جامـعة محمد بوضیاف بالمسیلة

كلیة اآلداب و اللـغـات

قسم اللغة واألدب العربي

الرقم التسلسلي :

DL/02/12: رقم التسجیل

أطروحة مقدمة لنیل شهادة دكتوراه العلوم

تخصص: أدب عربي

إعداد الطالب

بوعالم رزیق

25/01/2017تاریخ المناقشة:

:المكونة من السادة أمام لجنة المناقشة

رئیسا المسیلةمحمد بوضیاف جامعة التعلیم العالي اذأست أ.د/ محمد زهار

مشرفا ومقررا المسیلةمحمد بوضیاف جامعة أستاذ محاضر (أ) د/ محمد بن صالح

ممتحنا المسیلةمحمد بوضیاف جامعة أستاذ محاضر (أ) د/إبراهیم زالفي

ممتحنا البویرةأكلي محند أولحاج جامعة التعليم العالي أستاذ د/رابح ملوك

ممتحنا البویرةأكلي محند أولحاج جامعة أستاذ محاضر (أ) د/صبیرة قاسي

ممتحنا برج بوعریریج اإلبراهیمي البشیرجامعة أستاذ محاضر (أ) د/زهر الدین رحماني

2016/2017: السنة الجامعیة

نسي عند األندلسیینالخصائص األسلوبیة في الشعر الروم

الطوائف نموذجا عصر

بسم هللا الرحمان الرحیم

*

مقدمة

مــة:مـــقــد

أ

:مقدمة

:أما بعدمحدا هللا وصالة وسالما على نبينا حممد صلى اهللا عيه وسلم تسليما كثريا

فـإن تـاريخ األدب العــريب تـاريخ حافــل بالصـفحات املشـرقة ذلــك أنـه أدب ولــد ناضـجا مماكــان

جـــديرا بـــه أن يعـــيش علـــى مـــر العصـــور دون أن ينخـــرم، والشـــك أن األدب األندلســـي ينفـــرد مـــن بـــني

رت النـاس يف األدب العــريب القــدميففيــه الرصــافة الـيت طاملــا �ــ ملختلفــة بأنـه جيمــع مزايــا كثـرية،املراحـل ا

وفيـه الظـرف وخفــة الـروح الـيت تتمثــل عنـد أيب احلكـم الغــزال، والرومانسـية اجلارفـة عنــد ابـن زيـدون كمــا

سـم األنـدلس يف والشـك أن ال، فيه اجلدة اليت تتحرك يف املوشحات واألزجال عند ابن اخلطيب وغـريه

ن ، حيمـل يف طياتـه أصـداء قـرون مـن التـوهج ويعيـد للخـاطر أجمـاد مـداآسـر اعميقـ االنفوس إيقـاع شـجي

، وذكـرى أعـالم خلـدوا علـى مـر الزمـان، وصـفحات مفعمـة بالشـجن ةالتنسى: قرطبة وغرناطة وإشـبيلي

لرايات تطوى وحضارة تنطفئ وتغيب يف ضباب األيام.

ة ـــمــــريـــتلك الديار ك ا ساكنيـــي ـــف

م ـــادك ــــــاء أب ــض ـــق ـــي الــا أخالئ ـــــق ــأح

ـة ــــرق ـــادى وف ـــف ـــر ال ي ـــل وأس ـــت ـــق ـــف

لعمر الهدى مابال الحشا لفراقكم

اـــه ــــب روع ــذه ــس ي ـيـ ولوعة ثكل ل

اـــه ـوت ــفـياليت شعري بـعدما صح م

ـودة ــك ع ــل ل ــة اإلسالم ه ــلـا م ــوي

اــره ـــيــم ــى عهدكم مزن يصوب ن ـق ـس

اـــوره ـــصروف ده ــالــودارت عليكم ب

سفيرها عرصات الحشر يأتىلدى

اـره ـيــعــوى حرق سحم تـلظى س ــس

قضى أش ـاـــره ـــيــــا وزف ـــه ــان ــج ــوال تـنـ

اـــوره ــش ــم العداة ن ــأيـرجى على رغ

1اــدوره ــدور ص ـص ــألرجائها يشفي ال

األندلســيون فيهــا الــيت خلــد عصــور األدبأحــد يفهــذا املنطلــق ارتأيــت أن تكــون دراســيت مــن

أحســن الــذي يعـد مـن يف عصــر امللـوك والطوائـف الرومنسـيعلــى الشـعر شـعرهم، ووقـع االختيـارأروع

. كن أروعها على اإلطالقيالضائعة، إن مل العصور األدبية

.337م ، ص1987-ه 1407، الطبعة الثالثة دار املعارف القاهرة، دراسات اندلسية ،الطاهر أمحد مكي 1

مــة:مـــقــد

ب

يـــري حنـــو األفضـــل فتـــأىب اجلمـــود والتقوقـــع، والتفكـــري إىل التغ ومعلـــوم أن الطبيعـــة البشـــرية تصـــبو

الـــذي يريـــد العقـــل النقـــدي احلـــديث هـــو أحـــد نتـــاج الفكـــر اإلنســـاين وصـــورة مـــن صـــور هـــذا التجديـــد

البشري من خالله صرب أغوار ا�هـول لـذا كانـت دراسـيت تسـري وفـق أحـد هـذه املنـاهج احلديثـة املتمثلـة

ســيدرس الباحــث مــن خالهلــا اخلصــائص جــراءات األدائيــة الــيت يف األســلوبية باعتبارهــا جمموعــة مــن اإل

واألسلوبية كما يرى النقاد علم يتناول النص بدراسة مسـتوياته املتعـددة األسلوبية يف الشعر األندلسي،

واملرتاكمــة يف عمــل اللغــة واخلطــاب، فتقــوم بتحليــل كــل عنصــر مــن العناصــر املكونــة للغــة الــنص يف أي

ملفــردة، وإمنــا بوجودهــا يف حــزم مــن الوقــائع اللغويــة، لــذا كانــت الدراســة األســلوبية مســتوى ال بصــور�ا ا

. احلديثة هي القادرة على مواجهة النص وكشف جتلياته وإبراز مجالياته

وقـد سـار البحـث وفـق مـنهج الوصـف والتحليـل الـذي يقـوم علـى وصـف اخلصـائص األســلوبية

.يف النص مث يقوم بتحليلها

ميكـن طــرح ،االنسـانية وجتســيد لوجـدان الشـاعر ربـة الشـعرية هــي تصـوير للمشـاعرومبـا أن التج

الت التالية :التساؤ

هل استطاع الشاعر األندلسي جتسيد مشاعره اخلاصة يف قوالب شعرية . -

وكيف أثرت املرأة األندلسية يف تشكيل الصورة الشعرية . -

تقسـيم البحــث الباحـث الدراســة اقتضـىووفقـا هلـذه الغايـة الــيت يسـعى الباحـث إىل تفعيلهـا يف

مقدمة مث مدخل وفصل نظري وبعدها ثالثة فصول تطبيقية . إىل :

لناحيـة السياسـية والتطـور فيه بإجياز عـن عصـر الطوائـف مـن ا : فتحدث الباحث أما المدخل

.األديب

عـرب يدرس الباحث املنهج األسلويب مـن ناحيـة املصـطلح واجلـذور عنـد ال :وفي الفصل األول

والغرب والتجاهات األسلوبية كما حتدث الباحث فيه عن عالقة األسلوبية بالعلوم األخرى .

: يــدرس الباحــث املســتوى الصــويت للمدونــة املــراد التطبيــق عليهــا، بــأدوات وفــي الفصــل الثــاني

ونظريــات ترصــد صــدى كــل املكونــات اإليقاعيــة، بــدءا باإلطــار اخلــارجي الــذي يهــتم بدراســة البحــور

الشــعرية والقافيــة والــروي الــيت تنتهــي بــه املدونــة وعالقــة ذلــك باملوضــوع ، مــرورا إىل املوســيقى الداخليــة

مــة:مـــقــد

ج

بدراســـة الســـجع واجلنـــاس والتكـــرار ومـــدى متكـــن الشـــاعر األندلســـي مـــن توظيـــف خمتلـــف الـــذي يهـــتم

الظواهر الصوتية .

تلــف الظـــواهر مســتوى الصــورة وفيــه يــتم اســتخراج خم الباحــث سيــدري: وفــي الفصــل الثالــث

: ينارة الكنايــة ، واملبحــث الثــاالتشــبيه واالســتعوفيــه إىل مبحثــني: املبحــث األول البالغيــة وقــد قســمه

فيه الصور احلسية ، كالصورة البصرية والشمية واللمسية . درس

الذي يفحص فيه الباحث مستوى الرتاكيب عند شعرء الطوائف يف هذه :الفصل الرابعوفي

احلقبــة مــن الــزمن، والــذي يــتم فيــه اســتخراج خمتلــف املســتويات النحويــة البالغيــة بــدءا باألســاليب الــيت

، مـرورا إىل ظـواهر التقــدمي والتـأخري يف اجلملـة الشــعرية األندلسـية مبختلــف اسـتعملها الشـاعر األندلســي

أشكاهلا .

مث أخلــص إىل خامتــة فيهــا معظــم النتــائج الــيت توصــل إليهــا الباحــث مــن خــالل هــذه الرحلــة يف

قصائد األندلسيني يف عصر الطوائف .

لـــت الشـــعر األندلســـي وال يفـــوتين أن أشـــري إىل مـــا ســـبقين مـــن الدراســـات الـــيت ســـبق وأن تناو

بالبحث يف عصر الطوائف، واليت كانت موزعة بـني مـن درس الشـعر األندلسـي بإمجـال ومـن الدارسـني

مـــن تنـــاول مـــدونات لشـــعراء بعيـــنهم يف هـــذه احلقبـــة بالـــذات، فممـــن قـــام بدراســـة جمملـــة علـــى عصـــر

شعر األندلسي عصـري اخلالفـة الطوائف الدكتور أزاد حممد كرمي الباجالين يف كتابه القيم اجلمالية يف ال

والطوائــف أمنوذجــا وفيــه قــام الباحــث بدراســة فنيــة مجاليــة علــى أشــعار األندلســية بإمجــال، وفيهــا قــام

بالتطبيق والتحليل على خمتلف األغراض الشعرية دون حتديد، ومن الدراسات الـيت ختصصـت بـالتطبيق

مــا قــام بــه الــدكتور شــاكر لقمــان يف علــى مدونــة معينــة مــن مــدونات هــذه احلقبــة مــن عصــر الطوائــف

ـــه الـــداليل للظـــاهرة كتابـــه "شـــعر ملـــوك الطوائـــف يف األنـــدلس_ املعتمـــد ابـــن عبـــاد _، وكتـــاب التوجي

النحوية يف شعر ابن زيـدون للـدكتور أميـن حممـود موسـى، وفيـه قـام بدراسـة مسـتويات الرتكيـب يف شـعر

وحسـيب يف هـذا البحـث أين قـد مجعـت مـان ابن زيدون وخصصه بالدراسة علـى ظـواهر حنويـة حمـددة ،

لسـيني يف عصـر مفرقا بني الدراسات املتعددة، حيث قمت بدراسة الشعر الوجداين لدى الشعراء األند

احلقبــة مــن خمتلــف دويــالت هــذه الشــعر الرومنســي ألهــم شــعراءالتطبيــق علــى الطوائــف، وفيــه قمــت

نـدلس مدينـة بلنسـية ومـا جاورهـا ، ومثـل شـعر فابن خفاجة ميثل شعر اجلانب الشرقي من األ الطوائف

مــة:مـــقــد

د

قــد أخــذوا شــبيلية، والشــك أن شــعراء إابــن حــزم القــرطيب شــعر أمــراء قرطبــة الــيت حكمهــا بنــو جهــور

القدر الكايف يف الدراسة والذكر، ذلك ملا شكله هذا القطر األندلسي مـن اهتمـام للشـعراء واألدبـاء يف

كــل حــدب وصــوب لتصــبح صــرحا ثقافيــا بــاء والشــعراء مــنخمتلــف أقطــار األنــدلس، فجــذب إليهــا األد

من الشعراء . افابن زيدون قدم إليها من قرطبة وابن محديس من صقلية وغريمه

ال يفــوتين أن أشــري إىل الصــعوبات الــيت واجهتــين، وهــي صــعوبة تطبيــق املــنهج األســلويب علــى و

حصــاء يف كثــري مــن املــواطن، ومــع ذلــك حقبــة زمنيــة كبــرية مثــل هــذه، ألن املــنهج األســلويب يقتضــي اإل

حاول الباحث بالتوفيق بني خمتلف املدونات الشعرية .

أمـــا مصـــادر الدراســـة ومراجعهـــا فكثـــرية متعـــددة، ويف مقـــدمتها نفـــح الطيـــب ألمحـــد بـــن حممـــد

واألدب األندلسي التطور والتجديـد حملمـد عبـد املـنعم خفـاجي، واالجتـاه البـدوي يف الشـعر التلمساين،

وغريهــا مــن ندلســي لفوزيــة عبــد اهللا العقيلــي، والقــيم اجلماليــة يف الشــعر األندلســي آلزاد البــاجالين، األ

الكتب اليت سيأيت ذكرها يف مكا�ا .

وختامــا أمحــد اهللا علــى نعمــه الظــاهرة والباطنــة ، وعلــى تــوفيقي يف إجنــاز هــذا البحــث ، كمــا ال

، إجناح هذا العمـل مـن قريـب أو بعيـدأو ساعد، يف أنسى أن أتوجه بالشكر اجلزيل إىل كل من ساهم

وأخــص بالــذكر األســتاذ املشــرف: الــدكتور حممــد بــن صــاحل ، وكــذلك األســتاذ واألب الروحــي الــدكتور

حممد زهار .

5

دخــــــلــم

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

6

تطور األدب العربي في عصر الطوائف عند األندلسيينمدخل:

أوال: الحياة السياسية في عصر ملوك الطوائف

يا : األدب في عصر ملوك الطوائف ثان

ثالثا : صورة المرأة في األدب األندلسي

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

7

تمهيد :

ي نظامـــا سياســـيا حمكمـــا نـــزع إىل القـــرن اخلـــامس اهلجـــر عرفـــت األنـــدلس منـــذ الفـــتح حـــىت �ايـــة

اع كــل عناصــر الســكان إىل حكــم العاصــمة املركزيــة قرطبــة، حتــت حكــم أمــراء بــين أميــة مــن لــدن ضــإخ

دخول عبد الرمحان الداخل إىل األندلس ، فأسس فيها حضارة شاخمة البنيان، خالدة على مر الزمـان،

ملشـــهورة تنـــافس بغـــداد يف العلـــوم والفنـــون، واقتنـــاء الكتـــب حينمـــا أخـــذت قرطبـــة وغريهـــا مـــن املـــدن ا

واسهواء العلماء للمكوث �ا ، وال سيما عندما أخذ بنو أمية يف جماراة خلفـاء بـين العبـاس يف اإلفاضـة

علـى العلمــاء واألدبــاء بالعطايــا ولــذلك ملـا قــدم أبــو علــي القــايل إىل األنـدلس يف زمــن الناصــر، أمــر ابنــه

يه يف وفد مـن وجـوه قومـه تكرمـة لـه، وباسـم احلكـم طـرز القـايل كتابـه األمـايل، ليعتـين بـه احلكم أن يلتق

األندلســيون بعــد ذلــك حفظــا وشــرحا كمــا فعلــوا مــع غــريه مــن كتــب النحــو واألدب، فكانــت أمهــات

كتب األدب تروى يف األندلس بالسند املتصل ، ومن ذلـك قـول احلكـم:"مل يصـح كتـاب روايـة كتـاب

وذاع فــن العمــارة واهلندســة واملوســيقى والغنــاء ، فاختــذ ،1 دنا إال مــن روايــة ابــن أيب قالعــة "الكامــل عنــ

عبد الرمحان الثـاين القصـور واملنتزهـات، وجلـب إليهـا املـاء مـن اجلبـال وأقـام اجلسـور ، وذاعـت املوسـقى

و مغنيـة بعــث يف يف أيامـه ذيوعـا كبــريا، حـىت كـان الطــرب يغشـى كـل دار، فكــان األمـري إذا مسـع مبغــن أ

طلبهــا، ومـــن ذلـــك مــا يـــروى أن أبـــا عــامر بـــن ينـــق كتــب إىل هنـــد جاريـــة حممــد بـــن عبـــد اهللا الشـــاطي

يدعوها إىل جملسه :

ل س ل نبذوا المحارم غير شرب الس ة ــــــــــي ــــت ـــارة ف ــــيا هند هل لك في زي

ل و ل األ ـــيـقـثـي الــودك فـات عــمــغــــن وار ك ذ ت سمعوا البالبل قد شدت فـ

فأجابته :

ل و األ راز ــــطـــن الــــوف مـــم االنـــش ة اد ـــــن س ــــال مــعـيا سيدا حاز ال

2 ل و األ كنت الجواب مع الرسول ين ن حسبي من اإلسراع نحوك أ

. 229، ص2الرافعي: تاريخ آداب العرب ، مكتبة اإلميان ، األزهر ،الطبعة األوىل ،جمصطفي صادق 1

. 12م، ص 1992_1413األوىلعبد املنعم خفاجي ، تاريخ األدب األندلسي ، دار اجليل بريوت ، الطبعة 2

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

8

: أوال: الحياة السياسية في عصر ملوك الطوائف

كانـت ثـورة قرطبــة علـى أوالد املنصــور بـن أيب عــامر، والفتنـة الكــربى الـيت أعقبتهــا قاضـيتني علــى

اخلــامس اهلجــري أصــبحت بــالد األنــدلس لقــرنااخلالفــة وبعــد أن تالشــت الدولــة األمويــة يف منتصــف

الت فنت داخلية عنيفة، كانت غايتها تشتيت الوحـدة األرضـية والسياسـية، فتكونـت حينئـذ دويـ ميدان

صغرية متباينة تتفاوت قو�ا، قال ابن خلدون :"ملـا فسـدت عصـبيتها_األندلس_ مـن العـرب ، اسـتوىل

ملوك الطوائف على أمرها واقتسموا خطتها، وتنافسـوا بيـنهم وتوزعـوا ممالـك الدولـة ، وانتـزى كـل واحـد

ية ، فتلقبـوا بألقــاب مـنهم علـى مــا كـان يف واليتــه ومشـخ بأنفــه ، وبلغهـم شــأن العجـم مــع الدولـة العباســ

، ومل يكــن مههــم إذ ذاك إال االحتيــال 1امللــك ولبســو شــارته ،وأمنــوا ممــن يــنقض ذلــك علــيهم أو يغــريه "

يف البقاء على رأس اململكة ويف توسيع أراضيهم وحتصينها باالستالء على أراضـي جـريا�م ، وقـد أشـار

ه االذع يف مقدمة كتابه يف التاريخ بقولـه :" ابن حيان معاصر الفتنة اليت أسفرت عن قيام دوهلم بأسلوب

وأنســأتين املــدة إىل أن حلحقــت بيــدي منبعــث هـــذه الفتنــة الرببريــة الشــنعاء املدهلمــة، املفــردة للجماعـــة

اهلادمــة للمملكـــة املؤثلــة، املغربـــة الشــأو علـــى مجيــع مـــا مضــى مـــن الفــنت االســـالمية ، ففاضــت أهواهلـــا

، وبعــد ذلـك تفرقــت الكلمــة يف األنــدلس 2 ين أن ال خملــص منهــا .."تعاظمـا أوهلــين عــن تقييــدها ،وومهـ

وأصبح لكل مدينة أو إقليم حاكمه املستبد باألمر ، ومن أبرز هؤالء :

: وحاضـر�م اشـبيليا ، مؤسـس الدولـة هـو إمساعيـل بـن عبـاد أنشـأ الدولـة بنو عباد اللخميون -

يف إشـبيليا مث ظللــت تتســع حـىت أصــبحت أكــرب دولـة مــن دول الطوائــف ، فقـد اســتوىل املعتضــد علــى

، مث فــتح شــلب وعلــى جزيــرة شــلطيش وشــنتمرية الغــربلبلــة وعلــى حصــون مــن مملكــة بــين األفطــس ،

وبذلك أصبحت الدولة متتـد مـن شـرقي الـوادي الكبـري حـىت احملـيط األطلسـي ووىل عليها ابنه املعتمد ،

غربــا واجلزيــرة اخلضــراء جنوبــا ، إال أن املعتــد بــن عبـــاد ظــل يــدفع اجلزيــة للفونســو كأبيــه املعتضــد حـــىت

اضطر إىل االستعانة باملرابطني بعد سقوط طليطلة .

: أصـــحاب سرقســـطة أو الثغــــر األعلـــى اســـتولو عليهـــا ملـــا زال ملــــك بنـــو هـــود الجـــذاميون -

ــأمون بــن ذي النــون ، وجلــأ كــل التجيبيــني منهــا ، وأول بــين هــود ســليمان الــذي كــان يف حــرب مــع امل

.22م ، ص1408هنري برييس ، الشعر يف عصر الطوائف، ترمجة هنري برييس ،دار املعارف ، الطبعة األوىل - 1

الذخرية ،. - 2

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

9

منهما إىل ملك من ملوك االسبان ،وقبل موت سليمان قسم مملكته بني اوالده اخلمسة ، فجعـل منهـا

. 1تسلمها املرابطون بدعوة من أهلها، مث هـ 502ة إىل ان قتل املؤمتن سنة مخس ممالك متنابذة متنازع

، رشحوا أنفسهم للخالفة بعد الفتنة الرببريـة ، فأصـبح علـي بـن محـود بنو حمود الحسنيون -

خليفــة علــى قرطبــة وتلقــب بالناصــر ، ووىل بعــده أخــاه القاســم بــن محــود بــن املــأمون مث ثــار عليــه ابــن

ي مبالقــة واســتوىل علــى قرطبــة وتســمى بــاملعتلي، كــان ســبب ضــعف احلمــوديني هــو أخيــه حيــي بــن علــ

هـ . 446الصراع بينهم إىل أن استوىل على مملكتهم بنوا عباد سنة

يف غرناطة ومالقة ، نظـم هـذه اإلمـارة حبـوس بـن مـاكس ، وكـون هلـا بنو زيري الصنهاجيون -

اثيــق مــودة ، مث بــدأ يف التوســع فاســتوىل علــى قــربة جيشــا وعقــد بينــه وبــني االمــراء ا�ــاورين عهــودا ومو

وجيان ، مث ملا مات خلفه ابنه باديس الذي كانت بينه وبني زهري العـامري صـاحب املريـة حـروب حـىت

قتل زهري مث مـد نظـره إىل مـا يف يـد بـين محـود فاسـتلى علـى مالقـة ، وملـا تـويف بـاديس ويل احلكـم بعـده

وبني ابن عباد منافسة ، إىل أن سقطت طليطلة بيدي الفونسو ، فـاتفق عبد اهللا بن بلقني وكانت بينه

أمراء األندلس على االستعانة باملرابطني .

وكانـت م بينـه وبـني ابـن عبـاد اشـتباكات ومعـارك متعـددة ، بنو األفطس أصحاب بطليوس -

ر ، الــذي ومــع بــين ذي النــون مــن جهــة أخــرى ، ومــن أشــهر رجاهلــا حممــد بــن األفطــس امللقــب بــاملظف

وقف ضد فرناندو ملك قشالة إىل ان اضطر إىل دفع اجلزية يف النهاية وما زال على هـذا إألى ان أزال

ملكه املرابطون ..

اعيــــل بــــن ذي النــــون امللقــــب ، ومــــن بــــني رجاهلــــا امس بنــــو ذي النــــون وعاصــــمتهم طليطلــــة -

بيليا معــارك وحــروب ، وكانــت بينــه وبــني ابــن هــود صــاحب سرقســطة ، وابــن عبــاد صــاحب اشــبالظــافر

ة ،ر مث غزا بلنسـية فاسـوىل لتوسيع اململكة فدعاه طمعه إىل اللجوء إىل االستعانة بالفونسو ودفع اجلزي

، وحــاول االســتالء علــى قرطبــة فمنعــه ابنعبــاد مــن ذلــك ، وملــا تــوىل احلكــم حفيــده حيــي القــادر عليهــا

فاســـغل الفونســـو الفرصـــه بعـــد ذلـــك ، اضـــطرمت مـــن حولـــه الفـــنت فلجـــأ إىل الفونســـو إلرجـــاع مملكتـــه

واستوىل على طليطلة عندها تيقن امللوك ا�اورين اخلطر احلادق �م .

. 14إحسان عباس : تاريخ األدب األندلسي ، ص - 1

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

10

وأول القائمني باحلكم عليها أبو احلـزم ابـن جهـر باختيـار واتفـاق بنو جهور ومدينتهم قرطبة -

دون اللجــوء إىل مــن اهلهــا وكانــت تشــمل دولــتهم جيــان وأبــده وبياســة ، وقــد ســار بسياســة املهادنــة

احلــرب، مث خلفـــه بـــد ذلـــك ابنـــه الوليـــد بـــن جهـــور وســـار علـــى �ـــج أبيـــه إىل ان ســـقطت املدينـــة يف يف

.1 يدالعباديني بعد ارعني سنة من احلكم

2 . بنو صمادح وعاصمتهم المرية وحكموا نحو نصف قرن -

سـوء العواقـب إال أن وعلى الرغم من هذا التمزق السياسي اخلطري ، الذي كان يـؤذن بأ

احليــاة الثقافيـــة شـــهدت يف ظـــل هـــذه االنقســـامات انتعاشـــا خطـــريا ، مـــداه املنافســـة بـــني هـــؤالء األمـــراء

والتهافـت علــى الشــهرة وحــب االســتماع إىل مــدائح الشـعراء فــيهم ، فهــو انتعــاش عــارض مل يســتند إىل

فهم :دوافع دينية أو قومية أو فكرية حقيقية وقد أحسن ابن رشيق يف وص

ـس ــــــل د ـــن مما يزهدني في أرض أ

اه ع ض و ألقاب مملكة في غير م

ــد ــض ــــت ــــع ــــم ا و ـــهــــيـــأسماء معتمـد ف

3د س كالهر يحكي انتفاخا صولة األ

. 14، ص 2011،رام اهللا ،إحسان عباس : تاريخ األدب األندلسي ، دار الشروق للنشر والتوزيع - 1

. 21م ، ص1999حممد زكريا عناين : تاريخ األدب األندلسي ، دار املعرفة اجلامعية ، - 2

. 21حممد زكريا عناين : تاريخ األدب األندلسي ، ص - 3

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

11

ثانيا : األدب في عصر ملوك الطوائف .

الثـــاين مـــن حكـــم االنـــدلس إال أن احلركـــة رغـــم الفـــنت واالضـــطرابات الـــيت شـــهدت هـــذا العصـــر

الثقافيـــة اســـتطاعت أن ختطـــو خطـــوات عمالقـــة ، احتضـــنتها قصـــور امللـــوك واألمـــراء ، ذلـــك يرجـــع إىل

امـــــــتالك ملـــــــوك األنـــــــدلس للحـــــــس األديب ، حيـــــــث كـــــــانوا يتذوقونـــــــه أحســـــــن تـــــــذوق ، ويقرضـــــــون

يتنافسـون يف تعهـد األدبـاء وإثابـة واألديب بقيمة األديب ، والشاعر آنـس بالشـاعر فكـانوا هلـذا الشعر

. 1الشعراء ويبالغون يف إكرامهم وإجزال العطاء هلم

، ك بالدرجـة األوىل إىل شـخص احلـاكمهذا كله جعل احلركة األدبية والعلمية تنشط ، ويرجع ذلـ

حيــث إن كـــل ملـــك مـــنهم ، كــان يســـعى إىل جعـــل جملســـه حجـــة للعلمــاء ، وقـــد أشـــار إىل ذلـــك أبـــو

الوليد الشقندي حيث قال :"فما كان معظم مباها�م إال قول : العامل الفـالين ، عنـد امللـك الفـالين

د العـــامري ، وينقـــل ابــن حيـــان يف ترمجـــة أيب اجلــيش جماهـــ2والشــاعر الفـــالين خمـــتص بامللــك الفـــالين "

صاحب دانية أنه :" ... كـان أديـب ملـوك عصـره ملشـاركته يف علـم اللسـان ، ونفـوذه يف القـرآن ، عـين

بذلك من صباه وابتداء ذلك عند اكتهاله ... ومجع من دفاتر العلوم خزائن مجـة ، وكانـت دولتـه أكثـر

يـذكر ابـن بسـام عـن ملـوك ، ومـن ذلـك مـا 3الدول خاصة وأسراها صحابة ، النتحالـه الفهـم والعلـم "

بـين العبـاد يف إشـبيلية ، الـيت كانـت قاعـدة اجلانـب الغـريب مـن اجلزيـرة ، حيـث قال:"اشـتمل هـذا القطــر

الغــريب ألول تلــك املــدة علــى بيــيت حســب ، ومجهــوري أدب ، مملكتــان مــن خلــم ومتــيم ، مصــرتا بــالده

ء من بـني سـابق ومسـبوق ، وكلمـا نشـأ مـن وأكثرتا رواده فأتاه العلم من كل فج عميق ، وتبادره العلما

، وهـذا مـا يفسـر لنـا االجتمـاع الـوفري لألدبـاء والشـعراء يف 4هـذين البيتـني أمـري كـان إىل العلـم أطلـب "

حضـــرة ملـــوك بـــين العبـــد يف اشـــبيلية ، حيـــث تـــذكر لنـــا كتـــب تـــواريخ األدب أنـــه مل جيتمـــع مـــن فحـــول

سالم ، مبثـل مـااجتمع ببـاب الرشـيد والصـاحب ابـن عبـاد الشعراء وامراء البيان بباب أحد من ملوك اال

واملعتمد ، فكان بباب الرشـيد مثـل أيب نـواس وأيب العتاهيـة ، وكـان ببـاب الصـاحب ابـن عبـاد إيل بكـر

اخلوارزمي ،و أيب القاسم الزعفراين وكان يف حضرة املعتمد ابـن عبـاد االديـب الشـاعر ابـن زيـدون وابـن

.273عبد املنعم خفاجي : األدب األندلسي التطور والتجديد ، ص - 1

. 190، ص 03ه ،مج 1388م_1968إحسان عباس ،دار صادر بريوت ،املقري : نفح الطيب ، تح - 2

.12، ص 03ابن بسام : الذخرية، الدار العربية للكتاب ليبيا _تونس، مج - 3

.12،ص03ابن بسام : الذخرية،مج - 4

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

12

أن يظفــر -وامــري الدولــة ووزيرهـا شــاعران –ابــن محــديس وغـريهم ، فلــيس غريبـا اللبانـة وابــن وهبـون ،و

،عتمـــد :" كانـــت حضـــرته مطمحـــا للهمـــمالشـــعراء حبظـــوة كبـــرية يف بالطهـــا ، قـــال ابـــن خاقـــان عـــن امل

ومســرحا آلمــال االمــم ، وموقفــا لكــل كمــي ، ومقــذفا لــذي أنــف محــي ، مل ختــل مــن وفــد ، ومل يصــح

، فاجتمع حتت لوائه من مجاهري الكماة ، ومشـاهري احلمـاة ، أعـداد يغـص �ـم جوها من انسجام رفد

الفضــاء ، وأجنــاد يزهــى �ــم النفــوذ واملضــاء ، وطلــع يف مسائــه كــل جنــم متقــد ، وكــل ذي فهــم متقــد ،

فأصبحت حضرته ميدانا لرهان األذهان ، وغاية لرمي هدف البيـان ، ومضـمارا إلحـراز خصـل يف كـل

.1معىن وفصل "

شهد هذا العصر تطورا واسعا من نواحيه املختلفة ، حـىت ليصـح القـول بـأن صـور الشـعر ولذلك

األندلسي يف عصر الطوائف قد اكتملت أو كـادت، وتعـددت أمسـاء األدبـاء الـذين بسـتوقفون الـدارس

.2األديب ، وتكاثرت املراكز األدبية ، وكثر املمدوحون ، وأصبحت املنافسة أشد وأقوى

لنا على ذلك هو شغف األندلسيني بالعربية ، فلدينا معلومـات كافيـة ودقيقـة عـن املنـاهج ومما يد

الرتبويـة الـيت كـان جيــري عليهـا العمـل يف إســبانيا االسـالمية ، إذ يكفـي أن جنمــع اإلشـارات الـيت قــدمها

قلـه لنـا مـا ن ، ومـن ذلـك3لنا املؤرخون العرب ومدونوا السـري والـرتاجم عـن حيـاة هـذا الشـخص أو ذاك

ابــن خلــدون رمحــه اهللا يف مقدمتــه عــن ابــن العــريب ورحلتــه يف طريــق التعلــيم إذ قــال:" قــدم تعلــيم العربيــة

.4، كما هو مذهب أهل األندلس ، ألن الشعر ديوان العرب "معلى سائر العلو

م ، ص 2008ه_ 1429آخنل جنثالث بالنثيا : تاريخ الفكر األندلسي ،مكتبة الثقافة الدينية ،القاهرة، الطبعة الثانية - 1

123.

.76إحسان عباس : تاريخ األدب األندلسي ، ص - 2

هنري برييس : الشعر األندلسي يف عصر الطوائف، ترمجة أمحد الطاهر مكي، دار املعارف ،الطبعة األوىل - 3

.30م ص 1988ه_1408

. 30هنري برييس : الشعر األندلسي يف عصر الطوائف ، ص - 4

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

13

: ثالثا : صورة المرأة في األدب األندلسي

لنفســها مكانــة رفيعـــة فقصــدها الشــعراء واألدبـــاء، مثلــت املــرأة يف األنــدلس دورا بـــارزا، واختــذت

فللمرأة معىن كبري أعدته العناية اإلهلية لوظيفة سامية للغاية وهي حفظ النوع البشـري واسـتدامته، وهـي

خملوق شفاف املشاعر رقيق العواطف، متثل قيمة حقيقية يف بناء ا�تمع .

تكرميا حـىت عـدت موضـع تقـدير املـؤرخني وللمرأة كذلك قيمة عالية عند الرجل ووجدت إعزازا و

وإعجا�م فقد خلد األندلسيون املرأة، فهي تؤثر علي الرجل طوال حياته من الوالدة حىت الوفاة، فهـي

متــأل حياتــه بأمومتهــا عنــدما يكــون طفــال ال يعــرف مــن حولــه غريهــا، مث متــأل قلبــه ووجدانــه عنــدما مييــل

لشعراء األندلسيني تبدأ من املـرأة األم حيـث يرثـي ابـن محـديس أمـه إليها فالقيمة اإلنسانية للمرأة عند ا

معتما على آي القرآن الكرمي بقوله :

اءـــــوب دمـــصـــري بــاظـــــلوبكى ن

من توسدت في حشايا حشاها

يــنـتـلـمـا حـــمــا كـــرهــــوضعتني ك

يــــــماوفي باألسى بحسرة أم

يــــوارتدى فيه والجلد عظم

1وجرى ثديها بشربي وطعمي

نا اإلنســان بوالديــه إحســانا حملتــه أمــه كرهــا حيـث يشــري يف البيــت الثالـث إىل قولــه تعــاىل :" ــيـ ووص

.134" سورة األحقاف اآلية ووضعته كرها وحمله وفصاله ثالثون شهرا

وهذا املعتمد بن عباد يصور زوجته املرأة وبناته الثكلى اليت تفقد ابنيهـا بعـد خلـع زوجهـا املعتمـد

مـن احلكـم، وهـي حانيـة يتمــزق فؤادهـا أملـا وحسـرة وتنهمـر دموعهــا وتتصـرب بـالتقوى واحتسـاب األجــر

بقوله :

ام ك ي ل معي األخوات هالعات ع

ه ـــل ــــث ـــتبكي بدمع ليس للغيث م

اـــــك ـــب ــــل ـــــتذللها الذكرى فتفرغ ل

م ر ـــــــــــــــــــض ــــم ــــــى الـــــلـــــكـــثـــــا الــــــمــــــكــــــــــوأم

ر ج الصدر وتزجرها التقوى فتصغي إلى الز

2ر ــــــج ى األ ـــلـــا عـــــحـــوتصبر في األحيان ش

. 98،ص 2015، 1صورة املرأة يف األدب األندلسي، دار التوحيدي بالرباط ،ط ،سليمان القرشي -1

. 61ص 1963احللة السرياء ،تح حسني مؤنس ، دار املعارف ، القاهرة ، الطبعة األوىل ، ابن اآلبار،-2

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

14

عبـاد يصـور لنـا زوجتـه وبناتـه ومـدى أملهـن علـى فقـد االبـن واألخ ، وقـد أصـابه مـن فاملعتمـد بـن

الرزايا ما أصابه بعد دخول يوسف ابن تاشفني إىل األندلس .

ويعـــد الغـــزل مـــن أوســـع األغـــراض يف الشـــعر العـــريب بصـــفة عامـــة، ويف الشـــعر األندلســـي بصـــفة

رأة ، "وقـــد وصـــف الشـــعراء مـــن املـــرأة دالهلـــا خاصـــة، وكـــان وراء إبـــداع الشـــاعر يف الغـــزل هـــو مجـــال املـــ

وفصلوا هذا اجلمال وهذا الـدالل وصـريوا كـل مـا راق منهـا حلنـا شـجيا وشـعرا مجـيال وصـورا بـاهرة، فـإذا

كانت املرأة قد قلدت جيدها بفرائد الدر، و�ارات الالئـي، فقـد قلـد الشـعراء هـذا اجليـد بصـور وأنغـام

بقيـــت مـــن نفـــوس عظيمـــة نبيلـــة، تعـــرف حـــر الكـــالم واســـتمتاعه تبقـــى جـــد�ا وعـــذوبتها وحالو�ـــا مـــا

.1باحلديث إليها واحلديث عنها ووصف مشاعره حنوها، وما ينازع عن هذه املشاعر وتروي أخباره"

ولذلك كرس الشاعر العريب بالعموم واألندلسي خصوصا جل شعره بذكر احملبوبـة ، فقـد قيـل يف

ـــر مـــا قيـــل يف الزوجـــة واألم والبنـــت، والغـــزل مـــن أكثـــر األغـــراض الشـــعرية شـــيوعا التصـــاله احلبيبـــة أكث

بالطبيعــة اإلنســانية، والغــزل فرعــان غــزل مــادي حســي وغــزل معنــوي عفيــف، فالشــاعر األندلســي تــأثر

جبمال املرأة ورقتها مـا جعلـه يـنظم صـورا بديعـة يف وصـف وجدانـه، للتمـازح احلاصـل بـني مجـال الطبيعـة

أسباب ذلك، وخاصة يف عصر الطوائف الـذي متيـز بشـيوع الـرتف وجمـالس األنـس وفتنة املرأة مع توفر

واللهــو وكثـــرة األمـــوال، وقـــد روت لنــا كتـــب التـــواريخ الكثـــري مـــن قصــص احلـــب الـــيت نقشـــف يف ذاكـــرة

التاريخ خـالل هـذه احلقبـة مـن الـزمن، ومـن ذلـك مـا جـرى بـني ابـن زيـدون ووالدة بنـت املسـتكفي الـيت

الشعراء، و�ر مجاهلا أهل الزمان وقد كانت بأ�ا على حد تعبري ابن بسـام :"كانـت شغل ذكرها ألسنة

يف نســـاء أهـــل زما�ـــا واحـــدة أقرا�ـــا حضـــور شـــاهد وحـــرارة أوابـــد، وحســـن منظـــر وخمـــرب وحـــالوة مـــورد

ومصدر، وكان جملسها بقرطبة منتدى ألحرار املصر ، وفناؤهـا ملعبـا جليـاد النظـر والنثـر ... إىل سـهوله

.2جا�ا، وكثرة منتا�ا ختلط ذلك بعلو نصاب وكرم أنساب ، وطهرة أثواب "ح

.241، ص 1991دراسة يف البالغة والشعر، حممد حممد أبوموسى،-1

.102االندلسي، ص تاريخ األدب حممد زكريا عناين ،-2

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

15

ويف كتب التاريخ وعلى رأسها كتاب الذخرية روايـات عمـا وقـع بينهـا وبـني ابـن زيـدون مـن حـب

وكان ذلك يف أيام شبا�ما ، فهي اليت كتبت له :

يـــــــــــــت ار ــــي الم ز ـــظــــترقب إذا جن ال

اد ا ب منك ما لو كان بالبدر م وبي

ر ــــــس ـــــل ــم ل ـــــتــــفإني رأيت الليل أك

1ر س وبالليل ما أدجى وبالنجم لم ي

وهذا ابن زيدون ينتظر لقاء حمبوبته والدة على أحر من اجلمر بقوله :

اــــي ر ــــت ــــة والـــعــــجــــد هـــعــزارني ب

ف ش أعذب ر فرشت الرضاب

م ــس ـــج ـــم ب ــــســـــف جـــلـــونعما ب

اـــاه ـــج لى د ــجــة تــلــيــيالها من ل

ر ــــيـــــش ــــالم ب ـــظــــــة تقدير الـــــراح

ر ص وهصرت القضيب أطلف ه

ر ـــــغ ـــــثـــر ب ــــغـــرع ثـــي وقــافـصـــتـــلل

2ر ــج ــــضوء ف من سنا وجنتيه عن

فـابن زيــدون بعــد أن وقــع يف حــب والدة ظــل زمنــا طــويال، وهــو حيــرتق بنــار اهلجــر والبعــد إىل أن

ة والنشـــوة الـــيت حصـــل عليهـــا جـــاء يـــوم اللقـــاء بينـــه وبـــني والدة، فـــنظم هـــذه األبيـــات يف وصـــف اللـــذ

يأيت خـالل الدراسـة ، وقد روت كتب تاريخ األدب األندلسي من ذلك الشئ الكثري مما سوفجراءها

اليت سأقوم �ا خالل هذا البحث .

ومن الشعراء األندلسيني الذين أكثروا من ذكر اسم واحـد علـى طريقـة العـذريني ، أو حماكـات

هلذا اجلانب منهم : ابن احلـداد واملعتمـد ابـن عبـاد وأبـو جعفـر بـن سـعيد وابـن احلـداد ، ومـن شـعر ابـن

من مقدمة قصيدة مدحية قوله : احلداد الوادي آشي يف "نويرة"

ئ ــــاط ـــــدس ش ـقــــمـــلعلك بالوادي ال

م ــــه ــــح ــــيد ر ــــاك واجــــي ريــــــــوإني ف

م ه ار ن م ولي في السرى من نارهم و

ئ ـــــاط ت و ــــا أنـــــندي مــهـــفكالعنبر ال

ئ ـــــــــــاش ــــــفروح الهوى بين الجوانح ن

ئ ـــــاف و ـــــوم ط ـــجـــنـــــداة والــــــــداة حـــه

.206، ص04م ،مج1968ه_1388نفح الطيب،تح إحسان عباس ،دار صادر بريوت ، املقري التلمساين، 1

.121الديوان، تح علي عبدالعظيم ،�ضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ،دط،دت، ص ابن زيدون،2

الطوائف عند األندلسيينتطور األذب العربي في عصر ل:ـدخـم

16

ت ــم ــح ــم ــلذلك ما جنت ركابي وح

اـــه ـــل ـــع ــــي او ل ــنــاجـفهل هاجها ما ه

ئ ـــــــــاط ــــب ــــت ـــم ـــعرابي وأوحى سيرها ال

1ئ اج و إلى الوخد من نيران وجدي ل

حنا الشاعر يف هذه القصـيدة منحـى بـدويا، واصـطنع لـذلك أسـلوبا مالئمـا، ونلمـح اإلشـارة فقد

إىل نويرة واضحة يف البيت الثالث .

.58بريوت_لبنان،الطبعة األوىل، ص رضوان الداية، يف االدب االندلسي ،دار الفكر املعاصر 1

17

الفصـــــــــــــل األول

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

18

الفصل األول: األسلوب واألسلوبية المفهوم والداللة.

المبحث األول: األسلوب واألسلوبية.

المطلب األول: مفهوم األسلوب واألسلوبية.

المطلب الثانى: نشأة األسلوب واألسلوبية .

المبحث الثاني: اإلتجاهات األسلوبية.

ألسلوبية التعبيرية.المطلب األول: ا

.لثانى: األسلوبية األدبيةالمطلب ا

الجديدة. النقد او المطلب الثالث: األسلوبية

.»البنائية« المطلب الرابع: األسلوبية الوظيفية

بالعلوم االخرى. األسلوبية عالقة المبحث الثالث:

األسلوبية فى التراث البالغي والنقدي .المطلب األول:

.عالقة األسلوبية بعلم اللغة ى: المطلب الثان

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

19

الفصل األول: األسلوب واألسلوبية المفهوم والداللة.

: تمهيد

الـيت اسـتحدثت يف القـرن وهـي مـن أهـم املصـطلحات من احلقول املعرفيـة احلديثـة ، حقل األسلوبية

صفها منهجا متكامال بو ، سوسري يف اللسانياتوتعود جذورها األوىل إىل املبادئ اليت أرساها دو العشرين ،

منذ اخلمسينات من القرن املاضي أصبح مصطلح األسـلوبية يطلـق علـى مـنهج حتليـل "و، يف دراسة النص

و علمـي موضـوعي أاألعمال األدبية ، حبيث يقرتح استبدال الذاتية واالنطباعية يف النقد التقليدي بتحليل

كال تعبرييـا فقـط ولكنـه انطالقـا مـن ذلـك وال شـك أن األدب لـيس شـ، 1 "لألسلوب يف النصوص األدبيـة

أفكارا ومضامني ورسـالة إنسـانية ، ومواقـف تتخـذ يف جما�ـة ألـوان السـلوك املعـني أو الظـروف املعينـة ، كـل

هذه الظروف اليت حتيط باإلنتاج األديب جعلـت النقـد األديب خـالل القـرن التاسـع عشـر يـرتدد يف اجتاهـات

اللغــوي واملمارســات النقديــة اســتمر يف النقــد األديب حتــت أمســاء خمتفلــة ، خمتلفــة ، هــذا اللــون مــن البحــث

، 2النقد اللغوي حينا والبنائية أحيانا واألسلوبية واألسلوب أحيانا أخرى

ا ولذلك سأحاول من خالل هذا الفصل التمهيدي التعريـف بـاملنهج املتبـع يف التحليـل علـى كثـرة مـ

.قيل فيه ويف مبادئه وإجراءاته

.11حممد عبد املنعم خفاجي ، األسلوبية والبيان العريب،الدار املصرية اللبنانية ، دت ، ص 1

.14، صأمحد درويش ، األسلوبية بني املعاصرة والرتاث ، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة ، دت 2

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

20

واألسوبية :المبحث األول: األسلوب

المطلب األول: مفهوم األسلوب واألسلوبية.

: األسلوبأوال:

قبــل احلــديث عــن املــنهج األســلويب كمــنج لتحليــل النصــوص األدبيــة ال بــد مــن الرجــوع إىل جــذوره

ملعىن اللغـوي العـام بـا كلمـة أسـلوباللغوية ، فإذا تتبعنا جذر الكلمة جند أن العرب القدماء قد استعملوها

"سـلبه الشـيء يسـلبه سـلبا كاختلسـه إيـاه، ومـن :ناقال عن األزهري قوله وقد عرب عن ذلك الفريوز أبادي

ا�ــاز ســلبه فــؤاده وعقلــه، وناقــة وامــرأة ســالب وســلوب ومســلب إذا مــات ولــدها قبــل أو ألقتــه لغــري متــام

سـلبت ورقهــا وأغصـا�ا، وعـن األزهــري: وظبيـة سـالب وسـلوب ســلبت ولـدها، ومـن ا�از:شــجرة سـليب،

، واألسـلوب السـطر مـن النخيـل والطريـق »شجرة سلب إذا تناثر ورقها، والنخل سلب أي ال محل عليهـا«

يأخــذ فيــه وكــل طريــق ممتــد فهــو أســلوب، واألســلوب الوجــه واملــذهب، يقــال:هم يف أســلوب ســوء وجيمــع

ــلك أســــلوبه: ا�ــــاز األســــلوب الشــــموخ يف ومنب حســــنة،طريقته، وكالمــــه علــــى أســــاليأســــاليب، وقــــد ســ

يف اللغـــة وال يزيـــد ابـــن منظـــور صـــاحب لســـان العـــرب علـــى مـــا نقلـــه الفـــريوز أبـــادي، إذ يقـــول :" 1"األنــف

ــل طريــــق ممتــــد فهــــو أســــلوب ــىن الطريــــق املمتــــد أو الســــطر مــــن النخيــــل، وكــ ــن معــ العربيــــة جمــــاز مــــأخوذة مــ

يف أسـلوب سـوء وجيمـع أسـاليب، واألسـلوب الطريـق أنـتم واألسلوب هـو الطريـق والوجـه واملـذهب، يقـال:

تأخذ فيه، واألسلوب بالضم الفن يقال أخذ يف أساليب من القول أي أفانني منـه، وإن أنفـه لفـي أسـلوب

.2كذا إذا كان متكربا

مــن خــالل التعــريفني املنقــولني عــن أصــحاب املعــاجم نالحــظ أ�مــا يتفقــان علــى ان األســلوب هــو

أمـا مـن الناحيـة املعنويـة هـو طريقـة الكـالم واألخـذ يف الرجـل هـذا مـن الناحيـة املاديـة ، الطريق الذي يأخـذ

:"اده لتعريف الفريوزأبادي إذ يقولبعد إير يف أفانني من القول ، وهذ الذي استنتجه حممد عبد املطلب

حممــد مرتضــى الزبيــدي، تــاج العــروس يف جــواهر القــاموس، حتقيــق عبــد احللــيم الطحــاوي، دط،ا�لــس الــوطىن للثقافــة والفنــون واآلداب 1

.3، مج 71م، ص1984هـ/1394بالكويت،

.3 مج، 2058ابن منظور، لسان العرب، حتقيق عبد اهللا علي الكبري وآخرون، دط ت، دار املعارف بالقاهرة، ص 2

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

21

وبالنظر إىل التحديد اللغوي لكلمة األسلوب، ميكن تبني أمرين :

الــذي ميكــن أن نلمسـه يف حتديــد مفهــوم الكلمــة، مـن حيــث ارتبطــت يف مــدلوهلا مبعــىن : البعـد املــادي أوال

الطريــق املمتــد أو الســطر مــن النخيــل، ومــن حيــث ارتباطهــا بــالنواحي الشــكلية أحيانــا كعــدم اإللتفــات مينــة

واليسرة.

. 1": البعد الفين الذي يتمثل يف ربطها بأساليب القول وأفانينه، كما قال ابن منظورثانيا

ماهلا يف بــاب األدب كانــت مالئمــة علــى أن هــذه املعــاين كلهــا تنتهــي بنــا عنــد فكــرة إذا أردنــا اســتع

.فاألسلوب هو فن الكالم يكون قصصا أو حوارا ، تشبيها أو جمازا أو كناية ، تقريرا أو حكما أو أمثاال

، فيشـمل الفـن للفظـيصر ا، إذ يتجاوز هذا العناالستنباط كان لألسلوب معىن اوسعفإذا صح هذا

. 2األديب

ال نكــاد نعثــر علــى كلمــة أســلوب مصــطلحا عنــد العــرب إذا نظرنــا يف كتــب البلغــاء القــدماء فإننــا فــ

طلح فإنـه يـرد عنـدهم مبعنـاه العـامعلى كثرة من حتدث يف قضايا النقد والبالغـة العربيـة، وإن ورد هـذا املصـ

ــنهج ومســـــلك، وأكثرمـــــا راودت فكـــــرة األســـــ ــق ومـــ ـــوه األداء الكالمـــــي، عنـــــد املفســـــرين أي طريـــ لوب وجــ

باهتمــامهم البــالغ والنقــاد منــذ القــرن الثالــث اهلجــري، وقــد اســتأثر موضــوع اإلعجــاز القــرآين والبالغيــني

ــ276 ابـــن قتيبـــة الـــدينوريوجوهـــه وجتلياتـــه يف القـــرآن، فهـــذا "فانصــرفوا اىل حتديـــد الحـــظ أن دراســـة ي "هــ

األســلوب القــرآين، فلفــت النظــر إىل أمهيــة دراســة تلــك ضــرورة لفهــماألســاليب الكالميــة يف لغــة العــرب

أداة لفهــم فكــرة اإلعجــاز الــذي ينظــوي عليــه األســلوب القــرآين، حيــث يقــول: األســاليب، علــى اعتبارهــا

وإمنــا يعــرف فضــل القــرآن مــن كثــر نظــره واتســع علمــه، وفهــم مــذاهب العــرب وافتنا�ــا يف األســاليب، ومــا "

دون مجيــع اللغــات، فإنــه لــيس يف األمــم أمــة أوتيــت مــن البيــان واتســاع ا�ــال مــا أوتيتــه خــص اهللا بــه لغتهــا

، فابن قتيبة رمحـه اهللا بصـفته عاملـا مـن علمـاء البالغـة والتفسـري يـرى أن للقـرآن أسـلوبا عجيبـا ال 3"العرب

.10م، ص 1994حممد عبد املطلب، البالغة واألسلوبية، الطبعة األوىل، مكتبة لبنان ناشرون، بريوت/ لبنان، 1

، لطبعــة الثامنــةأمحــد الشــايب، األســلوب دراســة بالغيــة حتليليــة ألصــول األســاليب األدبيــة ،مكتبــة النهضــة املصــرية ، القــاهرة ، الطبعــة ا 2

.40م، ص1991_1411

.12م، ص1973هـ/ 1393يبة، تأويل مشكل القرآن ، حتقيق أمحد صقر، الطبعة الثانية، مكتبة دار الرتاث بالقاهرة، ابن قت 3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

22

أن اهللا عزوجــل ميكــن أن يعــرف أســراره إال مــن اطلــع علــى طرائــق العــرب وتصــرفها يف كالمهــا ، وال ســيما

أنزل القرآن الكرمي إلعجاز العرب يف أعز ما ميلكون .

حيـث يقـول شري بعدة أيات من القرآن الكـرمي وقد ظهر ذلك جليا من خالل متثيل جار اهللا الزخم

حمن الـــرحيم، ﴿الحمــد للـــه رب العـــالمين، الـــر : بســـم اللـــه الـــرحمن الـــرحيم يف شــرحه لســـورة الفاحتــة

ين ، ياك نـعبد وإياك نسـتعين، اهـدنا الصـراط المسـتقيم، صـراط الـذين أنـع مـت علـيهم مالك يـوم الد

ا عـدل عـن لفـظ يقـول الزخمشـري : فـإن قلـت : ملـ 7 -1الفاحتـة: ﴾ غير المغضوب عليهم وال الضـالين

الغيبــة إىل لفــظ اخلطــاب، قلــت: هــذا يســمى اإللتفــات يف علــم البيــان وقــد يكــون مــن الغيبــة إىل اخلطــاب

﴿حتى إذا كنتم فـي الفلـك وجـرين بهـم : ومن اخلطاب إىل الغيبة ، ومن الغيبة إىل التكلم ، كقوله تعاىل

.22يونس بريح طيبة ﴾

وألن الكالم إذا نقـل مـن أسـلوب إىل أسـلوب ى طريقة افتنا�م يف الكالم وتصرفهم فيه،وذلك عل

مشــريا إىل خاصـية أســلوبة ،1كـان ذلـك أحســن تطريـة للســامع، وإيقاظـا لإلصــغاء إليـه مـن أســلوب واحـد"

لــى ، ذلــك ملــا هلــذه الظــاهرة األســلوبية مــن إضــفاء صــفة مجاليــة عمهمــة عنــد البالغيــني أال وهــي االلتفــات

النص القرآين ، ألن املخالفة بني األساليب يف النص الواحد جتعل السامع أكثر انتباها وفهما وإصغاء.

مــا قدمــه الزخمشــري، حيــث ربــط بــني األســلوب واخلاصــية التعبرييــة صــاحب املفتــاح اســتوعبقــد و

حيـث يقـول:"واعلم أيضا فبحث اإللتفات، وأكد أنه خاصية أساسية يف األداء الفين يتميز �ا األسلوب،

ـــا عنـــد علمـــاء املعـــاينأن هـــذا النـــوع، أعـــين نقـــل الكـــالم مـــن احلكايـــة إىل الغيبـــة .. والعـــرب .يســـمى إلتفات

لسـامع، وأحسـن يستكثرون منه، ويرون الكالم إذا انتقل مـن أسـلوب إىل أسـلوب أدخـل يف القبـول عنـد ا

س قـرى األضـياف سـجيتهم، وحنـر العشـار باستدرار إصغائه، وهم أحرياء بـذلك ألـي تطرية لنشاطه، وأمأل

حممود بن عمر الزخمشري ،الكشـاف عـن حقـائق التنزيـل وعيـون األقـوال يف التأويـل، حتقيـق مصـطفى حسـني أمحـد ، الطبعـة الثالثـة، دار 1

.1،مج 14م ،ص 1987/هـ1407الكتاب العريب بريوت/لبنان،

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

23

ــرى األشــــباح للضـــيف دأ�ــــم والحيســــنون قــــرى األرواح، فــــال خيــــالفون بــــني أســــلوب ...أفــــرتاهم حيســــنون قــ

.1وأسلوب، وإيراد وإيراد، فإن الكالم املفيد عند اإلنسان أشهى غذاء لروحه، وأطيب قرى هلا"

تكلم لظـاهرة فريـدة بديعـة عنـد البلغـاء أال يربط مجال األسلوب باستعمال املـ السكاكينالحظ ان

وهــي االلتفــات، ذلــك أل�ــا تزيــد الكــالم �ــاء ومجــاال ، وتنشــط الســامع واملتلقــي وهــو مــن أغــراض إلقــاء

الكالم، وال أدل على أمهية ذلك من كثرة العرب وكذلك يف القرآن الكرمي كما ذكر الزخمشري وغريه

حتـذاء واعلـم أن اال"حيـث قـال: مفهوم األسـلوب باالحتـذاء،فربط هـ471عبدالقاهر اجلرجاين أما

وأهل العلم بالشعر وتقديره ومتييزه، أن يبتدئ الشاعر يف معىن له وغرض وأسلوبا واألسلوب عند الشعراء،

، ولكـن لـيس 2"الضرب من النظم والطريقة فيه، فيعمد شاعر آخر إىل ذلك األسلوب فيجيء بـه يف شـعره

وبان يف أساليب اآلخرين، بل املقصود من ذلك هو الوعي يف عملية الرتكيـب ألن منهـا حتذاء الذمعىن اال

ما ال يعرفه إال ذووا األذهان الصافية والطباع النافذة، مث أشـار إىل أن جمـاالت األسـلوب يف الـنظم ال ختـرج

تنبـه لصـلة لـكومـن خـالل ذبـع ترتيـب املعـاين يف نفـس املـتكلم األلفـاظ يف األنسـاق بصـورة تت عـن تركيـب

ما أظن بك أيها القارئ لكتابنا إن كنت وفيتـه حـق "حيث قال بعدما أصل هلذه القاعدة: ،باملعاين النحو

النظر وتدبرته حق التدبر إال أنك علمت علما، أىب أن يكون للشك فيـه نصـيب، وللتوقـف حنـوك مـذهب

. 3"أن ليس النظم شيئا إال توخي معاين النحو

اين يقــرر قاعـدة مهمـة يف كتابــه دالئـل اإلعجـاز، وهــي أن مجـال أسـلوب املــتكلم فعبـد القـاهر اجلرجـ

إال بتـوخي معــاين النحــو يف الرتتيـب والرتكيــب، حـىت لــو احتــذى املـتكلم أســلوب غــريه أو الكاتـب اليكــون

بشرط أن ال يذوب يف أساليبهم .

أبو يعقوب يوسـف بـن حممـد السـكاكي، مفتـاح العلـوم، حتقيـق عبـد احلميـد هنـداوي، الطبعـة األوىل، دار الكتـب العلميـة بريوت/لبنـان، 1

. 296م، ص2000هـ/1420

ـــود شــــاكر، الطبعــــة الثالثــــة، مكتبــــة اخلــــاجني للطباعــــة و 2 ــع بالقـــــاهرة عبــــد القــــاهر اجلرجــــاين، دالئــــل اإلعجــــاز، حتقيــــق حممـ النشــــر والتوزيــ

.468م، ص1992هـ/1413

.525عبد القاهر اجلرجاين ، دالئل اإلعجاز ، ص 3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

24

، ذلــك ألنـه وجــد أمامــه هـــ684و يبـدو أن مفهــوم األسـلوب وجــد جمــاال طيبـا عنــد حــازم القرطـاجين

تراثـا وافـرا يف هـذا ا�ــال، جـاء بعضـه مــن املشـرق وبعضـه اآلخــر مـن الـرتاث اليونــاين ومـن خـالل اســتيعاب

هذين التيارين، خرج لنا بدراسة أكثر مشوال ملفهوم األسلوب، ألنـه كسـر احلـاجز الـذي وضـعه عبـد القـاهر

حيـث وجـد مفهومـا لألسـلوب يأتيـه مـن قبـل أرسـطو، يف حماولة دراسة النظم عند حدود اجلملـة الواحـدة،

ومفهوما للنظم يأتيه من قبل عبد القاهر، ومن هنـا سـار يف حتديـده ملفهـوم األسـلوب، متـأثرا أحيانـا بنظـرة

ــــةكلها، مالحظــــا انتقــــال ــــاره وحــــدة متكاملــــة متتــــد لتشــــمل القطعــــة األدبي ــطو إىل العمــــل الفــــين باعتب أرســ

تسلسل وترابط معنوي ، ومتأثرا أحيانا أخرى بالنظم على حنو مـا قدمـه الشاعرمن موضوع إىل موضوع يف

وملا كانت األغراض الشعرية يوقع يف واحد منها اجلملـة الكبـرية مـن املعـاين واملقاصـد «يقول: 1عبد القاهر

ــد، ومســـائل منهـــا تقتـــىن: كجهـــة وصـــف احملبوب،وجهـــة وصـــف ــا توجـ وكانـــت لتلـــك املعـــاين جهـــات فيهـ

حتصـــل للـــنفس باإلســـتمرار علـــى تلـــك اجلهـــات، والنقلـــة مـــن بعضـــها إىل بعـــض وبكيفيـــة الطلـــول، وكانـــت

اإلطــراد يف املعــاين صــورة وهيئــة تســمى األســلوب ...فاألســلوب هيئــة حتصــل عــن التــآليف املعنويــة والــنظم

. 2» هيئة حتصل عن التأليفات اللفظية

صـل صـناعة الشـعر، حيـث أنـه ملـا تكلـم ، فإنه يتناول األسلوب يف فهـ732أما ابن خلدون رمحه اهللا

عن الشعر، وما جيب فيه من امللكة اللغوية للقدرة على صناعته، تكلم عـن أسـلوب تصـريف هـذه امللكـة،

وال يكفـــي فيـــه ملكـــة الكـــالم العـــريب علـــى اإلطـــالق، بـــل حيتـــاج خبصوصـــه إىل تلطـــف وحماولـــة يف رعايـــة «

يــه ولنــذكر هنــا ســلوك األســلوب عنــد أهــل الصــناعة، ومــا األســاليب الــيت اختصــته العــرب �ــا، واســتعماهلا ف

يريـدون �ــا يف إطالقهـم، فــاعلم أ�ــا عبـارة عنــدهم عـن املنــوال الــذي ينسـج فيــه الرتاكيـب أو القالــب الــذي

يفــرغ فيــه، وال يرجــع إىل الكــالم باعتبــار إفادتــه أصــل املعــىن الــذي هــو وظيفــة اإلعــراب، وال باعتبارإفادتــه

ــو وظيفـــة البالغـــة والبيــــان ...وإمنـــا يرجــــع إىل صـــورة ذهنيــــة كمـــال املعـــىن مــــن خـــ واص الرتاكيــــب الـــذي هــ

للرتاكيـــب املنتظمـــة كليـــة باعتبـــار انطباقهـــا علـــى تركيـــب خـــاص وتلـــك الصـــورة ينتزعهـــا الـــذهن مـــن أعيـــان

.28، صالبالغة واألسلوبيةحممد عبد املطلب، 1

ـــالمي 2 ـــب بــــن اخلوجــــة، دط ت، دار الغــــرب االسـ ــراج األدبــــاء، حتقيــــق حممــــد احلبيـ ــازم القرطــــاجين ، منهــــاج البلغــــاء وســ ــــو احلســــن حــ أب

.363ن ،ص بريوت/لبنا

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

25

الرتاكيــب وأشخاصــها، ويصــريها يف اخليــال كالقالــب أو املنــوال، مث ينتقــى الرتاكيــب الصــحيحة عنــد العــرب

1»اعتبار اإلعراب والبيان ... ب

ومــن هــذا التعريــف لألســلوب عنــد ابــن خلــدون، نالحــظ أنــه يــربط بينــه وبــني امللكــة اللغويــة وهــي

القدرة اللغوية اليت متكن الفرد من التعبـري عمـا يريـد ىف املناسـبات املختلفـة، وهـي الـيت يسـميها تشومسـكى

واملنثــور يــربط بــني األســلوب والفــن األديب واملقــام املناســب بالكفــاءة اللغويــة كمــا أن نــراه يف بــاب املنظــوم

واعلــم أن لكــل واحــد مــن هــذه « لكـل واحــد منهمــا، حيــث البــد مــن التفريــق بــني أســلوب النثــر والشــعر،

الفنــون أســاليب ختــتص بــه عنــد أهلــه وال تصــلح للفــن اآلخــر ...وقــد اســتعمل املتــأخرون أســاليب الشــعر

رة األسجاع والتزام التقفية وتقدمي النسيب بني يـدي األغـراض، وصـار هـذا املنثـور وموازينه يف املنثور من كث

من باب الشعر وفنه، ومل يفرتقا إال يف الوزن واستمر املتأخرون من الكتاب علـى هـذه الطريقـة واسـتعملوها

سـلوب ، وعلى هذا فإن ابن خلدون يرى وجوب التفريق بني أسـلوب الشـعر وأ2»يف املخاطبات السلطانية

ــك مثــــال باملخاطبــــات الســــلطانية الــــيت أصــــبح املتــــأخرون ــه لكــــل مقــــام مقــــال وضــــرب علــــى ذلــ النثــــر، ألنــ

يستعملون فيها أساليب الشعر من كثرة األسجاع والتزام القافية وتقدمي النسيب، وهذا ما اليناسب جاللة

سجيع إال يف النادر. امللك، إذ احملمود يف املخاطبات السلطانية الرتسل وإطالق الكالم من غري ت

متــأثرا يف از القــرآن، رأيــا خاصــا بــههـــ مــن خــالل كتابــه إعجــ 1870الرافعــي قــدم أمــا احملــدثون فقــد

ذلك باجلرجاين يف كتابيه دالئل اإلعجاز وأسرار البالغة، ويعود ذلك إىل الفرتة املبكرة اليت حـاول فيهـا أن

مث ربطـــه بـــاملتلقي وخواصـــه لنطق الفكـــري عنـــد املـــتكلم ميـــد بصـــره إىل مفهـــوم الرتكيـــب وجزئياتـــه، وربطـــه بـــا

قـد ثبـت لنـا مـن درس أسـاليب البلغـاء، وتـرداد النظـر يف أسـباب اختالفهـا، وتصـفح «حيث يقول: النفسية

وجوه هذا اإلختالف وتعرف العلل اليت أثرت يف مباينة بعضها لبعض من طبيعة البليغ وطبيعـة عصـره، أن

،كما يرى أن أفصـح الكـالم، وأبلغـه وأمجعـه حلـر اللفـظ 3»ركيب املزاج اإلنساينتركيب الكالم يتبع طبيعة ت

، حتقيــق األســتاذ خليــل شــحادة وســهيل زكــار، دط، دار الفكــر للطباعــة والنشــر والتوزيــع، عبــد الرمحــان بــن خلــدون، مقدمــة ابــن خلــدون1

.786،ص م 2001هـ/1421بريوت/لبنان

.782ص املقدمة ،، ابن خلدون 2

.2ج 134م،ص2003هـ/1424يب، بريوت/لبنان، تارخ آداب العرب،الطبعة األوىل،دار الكتاب العر مصطفى صاق الرافعي، 3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

26

ونادر املعىن، هو اجلدير بأن يطلق عليه كلمة "األسلوب"، ولكي تكون له هـذه اجلـدارة، فـال بـد أن تفـرغ

ي مـن فيه األحاسيس املثارة، حبيث ميكن أن ميثـل حـديثا بـني املـتكلم ونفسـه مـن جانـب، وبينـه وبـني املتلقـ

أما توفيق احلكيم فإنه يرفض أن يكون األسلوب قالب اللغة املنمقة واملصـنعة، إمنـا هـو روح ، 1جانب آخر

إن األســلوب الســليم مل يــزل يف عرفنــا مرادفــا للغــة املصــنعة املنمقــة، وقليــل مــن «وشخصــية، حيــث يقــول:

ب مــن تعريــف بوفــون ملــا وهــذا التصــور الــذي قدمــه يقــرت ، 2 » فطــن إىل أن األســلوب روح وشخصــية ...

، ومعىن ذلك أن لكل إنسـان طريقتـه اخلاصـة يف التعبـري إال أنـه رفـض مـا »األسلوب هو الرجل ذاته« قال:

يتــداول بــني النــاس مــن أن األســلوب عبــارة عــن األلفــاظ املصــنعة، والمينعــه ذلــك مــن مواصــلة البحــث عــن

إين دائما أضع نصـب عيـين هـذه املصـادر الثالثـة «حقيقته،حماوال أن يستلهمه من الرتاث، ومن احلياة معا

أستلهمها فنيا :القرآن وألف ليلة وليلة والشعب أو ا�تمع...ولطاملا شغلتك معي باحلديث عن األسـلوب

3»الفين الذي أحبث عنه...

مـن أهـم احملـاوالت يف دراسـة األسـلوب والبحـث يف » األسلوب«وأما أمحد الشايب فيعد كتابه يف

ه، وهو عبارة عن حماولة لعرض البالغة العربية القدمية يف ثـوب معاصـر، وقـد حصـر البالغـة يف بـابني جماالت

مها : األسلوب والفنون األدبية .

ففــي البــاب األول، درس القواعــد الــيت إذا اتبعــت كــان التعبــري بليغــا فــدرس الكلمــة واجلملــة والفقــرة

قوماتـــه وموســـيقاه، أمـــا يف البـــاب الثـــاين ومســـاه قســـم والعبـــارة والصـــورة، واألســـلوب مـــن حيـــث أنواعـــه وم

اإلبتكـار وفيـه درس الكـالم مـن حيـث اإلختيـار والتقسـيم، ومـا يالئـم كـل فـن مـن الفنـون األدبية،كالقصــة

واملقالة وغري ذلـك، مث خلـص إىل أن األسـلوب هو:الصـورة اللفظيـة الـيت يعـرب �ـا عـن املعـاين، أي هوعبـارة

. 88البالغة واألسلوبية ، صحممد عبد املطلب ، 1

.15م، ص1992هـ/1413شكري حممد عياد، مبادئ يف علم األسلوب، الطبعة الثانية، مكتبة مبارك العامة بالقاهرة، 2

.16ص ، شكري حممد عياد،مبادئ يف علم األسلوب 3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

27

ــة يفعـــن طريقــــة يف اإلنشـــاء والكتابــــة، أو هـــو طريقــــة اختيــــار األلفـــاظ وتأليفهــــاللتعبري عـــن املعــــاين الكامنــ

. 1النفس

ومن الدراسات احلديثة اليت كان هلا أثر فعال يف بعث الدراسات البالغية من جديـد، بطريقـة توافـق

إىل التجديـد ما استجد من مفاهيم يف العصر احلديث كتاب فن القول ألمني اخلـويل، وهـو بـذلك يهـدف

األســـلوب «يف كتابـــه عـــن » البـــاريين«يف ميـــدان البحـــث البالغـــي، متـــأثرا باملدرســـة اإليطاليـــة ، املتمثلـــة يف

، ونظـرا ألن الكتـابني مـن الكتـب »عناصـر األسـلوب والعـروض «يف كتابه » لوجيي فاملاجي و«،»اإليطايل

زر اليســري مــن هــذه التيــارات اخلصــبة،مكتفيا املدرســية امليســرة مل يقــدر ألمــني اخلــويل اإلطــالع إال علــى النــ

ورؤيتــه لألســلوب تنطبــق مــع رأي بوفــون ملــا قــال: ، 2بالشــرارة األساســية هلــذه التوجهــات املنهجيــة اجلديــدة

أن األســــاليب ال «، حيـــث ملـــا يتعــــرض ملنـــاهج الغـــربيني يف دراســـة البالغـــة، يـــرى»األســـلوب هـــو الرجـــل«

كلم وثقافتـــه وأناقتـــه والشـــخص هـــو األســـلوب أو األســـلوب هـــو تتفـــاوت إال مبـــا تتفـــاوت بـــه شخصـــية املـــت

، وقد اتبع يف كتابه منهج املقارنة بني القدمي واجلديد، لينتهى بعد ذلك بتخلية القدمي مما الخري »الشخص

، ومن خالل املقارنـة بـني البالغـة العربيـة القدميـة والبالغـة احلديثـة يأخـذ 3فيه، مث حتليته خبري ما يف اجلديد

فمــن التخليــة أال نلــزم دراســتنا ، اخلــويل يف أنــواع مــن التحليــة والتخلية،لتأخــذ البالغــة العربيــة طابعــا عصــريا

الطابع الديين الذي لزمها يوم كانـت غايتهـا معرفـة إعجـاز القـرآن ومـن التخليـة أن تتحـرر دراسـتنا مـن آثـار

نوا، وال نسـتهجن مـا اسـتهجنوا لفضـل الدراسة القدمية، فال نلتزم أحكامهم النقدية فنستحسن مـا استحسـ

ومـــن التحليــة أن نوســـع دائـــرة البحـــث، وبســط أفقـــه فاليقتصـــر علــى اجلملـــة كمـــا كـــان يف 4الســبق والقـــدم

القدمي، بل البد أن مند البحث بعد اجلملة إىل الفقرة األدبيـة، مث إىل القطعـة مـن الشـعر والنثـر، ننظـر إليهـا

.5نظرة اهليكل املتواصل األجزاء

ــــــــدوس، األ 1 ــــف أبـــــــــو العـ ــــــان/األردن يوســـــ ــــة، عمـــ ـــر والتوزيـــــــــع والطباعـــــ ـــــــرية للنشــــــ ــة والتطبيـــــــــق، الطبعـــــــــة األوىل، دار املســ ســـــــــلوبية الرؤيـــــــ

.26م، ص2007هـ/1427

.9م، ص1996أمني اخلويل، فن القول، تقدمي صالح فضل، دط، دار الكتب املصرية بالقاهرة ، تاريخ النشر 2

.25، ص أمني اخلويل،فن القول 3

.267،ص لأمني اخلويل،فن القو 4

.239صفن القول ،أمني اخلويل ، 5

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

28

انيا : عند الغربيين:ث

الـيت يسـتعملو�ا اليـوم مبعـىن أسـلوب، styleأن أصـل كلمـة الفرنسـيون يري الباحثون : أ _ الجذر اللغوي

، مث 1كــان القــدماء يســتعملونه للرســم علــى ألــواح مشــمعة ، الــيت تعــين إزمــيال معــدنياstilusالكلمـة االتينيــة

بطريقة الكتابة، فارتبط أوال بطريقة الكتابة اليدويـة داال علـى انتقل عن طريق ا�از إىل مفاهيم تتعلق كلها

املخطوطات، مث أخذ يطلق على التعبريات اللغوية األدبية، فاسـتخدم يف عهـد خطيـبهم املشـهور شيشـرون

وقد ظلت هذه الطبيعة عالقـة إىل حـد كاستعارة تشري إىل صفاة اللغة املستعملة من قبل اخلطباء والبلغاء،

األســلوب، حــىت اآلن يف هــذه اللغــات، إذ تنصـرف أوال علــى اخلــواص البالغيــة املتعلقــة بــالكالم مـا بكلمــة

ــه أرســــطو يف الكتــــاب الثالــــث مــــن حبثــــه يف اخلطابــــة ، مث حتــــدث عنــــه كونتلييــــانوس 2املنطــــوق ، وتكلــــم عنــ

Quintilianus يف يف الكتـــاب الثـــامن مـــن حبثـــه يف نظـــم اخلطابـــة، وقـــد ورث علمـــاء اللغـــة األوربيـــون

. 3العصور الوسطى بعض تقسيما�م لألساليب املمكنة يف الكتابة

، la stylistiquويف الفرنســـية ،stylisticsوعلـــم األســـلوب هوالـــذي يطلـــق عليـــه يف اإلجنليزبـــة

.stilistican4والباحث يف األسلوب

ــر ــة يف أوائـــل القـــرن التاســـع عشـ يف معجــــم واســـتخدم مصـــطلح أســـلوب ألول مـــرة يف اللغـــة األملانيـ

grimm طبقــا لقــاموس أكســفورد، ودخــل م1846عــام، وورد ألول مــرة يف اللغــة االجنليزيــة كمصــطلح ،

. 5 م1872القاموس الفرنسي ألول مرة عام

، وتوسـع الفرنسـيون يف املعـىن، ففـي القـرون الوسـطى stileوقد وردت يف اللغة الفرنسـية القدميـة كلمـة

أو تصــرف أو تفكــري، وقيــل إن األســلوب يســتعمل للداللــة علــى معــىن طريقــة وجــود أوعــيش stileأخــذت

الطرائق املختلفة اليت يسلكها كل إنسان يف أفعاله، فإذا اسـتعار منـك رجـل كتابـا ومل يعـده إليـك، قلـت إن

.306م، ص 1979" علي جواد الطاهر، مقدمة يف النقد األديب، الطبعة األوىل، املؤسسة العربية للدراسات والنشر بريوت،1

.93م، ص1998هـ/1419صالح فضل، علم األسلوب مبادئه وإجراءاته، الطبعة األوىل، دارالشروق بالقاهرة ، 2

. 35أبو العدوس، األسلوبية الرؤية والتطبيق ، ص" يوسف 3

.175البالغة واألسلوبية ، صحممد عبد املطلب ، 4

.94علم األسلوب، صصالح فضل ، 5

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

29

هذا أسلوبه، أي أنه اعتاد أن يتصرف هذا التصـرف، وقـد فقـدت هـذه اإلسـتعماالت إال مـا كـان مـن أمـر

تعــين طريقــة عــيش أو تصــرف أو تفكــريهــذه الكلمــة الــيت » أســلوب«البــاحثون أن أســلوب العــيش، ويــرى

هي اليت حتولت إىل اإلستعمال األديب وصارت مصطلحا يعين طريقة الكتابة هلذا الكاتب وذاك الشاعر .

وإذا اسـتعملت أســلوب يف امليــدان األديب، اسـتعملت للداللــة علــى مـا هــو ظــاهري يف الــنص األديب

ا فيهـا مــن مفـردات وتركيبـات، ومـن بالغـة كالتشــبيه واالسـتعارة، ومـن عـروض كـالبحر والقافيــة مـن لغـة، مبـ

واإليقاع

ســتعماالت والدراســات األســـلوبية علــى هــذه العنايــة بالشـــكل وكــأن األســلوب مـــرادف وســارت اال

فـــالن، و�ـــذا املعـــىن قـــالوا أســـلوب ، الـــيت نرتمجهـــا بكلمـــة شـــكل أو صـــورة أوصـــياغةformeأديب لكلمـــة

أســلب عنــوا أنــه جعــل أســلوبه styliserوأســلوب العصــر الفــالين وأســلوب املدرســة الفالنيــة، وإذا قــالوا

.1مزوقا، أو أنه صاحب أسلوب أو أسلويب، أي ذو اهتمام بشكل كتابته

اصطالحا: -ب

أوال :األسلوب:

بيــة بـالتمييز بـني مــا يـرى البـاحثون الغربيـون احملــدثون أن علـم األسـلوب هــو فـن حتليـل النصـوص األد

لنقــاد حســب توجهــا�موقــد عــرف بعــدة تعريفــات عنــد ا، 2يقــال ، وكيــف يقــال أو بــني احملتــوى والشــكل

ب مظهــر للفكــر عنــد شــوبنهاور وطريقــة للتفكــري عنــد فلــوبري وهــو اإلنســان عنــد وحساســيته عنــد لو فاألســ

هــذه التعريفــات تكــاد نــرىن إذ، 3، ويــرى بوفــون أن األســلوب هــو االنســان عينــه أو هــو الرجــل جــاكوب

ويظهر ،ان انطالقا مما توحي إليه أفكارهتتفق على ان األسلوب هو الطريف او النهج الذي ينتهجه االنس

فكــان مناســبا ذلــك جليــا يف تعريــف بوفــون الــذي يــرى األســلوب انقالقــا مــن االســتجابة ملتطلبــات زمانــه ،

.310مقدمة يف النقد األديب ، ص علي جواد الطاهر ، 1

ـــاه 2 ،م 1992ه _ 1412رة الطبعـــــة األوىل "حممـــــد عبـــــد املـــــنعم خفـــــاجي ، األســـــلوبية والبيـــــان العـــــريب، الـــــدار املصـــــرية اللبنانيـــــة ، القــ

.11ص

، 2014_1435، األسـلوبية دراسـة وحتليـل، دار النشـر الـدويل اململكـة العربيـة السـعودية ،الطبعـة األوىل سوسو مراد يوسف أبو عمـر 3

.16ص

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

30

بعض الباحثني ان جل تعريفات األسلوب تتفق علـى ، ولذلك يرى 1على مستووي الفن واألدب الرفيعني

مبدأين بارزين :

، ويعرف األسلوب وفقهـذا املبـدأ بأنـه طريقـة التعبـري املميـزة لكاتـب المبدأ األول : هو مبدأ الخصوصية

، بقولــه :" األســلوب هــو الرجــل عينــه"معــني أو خلطيــب أو متحــدث أو حلقبــة أدبيــة ، وهلــذا أشــار بوفــون

، الـــيت تنـــتج عـــن جمموعـــة مـــن األســـلويب يف هـــذه احلالـــة متييـــز أســـلوب كـــل فـــرد أو مجاعـــة وعلـــى الـــدارس

االختيارات حيدده الواقع املعيشي .

أو ما يعر ف بالناحية الفنية اجلمالية ، وحتـددها جمموعـة المبدأ الثاني : هو الخصوصية الفنية التعبيرية

الشـاعر ، ويظهــر يف هــذا املبـدأ عمــل الــدارس األســلويب مـن االختيــارات التعبرييــة البديعـة لــدى الكاتــب أو

.2كعمل نقدي علمي ، يقوم فيه على حتليل حتليل النص وفق جمموعة من اإلجراءات

وعلى هذا األساس يقوم التحليل األسلويب على ثالثة عناصر :

ألديب .وفيه يعاجل جمموعة من الرموز اللغوية اليت حتكم النص اأوال : العنصر اللغوي :

: وفيه يدخل الدارس األسـلويب مقـوالت غـري لغويـة ، مثـل املؤلـف والقـارئ واملوقـف ثانيا :العنصر النفعي

التارخيي .

ـــا : العنصـــر الجمـــالي ـــأثري علـــى القـــارئ ، والتفســـري ثالث : وفيـــه يقـــوم الـــدارس بكشـــف دور الـــنص يف الت

3 والتقييم األديب له .

اث التفكري األسلويب إ فإنه جيده يقوم على دعـائم ثـالث هـي : وإذا فحص الباحث ما تراكم يف تر

املخاطب واملخاطب واخلطاب .

.17،ص سوسو مراد يوسف أبو عمر ، األسلوبية دراسة وحتليل ، 1

. 23، ص 2015، بيت احلكمة العلمة اجلزائر ،الطبعة األوىل للغة الشعريةسلوبية وخصائص ا"مسعود بودوخة ، األ2

.15"حممد عبد املنعم خفاجي ، األسلوبية والبيان العريب، ،ص3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

31

وتتقــدم هـذه الدعامــة علــى الـدعامتني األخــريني ألن الرســالة األسـلوب مــن زاويــة المخاطــب: -1

.اللغوية من حيث حدوثها تنبثق من منشئها تصورا وخلقا وإبرازا للوجود

ى أسـاس التوحيـد بـني املنشـئ وأسـلوبه، وهـذا مـا يـؤدي إىل الـتالحم التـام بـني ويقوم هذا املنظور عل

األسـلوب ومنشـئه، حيـث يكــون األسـلوب هـو الكاشــف عـن مكنونـات صــاحبه ومـرآة عاكسـة لشخصــية

املخاطب، لذلك جند أن األساليب ختتلف من شخص آلخـر، وهـذا الـذي تعـارف عليـة النقـاد والفالسـفة

، أمـا موريـه فـريى أن 1»كمـا تكـون طبـائع الشـخص يكـون أسـلوبه«قول أفالطـون:من قدمي الزمان حيث ي

األسـلوب بالنســبة لنــا هــو موقــف مــن الوجــود وشـكل مــن أشــكال الكينونــة، ولــيس يف احلقيقــة شــئ نلبســه

. 2وخنلعه كالرداء، ولكنه الفكر اخلالص نفسه، والتحويل املعجز لشيئ روحي

ــكل كبــــري مــــع ــذا التعريــــف يقــــرتب بشــ ـــون حيــــث وهــ ــــت بوفـ ــــذي قدمــــه الكون التعريــــف املشــــهور ال

إن مـــن اهلـــني أن تنتـــزع املعـــارف واألحـــداث واملكتشـــفات أو أن تبـــدل، بـــل كثـــريا مـــا ترتقـــى إذا مـــا «يقــول:

عاجلها من هو أكثر مهارة من صـاحبها،كل تلـك األشـياء هـي خارجـة عـن ذات اإلنسـان، أمـا األسـلوب

، وقد أثرت هذه الفكـرة فـيمن جـاء بعـده مـن »أو حتويله أو سلخه فهو اإلنسان عينه، لذلك تعذر انتزاعه

رواد النقــد األديب، ومنظــري األســلوب، فتبناهــا شــوبنهاور فعــرف األســلوب بكونــه مالمــح الفكــر، ومتثلهــا

، وعلـى هـذه األقـوال فـإن نظريـة »إن جـوهر اإلنسـان كـامن يف لغتـه وحساسـيته«ماكس جاكوب، إذ قـال:

اإلســقاط ملخبئــات شخصــية اإلنســان، أمــا كلــودا فــريى أن األســلوب خاصــية طبيعيــة األســلوب تعــد مبثابــة

.3»يوهب اإلنسان إياها، فهو مبثابة نغم لشخصيته مثلما لصوته نربة ال ختتلط بنربة أصوات اآلخرين

ميثـل املخاطـب البعـد الثالـث يف العمليـة اإلبالغيـة، و لـه دور األسلوب من زاويـة المخاطـب: -2

ر، فكمــا ال يوجــد نــص بــال منشــئ كــذلك لـيس مثــة إفهــام أو تــأثري بــال قــارئ، فهــو احلكــم علــى مهـم ومــؤث

اجلـــودة، وهـــو الفيصـــل يف قبـــول الـــنص أو رفضـــه، ويعمـــد الفكـــر األســـلويب إىل مـــنهج اختبـــاري يف إثبـــات

ة خطابــه حضـور املتقبــل يف عمليــة اإلبـالغ، فــإذا اســتندنا إىل التجربـة، اهتــدينا إىل أن املــتكلم يكيـف صــيغ

.43م، ص2000عدنان بن ذريل، النص واألسلوبية، دط، إحتاد الكتاب العرب، تاريخ النشر 1

.97علم األسلوب، صصالح فضل ، 2

.67سدي، األسلوب واألسلوبية، صعبد السالم امل 3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

32

حسب أصناف الذين خياطبهم، وعلى هذا املستند تـرى الواحـد منـا خياطـب الصـغري تلقائيـا مبـا ال خياطـب

به الكبري، وتراه خياطـب الرجـل مبـا الخياطـب بـه املـرأة وغـري ذلـك، فانعكـاس حضـور املتقبـل علـى اخلطـاب

، 1ة والنفســـية يف الظـــاهرة اللغويـــةيعلـــم بالضـــرورة، وهـــو مـــا ميكـــن اســـتغالله يف بلـــورة األبعـــاد السوســـيولوجي

ويكاد رواد األسلوبية املعاصرون يتخذون مـن هـذا املعطـى أساسـا قـارا يف حتديـد األسـلوب، رغـم اخـتالف

ســبلهم يف تقــدير دوافــع الظــاهرة وغايا�ــا الوظيفيــة، فقــريو يعتــرب أن األســلوب جمموعــة ألــوان يصــطبغ �ــا

متاعه وشد انتباهـه، أمـا ريفـاتري فيحـدد األسـلوب اعتمـادا علـى اخلطاب ليصل بفضلها إىل إقناع القارئ وإ

أثر الكالم يف املتقبل فيعرفه بأنه إبراز بعض عناصر سلسلة الكالم، ومحل القارئ على اإلنتباه إليهـا حبيـث

. 2إذا غفل عنها شوه النص، وإذا حللها وجد هلا دالالت متييزية

ماهيــة األسـلوب باعتمـاد جــوهر اخلطـاب، الــركن يعتــرب حتديـداألسـلوب مـن زاويــة الخطـاب: -3

الضــارب يف جممــع رؤى احلداثــة، ملــا يتجــذر فيــه مــن ركــائز املنظــور اللســاين، فــإذا كــان األســلوب يف فرضــية

رســالة مغلقــة ال » املخاطــب«عبــارة عــن انعكــاس ألشــعة البــاث وشخصــيته، وكانــت فرضــية» املخاطــب«

موجـود يف ذاتـه، حبيـث ميتـد حبـل التواصـل » اخلطـاب«فرضـية يفض جدارها إال من أرسـلت إليـه، فإنـه يف

بينـه وبــني الفظــه وحمتظنـه، ولكــن دون أن تعلــق ماهيتــه علـى أحــد منهمــا، وصـورة ذلــك أن الــنص إذا كــان

، وأول مـا يطالعنـا يف ذلـك مـا ذهـب إليـه شـارل بـايل، 3وليدا لصاحبه، فإن األسلوب هو وليد النص ذاته

ب يف تفجر طاقات التعبري الكامنة يف اللغة ويعرفه ماروزو بأنه اختيار الكاتـب حيث حصر مدلول األسلو

، غري أن الذي كشف عـن 4ما من شأنه أن خيرج بالعبارة من حالة احلياد اللغوي إىل خطاب متميز بنفسه

أبعــاد هــذا املقيــاس التعريفــي، وســرب عمقــه بتنزيلــه ضــمن وظــائف الكــالم عمومــا هــو جاكوبســون، وذلــك

مــا عــرف الــنص األديب بكونــه خطابـــا تغلبــت فيــه الوظيفــة الشـــعرية للكــالم، وهــو مايفضــي حتمـــا إىل حين

.5»الوظيفة املركزية املنظمة«ماهية األسلوب، بكونه

.80عبد السالم املسدي، األسلوب واألسلوبية، ص 1

.37األسلوبية الرؤية والتطبيق، صيوسف أبو العدوس ، 2

.89األسلوب واألسلوبية، صعبد السالم املسدي، 3

.44النص واألسلوبية ، صعدنان بن ذريل، 4

.92األسلوب واألسلوبية، ص عبد السالم املسدي، 5

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

33

ثالثا : محددات األسلوب :

اســـتند مفهـــوم األســـلوب إىل جمموعـــة مـــن املتغـــريات النظريـــة، وتـــتلخص هـــذه الثوابـــت يف املقـــوالت

ــتند إليهــــا الظــــاهرة األســــلوبية األساســــية الــــيت ــار واالنزيــــاح مــــن تســ ــل مــــن االختيــ أهــــم مبــــادئ ، ويعــــد كــ

.األسلوبية

: ااختيار بوصفه أ _ األسلوب

جند أن نظرية األسلوب بوصفه اختيارا استندت إىل العالقـة بـني املؤلـف والـنص، بـل إن أصـل فكـرة

ـــار بـــني البـــدائل العديـــدة وهـــو أحـــد التعري "ففكـــرة فـــات الـــيت درج عليهـــا األســـلوبيون، األســـلوب هـــو اختي

االختيـار هـذه يف حتديـد ماهيــة األسـلوب متتـزج يف بعــض األحيـان بكـل مقتضــيات عمليـة اإلبـداع اللســاين

. 1فال تتميز بالسمة اإلبداعية وتظل شعاعا لدائرة احلدث اخلطايب بعامة"

ال التــايل :"ملــذا خيتــار املبــدع هــذه إن تعريــف األســلوب علــى أنــه اختيــار يطــرح يف املقــام األول الســؤ

الكلمة ، او هذا الرتكيب ، أو هذا العنوان أ او هذه التقنيـة دون غريهـا مـن التقنيـات؟ وهـذا السـؤال يقـود

الن إىل ســؤال آخــر ،هــل االختيــار عمليــة واعيــة أ أم غــري واعيــة ، وكيــف ميكــن حتديــد مثــل هــذا الســؤال

.2يتعلق باملبدع االختيار أمر ال يتعلق بالقرئ وإمنا

ولقد اهتم النقاد القدامى منذ بداية العصور األدبية بالعالقة بني األسلوب واالختيار وقد متثـل هـذا

"لكــل مقــام مقــال" ، وهــذا يعــين أن موقــف املبــدع األمــر مبقولــة أساســية مــن مقــوالت النقــد العــريب القــدمي

م بأسـلوب يالئــم مكــانتهم ومنــزلتهمأن خيــاطبهالعامـة فعليــة ، فــإذا خاطــب جيـب أن حيــدده طبيعــة اختيـاره

وإذا خاطــب اخلاصــة خــاطبهم باألســلوب الــذي يليــق مبقــامهم ، وكــل هــذا يرجــع لالختيــارات الــيت يتفــور

.3عليها صاحب األسلوب

.59"عبد السالم املسدي ، األسلوب واألسلوبية، ،ص1

.160"يوسف أبو العدوس ، األسلوبية الرؤية والتطبيق،ص2

.160"يوسف أبو العدوس ، األسلوبية الرؤية والتطبيق،ص3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

34

ب_ األسلوب بوصفه انزياحا :

ويتجلـى ريتركز الدراسات النقدية واألدبية احلديثـة علـى عنصـر االسـتخدام اللغـوي يف الـنص الشـع

مثل هذا الرتكيز يف الدراسات األسلوبية واأللسنية ، وغريها من الدراسـات الـيت تتعامـل مـع الـنص الشـعري

علــى أنــه لغــة تســتخدم بطريقــة مغــايرة للمــألوف، وتتجلــى ظــاهرة اإلحنــراف يف الــنص الشــعري مــن خــالل

،1لوف"و"الالعادي"و"والالعقالنية"بـ "الالمأبطريقة توصف استخدام استخدام العناصر اللغوية املختلفة

وهــذا االخــتالف نــاتج عــن هــذا املصــطلح علــى تســميات متعــددة يف اختلفــوا د األســلوبينياالنقــ علــى أن

، واالنتهــاك واالحنــراف عنـد ســبيتزر "Valeryفهـو االنزيــاح والتجــاوز عنـد فــالريي "، لظــاهرةمــع ا التعامـل

،" Aragonوالعصـــيان عنـــد أراقـــون" ودوروفلســـنن عنـــد تـــ"، واللحـــن وخـــرق اCohenعنـــد كـــوهن"

وقـــد أكســـب مفهـــوم االنزيـــاح األســـلوبية ثـــراء يف التحليـــل إذ تتعامـــل ، 2وخيبـــة االنتظـــار عنـــد جاكوبســـون

املقــاييس االختياريــة والتوزيعيــة علــى مبدئــه فتتكــاثف الســمات األســلوبية ، ويف ضــوئه ميكــن إعــادة وصــف

مــن بــاب ذلــك تضــمني احلــروف أي اســتعمال بعضــها يف مكــان كثــري مــن التحلــيالت البالغيــة العربيــة، ف

، وقد تنـاول علماؤنـا قـدميا مفهـوم االنزيـاح يف قوالـب لغويـة أخـرى كاالتسـاع عنـد النحـاة والعـدول 3بعض

، أن الفعـل إذا كـان مبعـىن فعـل آخـر ابـن جـين : "اعلـمعنـد أصـحاب البالغـة ، ومـن ذلـك قـول وااللتفات

فتوقــع أحــد احلــرفني موقــع صــاحبه إيــذانا تتســعواآلخــر بــآخر فــإن العــرب قــد وكــان أحــدمها يتعــدى حبــرف

بأن هذا الفعل يف معىن ذلك اآلخر، فلذلك جـيء معـه بـاحلرف املعتـاد مـع مـا هـو يف معنـاه وذلـك كقولـه

لة الصيام الرفـث إلـى نسـائكم تعاىل" ة ومنـا تقـول رفـث �ـا " وأنـت ال تقـول : رفـث إىل املـرأأحل لكم ليـ

أو معهــا لكنــه ملــا كــان الرفــث هنــا يف معــىن اإلفضــاء، وكنــت تعــدي أفضــيت بـــ"إىل" كقولــك أفضــيت إىل

، كمــا صــححوا عــور وحــول ملــا كانــا يف معــىن اعــور مع الرفــث إيــذانا وإشــعارا أنــه مبعنــاه"إىل"جئــت بـــ ة،املــرأ

:"ووجـدت يف ، مث قال ة هذه اللغة ومرونتها، مث ضرب لذلك الكثر من األمثلة استالال على سع4"لحو وا

، ولعله لو مجع أكثره جلاء كتابا ضخما ، فـإذا مـر بـك شـيء منـه شيئا كثريا ال حياط به اللغة من هذا الفن

.43، ص2003 حممد موسى ربابعة ، األسلوبية مفاهيمها وجتليا�ا، دار الكندي للنشر والتوزيع ، الكويت ، الطبعة األوىل 1

.181"يوسف أبو العدوس ، األسلوبية الرؤية والتطبيق،ص 2

.126عبد السالم املسدي ، األسلوبواألسلوبية ،ص 3

.307ابن جين ، اخلصائص،ص 4

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

35

وصـــرح اجلرجـــاين بأمهيـــة العـــدول عـــن املـــألوف عنــــد ،1" فإنـــه فصـــل مـــن العربيـــة لطيـــف فتقبلـــه وأنـــس بـــه

ام الــنظم يف اللغــة العربيــة ،حيــث يقــول :"اعلــم أن الكــالم الفصــيح البالغيــني وهــو بصــدد الكــالم عــن أقســ

فالقســم فـظ وقســم يعــزى ذلـك فيــه إىل الــنظم ، ينقسـم إىل قســمني : قســم تعـزى املزيــة واحلســن فيــه إىل الل

األول : "الكنايــة" و"االســتعارة" و"التمثيــل علــى حــد االســتعارة" ، وكــل مــا كــان فيــه علــى اجلملــة ، جمــاز

ذا وقــع علــى الصــواب ول بــاللفظ عــن الظــاهر ، فمــا مــن ضــرب مــن هــذه الضــروب إال وهــو إواتســاع وعــد

، أوجبه الفضل واملزيـة ، فـإذا قلـت :"هـو كثـري الرمـاد" ، كـان لـه موقـع وحـظ مـن القبـول الوعلى ما ينبغي

اهرة عــن االلتفــات عنــد البالغيــني وهــي ظــ ابــن األثــري، وتكلــم 2"هو كثــري القــرى والضــيافة"يكــون إذا قلــت

فريـــدة فاالنتقـــال مـــن اخلطـــاب إىل الغيبـــة أو مــن الغيبـــة إىل اخلطـــاب ، ال يكـــون إال لفائـــدة اقتضـــت لغويــة

، مث ضــرب لــذلك عــدة أمثلــة منهــا قولــه ذلــك ، وتلــك الفائــدة أمــر وراء االنتقــال مــن أســلوب إىل أســلوب

ن ولــدا :"تعـاىل خطــاب جئتم"وهــو" وإمنــا قيــل "لقــد لقــد جئــتم شــيئا إد�ا (88) وقــالوا اتخــذ الــرحم

علـى للحاضر بعد قوله "وقالوا" وهو خطاب للغائـب لفائـدة حسـنه ، وهـي زيـادة التسـجيل علـيهم بـاجلرأة

بـني يـدي منكـرا ، كأنـه خياطـب قومـا حاضـرينوالتعرض لسخطه، والتنبيـه هلـم علـى عظـم ماقـالوه اهللا تعاىل

.3"عليهم وموخبا هلم

.310ابن جين ، اخلصائص،ص 1

.430عبد القاهر اجلرجاين ، دالئل اإلعجاز،ص2

.160ص ابن األثري ، املثل السائر يف أدب الكاتب والشاعر،3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

36

نزياح :االأنواع _

البــاحثني عـن أنـواع اإلنزيــاح حـىت أوصـلها بعضـهم إىل مخســة عشـر نوعـا ، وهــذه حتـدث الكثـري مـن

:عايري اليت تتبع حتديد االنزياحاألنواع ميكن تصنيفها إىل مخسة انواع وفق امل

االنزياحات املوضعية واالنزياحات الشاملة : ميكن تصنيف االحنرافات تبعا لدرجة انتشارها يف _ 1

حســـب علـــى نســـبة حمـــدودة مـــن عية أو شـــاملة ، فـــاالحنراف املوضـــعي يـــؤثر فالـــنص كظـــواهر حمليـــة موضـــ

، فاالســتعارة مــثال ميكــن ان توصــف علــى ا�ــا احنــراف موضــعي عــن اللغــة العاديــة ، أمــا االحنــراف الســياق

الشامل فيؤثر على النص بأكملـه ، ومثالـه معـدالت التكـرار الشـديدة االرتفـاع أو االخنفـاض لوحـدة معينـة

وميكن رصصد ذلك كله عن طريق اإلحصاء .يف النص

_االنزياحات السلبية واالنزياحات اإلجيابية: ويتم تصنيفها طبقا لعالقتها بنظام القواعد اللغوية ، 2

حيث نعثر على احنرافات سلبية تتمثل يف ختصيص القاعدة العامـة وقصـرها علـى بعـض احلـاالت ، وتوجـد

ة قيود معينة إىل ماهو قـائم بالفعـل ، ويف احلالـةاألوىل تـنجم تـأثريات احنرافات أخرى إجيابية تتمثل يف إضاف

. 1باإلعتداء على القواعد اللغوية ، كما تنجم يف احلالة األخرى إدخال شروط وقيود على النص

_االنزياحـات الداخليـة واخلارجيـة : ميكـن تصـنيف االنزياحـات مـن وجهـة النظـر الـيت تعتمـد علـى 3

القاعـــدة والـــنص املزمـــع حتليلـــه إىل انزياحـــات داخليـــة وانزياحـــات خارجيـــة ، فاالنزيـــاح العالقـــة القائمـــة بـــني

الداخلي يظهر عندما تنفصل وحدة لغوية ذات انتشار حمـدود عـن القاعـدة املسـيطرة علـى الـنص يف مجلتـه

واالنزياح اخلارجي يظهر عندما خيتلف أسلوب النص عن القاعدة املوجودة يف اللغة املدروسة .

_االنزياحات اخلطية والصوتية والصرفية واملعجمية والنحوية والداللية وذلك تبعـا للمسـتوى الـذي 4

يعتمد عليه الباحث .

.195صالح فضل ، علم األسلوب، ص1

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

37

_ االنزياحـــات الرتكيبيـــة واالســـتبدالية : وذلـــك تبعـــا لتأثريهـــا علـــى مبـــدأي االختيـــار والرتكيـــب يف 5

ياقية اخلطيـة لإلشـارات اللغويـة عنـدما ختـرج الوحدات اللغويـة ، فاالنزياحـات الرتكيبيـة تتصـل بالسلسـلة السـ

. 1على قواعد النظر والرتكيب

_ ظواهر االنزياح :

يعتــرب احلــذف مــن القضــايا البالغيــة اهلامــة الــيت تضــمنتها الرتاكيــب اللغويــة ، ولــذلك _الحــذف :1

ظــــاهرة بابــــا اهتمــــت �ــــا الدراســــات النحويــــة والبالغيــــة واألســــلوبية احلديثــــة ، وقــــد أفــــرد ابــــن جــــين هلــــذه ال

مساه"بـاب شــجاعة اللغــة العربيــة" ،حيــث يقــول :"اعلــم أن معظـم ذلــك إمنــا هــو احلــذف ،والزيــادة والتقــدمي

فقـد حـذفت العـرب اجلملـة واملفـرد واحلـرف واحلركـة ، ولـيس شـيء والتأخري واحلمل على املعىن والتحريف ،

.2ب يف معرفته"من ذلك إال عن دليل عليه ، وإال كان فيه ضرب من تكليف علم الغي

إذ أن احلــذف يــؤدي إىل ظهــور فــراغ قــاطع للــربط اللغــوي الــذي يشــد لفظــة بــأخرى شــدا ينشــأ عنــه

ســياق متواصــل حمكــم البنــاء يكــون البنيــة الرتكيبيــة املألوفــة للجملــة العربيــة ، ومــن مث يفجــر يف ذهــن املتلقــي

حملـذوف لضـعف اجلانـب اإلبـداعي شحنة فكرية توقظ ذهنه، وجتعله يتخيـل مـا هـو مقصـود ، إذ لـو ذكـر ا

.3يف بالغة الرتكيب

_ التقديم والتأخير :2

ميثل التقـدمي والتـأخري دورا هامـا يف بنـاء اجلملـة العربيـة ، كمـا يعـد ركيـزة أساسـية يف بالغتهـا وحتقيـق

رجـاين مرادا�ا وإصابة غرض املتكلم، لتحقيق التواصل بـني املـتكلم واملخاطـب ، وقـد أدرك عبـد القـاهر اجل

تلـك الوظيفـة اإلبداعيــة حيـث عــرب عـن ذلــك بقولـه :"هـو بــاب كثـري الفوائــد جـم احملاســن ،واسـع التصــرف

بعيــد الغايــة ،ال يــزال يفــرت لــك عــن بديعــة ويفضــي بــك إىل لطيفــة ، وال تــزال تــرى شــعرا يروقــك ويلطــف

.188"يوسف أبو العدوس ، األسلوبية الرؤية والتطبيق، ص 1

.360ابن جين ، اخلصائص، ص 2

.47م، ص2003ه_1424بومجعة مجي ، ظاهرة احلذف يف شعر البحرتي،مطبعة النجاح اجلديدة، الدار البيضاء، الطبعة األوىل 3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

38

ظ مـن مكـان إىل لديك موقعه ، مث تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدم فيه شيء وحول اللفـ

، ولذلك جند أن النحاة والبالغيون اهتموا �ذه الظاهرة كل من وجهة نظره . 1مكان"

_ االنزياح في علم البيان : 3

تقـوم معظـم مباحـث البالغـة العربيـة علـى أسـاس االنزيـاح مبعنـاه الواسـع، فاالسـتعارة والكنايـة مــاهي

.2عاين اليت وضعت هلا أصال إال أنواع من االنزياح ، ال�ا جاءت على غري امل

ثانيا : تعريف األسلوبية :

يعــرف شــارل بــايل األســلوبية بأ�ـــا :" العلــم الــذي يــدرس وقــائع التعبـــري اللغــوي مــن ناحيــة حمتواهـــا

.أي التعبري عن واقع احلساسية الشعورية من خالل اللغة وواقع اللغة عرب هذه احلساسية"، العاطفي

ا :"علم يهدف إىل الكشف عن العناصر املميزة اليت يستطيع �ا املؤلف معرفـة وعرفها ريفاتري بأ�

حريــة اإلدراك لــدى القــارىء املســقبل ، والــيت يســتطيع �ــا أيضــا أن يفــرض علــى املســتقبل وجهــة نظــره يف

الفهم واإلدراك

أوال واألسـلوبية عنـد جاكوبسـون :" حبـث عمــا يتميـز بـه الكـالم الفــين مـن بقيـة مسـتويات اخلطــاب

.3ومن سائر أصناف القول اإلنسانية ثانيا"

تفصـــيلية فـــرع مـــن اللســـانيات احلديثـــة، خمصـــص للتحلـــيالت ال" ومـــن هنـــا ميكـــن تعريفهـــا علـــى أ�ـــا:

ختيــارات اللغويــة الــيت يقــوم �ــا املتحــدثون والكتــاب يف الســياقات األدبيــة وغــري لألســاليب األدبيــة، أو لال

.4" األدبية

.106ئل اإلعجاز، صعبد القاهر اجلرجاين ، دال 1

.192يوسف أبو العدوس ، األسلوبيةالرؤية والتطبيق، ص 2

.20سوسو مراد يوسف أبوعمر ، األسلوبية دراسة وحتليل وتطبيق، ص 3

.35األسلوبية الرؤية والتطبيق ، صيوسف أبو العدوس، 4

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

39

، »يـة« والحقتـه»أسـلوب«جلـذر اللغـوي لألسـلوبية، فنجـدها تنقسـم إىل قسـمني: أما إذا تصفحنا ا

فاألسـلوب ذو مــدلول إنسـاين ذايت مبعــىن نسـيب، والالحقــة ختـتص بالبعــد العقلـي املوضــوعي، لـذلك تعــرف

. 1بأ�ا البحث يف األسس املوضوعية إلرساء علم األسلوب

المطلب الثاني: نشأة األسلوب واألسلوبية:

تارخييـةتـاريخ مصـطلحي األسـلوب واألسـلوبية فإننـا جنـد أن األسـلوب أسـبق مـن الناحيـة ال تبعناتإذا

وأوسع من الناحية الداللية واملعنوية ذلك أن األسلوب واكـب فـرتة طويلـة مصـطلح البالغـة دون أن يكـون

هنــاك تعــارض بينهمــا، بــل كــان األســلوب يقــف مــن البالغــة موقــف املســاعد علــى تطبيــق القواعــد املعياريــة

تابــات أرســطو عــن الشـــعر الــيت حتملهــا إىل الفكــر األديب والعــاملي منــذ العهــد اإلغريقــي، ومتثــل ذلــك يف ك

، وهــذه الكتــب الــيت أثــرت كثــريا يف الفكــر البالغــي األوريب والعــريب يف العصــور 2والبالغــة علــى حنــو خــاص

الوسطى، لكن هذه القواعد البالغية كانت حتتاج إىل قواعد أخرى تصنيفية تسـهل تقسـيم الكـالم حبسـب

ب، ومـن هـذه الزاويـة عـرف البالغيـون يف العصـور مراتبه الفنية، وتلك القواعد كان يتكفل �ا علـم األسـلو

الوسطى تقسيم طبقات األسلوب إىل ثالث طبقات:

، وحـــددوا لكـــل طبقـــة مـــن هـــذه »األســـلوب البســـيط، واألســـلوب املتوســـط، واألســـلوب الســـامي«

الطبقـات مــا يناسـبها مــن حيــث املوضـوعات واملفــردات بـل حــددوا لكــل طبقـة كتابــا أدبيـا معينــا يصــلح أن

ن منوذجا مثاليا هلا وصورة حية ملتطلبا�ا، ومتثل ذلك يف إنتـاج الشـاعر الرومـاين فرجيـل الـذي عـاش يف يكو

القـــرن األول قبـــل املـــيالد، حيـــث وجـــد يف إنتاجـــه ثالثـــة دواويـــن شـــعرية تصـــلح ألن تكـــون منـــاذج لطبقـــات

األسلوب الثالث:

منوذج لألسلوب البسيط. : وهذا الديوان كتبه عن حياة الفالحني وقد عدقصائد ريفية -

: وهوديوان حيث الرومان للتمسك بأرضهم وقد عد منوذجا لألسلوب املتوسط.قصائد زراعية -

.34، األسلوب واألسلوبية، صعبد السالم املسدي1

.61م، ص 1984لوبية،جملة فصول، ا�لد اخلامس العدد األول/ أكتوبر،ديسمرب أمحد درويش ، األسلوب واألس2

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

40

وهي ملحمة رومانية، وقد عدت من األسلوب السامي . اإلنياذة: -

وعلى هذا األساس شاع عند البالغيني قدميا ما يسمى بدائرة فرجيل يف األسلوب، ويف هذا اإلطار

احلــدود الفاصــلة، حيــث إذا اتفــق علــى أن كلمــة املاشــية تتناســب مــع طبقــة الفالحــني وهــذه الطبقــة ترســم

يالئمهـــا األســـلوب البســـيط، فإنـــه الينبغـــى أن تنطلـــق هـــذه الكلمـــه إىل األســـلوب املتوســـط الـــذي يالئـــم

لتــزام بالقواعــد ونظــرا لشــدة اإل ،1الصــناع والتجــار ال إىل األســلوب العــايل الــذي يالئــم األمــراء واملفكــرين

املعياريــة، فــإن فكــرة طبقيــة األســلوب ظلــت تشــق طريقهــا حــىت القــرون القليلــة املاضــية حيــث بــدأت تتولــد

حركات جتديدية، وكانت اهلزة القوية ملبدأ طبقية األسـلوب ولـبعض قواعـده املعياريـة علـى يـد جـورج بوفـون

بشـــدة فكـــرة أن األســـلوب هـــو الطبقـــة ، الـــذي أدان فيـــه »مقـــال يف األســـلوب«يف عملـــه املشـــهور 1788

، وهـذا التعريـف هـو الـذي تـأثر بـه البحـث األسـلويب كثـريا بعـد »إىل أن األسلوب هو الرجل«لينتهي بذلك

ومن املالحظ أن املصطلح الذي كان يستعمل يف حقل الدراسات البالغية منـذ القـرون ،"تطوره فيما بعد

طلح الثــاين إال يف بــدايات القــرن العشــرين، مــع ظهــور ، ومل يظهــر املصــ»األســلوب«الوســطى هــو مصــطلح

.2الدراسات اللغوية احلديثة اليت قررت أن تتخذ من األسلوب علما يدرس لذاته

م أن علـم األلـوب الفرنسـي ميـدان شـبه مهجـور متامـا حـىت 1886فقد بني جوستاف كريرتنج سنة

فكانـت دبية بعيدا عن املاهج التقليدية ات األذلك الوقت، ودعا إىل كتابة أحباث تقوم بتتبع أصالة التعبري

بداية ظهور األسلوبية كعلم يف القرن التاسع عشر على يد شارل بـايل، الـذي نشـر يف مطلـع القـرن التاسـع

ــل يف األســـلوب" 1905عاشـــر _ علــــم أصـــبح مث ، ومـــن 3م_ كتابـــاين يف "األســـلوبية الفرنســـية" و"ا�مـ

ية وأصــبحت هــي األداة اجلامعــة بــني علــم اللغــة واألدب، وبــذلك فقــد جــزء مــن املدرســة األلســناألســلوبية

ارتبطت نشـأ�ا مـن الناحيـة التارخييـة ارتباطـا واضـحا بنشـأة علـوم اللغـة احلديثـة، مث إن األسـلوبية كـادت أن

تتالشــى ألن الــذين تبنــوا وصــايا بــايل يف التحليــل األســلويب ســرعان مــا نبــذوا العلمانيــة اإلنســانية، ووظفــوا

العمـل األسـلويب بشـحنات التيـار الوضـعي فقتلـوا وليـد بـايل يف مهـده ومـن أبـرز هـؤالء يف املدرسـة الفرنسـية

.17أمحد درويش ، دراسة األسلوب بني املعاصرة والرتاث ، ص1

.61أمحد درويش ، األسلوب واألسلوبية،جملة فصول، ص2

.23سوسو مراد يوسف أبو عمر ، األسلوبية دراسة وحتليل وتطبيق ، ص3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

41

مليـة جبامعـة آنـديانا حيـث انعقـدت نـدوة عا م1960ج.ماروزو، ولكن احلياة عادت إىل األسلوبية بعـد عـام

ــلوب«بأمريكـــا عـــن ــر يومهــــا ، ألقـــى فيهـــا ر.جاكوبســـون حماضـــرته حـــول األلســـنية وا»األسـ إلنشـــائية فبشـ

.1بسالمة بناء اجلسر الواصل بني األلسنية واألدب

.23دي، األسلوب واألسلوبية ، صعبد السالم املس1

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

42

حث الثانى: اإلتجاهات األسلوبية المب

المطلب األول: األسلوبية التعبيرية:

: أوال:التأسيس

أسس هذا االجتاه العامل السويسرى شارل بايل مؤسس علم األسـلوب تلميـذ دي سوسـري، وخليفتـه

مقـال يف األسـلوب الفرنسـي، مث أتبعـه بعــدة م1902رسـي علـم اللغـة يف جنيـف حيـث نشــر ىف سـنة علـى ك

هــو العلــم الــذي «دراســات أخــرى مطولــة نظريــة وتطبيقيــة، أســس �ــا علــم أســلوب التعبــري حيــث يقــول:

مـن خـالل يدرس وقائع التعبري اللغوي من ناحية حمتواه العاطفي، أي التعبري عـن واقـع احلساسـية الشـعورية

، ومـن هـذا التعريـف نالحـظ أن بـايل يركـز علـى الطـابع العـاطفي 1»اللغة ،وواقع اللغة عـرب هـذه احلساسـية

للغــة، وارتباطــه بفكــريت القيمــة والتوصــيل، إذ أن اللغــة تتكــون مــن نظــام مــن أدوات التعبــري، الــيت تســتخرج

حســب، بــل تعــرب أساســا عــن عواطفنــا، اجلانــب الفكــري مــن كياننــا، كمــا أن اللغــة ال تعــرب عــن أفكارنــا ف

وهـذا الـذي صـرح ،2وعندما تظهرهذه الوقائع التعبريية فإن البحث األسـلويب هـو الكفيـل بدراسـة مالحمهـا

إن مهمـــة علـــم األســـلوب الرئيســـية يف تقـــديري تتمثـــل يف « بـــه بـــايل يف غـــري موضـــع، إذ أنـــك جتـــده يقـــول:

ة معينـــة حركــات فكـــر وشـــعور املتحــدثني باللغـــة، ودراســـة البحــث عـــن األمنــاط التعبرييـــة الـــيت تــرتجم يف فـــرت

ــن هـــذه األمنـــاط لــــدى الســـامعني والقـــراء ــة النامجـــة عـ ــم األســــلوب »التـــأثريات العفويـ ، وعلـــى هـــذا فـــإن علـ

اليتدخل إال عندما ميس التعبري وسطا إجتماعيا، أو شكال معينا للحياة، ومن ناحية أخـرى فـإن مايدرسـه

لتعبرييــة، إمنــا هــو اإلجــراءات أو الوســائل الــيت تــؤدي إىل إنتــاج اللغــة العاطفيــة علــم األســلوب مــن الوجهــة ا

الشـــعورية، فـــإذا عمـــدت هـــذه الدراســـة إىل إعـــادة التكـــوين العضـــوي للغـــة يف بنيتهاوهيكلهـــا علـــى أســـاس

مقارنتهـــا بغريهـــا، ويطلـــق عليهـــا بـــايل اســـم علـــم األســـلوب املقـــارن اخلـــارجي، أمـــا إذا تناولـــت العالقـــة بـــني

.49ص م، 1994بريجريو، األسلوبية، ترمجة منذر العياشى، الطبعة الثانية، مركز اإلمناء احلضارى للدراسات، 1

.133األسلوبية نشأة وتاريخ، جملة فصول، ص سليمان العطار ، 2

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

43

الكلمة والفكر لدى املتكلم والسامع، وعاجلت عالقة اللغة باحليـاة يف طابعهـا العـاطفي الـدائم، فهـي علـم

.1األسلوب الداخلي

:ثانيا: مستويات الدراسة األسلوبية للخصائص التعبيرية

: مـــن املعلـــوم أن اللهجـــات تتفـــرق بـــني النـــاس مـــن ناحيـــة، وبـــني الطبقـــات مـــن ناحيـــة اللهجـــة -1

قــد يســتخدم اإلنســان يف حياتــه عــدة هلجــات طبقــا للظــروف الــيت حتــيط بــه، وميكــن التمييــز بــني أخــرى، و

ثالثة مستويات من اللهجات :

: وهي هلجة البيت واملقهى والشارع. منخفضة -أ

وهي هلجة املهنة ،واملكتب، والعالقات اإلجتماعية. متوسطة: -ب

ب. وهي هلجة املناسبات اخلاصة،كاخلط رفيعة: -جـ

فاإلنسان يستعمل املستويات الثالثة حسب املواقف اليت تقتضيها.

فلكــل طبقــة مفردا�ــا وتراكيبهــا كمــا أن كــل طبقــة متيــل إىل اإلحتفــاظ الطبقــات اإلجتماعيــة: -2

بأسلو�ا مثل رجال الدين والقضاء وغريهم.

كـــذلك بالنســـبة : الشـــك أن لكـــل عصـــر مفرداتـــه ومصـــطلحاته املتداولـــة، و العصـــور واألمكنـــة -3

لألقاليم، فكل إقليم حيتفظ بلغته احملددة.

: فلألطفـــال اســـتخداما�م، وكـــذلك بالنســـبة للنســـاء والرجـــال، وقـــد دلـــت األعمـــار واألجنـــاس -4

اإلحصاءات على أنه يف حالة اتفاق السن والثقافة يالحظ على مفردات الفتيات أ�ا أكثر احنصـارا وأشـد

2 اللغة ترتبط بالعمر واملزاج واجلنس.حتديدا من مفردات الفتيان، ف

.22علم األسلوب، صصالح فضل، 1

. 24علم األسلوب، صصالح فضل ، 2

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

44

: ثالثا: خصائص األسلوبية التعبيرية

أسلوبية التعبري عبارة عن دراسة عالقات الشكل مع التفكري . -1

أسلوبية التعبري ال خترج عن إطار اللغة، أو عن احلدث اللساين . -2

لة، أو دراسة املعىن.أسلوبية التعبري أسلوبية لألثر، إذ أ�ا تتعلق بعلم الدال -3

ـــة اللغويـــة ووظائفهـــا داخـــل النظـــام اللغـــوي، أي أنـــه وصـــفي -4 ــد باألبني علـــم أســـلوب التعبـــري يعتـ

.1حبت

:رابعا: أثر األسلوبية التعبيرية على الدراسات األسلوبية

توسيع جمال البحث عن القيمة األسلوبية بعدم اقتصارها على الصور البالغية القدمية. -1

دائرة البحث يف املستويات اللغوية، واإلهتمام باللغة املنطوقة من الناحية األسلوبية. توسيع -2

اإلعتماد على املنهج الوصفي العلمي يف جمال الدرسات النظرية. -3

خامسا: عيوب األسلوبية التعبرية:

عـــن الرتكيـــز علـــى احملتـــوى العـــاطفي يف الدراســـة، يعـــين صـــرف األســـلوب يف كثـــري مـــن األحيـــان -1

القيمة اجلمالية.

اإلهتمام بالتنظري، شغله عن التطبيق على أعمال معاصرة . -2

2 اإلهتمام باللغة املنطوقة، إبتعد به عن اللغة املكتوبة . -3

.42م ، ص2002عياشي، األسلوبية وحتليل اخلطاب، الطبعة األوىل، مركز اإلمناء احلضاري، منذر1

.32أمحد درويش ، دراسة األسلوب بني املعاصرة والرتاث، ص 2

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

45

الثاني : األسلوبية األدبية: المطلب

علــم اجلمــال ك« يتـزعم هــذه املدرســة كــارل فوسـلري الــذي تــأثر بكتــاب الفيلسـوف اإليطــايل كروتشــه

، والذي يلفت فيه علماء اللغـة إىل أننـا كلمـا قمنـا بتحليـل التعبـري وجـدنا أنفسـنا »للتعبري وعلم اللغة العام

أمـــام ظـــاهرة مجاليـــة، إذ أن اللغـــة يف نفســـها تعبـــري خــــالص، ومـــن مث فهـــي علـــم مجـــال وهـــذا التصـــور هــــو

ة والشعر متطابقـان ، ذلـك أن اللغـة ولذلك جند أنه ملا ألف كتابه عن الشعر، يرى أن اللغ ،1تصورأسلويب

ماهي إال تعبري عن اخليال، وهذا كفيل بأن جيعلها علـم للجمـال، وال ميكـن احلكـم علـى التعبـريات اللغويـة

، وقــد كــان هلــذا الفكــر التــأثري البــالغ علــى كــارل فوســلري، حيــث كتــب لكروتشــه 2إال بوصــفها تعبــريا شــعريا

فيه عن العالقة بني اإليقاع واألسـلوب والقافيـة، وكـان بوسـعه أن يعده بتقدمي حتليل مجايل خالص، يبحث

يعثـــر علـــى نفـــس الفكـــرة يف كتبـــه عـــن علـــم اجلمـــال ومـــن هنـــا ثبـــت عنـــد فوســـلري فكـــرة مفادهـــا أن علـــم

األســلوب ميثـــل ا�ــال اللغـــوي كإبـــداع أمــا علـــم اللغـــة فإنــه ميثـــل ا�ــال اللغـــوي كتطـــور وتــاريخ، وكـــان هـــذا

فته الرئيســـية لعلـــم األســـلوب علـــى أســـاس تصـــور األســـلوب كمصـــب جلميـــع وســـائل مـــدخل فوســـلري إلضـــا

ــة ــا أداة لتحقيــــق 3التعبـــري اجلماليـ ــإن فوســـلري يـــرى أن للغــــة بعـــدا آخـــر، فاللغــــة أيضـ ، ومــــن ناحيـــة أخـــرى فــ

احلاجات العملية لتبادل األفكار، ومن هذا املنظور تعترب اللغة إبـداعا اجتماعيـا بـدال مـن أن تكـون إبـداعا

رديـا، كمــا أ�ـا إبــداع عملـي ال جمــرد تنظـري إذ إ�ــا خلــق مكيـف للحاجــات، وعلـى هــذا فـإن الــذي يتطــور ف

، 4هـو تقنيــات التعبـري، وبالتــايل تصـبح الدراســة اللغويــة بوصـفها تطــورا يتفـق فيهــا املنحـى اجلمــايل والتــارخيي

األقــل اإلهتمــام بالتحليــل لكــي نــدرس التــاريخ األديب لعصــر مــا، فإنــه ينبغــي علــى«وعلــى هــذا يفســر قولــه:

، 5» اللغــوي بــنفس القــدر الــذي يهــتم فيــه بتحليــل اإلجتاهــات السياســية واإلجتماعيــة والدينيــة لبيئــة الــنص

لكن الذي منا �ذا االجتاه هـو العـامل النمسـاوي ليوسـبيتزر، وقـد كتـب مؤلفـا مهمـا عـن علـم اللغـة والتـاريخ

يف دراساته، و الذي يتلخص يف النقاط التالية : األديب، ويف مقدمته عرض املنهج الذي اتبعه

.44صالح فضل ،علم األسلوب، ص 1

.134األسلوبية نشأة وتاريخ، جملة فصول، ص 2

. 47صالح فضل ، علم األسلوب، ص 3

.135نشأة وتاريخ، جملة فصول، ص األسلوبية 4

. 67ص أمحد درويش ، األسلوب واألسلوبية، جملة فصول ، 5

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

46

أريــد أن «املــنهج ينبــع مــن اإلنتــاج األديب، ولــيس مــن مبــادئ خارجــة عنــه، وعلــى هــذا يقــول: -1

أكــرر أنــه علــى األســلوبية أن تأخــذ العمــل الفــين الــواقعي نقطــة انطــالق ،ولــيس أن تأخــذ بعــض وجهــات

». النظر اخلارجة عنه

ــدة -2 ــتالحم كــــل عمــــل يشــــكل وحــ ــز نــــرى فكــــر مبدعــــه الــــذي يشــــكل مبــــدأ الــ كاملــــة، ويف املركــ

الداخلي، وهذا ما يسميه اجلذر الروحي .

البــد أن تقودنــا اجلزئيــات إىل حمــور العمــل، وينبغــي أن ترصــد هــذه األجــزاء بعنايــة حــىت نتوصــل -3

من خالهلا إىل مفتاح العمل .

ج عن املوهبه والتجربة، وعن طريقه ميكن أن إخرتاق العمل األديب يكون عن طريق احلدس النات -4

نشعر بأننا نسري على الطريق الصحيح أو ال.

ينبغــي أن تكــون نقطــة البــدأ يف الدراســة األســلوبية لغويــة، غــري أنــه ميكــن أن تكــون مــن مســات -5

ر أو مـن إن دمـاء اخللـق الشـعري واحـدة لكننـا ميكـن أن نتاوهلـا بـدءا مـن املنـابع اللغويـة أو األفكـا« أخرى

، ومن خالل هذه النقطة وضع سبيتزر طريقا بني اللغة وتاريخ األدب.»العقدة أو التشكيل

.1املالمح اخلاصة للعمل الفين هي وسيلة للكالم اخلاص واإلبتعاد عن الكالم العام -6

لقــد كــان هلــذا املــنهج الــذي وضــعه ســبيتزر أثــر كبــري يف إثــراء النقــد األديب وختليصــه مــن بعــض

اآلثارالســلبية لإلجتــاه الوضــعي الــذي كــان ميثلــه النســون، وارتكــزت يف النقــد األديب مبــادئ مل تكــن شــائعة

منها :

ينبغي على النقد أن يكون داخليا، وأن يأخذ نقطة ارتكازه من العمل األديب. -أ

جوهر النص يوجد يف روح مؤلفه، وليس يف الظروف املادية اخلارجية. -ب

األديب أن ميدنا مبعايريه اخلاصة لتحليله . على العمل -جـ

.80، ص بري غريو، األسلوبية ، ترمجة منذر العياشى 1

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

47

.1إن اللغة تعكس شخصية املؤلف، وتظل غري منفصلة عن بقية الوسائل األخرى اليت ميتلكها -د

:المطلب الثالث: األسلوبية النقد أو الجديدة

امـة قامت هذه املدرسة على مبادئ مدرسة ليو سبيتزر وتركزت يف الواليات املتحـدة األمريكيـة، بزع

م أن يعثـر علـى الصـيغة املالئمـة الـيت تتـوج جهـود 1940الذي اسـتطاع ىف » دماسو ألونسو«الناقد اإلسباين

الدراسات السـابقة، فخلـص إىل أن األسـلوب هـو العلـم املنـوط بـه شـرح النظـام التعبـريي لألعمـال األدبيـة،

ت املتحدة األمريكية، إذ يرى أن وقد عرض وجهة نظره حول األسلوبية يف عدة مؤمترات أقيمت يف الواليا

ــادة بنـــاء األســـلوبية النقديـــة ميكـــن أن تطبـــق علـــى األعمـــال األدبيـــة املعاصـــرة والقدميـــة معـــا ممـــا يقتضـــى إعـ

، ذلـك أن 2العناصر املكونة للعمل األديب من الداخل ال من اخلارج حىت ترقـى الستشـراف القيمـة اجلماليـة

، وهي تشكل حوارا أزليا بني نفس خالقها ونفس قارئهـا، لكـن مـا لألعمال األدبية احلقيقية خلود وإشراق

هي القواعد املوصلة إىل العمل األديب احلقيقي :

: هذه املرتبة تصـبح فيهـا املعرفـة تشـكال عامـا مـن حـدس كلـي مسـتنرية بـالقراءة القارئ العادي -1

القــارئ، ليتحــول ذلــك ذلــك أن القصــيدة تولــد مــن حــدس خيفــز الكــل النفســي لإلنســان، وحيتــاج حلــدس

العمل إىل عمل عاطفي حي.

: يعـد الناقـد قـارئ اســتثنائي ألنـه يتمتـع بقـدرة واســعة اسـتقبالية إذ أن لـه حـدوس صــافية الناقـد -2

ــة ســــريعة ومكثفــــة عــــن احلــــدوس ــارئ قــــادر علــــى التعبــــري بطريقــ وعميقــــة علــــى العمــــل األديب، ذلــــك أنــــه قــ

ورأيه يعترب دليل القارئ كما يقول ألونسو . املستقبلية، فالناقد هو الذي يقوم العمل

: يرى ألونسو أن العمل األديب يتحدد بوحدتـه وبكيانـه أي:بوصـفه كونـا أو المحلل األسلوبي -3

عاملــا مغلقــا علــى ذاتــه، وفهــم هــذه الوحــدة مــن القــانون الــداخلي يــتم مــن خــالل احلــدس، وعلــى الدراســة

تفقـة أو املتشـا�ة يف سلسـلة مـن القصـائد بطريقـة حتقـق الرتتيـب العلمية اليت تتم من خالل مجع العناصر امل

. 38، ص أمحد درويش ،دراسة األسلوب بني املعاصرة والرتاث 1

.74، ص طاهر عبد اجلواد ، مبادئ ىف علم األسلوب 2

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

48

الكلي اإلستقرائي لدرجات نوعية معينة، وملعايري تكـون متحققـة يف عناصـر شـعريةكثرية وهـذه املهمـة تقـع

. 1على عاتق األسلوبية

ك جنـــد والبـــد ملـــن يتصـــدى هلـــذه املهمـــة أن يكـــون خبـــريا بـــالقيم التعبرييـــة للغـــة الـــيت يدرســـها، ولـــذل

ألونسو يدعو إىل إقامة علم أسـلوب اللغـة لدراسـة العناصـر العاطفيـة فيهـا، فالدراسـة األسـلوبية عنـده مبنيـة

تشـري إىل طلـوع الشـمس مـن الناحيـة » هـا قـد طلعـت الشـمس«على جـانبني مهـا الداللـة والتعبـري، فقولـك:

كلم كالفرحـــة بعـــد طـــول الدالليـــة، ولكـــن مـــع ذلـــك نستشـــف أن اجلملـــة تـــوحي بواقـــع نفســـي معـــني للمـــت

انتظــار أو حلظــة مــن الســعادة، وقــد تــوحي بــالعكس بالنســبة للمحبــني املســتغرقني يف اليــل الوصــال، ولكــي

يصل احمللل األسلويب إىل هذه النتيجة فالبد أن ينطلق من حمورين أساسيني مها:

كيف تكون وتشكل العمل األديب يف جمموع عناصره. -1

. 2ة اليت أثارهاماهي اللذة اجلمالي -2

».البنائية«المطلب الرابع : األسلوبية الوظيفية

تعد هذه املدرسة امتدادا ملذهب بايل يف األسلوبية الوصفية، ومـن بـاب أوىل إىل مـا ذهـب إليـه دي

سوسري اليت قامت على التفريق بني اللغة والكالم، وقيمة هذه التفرقة تكمـن يف التنبـه إىل وجـود فـرق بـني

األسلوب بوصفه طاقة كامنة يف اللغة، ودراسة األسلوب الفعلي يف حد ذاته ،واملقصود التفريق بني دراسة

ـــابع احلقيقيـــة للظـــاهرة 3مســـتوى اللغـــة والـــنص، ورائـــد هـــذه املدرســـة هـــو جاكوبســـون ، الـــذي يـــرى أن املن

كــن تعريــف األســلوبية األســلوبية ليســت فقــط يف اللغــة ومنطيتهــا، وإمنــا أيضــا يف وظائفهــا وعالقا�ــا، وال مي

، واتكأ يف نظريته هذه على أفكـار علـوم اإلتصـال الـيت نشـأت 4خارجا عن اخلطاب اللغوي بوصفه رسالة

يف إطــار أحبـــاث املهنـــدس شـــانون املخـــتص مبجـــال التلغـــراف، حبيـــث يعـــين بـــه: إيصـــال املعلومـــات بواســـطة

اإلتصـال إىل جمـال اللغـة بوصـفها نظـام املرسالت عرب أشـكال متنوعـة كالتموجـات الصـوتية، مث نقـل نظريـة

.138األسلوبية نشأة وتاريخ،جملة فصول، ص ر ،سليمان العطا 1

.77صالح فضل ،علم األسلوب، ص 2

.65صجملة فصول ، ،أمحد درويش ،األسلوب واألسلوبية 3

.91، ص األسلوبية الرؤية والتطبيق يوسف أبو العدوس ، 4

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

49

مــن الــدالئل، يعــرب اإلنســان مــن خالهلــا عمــا يريــد، ذلــك أن وظيفــة التواصــل مــن أهــم الوظــائف، إذ مــن

خالهلــا يتــاح لإلنســان التواصــل مــع بــين جنســه، وتتخــذ هــذه الوظيفــة شــكلني مهــا: إمــا أن يكــون التواصــل

جيســـد العمليـــة التواصـــلية مـــن خـــالل خريطـــة توضـــح لنـــا و 1بـــالكالم واألصـــوات ،وإمـــا أن يكـــون بالكتابـــة

العملية اليت متر �ا الرسالة بني املرسل واملرسل إليه كالتايل :

المحتوى

ـــ المرسل إليه ـــ الرسالة ـــــــ المرسل ـــــ

2الشفرة

ظيفية :خصائص األسلوبية الو -أ

يعمل على تقدمي قراءة شاملة متكاملة للنص األديب، حبيث يساعد على حتليله حتليال وافيا . -1

يهتم بالبنية السطحية والبنية العميقة للنص . -2

ــا وأثـــر هـــذه العالقـــات -3 يبـــدى هـــذا املـــنهج اهتمامـــا بالغـــا باجلانـــب الـــداليل للكلمـــات وعالقا�ـ

كلية للــنص، وهنـــا تكمــن مهمـــة الــدارس األســـلويب، فعليــه أن يكشـــف عـــن الســياقية يف تكـــوين البنيــة الشـــ

.3التفاعل بني اجلانب الشكلي والداليل للنص

.127، ص األسلوبية الرؤية والتطبيق يوسف أبو العدوس ، 1

.34،صسلوب بني املعاصرة والرتاث دراسة األأمحد درويش ، 2

. 137، ص األسلوبية الرؤية والتطبيق يوسف أبو العدوس ، 3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

50

المبحث الثالث : عالقة األسلوبية بالعلوم األخرى

: األسلوبية في التراث البالغي والنقدي :ألولاالمطلب

رتبـــاط الـــدائم بـــني الـــرتاث والـــوعي أنـــه البـــد أن نعمـــل علـــى تأكيـــد حقيقـــة مهمـــة، وهـــي اإلالشـــك

املعاصــر، إذ أن النــاظر بعــني البصــرية يــدرك العالقــة الوثيقــة بينهمــا ســواء كــان عربيــا أو غربيــا فالدراســات

النقديــة احلديثــة التنفصــل عمــا ســبقها مــن دراســات قدميــة، ولــذلك جنــد أن النقــاد كثــريا مــاحيتجون بـــآراء

ــــة وغريمهــــا ــطوا يف البالغــــة واخلطاب ــة، أرســ ــ ــــني األســــلوبية احلديث ــة ب ــة الوثيقــ ـــذي يهمنــــا اآلن هــــو العالقــ ، والـ

والدراسات البالغية والنقدية القدمية عند العرب.

: لـــئن ســـارت أغلـــب الدراســـات األســـلوبية احلديثـــة موحـــدة يف مصـــطلحي الشـــكل : اللفـــظ والمعنـــىأوال

دثوا على ذلـك كثـريا حـىت صـارت يف واملضمون، فإن العرب قدميا قد استعملوا مصغرمها اللفظ واملعىن، وحت

القــرون األوىل أبــرز القضــايا النقديــة، وهــذه الثنائيــة فرعــت مباحــث البالغــة إىل اجتاهــات فمــنهم مــن يهــتم

بــاللفظ، ومــنهم مــن يهــتم بــاملعىن ويرجــع اإلهتمــام �ــا إىل النصــف الثــاين مــن القــرن الثــاين اهلجــري، قــال

واح، وإمنا تراها بعيون القلوب فإذا قدمت منها مؤخرا أو أخـرت منهـا األلفاظ أجساد واملعاين أر " العتايب:

مقدما أفسدت الصورة وغريت املعىن كما لـو حـول رأس إىل موضـع يـد أو يـد إىل موضـع رجـل ، لتحولـت

مث اعلــم أن حكــم األلفــاظ خــالف حكــم املعــاين ألن املعــاين "، وقــال اجلــاحظ :1"اخللقــة وتغــريت احلليــة

، أمـا ابـن 2" غاية ،وممتدة إىل غري �اية وأمساء املعاين مقصورة معدودة ، وحمصلة حمـدودة مبسوطة إىل غري

اللفــظ جســم، وروحــه املعــىن وارتباطــه بــه كارتبــاط "رشــيق فإنــه يشــبه اللفــظ باجلســد واملعــىن بــالروح يف قولــه:

نقصــا للشــعر، الــروح باجلســد، يضــعف بضــعفه ويقــوى بقوتــه ،فــإذا ســلم املعــىن واختــل بعــض اللفــظ كــان

وهجنة عليه كما يعرض لبعض األجسام من العـرج والشـلل مـن غـري أن تـذهب الـروح، وكـذلك إن ضـعف

3"املعــىن واختــل بعضــه كــان للفــظ مــن ذلــك أوفرحظ،كالــذي يعــرض لألجســام مــن املــرض مبــرض األرواح

.214، ص مقدمة ىف النقد األديبطاهر عبد اجلواد ، 1

.1مج 86،صم1998هـ/ 1418،حتقيق عبد السالم هارون،الطبعة السابعة، مكتبة اخلاجنى بالقاهرة، البيان والتبينياجلاحظ، 2

تــاريخ رشــيق القــريواين، العمــدة ىف حماســن الشــعر وآدابــه ونقــده، حتقيــق عبــد احلميــد هنــداوي، دط، املكتبــة العصــرية، صــيدا/ بــريوت ابــن 3

.1،ج112ص، م،1427هـ/2007النشر

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

51

ين ، فاأللفـاظ هـي الـيت حتـوي والذي يظهر من هذا الكالم أن البلغاء قدميا كانوا يفرقون بني األلفاظ واملعـا

:لى هذا اإلعتبار إىل أربعة أقساماملعاين وحتددها، ولذلك جند أن ابن قتيبة يقسم الشعر ع

ضرب منه حسن لفظه وجاد معناه كقول أيب ذؤيب: -

ــوالنفس راغبة إذا رغ ــيــــــــل ـــوإذا تـرد إلى ق هـا ــــت ــبــ ـــــت ل ــ ــق ـ ـع ــــن ـــ

ضرب حسن لفظه وحال، فإذا فتشته مل جتد فائدة يف املعىن، كقول القائل : -

ــــولما قضينا من منى كل حاج ة ـ

أخذنا بأطراف األحاديث بينـنا

ــــومسح باألركان من ه ــ ح ــــاس ــــو م ــ

بأعناق المطي األباطح وسالت

ضرب جاد معناه، وقصرت ألفاظه عنه،كقول لبيد: -

فسه اعاتب الحرم ح والمرء يصلحه الجليس الصال الكريم كنـ

ضرب تأخر معناه وتأخر لفظه،كقول الشاعر : -

ــوإن مـ ــــــالح ــــإن م ــرت ـــ ـــوإن في السفر م ـال ــــــــح ــــــ ـــــاله ـــا مضى م ـ 1ـــ

ــاله ـــم 1ــــــ

ولقد كان عبد القاهر اجلرجـاين بالغيـا مفكـرا ناقـدا مـع كونـه حنويـا، حتـدث طـويال يف كتابيـه أسـرار

البالغة ودالئل اإلعجاز عن اللفظ واملعىن، وأن التعويل عنده إمنا يكون على املعىن ال علـى اللفـظ، وعلـى

ذلـك لـيس لكـالم فضـل علـى كـالم مبجـرد ألفاظـه، حـىت تفيـد ضـربا خاصـا مـن التأليف،وتعتمـد علـى وجـه

األلفـــاظ خـــدم املعـــاين "دون وجـــه مـــن الرتكيـــب، ومـــا األلفـــاظ عنـــده إال خـــدم للمعـــاين، وعلـــى هـــذا قولـــه:

ظ علـى املعـىن واملصرفة يف حكمها وكانـت املعـاين هـي املالكـة سياسـتها املسـتحقة طاعتهـا، فمـن نصـر اللفـ

ـــه عـــن طبيعتـــه إذ قـــد عرفـــت ذلـــك، رأيـــت البلغـــاء جيعلـــون ، مث""كـــان كمـــن أزال الشـــئ عـــن وجهتـــه وأحال

اظ كاملعــارض هلــا وكالوشــي احملــرباأللفــاظ زينــة املعــاين وحليــة عليهــا، أو جيعلــون املعــاين كــاجلوارى، واأللفــ

. 1،ج 64،65م ،ص 1966ابن قتيبة ، الشعر والشعراء ، حتقيق أمحد حممد شاكر ، الطبعة الثانية، دار املعارف بالقاهرة ، 1

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

52

ه أمـــر اللفـــظ، وجيعلـــون املعـــىن ينبـــل بـــه واللبـــاس الفـــاخر والكســـوة الرائقـــة، إىل أشـــباه ذلـــك ممـــا يفخمـــون بـــ

، وكالمه هذا يدل على أن املعىن ماقام يف نفس املتكلم، ووافق قواعد النحو، وهذا ما يسمى 1 "ويشرف

بالنظم الذي أسس له يف كتابه دالئل اإلعجاز .

أتوا مبثلــه، وقــد : كــان القــرآن الكــرمي معجــزا بأســلوبه وبيانــه متحــديا للعــرب علــى أن يــنظريــة الــنظم :ثانيــا

وملـا اتسـعت مة رغم ما يبدونه من عداوة شديدةعجزوا عن ذلك مع اإلقرار يف أنفسهم ماللقرآن من عظ

الرقعــة اإلســـالمية وظهـــرت الدراســـات القرآنيــه، واحتـــاج النـــاس إىل مـــن يفســر هلـــم إعجـــاز القـــرآن لضـــعف

أن اهللا صـرف قلـوب العـرب علـى سليقتهم، ظهر من أصـحاب الفـرق اإلسـالمية مـن يقـول بالصـرفة يعـين

أن يـــأتوا مبثلـــه وكـــان هـــذا انتقاصـــا مـــنهم لقيمـــة القـــرآن، إذ أن مقتضـــى هـــذا القـــول أن إعجـــاز القـــرآن مـــن

مصدر خارج عنه، وهذا ما مل يتقبله أصحاب الفطـر السـليمة والـذوق الرفيـع، ومـن مث بـرزت فكـرة الـنظم،

وفـرق بيــني نظــم القــرآن از القـرآن، حيــث يقــول:"فسـري ســر إعجــوكـان أول مــن تكلــم فيهـا هــو اجلــاحظ لت

ونظــم ســـائر الكــالم وتأليفـــه، فلــيس يعـــرف فــروق الكـــالم ،واخــتالف البحـــث إال مــن عـــرف القصــيد مـــن

الرجز، واملزواج من املنثور واخلطب والرسائل وحىت يعرف العجز الذي جيوز ارتفاعه، مـن العجـز الـذي هـو

فعلـى قـول اجلـاحظ 2»ف عرف مباينة نظم القـرآن لسـائر الكـالموصفه يف الذات فإذا عرف صنوف التألي

أن الذي اليعرف الكالم العـريب نثـره وشـعره وأسـاليبه مل يسـتطع معرفـة نظـم القـرآن وإعجـازه، ذلـك أن اهللا

أعجــز العــرب مبــا كــانوا يظنــون أنــه ال يســبقهم فيــه أحــد وهــو نظــم الكــالم، وإمنــا أخطــأ مــن أخطــأ يف فهــم

عجـازه، مــن فسـدت سـليقتهم مبخالطـة األعــاجم، إال أن اجلـاحظ مل يقـدم تفسـريا واضــحا القـرآن ووجـوه إ

للنظم، وإمنا فهمنـاه مـن خـالل مذهبـه األديب الـذي يهـتم بالصـياغة واأللفـاظ، وينـاقش فيهـا طريقـة اختيـار

يف مواضـع األلفاظ فالغيث واملطر مبعىن واحد لكن اهللا عزوجل يستعمل أوهلما يف مواضع العقاب، والثاين

الرمحة، فاجلاحظ يقصد بالنظم معىن حسن اإلختيار سواء كان موسيقيا حبيث يقوم على سـالمة جرسـها،

، مث أصــبحت نظريــة الـــنظم 3أو معجميــا قائمــا علــى ألفتهـــا، أو إحيائيــا قائمــا علـــى أثرهــا يف نفــس الســـامع

. 263دالئل اإلعجاز ، ص عبد القاهر اجلرجاين ، 1

. 16م، ص1991هـ/ 1411اجلاحظ، العثمانية ، حتقيق عبد السالم هارون، الطبعة األوىل ،دار اجليل، بريوت /لبنان، 2

.91، صدراسة األسلوب بني املعاصرة والرتاث أمحد درويش،3

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

53

موضـعا خصـبا عنـد العلمـاء حـىت موضع نقاش بني العلماء بعده، ولقـد لقـي جمـال دراسـة اإلعجـاز القـرآين

يبدوا آراءهم يف ظاهرة نظـم القـرآن، ومـن ذلـك مـايروى عـن البـاقالين الـذي ألـف كتابـا خاصـا عـن إعجـاز

القــرآن، متخــذا مدخلــه للحــديث علــى أن القــرآن عجيــب يف تأليفــه بــديع يف نظمــه، ذلــك أنــه لــيس كمثــل

، إذ أن أســلوبه خـــاص متميــز عـــن أســـاليب املعهــود مـــن نظــام مجيـــع كــالم العـــرب، ومبـــاين للمــألوف منـــه

، ودرج العلمــاء بعــده علــى هــذا يف هــذه املســألة إىل أن انتهــت هــذه الدراســات إىل عبــد 1الكــالم املعتــاد

وقــد "القاهراجلرجــاين، فــاطلع علــى ماســبقه مــن آراء يف الــنظم ،وعــرف لــه مكانتــه وأمهيتــه، ويف ذلــك يقــول:

لـنظم وتفخـيم قـدره، والتنويـه بـذكره وإمجـاعهم علـى أن ال فضـل علمت إطباق العلمـاء علـى تعظـيم شـأن ا

، ولــيس الــنظم عنــده إال أن تضــع كالمــك الوضــع الــذي 2"مــع عدمــه، والقــدر لكــالم إذا هــومل يســتقم لــه

يقتضيه علـم النحـو وتعمـل علـى قوانينـه وأصـوله، وتعـرف مناهجـه فـال تزيـغ عنهـا، فـالفكر ال يتعلـق مبعـاين

ن معاين النحو، وقد خلص رمحه اهللا يف نظريته هذه إىل:الكلم مفردة جمردة ع

أنه الفصل بني األلفاظ ومعناها، وال بني الصورة واحملتوى، والبني الشكل واملضمون . -

أن النظم هو مراعاة معاين النحو وأحكامه وفرقه ووجوهه . -

.3أن البالغة يف النظم ال يف الكلمات املفردة -

تملت عليهــا مــن تطبيقــات تقــرتب ممــا يســمى اليــوم التحليــل األســلويب، بــل إن وهــذه النظريــة مبــا اشــ

عبـد القـاهر يطـابق بينهمــا مـن حيـث كانـا ميــثالن تنوعـا لغويـا فرديـا يصــدر عـن وعـي واختيـار، إذ أن تــوايل

ه، األلفاظ يف النطق ال يصنع نسقا أبدا، وإمنا يصنعه قصد املبدع إىل التأليف الفـين بأسـلوب مييـزه عـن غـري

واعلم أن اإلحتذاء عند الشعراء ، وأهـل العلـم بالشـعر وتقـديره "ألنه لكل أسلوب غرض ومعىن خاص به،

، ومـن 4"أن يبتدئ الشاعر ىف معىن له وغرض أسلوبا ،واألسلوب الضرب من النظم والطريقـة فيـه ،ومتييزه

ة لغويــة لفهـم الــنص األديب خـالل هـذا الكــالم نالحـظ أن دراســة عبـد القـاهر تعــد بدايـة للتحــرك حنـو نظريـ

.16البالغة واألسلوبية ، صحممد عبد املطلب ، 1

.80دالئل اإلعجاز ،ص عبد القاهر اجلرجاين ، 2

.79م ص92هـ/1412حممد عبد املنعم خفاجي ،األسلوبية والبيان العريب،الطبعة األوىل ، الدار املصرية البنانية بالقاهرة، 3

.468دالئل اإلعجاز ، ص عبد القاهر اجلرجاين، 4

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

54

ينتهــي �ــا األمــر إىل نــوع مــن الرتكيــز علــى دراســة األســلوب مــن خــالل مفهــوم الــنظم، إال أنــه مل خيــرج يف

كالمــه وتطبيقاتــه عــن اجلملــة والبيــت، ومعلــوم أن األســلوب ال يتضــح إال يف أمنــوذج أوســع، وهــذا الــذي

سـات األسـلوبية احلديثـة، حيـث رأوا أن مـن األشـياء الـيت دعى إليه البالغيون احملـدثون ملـا اطلعـوا علـى الدرا

البــد أن تتحلــى �ــا البالغـــة احلديثــة توســعة دائــرة البحـــث وبســط أفقــه، فــال يقتصـــر علــى اجلملــة والبيـــت

الشـعري، والبــد أن ميتـد البحــث إىل مــا بعـدمها حــىت يتسـىن لنــا حتليــل الفقـرة األدبيــة، والقطعـة الكاملــة مــن

، والــذي الشــك فيــه أن 1ننظــر إليهــا علــى أ�ــا كــل متماســك، وهيكــل متواصــل األجــزاءالشــعر، وال بــد أن

معظــم املباحــث البالغيــة قامــت علــى أســاس وصــفي للنمــاذج األدبيــة الراقيــة للشــعراء والكتــاب، ومــن بــاب

أوىل للقــرآن الكــرمي، وكــان رصــد احلســن مــن هــذه النمــاذج هــو بدايــة الــدرس البالغــي، غــري أن هــذا املــنهج

وصفي سرعان ما انقلب إىل منهج معياري اعتربفيه البالغيون أنفسهم أوصياء على اإلبداع األديب، ومن ال

ــائل التعبرييـــة الظـــاهرة، وتغاضـــوا عـــن اجلوانـــب النفســـية ـــة أخـــرى فقـــد اتســـمت مبـــاحثهم بـــإبراز الوسـ ناحي

العمـل األديب الكامـل الوصـول إىل واإلجتماعية كما أن دراستهم وقفـت عنـد حـدود التعبـري، ومل يسـتطيعوا

كما مل يتسـىن هلـم دراسـة اهليكـل البنـائي للعمـل الفـين، وقـد أتـاح هـذا القصـور لألسـلوبية أن تكـون الوريثـة

.2الشرعية للبالغة القدمية

ولعـــل وجـــه التقـــارب بـــني األســـلوبية والنقـــد والبالغـــة العربيـــة يـــتم مـــن خـــالل التعـــاون علـــى حماولـــة

للـنص األديب مـن حيـث الرتكيـب واللغـة واملوسـيقى، والشـك أن هنـاك أوجـه الكشف عن املظاهر املتعددة

اتفاق كثرية بني العلمـني رغـم التباعـد الـزمين بينهمـا، كمـا أن هنـاك اختالفـات كثـرية يقتضـيها التغـري الكبـري

الذي طرأ على الساحة النقدية احلديثة ،سأعمل على إيرادها بشكل مبسط حىت يكون القارئ على بينة.

.240فن القول، صأمني اخلويل ، 1

.08ي ،األسلوب واألسلوبية، صعبد السالم املسد 2

سلوبية المفهوم والداللةاألسلوب واأل الــفــصـل األول:

55

عالقة األسلوبية بعلم اللغة : :المطلب الثاني

جيــده نابعــا مــن علــم إذ أن املتتبــع لنشــأة هــذا العلــم تعــد عالقــة األســلوبية بعلــم اللغــة عالقــة منشــأ،

أســـس شـــارل بـــايل األســـلوبية اســـتنادا إىل مـــا اســـفاده مـــن أســـتاذه ديسوســـري يف علـــم فقـــد ،اللغـــة احلـــديث

باللســانيات، إذ أن األســلوب عنــده يتجلــى يف جمموعــة األســلوب عنــده اللسـانيات، ولــذلك يــرتبط مفهــوم

من الوحـدات اللسـانية الـيت متـارس تـأثريا معينـا يف مسـتمعها أو قارئهـا، ومـن هنـا يتمحـور هـدف األسـلوبية

عن واقع احلساسـية الشـعورية مـن خـالل حول اكتشاف القيم االللسانية ذات الطابع العاطفي، أي التعبري

ن عبد السالم املسدي قد صرح يف كتابه األسلوب واألسلوبية ، بل إ1واقع اللغة عرب هذه احلساسيةاللغة و

ن حقــائق املعرفــة أن األســلوبية تــرتبط باللســانيات ارتبــاط الناشــئ بعلــة بــني العلمــني قــائال:" مــبدقــة الــرتابط

فأرســى معــه قواعــد علــم نشــوئه، فلقــد تفاعــل علــم اللســان مــع منــاهج النقــد األديب احلــديث حــىت أخصــبه

األسلوب، ومـا فتئـت الصـلة بينهمـا قائمـة أخـذا وعطـاء بعضـها يف املعاجلـات وبعضـها يف التنظـري، غـري أن

كــال العلمــني قــد قويــت دعائمــه وجتلــت خصائصــه فتفــرد مبضــمون معــريف جعلــه خليقــا مبجادلــة اآلخــر يف

.2فرضياته وبراهينه وما يتوسل به إىل إقرار حقائقه"

ـــةفـــرع مـــن فـــرو ا يـــرى بعـــض البـــاحثني احملـــدثني فـــإن األســـلوبية ووفـــق مـــ ن ، إال أع اللســـانيات احلديث

رب إىل املنطــق اعتبارهــا اعتمادهــا علــى وجهــة نظــر خاصــة متيزهــا عــن ســائر فــروع الدراســات اللغويــة، فــاألق

وعلـى هـذا األسـاس قا لعلم اللغة ، أل�ا ال تعىن بعناصر اللغة كما هي، بل بإمكانا�ا التعبرييـةعلما مساو

.3تكون لعلم األسلوب األقسام نفسها اليت حتكم علم اللغة

.31حسن ناظم ، البىن األسلوبية، ص1

.192يوسف أبو العدوس ، األسلوبيةالرؤية والتطبيق، ص2

.40يوسف أبو العدوس ، األسلوبية الرؤية والتطبيق ، ص3

56

الفصل الثاني

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

57

الفصل الثاني: المستــوى اإليقاعي

تمهيد الموسيقى الخارجية: المبحث األول

الوزن: المطلب األول

المطلب الثاني: القافية والروي

داخليةالموسيقى ال: نيثاالمبحث ال تكرارالمطلب األول: ال

طباقالمطلب الثاني: ال

الجناس: لثالمطلب الثا

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

58

اإليقاعي:المستــوى الثانيل الفص

: تمهيد

أهلتــه ألن يكــون فنــا متكــامال، واملقصــود بــالفن كثــريةمتيــز الشــعر العــريب عــرب العصــور بســمات

املتكامـــل هـــو الشـــعر الـــذي تـــوافرت لـــه شـــروط وتقســـيمات البحـــور، واألعـــاريض الـــيت تعـــرف بأوزا�ـــا

وتعتــرب املوســيقى مــن أبــرز الظــواهر الــيت متيــز ، 1وأمسائهــا، وتطــور قواعــدها يف كــل مــا يــنظم مــن قبيلهــا

الشــعر عــن ســائر الفنــون اإلبداعيــة، فهــي الــيت تســاهم يف تشــكيل جــو الــنص الشــعري مبــا تشــيعه مــن

أحلــان، ونغمــات تنســجم مــع املعــىن العــام والفكــرة األساســية للــنص، إذ تتلــون املوســيقى الشــعرية تبعــا

نعكس علـى مشـاعر النـاس وأحاسيسـهم، فتـنقلهم إىل جـو لتنوع املوضـوعات الشـعرية واختالفهـا، ممـا يـ

النص الشعري ليعيشوا معانيه من خالل املوسيقى العذبة اليت تنسـاب لتـوقظ إحسـاس املتلقـي ولـذلك

،جعــل مســائلها موزعــة علــى مخســة علــومجنــد أ�ــا القــت عنايــة كبــرية مــن الدارســني قــدميا وحــديثا، مــا

خيتصــان بالشــعر، ومهــا علــم العــروض وعلــم القــوايف، والــدرس فيهمــا أربعــة منهــا علــوم لغويــة منهــا اثنــان

خيـــتص باملوســـيقى املقيـــدة بالشـــعر، نضـــيف إليهمـــا علـــم البـــديع، ويتســـع الـــدرس فيـــه إىل كـــل ضـــروب

املوسـيقى املطلقــة سـواء يف الشــعر أو يف النثــر، أمـا العلــم الرابــع فهـو علــم األصــوات، وهـو الــذي يــدرس

.2خلامس هو علم املوسيقى، وهو علم غري لغوي ألنه اليرتكز على الكالموالعلم ا،أثر كل مسموع

مع العلم أن الشـعر العـريب يتميـز بثائيـة تشـكيله املوسـيقي، إذ يقـوم علـى املوسـيقى اخلارجيـة الـيت

حيكمهــا العــروض، وتتمثــل يف الــوزن والقافيــة،ويعترب الــوزن والقافيــة العمــاد الــذي يقــوم عليهمــا اإلطــار

،خر األشـطر أو األبيـات مـن القصـيدةي اخلارجي وليست القافية إال عدة أصوات تتكرر يف أوااملوسيق

وتكرارهــا هــذا يكــون جــزءا هامــا مــن املوســيقى الشــعرية، وهــي مبثابــة الفواصــل املوســيقية يتوقــع الســامع

. 3ترددها، ويستمتع �ذا الرتدد الذي يطرق اآلذان يف فرتات زمنية منتظمة

سـواء كانـت مجلـة أو كلمـة أو جمموعـة ،ى داخلية تقوم على تنوعـات القـيم الصوتيةوهناك موسيق

داخليـــة يف تشـــكيل البنـــاء املوســـيقيميـــز، لتتضـــافر املوســـيقى اخلارجيـــة والاملرس اجلـــمـــن احلـــروف ذات

.22ص ،م1995دط، �ضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، تاريخ النشر ،اللغة الشاعرة ،عباس حممود العقاد 1

.22ص ،م1981،ية للجمهورية التونسيةاملطبعة الرمس،دط،يف الشوقيات خصائص األسلوب ،حممد اهلادي الطرابلسي 2

.244م،ص1952 ،إبراهيم أنيس، موسيقى الشعر، الطبعة الثانية،مكتبة األجنلو مصرية بالقاهرة 3

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

59

الـذي يعمـل علـى خلـق إحيـاء شـعوري مـؤثر ينسـجم مـع معـىن الـنص، وقبـل أن نبـدأ يف حتليـل القصـيدة

إليقاع البد أن نعرض ملفهوم هذا املصطلح أوال .من ناحية ا

مفهوم اإليقاع : -

1"واإليقــاع إيقــاع أحلــان الغنــاء وهــو أن يوقــع األحلــان ويبينهــا: قــال الفريوزآبادي:"الداللــة اللغويــة -1

، ومـن خـالل هـذا الكـالم نالحـظ أن اإليقـاع 2وقد ذكر ابن منظور مثل هذا الكـالم ىف لسـان العـرب

للحن والغناء .مرتبط با

لـىت حيـدثها تتـابع املقــاطع: هـو ذلـك النســيج مـن التوقعـات واإلشـباعات واإلختالفــات ااصـطالحا -2

وهــو يرتكــز علــى احلالــة النفســية للســامع واملــتكلم علــى حــد ســواء، ألنــه يعتــرب إيقــاع للنشــاط النفســي

. 3الذي من خالله ندرك فيها املعىن مع الشعور

.813القاموس احمليط، ص ،الفريوز أبادي 1

. 6، مج4897لسان العرب، ص ،ابن منظور 2

العدد 23ا�لد ،جملة جامعة دمشق ،البديلة ىف الشعر العرىباإليقاعات الرديفة واإليقاعات ،مصلح النجار وأفنان النجار 3

. 125م، ص2007األول،

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

60

: الموسيقى الخارجيةلمبحث األولا

الوزن.: المطلب األول

تقول وزنت الشيء لزيد أزنه، مبعـىن كلـت لزيـد، فاتزنـه أي أخـذه، ووزن الشـيء : الوزن لغة -1

ومــا أقمـــت لـــه وزنـــا كنايــة عـــن اإلمهـــال واإلطـــراح، وتقــول العـــرب لـــيس لفـــالن ،نفســه ثقـــل، فهـــو وازن

،وإذا كالـه فقـد وزنـه ،ا بـامليزانزن فـالن الـدراهم وزنـويقـال و قـال ابـن منظـور: " ،1خلسـته وزن،أي قدر

أنشد ثعلب : ،وامليزان املقدار ،ووزن الشيء إذا قدره

عندي لكل مخاصم ميزانـه ة قد كنت قـبل لقائكم ذا مر

ا القـول أوزن وقـد وزن الشـعر وزنـا فـاتزن، وهـذ ،وأوزان العرب ما بنت عليه أشعارها واحدها وزن

، 2"من هذا، أي أقوى وأمكن

هـــو اإليقـــاع احلاصـــل مـــن التفعـــيالت الناجتـــة عـــن كتابـــة البيـــت الشـــعري كتابـــة :اصـــطالحا -2

وأوزان ،3عروضـــية أو هـــو املوســـيقى الداخليـــة املتولــــدة مـــن احلركـــات والســـكنات يف البيـــت الشــــعري

عنـد اخلليـل بـن أمحـد الفراهيـدي اسـتخرجها العرب اليت نظمت العرب أشعارها عليها مخسة عشر وزنـا

مــن مــا أثــر عــن العــرب مــن أخبــار، بفضــل فراســته وحســه املوســيقي الــدقيق فــالعريب قــدميا كــان يــتكلم

على سجيته، ناسجا كالمه على أنغام وموسيقى تشرئب إليها النفوس وتطمئن إليهـا القلـوب، ولـذلك

خـالف غريهـا مـن الكـالم املنثـور هـو هـذا ،لعـربعلل كتاب تـواريخ األدب كثـرة مـا روي مـن أشـعار ا

و"قد ذكر علماء النفس أن هناك ميال ،احلس النغمي الذي جيعل احلفظ فيها أيسر والتذكر هلا أسهل

فـإذا تـرددت يف أواخـر هـذه ،غرزيا يف كتلة من عدة مقاطع تشبه الفقرات القصار أو العبارات الصغرية

ار حبنــــا للكــــالم املــــوزون ة ترددهــــا ..وهنــــا نلحــــظ ســــرا مــــن أســــر لالكتلــــة مقــــاطع بعينهــــا شــــعرنا بســــهو

ندلسـيني األفقـد عـرب الشـعراء ،كلـهروف لـيس مبنـأى عـن هـذا ، والشعر األندلسي كما هـو معـ4"املقفى

م 2008هـ/1429أمحد بن حممد الفيومي،املصباح املنري، حتيق حيي مراد، الطبعة األوىل،مؤسسة املختار للنشر والتوزيع، 1

401ص

. 6، مج 4829ابن منظور، لسان العرب، ص 2

.458م،ص 1991ملعجم املفصل يف العروض والقوايف، الطبعة األوىل، دارالكتب العلمية،بريوت /لبنان،إميل بديع يعقوب، ا 3

09، ص إبراهيم أنيس، موسيقى الشعر 4

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

61

،عما حيسونه أمجل تعبري وأصدقه، والسيما يف عصر ملوك الطوائف فقد كثرت جمـالس األنـس والـرتف

وال أدل علـى ذلـك ممـا روتـه ،فـرتاه يتغـىن بكـل مـا هـو مجيـل ،األفنـان يـاتواملغناحلسان وانتشرت الغيد

خلـدوه لنـا مث مـا ،مـع حمضـياتهوما صنعه املعتمد ابـن عبـاد ،تواريخ من حب ابن زيدون ووالدةالكتب

شـافه مـن خـالل قـرائيت لـدواوين الشـعراء املشـهورين يف توهـذا مـا سـأحاول اك ،ري وجداينمن تراث شع

يف هــذه مــع العلــم أن شــعر الوجــدان االندلســي ،طوائــف فيمــا خيــص شــعرهم الوجــداينعصــر ملــوك ال

ملا كـان حيـيط الشـعراء مـن جمـالس هلـو ،وجدان يتعلق بالفرح والسرور واحلبورالفرتة ينقسم إىل قسمني :

العديــد لــيت كانــت جتــري بــاملوازاة فقــط ســقطتوالقســم الثــاين مــا يتعلــق بـاألهوال ا ،وتـرف وغيــد مــالح

تعـد مملكتـهبل إن املعتمد ابـن عبـاد الـذي ،تلك الفرتةأيدي الصليبيني أثناء املمالك االندلسية يف من

ولــذلك سـأورد كــل مــا ،دخــول املـرابطني إليهــا قبلـة الشــعراء يف االنــدلس جـرت عليــه عوائــد الزمـان بعــد

وقـد اقتصـرت ،و األملسـواء فيمـا خيـص اللـذة أ شعراء هـذه الفـرتة أشهر لدى باملشاعر الوجدانيةيتعلق

كــابن زيــدون وحبيبتــه والدة بنــت املســتكفي الطوائفائد اهــم شــعراء دراســيت فيمــا خيــص الــوزن علــى قصــ

بن عباد .ابن اللبانة وابن عمار واملعتمد وابن خفاجة و

وزان عشـــرة أ�ـــم صـــاغوا وجـــدانيا�م علـــى وجـــدت أ ،مـــن خـــالل قـــراءيت ألشـــعار هـــؤالء الشـــعراء

إمجــايل القصــائد باملايــة مــن 37يلــة منهــا الكثــرة الغالبــة حيــث بلغــت نســبة ترددهــا تؤلــف األوزان الطو

ة ئــــباملا 12.32الكامــــل ة، و ئــــباملا 15.84والبســــيط ئــــةباملا 22الطويــــل : األيت النحــــو موزعــــة علــــى

ول اآليت :اويتضح ذلك أكثر من خالل اجلد

ومسي بذلك ،ا العرب يف جاهليتهاهو أحد األحبر الستة عشر الذي نظمت عليه: بحر الطويل: أوال

ولـذلك شـطر وقيـل النـه أكثـر البحـور حروفـاإذ ال يدخله �ك وال جزء وال ،ألنه امت البحور استعماال

، فقــد جــاء مــا س مـن حبــور الشــعر مــا يضـارعه شــيوعايـرى الدارســون بعــد اســتقراء لكـالم العــرب أنــه لــي

، فمــن ميــز بـه مــن رصـانة وجــالل يف نغماتـها يتذلــك ملـ ،1يقـرب مـن ثلــث الشـعر العــريب مـن هــذا الـوزن

ر مـع عاوالشـ ،سـتعارة والتشـبيه وا�ـازبيسر مع فنون البالغة املتنوعة كاالالشاعر خالله ميكن أن يبحر

56، ص إبراهيم أنيس، موسيقى الشعر1

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

62

الت لكثـرة مقاطعـه الـيت تناسـب أكثـر احلـا ،ن ميارس عملية اخللق الشعريهذا النسق االيقاعي ميكنه أ

.1واملعاين اليت يريدها الشاعر

عرض نســـب اســـتعمال البحــر الطويـــل عنـــد أشـــهر شـــعراء ســـمــن خـــالل هـــذا اجلـــدول ميكــن أن ن

الطوائف .

النسبة الشاعر القصائد البحر

2.1 والدة بنت المستكفي 07 الطويل

1.8 ابن خفاجة 06

1.8 ابن الحداد 06

1.2 ابن حزم 04

1.2 ابن زيدون 04

0.6 ابن البانة 02

0.3 ادابن عب 01

مقارنـــة بـــالبحور األخـــرى يفســـر لنـــا ميـــل الشـــاعر ةالعاليـــ إن ظهـــور البحـــر الطويـــل �ـــذه النســـب

األندلسي إىل البحور الطويلة ملا تعطيه له من مساحة كافية لكي يعـرب مـن خالهلـا عـن حاالتـه النفسـية

إذ كثـــرة ،ا وحــديثاالشــعورية الوجدانيــة وهـــذا الــذي يــذهب إليـــه صــناع البالغـــة واملهتمــني بالشــعر قـــدمي

فهذا البحر من البحـور املزدوجـة إذ يتـألف كن للشاعر عملية اخللق االبداعي املقاطع يف هذا البحر مت

: كقول ابن خفاجة ،كل شطر من أربع تفعيالت وهي "فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن "

-2013الطبعة االوىل ،دار غيداء للنشر والتوزيع األردن ،القيم اجلمالية يف الشعر األندلسي ،آزاد حممد كرمي الباجالين1

341، ص 2014

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

63

ـه تتعلقته نشوان من خمر ريــــــق

ـــهــــه تـــرقــرق مــاء مـقـلـتـاي و وج

أرق نسيبي فيه رقة حــــــســــنــــه

كأنما ،وطبنا معا شعرا وثغرا

ولي دونه السكر ،له رشفها دوني

مـر ـــ ويذكي على قلبي ووجنته الــــــج

الــسحر ،در أي منهما قبلهاأفلم

1ـــــر لــــه مــــنطقـــي ثــغـــر ولــي ثــغره شــعـ

يفـرغ أحاسيســه ووجدانـه مــن ،فـابن خفاجـة مــن خـالل هــذه األبيـات يصــور لنـا لقــاء مـع حبيبتــه

وذلـك ملـا يقتضـيه املقـام مـن عـدم ،ملا له من طول نفس يف وصـف احلبيـب ،خالل أنغام البحر الطويل

مقـاطع تتـيح تطويل يف الكالم وسعة يف الوصـف وال ميكنـه ذلـك إال خـالل هـذا البحـر ملـا لـه مـن كثـرة

ابن احلداد يف حبيبتـه نـويرةومثال ذلك أيضا قول ،للشاعر املساحة األكرب للتعبري عما خيتلج يف نفسه

:

نـــويـــــرة اك ـــتـــلـــقـــته مــرحـــومن ج

ما ي متـ أرى كل ذي سلوى رآك

نــويرة ونار األسى تخبو بقرب

أســـــواى ــــفليس يرجى من جراح األس

والشكوىفما أكثر البلوى بحسنك

2 الــــمـــأوىة ـــنـــومن لي بأن آوي إلى ج

مـن خـالل البحـر الطويـل ،فالشاعر يف هذه األبيات يبث ما يلقاه مـن هـوى ووجـد حلبيبتـه نـويرة

بيـت "ومـن جرحتـه ابتـداء مـن أول ،مما اتـاح لـه ذلـك انسـجاما مـع أحاسيسـه وطـول نفـس يف التصـوير

إىل قوله :"آوي إىل جنـة املـأوى"، فقـد اتاحـت املوسـيقى الشـعرية مـع قـوة التصـوير جـوا ،مقلتاك نويرة"

مبينة احلالة الشعورية واملعنوية لوجدان الشاعر املنكسر بفعل الغيـاب ،من التفاعل بني األلفاظ والصور

وهذا ما جنده عند ابن زيدون يف قوله: ،والبعد

ث ـــــاب ـــــع أهواه في الحب أجد ومن

واألسىحبيب نأى عني مع القرب

ث ــــــاك ــــــــــن و ـــــــه بالعهد إذ هـــــــوأوفي ل

ث ـــــــاك ـــم ر القلب ــــمـــظـــمقيم له في م

.362ه،ص1431م،2009دار اجليل للنشر والتوزيع،،، شرح شكري فرحاتالديوان،ابن خفاجة 1

305م،ص1990ه،1410الطبعة األوىل ،دار الكتب العلمية بريوت،حتقيق يوسف علي الطويل ،الديوان،ابن احلداد 2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

64

ه ــــــل وأزادا ــــعـــــــاف الـــــطــاني بإلـــــفـــــج

اـــــق ــــ واثتغيرت عن عهدي وما زلت

اـالم ـــــع وما كنت إذ ملكتك القلب

نيــرتــج ـــه فديتك إن الشوق لي مذ

ه ــــال ـــــح ـــــــب وداد ــي والـــالـى الليــلــبـتــس

يـــــل ــــات ــــق ك ــت أنـــسمـي أقـــنــــولو أن

ادث ـح في القطيعة ىعن الوصل رأ

وادث ـــح ـــــال ك ــرتـيـن غـــكــهدك لـــعــــــب

ث ــباح في ـــكــــي بـــفــــتـــن حـــي عـــــأنــــب

ث ــاع ــــــب مميت فهل لي من وصالك

وارث و لألرض ــــى وهــــنـــــفــــجديد وت

1 ث ـانـح ا قيل ـــمـــول لـــــتـــقــي مـــــــوأن

ن زيدون يصـور لنـا مـن خـالل هـذه األبيـات نـار اجلـوى الـيت حتـرق قلبـه بعـد البعـد الـذي لقيـه فاب

ل نفـــس يف احلـــديث عمـــا خيـــتلج نفســـه الـــذي أتـــاح لـــه طـــو ،مــن احلبيـــب مـــن خـــالل البحـــر الطويـــل

و�ــذا كــان لبحــر الطويــل قيمــة مجاليــة كبــرية مــن خــالل هــذا امليــل ،وتصــوير نــار اجلــوى الــيت حتــرق قلبــه

وقد ادرك الشاعر االندلسي هذا أميا إدراك ملا يتيحه لـه مـن مـن اسـتعابه آلفـاق ،النسج على تفعيالتهو

موسيقية و داللية ميتلك الشاعر من خالهلا تغطية أغراض وموضوعات شىت .

لــيت كثــر دورا�ــا يف الشــعر العــريب و مــن األبنيــة الشــريفة الــيت وهــو أحــد األحبــر ا : بحــر البســيط: ثانيــا

ألنــه حبـر شـديد الصـالحية للتعبـري عــن ،2كثـر التغـين �ـا يف أيـام العـرب كمــا قـال أبـو احلسـن األخفـش

وهــذا مــا أعطــاه اجلماليــة يف تكــوين الــنغم املوســيقي إذ تــرى تفعيالتــه وهــي تغــرد ،معــاين احلــب والرقــة

وتارة تبكي وتنوح من خالل انفعال الشاعر يف أغراضه الـيت يـنظم عليهـا مـن خـالل ،مشتاقة مستأنسة

.3هذا البحر

وهـــذا دليـــل علـــى العفويـــة ،هلـــذا البحـــر شـــعراء الطوائـــف يف بـــاب الوجـــدوقـــد تفـــاوت اســـتعمال

ل حـىت قـا واالنسيابية اليت كان يتميـز �ـا األندلسـيون الـذين كانـت املمالـك عـامرة بأشـعارهم ولطـائفهم

. 54م، ص2008ه،1429بريوت،،العريبدار الكتاب ،،شرح يوسف فرحاتالديوان،ابن زيدون 1

دار النشر للجامعات ،حتقيق وشرح حيىي بن علي بن حيي املباركي ،كتاب العروض والقوايف ،أبو امساعيل بن أيب بكر املقري 2

21ص ،2009- 1430سنة النشر ،القاهرة

345ص ،القيم اجلمالية يف الشعر األندلسي ،آزاد حممد كرمي الباجالين 3

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

65

إنــه كــان باســتطاعة الفــالح الــذي حيــرث األرض أن يرجتــل يف أي موضــوع يعــن أبــو حيــان التوحيــدي: "

.1له"

البحر عدد القصائد الشاعر النسبة

البسيط 06 ابن زيدون 1.08

05 ابن الحداد 9. 0

03 ابن حزم 0.54

02 ابن خفاجة 36. 0

01 ابن البانة 0.18

01 ابن عباد 0.18

يط ال يقـل اسـتعماال عنـد شـعراء يف اجلدول نالحظ أن تداول حبر البسـ املثبتةن خالل النسب م

هــي الــيت تتــيح هلــم التعبــري عــن -ومنهــا حبــر البســيط-نــدلس، وهــذا ملعــرفتهم إىل أن البحــور الطويلــة األ

اإلمــام ومــن أمثلــة ذلــك مــا أورده ،عمــا يف نفوســهم لكثــرة مقاطعهــا وقــد ذكرنــا ذلــك يف البحــر الطويــل

حيــث ملــا ذكــر عالماتــه عنــد احملــب ،بــاب عالمــات احلــب مــن كتابــه طــوق احلمامــة ابــن حــزم الظــاهري

ومنهـا أيضـا أن جيـود املـرء ببـذل ،اإلقبال باحلـديث عليـه فمـا يكـاد يقبـل علـى سـوى حمبوبـه: واليت منها

أورد ابياتـا ،نفـس احملـب وغريها من العالمات الـيت تـدل علـى متكـن احملبـة يف ،يقدر عليه حملبوبه كل ما

من نظمه يف مضمو�ا حيث يقول :

يذكر لي أهوى الحديث إذا ما كان

يــجــالـــســنيإذا قال لم أستمع ممن

مــعي الـــمــــؤمــنــيــنر ــيــون أمــكــو يـــول

أرج ر ــــبـــــنــــــن عـــق عــــبـــعــه ويــــيــــف

الـغـنج إلى سوى لفظه المستظرف

مــــنــــعـرج ه ــــــلــــــن أجـــــت مـــــنــــا كـــــم

313ص ،األدب األندلسي التطور والتجديد ،د املنعم خفاجيحممد عب1

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

66

ال إنيــــــرا فــطـــضـــه مـــنـــم عــــإن أقـــــف

مـــرتـــــحـــل ه ـــنـــمي عــجسعيناي فيه و

وجـــــــيي ـــــشـــأزال ملتفتا والمشي م

1 اللجج رتقاب الغريق البر في مثل ا

نـار الوجـد والشـوق -مـن البحـر البسـيط - فابن حـزم رمحـه اهللا يصـور مـن خـالل هـذه األبيـات

فوجــد ،فــال يشــغله ســوى حديثــه والتأمــل يف عينيــه ووجنتيــه ،ذي ميتلــك صــاحبه عنــد اللقــاء مبحبوبــهالــ

ملا يتميـز هـذا ،من حب ووجد جتاه معشوقهجماال طيبا من خالل هذا البحر للتعبري عما جيد يف نفسه

ومل ،مجيل يعرب من خاللـه عـن وجدانـه إحداث نغم موسيقي للشاعر مما يسهلالبحر من طول مقاطع

،وقف الشـعراء األندلسـيني بـولعهم بالغيـد احلسـان وإمنـا تعـدى ذلـك إىل وصـف الغلمـان والتغـزل �ـميت

ومـن ذلـك أيضـا قـول ،الـرتف املبـالغ فيـهن شـذوذ بسـبب ندلسي يف تلـك الفـرتة مـمع األملا شاع يف ا�

:ابن خفاجة

العذل صغي إلى صممت سمعا، فما أل

م ــــــق ـــــــس ه ــــرف بـــــن طـــمــــمي لــوإن سق

رد ــــــب ى ــــصــــأشكو الضماء وريي في ح

ره ـــــه ــس ـي ل ـيــلـت الـيـبــب يـــصـــن لـــــمـــف

ه ـــــبأضلع رح ـــن جــات مـــجراحـــن الــــأي

لعذلاوهمت قلبا فما أصحو عن

الكحل خلو من الكحل مملوء من

ل ـــــــــل ــــــــع من أبللتلو بل من غللي

ل ــــــــــواألم أس ـــــيـــــمقلب القلب بين ال

.2 يـــعل وأين بيض المواضي من جفون

املشـابه ليوسـف عليـه السـالم ن خفاجة يعرب من خالل هـذه األبيـات علـى ولعـه بـالفىت علـيفاب

حـىت لكـأن جفونـه سـيوف قاطعـة لـنفس الشـاعر حـىت جعلـت الشـاعر يصـم عـن العـذل ،حسنا ومجاال

ويهيم به قلبا فما يصحو عن الغزل . ،العذال

املنكــرات ممــا لــذات و ينغمســون يف امل هـذه املبالغــة يف الــرتف وجمــالس اللهــو وا�ــون جعلـت امللــوك

ـــبعض، خوفـــا علـــى ممـــالكم مـــن الـــزوال وطمعـــا يف دعـــاهم إىل تأليـــب ملـــوك النصـــارى علـــى بعضـــهم ال

وقــد ذكــرت كتــب التــواريخ ،التوســع علــى حســاب إخــوا�م مــن أصــحاب املمالــك األندلســية األخــرى

دار ابن ،عبد احلق الرتكماين وعبد العزيز علي احلريب: حتقيق ،طوق احلمامة وظل الغمامة يف األلفة واآلالف ،ابن حزم الظاهري1

175ص ،2013-1434الطبعة الثانية ،ابن حزم لبنان

377ص ،الديوان،ابن خفاجة 2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

67

أهلهــا ممــا أحــاط �ــم مــن خطــر األندلسـية خــرب دخــول يوســف ابــن تاشــفني الثــاين إىل األنــدلس إلنقــاذ

الـــذي ســـجن يف -ةملـــك اشـــبيلي–هـــا املعتمـــد ابـــن عبـــاد القشـــتاليني، ومـــا جـــرى بعـــدها ألعظـــم ملوك

إذ أمجل تصويرلقيه يف مراكش من حزن وغم ماصور حيث وكان شاعرا جميدا كبريا ،أغمات مراكش

: فيقول

اد ــــــــب ـــــــع بكى المبارك في إثر ابن

اــه ـــــــب ــــواك ـــــــك ياه ال غمت بكت ثر

ته وقببكى الزاهي ،بكى الوحيد

اد ــــــــوآس بكى على إثر غزالن

الغادي بمثل نوء الثريا الرائح

1 اديـــــــــبوالنهر والتاج كل ذله

فا وحزنا علـى سفاملعتد ابن عباد يتذكر يف فرتة سجنه بأغمات قصوره وملكه باألندلس فيبكي أ

فـرتاه يبـدء كـل بيـت مـن أبياتـه بلفـظ البكـاء ممـا ،ويتحسر علـى فراقـه األهـل والولـد ،ما آل إليه من ذل

وخاصة هو من هو حيث قضـى فـرتة شـبابه ،يدل على تقطع قلبه من شدة األمل والغم الذي أحاط به

أصــابه علــى يــد يوســف ابــن يف النعــيم املقــيم وقضــى فــرتة طويلــة ملكــا مطاعــا حــىت أصــابه مــن الــذل مــا

تاشفني .

:ثالثا: بحر الكامل

ن أحيث ،كثرة الرتدد يف األشـعار الوجدانيـة األندلسـيةحتل هذا البحر الدرجة الرابعة من حيث ا

يغطــي مســاحة واســعة مــن االيقــاع يف جــوهره امتزنــ انغميــ اوامتــداد ،افســيح اواســع االبحــر ميــدان "هلــذا

ملــا خيــتص بــه مــن ،وهــو حبــر كثــري الــدوران يف الشــعر العــريب، 2"جمــزوءاويــرد تامــا و ،ملختلــف الكميــات

ولـذلك يقـول أبـو العـالء املعـري :"أكثـر شـعراء العـرب مـن الطويـل والبسـيط ،اجلمع بني الرقة والفخامة

.3ومن تصفح أشعارهم وقف على صحة ذلك " ،والكامل

95ص ،م2010ه،1432الطبعة األوىل ،دار الكتاب املصري،ابن عباد حياته من خالل شعره ،سيدي حممد حممد عبد اهللا 1

95

342ص ،القيم اجلمالية يف الشعر األندلسي،آزاد الباجالين 2

.289ص م،1986الطبعة الثانية ،القاهرة،دار املعارف ،العروض والقوايف،حممود علي السمان 3

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

68

طــالع ينبـئ عـن سـعة ا حبيـث ،لصـحةهـذا القـول الـذي أورده أبـو العـالء املعـري يف غايــة الدقـة وا

ذلـك ألين الحظـت مـن خـالل حتليلـي لقصـائد هـؤالء الشـعراء ،ندلسينيبأشعار العرب مبا يف ذلك األ

وســيجد القــارئ ،وائــف باألنــدلسالط حتقــق كــالم أيب العــالء رغــم أنــه كــان مــن املعاصــرين لعصــر ملــوك

يط وهـذا ل مث البسـيـما مر مـع البحـر الطو الكرمي ذلك مثبتا من خالل اجلداول اليت وضعتها يف ذلك ك

، وبالتــايل وجــدنا نســبة ترتيــب اســتعمال البحــور عنــد الشــعراء وفقــا ملــا قالــه اجلـدول اآليت خيــص الكامــل

مــن حيــث االســتعمال حبـــر الثالثــةيت يف املرتبــة ث تصــدر البحــر الطويــل مث البســيط ويــأأبــو العــالء حبيــ

روضيني دائرة املختلف .عبحور الطويلة أو ما يسمى عند الوهذا الكالم املثبت هنا خيص ال ،الكامل

البحر عدد القصائد الشاعر النسبة

الكامل 03 ابن زيدون 0.42

03 والدة 0.42

02 ابن اللبانة 0.28

02 ابن خفاجة 0.28

02 ابن حزم 0.28

01 ابن عباد 0.14

01 ابن الحداد 0.14

الشـــعراء األندلســيني لبحــر الكامـــل ثبــت نالحـــظ تفــاوت اســتعمال خــالل اجلـــدول التــايل املمــن

وســأحاول مــن خــالل هــذا التحليــل التــدليل علــى ذلــك مبجموعــة مــن األمثلــة املختلفــة يف هــذا الغــرض

ومن ذلك ما قاله ابن زيدون من الكامل : ،"الوجداين"

م ـــــــه ــــــن ـــم ك ـــدائي ألنــــب اعـــأحــــــــــــــس

الرضى، فأمنحك أصبحت تسخطني

اره ـــــــهـــــونه ـــــــــلــــيــــف لـــــآلـــــن تــــــــــا مــــي

م ــــــــويسق يا من يصح بمقلتيه

م ـــــــــلـــأتظمحضا وتظلمني فال

مظلم فالحسن بينهما مضيئ

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

69

يـرحم و أنني أشكو إلى من ل ة ـــــــراح وى الصبابة ــي شكـان فــد كـــق 1

حيـث ،من خالل البحـر الكامـلفقده وصبابته لابن زيدون تصويريات نرى من خالل هذه األب

هر ذلك جليا يف البيـت ظوي ،اإلضمارجنده أن التفعيلة أتاحت له رحابة موسيقية من خالل استعماله

الثاين :

م ــــــــــتظل أ محضا وتظلمني فال الرضىأصبحت تسخطني فأمنحك

:طر األول من البيت وجدناه كاآليتفإذا قطعنا الش

ررضا أصبحت تسخطين فأمنحك

مستفعلن متفاعلن متفاعلن

حمضن وتظلمين فال أتظللم

مستفعلن متفاعلن متفاعل

:ابن حزم الظاهريومن ذلك أيضا قول

يستـنكر لهوى ليس التذلل في ا

ة ـــــــــــــال ـــح ال تعجبوا من ذلتي في

ايـ اف ــــــك ـــوم ليس الحبيب مماثال

هاــــع ـــــــــــــــــــوق م ــآلــتفاحة وقعت ف

المستكبر فالحب فيه يخضع

ر ـــــالمستبص قد ذل فيها قبلي

رك ذلة إذ ر ــــب ـــــص ـــــت فيكون صبـ

2ر ـــذك ـــهل قطعها منها انتصارا ي

خاللـــه ليخلـــق جـــوا موســـيقيا يبـــث مـــن ،مار يف البيـــت األولضـــفنــراه أيضـــا يســـتعمل زحـــاف اإل

صبابته وتقربه من حمبوبه .

319ص ،الديوان ،ابن زيدون1

241طوق احلمامة، ص ،ابن حزم 2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

70

: بحر الوافر: رابعا

ليـــل ضـــمن البحـــور ذكرهـــا أبــو احلســـن األخفـــش ومـــن قبلــه اخل الـــيتهــو مـــن األحبـــر الســتة عشـــر

يعد حبر الوافر من البحور البسيطة و"عشر حبرا اليت توصل إليها باالستخراج من كالم العرب، اخلمسة

مـــرات يف الشـــطر األول، ومثلهـــا يف الشـــطر الثـــاين وقـــد ثـــالثحيـــث تتكـــرر فيـــه مفـــاعلنت ،السداســـية

اسـتعملها شـعراء األنـدلس ومن خالل هذا اجلـدول سـوف نبـني النسـب الـيت،1استعمل مقطوفا وتاما"

. -الشعر الوجداين –فيما خيص الغرض املذكور أنفا

البحر عدد القصائد الشاعر النسبة

الوافر 03 ابن الحداد 0.27

02 ابن زيدون 0.18

02 ابن حزم 0.18

01 ابن البانة 0.09

01 ابن عباد 0.09

أقــل مـــن غــريه مـــن حبـــر الــوافر كــان لـــه حضــور ل يــرى أنإن النــاظر إىل النســب املثبتـــة يف اجلــدو

ابـــن ، ومـــن ذلــك قـــولالبحــور الطويلـــة علــى تفـــاوت يف االســتعمال بـــني الشــعراء، كمـــا رأينــا مـــن قبــل

زيدون من الوافر :

يــــــإنــــف ،ـــيتـذبـعـــا مـــيبــي، ثقي

قـوماوإن أصبحت قد أرضيت

يـأحفظ فيك ما ضيـعت من س

ي بسخطي لم يكن ذا فيك ظن

ص م،2009ه،1430 ،دار النشر للجامعات،حتقيق حيي با علي بن حيي املباركي،كتاب العروض والقوايف،أبو بكر املقري 1

22

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

71

ي ـكقلبك في ضلوع وهل قلب

ي ـــس ـــفــــتنال رضاك ن تمنت أن

نوب ف قديهاــــح ــــت ـــــولم أجن الذ

ي لو عنك حين سلوت عن فأس

يـــن ـــم ــــــت ــــك الة ذاـــــي ـــــن ــان م ــكــف

1يــن ـــنك التج ــادة مــــن عـــــكــــول

جند أن تفعيالته جاءت على النحو التايل : ،لو قطعنا البيت األول من هذه املقطوعة

فإنني ،معذذبتي يا ،بي ثقي

نــــفعول مفاعلتن مفاعلتن

يـعت منني سأحفظ فيك ما ضيـ

عولنــــــــــــــــف مفاعلتن مفاعلتن

"مفـاعلنت" مـع العـروض املقطوفـة زحـاف العصـبن الشاعر أدخل املالحظ من خالل التقطيع أ

ذلــك أن الشــاعر احنــرف عــن االيقــاع العــام للــوافر وهــو تصــرف أســلويب، يفــرض فيــه الشــاعر ،"فعــولن"

إضـفاء نـوع مـن بـه الشـاعرمفرداته على مفردات االيقاع لذا تعد وجها من وجـوه االنزيـاح الـذي يريـد

ذلك قــولكـو ،إجيــاد مفـردات ال ختـرج عـن االيقـاع العـام علـى ، وهـو دليـل علـى مقـدرة الشـاعراجلماليـة

: ابن احلداد

عيســـــــــــــــــاك عساك بحق

فإن الحســــــــــــــــــن قد وال

ـــــــان بــــــــــــــــــــــصل ــــــوأولعني ب

ن ــــــــــس عــولم آتي الكنائ

وىــــــوها أنى منك في بل

يــــــالشــــــــــــاك مريحـــــــة قلبي

يــــــــك إحيـــــــــــائي وإهـــــــــالك

ـــــــاك ــــورهبــــــــــــــــــان ونســـــــــــــــــ

ـوالك ـــــــــــن لـــــــــــــــهوى فيهــــــــ

2وال فــــــــــــــــــــــرج لبـلــــــــــــــــــــواك

بيــات البــن احلــداد، أن الشــاعر عــرب عــن حبــه لنــويرة مــن خــالل جمــزوء نــرى مــن خــالل هــذه األ

غتـه الشـعرية وهـذا يـدل الوافر، ومن هذا نلمس أن الشاعر استطاع أن يطوع تفعيالته لصـاحل أسـلوبه ول

علــى مرونــه هــذا البحــر مــع تنــوع اســتعماالت شــعراء االنــدلس للبحــور علــى غــرار مــا كــان يف املشــرق

.310ص ،الديوان،ابن زيدون 1

241ص ،الديوان،ابن احلداد 2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

72

قــادر علــى ندلســياأل ن الشــاعروهــذا مــا يــدل علــى أ ،ن علــم العــروضوقــبلهم يف اجلاهليــة قبــل تــدوي

.البحور املختلفة للتعبري عما يريده من غرضصناعة القوالب اللغوية يف

المتقارب :: خامسا

ومسـي شـعراء األنـدلس يف بـاب الوجـدانياتيأيت حبر املتقارب سادسا من حيث االستعمال عند

ومـــن خــالل هـــذا اجلــدول نثبـــت نســبة تـــردد هــذا البحـــر يف ،�ــذه التســـمية لتقــارب أجزائـــه أي متاثلهــا

قصائد الشعراء .

البحر عدد القصائد الشاعر النسبة

المتقارب 04 ابن حزم 0.24

01 ابن زيدون 0.06

01 ابن اللبانة 0.06

01 ابن الحداد 0.06

01 ابن خفاجة 0.06

نالحظ أن تردد هذا البحر عند الشعراء األندلسيني يف الغرض املذكور أقل نسبيا مـن تـردد غـريه

نــد ابــن حــزم مقارنــة ومــع ذلــك يــرد هــذا البحــر مســتعمال بكثــرة ع ،مــن البحــور الطويلــة كمــا ذكرنــا آنفــا

ومن ذلك قوله : ،بغريه من الشعراء املذكورين

قــــعاش درى الناس أني فتى

واـــــن ــــــــقــــــأيإذا عاينوا حالتي

را ـــــــاه ــــــظكخط يرى رسمه

ن ـــــــــــــــم ـــــــب كئيب معنى لكن

ن الظ في وإن فتشوا رجموا

ن ـــــــبــــــي وإن طلبوا شرحه لم

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

73

1 ن ـــــفيرجع بالصوت في كل ة ــــــــكــأيكصوت حمام على

وهـذا ،حمبوبه ظلـيمكن احملـب مـن حفـ حيث يذكر هذه األبيات يف باب طـي السـر بـني احملبـوبني

ليحـدث بـذلك نغمــا ،دليـل علـى الوفـاء بينهمــا فيعـرب عـن هـذا األمــر �ـذه األبيـات مـن جمــزوء املتقـارب

ومن ذلك أيضا قـول ابـن ،فاء املكتوم بني احلبيبني و غنائيا يظهر من خالله الشجو واحلب والموسيقيا

:احلداد

را ـــــرا زاه ــمـــــح قـلـــتـــلــذا فــــك

دق ــــــغ ـــــوسيبك صوب ندا م

اـــــــق ــــــــك ذا رون ــــــوم ــــيــــوإن ل

اره ـــــــفــــــــأســــــــصباح اصطبار ب

وأطلعت فيه نجوم الكؤوس

اـــــــن ـــــات ــــا فـــــــــن ــــــوأسمعتنا الح

وتجن الهوى ناضرا ناضرا

أقــام لــنــــا هـــامــــال هــــامـــــــــرا

ار منيرا لنور الضحـــى بــــاهـــ

ار ــــــاف ـــــلحظنا محيا العال س

ار ـــــــاف ــــــها س ـــــب ــوك ــوما زال ك

2ا ر وأحضــرتــــنا العـــبــا ساحــــ

،فعـو" "فعـولن. يف البيـت االول وكـذلك احلـذف فعـول" "فعـولن. فأدخل الشاعر زحاف القصـر

ى أن الشــاعر لــه قــدرة فائقــة علــى وهــذا االنزيــاح يف االســتعمال املوســيقي مــع بقــاء الــوزن العــام دال علــ

وهذا ما أضفى على األبيات خاصـية مجاليـة أسـلوبية تـدل علـى ،تطويع األلفاظ للموسيقى اليت يريدها

ال يقل رصـانة وجزالـة عمـا كـان ،أن الشعراء االندلسيني امتلكوا اسلوبا فخما يف التعبري عن مكنونا�م

عليه شعر املشرق .

بنســـب ،أيضـــا يف الشـــعر األندلســـي يف بـــاب الوجـــدان قليـــل حضـــورفلهـــا أمـــا البحـــور األخـــرى

:ذا ما يوضحه اجلدول املرفق أدناهمتفاوتة وأقل بكثري من النسب املذكورة يف البحور الطويلة وه

الرجز المجتث السريع الرمل الهجز المنسرح البحر/ الشاعر

01 01 01 01 01 01 ابن عباد

00 00 01 00 00 00 ابن الحداد

.229،الديوان،ابن حزم 1

212ص ،الديوان ،ابن احلداد 2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

74

00 00 00 00 00 00 ابن اللبانة

00 00 01 01 01 01 ابن حزم

00 01 02 00 00 00 ابن خفاجة

00 00 00 00 00 00 والدة

01 01 00 00 00 00 ابن زيدون

0.02 0.09 0.3 0.02 0.02 0.02 النسبة

عـود إىل أن هـذه وذلـك رمبـا ي املالحظ يف اجلدول القلة النسبية لرتدد البحور املذكورة يف اجلدول

أمـا إذا تثبتنـا يف ،البحور ال تصلح موسيقاها للتعبري عن ذات الشاعر ومـا خيـتلج يف نفسـه مـن مشـاعر

نــوع البحــور فنجــدها مــن البحــور القصــرية وهــذا دليــل علــى الشــاعر األندلســي كــان كثــريا مــا جيــنح إىل

ة نغميــة ينفــس يف التعبــري وانســياب التعبــري عــن مشــاعره ووجدانــه بــالبحور الطويلــة ملــا تعطيــه لــه مــن طــول

وهـو املنقـول عـن املعـري "انظـر ا ذكرنا آنفـاموهذا ما عرب عنه ابراهيم أنيس كلكثرة مقاطعها املوسيقية

ومن أمثلة ذلك قول ابن زيدون "ا�تث" :"، 15الصفحة

ي ـــــــك ما ب متى أبـث

ي ـــمتى ينوب لسان

ي ــــــــــــن م أ ــــل ــــع ـــاهللا ي

فال يطيب طعامي

ريـــــــــــيا فتنة المتـق

يـــــــــذاب ـــــــــيا راحتي وع

يـــــــفي شرحه عن كتاب

بي ام ل أصبحت فيك

يــــراب ـــــــوغ ش ــــص ــــوال ي

1يــــة المتصاب ــــــــج ــــــوح

وأنـت تـرى أيهـا ،تـثمـن خـالل حبـر ا�شـعوره ذه املقطوعـة يـرى أن ابـن زيـدون يبـث فالقارئ هلـ

مـع أن الشـاعر جلـأ إىل إدخـال زحـاف اخلـنب ،ذلك ملا يقتضيه وزن هذا البحر ،أن املقاطع قصرية جدا

وهو نوع من االنزياح املوسيقي الذي يدل على متكن الشـاعر مـن أسـلوبه حيـث ،"مستفعلن،فعالتن"

طويع األلفاظ إىل قوالب موسيقية ممثلة يف البحور الشعرية.يتم ت

.30ص ،الديوان،ونابن زيد 1

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

75

وقول ابن حزم من اهلزج :

دموع الصب تـنسفك

دو ـــــب ــــكأن القلب إذ ت

وا ــــــــولـــــــــــفيا أصحابنا ق

ه ـــــم ــــــات ــــــــك إلى كم ذا أ

ر هت وستـ ك الصب يـنـ

رك ــــــــــــــــها ش قطاة ضم

رك ــــــت ـــــش ــــفإن الرأي م

1رك ـــــت ـــش ـــــومالي عنه م

: ابن عبادوقول

د ـــــــــــــا ورق ـــــلينـــــع م النـوم حر

ا ـــــيا هالال حسن خد يا رش

بودادي لك بالشوق الذي

د ــــــــــــــــم ص ـــــواه ثــــه ــــوابتالنا ب

د ـــــغنج لحظ يا قضيبا لين ق

.2في فؤادي ال تدعني للكمد

وحـني نقطـع األبيـات جنـد ،الرمـلذه األبيـات يبـث شـوقه مـن خـالل حبـرة د بن عباد يف هتمفاملع

وهـذا فعالتن" ،اخلنب "فاعالتنأ أيضا إىل زحاف جل حيث ،احنرف عن االيقاع العام للرملأن الشاعر

تصـــرف أســـلويب يـــدل علـــى امـــتالك الشـــاعر االندلســـي أدوات التعبـــري ومقدرتـــه علـــى تطويـــع االلفـــاظ

راد مع االبقاء على الشكل العاميطار املوسيقي امللإل

: القافية والروي: المطلب الثاني

د بنيـــة البيـــت مـــن حيـــث وهلـــا دور كبـــري يف حتديـــ ،القافيـــة شـــريكة الـــوزن يف االختصـــاص بالشـــعر

الرتكيب وااليقاع معا .

درس العلمـاء القافيــة وقـدموا كــل مـا يتعلـق �ــا مـن أجــل أدائهـا للـدور املنــوط �ـا يف الشــعر "وقـد

والبـد لكـي يسـتقيم فهـم الشـعر القـدمي معرفـة ،وعرفوا الشعر بأنه الكالم املـوزون املقفـى الـذي لـه معـىن

وعلـم القافيـة كمـا هـو معلـوم عنـد العروضـيني هـو :" علـم تعـرف بـه ،3"نظامه العروضي، ونظام قوافيه

228ص ،طوق احلمامة،ابن حزم 1

. 06،الديوان،ابن عباد 2

.165ص ،البناء العروضى ىف القصيدة العربية ،حممد محاسة عبد اللطيف 3

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

76

أحوال أواخر األبيات الشعرية من حركة وسكون والزم وجـواز وفصـاحة وقـبح فهـو العلـم الـذي يبحـث

وموضــوعه هــو آخــر ،عــن حــروف القافيــة وحركا�ــا ومــا جيــب هلــا مــن لــوازم ومــا يعــرف هلــا مــن عيــوب

.1عرض هلا "األبيات الشعرية من حيث ما ي

القافية : -أ

تقـول:" قفـوت أثـره قفـوا أي تبعتـه، وقفيـت أثـر فـالن أصـل القافيـة االتبـاع، : القافية لغة -1

أي ،»يعقـد الشـيطان علـى قافيـة أحـدكم « ويف احلـديث ،أي أتبعته إياه، والقفا مقصور مـؤخر العنـق

أي يتبعهــــا ،فوهـــايقألن الشــــاعر ،، وعلــــى هـــذا مسيــــت قافيـــة أل�ــــا فاعلـــة مبعــــىن مفعولـــة2علـــى قفـــاه

تبعناهم حىت أهلكناهم . وقفينا على آثارهم"،أيقال تعاىل :" ،3ويطلبها

هــي وزن إيقــاعي نــاتج عــن التــزام الشــاعر بتكريــر جمموعــة مــن احلــروف : القافيــة اصــطالحا -2

على أقوال منها :القافية يفعلماء العروض اختلف ، وقد 4 واحلركات يف آخر البيت

:الشاعر ومن ذلك قول : هي القصيدة القافية -

تبقى ويذهب من قاهلا . ...نوقافية مثل حد السنا

ال تفىن ويذهب قائلها . ،أي قصيدة مثل حد السيف

بقول حسان بن ثابت رضي اهللا عنه : ،واحتج من قال �اذا: القافية هي البيت_

1 فنحكم بالقوايف من هجانا ... ونضرب حىت ختتلط الدماء .

.215ص ،العروض والقافية،حممود علي السمان 1

.299صه،2008م،1429الطبعة األوىل ،مؤسسة املختار ،حتقيق حيي مراد ،املصباح املنري،الفيومي 2

الطبعة الثانية ،دار الكتب والوثائق القومية،حتقيق حممد عوين عبد الرؤوف ،كتاب القوايف،التنوخيأبو يعلى عبد الباقي 3

.66ص ،م2003ه،1424

.65ص ،كتاب العروض والقوايف،أبو بكر املقري 4

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

77

واحـتج ،األوسـطوهـذا القـول يـذهب إليـه االخفـش : القافية هي الكلمة األخيرة من البيت_

،أن العــرب كـــانوا يقولــون البيـــت حــىت إذا مل تبــق منـــه إال كلمــة قـــالوا بقيــت القافيـــة: علــى ذلــك قـــائال

كمـا ذكـر أسـتاذنا حممـد محاسـة عبـد اللطيـف رمحـة ولكن هذا القول غري مرض عند كثـري مـن البـاحثني

. 2 اهللا عليه

القافيــة « قــال اخلليــل: : القافيــة هــي آخــر حــرف فــي البيــت إلــى أول ســاكن يليــه مــن قبلــه_

وعلى هذا ،هي آخر حرف من البيت إىل أول ساكن يليه من قبله مع حركة احلرف الذي قبل الساكن

القول فإن القافية تكون مرة كلمة ومرة أكثر كقول امرئ القيس :

لسيل من علكجلمود صخر حطه ا

وهاتـــان كلمتان،ورمبـــا تكـــون أقــل مـــن كلمـــة حنـــو قـــول » مــن عـــل «فالقافيــة يف هـــذا البيـــت هـــي

الشاعر:

ويلوي بأثواب العنيف المثقل

».وهي بعض كلمة ،فالقافية يف هذا البيت من الثاء إىل آخر البيت

، قــــال 3هللاوتابعــــه علــــى هــــذا القــــول اجلرمــــي وأصــــحابه، وهــــذا الــــذي رجحــــه ابــــن رشــــيق رمحــــه ا

لوقوفــه علــى أنــواع علــوم األدب نقــال وتصــرفا ،وامليــل مــن هــذه األقــوال إىل قــول اخلليــل« : الســكاكي

إن اآلراء األخــرى ال تطــرد وال تســتقيم مــا عـــدا : ، ولــذلك نســتطيع أن نقـــول4»واســتخراجا واخرتاعــا

ذي اعتمده اخلليل هـو معيـار يف كل بيت ألن املعيار ال رأي من يقول إن القافية ما يلزم الشاعر تكراره

والتنظــيم ،موضـوعي يطـرد ويسـتقيم إذ يعتمـد علــى أسـاس صـويت يعتمـد علــى التنظـيم املقطعـي للبيـت

.5املقطعي هو أساس هذا العلم ومن هنا قيل ان القافية شريكة الوزن يف االختصاص بالشعر

.67ص ،كتاب القوايف ،التنوخيأبو يعلى عبد الباقي 1

.170ص ،قصيدة العربيةللالبناء العروضى ،للطيفحممد محاسة عبد ا 2

.1ج،135العمدة ىف حماسن الشعر وآدابه ونقده،ص ،ابن رشيق القريواين 3

.170ص،لقصيدة العربيةلالبناء العروضي ،حممد محاسة عبد اللطيف 4

.173ص،قصيدة العربيةللالبناء العروضي ،حممد محاسة عبد اللطيف 5

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

78

ــ: القافيــة هــي الحــرف األخيــر مــن البيــت_ ن املســتنري قطــرب وهــذ القــول ذهــب إليــه حممــد ب

" وألن نســابه علــى "عالمــهوأدخلــت اهلــاء عليــه كمــا أدخلــت ،حيــث يقــول :" القافيــة حــرف الــروي

ن ن نالحـــظ أهـــذا القـــول ميكـــن أخـــالل مـــن ،1 ..."القائـــل يقـــول قافيـــة هـــذه القصـــيدة دال أو مـــيم

يسوي بني معىن القافية والروي . قطرب

قصـيدة الميـة أو ميميـة : قصيدة وتنسـب إليـه، فيقـالهو احلرف الذى تبىن عليه ال: الروي -ب

علــى هــذا القــول ميكــن ان نقــول ان مجيــع بنــاء ،2إن كــان حرفهــا األخــري المــا أو ميمــا أو نونــا،أو نونيــة

فاهلمزة وااللف والباء والتاء الثاء و... غريها مـن حـروف املعجـم ،حروف املعجم تصلح ان تكون رويا

رب قدميا وحديثا .جاء منها رويا يف أشعار الع

وقـد ،علـى أشـعار األندلسـيني للقـوايف لتأسـيس ملـا سـيأيت مـن دراسـةاملقدمـة النظريـة ا �ذهأردت

وهـذا دليـل علـى ،رأيت من خالل تتبع قوايف القصائد االندلسية التنـوع املوسـيقي يف االوزان كمـا سـبق

طويعها للقوالب املوسـيقية املعروفـة عنـد امتالك الشاعر االندلسي ألدواته اللغوية اليت يستطيع بسهوله ت

وهــذا راجــع أيضــا إىل أن أصــول الكثــري مــن الشــعراء عربيــة خالصــة ،الشــعراء املشــارقة واجلــاهليني قــبلهم

وكـذلك مـا تفتحـه البيئـة األندلسـية اخلالبـة مـن قرحيـة وكـذلك تـوفر ،فورثوا الصنعة الشعرية أبا عـن جـد

وجور حسان وقينات مغنيات يف القصور نـذلك ان ملـوك ،بيعةاسبابه من جمالس مخر وانس ومجال ط

إذ شـــهد هـــذا العصـــر اســـتقطابا كبـــريا للعلمــــاء ،الطوائـــف باخلصـــوص ســـامهوا يف ذلـــك مســـامهة كبــــرية

وقــد عبــد عــن هــذا أبــو الوليــد الشــقندي بقولــه :" فمــا كــان معظــم ،إىل بــالط األمــراء وامللــوكواالدبــاء

ولــيس ،، والشــاعر الفــالين خمـتص بامللــك الفــالينعنــد امللــك الفـالين ،الينامل الفـالعــ: مباهـا�م إال قــول

وال ، 3، ونبهـت األمـداح مـن مـآثره مـا لـيس طـول الـدهر بنـائم ..."منهم إال من بذل وسعه يف املكـارم

إذ اشــتهر ملكهــا املعتمــد ابــن ،األنــدلسملــك بيليا يف القطــر الغــريب مــن أدل علــى ذلــك مــن ملــك إشــ

،دلس وقصـــدوا بابـــه وقصـــرهنـــحـــىت اجتمـــع عنـــده شـــعراء األ ،األدب والشـــجاعة والكـــرمبـــالعلم و عبـــاد

مـن محـديس ن ابـوالشـاعر ا�يـد ،فقصـده الشـاعر الكبـري ابـن زيـدون مـن قرطبـة وصـار مـن املقـربني إليـه

،كرمي الطبع شريف النسب -ابن عباد–وهذا لكونه ،وغريهم من الشعراء ،صقلية وأصبح من خواصه

.68ص ،كتاب القوايف،التنوخيأبو يعلى عبد الباقي 1

. 129ص ،ميزان الذهبأمحد اهلامشي، 2

.11ص،شعر ملوك الطوائف ،شاكر لقمان 3

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

79

"فاشــتمل هــذا القطــر الغــريب : ابــن بســام يف الــذخرية حيــث يقــول لنــا وقــد نقــل هــذا املعــىن ،قــاأديبــا ذوا

وأكثرتــا ،مصــرتا بــالده ،مملكتــان مــن خلــم وجتيــب ،ومجهــوري أدب ،ألول تلــك املــدة علــى بيــيت حســب

وكلمـا نشــأ مـن هــذين ،وتبـادر العلمــاء مـن بـني ســابق ومسـبوق ،فأتـاه العلـم مــن كـل فـج عميــق ،رواده

. 1ويف اهله أرغب والسلطان سوق جيلب إليه ما ينفق لديه " ،بيتني امري كان إىل العلم أطلبال

ومــــن خــــالل اجلــــدول التــــايل أحــــاول حصـــــر القــــوايف املتداولــــة عنــــد بعــــض شــــعراء األنـــــدلس يف

الوجدانيات:

اســـــــــــــــــــــــم

الشاعر

القاف االلف التاء الهاء ءاليا الضاد الصاد الكاف الحاء الالم السين النون الجيم الراء الدال الباء

01 00 00 00 00 00 00 00 00 02 00 08 00 02 01 03 ابن زيدون

ــــــن اب

حمديس

09 03 03 00 08 02 08 00 02 00 00 00 03 00 00 00

00 00 01 02 00 00 01 00 01 01 01 01 00 02 02 01 ابن خفاجة

ــــــــــــــــــــــــن ابــ

الحداد

03 03 02 00 02 00 00 00 00 00 00 02 04 02 00 01

00 00 04 01 00 00 00 00 00 00 00 00 00 00 00 03 ابن اللبانة

00 01 00 00 01 00 00 01 01 01 00 00 00 01 00 01 ابن عمار

00 00 01 00 01 00 00 01 01 00 02 04 02 01 02 01 مابن حز

00 00 00 00 00 00 00 02 01 01 00 01 00 03 01 02 والدة

00 01 01 01 00 00 00 00 01 00 01 00 01 01 01 02 ابن عباد

يتضح لنا من اجلدول املرفق أن الشاعر االندلسي استعمل القوايف بأنواعها املختلفة مع تبـاين يف

ومـن خـالل النظـر يف ،النسب واالستعمال، وهذا يعود الختيـار الشـاعر نفسـه ممـا حيقـق ثـراء موسـيقيا

: ني اســتعمال احلــروف للقــوايف فنجــد أن القــوايف املــرتددة بكثــرة هــيدول نالحــظ التفــاوت الكبــري بــاجلــ

وقــد علــم مــن خــالل تتبــع كــالم العــرب أن هــذه األحــرف أكثــر اســتعماال ،والــدال البــاء والنــون والــراء

.13ص،شعر ملوك الطوائف ،شاكر لقمان 1

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

80

وهــذا يــدل علــى متكــن الشــاعر األندلســي مــن أدوات الشــعر وإحاطتــه ،1وتــرددا رؤيــا يف أشــعار العــرب

محديس يكثر من روي الباء والنون ومن ذلك قوله : فنجد ابن ،بكالم العرب

مع فض الختم فانسكبا وجد عن الد

اــم ـــه ـــــل ـــــب ــــاء ق ـــمـــت أن الــنــقــيــا تــــــوم

اــب ـــه ــتـــفالبه أردت خمود الجمر

2الحشا حطبايكون للنار ما بين

فيبكـي فراقـه ومـا جيـده ،هتـبوبهذين البيتني عنه لوعته وشوقه إىل حم من خاللفابن محديس يعرب

:ذلك أيضا قوله يف وصف حسن جارية ومن ،ن حزن وأسى وجيعل خامتة قافيته الباءم

ه ـــــــن حركات ــن م ـصــغــوت الــمــد يــــقـــب

ل ــــــــــــم ــأن ــر ب ـــيــشـــا ت ــمــها عـــــب ـــــس ــــحـــوت

بنا ال بها ما تشتكي من جوى الهوى

د ـــق ــــــالغصن من بـره السكونا وأين

إللى ما يالقي كل عضو من الوجد

دة الـــخـــواق مـــع أشـــــوأدم 3د ــــــــــخ ـــــــد

غراما ووجدا وهياما حيث أخذت عليـه فهذه األبيات يصور لنا فيها ابن محديس راقصة هام �ا

البـــان، وملـــا كانـــت تضـــفي علـــى نفســـها مـــن نا كانـــت عليـــه مـــن قـــد ممشـــوق مثـــل غصـــملـــ ،عقلـــه وقلبـــه

وإشـارات بأحلاضـها املريضـة الـيت عـذبت القلـوب قبـل األجسـام فكأ�ـا بكـل حركــة ،حركـات وسـكنات

ومن ذلك أيضا قول ابن زيدون : ،منها تثري كل عضو فيها

ن ـــــــــــــن ــة ع ــــظ ـح ــه لـــت ــ نــج ــى فن ـــض ــــــا الــــــأم

طرفك ليفهمت معنى الهوى من وحي

قدر الردى جاء أعلى من و هاكأن

4 ور ـــــــــح ــــــالإن الحوار لمفهوم من

.246ص،م1952الطبعة الثانية ،مكتبة األجنلو مصرية،موسيقى الشعر،إبراهيم أنيس 1

.09م،ص2012ه،1433الطبعة الثانية ،بر بريوتدار صا،حتقيق إحسان عباس ،الديوان ،اابن محديس2

.133صم،2012ه،1433الطبعة الثانية ،دار صابر بريوت،حتقيق إحسان عباس ،الديوان ،ابن محديسا3

.110ص،الديوان،ابن زيدون 4

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

81

ة اللقـاء واحلـوار باألحلـاظ وهـي حلظـ ،فهذه االبيات تأرخ للحظة الـيت وقـع فيهـا الشـاعر يف احلـب

فبمجر النظـرة األوىل مـن احملبوبـة يفهـم الشـاعر إشـارات احلـب تنبثـق ،فأكنه املوت جاء به القدر فجأة

حىت ال يستطيع بعدها فراقها أبـدا ولـذلك ملـا وقعـت منافسـة البـن ،من خالهلا ويقع بعدها يف شراكها

عــرب لنــا عــن ،املــذكورة آنفــا هوحمبوبتــزيــدون احــدث نــوع مــن اجلفــوة بــني ابــن ،عبــدوس يف حــب والدة

ملــا كانــت تتفجــر بــه مــن ،هــذا بقصــيدة نونيــة تعتــرب مــن عيــون الشــعر األندلســي يف بــاب الوجــدانيات

لقـد جعـل منهـا مرضـا للوجـدان واألحاسـيس يف كـل ،املعاين والعواطـف واألسـاليب واملوسـيقى وااليقـاع

إن لكل معىن من هـذه املعـاين مكانـا خصـبا يف نونيـة ،حالتها من عشق وهيام وشكوى وحنني وعتاب

ابن زيدون :

تدانيناأضحى التنائي بديال من

يضحكناإن الزمان الذي مازال

السرور فماليسق عهدكم عهد

اــن ر غيـ ا ــنـم عــكــأيــن او ــحسبــال ت

دال ــــــب ا ـــواؤنــــواهللا ما طلبت أه

ا تجافيناـــان ــي ــق ــل ن طيب ـــعوناب

ا ــن ــيــل ــب ـــي اد ــد عــم قــهــربــقــا بــســأن

اـــــ نـــيــــاحـــــا إال ريـــنــم ألرواحـــتــنـــك

ناــيــب ـــح ـــم ــــال ي أ الن ر طال غيـ ذإ

أمانينا منكم وال انصرفت عنكم

بعــــدما كانــــت عــــامرة باللقــــاءات ،بكــــي يف هــــذه األبيــــات نكــــوس األيــــام وتغريهــــافــــابن زيــــدون ي

مل ال نـهفيشـتاق ويأسـف ويسـتلطف حمبوبتـه والدة يف للرجـوع إىل عهـدها معـه ،نيوالنظرات بني احلبيب

، وهو يقول يف هذا املعىن :ومل يرجع عن عهده معهاينكث

واسق به يا ساري البرق غاد القصر

اــــــرن ــــــذك ــــتى ســـــعل ـــــالك هواسأل هن

يسقينا والود من كان صرف الهوى

1اــــن ــــيـــــــن ــــــع ـــــــى ي ــــس ـــأم ره ـــــذكـــا تــــفــــإل

وهنا ابن زيدون يستلطف حمبوبته ويرجو أن تبلغ رسائله إىل معشوقه، ليرتاجع عن صده وتعذيبـه

ببعده. له

.298 الديوان ،ابن زيدون1

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

82

ونالحـــظ أيضـــا مـــن خــــالل اجلـــدول املرفـــق تـــداول الشــــعراء األندلســـيني ملعظـــم حـــروف املعجــــم

التـاء و السـني واحلــاء : وهـي ،ولكـن بنسـب أقـل مــن القـواف السـابق ذكرهـا ،وجعلهـا قـواف ألشـعارهم

حلـروف عمل الشـاعر األندلسـي هلـذه اتاسـ ،اجلـيم واحلـاءاأللـف و و والالم والكـاف والصـد والضـاد واهلـاء

يفومهما يكن فإن هذ التنوع يف االسـتعمال حيقـق ثـراء موسـيقيا نغميـا ،بنسب متفاوته قواف ألشعاره

وإن كان الشعر العريب عموما هو نوع ،من العصور األدبية احلقبةالشعر األندلسي على األقل يف هذه

ات الـنغم يف احلـروف تفجـري طاقـءت قـوافيهم لتسـاعد علـى مـد الصـوت و لـذلك جـا ،مـن الغنـاء والـرتمن

وأمثلة ذلك كثرية منها قول ابن حزم : ،1اجلمالية والقيمة الفنية ألشعارهم ءومن مث إعطا ،املستعملة

:

خفيت عن األبصار والوجد ظاهر ... فأعجب بأعراض تبني وال شخص

2غدا الفلك الدوار حلقة خامت ... حميط مبا فيه وانت له فص

وال يطفؤهـا إال ،ت نـار الوجـد والشـوق الـيت جيـدها بـني أحشـائهفـابن حـزم يصـف يف هاتـه األبيـا

اللقاء وقد أورد بيتا يف ذلك :

3ألبرد باللقيا عليال من اهلوى ...توقد نريان الغضا هيمانه

وهـذا املعتمـد ابـن ،وال يشـفي الغليـل إال النظـر إىل الوجـه اجلميـل ،فال يربد نار اهلـوى إال اللقـاء

ساق يف جملس شرب :عباد يقول يف غالم

ج ــــــــن ــــــف غ ــــه ـــمهف رب ساق

ه لطيف حكمت أبدى لنا من

ب ــــــج ــــع ــــــال ـــــفجاء بقام ليسقي

4 ذائب الذهب في جامد الماء

لـك تعمال يف ذاللـه الـذين شـداه إليهمـا مسـدفنرى ابن عباد يصف هـذا الغـالم ويتغـزل بغنجـه و

قافية الباء .

.353ص ،القيم اجلمالية يف الشعر األندلسي ،آزاد الباجالين1

.322ص،امةطوق احلم،ابن حزم 2

.322ص،طوق احلمامة،ابن حزم 3

.03الديوان،ص ،ابن عباد 4

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

83

من خالل هذه الدراسة االحصائية عـن اسـتعماالت الشـاعر األندلسـي ملختلـف حـروف املعجـم

وجعلهـــا قـــواف لشـــعره، جنـــد أيضـــا أن األندلســـيني كغـــريهم مـــن الشـــعراء زاوجـــو بـــني اســـتعمال القـــوايف

رار مــا كـان يف الشــعر وإن كــان تـردد القــوايف املقيـدة قليــل الشـيوع يف أشـعارهم علــى غـ ،املطلقـة واملقيـدة

قافيـة : كـالم العـرب أن القافيـة تنقسـم إىل قسـمنيلتقراء سـفقط ذكـر أهـل العـروض بعـد ا ،العريب قدميا

فية املقيدة هي اليت يكـون فيهـا اوالق ،الروي متحركا هافاملطلقة هي اليت يكون في ،مطلقة وأخرى مقيدة

ه مــن خـــالل تــ، وهــذا مــا وجد1يف كــالم العـــربوالنــوع الثــاين مـــن القافيــة قليــل الشــيوع ،الــروي ســاكنا

استقراء أشعار األندلسيني

داخلية: الموسيقى الثانيالمبحث الفهـي تسـهم إىل جانـب ،تعـد املوسـيقى الداخليـة جـزءا ال يتجـزأ مـن البنـاء الفـين للقصـيدة العربيـة

اإليقـاعي الـذي حتدثـه املوسيقى اخلارجية يف تكوين وحدة النص املوسـيقية والصـوتية مـن خـالل التنغـيم

الـيت تتجـاذب مـع مـا ترتكـه ،وهذه املوسيقى تنشأ من اختيار الشاعر للكلمـات واملعـاين ،2داخل النص

ولـــذلك ،الغنائيـــة النزعــةن الطبيعــة االنســـانية متيـــل إىل ارب احلياتيـــة يف الــنفس البشـــرية ومعلـــوم أالتجــ

بـأن الشـعر ،مإذا مـا قـيس مبـا روي مـن نثـره األدب كثـرة مـا روي لنـا مـن أشـعار القـدماء ا"علـل مؤرخـو

ولعــل الســر يف ذلــك مــا يف الشــعر مــن انســجام يف املقــاطع وتواليهــا حبيــث ختضــع تــذكره أيســر وأهــون

. 3لنظام خاص"

مـن وهـو ،ملوسـيقى الداخليـة يف الشـعريعد التكرار واحدا مـن أهـم بواعـث ا: تكرارالمطلب األول: ال

تجلى يف ي،محا فنيا شـديد الـربوز يف الشـعرحبيث يشكل وحده مل ،ها الشاعرأبرز الفنون اليت يلجأ إلي

التكــرار "و ،مســتوى اإليقــاع وكــذلك يف مســتوى التقفيــة وأكثــر مــن ذلــك يف مســتوى التعبــري والتصــوير

االبيــات ظمناصــر األســلوب الــذي يكــون رابطــا يــنيعطــي القصــيدة أو البيــت مجــاال فهــو عنصــر مــن ع

4املوســيقى الــيت يشــكلها " كمــا أنــه يف الوقــت نفســه مــانح للجمــال مــن خــالل ،هــاالشــعرية الــيت يــرد في

أو هـو إعادتـك للوحـدة الـيت بـدأت ،تيـان بعناصـر مماثلـة يف العمـل األديبا ": وقد عرفه البالغيـون بأنـه

.258ص،موسيقى الشعر ،ابراهيم أنيس 1

.353ص،القيم اجلمالية،آزاد الباجالين 2

.10ص،موسيقى الشعر،إبراهيم أنيس 3

.359ص،القيم اجلمالية،آزاد الباجالين 4

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

84

، ئيـة الـيت نعـين �ـا تنـاوب األلفـاظولكننا نقصد من التكـرار الـدالالت االحيا ،منها على نظام خمصوص

. 1حبيث تشكل نغما موسيقيا يقصده الناظم يف شعره ،وإعاد�ا يف سياق التعبري

ومــا تكــررت فيــه املــادة ،تكــررت فيــه املــادة والصــيغة األوىل علــى حاهلــا قســم: قســمان وللتكــرار

ويــرى حممــد اهلــادي الطرابلســي أن النــوع الثــاين ال يــه صــيغة أخــرى دون الصــيغة األوىل، ف واســتخدمت

ولـذلك سـأركز ،2إيقاع وبالتايل النـوع األول هـو مـوطن الشـاهد ألن االيقـاع يتحقـق فيـه يلمس فيه أي

منهــا مــا ،خمتلفــة بــأنواعوالتكــرار عنــد الشــاعر األندلســي يــأيت ول دون الثــاين .البحــث علــى النــوع األ

ر مــن يعمــد الشــاع ،مجلــة ومنهــا مــا تتكــرر فيــه كلمــة ومنهــا مــا تتكــرر فيــه عبــارة او ،يتكــرر فيــه احلــرف

ليشــد بــذلك انتبــاه ،خالهلـا إحــداث جــو موســيقي وليضــفي مـن خاللــه ملســة مجاليــة وفنيــة يرتكهـا الــنغم

القارئ واملستمع .

ورد تكرار احلروف بكثرة يف الشعر الوجداين هلذه احلقبـة مـن : (االصوات)تكرار الحروف: أوال

،ر تـأثريا كبـريا علـى أشـعار االندلسـينيوهـذا مـا أثـ ،الزمن اليت عرفت بالرتف وكثرة جمالس اللهـو والغنـاء

فهذا املعتمد ابن عباد ينادي حمبوبته يف كل بيت :

صفوتي من البشر يا

ى ــش ـــــــإذا م ،غصنا يا

د ــــــــ نفس الروضة ق يا

ي ـــت ـــــيا ربة اللحظ ال

ر ـــــــت ــــــــشد وثاقا إذا ف

في سحر لها ريح هبت

ر ـــــــظ ــــــــــإذا ن ،ـــــأرش اــــــي

3ــــــــر م ــــــــيا كوكبا بل يا ق

الــذي حصــل جيــد يف األبيــات نغمــا موســيقي يــوحي باألســى واحلــزن للبعــد واجلفــاء الــذي فمــن

لنـــداء"يا"، يتأمــل يف هــذه األبيــات جيــد أن الشــاعر كــرر حــرف ايالقيــه املعتمــد مــن حمبوبــه، وممــا يــدل

وبالنظر إىل املعىن العام والتكرار على ذلك خامتة هذه األبيات اليت يقول فيها ا

ملعتمد :

الطبعة األوىل ،دار غيداء للنشر والتوزيع ،دلسييف شعر ابن جابر األنالبناء الفين ،سالم الفالحي 1

.288،صه1434،م2013

.62صم، 1981 ،منشورات اجلامعة التونسية،خصائص األسلوب ،اهلادي الطرابلسي 2

.13ص،الديوان ،ابن عباد 3

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

85

وهــو يرتجــى حمبوبتــه ويشــتكى مــن نــار اجلــوى الــيت أحــدثها البعــد ،ومثــل هــذا جنــده يف قــول ابــن زيــدون

فيقول : الذي لقيه،واجلفاء

ي ــــــــماب أبثك متى

لسانيمتى ينوب

يــــــــــــذابــــــياراحتي وع

. 2في شرحه عن كتابي

االســتفهام "مــىت" يف كــل بيــت ليحــدث جرســا موســيقيا حيبــل علــى اســمفنجــد أن الشــاعر كــرر

ســه مــن فــاهللا يعلــم مــا يف نف ،نفســية الشــاعر املنكســرة مــن طــول البعــد واجلفــاء الــذي يلقــاه مــن حمبوبتــه

وقـد علــم مـن دراسـة حيــاة ابـن زيـدون احلـب الــذي وقـع فيـه مــع ،حـزن وأسـى الفـراق كمــا قـال الشـاعر

،معـــه مث اجلفـــاء الـــذي وقـــع بعـــد ذلـــك معهــا ملنافســـة ابـــن عبـــدوس علـــى حبهـــا ،والدة بنــت املســـتكفي

البعـد كمـا طـول الفرقـة و ل عليه ولـذلك كثـريا مـا جنـده يـذكر عتابـه حملبوبـه علـىفحصل من اجلفاء ما ح

: ومن ذلك أيضا قول ابن خفاجة ،حصل يف هذه األبيات

ص ـــمتـقن ومن لي بذاك الخشف من

جة ح ودون الصبا إحدى وخمسون

نىــم ـــالــبح ــنـــســفياليت طير السعد ي

ع ـــر وأرب ـــش ــــع ن ـــت ابــنــــني كـتـيــالــوي

اــم� ـــــه شـــــرب ـــــا وأش ــض� ــه ع ـــلـــــــآكـــــف

احلم ا ـــهـــت بـــكأني وقد ولت أري

اقسم فأحظى بها سهما وأنأى بها

اــم� ـــع يــــن ـــع د ــت ها بنتا ولم فلم أدع 3

امتداد عمره مما جعل "، ليدل بذلك على ياليت" النداء والتمينفنجد أن الشاعر قد كرر حرف

فتكـرار احلـرف التمـين هنـا مـع النـداء أحـدث نغمـا ،دنه وبني حبيبه فارقا كبـريا فيتمـىن أنـه مل يكـرب بعـبي

ومن ذلك أيضا قوله : ،ل اجلواري تنأى عنه إىل أقرا�اموسيقيا حزينا على كرب الشاعر مما جيع

.13ص،الديوان ،ابن عباد 1

.29ص،الديوان ،ابن زيدون 2

.381ص،الديوان ،ابن خفاجة 3

1والبصر يك السمع من متى أداوي يا فدا

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

86

ريقه تعلته نشوان من خمر

ووجهه ترقرق ماء مقلتاي

سنه ح أرق نسيبي فيه رقة

ر ــــــــونه السك د ولي ،له رشفها دوني

ر ــــــــــم ــــج ــووجنته الويذكي على قلبي

1ر ـــــح ــــــــ السفلم أدر أي منهما قبلها

فتكــرار حــرف القــاف يف هــذه املقطوعــة جعــل هلــا موســيقى داخليــة بديعــة هلــا أثرهــا الكبــري علــى

يعطينــا تصــورا عــن البعــد النفســي الــذي جيــده مــن الرقــة الــيت جيــدها الشــاعر مــن وهــو ،الســامع والقــارئ

حسنا ومجاال . الطبيعة األندلسية اليت تتألأل

خيلص صالح فضل إىل أن قيمة كل عنصر تكمن على وجـه التحديـد يف : تكرار الكلمة: ثانيا

يصـبح تكرارهـا لـيس جمـرد ،كيفية اندماجه وتصاعده إىل ما يليه فتكتسب بذلك الصيغ أمهيـة خاصـة

توقيع موسيقي رتيب بل هو إمعان يف تكوين التشكيل التصـويري للقصـيدة ودعامـة ملسـتويا�ا العديـدة

وجمموعــة مــن املقــاطع درجتــه التكثيفيــة ومدلولــه اخلــاص ، ومــا الكلمــة إال عنصــر لــه2يف هيكــل تــركييب

الكلمــة تكـرارحيـدث حيـث ،خــاصف وحركـات ووحــدات منتظمـة يف الكتابـة بنسـق و املكونـة مـن حـر

حيقـق داللــة شــعرية يف البيـت أو األبيــات إيقاعــا صـوتيا يشــارك يف موســيقى الشـعر، ألن تكــرار الصــيغة

الشعر الوجداين األندلسي عالمة فارقة يف مسـتوى وقد شكل التكرار يف ،يستجيب هلا وجدان املتلقي

ن محديس :ومن ذلك قول اب ،االنسجام الصويت بني اللفظ واملعىن

رت ــــــــظ ــــن ، هذه عيني التي هذه يا

اسقم من مقلتيك كساني ناظري

ة ـيـــاح ـــواء مــــاالنه ـــــوكل جدب ل

يـــي وإمسائ ـاح ــــبـــــإصتبل بالدمع

اء ــــــي ــــأف ن ـــــيــــب فما لجسمـــــي فـــــي

وا وجدب جسمي ال تمحوه 3 ئيأنـ

فنرى ابن محديس يف هذه األبيات كرر عدة كلمات مرتني هـي " هـذه والفـيء واجلـدب واألنـواء

وحيـدث نغمــا موسـيقيا حزينــا ،"، ليضــفي علـى األبيــات األثـر النفســي الـيت تركتــه معشـوقته فيــهواجلسـم

ر علـــى افة إىل التشـــكيل املوســـيقي الـــذي أضـــفاه هـــذا التكـــرافإضـــ ،جـــراء تكـــرار مثـــل هـــذه الكلمـــات

حـىت لكـأن جسـمه ،القصيدة فقد صور حالة الشـاعر احلزينـة مـن البعـد الـذي لقيـه الشـاعر مـن حمبوبتـه

.362ص،ن الديوا،ابن خفاجة 1

. 275م،ص1987 ،صالح فضل، إنتاج الداللة األدبية، الطبعة األوىل، مؤسسة املختار للنشر والتوزيع بالقاهرة2

.02ص،الديوان ،،ابن محديس 3

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

87

ومـــن ذلـــك أيضـــا قـــول ابـــن اللبانـــة يف رثـــاء ،البكـــاء الـــيت بلـــت إصـــباحه وإمســـائهقــد أجـــدب مـــن كثـــرة

املعتمد ابن عباد وهو يف أغمات :

ف ـــــن ـــــك ىـــــهناك آوي من النعمى إل

ر ـــم ـــع ى ـــــبين الحصار وبين المرتض

شرجبه هل يذكر المسجد المعمور

ىـــفـعس عندي رساالت شوق عنده

ات ـــــــــــــــــــــنــــــــوجواه ـــالل وأمـــه ظـــيــف

منجاة ذاك الحصار من المحذور

ات ــــم ــــديــــق أو العهود على الذكرى

1ت اـــــن ــــــوج لرياح توافيه رساالتمع ا

يف إجيــــاد ، هــــذه األبيــــات نالحــــظ كيــــف أســــهم تكــــرار املقطــــع الصويت"احلصــــار ورســــاالت"يف

مـــع تصـــويرها حـــزن وأســـف ابـــن اللبانـــة علـــى مـــا حصـــل ،موســـيقى يف البيـــت زادت مـــن مجالـــه النغمـــي

لفظ الرساالت الـيت يتمـىن أن تأخـذها فكرر ،للمعتمد بن عباد بعد عظمة ملكة وكبري عطائه جللسائه

بعـد فـراق ل يف إشـبيلة الريح فتبلغها املعتمد وهو يف سجنه بأغمـات لتخـربه بـاخلراب واجلـدب الـذي حـ

ومن ذلك قول املعتمد وهو ينعى نفسه بعد حبسه ووضع األغالل يف رجليه : ،ملكها هلا

اد ــــب ــــــن ع ــــــبكى المبارك في إثر ب

ا ـــه ـــب ــــــواك ــــــــثرياه ال عمت ك بكت

بكى الزاهي وقـبته ،بكى الوحيد

اد ــــــــــبكى على إثر غزالن وآس

بمثل نوء الثريا الرائح الغادي

2اديـــــــــــوالنهر والتاج كل ذله ب

لـذي أصـيب بـه املعتمـد فقلبـه وهذا ما يدل شدة األسى ا ،فبلغ تكرار كلمة "بكى" مخس مرات

،يتقطــع غمـــا ومهــا ملـــا أصــيبت بـــه مــن إذالل مـــن املــرابطني بعـــد العــز والتمكـــني وجمــالس اللهـــو والغنـــاء

ن ومنــه قــول ابـــ ،موســـيقي �ــذا التكــرار حزينــا جــدا فالشــاعر يبكــي نفســه يف كــل بيــت ليحــدث نغمــا

ي نفسه عن طول البعاد :لسي خفاجة أيضا مودعا حملبوبه وهو

ب ــــــــيــــــس عسالم فراق ما أقام الوفاء مودعام على عهد سال

.41ص،ه1429م،2008الطبعة الثانية ،دار الراية للنشر والتوزيع،حممد جميد السعيد،الديوان،ابن اللبانة 1

.115ص، ابن عباد املعتمد،مدحممد عبد اهللا سيدي حم2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

88

ب ـــــــالضلوع لهيوطورا بانحاء المحاجر بـلة فوق ،سالم له

فنرى ابن خفاجة يف هذه االبيـات يكـرر لفظـة "سـالم" أكثـر مـن مـرتني، ليصـنع بـذلك جـوا مـن

م الوفاء والوصال .النغم احلزين الذي يستدعي به أيا

وهذا اجلدول ينب عدد ورود ورود التكرار يف أشعار اهم األندلسيني يف هذه احلقبة من الزمن :

القصيدة أو المقطوعة الشاعر

22 ابن زيدون

09 ابن خفاجة

08 ابن محديس

05 ابن عباد

،عربيــة قـــدميا وحـــديثايعـــد التصــريع مـــن النعــوت العذبـــة الــيت متيـــزت �ــا القصـــيدة ال: _ التصــريع

وهــوأن يعمــد الشــاعر إىل تصــيري مقطــع املصــراع األول مــن القصــيدة مثــل قافيتهــا ألن الفحــول ا�يــدين

ورمبا تعدى ذلك إىل تصريع أبياتا أخرى من القصيدة وهذا يعد من اقتدار ،كانوا يصنعون ذلك دائما

من الكـالم املنثـور وفائدتـه يف الشـعر أنـه ، وهو يف الشعر مبنزلة السجع يف الفصلني1الشاعر وسعة حبره

2قفل كمال البيت األول من القصيدة لتعلم قافيتها

به البيــت األول املصــرع كأنـــه بــاب لــه مصــراعان يـــدخل مــن خالهلمــا للقصــيدة املـــراد ولــذلك شــ

وهو أيضا من األسـاليب ،وهو فن بديع يدل على ملكة لغوية قوية كما قال قدامة بن جعفر ،نظمها

ومــن ،املوســيقية اجلميلــة الــيت تضــفي علــى القصــيدة رونقــا بــديعا ولــذلك عمــد إليــه الشــعراء منــذ القــدمي

فـإين رأيـت ،خالل حبثي وإحصائي لألشعار الوجدانية األندلسية يف خمتلـف دواويـن شـعراء هـذه احلقبـة

علــى امــتالك وهــذ دليــل ،قصــيدة أندلســية يف هــذا البــاب مــن التصــريع يف مقــدمتها لــوانــه ال تكــاد خت

وقدرتـه الفائقـة علـى تطويـع ألفاظـه وموسـيقاه إىل املعـاين الـذي يريـد ،الشاعر األندلسي ألدواتـه اللغويـة

الفائقة على التعبري يف موهذا بال شك يعد عنصرا داال على فحولة الشعراء األندلسيني وقدر� ،ذكرها

90نقد الشعر . ص ،قدامة بن جعفر 1

.258ص،01مج ،املثل السائر ،ابن األثري 2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

89

ولعـل االهتمـام بالتصـريع نـاجم ،شـعراءأشكال عدة ومن بينها نظم األشعار على طريقة الفحول من ال

وســأحاول يف هــذا املبحــث ع علــى القصــيدة املــراد إيرادهــا عــن اجلمــال املوســيقي الــذي حيققهــا التصــري

إيراد أكرب عدد من األمثلة مـع تنويـع الشـعراء لكثـرة ورود هـذا الفـن البـديع يف القصـائد األندلسـية عنـد

:بقوهلا والدة بنت املستكفي تعرب عن شدة اشتياقها حمبو�افهذه ،شعراء الطوائف يف الغرض املذكور

1 أناجي اشتياقي والجوى يعلن النجوى ...وأضرع من وجدي لموالي بالشكوى

وهنــا التصــريع يتحقــق مــن خــالل التطــابق يف القيمــة الصــوتية بــني خامتــة الشــطر األول والشــطر

جيعل يف القصيدة املـراد ذكرهـا وفـرة موسـيقية وهذا ما ،الشطوى" يف لفظيت "النجوى،الثاين من البيت

ومعلــــوم ان والدة ،الوجدانيـــة ةيكشـــف عـــن نوايــــا الشـــاعر ،أ�ا أن ختلــــق تناغمـــا صـــوتيا دالليــــامـــن شـــ

زيدون وأحبته حبا مل تصل أخبار غريه مثله من األندلسيني . تعلقت بالوزير ابن

شوق إليها:توي والدة ابن زيدون وهو يفدي حمبوبته وهذا

2أفديه بمن عدال ،ما كان ردي ال... يا جائر الحكم ،كان قولك: متلو

ول مبثـل قافيتهـا ممـثال يف جاء مبصراع القصيدة يف الشطر األحظ يف هذ البيت أن ابن زيدون يال

ول مســـتقل معنويـــا عـــن الشـــطر "، وهـــو مـــن التصـــريع الكامـــل الـــذي ألن معـــىن الشـــطر األال وعـــد "ال

يف متاثـــل املصـــراعني وهـــذا التصـــريع أعلـــى درجـــة كمـــا ذكـــر ابـــن األثـــري يف املثـــل ، وال يشـــاكله إالالثـــاين

، وهذا دليل على القدرة الفائقة على نظم األشعار لدى ابن زيدون الن هـذا التصـريع قـد درج 3السائر

عليــه الفحــول مــن الشــعراء كــامريء القــيس وعنــرتة مــن الفحــول وال يشــاكلهم يف مثــل هــذا إال مــن بلــغ

ومن التصريع أيضا قوله يف قصيدة بعدها : ،ممرتبته

من مطلع الحسن والغصن الذي اعتدال ال ــــــــــــــــــــــــــــــــمن مبلغ عني البدر الذي كم

الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــإلي مرتهن شكري بما فع ه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــأن الزمان الذي أهدى مودت

.10ص،مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة،الوزير ابن زيدون مع والدة بنت املستكفيإبراهيم األحدب الطرابلسي، 1

.226ص ،الديوان ،ابن زيدون 2

.259ص،املثل السائر ،ابن األثري 3

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

90

1الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلــــــــــفما رأينا قاله حادثا ج أما الحبيب الذي أبدى الجفاء لنا

اعتدال" . فالتصريع يظهر يف البيت األول ممثال يف كلميت "كمال،

ن أمثلة ذلك عند غريه قول ابن محديس :وم

غريبه كم غريب حنت إليه

ن ــل ــــع سلطت كربة التنائي اــيـ

اـــن ــــصبح م ـــت ـــــف فمتى نلتقي

ه ــــكئيبوكئيب شجاه شجو

ه ـــقريب فعسى فرحة التداني

2 طبيبه كل نفس لكل نفس

،"ســاكنة" األبيــات السـابقة الن املالحــظ علــى القافيــة أ�ــا مقيــدة هنـا يتضــح التصــريع أكثــر مــن

�ـذا الـنغم املوسـيقي الـذي حيدثـه السـكون ألن القـارئ هلـا حيـس وبالتايل يظهر من القصيدة أ�ا غنائية

وقـــد حتقـــق التصـــريع يف آخـــر البيـــت األول والقافيـــة معـــا ،يف آخـــر القـــوايف مـــع قصـــر املقـــاطع العروضـــية

ممــا يكشــف لنــا هــذا ،كئيبــه" "غريبــه،مــع تشــاكل احلــروف الــذي ينتهــي �ــا كــل منهمــا بتســكني آخــره

ومــن امثلــة ذلــك ،عــن حالــة الشــاعر احلزينــة مــن طــول الغربــة والبعــد الــذي لقيــه مــن حمبوبــه ادالليــ نغمــا

أيضا قول ابن خفاجة :

ر ـــــــيـــــــأس كتبت وقلبي في يديك

يوأدمع وفي كل حين من هواك

ويسير يقيم كما شاء الهوى

3ر ــــــــــديــــــبكل مكان روضة وغ

فابن خفاجة يف هذه املقطوعة الشـعرية جيعـل مصـراعي البيـت االول علـى شـاكلة واحـدة

مــع أننــا نالحــظ أن احلركــات والســكنات يف املصــراع االول نفســها يف ،ممــثال يف لفظــيت " أســري ويســري"

ممـا أضـفى مجاليـة ورونقـا علـى القصـيدة وولـد نغمـا مجـيال وجرسـا داخليـا بـديعا وهـذا مـا ،ثـايناملصراع ال

.227ص ،الديوان ،ابن زيدون 1

.26ص،الديوان ،ابن محديس 2

.363ص،الديوان ،ابن خفاجة 3

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

91

يـدل علــى قــدرة الشــاعر علــى تطويــع األلفــاظ ملوســيقاه الداخليــة مــن القــدرة علــة ابــالغ املــتكلم بطريقــة

موسيقي رائع . إطارسلسة مجيلة يف

ألندلسية الوجدانيـة يف هـذه اءة القصائد اوهنا مالحظة تظهر من خالل إيراد االمثلة وكذلك قر

حــب وهــو ال شــك يــدل علــى ،وهــي ان الشــاعر االندلســي كثــري الشــكوى مــن اهلجـران والبعــد ،احلقبـة

ندلســيني وتــنقلهم بــني الغــواين وهــو مــا يــدل علــى الكثــرة الــيت كانــت تعــج �ــا جمــالس الــرتف الشــعراء األ

ذا اجلــدول حصــر تكــرار التصــريع عنــد اهــم الشــعراء وســأحاول مــن خــالل هــ ،بــالغواين واجلــواري املــالح

ابن عباد " : ،ابن محديس ،ابن خفاجة ،االندلسيني يف هذه احلقبة "ابن زيدون

القصائد والمقطوعات الشاعر

25 ابن زيدون

17 ابن خفاجة

17 ابن محديس

12 ابن عباد

طباقالمطلب الثاني: ال

الشــــعري فيمـــا يعتمــــل داخلــــه مــــن عالقــــات مغــــايرة أو تكمـــن القيمــــة اإلبداعيــــة جلماليــــة الــــنص

ولكــن هــذا اجلانــب مرهــون بلغــة ،متضــادة، وهــذا مــا ميــنح الــنص بعــدا مجاليــا يــؤثر وحيــرك ذهــن املتلقــي

وحيصل الطبـاق بـاجلمع ،1الشاعر ومدى مقدرته وموهبته يف صياغة الشعر واجلمع بني األشياء املختلفة

وقــــد شــــكل الطبــــاق يف الشــــعر الوجــــداين 2 متقــــابلني يف اجلملــــةأي معنيــــني ،بــــني الشــــئني املتضــــادين

همــة الــيت يلجــأ إليهــا الشــاعر لكونــه مــن األشــكال التعبرييــة امل ا،ضــيأ هرز بــا االندلســي ملمحــا أســلوبا يف

،ومـن خـالل تتبعـي لألشـعار األندلسـية يف هـذه احلقبـة مـن الـزمن يف الغـرض الوجـداين ،فكرته إليصال

ــــري مــــن ظــــاهريت التكــــرار ،اهرة البالغيــــة يف أشــــعارهموجــــدت ورودا هلــــذه الظــــ لكــــن بشــــكل أقــــل بكث

ومن أمثلة ذلك قول ابن اللبانة يف رثاء املعتمد ابن عباد ملا أسر يف أغمات : ،والتصريع

ماتوافاألرض قد أقفرت والناس قد هان ــــــاك ـــسانفض يديك من الدنيا و

.369ص،القيم اجلمالية يف الشعر االندلسي ،آزاد الباجالين 1

.573صم،2005،مكتبة اآلداب القاهرة،بغية االيضاح،عبد املتعال الصعيدي 2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

92

ت ـــــم ــت ــــــك وقل لعالمها السفلي قد

انصله من كان بين الندى والبأس

ات ـــــم ـــأغ وي ــلــــــعــا الـــلمهــرة عـــريــــس

ات ــــــــــــدي ــــن ــه اه ـــــايـــــطــــة وعــــديـــــنـــــــــه

مبثابــة فــابن اللبانــة يرثــي ابــن عبــاد مــن خــالل هــذه االبيــات ويصــور لنــا موقــف أســره يف أغنــات

،وتبسـط يــده للنــدى ،هـو امللــك اجلــواد الكـرمي الــذي كانــت متـنح يف جمالســه العطايــا ألنــهاملـوت لرعيتــه

حتقـق فيهمـا تعريـف الطبـاق عنـد البالغيـني "السـفلي ومما يالحـظ أنـه اسـتعمل لفظتـني يف البيـت الثـاين

ه القـارئ والسـامع مبثـل هـذا وهو ما يضفي على القصيدة جوا من النغم املوسيقى ليشد انتبا ،والعلوي"

: املعتمد ابن عبادومن ذلك أيضا قول ،الطباق

ناظري عن الشخص أغائبة

الشجـــــوعليك سالم بقدر

صميم الفــــــــــــــــــؤاد وحاضرة في

1هادلس ن ودمع الشؤون وقد ا

وهــو خياطــب ،بــري عــن مــا يــدور خبــاطرهأســلوب الطبــاق للتع يلفــابن عبــاد يف البيــت األول يلجــأ

ويظهــر أســلوب الطبــاق ممــثال يف لفظــيت " أغائبــة وحاضــرة"، فالغيــاب يــدل علــى البعــد الــذي ،حمبوبتــه

والفــؤاد وهــو عالمــة احلضــور يف القلــب واحلضــور يــدل علــى ،يلقــاه الشــاعر مــن حمبوبتــه لعــدم رؤيتــه هلــا

اده كمــا جنـده يسـتغيث بلحظــات القـاء وحالو�ــا علـى قـوة احملبــة الـيت متكنـت مــن قلبـه حــىت سـكنت فـؤ

: لتجريه من حرارة الفراق بقوله

2ي ... أجرني اليوم من حر الفراق فيا برد اللقاء على فؤاد

فـال ينجيـه مــن ،إذ ان الشـاعر هنـا خلـق جــوا موسـيقيا ونغمـا حزينـا ملــا هـو عليـه يف حلظـة الفــراق

،و"لقــاء و فــراق" إذ طــابق الشـاعر بــني لفظـيت "بــرد وحـر" ،ذلـك إال تفكــر أيـام اللقــاء وتـذكر حالو�ــا

ومــن ،عماله للتطــابق يف نصوصـه الشــعريةولعـل ابــن عبـاد جعــل املتلقــي يشـاركه عواطفــه مــن خـالل اســت

أمثلة الطباق أيضا قول ابن محديس :

يـــــــائ ــــــس ــــوإم تبل بالدمع إصباحي رت ــــــظ ـــــن هذه عيني التي هذه،يا

.08ص،الديوان ،ابن عباد1

.26ص،ن الديوا،ابن محديس 2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

93

اسقم من مقلتيك كساني ناظري

ة ــــي ــاح ــــم واء ـــــــنألوكل جدب له ا

ه ـــــضاء ب ـــــت ــــســـــــي إني لجمر وفاء

اء ـــــــــــي ــــــأف د ــــعــــفما لجسمي فيء ب

وائيـــــــن أوجدب جسمي ال تمحوه

يـــائ ـــــف ـــــــــــــإط نت بالغدر تختارينأو

ف الطبــاق غــري مــرة يف أبياتــه هاتــه ل هــذه األبيــات أن ابــن محــديس قــد وظــفــاملالحظ مــن خــال

الـذي يريــد ،حيــث اسـتفاد مــن هـذا التوظيــف يف وصـف وجدانــه احلـزين جــراء الشـوق والعتــاب ،األربـع

د الــذي لقيــه بعـــد مســـاء" يف حــال احلــزن الشــدياإلصــباح واإلفاســتعمل لفظــيت " ،هأن يبعثــه إىل حمبوبتــ

ملعشـوقته إال أنـه قوبـل بالغـدر فـرغم وفائـه ،فال يزال دمع عينه يبـل عينـه صـباح مسـاء ،جفاء حمبوبته له

وقــد اســتعمل الشــاعر ايضــا يف هاتــه االبيــات النــوع ،الــذي يطفــئ نــور احلــب والوجــد بينــه وبــني حبيبــه

اعل إال أنه فرغم أن لفظ ماحية اسم فالثاين من الطباق وهو طباق السلب يف قوله "ماحية ال متحوه"

، فعــرب بطبــاق نحــاة، ألن اســم الفاعــل يعمــل عمــل فعلــه كمــا هــو مقــرر عنــد الحيمــل معــىن الفعــل حمــى

وترجــع إىل سـابق عهــدها تلـنيالسـلب علـى قوتــه وقدرتـه علــى الصـرب والتجلــد لفـراق حمبوبتـه عســى أن

.به

ومن أمثلة ذلك أيضا قول ابن زيدون :

يس يمنىأملوا ما ل

وتمنوا أن يخون ال

م ــــــفإذا الغيب سلي

ون ـــورجوا ما ال يك

عهد موال ال يخون

1ون ـــــــوإذا الود مص

قيمــة نيال خيــون" حيــث كونــت عالقــة الطبــاق يف البيتــ،"خــانيف حيــث جلــأ اىل طبــاق الســلب

ملهم يف فراقه حملبوبته الن الود الـذي بينهمـا قـوي استعملها للرد على حساده يف أ ،رائعةمجالية ونغمية

ومـن خــالل هــذا اجلـدول ميكــن حصــر عــدد ورود ،فمــا يؤملونــه بعيـد املنــال ألمن يتمنــون احملــالومصـون

اسلوب الطباق يف دواوين أشعار أهم الشعراء األندلسيني يف هذه احلقبة من الزمن :

.304ص،الديوان ،ابن زيدون1

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

94

القصيدة أو المقطوعة الشاعر

08 ابن زيدون

04 بن محديسا

04 ابن عباد

01 ابن خفاجة

الجناس: لثالمطلب الثا

وكــان مــن عناصــر تشــكيل ،وهــو مــن وســائل التعبــري الصــوتية الــيت تنــاثرت يف الشــعر األندلســي

معتمـــدا يف ذلـــك علــى موســـيقاه الناشـــئة مــن عنصـــر التجـــانس بـــني ،النســيج الـــداخلي للـــنص الشــعري

واجلنـاس لـه فائـدة كبـرية علـى السـامع 1رتاكيـب الشـعرية داخـل الـنص احلروف واأللفاظ املتجاورة يف ال

ن الـنفس تستحسـن املكـرر مـن اللفـظ مـع اخـتالف أل ،ملا فيه من استدعاء مليـل السـامع واالصـغاء إليـه

وال ،2وال تكون جمانسة إال إذا ساعد اللفظ املعىن ووازى مصنوعه مطبوعـه مـع مراعـات النظـري ،املعىن

، ولـذلك ن بـاللفظ وحـده مل يكـن فيـه مستحسـنألنـه لـو كـا ،ت املعىن فيـه قبـل اللفـظوال بد من مراعا

"اللفظـني" مـن يذكر عبد القاهر يف أسرار البالغة أن اجلناس ال يستحسـن إال إذا كـان موقـع معنييهمـا

ومن خالل تتبعي وحبثي يف دواوين الشعراء األندلسيني يف عصر الطوائف رأيـت ،3العقل موقعا محيدا

دخلوهـا يف أشـعارهم علـى اخـتالف يف أف ،أ�م مل يغفلوا هذه القيمة اجلمالية اليت تـزين أشـعارهمرأيت

االستعمال بينهم فمنهم مكثر ومنهم مقل من االستعمال وإن كانت املالحظة اليت توصلت إليها بعـد

وهــــو أمــــر ،هــــذه الظــــاهرة البالغيــــة البديعــــة اســــتعمالالقــــراءة الدقيقــــة ألهــــم دواويــــنهم اين رأيــــت قلــــة

وهـذا ميـزة مجاليـة تـدل علـى متكـن الشـاعر ،4مستحسن يف كالم العرب كما ذكر عبد القاهر اجلرجاين

ومــن شــواهد ذلــك قــول والدة بنــت املســتكفي ،األندلسـي مــن أدواتــه الشــعرية وبعــده عــن كــل مــا يعيبــه

: وهي تتغزل بأيب الوليد ابن زيدون

.354ص،القيم اجلمالية ،آزاد الباجالين1

.325ص م،2003،ه1424 ،املكتبة العصرية،جواهر البالغة ،أمحد اهلامشي 2

.14ص،املكتبة التوفيقية،حتقيق حممد رشيد رضا،أسرار البالغة،عبد القاهر اجلرجاين 3

.14ص،غة أسرار البال ،عبد القاهر اجلرجاينينظر 4

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

95

ىـــــل ـــع راق ـــــــعــــــــفشنفونا بألحان ال

نـرىفعن قريب على رغم الرقيب

ويشجيناميل السماع بما يصبي

1ناــــــــــــــيــــي ـــح ــــي ـــــــــف ا ين ي ح أبا الوليد ي

ــــاس النــــاقس يف لفظــــيت "حييينــــا ــــت املســــتكفي وظفــــت اجلن ــــرى يف هــــذه األبيــــات أن والدة بن فن

وقـــد صـــنعت �ـــذا ،يقيا رائعـــا جيـــذب الســـامع وجيعلـــه يشـــد انتباهـــهلتصـــنع بـــذلك جـــوا موســـ ،فيحيينـــا"

وتقـول يف موضـع آخـر وهـي ،التجنيس صورة ذهنية بديعة إذ تكفي حتيتا من ابن زيدون حلياة الشـاعرة

تتوق إىل لقاء حمبو�ا :

كامن أثرت وجدي وكان

ن ــــــواك ـــس ـــالفأي شئ له

ن ي م ر ي غ ن ي م ب ل ت ع ر و

2ن ـــيـــــــتحركت بعد طول ب

وى بعد التقائها بـابن هحب و تذكر ما وقعت فيه من فأنت تالحظ أيها القارئ هنا أن الشاعرة

ن والدة استعملت يف آخر البيتني لفظتني متجانستني "بني ومني"وأنت ترى أزيدون،

كـالم حيـتكم إىل املـوازين املوسـيقية وحنن نعلم أن الشعر بطبيعتـه هـو ،مما أثرى موسيقى املقطوعة

ومــع ذلــك مل تكتفــي والدة بــالوزن الشــعري وال بالقافيــة املوحــدة وإمنــا ،كمــا ذكــر عنــد علمــاء العــروض

ليضــفي علــى القصــيدة جــوا زادت علــى ذلــك عنصــرا بــديعا أال وهــو التجنــيس بــني لفظــيت "بــني ومــني"

وك والشــعراء كانــت تعــج بغنــاء الغيــد جمــالس امللــوقــد علمنــا مــن كتــب تــواريخ األنــدلس أن ،يائنغميـا غنا

لقصــر مقاطعهــا الصــوتية مــع احتوائهــا علــى ،وهــذه مقطوعــة مــن املقطوعــات الغنائيــة اجلميلــة ،احلســان

عناصر ابداعية أخرى مثل التجنيس .

اللبانة:ومن ذلك أيضا قول ابن

معنت فؤادي معنى بلحسان

رقة ولي نفس يخفى ويخفت

ت ـــــؤق ــــــــم قى في النصابيوكل مو

1 وأخفت ولكن جسمي منه أخفى

.34ص،الوزير ابن زيدون مع والدة بنت املستكفي ،إبراهيم األحدب1

.38ص،الوزير ابن زيدون مع والدة بنت املستكفي ،إبراهيم األحدب2

المستــوى اإليقاعي : يـانـــثــل الــصـــفـــال

96

فابن اللبانة يف هذه األبيات نراه يستعمل التجنيس أكثر مـن مـرة ممـا أضـفى علـى القصـيدة نغمـا

الشـــاعر هـــذا اســـتثمرحيـــث ،و"خيفـــى وخيفـــت" و"أخفـــى وأخفـــت" تصـــاعديا بـــني "املعـــىن واملعنـــت"

اشئ من عالقات التآلف بني عنصري اجلناس داال ومدلوال ليلفت انتباه املتلقي .الرتتيب املوسيقي الن

ومن أمثلة ذلك ايضا قول ابن محديس :

أن يا جنتي ما كنت أحسب

رة ــــــــــــب ــــخ ـــم ك ــــــــــنـــهللا عين م

منك ة يع ط ق يم ح ى ج ل ص أ

2ك ـــــــن ــــــع عني بكل سريرة

فكأنـــه أصـــاله اجلحـــيم ،فــابن محـــديس خيـــرب يف هـــذه األبيـــات عـــن عظـــيم وقـــع اهلجـــر علـــى قلبـــه

ومـــا يالحـــظ يف آخـــر البيتـــني هـــو اســـتعمال الشـــاعر ألســـلوب ،وأحـــرق قلبـــه حزنـــا وكمـــدا علـــى البعـــد

الداللـة لكــل منهمـا إذ جنــد تكمــن يف اخـتالف والقيمــة اجلماليـة ،"عنـك ومنـك" التجنـيس بـني لفظــيت

هنــاك بونــا شاســعا بــني اللفظتــني فــاألوىل تعــين أن اجلحــيم الــذي وجــده يف نفســه إمنــا كــان مــن بعــد ان

. البعدبدوام حبها له رغم ما جيده من نار وال يربد ذلك إال مساع نوايا حمبوبته ،حمبوبه

:هرة يف دواوين أهم شعراء األندلسوهذا جدول ميكن من خالله ما وجدته بعد تتبع هذه الظا

القصيدة أو المقطوعة شاعرال

06 والدة بنت املستكفي

03 ابن زيدون

03 ابن محديس

13 ابن خفاجة

.35ص،الديوان ،ابن اللبانة 1

.344ص،الديوان ،ابن محديس2

الفصل الثالث

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

98

مستوى الصورة.: لثالثالفصل ا

تمهيد

الصورة الفنية .: المبحث االول

التشبيه.: المطلب األول

المطلب الثانى: اإلستعارة.

المطلب الثالث: الكناية.

.الصورة الحسية المبحث الثانى:

.المطلب األول: الصورة البصرية

.: الصورة الشمسيةيالمطلب الثان

.لمطلب الثالث: الصورة الذوقيةا

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

99

.مستوى الصورة: تالثالفصل ال

: تمهيد

لغــة الشــعر ، إذ أناليكتمــل إال بالفصــاحة والبيــان الشــك أن مجــال األســلوب يف الشــعر خاصــة،

ردات ورســم ، فهـي تشـكل ســعيا حثيثـا وراء املطلـق الالمتنــاهي، مـن خـالل شــحن املفـتنـأى عـن الســطحية

وعواملهـا متوجهـا ، ضمن إيقاع خـاص يفسـر حركيـة الـنفس يفاستدعاء األسطورة وتكثيف الداللةالصورة و

، كما تستند يف حيويتها على اإلنزياح يف أمجـل صـورة بالغيـة ومجاليـة، هـذا اإلنسـجام بـني مضةالباطنة الغا

، إلزالـة الغمـوض عـن املرسـل سكة العالقةواضحة متماالرتاكيب املتباعدة املضمرة ينظمها املرسل يف صور

، وال يتأتى ذلك للشـاعر إال إذا كـان واسـع اإلدراك ويثبت فيها التشخيص إليه يف رسالة يتناثر فيها اخليال

، فـاألول يؤلـف التصـوير ، فالبـاث واملتلقـي متـاقبالن يفتتبع ما نطـق بـهوله دراية شاملة تبعث املتلقي على

ن التأليف يقتضي جتربة واسعة ومعرفة دقيقة خببايا اللغة حىت يتسىن إخراج أزواج من ، وإذا كاحيللل والثاين

فـإن املتلقـي يف حاجـة إىل أن جيـد اجلمـع بـني املوصـوف والصـورة يف مسـتوى مـن ، الصور البالغيـة الواصـفة

تظهـر إال مــن فعمليـة االبــداع ال،1التوفيـق الحيتـاج بعــده إىل كبـري اجتهــاد للوقـوف علــى أبعـاده املقصــودة

، خـالل الصـياغة والتصـوير ولـذلك اهـتم علمـاء البالغـة يف وقـت متقـدم جـدا �ـذا اجلانـب االبـداعي املهــم

وتكلــم اجلرجــاين يف 2فجعــل اجلــاحظ الشــعر جــنس مــن التصــوير الفــين الــيت توضــع فيهــا القوالــب اللغويــة

لــدى امتكلمــني معــربا عــن ذلــك ع دالئــل اإلعجــاز كالمــا طــويال فصــل فيــه هــذا اجلانــب املهــم مــن االبــدا

وأن سـبيل املعـىن الـذي يعـرب عنـه سـبيل الشـئء ، "ومعلوم ان سبيل الكالم سبيل التصوير والصياغة :بقوله

فكمــا أن حمــاال إذ أنــت ، الــذي يقــع التصــوير والصــوغ فيــه كالفضــة والــذهب يصــاغ منهمــا خــامت أو ســوار

ه أن تنظـر إىل الفضـة احلاملـة لتلـك الصـورة أو الـذهب أردت النظر يف صوغ اخلامت ويف جودة العمـل وردائتـ

كـذلك حمـال إذا اردت ان تعـرف مكـان والفضـل واملزيـة مـن الكـالم ، وتلـك الصـنعة، الذي وقـع فيـه العمـل

وكمـا لــو فضـلنا خامتــا علــى خـامت ،بــان تكـون فضــة هنـا أجــود أو فصــه ، يف الكـالم أن تنظــر يف جمـرد معنــاه

كـذلك ينبغـي إذا فضـلنا بيتـا علـى بيـت مـن أجـل معنـاه ، حيـث هـو خـامت انفس،مل يكن ذلك تفضيال مـن

.142خصائص األسلوب ،ص اهلادي الطرابلسي ، 1

.132ص 3 مجمكتبة مصطفى احلليب وأوالده مبصر ،، حتقيق عبد السالم هاروناحليوان ،، اجلاحظ2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

100

فاجلرجــاين رمحــه اهللا يقــرر مــن ، 1أن ال يكــون تفضــيال لــه مــن حيــث هــو شــعر وكــالم وهــذا قــاطع فاعرفــه "

وهو هذه القوالب التصويرية اليت وضع ، خالل هذا الكالم النفيس قاعدة مهمة يف التمييز بني شعر وغريه

فكـــذلك ظــرت يف املـــادة اخلــام احلاملــة لــه فكمــا أن اخلـــامت ال يعتــرب خامتــا جيــدا إال ن، الشــاعرفيهــا كــالم

بفضـلها يصـل الشـاعر إىل إذ الشعر ال ميى شـعرا بـأمت معـىن الكلمـة إال إذا نظـر يف املعـاين الـيت صـيغ فيهـا،

بـني املـادة واحللـم واخليـال وما بـني احملسـوس والعاطفـة ومـا، تثبيت العالقات اليت تصل بني األشياء والفكر

و�ـذا تكـون الصـورة الشـعرية ، مـرين متباعـدين قلـيال أو كثـرياوالصور تتوالد من املقارنة بـني أ، اليت يتجاوزها

الشـعر الوجـداين خصصـت هـذا الفصـل لدراسـة الصـور الفنيـة يف ولـذلك، من اهم مالمح القصيدة العربية

اللغـة الـيت أراد أن يبـث مـن ، و لـة الشـاعر النفسـيةتوفيـق بـني حاحمـاوال بـذلك ال، األندلسي كما ذكـرت آنفـا

ذلــك أن هــدف التحليــل األســلويب، كمــا عرفنــا ممــا ســبق معظــم القصــائد غزليــةباعتبــار أن وجدانــهخالهلــا

، ال يقتصـــر علـــى جمـــرد حصـــرها وتعـــدادها يف الـــنص األديب، بـــل ال بـــد أن يبـــني احلـــديث للصـــور البالغيـــة

ا التوظيـــف أحـــدمه :ى مظهـــرينكشـــف عـــن عالئقهـــا املتناغمـــة أو املتنـــافرة بـــالرتكيز علـــأوضـــاعها احملـــددة وي

.2، واآلخر دورها يف تكوين بنيتهوقياس مداه ووصفه ،البالغي هلذه األشكال

.254ص ، دالئل االعجاز عبد القاهر اجلرجاين ، 1

.294ص، علم األسلوبصالح فضل ، 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

101

المبحث األول :الصورة الفنية.

المطلب األول:التشبيه .

شـــرح ناولـــه علمـــاء البالغـــة واســـتطردوا يف، ولـــذلك تالبالغـــة العربيـــة التشـــبيه أحـــد ألـــوان البيـــان يف

ن التشـبيه فــن ، وبيـان مــواطن احلسـن منـه، ذلــك أرصــد القـيم اجلماليـة لــه ، وتعمـق كثــري مـنهم يفتقسـيماته

تـدرك بـاحلواس أو ، إذ يدل على دقة مالحظة األشياء سواء كانت من املاديـات الـيتمجيل من فنون القول

أنواع التصوير اطرادا يف كالم البشر عامة املسموع واملقروء علـى حـد ، كما أنه يعد من أبرزمن املعنويات

، ومـع ذلـك فإنـه مل يفقـد قيمتـه 1وهـو بـاب كانـه ال آخـر لـه "، كثـريالتشـبيه ": قال املربد رمحه اهللا ، سواء

العقــالء علــم أن التشـبيه ممــا اتفـق ا":اإليضـاح قـال القــزويين يف الفنيـة الســامية بسـبب اطــراده وسـهوله بنائــه،

علــى شــرف قــدره وفخامــة أمــره يف فــن البالغــة وأن تعقيــب املعــاين بــه الســيما قســم التمثيــل منــه يضــاعف

. 2"إىل املقصود �ا مدحا كانت أو ذما أو افتخارا أو غري ذلكحتريك النفوس قواها يف

املثـل : وكـأمري بالكسـر والتحريـك: الشـبه": الفريوزأبـاديقـال ، ويقصد بالتشـبية يف اللغـة التمثيـل -

أمـا يف اصـطالح ، 3" واجلمع أشـباه ، مثله : ماثله .... وشبهه إياه وبه تشبيها: ج أشباه وشا�ه وأشبهه

،وهــاهــو بيــان أن شــيئا أو أشــياء شــاركت غريهـا يف صــفة أو أكثــر بــأداة هــي الكــاف أو حن«ل البالغــة :أهـ

العلـم «لـك: كقو ،4"ه وأداة التشـبيه ووجـه الشـبه املشبه واملشبه به ويسـميان طـريف التشـبي :وله أربعة أركان

والكاف أداة التشبيه . ، فالعلم مشبه والنور مشبه به ،واهلداية وجه الشبه »كالنور يف اهلداية

يات التصــوير الفــين نــه املســتوى األول مــن مســتبيه وكثرتــه كمــا ذكــر املــربد إىل كو ويرجــع شــيوع التشــ

وهذا ما حـدث فعـال ، ون األكثر شيوعا من حيث التطبيق والتنظريهلذا كان منطق التدرج يقتضي أن يك،

لــذا كــان عمــود الصــورة يف ، ، ومبــا ان التشــبيه ينســجم مــع فلســفة العــرب اجلماليــةتــاريخ الفكــر البالغــي يف

.85ص 2ج م،2002ه،1423مكتبة املعارف،،الكامل يف اللغة واألدب ، أبو العباس املربد1

.136ص ، فتحي السيد ،املكتبة التوفيقية، االيضاح القزويين ، 2

.1148ص :القاموس احمليطالفريوز أبادي ، 3

.219ص ، جواهر البالغة أمحد اهلامشي ، 4

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

102

ــةال جيعلهــــا تــــدور يف فلــــك الصــــفات احلســــية أو الذهنيــــة ، فالشــــاعر يف بنــــاء صــــورته تلــــك1نظريــــة االبداعيــ

فيحـاول تأويلهـا إىل منطقـة ، جتمع بني األشياء املتباعدة وتصل إىل عقل املبدع من دون عناءاملشرتكة اليت

فتنتقل الصورة التشبيهية من عقل املبدع إىل عقل املتلقي ، اخليال الشعري اليت تقوم بتقدمي الصورة الشعرية

. 2بوساطة قراءة خاصة �ذا األسلوب

ندلسيني وجد�م كثريا ما يستندون إىل هذه الصورة االبداعيـة يف دواوين أهم الشعراء األ قراءةوبعد

أداة التشــبيه يف تكــوين الصــورة البيانيــة وقــد كــان معتمــدين يف الغالــب مــن ذلــك علــى ، املتمثلــة يف التشــبيه

وكان ذلك مبثابة املنبه الرئيس الـذي جيعـل املتلقـي مسـتعدا السـتقبال الصـورة ، الكافالنصيب الوافر ألداة

ابــن كقــول ، عــن قــوة التماســك الــيت متــنح الــنص مــن خــالل تقويــة العالقــة الرابطــة بــني طــريف التشــبيهفضــال

احلداد يف حب نويرة :

ــــقى ـ وكل قس مظهر للــتـ

وعينه تسرح في عينهم

وأي مرء سالم من هوى

ــــات ــ ـــــ بـــآي انــــصـــات وإخــــب

ات كالذئب يبغي فرس نـعج

3وقد رأى تلك الــــظــبـــيـــبـــات

حيـث يتحـدث عـن مـدى متكـن حـب نـويرة ، بديعة مـن خـالل هـذه االبيـاتإن الشاعر قدم صورة

فيــأيت بصــورة القــس الــذي يصــلي �ــم يــوم العيــد وهــو خاشــع خمبــت والنــاس ، مــن قلبــه وهــي فتــاة نصــرانية

ه ذلــك القيــام بواجباتــه وكأنــه ذئــب يريــد أن يوقــع أنســا، منصــتون ومــع ذلــك ملــا وقعــت عينــه علــى اجلمــال

مث يعـذر القـس علـى فعلتـه ألن ألن هـؤالء مبحاسـنهن يسـتدرجن قلـب اخللـي مـن ، بنعجة من نعاج القطيـه

مدى حبه هلا رغم اختالف الديانة بأبيات من قافية النون حيث يقول :ويبني ، اهلوى ويهيجنه

.309ص ، القيم اجلمالية آزاد الباجالين ، 1

.170ص ، البناء الفين ، سالم الفالحي2

.158الدیوان ، ص 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

103

ــــام ــــن المسيحيات لـــي س ــي ـــة ــــريـ وبـ

ــــا ــه ــنــ ــد اهللا حــــســـ ـــد وحـ مثـلـــثـــة قــ

وطي الخمار الجون حسن كأنما

بعيد على الصب الحنيفي أن تدنوا

ــــــحــــز فثني في ق ن لبي بها الوجد وال

ــــن ـــــتدج 1تجمع فيه البدر واللــــيـــل ال

ويقــدم لنــا صــورة عــن ، الل هــذه االبيــات مــدى متكــن صــبابته بنــويرة مــن قلبــهيشــرح الشــاعر مــن خــ

مث تدخل االسالم رغم انه بعيـد عنهـا حىت إنه ليتمىن هلا ان ، ديانتها مقرونة مبا جيده يف نفسه من اهلوى

الـذي هـو الوجـد واحلـزن آخـذا هـذه الصـورة مـن ديانتهـا يتالعب بااللفاظ فيجعل حسنها واحد من ثالثـة

لتأيت الصورة املقصودة يف البيـت الثالـث الـيت ، املسيحية اليت هي ديانة التثليث كما هو مقرر عند النصارى

ومـن ذلـك مسـتعينا يف ذلـك بـأداة التشـبيه الكـاف ، جعل فيها حمبوبتـه كالبـدر وشـعرها الـداكن مبثابـة الليـل

: أيضا قول ابن خفاجة

تجافت بها عنا الحوادث بـرهة

ـــــــس وغازلنا جف ــ ــرج ــ ــــن ن هناك كـ

ـــتــــه ــب ــل للتصابي ســـحـــ ــــ فلله ذي

ــوة وحــبــيــــب ـــهـ وقد ساعدتنا قــ

ـــــب ـــــــي ـــنـ ــ ـــوان ش ومبتسم لألقحـــ

2وعيش بأطرف الشباب رطيب

وهــو يف غمرتــه مســليا ، بــه ةن احمليطــالزمــاجملــس أنســه وهلــوه الــذي أنســاه حــوادث يصــف فالشــاعر

مث يصـف لنـا مـدى مغازلتـه للحبيـب مشـكال بـذلك صـورة ، نفسه مبا عنـده مـن مخـرة وجلـوس احلبيـب معـه

قحوان مــع ريقــة عذبــة يفــوح بــاال مبســمه و ، فجفــن معشــوقه يشــبه الــورد"النرجس"، بديعــة مــن أرع الصــور

فان وكذلك االقحةان للثغر اجلميـل وقـد تكـرر ذلـك وكثريا ما يشبه أو يستعار النرجس لألج، ومجال تبسم

عند ابن خفاجة أكثر من مرة ومن ذلك قوله :

.256الدیوان ، ص 1

.336الدیوان ، ص 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

104

ــــــنا ــيـــنــــــ ــمـــدام وبــ ـــا ال ـــنـ ــــل تـــــعـــــاطـــــــيـ ولــــــي

ــــــ ـــحـــ ف ـــ ـــــبــــق نـ ــــعــ ــــأس يــــ ــة نــــعـــاوده والـــــكــ ـ

ـــى ــطــــل ــوســــن الــ ــر أو سـ ــغـ ـــث ونقلي أقاح ال

إلى أن سرت في جسمه الكأس والكرى

حديث كما هب النسيم على الورد

ـبــدي ـــيــد ومــا نـ ــعـ ــا نــــ وأطيب منه مــ

ونرجسة األجــفــان، أو وردة الـــــخــد

1ــضــــــديوماالبعطفيه فمال على عــــــ

فهـو يف غمـرة بـني نشـوة ، ويف هذه االبيات أيضا يصـف ابـن خفاجـة جملـس أنسـه وهلـوه مـع حمبوبتـه

ـــالريق العـــذب واالجفـــان احللـــوة ـــه ســـكران مـــرة بـــاخلمرة ومـــرة ب الســـكر والتمتـــع بأحاديـــث احلبيـــب وكـــأن ل

بني حمبوبه كهبوب اهلواء اللطيـف يشبه احلديث الذي دار بينه و ونرى الشاعر ، واخلدود املشبعة بلون الورد

يســتعري يف االبيــاتو ، اخلفيــف علــى الــورد فيحركهــا تــارة مينــة وتــارة يســرة وهــي تتمايــل اســتجابة للطافتــه

وتـردد هـذا االبيات السـابقة يف بـاب التشـبيه وهذا مافعله يف ،األقاح للثغر والنرجس لألجفان والورد للخد

التشبيه عند ابن محديس يف قوله :

سان تدير بسحر الهوىح

طوال الفروع قصار الخطا

ــــــــــث تطيب أفواههن الحدي

كما مر بالورد واألقحوان

عيون المها في وجوه البــــدور

ثقال الروادف هيف الخصور

ــــــغور ـــ بحمر الشفاه وبيض الـــثــ

ــعـــبـــيـــ ــريـــــــا ال 2ـر نسيم مشوب بـــ

طويلـة يف أطرافهـا، فيصف ابن محديس احلسان اليت سحرته �واها كأن نورها ومجاهلـا بـدر لـه عينـان

حــىت يصــل إىل البيــت األخــري الــذي يشــبه �ــا حــديثهن بالنســيم اللطيــف الــذي ميــر علــى الــورد واألقحــوان

ليتفوح �ا بعد ذلك عند مشتنشقها .فيحمل من العنرب والريح الطيبة ما حيمل

.347الدیوان ، ص 1

.264الدیوان ، ص 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

105

ةتكمـــن مجاليـــة وكثـــرة ، وكـــذلك يـــأيت حـــرف الكـــاف مـــع أن يف تكـــوين الصـــورة مـــن خـــالل التشـــبيه

يف عملية التشبيه لكو�ا أخف األدوات نطقا وأسرعها حركة مما يسمح له ، استعمال هذا احلرف"الكاف"

بإلقاء وتكوين صورة إنسيابية ومن ذلك قول ابن محديس :

ـــــــــاولــمــا تـــالقــيـــنــا وأثــ ــنـــدهـ ــت عـ ـبــ

ــواق أذرع خلعنا على ا ألجــيــــاد أطـــ

ــنــنــا ــل الحــــم بــي ـــوصـ كأن عناق الــ

تاني الصبح ذبت ولم تذب ولما أ

نحولي وتبريحي من الحب ما عندي

ــرد ـــ ـــــ ـــســــد ف ـــي جـ كأن لنا روحــــــين فــــ

ـــــديب ــــ ـــري ومــــن وجـ ريح ونار من زفــي

1 فيالك من شوق خصصت به وحدي

ــبيها ــة واحليويــــة مــــن خــــالل التشــ ــورة مفعمــــة باحلركــ هلقــــاء �ــــا صــــفت الــــيت يإن الشــــاعر يقــــدم صــ

فيشــبه عناقهمــا والتفــاف اذرعهمــا بااللتحــام الــذي جعــل جســديهما جســدا واحــدا لــه روحــني مبعشــوقته،

ومـا نالحظـه يف هاتـه االبيـات تـردد ، مجعهما فكر واحد وصبابة واحـدة من حرارة الشوق والوجد خمتلفتني

. 2وهذا من التشبيهات املرسلة كما يقرر أهل البالغة"كأن" يف تشكيل الصورة

ومن ذلك أيضا ما ذكره أبو بكر بن عمار يف وصف حمبوبته :

ــافــتــاة غــذاهـــا الـــحــســن كــأنــم ــ ــ

ــد فــعــيــن كــمــا عــن المها ومـــقـــلـــ

ه وردف كما انهال الكثيب يضم

هي الحسن أو إلف أليه حبيب

ــب ـــــ ـــــــي كما ارتاع ظبي بالفالة رب

3وشاح كما غنى الحمام طروب

ــن مـــرة يف هاتـــه االبيـــات ــبيه منهـــا علـــى معتمـــد، فنـــرى الشـــاعر يكـــرر التشـــبيه أكثـــر مـ ا يف كـــل تشـ

ففـي البيـت ، مستلهما فيها بصورة الطبية والكثيب واملهـا، "الكاف"اليت هي األصل يف التشبيه عند العرب

يف داللـة علــى ، ويـردف بعــد ذلـك "أو" لتشــكيك فقـال :"أو إلــف أليـه حبيــب"األول يشـبه فتاتـه باحلســن

.132الدیوان ، ص 1

.236ص، جواهر البالغة ، يأمحد اهلامش 2

.132الدیوان ، ص 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

106

يــأيت يف البيــت الثــاين للتفصــيل يف تصــوير مث، حــىت مانــت هــي احلســن او اقــرب منهــا، صــفة احلســن فيهــا

، أل�ـا مـن أمجـل العيـون الـيت تشـبه �ـا عـني املـرأة وأخـذ مـن الظبـاء جيـدها، عينهـااحلبيب فأخـذ مـن املهـاة

علي ابن اجلهم :ومن ذلك قول ،من التشبيهات املعروفة عند العرب قدميا وهو

1ير د أ ال من حيث أدري و جلبن الهوى ـر س الج عيون المها بين الرصافـة و

فبدت عيناها وظهر جيـدها ، هذه الفتاة وروعة مجاهلا حملتوهو بذلك يريد أن يصف نظرة عارضة

وقــد أكثــر األندلســيون ، ا العــريب منــذ بدايــة الشــعركأمجــل مــا يظهــران وهــذه مــن امجــل الصــور الــيت ســجله

ومــن ذلــك قــول محدونــة بنــت زيــاد -املهــاةو�ــا بوعي الظيببــ تشــبيه املــرأة–أنفســهم مــن إيــراد هــذه املعــاين

املؤدب :

ــــس ومن بين الظباء مهاة إن

ــــر ــــده ألم ـــا لـــحظ تـــرقــ لــــهـ

هــــا إذا سدلت ذوائبها عـلــيـ

كان الصبح مات له شقيق

ـــــؤادي لها لبي وقد ملكت فـــــ

ــ ــ ــــاديوذاك األمر يمنعني رقــــ

رأيت البدر في جنح الدآدي

ـــداد ـــحـــــ ــال 2فمن حزن تسربل بـ

فنراهــا يف هــذه األبيــات تشــبه الصــبية الــيت كانــت معهــا بالظبيــة هلــا عينــان مجيلتــان مثــل عيــين املهــاة

فلمـا ،هـا يف صـبية ذهبـت معهـا إىل الـواديوقد ذكر يف سبب هذه األبيـات أ�ـا قالت، أخذب لبها وفؤادها

أعجبها حسنها ومجاهلا فنظمت االبيات املذكورة .3نضت عن ثيا�ا وعامت

.132الدیوان ، ص 1

.288نفح الطیب ، ص 2

.287ص،04مج، املقري التلمساين ،نفح الطيب 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

107

وقد يلجأ الشاعر االندلسي إىل التشبيهات البيلغة ومن ذلك قول ابن خفاجة :

ـــ ــــالهـ ــــظــاــي الظبي طرفا أحورا وم ح

أفاضت على عطف الكثيب مالءة

عــا ونفارامراضا، وجـــيـــدا أتـــلــــ

1ولفت على ظهر الكثيب إزارا

داة يف هـــذه االبيـــات يـــأيت مبجموعـــة مـــن التشـــبيهات البليغـــة حبيـــث حيــــذف األ فنـــرى ابـــن خفاجـــة

ا وهــي أشــد مــا تكــون يف حالــة فتورهــ املالحــظوخيــص مــن ذلــك ، يف شــدة مجاهلــا ةظبيــكالفيجعــل حمبوبتــه

رب ولذلك قال الشاعر :عند الع من التشبيهات املعروفةهذا فاتنة

ـــن ـــطرف فـــاتـــر فـــات ــوي تـــــرنــــو إلـــي بـ ــعف من حجة نـــحـ 2أضـــ

واجليــد كمــا هــو معــروف أفــنت مــا ، وكــذلك خــص مــن الظبيــة جيــدها أثنــاء رفــع رأســها عنــد النفــار

ويعـين بـذلك طولــه فـع الــرأسولكـن الشــاعر مـع ذلـك خــص أخـذه هـذا املعــىن يف حالـة ر ، يكـون يف اجلاريـة

وهــو مــا يكــون أشــد ظهــورا مــع احلســن واجلمــال ويف حالــة الــذعر والنفــور، وكأنــه يريــد أن يقــول أن وكــربه

وهـذا التشــبيه ، النظـرة الـيت وقعــت علـى حمبوبــه كانـت نظـرة خاطفــة حبيـث رأت أمجــل مـا يكـون يف معشــوقه

،الصـفة يف املشـبه شـبه بـه دون اداه ليـدل علـى قـوةمن التشبيهات املؤكدة أضاف فيه الشاعر املشبه إىل امل

قول ابن زيدون :، التشبيهات البليغة اليت تدل على متكن اهلوى من أنفسهم ومن

ـــري ـــقـ ــمــت ــنـــة الـ ـــتـ يا ف

نت تـوارت الشمس أ

ما البدر، شف سناه

ــــا إال كــوجـــهــــك لـــم

ــة الــمــت ـــصابــيوحـــجـ

عن تظري بالحجاب

ــيــق ســــحـــاب على رقـ

3أضاء تحــــــت النـقاب

.132الدیوان ، ص 1

.132الدیوان ، ص 2

.30الدیوان ، ص 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

108

فكـذلك نــور ، فـابن زيــدون يشـبه حمبوبتــه يف هـذه االبيــات بالشـمس يف النــور الـيت تشــعه علـى الــدنيا

قـد تــوارى عنــه وجههــا نــوررغــم أن هـذ ، بة الــيت متكنـت منــهوجـه احملبــوب يسـعد قلبــه ويشــعره حبـرارة الصــبا

وهـــذا مـــن أبـــدع التشـــبيهات وهـــو تشـــبيه ، مـــازل يضـــيء كالبـــدر خلـــف الســـحابورغـــم ذلـــك باحلجـــاب

مقلوب، حيث نرى ان الشاعر يشبه ظهور نور الـربد خلـف السـحاب الرقيـق كوجـه احملبـوب اجلميـل الـذي

ألداة الـيت تـدل أن ابـن زيـدون حـذف اوما يالحظه قـارئ هـذه االبيـات ، يشع وجهه نورا من حتت النقاب

على التشبيه وهذا ما يسمى عند البالغييني بالتشبيه البليغ .

وقــد حــدثت بينهمــا جمافــاة وبعــد ، دة بنــت املســتكفي حمبوبــة ابــن زيــدونقــول والومــن ذلــك أيضــا

بعدما وقع ابن زيدون يف عشق جاريتها :

نا نـ لو كنت تنصف في الهوى ما بـيـ

ـــ ــــركــــت غــــصـــنـ ا مــثــمــرا بجماله وتـ

ـــلــمت أ ــســمــاولقد عـ ــدر الـ ــــي بـ نـــن

ــتــخــيــر ــتــي ولم ت لم تــهـو جــاري

وجنحت للغصن الذي لم يـثمر

1لكن ولعت لشقوتي بالمشتري

ومـع ذلـك ، ومفاتنـهنالحظ يف هذه االبيات أن والدة تصف نفسها بأ�ا الغصن الذي أمثر جبمالـه

وكــذلك هــي مثــل البــدر علــوا ونــورا ، ابــن زيــدون عنهــا فهــي بــذلك تؤنبــه وتعاتبــه علــى فعلتــه الشــنيعة جــنح

وما نراه يف هذه التشبيهات اليت ساقتها ، ومع ذلك ابن زيدون جينح عنها اىل املشرتي البعيد املظلم، و�اء

التشبيهات البليغة .والدة بنت املستكفي أ�ا من غري أداة وهي من أبدع

: ستعارةالمطلب الثانى: اال

، أل�ـا قـادرة علـى تصـوير األحاسـيس الغـائرة ن أعظم أدوات رسم الصورة الشـعريةتعترب اإلستعارة م

وانتشاهلا وجتسيدها جتسيدا يكشف عن ماهيتها وكنهها، بشكل جيعلنا ننفعـل انفعـاال عميقـا مبـا تنضـوي

واإلسـتعارة يف اللغـة مــن أ�ــا مـن أهـم الوسـائل للحكــم علـى شـاعرية الشــاعر عليـه لـذا يـرى كثــري مـن النقـاد

: هي استعمال اللفظ يف غري مـا وضـع لـه لعالقـة هلم استعار املال إذا طلبه عارية، ويف اصطالح البيانينيقو

.205نفح الطیب ، ص 1

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

109

سـتعارة واال، يفة عـن إرادة املعـىن األصـل، مـع قرينـة صـار ملنقول عنه واملعىن املستعمل فيهاملشا�ة بني املعىن ا

، وأصـلها رأيـت رجـال كاألسـد يف ةليست إال تشـبيها خمتصـرا لكنهـا أبلـغ منـه كقولـك رأيـت أسـدا يف املعركـ

، لتــدل نــة املعركــةوأحلقتــه بقريووجــه الشــبه الشــجاعة ،»الكــاف«، واألداة »رجــال«املعركــة فحــذفت املشــبه

علـم أن اإلسـتعارة يف اجلملـة أن يكـون لفـظ ا « قال عبد القاهر اجلرجاين: 1على أنك تريد الرجل الشجاع

مث يســتعمله الشــاعر أو ، األصـل يف الوضــع اللغــوي معروفـا تــدل الشــواهد علــى أنـه اخــتص بــه حـني الوضــع

ويعتــرب البالغيــون هــذا ، 2 »فيكــون هنــاك كالعاريــة، وينقلــه إليــه نقــال غــري الزم، غــريه يف غــري ذلــك األصــل

فيـه مـن التشـخيص والتجسـيد وبـث احليـاة واحلركـة يف اجلمـادات وتصـوير النوع من أمجل الصور البيانيـة ملـا

، أ�ـا تـربز هـذا البيـان أبـدا يف صـورة اومـن الفضـيلة اجلامعـة فيهـ «قال اجلرجـاين: ، املعنويات يف صورة حية

وهــي عنــوان ومــن خصائصــها الــيت تــذكر �ــاوتوجــب لــه بعــد الفضــل فضــال ...مســتجدة تزيــد قــدره نــبال

ا تعطيك الكثري من املعاين باليسري من اللفظ، حىت ختـرج مـمناقبها، أ ن الصـدفة الواحـدة عـدة مـن الـدرر�

وجتين من الغصن الواحد أنواعا من الثمر، وإذا تأملت أقسام الصنعة اليت �ا يكون الكالم يف حد البالغـة

ــن أن جــــد�ا تفتقــــر إىل أن تعريهــــا حالهــــاومعهــــا يســــتحق وصــــف الرباعــــة، و ،تنازعهــــا مــــداها وتقصــــر عــ

وصـادفتها جنومــا هــي بـدرها، وروضــا هــي زهرهــا وعـرائس مــا مل تعرهــا حليهــا فهـي عواطــل، وكواعــب مــا مل

.3حتسنها فليس هلا يف احلسن حظ كامل

د اسـتعملت فيهـا األلفـاظ يف غـري ومبا أن االستعارة متيزت باخليـال فضـال عـن االغـراق يف املبالغـة فقـ

وهـــي تعتمـــد علـــى التفاعـــل التـــام بـــني طرفيهـــا حبيـــث خييـــل ، لعالقـــة بينهمـــامـــا وضـــعت لـــه يف أصـــل اللغـــة

وقد استطاع الشـاعر االندلسـي ، 4وذلك بإسقاط املشبه من الصورة ، للمتلقي أن املشبه هو نفسه املشبه

وقـــد علـــم مـــن حـــال ، تقـــدمي اســـتعاراته معتمـــدا علـــى اخليـــال لتجســـيد فكرتـــه، مـــن الزمـــان يف هـــذه احلقبـــة

إضــافة إىل مـا متيــز بـه هــذا العصـر _عصــر الطوائـف_ مــن جمــالس ، ا ذات طبيعـة خالبــة مجيلـةاالنـدلس ا�ــ

"وإذا اسـتوىل اللهـو ، كـار فهـذبت منهـا كثـريا مـن األفكـارجذبت إليهـا األف، غناء وهلو وبرفاهية يف املعيشة

.258جواهر البالغة، ص أمحد اهلامشي، 1

.30ص ، أسرار البالغة ىف علم البيانجلرجاين،عبد القاهر ا 2

.40ص ، أسرار البالغة ىف علم البيانعبد القاهر اجلرجاين، 3

.316ص ، القيم اجلمالية يف الشعر االندلسيآزاد الباجالين، 4

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

110

الطبيعــة وانغمسـت يف إدراك أسـرار ومـىت عشـقت اجلمـال مالــت إىل �مـه ، علـى النفـوس عشـقت اجلمــال

فــإذا كانـت النفــوس قــد �ـذبت بــالعلوم والفنـون املختلفــة أدركـت مجــال الكــون ، ومـا فيهــا مـن روعــة وإبـداع

جعـل الشـعراء األندلسـيني هلـم كـل هـذا 1وحبثت عن خفاياه حبث الفيلسـوف عـن احلقـائق"، إدراكا عميقا

ن املعـاين القدميـة املسـتعملة عنـد ومـا اسـتقوه مـ، من حوهلم يف الطبيعةخيال واسع باالعتماد على ما وجد

ــل كـــامرئ القــــيس والـــزهري وغــــريهم ــد الشــــعراء ، الشـــعراء األوائــ وقـــد جــــاءت فنـــون التصــــوير االســـتعاري عنــ

: االندلسيني على نوعني ومها النوعان الذين قررمها علماء البالغة رمحهم اهللا

2دون املشـبه بـه فيهـا بلفـظ املشـبه وقد حـدها علمـاء البالغـة بأ�ـا مـا صـرح: االستعارة التصريحية: أوال

بـــأن تـــأيت صـــوره وانفعاالتـــه عفويـــة ســـريعة دون ، ويكمـــن مجـــال هـــذا النـــوع يف تصـــريح الشـــاعر عمـــا يريـــد

قول املعتمد ابن عباد :وأمثلة ذلك كثرية ومنها ، إخفاءها خلف ا�از مما يعقدها

ـــنـ ــرم الـ ــــوم عـلـــيـــنــا ورقــد حـــ

ــايا هال ال حسن خـــد يـــا رشـ

بودادي لك ، بالشوق الذي

ــــواه ثــــم صـــد ـــهـ وابــــتــــالنـا بــ

غنج لحــظ يا قضيبا لين قد

3في فؤادي ال تدعني للكمد

، ةإن القيمـة اجلماليـة يف هــذه االبيـات تكمــن يف رسـم صـورة احملبــوب عـن طريــق االسـتعارة التصــرحيي

فصـرح بعـدة أوصـاف لـه تـدل علـى اجلمـال والبهـاء الـيت ، حيث أن الشاعر جاء بصورة احملبـوب دون ذكـره

إذ حضــر يف الطــرف الثــاين _املشــبه بــه_ فشــبه مجــال حمبوبتــه بــاهلالل يف حســن ، معشــوقتها مــعليه تكانــ

ات يف هـــذه وقـــد تكـــررت هـــذه التشـــبيه، وبالقضـــيب يف مجـــال قوامهـــا، وبالرشـــا يف غـــنج حلاضـــها، خـــدها

ومــن خــالل التقليــب والقــراءة يف ديــوان ابــن عبــاد ، االبيــات لتــدل علــى قــوة الــرتابط بــني املشــبه واملشــبه بــه

: رأيت ذلك يتكرر كثريا ومن ذلك أيضا قوله

.215ص م،1998دار املعارف للطباعة والنشر ،الطبعة الثانية ، بالغة العرب، أمحد ضيف 1

.40ص ، سرار البالغة ىف علم البيانجاين،أعبد القاهر اجلر 2

.09الدیوان ، ص 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

111

ـــنـــازلــــهـــا يــاظــبـية لــطــفــت مـــنــي مـ

حبي لك الناس طرا يشهدون به

ما بيننا أبـــــــداال يعزب الوصل في

فالقلب منهن واالحداق والكبد

ــســـد و انت شاهدتي إن يثنهم حـ

1لو كنت واجدة مثل الذي أجد

زوجه اعتماد الرمكية يقول :ل هحب يصفوكذلك يف موضع آخر

ــــق ــــــاشــ ــــي ع ـــإن يـــا هــــذه كــفـــي فـ

ن حب اعتماد في الجوانح ساك

ــت فؤاد محمد ـــبــــيـــة ســـلـــبـ يا ظـ

ـــــــــك مــــغــــرم من شك أني هائم ب

ــاذل ــ من ال يرد هواه عــــنـــهــــا عـ

ال القلب ذاق به وال هو راحل

ــــاســــل ــزبـر الــــب ــهـ أولم يروعك الــ

ـــلــي دال ــل فــعــلى هــواك لـــه عـ 2ئـــ

حيـث اعتمـد علـى بوبته بالظبية يف أكثر مـن موضـع يشبه حميف هذه االبيات املعتمد بن عبادفنرى

بـذلك جـار علـى سـنن العـرب يف وهـو، االستعارة التصرحية بذكر املشبه به"الظبية" وحـذف املشـبه"احلبيبة"

الطبيعــة الســاكنة أو املتحركــة احليــة وإمنــا أراد الشــعراء أن يشــبهو مبــا رأوه مــن مســات حســن يف، تشــبيها�ا

فالتقطتها أعـني الشـعراء لتعطـي أمجـل الصـفات يف ، واستشعروا مجال الطبيعة يف أخص األوضاع والصفات

ومن أمثلة ذلك قول ابن احلداد يصف معشوقته :، 3النساء

ــك خـــــافـــــق ـــــلــبـ ــن ق بخافقة القرطـــيــ

غرب ـــر م وفي مشرق الصدغين للبد

ـــاء وســــامـــــة وبين حصى الياقوت مــ

وعن خرس القلبين دمــعــك ناطـق

وللفكر حاالت ولـلــــعــيـن شـــــــارق

ـــس ــظـــباء الـ ـــو محالت عنه الــ ـــاب ـ ـق ـ

.10الدیوان ، ص 1

.23الدیوان ، ص 2

.785ص ، م2012ه،1423يف الشعر األندلسي ،مكتبة وهبة،الطبعة األوىل البدوي فوزية عبد اهللا العقيلي ،االجتاه 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

112

وحشو قباب الرقم أحوى مقرطف

ـــس ــــانـــــ غزال ربيب في المقاصر ك

ــف اط ر الق كما آس روض عطفه و

ــر وارق ـــوط رطـــيــب بــالـغــرائ 1وخـ

يف وصــف نالحــظ مــن خــالل هــذه االبيــات أن ابــن احلــداد نســج جمموعــة رائعــة مــن الصــور البديعــة

وشـــبه أســـنا�ا ، مـــن خلـــف الســـحاب مبشـــرق البـــدر_مجـــال وجههـــا_ حيـــث شـــبه طلتهـــا البهيـــة معشـــوقته

هـا عـذب زالل ولكـن هيهـات أن وريقتها باملـاء العـذب الـزالل وراده مـن ذلـك كلـه أن ثغر ، حبصى الياقوت

ومــا نالحظــه يف كــل ، ، ليعــود يف البيــت األخــري إىل تشــبيهها بــالغزال الكــانس يف مكانــه رقيــق القــديرتشــف

صــور هــذه التشــبيهات أن ابــن احلــداد دائمــا مــا يــأيت باملشــبه بــه وحيــذف املشــبه _معشــوقته_ وهــذا مــن ال

وقـد وصـف حمبوبتـه بعـدة أوصـاف ممـا رآه مـن مجـال مـا حولـه فوصـفها بــالظيب ، اجلميلـة البديعـةاالسـتعارية

، ووصــفها بالغزالــة يف احلســن واجلمــال والرشــاقة، واليعفــور يف حســن أحلاظــه ملــا يتميــز بــه مــن كــرب العينــني

وكذلك بالشمس يف حسن االطاللة واالشراق ومن ذلك قوله :

ــــي ــاف ـــع ــــر ي ـــــفــــــي نــــــد فـــزيـــ ــيـــ ــــه ر ــ ــ ن ــــ

ـــوالشمس شمس الحسن من ب ــــي ـ م ــه ـــن ـ

ــــون ــــاظـ ـــري مــ ــ ـــــخــ اه ـــح ــم ــــس ل ـــلــــــتــ

ــــف ــــحــ ــي عـــ ــــنـ ــــي رشـ ــأ الـ ــم ــ ــــح ـــن ـ ىــــن ـ

يــت ــاب ــبـ ي ضغط ص عني وف

ات ــام ــث ـ لــتحت غمامات ال

ـــــــــات ــع و ــــولمحها يضرم ل يــ

2يــ اتـــ يـــح ــــوإن أبى رجع ت

حيــث أن ممـا يزيــد ، يف هـذه االبيــات نـرى ابــن احلـداد يــأيت مبجموعـة مــن األوصـاف اجلميلــة حملبوبتـه

مث يصـفها بالشـمس ، هية اليت تشبه نظرات اليعافري وهـو صـغري الظـيبولعه �ا وشوقه أليها تلك األحاظ الب

يف حســنها و�ائهــا وقــد احتجبــت باللثــام األبــيض علــى فمهــا، وهــو يف تلــك االثنــاء خيــتلس منهــا نظــرات

.وهو ولد الظبية إذا قوي ومشىمث يعود يف البيت األخري ليشبه حمبوبته بالرشأ ، الشوق

.237الدیوان ، ص 1

.160ص ، الديوان 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

113

: االستعارة المكنية: ثانيا

حــدها الســكاكي يف املفتــاح بأ�ــا :" ذكــر املشــبه ووتريــد بــه املشــبه بــه داال علــى ذلــك بنصــب قرينــة

بدرجـة أوغـل يف العمـق مرجعـه ، وتتميـز االسـتعارة املكنيـة1تنصبها ،وهي ان تضيف إليه شيئا من لوازمه "

طــي مرحلــة إضـــافية يف ممــا يفــرض علــى املتلقــي خت، إىل خفــاء لفــظ املســتعار وحلــول بعــض مالئماتــه حملــه

.2الصورة حقيقة اليت يكتشف خالهلا ، العملية الذهنية

ـــة عنـــد رســـم صـــوره وقـــد أفـــاض الشـــاعر األندلســـي يف هـــذه الفـــرتة يف اســـتخدام االســـتعا رات املكني

، حـىت ليقـف القــارئ منبهـرا أمـام هـذا الكــم اهلائـل مـن الصـور البديعــة املستخلصـة مـن مجـال الطبيعــة الفنيـة

فهذا ابن خفاجة جيعل قرب انتهاء الليل رجال مـال سـكرا ، شوقهم يف كل ما هو مجيل حوهلمفجسدوا مع

يف قوله :

ــيـــرت ف ـــهـــل ســـيـــورب ل ه ـ

ـــ كــ حتى إذا الليل مال س ار ــ

ــدفـــوحام من س اب ر ـــــه غ ــ

ـــب ــــازددت من لوعتي خ اال ـ

اـاب ـ كــأزجر من جنحه ن

اـــ ابــــج ه و ــالـــق سربوش

ااب ـــش ـــ طالت به سنة ف

3ااب ر فحث من غلتي ش

ل افكــذلك حــ،قــرب انقضــاء الليــل بالرجــل الــذي مييــل مــن الســكر شــبهفالشــاعر يف البيــت الثــاين

لريجــع يف البيــت الــذي بعــده ليســند ، الليــل الــذي قــرب انتهــاؤه وتــرك قرينــة تــدل علــى املشــبه بــه "الشــكر"

وتــايت االســتعارات املتضــمنة معــان ، ايــة عــن بــزوغ الفجــر وظهــور أنــوارهســنة والشــيب إىل الليــل وهــذه كنال

أخرى منها االناخة واإلقامة يف سياقات أخرى عند ابن خفاجة وهوبذلك يصف وجدانه وشوقه :

ـــا وخــأم ــد انــال قـيـ ــاخ ف ــ ــلقد هاجني وجد أن اــم ـــل ـــس ـ ـــيـــخ ــــ اخ فـ اــــم ـ

.378ص، املفتاح، السكاكي 1

.166ص ، خصائص االسلوب يف الشوقيات اهلادي الطرابلسي ، 2

.342ص ، الديوان 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

114

ــــالل ـــ بادم ــقــــدا تـــهــوأذكرني ع ىو ــ

ــوحط ق ف ــاك ـــاع الصبر والليل ع ــنـ

ـــوبت وسري راكب ظهر م ــم د ــ ــع ـ يـ

ىـم ـــح ـــالوعصرا خال بين الكثيب و

ــع فأفصح دمع كان باالمس أ ــج ـ ام ــــ

1اـــــم ـــــه ـــــطليق إذا ما انجد الركب ات

فاستعار ابن خفاجة خليـال ، وهي صورة مليئة باالستعارات اليت تصف مدى متكن الصبابة من قلبه

وطــابق بـني املعــىن ، احملبوبـة االقامـة واالناخــة وهـو بــذلك قـد شــبهه باملطيـة الـيت تــركن يف مكا�ـا فــال تتحـرك

ه وجعل دوام اقامة خيـال احملبـوب سـبب يف حيث استعار صفة لوجدان، االول يف الشطر الثاين من البيت

كل هذا جعله يستعري صفة إزالة قناع الصرب وهو يريـد بـذلك أن أيامـا شـديدة ، دوام وجده وولعه مبحبوبته

كـل هـذه ، وجعـل الليـل عـاكف والـدمع مفصـح عمـا يف كـان جيـده يف نفسـه، مرت عليه بعد الفراق اجلفاء

عرب من خالهلا الشاعر عما جيول يف نفسه وأخرج من خالله االستعارات البديعة نسجت نسجا متكامال

مكبوته .

: احملبوب لقاءو رأما والدة بنت املستكفي فتجعل الليل هو املالذ الوحيد للتزاو

ــب إذا جـــــرقـــــت ــظــــن الـ ـــــ يالم ز ـ ـــ تار ــــ يــــ

ح ــ لـــ م تـــــوبي منك ما لو كان للشمس ل

ــتــل أكــيــــرأيت اللفإني ر ـــس ــــلم ل ـ

2ر ـس ـــ وبالبدر لم يطلع وبالنجم لم ي

لليــل وال يكــون ذلــك إال إىل جــنس كــتم الســرالســرت للظــالم و فالشــاعرة يف هــذه األبيــات أســندت

حيــث ذكــرت املشــبه وحــذفت املشــبه بــه مث ، فشــبهت الليــل باالنســان علــى وجــه االســتعارة املكنيــة، البشــر

مث رجعــت يف الشــطر الثــاين مــن البيــت كــذلك لتشــبه الليــل باالنســان ،"جــن"كلمــة تركــت قرينــة تــدل عليــه

وهـو كـذلك كـان يبادهلـا ، ابـن زيـدون حبيبهـا وهـي بـذلك تتشـوق إىل لقـاء، باسناد قرينة "كتم السر" لليل

م ويسـتظئ بنورهـا يف نفس الشعور قال الفتح يف القالئـد :"إن والدة ابـن زيـدون كـان يكلـف بـوالدة ويهـي

وتعيد ، وتتميم السمع والطرف ،حبيث ختتلس القلوب واأللباب، وكانت من األدب والظرف، الليل البهيم

70ص ، النب احلداد ،الديوان 1

.206ص ، نفح الطيب املقري ، 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

115

مث ملا صـارت بينهمـا جفـوة وصـفت مـدى حـرارة الشـوق إثـر الفـراق الـذي ، 1"الشيب إىل أخالق الشباب

جرى بينهما فتقول :

رقـــتفـــذا الــــد هـــعـــن بــأال هل لنا م

اـــتــشـــوقد كنت أوقات التزاور في ال

ةـعـطـــمسيت في حال قفكيف وقد أ

قيــا لـمـــب بـــسبيل فيشكو كل ص

رقـــحــأبيت على جمر من الشوق م

ــقـــلقد عجل المقدور ما كنت أت 2يـــ

بداللة كلمة التفرق يف ، فنرى أن والدة يف هذه األبيات تصف اجلفوة اليت وقعت بينها وبني حمبو�ا

مث صــرحت بــذلك يف الشــطر االول مــن البيــت الثــاين حيــث ، الشــطر األول ملــا فيهــا مــن معــين القــرب قبلــه

وكأ�ـــا تســـتعجل حمبو�ـــا علـــى ، وصـــفت الشـــوق الـــذي كـــان حيـــرق قلبهـــا باجلبـــة والشـــوق املـــر أثنـــاء التـــزاور

حرارة الصـبابة والشـوق الـيت كانـت جتـدها ، ويف هذا البيت وظفت االستعارة املكنية حيث شبهت احلضور

ركت قرينة تدل عليه " على مجر" .فحذفت املشبه به "النار" وت، بالنار اليت تلهب كل ما حوهلا

، وهــذا ابــن محــديس يلجــأ اىل االســتعارة املكنيــة للتعبــري عمــا جيــده يف نفســه مــن جــوى وشــوق لقــاء

وخوف من البعد فيقول :

ــــــبـــر ريولما التقى االجسام من غي ةـ

ــايــنــا جــنــيـــب إلــســـنــجنينا ولم ت ةــــ

ــم يــجـــنــــولما استقل ال ةـــــع رايـــرفــ

ــؤاد وإنـــفــــاع الـــرتــــدت مـــهـــنـــت ــمـ اـ

ــح ال تقبل فـبـا صــيــف شــــوحــــإنك مـ

ســفـوقد تلفت بالشوق فيهن أن

ــثمار نعيم ت ــيــى حــنــجـ رســغــن تـ

ـــيحل بها ن دســنــل حــرحــــور ويـ

ــنـــتـــذي يــتنهدت للصبح ال ســفـ

ــإنـــويا ليل ال تدبر ف 3ســــؤنـــك مـ

.209ص ، 04مج، املقري، نفح الطيب 1

.206ص ،04مج، املقري،نفح الطيب 2

.277ص ، الديوان 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

116

حيـث قــال يف الشـطر األول مــن ، فالشـاعر يف هـذه االبيــات يـايت مبجموعــة مـن االسـتعارات املكنيــة

نجم يرفـع رايـة " حيـث نـرى انـه شـبه الـنجم باحملـارب الـذي حيمـل ويرفـع رايـة البيت الثالـث " وملـا اسـتقل الـ

ك أن الليـل قـرب النصر فيأيت باملشبه " النجم" وحيذف املشبه بـه ويـرتك قرينـة تـدل عليـه "يرفـع" ويعـين بـذل

ان مث يـــأيت يف الشــطر الثـــاين ليشــبه االنــور باالنســـان يف احللــول واالتيـــ، انقشــاعه وقــرب حلـــول نــور الصــبح

والصــبح الـذي يتـنفس وهـذه جمموعـة مــن االسـتعارات املكنيـة الـيت اتــى ، وكـذلك الظـالم يف الرحيـل والـزوال

وهـو بـذلك كلـه يصـف ، فيها الشاعر باملشبه وحيذف فيها املشبه به ويرتك يف كل مرة منها قرينة تدل عليه

وهـذا هـو حـال ، ساعة الفـراققصر الوقت الذي قضاه مع حمبوبه فشدة شوقه إليه جعلته دائم اخلوف من

احملبني يف كل زمان فإن قلبه يعذب به بني خوف الفراق وحرارة االشتياق، ولذلك قال الشاعر :

ـــحـــفما في االؤض أشقى من م بــ

ـــاكــــراه بــــت ــيـ ــا فـ ـــــــــــي كــ ــيــــــل حــ نـــــ

مـهــيـلا أـــــــــــوقـــأو شـــي إن نــكــبــيـــف

راقـفــد الــنـــه عـنــيــن عـــخـــســـتـــف

ــمـــوإن وجد الهوى حلو ال ذاقـــ

ــرقـــة فـــافـــخـــم ـــة أو الشـ اقــــــــــيــتـــ

راقـــــــفــــــويبكي إذا دنو حذر ال

ــه عــنــيـــوتسخن ع ــد اللـنـ ــ ـــقـــ 1اءـ

ا املعىن أيضا :ومن ذلك قول ابن محديس يف هذ

الهجر يضحك والهوى يبكي

يا جنتي ما كنت أحسب أن

ــهللا ع ــــنــــــن مــــيـــ رةـــبـخـــك مـ

كـــعجبي للفظ منك ذي نس

وسلبت قلبي من حشاي فهل

ــلـــوالوصل بينهما ع ك ــــلـــــى هـ

ــأصلى جحيم ق ـــنـــــعة مــيــــطـ كـ

كــــنـــــرة عـــريـــل ســــــكـــي بـــنــع

ــهذا ولحظك حاضر ال ــفـ ــتـ كـــ

2دكــــلك في القلوب صناعة ال

.206ص ، قيق خالد بن حممد بن عثمان حت، لدواءالداء وا: ابن القيم اجلوزية 1

.344ص ، الديوان 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

117

، إذ أن قلبــه جيــول بــني نــار اهلجــر وحــرارة اهلــوى، فنــرى أن ابــن محــديس يصــف قرينــان يعــذبان قلبــه

ان الـذي وصـفا جيعلهـا مبثابـة االنسـ اتتعري لكـل مـن هـذه الكلمـوهيهات له مـن الوصـل البعيـد املنـال فيسـ

ويستعري للهوى البكاء من جفاء احملبوب له والبعد ، يضحك وهذا من بعده وحب النكاية به والتشفي فيه

فأنـت تـرى انـه ذكـر يف كـل واحـدة مـن ، والوصل من ذلك بعيد املنال ملـا أصـابه مـن الضـعف واهلـوان، عنه

عــد كــل تشــبيه قرينــة تــدل علــى ذلــك املشــبه " اهلجــر واهلــوى والوصــال" وحــذف املشــبه بــه "الرجــل" وتــرك ب

املشبه به بعد حذفه " يضحك ويبكي وهلك" وهو بذلك يريد أن يذكر للقارئ ما جيده يف نفسه من نار

وال منـــاص مــن ذلـــك إال بالوصـــال ، وهيـــام بــاحملبوب مــع مـــا جيـــده مــن حـــرارة وجــد وهـــوى، البعــد واجلفـــاء

والقرب ولكن هيهات أن يكون ذلك .

د يلجأ إىل جمموعة من االستعارات يف أبياته يف وصف قصر ليل الوصال يف قوله :وهذا املعتمد ابن عبا

الليل قد مزق ثوب الدجى

خذ باسمها من ريقها قهوة

اـــــــهــي مـــفــكــم بــــهــــزق الــــمـــف

ـــفي لون خديها تجلى األس 1ىـــ

وهــو بــذلك يشــبه ، بشــرية وهــي التمزيــقفالقــارئ هلــذه األبيــات يــرى أن املعتمــد اســتعار لليــل صــفة

أتــى باملشــبه"الليل" وحــذف علــى وجــه االســتعارة املكنيــة حيــث، الــذي ميــزق ثيــاب عــدوه الليــل باالنســان

وهو بذلك يريد أن الليل هو الوقـت احملبـب عنـد العشـاق للقـاء ، "االنسان" وترك قرينة تدل عليه املشبه به

والبث ما حيويه القلب من صبابة .

.01ص ، الديوان 1

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

118

الكناية :: المطلب الثالث

،أو كنـوت بكـذا عـن كـذاوهـي مصـدر كنيـت ، الكناية لغة هي مـايتكلم بـه االنسـان ويريـد بـه غـريه

.1إذا تركت التصريح به

كقولـك "فـالن طويـل ، أما يف اصطالح البالغيني فاملراد بالكناية كل لفظ أريد به الزم معنـاه حينئـذ

ومــة الضـــحى" إذا كانــت مرهفــة خمدومـــة غــري حمتاجــة إىل الســـعي يف النجــاد" أي طويــل القامـــة و"فالنــة نؤ

كنايـة فنــا بيانيـا عظـيم التـأثري يف تكــوين ، ولـذلك تعـد ال2ملـا هلــا مـن خـدم ينوبـون عنهــا ، إصـالح املهمـات

اخلفــاء اللطيــف واالشــارة الطريفــة فهــي متــنح التعبــري مجــاال و�ــب املعــىن قــوة ورســوخا ملــا فيهــا مــن ، الصــورة

أمهيتها مـن خـالل إظهـار قيمتهـا التعبرييـة غـري املباشـرة إلسـهامها يف أداء املعـىن مـن خـالل االحيـاء وتكمن

عبــد القـــاهروهــذا مــا أكــده ،3حلقيقــة مــا هــو موجــود يف فكــرة الــنصوهــذا االحيــاء هــو تأكيــد ،الرمــز وأ

...أوقـع مـن التصـريح ، والتعـريضفصـاحقـد أمجـع اجلميـع علـى أن الكنايـة أبلـغ مـن اإل:"اجلرجاين حني قال

، ن ذلـك وإن كـان معلومــا علـى اجلملــة، إال أوأن ا�ـاز أبـدا أبلــغ مـن احلقيقــة، وأن لالسـتعارة مزيـة وفضــال

، وحـىت يغلغـل الفكـر إىل زوايـاه، هفإنه ال تطمئن نفس العاقل يف كل ما يطلب العلم به حىت يبلغ فيـه غايتـ

نحن وإن كنـا نعلـم أنـك إذا قلـت :"هـو طويـل النجـاد فـ، وحىت ال يبقـى عليـه موضـع شـبهة ومكـان مسـئلة

وهوجم الرماد" كـان أ�ـى ملعنـاه وأنبـل مـن أن تـدع الكنايـة وتصـرح بالـذي تريـد ... وإذا قلـت "بلغـين أنـك

وأنـك يف ،قولـك :"بلغـين أنـك تـرتدد يف أمـرك"تقدم رجال وتؤخر أخرى " كان أوقع من صـرحيه الـذي هـو

ونقطـع علـى ذلـك حـىت ال خياجلنـا شــك ، فتقـدم رجـال وتـؤخر أخـرى، رج اخـرج وال أخـ: ذلـك كمـن يقـول

وهيأنـا لـه عبـارة ، ومل كـان كـذلك، إذا عرفنـا السـبب يف ذلـك والعلـة، ، فإمنا تسكن أنفسنا متام السكونفيه

، ولذلك كان رسم الصـورة الشـعرية بالكنايـة لـه مـن 4وهذا هو القول يف ذلك "، تفهم عنا من نريد إفهامه

.286ص ، جواهر البالغة، أمحد اهلامشي 1

.538ص ، بغية االيضاح، عبد املتعال الصعيدي 2

. 323ص ، القيم اجلمالية يف الشعر االندلسي، آزاد حممد كرمي الباجالين 3

.70دالئل االعجاز، ص عبد القاهر اجلرجاين، 4

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

119

فــة واجلمــال مــا يضــفي علــى الــنص ابــداعا ينبــئ عــن أســرار النفــوس، وال ســيما إذا كــان ذلــك يف بــاب اللطا

الوجدان .

والشـــاعر األندلســـي يف هـــذه احلقبـــة أدرك أمهيـــة الكنايـــة فاختـــذها وســـيلة مـــن وســـائل تصـــويره الفـــين

ل املعــىن للمتلقــي وجعلهــا مــن قــيم اجلمــال الــيت تضــيف للصــورة بعــدا دالليــا ومجاليــا مــن خــالل فكــرة إيصــا

بشكل مغاير عن املعتاد، ومن ذلك قول ابن خفاجة يف جملس انس :

ـــوأغيد ف دى لحسنهـــنـــدر الــــي صـ

ــا ردفـــف أمــيـــهـــن الــم مـعــــنـمــه فــــ

ـــيرف بروض الحسن من نور وج هــهـ

ــحـــجالها وقد غنى ال ــيـــشـــام عــمـ ةـ

حلي وفي صدر القصيد نسيب

بــديــجــا خصره فـــخصيب وأم

ــامــــوق ــتــ ــ ــــــيـــضـــوارة وقـــــــه نــ ـــــــ بـــ

1بــيــشـــعجوزا عليها للحباب م

واخلصــر ويــذكر فيصــف الــردف منهــا ، فالشــاعر يكــين يف هاتــه االبيــات عــن مجــال حمبوبتــه وحســنها

، ويصــف وجههــا بوبــةوبه واجلــدب ومهــا كنايتــان عــن حســن القــوام يف احملاخلصــمــواطن احلســن منهمــا مــن

ويـأيت يف البيـت الثالـث لـذكر جملــس ، وقامتهـا بـالنوارة والقضـيب وهـي كنايـة أيضـا عـن مجــال الوجـه والقامـة

باسـتعمال لفـظ العجـوز ، رة الكنائية للتعبري عن �جتهاألنس وشرب اخلمرة وهوبذلك أيضا يستعمل الصو

ن اخلمرة املعتقة وما يعلوها من حباب أثاره صب الكؤوس كأنه الشيب يف البياض .تكنية ع

يف قوله : حمبوبتهئية عن اويعود مرة أخرى لريسم صورة كن

ـــبيضاء فاض الحسن ماء فوقه اـ

بين النحور قالدة تحت الظالم

ـــلـــنادمتها ليال وقد ط ــــــــت بـــعـ هــ

ـــوترنمت حتى سمعت ح ةـامـــمـ

ـــــبــوطفا به الدر النفيس ح ــ ابـــــ

ـــــــــقـــاح نـــبــصــــغمامة دون ال اـــابــــ

اـــشمسا وقد رق الشراب سراب

2حتى إذا حسرت زجرت غرابا

.335ص ، الديوان، ابن خفاجة 1

.340ص ، الديوان، ابن خفاجة 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

120

فالقارئ هلذه االبيات جيد أ�ا تفيض وجدانا وحبـا وهلفـا بتصـوير احملبـوب عـن طريـق اسـتعمال مجلـة

الــيت تشـد القــارئ هلـا ملــا فيهــا مـن مجــال تصـوير وابــداع يف االشـاره إىل مــواطن احلســن ، ائيـةمـن الصــور الكن

وهو بذلك يريد شـدة سـواد ، فأول ما يشد مسع القارئ قوله :"حتت الظالم ودون الصباح نقابا"، واجلمال

دلســيون مــن هــذه وقــد أكثــر األن، الشــعر مــع اشــراقة الوجــه وهــذا مــن التصــوير البــديع جلمــال املــرأة العربيــة

يف بادرة من احلمامالصور اجلميلة يف املرأة ومن ذلك قول أيب البقاء الرندي بعده

ـــبرزت م هـاـــــه ـــح و ج ـــس ــم ــن الحمام ت ـ

ـــــع ــــوالماء يـقطر من ذوائب ش اـــــــره ـــــ

نيرة في الضحىفكأنـها الشمس الم

ــــعن مثل ماء الورد ب ــاب ـــالعن ــ

كالطل يسقط من جناح غـراب

نا من خالل سحـاب 1طلعت عليـ

ن حمبوبتـه أما ابن محديس فيجعل الكناية وسيلة للتعبري عن حبه وشوقه ومـا جيـده مـن أمل الفـراق واجلـاء مـ

:يف قوله

ــياهذه اس لــــي على رجـــقـــبـــتـ

ــال تسأليه عن الهوى وس ــلـ يــ

عطفت وقالت رب ذي امل

اـــهــت بــرفـــتـــقبل ديون ما اع

ــواه ـــام ســــا أليـ ــقـــ ـــيـــ اــهـــت بــ

ل ـــرجــــأفحمته بالفاحم ال

ــعنه اشارة دمعه ال لــطــهـ

فرت يداه بطائل األملظ

ي ــلــبــى قـنــتــإال ألمنح مج

2كأس النعيم براحة الجذل

لقد كىن الشاعر يف هذه االبيات عن حرقته اليت جيدها جـراء اجلفـاء الـذي يلقـاه ويتجلـى ذلـك يف قولـه يف

بعـد حمبوبــه الشـطر الثــاين مـن البيــت االول :"افحمتـه بالفــاحم الرجـل"، حيــث جعـل أمل الفــراق الـذي تركــه

مثــل الفــاحم مــن شــدة ســواد مــا جيــده يف نفســه وهــذه اشــارة اىل ســوء مــايالقي، وتظهــر الكنايــة أيضــا يف

البيــت الثــاين حيــث يكفــي مــن حمبوبــه نظــرة يف عينيــه ورأيــة دموعــه الــيت �طــل حــىت يشــعر مبــا يشــعر بــه، مث

ل الدافئة مع حمبوته .يستذكر ايام الوصال اجلميلة اليت كان يسقى فيها من كأس نعيم الوصا

.118ص ، 2010الطبعة األوىل ، حتقيق حياة قارة ،دار الوفاء للطباعة والنشر، الديوان، أبو البقاء الرندي 1

.372ص ، الديوان، ابن محديس 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

121

مث يأيت يف موطن أخرى ليصور لنا ما جيده من اهلجر بأبلغ تصوير عن طريق الكناية يف قوله :

ــوذات دالل ال ي ـــ اـــطــلـــســـزال مــ

اــهــنــزيــض يـــهــلها بقضيب البان ن

إذا ماتمادت في الصدود ولم تمل

هـفـطــب عـــقـــعـــوقلت لعل الهجر ي

أمن حرمت نومي ومن سفكت دمي

ــبمقتلك النجالء ع يـنــتــلـــتـــدا قـــمـ

لـــهــســـي الــقــلــى خــلـــر عـــلها خلق وع

ــاذل بـــض خـهــن ونـــيـــعــــم ــنـ ـــقـ ــرمـــا الـ ــ لــ

ــي الـــإلى الوصل إشفاقا تماديت ف وصلــ

لـحـمــب الـــقـــفيا رب خصب جاء في ع

ـــــلـــتــومن صرمت حبلي ومن حللت ق يـ

ــنـــن الــــيـــاألعـــتل بــقــوال قود في ال 1لـــجـ

،مـن الصــدود واجلفـاء مـن حمبوبــهالقـارئ هلـذه االبيـات يالحــظ أن ابـن محـديس يصـف لنــا مـا جيـده

وهـذه ، قتلـه وسـفك دمـهوهو يف ذلك يوظف أبلغ صورة حيث جيعل ما جيده مـن حمبوبتـه مبثابـة مـن حلـل

ومع ذلك ما زال يعلل النفس باألمل لعل اهلجـر ، كناية عن عظيم ما حل به من غربة وحنني إىل احملبوب

فكثري من اخلصب جاء بعد جدب . ، يعطف عليه بوصل

فهـذه جـوهرة االنـدلس والدة ، تتوقف الشكوى على احملبني من العاشقني الرجال جتـاه حمبوبـا�موال

تكفي تشتكي من حبيبها ابن زيدون ملا أحست ميله وتغزله جباريتها ،حيث تقول :بنت املس

لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا

ــوت ــركـ ــجـــرا بـــمــثـــا مــنـــصـــت غـ مالهـ

ــول ــقـ ـــت بأنني بدر الــمــلــد عـ اـــمـــسـ

رــيــخــتـــم تـي ولــتــاريــو جــهــم تـــل

حت للغصن الذي لم يثمروجن

2لكن ولعت لشقوتي بالمشتري

ومــع ذلــك ابــن ، فالشــاعرة يف هــذه االبيــات كنــت عــن نفســها بأ�ــا غصــن مثمــر باجلمــال واالمــتالء

مث شــبهت ، زيــدون مــال إىل الغصــن الــذي مل يثمــر وهــي أيضــا كنايــة عــن الــنقص يف جاريتهــا مجــاال و�ــاء

وهـذا اعتـزاز مـن والدة ، ي كناية عـن علـو املنزلـة االجتماعيـة لـوالدةنفسها يف البيت الثالث ببدر السما وه

املشـرق إال أن "والدة كعليـة بوقـد ذكـر املؤرخـون أن ، بنفسها ملا أعطاه اهللا من اجلمال والبهاء وعلـو املنزلـه

.352ص ، الديوان، ابن محديس 1

.205ص ،الديوان، املقري 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

122

ا وكــان هلــ، دب والشــعر والنــادر وخفــة الــروح فلــم تكــن تقصــر عنهــاوأمــا األ، هــذه تزيــد مبزيــه احلســن الفــائق

وكــان هلــا جملــس يغشــاه أدبــاء قرطبــة وظرفــاؤه فيمــر فيــه مــن النــادر وانشــاد الشــعر كثــري ملــا ، صــنعة يف الغنــاء

ياء ودفاع عن اجلمال والكرب ، اب مهذبعتيات الثالثة السابقة تذمر هادئ و ففي االب ،1"اقتضاه عصرها

لســوداء وتــرك الشــرف ومــع ذلــك ابــن زيــدون شــقي بولعــه جباريتهــا ارجح بــني الليــل والشــدة ،أيــاء يتــوالكرب

وهذا مـا سـبب جفـاء وهجـرا بـني والدة وابـن زيـدون ، واحلسن واجلمال والظرف واألدب فيا لشقوته بذلك

حىت لقبته باملسدس ووصفته بأبشع الصفات :دعى والدة بعد ذلك إىل هجو حمبو�ا األول

ولقب بالمسدس وهونعت

ــف ــــ ـــلــ ـــأبـــي ومــــوطـ ون وزانـ

الحياة وال يفارق تفارقك

ــــوديوث وقرنان وس 2ارقـــــــ

.208ص ، نفح الطيب، املقري 1

.205ص ، نفح الطيب، املقري 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

123

:سيةالمبحث الثاني: الصورة الح

ممـا يعطـي دالالت أقـوى يف ، وهي الصـورة الـيت تعتمـد يف تشـكلها علـى حاسـة مـن احلـواس اخلمـس

مبـا يثـري الصـورة فيوظف احلواس خلدمة اخليـال الشـعري، التعبري عن الصفة اليت يعمد الشاعر إىل تصويرها

واملقصـود بالصــورة احلسـية فنيـا " تفكيــك الواقـع وتشـكيله يف املخيلــة ثانيـا تشـكيال حلمتــه ومينحهـا حيويـة،

وتأسيسا على هذا املعىن مثة الصورة البصرية والسمعية والذوقية ألن احلواس منفذ ، باحلواس اخلمس وسداه

وبــذلك ، 1علــى دنيــا النــاس يلــتقط منهــا مــا يشــاء " ويشــرف مــن خالهلــا، للعقــل متــده باملعــارف املختلفــة

تتمــازج املــدركات احلســية والذهنيــة وتــتالحم فيمــا بينهــا ألن الشــاعر وهــو يــنظم شــعره تتحــد يف جتربتــه كــل

، هــي إذن "تركيــب مجيــل ذو وحــدة فنيــةف، منازعــه الداخليــة ســواء أكانــت آتيــة مــن العقــل أم مــن احلــواس

ومشـــتمال علـــى ربـــة األديـــب مصـــحوبا بعاطفــة قويـــة الـــنفس ليعـــرب عــن جتمنبعــه اخليـــال ينبثـــق مــن أعمـــاق

الـــيت تتماســـك وتـــتالحم تالمحـــا عضـــويا فيمـــا بينهـــا وتـــؤدي إىل غايـــة ، جمموعـــة مـــن الصـــور اجلزئيـــة الناميـــة

فقـد تـرد علـى هيئـة صـور جمازيـة ، وتأخذ هذه الصورة اجلزئية أمناطا خمتلفة، وشعور نفسي متكامل، واحدة

حبيث تكون يف النهاية صورة كلية تنعكس من خالهلا انفعـاالت األديـب ، و حسية أو غري ذلكأو رمزية أ

لذلك علينا أن نفهم ما يريده الشاعر من وراء طرحه ملعىن الصورة احلسـية وأيـن تكمـن ، 2واألحاسيس "

اعر واسـتثارة وإمنـا هـي وسـيلة لتحفيـز املشـ، فااللفاظ احلسية ليست هـي هـدف الشـاعر، مجاليتها يف شعره

تنشــيط ملكــة التخيــل عنــد املتلقــي، لفهــم الصــور الــيت يبــدعها الشــاعر مــن خــالل إقامــة عالقــات ، احلــواس

األلفاظ ذات املدلوالت احلسية .جيدة بني

سـواء منهـا املتعلـق بالـذوق أو ، وقد أكثر الشاعر يف هذه احلقبة من الـزمن اسـتعمال الصـور احلسـية

ذلك ألن الشاعر األندلسي حاول أن يوظـف كـل حواسـه ومسـاعره لبلـوغ مـرده ، الرؤية أو الشم و اللمس

ومعلــوم أن االنــدلس كانــت أرض ذات طبيعــة بديعــة مجيلــة فيهــامن االلــوان والزهــار ، والتعبــري عــن وجدانــه

والرحيان ما يساهم يف صناعة احلياة الرغيدة الزاهية .

.839ص ، االجتاه البدوي ، فوزية عبد اهللا العقيلي 1

.225ص ، البناء الفين يف شعر ابن جابر االندلسي، سالم علي الفالحي 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

124

الصور البصرية :: المطلب األول

وهـذا منـط تصـويري يعتمـد ، ة من أكثر أنواع الصور احلسية متثـيال يف هـذه احلقبـةتعد الصورة البصري

وأمهيتهـا ، على حاسـة البصـر يف تأسيسـه مـن خـالل وصـف األشـياء كمـا هـي مدركـة بوسـاطة هـذه احلاسـة

فهـو حيتـك مـن خاللـه مبوضـوع التجربـة بشـكل ، تكمن يف تأثرها الواضح يف احمليط الذي ينشأ فيـه الشـاعر

لــذلك يكــون رصــدها بواســطة هــذه احلاســة هــو رصــد للقيمــة اجلماليــة الــيت أثــرت بــه وجعلتــه يعــرب ، مباشــر

ومن ذلك قول املعتمد ابن عباد :، عنها داخل شعره

ــمـــأنـــك ضـــــغـــا الـنــنــاسميــا يـ

والطرف الحمر في جوانبه

كواكب في السماء تبيض

1ضـــعـــه الـــالــكخد عذراء ن

ر يف هــذه االبيــات يــأيت بصــورة بصــرية تتعمــق فيهــا أحاسيســه جتــاه الطبيعــة فيمزجهــا بصــورة لشــاعفا

ومن ذلك قول ابن خفاجة :، حمببة إىل نفسه أال وهي محرة اخلد

2بها وما اسود من صدغيه محترقا تخال ما احمر من خديه ملتهبا

سـن فيـه وقـد اكثـر الشـعراء مـن حفالشاعر يشكل صورة من شدة احرار اخلد كاللهـب وهـذا مـوطن

آثاره . ، وشبه شدة سواد الصدغني مبكان وقع فيه االحرتاق فلم تبقى إالذكره

وكثريا ما كان الشاعر االندلسي وخاصة يف هذه احلقبة من الزمن تعمد مزج مظاهر الطبيعة اجلميلة

ومن ذلك قول املعتمد بن مبا خيتلج يف نفوسهم من حب مشاهدة للصور احملببة ألنفسهم من معشوقيهم

عباد :

اــهـــمـــ، ورق أديراقـــت مــــحـــاســنـها

وتمايلت كالغصن في دعص النقا

اـــرهـــعـــل شــبــســيندى بماء الورد م

ــفتكاد تبصر باطنا من ظاه ـــــــ رــ

والتف في ورق الشباب الناظر

3كالطل يسقد من جناح الطائر

.20ص ، الديوان، ابن عباد 1

.189م، ص 2007ة الوطنية للنشر والتوزيع اجلزائر ،الشرك، حياة آثار الشاعر ابن خفاجة، محدان حجاجي 2

.14ص ، ابن عباد، الديوان 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

125

فقـــد اســـتطاع ، يكمـــن يف املـــزج بـــني حماســـن احملبـــوب وعناصـــر الطبيعـــة البديعـــة إن مجاليـــة االبيـــات

، الشـاعر أن يرسـم صـورة حلبوبـه بـاألدمي الشـفاف الـذي يظهــر باطنـه مـن ظـاهره مـن شـدة النقـاوة والصــفاء

ر من وأن يصف متايلها وفتنته وقوامها الرائع بالغصن اجلميل الذي تلفه االوراق اخلضراء النادية بديعة املنظ

شدة نظار�ا .

وقد صور الشعراء االندلسيون الواقع يف العشق مبثابـة املقتـول يف احلـرب الـيت ال خـالص لـه منهـا إال

اهلزمية ومن ذلك قول املعتمد يف غالم :

يقاتل باللحظ محبوبنا

فطرا يصيد ضباء النساء

الــتـــوبالسيف والرمح أمضى ق

ــيــوطورا يص 1الـــرجـــود الـــد أســ

ــواء بــــاللحظ يف جمــــال العشــــق أو نــــرى أن الشــــاعر يف هــــذه االبيــــات ــه قــــاتال باســــال ســ ــل حمبوبــ جيعــ

وطــورا ، فيصــيد تــارة نســاء يف عشــقه وال يكــون ذلــك إال باألحلــاظ احلســان، بالســيف يف العــارك واحلــروب

يصيد أسود الرجال يف احلروب وهذا لبسالته وشجاعته .

مسه سيف :ومن ذلك أيضا قوله يف غالم ا

ــفــيـــسميت سيفا وفي عينيك س انـ

ــأما كفت قتلة بال دةـــــف واحــيــسـ

ــــ، وثأسرته ــي غــانـــنـ ــ ــنـ ـــتــــــلــقــــج مـ هــ

ــياسيف أمكسك بمعروف أسي ــ ر ــــــ

ـــه ـــلـــســــذا لقتلي مــ ــــــول وهـــ ذانــ

ــحتى أتيح م انـــتـــنــــان ثـــفــــن األجـ

ــا آســـالنــــكـــره فــــيـــــأس انـــــــــــــر عــــ

ــســإحــال يبتغي منك تسريحا ب 2انــ

فالشــاعر يف هــذه االبيـــات يســتخرج مـــن اســم الشـــاعر تشــبيها بليغــا وهـــي املاســبة الـــيت بــني االســـم

تعــدى ذلــك إىل القتلــة بــالعينن فلــم تكفــي قتلــة وادة وهــي بســيف الغــالم وإمنــا، ســيف والســيف احلقيقــي

اجلميلتني املشبهتني بالسفني لشدة ما يقع بعد رؤيتها من عذاب للقلب مبحبه فكأنه قتلة ثانية .

وقد يأخذ الشاعر من العينني الصورة البصرية املتعلقة بالسهام ومن ذلك قول ابن محديس :

.25ص ، ابن عباد، الديوان 1

.27ص ، ابن عباد، الديوان 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

126

ـــــهـــــأس ـــــام مـ ــــوقــــــفـ ـــات لـــــ ــرمــ ــ ـــــ يـــ

ــمـــات جـــبـــائــــص ـــــــاتــــا فـــهـــعـــيـ راتـــ

يـــنـــتـــذلــــي خـــتــــن الـــيـــكم األعـــلـــت

ــــرب ــيــــي فـــتــــة البرقع الــ ـــه تـــ يـــمــــحـ

ذبــــو عــهـــقد مزجت العذاب لي ف

ــــوقات لــــفـــــأم قداح م ربيـضــ

ـــويح قلبي ماذا يعد ل ـــلـــقـــ يـبـ

ربـــفي التصابي بها خواذل س

وردة الخد عقرب ذات لسب

ــبزالل من ماء ث ــغــ 1ذبــرك عـ

فكأمنــا عيناهــا ســهمان رمــي �مــا ، وجيعلهــا مرتبطــة بعــين احملبوبــةفــابن محــديس يأخــذ صــورة الســهام

بـه مـاذا يفعـل بعـد ذلـك إال انتظـار العـذاب الـذي حييـق بـه فيا ويح قل، وقد أصيب فال مهرب له بعد ذلك

من طول االنتظار .

ليجعــل ، ومــن ذلــك أيضــا قــول ابــن احلــداد األندلســي آخــذا الصــورة البصــرية لفتــك الســيف بالبــدن

فتك االحلاظ بالقلب بدهلا :

ـــأفاتكة األلحاظ ناسكة ال ــــ ــــــهــ وىــــــ

ـــوآل الهوى جرحى ولكن دماؤه مـــ

فكيف أرفي كلم طرفك في الحشا

ئ ـــاطـــك خــنــيــورعت ولكن لحظ ع

ـــدموع هوام وال ـــ ـــجـ ـــ ــــــروح مـ يــــــآقــــ

ـــــمـــــــوليس لتمزيق ال ــــد رافـنـــــهــ 2ئـــ

هلـا فعـل يصف الشاعر نفسه بأنه جريح من فتك أحلاظ نويرة حمبوبتـه ،ألن عيناهـايف هذه االبيات

مثل عمل السيف يف البدن أثناء احلروب فهي تثخن فيه اجلـراح وتسـيل الـدماء وتـودي بـه حلتفـه فالشـاعر

والســـالح هـــو ســـالح االحلـــاظ بـــني حمبوبـــه، البديعـــة يف احلـــرب ليجعلهـــا بينـــه و أخـــذ هـــذه الصـــورة البصـــرية

يت جتري على مآقيهم دائما لطول فآل اهلوى جرحى دائما وصورة الدماء هي دموعهم ال، والنظرات الفاتنة

.68ص ، ابن محديس، الديوان 1

.146ص ، ابن احلداد، الديوان 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

127

وهـو بـذلك يأخـذ صـورة االسـتفهام الـذي ، وأىن له بدواء وقـد حـل بـه الـداء الـذي ال مفـر منـه، فرقة وبعاد

أي أنه ليس قادرا على إيالم ما فعلته عينا نويرة يف نفسه .، يفيد النفي

، يف شـراك احلـب واهليـام ان والوقـوعولكنه قتال الوجـد، ومن ذلك أيضا أخذ الشاعر مشهد القتال

كقول املعتمد بن عباد :

ــمــــيقاتل باللحظ ل حبوبناـ

فطورا يصيد ظباء النساء

الــــتـــوبالسيف والرمح أمضى ق

ــيـوطورا يص ـــد أســ ــرجــــود الـ 1الـ

فيجعــل الشــاعر يف هــذه االبيــات حلــاظ حمبوبــه مبثابـــة الســيف الــذي يقاتــل بــه الفــارس فمــرة يقاتـــل

بعينيــه اجلميلتـــني يف ميـــدان العشــق فيصـــيد بـــذلك أطايــب اجلمـــال ،كمـــا يقاتــل بســـيفه ورحمـــه يف ميـــدان

األعداء . فيصيد بذلك الفرساناملعركة

ومن الشعراء من يأخذ للعينني القاتكتني بالقلب صورة السهام لسرعة فتكها مبن أصابته ومن ذلك

قول ابن محديس :

ـــــ ـــــام مـ ـــرمأســـــهـ ــــات لــ ــفــــــوقـــــ ــ ـــــ ـيــ

ـــــــرات ــيـــعـــهـــا فــــاتـــ صــــائـــبـــات جـــمـ

ــي ـــنـ ــتـــي خــــذلـــت ـــن الــ تـــلـــكم األعـــي

ــحــــمـــي ــه تــ ــــة البرقع الــــتـــي فــــيـــ ــ رب

ذبــــو عــهـــقد مزجت العذاب لي ف

ـــــم قداح مـــــفــــوقات لأ ضـربيـ

ـــويح قلبي ماذا يعد ل ـــبـيــ ـقـــلـ

ربـــفي التصابي بها خواذل س

وردة الخد عقرب ذات لسب

ــغـــرك عــذب 2بزالل من ماء ثــ

للتعبـري عمـا حـل بـه ، فنالحظ من خالل قراءتنا هلـذه االبيـات أن الشـاعر وضـف عـدة صـور بصـرية

فتـارة يـأيت بصـورة السـهام الـيت تفتـك بعـدوها وتـارة ، دما أصابه معشوقه بأحلاظه وفواتنـهمن عشق وهيام بع

.25ص ، ابن عباد، الديوان 1

.68ص ، ابن محديس، الديوان 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

128

لكـــن العـــذاب الـــذي أصـــيب بـــه ، يـــأيت بصـــورة العقـــرب ذات اللســـع الشـــديد الـــيت تفتـــك بكـــل مـــن حوهلـــا

الشاعر عذب زالل ألنه عذاب احلب .

حني تبتـل مبثابـة االهـداب حـني بل يتعدى ابن احلداد ذلك إىل أخذ صورة السفينة وجعل جماذيفها

وذلك قوله يف وصف أسطول املعتصم بن صمادح :، يبكي صاحبها عند لقاء حمبوبه

ـــوت ــا كـــهــــرعـــــــشــــراءت بـ ـــعـ ـــــــيـ ونـــ

ذات هدب من المجاديف حاك

دأبها مثل خائفيها سهاد

1هدب باك لدمعه إسعاد

حتمـي ألهـداب فكمـا ا، ن كهدب حمب سـال دمعـه ملالقـات حمبوبـهالشاعر هنا جماذيف السفجيعل

وهنـا يـذهب االبـن احلـداد مـذهب يوسـف ابـن ، العيون من القـذى فـإن ا�ـاذيف حتمـي السـفن مـن األذى

هارون الرمادي يف وصف السفن احلربية :

ـــترى المقاذيف بأح ــنــ هاـــائــ

كاألعين الحور مجاذيفها

ـــك ــي بــــما تر ــــمـــأنـ رانــــيـــنـ

2من حولها أشفار أجفان

يعـرب مـن خالهلـا علـى مـا خيـتلج يف نفسـه مـن أحاسـيس وقد يأخذ الشاعر من البداوة صـورة بصـرية

يف رثاء بعض إخوانه وما تقضى من زمانه :ومن ذلك قول ابن خفاجة ، ووجدان

ةـــنــأحن إذا ما عسعس الليل ح

ــبـــوأرخص أعالق الدموع ص ةـــابـ

ةـــرنــــراء مـــعــــالـــنت أيك بــا بــمـــف

ــضى بــقـــوتندب عهدا قد ت ةـــرامــ

اـــيـــــراقـــتـــض الـــفــــا أو تــــتذيب الحواي

ــدمـــالق الـــــوعهدي بأع اـــيــــوالــــوع غـ

ــد أضــــــال قــــديــتنادي ه ــائــــه نـــتـــلـ اــــيـ

ــووكرا بأكناف ال ـــالـــــــر خــقـــشـــمـ ــــــيـــ اـ

.188ص ، الديوانابن احلداد، 1

.188ص ، ابن احلداد، الديوان 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

129

ـــي حـــبـــبأخفق أحشاء وأن ةـــيـــشـ

فمن قائل عني لواد بذي العضا

ةــلـــيـــلــــسا عـــفـــوعلل بريا الرند ن

ـــا وأنـــاســـفـــرم أنـــــــوأض ـــدى مــ ــ ـــآقـ ــيــ اـ

ــت واديــيـــيـــاء حـــســــع اإلمــــتأرج م اــ

1مع الصبح يندى أو مع الليل هاديا

جمموعــة مــن إذ تكثــر فيهــا جــا واضــحا للصــورة البصــرية البدويــة، فمــا نالحظــه يف القصــيدة أ�ــا منوذ

نفســي واحــد يالئــم موضــوع ، حبيــث تتشــكل مــن خالهلــا صــورة ناميــة ذات جــوالتشــبيهات واالســتعارات

نــني حبصــوت شــبه الشــاعر صــوت بكائــه إذا جــن الليــل الــذي وحــل بظالمــه ففــي البيــت األول القصــيدة

حـىت يـذيب احلوايـا مـن شـدة صـوت قـوي موجـع الذي ترفعه حني تشتاق إىل ولدها وتنزع إليه، وهوالناقة

ويف قولـــه أرخـــص داللـــة علـــى ، أي مل مينعهـــا، أرخـــص أعـــالق الـــدموعإنـــه : وقعـــه، مث أردف الصـــورة بقولـــه

مث جـــاء ، بعـــد أن كـــان ميلـــك أمـــره، ده وذهـــاب القـــدرة علـــى الـــتحكم بـــالوجع والبكـــاءخـــروج االمـــر مـــن يـــ

ويف كلتـــا البيتـــني يعـــرب ، بالتشــبيه الـــدائري البـــدوي الـــذي شـــبه فيــه نفســـه باحلمامـــة املرنـــة الـــيت تبكــي فرخهـــا

ور بـه فصـورمها بصـريا بـأمت مـا ميكـن ان يصـ، الشاعر فيهما عما حلقه من شدة اشتعال الوجـد وحرقـة الفقـد

ومل ، وكـذلك صـورة احلمامـة الـيت تبكـي هـديلها، وهو بكاء الناقة الولد الـذي يكـاد صـو�ا يكسـر عضـامها

أخفق فقـال" ته وبكائه على ما تصرم من أيامه يتوقف عند هذا احلد بل جاء بصور خمتلفة دلت على حرق

ان مـــا وقـــع علـــى ا يـــدلممـــأحشـــاء وأضـــرم أنفـــاس وأنـــدى مآقيـــا " وكـــل هـــذه اجلمـــل تبـــدأ بأفعـــل التفضـــيل

وممـا نالحظـه أنـه ذكـر ، مـا يكـون عليهـا البكـاء واحلنـني وحرقـة الغربـة النفسـية للشـاعر كـان علـى هيئـة أشـد

وهـذه املقطوعـة الـيت أور�ـا االن هـي مـن قصـيدة ، جمموعة من الصور البدوية إشـارة إىل فقـد ال بـديل عنـه

وقــد ضــمنها الشــاعر كمــا رأينــا ، تصــرم مــن أيامــهطويلــة البــن خفاجــة يرثــي بعــض إخوانــه وحيــن أغلــى مــا

-القصـيدة –ومنهـا ، جمموعة هائلة من الصور البدوية البصرية يف إشـارة إىل شـدة مـا يالقيـه مـن أمل وجـزن

أيضا قوله :

.188ص ، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، ظبطه عمر فاروق الطباع، الديوان، ابن خفاجة 1

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

130

ةــلـــيـــلــــسا عــفـــد نـــرنــوعلل بريا ال

فكم شاقني من منظر فيك رائق

وضاحكني ثغر األقاحي ومبسم

ةــبــيـــن حلي تلك الشبيبة شودو

ــأشـــوإن أجد الوجد وجد ب طــــــمـ

ــفــوتهفو صبا نجد به طيب ن ةــحـ

فقل لليالي الخيف هل من معرج

أو مع الليل هاديا، مع الصبح يندى

اـــيـــاحـــهززت له من معطف السكر ص

ـــــم أقـــــان ثـــم أدر أي بــــلـــف ــيــــاحــــــ اــــ

ــالـــــم أك خـــا ولــــمـــا غــهـــجلبت ب اــــيـــ

ــخـــلدد يستقري الــت ــيـــوالــخــصوم الـ اــ

ــبـــى صــقـــلـــيـــف اــــيــــجد بما كان القـا نـ

ــا ســفــيــو طـــنا ولــيــلــع ــقـ ــلــيـــت لــيـ 1اــــيـ

ائعة يف الطبيعة " ريا الرنـد ونـدى الصـبح والليـل اهلـادئ " ولكـن فذكر كل الصور البصرية اجلميلة الر

ما شاب هذا املنظر حالة الشاعر اليت كان عليهـا مـن ثقـل يف الـنفس لكـربه حـىت شـاقه املنظـر الرائـق، حـىت

وذكره هنا شجر البان كنايـة علـى أعطـاف املـرأة واألحـوان فيهـا ، أصبح ال مييز بني شجر البان واالقحوان

مث ذكــر ، فمــا غشــا الشــاعر مــن شــيبة جلبــت لــه غمــا أنســاه كــل زينــة يف احليــاة، عــن وجــوه احلســان كنايــة

"فقــل لليلــي هــل مــن معــرج " ولكــن هيهــات مانــا تصــرمت أيامــه فــال ســبيل إىل رجوعــه ، وخاطــب ز الوجــد

ة جيمــع بينهــا خــيط نفســي عــاطفي متالئمــ، فجــاءت هــذه الصــور البصــرية يف القصــيدة، لــذلك مــن رجــوع

، وهو شدة احلزن .قوي

ومن الصور البصرية اليت تنامت بعالقا�ا يف عدة أبيات قـول ابـن خفاجـة يف قصـيدة رثـاء يف سـياق

رثاء أيضا :

ةـنـــه دجــــيـــلـــوأحسن ما التفت ع

ـــعــفليت نسيم الريح رقرق أدم يــ

عن عناق حسامعناق حبيب

ــوى وخــــخالل ديار بالل ـــيـ امــ

.240ص ، ابن خفاجة، الديوان 1

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

131

وعاج على أجراع واد بذي الغضا

صبابة، مسحت له عن ناظري

امـــشـــفصافح عني فرع كل ب

1وأقلل بدمعي من قضاء ذمام

ولكـن هيهـات لـذلك السـتحالته ، فالشاعر أتى يف البيـت األول بأحسـن صـورة للقـاء بـني العشـيقني

و يبكـي مـن هبـة نسـيم اهلـوى لبعـده واسـتحالتة فهـ، ولذلك يأيت يف الذي يليـه مباشـرة بـأداة التمـين "ليـت"

أثناء حلوله بأطالل ديار حمبوبته .

: الصورة الشمية: المطلب الثاني

الصــورة الــيت يشــيع الشــاعر يف جوانبهــا رائحــة "وهــي، قــد يلجــأ الشــاعر إىل توظيــف الصــورة الشــمية

لتنسـم يف الصـورة ألن تصـوير ا، ميكن للمتلقي ختيلها ومتثلها عـن طريـق هـذه احلاسـة، تدرك بالشم واألنف

وهــو مــا يزيــد مــن إشــؤاقها يف الــنفس فالرائحــة هلــا دور كبــري يف ، مينحهــا مجــاال يعطــي االحســاس باإلنشــاء

خــالل النظــر يف أشــعار ومــن، ومــن هــذه الصــور الشــمية تضــمنت نباتــات ذات رائحــة عبقــة ،2"التخيــل

للتعبـري عـن الصـور الشـمية توظيـفاالندلسيني نرى أن الشاعر االندلسي قد جلـأ يف كثـري مـن األحيـان إىل

خـــواجل أنفســـهم وال ســـيما ان الطبيعـــة األندلســـية متيـــزت باجلمـــال والبهـــاء حـــىت وصـــفت بأ�ـــا جنـــة اهللا يف

ومن ذلك قول ابن خفاجة :، األرض

ـــل أنــــا أهــــي ـــدلـ مـــــس هللا دركـــ

ـــي ديــــماجنة الخلد إال ف ــاركــ مـ

ن تدخلو سقراال تختشوا بعد ذا أ

ــماء وظل وأنهار وأش ــ ارـــجــ

ولو تخيرت هذا كنت أختار

3فليس تدخل بعد الجنة النار

ليعـرب مـن خاللـه ، فالشاعر االندلسي استغل كل ما حييط به من مجال طبيعـة وعطـر الـورد واليـامسني

ليامسني .عن وجدانه وأضاف للحبوبه كل ما ميكن أن يكون مجيال من نسيم االزهار وعبق ا

.240ص ، ابن خفاجة، الديوان 1

.948ص ، فوزية عبد اهللا العقيلي، االجتاه البدوي 2

.94ص ، يوانابن خفاجة، الد 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

132

: ومن ذلك قول ابن زيدون

ــورامشة ي مهاــيــســل نـيــلــعــفي الــشـ

ـــنـــوي بــحــا نـــهـــار بــــأش مـعـــنــان مـ

سرت نضرة من عهدها في غصونها

هــفـكــن بــيــمــاســيــــإذا هو أهدى ال

ــذب وخـــله خلق ع ــق مـــلـ ــحـ نــســ

رــــشــنـــة الــبــيــاس طــفـــمضمخة األن

رــحـــســـالـــألغيد مكحول المدامع ب

رـــزهـــه الـلـائــمــوعلت بمسك من ش

درـبــأخذت النجوم الزهر من راحة ال

1وظرف كعرف الطيب أو نشوة الخمر

ا نسـيمهإذ الصـورة الشـمية يف وصـف احملبوبـة فابن زيدون يف هذه االبيـات ذكـر كـل مـا حييـل علـى

كــأن و ملــا ينشــره جســمها الفــاتن مــن عطــر وطيــب رائحــة ونضــارة وجــه وحســن ورونق،يشــفي عليــل احلــب

بوبتهفالشاعر أتى على ذكر الصور الشمية تشبيها حمل، الشاعر سقي مسكا من هذه الفاتنة العبقة الصافية

بأحسن ما ميكن التشبه به .

أحاسيســه جتــاه الطبيعــة، فيمزجهــا بصــورة ويــايت ابــن خفاجــة بعــدة صــور مشيــة مشــا�ة تتعمــق فيهــا

يقول فيها :، حمببة إىل نفسه أال وهي الروض وندى الربيع

ــام بــمــغـــأذن ال ارـــقــة وعــــمـــديـــ

رعــــأجــــواربع على حكم الربيع ب

نثرت بحجر الروض فيه يد الصبا

ةــكــالك أيــنــــد هـــريــغــتــوهفت ب

ــــــضــنـــمنهما ب فامزج لجينا ارــ

هزج الندى من مفصح األطيار

ــنــــدرر ال وارــم األنـــدى ودراهـ

2رارـــــح عــب ريــهــمــة بــاقـــفــخ

.102ص ، ابن زيدون، الديوان 1

.114ص ، ابن خفاجة، الديوان 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

133

زاز وحركــة الشـجر الكثيــف امللتــف لتـداخل النســائم بــني أغصـانه، ومــا اجنــر اهتــحيـث صــور الشـاعر

واســتعار لأليكــة صــفة التغريــد وهــو يريــد ، أحضــان احملبوبــةبعــد التحــرك مــن طيــب رائحــة بالــدرر املنثــورة يف

فداخل بني الصور احلركية والبصرية والشمية .، بذلك وصف اهتزاز األغصان واألوراق

ومن ذلك أيضا قول املعتمد يف أبيات له :

الح وفاحت روائح الند

وكم سقاني والليل معتكر

مهتصر الخصر أهيف القد

1الورد في جامد الماء ذائب

ويــأيت ، فيشــبه رحيهــا بالنــد وهــو نــوع مــن الطيــب يبخــر بــه، يــأيت بصــورة مشيــة عــن حمبوبــهفالشــاعر

وهـذا االنتشـاء هـو ، بصورة اخلصر الناعم الرقيق الطـب املتمايـل وهـو مـا يتكـون املـرأة أشـد فتنـه يف مشـيتها

ـــ مـــا جيعـــل يف الصـــورة يبعـــث االحســـاس حـــةع الرائألن شـــيو ، ة خبيالـــه فيـــذكر الرائحـــةالشـــاعر يصـــور احملبوب

، ومن ذلك أيضا قول ابن محديس :باملتعة

وطيبة األنفاس تحسب وصلها

تفتح ورد الخد في غصن قدها

كأن استماع اللفظ منها تعلل

ومن واصلته جنة المتنعم

ونور فيه أقحوان التبسم

2بلذة راح واقتراح ترنم

وهـي كنايـة عـن شـدة القـرب منهـا ، أنفاس معشـوقته يأيت بصورة مشية حمببة إليه وهي طيب فالشاعر

تفـوح جبميـع الـروائح الطيبـة البديعـة الـيت جتعـل نفـس احملـب يف أعلـى درجـات ، فكأ�ا جنة فيه النعيم املقـيم

مث شــبه خــدها يف البيــت الثــاين بــالورد املتفــتح علــى غصــن األقحــوان املتبســم مــن شــدة نضــارته ، االنتشــاء

وله :ومن ذلك أيضا ق، ومجاله

ـــك ظـيــلــورا عــــن وتريك ليال في الذوائب يجتلي االـــقـــه وصـــالمـ

.06ص ، ابن عباد، الديوان 1

.407ص ، الديوان، ابن محديس 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

134

ــوإذا تداولت ال هـشطــد مــــوالئـ

ــمــيــخـــوتنفست بالند فيه ف تـ

غرض السرى بالمشط فيه وطاال

ــار مـــن 1االـــــعــــه االشـــة بـــلـــواصــ

، لكــن يعكســه اشــراقة وجههــا وجيلــوه نــور حمياهــا، ليــل األســودالشــاعر شــعر حمبوبتــه بال حيــث صــور

مث يايت يف البيت الثاين ليصور لنا طول شـعرها وكثافتـه وهـو ، وكأ�ا أضاءت بنور وجهها سواد الليل البهيم

وكأنه سار يف طريـق ، فدل تداول اجلواري على مشطه على الكثافة اليت كان عليها، موطن احلسن يف املرأة

، مث يأيت يف البيت الثالث بصورة مشية فشـخص لنـا رائحـة الشـعر بعـود النـد الـذي يتبخـر بـه، ملمتدةالفالة ا

فالصــورة الشــمية أشــاعت جــوا مــن العبــق ، واســتعار للنــار الــيت يشــب �ــا عــود النــد صــفة االقامــة والتخيــيم

ةانتشاء للنفس احملبة .

الصورة الذوقية :: المطلب الثالث

ممــا يعطيهــا طعمــا ومــذاقا خاصــا يثريهــا ، د علــى حاســة الــذوق يف اخليــال الشــعريوهــي الصــورة الــيت تعتمــ

، ة الذوق يف إيصـال املعـىن املطلـوبو"هذا النمط من الصورة الشعرية يتكئ بطريقة أو بأخرى على حاس، حسيا

إىل ذلــك ان حاســة الــذوق تــوحي بــدالالت موحيــة وقويــة فيــال معــىن املطلــوب أي أن الصــورة املشــكلة ال تــؤدي

ولكـن املعـىن يتشـكل بوسـاطة قـرائن مؤديــة إىل ، توظيـف حالـة الـذوق ومـا بعـد هـذا االحسـاس مــن لـذة أو مـراراة

.2معىن قريب من هذه احلالة الواقعية"

وتصـــوير ، ةفيـــه وصـــف ريـــق املـــرأ ومــن أكثـــر هـــذه الصـــور الذوقيـــة شـــيوعا يف العصـــر األندلســـي مـــا ارتـــبط

مد بن عباد :ومن ذلك قول املعت، عذوبته وطعمه

ـــوش ــــادن أســ ــألـ ـــــهــــه قــ ـــ وةــــــ

فبت أسقي الراح من ريقه

ــفجاء بالقهوة وال وردـــــــــــ

3وأجتني الورد من الخد

.957ص ، االجتاه البدوي، فوزية عبد اهللا العقيلي 1

.239ص ، البناء الفين، سالم علي الفالحي 2

.08ص ، الديوان، ابن عباد 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

135

للتعبـري عمـا خيـتلج يف نفسـه مـن وجـدان جتـاه معشـوقه، فشـبه الذوقيـةحيث نرى ان املعتمد يأيت بالصـورة

وهذه من أبلغ الصور يف التشبيه .، ولون خديه بالورد الذي جيىن من الروضريقه باخلمر املعتقة

: ومن ذلك قول ابن احلداد أيضا

ـــــــمابال ريقته في سلم مبسم ـــــ ـــ ـــــ هــ

أعدى جناني فحاكى طرفه مرضا

ـــــكان كفي في صدري يصافح هــــــ

وواجب أن تذيب القهوة البردا

ـــلوغره أن يحاكي خصره ج ـــ ــــ داـ

1فما رفعت يدا إال وضعت يدا

بعــد امتزاجهــا ظمــأت نفســه إليهــا هلــا ريقــة كــاخلمر، يــذكر أن حمبوبتــه بــرود الثنايــا واضــحة الثغــرفالشــاعر

لعلهــا تتحــرر فتــربد مــا ، وهكــذا يتســاءل الشــاعر مابــال ريقتهــا استســلمت ملبســمها، ولكــن هيهــات أن جتــود �ــا

ال العنـاق سـبيله ، ع ذلك سيظل حـريان أسـري الوجـد وقلبـه مسـبيا مطويـا علـى مجراتـهوم، حتركت له نفس الشاعر

وال حىت مالمسته الكف للكف .

ال�ا صورة ميثل الشـاعر فيهـا إحساسـه مبـن حيـب ، والصورة الذوقية لطعم الريق تكثر يف الشعر منذ القدم

حىت شبهها الكثري مـن الشـعراء جبـىن ، ةولكنها تصب يف سياق وصف احلالو ، وشعوره النفسي حيال طعم الريق

: أوس بن حجرومن ذلك قول ، النحل منذ القدمي

قت كأن ريقتها بعد الكرى اغتبـ

ـــشــــأو من معتقة ورهاء ن ـــــوت ــ هاـــ

من ماء أصهب في الحانوت نضاح

ـــن أنـــــأو م ـــب رم ــــــيــابـ ــف ـــــان وتـ ــ ــــــ ــ 2اح ــ

: ومثله يف الشعر األندلسي قول ابن محديس

ــيــترنح بالبدر غصنا رط ـــبــ اـ

فأمسيت منها بماء اللمى

هاــــــقــــحاللي وأسكرني ري

وترتج في السير دعصا ركاما

ـــأروي أواما وأشفي س ــقــ ـــامـــ اــــــ

3فهل خامر األري منه المداما

.193ص ، الديوان ،ابن احلداد 1

.104ص ، التشبيهات، ابن ايب عون 2

.452ص ، الديوان، ابن محديس 3

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

136

بالعســل الــذي خــالط اخلمــر وهــي صــورة ذوقيــة أراد �ــا ، تهــا الــيت روت عطشــه وشــفت ســقمهفشــبه ريق

ويــأيت ابــن محــديس بصــورة ذوقيــة ، إظافــة إىل األثــر الــذي أحدثــه ذلــك يف نفســه، الطعــم احللــو املــذاق يف العســل

نا�ا وعذوبــة تتعمــق فيهــا أحاسيســه جتــاه حمبوبــه مــن خــالل ذكــر ثغرهــا وبيــاض أســ، مشــا�ة يف غــري هــذا املوضــع

ريقها :

ـــــــوحديث كأنه قطع ال ـــــــ روضــ

فثناني من روض حسنك عنها

ــــحــــن أقــــق عـــشـــوشقيق ي ـــ ـــــ وانـ

وأريج على النوى منك يسري

هاـــنــــوثنايا يضاحك الشمس م

ــــســــريقها في بقية الليل م ــ ـــــ كــ

إذا اخضل من نداة البكور

ــــس ذابل وورد ننرج رــــيـــضـ

ــــلنقاب النقا عليه خ رـــــيـــــفـ

رــيــبــويجيب النسيم منه ع

في محياك كوكب مستنير

1شيب بالراح منه شهد مشور

حيــث شــبه حــديث ، الشــمية والذوقيــةالبصــرية و مجــع يف هــذه االبيــات بــني الصــور فالشــاعر ابــن محــديس

وكـــىن بـــالنوى وشـــم ، حســـنابالنـــدى يف أول النهـــار وهـــو أمجـــل مـــا يكـــون نضـــارة و حمبوبتـــه كأنـــه اجلنـــان إذا ابتـــل

، األقحـوان ونســيم الــورد بطيــب أنفــاس معشـوقته، مث يــأيت ليشــبه ثغرهــا وبيــاض أسـنا�ا بــالنور وهــو الزهــر االبــيض

ا أل�ـ، ، فـالعرب تقـول ضـحكت االرض إذا أنبتـتفقال :" ثنايـا يضـاحك الشـمس منهـا"عاد بعد ذلك بأبيات

مث اسـتعار هلـا مضـاحكة ، فشبه ابن محـديس الثنايـا بـالنور، تبدي عن حسن النبات كما يفرت الضاحك عن الثغر

وطـابق هـذه الصـورة اللونيـة يف اإلضـاءة بصـورة ظـالم ، الشمس وشبهها بالكوكب وهويريـد بـذلك زيـادة االشـراق

ح املمـزوج بالعسـل وهـي صـورة ذوقيـة مجـع هلـا الذي وصف فيهـا حـالوة ريقهـا وشـبهه بـالرا ، الليل يف البيت الثاين

الشمية يف تشبيه رائحة فمها باملسك . أيضا الصورة

.245ص ، الديوان، ابن محديس 1

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

137

ومــن ذلــك قــول ابــن ، الشــعراء األندلســيني مــن جيعــل ريقــة احملبوبــة كــاخلمر يف شــدة النشــوة والعالقــة ومــن

خفاجة :

تعلقته نشوان من خمر ريقته

ـــــهــــــترقرق ماء مقلتاي ووج هــ

هـنــــســــسيبي فيه رقة حأرق ن

له رشفها دوني ولي دونه السكر

ويذكي على قلبي ووجنته الجمر

1فلم أدر أي منهما قبلها السحر

فيجعـل مــذاق ريقتـه كأنــه اخلمـر الــذي حيـدث لــه سـكر القلــب ، فـابن خفاجــة يصـف نشــوته بلقـاء حمبوبــه

فكـأن شـدة امحـرار ، جنتـه اجلمـر" بشـدة محـرة خـديهاوكـىن بقولـه "ويـذكي علـى قلـيب وو ، من مجال منظـر احملبـوب

وقــد يــأيت الشــاعر األندلســي بصــورة ذوقيــة حســية يأخــذها مــن ، خــديها عكســا اشــتعاال للحــب يف قلــب الشــاعر

مشهد اهلجر واجلفاء الذي جيده من حمبوبته ومن ذلك قول ابن محديس يصف حرمانه من حمبوبه :

فجوارحي مجروحة

كم ذا يغيرني هوا

ت حالوة موردينقض

ومنعتني من لثم فيك

أبجنة الفردوس أح

ــمنها بسيف م ــــمــــضـ رـ

ر ـمتغيـك الــقــلــخـــك ب

ــصـــرارة مـــــه مـــنــم ــ دريـ

جنى الرضاب المسكر

ـــوثـــكــرم شرب ماء ال 2رــ

لكـن ، لبه يدميه كل حنيوكأنه سيف مضمر يف ق، وصف اجلرح الذي جيده من جفاء حمبوبه لهفالشاعر

ومـا ذاك إال ملنعـه ، اهلوى ال يرتك له حالوة عيش النه ال يستطيع ان ينسى ما حل به من عشـق فهـو معـذب بـه

فالشـاعر مـن خـالل ، من لـثم فـم حمشـوقته الشـديد احلـالوة فاجلنـة الـيت حتمـل العذوبـه يف ريقتهـا حرمتـه مـن ذلـك

ومن ذلك أيضا قول ابن زيدون :، ةهذه االبيات يأيت بالصورة الذوقيه العكسي

.362ص ، الديوان، ابن خفاجة 1

.178ص ، الديوان، ابن محديس 2

ــث: ــصـــل الــثــالـ مستوى الصورة الــفـ

138

باعدت باإلعراض غير مباعد

وسقيتني من ماء هجرك ما له

وزهدت فيمن ليس فيك بزاهد

1أصبحت أشرق بالزالل البارد

ومـن املعـروف أن ، ممـا جعلـه يشـرق باملـاء العـذب املبـرتد، جعل الشاعر للهجـر مـاء سـقته حبيبتـه منـهلقد

لكـن الشـاعر أصـبح يشـرق باملـاء العـذب ملـا يلقـاه مـن سـقياه مبـاء اهلجـر وقـد بـىن ، االنسان يشرب ماء إذا شرق

ملاء فرسم بذلك صورة ذوقية فريدة.الشاعر صورته على مشروب هو ا

73ص، الديوان، ابن زيدون 1

الفصل الرابع

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

140

: المستوى التركيبي .الفصل الرابع

تمهيد

.: األساليب المبحث األول

.االبتدائيالخبر : المطلب األول

.الطلبيالخبر : المطلب الثانى

.شعر األندلسيين التقديم والتأخير في: المبحث الثانى

.التقديم والتأخير في الجملة االسمية المطلقةالمطلب األول :

.التقديم والتأخير في الجملة االسمية المنسوخة: المطلب الثانى

التقديم والتأخير في باب الجملة الفعليةلث: المطلب الثا

.شعر األندلسيين فيالحذف : المبحث الثالث

الحذف في الجملة االسمية المطلب األول :

الحذف في الجملة الفعلية المطلب الثانى:

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

141

.لتركيبي: المستوى ارابعلالفصل ا

:تمهيد

يعــد املســـتوى الرتكيــيب مـــن أهــم مســـتويات التحليـــل األســلويب، ولـــذلك جنــد أن العلمـــاء اهتمـــوا

القـرون األوىل مـن اهلجـرة أصـحاب بدراسة األسـاليب املتعلقـة بالرتاكيـب اهتمامـا كبـريا ويعـود ذلـك إىل

ين مـن أشـهر علمـاء البالغـة الـذين كأمثال اجلاحظ وابن قتيبة وغريهم كثري ، ويعترب عبد القاهر اجلرجـا

قدموا صورة واضحة حول كيفية بناء الرتاكيب اللغوية وفـق نسـق يقتضـي وضـع كـل عنصـر مـن عناصـر

،كتشــويق الســامع أو اجلملــة يف املوضــع الــذي يناســب مقتضــى احلــال وتقتضــيه صــورة املعــىن يف الــنفس

ـــنظم ،وهـــو تـــوخي معـــاين النحـــو فيمـــا بـــنياال ،ذلـــك أن التعليـــق 1 الكلـــم ختصـــاص ضـــمن مصـــطلح ال

، "الرتاكيـب اللغويـة "النحوي له دوره اهلام يف عقد الرتاكيب، بل هو منطلق النحاة يف تناول الكـالم

، قـــال عبـــد القـــاهر 2وإمنـــا جتـــىن مـــن اجلمـــل ومـــدارج القـــول ائـــدة ال جتـــىن مـــن الكلمـــة الواحـــدة ألن الف

أنــه اليتصــور أن يتعلــق الفكــر مبعــاين لــه علــى ذكــر،وممــا ينبغــي أن يعلمــه اإلنســان وجيع« اجلرجــاين :

الكلـم أفـرادا وجمـردة مـن معــاين النحـو، فـال يقـوم يف وهـم وال يصــح يف عقـل أن يتفكـر متفكـر يف معــىن

كــالم شــئت فعــل مــن غــري أن يريــد إعمالــه يف اســم ... وإن أردت أن تــرى ذلــك عيانــا فاعمــد إىل أي

في : ، فقلوأزل أجزاؤه عن مواضعها

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

»من قفا حبيب ذكرى منزل «

مث انظر هل يتعلق منك فكر مبعىن كلمة منها ، واعلم أين لست أقول إن الفكر ال يتعلـق مبعـاين

، ولقـد خصـص جاكوبسـون 3نحـو الكلم املفردة أصال، ولكين أقول إنه اليتعلق �ـا جمـردة مـن معـاين ال

عـن قواعـد النحـو يف بنيـة الـنص الشـعرى ويـرى أن اجلملـة إذا "مقاالت يف علم اللغة"فصوال من كتابه

. 370دالئل اإلعجاز ،ص عبد القاهر اجلرجاين ، 1

. 12م ،ص2006داللة ،دط، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ،تاريخ النشر حممد محاسة عبد اللطيف ، النحو وال 2

. 410دالئل االعجاز ،ص عبد القاهر اجلرجاين ، 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

142

ختطـت القاعــد النحويـة أو احنرفــت عنهـا ، فإ�ــا تتحــول إىل كلمـات متجــاورة ذلـك ألن العالقــة وثيقــة

. 1"بني النحو واملعىن

حنـو الشـعر "عالقـات النحويـة يف مجـال الشـعر وداللتـه هـو مقـال وأهم مقال ركز فيه على دور ال

ـــرى أن البنيـــة النحويـــة تـــؤدي يف األثـــر الشـــعري وظـــائف مكملـــة ال تؤديـــه يف غـــريه "،وشـــعر النحـــو وي

مــن خــالل هــذا الفصــل رصــد أهــم الظــواهر الرتكيبيــة وأكثرهــا شــيوعا الــيت فرضــت هيمنتهــا وســأحاول

. يف هذه الفرتة من الزمن على الشعر الوجداين األندلسي

. 10النحو والداللة ،ص عبد القاهر اجلرجاين ،1

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

143

مبحث األول : األساليب ال

يلجأ الشعراء إىل أساليب كثرية ومتنوعة لتكوين نصوصـهم وإعطائهـا القيمـة اجلماليـة الـيت تربزهـا

وتبعــدها عــن الرتابــة واملــألوف ، وقـــد عرفــه القــدماء بأنــه "طريقـــة األداء والتعبــري الــيت يســلكها األديـــب

يف نفسه أو لنقله إىل سواه باستخدام العبارات اللغويـة "، مبعـىن الطريقـة اخلاصـة الـيت يصـوغ لتصوير ما

فيها الشاعر أفكاره وأحاسيسه مبينا فيها مـاجيول يف نفسـه مـن العواطـف واالنفعـاالت الـيت تكـون ذاتـه

ميــــة ويتضــــح لنــــا مــــن خــــالل هــــذان مهمــــة األســــلوب ليســــت مهمــــة إفها، 1وتعطيهـــا القيمــــة اجلماليــــة

والعمــل علــى خلــق الــرتابط والتــآلف فيمــا ، 2فحســب ، وإمنــا الغــرض منــه التــأثري واالقنــاع واالجتــذاب

تتبـــع الشـــعر بينهـــا مـــن عالقـــات وهـــذ التـــآلف هـــو الـــذي يعطـــي اجلماليـــة للنصـــوص الشـــعرية ، وبعـــد

ا يف مجيـع هـذه احلقبـة ، وجـدت أن الشـعراء األندلسـيني مل يـذهبوا مـذهبا واحـد الوجداين االندلسـي يف

لية �ذا التنوع .أساليبهم وطرق تركيبها ، وهو ما أضفى على شعرهم القيمة اجلما

فاإلنشـاء هـو نشـاء الكـالم العـريب إىل خـرب وإجنـدهم يقسـمون ذا نظرنا يف أقوال أهـل البالغـة وإ

فهـو مــا مـا اليصـح أن يقـال لقائلـه، إنـه صـادق أو كـاذب وقـد مـر معنـا ىف املطلـب السـابق، وأمـا اخلـرب

حيتمل الصـدق والكـذب، فـإن كـان مطابقـا للواقـع كـان قائلـه صـادقا وإن كـان خبـالف ذلـك كـان قائلـه

.3كاذبا، وينقسم بدوره إىل مجلة امسية وفعلية

تعريف الجملة :-

ه وأمجـــل لـــه احلســـاب كـــذلك، واجلملـــة: مجاعـــة الشـــئ، وأمجـــل الشـــئ مجعـــه عـــن تفرقـــ لغـــة: -أ

ه مــن احلســاب وغــريه يقــال أمجلــت لــه احلســاب والكــالم، قــال تعــاىل:: مجاعــة كــل شــئ بكمالــواجلملــة

32الفرقان ﴾ وقال الذين كفروا لوال نـزل عليه القرآن جملة واحدة ﴿4.

: اختلف علماء النحو يف تعريف اجلملة فذهب املتقدمون منهم إىل أن اجلملـة صطالحاا -ب

أكثر، وأفــاد الســامع فائــدة حيســن الســكوت عليهــا، قــال ابــن جــين يف تعريــف مــا تكــون مــن كلمتــني فــ

.274ازاد حممد كرمي الباجالين ، القيم اجلمالية ، ص 1

.19م ، ص 1952_ 1371لتأليف والرتمجة ، أمحد أمني ، النقد األديب ، مطبعة جلنة ا 2

.27م، ص 2005هـ/1426حممد الطاهر الالدقي، املبسط ىف علوم البالغة،دط، املكتبة العصرية،صيدا /بريوت،تاريخ النشر 3

. 1، مج686لسان العرب ،ص ابن منظور ، 4

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

144

، وقـــد »هـــو كــل لفـــظ مســتقل بنفســـه، مفيــد ملعنـــاه، وهــو الـــذي يســميه النحويـــون اجلمــل«الكــالم :

، وذهـب بعـض النحـاة إىل أن اجلملـة عبــارة 1ذهـب إىل هـذا القـول بعـده اجلرجـاين والزخمشــري وغـريهم

أســندت إحــدامها إىل األخــرى ســواء أفــادت كقولــك :زيــد قــائم ، أو مل تفــد عــن مــا تركــب مــن كلمتــني

،وتنقسم إىل : 2كقولك إن يكرمين

مــن عمــل صــاحلا فلنـفســه ومــن أســاء ﴿: وهــى مــا بــدئت باســم حنــو قولــه تعــاىل:جملــة إســمية-

ها .15اجلاثية ﴾فـعليـ

.1املؤمنون 3﴾ قد أفـلح المؤمنون ﴿: وهي ما بدئت بفعل حنو قوله تعاىل :وفعلية -

:األسلوب الخبرياألول: المطلب

: اخلـرب هـو الصدق والكذب لذاته، وإن شئت فقلحيتمل ما عرف علماء البالغة اخلرب بأنه كل

، وتلـك الصـفة ثابتـة لـه ألن نفـع العلـم أمـر رج بدون النطق بـه حنـو العلـم نـافعما يتحقق مدلوله يف اخلا

، وقضت بـه الشـرائع وهـدت إليـه ت حتكي ما اتفق غليه الناس قاطبةصل يف احلقيقة والواقع وإمنا أنحا

، وقضـت بـه الشـرائع وهـدت إليـه العقـول بـدون لنـاس قاطبـة، وإمنا أنت حتكي، مـا اتفـق عليهـا االعقول

إىل انــه فــذهب اجلمهــور ،احنصــار اخلــرب يف الصــادق والكــاذب واختلفــوا يف، 4نظــر إىل إثبــات جديــد

ه عـدم مطابقـة حكمـه وكذبـ ر مـنهم صـدقه مطابقـة حلكـم الواقـع فقال األكثـ منحصر فيهما مث اختلفوا

أو خطأ وكذبه عدم مطابقة حكمـه ، وقال بعضهم صدقه مطابقة حكمه العتقاد املخرب صوابا كان له

ائشـة رضـي اهللا ومثال األول كأن يعتقد أحد أن حكمـه مطـابق للواقـع مث يظهـر حالفـه مثـل قـول ع ،له

عنها فيمن شـأنه كـذلك :" مـا كـذب ولكنـه وهـم " ورد بـان النفـي تعمـد الكـذب ال الكـذب ، بـدليل

وهـــذا األســـلوب حيقـــق االنســـجام الروحـــي ، 5كـــاليهودي إذا قـــال : االســـالم باطـــل" تكـــذيب الكـــافر

. 21دار الفكر العرىب بالقاهرة ،صحممد محاسة عبد اللطيف ، العالمة اإلعرابية بني القدمي واحلديث ،دط ت ، 1

على بن حممد الشريف اجلرجاين،معجم التعريفات ، حتقيق حممد الصديق املنشاوي ، دط، دار الفضيل للطباعة والنشروالتوزيع 2

. 70م، ص2004بالقاهرة ،تارخ النشر

م ص 2006هـ/1427لنشر والتوزيع بالقاهرة،أمحد اهلامشي،القواعد األساسية للغة العربية،الطبعة الثانية،مؤسسة املختار ل 3

324.

.55أمحد اهلامشي،القواعد األساسية للغة العربية، ص 4

.36عبداملتعال الصعيدي،بغية االيضاح يف شرح االيضاح ،ص 5

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

145

املواقــف الــيت تطــرأ والعــاطفي يف التــأثري علــى املتلقــي ،فالشــاعر خيــرب مبــا متلكــه نفســه مــن إحســاس إزاء

عليه من طبيعة خالبة وعاطفة قوية ، وامرأة فاتنة مجيلـة ومواقـف مبكيـة ، ويكـون الشـاعر بـذلك مـؤثرا

عنـــد البالغيــني إىل ثالثـــة اخلــرب وينقســـم الــذي يكـــون منســجما متألقـــا مــع نفســـية الشــاعر، يف املتلقــي

أضرب هي:

أوال : الخبر االبتدائي :

يكون يف حالة خلو الذهن من احلكـم حبيـث ال يؤكـد الكـالم لعـدم احلاجـة وحده البالغيون بأنه

بتـدائي يف الشــعر األندلسـي يف هـذه احلقبـة كظـاهرة أسـلوبية، حيــث يـربز ضـرب اخلـرب اال، و 1إىل ذلـك

الشـاعر، حيـث مـال يعد من أكثر األساليب اخلربية ترددا وسوف نتناوله من حيث تعبـريه عـن وجـدان

ون يف هذه احلقبة إىل توظيف األسلوب اخلربي يف أشعارهم ملا يعطيه هـذا األسـلوب الشعراء االندلسي

وسـأحاول مـن من مساحة فنية واسعة للتعبري عما جيول يف خاطر الشاعر من وجدان وكوامن نفسـية ،

خـــالل هـــذا املبحـــث إبـــراز هـــذه الظـــاهرة مـــن خـــالل التـــدليل عليهـــا مبختلـــف األمثلـــة الـــيت وردت عنـــد

ومن أمثلة ذلك قول ابن محديس يصف شوقه إىل حمبوبته : األندلسيني يف الغرض املقصود ، الشعراء

د د ـــــــــــج ــــك م ـــــيــشوقي إل

ن ــــــــوانحي يجنحن م وج

نقلت من الدرر الدموع

نىض ـــولبست فيه من ال

ريلي جديد تصب ـــبـــــي

حرق الهوى المستعر

ر ــــم ـــــــى العقيق األح إل

2ريــعرضا يالزم جوه

يصـف مـدى شـوقه وحرقتـه إىل لقـاء معشـوقته ، فيخـرب عـن ذلـك بأسـلوب خـربي خيلـو فالشـاعر

وهـو يريـد بـذلك الزم الفائـدة النـه يريـد االبتـدائي ، اخلـرب من التوكيدات وهو ما يسمى عنـد البالغيـني

يت علمـت وجـده وكلفـه �ـا ، ولكـن رغـم ذلـك فقـد جرعتـه حرقـة اهلجـر أن يبعث برسالة إىل حمبوبتـه الـ

فبــدأ يف البيــت األول بقولــه " والبعــد واجلفــاء، فيســتعطفها �ــذه االبيــات علهــا ترجــع عمــا فعلتــه بــه ،

.57أمحد اهلامشي،القواعد األساسية للغة العربية، ص 1

.178ابن محديس،الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

146

شوقي إليـك جمـدد" ليخـرب معشـوقته بـان شـوقه دائـم متجـدد لطـول البعـد ، ولكـن رغـم ذلـك يبلـى مـن

األمحــر لكثـــرة ســيال�ا علــى خديـــه حــىت تلونــت دموعـــه بلــون الــدم ل حــني ،اجلفــاء رغــم جتــدده يف كـــ

وهـذا االسـلوب كثـري يف شـعر ابـن محـديس وغـريه ولبس ثوب احلزن حـىت أصـبح يالزمـه صـباح مسـاء ،

:ومن ذلك أيضا قوله

هـــــب ـــــذيـــاء م ـــــقــــى لـــــــذوب إلــــب يـــــص

ماــــت ـــــك ــــاة م ــــوشــــــــــن الــــــــعمى هواه م

ه ـــــــوم ــــــع ل ــــــدفــــــع يــــــــكم الئم والسم

اــن ــل ل ــــق ـــملك القلوب هوى الحسان ف

مراـــــث ــــي م ــــدا لــــــو إذا بــــا السلــــمــــوب

ه ـول ـــب ـــتق ــــره ب ـــــــحــــــــر بــــزجـــــوالشوق ي

ه ــــبـ ذيــع ــن ت ـــــــيستعذب اآلالم م

ه ــريب ــرح غ ـــشــــفجرت مدامعه ب

ه ــ بــيـــوج ـــه ب ــيــــلـــــوالقلب يدفع ق

ه ــــلوب ــــق ـــــــكيف انتفاع جسومنا ب

خوط يميس على ارتجاج كثيبه

1ه ـــــــــنوب ــــــــه وج ــــالــــمـــــوره وشــــــودب

فهــو خيــرب حبيبتــه مبــا يالقيــه مــن بعــدها وجفائهــا ، حــىت أصــبح يســتعذب الــآلالم الــيت حاقــت بــه

حـىت جـرت دموعـه علـى وجنتيـه لشـرح كتمانـه وجـواه ، وكيـف ال وقـد ملـك هواهـا جراء طول اجلفاء ،

هــذه االبيــات يبتــدؤ الشــاعر كــال منهــا باألســلوب إنــه ال يســتطيع الســلو عنهــا بغريهــا ، ففـي قلبـه حــىت

اخلــربي الــذي يريــد منــه لــزوم الفائــدة الــيت يريــد منهــا إخبــار حبيبتــه مبــا يلقــاه لتعــذيبها لــه ببعــدها عنــه ،

ر والبعـــد الـــذي يلقونـــه مـــن وعنـــدما نقـــرأ الشـــعر االندلســـي فإننـــا جنـــد أ�ـــم كثـــريا مـــا يشـــكون مـــن اهلجـــ

: هومن ذلك قول ،زيدون العامرة باحلب مل ختل من ، وال شك أن حياة ابن حمبو�م

أرخصتني مــــن بـــعـــــد مــــا أغــــلـــيـــتــــني

ــىــــبادرتني بالعزل عن خــــطـــط الـــرض

الــــصــبـــــر شـــهـــــد عــنـــدمــا جـرعــتــــنـي

ص األذىـــصــكنت المنى فأذقتني غ

نيـــت ــــــ يــــل ـــا أغ ــمــالــطــحططتني ولو

يــــــ تنـــي ــولقد محضت النصح إذ ول

نيـــ تـــــي ـــــل ــــــا أص ــــدمــــنـــوالنار برد ع

2يــ تنـــي ــل ـــك ب ــــيـــــياليتني ما فهت ف

.10ابن محديس،الديوان، ص 1

.312بن زيدون ،الديوان، ص ا2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

147

لتـه رخيصـا بعـد أن كـان غاليـا عليهـا وحطـت فابن زيدون خيرب حبيبته أنه راض مبا فعلته به، فجع

مــن قــدره بعــد إعــالء شــانه ، ورغــم ذلــك تقبــل مــا بــدر مــن حبيبتــه بــل رأى أن كــل مــا تفعلــه بــه مجــيال

نـاؤ وجـدها بـردا وسـالما علـى نفسـه ، ويقـول لدرجة انه ملا جرع الصرب وجـده شـهدا وحينمـا أحرقتـه بال

يف قصيدة أخرى خمربا عما جيده يف نفسه :

د ومن أهواه في الحب عابث أج

حبيب نأى عني بالقرب واألسى

ه ــــدا وأزال ــــــعــــاف الـــطـــي بإلــجفان

تغيرت عن عهدي وما زلت واثقا

ث ـــــــاك ـــــو ن ــــد إذ هـــهـــعـــوأوفي له بال

ث ــــــــــاك ـــــب ن ــــلــــقـــــمقيم في مظمر ال

ادث ــــطيعة ح ــقــالوصل رأي في العن

1وادث ــــــــح ــك الـــرتــــيــــبعهدك لكن غ

ذلـك فاحلبيب مبتعد عنه على الرغم من القرب املكاين ، وهذا ما دعى قلبه إىل األسى والتوجع

دة مشــهورة ملــا كــان بينــه وبــني حبيبــه مــن وفــاء وهيــام ، فتغــري عنــه إىل أعدائــه وقصــة ابــن زيــدون مــع وال

جدا .

ابـن هذا االسلوب عند غـريه مـن شـعراء هـذه احلقبـة يف الغـرض نفسـه ومـن ذلـك قـول وقد تكرر

خفاجة :

ق ـــــل ـــــــه ف ــــــــــهـــــي وجـــه وفــــتـــازلــــغ

ه ـــــت ـــــل ــج ـــــوارتج يعثر في أذيال خ

ه ــــ ور صفحتـــــــتخال جيالنه في ن

عجبت وعيني ماء والحشا لهب

ق ـــــــف ـــده ش ـــفما عدا أن بدا في خ

رق ورق ـــبــــتـــغصن بعطفيه من اس

كواكبا في شعاع الشمس تحترق

2نة طرق ــــكيف التقت بهما في ج

.183ابن زيدون،الديوان، ص 1

.370ابن خفاجة،الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

148

ه الشــفق وهــيأن وجههــا نــور الصــباح صــاب، كــ جاريــة وقعــت عينــه عليهــا فــابن خفاجــة يصــف

حــىت متايلــت كالغصــن �ــزه نســمة ، صــف حليائهــا ومحــرة خــديها الفــاتنني، وهــذا و احلمــرة يف أول الليــل

يف خــده شــفق" اســتطاع أن يعــرب عــن داللــة يف وجهــه فلــق ، فالشــاعر بقولــه :" الصــباه وميــوج كــاحلرير،

بـاحلمرة ،شـبع حـني يالشـفق نـور الصـباح و خد حبيبته الـذي يشـبه وجه و وهو يصف ، املعىن وثبوته

: ومن ذلك قوله أيضا

صحا عن اللهو صاح عافه خلقا

وعطل الكأس من شقراء سابحة

اـوت به ــــه ــــورب ليلة وصل قد ل

اــم ـا كل ــنـــنـــيــه بــــيــــدر فــوال نثر ال

اـــه ــــت ب ـــرق ـــد ش ـــرى قـــبـــورب غ

لتهباتخال ما احمر من خديه م

اــــق ــــل ــــه خ ــــاال لـــربـــع ســلـــخـــفقام ي

ا طلقاـبـــصــان الـــــعــــريـــــأال كفاها ب

اــــــق ــــف ــــا ش ــــاربــــا أو شـــقـــلـــمغازال ف

قاـــــــــس ـــــسم ن ــبــن مــه مــلـبــى أقـــتــح

اـــــرق ــــه ح ـــتــفي موقف للنوى أضرم

1بها وما اسود من صدغيه محترما

فالشاعر ابن خفاجـة يصـف يف هـذه االبيـات جملـس هلـو وأنـس لـه ، وأتـى �ـا الكثـري مـن الصـور

فقولــه: "شــقراء ســاحبة" كنايــة عــن اخلمــرة ، وقولــه :" مغــازال البديعــة الــيت زادت أســلوبه رونقــا ومجــاال ،

كناية عنتناسق أسنانه وشدة كناية عن حمبوبه واخلمرة، وقوله: " ال ننثر الدر فيه" فلقا" و"شاربا شفقا"

بياضــها ، مث شــبه محــرة خديــه باللهيــب مــن النــار ومــا اســود مــن ســدغيه مــا احــرتق مــن احلطــب لشــدة

ســواده ، إذن نالحــظ مــن خــالل هــذه االبيــات أن ابــن خفاجــة قــد وصــف جملســا للهــو لــه عــن طريــق

.احلكم اليت تضمنته أبيات القصيدة يراد منه إفادة املخاطب االبتدائي الذي االسلوب اخلربي

.374ابن خفاجة ،الديوان، ص 1

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

149

ويف وصف احملبوب يقول ابن احلداد :

م ـــــتمن بـينه توالشمس شمس الحسن

ونـــــــاظـــــري مـــخـــتــــلـــــس لــــمـــحــــهـــــــا

ار نـــــويــــــريــــــــــــة وفــــــي الــــحـــــــشــــــا نـــــ

هاــــال تـــــــنـــطــــفــــي وقــــتــــا وقـــد رمـــتــــ

ات ـــــــتحت غمامات اللـثام

اتي ـــــــــولـــمــحهـــا يــضرم لوع

ـــــــنـــــيــــات علقتها مــــنــــذ س

1يــــــبل تلتظي في كل أوقات

فابن احلداد خيرب يف هذه االبيات عن مكانة حمبوبته بني النساء النصرانيات األخريـات فيشـبهها

بأ�ا مشس احلسن بينهن من اللوايت وضعن اللثامـات علـى أفـواههن ، فهـو قـد كلـف �ـا وذهبـت بعقلـه

جلــأ الشــاعر إىل هــذا وقلبــه منــذ صــغره أشــعلت نــار العشــق والوجــد بــني جواحنــه الــيت ال تنطفــي ، وقــد

األســلوب البســيط ، ألنــه يتحــرر بــه مــن كــل قيــد ويعطــي اجلملــة إحيــاءات جديــدة ويبعــدها عــن الرتابــة

اململة .

ظرات حمبوبته فيخرب عن ذلك بقوله :نوهذا ابن زيدون يتأثر بن

اــــسيمه ــــيل ن ــلــعـــي الـــفــشــة يـــشــورام

م ـــع ـــن ــان م ـــــنـــــوي بـــــحـــــا نـــهـــار بــــأش

سرت نضرة من عهدها في غصونها

ه ـــف ـــــك ــــن ب ــــيــــمـــاســــيــــإذ هو اهدى ال

ر ـــــــــش ـــن ــة الــبـــيـــاس طـــفـــمضمخة األن

ر ــح س ــالــ ع بـــدامــمـــألغيد مكحول ال

ر ــــزه ـــــه الــلـــئاــوعلت بمسك من شم

2أخذت النجوم الزهر من راحة البدر

فهــو خيــرب عــن إشــارة احملبــوب ببنــان نــاعم وعينــني مكحــولتني إىل باقــة مــن الرحيــان يشــفي العليــل

معطــرة بالطيــب ذات رائحــة مجيلــة،حيث انتشــر الرونــق املعهــود يف غصــو�ا وســقيت مســكا نســيمها ،

الشاعر إذا سقي زهر اليـامسني بكـف حمبوبـه حيسـب أنـه آخـذ بـالنجوم املشـعة صافيا نقيا منها ، فكأن

من راحة البدر .

.160ابن احلداد ،الديوان ، ص1

.102ابن زيدون ،الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

150

بـذلك ان وهـو يرجـو ، عد واجلفاء الـذي جيـده مـن حمبوبتـهويقول يف قصيدة أخرى يشكو فيها الب

:ترجع إليه تعفو عنه و

ظر ـن ـــلئن فاتني منك حظ ال

وغن عرضت عفلة للرقيب

اة ــــوش ــــي الـــظــتــأحاذر أن ت

ه ــــــــا أن ــنــقـيـــتـــســـر مــــبـــوأص

خبـر ـــاع الـــمـــت بســيـــفـــتـــالك

ر ــــص ــت ــــخ ـــة ت ـــمــيــفحسبي تسل

ذر ــــــح ـــالـــوقد يستدام الهوى ب

1سيحظى بمثل المنى من صبـر

آالمه وما خيتلج بنفسه ، ويرتبص بسماع خرب من عـن حمبوبتـه الن النظـر إىل فيخرب الشاعر عن

مفاتنها قد فاته ، ولو سنحت الفرصة يف غفلة الرقيب الكتفـى بسـالم خمتصـر ، مـع احلـذر مـن الوشـاة

حىت ال يسوء الظن به ، الن احلب قد يستدام مع احلذر لعل الصرب يبلغه يوما ما يتمناه .

ألسلوب اخلربي يف أشعارهم قـد خـرج عـن كونـه جمـرد خـرب يلقـى إىل املتلقـي بـل ن اوهكذا نرى أ

صــار حيمـــل معــان كثـــرية منهـــا مــا يعـــج بالشـــكوى وأمل احلــزن مـــن طــول اجلفـــاء والبعـــد ، ومنــه مـــا يعـــج

بالشوق واهليام باحملبوب .

الخبر الطلبي :ثانيا :

تـردده، فيكـون حباجـة إىل تأكيـد احلكـم نه اخلـرب الـذي يلقـى إىل املتلقـي حـال وحده البالغيون بأ

. 2ليتمكن من نفسه ويطرح اخلالف وراء ظهره

ــــه مــــن حتقيــــق االنســــجام الروحــــي وقــــد مــــال األندلســــيون إىل اســــتعمال األســــلوب اخلــــربي ملــــا ل

والعاطفي يف التأثري يف املتلقي ، فالشاعر خيرب مبا متلكه نفسه من إحسـاس إزاء املواقـف الـيت تطـرأ عليـه

بيعـــة خالبـــة أو عاطفـــة جياشـــة أو موقـــف معـــني أو حـــدث مـــا ، ويكـــون الشـــاعر �ـــذا مـــؤثرا يف مـــن ط

.104ابن زيدون ،الديوان، ص 1

.57أمحد اهلامشي ،جواهر البالغة، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

151

املتلقي الذي يكون منسجما متآلفا مع الشاعر ، فيكونان معـا القـيم اجلماليـة املرجـوة يف التـأثر والتـأثري

.1من خالل النص الشعري

ومـن ذلـك قـول ابـن مـن الـزمن ، هـذه احلقبـةوقد ورد هذا النـوع بكثـرة يف أشـعار األندلسـيني يف

حزم يف باب عالمات احملبة :

رة ــــم ـــس ح ـــــإذا مارأت عيناي الب

غدا لدماء الناس باللحظ سافكا

راط ــــف ــــــتقطع قلبي حسرة وت

2وضرج منها ثوبه فـتـعصفرا

اضـطراب يبـدو علـى احملـب عنـد عقد ابن حزم هذا الباب لعالمات احملبـة ، وأثبـت مـن عالما�ـا

رؤيــة مــن يشــبه حمبوبــه أو عنــد مســاع امســه فجــأة ، فــنظم هــذه القطعــة الشــعرية الــيت يريــد ان يصــف مــن

مـــن نفـــس رؤيـــة حمبوبـــه ، فاســـتعان بأســـلوب اخلـــرب الطلـــيب ليـــتمكن الوصـــفخالهلـــا حـــال احملـــب أثنـــاء

ع وتفطــر وضــرج" بالتضــعيف عــل "تقطــف التوكيــد بــاحلروف الزائــدة يف الفاملتلقــي ، وهــو بــذلك قــد وظــ

املعتمــد ابــن عبــاد يتحصــر علــى ملكــه بعــد ســجنه وهــو يــرى بناتــه وقــد وطــأن الطــني ومــن ذلــك قــول

بأقامهن احلافية:

يطأن في الطين واألقدام حــافـــيــــة

الخد إال ويشكو الجدب ظاهره

وراـــــــــاف ـــكأنها لم تطأ مسكا وك

3ع األنفاس ممطوراوليس إال م

ويفيــد اخلــرب يف البيــات الســابقة الشــكوى والتحســر، وللتعبــري عــن شــدة اإلحســاس �ــذا الشــعور

، مث يــأيت يف آخـــر القصــيدة نفســـها تثناء املفـــرغربي املؤكـــد باالســاملــؤمل يســـتخدم الشــاعر األســـلوب اخلــ

ذلك يف قوله :باألسلوب اخلربي ليخرج إىل معن أخرى منها العربة واالتعاظ ، و

قد كان دهرك إن تأمره مـــمتــــثـــال

من بات بعدك في ملك يسر به

وراـــأم ــفردك الدهر منهيا وم

4فإنما بات باألحالم مغرورا

.274،القيم اجلمالية، ص آزاد حممد كرمي الباجالين1

.174ابن حزم ،طوق احلمامة، ص 2

.178ابن عباد،الديوان، ص 3

.178ابن عباد،الديوان، ص 4

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

152

يف هذه االبيات أيام ملكه ، حيـث كـأن الـدهر يـأمتر بـأمره ولكـن هيهـات لـذلك فيتذكر املعتمد

، وقــد علــم مــن ســرية ورا مغلوبــا فليــتعظ كــل ملــك مغــرور كــان، وأصــبح امللــك مقهــد ألن الــذي وقــع قــ

مطاعا ، فتح البلدان ووطـد أركـان مملكتـه وثبـت دعائمهـا بعـد اجلهـود العظيمـة ، ن ملكا املعتمد أنه كا

حىت قهره املرابطون بعد دخـوهلم األنـدلس فكـان عـربة ملـن يعتـرب وبقيـت يف نفسـه غصـة إىل أن مـات ،

لفـــتح يف أخبـــار املعتمـــد :"ومـــا زالـــت عقـــارب تلـــك الدخلـــة تـــدب ، ورحيهـــا العصاصـــفة �ـــب ، قـــال ا

وتضــمر احلقـــد وتعتقــد ، حـــىت دخــل البلـــد مــن واديـــه ، وبــدت مـــن املكــروه بواديـــه ، وكــر عليـــه الـــدهر

بعوائـده وعواديـه ، وهـو مستمسـك بعـرى لذاتـه مـنغمس فيهـا بذاتـه ، ملقـى بـني جواريـه ، مغـرت بودائــع

كـه وعواريـه ، الـيت اسـرتجعت منـه يف يومـه ، ونبهـه فواتـه مـن نومـه ، وملـا انتشـر الـداخلون يف البلـد ، مل

.1"وأوهنوا القرى واجللد ، خرج واملوت يتسعر من أحلاظه ، ويتصور من ألفاظه

: بقوله وهذا ابن محديس خيرب عن حمبوبته

اــــه ــــن أ ـــي ك ــوانـــغـــن الـــيــــي بــتـــلــاتــوق

حياة، ولـــكـــن طـــرفـــها ذو مــــنــــــيـــة

شكوت إليها لوعة الحب فانـثـنت

لمه ـــع ـــت ب ــتطــــفقيل:عذاب لو اح

ب ـــــــــل ـــــق ــــة الــــبـــي حـــن فـــيـــعـــالــــورة بــــصــــم

ب ـــــــض ـــــــع ــــرف الــــن طـــأما يتوقى الموت م

؟ب ــــــــــح ــــــة الـــــوعــا لـــ: ومــهـــايــربــتـــول لــــقـــت

2ذب ـــــــــــلجدت على الصادي بماء اللمى الع

مــن نفســه ، فيجعلهــا مصــورة فالشـاعر يف قولــه :"كأ�ــا .." اســتطاع أن يعــرب عــن مكــان حمبوبتــه

ه با�ا ال تفارقه يف جلوسه ومقامه ، مث يايت يف البيـت الثـاين ليشـكو إليهـا الوعـة ، وهذا إحياء منيف قلبه

.نشاء بقوله :" وما لوعة احلب..؟"اليت جيدها من احلب ، فيمزج يف ذلك بيناخلرب واال

.214املقري ،نفح الطيب، ص 1

.18ابن محديس ،الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

153

ثالثا : الخبر االنكاري :

شــك يف نفســـه وحــده البالغيــون بأنــه اخلـــرب الــذي حيتــاج يف املتلقـــي إىل أكثــر مــن مؤكـــد لوجــود

، وقــــد ورد هــــذا النـــوع مــــن اخلــــرب بكثــــرة يف أشــــعار 1ويكـــون ذلــــك علــــى حســــب إنكـــاره قــــوة وضــــعفا

ابن محديس خيرب عن لوعته :األندلسيني ، ومن ذلك قول

يـــــتـ وع ــر ل ــيــولوعة بالشوق غ

اــــــن ـــــ جــــي ش ـكائـوإنما يبكي ب

لو انطق المربع وهو اخرس

ة ــــــــــــا ورق ــــيــــــة ردت قـــــعــــووق

ع ـــــن ادم ـــــا مــــهــا لــا ومـهـكأن

عي ـــــــــوأضلع في الوجد غير أضل

يــــــع ـــــه وج ــــيــــرف فــذو وجع يع

يــــــــع ر ـــــض ـــــه ت ــــقــــطــــ، انتـــضـــرع

يـــــع ــــــدم أن ـــيبكينوائحا بالحزن

2ـــــــــــــيع ـــــدم أ أعارها القطر سجال

خيــرب الشـــاعر يف هـــذه االبيــات عمـــا جيـــده يف نفســه مـــن لوعـــة وشــوق وأمل وجـــوى ، فيكـــرر أداة

التوكيــد مــرتني إذ يــذكر يف البيــت االول أن الــذي يبكــي مثــل بكــائي إال مــن عــرف ســر الوجــع الــذي

د بعد ذلك لتشبيهها بالقطر الذي ينزل من السماء لكثر�ا .أحس به ، ليعو

مث يعود بعد ذلك بأبيات ليصف حمبوبته يف قوله :

سيف وسهم لحظها ولهذم

اـــــه ـــــت ــــــكأنما تبسم إن مازج

اـه ــل ــق ــــص ـــــكأقحوان روضة ي

وة ــــــه ــــــــــالف ق ـــــكأن فيها س

وع ــــــــــــن ــــم ـــا الـــهــكــتــفــا لــبــــجـــا عــي

ع ـــــــــــــــم ــــــروق ل ـــــن بــــيــرد بــــن بـــــع

مدوس شمس في الندى المميع

3ع ـــش ـــــع ـــش ــــاء ظلمها م ــمــــصرف ب

.58أمحد اهلامشي، جواهر البالغة، ص 1

.300ابن محديس ،الديوان، ص 2

.301ابن محديس ،الديوان، ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

154

مث شــبه أســنا�ا يف فتكــه املتنــوع ، يصــف الشــاعر حلــظ حمبوبتــه بأنــه تــارة كالســيف ومــرة كالســهم

حببات الربد من شـدة بياضـها ، مسـتعمال يف ذلـك أداة التوكيـد "كأمنـا" ، مث يشـبهها بـالورد يف الـروض

وشعاع الشمس يصقلها ، وهو بذلك يريد حتقيق داللة الفعل على حمبوبته .

ومن ذلك أيضا قول ابن خفاجة وهو يودع عهد الوفاء من حمبوبته :

اــودع ــــــم على عهد الوفاء م سال

ة ـــــل ــــــــر ب ـــــسالم له فوق المحاج

نـنا وقد كان يسري والنتائف بـيـ

ب ــــيــس ــسالم فراق ما أقام ع

وطورا بأنحاء الضلوع لهيب

1ب ــــيـــفتندى به ريح وينفح ط

فــراق مــا أقــام عســيب" وهــي كنايــة عــن يــودع عهــده مبحبوبــه، "ســالم فالشــاعر يف هــذه األبيــات

دوام الفراق ما أقام هذا اجلبل "عسيب" ، وهو بذبك يكرر لفظـة "سـالم" أكثـر مـن مـرة للداللـة علـى

الغصة اليت جيدها يف نفسه من األمل واحلزن الذي حلقه جراء ذلـك ، وتوظيفـه التكـرار يف هـذه االبيـات

م على فعل ذلك ، وقد الحظت من خـالل التحليـل فيه من داللة االنكار على ما حصل ، لكنه مرغ

لكثــري مــن االبيــات عنــد االندلســيني يف هــذه احلقبــة ، كثــرة وقــوع الشــعراء االندلســيني يف هــذه املواقــف

وذلك يرجع للرتف الذي اختصت به تلك الفرتة من الزمن .

ذلك :وهذا ابن حزم القرطيب يعرض له يف الصبا من اهلجر ممن آلفه أحبه ، فيقول يف

ه ــــــــأن ــــــــــب ك ــيـــبــحــــلــرت ودا لـــذكـــت

ت ــــاب ــــه ث ــــوعهدي بعهد كان لي من

ه ـــــــوع ــــــرج ـــــا ب ـــنـــوقـــــه ال مـــت بـفـــوق

إلى أن أطال الناس عذلي وأكثـروا

ه ـــــب ــــن أح ــمــــط مـــــكأن فنون السخ

كأن انقالب الهجر والوصل مركب

د"ــــــــم ــــه ــــة ث ــــرقــبــالل بـــة أطــولــــخــــ"ل

ي"لوح كباقي الوشم في ظاهر اليد"

د"ـــــغ ـــــى الــــ"وال آيسا أبكي وأبكي إل

د"ـــــل ــــج ـــــى وت ـــلك أســـهـــ"يقولون ال ت

النواصف من دد"ـــن بــــيــــفــــ"خاليا س

2دي"ـــت ـــه ــــــورا وي ـــــه المالح طـــ"يجور ب

.344ابن خفاجة ،الديوان، ص 1

.292ابن حزم، طوق احلمامة ، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

155

فالشاعر يف هذه املقطوعة يتدلل إىل حمبوبته بعد أن هجرته ، وقد ذكر ابـن حـزم أن هـذا التـدلل

قصـيدة ألذ من كثري من الوصل ويف هذا قال أبياتـه ، وهـو يف ذلـك خيـتم كـل بيـت منـه بقسـم مـن أول

طرفـة ابــن العبــد، واملالحـظ يف هــذه االبيــات أنـه جلــأ فيهــا إىل اسـتعمال أكثــر مــن مؤكـد يف غــري موضــع

منها ، ومن ذلك استعماله ألداة التوكيد "كأن "أكثر من مرة، وكـذلك اسـتعماله للتكـرار يف قولـه "وال

. آيسا أبكي وأبكي إىل الغد"

المطلب الثاني : األسلوب االنشائي :

رف علــم املعــاين بأنــه تتبـع خــواص تراكيــب الكــالم يف اإلفــادة ومـا يتصــل �ــا مــن اإلستحســان يعـ

، ويقســـم 1وغــريه ليحـــرتز بـــالوقوف عليهـــا عـــن اخلطـــأ يف تطبيـــق الكـــالم علـــى مـــا تقتضـــي احلـــال ذكـــره

علمــاء املعــاين الكــالم إىل خــرب وإنشــاء ، فــاخلرب مــا يصــح أن يقــال لقائلــه أنــه صــادق أو كــاذب، وأمــا

اإلنشــاء فمــا اليصــح احلكـــم عليــه بالصــدق أو الكـــذب، ولكــل مجلــة مــن مجـــل اخلــرب واإلنشــاء ركنـــان

،ويقسـم علمـاء البالغـة األسـاليب 2،حمكوم عليه ،وحمكوم به ويسمى األول مسندا إليـه والثـاين مسـندا

ويكـون اإلنشائية إىل طلبيـة وغـري طلبيـة، فالطلبيـة هـي مـا يسـتدعي مطلوبـا غـري حاصـل وقـت الطلـب

ذلـــك خبمســـة أشـــياء :األمـــر والنهـــي واإلســـتفهام والتمـــين والنـــداء،وأما غـــري الطلـــيب فهـــو مـــاال يســـتدعي

وإذا كــان اخلــرب 3كصــيغ املــدح والــذم والقســم والرجــاء وكــم اخلربيــة مطلوبـا غــري حاصــل وقــت الطلــب

ب اإلنشـائية الطلبيـة منهـا ميثل اللغة يف جانبهـا القـار، فـإن اإلنشـاء ميثلهـا يف جانبهـا املتحـرك، فاألسـالي

وغري الطلبية، من أبرز مظاهر اللغة اليت تعرب عن حيويتها، ويتمثل ذلك يف عدة عوامل منها :

:من مقومات الرتاكيب اإلنشائية، وخاصة منها الطلبية: العامل الصوتي -

ل أو فهـذه التـنخفض يف آخرهـا، لبقـاء الكـالم يف حاجـة إىل جـواب بـالقو :النغمة الصـوتية -

إستجابة بالفعل، مما جيعل الكالم منفتحا غري منغلق

: األســاليب اإلنشــائية تنبــئ بقيــام حــوار، وقــد تفضــي إليــه وقــد ال تفضــي، العامــل النفســي -

وحبسب ذلك تتلون معانيها ودالال�ا.

. 34اإليضاح ىف علوم البالغة ،ص 1

. 237م.ص 2007علي اجلارم ومصطفى أمني ، البالغة الواضحة ،دط ، دار قباء لنشر والتوزيع بالقاهرة ، 2

. 69جواهر البالغة،ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

156

وبــــذلك تنشــــط األســــاليب اإلنشــــائية مراحــــل الــــنص إذا دخلتــــه، وتعــــرب أكثــــر مــــن غريهــــا مــــن

.1ن حاجة الباث إىل مسامهة املتلقياألساليب ع

هــذه احلقبــة رأيــت كثــرة تــردد بعــض األســاليب دواويــن شــعراء األنــدلس يفومــن خــالل نظــري يف

اإلنشائة هي مثل اإلستفهام والنداء والتمين والقسم والرجاء ، ذلـك ملـا يسـتدعيه املقـام ألن الكثـري مـن

نـداء ومتـين لك تارة إىل االستفهام وتـارة أخـرى إىل االالشعراء أصيبوا خبيبات يف حمبوبا�م فاستدعاهم ذ

.ورجاء

: أوال: أسلوب النداء

،: اهلمــزة وأيواتــه هــىأنــادي، وأدهــو طلــب املــتكلم إقبــال املخاطــب عليــه حبــرف نــاب منــاب

ذه احلقبـــة بكثـــرة لغـــرض االســـتلطاف وقـــد تـــردد يف أشـــعار األندلســـيني يف هـــ، 2 و أيـــا ،وهيـــا ،ووا ،ويـــا

ك قول ابن اللبانة ينادي مغنية أعجب �ا :ومن ذل

واد ـــيا شادنا حل في الس

ت ــــاف ـــــال ط ـــمــــجــوكعبة لل

مازدتني في الوصال حظا

من لحظ عيني ومن فـؤادي

اد ــــب ــــع ــــس ال ــــفـــا أنـــمن حوله

3اد ـــــي ازدي ـــوق فــإال غدا الش

فوقع نظرته عليه كـان أشـد انة استهل هذه االبيات بنداء وجهه إىل جارية أعجب �ا ، ن اللببفا

مــا يكــون حللولــه يف شــغاف قلبــه ، حــىت لكأنــه الوصــل منــه زيــادة يف االشــتياق إليــه وهــذا حــال احملبــني

ومن ذلك أيضا قول ابن خفاجة :،

وىـــــــفيا بانة الوادي بمنعرج الل

بطن لعج ويا نفحات الريح من

أتصغي على شحط النوى فأقول

4ل ــــــيــخ ـــأال جاد من ذاك النسيم ب

.350خصائص األسلوب، ص 1

.89ص جواهر البالغة، 2

.50ابن اللبانة، الديوان ،ص 3

.89ابن خفاجة ، الديوان ، ص 4

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

157

وهــي مــن أشــجار الباديــة وأســندها للــوادي ، كمــا نــادى الريــاح وابــن خفاجــة �ــذا فنــادى البانــة

ــــة ت ســــمح مــــن خــــالل هــــذا األســــلوب النــــداء يشــــرك معــــه الطبيعــــة ويبــــث فيهــــا احليــــاة يف عذريــــة بدوي

ورغبته يف بثها . ، ودل بتكرار حرف النداء على عمق األسى يف نفسهبالشكوى

: وهذا املعتمد ابن عباد يقول عندما زارته جاريته سحر وهو عليل

سأسأل ربي أن يديم بي الشكوى

ة ـــل ـــك ع ــربــقــت لـــــانــــو كــــلـــــإذا ع

يــــــارت ــ شكوت وسحر قد أغبت زي

ة ــــب ـــــيــــــب ـــت ح ـــــــتي دومي فانفيا عل

فقد قربت من مضجعي الرشأ األحوى

وىــــــــــــق ـــــتمنيت أن تبقى بجسمي وأن ت

فجاءت بها النعمى التي سميت بـلوى

1وىــــــــك ــــش ـــــويا ربي سمعا من ندائي وال

حـىت يتمـىن لـو أنـه يبـه رغـم مـا جيـده مـن علـة ومـرض ،فالشاعر يف هذه االبيات حيـس بـأنس حب

يبقى مريضا ملا جلب عليـه مـن نعمـة زيـارة احملبوبـة الـيت أنسـته وجعـه وأملـه ، ويتمثـل النـداء يف قولـه "فيـا

، وتكثر النداءات يف أشعار املعتمد بن عباد ومثال ذلك قوله :عليت دومي" و" ياريب مسعا"

يا صفوتي من البشر

ىــــش ـــــــــنا إذا م يا غص

د ــــــيا نفس الروض ق

ذيـــــــياربة اللحظ ال

داـــــــمتى أداوي يا ف

ر ــــــا بل يا قم ـبــــوكــــا كـــــــي

ر ــــــــظ ـــــــــأ إذا ن ــــا رشـــــــــــــي

ر ـــــــــح ـــــح س ـهبت لها الري

ر ــــت ـــــي إذا ف ــــاقـــــد وثـــــــش

2ر ـــــــــــك السمع مني والبص

الشاعر أسلوب النداء يف هذه االبيات بكثرة ليدل بذلك على اهليام الذي وقع فيـه وال استعمل

تــردد النــداء يف كــل ســبيل لــه إىل اللقــاء بينــه وبــني حمبوبــه ، ولكــن هيهــات لــذلك وممــا يــدل علــى ذلــك

يا نفس الروض ، يـا ربـة اللحـظ" ، ففـي كـل بيـت ينـادي الشـاعر معشـوقته "يا صفويت،يا غصنا ،بيت

.02ابن عباد، الديوان ، ص 1

.13ابن عباد، الديوان ، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

158

، وهذا ما أعطى اجلماليـة هلـا مـن خـالل داللـة األلـة واجلفـاء ومـا يقابلـه مـن علها تسمعه فتداوي جواه

.إصرار من الشاعر

مسـتهل قصـيدته بأبيـات مـن الغـزل علـىفيـأيت يف ، وهذ ابن احلداد ميدح املمعتصم بن صـمادح

طريقــة الشــعراء اجلــاهليني ، مســتعمال اســم لبــىن زمــزا للوفــاء و احلــب وهــي مــن األمســاء الــيت ختــف عــى

ألسنة الشعراء ، وذلك يف قوله :

ه ــــــنى وإن ــيـــبــرويدا فذا وادي ل

ن ــــــويا حبذا من آل لبنى مواط

ميادين تهيامي ومسرح ناظري

ئ ــــــام ـــــظ ــــــي ل ـــــي وإنـــاتـــانــلورد لب

واطئ ــــــــــويا حبذا من أرض لبنى م

1ادئ ــــب ــــــه وم ــــات بــــفللشوق غاي

، لــه يف ذكريــات مجيلــة بــت راحلتــه مــن مــوطن عزيــز علــى قلبــهفالشــاعر يتــذكر حمبوبتــه عنــدما اقرت

فيا حبـذا ،"تـربك فيـه لعلـة يسـتعيد فيهـا ذكرياتـه وجمالس أنس وهلو ، فيطلب من راحلته اليت ميتطيهـا أن

، كل ذلك أثـار شـوقا حـارا نت تسكنه احلبوبة ووطأته أقدامها، وهو املكان اليت كامن آل لبىن مواطن"

يبغي الشاعر من خالله القاء يف تلك الربوع اخلضراء .

عد لقاء معه، فتقول : دة بنت املستكفي تودع ابن زيدون بوهذه وال

ك ــــب ودع ــــحــــلصبر مودع ا

يقرع السن على أن لم يكن

اــنــــاء وســــنـــــدر ســـبــيا أخا ال

ك ــــودع ــــت ــــا اس ــــره مـذائع من س

ك ـــــــــزاد في تلك الخطى إذ شيـع

2ك ــــــــــع ــــل ـــا أط ــــانـــظ اهللا زمـــفــح

، وقـد كانـت قبـل ذلـك زيدون بعد لقاء أحـر مـن اجلمـر معـه ودع ابنتهذه االبيات فالشاعرة يف

، وذاع كــل مــا كــان مســتورا قبــل اللقـــاء ، مث ذهبــت لوعتــهمتمنعــة منــه فالصــرب الــذي كــان قبــل ذلــك

تشبهه بالبدر �اء ومجاال ، مستهلة يف ذلك التشبيه حبرف النداء "يا" .

.142ابن احلداد، الديوان ، ص 1

.206املقري ،نفح الطيب، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

159

جا�ا يف ابن زيدون فتقول :وهذه والدة بنت املستكفي تبث أش

نا حان ابن زيدون حين فيه تـوليـ

يا من عن البدر تـــغــنـــي طـــلـعــتــه

هزتنا لالنس أرواح السرور كمـا

وصال فيدني تالقينا أمـــانـــيـــــــــنا

ولفظه عن كؤوس الراح يـغنينــا

1في روض أفراحنا هزت أفانينا

فـوالدة يف هـذه االبيـات ترتقـب وصـال مـن ابــن زيـدون ، الـذي تشـبه طلعتـه بالبـدر �ـاء ومجــاال ،

وجتعـل حديثــه أحلــى مـن اخلمــر الــيت تســحر العقـول واأللبــاب ، وهــي بــذلك تبتـدأ تشــبيهه بــأداة النــداء

"يا" .

ن لوعـات وال شك أن الشاعر األندلسي يف هذه احلقبة دائم الرتقـب للوصـل احملبـوب ، خائفـا مـ

اهلجــــر واجلفــــاء ، وقــــد بــــدى ذلــــك يف األشــــعار املنقولــــة عــــنهم كمــــا مــــر يف هــــذه االبيــــات ، وغــــزل

األندلســيني يف معظمــه ال يقتصــر علــى واحــدة ممــا يــدل علــى ان األندلســيني أغرمــوا باجلمــال يف تلــك

ثال يف واحـدة كمـا احلقبة من الزمن ، ملا كان فيها من بذخ وتوافر للجواري ، فكانوا ال يـرون اجلمـال ممـ

ا�م ال يكتفون بطيف احملبوب .

.34ابراهيم األحدب الطرابلسي ، الوزير ابن زيدون مع والدة ، ص 1

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

160

ثانيا : أسلوب االستفهام :

: اهلمـزة وهـل ومـن ن قبـل وذلـك بأحـد أدواة اإلسـتفهامهو طلب العلم بشـيء مل يكـن معلومـا مـ

نشـاء الطلبيـة الـيت يسـتعني �ـا الشـاعر أسـاليب اال وهو مـن"، 1ومىت وأيان وكيف وأين وأىن وكم وأي

لتكــون الــدافع إىل التــأثري يف نفــس املتلقــي وإشــراكه يف العمليــة الشــعرية مــن جهــة وللتعبــري عــن معانــاة

ستفهام من األساليب اليت تـرددت كثـريا يف أشـعار ويعد االالشاعر النفسية والشعورية من جهة أخرى،

ا اسـتطاع الشـاعر ، حبيـث شـكل لوحـده ظـاهرة أسـلوبية مـن خالهلـندلسيني يف هذه احلقبة من الـزمناأل

.2"أن يبث وجدانه ومهومه وأحزانه

وقد جلأ الشاعر األندلسي إىل هذا األسلوب ، ليجنب نفسه الصور التقريرية املباشرة يف شعره ،

واستبداهلا بصور إحيائية تزيد املعىن داللة وعمقا ، ويتقبلها املتلقي بشـغف وهلفـة لـذا نـراه يسـتعمل هـذا

فــــة يف شــــعره النــــه يكــــون أقــــدر مــــن غــــريه تعبــــريا عــــن األمل واحلســــرة والتوجــــع األســــلوب بأنواعــــه املختل

والوجـــدان والشـــعور ، مضـــيفا اجلمـــال للشـــعر وال ســـيما التحســـر علـــى مـــا مضـــى مـــن أيـــام لقـــاء وأنـــس

وسرور ، و�ذا يكون االستفهام هو األسلوب الذي يعرب به الشاعر مـن خاللـه عمـا خيـتلج يف نفسـه ،

ره من جهة أخرى .مشركا إحساسه ومشاع

ومن ذلك قول ابن زيدون يأنب حبيبته على طول فراقها له :

متى أبثك ما بــــــي

متى ينوب لساني

اهللا يـــعـــلـــم أنــــــــــي

فال يطيب طعامي

يا راحــــتــــي وعــــذابــــي

في شرحه عـن كتــابـــي

أصبحت فيك لما بي

3ــــصــوغ شـــــرابــــــــــيوال ي

.78ي ، جواهر البالغة ، صأمحد اهلامش 1

.105سالم علي محادي الفالحي، البناء الفين ، ص 2

.30ابن زيدون، الديوان ، ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

161

يبدأ الشاعر قصيدته بأداة االستفهام "مىت" للعتاب واالنكار ، فالشاعر يعاتب و يؤنب حمبوبتـه

على طول فراقهـا لـه ، فهـو يتسـاءل عـن الـذي ال جيـد طعمـا بدونـه فمـىت ميـنح لـه لقـاء، حـىت تسـنح لـه

ح أحوالــه ، فــاهللا يعلــم أين أصــبحت بكليــيت عنــدك الفرصــة لينــوب لســانه عــن بــث رســائله وأحزانــه وشــر

مقيم فـ :" اهللا يعلم أين ... أصبحت فيك ملا يب" .

ومن ذلك أيضا قوله يف نفس السياق :

أتهجرني وتـــغــــصــبــنـي كـــتـــــابــــــي

أيجمل أن أبيح مــــحـــض ودي

فديتك كم تغض الطرف دوني

ــــعــــد قـــــرب وكم لي من فــــؤاد بـ

وما في الحق غصبي واجـــتــــنــــابي

وأنت تسومـنــــي ســـــــوء الــــعــــذاب

وكم أدعوك من خلف الحجاب

1مكان الشيب في نفس الكعاب

نلحظ أن الشاعر يستعمل االستفهام اإلنكـاري ، فهـو يتسـاءل عـن معذبـه الـذي منحـه خـالص

ومع ذلك يضيقه أشد العذاب باهلجر واجلفاء الذي يلقاه ، ومع ذلـك ال زال يفديـه بنفسـه مـع حبه ،

انه أشاح النظر عنه وال يزال حبه فتيا عنده بينما شاب كل حب آخر .

وهذا ابن احلداد يقول يف مذهب الغزل :

مابال ريقته فـــي ســــلـــم مــــبـــســـمـــه

فه مرضاأعدى جناني فحاطى طر

كأن كفي في صدري يـــــصـــافــحــــه

وواجب أن تذيب القهوة البـردا

داـــــــل ــــوغره أن يحاكي خصره ج

2داــــــفما رفعت يدا إال وضعت ي

فالشــاعر يتســاءل عــن مابــال ريقتهــا استســلمت ملبســـمها ، ملــذا مل تتحــرر مــن إســارها فتــربد مـــا

من حر وشوق ، أمل تعلم ان اللـثم يـوري الوجـد وخيفـي لوعـة احلـب ، ولـذلك سـيظل حتركت له نفسي

حريان أسري الوجد فال العناق سبيله وال املالمسة طريقه .

.33ابن زيدون، الديوان ، ص 1

.193ابن احلداد، الديوان ، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

162

وجيــد ابــن احلــداد مــرة أخــرى أســلوب االســتفهام فرصــة مناســبة لتقــدمي رؤيــة عــن احلــب نابعــة مــن

نفسيته وشعوره اخلاص ، ويف ذلك يقول :

م وبين جوانحــيأنى أراع له

أنى يهاب ضرابهم وطعانـهم

شوق يهون خطبهم فـيـهون

1صب بألحاظ العيون طعين

، وقــد جــاءت "أىن" الــيت وردت يف بــدء البيتــني فالشــاعر يفتــتح حديثــه متســاءال بــأداة االســتفهام

ـــة هـــذه األدا"كيـــف" الـــيت تـــدل علـــى تعيـــني احلـــال ســـتغراب وتتصـــاعد ة تســـتمر حالـــة اال، فمـــع دالل

، فكيـــف لـــه أن خيـــافهم وبـــني جـــواحنهم مـــن متعجبـــا عنـــد حديثـــه عـــن أهـــل حمبوبتـــهفالشـــاعر يتســـاءل

الشـــوق مــــا يدافعــــه إىل املضــــي قــــدما دون ان يكــــون للخــــوف مكــــان عنــــده ، فجســــجه اعتــــاد الطعــــن

والضرب بأحلاظ احلبيبة .

ومن األمثلة على ذلك أيضا قول ابن خفاجة :

وادي بمنعرج اللوىفيا بانة ال

ع ــــويا نفحة الريح من بطن لعل

ول ــأتصغي على شحط النوى فأق

2أال جاد من ذاك النسيم بــخـــــــيـــــل

جيمع يف هذه األبيات بني النداء واالستفهام ، وهـي أبيـات تعـج بالشـكوى أشـرك فيهـا فالشاعر

حليـاة يف عذريـة بدويـة ودل جبمعـه هـذا بـني النـداء واالسـتفهام ابن خفاجة عناصر الطبيعة، وبـث فيهـا ا

على عمق األسى الذي حييق بنفسه .

ويف صورة أخرى لالستفهام لـدى الشـاعر جنـد انـه قـد يسـتعمل أكثـر مـن أداة يف سـياق واحـد،

ومن ذلك قوله :

ب ــــــــريـــــــــت ق ـــــــوي وانـــــلـــــــال تــــــوا فـــــأأدع

اــــك ــــاح ـــــي ض ــــــى أن أرانــــشــــوما كنت أخ

وأشكو فال تشكى وانت طبيب

ب ــيـــروع رط ـــفــــوأيكك مطلول ال

.30الديوان ، ص 1

.1112فوزية عبد اهللا العقيلي، االجتاه البدوي ، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

163

وهل يستجيز المجد أن أشتكي الصدى

وىـــــن ــــت الــــوبي إذا شطــــلــــطــــمــــوكيف ب

رع ـــش ـــاة م ـــافــصـــمــــفهل شيب من تلك ال

ب ـــــــيـــل ـــد وق ــصــــحــــوانت رشاء م

وقد صم من قرب فليس يجيب

1ب ــــــيـــث ـــوهيل على ذاك اإلخاء ك

نالحـظ أن الشـاعر قـد اسـتعمل يف هـذه االبيــات عـدة أكثـر مـن أداة لالسـتفهام ، للداللـة علــى

يب جدا مين ، وال تفيد الشكوى وانـت الطبيـب الـذي يـداوي القرب فال تنفع الدعوى حال كونك قر

أمل اجلـوى ، مث يعـود الشــاعر ليسـتفهم متوجعــا مسـتنكرا اجلفــاء الـذي جيــده مـن حمبوبــه بقولـه :" وكيــف

كنايـــة عـــن الفـــراق والبعـــد وهـــيمبطلـــويب إذا شـــطت النـــوى ... وقـــد صـــم مـــن قـــرب فلـــيس جييـــب" ،

ابة وكأنه قد حلق به صمم .، فرغم القرب فقد بعدت االجواجلفاء

وقــد اســتخدم املعتمــد ابــن عبــاد االســتفهام االنكــاري، معــربا مــن خاللــه عــن صــعوبة وقــع اهلجــر

على فؤاده ، وذلك يف قوله :

ــآمـــة تـظـــن بـــنـــا أم الربـــيـــــع ســـ

أأهجر ظبيا في فؤادي كناسه

وروضة حسن أجتنيــها وبــــاردا

عدمت كفي نواال تـــفيضــه إذا

أال غفر الرحمان ذنـــبــا تــواقـــعـــه

وبدر تمام في جفوني مــــطـــالــعـــه

من الظلم لم تحظر علي شرائعه

2على معتفيها أو عـــدوا تــــقــارعــــــه

، أنه قد هجرها ومال إىل غريهـا سوء، وقد ظنت به نظم هذه االبيات يف زوجه اعتمادفالشاعر

، جــوهرة وســحر والزوجــات فــذكرت كتــب التــاريخ مــنهنذلــك أن املعتمــد كــان لــه الكثــري مــن اجلــواري

د وقمر، وزجه اعتماد وأم أوالده، فكيف يطيب له هجرها وهي مقيمـة يف فـؤاده، والبـدر الـذي ال وودا

تطلع جفونه إال عليه .

.344ابن خفاجة ، الديوان ، ص 1

.25ابن عباد، الديوان ، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

164

: أسلوب األمر : ثالثا

، وقـد اهـتم النقـاد 1ه البالغيون بأنه طلب حصول الفعـل علـى سـبيل التكليـف وااللـزام حدوقد

والبالغيون العـرب �هـذا االسـلوب أميـا اهتمـام ، لكونـه مـن أسـاليب االإنشـاء الـيت تسـهم يف اسـتجالء

األسلوب ، وهذا قيمة النص ، والكشف عن مالحمه الفنية واجلمالية املؤثرة يف تركيب العبارة أو اجلملة

قليــل يف األشــعار الوجدانيــة االندلســية ، ألن الشــاعر يف كثــري مــن أحوالــه حيتــاج إىل اســتعطاف حمبوبتــه

وعتا�ا ال أن يأمرها ، ولذلك بعد تتبع أشـعار األندلسـيني يف هـذا البـاب ، وجـدت نـزرا يسـريا تضـمنه

أسلوب األمر ، ومن ذلك قول ابن خفاجة :

ـنــاقل للقبيح الفعال: يا حس

قاسمني طرفك الضنى، أفال

إني وإن كنت هضبة جـــلــــــدا

مألت جفني ظلمة وسنـا

قاسم جفني ذلك الوسنا

2أهتز للحسن لوعة غصنا

استعمل الشاعر اسلوب األمر وهو بذلك يتكؤ على أداة فنية يف بنـاء نصـه ،ألنـه يتضـمن طاقـة

فهــو قبــيح بفعالــه يف جفــاء، ذب حنــو اجلمــال املوجــود يف احلبيــبجــتنبيهيــة تعكــي للمتلقــي ، لكــي ين

فهـو مـرتاوح بـني اخلطيئـة والتوبـة ، عليـه تكـرار الطبـاق يف آخـر البيـت ، دلالشاعر تاركا بفراقه أثرا مؤملـا

والظلمة والنور ، وقد دل على ذلك قوله يف �اية القصيدة :

فإنني والعفاف من شيمي

ـــارة غـــــــزل طـــــورا منيب وتــ

آبي الدنايا وأعشق الـــحسنــا

3أبكي الخطايا وأندب الدمنا

أي أنه جيمع بني االنابة إىل اهللا واخلطيئة ، ولكن مـع ذلـك العفـاف شـيمته األوىل إال أنـه يعشـع

احلسن واجلمال .

عله يصفح عنه، فيقول :وأما ابن زيدون فيختار طريقة يف استعمال األمر الستمال حمبوبه إليه

.174القزويين، االيضاح يف علوم البالغة ، ص 1

.384ابن خفاجة، الديوان ، ص 2

.385ابن خفاجة، الديوان ، ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

165

ثــــقـــي بــي يـــا مــعــذبــتــي فـــإنـــــــي

وإن أصبحت قد أرضيت قـوما

وهل قلب كقلبك في ضلوعـــي

تمنت أن تنال رضاك نــــــفـــســـي

ولم أجن الذنوب فـــتــــحـــقـــديـهـا

سأحفظ فيك ما ضيـعت منــــــي

بسخطي لم يكن ذا فيك ظني

فأسلو عنك حين سلوت عـــنـي

فــــكــــان مــــنــــيــة ذاك الـــــتـــــمــــنــــي

1ولـــكـــن عــــادة مـــنــــك الـــتـــجـــنـــي

م أن ابـــن فالشـــاعر يعاتـــب حمبوبـــه ويرجـــو قبولـــه والصـــفح عنـــه ، ويســـتجدي ثقتهـــا بـــه ألن املعلـــو

فصـــار فعلمـــت والدة بـــذلك ، زيـــدون حصـــلت بينـــه وبـــني والدة جفـــوة بســـبب عشـــقه لـــبعض جواريـــه

بينهما من اجلفاء والبعد ما حصل ومالت والدة يف حبها إىل ابن عبدوس الشاعر ، فقالت وهي جتيبـه

عن فعلته الشنيعة :

نـنا لو كنت تنصف في الهوى ما بـيـ

وتركت غـــصنــا مـــــثــــمــرا بــــجــــمـــــالــــه

ـــمــا ولقد عــلــمــت بــأنــنــي بـــدر الــــس

ر ــي ــــلم تهوى جاريتي ولـــم تـــــتــــخ

وجنحت للغصن الذي لم يـثمر

2ريــــلكن ولعت لشقوتي بالمشت

هلـا ولـذلك صـار ، وهـذا مـن عـدم انصـافهريـة والدة جعلهـا تفقـد ثقتهـا بـهفميول ابـن زيـدون جلا

، وبســـببها خاطـــب ابـــن بعـــد ذلـــك يســـتعطفها يف هـــذه االبيـــات ويطلـــب صـــفحها لكـــن دون جـــدوى

، وفيهـا خياطـب واحد من املشـارقة كاجلمـال ابـن نباتـة وغـريهعبدوس بالرسالة املشهورة اليت شرحها غري

ابن عبدوس بقوله :

مــــن عــهـــد والدة وغرك

هي الما يعز على قابض

ض ــــــــــسراب تراءى وبرق وم

3ويمنع زبدته من مــــحــــــــــض

.310ابن زيدون، الديوان ، ص 1

205املقري، نفح الطيب ، ص 2

. 209املقري، نفح الطيب ، ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

166

أما املعتمد فقد استخدم أسلوب األمر لصرف انتباه معشوقه إليه يف قوله :

ـة ـــــسلي تعلمي إنت غــيــر عـــلـــيــمــ

ذي ليس خالياوان لي القلب ال

بأن ليس في حبي لغيرك مـــــطـــمــــــع

1من الوجد والجفن الذي ال يـهجع

، إذ عمد علـى ن غريه أن حبه هلا متمكن من قلبهفالشاعر خياطب حبيبته راجيا منها أن تعلم م

مـــا زاد مـــن هـــو، و الـــذي يعانيـــه جـــراء هجـــر حبيبتـــه لـــه اســـتعمال أســـلوب األمـــر ليعـــرب عـــن مـــدى األمل

، فال خيلو قلبه من الوجد وال �جع عينه من الدمع .مجاليتها زحسنها عنده

ويقول يف جاريته وداد :

اشرب الكأس في وداد ودادك

قمر غاب عــــن جـــفــــونــــك مرآ

ــرادك ـــــوتأنس بذكرها في انــفـ

2وسكناه في سواد فـؤادك ،ه

يتأســـف للهجـــر الـــذي وجـــده مـــن حمبوبـــه، ويـــأنس بـــذكرها يف انفـــراده بغيـــاب عبـــاد فاملعتمـــد بـــن

. احلبيب الذي يشبهها بالبدر الذي غاب يف غري امي متامه

ويبـــدو أن الشـــاعر األندلســـي يف هـــذه احلقبـــة قـــد أصـــيب بنـــار اجلـــوى واحلـــزن ، إال قلـــيال مـــنهم

الم احلزن والشكوى من اجلفاء واهلجر .ويظهر ذلك يف قصائدهم ، إذ قل أن ختلو قصيدة من بث أ

. 13ابن عباد، الديوان ،ص 1

. 10ديوان ، صابن عباد، ال 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

167

رابعا : أسلوب التمني :

وقــد يتمــىن بـــ :"هــل" كقــول القائــل وهــو مــن األســاليب اإلنشــائية ، واللفــظ املوضــوع لــه "ليــت"،

. 1"هل يل من شفيع "، يف مكان يعلم انه ال شفيع له ، وقد يتمىن بلو كقولك "لو تأتيين فتحدثين"

.

األندلســـي فيهـــذه احلقبـــة ، إىل اســـتعمال أســـلوب التمـــين ليمـــزج بـــذلك عرباتـــه وقـــد جلـــأ الشـــاعر

ولوعات حزنه من أمل البعد واجلفـاء ، علـه أن يفـوز بوصـل يشـفي غليلـه مـن حمبوبـه، ألنـه يكـون بـذلك

أقدر من غريه تعبريا عن الشكوى والتلطف ... مضيفا ملسة مجالية إىل شعره .

احملبني فيتذكر أيام الصبا ، يف قوله :فهذا ابن خفاجة مير على ديار

ة ـــــن ـــه دج ــيـــلــــالتفت ع وأحسن ما

يـــــــع ـــفليت نسيم الريح رقرق أدم

اـوعاج على أجراع واد بذي الغض

فيا عرف ريح عاج على بطن لعلع

ة ـــــاع ـــي س ــنــــتلذذ بدار القصف ع

م عناق حبيب عن عناق حسا

ام ــــي ـــوى وخ ــــاللـار بــتخالل دي

ام ـــش ــل ب ـــرع كــفصافح عني ف

ام ــــضل زم ــيجر على األنداء ف

2الم ـــم س ـــاها أعـــدامــغ نــلــــــــوأب

فيتمـىن لـو أن ، بوبتـه أثنـاء مـروره بـأطالل الـديارفالشاعر يف هذه االبيات يتذكر أيام صباه مـع حم

يم الـــريح يرقـــرق أدمعـــه ويطـــوف جبنبـــات األطـــالل ، ليصـــافح بـــذلك كـــل شـــجر طيـــب ، علـــه يبلـــغ نســـ

نــداماها كــل ســالم ، وهــي كنايــة عــن األمل الــذي جيــده يف نفســه ، فيبثــه مــن خــالل هاتــه االبيــات يف

قالب شكوى ، وقد عرب عن ذلك يف بداية القصيدة بقوله :

ا أم مــــالـــــــكيـــطــــول عـــلـــي اللـــيــــل يـــ

ولم أدر ما أشجى وأدعي إلى الهوى

إذا مـــا اســـتــخـــــفــــتـــنــي لـــهـــا أريـــحـــيـــة

وكل ليالي الصب ليل تمام

أخفقة برق أم غناء حـــمـــــام

ــــالم 1عثرت بذيلي لوعة وظــــ

.250عبد املتعال الصعيدي، بغية اإليضاح ، ، ص 1

.332ابن خفاجة، الديوان ، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

168

ل متام وكمال .فرغم طول الليل على الشاعر إال أن ليال اهلوى هي ليا

: يت التمين بـ"هل" ومن امثلة ذلك قول ابن خفاجة أيضا وقد يأ

اــه ــل ل ـــــوأقرىء عفيراء السالم ، وق

رة ـــض ـــــن ن ــصــــغـــك الـنى ذلـــثــوهل يت

ص ـومن لي بذاك الخشف من متـقن

ودون الصبا إحدى وخمسون حجة

ىـــن ـــــم ـالـنح بفيا ليت طير السعد يس

ع ـــــــن عشر وأرب ــت ابــنــني كــتــيــويا ل

؟ــام ـا قمرا ت ــأال هل أرى ذاك السه

ماـــوي معاطفه ض ـــل ألـــبجزعي وه

ا ــــــم ــــه ش ــــربــــا وأشـــضــــــه عــــلــــآكــــف

اـــم ـــــل ـــــكأني وقد ولت أريت بها ح

فأحظى بها سهما وانأى بها قسما

2اــــم ــــي ع ــــنـــدعــفلم أدعها بنتا ولم ت

نـرى يف هــذه األبيـات أن ابــن خفاجـة جلــأ إىل اسـتخدام أســلوب التمـين بــأكثر مـن أداة"هــل وأال

نهمــا ة صــغرية امسهــا "عفــرياء"، لكــن هيهــات للوصــل بي حــب امــرأهــل وليــت"، حيــث نــرى أنــه وقــع يف

ألن الكوكـب الصـغري مل يــتم بـدره بعـد وهــي كنايـة عـن صــغر حمبوبتـه ، مث يتمـىن لــو أنـه يرجـع إىل عمــر

الصــبا حـــىت تســـنح لـــه الفرصـــة باللقـــاء ،"فياليـــت طــري الســـعد يســـنح بـــاملىن ، ويـــاليتين كنـــت ابـــن عشـــر

وأربع".

وهذا ابن احلداد خياطب حمبوبته نويرة بقوله :

أيها الواصل هجري

يت شعري أي نـفع ل

أنا في هجران صبري

3لك في إدمان ضري

، فجــــىن مــــن أجلهــــا لوعــــة العــــذاب رة "تلــــك الفتــــاة الــــيت وقــــع يف حبهــــافالشــــاعر خياطــــب "نــــوي

ويتمـىن تعطف قلبهـا ، علهـا أن ترفـق بقلبـه الـذي هـده اهلجـران، سـاالبيـات لي ، ليأيت يف هذهوالشكوى

ها الدائم له مزينا شعره بالطباق بني "النفع"،"الضر"الذي حلق به .مدى جدوى معرفة "نويرية"من ضر

.332ابن خفاجة، الديوان ، ص 1

.381ابن خفاجة، الديوان ، ص 2

.221ابن احلداد، الديوان ، ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

169

المبحث الثاني : التقديم والتأخير في شعر األندلسيين .

توطئة :

إن احلكم مبرونة لغة من اللغات أو تصلبها اليتسـىن إال بـالنظر إىل طبيعـة قواعـد ترتيـب العناصـر

ض نظام ترتيب العناصر من ناحية وألوان تغيري الرتتيـب فيها ، فمما مييز فصائل اللغات بعضها عن بع

مــن ناحيــة أخــرى ، وال تنحصــر أمهيــة دراســة اجلملــة يف التعــرف علــى التقاليــب املمكنــة الــيت خيــرج فيهــا

الكــالم ، بــل تتجــاوز ذلــك إىل التعــرف علــى اجلملــة ذا�ــا باإلعتمــاد علــى عناصــرها املكونــة هلــا ، وإىل

ألن املعـىن املـراد مـن الكـالم يرتكـز علـى ،1جوه ارتباطها ببقية أجزاء الكالم ، خصائص البنية فيها ، وو

ــــاين حيــــث يكــــون تنظــــيم ــــة لـــــتادية غرضــــها يف الكــــالم ، وال ســــيما يف التصــــوير البي كيفيــــة بنــــاء اجلمل

الكلمــــات عنصـــــرا هامــــا يف مجاليـــــات االســــتعارة ويف توضـــــيح مــــا نســـــميه عمــــود الشـــــعر العــــريب علـــــى

أساسية يف بالغتها وحتيق الكالم .ك ميثل التقدمي والتأخري ىف بناء اجلملة ركيزة ولذل، 2االمجال

وقـد زعـم بعـض البالغيـني أن التقـدمي وقد أدرك علماؤنا تلك الوظيفـة اجلليلـة للتقـدمي والتـأخري ،

يهــا املــاء والتـأخري مــن ا�ـاز اللغــوي ، حيـث أورد أبــو عبيـدة معمــر بــن املثـىن قولــه تعـاىل :"فــإذا انزلنـا عل

قـال عبـد القـاهر اجلرجـاين ،3اهتزت وربت" ، وقال : إنه من جماز املقـدم واملـؤخر ، أراد ربـت واهتـزت

بعيــد ائــد ، جــم احملاســن ، واســع التصــرف هــو بــاب كثــري الفو "يف بــاب القــول يف التقــدمي والتــأخري :

تـــرى شـــعرا يروقـــك مســـمعه الغايـــة ، اليـــزال يفـــرت لـــك عـــن بديعـــة ، ويفضـــي بـــك إىل لطيفـــة ، والتـــزال

ويلطف لديك موقعه ، مث تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدم فيه شئ وحول اللفظ من

ء مــن يستصــغر مــن شــأن هــذه املســألة ، وقــد ثــارت حفيظتــه ملــا رأى أن مــن العلمــا4"مكــان إىل مكــان

، حىت إنـك لـرتى أكثـرهم قد صغر أمر التقدمي والتأخري يف نفوسهم ، وهونوا اخلطب فيه "حيث قال :

، وليـت شـعرى إن كانـت هــذه أمـورا هينـة وكـان املـدى فيهــا تتبعـه والنظـر فيـه، ضـرب مــن التكلـفيـرى

قريبــا واجلــدى يســريا ، فمــن أيــن كــان نظــم أعظــم مــن نظــم ومب عظــم التفــاوت، واشــتد التبــاين، وترقــى

. 283حممد اهلادي الطرابلسي ، خصائص األسلوب، ص 1

. 15لنقد العريب، دار االندلس للطباعة والنشر والتوزيع ،بريوت ـلبنان ،دت، صمصطفى ناصف، نظرية املعىن يف ا 2

. 16خمتار عطية ، التقدمي والتأخري ومباحث الرتاكيب بني البالغة واألسلوبية ، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر والتوزيع ،ص 3

. 106دالئل اإلعجاز ،ص 4

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

170

كبرية عند أصحاب املعاين بـل هـي عل للرتكيب أمهية جي، بل إن صاحب املفتاح 1 "األمر إىل اإلعجاز

اعلـم أن املعـاين هـو تتبـع خـواص تراكيـب من أوىل األولويات لدراسة صاحب العلم ويف ذلك يقول :"

الكــالم يف اإلفــادة ومــا يتصــل �ــا مــن االستحســان وغــريه ليحــرتز بــالوقوف عليهــا عــن اخلطــأ يف تطبيــق

م الرتاكيــب الصــادرة عمــن لــه فضــل متييـــز الكــالم علــى مــا يقتضــي احلــال ذكــره وأعــين برتاكيــب الكــال

ومعرفة وهي تراكيب البلغاء ال الصادرة عمـن سـواهم لنزوهلـا يف صـناعة منزلـة أصـوات حيوانـات تصـدر

عن حماهلا حبسب ما يتفق، وأعـين خباصـية الرتكيـب مـا يسـبق منـه علـى الفهـم عنـد مسـاع ذلـك الرتكيـب

ال لنفس ذلك الرتكيب من حيث هو هو أو الزما له هو جاريا جمرى الالزم له لكونه صادرا عن البليغ

هو حينا وأعين بـالفهم فهـم ذي الفطـرة السـليمة مثـل مـا يسـبق علـى فهمـك مـن تركيـب إن منطلـق إذا

مسعته عن العارف بصياغة الكـالم مـن أن يكـون مقصـودا بـه نفـي الشـك أو رد اإلنكـار أو مـن تركيـب

ى اإلخبـار أو مـن حنـو منطلـق بـرتك املسـند إليـه مـن أنـه يلـزم أن زيد منطلق من أنه يلزم جمـرد القصـد علـ

يكــون املطلــوب بــه وجــه االختصــار مــع إفــادة لطيفــة ممــا يلــوح �ــا مقامهــا وكــذا إذا لفــظ باملســند إليــه

وهكـذا إذا عـرف أو نكـر أو قيـد أو أطلــق أو قـدم أو أخـر علـى مـا يطلعــك علـى مجيـع ذلـك شــيئا ف

.2لمني بإذن اهللا تعاىل "شيئا مساق الكالم يف الع

تبني لنا أمهيـة التقـدمي والتـأخري أصحاب الشأن يف البالغة والنحو ،من هذه األقوال املنقولة عن

يف عناصـــر اجلملـــة العربيـــة ويســـمى عنـــد املعاصـــرين يف الدراســـات األســـلوبية انزياحـــا ، و"يظهـــر البعـــد

ارزة مـــن خصـــائص اللغـــة ، وهـــي حريـــة اجلمـــايل هلـــذا األســـلوب مـــنخالل اســـتثمار الشـــاعر خلاصـــية بـــ

التصرف باأللفاظ داخل الرتكيب ، ممـا يلفـت نظـر املتلقـي الـذي يتطلـع ملعرفـة السـبب الـذي مـن أجلـه

جاءت األلفاظ مرتبة على غري ترتيبها الذهين، بكسر العالقة القائمة بني األلفاظ وتشـكيلها يف سـياق

.3من مظاهر ذلك االحنراف يف الرتكيب النحوي " جديد وعالقة جديدة متميزة ليكون مظهرا بارزا

لذلك اختذ الشاعر األندلسي كغريه من هـذا األسـلوب سـلما لريتقـي حبـال تراكيبـه، لتكـون أكثـر

تأثريا يف املتلقي .

.109املرجع السابق ، ص 1

.161مفتاح العلوم ، ص السكاكي ، 2

. 278آزاد حممد الكرمي الباجالين ، القيم اجلمالية يف الشعر األندلسي، ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

171

أوال : التقديم والتأخير في الجملة االسمية المطلقة :

"املبتــدأ السـبب يف ذلـك إىل أن اأرجعــو األصـل يف اجلملـة االمسيـة أن يتقــدم املبتـدأ علـى اخلـرب ، و

إال أنه قد يرد يف االستعمال اللغـوي مـا ،1حمكوم عليه واخلرب حمكوم به ، وحق احملكوم عليه أن يتقدم"

اخلرب ويتأخر املبتـدأ علـى خـالف بـني حنـاة مما خيالف هذا الرتتيب بني عنصري اجلملة االمسية ، فيتقد

ن تقدم خرب املبتدأ عليه مفردا كان او مجلة ، فال يقال:"قـائم زيـد" فالكوفيون مينعو " البلدين يف ذلك ،

وال "أبوه قائم زيد" ، واحتج الكوفيون لصحة مذهبهم بأن قـالو :"إن تقـدمي خـرب املبتـدأ عليـه ، تقـدميا

كـان يف قـائم ضـمري زيـد ، والـدليل علـى ذلـك انـه "قـائم زيـد" :لضـمري االسـم علـى ظـاهره ، فـإذا قلنـا

التثنيــــة واجلمــــع فيقــــال :"قائمــــان الزيــــدان"وقائمون الزيــــدون"، ولــــو كــــان خاليــــا مــــن الضــــمري يظهــــر يف

السـتعمل مفــردا يف كـل األحــوال، أمـا البصــريون فــذهبوا إىل القـول جبــواز تقـدمي اخلــرب علـى املبتــدأ مفــردا

ر او جمـرور واجلملة االمسية املطلقة هي ما تكونت من امسني مرفـوعني أو ظـرف او جـا، 2كان أو مجلة"

-لغويـا انزياحـا-األسلوبية كما يسميها احملـدثون ولكن مع ذلك تعد هذه الظاهرةجمرور واسم مرفوع ،

، منها :اللغة يستعملها الشعراء لعدة أغراض اتسمت �ا ظاهرة

:التشويق

ابن زيدون :ومن ذلك قول

بيني وبينك ما لـــوشــئــت لــــم يــــضـــــع

ــعـــا حــظـــه مـــنـــي ولـــــو بـــذلــــــت يـــابـــائـ

يكفيك أنك إن حملت قــــلـــبــــي مــــا

ته أحتمل،واستطل أصبر ،وعز أهن

ذع ــــــــسر إذا ذاعت األسرار لم ي

ع ـــم أب ــه ل ـــنــي مــظـــحــلي الحياة ب

لم تستطعه قلوب الناس يستطع

3ع ــــــــأقبل وقل أسمع ومر أط وول

.94أمحد اهلامشي ، القواعد األساسية، ص 1

.146م ، ص 2014أمين حممود موسى، التوجيه الداليل للظاهرة النحوية، عامل الكتب القاهرة، 2

.163ابن زيدون ، الديون، ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

172

، فقــد جــاء بــالظرف علــى املبتــدأ قصــد تشــويق املســتمع إىل معرفــة املبتــدأ فقــد قــدم الشــاعر اخلــرب

املضــاف مــع املضــاف إليــه"بيين"يف اســتهالل وبــدأ بيتــه، مث أعقــب اخلــرب املقــدم بــواو العطف،و"بينــك"

ليزيـد مــن شـوق السـامع إىل معرفـة املبتــدأ، مث ، ي "مالوشـئت مل يضـع"املعطـوف،مث أتـى بفاصـل اعرتاضــ

وجــاء باملبتــدأ نكــرة واألصــل يف الكــالم هــو "بيــين وبينــك ســر لــو شــئت مل يضــع"، أتــى باملبتــدأ "ســر"،

لتعظيم ما بينه وما بني حمبوبته من وجد وهيام وشوق .

وقد ورد تقدمي شبه اجلملة على املبتدأ أيضا يف قول ابن زيدون :

لف العيش الذي طاباأذكرتني سا

إذ نحن في روضة ،للوصل نعمها

يــن ــاول ـــــط ــــإني ألعجب من شوق ي

ياليت غائب ذاك العهد الذي آبا

اـــــاب ــــا ص ـــهـــوقــــمن السرور غمام ف

1اــــاب ـــى ث ـــضــــد قــه قــيــفكلما قيل ف

وذلــك لتعجيــل املســـرة إىل تقــدمي اجلـــار وا�ــرور علــى املبتـــدأ، الثــاين أن ابـــن جلــأ فنــرى يف البيــت

وقــد جــاء الشــاعر بصــورة بديعــة حيــث شــبه الغمــام باإلنســان الــذي يســر الواقعــة حــال لقــاء احملبــوب،

.قاء من حيب بلقاء احملبوب، وهي كناية تعرب عن اليت جيدها الشاعر يف ل

ومن ذلك قوله أيضا :

ث ــــاب أجد ومن أهواه، في الحب ع

حبيب نأى عني مع القرب واألسى

ه ــــدا وأزال ـــعـــــاف الـــطـــإلـــــي بـــانـفــج

اـق ــــــتغيرت عن عهدي وما زلت واث

اــوما كنت إذ ملكتك القلب عالم

يــن ــفديتك إن الشوق لي مذ هجرت

ه ـــال ـــح ـــوداد ب ـــي والـــالـيــى اللــلــبــتــس

ث ــــــاك ــو ن ــــالعهد، إذ هـــه بـــوأوفى ل

ث ــــــاك ـــب م ــمقيم له في مضمر القل

عن الوصل رأي في القطيعة حادث

وادث ـــــح ـــك الــرتــيــن غــكــدك لــهــعـــب

ث ـاح ــي ب ــفــكـــي بـــفــــتـــن حـــي عـــأنــــب

ث ـــاع ـــن وصالك ب ــممميت فهل لي

2ألرض وارث ــو لـــى وهــنـــفــد وتــديــج

.34زيدون ، الديوان، ص ابن 1

.54ابن زيدون ، الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

173

ــ أخري املبتــدأ عــن اخلــرب بــنفس جنــد أن ابــن زيــدون قــد جلــأ يف أكثــر مــن مــوطن لتوظيــف ظــاهرة ت

املبتدأ عـن اجلـار وا�ـرور"يف احلب"واملبتـدأ األول أخروالرتكيب يف كل مرة، فنرى أنه يف البيت الشكل

،ويف البيـــت الثـــاين أعـــاد نفـــس الرتكيـــب بتـــأخري املبتـــدأ عـــن اخلـــرب يف قولـــه:"يف مضـــمر القلـــب "عابـــث"

األســــلوب يف البيــــت الســــادس يف حيــــث قــــدم اجلــــار وا�ــــرور علــــى املبتــــدأ، وقــــد كــــرر هــــذا ماكــــث"،

وهو لألرض وارث"، ويبـدو أن ابـن زيـدون جلـأ ": البيت األخري:"فهل يل من وصالك باعث" وويفقوله

لتشـويق املسـتمع إىل مــا يلقـى مـن خـرب يبـث فيــه ،ن مــرة يف مقطوعـة واحـدةذا األسـلوب أكثـر مـإىل هـ

ـــه وقـــد ذكـــر واختصاصـــه بـــه وكـــذلك مراعـــات نظـــم الكـــالم، ابـــن زيـــدون وجدانـــه وشـــوقه القاتـــل حملبوب

وراعـــات نظـــم البالغيـــون أن مـــن أغـــراض تقـــدمي اجلـــار وا�ـــرور يف الرتاكيـــب االمسيـــة يفيـــد االختصـــاص

الم كمــــا قــــال الزخمشــــري معقبـــــا علــــى مــــن قــــال أن تقـــــدمي الظــــرف واجلــــار وا�ــــرور ال يكـــــون إال الكــــ

فيه أنه أن يستعمل وجهني : أحدمها االختصاص واآلخر مراعـات نظـم لالختصاص :" والذي عندي

، وهـــذا ، وإذا أخــر املقـــدم ذهـــب ذلـــك احلســـنالكــالم ، وذاك ال يكـــون نظمـــه ال حيســـن إال بالتقـــدمي

ج مــن كــالم الزخمشــري أن الشــعراء يف والــذي يبــدو ويســتنت، 1كــد مــن االختصــاص "وأأبلــغ الوجــه

، وال ســيما ، ألن املقـام واملوقـف يقتضـي ذلـكاألغلـب يسـتعملون هـذا األسـلوب ملراعـات نظــم الكـالم

أن القصــيدة العربيــة القدميـــة حمكمــة بفواصــل وأوزان حمـــددة، ممــا يســتدعي املقـــام فيهــا مراعــات فواصـــل

بيات، ورمبا قد يتعدى الشعراء األحكام النحوية ملا تقتضيه الضرورة الشعرية .األ

االهتمام : -

:زيدون يف غري موضع ومن ذلك قوله يف شعر ابن به هتماملال املبتدأعلى اخلربوقد ورد تقدمي

يـــا فــتــــنـــة الـــمــــتـــــقــــــري

الشمس أنت ، تـوارت

ــبـــدر شـــف ســـنـــهمــا الـ

وحـــجــة الــمـــتــــصــــابـــي

عن ناظري بالحجاب

ــحــــاب 2على رقيق الــس

ابن األثري ، املثل السائر يف أدب الكاتب والشاعر، تح حممد حمي الدين عبد احلميد ، مطبعة مصطفى اجلليب بالقاهرة 1

.38، ص 02م ،مج 1939ه_1358،

.30ابن زيدون ، الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

174

يف هتمــام بــه ، لال"أنــت" املعرفــة "الشــمس" علــى املبتــدأاملعرفة فالشــاعر يف البيــت الثــاين قــد اخلــرب

يه وحــذف األداة، وقــد عــرف الســند التشــبحمبوبتــه بالشــمس حيــث ذكــر طــريف صــورة بليغــة شــبه فيهــا

واملسند إليه هنا لتكون الفائدة أمت، "ألن احتمال حتقق احلكم مىت كان أبعد كانت الفائدة يف اإلعالم

.1به أقوى"

تحقيق الخبر وتأكيده : -

يف قوله : لتأكيد وقوع اخلربخفاجة يستعمل هذا األسلوب هذاف

وأغيد في صدر الندى لحسنه

الهيف أمـــا ردفـــه فـــمـــنـــعـــــم من

حلي، وفي صدر القصيد نسيب

2خصيب وأمـــا خــصــره فــرطـــيــــــــب

يذكر الشاعر هـذه األبيـات واصـفا ليلـة أنـس ومسـر، حيـث يـذكر جملـس اللهـو الـذي جلسـه وفيـه

أسـلوب تقـدمي اخلـرب علـى املبتـدأ لتأكيـد يتغزل بالساقي، ويظهر يف البيت األول أن الشاعر قـد وضـف

وورد يف ، اخلرب وحتقيق وقوعه ، ففي الشطر األول قـدم شـبه اجلملـة اخلـرب "حلسـنه" علـى املبتـدأ "حلـي"

املبتـــدأ املـــؤخر "نســـيب"، مث يعـــود يف البيـــت و الشـــطر الثـــاين للغـــرض نفســـه "يف صـــدر القصـــيد" اخلـــرب

يف قوله :إىل معرفته ، املستمع تشويقاخلرب قصد دة الستعمال أسلوب تأخرياألخري من القصي

وغازلنا جفن هناك كنـرجس

فلله ذيل للتصابي سحبــتـــــه

ومــــبــتــسم لألقــــحــــوان شـــنــــيــــب

3وعيش بأطراف الشباب رطيب

الشباب"، فأخر اخلرب وكان حيث نرى أن الشاعر فصل بني املبتدأ واخلرب بشبه اجلملة "بأطراف

حقــه أن يتصــل اتصــاال مباشــرا باملبتــدأ لتشــويق املســتمع إىل معرفتــه، واألصــل يف الكــالم "عــيش رطيــب

بأطراف الشباب".

.86ص عبد املتعال الصعيدي ، بغية اإليضاح، 1

.325ابن خفاجة ، الديوان، ص 2

.336ابن خفاجة ، الديوان، ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

175

ثانيا: التقديم والتأخير في الجملة االسمية المنسوخة :

ناسـخ _وخــرب كــون ترتيبهـا علـى مــايلي: ناسـخ _اســم الخة أن يو األصـل يف اجلملـة االمسيــة املنسـ

لغــــرض مــــن األغــــراض البالغيــــة التقــــدم،حقــــه يتــــأخر أو ولكــــن قــــد يتقــــدم ماحقــــه التــــأخري ،الناســــخ

ن النحاة قـد اتفقـوا على" أ ،البالغة أو التلذذ وغري ذلك مما ذكر يف كتب تعجيل املسرة ،أ كالتشويق

االسـم واخلرب،أمـاإذا على انه الجيوز تقدم خرب كـان او إحـدى أخوا�ـا علـى امسهـا أن حـدث لـبس بـني

وقـد ، 1"أمن اللبس ومل يكن اخلرب حمصورا فالنحاة علـى جـواز تقـدم خـرب كـان أو إحـدى أخوا�ـا عليهـا

، ومـن دلسـيني يف هـذه احلقبـة مـن الـزمنورد تقدمي خرب كان أو إحدى أخوا�ا علـى امسهـا يف شـعر االن

ذلك قول ابن زيدون :

يســا قد علقنا سواك علقنا نـــــــــفــ

ولبسنا الجديد من خلع الـحــــــــ

ليس منك الهوى وال أنت منه

وصرفـــنـــا إلـــيــه عــنــــك الــــنـــفـــوســـــا

ب ولم نأل أن خلعنا اللــــتبـــيــــســـا

2اهبطي مصر أنت من قوم موسى

لكـــن ســـرعان مانتهـــت تلـــك األيـــام ،ســـتكفيدة بنـــت امليتـــذكر ابـــن زيـــدون أيـــام احلـــب مـــع وال

النصراف والدة عنه بعد أن رأته يتغزل بإحدى جواريها، فولت عنه وهي تقول :

نـنا لو كنت تنصف في الهوى ما بـيـ

ه ــــــال ـــم ــــج ـــرا ب ـــمــــثــــا مــنـصــوتركت غ

ر ــــــي ـــــخ ــــت ـــــم ت ــــلم تهو جاريتي ول

3وجنحت للغصن الذي لم يـثمر

ر وا�ــرور علــى اســم ونــرى يف البيــت الثالــث أن ابــن زيــدون جلــأ إىل اســتعمال ظــاهرة تقــدمي اجلــا

، فأنــت مــن مصــر أقولــه اآلن خيــتص بــك أنــت يــا والدة، أي أن هــذا احلكــم الــذي لــيس لالختصــاص

وأمل ابن زيدون مما جرى له. غضب ، ويظهر يف هذه األبيات شدةقوم موسى اليهوداليت نزل �ا

. 161أمين حممود موسى: التوجيه الداليل للظاهرة النحوية ،ص 1

.145ابن زيدون ، الديوان، ص 2

.205،ص 04املقري ، نفح الطيب، مج 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

176

ومــن ذلــك أيضــا قــول ابــن زيــدون يف نونيتــه املشــهورة ، الــيت أرســلها ابــن زيــدون إىل والدة بنــت

املستكفي يسأهلا فيها أن تدوم على مود�ا :

نكاد حين تناجيكم ضمائرنا

حالت لفقدكم أيامنا فـغدت

يقضي علينا األسى لوال تأسينا

1انت بكم بيضا لياليناسودا وك

يقارن الشاعر بـني حاليـه يف املاضـي واحلاضـر، فهـو يأسـى للحاضـر بعـد فـراق والدة لـه ويتحسـر

علـــى املاضـــي، فقـــد تغـــريت أزماتـــه بســـبب فقدانـــه لـــوالدة، فاأليـــام الـــيت هـــي يف احلقيقـــة مشـــرقة بيضـــاء

ويظهــر يف البيــت الثــاين ي، أصـبحت تبــدو مظلمــة سـوداء للفــراق الــذي حصـل مــن والدة بنــت املسـكف

تقدمي تقدمي خـرب كـان علـى امسهـا يف قولـه "كانـت بكـم ليالينـا"، وذلـك ليضـمن ظهـور اخلـرب علـى حنـو

جيعلــه حمــورا للمعــىن، وكأنــه يريــد لفــت انتبــاه املخاطــب إىل مــدى فــرط ســعادته يف ليــايل الوصــال وأصــل

" .الكالم "وكانت ليالينا بيضا بكم

يعقـد بابـا يف صـفات مـن أحـب صـفة يف حمبوبـه ومل يستحسـن غريهـا بعـد وهذا ابن حزم القرطيب

: ويف ذلك يقول ذلك

إن المها وبها األمـــثـال ســـائـــرة

وقص فليس بها عنقاء واحدة

وآخر كان في مـــحـــبـــوبــه فــــوه

وثالث كان في مـحبوبه قـــصــر

ان ينكر الحسن فيها الدهر إنس ال

الــــجـــيـــد بـــعــــران وهل تـــزان بـــطول

ـي فـي األفــــواه غــــزالن يــقول حـــســبـ

2يــقــول: إن ذوات الـــطــــول غــــيـــــــالن

يظهر يف األبيـات التاليـة الـيت نظهمـا ابـن حـزم يف صـفات احملبـوب، أنـه جلـأ إىل اسـتعمال التقـدمي

ــــأخ ــــث جنــــد يف البيــــت األول منهــــا تقــــدمي اجلــــار وا�ــــرور علــــى املبتــــدأ ري يف غــــري مــــا موضــــع والت ، حي

الختصاص املها باحلسن واجلمال، فهي اليت ال ينكـر حسـنها إنسـان، مث يـأيت يف البيـت الثالـث والرابـع

التــزم ولــو ،وتأكيــد وفــوع املعــىن علــى املوصــوف واخلــامس تقــدمي اجلــر وا�ــرور علــى اســم كــان لتحقيــق

.298ابن زيدون ، الديوان، ص 1

.212ابن حزم ، طوق احلمامة، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

177

أصل الكالم "كان فوه يف حمبوبه" و"كان قصر يف حمبوبه"، فإن ذلك سيقلل من فاعلية اخلـرب يف إبـراز

املعىن والتأكيد عليه .

أما ابن احلداد فيقول :

وعـــرجا يــافــتـــيــي عـــامـــر

فـــإن بـــي لـلـــروم رومـــيـــة

أهيم فيها والهوى ضلة

ت الـــعـــيـــســـويـــــــات بالفتيا

تكنس ما بين الكنيسات

1بــيـــن صوامـــيـــع وبـــيـــعـــات

يقــول ابــن احلــداد للمخاطــب أنــه البــد أن يعــرج حنــو تلــك الفتيــات النصــرانيات أل�ــا بيــنهن الــيت

خة، حيـث قـدم اجلـار وا�ـرور وهو بـذلك يوظـف يف البيـت الثـاين التقـدمي يف بـاب اجلملـة املنسـو حيبها،

بذلك على أن حبه اختص �ا دون غريهـا مـن ليدل على اسم الناسخ، يف قوله :"فإن يب للروم رومية"

الفتيات النصرانيات األخريات .

وقد ورد تقدمي خرب كان عليها وعلى امسها يف قول ابن زيدون :

خنت عهدي ولم أخن

ـــــزايــــــد قــــائـــــال هــــــــــل مــ

عــــدتــــي كــــنـــت لــلـزمــــا

بــــعــت ودي بـــال ثـمــن

رابـــــحــــا ثــــم مـن يـــــــزن

2ن فقد حلت والزمن

، وباعــه بــال مثـــن زن عميـــق ، بعــدما خــان حمبوبــه عهــدهالشــاعر هنــا واقــع حتــت تــأثري عاطفــة حــ

عتاده وعدته اليت يستعني �ا على تقلبـات الزمـان وصـروفه ،وكـان تقـدمي خـرب كـان يف بعدما كان يعتربه

البيــت الثالــث عــديت وســيلة مــن وســائل الشــاعر لتأكيــد هــذا اخلــرب وإبــرازه ولفــت انتباهنــا وأمساعنــا إىل

ا ماكـان ميثلــه حمبوبــه هلمـن عــون ، وكــان بإمكانــه أن يقـول :"كنــت عــديت للزمـان" ،ولكــن الرتكيــب �ــذ

الشكل يقلل من فاعلية اخلـرب يف بـراز املعـىن الـذي يريـده الشـاعر ،كمـا يصـبح الرتكيـب تركيبـا عاديـا ال

يلفت االنتباه وال األمساع .

.157بن احلداد ، الديوان، ص ا 1

.30ابن زيدون ، الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

178

ثالثا: التقديم والتأخير في باب الجملة الفعلية :

ألنــه يتنــزل مــن ،الفاعــل الفعــل متصــال بــه غــري منفصــلاألصــل يف ترتيــب اجلملــة الفعليــة أن يلــي

كلم أو خماطــب ت، فهمــا كالشــئ الوحيــد لــذلك يســكن لــه آخــر الفعــل إذا ضــمري املــالفعــل منزلــة اجلــزء

هــم يكرهــون ذلــك يف الكلمــة فســكنوه كراهيــة أن يتــواىل أربعــة متحركــات، و ،"ضــربت وضــربت :حنــو

، كما ان األصل يف املفعول بـه أن ينفصـل ى أن الفاعل مع الفعل كجزئي كلمةفدل ذلك عل ،الواحدة

.1من الفعل ويتأخر عن الفاعل

إال أنه قد يرد يف االستعمال اللغوي ما خيالف هذا الرتكيب ألأغراض بالغية ،قد ذكرت بعضها

يف أول املبحث، وقد جلأ الشاعر األندلسي يف كثـري مـن األحيـان إىل اسـتعمال هـذه الظـاهرة وتوظيفهـا

يف شعره .

ومن ذلك قول ابن خفاجة :

ك ـــال ــــا أم م ــــي ل،ــيـــي اللـــلـــول عـــطـــي

ولم أدر ما أشجى وأدعى إلى الهوى

لة وخضخضت دون الحي أحشاء ليـ

ة ــــــوع ـــــة ل ــفــن رشــيــا بــا مــهـــتـــيـــضـــقـــف

ة ــه دجن ــيـــلـــت عـــفــــتـــا الـــن مـــســوأح

ام ـــم ــــل ليالي الصب ليل ت ــــوك

ام ــم ـــاء حــنـــرق أم غـــة بــقــفــأخ

ام ـــم ـــض غ ـــيــــا ومــهـيـيحفزني ف

رام ــــاق غ ـــنــــتـــه شكوى واعـوأن

2م ــــس ـــعناق حبيب عن عناق ح

يـام أنسـه نالحظ يف هذه املقطوعة الشعرية اليت يرثي فيها ابن خفاجة أفول أيام شبابه، ويتذكر أ

هلوه، وتظهر فيها جمموعـة مـن االنزياحـات يف اجلمـل الفعليـة، حيـث تكـررت هـذه الظـاهرة أكثـروليايل

وكـــان حـــق "يطول علـــي الليـــل"، ففـــي البيـــت األول نـــرى أنـــه قـــدم اجلـــار وا�ـــرور علـــى الفاعـــلمـــن مـــرة

م فيهـا فقـد الثالـثيـت ، أمـا يف الب"يطول الليل علـي"بالفعل وهو األصل عند النحاة ل الفاعل أن يتص

غمام فيها"، ويف البيت األخـري واألصل"حيفزين وميض "حيفزين فيها وميض غمام"، أيضا اجلار وا�رور

.168أمين حممود موسى ، التوجيه الداليل للظاهرة النحوية، ص 1

.332ابن خفاجة ، الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

179

أيضــا حيــث قال:"وأحســن مــا التفــت عليــه دجنــة"، واألصــل فيهــا "وأحســن مــا التفــت دجنــة عليــه"،

لـك لبيـان حالـه الـيت كـان عليهـا ، وذوالذي يظهر يف هذه األبيات هو تكرار التقدمي يف اجلمـل الفعليـة

فبعد العز واهليام والشوق واهليام آل كـل ذلـك إىل عجـز وكـرب يف السـن وتفـرق األحبـاب فهـو يتـأمل بـني

طول الليل وثقل يف احلركة .

ومن ذلك قول ابن زيدون :

هل تذكرون غريبا عـــاده شــــجـــن

يخفي لواعجه والشوق يـفضحه

أجفانه الـوسن من ذكركم وجفا

. 1فقد تساوى لديه السر والعلن

يذكر الشـاعر هـذه األبيـات يف يتـذكر فيهـا أهلـه ملـا فـر مـن سـجنه يف قرطبـة إىل إشـبيلية وهنالـك

ملا جيده من معانات يف غربته وأمل يسـببه البعـد والشـوق، ،، فتذكر بذلك أحبابه وأهله ووطنههل العيد

ه وآالمــه، ولكــن هيهــات لــذلك ألن شــوقه وحنينــه يفضــحانه وتبــوء كــل وهــو بــذلك يريــد إخفــاء حنينــ

حماوالتــــه بالفشــــل، حــــىت يصــــل إىل اليــــأس جتعـــــل ســــره وإعالنــــه ســــواء، فهــــو"خيفي لواعجــــه والشـــــوق

يفضـــحه"، ولقـــد أوحـــى تقـــدمي الظرف"لـــدى"على الفاعل"الســـر"يف البيـــت الثـــاين، بـــأن تســـاوي الســـر

الشاعر فقط وال ينصرف إىل غريه، فاإلسرار واإلعالن ال يتسـاويان والعلن يف هذه احلالة ال خيص إال

عنــد ســائر النــاس، واألصــل يف اجلملــة "فقــد تســاوى الســر والعلــن لديــه"، وهــذا يــوحي بــأن هــذه احللــة

الشاعر فقط .الختص

وهذا املعتمد بن عباد يقول :

ولـــمـــا الـــتـــقـــيـــنـــا للــوداع غدية

جود العتاق وصفقت وقربت ال

بكينا دما حـــتـــى كــأن عـــيـــونـــنـــا

وكنا نــرجــي األب بــعـــد ثــالثــــة

وقد خفقت في ساحات القصر رايات

ات ــــــــــالم ــــراق ع ـــــفـــلـت لـــول والحــــبـــط

ات ـــراح ــــا ج ـــهــنــلجرى الدموع الحمر م

2ادات ـــا زي ــهـــيـــلــــت عــالــد طــــفكيف وق

. 332ابن خفاجة ، الديوان، ص 1

. 04ابن عباد ، الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

180

يــذكر املعتمــد هــذه األبيــات إثــر توديعــه لفتــاة، وتظهــر يف هــذه االبيــات جمموعــة مــن االنزياحــات

اللغوية اخلاصة برتكيب اجلملة الفعليـة، واملقصـود مـن ذلـك بيـان حالـه أثنـاء الفـراق فقـد الحـت للفـراق

، وهــو بــذلك يكــين عــن شــدة حزنــه حــىت تركــت جراحــات علــى خديــه دموعــه ، وجــرتاحلــزنعالمــات

وكثــــرة دموعــــه، واألصــــل يف اجلملــــة "خفقــــت رايــــات يف ســــاحة القصــــر" و"الحــــت عالمــــات للفــــراق"

و"طالت زيادات عليها" .

، لشـــعورهم باحلاجـــة إىل يف مـــا موضـــع مـــن أشـــعار األندلســـيني وقـــد تكـــرر تقـــدمي اجلـــار وا�ـــرور

ام تلـــزمهم وكـــذلك وكـــذلك إىل حتقيـــق وتأكيـــد احلكـــم احلاصـــل يف الرتكيـــب، ومـــن اختصاصـــهم بأحكـــ

ذلك قول ابن خفاجة :

وضيف طيف أم من هاجر

وقد جال الحسن له سنة

وصحفة تنشر من صفحة

بات به المشكو مشكـــــــــورا

راو ذــــــــيلقى بها المعذول مع

1ورارأيت فيها الحسن مسط

نالحظ يف األبيات بروز ظاهرة التقدمي بشكل الفت حيث، أخر نائب الفاعـل وقـدم الضـمري ،

وتكرر ذلك يف البيت الثالث يف قوله:"رأيت فيها احلسن مسطورا"، واملراد من ذلك هو تأكيد الفاعـل

طرت كل أدوات وقد سوحتقيقه، فطيف احملبوبة قد معذول قد عذر احملبوب الغائب املعذول يف غيبته،

احلســن يف حمبوبــه، وأصــل الكــالم "رأيــت احلســن فيهــا مســطورا" وهــذا احلكــم علــى هــذه احلــال يصــبح

عاما ال خيتص به وحده .

. 356ابن خفاجة، الديوان، ص 1

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

181

. في شعر األندلسيين الحذف :المبحث الثالث

احلـــذف مـــن القضـــايا البالغيـــة اهلامـــة الـــيت تتضـــمنها الرتاكيـــب العربيـــة، اهتمـــت �ـــا الدراســـات

نحوية والبالغية واألسلوبية، وقد أفرد ابن جين لظاهرة احلذف بابا خاصـا ألمهيتـه وخطورتـه يف العربيـة ال

:"اعلم أن معظـــم ذلـــك إمنـــا هـــو احلـــذف، والزيـــادة والتقـــدمي ، قـــال فيـــهمســـاه "بـــاب يف شـــجاعة العـــريب"

ولـيس شـئ وواحلركـة والتأخري واحلمل على املعىن والتحريف، وقد حذفت العرب اجلملة واملفرد واحلـرف

، إذ لــو ذكــر 1، وإال كــان فيــه ضــرب مــن تكليــف علــم الغيــب باملعرفــة "مــن ذلــك إال عــن دليــل عليــه

احملذوف لضعف اجلانـب اإلبالغـي يف الرتكيـب، فيفقـد القـدرة علـى اختـزان املعـاين واألسـرار واللطـائف

الوة واجلمـــال الفـــين، فظـــاهرة الـــيت يـــؤدي الكشـــف عنهـــا إىل اإلطالـــة املســـرتذلة املتســـببة يف فقـــدان الطـــ

قــد تكــون لطيفــة مــن اللطــائف ذات مــذاقات حســنة ،حي بداللــة بالغيــة وأســلوبية عميقــةاحلــذف تــو

.2وهي مقاصد ال تتحقق بذكر ما حذف من البنية الرتكيبية كما ذكر

فجعلـه ابـن جـين مـن بـاب شـجاعة العربيـة وعقـد ،علماء العربية باحلذف جل أمهيـتهموىل وقد أ

عجيـب املأخذ هو باب دقيق املسلك، لطيف القاهر اجلرجاين بابا خاصا باحلذف حيث يقول:" عبد

والصـمت عـن اإلفـادة أزيـد لإلفـادة، ،أفصـح مـن الـذكرترى بـه تـرك الـذكر مر شبيه بالسحر، فإنك األ

از ط النحـــاة جلـــو ، وقـــد اشـــرت 3" وأمت مـــا تكـــون بيانـــا إذا مل تـــنب ،دك أنطـــق مـــا تكـــون إذا مل تنطـــقوجتـــ

مـن العناصـر ، أي وجـود قرينـة لفظيـة أو حاليـة تـدل علـى احملـذوف، وأن يفهـم املعـىناحلذف قيام دليل

"بـاب شـجاعة وهـذا مـا أشـار إليـه ابـن جـين يف، هذا احلذف باملعىن املرادوأال خيل ،املتبقية بعد احلذف

لـــت" ، و"تـــاهللا لقـــد فعلـــت"، :"واهللا ال فعفامـــا اجلملـــة فنحـــو قـــوهلم يف القســـمالعربيـــة" بقولـــه متثـــيال :"

وأصـــله :"أقســـم بـــاهللا"، فحـــذف الفعـــل والفاعـــل وبقيـــت احلـــال مـــن اجلـــار وا�ـــرور دلـــيال علـــى اجلملـــة

. 4احملذوفة"

.360ابن جين ، اخلصائص، ص 1

م، 2003ه_1424بومجعة مجعي ، ظاهرة احلذف يف شعر البحرتي، مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األوىل 2

.47ص

.146عبد القاهر اجلرجاين ، دالئل اإلعجاز، ص 3

.360ابن جين ، اخلصائص، ص 4

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

182

متلـــك واحلـــذف خـــروج عـــن األصـــل إذ األصـــل يف الكـــالم الـــذكر، واحلـــذف فـــرع عليـــه، لكـــن ملـــا

واحلـذف لـبعض عناصـر حيـان إىل االختصـار، تدفع املتكلم يف كثري من األالعربية من إمكانات سياقية

.1، مع العلم بالعنصر املذكور كما ذكر يف شروطه اجلملة

مــيلهم إىل ،ولعــل مــا يقــف وراء شــيوعها وشــعر األندلســيني يف هــذه احلقبــة حافــل �ــذه الظــاهرة

، ملــا لــه مــن دور مهــم يف اإلبــالغ، وســأحاول مــن خــالل هــذا املبحــث ذكــر بعــض اإلجيــاز يف كالمهــم

املواطن اليت ورت فيها هذه الظاهرة .

أوال : الحذف في الجملة االسمية :

أشار النحاة إىل أن اجلملة االمسية تتكون من عنصرين أساسيني مها املبتـدأ واخلـرب حتصـل الفائـدة

واخلــرب حمــل الفائــدة فالبــد منهمــا، واتفقــوا علــى أنــه قــد يوجــد مــن مبجموعهمــا فاملبتــدأ معتمــد الفائــدة

ئن اللفظيــة أو احلاليــة مــا يغــين عــن النطــق بأحــدمها أو كليهمــا، ألن األلفــاظ إمنــا جتــئ �ــا للداللــة القــرا

.2فهم املعىن بدون اللفظ جاز أال تأيت به ويكون مرادا حكما وتقديرا على املعىن، فإذا

ن وقد ورد احلذف يف اجلملة االمسية يف أشعار األندلسيني يف عصر الطوائف، ومن ذلك قـول ابـ

زيدون :

خـــر أكــرم بـــوالدة ذخـــرا لــــمـــد

قالو أبو عامر أضحى يـلم بنا

عيرتمونا بأن قد صار يخلفنـا

أكل شهي أصبنا من أطــايـــــبــه

لو فرقــت بـــيـــن بـــيــطــار وعـــــطــــار

ـــار قلت الــفراشـــة تـــدنـــو مـــن الـــــن

فيمن نحب وما في ذاك من عار

3بعضا وبعضا صفحنا عنه لــلــــفـــــــار

وكانــت والدة قــد -_الــذي نافســة يف حــب والدةوجــه الشــاعر هــذه األبيــات إىل ابــن عبــدوس

انصرفت عنـه إىل أيب عـامر، فـأراد ابـن زيـدون إشـعاره بأنـه قـد نـال منهـا كـل مـا يشـتهي، وهـو يف ذلـك

يف احتقــار والدة وكــذلك حمبو�ــا اجلديــد ابــن عبــدوس، مشــبها هلــا بفضــالت الطعــام الــذي أكــل يبــالغ

.44أمين حممود موسى، التوجيه الداليل للظاهرة النحوية، ص 1

. 47ود موسى، التوجيه الداليل للظاهرة النحوية، صأمين حمم 2

. 44ابن زيدون، الديوان ، ص 3

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

183

أحســنه وتــرك البــاقي للفئــران، ويظهــر يف البيــت األخــري أن الشــاعر قــد جلــأ إىل ظــاهرة احلــذف يف أول

البيت األخري من املقطوعة ، حيث قال "أكل شهي" واألصل يف الكالم "هي أكل شهي" فعـدل عـن

ر الظمري العائد إليها مبالغة يف شدة االحتقار ،وإمعانا يف احلط من منزلتها، وتكـرر احلـذف الشـطر ذك

.عدوال عن احملذوف "األكل" ،الثاين من البيت حيث ذكر كلمة بعض بتنوين العوض

ومن ذلك أيضا قول ابن حزم يف باب عالمات احلب :

ــســـهـــدامــشـــوق مــــعـــنـــى مـــا يـــنـــام م

فــــفــي ســاعة يــبــدي إلــيـــك عــجــائـــبـا

كأن النوى والعتب والهجر والرضى

رثــــى لـــغـــرامـــي بـــعــــد طــــول تـــمـــنـــــــع

نــعــمــنــا علــى نــور مــن الروض زاهــــر

ـــراكأن الحيا والمــزن والـــروض عـــاط

بـــخــمـــر الــتــجـــنــــي مــــا يــــزال يــعـــربـــد

ـــــد يــــمـــر ويـــســتــحــلـــي ويـــدنـــي ويــبــــعـ

ــــس وأ قــــران وأفـ ســـــــعـــــــــد ـــــذاذ ونــــــــحــ

سد ـــــــــــوأصبحت محسودا وقد كنت أح

ـــد ـــالغوادي فـهـــو يـــثــــنـــي ويــــحــمـسقته

ــــان ـــــد مـــــــــــــدمـــــــــوع وأجـــــــــفـــ ورد وخـــــ1

ينـام مسـهدا مـن الحيث أن املشوق املعىن ، يذكر ابن حزم هذه األبيات يف باب عالمات احملبة

ثالــث مــن املقطوعــة جلــوء الشــاعر إىل ظــاهرة احلــذف، ويظهــر يف البيــت الشــدة متكــن احلــب مــن قلبــه،

والغــرض مــن ذلــك اإلجيــاز يف الكــالم، فحـــذف الناســخ يف كــل مــن املتعاطفــات املتواليات"كــأن احليـــا

واملزن والروض عاطرا".

وقد ورد حذف كان مقاء معموال�ا ، يف قول ابن زيدون :

إن ساء فعلك بي فـــنـــا ذنــــبـــي أنـــــا

لم أسل حتى كان عذرك في الذي

ولقد شكوتك بالضمير إلى الهوى

منيت نـفـــســي مـــن وفـــائـــك ضـــلـــة

حسب المتيم أنه قد أحــــســـنــا

أبديتـه أخـــفـــى وعـــذري أبــــيــنـــا

ودعوت من حنق عليك فأمنا

2ــنـــىولقد تغر المرء بارقـــة الـــمــ

. 180ابن حزم، طوق احلمامة، ص 1

. 180ابن حزم، طوق احلمامة، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

184

لقد هجرت والدة الشـاعر بـال ذنـب ،فأسـاءت إليـه يف حـني أحسـن هـو إليهـا ،ولـيس هلـا عـذر

واضح يف ذلك ،والشاعر تتنازعه مشاعر عدة ،فهو حزين لفراق والدة له وانصرافها عنه ، كما تسيطر

ومنبـع القلـق عليه حالة من القلق واحلـرية ، فقـد أحسـن إىل والدة يف حـني أسـاءت هـي لـه بـال ذنـب ،

أنه ال يعرف سـبب هجـران والدة لـه ، فلـم يقـرتف يف حقهـا ذنبـا ،وال شـك أنـه يف حالـة احلـرية والقلـق

اليت تنتاب الشاعر قد أصابت الرتكيب اللغوي بالقلق ،فاألصل أن يقال"وكان عذري أبينا" ،ولكنه يف

يئة .موقف يقصر فيه عن إكمال بنية اجلملة ملا ينتابه من حالة نفسية س

ثانيا : الحذف في الجملة الفعلية :

األصل يف اجلملة الفعلية أن ترتكب من األركان التالية: فعل وفاعل ومفعول به، ولكـن قـد يعمـد

ـــةالشـــاعر إىل حـــذف أحـــد طـــريف اإل ، وقـــد ورد احلـــذف يف اجلملـــة ســـناد لغـــرض مـــن األغـــراض البالغي

ســبيل التمثيـل ال علــى ســأقوم بـذكر بعضــها علـىالفعليـة عنـد الشــعراء األندلسـيني يف عصــر الطوائـف،

الل �ـــا علـــى أن الشـــاعر األندلســـي قـــد حتكـــم يف أدواتـــه الشـــعرية، فتـــارة يقـــدم دلالســـت ،ســـبيل احلصـــر

وتعـد هـذه اللغـة العربيـة، يف ، وهذا ما يسمى االتساعإىل احلذفويؤخر يف عناصر اجلملة وتارة يظطر

.1كما ذكر ابن جين يف خصائصه العربيةاملرونة يف لغة العرب من شجاعة اللغة

ومن ذلك حذف الفعل يف قول ابن خفاجة :

الوالذي تجلى الكروب

ع ــــــــن دم ـــيـــت إال بــــال ب

م ـــيــــس ـــــن ـــحران أنتشق ال

وب ـــط ــخ ــبه وتنفرج ال

ذوب ــــــينهمي وحشا ي

2ونعم مسالة الكروب

ابــن خفاجــة يف هــذه األبيــات مــدى حنينــه وشــوقه إىل حمبوبــه، فيبــدؤ شــعره بالقســم الــذي يــذكر

حــذف منــه فعــل القســم "أقســم" وأبقــى متممــات اجلملــة املتمثلــة يف االســم املوصــول وصــلته، وهــو مــن

، وحــذف اجلــار وا�ــرور يف قولــه "وتنفــرج دواعــي اإلجيــاز ، وهــذا األمــر شــائع يف الشــعر العــريب بإمجــال

.360ابن جين ، اخلصائص، ص 1

.336ابن خفاجة ، الديوان، ص 2

ـــع: المستوى التركيبيالــفــصــل الـــراب

185

لكروب"والتقدير"وتنفرج به الكروب" وحذف لإلجياز يف القول ألنه قد ذكر قبل ذلك ،ولـو ذكـر مـرة ا

.أخرى الختل نظم الكالم وتركيبه

ابن حزم :ومن ذلك أيضا قول

أرعى النجوم كأنني كلفت أن

فكأنها والليل نيران الـــــجــــوى

س ـن ــوالخ هاـــوتـــبـــع ثـــيـــمــى جـــــأرع

1قد أضرمت في فكرتي من حندس

يذكر ابن حزم هـذه األبيـات يف بـاب عالمـات احلـب، ويهـر يف البيـت األول أن الشـاعر قـد جلـأ

إىل حـــذف الفعـــل لالختصـــار ولوجـــود القرينـــة الـــيت تـــدل عليـــه ، فقـــال "أرعـــى مجيـــع ثبو�ـــا واخلــــنس"

لكــالم "أرعــى مجيــع ثبو�ــا وأرعــى النجــوم اخلــنس"املفعــول بــه واألصــل يف االفاعــل و فحــذف الفعــل و

، فاستعمال الشـاعر هلـذه اخلاصـية يكسـبه بالغـة يف التعبـري وقـوة يعد من مجال وسعة اللغة العربيةوهذا

يف إبالغ السامع املراد دون تكرار .

.180ابن حزم ، الديوان، ص 1

خــــاتـــمــــة

186

ةـــمــاتــخ

خــــاتـــمــــة

187

خاتمة :

اإليقاعية والرتكيبية واستخراج البىن للشعر الوجداين يف عصر امللوك والطوائفمن خالل دراسيت

عن طريق السمات األسلوبية اليت ،عن مواطن احلسن واجلمال من خالهلا اليت كشفت والداللية

النتائج التالية :شكلت نظامها اللغوى العام توصلت إىل

أن عصر الطوائف هو عصر أشبه مايكون بتصوير "شارلز دكنز" لعصر الثورة الفرنسية -

حيث" كان أحسن األزمان وأسوأها ،عصر احلكمة وعصر الضاللة، عصر اليقني واإلميان وعهد

نا كل شئ وليس بني احلرية والشكوك أوان النور وأوان الظالم ، ربيع الرجاء وزمهرير القنوط، بني أيدي

، ذلك أن هذا 1أيدينا أي شئ قط وسبيلنا مجيعا إىل مساء عليني وسبيلنا مجيعا إىل قرار جحيم"

العصر هو عصر حصاد لكل ما بذرت اخلالفة، فانتشرت اخلريات وتوزعت الثروات ، ولكن سرعان

قبلية ومتكني النصارى الما أفل جنم دولتهم ملا اتسمو به من انقسات ، وظهور اخلالفات والنعرات

.على بعضهم

جلي يف _ احلضور الالفت للمرأة األندلسية يف أوساط الساحة األدبية، ويتمثل ذلك بشكل

نت املستكفي الشعرية، كما أن املرأة األندلسية كان هلا دور كبري يف تفجري قرييحة جتربة والدة ب

ارهم حول اجلمال بكل أنواعه، سواء اجلمال الشاعر األندلسي فأغلب احملاور اليت دارت عليها أشع

املادي للطبيعة أو اجلمال احلسي اليت يتمثل يف الشعر الوجداين الرمنسي، وال سيما أن هذا العصر

متيز بسفور املرأة األندلسية وشيوع جمالس اللهو واألنس .

فهي ن البالغة، تمد مجالياته وخصائصه مفهو يس ،جزء اليتجزأ من البالغة العربية األسلوب -

، واألسلوب هو طريق نسج وتنظيم هذه الصورة اجلمالية مع املادة اللغوية يف لصورة اجلماليةتلك ا

. نظام وطريقة حمكمة البناء

لى أغلب البحور الشعرية _ استعمال الشاعر األندلسي قصائدهم يف الشعر الرومنسي ع

، ومل يتخذ الشعراء األندلسيني حبوراالبسيط والكاملعندهم: الطويل و وكانت البحور املتقدمة املعروفة

شعرية معينة، وهذا ما يدل على أن الشاعر األندلسي متحكم من أدواته الشعرية املوصولة بالرتاث

املشرقي القدمي .

.225أحمد الطاھر مكي، دراسات أندلسیة ، ص 1

خــــاتـــمــــة

188

_ استعمال الشاعر األندلسي يف هذه احلقبة ملختلف حروف القوايف الشائعة عند العرب، كما

أنه وازن يف االستعمال بني القافية املطلقة واملقيدة على حسب السياق واحلالة النفسية .

ندلسي ملختلف الوسائل لتحقيق املوسيقى الداخلية ، فكثريا ما نراه _ استعمال الشاعر األ

ىل التكرار والسجع والطباق، ملا هلا من أثر كبري يف االنسجام اللغوي داخل نصوصه الشعرية .يلجؤ إ

_ كثريا ما كان الشاعر األندلسي يبكي شوقا متأملا من لفحات اهلجر، وهذا ما ظهر جليا يف

كثري من أشعارهم .

أة، وهذه الصورة كانت صورة الظيب من الصور اليت استلهما الشاعر األندلسي يف وصف املر -

ترسخت منذ أمد بعيد يف ذاكرة الشاعر العريب، كما وردت سياقات أخرى لتشبيه املرأة بالشمس

والقمر ولكن بصورة أقل .

براعة الشاعر األندلسي يف بناء صوره الفنية، إذ كان لتصويره مجالية يف تشكيل الصورة -

أيضا ، فكثريا ما رأيت الشاعر األندلسي يستعمل مسثمرا للحواس الغية من تشبيه واستعارة وكناية الب

الصور البصرية والسمعية والشمية استأناسا يف أوقات الشوق واهلجر .

التقدمي والتأخري، ألغراض بالغية خمتلفة ثر من أسلويب فالشاعر أكأما من الناحية الرتكيبية _

كما رأينا مع ابن زيدون ملا ولت الغالب من استعماله هلا هو االختصاص، ورمبا استعملها للتحقري

عن حبه والدة .

_ عشق الشاعر األندلسي الطبيعة بكل ما فيها ، جاعال من عناصرها الساكنة واملتحركة قيما

زه لقيم اجلمال اخلاصة بالطبيعة مجالية خلدها وجمدها يف شعره ، حىت عرف شعره من خالل إبرا

اإلنسانية يف حبه وما أحسه من سعادة وشقاء. ومن مث رأيناه يشاركها وجدانه ومشاعره

المصادر و المراجع

189

المصادر و المراجع

المصادر و المراجع

190

القرآن الكرمي رواية حفص. -

المصادر و المراجع : .-

م.1952إبراهيم أنيس، موسيقى الشعر، الطبعة الثانية،مكتبة األجنلو مصرية بالقاهرة ، .1

.1963احللة السرياء ،تح حسني مؤنس ، دار املعارف ، القاهرة ، الطبعة األوىل ، ابن اآلبار، .2

ــل الســـائر يف أدب الكاتـــب والشـــاعر، تــــح حممـــد حمـــي الـــدين عبـــد احلميـــد ، مطبعــــة ابـــن .3 ــري ، املثـ األثـ

.02م ،مج 1939ه_1358مصطفى اجلليب بالقاهرة،

.03ابن بسام : الذخرية، الدار العربية للكتاب ليبيا _تونس، مج .4

عبــد احلــق الرتكمــاين ابــن حــزم الظــاهري ، طــوق احلمامــة وظــل الغمامــة يف األلفــة واآلالف ، حتقيــق : .5

.2013-1434وعبد العزيز علي احلريب ، دار ابن حزم لبنان ، الطبعة الثانية

ابن خفاجة ، الديوان ، ظبطه عمر فاروق الطباع ، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع . .6

املكتبـة ابن رشيق القريواين، العمدة ىف حماسن الشعر وآدابه ونقده، حتقيـق عبـد احلميـد هنـداوي، دط، .7

.م1427هـ/2007تاريخ النشر العصرية، صيدا/ بريوت

الديوان، تح علي عبدالعظيم ،�ضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ،دط،دت. ابن زيدون، .8

ــاهرة ، .9 ــق أمحــــد حممــــد شــــاكر ، الطبعــــة الثانيــــة، دار املعــــارف بالقــ ــعر والشــــعراء ، حتقيــ ــة ، الشــ ابـــن قتيبــ

م.1966

لقــرآن ، حتقيــق أمحــد صــقر، الطبعــة الثانيــة، مكتبــة دار الــرتاث بالقــاهرة، ابــن قتيبــة، تأويــل مشــكل ا .10

م.1973هـ/ 1393

.ابن منظور، لسان العرب، حتقيق عبد اهللا علي الكبري وآخرون، دط ت، دار املعارف بالقاهرة .11

أبــو امساعيــل بــن أيب بكــر املقــري ، كتــاب العــروض والقــوايف ، حتقيــق وشــرح حيــىي بــن علــي بــن حيــي .12

.2009-1430اركي ،دار النشر للجامعات القاهرة ، سنة النشر املب

المصادر و المراجع

191

ـــر ، الطبعـــــة األوىل أبــــو البقــــاء الرنــــدي ، الـــــديوان ، .13 ـــة والنشـ ـــق حيــــاة قــــارة ،دار الوفـــــاء للطباعـ حتقيـ

2010.

أبو احلسن حازم القرطاجين ، منهـاج البلغـاء وسـراج األدبـاء، حتقيـق حممـد احلبيـب بـن اخلوجـة، دط .14

المي بريوت/لبنان.ت، دار الغرب االس

أبو يعقوب يوسف بن حممد السكاكي، مفتاح العلوم، حتقيق عبد احلميد هنداوي، الطبعـة األوىل، .15

. م2000هـ/1420دار الكتب العلمية بريوت/لبنان،

.2011إحسان عباس : تاريخ األدب األندلسي ، دار الشروق للنشر والتوزيع ،رام اهللا ، .16

ة بالغية حتليلية ألصول األساليب األدبية ،مكتبة النهضة املصـرية ، أمحد الشايب، األسلوب دراس .17

م.1991_1411القاهرة ، الطبعة الطبعة الثامنة،

ـــــع .18 ــد األساســــــية للغــــــة العربية،الطبعــــــة الثانية،مؤسســــــة املختــــــار للنشــــــر والتوزيـ أمحــــــد اهلامشي،القواعــــ

م.2006هـ/1427بالقاهرة،

م. 1952_ 1371التأليف والرتمجة ، أمحد أمني ، النقد األديب ، مطبعة جلنة .19

ــن حممــــد الفيومي،املصـــباح املنــــري، حتيـــق حيـــي مــــراد، الطبعـــة األوىل،مؤسســــة املختـــار للنشــــر .20 أمحـــد بـ

م.2008هـ /1429والتوزيع،

أمحــد درويــش ، األســـلوب واألســلوبية،جملة فصــول، ا�لـــد اخلــامس العــدد األول/ أكتوبر،ديســـمرب .21

م.1984

، دت .ب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، دار غريبية بني املعاصرة والرتاثاألسلو ،أمحد درويش .22

آزاد حممد كرمي الباجالين ، القيم اجلمالية يف الشعر األندلسي ، دار غيداء للنشر والتوزيع األردن ، .23

.2014-2013الطبعة االوىل

المصادر و المراجع

192

وىل، دارالكتـب العلميـة،بريوت إميل بديع يعقوب، املعجـم املفصـل يف العـروض والقـوايف، الطبعـة األ .24

م.1991/لبنان،

أمـــني اخلـــويل، فـــن القـــول، تقـــدمي صـــالح فضـــل، دط، دار الكتـــب املصـــرية بالقـــاهرة ، تـــاريخ النشـــر .25

م.1996

ـــة ،القـــاهرة، الطبعـــة الثانيـــة .26 آخنـــل جنثالـــث بالنثيـــا : تـــاريخ الفكـــر األندلســـي ،مكتبـــة الثقافـــة الديني

م.2008ه_ 1429

م.2014التوجيه الداليل للظاهرة النحوية، عامل الكتب القاهرة، أمين حممود موسى، .27

بومجعــة مجعــي ، ظــاهرة احلــذف يف شــعر البحــرتي، مطبعــة النجــاح اجلديــدة ،الــدار البيضــاء ،الطبعــة .28

م.2003ه_1424األوىل

بومجعة مجي، ظاهرة احلذف يف شعر البحرتي،مطبعة النجاح اجلديدة، الدار البيضاء، الطبعة األوىل .29

م.2003ه_1424

ــــة، مركــــز اإلمنــــاء احلضــــارى للدراســــات، .30 ــة الثاني ـــى، الطبعــ بريجــــريو، األســــلوبية، ترمجــــة منــــذر العياشـ

م.1994

ــاحظ، .31 ــــة اخلــــاجنى بالقــــاهرة، البيــــان والتبينياجلــ ــــق عبــــد الســــالم هارون،الطبعــــة الســــابعة، مكتب ،حتقي

.م1998هـ/ 1418

ـــد الســـــالم هـــــارون، الط .32 ـــق عبــ ــاحظ، العثمانيـــــة ، حتقيــ ـــة األوىل ،دار اجليـــــل، بـــــريوت /لبنـــــان، اجلـــ بعــ

.م1991هـ/ 1411

م.2007، حياة آثار الشاعر ابن خفاجة، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع اجلزائر ،محدان حجاجي .33

رضوان الداية، يف االدب االندلسي ،دار الفكر املعاصر بريوت_لبنان،الطبعة األوىل. .34

.2015، 1ندلسي، دار التوحيدي بالرباط ،طصورة املرأة يف األدب األ سليمان القرشي ، .35

المصادر و المراجع

193

ـــة وحتليــــل، دار النشــــر سوســــو مــــراد يوســــف أبــــو عمــــر .36 الــــدويل اململكــــة العربيــــة ، األســــلوبية دراسـ

.2014_1435الطبعة األوىل ،السعودية

ــة، مكتبــــة مبــــارك العامــــة بالقــــاهرة، .37 شـــكري حممــــد عيــــاد، مبــــادئ يف علــــم األســــلوب، الطبعــــة الثانيــ

.م1992هـ/1413

ـــار للنشـــر والتوزيـــع بالقـــاهرة ، .38 ــة املخت صـــالح فضـــل، إنتـــاج الداللـــة األدبيـــة، الطبعـــة األوىل، مؤسسـ

م.1987

ـــاهرة ، .39 ــروق بالقـــــ ــــة األوىل، دارالشــــــ ـــــه، الطبعــــ ـــ ـــــــه وإجراءات ـــــــلوب مبادئـ ــــم األسـ ــــ ـــــل، عل صــــــــالح فضـــ

م.1998هـ/1419

ـــاريخ النشـــر اللغـــة الشـــاعرة ،دط، �ضـــة مصـــر للطباعـــة والنشـــر والتوزيـــععبـــاس حممـــود العقـــاد ، .40 ، ت

م.1995

، حتقيق األستاذ خليل شحادة وسهيل زكار، دط، دار عبد الرمحان بن خلدون، مقدمة ابن خلدون .41

.م2001هـ/1421الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بريوت/لبنان

عبد القاهر اجلرجاين، دالئل اإلعجاز، حتقيق حممود شاكر، الطبعـة الثالثـة، مكتبـة اخلـاجني للطباعـة .42

م.1992هـ/1413لنشر والتوزيع بالقاهرة وا

ـــــــة .43 ــل بـــــــــــــــريوت ، الطبعــــــــ ــــــــــ ـــــي ، دار اجليـــ ــــــــاريخ األدب األندلســــــــــ ـــــــــــاجي ، تـــــــ ـــــــنعم خفــــ عبـــــــــــــــد املــــــــ

م.1992_1413األوىل

م.2000عدنان بن ذريل، النص واألسلوبية، دط، إحتاد الكتاب العرب، تاريخ النشر .44

ديق املنشــاوي ، دط، دار علــى بــن حممــد الشــريف اجلرجــاين،معجم التعريفــات ، حتقيــق حممــد الصــ .45

م.2004الفضيل للطباعة والنشروالتوزيع بالقاهرة ،تارخ النشر

.م2007علي اجلارم ومصطفى أمني ، البالغة الواضحة ،دط ، دار قباء لنشر والتوزيع بالقاهرة ، .46

المصادر و المراجع

194

ـــة للدراســـات والنشـــر .47 ــة يف النقـــد األديب، الطبعـــة األوىل، املؤسســـة العربي علـــي جـــواد الطـــاهر، مقدمـ

م.1979بريوت،

حممــد الطــاهر الالدقــي، املبســط ىف علــوم البالغــة،دط، املكتبــة العصرية،صــيدا /بريوت،تــاريخ النشــر .48

م.2005هـ/1426

.م1981طبعة الرمسية للجمهورية التونسية،، خصائص األسلوب ،دط ،املحممد اهلادي الطرابلسي .49

ديث ،دط ت ،دار الفكـــر العـــرىب حممـــد محاســـة عبـــد اللطيـــف ، العالمـــة اإلعرابيـــة بـــني القـــدمي واحلـــ .50

بالقاهرة .

حممد محاسة عبد اللطيف ، النحو والداللة ،دط، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ،تـاريخ النشـر .51

م.2006

م.1999حممد زكريا عناين : تاريخ األدب األندلسي ، دار املعرفة اجلامعية ، .52

ــد املطلـــب، البالغـــة واألســـلوبية، الطبعـــة األ .53 وىل، مكتبـــة لبنـــان ناشـــرون، بـــريوت/ لبنـــان، حممـــد عبـ

م.1994

حممد عبد املنعم خفاجي ، األسلوبية والبيـان العـريب، الـدار املصـرية اللبنانيـة ، القـاهرة الطبعـة األوىل .54

م. 1992ه _ 1412

حممد عبد املنعم خفاجي ، األسلوبية والبيان العريب،الدار املصرية اللبنانية ، دت. .55

ــــنعم .56 ــــــة حممــــــد عبــــــد املــ ــــة األوىل ، الــــــدار املصــــــرية البناني ــان العريب،الطبعــ خفــــــاجي ،األســــــلوبية والبيــــ

م.92هـ/1412بالقاهرة،

حممد مرتضى الزبيدي، تاج العروس يف جواهر القاموس، حتقيق عبـد احللـيم الطحـاوي، دط،ا�لـس .57

.م1984هـ/1394الوطىن للثقافة والفنون واآلداب بالكويت،

المصادر و المراجع

195

ــة ، األســـلو .58 ــى ربابعـ بية مفاهيمهــــا وجتليا�ـــا، دار الكنـــدي للنشـــر والتوزيـــع ، الكويــــت ، حممـــد موسـ

.2003الطبعة األوىل

حممود بن عمر الزخمشري ،الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقوال يف التأويـل، حتقيـق مصـطفى .59

م.1987هـ/1407حسني أمحد، الطبعة الثالثة، دار الكتاب العريب بريوت/لبنان،

مي والتأخري ومباحث الرتاكيب بني البالغة واألسـلوبية ، دار الوفـاء لـدنيا الطباعـة خمتار عطية ، التقد .60

والنشر والتوزيع.

، بيــت احلكمـة العلمــة اجلزائــر ،الطبعــة األوىل ســلوبية وخصـائص اللغــة الشــعريةمسـعود بودوخــة ، األ .61

2015.

ـــاق الرافعـــــي، .62 بريوت/لبنـــــان، تـــــارخ آداب العرب،الطبعـــــة األوىل،دار الكتـــــاب العـــــريب،مصـــــطفى صــ

م.2003هـ/1424

ــر والتوزيــــعمصــــطفى ناصــــف، نظريــــة املعــــىن يف النقــــد العــــريب، دار .63 ــة والنشــ ،االنــــدلس للطباعــ

دت. ،لبنان/بريوت

.2الرافعي: تاريخ آداب العرب ، مكتبة اإلميان ، األزهر ،الطبعة األوىل ،جمصطفي صادق .64

.03ه ،مج 1388م_1968ت ،املقري : نفح الطيب ، تح إحسان عباس ،دار صادر بريو .65

ـــان عبـــــاس ،دار صـــــادر بـــــريوت ، املقــــري التلمســـــاين، .66 م 1968ه_1388نفـــــح الطيـــــب،تح إحســ

.04،مج

.م2002منذر عياشي، األسلوبية وحتليل اخلطاب، الطبعة األوىل، مركز اإلمناء احلضاري، .67

عارف ،الطبعة هنري برييس : الشعر األندلسي يف عصر الطوائف، ترمجة أمحد الطاهر مكي، دار امل .68

م.1988ه_1408األوىل

المصادر و المراجع

196

ـــري بــــرييس ،دار املعــــارف ، الطبعـــــة األوىل .69 هنــــري بــــرييس ، الشــــعر يف عصـــــر الطوائــــف، ترمجــــة هنــ

م.1408

يوسف أبو العدوس، األسلوبية الرؤية والتطبيق، الطبعة األوىل، دار املسرية للنشر والتوزيع والطباعة، .70

م.2007هـ/1427عمان/األردن

.مجالت ثانيا : ال

اإليقاعـات الرديفـة واإليقاعـات البديلـة ىف الشـعر العــرىب، » . وأفنـان النجـار»« مصـلح النجـار«_ النجـار 1

م.2007، العدد األول 23جملة جامعة دمشق ، ا�لد

.م1981، 2 ،العدد1األسلوبية نشأة وتاريخ ،جملة فصول ،ا�لد «. سليمان العطار » _ العطار2

ــدد األول/ » . رويـــشأمحـــد د«_ درويـــش 3 األســـلوب واألســـلوبية ، جملـــة فصـــول ، ا�لـــد اخلـــامس ، العـ

. م1984أكتوبر ، ديسمرب

قـــــــالحــمـــال

197

قــالحــمــال

قـــــــالحــمـــال

198

المالحق :

أوال : ملحق الشواهد:

أ_ القرآن الكريم :

ين ، الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين _ ﴿1 اهـدنا ، ياك نـعبد وإيـاك نسـتعين ، مالك يـوم الد

عمت عليهم غير المغضوب عليهم وال الضالين صراط ا، الصراط المستقيم .7_1﴾ الفاحتة لذين أنـ

ـراه بـل هـو الحـق مـن ربـك ، زيل الكتاب ال ريـب فيـه مـن رب العـالمين نت، الم _ ﴿2 أم يـقولـون افـتـ

بلك لعلهم يـهتدون لتنذر قـوما ما أتاهم .3_1البقرة ﴾ من نذير من قـ

98البقرة ﴾ من كان عدو�ا لله ومالئكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين _ ﴿3

راه مــا لــه فــي اآل_ ﴿4 خــرة مــن خــالق ولبــئس مــا شــروا بــه أنفســهم لــو كــانوا ولقــد علمــوا لمــن اشــتـ

.102البقرة ﴾ يـعلمون

.117البقرة » بديع السماوات واألرض _ ﴿4

.108النساء ﴾ يستخفون من الناس وال يستخفون من الله _ ﴿5

.22يونس ﴾ ي الفلك وجرين بهم بريح طيبة حتى إذا كنتم ف ﴿_ 6

.1﴾ املؤمنون قد أفـلح المؤمنون ﴿_ 7

.32الفرقان ﴾ وقال الذين كفروا لوال نـزل عليه القرآن جملة واحدة _﴿8

فسه ومن أساء _ ﴿9 هامن عمل صالحا فلنـ .15اجلاثية ﴾فـعليـ

.3احلديد ﴾ هو األول واآلخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم _ ﴿10

ـره لليسـرى ، وصدق بالحسنى ، فأما من أعطى واتـقى ﴿ _ 11 غنى، فسنـيس ، وأمـا مـن بخـل واسـتـ

ره للعسرى ،ب بالحسنىوكذ . 10_5الليل ﴾فسنـيس

ب_ الشعر :

قـــــــالحــمـــال

199

_ حرف الباء:1

ـــصــبــنـي كــ ــغـ ـــــأتهجرني وتـ ــــيـ ــــابــ ـتـ

ــأيجمل أن أبيح مــــ ـــض وديـــــحـ

يــــــفديتك كم تغض الطرف دون

ـــــرب وكم لي من فــــؤاد بـــــعــــد ق

ـــابي ــــنـ وما في الحق غصبي واجـــت

ـــوء الــــعــــذاب وأنت تسومـنــــي ســــ

وكم أدعوك من خلف الحجاب

1مكان الشيب في نفس الكعاب

_ حرف الحاء :2

ــب ــت ـــــرى اغ ـــــــكأن ريقتها بعد الك ــتق ـــ ت ـ

ــن مـــأو م ــشــــاء نــــــوره ة ـــقــت ـــعــ ـــــــوت ـــ هاـ

من ماء أصهب في الحانوت نضاح

ــن أنـــــأو م ــــف ـــــان وتــــب رم ــــــيــابــ ــــــــ اح ــ

_ حرف الراء:3

ـــن بـــعــــ ــأرخصتني مـ ــتــــنيـ ــيـ ـد مــــا أغــــلـ

ــالـــرض بادرتني بالعزل عن خــــطـــط ــىــ

ـــنـي ــتـ ــدمــا جـرع ـــصــبـــــر شـــهـــــد عــنـ الـ

ص األذىـــصــكنت المنى فأذقتني غ

ــطـــوح ــتـــطـ ــــتـــنيـ ــ ــي ــلــ ني ولــطــالــمــا أغـ

يــــــ تنـــي ــت النصح إذ ول ـضــحــولقد م

ــار بــــنـــوال ـــــتـــنيرد عــــ ــــي ـــلـ ـنــــدمــــا أصـــ

ــتنــيـــنــتــيــيال 2ي ما فهت فـــــيــــك بـــلــيـ

_ حرف القاف :4

ــــق ـــلـ ــــه فــــ ـــهــــــ ــه وفـــي وجــ ــتــ غــــازلـ

ـــــه ــــت ـــجــلـ وارتج يعثر في أذيال خــ

ــــ ـــه تخال جيالنه في نـ ــور صفحتـ

ـــق فما عدا أن بدا في خـــده شـــفــــ

غصن بعطفيه من اســـتــــبـــرق ورق

كواكبا في شعاع الشمس تحترق

.33ابن زیدون، الدیوان ، ص 1 .312ابن زیدون ،الدیوان، ص 2

قـــــــالحــمـــال

200

كيف التقت بهما في جــــنة طرق عجبت وعيني ماء والحشا لهب

_ حرف العين :5

ـــيـــولوعة بالشوق غـ ــــت ــــوع ـــــر لــ ــــيـ ـ

ــــكـــوإنما يبكي ب ــــــاــــــن ـــــــجـــــائـي ش ـ

ـــو اخ ــــع وهـربــمـــق الــطــلو ان رس ـــ

ــ ـــعــــووقـ ــ ـــا ورقــــ ــــيـ ــ ــــــة ردت ق ـــــة ـــ ـــــ

ــــأنـهـا ومـــــــك ـــن ادم ـــ ــا مــ ــع ـــا لــهــ ـــ

ــــل ـــــالوجد غير أض وأضلع في ـــ عي ـ

ـــه وجـــ ـــذو وجع يعــرف فــــيـ ــ ـــــــ ــــــعـ يــ

ــضـــ ــطــــقــــه تـــ ــرع، انــ ــتـــضـ ـــــــرع ـــ ــــيـ ــــ

ـــعـــ ـــن ادمـــ ـــــنوائحا بالحزن يبكي ــيـ

ـــ ــــ ـــ ـــعــ ـيــــــأعارها القطر سجال ادمــ

حرف الكاف:_ 6

اشرب الكأس في وداد ودادك

ــن جـــفــــونــــك مرآ قمر غاب عــ

ــــرادك ـــ ــفـ وتأنس بذكرها في ان

1ه، وسكناه في سواد فـؤادك

حرف الالم:_7

فيا بانة الوادي بمنعرج اللـــــــوى

ويا نفحات الريح من بطن لعج

النوى فأقول أتصغي على شحط

ـــل ـــ أال جاد من ذاك النسيم بـــخــي

حرف الميم :_8

ـــــة ــن ــلـــيــه دجـ وأحسن ما التفت عــ

ـــــــي ع ــ فليت نسيم الريح رقرق أدمـ

وعاج على أجراع واد بذي الغضـا

فيا عرف ريح عاج على بطن لعلع

ام ــــــــ عناق حبيب عن عناق حس

ــــوى وخـ ــتار بـالل ـــخالل دي ــــيــ ـــــ ــ ـــام ـ

ــل بـ ــفصافح عني فــرع كـ ــام ــــشــــــ

ــــضـــــيجر على األنداء ف ام ــــل زمـــــ

. 10ابن عباد، الدیوان ، ص 1

قـــــــالحــمـــال

201

ــ ــة تلذذ بدار القصف عــــنــي سـ ــاها أعـ اعـــ ــلــغ نــدامـ ـــــ ــــــوأبـ الم ـــــــم ســـــــ

_حرف النون:9

إن المها وبها األمـــثـال ســـائـــرة

وقص فليس بها عنقاء واحدة

ــوبــه فــــوه وآخر كان في مـــحـــبـ

وثالث كان في مـحبوبه قـــصــر

ال ينكر الحسن فيها الدهر إنسان

ــران ــد بـــعــ ـــزان بـــطول الــــجـــيـ وهل ت

ــــزالن يــقول حـ ــســبــي فـي األفــــواه غ

ــــالن يــقــول: إن ذوات الـــطــــول غــــيـــ

_ حرف الهاء :10◌

ـــــع ســ ــنـــا أم الربـــي ــة ـــــــآمــــــتـظـــن بـ

ه ـاس ــن ــــأأهجر ظبيا في فؤادي ك

ــــوروضة حسن أجتنيــها وبـــ ـارداـــ

ــه ــيض ــــف ـــت كفي نواال تــإذا عدم

ـــــع ـــواق ـــا تــــبــأال غفر الرحمان ذنــ ـــه ــــــــ

ــفـــي جــوبدر تمام ف ـــه ــــونــ ي مــــطـــالــع

ـــــع ــــرائ ـــــمن الظلم لم تحظر علي ش ه ـ

ــــفــــتـــعــــعلى م ــدوا تــــقــارع 1ــــه يها أو عـ

الشواهد الشعرية :

فتاة غذاها الحسن كأنما .... هي الحسن أو إلف أليه حبيب

.25ابن عباد، الدیوان ، ص 1

قـــــــالحــمـــال

202

فعين كما عن المها ومقلد .... كما ارتاع ظبي بالفالة ربيب

وردف كما انهال الكثيب يضمه.... وشاح كما غنى الحمام طروب

ابن محديس

بيبتجافت بها عنا الحوادث برهة ... وقد ساعدتنا قهوة وح

وغازلنا جفن هناك كنرجس ...ومبتسم لألقحوان شنيب

فلله ذيل للتصابي سحبته ... وعيش بأطرف الشباب رطيب

ابن خفاجة

ــك ــــــــــــرا ... وتجن الهوى ناضرا ناضـــــــــذا فلتلح قمرا زاهـــــــــ راــــــ

ــوسيبك صوب ندا ــــ ــــــا هامال هام...أقام لن...دق معــ راــــــــــــــ

ــــــوإن ليومك ذا رونق ــــــــــــــ ـــــــــــــــــا...منيرا لنور الضحى باهــــ ـــــــــــ ــ راــــ

ـــــصب ـــــــــــــــــاح اصطبار بأسفاره ...لحظنا محيا العال سافـــــــــــــ راـــــ

ــــــــــــــ...وما زال كوكبها ساف وأطلعت فيه نجوم الكؤوس ـــــــ ـــــــ راـــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوأسمعتنا الحنا فاتنا...وأحضرتنا العبا ساح ــــــــــ راــــــــــــ

ابن احلداد

ليس التذلل في الهوى يستنكر ... فالحب فيه يخضع المستكبر

.... قد ذل فيها قبلي المستبصرال تعجبوا من ذلتي في حالة

ليس الحبيب مماثال ومكافيا .... فيكون صبرك ذلة إذ تصبر

تفاحة وقعت فآلم وقعها ..... هل قطعها منها انتصارا يذكر

ابن حزم الظاهري

قـــــــالحــمـــال

203

حسان تدير بسحر الهوى .... عيون المها في وجوه البدور

صورطوال الفروع قصار الخطا .... ثقال الروادف هيف الخ

تطيب أفواههن الحديث .... بحمر الشفاه وبيض الثغور

كما مر بالورد واألقحوان .... نسيم مشوب بريا العبير

ابن محديس

تعلقته نشوان من خمر ريقه ....... له رشفها دوني ، ولي دونه السكر

ترقرق ماء مقلتاي ووجهه ....... ويذكي على قلبي ووجنته الجمر

سنه ...... فلم ادر أي منهما قبلها ، السحرأرق نسيبي فيه رقة ح

وطبنا معا شعرا وثغرا ، كأنما ..... له منطقي ثغر ولي ثغره شعر

ابن خفاجة

صممت سمعا، فما إلصغي إلى العذل ....وهمت قلبا فما أصحو عن الغزل

وإن سقمي لمن طرف به سقم .... خلو من الكحل مملوء من الكحلذ

صى برد ... لو بل من غللي ألبليت من عللأشكو الضماء وريي في ح

فمن لصب يبيت الليل يسهره .... مقلب القلب بين اليأس واألمل

أين الجراحات من جرح بأضلعه .... وأين بيض المواضي من جفون علي

ابن خفاجة

درى الناس أني فتى عاشق .... كئيب معنى لكن بمن

وا في الظنإذا عاينوا حالتي أيقنوا... وإن فتشوا رجم

كخط يرى رسمه ظاهرا .... وإن طلبوا شرحه لم يبن

كصوت حمام على أيكة ... يرجع بالصوت في كل فن

قـــــــالحــمـــال

204

ابن حزم

ثقي بي ،يا معذبتي ، فإني ....سأحفظ فيك ما ضيعت مني

وإن أصبحت قد أرضيت قوما ... بسخطي لم يكن ذا فيك ظني

سلوت عنيوهل قلب كقلبك في ضلوعي ..... فأسلو عنك حين

تمنت أن تنال رضاك نفسي ... فكان منية ذاك التمني

ولم أجن الذنوب فتحقديها .... ولكن عادة منك التجني

ابن زيدون

أضحى التنائي بديال من تدانينا ....وناب عن طيب لقيانا تجافينا

إن الزمان الذي مازال يضحكنا ...أنسا بقربهم قد عاد يبلينا

فما ... كنتم ألرواحنا إال رياحينا ليسق عهدكم عهد السرور

ال تحسبو نأيكم عنا يغيرنا...إن طال غير النأي المحبينا

واهللا ما طلبت أهواؤنا بدال ... منكم وال انصرفت عنكم أمانينا

ابن زيدون

بكى المبارك في إثر ابن عباد .... بكى على إثر غزالن وآساد

الثريا الرائح الغاديبكت ثرياه ال غمت كواكبها ..... بمثل نوء

بكى الوحيد ، بكى الزاهي وقبته ... والنهر والتاج كل ذله بادي

ابن خفاجة "البسي

ولما تالقينا وأثبت عندها .... نحولي وتبريحي من الحب ما عندي

خلعنا على االجياد أطواق أذرع .... كأن لنا روحين في جسد فرد

كأن عناق الوصل الحم بيننا .... بريح ونار من زفيري ومن وجدي

قـــــــالحــمـــال

205

ولما اتاني الصبح ذبت ولم تذب....فيالك من شوق خصصت به وحدي

ابن محديس

ولما تالقينا وأثبت عندها .... نحولي وتبريحي من الحب ما عندي

خلعنا على االجياد أطواق أذرع .... كأن لنا روحين في جسد فرد

الوصل الحم بيننا .... بريح ونار من زفيري ومن وجديكأن عناق

ولما اتاني الصبح ذبت ولم تذب....فيالك من شوق خصصت به وحدي

ابن محديس

وليل تعاطينا المدام وبيننا ... حديث كما هب النسيم على الورد

نعاوده والكأس يعبق نفحة ...وأطيب منه ما نعيد وما نبدي

ن الطلى ...ونرجسة األجفان،أو وردة الخدونقلي أقاح الثغر أو سوس

إلى أن سرت في جسمه الكأس والكرى ... وماالبعطفيه فمال على عضدي

ابن خفاجة

ــــــــاكي ـــ ـــــة قلبي الشـ ـــــــاك ....مريحــ ــ عساك بحق عيســــــــ

ــــ ــــــائي وإهـــــ ـــ ـــــــن قد وال ....ك إحيــ الكيفإن الحســـــــــــ

ــوالك ـــــــــ ــــن لـــــ ـــــ ولم آتي الكنائس عن .... هوى فيهـ

ـــرج لبلــــــــــــــــــــواك ـــ ـــــــ ـــــ ــ وهاأنى منك في بلوى....وال فــ

ابن احلداد

ومن جرحته مقلتاك نويرة ...... فليس يرجى من جراح األسى أسوا

كثر البلوى بحسنك والشكوىأرى كل ذي سلوى رآك متيما .... فما أ

ونار األسى تخبو بقرب نويرة ..... ومن لي بأن آوي إلى جنة المأوى

قـــــــالحــمـــال

206

ابن خفاجة

أجد ومن أهواه في الحب عابث ..... وأوفي له بالعهد إذ هو ناكث

حبيب نأى عني مع القرب واألسى ... مقيم له في مظمر القلب ماكث

لوصل رأي في القطيعة حادثجفاني بإلطاف العدا وأزاله ....... عن ا

تغيرت عن عهدي وما زلت واثقا .... بعهدك لكن غيرتك الحوادث

وما كنت إذ ملكتك القلب عالما.... بأني عن حتفي بكفي باحث

فديتك إن الشوق لي مذ هجرتني.... مميت فهل لي من وصالك باعث

ستبلى الليالي والوداد بحاله .... جديد وتفنى وهو لألرض وارث

لو أنني أقسمت أنك قاتلي .... وأني مقتول لما قيل حانثو

ابن زيدون

أهوى الحديث إذا ما كان يذكر لي .... فيه ويعبق عن عنبر أرج

إذا قال لم أستمع ممن يجالسني .... إلى سوى لفظه المستظرف الغنج

ولو يكون أمير المومنين معي ........ما كنت من أجله بمنعرج

ا فإني ال ....... أزال ملتفتا والمشي مشي وجيفإن أقم عنه مضطر

عيناي فيه وجسمي عنه مرتحل ..... مثل ارتقاب الغريق البر في اللجج

ابن زيدون

رابعا :ملحق األعالم والبلدان :

أ_ األعالم :

هــو أبــو حممــد عبــد اهللا بــن مســلم بــن قتيبــة الــدينوري ، كــان رأســا يف :هـــ)276/هـــ213 ( ابــن قتيبــة_

ربية واللغة واألخبار ، وله كثري من الكتب يف القرآن واحلديث واللغة والشعر.الع

قـــــــالحــمـــال

207

أبو احلسن حممد بن أمحد بن طباطبا يرجع نسبه إىل احلسن بن علـي بـن : )هـ322ت (_ ابن طباطبا 2

.ومن أشهر كتبه عيار الشعر أيب طالب، عامل وشاعر وأديب،

باملوصــلأبـو الفـتح عثمـان املشـهور بـابن جـين عـامل حنـوي كبـري، ولـد : )هــ 392/هــ322(_ ابـن جـين3

.علي الفارسي أيبعام ونشأ وتعلم النحو فيها على يد

: أبــــو احلســــن بــــن رشــــيق املســــيلي، نســــبة إىل املســــيلة الــــيت ولــــد فيهــــا هـــــ)390/456(_ ابــــن رشــــيق 4

ناعة الشعر والنثر.والقريواين نسبة إىل املدينة اليت هاجر إليها، من مؤلفاته العمدة يف ص

أبــو الفضــل مجــال الــدين ابــن منظــور اإلفريقــي كــان عاملــا يف الفقــه :)هـــ 711 /هـــ 630منظــور(ابــن _ 5

لســان واللغــة خــدم يف ديــوان اإلنشــاء بالقــاهرة مث ويل القضــاء يف طــرابلس الغــرب ، أشــهر أعمالــه وأكربهــا

.العرب

حممــد بـــن عبـــد اهللا اخلطيـــب شـــاعر لســان الـــدين أبـــو عبـــد اهللا :هــــ 776هــــ ، 713اخلطيـــب (ابــن _ 6

وكاتـــب ومـــؤرخ وفيلســـوف وطبيـــب وسياســـي مـــن أهـــل غرناطـــة، ومـــن أشـــهر مؤلفاتـــه اإلحاطـــة يف أخبـــار

غرناطة.

: عبد الرمحان بن خلدون املؤرخ اللغوي، ولـد بتـونس وتقلـد كثـريا مـن هـ)808/هـ733 (_ ابن خلدون7

خلدون. الوظائف الديوانية ، ومن أشهر مؤلفاته مقدمة بن

: ختــرج مــن مدرســة القضــاء الشــرعي بالقــاهرة وتــوىل التــدريس يف األزهــر هـــ)1966ت (_ أمــني اخلــويل 8

ويف جامعة القاهرة، مث أصبح عضوا مبجمع اللغة العربية.

لـه بالقـاهرة، باحـث لغوي،ولـد العربيـة) : رائد الدراسات اللغوية م1977/ م1906إبراهيم أنيس (_ 9

مؤلفات كثرية منها موسيقى الشعر واألصوات اللغوية.

: عــامل يف الطبيعيــات وأديــب، اهــتم باللغــة الــيت تكتــب �ــا م)Buffon )1707/1788_ بيفــون 10

األثار عامة .

ــــق احلكـــــيم _ 11 ــــد يف 1987/ 1898( توفيـ ـــوىف يف اإلســـــكندريةم): ولـ ــ . كاتـــــب وأديـــــب القـــــاهرةوت

.العربية املسرحيةوالكتابة الرواية، من رواد مصري

قـــــــالحــمـــال

208

، تتلمـذ علـى م1928: لسـاين مـن مواليـد فيالدلفيـا سـنة Noam CHomsky _ تشومسـكي12

هاريس ، و تأثر جباكبسون .

كـان عـريبأبو عثمان عمرو بن حبـر بـن حمبـوب الكنـاين البصـري أديـب : )هـ 159/255(_ اجلاحظ13

.العصر العباسيمن كبار أئمة األدب يف

: عبـــد القـــاهر بـــن عبـــد الرمحــان ، مـــن كبـــار أئمـــة العربيـــة والبيـــان ، ولـــد يف )هــــ471ت ( اجلرجــاين_ 14

جرجان وأخذ العلم فيها ، من مؤلفاته دالئل اإلعجاز واملغين يف شرح اإليضاح.

ــــد مبوســــكو ، واهــــتم باللغــــة )Roman Jakobson )1896 /1982_ جاكوبســــون 15 : ول

واللهجات والفلكلور ، أسس مع بعض زمالئه 'النادي اللساين مبوسكو'، وهـو الـذي تولـدت عنـه مدرسـة

الشكالنيني الروس فيما بعد.

: أبــو احلســن حــازم بــن حممــد األوســي ، عــامل باللغــة والنحــو هـــ)684/هـــ608(_ حــازم القرطــاجين 16

مؤلفاته القوايف ومنهاج البلغاء.والشعر ومن أشهر

أبو سليمان محد بن حممـد اخلطـايب ، عـامل لغـوي وحمـدث وشـاعر ، : هـ)398/ هـ319 (_ اخلطايب17

من أشهر مؤلفاته معامل السنن وغريب احلديث .

: عـامل يف اللسـانيات م)Ferdinend de Dauaure ) 1857/ 1913_ دي سوسـريي 18

درس يف جنيف مث درس �ا .

: مصــطفى صــادق الرافعــي ولــد يف �تــيم مــن القليوبيــة تلقــى العلــوم هـــ)1937/هـــ1870(_ الرافعــي 19

الدينية على أبيه ، ومن أهم مؤلفاته تاريخ آداب العرب وأوراق الورد.

: جـــار اهللا حممـــود بـــن عمـــر الزخمشـــري ، ولـــد يف بزخمشـــر مـــن إقلـــيم هــــ)538/هــــ467( _ الزخمشـــري20

باللغة والنحو والتفسري ، ومن أشهر مؤلفاته الكشاف . خوازم الفارسي ، عامل

: أبــو يعقــوب يوســف بــن أيب بكــر اخلــوارزمي الســكاكي مــن أهــل هـــ)626/هـــ555 (_ الســكاكي21

البالغة والنحو والشعر والعروض ، ومن أشهر مؤلفاته مفتاح العلوم.

قـــــــالحــمـــال

209

أن الوجـود قـائم : فيلسـوف أملـاين يـري م)Schopenhauer )1788 /1860 _ شـوبنهاور 22

على اإلرادة املطلقة.

: لســاين سويســري ولــد جبنيــف ومــات م)CHarles Bally )1865/1947شــارل بــايل _ 23

�ا، تلميذ دي سوسري وخليفته على كرسي التدريس يف جنيف .

: لســاين فرنســي ودكتــور يف اآلداب وهــو أســتاذ اللســانيات جبامعــة Pierre Guiraud_ قــريو 24

نيس .

: منسـاوي النشـأة ، أملـاين التكـوين ، وهـو مـن م)leo Spitzer )1887/1960 ليوسـبيتزر _25

علماء اللسانيات ونقاد األدب.

: شاعر وقصاص فرنسي.م)Max Jacob )1876 /1944 _ ماكس جاكوب 26

: إيطـايل مـن أعـالم الفلسـفة والتـاريخ م)Benedetto Croce )1866 /1952 _كروتشـه27

والنقد األديب.

ملخص:ال

الشــك أن العــرب مبجــرد فــتحهم األنــدلس صــبغوها بصــبغة عربيــة ونقلــوا معيشــتها إىل معيشــة عربيــة،

ذلـــك أن العـــريب حيثمـــا حـــل ذكـــر أوطانـــه ،إال أن الســـنني األوىل كانـــت ســـنني دهشـــة وختمـــر فـــالبالد غريبـــة

ريش األنــدلس واملنــاظر خمتلفــة ، باإلضــافة إىل ماكــان مــن صــراع سياســي وعــدم اســتقرار ، فلمــا دخــل صــقر قــ

مجع أهلها وساد األمن حتركت بدائههم واجتمع األدباء حول القصر مما ولد حركة أدبية التقل شأنا عن الـيت

كانت يف املشرق بل إن بعض شعرائهم ضاهى من كان باملشرق قال ابن خلكـان يف ترمجـة ابـن هـانئ ": إنـه

يف عصــر امللــوك والطوائــف الــذي كثــرت فيــه كــان مــن أشــعرهم بــل عنــدهم مثــل املتنــيب يف املشــرق "، وخاصــة

شهد هذا العصر تطورا واسعا من نواحيه املختلفة ، حـىت و جمالس األنس واللهو مما ولد أدبا غزيرا وفنا عامرا

ليصح القول بأن صور الشعر األندلسـي يف عصـر الطوائـف قـد اكتملـت أو كـادت ، وتعـددت أمسـاء األدبـاء

، وتكاثرت املراكز األدبية ، وكثر املمدوحون وأصبحت املنافسة أشد وأقوى الذين بستوقفون الدارس األديب

ومما يدلنا على ذلك هو شغف األندلسيني بالعربية ، فلـدينا معلومـات كافيـة ودقيقـة عـن املنـاهج الرتبويـة الـيت

املؤرخـون العـرب كان جيري عليها العمل يف إسبانيا االسالمية ، إذ يكفي أن جنمع اإلشارات الـيت قـدمها لنـا

ما نقله لنا اخنلـدون رمحـه اهللا يف مقدمتـه ومدونوا السري والرتاجم عن حياة هذا الشخص أو ذاك ، ومن ذلك

عــن ابــن العــريب ورحلتــه يف طريــق التعلــيم إذ :" قــدم تعلــيم العربيــة علــى ســائر العلــوم، كمــا هــو مــذهب أهــل

األندلس ، الن الشعر ديوان العرب.

:مفتاحيةالكلمات ال

اخلصائص، األسلوبية، ابن زيدون، ابن خفاجة، ابن اللبانة، املعتمد بن عباد، والدة بنت املسـتكفي، قرطبـة،

اشبيلة، بلنسية، نظرية النظم، األسلوب، مستوى الرتاكيب، مستوى اإلبقاع، املستوى الفين.

ABSTRACT:

It is established that no sooner the Arabs conquered Andalucía, than they set about

giving it an Arabic characteristic and turning its way of life into an Arab one; this is

because wherever an Arab goes, he yearns for his homelands. However, the first few

years were marked by bewilderment and "fermentation" since the lands were

unfamiliar and the landscapes dissimilar, not to mention the political struggle and

instability. When the Hawk of Quraysh entered Andalucía, he united its masses and

security prevailed throughout. The masses were inspired by this and the people of

literature gathered around the palace; this generated a literary dynamism that matched

the one in the east. Some of the poets were even as good as their peers in the east.

Ibnu Khalkan wrote in the construal of Ibnu Hani': "He was the best poet among

them; and they even had poets equal to al-Mutanabbi in the east", especially during

the era of the Mulouk and al-Tawa'if in which entertainment gatherings became rife

and a rich literature and a refined art were developed. This era was marked by a far-

reaching developments in various aspects; it would be sound to say that the traits of

Andalucía's poetry was virtually perfected during the era of al-Tawa'if and the names

of the authors who caught the imagination of literature students multiplied. Literature

centres mushroomed and praised individuals swelled. Competition became fiercer

and this was reflected in the eagerness of the Andalusians to learn Arabic. We have

ample and accurate information on the education curricula that was implemented at

the time in Islamic Spain; suffice to gather the signs offered to us by the Arab

historians, biographers and translators, such as what Ibnu Khaldoun, may Allah have

mercy on his soul, transmitted to us in his Muqaddimah (prolegomena) about Ibnu

Al-Arabi and his journey in the trail of education; he wrote: "Teaching Arabic took

precedence over all other discipline; and this was the school of thought of the people

of Andalucía, since poetry is the Diwan (register) of the Arabs.

Keywords:

Specifics, Stylistics, Ibnu Zaydoun, Ibnu Khaffajah, Ibnu Al-Lbbana, al-Mu'tamid

Ibnu Abbad, Wallada Bintu al-Mustakfi, Cordoba, Seville, Valencia, poetry theory,

style, structures level, rhythm level, artistic standard.

Résumé:

Il est établi qu'aussitôt les Arabes ont conquis l'Andalousie, qu'ils ont commencé à

lui donner une caractéristique arabe et transformer son mode de vie en un Arabe;

C'est parce que partout où se déplace un arabe, il aspire à ses patries. Toutefois, les

premières années ont été marquées par l'égarement et la «fermentation» puisque les

terres étaient inconnues et les paysages dissemblables, sans parler de la lutte politique

et de l'instabilité. Quand le faucon de Quraysh est entré en Andalousie, il a uni ses

masses et la sécurité a prévalu partout. Les masses ont été inspirées par cela et les

gens de littérature rassemblés autour du palais; cela a généré un dynamisme littéraire

qui correspondait à celui de l'est. Certains des poètes étaient même aussi bons que

leurs pairs à l'est. Ibnu Khalkan a écrit dans l'interprétation d'Ibnu Hani ': «Il était le

meilleur poète parmi eux, et ils avaient même des poètes égaux à al-Mutanabbi à

l'est», surtout pendant l'époque du Mulouk et al-Tawa'if dans lequel Les

rassemblements de divertissement sont devenus monnaie courante et une littérature

riche et un art raffiné ont été développés. Cette époque a été marquée par des

développements de grande envergure dans divers aspects; Il serait bon de dire que les

traits de la poésie andalouse ont été pratiquement perfectionnés pendant l'ère d'al-

Tawa'if et que les noms des auteurs qui ont pris l'imagination des étudiants de la

littérature se sont multipliés. Les Centres de Littérature ainsi que les individus

couverts d’éloges ont proliféré. La concurrence devenait plus féroce et cela se

reflétait dans l'empressement des andalous à apprendre l'arabe. Nous disposons

d'informations complètes et précises sur les programmes d'enseignement mis en place

à l'époque en Espagne islamique; Il suffit de rassembler les signes qui nous sont

offerts par les historiens, les biographes et les traducteurs arabes, comme ce que Ibnu

Khaldoun, qu'Allah ait pitié de son âme, nous a transmis dans son Muqaddimah

(prolégomènes) sur Ibnu Al-Arabi et son voyage dans le Parcours de l'éducation; Il

écrivait: «L'enseignement de l'arabe a préséance sur toute autre discipline, et c'était

l'école de pensée du peuple d'Andalousie, puisque la poésie est le Diwan des Arabes.

Mots clés:

Ibnu Khaffajah, Ibnu Al-Lbbana, Al-Mu'tamid Ibnu Abbad, Wallada Bintu al-

Mustakfi, Cordoue, Séville, Valence, théorie de la poésie, style, niveau des structures,

niveau du rythme, norme artistique.

فهرس المحتویات

فهرس المحتويات:

الصفحة العنوان

د- أ مقدمة

: تطور االدب العربي في عصر الطوائف عند االندلسيينمدخل

7 متهيد

8 أوال: احلياة السياسية يف عصر ملوك الطوائف

11 ثانيا : األدب يف عصر ملوك الطوائف

13 ثالثا : صورة املرأة يف األدب األندلسي

الفصل األول: األسلوب واألسلوبية المفهوم والداللة

19 متهيد

20 ملبحث األول: األسلوب واألسلوبيةا

20 األول: مفهوم األسلوب واألسلوبيةاملطلب

39 واألسلوبية املطلب الثاين: نشأة األسلوب

42 األسلوبية املبحث الثاين: االجتاهات

42 طلب األول: األسلوبية التعبرييةامل

45 الثاين : األسلوبية األدبية املطلب

47 املطلب الثالث: األسلوبية النقد أو اجلديدة

48 »البنائية« املطلب الرابع : األسلوبية الوظيفية

50 املبحث الثالث : عالقة األسلوبية بالعلوم األخرى

50 األول: األسلوبية يف الرتاث البالغي والنقدياملطلب

55 الثاين: عالقة األسلوبية بعلم اللغة املطلب

الفصل الثاني: المستــوى اإليقاعي

58 متهيد

60 ملبحث األول : املوسيقى اخلارجيةا

60 الوزناملطلب األول :

75 املطلب الثاين: القافية والروي

83 داخلية: املوسيقى الثايناملبحث ال

83 تكراراملطلب األول: ال

91 طباقالثاين: الاملطلب

94 اجلناس: لثاملطلب الثا

مستوى الصورة الثالث:الفصل

99 متهيد

101 املبحث االول : الصورة الفنية

101 املطلب األول : التشبيه

108 املطلب الثاين: االستعارة

118 املطلب الثالث: الكناية

123 املبحث الثاين: الصورة احلسية

124 البصرية ةالصور األول :املطلب

131 ملطلب الثاين : الصورة الشمية ا

134 املطلب الثالث : الصورة الذوقية

الفصل الرابع: المستوى التركيبي

141 متهيد

143 األساليب األول:املبحث

144 املطلب األول: األسلوب اخلربي

155 األسلوب اإلنشائي الثاين:املطلب

169 يف شعر األندلسيني:التقدمي والتأخري املبحث الثاين

171 التقدمي والتأخري يف اجلملة االمسية املطلقة األول:املطلب

175 التقدمي والتأخري يف اجلملة االمسية املنسوخة: الثايناملطلب

178 التقدمي والتأخري يف باب اجلملة الفعليةاملطلب الثالث:

األندلسينياملبحث الثالث: احلذف يف شعر

182 احلذف يف اجلملة االمسية األول:املطلب

184 احلذف يف اجلملة الفعلية :الثايناملطلب

187 خاتمة

190 المصادر و المراجع

198 المالحق

الملخص

فهرس المحتويات