصدیق رضي اهللا عنه بعد أن أصبح خلیفة لرسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم، قال

في خطبته:" أطیعوني ما أطعت اهللا ورسوله، فإذا عصیت اهللا ورسوله فال طاعة لي

.٣زغت فقوموني " وقال في خطبة أخرى:" إن أستقمت فتابعوني وان٢علیكم"

ثم بعد ذلك تنبأ الرسول صلى اهللا علیه وسلم بما یحدث بعده من تغیرات واختالفات

فقال وكأنه یرى بل وهو یرى: "فإنه من یعش منكم بعدي فسیرى إختالفا كثیرا"،

صدق رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم فها نحن نرى اآلن في زماننا ما یؤكد كالمه

ونبوءته.

أله الصحابة رضوان اهللا علیهم ما المخرج إذا كانا في هذا الزمان المتردي فقد س

لهم ولمن سیأتي بعدهم من أبناء هذا الزمان الذي )صلى اهللا علیه وسلم (فیقول

أدركناه " فعلیكم بسنتي" وهي أتباعه في جمیع أقواله وأفعاله والتأسي به في سائر

س أحواله قال تعالى:" ، وقال تعالى: ٤فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" -ول ماآتاكم الر

سول واحذروا فإن تولیتم فاعلموا أنما على رسولنا البال غ "وأطیعوا الله وأطیعوا الر

سول فقد أطا ع الله ومن تولى فما أرسلناك علیهم المبین"، وقال تعالى:" من یطع الر

٥حفیظا"

فقد ) صلى اهللا علیه وسلم(والنكون صادقین في حبنا هللا تعالى إال إذا أتبعنا رسوله

لكم قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني یحببكم الله ویغفر قال اهللا تعالى في ذلك:"

٦ذنوبكم والله غفور رحیم"

أنه خطب في حجة الوداع فقال: " إن )صلى اهللا علیه وآله وسلم(وروى الحاكم عنه

الشیطان قد یئس أن یعبد بأرضكم ولكن رضي أن یطاع فیما سوى ذلك مما تحقرون

.٣سورة الطالق ـ اآلیة / ١ ٢٢٥ص ٣/ البدایة والنھایة ـ أبن كثیر ـ ج ٢ ٣٢٥ـ ص ٣/ المرجع سابق ـ ج ٣ . ٧/ سورة الحشر ـ رقم اآلیة ٤ .٨٠/ سورة النساء ـ رقم االیة ٥ .٣١سورة آل عمران ـ رقم اآلیة / ٦

- ٩٥ -

وا أبدا كتاب من أعمالكم ، فأحذروا ، إني تركت فیكم ما إن أعتصمتم به فلن تضل

اهللا وسنة نبیه"

: " یا بني إن )صلى اهللا علیه وسلم(وعن أنس رضي اهللا عنه قال : قال رسول اهللا

قدرت أن تصبح وتمسي لیس في قلبك غش ألحد فافعل"، ثم قال:" یا بني وذلك من

١سنتي ومن أحب سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة"

: وهم سیدنا أبوبكر، وسیدنا عمر ، وسیدنا عثمان ن المهتدینوسنة الخلفاء الراشدی

وسیدنا علي رضي اهللا عنهم أجمعین ، ألنهم ساروا على طریقته واقتفوا أثره ، ولم

یخرجوا عن صراطه المستقیم الذي خطه لهم ولغیرهم من المؤمنین إلى قیام الساعة.

ا كان رسول اهللا صلى اهللا علیه یقول سیدنا أبوبكر رضي اهللا عنه :" لست تاركا شیئ

٢وسلم یعمل به إال عملت به ، إني أخشى إن تركت شیئا من أمره أن أزیغ"

روى الطبراني والبیهقي عن عابس بین ربیعة قال: " رأیت عمر بن الخطاب رضي

اهللا عنه یقبل الحجر األسود ویقول :" إني أعلم أنك حجر ال تنفع والتضر ولوال رأیت

٣ صلى اهللا علیه وسلم یقبلك ما قبلتك"رسول اهللا

ي أعمل بكتاب وقال سیدنا علي رضي اهللا عنه: " إني لست بنبي وال یوحى إلى ولكن

ستطعت".اهللا وسنة نبیه ما إ

وهو الذي )رضي اهللا عنه(وخالصة القول في هذا ما قاله عمر بن عبد العزیز

لیه وعلیهم رضوان اهللا ، یقول:" یسمى بخامس الخلفاء الراشدین لسیره على منوالهم ع

سنة رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم ، ووالة األمر _یعني الخلفاء الراشدین_ بعدد

قال : "وما أتاكم الرسول أي حیث –سنننا األخذ بها تصدیق لكتاب اهللا

سول ف أي : طاعة رسوله لقوله تعالى:" –ستعمال لطاعة اهللا فخذوه"إ ن یطع الر قد م

٤"أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك علیهم حفیظا

. ٥وقد قال علیه الصالة والسالم :(علیكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدین من بعدي )

ال ولیس ألحد تغیرها بزیادة وال نقصان فیها وال تبدیلها بغیرها ظنا أنه أحسن منها و

. ١٩ـ ص ٥/ صحیح الترمذي ـ كتاب مناقب علي بن أبي طالب (رضي هللا عنھ) ـ ج ١ .٦)، ص ١المسند ـ األمام أحمد بن حنبل ــ ج(/ ٢ .٣٥) ـ ص ١/ المرجع السابق ـ ج( ٣ .٧سورة الحشر ـ رقم اآلیة / ٤ .١٢٦) ـ ص ٤/ صحیح البخاري ـ اإلمام البخاري ـ ج( ٥

- ٩٦ -

ستنصر بها فهو منصور ها، ومن إقتدي بها فهو مهتد، ومن إالنظر في رأي من خالف

ومن خالفها واتبع غیر سبیل المؤمنین واله اهللا ما تولى وأصاله جهنم وساءت مصیرا

ومن هنا كان والبد وأن نتمسك بها ونعض علیها بالنواجذ، والمراد بالعض : المسك

ا السنة وأحرصوا علیها كما بجمیع الفم فكأنه صلى اهللا علیه وسلم یقول : " ألزمو

یحرص العاض على الشئ بنواجذه خوفا من ذهابه وتفلته؛ ثم یحذر المصطفى

صلوات اهللا وسالمه علیه أصحابه وجمیع المؤمنین إلى قیام الساعة.

وایاكم ومحدثات األمور: وذلك حیث یصیر المعروف منكرا والمنكر معروفا ،

البدعة هي ما أحدث على خالف الحق المتلقى وتصیر السنة بدعة والبدعة سنة، و

عن رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم، وجعلت دینا قویا وصراطا مستقیما ، وتلك

ضاللة ما بعدها ضاللة.

یا أیها الذین آمنوا قوا أنفسكم وأهلیكم وقد ورد: "كل ضاللة في النار" قال تعالى:"

ا الناس والحجارة علیها مالئكة غالظ شداد ال یعصون الله ما أمرهم نارا وقوده

١ویفعلون ما یؤمرون"

قال علیه السالم :" كل أمتي یدخلون الجنة إال من أبي ، قالوا :( یا رسول اهللا ومن

٢أبى) یأبى)؟ قال: ( من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد

الوصیة الثانیة :

في وصایاه علیه السالم للمسلمین بحكامهم

عن عوف بن مالك األشجعي رضي اهللا عنه قال: سمعـت رسول اهللا صلى اهللا علیه

وسلم یقول( خیار أئمتكم الذین تحبونهم ویحبونكم ، وتصلون علیهم ویصلون علیكم

ویلعنونكم ، قال:"قلنا یا رسول وشرار أئمتكم الذین تبغضونهم ویبغضونكم وتلعنونهم

اهللا ، أفال ننابزهم عند ذلك ؟ ما أقاموا الصالة فیكم ، اال من ولي علیه وال فرآه

یأتي شیئا من معصیة اهللا فلیكره ما یأتى من معصیة اهللا تعالى ال ینزعن یدا من

.٣طاعة )

. ٦/ سورة التحریم ـ رقم اآلیة ١ .٣٦١) ـ ص ٢/ صحیح البخاري ـ اإلمام البخاري ـ ج( ٢ .١١٦٩٣) ـ ص ٤مسلم ـ االمام مسلم ـ ج ( صحیح/ ٣

- ٩٧ -

السلطان األعلى أم األئمة: یعني والة األمور سواء كان اإلمام الكبیر في البلد وهو

كان من دونه ، هؤالء هم والة أمورنا، ینقسمون إلى قسمین : قسم نحبهم ویحبوننا

فتجدنا ناصحین لهم وهم ناصحون لنا، ولذلك نحبهم ألنهم یقومون بما أوجب اهللا

علیهم من النصیحة لمن والهم اهللا علیهم ، ومعلوم أن من قام بواجب النصیحة فإن

، ثم یحبه أهل األرض وقولـه:( ویصلون علیكم وتصلون علیهم ) اهللا تعالى یحبه

الصالة هنا بمعنى الدعاء، ویعني: تدعون لهم ویدعون لكم، تدعون لهم بأن یهدیهم

اهللا ویصلح بطانتهم ، ویوفقهم للعدل إلى غیر ذلك من الدعاء الذي یدعي به

م قائمین بأمرك، وما أشبه السلطان وهم یدعون لكم : اللهم أصلح رعیتنا، اللهم اجعله

ذلك . أما أشرار األئمة فهم :( الذین تبغضونهم ویبغضونكم ) أي: تكرهونهم ألنهم

لم یقوموا بما أوجب اهللا علیهم من النصیحة للرعیة ، واعطاء الحقوق إلى أهلها واذا

فعلوا ذلك فإن الناس یبغضونهم فتحصل البغضاء من هؤالء وهؤالء؛ تحصل

الرعیة للرعاة ، ألنهم لم یقوموا بواجبهم ، ثم تحصل البغضاء من البغضاء من

الرعاة للرعیة ، ألن الرعیة إذا أبغضت الوالي تمردت علیه وكرهته، ولم تطع أوامره

ولم تتجنب ما نهى عنه وحینئذ ( تلعنونهم ویلعنونكم) یعني: یسبونكم وتسبونهم ، أو

ة.یدعون علیكم باللعنة وتدعون علیهم باللعن

الوصیة الثالثة

وصیة الرسول علیه صلي اهللا علیه وسلم إلى الخلیفة من بعده

أن الرسول صلى اهللا علیه وسلم قال:( أوصى - رضي اهللا عنه –عن إبي أمامة

الخلیفة من بعدي بتقوى اهللا ، وأوصیة بجماعة المسلمین ، أن یعظم كبیرهم ، ویرحم

یذلهم ، والیوحشهم فیكفرهم، وأال یغلق بابه صغیرهم ، ویوقر عالمهم، وأال یضربهم ف

١دونهم فیأكل قویهم ضعیفهم)

للخلیفة من بعده تضم العناصر السبعة )صلى اهللا علیه وسلم(إن وصیة الرسول

األساسیة التي ینبغي أن یلتزم بتقوى اهللا ، بل تكون إمارته فاسدة، وان حاكما، خلیفة

كبیر والیرحم الصغیر والیوقر العلماء یكون حاكما ال یعظم ال -كان أو ملكا أو رئیسا

٦م ـ ج١٩٨٥ـ مكانھا المكتب االسالمي بیروت ـ تاریخھا ٢ـ محمد ناصر االلباني ـ ط في تخریج أحادیث منار السبیل/ اراءالغلیل ١

. ٧٤ـ ص

- ٩٨ -

فاسدا، وان حاكما یضرب جماعة المسلمین ویوقع الرعب في قلوبهم ویغلق بابه

دونهم یكون مدمرا لدولته ، فالوحشة هي المجافاة، واغالق أبواب الحاكم في وجه

، ویسود الناس إهدار لمصالحهم؛ فیكفرون به خلیفة ، وتضطرب أمورهم كرعایا

الظلم، ویفتقد األمن واألمان.

الوصیة الرابعة

وصیة الرسول صلى اهللا علیه وسلم عند الموت

عن الفضل بن عباس قال : ( جاءنى رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم ، فخرجت الیه

حتى ل : ( حذ بیدى یافضل ، فأحذت بیدهقد عصب رأسه ، فقا ١، فوجدته موعكا

لیه الناس. فقال : ( أمابعد إجتمعوا ثم قال : ( ناد فى الناس ) فإ) جلس على المنبر

من ٢ال هو ، وأنه قد دنا منى خفوق إله إلیكم الذى ال إأ یها الناس فأنى أحمد اهللا

، ومن كنت شتمت له ٣بین أظهركم فمن جلدت له ظهرا فهذا ظهرى فلیستقد منه

ماال"فهذا مالى فلیأخذ منه ، وال عرضا فهذا عرضى فلیستقد منه ، ومن أخذت له

ن أحبكم الى من أخذ منى إال وإمن قبلى فأنها لیست من شأنى . ٤یخش الشحناء

فلقیت ربى ، وأنا طیب النفس ، وأني أدرى أن هذا غیر ٥ن كان له أو حللنى إحقا"

مغن عنى حتى أقوم فیكم مرارا ، فأدعى علیه رجل بثالثة دراهم فأعطاه عوضها ثــم

ار ما عنده) فبكى أبوبكر خیره اهللا بین الدنیا ، وبین ماعنده ، فأخت قال : ( إن عبدا

.٦رضى اهللا عنه وقال : ( فدیناك بأنفسنا وابائنا )

أن النبى علیه الصالة والسالم یعلم أنه لم یأكل حقا ، ولم یشتم عرضا ، ولم یظلم

الناس ، حیث تقترب صاحب قضیة ، ولكنه یضرب المثل الطیب للناس وكل

االخرة وتدق ساعة الفراق ، وأن یتركوا صفحاتهم بیضاء ، فیردوا الى كل صاحب

حق حقه ، ولكل صاحب دین دینه ، ولكل صاحب قود◌ قصاصة ، حتى یلقى اهللا

طیب النفس ، أهال" للرضى ، خلقا" بالمغفرة ، والیخشى فى ذلك خجال ، أو یخاف

الینفع ، وفضیحة الدنیا التساوى شیئا إذاء فضیحة االخرة .فضیحة ؛ فخجل االخرة

/ موعكا" : مریضا" . ١ / خفوق : حفق النجم یخفق خفوقا" أذا غا ب .٢ لقود ، وھو القصاص ./ فلیسنقد : من ا٣ / الشحناء من قبلى :العداوة من جھتى . ٤ / حللنى : سا محنى . ٥ ). ٣٢٢) ـ ص (١م ج (١٩٩٥) ـ مكانھا : الدار البیضاء اللبنانیة ـ تاریخھا ١/ البیان المحمدى ـ د. مصطفى الشعكة ـ ط (٦

- ٩٩ -

فأدعى رجل علیه بثالثة دراهم ، فأعطاه عوضا عنها ، ثم قال علیه الصالة والسالم

( یاأیها الناس : من كان عنده شىء فلیؤده ، وال یقل فضوح الدنیا عن فضوح :

).األخرة ، أال إن فضوح الدنیا أهون من فضوح االخرة

ثم صلى علیه السالم مع أصحابه ، فقال : ( إن عبدا خیره اهللا بین الدنیا ، وبین

االخرة ) فبكى أبوبكر رضى اهللا عنه وقال : ( فدیناك بأنفسنا وابائنا ).

عن أبى سعید رضى اهللا عنه قال : خطب الرسول صلى اهللا علیه وسلم الناس فقال

ن الدنیا ، وبین ماعنده ، فأختار ماعنده ، فبكى : ( إن اهللا تعالى خیر عبدا بی

أبوبكر رضى اهللا عنه ، فعجبنا لبكائه أن یخیر صلى اهللا علیه وسلم عن عبد خیر

هو المخیر ، وكان أبوبكر رضى اهللا عنه ، هو أعلمنا )صلى اهللا علیه وسلم(فكان

صحبته وماله فقال رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم : ( إن من أمن الناس على فى

أبابكر رضى اهللا عنه ، ولوكنت متخذا" خلیال غیر ربى ألتخذت أبوبكر رضى اهللا

عنه خلیال ، ولكن أخوة اإلسالم ومودتة ال یبقین فى المسجد باب إال سد إال باب

١أبى بكر رضى اهللا عنه ).

) ـ مكاتھا : دار الفضیلة للنشر والتوزیع القاھرة ـ دون ناریخ نشر ١/ خطب الرسول صلى هللا علیھ وسلم ـ محمد خلیل الخطیب ـ ط ( ١

).٢٣٢) ـ ص (١ج (

- ١٠٠ -

المبحث الثالث

لنبویةالخطب ا

تعریفها في ا للغة :

. وخطب الخاطب على المنبر خطابه، طب أي : صار خطیبا یخ ه( مصدر خطب

وخطبه قرأ الخطبه على من حضروا بكالم اهللا ووعظ. وخطب الرجل خطابه صار

.١خطیبا)

أما تعریف الخطابة في اإلصطالح فهناك عدة تعریفات منها ما ذكره محمد ابو زهرة

ي فنون القول لمحاولة :(صفة راسخة في نفس المتكلم یقتدر بها على التصرف فبأنها

. بینما ٢التأثیر في نفوس السامعین وحملهم على ما یراد منهم بترغیبهم واقناعهم)

. وعرفها بعضهم ٣):(فن مشافهة الجمهور واقناعه واستمالتهبأنهاعرفها أحمد الحوفي

القدرة على الكالم في كل ما توصل به إلى اإلقناع في أي مسألة من (بعضهم بأنها:

.٥)فن الكالم الجید( -رفها بعضهم بأنها:. وع٤)المسائل

مكونات الخطبة : ـ

المقدمة .١

العرض او اإلثبات او الموضوع .٢

الخاتمة .٣

أوال: المقدمة:

قال : اإلمام أبو زهرة (هي ما یجعله الخطیب صدرا لخطبته لیثیر الفكر إلیها

ال یعدوه ولیعطي السامعین صورة أجمالیة لها ولیحصر لهم معانیه وأفكاره في نطاق

-٦وال یتجاوزه)

عن تقسیم الخطبة قائال(یسمى األول منها حسن اإلفتتاح ) حاويالإیلیا ( ویتحدث

٧والثاني بیان القصر والثالث تقسیم الخطاب)

) .٩٨ـ ٩٧) ـ ص ( ١/ القاموس المحیطـ ـ الفیروز آبادي ـ مادة خطب ـ ج( ١وت ـ د.ت ـ ص / محمد ابو زھرة: الخطابة أصولھا وتاریخھا في أزھر عصورھا عند العرب: مكانھا : دار الفكر العربي : بیر ٢

١٠٩. ) .١٠) ـ ص (١/ الخطابة ـ احمد محمد الحوفى ـ ج ( ٣ .٩) ـ ص١/ الخطابة ـ احمد محمد الحوفى ـ ج ( ٤ .٩ـ ص ١/ المرجع السابقـ ج ٥ .٩٦ص –اإلمام محمد أبو زھرة -/ الخطابة وإعداد الخطیب٦ .١٨ـ ص ١م ـ ج١٩٩٧مكانھا : دار الثقافة للطباعة والنشر ـ تاریخھا : ـ ١/ فن الخطابة وتطوره عند العرب ـ إ یلیا حاوي ــ ط ٧

- ١٠١ -

الخطیب لیمهد ألفكاره ویجذب یستعین بهاإذن المقدمة لیست سوى مدخل للخطبة ،

المقدمة ضروریة لتنزع بالسامع من حالة السامعین ویثیر أنتباههم وأهتمامهم، وهذه

الالمباالة التي هو علیها في بدء اإلستماع إلى جو آخر یصبح أكثر تقبال لألفكار

التي یتولي الخطیب عرضها والتأثیر بها وهي أول ما یطرق السامع من الخطبة فإن

كانت كانت جیدة اصغى السامعون وتهابوا لما بعدها وتفتح نفوسهم للخطیب، واال

الصمت بعد بها یسود ا یتخذ المقدمة وسیلة نذیرا بفشله وضعف تأثیره ، وكثیرا م

هرج حدث أثر خطبة سابقة ، أو من جراء مناقشة في موضوع الخطبة قبل سماع

الرأي فیها، وضرورة المقدمة في الخطابة قد تصل حد الیمكن فیه األستغناء عنها

، أو یكون مبغضا بالنسبة إلیهم فتكون في كلتا كأن یكون الخطیب مجهوال للسامعین

الحالتین مجاال لعقد الصلة بین الخطیب وسامعیة ،وقد یكون موضوع الخطبة

ال لتوضیح أهمیة أهتمامهم فتكون المقدمة حینئذ مدخ مجهوال للسامعین، أوال یثیر

دة الموضوع وبیان قیمته حتى یصل قلوبهم فیعطي ویقال عنه، ومن شروط جو

المقدمة:

. أن تناسب الخطبة طوال وقصرا.١

. أن تكون واضحة مناسبة لعقول السامعین.٢

. أن تكون مشوقة تجذب المستمعین الى موضوع الخطبة.٣

. وأن تكون متصلة بالموضوع ممهدة له.٤

. أن تكون موزونة المعاني دقیقة التعبیر ٥

لكل خطبة.. ان تكون جدیدة غیر مبتذلة او مشاعة صالحة ٦

: (ولیكن في صدر كالمك دلیل على حاجتك وجاء في تعریف ابن المقفع للبالغة

كما ان خیر ابیات الشعر البیت الذي إذا سمعت صدره عرفت قافیته)

وقد یبدأ الخطیب بتنفیذ حجج خصمه أو یذكر موضوعه على اإلحتمال وكثیر ما

ابي ، وظروف الجمع وتحث یستوحي الخطیب اللبق مقدمته من حال الموقف الخط

الجمع وتحدث أثرا في النفوس عمیقة.

- ١٠٢ -

التبیان او الغرض:

بعض من كتبوا في الخطابة یطلقون علیه اسم العرض، وهو موضوع الخطبة

عمود إلیها بالدلیل الذي یعتبر تأیید القضیة أحیانا التي تدعو وغرضها إذ فیه

احیانا عن المقدمة او الخاتمة ، فلن أستغنى الخطیب الخطبة وقضیتها، ولذا فإن

كان نوعها ال یمكنها اإلستغناء لخطبة أي أن یستغنى عن عرض الموضوع لیستطع

عن العرض.

واإلثبات نوعان:

: شرح األدلة التي یعتمد علیها الخطیب فیما یدعو الیه ، وتوضیح القضیة أحدهما

واآلخر هو ابطال حجج الخصم بضرب األمثال ونحوها، ویسمى ذلك القسم تبیانا،

بما یؤید دعواه ویسمى تنفیذا.

شروط جودتها:

الوحدة :

وذلك ان تنبع مسائله كلها من ینبوع واحد وقد شاع القول من أسباب ضعف الخطابة

الدینیة إن الخطبة الواحدة ذات موضوعات شتى.

: الترتیب

نه إلى ما بعده عرض الخطیب موضوعه متسلسال یقضي كل جزء موذلك بأن ی

وبذلك تمهد األجزاء كلها الى النتیجة التي یریدها.

الوضوح:

وهو أساس الخطبة الناجحة .

/ الخاتمة :٣

هي آخر ما یلقیه الخطیب من خطبته فلها األثر الباقي والواضح، إذ انها أخر كالمه

عها حسن ، ذكرا فكانت اعلقه بنفوسهم، وأكثرها اتصاال بقلوبهم ، فإن هي كانت وق

أحسب ذلك على الخطبة حسنا، واذا كانت سیئة احسب ذلك أیضا بأنها سیئة

فتضیع غایة الخطیب.

والشك انها تأتي موجزة قصیرة بالنسبة للخطبة ذاتها لكنها بالرغم من ذلك ال تقل

تأثیر عنها ، فكما ان المقدمة تعد السامع للتأثیر وتجذب حواسه فإن الخاتمة هي

- ١٠٣ -

تركز اسلفنا تكون آخر مرحلة یقى من الخطبة في نفس السامع، وألنها وكما التي تب

علیها أنتباهه.

وقد دأب الخطباء في نهایة خطبهم على إیجاز ما سبق لهم أن المواكبة كما ان

قسما آخر منه یعتمد الى أستخالص فكرة عامة رئیسیة توقظ سائر األفكار التي

السامع بها لهذا كان من الضروري اال تتسع تصدي لها الخطیب ، وتضاعف تأثیر

الخاتمة الى الجدل والنقاش كالموضوع بل ینبغي ان تنفجر باألفكار والعواطف

١الیقینیة مدویة في وجدان السامع.

من شروط جودة الخاتمة:

ان تكون موجزة بما ألقاه الخطیب غایته ومرماه.

خطیب فإن كانت تهدیدا او انذارا كان ان تكون مثیرة للعاطفة في األمر الذي یرید ال

فیها أقواها ، وان كان یرید من خطبته إثارة عاطفة ، أو كانت إثارة للحماسة وحفز

لهم إلقاء في الخاتمة ابلغ ما یثیرهما ، وان كان یرید من خطبته إثارة عاطفة لرحمة

أتى بأشد ما یثیرها في خاتمة القول.

ـنموذج من خطب العصر األموي :

خطبة الحجاج بن یوسف ألهل الكوفة :

ا ابن ثكم ابن ناصر ، قال : أخبرنا ثابت بن بندار ، أخبرن سماعیل ، حد قرأت على إثكم أبو العباس محم یل لھ حد د ، شاذان ، أخبرنا أبو بكر بن كامل ، ق د بن یزید المبر

ثي ، قال ی ر الل ی ك بن عم د المل ب سناد ذكره ، آخره ع زي في إ ثني التو حن : حد نا ن بیمئذ ذوو حال حسنة ، یخ و ھل الكوفة ی سجد الجامع بالكوفة ، وأ جل منھم بالم رج الر

یھ ، أتانا آت ، فقال یرا على :في العشرة والعشرین من موال اج قدم أم ھذا الحججھھ ، مت ى بھا أكثر و ما بعمامة قد غط م سجد متع قلدا العراق ، فإذا بھ قد دخل الم

حوه ، حتى صعد المنبر ، فمكث سا ، یؤم المنبر ، فقام الناس ن و ا ق ب فا ، متنك ی سعمل مثل ھ ست ث ت ی بني أمیة ح عض : قبح هللا ب عضھم ل ا ذ ساعة ال یتكلم ، فقال الناس ب

ل مھ حصبھ لكم ؟ فقالوا : أ برجمي : أال أ یر بن ضابئ ال على العراق ! حتى قال عمیھ ، ونھض ، فقال من ن ف یھ حسر اللثام ع ا رأى عیون الناس إل حتى ننظر ، فلم

ھل الوافر أنا ابن جال وطالع الثن یا أ ایا متى أضع العمامة تعرفوني ثم قال :( وهللانعت وحان قطافھا ، وإني لصاحبھا ، وكأني أنظر إلى ی ى رؤوسا قد أ الكوفة إني ألر

ن العمائم واللحى ی ماء ب جز ھذا أ الد یل ، قال : من الر ي زیم قد لفھا الل وان الشد فاشتدھر وضم ثم قال : من ار على ظ یس براعي إبل وال غنم وال بجز اق حطم ل بسو

.١٢٤/ فن الخطابة ـ أحمد محمد الكوفي ـ ص ١

- ١٠٤ -

وي مھاجر ن الد اج م روع خر صلبي أ یل بع جز قد لفھا الل عرابي وقال : الر یس بأ لیھا وتر وس ف وا والق رب بكم فجد ت الح وا وجد ھا فشد ن ساق رت ع جز قد شم من الر

ھل یا أ یس منھ بد إني وهللا ا ل و أشد البد مم ع عرد مثل ذراع البكر أ عق العراق ما یقن ن ذكاء ، وفتشت ع رت ع لي بالشنان ، وال یغمز جانبي كغمز التین ، ولقد فر

جربة ...) ت

: )صلي اهللا علیه وسلم(موضوعات الخطاب في عهد النبي

ب عظیم، وشأن عظیم حدث أنقال السالم بمجئ اإلسالم وظهوره، وبعثة الرسول

وخطیر لم یعهد له مثیل في العالم. وهو حدث من اهم الحوادث التي اطلقت األلسنة

من عقالها، وأثارت الخطابة من مكمنها، وأغرت العقول بأحكامها والتفنن فیها

.١واختالب األلباب بسحر بیانها فوق ما كانت علیه عقول العرب في جاهلیتها

هیم وقیم ومثل علیا، جعلت العرب ینظرون إلى الحیاة من زاویة لقد جاء اإلسالم بمفا

جدیدة تختلف تماما عما كانت علیه في الجاهلیة. وكأثر طبیعي لذلك أن تتأثر

علیه السالم الخطابة بالحیاة الجدیدة، والدین الجدید، الذي أول ما بدأ وجهر به النبي

بدأ بالخطابه.

یة عندما وقف النبي في أول موقف جهري ومن هنا بدأ طور الخطابة اإلسالم

مخاطبا قریش من جبل الصفا فكان فحوى أول نص خطابي إسالمي علني

هو:(أرأیتم لو أخبرتكم أن خیال بالوادي ترید أن تغیر علیكم أكنتم مصدقي قالوا: نعم،

. ٢ما جربنا علیك كذبا،قال:فأني نذیر لكم بین یدي عذاب شدید)

لم یقف األمر عند هذا الحد بل جعلها الشارع من ضمن شعائر اإلسالم في المحافل

المنبریة كالجمعة، وفي المناسبات الدینیة كالحج، والعیدین وعند أخذ العدة للجهاد،

الن نصر، أو تأكید وفي كل أمر جامع، لنشر فضیلة، أو نهي عن رذیلة، أو إع

وصیة عامة، أو خاصة، إلى غیر ذلك من األمور ذوات البال، ولذلك كان سعاة

النبي صلى اهللا علیه وسلم ، ورسله إلى الملوك، وأمراء جیوشه، وسرایاه، ثم خلفاؤه

.٣من بعده وعمالهم كلهم خطباء فصحاء بلغاء

وعند الفتح حامدا هللا . كان یخطب عند الغزو حاسا على الجهاد واالستشهاد ١

ومذكرا بوجوب طاعته

) .٢٠) ـ ص (١) ـ دون مكان وتاریخ نشر . ج (١/ الخطابة ـ على محفوظ ـ ط ( ١ .٢٦٥/ البیان المحمدي ـ د. مصطفي الشكعة ـ ص ٢ ).٢٧٧/ المرجع السابق ــ ص ( ٣

- ١٠٥ -

. یعتبر المسجد من مؤسسات اإلعالم النبوي حیث كان یخطب فیه واعظا بعد ٢

الصالة أو إذا ما یستدعي الخطب كان النبي علیه السالم یأمر بالل باألذان فیجتمع

الصحابة ویخطب النبي علیه السالم

–الوعظ في المسجد –جهاد في الغزوات الحث على ال –مناسبة الخطبة : الحج

خطبته في مرض موته قبل وفاته –أخباره بفتن وعالمات الساعة –العیدین

مكان الخطبة :

. جذع النخلة –مرتفع من األرض –الناقة –المنبر –جد سالم

- ١٠٦ -

المختارة للد را سةلخطب ا لنبویة ا

علیه وسلم في الدعوة الي اهللا : ـأوأل : خطب النبي صلي اهللا

١كانت أولى هذه الخطب یوم أن نزل علیه قوله تعالى:( وأنذر عشیرتك األقربین)

فقال صلى اهللا علیه وسلم:( یا معشر قریش: أشتروا أنفسكم ، ال أغني عنكم من اهللا

عباس بن عبد المطلب، ال شیئا، یا بني عبد المطلب،ال أغني عنكم من اهللا شیئا، یا

أغني عنك من اهللا شیئا، یا صفیة عمة رسول اهللا ، ال أغني عنك من اهللا شیئا، یا

. ٢فاطمة بنت رسول اهللا ، سلیني ما شئت من مالي، ال أغني عنك من اهللا شیئا)

وألن هذه الخطبة هي أولى خطبه صلى اهللا علیه وسلم، فقد عمد فیها إلى الخطاب

موجها إیاه إلى عشیرته األقربین من قریش، بادئا باألعم ومنتهیا باألخص، المباشر

یبدأ بقریش على )صلى اهللا علیه وسلم(وبالبعید من العشیرة وینتهي بالقریب، إنه

، عمومتها، ثم بعمه العباس وعمته صفیة ، وینتهي بالبتول فاطمة صغرى بناته

لقا یحذرهم جمیعا بأبلغ عبارة، وبأعمق ما لقا وخ وأقربهن إلى قلبه وأشبههن به خ

یحذر به المرء امرأ آخر أثیرا لدیه، مرددا ذلك التحذیر البلیغ: " ال أغني عنك من

اهللا شیئا" إنها دعوة اإلیمان باهللا التي تنجي من عذاب اآلخرة وعقابها، وتحرض على

صالح الدنیا وعمرانها.

.٢١٤/ سورة الشعراء ـ رقم ١ .٢٣م ـ ص ١٩٩٥ه ـ ١٤١٦ـ الدار المصریة اللبنانیة ـ ١/ البیان المحمدي ـ د. مصطفي الشكعة ـ ط٢

- ١٠٧ -

الخطبة الثانیة

لى اهللا تعالىفي الدعوة إ

جتمع الناس علیه، فقال: " یا بني عبد "، فإل علیه الصالة والسالم:" یا صحباهقا

المطلب، یا بني فهر، یا بني كعب، أرأیتم لو أخبرتكم أن خیال بسفح هذا الجبل ترید

أن تغیر علیكم ، أكنتم مصدقي؟ قالوا :( نعم)، ما جربنا علیك كذبا، قال: " إني

یدي عذاب شدید". نذیر لكم بین

ستجابته صلى اهللا علیه وسلم لألمر اإللهي : " وأنذر وفي هذه الخطبة أیضا تستمر إ

عشیرتك األقربین" فیوسع دائرة النداء من إنذار أقرب األقربین إلى االقربین من بطون

قریش، واذا كان

وهم العم والعمة، النداء في الخطبة السابقة قد بدأ باألقرب وهم قریش، ثم باألشد قربا

وهي فاطمة ، فإن النداء هذه المرة یبدأ )صلى اهللا علیه وسلم(ثم باأللصق بالنبي

باألقرب من العشیرة، ثم بالقریب البعید، ثم بالقریب األكثر بعدا وهم على الترتیب بنو

عبد المطلب، ثم بنو فهر، ثم بنو كعب ، فقد صعد النبي علیه الصالة والسالم على

)صلى اهللا علیه وسلم(الصفا ثم نادى، وانه لما كانت قریش تثق في صدقه جبل

مدخله في )علیه الصالة والسالم(وأمانته حتى إنها لقبته باألمین، فقد جعل الرسول

توجیه اإلنذار إلیهم من هذا الباب المأمون، إذ قد أمتحن إیمانهم بصدقة فلما أجابوا

لكم بین یدي عذاب شدید" وألول مرة یذكر بنعم، ، قال على الفور:" إني نذیر

التحذیر مقرونا بالعذاب، وكان قبل ذلك في الخطبة السابقة مجرد تحذیر ألهله

األقربین بأنه ال یغني عنهم من اهللا شیئا.

- ١٠٨ -

الخطبة الثالثة

أولى خطبه بمكة یدعوهم إلى اإلیمان علیه الصالة والسالم

قال: "إن الرائد ال یكذب أهله، واهللا لو كذبت جمع قومه وحمد اهللا ،وأثنى علیه ثم

الناس جمیعا ما كذبتكم ، ولو غررت الناس جمیعا ما غررتكم، واهللا الذي ال إله إال

هو إني لرسول اهللا إلیكم خاصة، والى الناس كافة، واهللا لتموتن كما تنامون ،

ن إحسانا وبالسوء ولتبعثن كما تستیقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون باإلحسا

سوءا، وانها لجنة أبدا، أو لنار أبدا" فتكلم القوم كالما لینا إال غیر عمه أبي لهب

فإنه قال:" خذوا على یدیه قبل أن یجتمع علیه العرب، فإن أسلمتهوه إذا ذللتم ، وان

.١منعتموه قتلتم "، فقال أبوطالب:" واهللا لنمنعنه ما بقینا ثم أنصرف الجمیع"

: " إن الرائد ال یكذب أهله، واهللا لو كذبت الناس جمیعا قوله علیه الصالة والسالم

ما كذبتكم ولو غررت الناس جمیعا ما غررتكم" فمعناه:

: " أنا مرسل إلیكم من عند اهللا وانا نبي اهللا وأنتم أهلي، فإني یقول علیه السالم

ت الناس جمیعا، فیقسم النبي أصدقكم الحدیث وال أكذب علیكم وال أغركم ولو غرر

علیه الصالة والسالم باهللا الواحد األحد بأنه رسول مرسل من عند اهللا بالحق وهو"

القرآن" ، ومرسل إلى أهله خاصة والى الناس كافة بشیرا ونذیرا.

قال تعالى: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودین الحق لیظهره على الدین كله ولو

٢كره المشركون"

" وأنذر عشیرتك األقربین، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنین،فإن وقال تعالى

٣"عصوك فقل إني بريء مما تعملون

ل الفرقان على عبده لیكون للعالمیوقال تعالى:" "٤ ن نذیراتبارك الذي نز

٥"وما أرسلناك إال كافة للناس بشیرا ونذیرا ولكن أكثر الناس ال یعلمون قال تعالى:"

.٣٣ـ ص ١/ خطب الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ وشرحھا : محمد خلیل الخطیب ــ ج ١ .٢١٥ـ ٢١٤/ سورة الشعراء ـ رقم اآلیة ٢ ٢١٧-٢١٤اآلیة -راء/ سورة الشع ٣ ١/ سورة الفرقان اآلیة ٤ ٢٨اآلیة -/ سورة سبأ ٥

- ١٠٩ -

تستیقظون" وشرح قوله صلى اهللا علیه وسلم:" واهللا لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما

لنا بأن اإلنسان یمیته اهللا تعالى ثم یبعثه مرة فهاهنا النبي صلى اهللا علیه وسلم یؤكد

ثانیة من أجل الحساب موضحا لنا ذلك في صورة مرئیة ومحسوسة فالموت هو

كالنوم والبعث كاإلستیقاظ.

الله یتوفى األنفس حین موتها والتي لم تمت في منامها فیمسك التي قال تعالى:"

ى علیها الموت ویرسل األخرى إلى أجل مسم�ى إن في ذلك آلیات لقوم یتفكرون قض

"١

" یتوفى األنفس حین موتها" : وهذه هي الوفاة الكبرى؛ " والتي لم تمت في

ولي؛ ویرسل منامها" أي یتوفاها في منامهما فیمسك التي قضى علیها الموت وهي األ

األخرى وهي النائمة التي یطلقها إلى أجل مسمى.

(وهو الذي یتوفاكم باللیل ویعلم ما جرحتم بالنهار ثم یبعثكم فیه لیقضى :وقال تعالى

٢تم تعملون)أجل مسم�ى ثم إلیه مرجعكم ثم ینبئكم بما كن

حیاء األموات بعد الموت ، فإن القادر یعتبر بالنوم اعتبارا أخر فهو إ ثم اإلنسان

على أن یبعث الروح حتى یصحو االنسان ویستیقظ ویعمل عمله في الدنیا، قادرعلى

یوم نطوي ال تعالى:(ـر ، قـأن یبعث األموات من قبورهم ، وهو على كل شئ قدی

ل خلق نعیده وعدا علینا إنا كنا فاعلین) السماء ٣كطي السجل للكتب كما بدأنا أو

وقوله علیه السالم : " لتحاسبن بما تعملون ، ولتجزون باإلحسان إحسانا وبالسوء

سوءا"

فسوف یحاسب حسابا یسیرا ،وینقلب إلى ، فأما من أوتي كتابه بیمینه قال تعالى:"

أما من أوتي كتابه وراء ظهره ، فسوف یدعو ثبورا".،أهله مسرورا ٤

٤٢اآلیة -/ سورة الزمر ١ .٦٠/ سورة األنعام ـ رقم اآلیة ٢ .١٠٤/ سورة األنبیاء ـ رقم اآلیة ٣ ١٢-٧/ سورة األنشقاق األیات ٤

- ١١٠ -

ویحاسب اإلنسان یوم القیامة على كل عمل من أعماله، وكل قول من أقواله، وكل

داء الصالة التي هي أول ما یحاسب به العبد یوم تصرف من تصرفاته، بدءا من أ

القیامة، ثم باقي األعمال.

قال رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم :" ال تزول قدما عبد یوم القیامة حتى یسأل عن:

نفقه، فیما فعل به ، وعن ماله من أین إكتسبه وفیما أ عمره فیما أفناه، وعن علمه

الترمذي أخرجه ١وعن جسمه فیما أباله"

ویزن اهللا تعالى أعمال اإلنسان یوم القیامة، فیضع حسنات العبد في كفة وسیئاته في

ونضع الموازین القسط لیوم القیامة فال تظلم نفس شیئا كفة أخرى، قال اهللا تعالى:"

٢ها وكفى بنا حاسبین".وان كان مثقال حبة من خردل أتینا ب

فالمیزان الذي یزن به اهللا تعالى أعمال العباد، میزان عادل ودقیق یزن كل عمل من

خیر أو شر، صغیرا كان أو كبیرا، وذلك إظهارا لعدل اهللا تعالى أمام العباد وتعریفهم

ولذلك ینبغي بما صدر عنهم في الحیاة الدنیا من أعمال، فیقیم بذلك علیهم الحجة

للعبد أن یحرص على أعمال الخیر مهما كانت قلیلة، ویقبل على طاعة ربه

ورضوانه، حتى ترجح حسناته یوم یزن اهللا تعالى أعماله، قال اهللا تعالى في سورة

٣ره)فمن یعمل مثقال ذرة خیرا یره ، ومن یعمل مثقال ذرة شر�ا ی الزلزلة:(

ـ وبعد أن توزن األعمال التي عملها الناس في الدنیا وینتهي الحساب، یكون ١

المرور على الصراط،وهو جسر منصوب على جهنم یمر علیه الخالئق، ویسیرون

علیه كل حسب عمله، فإذا كان عمل العبد صالحا، كان مروره على الصراط سریعا

٤ واردها كان على ربك حتما مقضی�ا)وان منكم إال سهال، قال تعالى: (

فمن أجتاز الصراط، فإنه یصیر إلى الجنة ، وأما من یعجز عن إجتیازه بسبب عمله

نذر الظالمین فیها السئ، فإن مصیره الى النار، قال تعالى:" ي الذین اتقوا و ثم ننج

٥"جثی�ا

.٣٤٥ـ ص ٥/ صحیح الترمذي ـ اإلمام الترمذي ـ ج ١ ٦٨م اآلیة سورة األنبیاء ، رق/ ٢ ٨-٧سورة الزلزلة ، اآلیات / ٣ ٧١سورة مریم ، اآلیة / ٤ ٧٦/ سورة مریم ، اآلیة ٥

- ١١١ -

علیه الصالة والسالم بأن الذین یدخلون الجنة یكونون فیها مخلدون ذكر النبي

وكذلك الذین یدخلون النار .

الحات أولئك هم خیر البریة ، جزاؤهم ـ قال تعالى: "٢ إن الذین آمنوا وعملوا الص

ضي الله عنهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحته ا األنهار خالدین فیها أبدا ر

١ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه"

ثانیا : خطب المناسبات الدینیة : ـ

خطبتة علیه الصالة والسالم في حجة الوداع

:الخطبة األولى

ه ، ونعوذ باهللا من شرور أنفسنا الحمد هللا نحمده ، ونستعینه ، ونستغفره ، ونتوب إلی

ومن سیئات أعمالنا من یهده اهللا فال مضل له ، ومن یضلل فال هادي له ، وأشهد

أن الإله اال اهللا وحده الشریك وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أوصیكم عباد اهللا

بالذي هو خیر. ٢بتقوى اهللا ، وأحثكم على طاعته، واستفتح

مني أبین لكم، فإني ال أدري لعلي ال ألقاكم بعد عامي هذا في أیها الناس ، أ سمعوا

موقفي هذا ، أیها الناس إن دمائكم وأموالكم حرام علیكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة

یومكم هذا في شهركم هذا في بلد كم هذا ، أال هل بلغت ، اللهم أشهد

ربا الجاهلیة موضوع، فمن كانت عنده أمانة فلیؤدها الى الذي إئتمنه علیها ، وان

وان أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب، وان دماء الجاهلیة موضوعة

ثر بن الحارث بن عبد المطلب، وان مآ ، وان أول دم نبدأ به دم عامر بن ربیعة

والسقایة والعمد قود، وشبه العمد ما قتل بالعصا ٣الجاهلیة موضوعة، غیر السدانة

مائة بعیر ، فمن زاد فهو من أهل الجاهلیة ، أیها الناس:إن والحجر ، وفیه

الشیطان قد یئس أن یعبد في أرضكم هذه ، ولكنه قد رضي أن یطاع فیما سوى ذلك

مما تحقرون من أعمالكم.

٨-٧سورة البینة اآلیات / ١ / أستفتح : أفتتح . ٢ / السدانة الخدمة للكعبة .٣

- ١١٢ -

أیها الناس ، إن النسئ زیادة في الكفر یضل به الذین كفروا یحلونه عاما ویحرمونه

اهللا فیحلوا ما حرم اهللا ، إن الزمان قد إستدار كهیئته یوم عاما لیواطئوا عدة ما حرم

الشهور عند اهللا أثناعشر شهرا في كتاب اهللا لق اهللا السموات واألرض ، وان عدةخ

یوم خلق اهللا السموات واألرض منها أربعة حرم: ثالثة متوالیات وواحد فرد: ذوالقعدة

وشعبان ، اللهم هل بلغت ؟ اللهم ،وذو الحجة، والمحرم ، ورجب الذي بین جمادى

أشهد!

أیها الناس إن لنسائكم علیكم حقا ، ولكم علیهن حق، لكم علیهن أال یوطئن غیركم ،

والیدخلن أحدا تكرهونه بیوتكم إال بإذنكم ، والیأتین بفاحشة مبینة ، فإن فعلن فإن اهللا

غیر مبرح، قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا

فإن إنتهین وأطعنكم فعلیكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وانما النساء عوان عندكم

الیملكن ألنفسهن شیئا ، أخذتموهن بأمانة اهللا ، وأستحللتم فروجهن بكلمة اهللا ، فاتقوا

اهللا في النساء وأستوصوا بهن خیرا ، اللهم هل بلغت ؟ اللهم أشهد!

نون إخوة ، والیحل ألمرئ مسلم مال أخیه إال عن طیب نفس أیها الناس ، إنما المؤم

منه ، اللهم هل بلغت ؟ اللهم أشهد!

فال ترجعن بعدي كفارا یضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فیكم ما إن

أخذتم به لم تضلوا بعده، كتاب اهللا ، اللهم هل بلغت ؟ اللهم أشهد!

واحد ، كلكم آلدم وآدم من تراب أن أكرمكم أیها الناس ، إن ربكم واحد، وان أباكم

عند اهللا أتقاكم ، إن اهللا علیم خبیر ، ولیس لعربي على أعجمي فضل إال بالتقوى،

اللهم هل بلغت؟ اللهم أشهد!

قالوا: نعم ، قال : فلیبلغ الشاهد الغائب.

ة ، أیها الناس ، إن اهللا قسم لكل وارث نصیبه من المیراث ، فال تجوز لوارث وصی

وال تجوز وصیة في أكثر من الثلث ، والولد للفراش ، وللعاهر الحجر، من أدعى

غیر أبیه ، أو تولى غیر موالیة فعلیه لعنة اهللا والمالئكة والناس أجمعین ، ال یقبل

.١منه صرف وال عدل ، والسالم علیكم ورحمة اهللا وبركاته

.٤٣ص –د. مصطفي الشعكة –/ البیان المحمدي ١

- ١١٣ -

شهادة والوصیة بالتقوى حتى أنتقل أن الرسول علیه السالم لم یكد یلم بالحمد هللا وال

یبین طائفة من التشریعات اإلسالمیة التي أقامها الدین الحنیف حدودا بین حیاة

العرب في الجاهلیة وحیاتهم في اإلسالم، فقد كانوا مفككین متنافرین یتحاربون دائما

برى متآخیة طلبا لألخذ بالثأر ونهبا لألموال وجمعهم اإلسالم تحت لوائه في جماعة ك

متناصرة الیبغي بعضها على بعض، ولكي یقضى على كل سبب للحرب بینهم رد

دم القتیل الى الدولة فهى التى تعاقب علیه ولكي یستأصل هذا الداء دعا إلى التنازل

الى حد األخذ بالثأر القدیم ، فإنه أختار علیه السالم دم عامر بن ربیعة بن الحارث

ریمة القتل قد أرتكبت في الجاهلیة فقد أسقطها اإلسالم ، بن عبد المطلب، وألن ج

فال یحاسب مقترفها والیقتص منه؛ ألن اإلسالم یجب ما قبله ومن المعلوم ان إهدار

دماء الجاهلیة سابق على حجة الوداع، لكن الرسول صلى اهللا علیه وسلم كرر ذلك

مكان األخذ بدماء في خطبة الوداع شأن تكراره تحریم الربا لیقطع أي مظنة إ

الجاهلیة ، ضاربا المثل في ذلك بدم واحد من ابناء أعمامه.

والرسول صلى اهللا علیه وسلم یفتتح في الخطبة أوامر اإلسالم ونواهیه بإعالن أن

دماء المسلمین وأموالهم حرام ، وان على من كانت عنده أمانة أن یردها على

ن إ من التوجیه القرآن في قوله عز وجل:(صاحبها ، وهذا التوجیه النبوي مستمدا

١الله یأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها)

فاألمانة فضال عن كونها قیمة إسالمیة بل دینیة كبرى، فهي أیضا قیمة إنسانیة

عظمى فإن مادة "أمن" فیها سعادة الناس، واستقرار البشر، وان أهل مكة في مجال

هم الكبیر لمحمد صلى اهللا علیه وسلم، قبل المبعث لم یجدوا من كمال الوصف حب

الذي یصفونه به أفضل وال أعظم من صفة األمانة فلقبوه باألمین.

كما أنه البد لكل مسلم أن یراعي أخاه في ماله ، فال یأخذ منه شیئا إال بالحق ومن

با أضعافا مضاعفة واتقوا ثم حرم الربا، قال تعالى:( یا أیها الذین آمنوا ال تأكلوا الر

٢الله لعلكم تفلحون)

.٥٨/ سورة النساء ـ رقم اآلیة ١ .١٣٠عمران ـ رقم اآلیة / سورة آل ٢

- ١١٤ -

وبدأ علیه السالم بعشیرته وتاجرها المؤسر العباس بن عبد المطلب فأسقط رقاب

المدینین له رباه.

وقسم الفقهاء الربا إلى نوعین:

لشراء.. ربا الفضل فیكون في البیع وا١

. ربا النسیة ویكون في الدیون.٢

وكل من النوعین من الربا قد حرمه اهللا تحریما قاطعا واضحا ال لبس فیه وال إبهام ،

ومن ثم ال إجتهاد في شأنه ، ألنه ال إجتهاد مع نص؛ واألمر هنا لیس محسوما

علیه بنص واحد، وانما محسوم بنصوص عدة من كتاب اهللا وسنة رسوله صلى اهللا

وسلم وبعد أن أهدر النبي علیه السالم ربا الجاهلیة ودماءها ، أهدر آثارها واستثنى

من ذلك سدانة البیت وهي خدمة الكعبة فكانت لبني عبد الدار فأقرها فیهم وكما

إستثنى أیضا سقایة الحجیج وكانت لقریش فأقرها لهم.

الدولة هي التي تقوم بذلك واوجب في القتل العمد القصاص أي قتل القاتل ، ولكن

وحددت القتل الشبه العمد بمائة بعیر الغیر ، ومن زاد علیها فقد خالف قواعد

اإلسالم وأستمسك بعادات الجاهلیة ؛ كل ذلك لیحفظ للجماعة وحدتها ویسود بین

أفرادها السالم والوئام.

ایة الشیطان ویحذرالرسول علیه السالم من الشیطان وغوایاته ، موضحا ذلك في غو

ألهل الحجاز وصرفهم عن عبادة اهللا ، والمعنى المقصود هنا بعبادة الشیطان طاعته

في اإلنصراف عن عبادة اهللا ، والعودة إلى األصنام هذا المعنى مأخوذ من قوله

تعالى في سیاق حدیث سیدنا ابراهیم ألبیه:( یا أبت ال تعبد الشیطان إن الشیطان

١كان للرحمن عصیا)

ومن ثم كانت عبادة األصنام قد صارت مستحیلة في أرض الحرمین ، ولن تعود

إلیها أبدا مصداقا لقوله صلى اهللا علیه وسلم :" إن الشیطان قد یئس أن یعبد في

أرضكم هذا"

.٤٤/ سورة مریم ـ رقم اآلیة ١

- ١١٥ -

ین آمنوا إنما ولقد كان هذا القول إنسجاما مع قول اهللا عز وجل:( یا أیها الذ

المشركون نجس فال یقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هـذا وان خفتم عیلة فسوف

.١یغنیكم الله من فضله إن شاء إن الله علیم حكیم )

حرم وحرمها علیهم واضعا بذلك تقویما وكما حذر علیه السالم التالعب باألشهر ال

قمریا یتألف من إثني عشر شهرا ، ومنها أربعة حرم وهي: " ذو القعدة، وذو الحجة

، والمحرم ورجب" وبعد ذلك كله یبین النبي الكریم في هذه الخطبة الجامعة حقوق

الزوجة على زوجها وهي:

غیره وانت تكره أ ن یجلس أال یجعلن أحدا یدخل علیهن على فراش النوم أو . أ

على فراش بیتك والمعنى الیكره أحدا تكرهونه.

ال یدخلن أحدا وأنت تكره أن یدخل. . ب

طاعة الزوج وعدم عصیانه. . ت

أما حقوق الزوج على الزوجة:

النفقة. . أ

الكسوة. . ب

عدم التكلف فیها. . ت

تزم بها في أما في حالة عدم قیام الزوجة بهذه الواجبات فعلى الزوج ثالثة شروط یل

إصالح زوجته:

أ. التكلم معها ونصحها بالمعروف.

ب. الهجرة في البیت.

ج.الضرب غیر المبرح ، وهو ال یجرح جلدا والیكسر عظما ویكون الهدف منه

اإلصالح، فإن أطاعت الزوج بعد ذلك فعلیه بالقیام بواجبات التي تقدم ذكرها ،

ن ضعیفات وهي بمنزلة األسیر الواحدة ویختتم وصیة في النساء علیه السالم بأنه

.٢٨/سورة التوبة ـ رقم اآلیة ١

- ١١٦ -

عند زوجها، وهو بذلك یدعي علیه السالم الى التعاطف والتراحم برفق واحسان في

مابینهما.

ویعود إلى العالقة بین الفرد وجماعته الكبرى من األمة ، فیقرر أن المؤمنین إخوة

التحاب، فال لكل واحد منهم على صاحبه ما لألخ على أخیه من التآزر والتعاون و

بطش والظلم وال نهب وال حرب وال سفك للدماء، إنه لعهد من نقضه عاد كافرا آثما

قلبه ، قال تعالى:( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویكم واتقوا الله لعلكم

.١ترحمون)

ما أتصل بها من تتنابز باأللقاب وتفاخر ، وهو بهذا ینهي عهد حیاة القبیلة وكل

فالناس جمیعا آلدم وآدم من تراب، فقد وضعت موازین جدیدة لحیاة العرب فلم یعد

التفاضل بالنسب وانما أصبح بالتقوى ، وكما یدعهم إلى التمسك بسنة اهللا وسنة

النبي علیه السالم.

آن في المیراث وأنصبته، وان ثم بلغ الرسول علیه السالم سامعیه الى ماقرره القر

للمورث أن یوصي بالثلث من ماله ، ویرسي قاعدة مهمة في شرعیة األبناء وخاصة

هؤالء الذین تلدهم العواهر، فینسبهم الى أصحاب الفراش ، وكانوا ینسبونهم الى غیر

آبائهم وقد ال ینسبوهم ابدا.

خطب المناسبات الدینیة

عمال الصالحةخطبة الجمعة : المبادرة باأل

الخطبة الثانیة

( أال أیها الناس توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا ، وبادروا باإلعمال الصالحة قبل أن

تشغلوا وصلوا الذي بینكم وبین ربكم بكثرة ذكركم له ، وكثرة الصدقة في السر

ة والعالنیة ترزقوا وتؤجروا وتنصروا، وأعلموا أن اهللا عزوجل قد أفترض علیكم الجمع

في مقامي هذا في عامي هذا في شهري هذا إلى یوم القیامة ، حیاتي ومن بعد موتي

فمن تركها وله إمام ، فال جمع اهللا له شمله، وال بارك له في أمره ، أال وال حج له ،

أال وال صوم له ، أال وال صدقة له ، أال وال بر له ، ومن تاب تاب اهللا علیه، أال وال

.١٠/ سورة الحجرات ـ رقم اآلیة ١

- ١١٧ -

، أال وال یؤم فاجرا مؤمنا إال أن یقهره سلطان یخاف سیفه أو یؤم إعرابي مهاجرا

.١سوطه)

الشرح:

قوله علیه الصالة والسالم :" أال أیها الناس توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا "

معناه: ـ

یأمرنا النبي صلى اهللا علیه وسلم بأن نتوب ونرجع إلى اهللا تعالى في هذه الحیاة

الدنیا قبل الموت .

وقال العلماء التوبة واجبة من كل ذنب ، فإن كانت المعصیة بین العبد وبین اهللا

تعالى ال تتعلق بحق آدمي ؛ فلها ثالثة شروط:

.أن یقلع عن المعصیة أحدها: األول :

ان یندم على فعلها.والثاني:

ه وان : أن یعزم ان ال یعود إلیها أبدا ، فإن فقد أحد الثالثة لم تصح توبت والثالث

كانت المعصیة تتعلق بأدمي فشروطها أربعة ، هذه الثالثة ، وان یبرأ من حق

صاحبها، فإن كانت ماال او نحوه رده إلیه ، وان كانت حد قذف ونحوه مكنه منه او

طلب عفوه ، وان كانت غیبه إستحله منها، ویجب أن یتوب من جمیع الذنوب ، فإن

لحق من ذلك الذنب وبقي علیه الباقي، وقد تاب من بعضها صحت توبته عند أهل ا

تظاهرت دالئل الكتاب والسنة ، واجماع األمة على وجوب التوبة.

.٢قال اهللا تعالى:( توبوا إلى الله جمیعا أیها المؤمنون لعلكم تفلحون)

الله توبة نصوحا عسى ربكم أن یكفر وقال تعالى: (یا أیها الذین آمنوا توبوا إلى

ذین عنكم سیئاتكم ویدخلكم جنات تجري من تحتها األنهار یوم ال یخزي الله النبي وال

م یقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك آمنوا معه نورهم یسعى بین أیدیهم وبأیمانه

.٣على كل شيء قدیر)

وان األحادیث عن التوبة كثیرة ونذكر منها هذا الحدیث عن أبي موسى عبد اهللا بن

قیس األشعري رضي اهللا عنه عن النبي صلى اهللا علیه وسلم قال :( إن اهللا تعالى

.٦٧ـ ص ١/ خطب الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ محمد خلیل الخطیب ـ ج ١ .٣٠/ سورة النور ـ رقم اآلیة ٢ .٨/ سورة التحریم ـ رقم اآلیة ٣

- ١١٨ -

ده باللیل لیتوب مسئ النهار ، ویبسط یده بالنهار لیتوب مسئ اللیل حتى یبسط ی

.١تطلع الشمس من مغربها)

كما أمرنا النبي صلى اهللا علیه وسلم باإلكثار من االعمال الصالحة وعدم األنشغال

وان الدار اآلخرة وما هذه الحیاة الدنیا إال لهو ولعب بالدنیا عن اآلخرة ،قال تعالى:(

.٢لهي الحیوان لو كانوا یعلمون )

وعنه عن رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم، قال:(یتبع المیت ثالثة: أهله وماله وعمله

متفق علیه. ٣، فیرجع أثنان ، ویبقى واحد: یرجع أهله وماله ویبقى عمله)

لوا الذي بینكم وبین ربكم بكثرة ذكركم له ، وكثرة وقوله علیه الصالة والسالم :( وص

.٤الصدقة في السر والعالنیة ، ترزقوا وتؤجروا وتنصروا)

معناه: ـ

: أكثروا من ذكر اهللا قال تعالى:( ولذكر اهللا أكبر) أي

بك في نفسك تضرعا وخیف ة وقال تعالى:" فاذكروني أذكركم" ، قال تعالى:( واذكر ر

.٥ودون الجهر من القول بالغدو واآلصال وال تكن من الغافلین )

عن أبي هریرة رضي اهللا عنه عن النبي صلى اهللا علیه وسلم قال:" من سبح اهللا في

دبر كل صالة ثالثة وثالثین ، وحمد اهللا ثالثا وثالثین، وكبر اهللا ثالثا وثالثین، وقال

تمام المائة : ال إله إال اهللا وحده ال شریك له ، له الملك وله الحمد، وهو على كل

رواه مسلم ٦شئ قدیر ، غفرت خطایاه وان كانت مثل زبد البحر"

قال تعالى: (ما " وكثرة الصدقة في السر والعالنیة ترزقوا وتؤجروا وتنصروا " معناه:

٧تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصیر) تقدموا ألنفسكم من خیر

إن أنفاق المال في طریق الخیر أن یتصدق به المرء صدقة منجزة على الفقراء

واألقارب فیملكونها ویتصرفون فیها تصرف المالك في ملكه وذلك من أفضل

.٤٥٦ـ ص ٥سلم ( كتاب الذكر والدعاء ـ باب فضل التوبة واإلستغفار) ـ اإلمام مسلم ـ ج/ صحیح م ١ .٦٤/ سورة العنكبوت ـ رقم اآلیة ٢ .٤٥٣ـ ص ١/ زاد المسلم علي ماأتفق علیھ البخاري ـ الشیخان ( البخاري ـ مسلم ) ـ ج ٣ .٩٨ص ـ ١/ خطب الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ محمد خلیل الخطیب ـ ج ٤ .٢٠٥/ سورة األعراف ـ رقم اآلیة ٥ .٦٤٠٣ـ ص ٦/ صحیح البخاري ـ اإلمام البخاري ـ ج ٦ .١١٠/ سورة البقرة ـ رقم اآلیة ٧

- ١١٩ -

ا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما األعمال وأربح التجارة لما نزل قوله تعالى: (لن تنالو

.١تنفقوا من شيء فإن الله به علیم )

عن أبي هریرة رضي اهللا عنه عن النبي صلى اهللا علیه وسلم قال:"سبعة یظلهم اهللا

یوم ال ظل إال ظله: اإلمام العادل وشاب نشأ في عبادة اهللا ، ورجل قلبه معلق

بالمساجد، ورجالن تحابا في اهللا إجتمعا علیه وتفرقا علیه، ورجل دعته إمرأة ذات

منصب وجمال فقال إني أخاف اهللا ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى التعلم شماله

٢ما تنفق یمینه ، ورجل ذكر اهللا خالیا ففاضت عیناه"

تعالى في الدنیا فتقدم الصدقة و ذكر اهللا نؤجر علیه ویرزقنا وینصرنا بهن اهللا

واآلخرة ، وأعلموا أن اهللا عز وجل قدإفترض علیكم الجمعة في مقامي هذا...إلخ "

تكون هذه الخطبة هي أول خطبة جمعة –فیما لو صحت الروایة –وذلك یقودنا

خطبها رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم على منبره طبقا لروایة طلحة .

أن اهللا سبحانه إفترض علیهم الجمعة مثلما فرض وذلك إن رسول اهللا یخبر صحابته

الصلوات الخمس لیلة االسراء والمعراج ؛ ولكن في یومه هذا الذي یخطبهم فیه،

وأنها ستظل فریضة علیهم إلى یوم القیامة، ومن تركها فإنه محروم من بركة اهللا ،

والیتقبل منه حج وال صوم وال صدقة وال بر.

وعها فقد أشتملت على حكم حازم في شأن طبیعتها وألن الخطبة بكر في موض

وكونها خطبة جمعة فرضها اهللا علیهم ولم تكن فرضت قبل ذلك ، هذا فضال عن أن

النبي صلى اهللا علیه وسلم یحض الصحابة فیها وجمهرة المسلمین على توثیق

، صلتهم باهللا عزوجل بكثرة ذكرهم له جل وعال؛ وبكثرة الصدقات في السر والعلن

وینبه صلى اهللا علیه وسلم إلى أمور تتعلق بصالة الجماعة ، منها : أال یؤم إعرابي

مهاجر، وأال یؤم رجل فاجر رجل مؤمن إال في حاالت القهر.

.٩٢/ سورة آل عمران ـ رقم اآلیة ١ ،٤٥٦ـ ص ١/ زاد المسلم علي ماإتفق علیھ البخاري ومسلم ـ الشیخان ( البخاري ـ ومسلم ) ـ ج ٢

- ١٢٠ -

الخطبة الثانیة

خطبة الرسول الرمضانیة

فقال : أیها الناس أنه قد أقبل إلیكم شهر اهللا بالبركة والرحمة والمغفرة ، شهر هو

أفضل الشهور وأیامه أفضل األیام ،ولیالیه أفضل اللیالي وساعاته أفضل عند اهللا

ل كرامة اهللا الساعات ،هو شهر دعیتم فیه إلي ضیافة اهللا ، وجعلتم فیه من آه

ونومكم فیه عبادة، وعملكم فیه مقبول ، ودعاءكم فیه مستجاب. أنفاسكم فیه تسبیح ،

أن یوفقكم لصیامه وتالوة كتابه ، طاهرة، وقلوب صادقةفاسألوا اهللا ربكم بنیات

فأن الشقي كل الشقي من حرم غفران اهللا في هذا الشهر العظیم، وأذكروا بجوعكم

ووقروا طشكم فیه جوع یوم القیامة وعطشه ، وتصدقوا علي فقرائكم ومساكینكم،وع

لیه كباركم وأرحموا صغاركم وصلوا أرحامكم، وأحفظوا ألسنتكم عما ال یحل النظر إ

وتحننوا علي أیتام الناس یتحنن علي ،أبصاركم وعما ال یحل االستماع إلیه أسماعكم

أیتامكم.

وتوبوا إلي اهللا من ذنوبكم وارفعوا إلیه أیدیكم بالدعاء ، في أوقات صالتكم فإنها

یجیبهم إذا ناجوه ویلبیهم إذا ،أفضل الساعات ینظر اهللا فیها الي عباده بعین الرحمة

طیهم إذا سألوه ویستجیب لهم إذا دعوه .نادوه ویع

أیها الناس : إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم ، وظهوركم ثقیلة من

أوزاركم.

فخففوا عنها بطول سجودكم ، وأعملوا أن اهللا أقسم بعزته أن ال یعذب المصلین

والساجدین وان ال یروعكم بالنار یوم یقوم الناس لرب العالمین.

یها الناس : من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند اهللا عتق أ

رقبة ومغفرة لما مضي من ذنوبه.

- ١٢١ -

فقیل: یا رسول اهللا ولیس كلنا یقدر علي ذلك فقال ( صلي اهللا علیه وسلم ) : اتقوا

اهللا ولو بشربة من ماء ، واتقوا النار ولو بشق تمرة.

نكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز علي الصراط یوم أیها الناس : من حسن م

تزل فیه األقدام ، ومن خفف فیه عما ملكت یمینه خفف اهللا علیه حسابه ، ومن كف

فیه شره كف اهللا عنه غضبه یوم یلقاه.

ومن أكرم فیه یتیما أكرمه اهللا یوم یلقاه ، ومن وصل فیه رحمه وصله اهللا برحمته

ه رحمه قطع اهللا عنه رحمته یوم یلقاه، ومن تطوع بصالة كتب یوم یلقاه ومن قطع فی

اهللا له براءة من النار، ومن أدي فیه فرضا كان له ثواب من أدي سبعین فریضة في

ما سواه من الشهور، ومن أكثر فیه من الصالة علي ثقل اهللا میزانه یوم تخف

ختم القرآن في غیره من الموازین ، ومن تال فیه آیة من القرآن كان له مثل أجر من

الشهور.

أیها الناس : إن أبواب الجنان في هذا الشهر فاسألوا ربكم أن ال یغلقها علیكم ،

وأبواب النیران مغلقة فاسألوا اهللا أن ال یفتحها علیكم ، والشیاطین مغلولة ، فاسألوا

ربكم أن ال یسلطها علیكم.

قلت : ( یا رسول اهللا ما أفضل قال أمیر المؤمنین علي كرم اهللا وجهه فقمت ف

األعمال في هذا الشهر)؟ فقال : ( یا أبا الحسن أفضل األعمال في هذا الشهر

. ١الورع من محارم اهللا)

قوله علیه الصالة والسالم : ( أیها الناس قد أتي إلیكم رمضان وهو شهر البركة

رآن الكریم قال تعالي : ( والرحمة والخیر والمغفرة) فهو شهر مبارك ألنه أنزل فیه الق

.٢شهر رمضان الذي أنزل فیه القرآن هدي للناس وبینات من الهدي والفرقان)

). ٤٥٣ص ( –) ١ج ( –محمد خلیل الخطیب –رسول / / خطب ال ١ .١٨٣رقم االیة –/ سورة البقرة ٢

- ١٢٢ -

وأنه شهر الرحمة ویتمثل ذلك في قوله تعالي : ( أن رحمة اهللا قریب من

.١المحسنین)

.٢وقوله تعالي شهر المغفرة قال تعالي :( أن ربك لزو مغفرة للناس علي ظلمهم)

ة رضي اهللا عنه عن النبي ( صلي اهللا علیه وسلم ) ( من صام عن أبي هریر

رمضان إیمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).

.٣حتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)أوعلیه السالم قال : ( من قام رمضان إیمانا و

ا فیه فإن أیامه ولیالیه وساعاته هي من أفضل األیام واللیالي والساعات التي یتقبل

كم وأنتم تصلون وهذا دلیل علي أن قیام الیل لم یكن فرضا ولكن تطوعا ، كما دعاء

عد قوله : ( فرض أشار المصطفي صلي اهللا وسلم الي هذا في حدیث قال فیه ب

.٤قیامه ) صیام رمضان وسننة

ولهذا كان النبي صلي اهللا علیه وسلم یرغب أصحابه في قیام رمضان كما ورد في

رواة أوهریرة رضي اهللا عنه یقول فیه : ( كان رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم حدیث

یقول : ( من قام رمضان یرغب في قیام رمضان من غیر أن یأمرهم بعزیمة ، ثم

.٥حتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)إیمانا وأ

یام ، قال الشوكاني: ( المراد قیام لیالیه مصلیا ویحصل بمطلق ما یصدق علیه الق

ولیس من شرطة كل جمیع أوقات اللیل ، قیل : ویكون أكثر اللیل).

یعني أنه یحصل بها قیام رمضان یحصل بصالة التروایح ،وقال الشوكاني:( إن

المطلوب من القیام ألن قیام رمضان ال یكون إال بها).

.٥٦رقم االیة –/ سورة االعراف ١ .١٥٦رقم االیة –/ سورة الرعد ٢ .. ٥٥٦ص –) ٣ج ( -اإلمام الحافظ إبن حجر العسغالني –/ فتح الباري شرح صحیح البخاري ٣ . ٩ – ٨ص –) ٤ج ( –حنبل االمام أحمد بن –/ المسند ٤ .١٢٧ص –) ١ج( –)البخاري –(كتاب الصیام –/ صحیح البخاري ٥

- ١٢٣ -

: ( فقال فقد رغب رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم في قیام رمضان والتعبد في لیالیه

حتسابا غفر له ما تقدم من ذنب ، ومن قام لیلة القدر من صام رمضان إیمانا وأ

.١إیمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)

وقوله علیه الصالة والسالم : ( أنفاسكم فیه تسبیح ...الخ)

ووصمته تسبیح ،فقد ورد البیهقي في كتابه شعب اإلیمان : ( نوم الصائم عبادة

.٢عمله مضاعف ، ودعاؤه مستجاب ،وذنبه مغفور)و

كما أن العمل فیه أیضا مقبول، وكل ذلك یتوقف علي صدق النیة والعمل

واإلخالص هللا ، وتطهیر القلوب من األحقاد والحسد وكل أمراض القلوب األخري ،

وبقلوب كما أمرنا النبي علیه الصالة والسالم بالدعاء بالنیة الخالصة لوجه اهللا تعالي

طاهرة ذلك كله لیتم به التوفیق من اهللا عز وجل لصیام هذا الشهر المبارك ، وتالوة

كتابه العزیز، فمن حرم من الرحمة في شهر الرحمة ،ومن لم یغفر له في رمضان

فهو الشقي المحروم ،فلم تنقصه الحسرة والبكاء بعد فوات األوان وبعد أن یسعد

الصالحون بالجوائز والرضوان.

وهذا الجوع الذي نشعر به في رمضان ینبهنا النبي علیه الصالة والسالم بأن یتذكر

به جوع وعطش یوم القیامة كما قال اهللا تعالي : ( إن لدینا أنكاال وجحیما * وطعاما

.٣ذا غصة وعذابا ألیما)

ل كما فیعبر في حلقوهم فیقولون أنا كنا نبتلع القرص في الدنیا بالماء فیسقون المه

قال تعالي : (إن یستغیثوا یغاثوا بماء كالمهل یشوي الوجوه بئس الشراب وساءت

.٤مرتفقا)

. ١٩ – ١٥ص –) ١٣ج ( –اإلمام الحافظ إبن حجر العسغالني –/ فتح الباري شرح صحیح البخاري ١ دون تاریخ. –) مكانھا دار الحدیث القاھرة ١ط ( – ٥٦٢ص –) ١ج ( –االمام البیھقي –/ شعب االیمان ٢ . ١٣ – ١٢رقم االیات –// سورة المزمل ٣ .٢٩رقم االیة –/ سورة الكھف ٤

- ١٢٤ -

.١وقال تعالي : (لیس لهم طعام إال من ضریع*ال یسمن وال یغني من جوع)

ار الذي یقطع أمعاءهم ، وكذلك بطعام ال یشبع وصورهم بأنهم یستغاثون بالماء الح

وال یذهب بماهم فیه من الجوع.

وقوله علیه الصالة والسالم : ( وتصدقوا علي فقرائكم ومساكینهم....الخ)

یوضح لنا النبي صلي اهللا علیه وسلم بأن یستقبل رمضان ایضا بالخلق الرضي

فرمضان شهر التسامح ،ة خو واألوالتسامح والعفو عن الزلة والتصافي بین األقارب

والعفو والتصافي ولئن كان ذلك علي الدوام خلق المسلم فیجب أن یكون بارزا في

مظهرا بالخلق بالكمال ومخبرا بالصیام كما ان لیطیب المسلم مظهرا ومخبرا ،رمض

راء قال اهللا تعالي في وصف عبادة المتقین : (الذین ینفقون في السراء والض

.٢والكاظمین الغیظ والعافین عن الناس والله یحب المحسنین)

كما یأمر علیه الصالة والسالم بتوقیر كبارنا واحترامهم والشفقة والرحمة علیهم

ومواصلة األرحام بزیارتهم وتفقدهم ، ویأمر بغض البصر وجمیع الجوارح قال تعالي

ال تقف ما لیس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولـئك كان عنه : (

.٣مسؤوال)

ترك اإلصغاء الي السمع م إال في ذكر اهللا تعالي، وصوموصوم اللسان ترك الكال

ن محارم اهللا الباطل والي ما ال یحل سماعة، وصیام العینین ترك النظر والغض ع

تعالي.

وأكبر اآلثام الغیبة قال تعالي : (وال یغتب بعضكم بعضا أیحب أحدكم أن یأكل لحم

.٤أخیه میتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحیم)

. ٧ – ٦رقم االیات –/ سورة الغاشیة ١ .١٣٤رقم االیة –/ سورة ال عمران ٢ .٣٦رقم االیة –/ سورة االسراء ٣ .١٢رقم األیة –/ سورة الحجرات ٤

- ١٢٥ -

صارهم ویحفظوا فروجهم ذلك أزكي وكما قال تعالي : ( قل للمؤمنین یغضوا من أب

.١لهم)

وفي الحدیث الشریف : ( عن أبي هریرة رضي اهللا عنه عن النبي صلي اهللا علیه

زنا مدرك ذلك ال محالة ، فالعینانوسلم قال : ( كتب علي أبن آدم نصیبه من ال

لبطش زناهما النظر ، واألذنان زناهما اإلستماع واللسان زناه الكالم ، والید زناها ا

.٢والرجل زناها الخطأ والقلب یهوي ویتمني ، ویصدق ذلك الفرج أو یكذبه)

فالدعاء مجاب في هذا الشهر العظیم قال تعالي : (إني لغفار لمن تاب وآمن وعمل

.٣صالحا ثم اهتدى)

.٤وقال تعالي : (إن الله یغفر الذنوب جمیعا)

عن أبي هریرة رضي اهللا عنه أن الرسول صلي اهللا علیه وسلم قال : ( ینزل ربنا و

تبارك وتعالي كل لیلة الي السماء الدنیا حیث یبقي ثلث اللیل اآلخر فیقول : ( من

.٥ستجیب له ومن یسألني فأعطیه ومن یستغفرني فأغفر له )إیدعوني ف

لین الساجدین وأن ال یروعهم بالنار ( وأعلموا أن اهللا أقسم بعزته أن ال یعذب المص

یوم یقوم الناس لرب العالمین)

قال تعالي : (الذین هم على صلواتهم یحافظون *أولئك هم الوارثون *الذین یرثون

. ٦الفردوس هم فیها خالدون)

. ٧الله قرضا حسنا فیضاعفه له أضعافا كثیرة) ن ذا الذي یقرض مقال تعالي : (

.٣٠رقم االیة –/ سورة النور ١ .٢٧٦ص –) ٢ج ( –األمام أحمد بن حنبل -المسند / ٢ .٨٢رقم االیة –/ سورة طھ ٣ .٥٣رقم األیة –/ سورة الزمر ٤ .٢٥٨ص –) ٢ج ( –اإلمام احمد بن حنبل –/ المسند ٥ . ١١١ـ ١٠ ٩رقم اآلیات ـ –/ سورة المؤمنون ٦ .٢٤٥رقم االیة –/ سورة البقرة ٧

- ١٢٦ -

عن زید بن خالد الجهني رضي اهللا عنه عن النبي صلي اهللا علیه وسلم قال : ( من

.١فطر صائما كان له مثل أجره غیر أنه ال ینقص من أجر الصائم شئ)

األجر یكون فیه مضاعف رنا بثواب رمضان بأن بیخ )السالم الصالة علیه(فالنبي

في كل العبادات والمعامالت والسلوكیات.

كما أن أبواب الجنة مفتوحة للصائمین وأبواب النیران مغلقة عنهم عن أبي هریرة

رضي اهللا عنه أن الرسول صلي اهللا علیه وسلم قال : ( إذا جاء رمضان ، فتحت

بأن نبتعد عن المحرمات في أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار ،وال یتم ذلك كله إال

هذا الشهر الكریم.

خطب المناسبات الدینیة

الخطبة الثالثة

خطبة عید الفطر

الحمد هللا ، نحمده ونستعینة ، ونستغفره ، ونعوذ باهللا من شرور أنفسنا ، ومن سیئات

أعمالنا، من یهده اهللا فال مضل له ، ومن یضلل فال هادي له، ونشهد أن ال إله إال

وأن محمدا عبده ورسوله.اهللا

یصلح لكم أعمالكم یا أیها الذین آمنوا اتقوا الله وقولوا قوال سدیدا * أیها الناس :(

.٢ویغفر لكم ذنوبكم ومن یطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظیما )

به اهللا وخصكم ، وجعله لكم عیدا ، فاحمدوا اهللا كما هداكم لما ضل هذا یوم أكرمكم

عنه غیركم ، وان لكل قوم عیدا فهذا عیدنا ، (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلیفرحوا

.٣هو خیر مما یجمعون)

أنهما بینهما شبها من األمر لم أیها الناس : ( فقد بین اهللا الحالل والحرام ، غیر

یعلمها كثیر من الناس، إال من عصمه اهللا ، فمن تركها حفظ عرضه ودینه ، ومن

.٤٤٦ص –) ١ج ( –د بن حنبل اإلمام احم –/ المسند ١ .٧١ـ ٧٠/ سورة األحزاب ـ رقم االیات ٢ .٥٨/ سورة یونس ـ رقم ٣

- ١٢٧ -

وقع فیها كان كالراعي إلى جنب الحمى أوشك أن یقع فیه ، فعلیكم بطاعة اهللا ،

.١واجتناب سخطه غفر اهللا لنا ولكم)

یفتتح علیه السالم خطبته بحمد اهللا تعالى وطلب المعونة والمساعدة واالستغفار

وطلب الهدایة اي الحق والدین والى الصراط المستقیم ، واالستنصار وطلب النصر

والتعوذ من الشیطان واالحتماء باهللا تعالى من الشرور والمصائب والمحن، والخصال

یه السالم :" من یرشده اهللا إلى الطریق القویم وال الردیئة من الفعل والجنس، فیقول عل

أحد یدله بعده ، فهو هداه اهللا وارشده وأعانه علیه ، وكذلك یدله عن الرشاد والهدایة

الى القصد في القول والفعل، فال مرشدا له غیره ، جل وعال ، وثم یشهد بكلمة

التوحید.

علیه وسلم فیكون الجزاء بذلك صالح ویدعوهم إلى اإلیمان باهللا وبالرسول صلى اهللا

األعمال وغفران الذنوب كما یقول علیه السالم تقوى اهللا سبب في الرزق.

والعید هو موسم الفرح والسرور ، وأفراح المؤمنین وسرورهم في الدنیا ، فإذا فازوا

بإكمال طاعة موالهم وحازوا ثواب أعمالهم بوثوقهم بوعده لهم علیها بفضله ومغفرته

ما قال تعالى:" قل بفضل اهللا وبرحمته فبذلك فلیفرحوا هو خیر مما یجمعون"ك

وعن أنس ابن مالك رضي اهللا عنه قال:"كان ألهل الجاهلیة یومان في كل سنة

یلعبون فیهما" فلما قدم النبي صلى اهللا علیه وسلم المدینة قال:" كان لكم یومان

منهما یوم الفطر ویوم األضحى"تلعبون فیهما وقد أبدلكما اهللا بهما خیرا

فأبدل اهللا تعالى هذه األمة یومي اللعب واللهو بیومي الذكر والشكر والمغفرة والعفو ،

ففي الدنیا للمؤمنین ثالثة أعیاد عید یتكرر كل أسبوع وعیدان یأتیان في كل عام مرة

سبوع وهو ألمتكرر فهو یوم الجمعة وهو عید امن غیر تكرر في السنة ، فأما العید ال

كمال الصلوات المكتوبات، فإن اهللا فرض على المؤمنین في كل یوم مترتب علي إ

ولیلة خمسة صلوات وهو الیوم الذي كمل فیه الخلق، وفیه خلق آدم وأدخل الجنة

وأخرج منها وفیه ینتهي أمر الدنیا وتنزل وتقوم الساعة.

تي كل واحد منهما في العام مرة إنما یأفوأما العیدان اللذان ال یتكرران في كل عام

واحدة فأحدهما عید الفطر من صوم رمضان وهو مترتب على إكمال صیام رمضان

.٥٦ـ ص ١/ إ یضاح المعاني الخفیة في األربعین النوویة ـ محمد تاتاي ـ ج ١

- ١٢٨ -

، فإذا استكمل المسلمین صیام شهرهم المفروض علیهم واستوجب من اهللا المغفرة

والعتق من النار ، فشرع اهللا تعالى لهم ، عقیب إكمالهم لصیامهم عید یجتمعون فیه

هللا وذكره وتكبیره على ما هداهم له ، وشرع لهم في ذلك العید الصالة على شكر ا

والصدقة والعید الثاني عید األضحى وهو مترتب على إكمال الحج ، فإذا اكمل

المسلمون حجهم غفر لهم ، وانما یكمل الحج بیوم عرفة، ویوم عرفة هو یوم العتق

مصار من المسلمین ، فذلك من النار ، من وقف بعرفة ، ومن یقف بها من أهل األ

صار الیوم ، الذي یلیه عیدا لجمیع المسلمین في جمیع امصارهم ، وشرع للجمیع

التقرب إلیه بالنسك وهو إراقة دماء القرابین .

سمى عمر بن خطاب وابن عباس رضي اهللا عنهما یوم عرفة عیدا.

م ، الملك الوهاب فهذه اعیاد المسلمین في الدنیا وكلها عند اكمال طاعة مواله

وحیازاتهم لما وعدهم من األجر والثواب، هذا وقد قال بعض الصالحین:"لیس العید

لمن لبس الجدید وانما العید لمن طاعته تزید" ، قال الحسن: " كل یوم ال یعصى اهللا

فیه فهو عید، كل یوم یقضیه المؤمن في طاعة مواله وذكره وشكره فهو عید"

الحالل والحرام:" إن الحال ل بین وان الحرام بین وبنهما أمور كما بین اهللا تعالى

متشابهات ال یعلمها كثیر من الناس ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام"

وعن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده قال:"سمع النبي صلى اهللا علیه وسلم قوما

اب اهللا بعضه بعضا، یتدارءون" فقال :" إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كت

وانما نزل كتاب اهللا یصدق بعضه بعضا ، فال تكذبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه

فقولوا وما جهلتم فكلوه إلى عالمه".

- ١٢٩ -

ثالثا : خطبه صلى اهللا علیه وسلم فى الترغیب والترهیب : ـ

ستغاثه أهل جهنمأ

الخطبة األولى

سول اهللا صلى اهللا علیه وسلم : ( یلقى عن أبى الدرداء رضى اهللا عنه قال :قال ر

فیه من العذاب ،فیستغیثون فیغاثون بطعام من ضریع على أهل النار فیعدل ماهم

) ١.(الیسمن والیغنى من جوع،فیستغیثون فیغاثون بطعام ذى غصبه )

فیذكرون أنهم یجیرون القصص فى الدنیا بالشراب ،فیدفع الیهم الحمیم بكاللیب

ادنت من وجوههم شوت وجودهم ،فإذا دخلت بطونهم قطعت ما فى الحدید ،فإذا

بطونهم فیقولون : ( أدعوا خزنة جهنم) ، فیقولون : (قالوا أولم تك تأتیكم رسلكم

قول ،قال:(فی) ٢(بالبینات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرین إال في ضالل)

:أدعوا مالكا)فیقول :(یامالك لیقضى علینا ربك)قال: (فیجیبهم ،إنكم ماكثون ) قال

االعمش : ( نبئت أن بین دعائهم ،وبین أجابة مالك ایاهم الف عام ،قال : فیقولون

: (أدعوا ربكم فال أحد خیر من ربكم) فیقولون : ( ربنا غلبت شقوتنا علینا وكنا قوما

منها فإن عدنا فإنا ظالمون ) قال : فیجیبهم : ( أخسئوا فیها ضالین ربنا أخرجنا

والتكلمون) ، قال : (فعند ذلك یئسوا من كل خیر ،وعند ذلك یأخذون فى الزفیر

)٣(الحسرة والویل)

النار هى دار العذاب األبدى ،والجحیم المقیم ،التى أعدها اهللا تعالى للكافرین لكفرهم

م ر سله ،وهى واسعة وممتدة وعمیقة تستوعب كل به ، وعصیانهم له ،وتكذیبه

مایلقى فیها من العصاة المجرمین ،وتقول هل من مزید ؟

)٤(قال تعالى : (یوم نقول لجهنم هل امتألت وتقول هل من مزید)

وقال )٥( بقي وال تذر)وقال عز وجل : (سأصلیه سقر * وما أدراك ما سقر * ال ت

تعالى : (كال إنها لظى * نزاعة للشوى * تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى)

/ غصة : طعام شوكى. ١ .٥٠/ سورة. الزمر ـ رقم اآلیة ٢مكانھا :دار الحدیث القاھرة –) ١ط ( –تحقیق :مصطفى محمد عمارة –الدین عبدالعظیم االمام الحافظ زكى –/ الترغیب والترھیب ٣

. ٣٨٥ص – ٤م ج ١٩٨٧تاریخھا ). ٣٠/ سورة ق ـ االیة رقم ( ٤ ).٢٩-٢٦رقم االیات ( –/ سورة المدثر ٥

- ١٣٠ -

أعد اهللا للكافرین فى النار الوانا من العذاب الشدید فهى نار مشتعلة شدیدة تحرق )، ١(

دید ،ونارها المتقدة ،قال تعالى :( یا أیها الذین كل ماحولها ،ویذوق أهلها حرها الش

آمنوا قوا أنفسكم وأهلیكم نارا وقودها الناس والحجارة علیها مالئكة غالظ شداد ال

.)٢(یعصون الله ما أمرهم ویفعلون ما یؤمرون)

لجوع الشدید على هؤالء العاصین الكفار فیوازن ماهم فیه من عذاب النار فینزل ا

عذابهم بالجوع فیستغیثون اهللا جل وعال فیغیثون بطعام الیشبع والیذهب بهم ماهم

فیها من الجوع قال تعالى:( لیس لهم طعام إال من ضریع* ال یسمن وال یغني من

. )٣(جوع)

م یطلبون اإلستغاثة للمره ا لثانیة فیغاثون بطعام ذى شوك یدخل فى الحلق وال ث

ة وعذابا ألیما) یخرج منه، ، قال تعالى : (إن لدینا أنكاال وجحیما* وطعاما ذا غص

)٤. (

به الشوك فیقولون: أنهم كانوا فى الدنیا یستعینون بالماء فى بلع الطعام الذى یوجد

فى أكله وهضمه ،فیدفع الیهم الحمیم بكاللیب الحدید أى : تدفع الیهم الماء الحار

للشرب وهم مقیدون بالحدید أو فى أوانى من الحدید فإذا قربت من وجوههم حرقت

)٥(وجوههم ، قال تعالى : (تلفح وجوههم النار وهم فیها كالحون)

میاة الحاره بطونهم قطعت أمعاءهم قال تعالى: (سقوا ماء حمیما فإذا دخلت هذه ال

)٦( فقطع أمعاءهم).

فیقولون : (أدعوا خزنة جهنم) أى : خازن النیران وهو مالك ،فیرد علیهم مالك بقوله

: ( ألم تك تأتیكم رسلكم بالبینات ... الخ ) أى : ألم یأتوا الرسل الیكم بالبراهین

اطعه والدالئل ،أستدالال على أحقیة اهللا بالعبادة والطاعة.الق

قال البیضاوى : ( أرادوا به إلزامهم الحجة وتوبیخهم على إضاعتهم أوقات الدعاء

،وتعطیلهم أسباب اإلجابة ،فأدعوا فإنا النجزى فیه إذ لم یؤذون لنا فى الدعاء

الیجاب ، قال تعالى : (وقال ألمثالكم وفیه إقناط لهم عن االجابه وضالل وضیاع ،و

)١٨-١٥رقم االیات ( –/ سورة المعارج ١ )٦رقم االیة ( –/ سورة التحریم ٢ )٧-٦رقم االیات ( –/ سورة الغاشیة ٣ )١٣-١٢رقم االیات ( –/ سورة المزمل ٤ )١٠٤رقم االیة ( –/ سورة المؤمنون ٥ ).١٥رقم االیھ ( –/ سورة محمد ٦

- ١٣١ -

ن العذاب) ، قال : ( أو ١الذین في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم یخفف عنا یوما م

لم تك تأتیكم رسلكم بالبینات ) قالو : (بلى) قالوا: فأدعوا ،وما دعاء الكافرین إال فى

ضالل ).

والمعنى سل ربنا أن یقضى علینا ، اى: یمیتنا ویریحنا ممن نحن قال البیضاوى : (

فیه من شده العذاب ) قال : ( فیحیبهم أنكم ماكثون الخالص لكم بموت والبغیره).

ویذكر األعمش: ( أن رد خازن النار مالك أتى رده بعد الف عام من العذاب ،ثم بعد

یدعون كما قال عز وجل : (قالوا ذلك یقولون أدعوا ربكم فال أحد أفضل من ربكم ،ف

٢ربنا غلبت علینا شقوتنا وكنا قوما ضالین)

أى شقاوتنا ملكتنا بحیث صارت أحوالنا مؤذیة الى سوء العاقبة ضالین عن الحق

ربنا أخرجنا من هذه النار المحرقة الحامیة المهلكة ،فإن أخرجتنا منها فإنا تائبون

ك ،فیقول لهم جل وعال: ( أسكتوا سكوت هوان فى النار ،فإنها لیست مقام سؤال الی

فى رفع العذاب ) وعند ذلك تردد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه ،وتقطع األنفاس

،وفیه هنا زیادة عن الملل والضجر والهالك .

یفتر عنهم وهم فیه قال تعالى : (إن المجرمین في عذاب جهنم خالدون * ال

مبلسون * وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمین * ونادوا یا مالك لیقض علینا

)٣( ن).ربك قال إنكم ماكثون* لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهو

وتتلخص الخطبة فى قوله تعالى :( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب

ارجعون*لعلي أعمل صالحا فیما تركت كال إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ

ور فال أنساب بینهم یومئذ وال یتساءلون *فمن إلى یوم یبعثون* فإذا نفخ في الص

م ثقلت موازینه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازینه فأولئك الذین خسروا أنفسه

ار وهم فیها كالحون * ألم تكن آیاتي تتلى في جهنم خالدون * تلفح وجوههم الن

علیكم فكنتم بها تكذبون* قالوا ربنا غلبت علینا شقوتنا وكنا قوما ضالین * ربنا

وا فیها وال تكلمون * قال اخسؤوا فیها أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون*قال اخسؤ

وال تكلمون* فاتخذتموهم سخریا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني

.٤٩/ سورة غافر ـ رقم اآلیة ١ .١٠٦ـ سورة المؤمنون ـ رقم اآلیة ٢

).٧٨-٧٤رقم االیات ( –/ سورة الزخرف ٣

- ١٣٢ -

تم في األرض عدد سنین* جزیتهم الیوم بما صبروا أنهم هم الفائزون* قال كم لبث

نتم قالوا لبثنا یوما أو بعض یوم فاسأل العادین * قال إن لبثتم إال قلیال لو أنكم ك

.)١( عون)تعلمون *فحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلینا ال ترج

الترهیب بالنار

جهنم تطلب أزواجها

الخطبة الثانیة :

عن أبى سعد قال : سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم یقول : (إذا جمع الناس

وخزنتها یكفونها ) )٢( قى صعید واحد یوم القیامة أقبلت النار تركب بعضها بعضا.

أوأل غشین الناس عنقا واحده) )٣( وهى تقول : (وعزة ربى ألخلین بینى وبین أزواجىفیقولوت : ( من أزواجك) ؟ فتقول : ( كل متكبر جبار ) فترخج لسانها فتلتقطهم ) ٤(

من بین ظهرانى الناس ،فتقذفهم فى جوفها ثم تستأخر ، ثم تقبل یركب بعضها بعضا

ین وخزنتها یكفونها ، وهى تقول : ( وعزة ربى لیخلین بینى وبین أزواجى أوأل غش

الناس عنقا" واحدة ، فیقولون (من أزواجك) ؟ فتقول (كل جبار كفور ) فتلتقطهم

بلسانها من بین ظهرانى الناس فتقذفهم فى جوفها ثم تستأخر ، ثم تقبل یركب

بعضها بعضا ،وخزنتها یكفونها.

وهى تقول : ( وعزة ربى لیخلین بینى وبین أزواجى ، اوألغشین الناس عنقا واحده

ولون : ( من أزواجك) ؟ فتقول : ( كل جبار فخور ) فتلتقطهم بلسانها ،فتقذفهم ،فیق

)٥( فى جوفها ثم تستأخر ویقضى اهللا بین العباد ).

ذكر فى بعض األخبار ان جهنم أعاذنا اهللا منها ،وزحرزحنا برحمته عنها تستأذن

رفع رأسها وهى یوم القیامة فى السجود فیأذن لها ثم یقال لها : (أرفعى رأسك ) فت

تقول : (الحمد هللا الذى خلقنى لینتقم ربى ممن عصاة ولم یجعل من خلقه شئیا" ینتقم

به منى ،إلهى عجل على بأهلى فوعزتك ألنتقمن لك ممن عصاك ثم تغتاظ على

أهل المعاصى ،فترمى بشرر كعدد النجم على رؤوس الخالئق العصاة ،فقد ورد فى

).١١٥-٩٩رقم االیات ( –مؤمنون / سورة ال ١ / تركب بعضھا بعضا : بعضھا أثر بعض . ٢ / أزواجي : أھلى . ٣ / عنقا واحده : عنق النارقطعة منھا ، والمراد أغشاھم كلي . . ٤ ). ٣٤ص ( –/ خطب الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ محمد خلیل الخطیب ٥

- ١٣٣ -

ومتعددة فى حرمان دخول المتكبربین الجنة بل هم أهل القرآن الكریم آیات كثیرة

النار.

والكبر نوعان :

وكبر عن الخلق -٢ كبر عن الحق -١

وقد بینهما النبى علیه الصالة والسالم فى قوله : ( الكبر بطر الحق وغمط الناس

:یعنى فبطر الحق یعنى: رده واالعراض عنه وعدم قبوله ،وغمط الناس :یعنى

هم وأزداءهم ،أى :الیرى الناس شئیا ویرى أنه فوقهم).أحتقار

ثم ذكر اإلمام النووى علیه رحمه اهللا عدة آیات منها قوله تعالى : ( تلك الدار اآلخرة

)١( نجعلها للذین الیریدون علوا فى االرض والفسادا والعاقبة للمتقین ).

دور كلها تنتهى باألخرة. والدار األخرة هى آخر دور بنى آدم ،ألن أبن آدم له أربعة

الدار األولى : فى بطن أمه

.الدار الثانیة :إذا خرج من بطن أمه الى دار الدنیا

.الدار الثالثة: البرزخ ،مابین موته وقیام الساعة

. الدار الرابعة : الدار اآلخره ،وهى النهایة وهى القرار وهذه الدار

رة نجعلها للذین ال یریدون علوا في األرض وال قال تعالى عنها :( تلك الدار اآلخ

. ٢فسادا والعاقبة للمتقین)

الیریدون التعالى على الحق ، وال التعالى على الخلق وانما هم متواضعون واذا نفى

ساد ،فهم ال اهللا عنهم العلو والفساد ،فهو من باب أولى أال یكون منهم علو والف

یعلون فى األرض ،وال یفسدون ،والیریدون ذلك.

وقال تعالى : (وال تصعر خدك للناس وال تمش في األرض مرحا إن الله ال یحب كل

)٣( مختال فخور).

علیهم وتصغیر الخد للناس وهو أن یعرض اإلنسان عن الناس ،فتجده مستكبرا"

،تحدثه وهو یحدثك وقد صد عنك ،وصغر خده ،وقوله تعالى :( والتمش فى األرض

مرحا) یعنى :التمشى فى األرض تبخترا" وتتعاظما" وتكبرا( أن اهللا الیحب كل مختال

) ٤٥٦ـ ص ( ٣النووي ـ جاإلمام –/ شرح ریاض الصالحین ١ .٨٣/ سورة القصص ـ رقم اآلیة ٢

). ١٨رقم اآلیة ( -/ سورة لقمان ٣

- ١٣٤ -

فخور) المختال فى هیئته ، والفخور بلسانه،وقوله فهو بهیئته مختال فى ثیابه،وفى

ته ،فخور بقول لسانه ،واهللا الیحب هذا ،وانما یحب مالبسه ،وفى مظهره وفى مشی

المتواضع الغنى الخفى التقى ،هذا هو الذى یحبه اهللا عز وجل .

كما أن الرسول صلى اهللا علیه وسلم ذكر الكثیر من االحادیث فى عدم دخول

المتكبر النار قال تعالى : ( ان جهنم كانت مرصادا للطاغین مابا البثین فیها

)١( أحقابا).

عن عبداهللا بن مسعود رضى اهللا عنه ،عن النبى صلى اهللا علیه وسلم قال : ( ال

یدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر ) فقال رجل : (إن الرجل یحب أن

یكون ثوبه حسنا" ونعله حسنة) ؟ قال : ( إن اهللا جمیل یحب الجمال الكبر بطر

)٣( وغمط الناس))٢(الحق

ار هؤالء الجبارون الفخورین المتكبرین ،حتى یقضى اهللا بین عباده ،حتى فتحرق الن

)٤( یعرف كل واحد منهم مصیره أما الى جنة دائم نعیمها أو الى نار الینفد عذابها.

الخطبة الثانية

الترهیب بالنار

خطبة علیه الصالة السالم : فى آخر من یدخل الجنة

رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم: (إنى ألعلم عن أبى هریرة رضى اهللا عنه قال :قال

آخر أهل النار خروجا منها أو أخر أهل الجنة دخوال للجنة رجل یخرج من النار

حبوا فیقول عز وجل له: ( أذهب فأدخل الجنة ،فیأتیها فیخیل إلیه إنها مألى) فیرجع

نة فیأتیها فیقول :( یارب وجدتها مألى ) فیقول عز وجل له : ( أذهب فأدخل الج

فیخیل الیه إنها مألى فیرجع فیقول : ( یارب وجدتها مألى) فیقول اهللا عز وجل له :

( أذهب فأدخل الجنة فإن لك مثل الدنیا وعشرة أمثلها أو أن لك مثل عشرة أمثال

فیقول : (أتسخر بى وأنت الملك ) قال الراوى :( فضحك صلى اهللا علیه )الدنیا

)٥(فكان یقول ذلك أدنى أهل الجنة منزله ) وسلم حتى بدت نواجذه ،

. ٢٣-٢١رقم اآلیات –/ سورة النبأ ١ / یطرق الحق :دفعة ورده الى قائلھ. ٢ / قمط الناس :أختقارھم. ٣ ). ١٢٣٤ص( –) ٢اإلمام النووي ـ ج ( –/ شرح ریاض الصالحین ٤ .٣٩٦ص –) ٤ج ( –اإلمام الحافظ زكي الدین عبد العظیم –/ الترغیب والترھیب ٥

- ١٣٥ -

قال القاضى عیاض : ( جاء نحو هذا فى آخر من یجوز على الصراط یعنى قال :

أو جنسان ،وعبر فیه بالواحد عن ( فیحتمل أنهما أثنان إما شخصان واما نوعان

الجماعة الشتراكهم فى الحكم الذى كان سبب ذلك ویحتمل أن یكون الخروج هنا

نى الورود ،وهو الجواز على الصراط فیتحد المعنى ،إما فى شخص واحد او بمع

عند مسلم من روایة أنس بن مسعود مایقوى األحتمال الثانى أكثر) قلت : (وقع

ولفظه اخرمن یدخل الجنةرجل فهو یمشى مره ویكبو مره وتسعفه مره ،فإذا ماجاوزها

ألتفت الیها فقال : ( تبارك الذى نجانى منك).

وقوله : (حبوا) أى : زحفا" ،وقوله :(فإن لك مثل الدنیا وعشرة أمثالها )أى أو أن لك

مثل عشرة أمثال الدنیا ،فیقال له : (أتذكر الزمان الذى كنت فیها أى : الدنیا ) فیقول

:(نعم) فیقال له (تمن ) فیتمنى.

یر الضحك وقوله : (أتسخرمنى ) معناها أتستهذىء بى وانت رب العالمین )وتفس

بالرضا الیأتى هنا ،ولكن لما كانت عادة المستهذىء أن یضخك من الذى أستهزأ به

ذكر معه أما نسبة السخریة الى اهللا تعالى فهى على سبیل المقابلة ،وان لم یذكره فى

)١( الجانب اآلخر .

الترغیب فى الجنة

أثنتان من وقیهما دخل الجنة

هللا علیه وسلم قال : ( خطبنا رسول اهللا عن رجل من أصحاب رسول اهللا صلى ا

صلى اهللا علیه وسلم ذات یوم فقال :( أیها الناس أثنتان من وقاه اهللا شرهما دخل

الجنة ) قال : ( فقام رجل من األنصار) فقال : ( یارسول اهللا أالتخبرنا ماهما )؟ ثم

لثة ،أجلسه قال : (أثنتان من وقاه اهللا شرهما دخل الجنة ) حتى إذا كانت الثا

أصحاب رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم ،فقالوا : ( نرى رسول اهللا صلى اهللا علیه

وسلم ،یرید أن یبشرنا فتمنعه ) فقال : ( إنى أخاف أن یتكل الناس) فقال: ( أثنتان

)٤( ، ) ٣(ومابین رجلیه ) )٢( من وقاه اهللا شرهما دخل الجنة ،مابین لحییه

. ٥٨٦ص –) ٢القاضي عیاض ـ ج( –/ الشفاء فى تعریف حقوق المصطفى ١ / لحییھ : اللسان . ٢ / رجلیھ : الفرج ٣ . ٦٥ـ ص ١محمد خلیل الخطیب ـ ج –/ خطب الرسول ٤

- ١٣٦ -

شرح ریاض الصالحین لهذا الحدیث : (أثنین من حافظ علیهما قال اإلمام النووى فى

لم یرتكب بهما الذنوب واألثام دخل الجنة فكررها ثالثا ورجل من األنصار یقاطعه

فى كالمه یقول (أال تخبرنا ماهما) ؟ حتى أجلسه أصحاب النبى علیه الصالة

حدیثه حتى یتم والسالم بأن یجلس والیقاطع النبى علیه الصالة و السالم فى

أخبارهم ویبشرهم بذلك األثنین ،فرد النبى صلى اهللا علیه وسلم (لكنى أخاف أن یتكل

ن والیعمل خیرا فى غیرها وبأنهم اس على ذلك ) أى : یتكلون على هذین االثنیالن

یدخلون بهما الجنة ،وهما اللسان وحفظه من الكذب والنمیمة والغیبة والغش قال

یها الذین آمنوا اجتنبوا كثیرا من الظن إن بعض الظن إثم وال تجسسوا تعالى :( یا أ

إن وال یغتب بعضكم بعضا أیحب أحدكم أن یأكل لحم أخیه میتا فكرهتموه واتقوا الله

رحیم) الله تواب )١(

)٢( قال صلى اهللا علیه وسلم : ( من غشنا فلیس منا ).

وكما ذكر النبى فى الحدیث الشریف ، ( عن أبى هریرة رضى اهللا عنه : (أنه سمع

فیها ) ٣( رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم یقول : ( أن العبد لیتكلم بالكلمة مایتبین

)٤(ق والمغرب) ینزل بها الى النار أبعد مما بین المشر

أما االحادیث الوردة فى هذه المعانى كثیرة فى ذلك .

أما حفظ الفرج من الزنا وماشابه ذلك فربط النبى صلى اهللا علیه وسلم بینهما ،ألن

فى اللسان شهوة فى الكالم ،فكثیر من الناس یتنطع ویتلذذ إذا تكلم فى أعراض

)٥(وا إلى أهلهم انقلبوا فكهین).الناس ویتفكه قال تعالى : (واذا انقلب

ومن الناس من یهوى الكذب السیما إذا كذب بالكلمة لیضحك القوم ،فإن الرسول

صلى اهللا علیه وسلم قال : ( ویل لمن حدث وكذب لیضحك به القوم ،ویل له ثم

ویل له ).

)١٢رقم االیھ ( –/ سورة الحجرات ١ ،٦٠٤ـ ص ٣/ ریاض الصالحین ( باب النھي عن إظھار الشماتة بالمسلم ) ـ اإلمام النووي ـ ج ٢ / یتیبن : یتحري ویتأكد . ٣ ). ٦٧٨ص ( –) ٢ج ( -/ شرح ریاض الصالحین ٤ . ٣١/ سورة المطففین ـ رقم اآلیة ٥

- ١٣٧ -

خطبتة صلى اهللا علیه وسلم

فى الترغیب والترهیب

ار فى یوم القیامةفى عذاب الكف

خطب النبى صلى اهللا علیه وسلم فقال :

فإن أهل النار یبكون فى النار حتى تسیل ) ١( (یا أیها الناس أبكوا فإن لم تبكوا فتباكوا

حتى تنقطع الدموع فیسیل الدم فیقرح العیون ) ) ٢( دموعهم فى خدودهم كأنها جداول )٣(

خطبة یخاطب الناس جمیعا" بالبكاء أو فالرسول علیه الصالة والسالم فى هذه ال

التباكى وهو التصنع فى البكاء ولذلك لزجر هذه النفس اإلماره بالسوء ودعائها الى

خشیه اهللا تعالى ورهبتة والخوف منه بإنزاع الغرور عنها ودعائها الى صالح األعمال

ویبصره من فى هذه الحیاة الدنیا ،ألن الخوف من اهللا تعالى یجر صاحبه الى الخیر

فعل الشر وبذلك نأمن من عذاب اهللا یوم القیامة.

كما الرسول الكریم علیه الصالة والسالم یذكرنا بأهل النار ما هم فیه من العذاب

فتصبح دموعهم تسیل منهم دماء.

وروى عن النبى صلى اهللا علیه وسلم أنه قال : ( كل عین باكیة یوم القیامة إال عین

،وعین غضت عن محارم اهللا ،وعین باتت تحرس فى سبیل اهللا بكت من خشیة اهللا

(٤

و كان (قال تعالى : حصب جھنم أنتم لھا واردون* ل ن دون هللا عبدون م إنكم وما تیھا زفیر وھ یھا خالدون* لھم ف ا وردوھا وكل ف ھة م سمعون* إن ھؤالء آل یھا ال ی م ف

ي ما سمعون حسیسھا وھم ف عدون* ال ی ا مب ك عنھ لئ و حسنى أ نا ال الذین سبقت لھم محزنھم الفزع األكبر وتتلقاھم المالئكة ھذا ومكم الذي اشتھت أنفسھم خالدون* ال ی ی

. 5 )كنتم توعدون

ا الذین شقوا{(: قال تعالى ھم فیھا زفیر وشھیق فأم .٦)....الخ ففي النار ل

٤٢٤٣ص –) ١مكانھا تاریخھا . ( – ١١١ط - ٤٢٤٣ص –) ١ج( –االلبانى –/ ضعیف الجامع ١ .٦٧٨ص –) ٣ج( –مرجع سابق -/ الترغیب والترھیب ٢ / یقرح : یجرح ٣ / ال یسمعون ،الیسمعون مایسرھم. ٤ –) ١٠٣رقم االیھ ( –/ سورة األنبیاء ٥ .١٠٧رقم االیھ –/ سورة ھود ٦

- ١٣٨ -

-منها هذا الحدیث الشریف:فأما األحادیث الواردة فى بكائم وشهیقهم

نار یدعون مالكا" فال عن عبد اهللا بن عمرو رضى اهللا عنها قال : (أن أهل ال

بجیبهم أربعین عاما) ثم یقول : ( إنكم ماكثون) ثم یدعون ربهم فیقولون : ( ربنا

أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ) فال یجیبهم مثل الدنیا ،ثم یقول : (أخسئوا فیها

والتكلمون ) ثم ییأس القوم فما لهم إال الزفیر والشهیق تشبه أصواتهم أصوات

.١یر أولها شهیق وأخرها زفیر )لحما

الخطبة الثانیة

یوم الحشر وأهوال القیامة

عزال، كما بدأ نا أول خلق )٣(عراة" )٢(( یاأیها الناس إنكم محشرون إلى اهللا حفاة

)٤(نعیده وعدا علینا إنا كنا فاعلین)

ء رجال من أمتى أال وان أول الخالئق یكسى إبراهیم علیه السالم ، أال وانه سیجا

فیؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : ( یارب أصحابى ،فیقول : ( إنك التدرى ما أحدثوا

بعدك) ؟ فأقول كما قال العبد الصالح : ( وكنت علیهم شهیدا" مادمت فیهم ) إلى

قوله العزیز الحیكم . قال : فیقال لى : (أنهم لهم یزالوا مرتدین على أعقابهم منذ

)٥(:فیقال لى (سحقا سحقا) .فارقتهم ) قال

الحشر هو جمع الخالئق وسوقهم الى الموقف العظیم بین یدى اهللا تعالى ،ویكون

الناس فى المحشر فى حالة فزع وخوف من هول مایرون ،ومما سیواجههم اهللا تعالى

-به حین العرض والحساب ،ویكون الناس فى المحشر فریقین:

تعالى عنهمم شدة الموقف وسیؤمنهم من الخوف.فریق المتقین الذین یخفف اهللا .١

فریق الكفار والعصاة والمجرمین الذین یساقون أذالء بائسون،یعانون من شدة .٢

الموقف وهوله ،ینتظرون عاقبتهم ومصیرهم فى نار جهنم.

س شدید ./ شھیق وزفیر : أنین وتنف ١ / حفاة اقادمھم عاریة بال نعال . ٢ / عزال :غیر مختوتین ... ٣ ...٦٨رقم –/ سورة الزمر ٤ / سحقا سحقا ـ بعدا بعدا . ٥

- ١٣٩ -

-وأول المراحل ما یتعلق بالیوم اآلخر هى :

رواحم ویتم ذلك بعد البعث :وهو أخراج البشر من قبورهم أحیاء بأجسامهم وأ-١

النفخة الثانیة،بعد النفخة األولى التى یموت فیها كل الخالئق فى الصور بإذن اهللا

ور فصعق من في السماوات ومن في األرض إال تعالى، قال تعالى: (ونفخ في الص

)١(ام ینظرون) من شاء الله ثم نفخ فیه أخرى فإذا هم قی

النشر والحشر:-٢

وهما أمران یتبعان البعث ،فینشر الخالئق بعد بعثهم حفاة عراة ، ثم یجمعون فى

)٢(أرض المحشر قال تعالى : (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا)

أنهم فالنشور هو إذن حركة الخالئق بعد بعثهم من موتهم ،وأظطرابهم فیكونون ك

جراد منتشر ، كما جاء فى القرآن : (خشعا أبصارهم یخرجون من األجداث كأنهم

.٣جراد منتشر)

: وهو الوقوف بین یدى اهللا تعالى صفوفا من أجل الحساب ، وتكون العرض - ٣

فیة قال تعالى أعمال االنسان حین العرض بین یدى سبحانه وتعالى، التخفى منها خا

: (یومئذ تعرضون ال تخفى منكم خافیة * فأما من أوتي كتابه بیمینه فیقول هاؤم

.)٤( اقرؤوا كتابیه * إني ظننت أني مالق حسابیه)

ل أعضاء جسده ، بما وفى هذا الوقت یعترف كل إنسان بما فعل حیث تشهد علیه ك

یفعل وربما فعل ویعتذر المسئ إلى ربه بمعاذیر مختلفة ،وتستعد المالئكة على

اإلنسان بعمله حین یطلب اهللا تعالى منها ذلك ،ویقسم الناس على فریقین فریق فى

الجنة وفریق فى السعیر ،فیأخذ كل واحد كتابه أما بیمینه أو بشماله قال تعالى:

أوتي كتابه بیمینه* فسوف یحاسب حسابا یسیرا*وینقلب إلى أهله مسرورا (فأما من

*وأما من أوتي كتابه وراء ظهره*فسوف یدعو ثبورا*ویصلى سعیرا) )٥(

الئق أبراهیم علیه ى من الخلیه الصالة والسالم أن أول من یكسوكما أوضح ع

أما الذین یأخذون كتباهم بشمالهم ،فیقول النبى صلى اهللا علیه وسلم : ( ؛السالم

).٦٨رقم االیھ ( –/ سورة الزمر ١ ).٧٤رقم االیھ ( –/ سورة الكھف ٢ .٧/ سورة القمر ـ رقم اآلیة ٣ .٢٠-١٨ات رقم اآلی –/ سورة الحاقة ٤ .١٢-٧رقم اآلیات –/ سورة االنشقاق ٥

- ١٤٠ -

یارب أصحابى) فیقول : (إنك التدرى ما أحدثوا بعدك) ؟ أى : مافعلوا بعدك ،فیقول

علیه السالم: كنت علیهم شهیدا" مادمت فیهم أى مدت وجودى فیهم ،فلما توفیتنى

ب علیهم ، وأنت العزیز الحكیم وأقول كما قال العبد الصالح عیسي كنت أنت الرقی

بن مریم قال تعالى :( ما قلت لهم إأل ما أمرتنى به أن اعبدوا اهللا ربى وربكم وكنت

علیهم شهیدا" مادمت فیهم فلما توفیتنى كنت أنت الرقیب علیهم وأنت على كل شىء

نك أنت العزیز الحكیم )شهید*ان تعذبهم فأنهم عبادك وأن تغفر لهم فإ

قال علیه السالم فیقول لى ربى : ( أنهم لم یزالوا مرتدین ) : أى : راجعین ضالین

.)١(عن طریق الصواب كما قال تعالى : (ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله)

من بعد ما تبین لهم الهدى الشیطان وقال عزوجل : (إن الذین ارتدوا على أدبارهم

ل لهم وأملى لهم) سو)٢(.

وقوله : ( والترتدوا على أدباركم ) أى : إذا تحققتم امرا" وعرفتم خیرا فال ترجعوا عنه

سحقا ) أى : بعدا بعدا ،وعندما یرى الرسول -فیقول علیه الصالة والسالم (سحقا

لكریم علیه صلوات اهللا واجل التسلیم رجاال من الخلق كانوا أصدقاء له فى الدنیا ا

،ولكن عقیدتهم كانت ذائفة وغیروا طریقتهم المثلى بعد وفاته علیه الصالة والسالم

،فتأخذه الشفقة والرحمه والرأفه بهم؛ وقت تعذیبهم فیقول النبى علیه الصالة والسالم :

ال له أنهم غیروا وبدلوا وحادوا وزاغوا فیتبرأ منهم علیه ( یارب أصحابى ) ،فیق

الصالة والسالم ویطلب البعد عنهم.

رابعا : خطبة في التنبیه وعدم الغفلة واإلعتبار : ـ

الخطبة األولى:

قال علیه الصالة والسالم بعد أن حمد اهللا وأثنى علیه:" یا أیها الناس ، كأن الموت

كتب، وكأن الحق في غیرنا وجب، كأن الذین نشیع من في الدنیا على غیرنا قد

األموات سفر عما قلیل إلینا راجعون ، نبوئهم أجداثهم ونأكل تراثهم ، كأننا مخلدون

بعدهم ، قد نسینا كل واعظة، وأمنا كل جائحة ، طوبي لمن شغله عیبه عن عیوب

، وخالط أهل الناس ، وأنفق من مال أكتسبه من غیر معصیة ، ورحم أهل الذ ل

. ٧١رقم اآلیة –/ سورة األنعام ١ ..٢٥رقم االیھ –/ سورة محمد ٢

- ١٤١ -

الفقه والحكمة ، طوبي لمن أذل نفسه ، وحسنت خلیقته ، وصحت سریرته ، و عزل

عن الناس شره ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، ووسعته السنة

١وابتعدعن البدعة"

فالرسول الكریم صلوات اهللا علیه وسالمه ینبه الناس الى تشاغلهم عن الموت

أن لن یموتوا مثل غیرهم، أو كأن الذین وسدوا التراب سیعودون بعد ،وكانهم یظنون

قلیل من نومهم األبدي، فالناس بتركهم الحق ، وصم آذانهم عن سماعه والعمل به ،

یوحون للناظر إلیهم أن الحق مطلوب من غیرهم المنهم، ثم یعظ الرسول صلى اهللا

شغل بإصالح عیوبه قبل عیوب علیه وسلم فیبین لهم أن من الخیر لإلنسان أن ین

غیره ،ولوفعل كل واحد ذلك النصلح حال الناس جمیعا، ثم یوضح لهم أن اهللا ال

یقبل من الصدقه إال ما كان طیبا، وأن اهللا یحب من العبد أن یرحم الناس أن یحجز

عنهم أذاه بالقول أو بالفعل ، ویحب منه أیضا أن یجلس في مجالس العلماء لإلنتفاع

هم، فجلیسك الصالح ینفعك من كل ناحیة كما یطلب الرسول صلي اهللا علیه وسلم من

من الناس أن یلتزموا السنة وال یهجروها إلى البدعة والضالله.

الخطبه الثانیة

قال علیه الصالة والسالم بعد أن حمد اهللا وأثنى علیه.

نتهوا إلى نهایتكم وان فإ لكم نهایة نتهوا إلى معالمكم، وان(أیها الناس إن لكم معالم فإ

المؤمن بین مخافتین: بین أجل قد مضى ال یدري ما اهللا صانع به، وبین اجل قد

یأخذ العبد لنفسه من نفسه ، ومن دنیاه آلخرته ومن قى ال یدري ما اهللا قاض فیه، فب

الشیبة قبل الكبر، ومن الحیاة قبل الموت،والذي نفس محمد بیده ما بعد الموت

.٢وال بعد الدنیا دار إال الجنة أو النار)مستعتب،

لتزام حدود اهللا، والعمل قبل إنقضاء األجل ، واالتجاة في أن البشر یدعو الناس إلى أ

الطریق السوى الذى یوصل إلى رضا اهللا عز وجل، وما أجمل قوله صلى اهللا علیه

یة، حتى یكون وسلم" فلیأخذ العبد من نفسه" أنه یرید أن یجعل الرقابة ذاتیة داخل

الحكم صادرا فى جانب الحق،بعیدا عن المجاملة والریاء ، فلن یخدع اإلنسن نفسة

.٢٣٦ـ ص ١/ خطب الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ محمد خلیل الخطیب ـ ج ١م ـ ١٩٩٨ـ دار قباء للطباعة والنشر والتوزیع القاھرة ـ ١/ الحیاة األدبیة في عصر النبوة والخالفة ـ د. النبوي عبد الواحد شعالن ـ ط ٢ .٨٧ـ ص ١ج

- ١٤٢ -

عندما یواجهها بما وقع منها فالرسول علیه الصالة والسالم یرید من المؤمن أن

یجعل من نفسة متهما حكما ثم یترك له فرصة تقویم أعماله.

التى تنفع المسلم فى دنیاه وآخرته وقد جاءت الخطبة شاملة لكل جوانب الخیر

وجاءت التاأكیدات فى النص لتبیین أنه ال خیار والمجاملة، فإما إستقامة وخیر وما

إنحراف وشر، وكل هذا جاء فى أسلوب یتمیز بالوضوح والقوة.

- ١٤٣ -

الفصل الثالث

تحلیل الموقف الخطابي للنبي صلي هللا علیھ وسلم

ویتكون من ثالثة مباحث :

ا لخصائص الفـــــنیة : المـبحث األول

منهج النبي صلي اهللا علیه وسلم في األداء ا لخطابي :المـبحث الثاني

ا لموضوعات وا ألھداف :المـبحث الثالث

- ١٤٤ -

المبحـث األول

الخصائص الفنیة

اإلیجاز: ـ

سمة غالبة على أسلوب الرسول هو تأدیة المعاني الكثیرة باأللفاظ القلیلة ، وهو

(صلي اهللا علیه وسلم) ألن اإلیجاز قوة في التعبیر وأختالف في اللفظ وشدة في

التماسك وهذه صفات تالزم قوة العقل والروح ، وقوة الشعور وهذه القوى كلها على

اكمل ما تكون في الرسول (صلي اهللا علیه وسلم) ومن هنا شاعت جوامع الكلم في

.١خطبه

) یوجز غالبا لیعقل عنه ما یقول ، وألن صلى اهللا علیه وسلموكان رسول اهللا (

) عن الثرثرة ولذلك جاءت صلى اهللا علیه وسلماإلیجاز الیق بعظمته وقد نهى (

) اإلیجاز هو صلى اهللا علیه وسلمخطبة كلمات جوامع وحكما بالغة، وایثار النبي (

ن طرق الحدیث واذ كان لكل مقام مقال فأن ایضا ترجیح صائب للجادة المثلى م

مقال األیجاز یستدعي من الخبرة النفسیة والثفافیة الملهمة ذخیرة وافیة واقیة .

شواهد اإلیجاز

في األحادیث النبویة

الحدیث األول : دعائم اإلسالم : ـ

الشاهد البالغي : ( إیتاء الزكاة )

إیجاز حذف والسر ء الزكاة مستحقیها فهذا حیث تم حذف المفعول الثاني والتقدیر إیتا

كون ذلك الحذف متعین إذ أن الزكاة ال تعطي إال لمستحقیها والمقام علي البالغي

توكید ذكر الزكاة ولیس بیان تفاصیل أهلها.

النهي عن البدع : ـ الحدیث الثالث :

ها هذا الحدیث قاعدة عظیمة من قواعد الدین وهو من جوامع الكلم الذي أوتی

المصطفي صلي اهللا علیه وسلم فهو صریح في رد كل بدعة فهنا إیجاز حذف في

قوله : ( فهو رد ) حیث تم حذف المضاف إلیه وانابة المضاف محله ألنه هو

.٥٤٣ـ ص ٣ـ دون مكان نشر ـ دون تاریخ ـ ج١/ من وحي الرسالة ـ أحمد أمین ـ ط ١

- ١٤٥ -

المقصود والمعني كل شئ مخالف لما جاء به الرسول فهو مردود علي صاحبه

فكلمة ( رد ) أفادت معني كثیرا مع قلة اللفظ.

الرابع : ترك الشبهات : ـ الحدیث

جاء في سیاق هذا الحدیث ثالث شواهد لإلیجاز نأخذها بالتفاصیل علي النحو

التالي: فأول شواهد اإلیجاز قوله : ( ال یعلمهن كثیر من الناس ) فهنا إیجاز حذف

حیث تم حذف المفعول به أي ال یعلم حكمها والسر البالغي في وقوع هذا الحذف

في تلك الشبهات جهل الناس بها والتساهل من الحذر منها وكأن أن سبب الوقوع

الحذف یعطي داللة ذلك الوقوع وهو الجاهل فالمناسبة بین الحذف والتساهل في

اإلقتراب واضحة.

والشاهد الثاني علي وقوع اإلیجاز جاء في معرض التمثیل علي الوقوع في الشبهات

ألدني أحوال الوقوع في الشبهات وهو وهذا فیه إیجاز حذف إذ كونه یضرب المثل

اإلقتراب من حدود اهللا المحرمة وترك التمثیل لما هو أعلي من ذلك ألن العاقل یدرك

بداهة أن التحذیر من األدني واألخف یشیر الي التحذیر من األعلي واألشد.

الحدیث: الحادي عشر اإلسراع في الخیرات : ـ

اهدا علي وقوع اإلیجاز فالحدیث یذكر تكاد أن تكون كل جمل هذا الحدیث ش

أوصاف العبادات بجمل قصیرة واضحة لیس فیها لبس وال غموض تعطي المعاني

الكثیرة في إیجاز واضح وبیان مشرق وتعابیر تفیض بالخیر.

: ( بأن الصالة نور ) فهي نور في الدنیا تنیر للعبد دربه حتي ال یتخبط فالتعبیر

اصي واآلثام نور في اآلخرة حیث تنیر علیه ظلمة قبره في الشهوات وتكیله المع

وتضئ له دربه الموصل الي جنة اهللا وخلده ومثله یقال في قوله ( والصدقة برهان )

أي برهان علي صحة إیمان العبد وتصدیقه بموعود ربه وحجة له عند خالقه تدافع

عنه یوم القیامة.

قد جمعت هذه األلفاظ الیسیرة معاني كثیرة قال أبو الزناد : هذا من جوامع الكلم ألنه

فهنا إیجاز قصر .

- ١٤٦ -

شواهد اإلیجاز

في الوصایا النبویة

ـ وصایا النبي صلي اهللا علیه وسلم بالنساء : ١

الوصیة األولي :

(إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقیم .... الخ.).

معاني كثیرةألنه قد جمعت هذه األلفاظ الیسیرة :إیجاز قصر . نوع اإلیجاز

الوصیة الخامسة :

(أكمل المؤمنین إیمانا أحسنهم خلقاخیاركم خیاركم لنسائهم).

ألنه قد جمعت هذه األلفاظ الیسیرة معاني كثیرة :إیجاز قصر. نوع اإلیجاز

ـ وصایا النبي صلي اهللا علیه وسلم ألصحابه : ٢

فر طویل ، وخفف ظهرك ( أحكم السفینة فأن البحر عمیق ، وأستكثر الزاد فإن الس

فإن العقبة كؤود ، وأخلص العمل فإن الناقد بصیر ) .

ألنه قد جمعت هذه األلفاظ الیسیرة معاني كثیرة نوع اإلیجاز : إیجاز قصر .

ـ وصایا النبي صلي اهللا علیه وسلم ألصحابه : ٣

ا (كن في الدنیا كأنك قریب أو عابر سبیل فأذا أمسیت فال تنتظر الصباح ، واذ

أصبحت فال تنتظر المساء ).

حیث حذف المضاف أي : قدوم الصباح ، أو قدوم المساء إیجاز حذف :

- ١٤٧ -

شواهد اإلیجاز

في الخطب النبویة

فقد تحین المناسبة المرتقبة وتتفتح نواقذ القول من كل ناحیة ویظن المستمعون ان

إیجازا المجال ) فیوجزصلى اهللا علیه وسلممجال الخطابة ذو سعة ثم یقف محمد (

بعده ألطناب وتهویل ، ویترك النفوس ذاهلة ال تدرى كیف أستطاعت الجمل

المحدودة أن تفعل ماال یفعله حدیث الیوم الطویل ، فتخلق جوا من التأمل والعبرة

صلى والحیرة یمتد زمنا دون ان ینقطع فیضه ، أو أن یغیب صداه ، هذا رسول اهللا (

لى مكة یوم الفتح االعظم فیقتحم عرینا طالما جمع اعداءه ) یرجع ااهللا علیه وسلم

وذوى الضغائن من مناوئیة وتخفق رایة النصر على جیش اإلسالم ، واذ ذلك تتطلع

عیون الكفار مرتقبة ان تفاجا بالجزاء الردع من المنتصر دون ابطاء ثم یقف النبي

ض لتاریخه الطویل مع ) خطیبا فالشك مستمع في أنه سیعر صلى اهللا علیه وسلم(

اعدائه متشفیا شامتا ، وسیعدد مامن اهللا علیه به من فوز ، ثم یمیل بالتهدید والوعید

صلى الى قوم أخرجوه من وطنه وأذوه في دعوته وناصبوه الحرب في مغتربه لكنه (

) یقف واألبصار كاشفة والرقاب منحنیة ( ال إله اال اهللا وحده ال شریك اهللا علیه وسلم

له ، صدق وعده ونصر عبده وهزم االحزاب وحده).

ـ خطب الترغیب والترهیب : ـ١

أ/ ( یاأیها الناس أنكم محشورون الي اهللا حفاة عراة عزال ، كما بدأنا أول خلق نعیده

وعدا علینا إنا كنا فاعلین ).

ولدتهم في یوم القیامة یشرح الناس الي ربهم ویكون حفاة عراه غیر مختونیین كما

أمهاتهم .

ألنه قد جمعت هذه األلفاظ الیسیرة معاني كثیرة : إیجاز قصر . نوع اإلیجاز

ب / ( أال وأنه سیجاء رجال من امتي فیؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : یارب

أصحابي ؛ فیقول : ( إنك التدري ماأحدثوا بعدك ) ؟

علیه وسلم : ( یارب أما الذین یأخذون كتباهم بشمالهم ،فیقول النبى صلى اهللا

أصحابى) فیقول : (إنك التدرى ما أحدثوا بعدك) ؟ أى : مافعلوا بعدك ،فیقول علیه

السالم: كنت علیهم شهیدا" مادمت فیهم أى مدت وجودى فیهم ،فلما توفیتنى كنت

- ١٤٨ -

أنت الرقیب علیهم ، وأنت العزیز الحكیم وأقول كما قال العبد الصالح عیسي بن

ى :( ما قلت لهم إأل ما أمرتنى به أن اعبدوا اهللا ربى وربكم وكنت مریم قال تعال

علیهم شهیدا" مادمت فیهم فلما توفیتنى كنت أنت الرقیب علیهم وأنت على كل شىء

شهید*ان تعذبهم فأنهم عبادك وأن تغفر لهم فإنك أنت العزیز الحكیم )

ن ) : أى : راجعین ضالین قال علیه السالم فیقول لى ربى : ( أنهم لم یزالوا مرتدی

.)١(عن طریق الصواب كما قال تعالى : (ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله)

ألنه قد جمعت هذه األلفاظ الیسیرة معاني كثیرة : إیجاز قصر. نوع اإلیجاز

ـ خطب المناسبات الدینیة : ٢

أ / خطبة حجة الوداع :

كفارا یضرب بعضكم رقاب بعض). (ال ترجعوا بعدي

. فهذه خطبة تتعلق بالنهي بعد وفاته صلى اهللا علیه وسلم، وهذا یدل على أنه ١

الیقع في حیاته، و هو یوصیهم بأن یثبتوا على اإلیمان إذا فارق الدنیا فنهاهم عن

محاربة المسلمین، ونهاهم أن ال یرجعوا كفارا، یضرب رقاب بعضهم بعضا ألن

ل بینهم یؤدي بهم إلى الكفر والعیاذ باهللا، وقتال المؤمن من شأن الكفار فهو القتا

مبالغة في التحذیر لكن اإلجماع من أهل السنة والجماعة أن المسلم ال یكفر بالقتال.

نوع اإلیجاز : إیجاز قصر . ألنه قد جمعت هذه األلفاظ الیسیرة معاني كثیرة

ر).ب / (سباب المسلم فسوق وقتاله كف

: هو الشتم. فإن المتكلم في عرض أخیه المسلم بما یعیبه فهو فاسق السب

عن الحق أو هو التارك ألمر اهللا. : هو الخروجوالفسوقأي: فاجر،

: مخاصمته كفر، مبالغة في التحذیر وهو كفر لحقوق المسلم، وقتاله أي

واإلجماع من بالكفر ألن قتال المسلم من شأن الكفار، وقیل شبه قتاله

: إیجاز قصر ألنه قد جمعت اإلیجازنوع .٢أهل السنة ال یكفر بالقتال

. ٧١رقم اآلیة –/ سورة األنعام ١ ).٧٧ص –) ١ج(- ١١حدیث رقم (/ عمدة القارئ العیني، كتاب اإلیمان، باب خوف المؤمن أن یحبط عملھ وھو الیشعر، ٢

- ١٤٩ -

ولم ینزع تاریخ الرسول هذه األلفاظ الیسیرة معاني كثیرة

) الى اإلسهاب اال عن ضرورة تحتم ذلك ثم یعود الى صلى اهللا علیه وسلم(

صلى اهللا ضة أن یفیض رسول اهللا (اإلیجاز فقد یقض األمر لمناسبة عار

) في القول فال یتأخر لذلك روى ابو سعید الخدري أن محمدا علیه وسلم

) قد خطب ذات یوم بعد العصر فما زال یخطب حتى صلى اهللا علیه وسلم(

،ولسنا هنا بصدد تأكید ١لم یبق من الشمس إال حمره فوق أطراف السعف

، والذى لم یصل الینا، لكن الشاهد صحة الروایة / والبحث عن نص الخطبة

صلى اهللا علیه هنا ان إیثار اإلیجاز في الخطاب النبوي لم یمانع النبي (

) من اإلطالة حین یقتضى المقام وهو ما یسمى بمراعاة مقتضى الحال؛ وسلم

صلى اهللا علیه وسلم فیكون اإلیجاز هو السمة األولى والغالبة لخطب النبي (

) في بعض صلى اهللا علیه وسلمعتبار أنه قد جرى فیها () مع األخذ في األ

األحیان على طرف اإلیجاز واألطناب أتباعا للدواعي.

- قوة اإلقناع :

اإلقناع هو الصدق الحار الذى صلى اهللا علیه وسلم) ظهر فیها ( كانت خطب النبي

كالمیة، تنفعل به نفسه نحو رسالته ؛ فكثیر من الخطباء من یغترون بمواهبهم ال

فیخطبون في الدعوة الى أمور ال یعتقدون صوابها بل سیقوا الى ذلك سوقا وراء نفع

مادى أو بتاید حزبي ....الخ.

ومهما أتقنوا التمثیل فلن یجد الناس لدى حدیثهم هذا برد اإلطمئنان في نفوسهم لعدم

وحى بالنفاذ إشتعال جزوات الصدق في جذورهم ؛وهى التي تهیج هائج اإلنفعال؛ فی

و التأثیر .أما محمد(صلى اهللا علیه وسلم ) فقد كان الصدق واإلخالص و اإل یمان

األكبر برسالة هو ما یدفعه الى قوة اإلقناع؛ فهو لیس خطیب قبیلة یتحدث عن

مفآخرها بالباطل والحق؛ ولكنه نبي یؤمن بضرورة اإلصالح الذي أقتنع به ؛ وعلیه

) یتلمس وسائل اإلقناع في صلى اهللا علیه وسلمناس فكان (تبعا لذلك أن یقنع ال

مشهد حاضر، أو دلیل ملموس، أو سؤال واضح اإلجابة لیمهد بذلك الطریق الى

.٧٦ـ ص ٢م ـ ج١٩٨٧ـ مكانھا : دار الوفاء المنصورة ـ تاریخھا : ١/ البیان النبوي ـ محمد رجب البیومي ـ ط ١

- ١٥٠ -

) یستغیث بروائع األخیلة ذات صلى اهللا علیه وسلمالعقول والقلوب ، ولم یكن (

للقول یصول به التهویل، أو العبارات ذا الجرس یقرع بها األسماع ؛فهو لیس محترفا

صلى مباهیا باألطناب والخالبة إذا كان اإلیمان القوى یصدق رسالته دافعا للنبي (

) لإلقناع فقد كان ترتیب األلفاظ واضطراد المعاني ووضوح التركیب اهللا علیه وسلم

) في الخطاب، ألن تعمد اإلقناع یدفع صاحبة صلى اهللا علیه وسلموسائل إقناعه (

لى القول في نسق متصل یسلم أوله الى أخرة ، وأقوى الكالم هو ما الى أن یجرى ا

یطرق العقول طرقا یعیه بتأمله حي أذا بلغ موضعه من الفكر أنتقل تثیره الى

صلى اهللا علیه الوجدان، فیقتنع به السامع إقتناع الوثاق المدرك فكان دین النبي (

.بمعسول اللفاظ والسجع واإلزدواج ) البعد عن الخالبه اللفظیة واطراب الوجدانوسلم

: وهي والحدیث عن قوت إقناع الخطابة النبویة تقودنا الى میزة أخرى لمعاني

وضوح التركیب:

لمعاني التي یرید الحدیث عنها و یتأنى للخطیب بطریق یقسم األفكار وتحدید ا

السوقي ستخدامإستخدام أسهل األلفاظ واوضحها وسهولة األلفاظ هنا ال تعني إ

) بین صلى اهللا علیه وسلمالمشاع منها ؛وانما هجر الوحشي والغریب منها، وقد واذن(

الم الطوال بالخطب القصار البالغة التي تستدعي اإلیجاز؛ الذي جعله یبن الك

كیب الواضحة.استخدام التر ؛وبین إ

ا الي ) في إحدى الخطب :(أیها الناس إن لكم فأنتهو صلى اهللا علیه وسلمقال (

وهى نفس الخطب التي أشتهر بها في ١معالمكم ،وأن لكم نهایة فأنتهوا الى نهایتكم )

دقة المعاني وتحدیدها.

) في اإلیجاز ( ال إله اال اهللا وحده ال شریك صلى اهللا علیه وسلمالشاهد في خطبته (

ل له ، صدق وعده ، ونصر عبده و هزم االحزاب وحده، أال كل مآثره من دم أو ما

یدع فیه تحت قدمي هاتین إالسدانة البیت وسقایة الحاج ؛وقتل الخطأ مثل العمد با

لسوط و العصا؛ فیها الدیه مغلظه ؛منها أربعون حقه في بطون أوالدها ، یا معشر

قریش إن اهللا قد أذهب عنكم نخوه الجاهلیة وتعظمها باآلباء الناس من آدم وآدم من

.٨٠٩/ البیان المحمدي ـ د.مصطفي الشكعة ـ ص ١

- ١٥١ -

س إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن تراب (یا أیها النا

١أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله علیم خبیر)

أول ما تمیز به اللفظ النبوي في الخطابه ، البعد عن سجع الكهان -:سالمة األلفاظ

یه والتنفیر منه ألن الساجع یشوه األلباب ویملك النفوس ، دون أن یكون داعیا الجاهل

) ( إیاكم وسجع صلى اهللا علیه وسلمللغوص في معني ومدلول الخطاب فقال: (

) نقي األلفاظ واوضح األسلوب صلى اهللا علیه وسلموجاء في كالمة ( ٢الكهان)

ر فیها بالفاظ الوحشیه أو التركیب خالیا من السجع ، وكانت الفاظه سلسلة ال تعث

المطلق؛ بل كل قوله إسجاع وسهوله في اللفظ ، وتركیب منسجم منطویات علي

صلى اهللا المعاني األسالمیة الرفیعة ، تلك بعض السمات العامة ألسلوب النبي (

) في الخطابه كما تناقلها أقالم الكتاب والنقاد الباحثین ،واقوال بعضهم:( علیه وسلم

األسلوب النبوي معجز ومقحم وفیه من الخصائص ما لم یكتشف بعد) وما قدم إن

)صلى اهللا علیه وسلمبه الباحث خیر دلیل علي ذلك االسلوب الخطابي للنبي (

٣تعریف السجع :(هو تواطؤاالفواصل في الكالم المنثور علي حرف واحد)

وقد قسم علماء البالغة الي عدة أنواع أشهرها :

رصع :/ الم١

وهو ماأتفقت فیه الفاصلتان في القافیة والوزن مع أتفاق مافي ألفاظ الفقرتین أوأكثرهما

في الوزن والتقفیة ومثال ذلك قول اهللا: (إن األبرار لفي نعیم *وان الفجار لفي

.٤جحیم)

/ المطرف: ٢

علیه وهو ماأتفقت فیه الفاصلتان في القافیة وأختلفا في الوزن تحو قوله(صلي اهللا

وسلم):( المسكین الذي الیجد غني یغنیه،والیفطن به فیتصدق علیه).

.١٣/ سورة الحجرات ـ رقم اآلیة ١م ١٩٨٤ـ مطبعة مصطفي البابي الحلبي بمصر ـ ٦األمویة ـ محمود مصطفي ـ ط / األدب العربي وتاریخھ في صدر اإلسالم والدولة ٢

.٤٢ـ ص .١٩٥ـ ص ١/ المثل السائر ـ إبن األثیر ـ ج ٣ . ١٤ـ ١٣/ سورة األنفطار ـ رقم اآلیات ٤

- ١٥٢ -

فالفقرتان أنتهیا بهاء الغائب واإلتفاق في التقفیة مع أختالف الوزن.

/ المتوازي :٣

وهو ماأتفقت فیه الفاصلتان وزنا وتقفیه نحو قوله (صلي اهللا علیه وسلم): ( صدق

. ١ب وحده)وعده ، ونصر عبده ، وهزم األحزا

الشواهد للسجع

في األحادیث النبویة

الحدیث الثاني : أحوال اإلنسان : ـ

ما كتب علي ابن آدم وهو في بطن أمه أمر یستلزم من المسلم الرضا والتصدیق

وهذا یطلب عن السماع أن یصحب تلك المعاني واأللفاظ الموقظة للنفس وهذا ما

إذ حصل وقع السجع بینهما وهو سجع متواز عمله ) فقد –تلمسه في قوله : ( أجله

وهذا السجع جاء هي بالالم والهاء ،بینهما اإلتفاق في الوزن والقافیة فكالهما ینت

لتحقیق معني اإلیمان بتلك األمور الغیبیة في اسلوب بدیع لطیف.

ستوجب قتالهم وعرض الحلول اهللا وجعله المعبود األوحد واال إدعوة الناس لتوحید

ري علي من یأبي.األخ

ستطاعة : ـدیث السادس : التكلیف إالبقدر األالح

جاءت اإلشارة الي أن هالك من كان من األمم السابقة مرجعه الي التعنت في سؤال

األنبیاء وعدم اجتماعهم علي كلمة تجمعهم والمالحظ في دقة استعمال الرسول صلي

( أنبیائهم ) فكل كلمة أدت المعني اهللا علیه وسلم للسجع والشاهد ( مسائلهم ) وقوله

المراد تأدیته فاأللفاظ لم یؤتي بها ألجل السجع وحسب بل هي تابعة إلیصال المعني

وتوضیحه والسجع هنا مرصع إذ االتفاق في التقفیة ووجود االختالف في الوزن.

.٤٧٤ـ ص ٤/ صحیح مسلم (كتاب الحج) ـ ج ١

- ١٥٣ -

الحدیث التسابق في عمل الخیرات : ـ

.( أهل الدثور باألجور )ذهب

اتفقت الفاصلتان علي ا لوزن والتقفیة ومعني الكالم أن أصحاب متواز جع هنا فالس

المال الوفیر جازوا األجور والحسنات.

والبالغة النبویة نراها حاضرة المشهد إذ جاء السجع ملبیا للمعني المراد إیضاحه

ستدعاه من غیر كلفه.؛ألن المعني هو الذي إوایقاظ القلب إلدراكه وقد وقع سهال

ستطاعة : ـیث السادس : التكلیف إال بقدر األحدال

( الراشدین المهدیین )

ولذا جاء السجع لتحصل الموافقة بین االسم والوصف التي تحلي به والسجع هنا من

المطرف حیث اتفق اللفظان علي القافیة واختلفا في الوزن وهو سجع لطیف بدیع

تباع بالخلفاء علیه وسلم من ربط اإلاهللا جاء لتقویة المعني الذي أراده النبي صلي

ولكنهم وصفهم بالمهدیین وهذا الرابط قام به السجع الذي أدي دوره بأحلي حله

وأجمل مكان.

الحدیث العاشر : آداب إجتماعیة :

( فال تضیعوها ... فال تتعدوها )

وزن والقافیة وكذلك تفاق بین اللفظین في الوالسجع هنا سجع مرصع إذا حصل اإل

والسر البالغي النبوي عندما تزاحمت صور النهي في العقل وتشابهت باقي الجملة ،

أدواته وما دام كذلك جاء السجع موفقا ذا قیمة خادما تلك المعاني العظیمة.

- ١٥٤ -

شواهد السجع

في الوصایا النبویة

ـ وصایا الوداع األخیرة للنبي صلي اهللا علیه وسلم للراعي والرعیة : ـ ١

ار أئمتكم الذین تحبونهم ویحبونكم ، وتصلون علیهم ویصلون علیكم ؛ أ / ( خی

، وتلعنونهم ویلعنونكم ). ویبغضونكوشرار أئمتكم الذین یبغضونكم

تفقا في الوزن والقافیة .: سجع متواز إ الشاهد البالغي

ب / ( أن یعظم كبیرهم، ویرحم صغیرهم ، ویوقر عالمهم ، وأال یضربهم فیذلهم ، وال

یوحشهم فیكفرهم ، أال یغلق بابه دونهم فیأكل قویهم ضعیفهم ).

تفقا في الوزن والقافیة . : سجع متواز إ الشاهد البالغي

ج / والوصایا األخیرة للنبي صلي اهللا علیه وسلم : ـ

( فدیناك بأنفسنا وأبائنا ).

أتفقا في الوزن والقافیة . : سجع متواز الشاهد البالغي

: ـب ألسلوافھو طریقة التفكیر ومذاھب التعبیر أو الصورة الكالمیة التي یتمثل فیھا تفكیر

األدیب.وتفسیره ،ولكن األسلوب لیس مقصورا على األدیب ،إذ للعالمأسلوبھ.ویختلف األسلوب بین األدیب والعالم وبین األدیب وأدیب آخر، كما یختلف

وقبل أن ،الموضوع الذي یتناولھ أسلوب األدیب الواحد بین وقت الخر باختالفیكتمل األسلوب في صورتھ المكتوبة أوالمنطوقة یكون في صورة ذھنیة تمتلئ بھا النفس وتطبع الذوق وأسلوب كل كاتب ھو نتیجة العداد خاص ،أسھمت في تكوینة

الدراسة وقراءة االدب الجمیل والتأمل فیھ والتدریب على الكتابة

ها النقاد المعاصرین هي ثالثة : ـعناصر االسلوب كما حدد

/ العبارة٣/الصورة ٢/ الفكر ١

لي الفكر فتذهب من جفافها سم مشترك بینهما ،إذ أنها تتسرب إأما العاطفة فهي قا

وتلقي مزیدا من الضوء علیها، فتظهر في سیاق واضح الغموض به ، وتأتي الي

مله له ؛ وتبعد عنها كل تنافر في الزوق أو ثقل الصورة فتجعلها وافیة بالغرض مج

في اللون أو الظل .

- ١٥٥ -

فإذا تسربت العاطفة الي العبارات ترقرقت في ألفاظها فصارت سلسلة مواتیة في

تركیبها فأصبحت متأخیة متماسكة ، وسبیلنا اآلن الي كل عنصر من هذه الثالثة

) .سلمصلى اهللا علیه و بالشرح والتمثیل في خطابة النبي (

الفكرة : ـ

تتصف األفكار البلیغة عادة بالقوة ، الجدة، التجدید ، التسلسل

قوة الفكرة :

) یستدل علیها بواقع الفكر الذي كانت صلى اهللا علیه وسلمقوة الفكرة عند النبي (

علیه بیئته وما إحدثه الفكر النبوي اإلسالمي من أنقالب في حیاة الجزیرة العربیة،

الوقت الذي كان فیه خطباء المنابر بالجزیرة العربیة ؛ ال یكادون یخرجون عن ففي

وقعهم القبلي المحدود ؛فكل خطیب منهم یجمع الناس لیترجم عن مشاعرهم فیما یقع

من مجریات الحوادث واألحوال ؛ فاذا إرتفع عن مستواهم قلیال فإنه إرتفاع الطائر في

الدین اإلسالمي الذي یتشبع به فكر محمد قفص محدود وفي ذلك الوقت كان

) كان في حد ذاته فكرة قویة في كلیاته وخاصیاته؛ فمنذ تسلم صلى اهللا علیه وسلم(

) منبر الدعوة كانت خطبة وأحادیثه هتافا بالمثل صلى اهللا علیه وسلممحمد (

ي األسالمیة ؛التي یدعو لها اإلسالم وهي أفكار جدیدة علي ذلك المجتمع القبل

؛الذي تتعارك قبائله عشرات السنین من أجل فرس؛ الذي نبت في حضیض الخرافة

الفسق و الواد ، وعبادة األوثان .

ه الخلقیة وأحادیثه ) التشریعیة وأهدافصلى اهللا علیه وسلم( هوبمطالعة أفكار

وأخباره الغیبیة نجد ما ال یؤلف في عصره وال یعهد في قومه . اإلنسانیة ،

) في صلى اهللا علیه وسلما كثیر الحكمة في البیان النبوي ففي خطبه للنبي (من هذ

أیها الناس كأن الموت فیها علي غیرنا قد كتب ؛وكان الحق فیها (الموت یقول:

علي غیرنا قد وجب ؛وكان الذي یشیع من األموات سفر عما قلیل إلینا راجعون؛

بعدهم، قد نسینا كل واعظة وأمنا كل نبوئهم أجداثهم ونأكل من تراثهم كانأ مخلدون

جائحة طوبى لمن شغله عیبه عن عیوب الناس ، طوبي لمن أنفق ماال إكتسبه في

طوبي لمن ل والمسكنة ،ذغیر معصیه ، وجالس أهل الفقه والحكمة ، وخالط أهل ال

ذكت نفسه وحسنت خلیقته ، وطابت سریرته ، وعزل عن الناس شره ، طوبي لمن

- ١٥٦ -

ل من ماله وأمسك الفضل من قوله ، ووسعته السنة ولم تستهوه أنفق الفض

. ١البدعة)

جدیة األفكار:

منطقیا ، إذ أن كل جدیة األفكار النبویة في مجال الخطابة هي أیضا من المسلمات

) كان یمیل الي صلى اهللا علیه وسلملجدید ال محال حتي أن النبي (نبي یأتي با

مبادئه ، وتأصیل تعالیمه مما كان یلزمه أن یجدد في التكرار والتردید لترسیخ

الصوره واإلطار حتي یظل لخطبته رونقها الخالب فیكون التكرار معنویا حین یحدد

الهدف والغرض ویتنوع لفظ والتركیب ؛ وجدیه الفكرة في الخطاب النبوي تستمد من

نع هذا من إیراد الخطبة جدة ما أتي به الدین اإلسالمي في العقیدة والعمل ؛وال یم

التالیة مثاال لجدة األفكار.

): ـصلى اهللا علیه وسلمخطب الرسول (

(أال أیها الناس : توبوا الي ربكم قبل أن تموتوا، وبادروا باألعمال الصالحة قبل أن

تشغلوا، وصلوا الذي بینكم وبین ربكم بكثرة ذكركم له ، وكثرة الصدقة في السر

وجل قد افترض علیكم روا وتنصروا، وأعلموا أن اهللا عزترزقوا وتؤجوالعالنیة ،

الجمعة في مقامي هذا ، عامي هذا في شهري هذا ، الي یوم القیامة ، حیاتي ومن

بعد مماتي ، فمن تركها وله إمام ، فال جمع اهللا شمله ، وال بارك له في أمره ، أال

ه ، أال وال بر له، أال وال یؤم إعرابي والحج له ، أال وال صوم له، أال وال صدقه ل

٢مهاجرا ، أال وال یؤم فاجرا مؤمنا ، أالإن یقهره سلطان یخاف سیفه أو سوطه )

دقة المعاني وتحدیدها : ـ

أن تحدید المعاني من سمات المفكر المطمئن الذى یجیل النظر طویال في األشیاء

بین األمور من أحكام تتشابه على ما والخواطر لیقرن النظر الى النظیر ؛ ولیجمع

قد بینها من اإلتفاق ، وصاحب هذا التحدید الدقیق فوق أدراكه القوي ، ونظره

المحیط ذو خبرة حاذقة بدخائل النفوس ؛ فهو في تحدیده الضابط یختصر مسافة

.٣٤٢/ البیان المحمدي ـ د. مصطفي الشعكة ـ ص ١ . ١١ص – ١ـ مكانھا : دار الجیل للنشر والتوزیع ـ د.ت ـ ج ١أبي بكر محمد بن الطیب ( الباقالني) ـ تحقیق : محمد عبد المنعم خفاجي ـ ط –جاز القرآن إع /٢

- ١٥٧ -

بعیدة في الفحص الیقظ والتتبع الدائب لیقدم خالصتها الموجزة مركزة في عدة نقاط

-) :صلى اهللا علیه وسلمقاربة ونتلمس ذلك بوضوح في خطبته (مت

( أیها الناس فأن لكم معالم فأنتهوا الى معالمكم ، وان لكم نهایة فأنتهوا الى نهایتكم

، أن المؤمن بین مخافتین : بین أجل قد مضى ال یدرى ما اهللا صانع به وأجل بقى

نفسه لنفسه ، ومن دنیاه آلخرته ، ومن ال یدرى ما اهللا قاض فیه ، فلیأخذ العبد من

الشیبة قبل الكبر ، ومن الحیاة قبل الموت ، فو الذي نفس محمد بیده! ما بعد

١ال الجنة أو النار.)إبعد الدنیا دار الموت من مستتبع ، وال

ففي الخطبة تحدید دقیق لحال العبد ولما یجب أن یراعیة ویتعظ به ، ویأخذ منه

ما بعد الدنیا فالدقة هنا باعث لإلنسان لیختار ما فیه صالحه. تحدید دقیق ل

-تسلسل الفكرة :

المفكر هو الذى تتساوق أفكاره متتابعة وكأنها ماء مطرد وفي نهر مستقیم القاع أما

فهو ال قط مترصد ؛ یجمع كل شاردة هنا وواردة من همن یستدعى التسلسل في أفكار

دث ویسود بها الورق إن كتب ؛ لن یجد من السامع هناك لیمأل بها الوقت؛ وان تح

أو القارئ سوى الضیق والنفور؛ من هذه المعاني یزحم بعضها بعضا دون ترتیب ،

واذا راقت النفس فكرة ثم ولیتها فكرة أخرى غیر متجانسة فإن الثانیة تعصف بمحاسن

األولى وتقتضى علیها دون إنتظار .

بي (صلى اهللا علیه وسلم):والدلیل على ذلك في خطبة الن

( نصر اهللا عبدا سمع مقالتي فوعاها ، ثم أداها الى من لم یسمعها ، فرب حامل فقه

:ال فقه له ، ورب حامل فقه الى ما هو أفقه منه ، ثالث ال یقل علیهن قلب المؤمن

أخالص العمل هللا والنصیحة ألولى األمر ، ولزوم الجماعة ، أن دعوتهم تكون من

رائه ،ومن كان همه اآلخرة جمع اهللا شمله ، وجعل غناه في قلبه وأتته الدنیا وهى و

راغمة ، ومن كان همه الدنیا فرق اهللا أمره ، وجعل فقره بین عینیه ولم یأت من الدنیا

٢إال ما كتب له )

. ٤٣٢ـ ص ١/ وصایا الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ محمد أدریس ـ ـ ج ١ .١٥ـ ص ٣ـ اإلمام مسلم ـ ج / صحیح مسلم (كتاب الفضائل ـ باب فضل العلم ) ٢

- ١٥٨ -

/ الصورة:٣

ون حین نتحدث عن الصورة البیانیة في الخطاب ا لوعظي النبوي، أنما نتحدث عن ل

الجزیرة من ألوان االبداع النبوي ، به أرتفع اسلوبه إلي مرتبه لم یبلغها خطیب في

العربیة فالمتتبع ألثار النبویة یجد صورها الفنیة في أحسن المثل لما تجذب الیه

النفوس في القول ، لما خطر علیه (صلى اهللا علیه وسلم) من معرفة عناصر التأثیر

ي اللسان فجاءت خطبه النبویة في موضوع متفرد عن في البیان واوجه الجمال ف

البالغة .

وتزخر خطبة النبي ( صلى اهللا علیه وسلم) بألوان من البیان المتفرد ، فقد أستخدم

(صلى اهللا علیه وسلم) التشبیه الحسي والعقلي والخیالي ، المفردة والمركبة و المتعدد

في تقریب هلم الخیال له دور اوع لم الحسا(المزج) بین ع ١، مؤكد أن الممازجة

الصور الحسیة الجافه وتسهیل أستیعابها بأعتبار التشبیه أصل من أصول الوان

البدیع فهو یبدو واضحا في

شواهد التشبیة

في األحادیث النبویة

الحدیث الرابع :ترك الشبهات : ـ

هذا الحدیث أصل عظیم من أصول الشریعة قال اإلمام أبوداؤود:

إلسالم یدور علي أربعون حدیثا وهذا الحدیث واحد منها وقد أجمع العلماء علي ( ا

عظیم موقعه وكثیر فوائده).

ومن العجیب إن في اإلنسان حسا فطریا بإدراك ما فیه الخیر والشر مما یواجهه في

والقلب ؛ولكن اإلنسان یجدر به أن یبتعد عن مواطن الریبة ؛ حیاته الخاصة والعامة

ولقد أراد الرسول علیه الصالة والسالم أن ؛یع كل خیر وتهذیبه أساس كل صالح من

یحذر المسلمین من الوقوع في الشبهات فأورد هذا التمثیل فقوله علیه السالم : (

ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي یري حول الحمي یوشك أن یرتع

فیه).

.١٥٠ـ ١ج- البا قالني –اعجاز القرآن / ١

- ١٥٩ -

حترز عن الشبهات فیقع في الحرام بحال تشبیه تمثیلي حیث شبه حال الذي ال ی

الراعي الذي یرعي حول الحمي المحظور وال یبتعد عنه فتغلبه غنمه فتقع فیما حماه

الملك فیتعرض للعقوبة والهالك.

ولو عدنا النظر في هذا الحدیث بصورة التشبیه لوجود الطرفین أعني المشبه والمشبه

به قد صوروا علي النحو التالي :

دة المالك أو اإلنسان تشبه حال الراعي./ إرا١

/ شهوته وهواه تشبه قطیع الغنم.٢

/ المشتبهات تشبه األرض المالحقة ألرض الحمي.٣

/ الوقوع في الشبهات یشبه حال الراعي حیث یرعي القطیع. ٤

/ سقوطه في الشبهات والحرام یشبه قطیع الغنم لما وقع فدخل الحمي.٥

شبه حمي الملوك./ ومحارم اهللا وحماه ت٦

وهذا التقابل الجزئي الدقیق بین العناصر المتقابلة تعطي صورة ومشهدا تمثیلیا

فكما أن الراعي اذا ؛: حصول العقاب لعدم االحتراز ووجه الشبه ؛متكامال رائعا

جره رعیه حول الحمي أدي به الوقوع في الحمي فأستحق العقاب بسبب ذلك فكذلك

وهذا من ؛هات وتعرض لمقدماتها وقع في الحرام فأستحق العقاب من أكثر من الشب

قبیل تشبیه المعقول بالمحسوس حیث مثل علیه السالم األمر المعنوي المدرك بالعقل

١باألمر المشاهد المحسوس.

بما صلي اهللا علیه وسلم وهذا الحال المعنویة والصفة الذهنیة مثلها لهم رسول اهللا

ملوك العرب یحمون مراعي خاصة لمواشیهم نئع بینهم فقد كاهو معروف عندهم شا

ویتوعدون من یرعي فیها بغیر إذنهم بالعقوبة الشدیدة فالخائف من العقوبة المراقب

لرضا الملك یبعد عن ذلك الحمي خشیة أن تقع مواشیه في شئ منه فبعده أسلم له

ره حتي إذا تهادي وقع ولو اشتد خدره وغیر الخائف المراقب یقرب منه ویرعي بجوا

المنهي عنه.

.٢٦للعالمة ابن دقیق ، مكانھا : مكتبة ابن تیمیة بالقاھرة بال تاریخ ـ ص –/ شرح االربعین النوویة ١

- ١٦٠ -

الحـدیث:الحادي عشر : األسراع في الخیرات : ـ

العبادة أساس الحیاة اإلنسانیة لها خلق اإلنسان قال الحق سبحانه وتعالي : (وما

نس إال لیعبدون) .١خلقت الجن واإل

كان العمل الذي یقوم به دینیا فكل عمل یقوم به العبد یستطیع أن یجعله عبادة سواء

خالصا أو دنیویا صرفا وذلك إذا أراد بعمله وجه اهللا تعالي ومرضاته ومن المشاهد

لها األثر في النفس اإلنسانیة تنیر له الطریق وتجدد له اإلیمان وتعزز أن الصالة

الیقین.

الم من جمل قصیر تحمل في طیاتها معاني كثیرة كل واحدة منها یأخذك الي ع

الصفاء والتجرد هللا سبحانه وتعالي ومن المالحظ في هذا الحدیث تزاحم المعاني فیه

مع أنها تدرك بلغة متناولة سهلة كما في هذا الحدیث تزاحم المعاني فیه وفي هذا

الحدیث الشریف ثالث تشبیهات ونوعها واحد وهي مرتبة كما جاءت في ( الصالة

ففي المثال األول نري ٢ر ضیاء ) ونوع التشبیه بلیغوالصب ؛والصدقة برهان ؛ نور

أنه علیه السالم شبه الصالة بالنور ووجه الشبه الذي یجمع بینهما الحسن والنور

المتوقر فیها ففي حق المصلي نور یهتدي بها الي الطریق المستقیم وهي نور یتألأل

الة والسالم إذ یقول الثاني نري علیه الص لفي وجهه وفي كل أعماله ... وفي المثا

( والصدقة برهان ) فقد شبه الصدقة بالبرهان ووجه الشبه واهللا أعلم وأحكم : الصدق

والوضوح فالمتصدق المقصد عندما یبذل هللا بال ریاء وال سمعة ویعطف علي الفقراء

والمساكین فهو صادق مع ربه فیما فعل والبرهان دلیل صادق وواضح لما یستدل به.

: ( والصبر ضیاء ) حیث شبه الصبر بالضیاء وهو النور القوي ل الثالثوفي المثا

: اإلهتداء في الطریق حیث أن الذي یصبر علي ما ووجه الشبه بینهماالساطع

یصیبه أو ما یعمله أو یتركه من معاصي وسیئات یكون الصبر دلیله وهادیه

لحاجة إلیه.والضیاء لمن یسیر في طریق مظلم تجتاحه المخاوف هو بأمس ا

.٥٦/ سورة الذاریات ـ رقم اآلیة ١

- ١٦١ -

الحدیث: الثاني عشر : أبواب في الطاعات والصدقات : ـ

عندما تعلق النفوس بطاعة اهللا واالنس به فإن النفوس تري في تلك األعمال والقربات

وفي هذا الحدیث نري ؛ وانما تطلب المزید أللفها للطاعة ؛ لذة ورغبة ال یحدها شئ

ونفوس تواقة ؛ال یخسر الرهان كیف یتسابق الصحابة في األعمال سباق من

تناضح الثریا.

وعند التأمل في هذا الحدیث نجد أن الشاهد قوله : ( یصلون كما نصلي ویصومون

كما نصوم ) فالمشبه صالة أهل األموال والمشبه به صالة معدم المال أو الذي ال

ه به صیام ألموال والثراء والمشبایستطیع الصدقة والمثال الثاني المشبه صیام أهل

من ال یستطیع الصدقة واألداة في كل الكاف.

والتشبیه عقد هنا ألن من ال یستطیع الصدقة یري أن أهل الثراء یصلون مثلهم

فطلب من ال یستطیع التصدق من الرسول ؛وغلبهم التصدق من أموالهم ففاقوهم

التساوي بین ووجه الشبه ؛علیه الصالة والسالم ما یفعلونه حتي یوازنهم في عملهم

صالة وصیام أهل الثراء مع صالة وصیام من ال یقدر علي التصدق.

- ١٦٢ -

شواهد التشبیة

في الوصایا النبویة

ـ وصایا النبى صلى اهللا علیه وسلم ألصحابه : ١

(كن في الدنیا كأنك غریب أو عابر سبیل)

جل الغریب المشبه : حال المسلم في الدنیا وأنه مصیره الترحال ـ المشبه به : الر

یعیش بین قوم الیعرفونه فال یستقر معهم ـ ووجه الشبه : التنقل وعدم األمل في

البقاء بینهم.

وتشبیه آخر في الشاهد : وهو تشبیه حال المسلم في الدنیا وعدم الركون إلیها بحال

عابر السبیل، فاألصل في سیرة التنقل وعدم اإلستقرار حتى یصل إلى مبتغاه

غاه الجنة ـ ووجه الشبه الجامع بینهما المفارقة وعدم البقاء .والمسلم مبت

ـ وصایا النبي صلى اهللا علیه وسلم بالنساء: ٢

( الدنیا متاع وخیر متاعها المرأة الصالحة )

: الدنیا ـ المشبه به : المتاع ـ ووجه الشبه : محذوف وهو السعادة في نهایة المشبه

لتشبیه: تشبیه بلیغ .: محذوفة نوع ا األداةاألمر ـ

شواهد التشبیة

في الخطب النبویة

ـ خطب النبى صلى اهللا علیه وسلم في الدعوة إلى اهللا : ١

( واهللا لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستیقظون)

ـ المشبه : الموت ـ المشبه به :النوم ـ وجه الشبه الراحة أداة الشبه: الكاف نوع

.التشبیه : تشبیه مفرد

: البعث ـ المشبه به : اإلستیقاظ ـ وجه الشبه : القلق ـ أداة التشبیه : الكاف المشبهـ

: تشبیه مفرد بمفرد. نوع التشبیهـ

ـ خطب النبى صلى اهللا علیه وسلم في الترغیب والترهیب : ٢

أ/ ( فأن أهل النار یبكون في النار حتى تسیل دموعهم كأنها جداول )

- ١٦٣ -

النار ـ المشبه به : جداول تسیل من خاللها المیاه ـ وجه الشبه : المشبه :دموع أهل

الحزن الشدید وكثرة االندفاع في كل ـ أداة الشبه : كأن ـ نوع التشبیه : تشبیه مفرد.

ـ خطبة الجمعة : ٥

كما ورد علیه صلى اهللا علیه وسلم : ( أنفاسكم فیه تسبیح ،ونومكم فیه عباده)

ین في یقظتهم ونومهم كتسبیح الخالئق والكائنات ، وهى ألتقل إذ شبه أنفاس الصائم

أهمیة عن الكالم واألصوات المنبعثة من العوالم في تنزیة اهللا سبحانه وتعالى ،

وكذلك نوم الصائم في راحته ؛ ألنه أشبه بعبادة مفروضة كالفرائض األخرى مثل

خلد إلى الراحة والنوم الصالة والصوم والصدقة والزكاة والحج ؛ ألن الصائم وان

وهو شيء طبیعي ،فأنه یحصل للصائم في سكون أعضائه لما تحملت من تعب

ونصب ،واألعمال الشاقة خالل ساعات النهار أثناء الصوم.

: التضرع والخضوع والرجاء هللا. ووجه الشبه

وأیضا قوله :( أذكروا بجوعكم وعطشكم فیه ، جوع یوم القیامة وعطشه)

ه مماثل بطریقة التوصیف مما یعانى الصائم من أضطرابات باطنیة وهذا تشبی

وتقلبات ظاهریة من تعب وتیبس في الحلقوم والشفاه طیلة الیوم فضال عن غریزتي

الجوع والعطش ؛ بسبب العمل أوالحر بتأثیر أشعة الشمس ،وغیر ذلك من األمور

أشبه بیوم القیامة ، التي یتعرض لها الصائم بسبب طول النهار وساعاته ، وهو

إذیمراإلنسان بالجوع والعطش یومئذ ینشغل بنفسه وأنتظار دوره في المسألة والحساب

بسبب طوله. وجه الشبه : اإلستسالم والهدوء والسكینة في كل وهو محذوف.

ـ خطب النبي صلى اهللا علیه وسلم في التنبیه من الغفلة واإلعتبار : ٦

ى غیرنا قد كتب ، وكأن الحق في غیرنا وجب ، وكأن ( كأن الموت في الدنیا عل

الذین نشیع من األموات سفر عما قلیل إلینا راجعون ، وكأننا مخلدون بعدهم)

:الموتي المشبه به : المسافر وجه الشبه : المغادرة من مكان الي مكان آخر المشبه

: كأن نوع التشبیه : مفرد.لتشبیه في كل أداة ا

- ١٦٤ -

١أنواعه المختلفة اللغوي والعقلي والمرسل مؤكد أن الممازجة وأستخدم المجاز ب

یب الصور الحسیة الجافه لم الخیال له دور في تقر الم الحس وعا(المزج) بین ع

في األحادیث النبویة .ستیعابها فنجد ذلك واضحا وتسهیل إ

الحدیث األول : دعائم اإلسالم :

هذا الدین بناء شامخ له أسس متینة قویة قرر رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم أن

راسخة أسس بناؤها علي التوحید وما بعده من األسس المئات الذي یقوم علیها ذك

البیان المهاب.

ففي قوله : ( بني اإلسالم علي خمس) استعارة مكنیة حیث شبه اإلسالم ببناء له

ذي هو البناء.دعائم فذكر المشبه وحذف المشبه به ورمز له بشئ من لوازمه ال

: أحوال الناسالحدیث الثاني

في ذلك الحدیث فصل فیه المصطفي علیه الصالة والسالم مراحل الخلق التي یمر

والشاهد في هذا الحدیث قوله ؛بها االنسان حتي یستقر أمره الي نفخ الروح فیه

عید ) ه الصالة والسالم ( یؤمر بكتب أربع كلمات یكتب رزقه وآجله وشقي أو سـعلی

فالكلمات األربع فیها مجاز مرسل عالقته اعتبار ما یكون إذ المولود وهو في بطن

أمه ال یدري هو شقي أو سعید إال بعد خروجه الي الحیاة الدنیا ومعتركها إذ المعتبر

ما سیؤل إلیه من الرزق والعمر والعمل والشقاوة والسعادة.

الحدیث الثالث : النهي عن البدع :

الحدیث الشریف قاعدة عظیمة من قواعد اإلسالم ذلك ألن من أخترع في بعد هذا

كما یعد من جوامع كلمة علیه ٢الدین ما ال یشهد له أصل من أصوله فا یلتفت إلیه

الصالة والسالم ألنه وجازة كلماته صریح في رد كل المحدثات والمقترحات في

قوله : ( فهو رد ) حیث أطلق الشریعة ألن أمر اإلسالم كمل وانتهي والشاهد فیه

١٥٠ص –الباقالني –إعجاز القرآن / ١

.٣٠٢) ، ، طبعة دار الفكر بال تاریخ ـ ص ٥شرح صحیح البخاري ، ابن حجر العسقالني ، ج(/ فتح الباري ٢

- ١٦٥ -

المصدر وأراد منه اسم المفعول وهذا مجاز عقلي والعالقة هنا وصف المفعول

بالمصدر فهو رد أى مردود.

الحدیث الرابع : ترك الشبهات :

هذا الحدیث أصل عظیم من أصول الشریعة واإلسالم كما یقول االمام النووي یدور

.١علي أربعة أحادیث هذا واحد منها

وعند تجولنا في بستان هذا الحدیث وظله الوارف فهنالك استعارة فیقوله : ( إن في

الجسد مضغة ) حیث شبه القلب بالمضغة أى : قطعة من اللحم التي تمضغ من

.٢حیث الصغر ثم استعیر لفظها للقلب علي سبیل اإلستعارة التصریحیة األصلیة

وشاهد ؛راد الكل وعالقته الجزئیة وربما كان في مجاز مرسل حیث أطلق الجزء وأ

: ( وقع في الشبهات ) هنالك استعارة تبعیة حیث علیه الصالة والسالمآخر قوله

شبه الشبهات حفرة یقع فیها اإلنسان وحذف المشبه ورمز إلیه بشئ من لوازمه الذي

ع في هو الفعل وقع علي سبیل االستعارة التبعیة المكنیة ومثل هذا یقال في قوله ( وق

الحرام ) حیث شبه الوقع في الحرام كالوقوع في حفرة.

وجاء في مطلع الحدیث كلمة جامعة معناها إرادة جملة الخیر تكون في النصیحة

وهي من وجیز االسماء ومختصر الكالم ولیس في كالم العرب كلمة مفردة مستوفي

لخیري الدنیا واألخرة.بها عن معني هذه الكلمة كما قالوا في الفالح أنها كلمة جامعة

والشاهد في هذا الحدیث قوله علیه الصالة والسالم : ( الدین النصیحة ) ألن معناها

مأخوذ من النصح وهو الخیاطة فشبه عمل الناصح فیما یراه من إصالح حال

المنصوح له وتوجیهة للخیر بما یسد من یخیط من الخلل ثم استعیرت كلمة النصح

ثم أشتق من النصح النصیحة علي سبیل اإلستعارة التصریحیة لمعني إصالح الرجل

التبعیة وقیل أنه مأخوذة من نصحت العسل إذا صفیته من الشمع فشبهوا تخلیص

القول من الغش بتخلیص العسل من الخلط فتكون فیها أیضا استعارة تصریحیة

تبعیة.

، مكتبة ابن تیمیة ، بال تاریخ. ٢٦/ شرح األربعین النوویة ، االمام النووي ، ص ١ .٥٦ـ ص ١م ـ ج١٩٧٩/ من بالغة السنة ، د. محمد أبو بكر ، مكانھا : مطبع أطلس ـ تاریخھا : ٢

- ١٦٦ -

شواهد المجاز

في الوصایا النبویة

یه وسلم ألصحابه:وصایا النبي صلى اهللا عل

ـ (أحكم السفینة فأن البحر عمیق ، وأستكثر الزاد فأن السفر طویل ، وخفف ظهرك

فأن العقبة كؤود ، وأخلص العمل فأن الناقد بصیر)

الشاهد البالغي :( أحكم السفینة)

: الدنیا ـ المشبه به : السفینة ـ ووجه الشبه : عدم اإلطمئنان والثبات أداة المشبه

:محذوفة ـ القرینة: أحكم ـ نوع اإلستعارة: تصریحیة.الشبه

ـ (فأن البحر عمیق)

: اآلخرة ـ المشبه به : البحر ـ لمشبه ا

ـ ووجه الشبه :العمق ـ أداة الشبه : محذوفة القرینة: أحكم ـ نوع اإلستعارة :إستعارة

تصریحیة .

شواهد اإلستعارة

في الخطب النبویة

ه وسلم في الترغیب والترهیب : ــ خطبه صلي اهللا علی ١

أ / الترهیب بالنار :

عن أبى سعد قال : سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم یقول : (إذا جمع الناس

وخزنتها یكفونها ) )١( قى صعید واحد یوم القیامة أقبلت النار تركب بعضها بعضا.

ین الناس عنقا واحدة) أوأل غش)٢(وهى تقول : (وعزة ربى لخلین بینى وبین أزواجى فیقولون : ( من أزواجك) ؟ فتقول : ( كل متكبر جبار ) فتخرج لسانها فتلتقطهم ) ٣(

من بین ظهرانى الناس ،فتقذفهم فى جوفها...الخ)

( تخرج لسانها )

: النار ـ المشبه به االنسان أو الحیوان ـ وجه الشبه : التعب والعطش في كل المشبه

القرینة : قوله لسانها ـ نوع اإلستعارة : مكنیة.األداة : محذوفة

تركب بعضھا بعضا : بعضھا أثر بعض . / ١ / أزواجي :أھلى . ٢ / عنقا واحده : عنق النار قطعة منھا ، والمراد أغشاھم كلي . ٣

- ١٦٧ -

كما أستخدم الكنایة صلي اهللا علیه وسلم ونجد ذلك في

شواهد الكنایة

في االحادیث النبویة

الحدیث الثاني : أحوال الناس : ـ

حتي مأیكون بینه وبینها إال ذراع فسبق علیه الجنة ( أن أحدكم یعمل بعمل أهل

ل النار فیدخلها).الكتاب فیعمل بعمل أه

اقة معروفة ومعلومة یالشاهد : ( بینه وبینها إال ذراع ) واللفظ المكني به یشیر الي س

أیضا وهو معني ظاهر من خالل السیاق والمكني عنه والخفي وهو المراد تصویر

ولیس المعني حتي ما یكون بینه وبینها إال ذراع في ؛ القرب من الوقوع وقرب األجل

ألن عمله الذي عمله لیس عمال صالحا كما جاء في الحدیث : ( إن ؛ ملمرتبة الع

أحدكم یعمل بعمل أهل الجنة فیما یبدو للناس وهو من أهل النار ) وقد جاء إشكاال

في فهم هذا الحدیث : كیف یعمل بعمل أهل الجنة حتي ما یبقي بینه وبینها إال ذراع

وأجیب علیه بأنه عمل بعمل ؛نار فیدخلها ثم سبق علیه الكتاب فیعمل بعمل أهل ال

ولم یتقدم لولم یسبق ولكن حتي ما یكون بینه وبینها إال ؛ أهل الجنة فیما یبدو للناس

ذراع أي : یدنو أجله أي : أنه قریب من الموت فیدع العمل األول الذي كان یعمله

.هوت به الي الهاویة –والعیاذ باهللا –وذلك لوجود دسیسة في قلبه

الحدیث العاشر : آداب أجتماعیة : ـ

( إذا صلحت ) یفهم معه أن تلك المضغة صالحة ال یعتریها مرض أو سقم والمعني

ف المكني عنه: كنایة عن سالمة القلب وحسن اإلیمان فهو كنایة عن موصو

والشاهد اآلخر : ( صلح الجسد ).

ي من األمراض واألسقام فیفهم من معناها الظاهر والمكني به أن الجسد سلیم معاف

احبه والمعني الخفي كنایة عن مالزمة صولكن المعني المراد والذي یكني عنه

للطاعة في أعماله وأخالقه وأحواله فهي كنایة عن موصوف.

فالمعني أن هذا العضو أصاب العطب والضرر وحسب ( فسدت ) الشاهد الثالث:

كنایة عن الجحود والشك والكفران والمعني المكني عنه هو الذي تفكر في األفهام

باهللا عز وجل فهي كنایة عن موصوف.

- ١٦٨ -

شواهد الكنایة

في الوصایا النبویة

الشاهد البالغي :( رفعت األقالم وجفت الصحف).

المعني المتبادر للذهن التوقف عن الكتابة وأن ما كتب لم یمح والمعني الذي تخفیه

ألقالم رفعت والصحف جفت وال تبدیل الكنایة أن ما كتبه عز وجل قد أنتهي فا

لكلمات اهللا وهو معني تأكیدي علي عدم تغیر ما كتب وقدر أسبقیة علم اهللا وارادته

وأزلیته و تقدیره فهي كنایة عن صفة واهللا أعلم.

وصایا النبي صلى اهللا علیه وسلم الوداع األخیرة : ـ

( وأال یغلق بابه دونهم ؛فیأكل قویهم ضعفیهم)

عن التمسك بالسنة وعدم التفریط فیها أبدا.وهي كنایة عن صفة .كنایة

وصایا الرسول صلي علیه وسلم األخیرة للمسلمین حیال حكامهم : ـ

( وعظنا رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها

أنها خافت : ( وجلت منها القلوب فالمعني القریب الظاهر والشاهد قولهالعیون )

منها القلوب كما جاء علي نفس المعني قول اهللا عز وجل (إنما المؤمنون الذین إذا

.١)ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تلیت علیهم آیاته زادتهم إیمانا وعلى ربهم یتوكلون

و شدة التأثر وبلوغ اإلنقیاد واإلستجابة مما سمع وهذا ولكن المعني المكني عنه ه

المعني الخفي الذي یستتر خلف المعني الظاهر وهي كما تالحظ كنایة عن

موصوف.

ومما قیل كذلك الشاهد اآلخر في الحدیث قوله : ( وذرفت منها العیون).

كاء : ذرفت الدموع وهو معني ظاهر والمعني الخفي المقصود أي : حصول الب أي

رقه.عظة وهي كنایة عن صفة البكاء والمن المو

اع األخیرة ـ الوصیة عند الموت: ـ وصایا النبي صلى اهللا علیه وسلم الود ٦

.( قد دنا منى خفوق من بین أظهركم )

كنایة عن قربه وظهوره ـ كنایة عن موصوف وهو الموت .

.٢/ سورة األنفال ـ رقم اآلیة ١

- ١٦٩ -

وصایا النبي صلي اهللا علیه وسلم ألصحابة: ـ

ذا أمسیت فال تنظر الصباح واذا أصبحت فال تنظر المساء ): ( إقوله

فالمعني الظاهر من هذا الحدیث أن الرجل هو في ترقب لحركة اللیل مع النهار وأنه

ولكن المعني عنه هو ؛قد ال یدرك اللیل إذا أصبح وقد ال یدرك الصباح إذا أمسي

معني غیر ظاهر في اللفظ المقصود وغیر الظاهر اإلستعداد للموت والرحیل وهذا ال

ولكنه أخفاه عن طریق أسلوب الكنایة لمزید التأمل فیه وهي كنایة عن موصوف.

شواهد الكنایة

في الخطب النبویة

ـ خطبة الجمعة :١

من هذا القبیل بشكل قلیل مثل )صلى اهللا علیه وسلم(ا/ وقد جاء في خطبة النبي

والنسمة أصغر كائن حي بعتق نسمة ؛ كنایة عن تحریر اإلنسان من الرق والعبودیة

اهللا بأنه بارئ الذر والنسم ، بمعنى : الخالق. وهى في دقتها هله روح وقد وصف

؛ألنها صغیرة الحجم وهى كنایة عن موصوف .

ب/ وقوله علیه الصالة والسالم : ( أتقوا النار ولو بشق تمرة ، أتقوا النار ولو بشربة

ماء).

طعام بشق التمرة ، وهو جزئها أي : نصفها في إفطار صائم ؛ فكني هذا عن أقل ال

ألجل الحصول على األجر في هذا الشهر الكریم ، وكذلك كني عن أبواب جهنم

،بأبواب النیران كما في قوله : ( وأبواب النیران مغلقة ) فكلهم كنایة عن موصوف.

ـ خطب الترغیب فى الجنة : ـ ٢

مابین رجلیه أضمن له الجنة )( من یضمن لى مابین لحییه و

أراد النبى علیه الصالة والسالم أن یؤكد للمسلم أن حفظه للسانه وفرجه سببان

مهمان للدخول فى الجنة ، وهو بذلك عمد الى التلمیح بدال عن التصریح ،والمعنى

البلیغ هنا ترك كل مایخرج من اللسان من الكذب والغیبة والنمیمة والكالم الفاحش

عنه بلحییه وماقد یقع فى من اآلثام والفجور كنى عنه بفخذیه والمالحظ هنا أنهكنى

أثبت الصفة لما هو له مرتین ونسبها الى مایتصل به، ویرتبط به ولما فیه من

العدول عما یستقبح ذكره صریحا.

- ١٧٠ -

العبارة:

لألدیب أن العبارة األدبیة بطبیعتها ال تتوقف عند المعنى المعجمي ( واذا كان البد

یضع الكالم في الوضع الذى یقتضیه علم النحو ؛وأن یعمل على قوانینه وأصوله

فإن هذا ال یعنى أن الصحة اللغویة تؤدى تلقائیا ؛الى األسلوب الرفیع الالئق یستوى

. ١بها التعبیر الفني

واألدب لیس معانى وأفكار فقط ، ولیس صورا وتراكیب فحسب ، وأنما هو نتاج

قریة كامنة في نفس صاحبها تبدو في تألیف المعاني الممتازة؛ كما تبدو في لعب

ن یتألف یالعبارة الجیدة عنها؛ أو انه أثر للتمازج واألتحاد بین هذین العنصرین اللذ

منهما العمل األدبي ودور العبارة ، أو هو الوحدة التي تتكون منها ، والمطابقة في

:اللفظ تنشد في عدة أمور منها

بأختیار بدقة من بین األفاظ الكثیرة التي یتوهم فیها يمطابقة اللفظ للمعنا -١

فروق دقیقة ال یدركها إال األدیب الخبیر باللغة من بینها ما األشتراك والترادف مع

األد ب.

مطابقة اللفظ لما یجاوره وأتساقه مع األلفاظ التي تحیط به من حیث الحس -٢

ابقة معناه لمعاني ما حوله من األلفاظ حتى یكون البناء الموسیقى ومن حیث مط

العام للعمل األدبي سلیما ، متسق األجزاء وتتحقق فیه الوحدة الفنیة.

فاللفظ الذى یصلح في غرض من ؛مطابقة اللفظ للغرض الذى یعالجه األدیب -٣

ات ومن ثم عابوا األلفاظ الخاصة بمصطلح ؛األغراض قد ال یصلح في غرض آخر

أذا أستعملها غیرهم إال أذا علم الكالم والتي تجرى في لغة الفلسفة والمتكلمین ؛

ما یحسن في الرثاء وال یصلح في ؛ومن األلفاظ ؛والتطرف التكلفوردت مورد

المدیح ویستحب في النسیب ویقبح في الرثاء او الفخر أو المدح ..... الخ .

تطابق ما یعرفه الناس ؛ ووصفت بالحوشیة إذا وقد وصفت الكلمات بالغرابة ألنها لم

٢كانت ال تستقیم مع ما یستعملونه في النطق وما یألفونه في السمع

.٤٢ص –) ٢م ـ ج ( ١٩٧٥) ١ا لكویت دار البحوث العلمیة ط ( -–محمد حسن عبداهللا –مقدمه في النقد االدبي / ١ . ١٨٥-١٨٠ص –) ٢م ـ ج ( ١٩٨٨) ٨القاهر مكتبة االنجلو المصریة ط (–بدوي طبانه –لتیار المعاصر في النقد األدبي ا / ٢

- ١٧١ -

یھدف الرسول صلى هللا علیھ وسلم إلى تحقیقھا من خالل سوقھ وبین الغایات التيالمستوفیة لكل متطلبات البالغة فھو أستخدامھ صلي هللا علیھ وسلم للعبارة الفنیة

سالیب األنشاء الطلبي بعثا للنشاط وإجابة للداعي ومن أمثلة ذلك : ـأل

/ اسلوب النداء : ـ ١

وهو مأخوذ من ندي الصوت أي : بعده ، أما البالغیون فلهم العدید من التعاریف

حول تعریف هذا األسلوب البالغي الفرید فما قالوا فیه : ( طلب اإلقبال حسا أو

.١أدعو ملفوظا به مقدرا ) معني بحرف نائب مناب

؛و(أي) و(أیا) و(هیا) ؛و(یا) و( أو) ؛وأي لنداء القریب ؛وأدواته ثمانیة : الهمزة

و(وا) وهي لنداء البعید .

وقد تنزل البعید منزلة القریب للداللة علي أنه قریب من القلب حاضر في الذهن ؛

رفعة منزلتة أوصفتها أو غفلته وقد یعكس فتنزل القریب منزلة البعید للداللة علي

٢وذهوله

٣وقیل بل النداء : طلب إقبال المخاطب بحرف ناب مناب أدعو لفظا أو تقدیرا)

فاالغراض التي یخرج الیها النداء وهي : ( التحسر ، التعجب ، الزجر ، التوبة ،

األغراء ـ األستغاثة ).

شواهد النداء في األحادیث النبویة

: أكل الحالل : ـ الحدیث السابع

التبتل هللا بالدعاء یحتاج لروافد حتى یتم قبول تلك الدعوات ویشفع لها الحال التى

قیلت فیه ونرى فیه قوله : (یارب ..... یارب ...) جاء فى سیاق األلحاح على اهللا

بالدعاء ، ورجاء فیدل الدعوة فقد خرج النداء عن المعنى األصلى الى معنى التحسر

، وهو مقام یناسب حال الداعى الى اهللا عز وجل .والتوجع

الحدیث أبواب في الطاعة والصدقات : ـ

لم یعرف أحد كان أسبق من الصحابة فى المسارعة ألبواب الخیرات فها هم

الصحابة یشكون للرسول صلى اهللا علیه وسلم قلة ذات الید فى المسابقة فقالوا : (

.٣٣٣ـ ص ٢ـ مواھب الفتاح شروح التلخیص ـ یعقوب المغربي ـ د. ط ـ نشر أدب الحوزة ـ د . مكان وتاریخ نشر ـ ج ١ .٦١٢ـ ص ١م ـ ج ٢٠٠٣ـ مكانھا : دار النھضة للطباعة والنشر ـ تاریخھا : ١یز عتیق ـ طـ علم المعاني والبدیع ـ عبد العز ٢ .٥٩ـ ص ٢ـ ج ھـ١٤٠٥ـ ، دار الكتب العلمیة بیروت ـ )١ـ اإلیضاح في علوم البالغة ، الخطیب القزویني، ط ( ٣

- ١٧٢ -

ور ....) وواضح أن السیاق ألسلوب النداء خرج یارسول اهللا ذهب أهل الدثور باألج

عن معناه األصلى الى اإلستغاثة .

حتى یلحق بهم الرسول صلى اهللا علیه ویدلهم على أبواب یسارعون فیها على سبیل

التعجیل واللحقاق بمن تغلب علیهم .

الشواهد الواردة في النداء

في الوصایا النبویة

وسلم بالنساء:ـ ـ وصایا النبي صلى اهللا علیه ١

عن معاویة بن حیدة رضي اهللا عنه قال : ( یارسول اهللا ماحق زوجة أحدنا علیه

...الخ )

ـ وصایا النبي صلى علیه وسلم ألصحابه : ـ ٢

( یاغالم إني أعلمك كلمات ...الخ).

ة مخالطة الرسول صلى اهللا علیه وسلم فى مجالسة كانت أنبل الغایات لدى الصحاب

؟ركوب معه على ظهر واحدفكیف بال

نادى الرسول علیه الصالة والسالم الصحابى الجلیل ( یاغالم) فى سیاق سرد لطائفة

من الوصایا الذهبیة والنصائح األخرویة فخرج النداء عن معناه األصلى الى معنى

األغراء حتى یتلهف لما سیقوله له .

م عند الموت : ــ وصایا الوداع األخیرة للنبي صلى اهللا علیه وسل ٣

( أیها الناس فأنى أحمد اهللا إلیكم الذي الإله إال هو ؛وانه قد دنا منى خفوق من بین

أظهركم ... الخ) .

المقام فى هذا الحدیث مقام نعیم عن قرب رحیل المصطفى للدار االخرة علیه

الصالة والسالم وهذا اإلحساس نراه على تساؤالت الصحابة وبسمات وجوههم قال

لصحابة : ( یارسول اهللا كأنها موعظة مودع ) فالنداء خرج عن معناه األصلى من ا

إقبال المخاطب الى معنى التحسر والتوجع ، وكیف ال والمقام خیر شاهد على ذلك

.

- ١٧٣ -

شواهد النداء

في الخطب النبویة

ـ خطب النبي صلى اهللا علیه وسلم في الدعوة إلى اهللا :ـ ١

الخطبة األولى :

ر قریش أشتروا أ نفسكم ،الأغنى عنكم من اهللا شیئا؛ یابنى عبد المطلب ، ( یامعش

الأغنى عنكم من اهللا شیئا ، یاعباس بن عبد المطلب ، ألغنى عنك من اهللا شیئا،

یاصفیة عمة رسول اهللا ،ألغنى عنك من اهللا شیئا ، یافاطمة بنت رسول اهللا سلینى

شیئا).ماشئت من مالى ؟ ألأغنى عنك من اهللا

الغرض البالغى : التحذیر .

الخطبة الثانیة :

قال علیه الصالة والسالم : ( یاصحباه ) : فأجتمع الناس علیه ، فقال :(یابنى عبد

المطلب ،یابنى فهر ، یابنى كعب ،أرایتم لو أخبرتكم أن خیال بسفح هذا الجبل ترید

ك كذبا .قال: ( إنى لكم نذیر أن تغیر علیكم .أكنتم مصدقى ؟ قالوا نعم ماجربنا علی

بین یدى عذاب شدید ).

الغرض البالغى :التحذیر .

ـ خطبة حجة الوداع : ٢

(أیها الناس ) نلحظ أول ما نلحظ هذا النداء القریب إلى النفوس، إذ استغنى عن أداة

بینهم لهوةوغیرها تحقیقا لهذا القرب والتالحم مع أبناء األمة الذین زالت ا ؛ یا) النداء

.وبین معلمهم وهادیهم

ینادیهم إن حذف أداة النداء قد حقق هذا القرب والتالحم، فكأن الناس قریبون إلیه

التوجیه وسدید بأرق النداء وأعذبه لیستمیل قلوبهم إلى ما یلقي علیهم من حسن

.اإلرشاد

همزة وأي) للقریبویا للنداء وضع في أصله لنداء البعید، بدلیل أنهم عدوا األداتین (ال١

وأما (یا) فقال ابن الحاجب: أنها حقیقة في القریب والبعید ألنها لطلب اإلقبال مطلقا،

. ٦٠٤ـ ٦٠٣ـ ٢ام ـ جـ السیرة النبویة ـ أبن ھش ١

- ١٧٤ -

١وقال الزمخشري: إنها للبعید

واذا كان األمر كذلك؛ فإن من الواضح أن یكون حذف أداة النداء داال على قرب

.المنادي للمنادى، وااللتصاق به، والتحبب إلیه

سعنا في هذا الموضع؛ أن نحمل حذف األداة على خالف مقتضى الظاهر، ولیس ی

ذلك یدعونا إلى القول إن المنادى ممن سها أو غفل، وما كان له أن یكون على ألن

عنها ذلك الحال، إال أن حذف األداة هنا جاء على الحقیقة والحال، ولیس عدوال

عن السهر والغفلة تنزیها من الرسول صلى اهللا علیه وسلم للمسلمین

وفى كل من ؛ وقد تكرر النداء فى خطبة حجة الوداع( أیها الناس) ثمانى مرات

خطبة الجمعة والتنبیة من الغفلة واإلعتبار وخطب الترغیب والترهیب مرة واحیانا

مرتین .

والنداء هنا یكشف عن حرص المصطفى صلى اهللا علیه وسلم على هدایة العالمین

جمیعا .

األمر الحقیقي: (صیغتھ موضوعة لطلب الفعل استعالءا، أ سلوب األمر : ـ / ٢أما صیغة األمر ٢) لتبادر الذھن عند سماعھا إلى ذلك وتوقف ما سواه على القرینة

بحسب مناسبة المقام، كاإلباحة ... والتھدید المجازي قد تستعمل في غیر طلب الفعل ... والتعجیز... والتسخیر .

علیھ وسلم أسلوب األمر ألجل تحقیق األوامر اإللھیة ا لحقیقیة هللا ستخدم صلي فقد امباشرة دون تراجع أو تبأطؤ أو تكاسل بصیغتة المعروفة فقد وردت الشواھد علي

ذلك في األحادیث النبویة وھي مقسمھ عندي كاألتي : ـ

شواهد األمر

في األحادیث النبویة

بقدر اإلستطاعة :الحدیث السادس : التكلیف اإل

فعل وما منشرائع الدین كثیرة فى ترك ماحذر منه المصطفى علیه الصالة والسالم

رغب فیه ،وشاهدنا ( فأجتنبوه ) و(فأتوا منه) حیث خرج األمر من معناه الحقیقى

الى معنى النصیحة واإلرشاد لألمة ،إذ المقام مقام توجیه واصالح للبشریة ،وتأخذ

ـ مكانھا : دار ١ـ التلخیص في علوم البالغة ـ جالل الدین الشافي الدمشقي ( الخطیب القزویني) ـ تحقیق : عبد الحلیم ھنداوي ـ ط ١

.١٧٢ــ ص ١م ـ ج١٩٩٧الكتب العلمیة ـ بیروت ـ تاریخھا ـ مكانھا : دار الجیل للنشر والتوزیع ـ تاریخھا: ١قیق : محمد ھاشم ـ طـ شروح التلخیص ـ محمد بن عبد الرحمن ( القزویني) ـ تح ٢

. ٣٣٤ـ ص ١م ـ ج١٩٩٧

- ١٧٥ -

لك األمر على محمل الحب والطاعة كیف الوهو من معلم البشریة النفس البشریة ذ

،وقد أجراه بأسلوب الناصح والمرشد .

الحدیث الثامن : الورع :

إن الذي یخالط الناس فى سائر حیاتهم وأمورهم ویقف عندها الزاهد والورع موقف

ل :( دع یقو االمتحیر فیضع له الرسول صلى اهللا علیه وسلم منهجا یمشى علیه إلذ

جد فیه شك وریبة الى الذى المراء فیه فأنت ترى تمایریبك الى ماالیریبك ) أى : ما

أن األمر خرج من معناه األصلى الى معنى النصح واإلرشاد .

شواهد األمر

في الوصایا النبویة

ـ وصایا النبي صلى اهللا علیه وسلم بالنساء : ـ ١

ـ الوصیة األولى :

هللا عنه قال : قال رسول اهللا صلى علیه وسلم :( إستوصوا عن أبى هریرة رضي ا

بالنساء خیرا؛ فأن المرأة خلقت من ضلع من ضلع .... الخ).

الشاهد البالغي :ـ

( أستوصوا بالنساء خیرا)

فعل األمر : أستوصوا ـ المعنى المراد : األمر الحقیقي .

ـ الوصیة الثانیة :

ا هن عوان عندكم مواستوصوا بالنساء خیرا ، فإن: ( إال قال علیه الصالة السالم

لیس تملكون منهن شیئا غیر ذلك إال أن یأتین بفاحشة مبینة ، فأن فعلن فأهجرهن

أضربوهن ضربا غیر مبرح ...الخ).و في المضاجع ،

: ( فأهجرهن في المضاجع ) الشاهد األول

. : فأهجروهن ـ المعنى المراد : األمر الحقیقيفعل األمر

: ( وأضروهن ضربا غیر مبرح ) الشاهد الثاني

: أضربوهن ـ المعنى المراد : األمر الحقیقي . فعل األمر

- ١٧٦ -

ـ وصایا النبي صلى علیه وسلم ألصحابه : ـ ٣

أ / الوصیة األولى:

عن أبى ذر الغفاري رضي اهللا عنه قال : ( أوصاني خلیلي صلى اهللا علیه وسلم ،

أحكم السفینة من الدنیا ومافیها ، قال لي : یاأباذر : ( بأربع كلمات هن إلى أحب

فإن البحر عمیق ، وأستكثر الزاد فإن السفر طویل ، وخفف ظهرك فأن العقبة كؤود

بصیر ) . ، وأخلص العمل فأن الناقد

: : ( أحكم ـ وأستكثر ـ وخفف ـ وأخلص ) ـ المعنى المراد : النصح أفعال األمر

واإلرشاد .

ة الثانیة :ب/ الوصی

عن عبد اهللا بن عمرو رضي اهللا عنهما قال : أخذ رسول صلى اهللا علیه وسلم

بمنكى فقال : (كن في الدنیا كأنك غریب أو عابر سبیل ...الخ)

فعل األمر : كن ـ المعنى المراد: التخییر .

ج/ الوصیة الثالثة :

وهو یعظه : ( أغتنم عن أبن عباس رضي اهللا قال : قال صلى اهللا علیه وسلم لرجل

خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ....الخ).

: أغتنم ـ المعنى المراد : النصح واإلرشاد . فعل األمر

د/ الوصیة الرابعة :

عن أبى العباس عبد اهللا بن عباس رضي اهللا عنهما قال :كنت خلف النبي صلى

حفظ اهللا یحفظك ، أحفظ اهللا صلى سلم یوما فقال : ( یاغالم إني أعملك كلمات : أ

اهللا تجده تجاهك .... الخ) .

: أحفظ اهللا ـ المعنى المراد : النصح واإلرشاد. فعل األمر

وصایا الوداع األخیرة للنبي صلي اهللا علیه وسلم : ـ

المقام فى هذا الحدیث كما أخبربه الصحابى وراوى الحدیث أنهم طلبوا من الرسول

والموعظة ففى قوله :( أوصنا ) األمر أتي جلى أنه صلى اهللا علیه وسلم التوجیه

على سبیل اإلرشاد والمناصحة ، أما الشاهد اآلخر وهو قوله : ( عضوا علیها

بالنواجز ) فاألمر هنا خرج عن معناه األصلى الى معنى الوجوب ولفظة ( العض )

- ١٧٧ -

، أما موحیة بذلك وفیها من المعانى مایكفى أنه خارج عن معنى األمر المجرد

الشاهد األخیر وهو :( أیاكم ومحدثات األمور ) فهو جاء أوال بطریق أسم الفعل

بمعنى أحذر ، والمعنى الذى جاء األمر له ترك المحدثات والبدع ،وهو أمر محرم

وأرتكابه خطر على اإلعتقاد وسالمة اإلیمان ولذا الغرض التهدید .

شواهد األمر

في الخطب النبویة

ي صلى اهللا علیه وسلم في الدعوة إلى اهللا :ــ خطب النب ١

الشاهد األول :ـ

( یامعشر قریش : أشتروا أنفسكم ،ألغنى عنكم من اهللا شیئا )

: أشتروا ـ المعنى المراد : النصح واإلرشاد . فعل األمر

الشاهد الثاني :ـ

(یافاطمة بنت رسول اهللا ، سلیني ماشئت ال أغنى عنك من اهللا شیئا).

رشاد.عل األمر : سلیني ـ المعنى المراد : النصح واإلف

ـ خطب رسول اهللا صلى علیه وسلم في الغزوات والفتوح : ـ ٢

الخطبة األولى : في فتح مكة :ـ

یامعشر قریش ؛ویا أهل مكة :( ماترون إني فاعل بكم )؟قالوا : (خیرا ؛أخ كریم وابن

قاء ).أخ كریم )؛ثم قال : ( أذهبوا فأنتم الطل

فعل األمر : أذهبوا ـ المعنى المراد : األمر الحقیقي .

ـ خطبة حجة الوداع :ـ ٣

( أوصیكم عباد اهللا بتقوى اهللا ، وأحثكم على طاعتة )

أفعال األمر : ( أوصیكم ـ أحثكم ) ـ المعنى المراد : النصح واإلرشاد .

ـ خطبة الجمعة : ـ ٤

ل أن تموتوا ،وبادروا باألعمال الصالحة قبل أن ( أالأیها الناس توبوا إلى ربكم قب

تشغلوا؛وصلوا الذي بینكم وبین ربكم ...الخ).

: ( توبوا ـ بادروا ـ وصلوا ) ـ المعنى المراد : التهدید. أفعال األمر

(وأعلموا أن اهللا عز وجل قد أفترض علیكم الجمعة ...الخ).

- ١٧٨ -

لحقیقي .: وأعلموا ـ المعنى المراد : األمر ا فعل األمر

ـ خطبة رمضان:ـ ٥

أستخدم النبي صلي اهللا علیه وسلم أسلوب األمر ألجل تحقیق األوامر اإللهیة مباشرة

دون تراجع أو تباطؤ أو تكاسل بصیغته المعروفة مثل صیغة فعل األمر كقوله : (

فأسألوا اهللا ربكم بنیات صادقة وقلوب طاهرة أن یوفقكم لصیامه وتالوة كتابه ، فإن

لشقي من حرم غفران اهللا في هذا الشهر العظیم).ا

( وأذكروا بجوعكم وعطشكم فیه جوع یوم القیامة وعطشه). -

( وتصدقوا علي فقرائكم ومساكینكم). -

( ووقروا كباركم ). -

( وأرحموا صغاركم). -

( وصلوا أرحامكم). -

( وأحفظوا السنتكم). -

عما ال یحل اإلستماع إلیه و ؛ كم( وغضوا عما ال یحل النظر إلیه أبصار -

أسماعكم).

( وتحننوا علي أیتام الناس یتحنن علي أیتامكم). -

( وتوبوا الي اهللا من ذنوبكم). -

فإنها أفضل الساعات ینظر اهللا ؛( وأرفعوا إلیه أیدیكم بالدعاء في أوقات صالتكم -

ویعطیهم إذا ؛م إذا نادوه عز وجل فیها بالرحمة الي عباده ، یجیبهم إذا ناجوه ،ویلبیه

سألوه ،ویستجیب لهم إذا دعوه).

( إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها بإستغفاركم وظهوركم ثقیلة من أوزاركم فخففوا -

عنها بطول سجودكم).

( وأعلموا أن اهللا أقسم بعزته أن ال یعذب المصلحین الساجدین...). -

تعمال من الصیغ القدیمة الثابتة وهي من ویعد استعمال صیغة ( أعلموا ) في اإلس

وهي صیغة معتاد علیها في االستعمال ؛األطر الحجاجیة في األنباء بالعلم والمعرفة

- ١٧٩ -

تتضمنت مقتضیات معنویة مدارها علي أحداث التنبیة الي جاللة المقال ورفعة العلم

المقدم كما یقال.

بشربة من ماء).أتقوا النار ولو ( أتقوا النار ولو بشق تمرة ، -

وأبواب ؛( ان أبواب الجنة في هذا الشهر مفتوحة فأسألوا ربكم أن ال یغلقها عنكم -

والشیاطین مغلولة فأسألوا ربكم أن ال ؛النیران مغلقة فأسألوا ربكم أن ال یفتحها علیكم

یسلطها علیكم ).

من مرتبة وكل ما ورد من مواضع أسلوب األمر ینطوي علي األمر الحقیقي الصادر

النبي صلي اهللا علیه وسلم ومنزلته، وهي مرتبة قیادیة علیا الي الناس جمیعا لكي

یعملوا حسب تكلیفهم الشرعي.

ـ خطب النبي صلى اهللا علیه وسلم في الترغیب والترهیب :ـ ٥

الخطبة األولى :

بلي قال : ( أدعوا خزنة جهنم ،فیقولون : ألم تك تأتیكم رسلكم بالبینات ) ؟ قالوا :

(فأدعو وما دعاء الكافرین إال في ضالل ) ، قال : فیقولون : ( أدعوا مالكا)

فیقولون : (یامالك لیقض علینا ربك ...الخ).

: (أدعوا ـ فأدعوا ـ أدعوا ) ـ المعنى المراد : التیئیس . أفعال األمر

ـ خطب النبي صلى اهللا علیه وسلم في الترغیب والترهیب: ـ ٦

یها الناس أبكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار یبكون في النار حتى تسیل ( یاأ

دموعهم في خدودهم كأنها جداول ، وحتى تنقطع الدموع ،فیسیل الدمع فیقرح العیون

.(

: أبكوا ـ المعنى المراد : التهدید. فعل األمر

ـ خطبة الجمعة : ـ ٧

تموتوا وبادروا باألعمال الصالحة قبل أن ( أال أیها الناس توبوا إلى ربكم قبل أن

تشغلوا ، وصلوا الذي بینكم وبین ربكم بكثرة ذكركم له ،وكثرة الصدقة ...الخ).

فعل األمر : توبوا ـ المعنى المراد : التهدید.

- ١٨٠ -

ـ خطب النبي صلى اهللا علیه وسلم في التنبیة من الغفلة واإلعتبار : ـ ٨

تهوا إلى معالكم ، وان لكم نهایة فأنتهوا إلى نهایتكم ( أیها الناس إن لكم معالم فأن

.....إلى قوله فلیأخذ العبد لنفسه من نفسه ، ومن دنیاه آلخرته ...الخ).

أفعال األمر : (فأنتهوا ـ فلیأخذ ) ـ المعنى المراد : النصح واإلرشاد.

یه حتى تقاذف علماء البالغة اإلستفهام فشرقوا وغربوا في تعریفه وبسط الكالم ف

سلكهم فإن تعریف وحتى ألنسلك م )١(أذهبوا قیمته البالغیة وراء جدل كالمي متكلف

اإلستفهام المختار عندي هو: طلب الفهم واستخبارك عن الشيء الذي لم یتقدم لك

)٣(وقیل: طلب حصول صورة الشيء في الذهن بأدوات مخصوصة )٢(علم به

هو حرف كالهمزة وهل والباقي أسماء واألدوات التي خص بها اإلستفهام منها ما

، ( كم) ،(كیف)، (أي). ، (اني) ، (أیان) (من)، (ما)، (متي)، (أین)

فهي كثیرة وبما یرجع ذلك لتداخل المبهمات الیها أما األغراض التي یخرج اإلستفهام

في تلك المعاني التي یخرج إلیها. وهذه األغراض هي محل الوجهة البالغیة لهذا

اإلنشاء الطلبي. النوع من

شواهد اإلستفهام

في الخطب النبویة

ـ خطب النبي صلى اهللا علیه وسلم في الدعوة إلى اهللا: ١

یتم لو أخبر تكم أن خیال بسفح ا( یابنى عبد المطلب ، یابنى فهر ، یابنى كعب ، أر

هذا الجبل ترید أن تغیر علیكم . أكنتم مصدقي ؟ قالوا: ( نعم ) ، ماجربنا علیك

كذبا، قال : ( إني نذیر لكم بین یدي عذاب شدید ).

الشاهد البالغي ( ماجربنا علیك كذبا ) التقریر.

الشاهد البالغي ( إني نذیر لكم بین یدي عذاب شدید ) التهویل.

الغرض البالغي من اإلستفهام هو التحذیر .

انظر: على سبیل المثـال، اإلیضـاح فـي طـرح الفـرق بینـه وبـین االسـتعالم ومعـاني األدوات: الكلیـات ألبـي البقـاء العكبـري، مؤسسـة (١)

.٦٧هـ، ص١٤١٢، تاریخها ١الرسالة، ط

.٣٤ـ ص ١م ـ ج١٩٨٥ـ مكانها : دار الفرقان للنشر ـ تاریخها : ١البالغة فنونها وأفنانها ـ حسن فضل عباس ـ ط (٢)

.٣٤ـ ص٢بغیة اإلیضاح لتلخیص المفتاح في علوم البالغة، عبد المتعال الصعیدي: مكتبة اآلداب ـ ج (٣)

- ١٨١ -

ـ خطبة حجة الوداع : ٢

ست مرات في الخطبة الرائعة ، وهو ( أال هل بلغت ) ؟ اللهم فأشهد . فقد وردت

بهذا التكرار یلقى على المسلمین عبء المسؤولیة ویشهد علیهم الحق سبحانه وهو

خیر الشاهدین ، وهذا التكرار یأتي في قالب اإلستفهام المثیر لإلنتباه ، والرصد

للمشاعر المؤمنة ، التي لن تجیب إال بالقبول واإلقرار ،ومن هنا تكون الحجة على

المخالفین المعاندین ، قال تعالى : (فإن تولوا فقل حسبي الله ال إلـه إال هو علیه

االقرار. ١توكلت وهو رب العرش العظیم)

ـ خطب النبي صلى اهللا علیه وسلم في الترغیب والترهیب : ٣

؟ قالوا: بلى التقریر.( ألم تك تأتیكم رسلكم بالبینات )

أسلوب النهي : ـ

٢فقد عرفھ البالغیون بأنھ :( طلب الكف عن الفعل استعالء)

لتوبیخ ـ ا التهدید ـ اإلرشاد ـ ـواألغراض التي یخرج الیها النهي وهي : (الدعاء

التیئیس)

شواهد النهي

في الوصایا النبویة

ـ وصایا النبي صلى علیه وسلم بالنساء: ١

یة الرابعة :الوص

( ال یفرك مؤمن مؤمنة ) النهي الحقیقي.

الوصیة الخامسة :

وال تهجر ) النهي الحقیقي. ؛وال تقبح ؛( وال تضرب الوجة

( أن الیوطئن فرشكم من تكرهون ...الخ ) المعني الحقیقي للنهي

( وال یأذن في بیتكم لمن تكرهون ) المعني الحقیقي للنهي

اهللا علیه وسلم ) ألصحابه : ـ وصایا النبي ( صلي

. ١٢٩ـ سورة التوبة ـ رقم األیة ١ـ مكتبة محمد علي صبیح القاھرة ـ د. ١ي في علم البالغة ـ سعد الین التفتا زاني ـ تحقیق : محي الدین عبد الحمید ـ طـ مختصر المعان ٢

.١١ـ ص ٢ت ـ ج

- ١٨٢ -

الزهد في الدنیا وترك ملزاتها واإلستعداد لیوم الرحیل أمر ندب إلیه الشارع الكریم بل

رغب فیه وما أدل علي اختصار ذلك المعني في قـول إبـن عمـر في الحدیـث : ( إذا

أمسیت فال تنتظر الصباح... فال تنتظر المساء...) أسلوب النهي هنا جري في

مجري العتاب اللطیف ولم یكن أسلوبه عنیفا علي النفس حتي ال ترعوي أو تأخذ

استعدادها بل جاء غرض النهي علي معني النصح واإلرشاد المحض.

یا معاذ ال تدعن في دبر كل صالة أن تقول : ( اللهم أعني علي ذكرك وشكرك

وحسن عبادتك) النصح واإلرشاد

لمعني الحقیقي للنهي.( ال ینزعن یدا من طاعة ) ا

ـ وصایا النبي صلي اهللا علیه وسلم الوداع األخیرة : ٨

( أال یضربهم فیزلهم ، والیوحشهم فیكفرهم ، وأال یغلق بابه دونهم فیأكل قوتهم

ضعیفهم ) المعني الحقیقي للنهي.

شواهد النهي

في الخطب النبویة

ـ خطبة النبي صلى علیه وسلم في شهر رمضان : ١

وغضوا عما ال یحل النظر إلیه أبصاركم،وعما ال یحل اإلستماع إلیه أسماعكم ) (

النصح واإلرشاد

خطبة النبي صلي علیه وسلم في الترهیب بالنار:ـ ٢

( أخسئوا فیها وال تكلمون ) اإلهانة والتحقیر.

المقارنات الفنیة : ـ

عنیین متوافقین أو معان فقد عرف الخطیب القزویني المقابلة بأنها : ( أن یؤتي بم

.١متوافقة ثم بما یقابلها أو یقابلها علي الترتیب)

الخطیب القزویني، محمد بن عبد الرحمن بن عمر، أبو المعالي جالل الدین القزویني: ، دار الكتاب اإلیضاح في علوم البالغة ـ / ١

.٣٥٣ـ ص م٢٠٠٤هـ، ١٤٢٥، سنة ١بیروت لبنان، طالعربي،

- ١٨٣ -

الشواهد الواردة في األحادیث النبویة

في فن المقابلة

الحدیث الثاني : أحوال الناس : ـ

وقعت المقابلة عند قوله علیه الصالة والسالم : ( إن أحدكم لیعمل بعمل أهل الجنة

ینها إال ذراع فیسبق علیه الكتاب فیعمل بعمل أهل النار یكون بینه وبما حتي

وان أحدكم لیعمل بعمل أهل النار حتي ما یكون بینه وبینها إال ذراع ؛ فیدخلها

فیسبق علیه الكتاب فیعمل بعمل أهل الجنة فیدخلها) وحتي تتضح هذه المقابلة

ألمور علي أبسط الرائعة والتي بثت في النفس الخوف والوجل ألنها وضحت مأآلت ا

القول في معني تلك المقابلة فإن تحول المرء عن دینه وسوء الخاتمة أمر حذر منه

الرسول صلي اهللا علیه وسلم ومعني ذلك تجده في قوله ( إال ذراع ) أي : حتي

یقرب أجله تماما ولما عقد الرسول المقابلة جعلها بین أمرین رجل یعمل بعمل أهل

ح من أمره حتي إذا قارب األجل تنكس عن الطریق فعمل الجنة ویكون علي صال

بأعمال أهل النار وعلي الطرف اآلخر بعض الناس خال في حیاته مقترف للسیئات

والمحرمات واذا قارب أجله تاب ورجع الي ربه فتاب توبة صادقة وأستحق الجنة

( یا مقلب وهذا ما یدل علیه كثرة دعاء الرسول صلي اهللا علیه وسلم عند قوله :

.١القلوب واألبصار ثبت قلبي علي دینك)

وسر هذه المقابلة كون النفس عند سمعها لحال الفریقین كیف نشمر عن ساعد الجد

والمثابرة علي فعل الطاعات وسؤال اهللا الثبات وسر آخر أن األضداد في هذه

ا بین ذكرت مقدمة ومؤخرة یجعل األمر محصورا فیهم –النار –المقابلة الجنة

الترغیب والترهیب.

الحدیث العاشر : آداب أجتماعیة : ـ

والشاهد البالغي علي مجئ المقابلة في قوله علیه الصالة والسالم : ( إذا صلحت

صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ) فهذه المقابلة تزید المعني جماال

.٢١٤٠) ، ص ٥ح الترمزي ( باب األدعیة ) ـ اإلمام الترمذي ـ ج(/ صحی ١

- ١٨٤ -

وس وتحثها علي النظر ووضوحا ألن الضد یظهر حسنة الضد كما أنها تثبت النف

.١بصالحها صالح الجسد كله

والمقابلة هنا بین ضدین ( صلحت صلح الجسد ) وبین ضدهما ( فسدت فسد

الجسد).

الحدیث الثالث : النهي عن البدع : ـ

عندما یستدعي األمر مزیدا من العنایة واإلهتمام تأتي المقابلة كأسلوب نبوي في

لك قیمة إثرائیة وداللیة وفي شاهدنا البالغي في هذا األحادیث النوویة مضیفة الي ذ

الحدیث : ( مانهیتكم عنه فأجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما أستطعتم ) فالمعاني

هنا حشدت ثم أظهرت للمتلقي ففي الضد األول في صدر الشاهد تجد كالما عن

ون إهمال وال تحمل النهي مقرونا بالتجنس ویؤمر بأمر بعد تلمس فیه االستطاعة بد

وعندما تمت المقابلة زادت المسافة وأتضح المقصود وأخذت النفس ؛فال یطاق

زادها.

الحدیث الثامن : الورع : ـ

الزهد والورع شعار الصالحین وستار المتقین وما دام األمر بین التحریم والكراهة أو

وما تجد الحل المشوب بحذر وتوجس یجئ الفیصل في ذلك ألن مرجعه لشخصك

والمقابلة هنا وقعت بین : ( دع ما یریبك ) أي : أترك ما فیه ریبة ؛فیه من الریبة

یریبك ) علي أختیار تقدیر الفعل أفعل ما لیس فیه ریبة فالمقابلة تمت ال وبین ( وما

بین ضدین یقابلهما مثلهما.

.١٣٠م ـ ص ١٩٩١ھـ ، ١٤١٢) نشر مكتبة الحسین اإلسالمیة ١/ بالغة تطبیقیة مسائل البالغة ـ بسیوني عبد الفتاح ـ ط ( ١

- ١٨٥ -

شواهد المقابلة

في الوصایا النبویة

ألصحابه : ـ ـ وصایا النبي صلي علیه وسلم١

وقعت المقابلة عند قوله : لو أجتمعت األمة علي أن ینفعوك بشئ لم ینفعوك إال

بشئ قد كتبه اهللا لك ) وعند قوله : ( وان أجتمعوا علي أن یضروك لم یضروك إال

ثالث معان أیضا : الضر ؛بشئ قد كتبه اهللا علیك ) النفع وعدم النفع ولك وضدها

ما أسلفنا أن من شأن المقابلة إظهار المعني وتنبیة األذهان یك وكلوعدم النفع وع

وتحریك العقول إذ الجمع بین المعاني وضدها یزیدها وضوحا ورسوخا وأستقرارا في

. ١العقول)

وصایا النبي صلي اهللا علیه وسلم ألصحابه :

المساء : ( إذا أصبحت فال تنتظر شاهدنا البالغي لفن المقابلة تأتي عند قولهأ/

واذا أمسیت فال تنتظر الصباح) فهذا تقابل لطیف بین أصبحت وأمسیت وبین

.٢الصباح والمساء

وهذه المقابلة بین األضداد جعلت المعني الذي یراد حاضر في ذهن العبد فهو

مالزمة في كل أوقاته.

: ( وأعلم أن األمة لوأجتمعت علي أن قوله النبي صلي اهللا علیه وسلمب /

وك بشئ لم ینفعوك إالبشئ قد كتبه اهللا لك ؛ وأن أجتمعوا علي أن یضروك ینفع

بشئ لم یضروك إالبشئ قد كتبه اهللا علیك ).

: أجتماع األمة علي النفع ، واجتماع األمة علي الضرر. المقابلة في

وصایا الوداع األخیرة للنبي صلي اهللا علیه وسلم للراعي والرعیه : ـ

ن تحبونهم ویحبونكم ، وتصلون علیهم ویصلون علیكم ؛ وشرار ( خیار أئمتكم الذی

أئمتكم الذین تبغضونهم ویبغضونكم ، وتلعنونهم ویلعنونكم ).

المقابلة في :خیار األئمة الذین یحبون رعایاهم ویحبونهم ، ویصلونهم ویصلنكم ـ

وبین شرار األئمة یبغضون رعایاهم ویبغضونهم ، ویلعنونهم ویلعنوهم.

.١٤٤الفتاح ـ ص / بالغة تطبیقیة ـ بسیوني عبد ١ .٦٢ھـ ـ مكتبة الغزالي بدمشق ـ ص ١٤١٠) ، ١/ من كنوز السنة ـ محمد علي الصابوني ـ ط ( ٢

- ١٨٦ -

قتباس : ـ ابق وا لتجانس واأللتطا

(ویقال له التطبیق والطباق والمطابقة ، وفي اإلصطالح البالغیین: الجمع بین

.١الضدین أو بین الشئ وضده في كالم منثور أو شعر)

كالم وهو نوع من علم الویقول صاحب الطراز : ( هو أن یؤتي بالشئ وبضده في

.٢أو التكافؤ البدیع متفق علي صحته وقد یسمي بالتضاد

شواهد الطباق في األحادیث النبویة

الحدیث الثاني : أحوال اإلنسان : ـ ( ... ویأمر بأربع كلمات : یكتب رزقه وأجله

وشقي أو سعید).

كتب المقادیر علي الخلق وهم في بطون أمهاتهم وتبقي حیاة المرء وفق ما قدر اهللا

ولها : ( شقي أو سعید ) طباق وما صاحبها من عمل ، وفي الحدیث عدة شواهد أ

إیجاب.

دكم لیعمل بعمل أهل الجنة حتي الیكون بینه وبینها إالزراع فیسبق علیه ح(...إن أ

مل أهل النار فیدخلها ...).عالكتاب فیعمل ب

( النار والجنة ) طباق إیجاب

الحدیث الرابع : ترك الشبهات : ـ ( أن الحالل بین وأن الحرام بین )

والحرام ) طباق إیجاب( الحالل

الحدیث الثامن : الورع : ـ

( ما یریبك وما ال یریبك )

حیث أختلف الضدان إیجابا وسلبا والطباق هنا جعل أمر الحسم واضحا فهو بین

.سلبأمرین أحدهما واضح واآلخر فیه غبش وقتامه طباق

.٧٧/ علم البدیع ـ عبد القدوس صالح ـ ص ١ .٢٧٧) ـ ص ٢/ الطراز ـ العلوي ـ ج( ٢

- ١٨٧ -

شواهد الوصایا

النبویة في فن الطباق

لیه وسلم بالنساء : ــ وصایاالبني صلي اهللا ع ١

الوصیة الثانیة:

( الیفرك مؤمن مؤمنة أن كره منها خلقا رضي منها آخر )

( الكراهیة والرضا) طباق إیجاب .

ـ وصایا النبي صلي علیه وسلم ألصحابه: ـ٢

( إذا أمسیت فالتنتظر الصباح ، واذا أصبحت فالتنتظر المساء ؛ وخذ من صحتك

ك ).لمرضك ، ومن حیاتك لموت

وموتك) –ومرضك ) ،( حیاتك –: ( صحتك الطباق في

طباق أیجاب .

ـ وصایا النبي صلي اهللا علیه وسلم في بر الوالدین وعدم عقوقهما : ـ ٣

الوصیة الثانیة:

(.... یارسول اهللا من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟

ال : ثم من ؟ قال : أبوك ).قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال أمك ، ق

الشاهد البالغي : ( قال أمك قال ثم من ؟ قال : أبوك )

أبوك ) طباق أیجاب . –( أمك

ـ وصایا النبي صلي اهللا علیه وسلم في الراعي والرعیة: ٤

أـ ( خیار أئمتكم الذین تحبونهم ویحبونكم ، وتصلون علیهم ویصلون علیكم ؛ وشرار

ونكم وتبغضونهم وتلعنونهم ویلعنونكم ).أئمتكم الذین یبغض

شرار أئمتكم). –: ( خیار أئمتكم الشاهد البالغي

طباق أیجاب .

ب ـ ( أن یعظم كبیرهم ویرحم صغیرهم).

صغیرهم ). –: ( كبیرهم الشاهد البالغي

طباق أیجاب .

ج ـ ( أال یغلق بابه دونهم فیأكل قویهم ضعیفهم ).

- ١٨٨ -

ضعیفهم ). –م الشاهد البالغي : ( قویه

طباق أیجاب .

-:شواهد الطباق في الخطب النبویة

ـ خطب النبي صلي اهللا علیه وسلم في الدعوة الي اهللا :١

( وأنها لجنة أبدا ، أو لنار أبدا).

نار ) –: ( جنه الشاهد البالغي

طباق أیجاب .

ـ خطب النبي صلي اهللا علیه وسلم في الغزوات والفتوح : ٢

ألحزاب:غزوة ا

(والذي بعثني بالحق لئن أمسیتم قلیال لتكثرن ، ولئن كنتم أذلة لتعزن ، ولئن كنتم

وضعاء لتشرفن حتي تكونوا نجوما ).

الشاهد البالغي :

الشرف ). –العزة ) ، ( الضعة –الكثرة ) ،| ( الذلة –( القلة

طباق ایجاب .

بات الدینیة : ـ خطب النبي صلي اهللا علیه وسلم في المناس٣

أ / خطبة عید الفطر:

( أیها الناس : فقد بین الحالل والحرام ، غیر أن بینهما شبها في األمر لم یعلمهما

كثیر من الناس ).

الحرام ) طباق إیجاب . –( الحالل

ب / خطبة حجة الوداع:

غ الشاهد الغائب ).ل( فلیب

الغائب ) –: ( الشاهد الشاهد البالغي

یجاب .طباق إ

ج / خطبة الجمعة : ـ

مؤمن ) –موتي ) ،( فاجر –العالنیة ) ،( حیاتي –( السر

د / خطبة رمضان :

- ١٨٩ -

رة / السعید والشقي : كما جاء في قوله : ( فأسألوا ربكم بنیات صادقة وقلوب طاه١

فإن الشقي من حرم غفران اهللا في هذا الشهر أن یوفقكم لصیامه وتالوة كتابه ؛

) وان لم یذكر بجانب الشقي إال أن الشقي یلمح إلیه بمعانیة الدالة علي العظیم

كتابه. هالسعید الموفق لصیام شهر رمضان وتالوت

/ جوع وعطش الصائم في شهر رمضان في الدنیا مقابل جوعه وعطشه یوم القیامة ٢

شه) في األخرة، كما في قوله :( وأذكروا بجوعكم وعطشكم فیه جوع یوم القیامة وعط

وهي مقارنة بین حالتین دنیویة وأخرویة ومخاطبة للجانب النفسي التنبیه والتذكیر

والترهیب.

/ توقیر الكبیر واإلشفاق علي الصغیر ( وقروا كباركم وأرحموا صغاركم)٣

/ غض البصر والسمع ( وغضوا عما ال یحل النظر إلیه أبصاركم وعما ال یحل ١

اإلستماع إلیه أسماعكم).

حنن علي أیتام الناس یعادل تحنن الناس علي أیتامكم ( تحننوا علي أیتام / الت٢

الناس یتحنن علي أیتامكم).

وهو أشعار بالجزاء الدنیوي في مستقبل األیام لهذا العمل الجاد والحث في الدنیا.

ـ خطب النبي صلي اهللا علیه وسلم في التنبیة من الغفلة: ـ ٤

بین أجل قد مضي الیدري ما اهللا صانع به ؛ وبین أجل ( أن المؤمن بین مخافتین :

قد بقي الیدري ما اهللا قاض فیه ؛ فلیاخذ العبد لنفسه من نفسه ، ومن دنیاه آلخرته ،

ومن الشیبه قبل الكبر ، ومن الحیاة قبل الموت ، والذي نفس محمد بیده مابعد

الموت مستعتب ، والبعد الدنیا دار إالالجنة أو النار).

لشواهد البالغیة :ا

الموت ) –الكبر ) ،( الحیاة –أخرته ) ،( الشبیبة –بقي ) ،( دنیاه –( مضي

والنار ) . –( الجنة

طباق اإلیجاب .

ـ خطب النبي صلي اهللا علیه وسلم في الترغیب والترهیب : ـ ٦

أخر من یدخل النار:

ة دخوال للجنة ).( أني ألعلم آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجن

- ١٩٠ -

والنار ). –( الجنة دخوال ) ، –البالغیة : ( خروجا الشواهد

طباق اإلیجاب.

لجناس : ـا

وهذا الفن البدیعي مأخوذ من المجانسة :( وهي المشابهة وسبب التسمیة مجىء

١حروف ألفاظه من جنس واحد ومادة واحدة)

هــــذا یعنــــي أنــــه اللفــــظ و ٢كــــون اللفــــظ واحــــدا، والمعنــــى مختلفــــا)ان یهـــو (

المشترك، وماعداه فلیس من التجنیس الحقیقي في شیىء حسب رأیه.

وعلیه فالجناس هو" تشابه اللفظین في النطق واختالفهما في المعنى"

(راكني اللفظان المتشابهان نطقا المختلفان معنا یسمیان وهذا

الجناس).

أي : اللفظان في –قا ویقول الخطیب في تعریف الجناس التام : ( أن یتف

.٣أنواع الحروف وأعدادها وهیئاتها وترتیبها)

وغیر التام مبناه علي اإلختالف بین اللفظین المتجانسین فهو :( ماختلف

٤فیه اللفظان المتجانسان في نوع الحروف أوعددها أوهیئتها أو ترتیبها )

.٧١لطباعة والنشر ـ بال تاریخ ـ ص/ جتي الجناس األمام السیوطي ـ تحقیق : محمد رزق الخفاجي ـ الدار الفنیة ل ١ .٢٣٤ـ ص ٢/ المثل السائر ـ أبن األثیر ـ ج ٢

.٣٩ص ) ـ ٣اح ـ الخطیب القزویني ـ ج (/اإلیض ٣ . ٣٩ـ ٣/ المرجع نفسھ ـ ج٤

- ١٩١ -

شواهد الجناس

في الوصایا النبویة

وسلم بالنساء: وصایا النبي صلي علیهـ ١

الوصیة الرابعة:

ن تطعمها إذا أطعمت ( ..... قلت یارسول اهللا ماحق زوجة أحدنا علیه ؟ قال : أ

كتسیت ، وال تضرب الوجه والتقبح والتهجر إال في البیت ).وتكسوها إذا إ

أكتسیت ) جناس ناقص ـ نوع –طعمت ، تكسوها –: ( تطعمها الشاهد البالغي

الحروف وعددها.

ـ الوصایا في عدم عقوق الوادین: ٢

الوصیة األولي:

( أال أنبئكم بأكبر الكبائر).

الكبائر ) جناس ناقص ـ نوع الحروف وعددها. –:( أكبر الشاهد البالغي

ویسب ) جناس ناقص ـ نوع الحروف وعددها. –( فیسب

الوصیة الثالثة:

( .... وكره الیكم قیل وقال ...).

وقال ) جناس ناقص ـ نوع الحروف وعددها. –:( قیل الشاهد البالغي

ـ في وصایا الوداع األخیرة للنبي علیه الصالة و السالم للرعیة والراعي: ـ ٣

الوصیة الثانیة:

( خیار أمتكم الذین تحبونهم ویحبونكم ، وتصلون علیهم ویصلون علیكم وشرار

).مائمتكم الذین تبغضونهم ویبغضونكم وتلعنونهم ویلعنونك

–یصلـون ) ،( تبغضونهـم –یحبونكم ) ،( تصلـون –الشواهد البالغیة: ( تحبونهم

علیكم ) الجناس الناقص ـ نوع –یلعنونكم ) ،( علیهم –یبغضونكم ) ( تلعنونهم

الحروف وعددها.

ـ الوصیة الثالثة: وصایا الوداع األخیرة للنبي عند الموت : ـ ٤

- ١٩٢ -

بین أظهركم ،فمن جلدت له ظهرا فهذا ظهري فلیستقد ( وأنه قد دنا مني خفوق من

منه ، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فلیستقد منه ، ومن أخذت له ماال

فهذا مالي فلیأخذ منه).

فیأخذ) –عرضي ) ،( أخذت –ظهري ) ،( عرضا –: ( ظهرا الشاهد البالغي

جناس ناقص نوع الحروف وعددها.

) جناس ناقص ـ شكل الحروف.مالي –( ماال

شواهد الجناس

في الخطب النبویة

ـ خطب النبي صلي اهللا علیه وسلم في الدعوة الي اهللا : ـ ١

( ولتجزون باإلحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا).

سوءا ). –( بالسوء ،احسانا ) –اإلحسان الشاهد البالغي :(

: نوع الحروف وعددها .جناس ناقص

ناسبات الدینیة:ـ خطب الم ٢

أ /عید الفطر : ـ

( أن لكل قوم عیدا فهذا عیدنا ).

عیدنا ) جناس ناقص ـ نوع الحروف وعددها. –الشاهد البالغي :( عیدا

ب / خطبة حجة الوداع : ـ

( أن ربا الجاهلیة موضوع ، وأن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب ،

ة ، وأن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربیعة بن الحارث بن وأن دماء الجاهلیة موضوع

عبد المطلب).

) الجناس الناقص:نوع الحروف وعددها. موضوعه –دماء ) ،( موضوع –( دم

(أیها الناس إن لنسائكم علیكم حقا ، ولكم علیهن حق).

علیهن حق ) جناس ناقص ـ نوع الحروف –: ( علیكم حقا الشاهد البالغي

ها.وعدد

- ١٩٣ -

ترجعن بعدي كفارا یضرب بعضكم رقاب بعض ). ( فال

: (بعضكم ـ بعض ) جناس ناقص ـ نوع الحروف وعددها. الشاهد البالغي

و/ ( أیها الناس ، إن اهللا قد قسم لكل وارث نصیبه من المیراث ، فال تجوز لوارث

وصیة ، والتجوز وصیة في أكثر من الثلث ).

لـوارث ) جناس ناقص ـ نوع الحروف وعددها. –رث المیـراث ) ،( وا –( وآرث

ز/ ( ومن أدعي غیر أبیه ،أو تولي غیر موالیه فعلیه لعنة اهللا والمالئكة والناس

أجمعین ).

موالیة ) جناس ناقص ـ نوع الحروف وعددها. –الشاهد البالغي : ( تولي

قتباس األ

ة من النار ، ویقال قبست منه نارا قتباس في اللغة : من القبس وهو النار أو الشعلاأل

١،وأقتبست منه أي : أستغدته

فاإلقتباس إذن األخذ.

أما في اإلصطالح : فقد عرفه األمام الرازي بقوله : ( هو أن تدرج كلمة من القرآن

.٢أو أیة منه في الكالم تزیینا لنظامه وتضخیما لشأنه )

قتباسشواهد األ

في الخطب النبویة

بي صلي اهللا علیه وسلم في الدعوة الي اهللا: ـ/ خطب الن١

أ/ الشاهد في قوله علیه الصالة والسالم : ( واهللا الذي ال إله إال هو إني رسول اهللا

إلیكم خاصة والي الناس كافة).

كثر الناس مقتبس من قوله تعالي : (وما أرسلناك إال كافة للناس بشیرا ونذیرا ولكن أ

. ٣ال یعلمون)

ب/ الشاهد الثاني : ( واهللا لتموتن كما تنامون ، ولتحاسبن بما تعملون).

.٨ـ ص ١٢ـ لسان العرب ـ إبن منظور ـ مادة قبس ـ ج ١ـ مكانھا : دار صادر ١بن عمر ( الرازي ) ـ تحقیق : نصر هللا حاجي ـ طـ نھایة اإلیجاز في داریة األعجاز ـ فخر الدین محمد ٢

.٤٥ـ ص ١م ـ ج٢٠٠٤للطباعة ـ تاریخھا .٢٨/ سورة سبأ ـ رقم اآلیة ٣

- ١٩٤ -

مقتبس من قوله تعالي : (الله یتوفى األنفس حین موتها والتي لم تمت في منامها

ویرسل األخرى إلى أجل مسم�ى إن في ذلك آلیات فیمسك التي قضى علیها الموت

.١لقوم یتفكرون)

ج/ الشاهد الثالث : في قوله صي علیه وسلم : ( ولتجرون باإلحسان إحسانا

وبالسوء سوءا).

من یعمل مثقال ذرة شرا مقتبس من قوله تعالي (فمن یعمل مثقال ذرة خیرا یره *و

.٢یره)

/خطب النبي صي اهللا علیه وسلم في الغزوات والفتوح: ـ٢

أ/ غزوة فتح مكة : قوله صلي اهللا علیه وسلم لقریش :( إن اهللا قد أذهب عنكم نخوة

الجاهلیة وتغطیها باألباء ، الناس من آدم ، وآدم خلق من تراب).

لي : (یا أیها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا مقتبس من قوله تعا

. ٣وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله علیم خبیر)

ـ خطب النبي صلي اهللا علیه سلم في المناسبات الدینیة : ـ ٣

خطبة حجة الوداع : -

قوله علیه الصالة والسالم : ( من كان عنده أمانة أن یردها علي صاحبها).

مقتبس من قوله تعالي : (أن الله یأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها واذا حكمتم

عما یعظكم به إن الله كان سمیعا بصیرا)بین الناس أن تحكموا بالعدل إن الله ن ٤.

اإلستجابة لخطاب الوعظي النبوي ومدي تأثیره: ـ

: المعني بالخطاب سلبا أو إیجابا بحیث یتحقق على هي نتاج تأثیر المخاطب أي

وجه الیقین من مدي قبوله أو رفضه لذلك الخطاب .

بي علیه الصالة و السالم یمكن الوقوف علیها بعرض واستجابة الصحابة لخطاب الن

وبیان موقفهم منها : هعینة خطب

یوم ، فاثني على طوائف من المسلمین خیرا ، ثم قال خطب النبي علیه السالم ذات

:( ما بال أقوام ال یفقهون جیرانهم وال یعلمونهم وال یعظونهم والیأمرونهم والینهونهم

.٤٢/ سورة الزمر ـ رقم اآلیة ١ .٨ـ ٧/ سورة الزلزلة ـ رقم اآلیة ٢ .١٣/ سورة الحجرات ـ رقم اآلیة ٣ .٥٨اآلیة / سورة النساء ـ رقم ٤

- ١٩٥ -

واهللا لیعلمن قوم جیرانهم ؛ ون من جیرانهم والیتفقهون والیتعظونومابال أقواماالیتعلم

ولیتعلمن قوم من جیرانهم ویتفقهون ویتعظونهم واالعاجلنا لهم ؛ویفقهونهم ویعظونهم

هؤال )؟ قال األشعریین: فأتوا رسول بعني ت تعنيبالعقوبة ؛ ثم نزل فقال قوم :( من

بخیر وذكرتنا بشر ) فما بالنا فقال :( لیعلمن قوم اهللا فقالوا ( یارسول اهللا ذكرت قوما

طواال عاجلنا لهم بالعقوبة في الدنیا ) فقالوا :( یارسول اهللا أنف ؛جیرانهم ولیفقنهم

فأمهلهم سنه لیفقهوهم ویعلمهم ؛غیرنا)؟ فقال ذلك أیضا فقالوا: ( أمهلنا سنه

.١ویعظونهم ....الخ )

- الشاهد :

ابة لخطبة النبي علیه السالم فیما یأتي الموقف العام للخطبة تتمثل إستجابة الصح

بما فیه من تساؤل الصحابة عمن یعني صلي اهللا علیه وسلم وسؤال األشعریین للنبي

-صلي اهللا علیه وسلم وتوضیحه لهم وذلك في المواضع التالیة :

هتمام بها عني بهؤالء) وهو تساؤل تتضح فیه أستجابة الصحابة للخطبة واألت( من

بالرغبة في معرفة من یقصد علیه السالم بهؤالء الذین تحدث عنهم ، رغبة منهم في

اإلنتهاء عما نهي عنه علیه السالم واإلئتمار بما یأمر به .

ـ ذهاب األشعریین وسؤالهم للنبي صلي اهللا علیه وسلم.

ـ طلبهم من النبي علیه السالم ( أنفطن غیرنا )؟

بي علیه السالم ( أمهلنا سنة ) ـ طلبهم من الن

ویمكن الوقوف أیضا على مدي أستجابة الصحابة لخطب النبي علیة السالم

بالعرض

للخطبة التالیة :

قال :( كنا في صدر النهار –رضي اهللا عنه –( عن أبي عمرو جریر بن عبد اهللا

إلبسي النمار ر (عند رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النما

عامتهم بل كلهم من مضر ، ؛مقلدي السیوف ؛ المصنوعة من الصوف) أو القباء

تغیر وجه رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم لما رأي بهم من الفاقة فدخل ثم خرج ،

الحافظ أبي القاسم سلیمان بن أحمد الطبراني ـ إعداد وترتیب : ریاض عبد اهللا عبد الهادي ـ دون طبع ـ دار أحیاء –/ المعجم الكبیر ١

. ٢٣١التراث العربي لبنان ـ دون تاریخ ـ ص

- ١٩٦ -

لقكم یا أیها الناس اتقوا ربكم الذي خ قام ثم صلي ثم خطب فقال :(أذن و فأمر بالل ف

من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجاال كثیرا ونساء واتقوا الله الذي

١تساءلون به واألرحام إن الله كان علیكم رقیبا )

آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما یا أیها الذین واآلیة التي في أخر سورة الحشر (

تصدق رجل من دیناره ودرهمه ؛ ٢قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبیر بما تعملون)

٣ومن ثوبه ، ومن صالح بره،ومن صاع تمره حتى قال :( أتقوا النار ولو بشق تمرة)

كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت ؛ثم تتابع الناس فجاء رجل من األنصار بصرة

حتى رأیت كمیه من الطعام والثیاب ، حتى رأیت وجه الرسول صلي اهللا علیه وسلم

. الشاهد :٤یتهلل وكأنه مذهبة ( أي مملؤة بالذهب)

ستجابة الفوریة والعلمیة من الصحابة لخطبة النبي علیة السالم بالتصدیق على اإل

رسول اهللا صلى علیه وسلم والیهم .من قدموا إلي

كذلك یمكن الوقوف على مدي أالستجابة بإیراد ما ذكره أبن عمر رضي اهللا عنهما

عن أبن عمر رضي اهللا عنه قال: ( خطبنا الرسول صلي اهللا علیه وسلم خطبة

ما خطبت منها ( یا أیها الناس: یوكان ف ؛ زرفت منها العیوب ووجلت لها القلوب )

على الناس منزلة عند أل الناس من تواضع عن رفعة وزهد عن غني ....و أن أفض

٥اهللا أخوفهم منه ).

الشاهد :

تأثیر الخطبة في الصحابه أستجابتهم لها بأن فاضت أعینهم بالدموع ووجلت قلوبهم

وخافت وهذه من أقوي درجات اإلستجابة و التأثیر .

قاال :( خطبنا رسول اهللا –نهما رضي اهللا ع –كذلك ، عن ابي هریرة وابي سعید

والذي ؛والذي نفسي بیده ؛ صلي اهللا علیه وسلم یوما ) فقال: ( والذي نفسي بیده

ثم رفع ؛ثم أكب ) فأكب كل رجل منا یبكي ،الندري على ماذا حلف ؛ نفسي بیده

جهه البشري فكانت أحب إلینا من حمر النعم : ثم قال: (ما من و رأسه حتى رأینا في

.١/ سورة النساء ـ رقم اآلیة ١ .١٨/ سورة الحشر ـ رقم اآلیة ٢ . ١٠١٦ـ ص ٤اإلمام مسلم ـ ج / صحیح مسلم ـ ٣ . ٢٣٦ص –) ٣/ ریاض الصالحین ـ اإلمام النووي ـ ج(٤ .٢٠١) ص ١ھـ ج/(٣٧٣تاریخھا -مكانھا دار فضیلة القاھرة ١ط -محمد خلیل الخطیب –/ خطبة الرسول صلي هللا علیھ وسلم ٥

- ١٩٧ -

جنب ؛ ویتویخرج الزكاة ؛رجل عبد یصلى الصلوات الخمس ویصوم رمضان

.إال فتحت له أبواب الجنة) ؛الكبائر

الشاهد : تتمثل قمة اإلستجابة والتأثیر في بكاء الصحابة وتأثیرهم بالموقف مع أنهم

ال یدرون على ماذا یحلف النبي علیه السالم ؛ ولكن إدراكهم إلي أنه ال بد أن یكون

أمرا هاما جعلهم یتفاعلون معه قبل أن یعلموه ؛ وكما تتمثل اإلستجابة والتفاعل مع

السالم حین رفع رأسه حتى أنها كانت أحب هالبشري التي باتت على وجه النبي علی

إلیهم من حمر النعم وذلك أیضا دون أن یعلموا سببها.

صلى (خطب النبى ؛ أثیر وت ؛وأبعدها مدى ؛ والشك أن الشكل األخیر هو أقواها

في عهده كان عن طریق ما سبق ذكره ؛من تكامل هعلى الصحاب )اهللا علیه وسلم

بین موضوعات الخطب والتي تهدف إلي الهدایة وتحمل إصالح اإلنسانیة؛

ومقومات اإلقناع الخطابي للنبي علیه السالم إضافة إلي القدوة الحسنة ؛ فقدتبلورت

قدوة طیبة وأسوة )صلي اهللا علیه وسلم(شخص الرسول في ؛األخالق اإلسالمیة

حسنة للمسلمین فهو مصدر التوجیه الخلقي في القول والعمل .

والتربیة المستمرة هذا االسلوب ؛ ومن خالل المتابعة فقد أعتمد الرسول علیه السالم

ن ؛ أستطاع أن یرتفع بهم إلي مستوى التجسیم الحي للمبادئ اإلسالمیة؛ع للصفوة

أستطاع النبي علیه السالم أن یجمع المسلمین حوله ؛ ویشرح ؛ طریق الخطابة

هویهىء معاني القول فى نفسه ؛ فقدأتت خطب ؛ مباديء العقیدة وقواعد الشرعیة

أكلها في شكل من التأثیر بعید المدى تتمثل في التربیة السلیمة لصحابته وغرس

خطابة .الكثیر من المباديء اإلسالمیة عن طریق ال

- ١٩٨ -

المبحث الثاني

منهج النبي صلي اهللا علیه وسلم فى األداء الخطابي

قبل الحدیث في منهج النبي صلي اهللا علیه وسلم في األداء الخطابي فكان

من الضروري الحدیث عن صفاتة الخلقیة والخلقیة.

أوال : شخصیة النبي صلى اهللا علیه وسلم الخلقیة:

سلم في كتاب: وقد جاء في الجزء الخاص بشمائل الرسول صلى اهللا علیه و

بي طالب رضي اهللا عنه كان یصف الرسول صلى اهللا "جامع األصول"، أن إ

من ١علیه وسلم فیقول: "لم یكن بالطویل الممغط وال بالقصیر المتردد، كان ربعة

وكان أبیض مشربا بحمرة الخدین ؛ ٤أسیل ٣وال بالمكلثم ٢القوم،ولم یكن بالمطهم

٩الكف والقدمین ، جلیل المشاش ٨، شئن٧، ذا مسربة٦أهدب األشفار ٥أدعج

تكفؤا كما ینحط من صبب، بین ١٠والكتف، إذا التفت التفت معا، واذا مشى یتكفؤ

كتفیه خاتم النبوة، وهو خاتم النبیین ، أجود الناس صدرا وأشجعهم قلبا ،

، ومن عریكة ، وأكرمهم عشرة، من رآه بهیئته هابهوأصدقهم لهجة، وألینهم

صفه:" لم أر قبله والبعده والمثله ، وألنه یسرد الكالم خالطه فعرفه أحبه ، یقول وا

سردا یتكلم بكالم فصل، یفهمه من سمعه"

أما أم معبد والتي مر الرسول صلى اهللا علیه وسلم بخیمتها أثناء هجرته وهي

من وجود –زوجها أبي معبد الذي أندهش بعد عودته تحلب شاتها فقد وصفته ل

اللبن في الخیمة فقالت: "مر بنا رجل مبارك كان حدیثه: ظاهر الوضاءة، أبلج

الوجه، حسن الخلق،وسیم قسیم ، في عینه دعج، وفي صوته صحل، وفي عنقه

.١١سطح ال عباس وال مغند"

/ ربعة : معتدل الصدر . ١ / المطھم : الفاحش الثمین . ٢ كلثم : المستدیر الوجھ ./ الم٣ / االسلة : األستطالة . ٤ / الدعج : الشدة فى السواد . ٥ / الشفر : أصل منبت الشعر فى العین . ٦ / المسربة : بضم الراء ومدھا ، شعر وسط الصدر . ٧ / شئن : ذو شأن .٨ / المشاش : رأس العظام . ٩

/ التكفؤ : المیل . ١٠) ـ مكانها : دار الحدیث ١مصطفى ـ األمام أبو الفرج بن عبد الرحمن الجوزى ـ تحقیق : مصطفى عبد الواحد ـ ط (الوفاء بأحوال ال / ١١

. ٥٧٤) ـ ص٢القاهرة ـ دون تاریخ نشرـ ج (

- ١٩٩ -

شخصیة النبي صلى اهللا علیه وسلم الخلقیة :

ج األخالقي لمحمد صلى اهللا علیه وسلم هو اآلیة البشریة العظمى في أن النسی

تاریخ هذا العالم وأن جوهر القضیة لیس في اتصافه ببعض األخالق الحمیدة،

فكم من أناس أشتهروا ببعض األخالق، وعرفوا بها، فلقد عرفنا عن المرسلین

صف بعض وعن بعض العظماء اشتهارهم ببعض األخالق ، والقرآن نفسه ی

المرسلین ببعض مما أشتهروا به ، فإسماعیل علیه السالم كان صادق الوعد :

وعیسى ١(واذكر في الكتاب إسماعیل إنه كان صادق الوعد وكان رسوال نبیا)

تاب علیه السالم وصفه القرآن بالمبارك البار بأمه " ( قال أنى عبد اهللا أتانى الك

وجعلنى نبیا ، وجعلنى مباركا أین ما كنت ، وأوصانى بالصالة والزكاة مادمت

.٢حیا وبرا بوالدتي ولم یجعلني جبارا شقیا)

وفي سورة األنبیاء وصف لنبي اهللا ، إسحاق ، ونبي اهللا یعقوب بأنهما كانا

ووصف صالحین خیرین ، ووصف ألنبیاء اهللا : لوطا وداؤود وسلیمان بالعلم،

ألنبیاء اهللا : أسماعیل وأدریس علیهم السالم بالصبر ، وهكذا یصف القرآن في

سورة األنبیاء ، ومثال وكما ذكرنا عددا من األنبیاء علیهم السالم ببعض الصفات

لكن في ختام السورة نفسها عندما یصف محمد صلى اهللا علیه وسلم ، فإنه

إلهیة إلى العالم، إنه رحمه لهذه اإلنسانیة الیصفه جزئیة ، وانما یجعله كله هدایة

.٣أرسلها اهللا كما یرسل الشمس والقمر : (وما أرسلناك إال رحمة للعالمین)

وفي موضع آخر یمدح القرآن محمد صلى اهللا علیه وسلم هذا المدح الكلي

فیقول: (وانك لعلى خلق عظیم)٤.

وبعض المفسرین یرون ٥ن الله نور وكتاب مبین)وفي قوله تعالى :( قد جاءكم م

أنه : النور المقصود.

.٥٤/ سورة مریم ـ رقم اآلیة ١ ..٣٢- ٣٠/ سورة مریم ـ رقم اآلیات ٢ .٧/ سورة األنبیاء ـ رقم اآلیة ٣ ٤م ـ رقم اآلیة / سورة القل ٤ .١٥/ سورة المائدة ـ رقم اآلیة ٥

- ٢٠٠ -

وهكذا تتجلى الخاصیة التي ینفرد بها النسیج األخالقي لمحمد صلى اهللا علیه

وسلم فهو یتمیز بوحدة أخالقیة تمثل رسالته إلى العالم :" إنما بعثت ألتمم مكارم

األخالق".

عنى أنه رحمة ونور لهذا العالم، وتلك الوحدة التي تمثل وتفسر في الوقت نفسه م

نسیج أخالق النبي صلى اهللا علیه وسلم لیست في أنه أخالقي یمتاز بمجموعة

فال ینفد عنه خلق فهو األمین إذا ذكرت ؛ األخالق اإلنسانیة المتعارف علیها

الحكیم وهو الوفي وهو الشجاع وهو ؛األمانة ، وهو الصادق إذا ذكر الصدق

وهو الفصیح البلیغ...إلخ".

إن هذه األخالقیة التي ترجمتها شخصیة النبي صلى اهللا علیه وسلم اإلجتماعیة

لم یسمح ؛بل وهو األهم في أنه علیه السالم ؛لیست في هذا كله وحسب

ولم یجعل ؛ للظروف الصعبة كل الصعوبة في أن تغیر شیئا من نسیج أخالقه

دة إلى یسر أي أثر في ذلك.لتقلبات حیاته من ش

وفي هذا ؛ه: فتذخر كتب السیرة بالكثیر من المواقف في هذا الشأن أما وفاؤ

، عندما هاجر صلى اهللا )صلى اهللا علیه وسلم(الصدد یذكر الباحث موقفین له

علیه وسلم إلى المدینة بالصورة التي ترویها كتب السیرة بعض األمانات التي

لم یقبل أن یأخذ )صلى اهللا علیه وسلم(كما أنه ؛ل مكة ائتمنه علیها بعض أه

مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة ویعطیه لعلي بن ابي طالب حتى ال یعطي

مقابل مادیا لإلسالم ویحرم آخرین من حقوق تاریخیة عرفت لهم قال: ابن اسحق

علم یصف ما فعل الرسول صلى اهللا علیه وسلم بعد فتح مكة : " حدثني أهل ال

أن رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم قام على الكعبة فقال: ال إله إال اهللا وحده ال

صدق وعده ونصر عبده وهزم األحزاب وحده... ثم جلس رسول اهللا ؛شریك له

صلى اهللا علیه وسلم في المسجد فقام إلیه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في

قایة صلى اهللا علیك" فقال :" رسول اهللا یده، فقال: " اجمع لها الحجابة مع الس

- ٢٠١ -

أین عثمان بن طلحة" فدعي له فقال: هاك مفتاحك یا )صلى اهللا علیه وسلم(

.١الیوم یوم بر ووفاء" ؛عثمان

صلى اهللا علیه (لم یبخل محمد ؛فحتى في هذه اللحظة الفاصلة لحظة االنتصار

ن أهل مكة والوفاء عن طبیعته األخالقیة العفو عن العتاة المذنبی )وسلم

ألصحاب الحقوق والوقوف مع أصحابه المنتصرین الموقف الصارم العادل.

لقد تحدث بعض الكتاب معددا الخوارق التي صاحبت الدعوة المحمدیة فقال:" إن

من أعظم الخوارق التي كانت لمحمد صلى اهللا علیه وسلم أخالقه، ألن المالئكة

٢یعصون اهللا ما أمرهم ویفعلون ما یؤمرون"حسنت أخالقهم بمقتضى كونهم :"ال

فالنبي صلى اهللا علیه وسلم بین الناس اإلنسان الذي تتجلى فیه اإلنسانیة الكاملة

فحیاته بذلك أخالقیة انسانیة أخالقیة طبقها النبي ؛وفي طبعه روحانیة إرادیة

ه في صلى اهللا علیه وسلم على النحو الخارق الذي تعرفه اإلنسانیة من سیرت

فبدت مع سموها وكانت البساطة وعدم التكلف النسیج الرابط بین ؛بساطة ویسر

طبیعتها المترابطة.

صلى اهللا علیه (قالت:" ما لعن رسول اهللا )رضي اهللا عنها(فعن السیدة عائشة

ن تنتهك حرمات یئا یؤدى إلیه إال أوال انتقم لنفسه ش ؛مسلما من لعنة تذكر )وسلم

وال سئل شیئا قط ؛ رب بیده شیئا قط إال ان یضرب بها في سبیل اهللاوالض ؛اهللا

وال خیر بین أمرین إال ؛ فإنه كان أبعد الناس منه؛ فمنعه إال أن یسأل إثما

.٣ختار أیسرهما"إ

یصنع في )صلى اهللا علیه وسلم(وقد سئلت السیدة عائشة :" ما كان رسول اهللا

ویعمل مایعمل الرجال في ؛یخصف نعله بیته؟ قالت " كان یخیط ثوبه، و

٤بیوتهم"

.٣٢ص .دون تاریخ –مكانھا مؤسسة علوم القرآن –دون طبع –عبد الملك ھشام بن أیوب –/ السیرة النبویة ـ السیرة النبویة ١ .٦/ سورة التحریم ـ رقم اآلیة ٢ .٢٧٧) ـ ص ٣/ صحیح البخاري ـ اإلمام البخاري ـ ج ( ٣ .٥٦٢)، ص ١الشفاء في تعریف حقوق المصطفى ـ القاضي عیاض ـ ج ( / ٤

- ٢٠٢ -

وكان خادمه أنس بن مالك یقول " خدمت النبي صلى اهللا علیه وسلم عشر سنین

فما قال لي أف قط، والقال لشئ صنعته لما صنعته، وال لشئ تركته لما تركته،

.١وكان ال یظلم أحدا أجره"

العامه : ـ شخصیة الرسول صلي اهللا علیه وسلم امام المقاییس

شاع بین المحدثین ومؤرخي السیرة ذلك المقیاس المعروف المجمل الثابت في النظر

الي شخصیة الرسول صلي اهللا علیه وسلم وهو ذلك المقیاس الذي یتلخص في عبارة

٢القرآن) لقه كان خ زوجة عائشه رضي اهللا عنها عندما سئلت عن خلقه فأجابت : (

راهیم األسري عن یوسف عن الحسن قال : (سئلت عائشه ففي روایه اسماعیل بن اب

القران ) وقد فطن لقه كان خ عن خلق رسول اهللا صلي اهللا علیه وسلم فقالت: (

صلي اهللا علیه (المحدثون ومؤرخو السیره النبویه الي ان الفرق في اخالق رسول اهللا

في كتاب الشفاء بین مستویین : مستوي النبوه ومستوي االنسانیة فقد ورد )وسلم

للقاضي عیاض ،ان خصال الجمال والكمال في البشر نوعان : ضروري دنیوي

ویقرب الي اهللا ؛ فاعله داقتضي ضروره الحیاه الدنیا ،ومكتسب دیني وهو ما یحم

وما یتمازج ؛ثم هي علي فئتین ایضا منها ما یتلخص الحد الوصفیین ؛زلفي

مثل ما ؛لیس للمرء فیه اختیار وال إكتساب بتداخل ،فأن الضروري المحض فیما

وجمال صورته وقوه عقله وصحه ؛ كان في اقتضته ضروره الحیاه من كمال خلقه

واعتدال حركته وشرف نسبه وعزه ؛وقوه حواسه ،واعضائه ؛فهمه وفصاحه لسانه

٣قوسه وكرم ارضه وغیرهما

من الدین والعلم ؛ئل الشرعیه واما المكتسبه االخرویه فسائر االخالق العلیه والفضا

٤والحكم والصبر والشكر والعدل ... وهي التي جماعها حسن الخلق )

ال لكنها ؛لكن هذه التفرقه وان كانت لها اهمیتها في الجانب التربوي والتعلیمي

فشخصیته كل ال (صلي اهللا علیه وسلم ) لها في جان تقییم شخصیه الرسول یةاهم

.٥٦٤) ـ ص ١/ المرجع السابق ـ ج ( ١

٣٦٤ص –) ٦ج( –بیروت –مكانھاار القاھره -)١ط(–ابن سعد –الطبقات الكبري ٢الخلفاء الراشدین عبدالحلیم شخصیھ الرسول صلي هللا علیھ وسلم في(الجزیره العربیھ عصر الرسول صلي هللا علیھ وسلم )الي ٣

)٧٨م ص(١٩٨٩تاریخھا –مكتنھا الریاض جامعھ الملك سعود –) ١ط( –موسي )٧٨المرجع السابق ص ( ٤

- ٢٠٣ -

نعكاسیه التي تعبر عن جماع واعمالها اإل ؛وینها الخاص یتجزأ من ناحیه تك

العظمه،وعن كینونته بأعتباره نبي وانسان في آن واحد .

لدورة من كامال علي أن مساحة الرسول االنسانیة مساحة فسیحة تعطینا نموزجا

ة الحیاة تتعدد فیها المواقف واالبعاد والتكاد نتوجه الیها بموقف من المواقف او مشكل

نسان حیث نسانیة اإلالحلول المثلي التي تلیق باإل ها تعطینادإالوتج ؛ من المشكالت

.ا ان تقتصر الیها النفس االنسانیةیسمو الي اقصي القمة التي یمكنه

ولئن كان محمد( صلي اهللا علیه وسلم) ابعد من ان ترنو الیه البشریة او ان تسعي

هي درجة أصفیاء محض للوصول الي درجتةالن درجته كرسول إنها

١( واهللا اعلم حیث یجعل رسالته)

فس شخصیة الرسول ( صلي اله علیه ملموسا ولیس معني ذلك أن ثمة إنفصاال

نسانیة ،بمعني أنه (صلي اهللا علیه وسلم ) یمكن أن وسلم ) بین جانبي النبوة واإل

یاته. أذا كان في عن نطاق البشر في سلوك خارجا تبدو في بعض االحیایین مالئكیا

محمد(صلي اهللا علیه وسلم ) ةفان شخصی ؛نسانیة .... كال موقف من مواقف اإل

وهذا معني الربط القراني الدائم في شخصیة ؛قد رشحت بالجانبیین في سیاق واحد

.٢بین البشریة والرسالة الرسول (صلي اهللا علیه وسلم )

ة الحیاة في شكلها العادي یاكل یصفالرسول (صلي اهللا علیه وسلم ) یواجه بشخ

.الطعام ویمشي في االسواق ،ویجوع ،ویتزوج....الخ)

مقدما للناس ؛مر انه یواجه كل هذاه الجزئیات المعاشیة بمنهج النبوة والمهم في األ

االسوة السویة التي تحافظ علي معالم منهجا مهما ثباینت االحوال واالختلفت

الظروف.

بكل النفوس شخصیة الرسول (صلي اهللا علیه وسلم ) ومن هنا یجوز ان تصف

، وتاجرا ، وعبقري ، وفي المقابل فان لنا وقائدا ، ، وأبا االنسانیة فنتحدث عنه زوجا

ینطق عن الهوي قال تعالي ( وما ینطق عن الهوي ال ا معصوم ان نتحدث عنه نبیا

٣ان هو إالوحي یوحي)

.١٢٣رقم االیة –سورة االنعام - ١ .٧٩ص –عبد الحلیم عویس -شخصیة الرسول (صلي هللا علیھ وسلم ) -٢ .٣رقم االیة –سورة النجم -٣

- ٢٠٤ -

في األداء الخطابي : ـ منهج النبي صلي اهللا علیه وسلم

المظهر العام :

یري كثیر من كتبوا في الخطابة أن القدر المطلوب من حسن الخلقة في الخطیب أن

یكون الخطیب مقبول الصورة غیر دمیم وال منفر ؛ الن ذلك یقربة إلي قلوب

والرجل الصحیح الجسم الحسن القامة ال یحتاج في إظهار شخصیته ؛السامعین

إلي ما یحتاج إلیه الضئیل الجسد الدمیم الصورة والناس في سامعیه ؛ والتأثیر

الستواء منذ كانوا. امولعون بالقوة والسالمة و

كما ؛أما النبي صلي اهللا علیه وسلم فقد سبق للباحث أن عرض لصفاته الخلقیة

وصفها من عاصروه ومنهم علي بن أبي طالب الذي وصفه بأنه: ( لم یكن بالطویل

ولم یكن بالجهد القطط وال ؛وكان ربعة من القوام ؛مغط وال بالقصیر المتردد ال

شئت الكف والقدمین ؛بحمرة أدعج ، أهدب األشفار ذا مسریة مشربا بالبسط ، وكان

.١...الخ) المشاشجلیل ؛

وقد وصفه أبن هالة وأم معبد بما یؤكد أنه صلي اهللا علیه وسلم( كان من جمال

ومع جمال الخلقة فقد وهبه اهللا وقارا" وهیبة جعلت أحد ؛حل الوافى الخلقة بالم

.٢الصحابة یتهیب سؤاله كلما أراد أن یسأله عن مسألة)

كما یشمل المظهر العام الملبس :

وردفي شمائل ( الترمذي) أنه كان یفضل األتي:ـ

علیة صلي اهللا. القمیص : ( عن أم سلمه قالت كان أحب الثیاب إلي رسول اهللا١

.١وسلم القمیص)

حلة سبع : ( عن عبد اهللا بن الحارث أن النبي صلي علیه وسلم أشتري الحلة. ٢

.٢وعشرین ناقة فلبسها)

ولبس جبة من ؛ة الشامیة الضیقة الكمین ب. الجبة: (لبس صلي اهللا علیه وسلم الج٣

. ٣صوف نمور الشام)

.٢٢٦ـ ص ١١ألصول في أحادیث الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ تحقیق عبد القادر األرناؤوط ـ مكتبة الحلواني ـ ج/ جامع ا ١ .٢٢٧ـ ص ١١/ المرجع نفسھ ـ ج ٢

- ٢٠٥ -

رضى اهللا عنها أن النبي صلي اهللا : لبس البردة السوداء ( عن عائشة البردة. ٤

شوب بیاضك علیه وسلم لبس بردة سوداء فقالت عائشة : ( ما أحسنها علیك ی

. ٤سوداها وسودها بیاضك)

عن جابررضى اهللا ؛ : كان صلي اهللا علیه وسلم یلبس عمامة سوداء العمامة. ٥

.١عمامة سوداء)عنه قال: ( دخل النبى صلى اهللا علیه وسلم مكة یوم الفتح وعلیه

: كان له صلي اهللا علیه وسلم ثوب أخضر یلبسه للوفود إذا قدموا علیه الرداء . ٦

طوله أربعة أزرع وعرضه زرعا.

- ما یستفاد من المنهج النبوي في األداء الخطابي :

.ني بنظافته ومظهرهت. كان علیه السالم یع١

وذلك ألختالف مناسبات ؛. لم یكن علیه السالم یتزیا بزي معین للخطابة ٢

.ومالبسات وظروف الخطب أسلف الباحث

.. كان طیب الرائحة٣

. لم یكن صلي اهللا علیه وسلم یخطب في موضع واحد : خطب على المنبر وعلى ٤

. البعیر وعلى الجذع ؛ وعلى األرض الناقة وعلى

- الشاهد :

تضي الحال یجوز للخطیب إال یتقید بموضع معین لیخطب فیه بل بحسب مق

.والظروف

./ خطب علیه السالم في مناسبات مختلفة٤

الشاهد :

كما هو غالب الیوم بل ؛ال یجب أن تقتصر الخطبة على خطبة صالة الجمعة

ي منها العدید من أمور المسلمین التي ترتبط بقعیدتهم تیمكن أن تعالج بأشكال ش

وحیاتهم .

تتح خطبته بحمد اهللا والتشهد .الصالة والسالم یف هـ كان النبي علی٥

ستغفار.ـ كان یختتم خطبته علیه السالم باإل ٦

) ـ الوفاء بأحوال المصطفى ـ األمام أبو الفرج بن عبد الرحمن الجوزى ـ تحقیق : مصطفى عبد٦)ـ (٥) ـ (٤) ـ (٣) ـ (٢) ـ (١/ ( ١

. ٥٦٤) ـ ص٢) ـ مكانها : دار الحدیث القاهرة ـ دون تاریخ نشرـ ج (١الواحد ـ ط (

- ٢٠٦ -

یستشهد بأیات من القرآن الكریم.وسلم ه/ كان صلي اهللا علی٧

/ كان صلي اهللا علیه وسلم إذا عرض له عارض أثناء خطبته أشتغل به ثم عاد ٨

إلي خطبته .

یطیلها حینا أخر./ كان النبي علیه السالم یقصر خطبته حینا و ٩

حاجة ه/ كان صلي اهللا علیه وسلم یخطب في كل وقت وحین بما تقتضی١٠

المخاطبین ومصلحتهم.

.حده في األعیاد یحسهن على الصدقة/ كان یخطب للنساء على ١١

الحال لزیادة بیان ي/ كان یستخدم اإلشارة في حاالت عارضة موافقة لمقتض١٢

إلشارة العارضة في هذا بأستخدام ا ؛داء بالهدي النبوي قتالمعني وهذا مؤشر یفید اإل

.موضعها الصحیح

- ٢٠٧ -

المبحث الثالث

الموضوعات واألهداف

أوال : الموضوعات : ـ

. اإلخبار ویشمل األتي:١

استغرق ذلك معظم حیات فقد ؛ أ/ أخبار المسلمین باركان الدین وعبادته ومعامالته

كثیر من خطبه ونجد ذلك في ال؛ یه وسلم من البعثة إلي نهایتها النبي صلى اهللا عل

. صلى اهللا علیه وسلم

خبار عن اهللا سبحانه وتعالي من صفات والثناء علیه وتصویره تعالي في ب/ اإل

المسلمین بالصورة التي رسمها القرآن ونجد ذلك كثیرا في خطبة صلي اهللا أذهان

فأني أحثكم ؛ال صلى اهللا علیه وسلم ( أما بعد علیه وسلم مثل غزوة بدر الكبرى ق

على ماحثكم اهللا علیه وأنهاكم عما نهاكم اهللا عنه ، فأن اهللا عظیم شأنه یأمر بالخیر

١ب الصدق ویعطي الخیر أهله على منازلهم عنده ....الخ )حوی ؛

یر بما كما جاء ذلك في القرآن الكریم والتبش ؛: بأوصاف الجنة والنار خبارج/ اإل

وذلك مثل ؛ وما في النار من العذاب والعقاب وتحذیرهم ؛في الجنة من الثواب

.وسلم السابقة في عزوة بدر الكبرىخطبة صلي اهللا علیه

- / التوجیه :٢

وأخبار المسلمین بدرجته وثوابه والفرق بینه هتوجیه المسلمین إلي الجهاد والحث علی

علیه وسلم :( من قاتل لتكون كلمة اهللا هي العلیا وبین قتال الجاهلیة قال صلي اهللا

. ٢فهو في سبیل اهللا عز وجل )

/ التعلیم :٣

السالم:( ه علی هوتوجیههم لألخذ بها مثال لها خطب ؛تعلیم المسلمین مكارم األخالق

والنصیحة ألولي األمر ، ثالثة ال یغل علیهن : قلب المؤمن إخالص العمل هللا ،

. ٣ولزوم الجماعة )

.٥٥ـ ص ١ھـ ـ ج٣٧٣تاریخھا - مكانھا دار فضیلة القاھرة ١ط -محمد خلیل الخطیب –/ خطب الرسول صلي هللا علیھ وسلم ١ .٧٤٥ـ ص ٤/ صحیح البخاري ( كتاب الجھاد ) ـ اإلمام البخاري ـ ج ٢/ الجامع الكبیر ( باب أخالص العمل والنصیحة لوالة األمور) ـ اإلمام أبو القاسم سلیمان بن أحمد ( الطبري) ـ تحقیق : حمدي عبد ٣

.٥٦ـ ص ٣ه ـ ج٣٦٠ـ ٢٦٠ـ مكانھا: دار الكتب العلمیة القاھرة ـ تاریخھا ١المجید ـ ط

- ٢٠٨ -

-/التفسیر :٤

الوعظ وبیان حدود الحیاة و التشریع امكتفسیر ما أجمل في القرآن الكریم من أح

أما التفسیر ما ؛ والتي تعتبر خطبة شاملة ؛الوداع خطبة مثال لذلكاإلسالمیة

أجمل من القرآن فنجده متفرقا في أكثر من خطبة وحدیث شریف .

- / الشوري :٥

عمال بقوله تعالي:( ــهار أصحابـالم إذا أقدم إلي أمر أستشكان علیه الصالة الس

١وشاورهم في األمر)

مألة فداء أسري بدر والخروج هخطباستشار فیه علیه الصالة والسالم أصحابه ومما

إلي المشركین في غزوة أحد .

أوصي بها : وذلك في الدعوة إلي مكارم األخالق كما الكالم في مجال األخالق/ ١

وذلك أن ؛ ورة الجدیدة التي هي االسالمصالكتاب العظیم وكما اقتضت ظروف ال

ومن ثم أشتمل هذا ؛ ببناء مجتمع جدید له مفاهیم جدیدة وقیم جدیدة عمداإلسالم

حسن ؛ المجال على بیان الصفات التي یحمدها اإلسالم مثل محاسبة النفس

ةجتماعي العمل لألخر إلالتكامل ا ؛ م بالمسؤلیةالشعور التا ؛ حسن الجوار ؛ المعاملة

نصیحة الحكام الصدق اإلخالص ...الخ ). و وعدم إهمال الدنیا

وبیان الصفات التي ینهي عنها اإلسالم مثل النهي عن أرتكاب الفواحش ما ظهر

النهي الفخر ؛ منها وما بطن وایذاء المرأة والضعیف، النهي عن الغیبة والنمیمة

.النهي عن اإلضرار بالجار ...الخ )والظلم و

وفي خطبة الرسول صلي اهللا علیه وسلم حین أول قدومه إلي المدینة أشار إلي

بعض ذلك إذ یقول علیه أفضل الصالة والتسلیم ( ومن یصلح الذي بینه وبین اهللا

من أمره في السر والعالنیة ال ینوي بذلك إال وجه اهللا یكن له ذكرا في عاجل أمره

٢وذخرا فیما بعد الموت حیث یفتقر المرء إلي ما قدمه ....الخ )

/ الثناء على الخالق سبحانه وتعالي بما هو أهله من صفات وتصویرا تعالي في ٧

أذهان المسلمین بالصورة التي رسمها القرآن الكریم .

.١٥٩/ آل عمران ـ رقم اآلیة ١ .٨٠ـ ص ١ علیھ وسلم ـ محمد خلیل الخطیب ـ ج/ خطب الرسول صلي هللا ٢

- ٢٠٩ -

/ أوصاف الجنة والنار كما جاءت في القرآن الكریم . ٨

سالم هو من تكلم أوال في أوصاف الجنة والنار كما جاءت في وكان الرسول علیه ال

كما ورد تصویرها للنبي صلي اهللا علیه وسلم في اإلسراء والمعراج ؛القران الكریم

وأوصافها من أجل الترغیب والترهیب ، كما كانت بعض خطب الرسول صلي اهللا

رضوان اهللا علیهم هعلیه وسلم في أوائل العصر اإلسالمي في الثناء علي أصحاب

وبنوع خاص أبو بكر وعمر وعثمان وعلى حث المسلمین جمیعا على إكرامهم

. وع إلیهم من كل ما أشكل من األمروالرج

: فكرة التقوى من العناصر األساسیة والجوهریة التي قام علیها خطاب النبي التقوى

هذه القاعدة الخلقیة علیه السالم ولم تخل خطبة من خطبة علیه السالم من التنویه ب

األخالق وهي التي لمحاسنألنها الباعث ؛ العریضة التي بني الدین كله علیها

كان نتاج ذلك أن زكت نفوس ؛ تصل ما بین اإلنسان وربه بالعباد والعمل الصالح

ف الصحابة ضوأن؛ وأستمدت معانیها من مبدأ تقوى اهللا ؛ الصحابة وحسنت أخالقهم

نظمت التقوى أصل التقوى و الخلقیة السامیة التي تنبع من بالكثیر من الصفات

واألخالق اإلجتماعیة على السواء . ؛ أخالق المسلمین الفردیة

األخوة :

األخالق بمحاسنسایرت الخطابة النبي علیه السالم التعالیم الدینیة، الهادفة والملزمة

التأثیر باألقوال والخطب وفي وكما سبق القول فإن التأثیر بالفعل والقدوة ، أقوي من

مجال تحقیق األخوة اإلسالمیة،وكان ثمرة ذلك أن تحققت األخوة في شكل عملي

تطبیقي بین األوس والخزرج ، وبین المهاجرین واألنصار ، وكان أن نشأت الدولة

اإلسالمیة في عهده على أساس من األخوة والمساواة وسارت حیاة المسلمین على

. ي غیر عودة قیم العصیبة الجاهلیةوراءهم إلخاء تاركین األ

وقد أزر أسلوب القدوة الحسنة،خطابة النبي علیه السالم في تحقیق هذه القیمة

بأهله و األخالقیة وهي األخوة حین عفا عن أهل مكة بالرغم من كل ما فعلوه به

یم ) وبأصحابه ، فكان بذلك كما أجابه أهل مكة یوم الفتح ( أخ كریم وأبن أخ كر

لتزام إوكانت خطابة النبي علیه السالم تسیر في طریق التوجیه الخلقي مؤكد معني

- ٢١٠ -

ومبدأ األخوة كفیل ذلك بما تضم في ثنایاها من حقوق وواجبات ؛ اإلنسان بإنسانیته

لهذه الرابطة السامیة .

غرس حب الجهاد :

د بأدب ال عهد أدب النبي صلي اهللا علیه وسلم بخطابته المسلمین في سلوك الجها

ومهد بذلك ؛ والحث علیه ؛ للناس به فغرس فیهم حب الجهاد بدعوته لهم إلیه

من الدعوة إلي الجهاد وبیان فضله ودرجته عند اهللا تعالي وثوابه في ؛ األساس

اآلخرة ومهد الطریق للخلفاء من بعده حیث توسعت األمة اإلسالمیة وبلغت ما أراد

ما تم في عهدة علیه السالم من غزوات وفتوحات . اهللا لهم أن تبلغ وذلك مع

بل انتظم ؛ إلیها الباحث تقتصر على تلك الجوانب التي أشار لم تأثیر خطابة النبي

إذا انه علیه السالم خطب كما أسلفنا في مجال الدین وفي ما ؛ كافة مناحي الحیاة

. سلمین من أصغر األمور إلي أعظمهایتعلق بتفاصیل حیاة الم

ثانیا : األهداف: ـ

ـ التوحید . ١

ـ النبوة . ٢

ـ المعاد . ٣

ـ الدعوة الى األسالم أو الدفاع عنه . ٤

ـ تثبیت اإلسالم وتقویته . ٥

ـ اإلصالح ومحاربة المنكرات. ٦

ـ إ زالة الحرص على الدنیا الفانیة . ٧

ـ ا لتبلیغ ٨

ـ تعظیم اهللا ، وتعظیم محارمه . ٩

س على الجد واألجتهاد فى طلب ماعند اهللا عز وجل .ـ حث النفو ١٠

ـ الدعوة الى مكارم األخالق .١١

ـ الترغیب في اإلسالم . ١٢

وكان صلى اهللا علیه وسلم ال یواجه بالموعظة لكن كان یقول :( ما بال أقوام یفعلون

یر ، وقد أثنى علیه الصالة والسالم على الرفق وأمر بالتیسیر ونهى عن التنف كذا)،

- ٢١١ -

﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم وكان یتخول بالموعظة خوف الملل : وقال تعالى :

وا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في ولو كنت فظ�ا غلیظ القلب النفض

١لى الله إن الله یحب المتوكلین﴾األمر فإذا عزمت فتوكل ع

سعید ، قال : حدثنا یزید قال : حدثنا بشر حدثنا : ٢ورد في تفسیر (األمام الطبري)

یقول : فبرحمة من اهللا لنت لهم. )،رحمة من اهللا لنت لهم فبما( : قولهفي قتادة عن

وأما قوله : "ولو كنت فظا غلیظ القلب النفضوا من حولك" ، فإنه یعني ب"الفظ"

الجافي ، وب"الغلیظ القلب" ، القاسي القلب ، غیر ذي رحمة وال رأفة . وكذلك كانت

فتأویل ٣المؤمین رؤف رحیم)( وب:صفته صلى اهللا علیه وسلم ، كما وصفه اهللا به

ورأفته بك وبمن آمن بك من أصحابك"لنت لهم" ، محمد ، الكالم : فبرحمة اهللا ، یا

لتباعك وأصحابك ، فسهلت لهم خالئقك ، وحسنت لهم أخالقك ، حتى احتملت أذى

من نالك منهم أذاه ، وعفوت عن ذي الجرم منهم جرمه ، وأغضیت عن كثیر ممن

ظت علیه لتركك ففارقك ولم یتبعك وال ما بعثت به من الرحمة ، لو جفوت به وأغل

ولكن اهللا رحمهم ورحمك معهم ، فبرحمة من اهللا لنت لهم.

.١٥٩ـ سورة ال عمران ـ رقم ١ .٦٥ـ ص ١٦ـ جامع البیان في تفسیر القرآن ـ األمام محمد بن جریر (الطبري) ـ ج ٢ .١٢٨ـ سورة التوبة ـ رقم اآلیة ٣

- ٢١٢ -

الخـاتمة

أن علوم اللغة العربیة عامة والبالغة خاصة من أشرف العلوم وأسماها، فهي /١

وال ذلك كما قال اإلمام مفتاح الفهم لكتاب اهللا وسنة رسوله صلى اهللا علیه وسلم، ول

إبن األثیر: لما فخر بها رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم في عدة مواقف، فقال: (أنا

.٢، (أوتیت جوامع الكلم)١أفصح من نطق بالضاد)

إن اإلیجاز هو األغلب في الخطاب النبوي، مع استعماله اإلطناب في /٣

مواضعه.

یان الناصع، واألسلوب الراقي حتى قال إن النبي صلى اهللا علیه وسلم یعجبه الب/٤

. ولكن كان بالمقابل یكره التكلف ٣صلى اهللا علیه وسلم: (إن من البیان لسحرا)

والتصنع والتشدق فقال: (إن اهللا یبغض البلیغ من الرجال الذي یتخلل بلسانه كما

لي . وقال: (إن أبغضكم إ٥. وقال: (أسجعا كسجع الكهان)٤تتخلل البقرة بلسانها)

.٦وأبعدكم مني مجلسا یوم القیامة الثرثارون والمتشدقون)

إن النبي صلي اهللا علیه وسلم في خطبه كثیرا مایقتبس من القرآن الكریم ، وهذا /٥

ممایزید وهذا ممایزید الكالم وقارا وبهاء .

ـ المطبعة ١طان محمد القاري ـ شرح المناوي ـ ط ـ جمع الوسائل في شرح الشمائل ( باب كیف كان كالم رسول هللا ) ـ علي بن سل ١

.١٣ـ ص ١م ـ ج٢٠١٠الشرقیة مصر ـ تاریخھا : .٧٤٧ـ ص ٢ـ البیان والتبیین ـ الجاحظ ـ ج ٢ .١٩٧٦ـ ص ٥ـ صحیح البخاري ( باب النكاح ) ـ باب الخطبة ـ اإلمام البخاري ـ ج ٣ .٣٢ـ ص ٣ي الكالم ) ـ اإلمام أبي دواؤد ـ ج ـ سنن أبي دؤاد ( باب ماجاء في المتشدق ف ٤ .٣٢ـ ص ٣ـ حلیة األدب ( كتاب تطور األسالیب النثریة في األدب العربي ) ـ ج ٥ .٣٢ـ ص ١ـ تحفة األحواذي بشرح جامع الترمذي ـ أبي العالء محمد عبد الرحمن بن عبد الرحیم المباركفوري ـ ج ٦

- ٢١٣ -

النتائج

إن الخطاب الوعظي النبوي مفهوم شامل یحتوي بداخله األحادیث النبویة .١

خطب النبویة والوصایا النبویة.وال

كما یحتوي الخطاب الوعظي النبوي علي األسالیب الوعظیة بنوعیها التأدیبیة .٢

والتحلیلیة، واألسالیب العاطفیة واألستمالیة وغیرهما.

أن خطاب النبي صلى اهللا علیه وسلم یدعو إلي تحریر اإلنسان من ضیق .٣

دل ومن الحیوانیة إلي اإلنسانیة، الدنیا إلي سعة اآلخرة، ومن الظلم إلي الع

ومن جوز الطغاة إلي عدل اإلسالم.

أن الفنون البالغیة الثالثة ( البیان ـ والمعاني ـ والبدیع) لیست مقصودة لذاتها .٤

وانما هي وسائل تفرضها حالة الموقف الذي یتحدث فیه صلى اهللا علیه

البالغیة لتوصل وسلم، إذ یلمس بحسه الفطري ما یتطلبه الموقف من الفنون

به الملتقى في أبهى حلة وأكبر تأثیر.

- ٢١٤ -

اإلهتمام بالخطاب الوعظي النبوي عموما وفصاحة البیان خصوصا وذلك .١

ألن التعمق فیه یفتح أبواب المعرفة، فعلى الباحث الخوض في هذا البحر

الواسع.

ا وعیا جیدا حتى على الطالب الناطقین بالعربیة بمختلف أقسامها أن یعوه .٢

یدركوا ما یرمي إلیه الخطاب الوعظي النبوي من مفرداته وعباراته المختلفة.

على الباحثین من بعدي أن یكملوا ما طرقته حتى تعم الفائدة، حیث أن .٣

الخطاب الوعظي النبوي غني بجمال األسلوب وسحره األخاذ.

ظي النبوي من ضمن على وزارة التربیة والتعلیم أن تضع مادة الخطاب الوع .٤

مقرارتها الدراسیة.

- ٢١٥ -

فهرس اآلیات القرآنیة

رقم رقم اآلیة السورة اآلیة الرقم

الصفحة

ھا الذین آمنوا أنفقوا من طیبات ما قال تعالى: .١ (یا أی

تم...) ب كس

٢٨ ٢٦٧ البقرة

٦٧ ٨٦ البقرة ا الحیاة الدنیا باآلخرة..)أولـئك الذین اشترو قال تعالى:( .٢

سآئكم...) قال تعالى: .٣ فث إلى ن یام الر لة الص ی (أحل لكم ل

٧٩ ١٨٧ البقرة

١٠٧ ١١٠ البقرة قال تعالى:( وما تقدموا ألنفسكم من خیر تجدوه عند الله ) .٤

١١٣ ٢٤٥ البقرة (من ذا الذي یقرض الله قرضا حسنا...) .٥

ركم في األرحام ...) .٦ ٣٨ ٦ ال عمران قال تعالى: (هو الذي یصو

٤٢ ١١٢ ال عمران قال تعالى: (ضربت علیهم الذلة أین ما ثقفوا...) .٧

ل قال تعالى: ( .٨ و عنة هللا ...)أ ھم ل ی ك جزآؤھم أن عل ـئ

٧٥ ٨٨ـ ٨٧ ال عمران

١٠٧ ٩٢ ال عمران قال تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ...) .٩

مر قال تعالى:( .١٠ رھم في األ ١٧٦ ١٥٩ آل عمران )وشاو

ل الله...)قال تعالى:( الر .١١ ١٣ ٣٤ النساء جال قوامون على النساء بما فض

١٢.

یا أیها الذین آمنوا ال یحل لكم ....) قال تعالى:( ٥٨ ١٩ النساء

الة فاذكروا الله قیاما ...) قال تعالى:( .١٣ ٧٨ ١٠٣ النساء فإذا قضیتم الص

سول فقد أطاع الله...) قال تعالى:( .١٤ ٨٦ ٨٠ النساء من یطع الر

١٠٢ ٥٨ النساء قال تعالى:( إن الله یأمركم أن تؤدوا األمانات...) .١٥

اذا إن الله یأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها و قال تعالى:( .١٦

حكمتم بین الناس أن تحكموا بالعدل...)

١٧٢ ٥٨ النساء

- ٢١٦ -

١٧٣ ١ النساء ◌ا أیها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم...) قال تعالى:( .١٧

٩ ١١١ المائدة قال تعالى (واذ أوحیت إلى الحواریین ...) .١٨

٤٧ ١٠١ المائدة یا أیها الذین آمنوا ال تسألوا عن أشیاء ...) قال تعالى:( .١٩

٥٨ ٨ المائدة قال تعالى:( یا أیها الذین آمنوا كونوا قوامین لله ...) .٢٠

٧٦ ١٠٦ لمائدة ا م ...)قال تعالى:( یا أیها الذین آمنوا شهادة بینك .٢١

ا لم یذكر اسم الله...) .٢٢ ١٩ ١٢١ األنعام قال تعالى:( ال تأكلوا مم

٢٣.

٦٥ ١٠٨ األنعام وال تسبوا الذین یدعون من دون الله...) قال تعالى:(

٩٨ ٦٠ األنعام ل ...)وهو الذي یتوفاكم باللی قال تعالى:( .٢٤

٥ ٦٢ األعراف أبلغكم رساالت ربي وأنصح لكم...) قال تعالى:( .٢٥

وعظة..) .٢٥ ١٢ ١٤٥ األعراف قال تعالى:( وكتبنا له في األلواح من كل شيء م

٤٨ ١٥ األعراف قال إنك من المنظرین ) .٢٦

٤٨ ١٩٩ األعراف خذ العفو وأمر بالعرف ...) قال تعالى:( .٢٧

٨٠ ٥٥ األعراف ادعوا ربكم تضرعا وخفیة....) قال تعالى:( .٢٨

بك في نفسك تضرعا وخیفة ...) قال تعالى:( .٢٩ ١٨٧ ٢٠٥ األعراف واذكر ر

١٠٩ ٥٦ األعراف وال تفسدوا في األرض بعد إصالحها...)قال تعالى:( .٣٠

١٩ ١١٢ األنفال وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شیاطین اإلنس..) قال تعالى:( .٣١

١٩ ١٢ األنفال إذ یوحي ربك إلى المآلئكة أني معكم...) قال تعالى:( .٣٢

١٥٠ ٢ األنفال إنما المؤمنون الذین إذا ذكر الله وجلت...) قال تعالى:( .٣٣

٧١ ٥ التوبة قال تعالى:( فإذا انسلخ األشهر الحرم......) .٣٤

١٦٠ ١٢٩ التوبة ..)و قال تعالى:( فإن تولوا فقل حسبي الله ال إلـه إال ه .٣٥

١٧٩ ١٢٨ التوبة لقد جاءكم رسول من أنفسكم...) قال تعالى:( .٣٦

١٠٣ ٢٨ التوبة قال تعالى:( یا أیها الذین آمنوا إنما المشركون نجس...) .٣٧

٤٦ ١٢٢ التوبة كآفة...)وما كان المؤمنون لینفروا قال تعالى:( .٣٨

بكم...) قال تعالى:( .٣٧ 12 ٥٧ یونس یا أیها الناس قد جاءتكم موعظة من ر

114 ٥٨ یونس قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلیفرحوا ....) قال تعالى:( .٣٨

- ٢١٧ -

حات....ال الذین ص قال تعالى:( .٣٩ ال ٦٩ ١١ هود ) بروا وعملوا الص

124 ١٠٧ هود خالدین فیها ما دامت السماوات واألرض...) قال تعالى:( .٧٣

٨٦ ٩٦ هود ولقد أرسلنا موسى بآیاتنا وسلطان مبین) قال تعالى:( .٧٤

٦٢ ٢١ الرعد یصلون ما أمر الله به أن یوصل...)والذین قال تعالى:(

٦٤ ٢٥ الرعد والذین ینقضون عهد الله من بعد میثاقه...) قال تعالى:(

٧٢ ٣٨ الرعد ولقد أرسلنا رسال من قبلك ......) قال تعالى:( .٧٧

١٥ ٢٥ـ ٢٤ إبراهیم ر كیف ضرب الله مثال كلمة طیبة.....)قال تعالى:( ألم ت .٧٨

٨٤ ٧ إبراهیم واذ تأذن ربكم لئن شكرتم ألزیدنكم.....) قال تعالى:( .٧٩

١٢ ٩٠ النحل ن الله یأمر بالعدل واإلحسان...) قال تعالى:(

١٣ ١٢٥ النحل دع إلى سبیل ربك بالحكمة والموعظة...) لى:(قال تعا

حانھ...) قال تعالى:( .٨٢ وه سب عجل ست مر هللا فال ت ١٥ ٩٠ النحل أتى أ

١٣ ١٨ النحل وان تعدوا نعمة الله ال تحصوها.......) قال تعالى:( .٨٢

٨٤ ١٨ النحل وان تعدوا نعمة الله ال تحصوها.......) تعالى: ( قال

ل من القرآن ما هو شفاء ...) ٥٨ ٨٢ اإلسراء قال تعالى: (وننز

٦٣ ٢٥ـ ٢٣ اإلسراء قال تعالى: (قضى ربك أال تعبدوا إال إیاه...)

١١٢ ٦٣ اإلسراء (وال تقف ما لیس لك به علم...)قال تعالى:

٦٤ ٢٣ اإلسراء قال تعالى: (قضى ربك أال تعبدوا إال إیاه...)

١٩ ١١ مریم فخرج على قومه من المحراب....) قال تعالى:( .٨٥

٢٣ ٥٤ مریم اب إسماعیل ....)واذكر في الكت قال تعالى:( .٨٦

ي جبارا شقیا...) قال تعالى:( .٨٧ جعلن لم ی ي و ٢٣ ٣٢ـ ٣٠ مریم وبرا بوالدت

قال تعالى:( یا أبت ال تعبد الشیطان إن الشیطان كان .٨٨

للرحمن عصیا)

١٠٣ ٤٤ مریم

٩٩ ٧١ مریم وان منكم إال واردها..........) الى:(قال تع .٨٩

........) قال تعالى:( .٩٠ ١٢٤ ١٠٤ األنبیاء یوم نطوي السماء كطي السجل

١٢٤ ١٠٣ األنبیاء ال یحزنهم الفزع األكبر وتتلقاهم المالئكة.....) قال تعالى:( .٩١

- ٢١٨ -

قوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلین) قال تعالى:( .٩٢ ٩٩ ٦٨ األنبیاء قالوا حر

٨٦ ١٠٣-٩٩ المؤمنون حتى إذا جاء أحدهم الموت.........) قال تعالى:( .٩٣

١٤٣ ١٠٦ المؤمنون ا قوما ضالین)قالوا ربنا غلبت علینا شقوتنا وكن قال تعالى:( .٩٤

١٤٢ ١٠٤ المؤمنون تلفح وجوههم النار وهم فیها كالحون) قال تعالى:( .٩٥

٨٧ ١١ - ٩ المؤمنون والذین هم على صلواتهم یحافظون ...) قال تعالى:( .٩٦

٤٨ ١٦ – ١٥ المؤمنون عد ذلك لمیتون.........)ثم إنكم ب قال تعالى:( .٩٧

٥١ ١٤ المؤمنون ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة.......) قال تعالى:( .٩٨

١٦ ١٧ النور قال تعالى:( یعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا ...) .٩٩

وا من أبصارهم...)◌ قال تعالى:( ١٠٥ ٣٠ النور ل للمؤمنین یغض

وا من أبصارهم...) قال تعالى:( ١١٢ ٣٠ النور ◌ل للمؤمنین یغض

ـ ١٠٥ الشعراء كذبت قوم نوح المرسلین...) قال تعالى:( ١٠١

١٠٩

١٤

٩٦ ٢١٤ الشعراء تك األقربین...)وأنذر عشیر قال تعالى:(

١١٠ ٢١٤ الشعراء وأنذر عشیرتك األقربین...) قال تعالى:(

١١٢ ٢١٤ الشعراء وأنذر عشیرتك األقربین...) قال تعالى:(

ین..) قال تعالى:( ١٠٢ ل ١٦ ٢٦ ءالشعرا قال ربكم ورب آبائكم األو

٩٦ ٢١٤ الشعراء وأنذر عشیرتك األقربین) قال تعالى:( ١٠٣

١٠٦ ٦٤ العنكبوت وما هذه الحیاة الدنیا إال لهو ولعب.....) قال تعالى:( ١٠٤

الة.. ١٠٥ ٧٨ ٤٥ العنكبوت .)قال تعالى:( اتل ما أوحي إلیك من الكتاب وأقم الص

٢٢٥ ٤ الروم في بضع سنین لله األمر من قبل ومن بعد...) قال تعالى:( ١٠٦

١٥ ١٣ لقمان واذ قال لقمان البنه وهو یعظه...) قال تعالى:(

نسان بوالدیه حملته أ قال تعالى:( ینا اإل ٦٣ ١٤ لقمان مه...)ووص

مش .....) قال تعالى:( ١٠٧ ك للناس وال ت ر خد ع ١٢٥ ١٨ لقمان وال تص

12 ٤٦ سبأ قال تعالى:( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى...) ١٠٨

171 ٢٨ سبأ للناس بشیرا ونذیرا.....) وما أرسلناك إال كافة قال تعالى:( ١٠٩

- ٢١٩ -

74 ٤٣ فاطر استكبارا في األرض ومكر السیئ وال یحیق ..) قال تعالى:( ١١١

١٦٣ ٦٥ الصافات طلعها كأنه رؤوس الشیاطین) قال تعالى:( ١١٤

123 ٤٢ الزمر نفس حین موتها......)قال تعالى:( الله یتوفى األ ١١٥

221 ٥٦ الزمر أن تقول نفس یا حسرتى على ما فرط...) قال تعالى:( ١١٦

قد قالها الذین من قبلهم فما أغنى عنهم ما قال تعالى:( ١١٧

كانوا یكسبون)

196 ٥٠ الزمر

80 ٦٠ غافر وقال ربكم ادعوني أستجب لكم......) لى:(قال تعا ١١٨

123 ٤٩ غافر وقال الذین في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم..) قال تعالى:( ١١٩

١ ٣٥ـ٣٤ فصلت وال تستوي الحسنة وال السیئة.........) قال تعالى:( ١٢١

14 ٣٥ـ٣٤ فصلت وال تستوي الحسنة وال السیئة ادفع ...) قال تعالى:( ١٢٢

118 ٧٨-٧٤ الزخرف إن المجرمین في عذاب جهنم خالدون....) قال تعالى:( ١٢٣

نسان بوالدیه إحسانا حم قال تعالى:( ١٢٥ ینا اإل ٦٣ ١٥ األحقاف لته أمه...)ووص

١٢٦ ١٥ محمد مثل الجنة التي وعد المتقون فیها أنهار ....) قال تعالى:( ١٢٦

١٢٦ ٢٥ محمد إن الذین ارتدوا على أدبارهم ..) قال تعالى:( ١٢٧

التي قد قال تعالى:( ١٢٨ د...) سنة هللا بل ولن تج ٧١ ٢٣ الفتح خلت من ق

١٦ ٧ الحجرات واعلموا أن فیكم رسول الله لو یطیعكم....) قال تعالى:( ١٢٩

٢٣ ١٠ الحجرات قال تعالى:( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویكم...) ١٣٠

١٠٤ ١٠ الحجرات لى:( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویكم....)قال تعا ١٣١

١٤٠ ١٣ الحجرات قال تعالى:( یا أیها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى....) ١٣٢

١٤١ ٣٠ ق یوم نقول لجهنم هل امتألت...) قال تعالى:( ١٣٣

نسان ونعلم ما توسوس ...) قال تعالى:( ١٣٤ ٧٢ ٢٠-١٦ ق ولقد خلقنا اإل

یوم نقول لجهنم هل امتألت وتقول هل من قال تعالى:( ١٣٥

مزید)

٧٢ ٣٠ ق

نس إال قال تعالى:( ١٣٦ ٦٣ ٥٦ الذاریات لیعبدون) وما خلقت الجن واإل

٣٩ ٢٣ الذاریات فورب السماء واألرض إنه لحق....) قال تعالى:( ١٣٧

- ٢٢٠ -

نس إال لیعبدون) قال تعالى:( ١٣٨ ١٤٧ ٥٦ الذاریات وما خلقت الجن واإل

٢ ٤-٣ النجم قال تعالى:( وما ینطق عن الهوى....) ١٤٠

١٢٥ ٧ القمر خشعا أبصارهم یخرجون من األجداث كأنهم..) قال تعالى:( 141

٧٢ ٢٧-٢٦ الرحمن كل من علیها فان.....) قال تعالى:( 143

٧٦ ٢٧-٢٦ الرحمن كل من علیها فان.....) قال تعالى:( 144

٧٣ ٢٠ الحدید اعلموا أنما الحیاة الدنیا لعب ولهو وزینة....) (قال تعالى: 146

١٧٨ ١٨ الحشر قال تعالى:( یا أیها الذین آمنوا اتقوا الله...........) 147

ا أفاء الله على رسوله من أهل القرى... قال تعالى:( :( 148 ٨٦ ٧ الحشر )م

ا أفاء الله على رسوله من أهل القرى...) قال تعالى:( :( 149 ٨٧ ٧ الحشر م

٨٧ ٩ المنافقون ...) قال تعالى:( یا أیها الذین آمنوا ال تلهكم أموالكم 150

٣٩ ٧ التغابن یبعثوا قل بلى وربي...) زعم الذین كفروا أن لن قال تعالى:( ١٥١

٢٤ ٦ التحریم قال تعالى:( یا أیها الذین آمنوا قوا أنفسكم وأهلیكم نارا....) ١٥٥

٨٧ ٦ التحریم قال تعالى:( یا أیها الذین آمنوا قوا أنفسكم وأهلیكم نارا ...) ١٥٦

١٠٦ ٨ التحریم یا أیها الذین آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوح..) قال تعالى:( ١٥٧

٢٣ ٤ القلم قال تعالى:( وانك لعلى خلق عظیم) ١٥٩

١٢٥ ٢٠-١٨ الحاقة یومئذ تعرضون ال تخفى منكم خافیة....) قال تعالى:( ١٦٠

٨٧ ٣٥-٣٤ المعارج والذین هم على صالتهم یحافظون.....) قال تعالى:( ١٦١

١٢٢ ١٨-١٥ المعارج } نزاعة للشوى......)١٥قال تعالى:( كال إنها لظى{ ١٦٢

٢٣٥ ٢٨ نوح ..)رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بیتي . قال تعالى:( ١٦٦

٧٥ ٢٠ المزمل قال تعالى:( إن ربك یعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي....) ١٦٧

١١١ ١٣-١٢ المزمل قال تعالى:( إن لدینا أنكاال وجحیما.....) ١٦٨

٦٥ ١٣ المدثر قال تعالى:( وبنین شهودا) 169

٧٤ ٤٠ النبأ ینظر المرء ما قدمت یداه...) یوم قال تعالى:(

٧٤ ٢٤ النبأ قال تعالى:( ال یذوقون فیها بردا وال شرابا) 170

٧٧ ٢٢-١٦ النبأ قال تعالى:( وجنات ألفافا.......) 171

- ٢٢١ -

د

٧٧ ٣٠ النبأ )فذوقوا فلن نزیدكم إال عذابا قال تعالى:( 172

١٢١ ٢٣-٢١ النبأ قال تعالى:( إن جهنم كانت مرصادا......) 173

٦٥ ٨-٧ التكویر } واذا الموؤودة سئلت)٧واذا النفوس زوجت{ قال تعالى:( 174

٩٨ ١٢-٧ اإلنشقاق فأما من أوتي كتابه بیمینه.......) قال تعالى:( 176

١١١ ٧-٦ الغاشیة قال تعالى:( لیس لهم طعام إال من ضریع.....) 177

٧١ ٢٠ الفجر قال تعالى:( وتحبون المال حبا جما) 179

الحات......) قال تعالى:( 181 ١٠٠ ٨-٧ البینة إن الذین آمنوا وعملوا الص

- ٢٢٢ -

رقم الصفحة الحدیث الرقم

٣ (ما عدوا من مبعثة(صلي اهللا علیه وسلم...) ١

٢١ (ما لعن رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم مسلما...) ٢

(وقد سئلت السیدة عائشة: ما كان رسول اهللا صلى اهللا علیه ٣

وسلم لیصنع في بیته....)

٢١

٢٤ كالبنیان یشد بضعه بعض)( المؤمن للمؤمن ٤

٢٤ (ومن أبطأ به عملة لم یسرع به نسبة) ٥

٢٤ (وكلكم آلدم وآدم من تراب) ٦

(المؤمنون تتكافأ دماؤهم ویسعى بذمتهم أدانهم وهم ید على ٧

من سواهم)

٢٤

(أشد الناس عزابا یوم القیامة من أشركه اهللا في سلطانه فجار ٨

في حكمة)

٢٤

لقیت من النساء إن طاعة الزوج إعترافا بحقة (أبلغى من ٩

یعدل ذلك)

٢٥

٣٢ (متى الساعة یا رسول اهللا)؟ ١٠

٣٢ (كیف كان حكم لرسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم) ١١

٣٤ (لم یكن بالطویل المغط وال بالقصیر المتردد...) ١٢

٣٤ (كان من جمال الخلقة بالحل الوافي....) ١٣

اب إلى رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم (كان أحب الثی ١٤

القمیص)

٣٤

(أن النبي صلى اهللا علیه وسلم أشترى حلة سبع وعشرین ناقة ١٥

فلبسها)

٣٤

٣٤(لبس الرسول صلى اهللا علیه وسلم الجبة الشامیة الضیقة ١٦

- ٢٢٣ -

الكمین)

٣٥ (ما أحسنها علیك یشوب بیاضك سوارها وسوارها بیاضك) ١٧

لى اهللا علیه وسلم مكة یوم الفتح وعلیه عمامة (دخل النبي ص ١٨

سوداء)

٣٥

٤٤ (فأتقوا ربكم، واجمعوا في طلب الرزق) ١٩

٤٦ (قلت یا رسول اهللا أكتب كل ما سمع منك) ٢٠

٤٩ (أتقوا النار ولو بشق تمره) ٢١

٣٢ (سمعت رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم بني األسالم) ٢٢

٣٣ ي بطن أمه أربعین یوما نطفة...)(إن أحدكم یجمع خلقه ف ٢٣

٣٤ (من أحدث في أمرنا هذا ما لیس منه فهو رد) ٢٤

٣٥ (أن الحالل بین وان الحرام بین...) ٢٥

(لدین النصیحة، قلنا: لمن: هللا ولكتابه ولرسوله والئمة ٢٦

المسلمین وعامتهم)

٣٧

٤١ (أن اهللا تعالى طیب ال یقبل إال طیبا...) ٢٧

٤٣ ما یربك إلى ما ال یربك) (دع ٢٨

٤٣ (من حسن إسالم المرء تركة ما ال یعنیة) ٢٩

٤٥ (وال تحاسدوا والتناجشوا وال تباغضوا) ٣٠

٤٧ (الطهور شطر اإلیمان، والحمد هللا تمأل المیزان) ٣١

٤٨ (یا رسول اهللا ذهب أهل الدثور باألجور...) ٣٢

٥٢ خلقت من ضلع...) (إستوصوا بالنساء خیرا، فإن المرآة ٣٣

٥٣ (ال یفرك مؤمن مؤمنة أن كره منها خلقا رضي منها آخر) ٣٤

٥٤ (قلت یا رسول اهللا ما حق زوجه أحدنا علیه)؟ ٣٥

٥٥ (أكمل المؤمنین إیمانا أحسنهم خلقا، وخیاركم لنسائهم...) ٣٦

٥٦ (الدنیا متاع، وخیر متاعها المرأة الصالحة) ٣٧

٥٧ ب إلى اهللا تعالى قال:(الصالة على وقتها)...)(أي العمل أح ٣٨

- ٢٢٤ -

٥٨ (ما أحق الناس بحسن صحابتي......) ٣٩

59 (أال أنبئكم بأكبر الكبائر) ثالثا قلنا: بلى یا رسول اهللا...) ٤٠

60 (من الكبائر شتم الرجل والدیة....) ٤١

61 (إن اهللا تعالى حرم علیكم عقوق األمهات....) ٤٢

62 السفینة فإن البحر عمیق....)(أحكم ٤٣

64 (كن في الدنیا كأنك غریب أو عابر سبیل) ٤٤

٧٧ (أغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمت...) ٤٥

(ال تزول قدما عبد یوم القیامة حتى یسأل عن ثالثة...) ٤٦

٦٦

٨٢ (یا غالم إني أعلمت كلمات: أحفظ اهللا یحفظك...)

في دبر كل صالة أن تقول: اللهم أني (یا معاذ: ال تدعن ٤٧

على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)

٨٧

٨٨ (إن اهللا تعالى یبسط یده باتللیل لیتوب مسئ النهار....) ٤٨

٨٩ (من سبح في دبر كل صالة ثالثة وثالثین....) ٤٩

٨٠ (أوصیكم بتقوى اهللا، والسمع والطاعة....) ٥٠

٥١

أبى...) (كل أمتي یدخلون الجنة إال من٩٢

٩٣ خیار أمتكم الذین تحبونھم ویحبونكم...)( ٥٢

١٠٢ (سبعة یظلهم اهللا في ظله یوم ال ظل إال ظله...) ٥٣

١٠٨ (من غشنا فلیس منا...) ٥٤

١٨٥ (من یضمن لى ما بین لحیة وما بین رجلیة أضمن له الجنة) ٦٤

٢٦٠ (إن من البیان لسحرا ) ٨٨

٢٦٤ رجال الذي یتخلل بلسانه....)(إن اهللا یبغض من ال ٨٩

- ٢٢٥ -

رقم الصفحة البحر اسم الشاعر عجز البیت الرقم

عن غیه وخطاب من ال

یفهم

١٠ الكامل المتنبي

- ٢٢٦ -

المصادر والمراجع

/ القران الكریم١ ٦األمویة ـ محمود مصطفي ـ ط/ األدب العربي وتاریخھ في صدر اإلسالم والدولة ٢

م.١٩٨٤ـ مطبعة مصطفي البابي الحلبي بمصر ـ

األربعون حد یثا ا لنوویة ـ اإلمام یحیى بن شرف الدین النووى ـ شرح الشیخ : / ٣

عبد ا لمجید ا لشرنوبى األزهرى ـ دون رقم طبع ـ ا لمكان : الدار السودانیة للكتب ا

لخرطوم ـ دون تاریخ نشر.

ـ الدار العربیة للكتاب طرابلس ٣األسلوب واألسلوبیة ـ عبد السالم المسدي ـ ط / ٤

ـ د. ت .أصول الدعوة ـ د: عبد الكریم زیدان ـ مؤسسة الرسالة ـ بیروت، لبنان ـ الطبعة / ٥

م .١٩٩٣ -ھـ ١٤١٤الثالثة ـ محمد عبد المنعم بكر محمد بن الطیب الباقالني ـ تحقیق : وـ أعجاز القرآن ـ أب ٧

ـ مكانھا: دار الجیل للطباعة والنشر والتوزیع ـ د. ت .١خفاجي ـ ط

/ أعالم الموقعین عن رب العالمین ـ محمد بن أبى بكر الزرعى (أبن الجوزیة) .٧ ھـ.١٤٠٥

مكانھا : مكتبة الجیل –) ١ط( –للشیخ احمد بن خلیل –/ إعادة صیاغة األمة ٨ ١٨٥ تاریخ . دون –الواعد بیروت

م.١٩٨٧ـ دار الوفاء المنصورة ـ ١/ البیان النبوي ـ محمد رجب البیومي ـ ط٩ـ مكانھا : دار الحدیث القاھرة ـ د. ت ١/ البیان المحمدي ـ د.مصطفي الشكعة. ط١٠

. ـ مكانھا : دار الفكر العربي ١/ البیان التبیین ـ الجاحظ ـ عبد السالم ھارون ـ ط١١

. ت. القاھره ـ د ) ـ دون مكان وتاریخ نشر.٢/ التبیان في علوم القرآن ـ القصبي محمود ـ ط (١٢تحقیق :مصطفى –االمام الحافظ زكى الدین عبدالعظیم –/ الترغیب والترھیب ١٣

م .١٩٨٧مكانھا :دار الحدیث القاھرة تاریخھا –) ١ط ( –محمد عمارة یث النبوي ورأي العلماء فیھم ـ محمد بن لطفي / تاریخ القصاص وأثرھم في الحد١٤

م .١٩٨٥الصباغ ـ المكتب األسالمي بیروت ـ

) ـ مكانها : المكتبة العصریة ١تاریخ العرب فى االسالم ـ محمد عزة دروزة ـ ط(/ ١٥

بیروت ـ دون تاریخ نشر.

مكانھا : دار –) ١ط ( – ٧٣ ––متاع القطان –/ تاریخ التشریع اإلسالمي ١٦ دون تاریخ. –الحدیث القاھرة

/ تحفة األحواذي بشرح جامع الترمذي ـ أبي العالء محمد عبد الرحمن بن عبد ١٧ الرحیم المباركفوري .

.دون تاریخ –مكانھا: القاھرة –) ١ط( -إبن كثیر -/ تفسیر إبن كثیر ١٨

- ٢٢٧ -

د القادر / جامع األصول في أحادیث الرسول صلي هللا علیھ وسلم ـ تحقیق عب١٩ األرناؤوط ـ مكتبة الحلواني مصر ـ د. ت.

مكانھا دار الكتب - )١ط ( -احمد ضاء الدین الكمشخاوى -/ جامع األصول ٢٠ ھـ . ١٣٣١تاریخھا - العربیة لبنان

/ جمع الوسائل في شرح الشمائل ( باب كیف كان كالم رسول هللا ) ـ علي بن ٢١ـ المطبعة الشرقیة مصر ـ تاریخھا : ١ط سلطان محمد القاري ـ شرح المناوي ـ

م.٢٠١٠ـ ١/ الحیاة األدبیة في عصر النبوة والخالفة ـ د. النبوي عبد الواحد شعالن ـ ط ٢٢

م .١٩٩٨دار قباء للطباعة والنشر والتوزیع القاھرة ـ الحریات العامھ في األنظمة السیاسیة ـ كریم أحمد كشكاش ـ مكانھا : دار / ٢٣

اإلسكندریة ـ د. ت .المعارف حلیة األدب ( كتاب تطور األسالیب النثریة في األدب العربي ) ./ ٢٤مكانھا دار ١ط -محمد خلیل الخطیب –/ خطب الرسول صلي هللا علیھ وسلم ٢٥

ھـ.٣٧٣تاریخھا -فضیلة القاھرة تاریخھا: ـ مكانھا : دار المعارف القاھره ـ ١/ الخطابة ـ احمد محمد الحوفى ـ ط٢٦

م.١٩٩٨محمد ابو زھرة: / الخطابة أصولھا وتاریخھا في أزھر عصورھا عند العرب ـ٢٧

دار الفكر العربي : بیروت.مكانھا مصر دار المعارف، -)١ط ( -محمد عبد الغني -/ الخطب والمواعظ ٢٨

م.١٩٥٥تاریخھا -الفكر العربيالقاھرة دار - اإلمام محمد ابو زھرة -/ الخطابة وإعداد الخطیب٢٩

دون تاریخ نشر. -/ خطبة الجمعة وأحكامھا القضیة د. عبد العزیز بن محمد عبد هللا الحجیالن٣٠

دون مكان نشر. - دون تاریخ نشر) مكانھا : ١ط ( - –د. أحمد عطا ابراھیم حسن -/ دراسات في الحدیث النبوي٣١

دون تاریخ. –دار غریب للطباعةوالنشر القاھرة مكانھا : دار الحدیث القاھرة ـ د. –) ١ط ( –علوي عبد القادر –درر السنیة / ال٣٢ ت.دون –) ١ط ( ––زین الدین الجمعي –الروضة البھیة بشرح اللمعة الدمشقیة /٣٣

مكان وتاریخ / ریاض الصالحین من كالم سید المرسلین ـ اإلمام محي الدین بن أبي زكریا ٣٤

ـ مكانھا : دار إبن كثیر ١ـ تحقیق ـ د. ماھر یاسین الفحل ـ طیحي بن شرف النووي م .٢٠٠٧ھـ ـ ١٤٢٨للنشر والتوزیع دمشق ـ تاریحھا:

/ زاد المعاد في ھدي خیر العباد ـ ابن القیم ـ د. ط ـ مكانھا : دارالفكرالعربي ٣٥ بیروت ـ دون تاریخ

ـ مكانھا : دار ١الصعیدي ـ ط / السیاسة اإلسالمیة في عھد النبوة ـ عبد المعتال ٣٦ الفكر العربي القاھرة ـ د . ت.

- ٢٢٨ -

مكانھا مؤسسة علوم –دون طبع –عبد الملك ھشام بن أیوب –/ السیرة النبویة ٣٧ دون تاریخ. –القرآن

١/ سنن أبو داؤد ـ أبي سلیمان السجستاني ـ تحقیق محمد عبد العزیز الخالدي ـ ط٣٨

م.٢٠٠٧وت ـ تاریخھا: ـ دار الكتب العلمیة بیر/ الشفاء بتعریف المصطفي ـ عیاض بن موسي بن عیاض (القاضي عیاض) ـ ٣٩ ھـ .١٤٠٧ـ مكانھا : دار الفیحاء عمان ـ تاریخھا: ٢ط

/ الوفاء بأحوال المصطفى ـ األمام أبو الفرج بن عبد الرحمن الجوزى ـ تحقیق : ٤٠

الحدیث القاهرة ـ دون تاریخ نشرـ ) ـ مكانها : دار ١مصطفى عبد الواحد ـ ـ ط (

شرح األحادیث متن األربعین النوویة في األحادیث الصحیحة النبویة ـ اإلمام /٤١

ه ـ ١٤٠٦ـ ـ دار الجمع للنشر والتوزیع جدةـ ٢یحي بن شرف الدین النووي ـ ط

م ـ ١٩٨٦

/ شرح صحیح مسلم ـ یحي بن زكریا النووي ـ أشراف : علي عبد الحمید أبو٤٢ ه. ٦٧٦الخیر ـ دار السالم ـ القاھرة ـ

لالمام الحافظ ا لفقیة أبي زكریا یحي بن شرف ا –/ شرح ریاض الصالحین ٤٣

.شرحه من كالم سید المرسلین فضیلة الشیخ / محمد بن صالح ا لعثیمین –لنووي

د . ت. –مكانھا القاھرة –) ١اإلمام البیھقي ـ ط ( –/ شعب اإلیمان ٤٤مكتبة ابن تیمیة بالقاھرة بال ـ ٢٦للعالمة ابن دقیق ـ ص –عین النوویة االرب شرح

تاریخ.تحقیق : –إسماعیل بن حماد الجوھري ـ مادة وعظ –/ الصحاح تاج اللغة ٤٥

م. ١٩٨٤تاریخھا -مكانھا : دار العلم للمالیین لبنان -)٢ط( -–احمد عبد الغفور ) ١ط ( ––د. یوسف القرضاوي –راھقة إلى الرشد / الصحوة اإلسالمیة من الم٤٦

دون تاریخ. –مكانھا: دار الشروق القاھرة –ـ مكانھا : دار الفكر ١/ صحیح البخاري ـ أبوعبد هللا بن إسماعیل (البخاري). ط٤٧

العربي القاھرة . د. ت. / صحیح مسلم موسوعة الكتب الستة وشرحھا ـ أبوالحسن مسلم بن الحجاج (٤٨

ـ دار سحنون للدعوة تونس ـ د.ت. ٢مسلم). طـ مكانھا: مكتبة التربیة ١/ صحیح سنن أبو داؤد ـ محمد ناصر األلباني ـ ط٤٩

م.١٩٨٩الریاض ـ تاریخھا: ـ مكانھا : دار أحیاء الكتب العلمیة ١/ الصناعتین ـ ألبي ھالل العسكري ـ ط٥٠

ھـ .١٣٧١القاھره ـ تاریخھا: مكانھا : دار الفكر العربي لبنان ـ د. ت – ١١١ط –االلبانى –جامع / ضعیف ال٥١

. / فتح الباري شرح صحیح البخاري ـ ابن حجر العسقالني ـ مكانھا : طبعة دار ٥٢

الفكر بال تاریخ.

- ٢٢٩ -

اإلمام محمد بن –/ فتح القدیر الجامع بین فني الروایة والدرایة من علوم التفسیر ٥٣ –مكانھا: دار الحدیث القاھرة - )١ط ( –ي تحقیق سید إبراھیم علي بن محمد الشوكان

م .١٩٩٣تاریخھا مادة خطب ـ ضبط وتوثیق یوسف الشیخ –/ القاموس المحیط ـ الفیروزأبادى ٥٤

تاریخھا –مكانھا : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزیع –) ١البقاعى ـ ط ( م.٢٠٠٣

–دون طبع –- محمود بن عمر الزمخشريأبي القاسم جار هللا –الكشاف / ٥٥ د . ت. -مكانھا: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزیع

٢/ كتاب القصاص والمذكرین ـ إبن الجوزي ـ تحقیق : محمد لطفي الصباغ ـ ط٥٦ ه .١٤٠٩ـ المكتب اإلسالمي بیروت ـ

صادر مكانھا : دار –) ٣ط ( –أبو الفضل (ابن منظور) ––/ لسان العرب ٥٧ م. ٢٠٠٤تاریخھا –بیروت

مكانھا: المطبعة اإلسالمیة تركیا –) ١مؤلف جماعى ـ ط ( –/ المعجم الوسیط ٥٨ د . ت –

/ المعجم الوجیز ـ مجمع اللغة العربیة ـ طبعة خاصة وزارة التربیة والتعلیم ـ ٥٩

القاھرة.د .ت .لقاھرةالمطبعة األمیریة ـ / المخصص ـ علي بن إسماعیل بن سیده ـ مكانھا : ا٦٠

ه. ١٣٢١

الحافظ أبي القاسم سلیمان بن أحمد الطبراني ـ إعداد وترتیب –/ المعجم الكبیر ٦١

: ریاض عبد اهللا عبد الهادي ـ دون طبع ـ دار أحیاء التراث العربي لبنان ـ دون

تاریخ ـ

) ١د خیرى ــ ط (/ مناھج البحث فى التربیة وعلم النفس ـ جابر عبد الحمید وأحم٦٢ م .١٩٩٢النھضة القاھرة ـ تاریخھا ـ مكانھا دار

/ محیط المحیط ـ بطرس البستاني ـ دون رقم ٦٣/ م.١٩٧٩تاریخھا –مكانھا : دار الكتب العلمیة ـ بیروت –طبع ) ـ ١اللغة ـ ابن فارس ـ مادة وعظ ـ تحقیق إبراھیم شمس الدین ـ ط (/ مقاییس ٦٤

م . ١٩٩٩مكانھا بیروت ـ تاریخھا ـ دون مكان نشر ـ دون تاریخ . ١/ من وحي الرسالھ ـ أحمد أمین ـ ط٦٥

دار البحوث ـ مكانھا : ١/ مقدمة في النقد األدبي ـ محمد حسن عبد هللا ـ ط٦٦

م .١٩٧٥العلمیة ـ الكویت ـ تاریخھا :

) ـ دار الفكر دمشق ـ ٣/ منھج النقد فى علوم الحدیث ـ نور الدین عنتر ـ ط (٦٧ م.١٩٩٢ه ـ ١٤١٢تاریخھا

ـ مكانھا: دار ١اإلمام محمد بن بكر نن عبد القادر الرازي ـ ط -/ مختار الصحاح٦٨ م.٢٠٠٨ه ـ ١٤٢٩الحدیث القاھره ـ تاریخھا :

- ٢٣٠ -

/ نقد الشعر ـ قدامة بن جعفر ـ تحقیق : كمال مصطفي مكتبة الخانجي بمصر ٦٩ ـ . ١٩٦٣

تقدیم ومراجعة خالد –محمد ادریس –/ وصایا الرسول صلي هللا علیھ وسلم ٧٠ عبد

-ھـ ١٤١٦تاریخھا –مكانھا دار الحكمة للطباعة والنشر دمشق –) ٣ط ( –الرحمن

- ٢٣١ -

قا ئمة ا لمحتویا ت

رقم الصفحة الموضوعات

أ اآلیة

ب اإلهداء

ج الشكر والعرفان

د الملخص

هـ المقدمة

و التمهید

خلطاب الوعظي النبويالفصل األول:مفهوم ا

٢١ـ ١٠ المبحث األول: تعریف الخطاب الوعظي النبوي

المبحث الثاني: البیئة الخطابیة للنبي صلي اهللا علیه وسلم وأصناف

المخاطبین

٢٩ـ ٢١

التطبيقيةالفصل الثاني:الدراسة

النمازج املختارة من مكونات اخلطاب الوعظي النبوي

٥٢ـ ٣٢ األحادیث النبویة المبحث األول:

٨٨ـ ٥٣ ا لوصا یا النبویة المبحث الثاني:

١٢٦ـ ٨٩ الخطب النبویة المبحث الثالث:

الفصل الثالث:حتليل املوقف اخلطابي للنبي صلي اهللا عليه وسلم

١٧٤ـ ١٢٨ ا لخصائص الفنیة المبحث األول:

١٨٠ـ ١٧٣ المبحث الثاني: منهج النبي صلي اهللا علیه وسلم في األداء الخطابي

١٨٥ـ ١٨١ المبحث الثالث: الموضوعات واألهداف

١٨٦ النتائج

١٨٦ التوصیات

- ٢٣٢ -

الفهارس

١٩٥ـ ١٨٨ فهرس اآلیات اآلیات القرآنیة

١٩٨ـ ١٩٦ فهرس األحادیث النبویة

١٩٩ ت الشعریةفهرس األبیا

٢٠٤ـ ٢٠١ فهرس المصادر والمراجع

٢٠٥ فهرس الموضوعات