الجمھـوریـــــــة الجزائریـــــة الدیمقراطیـــــة الشعبیــــة

وزارة التعلیـــــم العالـــي و البـــحث العلمـــي

جــــامعــة وھـــران

كـلیـة اآداب و اللغــات و الــفنون

قــسم اللغـة الـعربیـة و آدابھــا

الموضوع الجمالي في ضوء المنهج الفينومينولوجيجمالية في نماذج تجريدية عند الفنان محمد خدة مقاربة

بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه في نظرية الأدب إعداد الطالبة : إشراف الأستاذ:

الدكتور أحمد يوسف عمارة كحلي

أعضاء لجنة المناقشة :ناصر اسطمبول جامعة وهران رئيسا. د

أحمد يوسف جامعة وهران مشرفا. د

حميد حمادي جامعة وهران مناقشا. د

عمر بوساحة جامعة الجزائر مناقشا. د

امناقش ةجامعة قسنطين جمال مفرج. دأحمد شعلال جامعة مستغانم مناقشا. د

فله الحمد والشكر أولا ، يظهر على هذا النحو لولا االله وفضله العظيملهذا البحث ما كان ...وأخيرا

ي فلهم من، ممن آزروني وساعدوني في ساعة العسرة ولحظات الحيرة المعرفية كثيرونو ...كل الشكر والامتنان

وتوجيهاته المنهجية القيمة ، أحمد يوسفأستاذي المشرف الدكتور جامعة وهران ،/ الأخضر بن عبد اهللالأستاذ الدكتور جامعة وهران ،/ ناصر اسطنمبولالدكتور تيارت -ابن خلدون المركز الجامعي/ معاشو قرورالأستاذ،

وهران ، جامعة/ فاضل حاج عليالأستاذ مستغانم –جامعة عبد الحميد بن باديس / محمد سعيدي الأستاذ ، مستغانم –جامعة عبد الحميد بن باديس / محمد خطاب لأستاذا ، تلمسان –جامعة أبي بكر بلقايد / عبد القادر بودومة الأستاذ ، أستاذ علم الاتصال بجامعة وهران ، قدور عبد االله الثانيالدكتور مستغانم - باديس بن لجامعة عبد الحميدة الآداب والفنون إدارة كلي ، مستغانم ، –لجامعة عبد الحميد بن باديس قسم الفنون التشكيلية السانية ، - جامعة وهرانإدارة كلية الآداب واللغات والفنون ل مصطفىوفي مقدمتهم الدكتور ، العاصمة الجميلة بالجزائر مدرسة الفنونأساتذة

وعمال المكتبة بمدرسة نجاة بلقايدوالأستاذة هلال زبيرلأستاذ الفنان وابوعمامة الفنون الجميلة ،

مدرسة الفنون الجميلة بوهران/ بلهاشمي نور الدين الأستاذ الفنان.

صبيحة بن ولاسيما الأخت المحترمة، لجامعة مستغانم المكتبة المركزيةعمال عتو،

ن ، نلجامعة وهرا المكتبة المركزيةعمالن الفاضلتيفتيحة جلاطولاسيما الأختي هوارية مغربي ،و زايديولاسيما الأستاذة الفاضلة ، )الكاتدرائية(بوهران المكتبة الجهويةعمال

محمد مغربي ،والأستاذ المحترم حسنية بدمشق ، مكتبة الأسدعمال لمي طويل المشرف الخارجي في أثناء التربص الع غسان السيدالأستاذ الدكتور

المدى بجامعة دمشق ، عبد اهللالأستاذ الدكتور والنحات : بجامعة دمشق كلية الفنون الجميلةأساتذة

، السيد نزار صابور،الأستاذ الدكتور والفنان سلامة يوسف أستاذ الفلسفة بجامعة دمشق الدكتور، خالد حسين أستاذ النقد المعاصر بجامعة دمشق الدكتور، بدمشق الجزائرية دارية والقائمون على الشؤون الثقافية بالسفارةالهيئة الإ، بدمشق عبود الحمادي سميرةوالدكتورة أم خالدالسيدة الفاضلة ، صابرينة بوزيدالطالبة، الذي أشرف على الإخراج التقني للرسالة وطبعها ، يخلف كيشوالسيد

...وإلى كل من ساندنا بكلمة طيبة

...حبا وبرا وإكراما الوالدين الكريمين إلى ...عرفانا بالجميلمحبة و أهلي جميعاإلى ... اللواتي لم ينقطع عني عبق جميلهن ثلة الصديقاتإلى

مليكة ، خداوية زيدي، عائشة يطو، حليمة الشيخ، فوزية مصباح، مليكة قناد ... هوارية جبوري ،فاطمة بريهوم،يطو

...هذا البحث إلى روح أرفعكما ،قريبع نبهاني أستاذ الاستطيقا الجزائري

الذي سبقنا إلى البلاغة البصرية ،جيلالي كورات الأستاذ الذي علمني حب الحرف العربي ،واسيني تاجوري أستاذي

فضيلة لعريبي ،صديقتي ...رحمةوالإنسانة العظيمة

" العجز عن الإدراك إدراك"

الرسائل/ ابن عربي

إن التأثير المتبادل ما بين الفنون بفعل التلاقح الحاصل في موادها البنائية وفي ،نسق أشكالها، قد هيأ الظروف المساعدة على انفتاح النصوص خارج إشكالاتها الإجناسية

وعلى تضافر الأسباب التي تلتقي فيها بلاغة الشعر ببلاغة التصوير فوق أرض إبداعيةوقد يكون للمقصد التخيلي نصيبا متواترا من هذه الجذوة الخصبة التي يغرف . مشتركة

)م.ق 468- 556( سيميونيدسولذلك تظل مقولة .منها خطاب الصورة في لغة الفن عموماوهو ما يؤكد ". والتصوير شعر صامت، الشعر تصوير ناطق""تنضح بمعين مائها، مادام

.ا العامة وتجاور أنساقها المعرفية عبر أعصر سحيقةتحاور الفنون في بنيتهوفي تمظهرات أشكاله شك أن الخطاب البصري في أبعاده الجمالية العامة، ولا

في بخاصةو ،يعاين بعمق إمكانات هذا التحاور الموجود بين الأنساق الدالة، الخاصةذه الإمكانات وفي طبيعة ويكاد يكون الحفر في ه. خبراتها الإدراكية وقيمها الاستطيقية

.البؤرة المركزية التي يستمد منها إشكال البحث مدركاته المعرفية والمنهجية، مقاصدها ضيفهافما هي الإمكانات الاستطيقية التي بمقدور الإدراك الفينومينولوجي للفن أن ي

للظاهرة الجمالية؟ ذلك هو الإشكال المركزي الذي يمتح منه موضوع البحث أفقه :ويتفرع عن هذا الإشكال الأسئلة المحورية الآتية . المنهجي والمعرفي

ثل الإرث الفينومينولوجي للفن وما هي أبرز معالمه الجمالية؟كيف نتم كيف ندرك ظاهرة التجريد في الفن الجزائري الحديث؟ وما هي تجلياتها

؟محمد خدةالاستطيقية لدى الفنان ثلكيف نستقرئ عنوان اللوا؟ ثم كيف نتما وتعالقا شعريحة تكوينا تشكيلي

التوقيع مظهرا طباعيا وبناء فينومينولوجيا ينتهي إليه الإدراك الجمالي؟ وماذا عن خبرة المعنى في أيقون الزيتون؟ وكيف بالإمكان أن يغدو تجريد

الخبرة؟ الطبيعة في أثناء ذلك إمكانا فينومينولوجيا يعمل على كشف هذه

ا، كيف تتمظهر الكتابة في المشهد التجريدي عند الفنان؟ وما هي خدةأخير تخومها الميتافيزيقية؟

.الفينومينولوجيةمفصلاتها تلك إذا بعض الإشكالات التي نحاول الاقتراب من تيستمد موضوع البحث مسوغات تسميته من إستطيقا الخبرة ،وعلى هذا الأساس المعرفي

إن بصريا وإن –الية وجملة إشكالاتها النقدية التي تتعلق بتلقي العمل الفني وتأويله الجم :ولأجل ذلك يطرح الموضوع نفسه للقراءة وفق العنوان الآتي . جماليا على سواء

"الموضوع الجمالي في ضوء المنهج الفينومينولوجي" تجريدية عند محمد خدة مقاربة جمالية لنماذج -

يأتي المنهج الفينومينولوجي في هذا السياق اختبارا معرفيا يتوسل المقاربة الجمالية الذي تشبع إدراكه بحدس الظاهرة الجمالية وبتمظهراتها ، المنفتحة على الحوار المتأمل

خلال ما خوله من، مما يفسر مرونة هذا المنهج في تعامله مع الظاهرة الفنية. الفنيةمن اجتهاد في بناء خبرته الإدراكية تبعا لإمكانات وعيه الجمالي في " للمشاهد الاستطيقي"

وجملة أتباعه E.Husserl هوسرلالمرجعية هنا استفادت من (استكشاف المقاصد الدالة البحوث التي ولاسيما ، الفينومينولوجي في مجالات الفن المختلفة" التراث"الذين استثمروا

بيد أن الحدس البصري ). Georges Didi-Hubermann جورج ديدي هبرماننشرها ، "العلامة الأيقونية البصرية"قد استعان أيضا ببعض آليات السيميائية البصرية في مجال

من 1"مفاهيم مستعارة"، بحكم أن هناك )Groupe µ جماعة مو(" البلاغة البصرية"وكذا .جياالفينومينولو

.9.،ص 2003، 1.سوريا، دار الحوار، ط –علي أسعد، اللاذقية . د .تر، جاك فونتاني، سيمياء المرئي: ينظر 1 ،"فنيروسكوبي" بورسوما يدعوه هوسرلأن هناك اقترابا واضحا بين فينومينولوجيا يورسيشير مترجم كتاب

Phanéroscopie و 203.رجم، صتعليق المت: ينظر.( من الظواهر" الممكنة"يعملان على استخلاص الأشكال "كونهما و في حاشية الكتاب ). 67.، ص1.284فقرة / بورس( كما أن نظرية الكليات ليست غير وصف الظواهر ). ما بعدها

.1904حوالي " بفنيروسكوبي" " فينومينولوجيا"يكون قد استبدل بورس، يذكر المترجم أن )67.ص( Charles S.Peirce , Ecrits sur le signe , Rassemblés , traduits et commentés par Gérard Deledalle , Editions du Seuil , 1978, Coll. L'ordre philosophique.

ويمكن أن نعزو الخوض في غمار هذا الموضوع ،إلى النقص الكبير الملاحظ في المكتبة العربية فيما يتعلق بالمصنفات الجمالية ،إذ لا تزال الدراسات الميدانية في قراءة

وذلك راجع إلى أن الانشغال بالعمل الفني ، حقلا بكرا –إلى يومنا هذا –اللوحة التشكيلية سواء عند الاستطيقيين أو " بالخصوصيات"مع نسقه الدال، يظل غير مكترث والتحاور

. لدى الباحثين السيميائيين الذين يفضلون التعامل مع الصور الواضحة في دلالتها الأيقونيةابتغاء الوصول إلى ، نجد الاستطيقيين ينطلقون من أعمال فنية خاصة، فمن وجهة أولى

الموجودة لدى الفيلسوف " الأفكار الاستطيقية"تماثل مع زمرة التصور الجمالي العام الذي يمثل ذلك ما يحضر في . إذ يحضر العمل الفني تأملا عاما غير مستقل بذاته تحديدا: سلفا

فان غوغللفنان " زوج الأحذية"انطلاقا من لوحة Martin Heidegger هيدغرتأملات Van Gogh :هيدغرمواصفاتها التشكيلية غير ما يصفه وهي لوحة لا نعثر فيها على

) حذاء فلاحة(ووضعية شكله في اللوحة وكذا انتمائه الوظيفي " الحذاء"من من أن Meyer Schapiro شابيرووهو ما انتقده ). تأويل فتحة الحذاء(والأنطولوجي

انطلاقا من –ذيةينظر في هذه الأح هيدغرلقد كان ": "أحذيته"لم يستدع غير هيدغرأفلا يعني ذلك محاولة استبدال ظروف سيرة الفنان . إلى خبرته الخاصة –خلفيته القروية

مما يدل أن التأويل الهيدغري للوحة لم يلتفت إلى غير . 1"بظروف سيرته الخاصة ؟ والتحويل في معنى العمل. تحويلا في معنى العمل الفني"محدثا بذلك ، حدوسه الوجودية

الفني يتم إنجازه من خلال تحويل في الفنان كذلك ؛ أي الفيلسوف أو المفكر بوصفه يتحول العمل الفني إلى هامش للتوثيق لا غير، إذ ينصرف الفيلسوف ، ومن ثمة. 2"فنانا

مما يؤكد أن . إلى إثارة وجاهة أفكاره في ظل هذا الهامش الذي يستعيره من العمل الفنيفكلما . وخصوصيات الأعمال الفنية خصوصيات الفنفلاسفة لا تعير اهتماما لجماليات ال"

كانت قابلة للخضوع إلى منطق روحي داخلي يعود ، كانت الأشكال مقطوعة عن سندها

الدار / حسن ناظم و علي حاكم صالح، بيروت .تربين الهرمينوطيقا و التفكيكية، –هيوج سلفرمان، نصيات 1

. 212.، ص2002، 1.ط البيضاء، المركز الثقافي العربي، .فان غوغل" زوج الأحذية"في لوحة شابيروو هيدغرعن وجهتي جاك دريداالذي كتبه " تصويبات"نص : ركما ينظ

Jacques Derrida , La vérité en peinture , Paris , Flammarion , 1978 ,p.291- 436. .213.المرجع نفسھ، ص 2

إلى البحوث –من وجهة ثانية –هذا وإذا انتقلنا . 1"ملفوظه بحكم القانون إلى الفيلسوف غريماسموعة من الملاحظات أبرزها ما يذكره على مج فإننا نعثر، 2السيميائية

Greimas ا"من أنا لا يزال بكريتمثل في فن التصوير على سبيل ، هناك ميدانا سيميائيأن الأدوات السيميائية تظل Julia Kristeva جوليا كريستيفاكما تذكر . 3.."المثال

. يقته التشكيلية الرمزيةفي استيعاب المحمول اللوني للتصوير والتعبير عن حق 4قاصرةأن هناك غيابا Georges Mathieuجورج ماتيوولأجل ذلك يلاحظ

-في نظره -ويرجع ذلك ، une sémiologie picturale5"سيميولوجية تصويرية"ل" بالتمثيل"فن التصوير بالنسبة إلى سيميائيينا يظل مرتبطا في الواقع "إلى أن

"représentation" اخز في عام . دائموإذا كان الأمر .6" 1975إنه مع ذلك لشيئ مفماذا يمكن أن تكون المبررات ونحن نعيش الألفية الثانية بتعقيداتها ، كذلك في السبعينيات !الإلكترونية المذهلة ؟

.95.، ص2002ب، إفريقيا الشرق، فريد الزاهي، المغر.ترريجيس دوبري، حياة الصورة و موتها، 1مـارس -، يناير35، المجلد 3:ع( حول السيميائيات ) الكويت" ( عالم الفكر"الجدير بالذكر أن العدد الصادر في مجلة 2

لم يتضمن شيئا يذكر حول سيميائية اللوحة البصرية وقد اقتصرت الإشارة إلى القيمة الفنية الجماليـة للرسـم ) 2007 . يقى فقطوالموس

.285-249.الطاهر رواينية، سيميائيات التواصل الفني، ص: ينظر المقال الوارد في المجلة " دراسات سيميائية في الفن التشكيلي"الموسومة بلاسم محمدبدراسة -في المقابل –غير أنه ينبغي التنويه

والباحث يشير . 2004، 1.دن، دار مكتبة الرائد العلمية، طدراسات في بنية الفن، الأر: والمنشورة ضمن مؤلف جماعي، بغداد، كلية الفنون الجميلة، التحليل السيميائي لفن الرسم: في دراسته هذه إلى أطروحة دكتوراه له غير منشورة بعنوان

بعنوان ) الكويت( "عالم الفكر"، المنشورة في مجلة محمد غرافيهذا و بالإمكان أن نحيل أيضا على دراسة . 1999و نشير أيضا إلى المنجز الفني الذي . 249-221.، ص2002، 31، المجلد 1:، عالسيميولوجيا البصرية قراءة في:

، الكويت، الشعبي الكويتي ملهما الموروث: التجريد سامي محمد و سيمياءبعنوان زهرة أحمد عليأنجزته الناقدة .2004، 1.مركز البحوث و الدراسات الكويتية، ط

3 A.J.Greimas , Du sens – essais sémiotiques , Paris , Editions du Seuil , 1970 ,p.24. المقاربة السيميولوجية للتصوير التي ترى فيها لغة، لا تجد معادل اللون من بين عناصر اللغة "أن كريستيفاتذكر 4

..". تصوير، أمام اللون مستحيلة/ضعيفة، تغدو المماثلة لغةومهما تكن إجرائيتها ...المتماثلة من خلال اللسانيات Voir : Polyogue , coll.Tel Quel , Editions du Seuil , 1977 , p.389. 5 Georges Mathieu , L'abstraction prophétique , Editions Gallimard , 1984 , Collection Idées , p.121. 6 Ibid , p.122.

،بارت، ولا فوكولا " بعيدا في الانتقاد حينما يذكر بأنه جورج ماتيوبل يذهب التمركز " كان بمقدورهم خنق اللوغوس ولا أن يدينوا، كريستيفاولا ،غريماسولا

العلة في ذلك هو أن الفلاسفة يحللون الفن و. للتفشي المتعسف للمدلول على الدال" العقليذات الوضوح الأكبر عند التعرف إلى ، التجريدي بهمة أقل من أشرطة الرسوم المصورة

وفي هذا القول جانب من الحقيقة التي .1"ات الكلاسكيةالموضوع العام لدى الأنطولوجيأشرطة الصور "تؤكده المعطيات المرجعية المتوافرة عن التحليل السيميائي في مجال

والصورة الإشهارية والخطاب السينمائي بالمقارنة مع Bandes dessinées 2"المرسومة .الفراغ الموجود في اللوحة التجريدية

فإنه لا نبخس الجهود المعرفية التي سبقتنا في ، ذه الملاحظاتوعلى الرغم من هالموضوع وفضلها في تأصيل هذا النوع من الدراسات ونشر أفكارها على قطاع عريض

: ولأجل ذلك يمكن تصنيف هذه الدراسات السابقة في الموضوع وفق ما يلي . من القراء ريف بأتباعه من حيث أفكارهم والتع شق نظري مهتم بترجمة المنهج الفينومينولجي

. وفلسفتهم الجمالية في الفن، وشق ميداني اشتغل على البصري بأدوات فينومينولوجية .فضلا عن بحوث أخرى تناولت الخطاب البصري برؤى منهجية متباينة

، "مشكلة الفن"في كتابه زكريا إبراهيمأما الشق الأول فيدخل في فلكه ما كتبه ، "الجمال الظاهراتية دراسة في فلسفة –الخبرة الجمالية "في كتابه سعيد توفيقو، "والفن على ضوء مباحث فينومينولوجية الاستطيقا"في كتابه محمد محسن الزراعيو

بجامعة باريس بعنوان 1998مارس 27و 26فضلا عن فعاليات الملتقى المنعقد ما بين Magazine littéraire " المجلة الأدبية"ما نشرته وكذا "والاستطيقا الفينومينولوجيا"

وينضاف إلى ذلك كتاب ). 2001نوفمبر/ 403في العدد (بالفينومينولوجيا ملف خاصمن وتنماز هذه الدراسات بغلبة ". ظاهراتي اقتراب –شعريات المتخيل " العربي الذهبي

واتجاهاتها الفنية ماليةر الأفكار الجالتنظير الذي يتعقب المسار الفينومينولوجي في تبلو .المختلفة

1 Georges Mathieu , L'abstraction prophétique , p.212.

:يمكن الإحالة على سبيل المثال على 2 Michel Martin , Sémiologie de l'image et pédagogie , Paris , Presses Universitaires de France , 1982 p.169-218.

Maurice ميرلو بونتي موريسوأما الشق الثاني فيمكن أن ندرج فيه كتابات

Merleau –Ponty ميكال دو فرينو Mikel Dufrenne جورج ديدي هبرمان وGeorges Didi-Huberman. ا كتابمكن أن نضيف ضمن هذا الاتجاه أيضمحمد وي

وتسعى هذه الدراسات ، "مدخل لتحليل ظاهراتي –الشكل والخطاب "الموسوم لماكريا .إلى حدس الظاهرة الجمالية في خصوصيتها ومقصديتها الدالة

ولا يمكن أن ننكر في هذا الصدد جملة الدراسات التي اشتغلت على الفضاء النقدي بوصفها خطابا حيث تتصدر الصورة الاهتمام ، البصري برؤى منهجية متباينة

التي اقتربت من بعض الظواهر 1فضلا عن بعض البحوث الأكاديمية، بصريا دالا بذاته: محمد خدةتنضاف إلى ذلك دراستان أكاديميتان منجزتان حول الفنان . البصرية في الفن

جزائر أما الدراسة الأولى تتمثل في مذكرة لنيل دبلوم سامي في علم المكتبات بجامعة الالمنقوشة ألبوم الأعمال"بعنوان سعاد إينالمن إعداد الباحثة ) 1994أكتوبر (العاصمة

والدراسة عرض بالصور لمنقوشاته وتصنيف ببليوغرافي عام لأهم ماكتب ،2"لمحمد خدة) (D.E.Aفهي مذكرة في الدراسات المعمقة ، وأما الدراسة الثانية. خدةحول الفنان

إبداع الهوية الفنية "بعنوان ، 2001عام 2بجامعة ليون ماس دمولدرتوأنجزها الباحث والدراسة موضوعاتية من حيث منهجها المقارن بين . 3"من قبل محمد خدة وكاتب ياسين

.محمد خدةوتصوير كاتب ياسينكتابة

: يمكن أن نذكر رسالتين مقدمتين لنيل الماجستير 1د أحمد يوسف، جامعـة .أ: مقاربة أيقونية لأشكالها، تحت إشراف –لي كورات ،هندسة الكتابة الشعرية الجيلا -

.2001-2000وهران، كلية الآداب ،اللغات والفنون، قسم اللغة العربية وآدابها، د محمـد بشـير .أ: معاشو قرور، جمالية الفنون البصرية في السرد الجزائري المعاصر، تحـت إشـراف -

.2006-2005بويجرة، جامعة وهران، كلية الآداب ،اللغات والفنون، قسم اللغة العربية وآدابها،

:كما يمكن الإحالة على رسالتين مقدمتين لنيل الدكتوراه مقاربة سيبرسيميائية غرافولوجية في الكتابات الكوفية لمساجد –قدور عبد االله ثاني، سيميائية التشكيل الخطي -

د أحمد حساني، جامعة وهران، قسم اللغة .أ: م، تحت إشراف 15/ هـ 9م إلى 11/هـ 5ن القرن تلمسان م .2005-2004العربية وآدابها،

د عبدالقادر هني، جامعة .أ:الشعر المعاصر أنموذجا، تحت إشراف –اسطمبول ناصر، تداخل الأنواع الأدبية - . 2006-2005وهران، قسم اللغة العربية وآدابها،

2 Catalogue de l'œuvre gravé de Mohamed Khadda. 3 Thomas Demulder , Création d'une identité artistique par Mohamed Khadda et Kateb Yacine (version Pdf).

وقد اعتمدنا في إنجاز البحث على الخطة هذا عن الدراسات السابقة في الموضوع،خل وأربعة فصول وخاتمة مذيلة بملحق ومسرد للمصطلحات الواردة في البحث مد: الآتية

.والمراجع وقائمة للمصادر –الفينومينولوجي بالموضوع الجمالي في منظور البحث"الموسوم يتناول المدخل،ا ، أهم الإشكالات المعرفية والنقدية التي تشغل الفينومينولوجيا عموم"المفاهيم والإجراءات

ونسعى في أثناء ذلك إلى مقاربة الخطاب الجمالي وتأويل .وفينومينولوجيا الفن تحديداولذلك تحدس . مقصدياته ضمن الممكنات الفينومينولوجية التي تخولها له أسيقته الدالة

حيث ، بمستويات فينومينولوجية متباينة) الموضوع الجمالي(فصول البحث ظاهرة التجريد مشكلة الاستقبال الجمالي: التجريد الإدراك الجمالي لظاهرة(الفصل الأول يطرح (

عوائق الإدراك الجمالي التي تطرحها اللوحة التجريدية وإشكال التلقي لأعمال الفنان ونسجل في هذا المقام شح الأرقام التي من . ضمن الأفق التشكيلي المحلي محمد خدة

التكوين (ويرصد الفصل الثاني . تداوله فعلا من أعمال الفنان شأنها تنوير المشاهد بما تمالتمظهرات ) التوقيعو مقاربة في عتبتي العنوان: التجريد التشكيلي لظاهرة

الفينومينولوجية للعنوان والتوقيع من خلال ما يطرأ عليهما من تكوينات بصرية داخل البعد : أيقون الزيتون المعنى في خبرة(وفي المقابل، يتناول الفصل الثالث . اللوحة

أيقون الزيتون بوصفه علامة بصرية في نسيج اللوحة؛ وذلك من ) التجريدي للطبيعةظاهرة (و يعاين الفصل الرابع . خلال مستويات تمظهرها في خبرة من يشاهدها و يتأملها

ني الموجود بين فن عبر التعالق الف"التدوين"تجليات ) التشكيل التجريدي الحروفية فيولذلك يقتفي التأويل مقاصد التشكيل الخطي بصريا وجماليا بما في . الخط وفن التصوير

ذلك الشعرية البصرية للفراغ والخصوصية الجمالية التي يصدر عنها المشهد الحروفي يا إستطيقا التجريد من منظور فينومينولوج(وتنتهي خاتمة البحث . محمد خدةلدى الفنان

إلى مستخلصات إستطيقية بشأن ما تم تحليله من تجليات الموضوع الجمالي في ) الفن . فصول هذا البحث

ولذلك كنا ، ولقد اقتفينا في قراءة اللوحة التدرج من الوصف إلى التحليل والتأويلصار ما ؛ إذ قد يفوتنا من الإب"المحترف"لا 1"الهاوي"نعاين التمظهر البصري للوحة بعين

وحسبنا أن يكون ما .وتأويلهمعنى فيفوتنا بذلك حسن تأمله لم نمكنه من التجلي في الإذ نأمل مخلصين أن يستوفي . توصلنا إليه مدخلا لا غير في الإدراك الفينومينولوجي

البحث عدته وعتاده أمام زخم كبير من العلامات البصرية التي تنتظر منا إدراكها وقد يدرك القارئ ما نقصده حينما يقف على التراث الإنساني الكبير الذي عمل –وتحليلها

.في أعماله الفنية محمد خدةعلى توظيفه الفنان التشكيلي التي استندنا 2كما ينبغي أن نشير في هذا الصدد إلى أن كل النماذج التجريدية

Michel-Georgesبرنار ميشال جورجمأخوذة من كتاب ، إليها في فصول هذا البحثBernard سنة الثقافية الجزائرية بفرنسا والمطبوع في إطار ال" خدةب"الموسوم

وربما كان من المجدي ). ENAG ،2002 المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية منشورات(أن نضيف هنا ملحوظة تتعلق بفقر المكتبة التشكيلية الجزائرية الشديد من الكتابة النقدية

هذا وإن وجد شيئا فهو مكتوب في معظمه . تخصصة في أعمال الفنانين الجزائريينالمما دام أن التصنيف -ينتظر يدا أمينة لترجمته والتعريف بمحتوياته، باللغة الفرنسية

الغربي لا يلتفت إلى هذه الأعمال ضمن مصنفاته الفنية مهما بلغت درجة إبداعها .وابتكارها الفنيين

محو "إلى -والحال كذلك في خضم هذا الواقع البصري المتخلف –نحتاج إننامن ثقافتنا الفنية حتى نعيد إليها نضارتها المعرفية ضمن التواصل 3"الأمية التذوقية

نا لا ندعي التماثل معـه ولو أن –" بتقريظ اليومي"في كتابه الموسوم تزفتان تودوروفمثالنا في ذلك ما أنجزه الناقد 1

:ينظر كتابه . في درجة المقارنة Tzvetan Todorov , Eloge du quotidien – Essai sur la peinture hollandaise du XVII siècle ,Editions du Seuil , Société nouvelle Adam Biro, 1997.

فقد اطلعنا للأسف علـى لوحـة واحـدة : مباشرة خدةينبغي أن نشير إلى أنه لم يكن بالإمكان الاطلاع على لوحات 2 أحمد زبانةكما صادف المعرض الذي نظمته زوجة الفنان بمتحف . بالجزائر العاصمة الفنون الجميلةموجودة بمتحف

، تواجدنا بدمشق في إطار التربص العلمي طويل المدى الذي استفدنا منه لاستكمال رسالة 2008بوهران في شهر ماي .راهالدكتو

وإلى غاية 14الوطنية بدمشق، بمناسبة تكريمه في الندوة النقدية من بمكتبة الأسدألقاها عفيف البهنسيهذه عبارة 315/04/2008.

وربما كانت إحدى الفجوات الكبرى للفكر العربي هو كونه طرح سؤال التراث . "الإنسانيالتراث البصري، والتراث : تم الانتباه لهما إلا مؤخرا في غيبة عنصريين أساسيين لم ي

مما يفسر هشاشة الثقافة البصرية عندنا، وغياب تقاليدها في سلوكاتنا الذوقية .1"الصوفيوهو السبب الذي من أجله نطمح أن يؤصل هذا البحث . والمعرفية على حد سواء

.دة في قراءة الخطاب البصري الفنيالمتواضع بعضا من أبجديات التذوق الجمالي المفتقأخيرا، ننوه بالشكر الجزيل والعرفان الممتن إلى كل من أمدنا بيد المساعدة من

...قريب أو بعيد، إلى أولئك الذين أفدنا من هوامشهم المعرفية وأخلاقهم النبيلة ...ونسألك العون والتوفيق والسداد، اللهم نعتذر إليك عن كل تقصير

1429رجب /2008جويلية ، وهران

، 2005منشورات وزارة الثقافة ،، المغرب/الرباط، الصورة و الحداثة البصرية –العين والمرآة ، فريد الزاهي 1

. 108.ص

–

"هناك فيض لانهائي من الإدراك يشق حياتي اليقظة"

الفلسفةالأولى/ هوسرل

ذلك أن اللحمة ، يتناول الإشكال المعرفي للموضوع مشكل تأويل العمل الفنيالفنية تجاه العمل /فية التي تشكل نسيج مباحث الفصول كلها تمتح من الرؤية النقدية المعر

يفترض تناولا متعددا من حيث قراءته المنهجية 1"شكل دال"الفني وبنائه من منطلق أنه مصطلحا يحيل على العمل الفني " الموضوع الجمالي"وقد تبنينا . والفنية على حد سواء

هذا من ناحية، أما من ناحية . ونه المصطلح الأقرب للمعالجة الفلسفية والجماليةوذلك لكهي من باب التنبيه إلى أن المرجع هنا مرتبط " بالموضوع"المقترنة " الجمالية"فإن ، أخرى

وذلك لكل ما ، تسند إليه مهمة الإدراك الجمالي لما يشاهده أو يتأمله) متأمل(بفاعل مدرك .الاتفاق حوله بأنه ينتمي إلى المجال الفني حصراتم

في المنهج –في ما سلف ذكره –، وتتمثل أداة المقاربة المنهجية والفنية هذا، كونها ما )بالجمع(نولوجيا فينومينولوجيات غير أنه إذا كانت الفينومي. 2الفينومينولوجي

ومجالاتها التطبيقية بعد فتئت تتخذ لها اتجاهات فكرية متنوعة من حيث المرجعية

، لا لنتبنى النظرية الشكلية في الفن، وإنما لإثبات حد من حدود الوصف Clive Bell كلايف بلمصطلح نستعير مبدئيا 1

.يكاد يلازم العمل الفني أيا كان نوعه –ظاهراتيـة ( من دون استعمال الترجمة الموجودة في اللغـة العربيـة " فينومينولوجيا"فضلنا التعامل مع مصطلح 2

من حيـث إن المعنـى الفينومينولـوجي لا : ، و ذلك لبعدها عن المدلول الفلسفي ...)اهرعلم وصف الظو –ظواهرية و من . و إنما يحدس التمظهر انطلاقا من المظهر بوصفه ممكنا فينومينولوجيا –كما تؤديه الترجمة -" الظاهر"يتوسل

.الداخل حصرا" طبقات"مجالا لحدس " الخارجي"ثمة، يصبح الظهور الدار البيضـاء، المركـز /، بيروتمن فينومينولوجيا اللغة إلى تأويلية الفهم –هوسرل و معاصروه فتحي إنقزو، : ظرين

، بيروت، توزيع مركـز دراسـات فكرة الفينومينولوجيا: وكذا كتابه المترجم لهوسرل . 2006، 1.ط الثقافي العربي،ستطيقا على ضوء مباحـث لاامحمد محسن الزراعي، : و كذا. 2007، 1.الوحدة العربية، المنظمة العربية للترجمة، ط

و نحيل أيضا على ما هو موجود فـي المـتن . 2003، 1.تونس، دار محمد علي للنشر، ط/، صفاقس فينومينولوجيةيـة ، بيروت، المؤسسة الجامعدراسة في فلسفة الجمال الظاهراتية – الخبرة الجماليةسعيد توفيق، : على خلاف عنوانه

.1992، 1.للدراسات والنشر والتوزيع، ط

، سنقتصر على فينومينولوجيا الفن فإنه لهذه الأسباب .إدموند هوسرلالمؤسس الأول فضلا عن كون المدونة –تحديدا لأنها السبيل إلى مدخل جمالي في موضوع بحثنا

Corpus لوحات فنية من أعمال الفنان (والنظر من طبيعة فنية التي يتم فيها البحث ).خدة محمدلي التشكي

:لأجل ذلك، سيركز المدخل على إثارة الجوانب الآتية .الفينومينولوجيا عموما في مقاربة -1 .فينومنولوجيا الفن تحديدا في مقاربة -2

. مقاربة المستخلصات المتوصل إليها في المدخل -3

:عموما الفينومينولوجيا في مقاربة -1

ول الذي يتصدر اهتمامات كل باحث قد يكون تعريف الفينومينولوجيا المنطلق الأ –من دون شك –) 1938-1859( لإدموند هوسرلوقد يكون . في الفلسفة الفينومينولوجية

دورا لا يستهان به في هذه الفلسفة، على اعتبار ما أحدثه من تعديل وإضافات كانت سببا يأتي التعريف في ، ولأجل ذلك. في دعم التأسيس الفعلي لهذه الفلسفة واتجاهاتها المختلفة

وهو عنوان يفترض إضاءة مكوناته : هذا الصدد، قراءة استفتاحية في عنوان هذه الفلسفة ، الذي يبتغي قراءة جمالية للتشكيل الفني بآليات جزءا وفق المنظور العام للبحث جزءا

.وجيالمنهج الفينومينول

)قة لهوسرلالمرحلة الساب(مصطلح الفينومينولوجيا تأصيلا معرفيا

إلى أن تاريخ الفينومينولوجيا 1"الموسوعة الفسلفية العالمية" تشيرPhénoménologie ماكرجهودا متصلة وأخرى منفصلة بشأن الاصطلاح منذ تاريخ ي Johann Heinrich يوهان هنريش لمبرتعلى يد 1764الظهور الأول عام

Lambert )1728-1777( وقد اتخذ مصطلح ". رغانون الجديدالأو"، وذلك في كتابهالذي يرى أن المعرفة معرفة " المذهب الظاهر"الفينومينولوجيا في هذا الكتاب معنى

1Encyclopédie Philosophie Universelle, les Notions Philosophique, , dictionnaire tome 2, Paris, P.U.F, 2ème Edition, 1998. Notion : phénomène, phénoménologie.

إمانويل كانطثم وظف المصطلح . بالظاهر، أي ما يظهر عليه الشيء من الخارجEmmanuel Kant )1724-1804 ( المبادىء الميتافيزيقية "في الجزء الرابع من كتابه

أي أن . بين الظاهرة ومظهرها كانط، وفيه يميز 1786المنشور عام " ولى لعلم الطبيعةالأالخبرة (الذات ترى في أي موضوع ظاهرة لا تعرف منها غير ما يظهر منها للحس

للخبرة الممكنة وهما المكان a prioriن القبليين وذلك في ظل الشرطي) المباشرة Friedrich فردريك هيغلمصطلح عنوانا من كتب ثم لا يلبث أن يصير ال. والزمان

Hegel )1770-1831 ( 1869المنشور عام " فينومينولوجية الروح"والمتمثل في . إذ : لمعرفة المطلق ) الوعي(إن الفينومينولوجيا في هذا الكتاب مرحلة مهمة للذات

. الباطن من الظاهرة التي تعمل كوسيط من أجل تجلي L’en-soiينتج الشيء في ذاته فالشيء الظاهر يمثل حقيقة المحسوس وما هو مدرك من الواقع الحقيقي، وهو الذي يقود

لا تنفصل الظاهرة عند ، ولأجل ذلك. الذات إلى الشيء في ذاته ومن ثمة إلى الروحإلى ما فوق المحسوس Sensibleعن الماهية لكونها تعاين صيرورة المحسوس هيغل

Suprasensible في سبيل الوصول إلى معرفة المطلق . ونلاحظ أن مصطلح الفينومينولوجيا، من خلال ظهوره الأول إلى غاية وصوله

مع تفاوت واضح في إدراك " مظهر"أو " ظاهر"لا ينزاح عن دلالة ما هو ، هيغلعند البحوث "العشرين، مع ظهور غير أنه ينبغي انتظار القرن. "حدودهما وغايتهما المنطقية

إلى المشهد الفلسفي، ] مصطلح الفينومينولوجيا[، كي يعود 1901عام هوسرلل" المنطقيةذلك أن مصطلح الفينومينولوجيا يعرف تأسيسه المعرفي . 1ويأخذ مفهومه الحديث نهائيا

2"البحوث المنطقية"، ولاسيما مع نشر الأجزاء الثلاثة من كتابه إدموند هوسرلالفعلي مع . ستغدو فلسفة هوسرل كلها خاضعة لمقاصد الفينومينولوجيا ، حيث)1900-1901(

1 Bégout (Bruce), Un air de famille,in Magazine littéraire (Paris), n° 403, Novembre 2001, (dossier : la phénoménologie : une philosophie pour notre monde), p.20.

عن " البحوث"بإمكان القراءة المتأنية أن تكشف في كتاب "أنه "الصوت والظاهرة"جاك دريدا جاء في مقدمة كتاب 2 :ينظر". البنية الأم لجماع الفكر الهوسرلي

فتحي إنقزو، .د.مدخل إلى مسألة العلامة في فينومينولوجيا هوسرل ، تر –ك دريدا ،الصوت والظاهرة جا .25.،ص 1،2005.بيروت، المركز الثقافي العربي ،ط/الدارالبيضاء

ما هي وللفينومينولوجيا؟ هوسرلما هي الإضافة المعرفية التي جاء بها اإذ مقاصدها؟ وما هي معالمها الكبرى؟

ثم ما هي المسافة النقدية التي يمكن أن نفكر فيها ضد الفينومينولوجيا؟

ا مصطلح الفينومينولوجيا تأسيسمرحلة هوسرل وأتباعه(ا معرفي (

كما في اتجاهاتها المتباينة التي جاءت –في الفينومينولوجيا هوسرليمثل حضور ذلك أن الكثير من . حضورا فاعلا من حيث التأثير الذي أحدثته مؤلفاته –من بعده

قيحات نفسها مفتوحة على التأويل، نتيجة التن هوسرل مؤلفاتالدارسين يتفقون على أن منها في الفترة الأخيرة من 1ولاسيما المخطوطات –والتعديلات التي تملأ هذه المؤلفات

وهذا ما يجعل الاتفاق في صيغ التناول بين الفينومينولوجيين أنفسهم أمرا . هوسرلحياة . يصعب الحسم فيه، ماعدا الثوابت المنهجية العامة

في الاصطلاح Dominique Janicaud جانيكو دومنيكلأجل ذلك نتفق مع العودة إلى "ومعناه Phénoménologie minimaliste" فينومينولوجيا دنيا"القائل

الصرامة في النظر والاصغاء والاعتدال : المصادر النوعية للإلهام الفينومينولوجي وفي التركيز على هذه الصفات ما يدل ضمنيا أن الأمور جميعها في . 2"المنهجي

خبرة الذات في الإدراك ومنهج يتم به هذا : وجيا تلتقي عند الخبرة والمنهج الفينومينول .الإدراك، وهما مسألتان محايثتان في صميم البحث الفينومينولوجي

جته وزو P.H. Bréda فان بريداببلجيكا من قبل تلميذه Louvain" لوفان"الأخيرة قد هربت إلى هوسرليذكر أن مؤلفات 1

وملاحقته إياه إلى حد طرده من هوسرلبفعل الاضطهاد النازي الذي عانى منه منه Malvine Husserl مالفين هوسرلوهي مخطوطات تعرف . 1938في نوفمبر أرشيف هوسرلتم تأسيس ، 1938أفريل 27في هوسرلبعد وفاة . الجامعة . Husserliana" هوسرليانا"باسم

ببلجيكا، سماح رافع أحمد، " لوفان"في" أرشيف هوسرل"مخطوطات : ينظر أرشيف هوسرل عن تفصيل أكثر عن -العامة، لثقافية، بغداد، دار الشؤون ا1.دراسة نقدية في التجديد الفلسفي المعاصر، ط –الفينومينولوجيا عند هوسرل

.290- 283: ، ص 19912 Dominique Janicaud , Pour une phénoménologie minimaliste , in: Magazine littéraire , n°304,Nov.2001, p.26.

يدل على ] لفظ: [ الفينومينولوجيا:" الفقرة الآتية " فكرة الفينومينولوجيا"جاء في تدل كذلك وفي الأصل على " فينومينولوجيا"وعلى نظام من الميادين العلمية؛ غير أن علم

.1"والمنهج الفلسفي بخاصة، بخاصة" موقف الفكر الفلسفي: "منهج وعلى موقف من للفكرمن هنا يتضح التأسيس المعرفي للفينومينولوجيا انطلاقا من منهجها وموقفها

فة عن غيرها من ما يشير إلى ما تنماز به هذه الفلس" المنهج"ولعل في تقديم . الفلسفيينهي فلسفة للمنهج تضع نصب عينيها التفكير في ما تكون عليه مقصدية .الفلسفات

وما هذه اللحظة غير إدراك ميتافيزيقي للمنهج من قبل ذات . الموضوع لحظة الإدراكحيث تعتقد الذات في ذاتها إمكانية التأمل لما يحيط حولها انطلاقا من ؛تعيش مدركاتها

: هوسرلفي هذه الخطوة المنهجية، ما يبرز التميز الذي يتحدث عنه ولعل. ذاتهاإن السمة الفارقة للفينومينولوجيا أنها تحليل للماهية و بحث في الماهية في نطاق "

تلك هي صفتها الضرورية؛ فهي .اعتبار نظري محض، وفي نطاق انعطاء بالنفس مطلق ت، ممكنات المعرفة، وممكنات التقويم، تعتزم أن تكون علما ومنهجا يبين الممكنا

ي ممكنات مشكلة عموما، ومباحث ويبينها انطلاقا من أسس الماهية التي لها؛ إنما ه .2"هي تبعا لذلك مباحث عامة في الماهية] الفينومينولوجيا[

مادة البحث الفينومينولوجي نتيجة أن أداة الاشتغال تنطلق من " الماهية"هكذا تمثل فالماهية من هذا الجانب . ة لتكشف عن كوامن الذات الحاضرة تجاه الموضوعالماهي

إذ تحليل . خطوة مرجعية هامة لإدراك ما يمكن أن ينجر عنه التطبيق المنهجي للمنهجالماهية ودراستها يستتبعان إدراكا تتفاوت درجته تبعا للوضعية التي تكون عليها الذات

سبيلا لاختراق خطوط " الرؤية"يتها، وقد اتخذت وهي تنظر إلى الموضوع من ذاتفي مدخل كتابه M.Merleau-Ponty ميرلو بونتيوهو ما يؤكده . الموضوع المعرفي

الفينومينولوجيا دراسة للماهيات وكل المشاكل تعود "من أن " فينومينولوجيا الإدراك"غير . على سبيل المثالماهية الإدراك و ماهية الوعي : بمقتضاها إلى تعريف الماهيات

فتحي إنقزو، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، توزيع دراسات الوحدة .د.إدموند هوسرل، فكرة الفينومينولوجيا ، تر 1

.56.،ص 1،2007.العربية، ط .98.المرجع نفسھ ،ص 2

أن الفينومينولوجيا فلسفة ترد الماهيات داخل الوجود ولا تتصور أنه بالإمكان فهم الإنسان من هنا تأتي الماهية من هذا .1"لذلك" مما هو فعل"والعالم بخلاف آخر إلا انطلاقا

. بل الذاتالمنظور الفينومينولوجي للكشف عن البنية الثابتة لصفة الموضوع المدرك من قفالذات تنظر إلى موضوع انشغالها من خلال ما يتشكل من بنى تؤول في الأخير إلى

في شكله المجرد وقد 2"المحتوى"وليست الماهية هنا غير . الماهية الأولى للموضوعأو 3"الماهية المتشخصة"انفصل عن وجوده، ذلك أنها تمثل معطى محضا للمعرفة كونها

فالماهية إذن بنية مجردة يفترض . لما يظهر للذات من موضوع تأملها 4"الماهية المفردة"لموضوع المعرفة ومعرفة . .المعنى النهائي"الفينومينولوجي الوصول من خلالها إلى

ضمن هوسرلو لعله لهذا السبب يصنف بعض الدارسين فينومينولوجية . 5"الموضوعصنيف إلى العلاقة الوطيدة الموجودة بين ويشير هذا الت .6"فينومينولوجية المعرفة حصرا

أن يجعل من ، هوسرلفلسفة الفينومينولوجيا ونظرية المعرفة، إذ كان طموح بحيث تتجاوز كل الفلسفات الماضية 8"العلم الأخير"و 7"الفلسفة الأولى"الفينومينولوجيا

. وكذا منطقية العلوم الدقيقةمينولوجية وكل الفلسفات الماضية، أنها فلسفة الفرق بين فلسفة فينو: " هوسرليقول

يستعير . 9"من خلال ضرورة حتمية محايثة Philosophie transcendantaleمتعالية إلى الفروق الجوهرية 10، وكان قد أشار"بالمتعالي"الذي يقول كانطهنا مصطلح هوسرل

جملة الشروط التي "بالمتعالي"فهذا الأخير يدل : كانطالفاصلة بين اصطلاحه واصطلاح

1 M.Merleau-Ponty , Phénoménologie de la perception , Editions Gallimard , 1945 , Avant Propos, I. .111.ص، فكرة الفينومينولوجيا، هوسرل 2 .111.صنفسه، المرجع 3 .111.ص، نفسه 4

5 Edmund Husserl , L'idée de la phénoménologie , , trad. Alexandre Lowit , Paris , P.U.F, 5ème Edition, 1993, p.117. 6 Voir: E. Levinas , Théorie de l'intuition dans la phénoménologie de Husserl , Paris , Librairie philosophique J.Vrin , 1963 , p.193.

: تأملات ديكارتيةنفسه إلى هذا الأمر حينما أوضح ذلك في خلاصة النتائج من هوسرلوقد أشار - Husserl , Méditations cartésiennes – Introduction à la phénoménologie , trad. Gabrielle Peiffer et Emmanuel Levinas , Librairie philosophique J.Vrin , 1963 , p.129-134. 7 Husserl , Philosophie première (1923-1924) , I : Histoire critique des idées , p.5 , 6 , 18. 8 Husserl , Logique formelle et logique transcendantale , p.23. 9 Husserl , Philosophie première – I , p.293.

.368-287.كانط و فكرة الفلسفة المتعالية، المرجع نفسه، ص: ينظر الملحق 10

فيشير إلى مبدأ الرد الفينومينولوجي هوسرلتحدد الإمكانات القبلية للخبرة، أما Réduction الذي تقوم به الذات حين وضع العالم بين قوسين، وهي خبرة قبلية تحدد a " قبلية"تظل الفينومينولوجيا من هذه الناحية إذ.Intentionnalitéمبدأ القصدية

priori ، على أساس أنها تجعل من الذات العارفة سابقة على هذا العالم، وهو ما يجعلالعالم "سابقا عن " محايثا"فالذات تؤسس على مستوى وعيها عالما : امتلاكها للخبرة قبليا

فهذه . ، ومن خلال هذه المحايثة تكتشف هذه الذات نبع الحقيقة من ذاتيتها القصدية"الواقعيحضور الموضوع في الذات وحضور الذات في : شعوريا إلى موضوع ما " صدتق"الذات

في مستوى " دلالة خالصة"أولا : والإحالة القصدية مدركة دلاليا في مستويين . موضوعهاويجعلها ، الوعي الذي يقوم بفعل القصد، وثانيا مستوى الحدس الذي يملأ هذه الدلالة

). دس يملؤهفالقصد فارغ دونما ح( منجزة فعلاتكمن مهمة الفينومينولوجيا المتعالية إذن في التنقيب ضمن النسق العام "من هنا

للذاتية المتعالية ثم في دراسة البنى العامة التي تنتسب بالضرورة إلى الحياة المتعالية بوصفها حياة قصدية من جهة أخرى، تلك الإمكانات الخاصة للماهية التي تشمل ألفاظ

يريد أن يجعل من الفينومينولوجيا هوسرلمن الواضح أن . 1"فعل العقلانيالعقل والشيئا أصيلا مطلقا "الذات " ذاتية"المتعالية مرحلة للاستكشاف المتواصل، ذلك أنه يعتبر

أو (فإن كل كشف مصدره ، ولأجل ذلك. 2"وفريدا بحيث لا يوجد ما يماثله في العالموهو الذي يقود هذه . Conscienceستوى الوعي الذات وعملها القصدي على م) مرجعه

فالفينومينولوجي هنا يبحث . الذات إلى اكتشاف البنى العامة التي تمثل قصديتها وماهيتها، وفي هذا المسعى 3"أرضية أصيلة نهائية تحوي في ذاتها أصول الكائن والحقيقة"عن

القادر على " لعلم الأخيرا"الدؤوب يكمن طموح الفينومينولوجيا المتعالية في أن تصبح ولربما من هذا الجانب لا ينفصل الكشف أو مستويات . إدراك ما لم تدركه العلوم الدقيقة

.4"فلسفة في الحياة"الإدراك عموما عن الحياة لأن الفينومينولوجيا تريد أن تكون

1 Husserl , Philosophie première 2 , p.253. 2 Ibid., p.174. 3 Philosophie première – I ,p.40.

.34.اك دريدا، الصوت والظاهرة، صج 4

نفصل أن التأمل الذي يخوض فيه الفينومينولوجي غير م" بفلسفة الحياة"والمقصود .كونه ينطلق منها ليعود إليها في مرحلة تكون فيها ذاته أكثر وعيا من السابق، عن ذاته

يشإلى المعنى المعSens intentionnel تنتقل الفينومينولوجيا من المعنى القصديفSens vécuفالمعنى معيش : ، إذ لا يتجلى المعنى للذات العارفة إلا عند الإدراك الباطني

الذي يجعل من الإدراك فعلا 1"الوعي الباطن"والمعيش من معطيات ،ند النظريتبدى عهو انفتاح الوعي على المعنى وقد غدا معيشا محايثا قابلا . أصيلا تنفتح عنده الدلالات

فالمعنى المعيش ملازم لصفة الحضور فيه حضورا . للتغير والتطور تبعا لأفقه القصديإن ما . في عين الذات من دون أن يستتبع ذلك وجودا حقيقيا يجعل منه مدركا موجودا

يظهر للوعي يدرك مبنيا أي يعمل الوعي على منحه معنى بل معان تظل تلاحق بعضها هو – هوسرليقول –فتغير المعنى . "بعضا حتى يكشف المضمر عن مدركاته الخفية فيه

. 2"انحراف للمعنى وتطابق معه في الوقت ذاتهالمعنى المعيش معادلا للمنح والعطاء ذلك أنه سليل الإحالة القصدية بين الذات يأتيإن فلسفة، وبخاصة الأولى من بين الفلسفات كلها، مهمتها أن " هوسرليقول . والموضوع

لكل منتجات العقل مهما كان نسقها، ينبغي لها أن تنتهي إلى " النقد"تجعلنا قادرين على لا تفعل شيئا غير أن تعي ] هذه الفلسفة[إنها . الذات المقتفية لمنهجالأسس النهائية لوعي

.3"بذاتها الخاصية المنهجية لإجراءاتها وأن تبين الضرورات الجوهرية" علما"ويمكن أن نستنتج من هذا التعريف أن الفينومينولوجيا وهي تطمح لأن تكون

وذلك لتوضح أن كل خطوة " لنقدا"قائما على منهج، فإنها تضيف إلى قائمة تعريفها صفة . من خطواتها المنهجية تجاه المتصورات العقلية غير ممكنة من دون نقد لنسقها المعرفي

وفي ذلك تأكيد على النقد الذاتي الذي تمارسه الذات العارفة تجاه موضوعها بطريقة عرفية بل إذ لا يكفي لهذه الذات العارفة أن تدرك أبعاد موضوعها الم. منهجية صارمة

. ينبغي أن تدرك أيضا خبرتها المعرفية في الموضوع كي تصل إلى ما هو جوهري فيه

1 Husserl , Leçon pour une phénoménologie de la conscience intime du temps , trad. Henri Dussort , Paris , P.U.F, 2ème Edition , 1983 , p.174. 2 Husserl , Logique formelle et logique transcendantale , p.241-242. 3 Husserl , Philosophie première –I , p.297.

عقب وقوفه على الخلاصات هوسرلوهذا يفسر بلا ريب تلك الإلتفاتة المهمة لالذي نتصفحه حين القراءة وكأن الأمر " الأدب"ليس في الفينومينولوجيا شيء من "من أنه

إذا ما التصميم على العمل –كما في كل علم صارم –بل ينبغي . ةيتعلق برحلة ترفيهينظرة مدربة ومنهجية، ومن هنا فقط يصير قادرا ] الفينومينولوجيا[أراد أن يمتلك معها

هكذا نلاحظ المسار العسير الذي يشقه كل باحث فينومينولوجي على .1"على الحكم بذاتهفي الإحالة القصدية، فإن ذلك لا يعطل التطبيق نفسه، فعلى الرغم من كون الذات مرجعا

.الصارم للمنهج في سبيل الوصول إلى تكوين حكم فردي متصل بهذه الذات حصرا، الرهان المباشر للفينومينولوجيا المعاصرة"يرى بعض الدارسين أن ،هذا السببول

أكثر بفضل يستند إلى إمكان منهجها، ذلك أنه وعلى نحو ما، توجد الفينومينولوجيا وهذا . 2"ممارستها لنموذج معين من التساؤلات أكثر منها بفضل النتائج التي تعرضها

الخطوات التي يسير عليها التأمل الفينومينولوجي من خلال تلك -بشكل ما -يوضحفالسؤال نقطة البدء الذي ينتهي إليه الباحث . الأسئلة التي تحرك مقاصده الدالة

أي معرفة ليست :" ك أن هذا الأخير لا يعرف نقطة النهاية إطلاقا الفينومينولوجي، ذلفمع كل . بمعرفة نهائية، وكل إدراك يصل مرامه يكون غاية وبداية في الوقت نفسه

ولذلك يظل . 3"إدراك تنفتح آفاق إشكالية جديدة، التي تدعو بدورها إدراكا مليئا جديدايستند إليه لاستكمال المشروع " دءب"البحث الفينومينولوجي يبحث له دوما عن

وقد تكون غاية يتعذر الوصول إليها ولكنها تشع "الفينومينولوجي، كونه عملا غير منته، الباحث " مثالية"كذلك هي . 4"كأرض الميعاد"أمام الوعي الفلسفي منذ بدء الفكر العقلاني

يغادر منطقة كشفية حتى يدخل الفينومينولوجي تجاه ما يحرك انشغالاته العقلية، لا يفتأ . أخرى، ولا يكاد يضيء إشكالا معرفيا حتى يجد نفسه متورطا في إشكال معرفي آخر

. وهي لهذه الأسباب رحلة كشفية لا تنتهي أبداانطلاقا من هذا الاعتبار، وإذا جئنا الآن إلى استخلاص ما جاء من تعريف حول

عبر ) الظاهرة(سفة تقوم على ما يظهر الوعي الفينومينولوجيا، فيمكن القول إنها فل

1 Husserl , Philosophie première - I, p.298. 2 Bruce Bégout , Un air de famille , in: Magazine littéraire , n°403, p.21. 3 Philosophie première – I ,p.349. 4 Arion L.Kelkel , Avant propos du traducteur , in: Philosophie première- 2 , p.XLV.

وهي فلسفة تقوم على المنهج . الحدس، وتتخذ القصد مجالا لانجاز الدلالة المرافقة للحدسوما يميز الفينومينولوجيا . في كل خطواتها، في سبيل الوصول إلى ماهية الشيء وجوهره

Cogito" فكرها فيهم"لتصنع هو مرجعيتها الذاتية كونها تنطلق من أناها المفكر

Cogitatum. نفسها ، ولأجل ذلك تريد أن تكون فلسفة نقدية فلسفة متعالية"لأنها تعتبر " رشلكل ما سبقها من الفلسفات والعلوم على حد سواء 1"بفهم أخير"تب.

وإذا تعرفنا إلى بعض مقاصد الفينومينولوجيا فإنه يمكن أن نتساءل الآن عن . المها الكبرى وأهم ثوابتها المنهجيةمع

:في طريق الفينومينولوجيا

حياته لتعبيد الطريق إلى الفينومينولوجيا، فلم يكل من هوسرللقد كرس الفيلسوف فكرة فلسفية " البدء"من تأصيل –لاسيما المتأخرة منها –الترديد في سلسلة منشوراته

العلم "و " فلسفة أولى"هي . عن كل الفلسفات السابقة تؤرخ لفلسفة مغايرة من حيث الجوهرإيمانا عميقا بأن هناك منطقة هوسرللقد آمن : تتحمل مهمتهما الفينومينولوجيا " الأخير

فهي وحدها تحوي كنوزا لا : هي الذات بكل كينونتها. وحيدة تصلح للغزو والكشفكما تقول آخر جملة من ، 2"هي روح خالدة. "تحصى لا يعرفها إلا من أدرك سرها فيه

". أزمة الإنسانية الأوربية والفلسفة"كتاب الدؤوبة التي كانت دوما تتجاوز المرئي هوسرلوعلى هذا النحو سارت تأملات من (ولذلك فإن قارئ هذه التأملات ". خبرة الفاتح"وتنظر إلى أبعد نقطة يمكن أن تصلها

ن الفيلسوف المحصن بالمنطق والرياضيات ليلبس ليجد أ) هوسرلعناوين فسفية لمتون روح شاعر حالم، لا يعوقه المنهج الذي رسم معالمه الكبرى من أن يحلق بعيدا من اليقين

لقد أدرك . لا يقين يأتي من خارج الذات أبدا: الذي تتبجح به العلوم الدقيقة " الوهمي"ش الروح غير علم تكون مادته الغرب فداحة خسارته من الروح التي فقدها، ولا ينع

وليست الفينومينولوجيا . وموضوعه قائمين على الأسباب الموصلة إلى خبايا هذه الروح

1 Husserl , Logique formelle et logique transcendantale , p.23. 2 Voir: Husserl , La crise de l'humanité européenne et la philosophie , Edition bilingue , trad. Paul Ricoeur , Paris , Aubier Montaigne , 1977 , p.105.

غير خطاب الروح وقد غدا الإنسان إنسانا آخر قد تخلى عن أفكاره المسبقة، ويشق لنفسه إنسانيته التي – ببساطة –هو إنسان يصنع . وانطلاقا من ذاته أثلام هذه الروح المغيبة

.فقدها بأن ينظر إلى مستقبله من وحي حاضره

:الوعي مصدر الإدراك الفينومينولوجي

فإن ذلك يحيل على مفاهيم الإدراك Conscience" الوعي"حينما نتحدث عن وكلها مفاهيم مرتبطة ببعضها البعض . الباطن والمحايثة والمعنى المعيش والأفق القصدي

–المرجعية والتصور المنهجي لمفهوم الإدراك الفينومينولوجي عموما من حيث الإحالة " الصوت والظاهرة"ا في خاتمة مستخلصاته من كتابه جاك دريدوهو ما يصل إليه اعتقاد

الفينومينولوجيا هي دوما فينومينولوجيا للإدراك، وذلك خلافا لما تحاول أن تلقيه "من أن .1"في روعنا

ما المقصود بالوعي؟ وما هي الدلالات التي : يتبادر للذهن إن التساؤل الذي يتخذها في السياق الفينومينولوجي؟

مثلما هو إدراك شيء ما، ] vécuجمع معيش [ إلى معيشات " الوعي"تشير لفظة "وتذكر ما، وفعل المعيش عن علامة بوصفها علامة لشيء ما، وللذة بوصفها كذلك لشيء

هناك دوما وعيا بالخصوص وليس بالعموم، ذلك أن الوعي يعاش ويبدو جليا أن .2"ماوليس غريبا أن يرصد الوعي هذه الجزئيات بمثابة مجموعة من . جزئيا وليس دفعة واحدة

من sens vécu" المعنى المعيش"إذ لا يخلو : المعيشات التي تتغلغل في حياة الأنا .)..دراك، الرغبة، الأفعال الإراديةالإ(علامات دالة عن هذه الحياة المحيطة بالوعي

هنا L’immanence، وليست المحايثة 3"محتوى محايث"ففي كل وعي هناك ". غير الوعي الباطن الذي يلازم الأنا في صميم تأملاته، كونه يحضر حضورا شخصيا

فالمحايثة بهذا المعنى خبرة باطنية تعيشها الذات جزئيا وعلى مراحل، غير أنها تظل

).بتصرف( 164.، الصوت والظاهرة، صجاك دريدا 1

2 Philosophie première – I , p.151. 3 Husserl , Leçons pour une phénoménologie de la conscience intime du temps , p.100.

لم ينجز فعله 2"معنى قصديا"حتى الآن لا يزال " موضوع الوعي"لأن 1"خالصا قصدا"لا ينفصم : الوعي هو وعي محتواه والمحتوى هو محتوى وعيه "من هنا فإن . بعد

بمعنى أن ما يحمله الوعي في ذاته هو الذي يكون محل دراسة . 3"أحدهما عن الآخرإذ يتجنب الوعي منذئذ التعامل . لإدراكل 4وبحث فينومينولوجيين، وهو بمثابة معطى

فقط، بل إن 5"وعيا بالعالم"ويغدو لديها ) بما فيه الآخر(المباشر مع العالم المحيط بالذات غير أن يسوق ما ] هذا الوعي[يتراءى أمام الوعي، ولا يفعل " مظهر"العالم كله مجرد

تشف الذات نفسها لغة مطروحة إذ تك. يظهر من هذه المظاهر إلى التعبير عن نفسها . أنا أفكر إذن أنا مفكر فيه: للتفكير والإدراك

العميق " الديكارتي"وانطلاقا من هذا الاعتبار، يأتي الإدراك للتعبير عن هذا المسار وما يصير ) حضور الموضوع بشخصه(الذي يقطعه الوعي في باطنه من خلال ما يظهر

إذ تعي الذات ذاتيتها نتيجة هذا الإدراك .نتيجة مبدأ المحايثة معنى معيشا –بموجب ذلك –فكل ما تتعرف إليه من موضوع وعيها يمثل موضوعا : الذي تقوم به تجاه الأشياء

. و كل ما تبديه من آراء أو أحكام ليس غير مستوى من مستويات الإدراك، للإدراكهنا ذلك المجال " الأصل"و تفيد كلمة . 6"فالإدراك هو الفعل الذي يكمن فيه الأصل كله"

المعرفي الذي طبع التعامل الأول للذات مع موضوعها، إذ يظل نقطة مرجعية يتشكل وهذا التشكل المتدرج بمثابة بناء للموضوع . كلما تقدم مسار التأمل" موضوع الوعي"فيها

كل عبر فيض من يتش – ميرلو بونتيعلى حد تعبير -الشيء "وللذات معا، ذلك أن ولعله من هذا الجانب، نتبين كيف أن الذات تستثمر كل ما هو موجود .7"المظاهر الذاتية

لاسيما وأن هذه .في باطنها من أجل إدراك ما يظهر من الأشياء المحيطة بها) معطى(أو مبدأ " بالرد الفينومينولوجي"أو ما يسمى –" بين قوسين" "العالم"الذات قد وضعت

1 Philosophie première- I , p.348. 2 Philosophie première – I , p.348. 3 Ibid., p.131.

ما هو معطى لا يكمن في الشيء وحده، و إنما هو في خبرة الشيء، هو تعـال يقتفـي أثـر "أن ونتيميرلوبيرى 4وأجل ذلك، فإن ما هو معطى افتراض رياضي يتصور الشيء المطروح ممتلئ ". الذاتية، طبيعة يبدو من خلالها التاريخ :ينظر. الحياة ينعم بالذاتية وخبرتها وتاريخها

Merleau- Ponty , Phénoménologie de la perception , p.376. 5 Ibid., p.346. 6 Leçons pour une phénoménologie de la conscience intime du temps , p.58. 7 Merleau-Ponty , Phénoménologie de la perception , p.376.

تقوم بتأملها انطلاقا من ذاتها 1"ظاهرة بسيطة"ولم يعد بالنسبة إليها غير –" لإبوخيةا" . المتعالية على الوجود كله

هكذا نلاحظ أن الوعي مصدر للإدراك الفينومينولوجي يعمل على كشف الباطن وذلك من خلال ) ما يظهر من الظاهرة(مما يتراءى من الخارج ) الذات هي المرجع(غير أن ). الوصف الدقيق لكل ما يظهر أمام الذات(تأمل الذاتي والقدرة على الوصف ال

. هذا الوعي يتميز أيضا بطابعه القصدي تجاه ما يتأمله ويصفه فما هو مفهوم القصدية؟ وما الأفق القصدي؟

:من المعنى القصدي إلى الأفق القصدي

المتكلم " قصدية"لدالة التي تقع بين يتحدث الخطاب الفينومينولوجي عن المقاصد ابالكلام، إذ يتوسل الخطاب معنى قصديا ممتلئا تنبئ عنه دلالة " يقصده"والموضوع الذي

ولا تدل القصدية على شيء غير هذه الميزة العميقة والعامة التي . "الحضور في التفكيرنا ما يشير إلى أن ولا شك أن في قصدية الوعي ه. 2"يمتلكها الوعي كونه وعيا بشيء ما

وهو قصد يحمل معنى . هناك دوما قصدا ما يظل محايثا للوعي في كل ما يصدر عنهقصديا ينتظر الإنجاز عبر الحدس، ذلك أن الإحالة القصدية مدركة دلاليا في مستويين

في مستوى الوعي الذي يقوم بفعل القصد، ويكون القصد في " دلالة خالصة"أولا : إثنين ويجعلها ، وثانيا مستوى الحدس الذي يملأ هذه الدلالة. من الدلالة" فارغا"المستوى هذا

. منجزة فعلاالقصد من دون أن يكون له وجود " تعين"هذا كله يفسر بلا ريب، أن المقصدية

لا يمكن أن يكون الشيء منفصلا عن " إذ . واقعي، بحيث تجعله في ارتباط دائم بالوعيه، ولا يمكن أن يكون فعلا في ذاته لأن تمفصلاته تلك هي نفسها وجودنا شخص ما يدرك

.3الذي يطرح في أقاصي النظر أو بعد الوصول من كشف حسي تستثمره الإنسانية

1 Husserl , Méditations cartésiennes , p.33. 2 Ibid., p.33. 3 Merleau-Ponty , Phénoménologie de la perception , p.370.

أو قصدية الموضوع القصدي ) الذات العارفة(من هنا نتبين أن قصدية الوعي . بينهما لى اعتبار الإحالة المتبادلةهما سيان ع) موضوع التعرف إلى هذه الذات العارفة(

يظل دوما محل توظيف إنساني لأنه قد اكتسب طابعا " كشف" ثم إن ما ينجم عنهما من متغيرا طبقا لتغير " أفقا"تمتلك كل حالة وعي ، لأجل ذلك. تأمليا ذاتيا بعيد الأغوار

ميزته في وهو أفق قصدي تكون. ارتباطاته مع حالات أخرى ومع أطوار سيره الخاصةوهو ما يجعل من الأفق . 1"الإحالة إلى إمكانات الوعي التي تنتمي إلى هذا الأفق نفسه

القصدي مجالا خصبا، نتيجة الدلالة الكامنة التي تغذي سير التعرف من الماضي إلى فهو أفق يعي صيرورة مقاصده : الحاضر ومن الحاضر إلى الحاضر الجديد بدون انقطاع

راكمه من معان وكشوف عند كل مستوى من مستويات إدراكهوتغيراتها، تبعا لما ي. هوسرلوالأفق عموما مفهوم موجود بالقوة في كل مسار التفكير، إذ ينعته

الإمكانات المضمرة للوعي التي ترافق ما هو معطى بشكل "أو 2"بالظواهر الهامشية"كل إدراك، وهو ما يمنح لذلك يعاين الأفق مستوى إدراكيا هامشيا من. 3"واضح وجلي

. صفة الوضوح لكل قصد يشمله الأفق بإدراكههكذا نتبين أن المعنى القصدي محايث للوعي الذي يحتويه، يمتلك هو الآخر أفقا

غير (غير أن قصدية الوعي تظل فارغة أو خالصة . قصديا يحدد مجال الرؤية والإدراكتعين القصد بالحدس لإنجاز المعنى ولذلك يس. من دون حدس يملؤها) موجودة بالفعل

فما مفهوم الحدس إذن في السياق الفينومينولوجي؟ وماذا يترتب عنه . القصدي وإتمامه دلاليا؟

:الحدس وبناؤه للمعنى

بالمباشرة في إدراكه الأولى للأشياء، وهو ما يقترنIntuition يتصف الحدس ذلك أن كل ما يظهر للوعي يمكنه .Expérienceوبالخبرة Evidenceضمنيا بالبداهة

" تحدس"أن يكون موضوعا للحدس، بما في ذلك متعلقاته الذاتية الناجمة عن الذات التي

1 Husserl , Méditations Cartésiennes , p.33. 2 E.Levinas , Théorie de l'intuition dans la phénoménologie de Husserl , p.44. 3 Ibid., p.44.

وهذا يوضح .1"يعني الحدس الانفعال وقابلية الانفعال بخصوص ما هو معطى"و. الأشياءكة والموضوع أن ما يقع بالحدس يفترض تجاوبا متفاوت المستويات ما بين الذات المدر

وهو ما يجعل الحدس الفينومينولوجي غير متماثل مع ما هو ". مباشرته"المدرك في إذ . على سبيل المثال) Henri Bergson )1859-1941 هنري برغسونمعروف عند

أمرا ليس هوسرلالحدس لابد أن يوصل الذات المتأملة إلى حدس الماهيات، وهو ما يراه يوصي المبتدئين بسعي طويل من التمرن، ينصحهم فيه بالتمرس "لذلك . ايسيرا مناله دوم

كما أن دراسة الحياة الواعية مثلما تتجلى في التاريخ . في الإدراك قبل استخدام التخيليبتغي بناء المعنى انطلاقا من إذا إنه حدس تأملي .2"وفي نتاج الفن والشعر، مفيدة كذلك

ولا غرابة في أن تكون الإلتفاتة ؛ار إدراكي طويل المدىرسمه الجوهري الأولي وفق مسومن ثمة يأتي الإدراك مقدما . إلى النتاج الفني من باب التمرس على ما يجري في الوعي

وذلك راجع إلى ما في قصدية –للمبتدئين هوسرلفي وصية –على التخيل في الحدس . تفكير في مثل هذه المسائلالإدراك من وعي حاضر للأنا وما تترتب عنه منطقية ال

من هنا يستدعى الحدس جملة الخبرات التي يفترض وصفها أثناء التأمل، ذلك أن بالحدس، معطى بشخصه " مباشرة"الموضوع المدرك في الخبرة هو موضوع مدرك "

ليس غير هذه " الحضور بشخصه"إن ميزة . 3"والأمر سيان في فعل التفكير. تدقيقا. معنى، التي تجعل من الموضوع القصدي دالا وموجودا بالفعل في الوعيالمحايثة في ال

. إذ لا تحدس الذات غير ما يعطى إليها فتتمثله بعد ذلك حاضرا بكل مواصفات الحضورانطلاقا من ذاتي ومن خلالي يمتلك الآخرون معنى، وأن العالم يمتلك "أنه هوسرليقول

أي وضع العالم بين ،لى التعليق الفينومينولوجيإن بناء المعنى قائم ع. 4"معنى لديهمإليه . نقوسي شيرفي كون المعنى الذي يترتب عن الحدوس ،هوسرلخطاب وهو ما ي

الذي هو ،بإمكاني أن أكون مصدر المعنى للآخر أي.ليس غير التأمل في لغتي القصدية أ. 5"تحوير عن أناي"في الحقيقة دع له فرصة البناء والتكوين أن أهب العالم معناه أن

وهو الأمر الذي يجعل من الدلالة مسارا عسيرا كونها تبني . انطلاقا من خبرتي الذاتية

1 Husserl , Philosophie première – I , p.186. 2 E.Levinas , Théorie de l'intuition dans la phénoménologie de Husserl , p202. 3 Husserl , Philosophie première –I , p.186. 4 Logique formelle et logique transcendantale , p.325. 5 Méditations cartésiennes , p.97.

. التي يجعلها الوعي مسرحا للمعيش ومكوناته القصدية" الدراما"صور المعنى من عمق لاندهاش يساوق ولعل معنى ا: الذي ينبغي أن يشعر به الوعي أمام العالم 1"الاندهاش"إنه

. معنى القلق الوجودي الذي يظل يتحرك وراء ذلك المعنى الذي لم يجد تحيينه بعدتجد شرعيتها في هذا المعنى القصدي المتواري خلف الذات Altéritéومسألة الغيرية

. المفكرة التي تظل تستشعر بوجود الآخر فيها بناء على هذا التضايف المحايث للمعنىمتصلة بالخبرة في كل هوسرلهذا الجانب، تكون مسألة الغيرية في خطاب وربما من

إن البحث عن المعنى هو في الحقيقة بحث عن خبرة المعنى . مستوياتها الأنطولوجيةبل أنا بصدد – هوسرليقول –أنا لا أمتلك معرفة : " المتراكمة في أعماق الوعي

.2"البحث عنهااها أن الحدس مقدمة ضرورية لإنجاز أفعال فحوة همميسفر ما تقدم عن نتيجة

ولربما يكون ملء الدلالة في هذا الصدد مشروعا غير نهائي من المعنى يتم عبر . القصدلا سيما وأن خبرة هذا المعنى مرافقة للحضور في كل مستوى من مستويات –الحدوس

. هذه الأفعال القصديةت المتأملة تظل دوما تبحث عن ما يشير إلى أن الذا هوسرلولعل في قول

التي تعني Evidence" البداهة"هو الأمر الذي يترتب عنه مفهوم و. موضوع معرفتهالوعي "البداهة هي الشكل العام للقصدية بامتياز، . .الانجاز القصدي لهبة الأشياء ذاتها"

في ، الشكل الذي يكون فيه الموضوع الذي نحن بصدد وعيه حاضرا للوعي"شيء ماإليه، والكائن المجاور لهذا الموضوع ذاته بطريقة " ذاته"، ومنظورا "ذاته"صيغة المدرك

العودة : "على هذا النحو، تسير البداهة في اتجاه الشعار الفينومينولوجي الأول . 3"واعية، بحيث إن الذات المتأملة تركز جهدها كله في موضوع واحد تجعل منه "إلى الأشياء ذاتها

. ر ذاتها وما يحيط من حولها كي تصل إلى كشف أبعاد هذا الموضوع جزءا جزءامحووهنا تتدخل : لتأمل والدرس لومن ثمة يتحول الموضوع إلى مجموعة من الظواهر

أمام ما تدركه من هذه ) للوعي(لتوطيد صيغة الحضور –عن طريق الحدس –البداهة

1 Voir: Logique formelle et logique transcendantale , p.266-267. 2 Philosophie première – 2 , p.47. 3 Logique formelle et logique transcendantale , p.214-215.

الأولى التي تحتفظ بالبذرة ذاتها للشيء الذي إنها تريد الوصول إلى الظاهرة . الظواهرالبداهة :"في كل الأحوال" خبرة"ولأجل ذلك تظل البداهة . مثل موضوع وعينا منذ البدء

تتيح البداهة بالتالي التساؤل . خبرة يكون الذي يمثل للوعي فيها حاضرا مع نمط كينونته .1"عما يمنح نفسه لنا بمثل ما يمنح نفسه

هكذا نتبين أن البداهة، فضلا عن كونها خبرة حضور للوعي، فهي أيضا تمثل وعلى هذا الأساس . صيغة هذا الحضور أمام الكائن الذي يدرك بكينونته وعيه الباطن

إذ . نتبين هذا التأمل المتسائل تجاه ما تستقبله الذات من معان قصدية في أفق قصدهاوهو ما يشير إليه التراكم ،2"تشتغل في سياقاتها القصديةغير وظائف "ليست البداهات

.الحدسي للظواهر أمام الوعيوإذ تبينا المعالم الكبرى الفينومينولوجيا، من خلال ما ورد ذكره في الوعي والقصدية والحدس، فإنه لابد أن نقف على مستخلصات هذا المبحث وذلك بأن نفتح أفق

: ح في بداية هذا المدخل التحري في ذلك التساؤل المطرو ما هي المسافة النقدية التي يمكن أن نفكر فيها ضد الفينومينولوجيا؟

الفينومينولوجيا لم تشكل نسقا على الإطلاق " يكاد جميع الدارسين يتفقون على أن إنها كانت، حتى لدى أتباعها، تفكر دوما بوصفها بحثا مستمر . ولم ترد لتكون كذلك

وفي ذلك ما يشير إلى . 3"يمكنه أبدا أن يضع قائمة مغلقة من المبادئ والقواعدالحركة لا انفتاح هذه الفلسفة من داخلها على التأويل، بحيث إن مفاهيمها كانت دوما محل تنقيب

وإنما -بكل وضوح –معرفي إلى درجة أنه لا يوجد مفهوم واحد محدد بمعنى واحد التراث "وهذا راجع إلى أن الباحث في . فهمهناك معان متروكة للاجتهاد وال

لا يقع على أفكار جاهزة الإحالة المرجعية، وإنما متروك إليه التحليل " الفينومينولوجيومن هنا كان هذا التباين المرجعي في . وبناء المعنى تبعا لأفق التأويل الذي يشتغل عليه

بالجمع وليس " فينومينولوجيات"وهو ما أشرنا إليه سابقا من أن هناك –هذه الفلسفة

1 Philippe Cabestan , Les mots clés , in: Magazine littéraire , n°403 , Nov.2001 , p.27. 2 Logique formelle et logique transcendantale , p.378. 3 Bruce Bégout , Un air de famille , in: Magazine littéraire , n°403, p.22.

سارترو ميرلوبونتيو هيدغرإلى جانب فينومينولوجيا هوسرلفينومينولوجيا : بالمفرد . الخ... إنجاردنو بول ريكورو ليفيناسو غاداميرو

لم يقتسم الفينومينولوجيون اللاحقون تأويل الرد "وانطلاقا من هذا الاعتبار، تحالة التي كابدوها في اختزال الوعي الاجتماعي التجريبي الفينومينولوجي بالنظر إلى الاس

وهذا يوضح بعض الثغرات المعرفية التي لم يسلم منها بناء المفاهيم في . 1"كليافالوعي المتعالي ظل مفهوما عقليا يخضع لمنطقية التفكير الرياضي أكثر : الفينومينولوجيا

الوعي "ومن هنا لربما تكمن مثالية . اةمنه لاختبار الواقع كما هو موجود فعلا في الحي. في كونه يبنى افتراضاته عن العالم انطلاقا مما هو موجود لدى الذات المفكرة" المتعالي

يدرك الرد الفينومينولوجي بوصفه ظاهرة خالصة ومعطى بصفة نموذجية، بمثابة " لذلك كل رد بالضرورة معنى إذ يتخذ : ماهية أو جوهر وليس بمثابة لحظة فريدة وتجريبية

.2"لرد جوهري يكون الحقل فيه قبليا في باطن الكائن المحايث المعطىمن حيث -لم يكن ليلق إجماعا من حوله " الرد الفينومينولوجي"إن مفهوما مثل

إذ نجد في النص أعلاه . نتيجة اختلاف صيغة الفهم في تأويله أساسا -معناه الهوسرلي ات منحنى وجودي، تفترض الكائن معطى وجوديا وليس نموذجا قراءة فينومينولوجية ذ

مما يدل أن التأمل الفينومينولوجي نفسه متباين الاتجاهات الفكرية، . معرفيا جوهريا عامامجالا خصبا –على الرغم من وجود هذه الثغرات العالقة في الفهم –وهذا ما يجعل منه

أن "يرى Michel Henry ميشال هنريل فضلا عن ذلك، فإن باحثا مفكرا مث. للتأويل، ظلت حبيسة حكم مسبق عريق هوسرلفينومينولوجيا القرن العشرين التي ابتدأت مع

يحصر 4ومثل هذا النقد. 3"، ببرانية العالم"الخارج"جدا يطابق الظهور عند انبجاس

1 Philippe Huneman, Estelle Kulich, Introduction à la phénoménologie, Paris, Armand Colin, 1997, p. 181. 2 Lothar Kelkel et René Schérer, Hussserl - Sa vie, son œuvre, avec un exposé de sa philosophie , Paris, P.U.F, 1964, p. 45. 3 Michel Henry , La vie se révèle dans l'immanence radicale de son pur pathos , in: Magazine littéraire , n°403 , p.53.

: ئل القا جيرار جرنالوهو ، بالإمكان أن نعضد هذا النقد بباحث آخر له عدة دراسات حول الفينومينولوجيا 4= على اعتبار أن الظاهرة بالمعنى الفينومينولوجي لا تظهر " فينومينولوجيا من دون ظاهرة"هي هوسرلفينومينولوجية "

وفي ذلك إشارة ". وذلك لأن هذه الظاهرة تكمن في أعماق الوعي الأخير للذات، بطريقة العالم أو بطريقة وعي الذات :ينظر. اج إلى مستويات من التأمل الذاتي في باطن الوعييحت" الظاهرة"ضمنية إلى أن الوصول إلى

- G.Granel , Le sens du temps et de la perception chez Husserl , in: Daniel Giovannangeli , La passion de l'origine , Paris , Edition Galilée , 1995 ,p.24-25.

حدسيا لابد منه الاهتمام الفينومينولوجي في هذه المطابقة التي لا تعدو أن تكون كشفا . في كل شيء تتمثله الذات العارفة لاستدراج مقاصده المعرفية" جواني"لمعرفة ما هو

ولا نريد هنا أن نقوم الفينومينولوجيا طرحا فلسفيا شاملا وإنما نكتفي ببعض الآراء فإنه دريداجاك إذ حسب . التي كانت سببا في دفع هذه الفلسفة إلى آفاق جديدة من التفكير

: في كل الحالات، يبدو أن المصير التاريخي للفينومينولوجيا قد بات محصورا بين أمرين"والعودة إلى تقوم فعال للمعنى ، الفينومينولوجيا من جهة هي رد للأنطولوجيا الساذجة

سه وفي الآن نف. وللقيمة وإلى نشاط حياة تنتج الحقيقة والقيمة بعامة من خلال علاماتهاثمة ضرورة أخرى تثبت الميتافيزيقا الكلاسيكية ، ودون أن ننساق إلى جوار هذه الحركة

.1"للحضور وتشي بانتماء الفينومينولوجيا إلى الأنطولوجيا الكلاسيكيةوليس ثمة حاجة إلى قدر كبير من نفاذ البصيرة حتى ندرك أن الفينومينولوجيا هي

وفي ذلك يكمن .ن المعنى مشروع مرتبط برؤيته وأفقهفلسفة للكائن أولا وأخيرا، ذلك أالبعد الأنطولوجي لهذه الفلسفة التي تطمح أن تقيم معناها من جذوة الحياة التي يختزنها

. فيه) الذات بكل مستوياتها الحسية والفكرية(الكائن حقولا مفتوحة "، Marc Richir مارك رشيرلذلك تترك الفينومينولوجيا، في نظر

قليلا هوسرلإذ يشبه . ليل بمقدار ما هنالك من إشكالات وتساؤلات للوضع الإنسانيللتحالذي رأى أرض الميعاد من دون أن يطأ التربة ولربما هو حال أي فرد من موسى

وفي النص أعلاه صورة مجازية عن هذا البحث المتواصل .2"الشعب الفينومينولوجي"وهو . وجي كشفه بطريقته الإدراكية الخاصة بهللمعنى الذي يبتغي كل باحث فينومينول

لذلك قد . السبب الذي شجعنا على تبني المنهج الفينومينولوجي في كشف الظاهرة الجماليةيلاحظ القارئ أننا لم نأت على تحليل الخبرة ومتعلقاتها، وذلك لأن طرحها

.يا الفنالفينومينولوجي العميق سيكون في المبحث الموالي الخاص بفينومينولوجمكتفين –ومنه، وبعد أن عرضنا أهم التصورات المعرفية للفينومينولوجيا

فإنه نعرض فينومينولوجيا الفن، محاولين إيضاح –بخطوطها العامة دون تفاصيلها الدقيقة

.57.جاك دريدا، الصوت والظاهرة، ص 12 Marc Richir , Autant e chantiers ouverts à l'analyse que de questions pour la condition humaine , in: Magazine littéraire , n°403 , p.61.

معالمها الكبرى، كي يتسنى لنا بعد ذلك فهم الموضوع الجمالي في إطار هذا السياق الذي .كله نعد حوله بحثنا

:فينومينولوجيا الفن تحديدا في مقاربة -2

من خلال تحليلاته الدؤوبة لتصوراته النظرية التي – إدموند هوسرللقد لاحظ بين الرؤية الفنية والرؤية 1تشكل منهجه الفينومينولوجي ـ أن هناك تقاربا

ل الإدراك الذي يتأسس من خلا" بالموضوع القصدي"أي ما عبر عنه . الفينومينولوجيةوذلك في مقابل الخبرة . الجمالي للوعي عند لقائنا المباشر بالموضوع الجمالي

الفينومينولوجية الذي يقوم بتعليق خبرات الآخر كي تكتشفه على نحو آخر تتمكن من ".أفقها القصدي"تأسيسه داخل نطاق

الخصبة من هنا تأتي فينومينولوجيا الفن في هذا السياق لتكشف عن هذه الوشائجوالمتبادلة ما بين الفن والفينومينولوجيا، فما هي فينومينولوجيا الفن تحديدا؟ ثم كيف

.تتصور أفق تأويلها للظاهرة الجمالية؟الفنان الذي ينظر إلى العالم ويفحصه، ويغترف من مادته قصد "أن هوسرليقول

كعالم الطبيعيات ولا كمراقب ليس إذا . معلومات فنية، يتصرف كالفينومينولوجي تمامامما يفسر أن الرؤية المنهجية التي يصدر عنها كلا من الفينومينولوجي والفنان .2"عملي

يشكل أداة ) من داخله أو خارجه على حد سواء(تكاد تكون متقاربتين نتيجة أن تأمل العالم بعدا عميقا في وهو ما يمنح النظر . للاقتراب من الموضوع وعتبته الإدراكية الأولى

ذلك أن الرؤية هنا تراكم حدوسا في حقلها البصري، كونها تصدر : تشكيل هذا التأمل وفي المقابل تنزع الفينومينولوجيا دوما ـ كما . عن فنان فينومينولوجي إذا صح التعبير

التأمل يعتنق (ـ نحو حد مثالي ولا معقول لعين تبصر ذاتها كلاين روبيريذهب إليه وقد لا نجانب الصواب إذا ما قلنا إن الفن في مستوياته العميقة يدرك هذا 3).."لوعيا

AVI1، يوجد مخطوط "هوسرليانا"ببروكسل هوسرلإلى أنه من ضمن مخطوطات Daniel Giovannageliيشير 1

:ينظر كتابه. وفي ذلك ما يشير إلى ذلك التقارب الذي أشرنا إليه أعلاه". مينولوجياالجمال والفينو علم"يحمل عنوان - La passion de l'origine , Op. cit , p.32-33. 2 Ibid., p.36. 3 Robert Klein , La forme et l'intelligible , Paris , Editions Gallimard , 1970 ,p.428.

التي يستشعرها الفنان 1"الألفة المتنامية" التعالق الموجود ما بين التأمل والوعي لحظة ومن ثمة، تكون المقاربة الفينومينولوجية للفن في هذا الصدد من صميم . تجاه موضوعه .ي بالفن حصراالاشتغال الجمال

الاستطيقا الفينومينولوجية تبدأ من مقولة بسيطة متواضعة "أن سعيد توفيقيقول أن هناك ـ من الناحية ـ أعمالا فنية، وهناك ـ من ناحية أخرى ـ خبرة جمالية : وهي

: والسؤال الذي تحاول الإجابة عليه كل إستطيقا فينومينولوجية هو . بهذه الأعمال الفنية .2"ث هذه الأعمال الفنية في خبرتناكيف تحد

وانطلاقا من هذا الاعتبار، يمكن تناول فينومينولوجيا الفن من خلال ما أنجزه الفينومينولوجيون حول الأعمال الفنية وما يتصل بها من خبرة جمالية أو موضوع جمالي

ا فهم المنطلقات لأجل ذلك، وحتى يتسنى لن. المتلقي لهذه الأعمال الفنية/ يقترن بالمشاهدالمنهجية لفينومينولوجيا الفن، بالإمكان أن نقف على تأويلها للظاهرة الجمالية، وذلك من

.العمل الفني والخبرة الجمالية والموضوع الجمالي: خلال هذه المباحث الفرعية

:ماهية العمل الفني

ذاته، وذلك يتجه الفينومينولوجي في دراسته للعمل الفني إلى بنية العمل الفنيوفي هذه الخطوة تمثل نظري لمبدأ ". الرجوع إلى الأشياء ذاتها"استنادا إلى المبدأ القائل

فأنا . "الذي يحيل على ماهية الشيء ووصفه وفق مكوناته الذاتية" الرد الفينومينولوجي"ا أنظريشير إلى وفي هذا القول ما . ميرلوبونتيعلى حد تعبير 3"أو معها] للوحة[تبع

التعامل المباشر الحاصل مع أي عمل فني وتجاهل سياقاته الخارجية عنه، وذلك من خلال أي أن ما يشكل اللوحة من خطوط وألوان وأجسام هو الذي . الاهتمام ببنية العمل ذاته

ينبغي أن يستأثر بانتباهي واهتمامي، بل أني أترك لها أسباب الانقياد إليها في القراءة

: روبرت برناسكوني، ترجمة ودراسة وشروح: جلي الجميل ومقالات أخرى، تحريرجيورج غادامير، ت - هانز 1 .216.، ص1997سعيد توفيق، مصر، المجلس الأعلى للثقافة، .د

هيدجر، سارتر، ميرلوبونتي، دوفرين، إنجاردن، : دراسة في فلسفة الجمال الظاهراتية –سعيد توفيق، الخبرة الجمالية 2 .67-66.، ص1992، 1.ة للدراسات والنشر والتوزيع، طبيروت، المؤسسة الجامعي

3 Merleau-Ponty , L'œil et l'esprit , Editions Gallimard , Collection Folio/Essais n°13 , 1964 , p.23.

يلتمس وصف الشيء ذاته كلاما تصوريا "إذ . ن أية أحكام افتراضية مسبقةبعيدا عمتخلصا من الأحكام النظرية الجاهزة التي تمنع الوصول إلى الغرض، غير أن هذا الكلام ينبغي أن يثبت إمكاناته وأن يتهذب إذا صح القول، لوصفه لما يمكن أن يكون غير تضليل

" وهم"مما يدل أن الوصف ينبغي أن يخترق السطح ليزيل . 1.. ".في الوهلة الأولىفالوصف فن، أي يفترض فيه . "المعنى الذي قد تقود إليه المستويات الأولى من الوصف

من هنا، يأتي الوصف إجراء فينومينولوجيا . 2"تمحيص سمات الوصف وصقلها باستمرارناته البنائية، انطلاقا من مستويات إدراكية يعمل على كشف ماهية العمل الفني وتحليل مكو

.متباينةينبغي أن يقربنا السؤال عن وجود العمل من عملية : " Heidegger هيدجريقول

هنا غير وحدته الذاتية التي يتشكل منها " عملية العمل"وليست . 3"العمل وبذلك من واقعيتهويكفل . مع الموجودات الأخرىوجوده، وهي الوحدة التي تجعل منه حاضرا مباشرة . ـ إذا صح التعبير"موجوديته "الحضور الذاتي وحده للعمل الفني إمكانية الانفتاح على

انفتاح الموجود هو الذي ينتج عنه إمكانية وجود مكان ما وموضع يمتلئ بحاضر "ذلك أن إذ لا يمنح :و هو ما يوضح توافق الظهور مع معنى الامتلاء في الحضور . 4"موجود

من باب دوام " العمل الفني حقيقته إلا من خلال الشكل الذي يظهر عليه، فيكون مظهره .، أي ما يجعل منه حضورا مسترسلا في المعنى5"الظهور

ليس إستطيقيا إذا صح القول غير الاهتمام : "أنه هوسرلوفي هذا الصدد، يؤكد وحتى يكون إستطيقيا على نحو واف، يوضح . هابالمظهر ذاته، باستثناء الغاية التأملية كل

يضم في ذاته حدا أقصى من ) أ: بالإضافة إلى ذلك، ينبغي للمظهر أن ] هوسرل[يوقظ وعي الموضوع ) اللحظات ودوالا مركبة تثير المتعة ضمن هذا التركيب ؛ ب

عي بجلاء، حتى وإن كان الاهتمام لا يتعلق بالموضوع بوصفه عنصرا من العالم الواق

1 Pierre Rodrigo , L'étoffe de l'art , Paris , Desclée de Brouwer , 2001, p.148-149. 2 Natalie Depraz , Une pratique concrète , in: Magazine littéraire , n°403 , p.27.

.89.،ص2001، 1.أبو العيد دودو، الجزائر، منشورات الاختلاف، ط. د.مارتن هيدغر، أصل العمل الفني، تر 3 .83.ص، المرجع نفسه 4 .110.صنفسه، 5

يتضح في هذا 1."ولكن بحسب المظهر.. .حسب مميزاته الموضوعية، وعلاقاته، الخوكذا مواصفاته " المظهر"السياق البعد الجمالي الذي ينبغي أن يتحرك فيه التأمل تجاه

إذ يفترض في مظهر العمل الفني حصوله على الامتلاك حتى يستطيع أن يعكس . الجماليةن بدورها قادرة على توليد دلالات متباينة تبعا لكل جانب من هذا جوانب مختلفة فيه، تكو

إن هذا التباين ينتج المتعة لحظة التأليف فيما بين هذه الجوانب كلها وفي ذلك . المنظوربأن التناول الفينومينولوجي للمظهر يتم على مراحل جزئية هوسرلإشارة ضمنية من قبل

(par ésquisses) عن مقصدية معينة تنتهي بالمتعة وأن كل مرحلة برمنها تع. وإن لم يكن (كما يفترض في المظهر، إلى جانب ذلك، تحريك الاهتمام بالموضوع

إن . تبعا لتلك الجوانب الدالة عن المظهر وحسب) ابتكار محض من الخيال/له وجود، تكاد أن تكون عند تأمل العمل الفني) وما يعيقها من مظاهر متتالية(لحظة الظهور

إذ وجود المعنى وتعدده له : متساوقة مع لحظة المتعة الجمالية الكامنة خلف أي مظهر دانيال كما يرى -المتعة الجمالية" أو .صلة مقصدية بالمتعة الجمالية الحاصلة إثره

يعبر .2"هي التوافق مع العالم في مظهره ضمن البهاء الخفي لانبساطه -جيوفانجلي، وفي ذلك 3ذلك أنه يقاوم ما يحجبه عن الظهور: ر إذن عن درجة تجليه في العالمالمظه

فما يظهر من العمل الفني يرتجي تجليا في الحضور، يقوم المشاهد . تكمن متعته الجماليةفقد سعى فينومنولوجيو . "الخفي من المظهر ذاته/بإدراك تجلياته الجمالية وفق هذا التجلي

الحيوية "، إلى إعادة Didi Huberman ديدي هبرمانإلى ميرلوبونتي العمل الفني، منإلى المرئي واللامرئي، إذ يبدو أن لعبة انبساط القلب وانقباضه موجودة في " الباطنية

" الحيوية الباطنية"وقد تكون هذه .4"العمل ضمن الحضور الغائب عن ذاته من الفن، ذلك أن فينومينولوجيا الفن حينما تسخر خصيصة جوهرية في ماهية العمل الفني برمته

1 Husserl , MS AVII , p.17 , Husserliana , La Haye , Nijhoff , 1980 , in: Daniel Giovannageli , La pssion de l'origine , Op. cit , p.37-38. 2 Ibid., p.39.

أولا تنبـئ عـن : أنه يمكنها أن تدل على شيئين apparition" ظهور"في سياق حديثه عن معجمية كلمة هيدغريشير 3إذ بظهوره يخبر عن شـيء لا –وهي تعلن عن المعلن نفسه ،l'ap-paraîtreالوصول وبالتالي من دون أن تظهر نفسها

وهو الأمر الذي يدعم ما بسـطناه مـن . في معناه الحقيقي الدال على صفة الظهور" الظهور"وبالإمكان توظيف . يبين : ينظر. غياب الظهور أعلاه/ معنى الظهور

- Martin Heidegger , Etre et Temps , trad. François Verzin , Paris , Editions Gallimard , 1986 , p56-57. 4 Mark Alizart , Beauté fatale , in: Magazine littéraire , n°414 , Novembre2002 ,p.26.

العمل الفني، فإنما تقصد من وراء ذلك المظهر ) مظاهر(جهدها من أجل قراءة مظهر بصيغة " (الجمعي"ولأجل ذلك، نفهم هذا التأكيد على التناول . أيضا 1حضوره الخفي

خير يخفي جانبه لكل ما يظهر عليه العمل الفني، فالجانب المرئي من هذا الأ) الجمعاللامرئي ـ وهو ما طرحته بحدة الأعمال التشكيلية المستجدة في فن التصوير ابتداء من

غياب التمثيل (لاسيما حينما انفصلت الصورة عما تمثله ،أعمال الانطباعيينReprésentation .( وقد يكون الفن التجريدي عينة عن هذا الانفصال الذي نروممحمد فصول هذا البحث، من خلال لوحات الفنان التشكيلي الجزائري الاشتغال عليه في

.خدةالعمل (ما الذي بالإمكان أن يمنحه العمل الفني لذاته عبر امتداد ظهوره؟ وهل تراه

بقادر على متابعة امتداده بعد أن يستنفذ مظهره معناه؟ بعبارة أخرى، كيف تؤول ) الفني على ما هو خارجي " محايثته"الفني من خلال انفتاح فينومينولوجيا الفن ماهية العمل

وباطني فيه على حد سواء؟لاشك أن أسئلة من هذا السمت، وغيرها، لتدخل في صميم الاشتغال التأملي الذي

ذلك أن . يبديه باحث فينومينولوجي يتعاطى المسألة الجمالية في أقصى أبعادها التأويليةتناوئ هنا تسميتها الظاهرية في بحثها عما تسميه ، مل الفنيفلسفة المظهر الجمالي للع

وهو ما يجعل المظهر عرضة للتلاشي كونه ينفصل عن مظهريته تدريجيا ". بالجوهر"مما يؤكد أن ماهية . كلما اخترق التأويل معناه الظاهر وانتقل إلى غيره من المعاني الخفية

ء الشرعية على أكثر من صعيد يتجلى فيه العمل الفني المقصودة هنا لا تعمل غير إضفا) دلالاتها المحايثة(كفيل بإظهار مناقبها" المظهرية"ذلك أن الاقتراب من هذه . المظهر

).تأويل الشكل تبعا لما يحتويه من معنى(وكفيل بتحريك كينونتها أيضا بيار إن تناول مظهر العمل الفني في سبيل الوصول إلى بنيته الذاتية، هو ما يدعوه

تفكيرا في النسيج المنطقي "، حيث يرى أن l’étoffe de l’art" بنسيج الفن" رود ريغو

لا يمنح شخص "في سياق حديثه عن المدرك وما يرافقه ذلك من وعي بالأفق التابع لهذا المدرك، أنه هوسرليشير 1

:ينظر". إلا من خلال وجه مرئي رفقة باطن و ظاهر خفيينما تقديم نفسه - Husserl , Philosophie première – II , p.203.

ينبغي للكيفية المنطقية للتفكير أن توافق ـ هنا . للأعمال يتطلب التفكير تبعا لها ضرورة). هو نفسه شيء منطقي ملازم في الأعمال(ربما أكثر من أي موضع آخر ـ موضوعها

هذا المطلب نقدا للخصائص الجمالية المألوفة، نتيجة أن هذه الخصائص، بيد أنه يفرض تسهم، بوضوح، في فضاء منطقي ذخيل كله على مظهرية الأعمال وعلى ما أطلقنا عليه

.1مبدأ الخبرة الفنية مأخوذا في شموليته L’arkhéـ أي " نسيج الفن"هدعا الفني العميق بتحليل من هنا يتضح أن ماهية العمل الفني مرتبطة في ب

وهو نسيج مرئي وغير مرئي . الذي يلازم المستويات الأولى من بنية العمل ذاته" النسيج"في الوقت نفسه، كونه يطرح نفسه شبكة من العلامات البصرية تنتظر إدراكا جماليا

ولعل التوغل في علامات هذا النسيج وما يتركب منه، يفترض الوقوف على . خاصا والنظر هنا من قبيل(دها الدالة التي يقوم بتجسيدها المشاهد الواقع تحت أسر نظره مقاص

العمل الفني في عتباته الإدراكية الأولى، لاسيما تلك " لنسيج"الذي يستجيب " الحدس" ).الأعمال الفنية التي تنضوي ضمن الفنون البصرية

:إدراك العمل الفني

. هدة من قبل مشاهده، وهو بذلك مدرسة للانتباهيمثل العمل الفني موضوعا للمشافكلما تتمرس قابلية الكشف تنمو قابلية الفهم، فهم ما ينبغي أن يكون مفهوما، أي الولوج

وهذا ما يجعل هذا الأخير مصدرا للإدراك على أساس . 2في العالم الذي يفتحه العمل، كما 3"ينزع العمل إلى التعدد" ولذلك . الانتقال من محض المشاهدة إلى فهم المشاهدة

، وهو الأمر الذي من شأنه أن 4"مضاعفة حضوره كي يعرض نفسه للمشاهد"ينزع إلى .يؤسس الإدراك وشروطه

من هنا تتضح المعطيات الأولية التي تحدد الاقتراب الفينومينولوجي من العمل أكبر للفهم ـ مجالا أكبر في منح مشاهده فرصة" المتعدد" حضوره"الفني، إذ يسهم

1 Pierre Rodrigo , L'étoffe de l'art , p.177. 2 Mikel Dufrenne , Phénoménologie de l'expérience esthétique , Paris, P.U.F , 1967 , tome:1 : L'objet esthétique , p.101. 3 Ibid., p.72. 4Ibid., p.81.

يذهب بعيدا في تصوره للإدراك حينما يراه Mikel Dufrenne دوفرينبل إن . للإدراكحيث لا يتوقف الإدراك عن تجاوز ذاته تجاه شكل آخر من : مسرحا للدراما "على الدوام

معرفة تحاول التخلص من الذاتية والقبض على موضوعية الموضوع، حيث التمييز بين وبالإمكان أن ندرك في هذا الصدد . 1"ذات والموضوع هي نتيجة هذا الجهد وغايتهال

ملامح الإحالة الفينومينولوجية للإدراك بوصفه عنصرا من عملية التأسيس المعرفي الذي يجعل الموضوع " الحضور مع "ذلك أن الإدراك هو بمعنى آخر هذا . بالموضوع

ينتظر العمل من مشاهده تكريسه "ولأجل ذلك . يهوحيا في خبرة متلق) حاضرا(مدركا في معناه الباطني الذي تنتظر Consécration" تكريس"هو : 2"وإتمامه في الوقت نفسه

في Achèvement" إتمام"منه الانصراف الكلي في موضوع العمل ذاته، وهو أيضا جز عندئذ ما لم يتممه الفنان في فين 3"البعد الجمالي للعلامة"معناه المحسوس الذي يعايش

ينبغي على الموضوع أن يمارس نوعا من السحر ـ على " غير أنه في المقابل، . عملهـ كي يتسنى للإدراك أن يبعد إلى المستوى الثاني ما يضعه الإدراك دوفرينحد تعبير

ي توفره في وهذا يفترض وجود معيار فني مشترك ينبغ. 4"المألوف في المستوى الأولالفنان : ومن ثمة تتقاسم أعباء الإدراك بين الطرفين . العمل الفني ولدى مشاهده أيضا

، إلى جانب القارئ الذي 5"حضورا محايثا للمحسوس"الذي أنجز عمله ويظل حاضرا فيه وهي دلالة ذات مستويات . يقوم بدور المشاهدة ومن ثمة بمهمة الإدراك لدلالة هذا العمل

.نة من الفهم لكونها تمثل مستويات حضور القارئ في العمل أولا وأخيرامتبايـ على وجه التحديد في أن هناك شيئا ما غاداميرتكمن هوية العمل ـ في نظر "

فالعمل الفني يعلن تحديا ". يقصده"، أي أنه يطالبنا بأن نفهم ما يقوله أو "ليفهم"يكون مقدما تطلب ردا ـ ردا يمكن أن يمنحه فقط الشخص الذي قبل فهو ي. ينتظر منا التصدي له

وهذا الرد يجب أن يكون رده الخاص، وأن يقدم على نحو فعال ـ فالشخص . التحدي .6"المشارك هو شخص ينتمي إلى اللعب

1 Mikel Dufrenne , Pénoménologie de l’expérience esthétique,I, p.284. 2 Ibid., p.82. 3 Ibid., p.184. 4 Ibid., p.290. 5 Ibid., p.75.

.104.جيورج غادامير، تجل الجميل ومقالات أخرى، ص -هانس 6

هكذا يغدو العمل الفني مجالا خصبا للمساءلة والمحاورة من خلال الإحالة المتبادلة والفهم .متلقيه" قصدية"و) 1فكل عمل فني مهما كان شكله هو نص( النص" قصدية" بين

فحينما يتعرف المتلقي : الحاصل من هذه القصدية هو الذي يمنح للمعنى أفقا من التأويل هذا لا يعني أن هناك إسقاطا . إلى العمل الفني فإنه في الوقت ذاته يتعرف إلى نفسه

أي : إنما يعني ذلك أن الموضوع يتشكل قصديا و. تجاه الموضوع) المتلقي(تعسفيا للذات في حالة من الترقب الشعوري "حينما ترتبط الذات بموضوع ما وتدرك مضمونه

وهذا الموضوع المحدد لا ينفصل عما ) تتعالى(، فإن هذه الذات تتجاوز ذاتها 2"المستمرلأن كلا من ) شفان معنى مايكت(تدركه هذه الذات، على نحو يجعل كلا منهما يغير الآخر

قد عمق صلة القرب بينهما وصار لديهما أفق مشترك ) الذات والموضوع(الطرفين فالعمل الفني يحول خبرتنا العابرة إلى صورة راسخة )."صار لديهما معنى ما(للتفسير

ه وهو يفعل هذا على ذلك النحو الذي نتجاوز في. ودائمة لإبداع مستقل ومتماسك باطنياولعله من هذا الجانب، يحافظ العمل الفني . 3"أنفسنا من خلال النفاذ بعمق داخل العمل

على استقلاليته في الوقت ذاته الذي يندمج فيه الوعي الجمالي للمتلقي به، وهذا ناتج عن .الارتباط القصدي بين الشعور والموضوع

ور، أي عدة معان ومن ثمة يجسد هذا الارتباط القصدي عدة ممكنات داخل الشع كل تفسير يشير في اتجاه ما وليس نحو "ذلك أنه . لعمل فني منظورا إليه في اتجاه ما

.4"نقطة نهاية أخيرة، بمعنى أنه يشير إلى مجال مفتوح يمكن أن يملأ على أنحاء متنوعةتتسع الرؤية الفنية للتفسير حينما تصبح متفتحة على مقاصد ، وعلى هذا الأساس

ذلك أنه . تجارب الخبرة الفنية: 5"متفتحا على التجارب"ويكون المتلقي بدوره المتلقي،

ميع الأشكال الفنية، فذلك لكي نشير إلى قابليتها للقراءة، أي كونها مجالا للتعرف يمهد على ج" النص"حينما نعمم 1

.مع اللوحة على أنها نص غاداميرالسبيل لتجلي الخبرة الجمالية ،وقد تعامل .107.المرجع السابق، ص: ينظر - .193.ص، لفلسفي المعاصراديد دراسة نقدية في التج، الفينومينولوجيا عند هوسرل، سماح محمد رافع 2 .146.ص، تجلي الجميل ومقالات أخرى، غادامير 3 .165.ص، تجلي الجميل ومقالات أخرى، غادامير 4

5 H.G.Gadamer , Vérité et méthode , trad. Etienne Sacre , Rev. Paul Ricoeur , Paris , Editions du Seuil , 1976 , p.200.

إذ يعمل . ينتظر دوما اكتمال إدراكه من قبل المتلقي 1" أي معنى يظهر فهو خداج"الإدراك على بناء الروابط فيما بين الصور المتخيلة حتى تكتسب دلالة في المعنى

ليس الوعي . وتمامها في كل عيوب الإدراك، هو القصد فما يشكل الصورة: "والتركيب على الرسم، أو " لتتحطم"، إنه ضخم بكل هذه المعرفة التي تأتي "يحدس"إذن فارغا حينما

فالتمثيل، وإن كان ضعيفا، . هي قصدية تظل مضمرة وتنتظر الرابط الإدراكي لكي تتجلى .2"هو قادر على تفجير سلسلة ليست بالهينة من الصور

بمقاصده التي يعمل على إظهارها المتلقي لحظة إدراكه لها ايبدو العمل الفني ثري .ذلك أن تمثيلا بسيطا في أي رسم، يفسح : وهي مقاصد توقظها العين بكل عنفوان مخيالها

وهو ما يجعل . 3المجال لقراءته بأكثر من صورة ترسمها العين المتأملة على الهامششاركة المتلقي بشكل جاد في تأويل المقاصد المضمرة خلف الصورة التخيل حيويا عند م

).غاداميرعلى حد تعبير " اللعب"مشاركته في (. معادلا لصورة حضوره في مخيلة المتلقي -إثر ذلك – يكون إدراك العمل الفنيفيار يترك لي الخ Cézanne سيزانتحليلا لعمل " في هذا المقام أن ميرلوبونتيويعتبر

إذا لم أكن قد رأيت لوحاته، و إن إدراك لوحاته هو الذي سيزانأمام أعداد ممكنة من وفي .4"تتخذ التحاليل معنى ثريا] الإدراك[الموجود الوحيد، فمن خلال سيزانيمنحني

ذلك تأكيد على أن الإدراك عامل حاسم في الفهم والتمثل للرؤية الفنية التي يصدر عنها غير أن جهدا من هذا القبيل لا تتحقق غايته بغير الانفتاح على الخبرة . العمل الفني

.الجمالية التي يكونها المتلقي انطلاقا من تأملاته للعمل الفني ذاته فما هي أبعاد هذه الخبرة الجمالية؟ وما هي متعلقاتها الفينومينولوجية؟

1 Jean-Toussaint Desanti , La phénoménologie sur le tas , in: Magazine littéraire , n°403 , p.32. 2 Jean-Luc Chalumeau , La lecture de l'art , Paris , Klincksieck études , 2002, p.18.

لخيالي يعتبر جزءا الهامش ا"وهو باحث في التحليل الفينومينولوجي للخيال، أن Edward Casey إدوارد كيسييرى 3هو إذن، تلك المنطقة الغفل أو غر المرصوفة في العرض الخيالي، إنه الجانب اللامعين . مندمجا في كل عرض خيالي

اقتراب ظاهراتي، –العربي الذهبي، شعريات المتخيل : ينظر". ذاته في التجربة الخيالية ويجسد بقوة سمتها اللاتعينية .178، 177.، ص2000المدارس، –ة النشر والتوزيع ، الدار البيضاء، شرك1.ط

4 Merleau-Ponty , Phénoménologie de la perception , p.176.

:الخبرة الجمالية

حظتين منهجيتين أبداهما ناقدين بصدد الخبرة ينبغي أن نشير في البداية إلى ملافي خاتمة الباب الأول من سعيد توفيقأما أولاهما فتتعلق بما أدرجه الناقد : الجمالية

أن : "، وفحواها )1992" ( الخبرة الجمالية ـ دراسة في فلسفة الجمال الظاهراتية"كتابه على فهم الفينومينولوجيا للخبرة بوجه التناول الفينومينولوجي للخبرة الجمالية، إنما يقوم

عام، أي على الفينومينولوجيا بوصفها إطارا أو منهجا معرفيا لصياغة خبرتنا بالعالم .1"والأشياء

في مقدمة Renée Bouversse رونيه بوفارسوأما ثانيهما فتتعلق بما أدرجه برة الجمالية متعددة، مثلما مقاربات الخ: "، ومفادها أن )1998" (الخبرة الجمالية"كتابه

.2هو العمل الفني ذاته يحتمل تعددا في الشروح والتأويلاتوفي تصديرنا لهذا المبحث الفرعي بهاتين الملاحظتين ما يدل على أن تناولنا

ذلك أن . للخبرة الجمالية لن ينحو بعيدا عن هذا الأفق، وإن اختلفت كيفية هذا التناولي فيننومينولوجيا الفن بصدد الخبرة الجمالية لا تضيف إلى مفهوم الدراسات المنجزة ف

الخبرة الجمالية غير الحدود السياقية المنتمية إلى الحقل المعرفي للفن، أما الثوابت ، هوسرل(المنهجية فتحيل على المرجعية الفينومينولوجية بمناحيها الفكرية المتشعبة

وهو ما يجعل مقاربة الخبرة ..). .نجاردنإ، غادامير، ميولوبونتي، سارتر، هيدجر، نتيجة هذا (!)في فينومينولوجيا الفن لوحدها) بالجمع(الجمالية في هذا الصدد مقاربات

.التباين في الرؤى من فيلسوف إلى آخرتتأسس الخبرة الجمالية على وجه التحديد عندما لا يكون هناك :" غاداميريقول

ومن .3"الخاص الذي ندرك به العمل وبين هوية العمل ذاتهتمييز من جانبنا بين الأسلوب الواضح أن نشأة الخبرة الجمالية توازي المستوى الإدراكي الذي يصل إليه العمل الفني من قبل متلقيه، ذلك أن حدود هذه النشأة تتداخل مع ما يبديه المتلقي من تفاعل أو استجابة

.75.دراسة في فلسفة الجمال الظاهراتية، ص –سعيد توفيق، الخبرة الجمالية 1

2 René Bouversse , L'expérience esthétique , Paris , Armand Colin/Masson , 1988 , p.6. .110.تجلي الجميل ومقالات أخرى ،ص، غادامير 3

غ هذا التفاعل مداه حينما يحدث هذا التوحد بين ويبل. جمالية تجاه موضوع العمل وشكلهتماما كالارتباط الحميمي الذي يعبر . كيفية الإدراك الجمالي لدى المتلقي بأسلوب العمل

في : "مع المنظر الطبيعي ) Paul Cézanne )1839-1906 بول سيزانعنه الرسام ين ذاتيه الفنان وما يصوره فلا نجد هنا فاصلا ما ب. 1"يفكر المنظر الطبيعي، فأنا وعيه

شكل ) الطبيعة(من الطبيعة، لأن هذه الأخيرة أضحت باطنا يترجم كل ما تراه العين، فهي .من أشكال أناه المحورة

إن انفتاح المتلقي على الخبرة الفنية المضمرة في العمل الفني، هو الذي يشكل إذ ). تلقي والعمل الفني على حد سواءلدى الم 2"انصهار الأفقين"لحظة (خبرته الجمالية

تكون المتعة مكونة للعلاقة . تفترض الخبرة الجمالية المتعة والوعي القصدي بالموضوع"ومن ثمة لا نعدم القصدية في الخبرة الجمالية أيضا، كونها مرتبطة . 3"الجمالية للموضوع

تنتهي بالمتعة، ) ت نفسهوإدراكات جمالية في الوق(بموضوع يتألف من علاقات جمالية .والمتعة هنا مؤشر على الانزياح الذي يصنع دهشة التلقي لحظة الالتحام بالموضوع

Van Gogh فان غوغدهشته من مشاهدته لعمل الرسام Artaud أرثويصف ، أحسن رسام من بين كل الرسامين، فان غوغإن ما يثيرني أكثر في ):"1853-1890(

بوبا، وفرشاة، ويضبط النموذج واللوحة، ليركض إلى تفصيل، أنه من دون أن يخرج أنوإلى حكاية أو دراما، وإلى جمال باطني لموضوع أو شيء، فقد استطاع أن يفتن الطبيعة

وجيرار دي ، Melwyn ملوينو Edgar Poe ادغاربووالأشياء بحيث إن حكيا عجيبا لن كثير على الصعيد ، لا يخبر عHoffman هوفمانأو Gérard de Nerval نرفال

.4"النفسي والدرامي من هذه اللوحات ذات أربعة فلسات

1 Maurice Merleau-Ponty , Sens et Non-sens , 4ème Edition , Paris , Editions Nagel , 1948 ,p.30.

: ة وهي الفهم عبر اللغ ، يحل أساسا على خصيصة تأملية لدى البشر" انصهار الأفقين"إلى أن مفهوم غاداميريشير 2 فالحاضر يغزو الماضي ويجعل من الأفق الماضي مندمجا في أفق الحاضر من خلال ما تصوغه اللغة عبر التفكر

:ينظر". انصهار يقوم وسيطا بين النص والمؤول، عن انصهار الفهم" الانصهار"لأجل ذلك يعبر هذا . والتأمل - Gadamer , Vérité et méthode , p.221-222. 3 Daniel Gouvannangeli , La passion de l'origine , p.38. 4 Artaud , Van Gogh , in: Phénoménologie de l'expérience esthétique , Op. cit, p.151.

كونها قدمت فان غوغتترجم انفعاله الشديد أمام لوحات أرثو فلا شك أن دهشة الدراما نفسها في الألوان الحادة من أرثوفلقد شاهد : الطبيعة والأشياء بطريقة مختلفة

ونية، مما يمنح للمشهد المرسوم شكلا صارخا من خلال لمسات الفرشاة المتموجة والحلزولأجل ). على سبيل المثال) 1889" (الليل المرصع بالنجوم"ينظر لوحة (الألم والفزع

Récitفي تلك النصوص السردية المنتمية إلى الحكي العجائبي أرثوذلك، لا يرى

Fantastique إن الذي . (!) ذات الثمن البخس فان غوغمجالا للمقارنة أمام لوحاتودهشته جعلا منه متلقيا متفاعلا مع ما أرثويستأثر بالانتباه هنا، يتمثل في أن انفعال

وهو ما استدعى . يجري في داخلية العمل ذاته، من خلال انفتاحه على الخبرة الفنية. الإحالة المرجعية على عدد من الكتاب الذين كتبوا في مضمار الغريب والعجائبي

، أمام أرثوقد خرق أفق انتظار فان غوغح أنه انطلاقا من هذه الإحالة يكون والأرجوهو ما يؤشر على انبجاس الخبرة الجمالية . بجانب اللوحة" الصورة السردية"انهيار

إذ تفوق المشهد المرسوم على كل النصوص التي . لحظة استدعاء هذه الإحالة المرجعيةيكون حافزا في فهم هذا ، )(!)خيبة المقارنة " (جيبالع"في موضوعة أرثوقرأها

ذاتها، وهو فهم قائم على الانفعال المتفاعل ما بين فان غوغالاختلاف الموجود في لوحة فجاءت الدهشة من صنيع هذين الأفقين، كي ترسم أفقا جماليا . وأفق اللوحة أرثوأفق

ل العين بما تراه إلا على هذا النحو فالدهشة هنا احتفا. أرثوينضاف لأول مرة في تجربة ، بل هي فتنة اللون حينما يقلب شكل الصورة على نحو آخر من الإدراك "الغريب"الجميل

).الجمالي(البصري بالعزم " هيدغرما يدعوه ،الجمالية في هذا المستوى، إلى حد كبير خبرةالشبه تإذ . 1"ان الموجود في كشف الوجودنشوة دخول الإنس: " "الوجود والزمان"في " الوطيد

وهذا الوعي بحدوث هذا الانتقال من . تقود لحظة الكشف إلى ما لم يكن موجودا قبل ذلكالتي يستمتع بها " النشوة"غياب الوجود إلى حضور الوجود، هو الذي يكمن خلف هذه

غيمن أفق مدركاته للوجودالإنسان عند أي كشف ي ما ولعله من هذا الجانب . ر نتبينأن الإنسان لا يخرج في الوجود من داخل "حينما يرى " النشوة"من هذه هيدغريرمي إليه

.90.مارتن هيدغر، أصل العمل الفني، ص 1

إلى خارج بل جوهر الوجود هو حالة وقوف متأخرة في الامتداد الجوهري لانفتاح .1"الموجود

ونشوته، كونه يحدث بعد مكابدة أليمة من " الكشف"هكذا يتضح سر حالة ("على نفسه إلا بعد جهد تأملي يصل حدوده القصوى الموجود لا ينفتح:الإرادة

تحصل ) انفتاح المعنى على ما هو موجود وتسميته(وإذ يحدث الانفتاح "). وقوف متأخرةوهو الأمر الحاصل في الخبرة الجمالية، التي ليست ). نشوة التعرف إلى الكشف" (النشوة"

– 3"وإنه من هنا تحديدا تكتسب الخبرةعدة انتظارات خائبة، "غير – 2في ماهيتها كخبرةفكل خبرة جمالية تعرض علينا ظاهرة ذات طابع أيقوني، أي . "غاداميرعلى حد تعبير

بل ولا ينبغي ( esquissesظاهرة مضمونها التعبيري يتراءى من خلال رسوم تحضيريةيقاع المعنى لعبة هذه الرسوم التحضيرية وتألقها هما إ). كذلك" فقط"القول إنها تتراءى

.4"وتركيبه غير نهائيين للعمل مبدئياأن الحديث عن الخبرة الجمالية مرتبط في عمومه بظاهرة إلى تجدر الملاحظة هنا

وهذه الظاهرة الجمالية ذات تركيب خاص من . جمالية تعرض نفسها للقراءة والتأويلا من هذا التركيب، وقد يكون الفضاء البصري جزء. حيث عناصرها البنائية المكونة لها

في ما تطرحه العلامات الأيقونية من أبعاد رمزية وأخرى تمثيلية ذات منحى وبخاصة يبدو أن قراءة نسق جمالي من هذا القبيل يفترض إدراكا جماليا ، لأجل ذلك. سيميائي

.خاصا يقوم بتحريك الصورة من سطوحها الأولية التي تشكل إحدى مستويات تلقيهاالظاهرة الجمالية في هذا المستوى، مجالا دلاليا خصب التأويل، كونها قد تكون

تحتاج إلى تحليل تصميماتها الجزئية على مراحل ـ وهو الذي يجعل العمل غير نهائي

.المرجع نفسه والصفحة نفسها 1هبة الأشياء ذاتها :"قائلا " الهبة"وفي موضع آخر، فسر هذه " .هبة الشيء ذاته"أن الخبرة تعني هوسرليشير 2الخ كل هذه الأشكال هي أشكال بنوية تنتم قبليا ...والتأكيد والتحقق والشطب والزيف والخطأ العملي) بوصفها امتلاء(

ي الموضوعة وتعمل على إيضاحها إنما ه] هذه الأشكال [إلى وحدة حياة وأن البحث في هذه الوحدة التي تراعي . وفي النص ما يشير إلى ما تحتمله الخبرة من معان دالة على هذه المكابدة المشار إليها أعلاه". الكبرى للفينومينولوجيا

:ينظر. وكأن الخبرة في البحث الفينومينولوجي إنما هي خبرة المعنى وكشفه أولا وأخيرا- Husserl , Logique formelle et logique transcendantale , p.372-373 , 383. 3 Gadamer , Vérité et méthode , p.20. 4 Pierre Rodrigo , Le phénomène esthétique , in: Magazine littéraire , n°403 , p.63.

ومن ثمة، ندرك العبء الذي تتحمله الخبرة الجمالية في هذا الصدد، لأنها لا . دوماذلك أن الفنان ـ من . لمتلقي جماليا في صميم العملتضيف إلى مجالها إلا ما يختبره ا

يسعى أمامنا إلى اختبار الميلاد الموزون لخطوط الشكل والحدود التي " -جهته هو أيضايضع المتلقي في مواجهة تقنية أمام موضوع " اختبار"وهو . 1"تضم إدراكنا للموضوعات

كما يفترض فيه . رسوم ودلالته الفنيةإذ يختبر مدركاته نفسها أمام الشكل الم: العمل الفني فهم الإيقاع المتوارى خلف هذا الشكل الفني، لأنه كفيل بتنظيم هذه المدركات ) المتلقي(

Georges Didi-Huberman هبرمانـ جورج ديديوهو ما نصح به . داخل العمل-1444( Sandro Botticelli سندرو بوتشيليللرسام ) 1478( الربيعوهو يحلل لوحة

ينبغي على تفكير الفيلسوف أن يحسن " : "برقصة بوتشيلي" هبرمانأو ما يسميها ) 1510الاستجابة للأعمال الفنية، كإشارة تبادل أخرى، وكنظرة تبادل أخرى، وكملاطفة تبادل

القدم -يعلو مع التفكير: ، ويتفكك وينكشف فجأة ]التفكير[أخرى، وبهذا الرد يتغير وهو تفكير ، اليد للرسام- يتداخل مع التفكيروالنفس للمطرب، -التفكير يحلق معوللراقص،

لا يتوقف طبعا عند عضو وحيد كونه يتجسد ويتضح جماليا من خلال إيقاع جسدنا كله .2"الحي والمفكر

إذ . هكذا نلاحظ أن فهم الإيقاع الموجود في العمل الفني، كفيل بإدراك نسقه الدالينبغي أن " بوتشيلي رقصة"وكأن . ك أفقه بحسب هذا الإيقاع حصراينبغي للمتلقي أن يحر

ويترتب على . مجازا هبرمانهذا ما يريد قوله خطاب ! يرقص معها تفكير المشاهد كلههي خبرة : جمالي لا ينتهي أبدا " اختبار"ذلك، أن الخبرة الجمالية تكون هنا أيضا محل

فالخبرة الجمالية في هذا . ي بكل تفصيلاتها الجماليةممتدة تعيش الحركة الباطنية للعمل الفنوهو ما يجعل الخبرة الجمالية ـ . المستوى تعاين حوارا تكون لغته من لغة العمل ذاتهفالخبرة هنا تراكم خبرات من اللغة . في أبعادها العميقة ـ مشهدا حيا من التذوق الفني

كل هذه ...اللون والخطوط والأبعاد التقنيةوالذوق والإيقاع والإدراك فضلا عن خبرة .الخبرات تتآلف فيما بينها لتشكل الإدراك الجمالي للخبرة الجمالية

1 Claude Charbrol , Photographies , lectures et significations – Du côté du centre Pompidou , in: Revue internationale de psychologie , volume VIII-n°18 , printemps 2002 , Paris , Editions ESKA , p.166. 2 Georges Didi-Huberman , La dialectique peut-elle se danser ? in : Magazine littéraire , n°414 , Nov.2002 , p.45.

العمل الفني يجد وجوده الحقيقي "أن غاداميرواتساقا مع هذه المعطيات، يرى لخبرة وفي ذلك ما يشير بعمق إلى أن ا. 1"حينما يفضي إلى خبرة تقوم بتغيير من ينتجها

وفي ما : لدى متلقيها عند محاورته للعمل الفني" فعلا"الجمالية ليست غير ما يحدث فحينما يدرك العمل الفني . اختبار لجملة الحدوس التي تعيش في الوعي القصدي" يحدث"

تعديل أفق /آثار تلك المواجهة(مقصده، يكون ـ بالضرورة ـ قد ترك آثارا في متلقيه الخبرة الجمالية تبلغ أوجها في الشعور " إلى القول إن دوفرينما يحدو بوهو ). انتظاره

.2"من دون أن تستغني عن التأمل، فهي تتحدد في تداخلهماولذلك يمكن القول إن الخبرة الجمالية متصلة بالمشاهد، بل بالأحرى بما يجري

طارئة في هذا الوعي ثم إن التغيرات ال. أمام العمل فني) الوعي القصدي(داخل المشاهد القصدي إثر المشاهدة المستمرة، هي التي ينتج عنها خبرة المعنى أو خبرات المعنى من

ومن ثمة يمكن القول أيضا أن الخبرة الجمالية تعبر أساسا عن مستويات . هذه المشاهدةل التشكي(لما يجري أمامه ) إدراكه الجمالي(تشكل المعنى لدى المتلقي عند حسن فهمه

حركة حدوسه بالموازاة (من جهة، وما يجري داخله ) الفني وعناصره البنائية في العملوبالإمكان أن نعاين جزءا من . من جهة أخرى) مع مخياله تجاه هذا التشكيل الفني

"نرسيس وجولدموند"مستويات تشكل الخبرة الجمالية، من خلال ما تنتهي إليه رواية الشاب الذي جولدموند ف). Hermann Hesse )1877-1962 هرمان هسهللروائي

غادر دير الرهبان واكتشف في يديه مهارة النحت، يجد نفسه عاجزا على نحت صورة وهو يتلفظ أنفاسه الأخيرة، يبوح لأستاذه . غير أنه، في لحظات الألم من المرض. أمه

ار حتى الغد، عزيزي، وهو يهمس إليه، لا يمكنني الانتظ: "بما يراه ويشعر به نرسيسكنت أرغب في . أنصت إلي لحظة أخرى. علي أن أخبرك بكل شيء. علي أن أستودعك

كانت أعز رغبة منذ . أن أحدثك عن أمي، وأن أخبرك عن أصابعها المشدودة حول قلبيسنين وحلمي الأكثر غموضا أن أنجز صورتها، كانت أقدس الصور كلها، ولذلك كنت

منذ وقت ليس بالقصير كان يصعب علي . ية خفية من الحبكانت رؤ: أحملها معي دوما التفكير بأنه يمكنني أن أموت من دون أن أكون قد حددت ملامحها، وبدا لي أن حياتي

1 Gadamer , Vérité et méthode , p.28. 2 Mikel Dufrenne , Phénoménologie de l'expérience esthétique , II , p.25.

كلها لا طائل من ورائها، واليوم، تتخذ الأشياء مظهرا غريبا، عوض أن تكون يداي هما لها يدان من حول قلبي . صنعنياللتان تنحتانها وتشكلانها، فإنها هي التي تعجنني وت

وتفرغه هصإنها تفتنني وتقودني تجاه الموت فيموت معي حلمي، التمثال الرائع . تخلإني لا أزال أراها وإذا كانت يداي تملكان القوة فإنه يمكنني أن أمنحها . لحواء الأم الكبرى

تفضل أكثر أن أموت، وإني إنها لا تريدني أن أكشف سرها، إنها. ولكنها لا تريد. شكلا .1"أموت بلا ندم، وقد كان الأمر يسيرا علي بفضلها

، وبات الآن يرى بوضوح )صورة أمه(النحات بموضوع نحته جولدموندلقد التحم لقد استعاد الصورة في . أكبر ملامح أمه التي كانت غائبة عنه طيلة فترة طفولته وشبابه

إن . وض أن يكون ناحتا لها، صار منحوتا من قبلهاوع: اللحظة التي انصهر فيها معها اليدين الخبيرتين في النحت عاجزتان ـ حتى في هذه اللحظة ـ على إنجاز الصورة

، ولم يكن بوسعهما إلا أن تتركا الأمر بيد الصورة الحاضرة جولدموندالحلم في مخيلة /، )عمل النحت(ن على إتمام الفعل بيد وإن كانتا يداه عاجزتي. لأمه وهو على فراش الموت

. فإنهما لم تفقدا تماما الشعور الجمالي بالملامسة وما يقع له بعد أن غدا موضوعا للنحتبل وتحرصان على حفظ السر . ما يجري في الجسد المريض كله" تلمسان"إنهما عينان

يع أن الصورة تلح على الإخفاء حتى تستط) : نحت الصورة من دون إظهارها للملأ( .! تتجلى أمامه وحده

ذلك : هو عينه ما يدركه المتلقي من الخبرة الجمالية جولدموندولعل ما يجري لتماما ما حصل . أن لحظة تجلي المعنى هو مسار أليم من الكشف ينتهي بالمتعة والدهشة

فبعد مكابدة طويلة من استحضار صورة أمه كي ينحتها، هاهي صورتها : موند جولدليرسم ) من كونه قد استعاد المفقود المحبوب(وتحت تأثير الدهشة . ه لحظة الاحتضارتباغت

.ما يراه، وقد غدا جزءا من هذه الدهشة نفسهانرسيس لأستاذه التي " الدهشة"إن الخبرة الجمالية في أبعادها الفينومينولوجية لا تحلم بغير هذه

فالبحث عن المعنى ودلالته . على الآخريبلغها الرائي أمام موضوعه وقد انفتح كلا منهما أليس البحث . هو كشف لهذه الخبرة الجمالية عن حدودها الأنطولوجية القصوى

1 Hermann Hesse , Narcisse et Goldmund , trad. Fernand Delmas , Galmann-Lévy , 1948 , p.382.

الفينومينولوجي نفسه ـ كما رأينا في المبحث السابق من هذا المدخل ـ عملا غير منته تفصح من وعي المعنى وبنائه؟ والخبرة الجمالية في المستوى نفسه من هذا المسعى، لا

إن لقاء . فهي تواجه متلقيا يواجه هو الآخر موضوعا. عن غير مدركات تلقيها الجماليةالمتلقي بموضوعه هو الذي يفضي إلى الموضوع الجمالي الذي تتحمل الخبرة الجمالية

.وصف علاقاته الجمالية ي؟ فما هو الموضوع الجمالي؟ وكيف يتجلى على مستوى الإدراك الفينومينولوج

.ذلك ما نحاول مقاربته في المبحث الفرعي الموالي

:الموضوع الجمالي

وذلك أنه حينما . 1"العمل الفني بقدر ما يكون مدركا"ليس الموضوع الجمالي غير يصبح العمل الفني موضوعا جديرا بالإدراك من قبل مشاهده، أي متى يكون اتجاه

ل الفني ذاته، فإن العمل الفني يقودنا نحو الإدراك في صلب ما هو جمالي وفني في العموعلى هذا النحو يتأسس هذا الأخير، بأن يصبح معنى العمل الفني . الموضوع الجمالي

محل تأمل خاص، ذلك لأن المتلقي بصدد اكتشاف المزية الجمالية التي تميز هذا العمل لموضوع الجمالي لكونه وليست هذه المزية غير القدرة على التعبير التي يمتلكها ا. الفني

أي أن الفنان يحايث عمله ويترك فيه شيئا من ذاتيته : Quasi-sujet 2"شبيها بالذات" .وعالمه الذي أنتج فيه هذا العمل

على موضوع يكون بصدد إنتاج أثر جمالي "من هنا، يدل الموضوع الجمالي فة القصدية ما يشير إلى وفي الجمع بين المتعة الجمالية والوظي .3"ووظيفة ذات أثر قصدي

أن الموضوع الجمالي يمثل هذا العبور المتفرد الذي يقطعه المعنى من محض الإمكان فالموضوع ). إدراك جمالية القصد/إدراك القصد(إلى حدس الإمكان ) مقاصده/قصد العمل(

هذا الجمالي يستوعب العمل الفني والخبرة الإدراكية الجمالية التي يمتلكها المتلقي عنيكون الموضوع الجمالي حاملا لكينونتين في نظر ولهذا السبب . العمل في الوقت نفسه

1 Mikel Dufrenne , Phénoménologie de l'expérience esthétique , I , p.297. 2Mikel Dufrenne , Phénoménologie de l’expérience esthétique,I , p.255. 3 Gérard Genette , L'œuvre de l'art , Immanence et Transcendance , Paris , Editions du Seuil , 1994 , p.10.

من جهة هناك كينونة الموضوع التي ترفض أن تختزل إلى كينونة تمثيل : " دوفرينReprésentationفهذه . ، ومن جهة أخرى، هذه الكينونة متعلقة بالإدراك وتتم فيه

لا يستنفذ أبدا ) العمل الفني(والمقصود بذلك أن موضوع . apparition"1الكينونة مظهر ، لأن العمل يظل خصب الدلالة بالمعاني التي لم تلق Représentéموضوعه الممثل

فهو بهذا المعنى مستقل ذاتيا، ومن ثمة تكون كينونة . تمثيلا لها بعد في إدراك المتلقيبل إن كينونة العمل قيمة جمالية . زئياالموضوع أكبر من أي تمثيل لا يطال العمل إلا ج

لا تحتاج إلى نظرة حتى تكتسب مشروعية وجودها، فهي موجودة 2"محسوسة في ذاتها"في المقابل، ترتبط هذه الكينونة بالإدراك . وتحتل حيزا مكانيا وزمنيا من الوجود عموما

مة إلى النور، ومن لأنه وحده القادر على إخراج هذه القيمة الجمالية المحسوسة من الظليحجب عنا مظهرا " مظهر"فكينونة الإدراك ليست غير . 3"واقع الحال إلى واقع مدرك

.آخر نبتغي بلوغ معناه

لحظة -لا شك أن هذه الكينونة التي يحملها الموضوع الجمالي غير منفصلة أيضام وهي تتأمل إدراكها ـ عن الجمال الإدراكي للذات المدركة التي تظل تنتمي إلى العال

: l’en-soi-pour-nous 4"بالوجود في ذاته ـ لأجلنا" دوفرينأو ما يسميه . العمل الفنيوهي صياغة تحدد الارتباط المكاني والزماني للموضوع الجمالي بالسياق الآخر الذي أتى

ومنه إن إدراك العمل الفني لا يلغي وجود هذه . منه ويفتحه على نحو متجدد أما إدراكناالتي تتحمل عبء الكشف بل يعزز من وجودها وحضورها، لأنه في هذه ) المتلقية(لذات ا

هي مستويات pour-nous" لأجلنا"و l’en-soi" في ذاته"الحالة فإن تعابير من قبيل " الاغتراب"وهو ما يفسر . أنطولوجية تحاول تحصين الوجود الإنساني في المكان والزمان

Aliénation يضحي بالوجود "قارئ مثلما يعيشه الفنان لأنه هو الآخر الذي يعيشه الالموضوعي من أجل الوجود الذاتي، لأنه اختار أن يكون في عمله بدلا من أن يكون في

يتحمل العمل تبعاته الفنية، لأن الفنان يظل محايثا " اختيار"وهو .5"العالم و في التاريخ

1 Mikel Dufrenne , Phénoménologie de l'expérience esthétique , I , p.287. :ينظر كتابه". ع الجمالي هو كذلك بوصفه هذه القيمة المحسوسة في ذاتهاالموضو"أن هوسرليشير 2

- Philosophie première – 2 , p.147. 3 Mikel Dufrenne , Phénoménologie de l'expérience esthétique , I , p.297. 4 Ibid., p.287. 5 Ibid , p.159.

ك أن الفنان يترك شيئا من ذاته وعالمه يعبران ذل: لعمله وإن ينفصل عنه بعد انتهائه منه غير أن الفنان وهو يفعل ذلك، فإنه ". شبيه بالذات"إلى عمله الفني ـ وهو لأجل ذلك

".اغترابه"يتخلى عن عالمه في سبيل بنائه أو إعادة بنائه، ومن هنا يتشكل بمقدار ما فالإدراك الجمالي. "والقارئ من جهته، هو الآخر، يعيش الاغتراب أيضا

أي أن الإدراك الجمالي الذي تصل إليه الذات المدركة تجاه : 1"هو شعور، فهو اغتراب 2"غير وسيلة"العمل الفني، يجعلها تضيع في المعنى الذي تتمه، لأنها تدرك أنها ليست

ندوفريولذلك يرى . فالعمل يحتاج إلي بمقدار ما أحقق حاجته. لإتمام هذا المعنى لا غيرإذ لا يمكنني القول إنني أؤسس الموضوع الجمالي، فهو : الاغتراب يصحح القصدية "أن

يتأسس في من خلال الفعل ذاته الذي بواسطته أقصده، لأني لا أقصده بوضعه خارجا .3"عني وإنما بالانقطاع إليه

ويتضح في هذا المستوى ما يمكن أن يسفر إليه الإدراك الجمالي للموضوع يمثل أقصى ما يمكن أن تصل إليه فينومينولوجيا الإدراك " بالاغتراب"، إذ الانتهاء الجمالي

فالموضوع الجمالي اشتغال داخلي . في لحظات انشغالها التأملي بموضوع العمل ذاتهللمعنى كونه يحتكم إلى ذات متلقية تترجم شفرات الموضوع تبعا لفهمها ومستويات

موضوع الجمالي موضوعا محايثا في وعي متلقيه أولا وإذ ذاك، يغدو ال. إدراكها لهأمام ما يستوجبه العمل الفني من حقوق المشاهدة " ضرورة"وأخيرا، بل يكاد أن يصبح

حقيقة الموضوع الجمالي ثرية وملحة في الوقت ذاته، ثرية لأنها لا "ذلك أن : تجاهه راكه، وملحة لأنه يبدو أن هذه تتعلق فقط بواقع مادي تتحكم فيه وإنما بتعبير ينبغي إد

الموضوع الجمالي متعلقة بالضرورة " حقيقة"هكذا تغدو .4"الحقيقة تتعلق بنا للاضطلاع بهابالمشاهد، لأنه يفترض من هذا الأخير أن يتم خصوصيته من خلال ما يكرسه من

ين المذكورين حضوره في فهم العمل الفني وعالمه، وهو ما يمكن إيضاحه من خلال المثالفي رواية جولد موند، ومثال فان غوغعن الرسام أرثومثال (في مبحث الخبرة الجمالية

).هرمان هسه

1 Mikel Dufrenne ,Phénoménologie de l’expérience esthétique ,I, p.296. 2 Ibid., p.296. 3 Ibid., p.296. 4Ibid., p.97.

تترجم ـ من ناحية ـ ما انتهى إليه فان غوغمن لوحات أرثوفلا شك أن دهشة ومن ثمة . فان غوغبعد عدد من المشاهدات لعمل أرثوالموضوع الجمالي في مخيلة

في بناء الموضوع وفق جماليات السرد المألوفة في " الخائبة"حدود تلك المقارنة نتصور فان غوغبناء آخر على نحو ما تتطلبه لغة أرثووهو ما افترض من . الحكي العجائبي

، فان غوغمما ترتب على ذلك اهتمام جمالي أكبر من قبل أرثو للوحات . التصويريةلحظة أنه أرثولذلك لم يغب عن . راءاته الإبداعية السابقةبعدما وجد فيها ما لم يجده في ق

من ) فان غوغلوحة (مبتكرة، وقد ساعده ذلك في تحويل الموضوع الفني " غرابة"أمام أي موضوع يشتغل . مجرد موضوع للمشاهدة أو التمثيل إلى موضوع للإدراك الجمالي

.يفي معناه انطلاقا من جمالية المعنى المدركة لدى المتلقمن الشكل الفني المجسد في لوحات أرثووليست جمالية المعنى هنا غير ما أدركه

ولعله من هنا، يكمن الموضوع الجمالي تحديدا عندما ينتهي إلى هذه الحدود . فان غوغومخيلته، أرثوموضوعا إدراكيا في وعي فان غوغتشتغل لوحة : من الإدراك الجمالي يصبح هذا الموضوع الإدراكي موضوعا للإدراك الجمالي ذاته ولا يلبث إثر ذلك أن

.يبشر بالمتعة وبأفق جمالي خاص، للروائي نرسيس وجولدموندفي رواية جولدموندفي المقابل، نجد آخر لحظات

تعاين بعض التفاصيل التي انتهى إليها الموضوع الجمالي في مخيلته أو ما ، هرمان هسهفصورة الأم التي تنحت بيديها ألم جولدموند، هي أيضا . تضاريراه في وعيه لحظة الاح

اشتغال المعنى (إذ يرى نفسه موضوعا للنحت : جولدموندصورة باطنية معكوسة داخل كما أن الصورة لا تنحت نفسها إلا بالعين أو اللمس من دون أن ). من الخارج نحو الباطن

سر النحت لا يتجلى إلا لمن يراه، أما (ور تنتهي إلى الظهور، لأنها لا تبغي إطلاقا الظهما خفي من الموضوع : وهنا تنبجس طرافة الخفي ). ماعدا ذلك، فهو يخاف من التجلي

وهكذا يستوعب . الجمالي ليس بخفي على مشاهده، لأنه وحده يحقق إدراكه وحقيقتهينعم بصورة أمه، هاهو : ألمه لأنه فهم ما تعنيه المشاهدة بعد طول انتظار جولدموند

ولكنه ينبغي عليه أن ينقاد إلى ما تقوله إذا ما أراد أن يستمر في متعة المشاهدة من دون .أن يشعر بالألم

يسفر ما تقدم بيانه عن نتيجة مهمة فحواها أن الموضوع الجمالي في فينومينولوجيا لى هذا الأساس، وع. الفن، يعبر عن تقاطع مدركات جمالية ما بين العمل الفني ومتلقيه

تكون خبرة المعنى ـ التي أشرنا إليها سابقا ـ جزءا لا يتجزأ من خبرة هذه المدركات فالموضوع الجمالي اشتغال دائب في الكيفيات الإدراكية لما يراكمه . الجمالية حصرا

ولعله من هذا الجانب، تتضح أهمية بناء . المعنى من حدوس افتراضية للعلامات الجماليةإذ تراهن فينومينولوجيا الفن أكثر على حضور الأفق . ضوع الجمالي في وعي متأملهالمو

الإدراكي للمتلقي والصيرورة التي ينتهي إليها هذا الأفق الإداركي في عملية بنائه للشكل .الفني في العمل الفني ذاته

ا، إنما هو الموضوع الحسي الذي يستأثر بانتباهن"من هنا، إن الموضوع الجمالي من جهة، ولأنه لا ينطوي " غاية في ذاته"دون أن يحيلنا على شيء آخر يخرج عنه لأنه

فالموضوع الإستطيقي بهذا المعنى . على أي فاصل بين المادة والصورة من جهة أخرىإنما هو ذلك الموضوع المحسوس الذي لا تبقى مادته إلا إذا ظل محتفظا بصورته، وهذه

بين المادة والصورة، هي التي تجعل من " الموضوع الإستطيقي"ق الوحدة الباطنة في أعما .1"أقوى تعبير عن البعد الإنساني من أبعاد الواقع" العمل الفني"

ويتضح في هذا المستوى من التحليل، أن ماهية الموضوع الجمالي إنما تكمن مل الفني هو ذلك أن الشكل الفني للع). وحدة مادته وصورته(أساسا في حسن إدراك شكله

المعادل الدال على الموضوع الجمالي فنيا، إذ لا نتصور تحليلا فنيا وتأويليا للموضوع ولأجل ذلك يطلق الناقد الفني . الجمالي خارج شكله الذي يتمظهر من خلاله

على الموضوع الجمالي تسمية Heinrich wöefflin هنريش فوفلينالفينومينولوجي ولذلك . 2"ا جامعا يكشف منطقيا عن وحدة الإبداع والخبرة الفنيينكونه اسم" الأسلوب"

.3"الفنان والروح العصر السائدة في تلك الفترة" مزاج"دالا قصديا عن " الأسلوب"يكون وليست . شكل جمالي يختزل كل الأجواء المحيطة والمحايثة بالعمل الفني" الأسلوب"وكأن

.5.ص، ت.د، دار مصر للطباعة -مكتبة مصر، مشكلة الفن، زكريا إبراهيم 1

2 Pierre Rodrigo , L'étoffe de l'art , p.154. 3 Ibid., p.154.

1)"أو في حالة انتظار بالأحرى(ل الفني في حالة سكون أن يكون العم"المحايثة هنا غير .جيرار جنيتعلى حد تعبير

شكلا فنيا أو أسلوبا -في الأخير -هكذا نخلص إلى أن الموضوع الجمالي يؤول ومن ثمة ندرك أن تناوله الفينومينولوجي سينحصر في إطار هذا الشكل . فنيا عند تحليله

من خلال فصول ، أي أن ما سنتعرض له في الموضوع الجمالي: نيالفني أو الأسلوب الفوقد . هذا البحث، سيتناول حصرا مستويات هذا الشكل الفني في ضوء فينومينولوجيا الفن

تكون هذه المستويات مباحث تأويلية سنقوم بإضاءتها تبعا لما توافر من أدوات إجرائية .ضوع تأويل مستمر لعلاماته الجماليةفالموضوع الجمالي سيكون مو. فينومينولوجية

1 Gérard Genette , L'œuvre de l'art , Immanence et transcendance , p.288.

مقاربة المستخلصات المتوصل إليها في المدخل :خلاصة ال-3

هل يستطيع البحث الفينومينولوجي، وفينومينولوجيا الفن تحديدا، أن يتجاوزا عقبات البحث الجمالي عند تأملهما للظاهرة الجمالية ؟ أو بعبارة أخرى، ماذا يمكن أن يضيفه

الفينومينولوجي للفن للظاهرة الجمالية عموما ؟ ثم كيف نثمن هذه المستخلصات الإدراك ـ إن كانت كذلك ـ بحيث تكون سندا لما نروم الاشتغال عليه في فصول هذا البحث

التطبيقية؟قد تكون مدخلا لمعاينة الأفق . هذه الأسئلة، وأخرى تلح علينا بالالتفات إليها لاحقا

.ينومينولوجي تجاه الموضوع الجماليالتأويلي للتراث الفإن أهم ما يمكن أن نستخلصه في هذا النطاق هو محاولة فهم الخبرة الجمالية انطلاقا من خبرة اللغة في الموضوع، وهو ما يجعل مهمة الفينومينولوجي أقرب إلى

وهو ما . الأركيولوجي في مسألة البحث والكشف عن دلالة الخفي حتى يتجلى إلى السطحوهو الأمر . على لغة المعنى الكامن قصد استيعاب سياقه ومقاصده" بالانفتاح"يعبر عنه

الذي يعكس الاهتمام بالعمل الفني ذاته والسعي نحو احتواء مضمونه، في ظل مسافة وكذا ) ماهية العمل في مقابل ماهية القارئ(تحقق للعمل استقلاليته عن القارئ من جهة

" قصدية("ي ينتجها هذا القارئ عن مضمون العمل من جهة أخرى استقلالية الدلالة الت ).النص/العمل" قصدية"القارئ في مقابل

من هنا نلاحظ عموما أن مكتسبات المنهج الفينومينولوجي لغوية حصرا، لكونها تؤسس منطلقاتها المعرفية تجاه الموضوع انطلاقا من خبرات اللغة التي تكتشفها الذات

غير أن امتداد هذا . العمل ولغته" مظهر"ة خلال مسارها الدؤوب والأليم في فهم المدركوأفق انتظاراته " الموضوع القصدي"الكشف وعمقه يتعلق أكثر بالأفق التأويلي الذي يضع

ومن ثمة كانت فعالية هذا المنهج الفينومينولوجي تجاه . محل خبرة لغوية قابلة للتأويلبة خبرة حية يعيشها الفينومينولوجي ذاته لأنه بصدد التأمل في الظاهرة الجمالية بمثا

.داخله

لكن، هل هذا الأفق التأويلي كفيل بفهم كل الخبرات الكامنة في العمل الفني؟ ذلك ذلك أن الأمر كله . غاداميركما يقول 1"الفن العظيم يهزمنا"ما لا يمكن القطع فيه، لأن

ة القراءة، كونها فنا فرديا يستحيل تجنب آثاره مردود ـ في آخر المطاف ـ إلى لعب ).التأويل/لعبة المعنى خارج مواقع اللعب(الجانبية حينما نكون داخل شرك اللعب

. هناك مشكلتين تهددان فينومينولوجيا الفن"أن بيير رود ريغولأجل ذلك، يرى وعلى .. .مل تجاه التعالييتمثل الأول في استعادة وبعناء شديد الدافع المثالي لنزعة الع

، خارج هنري ميشالالنقيض من ذلك، يتمثل المشكل الثاني في اعتبار العمل الفني، تبعا لوقد . 2"كشف لمحايثتها"لحياة مردودة إلى محض " محنة الذات"العالم إطلاقا وأنه ينم عن

نومينولوجي للعمل تكون هاتين المشكلتين من صميم العوائق التي تحول دون الإدراك الفييطرح العمل جانبا كي تعي Transcendantal" التعالي"وذلك على أساس أن مبدأ . الفني

ومن ثمة يغدو هذا العمل وسيلة لتبرير محايثة . الذات المتأملة ذاتيتها المتخلصة من العالمالعمل وكأن هذه الذات المتأملة امتداد وجودي لشكل مطمور من. هذه الذاتية لا غير

.الفنيعالما تكون الذات المتأملة قد " مبدأ التعالي"هذا من جهة، ومن جهة أخرى يفتح

وما بين الامتداد الوجودي للذات أو العالم، . تخلصت منه لتجده مفتوحا في العمل الفنيكي 3"أسطورة ينبغي على الفينومينولوجيا أن تحرقها كليا"في ذلك بيير رودريغويرى ع أن تبلغ مكنون الصورة في الفن، وتقدرها على نحو يحفظ لها دوما ماءها وشكلها تستطي

.الجماليينولكن أليست هذه العوائق مجالا ابتدائيا من مستويات الإدراك الفينومينولوجي؟

intersubjectif" تذاوتيتها"بمعنى أن الذات المتأملة في العمل الفني لا يمكن أن تلغي ولكن يظل أفق التحري لديها متوغلا ـ تدريجيا ـ نحو الدلالات الحافة التي يزخر تماما،

ومن ثمة، لا نتصور إدراكا جماليا لا يتعثر أمام العمل الفني إن إيجابيا . بها العمل الفنيذلك أن الإدراك ـ كما أشرنا إلى ذلك سابقا ـ لا يتم دفعة واحدة و إنما . أو سلبيا

.122.ص، تجلي الجميل ومقالات أخرى، غادامير 1

2 Pierre Rodrigo , Le phénomène esthétique , in : Magazine littéraire , n°403 , Nov.2001 , p.63. 3 Ibid., p.63.

قد يدرك معنا القارئ المتتبع لهذه ذلكول. له عن معنى غير نهائييظل يبحث هناك فيض لا نهائي يشق : " هوسرلالمستخلصات سبب تصديرنا لهذا المدخل بعبارة

وهي عبارة كثيرة الماء كونها تفترض في الذات المتأملة وجود قدر ليس . 1"حياتي اليقظةعله، من هذا الجانب، يظل الإدراك ول. بالهين من المدركات المنتجة للمعنى

واحدا من العائلات الكبيرة التي احتضنت الأعمال الفنية ومارست 2الفينومينولوجي للفنحول هيدغروبالإمكان أن نذكر في هذا الصدد، تأملات . عليها قراءات متباينة التأويل

مال الرسام حول أع 3ميرلو بونتيوكتابات Gogh فان غوغللرسام زوج الأحذيةلوحة 5ديدي هبرمانو 4ميكال دوفرينفضلا عن جملة المؤلفات التي أنجزها ، بول سيزان

وقد يكون تخصيص الفصل الأول لفينومينولوجيا الفن تحديدا من . حول أعمال فنية متعددةمؤشرا ذي دلالة ،Jean Luc Chalumeau لجون لوك شليمو" قراءة الفن"كتاب

.ه القراءة على سائر القراءات الأخرىخاصة، من خلال تقديم هذ. الفن التجريديوبخاصة التأملات الفينومينولوجية ، فقد أفاد الفن الحديث كثيرا من

فقد .Jean Paulhan جون بولانأو على حد تعبير 6"بدون مرجع" ذلك أنه قد بات رات التي طالت بنية وهذه أحد المتغي. 7ويسبق الآن دلالته" يولينا ظهره"صار العمل الفني

قراءة خاصة تستجيب لهذه –بموجب ذلك –الفن الحديث وشكله، وباتت تفترض وقد تكون فينومينولوجيا الفن في هذا السياق أحد هذه القراءات التي اقتربت . المتغيرات

بالرجوع إلى "ذلك أن المبدأ القائل . بأسئلتها وأدواتها الإجرائية من فضاء العمل الفني

1 Husserl , Philosophie première – 2 , p.64. فينومينولوجيا الفـن، وبسـيكولوجيا الفـن : ينقسم إلى خمس عائلات رئيسة تفكير الفن"أن جون لوك شليمويشير 2

:ينظر كتابه...". والقراءة الشكلانية والتحليل البنوي- Les théories de l'art (philosophie , critique et histoire de l'art de Platon à nos jours) , Librairie Vuibert , 3ème Edition , 2002 , p.11. 3 Le Doute de Cézanne , in: Sens et Non- sens , Paris , Les Editions NAGEL , 4ème édition , 1948. L'œil et l'esprit , Editions Gallimard , 1964 , Collection Folio / Essais. Le visible et l'invisible , Editions Gallimard , 1964 , Collection Tel. 4 Phénoménologie de l'expérience esthétique , Paris , Presse Universitaire de France, 2ème édition , 1967. I – L'Objet Esthétique , II – La Perception Esthétique 5 Ce que nous voyons , Ce qui nous regarde , Paris , Les Editions de Minuit , 1992. La Peinture Incarnée – suivi de Le Chef – D'œuvre Inconnu par Honoré de Balzac , Paris , Les Editions de Minuit , 1985. Phasmes – Essai sur l'apparition , Paris , Les Editions de Minuit , 1998. 6 Robert Klein , La forme et l'intelligible , p.417. 7 Ibid., p.417.

قد كرس اهتماما خاصا ببنية العمل ذاته انطلاقا من الإدراك الجمالي الذي " أشياء ذاتها .يمارسه المشاهد وكذا تبعا لخبرته الجمالية الناتجة عن هذا الإدراك الجمالي

إن خبرة المعنى التي تتشكل إدراكا جماليا لدى المشاهد هي من قبيل سؤال المعنى وهو ما يبتغي الوصول إليه كل باحث . مل الفني أثناء تلقيهالذي يحرك كينونة الع

ومن ثمة تكون . غاداميرعلى حد تعبير 1"الانتظارات الخائبة"فينومينولوجي بعد عدد من ولعله مسار . فينومينولوجيا الفن مقاربة من المقاربات التي تشتغل على خبرة المعنى

ا في فهم العمل الفني وتحليله تحليلا متميز في فلسفة الجمال، كونه يقدم نفسه خطابا جماليرجوعا إلى "إذا كانت الفلسفة المعاصرة فعلا تريد "ذلك أنه : بنويا يقوم على التأويل

، فينومينولوجيا إستطيقية تؤول العالم في بحثها عن المعنى في ما يظهر، "الأشياء ذاتهااختزال تنوع المظاهر إلى مبدأ واحد، بدلا من ميتافيزيقا أو أنطولوجية قبلية تهدف إلى

ويشير . 2"فإن الاستطيقا هي أبعد ما تكون عن خطاب يكون قد استنفذ خصوبته الفلسفيةإلى التأثير الحاصل في الخطاب الفلسفي المعاصر نتيجة التجاور ةقيعمإشارة هذا النص

ومن ثمة تكون الاستطيقا .المعرفي ما بين الأفكار الفلسفية ذات المصادر الفكرية المتباينةالفينومينولوجية ـ لهذا السبب ـ حقلا بكرا لا يزال يحتفظ للجمالية بإمكانات الاستثمار

.الخصب للمعنى تجاه الأعمال الفنية، لا نتصور أن الخطاب الجمالي المعاصر قد استنفذ كل هذه المعطيات عا مقتساواأو يكون قد انتهى إلى أسئلة النهاية ، هيغلر على حد تعبي 3"الماضي"وبات مآله ، ذخيرته

وإنما . 414في ملفها القيم ضمن العدد ) باريس" (المجلة الأدبية"كما انتهت إلى ذلك نتصور أن مدركات جمالية، مهما كان شكلها أو مصدرها، فإنها تظل تمنح أفقا سؤولا

منحوتة أو تشكيل خطي عن معنى لم يمزق بعد حجب الرؤية الفنية حول لوحة زيتية أوا وأدوات إجرائية فإن حضرت فينومينولوجيا الفن منهج. أو غير ذلك من الأعمال الفنية

ا الموضوع مالفنية، فإنه يحضر إلى جانبه محمد خدةنتوسل بهما قراءة أحد أعمال

1 Gadamer , Vérité et méthode ,p. 201. 2 Mathieu Kessler , Pour une esthétique de l'impureté , in : Magazine littéraire , n°414 , Nov. 2002 , p.44.

:ينظر..". من أشياء الماضي من حيث مقصده الأسمى، شيئا...إن الفن بالنسبة إلينا :" هيغليقول 3 .35.، ص1988، 3.ط جورج طرابيشي، بيروت، دار الطليعة للطباعة والنشر،. هيغل، مدخل إلى علم الجمال، تر

ت وعليه نبتغي فتح أفق التحري حول عدد من التشكيلا. الجمالي وأبعاده الفنية والتأويليةوقد يكون ). عينة على هذا التمثيل محمد خدةلوحات (الفنية التي تمس الموضوع الجمالي

للقراءة البصرية نصيب أكبر من الحضور نتيجة طبيعة المتن الذي سنشتغل عليه هو من وهو الأمر الذي يجعلنا نتعامل مع اللوحة بوصفها نصا وموضوعا . طبيعة تشكيلية فنية .الفينومينولوجيخاضعين للتأويل

؟ فما هي عوائق الإدراك الجمالي التي تطرحها اللوحة التجريدية فينومينولوجيا

ضمن الأفق التشكيلي المحلي محمد خدةوكيف يتمظهر إشكال التلقي لأعمال أو العربي ؟

تلك بعض من التساؤلات المحايثة للموضوع الجمالي التي نرجو أن نوفيها حقها .ل الفينومينولوجي في فصول هذا البحث بإذن االلهمن التحلي

"نحن علامة بلا تفسير"

هيلدرلن ، وتبعات 1نهتم في هذا الفصل بمناقشة الإدراك الفينومينولوجي لظاهرة التجريد

بالمشاهد "ولذلك ننشغل في هذا السياق أكثر . ستقبال الجماليذلك على مستوى الاالذي يتناول ما يراه من أعمال فنية ويحول رؤيته ، 2هوسرلعلى حد تعبير " الاستطيقي

.تلك إلى خبرة إدراكية تعينه تدريجيا على فهم ما يحدث أمامهمنا مقدمة عن الفن يفترض ، بيد أن الانشغال الفينومينولوجي بإستطيقا التجريد

لا يمكن أن نتناول ظاهرة ، ولأجل ذلك أيضا. الحديث عموما وعن الفن التجريدي تحديدابمعزل عن السياق السوسيو ثقافي الذي ترعرع فيه الفن محمد خدةالتجريد عند الفنان كيلي نحاول بسط المعالم الكبرى التي مر عليها المشهد التش، وعليه. الجزائري الحديث، وإذ نبسط كل ذلك في هذه المقدمة الوجيزة. الفن الجزائري الحديثفي الحديث وأثر ذلك

فإننا ندرك الوزر التاريخي الذي نتحمل ثغراته نتيجة الفقر الموجود في الكتابات النقدية . عمال الفنية المحليةالأفي دراسة المتخصصة

جـردت الأرض ..قشـره : دهجرد الشيء يجرده جردا و جر": جرد"في مادة ، لابن منظور" لسان العرب"ورد في 1

.والتجريد التشذيب.. انتضاؤه : التعرية من الثياب وتجريد السيف : والتجريد...تجريدا دها القحطوجر جردا تستقي معناها الحسي مما يطرأ من تغير علـى الشـيء فـي " التجريد"وفي هذه المعطيات المعجمية ما يدل أن دلالة

وكذا معنى التعرية إذا ما تعلقت بالجسـد ). يبالتشذ/ والقحط والتقطيع المتأتي من التهذيب التقشير( مظهره الخارجي وفي ذلك ما يؤشر على أن حركة المعنى تتجه من الخارج نحو الداخل بغرض الإبانة عن . أو بإخراج السيف من غمده

الشيء الحسي حتى يصل إلـى شـكله الرمـزي " يقشر"وهو ما يستوعبه المعنى المجازي حينما : هذا الداخل حصرا وهو مـا . ا من استعارة الصورة الذهنية تمثيلا تراكميا عن الاختزال الرمزي الذي ينتهي عنده هذا الشيءانطلاق، الأول

.حينما يبلغ ذروته الاختزالية في بنائه للأشكال، الانشغال التصويري للفن التجريدي –على نحو ما –يقارب ذي يتجه إلى استيعاب العمـل الفنـي قصـد احتـواء هو ضرب من الإدراك ال، هوسرلعند " الاستطيقيالمشاهد " 2

اهتماما مركزا يعمل علـى شـحذ تفكيـره تجـاه –في أثناء ذلك – الاستطيقيويبدي المشاهد . الموضوع القيمي فيه :ينظر كتابه ). ب للقيمةملء دائ( الموضوع

Philosophie Première – 2 , p.147-148.

بعد وبخاصة ، قيه إشكالات إدراكية أساسالقد طرح الفن الحديث على جمهور متلولذلك ظل الانشغال .1"اللوحة نافذة مفتوحة على العالم"أن أبطل الفن التجريدي مقولة

حينما بات إدراك الشكل مطلبا حيويا يفرض ، الإدراكي ملازما للخطاب الفني الحديثمن تغييرات جمة على تقاليد ليةأحدثته الحداثة التشكينتيجة ما لنقاش والتأويل ا على نفسه

- 1839( بول سيزانالفنان أعمال ولاسيما بعد ،التذوق الفني وأفق الانتظار الاجتماعي1906 (Paul Cézanne .

فاسيلي كاندينسكيمع أول لوحة مائية تجريدية أنجزها الفنان 2ولد الفن التجريديWassily Kandinsky)1866-1944 ( يلهايلم ورنجروويكون . 1910عام )1881-

1965 (Wilhelm Worringer " ن نحت مفهوم التجريد بوصفه معطىأول مهذا دعيو. 1907عام Berne برنضمن رسالة دكتوراه تقدم بها بجامعة 3"إستطيقيا

تحصيل حاصل لقلق داخلي كبير لدى الإنسان تسببت فيه ظواهر العالم "الباحث التجريد عزى نهاية الفن الحديث إلى الفن التجريدي الذي أحدث قطيعة مع ولذلك ت .4"الخارجي

وبات التخلص من الوسيط المادي . العالم المرئي على شاكلة الرد الفينومينولوجي للعالموهو ما . التجريديين مطلبا ضروريا عند ) Tableau du chevaletاللوحة المسندية (

كعزز لديهم البحث عن وسائل أخرى تدر دعبها الحقيقة الفنية بديلا عن عالم مرئي لم ي .يفي بالمطالب الداخلية للإنسان الغربي

: والجدير ذكره أن الرعيل الأول من التجريديين كانوا فلاسفة في الوقت نفسه Casimir Malevitch) 1935-1878( ملفيتتشو كاندينسكييتعلق الأمر ب

تأثروا جميعهم بالأدب الصوفي "وقد Piet Mondrian) 1944-1872( موندريانو

إليه يرجع ، Léon-Batista Alberti) 1472-1404( ليون بتيستا ألبرتيالمهندس الايطالي صاحب المقولة هو الناقد و 1 . ي عصر النهضةف Quattrocento "المربع الأساس"في فن التصوير و تأصيل مبدأ " المنظور"الفضل في تقنين

:ينظر - Jean-Luc Chalumeau, Les théories de l'art , Philosophie critique et histoire de l'art de Platon à nos jours , Paris, Librairie Vuibert , 3ème édition, mai 2002 , p.27.

هو الأول من ابتكر الفن ) Francis Picabia )1879-1953 بكابيا فرانسيسأن الفنان جورج ماتيويعتقد الفنان 2 :ينظر . بسنة بعده الذي تأخر عنه كاندينسكيوليس ، 1907التجريدي عام

-Georges Mathieu , L'abstraction prophétique , Editions Gallimard , 1984 , Collection Idées , p.32. 3 Alain Bonfand , L'art abstrait, Paris , P.U.F , 2ème édition corrigée, 1995 , coll. Que sais-je? N°2854 , p.6. 4 Ibid., p.8.

يتجمع من حولها فنية راكز لقد كانت ألمانيا وروسيا وهولندا م. 1"والأديان الشرقيةتجريد و" دائرة ومربع"وحلقتيBuhaus " مدرسة بهواس"لاسيما مع ، التجريديون

حيث يعرف ،"نيويورك"وبعد ذلك إلى " باريس"ثم يتحول مركز الاستقطاب إلى ". وإبداع نبرنات نيوماو Mark Rothko) 1970-1903( روثكو ماركالفن التجريدي مجده مع

)1905-1970 (Barnett Newman كليفورد ستيلو )1980-1904 (Clyfford

Still 1956-1912( جاكسون بولوكو (Jackson Pollock. يظهر مع هناك من يعتقد أن تاريخ الفن التجريدي عند الغرب لم ، في المقابل

ن لأ. وإنما له امتدادات عريقة مع الفن الإسلامي أو الفن الشرقي عموما، كاندينسكيقد تأثروا جميعهم موندريانو) Paul Klee)1879-1940 بول كليونفسه كاندينسكي

كما أن نبذ التجسيم . في نقل الواقع المرئي" المنظوري"بالفن الشرقي الذي يتجاوز البعد طابعا تجريديا 2، قد أضفى على الفن الإسلامي)كراهة المحاكاة(الإسلامي في التصوير

).فنون الخط والزخرفة والرقش والعمارة وغيرها(عقليا تقوم إستطيقا التجريد على تحريف الواقع الطبيعي واختزاله أشكالا رمزية ، من هنا

ن الفنان ما تريده من المشاهد و تعمل إذ تقتطع عي. تترجم ما يراه الفنان في باطنه تحديدا -Nonعلى تركيبه على نحو تقصي فيه المتشابه و تعوضه بما هو غير تشبيهي

figuratif. وسعيه ، التاريخ كله لفن التصوير الحديث" أن ميرلوبونتيولذلك يعتقد .3"يزيقيةللتحرر من نزعة الخداع وكذا لامتلاك أبعاده الخاصة، كل ذلك ذو دلالة ميتاف

مرجعها فلسفة الرؤية التي بات يصدر عنها " الدلالة الميتافيزيقية"ونحسب أن هذه يعرض خصوصيته الفنية بإلحاح Le particulierإذ صار الخاص : الفنان الحديث

وعليه يمكن .)النسق الفني الحامل لمعايير الذوق السائد( L'universelمتواتر أمام الكلي

1 Alain Bonfand , L'art abstrait , p.35. .108-94.ص، 2000، 1.ط ،دار الفكر العربي، القيم الجمالية في الفنون التشكيلية، محسن محمد عطيه: ينظر 2

، 1.ط ،دمشق، دار الينابيع، تأملات في الفضاءات البصرية للفن العربي –جماليات الرؤية ، راتب مزيد الغوثاني - .232-213.ت ،ص.د

: موسوعة تاريخ الفن ، 1999، 1.ط ،مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، موسوعة التصوير الإسلامي، روت عكاشةث - . 61-3.ص، ترى لأذنالعين تسمع وا

3 Merleau - Ponty , L'œil et l'esprit , p.61.

عن تعبيرا عميقا لكونه يعبر ، من تساؤلات الشكل في الفن الحديثثيره ما يندرك أن فالكل . "خاص ضمن التقاليد الفنية الموروثةحضوررغبة الفنان الحديث في أن يكون له

) شكلها(يجعل من كل خصوصية تبحث عن فرديتها ، مما 1"ينتظر اكتمال أناه العميق .ضمن هذا الكلي المخيف على نحو تجد لذاتها مكانا جغرافيا

ولا غرو أن يعرف الفن الجزائري الحديث بعضا من هذه الإشكالات المعرفية الحصول على منح للتكوين عن طريق بفعل الاحتكاك المباشر مع الغرب، والفنية

أو غير المباشر من خلال قراءة المطبوعات ،وبمعارضهم بالخارج، والاحتكاك بالفنانينذلك أن غالبية الكتابات ). المنسوخة(لاع على عدد من الأعمال الفنية الحديثة الفنية والاط

ينضاف إلى .تقرن الحداثة بحقبة الاستعمار الفرنسي في الجزائر –على قلتها –الفنية ) 1954-1886( أزواو معمريأمثال ، أن الرعيل الأول من الفنانين الكلاسكيينذلك

قد تكونوا في أجواء ، )1988-1915( محمد تمامو ) 1979-1906( عبدالحليم همشو، وهي أجواء كفيلة بترسيخ التبعية L'acculturation occidentaleالمثاقفة الغربية

التشكيلية للآخر المهيمن من حيث الأسلوب والشكل وكذا الرؤية التي يصدر عنها الفنان . الجزائري

) 1971-1896( محمد راسمسم الفنان هذه الفترة إغفال ا يغير أنه لا يمكن فالتي تميزت ) 1988-1931( باية محي الدينرائد المنمنمات في الجزائر، وكذا الفنانة

وقد احتفى بلوحاتها الكاتب .2"بالفطرية وبالتكوينات الزخرفية الجميلة الساذجة"رسوماتها أن تلتقي ويحدث 1947عام 3بباريس André Breton) 1966-1896( أندريه بروتون

.Pablo Picasso) 1973-1881( بيكاسوبالفنان هما في ممنعرجا – 4"بجيل الثلاثينيات"أو ما يطلق عليها –الخمسينيات توشهد

من ، تبلور الاتجاهات الفنية الحديثة بالجزائر، لا سيما الاتجاه التجريدي وشبه التجريدي

1 Paul Klee , Théorie de l'art moderne , Edition et traduction établies par Pierre-Henri Gonthier , Edition Denoël , 1964 , coll. Folio/Essais n°322 , p.14.

.33.ص، 1988، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، الحركة التشكيلية المعاصرة بالجزائر، إبراهيم مردوخ 2Voir : Malika Dorbani Bouabdellah, La peinture en Algérie à la recherche de son style , in : Le XXe siècle dans l’art algérien, p.26 . 3 4 Voir: Dalila Mahammed –Orfali , Algérie : Regars sur les arts et les institutions , in : Le XXe Siècle dans l'art algérien , Paris , aica press /AFAA , Djazaïr / Une année de l'Algérie en France , 2003 , p.37-39.

عبدالقادر و) 1985- 1928( ياخمامحمد اسو) 1931( عبداالله بن عنترخلال أعمال شكري و) 1921( وبشير يلس) 1991-1930( ومحمد خدة) 1996-1910( قرماز

).1931( محمود مصلي 1"مدرسة باريس"وما يميز هذا الجيل هو انفتاحه على تراثه بمقدار احتكاكه مع

يستعيد من بمثابة توازن نفسي" الشرق بالغرب"فقد كان لقاء . وإقامة معارضه في المهجرولذلك يتسم . خلاله الفنانون الجزائريون بعضا من هوياتهم المفتقدة لدى الآخر الغربي

.2التجريد عند هؤلاء الفنانين بالبحث عن أشكاله الخاصة ضمن المؤثرات العربية

، محمد خدةمكن أن نتناول ظاهرة التجريد عند الفنان ي، واتساقا مع هذه المعطيات عبد االله بن عنترالفنانون (لك من خلال المقارنة والمحاورة مع أقرانه المعاصرين له وذالمعنى لا يدشن جوهره إلا في "ذلك أن . )شكري محمود مصليو عبد القادر قرمازو

الغنائية /" التجريدية الوجدانية" وعرفت باسم ، أعقاب الحرب العالمية الثانية في الفن مدرسة باريسظهرت 1

Abstraction Lyrique واتسع تأثيرها مع الخمسينيات على وجه الخصوص 1947المنظم عام " المخيال"بعد معرض .كما كرست هذه . الذي لم يعد متكيفا مع الفضاء الحديث للوحة التجريدية" ارالإط"لقد طرحت هذه المدرسة بحدة مفهوم

Roger روجيه بسييه: نذكر من رواد هذه المدرسة . ميرلو بونتيبتأثير من فلسفة ، المدرسة مبدأ الإيماءة في التصوير

Bissière )1888-1964 (جون فوترييهو Jean Fautier)1898-1964( المولود بقسنطينة جون ميشال أصلانوJean-Michel Atlan )1913 -1960 (ألفرد منوسييهو )1993-1911 (Alfred Manessier غوستاف و

:ينظر. Gustave Singier) 1984- 1909( سانجييه- Ruhrberg , Schneckenburger , Fricke , Honnef , L'Art au XXe siècle , Sous la direction de Ingo F.Walther , Paris, TASCHEN , 2005, Volume I , Peinture par Karl Ruhrberg , p.225-234. Alain Bonfand , L'art abstrait , Op.cit , p.76-89 .

حيث تميز بأسلوبه ، مستغانمفي 1897الذي ولد عام إليكس سامجا، أصلان الفنان إلى جانب، عفيف البهنسييذكر .طوط اللينةالإيقاعي واستخدام الخ

فنانون تجريديون ( 1998 ، 1.ط دار الوليد،/ناب العربيدار الك، دمشق/القاهرة، الجمالية الإسلامية في الفن الحديث - ).227.ص، عاشوا في البلاد العربية

شاكر حسن آل سعيدتجارب سابقة لدى الفنانين العراقيين أمثال ينبغي التذكير في هذا السياق ب 2الجيلالي و) 1967- 1934( أحمد الشرقاويأو المغاربة أمثال )1939(ضياء العزاويو) 1931/1925-2004(

الاتجاه التجريدي الوجداني (والمؤثرات الغربية على حد سواء ) 1935( محمد شبعةو) 1971-1930( الغرباوي ).باريس مدرسةل

وهو ما ، 1"تجربة حضور الآخر بالمعنى الفينومينولوجي والأنطولوجي لكلمة حضور .عند كل هؤلاء الفنانين يمنح التجربة فرادتها وتميزها

كيف ندرك إذا ظاهرة التجريد في الفن الجزائري الحديث ؟ وما هي مسوغاتها الفنية التي شكلت أفقها الاستطيقي تلك بعض التساؤلات التي نحاول مقاربتها ضمن

.المبحث الأول من هذا الفصل

سؤال : مقال ضمن مؤلف جماعي ، لتخومسؤال المعنى و تجربة ا –فلسفة الجمال والعمل الفني ، حميد حمادي 1

دار الغرب للنشر ، وهران، منشورات مختبر الفلسفة و تاريخها، مقاربات في فلسفة الجمال والعمل الفني –المعنى .18.، ص2005، 1.ط ،والتوزيع

1

واكبت حيثيات التجريد في الفن الجزائري الحديث متقاربة وإن ن الظروف التيإلفنان ة إلى ابالنسب، فقد كان الظرف التاريخي للجزائر. اختلفت أشكالها التعبيرية

ولأجل ذلك كان . دافعا أنطولوجيا لمواجهة الآخر المهيمن على كل شيء، الجزائريفي سبيل استرجاع جينيالوجيتها ، الذات الاتجاه إلى الفن التجريد ضربا من البحث عن

.المستلبةتعزز المنحى التجريدي عندما انتبه الفنان الجزائري ، وانطلاقا من هذا الاعتبار

نسج الزربية (د كتنز خبرات فنية عريقة في التجريإلى تراثه المحلي الضخم الذي ي ، الطاسيليوالذهب وجداريات والرموز المنحوتة في حلي الفضة، والملابس التقليديةسؤال الموروث الثقافي والبصري موجود "ولذلك يمكن القول بأن ...).والوشم لدى النساء

وليس أدل على .هو سؤال باطني قبل أن يتم طرحه كسؤال ثقافي و فني و جمالي. قبلاربي في ذلك من أن المنزع التجريدي الذي يشكل حداثة الفن التشكيلي في العالم العولعله .1"الخمسينيات لا يجد أصوله فقط في تاريخ الفن ، بل في الذاكرة البصرية عموما

لا نجانب الصواب إذا ما اعتبرنا أن الموروث البصري قد أيقظ الوعي ، من هذا الجانب .الجمالي لدى الفنان العربي تجاه التصوير التجريدي الموجود عند أسلافه

إلى التجريد من باب استحضار الذات وتوثيق صلتها ولذلك يأتي الالتفات . عبد القادر قرمازمثلما نجد ذلك في أعمال الفنان ، بكينونتها العرفانية

ولذلك تأتي ، مشاهدها التشكيلية من الكون الفسيح قرماز 2تستخلص تجريدية فإذا. ونوكأنها شظية من شظايا الك، الطبقات اللونية عنده متشبعة بالإشعاع الضوئي

. 112.، ص2005، منشورات وزارة الثقافة، الرباط، الصورة والحداثة البصرية –العين و المرآة ، فريد الزاهي 1ضمن ، 1992و، 1990، و1975و، 1972و، 1965و، 1960الموقعة في سنوات قرمازاطلعنا على لوحات الفنان 2

Editions Algérie Littérature/ Action , n°65-66 , novembre-décembre2002 , Paris , MARSA :لةعدد خاص صادر عن مج

Guermaz, Sans titre, huile sur toile, 1965, 50 x 41 cm (Coll. Part)

نلمح تكوينات مصغرة بأشكال ) سم 41× 50، 1965، بدون عنوان( 1تأملنا لوحة زيتيةأما تلك التكوينات . هندسية متنوعة تظهر بالتوازي مع خطوط عمودية متقطعة بالأسود

bleuالمصغرة فتتباين في تدرجاتها اللونية من أصفر فاتح وأزرق لازوردي اصطناعي outremer artificiel وبرتقالي ووردي فاتح بجوار الوردي ، بجوار أزرق فاتح

وهو ما يمنح هذه اللوحة شعرية . من دون أن نغفل البقع السوداء والبيضاء، الحيويبفعل التناغم الحاصل بين الخلفية التي يمتزج فيها الرمادي بالأزرق ، بصرية كبيرة

.تغمرها النقط البيضاء وانعكاسات الخطوط العمودية التي ، اللازورديولذلك يطرح التشكيل البصري لهذه اللوحة علاقة المتخيل بالتشكيل اللوني في بناء

، موغلا في التخييل عبد القادر قرمازوهو ما يجعل التجريد عند الفنان . المشهد التجريدي . ح بالأبيضلأنه يتحرى إيقاظ شحنات تعبيرية دفينة من وراء الألوان الشفافة التي ترش

Donato Rodoni رودوني دوناتوولأجل ذلك يقول الفنان في حوار أجراه معه

وهذا النور يجئ من ..في اللحظة التي أتجرد فيها، أكون نورا: " 1992بباريس عام وفي هذا القول ما ينم عن صفاء روحي . 2"فأنا اللوحة واللوحة إشراقي...صمتي الداخلي

تعادل مشهدا " التجرد"فلحظة . في خضم انشغاله بلوحته قرمازإليه الفنان كبير يصل لا يوجد فاصل بين ذاتية الفنان عليهو، تشكيليا خالصا يراه الفنان ملونا في وعيه الباطن .3وذاتية اللوحة بحكم ما يجمعهما من عرفان صوفي

1 Algérie Littérature/ Action , n°65-66 , novembre-décembre2002 , p.31.

.7.صنفسه، المرجع 2يراد به العلم الحاصل من غير كسب ولا تعمل للعبد " العلم اللدني" / "العلم العرفاني"العرفان الصوفي أو مايطلق عليه 3

،بيروت ،دار الكتب 1.، ط عبد الرزاق بن أحمد بن محمد القاشاني ، لطائف الأعلام في إشارات الإلهام:ينظر. فيهفهو والمعرفة ) عرف(العرفان في اللغة العربية مصدر "أن محمد عابد الجابريويذكر . 323.،ص2004العلمية،

وقد ظهرت كلمة عرفان عند المتصوفة الإسلاميين لتدل عندهم على نوع أسمى من المعرفة، يلقى في ...بمعنى واحد بنية العقل العربي، بيروت،مركز دراسات الوحدة العربية،: ينظر كتابه. "القلب على صورة كشف أو إلهام

.251.،ص2،1984.ط

بصمة "بعنوان مازقرنعثر على لوحة زيتية أخرى للفنان ، وفي السياق نفسه عن عبارة واللوحة ).سم Empreinte du cosmos1 )1975 ،162 ×130" الكون

.62.ص، نفسه 1

Guermaz, Empreinte du cosmos, huile sur toile, 1975, 162 x 130 cm (Coll. Part)

عن بعض العلامات إلا تبين لا مساحة بيضاء يمتزج فيها البني الفاتح بالرمادي الفاتحيخترقها نور ) على المستوى الأفقي(هر أن هناك ثلاثة مشاهد لونية ويظ. الطوبوغرافية

لا يستطيع ، مما يجعل اللوحة أقرب إلى ضباب كثيف، )على المستوى العمودي(اطني بوالمميز في هذه اللوحة هو كونها تؤلف . الرائي فيه أن يلمح إلا ما يوجد بالقرب منه فقط

فضلا عن لمسات البني. تجاورا طريفا ما بين الأبيض الشفاف والسواد المشبع بالبياض ألان بوسكيهو لذلك يعتقد الناقد بعدا وجدانيا إلى المشهد التشكيلي كلهالفاتح التي تضفي Alain Bosquet ق ما بين الغموض والبداهة قرمازالفريد عند "أنفوإذ : هو كونه ي

. 1"طوعا هيغدو الغامض لديه أليفا من دون حاجة إلى استئناسوإنما يتوسل ؛اته اللونية داخل الأبيضوكأن الفنان لا يبتغي إطلاقا أن يقيد طبق

وهو السبب الذي من . لكي ينعم بالنظر إليها ضمن فضاء مطلق، تحريرها خارج المرئيذلك أن التخوم التي يشتغل عليها . عتبة للتعالي على الموضوع" الكون"أجله يتخذ الفنان

.المشهد اللوني تستشرف أفقا تخيليا أكبر من الموضوع ذاته قرمازيمكن القول إن البعد التجريدي عند الفنان ، واتساقا مع هذه المعطيات

لأجل –ولا غرو . يستدعي إدراكا تخيليا في استيعاب المشهد اللوني وتكويناته البصرية. أن تتحمل الطبقات اللونية إشعاعا باطنيا يحيل في الغالب على تخومها اللامرئية –ذلك

Rite du bleu2" الأزرق طقس"نجده في اللوحة الزيتية الموسومة بوذلك مثل ما فاللوحة عبارة عن طبقات لونية ذات تكوينات هندسية مصغرة ). سم 66× 54، 1992(

يتدرج المشهد . وأخرى مكبرة عبارة عن مستطيلات متقاطعة، في وسطها خاصةفاتح الذي تتخفف خاماته حتى فهناك البني ال: التشكيلي لونيا من الأسفل تجاه الأعلى

وتنتشر بجوار هذا البني الفاتح لمسات من الأسود .يقترب من الأصفر الفاتح فوق الأبيضبطبقة لونية سوداء يعلوها برتقالي ) في جانبها العلوي(اللوحة يوالأزرق، في حين تنته

bleu outremerيشوبه البياض بالزرقة حتى ينتهي إلى أزرق لازوردي طبيعي naturel.

1 Alain Bosquet , Le mystère familier de Guermaz , in: Algérie Littérature / Action , Op. cit , p.8. 2 Ibid., p.73

Guermaz, Rite du bleu, 1992, huile sur toile, 54 x 66 cm (Coll. Part)

أقرب إلى الحلم لأنها تعمق من نبرة البياض في جميع " الأزرق طقس"تبدو لوحة

و كأن البياض مسكن هذه التكوينات التي تظهر ، أرجاء اللوحة حتى تنتهي إلى الزرقةوما الزرقة التي يصل إليها المشهد اللوني غير عتبة يتجلى فيها . حينا وتختفي حينا آخر

تنحو ، ولأجل ذلك.به الحلم وقد استقر فيه كل ما كابده البياض من تحولات باطنيةما يشلكونها تستند إلى رؤية باطنية تشكل ما تراه ، منحى وجدانيا وروحيا قرمازتجريدية الفنان

ويدفع بالنظر إلى مطلق ،المشهد اللوني من تراكمات خارجيةعلى نحو يتخلص فيه .الصفاء

لا يختلف كثيرا عن قرينه عبد االله بن عنترأن المسار التجريدي لدى الفنان ونعتقدد وفي الفترة الأولى من وج" مدرسة باريس"بحكم التأثرات الوافدة من ، عبد القادر قرماز

. والاستطيقي منفردا غير أن كلا منهما يظل اشتغاله اللوني. الفنانين بباريس على الأقلتشتغل على تركيب الألوان الحارة االله بن عنتر عبدالفنان 1ك أن لوحاتوليس أدل من ذل

وكأن اللوحة احتفال بالغامق ضمن شفافية الفاتح الذي يكاد يكون ، بجوار الألوان الباردة .قطعا زجاجية ملونة

130، 1981، لوحة زيتية( Le bois d'amour 2"غابة الحب"فإذا تأملنا لوحة إذ . ا مشهدها شبكة من التكوينات المتقاطعة التي تظهر من خلف الألوان، لألفين)سم 97×

وهذه الدائرة ، هناك دائرة بيضاوية تأخذ المستوى الأمامي كله عدا الزاوية اليسرى السفلىوالأصفر الذي jaune verdâtreينتشر فيها الأصفر الفاتح إلى جانب الأصفر المخضر

ذلك هناك لمسات بالأسود والبنفسجي وإلى جانب jaune vertخضرار لإيميل إلى ا .يعلوه بنفسجي bleu verdâtreأما بقية الجزء العلوي، فيتكون من أزرق مخضر . الفاتح

، 1993و، 1992و، 1991،و 1989و، 1981الموقعـة فـي سـنوات رعبد االله بن عنتاطلعنا على لوحات الفنان 1 Algérie Littérature / Action , n°71-72 , mai-juin :وذلك ضمن عدد خاص صادر عـن مجلـة ، 1997و، 1995و

2003. 27.مرجع نفسه، صال 2

Abdallah Benanteur, Le bois d’amour, huile sur toile, 1981 (130 x 97 cm),

Galerie Claude Lemand, Paris

هكذا يتخذ التشكيل البصري لهذه اللوحة بعدا جماليا متناغما لكونه يتخيل مشهدا بهذه الخامات اللونية المركبة من طبيعيا تصنع فيه كثافة الأشجار جوا ربيعيا شفافا

سواء منها –وقد أضافت اللمسات السوداء . الأصفر والأخضر انطلاقا من الأبيض

. شحنات تعبيرية إلى مشهد اللوحة كلها -الكبيرة أو ما يحيط من حواليها بالنقط الدقيقة

. ية يتم عبرها تأمل الباطنعن ممكنات لون عنتر عبد االله بنيبحث التجريد لدى الفنان إذ يستشرف عتبة غير اختبار تجريدي "غابة الحب"إذ ليس ذلك الانفتاح المضيئ في لوحة

ما يعبر عنه ( يشبه الغابة في تضليلها القاتممجازا كثيفا " المحبة"ميتافيزيقية ترى في من لحظة الدهشة ق في انفتاحها المتفائل الذي يعمو. )البنفسجي وتدرجاته في علو اللوحة

.أمام التداخل اللوني بين الأصفر والأخضر في المستوى الأمامي من اللوحة

، 1991لوحة زيتية، ( En Algérie 1"في الجزائر"وتنماز في الاتجاه نفسه لوحة حيث يكثر الأزرق الفاتح مع ، بلمسات زخرفية كثيفة تشبه الغيوم )سم 120× 120

الأزرق إلى غاية في حين تزداد قتامة . جهة العلويةفي ال الأصفر المخضر وكذا الأبيض نبرات الأصفر –في الوقت نفسه –كما تتعمق ، السواد في الجهة المقابلة

فيظهر فاتحا بلمسات بيضاء وصفراء تعلوهما لمسات ، أما الوسط من اللوحة. والأخضر .rouge pourpreمن الأحمر الأرجواني

ح هذه اللوحة على حرارة دفينة تنبعث من هذه اللمسات الأرجوانية تنفت، من هناأو هناك حنينا أكبر لتلك الوشائج ، التي تترك انطباعا بأن هناك ألما يعكر صفو الوطن

غير أن تعالقاته المتداخلة ، ومن ثمة لا يبين المشهد اللوني عن أفق معين.الحميمة معه .تمنح تدفقا جماليا في جميع أرجاء اللوحة، في تدرجاتها الخامات اللونية المتباينةذات

يتوخى تحريك الرؤية إلى اللون بلمساته عبد االله بن عنتروكأن التجريد عند الفنان لا يغدو النظر منطلق متعة حسية ، رفقة التصوير التجريدي" ذلك أنه . المتجاورة لا غير

وهو ما .2"للامرئي الذي يظل خفيا مادياوإنما مغامرة روحية مدعوة إلى اختراق اإذ تغمره الألوان بانتعاش روحي خاص لا يملك ، يستشعره الرائي تجاه لوحات الفنان

.حياله غير التأمل حتى يستوعب ما يراه أمامه

1 Algérie Littérature / Action , n°71-72 , p.37. 2 Jean-Jacques Wunenburger , Métamorphose du regard et transfiguration du réel dans la peinture abstraite , in: Montrer l'invisible – Actes du colloque des 18-22 mai 1992 , p.46.

Abdallah Benanteur, En Algérie, huile sur toile, 1991 (120 x 120 cm),

Galerie Claude Lemand, Paris

Abdallah Benanteur, Compagne, huile sur toile, 1993.

50، 1993، لوحة زيتية( Campagne 1"البادية"بالإمكان أن نمثل أيضا بلوحة و

وإلى جانبهما ، و هي لوحة يتساوق فيها البنفسجي بجوار الأحمر الأرجواني ).سم 150× تعطي بعض اللمسات ، ولأجل ذلك. قة الأصفر والبنفسجي الفاتحينينتشر الأبيض رف

في لحظة تكاد " البادية"ظهر تإذ . بالأخضر المخفف جانبا غرائبيا على المشهد الطبيعيحتفل بالألوان الغامقة لكونها علامة ت–على الرغم من ذلك – هابيد أن، تكون مظلمة

. ةزالممياختلافه لأنها تحيل على ثقافة الضفة ؛ولا غرو أن تكون هذه الألوان الغامقة ذات دلالة

،أيام 1953فقد ظل مقيما بباريس منذ ( عبد االله بن عنترالأخرى التي انفصل عنها الفنان ، فهذا البنفسجي الغامق تعرفه كثيرا الأرياف الجزائرية. )ةمحمد خدصحبته مع الفنان

فيكون . لأنه يستمد مرجعيته العريقة من صبغ الأوشام التي كانت تصنعه الأمهات لزينتهنالشكل لا أتأثرب" :وهو القائل، توظيف الفنان لهذا اللون من باب الاستئناس بذاته المغتربة

و لذلك .2"هو ما يؤثر في تأثيرا خاصا طنيإلى ولحنين وإنما هذا ا، المنظر الطبيعيبولا يتوسل التواصل مع ذاته بن عنتر عبد االلهإن المنحى التجريدي لدى الفنان ، يمكن القولو ما اشتغاله اللوني على مجاورة التخوم القصوى للفاتح والغامق، إلا وعيا .الأنطولوجية

يتحرك هذا السببول. عالقة في ذاكرته البصريةجماليا عميقا بتلك الترسبات التشكيلية الفي –ولا ينأى . حيث يجد المعنى امتلاءه القصدي، اللون بحثا عن امتداداته الجغرافية

بعيدا عن هذا الاشتغال البصري العريق شكري محمود مصليمسعى الفنان –هذا الصدد لتفات إلى التجريد يستمد وهو ما يؤكد مرة أخرى أن الا. في أشكاله وعلاماته المحلية

.روافده من التراث البصري الذي تختزنه الهوية الذاتية للفنان الجزائري Groupe 3"أوشام"بجماعة شكري محمود مصليولا شك أن ارتباط الفنان

Aoucham المنشور 1نص البيانذلك نعرض جل ولأ .بعيد في أعماله أثر قد كان له

1 Algérie Littérature / Action , n°71-72 , p.93. 2 Algérie Littérature / Action , n°71-72 , p.8.

، سعيد سعيداني، وباية محي الدينو، شكري محمود مصلي: من الفنانين الآتية أسماؤهم " أوشام"تتكون جماعة 3 . محمد بن بغدادو، دونيز مارتينازو ،أرزقي زرارتيو، مصطفى عدانو، حميد عبدونو ، دحمانيو

ثم نلتفت بعد ذلك إلى عينة من لوحات الفنان ، 1967س مار 1في " أوشام"لجماعة أما الأول فيتمثل في الاهتمام النقدي : وتأتي مسوغات عرضنا لهذا النص لسببين . مصلي

ويتمثل السبب . والغربية على حد سواء الواسع الذي حظي به في الأوساط الفنية العربيةي العام الذي نشتغل عليه ضمن هذا الثاني في اندراج هذا النص ضمن السياق التجريد

.المبحث الأول من هذا الفصل

)النص المترجم(" جماعة أوشام"بيان مد هنا إلى ترجمة نص البيان كله، للسببين المذكورين أعلاه ؛ ونحيل القارئ نع

:على النص الفرنسي المثبت في ملحق هذا البحث

وقد واصلت وجودها إلى غاية . رة الطاسيليعلى جدر مغا، منذ آلاف السنين" أوشام"ولدت "تبعا لتغيرات التاريخ ؛ لقد دافعت عنا و بقيت كذلك ، يومنا الحاضر، تارة سرا و تارة أخرى جهرا

أظهرت العلامة السحرية ، وتحت أشكال متعددة. على الرغم من الغزوات الوافدة منذ العهد الروماني إثر ذلك حتى وإن تعرضت هذه الأشكال، مل الأمة لدهر طويلتجسد فيها أ، محافظتها لثقافة شعبية

وعبر الحقب كلها، كانت هناك صرامة مثقفة من ، وهكذا. لبعض التدهور بفعل التأثيرات الأجنبيةقد صانت نفسها ووجدت ، ميزة حضارتنا من الشمال إلى الجنوب، الحرفيين –خلال أعمال الفنانين

.وينات الهندسية خصوصالها تعبيرا في التك

ليس فقط في بنى الأعمال ، أنها وجدته" 1967أوشام "إنه هذا التراث العريق الذي تؤكد الذي أغفل ، التجريد الغربي المعاصرتجاه وبمنأى عن أي مجانية . وإنما في حيوية اللون أيضا

الأمر بالنسبة إلينا بتحديد يتعلق . الدروس الشرقية والإفريقية التي أخذ بميسمها الفن الرومانيأي انطلاقا من ، القادرة على التعبير عن العالم الذي نعيشه، الأصول الحقيقية والنقوش الحقيقية

وكذا بتجميع العناصر التشكيلية كلها المبتكرة هنا أو ، التيمات الصريحة الكبرى للماضي الجزائرييتعلق الأمر .مرت بالأمس وبعثت من جديدوذلك من خلال حضارات العالم الثالث التي د، هناك

المؤسسة ، الجزائر، كيلية المعاصرة بالجزائرالحركة التش، إبراهيم مردوخ - :ينظر ترجمة عن سير أولئك الفنانين في .104-65.ص، 1988الوطنية للكتاب ،

- Achour Cheurfi , Mémoire Algérienne – Dictionnaire biographique , Alger , Editions Dahlab , 1996. :بالإمكان الاطلاع على نص البيان في 1

1- Mesli , Gouaches et monotypes , Alger , Galerie M'hamed Issiakhem , du 20 novembre au 15 décembre 1986. 2- Le XXe siècle dans l'art Algérien , Op. cit , p.85.

3- Françoise Liassine ,Choukri Mesli ,Alger ,ENAG Editions,2002, p.74.

بإدراج الحقيقة الجزائرية الجديدة تحت التكوين ضمن الإنسانية الكونية من النصف الثاني من القرن . العشرين

على عاتقها استعادة التيمات الأسطورية الكبرى التي ظلت " جماعة أوشام"لأجل ذلك تأخذ الذي استولى عليها بعنف الاستفزازات جراء الفواجع ، فرديبترميز الانفجار الوجداني ال، حية

.التي تلقي بكاهلها على الفنان، الحالية لإفريقيا أو آسيا

و نحسب أننا بينا انشغالاتنا . نقصد التوضيح أن العلامة أقوى من القنابل لكونها سحرية أبدا .المتماثلة مع بعض شعرائنا الجزائريين

فنانون وشعراء تسخير القوى المبدعة الفعالة ضد إذااب " الوشميون"يعلن ،رؤاة واقعيون ".الرداءة الجمالية

–دحماني –زرارتي -بن بغداد -باية -مارتيناز –سعيداني - عدان -مصلي عبدون

؟ وما هو بطرحها " جماعة أوشام" تنشغلاما هي الأبعاد الجمالية إذا التي إليه ؟ ميالتجريدي الذي تنت يارلتا

عريقة من " أوشام جماعة"أعلاه أن المرجعية التي تستند إليها نص البيانيوضح وهي بذلك امتداد لهذه ".الطاسيلي"عراقة الرموز المنقوشة في ، حيث وجودها التاريخي

اهتمت ، كولأجل ذل. الثقافة المحلية التي حافظت على الهوية الوطنية عبر آلاف السنينلكونه كفيلا بتحصين ، الأعمال الفنيةفي باستثمار هذا الموروث البصري " أوشام جماعة"

، فالأخذ بهذه العلامات الجمالية وتجديد سياقاتها التشكيلية. الثقافة من غزو الآخر المهيمن بالاختلاف الذي يضمن شرعية الحضور –من قبل هذه الجماعة –يترجم وعيا جماليا

.والتميز الفرديالمحلية التي تلأنه يعبر رمزيا عن المشكلا" بالواقعية"يتسم التوجه التجريدي

ومن ثمة يسعى هذا التوجه إلى فرض خصوصيته . أفرزها الواقع الاجتماعي للعالم الثالثي لذلك يدافع الأفق التشكيل. التجريدية أمام ما يطرحه الآخر الغربي في نسقه التجريدي

عن كون التجريد ميراثا حضاريا ينبغي استعادة أشكاله و تفعيل علاماته " لجماعة أوشام" .ضمن ما يجري إبداعه في الفن التشكيلي المعاصر

Mesli, Algérie en flammes, 1962, Huile sur toile , 65x100 cm

ولا عجب أن يضم هذا الأفق التشكيلي الشعر أيضا، لأن الموروث البصري بلاغة الصورة الشعرية على حد يجد له تعبيرات مجازية متباينة عبر الصورة الأيقونية و

في مجال توظيف التراث ، 1مما يجعل التعالق بين الفنون حقيقة لا مفر منها. سواء ولاشك أن المعرضين الذين شهدا عرض الفنانين . بأبعاده الإنسانية الخصبة) الأوشام(

حاولت الذي" الاختلاف"يوضحان بعضا من ، )1971و 1967(" لجماعة أوشام"المنتمين محمود شكري مصليوهو المسعى الذي كرسه الفنان . التعبير عنه و نشره هذه الجماعة

عنه مطلقا في رفحنحدا لم ي" ببيان أوشام"ملتزما " أوشاميا"بوصفه ، في أعماله الفنية .مساره الفني

زائرجال"بعنوان 2من خلال لوحة زيتية، وبالإمكان أن نقترب من أعمال هذا الفنانواللوحة عبارة عن مشهد .)سم Algérie en flammes )1962 ،65×100" تحترق

يشوبها )أحمر قرمزي بجوار أحمر برتقالي(تخيلي يتكون من قصاصات ألوان فاقعة تترك هذه اللوحة رائيها يركب بنفسه الحقل البصري الذي تتكون فيه هذه .بياض وسواد

فق التخيلي ليؤلف ما يشبه بقايا مدينة يحتفظ بعلاماتها ولذلك يتسع الأ. الأيقونات اللونيةوكأن المشهد التشكيلي ينذر بزحف الفراغ القاتم القادم . رأس وهمي بفعل التقنية المختلطة

مما يمنح . نتيجة الطبقة اللونية التي يمتزج فيها السواد بالبنفسجي، من الهامش اللونيلذلك و. اتها اللونية تخوم الأشكال المرسومةاللوحة مسحة تجريدية خاصة تغطي بنبر

على جذب الحركة تجاه المركز في )انطلاقا من الألوان الحارة( يسعى الاشتغال اللونيوتعويضه بتقاطعات خطية بالأسود تحيل ، سبيل كسر أفق التلاشي الذي يظهر في اللوحة

.collageالإلصاق المشهد التشكيلي إلى تكوينات هندسية قابلة للتركيب عن طريق ةله مصبوغ ةيمكن أن نتوقف عند لوح، مصليوفي مستوى آخر من أعمال الفنان

Palimpestes" تينهينان طروس"تندرج ضمن معرضه الموسوم )(gouacheبالغواش

طاهر ال، أحمد حمدي، عمر أزراجمع نصوص شعرية كل من دونيز مارتينازينظر الألبوم الفني الذي أنجزه 1

1983سنة Publisud/ ENAP، الصادر عن مصور بولنوارد، عبد الحميد لغواطي، الحميد طيبوشي عبد، جاووت . Bouches Incendies محمومة فوهات: بعنوان

2 Mesli , Catalogue , Musée national des beaux-arts , Mois du patrimoine 2003 , p.2.

Mesli, Composition , 1990, Gouache sur carton, 65x100 cm

de Tinhinan ، الذي أقامه الفنان بالمركز الثقافي الفرنسي بالجزائر العاصمة عام1990.

مقسمة إلى )سم 100×65غواش،،Composition )1990 1"تكوين"لوحة تظهر أما القسم ، حيث يحوي القسم الأول مشهدا تشكيليا تحيط به زخرفة هندسية ملونة، قسمينويجمع القسمين إطار ملون بجملة الألوان . عبارة عن زخرفة هندسية متباينةفهو الثاني

مثلان يمن اللوحة ألفيناه يتكون من رمزين الأولفإذا أتينا الشق . المستعملة في الزخرفةزين جسديهما أشكال هندسية بالأبيض الناصع تامرأتين واقفتين عن اليمين واليسار،

من ، ناوتتألف الخلفية التي تظهر من خلفهما المرأت. والأحمر القرمزي وحواف سوداءكما نلمح . من الفاتح إلى القاتم والأزرق بتدرجات متباينة بعض اللمسات بالأبيض الناصع

وفي الوسط ، البني الفاتح بشكل خط يجاور المرأة الواقفة على اليمين يشبه الأفعىبالوزر يعتني " وبالخط المغربي نقرأ فيه عبارة " تيفيناغ"علامات بالأحمر مكتوبة بخط

.لمرأةتتلوها علامة صليب بالأبيض على الجانب الأيسر من ا" شكرا لمن لبى

جذبة "كما نقرأ ما بين المرأتين عبارة بالخط المغربي بالأصفر الفاتح تفيد ما معناه هذا ويتشكل الشق الثاني من اللوحة من زخارف هندسية تتكون من معينات ". درويش

ومربعات تمتلئ بخطوط عمودية أو مثلثات ودوائر تقوم على التقابل اللوني مابين الأسود .لأحمر والبني الفاتحوالأبيض وا

هكذا تغدو اللوحة نزهة للعين تنتقل ما بين فضاءين متناغمين من حيث النسيج وكأن المشهد التشكيلي في جزئه العلوي من اللوحة يحيل ضمنيا على . اللوني المتنوع

بحكم أن غالبية العلامات تستمد، الهامش الزخرفي الموجود في المساحة المتبقية منها. تشكيلها من خلال الإيقاع الذي يضفيه الاشتغال اللوني على التكوينات الهندسية المتواترة

.نفسه للوحة لم يسلم من هذه الزينة الزخرفية على نمط الفن الإسلامي 2بل إن الإطارإلى مفهوم مصليينحو فعل التشكيل عند الفنان ، واعتبارا من هذه المعطيات

.غنائها بكل الرموز التي تحرك كينونتها الأصيلةإلبصري للوحة من خلال الارتواء ا

2 Françoise Liassine ,Choukri Mesli ,Alger ,ENAG Editions ,2002 ,p.210-211.

Révolution africaineفي مجلة علي الحاج الطاهرأجراه معه الرسام والصحفي مصلي في حوار مع الفنان 2فنحن . يصدر إطار اللوحة عن رؤية غربية: "...يقول الفنان ، 1257:ع/ 1988أفريل 1مؤرخة في ) الجزائر(

غير ، بالطبع تكون المساحات محددة في أعمالنا. تمتد زخرفة الفن الإسلامي إلى ما لا نهاية. المشرقيين لا نمتلك إطارا ..".ويتحدد انطلاقا من خارج الإطار ،ينفجر تصويري خلف الإطار. أن أشكالنا تتجاوز المساحات التي ينضوي ضمنها

Mesli, Ancêtres éponymes, 1974, huile sur toile, 65x100 cm

–الحسي/ على سبيل تدوين الموروث البصري–إذ يختزن الجسد الأنثوي بجانب الكتابة المرأة الدال عليه جسد (مستمر الخصوبة الروحية التي تمنح الإخصاب طاقة للتجدد ال

وهو ما يترجم هذا التناسل الزخرفي للأشكال المحيطة بالمشهد ). الحبلى من جهة اليسار .التشكيلي كله

لوحة زيتية،،Ancetres éponymes"الأسلاف الرموز(" 1ولا تنأى اللوحة الثانيةى فيها رمز المرأة حيث يتجل ؛بعيدا عن هذا الأسلوب) سم100×65، لوحة زيتية ،1974

و من خلفها أسلحتها و كأنها أوشام علقت بلباسها التقليدي المزخرف تينهينانالطاسيلية يشتغل المشهد التشكيلي على الألوان الغامقة حيث تتخذ الأشكال الزخرفية . على الجدار

الزمردي والأخضر الأحمر الأرجواني بجانب الأسود) الدوائر و المعينات و المثلثات ( أما الخلفية فيطغى عليها الأصفر الطيني يشوبه بعض من الحمرة والرمادي . والبني القاتم

وبعض من العلامات الزخرفية المنتشرة تشبه المعلقات المنسوجة التقليدية فضلا عن كون .أرضية اللوحة غامقة يكثر فيها السواد والبنفسجي القاتم

للوحة على تشكيل بصري غني بالعلامات الجمالية هذه ا اتتنفتح سيميائي، من هناولا نعدم لهذا التوظيف من وعي جمالي بالإمكانات اللونية . التي تطفح بالتاريخ والتراث

من مصليولا غرو أن يمتح الفنان .المميزة لأصباغ سكان التوارق وأساطيرهم العجيبةحيث ؛الرمزي للمتخيل الجمعيهذه العلامات بعدا تجريديا يطرح من خلاله التشكيل

فالفنان في هذا المقام يختبر أصباغه . يستعيد وهج الألوان الترابية وطقوسها السحرية .الذاتية حتى يمنح لوحاته امتدادا بصريا لا متناهيا

يسفر ما تقدم بيانه من مقاربة في بعض النماذج التجريدية من الفن ، وعليهأن كل فنان من أولئك الفنانين المذكورين في هذا المبحث، يمثل ب، الجزائري الحديث

على الرغم من انضوائهم جميعا ضمن –تجربة متميزة في جوانبها التقنية والتعبيرية ونحسب أن مرجع ذلك مرده إلى طابع التفرد الذي يميز جوهر الإبداع . التيار التجريدي

عن الخبرة بالمعنى الفينومينولوجي الصدد في هذا الحديثنستحسن ولذلك . عموما

1 Françoise Liassine, Choukri Mesli , p.1 33.

محمود شكري و عبد االله بن عنترو عبد القادر قرمازذلك أن كلا من الفنانين . حصرا .لا يطرحون في أعمالهم غير خبرتهم التشكيلية في التجريد مصلي

الذي هيأنا لأجله حيثيات -في هذا السياق محمد خدةومن ثمة تأتي خبرة الفنان . أيضا" بالاختلاف"ضمن تراكمات تشكيلية تتميز " اختلافه"قصد استيعاب -المبحث هذا

نفسه واحدا 1خدةالذي يرى فيه الفنان " جيل الثلاثينيات"فلم يكن بالإمكان أن نتجاوز –من دون أن نعرض " اختلافه التجريدي"و لم يكن بالإمكان أيضا أن نتحدث عن . منهم

لأن العينة التي توقفنا عندها من أعمالهم ، أقرانه المعاصرين له" فاختلا" –في المقابل دى كل واحد منهم حدوسا عن زخم تجريدي لا يزال يختبر ل اقيعم استكشافا كشفستت

وعرفانية في غاية من التأمل البصري واللوني الذي يستعطي مجالا أوسع مما تصويرية .خصصناه في ثنايا هذا المبحث

ينزع إلى الخلاص عبد القادر قرمازلنا أن الاتجاه التجريدي لدى الفنان تبين لقد نتيجة التوجه العرفاني للفنان الذي يدفع به إلى تخوم ، اللوني في مشاهده التشكيلية

ذلك أنه . ميتافيزيقية تحفظ للأبيض حجابه اللامرئي الذي ينفذ من خلاله إلى معانقة الكونمنذئذ لا يكون النظر مدعوا . مرئي يخلف أثرا في المرئي وحسبشيء ما فيما وراء ال"

الهاوية التي لا ، الضفة الباطنية للعالم بل أن يستدير اتجاه، للإبصار و التريث عند المرئيوهو الأمر الذي نعتقد حصوله في الأعمال الأخيرة للفنان .2"ندرك منها غير الحواشي

اللوحة من تراكماتها اللونية المركبة وتبتغي بناء حيث تتجرد ، عبد القادر قرماز .مشاهدها بين تخوم الأبيض و الأسود

بالتواشج عبد االله بن عنتريتميز المنحى التجريدي عند الفنان ، وفي المقابلإذ يغدو المشهد اللوني في اللوحة مجالا ، الروحي بين الألوان الدافئة والألوان الباردة

النور محيطة دوما / ولذلك تأتي بقعة الضوء . ن بؤس المشاعر الإنسانيةلإيقاظ المخيال ملتترك انطباعا بأن هناك بحثا دائبا عن اندهاش ما يجد مبرراته ، بطبقات لونية غامقة

:ينظر كتابه 1

Feuillets épars liés - essais sur l'art , Alger , SNED , 1983 , p.43-44. 2 Jean- Jacques Wunenburger , Métamorphoses du regard et transfiguration du réel dans la peinture abstraite , in: Montrer l'invisible , Op. cit , p.43.

محمود مسعى الفنان –بشكل ما –وهو ما يعضده . التشكيلية في ذاكرة الفنان البصريةفقد ألفينا العلامة سندا .لة التراثية للأصباغ والأوشامفي استحضار الحمو شكري مصلي

حينا وعلى 1التوارقعلى طريقة –بصريا متواترا في صنع الفضاء التشكيلي للوحة .حينا آخر روثكوأو ماتيسإيقاع

لدى (يمكن القول إن معالم الاتجاه التجريدي في الفن الجزائري الحديث ، وعليهتستمد مرجعيتها الفنية والجمالية من مسار التكوين التشكيلي ) على الأقل "الثلاثينيات"جيل

و لأجل ذلك كان الاحتكاك بالغرب اختبارا أنطولوجيا يظهر فيه . لأولئك الفنانين أنفسهم . الفنان من خلاله وعيا جماليا بالإمكانات الذاتية التي يزخر بها موروثه البصري

قد ألقت بثقلها ، رة الجمالية المتراكمة عبر المعارض الشخصية والجماعيةونحسب أن الخب .المعرفي والتقني على مسيرة الفنان الجزائري الحديث

أفرزته تراكمات الخبرة الذاتيةوتبعا لهذا التثاقف العميق الذي ، ولأجل ذلكوهو . ات و للعالم المحيط بهافقد ترجم التجريد مستوى من الإدراك الجمالي للذ، والتقنية

مسفلا . والتعبير عنها الاشتغال اللوني في رؤية المشاهد التشكيلية –بموجب ذلك –ما وآثار أقرانه على نحو تجريدي خاص به أيضا يضيف محمد خدةعجب إذا أن يقفو الفنان

رحه الواقع الفني من وخبرته الفنية على ما يط من خلاله بعضا من رؤيته الأيديولوجيةوهو السبب الذي يدفعنا إلى مدارسة البعد .تقاليد تشكيلية محلية وغربية على حد سواء

.خدةالاستطيقي للالتزام وأثر ذلك على المنحى التجريدي في أعمال هذا الواقع الفني ؟ وكيف تعامل مع الأسلوب التجريدي خدةفكيف أدرك الفنان

ما هي محصلة تفكيره عن الفن التجريدي ؟في أعماله الفنية ؟ و

هذه بعض الإشكالات التي نحاول الاقتراب من تمفصلاتها الفينومينولوجية في هذا .المبحث الموالي

بن قيس بن صيفي بن: أفريقيش، أهم وأكبر القبائل العربية التي جاءت مع صنهاجةإلى قبيلة التوارقيرجع نسب 1

. يعرفون بالملثمين لالتزامهم عادة التلثم التوارقوبعد الإسلام بدأ . الحميري القحطاني اليمني سبأرحلة الحروف العروبية بين الكنعانيين والتوارق، الجمهورية العربية –عبد العزيز سعيد الصويعي ، التيفيناغ : ينظر

.101.،ص1.ط 2006الليبية، منشورات اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام،

2

قد ، أن الاتجاه التجريدي الذي تبناه أسلوبا فنيا محمد خدةيدرك المتتبع لأعمال . وازيا لجملة الآراء التي كان ينشرها بالصحف السيارة أو بالمجلات على حد سواءكان م

:وقد جمعها الفنان ضمن كتابين مطبوعين هما، )éléments pour un art nouveau )1972" فن جديد معطيات من أجل" -1

ون والاتحاد الوطني للفن S.N.E.Dطبع مشترك بين الشركة الوطنية للنشر والتوزيع .U.N.A.Pالتشكيلية

نشر ، )Feuillets épars liés )1983" متناثرة مترابطة صفحات" -2 .S.N.E.Dت .ن.و.ش

ويجد القارئ ضمن مقالات هذين الكتابين مواقف الفنان تجاه المسائل المطروحة من قبيل موقفه من اللوحة المسندية الغربية ومن رواد الفن الشرقي ومن: آنذاك في الفن

ولا شك أن في طرح هذه المسائل . ومن جيله ومن تراثه، تاريخ فن التصوير في الجزائرما يشير إلى متابعة الفنان لأحداث عصره عموما ومواكبته لما يجري في الفنون التشكيلية

الأفكار قصد استيعاب مقاصدها الدالة نسعى إلى مناقشة هذه، ولأجل ذلك. تحديدا .فنية والجماليةوأبعادها ال

يصب في رؤيته ، محمد خدةيتعرض إليه الفنان الأهم الذي شكالالإونحسب أن التي تعاملت مع فن اتالتعريف" إذ يعتقد أن ؛للفن التجريدي الذي ينتسب إليه

اتالنزع -نتذكرعندما –وهو شأن . تحقيرية في نشأتهافي أغلبها ،كانتالتصوير، يقصد من ورائه الازدراء صحفيا كانت كلاما فقدالخ،..ريدالتكعيبية والتوحشية والتج

في نظر الفنان –مما يدل . 1"بورجوازية حائرة من جرأة الفن الحديثيتحدث باسم لكونه

1 Khadda , Eléments pour un art nouveau , Alger , UNAP , S.N.E.D , 1972 , p.72.

تفتقر إلى حذق صحفية مجانية روجت لها كتابات تبدو أن هذه الاصطلاحاتعلى –طط في التصنيف إلى التسرع في الحكم على ويرجع الفنان هذا الش .لفن الحديثجماليات ا

في فهم المشهد التشكيلي "وخيمة"مما يفضي إلى نتائج ، 1"القراءة الأولى"اللوحة من .وتأويله

آخر غير اشيئبوصفه –أي تصوير هو تجريدي بالتعريف "ينطلق الفنان من أن فتكون ماهية . 2.."يل هذا الواقعغاية تمثنذرا وفيا لحتى وإن نذر نفسه ، الواقع القائم

–قع اقائمة على التجريد مهما كان شكلها، مادام أن نقل الو - بموجب ذلك -التصوير ي تال ي العبرةوه. أبعاده يقتضي تحويرا مبدئيا في تمثيل –وإن اتخذ أسلوبا كلاسيكيا

بداع واقع من صلب معنى التجريد متضمنا في أي تصور نروم من ورائه إ ايصبح فيهالتي تتهم الفن غير ...غير المسؤولة"ولذلك ينتقد الفنان تلك النظرات ؛ رؤيتنا الحدسية له

في حين أن الصورة تكاد ، دخيلا على ثقافتنا"أو تارة ، 3"التشبيهي بكونه فنا مستوردا لا يخفي تأثره ، لمن هذا القبيرأيا إن . 4"تكون غير موجودة في الفن العربي الإسلامي

حتلال ا ذالتي حاولت التأريخ للفن من ذات المنحى الاستشراقي الكولونيالية الفنية بالثقافةجميعها المصنفات الفنيةوسمت للفن التي 5وهي المرحلة الاستشراقية –للجزائر فرنسا . بميسمها

1 Khadda , Eléments pour un art nouveau , p.71. 2 Ibid., p.72. 3 Ibid., p.42. 4 Khadda , Feuillets épars liés – essai sur l'art , Alger , S.N.E.D , 1983 , p.48.

إن السفر إلى الجزائر أصبح بالنسبة للمصورين أكثر ) :" Théophile Gautier )1811- 1872 غوتييهيذكر الشاعر 5وهي ، مزارا للعديد من الفنانين الغربيين La Villa Abdeltif فيلا عبد اللطيفولقد كانت ". ياأهمية من الحج إلى إيطال

.وقد نقلت صورة إستشراقية عن رؤية المصور الغربي للطبيعة والأشخاص. تقع خلف المتحف الوطني للفنون الجميلة

،1983 ، 2.ط والعمارة، موسوعة تاريخ الفن ، يدار الرائد اللبنان، بيروت، الفن والاستشراق، عفيف البهنسي: ينظر .91، 54.ص، المجلد الثالث

، 1996، منشورات محمد بوذينة، تونس/ الحمامات ، المغرب العربي و فن الاستشراق، محمد بوذينة: وينظر أيضا - ). 68- 12.ص، الاستشراق في الجزائر(

دة إلى الفن إلى الدفاع عن وجود الفن التجريدي بالعو خدة محمديسعى ، ومن ثمةالتجريد الدعم الذي ينتصر إلى فكرة وهي المرجعية التي تكفل له ، العربي الإسلامي

.نبذ التجسيميوالتصور منتظما في التجريد جعل "يسعى إلى خدة محمد أن، ذكره مما يجدرو

وفي ذلك ما يشير .1"همكما يزعم بعض حظوراتالرمزي للعالم الإسلامي و ليس في المتحريم الصور الخوض في مسألة إلى أن الرسام يتجاوز الجدل الذي كان قائما حول اضمن

. إلى المبدأ الرمزي الذي يطبع مفهوم الإدراك للأشياء اخاصالتفاتا ويلتفت ؛في الإسلام. ةدجرالمذهنية الصورة الفالتفكير في الشيء هو نقله رمزيا من صورته المحسوسة إلى

ويضعه ،الرمزي للشيء حيث يستعير الفنان الشكل ؛2الفن الإسلامي هذا ينطبق علىوأنه خدةو لذلك يرى ؛ضمن علاقات تشكيلية تحفظ لهذا الشيء ماهيته المجازية التخيلية

وبخلاف التشكيل القديم الذي أدرك لصالح الزخرفة بفعل المد التجريدي؛ باستبعاد التشبيه"فقد أنتج الإسلام فنا ميتافيزيقيا استبعدت منه .ياءمظهر الخارجي للأشفي الطبيعة ال

مما يدل. 3"لى كمال روحية الإنسان وتهذيبهافهو فن التصوف الذي كان يطمح إ. الحكايةأن التجريد في رحاب الإسلام قد اكتسب خصوصيته الفنية استنادا إلى رؤيته على

ومن ثمة تحولت . يةخارج تليسو يةداخلنظرة الباطنية التي باتت تنظر إلى الطبيعة . موضوعال فت قصدا جديدا علىازاوية النظر في تصوير الواقع الخارجي وأض

ويشق لنفسه مسارا فنيا ، 1954عام بداية 4عن التصوير التشبيهي خدةينفصل ت على خبرا متبصروذلك بانفتاحه ال، يكاد يكون منعرجا تشكيليا في حياته الفنية، مختلفا

ألفينا الفنان معترضا ، ولأجل ذلك .غربياأم ربيا أم مشرقيا امغعربيا الآخر سواء أكان

:ینظر. ایة نبذ التجسیم الانساني بتحطیم الأصنام یوم فتح مكةبعض المؤرخین الذین یحددون بد محمد خدةینتقد 1

Eléments pour un art nouveau , p.32. حـول 1992محاضرات وندوات لعام ، حوار الفن التشكيلي: ضمن ، التجريد في الفن الإسلامي، مي مظفر: ينظر 2

دارة –مؤسسة عبد الحميـد شـومان ، الأردن/ عمان، يةجوانب من الثقافة التشكيلية وعلاقتها بالفنون العربية والإسلام 286-277.، ص1995، 1.ط ،الفنون

3 Ibid., p.32. 4 Michel- Georges Bernard , Khadda , p.39.

يقولون :" "غير التشبيهي" مفضلا في المقابل مصطلح، 1على بعض المصطلحات التجريديةما " غير تشبيهي"ي آخرون برسام الطبيعة ؛ أفضل عبارة صفنبينما ي، تجريدي بأنني عني. 2"هم حاضرون في لوحاتي - بطريقة ما -الإنسانو والتراب والشجرة أن الأرضدام

غير "يستند إلى مكون تشكيلي يقوم عليه الفن ، مما هو ملاحظ فإن هذا التفسيرومع العالم المرئي هو الحد الذي بموجبه يتخذ موضوع " عدم المشابهة"ذلك أن ؛"التشبيهي

عد بالأشكال المرسومة عن الدلالة الطبيعية و يمنحها طاقة يبت" غير تشبيهي"اللوحة طابعا في أعماله لا يدل مطلقا 3ولذلك يشير الفنان ضمنيا إلى أن غياب التشخيص. رمزية أكبر

الأرض والتراب "بدليل حضور ، انفصالا تاما "الواقع"أن موضوعاته منفصلة عن علىصر الطبيعي مجالا للتعالي عن طبيعته وإنما يتخذ العن".والشجرة وبشكل ما الإنسان

ذلك أن العلاقات . المألوفة، وينتج بموجب ذلك دلالات غير منتهية ضمن سياقاته البصريةفالعمل الفني . "لهذا العنصر أو ذاك ةالأيقوني لدلالةالتشكيلية في اللوحة هي التي تحدد ا

صرحأكثر مما ي حلمد، يشاهإلى الم ندسدور الإيضاح والكشف والتخيل والمشاركة وي .4"في الفرجة إجمالا

" فالتنزيه. "Figuration , concretبديلا لمفهوم التجريد الذي يقابل التشخيص " التنزيه"مصطلح أسعد عرابييقترح 1

والتنزيه كمعنى يضم ) كاندينسكيلدى (، إذ يرى الناقد أن هناك خلطا كبيرا بين التجريد بمعناه الغربي "التشبيه"ض يعارورسوم الكائنات الحية في المنمنمات ومسرح الظل والحفر الشعبي والرسم على ) التجريد الهندسي و النباتي ( الرقش رة التشخيصية والتجريدية من المماثلة مع المرئي، بينما غياب الدلالة فضلا عن أن التنزيه يخلص الصو... الزجاج

عن المناظر التجريدية لا تنفي عنها صفة الانطلاق من نواظم المرئي، وهذا يعني أنه في العديد من الحالات يبدو لكونه يستمد معناه من غياب "التنزيه"ويبدو أن الناقد يستند إلى ".التشخيص المنزه أبعد عن الواقع من التجريد الغربي=

فالمنطلق لا يفترض المرئي في تصوير الأشكال، بخلاف التجريد الغربي الذي يفترض قدرا من . المماثلة المرئية فيهغير أن القفز نحو اللامرئي يكون مطية في الغالب للكشف عن مرئيتها بشكل من . المرئية في الاقتراب من الواقع

.هذا القدر من المرئية يفترض وجوده في أي تجريد الأشكال، و لذلك فإن، 243، 90-89.، ص2000، 1.أسعد عرابي، معنى الحداثة في اللوحة العربية، دمشق، دار نينـوى، ط : ينظر -

256 . 2 Michel-Georges Bernard , Khadda ,p.171.

الفنانين العرب التجريديين يحملون في وعـي أن ثنائية التشخيص والتجريد ثنائية زائفة لأن أغلب فريد الزاهييرى 3 ".ولا وعي أعمالهم الفنية نزوعا نحو التشخيص

.19.الصورة و الحداثة البصرية، ص –العين و المرآة : ينظر -4 Feuillets épars liés , p.102

بل يتجاوزه إلى تأويله من ،لا يقف معنى العمل الفني عند حدود تصنيفه، من هنا رومانأو ما يدعوه ،خلال مشاركة المشاهد له والتفاعل معه على نطاق واسع من التحاور

خدةمما يدل أن الفنان . 1"لعمل معرفيا وجمالياالقارئ با"يقرب الذي "بالتجسيد" إنجاردنحتى يتسنى له أن ، ومشاهدها ريب المسافة الموجودة بين اللوحةكان حريصا على تق

التصوير الجيد هو الذي يكون الجمهور "وانطلاقا من أن . يتذوق أبعادها الجمالية . شفإن مهمة الفنان أكبر في تحصين فنه من التهمي ،2"الأفضل

قطيعة مع " الذي يتصوره قد أحدث،)1950جيل ( 3ولذلك حينما يتحدث الفنان عن جيلهفن صةاوبخ، 5"هامش الأحداث"على كان حقبةتلك ال في فنالن لأ، 4"الجيل السابق

التي تجاهلت البعد الاجتماعي ومآسي الشعب الجزائري محمد راسمالمنمنمات وأعمال غير الفرح وبذخ القصور والبطولات راسمفلا نجد في فن . رنسيفي ظل الاحتلال الف

في منمنماته محمد راسمالتي يرصدها " مباهج العين"ألا يمكن أن نعزو غير أنه .التليدة ن تزويق هذه نظرا لأ؟ محمد خدةإلى غير هذا البعد السلبي الذي ينتقده

اظ الوعي تجاه ما كان ذات يوم عند أسلافنا من من باب إيق يأتي إنما" اللحظات السعيدة"بمعنى أن الحديث عن .أحوال ميسورة و آمنة و مقابلة ذلك بما هو مفتقد في الحاضر

فيكون إتحاف اللوحة و تزويق إطارها مواجهة رمزية . ، هو تأمل في غيابه أيضا"الفرح"" راسممنمنمات "لا يعني بالضرورة أن كي تمر غفلا من استبداد الثقافة الكولونيالية، و

.المستعمر و تتبنى رؤيته الحضارية اأيديولوجيمع نتظمتالذي عاش يحي بن محمود الواسطينموذج الخطاط خدةيستعيد ، في المقابل

إذ ؛في الخط" لمدرسة بغداد" وممثلا رائدا، عصره في القرن السابع الهجريروح أن أحدث بعد، عربي أسلوبا فنيا يميزه عن بقية الخطوط الأخرىاستطاع أن يمنح الخط ال

.6"البيزنطية والإيرانية ةمع النزعة الكلاسيكي" ضربا من القطيعة

الترجمة أبو العید دودو، جامعة الجزائر، منشورات مختبر.رومان إنجاردن، العمل الفني الأدبي،تر 1 .410.،ص2007والمصطلح،

2 Eléments pour un art nouveau , p.58. 3 Eléments pour un art nouveau, p.52. voir : Feuillets épars liés , p.43 , 44 , 49 , 50. 4 Ibid., p.49. 5 Ibid., p.14 , 42. 6 Feuillets épars liés , p.18.

الإيقاع والفضاء "بعد جهود متصلة في 1التجريد الواسطيلقد أدرك ير أن ثمة غ. وهو ما يؤشر على تراكم عريق في الفن التشكيلي العربي، 2"والحرف

3"الزخرفة العربية"إذ لم يكن بمقدور : شرخا في التواصل ما بين الأجيال العربية اللاحقة وهو السبب الذي ظلت لأجله الأمور تراوح . اللوحة المعاصرةفي أن تحدث تأثيرها

إلى وينقلونه ،مكانها إلى أن قيض لها فنانون من الغرب يتأثرون بأسلوب الفن الإسلامي .ف الغربياكشستبعد الا" الالتفات العربي"ثم يحدث ،اللوحة المعاصرة

بل على العكس من ، انفصال الفنان عن مجتمعه وهمومه خدةلا يعني التجريد عند من الاهتمامات يعد )براكسيس(بالجانب العملي لديه الانشغال أن نجد، ذلك تماما

مبكر إلى الحزب الشيوعي الجزائري عام الذلك أن انضمامه . المركزية لدى الفنان . التزاما بقضايا مجتمعه اليساريين قد جعله من أكثر الفنانين، 1954

لتزام الا"و يرفض كل شيئ من المجتمع الذي 4"طوباوياللتزام الا"بين خدة يميزا من وانطلاق. 5يربط الفن بالبعد الطبقي ضمن رؤية ماركسية الذي "واضحالمعتدل وال

التي ترى )Roberto Matta )1911-2002مطاواستنادا إلى رؤية الفنان الشيلي ،ذلكأن هناك اتجاهين خدةيلاحظ ، 6"وظيفة الفن تتمثل في كشفه عن الدلالة المخربة"أن

ينشغلون "يمثل الاتجاه الأول زمرة الفنانين الذين : يسيطران على الساحة الفنية الجزائرية، وتكون الرسالة. ويؤدون الانطباع )الألوانو الخطوط والأشكال(ة جوهرية بالشكل بصف

، أما بالنسبة إلى الاتجاه الثاني. وكأنها محتجبة من خلال الأسلوب ،إن كانت موجودةوأسبقية الرسالة . فالشيء المعبر عنه والمعنى المراد للفنان يكونان على الفور واضحين

لى يتجه إلق الأمر بطبيعة الحال برسالة على الطريقة التنبئية وإنما بوعي لا يتع. جليةوهو ثمرة خبرته التاريخية والثقافية ، بوعي يلتزم بعمق فيما يعبر عنه، وعي آخر

1 Ibid., p.23. 2 Ibid., p.23. 3 Voir : Eléments pour un art nouveau , p.65 4 Eléments pour un art nouveau , p.73. 5 Ibid., p.73. 6 Ibid., p.74

مهما يكن الشكل المتبنى أو أصالة الفكر المحمول، فإنه نميز ضمن الفنانين من . والفردية .1"يخضع التعبير التقنية إلى مقتضياته. الا إلى الحقيقة الاجتماعيةهذا الصنف اهتماما مي

ومضمونا شكلاؤية الفنان تتبنى الاتجاه الثاني أن ر، السابق من النصنستخلص .حتى يستطيع الفنان ، في خدمة التعبير لا العكس تكون وهي رؤية تفترض أن التقنية

ة يكون العمل الفني مجالا للمحاورة مع ومن ثم. الوصول إلى فهم ما يجري حوله، إن وعيا من هذا القبيل يترجم رؤية كونية للفن. ةء الاجتماعياعبالآخرين ومشاركتهم الأ

؛ والثقافية ذلك أن الفنان لا يعبر عن ذاتيته فقط وإنما هو صنيع المعطيات التاريخية ري من عالمه المحيط المحسوس، أن أي إنسان يشتمل أولا على الجوه هوسرليرى حيث

وفي هذا القول إشارة إلى أن الدلالة .2محجوبة عنه النواة، وعلى آفاق من ثقافته التي تظلالإنسانية متأتية من المحيط ومما يوجد فيه من ترسبات ثقافية يعمل الإنسان على حملها

لمحصلة الثقافية في طبقاته الشعورية واللاشعورية، ولذلك ندرك الفن جزءا من هذه ابوعي الظواهر الفنية ) الإنسان(ونضيف عليها تدريجيا عندما تتشبع حدوسه

لكونه ينالتاريخي والثقافي المشترك انالتراث )الفنان( يحضر فيه، ولأجل ذلك.تحديدا .امتدادا طبيعيا للعلاقات الاجتماعية بين فئات المجتمع

. جتماعي للعمل الفني لأنه كفيل بمحو الاغتراب منهبالبعد الا خدةالفنان اهتم son ghettoمتى يخرج الفنان من معزله : "فالعزلة لا تفضي إلى غير التهميش

ةقيعم ل دلالةدتوقد لا نجانب الصواب إذا ما اعتبرنا نبرة التساؤل .3"ويختار معسكره ؟ولعل الصلة بين الفن . معات المتخلفةعن هشاشة الدور الذي يضطلع به الفن في المجت

خدةوهو ما يجعل الفنان . والثقافة من الترابط الكبير الذي يفضي إلى تبادل التأثير بينهمالأن ذلك يعني قابلية انفتاحه على الحوار ، يحرص على الاعتناء بتثقيف المشهد التشكيلي

فية حتى يوجد لوجهته حضورا مما يفسر نشاطه الكثيف في مجال الكتابة الصح. والتأويل Yves –Michel في نظر الناقد يعد فهو. فعالا إلى جانب معارضه الشخصية والجماعية

Bernard "إلى النقد الفني بمسافة سواء تجاه وا تصد نمن الفنانين القلائل لجيله الذي

1 Ibid., p.74 -75. 2 Husserl , Méditations cartésiennes , p.113. 3 Feuillets épars liés , p.88.

الفني في مسار م وفي هذه الشهادة ما يؤكد التميز الذي طبع الالتزا .1"إنتاجه الخاص –إلى يومنا الحاضر –لاسيما أن الساحة الفنية تشهد ، محمد خدةل التكوين الشخصي

إلا القليل القليل الذي لا يشفي غليل البحث 2"تقليد الكتابة في الحقل التشكيلي"غياب !وعنائه

الالتزام الفني في كتابة خدة النقديةنراه على الصعيد ) يدخل في شؤون النقد الفنيأو ما (إن الاهتمام بالكتابة

مظهرا من مظاهر الوعي –وبغض النظر عن الجانب القيمي –الفينومينولوجي ذلك كان موقفه الجمالي رافضا لو. إلى قصديتها الدالة خدةالاستطيقي الذي استجاب الفنان

على الرغم من تبنيه للثقافة ؛ 3"الأفكار الخاطئة عن الواقعية الاشتراكية المزعومة"لجملة للعمل لزاميةمنفعة الفن قد غدت المعيار رقم واحد والمقروئية الإ"الاشتراكية بحكم أن

مما يدل أن الالتزام الأيديولوجي .4"تقليديالفني قد ورطت التصوير أيضا في ما هو انتهج وهو الذي –للفنان لم يكن ليحاصر رؤيته الفنية داخل أفق دوغمائي ضيق

.التجريدية أسلوبا له في أعماله الفنيةترجمترجم حساسية فنية خاصة -بهذا المعنى إستطيقي -الالتزام لا يلأنه ي

ذلك أن اللوحة لا . للموضوع تتجاوز مبدأ التوقع الذي يفضي إلى ابتذال المعنى واجترارهدععنه وإنما تفعل ذلك ب ا بما ستعبرليقب ا حينما ينتهي الفنان منهاتلتزمولقد أبدى الفنان . ي

تحفظه تجاه الموضوع المحدد سلفا لاسيما عند المشاركة في معرض جماعي يتزامن مع حيث يلجم التوجه الضيق من ، مجبر دوما –في نظره –الموضوع "إذ . مناسبة معينة

.ان يرتضيه الفنان لموضوعاتهوهو ما يدعم أفق التفتح الذي ك .5"إلهام الفنان غالبا

1 Yves – Michel Bernard , Khadda , l'homme à deux têtes , Beaux – arts , n°1 , Alger , Musée national des beaux – arts , 1994 , p.104. 2 Mansour Abrous , La place de Mohamed Khadda dans l'historiographie nationale , op . cite , p.123. 3 Eléments pour un art nouveau , p.58. 4 Ibid., p.59. 5 Feuillets épars liés , p.94.

يركز الفنان على البعد الإنساني للفن لكونه مطلبا داخليا ، واتساقا مع هذه المعطياتنبتغي إزالة الخداع : "خدة محمديقول وفي هذا السياق . يحفظ للعمل الفني ألفته الاجتماعية

يفقد الفنان قناع ، بهذا الصنيع. وجعل من العمل الفني أقل رعبا وأكثر إنسانية، عن إبداعناونحسب أن .1"عين البشرأويستعيد مظهره الإنساني والأخوي في ،الصانع الكرنفالي

وقد يكون . إنسانية الفن مظهر كوني يستعطي تأملا في كل ما يجعل من الإنسان إنساناأن تكويناته التجريدية ذلك. خدةالانتهاء إلى هذا البعد ما يبرر التوجه التجريدي عند

، وإن لم تكن إحالاتها شفافة وواضحة، تمتح مصادرها من الوجود الإنساني أساسا .الفني 2من الغموض غير قليلقدر يلفهاو

ا إلى الوعي الجمالي بالظواهر محمد خدةالمعنى التجريدي عند يستندفينومينولوجينالاجتماعية التي يتعايش معها و يا وتأملا إنسانييدي نحوها تحاورفقد لاحظنا أن . ب

وإنما أبان ، "الواقعية الاشتراكية"الاتجاه اليساري للفنان لم يقيد رؤيته الفنية داخل معايير ذلك أن . عن مرونة فكرية مع ما يحدث من متغيرات داخل المشهد التشكيلي المعاصر

هماالأيديولوجي والفني لا تفترض تمايزا بين ينالموجودة بين التوجه" الاختلاف"مسافة إذ نرى الفنان مهتما بأكثر من تفصيل تشكيلي يمس الواقع الاجتماعي، على . بالضرورة

".حساسيته التشكيلية"نحو يتقاطع مع ا –على سبيل المثال لا الحصر–" الزيتون"تيمة لا تحضرفقط تكوينا تجريدي

بل مقصدا جماليا يتجلى فيه ، راكاته البصرية واللونية وحسبيجرب من خلاله جملة إدفي عدد لا يستهان به من " الزيتون"إذ يظهر . الوعي المعيش للإنسان المتوسطي أيضا

قا يالاستط –في نظر الفنان –لأنه يخالف ، اللوحات كائنا كامل العضوية الاجتماعية

1 Ibid., p.92.

فنحن نجده في " كونية"الغموض ليس شريحة تختص بالأدب وحده، إنه كذلك شريحة "..أن جون كوهينيذكر 2ض ونحسب أن الغمو" ". ما فوق طبيعي"النصوص وفي الحياة، إنه يشكل على نحو خاص الملامح الأساسية لما نسميه

" كونيا"في هذا السياق عتبة ميتافيزيقية تحايث رؤية الفنان في أثناء إنجازه للعمل الفني، فيكون الإدراك على هذا النحو .لأنه يتجاوز الفنان ويعانق أفقا إنسانيا

جلـس الأعلـى أحمد درويش، القـاهرة، الم : النظرية الشعرية، ترجمة و تقديم و تعليق –اللغة العليا : ينظر كتابه = .256.، ص2000، 2.ط للثقافة، المشروع القومي للترجمة،

ك ما يترجم وعيا ذوقيا يسعى أن يكون له وفي ذل. L'esthétique dominante 1السائدة بموازاة الذوق السائدوجود.

2قد عكس رؤيته اليسارية خدةبأن الفنان مما استخلصناه سالفا ز لنا القولوجيلا ولا نعدم كلية أن يكون هذا الموقف ، غير أنه في المقابل. في أعماله الفنيةانعكاسا كاملا

L'art" بالفن الطليعي"توجهات الفنان الفكرية بما كان يسمى آنذاك في الأيديولوجي قد أثر

d'avant-garde. فيه معتنقوه عن التزامهم الفني بالتوجهات الفكرية عبروهو الفن الذي يالاتجاه اليساري الغالب على (أن التوجهات السياسية لتلك المرحلة غير.التي يتبنونها

وظل سياقا خارجيا عن اللوحة على مستوى الخطاب أكثر،قد أظهر حضوره ، )الفنانين –بموجب ذلك –ولذلك كان الالتزام . عن مرجعيتها الفنية )فنيا(" مقنعا"لا يقدم تفسيرا

.ملحقا بشخص الفنان وفكره من دون أن يتجاوز عمله الفني حتما ، الإطار الشخصي للفنان –تبعا لما أوردناه سابقا –تتجاوز إستطيقا الالتزام

. وتبحث في ممكنات المعنى التي يغدو معها الالتزام ممكنا إستطيقيا أو موقفا إستطيقياوليس من عنوان ،وعلى هذا النحو، تمتح إستطيقا الالتزام وجودها من صميم أعمال الفنان

من خلال ما ، خدةي للفنان بدا لنا أن التمظهر الأيديولوج، ومن ثمة .نضاله الأيديولوجيإنما ، نشره من مقالات أو مقدمات لبعض معارض أصدقائه فضلا عن كتابيه المطبوعين

فلم يطرح الفنان . يعبر عن تكوين شخصي دؤوب ووعي اجتماعي عميق بالظواهر الفنية. حاتهغير ما عايشه من مادته الفنية التي اشتغل عليها ردحا من الزمن بمرسمه صحبة لو

1 Voir :Pierre Bourdieu , La distinction : Critique sociale du jugement , Paris , Editions de Minuit , 1979 , p.49.

ندرك ...ية وخطه الاشتراكي، ، ونستحضرمواقفه السياسخدةعندما ننظر بعيون نقدية لفن " أنه الصادق بخوشيرى 2ضربا من عدم التوفيقية بين دعوته الأداتية لخدمة الجماهير، عبر الفن بلغة وبأسلوب مدركين، وبين حقيقة أعماله

لكن . المستعصية على فهم العامة والطبقة العمالية والكادحة، لاسيما بما هي عليه من مستوى ثقافي فرضته الكولونياليةتبدو أقرب إلى الواقعية المسطحة، لأن الفنان مهما كانت هناته و دعواه الأيديولوجية، هو غير مطالب في هذه الإشكالية

اعتقادي أن يقوم بدور الواعض، ولا بمهمة السياسي، أو الفيلسوف الشارح، بل هو إلى التبشير بالقيم الجمالية، والفنية هو من هذا النوع، بحيث يعيش بنقيضين، أحدهما خدةولعل والخلقية، أنزع منها إلى إلقاء المواعض والدروس،

...". الإنسان الملتزم بخطه الأيديولوجي، والآخر الفنان المسكون بهاجس التجريد والسرمديات والطلاسم والإحالات :ينظر

-36.، صANEP ،2007الصادق بخوش، التدليس على الجمال، الجزائر، منشورات الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية 37.

وطقوسها سواء في المنفى أو في وقد اختبر أجواءها –على كل حال –وهي مادة يعرفها وقد أسهم اطلاع الفنان على المنجزات الفنية العربية سواء منها العتيقة أو .الجزائر

وتخصيب وجهاته على تعميق رؤيته الفنية، الحديثة وكذا الأعمال الفنية الغربية المعاصرة] الفنانين[لحقهم هي استرجاع إن هذه الكتابة: "من على منابر إعلامية متعددةالفكرية رغم ما يشوب قدرة التعبير لدى ، في تبيان شؤون مادتهم التي نذروا لها حياتهم يالتشكيل

تظل كتاباتهم ، بعض الفنانين وما يعانونه من ارتباك في المنهج ولعثمة في أدوات الكتابةتهم مقارنة بأناقة وشطحات التنظير النقدي المصقول بالعبارة ألصق بطبيعة صناعا

.1"والمفتون بالمحسنات البديعية والذي لا يفضي غالبا إلا إلى خواء تشكيلي

ونعتقد أن الاقتراب من كتابات الفنانين قد يقرب من وشائج التعالق الموجود بين الفنان في أثناء اشتغاله في مرسمه العمل الفني وصاحبه في فهم الرؤيا التي يصدر عنها

في ) Léonardo Da Vinci )1452-1519 ليوناردو دافنشيولعل ما كتبه الفنان Eugène أوجين دو لاكرواالفنان )1859( "يومية"و، (1817)"نظرية التصوير"

Delacroix )1798-1863( ، فان غوغالفنان " رسائل"و Vincent Van Gogh Henri Matisse هنري ماتيسوكتابات الفنان ، ثيوأخيه إلى ) 1853-1887(ولا . الحركة الفنية الحديثةفي اكبير تأثيراوغيرها قد أثرت ، في الفن) 1869-1954(

الذي رمسيس يونانمن أمثال الفنان ، ننكر في هذا الصدد أيضا كتابات الفنانين العربفي ) 2004-1925( حسن آل سعيد شاكروالفنان (1938)"غاية الفنان العصري"كتب معنى الحداثة في "من خلال كتابه أسعد عرابيوالفنان ، (1966)"البعد الواحد"كتابه

..(2000) ."اللوحة العربيةوهما مقتطفان ، جورج برنار ميشالوبالإمكان أن نستند إلى نصين وردا في كتاب

).بالعاصمة سماابرواق 1990نوفمبر 29-8(خدة من ألبوم المعرض الشخصي للفنان اللوحة بدل أن أنهيها " أفك. "لا تقود اللوحة إلى لاحقتها بالضرورة:" النص الأول

ليست هناك لا خطوات ) .(....لا أراكم خبرات. نادرا يكاد يكونأو –ولا أستخلص عبرة ). الفكرة تقدماهذه المعالم التي تجعل من المسافة قيسا أو من (لا درجات ولا مراتب و

.58.ص، الصادق بخوش، التدليس على الجمال 1

وبمآزقها وبعقدها تناسب أحسن ، وهكذا فإن صورة المتاهة بارتداداتها حول ذاتها .1"...مساري

في حسبانه في أثناء خدة يضعها الفنان عديدة يشير النص إلى اعتبارات فنية فهي تكتفي بذاتها ، ومن هذه الاعتبارات استقلال اللوحة عن غيرها. إنجازه لأعماله الفنية

وهو بهذا الاعتبار لا يكترث بالساعة التي . لتعبر عن وشائجها التشكيلية الخاصة بهااللوحة بقدر ما ينشغل بفهم المعضلة الفنية التي يقوم عليها بناء، ينتهي فيها من لوحته

وهو ما يؤكد . أنها ليست مجالا لاستخلاص العبر إلا في ما ندر، ينضاف إلى ذلك. كلها .كل لوحةتتميز به الفضاء الذي خصوصية

الخبرة في " جونض"بها نقيس " كمية"أنه لا وجود لاعتبارات إلى خدة محمدينبه - ذات الخطوط الدائرية غير المنتهية حول الذات -" المتاهة"وإنما . خط زمني مستقيم

خدةم ونحسب أن في هذه الاعتبارات ما يشير إلى أن الرسا. مسار الفنان تافقما وهي بقدر ، لا يكترث بالمسوغات الخارجية التي تهتم بتطور اللوحة أو بتقدير نضجها الزمني

فالمسار الفني عنده كثيف يستمد . ما يهتم بالمسوغات الداخلية التي تتحكم في اللوحة ذاتها وهي مواجهة. التي تنتج عن مواجهات الفنان الفعلية مع لوحاته" المآزق الفنية"وجوده من

ما يشير ذاوه.مشحونة بالارتداد الذاتي الذي يوهم بالتكرار والتماثل مع أعمال فنية سابقة :وفي هذا النص يقول. ستطيقا الالتزامإنسوقه لتوضيح نص ثان إليه فيوإذا كان هناك من . فهو ممتلئ بالارتدادات حول الذات، مساري شبيه بلوحاتي"

-القطيعة الكلمة التي توافق عملي لأني أعثر على علامات ليست...تغيير فلا شأن لههناك وحدة ما في كل ما أنجزته منذ . لا أزال إلى اليوم أنقلها –من سنوات الخمسينيات

.2"البداية. يتضح جليا أن الرسام يوازي مساره الفني بما أنجزه من أعمال فنية، من هنا

الذي لا ينفي فيه –الذي لا يتوافق مع هذا المنجز " القطيعة"ولا شك أن إنكاره لمفهوم ما يؤكد ، نقول إن في هذا الإنكار –آخره أوله بحكم الاعتبارات التي أشرنا إليها سابقا

1 Michel – Georges Bernard , Khadda , p.214. 2 Michel – Georges Bernard , Khadda, p.214.

نتيجة أن معالجة اللوحة هي ، مرة أخرى هشاشة الحكم بين موضوع قديم و آخر حديثوفي ذلك ما يفضي إلى . لحقها التي تستدعي محمولها الفني وذاكرتها مع ما سبقها أو

تشكيلية لا تعرف لها حدا " علامات"اللوحة مع غيرها من اللوحات بوصفها " تناصية" Friedrich Nietzsche نيتشهبتعبير 1"عود أبدي"وإنما هي ، منتهيا في لوحة بعينها

)1844-1900(.

Paul سيزانبول فقد رسم : وتكرار علامة إنما هو دوما استدعاء سياق جديد لها

Cézanne ا لا يستهان من اللوحات عن جبلعددSainte - Victoire مع ذلك –وكان محمدالتي يراها " الوحدة الفنية"وهو ما يفضي إلى مفهوم . يرى كل لوحة بعين مختلفة –

.حاضرة بشكل ما في أعماله خدة

العمل الفني لا يحيل على فإن الجوهري في هذا المقام هو أن، لنحوهذا ا علىوفكل وعي متأمل "(على الرغم من الإحالة التذاوتية المتبادلة بينهما –تاريخ صاحبه حتما

تتوافر على أي إحالة خارج لا " فاللوحة إذا). هوسرلعلى حد تعبير 2"مفكره فيه"يحمل ومن ثمة كان . أيضا ينالذاتي فهي تحفل بتاريخها وبمرجعيتها، 3"قوانينها الجمالية النوعية"

نوعا من الحفر الباطني الذي تمارسه ، الارتداد الذاتي الذي تنتهي إليه اللوحة أحياناكان لا بد "، والحال هذه، ولذلك. إليها بفعل البحث المستمر في الأشكال 4"ذاكرتها العائدة"

.د خدةمحمبالنسبة إلى الفنان 5"العمل مهما كلف الأمر" تجذير"من

بمعنى الاختلاف الذي ينشد الإبداع المتفرد حتى وإن تكرر أكثر من مرة في المظهر " العود الأبدي"نوظف مفهوم 1، إنما يعرف الإبداع Dionysios ديونسيوسيعتبر أن العالم الذي يخضع لمبدإ نيتشهومعلوم أن الفيلسوف . فسهن

فالعالم يجري في حركة دائرية سبق وأن تكررت عددا لا نهائيا، غير أنها . الأبدي لذاته كما يعرف التهديم الأبدي لذاته ).ضد الصيرورة(والعلية والضرورة حركة بدون بداية ولا نهاية، ترفض الغائية

Voir : Nietzsche , La volonté de puissance – Essai d 'une transmutation de toutes les valeurs , Traduction d'Henri Albert , Librairie Générale Française , 1991, Le livre de Poche , Classique de la philosophie, p.425-434. 2 Husserl , Méditations cartésiennes , p.28.

.63.، ص1990، 70/71:، ع)المغرب " ( الوحدة"أسعد عرابي، النقد الفني بين الشرعية والإدانة، مجلة 3بلا شك هذه القدرة على المفارقة التاريخية افتراضيا.. أي شكل يمتلك "أن ددي هبرمانيرى الناقد الفينومينولوجي 4

".لسلالة والذاكرة العائدة وا Georges Didi – Huberman , Phasmes – Essai sur l'apparition , Editions de Minuit , Paris , 1998 , p.46. 5 Mansour Abrous , La place de Mohamed Khadda dans l'historiographie nationale , Op. cit , p.122.

الذي كرس له الفنان " النضال الأيديولوجي"اللوحة بمنأى عن اإستطيقلم تكن التبعية الذوقية أو ما ؛دون أن يجرد الفن من زخمه الجمالي وأشكالوإبداعاته الفنية هاباتكت

الذي 2وهو الحرص .1"بالخيال المعمم" R.Barthes بارت رولانيسميه الناقد الفرنسي هذه المسافة أو دصور و خدةبين " المرنة"جل في شؤون الفن خدةالفنان المالكاتب المتأم

دون " المهيمن"شعارا أيديولوجيا يبحث في " الالتزام اإستطيق"تكونن أ رملم ن هذاول. والنقدلكي "المفكر فيه"وإنما تسعى إلى استقراء الفكرة التجريدية ضمن هذا ، "الخاص المتفرد"

، كما سيتضح فيتجليا فنيا ونسقا دالا في الوقت نفسه، بها لاحقا إلى نسيج اللوحة تعوديعيننا على الإدراك الفينومينولوجي غني عن البيان أنو .الفصول الموالية من هذا البحث

؟ ذلك هو الإشكال خدةفكيف تم الاستقبال الجمالي لأعمال . استكمال مقصدية هذا الفصل .يلآتالذي نتوخى فهم مستوياته المعرفية والجمالية في المبحث ا" العويص"

1 " Nous vivons selon un imaginaire généralisé". Barthes , La Chambre claire – Notes sur la photographie , Editions de l'Etoile , Le Seuil , 1980 , p.122.

". لا ينبغي أن تستخدم إلا بحيطة كبيرة] الفن الملتزم والفنان الثوري [ إ ن مفاهيم من هذا القبيل :".. خدةيقول الفنان 2- Feuillets épars liés , p.61.

.الذي لا يترجمه العمل الفني مطلقا" المتعصب"وهذا يدل أن الفنان كان يعي الانزلاق الفج وراء الخطاب الأيديولوجي

31

من خلال قراءة ، خدةنتوخى في هذا المبحث معاينة الاستقبال الجمالي لأعمال استقراء ذلك ضاف إلىين، حضوره على مستوى المعارض الشخصية و الجماعية

دراسة أكاديمية على وقوفثم ال. النقاد بأعمال هذا الفنان من قبل مواصفات الاهتماممن الدراسات الرائدة في هذا تكاد تكون D.E.A" دبلوم الدراسات المعمقة"مقدمة كوإذ نخوض في هذا .في مجال القراءة النقدية –في حدود ما اطلعنا عليه – 2الموضوعلوحات الفنانين وتداولها بين بتاريخ تلقي المتعلقة شح الأرقام إلى مسبقانشير المبحث، قراءة النص التشكيلي "فلا تزال ). المقتنين لها م منكانوا من المشاهدين أأسواء (المهتمين

في الأوساط غائبا تقليدا 4"تداولية اللوحة"كما تظل ، في العالم العربي 3"متخلفة متعثرة .الفنية والمتحفية

الألمانية، و ذلك لحمولته النقدية الأدبية، " مدرسة كونسطانس"على الذي يحيل" التلقي الجمالي"لم نوظف هنا مصطلح 1

" جمالية التلقي كتابة مالك حداد من منظور"تعرضنا إليه بالتفصيل حينما أنجزنا رسالة الماجستير الموسومة وقد كناوإن كانت هذه المدرسة ). 1999جامعة وهران، –الأخضر بن عبد االله، قسم اللغة العربية وآدابها . تحت إشراف د(

لكونه الأقرب إلى معنى انتقال اللوحة " الاستقبال الجمالي"مفهوم تدين مرجعيا إلى التراث الفينومينولوجي، فقد آثرنا .الفني بين المهتمين/من يد إلى يد وكذا تداولها الإجتماعي

لنيل دبلوم سامي في علم المكتبات، و لكنها دراسة تقتصر سعاد إينالينبغي أن نسجل في هذا المقام مذكرة الباحثة 2 :ينظر. محمد خدةى عرض الصور المنقوشة للفنان على التصنيف الببليوغرافي وعل

Catalogue de l'œuvre gravé de Mohamed Khadda , mémoire de diplôme supérieur de bibliothécaire , Présenté par: Souad Inal , Sous la direction de Malek Tiar , Université d'Alger , Institut de bibliothéconomie et des sciences documentaires , Session : Octobre 1994.

.36.، ص2004، 1.ط عفيف البهنسي، علم الجمال وقراءات النص الفني، دمشق، دار الشرق للنشر، 3بيروت، المركز الثقافي العربي، / الملكية والمعنى في التداول، الدار البيضاء –شربل داغر، الفن والشرق : ينظر 4 .الفن الإسلامي: 2النادر والعريق، ج : 1ج . 2004، 1.ط

خدة محمدعن مبيعات اللوحات في حياة الفنان 1المبحث أرقامالا نملك في هذا –كما نجهل في هذا الصدد نوعية الفئات التي أقبلت على أعماله وتداولتها ، ولا بعد موته

نجاة خدةإلا ما اطلعنا عليه من مقالات مطبوعة كتبها عنه أصدقاؤه المقربين من زوجته . هي أسماء تتكرر غالبا على مراحل زمنية مختلفةو، ومن النقاد والشعراء والصحفيين

من خلال استقراء ما هو مثبت في " الفجوات المرجعية"ذلك نسعى إلى تغطية هذه لورضه الشخصية أو ما االتي تزامن طبعها مع مع، الفنان catalogues" ألبومات"مقدمات

وهو كتاب من .ارميشال برن –جورج ل خدةوجدناه مفصلا في ملاحق الكتاب الموسوم .بمناسبة السنة الثقافية الجزائرية بفرنسا 2002الحجم الكبير طبع عام

خدة بالإمكان أن نصنف الملاحظات إلى شقين بحسب ما تم إنجازه في حياة الفنان .أو بعد موته سواء أ كان بالنسبة إلى المعارض الشخصية أم الجماعية

المعارض الشخصية –أولا

حياته في –أ

.بباريس 1961تبتدئ المعارض الشخصية عام -وفي ، الفارق الزمني بين معرض وآخر لا يتجاوز أربع سنوات على الأكثر -

.بعض الأحيان سنة واحدة لا غير، تتناوب ما بين داخل الوطن و خارجه

، أستاذة الأدب المغاربي المكتوب باللغة نجاة خدة، السيدة محمد خدةراسلنا عبر البريد الالكتروني زوجة الفنان 1

ريس في الموسم الفرنسية بجامعة مونبلييه، وقد كنا التقينا بها بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة حينما انتدبت للتدالتي تستقرئ الإستقبال الجمالي من خلال " الفجوات المرجعية"، وطرحنا عليها أسئلة عن هذه 2007-2006الدراسي

وأخبرتنا أنها لا تملك إحصاء دقيقا عن أعمال زوجها، وأن الأمر بصدد الإنجاز بمعية . أفق الانتظار الاجتماعي =لوحة مائية، 500منقوشة، وما يقارب 2500و 2400ما بين : عموما هناك . العاصمةالمصالح الثقافية لولاية الجزائر

أما فيما يخص بيع اللوحات فقد تمت جميعها في حياة الفنان على هامش معارضه بالجزائر أو . لوحة زيتية 250والمتاحف والوزارات ، فضلا عنخدةويمثل الهواة الأجانب أهم الأشخاص المهتمين باقتناء لوحات . بالخارج

).2008جويلية 9ترجع المعطيات الرقمية إلى مراسلة ( والسفارات الجزائرية بالخارج

حيث تحتل الجزائر ، مدن جزائرية) 10(في عشر خدةتم عرض أعمال الفنان -مرات ثم تلمسان ) 3(تتلوها وهران بثلاث ، مرات) 8(رأس القائمة بثماني العاصمة تزي ، عنابة، مستغانم، قسنطينة، سيدي بلعباس(وباقي المدن مرة واحدة ، )2(بمرتين

.)سور الغزلان، بليدة، وزويمكن أن نلاحظ أن الأماكن التي يتم العرض فيها تنتمي في غالبيتها إلى الفضاء -

من قبيل المتحف الوطني للفنون الجميلة أو مقر إتحاد الفنون (مرات ) 8(ثماني التشكيلي ، مرات) 5(ثم يتلوها المركز الثقافي الفرنسي خمس ، )التشكيلية أو الأروقة الفنية

مرات وأخيرا المؤسسات ) 4(فالمسارح الجهوية ودور الثقافة بدرجة متماثلة أربع .التعليمية بمرة واحدة

بما فيها (مرات ) 6(معارضه الشخصية في الخارج فتتركز بفرنسا ست أما عن - .ثم فيينا وبرلين بمرة واحدة) مرة واحدة بالمركز الثقافي الجزائري بباريس

بعد موته –ب

مرة بعد ) الجزائر العاصمة(يتم تكريم الفنان بالمتحف الوطني للفنون الجميلة - .وات من وفاتهسنة من وفاته ومرة أخرى بعد عشر سن

بما فيها (مرات ) 6(فتتصدر فرنسا تكريم الفنان واستذكاره ست ، أما في الخارج -ثم المعهد الفرنسي ببرشلونة ومقر الاتحاد ، )مرتين بالمركز الثقافي الجزائري بباريس

.الأوربي ببروكسل بمرة واحدة

المعارض الجماعية –ثانيا

في حياته –أ

. 1955جماعية بباريس منذ عام تبتدئ المعارض ال - .مرة بالجزائر العاصمة) 12(يعرض الفنان اثنتي عشرة -

، مرات بفرنسا ومرتين بلندن وتونس) 8(يشارك الفنان ثماني : في الخارج - .ونواقشط ومرة واحدة في كل من جنيف وموسكو والدار البيضاء وطرابلس

:الصالونات الدورية –ب

المعرض السنوي لاتحاد يمشاركات منتظمة ف) 8(صدد ثماني نسجل في هذا ال - .1972إلى 1964الفنون التشكيلية بالجزائر العاصمة من

مشاركات في صالون الوقائع الجديدة ) 3(فهناك ثلاث : أما في خارج الوطن -) 4(وهناك أربع ، )العاشر والثاني عشر والثالث عشر(بمتحف الفن الحديث بباريس

الصالون السادس للتصوير الشاب وصالون الفنون(أخرى بباريس وإيفري مشاركات

ونسجل مشاركة واحدة في البيينال الثاني لهافانا . التشكيلية والصالون الثامن لإيفري ).كوبا(

بعد موته –ج

هناك مشاركات منظمة من قبل وزارة الثقافة الجزائرية وإتحاد الفنون التشكيلية - .)وفرصوفيا، وصوفيا ،وطوكيو، ونيويورك، وبغداد، أبيجون(في الخارج بالعاصمة وكذا

معارض تذكرت في جانب من موضوعاتها أعمال الفنان ) 6(نسجل بفرنسا ست - .خدة

ماذا يمكن أن نستخلص من هذه المعطيات الواردة عن المعارض الشخصية المشهد التشكيلي عند الفنان والجماعية ؟ وما هي التمظهرات الجمالية التي انشغل بها

في تواصله مع الآخر المحلي أو الأجنبي على حد سواء ؟ محمد خدةبادئ ذي بدء نلاحظ أن جل المعارض الشخصية قد تركزت فعالياتها في الجزائر العاصمة بحكم تمركز النشاطات الثقافية فيها و توافرها على عدد من الفضاءات العريقة

عدا وهران ، أما بقية المدن فيكاد يكون حظها من أعمال الفنان هزيلا. في الفن التشكيليلأنه يحتكم أكثر –بشكل ما –وبذلك يكون العرض محدودا جغرافيا . وتلمسان بدرجة أقل

إلى مواقع سلطة القرار التي تخول فرصا أكبر لانتشار الفنان وذيوع عناوين عروضه

ونحسب أن التقارب الزمني بين معرض وآخر مؤشرا بينا .عبر قنوات الإعلام المختلفة .على مساعدة هذه الظروف للفنان على العرض

" المركز الثقافي الفرنسي"ومن جهة أخرى نرى في مساهمة ، هذا من جهةما يدل على أن العلاقات الفرنسية كانت ترعى بعض ، في عرض أعمال الفنان، بالجزائر

لاسيما وأن عناوين المعارض وكذا –لهم فضاءاتها للعرض أصدقائها الفنانين وتفتحوهذا ما يفسر . كلها مطبوعة باللغة الفرنسية، "الألبومات"اللوحات فضلا عن مقدمات

سواء أ كان بباريس أم ببقية المدن (تمركز المعارض والمشاركات الشخصية بفرنسا وذلك نتيجة "...). مونبلييه"و" يونل"و" مرسيليا"الواقعة بالشمال الفرنسي وجنوبه مثل واحتكاكه هناك بالأوساط الفنية وابتداء ) 1953(التحاق الفنان بفرنسا في زمن مبكر

.)1963(معارضه في ديار الغربة حتى رجوعه إلى الوطن وما " العلاقات الفرنسية"إننا هنا لا نقدم أي خلفية أيديولوجية بشأن ما ورد عن

وإنما . ار جاهزة لا تمت بصلة إلى المقصدية المعرفية لجمالية التلقييستتبع ذلك من أفكنحاول هنا أن نوضح معطيات واقعية بشأن ما تم تداوله فعلا من أعمال فنية حظيت

الذي سلط عليها " الآخر"وهو نفسه ". الآخر الغربي"بالعرض والمتابعة النقدية لدى أنه منصور عبروسحيث يذكر الناقد ، جزائرفي أثناء الاحتلال الفرنسي بال" التهميش"في الأدب محمد خدةلا يوجد أي أثر مكتوب عن ، على خلاف معاصريه وفناني جيله"

مما يستقرئ في المقابل أن غياب اسم .1"الفني المنتج من قبل النخبة الكولونيالية بالجزائرفراغا منظما داخل "يمثل إنما، من المشهد التشكيلي الجزائري في هذه الحقبة بالذات خدة

ندرك أن التأكيد على الحضور في ، ولأجل ذلك. 2"التسلسل التاريخي للتصوير الوطنيإلى ذلك الانحسار الذي عاناه –من بين ما يعود إليه من أسباب –الخارج إنما يعود

.الفنان من غياب وجوده الفني من مساحة التصوير المحلي في أثناء احتلال بلده؟ خدةلكن هل تعكس هذه المعطيات فعلا شكلا من التواصل بين المشاهد وأعمال و

إن على مستوى معارضه الشخصية ، هل يترجم الحضور الفني للفنان، أو بعبارة أخرى

1 Mansour Abrous , La place de Mohamed Khadda dans l'historiographie nationale , Op. cit , p.120. 2 Ibid., p.121

قبل الأفراد أو المؤسسات ما يدل على الاهتمام بمنتوجه التشكيلي من، أو الجماعية ؟عموما

الشخصية أو الجماعية تستقطب اهتمام فئات معينة من 1ارضمن المعلوم أن المعفهم العمل وتثمينه يتعلقان بمقصد "ذلك أن . وهي ما يطلق عليها بالنخبة عموما، المجتمع

الذي هو نفسه وظيفة للمعايير الاصطلاحية التي تحدد صلة العمل الفني ، المشاهد أيضالوقت نفسه بموقف المشاهد وخضوعه لهذه ضمن سياق تاريخي واجتماعي معين وفي ا

ومن ثمة يتحدد التواصل المرئي مع اللوحة التشكيلية .2"وبالتالي تكونه الفني، المعاييرمما يدل أن . تبعا لذائقة المشاهد ومدى استعداداته الفنية على الإدراك الجمالي عموما

. إنتاج المعنى وتأويله اهد الذي يتولىالاستقبال الجمالي يحتكم أساسا إلى مقصدية المشالوجهة التي ، ونحسب أن هذه المقصدية ذات حضور كبير في توجيه مسار العمل الفني

حينما يتعلق الأمر " التلقي"ولعله من هنا ندرك ضعف . يرتضيها الأفق الإدراكي حصرا .التقني والاستطيقي باللوحة التجريدية وما تطرحه من إشكالات تشكيلية على المستويين

بعلاماته الأيقونية ذات محمد خدةلقد تميز الخطاب البصري لدى الفنان ولقد أضفت هذه الخبرة التشكيلية طابعا مغايرا . الخصوصية اللونية والأبعاد الاستطيقية

رب الأخرى التي اتجهت إلى بالموازاة مع التجا، على المشهد التجريدي الجزائريمحمود شكري و عبد االله بن عنترو عبد القادر قرمازمثال الفنانين من أ :التجريد ...مصلي

فإننا نجد غالبية ، خدةإذا تتبعنا جملة الكتابات النقدية المتابعة لأعمال الفنان و المنتمين إلى لوها الكتابة الصحفية وفي الأخير مؤلفيها تنتمي إلى حقل الأدب والنقد ثم يت

إنما ، على غيرها من الحقول المعرفية الأخرى" الأدبية"ولعل غلبة . كيليمجال الفن التش

، 2008بالجزائر العاصمة في مارس " تلمليب"تجدر الإشارة أن آخر معرض للفنان نظمته زوجته بالمكتبة الوطنية 1

وفي ندوة صحفية . بوهران زبانة أحمد كما نظمت في السنة نفسها معرضا آخر في آخر أسبوع من شهر ماي بمتحف: بتاريخ ( جريدة الخبر الوطنيةفي استجواب لها نشر في نجاة خدةران، صرحت في المتحف الوطني أحمد زبانة بوه

،التي محمد خدة، أنها ستهدي كامل أعمال زوجها الفنان التشكيلي )هـ 1429جمادى الأولى 2008/14ماي 19الاثنين .تأسيسه لهذا الفنان خليدة توميبحوزتها، للمتحف الذي قررت وزيرة الثقافة والاتصال

2 Pierre Bourdieu , La distinction : critique sociale du jugement , p.30.

مصدره بالدرجة الأولى علاقات الصداقة التي كونها الفنان مع الشعراء والنقاد من بني أستاذة الأدب – 1نجاة بلقايدبه زوجة الفنان تفضلا عن الدور الذي اضطلع، جيله

إذ كرست زوجة الفنان . الفرنسية" مونبلييه"سية بجامعة المكتوب باللغة الفرن مغاربيال. عددا لا يستهان به من المقالات حول الموضوعات الفنية التي اشتغل عليها زوجها

ومن محمولاتها " الخدية"وكانت هذه الكتابة بمثابة وسيط يقرب المشاهد من فضاء اللوحة الزوجة على أعمال زوجها من باب كونها ولا غرو أن يكون إقبال. الرمزية واللونية

فهي شاهدة على طقوس ولادتها وعلى ما دار حولها : المتلقية الأقرب إلى هذه الأعمال . من أفكار وأحاديث عموما

" العلامة"فنجد كتابها يركزون في معظمهم على تفسير 2أما الاهتمامات النقديةتشعب الإحالات المعرفية في مقارباتها الفنية وت. خدةفي اللوحة عند الفنان دلالتهاو

بمعنى ، "عامة"وتكاد تكون هذه الدراسة النقدية . شكلا بصريا و لونيا" العلامة"لتمظهرات وهذا .أنها تقرأ العمل الفني في كليته الشمولية من دون أن تحدد عملا بعينه إلا القليل منها

بالمعنى " الصفة"غير أنه لا نأخذ هذه . إليها سابقا التي أشرنا" الأدبية"ما يؤكد صفة وإنما لكي نعبر عن غياب المعجم التشكيلي في الاستئناس بالعمل الفني ، السلبي المطلق

ولذلك يرى الناقد . وتعويضه بآليات نقدية تخص النص الأدبي أكثر من اللوحة التشكيلية دب لا يعني تخليصه من الفلسفة، أن تخليص فن التصوير من الأ" عمار علالوشمما يدل أن اللوحة تظل تحايث نسقها الثقافي الفني .3"والمنطق، والفهم، والتحليل النفسي

.الذي يستمد منه المشاهد مؤولاته اللانهائية

" الحدث"فإننا نلاحظ حرصه على متابعة ، أما إذا تأملنا المطبوع الصحفيمن قبيل السؤال عن عنوان المعرض ومضامينه الفنية : وسيو ثقافية عموماومرجعيته الس

ويصاحب هذا . وحديث عن انشغالات الفنان الآنية ومدى إقبال الجمهور على أعمالهالمطبوع الصحفي غالبا حوار مع الفنان يكون مطولا أو قصيرا بحسب اهتمامات

:مديرة المتحف الوطني للفنون الجميلة، في مقالها الموسوم مليكة بو عبد االلهينظر شهادة السيدة 1 Sédiments affectifs , in : Beaux – Arts , n°1 ,Op. cit , p.23.

: مة الكتابات النقدية و الصحفية في ينظر بالتفصيل فائ 2- Michel – Georges Bernard , Khadda , p.257-261.

3 Ammar Allalouche , Khadda , la fresque d'une œuvre en évolution , in: Beaux – Arts , n°1 , p.99.

صة لنشر المادة الفنية في الصفحات الصحفي أو إمكانات الصفحة الإعلامية المخص . الثقافية

بمصطلحاتها التشكيلية " الخدية"فإن الكتابات النقدية التي تتناول اللوحة ، وأخيراوذلك لأن المتخصصين في هذا الحقل غير . فهي هزيلة عموما، وسيميائياتها البصريةالمكتبة التشكيلية الجزائرية بالقياس وهو ما يشكل فقرا كبيرا في ، متمرسين بالكتابة فيها

هناك اجتهادات قيمة عند الباحثين (الساحة العربية على سبيل المثال إلى ما يكتب في، المغاربة والتونسيين والعراقيين والسوريين وهناك تجارب متميزة في دول الخليج العربي

).الفنية" الشارقة"لاسيما ندوات قد أفرز مستويات متباينة خدةالجمالي لأعمال الفنان يتضح جليا أن الاستقبال تترجم في غالبيتها أفق الانتظار الاجتماعي وبعضا من السنن الجمالي اللذين ، من التلقي

أن المشاهد الذي –مرة أخرى–ولذلك يتبين . ما هذه الأعمالكانت تتحرك في إطارهولذلك لا يمكن أن .1"جماعته الخاصة"محصورا في دائرة كان ، خدةتحاور مع لوحات

وإنما ، نتبين بوضوح السؤال الاستطيقي الذي حرك اهتمام المتلقي تجاه أعمال هذا الفنان .أن نخمن في آثار تمظهراته التجريدية لدى أولئك المتلقين لأعماله –في المقابل –يمكن

؟ محمد خدةفنان التجريدي المنجز من قبل ال" صدى المعنى"كيف نستوعب إذا لا شك أن الاهتمام الذي لاقته أعمال الفنان لدى أفراد النخبة من متابعات

مستوى تذوقيا للمشهدالتجريدي –من بعض النواحي –إنما يفسر ، وتأويلات متباينةتلقي مما يفيد أن وعيا جماليا بدأ يلقي بظلاله على حيثيات . وتكويناته اللونية والأيقونية

وهو ما يؤشر على أن هذه الأخيرة قد أضحت . اللوحة التجريدية وقراءتها البصريةالأشياء لا تؤثر إستطيقيا بوجودها بل "تسترعي الالتفات لأن " ظاهرة إستطيقية"

مما يفترض تمرسا محمودا في التقاليد الفنية عموما وفي أبجديات التجريد ، 2"بظهورها .خصوصا

".اعته الخاصة بقدر ما يعبر عن نفسهالفنان لم يعد الآن يتحدث إلى الجماعة، ولكنه يشكل جم"إن غاداميريقول 1

.125.تجلي الجميل ومقالات أخرى،ص: ينظر .93.محمد محسن الزراعي، الاستطيقا و الفن على ضوء مباحث فينومينولوجية، ص 2

أن يكون إشكال التواصل مع اللوحة التجريدية قائما على ، حال هذهوال، ولا غرو –إلى حد ما –وهو ما يفسر . 1"غياب مرجعيتها التشبيهية عن أي شيء آخر غير ذاتها"

وهو على كل حال ليس . خدةعوائق الاستقبال الجمالي تجاه الأعمال التجريدية للفنان .لأن الأمر متعلق بظاهرة التجريد بشكل عام، الفنان الوحيد الذي عانى من هذا الإشكال

زمن كتابته لكتابه عن يتحدث [في الوقت الحالي " أنه كاندينسكيإذ يذكر في هذا الصدد .فإن المشاهد نادرا ما يكون قادرا على الشعور بمثل هذه الانفعالات] 1911المطبوع عام

للطبيعة يمكن أن تؤدي إلى غايات فهو يبحث في العمل الفني إما على محاكاة بسيطةوإما على محاكاة للطبيعة تحوي ..) صورة شخصية بالمعنى الأتفه للكلمة الخ(عملية

.2"الانطباعي"تأويلا ما للتصويرلم تطرح انشغالاتها الفنية على خدةأن تجريدية ، ندرك في هذا السياق، ذلكلو

ل المعنى بالشكل الذي تكون فيه المسافة وإنما راهنت على تفعي". الكمي"جمهور بالمعنى يعي تراتبية الثقافة في المجتمعات المتخلفة )الفنان(وهو –أقرب بين اللوحة ومشاهدها

.التي لا تولي العناية الكافية إلى ثقافة العين و تقاليدها البصريةبها كل اهتمامه ووقته،يشو خدةالعلامة التشكيلية التي كرس لها الفنان تظل

ذلك أن. الذائقة المتشبعة بالمعايير الكلاسيكية في الفن" يقلق"و" يربك"الغموض الذي !و في ذلك بيت القصيد كله ، 3"الإنسان يحب العلامات و يحبها واضحة"

خارج تكويناته " المعنى التجريدي"أن ملاحقة ، ونحسب في هذا المستوى الإدراكيمغامرة قد تزج بنا في دلالات تتحكم فيها أسيقة سوسيوثقافية منغلقة ، ةاللونية والأيقوني

في حين نعتقد أن زمن اللوحة أكبر من زمنها وإن كانت تمتح منه عنوان ، على زمانهاالموجودة " غيريتها"و" التحاور"وحتى لا نغمط اللوحة حقها من ، ولأجل ذلك كله. وجودها

لا نعدم أن يكون حسن الفهم من حسن الإدراك الجمالي بحكم المقصدية فإنه، فيها بالقوة

1 Charles – Pierre Bru , Esthétique de l'abstraction , p.86. 2 Kandinsky , Du spirituel dans l'art , et dans la peinture en particulier , p.54 3 Roland Barthes , L'Obvie et l'Obtus , p.22.

ة عند التفاعل بالوظيفة الفني" جيرار جنيتومشاهده أو ما ينعته متبادلة بين العمل الفنيال .1"والتقني بين الاستطيقيميع نتبين أن الوعي الاستطيقي بخبايا اللوحة التجريدية لم ينجز بعد ج، وعليه

تمظهراته الجمالية على صعيد التذوق الفني بكل ما هو إستطيقي بصري في الفضاء داخل " الخدي"ولذلك لم يرق السؤال الاستطيقي إلى احتواء الأفق التجريدي . التجريدي

، ذلك أن الإدراك الفينومينولوجي في هذا المستوى. طبقاته اللونية وحدوسه الميتافيزيقيةفهو . ولا يتجاوزها إلى غيرها إلا قليلا" فن غير تشبيهي/ فن تشبيهي"ثنائية بقي يتعثر في

Ludwig لودفيغ فينجشتاينالذين يتحدث عنهم الفيلسوف " بصورة السياح"شبيه

Wittgenstein )1889-1951" :( لماذا"إن الناس الذين لا يتوقفون عن التساؤل" ،ام النصب التذكاري يستغرقون في دليلهم يشبهون السياح الذين بمجرد وصولهم أم

إن . لا يرون النصب التذكاري ذاته، فهم إذ ينشغلون في قراءة تاريخ بنائه. الأسطوريوهو لربما .2"الميل إلى التفسير عوض الاقتصار على الوصف لا ينتج غير فلسفة رديئة

من خلال ما كتبه من مقالات لأعماله 3"متلق"السبب الذي من أجله يفسر تحول الفنان إلى عن مسوغات اختياره لهذا –في الوقت نفسه –و يدافع " التجريدية"يشرح فيها وجهته

.الأسلوب

التوقف عند دراسة أكاديمية تمثل مذكرة في ، ويجدر بنا في خلاصة هذا المبحث Thomas توماس دمولدرأعدها الباحث الفرنسي ، D.E.Aالدراسات المعمقة

Demulder 4وقد اطلعنا عليها في الموقع الإلكتروني". 2ليون "بجامعة 2001عام Limag شرف عليهالأستاذ الخاص بالأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية، الذي يفي برنامج Pdfالدراسة إذا مطبوعة ضمن نظام . Charles Bonn شارل بونالدكتور

1 Gérard Génette , L'œuvre de l'art – La relation esthétique , p.192. 2 Alain Bonfand , L'art abstrait , p.125.

..".حين يشرع في الكتابة" متلق"ا المنتج هو أيضا و دائم"أن هانس روبرت ياوسيرى الناقد 3 رشيد ينحدو، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة،. من أجل تأويل جديد للنص الأدبي، تر –جمالية التلقي : ينظر كتابه .101.، المشروع القومي للترجمة، ص2004، 1.ط

4 www.limag.com

Adobe Reader ،كاتب ياسينو محمد خدةع الهوية الفنية من قبل إبدا:"وهي بعنوان " . )صفحة 171(1

تنحو الدراسة منهجا موضوعاتيا يتوسل من خلاله الباحث طرح عدة موضوعات وتتعلق الإشكالات التي . محمد خدةوتصوير كاتب ياسينتكون مجال تحاور بين كتابة

تابة الروائية عند الغرب و كتابة يطرحها الباحث أكثر بمسوغات التثاقف الحاصل بين الكفضلا عن . من جهة أخرى خدةوبين التصوير الغربي وتجريد ، من جهة كاتب ياسين

لكونها المجال الذي تتمظهر فيه ، مسألة الهوية الفنية التي تكاد تكون بؤرة البحث كله .الخصوصية الثقافية لدى الفنانين

: يقسم الباحث موضوع بحثه إلى ثلاثة فصول ).67-19.ص( 2الحداثة و الخداع: الفصل الأول -1 ).120-68.ص( 3الاستقلال الفني الجزائري: الفصل الثاني -2

). 148 -121.ص( 4"الهوية"لغة : الفصل الثالث -3يسعى الباحث في الفصل الأول إلى توضيح الخصائص العامة التي يتسم بها الأدب

ولذلك .ي استمد منها الفن الجزائري حداثتهقصد فهم الأصول الت، والتصوير الجزائريينيستند الباحث إلى معالم اجتماعية وتاريخية وفنية من أجل إيضاح الحيثيات التي تبلورت

فن في التي شهدت نضجا فنيا في مجال الكتابة الأدبية و –من خلالها سنوات الخمسينيات .التصوير على حد سواء

الذي بدأ Nouveau souffle 5"فس الجديدالن"ينشغل الباحث بإبراز مسوغات .يلوح في الأفق نتيجة افتقاد الهوية الأدبية والتصويرية من جراء الهيمنة الاستعمارية

. قد طبع منعطفا فاصلا في تاريخ الرواية الجزائرية" نجمة"يكون نشر ، 1956ففي عام "، وقوتها الرمزية، فرنسية المستخدمةوعنف ال، ولبس واقعيتها وحلمها، بناؤها الأصيل

1 Création d'une identité artistique par Mohamed Khadda et Kateb Yacine. 2 Modernité et Mystification . 3 L'indépendance artistique algérienne. 4 Un langage "Identitaire" 5 Thomas Demulder , Création d'une identité artistique par Mohamed Khadda et Kateb Yacine , mémoire D.E.A, Université Lyon 2 , 2001 , p.13.

كل ذلك يشهد عن تيه طويل للذاكرة وعن حساسية تبحث لها عن ، وتشوشها الزمنيقد جعلها محط " نجمة"ولاشك أن الأسلوب المميز الذي ظهرت فيه رواية .1..."هوية

ى مما يدل أن هناك تباشير أدبية بدأت تفرض نفسها عل .اهتمام كبير من قبل الباحثينوقد يكون في استراتيجية السرد المغايرة . تقاليد القراءة الروائية المكتوبة باللغة الفرنسية

سمة من سمات التحديث الأدبي الذي غير بشكل عميق بنية العمل الروائي ، للنمط التقليديمن قبيل الخطاب السردي والتصور البنائي للشخصية ، وجملة وظائفه المتعلقة بمكوناته

...والزمن السردي وغير ذلك والحدثيعرف فن التصوير تبلورا واضحا للاتجاهات الفنية ، وفي السياق التاريخي نفسه

أحد الذين محمد خدةويكون الفنان . ما تعلق منها بالفن التجريديوبخاصة ، الحديثة .أسهموا بأعمالهم في تحديث التصوير الجزائري وفي تجديد ألوانه وأشكاله داخل اللوحة

أن يعبرا عن هويتهما بدون قناة خدةو ياسين كاتبلم يكن ل"غير أنه يلاحظ الباحث أنه أن التحديث عند هذين –في نظر الباحث –مما يفسر . 2"اللغة الفرنسية وتقاليدها الجمالية

أن بيد. ولغته وبالانفتاح على التراث الفني لهذه اللغة عموما" الآخر"الفنانين قد بدأ بتقبل لا كاتب ياسينذلك أن فرنسية . هذا التحديث سينجز أسلوبه بخصوصيات ثقافية محلية

بقدر ما تقترب من انشغالات ، الأكاديمية ونسقها الكلاسيكي" روح اللغة الفرنسية"تترجم ، "رشيد"، "سي مختار(" بسلوك الشخصيات بلسان فرنسي منفعل أكثر" الجزائري"المعيش

عبر تواليات الحدث الروائي " نجمة"ومواقفهم من "...) مصطفى"، "رلخض"، "مراد"الفرنسية المستعملة من قبل كاتب "ولذلك يرى الباحث أن . المشوشة في زمنيتها السردية .3" "الإنسان الجديد"ياسين تظل بذلك صيغة تعبير

كاتب ياسينوإذ يتساءل الباحث عن ماهية الهوية التي يبحث عنها كلا من ، 4وإذا كانت توافق المفهوم الذي يصل الفرد بالعالم وتطابق الجزء الفردي للهوية، خدةو

من باب ، 5"للانسان الجديد"إنما هي مكون l'acculturationالمثاقفة "فإنه يتوصل إلى أن

1 Thomas Demulder, Création d'une identité artistique par Mohamed Khadda et Kateb Yacine, p.27. 3 Ibid., p.32 2 Voir : Ibid., p.31. 3 Ibid, p.32. Ibid.,p.34-35.4 Ibid.,p.36. 5

ن فم."أن الفنانين يجمعان ثقافة مزدوجة تمتح معينها من ضفاف البحر الأبيض المتوسطمن خدةيسعى . فضاء رمزيا، شبه صوفي] خدة[ يعرض الفنان ، خلال شجرة الزيتون

من حوض البحر ، لوحة إلى أخرى إلى تجاوز المقروء لكي يعبر بكل حرية تاريخ بلدهإنه الجواب الأمثل عن مشكلة الهوية الجزائرية . الدينية –المتوسط وفضاءاته الصوفية

.1"نيه بتصوير الزيتون لمواط خدةالتي يمنحه فهو :الدالة على خصوصية الانتماء الثقافي" رمزيته المتوسطية"يكتسب الزيتون

القلق الذي يعانيه " المشوهة"لكونه ترجم عبر مشاهده التشكيلية " متفردة عن الهوية"علامة ل ضمن النضا(وهكذا يلاحظ الباحث أن التوجه الأيديولوجي المشترك .الشعب الجزائريقد جعلهما يسلكان ، فضلا عن تكوينهما المتأثر بالتقاليد الفنية الغربية، )الحزب الشيوعي

ذلك أن ، 2"استراتيجية جمالية مقدر لها مقاومة المثالب والرقابة "التجريد لكونه ، وللتجريد non - transparence" للاشفافية كاتب ياسينو خدةالاستخدام الذي يبديه "

حيث يستعمل " خداعا حسيا"أن ينضويا شرعا ضمن عداد ما يمكن أن نطلق عليه يمكن .3"بغرض تضليل المتكلم و تجاوز المرئي

ومطية لتحرر " للواقع الوصفي"يكون التجريد رفضا ، وانطلاقا من هذه المعطياتإيغالها في من شدة لا تحيل على واقع بعينه 4"أدبية كاتب ياسينفواقعية ". "الإنسان الجديد"

وتطرح " الواقعية الاشتراكية"ترفض خدةوبالمثل فإن أعمال الفنان . الرمز والأسطورةعاملا 5"إستطيقية التثاقف"ومن ثمة تكون . واقعا رمزيا كله علامات موغلة في الغموض

يها من نتيجة ما يعتر" مضللا"على تكريس الجمالية الأوربية على نحو يكون استخدامها .تغيير داخلي على مستوى التقنية والأسلوب

فيتناول فيه ، "الاستقلال الفني الجزائري"والموسوم ب، أما الفصل الثاني من البحثفي إطار سلسلة من المقارنات مع ، كاتب ياسينالباحث خصوصية الكتابة الأدبية عند

Gérard جيرار دو نرفالو، دةكتاب الرواية الجدي: عدد من الأدباء في الكتابة الروائية

1Ibid. , p.37. 2 Thomas Demulder , Création d'une identité artistique par Mohamed Khadda et Kateb Yacine, p.53. 3 Ibid., p.59. 4 Ibid., p.62. 5 Ibid., p.35.

De Nerval)1808-1855( ،جامس جويسو،وكتاب السرياليةJames Joyce)1822- Albert ألبير كاموو) 1897-1962( William Faulkner وليام فولكنرو، )1941

Camus)1913-1960 .(ا الأسلوب ، وضمن هذه الرؤية المقارنةيقارن الباحث أيض .انين السرياليينبالفن خدةالتجريدي عند

كتابة "وفحواها أن ، نجاة خدةينطلق الباحث من ملاحظة يستعيرها من الأستاذة ليست تأثيرا من ، المثبتة مع بقية الرواية" نجمة"البياض من القسمين الأول والخامس من

يحاول ، وانطلاقا من هذه الفرضية. 2" "للغريب" Parodie 1وإنما محاكاة تهكمية كامومن خلال مقارنتها بالنصوص السابقة من جنسها الأدبي لدى "نجمة"احث تحليل شعرية الب

.الغربوإذ يعرض الباحث أهم المميزات الفنية الموجودة لدى كتاب الرواية الجديدة، فإنه

النظر من خلال كاتب ياسينيتيح لنا ، عبر إستطيقية شكلية تكاد تكون متماثلة"يلاحظ أنه وفي . 3"بينما الأفاق لدى الروائيين الجدد بدون قيمة تقريبا، لى درجة عاليةممارسته إ

بالقياس إلى طروحات الرواية الجديدة بل يذهب الباحث بعيدا " نجمة"ذلك تكمن خصوبة بأن تكون الرواية الجديدة هي ، عن إمكان قلب فرضية التأثير والتأثر"في تساؤلاته

يتتبع الباحث ، وعلى هذا النحو .4"لتراث ما وراء البحر المتوسط المختلسة، "المستعيرة"، جويسو، السرياليون( بة ياسين وغيره من كتاب الروايةأوجه الإختلاف بين كتا

.5"كامو" غريبل"نفي " نجمة"، لكي يتوصل في الأخير أن رواية )كاموو، فولكنرو

:المحاكاة التهكمية 1 .الدعابةإعادة أداء فني أو أدبي جاد بطريقة مثيرة للضحك أو -1محاكاة نص أدبي أو أثر فني أو سمات مميزة لشخصية معروفة، بحيث تراعي خصائص الأسلوب الأصلي أو -2

...مميزات هذه الشخصية، و يكون ذلك بقصد الإضحاك لا لما فيه من تهكم وسخرية وإنما لبراعة ما فيه من تقليد، 1979ة في اللغة والأدب، بيروت، مكتبة لبنان، مجدي وهبه، كامل المهندس، معجم المصطلحات العربي: ينظر .187.ص

2 Thomas Demulder, Création d'une identité artistique par Mohamed Khadda et Kateb Yacine, p.75 3 Ibid., p.77. 4 Ibid., p.83. 5 Ibid., p.117.

التي تميز أسلوب التصوير عند الفنان يوضح الباحث ملامح الاختلاف ، في المقابل ؛الحرف العربي بخاصةو،ويتبين أن الاشتغال على العلامة . عن الفنانين السرياليين خدة

، وهو يستعير التقنية فإنه خدةمن باب أن الفنان ، للتصوير الغربي" تحريف"إنما هو أيضا بخلاف ما يجري لدى ، 1"فة الجزائريةالمتوارية في الثقا"يعمد إلى تفجير الأبعاد الرمزية

يعد تعبيرا ] خدة[فهذا الفنان . "السرياليين وما يستأثر باهتماماتهم ورغباتهم اللاشعوريةويمارس الإبدالات المتعددة لتوكيد ،تشكيليا يعيد فيه ابتكار الجماليات الأوربية وتنظيمها

.2"ل الجزائرية الجديدةموضوع جدلي تحضر من خلاله الحساسية والميوحيث ، وكاتب ياسين خدةتتمظهر الخصوصية الثقافية في أعمال ، وعلى هذا النحو

خدة نرى حيث . يستثمر كلا منهما المضامين المحلية المعبرة عن هوية الفضاء الجزائري، والمتاهة، والهندسة، الخط(يطور تصويره انطلاقا من أشكال الحرف العربي "التقنيات الشفوية كاتب ياسينويستعمل ، ...)والفنون التخطيطية الهندسية، الفسيفساءو

عن ذلك بحشد من المراجع التي يصبغها فضلا، كلها التي تظل شكلا لغويا لنموذج شرقيوأماكن جغرافية عربية ،وشخصيات تاريخية مرجعية،تاريخية مشاهد(الأصيلة .3..."إسلامية

فيقترب فيه الباحث من فضاء كاتب ، "بلغة الهوية"ل الثالث المعنون أما الفص ، )Vladimir Propp )1895-1970 فلاديمير بروبياسين الروائي وفق مورفولوجية

موجودة في عمل " مورفولوجية الحكاية"بناء أسطوريا حديثا في " نجمة"على اعتبار " أسطورة قبلوت"ن خلال توظيف م" نجمة"لاسيما عند تحليل شخصية ، 4ياسينكاتب

إلى تصنيف خدةهذا وإن لم تخضع لوحات . في الرواية" للناظور"والفضاء العجيب .5"مضمونا أسطوريا و عجيبا -في نظر الباحث –تمتلك "فإنها ، بروب

John Langshaw أوستن جونكما يفحص الباحث في هذا الفصل ما يطلق عليه

Austin )1911-1960 ("بالوظيفة الأدائية"Fonction Performative إذ يظهر . للغة

1Ibid., p.95. 2Thomas Demulder, Création d'une identité artistique par Mohamed Khadda et Kateb Yacine p.119. 3 Ibid., p.119 4 Ibid., p.133. 5 Ibid., p.130.

التي لا تحيل في غالب الأحيان إلى -" نجمة"من خلال صيغ التلفظ الموظفة في رواية خطيته وترتيبه الزمني "نتيجة تشويش الحكي وتشظيه على مستوى ، بعينه" فاعل"

خطاب يمتلك خصوصيته الثقافية أن التعابير اللغوية تكشف عن -1"...وغرائبيتهمما يدل أن البحث عن الهوية انشغال لغوي مضمر . والتاريخية تجاه القول والفعل معا

تماما مثل كاتب ياسين ". نجمة"بالقوة في المنظور السردي لكل شخصية من شخصيات التشكيلية ذات وظيفة لغته"قد وظف بعض المعالم التاريخية الوطنية التي تجعل خدةيكون .أيضا 2"أدائية

من باب أن الباحث منشغل ، هكذا تكون هذه الدراسة مجالا خصبا للغة و للغيريةولو أن الباحث –التشكيلية خدةوأعمال كاتب ياسينبقراءة ملامح التحديث في روايات

وعلى .3الفنانين يعترف بقصور هذه المذكرة عن الإلمام بجميع إشكالات التحاور ما بينالرغم من وعي الباحث المنهجي بصعوبة التماثل في إجراءات التحليل الأدبية

، التشكيلي/ فإن دراسة من هذا القبيل تظل رائدة في جرأة حوارها الأدبي، والتشكيليةلاسيما (لكونها تعاين استقبال الآخر لكاتبين جزائريين من النادر أن تم الجمع بينهما

يختلف بالقياس إلى عدد كاتب ياسينلأن الأمر بالنسبة إلى ، خدةلنسبة إلى الفنان با ).البحوث المنجزة حوله

غير أن هذه الدراسة تعطي الأولوية للمضامين دون الانشغال بالتفاصيل التقنية ولذلك تحضر الأعمال الفنية . فر عليها اللوحات التي يأتي على ذكرها الباحثاالتي تتو

وهو ما أشار إليه الباحث في . لا غير) المحتوى(لتمثيل المعطى التعبيري خدةان للفنأكثر من موضع تبيانا عن صغر هذه المذكرة عن تحمل جميع التوضيحات اللازمة بشأن

. فن التصوير بالمقارنة مع فن الرواية

1 Ibid., p.142. 2 Thomas Demulder, Création d'une identité artistique par Mohamed Khadda et Kateb Yacine, p.144. 3 Voir : Ibid., p.18 , 156.

؟ ت في هذا النطاقهي أهم المستخلصاكيف ندرك إذا جماليا ظاهرة التجريد ؟ وما لا يزال الإدراك الجمالي لظاهرة التجريد يواجه مشكلات كأداء في تذوق اللوحة

التكوين "غير أن . على نحو يفترض فيه التواصل مع العلامة الجمالية البصرية، وفهمها على نطاق واسع من 2"الاستعدادات البصرية"يحول دون أن تكون ، 1"الاجتماعي للعين

ولذلك ). التجريدية(عدا الجماعة الحاضنة لهذا النوع من الخبرات الإدراكية ، المستهلكين، ما تعلق منه بالاتجاه التجريدي بخاصةو، نتبين أن المشهد التشكيلي الحديث بالجزائر

يظل زخما بالعلامات الجمالية التي تنتظر تشفيرها على نحو يغدو معه التأويل نسقا .لاتشكيليا دا

اللوحة التجريدية عن متلقيها إنما تكون في " غربة"فإن ، وانطلاقا من هذا الاعتباروهو الأمر . ذاتها ظاهرة تسترعي الانتباه والتأمل منذ الظهور الأول للأعمال التجريدية

ومن . بين العمل الفني و مشاهده 3الذي يرجعه الكثيرون إلى غياب المرجعية المشتركةفي أفضل ، ومثله أقرانه المعاصرين له، محمد خدةعجب ألا يكون وضع الفنان لا، ثمة

الفنان الذي يسرد لنا ،4"المعلم"إذ الجميع يعاني خيبة . حال من حيث الاستقبال الجمالي

. 1998، 1.ط إبراهيم فتحي، القاهرة، دار الفكر للدراسات و النشر و التوزيع،. ، قواعد الفن، تربير بورديو: ينظر 1 ).420-413.ص: التكوين الاجتماعي للعين (

.418.المرجع نفسه، ص 2 .20-19.، ص1998عز الدين شموط، نقد الفن التجريدي، دار كنعان للدراسات و النشر، : ينظر 3

- Charles – Pierre Bru , Esthétique de l'abstraction - essai sur le problème actuel de la peinture , Paris / Montréal ( Qc) , L' Harmattan , 2000 , p.167-294.

:ضمن بلزاكللكاتب ا Le chef d'œuvre inconnu" التحفة المجهولة" قصة : ينظر 4- Balzac , La comédie humaine X , Editions Gallimard , 1979 , Bibliothèque de la Pléiade , p.391-438.

:والقصة هذه موضوع دراسة فينومينولوجية للناقد - Georges Didi – Huberman , La peinture incarnée – suivi de Le chef d'œuvre inconnu de Balzac , Paris , Editions de Minuit , 1985.

ألمه الكبير حينما يعجز عن إقناع من هم حوله بلوحته التي أنجزها بعدما يصاب بالذهول ! 1"فليست المتع الجمالية بمنأى عن الخيبة أبدا" .هم لهاتجاه عدم فهم

ولذلك نعتقد أن الموضوع الجمالي الذي يتشكل على إثره الحوار المرئي بين العمل مما يفسر . يفترض قدرا لا يستهان به من حسن الفهم والتذوق معا، الفني ومشاهده

د إلا القليل القليلانحسار الهاجس الاستطيقي من اهتمامات المشاه... وبعضا من أسيقتها شهد التجريدي الجزائري المتباينةوإذ تبينا تمظهرات الم

فإننا نسعى إلى استقراء النسق التشكيلي استقراء يتعالق ، محمد خدةالتشكيلية عند الفنان شك أن الأمر ولا. خدةفيه الفني بالمدركات البصرية لعدد من اللوحات التجريدية للفنان

إلى الخبرة الجمالية التي تحدس الشكل في فاعليته الإدراكية –في كل الأحوال –مردود .داخل نسيج اللوحة

فكيف نستقرئ عنوان اللوحة تكوينا تشكيليا وتعالقا شعريا ؟ ثم كيف نتمثل التوقيع مظهرا طباعيا ومكونا سيمائيا من هامش اللوحة ؟

. إذا بعض الهواجس الفينومينولوجية لهذا تلك

1 Gilbert Lascault , Vers une esthétique du visible , Encyclopédie Philosophique Universelle , p.647.

"وارني عن اسمي وإلا رأيته ولم ترن"

المواقف –النفري

الفني في الفن التشكيلي جزءا متمما من العمل Titrologieتأتي العنونةولذلك يختصر العنوان التركيب الفني كله المتضمن في العمل من حيث الأسلوب ، وبنائه

هذا لا يعني أن العنوان يسبق . أو الوسيط المادي المتشكل منه هذا العمل على حد سواء بول غوغانمثلما أثاره بعمق الفنان الانطباعي ، التشكيل الفني للوحة أو حدث توقيعها

Paul Gauguin )1848-1903 ( متى تبدأ نهاية اللوحة ؟ ومتى تنتهي "بسؤالهعتبة فينومينولوجية تنتهي إليها رؤية –في هذا السياق –وإنما نقارب العنوان .1"حقا؟

.الفنان عند توقيعه للوحتهجنيت جيرارحسب 2"هوية النص"وقد تكمن الوظيفة الرئيسة للعنوان في تحديد

Gérard Genette. ا 3"التوقيع في فن التصوير" إذ يضطلع العنوان بمهمةذلك . تحديدتحتاج إلى عناوين تضبط ) من لوحات ومنحوتات على سبيل المثال(أن الأعمال الفنية

وتاريخ إنجاز العمل، تذيل، هويتها وتحدد مواصفاتها الخارجية، إذ فضلا عن العنوانخشب، (وذلك من حيث طبيعة الوسائل المستعملة المادي اللوحة بوصف تقني للوسيط

وكذا ، ...)ألوان زيتية، ألوان مائية، غواش(نوعية المواد المستعملة و...) قماش، ورق .أبعاد اللوحة من حيث الارتفاع و العرض

Jacquesدريدا جاكعلى حد تعبير 4"ماذا يحدث حينما نعنون عملا فنيا؟"ولكن

Derrida . ماذا يضيف حضور العنوان أو غيابه إلى ماهية العمل ، بارة أخرىبعالفني؟ وهل يستطيع العنوان أن يتجاوز حدود مدركاته اللغوية حينما تمتنع سيمياؤه عن

محمد كما هو الحال مع عناوين الفنان التشكيلي (الوضوح وتركن إلى بلاغة التجريد ؟)خدة

، 1،1990.ط فن وهوية، بيروت، شركة المطبوعات للتوزيع و النشر، –العربية شربل داغر، الحروفية: ينظر 1

.132.ص2 Gérard Genette , Seuils , Editions du Seuil , 1987, coll.Points/Essais n°474 , p.80. 3 Ibid., p.410. 4 Jacques Derrida , La vérité en peinture , Paris , Flammarion , 1978, p.1978, p.28.

عندما تسمي اللغة الموجود لأول مرة، :" Martin Heideggerهيدغريقول هذه التسمية تسمي الموجود .فإن تسمية من هذا النوع تحمل الموجود إلى القول و الظهور

هذا النوع من القول هو تصميم النور، الذي يعلن فيه .من أجل وجوده من هذا الموجوديرسل فيه الكشف نفسه الإلقاء هو تحرير قذف، .أي شكل يصل به الموجود إلى المنفتح

والإعلان المقذوف به يصبح في الحين رفضا لكل فوضى . إلى الموجود بصفته هذهبغض النظر عن شكلها –إن التسمية إذن .1"صماء، ينسحب إليها الموجود و يحتجب فيها

والميلاد شكل من أشكال الظهور الذي يضفي على . هي ميلاد للموجود في الوجود –لم يكن موجودا إلا بعد : كذلك هو العمل الفني. الوجود المنفتح على ذاته الموجود صفة

و كأن التسمية تناوئ التخفي و تضع العمل الفني في . تسميته التي حررته من ربقة العدم ). يعرض مظهره للإدراك(مواجهة وجوده

Wassily Kandinsky فاسيلي كاندينسكيوهو الأمر الذي جعل أب التجريدية إذ من خلال الكوارث ...فإن كل عمل يولد كخلق الكون تماما، من وجهة تقنية"عتقد أنه ي

إن خلق . ندعوها موسيقى الأفلاك ةالتي تؤول عبرها وفرة وسائط السديمية إلى سيمفونيمؤشرا على -من وجهة أنطولوجية -من هنا، يغدو العنوان. 2"عمل هو خلق العالمحتفظ بخبايا التكوين الذي انتهى إليه العمل الفني، وكأن العنوان الكينونة ذاتها، لأنه ي

من هذا القبيل، لا يفشي عن مدلوله إلا ، وفعل التسمية. مصغر لتاريخ العمل كله" تصميم"فهذا الفنان التشكيلي . رمزا أو مجازا يتعذر ترجمته، وذلك لانزياح التسمية عن المرجع

مؤرخة في ، برنار ميشال جورجإلى الشاعر في رسالة له بعثها ، محمد خدةعلى نحو ما، يتصرف على شاكلة القدامى الذين "يبوح له فيها أنه 11/04/1986

.3"يفتتحون الإنجيل من أجل تسمية المولودلا تخضع إلا لذات محمد خدةوفي هذا القول ما يشير إلى أن العنونة عند

: وهو ما تومئ إليه لوحاته الزيتية أو المائية –الأجواء التي عايشها الفنان مع لوحاته

. 97.،ص 2001أبو العيد دودو، الجزائر، منشورات إختلاف، .د.مارتن هيدغر، أصل العمل الفني، تر 12 Wassily Kandinsky , Regards , in:Du spirituel dans l'art , et dans la peinture en particulier , trad.de l'allemand

par:Nicole Debrand et du russe par : Bernadette du Crest , Editions Denoël , Coll.Folio/Essais n°72 ,1989 , p.28.

3 Khadda : Trois lettres à M.G.B , in: Algérie Littérature/Action , n°55-56 ,Novembre-Décembre 2001 , Paris , Marsa Editions , p.117.

حجارة "، )1980( "الرمل علامات على"، )1984( " 2النداء والصدى"من قبيل "طرس"، )1970( "أبيض زيتون"، )1980( "حرف وشدو"، )1966( "وأشواك

ديوان "، )1989( "الكوفة أسوار" ،)1982( "كباخرة تزف إلى البحر"، )1989( "وخصب مثل دبال السهول ناعم) "1989"(صدع خصيب"، )1973( "للواسطي

،)1980( "تحليق" ،)1983( "قالشر صدى" ،)1986( "خاتمة السهوب" ،)1973( الخ... ،)1989( "حوارالحجارة" )1973( "قديمة أسطورة"

لم يكن بالإمكان أن نثبتها جميعا (إن المتأمل في هذه العينة من العناوين أنها علامات قائمة بذاتها كونها تربك المشاهد حينما يحاول ربط يلاحظ، )لكثرتها

ذلك أن الاتجاه التجريدي الذي اختاره . محمول العنوان بالمشهد المرسوم في اللوحةيطرح على المشاهد ، أسلوبا له في فن التصوير والنقش محمد خدةالفنان التشكيلي

وهي مسألة مرتبطة –عائق التلقي والفهم L'art abstraitغير المتذوق للفن التجريدي . بالإدراك سنعرض إليها في هذا الفصل

لى عمن هنا تتجاوز العنونة المعطى اللغوي الدال عليها لتحيل بشكل رمزي إن عنوان العمل الفني يوجه عملية القراءة، أي أنه ".البعد اللامرئي المتخفي وراءها

أحيانا أخرى، في الحد من ، غير أن العنوان لا يفيدنا...هايقترح مسارا مناسبا لالحديثون خاصة، إلى ، لا بل يعمد الفنانون، الاحتمالات التعبيرية التي تقوم عليها اللوحة

إلا، العنوان يوجه القراءة ربما. ، أو مضللة أحيانا أخرى"إشارية"كتابة عناوين غير خدةتنسف العنونة في لوحات ، لأجل ذلك .1"التاليأنه لا يلغيها أبدا، ولا يختصرها ب

"مراكش"من قبيل (حتى وإن اتخذت لها أسماء أماكن معروفة جغرافيا ، المعاني الجاهزةواد "، )1979( "غرغور"، )1989( "أسوار الكوفة"، )1961( 2 "الظهرة"، )1961(

،)1981( "ضفاف الأردن"، )1982( "لافتات من أجل بيروت"، )1982( "الشلففهذه العناوين لا تفشي )...). 1960"(القبائل" ،)1982-1960" (القصبة لا تحاصر"

. شيئا أمام الأشكال والألوان المرسومة، بل تضاعف من غموضها لحظة الاستقبال لهاإذ لا ينفصل العنوان عن نسيج اللوحة التي تشكل في رحمها فكرة ثم شكلا متدرج

. 57.فن وهوية، ص –شربل داغر، الحروفية العربية 1

يتجاوز العنوان أي وقائعية من شأنها -في الوقت نفسه –بيد أنه .يفالتكوين والتألمائياته أو ، لرسومه خدةفالعناوين التي يعطيها . " تضييق اللوحة داخل حدث بعينه

فائقة " فنية"ولذلك نحسب أن الفنان ينحت عناوينه بعناية .1"نقوشه، ليست مجانية أبدايرسمها، وكأن العنوان تشكيل لوني أيضا ينبغي أن مثلما يولي عنايته للمشاهد التي

يلحقه بعض من آثار الريشة ولمساتها الخفيفة أو الداكنة تارة والمضيئة أو المعتمة تارة .أخرى

مما . كما يفضل التجريديون تسمية أعمالهم Composition 2"تكوين"إن العنوان إذ ، في التحليل الفينومنولوجييجعل تسمية من هذا السمت تكاد تقترب من الماهية

يختزن العنوان في ذاته طبقات المعنى المتخفية بداخله، و لا يترك غير مظهره للمعاينة ، ولذلك لا ميكال دوفرينفي نظر 3"الكينونة"جانب من جوانب " المظهر"و. وحسب

على مراحل جزئيا و –إلا إذا تتبعنا ) دلالته المحايثة(يمكن أن نفرغ العنوان من محتواه أي نقف عند مستويات بنائه في الوعي كما ، أشكال تمظهره في اللوحة –متتابعة

الذي يعمل على Le spectateur Esthétique 4"المشاهد الاستطيقي"تتراءى عند . إدراك قيم الموضوع الجمالية

1 Michel Georges Bernard , Khadda , Alger , Enag Editions , 2002, p.115.

"تكوينات"ويتغير أسلوب رسمه تجاه التجريد، يسمي أعماله الباريسية " باريس"إلى موندريانالفنان حينما يقدم2Compositions . ينظر تفصيلا أكبر:

Dolf Hulst , Mondrian – école de la Haye –De STIJL , trad. IlseHesper , Paris , Bookking International ,1994 , p.135-151.

تؤثر في هذه الكلمة كالصلاة، وتغمرني : "قائلا" تكوين"حترامه الكبير لكلمة ، من جهته، عن اكاندينسكيويعبر :ينظر التقديم من كتابه". إجلالا

Du spirituel dans l'art , et dans la peinture en particulier , p.26. 3 Voir: Mikel Dufrenne , Phénoménologie de l'expérience esthétique , I , p.287. 4 Edmund Husserl , Philosophie Première 2 , p.147.

1

للوحاته الزيتية أو محمد خدةين الفنان إن المتأمل في عينة غير قليلة من عناوأنها عنونة تحتكم إلى ذوق -من الوهلة الأولى –يلاحظ ، المائية أو منقوشاته المنحوتة

إذ يحمل العنوان . من وقعها وعايش ظروف تكونها في ذاته إلى غاية إنجاز العمل فعناوين من قبيل. فتق منهاى كينونته الشعرية التي تعلإيقاعا خاصا لا يلبث أن يحيل

، )1982"(تزف إلى البحر كباخرة"، و)1980"(حرف و شدو"و، )1987"(حجارةمعلقة" ،) 1973"(السهول ناعم وخصب مثل دبال"، و)1989"(صدع خصيب"وكتابة "و، )1979"(علامات قلادة"و، )1983"(صدى الشرق"و، )1980"(تحليق"و

، وغيرها كثير لا )1979"(الصخور إقلاع على"و، )1979"(رباب"و، )1985"(بدالز .إنما هي عناوين تنحت نفسها من لغة الشعر و دلالاته الحافة أساسا...حصر له

Algérie"الأحداث/ جزائر"في تصريح له في جريدة محمد خدةيقول

Actualité )25 – 31 ا إن الرسام ل):"1990أكتوبروحسب يس عينا لقد قلت دوم .إني متعلق .إني أقرأ كثيرا(...).لن يكون الأمر غير تشويه. على العكس من ذلك تماما

كاتب و 1مالك حدادو 2جون سيناكو 1أنا غريكيجيدا لقد عرفت ...جدا بالشعر

Colette Annaهو الاسم المستعار للشاعرة والمناضلة الجزائرية ذات الأصل الفرنسي Anna Gréki أنا غريكي 1

Grégoire )1931 - 1966.( الجزائر العاصمة، الجزائر: "من دواوينها الشعرية" Algérie , Capital Alger (1963) ،Temps forts (1966) .نظريات و حجج و وقائع " و دراسة نقدية بعنوانThéories , prétextes et réalités (1966).

س در. ببني صاف 29/12/1926من مواليد ، شاعر وناقد جزائري من أصل فرنسي Jean Sénac جون سيناك 2مستشارا بوزارة التربية الوطنية، نشط بالإذاعة حصة حول بعد الاستقلال عمل . 1956انضم إلى الثورة في ، بمعسكر

:من دواوينه الشعرية . 1973مات مقتولا عام . الشعر Matinal de mon peuple / Jubilation (1962)/ Diwan du môle )1962 / (Aux Héros purs "صباحية شعبي" )1962 / ( La Rose et l'ortie (1964) /Citoyens de beauté (1967) /Avant-corps précédé de Poèmes iliaques et

suivi de Diwan du Noûn )1968/(Let trier du Soleil )1968/(Les désordres )1972 . ( مختارات " ودراسة نقدية .Anthologie de la nouvelle poésie algérienne) 1971"(من الشعر الجزائري الجديد

الفنان من يقتات .الأماكن نفسها والمقاهي نفسها وارتدت ،لقد عشت بينهم...2ياسينا فيما سيبدعه كنهفضلا عن ذلك، فإن . الطقوس التي يتشبع بها والتي ستؤثر حتم

".عناوين لوحاتي إحالات على الشعر غالباله دلالته العميقة في الكشف عن –بهذا الاعتراف الصريح –إن تصريحا

أن إذ لا يفتأ يذكر هذا الأخير .3محمد خدةالوشائج العتيقة ما بين الرسم والشعر عند نجاة ولقد كانت الأستاذة . نتيجة هذه الوشائج القائمة بينهما 4"توأمان"الرسام و الشاعر

بفعل هذا الزخم 5"تقترح على زوجها وضع هذه العناوين بين مزدوجتين" بلقايدأن النصوص ذات أشكال و ألوان تشبه "أن الفنان كان يرفض ذلك معتقدا غيرالشعري،

التي تموسق الرسم بالشعر Intersubjectif" التذاوتية" ر الصلة وهو ما يفس .6"مائياته .عند توقيع اللوحة

من باب التشاكل –في ظل هذا السياق –إنما هو 7إن وصف الرسم بالشعر ذلك أن الأمر يتعلق هنا بالاقتراب الفينومينولوجي من . الذي لا ينتهي إلى حدود التماثل

: له أربع روايات و ديوانان شعريان، شاعر وروائي جزائري) Malek Haddad )1927- 1978 مالك حداد 1 –رواية ( La Dernière impression" الانطباع الأخير"، )1956 -شعر(Le Malheur en danger" الشقاء في خطر"

- رواية ( L'Elève et la leçon" ذ و الدرسالتلمي"، )1959- رواية ( Je t'offrirai une gazelle" سأهبك غزالة"، )1958شعر " ( انصت وأناديك"، )1961-رواية( Le Quai aux fleurs ne répond plus" رصيف الأزهار لا يجيب"، )1960

)1961-" تتصدره محاولة نقدية الأصفار تدور دائريا Ecoute et je t'appelle, poèmes précédés de Les Zéros tournent en rond .

ذاع صيته بعد نشره لرواية ، شاعر و روائي و مسرحي جزائري) Kateb Yacine )1929- 1989 كاتب ياسين 2 Le cercle des"دائرة القمع"،) رواية(Le polygone étoilé" المضلع النجمي: " من مؤلفاته.1956عام Nedjma "نجمة"

représailles )مسرحية" (الجثة المحاصرة" ،) مسرحية (Le cadavre encerclé ،"غبار الذكاء)"مسرحية( la poudre

d'intelligence ، "مسرحية"(الرجل ذو النعال المطاطية (L'homme aux sandales de caoutchouc ،" الأسلاف يزدادون . Les ancêtres redoublent" ضراوة

"سيمون"قد بعث بعضا منها إلى مجلة الشاب كتب عدة قصائد يكون محمد خدةأن ميشال جورج برناركر يذ 3Simoune ينظر. قصد النشر غير أنها أعيدت إليه، فيحتفظ بها الفنان الشاب عناوين للوحاته:

Michel Georges Bernard , Khadda , p.29. 4 Khadda : Trois lettres à M.G.B , op. cité , p.117. 5 Ibid., p.117. 6 Ibid., p.117.

:مي مظفرعن صلة الشعر بالرسم، ينظر الكتاب الذي ترجمته 7

فالعنوان جزء من . في تشكيل لوحاته تحديدا محمد خدةفنان الرؤية التي يصدر عنها الأو ضمن ) اللوحة(لا يدرك فحواه إلا في صلته بالكل Détailأو قل تفصيل جزئي ، كل

وانطلاقا من هذا الاعتبار، . ددي هبرمان جورجعلى حد تعبير 1"شبكة من الدوال"وحة من كل جانب، لا تحصن تجريدها يدرك المشاهد أن جمالية التجريد التي تحف الل

وكأن العنوان .إلا داخل لغة تستعير منها معانيها المجازية التي تعبر عن أفقها الجمالي أن نجد المخيال اولا غرو إذ. 2أفق الانصهار الذي تتقاطع عنده لغة الرسم بلغة الشعر

L'imaginaire ا بحكم أن الأرضية التيدتقحلق"ملرسم والشعر واحدةعليها ا" ي.

كيف ، كيف ندرك جماليا عنوانا لا يكشف عن نفسه إلا رمزا ؟ أو بعبارة أخرى ندرك عنوانا يمتح مواصفاته من الشعر ومن بلاغة التجريد في الوقت نفسه ؟

إذ لا نملك وسيطا آخر يؤول ، يقودنا هذا التساؤل تدريجيا إلى العمل الفني تحديداإذ لا ندرك مقدار الشعر الموجود في العنوان إلا إذا أدركنا . غير العمل ذاته لنا العنوان

ونقصد بذلك فهم الاتجاه التجريدي الذي ينماز به ؛الأسلوب الفني الذي يتحرك فيه .في أعماله محمد خدةالفنان التشكيلي

ونقتصر في هذا الفصل على تحليل أربعة عناوين تمثل أربع لوحات على النحو :التالي

.1990مي مظفر، بغداد، دار المأمون للترجمة و النشر، .ترروجرز، الشعر و الرسم، .فرانكلين ر =1 Georges Didi-Huberman , Phasmes , Essais sur l'apparition , Paris , Editions de Minuit , 1998, p.81.

الشعر تصوير ناطق، و التصوير شعر ) : "م.ق 468 – 556(سيمونيدس ر التذكير في هذا السياق بمقولة يجد 2التصوير شعر :" فصلا مطولا عن التشابه و الاختلاف بين الشعر و التصوير دافنشيولقد استغرق الأمر من ". صامت

نهما نوعان من التصوير، اقتسما الحواس التي ويمكنك أن تقول أ. يرى و لا يسمع، و الشعر تصوير يسمع ولا يرىينفذان خلالها إلى العقل الواعي و إذا افترضنا كونهما من نفس الجنس، أي إذا كانا تصويرا مرسوما، كان لزاما عليهما

).59.ص" (إذن أن يمرا عبر الحاسة الأرقى ألا و هي العين .71-46.ص.1999ل السيوى، القاهرة، الهيئة المصرية للكتاب ،عاد .ترليوناردو دافنشي، نظرية التصوير، : ينظر

، تعاين أوجه التحاور بين )الدراسات الأدبية(على أطروحة ماجستير في الآداب ) دمشق( بمكتبة الأسدوقد عثرنا سلفادورل" رالنمو"و لوحة لبيدفي معلقة " الناقة"من ذلك على سبيل المثال التحاور بين مقطع . الشعر وفن التصوير

عصام قصبجي، جامعة حلب، . د:رلى عدنان الكيال، الضوء والظل بين فني الشعر والتصوير، إشراف : ينظر .دالي . 2006/1427كلية الآداب والعلوم الانسانية، قسم اللغة العربية، السنة الجامعية

1980لوحة زيتية، ، La lettre et le chantشدوو حرف -1 ).سم 60× 92(

، Comme un bateau épousant la mer كباخرة تزف إلى البحر -2 ).سم 92× 65(، 1982لوحة زيتية، ).سم 40× 45(، 1980، لوحة مائية، Envol تحليق -3 ) سم 92× 130( ، 1989، زيتية لوحة، Faille fertile صدع خصيب -4

1- وحرف و شد ؟ و كيف يمكن أن تكون الكتابة " الغناء/الشدو"مع " الحرف" اكيف يتساوق إذ

العربية مجالا للاحتفال أمام العين ؟ لكي يصدر بها كتابه حسن مسعوديعبارة الخطاط محمد خدةيستعير

لا يبقى على الفنان :"وسط من صفحة الغلاف، ويجعلها في ال"متناثرة مترابطة صفحات"و يعضد هذه العبارة ببيت من الشعر مأخوذا عن ". إلا أن يتنحى بألوانه أمام الكتابة

لم يبق للرسام إلا أن يتنحى أمام :" يقول فيه Louis Aragonلويس أراغونالشاعر يرا بالكتابة أو وفي كلا العبارتين ما يشير إلى أن هناك اهتماما كب. 1"الكتابة

.شربل داغرتحديدا كما يدعوها Calligraphie 2"الحروفية"

تبرالذين ) 1950جيل (3نفسه من الرعيل الثاني من الرسامين محمد خدةيع. أدركوا بوعي كبير حتمية التعبير عن ارتباطهم بهويتهم الشخصية بأدوات تراثية محلية

تشهد "التي 4"النون مدرسةب" خدةينعت أعمال سيناك جونوهو ما جعل الشاعر .5"على الامتداد في المغرب العربي

العريق " الامتداد"ليعبر عن هذا " حرف وشدو"من هنا، يأتي عنوان من قبيل مساحة اللوحة ثم امتدادات أفقية امتداد النون داخل لون الرمل الذي يغطي : داخل اللوحة

1 Mohamed Khadda , Feuillets épars liés , Alger , S.N.E.D , 1983, p.7.

. فن و هوية –الحروفية العربية : كتابه ينظر 23 Voir : Khadda , Feuillets épars liés , p.43-44. 4 Jean Sénac , Mohamed Khadda (1964) , in : Algérie Littérature/ Action , n° 55/56 , p.103. 5 Ibid., p.1

دارة الخط داخل الأخضر المحدود بحافات السواد أو داخل الأسود المشبع وعمودية لاست

بالحمرة عند حافاته، ويأتي الأزرق ما بين الحدود ليملأ الاستدارة التقابلية من الأمام بهذا الامتلاء اللوني –ولذلك حينما تتداخل الامتدادات الخطية . والخلف على حد سواء

من خلال رسم الخط ( 1فإنها تشكل حرف النون -ت نفسهالمتنوع والمتداخل في الوقحين الامتداد المرن لخط (أو الراء ) عند قلب خط النون واستدارته(أو العين ) ونقطتهوهي تشكيلات تظهر الحرف في مظاهر . أو الميم في الزوايا المنغلقة الخلفية) النون

.خطية و لونية متنوعةت الحروفية المتباينة ينبع إيقاع الحرف عبر ولعله من خلال هذه التشكيلا

بالطاقة " يشدو"وكأن الحرف . الامتداد الأفقي المتساوق في تقابله الأمامي والخلفيسر خفائه وتجليه من خلال ملء الفراغ ما بين المد : الكامنة فيه على التمظهر المتنوع

ولذلك ). ا يشبه النسخيم/ما يشبه الكوفي (فاللوحة تجريب لعدد من الخطوط . والآخرولأجل ذلك لم نثبت (يتجاوز الحرف دلالته الاصطلاحية المعروفة بأبجديته المجردة

في العنوان - l'article défini-على الرغم من توفرها، التعريف عند الترجمة" أل" .)لأن العنوان يظل غير محدد ويجنح إلى التجريد، chant lelettre et Laالأصلي

في نظر 2"وهو يبلغ ذلك على نحو عجيب..يبتغي أن يكون تعبيرا تشكيليا] الحرف[ هإن" .محمد خدة

إذ لا ، إن القصد الجمالي هو الذي يسعى إليه الفنان من وراء تشكيلاته الحروفيةعلى حرف بعينه بقدر ما يشتغل على تشكيل فني مادته الحرف محمد خدةيشتغل لكي يغني ، يخرج الحرف عن حرفه، ن التجريد الفنيوعلى هذا النحو م .تحديدا

ألان في نظر –وهو ما يشبه . ترسباته التكوينية التي مر بها عبر تاريخه الخاصحيث يعمل الحرف على ، الإبوخية بالمعنى الفينومينولوجي الدقيق"ما يحدث في -بونفو

".وفيه سنة مقدرة في الفكر، هو نصف الدائرة، ن خط مقوسشكل مركب م"أن النون ابن مقلةيذكر الخطاط 1

، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين، عفيف البهنسي:ينظر .151.،ص1،1995.ط

2 Feuillets épars liés , p.28.

الحرف بوظيفته إذ يضحي. 1"ويقتصر على الشكل التصويري، تعليق غايته اللغويةفي العنوان عنصرا محايثا " الشدو"ولأجل ذلك، يأتي . المألوفة لصالح جماليته المفتقدة

فالغناء هنا ليس غير ما . من هذه الجمالية المفتقدة التي يحاول الحرف استعادتها رمزيا يراه الفنان في باطنه، وهو يحاول أن يطوع الحرف نحو مساحات من الألوان

.والمعاينة البصريتين تنتظر الاكتشاف والأشكال لا تزالبحكم أداة الربط الجامعة بين –إن عنوانا يقوم على التقابل والتداخل الذاتيين

إذ نلفي التشاكل . يختزن مقدارا لا يستهان به من الانزياح الشعري –" الشدو"و "الحرف" )ال الحرف على نحو جمالي صرفتطويع أشك(عميقا من حيث إن بلاغة التجريد

وهو يدعو مشاهده إلى الإنصات بدل النظر وحسب كي " بفرجة الحرف"صارت تحتفل بالضرورة " كاندينسكيأو ما يسميه . العين عذوبة الحرف وهي تمسحه بالنظر" تسمع"

داخليا فالجميل هو ما كان("التي تتجه إلى الروح أكثر مما تتجه إلى العين 2"الداخليةإن عنوانا بهذا الدفق الشعري لا يروم الانفصال إطلاقا عن الأجواء التي ). 3" جميلا

. عايشها الفنان في أثناء إنجاز لوحته

كباخرة تزف إلى البحر -2 ما الذي يحدثه عنوان يقوم بناؤه على صورة شعرية رمزية ؟

الذي يجذب انتباه المشاهد إليه، 4"الإغراء"لا شك أن لوقع العنوان بعض من التي تتصدر بنية العنوان اللغوية تنزع بعيدا في التخيل بين " كاف التشبيه"لاسيما وأن

غائب يفهم ) المشبه به(والآخر " الباخرة"حاضر صريح) المشبه(أحدهما (طرفي التشبيه زاخرا –ر البسيط وهو على هذا المظه –و لذلك يأتي العنوان ). من دلالة السياق

1 Alain Bonfand , L'art abstrait , p.40. 2 Wassily Kandinsky , Du spirituel dans l'art et dans la peinture en particulier , p.88. 3 Ibid., p.203

الوظيفة الرابعة و المحتملة للعنوان إذ لا نعدم لها وجودا في كل العناوين Séductionالإغراء جيرار جينيتيعتبر 4إذ لا يمتثل . و سلبي أو لا شيء من ذلك إطلاقاوذلك بحسب المستقبلين للعنوان، على نحو إيجابي أ - بمقدار متفاوت –

:ينظر.المتلقون دوما للفكرة التي يكونها المرسل عن مرسله إليه Gérard Genette , Seuils ,p.97.

Comme un bâteau épousant la mer, huile sur toile, 1982, (65x92cm)

وأخرى في ، عين في اللوحة"إذ هناك . بالصور التي قد يركبها المشاهد في مخيلته

تترك ، ول العنوانإن الصياغة اللغوية التي ينفتح على بلاغتها الشعرية محم.1"اللغةفلا يرى غير . الرائي في قلق كبير أمام ما تراه عينه في اللوحة المقصودة بهذا العنوان

!وتنتفي عندها الصورة المألوفة للباخرة في البحر، علامات حروفية وسط ألوان وأشكال ؟ فهل يعني ذلك أن العنوان لا يلزم رائيه بالضرورة

بشكل تدريجي، فإننا نلاحظ شريطا ذا شقين من اللونين إذا ما اقتربنا من اللوحة كما يتفرع هذا الشريط بشكل منحني ، الأزرق والبنفسجي يغطيان خط الأفق من اللوحةثم تأتي علامات أيقونية باللون الأسود . إلى الأعلى من اللوحة يمينا وإلى أسفلها يسارا

د أفقيا بشكل بارز وكذا عموديا حتى المشبع عند حوافه بالأزرق من أعلى اليسار ليمتوالفراغات الموجودة داخل هذا . يلامس الجانب الأيسر العلوي والسفلي على حد سواء

والمساحة المتبقية من اللوحة تكاد تكون . مملوءة باللون البني، الشريط أو على حوافهمخفف في جهة من جهة اليسار العلوي وعاتمة ذات البنفسجي ال) مضيئة( فاتحة اللون

.اليسار السفلي وفي جهة اليمنى العلوية و السفلية 2هذا عن الوصف المبدئي للوحة، أما إذا جئنا إلى قراءة هذه العلامات الأيقونية

Signes iconiques ،أما ، فهي أشكال متباينة تشبه الحروف في امتداداتها وانحناءاتها . تتراصف كالقطعبعضها الآخر هي أشكال هندسية متباينة الحجم

حيث تظهر كوشم بربري يحاول أن ينفلت ، غير أن التداخل يبدو جليا في الوسطأو كحرف صيني يحاول أن ، من اللوحة، أو كمرساة سفينة تحاول أن ترسو في القاع

لا تقتفي غير المسالك التي تجدها "وعين الرائي هنا ... ينكتب فوق علامات مطموسة

1 Bernard Vouilloux , La peinture dans le texte , XVIIIe-XXe siècles , Paris , CNRS Editions ,1994 , p.114.

ةتعتبر 2 عن نموذج العلامـة وعـن : العلامة الأيقونية هي علامة وسيطة ذات وظيفة ثنائية من الإحالة "أن µ " جماع :ينظر ". أن العلامة الأيقونية ذات دال مميزاته المكانية مشتركة مع تلك التي للمرجع" وترى أيضا ". منتج العلامة

- Groupe µ, Traité du signe visuel , Pour une rhétorique de l'image , Paris , Editions du Seuil ,1992,p.133 , 123

يث لا يفتأ المشاهد من المعاينة والمقاربة لما يوجد في اللوحة مع ح؛1"متوافرة في العمللاسيما وأن السواد الذي يملأ هذه العلامات الأيقونية التي تسبح في : ما لا يقوله العنوان

" التجريدي الحس" هذا الشريط الأزرق، يجعل إدراك الصورة مرتبطا بالقدرة على الزرقاء فيه كثير من ) Le fond(الأسود على الخلفية فإيقاع. الموجودة عند المشاهد

اللتين تجعلان من هذه العلامات الأيقونية السوداء سفنا وشرعا في ، الحركة والانجذابعند التقاط اللون الأسود (فالعلامة البصرية التي يستقبلها حقل الرؤية !عرض البحر

كباخرة تزف إلى "ذهن مشاهدها تعرض نفسها للإبحار في ، )داخل اللون الأزرقفالعلامة الأيقونية دال ينسج : ومن هنا يتفتق العنوان عن شعريته المكنونة ". البحر

وزرقته المشبعة بطبقات متفاوتة الزرقة، بل إن العلامة " البحر"رمزيته من لون بقوه بإمكان شكله أن يتحول إلى مركب يحمل معه ثقافة من س" مجداف"الأيقونية ذات فقد ." للعين Spectacle 2 "فرجة"ثقافة الحرف أو العلامة حين تصبح : بعصور عتيدة

إلا أن يده ، عن الخط لصالح الفن الخالص -شربل داغرفي نظر –ابتعد الحروفي والسطح ، و تحولت الريشة إلى قصبة القلم، أحيانا، بذاكرتها الخطية، احتفظت

ن التي تكو" الذاكرة الخطية" من شك في أن هذه وما . 3"التصويري إلى ورقة بيضاء 1944من مستغانمب" عين الصفراء"عمل في مطبعة( محمد خدةفي حضنها الفنان

هي . التي تصنعها الريشة في أثناء إنجازه للعمل" الفرجة"تكون وراء ) 1953إلى كلا يمكن تطويعه باعتبارها ش 4"جوهر العلامة"تبتغي التأمل الباطني في " فرجة جمالية"

. واستثماره على نحو جمالي صرف

في إطار هذا التجريد الفني " إلى البحر تزف كباخرة"لذلك ينبغي أن ندرك عنوانا يتعلق الأمر عندئذ بكل شيء عدا ، إذ حينما لا تدل العلامة على شيء : أساسا

: ية من نوع خاص ومن ثمة يغدو الحضور التشكيلي للعلامة كتابة تجريد .5"الحروفيةعلى نحو تعطل معه المتخيل الذهني ، كتابة تستعيد وهجها التشكيلي من صميم ماهيتها

1 Paul Klee , Théorie de l'art moderne , Trad. Pierre- Henri Gonthier , Editions Denoël , 1964 , coll. Folio/Essais n°322 , p.96. 2 Charles – Pierre Bru , Esthétique de l'abstraction , Essai sur le problème actuel de la peinture , Paris , L'Harmattan , 2000 , coll.L'Ouverture Philosophique , p.79.

.120-119.فن وهوية، ص –شربل داغر، الحروفية العربية 34 Mohamed khadda , Calligraphie et modernité , in: M.G.Bernard , Khadda , p.79. 5 D'après : Mohamed Aziza , La calligraphie arabe , Ibid., p.79.

تنسف دلالة الحرف تماما، وتجعل منه رمزا أو أيقونا لثقافات مندثرة (الشائع عن الكتابة .)تقاوم النسيان

- Roland Barthes )1915 رولان بارتهذا كله يفسر بلا ريب، وجهة كلاهما صنعا من : لا شيء يفصل الكتابة عن فن التصوير"التي ترى أنه )1980

. 1"السرعة: شبيها بأحدث النظريات في نشأة الكون، الذي قد يكون ببساطة، النسيج ذاتهنها التي ينشأ ع)الجوهر(وهي وجهة معرفية من حيث المماثلة، كونها تحتكم إلى البنية

غير رموز اهتدت إليها يد -وفق هذا الجانب التكويني –الكتابة وليست. كل خلق جديدوهي تحفر على جدر المغاور والكهوف ؛ فكانت Homo faber الإنسان الصانع

ولا يعدو أن يكون فن التصوير .الكتابة رسما يقتفي حركة اليد في امتداداتها وتقاطعاتهايد تنسج خطوطا ثم تغطيها (الضوء غير كتابة مشبعة باللون و -من هذا المنظور –

بالماء واللون عسى أن تجد فيها نضارتها الأولى أو رموزها المطموسة فتستعيد كتابتها : اهتمامه ووسائله كل محمد خدةس فيه الفنان وهو الانشغال الفني الذي كر). من جديد

مة وهي تستعيد عن تطويع مبتكر للعلا" كباخرة تزف إلى البحر"إذ يعبر عنوان لوحته بعد أن نطق الحرف –" عهد التدوين"صورتها الكتابية المفقودة التي كانت عليها قبل

عبور مجازي لبقايا العلامة " فالباخرة)."خرج عن رسمه وتبنته اللغة(وصار له معنى وفي هذا العبور تحرص العلامة الأيقونية على "). للبحر"المعنى المجازي " (الذاكرة"في

في " الأزرق"حيث بلاغة التجريد أكبر مما يتحمله " للبحر"لونها لأنها تهب نفسها شعرية !جوفه

تحليق - 3

" التحليق"يكون مقصودا بالمعنى في هذا العنوان ؟ ثم كيف ندرك هذا " تحليق"أي الموسوم به فضاء هذه اللوحة المائية تحديدا ؟

للون الممتزجة بالماء تجعل من ندرك أن لطخات ا، "تحليق"حينما نقف أمام ظلالا لعلامات تنتصب عموديا وقد كتب ) الأقرب إلى لون الحبر(البنفسجي الفاتح

الميم (عليها بالبني والأسود علامات ذات شكل صيني تكتنفها بعض الحروف العربية

1 Roland Barthes , L'Obvie et L'obtus , Essais critiques III , Paris , Editions Seuil , 1982 ,p.201

ن فإ، أضف إلى جانب ذلك .بالأبيض وكذا بعض اللطخات البيضاء) والواو التاءو

الجانب الأيمن من اللوحة أكثر ضياء من جانبه الأيسر، وهو ما يجعل المشهد المرسوم إذ يبدو البني والأسود بمثابة توقيع يترك بصماته : أقرب إلى أحرف منكسرة في الماء

.للظهور خلف البنفسجي المشبع بالبياض في العنوان ؟" التحليق"أين يكمن إذن معنى

أي أنه في حضور الصورة : 1"يا إن الصورة فناء للموضوعتقول الفينومينولوج"إذ لا يبقى من الفكرة غير تمثيلها التخيلي الذي يعمل .تغييب للموضوع الذي نشأت عنه

هنا من باب " التحليق"ومن ثمة تكون صورة .الفنان على إظهاره بأسلوبه الفني الخاصبالمدرك الغائب )متخيل للمشاهدما ينتهي إليه الحضور ال(قياس المدرك الحاضر

رغبة عميقة في التجاوز " التحليق"إذ في دلالة ). قصدية الفنان المحايثة في عمله(العلامة تبتغي من رائيها أن يعمل خياله 2"كأن"و .والإنعتاق من رتابة الأفق الساكن

؛)خارج اللوحة(ذهنه حتى يستطيع مواصلة الامتداد اللوني في" محلقا"معها ويتركه ريشة الفنان قد أصابها الذهول أمام عوالم العلامة التي نقلته بعيدا عن بياض حيث توقيع الحرف (إذ في حركة الظهور التي يبديها اللون البني واللون الأسود . الورقة

فوق ضفاف البنفسجي المتفاوت في ) الصيني إلى جانب اللمسات من الحرف العربيفالتحليق هنا ليس غير التحليق في . تترك عين المشاهد تخمن أكثر في رؤيتها ،الإضاءة

الرؤية في سباق مع النظر بل تبني أفقها عند انتهاء : المعنى خلف علامات اللوحة .الإطار

عتبة لمشاهدة الدهشة بالمعنى " تحليق"وانطلاقا من هذا الاعتبار، يكون عنوان بنفسجي التي يخترقها كلا من البني والأسود والأبيض على ذلك أن ظلال ال. الشعري

1 Roland Barthes , La chambre claire , Note sur la photographie , Editions de l'Etoile , Gallimard, Le Seuil , 1980 ,1980 ,p.177

، Comme si "كأن"ضر في الوعي إلا وهو مرفق بخاصية حلا ي L'objet fictif"الموضوع التخيلي"أن هوسرليرى 2على موجودا ) غائب(وهذا يوضح خصوبة البعد التخيلي الذي يجعل مما هو غير موجود ". وكأنه موجود و كان كذلك .مستوى التمثيل و الإدراك

- Voir : Edmund Husserl , Philosophie Première - 2 , p.159

. بعدا لا مرئيا يكاد يكون ميتافيزيقيا" التحليق"تمنح ، مستوى الجهة الأمامية من اللوحةفهل معنى ذلك أن العلامة في هذه الضفاف المائية تبتغي الهجرة إلى مواطنها الأولى ؟

آخر لليد في محاولة منها إشباع الحرف بهالة " اتطويع"أم أن الأمر لا يعدو أن يكون ؟للوني بمعناه المحايث له تحديدامن الشعر يتقاطع عندها المرسوم ا

لا تستجيب " تحليق"يبدو أن المقاصد الدالة التي يختزنها عنوان من قبيل تحليق: للمشاهدة المرئية إلا إذا استوعبنا اتجاه الحركة التي يقتفيها خط التحليق

على اعتبار ما يظهر ، يباشر حركة الريشة على مستوى السطح من اللوحة(خارجي وتحليق داخلي يتم في الوقت نفسه مع نظيره الخارجي ) بصرية منها من علامات

ن وفي هذين الاتجاهي). يحرص على تمديد صورة العلامة البصرية خارج إطار اللوحة( ؛حيثاخلها ومن داخلها إلى خارجها كذلكتحليق المعنى من خارج اللوحة إلى ديكون

وتستبدل ، فاللوحة المشاهدة تستبدل لغة من خلال النظر: "يتخذ العنوان مساره التأويلي ومن خلال هذه الإحالة المتبادلة ما بين اللغة وعملية .1"اللغة في أثناء اللوحة الموصوفة

/ من التحليق المعنوي في أثناء المشاهدةالعنوان مستويات متباينة يعيش، الإدراكإذ يستند التحليق إلى مواصفاته التجريدية التي تجعل منه انزياحا ممتدا في . المكاشفة

د المعنى من مرئيته لكي يحقق إشباعه الجمالي الذي ولذلك يتجر. المجاز الشعريوإنما ، مثلما يراهافالرسام لا يرسم الأشياء . "تبحث عنه الريشة خارج ضفافها المائية

، "تحليق"وهو السبب الذي من أجله يظل عنوان . 2"يراها بالأحرى مثلما يرسمهامرتبطا برؤية مصممه الذي أدرك شكله ولونه على تلك الشاكلة التي جاءت عليها

".لتحليق"اللوحة المائية

صدع خصيب - 4ضليل مرئي يتحمل ؟ و هل يتعلق الأمر هنا أيضا بت" صدع خصيب"ما معنى

العنوان عبأه الرمزي ؟

1 Bernard Vouilloux , La peinture dans le texte – XVIIIe-XXe siècles , p.114. 2 Charles – Pierre Bru , Esthétique de l'abstraction , Essai sur le problème actuel de la peinture , p.171

لا شك أن الجمال اللوني الذي يتجمع في وسط اللوحة يعطي انطباعا بأن هناك فتحة مضيئة يتسرب منها الامتداد الطولي لعلامات ذات شكل حروفي عربي أو صيني

منحني وخلف هذه الأوشام يمتد شريط .أو أوشام متناظرة باللونين الأسود والبرتقالي –

من أقصى اليمين العلوي إلى غاية اليمين السفلي تتخلله لطخات بالأحمر والوردي قطع كالحجارة ذات أحجام هندسية متباينة ممتزجة -في هذا الشريط –إذ تتساقط ، والبني

وتكتمل الخلفية عند الحواف .بالوردي والأزرق الفاتح حتى تتراصف أفقيا في الأسفل .ية لهذا الشريط بالأخضر القاتم والرمادي المشبع بشيء من الزرقة المخففةالجانب

المتناغم ؟ ضمن هذا التشاكل اللوني" الخصيب الصدع"كيف ندرك ، ولكن إن الانسياب الذي تظهر عليه هذه العلامات الأيقونية من حيث امتدادها

اتجاه دوراني ؛ أقول هو انسياب وانحناؤها ابتداء من مركز اللوحة ثم انتشارها في يتسم بعنفوان إيقاعه من خلال التركيب اللوني الذي يضع الأسود في الواجهة الأمامية ومن خلفه طبقات من الأبيض الممتزج بالزرقة والبرتقالي والوردي والأحمر المشبع

:الوسط هنا أقرب إلى الإشعاع اللوني الذي ينبجس نوره في" الصدع"مما يجعل .بالبنيقد أحدث أثلاما عند ، الذي تتهاوى عليه قطع الحجارة، فالصدع ذو البناء الجيولوجي

". الصدع الخصيب"وهذه الأثلام هي التي تشكلت على إثرها ما تراه العين في .التصدعوجودها الجيولوجي من بهاء اللون الذي تحول من خلاله " خصيب"إذ تستمد صفة

الصدع "اهتزاز داخلي يمنع العين فرجة التأمل في آثار الاهتزاز الفيزيائي إلىمؤشرا على البناء " صدع خصيب"يكون عنوان من قبيل ، وعلى هذا النحو . "الخصيب

التجريدي لكلمة بالمعنى التقني و(لأن من وراء الصدع تكوينا جديدا ، وليس الهدمالرمادي يمثل الشكل "و: وأن الصدع قد حدث وسط مساحة رمادية ، لاسيما")تكوين"

.بول كلي على حد تعبير الفنان 1"فهو انسجام من دون حياة، الأكثر ضيقا للتوازن التام

إذا أدركت العين أن العلامات الأيقونية التي " خصيبا"بهذا المعنى " الصدع"يكون تنبجس بالأسود والبرتقالي والأحمر والوردي إنما تبتغي إيقاف زحف الرمادي ونشر

يؤشر على ، بل إن تساقط الحجارة على نحو عمودي ثم أفقي. الحركة في روح العلامةأن لحظة الصدع هي لحظة كونية يتخفف من خلالها الحمل اللوني من ضغطه المادي

ومن ثمة فإيقاع اللون هنا مردود إلى حركته الباطنية التي يدرك منها . الذي كان فيهوإنما بالأحرى خاصية عبور .ليس اللون ببساطة خاصية للسطح"امتداده في اللوحة، إذ

1 Paul Klee , Théorie de l'art moderne , p.65.

اللا (العبور من داخل الصدع " صدع خصيب"ولذلك يفسح عنوان .1"ضمن السطوح إلى مصدر الضوء ) رمادية الخلفية(عبور العلامة من عتمة اللون : إلى خارجه ) مرئي

.الذي يسمح لها بالانتشار المتناغم

لة التكوين الشعري للعنوان بعد هذه القراءة الأولية للعناوين كيف ندرك إذن مرحالمذكورة سابقا ؟ ثم ماهي مستخلصات البعد التجريدي من هذه الوجهة الفينومينولوجية

، أن محمد خدةلقد تبين من الصياغة العنوانية للوحات الفنان التشكيلي تحديدا ؟. شتغال الشعري في تشكيل الرؤية الفنية لديهالاشتغال اللوني لا ينفصل إطلاقا عن الا

ولهذا –ولذلك يقف المشاهد على عتبات نصية تحتاج إلى تأويل صيغها المجازية السبب، اتخذنا فضاء اللوحة وسيطا ماديا لتفسير القرائن اللغوية التي تتركب منها بنية

.العنوانللغوي في العنوان يكتنفه بعض يتضح أن المدرك ا، وانطلاقا من هذه المعطيات

ومن ثمة . كونه يختزل على نحو رمزي دلالته المحايثة فيه، من الغموض عند الاستقبالالذي يستعير من ، من تجليات الاتجاه التجريدي في الفن" الاختزال الشعري"كان هذا

.اللغة صورا تعبيرية عن مضامينه الرمزية

أو " تحليق"أو " كباخرة تزف إلى البحر"أو " حرف و شدو"إن عناوين من قبيل هي عناوين مجازية تفترض من مشاهدها تركيبا خاصا يستجيب ، "صدع خصيب"

يكفي أن نفتح الأعين حتى "إذ : لأبعادها اللامرئية المتوارية خلف الأشكال و الألوان قا من صيغة كنا نعاين محمول العنوان انطلا، ولأجل ذلك. 2"نواجه عالما من الأسئلة

وكنا في هذه القراءة .السؤال الذي كان يدفعنا إليه الإدراك المتدرج لمقاصده الدالةعلى سبيل التأويل ، لية حريصين على إدراك العلامة البصرية في فضائها اللونيالأو

وقد تكمن خصوبة هذه الدلالة في كونها تمنح العنوان بعدا . لدلالة العنوان الشعريةاجماليد أن شعرية العنوان تستمد إيقاعها من التشكيل اللوني ، ا مفتوحشاهإذ يستشعر الم

.ذاته الذي تظهر عليه العلامات الأيقونية في اللوحة

1 Georges Didi-Huberman , Phasmes , p.105 2 Gilbert Lascaut , Vers une esthétique du visible , in : Encyclopédie Philosophique Universelle , L'Univers Philosophique , , P.U.F , 3ème édition, 1997, p.642.

من حيث جوهره ليس بعنصر 1أن الشعر –مرة أخرى –وفي ذلك ما يؤكد بعثها إلى كان قد – محمد خدةفقد جاء في رسالة ل .غريب عن فن التصوير إطلاقا

" المنارات"تكاد تقترب من مقطع " الرغوة"لديه نوع من " أنه – جورج ميشال برنار 3نيروداوأخرى أرضية متجذرة ل، Saint John Perse 2سانت جون برسل

Neruda ، 5..."4الحلاجمن دون أن نغفل. وفي أعماله محمد خدةهكذا يتضح بشكل جلي الأثر الشعري في شخصية

، نيرودا بابلو، سان جون برس(بمجرد ما نذكر أولئك الأعلام من الشعر عموما، إذ

الشعر مشترك بين جميع أشكال الجمال ويمتد فيها جميعها، لأن عنصره الحقيقي هو التخيل الذي :" هيغل يقول 1 ".يحتاج إليه كل إبداع يستهدف الجمال، كائنا ما كان شكله

.157.المدخل إلى علم الجمال، ص -ب أن ينسب فن العمارة، وفن التصوير، وفن إذا كان الفن في جوهره شعرا، فيج:"من جهته هيدغر ويرى

...".الموسيقى إلى فن الشعر .97.أصل العمل الفني، ص -

وفي كلا النصين إشارة ذات دلالة عميقة فحواها أن الفنون جميعا تحتوي على مقدار متفاوت من الشعر من حيث .الرؤية و القدرة على التخيل الفعال

2 Saint John Perse المدعوSaint – Léger Léger قصائده )1975-1887( شاعر و ديبلوماسي فرنسي ،، )Eloges )1911: من دواوينه الشعرية . 1960تأملات في الطبيعة و التاريخ، نال جائزة نوبل للآداب عام

Anabase )1924( ،"منفى "Exil )1942( ،"رياح"Vents )1946( ،"منارات "Amers )1957 (،"أخبار "Chronique )1960( ،"عصافير "Oiseaux )1962.(

Neftali Ricardo Reyses" دو نفتالي ريكاردو ريس بسوالتو" هو الاسم المستعار للشاعر الشيلي بابلو نيرودا 3

Basoalto )1904-1973( من . 1971، شاعر ثوري مقاوم عرف المحن والمنفى، نال جائزة نوبل للآداب عامومذكرات تروي " ... إسبانيا في القلب"و" وإقامة في الأرض" عشرون قصيدة للحب وأغنية يائسة": دواوينه الشعرية

".أعترف أني عشت"سيرة حياته ، متصوف مشهور دعا إلى الحب الإلاهي، )م 922-858/ ـه 309- 244( الحلاج هو الحسين بن منصور الحلاج 4

ة الفساد، و كثر أتباعه ومريدوه، مما جعل الحكام يرون فيه خطرا ودفعه تصرف الحكام إلى التمرد على الظلم ومقاومكتاب طاسين الأزل والجوهر الأكبر و الشجرة الزيتونة : مؤلفاته كثيرة منها . على مراكزهم، فصلبوه حيا ببغداد

والأسماء الكلية، النورية، وكتاب الظل الممدود والماء المسكوب والحياة الباقية، وكتاب الأحرف المحدثة والأزلية .الخ فضلا عن كتاب الطواسين و ديوان شعري ...وكتاب المتجليات

ديوان الحلاج و معه أخبار الحلاج و كتاب الطواسين، وضع حواشيه وعلق عليه محمد باسل عيون السود، : ينظر .1،2002.،طبيروت، دار الكتب العلمية

5 Khadda : Trois lettres à M. G. Bernard , in :Algérie Littérature/Action , n°55-56, p.117-118 .

وهي –تحضر عوالم الحداثة الشعرية والثورة والتصوف )الحسين بن منصور الحلاجوهو السبب الذي .دة في الخلق والأسلوبعوالم تبحث لها عن ممكنات إبداعية متفر

.للعنوان" مرحلة التكوين الشعري"ف عند من خلال الوقو، جعلنا نهتم بالملامح الشعريةماذا " :المطروح في بداية مبحث هذا الفصل جاك دريداحينما نستعيد سؤال ، ولذلك

، فإنه ندرك المسار التكويني الذي يقطعه العنوان لحظة "يحدث حينما نعنون عملا فنيا ؟اصل سيمياءه من خلال فالتسمية تحرر هذا الأخير من الصمت لكي يو .توقيع العمل

.وجوده اللغويفماذا عن التشكيل اللوني في العنوان ؟ و كيف ندرك سيمياء التجريد فيه ؟

.ذلك ما سنعرض له في المبحث الموالي من هذا الفصل

2

ن ولقد تبينا في المبحث السابق أواصر الصلة الموجودة ما بين المك الشعري و مدركه التخيلي في اللوحة، قصد إيجاد لغة واصفة تؤول العنوان في ضوء

ومرامنا في هذا المبحث أن نفحص جماليا سيميائية التجريد . متعلقاته اللغوية واللونيةمن خلال ما –ويتمثل هدفنا الجزئي . ن التشكيلي للعنوانمن خلال المكو، البصرية

.راح قراءة ثانية للعناوين نفسها المذكورة في المبحث السابقفي اقت–سلف ذكره كيف ندرك إذن العنوان في تمظهره اللوني؟ أو بعبارة أخرى، كيف ندرك

عتبة اللون في نسيج العنوان؟لا شك أن الرؤية هنا تتعلق بالمشاهد لأنه بصدد حدس المقاصد الدالة

اصد الدالة هو بمثابة اشتغال داخلي في وتحريك هذه المق. المتوارية خلف العنوانومن ثمة لا تدرك . مظاهر المعنى التي يحجب بعضها بعضا عن الرؤية/ طبقات المعنى

اللون دفعة واحدة إلا باستنادها إلى ما يعضدها في مجال الخبرة ) رؤية المشاهد(الرؤية .البصرية

لا كيفية ثم هو كثافة، لأنه ليس اللون أو" أن بول كلييرى الفنان التجريدي لأنه يمتلك كذلك ، وهو في الأخير قياس. قيمة لونية وحسب وإنما قيمة ضوئية أيضا

و على هذا النحو، يتم إدراك اللون من خلال خصائصه .1"ومحيطه وامتدادهحدوده إذ نحسب أن هذه الخصائص بإمكانها أن تعرض مستويات متباينة من .فرة فيهاالمتو

والتأمل هنا من . عند تأمل اللوحة من قبل المشاهد) أو خلاف ذلك(لتناغم اللوني ا .صنيع التذوق الفني الذي يفترض قدرا من التجاوب مع الصياغة اللونية

1Paul Klee , Théorie de l’art modene , p. 20.

، "حرف وشدو("حينما نعود إلى عناوين اللوحات السابقة ، لأجل ذلك، فإنه نجد نسبة من اللون تكون ")بصدع خصي"، و"تحليق"، و"كباخرة تزف إلى البحر"و

ولا نعدم أن تشكيلا لونيا قد طال الصياغة اللغوية أيضا، . قد تشكلت فيها هذه العناويناللون في الرسم التجريدي قد تحرر من الارتباط بالمعاني المأخوذة و الرموز، "بحكم أن

. كان في أي وقت مضى تحررا ما، وحدها ومن الارتباط بظروف الظواهر الطبيعية لكن هذا لا يعني أن اللون لم يعد في الرسم التجريدي أكثر من حدث حسي، وننبه إلى أن معنى اللون في الرسم التجريدي، يأتي من مصادر غير المصادر الخارجية التي

ر الرسم التجريدي الأبعاد الداخلية للون ولم قد طول. 1"تلحق باللون المعاني والرموزبل صار اللون يمتح معانيه من مؤثرات . مقيدا بعوامل الإضاءة الخارجية فحسبيعد

في نظر –من الضروري "إذ . ثقافية عريقة يستمد منها مبررات وجوده الباطنيةلكي تكون ماهرة في ، أن يثقف الفنان ليس فقط عينيه، وإنما روحه أيضا -كاندنسكي

، وإنما فحسب في تلقي الانطباعات الخارجية تقدير اللون وموازنته، ولا تكون فاعلةوفي النص ما . 2"تكون كذلك قادرة على الفعل مثل قوة حاسمة في أثناء إبداع مؤلفاته

يؤكد أن البعد التجريدي قد أضفى على اللون تعبيرات باطنية تنضاف إلى خصائصه للون حتى " الروحي"ل وصار الفنان مطالبا بأن يحسن الاستقبا. الفيزيائية والكيماوية

.معا يدرك إيقاعه الداخلي في ذاته وفي اللوحة

إحساس داخلي ينبع من : يكون الإحساس باللون داخليا وخارجيا في الوقت نفسه - 3بالنسبة إلى الفن التجريدي –اللون ذاته فضلا عن التكوين الذاتي للفنان الذي يمثل

1 Kandinsky , Du spirituel dans l'art, et dans la peinture en particulier , p.174

41.، ص1991، السنة الثامنة و العشرون، 52:، ع)ألمانيا" (فكر وفن"ميخائيل بوكمول، لون البعد، مجلة 2

منه بصورة ) التجريد التعبيري( الفن التجريدي كتيار راهن من تيارات الفن الحديث، و " أن نوري الراوييرى 3خاصة، ليس إلا الوجود التشكيلي الحر للفكر الفني الخاص، وبهذا المعنى يصبح الإدراك الحسي للمادة التي تؤلف هذا

جود، مقادا بالتكثيفات اللونية ذات الإيقاع الحركي المنغم، وبالضوء الداخلي الذي ينبعث من اللون ذاته، حيث تكون الو، فيما )مما يعني الغياب المطلق للمنظر الطبيعي(تكوينات اللوحة موحدة ومطلقة، مع انتفاء أي وجود للأفق المستكين

هما الحسي ويبدآن تفاعلهما عبر السطح وفي فضاء غير محدد ليؤلفا ما يمكن يتخذ الخط واللون وجودا مستقلا عن مغزا ".أن ندعوه بالقوة الموحدة المطلقة للعمل الفني

تلتقطه حاسة البصر بفعل إسقاطات الضوء وإحساس خارجي. المصدر الباطني للضوءوبالمعنى المتعارف عليه من الوجهة بالمعنى الشخصي (على اللون، وكذا بفعل الذوق

).التقنيةواتساقا مع هذه المعطيات، يمكننا أن نتناول الصياغة اللونية في عنوان -1

الحروفية على التقابل ، حيث تقوم الأيقونة ذات الأشكال "حرف وشدو"اللوحة الزيتية وقتامة كل من الأزرق ) الذي يمثل المستوى الخلفي(اللوني بين صفرة الرمل

والأخضر والبني المشبع بالحمرة وفوق طبقة هذه الألوان تتجلى صفرة الرمل في جزءا من " الشدو"ولذلك يتشبع الحرف بضياء داخلي يجعل من .المستوى الأمامي

فالصفرة هذه التي تميل إلى لون الرمل تبعث .طلق المنبعث من الوسطالامتداد الموتبحث لها عن أفق غير ) الأزرق والأخضر( 1الدفء فيما حولها من الألوان الباردة

ومن ثمة يتشكل العنوان بصريا من أيقون . خط الأفق لكي تفجر فيه طاقتها الداخلية

تة النبر من المستوى الخلفي إلى المستوى الذي يتخذ له لمسات لونية متفاو" الحرف"أي على –فتقوم سيمياؤه على اللامرئي " الشدو" أما الحد الثاني من العنوان .الأمامي

ن اشتغال بصري على جمالية وفي الجمع بين الحدي. افتراض الطبقة الخفية من التلوين تشكيل لوني بذاته كما " رففالح: "من حدود الألوان الرئيسة وما يكملها نطلاقاالتشكيل ا

.تشكيل لوني أيضا ضمن البعد التجريدي" الشدو"

إذ لا يطرح العنوان نفسه للتأمل دونما هذا الحدس اللوني الذي يقوم عليه هنا يسخر كل تمظهراته اللونية " الحرف"ذلك أن .التركيب المشهدي في أثناء المشاهدةددة من أشكال الحرف عبر هذا التقابل اللوني بين من أجل أن يبني المشاهد صورا متع

مرايا الرؤى في شأن بلاغة التشكيل، : إقترابات من شواطئ التجريد، في -نوري الراوي، تجديد اللغة الشعرية في الفن، 1.ط دائرة الثقافة والإعلام، -يوسف عيدابي، الشارقة.د: ية، الإعداد والتحريروقائع ندوة دولية حول الشعرية البصر

. 21- 20. ،ص 2001أما الأصفر . يعتبر كلا من الأصفر والأصفر البرتقالي والبرتقالي والأحمر البرتقالي والأحمر البنفسجي، ألوانا دافئة 1

ولكن لا بد أن نذكر أن . ق البنفسجي، فتعتبر ألوانا باردةالأخضر، والأخضر، والأزرق الأخضر، والأزرق، والأزر .هذا التقسيم نسبي، فليست كل الألوان الباردة باردة بنفس الدرجة، ولا كل الألوان الدافئة دافئة بنفس الدرجة

وفست دراسة فيزيائية ونفسية وفنية للألوان، حلب، مطبعة أ –إبراهيم دملخي، الألوان نظريا وعمليا : ينظر - .35- 34.،ص 1983، 1.ط الكندي،

سيمياء مرئية اأ فلا يكون العنوان إذ. إضاءة الشكل وظلاله اللونية القاتمة المحيطة بهأيقونا بذاته يتجاوز قيمته " حرف وشدو"تبتغي بناء آخر لصورة المرئي؟ وألا يكون التمثيلية ويراهن أكثر على لا مرئيته المتخفية؟

يشتغل ذاتيا على ملء " حرف وشدو"كن القول إن التشكيل اللوني في لوحة يم فاللون يتجلى بما يجاوره .الفراغ في سبيل إظهار ما انطمر من الأشكال الداخلية

وهذا ما نراه جليا في الحركة التي يحدثها عبور اللون من الخامة القاتمة إلى : ويخالفهمل تستقطب الانتباه لكونها انبجاسا داخليا يمثل الحالة فصفرة الر: الخامة الفاتحة

لا يرجع مظهر اللون في فن "إذ .الشعورية التي انتهت إليها الرؤية الباطنية للفنان: إلى الواقع المرئي و إنما يرجع أيضا إلى رؤية الفنان -موندريانفي نظر -التصوير

يانرا و يستبطن بكثف اللون باطنيهفهو ينلمح هذا الامتداد الدافئ الذي ، ولأجل ذلك. 1"توكأن اللون يولد شكله –يتخذه شكل الحرف عند حوافه باللون الأصفر المشبع بالبياض

ولذلك يتشبع الحرف . ليهب الحرف خواصا أخرى لا يمتلكها، من صفاء تخريجاتهفي –الضوء " ذلك أن ، يالباطن" شدوه"بضوء ذاتي يزيد من إشراقه، أو بالأحرى من

!يتوصل إليهما الفنان بعد عناء شديد2"مكافأة وحالة من الوعي"ليس إلا –آخر المطاف ندرك أن التشكيل اللوني في العنوان بعيد الأثر لكونه يخاطب المدرك ، ومن ثمة

اللغة "ليس غير " شدو الحرف"البصري والمدرك التخيلي في وقت واحد، نتيجة أن .التي تمارسها لغة التصوير التجريدية في تحاورها مع اللون 3"حدسيةال

؟"كباخرة تزف إلى البحر"فماذا عن لوحة " حرف وشدو"هذا عن لوحة على التوزيع الأفقي للفضاء " كباخرة تزف إلى البحر"يقوم التشكيل اللوني في لوحة

مات أيقونية سوداء مشبعة بحيث ينساب المقطع الأزرق والبنفسجي عرضيا أمام علا . و يكاد يكون الجزء الأيسر من اللوحة أكثر انفتاحا من الجزء الأيمن، بالزرقة

1 Guila Ballas , La couleur dans la peinture moderne ,Théorie et pratique, traduction de l'hébreu: Simone Bitton, Paris, Société nouvelle Adam Biro , 1997,p.203. 2 Albert Gleizes , L'homme devenu peintre, Paris , Fondation Gleizes ,1998,p.97. 3 Léon Degand , Abstraction Figuration, Langage et signification de la peinture , Paris , Editions cercle d'Art, 1988, p.219.

من هنا، يخضع التركيب اللوني في هذه اللوحة إلى عنصر التنظيم الجمالي الذي يستند إلى مبدأ التكرار الذي يجعل العلامات الأيقونية محل تراصف أو تناظر من

، ولذلك يتحرك البنفسجي داخل الأزرق والأزرق داخل الأسود من جهة. للوحةمستويات اوفي .وما بين الأزرق والبنفسجي يمتلئ الفراغ بالأحمر المشبع بالسواد من جهة أخرى

إذ ، هذه الحركة ما يترجم الانسياب الذي يتم فيه عبور هذه الأشكال من لون إلى آخرة حميمة ما بين الأسود والأزرق وذلك بحكم أن الأزرق قراب" أن هناك كاندينسكييعتقد

ولذلك تفضي الزرقة إلى ما . 1"قادر على أن يحوز على العمق بمقدار تخومه مع الأسودوهذا ما يترك . يشبه البحر بحيث تسبح فيه العلامات الأيقونية السوداء على امتداد الأفق

اللونية على طبقات حتى يبلغ اللون إشعاعه يشكل خاماته محمد خدةانطباعا بأن الفنان لا يظهر اللون الأسود خالصا بل طبقة لونية تنبعث من الأزرق لهذا السببو. الذاتي

وفي ذلك اشتغال جمالي على الصياغة اللونية .والأمر نفسه يلاحظ على اللون الأزرق .نالتي قد تصلها اللوحة في مستويات إدراكها من قبل الفنا

كباخرة تزف "ينتج التركيب اللوني دلالته المحايثة له في لوحة ، وعلى هذا الأساسمشهد لوني لكل " الباخرة" من تمظهراته اللونية أساسا، لأن يتشكل العنوانف". إلى البحر

يقرأ هذا المشهد اللوني الأفقي "وقد . اللون" بحر"العلامات الأيقونية التي تتحرك داخل وفي ذلك تشكيل لوني آخر .2"ا على شاكلة المنظر الطبيعي في اتجاه الكتابة العربيةتلقائي

عبور اللون : هنا ليست غير محمول لوني يرغب في العبور" الباخرة"أن بحكم ، للعنوانعلى حد تعبير 3"خبرة قلب الأبعاد"يمتلك " عمق"هو (إلى أقصى اتجاه يدركه العمق

). بونتي ميرلوفذلك لكي يمنح ، ينحت العنوان صياغته اللونية من وحي تشبيهحينما

بالمتخيل البصري " الباخرة"وذلك لارتباط صورة . المشهد قدرا أكبر من التجريد الخلاقوكأن اللوحة مرساة سفينة تود أن تحتفظ ".الباخرة"الذي ينشد تخريجا غير نهائي لمعنى

شام أو الأحرف المقلوبة أو القطع التي تشبه بكل العلامات العالقة بها بحكم أن الأو

1 Wassily Kandinsky , Du spirituel dans l'art, et dans la peinture en particulier, p.146. 2 Michel Georges Bernard , Khadda , p.64. 3 Merleau-Ponty , L'œil et l'esprit , p.65.

أوليس هذا . كونها مغموسة في طبقات لونية متباينة ،كلها آثار حاملة لخبرة، الحجارة –وتدرجاته؟ وأليست هذه العلامات الأيقونية السواد ابن هذا الأزرق المتفاوت في لمساتهذاكرة تختزن في جوفها تاريخ غير ترسبات -على اعتبار ما يفضي إليه تشكيلها الأسود

؟)الفنان(إلى وعي مشاهدها الأول " عبورها"إنما هو أيضا علامة دالة بذاتها ، نحسب أن عنوانا يزخر بكل هذه العلامات

فالتشبيه محض تخريج لوني يكتنف الرؤية . على هذا التواشج اللوني الذي يتركب منهالذي يتم من " العبور"لوني يرغب في نقل هذا نظرا لأن المشهد ال، عند انتهاء الأفق

ندرك أن ما ، ومن ثمة .)عمقه الميتافزيقي اللامرئي(خلاله انتقال اللون إلى خلاصه ليست غير تعبير عن تناغم شعوري يدركه الفنان بعد ، تخلص إليه حركة اللون الداخلية

.خلالها مأسورة فيها رؤيته تخريجات متباينة كانت، هو "كباخرة تزف إلى البحر"مكن القول أخيرا إن عنوانا من قبيل ومنه ي

إذ يؤشر الاشتغال . تشكيل يرصد متغيراته الإدراكية من وحي التشبيه الذي يخرج منه .جمالي بعيد الأثر في وعي الفنان و مخياله على حد سواء اللوني على حس

بعضا من الارتجاج اللوني الذي يوحي بأن " تحليق"تحدث اللوحة المائية - 3 فالبنفسجي الفاتح الذي يبدو مستوى . خارج اللوحة" تحليقا ما "الأشكال المرسومة تنتظر

خلفيا من اللوحة، يتقدمه البني الفاتح الذي يشوبه بعض من لمسات الحبر الصيني .نبرته اللونية في الجزء الأيمن من اللوحةوعلى جوانبه لمسات من البياض الذي تخف

بالانفعال الذي يجعل من التركيب اللوني " تحليق"يتميز المشهد اللوني في لوحة تبدو لمسة الريشة . الريشة والقلم معا: ذلك أن اللون معمول هنا بأداتين. أقرب إلى الحلم

القلم (تبدو لمسة القلم ، بلوفي المقا .في اللون البنفسجي الفاتح ونبرات اللون الأبيضفي مداد اللون البني وبعض لمسات الحبر الصيني المنتشرة فوق اللون البني ) القصبي

ولا نستبعد أيضا أن تكون الريشة معمولة كالقلم تماما، استنادا إلى ملاحظة الشاعر –. نتقاءلا تعرف اليد الا: " خدة محمدحيث يقول عن اللوحات المائية ل، حبيب طنغور

وفي .1"فهي تمسك الريشة كالقلم وتستحث الخطى قبل أن تجف الورقة المكتسبة بغلاءإذ . في لوحاته المائية محمد خدةهذا القول إشارة عميقة إلى التقنية المستعملة من قبل

صفة الخفة التي تتطلب سرعة ،الورق الأبيض فيتمنح قابلية اللون على الانتشار وهذا يفسر بلا ريب المسار اللوني الذي تقطعه الأداة . ة في توجيه الأداةالاستجابة الفني

الأداة تقودك حيث هي "أن محمد خدةيرى . في أثناء التشكيل اللوني للوحة الانطباع بأننا في العالم العربي تبعا لهذا النوع من الزخرفة "القلم"يعطي ...تريد

الريشة لتصنع الأشياء نفسها ستجد نفسك منفيا تجاه غير أنه إذا أمسكت . والحروفيةتنفيك تجاه بلاد الشمس إنها ".. القلم"لا تمنح الريشة العلامات الحروفية مثل . الصين

ر في العالم العربي، في حين تجاه والحاصل أن المكتوب يسبق المصو .المشرقةر العلامة لكي تصو.لذي يسيطرر هو االشرق، تجاه بلاد الصين واليابان، فإن المصو

عربيا، لن يمكنك ذلك 2"خطا"حينما تأخذ ريشة، حاول أن تصنع ...بسبب الأداة .تكتب .3"وستجد نفسك تحلم في الصين

يعكس خبرة المعاينة الأليفة مع -على هذا النحو من التفكير –لا شك أن تأويلا عند " خبرة روحية"باللون خبرة ذاتية بل وهو ما يجعل الشعور .أدوات الرسم والتصوير

ذلك أن البعد التخيلي للفضاء الذي تمنحه الأداة لدى الفنان .كاندينسكيأب التجريدية نراه من صميم الخبرة الجمالية التي ، )واليابان 4بلاد عربية في مقابل بلاد الصين(

غير اختبار كبير -دفي هذا الصد –وليست اللوحة المائية . تنشدها اليد وسط البياضهنا من باب " تحليق"ومن ثمة يكون عنوان ). بياض الورقة داخل اللوحة(للبياض

إذ يبدو البنفسجي في حركة .الذي يصنعه اللون داخل هذا البياض" التحليق"اختبارانتشاره من المستوى الخلفي للوحة، متأهبا لمزيد من الانتشار، وكأن النبرة اللونية

1Mohamed Khadda , in :Aquarelles de Khadda Galerie M’hamed Issiakhem , du 6juin au 4 juillet 1986, Alger,Office Riadh El-Feth,1986 , p .15.

.لفظية العربية بالرسم الفرنسي في النصمثبتتان بالصيغة ال" الخط"و"القلم"كلمتا 22Michel Georges Bernard , Khadda ,p.180,

".ترجع خصوصية الحروفية الصينية في جانب كبير منها إلى الريشة"أنه كي شونغيرى الناقد 4 Qi Chong , L'écriture chinoise et l'art de l'écriture , in: Paroles aux confins , Poésie Peinture , Actes du colloque organisé par l'institut universitaire de formation des maîtres du Poitou-charentes Angoulême , Copyright Atelier des Brisants 2001, p.166

فضلا عن كون . التحليق خارج اللوحة/ تمنحه تبرير الانتشار، البنفسجيالمخففة في ، قد أضفت نوعا )بنفسه خدةالذي يحضره 1"السماق" (الطبقة اللونية من المداد البني

من الانسياب الذي يجعل من تخوم الأشكال مجالا لتوليد علامات أيقونية متداخلة؛ حيث وتجاورها مع اللون الأبيض، ، أجزاء المداد البني إن لمسات الحبر الصيني على بعض

. كل ذلك، يمنح تناغما داخليا ما بين عناصر اللوحة

إذ لا. امتداد انتشاره اللوني في مساحة الورقة" تحليق"يترجم عنوان ، من هنا، ذلكلو .خارج ما يحققه اللون من إشباع ذاتي داخل ضفافه المائية" للتحليق"معنى

هناك مستويات متباينة من التخريج اللوني تكمن وراء صياغة عنوانية من ندرك أن وكأن . ، لأنه لا ينفصل البعد اللوني عما يراه الفنان في رؤياه الباطنية للون"تحليق"قبيل

التركيب اللوني لا يعدو أن يكون حدسا لونيا لمقاصد اللحظة التي انبجست عنها الرؤية مقاما مشعا لأشق احتفال خدةتظهر اللوحة المائية عند "حيث . شةفي أثناء اشتغال الري

التي تمتح صياغتها العنوانية من " تحليق"وهذا ما نحسبه جليا في لوحة .2"للمرئياللوني يبني مواصفاته " التحليق"نظرا لأن . تكوين اللون في أقصى أبعاده الميتافيزيقية

بغير أجسام لونية تدخل معه في بناء " يحلق" والماء لا(الحدسية من ضفاف الماء في " التحليق"ومن ثمة يغتني ). ملء الفراغ بما يشبه الماء في بعده اللامرئي/ التكوين

: ن فيهجوانية اللون وليس في برانيته، لأن العنوان يفقد نضارته خارج اللون الذي تكوفلا غرو إذن . مة اللونية الشفافةنتيجة العلا، حيث تطغى سيميائية الماء في هذه اللوحة

مدركا لونيا في ماهيته ما دام أن تشكيلاته اللونية متعلقة بمدى انتشار " التحليق"أن يكون

ع خصلات بلاد المغرب من صوف الجزء الجوفي للغنم، وذلك بتقطي"كما الحبر الأسود، في " السماق"يحضر 1وبعد ذلك تمشط الخصلات و تدعك بواسطة حجرة ثم يسخن . الصوف داخل إناء من الطين يوضع فوق النار لإحراقها

وحسب الاحتياج، . وهكذا يحصل على عجين يصير صلبا ومتماسكا عندما يبرد. الخليط من جديد بعد إضافة الماء=الماء، ويحصل على حبر أسود أو كستنائي حسب درجة التخفيف يقتطع الخطاط أجزاء من هذا العجين، يحللها في

، فإنها تحضر ...)الذهبي، الفضي ، الأزرق، الأخضر، البرتقالي، البنفسجي، الأصفر، الخ( أما الألوان الأخرى . بالماء .من عناصر نباتية أو معدنية

الدار البيضاء، /محمد برادة، المغرب: تر ، ديوان الخط العربي، )محمد السجلماسي/ عبد الكبير الخطيبي: ينظر .65و 61.، ص1980

2 Michel Georges Bernard , Les aquarelles de Khadda , in: Algérie Littérature/ Action ,n°61-62, mai-juin 2002,Paris, Marsa Editions ,p.41

على حد تعبير الخطاط 1"بلاد العلامات"بمعنى الارتحال إلى (هذا التحليق في اللوحة ). هأيضا في النص أعلا محمد خدةوهو ما أشار إليه ،حسن مسعودي

" صدع خصيب"ويتميز التشكيل اللوني في عنوان اللوحة الزيتية ، هذا - 4 بخاماته اللونية العميقة، حيث إنه يطرح مستويات لونية متباينة ابتداء من المستوى

إذ يتركب المشهد اللوني انطلاقا من . الأمامي للوحة إلى غاية المستوى الخلفي منها ن الأسود لعلامات الأيقونية شبه المستديرة باللونيتواتر المدود التي تصنعها ا

المستدير أو الأوشام المقلوبة أو العلامات الصينية 2ما يشبه الخط المغربي(والبرتقالي وذلك في شكل قطع هندسية متفاوتة ، فضلا عن الاشتغال اللوني المركب). المعكوسة

أو في ) بالبرتقالي الفاتح داخل تخوم بيضاءتجاور الأزرق بالبنفسجي والوردي (الحجم كما يظهر . شكل شريط يقوم تكوينه اللوني على الأسود الذي يتداخل فيه البني بالأحمر

في طبقات الوردي والبني والأخضر والرمادي ) الخالص(الاشتغال اللوني المفرد .القاتمين

يقاع التواتر الذي على إ" صدع خصيب"تنفتح الصياغة اللونية في لوحة ، من هناإذ أن تركيب الأسود فوق البرتقالي قد أضفى تناغما داخليا : يبتغي تحقيق الفرجة للعين

وقد أسهمت التشكيلات الهندسية ذات اللمسات اللونية المخففة من .ما بين اللونينفي إشعاع المستوى ، بحوافها البيضاء) البرتقاليووالبنفسجي والوردي الأزرق(

بفعل تضافر المكونات اللونية الأخرى من المستويات –من المشهد اللوني الأماميتجلي - في بعض نواحيه الدالة – يترجم من العنوان" الصدع "يفسر أنمما . الخلفية

1 Hassan Massoudy , Une calligraphie d'aujourd'hui ou la danse des mots , in: Paroles aux confins , Poésie Peinture , op.cité ,p.98.

يشمل الخط المغربي، بصفة عامة، مجموع خطوط بلاد المغرب والأندلس، أي تلك الرقعة الجغرافية التي كانت تمتد 2لى الخطوط التي نشأت ويطلق مصطلح الخط المغربي أيضا ع...من صحراء برقة بليبيا إلى نهر الإبرو بالأندلس

بالمغرب الأقصى وحافظ عليها أهله، وهي حصيلة التيارات الواردة من المشرق عبر القيروان، وتلك التي انحدرت من :ينظر. الأندلس مع الهجرات المتتالية للأندلسيين، فاحتضنها أهل المغرب و طوروها و تفننوا فيها على مدى قرون

، المغرب، منشورات وزارة الأوقاف 1.تاريخ وواقع وآفاق، ط –ط المغربيعمر أفا، محمد المغراوي، الخ 29.، ص2007والشؤون الإسلامية،

وهو تساقط عمودي ينتهي أفقيا عبر (القطع 1الضوء في اللون من خلال تساقط ). تراصف القطع

تشكيلات " صدع خصيب"في عنوان اللوحة الزيتية هكذا يتخذ المشهد اللوني إلى حدث لوني تولدت عنه " الصدع"ل فقد تحو. لونية متباينة يتركب بعضها فوق بعض

ونحسب أن الانفراج اللوني .تمظهرات لونية متفاوتة التناغم من حيث التركيب والتنظيملى الأثر الذي أحدثه مؤشرا دالا ع -الذي يتحقق على مستوى المركز من اللوحة –

فتنبجس الأيقونية بكل عنفوانها الجمالي بفعل التكرار . التراكم اللوني داخل اللوحةموصولا بالرؤية المحايثة للضوء وما نتج " الصدع"ولذلك يكون . نوالتقابل الزخرفيي

تجلي الشكل من خلال (عنه في فضاء الرؤية لكونه قد أحدث تغيرات داخلية الشكل فكان الضوء بحاجة إلى هذه ). Reliefsالنتوءات / اته نتيجة الأثلام المحروثةتصدع

في ضوء –فتبنت الرؤية . الظل/في ضوء ثنائية الصدع " خصيبا"الأثلام حتى يكون تكمن خصوبة الصدع في (أشكاله المحايثة و تلونت من دهشة رؤيتها -ذلك الصدع

). انفتاحه الباطني على الرؤيةتشتغل " صدع خصيب"كن القول أخيرا، إن الصياغة اللونية في عنوان ويم

كون "لى عإذ يحيل المشهد اللوني . بصريا على ما يعضد بناءها التشكيلي حصراتبشير " الصدع"وكأن ؛يبول كلعلى حد تعبير ، 2Cosmos plastique"تشكيليبذلك حدسا تشكيليا " الصدع"فيكون . مطمور صار جليا الآن على سطح اللوحة بتشكيل

لجملة 3"رؤية الفنان ميلاد مستمر"بحكم أن . لتنامي الرؤية المحايثة في أثناء ذلكلا ، من هنا .التكوينات اللونية التي يعمل على تشكيلها شكلا ولونا في الوقت نفسه

في فن " إذ :في التقابل الموجود ما بين فن التصوير والطبخ بارتما يتحدث عنه -إلى حد ما -يشبه التساقط هنا 1

)..." يتغير شكلها(ومن خلال هذا السقوط تتغير المادة : ي جهة ما التصوير كما في الطبخ، ينبغي أن نترك شيئا ما ف :ينظر

Roland Barthes , L'obvie et l'obtus , p.198. . فلا شك أن تساقط الأشكال الهندسية يوحي بأن ثمة تغيرا قادما سيحدث ترتيبات أخرى على مستوى الشكل الفني

".صدع خصيب"عنوانية في وهذا ما تستشرفه ضمنيا الصياغة ال2 Paul Klee , Théorie de l'art moderne ,p.39. 3 Merleau-Ponty , L'œil et l'esprit , p.32.

لصدع ا"إذ يظل : تفضي الصياغة العنوانية إلا على تشكيل لا نهائي في تركيب اللوناستمرار الرؤية في كشف ما توارى خلف (من خلال قدرته على الاستمرار " خصيبا ). الصدع

في ضوء المعطيات التي جئنا على تحليلها –كيف يتمثل العنوان تمظهره اللوني نومينولوجية التي يمكن الوقوف عند في هذا المبحث ؟ و ما هي أهم المستخلصات الفي

مقاصدها الدالة؟إن ما يمكن استخلاصه في هذا النطاق، هو أن التشكيل اللوني خبرة ذاتية تتعلق

ومن ثمة . يكتسب اللون أبعاده الفنية والجمالية ،وعلى هذا النحو. بالرؤية الباطنية للفنانمن صميم الاشتغال التصويري ندرك أن مرحلة التشكيل اللوني في العنوان إنما هي

ذلك أن العنوان . في نسيج عناوينه النصوصية محمد خدةالذي تنتهي إليه لمسات الفنان يتشبع العنوان بخامات لونية متفاوتة إذ . نص يتخارج بناؤه من تكوين العمل الفني ذاته

.للوحة تبعا للرؤية المنبجسة من الطبقات اللونية التي تنظم التركيب اللوني حرف(" فإن العناوين التي حاولنا قراءتها في سياق هذا المبحث، من هنا

، إنما تكشف عن ")صدع خصيب"، و"تحليق"، و"كباخرة تزف إلى البحر"، و"وشدوفلا يترجم العنوان أدبيته الشعرية فحسب، وإنما . اشتغال جمالي حثيث باللون و دلالته

بنديتو كروتشيهبتعبير 1"حدسا غنائيا"المعطى اللوني لكون، شعريته البصرية أيضا

(1952-1866) Benedetto Croce . وهو ما يجعل الخامة اللونية في نسيج اللوحةحيث تعمل الأيقونية الموظفة بأشكال مختلفة ، مجالا للإدراك الحسي محمد خدةعند

تحريك الباطن بنبرات على...) حروف عربية، علامات صينية، أوشام، أشكال هندسية(لا يعدو و إحساس، -مثله كأي فن تصويري -ففن التصوير التجريدي." لونية متفاوتة

إذ . محمد خدةوهذا ما يستشعره المشاهد حين تأمله لأعمال ؛2"غير إحساس أن يكون

بمعنى أن ": شعريا"و" متأملا"للفن، على اعتبار أن الحدس المقصود يكون كروتشيهنستعير هذه الجملة من تعريف 1وفي ذلك تقاطع كبير مع التجريدية . من صور مألوفة" المعيش" المتميزة عما ينتجه الفن ينجز إبداعه من خلال صوره

. في أثناء سنوات تمدرسه بباريس محمد خدةالتي تأثر بها الفنان L'abstraction lyrique أو الوجدانية الغنائيةBenedetto Croce , Essais d'esthétique , Textes choisis, traduits et présentés par GillesA.Tiberghien, Editions Gallimard, 1991, p.48,50 2 Gilles Deleuse et Felix Guattari, Qu'est-ce que la philosophie?, Tunis, Cérès Editions, 1993, p.206.

الزرقة الغامقة التي تقترب (مع الألوان الطبيعية الطبقات اللونية معمولة بحس متآلفوالبني الغامق القريب ، وصفرة الرمل القريبة من تخوم البرتقالي، خوم البنفسجيمن ت

وبمقدار ما يتفاوت اللون في ...). من التربة الغضارية، والسواد المنبعث من الزرقةوكأن الانفراج اللوني في لوحات ، بمقدار ما تكون كثافته ولودة لإشعاعه الذاتي، نبراتهولونية س غامض يصل إلى الكشف عن نفسه بعد توترات نفسية هو دوما إحسا خدة

هناك سعي دائم من جانب الفنان لخلق نظائر بصرية تعبر عن عالمه " إذ .في آن واحدويوازي اهتمام الفنان بالنظير . الداخلي وعن وعيه العالم الذي يتحسسه من حوله

1".البصري رغبته في البناء الجمالي لعملههم فينومينولوجيا الأفق القصدي الذي يتشكل داخله التمظهر اللوني من هنا نتف

فالمستويات اللونية التي تظهر عليها الأشكال الأيقونية، إنما هي علامات بذاتها .للعنوانحيث يعمل الفنان على إخراج ما انطمر من ذاته لحظة انبجاس .في الفن التجريدي

ونية متفاوتة النبرات تعكس الوعي الباطني فيتلون هذا الأخير بخامات ل: موضوعه فمن خلال طبقات اللون يكون الفنان بصدد البحث عن موضوع متوهج ." للفنان أساسا

وهذا ما يفسر بلا .2"ولا يدرك الموضوع أبدا، مطلقا حيث يندمج الانجذاب والانفعالأو على " وصفه"عنوان ريب الانجذاب اللوني تجاه الضوء في كل مشهد لوني يحاول ال

يمسك الواقع من "وكأن العنوان . الأقل تأمل سريان عبوره من طبقة لونية إلى أخرى ا تكو3"ذنبهأي بذيل اللوحة بوصفها نسيج ، ا على مراحلن فيه العنوان تشكيلا لوني

.لة دومامما يدل ضمنيا أن الإحالة على الواقع تظل مضل –متعاقبة من إنجاز اللوحة ليست غير تعبير عن إشراق " حرف وشدو"فالصياغة العنوانية على نحو

.ر شاق داخل متاهات زخرفية قاتمةالحروفية وقد أدركت صفاء امتدادها بعد مسا

را إبراهيم جبرا، جب: فخري خليل، مرا .ترمدخل إلى تذوق الفن والتجربة الجمالية، –ناثان نوبلر، حوار الرؤية 2 .75.، ص1992 ، 1.ط بيروت، المؤسسة العربية للدراسات و النشر،

2 Jacqueline Barus-Michel , Réponses approximatives de Psy à de rémanentes Questions sur l'art , In: Revue International de psychosociologie _- Autour de l'art et des arts , volume VIII, n°18-Printemps 2002, Editions ESKA ,p.111.

الرغبة " و هي تمثل عنوان مسرحية له كتبها بالفرنسية ) Pablo Picasso)1881 – 1973 بيكاسوهذه العبارة مستعارة من 3 Le désir attrapé par la queue"/المسحوبة من ذنبها

.104.ينظر المرجع السابق، ص -

الممتد Souffle"النفس"ولأجل ذلك يأتي العنوان في تركيبه الثنائي تعبيرا عن هذا من المشهد اللوني ) احتفال ظهوره(رة خلاصه الذاتي الذي أدركه اللون الرملي في غم

.الخلفيغير اختبار لوني " كباخرة تزف إلى البحر" كما أنه ليست الصياغة العنوانية من

لما يمكن أن يتخيله المدرك البصري للعلامة، نظرا لأن خبرة المعنى تهيئ الحدس على ل له العبور وهذا ما استشرفه له دالا يخومحمول اللون قد وجد ": للباخرة"صور أخرى

فإذا كانت العلامات الأيقونية المرصوفة أفقيا . الأفق الذي تتخذه العلامة مجالا للكتابة –في المقابل –، فإنه )مثل خط الكتابة(بإمكانها أن تكون سفنا يهتدي بعضها ببعض

هذه العلامات شكلا تتحرك يمكن للون أن يحملها حيث تريد لأن اللون هو الذي وهب .من خلاله

فإننا نرى التشكيل اللوني فيه يعضد المدرك " تحليق" وإذا جئنا إلى عنوان .والأبيض البنيالتخيلي الذي يحققه انتشار اللطخات الحبرية باللون البنفسجي و

ركب مشهده فوق الضفاف المائية، لأنه ي" التحليق"العنوان قدرته على " يختبر"وبذلك يتم في " تحليقا"ومن ثمة ندرك أن .انطلاقا من حركة انتشاره فوق الورقة البيضاء

إذ :، يشتغل ضمنيا على توزيع آخر للفضاء)بحكم أن اللوحة مائية(هذا المستوى المائي .بل لا ينفصل عن السطوح التي ينتشر فيها، لا ينفصل اللون عن امتداده الباطني

، إذ أن "صدع خصيب"نفسه ندركه بمستوى تشكيلي متفاوت في عنوان والأمر من نطلاقاالتناغم الذي يبديه إيقاع الأشكال الحروفية التي تنماز بالامتداد الزخرفي ا

المستوى الأمامي للوحة، يجعل الصياغة اللونية القائمة على التباين بين الأسود " صدعا "نقول يجعل هذه الصياغة اللونية ؛ونية منفتحةوالبرتقالي ومن خلفهما طبقات ل

وهو ما يترتب عنه . يؤشر على أفق آخر تتحرك من خلاله العلامات الأيقونية) حدثا(و تمظهراته " الصدع" نموا موازيا للرؤية التي أدركت هذا التقاطع الحاصل بين ظهور

".الخصيبة"

يطرح العنوان نفسه مرحلة ، لي للرؤية وعلى هذا النحو من الامتداد التشكالتي يتشكل في رحمها -ولذلك تضمر العتبة النصية . متواصلة من التكوين اللوني

ونحسب هذه المستويات ذات دلالة في .مستويات متباينة من التمظهر اللوني –العنوان فصل عن بقية العنونة مشهدا لونيا لا ينبوصف ، بناء الخبرة البصرية لدى المشاهد

ثم يلتزم به بعد ، فالقانون الذي يضعه الفنان التجريدي أولا. "المكونات البنائية للوحة وهذا ما يدفعنا إلى التحري عن مستوى آخر من . 1"هو قانون التكوين الجمالي، ذلك

ينتهي إليه العنوان في مرحلة متقدمة من تشكيل اللوحة، ونعني بها مرحلة ،" التكوين" .لتوقيعا

فماذا عن التوقيع عنصرا تشكيليا وبناء فينومينولوجيا ينتهي إليه الإدراك الجمالي؟

.تيهذا ما سنعرض إليه بالتحليل والتأويل في المبحث الآ

.216.دراسات و إيماءات في الفن التشكيلي، ص –خراط، في نور آخر إدوار ال 1

3

ولذلك ، حيث لا يخلو أي عمل فني منها، الانتباه 1تسترعي ظاهرة التوقيع لات متعددة تبعا لتمظهراتها المتباينة التي يجسدها المشاهد يترجم وجودها دلا

ويأتي تناولها في هذا الفصل عنصرا بنويا مكملا لعتبة العنوان في اللوحة .الاستطيقيحيث نهتم بالتوقيع إدراكا جماليا يخلص إليه الفنان في أثناء إنجازه لعمله ، التشكيلية

استكمال المقاصد الجمالية التي يطرحها التشكيل الفني لتذييل نحاول، ولأجل ذلك .الفنيوجهة فينومينولوجية فنية تختبر شكل التوقيع مظهرا من مظاهر الإدراك اللوحة من

.الفينومينولوجي للوحة عمومامقاصده (فكيف يتمظهر التوقيع من اللوحة ؟ وماهي مبررات وجوده الفنية

تأويله شكلا فنيا ضمن البعد التجريدي الذي اشتغل فيه الفنان ؟ ثم كيف بالإمكان ) الدالة ؟ محمد خدة

وهو تقليد راسخ عند ، يوضع التوقيع عادة في الجهة اليمنى من أسفل اللوحةعلى اعتبار أن ، 2"يتيح مكان التوقيع للفنان الإقامة في العالم"ولذلك .الغربيين عموما

ل الذي يخو) موطن الهوية(إنما هي مكان التعرف ، ان اسمهالزاوية التي يثبت فيها الفنتجعل الفنان ، وهي قناعة تكاد تكون أكثر من ضرورة .للفنان الاستيطان في العالم

ما يكتبه الخليفة من تعليقات على الرقاع التي كانت تقدم وتتضمن شكاوى أو تظلمات أو " توقيع"كان يراد بكلمة 1

بالخلفاء ولكنه كان ولم يكن خاصا . تمتاز بالبلاغة و جودة الصياغة) أي التأشرات(وكانت هذه التوقيعات ... رغباتمن ذلك أنه وقع كتاب جاءه في –شهرة طائرة في بلاغة توقيعاته جعفر بن يحيلشائعا بين الأمراء والكبراء و

).فإما اعتدلت و إما اعتزلت –لقد كثر شاكوك و قل شاكروك ( شكوى بعض عماله كان يكتب به الإجازات الخطية التي تمنح ، و"خط التوقيع أو الإجازة"ومما يجدر ذكره هو أن من وظائف الخطوط

. للخطاطين أو تكتب به الشهادات التي تحتاج إلى توقيعاتفوزي سالم عفيفي، نشأة الكتابة الخطية العربية ودورها الثقافي والاجتماعي، الكويت، وكالة المطبوعات، : ينظر . 128 - 127.، ص1400/1980، 1.ط

2 Alice Vincens- Villepreux , Ecritures de la peinture , pour une étude de l'œuvre de la signature , Paris ,P.U.F écriture , 1994 , p.18.

يبحث له دوما عن مكان ما يكفل له العبور إلى مراكز الاستقطاب المعرفية التي تحفظ على –ويؤشر التوقيع .انتشارهفي ذيوعه و –إثر ذلك –وتسهم ، له اسمه وتوقيعه

على حضور ممتد لذات الفنان –الرغم من كونه يتخذ هامشا بسيطا من فضاء اللوحة وكأن التوقيع فعل محايث داخل نسيج اللوحة يتجاوز ، بغض النظر عن وجوده الواقعي

من خلال التوقيع عبور لجسد الفنان " ذلك أن .كينونة الفنان من دون أن يغيبها إطلاقاوهو الأمر الذي يمنح التوقيع صبغة .1"العمل الذي يتركه راقدا و ظليلا أو جسدا مجيدا

حيث يتوقف المشاهد عنده متأملا ) أو المرجع الفارغ من الدلالة(المرجع الدال ذلك لا ينفصل التوقيع عن التشكيل لو. لاستدراك هذا الجزء ضمن المشهد المرسوم كله

وشكل في علامة بصرية ذات لون –هو أيضا –كونه يطرح نفسه ، للوحةاللوني ، عتبة للابتداء مطلقا –عند بعض الفنانين –ومن ثمة يغدو فعل التوقيع . الوقت نفسه

وسندا معنويا يقيم من خلاله موضوعه 2"زاوية الضوء نقطة للانطلاق" حين تصبح ولعل في استحضار التوقيع بهذا الرسم المميز ). سم رمزاأناه الحاضرة في الا(الجمالي

بل ، ما يشير ضمنيا إلى أن الفنان لا يرغب إطلاقا في الانفصال عن كينونته، للاسميتستر وراء اسمه على سبيل التوكيد غير المشروط لذاته الموجودة في كل مكان من

.نهااللوحة وليس حصرا في هذا الهامش المنزوي مغير أنه ، عن هذا المنحى في توقيع لوحاته محمد خدةلا يشذ الفنان ، من هنا

. وهذا طيلة مسار حياته الفنية )أي الجهة اليمنى أو اليسرى(نلفيه يوقع في الزاويتين ، ميشال جورج برنارلمؤلفه "خدة"وانطلاقا من كتاب ، فقد لاحظنا في إحصاء بسيط

توقيعا ) 49(توقيعا على اليمين، يقابلها تسعة وأربعين ) 58(أن هناك ثمانية وخمسين يستوي فيه اليمين خدةوفي ذلك إشارة ذات دلالة على أن التوقيع عند . على اليسار

. واليسار على حد سواءوذلك بتكبير المستوى ، وإذا اتخذنا مقطعا جزئيا للزاوية المتواجد فيها التوقيع

فإنه يمكن الوقوف عند الأبعاد ، نن السابقيبع المذكورة في المبحثيالأمامي للوحات الأر

1 Alice Vincens- Villepreux, Ecritures de la peinture , pour une étude de l'œuvre de la signature, p.203. 2 Ibid., p.14.

حيث ، في مكان منزو من يسار اللوحة" حرف وشدو"يأتي التوقيع في لوحة : التالية وكأن الهامش . يها الأشكال المرسومة في هذه اللوحةإليختفي تحت القدم التي تستند

كونه يمثل سندا معنويا يرتكز عليه المكون التشكيلي ، عالأيسر يمنح امتدادا أفضل للتوقيويبدو أن هامش .على خلاف الهامش الأيمن الفارغ من أي شكل مرسوم -للوحة كلها

لأنه يؤشر على المرجع اللوني الذي ، التوقيع مهم في القراءة البصرية لشكل التوقيع .انطلقت منه اللوحة

فإننا نجده في أقصى اليسار ، "رة تزف إلى البحركباخ"أما إذا جئنا إلى توقيع هذا . وهو يتخذ الجانب الغامق من الهامش الذي يتركب منه النسيج الأول للوحة، للوحة

لأنه يمثل اليابسة ، أما من جهة أخرى فإن التوقيع يركن من جهة هذا الهامش، من جهةبجوار ما يتحرك في اللون فيضمن التوقيع بذلك استقرار وجوده –المحاذية للماء

قسم متحرك : ذلك أن اللوحة مقسومة إلى قسمين غير متكافئين من حيث الحجم .الأزرقولعل في التوقيع من جانب . وقسم ساكن ضيق من اليسار، واسع الحركة من اليمين

.ما يشير إلى أن الأرض سكن الاسم ومخبؤه المطمئن دوما، هذا القسم الأخيرحيث نلفيه في أقصى اليسار ، "صدع خصيب"البعد نفسه يرمي توقيع لوحة وفي

الأمان بخلاف الجزء (وفوق طبقة بنية غامقة تمثل الجزء الذي تستقر عنده الحجارة وفي ذلك نزوع آخر إلى الأرض التي تمثل نقطة .)الأيمن الذي يحده الشق بالرمادي .واجبات الولاء تجاه الكينونة المستديمةاستناد يرتكز عليها التوقيع لإتمام

الجانب " تحليق"يتخذ توقيع لوحة ، وعلى نحو مختلف من هذه اللوحات الثلاثةفوق طبقة لونية فاتحة تمثل الهامش الذي ابتدأ من خلاله تلوين ، الأيمن من اللوحة

اللوني للوحة وينكتب التوقيع بلون الحبر البني المستعمل في التشكيل. الورقة البيضاء يتحرر ويتخفف في اتجاه دروب الداخل "وفي ذلك ما يؤكد أن التوقيع ، المائية .أن التوقيع علامة لونية أيضا ضمن العلامات المكونة للوحة عمومابحكم ، 1"واللون

هو كيف نؤول فينومينولوجيا علامة التوقيع ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ؟ محمد خدةن من اللوحة عند يعلى الجهت

1 Alice Vincens-Villepreux , Pour une étude de l'œuvre de la signature , p.202.

نقد لا ندرك في هذا السياق كل المقاصد الدالة من وراء التوقيع على الجهتي ،

ولكن بالإمكان القول إن التوقيع على الجهة اليمنى هو من باب الخضوع إلى التقليد . محمد خدةالتشكيلية لدى والتأكيد على امتداد هذا السنن في ثقافة الفنان، الغربي وسننه

فهو حضور يستجيب إلى تراث إنساني بدأ يلتفت إلى الخصوصية الفردية و يحفظ لها أو بعبارة أخرى هو استمرار الوجود الفردي للفنان عبر (بصمتها الشخصية والفنية

أما الانتقال إلى .)1من خلال استمرار العرف المتوارث منذ عصر النهضة، أعمالهفنراه اختيارا مرجعه التوكيد على ، بين الفينة والأخرى، يع في الزاوية اليسرىالتوق

وقلب التوقيع هو محاولة لخرق .داخل لوحة تمتلك خصوصيات غربية 2انتماء شرقي .هذا السنن الذي يتعارف على الجهة اليمنى للتوقيع

، ي عمومالدى الفنان الشرق" الذات الفنية"باب استحضار خصوصية فهو من تود أن يكون لها حضور " شرقية"حيث تحضر اللوحة الغربية شكلا تقنيا بمعية بصمة

محاولة الغاية من ، وقد يكون التوقيع من جهة اليسار .أيضا ضمن هذا التقليد الغربيالذي ناضل تحت لوائه ) الحزب الشيوعي(ورائها التوكيد على الانتماء الأيديولوجي

وإن كنا -في عمله الفني" مناضل"بريشته و قلمه، من باب أن الفنان دةمحمد خالفنان

غيابا -ما قبل عصر النهضة _ يؤرخ عصر النهضة ببداية التوقيع لدى الغرب حيث تعرف الأعمال الفنية السابقة 1

ي ظل الجماعة التي ولا نجد تفسيرات لهذا الغياب غير تخمينات مردها أن الفنان لم يكن له وجود إلا ف. مطلقا للتوقيع أن الفنان Wikipédia " الموسوعة الحرة"و يذكر مقال مستخرج من . ينتسب إليها و منه ما يعرف بالتأليف الجماعي

ويتعلق الأمر . هو أول من وقع عمله الفني في عصر النهضة ) Michel- Ange )1475-1564 ميكل أنجلوالايطالي والعنوان مذيل بجملة لاتينية La Pieta: رخام، و قد وقعه باللاتينية على النحو التالي المنحوت من ال" الرحمة" بتمثال

. Michel –Ange Facebat"أنجزه ميكل أنجلو" تقول

http://en.wikipedia.org/wiki/signaturet : ينظر الموقع الالكتروني - إذ يكتب : في بعض النماذج الخطية يتجاور توقيعان "أنه محمد السجلماسيو عبد الكبير الخطيبييذكر الناقدان 2

وفي بعض الأحيان يعوض الخطاط التوقيع . على يسار التوقيع الملكي) وليس ضروريا أن يكون مقروءا(الخطاط اسمه وفي ذلك ما يشير . 218.محمد برادة، ص: ديوان الخط العربي، تر : تابهما ينظر ك". الملكي بالبسملة أو بآية قرآنية

.قد استعاره من الخطاطين القدامى خدةيكون الفنان " تقليد شرقي"إلى

ويمكن .لا نراهن كثيرا على هذا المنحى الأيديولوجي في قراءة البعد الجمالي للتوقيع أن يكون التوقيع على اليسار أخيرا مرجعه التنويع لا أكثر، وذلك لأن الفنان يبحث له

فلا يلزم نفسه بالتوقيع دوما على ، يمنح كينونته مجالا أكبر للحريةعن امتلاء ما

.اليمينإن الذي أوردناه عن زاوية التوقيع لا يحسم إطلاقا الاختلاف الفني الموجود بين

حيث : ن إذا علمنا أن شكل التوقيع يكاد يكون واحدا على الجهتي، 1اليمين و اليساروهو الأمر الذي يجعلنا نتحرى في .العائلي بحرف لاتيني صغير يوقع الفنان دوما اسمه

. محمد خدةسيمياء التوقيع و مستويات تمظهره في اللوحة عند مرسوما بالريشة حيث يكاد يلتصق الحرفان محمد خدةيبدو التوقيع عند الرسام

ف الأخرى ثم تتابع الحرو، خدة ببعضهما دوما لتكوين حرف الخاء من k/hاللاتينيان وفي .akhadd بحجم صغير ينتهي بتأشير صغير عند الحرف الأخير من الاسم

ما يدل أن الفنان يستعير تقليدا سابقا في الإمضاء من parapheوجود هذا التأشير ذلك أن التأكيد .كما يؤكد على نبر اسمه العائلي الذي ينتمي إليه من جهة أخرى، جهة

معناه أن الفنان لا يبتغي حضورا خارج ، ون الاسم الشخصيمن د، على الاسم العائليولأجل ذلك يعلي من شأنها و يعلن امتداد تاريخه ضمن ، تاريخ العائلة التي ينتسب إليها

بل ...هو تاريخنا، يمكن القول إن التوقيع هو سيرتنا المختصرة"إذ .هذه الشجرة العائلية . 2"إن التوقيع لوحده تاريخ كله

كونها ، علامة بذاتها، نحسب أن استمرارالفنان في التوقيع بلقبه العائلي ولذلك وإذا كانت العلامة إحالة .تحتفظ بتاريخ أكبر منها، يظل بحاجة إلى تدوين جينيالوجيته

وهو من المختصين في تحليل طبع الكاتب وشخصيته من خلال الكتابة الخطية André Labarrère أندري لابريريرى 1

La Graphologieضع التوقيع في الجانب الأيمن من النص، فتلك علامة ألفة، وجاذبية نحو الآخرين، " نه ، أإذا ووإذا كان التوقيع على ...كلما كان الختم تجاه اليمين، كلما كانت سماته بارزة. وحاجة إلى التواصل وعزم على الأمور

كلما كان التوقيع إلى اليسار، كلما عبر عن اليأس في . م اليسار، فتلك علامة على التثبيط، ونزوع إلى الوهن والتشاؤينظر . وقد يصدق هذا التحليل على النص المرفق بالتوقيع، ولكن ليس على اللوحة ضرورة...". الحياة والاكتئاب

: كتابه André Labarrère , L'écriture des Stars , Paris , Editions Ramsay , 1991 , p.291. 2 Ibid., p.287 ,288

بورسعلى حد تعبير 1"الإنسان هو أكمل العلامات"فإن ، غير منتهية من العلامات

Charles S.Peirce :لى كينونة الذات التي تشهد عك أن التوقيع إحالة محايثة ذلحيث نتصور أن التوقيع بدء ؛رغبة في البقاء الممتد، مرحلة تكوين العمل ثم ترفعه إليها

هو تخيل يصمم ] محمد خدة[ فتوقيع العمل باسمه " .مطلق لا يفكر في ختمه إطلاقاعن العمل " الأبوي"لتوقيع لا يبتغي الانفصال وفي ذلك ما يؤكد أن ا. 2..."على الابتداء

".سيزيفللوحة "إلا رمزا يستعيره الفنان على سبيل الابتداء المتجدد ، الفنيحتى يستطيع أن ، أنه ينبغي أن نوجد للفنان آباء وأبناء" بارتولأجل ذلك يرى

ن والاستقلال ؛ ما الامتنا: وصل دورين جميلين .ف على البعض ويقتل الآخرينيتعرعن أولئك " التفرد"وهو ما يجعل التوقيع علامة منفردة ترغب في .3" بالتجاوز:"ندعوه

مدارس (ففي توقيع الاسم مواجهة علنية للآخر : الذين يقاسمون الفنان هاجسه الفني د وبناء منفصل لأنا الفنان ضمن هذه المدارس أو خارجها على ح، )وأساليب وتقاليد فنية

حاملا لهذه الرغبة العميقة في الانتماء محمد خدةوقد يكون التوقيع عند الفنان .السواء )الاتجاه التجريدي الذي اختاره أسلوبا له(للفن من جهة وفي التأكيد على تميزه الفني

هذا الإصرار -من بعض النواحي -يمكن أن نفسر ،ولأجل ذلك .من جهة أخرىلأنه لا يوجد "، سواء أ حضر عن يمين أم عن يسار] محمد خدة[ دعلى شكل التوقيع عنومن ثمة ندرك أن لمظهرية التوقيع جانبا مهما في إدراك شكله . 4"مماثلة من دون توقيع

.البصري وفي تأمله ظاهرة جمالية تدخل في بناء اللوحة عموماحيث إن ، 5"مرئيإن نسق التواقيع يقلب صلة المرئي باللا:"ميشال فوكويقول

ومن هنا تحديدا يكمن طابعها ، )مرئية(طبيعة التوقيع تبتغي دوما أن تكون مقروءة من دون أن ) الفنان(ى المرجع علإذ لا يظهر من التوقيع غير حروف تحيل : اللامرئي

. تخبر عن ماهيته

1 Charles S.Peirce , Ecrits sur le signe , Rassemblés , traduits et commentés par Gérard Deledalle , coll.l'ordre philosophique , Editions du Seuil , 1978, p.252. 2 Nourredine Saadi , Méridien Zéro 1958 ,in: Beaux-Arts , n°1, Mohamed Khadda , une vie pour une œuvre, Alger , Musée national des Beaux-Arts d'Alger, p.59. 3 Roland Barthes , L' obvie e l'obtus , p.208. 4 Michel Foucaut , Les mots et les choses , Editions Gallimard , 1966 , p.41. 5 Ibid , p.41.

عوض أن يجلي ملامح المشهد ، بجانب المشهد التشكيلي 1فرسم التوقيعمحمد وكأن .يكون هو نفسه علامة بصرية تحتاج من يخرج مكنونها الدلالي، تجريديال

بدليل ، ويحرص على بقائه في الظل، معالم ذاتيته الخاصة 2يخفي وراء توقيعه خدةفضلا عن الحجم ، الهوامش الغامقة التي يتخيرها مكانا لتوقيعه في لوحاته الزيتية

.الصغير لحروف التوقيع، محمد خدةن توقيع اللوحة يكاد يكون ظاهرة أيقونية في الخطاب البصري عند إ

إذ تعبر سيمياء الحروف عن لمسة الخطاط الذي يعتني بأبعاد الحروف ومظهرها الخط "يتعالق فيها أثر ، "مغربي"يظهر شكل الحروف اللاتينية بمظهر ذلكول .الجماليوهو ما .)k / h /a /d / d / a(لحرف اللاتيني في صنعه للمد بتشكيل هيئة ا 3"المغربي

حيث بقدر ما يظهر التوقيع : محمد خدةيوضح الجانب اللامرئي في توقيع الفنان

و يطلق اسم الطغراء على التوقيع . لى الاسم الخاص في رسمه الأبدي و التاريخيهناك فن خاص بالتوقيع يعتمد ع 1

ديوان : ينظر . ( الملكي الرامز إلى نظام صوري مفارق، يعتبر نفسه من حيث المبدأ، غير قابل للتقليد أو المحاكاة . ).213.الخط العربي، ص

و للطغراء قصة طريفة تفسر نشأتها ...ملك أو السلطان أو الحاكم والطغراء شبيهة بأن تكون شارة أو ختما أو توقيعا لل إنذارا لم يدبايزللسلطان تيمور لنكأرسل بايزيد العثمانيو تيمور لنكتتلخص في أنه عندما توترت العلاقات بين –

نرى توقيع الطغراء شائعا ومنذ ذلك الحين –بل بصمه بكفه بعد تحبيره بالمداد –يمهره بتوقيعه لأنه كان يجهل الكتابة في أوائل القرن الخامس سليمان بن بايزيدو كان أول من استخدم توقيع الطغراء السلطان –عند سلاطين آل عثمان

.تيمور لنكو المفهوم الآن أن الطغراء العثمانية هذه تقليد لبصمة كف . عشر الميلادي .161.لخطية العربية ودورها الثقافي والاجتماعي ، صفوزي سلم عفيفي، نشأة وتطور الكتابة ا: ينظر -محمد نموذج : سيرا على عادة الرسامين الجزائريين منهم من يكتفي باللقب دون الاسم و منهم من يوقع بالاسم واللقب 2

Mohammed Racim, Miniature algérienne, Alger ,ENAL,6ème:ينظر(الذي يجمع بين الكتابة اللاتينية والعربية راسم

Edition, 1990( إرثا مشتركا بين جميع الرسامين والكتاب الجزائريين، فهو يعبر عن الكينونة الفردية محمد؛ كون اسماللهم بداياته الأولى بالمنفى ( في لعبة القداسة حيث لا يوقع بالحروف العربية محمد خدةوينخرط .وكذا عن قداسة الاسم

إلى محمد ديبو قد أشار الكاتب .تى أن لوحته تستعصي على قراءة جملة حروفية مفيدة، ح)وهي لوحات قليلة جداالاسم هو المسمى الوحيد الذي، لكونه مقتسما مع الألوهية علانية ولكونه يخصك ":" شجر الكلام"قداسة الاسم في كتابه

تستدعي بالضرورة هذه الحمولة -لكاتبفي نظر ا –وهذه القداسة ".شخصيا، فهو يسميك في السر و في نجوى القلب :ينظر. الغيبية لاسيما في أسماء المسلمين تحديدا

Mohammed Dib , L'arbre à dires , Paris , Editions Albin Michel S.A , 1998 , p.9-13. :ينظر الخصائص الجمالية والفنية للخط المغربي ضمن 3

.56-55. تاريخ وواقع وآفاق، ص –بي عمر أفا و محمد المغراوي، الخط المغر =

على هذا و .فإنه يخفي صورة تشكيله الباطنية ذات المتعلقات التراثية، رسمه الإملائيإستطيقا "قصدية ما بين الصلة ال –من خلال تمظهره التشكيلي –يطرح التوقيع النحو،

، حيث إن جمالية التوقيع تبتغي أفقا تأمليا يفحص ماهية 1"الوحدة وإستطيقا المقطع .بجوار النسيج اللوني الكلي للوحة )مقطع الهامش اللوني المأخوذ فيه التوقيع(التفصيل

ي تحرص على الهامش اللون، محمد خدةولقد تبين أن إستطيقية المشهد التشكيلي عند . حيث ينسج من لحمة القماش الذي يبتدئ منه تكوين اللوحة، الذي يستوطن فيه التوقيع

تقتضي إدراكا ، وفي ذلك تنبيه خفي إلى أن الوشائج الرابطة بين التوقيع وما يحتويه/ ولعله في هذا التمظهر الحروفي . يقظا يستوعب جينيالوجية الإحالة المتبادلة بينهما

.محمد خدةلتوقيع حضوره الجمالي أساسا ضمن المشهد التجريدي عند يصنع ا، اللوني

1 Alice Vincens-Villepreux , Pour une étude de l'œuvre de la signature , p.203.

من ، هكذا يتسنى لنا الآن أن نفحص مدركاتنا الفينومينولوجية لظاهرة التجريدوذلك على سبيل الوقوف عند أهم ، لثانيخلال ما تم تحليله في مباحث هذا الفصل ا

.المستخلصات و الملاحظاتلمباحث هذا الفصل أن يلاحظ الانشغال الجمالي الذي يبديه الفنان بوسع المتعقب

وهو انشغال يترجم التكوين التشكيلي لشخص –في نحته لعناوين لوحاته محمد خدة ،وبخاصةالفنان وانفتاحه على خبرات من سبقوه في هذا الفن وغيره من الفنون الأخرى

ذات زخم شعري وخامات لونية تفترض خدةولذلك نلفي العنونة التشكيلية عند . الشعر .حدسا إدراكيا في تلقي علاماتها البصرية

حرف"(توضح المقاربة الجمالية لعينة العناوين المدرجة في هذا الفصل أن التكوين الشعري ، )"تحليق"و، "صدع خصيب"، و"كباخرة تزف إلى البحر"، و"شدوو

بل إنها طبقة خفية تلازم ، نع ماهية العنوان الباطنيةيكاد يكون مكونا بنويا في صإنما يستعير ، ونحسب أن توقيع العنوان بهذا المحمول المجازي .لمسات الريشة دوما

–إن عناوين من هذا القبيل . "ضمن المشهد التجريدي للوحة 1كثافة التصميم الشعريعلى الرجوع ها المتواتربإصرار – خدةلوحات بصدد Paul Siblot بول سبلويقول

إنها تشير إلى حضور كثيف لما قد يظهر . على نحو تام علامة لنا تصنع إنما ،إلى اللغةوما من .2"في حين المقصود إشارة جلية لتصور اللغة التصويرية كله، لازمة بسيطة

ليست غير علامة يتضايف فيها الأفق خدة محمدشك في أن الصياغة العنوانية عند . ومن هنا يكمن مصدر كثافتها، شعري بالحدس اللونيال

، إيلوار: إنه لم يكن بالإمكان أن نختم سهرة برفقة خدة من دون أن يقرأ قصيدة :".. نورالدين سعدي يقول 1، لأنه كان يشعر بأنه الأقرب إلى نفسه ،صاحب رامبو –بل كل شيء ق –غير أنه كان يحب . ماياكوفسكي، وحكمتو

= محمد خدةوفي هذا النص ما يؤكد الصلة الحميمة التي تجمع الفنان ..". المراسلات الحميمة بين الحرف والألوان. في طبيعة هذه اللغة الرمزيةإليه يستند إليه وقاسما مشتركا يرجع " نسبا فنيا "بالشعر، لأن من يحتك بلغة الشعر يجد له

هو من باب طلب V.Maïakovsky ماياكوفسكيأو N.Hikmet حكمتأو P.Eluardرإيلواومن ثمة الاحتفاء بشعر والاحتماء بطاقتها الانفعالية في النضال ضد خبرة الواقع اليومي ل أسوار سوريالية اللغة الشعرية الحصانة داخ

هتفي إشراقا" الرائي"قتراب من هذا هو ا A. Rimbaud رامبوكما أن الاحتفاء بشعر ) .الاتجاه اليساري( البئيس :ينظر.التصوفية

Nourredine Saadi , Méridien zéro 1958 , in:Beaux-Arts , n°1,p.55. 2 Paul Siblot , Interrogation des signes , Beaux-Arts , n°1, p.110-111.

فقد تبين أن الخبرة البصرية لا مندوحة عنها في بناء ، واتساقا مع هذه المعطياتفي محاولة تأويل ، )تشكيلا لونيا وسواء تخيلا شعريا أ(البعد التكويني لعنوان اللوحة

حينما رولان بارتوهو ما أكد عليه .العنوان نصا جماليا لا ينفصل عن نسيج اللوحةالنص عملا والعمل "واعتبار 1"إلغاء المسافة التي تفصل اللوحة عن النص"شدد على

جاءت القراءة المقترحة لعناوين اللوحات مفتوحة على ، وتبعا لهذا المنحى .2"نصا .الخبرة اللونية و ما يعضد تشكيلاتها الأيقونية

يحتاج من يختبر طبقاته ، خدةاللون في تكوين العنوان عند والواقع أن سيمياء ذلك أن الأشكال .اللونية كي يدرك المشاهد تخريج الضوء من دكنة المشهد المرسوم

المرسومة لا تكشف عن نفسها إلا من خلال تمظهرات متباينة لجملة الهوامش اللونية على الرغم مما –ية في حقيقتها الداخلية لا مرئخدة عند 3وكأن الأيقونية، المحيطة بها

هذا ما يلاحظ على سبيل المثال .تضفيه على مظهرها المرئي من مستوى سطح اللوحةيكتنفه بعض " مغربي"التي تظهر فيها الأشكال الحروفية بنسق " حرف وشدو"في لوحة

و ينبجس هذا .من الانسياب الذاتي لكونه يتخذ لون الهامش اللوني الذي يحيط باللوحةالتشكيل اللوني الفاتح من دكنة الخلفية التي تتألف من أشكال أيقونية متباينة قد تكون

التي قد تكون نفسها –أجسادا بشرية جالسة بجوار مرتكزات متداخلة تنتهي إلى الأسفل .تخريجات حروفية محورة

من حيث " رئيغير م" خدةوهذا ما يترك انطباعا بأن المشهد التشكيلي عند وإنما يحتاج إلى ، ذلك أن الشكل الأيقوني لا يقبض عليه النظر وحده: كونه مرئيا

نقطة –مع فن التصوير التجريدي –لا يغدو النظر "إذ .حدوس تخيلية من قبل المشاهدمرئي غير ظاهر لاوإنما لمغامرة روحية مدعوة للاختراق في ، انطلاق لمتعة حسية

1 Roland Barthes , L'obvie et l'obtus , p.141. 2 Ibid., p.141.

هو أنها مرفقة في غالب الأحيان ، مما يدل على أن العلامة لا تمثل موضوعها بشكل مطلق"..أنه محمد غرافييذكر 3كأن ، فهي تبدو محملة دائما بغموض ما، ومهما كانت هذه العلامة واضحة و قابلة للتعرف عليها فورا...بنص مكتوب

...".ر مثلا إلى العام دون الخاصتشي .2002سبتمبر -يوليو، 31، المجلد 1:ع، )الكويت" (لم الفكراع"مجلة ، قراءة في السيميولوجية البصرية: مقاله ينظر

يتحمل العنوان هذا البعد اللامرئي في تكوينه ، ولأجل هذا السبب. 1"ماديا مطلقاومن – 2لأنه تعبير عن نفس روحي يعتقد أن للحرف أصواتا تدرك بالمشاهدة، الباطني

تلون الحرف من عمق استداراته / مساوقا لحركة اليد و هي تصور " الشدو"هنا يأتي .وامتداداته الميتافيزيقية

وعلى هذا النحو يصنع العنوان عتبات مشاهدته للرائي ويمنح نفسه للكشف خطابها البصري عبر وسيط -في فن التصوير –ولذلك تطرح ظاهرة التجريد .الباطني

ومن ثمة، لا .مادي يعج بالعلامات الأيقونية ذات الأبعاد اللامرئية المفتوحة في دلالاتهاعلامة بذاتها تخرج من لحمة محمد خدةد الفنان غرو أن يكون العنوان التشكيلي عن

. النسيج الذي تشكلت من خلاله أجواء اللوحةذلك أن إثبات الاسم ، كانت سيمياء التوقيع من بلاغة التجريد أيضا هذا السببلو

إذ اختيار الهوامش .ضمن فضاء اللوحة ليس غير الاستمرار في حياكة نسيجها اللونييا للتوقيع، هو من باب الطقوس والشعائر التي تسبق الاحتفال اللونية فضاء جمال

وهو ما ينبئ بأن .)تخلق الشكل داخل اللون وتخريج اللون لأشكاله المطمورة(بالتسمية هذا الهامش اللوني هو طبقات لونية يتخارج بعضها من بعض في سبيل الابتداء

لفنان على لوحة عذراء، ولا الكاتب يكتب لا يصور ا" ولذلك . والولوج إلى عالم اللوحة، ولكن تكون الورقة أو اللوحة مغطاتين بكليشيهات موجودة سابقا، على ورقة بيضاء

بل تمزيقها كي يتسنى عبور تيار هوائي ، ومعينة سلفا، ينبغي محوها وتنظيفها وترقيقها .3"منحدر من الفوضى التي تجلب لنا الرؤية

1 Jean- Jacques Wunenburger , Métamorphoses du regard et transfiguration du réel dans la peinture abstraite , in: Montrer l'invisible – Figuration et invention du réel dans la peinture, Sous la direction de Jean-Pierre Sylvestre , Actes du colloque des 18-22 mai1992 , organisé par l'Etablissement National d'Enseignement Supérieur Agronomique de Dijon , Editions Universitaires de Dijon , 1994 , p.46.

أن الحروف أمة من الأمم مخاطبون ومكلفون، وفيهم رسل من جنسهم، !اعلم وفقنا االله و إياكم :" ابن عربييقول 2ولهم أسماء من حيث هم، ولا يعرف هذا إلا أهل الكشف من طريقنا، وعالم الحروف أفصح العالم لسانا وأوضحه بيانا،

فمنهم عالم الجبروت عند أبي طالب المكي ونسميه نحن عالم العظمة . ام كأقسام العلم المعروف في العرفوهم على أقسومنهم العالم الوسط .الحاء والخاء والعين والغين : ومنهم العالم الأعلى وهو عالم الملكوت وهو. الهاء و الهمزة : وهو

تاء والثاء والجيم والذال والراء والزاي والظاء والكاف واللام ال: وهو عالم الجبروت عندنا وعند أكثر أصحابنا و هو: ومنهم العلم الأسفل وهو علم الملك والمشاهدة وهو. والنون والصاد والضاد والقاف والسين والشين والياء الصحيحة

:ينظر..." الباء والميم والواو الصحيحة . 81.، ص1، المجلد 2004، 1.ط ر،محي الدين بن عربي، الفتوحات المكية، بيروت، دار صاد

3 Deleuze et Guattari , Qu'est-ce que la philosophie ?, p.228-229

الذي يحرص على تقديم " الواحد المتعدد" إستطيقية يشتغل التوقيع إذن علىفالمقطع الموجود فيه التوقيع هو جزء من . المشهد التجريدي بمستويات تشكيلية متباينة

وتضمن له ) كينونته(يعبر من خلاله المسمى إلى الضفة اليابسة التي توفر له بيته ، كل ".تزف إلى البحر كباخرة"اه في لوحة مثلما رأين -انتشاره اللوني على سطح اللوحة

عنوانا جماليا وتوقيعا لونيا " خبرة التكوين"نخلص في هذا الفصل إلى ، وعليهولذلك قد يكون .محمد خدةيتوخى أفقهما التشكيلي بناء الظاهرة التجريدية عند الفنان

آخر يكاد يكون هذا الفصل عتبة جمالية بإمكانها أن تفتح أفق التحري على هاجس فنيأو البعد التجريدي " بأيقون الزيتون"ويتعلق الأمر . عند هذا الرسام" ظاهرة فنية"

.وهو ما سنتناوله بالبحث في هذا الفصل الثالث، للطبيعة

"قا فيما نقولهما نراه لا يقيم مطل"

ميشيل فوكو، الكلمات والأشياء

حضورا متميزا ، محمد خدةالمتأمل في المشهد التشكيلي الذي أنجزه الفنان يلاحظ في –وبالإمكان أن نذكر .في أعمال هذا الفنان على فترات زمنية مختلفة" الزيتون"لتيمة

:ية لبعض اللوحاتتالعناوين الآ -قراءة سريعةاللبلاب "،)1969( "زيتون مصعوق"،) 1969( "إنتاش"،) 1969"(الأعصاب زيتونة"

زيتونة البحر "، )1970( "تحول زيتونة"، )1970( "زيتون أبيض"، )1970( "والزيتونزيتونة "،) 1974( "زيتون تشريح"، )1973( "جنية البحر-زيتونة"، )1973" (المتوسط

"زيتون متكلس"، )1980( "عن الزيتون"،)1976( "زيتون متعوسج"،) 1976( "الفجر

)...1986( "من أجل زيتون ترتيل"، )1986( "زيتون نموذجي"، )1980(تبين بعضا من هذا الاهتمام الكبير لدى الفنان ، ولا شك أن العينة المطروحة أعلاه

علامة بصرية في نسيج اللوحة؟ " الزيتون"فكيف يحضر إذا ". الزيتون"بشجرة محمد خدة وما هي مستويات تمظهرها في خبرة من يشاهدها و يتأملها ؟

بادئ ذي بدء ينبغي أن نشير إلى ملاحظة منهجية مفادها أن مقاربتنا :الفينومينولوجية تستند إلى أربع لوحات عناوينها كالآتي

.سم 65× 1976،92لوحة زيتية، ، Olivier aube" زيتونة الفجر"-1 65، 1986لوحة زيتية ، Psalmodie pour un olivier" زيتونترتيل من أجل "-2 .سم 92×

. سم 73× 60، 1986، لوحة زيتية، Olivier écorché " زيتون نموذجي"-3

.سم 45× 65، 1980، لوحة زيتية، Sur l'olivier" عن الزيتون"-4

"زيتونة الفجر"وصف لوحة -1

فإننا نلاحظ شكلا منتصبا من قاعدة ، ربنا من فضاء اللوحة بشكل تدريجيإذا ما اقتح لغصن وهو تصميم مشر.اللوحة يمينا إلى غاية الحد العلوي يسارا في شكل خط مائل

الزيتون بالأسود محاط بمساحة زرقاء تتجاور فيها لمسات من الأزرق الفاتح والأزرق ح تدة عند الحواف السوداء وكأنها عروق تشرتسبح فيها خطوط بيضاء مم، البنفسجي

أما الجزء المتبقي من اللوحة فيكاد يحيط بالغصن .باطن الغصن تجاه حركة الضوءبدرجات لونية عاتمة من الأزرق النيلي في كل من الزاويتين المتقابلتين من قاعدة

الزرقة في الجزء إلى درجات لونية أكثر انفتاحا من الأزرق والأخضر المشبع ب، اللوحة .العلوي من اللوحة

على تحوير الطبيعة من صورتها " زيتونة الفجر"تقوم سيمياء التجريد في لوحة على 1"أيقون دال"إلى " الزيتون"التمثيلية المرئية إلى صورة تجريدية رمزية ينتقل عبرها

الأسود للغصن إذ يتخذ الأيقون خطوطا دقيقة بالأبيض تحيط بالتصميم . بورسحد تعبير ولذلك من ،وكأن الحركة الباطنية للنسغ تحوي فضاء حيويا يزخر بالحياة ؛حالمشر

- فالمظهر .أوما يرشح من المعنى الخفي، الواجب تأمله في هذا الانبجاس الداخلي للمعنىولأجل ذلك يؤشر . يعمل على تجلي المستور من الموضوع تدريجيا -أنطولوجيا

التي تناوئ في طرحها المجازي على التأمل ، على بلاغة التجريد" الفجر تونةزي"عنوانالزيتون مأخوذا في بعده التجريدي يساوق في دلالته : الفجر/الباطني لعلامتي الزيتون

.الحافة الفجر مأخوذا في بعده التجريدي

1 Charles S.Peirce , Ecrits sur le signe , p.139.

ظة صفاء كالفجر إنما نحسب أن الكثافة اللونية التي تعبر عن هيئة الزيتون في لح

لغة التصوير التجريدية التي تعبر عن الأفكار والمشاعر "يرجع مصدرها إلى وهو الأمر الذي نعتقد حصوله في المشهد .1"والحالات التي يتعذر على الكلمات ترجمتها

ا آخر ذلك أن أيقون الزيتون عنده لا يمنح مشاهده شيئ. محمد خدةالتشكيلي التجريدي عند لأن ما يجري ،التي تترك متلقيها في ظمأ شديد للمعنى ، غير التأمل خارج حدود اللوحة

بصدد حديثه عن لوحات الفنان رولان بارتعلى حد تعبير 2"الغياب"أمامه لا يناوله غير وهو لا –عن تناوله لهذا الغياب " بسعادة"يتحدث بارتغير أن .Cy Twobly توومبلي

إجراءépokhè " الإبوخية"لذلك من الواجب استحضار .مع جميع المشاهدينيحصل دوما -في هذا السياق –المقصودة " الإبوخية"وتتمثل .فينومينولوجيا لرفع العجز عن الإدراك

–أمام اللوحة –إذ ينبغي على المشاهد ". العينين"إلى " العالم"من " القوسين"تغيير وضع أي أن يضع نظراته السابقة جانبا وينظر إلى اللوحة بتوجه على نحو آخر، ىأن ير

بإنجاز إبوخية حول النظر أو حول رؤية جاهزة سلفا "يتعلق الأمر إذا . قصدي آخرومتحجرة بفعل الأحكام المسبقة أو عدسات الثقافة التي يحملها النظر ذاته من دون أن

.3"يدري فذلك لكي يتحصن ضد حدوسه المباشرة " ة النظرإبوخي" حينما يستدعي المشاهد وينتج في المقابل خبرة مشاهدته المتواصلة للعمل الفني ، التي تمليها عليه خبراته السابقة

تخريجا " زيتونة الفجر"تتخذ لوحة ، وانطلاقا من هذا الاعتبار .)خبرة إدراكاته الجمالية(لا تعرب في " الزيتون"ذلك أن دلالة .آخر حينما نتوغل في نسيج علاماتها البصرية

يكمن شكل الزيتون في : وإنما عن باطنها اللامرئي ، شيء عن مظهريتها المألوفةوهوما يجعل الغصن الصغير متناهيا عند ، دةمحتوياته الداخلية التي لا ترى بالعين المجر" للرد"ح الفينومينولوجي وهذا ما يدعم الطر .تكبيره لأن الفنان يراه بحسه الباطني حصرا

وهذا ما يبحث –الذي يختزل العالم كله في صورة باطنية حدسية يعيشها الوعي القصدي

1 Léon Degand , Abstraction Figuration , Langage et signification , p.219. 2 Voir : Roland Barthes , L'obvie et l'obtus , p.176. 3 Isabel Matos Dia , La tâche de visionnaire de la philosophie et la peinture , in: Phénoménologie et Esthétique , op.cit , p.202.

لأنه تعبير عن حالة شعورية 1فأيقون الزيتون مشبع بالدفء .عنه الفن التجريدي تحديداغير شكل الزيتونليس .واللون الأزرق الذي يتخذه للمشهد المرسوم، تخص الفنان وحده

عند –فالمنظر الطبيعي " .عتبة من عتبات الإشعاع الضوئي الذي يحيط بالرؤية الذاتية .دوما لكونه حدثا داخليا وليس خارجيا 2"داخلي – خدة محمد

"ترتيل من أجل زيتون" وصف لوحة -2

ألفينا مستويين تتكون منهما هذه ، "ترتيل من أجل زيتون"أما إذا جئنا إلى لوحة مستوى الشكل المرسوم ومستوى الطبقة اللونية المنتشرة في اللوحة والتي يكون : لوحةال

حيث ، فقد اتخذ غصن الزيتون الوسط من اللوحة كلها .الشكل المرسوم مركبا لونيا منهاومجزءا إلى عدد لا متناه من الأحياز الزرقاء الصغيرة بحواف ، يبدومنقطا بالأسود

3حيط بغصن الزيتون أشكال ممتدة عرضيا بالأسود والأزرق المشبعوي .بيضاء وصفراء

:التي يرد فيها ذكر شجرة الزيتون من سورة النور 35لآية ربما يكون من الضروري في هذا السياق أن نستحضر ا 1كوكب دري يوقد من االله نور السموات و الأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها"

مسسه نار نور على نور يهدي االله لنوره من يشاء شجرة مباركة زيتونة لاشرقية و لا غربية يكاد زيتها يضيئ ولم تيملاالله بكل شيئ عثال للناس واالله الأم ربضيهذه الشجرة[خصت "لهذه الآية أنه ابن عربيفقد ورد في تفسير ". و [

الزيتونة فإنه ليس كله لبا و لوفور قلة استعدادها بالزيتونة لكون مدركاتها جزئية، مقارنة لنوء اللواحق المادية،ك". للاشتعال، والاستضاءة بنور العقل الفعال، الواصل إليها بواسطة الروح والقلب، كوفور الدهنية القابلة لاشتعال الزيتون

).بدلالاته المختلفة(المشار إليه أعلاه "الدفء"وهوما يؤكد معنى ،1981مصطفى غالب، بيروت، دار الأندلس ،.القرآن الكريم، تحقيق وتقديم دمحي الدين بن عربي، تفسير : ينظر

.140.،المجلد الثاني ،ص3.ط2 Youssouf Amine Elalamy , Les paysages intérieurs de Mohamed Khadda , in: Beaux-Arts , n°1 ,1994, p.36.

ولكل لون درجة تشبع قصوى لا تزيد . رجة إشعاعهتشبع اللون يعني قوة هذا اللون ود"أن إبراهيم دملخييرى 3 ".درجة التشبع العادي للون"وهذه الدرجة القصوى تسمى . ولا تنقص، دون التأثير على درجة صفاء هذا اللون أو نقائه

ذرات أي بعدد ال. وتتعلق درجة التشبع للون، بكثافة ذراته اللونية. ولا يمكن قياس درجة التشبع، بل يمكن تقديرهاومزج أبيض أو أسود أو رمادي مع لون، يعني زيادة فتاحة هذا اللون . اللونية الموجودة في كمية معينة من هذا اللون

.أي تخفيف درجة تشبعه النسبية. أو تغميقه أو تعكيره .13.دراسة فيزيائية ونفسية وفنية للألوان، ص –الألوان نظريا وعمليا : ينظر كتابه

Psalmodie pour un olivier, Huile sur toile, 1986, 65x92 cm

وتتخلل هذه الامتدادات طبقات لونية متدرجة من .بالسواد وكذا البني القاتم .الأخضر والأصفر ا يمكن أن يتخذه التشكيل اللوني في هذه اللوحة ؟أي معنى إذ

لكونه يزخر بالحركة الباطنية ، لا شك أن شكل الزيتون علامة مميزة وسط اللوحةإذ يمكن أن نلفي حدود الريشة التي صنعت .لعدد من الأجسام اللونية التي تتدفق فيه

ا نقط سوداء على مساحة خطوطا متقاطعة متناهية الدقة بالأبيض والأصفر الذهبي تتخللهعن زخم -الذي جاء عليه غصن الزيتون -وقد تعبر هذه العلامة المميزة للشكل .زرقاء

إذ في حركة الخطوط التي تنتشر في كل أنحاء ، الحياة التي تسكن الجانب اللامرئي منه ما يشير إلى الحيوية والنشاط الذي يعم جسم -بما في ذلك نتوءاته وتعرجاته –الغصن

.الزيتون كلهالذي ينتهي إلى -يشتغل التخطيط الذي ينبني عليه غصن الزيتون على التوازي

عبارة عن شرائط (ما بين الأبيض والأصفر داخل وسيط أزرق تملأه نقط -التقاطع ما بين الأبيض 1وهوما يجعل التقابل اللوني. باللون الأسود )مستطيلة صغيرة

زرق والأسود من جهة أخرى، شبكة من التقاطعات غير المتناهية والأصفر من جهة والأ .في تشكيلاتها الداخلية

، هذا ويحيط بغصن الزيتون شكل ممتد طولا بالأسود يتخلله أحمر مائل إلى السوادأشكال بالأزرق المشبع بالسواد وكذا البني المشبع - إلى الجوار من ذلك –كما تمتد

فضلا عن الطبقة اللونية ، هذه الامتدادات ذات الألوان الترابية ويمكن أن تعبر .بالحمرةعن الأجواء الطبيعية التي يعيش ) الأخضر المشبع بالسواد(المنتشرة في هوامش اللوحة

.فيها نبات الزيتون

بمثل ما يوجد ما –بالاصطلاح الفيزيائي للكلمة –قرابة حميمة مابين الأصفر والأبيض "أن هناك نسكيكاندي يرى 1

...".بين الأسود والأزرق Kandinsky , Du spirituel dans l'art , et dans la peinture en particulier , p.146

"زيتون نموذجي"وصف لوحة -3

: نلاحظ أن ثمة مستويين يكونانها" زيتون نموذجي"حين الاقتراب من لوحة إلى جانب الطبقة اللونية التي تشكل خلفية ) غصن الزيتون(مستوى الشكل المرسوم

.يظهر غصن الزيتون قوسا مقعرا يرتكز إلى ساق من الجهة اليسرى السفلى .اللوحةية المتداخلة التي تحوي بداخلها نقط نبالوالشكل عبارة عن شبكة من الخطوط البيضاء و

المساحة التي تغطيها هذه الخطوط بنية فاتحة يختلط فيها السواد وأرضية. بيضاء و بنيةوبقية اللوحة تطبعها علامة زرقاء فاتحة يغلب عليها السواد .بالأزرق المخففين بالأبيض

كما ينتشر في أرضية اللوحة البني المشبع بالزرقة ، تكاد تحيط بغصن الزيتون، الفاتح .والسواد المخففين

هو كثافتها اللونية المركزة في غصن الزيتون " زيتون نموذجي" إن ما يميز لوحةويتخلل ، حيث يتجلى البني الفاتح بجوار الأسود المشبع بالزرقة، دون غيره من اللوحة

بهذا التشكيل اللوني ، وكأن شكل الزيتون. ذلك نقط وخطوط دقيقة بالأبيض والبنيميشال لأجل ذلك يرى .عليها في الوجوديحيل إلى خلقته الأولى التي ظهر ، الطبيعي

وإنما بحسب ، لا يصور وفق الزيتون ما يقاربه فحسب] محمد خدة[ بأن"جورج برنارمما يجعل لون الزيتون ما بين السواد المائل إلى .1"الطريقة التي ينبجس فيها في العالم

ية يتشبع الزيتون وفي ظل هذه المجاورة اللون .الزرقة وانفتاح البني المشبع بالبياضولذلك تنعم خلفية .بإشعاع باطني يمنح التشكيل اللوني رائحة الأرض التي خرج منها

وهي ترسم علامة بالأزرق الفاتح تكتنفه بقعة ، اللوحة بالانفتاح الكلي للمسات الريشة .فهي لطخات بالبني المشبع بالبياض -من اللوحة –حمراء وما بقي

"لزيتونعن ا"وصف لوحة -4

فغصن .يطغى على هذه اللوحة الأزرق بدرجات لونية متباينة إلى جانب الأسود حيث يمتلئ ، الزيتون ينتصب واقفا من قاعدة اللوحة إلى غاية مستواها العلوي المقابل لها

1 Michel- Georges Bernard , Khadda , p.100

ويوازي غصن الزيتون من المستوى .بلطخات سميكة بالأبيض وكذا بخطوط دقيقة بيضاء

، ،عـه، م(لحروف عربية بالإمكان قراءتها تشكيلات، امي علامات بالأسودالخلفي والأمويعضد ذلك ؛أو صينية لا سيما في المستوى الأمامي الذي ينتهي إلى أسفل اللوحة )ن

التشكيلات ذات اللون الأزرق البنفسجي التي تخترق كلا من غصن الزيتون والعلامات ولا يسلم منه إلا جزءا من ، ق البنفسجي أيضاويتميز هامش اللوحة بالأزر .السوداء

.الجانب الأيسر العلوي الذي يظهر فيه الأزرق فاتحا يجاوره البني المشبع بالسواد الفاتحعلى التداخل والتدرج في " عن الزيتون"يقوم التشكيل اللوني في لوحة ، من هنامنح لشكل الزيتون إشعاعا قد، فالبياض الذي يكتسح الأزرق البنفسجي. طبقاته اللونية

فكانت البقعة الزرقاء .باطنيا بجوار العلامات السوداء أوما يتداخل مع صنوتها البنفسجيةوكأن قتامة الهامش من اللوحة .إضاءة للمشهد الطبيعي كله –مثل لون السماء –الفاتحة

ذلك أن . لباطنيتستدعي هذا الانفراج اللوني الذي يحقق لغصن الزيتون هذا التناغم اوهو الأمر الذي يجعل المشهد كله فرجة .موندريانفي نظر 1"الأزرق ينزع نحو الداخل"

لأن التشكيل اللوني للعلامات المحاذية لغصن الزيتون لا يحيل إلا على آثار ، لهذا الباطنسود أو ما هذا التجاور اللوني ما بين درجات الطبقة اللونية للأزرق وما يخالفها من الأ

.يشبع سكونها من الأبيض ماذا يمكن أن نستخلصه فينومينولوجيا عن التشكيل اللوني لهذه اللوحات ؟

)الشكل المركزي في اللوحة(إن ما تجدر ملاحظته هو أن الخامة اللونية للزيتون ينضاف إلى ذلك البني ،لا تخرج عن الأزرق بدرجاته المتباينة والأسود والأبيض

بدرجات لونية قاتمة تقترب 2ويميل الفنان أكثر إلى استعمال الألوان الترابية .فروالأص ، يعمل على تغيير مظهر الزيتون خدةفإذا كان التجريد عند .من الفضاء الطبيعي للزيتون

1 Guila Ballas , La couleur dans la peinture moderne , p.204 .

تستمد مواصفاتها من التراب الصلصالي، القريب من الأصفر والأحمر أو البني تبعا couleurs ocres ألوان ترابية 2 ويقال على البني الذي يميل إلى الأصفر أو الأحمر. لطبيعة الأكسيد الموجود فيه

ة الأقرب إلى ماهية يعلى استخلاص الألوان الطبيع -في المقابل –فإنه يحرص

.الزيتون

تكم الطبقة اللونية السائدة في الزيتون إلى الهامش من اللوحة في غالب ومن ثمة تحمثل ما نجده في (حيث يتوزع التشكيل اللوني وفق امتداد الزيتون إن طولا ، الأحيان عن الزيتون"و" زيتونة الفجر"لوحتي"( اأو عرض) ترتيل من "مثل ما نجده في لوحتي

ن من الأخضر والبني ولعل هذا الهامش اللوني المتكو .)"زيتون نموذجي"و" أجل زيتونبعد أن يقوم الفنان بتركيب ما ، هو الذي يمنح الزيتون صفاءه الطبيعي، والأزرق والأسود

يوسف على حد تعبير -فالشجرة" .يقترب من هذه الألوان إلى طبيعة الزيتون حصرا اهمنوتتخذ ، تتشبع بألوان الأرض] خدة[ لها وبفضل الفنان في تحو – أمين العالمي

وفي عبارة .1."..فضاء الفنانداخل نسيجا معدنيا تمتلك الشجرة ...تشققاتها وأخاديدهاالمطروحة في ،2ما يحقق بعضا من المبتغى التعبيري في أشكال الزيتون" نسيج معدني"

حتى ، طن الزيتونن بانتيجة الخطوط الدقيقة المتداخلة التي تكو، اللوحات السابقةيختزن في جوفه الكثير من الدلالات التي تفترض – بورسبتعبير – 3"سيميوزا" تستحيل

.التأويل والفهم من قبل المشاهد

ولكن ماذا يبتغي البعد التجريدي توصيله عبر التشكيل اللوني لأيقون الزيتون؟فزيتونة " .تباينا من الزيتونإن كل لوحة من اللوحات السابقة تمثل مظهرا لونيا م

طبقة لونية زرقاء بخامة لونية فاتحة وبنفسجية يكتسحها السواد إلى جانب خطوط " الفجروفي ذلك ما يشير إلى أن طبيعة الزيتون تعكس ضوء خاصا يكاد يقترب .دقيقة بيضاء

1 Youssouf Amine Elalamy , Les paysages intérieurs de Mohamed Khadda ,in:Beaux-Arts,n°1, p.37.

.نعمق الفكرة حين الحديث عن التشكيل البصري لأيقون الزيتون 2يفترض تآزر ثلاثة " ، وهو "فعل العلامة " باعتبار الجذر الإغريقي، يترجم semiosis" سيميوزيس"أن بورسيرى 3

حتى نحصل على سيرورة الدلالة السيميائية، تكون الإحالة فيها .." العلامة وموضوعها ومؤولها فواعل من قبيل :ينظر.لا نهائيا باستمرار دينامية بين العلاقات التي تخضع لها العلامات، و يكون المعنى الناتج

Charles S.Peirce , Ecrits sur le signe , p.128 , 133. / مقاربة سيميائية في فلسفة العلامة، منشورات إختلاف –الدلالات المفتوحة : اب أحمد يوسف و ينظر أيضا كت

. 2005، 1.ط بيروت،/ الدار البيضاء، الدار العربية للعلوم –بيروت / الجزائر، المركز الثقافي العربي

تماما ولا فالزرقة هذه ليست بالفاتحة. ات الأولى من النهارقمن نور الفجر عند الإشراوهوما يجعل الزرقة هذه .وإنما يشوبها بياض وسواد في الوقت نفسه، بالغامقة تماما

لأن التخوم العلوية للوحة التي ،تتجاوز حدود المرئي وتفترض عتبة أخرى ما وراءهاينتهي عندها حد الزيتون، لا تشير إلى الانتهاء بقدر ما تشير إلى الامتداد خارج حدود

وإنما يكتب امتداده ، كأن ضوء الزيتون لا ينقطع عند المعالم المرسومة للوحةو .اللوحة .فيتحمل بذلك اللون أكثر من دلالة -بالرؤية الباطنة التي تحرك لا مرئية الزرقة إليها

فيستوي فيها الزيتون قوسا ذا نتوءات باتجاه ، "ترتيل من أجل زيتون"أما في لوحة ن الزيتون أخف درجة بالقياس إلى ما يحيطها اللونية التي تكوحيث نلفي الطبقة ، العرض

وما بين ، إذ تظهر خطوط دقيقة بيضاء وأخرى صفراء قريبة من الصلصال.من الهامش . هذه الخطوط نقط سوداء تملأ أحيازا ذات الأزرق البنفسجي الفاتح

عنكبوت، يعرض الزيتون باطنه مثل بيوت ال، وفي هذا التركيب اللوني المضيئومن هنا تتأتى فرجة . حيث تتداخل الخطوط و تتشابك في سلاسل زخرفية غير منتهية

إذ لا يعكس اللون : ى خارجهعلاللون حينما يصنعه الزيتون من جوفه قبل أن يحيله ه ما بين الأشكال مظهره إلا من خلال داخله، وهو ما يحفز الزيتون على نشر سر

.المحيطة حواليه، ندرك أن علامة الزيتون قد تخلت عن "زيتون نموذجي"ا انتقلنا إلى لوحة وإذ، هذا

). لا يوجد أشكال تخترق الزيتون أو تحيط به مثل اللوحة السابقة(جميع متعلقاتها الخارجيةهناك فقط شبكة من الخطوط المتداخلة بالأبيض والبني الفاتح وأخرى سوداء تختلط

لكونها في هذه اللوحة كثيفة من حيث خاماتها اللونية تبدو علامة الزيتونإذ . بالأزرق. لا يعتري الزيتون من الخارج، فيتعرض إثر ذلك مظهره إلى التغييرر تحوتصو

. ويعكس المظهر اللوني هنا لون التربة التي استخلص منها الزيتون مبررات وجودهمات لونية مصفوفة بعضها إنما ذات خا، فالطبقة اللونية التي يتركب منها نسيج الزيتون

كامل يستدعي حركة وكأن المسخ الذي يتعرض إليه الزيتون إنما هو بناء .فوق بعض .باطنية دائبة تمنحه القدرة على الانبعاث أو الإشعاع ضمن فضاء اللوحة

، فإننا نخالها متميزة من حيث "عن الزيتون"إذا توقفنا عند لوحة ، في المقابلشة الفنان ذات مرونة عالية في المزج والتركيب بين الأزرق في فري. تشكيلها اللوني

نبراته المتباينة والأبيض المصقول على هذا الأزرق الذي يشوبه السواد عن يمين اللوحة إذا ما –ويسارها، حيث يضفي الامتداد العمودي للزيتون البعد اللانهائي لحركة الامتداد

ولذلك نحسب أن نبرة . يتون يشغل الارتفاع كله للوحةأخذنا بعين الاعتبار أن غصن الزالانفتاح التي تغطي مساحة الزيتون، فضلا عن لمسات الأبيض السميكة

التجلي الذي يتم تدريجيا من إنما تحدس سر، والمصقولة بعناية على الأزرق والأسودالزيتون عن الظهور هو ذلك أن ما يحجب. 1تحت الطبقة اللونية وليس على سطح اللوحة

فاللون ينبعث دوما من باطن الخامات اللونية التي يتركب . انصرافه عن تمثيل السطح .منها أيقون الزيتون

التشكيل اللوني لأيقون الزيتون وفق حركة باطنية تستدعيها هذه الخطوط يشتغل أن تمظهرات اللون ومن ثمة ندرك. الدقيقة والمتداخلة التي تصنع الباطن اللوني للزيتون

إذ يحتفظ اللون . ليست غير صنيع هذا المظهر الباطني الذي يتخذه الزيتون أساساوهو ما نحسبه مطروحا في أسلوب . بطبيعته ولكنه يميل دوما إلى إخراج الغامض منه

بنقل العمق الذي يمكن أن يتوارى –على وجه الخصوص –إذ نراه يهتم ، محمد خدةولذلك تنقب الريشة عن لون خالص بالإمكان أن يرشدها إليه حدس . يتونخلف لون الز

.الفنان الذي تشبع وعيه البصري بحقول الزيتون، محمد خدةقد لا يعكس التمظهر اللوني للزيتون بعدا تجريديا خالصا في لوحات

التحليل الأولي فقد تبين من خلال. إذا ما تأملنا عن قرب الفضاء التشكيلي عند هذا الرسامأن الألوان يستخلصها الفنان –ل التي كانت محور هذا المبحث الأو –للوحات الأربعة

.و إن بدت في طريقة تشكيلها غامضة قليلا، من الطبيعة

" وإنما " فوق"ر لم نعد نصو" في معرض حديثه عن الفن الحديث، ولاسيما الفن التجريدي أنه جول دولوزيرى 1

:ينظر "."تحت Gilles Deleuze et Felix Guattari , Qu'est-ce que la philosophie ? , p.219.

ويتبدد بعض من هذا الغموض إذا ما أدركنا أن هذا التشكيل اللوني لأيقون ومن ثمة نفهم السبب .)طبيعة صامتة(ظر طبيعي الزيتون إنما هو بالنسبة إلى الرسام من

شبكة من الخطوط –استنادا إلى اللوحات السابقة دائما –الذي من أجله يظهر الزيتون وكأنما هذه الطبقات اللونية بدائل طبيعية عن . الدقيقة المتداخلة وسط أجسام لونية متباينة

فخبرة . دته إلى ماهيته الأولىأن جر الرؤية الخارجية التي احتفظت بنسق الزيتون بعدوهذا ما يستوجب قراءة بصرية في مستويات ، اللون من خبرات الفنان الإدراكية أساسا

. للزيتون" المناظر الطبيعية"هذه –بعمق –حتى نفهم ، هذه الخبرة اللونية فكيف يتجلى إذا التشكيل البصري لأيقون الزيتون ؟ وما هي مقاصده الدالة ؟

.تلك هي تساؤلات المبحث الثاني من هذا الفصل الثالث

لقد تبينا في المبحث السابق أن التشكيل اللوني لأيقون الزيتون ليس غير صورته . الأولية التي انتهى إليها إدراك الفنان من خلال خبرته المعيشة بأشكال الزيتون وألوانه

زيتونة "عن وجهة رأيه وهو يتأمل لوحة جمال الدين بن الشيخيعبر وفي هذا الصدد متجذرا مثل زيتونه الذي ليس بمستطاع أحد أن يقتلعه ] محمد خدة[ لقد ولد " :" الأعصاب

هذه اللوحة الزيتية الصغيرة التي تعرض لغزا ، )1969" (لأعصابا زيتونة"عاينت ...منهرى صورة من الجو تصلح لتأويل جيولوجي وطوبوغرافي أسعى جاهدا أن أ: للتحقيق

، حيث الأزرق يتشابك مع البني، الزيتون جسم حي. خلايا مفحوصة بالمجهر...ومائيومن الواضح . 1..."لات المادةومن تحت اللحاء تحو. والنسغ يحفر أنابيبه داخل مادة حية

ذلك أن معطيات التحليل تقوم . أن قراءة الناقد تستند إلى الشكل البصري للوحة أساسا" زيتونة الأعصاب"على قرائن التشاكل الموجودة بين شكل الزيتون الموجود في لوحة

خلايا ، ومائي، وطوبوغرافي ،تأويل جيولوجي(وممكنات التأويل الناتجة عن رؤية الناقد ..). مفحوصة بالمجهر

قتفت مسالك الخطوط حينما ا، ونحسب أن رؤية الناقد ذهبت بعيدا في التأويلوهو البعد نفسه الذي نبتغي تعميقه في . ن منها الشكل البصري للوحةوالألوان التي يتكو

يحتاج إلى إدراك محمد خدةنظرا لأن النفاذ إلى الفضاء التشكيلي عند ، هذا المبحث .بصري تحديدا

حيث تحف مكونات ، متديمتح التشكيل البصري مرجعه من لغة العين ومن أفقها المفي هذا -و لا نعدم . الرؤية المجال الإدراكي الذي يدخل ضمنه أفق الرؤية عموما

بحكم أن النظر يطال كذلك ، أن يكون للشكل البصري حدودا غير مرئية أيضا –السياق

1 Jamel Eddine Bencheikh, Mohamed Khadda, la paix pour alphabet , 1995, in : Algérie Littérature/ Action , n°55-56 , Novembre-Décembre 2001 , Marsa Editions , Paris, p.108-109

رب التجا"فضلا عن كون ، المتعلقات التخيلية ويجعلها تبعا له عند الإدراك البصري

.J.Seurl سورلعلى حد تعبير 1"تجارب مقصدية )كباقي التجارب الإدراكية(البصرية إلى الوعي البصري –فيما يستند إليه –ومعلوم أن التحليل الفينومينولوجي يستند

فالفينومينولوجيا هي لغة العين ولذلك فإن حدود المنطوق " .سبيلا للوصول إلى الماهيةمما يجعل الإدراك البصري شقا لا . 2"ود المنظور و لغته هي لغتهعندها هي نفسها حد

ومن ثمة لا . مناص منه من بنية الإدراك الفينومينولوجي في مباشرة الموضوع الجماليتخرج الظاهرة التشكيلية عن كونها خطابا يفترض منا تحليل شكله البصري إلى جانب

.مقاصده الدالة

؟ وكيف بالإمكان محمد خدةصري في لوحات كيف يتمظهر الشكل الب، وإذا قراءتها بصريا على نحو يغدو معه التجريد ممكنا فينومينولوجيا ؟

ينبغي أن نذكر في مستهل هذا المبحث الثاني أن قراءتنا البصرية تستند دوما إلى ينشغل ؛ حيثاللوحات نفسها التي سبق أن عرضنا بعضا من تفاصيلها في المبحث السابق

.بإبراز التقطيع الطولي أو العرضي لأيقون الزيتون محمد خدةالتشكيل البصري عند يتخذ الأيقون تخطيطا باطنيا يستحوذ على كل الاهتمام المركزي ، وفي ظل هذا الانشغال

يقوم على ملء ، ومما يستأثر بالانتباه أن هذا التخطيط الباطني متناهي في الدقة. للوحةباينة في الحجم من الخطوط الممتدة أو المتقطعة لا تلبث أن تصير نقطا الفراغ بأشكال مت

ولأجل ذلك تتابع العين الالتفاف أو الامتداد الحاصلين . بلمسات متفاوتة من حيث الحجمفي الجوانب المحيطة بالزيتون ثم تنتقل بعدها إلى داخله متأملة الفضاء التشكيلي المتناهي

.في الصغر

بيروت، المركز الثقافي / مدخل لتحليل ظاهراتي، الدار البيضاء - محمد الماكري، الشكل والخطاب: سورل، عن 1

. 30.، ص1،1991.العربي ، طبيروت، المركز الثقافي / و، هوسرل ومعاصروه، من فينومينولوجيا اللغة إلى تأويلية الفهم، الدار البيضاءفتحي إنقز 2

. 27.، ص2006، 1.ط العربي ،

ألفينا الزيتون علامة أيقونية يقترب تشكيلها " زيتونة الفجر"لوحة فإذا عاينا منطلق في الفضاء أو شكل جسد منحوت ينتصب بزاوية مائلة 1البصري من شكل سهم

ويمكن القول إن ظلال هذه الزاوية هي التي تصنع الاستواء العام لشكل . تجاه الأعلىنب المحيطة بالنتوء التي يغلب عليها اللون فضلا عن تحديدات الريشة عند الجوا، الزيتونيتألف تشكيل الزيتون من نسيج الخطوط الممتدة أو المتقطعة التي تملأ المساحة .الأسودتعبيرا عن الحركة الدائبة ، التي تحدث خلال النظر 2"تترجم الخطوط الإثارة"و. الداخلية

.اماته اللونية المتباينةالتي تناوئ السكون الظاهري الذي ينبعث من الأزرق بخولكن ما هي دلالة هذه الحركة بصريا ؟ وإلام نعزو هذه الأيقونية التي توسم بميسم

اللوحة ؟، تدفع "الفجر زيتونة"لا شك أن المستويات البصرية التي تتوافر عليها لوحة

إذ . الزيتونمشاهدها إلى تخمين البعد التجريدي الذي تنطوي عليه الحدود المرئية لشكل التي ، يثير النسيج الباطني لهذا الأخير غموضا حقيقيا عن هذه الحركة النشيطة للخطوط

. تخلف من ورائها كتابة مطموسة لا ترى إلا بعض آثارها اللونية التي اكتسحت سطحهاشكل لأنها نواة الت، لا غير 3يبدأ من نقطة –داخل هذا النسيج الباطني –وكأن العالم كله

ولذلك يتحرى الفنان أسلوب التنقيط في تشكيل الباطن ابتداء من حواف الزيتون . لوالتحوفي ملاحظة سابقة للناقد –" خلايا مجهرية"مما يجعل من هذه النقط . إلى أقاصي الداخل

اتخذي :"في دلالة السهم بول كليفي بعده التجريدي، نحيل هنا إلى الحمولة التعبيرية التي يراها " السهم"حينما نذكر 1

ى أقصى ما يمكن والسهم دال عل". لك أجنحة أيتها السهام، كي تبحري عرض البحر، حتى وإن أخفقت دون بلوغ ذلكممكنا فينومينولوجيا يحايث أفق الرؤية التي يستدعيها الحدس البصري -في سياق اللوحة –أن يبلغه الفكر، وهو يمثل

:ينظر .وتأويله Paul Klee , Théorie de l'art moderne , p.120, 129. 2 Charles-Pierre Bru , Esthétique de l'abstraction , p.92.

3 إلى ضرورة الانتهاء إلى النقطة، على أساس أن الحركة كاندينسكيشير يMouvement تسيرها إرادة حذف) Alain Bonfand, L'art abstrait ,p.41,42:ينظر( .نه في ظل إرادة التجليالموضوع ودلالالته الموضوعية التي تكو

ه المألوفة و يتخذ حدا جديدا انطلاقا من النقطة التي ومن ثمة ينحو الموضوع إلى التجريد حينما يتخلى عن تمظهراتفي التصور الفينومينولوجي حينما يختبر الباحث الفينومينولوجي حدوسه –بنحوما –وهوما نلفيه . يبتدئ عندها الشكل

لا تلبث أن تصير بوصفه نقطة ابتداء مؤقتة( من خلال ما تمنحه إياه خبرته التذاوتية بعد إنجازه للرد الفينومينولوجي ). الدلالة الحاصلة من هذه الخبرة، نقطة ابتداء دورية تنتظر دعما إدراكيا يستنقذ البناء القصدي للموضوع

عن مورفولوجية ، في مستوى من مستويات النظر، وذلك تعبيرا .جمال الدين بن شيخبه مصورات الأشكال المبثوثة في صفحات الكتب العلمية المختصة في الزيتون التي تش

1وأمراضها وذات صلة بالنباتات Microbiologieعلم الأحياء المجهري Phytopatologie.

ل باطني ومن جهة أخرى فإن مسار النقطة الذي ينبئ عن تحو، هذا من جهةنطلاقا من اختزال العلامة البصرية ل إلى الشكل نفسه اإنما يسعى إلى قلب التحو، نشيط

.ما دامت النقطة مهد العلامات وحاضنة أشكالها، وردها إلى بداياتها الأولىرؤيته -من خلال العنصر التشكيلي للنقطة – هنا بونحسب أن الفنان يجر

ليةالمتبادل بين العلامة التشكي مما يجعل التفاعل. الباطنة في تشكيل محتويات الزيتون

Signe plastique والعلامة الأيقونيةSigne iconique "تعبير ب 2"فرجة سيميائيةشكل الزيتون في زاوية امتداده ومقاطع استدارته عند (ذلك أن مدلول الأيقون ".جماعة مو"

مما يجعل من الشبه المتعارف عليه في العلامة ، ينزاح عن الدلالة الطبيعية) النتوءغير وارد حصوله في المدركات المرئية، وإنما يقيم إحالته انطلاقا من الأيقونية أمرا

عند توافر ظروف الاستجابة مع البعد –المدركات التخيلية التي يستدعيها التأمل .التجريدي للعلامة الأيقونية

اطلعنا على عدد من رسائل الدكتوراه والماجستير التابعة لقسم البيولوجيا بجامعة وهران، تخصص علم الأحياء 1

. تي تصيب شجرة الزيتون بالجزائر وتوزعها الجغرافي وأنواع فصيلتهاالمجهري، والتي تبحث في الأمراض المناطق ( التي تزرع في الغرب الجزائري بسهل وهران ") سيق"نسبة إلى منطقة " ( سيقواز"واكتشفنا أن هناك فصيلة

أما الأنوع . محمد خدةالفنان ؛ وتكون هي الفصيلة التي تشبع في أجوائها الوعي البصري لدى ) سيق ومستغانم وتلمسان :ينظر".بوشوك"و" لملي"و" الأزرج"و" شملال"الأخرى من الزيتون، فتزرع بالوسط ومنطقة القبائل، وتعرف بفصائل

:، والموسومة07/11/2004بتاريخ قسم البيولوجبا/دكتوراه الأستاذ ميلود بلحسن، مناقشة بجامعة وهران -La Verticilliose de l'olivier : Etude epidemiologique et diversité génétique de verticilliem Dahliae Kleb., Agent de la verticilliose.

:، والموسومة23/06/1998قسم البيولوجيا بتاريخ /ماجستير الأستاذة عمارية مطاليه بوطيبة، مناقشة بجامعة وهران -La Verticilliose de l'olivier : Approche cyto-histologique et ultrastructurale des interactions olivier-verticillium Dahliae Kleb.

:، والموسومة15/12/2004قسم البيولوجيا بتاريخ / ماجستير الأستاذة فايزة بن لعربي، مناقشة بجامعة الأغواط -Caractérisation des lipides et des phénols de quelques groupes d'oliviers d'Algérie. 2 Groupe µ , Traité du signe visuel , pour une rhétorique de l'image , p.346.

دلالتها البصرية من خلال طابعها الأيقوني المحايث لها " زيتونة الفجر"تمتلك لوحة ويبتغي تحويرا ، حيث يحجب العنصر التشكيلي الدلالة المألوفة لشكل الزيتون، أساسا

.أيضا "الزيتون عن"وهو ما نعتقده يتناص مع لوحة . أيقونيا في سجل المرئيندرك جليا هذا التناص الموجود في الحدود " عن الزيتون"وإذا ما اقتربنا من لوحة

الخطوط الدقيقة وأسلوب (البنية التشكيلية المهيمنة المرئية لشكل الزيتون، وذلك من حيث غير أن المعطى البصري المتميز في هذه ).ولو أن لمسات النقط أكثر سمكا، 1التنقيط

فبعضها تشكيلات حروفية من الخط ، اللوحة يكمن في نسق الأشكال المحيطة بالزيتونر تشكيلات محضة محورة وبعضها الآخ، لحروف الميم والهاء والواو والعين 2المغربي

بحيث ، والجدير بالملاحظة أن مرئية اللوحة تقوم على أيقونية الحرف الخالص. عنهانشهد إيقاعا متناغما ما بين المستوى العمودي لشكل الزيتون ومستويات تمظهر العلامات

يطرح نفسه فضاء للكتابة –بهذا الظهور التشكيلي –وكأن أيقون الزيتون . من حولهبجوار المشهد التشكيلي الذي تصنعه العلامات )تتماثل عمودية الغصن مع مطلق الألف(

من حول الزيتون وفي " أنه جورج ميشال برناروفي هذا الصدد يرى . البصرية الأخرىالمتحركة ] الزيتون[إذ ستمكنه علامات . كتابة الأشياء] محمد خدة[أعقاب أثره، سيواصل . من التقاط رموز أخرى للمرئي على نحو مختلف دوما، وإيقاعاتهاباستمرار في أشكالها

.3"ووسط تشققات الجفاف، إنها تنساب بين شقوق الصخريمتلك قدرا لا يستهان به من محمد خدةونعتقد أن المتخيل الإدراكي للزيتون عند

ى علامات البلاغة البصرية التي يتحول بموجبها شكل الزيتون أو علاماته الأيقونية إلولذلك يجد الزيتون .خصبة يختبر فيها الفنان وعيه البصري بل وذاكرته البصرية أيضا

Henry هنري ماتيسورائدهم في ذلك Les Fauves" الوحشيون" أسلوب التنقيط تقنية ذات أصول يابانية استخدمها 1

Matisseينظر. و تحديث شحناته التعبيرية ةييره الكلاسيكي، من أجل مفهوم جديد للشكل انطلاقا من تشويه معا: Ruhberg , Schneckenburger , Fricke , Honnef , L'ART au XXe siècle , volume I , chapitre 4 , p.37-66.

الخط المغربي خط ملطف عن الكوفي ثم ':أن البهنسي عفيفل" معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين"جاء في 2قليلا، وهو لا يقوم على قواعد وموازين، بل على تكوين ذوقي نسبي لنص أو جملة، ومن أنواعه التونسي تحرر

".والقيرواني والفاسي والجزائري والأندلسي . 142-141.، ص1995، 1.ط بيروت، مكتبة لبنان ناشرون،: ينظر كتابه -

3 Michel-Georges Bernard , Repères et Confluences : Esquisse pour un itinéraire , in: Beaux-Arts , n°1,p.70.

عن "وليست لوحة . تسويغه التشكيلي في رسوم الكتابة المحفوظة في هذه الذاكرة البصريةغير انفراج المشهد الطبيعي عن دلالته المحايثة بحكم أن أيقون الزيتون كان " الزيتون

ومن ثمة إن تراتبية الظهور يستوي فيها التشاكل القائم . تجلي العلامات من حولهسببا في من خلال العلامات ،إن اقتران الزيتون بالكتابة. بين المستوى الأمامي والمستوى الخلفي

يؤشر على رغبة عميقة من قبل الفنان في أن إنما، الحروفية ذات التشكيلات المتباينةعلى اعتبار صورته ، الكتابة الزيتون بوصفه عنصرا تشكيليا لا يمكن فصله عن فضاء

إذ تكون الريشة قد نحتت الزيتون ألفا بإمكانه أن يمسك . التخيلية التي يمكن وضعه فيها .الحروف ويعلقها عليه

، البعد التجريدي للزيتون مع سيميائية خطابهيتفاعل ، وفي هذا المنحى الاستعاريحيث يحرص المشهد التشكيلي في اللوحة على تخريج ما انطمر من طبقات المعنى خلف

ولعله من خلال هذا .بما في ذلك طبقة اللون التي تتركب منها اللوحة –طبقات المرئي نسيجا تشكيليا لعلامته لكونه يستعير الكتابة ، يمتح الزيتون بلاغته البصرية، التفاعل

. الأيقونيةوقد لا نجانب الصواب إذا ما اعتبرنا تحوير الكتابة عن مقصديتها اللسانية لصالح

استثمارا في تخوم المرئي وقلبا مجازيا عن أفق الرؤية التي يصدر ، المقصد التشكيلييتمتع 2لكونه رائيا ، خدة 1"لا يوجد إلا في وعي" فأيقون الزيتون ذاته : عنها الفنان

وهذا ما يدفعنا إلى مزيد . بحدس تخيلي ينفذ إلى بؤرة الشكل وهوامشه اللامرئية . الاستقصاء عن الدلالة المقصدية لأيقون الزيتون في اللوحة الموالية

ينتهي إلى شكل L'icône ؛ و تستند هذه الفكرة إلى أن الأيقون أمبرتو إيكونقلا عن كتاب بورسالفكرة مأخوذة عن 1

:ينظر. إلا من خلال الأيقونات -بورسفي نظر –ومن ثمة نحن لا نفكر ) .صورة ذهنية ( موجود في الوعي Umberto Eco , Le Signe , histoire et analyse d'un concept , Adapté de l'italien par Jean-Marie Klinkenberg , Editions Labor , 1988 , p.223, 224.

.Les frères voyants"الإخوة الرؤاة " على المصورين اسم ) Paul Eluard )1895-1952 بول إليواريطلق الشاعر 2

:ينظر Gilbert Lascaut , Vers une esthétique du visible , in: Encyclopédie Philosophique Universelle , L'univers philosophique , p.647

نلاحظ أن هناك خلفية تتكون من ، "ترتيل من أجل زيتون" عندما نتأمل لوحة حيث تجاوره ، لغامق يستند إليها أيقون الزيتون باتجاه العرضأربعة أعمدة باللون البني ا

ويتكرر في هذه اللوحة أسلوب . في هذا التقطيع العرضي علامات بالأزرق والأسود التشكيل الذي يتألف منه النسيج الباطني لأيقون الزيتون من خلال التخطيط الدقيق

التي تملأ حواشي ) ات التشكيلات المتباينةذ(هذا فضلا عن هذه الكتابة . وتكثيف النقط .الزيتون في المستوى البصري

فتصميم هذا . لكتابة تمظهر آخر يوازي التشكيل نفسه لأيقون الزيتونليبدو أن في نتوءاته واستدارة الأقواس وانحناءاتها، حدود الخطوط الصماء أو امتداد ، الأخير يشبه

الخ من التشبيهات التي تفترض قدرا ...ب واديذراع لجسد أوهيئة حشرة متحركة أو مصوما يعضد هذا المستوى التركيبي من أيقونية . من التأمل في بناء مكوناتها التخيلية

. أن العلامات التشكيلية المحيطة به تساوق الإغراب في امتداداتها الأيقونية، الزيتونفي –يدفع ، هية من الألوانوكأنما ما يحويه الزيتون في باطنه من فسيفساء غير منت

فمدود .لونية خالصة تحقق لأيقون الزيتون تخوما غير مرئية 1إلى تفجير سيولة –المقابل .لكونها مختلطة بنسغ متدفق يشحنها بطاقة موحية من الإيقاع، الكتابة غير منتهية

–كل الصيرورات –ليس للكتابة وظيفة أخرى غير أن تكون سيولة تقترن بسيولات أخرى "أنه ل دولوزيجيرى 1

لا تستطيع سيولة ما أن تقترن مع سيولات . السيولة شيئ تكثيفي وآني ومتنقل بين الإبداع و التحطيم إن. الهامشية للعالم. أخرى إلا عندما تصبح مغادرة موطنية، و تكون مدفوعة من طرف هذه السيولات لتحقيق مغادرة موطنية والعكس

:ينظرأحمد –عبد الحي أرزقان . لنفسي والسياسة، تركلير بارني، حوارات في الفلسفة والأدب والتحليل ا –جيل دولوز

. 67.، ص1999العلمي، المغرب، إفريقيا الشرق، ما يقارب الطرح أعلاه، إذ نعتقد أن سيولة اللون في اللوحة بمثابة مداد للكتابة ينزع " السيولة"ولا شك أن في معنى

صية اللوحة مع ما قبلها من القرائن والعلاقات دوما إلى ملامسة فضاءات أخرى غير مواطنه الأصلية، نتيحة تناونحسب أن هذه العلامات البصرية الموازية لأيقون الزيتون حد التداخل والتقاطع، إنما علامات هاجرت . التشكيلية

محمد خدةيشير الفنان . مواطن تشكيلية سحيقة من خلال الذاكرة البصرية التي تقتنص العلامات وتوظفها في سياق آخربجنوب الجزائر، تمثيلا عن هذه الذاكرة الطاسيليفي –على سبيل المثال لا الحصر –Tifinagh ى كتابة تفيناغ إل

:ينظر كتابه. البصرية Eléments pour un art nouveau , Alger , Unap/ SNED , 1972 , p.26.

" يتونمن أجل ز ترتيل"وانطلاقا من هذا الاعتبار، يتوخى البعد البصري في لوحة فضلا عن غرابة الشكل الذي ، إيقاظ الحساسية الفنية للمشاهد تجاه الطبقات اللونية الغامقة

إن كانت كذلك –ونحسب أن لهذه الغرابة . يظهر عليه الزيتون داخل هذا الوسط الحسيقدرا لا يستهان به من البلاغة –عند المستوى المرئي الأول من مواجهة اللوحة

لك أن أيقون الزيتون تشكيل ذهني ينسج صورته من المتخيل الإدراكي لدى ذ. البصرية كاندينسكيفي دراسة له عن Michel Henry ميشال هنريأو ما يدعوه ، الفنان

إذ يعطل الزيتون من . Les hiéroglyphes de l'invisible 1"بهيروغلفيات اللامرئي"قه التخيلي في بناء ما توارى خلف هذا أيقونيته المرئية كي يشحذ المشاهد ذهنه وأف

.التشكيل البصري، فإنها "زيتون نموذجي"أما إذا تأملنا لوحة ، "ترتيل من أجل زيتون"هذا عن لوحة

بفعل النقط البيضاء الكثيرة التي من الجو لمدينةتظهر لأول وهلة مثل صورة ملتقطة ليلا عدا -بالمقارنة مع اللوحات الأخرى –داكما يبدو أيقون الزيتون منفر. توحي بالأضواء

علامة فاتحة توحي بتشكيل النون أو بتشكيل محض بمثابة كتابة مطلقة تميز خلفية هذه .اللوحة

من تقاطع هندسي لقوسين " زيتون نموذجي"يتركب التشكيل البصري في لوحة ر انطلاقا من قاعدة حيث يبدو أصغرهما ساقا يسند القوس الأكب، متباينين حجما وطولا

" زيتون"وبالإمكان استخلاص حرفين من هذا التقاطع الهندسي يمثلان بداية كلمة . اللوحةمن خلال القوس (وحرف النون ) من خلال القوس الأصغر(حرف الزاي : ونهايتهايحاكي الزيتون انبجاس ظهوره ، وفي خضم هذا التداخل ما بين حدود الحرفين). الأكبرفماهية . واللوني على هذا النحو من التكثيف الخطي ي من خلال ميلاد الحرفالرمز

الزيتون من ماهية الحرف لأن كليهما يبدءان من نقطة كثيفة لا تلبث أن تصير نسيجا حيا . إذ نقطة البدء في الزاي هي التي ينتهي عندها النون. ينتشر في خضمه التشكيل البصري

يعتبر أن لكل عنصر باطن وخارج، يتألف من الذي كاندينسكيمن الفنان " الهيروغليفي"مفهوم ميشال هنرييستعير 1

:ينظر. مظهر وظهور في الوقت نفسه- Alain Bonfand , L'art abstrait , p.40 , 126.

اعتبار الزيتونب، البصريةللحرف هو الذي يحتفي بأيقونيته يلية وكأن إيقاع العلامة التشك .مظهرا من حركة التجلي التي يحدثها نون المد بعد غياب الزاي منه

لا يستغني عن أفق الكتابة تشكيلا هندسيا ، إن تركيبا بصريا من هذا السمتن الكثافة اللونية ومن حركة الخطوط ذلك أن مسار المرئي يتحقق من مكنو. وإيقاعا تخيلياوهو ما يجعل من أيقون الزيتون في هذه اللوحة علامة مفتوحة التأويل على .غير المنتهية

.ممكنات بصرية متعددةولكن كيف ندرك خطابا بصريا يستعير مرجعيته من بلاغة العلامة نفسها ؟ وما

محمد جريدي لأيقون الزيتون عند الفنان هي ممكنات المعنى التي ينخرط ضمنها البعد الت ؟ خدة

وذلك بعد قراءتنا لجملة المعطيات ، ما توصلنا إليه في هذا المبحث الثاني إن، انطلاقا من اللوحات السابقة محمد خدةالبصرية التي يتسم بها الخطاب التشكيلي عند

.لزيتونيجيز لنا أن نتناول المحمول الرمزي الذي يتألف منه أيقون ا لقد رأيت زيتونا كثيرا : " عن سر اهتمامه بالزيتون قائلا محمد خدةيعبر الرسام

ففي التواءاتها وفي نتوءاتها وفي . أحب هذه الشجرة ومع ذلك أتوخى الحذر .وأتحدث عنه غالباسعى هذا وأضرار الغبار، أجد فيها م، وفي عنادها المكابر في مجابهتها لعدوان الرياح، تشققاتها

...الإنسان و أفهم الإنسان المتماسك

فإن قلقها يثيرني، حتى وإن كان في احتجاجاتها بعض من الرومانسية التي تزعجني

مغالاة بفرط مسرحيتها، غير أنه في رفضها في أن تتجذر في اهناك بلا شك في إيماءاته. يدنينيوكي –بل الصخور أيضا –الأراضي الجافة وفي اختياراتها التي تفضل ، الأراضي كثيرة الخصوبة

. كل هذا الزهد له طعم الكرامة ، تتشبث

.لكتابة التي أقترحهاللعلامات ولفهي منبت .الزيتونة عندي أصل

وإن يجعلني ، فإن جذع زيتون أو قطعة منه هو بالنسبة إلي منظر طبيعي كله، مذ ذاك، وجسدا حنونا لامرأة 1في غموضه سهلا خربا بفعل نابالموإن يكن ، غالبا المنظر الطبيعي" أتجاوز"

.2"في الخيال –وحقكم أيضا –فذلك حقي ، حةأو صديق بقبضة ملووعن ، يفصح الفنان في النص أعلاه عن أسباب اهتمامه بالزيتون في أعماله

يا أن الأفق ويتضح جل. المرجعية الرمزية التي يصدر عنها في تشكيله لأيقون الزيتونهو الذي يثمن بعض ما أدرجناه في ، التخيلي الذي يؤطر التشكيل البصري لرؤية الفنان

الاتجاه ( لنظر عن التوجه الأيديولوجي لهو بغض ا. مقاربتنا التحليلية لهذا المبحث الثاني .فإن المحمول الرمزي الذي يكنه للزيتون يترجم قربى كبيرة بينهما، )اليساري

في الزيتون خدة محمدهو أن يرى ، إن ما يستأثر بالانتباه على وجه الخصوصوفي ذلك ما يؤشر . التي يكتتبها فوق نسيج القماشة التي يصبغها للوحاته" أصل العلامات"

ونعتقد أن . ومحاولة تشكيله على نحو فني مختلف، على اشتغال حثيث بالواقع الطبيعيف هي التي يصدر عنها مخيال الفنان وكذا جملة مدركاته هذه المسافة من الاختلا

.الموضوعية والذاتية تجاه الزيتونولعله من هذا الجانب بالإمكان أن ندلل على هذا التعامل العميق مع أيقون الزيتون

حيث لا ينفصل التشكيل -من خلال ما أدرجناه من معطيات بصرية للوحات المذكورة -والتقاطع الفني الحاصل بينهما هو الذي ، لزيتون عن فضاء الكتابة مطلقاالبصري لأيقون ا

ذلك أن التخوم ما بين مرئية الشكل ولا .يستمد منه الزيتون بلاغته وبعده التجريدي معا :وذلك من خلال ما يستعيره من ألوان تناصا محوريا من حول الزيتون، مرئية تحدده

لرموز الطبيعية لهذه الشجرة واختزال علاماتها البصرية على استعارة اوذلك من خلال وامتداد ، "زيتونة الفجر"في لوحة " السهم"امتداد قبيل من (نحو تتحقق معه محاكاة الكتابة

ترتيل "في لوحة " الجسد المستلقي"أو " الذراع"، وامتداد "عن الزيتون"في لوحة " الألف" . )"زيتون نموذجي"لوحة في" النون"وامتداد ، "من أجل زيتون

التي تدخل في صنع القنابل ) البنزين المجمدة ( و تعني مادة شديدة الالتهاب Napalmترجمة حرفية لكلمة " نابالم" 1

.المعجم الفرنسيينظر المادة ضن . المحرقة2 Mohamed Khadda , Feuillets épars liés , p.83-84

ومن ثمة يتوخى التشكيل البصري لأيقون الزيتون اختبار عدد من العلامات وقد يطرح هذا الاقتطاع . 1من ذاكرته البصرية –جزئيا –الأيقونية التي يقتطعها الفنان

ذلك أن .الجزئي انشغالا فنيا بالمقطع أكثر من التركيز على شمولية المشهد الطبيعي كلهكل لوحة من اللوحات السابقة تعرض حقلا بصريا يفي بمتطلبات الزاوية التي ينظر من

مظهرا من مستويات الظهور المطلق " زيتونة الفجر"إذ تمثل لوحة . خلالها الفنان حصرا" ترتيل من أجل زيتون"وتمثل لوحة . للزيتون وكيفية امتداده مشهدا كونيا من الباطن

عن " عن الزيتون"التجاور ما بين مظهر الزيتون ومظهر الكتابة بينما تعبر لوحة علاقة" زيتون نموذجي"في حين تعبر لوحة ، علاقة التواصل الموجودة ما بين الزيتون والعلامة

عن التوحد الرمزي الموجود ما بين المستوى الأيقوني للزيتون والمستوى الأيقوني .للحرف

قول إن للتشكيل الأيقوني أبعادا بصرية متباينة تحاول في كل منها وعليه، يمكن الأما ما يقع . إدراك ما يمكن إدراكه وما لا يمكن إدراكه عند تأمل مشهد طبيعي للزيتون

فذلك مرده إلى البعد التخيلي الذي يدخل في بناء المكون ، من اختزال وتحوير بصريينالحقيقة الفنية للزيتون لا تستغني عن مظهرها البلاغي ذلك أن. الرمزي لأيقون الزيتون

. في مختلف أطوار تشكلها البصرييحق لنا أن نتساءل عن البعد الجمالي الذي ، ولعله عند هذا المستوى التحليلي

.يفرض نفسه مدركا تأويليا ضمن هذه المستويات التشكيلية للوحة كلهامن أيقون الزيتون و تركيبه اللوني ؟ و كيف ندرك فكيف نفهم البعد الاستطيقي

الصلة الموجودة بين البصري و الفلسفي داخل اللوحة ؟ .ذلك ما نروم تحليله ضمن هذا المبحث الثالث

ذلك الرصيد الهائل التاريخي و المتحول، ذا " ، والذي يعتبر فيه الذاكرة البصرية فريد الزاهينتبنى هنا تعريف 1

افية، سواء في جوانبها العالمة أم الطابع المشترك الذي يختزنه، بصريا، الفنان و الذي يجد موطنه الفعلي في البنية الثق :ينظر كتابه ". الشعبية .105.، ص2005الصورة و الحداثة البصرية، المغرب، منشورات وزارة الثقافة، الرباط، –العين و المرآة -

لقد تناولنا في المبحث السابق بعضا من التمظهرات البصرية التي تتجلى فيها . الزيتون مشهدا تشكيليا تتواشج فيه لمسات الريشة الغامقة بتقاطيع الخط المفتوحة أيقونية

، "زيتونه"في تشكيل خدةكما تبينا في أثناء ذلك مدى الانشغال البصري الذي يبديه الفنان ولاشك أن الوقوف . من خلال تحريك الأفق التخيلي سبيلا إلى فهم بلاغة التجريد عنده

الذي يحيط بالعلامات التشكيلية يحتاج إلى استقراء المزيد من المعاني عند الغموض وقد يكون للمعنى الاستطيقي نصيب أكبر في تذليل هذا الغموض . المتوارية خلفها

.واستيعاب مقاصده الدالة

يكون مقدمة للاقتراب –في أعقاب المبحثين السابقين –ونحسب أن ما توصلنا إليه إذ لا مناص من أن البحث في الاستطيقي . محمد خدةالتشكيل عند الفنان أكثر من ظاهرة

يسعف حاستنا التذوقية على رؤية اللوحة ممكنا إستطيقيا يمارس فيها الفنان خبرته الزيتون إنسانا يمتلك كل القيم التي تحفظ " تشخص"ذلك أن رؤية الفنان نفسها . الإدراكية

.له كينونته الإنسانيةإذ يغدو أيقون الزيتون موضوعا لتجريد ، هنا تكمن المفارقة في عمله ومن

. فيه" الإنسان"يصبح الزيتون حجة تشكيلية للبحث في ممكنات ، أو بعبارة أخرى .الإنسانوغيابه في Le Sujetفالمحايثة الاستطيقية تفرض نفسها للتحري في حضور الموضوع

لزيتون تشكيلا بصريا وعلامة جمالية مجردة من حضور أيقون ا( خدةفن التصوير عند ثم مردودة بفعل الغياب إثر التأويل إلى مشهدها الطبيعي تشكيلا ذهنيا ، مظهرها الطبيعي

).و تخيلياأيقون الزيتون بوصفه (نحاول مقاربة الحد البصري ، واعتبارا من هذه المعطياتخبرة المعنى التي ينتهي إليها التأويل من (ه الفلسفي بشق )خبرة بصرية ضمن نسيج اللوحة

ونسعى جاهدين في هذا المبحث الثالث إلى تحريك المعنى . )تأمل هذه الخبرة البصرية .نه الفينومينولوجيالجمالي في مشاهد اللوحات السابقة من خلال متابعة المعنى وتكو

السبيل إلى فهم هذه ؟ وكيف خدةكيف يتمظهر إذا الاستطيقي في لوحات التمظهرات الاستطيقية ؟

يقودنا البحث في الاستطيقي حتما إلى اختبار مواطن السؤال التي شغلت هاجس ذلك أن التأمل الدؤوب في بنية النسيج المكون لقماشة اللوحة . الفنان في أثناء إنجازه لعمله

بوصفنا – الي الذي يثير حساسيتناعنى الجميفضي بنا إلى التساؤل عن الم، عند هذا الفنانتجاه التركيب اللوني وكذا التناص الحاصل في البنية الداخلية التي يظهر –مشاهدين

لماذا يحرص الفنان على ملء الفراغ الباطن لأيقون .عليها الشكل المركزي في اللوحة الزيتون ؟ وما هو الاعتبار الجمالي الذي يختاره لألوانه ؟

نلاحظ أن التنظيم الجمالي ، "زيتونة الفجر"ل المشهد التشكيلي للوحة حينما نتأمالذي تقوم عليه يستند إلى وضعية الزيتون الذي يشغل ارتفاع اللوحة ابتداء من القاعدة إلى

ولا شك أن مسار الخطوط المتداخلة بالأبيض والأسود، .غاية الزاوية اليسرى العلويةلاسيما أن مساحة الأزرق المائل إلى ، يتم نحو الأعلى يوحي بأن ثمة عبور ينبغي أن

كما أن . البنفسجي تكتسح أيقون الزيتون وتدفع بالخطوط إلى التدفق خارج إطار اللوحةتدخل طرفا في هذا العبور، ، الخلفية الغامقة ذات الأزرق النيلي والأخضر الزيتوني الفاتح

إنما يكون صيرورة لا بد منها كي ينجز ، ونأن ما يحدث في النسيج الباطني للزيتبحكم مما.الانفراج عن الطبقات اللونية الزرقاء ويستعيد نبرته الطبيعية داخل المتخيل الذهني

تفكيرا ، وانحناءاتها التكثيف الناتج عن تسابق الخطوط البيضاء بفعل تقاطعاتهايستدعي علامات بصرية تنقشع من ذلك نلمحلو. في هوامش الصورة المحيطة بأيقون الزيتون

" V"وهي ترسم إشارة سيميائية تدل على أصبعين يكونان الحرف اللاتيني ، سيولة الخلفيةوهو تخريج سيميائي يمكن قراءته أيضا حرف . )VICTOIRE(الدال على الانتصار

ون المرسوم إلى النور، فيكون الزيت" نكرة"واللام للابتداء مطلقا لكونها تخرج ما هو ، "لام"وأنه منظر ، "الأليف"حتى يشعر بشكله كشفا يحتاج إلى فجوة مضيئة يبصر فيها نفسه

".غريبا"و إن بدا مظهره –طبيعي خالص

! لكونه لا ينسجم مع أفق توقعاتنا ؟ 1"الجميل غريبا"أ وليس للوحة على لا ينجلي أمام حساسيتنا إلا إذا نظرنا إلى ا 2نعتقد أن المعنى الاستطيقي

تجاه ما ينظر إليه 3إذ لا يكفي النظر وحده بدون أن يبدي الناظر اهتماما. نحو إستطيقي فقط لذة المتعة بفعل الإحساس و حده" ، كانطفي نظر ، " الفن الاستطيقي" إذ لا يمتلك –

ك حيث لا ندر، محمد خدةوهذا ما نلفيه مطروحا في أعمال . أيضا 4"وإنما متعة التأمل عنده إلا من خلال ما يستدعيه التأمل من صور ذهنية تقوم بتركيب "الزيتون"جمالية

من هذا " زيتونة الفجر"ولا غرو أن تكون لوحة . المعطى البصري وفق المحمول التخيلييتحمل فيه اللون الأزرق بخاماته المتباينة نصيبا وافرا من بلاغة ، القبيل خطابا إستعاريا

أن هذه الزرقة التي يشوبها السواد والبياض هي التي تمنح شكل الزيتون ذلك . الرمزبل وتحثنا على تأمل تبعات هذا الانتشار اللوني ابتداء من المستوى الأمامي ، جمالا خفيا

.من اللوحة إلى غاية الخلفية منها

أعني أنا لا. الجميل غريب دائما:" ، يقول فيها ) Charles Baudelaire )1821 -1867 شارل بودليرالعبارة للشاعر 1

أنا أعني أته يحوي دوما شيئا . أنه يكون إراديا و ببرودة غريبا، لأنه سيكون حينئذ وحشا قد خرج عن جادة الصواب". من الغرابة، من الغرابة الفطرية، اللاإرادية و اللاواعية، و أن هذه الغرابة هي التي تصنع بوجه خاص وجود الجميل

:يينظر النص ضمن الموقع الإلكترون[ Collège de la petite Camargue ] IDD"le beau est toujours bizarre" MHTML Document

وتعني الإحساس Aisthesisتنحدر أصوله الاشتقاقية من الإغريق Esthétique" الاستطيقي" ينبغي أن نشير أن معنى 2 Alexander Gottlieb ألكسندر بومجارتنوقد نحت الفيلسوف . أو الإدراك، أي الإدراك الحسي للعالم الخارجي

Baumgarten )1728-1804 ( في القرن الثامن عشر، انطلاقا من هذه الأصول الإغريقية" علم الجمال"مصطلح .، ويعتبر 1750المنشور باللغة اللاتينية عام Aesthetica " إستطيقا"وذلك من خلال الجزء الأول من كتابه الموسوم

". الجمال هو كمال المعرفة الحسية بوصفها كذلك"وأن " علم المعرفة الحسية"موضوع علم الجمال هو أن بومجارتنفيه :ينظر

Armand Nivelle , Les théories esthétiques en Allemagne , De Baumgarten à Kant , Société d'Edition " Les Belles Lettres" , 1955 , p.35 , 57.

فقد كان : بومجارتنر العقلاني في تأمل الجميل و الجمال مميزا في الكتابات الفلسفية اللاحقة بعد ولقد ظل هذا التأثيدون المعقول منزلة، بحكم أن الحكم الجمالي ينفصل في غايته وتصوراته المنهجية عن ) موضوع الجمال(الحسي

عن " الحكم الذوقي"، مميزا فيه )1790" (د ملكة الحكمنق"في كتابه كانطوهوما سيرسخه الفيلسوف . المفاهيم المنطقية ".الحكم الأخلاقي"

. وسينشغل الاستطيقيون الحداثيون بكل المستويات الجمالية التي يحيل عليها العمل الفني حصراث وإشكال تعريفها وتصوراتها المعرفية للفن والعمل الفني، في البحو" الإستطيقا"ينظر تفاصيل أكثر عن -

:المنشورة في مؤلف جماعي بتنسيقSerge Trottein , L'esthétique naît-elle au XVIIIe siècle?, Paris , Presses universitaires de France , 2000.

". الفكر لا يمكن أن يتأمل جمال الطبيعة من دون أن يجد نفسه مهتما فـي الوقـت نفسـه " أن كانطيرى الفيلسوف 3 :ينظر

Emmanuel Kant , Critique de la faculté de juger , traduction par A. Philonenko , Paris , Librairie philosophique , 1965, p.133. 4 Ibid , p.137.

ء لا إلى أن الامتلا، ويشير الامتداد الرمزي الحاصل من باطن الزيتون إلى خارجهيلبي جمالا حسيا محددا وإنما هو جمال مطلق لكونه يكشف عن مشهد كوني داخل نسيج

من عنوان اللوحة غير عتبة رمزية من هذا الجمال المطلق الذي " الفجر"وليس . الزيتونالاستطيقي خاصية تعطى من خلال العمل "ما دام أن –يختبر فيه إمكاناته الاستطيقية

.1"نسب أو تنتمي لأي موضوع سواهالفني ولا تالتي ننشغل بإثارة مقاصدها " الاستطيقي"وفي ذلك إشارة ضمنية إلى أن صفة

هي التي تحدد -بوصفها عملا فنيا –ن اللوحة لأ، لا تخلومن طابع المحايثة، الدالةو السكون أ"هذه المحايثة ضربا من جيرار جنيتويعتبر . كينونتها الذاتية والوجودية

اللذين يخضع لهما العمل الفني قبل ولوجه باب المشاهدة والمحاورة من قبل 2"الانتظارمن باب أن التأمل بسط لهذا ، معناها فيها" زيتونة الفجر"ة ومن ثمة تحايث لوح. المتلقي

. الانتظار ونشر للمعنى المنثني ضمن هذا التواشج اللوني للأبيض والأسود داخل الأزرقأن يعاين بعضا من هذه خدةبوسع المتعقب للمشهد التشكيلي عند ، في المقابل

وذلك من خلال ما تعرضه . ة للجماليالتجليات الاستطيقية التي تكشف عن رؤية باطنمن علامات جمالية تدعو متأملها إلى استيعاب التناسق الحاصل ما " عن الزيتون"لوحة

ففي وضعية الامتداد المستقيم التي يظهر : ت المجاورة لهبين أيقون الزيتون والعلاما، كل ذلك، فضلا عن تشكله مستوى أماميا بالقياس إلى ما يظهر خلفه ومن حوله، عليها

.يمنح التشكيل اللوني مستوى جماليا متناغما ومما تجدر الإشارة إليه أن التشاكل الذي يبديه أيقون الزيتون في صيغة تصميمه

ذلك أن المحمول . لا يخلو مطلقا من بلاغة المجاز، المتحركة مع حركة الكتابة المتماوجةفتراه العين شراعا وقد تعلقت ، التخيلي لأيقون الزيتون يدفع بالتأويل بعيدا في هذه اللوحة

مثل تمائم قديمة تنتظر من رائيها أن يفك ، به تلك العلامات الحروفية عن يمينه وشمالهولاشك أن الفجوة المضيئة التي تنفتح على . يدها ويحرر وثاقها من خلال أيقونية الزيتونق

.132.، ص1992سعيد توفيق، مدخل إلى موضوع علم الجمال، القاهرة، دار الثقافة للنشر و التوزيع، 1

2 Voir : Gérard Genette , L'œuvre de l'art , Immanence et Transcendance , p.288.

ترك انطباعا بالخصوبة التي يتمتع بها الأفق التخيلي الذي ينسج من ت، مشهد سماوي هادئ . خلاله أيقون الزيتون مشهد اللوحة كلها

كي يشارك الفنان في بناء كل هكذا يفترض أيقون الزيتون من متلقيه مخيالا خصبا يبتغي إدراكا جماليا ، فضاء أزرق من نسيج الحلم" عن الزيتون"فلوحة .هذه الدلالات

ذلك أن الوصول إلى حافات . يحسن فهم الإيقاع الذي يتحرك فيه التركيب الفني كله للوحةإذ : برة مشاهدها الحلم المكون للوحة يعد قصدا من مقاصدها الدالة التي تتشكل في خ

يثير البعد الاستطيقي للزيتون معنى التراكم الداخلي للخبرة لأن بناء المشهد عند إدراكه . يحتاج إلى تضافر مجموعة من الرؤى في أثناء تركيبه البصري وتحليل مكوناته البنائية

يمكن أن أو ما 1كما يطرح التشكيل المتنوع للحرف المغربي إلى جانب صنوه التيفيناغيونحسب .الحضور الجمالي للعلامة ضمن التركيب المشهدي للوحة، يكون تشكيلا محضا

لما يظهر ، أن توظيفا من هذا القبيل يستشرف تقاطعا بصريا ما بين الكتابة وفن النحتوكأنه منحوت بعناية الخطاط الذي يقرأ – "الزيتون عن"في لوحة –عليه أيقون الزيتون

. ال صيرورتها اللامرئيةفي الأشكفي هذا الصدد إذا لم يتعلق الأمر بالنسبة إلى Paul Siblot بول سيبلويتساءل

الذي منح البشر بحسب الأسطورة 3بروميثيوسمثل 2"سرقة العلاماتب" خدةالفنان الفنون والكتابة ؟ وباختلاف يسير على الأرجح هو أن هذه العلامات ، علاوة على النار

ولا نجانب .4"بيد أنه كان لا بد أن يرجع إليها الحياة، لكونها بشرية، ت موجودة سلفاكان

و بقيت لزمن قريب جدا من اختصاص النساء، يحررن . حروف التيفيناغ هي الحروف التي كان التوارق يكتبون بها 1. لنوميدية القديمةوأصل هذه الحروف مستمد من الكتابة ا. بها الرسائل لأقاربهن المتواجدين بمدن وقرى المغرب العربي

:ينظر، الجماهيرية العربية 1.رحلة الحروف العروبية بين الكنعانيين و التوارق، ط –عبد العزيز سعيد الصويعي، التيفيناغ

. 110-107.، ص2006الليبية، منشورات اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام، إدارة المطبوعات، .خدةعنوان لوحة للفنان 2النار من السماء وأتى بها إلى الأرض ليساعد البشر Prométhée بروميثيوستبعا للأسطورة الإغريقية، فقد سرق 3

، "باندور"البشر بالآلام داخل علبة –كبير الآلهة –زوس ن غضبه، يبتلي ع او تعبير. على تعويض نقص الطبيعةينظر ). الألم الأبدي ( ، حيث يقتلع منه النسر كبده الذي يظل ينمو باستمرار "القوقاز"في أعلى قمة بروميثيوسويقيد

:الموقع الإلكتروني http://mythologica .fr /grec/promethee.htm 4 Paul Siblot , Interrogation des signes , in: Beaux-Arts , n°1 , p.113.

قائما على البعد الاستطيقي " عن الزيتون"الصواب إذا ما اعتبرنا التشكيل الفني في لوحة . للعلامة تحديدا

خول للفنان ي، حجة إستطيقية لا غير –في هذا المقام –وقد يكون أيقون الزيتون ، إذ يحفز المشهد الطبيعي المختزل لشكل الزيتون .الاشتغال على أكثر من نص واحد

وكأن الحدس . ذاكرة الفنان على تركيب علامات متباينة المشارب ضمن نسيج اللوحةالجمالي للزيتون يستدعي معه هذا التثاقف التشكيلي الذي ينصهر فيه الموروث المحلي

، ولأجل ذلك. )التراث التجريدي عموما(بالثقافات الوافدة )غربي للعلامةالتشكيل الم(، تغدو الطبقات اللونية في تراتبها السيميائي مجالا للتأمل في مستويات تمظهرها الجمالي

.بعد أن قلص الزيتون المسافة بين فن التصوير و فن النحت على ظهر الكتابةوعيا جماليا في رؤية المنظر " عن الزيتون"لوحة الانشغال الجمالي في اإذ يترجم

الطبيعي وتشكيله ممكنا إستطيقيا يغدو بموجبه أيقون الزيتون ظاهرة للتأمل والبحث في ولا مايصوره عما يعتقده ، فالفنان لا يفصل ما يراه عما يدركه في متخيله. الوقت نفسه

يتحرى كشفا بصريا في خبرة البناء فالإدراك الجمالي للزيتون. موجودا في باطنه لأن الشكل مصدره الهامش اللوني الذي يستمد منه حركة المعنى ، والتركيب

. وتأويلهحيث يحتاج أيقون الزيتون ، "زيتون ترتيل من أجل"وفي الانشغال نفسه تنحو لوحة لوني نصيبا في بلاغة ولا ريب في أن للتكثيف ال. فيها إلى تأمل خاص بحكم شكله المميز

التشكيل البصري من حيث توزيع الأشكال في اللوحة ومساحة الأحجام التي تشغلها فضلا هذا وتظهر الخلفية الغامقة ذات العلامات الأيقونية باللونين .عن مستويات تمظهرها

التي تتراءى فيها مشاهد الطاسيليمثل جداريات ، الأزرق البنفسجي والبني الصلصاليوهو ما تفصح –بمثابة جوقة ترافق حركة الزيتون ، فظلال الأجساد أو ما يشبهها: لعدوا

وتكمن جمالية الخلفية في هذا التناوب . من خطاب العنوان مجازا" الترتيل"عنه دلالة ولذلك يساوق التشكيل اللوني . اللوني للحركة المكتوبة ابتداء من اليسار في اتجاه اليمين

وكأن الخطاب الجمالي لأيقون الزيتون ، الحروفية للعلامة بطريقة مثيرة للانتباهالأبعاد .يقصد إلى ذلك قصدا

. لا تخاطب إستطيقية هذه اللوحة حساسيتنا فقط بل تثير وعينا الجمالي أيضا فالعرض الافتراضي لمورفولوجية الزيتون الباطنية لا ينتهي حتما داخل حدود إطار

مالك علولةويذهب .بقدر ما يختبر مشهده الجمالي في مدركاتنا التخيلية حصرا ،اللوحةمشهدنا "حينما يعتقد أنها ليست غير ، خدةبعيدا في تأويل المشاهد الطبيعية عند الفنان

والتي يعمل ،لغة الأرض التي يعثر على رموزها الضالة"وذلك انطلاقا من . 1"الذهنيا بأصباغ يحتفظ فيها الصلصالي والأحمر والأزرق والأسود من على تنظيمها تحت أنظارن

وقد تكون رؤية الناقد هنا ممكنا . 2"خلال تعقدها الهيروغليفي بضوء موجود في كل مكان. خدةمن ممكنات إستطيقية قد يهتدي إليها التأويل عند محاورة المشاهد الطبيعية للرسام

العلامات مرده إلى الغموض الذي تطرحه 3"هيروغليفية"ولا شك أن التفكير في الملازم للخطابات ) "أي الغموض(فهو ، وهو إن كان كذلك. سيميائياتها في أثناء الإدراك

الفنية يعد خصيصة إيجابية ومحفزة على إنتاج التأويل في ظل تجاوز إطار محورية لا خدةلتشكيلي عند الفنان والظاهر أن المشهد ا. 4"المعنى وحياديتها في المتعة الجمالية

وإنما يلزم مشاهده على ألفة الغرابة سبيلا إلى ، يتوسل المتعة الجمالية سبيلا إلى الغموض .تحقيق المتعة الجمالية لديه

طرحا جماليا " ترتيل من أجل زيتون"تبتغي لوحة ، واتساقا مع هذه المعطيات، جمالية هنا مستوى إدراكيا من نسيج الزيتون نفسهإذ نخال ال. مغايرا لأيقون الزيتون

.عن مقصديته المحايثة –في شكله كما في نسقه السيميائي –لكونه لا ينفصل

1 Malek Alloula (1967) , in: Exposition rétrospective Mohamed Khadda , Ministère de la culture , Musée National des Baux-Arts , Alger , 1-31 mars 1983 , p.13.

.المرجع السابق، الصفحة نفسها 2يقصد بالهيروغليفية بعدها التجريدي فإننا نتفق معه، ذلك أنه يمكن أن نجد تخوما توصل هذا علولة مالكإذا كان 3

فإننا نقف على موتيفات من عدة حضارات، فأشكاله محمد خدةلكن عندما نتأمل لوحات . التجريد بحضارة التوارقا الشكل الهندسي اليابس والشكل الدائري اللين بناء على أن الخط المغربي يمتح من الكوفي القيرواني ومن يغلب عليه

أما بالنسبة إلى الهيروغليفي فإنه . التيفيناغي وأخيرا الصيني/ الفينيقي/ النسخ الأندلسي وأحيانا يطعمها بالخط المسماريوهذه الموتيفات نخالها غير ) . الخ...يشة، النسر، أبو الهول في جلستهقدم، طائر، شمس، ر( يقوم على رسم الأشكال

، في أثناء محاورته جمعتني معه حول هذه معاشو قرورلقد أفدنا هنا من ملاحظة الأستاذ .( محمد خدةواردة في عمل ).اللوحة

مقاربات في فلسفة –سؤال المعنى : أحمد يوسف، العلامة الجمالية وأبعادها السيميائية، ضمن مؤلف جماعي بعنوان 4 .70.، ص2005، 1.الجمال والعمل الفني، منشورات مختبر الفلسفة وتاريخها، وهران، دار الغرب للنشر والتوزيع، ط

ومن ثمة ندرك أن هناك بحثا في الفراغ الفاصل بين العلامة وصنوتها الموازية مما يفترض أن رؤية .بل هناك بحثا في بنية التصميم الذي يظهر عليه أيقون الزيتون، لها

الفنان تستعيد وهج العلامة من أزمنة سحيقة وتقوم بتركيبها على نحو زخرفي يكتشف ينتهي أيقون الزيتون إلى الغرابة لأنه ، ولأجل ذلك. الزيتون خلالها أصالته البصرية

هناك زخرفة من الرموز بمعنى (استخلص مشهده التجريدي من تراكمات أيقونية عريقة بالإضافة إلى مشهد الكتابة التي يستثمر الفنان كل إمكاناتها التشكيلية في تمثيل . )لمةالك

بالإدراك الجمالي الذي يكونه "ترتيل من أجل زيتون"تنشغل لوحة ، وعليه. هذه الرموز . الهامش اللوني من اللوحة و نسق العلامات الجمالية التي تركب مشهدها التشكيلي

من حيث اندراجها في " زيتون نموذجي"السياق كثيرا في لوحة وقد لا يختلف ، ذلك أن مزيتها الجمالية تكمن في انفراد أيقون الزيتون في اللوحة. مفهوم البحث الجمالي

و لقد أضفى البعد البصري على هذه الكثافة تناغما شعريا . فضلا عن كثافة تشكيله اللوني .بها الزيتون عن نسقه السيميائي في طريقة الانتشار التي يعبر

إذا بتحريك زاوية النظر من المستوى الأمامي " زيتون نموذجي"تنشغل لوحة ومما يثير الانتباه هو أنه في تقابل هذين . الغامق إلى المستوى الخلفي الفاتح من اللوحة

ي للزيتون وقد يحدث ما يشبه التقاطع البصري ما بين الظهور الفينومينولوج، المستويينمحاكاة المظهر اللوني للزيتون من خلال امتزاج البني الفاتح (تخلص من سطحه الخارجي

". النون"والتمظهر السابق لسطح اللوحة من خلال التشكيل الفاتح لحرف )بزرقة السوادومن ثمة تحاول الرؤية تركيب الحقيقة الفينومينولوجية للزيتون بوصفه سطحا متشابك

ويستمد البعد الاستطيقي وجاهته الإدراكية في هذا . البناء بالهامش الأولي لسطح اللوحةالمشهد التشكيلي من نكتة التضليل الذي يقتطع نسق الزيتون من مشهد سابق غير مرئي لا

فيبدو هذا . يزال يحتفظ بعلامة النون أثرا ينتسب إليه هذا التخريج الهجين لشكل الزيتون .نونا تحمل نونا أخرى بداخلها –إثر ذلك –الأخير

يدعم ما توصلنا إليه سابقا بشأن فكرة البحث التي ، إن انشغالا جماليا من هذا القبيلزيتون "ولا شك أن ما تعرضه هنا لوحة . خدةتشغل الهاجس التشكيلي لدى الفنان

كيفيات إدراكها من زوايا متباينة من لا يخلو مطلقا من بحث في الألوان وفي " نموذجي

، لأن المحمول التعبيري كثيف، ونحسب أن الأفق التخيلي من الخصوبة بمكان.اللوحة .معا 1حيث لا ينفك أيقون الزيتون خلاله يخاطب حاستنا الذوقية وعاطفتنا الاستطيقية

" زيتون نموذجي"وانطلاقا من هذا الاعتبار، لا يتوسل الخطاب الجمالي في لوحة فالمحاكاة الطريفة التي . إثارة انفعالنا فحسب وإنما إقناعنا جماليا بصورته المادية أيضا

فضلا عن ، تحدثها الخامات اللونية ما بين البني الفاتح والسواد المائل إلى الزرقة الغامقةرى وأن ما يحدث أمامنا إنما من باب إقناعنا بما ن، شبكة الخطوط البيضاء الدقيقة والنقط

فالفنان التجريدي إذ ينفض عن كاهله العبء . "قد اقتطعه الفنان من الطبيعة لا غيروالقوانين إنما ينشد الوقوع على العلاقات، "ما يشبه الطبيعة"في صناعة يالتقليد

، كذلكولذلك تدعو اللوحة مشاهدها إلى تذوقها بوصفها . 2"الجوهرية التي تحكم الطبيعة .حتى يتسنى له استيعاب تمظهرها الجمالي

ماهي أهم المستخلصات الفينومينولوجية التي يترتب عنها البعد الاستطيقي ، وإذا لأيقون الزيتون ؟

من اكتشاف مستويات متباينة من خدة لقد أتاحت لنا المعاينة البسيطة للوحات التحاليل الجزئية لتفاصيل الأشكال كما بينت. التمظهر الجمالي لأيقون الزيتون عنده

أن البحث الجمالي عند هذا الفنان لا ينفصل عن انشغاله التشكيلي ، وسيميائياتها البصريةلا يعدو أن يكون أيقون الزيتون في هذا الصدد علامة جمالية ولهذا السبب . للوحة عموما

التجريد الحاصل في تشكيل تفترض من رائيها إدراكا جماليا خاصا يتم بموجبه فهم .المشهد الطبيعي للزيتون

يطرح البعد الاستطيقي لأيقون الزيتون إشكال الصلة الموجودة بين ، ومن ثمةوذلك من خلال إثارة وعينا الجمالي بعلامات أيقونية : المعطى البصري وقرينه الفلسفي

لا تحصل عبر ما يظهر أي عبر وجود الشيء، بل تتجه نحو " أن العاطفة الاستطيقية محمد محسن الزراعييرى 1

:ينظر كتابه". اه النظر إلى الشيء أوهي عاطفة يثيرها الشيء عبر توجيه النظر إليهالشيء، فهي تنتج عن اتج . 2003، 1.ط الإستطيقا والفن على ضوء مباحث فينومينولوجية، تونس، دار محمد علي للنشر، - . 1،2005.بية، طدراسات و إيماءات في الفن التشكيلي، القاهرة، مركز الحضارة العر –إدوار الخراط، في نور آخر 2

1ولذلك نلفي هذه الأيقونية. هاغير مألوفة تقتضي تأمل علاقاتها التركيبية حتى ينجلي معنافلوحات من . عميقة في مبناها التخيلي لكونها تستثمر تراثا عريقا في امتداداته البصرية

، "زيتون نموذجي"أو " ترتيل من أجل زيتون"أو " عن الزيتون"أو " زيتونة الفجر"قبيل يا بصريا برمزية تراكمات إدراكية تترجم وع –كلا بطريقتها الخاصة –كلها تختبر

.الأشكال الموظفة بزوايا مختلفة في اللوحةذلك أنه لا ، خدةفي أعمال " تأملي"يساوق دوما ما هو " الجمالي"نعتقد أن ذلكلو

المشاهد فحصا طويل النظر في بنية العلامة ىيمكن فهم الاستطيقي لديه من دون أن يتحرجانب الحقيقة في هذا السياق إذا ما اعتبرنا على ولا ن. ونسق تشكيلها ضمن فضاء اللوحة

ونأخذ كلمة . 2"وإنما يثير غما أيضا، العمل الفني لا يثير متعة فحسب" بأن غاداميرلسان إذ نستشعر في كل لوحة من . هنا في معناها الفلسفي التي تدل على القلق الوجودي" غم"

في ثناياها يربك هشاشتنا البصرية ويلزمنا اللوحات المذكورة أن هناك سؤالا ما رابضا .بالتركيز تجاه ما تقوله اللوحة

لا يتجلى السؤال الاستطيقي في أيقون الزيتون إلا خفيا لكونه يتخذ من الطبقات المصاحب دوما ) بخاماته المتدرجة(ففي اللون الأزرق . اللونية مطية للمجاز الرمزي

علاقة وطيدة تترك انطباعا بأن خبرة اللون ، ي فاتحا كان أم غامقاللسواد والبياض أو للبنتترجم في الأساس إدراكا جماليا باللون ووعيا جماليا بالغاية التي يتوسط خدةلدى الفنان

هناك لقاء وأثر للظاهرة وللوعي في ، ففي أي صورة."من خلالها اللون للتعبير عن رؤيتهاهرة نفسها لا توجد إلا مرتبطة بما يسبقها و بما يلحقها وبما يحيط بيد أن الظ. الوقت نفسه

.3"تفاضلي عبر الزمن إذا كل وعي. بها

تميز الأيقونية الكنيسة الشرقية، بحيث و. Eikôn في أصولها الإغريقية معنى الصورة Icône "أيقون"تعين كلمة 1

ينظر مسرد . تحيل على التصوير الديني المنجز على الأعمدة الخشبية من قبيل الأيقونات البيزنطية والروسية : المصطلحات الوارد ضمن كتاب

Elisabeth Livère-Crosson , Comprendre la peinture , Editions Milan , 1999 , p.52 الكلمة الإغريقية التي تعين الصورة تحيل على التجربة البصرية التي تقدم لنا العالم في "أن هذه فريد الزاهيويضيف

.31.ورة والحداثة البصرية، صالص –العين و المرآة : ينظر كتابه". شكل فضائي ملون وذي أبعاد من الملحق 322.سعيد توفيق، ص. غادامير، تجلي الجميل ومقالات أخرى، تر 2

3 Pierre Francastel , Etudes de sociologie de l'art , Paris , Editions Denoël , 1970 , p.61.

ولا شك أن الوعي الجمالي لا ينفصل في أبعاده التأملية عن الذات العارفة التي في النص أعلاه موازيا" التفاضل"ولذلك يكون . تشكل موضوعها ضمن رؤيتها و خبرتها

Un" معيش إستطيقي"نظرا لأن أيقون الزيتون بذاته . لمفهوم التراكم الداخلي للخبرة

Vécu esthétique اعلل خدة ينظر نص(يعيش في خبرة الفنان الذاتية والفنية معالذي ي . )ضمن المبحث الثاني من هذا الفصل، فيه اهتمامه بالزيتون

خبرة معيشية إلى خبرة جمالية ؟ أو بعبارة من مجرد " الزيتون"ولكن كيف انتقل ممكنا إستطيقيا بإمكانه أن يحيل - محمد خدةلدى الفنان –" الزيتون"كيف غدا ، أخرى

إلى فضاء زخم من العلامات الجمالية ؟ إن تساؤلا بهذا الحجم المعرفي هو الذي نظنه ضن للوعي الجمالي لدى الفنان الأجدر طرحا في الإبانة عن الإشكال الاستطيقي الحا

فإن هناك فلسفة في ، الخاصية الوجدانية داخل المؤلف بمثابة فكر" ذلك أنه إذا كانت . خدةما استنبطناه عن ، وقد يكون في هذا الصدد. دو فرين ميكالعلى حد تعبير 1"أي مؤلف

–يعاب أن كل لوحة مفيدا في است، التشكيلين اللوني والبصري بشأن اللوحات السابقةتقصد معنى ما محايثا فيها وأنها تحدس إلى إظهار رؤية ما وإن تطلب –على حدة

.في الشكل أو إشباعا عميقا في الخامات اللونية بالألوان الترابية 2الأمر إغرابا

يتضح أن البعد الاستطيقي لأيقون الزيتون يتشكل قصديا ضمن تمظهراته ، من هناوهو ما يجيز لنا التساؤل أيضا عما تناولناه في هذا الفصل على سبيل . الفنية تحديدا

.التلخيص و الاستنتاج

1 Mikel Dufrenne , Phénoménologie de l'expérience esthétique , II , p.555.

، وقد ورد )م1285/هـ684المتوفي بتونس في ( أبي الحسن حازم القرطاجنيمن الناقد " الإغراب"نستعير مفهوم 2والغرابة هذه من قوة التخييل الموجودة في الشعر، التي يستجيب لها .هذا المفهوم ضمن تعريفه لماهية الشعر وحقيقته

من صفات الشعر " الغرابة"أن حضور هذه حازم القرطاجنيولذلك يرى . يا خيال السامع و ينفعل على إثرها نفسفي سياق النص أعلاه، فذلك راجع إلى " الإغراب"و إذ نوظف مفهوم . القوي، وأن غيابها منه علامة على ضعفه

أثناء تأمل اللوحة وأثر ذلك على المشاهد في محمد خدةالحمولة التخيلية التي يثيرها الجانب البصري للأشكال عند .وتأويلها

منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تقديم : الموسوم حازم القرطاجنيضمن كتاب " الإغراب"وبالإمكان الاطلاع على مفهوم .وما بعدها 71.،ص 1981، 2.ط وتحقيق محمد الحبيب ابن الخوجة، بيروت، دار الغرب الإسلامي ،

أن يحبب إلى النفس ما قصد تحبيبه إليها، ويكره إليها ما قصد تكريهه، لتحمل الشعر كلام موزون مقفى من شأنه " بذلك على طلبه أو الهرب منه، بما يتضمن من حسن تخييل له، ومحاكاة مستقلة بنفسها أو متصورة بحسن هيأة تأليف

فإن الاستغراب . إغراب وكل ذلك يتأكد بما يقترن به من. الكلام، أو قوة صدقه أو قوة شهرته، أو بمجموع ذلك ".الية قوي انفعالها وتأثرهاوالتعجب حركة للنفس إذا اقترنت بحركتها الخي

فماذا إذا عن خبرة المعنى في أيقون الزيتون ؟ و كيف بالإمكان أن يغدو تجريد الطبيعة في أثناء ذلك إمكانا فينومينولوجيا يعمل على كشف هذه الخبرة ؟

يجيز لنا ، ا يمكن استخلاصه بشأن المباحث الواردة في هذا الفصل الثالثإن مموضوعا " الزيتون"فقد أضحى . مقاربة أيقون الزيتون وفق المقاصد الفينومينولوجية للفن

ولقد أظهر التجريد قدرة على .جماليا يختبر فيه الفنان كل إمكاناته الفنية ضمن بناء اللوحةبموجب ذلك إلى " الزيتون"بحيث يتحول ، Transcendantal du sujetتعالي الموضوع

عن ) والمرتبة لوحة بذاتها في خبرتها الكشفية(مراتب قصدية تكشف في كل مرتبة منها ولذلك لم ينفصل مطلقا . محمد خدةإدراك جمالي متدرج في البحث الفني التشكيلي عند

.البعد الإستطيقي للوحةالمعطى اللوني عن قرينه الفلسفي في تثمين أ فليس التقطيع المتكرر للخطوط داخل نسيج الزيتون مشهدا إدراكيا واحدا لحالة

أ ليس المشهد التشكيلي ، فينومينولوجية متفاوتة في تفاصيلها الانفعالية ؟ بعبارة أخرىب سيرورتها تفصيلا جزئيا لصورة واحدة يعيد في كل مرة تركي خدةلأيقون الزيتون عند

المقصدية ؟نحسب أن الانشغال الجمالي لأيقون الزيتون يتأصل مدركا تخيليا ووسيطا جماليا

، ولأجل ذلك لا ينشغل بمحاكاة ما هو موجود في أفق انتظارنا. في ذاكرة الفنان البصرية مستغانمي بقدر ما يبحث في نقل حدوسه اللونية التي رافقت مداركه الأولى بنواح

وكذا وعيه البصري إثر احتكاكه وتمرسه مع الأعمال الفنية الأجنبية و المحلية ، غليزانوأن ننتهي إلى مسألة الذاتية عندما " –تبعا لذلك –ولا غرو . بعد النضج الفني للفنان

وقد .1"يالحال في كل حدث حس وكما ه، ندرك أن الوعي يكون وحيدا أمام ظاهرة اللون –كما يكون ، يكون هنا الانتهاء إلى الذاتية مقاما لا بد منه في كل خبرة فينومينولوجية

.37.، ص1.، ج1991، السنة الثامنة و العشرون، 52:، ع)ألمانيا " ( فكر و فن"ميخائيل بوكمول، لون البعد، مجلة 1

في الفن الحديث عتبة حاسمة في تثوير أبعاده الداخلية 1الاهتمام باللون –إلى جانب ذلك .وفي تحديث رؤيته التشكيلية

المعنى سبيلا إلى فهم المشهد يخلص البعد التجريدي للطبيعة إلى خبرة ، وعليهإذ لا يعدو هذا الأخير ظاهرة جمالية تقتضي التشريح والتأمل من قبل . الطبيعي للزيتون

ولذلك كان التشكيل اللوني كما البصري مرادفين يعكسان مستوى التمظهر . المشاهدإليها كبقية العلامات الفينومينولوجي لأيقون الزيتون بوصفه علامة جمالية تستحق الالتفات

.البصرية الأخرىوتبعا لما استخلصناه في خاتمة هذا الفصل الثالث، ، واتساقا مع هذه المعطيات كلها

.جماليا و اهرة الحروفية تشكيلا فنيافإننا نطرح إشكال التجريد الفني من خلال ظهي متعلقاته وما ؟ محمد خدةكيف يتمظهر إذا التشكيل الحروفي في أعمال

؟) هويته التشكيلية(الفينومينولوجية بصريا وجماليا ؟ ثم كيف ندرك خصوصيته الجمالية .ذلك هو الهاجس المركزي الذي يشغل مباحث هذا الفصل الموالي

عن طريق اللون بدأ فن التصوير الغربي يتخلص من ضغوط المعيار " أنه Julia Kristeva جوليا كريستيفاتعتبر 1

مثلما يطلعنا عليه (، كما عن طريق التمثيل نفسه ) Gioto جيوتومثلما يطلعنا عليه ] ( المنظور[المحفوظ والبصري :لموسوم ينظر كتابها ا)". Mondrian موندريانو Rothko روثكوو Matisse تيس وما Cézanne سيزان

Polylogue , Editions du Seuil , 1977 , p.394-395

"على الفنان إلا أن يتنحى بألوانه أمام الكتابةلا يبقى "

الخطاط حسن مسعودي لاعتبارات حضورها المتميز في أعمال ، في هذا الفصل" بالحروفية"يأتي اهتمامنا

إنما يعاين تواشجا ، فالتعالق الفني الموجود بين التصوير التجريدي والحرف .خدةالفنان ولعله من المعاني اللطيفة أن تجمع . نة الخط في آن واحدباطنيا بين فاعلية التصوير ومرو

و كلاهما يتوسلان اليد أداة ، "رسم"و" كتب"على معنى 1"خط"الدلالة المعجمية لكلمة لأن اليد هي حقيقة ، فهذه اليد المزدوجة تقتسم قوة فن التصوير."لإنجاز الأثر المرسومإنما تتمرن ، يد المصور وهي تختبر فيها يد الخطاط مما يدل أن. 2"التصوير وليس العين

ونحسب أن هذا التواشج . على تقاليد جسدية و تقنية في رسم العلامة على سطح تصويريولاسيما ما رسخته بعض ، الحميم بين متعلقات الكتابة والرسم عريق في وجوده الزمني

).المنمنمة(الصورة المزوقة ) الكتابة(التي رافق فيها النص المطبوع 3المخطوطاتعلى نحو " الشرقية"غرو إذا أن يرسخ المصور العربي الحديث هذه التقاليد ولا

فعن . "يغدوفيه الفضاء التصويري مجالا خصبا لتشكيل العلامات الحروفية، تشكيلي مغايررة ميممة نحو أصلها تهاجر مسألة الإشا، ومن الصورة إلى النص: طريق محاورة النص

:وينظر كذلك". خط"لسان العرب لابن منظور، مادة : ينظر 1" علامات"شكري العراقي، مجلة/ خالد التوزاني. كمال بلاطة، التفكير البصري والذاكرة الدلالية العربية، تر - ).لناقد سعيد بنكراد الالكترونيموقع ا( 1997، 7:، ع)المغرب(

2 Roland Barthes , L'Obvie et l'Obtus , p.194. توجد في المخطوطات نفسها هجرة للخط من وظيفته كتصور للمعنى وحمله لها إلى وظيفة "...أنه الحبيب بيدهيقول 3

وح أن التعامل مع الحروف ويظهر بوض. تصوير الفضاء التشكيلي وتصوير علائقية عناصره الهندسية بحواملها ".تستوجبه وظيفة إيضاح المعنى والكلمات والجمل أصبح حاملا للتشكيل الجمالي في حد ذاته دون النظر إلى ما

المتعالق بين : مالي، ضمن هجرة الخط العربي عبر النبض التشكيلي من الواقع الدلالي إلى الواقع الج: ينظر مداخلته طلال معلا، الشارقة، دائرة : ، إعداد 09/2007/ 25-23الشارقة –وقائع الندوة الفنية التداولية والفنان، الخطاط

.45.، ص2007، 1.ط الثقافة والإعلام، غوز اليان .ت.التاريخية، ل" نامي –الشاه "المنمنمات الإيرانية في مخطوطات : ينظر على سبيل المثال

.1998يما علاء الدين، دمشق، دار علاء الدين، ر .تردياكونوف، .م.وم .الهمذاني" مقامات"لكتاب الواسطيوكذا منمنمات

حيث ، إلى الخط العربي –مع أواخر الخمسينيات –محمد خدةإذ يلتفت .1"المزدوج Henri هنري ماتيسأن عددا من الفنانين الغربيين من أمثال ) باريس(يكتشف في المنفى

Matisse )1869-1954 (بول كليو Paul Klee )1879-1940 (مارك توبيو Mark Tobey )1890-1976 (موندريان بيتو Piet Mondrian )1872-1944( ،

لقد كان أمر هذا التحول بالنسبة إلى الفنان . 2"ذاته] خدة[ يشتغلون على تراثه "أنهم كانوا فيه –آنذاك –أكثر من ضرورة بحكم السياق التاريخي الذي كانت الجزائر خدة

يمثل نوعا من الحصانة ضد 3"ذوره الخاصةج"وكأن العودة إلى ). الاستعمار الفرنسي(نظرا لأن الاكتشاف قد تم في أحضان الغرب – )المهيمن/ المستعمر(ثقافة الآخر

كافيا للتحول تجاه الحروفية العربية ثم محمد خدةغير أن التبرير الذي وجده . المهيمنبأن الفن التجريدي يجد موطنه هو قناعته الراسخة، الحروفية بمصادرها الإنسانية العريقة

الفن الإسلامي هو فن غير "حيث إن ، الأصلي في البلدان الإسلامية دون غيرها من الأمم .كونه ينبذ التجسيم و يشجع على التجريد، Art non- figuratif"4 بامتيازتشبيهي

مستقصيا لآثار هذه المحاورة خدةيكون تحليل الحروفية في لوحات ، من هنافكيف . بما في ذلك انشغالاتها الجمالية، الجدلية بين تجريدية اللوحة وتعالقاتها الخطية

؟ وما هي معالمها البصرية خدةتتمظهر الكتابة في المشهد التجريدي عند الفنان .والجمالية ؟ ذلك ما نبتغي مدارسته في هذا المبحث الأول من هذا الفصل

، 1980المغرب، –محمد برادة، الدار البيضاء .ترعبد الكبير الخطيبي، محمد السجلماسي، ديوان الخط العربي، 1

.8.ص2 Voir : Michel- Georges Bernard , Khadda , p.47. 3 Ibid., p.39. 4 Ibid., p.48.

بمدلولها الفني " الحروفية"أننا نوظف ، من المفيد أن نذكر في بداية هذا المبحث، شربل داغرفي نظر ، راجت الحروفية"فقد .الذي يستخدم الحرف مادة للتشكيل البصري

دون أن تملك محتوى ، لا بل على ظاهرة فنية عربية، كعبارة دالة على نتاج فني عربيوذيوعها في على الرغم من رواجها ، ظاهرة الحروفية"مما يدل أن .1"يقامعرفيا دق

. 2فإنها لم تعرف حتى الآن تأصيلا معرفيا في المصطلح، المشهد التشكيلي العربيمما يفسر ،3"الحروفية العربية أساسا كمجموعة من التجارب الفردية"فقد تكونت

. ية المحلية التي تشبع بأجوائها كل فنانأن الظاهرة قد تلونت بالخصوصية الثقافومنطبعة "الخصوصية"حاملة لأجواء هذه خدةوطبيعي إذا أن تكون الحروفية عند الفنان

لطاهروا رشيد قريشي،مثلما نراه في أعمال الجيل الذي تلاه من الجزائريين أمثال ، بها

.11.فن و هوية، ص –شربل داغر، الحروفية العربية 1مصطلح شائع أطلقته الصحافة اليومية كصفة لحشد شاسع من " الحروفية و الحروفيون"أن تعبير أسعد عرابييعتقد 2

تصنيف يعتمد على شبح . عربيةالحرف و الكتابة ال –و لو بشكل جزئي أو مرحلي –الفنانين العرب الذين يستخدمون الحرف حتى و لو كان غير مقصود أو مقروء بدليل أن أغلب هؤلاء الفنانين يرفضون الانضواء تحت هذا التصنيف

مع ضياء العزاوي، يجمع أصالة أحد أكبر الملونين وجيه نحلةو بول كلي: التعسفي الذي يضع في نفس الخانة ... غنوم غنومنمطية خطوط

والقياس الباطني لا يملكه في هذا الحكم إلا الصحفي الذي اخترع وصمة الحروفية، بحيث يحلو له توزيع الألقاب ".وفق المحسوبيات، فطوبى لمن نجا من بلاطه الحروفي

.67.، ص1990، 70/71:، ع)المغرب" ( الوحدة"النقد الفني بين الشرعية والإدانة، مجلة : ينظر مقالته -فوقائع الندوة المنعقدة . لم يعرف حتى الآن التأصيل المعرفي الكافي" الحروفية"اتفاق عام بين النقاد أن مصطلح هناك

، لم توضح شيئا ذا بال فيما يخص تأصيل "المتعالق بين الخطاط و الفنان"، والموسومة 25/09/2007-23بالشارقة في :ول ما أبديناه أعلاه حيث نجد في مداخلتين الملاحظة نفسها ح. المصطلح

عبد االله أبو راشد، الخط العربي في : و كذا .135.طلال معلا، الحروفية، متعالقات الرفض و القبول، ص: ينظر .142.اللوحة الفنية التشكيلية العربية المعاصرة، ص

. 2007، 1.ط طلال معلا، الشارقة، دائرة الثقافة والإعلام،: المتعالق بين الخطاط و الفنان، إعداد - .52.فن وهوية، ص –شربل داغر، الحروفية العربية 3

وانطلاقا من هذا الاعتبار، فإن .1بوغيره من الفنانين العر، الهاشمي عامرو ، ومانلى سبيل ع، يفضي بنا إلى تأمل عينة من لوحاته محمد خدةمعاينة الحروفية عند الفنان

والإبصار والاستبصار طلبا 2والمعاينة هنا تتوسل البصر .الاقتراب الفينومينولوجيتوتر ينبلج من "وليست القصدية في هذا الصدد غير . للعبور الذي ينجز قصدية حدوسه

لفائض "وذلك أن إدراك الفروق اللطيفة بين هذه الألفاظ إنما إدراك ، 3"الذات باتجاه المعنىبمعنى أن : فالقصد مراتب في الحدس يظهر بعضها بعضا . بين طبقات الرؤية 4"الدلالة

.ما خفي يظل ينتظر انفراجا في رؤيته وفهمهحيث الحرف لا يبين لديه ، خدةوفية عند الفنان كذلك هو المشهد التجريدي للحر

و به سمي الحرف ، الطرف والجانب: في الأصل 5والحرف(إلا على جانبه التصويري و الجانب لا يظهر غير مظهره الجزئي عند البصر، ومن ثمة ). من حروف الهجاء

. بصريته المكتملةو ينحو إلى إدراك الشكل في 6"يعطي الحدس الامتلاء"، لوحة زيتية( Rives de Jourdain "ضفاف الأردن"إذا ما اقتربنا من لوحة

فإننا نلاحظ أشكالا حروفية باللون الأسود تطبع المستوى الأمامي ، )سم 60× 73، 1981يحيط به شريط آخر بالبني ، إذ تظهر الخلفية شريطا أبيض مشبعا بالزرقة. من اللوحة

أما من جهة اليمين مساحة . اتم المشبع بالحمرة لوجود لمسات بالأحمر الأرجوانيالقزرقاء من الجزء العلوي حتى المنتصف وما بقي ممتلئ بالبني المشبع بالصفرة سواء

.أكان في الجزء الأيمن السفلي أم الجزء الأيسر كله

عبد العزيزمن المغرب، و محمد شبعةو الجيلالي الغرباويو بلكاهية فريدو المكي مغارةو أحمد شرقاوي: من أمثال 1آل شاكر حسنو ضياء العزاويو عمر مديحةمن تونس، و علي بن سالمو نجيب بلخوجةو نجا المهداويو قرجي لآغاا وليدو سعيد نصريو محمد غنوممن العراق، و حسن المسعوديو الموسوي إيادو رافع الناصريو سعيد

...وغيرهم كثير... من سورية عبد القادر أرناؤوطو محمود حمادو

".بصر"لسان العرب، مادة: ينظر 2 .59.جان غراندان، المنعرج الهرمينوطيقي للفينومينولوجيا، ص 3 .212.من فينومينولوجية اللغة إلى تأويلية الفهم، ص –، نقلا عن فتحي إنقزو، هوسرل ومعاصروه هوسرلارة لالعب 4

".حرف"ابن منظور، لسان العرب، مادة 5 .195.من فينومينولوجية اللغة إلى تأويلية الفهم، ص –فتحي إنقزو، هوسرل ومعاصروه 6

ف على نحو هذا ويقوم التشكيل البصري في هذه اللوحة على رصف الحروفالنون مستديرة إلى اليمين . عمودي يجاور فيه الماء حدود اليابسة ذات الألوان الترابية

و تأتي من بعدهما تشكيلات . تأخذ شكل العين وتمتد إلى أسفلها الألف حتى تغدو ياء

يعتمد على "وهي تشكيلات بالخط المغربي الذي ، للألف واللام والسين المندمجة بالميم .مثلما نراه في تدوير النون والياء والراء والسين 1"بة المدورةالكتا

بعدا بصريا متناغما ، في المستوى الأمامي للسواد، تركيز التشكيل اللونيلقد منح صنوتها المخففة و فوق الطبقات اللونية المتباينة في خاماتها اللونية بين الزرقة اللازوردية

وفي . بياض المشبع بالزرقة وأخيرا البني القاتم وصنوه المخففوال، إلى درجة الانفتاحكما يظهر إلى جانب ذلك ، يبرز حجم الخط بين تفخيم الحواف وترقيقها، ضوء كل ذلك

ولا شك أن .حجم النقطة سميكا يساوق الحركة التي يتولد عنها الامتداد البصري للخطهد يتخيل الامتدادات والتقويس سفنا راسية في لحركة التدوير أبعادا جمالية تترك المشا

وكذا في شكل السين عند تأمل النون والياء في شكلهما الزورقيوبخاصة : الماء .المقلوب الذي يغدو مرساة في نظر العين

في تشكيله (انفتاح السواد " ضفاف الأردن"ترسم لوحة ، وعلى هذا النحو البصرين الامتداد من صنيع الفرح الذي يغمر اليابسة وهي تتطلع إلى وكأ، على الماء )الحروفي

قد أضفى ، الذي منحه الفنان الحديث إلى الحروف 2"التعديل البصري"ذلك أن . الماءالخط و ينزع إلى " معيارية"الفنان من " يتحرر"حيث ، جمالية خاصة في التشكيل التجريديفإن العلامة لا تكون علامة جمالية ، معلوم وكما هو. تأصيل لمساته ضمن نسيج اللوحة

إلا من خلال العلاقة بمعيار والعلامة الجمالية تشير إلى دلالة أكثر من إشارتها إلى شيء

أسلوب الخط الأندلسي المغربي يعتمد على الكتابة المدورة التي "أن ماسيو محمد السجل عبد الكبير الخطيبي يرى 1 :يسهل التعرف عليها من خلال الخصائص الآتية

.تعتمد جرة القلم فيه على الرقة فتأتي أكثر ارتعاشا مما هي عليه في الخط النسخي، مثلا -1 .توضع نقطة حرف الفاء من تحت، و نقطة القاف من فوق -2

.س، ص، يكون شكلها ممتدا: الواردة في نهاية الكلمات مثل بعض الحروف -3

و هذه الخاصية ترجع . ف، ق، ي، ن: تحذف في غالب الأحيان نقط الحروف الواقعة في نهاية الكلمات مثل -4 ).1468-1190(إلى المرينيين

.158.ديوان الخط العربي، ص: ينظر -صفة من صفات الحروف الحديثة، إذ يبدو أكثر تقنينا " يالتعديل البصر"، أن محمد ياسر عزت العباريرى 2

رؤية فنية معاصرة لخط النسخ : بحثه المقدم لنيل درجة الدكتوراه في الفنون الجميلة، الموسوم : ينظر ...". ووضوحا قسم يحي عبده، جامعة حلوان، كلية الفنون الجميلة،.د: من خلال صياغة تشكيلية حروفية جديدة، تحت إشراف

.65.، ص2000- 1999الجرافيك، السنة الجامعية

ذلك . وفي ذلك ما يدل أن التشكيل الجمالي مشروط ببلاغته البصرية أساسا. 1"مدلول عليهالعلاقات البنائية التي تشكل نسقها تحكمها )في تشكيلها الحروفي(أن العلامة التشكيلية وفي التشكيل (ونحسب أن التشكيل .من قبيل الشكل واللون والفضاءالتشكيلي الدال عليها

يستند في غالبية علاقاته إلى تحريك " ضفاف الأردن"الجمالي في لوحة ) تغيير وتحوير .فاعليته البصرية على مستوى السطح التصويري

ة،لوحة زيتي( Ecrit au jour"مكتوب النهار"نلفي لوحة ، وفي السياق نفسهإذ نلاحظ تماوجا خطيا في شكل . متميزة في تشكيلها الحروفي) سم 65× 54، 1986

وتظهر هذه الأسطر باللون الأسود الذي . ثلاثة أسطر تكاد تتقاطع على المستوى المركزيأما بقية الهوامش . حمر الأرجوانييظلله ما يشبه البني المائل إلى السواد داخل الأ .فيشوبها صفرة مشبعة بالأحمر البني بدرجات متباينة

في تراص الكلمات إلى بعضها ، يتضح إذا التشكيل البصري في هذه اللوحةحيث تكثر فيها المدود وتنساب تقاطيعها بحيث يقتفي فيها الخط المغربي ، البعض

فالريشة هنا تنكتب بلمسات القلم في . حركة التركيز اللوني )"فاسي"نميل إلى الاعتقاد أنه (فيه الحروف قطيعا من العلامات الأيقونية على نحو تبدو، تدوير الحدود وإرسالها

الأسود " فخلفية اللوحة توهم بالحركة بفعل انتشار السواد داخل اللوحة لأن اللون. المسافرةمما يبرر أثر المداد الأسود الذي تخلفه سيولة اللون . 2"يدعو الألوان للإشعاع و التوسع

بجوار حدود الحرف مباشرة نتيجة إيقاع التسارع وكأنها ظلال السفر وتراكمات الامتداد إذ نجد عند التدقيق في جزئيات . حتى لا نكاد نبين مقروء الأسطر بكل وضوح، المتلاحق

وبعض أسنان السين المتكسرة وكذا ، )الميم، افالك، العين، النون(اللوحة حروفا مثل وبعض الحركات الخطية مثل أغماد السيوف أو الزوارق فهي إما تاءات ، الباء والواو

مصارع (فتبين عن شكل إنسان ، أما عند النظر إلى اللوحة في كليتها. أوباءات أو راءات

أيلول، /، تموز70: ، ع)دمشق" (الحياة التشكيلية"عبد النبي اصطيف، مجلة .د. بوريس أوسبنسكي، سيميائيات الفن، تر 1

.5.،ص 2004، 1.ط أوفست الكنـدي، دراسة فيزيائية ونفسية وفنية للألوان، حلب، مطبعة –إبراهيم دملخي، الألوان نظريا وعمليا 2

.30.، ص1983

بل ، سيفا أو عصا أو قلمايحمل في يمينه طائرا أو فانوسا أو سمكة وفي يسراه ) فارس/ .نحسبها قصبة خطاط

ينتج التشكيل الجمالي أثره الجمالي في هذه اللوحة من ، وانطلاقا من هذا الاعتبارخلال ما يظهره التشكيل الخطي للعبارات في تداخل كلماتها و إرسال مدودها في الفضاء

أبعاده البصرية في اتجاه دوراني وذلك بتوزيع، إذ في محاولة كسر أفقية الخط. اللونيإذ ثمة دينامية في حركة الفارس الدورانية هي التي تجعل مألوف البصر (مخالف للمألوف

اليد لا تغادر أبدا الورق "من باب أن –تغدو الكتابة مشهدا للتأمل والفرجة ، )Flouزائغا . تبار رولانعلى حد تعبير 1"حتى تصل المتعة حدها من الإنهاك

ما يدل أن ، أوليس في تعالق الكلمات ببعضها على نحو كثيف يسلم آخره لأولهتبعا لهذه –المعنى التشكيلي يلاحق أيقونيته حتى يحدس استقراره البصري ؟ نعتقد

مكتوب "أن الامتداد الجمالي للحروفية في لوحة –المعطيات الأولية من مقاربة اللوحة ولذلك يتحرى . الريشة من زوايا متعددة من اللوحة/ ق عند إدراك حركة القلممتحق" النهار

الحرف سبق دلالته في سبيل إنعاش ذاكرة المشاهد حتى تتخيل بدورها طرق العبور ونحسب أن فعل التدوين يمتلك قدرا لا يستهان به من . المتروكة للتشفير في اللوحة

من قبيل البني المائل (كيب السواد على طبقات لونية متقاربة بدليل تر، الانشغال الجماليمما يوحي أن الصفرة التي تتخلل اللوحة أقرب إلى لون ). إلى السواد والأحمر البني

لون (الورق القديم والطين المشوي في الكتابات المسمارية وعلى صخرة الرمال ورقة من هذه " مكتوب النهار"ة فتكون لوح. الذي لازم الكتابات القديمة، )المخطوطات

1 Roland Barthes , L'Obvie et l'Obtus , p.200.

Ecrit au jour, Huile sur toile, 1986, 54x65 cm

وآثار قدمها بفعل 1اتضح مداد حبرها، الكتابات القديمة التي إن عرضت في ضوء الشمس

كلما خط الفنان خطا " مما يؤكد أنه . انحلال الحبر و انصباغ طبقاته على لون الورقفلا مناص إذا أن يكون .2"حمت التراكمات المعرفية على مستوى الرسم داخل عملهتزا

وقد . الهاجس الجمالي متواريا ضمن هذه الحمولة التشكيلية التي يختزنها تدوين العبارةذلك أن . تحسين الخط من أولويات الخطاط واهتماماته البصرية –فيما مضى –كان

بل ، ق بالمحتوى وأسلوب التفكير باللغة العربية فحسبأهمية الخط العربي لا تتعل"وفي ذلك تكمن جمالية التشكيل الحروفي أساسا، التي توارثها . 3"وبأسلوب التدوين نفسه

.المصور العربي الحديث عن الخطاط القديمبلوحة ثالثة محمد خدةوبالإمكان التمثيل أيضا عن ظاهرة الحروفية لدى الفنان

" حرف و شدو"يتعلق الأمر بلوحة زيتية بعنوان .سبق و أن استندنا إليها في الفصل الثانيLa lettre et le chant )1980 ،92 ×60 ومن الواضح أن تقاطيع الحروف . )سم

في –حيث تتكرر المدود وتتخذ النون والراء ، ظاهرة في المستوى الأمامي من اللوحةباعتبار jaune orangeوقد أضفى الأصفر البرتقالي . فةوضعيات مختل –أثناء ذلك

بعدا بصريا متناغما في –بالمقارنة مع الخلفية الغامقة -درجة انفتاحه وحرارة لونه .ظهور الأشكال الحروفية بشكل متمايز في اللوحة

والحبر من تلقي الريشة : ينتج من تلقي الحبر "أن فن التصوير لدى الصينيين François Cheng فرانسوا شينغيرى 1

ي تجعل السماء ما تكمله الأرض فيما بعد، تماما كما في العملية الت:واليد من تلقي الروح : والريشة من تلقي اليد : عدنان محمود محمد .تراللغة التصويرية الصينية، –الفراغ و الملء : ينظر كتابه ". هكذا يكون كل شيء ثمرة تلق

ولعل الأمر يصدق أيضا على فن الخط العربي = .159.، ص2007وصلاح صالح، دمشق، منشورات وزارة الثقافة، في اللوحة التشكيلية الحديثة غير إبدال تقني داخل " الحبر"وما تحوير . الحبر في رسم مقاييسه الجمالية لكونه يستند إلى

.الفضاء التصويري لا غيرأغسطس /، السنة السادسة، يوليو70/71: ، ع)المغرب" (الوحدة"موليم العروسي، من الرسم إلى فلسفة الفن، مجلة 2

.20، ص1990 ، 1988، 1.ط ، الأصول الحضارية والجمالية للخط العربي، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة،شاكر حسن آل سعيد 3

.18.ص

يقوم المشهد الحروفي على تحريك الاتجاه،، وانطلاقا من هذه المعطيات البصريةوكأن الفنان لا يحفل بغير إرسال .بحيث تظهر فيه بعض الوضعيات مقلوبة بفعل التدوير

الحروف وتشكيل نسبها على نحو ينجز فعل التدوين في أثنائها رؤيته التشكيلية ضمن . نسيج اللوحة كلها

يبدو الخط المغربي في تمظهراته البصرية مطواعا في يد الفنان، بحيث ، وعليهإذ لا نعدم أن . في ارتفاعه وانخفاضه مثل تشاكل الخلفية وتداخل أيقوناتها البصرية ينساب

يكون تسطيح المشهد الحروفي نسقا تشكيليا دالا بذاته على متغيرات اللوحة التجريدية في سبيل إخصاب ) العمق(الثالث البعد ضمن بعدي الطول والعرض والاستغناء عن

تجليا عن هذا " حرف وشدو"فتكون بذلك لوحة . اللانهائي للفضاءاللوحة بالامتداد من باب أن فعل التدوين قد ، الامتداد المتبادل بين التمظهر الحروفي والتمظهر التشكيلي

أني لم أستخدم "وهو القائل .محمد خدةأضحى هجينا في تعالقاته الإدراكية عند الفنان نجد قليلا من أشكال ، صاويري كما في نقوشيفي ت...مطلقا الحرف لذات الحرف

مما يفسر التحوير الذي . 1"لأني أرفض استخدام الحرف العربي على علاته، الحروفلا يلغي إطلاقا الهاجس الجمالي ر وإن كان هذا الأم، نراه على مستوى التشكيل البصري

لا ينفي وعيا جماليا بهذا ، الحرف" مادة"ذلك أن الاشتغال على . بالحرف العربي تحديدا .حتى وإن أخضعه الفنان للتشكيل البصري وذهب بشكله بعيدا في التجريد، الحرف

إنما ، نحسب أن التمظهر الجمالي الذي اتسمت به هذه اللوحة من حيث حروفيتهايبين أساسا عن هذا التحاور الداخلي الذي يبديه شكل الحرف ضمن هذه الأيقونية

ولا غرو إذا أن يكون المستوى الأمامي من اللوحة مثيرا . ائية في تداخلاتها اللونيةاللانهالمستوى [ حين يولي الفنان سطح الصورة "ذلك أنه . بصريا في أثناء إدراك المشاهد له

أهمية فهو يفكر وفق الأشكال المستوية التي قد تختلف في الحجم والشكل واللون ] الأماميوتعالقات وقد ترتب هذه الأشكال على سطح اللوحة المستوي في أوضاع ، والنسق

ولذلك نزعم أن لهذه التراتبية في تمظهرات اللوحة البصرية . 2"متنوعة لا تعد ولا تحصى

1 Michel – Georges Bernard , Khadda , p.76. في بنية الفن، الأردن، دار مكتبة الرائد العلمية، دراسات: بلاسم محمد، دراسات سيميائية في الفن التشكيلي، في 2 .300.، ص2004، 1.ط

التفاعل البصري سواء أكان مع الطبقات اللونية أم " تراتبية"واللونية أثرها الجمالي في .كل منهما اللوحةالعلامات الأيقونية التي تتش

وإذ تبينا بعضا من المستويات البصرية والجمالية للحروفية في التشكيل التجريدي فإنه نحاول مقاربة عمل آخر يعبر عن التواشج التصويري بين ، محمد خدةعند الفنان

وذلك رغبة في توسيع الحقل الإدراكي للحروفية من –" العربي"ونظيره " الشكل الصيني"

يتعلق الأمر . ومن باب تدعيم الجانب البصري لهذا المبحث من جهة أخرى، ةجه

).سم Eté flamboyant )1986 ،92 ×73" صيف وهاج"بلوحة زيتية موسومة بوكأنها طروس ينكتب بعضها ، تظهر اللوحة تمايزا في تشكيل علاماتها الأيقونية

، المشبع بالسواد وكذا الأسود بلمسات بنية حيث ينماز الخط الصيني بالأزرق.فوق بعضومن فوق هذه التشكيلات الصينية تنسكب علامات أيقونية بالأحمر الأرجواني منها ما تدل على رموز بربرية وفي أسفلها تشكيلات بالخط المغربي ،حيث تتميز فيها النون بوضوح

فر الفاقع حتى يكاد يتخفف في وباقي اللوحة يتلون بالأص .كبير محاطا بامتدادات متشاكلةكما نلاحظ بعض اللمسات .جزئها العلوي أما في جزئها الأرضي ينصبغ بالأحمر البني

وكذا الأخضر الفاتح على بعض الحواف ، بالبرتقالي على حواف الأحمر الأرجواني .السوداء

لى مما يضفي الحركة ع، يغتني التشكيل البصري بطبقات لونية متباينة في خاماتهايعطي ، ذلك أن التدفق العمودي للأحمر الأرجواني على سطح اللوحة. المستوى البصري

فهذه السيولة اللونية تنذر . انطباعا بقوة انتشار هذا اللون على ما عداه في نسيج اللوحةبحمم من العلامات البصرية التي تغزو المستوى الأمامي حتى تكاد أن تكتسح أرضية

.تنصهر معهااللوحة وفي تمظهراته الهندسية التي –لا نعدم في سكون التخطيط الصيني ، وفي المقابل

إذ . الحركة الخفية لما في بطونها –توحي بأشكال عمرانية في جزئها العلوي من الخلفية تنحو الكتابة الصينية في مدودها المكونة لها تجاه يمين اللوحة و تنزل إلى غاية أسفلها في

بالخط الصيني ناشئ عن تفسير معكوس لغايات "ويبدو أن الافتتان . سوداوية تشكيلاتهالكنه يشترط بسط أشكاله في قوالب جديدة ؛ وهو فن ، الذي ينطلق من التشبيه، هذا الفن

الذي يحول ، وإلى العالم المحسوس أيضا، يحيل إلى التشبيه في تفاصيل طريقته نفسهاوهو الأمر الذي يجعل من كل حرف صيني أيقونا .1"ه أيضاويؤسلب، طبيعته دون شك

.127- 126.فن وهوية، ص –شربل داغر، الحروفية العربية 1

بيد أن استثمار هذا الخط في المجال التصويري قد أفقده . 1يحيل على صورة معينة .خاصيته المعجمية في سبيل توسيع نسقه التشكيلي داخل اللوحةللوني التدفق ا" وهاج صيف"ومن الدال جدا أن يساوق التشكيل البصري في لوحة

، 2"ليست خطا بلا تضاريس ولا حدا بسيطا للأشكال"فاللمسة هنا . المنتشر في أرجائهافالهيئة التي تنكتب بها العلامات : تدون نفسها على سطح مكتوب ] اللمسة [ ذلك أنها

رها بما في ذلك حروفية النون وما يجاو، توازي الوضع الأفقي للرموز، الصينية عموديا .من مدود ونقط

التشكيل الجمالي في هذه اللوحة متأتيا أساسا من هذه التمظهرات هو ما يجعلوولقد ألفينا الحرارة اللونية المتدفقة من الأحمر الأرجواني مثيرا بصريا . العمودية والأفقية

مثل –هذه اللوحة وكأن . في تخيل السيولة اللونية التي تتولد عنها العلامات الأيقونيةغير أنها تزيد عليها في ، تحاكي انتشار الحبر على الورق –" مكتوب النهار"صنوتها

في ماهيته –ذلك أن تشكل الحرف . تصوير ميلاد العلامة وانبجاسها من مداد اللونجد نظرا لأن الحرف منو: يظل صياغة لونية وفي ذلك تكمن مزيته البصرية –التشكيلية

وهذا الأخير مقترن بحدوسه البصرية التي تقرأ استمرار خطه أو . في شكل رسمه ، فكان البعد الجمالي في كل ذلك محايثا لحركة الاستمرار والتقطع من جهة. انقطاعه

.ويستند إليه التأمل من جهة أخرى 3وموازيا بصريا لما يقع عليه الإبصار؟ وما هي متعلقاته محمد خدةلتشكيل الحروفي في أعمال كيف نفهم ا، وعليه

الفينومينولوجية على المستوى البصري و الجمالي ؟

1 Voir : Qi Chong , l'écriture chinoise et l'art de l'écriture , in: Paroles aux confins Poésie Peinture , Op. cit , p.163-176.

.81.اللغة التصويرية الصينية، ص –شينغ، الفراغ والملء فرانسوا 2والإدراك . إدراك البصر للمبصرات يكون على وجهين، إدراك بالبديهة وإدراك بالتأمل"أن الحسن بن الهيثمبرى 3

". ذي به تحقق صور المبصراتبالبديهة هو إدراك غير محقق والإدراك بالتأمل هو العبد : في الإبصار على الاستقامة، حققها وراجعها على الترجمة اللاتينية 3، 2، 1المناظر، المقالات : ينظر كتابه

.319.، ص)4(، السلسلة التراثية 1983الحميد صبره، الكويت، قسم التراث العربي،

يوازي رؤيته ، الذي يبديه الفنان للحرف" الانشغال التشكيلي"يبدو واضحا أن ، للتمثيلذلك أن مقاربتنا للوحاته الأربعة التي استندنا إليها عينة .التشكيلية للتجريد عموما

تبين انصراف الفنان إلى استيحاء عدد من التشكيلات البصرية انطلاقا من وضعيات يتخذ التشكيل الحروفي المستوى ، ويلاحظ أن في جميع هذه الوضعيات –متباينة للحرف

ينضاف إلى ذلك، الصياغة . الأمامي من اللوحة حقلا إدراكيا للعلامة الأيقونية مركزا لهمما يدل أن الإثارة البصرية . المتفاوتة في طبقاتها اللونية بين السطح والخلفية اللونية

.تتخلل هذا التباين بين السواد و الألوان الترابيةالتشكيل الحروفي بمرونة مدوده وطواعية نسقها التشكيلي في تحريك وقد اتسم

ن تواشج عميق بين أبان الخط المغربي عكما . الأفق التخيلي ضمن نسيج اللوحة كلهاحجم استدارته وامتداد نقطه داخل الأرضية اللونية التي تجاور حوافه وتتماس مع تقاطيع

وكأنها تستمد منه تألقها تيمم الحروف شطر النهر 1"ضفاف الأردن"ففي لوحة . حروفهعيار غير ولذلك لا ينشغل المد بأي م. اللوني بفعل تجاور الزرقة السماوية بالسواد الحالك

وكأن . تدوينه المطلق ضمن المشهد الطبيعي الذي تكونه العلامات الأيقونية للخلفيةيبتغي أن يكون توقيعا شاهدا على –في هذه اللوحة –التشكيل البصري للحرف المغربي

ا حضور اليد التي طربت بالمنظر وحركت الرائي تجاه جغرافية الماء ليسود به(الحضور المقاييس البصرية التي تعتمد على ] تنستند إلى[الخطوط المغربية " ذلك أن . )حضوره

فأي ، وانسجامه التركيبي وحيويته التشكيلية، احترام شكل الحرف ونسبته بين الحروف نشاز بصري يعني تلقائيا الخروج عن الإطار الجمالي الذي تتحكم فيه عناصر التناغم

فتسويد النقطة كما حجم الخط يمضيان بعيدا في سحب . 2"لتعبيريةوالليونة والقوة واحتى يتشبع سواد الحبر بمداد ، )الماء(إلى شواطئ التجريد المتحرك ) اليابسة(الساكن

فهي انتقلت من ثنائية : قد مرت بثلاث حالات عند إنجازها "ردنضفاف الأ"مما تجدر الإشارة إليه هو أن لوحة 1

وهي الحالة الثالثة التي استندنا –إلى ثلاثية الألوان زيد لها البياض و اكتملت بتعدد الألوان ) الحمرة/السواد(الألوان :ضمن كتاب ينظر اللوحتين الأخرتين . إليها في هذا الفصل

Michel-Georges Bernard , Khadda , p.204. .56.تاريخ و واقع و آفاق، ص –عمر أفا و محمد المغراوي، الخط المغربي 2

وفي ذلك تخريج البلاغة البصرية التي ترى في المعنى ممكنا فينومينولوجيا يبني . النهر .عين العين التي تحدس الصورة في تركيبها العلائقيتصوراته الإدراكية انطلاقا من م

ممعنة في تكثيف الحواشي المحيطة " مكتوب النهار"نلفي لوحة ، وفي السياق نفسهإذ ينبني التشكيل الحروفي في هذه اللوحة من مقول العبارة التي تجر معها سلسلة . بالكتابة

. غير الغريبة عن أهل الغرب الجزائري" يةالفاس"من الكلمات بالخط المغربي ذي الهيئة ويمتاز باستدارات في ، والخط الفاسي، والخط الجزائري وهو مزوى أي ذو زوايا"...

وفي وهران يقترب الخط من ...حروف النون والياء والواو واللامات والصاد والجيم، ولأجل ذلك.1"...وتأثر الخط المغربي الفاسي بالخط الأندلسي. الشكل المغربي الفاسي

:يلاحظ على التشكيل البصري هذه الكثافة اللونية في تركيب الطبقات اللونية بجوار بعضوهذا الأخير ينغمس في صفرة لونية أكبر . فسواد الخط ينغمس في البني المائل إلى السواد

. الذي بدوره ينتشر في صفرة الهامش حتى يكاد يندمج معه، من الأحمر الأرجواني، الأحمر الأرجواني، البني المائل إلى السواد، السواد(ولاشك أن هذه الدوائر اللونية

إنما تعاين مشهدا طبيعيا يتمرأى فعل ، التي تحشر الكتابة ضمنها) الأصفر، الأحمر البنيان ولا ريب أن المحمول الميتافيزيقي للعنو. التدوين عبره كثبانا من العلامات المتحركة

حينما تغدو الكتابة أثرا يمحو بعضه ، يشي بكثير من هذه المعاني اللطيفة" مكتوب النهار" وكأن الرائي يستعير السواد فوق طبقة البني المشبع بالسواد لكي يقيد المحو . بعضا

.ويكتب عليه ما انفلت من الذاكرة عبر مسير الأحرف وحركة تدويرهاحيث يفضي بناؤها إلى ، ببعيدة عن هذا الأفق التخيلي" و شدوحرف "وليست لوحة

ذلك أن التعديل البصري الذي يدمن عليه الفنان في . العودة بالحرف إلى مطلق التشكيلتحوير حدودها وفق ما يهتدي إليه المدرك البصري خلال من –تشكيل العلامة الخطية

ب والتدوير أبعادا هندسية تستجيب للأشكال قد أضفى على حركة القل –لصورة اللوحة ولا عجب أن يكون المستوى الأمامي صدى بصريا لخلفية . الأيقونية المتوارية خلفها

ر .، ص1995، 1.ط عفيف البهنسي، معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، 1

.من المدخل

ومستويات 1فيتعمق بذلك التصور اللانهائي لمحمول المدود من خلال النقطة، اللوحة .تمظهرها البصري ضمن الفضاء التشكيلي

من خلال ، إلى خلق الإثارة البصرية" يف وهاجص"تنزع لوحة ، وفي المقابلاستيحاء التدفق اللوني تشكيلا بصريا يتمرأى فيه ميلاد العلامة من عنفوان الامتلاء

بل إن نسق العلامة الخطية سواء في تشكيلاتها الرمزية من . والنظر في الوقت نفسهدل أن الفنان لا يبتغي غير إنما ي، الموروث المحلي أوفي شكلها العربي كما الصيني

فالسيولة اللونية المتدفقة بالأحمر الأرجواني . إشباع البصر بقدر من الإشارات الاستعاريةلكونها تفجر بعدا رمزيا عن انبجاس المكتوب ومسار ، إستعارة ذات دلالة في اللوحة

كذلك تحاكي لوحة . شاروما يكتب يصير إلى الانت، فما يمتلئ يصير إلى الانكتاب. محوهفالصورة . "مداد اللون إذ يغدو سيولة خصبة للتشكل والفناء في آن واحد" صيف وهاج"

) ماهيته(حيث يبرز فعل التدوين في مستوى تكونه ، بالمعنى البلاغي البصري 2"هنا حقيبةلوني للأحمر مثلما يظهر ذلك في الاكتساح ال(سيولة لونية مطواعة للكتابة كما لطمسها

.)الأرجواني في أجزاء من أرضية اللوحة خدةماذا بعد هذا التجريد اللوني ؟ هل يصير التشكيل الحروفي عند الفنان ، وإذا

مطية للزخرفة البصرية ؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تشكيلا بصريا يتعالق فيه المشهد الطبيعي بممكنات الحرف الفنية ؟

لمعاينة الأولية لبعض ما تمت مدارسته للنماذج المذكورة أعلاه يبين أن نعتقد أن اولذلك نجده غير مهتم . منشغل بمادة الحرف موضوعا للتشكيل الفني محمد خدةالفنان

نقطة في الفكر الصوفي ينسحب على رؤوس بعض الحروف معنى ال"أن شاكر حسن آل سعيديشير الفنان و الناقد 1

.144.الأصول الحضارية و الجمالية للخط العربي، ص: ينظر كتابه ".وهي بهيئتها الدائرية –من بعض النواحي –، إنما هو خدةوفي ذلك ما يوحي أن التدوير الذي يعمد إليه التشكيل الحروفي عند الفنان

ليوناردو دا كما يذهب إلى ذلك الفنان " النقطة هي المبدأ الأول لعلم التصوير"ن، من باب أن توزيع تقني لنقطة النو . فنشي

. 95.، ص1999عادل السيوى، القاهرة، الهيئة المصرية للكتاب، .ترنظرية التصوير، : ينظر كتابه 2 Voir : Catherine Kerbrat – Orecchioni , L'image dans l'image , in : Rhétoriques sémiotiques (Paris) , Revue d'esthétique n°1-2 , 1979 , Union Générale d'Editions , p.204-205.

وإن ظاهريا لأنه لا يمكن أن نغيب هذا المقصد في –للحرف العربي 1بالحمولة العرفانيةعلى الرغم مما نجده من مقالات للفنان حول خصائص الخط – "مكتوب النهار"لوحة

العربي وأنواعه والمتغيرات التي طرأت عليه عبر التاريخ و كذا أهم الخطاطين في يحي بن محمود الواسطيمن دون أن نغفل مقالته عن الخطاط ، 2المشرق العربي ومغربه

للحريري " المقامات"لهمة من كتابالمست" بقرب المدينة قافلة الجمال"و قراءته في لوحة في زمرة خدةتدخل ظاهرة الحروفية عند الفنان وعلى هذا الأساس ). 1121 -1045(

: شربل داغرالتجارب الحروفية التي تقوم على مبدأين أساسيين في نظر الناقد والتعامل مع حروف العربية كمادة ، القطيعة التامة مع طرز الخط العربي -1" .لللتشكي

مطوعة للتعبير عن خصوصية ثقافية ، ولكن بصبغة محورة، بناء لوحة حديثة -2 .3"أو حضارية

مبدأ الاشتغال خدةيكرس التشكيل الحروفي عند الفنان ، وبدءا من هذه الملاحظةإذ لا ينفصل . من باب أنها مجال للحفر اللوني والمعرفي أساسا، البصري على اللوحة

ميشال جورج برنارفقد وصف " : الحفر"عن هذا –في أثناء ذلك –لي البحث الجماونحسب أن هذه .archéologue du possible 4"أركيولوجي الممكن"بكونه خدةالفنان

و ذلك من قبيل أن المدرك الجمالي للمعنى يظل ممكنا ، الصفة تجانب الصواب

بحكـم التوجـه " القيمـة الدينيـة "إلى انفصال الحرف العربي عن Thomas Demulder توماس دومولدريشير 1بحذر "تجاه هذا الحكم ويرى أنه يجب تناوله " تحفظه"يبدي ، ولو أنه في أكثر من موضع من بحثهخدةالشيوعي للفنان

:ينظر بحثه . بفعل التناقض الذي يمكن الوقوع فيه مع بعض أعمال الفنان" شديد Création d'une identité artistique , (version Pdf ) , Op. cit , p.65.

يكون اللبناني ] ابقاء الاختلاف بين العلامة و ما تدل عليه [ إلى هذه المؤسسة " أنه محمد عزيزةكما يذكر من جهته إذ تجدد أعمالهم . قد كرسوا أعمالهم أحمد شبرينوالسوداني عبد الحميد بن بلةو محمد خدةو الجزائريين وجيه نحله

كيلية ولكن وضع وضع قبول الرسالة البصرية والتش: مشكل الاستمرار الخطي من خلال الوضع المزدوج الذي يتبنونه ". رفض الجوهر الديني و الأدبي أيضا

Mohamed Aziza , L'image et l'islam , L'image dans la société arabe contemporaine , Editions Albin Michel , 1978 , p.87. 2 Voir : Mohamed Khadda , Feuillets épars liés , p.25-35.

.61.فن وهوية، ص –لعربية شربل داغر، الحروفية ا 34 Michel – Georges Bernard , Khadda , p.83

وفي ذلك نحاول فتح التحري على ممكن . جادفينومينولوجيا يرتجي دوما الإمكان و الانو .في التشكيل الخطي" بشعرية الفراغ"آخر يرتبط

؟ خدةفما الفراغ ؟ وما هي علاماته الجمالية ؟ ثم كيف يتمظهر تشكيليا عند هذه بعض التمفصلات الفينومينولوجية التي نبتغي تداولها في هذا المبحث الثاني

. من هذا الفصل

بالحيز "ننشغل في هذا المبحث بمقاربة البعد الجمالي للفراغ أو ما يعرف أيضا فإننا نقصد معاينة ، بجوار الفراغ" الشعرية"وإذ نطرح مفهوم .في فن التصوير" التشكيلي

الصورة لا معنى "ذلك أن . الشعرية البصرية باعتبارها نسقا دالا في التشكيل الخطي وإنما في الأنساق الدلالية التي تكمن وراء تشكل الصورة ، ينحصر فيما تعرضه للنظر لا يتحدد معنى العلامة الخطية في الشكل ، ومن ثمة.1"وأخذها هذا المنحى بعينه

فتغدو حينئذ المساحة اللونية . بل تتخذ لها تجليات أخرى فيما بينهما، واللون فحسبداخل ) الفراغ الباني(مجالا لإدراك الملء ، بين حدود الحرف والهامش اللونيالفاصلة

يتضح المقصد البصري ، وفي إدراك هذه الجزئيات المكونة للتشكيل الخطي. اللوحة كلها] في الشعرية البصرية [ يصور المبدع "حيث ، ما بين المرئي و اللامرئي عند النظر إليها

يجمع بين ) فنا خالصا(أي يصور )بصيرته وحدسه(يراها هو بعين الحقيقة الجمالية كماالصفاء الحسي والمتعة التشكيلية التي يحس بها الفنان في لحظة معينة من لحظات

كان من الطبيعي أن ، ولذلك. 2..."فيجسمها في الحجر أو الخشب أو على لوحة) الرؤيا(. عبر التشكيل التجريدي للحرف" الجماليةالحقيقة "بإيصال هذه محمد خدةيهتم الفنان

ولا شك أن الناظر لأعماله يشعر بالأثر الجمالي الذي يصنعه الفراغ من حول العلامات وفي ذلك يكمن أفق . الأيقونية وما بينها و بقية المساحة اللونية التي تنتهي إليها اللوحة

.التقصي من هذا المبحث تحديدا؟ وما هي محمد خدةراغ في التشكيل الحروفي لدى الفنان كيف يتمظهر الف، وإذا

علاماته الجمالية على سطح اللوحة ؟

، 70:، ع)دمشق" (الحياة التشكيلية"حنان قصاب حسن، قراءة في لوحة موت ساردانابال لأوجين دو لاكروا، مجلة 1 .10.، ص2004أيلول -تموز

في : بناء اللامرئي، ضمن : ى صورة عين القلب مرور الخلق من صورة إل: حسان عطوان، في شعرية الخط 2 .66.، ص1997، 1.ط الشعرية البصرية، الشارقة، دائرة الثقافة و الإعلام،

هذه بعض انشغالاتنا البصرية التي نسعى إلى مقاربتها من خلال النماذج الأربعة .نفسها التي سبق أن استندنا إليها في المبحث السابق

لفراغ يملأ حواشي الحرف نلاحظ أن ا، "ضفاف الأردن"حينما نقترب من لوحة بالأزرق الغامق والأزرق الفاتح والبني المشبع بالحمرة فضلا عن الأبيض المشبع بالزرقة

كما نرى أن جميع هذه الطبقات اللونية تكرس إشباع اللون على نحو تزداد . في الوسطمامي من بينما تقل تدريجيا كلما ابتعدنا عن المستوى الأ، خاماته بين الحرف والآخر

.اللوحةالمركزية البصرية التي " يتمثل بشكل كبير –في هذه اللوحة –ونحسب أن الفنان

، حيث يضطلع المستوى الأمامي بتمثيل ما يعتقد 1"وفدت من تاريخ التصوير الغربيه يستثمر تقنيا هنا هذ خدة محمدبيد أن الفنان . الفنان أنه مهما من رؤيته التشكيلية كلها

يتحرك الفراغ ، ولأجل ذلك. في توزيع زاوية النظر إلى الخلف أيضا" المركزية البصرية"عندما ينضج الملء يخلي مكانه : "عملا بالمبدإ السائد ، في تشكيل مشهد طبيعي قائم بذاته

بل إن تمظهره قائم ، ذلك أنه لا يستغني المشهد الحروفي عن هوامشه اللونية .2"للفراغ .ه التفاصيل الجزئية أساساعلى هذ

إذ . يتشكل الفراغ سيميائيا من امتلائه اللوني المتباين مع سواد الحروف، ومن ثمةفي سبيل ، على تنويع المرتكز اللوني المجاور لتخوم الخط" ضفاف الأردن"تنفتح لوحة من الخلف غير ولذلك ليس البياض الظاهر. داخليا وخارجيا في الوقت نفسه 3تفعيل النظر

فيتحقق عندئذ الاتزان اللوني ، قصد احتواء أفضل للفراغ، تراكم جميع اللمسات اللونية فيهيقبل "إذ، ما بين الهامش الأزرق و صنوه البني القاتم المقابل له على يسار اللوحة ويمينها

يميائية المدلول التشكيلي إلى الصورة من خلال ما يكون عليه وضع هذه المحاور الس

.31.، ص1997، 1.ط أسعد عرابي، المصور في مرآة الناقد، الشارقة، دائرة الثقافة والإعلام، 1 .86.اللغة التصويرية الصينية، ص –فرانسوا شينغ، الفراغ و الملء 2إن . ليس معناه التلقي و إنما ترتيب المرئي وتنظيم التجربة"بأن النظر Régis Debray ريجيس دوبرييرى 3

".الصورة تمتح معناها من النظرة، كما يمتح المكتوب معناه من القراءة، وهذا المعنى ليس تأمليا وإنما هو معنى عملي .2002اهي، المغرب، إفريقيا الشرق ،فريد الز .ترحياة الصورة و موتها، : ينظر كتابه

فيكون الفراغ عندئذ فضاء لونيا حاملا للانتشار .1]"و الشكل و الفضاء، اللون[المتعددة .المكاني داخل اللوحة

. ينشد الفراغ بناء الزوايا المترتبة عن التشكيل الخطي، واتساقا مع هذه المعطياته سببا في إدراك مزيته فالسواد بحاجة إلى تمام إشعاعه حتى يغدو التجاور اللوني ل

لوحة من تضاريس تهب (داخل التشكيل الحروفي ذاته 2"الفراغ لوحة"بل يصير. الجمالية .)أفق النهر و ما يجاوره من يابسة منجذبة إليه

حيث يرتسم الفراغ ، بعيدا عن هذا الأفق التشكيلي" مكتوب النهار"ولا تنأى لوحة فف التي تحول إلى البني القاتم وهي تحيط بالعبارات المكتوبة طبقة من السواد المخ

الأحمر (ويلاحظ أن هذا البني القاتم موجود داخل طبقة لونية أكبر منه . بالسواد .وهي بدورها تنتشر في أرجاء اللوحة مع ما يشبه الأصفر الرملي، )الأرجواني

فالفراغ هنا . تقاطيع حروفهايتحرك الفراغ في اتجاه مدود العبارات وانسياب ويقوم بتشكيل خطوط بنية في أثر ما كتب ، يسكن التجاويف المختزنة داخل العبارة

غير غبش الفراغ وهو ) 3الكستنائي(وليس الأحمر البني . )كتابة فوق كتابة(بالأسود . )الصفرة المستضيئة للهامش اللوني(يدركه النهار

هو كونه مضيئا ، طيفة التي يختزنها الفراغ في هذه اللوحةذلك أن من المعاني الل على حد تعبير المثل 4"فالمكان الأشد ظلمة هو دوما تحت الضوء." داخل كثافته اللونية

يستقصي الفراغ محموله اللوني في سبيل تحريك السيولة اللونية إلى ، ومن ثمة. الصينيعلى غير الانتشار البصري " لنهارا مكتوب"إذ لا يعثر الرائي في لوحة . خلف اللوحة

سفرا "وكأن الخط يترجم –الذي يقع تحت أسره بفعل التدوير اللانهائي للخط المغربي

1 Jacques Du Bois , Philippe Du Bois et autres , Images: iconique et plastique sur un fondement de la sémiotique visuelle , in : Rhétoriques sémiotiques (Paris) , Op.cit , p.188.

.106.التصويرية الصينية، صاللغة -فرانسوا شينغ، الفراغ و الملء 2 . لون بني محمر ؛ لون أصحر أو أسمر محمر): باللغة الإنجليزية( chestnutاللون الكستنائي 3

.170.، ص1992، 1.ط زين الخويسكي، معجم الألوان في اللغة والأدب والعلم، بيروت، مكتبة لبنان،: ينظر4 Gilbert Lascault , Vers une esthétique du visible, in : Encyclopédie Philosophique Universelle , p.647.

بحكم ما تورثه الكتابة في جسد من ، على الإطلاق 1"صغيرا إلى بلاد معرفتها أفضل .س من جهة أخرىيكتبها من علو وانخفاض من جهة ومن استدارة و تقوي

ويعمل على ، الناتج عن حركة اليد Le souffleيضمر الفراغ هذا النفس ، وعليهفتغدو العبارة المكتوبة في أثناء ذلك مطواعة لهذه الحركة . محاكاة إيقاعه اللامرئي

ويصل الفراغ في إثرها إلى تفجير حدوسه ، )من خلال حركتي اليد والعين(الجسدية " الأول"تستأنف غياب " يد موازية"ويتحول إلى " اليد الأولى"إذ يقتفي الفراغ أثر . اللونية

ولعله من هنا . وتتضايف معه ناسخة ما قبلها ومتماهية معه في فعل المناوبة المطلقةلكونه يجعل من تخوم العبارات ، إلى أقصى أبعاده الرمزية 2"الفراغ المتفجر"يصل

.طا للتلقي والتأمل الجماليينالمكتوبة مشهدا مخطوألفينا الفراغ فيها قائما على التشكيل الحر " حرف وشدو"وإذا اقتربنا من لوحة ، هذا

فقد . في حين يتخلل التشكيل الحروفي في المستوى الأمامي، فيما بين الفجوات الخلفية خضر الزمردي اتسم الفراغ بكثافته اللونية القائمة على التداخل الزخرفي بين الأ

كما . والسواد المشبع بالحمرة وكذا لمسات الأزرق اللازوردي المنتشرة ما بين تخومهمانلحظ انتشارا كبيرا للنقط بأحجام متفاوتة داخل هذا الامتداد الزخرفي الذي يشبه المتاهة

.من بعض النواحيلأشكال ذات العلامات يستثمر الفضاء التشكيلي توزيع ا، وعلى هذا الأساس

حيث يبدو الفراغ في أثناء ذلك زخرفة هندسية ممتلئة عن ، الأيقونية المتباينة داخل اللوحةينتشر الحرف في نقوش "إذ . تساوق التشكيل الخطي الذي يظهر في وسطها، آخرها

متاهات هناك تغدو الكلمات. كتابة أو يتفتح أزهارا وأنجما أيضا/ هندسة: مزدوجة وهو .3"وحيث يثير الظل والنور الدوار والافتتان، مدوخة حيث يتوازن الملء والفراغ

تستأثر " متاهة مدوخة"فعلا –في هذه اللوحة –فيه الفراغ الأمر الذي من شأنه يغدوغربي ذلك أن التمظهر الهندسي للخط الم. بانتباه الرائي وتغريه باختبار عتباتها اللامرئية

1 Paul Klee, Théorie de l'art moderne, p.35.

.86.اللغة التصويرية الصينية، ص –فرانسوا شينغ، الفراغ والملء 23 Mohamed Khadda, Feuillets épars liés, p.29.

قد عزز أكثر الحضور الزخرفي الذي انتهى إليه ، فيه 1"بقايا الخط الكوفي"الناتج عن إنما يوغل في تعميق الأثر الجمالي –على هذا النحو –ونحسب أن تكثيف الملء . الفراغ

فلم يكن غريبا أن يمتنع الحقل . للمشهد التشكيلي 2الذي تجنيه العين بعد حسن الإبصار" الافتتان"بيد أنه يترك لنا فرصة ، صري من الإحاطة بجميع تخوم المشهد دفعة واحدةالب

بل إن متعلقات الغياب تدفع بالرائي . به كي نختبر حدود التخيل البصري خارج اللوحة .داخل التلوين الزخرفي للفراغ" الفقد"إلى معايشة صورة

قصدا بين اللون وتخومه " اليد"تتركه أليس في امتداد الفراغ ملء للغياب الذي 3"وفي كل الأحوال نكون مهددين بالغياب، في كل الأحوال نفقد شيئا" وأليس (اللامرئية ؟

.)جورج ديدي هبرمان؟ على حد تعبير في الغياب بوصفه امتدادا –بالقوة –لا شك أن المنطق البصري للفراغ يفكر

فالمفكر فيه يظل إمكانا يرتجي الحدس اللوني . للخط ذاته تخيليا في المحمول المعرفي). حصول المعنى في هيئته الإدراكية(الذي يغدو بموجبه النظر صورة للامتلاء القصدي

يحجب فيها الملء بعضا " غيابية"من تمظهرات " حرف وشدو"ولا نعدم للفراغ في لوحة .من تخوم الحرف اللامرئية

ليعاين لمسات الريشة المتروكة ما " صيف وهاج"يأتي الفراغ في لوحة ، في المقابلبل إن لمسة الفراغ تعمل على تنويع التركيب اللوني الحاصل عند . بين الأشكال الأيقونية

والأصفر البرتقالي ، يتضح ذلك في الأزرق القاتم المشبع بالسواد. تجاور الطبقات اللونية

أكبر دليل على صلة الرحم بين الخطين الكوفي و النسخ أن أهل المغرب جمعوا بينهما في "..أن كامل البابايذكر 1

".كتاباتهم القديمة و الحديثة .86.، ص1983، 1.ط دار العلم للملايين،/ روح الخط العربي، بيروت، دار لبنان للطباعة و النشر: ينظر كتابه

اك، وأي هذه الإدراكات هو، ليس يكون إلا بقياس، وبقياس بفضل تأمل إدراك كيفية الإدر"أن الحسن بن الهيثميرى 2فالقوة المميزة إذا أدركت معنى من المعاني بالمعرفة أو بقياس في غاية السرعة . وتمييز، لا قياسا في غاية السرعة

ل كيفية إدراك المعاني ولهذه العلة ليس يظهر في أكثر الأحوا. فليس تدرك كيفية ذلك الإدراك في حال الإدراك ". المبصرة التي تدرك بالقياس في حال إدراكها

.227.في الإبصار على الاستقامة، ص 3، 2، 1المناظر، المقالات : ينظر -3 Georges Didi – Huberman , Ce que nous voyons , Ce qui nous regarde , Paris , Les Editions de Minuit , 1992 , Collection "Critique" , p.183.

فضلا عن الأصفر الفاتح الذي يكاد يصير ، مشبع بالحمرةوالأخضر الفاتح والبنفسج اليسعى الفراغ إلى إضاءة حواف الرموز ، وهكذا. أبيض في المستوى الأمامي من اللوحة

أو الحروف من دون تكثيف لوني شامل إلا ما نجده في أسفل اللوحة أوفي جزئها السفلي .الأيسر على وجه الخصوص

راغ بصريا انطلاقا من توزيع النظر من الأعلى إلى ينبني الفوعلى هذا النحو، في سبيل إيضاح المعالم العمرانية التي تتبدى من وراء التشكيل ، الأسفل أو العكس

ويلاحظ أن الملء يحقق . الصيني أو تفعيل المد الحروفي من وراء التشكيل المغربي للخطفي هذا الموضع قد وصل حدا من نظرا لأن الفراغ ، انتشارا أكبر في أسفل اللوحة

.التفجير اللوني بفعل الحمولة اللونية المندفعة من الأعلىوإذ يستعين الفراغ على طمس كثافته بتخفيف حدة التوتر ما بين التجاويف العلوية

فذلك من أجل تأكيد ضرورة وجوده عندما تعرف الرؤية التشكيلية تهجينا ، لحدود الحرفذلك أن السيولة اللونية تعيد الحرف . بصريا مع عدد متباين من زوايا النظر لونيا يتقاطع

).ماهية متشكلة باستمرار بفعل الانتشار اللوني داخا سطح التصوير(إلى ماهيته الأولى على إتمام " صيف وهاج"هذا كله يفسر بلا ريب كيف ينفتح الفراغ في لوحة

وعلى تركيب الهامش اللوني بما ، سات الانطباعية من جهةالمشهد الحروفي ببعض اللميتبين مرة أخرى أن البعد الجمالي ، و لأجل ذلك . تقتضيه علاقة التجاور من جهة أخرى

ذلك أن المشهد الخطي يتولد عنه مشهد : للفراغ يتركز فيما يثيره بصريا فيما حوله ليس الفراغ خارجيا "، ومن ثمة. لاماته الأيقونيةطبيعي يحتفظ بعنفوانه التجريدي داخل ع

يقوم الفن الراقي على إدخال الفراغ إلى قلب الملء . ولا هو يناقضه، بالنسبة إلى الملءولعله من هذا الجانب يبدي . 1"سواء أكان ذلك في تفصيل صغير أم في تركيب شامل

لأنه يبدع من ظهر الكتابة ، يحاءطاقة رمزية كبيرة في الإ" وهاج صيف"الفراغ في لوحة حدثا فنيا بأتم محمد خدةوهو ما يجعل من التشكيل الخطي عند . مشهدا تشكيليا موازيا

.لكونه يستوحي من صياغة الحرف فضاء للتشكيل التجريدي، معنى الكلمة

.107.اللغة التصويرية الصينية، ص –فرانسوا شينغ، الفراغ والملء 1

؟ لدى محمد خدةكيف ندرك الفراغ شعرية بصرية داخل التشكيل الخطي ، وإذا ما هي أهم المتعلقات الفينومينولوجية التي يمكن استخلاصها في هذا النطاق ؟و

لا تنفصل ، محمد خدةيتضح جليا أن شعرية الفراغ في التشكيل الخطي لأعمال إذ يدل الإنشغال البصري الذي تبديه الريشة في . إطلاقا عن رؤيته التشكيلية عموما

المختلفة 1"شعرية الممكنات"بالغ بالفراغ بوصفه على اهتمام، تشكيل المشهد الحروفيتطويرا لاصطلاح –Christine Montalbetti كريستين مونتالبيتيعلى حد تعبير

تعني قبل أي شيء سبرا لإمكانات الخطاب "على اعتبار أنها، لمفهوم الشعرية جيرار جنيتإذ ، الح الفضاء التشكيلي كلههذه من مبدإ التشكيل لص" شعرية الممكن"وستعمق .2"المختلفة

وفي ذلك ، قادرا على توليد عدد لا متناه من المشاهد" ممكنا فنيا"يتمظهر الحرف فيها . تكمن حقيقته الجمالية تحديدا

حيث ألفينا الفنان منشغلا بتحريك ، فقد ارتبط الفراغ بتوزيع مجال النظر في اللوحةوكذا من الأسفل إلى الأعلى إلى المستوى الخلفيمامي من المستوى الأ(زاوية النظر وهو ما يجعل البعد البصري متعددا وليس منفردا من باب تعديل المركز ).والعكس أيضا

مما يفسر أن . والتجاور البصري للوحة واستيحاء مراكز جانبية تقوم على التقابل عزل الحرف عن سطح التصوير لا ينشد –تبعا لهذا المنحى المتعدد –الخطاب البصري

.وإنما يبتغي تعالقا فنيا ممتدا بينهما، مطلقا التخوم المرئية للمشهد الحروفي عن تمظهرها المرئي فقط، بل تترك لا تبين

لرائيها مسافة لا مرئية لمخياله يعيد فيها بناء الغياب بقرائن الحضور الموجودة في نسيج ول الأثر الكتابي ضمن المتعلقات البصرية للخط، على اعتبار أن مما يفسر مفع. اللوحة

مما .3"أن يبين نبضات اللامرئي الذي تسبح فيه الأشياء جميعا، الرسام يستطيع كل مرة" .يدل أن فعل التدوين شاهد على المحمول واللوني الذين تختزنهما ذاكرة الفنان البصرية

وائل بركات، دمشق، دار الرحاب،. غسان السيد و د.د .ترنحو شعرية منفتحة، –كريستين مونتالبيتي، جيرار جنيت 1 . 25- 24.، ص2000، 1.ط .24.المرجع السابق، ص 2 .104.اللغة التصويرية الصينية، ص –اغ والملء فرانسوا شينغ، الفر 3

مشهدا طبيعيا يرتسم عبره التشكيل " لأردنضفاف ا"في لوحة ىلا غرو أن نرفوالزرقة أن التواشج اللوني بين السواد ذلك . الخطي حقلا بصريا خصبا لشعرية الفراغ

قد أضفيا على التمظهر الحروفي ، من جهة وبين البياض والألوان الترابية من جهة أخرىمكتوب "اتسم الفراغ في لوحة كما . مرونة في توسيع مجال الإدراك البصري والجمالي

في سبيل تحويل ، بتعميق الأثر المحيط بسواد التدوين –بالموازاة مع ذلك –" النهاروكأن الحروف علامات تتحرك ، المرتكز الجمالي من المركز إلى أطراف زوايا اللوحة

لونية مما يؤشر على أن الفراغ أبعد من أن يكون صباغة . مثل عباد الشمس 1"الرمل"في وإنما يبتغي أن يكون مشهدا موازيا للتشكيل الحروفي بحيث يغدو ممكنا شعريا . وحسب

وصفرة الرمل إلا أثرا من هذا ما التناوب بين الأحمر البنيو. ضمن الفضاء التشكيلي .الإمكان الشعري الذي يكتسح أبعاد اللوحة البصرية

، إذ يحاكي امتدادت الخط "حرف وشدو" ويتحمل الفراغ تبعاته الزخرفية في لوحةالزوايا التي مع فيكون الانتشار اللوني بذلك متجاوبا. المغربي في المستوى الأمامي

بفعل ، ولقد أبان نسق هذه الأشكال. تصنعها رؤوس الأشكال الهندسية من المستوى الخلفيه إلى الوعي يوالزخرفي ف تطويع الوعي الهندسي"على ، اقترابها من هندسة الخط الكوفي

: ومن ذلك يمتح الانشغال التدويني مبرراته الجمالية ومسوغاته الزخرفية . 2"التدوينيولذلك يأتي الفراغ ليمنحها الامتداد الميتافيزيقي المناسب ،فالكتابة رسم يتشكل هندسيا

ته بقدر ما يترك بعضها عتما رلا ينشغل الفراغ بإظها، ومن ثمة. لتوتر الحدود والحافات .للرائي كي يقبض على لامرئيتها داخل تمظهراتها المرئية

حيث يتخذ التدفق اللوني ، أيضا" صيف وهاج"وهو ما تستعيده مجازا لوحة بحيث تتحول ، فيها مجالا لاندماج الفراغ مع حركة العلامات الخطية) الأحمر الأرجواني(

لا يبين الفراغ إلا ، ولأجل ذلك. تدفق على ما هو مرسوم قبلهاالكتابة إلى سيولة لونية ت

ذلك الذي يقرأ أي Géomancien " ضارب الرمل"بكونه، خدةالفنان ) 2003-1920( محمد ديبيصف الكاتب 1

:ينظر ..." العلامات في الرمل Michel –Georges Bernard , Khadda , p.119.

.135.مالية للخط العربي، صشاكر حسن آل سعيد، الأصول الحضارية و الج 2

والرائي في أثنائها يحدس تمظهر العمران بالموازاة مع ، عن ممكنات انتشاره في السطح .زخرفة التخوم التي تصنعها العلامات الخطية

لي هكذا يتضح أخيرا أن الفراغ يستوحي شعريته البصرية انطلاقا من الأفق التشكييدفع هذا المسار الخطي إلى تأمل حواشي و. الذي ينضوي ضمنه مسار الخط عموما، وهو 1"فالفراغ يشكل كيانا حيا مقابل الملء. "اللوحة بوصفها مشهدا طبيعيا قائما بذاتهنتيجة أن الخطاب ، خصوصيته الجمالية محمد خدةما يمنح التشكيل التجريدي لدى الفنان

فهو لا يهتم بغير . في عنده لا ينفصل عن الإدراك البصري لتشكيل اللوحة عموماالحرووفي أثناء ذلك تتشكل العلامات الخطية من قلب الفراغ مقتفية حدوسها اللونية ، التصوير

.ذات التمظهرات المغربية نحاول أن نثير فينومينولوجية التدوين بوصفه فاعلية بصرية ،ولهذا السبب

التي " الخصوصية الجمالية"انطلاقا من هذه ؛وموروثا ثقافيا ضمن الفعل التشكيلي ذاتهفحتى وإن فصل الفنان مادة الحرف . محمد خدةتتسم بها ظاهرة الحروفية عند الرسام

فإنها تظل تختزن شيئا من ميتافيزيقيتها التي، عن قيمتها التعبيرية لصالح هاجسه التشكيليعلى حد ، 2"فنحن نحمل عبء التقاليد على عاتقنا. "لا تستطيع يد الفنان أن تمحوها تماما

مما يدل أن فعل التدوين ). Clyfford Still )1904-1980 كليفورد ستيل تعبير الفنانعلى الرغم مما يعتريه من تحوير وتعديل داخل الفضاء ، لا يتنصل عن مرجعيته

سعى إلى إيضاحه من خلال مساءلة النسق التشكيلي للمشهد الحروفي وهو ما ن. التشكيلي .وأبعاده المعرفية عبر المبحث الموالي

.80.اللغة التصويرية الصينية، ص –فرانسوا شينغ، الفراغ والملء 1

2 Alain Bonfand , L'art abstrait , p.110.

إن مقاربة الهوية في التشكيل الخطي هو من قبيل إدراك مقاصده الدالة ضمن التجريدي تسترعي الانتباه من حيث ذلك أن ظاهرة الحروفية في التشكيل . فضاء اللوحة

أن مزية المشهد ، ينضاف إلى ذلك. توزيعها البصري ومستويات تمظهرها تقنيا ولونياالحروفي تكمن أساسا في طريقة استغلاله للفضاء التشكيلي وكذا رؤيته لشكل الخط ضمن

أن يستمد – 1ةوالحال كذلك في جميع التجارب الحروفية العربي –فلا مراء إذا . كل ذلكمسوغاته الفنية من معين الثقافة التشكيلية التي محمد خدةالتشكيل الخطي لدى الفنان

وهو ما . تكون في حضنها سواء في تقاليدها الغربية أوفي موروثها المحلي والعربي حاضرة في إدراك العمل الفني وبناء )الغربية/المرجعية العربية(هذه الثنائية يجعل

.ذي يصدر عنه المشهد التجريديمكوناته ضمن النسق الويعمل على ،الخط المغربي خدةيتعاطى الخطاب الحروفي لدى الفنان ، من هنا

فالفنان يخلق سيميوطيقا . "تطويع نسقه تبعا لما يقتضيه التشكيل التجريدي لكل لوحة" التركيب"ن خلال تنسيقها خاصة به ويؤسس تعارضاته في خطوط يضفي عليها الدلالة م

وهو بذلك لا يتسلم قائمة من العلامات جاهزة قبليا معترفا بها في ضوء العقد البيئي ولا دو الخبرة التشكيلية متفردة في أدواتها وفي من ثمة تغو .2.."هو يقوم بتأسيس قائمة أيضا

محمد الأسلوب الفني لدى الفنان وهذا ما يطبع، رؤيتها وفي تعاملها مع العلامة التشكيلية .خدة

أن التشكيل ، من خلال النماذج المدروسة في المبحثين السابقين، ولقد اتضح لناإلى الموروث الثقافي المحلي الذي طبع –فيما يستند إليه –الخطي عند هذا الفنان يستند

".الحروفية العربية تكونت أساسا كمجموعة من التجارب الفردية"أن شربل داغريشير 1 .52.فن وهوية، ص –الحروفية العربية : ينظر كتابه .291.دراسات في بنية الفن، ص: بلاسم محمد، دراسات سيميائية في الفن التشكيلي، ضمن مؤلف جماعي 2

. شرة في الغرب الجزائريفي دور الكتاتيب والزوايا المنت )تحديدا 1الفاسي(الخط المغربي فقد انتشر التدوين بهذا الخط وبالحبر المصنوع على الطريقة التقليدية ردحا من الزمن

ولذلك نرى في . حتى صار سمة تلازم تحفيظ القرآن الكريم على اللوح الصلصاليفرس كيلي اليد على نحو تش 2استثمار هذا الموروث الثقافي خبرة بصرية أصيلة تستعيد

اهتماما ، بإشكال التدوين داخل سطح اللوحة خدةوهو ما يترجم اهتمام الفنان . مغايرنلمح فيه بحثا تشكيليا عميقا يكاد يكون حفرا معرفيا في تمظهرات الخط المغربي الفاسي

.وفي إمكانات صياغته اللونية المختلفةا يحاول أن يستقصي في أثنائها المشهد هكذا نلاحظ أن الكتابة تأخذ منحى تجريدي

لمنتشرة ا 3ذلك أن فعل التدوين يسكن المحايثة. التشكيل أبعاد السطح التصويري اللامرئيةفالمشهد الحروفي بوصفه خطابا . ويعانق الرؤية التشكيلية لدى الفنان، في نسيج اللوحة

عالقا تشكيليا يغدو بموجبه الحرف وإنما ينشد ت ، لا يبتغي المحاكاة الأيقونية مطلقا، بصريانمط الصورة التجريدية يقوم على "ذلك أن . علامة جمالية مفتوحة ضمن نسق اللوحة العام

في خلية الشيء المرئي الواقعي لتوليد علاقات ومن ثم تكوينات غير " التعيين"خلخلة ما نعتقد حصوله في وهو . 4"مرئية وتحفيز نظام الإدراك لدى المتلقي على تغيير مساره

ويمتاز باستدارات في حروف النون والياء الأخيرة والواوات ) المغرب(الخط الذي عرف في مدينة فاس "الفاسي هو 1

".بالنقط الموضوعة على جميع الحروف النهائية واللامات والصاد والجيم و يتميز عن الخط القيرواني .116-115.عفيف البهنسي، معجم مصطلحات الخط العربي و الخطاطين، ص: ينظر

:ينظر. تأثير في عموم منطقة الغرب الإسلامي في تطور الخط المغربي، منذ العصر المريني لمدرسة فاسولقد كان .39.تاريخ وواقع وآفاق، ص – عمر أفا و محمد المغراوي ، الخط المغربي -و سمي السفر سفرا لأنه يسفر عن وجوه المسافرين و أخلاقهم ": سفر"، في مادة لابن منظور" لسان العرب"جاء في 2

وصحب، سفرت أسفر سفورا خرجت إلى السفر فأنا سافر وقوم سفر، مثل صاحب : و يقال . فيظهر ما كان خافيا منها ...وسفار مثل راكب و ركاب

.مجال للظهور والتجلي، وإلى ذلك يقصد المعنى الفينومينولوجي أعلاه" السفر"ويتبين إذا أن هنا الانتشار الباطني للمسة الريشة داخل اللوحة، إذ يصنع التدوين مسوغاته الفنية الذاتية و لا يلتمس " المحايثة"تفيد 3

في قد كتب، وهو بول كليأن الفنان –في هذا الصدد –ميرلوبونتي ويذكر . ل التدوين نفسهمبررات خارجية عن فع :ينظر كتابه ..". يتعذر القبض علي داخل المحايثة:" السابعة والثلاثين من عمره، هذه الكلمات التي نقشت على قبره

- L'œil et l'esprit , p.87. .337.كيلي، صبلاسم محمد، دراسات في الفن التش 4

حيث يترك الرائي مرتبكا أمام تشكيلاته الحروفية ضمن المشاهد ؛محمد خدةأعمال الفنان .بل يتوسل التأويل في سبيل بناء المعنى، يظل النظر متمما للتأملإذ . التجريدية

تطرح هوية التشكيل الخط مستويات متباينة من الإدراك الفينومينولوجي، ، وعليهقصد استيفاء بعضا من حقيقتها ، نحاول مقاربتها جماليا من خلال اللوحات السابقة دوما

تفضي إلى محمد خدةا من شك في أن معاينة المشهد الحروفي عند الفنان مو .الجماليةلعل أبرزها يتمثل في الصلة الموجودة بين الحدس البصري والمدرك ، تساؤلات متعددة

العلاقة التي تحكم المعطى ، أو بعبارة أخرى .ي ينتهي إليه الفضاء التشكيليالتخيلي الذونحسب أن الارتكاز على . البصري للحرف بدلالته التأملية داخل النسق التشكيلي للوحة

سيمكننا من استيعاب التمظهر الفينومينولوجي لإشكال الهوية ، هذا النوع من التساؤل .خدة محمدالخطية عند الفنان

، "الأردن ضفاف"(إذا ما اقتربنا من الفضاء التشكيلي لكل من اللوحات السابقة ألفينا حدوده البصرية خاضعة في )"صيف وهاج"و، "حرف وشدو"و، "مكتوب النهار"و

إذ ينظم هذا الأخير الحدس البصري للوحة وفق . غالب الأحيان إلى نسق الهامش اللونيومن ثمة يأتي الخطاب الحروفي في . دراكية للمشهد التشكيلي عموماما تعاينه الرؤية الإ

أي "بحكم أن –لينجز مطلق الانتشار المكاني فوق تخوم ذلك الهامش اللوني ، أثناء ذلكوهو ما يتبينه الرائي . 1"تصوير على سطح اللوحة هو بهذا الشكل أو ذاك تجسد مكاني

حيث تمعن الحروف القلب ، وزاوية اتجاهها داخل اللوحة في تموضع الصياغة الحروفية والتدوير حينما يرتكز ظهورها على سيميائية اللون في سبيل تخريج المحمول الهندسي

" الأردن ضفاف"مثلما نراه في حجم التدوين وتقاطيعه السوداء في لوحة . والزخرفي منه. ور المجازي الذي يصوره المشهد التجريديحيث تتوجه الحركة ناحية الزرقة تمثيلا للعب

وإن خف حجم الخط بفعل تكاثف ، التي" مكتوب النهار"ومثل ذلك نراه أيضا في لوحة ، فهي تظل تتمثل إيقاع الحركة من خلال سير المدود في اتجاه اللون، العبارات فيما بينها

.ا التي تصنعها مساحتها اللونيةوكأن الفضاء الذي يحويها ضيق عن احتواء زخرفته

.76.يوماتوف، لغة الفن التشكيلي، ص. ف/ كوستين . ف 1

حيث تصنع ، بمنأى عن هذا التخريج الزخرفي" حرف وشدو"وليست لوحة التقاطعات الهندسية بطبقاتها اللونية المتباينة امتدادا نحو الباطن لأن التشكيل الخطي

أما . يةمأسور داخلها وحركة مدوده لا تملك غير التناغم الباطني داخل هذه الأبعاد الهندسحتى ، فتبتغي تخريجا كاليغرافيا ضمن السيولة اللونية المتدفقة" صيف وهاج"لوحة

إذ الاستمرار فيما يشبه . يتمظهر الخط مجالا خصبا للعمران يستنفذ داخله قبل خارجه .الحركة العمودية ينتهي حتما إلى الأفق الذي تنصهر عنده جميع التخوم المرئية للخط

في –يتمظهر التشكيل الخطي حدسا بصريا يتغذى ذا النسق الهندسي، وتبعا لهذلك أن الحدس هنا في مستوياته القصدية . على بلاغة النظر المتأمل –جانب كبير منه

فهل . داخل زوايا الخط المرسوم يظل يتوسل كشف الحجب عن تراكمات التدوير والمدهل يمكن للتدوين أن يطمس ذاتيته ، و بعبارة أخرىكان التدوين رسما يمحو يد صانعه ؟ أ

على سبيل المعنى الاستعاري الذي يستدل فيه الفاعل بقرينة تدل عليه ؟لا يغيب ذاتيته " الخدي"نعتقد في هذا المقام أن فعل التدوين في الخطاب البصري

كنا إستيطقيا يدعو رائيه بل نراه يتضايف معها على نحو تغدوفيه مم، مطلقا" الميتافيزيقية"مثلما تفعله بعناية لطيفة (فتسارع الحروف وطمس بعض حدودها . إلى التأمل والتحاور

اختبارا عميقا يختبر محمد خدةكل ذلك يؤشر على أن الفنان ، )"حرف وشدو"لوحة وينيي التدبل إن اليد تختبر قدرة الريشة على الوع. رعشة اللمسة ضمن تكوين الخط

ثمة ريشة ما وراء الريشة وحبر ما وراء "وكأنه . وتعمل على توسيع مدركاتها التخيليةضفاف "الذي تنكتب به حروف ، إذ ليس السواد. فرانسوا شينغعلى حد تعبير 1"الحبر

حا وإنما نراه دالا تشكيليا مفتو، محمولا لونيا فقط، "مكتوب النهار"أو عبارات " الأردن .على الإدراك غير اللوني أيضا

، ذلك أن بلاغة السواد البصرية تترجم هنا مدركا جماليا مقترنا برؤية الفنان أساسا). خارج الحرف وحدوده(ويترك ما سواه يظهر ) باطن الحرف(حيث يحجب السواد نفسه

. نتشار على سطح اللوحةفهو يوازي تمظهره المرئي لكي يفسح لشكله مجالا أكبر للالا يملك السواد الاتساع إلا من خلال (ونحسب أن السواد يمحق ذاته لأنه مهدد بالفناء

85.اللغة التصويرية الصينية، ص –فرانسوا شينغ، الملء والفراغ 1

حدوده الخارجية أما حدوده الباطنية تعرف الضيق بسبب أن حد الحرف يناوئ دوما معناه ا خارج التوقع ومحفوظ سره مكتوباالمقروء ويفضل أن يكون غير مجلو حتى يبقي على

؛"مكتوب النهار"و " ضفاف الأردن"ويمكن أن نلاحظ ذلك بوضوح في لوحتي . )المألوفحيث يكون رصف الحروف في اللوحة الأولى في اتجاه يشتت مقروئيتها ويمنح السواد

فالحروف مقلوبة على رأسها وسوادها . شكل التوقيع المبهم الذي يتعذر تقليده بشكل دقيقواه من المساحات اللونية التي تأتي خلفهمبإظهار ما س نوكذلك الأمر في اللوحة . فتت

وكأن الريشة تريد التخلص مما هو ، إذ لا ينشغل السواد بغير تكرار التدوين، الثانية .موجود في بطنها دفعة واحدة

ن هذه اللوحات م –يمكن القول إن كل مشهد حروفي ، وانطلاقا من هذا الاعتبارتبعا لهذا –كل رسالة "وأن . يمثل مستوى تذوقيا في تمرين اليد على الكتابة –المذكورة

،صحبة أبجديتها، "لغتها من التشكيل"يمكن أن تكون لوحدها فقط –المستوى التذوقي هراته يشق فعل التدوين سبيله إلى تشكيل تمظ، ولأجل ذلك. 1"وبلاغتها، وكفاءتها

تغدو هوية ف. الفينومينولوجية من خلال ما يضفيه الفنان عليها من لمسات لونية متميزةإذ لا نعدم لظاهرة . محايثة لرؤيته الفنية حصرا خدةالتشكيل الخطي عند الخطاط

–الحروفية لدى هذا الفنان من حضور ذاتي يطبع البلاغة البصرية لسطح اللوحة كلها ا اعتبرنا النسق التكويني للخط مكونا مندمجا مع بقية العناصر الفنية الأخرى لاسيما إذا م

.التي يتألف منها المشهد التجريدي، ؟ والأهم من ذلك" الخدية"كيف ندرك جماليا محمول هذه الهوية التشكيلية ، وعليه

ماذا يمكن ، عبارة أخرىما هي التخوم الميتافيزيقية التي يقف عندها التشكيل الخطي ؟ أو ب أن يمنحه الخط إلى رائيه فينومينولوجيا ؟

لا شك أن ما يصنع الحقيقة الجمالية في بناء المشهد الحروفي هو قدرته على تحويل المرجعية البصرية للخط المغربي إلى فعل تشكيلي مطواع ضمن الفضاء

فصل عن بلاغة المعيار في وهو ما يجعل المدرك الجمالي للحرف غير من. التجريدي

1 Jacques Du Bois et autres , Images : iconique et plastique sur un fondement e la sémiotique visuelle , in : Rhétoriques sémiotiques , Op. cit , p.189.

بديلا تشكيليا عما هو –بموجب ذلك –سبيل استيحاء ممكنات بصرية موازية تكون هذه " أركيولوجي" خدةونعتقد في هذا الصدد أن الفنان . موجود في الذاكرة البصرية

يا نراه بحثا معرف، ذلك أن الحفر في صور الخط ضمن البعد التجريدي:الذاكرة البصرية .وتقنيا في كيفيات الإدراك الجمالي للخط تحديدا

إذ نلفي . يطرح التشكيل الخطي إشكال تخومه المرئية واللامرئية داخل اللوحةولذلك يظل . الخط مستغرقا في إظهار تجلياته البصرية الهندسية في المشهد التجريدي

مما يفسر . الذي تتألف منه اللوحةالمحمول المعرفي للخط مطمورا داخل النسق التشكيلي أن المشهد الحروفي لا يخلو ميتافيزيقيا من دلالة مقصدية يتقاسمها مع بقية المكونات

فلا ريب أن البعد النسخي الممتزج بصنوه الكوفي لظاهر في لوحة . التشكيلية الأخرىبار الجمالي لدى بحيث يغدو الوضع المرسوم للحرف حقلا للاخت، "ضفاف الأردن"

إذ يستوحي المشهد التجريدي من الهامش اللوني خريطة طبوغرافية لأرض . المشاهد " الجغرافية"يصنع الحرف هويته ،وفي أثناء هذا الاختبار). ضفاف الأردن(الشرق

.ويسرد إمكاناته اللونية العريقةلتشكيلية للفنان تبتغي تحصين أ فليس في قلب اتجاه الحروف ما يترجم أن الرؤية ا

بغض النظر عن ) وكأنها تعويذة النظر(حدوسها البصرية ضمن المرجعية التراثية العربية اندراج المشهد الحروفي مدركا جماليا في بناء اللوحة ؟

يستبطن إليه أبعاده الهندسية " ضفاف الأردن"نحسب أن التشكيل الخطي في لوحة فإن ، ومن ثمة. تمظهراته اللونية و الزخرفية تبعا للمدرك التخيلي للرائي في سبيل تخريج

إنما هو من )"حرف وشدو"و" الأردن ضفاف"مثلما نراه في لوحتي (وشي الحروف بالنقط إذ لا . ممكنا فينومينولوجيا –باستمرار –قبيل تنويع المدرك البصري على نحو يغدو

الحروف وعكس اتجاهها حدسا بصريا يختبر معنى التخوم المرئية نعدم أن يكون قلب ).فاللامرئي من تمظهرات المرئي الباطنية(واللامرئية

ويبتغي ، مواطنه المعرفية محمد خدةهكذا يهاجر المشهد الحروفي لدى الفنان مما . لية تجريديةاستدراكا جماليا يقع على عاتقه تحويل الخبرة البصرية إلى خبرة تشكي

لدى الفنان يحايث مدلول الحدوس " الهوية الخطية"أن تحديث –مرة أخرى –يفسر

: اللغة البصرية تجهل الإسناد الخارجي "ذلك أن . البصرية المتراكمة عبر خبرته الفنيةمن دون أن يكون بمقدورها أن ، إذ خصائص الموضوعات كلها مدركة ضمن تمثيلها

،يتحرى الخطاب البصري للتشكيل الخطي ذلكول. 1"ضوعا لفعل خطابي مستقلتكون موولا يحضر مطلقا بمعزل عن المساحة اللونية ،هذا التعالق الفني ضمن المشهد التجريدي

مكتوب "وهو ما يلاحظه الرائي في لوحة . التي يتركب منها الفضاء التشكيلي للوحة. إذ يصنع الهامش اللوني حركة عباراتها المتزاحمة، رعلى سبيل المثال لا الحص" النهار

غير أن ففعل التدوين هنا يستدعي حدسا بصريا من متعلقات الذاكرة البصرية للفنان،المشهد الحروفي لا يقوم على المحاكاة الأيقونية بقدر ما يدخل ضمن مواصفات المشهد

.التأملي لفعل التدوينحيث يضطلع ، لخط مسارا تأويليا في نسيج اللوحةيتخذ ا، وعلى هذا الأساس

من بعض –وهو ما يفسر . المشهد الحروفي بتكوين الدلالة التشكيلية لسطح اللوحةلايبقى "و مفادها ، محمد خدةدلالة الجملة التي تتوسط غلاف الكتاب للفنان –النواحي

نعتقد أن فعل التدوين يحتكر المعنى إذ . 2"على الفنان إلا أن يتنحى بألوانه أمام الكتابةحيث تقوم مقصدية الخطاب ، التشكيلي ويأخذ بنصيب كبير من الموضوع الجمالي

البصري على حدس المعنى انطلاقا من نسق الحرف وحسن فهم تكوينه التشكيلي لدى .الرائي

1 Catherine Kerbrat – Orecchioni , L'image dans l'image , in : Rhétoriques sémiotiques , Op. cit , p.198-199

:والكتاب المقصود هنا. فصل الثانيوسبق أن أدرجناها في المبحث الأول من ال، حسن المسعوديالعبارة للخطاط 2Feuillets épars liés.

محمد دى الفنان ماذا يمكن أن نستخلصه فينومينولوجيا من التشكيل الخطي ل، وعليه

؟ خدةيجيز لنا ، إن ما توصلنا إليه من معطيات ضمن المباحث الواردة في هذا الفصل

القول بأن ظاهرة الحروفية لدى هذا الفنان تؤلف نسقا دالا غير منفصل عن المشهد نان يتحمل الحرف إرثا ثقافيا يحاول الف، ومن ثمة. التجريدي وتشكيله البصري واللوني

كما يتضح أن . استثمار أبعاده الهندسية والجمالية ضمن الفضاء التشكيلي للوحة خدةذاتية إلى حدوس بصرية تكشف عن الأفق ، الصياغة اللونية لحدود الحرف تخضع

.التخيلي الذي يتمظهر من خلاله الحرف لدى رائيه المتأمل") الفاسي/المغربي"ذو المظهر (هد الحروفي يتسم المش، وانطلاقا من هذا الاعتبار

مما يدل أن هناك بحثا معرفيا . بالدلالة التشكيلية المنفتحة على مصادر تراثية متباينةوهو ما . تنامي مستويات إدراكها الجمالية من قبل الفنانووتقنيا في أثناء تشكيل اللوحة

على المساحات اللونية التي ينضوي الفراغ شعرية بصرية –في الوقت نفسه –يضفي يصدر فعل التدوين عن خبرة فنية هذا النسق البصري، ل تبعاو. ضمن أفقها التشكيلي

وهو ما . تحسن دمج المحمول المعرفي إلى الخامات اللونية المنتشرة على سطح اللوحةولذلك . الفضاء التجريدي للوحةنحسبه وعيا بصريا عميقا بمكونات التشكيل الخطي داخل

يساوق البعد الهندسي للكتابة الدلالة التجريدية التي تتحرك داخلها التخوم المرئية .ومن هنا تكمن حقيقتها الجمالية حصرا، واللامرئية للخط

" بإنتاشات جديدة مبذورة تعد باستمرار كل نقطة كحبة كونيجب أن ت" الفراغ والملء/ هونغ- بين هوانغ

كيف نستوعب إذا التمظهر الفينومينولوجي للموضوع الجمالي كما ورد في فصول هذا البحث ؟ وإن شئنا القول، كيف نتمثل التصور الفينومينولوجي للظاهرة الجمالية

ة التجريد تخصيصا ؟عموما و لظاهرلقد تبين لنا أن الإدراك الجمالي لظاهرة التجريد لا يزال يتعثر في ممكنات الحوار

وخبرته حضوره القصدي من تأمل المشاهد المرئي الذي يكفل للمظهر التجريديتذوق اللوحة التجريدية قاصرا على إدراك –بموجب ذلك –ولقد ألفينا . الحدسية

ة ؛ لأن المعايير الكلاسيكية التي تخضع لها الذائقة الفنية السائدة لم تصل مقاصدها الدالالفعالة مع العلامة البصرية ذات 1المعرفي الذي يخول لها الاستجابة الجمالية" النضج"إلى

لم ينتج المشهد التجريدي الجزائري ، وعلى هذا النسق. الأشكال التجريدية المختلفةيقية على نطاق واسع من الاستقبال الجمالي إلا ما تحركت في خضمه ممكناته الاستط

محمد خدةلم يكن عمل الفنان ، ولأجل ذلك. هواجس النخبة المنتجة لهذا الفن تحديدابين " المتذبذبة"عن آثار المواجهة -مثلما كان شأن أقرانه الفنانين المعاصرين –بمنأى

وما ) الشخصية والجماعية(لتوقيت المعارض الفنية حضور المعنى التجريدي وغيابه تبعا هوجرحولها" الإشهار النقدي"ي.

يتحمل تخلف الوعي البصري وزرا كبيرا من هشاشة الثقافة البصرية أمام ، وعليهبل إن الضرر يشمل العلامات البصرية –أبجديات اللوحة ومكوناتها الفنية والجمالية

الجمال الذي يظهر في السلوك الجماعي، شبه غائب في مجتمعنا الجزائري، ويبقى العكس " أن الصادق بخوشيعتبر 1

حالات منفردة ونادرة، يستوي في ذلك الإنسان العادي، والإنسان المتعلم، وربما الذي يحمل شهادات عليـا ويتقلـد أسباب غياب السلوك الجمالي، والشعور الواعي به، هو غيـاب الثقافـة ونعتقد أن من . المناصب المرموقة في المجتمع

ومن ثمة فإن الاستجابة الجمالية التي نتحدث عنها في النص أعلاه غير مرتبطـة ". الجمالية، وتوتر علاقة الفرد بالمكان: ينظر. عي الجمالي الجزائريعام لم يعرف بعد تمثله في الو" سلوك جمالي"حصرا بظاهرة التجريد، و إنما تؤشر على .56.الصادق بخوش، التدليس على الجمال، ص

مظهرا طبيعيا يؤصل فضاء المجتمعات 1"العمى البصري" جمعاء بعدما صرنا نعيش ...المتخلفة وأنماط تواصلها المختلفة

من خلال عتبتي العنوان ، قد أظهرت مقاربتنا للتكوين التشكيلي لظاهرة التجريدلمما يدل أن بناء الرؤية . أن هناك تحاورا وتعالقا عريقين بين الشعر والتصوير، والتوقيع

فقد كان الفنان ينحت . لتشكيلية لا تختلف إطلاقا عما يتشكل في رحم الأجواء الشعريةاولقد تجلى ذلك تجليا واضحا في ديباجتها . عناوين لوحاته من صميم قراءاته الشعرية

، حيث ألفيناه يجمع بين حدسه اللوني وحدسه الشعري، اللغوية وفي صباغتها اللونية أيضا. لعنوان بكل المجازات البصرية التي تمنح التأويل خصوبته الرمزيةفي سبيل اغناء ا

علامة بصرية أخرى لا تسلم من المقصدية الدالة بحكم –إلى جانب ذلك –ويأتي التوقيع .تمظهراتها الفينومينولوجية المتميزة

الرسام موضوعا جماليا يختبر فيه " الزيتون"فقد أضحى ، وانطلاقا من هذا الاعتبارإذ يغدو أيقون الزيتون موضوعا لتجريد . إمكاناته الفنية كلها في أثناء تشكيله للوحة

حيث تفرض المحايثة الاستطيقية نفسها في ، )التعالي الفينومينولوجي للموضوع(الإنسان محمدوغيابه في التصوير التجريدي لدى هذه المفارقة المتمثلة في حضور الموضوع

مكونا –إثر ذلك –ك من خلال تجرد الزيتون من مظهره الطبيعي وعودته وذل: خدةهذه التمظهرات المرئية خلال ومن. بنويا ومدركا تخيليا في تشكيل المشهد الطبيعي وبنائه

يمتح الزيتون بلاغته البصرية من نسغ علاماته الأيقونية التي تستعير الكتابة ، واللامرئية .تشكيليا لها نسيجا

محمد خدةولقد اتسمت ظاهرة الحروفية بزخم رموزها التراثية في مشهد حيث يقتفي فعل التدوين لدى هذا الفنان ما راكمته ذاكرته البصرية من خبرات ، التجريدي

–مما يفسر أن ظاهرة التجريد تستند مرجعيا . هندسية ولونية تفاعل معها مدركه التخيلي

إنتاج إبصار بدون رؤية ليس في حقيقته سوى إعادة إنتاج ضرارة كثيفة، عمى قد "أن Paul Virilio بول فيريليويرى 1

الرؤية في المجتمع الغربي، وإذ يتحدث الناقد هنا عما آلت إليه". تصنيع عدم الرؤية: يصبح أحدث وآخر شكل للتصنيع :ينظر . بشكل عميق نتيجة الأمية البصرية المتفشية" العمى"فإننا نرى أن وضع المجتمعات المتخلفة ينجز هذا

.163.، ص2001، 1.ط حسان عباس، دمشق، دار المدى،.د. بول فيريليو، ماكينة الإبصار، تر

إلى نسق الكتابة بوصفها مقصدا دالا يختزن المكتسبات الرمزية –إليه فيما تستند .الإنسانية كلها

كيف ندرك إذا إستطيقية التجريد من منظور فينومينولوجيا الفن ؟ وما هي الممكنات الفينومينولوجية التي تستجيب لها جماليات الخطاب البصري ؟

و الصلة العميقة الموجودة بين الحدس إن ما يستأثر بالاهتمام في هذا المقام هالبصري بوصفه معطى حسيا قائما على الخبرة الإدراكية والمدرك الجمالي بوصفه

ومن ثمة يتأسس . تأمليا قائما على الخبرة القصدية بالموضوع الجمالي/ معطى تخيليالي لدى الرائي تجاه الاستطيقي فينومينولوجيا على ما يحرك المعنى الجما/السؤال البصري

مما يجعل الإدراك الجمالي عتبة يتحقق . تأمله العمل الفني الذي هو بصدد محاورته و .عندها التأمل بمختلف تمظهراته الفينومينولوجية

وبهذا التحديد المعرفي، لا غرو أن يكون التجريد مستوى إدراكيا يستعيد من خلاله فتغدو عندئذ خبرة . ه طبقاته البصرية اللامرئيةالشكل صورته الرمزية التي حجبتها عن

ذلك أن البحث عن المعنى . النظر مجالا لاختبار الدلالة المقصدية للخطاب البصري برمتههو تفعيل المعطى الغائب من مدركاتنا التخيلية حتى )أو ماهية المعنى إذا صح القول(

التجريد بهذا المعنى حدسا أصيلا أفلا يكون . ينال حظه من التجلي في وعينا الجماليألا يغدو التجريد ، للظاهرة الجمالية في لحظات انبجاسها الحسي والتأملي ؟ بعبارة أخرى

اختزالا مجازيا في رؤية الشكل وبناء خبرته –في ضوء هذه المقدمات الفينومينولوجية – اللغوية على مستوى الوعي القصدي ؟

فهو ، جريد خطاب لا يمتثل معناه خارج مظهره الرمزينعتقد في هذا الصدد أن التمما يدل أن ما يفترضه الإمكان . الخاصة به 1"أسطورته"يقتصد في شكله في سبيل بناء

ليس غير إمكان مجازي يتوصل إليه التجريد في ، الفينومينولوجي حدسا تأمليا للوعييستقصي خبراته الإدراكية من –جانب من هذا ال –فالموضوع الجمالي . حقيقته الجمالية

لا ينفصل الإرث ، ولهذا السبب. كنه العلاقة التذاوتية الناتجة بين المشاهد والعمل الفني

:ينظر ..".مقبول يمكن اعتباره مبدعا للأساطيرأي تصوير "استندنا إلى العبارة التي ترى أن 1 Charles-Pierre Bru , Esthétique de l'abstraction , p.328.

البصري عن التأمل الجمالي في كل ما يقيم نضارة الدهشة التي قد يدركها الرائي في .غمرة حدوسه الكشفية

جا ضمن ما يرفع الإدراك التجريدي إلى فقد كان الإشكال المعرفي للتجريد مندملم يكن الاستقبال الجمالي منفصلا عن انتظارات ، ولأجل ذلك. لغة الفهم وحسن التأويل

كما لم يكن . الذات العارفة في استخلاص المعنى والاقتراب من تخوم العلامات الجماليةبقدر ما كان ، اللوحة العنوان مجرد صياغة لغوية يستضيء بها النسيج التشكيلي داخل

وهو ما تترجمه علامة التوقيع . والتصويرما بين الشعر يختزن بواطن شعرية عريقةإذ يبتغي . حيث تختصر في تمظهرها الحروفي الإرث الأنطولوجي للفنان، رمزيا أيضا

مش لكونه يحايث الها، التوقيع حضورا مطلقا لا يطاوله أثر الاندثار بفعل عامل الزمنولذلك يأتي التوقيع لاستدراك الغياب الذي يترصد العمل الفني . اللوني من نسيج اللوحة

.إذ يكفي النظر إلى شكل التوقيع حتى يكتمل الحضور الفينومينولوجي، بعد إنجازهوهكذا يتخذ التجريد بعده الاستطيقي حينما يتحول الزيتون من مجرد مشهد طبيعي

وفق هذا –فالتأمل . محمد خدةر مألوفة تسترعي الالتفات لدى إلى ظاهرة جمالية غيمما يجعل أيقون الزيتون . يعاين خبرة المعنى في طبقاتها القصدية –المستوى الإدراكي

مجالا للاختبار الحدسي الذي يستدعي معه تركيزا في الرؤية حتى تتسنى القراءة ء النظر في كل ما يمنحه المشهد التجريدي فالاختبار الحدسي هنا من قبيل امتلا: البصرية

.وهي العتبة التي يفترضها الإدراك الجمالي في مباشرة الموضوع القصدي، للرائيمن هنا، تكون فينومينولوجيا التجريد بناء متدرجا في قصدية الموضوع الجمالي

في الوقت 1"وغائي النظر سلوك قصدي"و(ذلك أن النظر متعلق بالخبرة الإدراكية أساسا ، يذهب الطرح الفينومينولوجي بعيدا في استثمار الرؤية الحدسية للفن، ولأجل ذلك. )نفسه

وهجه المعرفي في بنائه للمعنى انطلاقا من الخبرة الجمالية حينما يستعيد النظرمن المدركات الجمالية التي –تبعا لذلك –وقد كانت تمظهرات الحروفية . عبالموضو

فقد أوغل الحرف في . تحتفل بها العين عند حدس الأشكال الأيقونية في فضائها التشكيلي

1 Gérard Genette , L'œuvre d'art , La relation esthétique , p.141.

تجريد رمزيته و اتخذت الرؤية الحسية لها من المشاهد الحروفية مجازات بصرية يشكل .فيها متخيل الخطاط وعيا تدوينيا سحيقا في تركيب الأشكال والأصباغ

يتسم التجريد الفني بتمظهراته الجمالية التي تترجم وعيا ، واتساقا مع هذه المعطياتمما يفسر أن الظاهرة الجمالية لا . جماليا متفاوتا في طبيعة الرؤية إلى الموضوعات الفنية

وعلى هذا الأساس . تكترث بغير محاورها الذي ينقب عن المعنى في تمظهراته اللامرئيةجية بوصفها تقاطعا إدراكيا يتم بين خبرة المشاهد ومدركاته تنبني الممكنات الفينومينولويتأسس المعطى البصري في التجربة ، ومن هذا الباب. التخيلية تجاه العمل الفني

فالانتقال من حدس الإمكان إلى خبرة المعنى التجريدي ليس إلا تعبيرا : الفينومينولوجية وهو ما يمنح الخبرة الجمالية . قة الجماليةعن مكابدة العناء في الوصول إلى الحقي

غرف أنموذج "فقد –ولاسيما في إدراك خصوصيتها الاستطيقية ، خصوبتها في حقل الفنوفي ذلك تكمن مزية الظاهرة الجمالية في انفتاحها ، 1"من تجربة الفن ميراغادالفهم عند

.على غيرها من الحقول المعرفية فهما و تأويلاا تقدم عن نتيجة مهمة فحواها أن الخبرة الفينومينولوجية للفن تستدعي يسفر م

ولذلك تغتني . بالضرورة وعيا جماليا يضطلع على إدراك الحقيقة الجمالية في العمل الفنيعد الجمالي بما يعضد خبرة الرائي على اكتشاف الب –من هذا الجانب –إستطيقية التجريد

ونحسب أن حسن الفهم يفترض صبرا . لى فهم معطياته البصريةعفي المشهد التجريد وذلك أن . وأناة في تحليل الخطاب البصري الذي يقوم عليه الشكل الاستطيقي للتجريد

يعمل على تجريد الخطاب الفني من ، انشغال الباحث الفينومينولوجي بفهم ما يحدث أمامهمكنات تأويلية ولغوية لفهم العلاقات الجمالية طبقاته القصدية اللامرئية في سبيل إيجاد م

االمحايثة ( 2"فلا قيمة للفن إلا بتعبيره عن حقيقته المحايثة."التي تحويها لغة الخطاب الفنيثم تحول معنى هذه المحايثة إلى المشاهد في قراءته ، الموجودة بين الفنان وعمله من جهة

الدار / ن، منشورات الاختلافلبنا/عمر مهيبل، الجزائر.د .ترجان غراندان، المنعرج الهرمينوطيقي للفينومينولوجيا، 1

).بتصرف( 145.، ص2007، 1.ط ناشرون، –العربية للعلوم 2 Koribaa Nabhani , Essai d'une détermination esthétique de l'humain , Thèse principale de doctorat Es-lettres , Université de Paris , Faculté des lettres et sciences humaines , 1964 , p. 104.

جهدا كبيرا حتى ينحت 1غولدموندقد كابد ف، ولهذا السبب). للعمل الفني من جهة أخرىوهو ما يماثل . أو على الأصح حتى يصير منحوتا من قبلها عند الاحتضار، وجه أمه

، خدةأيضا تلك الطبقات اللونية الخفية التي يتركب منها النسيج التجريدي لدى الرسام . كل معناهاحيث تتطلب من رائيها إمعان النظر فيها باستمرار حتى يشخبرة الرائي في فهم من ايمتح المعنى الفينومينولوجي حقيقته الجمالية إذ

–تبعا لهذه المعطيات –أفلا يكون الإدراك الجمالي . التمظهرات اللامرئية للعمل الفنيمن هذا القبيل غير إمكان " حسن الفهم"موصولا بخبرة المعنى في كل الأحوال؟ وألا يكون

فينومينولوجي يتكبده الحدس في أثناء التأويل اللانهائي للعلامة الجمالية ؟لا يعدو أن يكون ، نعتقد في هذا الصدد أن ما توصلنا إليه في هذا البحث المتواضع

إمكانا من ممكنات لم يستطع مدركنا الفينومينولوجي أن يوفيها جميعها حقها من الفهم لا يمثل غير خبرتنا الجمالية الذاتية في مقاربة المعنى فما أنجزناه: والتأويل

علينا الاعتذار دوما عند " ولذلك. هرة التجريد تحديداالفينومينولوجي للفن عموما ولظا كوروبصدد مقال له عن الرسام ، بول فاليريعلى حد تعبير ، 2"الحديث عن التصوير

Corot )1796-1875 .(ق خبرتنا نأمل مخلصين، وعليهفتأن يجد مقول البحث قارئا ي، الفينومينولوجية المتواضعة إلى نسيج من هذه الممكنات التي أغفلها حدسنا الإدراكي

...ويتجاوز أفقنا الجمالي ،فيعوض بذلك هناتنا

...وما توفيقي إلا باالله...الله الحمد أولا وأخيرا

تمثيلا عن هرمان هسه للروائي " وغولدموند نرسيس"ينظر المدخل من هذا البحث الذي تعرضنا فيه لرواية 1

.الجمالي الموضوع2 Paul Valéry , Œuvres II , Editions Gallimard , Bibliothèque de la Pléiade , 1960 , p.1307.

14 ميلاد الفنان بمستغانم 1930مارس. 1936 الدخول إلى مدرسة تجديت بمستغانم. 1944 بمستغانم" عين الصفراء"العمل بمطبعة. 1946 التدرب على التصميم من خلال صنع تصاميم مطبعية للإنجاز . 1947 ممارسة .عنتر عبد االله بنالارتباط مع .اللوحات المائية والتصويرية الأولى

.زيارة المعارض بوهران. التجليد 1948 وزيارة المتحف، عبد االله بن عنترالسفر إلى الجزائر العاصمة رفقة. 1953 م في عدة مطابع . عبد االله بن عنترالوصول إلى باريس صحبةصمطابع وم

.ارتياد الأكاديمية بمونتبرناس مساء. مختلفة 1954 والروائي مصطفى كاتبوالمسرحي ، مصطفى قايد توثيق الصلة مع الصحفي

.النضال من أجل استقلال الجزائر. ياسين كاتب 1955 المشاركات الأولى في الصالونات و المعارض الجماعية. 1961 المعرض الشخصي الأول. 1963 صمم وعضو هيئة ، مطبعي ببليدة ثم الجزائر العاصمة. العودة إلى الجزائرم

المعرض الشخصي الأول "). نوفمبر"، "الشباب"، "الجيش("دورية تحرير لعدة مجلات .بالجزائر العاصمة

1964 عضو مؤسس للإتحاد الوطني للفنون التشكيليةUNAP. 1965 مسؤول مكتب الرسم ثم الطبع بمطبعة الشركة الوطنية للنشر والتوزيع

SNED. 1971 1973إلى غاية (سكرتير الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية.( 1972 إنجاز عدة ملصقات لأحداث ثقافية . مغادرة المطبعة والتفرغ لفن التصوير

.وشعارات لمؤسسات 1973 إنجاز جدارية تصويرية جماعية بمعمورة يالمشاركة الأولى ف.

1978 1978من مارس (مسؤول الفنون التشكيلية ، نائب مدير بوزارة الإعلام والثقافة .)1979 إلى غاية أوت

1979 و رسوم في دواوين شعرية متعددة، منقوشات عديدة. 1981 نحت نصب تذكاري لمدينة مسيلة. 1985 وتزي وزو، والجزائر العاصمة، وعنابة، معارض متزامنة لمنقوشاته بوهران ،

.وقسنطينة 1989 دامنستريالمساهمة في تأسيس الفروع الجزائرية لرابطة حقوق الإنسان و

.الدولية 1990 عضو المجلس الوطني للثقافة. 1991 نقل إلى المستشفى بباريس في جانفي، الإصابة بسرطان الرئةويخضع ، حيث ي

.ماي 4يرجع إلى الوطن في أفريل ويتوفى في . هناك لعملية جراحية خطيرة .التراث الوطنيضمن تصنيف أعماله

1992 ة بالجزائر العاصمة معارض و تكريمات بالمتحف الوطني للفنون الجميلملتقى عن أعماله بقصر الثقافة بالجزائر . وبالمركز الثقافي الجزائري بباريس

.محمد خدةباسم الفنان الفنون الجميلة بمستغانم مدرسةتسمية . العاصمة

الأعمال و من . نقشا 2500و 2400ومابين ، لوحة زيتية 250و، لوحة مائية 500ما يقارب محمد خدةترك الفنان ): باللغة الفرنسية( النقدية

).1972(الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية /المؤسسة الوطنية للنشر و التوزيع، الجزائر، "معطيات لفن جديد" -

).1983(المؤسسة الوطنية للنشر و التوزيع ، الجزائر، "طروس متناثرة مترابطة" -

).1987(منشورات بوشان ، الجزائر ،نصوص الفنان و رسومه – "خدة" -

).ENAL )1990، الجزائر، "محمد راسم" -

.فضلا عن العديد من المقالات الصحفية في الصحف و الدوريات المحلية و الأجنبية

المعارض الشخصية:أولا

.أكتوبر 28-11، رواق التنقيل 1961

.صمةرواق الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية بالجزائر العا 1963

.ماي 27-2ليون ، رواق العين تسمع 1964

.مارس 8-فبراير 13الجزائر العاصمة ، رواق الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية 1965

28) النمسا(ب فينا /، رواق ز"علامات ومناظر طبيعية"، أفريل 12 –مارس 25الجزائر العاصمة ، رواق القائد 1966 .نوفمبر 19- أكتوبر

رواق الإتحاد الوطني للفنون .1968جانفي 13-ديسمبر 28الجزائر العاصمة ، قافي الفرنسيالمركز الث 1967 .جانفي 15- ديسمبر 30الجزائر العاصمة ، التشكيلية

.أفريل 25 - 6تلمسان ، المركز الثقافي الفرنسي 1968

المركز الثقافي . م جوانمستغان، المركز الثقافي الفرنسي .ماي 31- 25سيدي بلعباس ، المركز الثقافي الفرنسي .وهران جوان، الفرنسي

.جانفي 31-16الجزائر العاصمة ، رواق الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية 1971

الرواق البلدي . المركز الثقافي لمدينة البليدة، أفريل. أفريل 13 -مارس 23، بهو المسرح الجهوي لوهران 1974 .جوان 30 -14، الجزائر العاصمة، )الأعمدة الأربعة(

.فبراير 12 -جانفي 9، سور الغزلان، ثانوية الغزالي 1977

.مارس 31 -1، المتحف الوطني للفنون الجميلة، معرض استذكاري" خدة" 1983

:ماي 16أفريل 25، خمسة معارض متزامنة، رصاص منقوش لمحمد خدة 1985

المسرح ، المركز الثقافي لولاية الجزائر، لتيزي وزودار الثقافة ، المسرح الجهوي لعنابة، المسرح الجهوي لوهران، فندق غراف، "رصاص منقوش. "تلمسان جويلية، دار الثقافة. جوان ، بهو المجلس البلدي لمستغانم .الجهوي لقسنطينة

.ديسمبر 5 - نوفمبر 20 ، مونبلييه

.جويلية 4 -جوان 6، الجزائر العاصمة، رواق اسياخم، "مائيات خدة" 1986

.مرسيليا، "حفل المرسيلية، منافذ."مرسيليا، مكتبة بول إليوار، "نقوش" 1987

.جانفي، برلين، رواق آم فيدندام، "خدة" 1988

.سبتمبر، باريس، حفل الإنسانية، "نقوش. "أكتوبر 31-11، باريس، المركز الثقافي الجزائري، "خدة" 1989

رسومات . "أكتوبر 25-سبتمبر 26، الجزائر العاصمة -عاشورال، رواق سقيفة، "مائيات خدة وغواشه ونقوشه" 1990 .نوفمبر 29- 8، الجزائر العاصمة، رواق إسما، "خدة

المعارض الجماعية:ثانيا

.جويلية 19-8، سيماز مدينة باريس 1958

4 -مبرنوف 22، نادي الرياح الأربعة، باريس. نوفمبر 15-4، سيماز مدينة باريس، "ثلاثة رسامين و ناحت" 1960 .مارس

، "عشر رسامين من المغرب. "الجزائر العاصمة، قاعة ابن خلدون، )أول عيد للاستقلال" (رسامون جزائريون" 1963 .باريس، رواق الدفة

30 -15، متحف الفنون التزيينية، باريس، "رسامون جزائريون". ماي -أفريل ، الجزائر العاصمة، 54رواق 1964 .أفريل

.أكتوبر 27 -6، رواق سافاج، لندن، "فنانون عرب معاصرون. "ماي، الجزائر العاصمة، حليالإتحاد الم 1965

.سبتمبر -أوت، الجزائر العاصمة –بوهارون ، رواق شمس 1967

.فبراير 2 –جانفي 23، الجزائر العاصمة، رواق الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية، "ثلاثة رسامين" 1969

.فبراير، الجزائر العاصمة، بهو المسرح الوطني الجزائري، "ن أجل عمال الميناءرسم جداري جماعي م" 1976

.ديسمبر 7-نوفمبر 8، لندن، المركز الثقافي العراقي، )الجزء الأول" (فنانون عرب معاصرون" 1978

صر خير ق، "للعالم العربي الأعمال الخطية. "ماي، الجزائر العاصمة، رويبة، سوناكوم، "معرض في مصنع" 1979 5 -أكتوبر 27، الجزائر العاصمة، دار الشعب، "خمسة و عشرون عاما لأول نوفمبر. "جويلية- جوان، تونس، الدين

.نوفمبر

.تونس، متحف بالفدير، "الفن العربي المعاصر" 1980

. ماي 25- مارس 25، ليون، فضاء ليون للفن المعاصر، "العين تسمع، عشرون عاما لرواق برفنسي" 1982 .جوان 21- 16، بال، المعرض الدولي للفن المعاصر "ليغرافياك"

، الجزائر العاصمة، رواق الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية، "رسامون جزائريون يتضامنون مع الشعب الشيلي" 1983 .سبتمبر 11-21

–الجزائر . " فبراير 28- 1، الجزائر العاصمة، المتحف الوطني للفنون الجميلة، "التصوير الجزائري المعاصر" 1986، "الفنانون الجزائريون اليوم". مارس 13 -فبراير 25، باريس، المركز الوطني للفنون التشكيلية، "تصوير الثمانينات

.أكتوبر 12-1، لندن، أروقة مال، "الفن العربي المعاصر. "سبتمبر 10 - جويلية 7، الجزائر العاصمة، رواق اسياخم

.1987نوفمبر ، الجزائر العاصمة، المتحف الوطني للفنون الجميلة، "تخليد لبيكاسو" 1987

24، باريس، متحف الفنون الإفريقية والأقيانوسية، )خدة، اسياخم، باية" (تعابير متعددة –الجزائر " 1987-1988 .فبراير، مرسيليا، مركز الإحسان القديم، 1988جانفي 4- سبتمبر

، متحف الفنون الإفريقية و "الفن لإفريقيا. "باريس، معهد العالم العربي، "ائمةمعرض افتتاحي للمجموعات الد" 1988 .جويلية 25 - جوان 8، باريس، الأقيانوسية

30 - فبراير 20، مركز الفن المعاصر، جنيف، )الذكرى الأربعون لحقوق الإنسان(" فنانو القارات الخمس" 1989 .جويلية، موسكو، "أربعة فنانين و جيلان. "مارس

، طرابلس، تونس، الجزائر العاصمة، الدار البيضاء(معرض متنقل ، "اتجاهات التصوير المعاصر بالمغرب" 1990 . سبتمبر 7 -جويلية 7، )فرنسا(ديولفيت ، 5رواق ، "إفريقيات. ")نواقشط

الصالونات :ثالثا

الصالون السادس للرسم . أوت 7- جويلية 8، متحف الفن الحديث لمدينة باريس، الصالون العاشر للحقائق الجديدة 1955 .جانفي 30-9، متحف الفن الحديث لمدينة باريس، الشاب

.أوت 4 -جويلية 2، متحف الفن الحديث لمدينة باريس، الصالون الثاني عشر للحقائق الجديدة 1957

.أوت 3 -جويلية 7، متحف الفن الحديث لمدينة باريس، الصالون الثالث عشر للحقائق الجديدة 1958

.أكتوبر 28-14، الصالون الثامن لإيفري. باريس، صالون الفنون التشكيلية. باريس، صالون الفنون الجميلة 1962

.الجزائر العاصمة، الصالونات السنوية للإتحاد الوطني للفنون التشكيلية 1964-1972

.كوبا، البينال الثاني لهافانا 1965

الرسوم الجدارية:رابعا

.رسم جداري جماعي، )ولاية سعيدة( ورةمعم 1973

.رسم جداري جماعي، )ولاية البويرة( قالتة الزرقةالقرية الزراعية ل 1975

.رسم جداري جماعي لعمال ميناء الجزائر العاصمة 1976

. رسم جداري لوزارة التعليم العالي بالجزائر العاصمة 1980

النحت التذكاري :خامسا

).م 25×م 9(مسيلة ،"مقام للشهداء" 1981

.الجزائر العاصمة، مركز رياض الفتح، مشرع نحت و تهيئة الفضاء 1983

النسيج:سادسا

.الرياض، الملك خالدنسيج للمطار الدولي 1983

).م 3×م 2(لمسرحية سليمان بن عيسى " ؟راك خويا ونا شكون"نسيج لديكور، "استراحات بأطراف الجنوب" 1990

المسرح وملابسه ديكورات:سابعا

.المسرح الوطني للجزائر العاصمة، اقتباس و إخراج حاج عمرو، لتوم بيلان" الكلاب" 1965

.)1969إعادة في (المسرح الجهوي لوهران ، اقتباس وإخراج عبد القادر علولة، لسرفانتس" نومانس" 1966

.العاصمةالمسرح الوطني للجزائر ، لعبد الرحمان ولد كاكي" بني كلبون" 1974

.الجزائر العاصمة، قاعة ابن خلدون، لسليمان بن عيسى" ؟راك خويا ونا شكون" 1990

الكتب المزينة برسوم خدة :ثامنا

نسخة 200، رسوم 4أردوازات، 7( ، كراريس العالم الداخلي، باريس، الوردة و القراص، جون سيناك 1964 ).مرقمة

).نسخة 2000، رسوم 6( ، الشركة الوطنية للنشر، جزائرال، "لكي لا نحلم"، رشيد بوجدرة 1965

).نسخة مرقمة 25، نقشان(العريقطة ، سيجان، "حسب العلامات"جورج برنار ،-ميشال 1979

منها 150نسخة حيث 500(الجزائر العاصمة ، منقوشات الرصاص لخدة، "حسب العلامات"، جورج برنار- ميشال .)مزينة بنقش

).نسخة مرقمة 160، رسوم 6(العريقطة ، سيجان، "حسب الصخور"، جورج برنار- ميشال

).نسخة مرقمة 160رسما، 13(العريقطة ، سيجان، "توليفات معاصرة للغد"، بشير حاج علي 1980

).نسخة مرقمة 160رسوم، 4(العريقطة ، سيجان، "صدف إلى الروح"، حبيب طنغور 1981

).نسخة مرقمة 160، رسما 15(سور الغزلان ، العريقطة، "العصفور المعدني"، الطاهر جاووت 1982

).نسخة 300، رسوم تزيينية ENAL )17، الجزائر، "الأميرة و العصفور"، سيد أحمد بوعلي 1983

).نسخة مرقمة 160، رسوم 6(باريس ، العريقطة، "تحت علامة الصباح"جورج برنار، -ميشال 1984

25+ نسخة 3000، رسوم 6(زائر، المؤسسة الوطنية للفنون الخطية ، الج"شموس رنانة"، بشير حاج علي 1986 ).نسخة خارج البيع

).لوحة مائية 13(، باريس "حسب الصخور"، جورج برنار-ميشال 1988

).رسمان(تولون، منشورات تلو مرتوس ، "نضيد الأحلام"، كلود فيلان- جون 1989

).نسخة 160، رسوم7(ريقطة الع، باريس، "حسب اللحظة"جورج برنار، -ميشال 1994

وبن ، والطاهر وطار، ومحمد ديب، ورشيد بوجدرة ، لمالك علولة(فضلا عن عدة تصميمات لأغلفة الكتب ...).وعبروس تودرت، عمر مدين

Manifeste Du Groupe "AOUCHEM"1

Aouchem est né il y a des millènaires , sur les parois d'une grotte du Tassili. Il a poursuivi son existence jusqu'à nos jours , tantôt secrètement , tantôt ouvertement , en fonction des fluctuations de l'histoire ; il nous a défendu et subsisté malgré toutes les conquêtes intervenues depuis la Romanisation. Sous diverses formes. Le signe magique a manifesté le maintien d'une culture populaire , en laquelle s'est longtemps incarné l'espoir de la nation , même si par la suite une certaine décadence de ces formes s'est produite sous des influences étrangères. Ainsi , de tous temps, à travers les œuvres des artistes-artisans une rigueur intellectuelle , caractéristique de notre civilisation , du nord au sud , s'est maintenue , exprimée notamment des compositions géométriques.

C'est cette tradition authentique qu'Aouchem 1967 affirme retrouver , non seulement dans les structures des œuvres mais aussi dans la vivacité de la couleur. Loin d'une certaine gratuité de l'abstraction occidentale contemporaine , qui a oublié les leçons orientales et africaines dont était empreint l'art roman , il s'agit pour nous de définir les véritables totems et les véritables arabesques , capables d'exprimer le monde où nous vivons , c'est-à-dire à partir des grandes thèmes formels du passé algérien , de rassembler tous les éléments plastiques inventés ici ou là , par les civilisations , écrasées hier et aujourd'hui renaissantes , du Tiers-Monde. Il s'agit d'insérer la nouvelle réalité algérienne dans l'humanisme universel en formation , de la seconde moitié du XX° siècle.

C'est pourquoi le groupe "Aouchem" s'engage aussi bien en reprenant de grands thèmes mythologiques toujours vivants , en symbolisant l'explosion lyrique individuelle , qu'en s'emparant avec violence des provocations que les drames actuels , d'Afrique ou d'Asie , jettent au visage de l'artiste.

Nous entendons montrer que , toujours magique , le signe est plus fort que les bombes. Nous avons cru discerner des préoccupations similaires de langage chez certains poètes algériens.

Visionnaires réalistes , les "Aouchems" peintres et poètes , déclarent utiliser les forces créatrices efficaces contre l'arrière-garde de la médiocrité esthétique.

MESLI – ADANE – SAIDANI – MARTINEZ – BAYA – BEN BAGHDAD –

ZERRARTI – DAHMANI - ABDOUN

1 Mesli , Gouaches et monotypes , Galerie M'hamed Issiakhem , Du 20 novembre au 15 décembre , Alger , ENAG , 1986.

279

280

Guermaz , Sans titre, p.70. Guermaz , Empreinte du cosmos , p .72.

Guermaz , Rite du bleu , p.74. Benanteur ,Le bois d’ amour , p.76.

Benanteur , En Algérie , p.78. Benanteur , Campagne , p.79.

Mesli , Algérie en flames, p.83. Mesli , Composition , p.85.

Mesli, Ancêtres éponymes , p.87. Khadda , La lettre et le chant,p.131.

Khadda, Comme un bateau épousant la mer, p.134. Khadda, Envol, p.138.

Khadda, Faille fertile, p.141. Khadda, La lettre et le chant, détail,p.162. Khadda, Comme un bateau épousant la mer, détail, p.164.

Khadda, Envol, détail, p.166. Khadda, Faille fertile, détail, p.168.

Khadda,Olivier aube, p.178. Khadda,Psalmodie pour un Olivier, p.181.

Khadda, Olivier écorché, p.184. Khadda, Sur l’olivier, p.186.

Khadda, Oliviers nerfs, p.192. Khadda, Rives du Jourdain, p.221.

Khadda , Ecrit au jour, p.225. Khadda, Eté flamboyant, p.229.

281

282

283

Epochèإبوخية القائمة و النظريات أي وضع المعرفة وجملة الموجودات تعني الإبوخية تعليق الحكم ،

موضع سؤال والإحجام عن استعمالها قبل فحص صدقها ومعناها فحصا نقديا بحسب نظام ).فكرة الفينومينولوجيا(الوعي وقانونه

Perception esthétiqueإدراك جمالي يفسر الإدراك الجمالي عن طريق الموقف الجمالي،فهو المجال الذي تتحقق فيه المتعة

.عند محاورة العمل الفني وتأمله) الجماليةأو الخيبة (الجمالية

Perception phénoménologiqueإدراك فينومينولوجي في خبرة ) حاضرا(الذي يجعل الموضوع مدركا" الحضور مع"الإدراك الفينومينولوجي هو

.متأمله

Esthétique إستطيقا

و تعني الإحساس أو Aisthesisتنحدر الأصول الاشتقاقية للاستطيقا من الإغريق ألكسندر وقد نحت الفيلسوف الألماني . أي الإدراك الحسي للعالم الخارجي، الإدراك

علم "مصطلح ) Alexander Gottlieb Baumgarten )1728-1804 بومجارتنوذلك من خلال . انطلاقا من هذه الأصول الإغريقية، في القرن الثامن عشر" الجمال

المنشور باللغة اللاتينية عام Aesthetica" إستطيقا"الموسوم الجزء الأول من كتابهوأن " علم المعرفة الحسية"أن موضوع علم الجمال هو بومجارتنويعتبر فيه ، 1750

".الجمال هو كمال المعرفة الحسية بوصفها كذلك"فلسفية ولقد ظل هذا التأثير العقلاني في تأمل الجميل و الجمال مميزا في الكتابات ال

بحكم أن ، دون المعقول منزلة) موضوع الجمال(فقد كان الحسي : بومجارتناللاحقة بعد

284

وهو ما . الحكم الجمالي ينفصل في غايته و تصوراته المنهجية عن المفاهيم المنطقية" الحكم الذوقي"مميزا فيه ، )1790( "نقد ملكة الحكم"في كتابه كانطسيرسخه الفيلسوف

أما الاستطيقا الحديثة فتنشغل بكل المستويات الجمالية التي يحيل ".كم الأخلاقيالح"عن . عليها العمل الفني حصرا

Esthétique d'engagementإستطيقا الالتزام ، تنخرط إستطيقا الالتزام في ما يعرف بالالتزام الفني الذي يتبناه الفنان في أعماله الفنية

إستطيقيا أو موقفا إستطيقيا يترجم حساسية فنية تعبر عن وعي بحيث يغدو الالتزام ممكنا .اجتماعي بالظواهر الفنية

Esthétique visuelleإستطيقا بصرية

- استنادا إلى نظريات فلسفية وجمالية -يقصد بالاستطيقا البصرية الاشتغال الجمالي المتن البنائي للأعمال الفنية ذات بالفضاء البصري الذي يشكل المظهر الطباعي أو

. المكونات البصرية تخصيصا Esthétique d'abstractionإستطيقا التجريد

فهي : تنشغل إستطيقا التجريد بالمعطى الجمالي الذي يحكم مشروعية التجريد في الفن .فنيةتتساءل عن الخصيصة الجمالية التي يقوم عليها مبدأ التجريد في تشكيل الرؤية ال

Esthétique phénoménologiqueإستطيقا فينومينولوجية حيث ،تستمد الاستطيقا الفينومينولوجية مرجعيتها من الطرح الفينومينولوجي في الفن

وتصنف ضمن النظريات الجمالية . تؤول المعطى الجمالي وفق هذه المرجعية تحديدا .الذاتية

Réception esthétiqueاستقبال جمالي فهو يعاين .يطرح الاستقبال الجمالي الأثر الجمالي المنتج من قبل المستهلكين للعمل الفني

.القيمة الجمالية التي يتركها العمل لدى متلقيه إن ايجابا أو سلبا

285

Ontologieأنطولوجيا

فهي دراسة الكائن في ذاته مستقلا عن أحواله : تقوم الأنطولوجيا على مبحث الوجودويطلق عليه ).أرسطو" (علم الموجود من حيث هو موجود"وظواهره ،أو بعبارة أخرى

).معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب" (الميتافيزيقا العامة"

Evidenceبداهة البداهة هي الشكل العام للقصدية لكونها خبرة تمثل حضور الوعي وصيغة كينونته في

تعمل على مساءلة كل ما يحضر في -في المفهوم الهوسرلي –ة فالبداه.أثناء الادراك .الوعي الباطن

Intersubjectivitéتذاوتية حضور : يقصد بمفهوم التذاوتية الإحالة المتبادلة بين الذات والموضوع بفعل القصدية

.الذات في الموضوع وحضور الذات في موضوعها

Transcendantal phénoménologique تعالي فينومينولوجي

بمجموع البنى الكلية والقبلية التي تتيح تعيين المعنى هوسرليرتبط مفهوم التعالي عند .لأي خبرة ممكنة بالنسبة للوعي

Expérience esthétiqueخبرة جمالية فهي تتصل ، ترتبط الخبرة الجمالية بظاهرة جمالية تعرض نفسها للقراءة و التأويل

إن الخبرة الجمالية تعبر عن . ري داخل وعيه القصدي تجاه العمل الفنيبالمشاهد وبما يج للتشكيل فني ) إدراكه الجمالي(مستويات تشكل المعنى لدى المتلقي عند حسن فهمه

وكذا بما يحدث داخله من خلال استجابة حدوسه ، وعناصره البنائية في العمل من جهة . ني من جهة أخرىومتخيله لهذا التشكيل الف

286

Intuition حدس

الحدس هو الشكل العام لنشاط الوعي سواء تعلق بالمفرد أم بالكلي، بالموضوعات أم فكرة (بالدلالات،بالأفكار أم بالأحكام،وهو مشروط بحدود المعطى الماثل للوعي

).الفينومينولوجيا Réduction phénoménologiqueرد فينومينولوجي

ومعناه ، هوسرلالفينومينولوجي منهجا يضبط التصورات الفينومينولوجية لدى يعد الردتعليق الحكم على الموقف الطبيعي الخاضع لخبرة الآخر ووضعه بين قوسين حتى تتمكن

على نحو قبلي يكفل لها إدراك المعنى ، الذات المتأملة من بناء خبرتها الذاتية للعالم .ومينولوجيالمطلق من بحثها الفين

Œuvre d'art عمل فني

عبارة عامة تدل على أي أثر من إبداع الإنسان فيه مقومات كفيلة بالتأثير على من يتصل و مقومتا العمل الفني كونه عملا . به بوسيلة أو أخرى من خلال حاسة الرؤية أو السمع

معجم (الفنيمن صنع الإنسان وكونه خاضعا لأصول مصطلح عليها في الإبداع ).المصطلحات العربية في اللغة والأدب

Phénomène esthétique ظاهرة جمالية

يقصد بالظاهرة الجمالية الانتشار الذي تنجزه قيمة جمالية معينة في فترة زمنية معينة على سبيل المثال –فالفن التجريدي .إلى درجة التأثير في غيرها من القيم الجمالية السائدة

.ظاهرة جمالية كونها اتخذت لها أسلوبا مميزا عن سائر الاتجاهات الفنية الحديثة – Apparitionظهور

) جملة أفكاره وإحساساته وانفعالاته(يقصد بالظهور كل ما يظهر أمام الوعي من ذاته كونه يتعلق ،ويتصف الظهور دوما بطابعه المزدوج. ويدخل في نطاق التحليل والوصف

. ع ظاهر لا ينجز ظهوره إلا على مراحل جزئيةبموضو

287

Phénoménologieفينومينولوجيا الفينومينولوجيا اتجاه فلسفي ظهر في القرن العشرين بألمانيا ،ويرجع تأسيس تصوراته

وتنطلق ). Edmund Husserl )1859-1938 إدموند هوسرلالمنهجية والمعرفية إلى لكونها تنشغل بماهية " الرجوع إلى الأشياء ذاتها"ائل الفينومينولوجيا من المبدإ الق

الموضوع وإدراكه سبيلا إلى الوصول إلى فينومينولوجيا متعالية، تكون قادرة على إدراك .قصدية الوعي و نسقه المعرفي في العالم

Phénoménologie de l'artفينومينولوجيا الفن

نومينولوجية التي تتخذ من المنهج تعد فينومينولوجيا الفن أحد الاتجاهات الفي . الفينومينولوجي حقلا معرفيا في قراءة العمل الفني وتأويله تخصيصا

Intentonnalitéقصدية فكل وعي "تعني القصدية أن هناك دوما قصدا ما يحايث الوعي في كل ما يصدر عنه،

) ر موجودة بالفعلغي(غير أن قصدية الوعي تظل خالصة ).هوسرل"(هو وعي بشيء ما .من دون حدس يملؤها،ولذلك يستعين القصد بالحدس لإنجاز المعنى القصدي وإتمامه

Plaisir esthétique متعة جمالية تتحقق المتعة الجمالية حينما يصل المشاهد إلى معنى الدهشة في أثناء تحاوره مع العمل

بخلاف ما يحدث في . ره البنائيةالفني ،الذي يبلغ حدا من اللاتوقع في تركيب عناص .التي يتجاوز فيها العمل الفني مدركات متلقيه الخيبة الجمالية

Immanenceمحايثة . المحايثة هي خبرة باطنية تستمد وجودها من داخل الوعي وموضوعاته القصدية ذاتها

كونه ، فالمحايثة ليست غير الوعي الباطن الذي يلازم الأنا في صميم تأملاته .يحضرحضورا شخصيا

288

Aperception phénoménologiqueمدرك فينومينولوجي

يتعلق المدرك الفينومينولوجي بدرجة الحضور التي يدركها الوعي في أثناء حدسه .لموضوعه القصدي

Mimésisمحاكاة نفعال ا(وعلى التطهير ) التعرف إلى موضوع التراجيديا(تقوم المحاكاة على التعرف

المشاهد مع أفعال التراجيديا إلى درجة التماثل مع شخصياتها حدا ينتهي به إلى التطهير على الفن الأرسطيةولقد أثرت نظرية المحاكاة بمرجعيتها ). من أهوائه المكبوتة

الكلاسيكي الذي اتخذ من موضوع العمل الفني أساسا فنيا تتجلى فيه محاكاة الطبيعة .ى نحو يسهل التعرف إلى الموضوع من قبل المشاهدوتمثيلها ،عل

Apparence مظهر المظهر مرتبة فينومينولوجية من ظهور الموضوع ومن مستويات تمظهره

.الفينومينولوجي Vécu esthétiqueمعيش إستطيقي

المعيش الاستطيقي هو الوصف الذي يتخذه المعنى الجمالي للموضوع القصدي عند تأمله .قبل الذات العارفة في مرحلة متقدمة من وعيها الجمالي من

Intention signifianteمقصد دال فالمقصد . يعد المقصد الدال إدراكا افتراضيا متعلقا بالوعي ينتظر الإنجاز عبر الحدس

. مجرد إمكان تتحدد دلالته وفق الخبرة الحدسية للوعي

Possibilité phénoménologique ممكن فينومينولوجيالفينومينولوجي هو تحقيق الماهية في الموضوعات وفي العلاقات ) أو الإمكان(الممكن

).فكرة الفينومينولوجيا(التي بينها بغير تسليم سابق

289

Objet esthétiqueموضوع جمالي

قصد (يمثل الموضوع الجمالي العبور المتفرد الذي يقطعه المعنى من محض الإمكان فالموضوع ). إدراك جمالية القصد/إدراك القصد(إلى حدس الإمكان ) مقاصده/لالعم

الجمالي يستوعب العمل الفني والخبرة الإدراكية الجمالية التي يمتلكها المشاهد عن هذا تكمن ماهية الموضوع الجمالي أساسا في حسن إدراك مظهره .العمل في الوقت نفسه

لشكل الفني للعمل الفني هو المعادل الدال على الموضوع ذلك أن ا).وحدة مادته وشكله( . الجمالي فنيا

Attitude esthétiqueموقف جمالي الموقف الجمالي هو انتباه وتأمل متعاطف منزه عن الغرض لأي موضوع للوعي على

فالموقف الجمالي ينشأ ). جيروم ستولنيتز(الإطلاق،من أجل هذا الموضوع ذاته فحسب .وعي جمالي بموضوع العمل الفني تخصيصا عادة عن

Conscience esthétiqueوعي جمالي الوعي الجمالي هو عتبة الإدراك الجمالي وعلته الأولى في الالتحام بمدركات العمل

.الفني Conscience phénoménologiqueوعي فينومينولوجي

و علته الأولى في مباشرة ماهية الوعي الفينومينولوجي هو عتبة الإدراك الفينومينولوجي ). أنا أفكر إذن أنا مفكر فيه(فالذات تنطلق من ذاتيتها في تأمل ما حولها.الشيء عموما

290

Couleurs froidesألوان باردة

تتصف الألوان الباردة بالبعد والعمق بخلاف الألوان الحارة ،وهي البنفسجي والأزرق .وهي ألوان تكاد أن تكون سمة مميزة في الفن الغربي. الأخضر والأخضر المصفرو

Couleurs ocres ألوان ترابيةالقريب من الأصفر والأحمر أو البني تبعا ، تستمد مواصفاتها من التراب الصلصالي

.قال على البني الذي يميل إلى الأصفر أو الأحمرتو. لطبيعة الأكسيد الموجودة فيه

Couleurs chaudesلوان حارة أ

تتصف الألوان الحارة أو الدافئة بالقرب ،وهي الأصفر والأصفر البرتقالي والأحمر ).الزنجي(ونجد هذه الألوان بكثرة في الفن الإفريقي .والأحمر البنفسجي

Couleurs foncées/sombresعاتمة /ألوان غامقة .بلون حار آخرود أوالعتمة في اللون بحسب تشبعه بالأس كثفتت

Couleurs clairesألوان فاتحة ).الضوء(هي الألوان التي تعرف خاماتها تشبعا بالأبيض بدرجات متفاوتة

Icône d'olivier أيقون الزيتون،ويتصف تشكيله خدة محمديعد أيقون الزيتون علامة جمالية مميزة في أعمال الفنان

.تنسج مشهدا طبيعيا للزيتون البصري بنسغ ذي خطوط دقيقة متداخلة

291

Abstraction lyrique غنائي/تجريد وجدانيأعقاب الحرب ) في الفن مدرسة باريسأو ما يطلق عليه أيضا ب(ظهر التجريد الوجداني

واتسع تأثيره 1947المنظم عام " المخيال"وعرف بهذا الاسم بعد معرض ، العالمية الثانيةالذي " الإطار"لقد طرحت هذه المدرسة بحدة مفهوم . جه الخصوصمع الخمسينيات على و

كما كرست هذه المدرسة مبدأ الإيماءة . لم يعد متكيفا مع الفضاء الحديث للوحة التجريدية روجيه بسييه: نذكر من رواد هذه المدرسة . ميرلو بونتيبتأثير من فلسفة ، في التصوير

Roger Bissière )1888-1964 ( وترييهجون فو )1964-1898 (Jean Fautier Jean-Michel Atlanالمولود بقسنطينة ) 1960-1913(جون ميشال أصلان والذي تأثر به رواد التجريد Alfred Manessier) 1993-1911( ألفرد منوسييهو

، Gustave Singier) 1984-1909( غوستاف سانجييهبالجزائر، و Georges Mathieu ) 1921(ماتيو جورجو

Transcriptionتدوين .في اللوحة يتعلق مفهوم التدوين بفضاء الكتابة ونسخ الحروف

Saturation chromatiqueتشبع لوني ولكل لون درجة تشبع قصوى لا تزيد . قوة هذا اللون ودرجة إشعاعه، نعني بتشبع لون

وهذه الدرجة القصوى تسمى .دون التأثير على درجة صفاء هذا اللون أو نقائه، ولا تنقصأي بعدد .بكثافة ذراته اللونية، وتتعلق درجة التشبع للون". درجة التشبع العادي للون"

).الألوان نظريا وعمليا(الذرات اللونية الموجودة في كمية معينة من هذا اللون

Composition visuelتشكيل بصري .فضائها وبتنظيم ط عرضهاالأشكال وبأنما رتيبيتعلق التشكيل البصري بت

Composition chromatiqueتشكيل لوني .نقصد بالتشكيل اللوني الكيفية التي ينتظم فيها اللون داخل الفضاء التصويري

292

Transformation optiqueتعديل بصري يعد التعديل البصري صفة من صفات الحروف الحديثة بفعل ما طرأ عليها من تغيرات

.النماذج الحروفية المقننة لأنواع الخطوط العربية المختلفة بالمقارنة مع

Signatureتوقيع التوقيع علامة خطية قائمة بذاتها لكونها تحيل على هوية صاحبها،وتأتي عادة على يمين

. اللوحة أو يسارها Signifiant plastiqueدال تشكيلي

ذات تعبيرات عة موضوعه تشكيليةيتحدد الدال التشكيلي بمدلول اللون حيث تكون طبي .فنية

Mémoire visuelle ذاكرة بصريةنقصد بالذاكرة البصرية المخزون البصري الذي يغذي المتخيل الإبداعي للفنان ؛ وتستمد

.هذه الذاكرة البصرية مرجعيتها من ثقافة الفنان وتاريخه وتراثه وبيئته

Calligraphie حروفية، أصبحت فيما بعد تيارا فنيا مادة الحرف موضوعا لتشكيلاتها الفنيةظاهرة فنية تتخذ من

. ثم مدرسة فنية قائمة بذاتها Champ visuelحقل بصري

بعده يتعلق الحقل البصري بالمدى البصري الذي تدركه العين من أبعاد اللوحة في .المنظوري

Gamme chromatiqueخامة لونية ونية باللون بوصفه مادة خام في نسيج اللوحة وكذا بالدرجة اللونية التي ترتبط الخامة الل

.تنظم التدرج اللوني لهذا اللون في الوقت نفسه

293

Khat Fèssi خط فاسي

ويمتاز باستدارات في ) المغرب(الخط الفاسي هو الخط الذي عرف في مدينة فاس الصاد والجيم ويتميز عن الخط حروف النون والياء الأخيرة والواوات واللامات و

مصطلحات الخط العربي معجم(القيرواني بالنقط الموضوعة على جميع الحروف النهائية تأثير في عموم منطقة الغرب الإسلامي في تطور لمدرسة فاسولقد كان ). والخطاطين

). تاريخ وواقع وآفاق –المغربي الخط(منذ العصر المريني ، الخط المغربي

Khat Maghrébiغربي خط م أي تلك ، مجموع خطوط بلاد المغرب والأندلس، بصفة عامة، يشمل الخط المغربي

...الرقعة الجغرافية التي كانت تمتد من صحراء برقة بليبيا إلى نهر الإبرو بالأندلسويطلق مصطلح الخط المغربي أيضا على الخطوط التي نشأت بالمغرب الأقصى وحافظ

وتلك التي انحدرت ، وهي حصيلة التيارات الواردة من المشرق عبر القيروان، هلهعليها أفاحتضنها أهل المغرب وطوروها و تفننوا ، من الأندلس مع الهجرات المتتالية للأندلسيين

).تاريخ وواقع وآفاق –الخط المغربي (فيها على مدى قرون Discours visuelخطاب بصري

أي فهم المعنى المنتج ، دلالة مكونات الفضاء البصريعن تأويل ينتج الخطاب البصري . انطلاقا من النسق التشكيلي للوحة على سبيل المثال

Vision plastiqueرؤية تشكيلية نقصد بالرؤية التشكيلية المعنى أو المقصد التشكيلي الذي يضمره الفنان في عمله عند

.فية أو جمالية فنيةقد تكون فكرية فلس. إنجازه Point de vueزاوية النظر

. تتحدد زاوية النظر بمنظور اللوحة وبرؤية الناظر في اتجاه معين من هذا المنظور

Surface picturale سطح تصويري ).طول وعرض(يرتبط السطح التصويري بسطح اللوحة المستوية ذات البعدين

294

Formeشكل

أما من ، المظهر الخارجي الذي يمنح الموضوع أو الكائن خصوصيته يعني الشكل حسياحيث التجريد فيعني الكيفية التي تنتظم من خلالها عناصر التعبير بقصد التأثير الجمالي

Comprendre la peinture)(. Forme signifianteشكل دال

لذي يتخذه الوسيط يعني مصطلح الشكل الدال في الفنون البصرية ذلك التنظيم الخاص االحسي لعمل من أعمال الفن ،والذي من شأنه أن يثير في المتلقي الذي يتمتع بالحساسية

).Clive Belle كلايف بل(الفنية انفعالا إستطيقيا Couche chromatiqueطبقة لونية

ن هذه المادة تتعلق الطبقة اللونية بمادة اللون التي يفترشها الرسام على سطح لوحته،وتتباي . اللونية من حيث حجمها أو سمكها تبعا لكثافتها في لمسة الريشة

Signe visuel علامة بصرية .د بحسب مرجعيته داخل المكون التشكيليتحديترتبط العلامة البصرية بمدلول بصري

Videحيز تشكيلي /فراغلشكل المرسوم وكذا الهامش اللوني من نقصد بالفراغ المساحة اللونية الفاصلة بين ثنايا ا

.تكوين اللوحة

Espace plastiqueفضاء تشكيلي .نقصد بالفضاء التشكيلي المساحة التي يشغلها التصوير في اللوحة

Art abstrait فن تجريدي

فاسيلي ولد الفن التجريدي مع أول لوحة مائية تجريدية أنجزها الفنان الروسي ويقوم التجريد على نبذ .1910عام ) Wassily Kandinsky )1866-1944 كاندينسكي

.المحاكاة و على اختزال الطبيعة إلى أشكال رمزية دالة

295

Art plastiqueفن تشكيلي من قبل الفنان مثل فن ) إعادة تشكيل(الفن التشكيلي هو فن تعرف مادته تحويرا وتغييرا

.هذه التسمية على فن اللوحة غالبا وتطلق .التصوير والنحت والجرافيك

Peintureفن التصوير سواء كانت لوحة أو (يعد فن التصوير فنا بصريا يتعامل الرسام من خلاله مع السطح

. ،وذلك عن طريق الأشكال والألوان) جدارية

Art d'Avant-gardeفن طليعي ين ولاسيما بعد الحرب العالمية اتجاه أدبي وفني ظهر في الأربعينيات من القرن العشر

عمل على رفض الموروث الفني الذي هيمن على صياغة الأشكال الحديثة ، الثانية . وحاول إيجاد مخرج لفن حديث غير مقطوع عن العلاقات الاجتماعية، وتقاليدها

Tonalité chromatiqueكثافة لونية . ي تبلغها طبقة لونية على سطح التصويرتطلق صفة الكثافة اللونية على درجة الإشباع الت

Tableau de chevalet لوحة مسندية

ويترجم .يطلق مصطلح اللوحة المسندية على حامل اللوحة الذي ينجز عليه الرسام لوحته Quattrocento" المربع الأساس"،الذي صاغ قاعدة " النافذة المفتوحة على العالم"هذا المصطلح مبدأ

ولقد واجهت اللوحة المسندية أزمة عصيبة مع الفن التجريدي الذي اعتبر وجودها . منظورفي ال .غير مجدي بفعل إلغاء البعد الثالث من سطح التصوير) اللوحة المسندية(

Signifié plastiqueمدلول تشكيلي نسقه بلونه وشكله يرتبط المدلول التشكيلي بمرجعيته التشكيلية التي يحيل عليها كما يتحدد

).جماعة مو(وفضائه L'avant-plan) من اللوحة(مستوى أمامي

يقصد بالمستوى الأمامي الشكل العام الذي يظهر عليه سطح اللوحة من الأمام تبعا .لمنظور اللوحة

296

L'arrière-plan) من اللوحة(مستوى خلفي

ه سطح اللوحة من الخلف تبعا لمنظور يقصد بالمستوى الخلفي الشكل العام الذي يظهر علي .اللوحة

Scène abstraiteمشهد تجريدي .يعد المشهد التجريدي تفصيلا جزئيا من فضاء اللوحة التجريدية

Scène calligraphiqueمشهد حروفي . يتعلق المشهد الحروفي بالفضاء التصويري الذي يشغله تشكيل الحروف من اللوحة

Pleinملء .يقصد بالملء المساحة اللونية الممتلئة من سطح اللوحة

Sèveنسغ لدى ) شكل الزيتون على سبيل المثال(يعد شكل النسغ مكونا فنيا من المنظر الطبيعي

.محمد خدةالفنان

Système plastiqueنسق تشكيلي ضاء التصويري داخل يقوم النسق التشكيلي على مجموع العلاقات التشكيلية التي تنظم الف

.العمل الفني

L'étoffe de la toileنسيج اللوحة .نقصد بنسيج اللوحة القماشة اللونية المكونة لسطح اللوحة

Critique d'artنقد فني يتعهد النقد الفني تثمين الأعمال الفنية وتقويمها انطلاقا من نظريات معرفية وجمالية

.وتقنية في الفن

297

Marge chromatiqueلوني هامشنقصد بالهامش اللوني المساحة اللونية التي تشغلها اللوحة ابتداء من تخومها القصوى

.بالموازاة مع الشكل المرسوم

:استندنا في تحرير هذا المسرد على المراجع الآتية:ملاحظة منهجية

:الاستطيقي / بالنسبة إلى المعجم الفينومينولوجي -1المترجمة إلى اللغة العربية واللغة (رل المثبتة في قائمة المصادر والمراجع مؤلفات هوس -

.)الفرنسية- Jacques English, Le vocabulaire de Husserl, Paris, Ellipses Edition Marketing, 2002.

- Encyclopédie Philosophique Universelle, Les Notions Philosophiques, dictionnaire

Tome 2, PUF , 2ème Edition, 1998.

- Encyclopédie Philosophique Universelle, L’Univers Philosophique, PUF, 3èmeédition,

1997.

:بالنسبة إلى المعجم التشكيلي -2 مكتبة لبنان، بيروت، ،1.ط زين الخويسكي، معجم الألوان في اللغة والأدب والعلم، -

1992. بيروت، فؤاد زكريا،.د.تر، 2.ط دراسة جمالية وفلسفية، –جيروم ستولنيتز، النقد الفني -

.1981 المؤسسة العربية للدراسات والنشر،- Nadeije Laneyrie-Dagen, Lire la peinture dans l’intimité des œuvres, Paris,

Larousse/VUEF 2002.

- Dictionnaire de la peinture, Sous la direction de Michel Laclotte et Jean-Pierre Cuzin

avec la collaboration d’Arnauld Pierre, Paris, Larousse , VUEF, 2003 .

298

299

قائمة المصادر و المراجع

القرآن الكريم )ألبومات فنية: (المصادرالعربية

،المتحف الوطني للفنون الجميلة، وزارة الثقافة، عرض استذكاري محمد خدة -1 .1983مارس 31الجزائر من أول مارس إلى

المتحف الوطني للفنون ، وزارة الاتصال و الثقافة، )2001-1991(محمد خدة -2تخليد الذكرى العاشرة لوفاة (ماي 18 -أفريل 18: 2001شهر التراث ، الجميلة ).الفنان

)ألبومات فنية(:المصادر الأجنبية1- Bernard (Michel-Georges), Khadda, Alger, ENAG, Editions ,2002 2- Khadda (Mohamed), Elément pour un art nouveau, Alger, S.N.E.D , 1972. 3- Khadda (Mohamed), Feuillets épars liés, essai sur l'art, Alger, S.N.E.D , 1983. 4- Khadda (Mohamed), Aquarelles de Khadda, Galerie M'hamed Issiakhem, du 6 juin au 4

juillet 1986, Alger, Office Riadh El-Feth, 1986. 5- Liassine (Françoise), Choukri Mesli, Alger, ENAG Editions,2002. 6- Mesli, Catalogue , Alger, Musée national des beaux-arts, Mois du patrimoine 2003. 7- Mesli, gouaches et monotypes, Galerie M'hamed Issiakhem Du 20 novembre au 15

décembre 1986, Alger, ENAG, 1986.

:1المراجع العربية .ت.د، دار مصر للطباعة -مكتبة مصر مشكلة الفن ،، )زكريا(إبراهيم -1

،المغرب تاريخ وواقع وآفاق، –الخط المغربي ، )محمد(والمغراوي ) عمر(أفا -2 .2007، منشورات وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية

من فينومينولوجية اللغة إلى تأويلية الفهم، –هوسرل ومعاصروه ، )فتحي(قزو إن -3 .2006 ،1.ط ،المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء / بيروت

دار العلم / دار لبنان للطباعة و النشر، بيروت، روح الخط العربي، )كامل(بابا -4 .1983 ،1.ط ،للملايين

" أبو"أو " ابن" أن الترتيب الألفبائي للمراجع العربية لم يول اعتبارا للألف و اللام و همزة الوصل إلى ينبغي أن نشير 1

.لاسم مباشرةفي بداية الأسماء ، وكنا نأخذ دوما بالحرف الموالي من ا

300

،دار الشرق للنشر، دمشق ،ات النص الفني، علم الجمال وقراء)عفيف(البهنسي -5 .2004 ،1.ط

، هيدجر(دراسة في فلسفة الجمال الظاهراتية :الخبرة الجمالية ، )سعيد(توفيق -6المؤسسة الجامعية للدراسات ، بيروت، )إنجاردن، ميرلوبونتي، دوفرين، سارتر

.1992 ،1.ط ،والنشر والتوزيع

،دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة ،المدخل إلى موضوع علم الجم، )سعيد(توفيق -71992.

دار ، بغداد ،الأصول الحضارية والجمالية للخط العربي، )شاكر(حسن آل سعيد -8 .1988 ،1.ط الشؤون الثقافية العامة ،

محاضرات وندوات لعام –حوار الفن التشكيلي ، وآخرون ) شاكر(حسن آل سعيد -9إعداد ،ة وعلاقتها بالفنون العربية والإسلاميةحول جوانب من الثقافة التشكيلي 1992

دارة الفنون ، –مؤسسة عبد الحميد شومان ، الأردن/عمان، شاكر حسن آل سعيد:

. 1995 ،1.ط ،مقاربات في فلسفة الجمال والعمل الفني –سؤال المعنى ، وآخرون) حميد(حمادي -10

،1.ط ،شر والتوزيعدار الغرب للن، وهران، منشورات مختبر الفلسفة وتاريخها 2005.

، القاهرة ات و إيماءات في الفن التشكيلي،دراس –في نور آخر ، )إدوار(الخراط -11 .2005 ،1.ط ،مركز الحضارة العربية

شركة المطبوعات للتوزيع ، بيروت ،هويةفن –الحروفية العربية ، )شربل(داغر -12 .1990 ،1.ط ،والنشر

،دراسة فيزيائية ونفسية وفنية للألوان –ا الألوان نظريا وعملي، )إبراهيم(دملخي -13 . 1983 ،1.ط ،مطبعة أوفست الكندي، حلب

وقائع ندوة دولية ،مرايا الرؤى في شأن بلاغة التشكيل، وآخرون) نوري(الراوي -14دائرة الثقافة ، الشارقة، يوسف العيدابي.د: الإعداد والتحرير، حول الشعرية البصرية

.2001 ،1.ط، والإعلام

301

لى ضوء مباحث فينومينولوجية،الاستطيقا والفن ع، )محمد محسن(اعي الزر -15

.2003 ،1.ط ،دار محمد علي للنشر، تونس/صفاقس الجديدةنشأة و تطور الكتابة الخطية العربية ودورها الثقافي ، )فوزي(سالم عفيفي -16

.1400/1980 ،1.ط ،وكالة المطبوعات، الكويت، والاجتماعي .1988 ،1.ط ،دار كنعان للدراسات والنشر ،الفن التجريدينقد ، )عزالدين(شموط -17

،دار مكتبة الرائد العلمية، الأردن، دراسات في بنية الفن، وآخرون) زهير(صاحب -18 .2004 ،1.ط

دائرة الثقافة والإعلام،، الشارقة، في الشعرية البصرية، وآخرون) صلاح(صالح -19

.1997 ،1.ط، 1.ط ،دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، قدالمصور في مرآة النا، )أسعد(عرابي -20

1997. .2000 ،1.ط ،دار نينوى، دمشق، معنى الحداثة في اللوحة العربية، )أسعد(عرابي -21

وقائع الندوة ، المتعالق بين الخطاط والفنان، وآخرون) إحسان(عرسان الرباعي -22دائرة ، شارقةال، طلال معلا: ، إعداد 25/9/2007-23الشارقة –الفنية التداولية .المركز العربي للفنون، إدارة الفنون .2007 ،1.ط ،الثقافة والإعلام

، المغرب/الرباط ،الصورة والحداثة البصرية –العين والمرآة ، فريد الزاهي -23 .2005 ،1.ط ،منشورات وزارة الثقافة

الدار مدخل لتحليل ظاهراتي، –الشكل والخطاب ، )محمد(الماكري -24 .1991 ،1.ط ،لمركز الثقافي العربيا، بيروت/البيضاء

دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد، ، الفينومينولوجيا عند هوسرل)سماح(محمد رافع -25 .1991، 1.ط ،" آفاق عربية"

في الإبصار على الاستقامة، 3، 2، 1، كتاب المناظر، المقالات )الحسن(ابن الهيثم -26الكويت، قسم التراث ،الحميد صبره عبد ،حققها وراجعها على الترجمة اللاتينية

). 4(السلسلة التراثية.1983العربي،

302

:المراجع العربية المترجمةمع ملحق عن وظائف اللغة في التمثيلية -،العمل الفني الأدبي)رومان(إنجاردن -1

أبو العيد دودو، جامعة الجزائر، منشورات مختبرالترجمة .،ترالمسرحية .2007والمصطلح،

دار الفكر للدراسات والنشر ، القاهرة، إبراهيم فتحي .تر، قواعد الفن، )يربي(بورديو -2 .1988 ،1.ط ،و التوزيع

، محمد برادة .تر ديوان الخط العربي ،، )محمد(السجلماسي ، )عبد الكبير(الخطيبي -3 .1980، الدار البيضاء/المغرب

الهيئة المصرية ، القاهرة، عادل السيوى .تر ،نظرية التصوير، )ليوناردو(دافنشي -4 .الأعمال الفكرية –مهرجان القراءة للجميع .1999، للكتاب

مدخل إلى مسألة العلامة في فينومينولوجيا -الصوت والظاهرة ، جاك دريدا -5، 1.ط المركز الثقافي العربي ،، بيروت/الدار البيضاء، فتحي إنقزو.د .تر، هوسرل2005.

إفريقيا ، المغرب، فريد الزاهي .تر حياة الصورة وموتها ،، )ريجيس(دوبري -6 .2002، الشرق

والتحليل النفسي حوارات في الفلسفة والأدب ، )كلير(وبارني ) جيل(دولوز -7 .1999إفريقيا الشرق ،، المغرب، عبد الحي أرزقان و أحمد العلمي .تر ،والسياسة

، ريا، بيروتفؤاد زك.د.تردراسة جمالية وفلسفية، –النقد الفني ، )جيروم(ستولنيتز -8 .1981، 2.ط المؤسسة العربية للدراسات والنشر،

عدنان محمود .تر اللغة التصويرية الصينية ، –الفراغ والملء ، )فرانسوا(شينغ -9، آفاق ثقافية .2007منشورات وزارة الثقافة، ، دمشق، صلاح صالح.محمد و د

.48العدد روبرت : تحرير ، ، تجلي الجميل ومقالات أخرى)جيورج -هانز(غادامير -10

، المجلس الأعلى للثقافة،سعيد توفيق،مصر: ترجمة ودراسة وشروح، برناسكوني1997.

303

، عمر مهيبل.د .تر، المنعرج الهرمينوطيقي للفينومينولوجيا، )جان(غراندان -11 .2007 ،1.ط ناشرون،-الدارالعربية للعلوم/لبنان، منشورات الاختلاف/الجزائر

.2003 ،1.ط ،دار الحوار، سورية/اللاذقية ،مرئيسيمياء ال، )جاك(ونتاني ف -12

، الشارقة، برهان شاوي .تر لغة الفن التشكيلي ،، .و يوماتوف ف. كوستين ف -13 . ت.منشورات دائرة الثقافة والإعلام ،د

غسان السيد .د .تر نحو شعرية منفتحة ، –جيرار جنيت ، )كريستين(مونتالبيتي -14 .2001 ،1.ط ،بدار الرحا، دمشق، وائل بركات.دو

فخري .ترمدخل إلى تذوق الفن والتجربة الجمالية، –حوار الرؤية ، )ناثان(نوبلر -15 ،والنشر المؤسسة العربية للدراسات ، بيروت، جبرا إبراهيم جبرا: مراجعة، خليل

.1992 ،1.ط

منشورات ، الجزائر، أبو العيد دودو. د.تر أصل العمل الفني ،، )مارتن(هيدغر -16 .2001، 1.ط لاف،الاخت

دار الطليعة للطباعة ، بيروت، جورج طرابيشي .تر مدخل إلى علم الجمال ،، هيغل -17 .1988 ،3.ط ،و النشر

.تر، من أجل تأويل جديد للنص الأدبي –جمالية التلقي ، )هانس روبرت(ياوس -18،ضمن سلسلة المشروع القومي المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، رشيد بنحدو

.2004 ، 1.ط، للترجمة :المراجع الأجنبية

1- Aziza (Mohamed) , L'image dans la société arabe contemporaine , Paris , Editions Albin

Michel , 1978.

2- Ballas (Guila) , La couleur dans la peinture moderne – Théorie et pratique , Traduction

de l'hébreu,Simone Bitton , Paris , Société nouvelle Adam Biro , 1997.

3- Barthes (Roland) , La chambre claire – Note sur la photographie, Editions de l'Etoile ,

Gallimard , Le Seuil ,1980.

4- Barthes (Roland) , L'Obvie et l'Obtus – Essais critiques III , Paris , Editions du Seuil ,

1982.

5- Bonfand (Alain) , L'art abstrait , Paris , P.U.F , 2ème Edition , 1995.Collection Que sais-

je? N°2854.

304

6- Bourdieu (Pierre) , La distinction : critique sociale du jugement , Paris , Les Editions de

Minuit , 1979.

7- Bouversse (Renée) , L'expérience esthétique , Paris , Armand Colin / Masson , 1998.

8- Bru (Charles-Pierre) , Esthétique de l'abstraction – Essai sur le problème actuel de la

peinture , Paris , L'Harmattan , 2000. Collection L'Ouverture Philosophique.

9- Chalumeau (Jean Luc) , La lecture de l'art , Paris , Klincksieck Etudes , 2002.

10- Chalumeau (Jean Luc) , Les théories de l'art – Philosophie , critique et histoire de l'art

de Platon à nos jours , Paris , Librairie Vuibert , 3ème Edition , mai 2002.

11- Couloubaritsis (Lambros) et autres , Montrer l'invisible - Figuration et invention du réel

dans la peinture , Actes du colloque des 18-22 mai 1992 organisé par l'Etablissement

National d'Enseignement Supérieur Agronomique de Dijon , Sous la direction de Jean-

Pierre Sylvestre, Editions Universitaires de Dijon , 1994.

12- Degand (Léon) , Abstraction Figuration – Langage et signification de la peinture, Paris,

Editions Cercle d'Art , 1988.

13- Deleuse (Gilles) et Guattari (Felix), Qu'est-ce que la philosophie?, Tunis , Cérès

Editions , 1993.

14- Derrida (Jacques) , La vérité en peinture , Paris , Flammarion , 1978.

15- Didi-Huberman (Georges), Ce que nous voyons , Ce qui nous regarde, Paris , Les

Editions de Minuit , 1992. Collection "Critique".

16- Didi-Huberman (Georges) , Phasmes – Essais sur l'apparition , Paris , Editions de

Minuit , 1998.

17- Dufrenne (Mikel) , Phénoménologie de l'expérience esthétique, Paris , P.U.F , 1967.

I- L'objet esthétique.

II- La perception esthétique.

18- Eco (Umberto) , Le Signe – Histoire et analyse d'un concept , Adapté e l'italien par

Jean-Marie Klinkenberg , Bruxelles , Editions Labor , 1988.

19- Francastel (Pierre) , Etudes de sociologie de l'art , Paris , Editions Denoël , 1970.

20- Gadamer (H.G.) , Vérité et méthode , Trad. Etienne Sacre , Rev. Paul Ricoeur , Paris ,

Editions Seuil , 1976.

21- Genette (Gérard) , L'œuvre de l'art , Immanence et Transcendance, Paris , Editions du

Seuil , 1994.

22- Genette (Gérard) , L'œuvre de l'art , La relation esthétique , Paris , Editions du Seuil ,

1997.

305

23- Génette (Gérard) , Seuils , Paris , Editions du Seuil , 1987. Collection Points/Essais

n°474.

24- Giovannageli (Daniel) , La Passion de l'origine , Paris , Editions Galilée , 1995.

25- Gleizes (Albert) , L'homme devenu peintre, Paris, Fondation Gleizes , 1998.

26- Greimas (Aligirdas Julien) , Du sens – Essais sémiotiques, Paris , Editions du Seuil ,

1970.

27- Groupe µ , Traité du signe visuel – Pour une rhétorique de l'image , Paris, Editions du

Seuil , 1992.

28- Hesse (Hermann) , Narcisse et Goldmund , Trad. Fernand Delmas , Galmann-Lévy ,

1948.

29- Huneman (Philippe) , Kulich (Estelle) , Introduction à la phénoménologie , Paris ,

Armand Collin , 1997.

30- Husserl (Edmund) , Philosophie première (1923-1924), Traduction par Arion L.

Kelekel, Paris , P.U.F , 2ème édition , 1990.

I – Histoire critique des idées.

II– Théorie de la réduction phénoménologique.

31- Husserl (Edmund) , Leçons pour une phénoménologie de la conscience intime du

temps, Trad. Henri Dussort , Paris , P.U.F , 2ème Edition , 1983.

32- Husserl (Edmund) , Logique formelle et logique transcendantale , Trad. Suzanne

Bachellard , Paris , P.U.F , 2ème Edition , 1965.

33- Husserl (Edmund) , Méditations Cartésiennes , Traduction par Gabrielle Peiffer et

Emmanuel Levinas , Paris , Librairie Philosophique J.Vrin , 1953.

34- Kandinsky (Wassily) , Du Spirituel dans l'art , et dans la peinture en particulier ,

Traduit de l'allemand par Nicole Debrand et du russe par Bernadette du Crest , Editions

Denoël , 1989.

35- Klee (Paul) , Théorie de l'art moderne , Trad. Pierre-Henri Gonthier , Editions Denoël ,

1964.

36- Kelkel (Lothar) , Schérer (René) , Husserl – sa vie , son œuvre, avec un exposé de sa

philosophie , Paris , P.U.F , 1964.

37- Klein (Robert) , La forme et l'intelligible , Paris , Editions Gallimard , 1970.

38- Kristeva (Julia) , Polylogue , Editions du Seuil , 1977.

306

39- Koribaa (Nabhani) , Essai d'une détermination esthétique de l'humain, Thèse de

Doctorat Es-lettres , Université de Paris , Faculté des lettres et sciences humaines ,

1964.

40- Labarrère (André) , L'écriture des stars , Paris , Editions Ramsay , 1991.

41- Levinas (Emmanuel) , Théorie de l'intuition dans la phénoménologie de Husserl , Paris ,

Librairie Philosophique J.Vrin , 1963.

42- Lièvre-Crosson (Elisabeth) , Comprendre la peinture , Editions Milan ,1999.

43- Mathieu (Georges) , L'abstraction prophétique , Paris , Editions Gallimard , 1984.

Collection Idées.

44- Merleau-Ponty (Maurice) , L'œil et l'esprit, Paris , Editions Gallimard, 1964. Collection

Folio/Essais n°13.

45- Merleau-Ponty (Maurice) , Phénoménologie de la perception, Paris, Editions Gallimard,

1945.

46- Merleau-Ponty (Maurice) , Sens et Non-sens , Paris , Editions Nagel, 4ème Edition, 1948.

47- Peirce (Charles S.) , Ecrits sur le signe , Rassemblés , traduits et commentés par Gérard

Deledalle , Editions du Seuil , 1978.Collection l'Ordre philosophique.

48- Renaud (Barbara) et autres, Phénoménologie et Esthétique , Actes de colloque

"Phénoménologie et Esthétique" à l'université de Paris XII-Val de Marne:26-27 mai

1998, Encre Marine , 1998.

49- Rodrigo (Pierre) , L'étoffe de l'art , Paris , Desclée de Brouwer , 2001.

50- Ruhrberg (Karl) , L'art au XXe siècle , Sous la direction de Ingo F. Walther , Volume I ,

Peinture , Koln – London – Los Angeles –Madrid –Paris –Tokyo , TASCHEN ,2005.

51- Tio Bellido (Ramon) et autres , Le XX Siècle dans l'art algérien, Paris , aica-

press/AFAA , Djazaïr/ Une année de l'Algérie en France , 2003.

52- Vincens-Villepreux (Alice) , Ecritures de la peinture – Pour une étude de l'œuvre de la

signature , Paris , P.U.F écriture , 1994.

53- Vouilloux (Bernard) , La peinture dans le texte XVIIIe-XXe siècles , Paris , CNRS

Editions , 1994.

:المعاجم العربية ، لسان العرب، ابن منظور -1

I. 1988 ، 1.ط ،احياء التراث العربي دار، بيروت. II. 1996، مؤسسة التاريخ العربي/ دار احياء التراث العربي، بيروت.

307

مكتبة ، بيروت، معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين، )عفيف(البهنسي -2 .1995 ، 1.ط ،لبنان ناشرون

،1.ط ،مكتبة لبنان، بيروت معجم الألوان في اللغة والأدب ،، )زين(الخويسكي -31992.

،صطلحات العربية في اللغة والأدبمعجم الم، )كامل(المهندس ، )وهبه(وجدي -4 .1979مكتبة لبنان ،، بيروت

:المعاجم و الموسوعات الأجنبية1- Encyclopédie Philosophique Universelle , Les Notions Philosophiques , dictionnaire

Tome 2 , Paris , P.U.F , 2ème Edition , 1998.

2- Encyclopédie Philosophique Universelle , L'Univers Philosophique , Paris , P.U.F ,

3ème Edition , 1997.

:الدوريات العربية .2004أيلول /تموز، 70: ع، )دمشق(الحياة التشكيلية -1 .2002، 31المجلد ، 1: ع، )الكويت(عالم الفكر -2 .1988آب /وزتم، 34: ع، )بيروت(كتابات معاصرة -3

: ، محور العدد1990أغسطس /يوليو، السنة السادسة، 70/71:ع، )المغرب(الوحدة -4 .التأصيل والتحديث في الفنون التشكيلية

.1991، السنة الثامنة والعشرون، 52:ع، )ألمانيا(فكر وفن -5 :الدوريات الأجنبية

1- Algérie Littérature/Action (Paris), Marsa Editions:

- n°55-56 , novembre-décembre 2001. - n°61-62 , mai-juin 2002,.

- n°65-66 , Novembre- Décembre 2002. - n°71-72 , mai-juin 2003.

2- Beaux-Arts (Alger) , Musée national des beaux-arts , n°1, 1994, Mohamed Khadda , une vie pour une œuvre.

3- Magazine littéraire (Paris) : - n° 403 , Novembre 2001 , (Dossier : La phénoménologie : une philosophie pour

notre monde).

308

- n°414 , Novembre 2002 , (Dossier : Philosophie et Art la fin de l'esthétique ?).

4- Revue Internationale de psychologie (Paris) , Autour de l'art et des arts , volume VII , n°18, printemps 2002, Editions Eska.

5- Rhétoriques Sémiotiques (Paris) , Revue d'esthétique n°1-2,1979 , Union Générale d'Editions , 1979.

:النصوص الالكترونية ).المغرب"(علامات"مجلة –موقع سعيد بنكراد الالكتروني -1

http ://saidbengrad.free.fr/formulaire.html. 2- Demulder (Thomas), Création d'une identité artistique par Mohamed Khadda et Kateb

Yacine. Adobe Reader- [DEA 2001 Katebkhadda.pdf]. 3- [Collège de la petite campagne] IDD"le beau est toujours bizarre" MHTML Document 4- http://en wikipedia.org/wiki/signaturet

5- http://mythologica.fr/grec/promethee.htm

309

/

310

:عنوان البحث

فينومينولوجيالموضوع الجمالي في ضوء المنهج ال مقاربة جمالية لنماذج تجريدية عند محمدخدة -

: المفاتيح الكلماتالموضوع ، الحدس، القصدية، الوعي، فينومينولوجيا الفن ، المنهج الفينومينولوجي

، إستطيقا الالتزام، الاستطيقا، الوعي الجمالي، الخبرة الجمالية، الإدراك الجمالي، الجمالي، الاستقبال الجمالي، الفن التجريدي الجزائري الحديث، محمد خدة، يدإستطيقا التجر

، ظاهرة الحروفية، العلامة التشكيلية، العلامة البصرية، التوقيع ،أيقون الزيتون، العنوان .التشكيل اللوني، التشكيل البصري

: إشكال البحثالبحث هل يستطيع: يقترب إشكال الموضوع إجمالا من التساؤلات التالية

أن يتجاوزا عقبات البحث الجمالي عند تأمله ، وفينومينولوجيا الفن تحديدا، الفينومينولوجيللظاهرة الجمالية ؟ وماذا يمكن أن يضيفه الإدراك الفينومينولوجي للفن إلى الظاهرة

الجمالية ؟ كيف ندرك جماليا عملا فنيا طبيعة متنه تشكيلية تجريدية ؟ :الملخص

الموضوع الجمالي في فينومينولوجيا الفن عن تقاطع مدركات جمالية ما بين ي عبروانطلاقا من هذا الاعتبار، تكون خبرة المعنى جزءا لا يتجزأ من . العمل الفني ومتلقيه

فالموضوع الجمالي اشتغال دائب في الكيفيات . خبرة هذه المدركات الجمالية حصراولعله من هذا الجانب ندرك . ه من حدوس افتراضية للعلامات الجماليةالإدراكية لما يراكم

إذ تراهن فينومينولوجيا الفن في هذا . أهمية بناء الموضوع الجمالي في وعي متأملهوالصيرورة التي ينتهي إليها هذا الأفق لى حضور الأفق الإدراكي للمتلقيالصدد ع

.في العمل الفني الإدراكي في عملية بنائه للشكل الفني

311

الفن بخاصة و، ن التأملات الفينومينولوجية في الفن قد أفاد منها كثيرا الفن الحديثإوقد تكون فينومينولوجيا الفن في هذا السياق أحد هذه القراءات التي اقتربت . التجريدي

ع إلى بالرجو"ذلك أن المبدأ القائل . بأسئلتها وأدواتها الإجرائية من فضاء العمل الفنيقد كرس اهتماما خاصا ببنية العمل ذاته انطلاقا من الإدراك الجمالي الذي " الأشياء ذاتها

.وكذا تبعا لخبرته الجمالية الناتجة عن هذا الإدراك الجمالي، يمارسه المشاهدمدخل وأربعة فصول : وعلى هذا النحو، اتخذ البحث الخطة التالية

.بملحق ومسرد للمصطلحات الواردة في البحث وقائمة للمصادر والمراجع وخاتمة مذيلةالفينومينولوجي بالموضوع الجمالي في منظور البحث"الموسوم ، يتناول المدخل

، أهم الإشكالات المعرفية والنقدية التي تشغل الفينومينولوجيا "المفاهيم والإجراءات –ونسعى في أثناء ذلك إلى مقاربة الخطاب الجمالي .يداعموما وفينومينولوجيا الفن تحد

ولذلك . وتأويل مقصدياته ضمن الممكنات الفينومينولوجية التي تخولها له أسيقته الدالةبمستويات فينومينولوجية ) الموضوع الجمالي(تحدس فصول البحث ظاهرة التجريد

مشكلة الاستقبال : التجريد مالي لظاهرةالإدراك الج(حيث يطرح الفصل الأول ، متباينةعوائق الإدراك الجمالي التي تطرحها اللوحة التجريدية وإشكال التلقي لأعمال ) الجماليونسجل في هذا المقام شح الأرقام التي . ضمن الأفق التشكيلي المحلي محمد خدةالفنان

ويرصد الفصل الثاني . لفنانمن شأنها تنوير المشاهد بما تم تداوله فعلا من أعمال االتمظهرات ) والتوقيع مقاربة في عتبتي العنوان: التجريد التكوين التشكيلي لظاهرة(

الفينومينولوجية للعنوان والتوقيع من خلال ما يطرأ عليهما من تكوينات بصرية داخل البعد : أيقون الزيتون خبرة المعنى في(يتناول الفصل الثالث ، وفي المقابل. اللوحة

أيقون الزيتون بوصفه علامة بصرية في نسيج اللوحة و ذلك من ) التجريدي للطبيعةظاهرة (ويعاين الفصل الرابع . خلال مستويات تمظهرها في خبرة من يشاهدها ويتأملها

عبر التعالق الفني الموجود بين فن "التدوين"تجليات ) التشكيل التجريدي الحروفية فيولذلك يقتفي التأويل مقاصد التشكيل الخطي بصريا وجماليا بما في . التصويرالخط وفن

ذلك الشعرية البصرية للفراغ والخصوصية الجمالية التي يصدر عنها المشهد الحروفي إستطيقا التجريد من منظور فينومينولوجيا (وتنتهي خاتمة البحث . محمد خدةلدى الفنان

312

قية بشأن ما تم تحليله من تجليات الموضوع الجمالي في إلى مستخلصات إستطي) الفن . فصول هذا البحث

313

L'intitulé : L'objet esthétique du point de vue phénoménologique –

Approche esthétique de quelques œuvres abstraites de Mohamed Khadda. Les mots clés : phénoménologie , phénoménologie de l'art , conscience ,

intentionnalité , intuition , objet esthétique , perception esthétique , expérience esthétique , conscience esthétique , esthétique , esthétique d'engagement , esthétique d'abstraction , l'art abstrait algérien moderne , Mohamed Khadda , réception esthétique , titre , signature , l'icône d'olivier , signe visuel , signe plastique , phénomène de calligraphie , composition visuel , composition chromatique.

Problématique de travail : Notre travail s'articule autour de l'objet esthétique comme moyen de lire

l'art. Nous essayons de répondre aux questions suivantes : Est-ce que la phénoménologie , et en particulier la phénoménologie de l'art , peut surmonter les difficultés de la recherche esthétique , lors de la contemplation du phénomène esthétique? Que peut ajouter la perception esthétique de l'art au phénomène esthétique en général ? Comment percevoir esthétiquement une œuvre d'art d'une nature picturale et abstraite ?

Résumé : En phénoménologie de l'art , l'objet esthétique exprime l'intersection des

apperceptions esthétiques entre l'œuvre d'art et son récepteur. En fait , l'expérience du sens fait partie de ces apperceptions esthétiques , C'est pourquoi l'objet esthétique est un travail continu de conditions perceptives, à partir de ce qui est accumulé par les intuitions virtuelles des signes esthétiques. Cela explique l'importance de l'objet esthétique et sa constitution dans la conscience de son contemplateur. Donc , la phénoménologie de l'art dépend de la présence de l'horizon perceptif , et le devenir de ce dernier contribue à la constitution de la forme artistique de l'œuvre d'art.

Il convient de noter que l'art moderne , et en particulier l'art abstrait, semble être influencé par les contemplations phénoménologiques. Ainsi , la phénoménologie de l'art serait une de ces lectures , qui s'approchent de l'œuvre d'art par ses questions et ses procédés.

314

Rappelons le principe phénoménologique : "retour aux choses mêmes" qui a consacré un intérêt très particulier pour la structure de l'œuvre d'art , à travers la perception esthétique du spectateur et sa expérience esthétique.

Pour mieux procéder à l'analyse de l'objet esthétique , nous avons suivi un plan de travail qui comprend : préface , quatre chapitres et conclusion suivie d'un glossaire et références bibliographiques.

On a tenté d'introduire dans la préface qui s'intitule "L'objet esthétique dans la recherche phénoménologique : concepts et procédés" , les concepts phénoménologiques en général et les procédés de la phénoménologie de l'art en particulier , dans le but d'approcher le discours esthétique et d'interpréter ses intentionnalités. C'est pourquoi les chapitres s'engagent d'y faire montrer le phénomène abstrait (l'objet esthétique) à partir de différends niveaux. Le premier chapitre (la perception esthétique du phénomène abstrait : problème de la réception esthétique) souligne les obstacles de la perception esthétique que pose le tableau abstrait , et la réception des œuvres de Mohamed Khadda. Par ailleurs , le deuxième chapitre (la composition plastique du phénomène abstrait : titre et signature) tente d'éclairer les apparaitres phénoménologiques du titre et de la signature à travers leurs compositions visuelles dans la toile. D'autre part , le troisième chapitre ( l'icône d'olivier et l'expérience du sens : la dimension abstraite de la nature) se consacre à analyser l'icône d'olivier comme signe visuel dans l'étoffe de la toile et ses apparences faites par son spectateur. Enfin , le quatrième chapitre (phénomène calligraphique dans la composition abstraite) tente d'articuler les particularités esthétiques de la calligraphie et sa signification phénoménologique. Finalement , la conclusion (esthétique de l'abstraction en phénoménologie l'art) vient souligner le parcours phénoménologique dans le travail en général.

315

316

3 ................................................................................................................... عرفان و شكر

5 ........................................................................................................................... الاھداء

6 ............................................................................................................................ مقدمة

SIGNET NON DEFINI. ERREUR ! ............................................................................ : المدخل

16 ................................................................. الفینومینولوجي البحث منظور في الجمالي الموضوع

16 ....................................................................................................– والإجراءات المفاھیم -

18 ......................................................................................... : عموما الفینومینولوجیا مقاربة -1

36 ...................................................................................... : تحدیدا الفن فینومینولوجیا مقاربة -2

58 .......................................................... المدخل في إلیھا المتوصل المستخلصات مقاربة : الخلاصة-3

63 ................................................................................................................... الأول الفصل

63 .......................................................... الجمالي الاستقبال مشكلة: التجرید لظاھرة الجمالي الإدراك

70 ............................................................................. الحدیث الجزائري الفن في التجرید ظاھرة-1

93 ................................................................................ :خدة محمد الفنان عند الالتزام إستطیقا-2

107.......................................................................................... خدة لأعمال الجمالي الاستقبال-3

125................................................................................................................. الثاني الفصل

125.......................................... التوقیع و العنوان عتبتي في مقاربة : التجرید لظاھرة التشكیلي التكوین

317

130......................................................................................عريالش التكوین مرحلة : العنوان-1

150....................................................................................... اللوني التشكیل مرحلة :العنوان -2

164................................................................................................ التوقیع مرحلة :العنوان -3

181................................................................................................................. الثالث الفصل

181............................................................. للطبیعة التجریدي البعد: الزیتون أیقون في المعنى خبرة

183............................................................................................ الزیتون لأیقون اللوني التشكیل

197.......................................................................................... الزیتون لأیقون البصري التشكیل

209........................................................................................... الزیتون لأیقون الاستطیقي البعد

222................................................................................................................. الرابع الفصل

222.................................................................................. التجریدي التشكیل في الحروفیة ظاھرة

ا تشكیلا الحروفیة ا و بصری 225.......................................................................................... جمالی

243.............................................................................. الخطي التشكیل في البصریة الفراغ یةشعر

252............................................................................. خدة محمد الفنان لدى الخطي التشكیل ھویة

260........................................................................................................................ الخاتمة

260....................................................................... الفن فینومینولوجیا منظور من التجرید إستطیقا

267....................................................................................................................... الملاحق

269................................................................................. خدة محمد للفنان الفنیة و الذاتیة السیرة

271................................................................................................................ وآثاره أعمالھ

277.......................................................................................................... أوشام جماعة بیان

279............................................................................................................... اللوحات ملحق

282.......................................................................................................... المصطلحات مسرد

318

283....................................................................................... الاستطیقي/الفینومینولوجي المعجم

290............................................................................................................. التشكیلي المعجم

298.................................................................................................................. البحث مكتبة

309.................................................................................الفرنسیة باللغة وترجمتھ البحث ملخص

313......................................................................................... الفرنسیة باللغة الملخص ترجمة

315........................................................................................................... المحتویات فھرس

319

République Algérienne Démocratique Et Populaire

Ministère de l'enseignement supérieur Et De La Recherche Scientifique

Université D'ORAN / ES-SENIA

Faculté des lettres , Langues ET Arts

Département Des Lettres Arabes

Thèse de Doctorat en Théorie de Littérature

Thème: L'Objet esthétique du point de vue phénoménologique –

Approche esthétique sur quelques toiles abstraites de Mohamed Khadda

Présentée par: Sous La Direction du :

Kahli Ammara Prof. Ahmed Youcef

Année Universitaire : 2008-2009