رﺻﺎﻌﻣﻟا ﻲﻣﻼﺳﻻا رﻛﻔﻟا ﻲﻓ ﺔﻟودﻟا موﻬﻔﻣ...

1

قسم الفلسفة

مذكرة لنیل شهادة الماجستیر في الفلسفة

تحت عنوان :

مفهوم الدولة في الفكر االسالمي المعاصر

أبو األعلى المودودي نموذجا:رافــــــــــــــــــإشإعداد الطالب :

لجنة المناقشة :

.رئیسا.......................................................د. أنور حمادي

.مقررا.................................................أ.د محمد عبد الالوي

.عضوا.....................................................د. محمد بوشیبة

.عضوا.......................................................د. مختار بریاح

م.2014/ 2013:الجامعیةالسنة

أ.د. محمد عبد الــالوي طـــاب عیـــــــسى 2013/12/18

2

باسم اهللا الرحمان الرحيم

والصالة والسالم على أشرف المرسلين

.وعلى صحبه أجمعين

4

–

5

:المقـــدمــــــة

6

:مقـــدمــــــة

یدور هذا البحث حول مفهوم الدولة في الفكر االسالمي المعاصر وبخاصة عند أبي األعلى ، أحد أبرز وجوه الصحوة االسالمیة المعاصرة. الیه یعود الفضل في االنتقال بالفكرة من 1المودودي

ه الفكر حیز الوجود بالقوة الى الوجود بالفعل بالتعبیر األرسطي. فالمودودي منظر حركي ارتبط عندماركس بالبراكسیس. یعد مؤسس الجماعة اإلسالمیة بباكستان ومنظرها أو كارل بالممارسة فیما یسمیه

كتابا بین كتاب فكري یقیم الفكرة وكتاب دعوي 70مرشدها. وهو غزیر اإلنتاج ، بلغت كتبه حوالي لتوجیه واإلرشاد. وقد عمل یجلب إلیها األنصار وكتاب في االستراتیجیة والتكتیك متعهدا به حركته با

على تخلیص المجتمعات االسالمیة من شوائب الحضارة والقیم الغربیة. والعودة الى اسالم األصول . كانت (والتخلص من عقدة النقص. فاستقطب انتباه المثقفین األكثر تغریبا. یقول في ذلك الندوي :

ها في لون خاص ، اذ استرعى األستاذ الكبیر مقاومة المفاهیم والقیم الغربیة على قدم وساق تؤدي دور السید أبو األعلى المودودي في منتصف هذا القرن انتباه الطبقة المثقفة من المسلمین بمقاالته القیمة

الهند ، في نقد الحضارة –الصادرة من حیدر أباد "ترجمان القرآن "التي كان یكتبها في مجلته الغراء .2)الغربیة ، ونظام الحیاة الغربي...

والیه یعود الفضل ولمعاصریه من أمثال حسن البنا وسید قطب في زرع الفكرة ونشرها والسعي الى تجسیدها من خالل التنظیم الذي هو الجماعة االسالمیة بباكستان والتنظیم العالمي لإلخوان

ویثیر هذا البحث إشكالیة العالقة بین الدین والسیاسة في المجال االسالمي ، وهي من أكثر المسلمین .على مستوى تباین فكري ومنهجي یصل أحیانا ومن تعدد للطروحات ، هااإلشكالیات استعصاء لما فی

تمع االسالمي ویؤرخ له هاديحد التكفیر واالقتتال. مع العلم أن االغتیال السیاسي قدیم في المجالعمل، - داعیة ومفكر اسالمي باكستاني ، اشتغل بالصحافة حیث أصدر مجلة ترجمان القرآن ( ترجمان القرآن )م) 1979ـ 1903أبو األعلى المودودي: (1

أسس حزب ( الجماعة االسالمیة ) واختیر أمیرا لها إلى 1941وفي وكان شعارها "احملوا أیها المسلمون دعوة القرآن، وانهضوا، وحلقوا فوق العالم"1933

جائزة الملك فیصل لخدمة اإلسالم له منحت 1979.باإلعداملمرضه . اعتقل عدة مرات وحكم علیه أعفي من منصبه بناء على طلبه حیث م 1972غایة

الخالفة -مؤلف منهم : نظریة االسالم وهدیه في السیاسة والقانون والدستورأصدر حوالي وقد تبرع بقیمة الجائزة إلنشاء مجمع المعارف اإلسالمیة بالهور.

تدوین الدستور االسالمي.–منهاج االنقالب االسالمي –الحكومة االسالمیة -والملك

، دار أفاق الغد ، القاهرة ، مصر.1980، الطبعة األولى 14ص)التفسیر السیاسي لإلسالم ( الندوي أبو الحسن : -2

7

بلقزیز قدم فكر الدكتور عبد اإلله علوي في كتابه " االغتیال السیاسي في االسالم " وكذلك یؤكد تاریخ . وتاریخها یعود –الرائجة لدى بعض الحركة االسالمیة الیوم –لفكرة التكفیر (التكفیر اذ یقول :

1. )االسالمیة في العصر الوسیط –الى جذور وینابیع التجربة الحضاریة العربیة

ما یقتضي من الباحث تفادي الضبابیة الفكریة تلك والتباین الفكري والمذهبي والتراشق اإلیدیولوجي واالستبعاد المتبادل والبحث في األسس والمفاهیم التي ینبني علیها الفكر اإلسالمي ومن ثم الغوص في البنى النظریة وقراءتها في سیاقاتها التاریخیة. كما ینبغي تجنب مقابلة المفاهیم اإلسالمیة للدین

مجتمع بالمفاهیم الغربیة مثل وللسیاسة والدولة والتشریع واألخالق والتداول على السلطة وتسییر شؤون الالدیمقراطیة والحریة والعلمانیة والدستور والبرلمان واالنتخاب والتداول على السلطة لیس ألن االسالم

وتباین األسس النظریة ، تینییجمع بین المجالین كما یرى البعض بل الختالف التجربتین الحضار فاهیم على الواقع اإلسالمي أو مقابلة المفاهیم ببعضها لن والممارسة التاریخیة. ومعلوم أن إسقاط تلك الم

یؤدي سوى الى تعمیق الهوة بین أنصار مشروعین متناقضین كلیة واحتدام الصراع أكثر. أي یعمق اإلشكال بصورة تؤدي الى التصلب الفكري واالستبعاد اإلیدیولوجي المتبادل وینتهي بالباحث إلى لزوم

ومعلوم أن هذه اإلشكالیة بدأت مع الفتنة الكبرى في التاریخ السیاسیین. موقعه خلف صفوف القادةاالسالمي وبالضبط منذ أن رفعت المصاحف طلبا لالحتكام الى كتاب اهللا وما تفرع عنها من فرق هي في الواقع أحزاب سیاسیة. وانتهت بانقضاء فترة الخالفة الراشدة التي حل محلها الملك العضوض. وقد

الغالب شرعیة السلطة األمویة األمر حیث صار الدین في خدمة السیاسة التي لم تكن في عمقت تراعي المقاصد الكبرى للشریعة اإلسالمیة. وتحول بعض الفقهاء الى كتبة في البالط أو فقهاء سلطان

ات سلطة ممارسالبقیة ممن حاولوا الحفاظ على استقاللیتهم أو أبدوا اعتراضا صریحا علىد ه ط واض األمر الواقع ، سلطة العشیرة . والواقع أن الفتنة لم تبدأ مع صراع علي ومعاویة بل طالت الخالفة منذ

مقتل عمر ابن الخطاب واحتدم الصراع مع مقتل عثمان واتهام علي ابن أبي طالب.

، المركز الثقافي العربي .الدار 2001، الطبعة األولى 88السیاسي' ص بلقزیز عبد االله " االسالم والسیاسة : دور الحركة االسالمیة في صوغ المجال -1

البیضاء . المغرب

8

وهكذا نجده ( المقصود معاویة) من جهة (وهي الفتنة التي أسالت دماء المسلمین وصفت آل البیت. هیكرر في خطبه أن ما حدث من حرب بینه وبین علي بن أبي طالب ، وما كان انتصاره وانتزاع

.1)..."وقدره بقضاء اهللا "الحكم ، إنما كان

والواقع أن الرسول ذاته كان زعیما سیاسیا أقام دعوة ودولة . حارب وفاوض وتحالف وأمضى المواثیق والعهود واستشار ونظم االقتصاد: ففرض الجزیة وقسم الغنائم . وراسل الملوك والقیاصرة واألباطرة. وقد

ایذانا بقیام دولة على أنقاض القبیلة والعشیرة. وبعقد تحالفات جدیدة وأشكال في كانت هجرته الى یثرب التنظیم االجتماعي لم تعرفها مكة. وفي المدینة ستنطلق الدعوة والدولة متالزمتین هو التالزم الذي

ؤسسة سیتحول مع مجرى التاریخ الى اشكال سیاسي فكري. ففي المدینة كتبت صحیفة المدینة الوثیقة المالتي اجتمعت فیها كافة أطیاف یثرب. والتي تحددت فیها أسس العالقات بین مختلف أطراف المجتمع المدیني أو فاعلیه السیاسیین. وفیها تمت دسترة حقوق وواجبات كل األعضاء. وصارت منذ ذلك التاریخ

اسیة بالغة فالمدینة في لغة المدینة عاصمة الدولة الناشئة. وفي التغییر الذي طرأ على تسمیتها داللة سیالعرب آنذاك هي األرض التي یبنى فیها حصن ومعلوم أن للحصون قیمة عسكریة وسیاسیة قویة فهو

رمز سیادة الدولة ومنعتها. وبالتالي فان هذا التغییر في التسمیة تعبیر عن ذاك التحول الكبیر .

تعدد وال تحكمه التحالفات القبلیة الضیقة بل ونضیف أن المدینة تجمع بشري أكبر من القبیلة ومفتوح ومالعالقات المادیة المصلحیة. واذا كان الرسول قد أكره على الهجرة فان اختیار وجهته صوب یثرب یحمل هو اآلخر كل الدالالت السابقة. خاصة وأن الرسول صلى اهللا علیه وسلم لم یكن یبحث في یثرب عن

حترامه ایاها في بناءه للدولة الناشئة_ بل كان یتجه الى بناء دولة . بالرغم من ا–مجرد تحالفات قبلیة فالرسول عندما دخل المدینة مهاجرا كان أول عمل (ویذهب شاكر النابلسي الى أبعد من ذلك إذ یقول:

قام به وقبل أن یكتمل االسالم ، اذ كان أمام االسالم عشر سنوات أخرى لكي یكتمل ، وقبل أن یرسخفي "دولة الرسول "أو "دولة المدینة "، وقبل أن یدعو الى االسالم في المدینة ، أن أسس االسالم

2)المدینة ، وكانت دولة غیر دینیة وغیر اسالمیة.

لبنان .، مركز دراسات الوحدة العربیة ، بیروت ، 1996، الطبعة األولى 83الجابري محمد عابد ، الدین والدولة وتطبیق الشریعة ، ص –1

، المؤسسة العربیة للدراسات والنشر، بیروت ، لبنان. 2005، الطبعة األولى 100النابلسي شاكر " أسئلة الحمقى في السیاسة واالسالم السیاسي " ص -2

9

فقد عرفت یثرب تنوعا كبیرا في تركیبتها البشریة كان ضروریا لتجاوز منطق القبیلة الى الدولة . لكنها لم تعرف السلطة التي تضبط النزاعات خاصة بین األوس والخزرج ما یفسر ترحیبها بالوافد الجدید الذي

هیم العصر مثل مواثیق توسمت فیه مشروعه . وتحتاج صحیفة المدینة الى اعادة قراءة على ضوء مفاحقوق اإلنسان والحریات العامة والخاصة وفكرة المساواة بین المعتقدات ، اذ شملت مختلف أطیاف المدینة من یهود وأوس وخزرج ومهاجرین دون تمییز في الجنس أو اللون أو المعتقد. ولم تتم فیها

ي اعتبار خاص بل تنص صراحة على اإلشارة الى أي دین رسمي للدولة بل ولم یحظى فیها اإلسالم بأتساوي كافة األدیان وأن الدولة لكافة مواطنیها.

فقه "أما (ولكن التنظیر للسیاسیة جاء في مرحلة جد متأخرة وفي سیاق وظروف أخرى. قال الجابريوان كان المتكلمون قد 1)ة مع الماوردي بصورة خاصة .، فلم یظهر اال في فترة متأخر "السیاسة

خاضوا في هذه األمور. غیر أن ما یهمنا أن النظریة السیاسیة جاءت تبعا لممارسة تاریخیة وأن النظریة

انما تعكس في حقیقة األمر هذه التجربة التاریخیة أو تلك حتى وان استندت على مفاهیم دینیة أو ینیة . وینبغي في هذا الصدد العودة الى التاریخ للوقوف على مختلف األفكار باألحرى شحذت مفاهیم د

السیاسیة التي اعقبت وفاة الرسول لنرى ان كانت قد تبلورت نظریة في السیاسة انطالقا من الكتاب أم أنها في حقیقة األمر تعبیر عن حاجة عملیة تلفعت بمفاهیم الدین. ولنرى كیف تبلورت معالم

وجیة الدینیة في السیاسة.االیدیول

وتزداد هذه االشكالیة حدة وتعقیدا الیوم خاصة بعد انتشار فكرة العلمانیة في العالم االسالمي مع قیام الدول الوطنیة وبخاصة مع بروز مفكرین علمانیین یدعون الى رسم العالقة بین البعدین بتكریس

معلوم على اعتقاد مفاده أن الدین أو الروحانیات بصورة االستقاللیة المتبادلة. ویقوم هذا التوجه كما هو عامة هي مجال خاص أو شأن فردي خالص أما السیاسة فهي فن تسییر الشأن العام. أو بتعبیر أوضح

الدین مجال العالقة بین المخلوق والخالق أما السیاسة فهي تضع أسس العالقة بین الحاكم والمحكوم. بعاد كل ما هو غیبي عما هو إوبالتالي فال مجال لتدیین السیاسة أو تسییس الدین. أو بتعبیر آخر

مادي. ویرجع أغلب المفكرین العرب واالسالمیین هذا التباین الفكري الى :

، مركز دراسات الوحدة العربیة ، بیروت ، لبنان .1996، الطبعة األولى 83الجابري محمد عابد ، الدین والدولة وتطبیق الشریعة ، ص –11

، لبنان. ، المؤسسة العربیة للدراسات والنشر، بیروت 2005، الطبعة األولى 100النابلسي شاكر " أسئلة الحمقى في السیاسة واالسالم السیاسي " ص -2

10

. ما أثار 1924االنقالب الذي قام به مصطفى كمال أتاتورك بإلغائه نظام الخالفة االسالمیة سنة-الجدل حول طبیعة الخالفة االسالمیة : هل هي منصب دیني أم سیاسي؟ وهل هي مزیج منهما ؟ وهل

ثل أحمد فؤاد هي ضرورة شرعیة أو ركن من أركان الدین ؟ فتباینت المواقف من المسألة بین انتهازي مملك مصر آنذاك الذي حاول استغالل الفرصة لالستفادة من ذلك القرار والجمع بین لقبي الملك

والخلیفة . ما استدعى ردا حازما من األوساط المتنورة منعا الستغالل الدین ألغراض سیاسیة.

االسالمیة بالضبط وما اصطلح على تسمیته بصدمة الحداثة التي یرجعها مؤرخو المجتمعات العربیةالى حملة نابلیون بونابرت على مصر وما تالها من احتكاك حضاري من خالل البعثات واالرسالیات التي أوفدها محمد علي الى أوربا وفرنسا خاصة فعادت منبهرة بما رأته من رقي حضاري لتصطدم من

ألمیر شكیب أرسالن الموسوم جدید بواقع التخلف المریع . ولعل أفضل شاهد على ذلك الواقع كتاب ا

بسؤاله الشهیر : لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غیرهم. والذي یعكس الشعور العام لدى جمهور علماء العرب والمسلمین وتطلعهم الى اللحاق بركب األمم المتقدمة. فكتب محمد عبده عن االسالم

لى الحریات العامة. ولعل المثیر تزامن كتاب والمدنیة وكتب رفاعة الطهطاوي مدینا االستبداد داعیا اعلى عبد الرازق " االسالم وأصول الحكم " وذلك القرار الشهیر. واذا كان هذا الكتاب قد أثار موجة من السخط لم تنته بطرده من األزهر واستدعت ردا من التیار المحافظ في االسالم بكتاب رشید رضا

"الخالفة ".

وان كان التاریخ مالزما للفكر خاصة في موضوعنا حیث -لهذه االشكالیة طبعا نحن ال نؤرخ هنا ولكننا أردنا بتلك االشارات وضع –یتداخل والتاریخي أو المیتاتاریخي الالتاریخي أو ما فوق التاریخ

المسألة في سیاقها التاریخي حتى نتمكن من رؤیة أعمق لألمور.

11

:اإلشكالیة

األعلى المودودي ؟ وما الحاكمیة ؟ لماذا استدعى المودودي مفهوم الجاهلیة ما الدولة عند أبي القرآني ؟ وكیف وظفه في بناء النظریة السیاسیة؟ وهل الحاكمیة في االسالم هللا أم هي بید األمة ؟ وهل

بعها تجد مرجعیتها في الكتاب والسنة ؟ وكیف یمكن التوفیق بین الطابع االلهي للسلطة من ناحیة وطاالبشري من ناحیة ثانیة ؟ وكیف یتمفصل الروحي والزمني في فكر المودودي عامة والسیاسي خاصة؟ وهل الدولة عند المودودي ذات طابع دیني أم مدني ؟ وما موقف المودودي من الدیمقراطیة والعلمانیة ؟

؟ وهل تمكن الشورى من وكیف یتم اختیار الحكام والمجالس في الدولة ؟ وما نصیبها من الدیمقراطیة تنظیم المجال السیاسي ؟ وهل یسمح النظام االسالمي بالتعددیة؟ وما هو موقع المعارضة في الدولة االسالمیة ؟ والى أي مدى یمكن للنظام االسالمي أن یتیح الحریة ؟ وكیف یتم تنظیم التعبیر عنها ؟

لج المودودي مسألة األقلیات ؟وما هو موقع حقوق االنسان في الدولة االسالمیة؟ وكیف عا

واذا كانت المرجعیة النظریة للسلطة السیاسیة هي إدارة شؤون الحیاة الزمنیة والمدنیة ، فما موقع الروحي في التشریع المدني ، أو كیف یتداخل الروحي والزمني ؟ و كیف تتجسد الشورى وكیف تتجسد هیئة أهل

ات بالشكل الغربي ؟ وهل الحل والعقد من خالل البرلمان ؟ وكیف یتم تنصیبه؟ هل من خالل االنتخابیقبل النظام اإلسالمي التعددیة الحزبیة : وكیف یتم تنظیم التنافس االنتخابي ؟ هل یمكن ذلك بعیدا

عن التجهیل والتكفیر ؟ وأخیرا ما أوجه الحضور المفاهیمي الغربي في نظریة المودودي؟

:دوافع البحث

االسالمي عامة والمعاصر بصورة خاصة . منها ما دوافع كثیرة جعلتني أنكب على البحث في الفكرهو شخصي ومنها ما هو موضوعي . وأعتقد أن كل من تلقى تربیة تقلیدیة على االسالم الشعبي الذي هو مزیج من العقیدة والتصوف والتاریخ والمخیال واألدب الشعبي والثقافة الشفهیة والمعامالت السائدة

ات وبدایة السبعینات إلخ... سیصطدم بأنماط من الفكر والسلوك وموجة في مجتمعاتنا الى غایة الستینالتدین الجدیدة في مجتمعاتنا العربیة واالسالمیة . والصدامات في الجامعات واالعتداء على الطالبات وظهور أزیاء جدیدة تمثلت في الحجاب االسالمي ، والمنشورات السریة والحلقات في المساجد بل وفتن

12

القبض والسدل في الصالة ، والصالة مع الجماعة أو اعتزالها واالعتكاف داخل المساجد. وغیرها من أنماط السلوك التي صاحبت هذه الموجة ، كلها شكلت دوافع خاصة. واذا كانت بدایاتي مع هذا الفكر

تماما ضةكانت األفكار االشتراكیة هي الرائجة ، وهي مناقصدامیة وسجالیة ، خاصة في مرحلة طروحات االسالمیین ، بل زادتني أحداث الجزائر في التسعینات من القرن الماضي ، قناعة بضرورة ل

مواجهته . ولكن ونتیجة النكبابي على دراسة أفكار االسالمیین ، وتراجع موجة االرهاب الفكري والمادي ا هدوء الباحث وتأني المتأمل الذي مرت به الجزائر ، راحت شعلة العنف تنطفئ في النفس لیحل محله

ورزانة واتزان المفكر. ورحت أبحث في بدایات الفكر االسالمي المعاصر. وكنت مخیر بین حسن البنا وسید قطب وأبو األعلى المودودي . فاخترت المودودي باعتباره أحد مؤسسي الفكر االسالمي

اصرة وخاصة سید قطب. وكذلك شدتني المعاصر. ونظرا لتأثیره البالغ على الصحوة االسالمیة المعمفاهیم الحاكمیة والجاهلیة عنده ، خاصة في ارتباطها بالتكفیر والعنف. وقد شكلت هذه المفاهیم وغیرها مثل الدولة االسالمیة والخالفة والشورى والشریعة االسالمیة حافزا قویا للبحث في خصوصیات النظام

االسالم بالحداثة . والتركیز على مفاهیم التجدید واالصالح السیاسي في االسالم . والبحث في عالقة. وال تخرج عصر تدوین جدید كما یذهب الیه الجابريواالجتهاد في الفكر االسالمي. وامكانیة تدشین

هذه الدوافع الخاصة عن الدوافع العامة للبحث في الفكر االسالمي والمتمثلة في تخلف المجتمعات وحاجة هذه المجتمعات إلى المرجعیة في بناها السیاسیة واالجتماعیة. وما یترتب العربیة االسالمیة .

عن ذلك من مسائل الشرعیة السیاسیة ، وحقوق االنسان والمشاركة السیاسیة ، وحریة الفكر والتعبیر.

صعوبات البحث:

متوفرة أو یصعب وقد القینا في هذا البحث صعوبات عدیدة منها أن الكثیر من كتب المودودي غیر الوصول الیها. ومنها من هي دون طبعة أو دون تاریخ الطبعة أو دونهما . كما أن البحث في ظاهرة االسالم السیاسي ال زال جدیدا والكثیر من الكتابات تدخل في اطار السجال الفكري والسیاسي وما یترتب

مسبقة . ونسجل هنا قلة المراجع والدراساتعن ذلك من استحالة التجرد التام من األحكام االیدیولوجیة ال

13

المتخصصة وأغلب ما هو متوفر دراسات متناثرة المرامي واألهداف . كما حاولنا قدر المستطاع تفادي إسقاط المفاهیم الغربیة على مسائل الفكر االسالمي أو مقارنة األفكار في المجال االسالمي بغیرها من

الصعوبات أیضا المنهج ، إذ من المعلوم أن المنهج في العلوم االنسانیة الحضارة الغربیة. ونذكر من مهما ادعى صاحبة البراءة في البحث فإن المنهج یستحیل فصله عن مرجعیاته الفكریة ، وخاصة أمام تعدد واختالف المدارس الفكریة في الفكر العربي االسالمي . وهكذا فمرجعیة مثال محمد عابد الجابري

عیة محمد أركون . وما یرمي الیه محمد عمارة غیر ما یراه نصر حامد أبو زید . ونشیر أیضا غیر مرجالى مسألة التصنیف خاصة أمام االختالفات الفقهیة وتعدد المدارس االسالمیة من سلفیات واخوان

ومجددین ودعاة الخ...

منهجیة البحث :

لمودودي اخترت منهجا تحلیلیا یعتمد على تحلیل في هذه البدایات مع الفكر االسالمي وأمام مفاهیم االمفاهیم األساسیة في النظریة بحثا في أصولها ودالالتها ووظائفها ضمن السیاق العام للنظریة وفعلها

من النقد . وتوخیت في النقد تفادي األحكام بشيءفي التاریخ وضمن تاریخیتها. وقد طعمت هذا المنهج المسبقة ، للبحث في األسس المعرفیة للمفاهیم والنظریة . كما حاولت أیضا التخلص ولو مؤقتا عن القناعات الشخصیة وعدم االحتكام الیها في البحث كما لو كانت هي المعیار أو المقیاس . كذلك عملت

كما یفعل الكثیر من الكتاب لألسف. وبالنتیجة أكون استعملت على فهم فكر المودودي بدل محاكمته منهجا تحلیلیا نقدیا في دراسة الفكر السیاسي للمودودي .

مخطط البحث :

تتكون المذكرة من مقدمة وثالثة فصول وخاتمة ، وكل فصل یتألف من مبحثین .. وقد تطرقنا في مرجعیة التصادم بین التصور اإلسالمي للدولة، المقدمة لجذور اإلشكالیة التي حاولنا معالجتها، و

والتصور الحداثي للدولة ...وعلیه فقد كانت اإلشكالیة مصاغة بالشكل التالي : كیف تصور المودودي الدولة ؟ وكیف استعاض بمبدأ الحاكمیة عن سیادة الدولة ؟ وكیف نسج العالقة بین الزمني والروحي في

نظریته السیاسیة ؟

14

للصعوبات التي تعترض الباحث في مثل هذا الموضوع والتي تتمثل أساسا في قلة المراجع وتطرقناواختالف المرجعیات الفكریة للباحثین والمفكرین العرب والمسلمین.

ثم حددنا الدوافع الذاتیة والموضوعیة التي شكلت األساس في اختیار المودودي والبحث في فكره . وقد السالم السیاسي وما ترتب عنها من أنماط تفكیر وسلوك وآثارها على تمثلت أساسا في موجة ا

المجتمعات العربیة االسالمیة.

وانتهینا الى المنهج المعتمد في هذه الدراسة والمتمثل في المنهج التحلیلي النقدي.

أما الفصل األول فقد تضمن مبحثین ، وقد كان موضوع المبحث األول مفهوم الحاكمیة أصوله وأساسه الشرعي وداللته السیاسیة . أما المبحث الثاني ، فقد تطرقنا فیه إلى مفهوم الجاهلیة وعالقته بالحاكمیة

تعرضنا لعالقة االسالم ووظیفته السیاسیة ضمن النظریة السیاسیة عند المودودي. وفي الفصل الثاني بالسیاسة في نظریة المودودي وفي المبحث األول تطرقنا لعالقة الدین بالدولة ووقفنا على نقد المودودي للدیمقراطیة والعلمانیة والقومیة .أما في المبحث الثاني فقد تطرقنا لمسألة الدولة وتطبیق الشریعة

تطرقنا لمسألة التغییر السیاسي عند المودودي. والدستور االسالمي . أما في الفصل الثالث فقد فدرسنا في المبحث األول مفهوم الجهاد عند المودودي وفي المبحث الثاني درسنا مفهوم االنقالب

االسالمي.. وأنهینا بحثنا هذا بجملة من النتائج التي توصلنا أو بخالصة له حددنا فیها رؤیتنا لألمور.

15

الفصل األول :

بین الحاكمیة والجاهلیة

16

المبحث األول :

اللفظ والداللة:الحاكمیة

17

والداللةالحاكمیة : اللفظ

لعل الرواج الذي شهده لفظ الحاكمیة في الفكر السیاسي االسالمي المعاصر إنما یعود إلى البریق الذي فاللفظ على بساطته جذاب سواء في مبناه أو معناه . ففي المستوى ینبعث منه والجاذبیة التي یمارسها.

األول یحیل مباشرة على لفظ الحاكم على وزن فاعل . فإذا كان هذا الفاعل ، الحاكم هو اهللا في قولهم " فیه حاكمیة اهللا" أو " الحاكمیة االلهیة " فإن االسالم ذاته إنما هو التسلیم هللا بحاكمیته ووحدانیته والعبد

مقر بعبودیته . وهذه األلفاظ في مستواها الصوتي ( الدال ) بنایاتها مألوفة بالنسبة للمسلم . ومن هذه بهذه الكیفیة لما یشكله من عنصر شحن ایدیولوجي عاطفي . وقد یغ الناحیة فاللفظ إنما یكون قد ص

األدوات السیاسیة والدعائیة. كانت الجماعة االسالمیة التي أسسها المودودي بحاجة ماسة لمثل هذهفجرى توظیفه في ساحة العمل السیاسي بدالالت سیاسیة وعقائدیة وجهادیة مكثفة . ال نقصد بالطبع أن اللفظ هو مجرد أداة دعائیة بل یجب االعتراف له بموقعه في الفكر السیاسي االسالمي المعاصر.

اهللا وحاكمیته امتثاال ألوامر القرآن " إن الحكم إال فعلى المستوى الداللي یحیل اللفظ مباشرة على حكمهللا " الواردة في اآلیات :

حیث یفسر الحكم بالمعنى .1﴾إن الحكم إال هللا أمر أال تعبدوا إال إیاه ذلك الدین القیم﴿قة وما أغني عنكم من الله من ﴿وقال یا بني ال تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب السیاسي متفر

﴿وكذلك یفعل بالنسبة لآلیة الموالیة .2شيء إن الحكم إال لله علیه توكلت وعلیه فلیتوكل المتوكلون﴾ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إال لله یقص الحق وهو خیر قل إني على بینة من ربي وكذبتم به

.3الفاصلین ﴾

وهذه الحاكمیة في مستواها الداللي تقابل الجاهلیة التي استدعیت من القرآن أیضا لتدل خاصة على كل الدیمقراطیة والعلمانیة . لذلك فعل اللفظ فعله في القومیة و رفضحكم ال یمثل حاكمیة اهللا لتبریر

جمهور المسلمین خاصة في السیاق التاریخي للهند وظروف استقالل باكستان وفي العالم العربي بعد الترویج له من طرف سید قطب لرفض أنظمة الدولة الوطنیة التي قامت على إثر استقالل األقطار

لمت بالمسلمین منذ سقوط الخالفة العثمانیة وصدمة الحداثة .العربیة و في الظروف العامة التي أ.40سورة یوسف : اآلیة -1

.67سورة یوسف : اآلیة –2

.57سورة األنعام : اآلیة –3

18

إن هذا الذیوع واالنتشار كان سببا في إثارة نقاشات عدیدة بین دعاة الدولة االسالمیة والعاملون في االسالمي . ودار حوله الكثیر من الجدل المعرفي والخالف الفكري سواء فیما تعلق الفضاء السیاسي

بتأصیله في اللغة واألصول ( القرآن والسنة ) ، وشرعیته االشتقاقیة وأساسه العقیدي وتاریخیته في الفكر االسالمي أو ما یتصل بداللته ووظیفته السیاسیة.

الحاكمیة في اللغة واألصول:

واذا كان العلماء قدیما قد دأبوا على القول بالقاعدة التي نصها : " ال مشاحة في االصطالح " والتي تعني أنه ال منازعة على اللفظ مادام المعنى المراد واحدا وبالتالي ال ینبغي أن یمنع أحد أحدا أن

هذه القاعدة ذاتها كانت یستعمل اصطالحا معینا في معنى معین ، إذا بین مراده بهذا االصطالح ؛ فإنموضع " مشاحة" و "منازعة " . فقد قال بن تیمیة : (ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كالم اهللا ورسوله أن ینشأ الرجل على اصطالح حادث ، فیرید أن یفسر كالم اهللا بذلك االصطالح ، ویحمله على تلك

. 2)حات ال مشاحة فیها إذا لم تتضمن مفسدة واالصطال(. وقال بن القیم : 1اللغة التي اعتادها ) وهكذا انقسم الباحثون، فیما یخص أصل اللفظ في اللغة واألصول ( القرآن والسنة ) وتاریخه أو عالقته

في اللغة والقرآن ، "الحكم" بالتاریخ االسالمي إلى قائل بشرعیته اللغویة واألصولیة ، رابطا إیاه بلفظ ي له وعن مسوغات لغویة وشرعیة للمصطلح ، وبین من ینفي عنه أیة أصالة عن مدلول سیاسباحثا

لغویة وشرعیة على اعتبار أن لفظ الحكم في القرآن ال یحیل على أي مدلول سیاسي وأن القرآن یعبر عن ذلك بمصطلحي " الملك " و " األمر" . ومن الباحثین من یربطه بأحداث تاریخیة معینة وبفرق

ومواقف سیاسیة صدرت عنها في حادثة " التحكیم " ، ومنهم من ینسبه لألمویین على مثل الخوارج اعتبار تكریسهم لملك عضوض حاولوا إضفاء شرعیة دینیة علیه من خالل نسبة االمامة والخالفة هللا

تصور ثیوقراطي للحكم. ومن الدارسین للفكرة االسالمي من یعتبره مصطلحا معاصرا فعبروا بذلك عنأطلق في سیاق تاریخي ترتب عن سقوط الخالفة واتصال الفكر االسالمي بالفكر الغربي .

مجمع 2004الطبعة األولى 107-106ص 12جمع وترتیب عبد الرحمان بن محمد بن قاسم المجلد )الممجموع فتاوي شیخ االس(بن تیمیة أحمد –1

الملك فهد لطباعة المصحف الشریف. الریاض ، المملكة العربیة السعودیة

- ، 2001، الطبعة األولى 306، ص 3،ج ابن القیم الجوزیة ( مدارج السالكین بین منازل إیاك نعبد وایاك نستعین ) ضبط وتحقیق جامع رضوان 2

مؤسسة المختار للنشر والتوزیع ، القاهرة ، مصر .

19

وممن حاولوا تأصیله في الفكر االسالمي الدكتور هشام أحمد عوض جعفر في كتابه : " األبعاد معنى السیاسیة لمفهوم الحاكمیة : رؤیة معرفیة " وفیه یقول : ( الحاكمیة مصدر صناعي یؤدي نفس ال

حسن لحساسنة في مقال ل. والى نفس الرأي ذهب الدكتور 1الذي یؤدیه المصدر القیاسي " الحكم ". ) له بعنوان " نحو بناء مداخل منهجیة وفقه جدید لمفهوم الحاكمیة " إذ یؤكد : ( الحاكمیة مصدر

.2ح . ك . م " ) صناعي یرجع لفهم داللته اللغویة ، والمعاني التي یحملها إلى جذره اللغوي " وهو ما یراه أیضا عبد الحمید عمر عبد الحمید عبد الواحد في أطروحته لنیل درجة الماجستیر بعنوان : " الحاكمیة في ظالل القرآن الكریم " إذ یقول : ( الحاكمیة مصدر صناعي یؤدي نفس المعنى الذي

.3ه المصدر القیاسي " الحكم " ، وكالهما جذره اللغوي : " ح . ك . م " ... ) ییؤدویالحظ أحد الدارسین أن مصطلح "المصدر الصناعي " ذاته حدیث ، إذ یقول :( ومصطلح

اه " وانتهاء 175" المصدر الصناعي " لم أجد له ذكرا في تتبعي لمسیرته التاریخیة بدءا بالخلیل " ت بالشروح والحواشي ، مما یعني أن المصطلح متأخر في وضعه ، وقد شاع في استعمال المحدثین ،

.4خصوصا في الكتب التعلیمیة .) ومع االعتراف لهؤالء بأن اللفظ قد جرى تولیده في عصرنا هذا من الجذر اللغوي " ح . ك . م " إال أن

القیاسي " الحكم " ، أمر یحتاج إلى شيء من اعتبار أنه یؤدي نفس المعنى الذي یؤدیه المصدرالتدقیق ألن السؤال یطرح نفسه تلقائیا عن المدلول السیاسي للفظ الحكم في اللغة العربیة وفي القرآن الكریم . فهذه األقوال تنطوي على اعتراف ضمني بحداثة المفهوم خاصة عندما ینسب إلى المودودي

ظ الحكم في المعاجم القدیمة وكذلك في تفاسیر القرآن الكریم لم تكنباعتباره أول من وضعه. بینما لف، المعهد العالمي للفكر االسالمي ، 1996، الطبعة األولى 55هشام أحمد عوض جعفر( األبعاد السیاسیة لمفهوم الحاكمیة : رؤیة معرفیة ) ص –1

فرجینیا ، الوالیات المتحدة األمریكیة.

المعهد العالمي للفكر 282002العدد 56ص اسالمیة المعرفة مجلة )نحو بناء مداخل منهجیة وفقه جدید لمفهوم الحاكمیة(حسن لحساسنة ل-2

دة األمریكیةاالسالمي فرجینیا الوالیات المتح

سوندك الحاكمیة في ظالل القرآن الكریم رسالة ماجستیر في أصول الدین من إعداد عبد الحمید عمر عبد الحمید عبد الواحد واشراف الدكتور خضر –3

جامعة النجاح الوطنیة نابلس . فلسطین .–كلیة الدراسات العلیا 2004

، الطبعة األولى 31د. محمد عبد الوهاب شحاتة ( المصدر الصناعي في العربیة " دراسة داللیة من خالل مؤلفات الكندي والفارابي وابن سینا ) ص –4

، دار غریب للطباعة والنشر والتوزیع ، القاهرة ، مصر .1997

20

ت وكذلك عنت العلم والحكمة تحمل أیة داللة سیاسیة بل ارتبطت أكثر بمعنى القضاء وفض الخصوماإلخ ... ومع ذلك یصر هؤالء ـــــــ دون مراعاة لتاریخ المفهوم ولفعل التاریخ في المفهوم ـــــــ على البحث في اللغة والقرآن الكریم لتأكید وجود المدلول للفظ فیهما. وهو ما أفرد له هشام عوض في كتابه السالف

غة واألصول . فیجد تسعة معاني للفظ الحكم في اللغة وینتهي من هذا الذكر عنوانا : الحاكمیة في اللاالحصاء إلى نتیجة عامة ال تفید الداللة السیاسة بحیث تكون نهایة الحكم درأ المفاسد وجلب الصالح ،

على الحكمة وأدواته النبوة والكتب السماویة والجمع بین العلم والعمل ، س س ؤ ما یقتضي االتقان فی لقضاء بالعدل. لینتقل إلى معانیه في األصول " القرآن والسنة " ویؤكد أنها أضافت معاني جدیدة وا

ویحددها إجماال بتسعة وجوه :

بمعنى التحلیل والتحریم في أمر العبادة والدین .-1

الحكم بمعنى القضاء والقدر .-2

الحكم بمعنى النبوة وسنة األنبیاء .-3

الحكم بمعنى القرآن وتفسیره .-4

الحكم بمعنى الفهم والعلم والفقه .-5

الحكم بالمعنى السیاسي .-6

الحكم بمعنى القضاء والفصل في الخصومات واالختالف بین الناس .-7

الحكم بمعنى االتقان والمنع من الفساد .-8

1الحكم بمعنى اإلبانة والوضوح .-9

ویستدل على المعنى السادس بآیات سورة النساء التي تعرف بآیات األمراء ووالة األمور: ﴿إن الله إن الله نعما یعظكم به یأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها واذا حكمتم بین الناس أن تحكموا بالعدل إن

، 65، 64، 63، 62، 61، 60، 59، 58، 57هشام أحمد عوض جعفر( األبعاد السیاسیة لمفهوم الحاكمیة : رؤیة معرفیة ) الصفحات –1

، المعهد العالمي للفكر االسالمي ، فرجینیا ، الوالیات المتحدة األمریكیة.1996، الطبعة األولى 67، 66

21

سول وأولي األمر منكم فإن ت الله كان سم نازعتم یعا بصیرا * یا أیها الذین آمنوا أطیعوا الله وأطیعوا الرسول إن كنتم تؤمنون بالله والیوم اآلخر ذلك خیر . 1وأحسن تأویال ﴾في شيء فردوه إلى الله والر

واآلیة : ﴿ یا داوود إنا جعلناك خلیفة في 2واآلیة : ﴿ ولقد آتینا بني إسرائیل الكتاب والحكم والنبوة ﴾.3األرض فاحكم بین الناس بالحق وال تتبع الهوى فیضلك عن سبیل اهللا ﴾

" ح.ك.م " ورد في القرآن الكریم ما یناهز المائتي مرة بمعان متعددة لیس بینها الجذر اللغويوالواقع أن " الحكم " بمعنى السلطة السیاسیة والحكومة بالمعنى المعاصر تسندنا في ذلك المعاجم والقوامیس العربیة ، سواء الخاصة بالقرآن الكریم مثل " المفردات في غریب القرآن " للراغب األصفهاني أو

قوامیس القدیمة للغة العربیة عموما. وقد جاء اللفظ فیها على معان نورد منها ما یلي :الالمنع :حكم الشيء وأحكمه ، كالهما : منعه من الفساد. وقوله تعالى في اآلیة السابعة من سورة آل

ات التي في آخر عمران : ﴿ منه آیات محكمات ﴾ روي عن " ابن عباس " أنه قال : المحكمات اآلیمن سورة األنعام : ﴿ قل تعالوا أتل ما حرم ربكم 151" األنعام " وهي قوله تعالى في اآلیة

إلى آخر هذه اآلیات . وقال قوم : معنى " منه آیات محكمات " أي أحكمت في اإلبانة ، فإذا علیكم ﴾. 4هللا به من أقاصیص األنبیاء ونحوها ج إلى تأویلها لبیانها ، نحو ما أنبأ ااسمعها السامع لم یحت

قال "الزجاج ": معنى محكمة ، غیر.5و كل شيء منعته من الفساد فقد[ حكمته ] وحكمته وأحكمته .5منسوخة

:الرجوع عن األمر : وحكم عن األمر ، رجع ، وأحكمه هو عنه ، رجعه ، قال جریر.إني أخاف علیكم أن أغضباأبني حنیفة أحكموا سفهاءكم

.7رجل وحكمه وأحكمه منعه مما یرید.أي ردوهم وكفوهم وامنعوهم من التعرض لي . وحكم الالقضاء : بالضم : القضاء ، ج : أحكام ، وقد حكم علیه باألمر حكما وحكومة ، وبینهم كذلك .

.59-58سورة النساء ، اآلیتان -1

.16سورة الجاثیة ، اآلیة –2

.26سورة ص ، اآلیة -3

، دار الكتب 2000، الطبعة األولى 51ابن سیده أبي الحسن المرسي ( المحكم والمحیط األعظم ) تحقیق عبد الحمید هنداوي ، الجزء الثالث ، ص –4

العلمیة بیروت لبنان .

، دار الكتب العلمیة ، 2003، الجزء األول ، الطبعة األولى 343اوي ، ص( كتاب العین ) تصنیف د عبد الحمید هندالفراهیدي ، الخلیل بن أحمد -5

بیروت ، لبنان .

. 50( االمحكم والمحیط األعظم ) ص –6

.51( المحكم والمحیط األعظم ) ص -7

22

والحاكم : منفذ الحكم ... ج : حكام . وحاكمه إلى الحاكم : دعاه وخاصمه . وحكمه في األمر اهللا سبحانه وتعالى أحكم الحاكمین ، وهو :ورد في لسان العربو .1تحكیما : أمره أن یحكم فاحتكم

صفات اهللا الحكم الحكیم له الحكم ، سبحانه وتعالى . قال اللیث : الحكم هللا تعالى . األزهري : منوالحكیم والحاكم ومعاني هذه األسماء متقاربة ، واهللا أعلم بما أراد بها ، وعلینا اإلیمان بأنها من أسمائه . ابن األثیر : في أسماء اهللا تعالى الحكم والحكیم وهما بمعنى الحاكم ، وهو القاضي ، فهو

م : الحكم : القضاء . وجمعه أحكام ،...وقد وجاء في المحكم والمحیط األعظ.2فعیل بمعنى فاعل حكم علیه باألمر یحكم حكما وحكومة . وحكم بینهم ، كذلك . والحاكم ، منفذ الحكم ، والجمع حكام ،

:وقد جاء اللفظ على عدة معاني نوردها كالتالي.3وهو الحكم .

* الفصل : وهو قریب من المعنى السابق . یقال حكمت بین القوم إذا فصلت بینهم .حكم باألمر قضى . 4به وفصل .

* التفویض : حكمت الرجل بالتشدید فوضت الحكم إلیه . وحكمت فالنا في كذا وكذا تحكیما ، إذا .5جعلته إلیه .

یقال تحكم فالن في كذا إذا فعل ما رآه . * الفعل حسب المراد : * االتقان : أحكمه أتقنه وأحكم األمر أتقنه فهو محكم. وأحكمه : أتقنه فاستحكم ، ومنعه عن الفساد،

. 6كحكمه حكما والحكمة .7* المحاكمة : المخاصمة إلى الحاكم أو رفع الدعوى . وحاكمه أي دعاه وخاصمه

، مؤسسة الرسالة للطباعة 2005، 8، ط 1095آبادي ، مجد الدین بن یعقوب ( القاموس المحیط ) تحقیق محمد نعیم العرقسوسي ، ص الفیروز -1

والنشر والتوزیع ، بیروت، لبنان

ادر ، بیروت ، لبنان.، المجلد الثاني عشر ، د.ط ، د.ت ، دار ص140لسان العرب ) ص ابن منظور االفریقي المصري أبي الفضل بن مكرم (-2

، دار الكتب 2000، الطبعة األولى 49ابن سیده أبي الحسن المرسي ( المحكم والمحیط األعظم ) تحقیق عبد الحمید هنداوي ، الجزء الثالث ، ص -3

العلمیة بیروت ، لبنان .

، عالم الكتب نشر توزیع طباعة ، القاهرة ، 2008الطبعة األولى المجلد األول 537أ.د أحمد مختار عمر ( معجم اللغة العربیة المعاصرة ) ص –4

مصر .

، دار العلم للمالیین 1987، 1، ط564كتاب جمهرة اللغة ) حققه وقد له د. رمزي منیر بعلبكي، الجزء الثاني ص (بن درید أبو بكر محمد بن الحسن–5

، بیروت ، لبنان .

، مؤسسة الرسالة للطباعة 2005، 8، ط 1095یعقوب ( القاموس المحیط ) تحقیق محمد نعیم العرقسوسي ، ص الفیروز آبادي ، مجد الدین بن–6

والنشر والتوزیع ، بیروت، لبنان .

.1095نفس المرجع ، ص -7

23

الحكمة فقد أوتي وقوله تعالى : ﴿ یؤتي الحكمة من یشاء ومن یؤت .(بالكسر): العدل والعلم والحلموهي العلم بحقائق األشیاء على ما هي علیه والعمل 1خیرا كثیرا وما یذكر إال أولو األلباب ﴾

الحكمة (بمقتضاها وضبط النفس والطبع عن هیجان الغضب جاء في ( جمهرة اللغة ) البن درید : أو هو .2)عتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبیح فهي حكمة وحكمضالة المؤمن ، فكل كلمة زجرتك ود

الذي یحكم األشیاء ویتقنها ، فهو فعیل بمعنى مفعل ، وقیل : الحكیم ذو الحكمة ، والحكمة عبارة عن معرفة أفضل األشیاء بأفضل العلوم . ویقال لمن یحسن دقائق الصناعات ویتقنها : حكیم ، والحكیم

عنى الحاكم مثل قدیر بمعنى قادر وعلیم بمعنى عالم . الجوهري : الحكم الحكمة من یجوز أن یكون بم:العلم ، والحكیم العالم وصاحب الحكمة . وقد حكم أي صار حكیما ، قال النمر بن تولب

وأبغض بغیضك بغضا رویدا، إذا أنت حاولت أن تحكما3حكیما . والحكم : العلم والفقه . أي إذا حاولت أن تكون

. والتحكیم في هذه الحالة قضاء وفصل 4* والتحكیم : قول الحروریة (الخوارج ) : " ال حكم إال هللا " في خصومة سیاسیة مثلها مثل أیة خصومة أخرى . وفیه یحتكم الطرفان إلى طرف ثالث ، یكون على

قف الخوارج وشعارهم هذا في موضع آخر من هذا البحث.قدر من الحیاد والعدل. وسنأتي على بیان مو وتحت هذا المعنى 5بمعنى قضى وفصل ) "حكم "وورد في معجم ألفاظ القرآن الكریم : ( لفظ

من سورة 26من سورة األنبیاء واآلیة 112من سورة المائدة واآلیة 49و48و42یصنف اآلیات الذي قدمه هشام جعفر أي مرجعیة في القوامیس وفي كتب التفسیر (ص ) . فال تكون للتفسیر السابق

وكذلك ال نجد المعنى السیاسي بین المعاني التي التي سنعود إلیها في محل آخر من هذا البحث.یوردها معجم " المفردات في غریب القرآن " فالحكم فیه ، حكم أصله منع منعا إلصالح ... ( والحكم

. ویقال حاكم وحكام 6بأنه كذا أو لیس بكذا سواء ألزمت ذلك غیرك أو لم تلزمه ) أن تقضيبالشيء.269سورة البقرة اآلیة -1

، دار العلم 1987، 1، ط564كتاب جمهرة اللغة ) حققه وقد له د. رمزي منیر بعلبكي، الجزء الثاني ص (بن درید أبو بكر محمد بن الحسن–2

لبنان .للمالیین ، بیروت ،

، المجلد الثاني عشر ، د.ط ، د.ت ، دار صادر ، بیروت ، لبنان.140لسان العرب ) ص ابن منظور االفریقي المصري أبي الفضل بن مكرم (-3

، دار الكتب 2003، الجزء األول ، الطبعة األولى 343( كتاب العین ) تصنیف د عبد الحمید هنداوي ، صالفراهیدي ، الخلیل بن أحمد -4

العلمیة ، بیروت ، لبنان .

، مجمع اللغة العربیة ،القاهرة ، مصر.1989، د.ط ، 310مجمع اللغة العربیة (معجم ألفاظ القرآن الكریم ) الجزء األول ، ص –5

،د.ط،د.ت دار المعرفة ، 126الراغب االصفهاني ، أبو القاسم الحسین بن محمد (المفردات في غریب القرآن ) تحقیق وضبط محمد سید كیالني ، ص –6

بیروت ، لبنان .

24

الحق بالعلم والعقل ، فالحكمة من اهللا تعالى معرفة األشیاء لمن یحكم بین الناس ... ( والحكمة إصابة 1على غایة االحكام ، ومن االنسان معرفة الموجودات وفعل الخیرات ).وایجادها

ومنها االحكام لقوله عز وجل : ﴿آیات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ﴾ فالمحكم ما ال (.2یعرض فیه شبهة من حیث اللفظ وال من حیث المعنى)

فظ الحكم وتلتقي كلها حول معنى أساسي ذا تخلو القوامیس العربیة القدیمة من أي مدلول سیاسي للوهكهو القضاء . وقد اتخذ هذا األخیر أشكاال عبر التاریخ لم ترتبط بالضرورة بالسلطة السیاسیة . فشیخ القبیلة حكم وقاض . والتحكیم بین علي ومعاویة قضاء . والتحاكم إلى شیخ أو مجموعة یجعل منه

عنى األساسي معان أخرى ذات بعد أخالقي كالعلم والعدل قاضیا وهكذا...وتضیف القوامیس إلى هذا الموالحكمة والمنع والنبوة إلخ... ونستغرب من هشام جعفر كیف تكون األصول قد أضافت إلى هذه المعاني ، الداللة السیاسیة ، وال تلم بها المعاجم العربیة القدیمة وهي ولیدة عصر التدوین أي تم تألیفها

؟ فلو كان القرآن أو السنة النبویة أو التجربة التاریخیة لألمة قد أضافت شیئا لكانت !بعد نزول القرآنتلك القوامیس قد تبنته ودونته .

ویرى محمد سعید العشماوي أن القرآن ال یستعمل لفظ الحكم بالمعنى الذي تقصده لغة العصر الحالي القضاء بین الناس ، أو –ومفرداتها ووقائعها ویقول في ذلك : ( إن لفظ ( الحكم ) یعني في لغة القرآن

الفصل في الخصومات ، أو الرشد والحكمة ... إن السلطة السیاسیة بالمعنى الذي یسمى في العصر الحالي : الحكومة ، عبر عنها القرآن الكریم بلفظ " األمر " ومن هذا اللفظ جاء لفظ األمیر ، أي

ذلك لقب عمر بن الخطاب نفسه ، ولقب الخلفاء من بعده ،الشخص الذي یتولى الحكم والسلطة ، ولمن سورة النساء وعلى 58. ویستدل على معنى القضاء باآلیة 3بلقب أمیر المؤمنین " ال حاكمهم " )

من سورة یوسف 22من سورة الزمر وعلى الرشد والحكمة باآلیات 3الفصل في الخصومات باآلیة من سورة األنعام .89رة الجاثیة و من سو 16من سورة الشعراء و 21و

د.ط،د.ت دار المعرفة ،127الراغب االصفهاني ، أبو القاسم الحسین بن محمد (المفردات في غریب القرآن ) تحقیق وضبط محمد سید كیالني ، ص –1

، بیروت ، لبنان .

.128، ص نفس المرجع–2

، موفم للنشر ، الجزائر.1990، د. ط 44العشماوي محمد سعید ( االسالم السیاسي ) ص–3

25

والحقیقة أن القرآن لم یستعمل أبدا لفظ الحكم لإلشارة به إلى المعنى الساسي بل استخدم لفظ األمر في حولك فاعف

وقوله : 1المتوكلین﴾ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في األمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله یحب الة وأمرهم شورى بینهم ومما رزقناهم ینفق .2ون﴾ ﴿ والذین استجابوا لربهم وأقاموا الص

وعلى كل لم یتم تداول لفظة " الحاكم " بصاحب القرار السیاسي وال كلمة " الحكومة " بالسلطة السیاسیة حوالي القرن التاسع عشر المیالدي عند مواجهة فكر النهضة العربیة االسالمیة لمفاهیم التنفیذیة إال

الفكر السیاسي األوربي. وحتى وان استعملت من قبل للداللة على هذا المعنى فإن ذلك كان قلیال لیس كما هو الشأن الیوم.

لسیاسي . ولنكتفي بتفسیر اآلیات إلى تفاسیر القرآن الكریم ، فإننا ال نجد أبدا ( الحكم ) بالمعنى االثالث من سورة المائدة . وهي اآلیات التي تستعمل الیوم بحصرها في الداللة السیاسیة وترفع كشعار سیاسي وتنضوي تحت لفظ الحاكمیة االلهیة وحاكمیة اهللا وحكم الشریعة االسالمیة . وهي اآلیات التي

یستشهد بها المودودي كثیرا .

تعطي مشروعیة للمعنى الذي یعطیه المعاصرون للفظ ال-على األقل-التي بین أیدیناوكل التفاسیر( حكم ) الوارد في آیات سورة المائدة . وتلتقي كلها حول ربط اآلیات بأسباب نزولها . وفي هذا الصدد

هود تحاكموا یستشهد بن تیمیة بما ورد في الصحیحین عن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما من أن الیإلى الرسول صلى اهللا علیه وسلم في شأن المرأة والرجل من الیهود اللذان زنیا . فسألهم الرسول صلى اهللا علیه وسلم عما ورد في التوراة عن الرجم . فقالوا بالفضح والجلد وأنكروا الرجم إلى أن فضحهم عبد

3اهللا بن سالم إذ تستروا على الرجم عند قراءة التوراة.

.159سورة آل عمران ، اآلیة –1

.38سورة الشورى ، اآلیة–2

( دقائق التفسیر الجامع لتفسیر االمام ابن تیمیة ) جمع وتقدیم د اهللا بن أبي القاسم بن محمد عببنعبد السالمأحمد بن عبد الحلیم بن بن تیمیة –3

،مؤسسة علوم القرآن ، دمشق ، سوریا.1984،الجزء الثالث ، الطبعة الثانیة 52ص الجلیند ،وتحقیق د. محمد السید

26

1قیم الجوزیة في الكفر الوارد في اآلیة ﴿ ومن لم یحكم بما أنزل اهللا فأولئك هم الكافرون ﴾ الویمیز بن

ویعتبر الحكم بغیر ما أنزل اهللا كفر عمل ال كفر اعتقاد أو هو لیس 2بین الكفرین األصغر واألكبرفسق والظلم وعلى كل فال3بكفر ینقل عن الملة ، كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق.

والكفر واقعة على كل من ال یعمل بحدود اهللا .، كحدود النكاح والطالق والرجعة والخلع وترك الصالة والزنا والسرقة وشرب الخمر إلخ... وال یخرج تفسیر بن حنبل عن أسباب النزول إذ یستعید واقعة سؤال

واقعة أخرى حیث كادت فیها طائفتان ویسوق 4الیهود ، الرسول صلى اهللا علیه وسلم عن حكم الزاني وكذلك تقول بأسباب 5من الیهود أن تقتتال حتى احتكمتا إلى الرسول صلى اهللا علیه وسلم في أمر الدیة.

ن یالنزول عند تفسیر هذه اآلیات تفاسیر الطبري وبن كثیر والقرطبي. وینبغي أن نشیر إلى أن المفسر الفسق هل هم الیهود والنصارى أم المسلمین أیضا. لذلك یقول ن المقصود بالكفر والظلم و فیماختلفوا

نزلت بسبب –والتي تستعمل كشعار سیاسي وهتاف حزبي –العشماوي : ( فاآلیات المنوه عنها معین ، عندما أخفى الیهود عن النبي حكم رجم الزاني ، في واقعة احتكموا إلیه لكي یقضي فیها ؛

لذي یرى ضرورة تفسیر اآلیات على أساس أسباب التنزیل ، یقطع بأن هذه ولذلك فإن المنهاج السلیم ا. ویمیز الدكتور 6اآلیات نزلت في أهل الكتاب ، وأنهم هم المقصودون بها ، ال المؤمنین " المسلمین" )

ها محمد أحمد خلف اهللا في كتابه : ( مفاهیم قرآنیة ) بین الشریعة التي أنزل اهللا ، والتي یؤدي تجاهلوبعد 7إلى الكفر والفسق... أما الشریعة التي جاء بها الفقهاء المجتهدون فال حكم بالكفر أو الفسوق .

أن القرآن الكریم لم یستخدم (أن یربط تفسیر آیات سورة المائدة بأسباب نزولها ، ینتهي إلى التأكید : ولو لمرة واحدة ، أي مفهوم سیاسي لما نعرفه الیوم في استخدامنا لكلمات : الحكم ، والحكومة ،

.44سورة المائدة ، اآلیة –1

/ د.ت ، مؤسسة النور ، المجلد الثاني ، د.ط 400بن قیم الجوزیة (الضوء المنیر على التفسیر) جمعه علي الحمد المحمد الصالحي ،ص –2

للطباعة والتجلید ،دخنة ، السعودیة.

.405نفس المرجع ، ص –3

، الطبعة 44بن حنبل أحمد (مرویات االمام أحمد بن حنبل في التفسیر) جمع وتخریج الحافظ محمد بن رزق بن طرهوني ، المجلد الثاني ، ص –4

عودیة.مكتبة المؤید، الریاض، الس، 1994األولى

.46ص نفس المرجع–5

، موفم للنشر، الجزائر.1990، الطبعة األولى 49ا لعشماوي محمد سعید ( االسالم السیاسي ) ص –6

المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب الكویت .1984یولیو 79عالم المعرفة رقم 31-30د. خلف اهللا محمد أحمد ( مفاهیم قرآنیة )ص –7

27

أن شعار: الحاكمیة هللا حین یكون مصدره أمثال اآلیات القرآنیة : ( ویضیف : 1)والحكم ، وما أشبه .ومن لم یحكم بما أنزل اهللا ، فلیس یصح أبدا أن تكون هذه الحاكمیة مقصودا منها السلطة التي تحكم

معنى السلطة هذه ، ال وتدیر شؤون المجتمع ما دامت كلمة الحكم في مثل هذه اآلیات لم یقصد منها . 2)من قریب و ال من بعید

نصر حامد أبو زید في مقال له بعنوان : هل هناك مفهوم للحكم والسلطة في الفكر وختاما یؤكدمن خالل استعراض القرآن والسنة النبویة (حیث یقول : السودان االسالمي االسالمي ؟ نشره موقع

الموثقة أعتقد أنه یصعب الحدیث عن نسق فكري یحدد ماهیة السلطة أو ماهیة الحكم بالمعنىالسیاسي . إن االستدالالت المتأخرة والتي بدأها أبو األعلى المودودي في باكستان ونقلها سید قطب ،

، تتعامل مع مجموعة من آیات القرآن تتحدث عن الحكم ، ثم أصبحت جزءا من الخطاب الدیني الراهن وهذه اآلیات في سورة المائدة . و ال یحتاج األمر إلى كثیر من الجدل لكي نقول إن الحكم في التداول القرآني یعني القضاء و ال یعني الحكم في المعنى السیاسي ، ولكن یتم دائما توسیع الداللة لكي نصل

3)، أو تضییق الداللة لكي نحصر المعنى في إطار تاریخي .إلى نظریة معاصرة

وهكذا یتبین لنا أن ادعاء انحدار حاكمیة من حكم لیس له ما یؤسسه لغة ، خاصة إذا كان المقصود بهذا األخیر السلطة السیاسیة التنفیذیة للدولة أو سلطة الدولة بمختلف أجهزتها ، في حین تعني

علیا . أما مرجعیته في األصول فهي لیست موضع شك من قبلنا بل إنكار . الحاكمیة سلطة أعلى أو لیس ألن الحكم في القرآن دل على القضاء وعلى معان أخالقیة مثل العلم وحسن التدبر واالتقان إلخ... بل ألن لفظ الحاكمیة بالمعنى الذي یقدم به ال یحیل سوى على حكومة ثیوقراطیة ال محل لها في

تحصر االرادة والقدرة –الحاكمیة –الذي ال یقبل الرهبانیة وال یقیم كنیسة . فضال عن أنها االسالم االلهیتین في التشریع فحسب بما یخدم فكرة مخیالیة معاصرة و ال یمت بصلة لرحابة االسالم.

المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب الكویت .1984یولیو 79،عالم المعرفة رقم 34د. خلف اهللا محمد أحمد ( مفاهیم قرآنیة ) ص -1


www.sudaneseonline.comأبو زید نصر حامد ( هل هناك مفهوم للحكم والسلطة في الفكر االسالمي ؟ )-3

28

ولعلنا ال نكون قد أجحفنا في حق الباحث االسالمي الكبیر الدكتور محمد عمارة إذ أخرنا االستشهاد برأیه ألن هذا التأخیر سیجعل من رأیه فصال في القضیة ومرجعیة وهو الملم بشؤون الفكر االسالمي

صول في كتابه " الدولة أیما إلمام فماذا یقول أستاذنا بشأن هذه القضیة ؟ إنه یتحدث بلغة العارف باألاالسالمیة بین العلمانیة والسلطة الدینیة " : ( وأكثر من هذا .. فإن هذا النفر من المسلمین قد

بتفسیره –" الحاكمیة هللا " –استشهد ، في تأسیس فكره ، بما ال یشهد له ، ومن ثم بنى قاعدة نظریته سبحانه ، من مصطلح " الحكم " ظانین أن القرآن هذا على غیر أساس . فهم قد اشتقوا " حاكمیة " اهللا

ومن ثم فكر االسالم السیاسي ، یستخدمان مصطلح " الحكم " للداللة على النظام السیاسي والسلطة السیاسیة العلیا في المجتمع ، على حین أن أغلب االستخدامات القرآنیة لهذا المصطلح واردة بمعنى "

و ال عالقة لها !ت ، وبمعنى " الحكمة " أي الفقه والعلم والنظر العقليالقضاء " والفصل في المنازعا.1بالخالفة أو االمامة أو ما نسمیه نظام الحكم في أدبنا السیاسي الحدیث ..)

ما یجعل من رأیه هذا لیس مجرد مالحظة عابرة –ویزید على ذلك بلغة العارف بأسلوب تقریري مباشر فیؤكد : ( ویزید هذا األمر تأكیدا تلك الحقیقة التي –قیلت في سیاق نقد مفكر ما بل حكما قطعیا

لسیاسي في سیطالعها أي باحث إذا هو ذهب لیبحث في المصطلح الذي استخدمه القرآن ، واألدب اصدر االسالم ، للتعبیر عن السیاسة ونظام الحكم والسلطة العلیا في المجتمع االسالمي ، ألن هذا البحث سیكشف لنا أن مصطلح " األمر " ، ولیس مصطلح " الحكم " هو الذي استخدمه القرآن للداللة

.2على هذا المبحث )

الحاكمیة في التاریخ االسالمي :

في رأي من یربط اللفظ بأحداث ومواقف تاریخیة . فمن المفكرین من یعود باللفظ إلى یبقى أن نبحث لیس من باب رد االعتبار –شعار الخوارج " ال حكم إال هللا " وسنبدأ هذه المرة بالدكتور محمد عمارة

ني وفي ذلك اعتراف ضم–ألنه فیما نعرف أول من نسب " الحاكمیة " في التاریخ االسالمي –فحسب إلى األصل الخارجي ، إذ یقول : ( ولقد نشأ مصطلح "–وصریح بال مرجعیتها في اللغة واألصول

، دار الشروق ، القاهرة ، مصر.1988، الطبعة األولى 35د.عمارة محمد ( الدولة االسالمیة بین العلمانیة والسلطة الدینیة ) ص –1


29

. ویقول في 1الحاكمیة " أول ما نشأ في تاریخنا وتراثنا ، على ید قدماء " الخوارج " ... " المحكمة " ). هذه الدعوة التي بدأها " الخوارج " في صدر االسالم عندما –یقصد المودودي -نص آخر : ( فأحیا

" مقاالت الغلو الدیني والالدیني " وفیه .ویقول أیضا في كتابه 2أعلنوا أنه ال " ال حكم إال هللا " ) . یقصد –یبعد شبهة الغلو عن المودودي لینسبها إلى تأویالت لكالمه : ( فهي " خصیصة مودودیة "

. فالرجل إذ لم یجد 3استدعاها الرجل من تراث الخوارج القدماء ، لمالبسات هندیة خاصة ) –الحاكمیة ا خارجیة حیث أن الخوارج هم في التاریخ االسالمي ، أول من لها أثرا في اللغة واألصول یفترض أنه

رفع شعار " ال حكم إال هللا " غافال عما قاله من قبل بخصوص معنى حكم في اللغة والقرآن والسنة إن الحكم إال هللا أمر ﴿النبویة . ولعله لم ینتبه أصال إلى أن هذا الشعار هو في األساس آیة قرآنیة :

. وهو ما یحاول تفادیه الدكتور حیدر إبراهیم علي في كتابه " 4﴾إیاه ذلك الدین القیمأال تعبدوا إالالتیارات االسالمیة وقضیة الدیمقراطیة " ، إذ یضع الشعار في سیاقه التاریخي ومع ذلك یجعله موردا

ه في الحكومة أما المودودي ، فقد سبق أن تعرضنا لرأی(للمودودي في اصطالحه " الحاكمیة " فیقول :الدینیة ، وهو أول من عمل على نظریة الحاكمیة هللا في العصر الحدیث ، أي بعد شعار الخوارج التاریخي الذي رفعه المحكمة األوائل إلنهاء القتال بین علي ومعاویة ، القائل : " ال حكم إال هللا " .

ینة ، ویهدف إلى غایة محددة ، هي حل وعلى رغم أن الشعار في سیاقه التاریخي كان محددا بواقعة معالنزاع بین اإلثنین على أسس قائمة على شرعیة دینیة ، إال أنه امتد في الوقت الحاضر إلى أكثر من

5)عملیة تحكیم لیعني الحكم والسلطة في اتساعها .

االسالمي وفكر الشافعي في كتابه " سلطات الدولة بین الفكر الدستوري والفكر وینسبه الدكتور محمدالجماعات االسالمیة " دون أدنى انتباه إلى المسألة ، إلى الخوارج في قوله : ( یبني أبو األعلىالمودودي فكر الحاكمیة نقال عن أفكار الخوارج باعتبار أن اهللا وحده خالق الكون وحاكمه األعلى ، وأن

، دار السالم للطباعة والنشر والتوزیع والترجمة ، 2011، الطبعة األولى 131میة ) ص د. عمارة محمد ( أبو األعلى المودودي والصحوة االسال–1

القاهرة ، مصر.

، الكویت.1997یولیو 29كتاب العربي العدد 139) ص االسالم وضرورة التغییرد. عمارة محمد (–2

، مكتبة الشروق الدولیة ، القاهرة ، مصر.2004عة األولى ،الطب22د. عمارة محمد ( مقاالت الغلو الدیني والالدیني) ص -3

.40اآلیة ،یوسفسورة –4

، مركز دراسات الوحدة العربیة بیروت ،لبنان .1996،الطبعة األولى 133الدكتور حیدر إبراهیم علي ( التیارات االسالمیة وقضیة الدیمقراطیة ) ص -5

30

معرض حدیثه عن سید قطب -وكذلك ینسبها محمد حافظ دیاب 1السلطة العلیا المطلقة له وحده... ) إلى الخوارج مع تسجیل الخلط في لفظ الحكم -الذي نقل عن المودودي لفظ الحاكمیة إلى العالم العربي

لهذا المفهوم بصیحة بین القضاء والسلطة السیاسیة فیقول : ( ومن الملحوظ أن قطب تأثر في إیرادهالخوارج األولى عشیة تأسیس الدولة األمویة " ال حاكمیة إال هللا " والتي خلطوا فیها بین ( حكم اهللا ) بمعنى القضاء الدیني الذي ألجله كان اهللا هو الشارع الوحید ، وبین ( الحكومة ) بمعنى االمارة

ه النسبة إذ یقول : ( وقد سبق أن بینا أن لكن نصر حامد أبو زید یحتج على هذ2السیاسیة ...) . 3األمویین هم الذین طرحوا مبدأ اإلحتكام إلى القرآن حین رفعوا المصاحف على أسنة السیوف )

فلنتبین أمر هذه النسبة . تقول الروایات التاریخیة التي یتبناها هشام جعیط أن أغلبیة القراء في جیش - المعارك ، خاصة أمام رفع المصاحف، الحادثة التي عنت لهم علي كانوا موافقین على مبدأ وقف

حینها االحتكام إلى كتاب اهللا . لكن هؤالء القراء وجدوا أنفسهم مضطرین فیما بعد –وهم قراء كتاب اهللا لرفض التحكیم القائم على اختیار حكمین ، تقودهم في ذلك النواة من القراء التي كانت رافضة لوقف

وكان رأیهم أنهم امتثلوا ل " حكم الكتاب " بتوقفهم عن القتال . والكتاب یدین معاویة ورفعه 4المعارك .للمصاحف استسالم . یقول في ذلك الدكتور محمد عمارة : ( وأثناء أحداث الصراع الذي دار بین علي

.. فعلي هو ومعاویة على أرض " صفین " ، لم یكن یخالج هؤالء " القراء " أي شك في أنهم على الحقأمیر المؤمنین ، الذي بایعه الجمهور ، ...ومن ثم فإن معاویة وأصحابه ال یمكن إال أن یكونوا " بغاة "

﴿وان طائفتان " بغوا " على غیرهم من المؤمنین ،و" حكم " القرآن في هؤالء" البغاة " قد سلف وتقرر :ا بینهما فإن بغت إحداهما على األخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى من المؤمنین اقتتلوا فأصلحو

5أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بینهما بالعدل وأقسطوا إن الله یحب المقسطین ﴾ .).

،مركز 1999الطبعة األولى 66د ( سلطات الدولة بین الفكر الدستوري والفكر االسالمي وفكر الجماعات االسالمیة) ص الدكتور الشافعي محم-1

المحروسة للبحوث والدراسات والتدریب والنشر ، القاهرة ، مصر .

للنشر، الجزائر .،موفم 1991،الطبعة األولى 117دیاب محمد حافظ ( سید قطب الخطاب واالیدیولوجیا) ص –2

، سینا للنشر ، القاهرة ،مصر .1994،الطبعة الثانیة 111أبو زید نصر حامد ( نقد الخطاب الدیني ) ص –3

عة ، دار الطلیعة للطبا1995الطبعة الثالثة 209د. جعیط هشام ( الفتنة جدلیة الدین والسیاسة في االسالم المبكر) ترجمة خلیل أحمد خلیل ، ص -4

والنشر، بیروت ، لبنان .

.مصر، القاهرة ، دار الشروق ، 1991الطبعة األولى ،12-11ص ) تیارات الفكر االسالمي(محمدد. عمارة–5

31

ومن ثم فالصیغة " ال حكم إال هللا " تعبیر عن تصور للتحكیم ورفض للحكمین حتى سموا ت حینها ردا فوریا وحاسما من علي " كلمة حق أرید بها باطل " ب " المحكمة " . وهذه الصیغة استدع

وأردف یقول في محل آخر من مناظرتهم : ( إنا لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القرآن، وهذا القرآن إنما .1هو خط مسطور بین دفتین ال ینطق إنما یتكلم به الرجال . )

وقد تبلورت بعد ذلك ایدیولوجیتهم في السلطة والسیاسة فقالوا بتحكیم شریعة اهللا ولكن ببشریة االمامة واالختیار وهي برأیهم حق لكل مسلم ورع تعبیرا عن رفضهم الشتراط النسب وخاصة القرشیة وبالبیعة

لیه .یقول هشام جعیط في ورفض الطاعة العمیاء لإلمام وبإمكانیة الخروج عنه بل وجوبها والثورة عمعرض حدیثه عن ایدیولوجیا الخوارج : (إن مصیر األمة یجب أن یكون بین یدي اهللا وحده ، أي النص ، ولكنه نص قد انتحلوا ألنفسهم الحق بأن یكونوا مفسریه الوحیدین . وهذا ال یعني إطالقا أنهم

مي سیرفض الحقا ، من خالل تطوره ، هذه كانوا یعتقدون أن القرآن تجسید هللا : ذلك أن علمهم الكال. أما محمد 2الفكرة بقوة ، كما أن هذا ال یعني أنهم یشككون بمبدأ اإلمامة ، أي بكل حكومة بشریة )

عمارة فهو یعرض ایدیولوجیا الخوارج بالكیفیة التالیة : ( یقف الخوارج مع الرأي القائل بأن " االختیار المام .. ومن ثم فهم أعداء لفكر الشیعة : إن اإلمامة شأن من شؤون والبیعة " هما الطریق لنصب ا

السماء ، ال اختصاص فیها للبشر ، وان السماء قد حددت لها أئمة بذواتهم ، نصت علیهم ، وأوصت

بها لهم قبل وفاة الرسول ، صلى اهللا علیه وسلم... وعندهم ، أیضا ، أن اإلمامة من " الفروع " ، ولذلك قالوا : إن مصدرها هو " الرأي " ولیس " الكتاب " –خالفا للشیعة –ول " الدین فلیست من " أص3أو " السنة " ).

وتردد الخوارج بین قبول التحكیم ورفضه یعبر عن حالة من التخبط الفكري أمام تضارب األحداث اكتمال هذا المعماروتسارعها . نعم إنه یمكن اعتباره لحظة في تبلور بناءهم األیدیولوجي ، لكن

الفكري ، یطرح صعوبة تتمثل في التأریخ لمفهوم الحاكمیة بإرجاعه إلى الخوارج . نعم إن هناك نقاط التقاء مثل التكفیر، لكن أراءهم في اإلمامة والسیاسة ال تلتقي كلها مع ما ترمي إلیه " الحاكمیة ".

دار الكتب العلمیة ، بیروت . لبنان.، 1986األولى ، الجزء الثالث ،الطبعة 110الطبري محمد بن جریر أبو جعفر( تاریخ األمم والملوك ) ص–1

لطلیعة للطباعة ، دار ا1995، الطبعة الثالثة 225د. جعیط هشام ( الفتنة جدلیة الدین والسیاسة في االسالم المبكر) ترجمة خلیل أحمد خلیل ، ص -2

والنشر، بیروت ، لبنان .

، دار الشروق ، القاهرة ، مصر.1991، الطبعة األولى 19د. عمارة محمد( تیارات الفكر االسالمي ) ص –3

32

إشكالیة " الحاكمیة " غیر إشكالیة الخوارج . واألمر یتجاوز الحدث التاریخي المتغیر ولنقل ختاما أن إلى البنیة الفكریة. ومن ثم فرمي الحاكمیة بالخارجیة أو اعتبار المودودي من خوارج العصر فكرة تصلح

و زید إلى أكثر للسجال السیاسي منها للعمل التاریخي . ولعل هذه األسباب هي ما حدى بنصر حامد أبنسبتها إلى األمویین . الذین حاولوا التماس شرعیتهم عند اهللا. فقدموا تصورا ثیوقراطیا للسلطة لقحوه بإیدیولوجیا الجبر. یقول نصر حامد أبو زید في مقاطع من كتابه " نقد الخطاب الدیني " : ( وتعود

لى أسنة السیوف ، والدعاء إلى " أولى محاوالت إلغاء العقل لحساب النص إلى حادثة رفع المصاحف عتحكیم كتاب اهللا " من جانب األمویین في موقعة " صفین " وال خالف على أنها كانت " حیلة " إیدیولوجیة استطاعت أن تخترق صفوف قوات الخصوم وأن توقع بینهم خالفا أنهى الصراع لصالح

ین هم الذین طرحوا مبدأ االحتكام إلى القرآن حین ویضیف : ( وقد سبق أن بینا أن األموی1األمویین )لیس فحسب بسبب صراع ن ی والطابع السجالي لهذا الطرح ب 2رفعوا المصاحف على أسنة السیوف .)

ألن األمویین لیسوا اشاهد على ذلك ولكن أیض،وعنوان الكتاب، أبو زید مع الجماعات االسالمیة فقد هم أمافرقة فكریة وان كانوا قد شجعوا فرقا سیاسیة صارت معبرة عن االیدیولوجیا الرسمیة للدولة ،

.انشغلوا أكثر بشؤون الحكم والسیاسة التي مارسوها بواقعیة ومیكیافیلیة

في هذه الطروحات اعتراف جدناوسواء قبلنا أو رفضنا نسبة " الحاكمیة " للخوارج أو األمویین ، فإننبة اللفظ عن اللغة واألصول وغربته عن الفكر االسالمي ، ألن نسبته لفرقة من اضمني وصریح بغر

الفرق أمام زخم الفكر االسالمي باألفكار والمدارس والمذاهب ، یجعل النسبة ضئیلة جدا ال تسوغتأصیل اللفظ في التراث والتاریخ االسالمیین.

لتاریخ الحدیث :الحاكمیة في ا

وهذه الغرابة هي ما حفزت أحد الباحثین على العودة إلى التاریخ االسالمي الحدیث وبخاصة عند - 1840األتراك . إذ یؤكد من بحث الحاكمیة من مفكري األتراك المعاصرین الصحفي نامق كمال(

ثر بأفكار الثورة )، من قادة جمعیة تركیا الفتاة. وقد ضمن فكره في مقاالته الصحفیة. تأ1880وكان یؤمن بمبدأ حاكمیة الشعب الذى نادى به روسو، ولكنه سماه حاكمیة األمة ویقولالفرنسیة ،

، سینا للنشر، القاهرة ، مصر .1994،الطبعة الثانیة 102د.أبو زید نصر حامد ( نقد الخطاب الدیني ) ص –1

.111نفس المرجع ، ص–2

33

فالتشریع بید اهللا . والمفكر التركي األخر الذي قال بالحاكمیة، فهو على سعاوي أحد قادة بالبیعة وبرأیهتركیا الفتاة. وهو ال یقول بحاكمیة األمة بل یرى أن الحاكمیة بمفهومها الغربي الحدیث ال یستحقها إال

رة حاكمیة اهللا، اهللا عز وجل. یضاف إلى ذلك موقف آخر جعل الشریعة هى الحاكمة، لعله امتداد لفك). وقد جاء ذلك في عدد من مقاالته، من أهمها مقال 1921-1863عبر عنه األمیر سعید حلیم باشا (

له نشره بالفرنسیة بعنوان (إصالح المجتمع المسلم). من الواضح أن المقال كان قد كتب بعد أن شاهد دأ حاكمیة الشعب، فنقد ذلك نقدا مرا، األمیر ذیوع وغلبة العلمانیة على الدولة العثمانیة، ومن ذلك مب

ووصفه بأنه أسطورة مثل األساطیر األخرى التي قدمها الغرب عن الحاكمیة . وقدم االمیر سعید مفهوم ثم یقول البسطامي بوجود فكرة أن اهللا هو الحاكم عن 1. حاكمیة الشریعة بدال عن حاكمیة الشعبي إلى صالح الدین بخش إلى محمد علي جوهر وبخاصة الكثیر من مفكري الهند من السید أمیر عل

محمد إقبال الذي أسس الحاكمیة على مبدأ التوحید .ولیست هذه المعطیات التاریخیة هي وحدها التي تجعلنا نقول اآلن أن " الحاكمیة " مفهوم معاصر ال صلة له بالتراث االسالمي بل أوجدته ظروف العالم

مستمد من الفكر الغربي الحدیث وبخاصة نظریة السیادة عند جان بودان . االسالمي المعاصر . وهو وحاول المودودي إعطاءه مضمونا إسالمیا.

( لكن من الواضح أن المودودي هنا یستقي فهمه للحاكمیة من تصورات الغربیین األوائل من أمثال ي مقال له عن حاكمیة . وینتهي الى نفس النتیجة لحسن لحساسنة ف2بودان وأولستن وغیرهم )

المودودي فیقول : ( والخالصة أن المتتبع للفكر السیاسي للمودودي ، وللنظریة السیاسیة التي صاغها ،یجد فیها مساحات واضحة من الفكر الغربي ، تتمثل أساسا في المصطلحات التي وظفها المودودي

.3أثناء التنظیر للنظریة السیاسیة )

بموقع السودان االسالمي.18/11/2006األستاذ بسطامي محمد سعید خیر نشره بتاریخ ) نظریات الحاكمیة في الفكر االسالمي ( نقال من مقال بعنوان –1

www.sudansite.net

نفس المرجع .–2

المعهد العالمي للفكر 282002العدد 61ص مجلة اسالمیة المعرفة )نحو بناء مداخل منهجیة وفقه جدید لمفهوم الحاكمیة(حسن لحساسنة ل-3

.االسالمي فرجینیا الوالیات المتحدة األمریكیة

34

المبحث الثاني :

اللفظ والوظیفةالجاهلیة :

35

: اللفظ والوظیفةالجاهلیةإذا كنا في المبحث السابق وقفنا على مفهوم الحاكمیة خاصة في جانب وظیفته السیاسیة ورأینا أنه مفهوم محوري في نظریة المودودي فإن المفهوم الذي سندرسه في هذا المبحث الثاني مالزم له وهو

د أزر النظریة ، نقیضه . والوظیفة التي یؤدیها ضمن هذا البناء الفكري تأتي لدعم مفهوم الحاكمیة وشفي بعده التكفیري. ویجعل من االمامة والسیاسة والسعي إلقامة الحاكمیة االلهیة واجبا وفرضا من الفروض ، فرض عین وذلك خالفا لكل التقلید السني في النظر الى السیاسة باعتبارها من الفروع ومن

مودودي إنما قام بتشییع النظریة السنیة الفقهیات ال من العقائد . وهو ما حدى بالبعض الى القول بأن الأو على األقل كما یرى البعض اآلخر ، جاءت نظریته نتیجة انفتاح الفكر السني على النظریة الشیعیة.

:الجاهلیة في اللغة واألصول. والجهل أساسا هو انعدام المعرفة "ج.ه.ل"مصدر صناعي على وزن فاعلیة ینحدر من الجذر اللغوي

وهو ضد العلم . وهو في المفردات في غریب القرآن على ثالثة أوجه : ( خلو النفس من العلم... یحدد لسان العرب و 1اعتقاد الشيء بخالف ما هو علیه...فعل الشيء بخالف ما حقه أن یفعل ... )

ب قبل االسالم من الجهل باهللا سبحانه ، ورسوله ، الجاهلیة بأنها: ( ...الحال التي كانت علیها العر .أما معجم ألفاظ القرآن الكریم 2وشرائع الدین ، والمفاخرة باألنساب ، والكبر، والتجبر وغیر ذلك )

. أما معجم اللغة العربیة المعاصرة 3فیكتفي بأنها : ( الحالة التي كانت علیها األمة قبل النبوة ) : ( ما كان علیه العرب قبل االسالم من الجهالة والضاللة وتحكیم العصبیة فیضیف أحكاما قیمیة

. 4والوثنیة )الجاهلیة في القرآن :

یمیز العلماء بین أربعة معاني وردت في القرآن في أربع آیات یالحظ أنها كلها مدنیة هي : تهم أنفسهم یظنون بالله غیر الحق ظن الجاهلیة ﴾﴿ وطائفة قد ظن الجاهلیة : وتعني الشك في5أهم

دار 102أبي القاسم الحسین بن محمد المعروف باألصفهاني تحقیق وضبط محمد سید كیالني(المفردات في غریب القرآن ) دون طبعة دون تاریخ ص –1

.نشر والتوزیع بیروت لبنان المعرفة للطباعة وال

یقي المصري ( لسان العرب )تحقیق عبد اهللا علي الكبیر و محمد أحمد حسب اهللا و هاشم أبو الفضل جمال الدین محمد بن مكرم بن منظور االفر -2

دون طبعة، دون تاریخ . دار المعارف . القاهرة .مصر. 714محمد الشاذلي مجموعة ص

الهیئة العامة لشؤون المطابع األمیریة ، القاهرة ، مصر. 1989. الجزء األول ، د. ط ، 252مجمع اللغة العربیة (معجم ألفاظ القرآن الكریم ) ص –3

، عالم الكتب نشر توزیع طباعة ، القاهرة ، 2008، الطبعة األولى 414د . أحمد مختار عمر ( معجم اللغة العربیة المعاصرة ) المجلد الثاني ، ص –4

مصر.

. 154اآلیةل عمرانسورة آ-5

36

اهللا تعالى وحالة الریب وعدم الثقة في اهللا وحالة من التخبط واالضطراب النفسي سماتها الشك والریبة یظنون باهللا ظن الجاهلیةالذین كانوا المنافقینتذموعدم الیقین عائدة إلى ضعف االیمان . وهذه اآلیة

أشاروا على الرسول و كة في أحدكانوا یظنون أن اهللا لن ینصر رسوله وال دینه، ویخسر المسلمون المعر .لم یسمع كالمنا، ولم یأخذ برأیناالقتال . وقالوا أن الرسولدعوا إلى عدم بعدم الخروج من المدینة و

1وهو ظن اعتقادي ألن فیه شك في اهللا ، تصفه اآلیة بأنه باطل وغیر حق.

وتعني أن أهل 2حسن من الله حكما لقوم یوقنون﴾أ ومن أفحكم الجاهلیة یبغون ﴿حكم الجاهلیة: الجاهلیة ما كانوا یقیمون العدل بل الجور والتمییز بین فئات المجتمعات وتقسمیهم الناس إلى شریف

، : حكم اهللا، وحكم أهل الجاهلیة. وتدعو إلى اختیار حكم اهللاووضیع ، فقیر وغني . وتقابل اآلیة بین. من لم یشرع أو یطبق حكم اهللا، فقد شرع أو طبق الحكم الجاهلي. وماذا بعد الحق إال الضالل فتعني أحكام وتشریعات الجاهلیة وهي قوانین ظلم وعدوان على عكس حكم اهللا الجاهلیة في هذه اآلیة و

3الذي كله عدل واحسان.

وهو أمر إلهي لنساء الرسول 4رجن تبرج الجاهلیة األولى ﴾وقرن في بیوتكن وال تب : ﴿تبرج الجاهلیة: صلى اهللا علیه وسلم بالمكوث ببیوتهن ،ووردت في سیاق أمرهن بالحجاب تمییزا لهن عن نساء الجاهلیة

ى. ینهى المؤمنات عن أن یتبرجن كما كانت تتبرج النساء في الجاهلیة األولالسافرات. واهللا في اآلیة كشف المرأة عورتها وابراز مفاتنها . وذلك كان سلوك النساء في الجاهلیة یخالطن : أو السفوروالتبرج

الرجال ویمارسن الفتنة واالسالم یعتبر الفتنة أشد من القتل . وعموما توصف الجاهلیة بحالة االنحطاط .5رماألخالقي والتدني السلوكي مثل شرب الخمور والزنا واتیان المحا

أقامته الذي العالج )–اآلثار –،بحث مقدم للمؤتمر العالمي ( ظاهرة التكفیر : األسباب 6-5أحمد بوعواد ( مفهوم الجاهلیة وعالقته بالتكفیر) ص -1

، جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمیةجائزة األمیر نایف بن عبد العزیز آل سعود العالمیة للسنة النبویة والدراسات اإلسالمیة المعاصرة ، باالشتراك مع

السعودیة ، . 22/09/2011-20المدینة المنورة

.50، اآلیة المائدة سورة -2

.7-6د بوعواد ( مفهوم الجاهلیة وعالقته بالتكفیر) ، ص أحم–3

.33، اآلیة االحزابسورة–4

.7أحمد بوعواد ( مفهوم الجاهلیة وعالقته بالتكفیر) ، ص -5

37

حالة العصبیة التي :كان علیها أهل الجاهلیة وما یرافقها من استعالء وتكبر وفخر : حمیة الجاهلیة:وهجاء فجاءت اآلیة تذمها وتدینها في إطالق وفي الخصوص جاء لواقعة معینة حیث قال تعالى :

رسوله وعلى المؤمنین علىنزل الله سكینته إذ جعل الذین كفروا في قلوبهم الحمیة حمیة الجاهلیة فأ ﴿وردت "حمیة الجاهلیة" في 1وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء علیما﴾

اتزان ، في مقابل ما علیه المؤمنون من علیه الكفار من حمیة واعتزازكان المقارنة بین ما إطارفي والوقوف لهم بالمرصاد، من دخول مكة للعمرةلمسلمینلقریش ن منعتتحدث اآلیة عو . واستقرار

. ولم یكن من مبرر لهذا المنع سوى كبریاء صلح "الحدیبیة" إلى أن أبرم الرسول معهم سهل "الحدیبیة"، 2.باء. والحمیة هي األنفة واإلقریش وعصبیتهم

لفظ الجاهلیة في الحدیث الشریف :كان الرسول صلى اهللا علیه وسلم مربیا ینهى في كثیر من األحیان عن صفات الجاهلیة لیحدث القطیعة

معها وان كان في أحادیث أخرى یذكر بعض مناقب أهل الجاهلیة ولكن مشروطة بالتفقه والعلم حتى لصحابته ومنه قوله ألبي ذر الغفاري : أنت امرؤ وغیرها . ولم یتورع عن توجیه اللوم والعتاب

فیك جاهلیة . ومما یروى عنه صلوات اهللا علیه وسالمه : عن اسحاق بن ابراهیم قال أخبرنا جریر عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هریرة رضي اهللا عنه عن رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم قال : ( تجدون

لجاهلیة ، خیارهم في االسالم إذا فقهوا ، وتجدون خیر الناس في هذا الشأن الناس معادن : خیارهم في احدثنا أبو نعیم حدثنا سفیان حدثنا زبید الیامي عن ابراهیم عن مسروق عن عبد اهللا 3أشدهم له كراهیة)

رضي اهللا عنه قال :( قال النبي صلى اهللا علیه وسلم : لیس منا من لطم الخدود، وشق الجیوب ، وفي هذا الحدیث یدین الرسول صلى اهللا علیه وسلم لطم الخدود وغیرها على 4ودعا بدعوى الجاهلیة )

اعتبار أنها من الجاهلیة . وكذلك فیما تعلق بالعصبیة والحمیة القبلیة والهجاء والنیاحة في الجنائز

. 26، اآلیة الفتحسورة –1

أقامته العالج )–اآلثار –، بحث مقدم للمؤتمر العالمي ( ظاهرة التكفیر : األسباب 8-7أحمد بوعواد ( مفهوم الجاهلیة وعالقته بالتكفیر) ، ص -2

ام محمد بن سعود اإلسالمیةجائزة األمیر نایف بن عبد العزیز آل سعود العالمیة للسنة النبویة والدراسات اإلسالمیة المعاصرة ، باالشتراك مع جامعة اإلم

السعودیة. 22/09/2011-20المدینة المنورة

، دار 2002، الطبعة األولى 3493، الحدیث رقم 865كتاب المناقب) ص -االمام أبي عبد اهللا محمد بن اسماعیل البخاري ( صحیح البخاري-3

بن كثیر للطباعة والنشر والتوزیع ، دمشق ، سوریا .

، 1294، حدیث رقم 312،صنظر بن محمد الفاریابي أبو قتیبةكتاب الجنائز) -( صحیح مسلم بن الحجاج بن مسلم القشیري النیسابوريسلمم-4

المملكة العربیة السعودیة.-دار طیبة للنشر والتوزیع بالریاض ، 2006الطبعة األولى

38

واالستسقاءاألنسابفيوالطعناألحسابفيالفخر: یتركونهنالالجاهلیةأمرمنأمتيفيأربع( المهاجرینمنرجلكسعاهللا،رسولیا: قالواالجاهلیة؟دعوىبالما(أیضاوقال.1)والنیاحةبالنجوم

وسلمعلیهاهللاصلىالرسولأشارالوداعحجةوفي2).منتنةفإنهادعوها: فقالاألنصار،منرجال أمرمنشيءكلأال:( الخطبةفقراتمنفقرةفيقائالوالرباكالقتلالجاهلیةعاداتتركوجوبإلى

ویتحدد3. .) موضوعالجاهلیةوربا. . . موضوعةالجاهلیةودماءموضوع،قدميتحتالجاهلیةتضلوالنمافیكمتركتوقد: ( وسلمعلیهاهللاصلىقولهفيواالسالمالجاهلیةبینالفاصلالخطالبدعةمنیحذروسلمعلیهاهللاصلىالرسولوكان4.)اشهداللهم... اهللاكتاببه،اعتصمتمإنبعده: ثالثةاهللاإلىالناسأبغض: " قولهفيلصاحبهااهللابغضحدإلىالجاهلیةالسننإحیاءومن

5) .دمهلیهریقحقبغیرمسلمامرئدمومطلب،جاهلیةسنةاالسالمفيومبتغ،الحرمفيملحد(

:أنواعها،حقیقتها:الجاهلیةمفهوممعالتعاملفيتیارینإلى6الحاكمیةلمفهومالسیاسیةاألبعادكتابهفيجعفرهشامیشیر

االسالمعلىسابقةتاریخیةفترةاعتبروهاالذینالقدماءوالحدیثالتاریخعلماءویمثلهاألول: الحاكمیةوسلم،علیهاهللاصلىالنبيمبعثقبلالعربعلیهاكانالتيوالضاللةالجهالةحالةإلىبهاویشیرون

االسالميالفكرفيثانواتجاه. سیئةوعاداتعصبیةوحمیةاألنسابفيتفاخرمنعنهایترتبومامنبمجموعةبلزمنیةبفترةعندهتتحددوالویعتبرهاالوهابعبدبنمحمددشنهوالمعاصرالحدیثالذيتیمیةبنإلىیمتداالتجاههذاأنوالحقیقة. جاهلیةعدتجماعةأوفردفيتوافرتإذاالسماتعامةأومطلقةالجاهلیةمننوعینبینمیزإذ،الثانيالمعنىوأعطاهاالجاهلیةمسائلفيخاض. وسلمعلیهاهللاصلىالرسولمبعثبعدمطلقةجاهلیةالأنهیقولإذاالسالمسبقتالتيالفترةقصد

.األشخاصوبعضالبالدبعضفيتوجدمقیدةوجاهلیة

،ا 934،حدیث رقم 415،صنظر بن محمد الفاریابي أبو قتیبةكتاب الجنائز) -( صحیح مسلم بن الحجاج بن مسلم القشیري النیسابوريمسلم–1

المملكة العربیة السعودیة.-دار طیبة للنشر والتوزیع بالریاض ، 2006لطبعة األولى

.2584، حدیث رقم 1200نفس المرجع ، ص -2

..1218حدیث رقم558-557ص، نفس المرجع 3-4

، ص 6882باب من طلب دم امرئ بغیر حق ) حدیث رقم -كتاب الدیات-صحیح البخارياالمام أبي عبد اهللا محمد بن اسماعیل البخاري ( -5

، دار بن كثیر للطباعة والنشر والتوزیع، دمشق ، سوریا.2002، األولى 1702

، المعهد العالمي للفكر 1995، الطبعة األولى 223-222هشام أحمد عوض جعفر ( األبعاد السیاسیة لمفهوم الحاكمیة رؤیة معرفیة ) الصفحات -6

السالمي ، فرجینیا ، المتحدة األمریكیة .ا

39

ویمیز هشام جعفر بین مستویین في الجاهلیة :جاهلیة الفسوق والعصیان : ویطلق علیها البعض ، جاهلیة األعمال . وتتمثل في مختلف أنواع –ا

السلوك التي ال تمت بصلة لإلسالم والتي تنطوي عن حمیة عصبیة وانحالل في الخلق. وتدخل في اري باب المعاصي ، وال یحكم على صاحبها بالكفر. والرسول صلى اهللا علیه وسلم خاطب أبا ذر الغف

بقوله : أنت امرؤ فیك جاهلیة . جاهلیة اعتقاد : وهي جاهلیة شرك باهللا وتحكیم لغیر كتابه وتدل على ضعف االیمان واهتزازه. –ب

وتؤدي بصاحبها إلى الكفر. وقد اشتدت في عصرنا نزعة التكفیر ورمي الناس بالشرك . ویسمى هؤالء ا بالمودودي ر ماته من بن تیمیة ومحمد بن عبد الوهاب مرو تكفیریون . ویستمد هذا االتجاه مفاهیمه ومقد

وسید قطب.مفهوم الجاهلیة عند بن تیمیة:

( الناس إذ ذاك أحد رجلین : إما كتابي معتصم یصف بن تیمیة أحوال الناس قبل البعثة النبویة بقوله :ودین دارس ، بعضه مجهول ، وبعضه متروك . واما أمي –إما مبدل ، واما مبدل منسوخ –بكتاب

من عربي وعجمي ، مقبل على عبادة ما استحسنه ، وظن أنه ینفعه : من نجم ، أو وثن ، أو قبر ، أو واذ یستهل كتابه بهذا الوصف فهو كأنما یحدد الجاهلیة ذاتها ویستخلص 1تمثال ،أو غیر ذلك . )

المعاییر التي بها یحكم بالجاهلیة فیما بعد. ثم یخوض في منشأ انحراف المسلمین فیخبرنا بأن الرسول صلى اهللا علیه وسلم تنبأ بأنه سیكون في أمته مضاهاة للیهود والنصارى وللفرس والروم. وأنه ستكون

ة مواظبة على الحق. ویذكر من مظاهر االنحراف : الغلو في الدین والتعصب وطاعة العلماء طائفوالعباد في التحلیل والتحریم والتحریف واالستدالل بالباطل والرهبانیة وبناء المساجد على قبور األنبیاء

لص بعد ذلك ویستخ2والروم .األخرى والتأثر بعادات الفرسحین وجحد الحق لدى الطوائف لوالصافي النهي عن التشبه بالكفار مما أمر به الكتاب ونهت عنه السنة وأجمع علیه الصحابة قاعدة عامة

والعلماء. فیعرف السنة الجاهلیة بقوله : ( كل عادة كانوا علیها . فإن السنة هي العادة ، وهي الطریق

مستقیم مخالفة أصحاب الجحیم) تحقیق وتعلیق :الدكتور ناصر بن عبد الكریم العقل ، ص بن تیمیة عبد الحلیم بن عبد السالم ( اقتضاء الصراط ال-1

، المجلد األول ، دون طبعة ، دون تاریخ، مكتبة الرشد، الریاض، السعودیة.63

.82إلى 71نفس المرجع ، وردت هذه المظاهر في الصفحات من –2

40

ویربط األعمال باالعتقاد ولكنه ال یعتبر كل 1التي تتكرر لنوع الناس مما یعدونه عبادة ، أو ال عبادة ) عمل مخالف لالعتقاد كفرا وخروجا من الملة ، إذ یقول : ( ومن هنا تعرف دخول األعمال في مستحق

وال خارجا عن أصل مسمى االیمان ، حقیقة ال مجازا وان لم یكن كل من ترك شیئا من األعمال كافرا . ومن هذه المقدمات ینتهي إلى تعریف الجاهلیة بقوله : ( فالناس قبل مبعث الرسول صلى 2االیمان )

اهللا علیه وسلم ، كانوا في حال جاهلیة منسوبة إلى الجهل ، فإن ما كانوا علیه من األقوال واألعمال إنما تدل على ذلك أن اهللا تعالى یخاطب أصحاب هذه . ویس3أحدثه لهم جاهل ، وانما یفعله جاهل )

بالجاهلین ، والموتى ، والعمي ، والبكم ، -الحظ أن بن تیمیة ال یطلق علیهم تسمیة الكفار–األحوال والضالین ویصفهم بأنهم ، ال یعقلون وال یسمعون. أما المؤمنین ( یستعمل لفظ المؤمن ) یصفهم بأولي

ویعقلون ، وهم أهل النهي والهدي... فأما بعد مبعث النبي صلى اهللا علیه األلباب ،یسمعون ، ویعون ، في مصر دون مصر ، كما هي في دار الكفار ، وقد تكون في -یقصد الجاهلیة -وسلم ( قد تكون

. وهذه 4شخص دون شخص ، كالرجل قبل أن یسلم ، فإنه في جاهلیة ، وان كان في دار االسالم.) لجاهلیة المقیدة فقد تقوم في بعض دیار المسلمین وفي كثیر من المسلمین. (فأما جاهلیة مطلقة. أما ا

في زمان مطلق : فال جاهلیة بعد مبعث محمد صلى اهللا علیه وسلم ، فإنه ال تزال من أمته طائفة .5ظاهرین ، على الحق ، إلى قیام الساعة.)

مفهوم الجاهلیة عند محمد بن عبد الوهاب: مسائل الجاهلیة..." یعدد مئة مسألة یكون الرسول صلى اهللا علیه وسلم خالف فیها أهل في كتابه "

الجاهلیة من أهمها : مخالفة ولي األمر واالقتداء بالعالم الفاسق أو العالم الجاهل والغلو في الصالحین،

الجحیم) تحقیق وتعلیق :الدكتور ناصر بن عبد الكریم العقل ، ص بن تیمیة عبد الحلیم بن عبد السالم ( اقتضاء الصراط المستقیم مخالفة أصحاب –1

المجلد األول ، دون طبعة ، دون تاریخ. مكتبة الرشد ، الریاض ، السعودیة.،226

. 229نفس المرجع ، ص –2.230نفس المرجع ، ص –3

.231-230ص ،نفس–4

.231، ص جعنفس المر -5

41

المجاهرة بكشف العورات، الكفر بالیوم اآلخر، رمي المؤمنین بتبدیل الدین ، الزیادة في العبادة ، النفاق ففي المسألة الرابعة یرى أنه من الجاهلیة البیت ، والتحاكم إلى الطاغوت . في العقیدة ، االفتخار بوالیة . وفي المسألة الخامسة یكون 1آلخرین )وارى لجمیع الكفار من األولین التقلید ، ( فهو القاعدة الكب

وفي المسألة السادسة عشرة یعتبر الغلو في 2جاهلیا من یقتدي ب( فسقة أهل العلم وجهالهم وعبادهم )الصالحین جاهلیة : ( فاتخاذ أحبار الناس أربابا یحللون ویحرمون ویتصرفون في الكون ...ولهم الیوم

وفي المسألة الرابعة والعشرون یتحدث عن المذهبیة فیقول: ( وال 3بقایا في مشارق األرض ومغاربها )شك أن هذا من خصال الجاهلیة وعلیها الیوم كثیر من الناس ال یعتقد الحق إال معه السیما أرباب

. ویندرج موقف محمد بن عبد الوهاب من الجاهلیة في سیاق فكر أستاذه بن تیمیة أي في 4المذاهب ) عموما .وقد ارتبط ظهورها بنشوء الفرق في االسالم حیث اتخذت منها موقفا متشددا على سیاق السلفیة

اعتبار أنها خروج عن األصل والسلف فكفرت الشیعة والخوارج والمعتزلة والمتصوفة إلخ... وكذلك فعل تشریح رمي غیره بالجاهلیة والكفر. ولم یكن فكر بن عبد الوهاب یرمي إلىیإذ راحبن عبد الوهاب ،

الواقع في عصره فحسب كما اعتقد كثیرون بل رمى إلى محاربة البدع والفرق والعودة إلى األصول وتجدید الدین وتنقیته من الشوائب.

الجاهلیة عند أبو الحسن علي الحسني الندوي :الندوي . الجاهلیة المفهوم الذي استلهمه المودودي من المفكر والداعیة االسالمي الهندي أبي الحسن

هذا األخیر الذي وظفه لتشریح الوضع الحضاري للمسلمین . وانطلق منه في عمله االصالحي. دون أن ینتهي به إلى تكفیر المسلمین فرادى أو جماعات ، وان كان كفر الفرد أو ردته واردة. واستعمله في

ندوي داعیة ، هاله حال المسلمین كتاباته المختلفة ملتزما حدود المفهوم القرآني ال یبارحه . وقد كان المن تخلف وانحطاط فشحذ فكره وقلمه للدعوة .إذ یرجع أوضاعهم تلك إلى ابتعادهم عن الدین الصحیح.

13، صبن عبد الوهاب محمد ( مسائل الجاهلیة التي خالف فیها رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم أهل الجاهلیة ) وتوسع فیها محمود شكري األلوسي-1

، المطبعة السلفیة ومكتبتها ، القاهرة، مصر. 1928، دون طبعة ،


.30-29نفس المرجع ، ص -3

. 36ص ،نفس المرجع–4

42

وقد اشتهر بكتابه الموسوم ب" ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمین ؟ " فكان مصلحا ككل المصلحین ، غاني وغیرهم. ففي كتابه :( ردة...وال أبا بكر لها ) یقدم لنا تصوره من أمثال محمد عبده واألف

للجاهلیة . ویعني بها " الردة " التي تلت استعمار أوربا لبلدان الشرق االسالمي ، حیث حملت معها انة دیانتها المادیة المتمثلة في الفلسفات المادیة والنزعة القومیة وفلسفات االلحاد .وأصبح هذا الفكر دی

النخبة المثقفة التي تقود أكثر البلدان االسالمیة. لكن صاحبها ال یرتاد الهیاكل والكنائس. وهو بذلك ، یقرر واقع التبعیة الفكریة ویحذر من مخاطر الغزو الثقافي الذي یمارسه الغرب. وال یحكم أو یقاضي ،

لیها بل على العكس من ذلك یقول : ( إنها بدلیل أنه الیتهم بالكفر وال یفعل حد الردة أو یدعو للحرب عقضیة ال تطل حربا وال تطلب تهییج الرأي العام ، وال تطلب ثورة، وال تطلب عنفا ، بل إن العنف یضرها ویهیجها ، واالسالم ال یعرف محاكم التفتیش وال یعرف االضطهاد ، انها تطلب عزما وتطلب

. واذ یدعو إلى مواجهتها، یقول : ( ان تقاوم هذه 1)حكمة وتطلب صبرا واحتماال وتطلب دراسة الموجة الالدینیة... وأن تعاد الثقة المفقودة إلى نفوس الشباب ... وأن یزال القلق الفكري واالضطراب

دون أن یدعو إلى الجهاد حتى وان سمى تلك المواجهة 2النفسي ... وأن تحارب المبادئ الجاهلیة )ائل التي یتبناها والتي هي في جوهرها أسالیب فكریة وروحیة أي وسائل جهادا. تدل على ذلك الوس

الدعوة. ویحدد خصال رجال الدعوة : (إنه في حاجة الى رجال ینقطعون الى هذه الدعوة ویكرسون ودون أن 3علیها علمهم ومواهبهم وكفایتهم ، وال یطمعون في منصب أو جاه أو وظیفة أو حكومة.)

العمل الدعوي والنشاط السیاسي ولم یعرف عنه نع سیاسي ، إذ كان یمیز بیتحمل دعوته أي طابنشاطا سیاسیا وال تأسیسا لجمعیة سیاسیة ، بل اشتهر أكثر في تشكیل الجمعیات الدعویة والمؤسسات

( یحل یحدد العمل الدعوي في قوله : دون أن یعني ذلك فصله بین الدین والسیاسة. و نالعلمیة . ولكبالحدیث هثم یختتم كتاب.4لنفسیة والعقلیة التي أحدثتها الثقافة الغربیة أو أخطاء " رجال الدین " ) العقد ا

عن اتجاه العالم بأسره إلى الجاهلیة ومنه العالم اإلسالمي أیضا.

الناشر مكتبة السداوي للنشر والتوزیع ، القاهرة ، مصر ، 1992، الطبعة الثانیة 9أبو الحسن علي الحسني ( ردة ...وال أبا بكر لها ) ص الندوي -1

، بالتعاون مع المكتبة المكیة حي الهجرة ، مكة المكرمة ، السعودیة.




43

السیاق التاریخي لظهور مفهوم الجاهلیة عند المودودي :وكما هو معلوم فإن المودودي كان یواجه منذ الثالثینات مشكلة مصیر المسلمین في شبه القارة الهندیة.

فقد كانوا یرزحون تحت نیر الغالبیة الهندوسیة وعقائدها المخالفة لإلسالم ، وعاداتهم وأعرافهم الجاهلیة.ن نفسه أن یواجه الطروحات وكذلك یعانون من وطأة االستعمار وقیمه الضاغطة. وكان علیه في اآل

السیاسیة المختلفة التي تقول بهند موحدة دیمقراطیة علمانیة ، والتي تقول بدولة للمسلمین على أساس النزعة القومیة . ولكن كان علیه أیضا أن یواجه تخلف وانحطاط المجموعة المسلمة ، ویبحث في

عاملین أساسیین : داخلي یعود إلى ابتعاد أسباب ذلك التخلف المریع ، لینتهي إلى أنه یعود إلى المسلمین عن العقیدة الصحیحة منذ أواخر عهد الخلیفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان وقیام الملك العضوض ، واالبتعاد عن حاكمیة اهللا إلى تحكیم البشر وتحكمهم ، وانتشار ظاهرة التصوف والدروشة

أدى بالمسلمین إلى تراجع دورهم واصابتهم باالنحالل األخالقي وعبادة األضرحة والرهبانیة إلخ... ماوتراجع التأثیر الدیني . وخارجي یمكن تسمیته بصدمة الحداثة والمتمثل في األفكار الغربیة الوافدة من

الشيء الذي جعله قومیة وعلمانیة ودیمقراطیة ولیبرالیة واشتراكیة والحاد ونزعات مادیة وفردیة وغیرها. یرفض القومیة ویقول بدولة إسالمیة تشكل النواة لالنبعاث االسالمي في مقابل النزعة القومیة الهندوسیة ، إلقامة باكستان التي ستكون النواة األولى في األممیة االسالمیة . إذ كان یتصور أن نضاله

ى توحید المسلمین واالنطالق بهم في وجهاد المسلمین لن یتوقف عند تأسیس دولة جدیدة بل یمتد إلفتوحات جدیدة تعلي كلمة اهللا وتقیم حاكمیته في األرض. ورفض الدیمقراطیة بوصفها فلسفة جاهلیة وافدة ، ستؤدي إلى تذویب المسلمین في المجتمع الهندي وتعیق بذلك تحقیق طموحاتهم ال في االنفصال

فریضة المغیبة. واستمر المودودي وفیا ألفكاره بعد قیام بل في الزحف على العالم واعالن الجهاد ، الباكستان . یقول بالجاهلیة مثلما یقول بالحاكمیة . ویخطئ كل من یفسر فكره بربطه بالسیاق التاریخي

فحسب . إذ شكلت الظروف التاریخیة منطلقا ألفكاره ، بال شك . ولكنها الظروف التاریخیة التي ال وحدها كما ذهب إلى ذلك علي أوملیل في قوله : ( نجد الجواب في األساس تتمثل في ظروف الهند

. 1الذي قامت علیه الدعوة إلى دولة خاصة بمسلمي الهند ، والتي انتهت إلى قیام الدولة الباكستانیة ) ألن نضاله وفكره لم یتوقف عند ذلك . بل نرى أن العوامل الفكریة هي األخرى لعبت دورا مهما في

تكوین فكره . وال مجال للقول بأرجحیة عامل على آخر.، دار التنویر للطباعة والنشر، بیروت، لبنان، والمركز الثقافي 1985، الطبعة األولى 171علي ( االصالحیة العربیة والدولة الوطنیة ) ص أوملیل –1

العربي، الدار البیضاء، المغرب.

44

مفهوم الجاهلیة عند المودودي:تحت عنوان النزاع الفكري والتاریخي بین االسالم والجاهلیة یصوغ المودودي نظریته في الجاهلیة. حیث یرى أنه لما كانت مهمة التجدید هي تطهیر االسالم من دنس الجاهلیة ، فإنه یتعین على المجدد أن

ئها وقواعدها ، البد أن یحیط علما بالصراع التاریخي بین هاتین القوتین. فكل نظام یقرر للحیاة مبادهذه المسائل والتصور الذي یترتب عنها تأثیر بالغ في سلوك االنسان في لیشرع من مسائل األلوهیة. ف

هذا الكون وهذه الحیاة ، وبه یتقرر مصیره . وتعد هذه المسائل معیارا للتمییز بین المذاهب الفكریة . عة نظریات:وكل باحث في هذه االتجاهات یجدها تنقسم إلى أرب

الجاهلیة المحضة : یقول بشأن مفهومها : ( أن نظام هذا العالم كله حادث قد حدث مصادفة، –أ . وتمثل كل فلسفات االلحاد والفلسفات 1فلیس وراءه من حكمة تدبره أو غایة مصطلحة تسیر دفته )

المادیة والنفعیة واالجتماعیة التي تقول بالصدفة وبالتطور الطبیعي للكون . فتقول بالحتمیة وترفض الغائیة . وتقول بالطبیعة الحیوانیة لإلنسان ، وتركز وجوده حول إشباع حاجاته وتحصیل اللذة .

لفضیلة وغیرها باللذة والمنفعة. وهذه الفلسفات هي أساس المدنیة وبالتالي تتحدد األخالق لدیه والخیر واالغربیة الیوم. فاإلنسان في الغرب حتى وان كان مؤمنا باهللا ، فالحضارة من حوله مادیة . تهیمن على

العالقات االنسانیة مبادئ جاهلیة ترمي أساسا إلى االشباع. وهذه الحال عرفتها األمة االسالمیة من هي وان كانت تتألف من مسلمین إال أن مترفیها في غرناطة ودمشق ودلهي وبغداد إنشغلوا قبل ، و

بالرفاهیة وانصرفوا عن ذكر اهللا وحكمه. من الطبیعي أن تفرز هذه الحضارة طبقة حكام تقود الدول واألمم بسیاسة المیكیافلیة ، وتتحكم بالعالم عصب المال والعدوان وتسیر به إلى الهاویة.

جاهلیة الشرك : وفحواها أن : ( ال ریب أن هذا الكون لم ینبعث مصادفة وال هو قائم بدون إله ، –ب وتتمثل في الوثنیة من عبادة األشجار والنجوم والحیوانات .2إال أنه لیس له إله واحد بل آلهة متعددة )

والتي تدل على قصور العقل والثروة والقوة ومختلف الخرافات واألوهام المنتشرة بین شعوب العالم ومستوى االنحطاط العقلي الذي یبلغه في غیاب العقائد الصحیحة. ولیس ذلك فحسب فهذا النوع من

الشرك یوجد أیضا عند الشعوب المؤمنة التي أصابها التخلف مبلغا .

، دون طبعة ودون تاریخ ، دار الشهاب للطباعة 18باق ص المودودي أبو األعلى ( موجز تاریخ تجدید الدین واحیائه ) ترجمة محمد كاظم ، الس–1

والنشر ،باتنة ، الجزائر.

.نفس الصفحة22، ص نفس المرجع–2

45

فهي األخرى تشرك إلى جانب اهللا آلهة من األنبیاء واألولیاء والصالحین والعلماء والدراویش . تتمسح باألضرحة وتوسط هؤالء وأولئك عند الدعاء وترفع لهم الرایات وتقیم الوالئم. فتنسج هي األخرى الخرافات

لى تداخل جاهلیة الشرك یشیر المودودي إو حول ظهورهم وغیابهم وخوارقهم وكراماتهم وبركاتهم. والجاهلیة المحضة عبر التاریخ. ویفسر ذلك بثالثة أسباب: أولها : غیاب العالقة في جاهلیة الشرك بین االنسان وآلهته، سوى في اعتقاده في قوتها. ولكنه ال یتلقى منها هدیا أو إرشادا . فهو بنفسه المشرع

وسدنتها.فرق بینهما سوى المعابدماما كما في الجاهلیة المحضة. وال تتلألخالق.

الثاني : أن االرتقاء الفكري یكون أساسه قوة المخیلة في جاهلیة الشرك وسلطان العقل في الجاهلیة المحضة . وفي الحالتین ال یستطیع االنسان االحاطة بألغاز الكون وأسرار الحیاة ، وذلك لقصور الخیال

والعقل عن النفاذ وراء المادة. الثالث : وأسالیب المدنیة والعمران واحدة . فالمشرع واحد هو الشهوات والغرائز . لینشأ المجتمع على أساس قوانین الغاب . فیستبد البشر ویفرضون ألوهیتهم . ویلتهم األقویاء الضعفاء في تجمعات ال تمت

بصلة لإلنسان.

جاهلیة الرهبانیة : وتتمثل في الرهبانیة المسیحیة وفي كل أنواع التصوف والزهد والتقشف والتعبد -ج أو حیاة الحرمان والشقاء المادي واالنصراف إلى النسك والخلوة واالنعزال . ویوجزها في العبارات

ء لإلنسان . وما روح االنسانالتالیة : ( أن هذه الدنیا وهذا الوجود االنساني المجسد دار عذاب وشقافي هیكل جسده إال كاألسیر حبس في السجن جزاء ما قدمت یداه . وأم اللذات والرغبات وجمیع ما

.1یمس االنسان من الحوائج لعالقة روحه بالجسم ، فهي في نفس األمر أغالل هذا السجن وسالسله.)جا وغیرها. وهي تفعل فعل المخدرات ، تعطل وتتمثل في البوذیة والمسیحیة والفلسفة االشراقیة والیو

القوى وتقلل النشاط واالنتاج واالبداع . ولذلك هي مناقضة للمدنیة والعمران والحضارة. وهذا النوع الثالث من الجاهلیة یؤازر النوعین اآلخرین ، من أوجه ثالثة :

وتحرمهم من التأثیر ، فتفسح المجال أمام تعزل النخبة في خلوة عن الحیاة االجتماعیة . - 1الفاسدین لإلفساد والعبث بالحیاة.

، دون طبعة ودون تاریخ ، دار الشهاب للطباعة 28المودودي أبو األعلى موجز ( تاریخ تجدید الدین واحیائه ) ترجمة محمد كاظم السباق ، ص –1

والنشر، باتنة ، الجزائر.

46

لقمة سائغة ألهل الظلم والعدوان بما تنشره في عقولهم من روح جبریة تخدر العامة ، وتقدمهم- 2تحبط عزائمهم ، وتؤدي إلى استسالمهم إلى قدر یصنعه بهم الملوك والطغاة.

أن إخفاق هذه الفلسفات یفسح المجال ألنواع المكر والحیلة . فتنتشر المفاسد وأنواع اللهو في - 3لرحمة وصكوك الغفران.مقابل الوعود بالكفارة والشفاعة وا

فإذا انتشرت هذه الجاهلیة بین األمم الرسالیة فإنها تصبح عائقا بین الفرد وبین الرسالة . فال یدرك أبعادها وال یقدر عظمة خالفته في األرض . وتختزل عندها العبادات في التكفیر عن الذنب بدل تأهیل

ما للغلو في التعبد أو في الزهد والتصوف .الفرد للعمل والصالح . لینصرف الناس بدفع منها إاإلسالم :–د

یلخص المودودي التصور االسالمي في العبارة التالیة ( إن هذا الكون الواسع في حقیقة األمر مملكة . فاهللا هو خالق 1ملیك مقتدر ، هو الذي قد أعطاها الحق وهو مالكها الوحید وحاكمها الفرد بال شریك )

ره ومالكه وحاكمه ، یبسط قوته وارادته على جمیع المخلوقات . ویعد االنسان في هذه هذا الكون ومدبالمملكة الضخمة رعیة بالوالدة والطبیعة . وال إرادة له وال اختیار . ولیس له سوى الطاعة ، فیما سن له

سل وخاتمهم اهللا من شرائع وسنن ، وذلك عن طریق االمتثال للهدي الرباني الذي حمله األنبیاء والر محمد علیه الصالة والسالم.

واالنسان في هذه الحیاة الدنیا قید امتحان رباني ، أخفى فیه اهللا نفسه وكل النظم الكونیة . فال یرى االنسان سوى مملكة تسیر تلقائیا . ویجد نفسه حرا مختارا في أفعاله . یتمتع بخیرات األرض حتى في

وراء ذلك یمتحن قدرات االنسان العقلیة واالرادیة ، دون جزاء أو عقاب حالة عصیانه لخالقه . واهللا من في هذه الحیاة الدنیا . وكل ما یعرض لإلنسان من خیر أو شر فمن نفسه بموجب قانون طبیعي . والجزاء یكون في اآلخرة. واالنسان ال یعلمه إال من الوحي . ولیس لإلنسان أن یعرف جزاءه األخیر

ق.على وجه التدقی

، دون طبعة ودون تاریخ ، دار الشهاب للطباعة 33المودودي أبو األعلى موجز ( تاریخ تجدید الدین واحیائه ) ترجمة محمد كاظم السباق ، ص -1

والنشر، باتنة ، الجزائر.

47

وهذه النظریة تنطوي على فلسفة في الوجود ، تحمل تفسیرا لنظام الكون ، ونظاما لألخالق والتربیة والجمال . وتبعث الروح في الحضارة إذ تقیمها على مبادئ وقیم أسمى ، فتمیزها عن الجاهلیة في نظم الزواج وآداب االجتماع وفي الملبس والمأكل وفي توزیع الثروة وشكل الدولة وسیر الحكومة وفي القوانین

وفي تنظیم الجیش ، وفي ونظم العدالة ، وفي الصناعة والتجارة واالنتاج ، وفي النظام التربوي ، العالقات الدولیة. فتحدث بذلك انقالبا جذریا .

روافد الجاهلیة:

یرجع المودودي ما یسمیه وثبة الجاهلیة على العالم االسالمي إلى رافدین : داخلي یمتد في التاریخ الغربي االسالمي إلى أواخر خالفة عثمان بن عفان رضي اهللا عنه ، وخارجي یرجعه إلى االستعمار

الجاهلیة قد وجدت سبیلها إلى النظام االجتماعي اإلسالمي" منذ إنللبالد االسالمیة وغزوه الثقافي.قد قاما على قواعد الجاهلیة بدال من قواعد وأن الحكم والسلطة.األخیرة لعهد عثمان بن عفان السنوات

منذ ما قبل مع بدایة الدولة األمویة أيمنهاج النبوة إلى الملك العضود"اإلسالم منذ تحول الخالفة عنقد تأبدت منذ وفاة عمر بن عبد العزیز حكم العالمة المودودي بأن هذه الجاهلیة.أربعة عشر قرنا

واآلداب والتمدن سائر میادین الفكر والثقافة والفلسفة والعلوم والفنون، الحكم والسیاسة وشملت معالسیاسة والحكومة ، بعد عمر بن عبد العزیز، إلى أیدي الجاهلیة إلى األبدفقد انتقلت أزمةواالجتماع..

الدولة ضالالت الجاهلیة األولى ونشرت سلطة بني أمیة وبني العباس والملوك األتراك بقوة الحكم وأموالها، ودونت واالجتماع.. فتم رواج فلسفة الجاهلیة وآدابها وفنونوأباطیلها في جمیع العلوم والفنون والتمدن

ودلهي والقاهرة ال والعلوم والمعارف على طرازها.. فالحضارة التي ازدهرت في قرطبة وبغدادالفنون.األجدر أن یكتب في سجل الجرائم بمداد أسوددخل لإلسالم فیها وال صلة.. وتاریخها لیس إسالمیا، بل

انحرفوا عن اإلسالم، وانما أیضا الجاهلیة في هذا الطور طرحت لیس فقط لوصف حال المسلمین الذین لمواجهة الحضارة الغربیة الغازیة بفلسفتها وقیمتها وتصوراتها الكلیة هللا واإلنسان والكون والحیاة، ومن ثم

فقد كان هناك تمییز للمودودي بین أنواع من الجاهلیة: الجاهلیة المحضة وهي جاهلیة الحضارة الغربیة، ركي العرب وبعض المسلمین الذین یأتون ببعض مظاهر الشرك وجاهلیة الشرك وهي جاهلیة مش

كالتوسل باألضرحة وغیر ذلك، وأخیرا تأتي جاهلیة الرهبانیة لوصف انحراف وضالل أهل الكتاب، وبعض متصوفة المسلمین.

48

اعتبر المودودي منذ فترة مبكرة ، الجاهلیة منهج حیاة یضاد ویتناقض مع منهج اإلسالم في الحیاة والهند عند ونظرته هللا وما وراء الطبیعة والكون واإلنسان والحیاة أو بتعبیره "مسائل الحیاة األساسیة".

والقومیة الهندیة والدیمقراطیةالعلمانیةالمودودي ال یمكن أن تقام علیها دولة موحدة األرض على أساسألن ذلك كله یذوب المسلمین في هذه الدولة التي تسود فیها األغلبیة، الهندوكیة، وبالتالي یجب أن تقام

وهذا هو الحل الذي یقدمه المودودي للحالة "اهللاحاكمیة"اهلیة وتفرضتزیل الج"دولة إسالمیة".الهندیة

وتصف –في نظره –وهو بذلك یقدم لنا قراءة للتاریخ االسالمي ، تشخص أسباب مرضه واعتالله أسالیب العالج والتغییر المنشودین . والمودودي یقدم نفسه مجددا للدین .

وبحسب هذه القراءة فإن الجاهلیة تسللت إلى المجتمع االسالمي بأنواعها الثالثة ، تتخفى بلباس االسالم. فالجاهلیة المحضة ( عمدت إلى الدولة والحكومة فهیمنت علیها وانقلبت الخالفة قیصریة

ومنذ عصره انقلبت انتشرت منذ اعتالء معاویة سدة الحكم .1...ولم یبق فیها من الخالفة إال اسمها .) الخالفة ملكا عضوضا . وسمي الحكام سالطین ، یقیمون حاكمیتهم بدل حاكمیة اهللا. وانصرفوا إلى الملذات والمنافع ففسدت أخالقهم . وصحب ذلك رواج فلسفة الجاهلیة وآدابها وفنونها . فتسللت الفلسفة

لم الكالم ، فانفرطوا فرقا ، معتزلة وزنادقة الیونانیة والعلوم واآلداب األجنبیة . وانشغل المسلمون بعووثبت جاهلیة الشرك على العامة ، ومالحدة . وانتشرت فنون الرقص والموسیقى ومعها كل المفاسد.

فصرفتهم عن التوحید إلى الضالل ، یتمسحون باألضرحة ویقیمون الوالئم واالحتفاالت . ساعدهم في األضرحة .یقول في ذلك : ( وان المسلمین وان لم یرجعوا إلى ذلك العلماء الذین أجازوا لهم عبادة

وأصابت .2الوثنیة الصریحة إال أنه لم تبق صورة من صور الشرك لم ترج في مجتمعهم رواجا.)الجاهلیة الرهبانیة العلماء وأهل الزهد . فانتشرت الفلسفة االشراقیة والرهبانیة المسیحیة ، وفعلت عوامل

في النخبة . فتعطل التقدم وساد التخلف والجهل ، واختزل االسالم في الطقوس التعبدیة التخدیر فعلها وغابت الروح االسالمیة عن المجتمع .یقول في ذلك : ( ... خدر بأثره العنصر الصالح من المجتمع

میة وفعل في أعصابه فعل المنومات. ثم شد أزر نظام الملكیة الجاهلیة وضرب العلوم والفنون االسال. 3بالعقم والجمود وضیق النظر وجاء یحصر جماع الدین في عدد من األعمال الدینیة المعینة )

، دون طبعة ودون تاریخ ، دار الشهاب للطباعة 46المودودي أبو األعلى :( موجز تاریخ تجدید الدین واحیائه ) ترجمة : محمد كاظم السباق ، ص–1

والنشر ، باتنة ، الجزائر.


.49-48نفس المرجع ، ص–3

49

الجاهلیة المعاصرة في العالم االسالمي:ویعتبر المودودي أن وجود األمة االسالمیة قد انقطع منذ قرون عدیدة ، وبالضبط منذ تحول الخالفة

في الحقیقة قضیة إلى ملك . وبالتالي فجوهر القضیة هو وجود هذه األمة وانبعاثها من جدید . إنهصراع بین االیمان والكفر، حاكمیة وجاهلیة ، جاهلیة واسالم .

واذ ینتقل المودودي إلى التاریخ المعاصر ، فهو یتحدث عن عبودیة مضاعفة ، أي تبعیة تامة للغرب االستعماري سواء على المستوى المادي والسیاسي أو على المستوى الفكري واألخالقي . وان أبدت

ب االسالمیة شیئا من المقاومة ، التي لم تتوفر لها جمیع عوامل النجاح. النخوألن االسالم حضارة متمیزة ، فإن العالقة بالغرب ظلت وال زالت ، عالقة تزاحم وتصادم . وتتجلى هذه

الجاهلیة المعاصرة في مظاهر عدة : في الغرب یغلب علیها طابع المادیة وااللحاد : ( إن الفلسفة والعلوم الفلسفة والعلوم التجریبیة -

التجریبیة اللتین نشأت في أحضانهما المدنیة الغربة ما زال اتجاههما إلى الدهریة واإلباحیة .1واإللحاد وحب المادة منذ خمسة أو ستة قرون )

بأنفسهم باإلجهاض وتدابیر منع شیطان قطع النسل الذي یعلمهم القسوة من جراء قتل أبنائهم -الحمل والتعقیم .

شیطان القومیة وهو یبعث في نفوسهم روح الحرب واالقتتال . لذلك تراهم یتفننون في صناعة -السالح واالستعدادات الحربیة من خطط وتسلیح . بل لقد خرجت الحرب من أیادي البشر

صنع االبادة.لتصبح صناعة أدوات مدمرة من مركبات وطائرات وقنابل تالعلمانیة التي أخرجت الدین من الحیاة السیاسیة وطردته إلى األدیرة.-دیمقراطیة االرادة الشعبیة حیث الحكم والتشریع لألهواء والمنافع. ال إلرادة الشارع الذي هو اهللا.-

وتها واذ یعدد مظاهر هذه الجاهلیة الغربیة ینتهي إلى أن هذه الحضارة تملك في ذاتها مقومات موانتحارها نتیجة االنحدار األخالقي الذي ما فتئ یتواتر.

.دون طبعة دون تاریخ دیوان المطبوعات الجامعیة الجزائر15المودودي أبو األعلى ( نحن والحضارة الغربیة ) ص –1

50

ومنهم ولكن هذا المفهوم القى انتقادات عدیدة ، أبرزها كانت من العاملین في حقل الدعوة االسالمیة : ( أن حكم النطق بشهادتي أن ال إله إال اهللا وأن ، یقولعلى سبیل المثال المستشار حسن الهضیبي

محمدا رسول اهللا أن نعتبره مسلما تجري علیه أحكام المسلمین ولیس لنا أن نبحث في مدى صدق أقاتل الناس حتى یقولوا أمرت أن : شهادته ... وبرهان ما قدمنا قول الرسول صلى اهللا علیه وسلم ...

. وقد أدرك بحسه 1)ال إله إال اهللا فمن قال ذلك عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على اهللاالدیني ما یترتب عن القول بالجاهلیة من تكفیر للمسلمین فرفض رفضا قطعیا رمي المسلم بهكذا

.أوصاف هي في الحقیقة أحكام ثقیلة تترتب عنها نتائج وخیمةوقد رفض األلباني تسمیة الجاهلیة في رده على سید قطب في وجود الدین االسالمي وقد قال في ذلك: ( أن الجاهلیة األولى إن كان المعني بها العرب فقط : فهم كانوا وثنیین ، وكانوا في ضالل مبین ، وان

ي أدیان محرفة ، فلم یبق في كان المعني بها ما كان حول العرب من أدیان كالیهودیة والنصرانیة : فهذلك الزمان دین خالص منزه عن التغییر والتبدیل ،فال شك في أن وصف الجاهلیة على ذلك العهد

وصف صحیح ، ولیس األمر كذلك في قرننا هذا ، ما دام أن اهللا تبارك وتعالى قد من على العرب ویستشهد األلباني 2لى اهللا علیه وسلم .)أوال ، ثم على سائر الناس ثانیا ، بأن أرسل إلیهم محمدا ص

وما دامت هذه الجماعة موجودة في 3بالحدیث النبوي ( ال تزال طائفة من أمتي ظاهرین على الحق )األمة فهي أبعد ما تكون عن الجاهلیة.

" شوائب الجاهلیة " و " عموم الجاهلیة " الذي یعني حسبه سیادة الشرك فيالدكتور محمد عمارة یمیزمسائل االعتقاد . واذ یرى أن هؤالء الذین اعتبروا الجاهلیة حالة عامة في حیاة المسلمین ، جانبوا الصواب ، یدعو إلى االحتیاط من نزعة التكفیر ، فالمودودي إذ انفرد عن أعالم الصحوة السابقین علیه

یقصد المودودي –فذهب بوصف المجتمعات االسالمیة بالجاهلیة انطالقا من غیاب الحاكمیة االلهیة(

www.4shared.comالهضیبي ، حسن اسماعیل : ( دعاة ال قضاة ) . كتاب الكتروني محمل من موقع : –1

أقامته جائزة العالج )–اآلثار –، بحث مقدم للمؤتمر العالمي ( ظاهرة التكفیر : األسباب 21أحمد بوعواد ( مفهوم الجاهلیة وعالقته بالتكفیر) ، ص -2

المدینة د اإلسالمیةاألمیر نایف بن عبد العزیز آل سعود العالمیة للسنة النبویة والدراسات اإلسالمیة المعاصرة ، باالشتراك مع جامعة اإلمام محمد بن سعو

السعودیة. 22/09/2011-20المنورة

، دار 2002، الطبعة األولى 7311، الحدیث رقم 1806كتاب المناقب) ص -رياالمام أبي عبد اهللا محمد بن اسماعیل البخاري ( صحیح البخا-3

بن كثیر للطباعة والنشر والتوزیع ، دمشق ، سوریا .

51

ومن ثم –من هذا المنطلق إلى الحكم على كل المجتمعات االسالمیة ودولها بالجاهلیة –كري وتاریخنا الحضاري ونظمنا السیاسیة واالجتماعیة الفهو أول من حكم على تراثناو 1... ) -بالكفر

. واذ یرى د. محمد عمارة أن ذلك كان مجازفة من المودودي فإن هذه المجازفة تمتد إلى: بالجاهلیة( الحكم بسیادة الجاهلیة في التاریخ االسالمي والحضارة االسالمیة منذ السنوات األخیرة لخالفة الراشد

. 2الثالث عثمان بن عفان ) وبرأیه فوجود شوائب جاهلیة ال یبرر القول بعموم الجاهلیة ویذكر أن الرسول صلى اهللا علیه وسلم كان یقیم هذا التمییز فهو إذ خاطب أبا ذر الغفاري بقوله : " أنت امرؤ فیك جاهلیة " لم یرمه بها تماما.

والغلو : ( ونحمد اهللا أن فكر جمهور األمة االسالمیة ، ویؤكد أن جمهور االسالم ظل یرفض الغالةملتزما بمنهج الوسطیة واالعتدال ، رافضا بذلك –دائما وأبدا –بتیاراتها الفكریة العریضة ، قد ظل

.3وناقدا لفكر الغالة في " الجاهلیة " و " التكفیر " ) للفظ في بنیة النظریة وعالقته بجملة المفاهیم ولكن هذا التمییز وحده ال یكفي إذ ینبغي التنبه لموقع ا

التي وظفها المودودي ومنها. كذلك ال ینبغي إغفال وظیفته السیاسیة . فالمودودي إذ استمده من الندوي ابتعد به لیصبح أداة تكفیر . قد یقول الدكتور عمارة محتجا ، ولكن المودودي یكفر الدولة دون الفرد

فالمودودي یقول بأن المسلمین ؟كن السؤال الذي یطرح نفسه أین ذلك التمییزوالمجتمع دون األمة . ولوشكلت أفكاره .الیوم اجتمعت فیهم الجاهلیات الثالث . ولنفترض أنه یكفر طرف دون آخر ، فهو یكفر

لحركات االسالمیة المعاصرة بالنسبة لو أبالنسبة للمفكرین ، ومنهم سید قطب ، سواء مقدمة للتكفیر أحد ملهمیهم .ویعدفیریة والجهادیة . بل التك

دار السالم للطباعة والنشر والتوزیع والترجمة 2009الطبعة األولى 57-56الدكتور محمد عمارة ( إزالة الشبهات عن معاني المصطلحات ) ص –1

.القاهرة مصر

.57نفس المرجع ، الصفحة –2

.65نفس المرجع ، الصفحة –3

52

:الفصل الثاني

االسالم والسیاسة

53

:المبحث األول

الدین والسیاسة

54

الدین والسیاسة:

الدیني والسیاسي في فكر المودودي :

أبلغ من عبر عن فكر المودودي في صیاغة دقیقة عنون بها أحد –في نظري –یعد أبو الحسن الندوي كتبه " التفسیر السیاسي لإلسالم في مرآة كتابات أبو األعلى المودودي والشهید سید قطب " . فالعنوان یوحي بأن المودودي یقدم قراءة سیاسیة لإلسالم لم تكن قائمة من قبل . الشيء الذي ال یعني أن

وا في مسائل السیاسة . تشهد على ذلك على األقل كتابات الماوردي في األحكام المسلمین لم یخوضالسلطانیة والوالیات الدینیة والسیاسة الشرعیة في إصالح الراعي والرعیة البن تیمیة. فإذا كان هؤالء قد

السیاسیة اجتهدوا بأدوات عصرهم المفهومیة والفكریة في التنظیر ألوضاع سیاسیة قائمة ، فإن القراءة المودودي تختلف كل االختالف . فالنظریة السیاسیة عند المودودي تنطلق من مقدمات دینیة عند

وتوظف مفاهیم دینیة في إطار قراءة سیاسیة استدعتها ظروف معقدة سنأتي علیها فیما بعد . في تصور ، یوضع الدین إلى ال تتداخل فیه السیاسة والدین بل یمتزجان إلى حد ال یمكن معه وضع خط فاصل

یمینه وتستقر السیاسة على یساره ، إن نحن استعرنا من برتراند رسل تعبیره. بل لنقل إن األمر یتجاوز حد االمتزاج إلى التماهي، في قراءة ال تعطي الدین بعدا سیاسیا فحسب ، بحیث یكون البعد السیاسي

ونیة . بل یصبح الدین سیاسة والسیاسة دین . مكون من مكوناته العقیدیة والفلسفیة واألخالقیة والقانبحیث تأخذ األلفاظ واآلیات القرآنیة دالالت سیاسیة . بل یمتد ذلك إلى ذات اهللا وصفاته ( حاكما یتمتع بالحاكمیة ) وتصاغ ألفاظ جدیدة یضفي علیها بعدا قرآنیا قدسیا ( الحاكمیة ) وتستورد مفاهیم وألفاظ

سالمي كالفكر الغربي مثل مفاهیم السیادة والقانون والدستور واالنتخاب أخرى ، وان من فكر غیر إسیاسیة . –لتشحن بدالالت دینیة

واذا كان یبدو أن هذه القراءة تدین السیاسة وتعید أسلمة المجتمع والثقافة والحضارة والعلم واالقتصادیف لغایات سیاسیة . وتأتي مشروعیة یحق التساؤل بالتالي عن تسییسها للدین وعن استغالله وتوظ

هذا الخطاب بل واستهجانه له وكذلك –وهو الناشط في الحقل االسالمي –السؤال من استغراب الندوي یفعل كثیرون من الدائرة نفسها. وككل قراءة أو خطاب تكون محكومة باستراتیجیة معینة ، فإن

یقة والعنف. فهي ترفض كل أسس الشرعیة المستندة علىاستراتیجیة هذه القراءة االستبعاد واالخفاء والحق

55

سیادة األمة واالرادة الشعبیة لتقدم بدیال یقیم الدولة على الشرعیة الدینیة واالرادة االلهیة. وتقدم الحكم البشري كنقیض لإلرادة االلهیة وترمیه بالشرك والجاهلیة. فتسمح لنفسها بالمحاكمة والقتال في خطاب

ها تتخفى على الشرط والمشروط إذ یصبح تكفیري. واذ تقدم االسالم باعتباره ماهیة للدولة ومبررا لقیاماالسالم في هذا الخطاب مشروطا بوصول الجماعة االسالمیة إلى السلطة بل وبقائها فیها . فتتخفى،

ككل خطاب للحقیقة تعمل على االخفاء والتوریة ، على األسباب الحقیقیة لرفضها للدیمقراطیة و طنیة في باكستان. واذ تتقدم هذه القراءة باعتبارها اجتهاد والعلمانیة وبالتالي لرفض المودودي للدولة الو

في االسالم وتجدیدا فیه بمفاهیم السلفیة التي ال تتجاوز االحیاء یحق لنا التساؤل عن حظ العلوم االسالمیة منها ؟ إن لم نتساءل عن حظها هي ذاتها من العلوم االسالمیة ؟ لیترتب عن هذه األسئلة ،

لصحوة والدعوة والداعیة ؟ وعن المعاییر المعتمدة في هذه التسمیات واأللقاب ؟ لننتهي أسئلة أخرى عن اشط سیاسي " تسلح بالمعرفة الدینیة لخدمة غایات اأخیرا أن الداعیة ورجل الصحوة ال یعدو عن كونه " ن

سیاسیة ال أقل وال أكثر.

النظریة السیاسیة عند المودودي

المودودي من مقدمة أساسیة مفادها أن االسالم نظام شامل لمختلف شعب تنطلق النظریة السیاسیة عند الحیاة. فهو عقیدة وشریعة ، یحمل تصورا عن الكون والطبیعة واالنسان . ویقدم تفسیرا لنظام الحیاة

ماعیة وقوانینها الفیزیائیة والبیولوجیة . كما یقدم تشریعا للحیاة االنسانیة ، في جوانبها السیاسیة واالجتواالقتصادیة واألخالقیة ، یضعها على طریق الخالص في الدنیا واآلخرة. وهذه التصورات عن الكون والحیاة مترابطة إلى حد التناسق واالنسجام ،ألنه یقوم على مبادئ حكیمة وقوانین كلیة . ( ومن هذه

التصور للحیاة أن هذا الكون . ویفید هذ 1المبادئ واألصول تخرج الحیاة االسالمیة بمختلف فروعها ) أو هذه المملكة الضخمة التي ال تشكل الحیاة االنسانیة إال جزءا یسیرا ، یتربع على قمته حاكم هو اهللا ،

خالق ومدبر وحاكم.

، مؤسسة 1980د.ط ، 11المودودي ابو األعلى ( نظریة االسالم وهدیه في السیاسة والقانون والدستور) ترجمة : جلیل حسن االصالحي ، ص –1

الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع بیروت لبنان .

56

ویوظف المودودي من أجل تشریح تلك الحاكمیة مفاهیم " االله " و "الرب " لتأخذ دالالت تفید حاكمیة اهللا بالمعنى السیاسي للكلمة. ففي كتابه ( المصطلحات األربعة في القرآن الكریم ) یعدد معاني االله

عبود التي هي: قضاء الحاجة واالجارة والتهدئة والتعالي والهیمنة ( المعبود قاضیا للحاجات مجیرا في المالنوازل وأن یكون متواریا عن األنظار یكاد یكون سرا من األسرار ال یدركه الناس ، وأن یفزع إلیه

متلك القوة والجبروت ، تتضمن خصائص التعالي والهیمنة وتولما كانت هذه1االنسان ویولع إلیه .) ارتبطت بالسلطة ودلت علیها أو هي ذاتها سلطة علیا یول في ذلك : ( أصل األلوهیة وجوهرها هو السلطة...من حیث أن حكمها على هذا العالم حكم مهیمن على قوانین الطبیعة ، أو من حیث أن

في حد ذاته واجب الطاعة االنسان في حیاته الدنیا مطیع ألمرها وتابع إلرشادها ، وأن أمرها 2واالذعان.)

ولما كانت الربوبیة تتضمن معاني التملك والسیادة والعلو والرئاسة والتعهد والتربیة فإن ( الرب هو مالك األمر والنهي وصاحب السلطة العلیا ومصدر الهدایة واالرشاد ، ومرجع القانون والتشریع ، وحاكم الدولة

.ویرادف هذا المفهوم كما مفهوم األلوهیة ، الحاكمیة التي تأخذ 3والمدنیة )والمملكة وقطب االجتماع ع معنى السلطة العلیا وتفوض الحكم. وینسب ذلك للقرآن إذ یقول : ( القرآن یجعل ( الربوبیة ) مترادفة م

ال شریك ( الرب ) بأنه الحاكم المطلق لهذا الكون ومالكه وآمره الوحید ، الحاكمیة والملكیة ویصف لنا.4له )

ویأخذ التوحید ذاته في هذه القراءة السیاسیة معنى سیاسیا وكذلك العبادة والدین . والمودودي یرى في عمل األنبیاء إذ دعوا الناس إلى توحید األلوهیة والربوبیة إنما سعوا إلى االقرار بهذه الحاكمیة . وتوحید

من كل ألوهیة للناس على الناس . وینتقد صورا من تلكاأللوهیة والربوبیة یعني ، فیما یعنیه، التخلص

، دار القلم ، الكویت .1971الطبعة الخامسة 9ابو األعلى المودودي ( المصطلحات األربعة في القرآن الكریم ) ترجمة : محمد كاظم سباق ، ص –1

.14نفس المرجع ص –2

.، دار القلم ، الكویت1971، الطبعة الخامسة 49ابو األعلى المودودي ( المصطلحات األربعة في القرآن الكریم ) ترجمة : محمد كاظم سباق ، ص –3


57

األلوهیة ممثلة في حكم فرعون ونمرود وكذلك القیاصرة والعائالت التي ربطت نسبها باآللهة مثل ذریة الشمس وذریة القمر. وكذلك ألوهیة المشعوذین وسدنة المعابد والبراهمیة والبابویة إلخ...ویركز نقده على صور تلك األلوهیة في األنظمة السیاسیة المعاصرة في روسیا حیث یتحكم المكتب السیاسي للحزب

انیة وأمریكا حیث تتحكم الشیوعي السوفییتي وفي إیطالیا حیث موسولیني والنازیة والدیمقراطیة البریطسلطة المال. وبالتالي فكل األنظمة البشریة برغم اختالف صورها وأشكالها إنما هي تعبیر عن ألوهیة

الناس على الناس.وجوهر االسالم إنما یتمثل في محاربة تلك األلوهیة البشریة . وتجسید الحاكمیة الحقیقیة بإقامة مملكة

قتضیات توحید الحاكمیة . ألن االعتراف بحاكمیة البشر شرك أكید. اهللا في األرض. وهذا جزء من مأو طبقة أو شعبا من الشعوب بل واالنسانیة وینفي المودودي أن یكون لبشر ، سواء كان فردا أو أسرة

بأكملها، أن یكون له أي نصیب في هذه الحاكمیة أو حظ من المشاركة فیها. یول في ذلك : ( إن وجهةاالسالمیة تقول : أن الحق تعالى وحده هو الحاكم بذاته وأصله ، وأن حكم سواه موهوب نظر العقیدة

بل وقیام الدولة االسالمیة وقیام االسالم ذاته مرهون بإقامة تلك الحاكمیة وانتزاع السلطة .1وممنوح.) شرك وجاهلیة. من أیدي البشر. فیصبح االسالم مرهونا بقیام الدولة االلهیة أو دولة اهللا وعدى ذلك

فیقترن االسالم بالحاكمیة وتقترن السلطة البشریة بالجاهلیة والشرك في منطق ال یقبل حاكمین. لذلك یصر على التكرار أن : ( دعامة النظریة السیاسیة في االسالم أن تنتزع سلطات األمر والتشریع من

في بشر مثله فیطیعوه ، أو لیسن قانونا أیدي البشر منفردین ومجتمعین وال یؤذن ألحد منهم أن ینفذ أمره . ومثلما یحكم اهللا 2لهم فینقادوا له ویتبعوه فإن ذلك مختص باهللا وحده ال یشاركه فیه أحد غیره )

الكون یحكم االنسان . ولكن لیس بالجبر واالكراه فهو یراعي هذا الجانب االرادي من حیاة االنساني من خالل دعوته المتمثلة في كتبه التي یبلغها الرسل إلى االنسان . ویراعي حریته واختیاره. بل یحكمه

وهذه الكتب تبین له حقیقة هذا الكون وحاكمیة اهللا وتدعوه للتسلیم بها. وتحمل أوامره ونواهیه وهدیه إلیه ى إن هو اختار طواعیة أن یسلم بتلك الحقائق ویقر بها ویوحد الحاكمیة . فیسلم نفسه ذلیلة هللا تعال

ویتخلص من عبودیته للبشر. وعبودیته هللا تعبیر عن ادراكه لعظمة األمانة التي حمله ایاها إذ استخلفه في األرض لعمارتها واالصالح فیها. ومحاربة الفساد.

المي للطباعة والنشر والتوزیع ، المختار االس1980، الطبعة الثانیة 119أبو األعلى المودودي ( الحكومة االسالمیة) ترجمة : أحمد ادریس ، ص –1


، 1980، دون طبعة 31أبو األعلى المودودي ( نظریة االسالم وهدیه في السیاسة والقانون والدستور ) ترجمة: جلیل حسن االصالحي ، ص–2

مؤسسة الرسالة ،بیروت ، لبنان.

58

ضرورة الدولة :

ینطلق المودودي من القول في األثر المعروف عن الخلیفة الثالث عثمان بن عفان: " إن اهللا لیزع بالسلطان ما ال یزع بالقرآن ". لیؤكد أن االصالح الذي ینشده االسالم بطرق الدعوة فحسب بل

لوب ومندوب. باالنخراط في السیاسة والعمل السیاسي والسعي إلقامة الدولة االسالمیة. وهذا العمل مطوجود قوة تتحكم بالمجتمعو فطلب الدولة إلقامة دین اهللا وشریعته وحاكمیته بالتالي هو العبادة ذاتها.

وتسیره وتتمتع بالقوة والقهر والقدرة على فرض القانون والطاعة ، أمر حتمي لكل مجتمع انساني وهو النظریة االشتراكیة تكون محض خیال.حاجة طبیعیة. وكل نظریة تنكر ذلك مثل النظریة الفوضویة أو

وهذه القوة التي تسمى الحكومة أو الدولة هي التي تسن القانون والدستور الذي یكون علیه المجتمع وتحدد بذلك قواعده وضوابطه األخالقیة والقانونیة في مختلف مجاالت حیاته السیاسیة واالجتماعیة

یره ومنهاجه. وهذا المنهج تعمل الحكومة على تنفیذه بقوة واالقتصادیة والتربویة. وتحدد له بذلك خط سسلطانها .

وحیاة المجتمع وبقاءه واستمراره مرهونة بتالي بوجودها وبغلبتها وحصانتها. ولیس للفرد والجماعة سوى بة االلتزام الطوعي أو الحتمي بذلك القانون األسمى الذي تخطه الدولة. والحیاة السیاسیة قوامها هذه الغل

واالذعان.لذلك یتعین على الجماعة االسالمیة المؤمنة بحاكمیة اهللا والنافرة من حاكمیة البشر أن تسعى باستمرار للتخلص من الجاهلیة والتقدم لطلب الحكم . ألنها إن لم تفعل ستتقدم جماعة أخرى من خارج الدائرة

( ومن ثم فاألفضل أن نكرههم نحن االسالمیة فتفرض شروطها وتقیم جاهلیتها . یقول المودودي : ).1الجنة إلىا لو قبلوه لشقوا طریقهمونسوقهم إلى م

أطاع ا كان اهللا هو مالك هذه األرض ، فال یحق تملكها والتصرف فیها واالنتفاع منها إال لمن ولم یحق لهم الحیاة وأقام دینه وكل من امتنع فهو ظالم . وهؤالء الجهالء المالكها األول ، والتزم شریعته

ولكنها ارادة اهللا في احترامه لحریتهم. ونظام المجتمع ال یتغیر في زمن یسیر أو بطریقة فجائیة والدولة لیست طفرة والتغییر ال یتم إال تدریجیا تبعا للمنهج المرحلي للرسول صلى اهللا علیه وسلم. والجهاد واجب

، الطبعة الثانیة دون تاریخ ، المختار االسالمي للطباعة والنشر 39أبو األعلى المودودي ( الحكومة االسالمیة ) ترجمة واعداد : احمد ادریس ، ص –1

والتوزیع ، القاهرة ، مصر.

59

شرعي ال یقبل األعذار. إذ ال ینبغي أبدا قبول حاكمیة الكفار أو باألحرى جاهلیتهم تحت أي مبرر ن. ألن ذلك من الشرك أو هو الشرك ذاته. ومن ثم فإقامة الدولة االسالمیة واجب شرعي .كا

على أنه إذا كانت الدول قد تتشكل بصورة غیر طبیعیة ، فإن المجتمع والدولة في االسالم ینشئان ه وجبروته ، بصورة إرادیة ، وفق میثاق أو عقد تبرمه الجماعة المؤمنة مع اهللا ، تسلم فیه بحاكمیت

وتلتزم فیه بالتمكین لدینه وهدیه وتقیم شریعته وتلزم نفسها بها أو تضع حدودا لحریتها بالحدود التي شرعها اهللا ، ال تتخطاها.

وهذا المجتمع الناشئ، إنما یستمد منهاجه من الكتاب والسنة النبویة ، وال یكون إسالمیا إال إذا اختار اال عد مجتمعا جاهلیا . وقد یحدث أن یخالف أحدهم الشریعة في بعض هذا النهج وسار على هداه . و

بنودها ، لكن ذلك یبقى دون التأثیر.أما وقد تبین اآلن أن عدم إقامة الدولة االسالمیة یوقع االنسان في الشرك والجاهلیة ، فإن إقامتها

من الفروع. والمودودي تصبح واجبا وفرض عین . وتصبح االمامة والدولة والسیاسة من األصول البذلك یخالف كل التراث السني في االمامة والسیاسة . فالنظریة السنیة تعد مسائل الدولة من الفروع

النظریة الشیعیة هي التي تعتبر االمامة ركن سادس من أركان االسالم .وقد كان بن و ال من األصول . سالم الخمسة وال من أركان االیمان الستة وال هي تیمیة یقول فیما معناه أن االمامة لیست من أركان اال

من أركان االحسان ( أن تعبد اهللا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه یراك ) . وكان بن القیم یعرف السیاسة بأنها فعل یقرب إلى الصالح وان لم یقله الرسول وال نزل به وحي.

غایة الدولة االسالمیة وأهدافها:ضحنا أنه ما من غایة للدولة االسالمیة سوى االسالم نفسه ، أي إقامة حاكمیة اهللا لقد سبق لنا أن أو

في مقابل الجاهلیات السائدة . واالسالم ذاته إقرار بتلك الحاكمیة . وأن االعتراف بحاكمیة أخرى هو اته ربا آخرشرك باهللا . وأن مصدر الفساد والشرور كلها أن یحكم االنسان في الجانب االختیاري من حی

غیر اهللا . ویلخص لنا المودودي هذه األفكار في قوله : ( المطالبة بالحكومة االسالمیة والدستور االسالمي تنبع من الشعور األكید بأن المسلم إذا لم یتبع قانون اهللا ، كان ادعاؤه االسالم باطال المعنى

. 1له )

الطبعة الثانیة ، دون تاریخ ، المختار االسالمي للطباعة والنشر والتوزیع 22أبو األعلى المودودي ( الحكومة االسالمیة ) ترجمة : أحمد ادریس : ص –1


60

والغایة األساسیة من الدولة هي القوة السیاسیة ، أي قوة السلطان التي تدفع الناس بعضهم عن بعض جتماعیة . وغایتها لیست سلبیة تتمثل في منع العدوان وحفظ حریة االنسان فتحقق نظام العدالة اال

والدفاع عن بقاء الدولة ، بل إیجابیة تستهدف أساسا تحقیق العدالة االجتماعیة كما حددها الكتاب والسنة النبویة . یقول المودودي : ( الحق أن هدفها األسمى هو نظام العدالة االجتماعیة الصالح الذي

. وغایتها بالتالي هي غایة الشریعة التي تقیمها والمتمثلة في الدعوة إلى المعروف 1ء به كتاب اهللا )جاوالنهي عن المنكر. فالمعروف هو ما یناسب الفطرة البشریة من مكارم وفضائل وحسنات. ویتمثل في

ا المنكر فهو ما ینافي فطرة الوسطیة واالعتدال والرشد ، بما یحقق سعادة االنسان في الدنیا واآلخرة . أماالنسان ، من رذائل وخبائث وسیئات یوسوس بها شیطان النفس والهوى . والشریعة االسالمیة ال تقید االنسان تقییدا مطلقا أو تحد من حریته بل هي خارج الواجب والمستحب أو المحرم والمكروه ـ تبقي دائرة

الشریعة.االباحة أوسع ، بشرط أن ال یتنافى ذلك مع والنهي عن المنكر في الدولة االسالمیة ال یكون بالقوة السیاسیة فحسب بل أیضا تساهم فیه منابر

الدعوة ومؤسسات التربیة والتعلیم .والدولة االسالمیة شاملة محیطة بالحیاة االنسانیة برمتها ، تطبع الحیاة السیاسیة واالجتماعیة

رنامجها االصالحي . وهي لذلك تشبه الحكومات الفاشیة والشیوعیة ، واالقتصادیة بالخلقیة االسالمیة وبلكنها ال تمارس االستبداد والدیكتاتوریة.

وأساس الدولة تكریس االعتدال والوسطیة . فهي تسعى لتحقیق التوافق بین مطالب الحیاة الفردیة د ، كما في الشیوعیة ومقتضیات الحیاة االجتماعیة .ففي النظام االسالمي ال تضیع شخصیة الفر

والفاشیة والنازیة . فیقدر جهده الفردي حق قدره ، وینصت لرأیه . لكن ذلك ال یمكن بأي حال أن یكون على حساب الجماعة كما هو األمر في الدیمقراطیات الغربیة ، إذ تنشد الدولة االسالمیة الصالح العام

وخیر األمة.

1980، دون طبعة 45أبو األعلى المودودي ( نظریة االسالم وهدیه في السیاسة والقانون والدستور) ترجمة : جلیل حسن االصالحي ، ص -1

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع، بیروت ، لبنان.

61

تنفیذ القانون االلهي في وغایة الفرد في االسالم إنما هي غایة الجماعة االسالمیة ، التي تعمل على الدنیا ابتغاء الجزاء في اآلخرة. واالسالم یمنح الفرد حقوقا ویملي علیه واجبات.

وباستعراض حقوق االنسان في العالم الغربي ، نجد أن حقوق االنسان لیست جدیدة على المسلمین ، اهللا االنسان ، إذ استخلفه في وأنها في الغرب مجرد شعارات سرعان ما یتم تجاوزها واختراقها. وقد كرم

األرض. وأرسل رسله تبین لإلنسان حقوقه . واالسالم یحمل میثاقا لحقوق االنسان . فهو یصون الحق في الحیاة ویعتبره مقدسا ویتجلى ذلك في القصاص. كذلك یحمي االسالم الضعفاء مثل األطفال والنساء

وصایا . وكذلك یحث االسالم على صون كرامة والمسنین والجرحى والمرضى . وللرسول في الجهاد النساء دون تمییز لهن سواء كن مسلمات أو مشركات.

ویعتمد االسالم مبدأ الحمایة االقتصادیة للمحتاجین والفقراء ویتوخى االسالم العدل واالنصاف. ویحث یث ال فضل و العلى التعاون في البر والتقوى ال في االثم والعدوان. ویكرس الحق في المساواة بح

تمییز . كذلك یعطي االنسان الحق في معصیة من یدعوه للمعصیة حتى ولو كان جندیا. كذلك یشجع رفض طاعة الظالم . واالسالم یحمي الحریة ویصونها إذ الیمكن سلبها بغیر وجه حق ، وهو یشترط

سه في محاكمة عادلة. مثال لسلبها أن تكون التهمة موجودة ، وتعطى للمتهم الفرصة للدفاع عن نف

واالسالم یحمي الملكیة ویصون الكرامة ویحمي الحیاة الخاصة. ویمنع الظلم بل یعطي الحق في االحتجاج علیه . ویعترف بالحق في المشاركة السیاسیة ، وبحریة الرأي والتعبیر . ویمنح حریة

د المسؤولیة الفردیة . كما یؤكد أنه االعتقاد . ویمنع االضطهاد الدیني . ویحفظ الحق في التجمع . ویؤكال عقاب بدون جریمة. واالعتراف بالحریة الفردیة واحترام خصوصیة الفرد من المبادئ السامیة في االسالم. ویضع االسالم شروطا النتقال الثروة ولتحقیق الكسب الشریف قیودا على وجه االنفاق .ویحمي

الح العام ، ویضع شروطا للتصرف في بیت المال.االسالم القطاع العام باعتباره خادما للص

هذه بعض من الحقوق التي یجب على الدولة االسالمیة رعایتها في إطار سعیها لتحقیق العدالة االجتماعیة.

62

موقف المودودي من الدیمقراطیة : اآلیة یركز علیهالتعلیل موقفه من الدیمقراطیة الغریبة یستند المودودي على القرآن. ومن اآلیات التي

واذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خلیفة قالوا أتجعل فیها من یفسد ﴿من سورة البقرة: 30وهي اآلیة التي تدل ﴾تعلمون.فیها ویسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما ال

على استخالف اهللا لإلنسان إلقامة حاكمیة اهللا في األرض ، أي تحكیم شریعته واالمتثال ألمره ونهیه وافراده بالعبادة . فیعتمد على مبدأ السیادة اإللهیة في رفضها. ویؤكد انطالقا من القصص القرآني أن

ة اهللا وافراده بالعبادة والعبودیة، وأن التوحید والحاكمیة الرسل كانوا یحثون الناس على طاعكل فالدیمقراطیة تعني مبدئیا بلغة المودودي واالستخالف هي أساس النظام االجتماعي واألخالقي.

ومفاهیمه حاكمیة الجمهور في مقابل الحاكمیة االلهیة . وهي تعني أیضا تحكیم الهوى والغریزة قر من حكم االسالم . الذي یتأسس على سلم قیم ورؤیا لألشیاء وللعالم ال والمصلحة . وهي بالتالي أف

تنتهي عند حدود المادة .أن الدیمقراطیة التي تعني حكم الشعب نشأت كثورة على إلىویعود المودودي الى تاریخ أوربا لیشیر

االقطاع والملكیة للتخلص من االستبداد . واذا كانت في بدایاتها تعني أنه ال یحق ألحد مهما كانقوته ، فردا كان أو أسرة أو طبقة أن یمارس االستبداد ، فإنها سرعان ما تحولت الى حریة مطلقة جارفة

لقیم واألخالق والمبادئ االنسانیة السمحاء فیقول: ( ولكنها انحرفت وتحولت فیما بعد تستهتر بجمیع اعن مفهومها الصحیح ، وأصبحت تعني إطالق العنان لتصرفات كل أمة لتحقق رغباتها كیف تشاء . هذه الرغبات التي تمثل في الواقع رأي األكثریة ، ال رأي أفراد األمة جمیعا ، ولیس هناك من ضابط

.1یضبط هذه الرغبات ) وأصبح بالتالي معیار الحق والصواب والخطأ لیست المبادئ األخالقیة أو الدینیة بل رأي األغلبیة القائم على المصلحة والهوى ولیس العقل أو الضمیر یقول في ذلك : ( وخالصة القول : فكل ما سایر أهواء

ان في الواقع شرا وباطال وظلما ، وكل ما جانب تلك ا كان خیرا وحقا وعدال ولو كه اال و األكثریة و . وتملي هذه الدیمقراطیة التالعب 2األهواء وجافاها كان محض شر ولو كان في الخیر العمیم.)

واالحتیال والمناورة وتعد تفاوضا وشراكة وموازین قوى ورأي عام وغالبیة وانتخاب ، ولعله یشیر بذلك .www.tawhed.wsكتاب الكتروني محمل من موقع منبر التوحید والجهاد 9االسالم والمدنیة الحدیثة ص المودودي أبو األعلى :-1

نفس المرجع ، نفس الصفحة .–2

63

الى ما یصیب الدیمقراطیة من أمراض كهیمنة العصب عنما یقول : ( ومن الطبیعي أنه في ظل هذه الدیمقراطیة تتالعب األكثریة بالقوانین واألنظمة ، فتغیر فیها وفق الرغبات واألهواء ال وفق قواعد الحق

.1الثابتة التي ال تخضع لتبدیل أو تغییر.) ه من المواقف التي أملتها الممارسة . فعلى هذا المستوى یجب التمییز وهذا موقف مبدئي ینبغي تمییز

عند تناول موقف المودودي من الدیمقراطیة بین مرحلتین تاریخیتین هما : مرحلة الهند المستعمرة البریطانیة حیث كان المسلمون یشكلون أقلیة خشي علیها المودودي من الذوبان في المجتمع الهندي

روحات حزب المؤتمر، بزعامة غاندي ونهرو، الذي كان یدعو الى هند دیمقراطیة خاصة في ظل طوعلمانیة تتعایش فیها مختلف القومیات . وكذلك نتیجة الصراع المستعر مع الهندوس وتحرشهم بالمسلمین ولكن أیضا نتیجة واقع التخلف الحضاري والتبعیة للغرب الذي تعیشه األمة االسالمیة برمتها.

حتى نفهم موقفه الذي یبدو متشددا من الدیمقراطیة. إذ كان یرفضها بل ویصل به الحد الى وهذااعتبارها استبدادا وبربریة.

ومرحلة استقالل باكستان واضطرار المودودي والجماعة االسالمیة الى خوض االنتخابات وعقد تحالف مع حزب الرابطة بقیادة (محمد على جناح) مؤسس دولة إذالتحالفات االنتخابیة مع العلمانیین

الفكر والتوجه، ثم تحالف مع أخته (فاطمة جناح) فى الكتلة علمانيالمذهب، شیعيباكستان الحدیثة، حین 1965مطلع عام فيأجریت التيالبرلمانیة المعارضة. وفى االنتخابات الرئاسیة الباكستانیة

یاسیة المعارضة لحكم أیوب خان على ترشیح فاطمة جناح لتلك االنتخابات اتفقت كل األحزاب السلكونها شخصیة بارزة كأخت شقیقة للقائد المؤسس للدولة، فإننا نجد مجلس شورى الجماعة اإلسالمیة

إلنقاذ البالد من فساد ودیكتاتوریة أیوب ضروريیوافق على هذا الترشیح كوسیلة وخیار المودوديبقیادة وكان یعتقد أنه بفضل الدعایة التي تقوم بها الجماعة االسالمیة في مجتمع مسلم ستكون لهاخان.

األغلبیة وكان یؤمن بالتغییر التدریجي والمتدرج ویؤكد على دور التربیة والغرس فكان كثیر التألیف نتخابیة لیست وحدهاوالقاء المحاضرات ویساهم في فتح المؤسسات التربویة والتكوینیة . ولكن العملیة اال

.www.tawhed.wsكتاب الكتروني محمل من موقع منبر التوحید والجهاد 9المودودي أبو األعلى : االسالم والمدنیة الحدیثة ص -1

64

الدیمقراطیة واللفظ هو منتوج فكر وضعي وعلماني لذلك أصبح یتحدث أكثر عن الدیمقراطیة االسالمیة وعن انتخاب األمیر بل وأهل الحل والعقد ویعطي لالنتخاب معنى غیر األصوات بل الكفاءة ومع ذلك

حاول أسلمة الدیمقراطیة حافظ دائما على تحفظه من الدیمقراطیة الغربیة . وان جاز لنا التعبیر نقول أنهعلى طریقته في افراغ المفاهیم الغربیة كالدستور والسیادة والبرلمان الخ... من محتواها الوضعي العلماني وتحمیلها مضمونا اسالمیا یدمجها في النظریة االسالمیة. فاصبح یقول بالطابع الدیمقراطي

وهذا تمییزا لها عن دیمقراطیة الغرب حیث تهمیش "دیمقراطیة -ثیو"للدولة االسالمیة إذ ینعتها بأنها الدین . ثم ان المودودي قال بالحاكمیة الشعبیة المقیدة بضوابط الشرع . واجتهاد مجلس الشورى في نصوص الشرع واستشارة األمیر ألهل الحل والعقد ویقبل المعارضة بل یقول بالخروج عن الحاكم اذا

ق األقلیات في المعتقد والرأي. یقول المودودي ( دیمقراطیتنا االسالمیة تجاوز الشرع .ویقول أخیرا بحقو .. هي كدیمقراطیة الغرب ، ال تتألف الحكومة فیها وال تتغیر اال بالرأي العام. ولكن الفرق بیننا وبینهم

هللا عز أنهم یحسبون دیمقراطیتهم حرة مطلقة العنان ، ونحن نعتقد الخالفة الدیمقراطیة متقیدة بقانون ا.1وجل )

موقف المودودي من القومیة :یربط المودودي بین القومیة ، التي تعني وحدة أهداف ومصالح جماعة بشریة ، والعصبیة . إذ أن اتحادهم یقیم فیصال بین نطاق القوم وخارجه . أما إذا تعارضت مصالحهم ومصالح الغیر ، فذلك یكون

، ما عدى مصدرا للنزاع . وهذه العصبیة هي الخاصیة األساسیة للقومیة . ویرى أن كل القومیات القومیة االسالمیة ، تقوم على أسس مادیة كوحدة الجنس والوطن واللغة واللون والمصالح االقتصادیة ووحدة نظام الحكم. واذا كانت هذه العناصر تشكل روابط قویة أسست وحدة الجماعات البشریة إال أن

عداء وتساهم في شحن نزعات عنصر العصبیة یفضي إلى التناحر بین القومیات . فالعصبیة تدفع إلى ال

، دیوان المطبوعات الجامعیة ، الجزائر. 1985، د.ط 31المودودي أبو األعلى : ( تدوین الدستور االسالمي ) ص –1

65

االستعالء والفوقیة ، وتكون سببا في العدوان واالستعمار والظلم . یقول في هذا الشأن : ( وابتدعت ما جدیدة ، وجعلت مقیاسها الوحید الذي تزن به األمور هو مصلحة األمة ورغباتها ، یالقومیة مناهج وق

فأصبحت الفضیلة في نظر المناهج القومیة وأعرافها هي ما یحقق مصالح األمة ویسایر رغباتها ولو دین كانت لحمتها الكذب والتزویر والخیانة ، وسداها الظلم والعدوان أو أي جریمة أخرى مما یعد في ال

.1واألخالق ذنبا ال یغتفر ) ولما كانت المصالح هي األساس الذي تقوم علیها هذه األمم فقد أنتجت مبادئ وشعارات وقیم ال تمت لألخالق بصلة ، یقول المودودي : ( وصار من المصطلحات المألوفة في قاموس القومیة : الویل

تحت الشمس ، وقتل شعب آمن قضیة فیهاللمغلوب ، والغایة تبرر الوسیلة ، وال مكان للضعیفالناس ، واالستعمار والوصایة والحمایة واالنتداب ، بل أصبحت هذه ق د ص نظر ، واكذب حتى ی

المصطلحات مبادئ سامیة في نظر القومیة ، تتردد على األلسنة من حین آلخر ، طالما كانت في .2خدمة المآرب القومیة وتأمین رغباتها ومطالبها )

واذ یعترف المودودي لإلنسان بحقه في الخصوصیة اللغویة والثقافیة والسیاسیة ، فإنه یشرط ذلك بعدم وان كان ذلك یتناقض واالنقالب –إثارة النزعات القومیة والعصبیة. كذلك یعترف بحق االستقالل للدول

كلمة یعترض على مشاعر ویبدو أن ذلك كان لتبریر انفصال باكستان . إنه ب–االسالمي الشامل االستعالء التي تجعل من الظلم حقا ومن الشر خیرا ویقول : ( أما الذي نعترض علیه ونعتبره شیئا ممقوتا نحاربه بكل قوة ، فهو القومیة التي تضع ذاتها ومصالحها ورغباتها الخاصة فوق جمیع الناس

ها واتجاهاتها ورفعة شأنها ولو كان ذلك ومصالحهم ورغباتهم ، والحق عندها هو ما كان محققا لمطالب. وهذه المشاعر برأیه هي مصدر الشرور والمآسي التي تعرفها 3بظلم اآلخرین واذالل نفوسهم .)

االنسانیة من حروب عالمیة واستعمار ودمار ، لذلك یقول : ( إن ضمیر اإلنسان یقطع بأن معاني .2األثرة واألنانیة على النطاق اإلنساني لعنة من اللعنات بكل تأكید)

.www.tawhed.wsكتاب الكتروني تم تحمیله من موقع 7ص الحدیثة )المودودي أبو األعلى : ( االسالم والمدنیة–1




66

موقف المودودي من العلمانیة :موقف المودودي من العلمانیة یتراوح بین التشدد معها . على اعتبار أنها سبب جمیع الشرور التي یعرفها العالم . بل إنها الجاهلیة عینها ، وهي سبب االلحاد والمادیة ، وما یترتب عنهما من انحطاط أخالقي وفسق واستهتار بجمیع القیم االنسانیة الخالدة . بل هي تعبیر عن الفراغ الروحي واألزمة

درات واالنتحار وكل األخالقیة الحادة التي یعیشها االنسان المعاصر في صور االجرام وتعاطي المخمظاهر الیأس والقنوط التي یعاني منها. واالنسان المعاصر یفقد بذلك أي معنى للحیاة ویفقد أي رسالة . بحیث یصبح الوجود عبث وملهاة ال طائل منها. وبین االستخفاف منها لتفاهة منطقها في

نظره .. 1لذلك یوجز تعریفها في بضعة كلمات فیقول هي : ( عزل الدین عن الحیاة االجتماعیة لألفراد )

وتعتبر العلمانیة أن القضایا التي تطرحها الحیاة االجتماعیة ، تجد لها حلوال في عقل االنسان ، وبناء هذه الكراهیة للدین إنما على مصالحه ، دون أن یكون ملزما بالقانون الدیني. ویعتقد المودودي أن

تعود إلى وقوف رجال الدین في أوربا حجرة عثرة أما تحرر العقل االنساني ، ومن هذا العداء تولدت هذه النظریة المشؤومة التي تخلي ساحة التشریع واألمر الى الشیطان. فهي تدعو إلى تحرر االنسان

خصیة ، تخص اعتقاد الفرد. وتحدد بذلك من الدین ، وسحبه من الحیاة االجتماعیة لیصبح مسألة شنطاق سلطة اإلله في الحیز الضیق الفردي ، وتسحب اإلله من الحاكمیة ، سواء على المستوى الكوني

أو السیاسي .ویعتقد العلمانیون أن التقدم العلمي كفیل وحده باالستجابة النشغاالت االنسان في مختلف المیادین ،

بالتدریج من الماضي أو من تراث االنسانیة التاریخي . فهو نوع من التصور وأن الفكر الدیني یصبح والتنظیم االجتماعي التقلیدي الذي ساد المجتمعات القروسطیة. ما أدى حسب المودودي ، ونتیجة للتعلیم والتربیة العلمانیین ، إلى اتساع دائرة االلحاد والمادیة واحتالل هذه النظریات الریادة ، وتولي

معتنقیها القیادة وحیازتهم النفوذ. وأصبحت العلمانیة عالمة على المدنیة والحیاة العصریة . لهذا تمكنت

.www.tawhed.wsكتاب الكتروني تم تحمیله من موقع 5المودودي أبو األعلى : " االسالم والمدنیة الحدیثة " ص –1

67

النظریة من نشر سمومها فسادا في األرض . ولكنها برأیه من ناحیة ثانیة نظریة تافهة ، ألنها هذه ( فإن فكرتها التي تقصر العالقة بین اإلله واإلنسان لیة أو منطق . یقول في ذلك : تخلو من أیة معقو

على حیاة الفرد الخاصة وتستبعد هذه العالقة من الحیاة االجتماعیة فكرة فارغة غیر ذات موضوع حتى . فاهللا حسب المودودي إما موجود أو غیر موجود. واذا افترضنا أنه 1تكون مجاال للتعقل والتفكیر )

برر لوجود عالقة فردیة به أما إذا كان موجودا فذلك یعني أنه الخالق والمدبر غیر موجود انتفى أي موالحاكم ، وعلیه یتوقف كل شيء . فإذا آمن به االنسان وراح یتعبده : فكیف یقصر سلطة اهللا على

( ولیس هناك أسخف لدى العقول من أن یدعي كل !المستوى الشخصي وینفیها عن الوجود برمتهه أنه عبد اهللا وخادم له ومتبع لدینه ، حتى إذا ما اجتمع مع غیره من األفراد وكونوا مجتمعا إنسان بمفرد

وشكلوا دولة تنكروا لعبودیتهم هللا واستبعدوا دینه من حیاتهم ، إذ لیس من المعقول أن یذعن كل جزء من معة أصبحت خارجة أجزاء المجموع على حدى العبودیة هللا ، فإذا تكونت من األجزاء كلها وحدة مجت

في قولهم ویغفل أصحاب هذه النظریة.2عن هذه العبودیة ، و ال یقول بهذا إال من أصیب بالجنون ) بالحیاة الفردیة الطبیعة االجتماعیة لإلنسان ومقتضیاتها . فكیف یتسنى لإلنسان التوفیق بین قناعاته

هذه النظریة المشؤومة بنظره ، إذ فتحت باب ؟ إنالشخصیة الدینیة ونظم الحیاة االجتماعیة الالدینیةااللحاد أفسحت المجال ألتفه الغرائز البهیمیة لتعود للهیمنة على الحیاة بدلیل تجلیاتها في ظواهر الحرب

واالستعمار والنهب واالحتكار.

.www.tawhed.wsمن موقع كتاب الكتروني تم تحمیله12المودودي ؛ أبو األعلى : االسالم والمدنیة الحدیثة ص -1

نفس المرجع نفس الصفحة .–2

68

:المبحث الثاني

في الشریعة والدستور

69

الشریعة في منظور المودودي::الحاكمیةجوهرتحكیم الشریعة

القول " بحاكمیة اهللا " . وتتجلى حاكمیة اهللا تقوم دعوة المودودي لتطبیق الشریعة االسالمیة على وجوب أوال في حكمه للكون وتدبیره . فهو خالقه وواضع سننه ونوامیسه . وال حركة وال سكون إال بإذنه.

واالنسان مخلوق ، وجزء من هذه المملكة الضخمة. والناس فیها رعایا بحكم الوالدة . فاهللا خالقهم ورازقهم ، قدر أنفاسهم وأقواتهم وبیده حیاتهم ومماتهم .(وكیف لنا أن نرتاب في أن سنن الفطرة وقوانینها

قسم إلى جانب غیر اختیاري ، . والحیاة تن1مسیطرة علینا حیث ال نقدر أن نفعل شیئا إال بموجبها ) تحكمه قوانین الحتمیة الطبیعیة ، وجانب اختیاري ، یتمتع فیه االنسان بحریة االرادة التي ( تخول... لنا

. وهو تعبیر عن اختبار إلهي 2الحق في اختیار...إما سبیل الطاعة...أو سبیل المعصیة والعدوان) اهللا في الجزئین ، الحتمي واالرادي، ألن في ذلك السبیل لإلنسان. لذا على االنسان االعتراف بحاكمیة

إلى التوافق بین نظام الكون والحیاة االنسانیة. أو ال یتحقق هذا االنسجام إال إذا كان الحاكم واحدا. أما إذا لهذان الجزءان مصدران ، فإن ذلك لن یؤدي سوى إلى التصادم والفساد.

بعبودیته هللا. وهذا االسالم هو ما أقر ال یكون االنسان مسلما إال إذاواالسالم استسالم لحاكمیة اهللا . و عرضه الكتاب والرسول صلى اهللا علیه وسلم.

الشریعة عند المودودي :یمیز المودودي بین الدین الذي هو واحد وثابت ، شملته الكتب السماویة والذي هو اآلن االسالم . وفیه

ویعني بالدین العقیدة المتمثلة في االیمان بذات اهللا عز وجل وصفاته ، واالیمان نسخت الشرائع السابقة. بمالئكته ، وكتبه ، ورسله ، والیوم اآلخر .

أما الشریعة فهي للعمل . وتتمثل في الشعائر التعبدیة ، والمعامالت ، والحدود أو األحكام الشرعیة التي أتي بعد هذا الدین شيء آخر هو ' الشریعة ' أي طرقتحدد الحالل والحرام . یقول في ذلك : ( وی

العبادة ومبادئ المعیشة واالجتماع ، وقوانین ما بین العباد من المعامالت والعالئق ، والحدود بین 3الحالل والحرام ) .

مؤسسة 1980، دون طبعة 149االصالحي ، ص المودودي أبو األعلى ( نظریة االسالم وهدیه في السیاسة والقانون والدستور) ترجمة : جلیل حسن-1

الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع، بیروت ، لبنان.

نفس المرجع نفس الصفحة .-2

، مكتبة رحاب ، الجزائر .1986، دون طبعة 136-135المودودي أبو األعلى ( مبادئ االسالم ) ص –3

70

التشریع واألمر. وهذه الحاكمیة بینها القرآن بلغة الجزم في والشارع هو اهللا . فهو المعبود وله وحده نصوص قطعیة الداللة. وأوجب الواجبات في عقیدة االسالم هو هذا التوحید واالعتراف باأللوهیة والحاكمیة ومن ثم االلتزام بذلك القانون الرباني الذي ألزم أنبیاءه ورسله بتبلیغه وبیانه للناس . وتتمثل

سان في العمل بذلك القانون .عبودیة االنومحمد صلى اهللا علیه وسلم هو خاتم الرسل والنبیین . وهو قدوة المسلمین في السیر على الهدي االلهي قوال وفعال . وهو ببیانه وتبلیغه الرسالة السماویة ( یخرج عقیدة توحید اإلله من حیز الفكرة المجردة إلى

االسالمیة ثالثة أنواع من الحقوق هي : وتتضمن الشریعة1نظام عملي واقعي ) ان بذاته وصفاته ووحدانیته واالذعان لحكمه وقضاءه وقدره وطاعة محقوق اهللا المتمثلة في االی-

رسوله وتقدیم شعائر العبادة.حقوق النفس وتتمثل في اجتناب كل ما یؤذي الروح والجسد باالنغماس في الشهوات ما یترتب -

عنه المفاسد.العباد ویعني بها حسن السلوك ومعاملة اآلخرین مثل األبوین واألطفال والجیران والزوجة حقوق -

إلخ...حقوق سائر المخلوقات وتتمثل في عدم االضرار بالمخلوقات األخرى من نبات وحیوان إال في -

حدود الحاجة .ل :وبالتالي فللشارع من الشریعة مقاصد . والشریعة كما یقول الفقهاء تتمحور حو

الشریعة جاءت لجلب المصالح ودرء المفاسد.-الشریعة نفع ودفع.-حیثما كانت المصلحة فثم شرع اهللا ، وحیثما كان شرع اهللا فثم المصلحة.-

، دار القلم ، الكویت .41983، ط144المودودي أبو األعلى ( مفاهیم إسالمیة حول الدین والدولة ) ص –1

71

المعروف على أوجه ثالثة : المعروف المفروض أو الواجب المعروف المندوب أو والشریعة تجعل .1المستحب المعروف المباح أو الجائز أما المنكر فجعلته على وجهین : المحرم أو المحظور والمكروه

وخطة الشریعة تشتمل على عدة أجزاء من الناحیة العملیة تتمثل في :الفردیة أي قواعد السوك الفردي.ما یرجع تنفیذه لكل مسلم بصفته -وجزء یرجع تنفیذه إلى الرأي العام ویتمثل في اآلداب العامة.-تقالید المجتمع وعاداته التي تمثل تراثه.-جزء یقتضي أن تكون للمجتمع سلطة سیاسیة وهو القانون.-

وبدیهي أن هذه الشریعة تمتاز بخصاص الشمول والصالحیة وطابعها الكلي:الشمول ألن األحكام االلهیة ال یعتریها نقص ، وبالتالي فلیس هناك مسألة لم تتطرق لها فهي تتسم ب

الشریعة االسالمیة .وهي صالحة لكل زمان ومكان فمن قواعدها الكلیة وأحكامها العامة یتوصل المجتهد إلى استنباط

والالمحدود أو الثابت األحكام الشرعیة . وما یجسر هذه الهوة التي قد تتبدى للبعض بین المحدودوالمتغیر أو النهائي والالنهائي هو االجتهاد.

والشریعة كلیة غیر قابلة للتجزئة .إذ ال یعقل األخذ ببعض األحكام وترك بعضها اآلخر. یقول المودودي في ذلك : ( فهكذا هو االسالم ، إنما هو عبارة عن الصورة المتكاملة المتشابكة التي تقررها الشریعة

2للحیاة...)

نطاق التشریع وطرقه:السنة النبویة یقول في ذلك : ( القانون الحقیقي في االسالم هو ومصادر التشریع في االسالم القرآن و

والسنة ، و ال یجوز التشریع للمسلمین إال بشریطة أن یكون مستمدا من هذا القانون الحقیقي أو القرآنوآلیات التشریع أو مناهجه وطرقه هي:3في نطاق الحدود التي یبیح لهم فیها مزاولة الرأي الحر )

1980، دون طبعة 157–156ودي أبو األعلى ( نظریة االسالم وهدیه في السیاسة والقانون والدستور) ترجمة : جلیل حسن االصالحي ، ص المود–1


1980، دون طبعة 159المودودي أبو األعلى ( نظریة االسالم وهدیه في السیاسة والقانون والدستور) ترجمة : جلیل حسن االصالحي ، ص –2


، دار القلم ، الكویت .41983، ط147المودودي أبو األعلى ( مفاهیم إسالمیة حول الدین والدولة ) ص –3

72

توضیح األحكام : فالقرآن یتضمن أحكاما قطعیة وقواعد ، وعلى الفقیه أن یكون ملما بالبیان العربي ر ، ثم یحدد ویعین مفهومه حتى یتمكن من استخالصها یقول في ذلك ( أن یعرف جیدا الحكم الصاد

وأصله ، ویتحقق من الظروف والحاالت التي یختص بها هذا الحكم ، ثم یستخرج بالفعل األشكال 1والصور التي ینطبق فیها .)

القیاس : یستعمل في المسائل التي لم تنص علیه الشریعة لكنها نصت علیه في مسائل أخرى تشابهها بناء على علل ودواعي.

اط :هو قسم ثالث لم تبین فیه الشریعة أحكاما محدد بل وضعت مبادئ عامة جامعة یمكن واالستنباستنباط منها أحكام القضایا المرادة.

دائرة التشریع الحر: یتعلق بالمسكوت عنه والذي یتیح حریة تامة شریطة أن یتطابق الحكم الشرعي مع روح االسالم ومبادئه.

مفهوم االجتهاد عند المودودي:وهذا العمل التشریعي هو الذي یسمیه اجتهادا . ویعرفه بأنه : ( بذل الجهد واستنفاده في استجالء حكم

.2االسالم أو مقصوده في قضیة من القضایا ) إذ ال یجوز التشریع إال بشرط أن یكون مستمدا من هذا القانون الحقیقي . ویخطئ من یفسر االجتهاد

ج نطاق هذا الشرط هو تشریع غیر إسالمي و ال محل له في االسالم. بحریة الرأي. وكل اجتهاد خار ویشترط في المجتهد أن یكون مؤمنا باهللا تعالى بما یترتب على هذا االیمان من خصائص أخالقیة كالورع والعدالة والضبط إلخ...وكذلك االلمام باللغة العربیة خصوصا وأن العمل التشریعي هو اشتغال

زل ببیان عربي وهو شرط أساسي عند الشافعي الذي یستهل رسالته بتحدید أوجه على النص الذي نالبیان القرآني. والتضلع في الفقه وأصوله ، بما یقتضیه ذلك من إلمام بآلیات التشریع وطرائقه، والمعرفة

یتمتع بالنظرة بالتراث الفقهي أي معرفة المذاهب واجتهادات العلماء وفتاوي الفقهاء واختالفاتهم وأخیرا أن الدقیقة ألمور الحیاة المستقاة من الخبرة ألن الحیاة تضع الناس أمام مستجدات وطوارئ.

، الطبعة الثانیة دون تاریخ ، المختار االسالمي للطباعة والنشر 174المودودي أبو األعلى ( الحكومة االسالمیة ) ترجمة : احمد ادریس ، ص –1

.والتوزیع ، القاهرة ، مصر

، دار القلم ، الكویت .41983، ط147المودودي أبو األعلى ( مفاهیم إسالمیة حول الدین والدولة ) ص -2

73

ونتیجة لهذا االجتهاد نشأت المذاهب األربعة في القرنین األولین بعد رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم . أن خصائص الورع والصدق التي یتحلى ویعتقد أن االختالفات بین هذه المذاهب فطریة طبیعیة . غیر

بها أصحابها ، األئمة األربعة ، ، تجعل المسلمین جمیعهم یعتقدون بصدق مذاهبهم تلك وینهلون منها األحكام الشرعیة. واذا كانت جماعة من العلماء تقول بأنه ال حاجة لتبني مذهب محدد ، وأنه على

أومن العلماء مباشرة ، فإنه على خالفهم یعتقد بوجوب المسلم أن یستمد األحكام من الكتاب مباشرة اتباع مذهب معین.

تصدیه للقضایا المرتبطة بتطبیق الشریعة االسالمیة:یتناول المودودي القضایا التي تطرح بسبب الدعوة إلى تطبیق الشریعة في كتابیه " نظریة االسالم وهدیه

الشریعة االسالمیة في العصر الحاضر" . واذ یعترف في السیاسة والقانون والدستور" و " حول تطبیق باالعتراضات التي تالقیها الدعوة من أوساط المسلمین قبل غیرهم ، وأمام التساؤالت المتعلقة مثال بإمكانیة تطبیق الشریعة في مجتمع عصري بعد أن مرت علیها القرون ، ومدى مالئمة حدود الرجم

یرد لعلمي والحضاري وأخیرا عن تطبیق الشریعة على األقلیات .والجلد وقطع الید في ظل التقدم ابالقول بجهل أولئك المسلمون باإلسالم، نتیجة قرون من االنحطاط ، تولى فیها متغربون القیادة وتم إلغاء القوانین االسالمیة إال ما تعلق باألحوال الشخصیة ونتیجة أیضا لتخلف النظام التعلیمي. واذ

عة أشمل من القانون ، یقول بأن القانون ذاته یرتبط بفلسفة وثقافة المجتمع ویعبر عن یوضح أن الشریهویته ، ویقول بشمولیة الشریعة وصالحیتها وطابعها الكلي ، یرد بأن حدود السرقة والزنا ال یمكن

همجیة تطبیقهما إال بعد أسلمة المجتمع. وعن " همجیة " تلك الحدود یجیب ان الحضارة الحالیة أكثر. ویعترف أن لألقلیات وضع خاص هو وضع " أهل الذمة " 1( إنه ال یرمي بالحجارة ولكن بالقنبلة )

حیث یكون لهم قانونهم الخاص لألحوال الشخصیة. ویفسر اخفاق الوالیات المتحدة األمریكیة في تطبیق ة ، حیث سارع الناس إلى قانون منع الخمور بأن األمر كان فوقیا ، أما في حالة النبي في المدین

ویقول 2االمتثال إلى أمر التحریم فإن ذلك یعود إلى االیمان والتقوى ، أي إلى عملیة أسلمة المجتمع.وأن 3بضرورة تكریس وسائل االعالم وأجهزة التعلیم وجمیع النظم االداریة لنشر الوعي االسالمي.

وعن االنتخابات ال یرى 4ي آخر األشواط . للعصا أیضا مكانا في النظام االسالمي ، ولكن ذلك ف1980، دون طبعة 180المودودي أبو األعلى ( نظریة االسالم وهدیه في السیاسة والقانون والدستور) ترجمة : جلیل حسن االصالحي ، ص –1


دار الرشد الریاض.1983د.ط 6-5تطبیق الشریعة االسالمیة في العصر الحاضر ) ترجمة خلیل أحمد الحامدي ص المودودي أبو األعلى ( حول –2



74

مانعا من قبول قوانین الدیمقراطیة واالنتخابات مؤقتا إلى حین یأتي یوم ینتقل فیه نظام الحكم بكامله إلى 1رجال من أصحاب األمانة لیراجعوه كلیة .

ویعود للقانون االسالمي ویبین كیف أنه استمر إلى غایة القرن التاسع عشر في الهند ، ما یعده دلیال ولكنه في ذلك یغفل أن ذلك تطبیق القانون االسالمي وحده غیر كفیل في نظره على صالحیته .

بالخروج من حالة التخلف ومنع االستعمار.. هو إعادة أسلمة المجتمع بتكوین –التي یستغربها ویدینها –وهكذا یكون مشروعه لتجاوز تلك األسئلة

امة الحاكمیة واخراج المجتمع من الجماعة التي تعمل من أجل الوصول إلى السلطة والبقاء فیها إلق."التكفیر "الجاهلیة

الدعوي . والسجال فیما یقول محمد –وتكشف نصوصه عن استراتیجیة سجالیة اقتضاها عمله السیاسي عابد الجابري : (والخطاب السجالي خطاب توجهه الرغبة في إبطال رأي الخصوم أكثر من أي شيء

. 2على الردود ، وبالتالي فهو ال یبني معرفة وال یبرهن على حقیقة) آخر. إنه خطاب الردود والردود والخطاب السجالي خطاب سلطوي بما أنه ال یستهدف االقناع فحسب بل االفحام ، إنه یمارس سلطته

وان -على العقول . لذلك لم یتصدى المودودي لمشكالت العصر بعقلیة العالم ، المجتهد ، المجدد السیاسي.–بل بعقلیة الداعیة -م عنده تأخذ دالالت محددة كانت هذه المفاهی

المودودي وقضایا االجتهاد والتجدید:رأینا سابقا أن المودودي یحصر االجتهاد ویمارسه بوصفه الجهد الذي ینتهي إلى إصدار الفتاوي ، أي

االسالم ، عقیدته بوصفه ممارسة على مستوى الفقه العملي ال النظري . كما یحصر التجدید في إحیاءوشعائره وشریعته.

وهذه النزعة االحیائیة في فكره تجد تفسیرها في أسباب عدیدة أهمها الطابع السلفي لفكره . السلفیة التي ومن الالفت للنظر - تقول بتمام الشریعة وصالحیتها ووحدتها . وتعني بذلك اكتمال المذاهب األربعة

، وتقول بقدرة تلك المذاهب على مواجهة-ذاهب الفقهیة األربعة انتشار السلفیة إبان اكتمال الم

دار 1983د.ط 22المودودي أبو األعلى ( حول تطبیق الشریعة االسالمیة في العصر الحاضر ) ترجمة خلیل أحمد الحامدي ص نفس المرجع ص –1

الرشد الریاض.

.لبنان، بیروت، مركز دراسات الوحدة العربي ،11996ط ، 7ص )الدین والدولة وتطبیق الشریعة ( محمد عابد الجابري –2

75

النوازل " . فتعني بالشریعة شیئا آخر غیر النص أو نصا آخر تضیفه إلى " النص " ، نصا یكافئ " النص " ، نص متولد عن القیاس واالجماع اآللیتین اللتین أدتا إلى تراجع العقل وتهمیشه هامشیة بن

لتورم في الفقه فتغلق باب االجتهاد من حیث تفتحه، إذ ال تؤدي إال إلى مزید من احزم والشاطبي. العملي واكثر إلى تضارب الفتاوي. واذا كان إغالق باب االجتهاد لم یتم بقرار رسمي من سلطة أو مؤسسة ، فإنه ال تفسیر لذلك سوى في الضربات التي تلقاها العقل منذ الشافعي والغزالي واألشعري .

فإنها في الواقع بذلك المفهوم لالجتهاد والیوم إذ تدعي السلفیة مقاومة التقلید بالدعوة إلى االجتهاد ،والتجدید ، إنما تكرس مزیدا من التقلید أي اجترار الفكر وشلله.

اشكالیات الدعوة إلى تطبیق الشریعة :وأول ما یثار في هذه المسألة هو لفظ الشریعة ذاته . فالشریعة لغة ، هي مصدر المیاه التي یردها

1. یقال : ( شرع إبله وشرعها : أوردها شریعة الماء .)الناس لالرتواء والتزود بالماء

2وورد هذا المعنى في جمهرة اللغة ( وشریعة النهر ومشرعته : حیث ینحدر إلى الماء منه .)

3ویحددها لسان العرب بقوله : ( المواضع التي ینحدر إلى الماء منها .)

وسمیت شریعة الدین إن (هرة بهذا المعنى : واستعملت الحقا للداللة على الهدي االلهي ووردت الجمالشرعة الدین ، والمنهاج (وورد المعنى في لسان العرب : 4)شاء اهللا ألنها المدخل إلیه .

أحدهما : ما سخر اهللا تعالى علیه كل إنسان من (ویشیر األصفهاني إلى أمرین فیها : 5)والطریق .لعباد وعمارة البالد. الثاني : ما قیض له من دین وأمره به لیتحراه طریق یتحراه مما یعود إلى مصالح ا

6)اختیارا مما تختلف فیه الشرائع ویعترضه النسخ .

من سورة الشورى واآلیة 13من سورة الجاثیة واآلیة 18وقد ورد اللفظ أربع مرات في القرآن في اآلیة من سورة الشورى.21من سورة المائدة واآلیة 48

، د.ط ، د.ت ، دار صادر ، بیروت ، لبنان .175ص ) لسان العربابن منظور االفریقي المصري ؛ أبو الفضل بن مكرم ( –1

، دار 1987الطبعة األولى 727بن درید ؛أبو بكر محمد بن الحسن ( كتاب جمهرة اللغة )حققه وقدم له: د. رمزي منیر بعلبكي ، الجزء الثاني ص–2

للمالیین ، بیروت ، لبنان .العلم

.175) صلسان العرب( –3

.727ص( كتاب جمهرة اللغة )–4

.176ص ) لسان العرب ( –5

د.ط،د.ت ، دار المعرفة 258ص ) تحقیق وضبط : محمد سید كیالني المفردات في غریب القرآن الراغب االصفهاني ؛ أبو القاسم الحسین بن محمد ( –6

للطباعة والنشر والتوزیع ، بیروت ، لبنان .

76

الهدي "أن االستخدام القرآني...هو من باب االستعارة ألتي استبدل فیها الماء ب(ویؤكد لؤي صافي : كل طریقة موضوعة بوضع إلهي ثابت ، جاءتنا بواسطة نبي من (أما اصطالحا فهي : 1)"اإللهي

ویصر المستشار محمد سعید العشماوي على المعنى الوارد في القرآن ، وفي المعاجم 2)األنبیاء.العربیة" المنهج أو الطریقة " ، ألن األحكام التشریعیة في القرآن قلیلة تعادل جزء واحد من ثالثین جزءا

3. 200/6000من آیات القرآن الكریم أي نسبة

ي القرآن أكثر من خمسمائة آیة في األحكام ، جلها في ...لیس ف(یقول في ذلك بنسالم حمیش : العبادات وما ینیف على مائة وتسعین فقط في األحوال الشخصیة...أما ... مجال القانون الجنائي

4)نص فیه .والدستوري فیشكالن مجالین للتشریع فیما یندر معه النص أو ال

م حیث تنغمس السلفیة في جانبه القانوني المحض وهو ما یطرح مسألة الشكل والروح عند مقاربة االسال، ولذلك یفهم تركیز هجومها على الصوفیة . ویثیر مسألة أخرى تتمثل في األحكام الشرعیة بین ما وضعه " الشارع " واجتهادات الفقهاء ، وخاصة حول الطابع الملزم لهذه األخیرة . وتساوي السلفیة بین

مسألة الثبات والتغیر ، النهائي مولیة الشریعة وصالحیتها وذلك لحلاألصول واالجتهادات ، وتقول بشیعاني من االضطراب وعدم (والالنهائي. ویشیر لؤي صافي إلى ذلك في قوله عن لفظ الشریعة:

الدقة . فمن ناحیة یؤكد الفقیه على أن الشریعة لیست إال هذه األحكام الموجودة في القرآن الكریم والسنة مصادر أخرى ...كاإلجماع ...ومن ناحیة ثانیة ، یعتمد الفقهاء في تطویر األحكام الشرعیةالنبویة

ویشیر إلى رفض بعض الفقهاء تلك المصادر مثل 5)والقیاس واالستحسان ...ومذهب الصحابي .االستحسان بدعوى عدم صالحیتها لكل زمان ومكان . ویرى أن الفقهاء یخطئون إذ یعتبرون األحكام

صالحة لكل زمان ومكان . ویدعو إلى : -وبخاصة التي اعتمدت فیها تلك المصادر–لفقهیة اكتب الفقه ...فاألولى التنزیل من األحكام المفصلة في ...ضرورة تمییز األحكام الشرعیة الثاویة في (

.6)أصل ثابت والثانیة فرع متغیر یتغیر بتغیر الظروف واألحوال...، المعهد العالمي للفكر االسالمي ، فرجینیا ، أمریكا .1996، الطبعة األولى 150ص) العقیدة والسیاسة (لؤي صافي –1

، د.ط ،د. ت ، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزیع ، القاهرة ،مصر .70ص ) االسالم و الغربمعركة المصطلحات بین( محمد ؛عمارةد.–2

، موفم للنشر ، الجزائر .1990، د.ط ، 40ص) االسالم السیاسي ( محمد سعید ؛ العشماوي –3

، دار المنتخب العربي للدراسات والنشر 1993، الطبعة األولى 24االجتهادات والتاریخ ) ص–حمیش بنسالم ( التشكالت االیدیولوجیة في االسالم –4

والتوزیع ، بیروت ، لبنان .

.152دة والسیاسة ) صلؤي صافي (العقی-5

.156صنفس المرجع ، –6

77

الدستور. الدوللقیامالیوموأساسقاعدةبالفعلوهو.األساسأوالقاعدةمعانیهأهممنفارسيلفظالدستور

. الدولةفيالمرجعيالقانونعلىالیوملیطلق،القانونیعنيكانحیثالتركیةمناللفظانتقلوقد،فیهاالحكمونظامالدولةشكلتبینالتياألحكاممجموعةبأنهاصطالحاالدستورویعرف

. وواجباتهمالمواطنینحقوقوبیان،اختصاصاتهاوبیان،السلطاتهذهتوزیعوطریقة،وسلطاتهاالمتعددةمجاالتهفيالمجتمعتحكمالتيالدولةقوانینتستمدفمنهالدولةفياألسمىالقانونبهویرادتخالفأالیجبإذ،القوانینهذهأساسبل،الدولةفيالساریةالقوانینأهمالدستورویعتبر. كافة

،القوانینبأبوعادةینعتلذلكوایاهتناقضهاعدمعلىوتعمل. دستوریةأحكاماأوحكماالقوانینمعینةالحكومةوشكلبرلمانيأمرئاسيالحكمونظاموالحكومةجمهوریةأمملكیةالدولةشكلویحدد

والسلطات...الخانتقالیةحكومة،وطنیةوحدة،ائتالفیةحكومةالبرلمانیةاألغلبیةحكومة،الرئیسمنطرفمنالدساتیروتعد. السیاسیةوالمشاركةالسلطةانتقالوكیفیةبینهاوالعالقةوصالحیاتهاالثالثة

بعدویعتمدالدستوريالفقهفيالخبراءمنهیئةأوالدستوريالمجلسأوللدولالتأسیسیةالجمعیةإلىتعدیلهویعود. البرلمانداخلعلیهوالتصویتمناقشتهتجريأوالشعبطرفمنعلیهاالستفتاءتعدیالتتمسسهالمقارةدساتیرهناكبینما. تعدیلهاكیفیةالدساتیرتحددماوعادةالتشریعیةالسلطةغابقدالدستورلفظكانواذا. الغربیةالدساتیرعلىمعظمهافيتنطبقالتعریفاتهذهلكن. جوهریة

واألحكامتیمیةالبنالشرعیةالسیاسیةمثلالسیاسیةالمؤلفاتفإناالسالمفيالسیاسيالفقهعنوالعقدالحلوأهلوالشورىوالبیعةاالمامةفحددتوالرعیةالدولةشؤونفيخاضتللماورديالسلطانیة

الیومنسمیهمماكثیرةمسائلفيخاضهذامؤلفهفيمثالفالماوردي. وغیرهاالذمةأهلوحقوق:یقولإذ،كثیرااشتهرالذيبتعریفهایستهله،الخالفةأولإلمامةبابافوضع. دستوریةمسائل

وشروطاإلمامةوجوبعنفیهتتحدثوفیه. 1)الدنیاوسیاسةالدینلحراسةموضوعة( االمامة.وشروطهاأنواعهافذكرلوزارة؛لبابا وأفرد. اإلماموواجباتالمنصب،لهذایختارهومنتولیته،

– الجزائر.الجامعیة ،المطبوعات، دیوان1983، د.ط ، 5صالدینیة) والوالیاتالسلطانیةاألحكام(علي بن محمد حبیب البصري الماوردي1

78

بقتالمختصةالجهادعلىواالمارة: ( الجهادإمارةفيیقولوهوالجهاد،إلمارةبابا وخصصوالضرب...الحربوتدبیرالجیشسیاسةعلىمقصورةتكونأنأحدهماضربینعلىوهي،المشركین

بابا وخصص. 1.) الصلحوعقدالغنائمقسممنأحكامهاجمیعفیهااألمیرإلىیفوضأنالثانيالقضاءووالیة: ( كالتاليفیحددهاالقضاءوالیةانعقادوكیفیةالقاضيشروطعنفیهتحدثللقضاء

التيواأللفاظ... ومكاتبةمراسلةالغیبةومعمشافهةباللفظالحضورمعالوالیاتبهتنعقدبماتنعقدواستخلفتكوولیتكقلدتكقد: ألفاظأربعةفالصریح،وكنایةصریح: ضربانالوالیةبهاتنعقد

.2...) واستنبتكالحاكمتخویلبموجبهیتموالمحكومالحاكمیبرمهعقدهوعموماالغربيالفكرفيالدستوركانفإذا

رجالومنهماالسالمعلماءبعضكانواذا. الحقوقوتحقیقالقانونفرضمنتمكنهالتيالسلطةالدولفيالمواطنبهایتمتعالتيوالحقوقالعدلوبروحاألوربیةبالدساتیرأعجبواقداالصالحتحكیمإلىصراحةودعواالكواكبيمثلاالستبدادوأدانواوالقانونالعدلشعاراترفعوافإنهم،األوربیة

والسنةالكتابفيالواردةالكلیةوالقواعدالشرعیةاألحكاممجموعفهواالسالميالدستورأما. األمةإرادة.السیاسیةالحیاةبموجبهاتنتظموالتي

:االسالمیةالسیاسیةالنظریةالنظریةبخصوصقالهمماشیئانستعیدأنعلیناالمودوديیتصورهكماالدستورجوهرنفهملكي

تعالىاهللاهوالحاكمأنیعنيما" االلهیةالحاكمیة" دولةهياالسالمیةفالدولة. االسالمیةالسیاسیةعلىویفرضهاالقوانینیشرعأنجمعاءلإلنسانیةوالطبقةأوأسرةأوفرداكانأليیمكنالوبالتاليوالعبودیةطاعتهعلیهمتجبالذینالرعیةهموالناس،المشرعهوواهللا. لهطاعتهمویطلبالناس

.لهصلىمحمدوخاتمهمأقوامهمإلىوالرسلاألنبیاءحملهاالتيالربانیةالقوانینأيالشرائعوضعاهللاوأن.االسالمفيللتشریعاألساسیةوالمبادئالكلیةالقواعدتتضمنوهي. وسلمعلیهاهللا

، الجزائر.الجامعیةالمطبوعاتدیوان، 1983، د.ط ، 32) صالدینیةوالوالیاتالسلطانیةاألحكامعلي بن محمد حبیب البصري (الماوردي-1

.59صنفس المرجع ، -2

79

زمانلكلصالحةهيولذلكالحیاةشعبلمختلفوشاملةوكلیةعامةوالمبادئالقواعدهذهوأن.ذاكأوالشأنبهذاالخاصةاألحكاملیستخلصالمسلمفیهایجتهد،ومكاناهللالشرعتحكیماالسالمفيفالحكم. األمةإرادةعنتعبیراولیساهللاعناستخالفاالسالمفيوالحكم.ومصالحهمالناسألهواءولیسویمكنه. والصالحوالعدلملوالعالورعشروطفیهتتوفرممنالعامباالقتراعاألمیرینتخبأنویمكن

. كانوجهبأيلهملزمةلیستأراءهملكن،والتجربةالكفاءةتفرزهمالذینوالعقدالحلأهلیستشیرأن.اهللاأماممسؤولفهو

إذمباشرةفیهوالدیمقراطیةوالعقدالحلوأهلاألمیرانتخابفیهیجريدیمقراطي-ثیواالسالميوالحكمتكرسالدولةفيعصبإلىیتحولواأنیمكنممثلینطریقعنولیسمباشرةباألهالياألمیریتصل.التمثیلحقیقةتعكسوالواألحزابالمصالححكم

كماالملوكمعبالتحالفالسلطةمقالیدفيتتحكماالكلیروسطبقةالسیاسياالسالمنظامفيولیس.ربانيوحكمتشریعحكومةاالسالمیةالحكومةبلأوربافيیجريكاندستوريفقیهبوصفهلیساالسالميالدستورتدوینفيالمودوديینطلقاألساسیةالتصوراتهذهمنعنویفصح. الباكستانيللدستوراالسالمیةالطبیعةحولالصراعفيتمثلتعملیةلحاجةاستجابةبل

المشكلةوأناآلنإلىمدونغیربأنه" االسالميالدستورتدوین: " كتابهمقدمةفيیقرعندماذلكالبلدانمنفالكثیر،كتابتهبل،موجودألنهوتصورهإیجادهلیستفالمسألةوبالتاليتدوینهفيتتمثلالدستورتدوینتعترضالتيالصعوباتإلىویشیر. مدونادستوراتملكالبعیدغیرأمدإلىظلت

النظامتعطلعنالناجمةالتاریخیةالفجوةعنناتجةوهيالمصطلحاتغرابةوأولها. االسالميوالحكموالملكالسلطانمثلالمصطلحاتمنالكثیرالكریمالقرآنوفي. قرونمنذاالسالميالسیاسيمنالكثیرویستغرب. االسالميالدستورمصطلحاتمنأنهاالیومالمسلمیدركالوالوالیةواألمر

الغریبالترتیبأیضاومنها. والسیاسةوالدولةالدستورعنشیئاالقرآنفيیكونأنالمسلمینالمثقفین.القدیمةالفقهیةللكتب

80

وهي. العامةالقانونیةبالمسائلتختلطبلالفقهیةالكتبفيومبوبةمرتبةتوجدالالدستوریةفالمسائلوالدستورالقانونلغةعنالفقهاءمصطلحاتتختلفكذلك. الكتبوفصولأبواببینمبعثرةكذلكالالدینیةالعلومفدارسو. المشكلةتعمیقفيالیومالسائدالتعلیميالنظامفسادیساهموكذلك. الیوم

الیومبلغةالمسائلهذهفهمعلیهمیصعبلذلكالالزمةوالقانونیةوالدستوریةالسیاسیةبالثقافةیتمتعونمااالوالقانونالدستورعنشیئایعلمونالأخیراوهم. للناسایضاحهاعلىقادرینغیرفهموبالتاليتبنيإلىهؤالءیدفعما. وقواعدهوأحكامهباإلسالمالجهلمنتأتيالرابعةوالمشكلة. الغربمنتعلموه

وحدهمالعلماءعلىتتوقفالاالسالممعرفةأنیدعونمثالفهم. الجهلعلىسوىتدلالأطروحاتأهلهمناالختصاصانتزاعیحاولونبذلكوهم. لإلكلیروسمحلفیهولیسفیهرهبانیةالأنبحجة

وذويللعلماءویبقىموجوداالسالميفالدستورذلكومع. اتفقكمااالسالممسائلفيلیخوضوااالنسانیةالفطرةمجرىعلىسنربانيدستوروهو. منهاالستخالصهاألصولفيالبحثاالختصاص

طبیعةمنوهو. والتغییرالتبدیلمنشیئایقبلالوهو. والفسادوالعدوانالظلمیمنعبحیث،السلیمة،الدستورهذاعلىبنیانهایؤسسعندمااالسالمیةفالدولة. ( القیامةیومإلىیبقىأنلهكتبسرمدیة

فمن،مكانهاعنقوانینهمنمادةتحویلیمكنفال،العالمفيباقیینرسولهوسنةاهللاكتابدامومااالنسانحریةمنلیحدال،جاءوقد. 1) بهواإلستمساكعهااتبعلیهمحتمفانهمسلمایعیشأنیریدالحتىالرباني،الهديعلىبهویسیرمستقیماصراطابهلینهجبل،الفكریةوقواهإرادتهیعطلأو

وهذا. اهللابحبلالتمسكالمسلمعلىلذلك. اآلخرةفيوالفوزالفالحطریقفیسلكیضیعوالیضل.وجودهاومبرراالسالمیةهویتهاالدولةیمنحالذيهوالدستور:االسالميالدستورمصادر

االسالمدستوروهو. عامةاالسالميللتشریعالرئیسيالمصدریعد: الكریمالقرآن-1ال،كلیةقواعدفهي. وشاملةعامةاألحكاموهذه. وتشریعاتهأحكامهاهللابینوفیه. االسالمیةوالدولةفيسیرهخطلهتحددفحسببالفردتتعلقوال. الحیاةشعبمختلفتشملبلالحیاةمنبجانبتتعلق

فيالدولةعلیهاتقومالتيالمبادئأیضاوفیه. برمتهاالجتماعيأیضا بالتنظیمتتعلقبل،الوجودهذامنإنطالقاوهذا. االسالميالدستورموادالمسلمیستمدالكلیةوالقواعدالمبادئهذهومن. االسالم.ودولةدینهوبلفحسبعبادةدینلیساالسالم

– 1980طبعةدون44-43صاالصالحيحسن: جلیلترجمةوالدستور)والقانونالسیاسةفيوهدیهاالسالم( نظریةاألعلىأبو،المودودي1

.لبنانبیروتوالتوزیعوالنشرللطباعةالرسالةمؤسسة

81

تبنيوهي. القرآنبعداالسالميللدستورالثانيالمصدرتعد: الشریفةالنبویةالسنة-2بالفكرةانتقلوكیف. القرآنتضمنهاالتياألحكامبتنفیذیقوموسلمعلیهاهللاصلىالرسولكانكیفالهديضوءعلىالحیاةجوانبمختلفعلىتشرفدولةإلىارتقىمنظمامجتمعافأقام،العملإلى

هيالشریفةالنبویةوالسنةالمسلمینقدوةهووسلمعلیهاهللاصلىفالرسول.القرآنیحملهالذيالربانيالمعاهداتمثلالدستوریةالتقالیدمنالكثیرتتضمنبذلكوهي. للوحيالمباشرالعمليالتجسید

...كثیروغیرهازمنهفيالدولیةوالعالقات. للشورىتنظیمهوكیفیة. الرسولأبرمهاالتيوالمواثیقالراشدینالخلفاءأعمالفيامتدادالهاوجدتالنبویةالسیرة: الراشدینالخلفاءأعمال-3

بسیرتهواهتدوا. والدولةالدعوةفترةطیلةالزموهوسلمعلیهاهللاصلىالرسولصحابةفهم. بعدهمنالمصدرهوواالجماع. أجماعافقهیایعدصحابتهعلیهتفقوما. أیضابهمیقتدونللمسلمینأسوةوهم

ملزمهذاواجماعهم. والدستوریةالقانونیةالمسائلمنكثیرفيقضواوهم. االسالميالتشریعفيالثالثمجالأنهمعناهأمرفيواختالفهم. والسنةللكتابالصحیحالفهمیمثلفإجماعهم. بعدهممنلألمة

.ضاللةعلىیكونالوأخیراأوالواجماعهم. االختالفمنفیهبأسواللالجتهادفياجتهاداتمنالعماءإلیهذهبفیماویتمثلالمصادررابعهو: المجتهدینذاهب-4

الحنفيللسنةاألربعةالمذاهببهاویعني. خاصةالسیاسيالفقهومسائلعامةالفقهیةالمسائلالثالثةالمصادرإلزامملزمةولیستالدینفيحجةلیستبرأیهوهي. والشافعيوالمالكيوالحنبلي.وقواعدهاالسالميالدستورروحفهمفيتساعدلكنها،األولى:االسالميالدستورمسائلالسلطةوحدودالحكمنظاموالمتمثلةالسیاسیةللسلطةاألساسیةالقضایاالبابهذافيالمودوديیتناول

المواطنةمثلالمدنیةوالمسائلالحكامومؤهالتوسیرهاوتشكیلهاتنظیمهاوكیفیةالسلطاتبینوالعالقة.والواجباتاألساسیةوالحقوق

82

؟تعالىهللاأمبأسرهالألمةأمأسرةأولملك؟الحكملمن: الحكممسألةیطرحاألولىالمسألةوفيالغرضلهذاواستعرضتمالبحثفيالجهودبذلتممهماإنكمالحقولعمر: ( المودوديیقول: الحاكمیة

صالحیاتهیحدأنه،تحلیالسلطانهحللتمإذا،لكمیتبینفإنه،سلطاناوأوسعهاألرضفيملكأكبرالدستورفيإذاالحكمفلمن. 1.)إلرادتهیخضعالواحدخارجيعاملمنأكثربهایتمتعالتي

وهو،وحدههللاهيمعانیهابكلفالحاكمیة. تعالىهللاأنه: قطعیةبصورةلقرآنیجیب؟االسالميذاتها.حدفيحاكمیةكلمةفهممنالبدذلكنفهمولكي. الحقیقيوالحاكمالوحیداألصليالحاكمالإذ". المطلقةالسلطة" و" العلیاالسلطة" على،السیاسةعلماءباصطالحالكلمةهذهوتطلقالصالحیاتبكافةوتتمتعالقانونهوحكمهاكانإذاإالحاكمةمجموعةأوالفردیكونأنمعنى

منهاتحدخارجیةلسلطةتخضعالالسلطةوهذه. التامةالطاعةیبادلونهاوالناسمحدودةغیروسلطاتهاالسلطةصاحبیمنحهماهيوالحقوقالسلطةهذهإرادةهووالقانون. صالحیاتهامنشیئاتقتطعأو" تطلقبعبارةإنها. للمساءلةیخضعهأویقیدهقانونمنولیس،یسألوهو. ینتزعهاأنبالتاليوله

الدائرةفيتوجدالالمعنىبهذاوالحاكمیة" . یسألونوهمیفعلعمایسألال" والذي" یریدلماالفعالعنالمنزهوهوالمطلقةالحرةاإلرادةیمتلكوحدهوهوالحاكموهوالقادروهوالخالقهوفاهللا. االنسانیة

یستقیموال. الناسعلىللناسوألوهیةوربوبیةوطغیانعدوانالمعنىبهذابشریةحاكمیةوكل. الخطأ. وشریعتهاهللاإرادةتحكملمإنإسالمیةالدولةلكونمعنىوال. اهللابحاكمیةیؤمنلمهوإنالفردإیمان

التاریخعلىحكموقد" . جاهلیة" البشرأواألمةإرادةإلىیستندالذيالحكمالمودوديویسمي."الجاهلیة"بالراشدةالخالفةزوالمنذاالسالميمنواالرادیةالحتمیةالجوانبفيالشارعهوفاهللا. التشریعوتعني: التشریعیةأوالقانونیةالحاكمیة

ذلكعلىالمودوديویستدل. كفرا،هللالقانونیةالحاكمیةعناالنحرافیعتبروالقرآن. االنسانحیاةثمبینهمشجرفیمایحكموكحتىیؤمنونالوربكفال: ﴿ یقولوالقرآن. األخیرمرجعهالرسولباآلیة

2﴾ تسلیماویسلمواقضیتمماحرجاأنفسهمفيیجدواال

.الجزائرالجامعیة ،المطبوعات، دیوان1985د . ط25ص" االسالميالدستورتدوین: "األعلىأبو،المودودي-1

.65سورة النساء ، اآلیة -2

83

الشریعةحملوالرسول. وسلمعلیهاهللاصلىالرسولوسیرةالقرآنفيمتضمنةاإللهیةوالشریعةملتزم بشرع اهللا وسنة یكنلمإنالفردبإسالمیسلمالواالسالم. طاعتهتجبلذلكوعمالقوالوبلغها

.رسوله محمد علیه الصالة والسالمماالفروضمنفرضاتبقىإنماالحاكمیةهذهولكن: ( المودوديیقول: التنفیذیةأوالسیاسیةالحاكمیة

هذهبتبوؤتعنىالتيللسلطةمالكةأي...سیاسیةحاكمیةأو- واقعیةحاكمیةإلىتستندالدامتوكالةلعبادهیمنحهاتعالىهللاألخرىهيالحاكمیةوهذه. 1.)األمرواقعفيمنصبهاالقانونیةالحاكمیة

اهللاخلیفةهووانما،السیاسیةالحاكمیةیدعيأنیمكنهالالقانونیةالحاكمیةیحوزالفالذي. واستخالفا.نائبهأي

:الجمهوریةالخالفة،وأصلهبذاتهالحاكمهووحدهتعالىالحقأنتقولاالسالمیةالعقیدةنظروجهة: ( المودوديیقول

: مثلمنالخالفةلفظحولدارتالتيالنقاشاتكلیرفضواذ. 2) وممنوحموهوبسواهحكموأنإنا﴿: تعالىقولهفيمنهاویستخلصهباألمانةالخالفةیربط،سابقینأقوامعنمستخلفاالنسانهل

كانإنهاالنسانوحملهامنهاوأشفقنیحملنهاأنفأبینوالجبالواألرضالسماواتعلىاألمانةعرضناأنه( وتعني" خلیفة" االنسانسميولذلك" أمانة" لإلنسانالمفوضةاهللافسلطات. 3﴾جهوالظلوما.4. ) إلیهمفوضحكمهوبل،وأصلهذاتهفيلیسلهاحكمهلكناألرضحاكمبل،أسرةأولفردثابتاحقالیستفهي. االلهیةالملوكحقوقعنتعبیرأوبابویةلیستالخالفةوهذهاألمةأوالجمهوردیمقراطیةلیستلكن. االسالمدیمقراطیةهيوهذه. المسلمینلجمیعمفتوححقالربانیةبالشریعةالمقیدةالحكومةینتخبالجمهورحیث. الجمهورخالفةبلإرادتهاتحكمالتي

یتصفممنبهالألحقاهللایمنحهاخالفةبللهااحتكاراأوللسلطةاغتصابالیستاالسالمیةفالحكومةوقدوللجمیعالجمیععلىمفتوحةفتكون،االلهيالشرعلتحكیموذلك،والورعاالیمانبخصائص

. ، الجزائرالجامعیةالمطبوعاتدیوان، 1985، د.ط 24صاالسالمي) الدستورتدوین( األعلىأبو،المودودي-1

للطباعةاالسالمي، المختارتاریخدونالثانیةالطبعة119صإدریس، أحمد:واعدادترجمة) االسالمیةالحكومة(األعلىأبو،المودودي-2

.، مصرالقاهرة. والتوزیعوالنشر

.72، اآلیة سورة األحزاب–3

.123ص)االسالمیةالحكومة(األعلىأبو،المودودي-4

84

وواجب. االسالمیةبالشریعةمقیدةاألحوالمطلقفيوهي. العامللرأيباقتراعالخلیفةانتخابیجريحالةفيعنهاالخروجإمكانیةیعنيالذيالشيء. القانونیةاهللالحاكمیةبامتثالهامرهونطاعتهابینیحدثقدنزاعكلفيواألخیراألولمرجعهاهواإللهيالشرعویبقى. اإللهيللهديمخالفتها.المسلمین

وسكنىوالبلوغوالعقلوالرجولةاالسالم: هيلإلمارةالمرشحإلنتخابشروطأربعةوالسنةالقرآنویحدد.االسالمدار

:مكوناتهابینوالعالقاتوحدودهاالسلطةصالحیاتهيوما؟تقومكیف،بالسلطةكلهاتتعلق،عدیدةمسائلإلىالبابهذافيالمودوديیتطرق

أعضائها؟مؤهالتهيوما؟مركباتهابینالعالقاتهيوما؟صالحیاتها:اإلمامأواألمیرأوالخلیفةأوالدولةرئیسإلىوسلمعلیهاهللاصلىالرسولمنالسلطةانتقالكیفیةفيلیبحثاالسالميللتاریخالمودوديیعود

فهمهالذيالشيء،وسلمعلیهاهللاصلىالرسولعنهاسكتمسألةأنهاویسجل. الراشدینالخلفاءالة وأقاموالربهم استجابواوالذین ﴿: تعالىلقولهتبعابالشورىمنوطبأنهصحابته شورى وأمرهم الص

ابینهم فالثانياألولالخلیفةوینتخبونیجتمعونالرسولصحابةظلوهكذا. 1﴾ینفقون رزقناهم وممتتمكیفولكن. دستوریانثابتانوالبیعةفالشورىوبالتالي. المسلمینجمهوربیعةویطلبونالرابعإلى

لهذایضعلماالسالمفإن: ( معینةطریقةیحددلمالشرعالجمهور؟رضایحصلوكیف؟البیعةالمسلمینأحوالحسبعلىوالمناهجالطرقمختلفلهنختارأنالممكنومن،محدداطریقاالغرض

.2) األمةجمهورثقةیحوزونالذینمعرفةمنالطرقبهذهنتمكنأنبشرطوحاجاتهم:الشورىمجلسیتشكلكیف

أصحابمنوسلمعیهاهللاصلىالنبيأیامفيتشكلوقد" والعقدالحلأهل" هیئةأیضاویسمیهفأفرزتهمالخدماتوقدموااالسالمسبیلفيضحواممنوالتجربةالخبرةذويومناالسالمإلىالسبق

الشؤونفياالختصاصفألهلوالنفوذالسمعةذويإلىالمفهومامتدذلكوبعدوالممارسةالتجربةمنیمانعالولكنه. باألصواتالبالفطرةانتخابهمجرىهؤالءوكل. الدینعلماءثموالعسكریةالسیاسیة

.38سورة الشورى ، اآلیة–1

.، الجزائرالجامعیةالمطبوعات، دیوان1985، د.ط 50ص" االسالميالدستورتدوین: "األعلىأبو،المودودي-2

85

التيالمباحةالطرقمنأیضاهيالزمانهذافياالنتخابطرقأنشكوال: ( االنتخابإلىاللجوءلكن. 1) المرذولةوالوسائلالحیلمنیستعملمافیهایستعملالأنبشرط،استخدامهالنایجوز

.االنتخابیةوالحمالتالترشیحیرفضالمودودي: التنفیذیةالهیئةأوالحكومةوحدودصالحیات

وتأهیلاإللهیةاألحكامتنفیذفيالرئیسةمهمتهاتتمثل" . األمراء" و" األمرأولي"بعنهایعبروالرسولاهللاطاعةبعداألمرأوليطاعةعبادهعلىاهللاأوجبوقد. لتنفیذهاوأخالقیاتربویاالمجتمع

الشریعةحددتهالذياإلطاروفي. ولرسولههللاأنفسهماألمرأوليبطاعةمشروطةالطاعةهذهولكنالتعیینوصالحیاتوالمراقبةالنظرصالحیةولهمویعاقبونویجازونوینهونیأمرونوحكامأمراءفهم

. الصالحیاتمنوغیرهاوالسلمالحربواعالنالدولیةاإلتفاقیاتوابرام،والعزل:التشریعیةالمجالسحدود

الالهیئةفهذه. تماماكذلكلیساالسالمفياألمرلكن. التشریعفيتتمثلالتشریعیةالهیئةصالحیاتاألحكامبیانمهمتهابل. كلهالمجتمعأواألمیرإرادةأوأعضائهاإرادةحسبأونفسهاتلقاءمنتشرع

فيالمحتواةالكلیةالشرعیةالقواعدمنذاكأوالجانببهذاتتعلقالتيالفرعیةأوالجزئیةالشرعیةولولهلیحقوبالتالي. التنفیذقیدلوضعهاالالزمةاللوائحالتشریعيالمجلسویضع.والسنةالكتابمنأكثرتحتملالتياألحكامفيینظركذلك. اإللهيللشرعمخالفاقانونایضعأنأعضائهكلبإجماعسكتتفیماجدیدةقوانینویضع. آخرعلىلتأویلاألرجحیةیعطيأنوله. ذلكفيالمرجعویعدتأویل. االجماعفيوالالسنةفيیردلمومماعلیهالقیاسیمكننصأو،نصفیهیردولمالشریعةعنه

.شرعیةكلیةقواعدلهتضعولمالشریعةأباحتهفیماالناسمصالحیراعيكذلك:القضائیةالسلطةعملحدودقانوناویعد. وحدودهاهللاأحكامتنفیذفيالقاضيأعمالوتتمثل. القانونیةاهللابحاكمیةعملهایتحددالبالتاليوهو،قائمازالوالقرونمنذاألمةعلماءعلیهأجمعماكلصالحیاتهانطاقفيیدخلبلدفيالجمهورأغلبیةرأتهاوالتيالعلماءطرفمنإجماعفیهالیسالتيالقضایاأما. النظرفیهیعاد

.، الجزائرالجامعیةالمطبوعات، دیوان1985د.ط،56ص" االسالميالدستورتدوین: "األعلىأبو،المودودي-1

86

الشریعةلروحموافقةتكونأنبشرطاالسالميالقانوننطاقفياألخرىهيتدخلفإنهاإسالميملزمةالقضائیةالسلطةفإن،المجتمعفياألغلبیةمعتتفقالالتيالفرقوبخصوص. االسالمیة

.الشخصیةلألحوالقانونهاأنهعلىالفرقهذهفقهبتطبیقأما. الشخصیةلألحوالالخاصقانونهاعلیهایطبقأنأیضابهالمسلمفمنالمسلمةغیراألقلیاتأما

غیراألقلیاتمسألةیناقشكانوقدذلكفيیقولاالسالميالقانونفیظلللدولةالعامالقانونوبیدنابأمرنامستقلونونحناآلن،ولكن... باطالقانوناالقطرهذافينتحملبقینالقد: ( المسلمةإالذلكمعنىیكونال،االسالمقانونغیرقانونافیهاننفذجئناإن،الجدیدةالدولةهذهفيالسلطة

القانونإطارفيللعملتنشأالدولةفمحاكمولهذا. 1)نفوسنابطواعیةاالسالمعننرتدأننا.االسالمي

:الثالثالسلطاتبینالعالقةمنبشيء،ببعضهاوالقضائیةوالتشریعیةالتنفیذیةالسلطاتعالقةعنالحدیثعندالمودوديیقول

زمناالسالميالتاریخاستعراضهعندذلكویتجلى. واضحوغیرمحسومغیرولكنهاالستقاللیةالحلأهلهیئةتعدالرئیسفبعد. بینهافیمامتمایزةالشعبتلككانتوبرأیه. بعدهوالخلفاءالرسولمنتتألفالحكومةأوالتنفیذیةالهیئةوكانت. والتشریعیةاالداریةالمسائلفيالمشورةتقدموالعقد

الهیئاتفيداخلینغیرأشخاصإلىیسندالقضاءوكان. الشورىمجلسأعضاءغیرأشخاصالبالدتداركانتألحكامهووفقااختصاصهمنوهيواالدارةالحكومةیعینالذيهووالخلیفة. السابقة

.االدارةرجالطرفمنبل. وصالحیاتهعملهفيالتدخللهمسموحاكانمافإنه،یعینهمالذيهواألمیركانوانالقضاةأماوظیفةبینالجمعمسموحایكنولم. مواطنمندعوىعلیهترفععندماأمامهیمثلالخلیفةكان

الدولةرئیسصالحیاتتحدیدیتمبحیثاالسالميالدستورتطویرویجوز. العاملأووالوزیرالقاضيالدستوریطرحهومما. مجلسهموقواعدوالعقدالحلأهلانتخابطرقتحدیدوكذلك. واالداریةالقضائیة

؟لألصوللمخالفتهالتشریعيالمجلسسنهقانونایرفضأنللقضاءیمكنهل: هيالمسائلمنالثانيأنحینفياألولعلىالسؤالعلىمحددةإجابةهناكولیس؟ملزمةهيهلالشورىومسألة.علیهاالعتراضحقولهوالعقدالحلأهلرأيبقبولالحاكمألزممنالعلماءمنفلیس

– ،1980طبعة، دون188صاالصالحي،حسن: جلیلترجمةوالدستور)والقانونالسیاسةفيوهدیهاالسالم( نظریةاألعلىأبو،المودودي1

.، لبنانبیروتوالتوزیع، والنشرللطباعةالرسالةمؤسسة

87

:والحقوقالمواطنة:الدولةمواطنوالمؤمنونهموالمسلمون. الذمةوأهلالمسلمین: قسمینإلىاالسالمیةالدولةفيالمواطنونینقسم

وأحكامهاالسالميبالقانونملزمونوهم. إلیهاانتقلواالذینأواالسالمداروسكاناالسالمیةبالرسالةاالسالميالقانونعلیهمیملیهاالتيبالواجباتبالقیاموملزمون. والسیاسیةوالمدنیةوالدینیةالخلقیة

ویشاركوناألمیرحقوحدهمولهم. بأنفسهموالتضحیةاالسالمدارعنبالدفاعیطالبونكما. والفرائض.والعقدالحلهیئةفي. الدولةألحكاموالطاعةالوالءیبدونالذینالمسلمینغیرمناالسالمدارالقاطنونفهمالذمةأهلأما

منمعفیینویعدونواألعمالالوظائففيالمسلمینمعسواسیةوهمومادیةوثقافیةعقیدیةحقوقولهماألحوالقانونعدىماالقوانینمختلفعلیهموتسري. الحربیةواألعمالالجیشفيالمشاركة.الشخصیة

:المدنیةالحقوقاالنسانیةالكرامةفيوالحق. بقانونإالیمسالمقدسحقوهو. الحیاةعلىالحفاظالحقوقهذهوأول

عادلةومحاكمةتهمةدونتسلبفال. الشخصیةالحریةاالسالمویصون. والشخصیةالخاصةوالملكیةوالمعتقدالرأيحریةاالسالمیحميوكذلك. القانونإطارفيالمتابعةوتكون. نفسهعنفیهایدافعالغذاءفيلمواطنیهااألساسیةالحاجاتالدولةوتكفل. السلمیةبالوسائلونشرهعنهوالتعبیرالرأيوابداء.والعجزةوالمعاقینالمحتاجینواعانةوالتعلیموالتربیةالصحیةوالرعایةوالسكنوالعمل

نقد وتقییم : سواء ما تعلق بالشریعة أو الدستور والقانون ، أنه كتب تحت وطأة األحداث –واضح من النص

السیاسیة . بل والتحدیات ، إذ أن كتاب تدوین الدستور االسالمي كتبه المودودي لیرفع تحدي محامي هندي تحدى من یبین أن في القرآن مواد ونصوص قانونیة ودستوریة . وكتب المودودي كتبه في

س كلقانون في ظروف استقالل باكستان والرهان على هویة الدولة الناشئة . ومع ذلك فهو یعالسیاسة واالتصور االسالمي السائد عند أغلب المسلمین والذي ترسب في األذهان منذ االنقطاع عن االجتهاد

88

و تفسح ، والتي لم تتحول إلى مذهب قائم بذاته أواجهاض المحاوالت المتقدمة البن حزم والشاطبي المجال أمام جدیدة تمكن الفكر االسالمي من االنفتاح على التطور على الحداثة . إذ فشلت الحركة االصالحیة ، التي كانت واعدة ، سواء عند الكواكبي أو محمد عبده والطاهر بن عاشور. وعاد الفكر

فة ، ودائما تحت تأثیر التراث الفقهي من جدید على ید رشید رضا في كتابه " الخالإلحیاءاالسالمي األحداث " إلغاء الخالفة " . بل عاد الفكر االسالمي إلى تشدده مع علي عبد الرازق . وال فرق الیوم ،

سواء مع فرج فودة أو نصر حامد أبو زید وذلك منذ طه حسین.فوضى الفتوى ، بل ودائما تحت تأثیر األحداث فالفكر االسالمي الیوم ال یتجاوز حدود الفتوى ، ولنقل

حیث یصل األمر عند المفتي والمفكر الواحد إلى التناقض في نفس الفتوى . ومثال القرضاوي وموقفه من األحداث في مصر وسوریا ، شاهد على ذلك.

من ثم فالسؤال یطرح نفسه عما أضافه المودودي إلى الفكر االسالمي في جوانبه الفقهیة والتشریعیة ؟ ر سوى أنه األول الذي قدم تفسیرا سیاسیا لإلسالم صار من بعده ملهما للكثیر من لن نجد الشيء الكثی

عدى ذلك فقد ظل وفیا للیقینیات األكثر رسوخا في الفكر االسالمي وماالمفكرین والحركات االسالمیة.خاصة فیما تعلق في التشریع بمسألة الحریة واالرادة االنسانیتین یقول في هذا الصدد عیاض بن عاشور : ( إن االرادة االنسانیة في هذا التصور لیست بذاتها قوة مبدعة ، بل هي موثوقة بشدة في

والمبدأ األول في هذا .1النظام الطبیعي ، الذي یقوم ویتطور هو ذاته وفقا للمخطط اإللهي . ) إسارحراسة الدین وسیاسة "ي النظام الیقیني هو الجمع بین الدیني والسیاسي كالقول مثال بأن الخالفة ه

وأنهما توأمان . وال فرق بین ما كان یقوله الماوردي وما قاله "الدین أس والملك حارس" أو القول " الدنیا حسن البنا في بدایة القرن الماضي أن اإلسالم دین ودولة . وهو ما یقوله المودودي ولكن بصورة

یمكن أن نجد حضورا لمفهوم المواطنة بوصفها فاعلة مضاعفة ، الدین هو الحیاة . وفي هذا التصور الومشاركة في القرار السیاسي ، فالناس هم رعایا اهللا . وعندما یتحدث المودودي عنها فهو یشیر إلى رعایا اهللا ، الذین علیهم واجب الطاعة وما دونهم من األقلیات غیر المسلمة فهم ذمیون . والذي یختلف

ففي اعتقاده أنه یجتهد تأثیر من الحداثة الغربیة . وهذا الفكر إذ یفعل ذلك هو التسمیة التي جاءت بخطوة ودون أن یحل المشكالت التي تطرحها باإلسالمویوائم بین االسالم والنوازل. ولكن دون أن یتقدم

تللك النوازل.

،المركز الثقافي العربي ، بیروت ، لبنان .1998، الطبعة األولى 16العقلیة المدنیة والحقوق الحدیثة ) ص –ابن عاشور عیاض ( الضمیر والتشریع –1

89

الفصل الثالث:االسالم والتغییر السیاسي

90

المبحث األول :االنقالب االسالمي

91

االنقالب االسالميعند المودودي :مفهوم التغییر السیاسي

یستعمل المودودي للتعبیر عن تصوره لعملیة التغییر السیاسي االسالمي مفهوم االنقالب . وقد وسم به مؤلفه : " منهاج االنقالب االسالمي " كما تحدث عنه قبل ذلك في ثالثة محاور من كتابه " الجهاد في

. وهذا التقاطع قد یحیل مباشرة على الوسائل سبیل اهللا " . وأشار الیه في العدید من محاضراته وكتبه تمیزت بالنزاع بین –قبل قیام باكستان –العسكریة ویدعو لالستفهام. خاصة وأن الفترة التي كتبا فیها

القومیتین االسالمیة والهندوسیة من ناحیة وبین عموم الشعب الهندي واالستعمار البریطاني. والحقیقة ل مع مفاهیم التجدید والجهاد واالجتهاد ویستعمل أحیانا المودودي مفهوم التغییر. أنه مفهوم مركب یتداخ

والمودودي وان لم یستبعد الوسائل العسكریة تماما كما فعل في كتابه عن الجهاد إال أنه یعطي مفاهیمه یا على داللة أكثر شمولیة مما نتصور. وقد یكون المودودي تعمد االثارة لكونه خطیبا وداعیة وسیاس

استنهاضه. وعلى خالف المفاهیم األخرى و اتصال مباشر مع الجمهور، في مرحلة كانت تتطلب حشده التي كان یعتمد في تبلیغها أسلوبا تفسیریا یبدأه بالمعنى اللغوي ، فالداللة االصطالحیة ، لم یعط

الذي یرمي إلیه من االنقالب حقه من التفسیر ولم یحفل بذلك. و مع ذلك یمكن استخالص المعنىكتاباته ذاتها. إذ یمكن تعریفه بالقول مثال : أنه الجهد الشامل الذي یبدأ بتجدید الدین ثم تأسیس جماعة سیاسیة إلقامة الدولة االسالمیة أو الخالفة اإللهیة والدولة الفكریة. ویمكن اختزال تلك المراحل وتعریفه

لجهد الكلي الرامي إلى إقامة الدولة االسالمیة. أو تعریفه بالسلب بالغایة التي یرمي إلیها كأن نقول إنه افنقول : بأنه العمل الشامل القتالع بنى الجاهلیة على المستویات النفسیة واالجتماعیة والسیاسیة. وفي كل التعریفات یبقى المحدد األساسي هو : الدولة االسالمیة. ووضوح الغایة یجعل السبیل والوسائل

فلما كان االنقالب یعني التمكین لدین اهللا واقامة حاكمیته في األرض ، فإنه ال بد أن یكون أوضح . التحول النوعي الذي عمال منهجیا ، مخططا ومرحلیا . إنه ال یعني التغییر الفجائي ، وال هو بالطفرة أو

لعمل العدائي أو العمل یبیت فیه االنسان على الكفر لیصبح على االیمان. ولیس االنقالب بهذا المعنى االعنیف والمسلح بالضرورة . إنه تغییر هادئ ونقي من الدماء . وهو في االن نفسه تغییر جذري

وشامل . وال تناقض بین طابعه السلمي وطابعه الرادیكالي.

92

:بین التجدید واالنقالب یقف عند حدود التغییر ویمیز بین التجدد الذي یرى فیه مصالحة ومسالمة للجاهلیة بما أنه

والتجدید الذي هو القطیعة التامة مع الجاهلیة . أو هو التغییر الجذري الذي یمس البنى العقلیة الماديوالعادات واألخالق بل والنظام االجتماعي برمته وكذلك النظام السیاسي. وذلك بتنقیة األخالق والعادات

الجاهلیة وباستخالص الحلول الشرعیة للمشكالت دات واآلداب من شوائبقوالسلوك الیومي والمعتالعصریة. ومن ثم فهو انقالب شامل وكلي یطبع كل شعب الحیاة بطابع االسالم : ( التجدید ال یكون عبارة عن التماس الوسائل لمسالمة الجاهلیة وال هو عبارة عن اعمال خلط جدید من االسالم والجاهلیة ،

یة االسالم من كل جزء من أجزاء الجاهلیة ، ثم العمل على احیائه خالصا بل التجدید في حقیقته هو تنق. والعمل الذي قام به في التاریخ االسالمي ، بعد الخلیفة عمر بن عبد 1محضا على قدر االمكان.)

العزیز ، زعماء وعلماء ، من أمثال االئمة األربعة واالمام الغزالي وبن تیمیة وغیرهم هو تغییر جزئي ، نه لم یفضي إلى امتداد سیاسي متمثل في حركة ترفع شعار اقامة الدولة االسالمیة كما هو الشأن مع أل

الغزالي وبن تیمیة. أو ألسباب أخرى بالنسبة لغیرهم . أما التجدید الكامل فیتمثل في ظهور الزعیم الذي یسعى بها للقضاء یأتي بتصور فكري اسالمي خالص یقلب فكر الناس ویطلق حركة ثقافیة وسیاسیة

على سلطة الجاهلیة ویقیم الدولة االسالمیة. وهكذا یتداخل مفهوم التجدید واالنقالب في فكر المودودي . صحیح أن التجدید هو الجهد الذي ینصب على العلم الدیني یستنبط منه الحلول الشرعیة

هذا التجدید المناسبة لألوضاع الراهنة والمستجدة . ولكن الصحیح أیضا أن التغییر السیاسي یستوجب ة لمشاكل مجتمعها كشرط أساسي النطالقه وقیادته وتوجیهه وتتویجه. إن التجدید تخوضه النخبة الواعی

والمدركة لقضایا عصرها فهو یتطلب تشریحا دقیقا للوضع القائم وتشخیص لألمراض واألوبئة الناجمة عن تسلط الجاهلیة . والتجدید هو هذا العمل النفسي واالجتماعي الذي یوفر المناخ الضروري للقیام

یستوجب عمال جماهیریا یمكن من اقتالع باالنقالب . ولكنه مع ذلك لیس انقالبا كامال ، فهذا األخیر الجاهلیة من السلطة وقلب األوضاع رأسا على عقب ، بإقامة دولة االسالم التي ستقودها تلك النخبة لتتویج االنقالب بما تخطه من خطط وسیاسات تسیر علیها الدولة وتنفذها. فیستمر االنقالب حتى

في تهیئة األجواء واالمكانیات الضروریة لالنتقال به إلى التمكین على المستوى الداخلي لیمتد فیما بعدالمستوى الدولي.

.الشهاب ، باتنة ، الجزائردار ، ، د.ط ،د. ت52المودودي ، أبو األعلى (موجز تاریخ تجدید الدین واحیائه) ترجمة : محمد كظم سباق ص–1

93

یستعمل المفهومین أحیانا كما لو كانا ومع ذلك یستحیل وضع خط فاصل تماما بینهما . فالمودودي مترادفین. والواقع أنهما ، على األقل متداخلین إلى حد یصعب معه التمییز بینهما. واألكید أن التجدید ال یعني مجرد االصالح كما أن االنقالب ال یحدث دون تجدید. وكالهما یعني التغییر الشامل الذي یؤدي

دحار الجاهلیة إلى األبد.إلى انبعاث االسالم من جدید وانفي الطبیعة االنقالبیة لدعوة اإلسالم:

ینطلق تصور المودودي للطبیعة االنقالبیة لإلسالم من اآلیة القرآنیة الكریمة : ﴿ یا أیها الناس اعبدوا التي یرى فیها لب الدعوة االسالمیة لالنقالب على األوضاع القائمة .فهي ال 1ربكم الذي خلقكم ﴾

تتضمن خطابا موجها لفئة من الناس أو مصالح وطبقات معینة بل الكالم موجه لكافة البشر على . اختالف ألوانهم ولغاتهم وأوطانهم .وهذه الدعوة العالمیة تتضمن أمرا ربانیا بتوحید األلوهیة والربوبیة

واالمتناع عن اإلشراك والوثنیة ، فال یعبدوا معه أحدا وال یعبدوا دونه أحدا. وهي دعوة إلقامة حاكمیة اهللا في األرض. خاصة وأنها تتقاطع مع اآلیة الكریمة : ﴿ إن الحكم إال هللا . أمر أن ال تعبدوا إال

جاهلیة التي یوجد علیها المجتمع رباني للخروج من حالة ال. وهي نداء 2إیاه . ذلك الدین القیم ﴾االنساني. حالة عبودیة االنسان لإلنسان وألوهیة االنسان على االنسان أو حاكمیة البشر. حالة الفساد والظلم والطغیان التي یدینها القرآن في كثیر من اآلیات التي یحمل فیها الملك شرور العالم. ویعلن

النسان واالرتقاء به إلى مصاف العبودیة الحقة . العبودیة هللا االسالم عن هدفه المتمثل في تحریر االواحد األحد ، مالك الملك ، الذي بیده األمر والحكم. على هذا التعارض بین الحاكمیتین یقیم االسالم

وهذا الطابع الجذري لإلسالم یتجلى من مفهومه (واذا راجعت معاجم اللغة ، علمت أن معنى دعواه .م هو " االنقیاد واالمتثال ألمر اآلمر ونهیه بال اعتراض " وقد سمي دیننا باإلسالم ألنه كلمة اإلسال

. وهذه العبودیة لیست حالة نسك أو تعبد ینقطع فیها االنسان عن 3طاعة هللا وانقیاد ألمره بال اعتراض)ى هذا الدین لیسوا سدنة العالم لحیاة من الزهد والتأمل أو ما یسمیه المودودي " رهبانیة " . والقیمون عل

معبد أو كهانا في كنائس . وال هم ینصرفون للوعظ واالرشاد فحسب .

.21اآلیة البقرة سورة –1

40یوسف -2

.الجزائر،مكتبة رحاب، 1986دون طبعة ، 8ص ) مبادئ االسالم(المودودي؛ أبو األعلى-3

94

مخطئ(والعبادة في االسالم ال تنحصر في إقامة الطقوس والشعائر فحسب ، یقول في هذا الشأن : بل یعد ذلك .1) من یقول ان العبادة إنما هي منحصرة في السبحة والسجادة والمسجد والصومعة

تعبدا ونسكا قد ینتهي بصاحبه إلى حیاة الدروشة والتصوف . العبادة أداء للفرائض كلها وایتاء لألعمال الصالحة مثل قول الحق واجتناب الظلم والتخلي عن الحرام والنصیحة إلخ...وهذه أدنى مراتب

لمؤمن خادما لمواله مخلصا وفیا له العبادة برأیه ، ویضیف : ( ولكن الدرجة األعلى لها هي أن یكون اال یكتفي بتطبیق قوانینه في نفسه فقط ، بل ال یألو جهدا في تطبیقها على غیره أیضا ، و ال یأتمر

.2)بأوامره واحكامه في حد ذاته فحسب بل یستنفد ما وسعه لتنفیذها في العالم كله أیضاالعالم اآلخر والحیاة بعد الموت ، بل هو في واقع االسالم لیس فلسفة في الالهوت تحمل تصورات عن

األمر ثورة على وضع قائم إلقامة واقع جدید. وهو إذ یدعو إلى التوحید یقیم حدا فاصال بین العبودیة الحقیقیة التي هي هللا والتي هي عمل وانطالق في هذا الوجود على طریق العمل الصالح الذي یجعل

عظمة األمانة ، فیعمل على تنفیذ أوامره التي خیر للبشریة جمعاء ، عبودیة من االنسان خلیفة هللا یشعر باالنسان هللا الواحد األحد ، وبین عبودیة الطاغوت والعدوان . فیعمل بذلك االسالم على تحریر االنسان من الجاهلیة وحاكمیة البشر ، سبب كل الشرور والمآسي . فیدرك الطغاة خطورة هذا الدین ویعمدون

حاربته ، وتتجلى طبیعته االنقالبیة. (فدعوة االسالم إلقامة نظامه الخاص تتطلب بداهة زلزلة النظم لماألخرى واقامة نظامه في مكانها ، ومن ثم فقد أمر االسالم أتباعه باتخاذ جمیع أشكال التحرك التي

ایمان أتباعه وعدم تؤدي الى تحقیق هذا الهدف . وقد جعل الفیصل القاطع والعالمة الفارقة بین ایمانهم سؤاال واحدا وجهه الیهم : هل تبذلون أرواحكم وأموالكم رخیصة في سبیل اقامة هذا النظام أم

. وهذا ال یجعل من العبادة برنامجا عملیا 3في ظل النظم الباطلة ؟ )–أیا كان نوعها –تقنعون بالحیاة . إذ ال یستوي االیمان وعدم العمل كما ال یستوي للتغییر فحسب ، بل یصبح التغییر مقیاسا لإلیمان

یستوي االیمان باهللا وطاعة الطاغوت. وهذا ما یسمیه بالشهادة والعمل ضد االیمان . أو بتعبیر آخر الالحق : ( أما الشهادة العملیة فالمراد بها أن تكون حیاتنا العملیة مرآة لألصول والمبادئ التي نعتقدها

دار القلم الكویت1983الطبعة الرابعة )مفاهیم اسالمیة حول الدین والدولة(دودي ؛ أبو األعلى :المو 30ص -1

.نفس المرجع ، نفس الصفحة-2

المختار االسالمي للطباعة ، الطبعة الثانیة دون تاریخ ، 33ص ،ترجمة واعداد :أحمد ادریس ) الحكومة االسالمیة ( المودودي ، أبو األعلى : -3

مصر .، القاهرة ،والنشر والتوزیع

95

. فالشهادة الحق أن یكون العمل مطابق لالعتقاد . وهي ال تكتمل إال إذا تجسد 1وندعو الناس إلیها ) العمل في انقالب حقیقي تقتلع بواسطته نظم الشر: (بل الحق أن هذه الشهادة ال تكتمل وال تؤتي أكلها

من إال إذا تكونت دولة ونهضت على دعائم تلك المبادئ الخالدة التي جاء بها الدین المبین واتخذت إن الطابع .2إقامة الدین غایتها وجعلت إنفاذ الشریعة اإللهیة هدفها األسنى وغرضها األسمى )

االنقالبي لإلسالم ینطلق من مفاهیم الرب واالله والعبودیة والعبادة والدین والتوحید التي ترتبط بالعمل لجاهلیة والشرك وحاكمیة البشر وتدعو في جوهرها للتغییر ألنها تتناقض بطبیعتها الجوهریة ومفاهیم ا

والملك والطغیان . فاإلسالم ذاته یقوم على هذه الثنائیة التي تعكس صراع الخیر والشر. لذلك فاإلسالم لیس دینا طبقیا أو قومیا وهو ال یقف عند حدود رقعة جغرافیة معینة بل هو دین عالمي أو یفضي إلى

االسالم یوما دینا طبقیا أو قومیا وال كذلك الدیانات إقامة دولة على قطعة من األرض . ولم یكن األخرى : (ومن ثم ترى أن دعوة الرسل االنقالبیة لم تتحول قط إلى نزاع وتنافس بین الطبقات ...بل انهم اختاروا طریقا وسطا وجددوا بنیان المجتمع على قواعد العدل والنصفة بحیث یتسنى في دائرتها

ري أن یتمتعوا بحقوقهم الفطریة ویرتقوا بأنفسهم إلى معارج السعادتین المادیة لجمیع أفراد الجنس البش.3والروحیة)

إنه یسعى إلقامة حاكمیة اهللا في األرض التي یسمیها الخالفة االلهیة تارة والدولة الفكریة تارة أخرى. تماعیة یتمثل في تحكیم وهذه الدولة ، هي فكرة في األصل ، بما أن االسالم یحمل تصورا للعدالة االج

الشریعة االلهیة بما یحقق سعادة البشر في الدنیا واآلخرة . وعالمیة هذا الدین ال تؤكد جذریته فحسب . ألن الحلول التي یقدمها لإلنسان ال تنصب على جانب شمولیتهبل تستدعي خاصیة أخرى تتمثل في

دون آخر بل یحمل تصورا لكل شعبة من شعب الحیاة ، في االقتصاد والسیاسة واالجتماع والعمران والمدنیة واألخالق والنفس . وكذلك الشأن بالنسبة لجمیع األدیان السماویة ، فكل منها جاء یحمل رسالة

كانوا –صلوات اهللا علیهم جمیعا –ه الطبیعة االنقالبیة : ( رسل اهللا الكرام شاملة وكل منها یحما هذكلهم دعاة االنقالب والتجدید والتغییر ، تجدید النظم السیاسیة واالجتماعیة والخلقیة واالقتصادیة وتغییرها

.4تغییرا شامال )

الجزائر .،دار الشهاب باتنة، دون تاریخدون طبعة ، 17) ص شهادة الحق(المودودي ، أبو األعلى : -1

.20-19نفس المرجع ص–2

.لبنانبیروت ، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع ،1979الطبعة الثانیة ، 28-27ص ) الجهاد في سبیل اهللا(المودودي ؛ أبو األعلى :-3

.25نفس المرجع ص-4

96

األسالیب ، أو فيشمولیته وجذریته ال یستدعي حتما الرادیكالیة والتطرفلكن االنقالب االسالمي على والسالح بالضرورة . فاإلسالم یتیح حریة المعتقد والرأي ویقبل تعددیة األدیان والمذاهب . وال العنف

یمیز بین القومیات والثقافات . والجهاد في االسالم أوسع من العنف بما یعنیه من بذل للوسع والطاقةوالجهد في سبیل تحویل الفكرة إلى واقع . لذلك یقتضي الصبر والمجاهدة والحوار.

عمل التجدید ومراحل العمل االنقالبي:یلخص المودودي دور المجدد في عملیات عدیدة تهدف كلها إلى إحیاء االسالم وانبعاثه من جدید

تشخیص البیئة التي ینتمي إلیها المجدد وتتمثل فيبتنقیته من كل العناصر الدخیلة علیه من الجاهلیة . أو یقوم فیها بنشاطه التجدیدي . تشخیصا یستهدف معرفة الوباء الذي حل بها . وكیفیة تسربه إلیها ومدى استفحاله فیها. ومعلوم أن للجاهلیة رافدین : تاریخي یعود إلى فترة تحول الخالفة االسالمیة إلى

ن الدین الحق إلى الدنیا ومغریاتها فحل الفساد وتهاوى المجتمع ملك وما ترتب عنه من االنصراف عالى التخلف والشرك والوثنیة والرهبانیة وحیاة النسك . وزاد األمر وباال االستعمار الغربي وما یفعله باألمة من فسخ للهویة وانحالل. وهي أمراض مستعصیة تتطلب تشخیصا صحیحا ودقیقا یحدد مكامن

یمكن التيلتي ینبغي القیام بها الستئصاله . وهو ما یقتضي من المجدد معرفة الناحیةالداء والمهمة اله التدخل فیها. والشروع في عملیة التغییر بالدعوة إلى دین الحق وبیان تصوره وعقیدته وشرعه وأخالقه

اهلیة . واالجتهاد بتقدیم تعلیم اسالمي أصیل وتربیة حقة تعید للمجتمع الروح االسالمیة وتقتلع جذور الجفي الدین لمعرفة كلیات الشریعة والقواعد العامة لتطبیق الشرع على السلوك االجتماعي والتمكین لدین اهللا على المستوى النفسي واالجتماعي . ولكن هذا العمل یجد تتویجه في التطلع السیاسي ، یقول في

عظ واالرشاد وحده بل تلزمه قوة سیاسیة ذلك : ( ان سبیل من أراد اصالح العالم االسالمي لیس الو وینبغي لذلك تكوین الجماعة التي تحمل أعباء مهمة نشر .1لتحقیق الفكر واخراجه الى حیز التنفیذ.)

االسالم بین الناس ومغالبة القوة السیاسیة القائمة سعیا وراء االنقالب السیاسي. فیكون االنقالب الب السیاسي المتمثل في اقامة دولة االسالم . ویعیدنا هذا االجتماعي مقدمة وشرطا أساسیا لالنق

الیه عندما كنا بصدد العالقة بین االنقالب والتجدیدالتحلیل للعمل التجدیدي الى التقاطع الذي أشرنا

المختار االسالمي للطباعة والنشر ،تاریخالطبعة الثانیة دون ،27ص،ترجمة واعداد :أحمد ادریس) الحكومة االسالمیة(المودودي ، أبو األعلى -1

مصر .، القاهرة ،والتوزیع

97

لنؤكد أكثر أن االنقالب یبدأ بمقدمات تجدیدیة وذلك ردا على بعض المحللین الذین ذهبوا الى القول بأن ییر التغییر عند المودودي یبدأ باألعلى في حین تكشف هذه المراحل عن أن التغییر السیاسي مرهون بتغ

البنى القائمة في المجتمع أوال . ویشیر إلى ذلك المودودي في مستهل محاضرته عن االنقالب االسالمي إذ یقول : ( والذین لهم أدنى إلمام بعلوم العمران یعرفون أن الدولة مهما كان وضعها ال

ا طبیعیا ألسباب أخالقیة ونفسیة تتكون وال توجد بالطرق الصناعیة...بل انها تنشأ في المجتمع نشوء ویمكن تلخیص مراحل العمل االنقالبي في ثالثة .1وعمرانیة وتاریخیة وتفاعل هذه األسباب فیما بینها.)

أساسیة :فالعمل االنقالبي یبدأ في صورة تجدید للدین وهذ یعني ظهور المجدد. وقد بشر الرسول صلى اهللا علیه

. ( فعن أبي هریرة ، عن رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم قال :إن اهللا وسلم األمة بظهوره في كل قرن. والمجدد لیس نبیا أو رسوال لكنه 2من یجدد لها دینها)–على رأس كل مائة سنة –یبعث لهذه األمة

ج یحمل نفس الرسالة الربانیة التي جاء بها النبي . تلك النظریة الجامعة بشأن الحیاة االنسانیة والمنهاالشامل لتدبیر أمور الدنیا. وتجدیده للدین یتمثل في الدعوة للدین الخالص . ولكن لما كانت المهمة بهذا الحجم یتطلب األمر بداهة تكوین جماعة تحمل لواء الدعوة ولكنها أیضا تحمل رایة الدولة یقول

لتحلیل والتحریم والتشریع ... المودودي : ( وبدون ارادة الحكم ال معنى للدعوة الى نظریة ما وال معنى لفانه ما لم یتمكن من القوة المطلوبة لتنفیذ طریقته المخصوصة ، ال یمكن أن تقوم لها قائمة في عالم

. فتعمل هذه الجماعة على نشر الدعوة وتغییر واقع الناس وأخالقهم وعاداتهم بتحكیم شریعة 3الواقع .)ونشر الوعي بضرورة التغییر الشامل وبالجاهلیة القائمة في اهللا في نفوسهم وفي عالقاتهم االجتماعیة

الحكم . وشرح أو بیان منهاج االسالم في ادارة الدولة ومشروعه إلقامة العدل. لتأتي مرحلة االنقالب أي التغییر السیاسي الذي ینتهي بإقامة الدولة االسالمیة أو الخالفة االلهیة. وهي مرحلة تتطلب جهودا

الوزراء وأهل الحل والعقد والقضاة وحكام األقالیم ورؤساء االدارات المختلفة في الدولة من األمیر و الشامل في االدارة والوزارة والقضاء والتشریع والتعلیم وباقي مختلف مجاالت الحیاة.إلحداث التغییر

سوریا.،دمشق،دار الفكر، تاریخدون طبعة دون ، 6ص المودودي ؛ أبو األعلى ( منهاج االنقالب االسالمي )–1

مكتبة المعارف للنشر ، 1998الطبعة األولى ، المجلد الثالث ، 23ص ، 4291حدیث رقم )صحیح سنن أبي داود ( محمد ناصر الدین األلباني -2

والتوزیع الریاض السعودیة.

الجزائر.، باتنة ،دار الشهاب للطباعة والنشر، دون طبعة دون تاریخ ،40-39ص ) موجز تاریخ تجدید الدین واحیائه(المودودي؛ أبو األعلى –3

98

فیستمر جهاد الحكام في نشر وبسط االسالم. غیر أن مشروع االسالم ال یتوقف عند هذا القطر أو بل هو یستهدف " فتح " العالم أو مواصلة الفتوحات االسالمیة التي انقطعت منذ وثبة الجاهلیة . فغایة

االسالم هي هدم جمیع النظم المناقضة لمبادئه واقامة حكم االسالم. وأینما كان هذا الحكم قائما ، یستهدفه االسالم للوصول إلى االنقالب االسالمي الشامل ، الذي یعم المعمورة. ولكن هذا هو الهدف

االسالمیة والجماعة األسمى أما االنقالب القطري فهو البدایة والمنطلق. وبالتالي فمهمة الحكومة االسالمیة ال تتوقف عنده. ( وذلك أن فكرة انقالبیة ال تؤمن بالقومیة ، بل تدعو الناس جمیعا الى سعادة وفالح الناس أجمعین ، ال یمكنها أصال أن تضیق دائرة عملها في نطاق محدود من أمة أو

عالمي غایتها التي تضعها نصب قطر، بل الحق أنها مضطرة بسجیتها وجبلتها أن تجعل االنقالب الحسب المودودي فاإلسالم هو البدیل الحضاري والعقائدي والخلقي والسیاسي البدیل عن . و 1عینها ...)

الوضع الراهن لإلنسانیة البدیل الذي یعید توصیل العالقة بین األرض والسماء وینقذ االنسانیة من وجاهلیته ، ویلخص الغایة كالتالي : ( أن تستأصل براهین الحضارة المادیة ومن نهم االنسان وجشعه

شأفة كل نظام للحیاة أسس بنیانه ووضعت قواعده على االنسالخ من عبودیة اهللا وعدم المباالة بالمسؤولیة األخرویة واالستغناء عن تعالیم االنبیاء وارشاداتهم ، فانه مبید لإلنسانیة مقوض لدعائمها ،

اة مبناه على طاعة اهللا عز وجل واالیمان باآلخرة واتباع الرسل واألنبیاء فإنه وأن تقیم مكانه نظاما للحی.2ال سعادة لإلنسانیة وال فالح اال فیه )

ضرورة التغییر وحاجة المسلمین الى النهوض واالنبعاث:في تشریحه لواقع المسلمین یبدأ المودودي بتفسیر مفاهیم الغلبة والسیادة فیصنفها الى نوعین : معنویة وخلقیة وغلبة مادیة وسیاسیة. ویرى أن النتیجة الحتمیة للقانون الطبیعي هي أن األمم التي تحسن

ذلك تتهاوى وتتراجع الى توظیف ثروتها الفكریة تحقق التقدم والرقي بنوعیه وأن األمم التي ال تفعلالوراء فاسحة المجال لألمم األخرى الستعمارها على المستویین المادي والفكري. والمسلمون الیوم یعیشون عبودیة مضاعفة ، اذ باإلضافة الى االستعمار ابتلوا أیضا باالستعمار والتبعیة الفكریة أو

باد الذي ابتلینا به في القرن الماضي انما كان االستیالب الفكري للغرب والحضارة المادیة. و( االستع.3نتیجة محتومة النحطاطنا الدیني والخلقي والفكري الذي كنا متردین فیه من قرون عدیدة )

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع بیروت لبنان . 1979الطبعة الثانیة 37-36المودودي ؛ أبو األعلى الجهاد في سبیل اهللا ص -1

دون طبعة دون تاریخ دار الشهاب باتنة الجزائر.142المودودي ؛ أبو األعلى : واقع المسلمین وسبیل النهوض بهم ترجمة محمد عاصم الحداد ص –2

.146ص نفس المرجع ،-3

99

دخلت فعلى المستوى الدیني : فالجهل وفساد النظام التعلیمي واستمرار العادات الجاهلیة للشعوب التي . واكتفاء العلماء بالصالحین وتنسك لألضرحة وتبرك االسالم فتفشت الوثنیة والشرك من عبادة

بالسجاالت الفكریة فیما بینهم وانكفائهم عن مهام التجدید واالصالح . وتأثر التصوف بالفلسفات االشراقیة والرواقیة والزرادشتیة وغیرها.

وعلى المستوى الخلقي : فاالنحطاط األخالقي وانتشار الرذائل والمعاصي وانتشار النزعة المادیة واالنتهازیة والفردانیة. بل وتواطؤ األفراد والعائالت من الطبقة مع االستعمار ومساعدته على توسیع

ا یكرس التبعیة الفكریة نطاق استعماره المادي والفكري . واالنبهار بالحضارة الغربیة وبقیمها وعاداتهوالخلقیة لها.

وعلى المستوى الفكري والعلمي : یسجل حالة االنقطاع عن التراث العلمي الذي تركه األولون وعن مواصلته باإلبداع واالنكفاء الى طباعة الكتب القدیمة في حلة جدیدة فحسب ما أدى الى التأخر عن

ض وراحت تغزو العالم. األمم األخرى التي قررت النهو واذا كان هذا واقع األمة فكیف هو حال االنسان ؟ یالحظ المودودي أن الحضارة الغربیة الیوم برغم رقیها العجیب والباهر في میادین العلم والفن والتقنیة والسیاسة والصناعة والتجارة الخ... حتى صارت

ر حتمي ومدوي . فالفراعنة وثمود وعاد واألكاسرة هي " األمة الغالبة " في هذا العصر، هي الى انتحامانه عندما جاء دوره . ولكن لما جاء أجلها انهارت ز والقیاصرة والمسلمون ...كل أدى دور القیادة في

وخارت قواها وخفت بریقها وانتكست . وهذه قوانین هذا الكون الذي ال یعرف السكون . وتلك سنة اهللا من صنیعة هذه الحضارة من آثار الحربین العالمیتین وانتشار األمراض واتساع في خلقه. وما نراه الیوم

دائرة البطالة والفقر ومشكالت التضخم االقتصادي وأزماته الحادة والمستعصیة وفساد النظام العائلي وانفكاكه الشيء الذي یعني أن ساعة أوربا قد دقت. والحقیقة أنه تسلطت علیها شیاطین القومیة وقطع النسل. فالشیطان األول یغلب مشاعر النزاع والخصومة والقتال واالحتیال واالستعمار وسباق التسلح

واالبادة ، والشیطان الثاني یقطع أنسالهم ویعلمهم القسوة .( وانا لیست عندنا وسیلة للعلم بأنه أیة أمة

100

وأن تتولوا یستبدل ﴿تكون آثمة متمردة كأختها المغضوب علیها ستقام في األرض فیما یأتي...أمة ال . وهذه الحالة المتردیة هي التي تستوجب 1)38سورة محمد اآلیة .﴾قوما غیركم ثم ال یكونوا أمثالكم

التغییر وهو حتمي وال مناص منه واال فهالك العالم: ( فالحق أننا بلغنا اآلن مرحلة من مراحل تاریخنا قد أوضحت التجارب فیها أن هذا المزیج من االسالم والجاهلیة الذي أظل نظام حیاتنا الى اآلن ، ال

ا طالت فالبد أن یفضي بنا الى الهالك الكامل في الدنیا واآلخرة ، وقد یمكن أن تطول به الحیاة ، واذولكننا نعلم علم الیقین أن الدواء یكمن في 2أصبحنا ألجله في حالة ال نكاد نهتدي الى مخرج )

االسالم. فالدین االسالمي لیس عقیدة فحسب بل برنامج تفصیلي للحیاة ومنهاج شامل . وهو لیس جزءا أو عقیدة شخصیة كما تذهب الى ذلك النظریة القائلة بالطالق بین الدین والحیاة بل هو : من الحیاة

الدین في الحقیقة لیس جزءا من الحیاة وانما هو الحیاة بأسرها ، وهو روحها الناطقة الحیة ، ومحركها (وهو معیار التفریق الدافعة ، وهو الفهم والشعور والوعي والفكر والنظر واالدراك ،الرئیسي ، وقوتها

.3والصواب . )بین الخطأفي أسلوب التغییر وخصائص االنقالب االسالمي:

إلحداثأسالیب جدیدة إلبداعإن أول ما یلفت إلیه المودودي في هذ الشأن هو ال حاجة للمجدد االنقالب االسالمي . بل لیس له سوى أن یستلهم برنامجه للتغییر من القرآن وسنة النبي وسیرته صلى

اهللا علیه وسلم . واذا نحن استعرضنا سیرة األنبیاء علیهم السالم سنجد أنها ال تخرج عن ثالثة مراحل:أوال: االنقالب الفكري بتغییر معتقدات الناس بالدعوة الى الدین الحق.

ثانیا: تألیف جماعة منظمة تستخدم جمیع الوسائل الحضاریة لبلوغ الحكم وانتزاع السلطة من الجاهلیة. ولذلك یسعى المودودي إلى تحقیق مي لتنطبع شعب الحیاة باإلسالم.ثالثا: إقامة: نظام الحكم االسال

البرنامج التالي :

الجزائر.، دیوان المطبوعات الجامعیة ، دون طبعة دون تاریخ ، 87-86المودودي أبو األعلى : ( نحن والحضارة الغربیة ) ص –1

دار الشهاب لنشر ،دون طبعة ودون تاریخ ،199ص ، ترجمة محمد عاصم حداد) المودودي أبو األعلى : ( واقع المسلمین وسبیل النهوض بهم –2

الجزائر.، باتنة، والتوزیع

المختار االسالمي للطباعة ، الطبعة الثانیة دون تاریخ، 11ص،ترجمة واعداد :أحمد ادریس) الحكومة االسالمیة( المودودي ، أبو األعلى : -3

مصر .، القاهرة ،والنشر والتوزیع

101

تطهیر الفكر وغرس األفكار الصحیحة وتنمیتها في النفوس . وتبین صراط االسالم المستقیم ، -وتجاوز الجمود الفكري ، وتمییز الصحیح والفاسد في الحضارة الغربیة.

تمییز األفراد الصالحین سواء كانوا ممن تحلوا بالثقافة التقلیدیة أو الحدیثة ، واعدادهم لخدمة الدعوة –ونشر االسالم في اطار تنظیمي جامع.

السعي في االصالح االجتماعي وذلك بوضع الكفاءات الضروریة في مختلف شعب العمل الدعوي –ل بتبین أسالیب االسالم في معالجة قضایا االقتصاد واالجتماع وأال یكتفوا في ذلك بالوعظ واالرشاد ب

والسیاسة واألخالق والتعلیم والعدالة وغیرها. إصالح الحكم واالدارة بخوض االنتخابات الدیمقراطیة وتسلیم السلطة للصالحین. –

ویلخص مطالب الدعوة االسالمیة في ثالثة محاور :الدعوة الى التوحید ( توحید األلوهیة وتوحید الربوبیة ). –1الدعوة الى مطابقة األفعال لألقوال بإخالص الدین هللا والتخلص من التناقض والنفاق. –2دعوة البشر كافة إلحداث االنقالب الشامل وانتزاع الحكم من الطواغیت والجاهلیة. –3

ویعدد ألیف الدین الترابي في كتابه ( أبو األعلى المودودي : عصره.. حیاته.. دعوته .. مؤلفاته ) لتمكین له خصائص دعوة المودودي فیشیر الى طابعها العالمي واهتمامها بإقامة الدین كنظام شامل وا

بالتنظیم الدقیق للحركة واتباع أسلوب النقد الذي یتعرض له األعضاء واألمراء على حد سواء. والالفت في هذه الخصائص تجنب الحركة للخالفات بین المسلمین ( والسمة الثامنة لهذه الدعوة هي تجنب

لذلك نرى أن الجماعة االسالمیة الوقوع في الخالفات الفرعیة بین المسلمین كانت فقهیة أو عقائدیة ...و . فلم یكن موقفه من الجماعات االسالمیة األخرى 1تضم في صفوفها الحنفیة وأهل الحدیث سویا )

العاملة في مجال الدعوة متشددا وال هو كان یعتبر الحق معه وحده. وأهم خاصیة یذكرها الترابي هي تور الجماعة في مادته الخامسة یعلن : ( ال یقوم ابتعاد الجماعة عن النعف والتخریب . فیذكر بأن دس

كفاحها للوصول الى غایتها على النشاط السري على غرار الحركات السریة في العالم بل انها تعمل كل .2ما تعمل علنا وفي وضح النهار )

، دار القلم للنشر والتوزیع، 1987الطبعة األولى ، 179ص)الترابي ؛ ألیف الدین : ( أبو األعلى المودودي : عصره.. حیاته.. دعوته .. مؤلفاته –1

الكویت.

.180ص ،المرجع السابق–2

102

لعنف في كل مراحل نشاطها إلى غایة وفاة والواقع أن الجماعة االسالمیة لم تعتمد األسلوب المسلح أو االمودودي . وال عرف عن أعضائها التشدد والتعصب . بل اعتمدت الحوار بالمحاضرات وتألیف الكتب وانشاء المؤسسات العلمیة والتربویة والتركیز في عملها الدعوي على التكوین والتربیة . وخاضت

ظیم الحمالت االنتخابیة والدعائیة . وعقد التحالفات حتى الجماعة العمل السیاسي بدخول االنتخابات وتنمع العلمانیین . وتنظیم المؤتمرات العلنیة ونشر الصحف والجرائد. جمع التوقیعات وارسال البرقیات

مثلما حدث بالنسبة لمعركة الدستور حیث راسلت الجماعة المجلس التأسیسي . تنظیم والرسائل . وكانت الجماعة في كل المشاكل 1)1970ماي 31( شوكة االسالم المظاهرات السلمیة مثل یوم

القانونیة التي تعترضها ، مثل محاكمات المودودي وسجنه والحكم علیه باإلعدام أو حل الجماعة ذاتها ، تتبع األسالیب القانونیة ولم تلجأ الى العنف مرة واحدة . والمرة الواحدة التي دعا فیها المودودي الى

وهكذا نخلص الى أن المودودي سواء في الجهاد كانت تتعلق بقضیة كشمیر لصد العدوان الهندي.تحلیله لمفهوم الجهاد في االسالم أو في دعوته لالنقالب لم یستعمل العنف ولم یشر الیه صراحة ولكنه

ول بجهله وتخلفه في اآلن نفسه لم ینبذه تماما. ولعله لم یكن بحاجة الیه في مجتمع كان المودودي یقالشيء الذي یكفي معه تعلیمه وتربیته ، دونما حاجة للعنف. ولكن هذا ال یمنع من القول بأن أفكاره

شكلت مقدمات للتكفیر والتطرف والعنف .

دار القلم للنشر والتوزیع 1987األولى الطبعة 158الترابي ؛ ألیف الدین : ( أبو األعلى المودودي : عصره.. حیاته.. دعوته .. مؤلفاته ) ص -1

الكویت.

103

:ثانيالمبحث الالجهاد في االسالم

104

الجهاد في االسالمالجهاد في اللغة واألصول:

بذل الجهد تحدد القوامیس العربیة الجهاد بمعان عدیدة منها بذل الوسع والطاقة في نشر الدعوة . ومنها وعلى مجاهدة الشیطان بدفع ما یأتي ، ویطلق على مجاهدة النفس بتعلیم أمور الدین، في قتال الكفار

وهو بهذه الدین الحق.. ویعرفه الجرجاني بأنه الدعاء إلىبه من الشبهات وما یزینه من الشهواتالمعاني یعادل االجتهاد ویرادفه من حیث أن هذا األخیر كما تحدد تلك القوامیس هو اآلخر بذل للجهد

بذل (والوسع والطاقة في أمر ما . ویلخص هذه المعاني الدكتور محمود عبد الرحمان عبد المنعم : ، ثم العمل بها ، ثم على تعلیمها الجهد في قتال الكفار، ویطلق على مجاهدة النفس بتعلیم أمور الدین

. 1)،وعلى مجاهدة الشیطان بدفع ما یأتي به من الشبهات... والحقیقة أن الجهاد في االسالم مفهوم واسع وشامل ال ینحصر في الوسائل الحربیة وهو ال یرادفها.

مقاصد االسالم وأهدافه الكبرى وغایاته السامیة وبین فاإلسالم یمیز بین المفهوم الذي یرتبط أكثر بالوسائل . وفي االسالم الوسائل عدیدة ومتعددة . واالسالم یضع األولویات في استعمال الوسائل

ویفاضل بینها . وهكذا مثال ال یربط بن تیمیة الجهاد بالوسائل بل یبقي مفهومه أوسع ، إذ هو یدل عنده ل الوسع ، واالجتهاد في تحصیل ما یحبه اهللا من االیمان ودفع ما یكرهه من على معان عدیدة منها بذ

الكفر والعصیان كما أنه األمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ویضیف لتلك المعاني ، القتال في سبیل صلي أن ال یعبد إال اهللا؛ فال یدعو غیره، وال ی( ویوسع أكثر في المعنى أكثر مما نتصور إذ یقول :اهللا.

لغیره وال یسجد لیغره وال یصوم لغیره، وال یعتمر وال یحج إال لبیته، وال یذبح القرابین إال له، وال ینذر إال .2)له، وال یحلف إال به، وال یتوكل إال علیه، وال یخاف إال إیاه، وال یتقي إال إیاه،...

أو بین جهاد هجومي وجهاد دفاعي. وقد اختلفوا في لب . جهاد دفع ، وجهاد طویمیز العلماء بین ال یتعین إال هلى أنعاتفقواوقد بین من یقول بأنه فرض عین وبین من یقول بأنه فرض كفایة، حكمه

في ثالث حاالت :

الفضیلة للنشر والتوزیع الجزء األول دون طبعة ودون تاریخ .دار 543ص ) معجم المصطلحات واأللفاظ الفقهیة(د . محمود عبد الرحمان عبد المنعم –1

.القاهرة مصر

ون د35المجلد 368جمع وترتیب عبد الرحمان بن محمد بن قاسم وابنه محمد ص) مجموع فتاوي شیخ االسالم أحمد بن تیمیة ( أحمد ابن تیمیة: -2

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشریف المدینة النورة السعودیة.2004طبعة

105

وكان القتال حتمیا . وحتى في هذه الحالة لم یمنع االسالم إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان . –1الحتمیة.الصلح والهدنة . ما یعني أن االسالم ال یعطي أولویة للقتال . وهذا الشرط یضعه في خانة

ویسقط بخروج االستعمار وتحریر . في حالة االحتالل واالستعمار مع وجوب وقوعه بالفعل–2األرض . كما ال یجوز مالحقته الحتالل أرضه . ألن الجهاد ال یرمي الى االستعمار.

عو إلیه إال إذا صار الزما. أمیر یدعو إلیه . واهللا یوجب الطاعة ألولي األمر . وولي األمر ال ید–3وجهاد النفس عند بن القیم یسبق قتال الكفار ألنه ال قدرة على قتالهم إن لم یجاهد المسلم النفس والهوى ویطرد الشیطان. وانحسار مفهومه في القتال ال تفسره بالتالي سوى عصور التخلف واالنحطاط الذي

ي العدید من اآلیات التي تدعو إلیه وتوجبه . والقرآن یحدد ألم بالعالم االسالمي. وقد ورد في القرآن فشروطه ، فیحدد مثال متى یجب قتال المشركین . ولم یمارسه الرسول صلى اهللا علیه إال بإذن إلهي . وقد ترك الرسول وخلفاءه مثل أبو بكر الصدیق وصایا وخطب تحدد آدابه وحدوده مثل " ال تبقروا

رعا ". بطونا" و " ال تحرقوا ز التصورات الشائعة عن الجهاد:

والجهاد مفهوم أساسي في نظریة المودودي وحضوره فیها سواء على المستوى المفاهیمي أو محتوى تلك شبكة من المفاهیم یستحیل أن یغیب التصورات والحدود منطقي بل وضروري. بل إن نظریته تتألف من

عنها هذا المفهوم بل ویستحیل أن یأخذ معنى غیر المعنى الذي منحته النظریة إیاه . ویدرك المودودي خطورة هذا المفهوم والدالالت التي ارتبطت به ، وهو ال ینكرها . یحاول تهذیبها ، التقلیل من حدتها

ار الغریبة عن االسالم یفرض علیه االقدام على المفاهیم وبخاصة في إطار الدعوة . وطغیان األفكوتقدیمها بشكل یجعلها مقبولة. ویشیر المودودي إلى الدالالت التي أحاطت به نتیجة الغزو الثقافي والتشویه المتعمد للمفاهیم االسالمیة من طرف الغرب. فقد ارتبط في الفكر الغربي ب" الحرب المقدسة "

الحروب الدینیة حیث سفك الدماء والهمجیة والقتال العنیف الذي ال یبعث علیه سوى التي ال تعني سوى

106

التعصب الدیني . وتبعا لذلك ارتسمت في األذهان صورة عن المسلمین بوصفهم جحافل من الهمج تمسك السیوف وتنقض على الكفار تكرههم على الشهادة واال ضرب األعناق وتقطیع األوصال وكافة

حروب ألوان التعذیب واالجرام. وهذه الصورة المصطنعة إنما یرید بها االستعمار إخفاء همجیته في االبادة التي یشنها على الشعوب المستضعفة ، بل وأكثر من ذلك لیطمس في األذهان صورة الحروب الصلیبیة على االسالم. ویقرر المودودي أن االستعمار نجح في ذلك بفضل وسائل االعالم والدعایة

عمار ذاته. ونتیجة الضخمة التي یمتلكها ، وفساد النظام التعلیمي في البالد االسالمیة نتیجة االستانبهار النخبة المثقفة في البالد االسالمیة بمفاهیم الغرب وأفكاره . وینسى هؤالء أن الفتوحات االسالمیة مرت علیها القرون بینما الهمجیة الغربیة ال زالت قائمة برغم ادعاء الغرب الیوم الحضارة والمدنیة.

ون یخجلون من مفاهیمهم وتصوراتهم ، ویسعون ونتیجة لفعل االستعمار في األذهان أصبح المسلملتصحیح تلك الصور بأسالیب باهتة تحور كالم اهللا وتزیف حقیقة الدین االسالمي. ردود یغلب علیها

إنما نحن دعاة ... نبلغ كالم اهللا تبلیغ الرهبان (طابع الدفاع بل والتنكر للذات یقول في ذلك : . ویعتقد المودودي أن األسباب الحقیقیة 1)القتال به فمعاذ اهللا...والدراویش والصوفیة...أما والسیف و

لعدم اكتناه المسلمین وغیر المسلمین لحقیقة الجهاد إنما تعود إلى سببین رئیسیین هما : االعتقاد الشائع أن االسالم نحلة أو مذهب ككل المذاهب األخرى یتمثل فحسب في منظومة من -

یة الممیزة . العقائد االیمانیة والشعائر التعبدوهو خاص بقومیة محددة یدفعها إلى التعصب واالنغالق ومهاجمة اآلخر بغرض فرض -

مفاهیمها الذاتیة علیهم واخضاعهم بالتالي.والمودودي مع الجهاد كما مع جمیع المفاهیم األخرى ینطلق دائما من القول بجهل المسلمین بحقیقة

. الشيء الذي یالحظه علیه أبو الحسن الندوي في كتابه اإلسالم والتصورات االسالمیة ، وتخلفهمالموسوم ب " التفسیر السیاسي لإلسالم في مرآة كتابات األستاذ أبي األعلى المودودي والشهید سید قطب " األستاذ ویقدم بدیال لتصوراتهم تلك ولكنه تصور غریب كما یالحظ ذلك الدكتور محمد عمارة :

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع بیروت لبنان.1979الطبعة الثانیة 7–6األعلى المودودي "الجهاد في سبیل اهللا " ص أبو–1

107

وجدنا لألستاذ أبو األعلى المودودي ... في هذا األمر مذهبا " جدید " ، بل ال نغالي إذا قلنا " غریب (.1)" و"عجیب"

مودودي:مفهوم الجهاد عند الینطلق المودودي في رسم تصوره للجهاد من التذكیر بالطابع االنقالبي الجذري لإلسالم إذ یقول :" بل

. وهذا االنقالب كما 2األمر أن االسالم فكرة انقالبیة ومنهاج انقالبي یرید أن یهدم نظام العالم بأسره " حللناه من قبل ال یستهدف بقعة جغرافیة محددة أو مجموعة بشریة معینة إذ ال تحركه النزعات القومیة وال المرامي االقتصادیة بل هو انقالب في سبیل اهللا. وكذلك یحدد مفهوم المسلم بقوله : " لفظ (المسلم)

فوفه لیكون أداة في أحداث ذلك البرنامج وصف للحزب االنقالبي الذي یكونه االسالم وینظم ص. وهو إذ یبدأ من هذه التحدیدات إنما یفعل ذلك بغیة التأكید أنه ال رهبانیة في االسالم أو 3االنقالبي "

تنسك . فالعقیدة االسالمیة ذاتها إنما هي االیمان بحاكمیة اهللا . بل والسعي إلقامتها في األرض " مملكة اهللا". یه كلمة جامعة تشمل معان متعددة . فاإلسالم تجنب كلمة " الحرب " وكل الكلمات التي تفید والجهاد برأ

القتال فحسب ، لیستخدم كلمة أشمل هي " الجهاد " . وهذا اللفظ یتضمن القتال لكن الجهاد لیس ن لفظ ولیس كل قتال جهاد . وبالتالي فال ترادف بین اللفظین. ویجزم المودودي أمجرد قتال .

الحرب یطلق في الماضي والحاضر على القتال العنیف ولكن العنف الذي یستهدف غایات شخصیة وأغراض ذاتیة . فاالستعمار الیوم یخوض الحروب لالستیالء على خیرات الشعوب المادیة ویسخر

العنصریة طاقاتها البشریة لصالح ازدهار شعوبه ورفاهیتها . والنزاعات االثنیة إنما هي تعبیر عن واالنغالق القومي .

وهذه الحروب بالتأكید ال تسعى لمثل علیا أو قیم مثلى .وان رفعت شعارات من ذلك القبیل فذلك لكي في فرنسا أو روسیا تتستر على جرائمها في حق الشعوب واالنسانیة . والثوار أیا كانت شعاراتهم كما

لها بالهدف والغایة ال بالوسیلة. كذلك ال یرید االسالم الشیوعیة لم یسموا فعلهم حربا بل ثورة ، تمییزالمشروعه أن یكون حربا . فاإلسالم ال یستهدف االستعمار وال هو بالدین القومي.

مجلة "العربي" الكویت .1997الطبعة األولى 29كتاب العربي رقم 93-92د. محمد عمارة " االسالم وضرورة التغییر " ص –1

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع بیروت لبنان.1979الطبعة الثانیة 10األعلى المودودي "الجهاد في سبیل اهللا " ص أبو -2

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع بیروت لبنان.1979الطبعة الثانیة 10أبو األعلى المودودي "الجهاد في سبیل اهللا " ص -3

108

ة جمعاء . وهو دین إنقالبي یستهدف هدم األنظمة القائمة ونسفها من أسسها إلقامة االسالم دین للبشریحاكمیة اهللا أو الدولة االلهیة ، الفكریة والخالفة االلهیة. إن كلمة جهاد تفید ( بذل الجهد والسعي )

. 1)فالجهاد كلمة جامعة تشتمل جمیع أنواع السعي وبذل الجهد (لذلك كان الجهاد كلمة جامعة : والجهاد قد یكون بالقلم لتغییر أفكار الناس ووجهات نظرهم ومیولهم ومذاهبهم وعقائدهم إلحداث انقالب فكري وحضاري. وقد یكون بحد السیف والقتال للقضاء على نظم الطغیان القائمة واقامة نظم العدل

قد یكون بالمال یزكیه االنسان في سبیل انتصار الحق . وقد یكون بالتضحیة بالنفس واالحسان . و وتحمل الشدائد والصعاب.

ثم یرفض التمییز بین الجهاد الهجومي والجهاد الدفاعي . وهو یرى أن ذلك ال یصح إطالقا ألنه ال لقطري فحسب . والجهاد برأیه یصدق سوى على النزاعات القومیة. فالكلمتان برأیه تصدقان في االطار ا

هجومي ودفاعي . هجومي ألن الجماعة والحزب االسالمیین یسعیان لتقویض ممالك األرض جمیعها بدون استثناء ، وتستخدم في ذلك الوسائل القتالیة. ودفاعي ال یذود عن بقعة جغرافیة محددة ، وال عن

خالدة تنطوي على قیم عالمیة ومبادئ كونیة جماعة عرقیة معینة . فاإلسالم حزب یحمل رسالة شاملة علیا ، ویعمل على إقامة المملكة االلهیة فیصون لتلك المبادئ والقیم.

واالسالم ال یرمي من الجهاد إلى استعمار تلك الممالك وال إكراه أهلها على تغییر عقیدتهم ودخول م وازاحتهم عن سلطتهم بوصفها تعبیر االسالم باإلكراه والعنف. وانما یستهدف انتزاع األمر من قادتهعن الطغیان وعن ألوهیة الناس على الناس. یقول في هذا الشأن:

والجهاد عبارة عن الكفاح االنقالبي عن تلك الحركة الدائبة المستمرة التي یقام بها للوصول إلى هذه ( .2)الغایة وادراك هذا المبتغى

. مؤسسة الرسالة للنشر والتوزیع بیروت لبنان.1979. الطبعة الثانیة 13. ص )الجهاد في سبیل اهللا (أبو األعلى المودودي –1

. 11ص نفس المرجع–2

109

غایة الجهاد ومقاصده:حافزه یؤكد أكثر أنها ال تشكل غایته. فلیس والمودودي إذ یؤكد أن الجهاد ال تشكل النزعات القومیة

من االسالم المفاضلة بین قومیة وأخرى وال االنتصار الحداهن على الثانیة. ولیس من مرامه التمییز العرقي. وهذه هي النقطة الجوهریة في خالفه مع حزب الرابطة االسالمیة بقیادة محمد علي جناح التي

دولة ملهند ، إذ كان السؤال المطروح آنذاك : دولة للمسلمین أسعت إلقامة دولة وطنیة لمسلمي اإسالمیة ؟ فأجاب المودودي جازما دولة إسالمیة . وستكون لنا وقفة مع دوافعه السیاسیة ، لنرى خاللها

األبعاد السیاسیة لهذه المفاهیم في الجانب العملي ، الیومي في تاریخ الهند وباكستان الحقا.فاإلسالم رسالة عالمیة لإلنسانیة جمعاء ولیس قومیة منغلقة على ذاتها. واالسالم ال یسعى للملك بل

خلوا قریة أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة قالت إن الملوك إذا د﴿: تعالىهو في واقع الحال یدینه قالفضال عن أنه لیس دینا استعماریا وال یشجع نزوعات الهیمنة واالستغالل . 1﴾وكذلك یفعلون

واالسالم ال یكره اآلخرین على اتباع عقائده . ولكن االسالم یصبح مهددا في وجوده وفي رسالته إن هو ظل تحت حكم الطغیان . فاالستعمار یعمل بشتى الوسائل في المسلمین مسخا وتشویها . وحكم الكفرة

هو الجاهلیة . واالسالم ذاته هو رفض الخضوع لحاكمیة غیر حاكمیة اهللا . فالغایة إذا اهللا . أو لنقل أن الجهاد في االسالم هو في سبیل اهللا. وسبیل اهللا هو الشرط األساس في الجهاد االسالمي . وهو مالزم له، إذ ال یعقل أن یجاهد مسلم ویبذل النفس والنفیس من أجل مآرب

شامل وجامع ومانع بتعبیر المناطقة . فهو جامع یشمل –سبیل اهللا –دنیویة أو أغراض آنیة. واللفظ كل جهد یستهدف إرضاء اهللا ونیل جزاءه . یتجلى ذلك في االنفاق في الخیر والبر . واسداء المعروف للمعوزین والفقراء . وفي كل جهد یؤدى خالصا لوجه اهللا تعالى . والواقع أن حیاة المسلم الحقیقي كد

ل واجتهاد وجهاد وعمل صالح . لكن هذا العمل یفقد قیمته إن لم یكن المسلم مستعدا للبذل وجد وعموللتضحیة في سبیل اهللا.

.34اآلیة ،سورة النمل –1

110

وال یعقل أن تكون الوسیلة بهذا الجهد وكل هذه التضحیة وهذ المشقة والهدف وضیعا. كما ال یعقل تماما أن نصل إلى غایات سامیة بوسائل وضیعة . لذلك ال یكون اسالم المرء تاما إن هو انشغل

یف یكون بأغراض دنیویة تشغله عن سبیل اهللا . وهو یكون منافقا إن تقاعس عن مهمة الجهاد . إذ كمسلما ویقبل حكم الطواغیت . فاإلسالم حرب على الطواغیت مثلما كان حربا على األصنام . واالسالم

بدون جهاد شرك وجاهلیة. والطغیان لغة هو تجاوز الحد . والجهاد هو قتال الطاغوت في سبیل اهللا . ألنه إما أن یقوم حكم اهللا أو

أو فرعون. ولیس المهم التسمیات والتجلیات ، بقدر ما المهم یقوم حكم الشیطان أو الطاغوت أو نمرودهو الروح أو الجوهر أو المضمون. وهكذا كانت مهمة الرسل واألنبیاء عبر التاریخ. وكذلك فعل الرسول، الذي یعد جهاده ملهما للعمل االسالمي وللجماعة والحزب االسالمیین. وهذه الثنائیة هي التي

ي. أي الصراع بین الحق والباطل ، بین الخیر والشر. ویورد المودودي كدلیل على تطبع التاریخ البشر .1﴾الذین آمنوا یقاتلون في سبیل اهللا والذین كفروا یقاتلون في سبیل الطاغوت ﴿ذلك قوله تعالى:

ضرورته وأسسه الشرعیة عند المودودي:یرى المودودي أن االسالم لیس عقیدة كالمیة أو مناسك وشعائر تعبدیة فحسب. والمسلم لیس صوفیا زاهدا یحیا حیاة كنسیة رهبانیة. بل هو نظام كلي وشامل للحیاة. ودعوته عامیة وعالمیة . یقول في

ة الهوتیة...بل األمر دعوة االسالم إلى التوحید وعبادة اهللا الواحد لم تكن قضیة كالمیة أو عقید( ذلك: وبالتالي فاإلسالم یدعو إلى التغییر الشامل. وقد كان العالم مصاب 2.)أنها كانت دعوة إلى انقالب

بأمراض شتى حین البعثة المحمدیة ، جاهلیة وشرك وحمیة عصبیة واستعباد للبشر. وكان العالم منقسم في مكة ، لیحرر الناس من عبودیة البشر. إلى إمبراطوریات تتهدد العرب . وقد بدأ الرسول جهاده

فانصرف إلیه المستضعفون ، الذین أدركوا الفكرة ، التي تحملها الرسالة، والوسیلة. وأدرك المستكبرون الخطر، فشنوا هجماتهم على الرسول . یعذبون أتباعه ، یرمونه بالحجارة ویرمونه بمختلف النعوت .

إلى أن قاتلهم ودخل مكة فاتحا. وصارت الدولة النواة وهو یجاهدهم بالصبر وتحمل المشقة .إمبراطوریة عظیمة. وقدمت النموذج الحضاري الشامل.

.76اآلیة ،النساء سورة -1

. مؤسسة الرسالة للنشر والتوزیع بیروت لبنان.1979الطبعة الثانیة 23أبو األعلى المودودي " الجهاد في سبیل اهللا" ص –2

111

ویستند المودودي على آیات قرآنیة كثیرة یعتمدها في تسویغ مفهومه للجهاد . منها ما هو في العقیدة حیث یأمر 1﴾والذین من قبلكم لعلكم تتقون یا أیها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم ﴿مثل قوله تعالى :

وض ومنها الجهاد". ثم یقرر أن الحاكمیة له وحده وال عبادة اهللا بالعبادة ویحدد بعد ذلك العبادات والفر ما تعبدون من دونه إال أسماء سمیتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل اهللا بها من ﴿لغیره في قوله تعالى :

. وآیات 2﴾إن الحكم إال هللا أمر أال تعبدوا إال إیاه ذلك الدین القیم ولكن أكثر الناس ال یعلمون سلطانقالت إن الملوك إذا دخلوا قریة أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ﴿أخرى تدین الملك مثل قوله تعالى :

الدین كله وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ویكون ﴿أما آیات الجهاد فمنها قوله تعالى : 3﴾یفعلون وكذلكوترمي هذه القراءة إلى تقدیم الجهاد بوصفه خطة ربانیة .4﴾لله فإن انتهوا فإن الله بما یعملون بصیر

وسنة نبویة ، لالنقالب على األوضاع القائمة ، واقامة حاكمیة اهللا في األرض بإعالن الخالفة االلهیة . وهو فرض عین على المسلم یعلنه المسلم في كل زمان ومكان على جمیع األنظمة الجاهلیة. وكل من

بانیة الشاملة ، یصیر عضوا في الجماعة االسالمیة والحزب االلهي ، األممیین . آمن بهذه الدعوة الر منافقا ال فرق بینه وما أن یتكون هذا الحزب حتى یشرع في أداء هذه الفریضة. وكل من یتخلف یعد

وبین الكافر سوى أن هذا األخیر یجاهر بكفره. وهكذا یتطور مفهوم الجاهلیة عنده إلى التكفیر. ألن الجهاد من ماهیة االسالم وال معنى لإلسالم إال به . وهو مقیاس توزن على أساسه عقیدة الفرد والمجتمع . فالمجتمع الذي ال یعیش تحت لواء االسالم یعد جاهلیا ، أما إذا أعلن الجهاد وتخلف عنه

فهو كافر. وال فرق في ذلك بین الفرد والمجتمع . مودودي: نقد مفهوم الجهاد عند ال

یرى محمد سعید رمضان البوطي أن الكثیر من العلماء یعتقدون أن الجهاد بدأ بعد هجرة الرسول صلى اهللا علیه وسلم ألنهم حصروه في معنى القتال ونسوا أن الجهاد الحقیقي إنما هو الذي كان بمكة بالدعوة

أدركت أن الجهاد ، بهذا المعنى بل إنك إذا تأملت،( للحق والصبر والثبات على الحق والمجاهرة به الذي استقر في مكة منذ فجر االسالم ، هو المصدر والمعین لما قد تفرع وتكاثر، من بعد، من أنواع

لیؤكد أن . ویتساءل : هل الجهاد القتالي لدرأ الحرابة أم للقضاء على الكفر؟ 5الجهاد األخرى ) .21البقرة اآلیة سورة -1

.40اآلیة یوسفسورة -2

.34اآلیة النمل سورة –3

.39اآلیة األنفالسورة -4

سوریا. ، دمشق ،دار الفكر،1993الطبعة األولى 21الجهاد في االسالم كیف نفهمه ؟ وكیف نمارسه ؟ ص " د . محمد سعید رمضان البوطي–5

112

. وبعد مناقشة الكفر إال الشافعیةجمهور العلماء من حنفیة ومالكیة وحنبلیة قالوا بأنه لدرأ الحرابة ال مستفیضة ألدلة كل فریق ، ومناقشة أیضا ألدلتهم فیما یخص وجوب المبادرة بالهجوم بمجرد معرفة نوایا العدو بالعدوان أم ینبغي انتظار وقوع العدوان بالفعل ، یؤكد أن الجهاد في حیاة الرسول صلى اهللا

ومن المهم أن تعلم أن كال (في حالت أخرى لینتهي إلى: علیه وسلم كان هجومیا أحیانا ودفاعیاالراجح واألكثر هذین القسمین داخل في القسم الكبیر الذي انتهینا من بیانه ، وبیان أنه المذهب

.1)انسجاما مع النصوص واألدلة ، وهو أن الجهاد القتالي إنما شرع درءا للحرابةویقدم لنا الدكتور محمد عمارة في كتابه الموسوم ب " االسالم وضرورة التغییر " قراءة ، لمفهوم الجهاد كما تصوره المودودي ، تستغربه كما أشرنا إلیه من قبل. ویفسر محمد عمارة مفهوم المودودي بسیاقه

لنزاع القومي ، واضطهاد األقلیة التاریخي المتمثل في ظروف الهند إبان االستعمار االنجلیزي حیث اعن –المسلمة ، وفرض االستعمار لقیمه ومعاییره. واذ یسجل محمد عمارة أن المودودي لم یلزم نفسه

... فالغایة نبیلة ، والهدف مشروع ، لكن الرجل أخطأ (باالجتهادات القدیمة یالحظ علیه : –حق لقتال واالنقالب بدل االجتهاد ، وال یمیز بین الغایة . بهذا المفهوم الذي یحصر الجهاد في ا2)الطریق

. ففي ظل الواقع 3) " "المفید"، و"المشروع"فتجاوز حدود النطاق (والوسیلة أو بین وسیلة ووسیلة . الجدید الذي تعیشه األمة تتطلب صیاغة المشروع الحضاري، العقالنیة االسالمیة المستنیرة . ولذلك :

فعلینا أن نجاهد إلقامة الوطن االسالمي الذي یفوق أوطان اآلخرین في القوة والحضارة والتقدم (وال تدینه "مفهوم المودودي للجهاد ". وهذه القراءة كما نالحظ ال تخوض في المفهوم 4)واالستنارة

. ألنها هي األخرى بقدر بقدر ما تركز على الوسیلة المعتمدة من قبل المودودي في سیاق تاریخي مغایرما تدعي االجتهاد ال تسعى لتغییر البنى الفكریة المترسبة خاصة نتیجة عصور االنحطاط أو ما أسمیه

النزعة المدرسیة. وتتحرك بدافع من الخشیة من النتائج المترتبة عن هذا الخطاب ، فتبرره وتبرءه تماما

سوریا. ،دمشق، دار الفكر 1993الطبعة األولى 110مد سعید رمضان البوطي " الجهاد في االسالم كیف نفهمه ؟ وكیف نمارسه ؟ ص حم.1

مجلة "العربي" الكویت . 1997الطبعة األولى 29كتاب العربي رقم 97الدكتور محمد عمارة " االسالم وضرورة التغییر" ص.2

نفس المرجع ، نفس الصفحة ..3

.99صنفس المرجع .4

113

كما هو الشأن في مقال عمارة عن التكفیر عند المودودي أو مقاله عن الحاكمیة والدیمقراطیة. وینطلق المستشار محمد سعید العشماوي أیضا من المفهوم العام للجهاد ( استفراغ ما في الوسع والطاقة

ویتابع تطور المفهوم تبعا للتنزیل في المرحلتین ، المكیة حیث كان یفید مدلوال 1من قول أو فعل ) معنویا ، تمثل في مجاهدة النفس وتحمل المشقة وعدم طاعة الكفار بالتشبث بالطریق. وبدأ المدلول المادي مع المرحلة المدنیة ، فكان جهادا بالمال عند الهجرة وجهادا بالنفس عندما الحق الكفار

أذن للذین یقاتلون بأنهم ظلموا ﴿لمسلمین إلى المدینة ینوون قتالهم وسحقهم . وكان ذلك بإذن رباني: ا. ویشیر إلى أن الرسول بعد العودة من بدر قال ألصحابه : ( عدنا من 2وان الله على نصرهم لقدیر﴾

ر) ما یعني أن القتال مهما اشتد ال یرقى إلى مجاهدة النفس. كما یشیر الجهاد األصغر إلى الجهاد األكبم الله ورسوله و ﴿إلى أن اآلیة : مون ما حر ال قاتلوا الذین ال یؤمنون بالله وال بالیوم اآلخر وال یحر

لم تسمح بقتال 3﴾وتوا الكتاب حتى یعطوا الجزیة عن ید وهم صاغرون یدینون دین الحق من الذین أ أهل الكتاب بإطالق ، بل عنت (بني قریضة) من الیهود ، إذ غدروا الرسول في موقعة الخندق . واآلیة

اد هو مجاهدة النفس . تربط القتال بدفع الجزیة. ویترتب على ذلك نتائج أهما أن المعني األصلي للجهوالتوسیع الداللي للفظ هو نتیجة للسیاسة ولفعل الفقهاء الذین ارتبطوا بالسلطة السیاسیة. لكن هذه القراءة على أهمیتها ذات طابع سجالي، تجد دائما من یرد علیها . والسجال كما یقول الجابري ال ینتج معرفة

بل هو خطاب حقائق متقابلة. ونستخلص مما سبق أن جمهور العلماء مختلفون حول مفهوم الجهاد وشروطه . لكن ال أحد منهم قدم تصورا عجیبا وغریبا كما قال محمد عمارة . و أحد من العلماء سبق المودودي إلى هذا المذهب الغریب فعال في تصویر االسالم بوصفه دین حربي یسعى لمهاجمة العالم ویتربص به. وال أحد . وال عذر للمودودي في ذلك ، فالفقیه أیا كان یفكر على ضوء ظروف عصره سواء كان بن حنبل أو بن تیمیة أو

ها ما تلك لمفهوم الجهاد في االسالم لیس لقراءتهغیرهما من علماء االسالم . كما نستخلص أن یؤسسها وان كان االسالم نص فعال على الجهاد ودعا إلیه. فضال عن خطورة هذا المذهب والنتائج

موفم للنشر الجزائر. 1990دون طبعة 120المستشار محمد سعید العشماوي ( االسالم السیاسي ) ص -1

.39اآلیة ،الحج سورة –2

.29اآلیة ،التوبة سورة –3

114

االسالمي من تمزق الرهیبة التي تترتب عن العوة إلیه أو تبنیه . یشهد على ذلك الیوم ما یشهده العالمنتیجة انتشار مثل هذه األفكار . ویسجل الدكتور عبد االله بلقزیز في مقدمة كتابه " الدولة في الفكر

مسارا (االسالمي المعاصر " أن الفكر االسالمي یعرف مسارا إنحداریا منذ النهضة العربیة فیقول : نحداریا أو تراجعیا قطعه العقل السیاسي االسالمي منذ لحظته االصالحیة، في القرن التاسع عشر، إلى إ

"االخوانیة"لحظته السلفیة "الجهادیة" في الربع األخیر من القرن العشرین ، مرورا بلحظته االحیائیة . 1)الممتدة منذ ثمانیة عقود ونصف

العام، إال أنه انتهى إلى المعنى الضیق إذ حصره في القتال . واذا المودودي وان انطلق من المفهوم لن یكتفي بالكفار أو كان المودودي ینفي طابع " الحرب المقدسة " عنه ، فإننا نشیر إلى هذا القتال

المشركین أو أهل الكتاب . ألنه بطبیعته یرمي إلى تحویلهم إلى " أهل ذمة " . الشيء الذي استدعى ي هویدي " مواطنون ال ذمیون " . فوازعه الدیني یحرك الوازع الدیني عند اآلخرین أیضا ، كتاب فهم

لشعورهم بأنهم مستهدفون من االسالم ، الذي یروم فرض قیمه ومعاییره. واألدهى من ذلك ، أن هذا لة الوطنیة، الجهاد ینطلق من دیار االسالم ذاتها . یقاتل فیه المسلم المسلم الذي یعیش تحت ظالل الدو

لیصبح حینها تكفیرا وحربا على الردة وسفكا للدماء . وهذا الجهاد یستهدف التنوع على المستویین االسالمي والعالمي . فعلى المستوى األول ، فالمسلمون مذاهب وأحزاب وفرق ، واالختالفات الفقهیة

األهلیة. وما شأن من والحروبكثیرة . وبالتالي فإن من شأن هذا الجهاد أن یلهب الصراع المذهبي ،؟ وماذا عن التعددیة السیاسیة وحریة االعالم في هذه الدولة التي تستهدف فتح خالف هذه الدعوة

﴿ ولو شاء العالم ؟ وعلى المستوى العالمي ، یناقض هذا المفهوم سنة اهللا في خلقه. واهللا تعالى یقول:وهو القائل أیضا : 2﴾مؤمنین یكونواحتى الناس تكره أفأنت لهم جمیعا ربك آلمن من في األرض ك

والقرآن یذكر هذا التنوع بوصفه تعبیرا عن3﴾مختلفینیزالونوالواحدةأمةالناسلجعلربكشاءولو﴿إرادة إلهیة.

مركز دراسات الوحدة العربیة بیروت لبنان.2004الطبعة الثانیة 2د. عبد االله بلقزیز " الدولة في الفكر االسالمي المعاصر " ص–1

.99اآلیة ،یونس سورة –2

.118اآلیة ،هود سورة –3

115

الخاتمة :

116

الخاتمةخاصة وأننا تركناه طیلة الفصول السابقة یفصح عن !واآلن ، ماذا عسانا أن نقول عن فكر المودودي

نفسه بلغته ومفاهیمه وبیانه . دون ان نتصرف فیه أو نقوم بتأویله ، توخیا للموضوعیة في التعامل مع هكذا فكر . وهل انتهینا منه ؟ إنها البدایة ولیست الخاتمة في واقع األمر. فما قدمته إلى اآلن ال یعدو

لى وأولیة عن فكر، فعل في التاریخ المحلي والعالمي .عن كونه مقاربة أو ، لنبحث عن فعل التاریخ فیه. فقد عاش المودودي على ولكن قبل أن نتحدث عن فعله في التاریخ

) وعاصر أحداثا إقلیمیة وكونیة . وكان طرفا في بعضها 1979-1903امتداد القرن الماضي ( اآلن نفسه . یقدم نفسه بوصفه حامل لواء التحریر والتجدید بوصفه داعیة دیني وفاعل سیاسي في

واالجتهاد ، ویعمل على االستنهاض الحضاري. وقد فتح عینیه على االستعمار البریطاني للهند ، والصدام بین االسالم والغرب ، والهیمنة الحضاریة للمفاهیم الغربیة ، وانتشار األفكار والحركات الغریبة

سالمیة من تیارات لیبرالیة وعلمانیة طالت الخالفة االسالمیة وألغتها بقرار من مصطفى عن المرجعیة االكمال أتاتورك . ما فتح الباب أمام مزید من التفرنج بتعبیر رشید رضا. كل ذلك في مقابل حركة

ة إصالحیة لم تفلح في مقاومة التخلف والتحدي الحضاري . وانتشار التصوف والدروشة وعبادة األضرحوالطقوس الغریبة عن االسالم ، خاصة في واقع التنوع الثقافي الشدید في الهند. ونظر الشیخ إلى تجاوب المسلمین مع األحداث العاصفة بهم ، فإذا به : تجاوب انفعالي للمثقفین المتغربین ، وسلبي

لإلنسان عامة .بالنسبة للمثقفین التقلیدیین. وأدرك أن األوضاع جارفة للعالم االسالمي خاصة و فعلى المستوى السیاسي : لم تنتج تلك األوضاع بعد استقالالت الدول االسالمیة سوى دوال وطنیة على الطراز الغربي ، بتأثیر من األفكار الشیوعیة واللیبرالیة ، وبالتالي : ( وهذا ما یؤدي إلى تنحیة القیم

صار دائرة العمل السیاسي على الدجل والكذب الدینیة واألخالقیة السامیة عن المجال السیاسي واقت. وهكذا تم انشاء باكستان على 1والخدعة والتزویر وما إلى ذلك من أخالق المدنیة المادیة الجاهلیة...)

قیم العلمانیة.

، دار القلم للنشر والتوزیع ، الكویت .1987، 1،ط104الترابي ألیف الدین ( أبو األعلى المودودي ..عصره.. حیاته.. دعوته.. مؤلفاته) ص –1

117

وعلى مستوى الحیاة الدینیة فقد تراجعت القیم الدینیة بتأثیر من تلك الجاهلیة الغربیة إلى النطاق في الشعائر والطقوس التعبدیة . ولم تفلح الحركات االصالحیة في الشخصي لألفراد ، لینكمش الدین

تحریك الشعوب باتجاه البدیل االسالمي .وتفشت على المستوى االجتماعي القیم العلمانیة وأنماط من الفكر والسلوك الغریب عن االسالم .

ضاري الشامل.وتراجع التعلیم عن انتاج النخبة الواعیة والقادرة على مواجهة التحدي الحفي هذا الجو من األزمة والصدام تفتقت أفكار المودودي : ( فیتبین مما أسلفنا أن عصر األستاذ المودودي كان عصر التحدیات والتیارات المعادیة لإلسالم والمسلمین ، عصر تنحى فیه االسالم من

.1قیادة ركب البشریة لتحل محلها الجاهلیة الحدیثة...) لمودودي الذي اشتغل في الصحافة في بدایاته ، أن یشد إلیه أنظار النخبة ، هو الذي كان وقد استطاع ا

عصامي التكوین . یقول الندوي : ( وسیكون من االجحاف الكبیر إذا لم نوف حقه من االعتراف بما الذكیة ، لعبته مقاالته هذه ... ومؤلفاته ورسائله المستقلة من دور رائع في إعادة الثقة إلى الطبقة

المثقفة بالثقافة الغربیة ، باإلسالم وبقیمه وتصوراته ، وفي تخلیصها من " مركب النقص " و " نفسیة .2الهزیمة الداخلیة " حیال االسالم وتعالیمه ، مما جعل بعض الكتاب یدعوه " متكلم االسالم " )

ا المسلمون دعوة االسالم ، ویعكس الشعار الذي تصدر مجلته " ترجمان القرآن " : ( أحملوا أیهتوجهاته ورؤاه الفكریة بل ویلخصها.3وانهضوا ، وحلقوا فوق العالم )

وبقدر ما كان إنتاجه الفكري غزیرا ، في مؤلفات ناهزت السبعین كتاب ، كانت أفكاره استجابة لواقع ة في الهند أي قبل قیام متحرك . فتأثرت بحركیة ذلك الواقع . یشهد على ذلك مثال موقفه من الدیمقراطی

باكستان حیث كان یخشى على األقلیة المسلمة من األغلبیة الهندوسیة ، وموقفه منها بعد قیام باكستان ودخوله وجماعته االنتخابات وتنشیط الحمالت االنتخابیة وعقد التحالفات مع األحزاب األكثر بعدا عن

ومساندته فاطمة جناح ، أخت محمد علي جناح ، فيأفكاره مثل األحزاب العلمانیة واللیبرالیة ، بل

، دار القلم للنشر والتوزیع ، الكویت .1987، 1، ط111الترابي ألیف الدین ( أبو األعلى المودودي ..عصره.. حیاته.. دعوته.. مؤلفاته) ص –1

، دار آفاق 1980، 1، ط15األعلى المودودي والشهید سید قطب ) ص الندوي أبو الحسن ( التفسیر السیاسي لإلسالم في مرآة كتابات األستاذ أبي –2

الغد ، القاهرة ، مصر .

، دار 1999، المجلد األول ، الطبعة الرابعة 206د. مانع بن حماد الجهني ( الموسوعة المیسرة في األدیان والمذاهب واألحزاب المعاصرة ) ص –3

زیع ، الریاض ، السعودیة.الندوة العالمیة للطباعة والنشر والتو

118

ترشحها للرئاسة بباكستان ، وذلك على الرغم من موقفه المبدئي من اعتالء المرأة المناصب في أجهزة لن یفلح قوم ولوا أمرهم ﴿34النساء ﴾الرجال قوامون على النساء ﴿–الدولة . ( هذان النصان

رئاسة كانت أو وزارة أو عضویة –یقطعان بأن المناصب الرئیسیة في الدولة –رواه البخاري ﴾امرأة . ما یعكس التناقض بین 1ال تفوض إلى النساء .) –مجلس الشورى أو إدارة مختلف مصالح الحكومة

التصور االستراتیجي واألداء التكتیكي . ویغلب في شخصه الجانب السیاسي على الجانب العلمي ، دیني واألخالقي .فضال عن ال

وقد تصدرت فكره نظریته عن الحاكمیة ـ التي أراد من خاللها إحیاء الخالفة الراشدة كتعبیر عن التطلع على حسب ه ت ل ث م أ و ه ت ج ذ م المشترك لذلك العصر الذهبي الذي ساهم المخیال ( على األقل السني ) في ن

تعبیر محمد أركون. ویقول هذا األخیر:( یبدو ، ظاهریا، أن المجتمعات االسالمیة قد حسمت الموضوع األمة الذي كان محمد قد أوجده في المدینة...نجد أنه حتى تلك المجتمعات -لصالح نموذج المجتمع

نفسه ، بشكل صریح ، عن التي تدعي أنها تسلك الطریق االشتراكي للتنمیة ، فإنها تعبر في الوقت . ویفسر أركون الجهد البسیكولوجي واألدبي الذي بذله 2.) لإلسالمإرادتها العنیفة في أن تبقى مخلصة

الوعي االسالمي لتحویل الفترة النبویة وفترة الخالفة الراشدة إلى عصر أسطوري تدشیني بغایة الحفاظ ائم بینها وبین السلطات السیاسیة الساعیة وراء الشرعیة على مكانة السیادة العلیا في إطار التوتر الد

الدینیة. لكنه یسجل أن كل السلطات التي ادعت الشرعیة الدینیة عبر التاریخ االسالمي لم تفلح في الغاء العامل القبلي أو تغییر موازین القوى في إطار الصراع الطبقي. ویالحظ أن السلطة مورست عبر

ما ضمن اطار شعائري ونظام معرفي ذي تركیب میثي . وأن هذا التشكل المیثي التاریخ االسالمي دائیتسع ویتكثف مع االبتعاد عن الفترة التأسیسیة ویضرب مثاال عن ذلك باالنتقال من تسمیة الخلفاء

اب بخلفاء الرسول الى خلفاء اهللا في الدولة األمویة والى متصلین باهللا مباشرة في الدولة العباسیة في ألقما یبین أن السیادة عبر التاریخ االسالمي كله كانت3المعتصم باهللا والمتوكل على اهللا والمنتصر باهللا...

، دیوان المطبوعات الجامعیة ، الجزائر.1985، د.ط 77المودودي أبو األعلى ( تدوین الدستور االسالمي ) ص –1

، مركز االنماء القومي ، بیروت ، 1986، الطبعة األولى 166-165أركون محمد ( تاریخیة الفكر العربي االسالمي) ترجمة هاشم صالح ص –2

لبنان.


119

محل رهانات السلطة السیاسیة برغم ممارساتها األكثر انتهازیة ولعله ما یفسر حسب أركون ظهور لقب في البیئات الشعبیة كتعبیر عن تطلعات هذه الطبقات والفئات المناقضة للسلطة القائمة. ونفهم المهدي

من ذلك أن الفكر االسالمي هو ولید اخفاق الدولة الوطنیة ونخبها في حل مسألة السیادة . وهو إذ ة لتفادي ة یعبر عن هروبه داخل الذات المضخمل ث م ؤ یجیش الوعي بمقوالت التراث ونماذجه الم

المشكالت العدیدة التي تطرحها الحداثة.والى رأي غیر بعید تتجه تحلیالت المفكر المغربي عبد اهللا العروي ، الذي یرى أن الطابع الطوباوي للخالفة وادراك الفقهاء لصعوبة عودتها هو الذي دفعهم عملیا إلى التخلي عن احیائها فاضطروا إلى

م الذي ظل یراودهم في الخالفة. ویستحضر في هذا الصدد تبریرات الفقهاء التعایش مع الملك برغم الحلمثل الغزالي في قوله : ( إننا نراعي الصفات والشروط في السالطین تشوفا إلى مزایا المصالح ولو

.1قضینا ببطالن الوالیات اآلن لبطلت المصالح رأسا ، فكیف یفوت رأس المال في طلب الربح ) ویلفت النظر إلى أن بن تیمیة كان یتكلم أكثر عن تطبیق الشرع من الحدیث عن الخالفة ال دراكه بأن الخالفة الحقیقیة لم تعد قائمة . حتى اختزلت الخالفة في العدل وتطبیق القانون مع ادراك الفقهاء بأن

ق الشرع حرفیا صعب . وحتى في تطبیقهما ال یقیم الخالفة . ویعلل رأیه بالقول : ( والواقع هو أن تطبیفالخالفة لیست نظاما عادیا بل نظام یتجاوز 2حالة التطبیق ال یكون النظام الناجم عن ذلك خالفة )

ویستنتج أن هناك تمایزا 3الطبیعة البشریة : ( الخالفة مثل أعلى ال یتحقق إال بتوفیق والهام من اهللا ) د الشریعة. ومن ثم فالقول بأن االسالم دین ودولة یستدعي النظر بین الدولة والقیمة المتمثلة في مقاص

فإذا ( كنا نعني بالدین تطبیق الشریعة فهذا التأكید صحیح لكنه بعید عن أن یعكس األخالقیة االسالمیة ، وعلى العكس من ذلك إذا كنا نعني بالدین األخالقیة االسالمیة " مقاصد الشریعة " ، فذلك

.4یر صحیح ألن هذا المثال لم یتحقق أبدا عبر التاریخ ) التأكید یبدو غ

، المركز الثقافي العربي ، بیروت ، لبنان . 1998سادسة ، الطبعة ال101نقال عن العروي عبد اهللا من كتابه ( مفهوم الدولة ) ص –1



Laroui Abdallah ( Islam et Modernité ) p.32 ,1ere édition 1990, Bouchène, Alger, Algerie. -4

120

ما یعني أن هناك تمایز جذري بین الدین والدولة یقول في محل آخر مؤكدا على هذا الرأي : ( واذا كان لقد نعم1العقیدة ، یكون لفظ الدولة زائدا )–یقصد العبارة المتداولة " اإلسالم دین ودولة " -یعني

أنشأ االسالم دولة لكن ال شيء یسمح بالتأكید بأن األول مثل روح الدولة وأن هذه األخیرة كانت التجسید لینتهي الى أن هناك تناقضا صارخا بین مثالیة االسالم وذرائعیة الدولة فیقول :الزمني ألخالقیاته.

لذات ، أي ألنها مثل أعلى وتخیل ، ( إن الخالفة هي طوبى الفكر السیاسي االسالمي . لهذا السبب با–ال یجوز أن نقول أنها الدولة االسالمیة ، إن هذه العبارة متناقضة في ذاتها ...تستقیم العبارة " دولة

اسالمیة " في ظروف غیر طبیعیة حیث یصبح االنسان غیر االنسان ... فتتحول الدولة الى ال دولة لة في نطاق الحیوانیة ، غایتها الغلبة والقهر واالستئثار ...أما في الظروف العادیة ، فتبقى الدو

.2بالخیرات ) وال یشد عن هذا الرأي برهان غلیون الذي یذهب إلى أن الدولة وان كانت من نتاج المسار الذي أخده االسالم في التاریخ بعد الهجرة إال أنها : ( لم یكن تأسیس الدولة من شواغل االسالم ، ولیس من

ة تجاهل القرآن والسنة لها. ولفظ " الدولة االسالمیة " ذاته ابتكار معاصر ، فقد أبدعته ووظفته الصدف. وبرأیه أصبح زوال الخالفة تعبیر في 3الحركات االسالمیة المعاصرة للتعبیر عن تطلعها للسلطة )

ن رئاسة دولة بقدر ما كانت الوعي االسالمي عن فقدان القیادة الرشیدة والملهمة. ولكن القیادة التي لم تكقیادة ثورة .

غیر أن القول بالطابع الطوباوي لمفهوم الخالفة ال یعني أن االسالم لم یعرف الدولة أو لم یخض المسلمون في السیاسة. فقد قامت هذه الخالفة فعال. وقد كان الرسول صلى اهللا علیه وسلم سیاسیا فذا،

نیا فجمعت النبوة بین الدنیوي والدیني یقول جعیط ( فالوظیفة استطاع أن یوجه السیاسي توجیها دیالنبویة تؤلف بین الدنیوي والقدسي، بین العالم المرئي والعالم الالمرئي. ویقوم سلطانها على كالم اهللا مثلما یرتكز على التوجیه الفعلي لألمة. وال شك أن العرب ما كان یمكنهم، لوال الحركة النبویة، أن

ا وال أن یتنظموا ویرتفعوا إلى درجة أخالقیة أرفع، وبالتالي ما كان یمكنهم الدخول في التاریخ.یتواجدو

1 - Laroui Abdallah ( Islamisme, modernisme, liberalisme :esquisses critiques ) p.179, 1997 centre culturel arabe

,Maroc.

، الطبعة الثامنة ، المركز الثقافي العربي ، بیروت ، لبنان .120العروي عبد اهللا ( مفهوم الدولة ) ص -2

3 – Ghalioun Burhan ( Islam et Politique – la modernité trahie ) p.31 ,1997,Casbah éditions , Alger, Algerie.

121

.1وعلى هذا النحو، كانت النبوة تطرح نفسها كأمر یمد العرب بأخالقیة وبوحدة وبمصیر)لكن الفترة النبویة ذاتها تحتاج إلى تدقیق تاریخي. ونحن بحاجة إلى معرفة سیر الدولة آنذاك وربما

، خاصة فیما تعلق بالجزیة والخراج، واال كیف نفسر الردة تسییرها االعتراضات التي كان یطرحهاار من أوس وخزرج في وقبلها كیف نفسر اجتماع األنص؟كظاهرة تلت وفاة الرسول صلى اهللا علیه وسلم

سقیفة بني ساعدة والرسول یحتضر؟ وعلى كل لم تكن الخالفة مرحلة نموذجیة تماما كما یقدمها الفقیه. واال كیف نفسر االغتیاالت التي طالت ثالثة من الخلفاء الراشدین؟ أال تحتاج المشاكل التي عرفها عهد

ل فقد عرفت الخالفة الفتنة وعودة العامل القبلي عثمان والتي أدت إلى مقتله إلى اعادة قراءة؟ وعلى كوالمصالح المادیة لتطرح نفسها كعناصر لها حضورها في السیاسة والدولة والتاریخ.

وهكذا نفهم أن تلك الصورة المثالیة النموذجیة كانت عند الفقیه ردة فعل على تردي الواقع وتعفنه منذ التحول إلى الملك العضوض.

وربما كانت تعبیرا ضمنیا عن رفض الفقیه لذلك الواقع الذي اضطر للتعامل معه. ونفهم بالتالي لماذا قال الغزالي (ولو قضینا ببطالن الوالیات اآلن لبطلت المصالح رأسا) وهكذا تكون الیوطوبیا من انتاج

دما یستدعون تلك الصورة التاریخ لتؤدي وظیفة فیه. فالمودودي وغیره من مفكري االسالم المعاصر، عنفي ظروف أقسر وأشد من التي عاشها الغزالي وبن تیمیة فذلك إنما لالنخراط في تلك الظروف والفصل

وبالفعل فقد كان المودودي أمام تحد رهیب یتمثل في وجود فیها بتقدیم بدیل أمثل وأرقى وأكثر نقاء . ستعمار البریطاني ودفع منه عمل الهندوس على االسالم ذاته في شبه القارة الهندیة فبتخطیط من اال

في ظرف كان االسالم تذویب األقلیة المسلمة في المجتمع الهندوسي بل واخراج المسلمین من دینهم.ذاته قد اختلط في أذهان العامة باألساطیر والصوفیة والرهبانیة وعبادة األضرحة وتسلل وانتشار األفكار

م والتي تنسب نفسها إلى االسالم هذا باإلضافة إلى التبشیر واالستشراق والمذاهب الغریبة عن االسالفیكون ابتكار لفظ الحاكمیة في ذاته تعبیر واالنبهار باألفكار اللیبرالیة والشیوعیة والماسونیة والعلمانیة.

عن رد فعل على واقع مرفوض، وفي هذا الجو من األزمة ولدت فكرة الجاهلیة والحاكمیة.

، دار الطلیعة للطباعة 1995، الطبعة الثالثة ، 33صعیط هشام ( الفتنة: جدلیة الدین والسیاسة في االسالم المبكر) ترجمة خلیل أحمد خلیل ،ج-1

والنشر، بیروت ، لبنان.

122

وبدخول الحاكمیة المعترك السیاسي تأخذ المنطلقات التأسیسیة لخطاب جدید یرمي المجتمع بالجاهلیة ویتطلع الى اقامة الخالفة االلهیة، واذا كان قد لقي رواجا فإن ذلك یعود حسب الدكتور عبد الغني عماد

بسیط، یخاطب الفطرة في إلى أنه (یعتبر من الصیاغات السهلة والخطرة في الوقت ذاته، فهو سهل ألنهالمؤمن ویلخص له الحل بكلمتین: "ال حكم إال هللا". وهو خطیر ألنه بتعمیمه الشدید ومعیاریته المطلقة،

.1یفتح الباب الستخدام اسم اهللا وسلطانه بشكل تعسفي واعتباطي) م ذاتها حیث ولكن هذا الخطاب الجدید ینقل الصراع بین دار االسالم ودار الحرب إلى دار االسال

تصبح دار حرب خاصة مع استدعاء مفهوم الجاهلیة. ال نقصد بالطبع أن المودودي نادى للعنف أو استعمله لكن فكره كان مقدمة لكل الحركات التي استحلت دماء المسلمین وأعلنت الجهاد فاستعملت

العنف في دار االسالم.تكفیري كامل یقول عبد الغني عماد: من الواضح فساهمت نظریته في تولید مفاهیم جدیدة وانتاج خطاب

أن نظریة الحاكمیة تتمتع، بمرونة معرفیة تسمح باستخدام مفاهیمها بطریقة تولیدیة، فحیث تنتفي عن سلسلة إلنتاجالمجتمعات "حاكمیة اهللا یصبح أمامنا مجتمعات جاهلیة كافرة. وهذا التحلیل یفتح المجال

.2تبدأ بالجاهلیة المعاصرة، والتكفیر، واالستحالل..) التابعة ، التيالمفاهیممنواذا كان كل من الدكتور محمد عمارة والدكتور عبد الغني عماد یعتبران أن المودودي وقف عند حدود تكفیر الدولة دون أن یتخطاها إلى الفرد والمجتمع ، فإن المودودي یقول بجاهلیة الفرد والمجتمع .

ومطلقة . وهو یعتبر الجهاد واقامة الحاكمیة مقاییس یتوقف علیها اسالم الفرد. والجاهلیة عنده عامة وكذلك بالنسبة لباقي مفاهیمه عن االستخالف والتوحید والعبودیة. فكلها تصب في نفس االتجاه. ولنتذكر موقفه في الشهادة العملیة الذي استدعى رد الهضیبي القائل بأن المسلم یعتبر كذلك منذ اللحظة

التي ینطق بالشهادتین ، وتبعا لذلك یحرم دمه وماله .

2010www.tourathtripoli.orgتشرین األول 21( حاكمیة اهللا: المعطیات، المفهوم والخطاب ) د. عبد الغني عماد -1

نفس المرجع .–2

123

المودودي قائم على ثنائیة االیمان والكفر ، وبها یقیس األشیاء ویحكم على األفكار واألعمال. وفكر ویصعب تصور أن یكون المودودي لم یقدر ما یترتب عن توظیف هذه المفاهیم من نتائج خطیرة .وقد

: ( أنه لم یرد بأیة جاء الرد من نفس الدائرة ، من مرشد االخوان المسلمین ، حسن الهضیبي إذ یقول ...وهكذا یجعل بعض الناس أساسا -یقصد الحاكمیة –آیة من الذكر الحكیم وال ورد في أي حدیث

لمعتقدهم مصطلحا لم یرد له نص من كتاب اهللا أو سنة رسوله ... أساسا من كالم بشر غیر .1مبتسر ومغلوط )معصومین وارد علیهم الخطأ والوهم ، علمهم بما قالوا في األغلب

وبغض الطرف عن مسألة التكفیر المثیرة للجدل ، فإن الحاكمیة تثیر إشكاالت عدیدة منها ثنائیة الحاكمیة اإللهیة والحاكمیة البشریة ، إما االسالم أو حاكمیة البشر بحیث أن وجود إحداهن یستلزم

ستمرار االسالم برغم االستعمار وفي ظل انتفاء األخرى . وذلك على خالف الواقع والتاریخ الذي یشهد باإنا نحن ﴿الدولة الوطنیة التي یرمیها المودودي بالجاهلیة ، وبرغم الملك العضوض ، وهي إرادة اهللا :

. والمودودي یقدم االسالم مشروطا بالدولة ومرهونا بها ، في عالقة 2﴾نزلنا الذكر وانا له لحافظونا وغایة في اآلن نفسه ویصبح االسالم وسیلة سیاسیة لممارسة الحكم تالزمیة تصبح فیها الدولة شرط

والبقاء فیه . وبتحویل االسالم إلى برنامج سیاسي والنزول به إلى المعترك السیاسي تختزل كل أخالقیته ومثالیته في العمل السیاسي وممارسة الحكم. وهو ما یسمیه محمد أركون أكبر عملیة علمنة لإلسالم

الحركات االسالمیة المعاصرة.تقوم بهاوتقوم هذه الثنائیة في فكر المودودي أیضا بین االسالم واآلخر. وهذا اآلخر الذي هو الغرب ، كله كفر والحاد ومادیة ومجون وعلومه وآدابه وفنونه فضال عن أفكاره وفلسفاته ومذاهبه الالدینیة في السیاسة

كلیة ومطلقا. یقول حسن حنفي شارحا موقف المودودي: واالقتصاد واالجتماع مشؤومة یجب رفضها( العلم ، وااللحاد ، والمذهب العقلي ، والمذهب الطبیعي ، والمذهب االجتماعي كلها مذاهب تقوم على

ولقد انهارت حضارة اإلسالم في الهند بسبب!، وجاء المسلمون فأصبحوا عبیدا لهالالخداع والتضلی

www.4shared.comالهضیبي ، حسن اسماعیل : ( دعاة ال قضاة ) . كتاب الكتروني محمل من موقع : –1

.9سورة الحجر، اآلیة –2

124

1االسالمیة من هذا الداء ).یتحرز المسلمون في باقي األقطار لذلك یجب أن.عبودیة المسلمین للغرب

نعرجا في الفكر االسالمي بالقول بأن الحكم والمودودي وحسن البنا وتبعهم سید قطب ، أحدثوا مواالمامة من األصول ولیست من الفروع أو هي من العقائد ولیست من الفقهیات . یقول محمد عمارة :

على أن –بل كل من عدا الشیعة ، حتى الخوارج والمعتزلة –( ...اتفقت كل تیارات الفكر السني . وكأن 2والسیاسة من الفقهیات والفروع ، ولیست من العقائد واألصول.)الحكم والدولة والسلطة

المودودي بذلك یكون قد شیع ( من شیعة وتشیع ) المذهب السني . یقول الدكتور بلقزیز : ( یكون أبو –األعلى المودودي أول مفكر إسالمي حدیث یحدث انعطافا في مفهوم السیاسة والسلطة في االسالم

.3الشیعي ، وفكرة والیة الفقیه ...) ینتهي به إلى أن یتماهى مع مفهوم اإلمامة–خارج الدائرة الشیعیة والمودودي یقول بالطابع الثیوقراطي لدولته لكنه ینفي وجود إكلیروس أو طبقة رجال الدین . ولكنه یغفل أن التفسیر والفتوى واالجتهاد هو بید رجال الدین. وهذا شيء طبیعي یقول البعض فهم أهل اختصاص

ب " الجتهاداتهم " وتفسیرهم له یحتكرون الدین وال یسمحون وهذا صحیح ، ولكن هم إذ یتحكمون فحسبأي اجتهاد من خارج دائرة قراءتهم للدین وبالتالي یحكمون في الواقع ال النص الدیني بل فكرهم الذي اشتغل على النص الدیني . والفرق بین بین الدین والفكر الدیني الذي هو اجتهاد بشري محض. وقد

كنیسة في االسالم ( وهذا رأي یراه كثیرون ) ونقول أن الكنائس لیست مباني یقول بعضهم ولكن ال فحسب ، فالكنیسة في الفكر االسالمي قائمة في األذهان منذ انقطع االجتهاد . في هذه األرثوذكسیة المهیمنة . ولنسمیها باسم قد یكون هو األصح ، فنقول السكوالئیة التي أصابت الفكر االسالمي منذ

. والتي تنتهي اآلن لألسف ال إلقامة دواوین التفتیش بل الغتیال العلماء بل والبسطاء حتى ممن عهودیعیشون سذاجتهم وینغمسون في الیومي في تماه معه. ولنقل أن الدولة التي تضمن حقوق المواطنة

المرأة ءبتبو سمح والتي تفرض القانون الدیني والتي تعامل األقلیات الدینیة باعتبارهم أهل ذمة وال تالمناصب العلیا في الدولة ، وبالتالي ال تسمح بالتعددیة وال بالتعبیر عن الرأي والتداول على السلطة ، دولة لیست مدنیة فحسب بل دولة شمولیة . والمودودي یعترف بذلك بل ویشبهها بالدولة الشیوعیة

والفاشیة.

، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، 1988الطبعة األولى ،213الحركات الدینیة المعاصرة " ص–5" 1981-1952حنفي حسن ( الدین والثورة في مصر –1

مصر.

، شركة نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزیع ، القاهرة ، مصر.2007، الطبعة األولى 99د. عمارة محمد ( االسالم في مواجهة التحدیات ) ص –2

، مركز دراسات الوحدة العربیة ، بیروت ، لبنان . 2004، الطبعة الثانیة 205ي الفكر االسالمي المعاصر ) ص بلقزیز عبد اإلله ( الدولة ف–3

125

المصادر والمراجع : القرآن الكریم .-1

المصادر:المودودي أبو األعلى :

دار موجز تاریخ تجدید الدین واحیائه. ترجمة محمد كاظم السباق ، دون طبعة ودون تاریخ ،-2الشهاب للطباعة والنشر ، باتنة ، الجزائر.

نحن والحضارة الغربیة. دون طبعة دون تاریخ ، دیوان المطبوعات الجامعیة ، الجزائر.-3نظریة االسالم وهدیه في السیاسة والقانون والدستور. ترجمة جلیل حسن االصالحي، د.ط -4

یع بیروت لبنان .، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوز 1980، دار 1971المصطلحات األربعة في القرآن الكریم. ترجمة محمد كاظم سباق، الطبعة الخامسة -5

القلم ، الكویت.، المختار االسالمي للطباعة 1980الحكومة االسالمیة. ترجمة أحمد ادریس، الطبعة الثانیة -6

والنشر والتوزیع القاهرة ، مصر.دنیة الحدیثة. كتاب الكتروني محمل من موقع منبر التوحید والجهاد االسالم والم-7

www.tawhed.ws.، دیوان المطبوعات الجامعیة ، الجزائر.1985تدوین الدستور االسالمي. د.ط -8، مكتبة رحاب ، الجزائر .1986دون طبعة .مبادئ االسالم-9

، دار القلم ، الكویت .41983ط.مفاهیم إسالمیة حول الدین والدولة -101983د.ط ،ترجمة خلیل أحمد الحامدي. حول تطبیق الشریعة االسالمیة في العصر الحاضر-11

دار الرشد الریاض.الجزائر .،دار الشهاب باتنة، دون طبعة دون تاریخ. شهادة الحق-12بیروت ، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع ،1979الطبعة الثانیة . اهللا الجهاد في سبیل-13

.لبنانسوریا.،دمشق،دار الفكر، دون طبعة دون تاریخ. منهاج االنقالب االسالمي -14دار ،دون طبعة دون تاریخ،ترجمة محمد عاصم الحداد .واقع المسلمین وسبیل النهوض بهم-15

الجزائر.الشهاب باتنة

126

:بن تیمیة أحمد الطبعة ،12المجلد .جمع وترتیب عبد الرحمان بن محمد بن قاسم.مجموع فتاوي شیخ االسالم-16

.مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشریف. الریاض ، المملكة العربیة السعودیة 2004األولى وتقدیم وتحقیق د. محمد السید الجلیند ،جمع . دقائق التفسیر الجامع لتفسیر االمام ابن تیمیة-17

مؤسسة علوم القرآن ، دمشق ، سوریا.،1984الجزء الثالث ، الطبعة الثانیة اقتضاء الصراط المستقیم مخالفة أصحاب الجحیم. تحقیق وتعلیق :الدكتور ناصر بن عبد الكریم -18

لریاض، السعودیة.العقل ، المجلد األول ، دون طبعة دون تاریخ، مكتبة الرشد، ا:ابن القیم الجوزیة

، 3ج . ضبط وتحقیق جامع رضوان.مدارج السالكین بین منازل إیاك نعبد وایاك نستعین-19، مؤسسة المختار للنشر والتوزیع ، القاهرة ، مصر .2001الطبعة األولى

جمعه علي الحمد المحمد الصالحي، المجلد الثاني ، د.ط / د.ت .الضوء المنیر على التفسیر-20دخنة، السعودیة.مؤسسة النور للطباعة والتجلید،

:بن حنبل أحمدجمع وتخریج الحافظ محمد بن رزق بن طرهوني ، .مرویات االمام أحمد بن حنبل في التفسیر-21

، الریاض، السعودیة.، مكتبة المؤید1994المجلد الثاني، الطبعة األولى البخاري أبي عبد اهللا محمد بن اسماعیل:

، دار بن كثیر للطباعة والنشر 2002كتاب المناقب . الطبعة األولى -صحیح البخاري-22والتوزیع ، دمشق ، سوریا.

: بن الحجاج بن مسلم القشیري النیسابوريمسلم، 2006، الطبعة األولى اریابي أبو قتیبةنظر بن محمد الفكتاب الجنائز. -صحیح مسلم -23

المملكة العربیة السعودیة.-دار طیبة للنشر والتوزیع بالریاض علي بن محمد حبیب البصري: الماوردي

الجزائر.الجامعیة ،المطبوعات، دیوان1983الدینیة. د.ط ، والوالیاتالسلطانیةاألحكام-24:جعفرالطبري محمد بن جریر أبو

دار الكتب العلمیة ، بیروت . لبنان.، 1986األولى الطبعة الجزء الثالث،. تاریخ األمم والملوك-25بن عبد الوهاب محمد:

مسائل الجاهلیة التي خالف فیها رسول اهللا صلى اهللا علیه وسلم أهل الجاهلیة. وتوسع فیها -26ة السلفیة ومكتبتها ، القاهرة ، مصر.، المطبع1928محمود شكري األلوسي، دون طبعة ،

127

المراجع :العقلیة المدنیة والحقوق الحدیثة .الطبعة األولى –ابن عاشور عیاض .الضمیر والتشریع -27

،المركز الثقافي العربي ، بیروت ، لبنان .1998القاهرة، مصر .، سینا للنشر،1994الطبعة الثانیة .نقد الخطاب الدیني .أبو زید نصر حامد -28، مركز 1986أركون محمد .تاریخیة الفكر العربي االسالمي.ترجمة هاشم صالح .الطبعة األولى -29

االنماء القومي ، بیروت ، لبنان.، دار التنویر للطباعة 1985أوملیل علي. االصالحیة العربیة والدولة الوطنیة. الطبعة األولى -30

ركز الثقافي العربي، الدار البیضاء، المغرب.والنشر، بیروت، لبنان، والمالطبعة .االسالم والسیاسة : دور الحركة االسالمیة في صوغ المجال السیاسي.بلقزیز عبد االله-31

، المركز الثقافي العربي .الدار البیضاء . المغرب2001األولى ، مركز دراسات 2004الدولة في الفكر االسالمي المعاصر.الطبعة الثانیة --------- -32

الوحدة العربیة ، بیروت ، لبنان . ، 1998الطبعة األولى ، المجلد الثالث . صحیح سنن أبي داود. األلباني محمد ناصر الدین-33

مكتبة المعارف للنشر والتوزیع الریاض السعودیة.البوطي محمد سعید رمضان. الجهاد في االسالم كیف نفهمه ؟ وكیف نمارسه ؟ الطبعة األولى -34

دار الفكر ، دمشق ، سوریا. 1993، 1987، 1الترابي ألیف الدین.أبو األعلى المودودي ..عصره.. حیاته.. دعوته.. مؤلفاته. ط-35

الكویت .دار القلم للنشر والتوزیع ، مركز دراسات الوحدة،11996ط . الدین والدولة وتطبیق الشریعة. الجابري محمد عابد-36

.لبنان، بیروت، ةالعربی.سلطات الدولة بین الفكر الدستوري والفكر االسالمي وفكر الجماعات االسالمیة.الشافعي محمد-37

مركز المحروسة للبحوث والدراسات والتدریب والنشر ، القاهرة ، مصر . ،1999الطبعة األولى موفم للنشر الجزائر.1990العشماوي محمد سعید. االسالم السیاسي. دون طبعة -38، المؤسسة 2005الطبعة األولى . أسئلة الحمقى في السیاسة واالسالم السیاسي .النابلسي شاكر-39

، بیروت ، لبنان. العربیة للدراسات والنشرالندوي أبو الحسن. التفسیر السیاسي لإلسالم في مرآة كتابات األستاذ أبي األعلى المودودي -40

، دار آفاق الغد ، القاهرة ، مصر .1980، 1والشهید سید قطب. طي للنشر ، الناشر مكتبة السداو 1992الندوي أبو الحسن. ردة ...وال أبا بكر لها. الطبعة الثانیة -41

والتوزیع ، القاهرة ، مصر ، بالتعاون مع المكتبة المكیة حي الهجرة ، مكة المكرمة ، السعودیة.

128

العروي عبد اهللا. مفهوم الدولة. الطبعة الثامنة ، المركز الثقافي العربي ، بیروت ، لبنان .-42ن موقع : الهضیبي ، حسن اسماعیل. دعاة ال قضاة. كتاب الكتروني محمل م-43

www.4shared.comجعیط هشام. الفتنة: جدلیة الدین والسیاسة في االسالم المبكر. ترجمة خلیل أحمد خلیل، الطبعة -44

، دار الطلیعة للطباعة والنشر، بیروت ، لبنان.1995الثالثة ، االجتهادات والتاریخ. الطبعة األولى –حمیش بنسالم. التشكالت االیدیولوجیة في االسالم -45

، دار المنتخب العربي للدراسات والنشر والتوزیع ، بیروت ، لبنان .1993الحركات الدینیة المعاصرة " .–5" 1981-1952حنفي حسن. الدین والثورة في مصر -46

مكتبة مدبولي ، القاهرة ، مصر.،1988الطبعة األولى ، شركة نهضة مصر 2007، الطبعة األولى 99عمارة محمد ( االسالم في مواجهة التحدیات ) ص

للطباعة والنشر والتوزیع ، القاهرة ، مصر.الكویت . 1997الطبعة األولى 29عمارة محمد. االسالم وضرورة التغییر. كتاب العربي رقم -47للطباعةمصرنهضة،ت. ،دط.االسالم. دوالغرببینالمصطلحاتمعركة--- ------48

.،مصرالقاهرة،والتوزیعوالنشردار السالم للطباعة 2009إزالة الشبهات عن معاني المصطلحات. الطبعة األولى --------- 49

والنشر والتوزیع والترجمة القاهرة مصر.، دار الشروق ، القاهرة ، مصر.1991الطبعة األولى . تیارات الفكر االسالمي--------- 50، مكتبة الشروق الدولیة ، 2004الطبعة األولى . مقاالت الغلو الدیني والالدیني--------- 51

القاهرة ، مصر.، دار 1988الطبعة األولى . الدولة االسالمیة بین العلمانیة والسلطة الدینیة--------- 52

الشروق ، القاهرة ، مصر.، المعهد العالمي للفكر االسالمي ، فرجینیا ، 1996لؤي صافي. العقیدة والسیاسة.الطبعة األولى -53

أمریكا .هشام أحمد عوض جعفر. األبعاد السیاسیة لمفهوم الحاكمیة رؤیة معرفیة. الطبعة األولى -54

، فرجینیا ، المتحدة األمریكیة .، المعهد العالمي للفكر االسالمي1995

129

معاجم وقوامیس وموسوعات ::ابن سیده أبي الحسن المرسي

، دار 2000تحقیق عبد الحمید هنداوي ، الجزء الثالث، الطبعة األولى . المحكم والمحیط األعظم-55الكتب العلمیة بیروت لبنان .

:الفراهیدي الخلیل بن أحمد، دار الكتب 2003الجزء األول ، الطبعة األولى ، تصنیف د عبد الحمید هنداوي. كتاب العین-56

العلمیة ، بیروت ، لبنان .:الفیروز آبادي مجد الدین بن یعقوب

، مؤسسة الرسالة للطباعة 2005، 8ط ، تحقیق محمد نعیم العرقسوسي.القاموس المحیط-57.والنشر والتوزیع ، بیروت، لبنان

:ظور االفریقي المصري أبي الفضل بن مكرمابن منالمجلد الثاني عشر ، د.ط ، د.ت ، دار صادر ، بیروت ، لبنان.. لسان العرب-58

الراغب األصفهاني أبي القاسم الحسین بن محمد: المفردات في غریب القرآن. تحقیق وضبط محمد سید كیالني، دون طبعة دون تاریخ ، دار -59

والنشر والتوزیع، بیروت، لبنان.المعرفة للطباعة:بن درید أبو بكر محمد بن الحسن

، دار 1987، 1له د. رمزي منیر بعلبكي، الجزء الثاني ، طمحققه وقد.كتاب جمهرة اللغة-60العلم للمالیین ، بیروت ، لبنان .

:مجمع اللغة العربیة، مجمع اللغة العربیة ،القاهرة ، مصر.1989الجزء األول ، د.ط ، .معجم ألفاظ القرآن الكریم-60

د . محمود عبد الرحمان عبد المنعم:معجم المصطلحات واأللفاظ الفقهیة. الجزء األول دون طبعة ودون تاریخ . دار الفضیلة للنشر -62

.والتوزیع القاهرة مصرد . أحمد مختار عمر:

، عالم الكتب نشر توزیع 2008الطبعة األولى معجم اللغة العربیة المعاصرة. المجلد الثاني،-63طباعة ، القاهرة ، مصر.د. مانع بن حماد الجهني

الموسوعة المیسرة في األدیان والمذاهب واألحزاب المعاصرة . المجلد األول ، الطبعة الرابعة -64وزیع ، الریاض ، السعودیة.، دار الندوة العالمیة للطباعة والنشر والت1999

130

رسائل جامعیة :الحاكمیة في ظالل القرآن الكریم رسالة ماجستیر في أصول الدین من إعداد عبد الحمید عمر -65

جامعة النجاح –كلیة الدراسات العلیا 2004عبد الحمید عبد الواحد واشراف الدكتور خضر سوندك الوطنیة نابلس . فلسطین .

:بحوث ودراساتأحمد بوعواد. مفهوم الجاهلیة وعالقته بالتكفیر. بحث مقدم للمؤتمر العالمي ( ظاهرة التكفیر : -66

أقامته جائزة األمیر نایف بن عبد العزیز آل سعود العالمیة للسنة الذي العالج )–اآلثار –األسباب ، محمد بن سعود اإلسالمیةالنبویة والدراسات اإلسالمیة المعاصرة ، باالشتراك مع جامعة اإلمام

السعودیة. 22/09/2011-20المدینة المنورة مجالت ودوریات :

هل هناك مفهوم للحكم والسلطة في الفكر االسالمي ؟ .أبو زید نصر حامد-67www.sudaneseonline.com

www.sudansite.netنظریات الحاكمیة في الفكر االسالمي.بسطامي محمد سعید خیر-68www.tourathtripoli.orgعبد الغني عماد. حاكمیة اهللا: المعطیات، المفهوم والخطاب-69مجلة اسالمیة المعرفة . نحو بناء مداخل منهجیة وفقه جدید لمفهوم الحاكمیة .حسنللحساسنة-70

.ألمریكیةالمعهد العالمي للفكر االسالمي فرجینیا الوالیات المتحدة ا2002-28العدد مراجع باللغة األجنبیة :

71- Laroui Abdallah ( Islam et Modernité )1ere édition 1990,Bouchène, Alger.

72- Laroui Abdallah ( Islamisme, modernisme, liberalisme :esquissescritiques centre culturel arabe, Casablanca , Maroc.

73- Ghalioun Burhan ( Islam et Politique – la modernité trahie )1997,Casbah éditions , Alger.

131

فهرس اآلیات القرآنیة

الصفحةالسورة والرقماآلیـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــةالعدد–4017یوسف ﴾إن الحكم إال هللا أمر أال تعبدوا إال إیاه ذلك الدین القیم﴿1

93-111

قة وما 2 ﴿وقال یا بني ال تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرأغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إال لله علیه توكلت وعلیه

﴾فلیتوكل المتوكلون

6717یوسف

قل إني على بینة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به ﴿3إن الحكم إال لله یقص الحق وهو خیر الفاصلین ﴾

5717األنعام

﴿إن الله یأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها واذا حكمتم بین الناس 4أن تحكموا بالعدل إن الله نعما یعظكم به إن الله كان سمیعا بصیرا

سول وأولي األمر منكم * یا أیها الذین آمنوا أطیعوا الله وأطیعوا الرسول إن كنتم تؤمنون بالله فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والر

تأویال ﴾والیوم اآلخر ذلك خیر وأحسن

- 58النساء59

20–21

1621الجاثیةآتینا بني إسرائیل الكتاب والحكم والنبوة ﴾﴿ ولقد5﴿ یا داوود إنا جعلناك خلیفة في األرض فاحكم بین الناس بالحق 6

، اهللا ﴾وال تتبع الهوى فیضلك عن سبیل2621ص

كثیرا ﴿ یؤتي الحكمة من یشاء ومن یؤت الحكمة فقد أوتي خیرا 7وما یذكر إال أولو األلباب ﴾

26923البقرة

724آل عمران﴿آیات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ﴾89

نهم واستغفر لهم وشاورهم في األمر فإذا من حولك فاعف ع عزمت فتوكل على الله إن الله یحب المتوكلین﴾

آل 159عمران

25

132

تابع فهرس اآلیات

الة 10 وأمرهم شورى بینهم ومما ﴿ والذین استجابوا لربهم وأقاموا الصرزقناهم ینفقون﴾

–3825الشورى84

4426المائدة﴿ ومن لم یحكم بما أنزل اهللا فأولئك هم الكافرون ﴾114029یوسف﴾إن الحكم إال هللا أمر أال تعبدوا إال إیاه ذلك الدین القیم﴿ 12المؤمنین اقتتلوا فأصلحوا بینهما فإن بغت إحداهما ﴿وان طائفتان من 13

على األخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت ین ﴾فأصلحوا بینهما بالعدل وأقسطوا إن الله یحب المقسط

930الحجرات

تهم أنفسهم یظنون بالله غیر الحق ظن الجاهلیة ﴾14 15435ل عمرانآ﴿ وطائفة قد أهم5036المائدةأحسن من الله حكما لقوم یوقنون﴾ومن أفحكم الجاهلیة یبغون ﴿153336االحزابوقرن في بیوتكن وال تبرجن تبرج الجاهلیة األولى ﴾﴿16واذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خلیفة قالوا أتجعل ﴿17

الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال فیها من یفسد فیها ویسفك ﴾إني أعلم ما ال تعلمون.

3062البقرة

﴿ فال وربك ال یؤمنون حتى یحكموك فیما شجر بینهم ثم ال یجدوا 18یسلموا تسلیما ﴾في أنفسهم حرجا مما قضیت و

6582النساء

أنفأبینوالجبالواألرضالسماواتعلىاألمانةعرضناإنا﴿ 19﴾جهوالظلوماكانإنهاالنسانوحملهامنهاوأشفقنیحملنها

7283األحزاب

–2193البقرة﴿ یا أیها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم ﴾20111

38100محمدیستبدل قوما غیركم ثم ال یكونوا أمثالكم ﴾﴿ وأن تتولوا 21قالت إن الملوك إذا دخلوا قریة أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ﴿22

سورة ، اآلیة. الصفحة ﴾وكذلك یفعلون –34109النمل

111.

133

تابع فهرس اآلیات

الذین آمنوا یقاتلون في سبیل اهللا والذین كفروا یقاتلون في سبیل ﴿23﴾الطاغوت

76110النساء

فإن انتهوا فإن وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ویكون الدین كله لله ﴿24الله بما یعملون بصیر﴾

39111األنفال

39113الحجأذن للذین یقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدیر﴾﴿25مون ما قاتلوا الذین ال یؤمنون بالله وال ﴿26 بالیوم اآلخر وال یحر

م الله ورسوله وال یدینون دین الحق من الذین أوتوا الكتاب حر﴾حتى یعطوا الجزیة عن ید وهم صاغرون

29113التوبة

تكره أفأنت ألرض كلهم جمیعا ﴿ ولو شاء ربك آلمن من في ا27﴾مؤمنین یكونواحتى الناس

99114یونس

118114هود ﴾مختلفینیزالونوالواحدةأمةالناسلجعلربكشاءولو﴿289123الحجر ﴾إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون﴿29

134

أهم األعالمبملحقعلي أبو الحسن بن عبد الحي بن فخر الدین الحسني مفكر وداعیة إسالمي أبو الحسن الندوي-

ماذا خسر العالم بانحطاط -وال أبا بكر لها ردة..:. من أهم مؤلفاته 1999-1913هندي . 117-106–54–41–6:صالمسلمین ؟

اإلخوان المسلمینمؤسس حركة 1949- 1906أحمد عبد الرحمن محمد الساعاتي حسن البنا -.88–12–6ص : والمرشد األول للجماعة. م1928سنة

مصريإسالميكاتب وأدیب ومنظر 1966-1906إبراهیم حسین الشاذلي سید قطب-ورئیس سابق لقسم نشر الدعوة في مكتب إرشاد جماعة اإلخوان المسلمینوعضو سابق في

–معالم في الطریق: من أهم مؤلفاته.جریدة اإلخوان المسلمینالجماعة ورئیس تحریر –27- 17-12–6. ص:القرآنفي ظاللفي ظالل القرآن-المستقبل لهذا الدین

30–39-50–51–106–124.م أكبر قضاة آخر 1058-974أبو الحسن علي بن محمد بن حبیب البصري الماوردي-

األحكام السلطانیة-أدب الدنیا والدین:من آثاره، من أكبر فقهاء الشافعیة الدولة العباسیة.88–77–54–9ص :

قاد اصالحات1923انتخب رئیسا للجمهوریة في 1938- 1881مصطفى كمال أتاتورك-. 10ص: وحول تركیا الى دولة علمانیة.1924سیاسیة ألغى بموجبها الخالفة العثمانیة في

) عالم دین و فقیه و مجدد إسالمي مصري ، یعد أحد رموز م1905-م1849محمد عبده -التجدید في الفقه اإلسالمي و من دعاة النهضة واإلصالح في العالم العربي واإلسالمي . من

.88-42–10ص : رسالة التوحید. اإلسالم والنصرانیة بین العلم والمدنیة .: مؤلفاتهمحمد في عهد مصرمن قادة النهضة العلمیة في 1873-1801:الطهطاويرافعرفاعة-

ومن أهم كتبه: مناهج األلباب مصرباشا و یعد الطهطاوى أحد رواد الفكر التنویرى في علي.10ص:نهایة اإلیجاز في سیرة ساكن الحجاز.و المصریة في مباهج اآلداب العصریة

الذي أثار اإلسالم وأصول الحكممؤلف كتاب 1966-1888حسن أحمد على عبد الرازق-"اإلجماع في الشریعة سحب األزهر منه شهادة العالمیة، من أثاره أیضا ضجة أدت إلى

.88–10ص : اإلسالمیة"ویعتبر محمد رشید رضا مفكرا إسالمیا من 1935- 1865محمد بن علي رضا رشید رضا -

. محمد عبدهكان صحفیا وكاتبا وأدیبا لغویا. هو أحد تالمیذ الشیخ اإلصالح اإلسالميرواد.116–10ص : "تفسیر المنار" و " الخالفة " مجلة المنارأسس

مؤلفا في 30له مفكر مغربي بارز تخصص في بن رشد 2010-1936محمد عابد الجابري -

135

ت مدخل إلى القرآن في ثالثة مجلدا-نقد العقل العربيقضایا الفكر المعاصر من أهم مؤلفاته .113–74–12. ص :الدین والدولة وتطبیق الشریعة

عین محمد أركون جزائريمفكر وباحث أكادیمي ومؤرخ 2010-1928محمد أركون -بعد حصوله على درجة 1980عام جامعة السوربونأستاذا لتاریخ الفكر اإلسالمي والفلسفة في

. شغل ومنذ العام 1987و1986عام لینبر دكتوراه في الفلسفة منها، وعمل كباحث مرافق في تاریخیة من مؤلفاته .لندنمنصب عضو في مجلس إدارة معهد الدراسات اإلسالمیة في 1993

الفكر -اإلسالم: األخالق والسیاسة-علمیةالفكر اإلسالمي: قراءة الفكر العربي اإلسالميمن االجتهاد إلى نقد - العلمنة والدین: اإلسالم، المسیحیة، الغرب-اإلسالمي: نقد واجتهاد

- 118-13. ص :اإلسالم أوروبا الغرب، رهانات المعنى وارادات الهیمنة-سالميالعقل اإل123.

باألزهرمجمع البحوث اإلسالمیةمفكر إسالمي، مؤلف ومحقق وعضو 1931محمد عمارة -الفكریة اإلسالمیة الحدیثة، وألف الكتب والدراسات عن أعالم حقق ألبرز أعالم الیقظةالقاهرة

التجدید اإلسالمي ، كما كتب عن تیارات الفكر اإلسالمي القدیمة والحدیثة وعن أعالم التراث.معالم المنهج اإلسالمي. اإلسالم والمستقبل. ، المعتزلة ومشكلة الحریة اإلنسانیةمن مؤلفاته :

–106–51–50–31–30–28–13ص : نهضتنا الحدیثة بین العلمانیة واإلسالم.112–122-124.

، وباحث متخصص في الدراسات مصريأكادیمي 2010-1943نصر حامد أبو زید -ه العقلي في االتجاوالعلوم اإلنسانیة. من كتبه :اللغة العربیةاإلسالمیة ومتخصص في فقه

فلسفة التأویل (دراسة في تأویل القرآن -) عندالمعتزلةالقرآنالتفسیر (دراسة في قضیة المجاز في اشكالیات القراءة والیات -القرآنمفهوم النص دراسة في علوم -) الدین بن عربيمحیيعند

27–13. ص : نقد الخطاب الدیني-التأویل (مجموعة دراساته المنشورة في مطبوعات متفرقة -30–32-88

بن عبد اهللا بن أبي القاسم بن محمد تقي عبد السالموهو أحمد بن عبد الحلیم بن بن تیمیة -أحد علماء الحنابلة أشتهر في مجاالت عدة » شیخ اإلسالم«الدین أبو العباس النمیري ولقبه

و كما أنه كان بارعا في والفلكوالمنطقوالفلسفةوأصول الفقهوالعقیدةالحدیثو الفقه: أهمهاالعلوم الریاضیةأفضل من العلوم الطبیعیة، وهو القائل بأن والجبرالحسابشرح

كما أنه . الفلسفة اإللهیةالقائل بأن أجل الفلسفة هي أرسطووالذین تبنوا رأي المشائینفلسفة وكل الفلسفة الریاضیةوغیرها) و كالفیزیاء(یةالفلسفة الطبیعوأستحسن الفلسفة اإللهیةنقض

-الرسالة العرشیةو الرد على المنطقیینهذه األمور تتجلى معرفتها من خالل قراءة كتبه:

136

.نقض المنطق.العقیدة الواسطیة.درء تعارض العقل والنقل.اقتضاء الصراط المستقیم. 121-119–113-104–92–54–41-40–39–38–25–18ص :

في القرن الثامن الهجري المسلمین) من علماء م1349-م1292ابن القیم الجوزیة -16الدمشقي والزمه قرابة ابن تیمیةودرس على ید دمشقالمؤلفات العدیدة، عاش في وصاحب

مدارج .مصاید الشیطانإغاثة اللهفان من.إعالم الموقعین عن رب العالمینعاما وتأثر به.. 59- 26–18ص :.السالكین بین منازل إیاك نعبد وایاك نستعین

م أدیب وعالم، 1108هو الحسین بن محمد بن المفضل، أبو القاسم توفي الراغب األصفهاني-جامع المفردات في غریب القرآنألف عدة كتب في التفسیر واألدب والبالغة من آثاره :

.75–21. ص :حل متشابهات القرآن-شریعة التفاسیر، الذریعة إلى مكارم اللمحكمة كاتب ومفكر مصري وقانوني تولى سابقا منصب رئیس 1932محمد سعید العشماوي -

ومحكمة الجنایات ورئیس محكمة أمن الدولة العلیا نشر أكثر من ثالثین كتابا استئناف القاهرة–الخالفة اإلسالمیة –اصول الشریعة –يبالعربیة واإلنجلیزیة والفرنسیة منها اإلسالم السیاس

.113–26-24. ص : العقل في اإلسالم–دیوان االخالق ) م855-780/ هـ241-164أحمد بن محمد بن حنبل الشیباني الذهلي (أبو عبد اهللا بن حنبل-

المذهب الحنبلي، وصاحب أهل السنة والجماعةعند األئمة األربعةفقیه ومحدث مسلم، ورابع اشتهر اإلمام أحمد بصبره على المحنة التي وقعت به والتي عرفت باسم .الفقه اإلسالميفي

المعتصم، ثم المأمونفي عهد الخلیفة العصر العباسي"، وهي فتنة وقعت في فتنة خلق القرآن"، ولكن المعتزلةمخلوق محدث، وهو رأي القرآنمن بعده، إذ اعتقد هؤالء الخلفاء أن والواثق

اإلمام أحمد وغیره من العلماء خالفوا ذلك، فحبس اإلمام أحمد وعذب، ثم أخرج من السجن وعاد الحكم المتوكلإلى التحدیث والتدریس، وفي عهد الواثق منع من االجتماع بالناس، فلما تولى

، مرض اإلمام أحمد ثم مات، هـ241سنة ربیع األولأنهى تلك الفتنة إنهاء كامال. وفي شهر وكان عمره سبعا وسبعین سنة. من كتبه : فضائل الصحابة. األسامي والكنى ، الرد على

.113–26ص : الجهمیة والزنادقة، أصول السنة.إمام من أئمة 923-838محمد بن جریر بن یزید بن كثیر بن غالب أبو جعفر الطبري -

. من صاحب أكبر كتابین في التفسیر والتاریخمسلموفقیهومفسرمؤرخالمسلمین وعالم جلیل, (تأریخ األمم تاریخ الطبريالمسمى بجامع البیان عن تأویل آي القرآن. —تفسیر الطبريمؤلفاته

والملوك). كتاب آداب النفس الجیدة واألخالق النفیسة. اختالف علماء األمصار في أحكام شرائع .26. ص :اإلسالم

137

اء, البصروي, ثم إسماعیل بن عمر بن كثیر بن ضوء بن كثیر, عماد الدین, أبو الفدبن كثیر -الدمشقي, القرشي المعروف بابن كثیر, فقیه, مفت, محدث, حافظ, مفسر, مؤرخ, عالم بالرجال,

ومعرفة الثقاة الجرح والتعدیلالتكمیل في البدایة والنهایةتفسیر القرآن العظیممشارك في اللغة .26ص :.جامع السنن والمسانید البن كثیروالضعفاء والمجاهیل.

ح أبو عبد اهللا من كبار المفسرین وكان فقیها ومحدثا محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فر القرطبي -وتى وأمور اآلخرة التذكار في التذكرة في أحوال الم"الجامع ألحكام القرآن"ورعا وزاهدا متعبدا.

.26. ص: أفضل األذكار األسنى في شرح أسماء اهللا الحسنىتخصص في التاریخ اإلسالمي وقام بنشر ) كاتب ومؤرخ ومفكر تونسي. 1935هشام جعیط -

على شهادة 1981العدید من األعمال صدرت سواء في العالم العربي أو أوروبا. أحرز سنة بجامعة الدكتوراه في التاریخ اإلسالمي من جامعة باریس. وظل حتى آخر حیاته أستاذا شرفیا

. وبمعهد فرنساوجامعة كالیفورنیا، بركلي) مونتلایر(جامعة ماك غیل، أستاذ زائر بكل من تونسالشخصیة العربیة اإلسالمیة والمصیر .بیت الحكمةرئاسة مجمع 2012فیفريیتولى منذ

أوروبا واإلسالم: صدام الثقافة والحداثة، الكوفة: نشاة المدینة العربیة اإلسالمیة 1974العربي ، الوحي والقرآن -1-، الفتنة: جدلیة الدین والسیاسة في اإلسالم المبكر، في السیرة النبویة

تاریخیة الدعوة المحمدیة، أزمة الثقافة اإلسالمیة.-2-، في السیرة النبویة والنبوة .120–31–30ص:

) عالم دین سني م1791-م1703بن سلیمان آل مشرف التمیمي (محمد بن عبد الوهاب -شبه الجزیرة العربیةعوته من مجددي الدین اإلسالمي في یعتبره أتباع دالمذهب الحنبليعلى

لص من البدع والخرافات وتوحید اهللا ونبذ الشرك ترك آثارا حیث شرع في دعوة المسلمین للتخكتاب مسائل الجاهلیة-كتاب القواعد األربع-كتاب كشف الشبهات-كتاب التوحیدمنها : .41–40–39–38ص:

مستشار و قاضي هو المرشد الثاني لجماعة 1973-1891إسماعیلحسن الهضیبي -.123–122–50ص :دعاة ال قضاة.من كتبه : المسلموناإلخوان

كان السیاسي البارز والزعیم الروحي للهند 1948-1869موهانداس كرمشاند غاندي -العصیان من خالل االستبدادوهي مقاومة للساتیاغراها. كان رائدا حركة استقالل الهندخالل الكامل، والتي أدت إلى استقالل الالعنفالتي تأسست بقوة عقب أهمسا أو الشامل،المدني

.63ص : الهند وألهمت الكثیر من حركات الحقوق المدنیة والحریة في جمیع أنحاء العالم.مؤسس جمهوریة باكستان أحد أبرز شخصیات شبه القارة 1948-1876محمد على جناح-

الهندیة في النصف األول من القرن العشرین. طالب في اجتماع العصبة اإلسالمیة الذي عقد

138

م باالستقالل التام للمسلمین ضمن اتحاد فدرالي هندي إسالمي، ثم صعد مطالبه في 1937عام ودعا إلى تقسیم شبه القارة الهندیة إلى كیانین هما الهند م 1940اجتماع للعصبة بالهور عام

م رسالة إلى المهاتما 1944وباكستان على أن تضم األخیرة كل مسلمي الهند، وأرسل عام غاندي یوضح له فیها رؤیته لهذه القضیة ، وقد لقیت هذه الدعوة قبوال لدى مسلمي الهند عام

أعلن محمد علي جناح قیام م1947أغسطس14م ووافقت علیها بریطانیا. وفي 1946جمهوریة باكستان اإلسالمیة وأصبح أول رئیس لهذه الجمهوریة الولیدة. وقد شهدت القضیة

وما صاحب ذلك من أزمة 1947الكشمیریة في عهده والدتها تاریخیا مع بدایة التقسیم عام 117-109–63سیاسیة بین البلدین أدت إلى اندالع أولى الحروب بینهما في العام نفسه.

) مفكر وعالمة م1902/ هـ1320–1849/ هـ1271عبد الرحمن الكواكبي (الكواكبي -ومؤلف ومحامي وفقیه رائد من رواد التعلیم ومن رواد الحركة اإلصالحیة العربیة وكاتبسوري

88- 78. ص:طبائع االستبداداشتهر خاصة بكتابه : شعرياألالشافعيالصوفيم1111-م1058محمد الطوسي النیسابوري أبو حامد الغزالي -

، وأحد علم الكالمفي السنیةالمدرسة األشعریةعرف كأحد مؤسسي وفیلسوفا وأصولیا فقیها والغزالي). له انتاج في والجوینيالباقالني، (وكانوا أبي الحسن األشعريأصولها الثالثة بعد

إلجام العوام عن ، من كتبه : والمنطق، والتصوف، وعلم الكالم، والفقه الشافعي، الفلسفةمیادین .121–92ص:.إحیاء علوم الدین-المنقذ من الضالل-تهافت الفالسفة-علم الكالم

وم العلمتخصص في سوريم) عالم 2013-1929(محمد سعید رمضان البوطي -، حظي باحترام كبیر من العالم اإلسالمي، ومن المرجعیات الدینیة الهامة على مستوى اإلسالمیة

في جائزة دبي الدولیة للقرآن الكریمكبار العلماء في العالم اإلسالمي، اختارته قبل العدید من شخصیة جمعت تحقیق «، باعتباره »شخصیة العالم اإلسالمي«لیكون 2004دورتها الثامنة عام

، واختاره المركز اإلسالمي الملكي للدراسات »العلماء وشهرة األعالم، وصاحب فكر موسوعي شخصیة إسالمیة تأثیرا في 500ضمن قائمة أكثر 27في المركز األردناالستراتیجیة في

ویعتبر ممن یمثلون التوجه المحافظ على مذاهب أهل السنة األربعة وعقیدة ،2012العالم لعام ترك البوطي أكثر من ستین كتابا في علوم الشریعة، واآلداب، .األشاعرةأهل السنة وفق منهج

، والفلسفة، واالجتماع، ومشكالت الحضارة، كان لها أثر كبیر على مستوى العالم والتصوفالجهاد في اإلسالم: .الیقینیات الكونیة وجود الخالق وظیفة المخلوقكبرى اإلسالمي. منها :

السلفیة مرحلة .بدعة تهدد الشریعة اإلسالمیةالالمذهبیة أخطركیف نفهمه؟ وكیف نمارسه؟ص: .فقه السیرة النبویة مع موجز لتاریخ الخالفة الراشدة.زمنیة مباركة ال مذهب إسالمي

111.

139

فهرس المحتویات5المقدمة...................................................................................

15.....................................................الفصل األول : بین الحاكمیة والجاهلیة16....................................................المبحث األول : الحاكمیة: اللفظ والداللة

17...................................................................والداللةالحاكمیة : اللفظ18...............................................................اللغة واألصول:الحاكمیة في

28..........................................................الحاكمیة في التاریخ االسالمي : 32..............................................................الحاكمیة في التاریخ الحدیث :

34..................................................المبحث الثاني : الجاهلیة :اللفظ والوظیفة35..................................................................: اللفظ والوظیفةالجاهلیة

35.....................................................................الجاهلیة في القرآن : 37........................................................لفظ الجاهلیة في الحدیث الشریف :

38.............................................................:أنواعها،حقیقتها:الجاهلیة39............................................................مفهوم الجاهلیة عند بن تیمیة:

40................................................مفهوم الجاهلیة عند محمد بن عبد الوهاب:41...........................................الجاهلیة عند أبو الحسن علي الحسني الندوي :

43..................................لظهور مفهوم الجاهلیة عند المودودي :السیاق التاریخي44...........................................................مفهوم الجاهلیة عند المودودي:

47.........................................................................روافد الجاهلیة:49..................................................الجاهلیة المعاصرة في العالم االسالمي:

52.........................................................االسالم والسیاسةالفصل الثاني :53..........................................................المبحث األول : الدین والسیاسة

54........................................................................الدین والسیاسة:54...................................................الدیني والسیاسي في فكر المودودي :

55......................:..................................النظریة السیاسیة عند المودودي58.......................................................................ضرورة الدولة :

59........................................................غایة الدولة االسالمیة وأهدافها:62....................................................موقف المودودي من الدیمقراطیة :

64..........................................................موقف المودودي من القومیة :

140

65.........................................................موقف المودودي من العلمانیة :68...................................................في الشریعة والدستور:المبحث الثاني

69..........................................................الشریعة في منظور المودودي:69.........................................................الحاكمیة:جوهرتحكیم الشریعة

69...............................................................عند المودودي :الشریعة71.................................................................نطاق التشریع وطرقه:

72.........................................................مفهوم االجتهاد عند المودودي:73.....................................تصدیه للقضایا المرتبطة بتطبیق الشریعة االسالمیة:

74....................................................المودودي وقضایا االجتهاد والتجدید:75..................................................اشكالیات الدعوة إلى تطبیق الشریعة :

77...............................................................................الدستور78..........................................................:االسالمیةالسیاسیةالنظریة80.............................................................االسالميالدستورمصادر81...............................................................االسالميالدستورمسائل83...................................................................:الجمهوریةالخالفة

84.....................................:مكوناتهابینوالعالقاتوحدودهاالسلطةصالحیات84...........................................................:الشورىمجلسیتشكلكیف

85.........................................: التنفیذیةالهیئةأوالحكومةوحدودصالحیات85..........................................................:القضائیةالسلطةعملحدود

86...........................................................الثالثالسلطاتبینالعالقة87.....................................................................والحقوقالمواطنة

87......................................................................:الدولةاطنومو 87........................................................................المدنیةالحقوق

87.........................................................................نقد وتقییم : 89...............................................الفصل الثالث: االسالم والتغییر السیاسي

90....................................................المبحث األول : االنقالب االسالمي91....................................................................االنقالب االسالمي

91................................................مفهوم التغییر السیاسي عند المودودي :

141

92............................................................:بین التجدید واالنقالب 93..................................................في الطبیعة االنقالبیة لدعوة اإلسالم:

96.................................................عمل التجدید ومراحل العمل االنقالبي:98................................ضرورة التغییر وحاجة المسلمین الى النهوض واالنبعاث:

100.....................................في أسلوب التغییر وخصائص االنقالب االسالمي:103...................................................المبحث الثاني : الجهاد في االسالم

104...................................................................الجهاد في االسالم104...........................................................الجهاد في اللغة واألصول:

105.......................................................التصورات الشائعة عن الجهاد:107.........................................................عند المودودي:مفهوم الجهاد

109...............................................................غایة الجهاد ومقاصده:110...............................................ضرورته وأسسه الشرعیة عند المودودي:

111.....................................................الجهاد عند المودودي: نقد مفهوم115............................................................................الخاتمة :

125..................................................................المصادر والمراجع :131.................................................................فهرس اآلیات القرآنیة

134...................................................................أهم األعالمبملحق139....................................................................فهرس المحتویات

ملخص

یدور ھذا البحث حول مفھوم الدولة في الفكر االسالمي المعاصر وبخاصة عند أبي األعلى المودودي ، ویثیر ھذا البحث إشكالیة العالقة بین الدین والسیاسة في . أحد أبرز وجوه الصحوة االسالمیة المعاصرة

.المجال االسالمي أما الفصل األول فقد . .مبحثینوكل فصل یتألف من وخاتمة،تتكون المذكرة من مقدمة وثالثة فصول

تضمن مبحثین ، وقد كان موضوع المبحث األول مفھوم الحاكمیة أصولھ وأساسھ الشرعي وداللتھ أما المبحث الثاني ، فقد تطرقنا فیھ إلى مفھوم الجاھلیة وعالقتھ بالحاكمیة ووظیفتھ السیاسیة . السیاسیة

وفي الفصل الثاني تعرضنا لعالقة االسالم بالسیاسة في نظریة . المودوديضمن النظریة السیاسیة عند المودودي وفي المبحث األول تطرقنا لعالقة الدین بالدولة ووقفنا على نقد المودودي للدیمقراطیة

أما في المبحث الثاني فقد تطرقنا لمسألة الدولة وتطبیق الشریعة والدستور االسالمي.والعلمانیة والقومیة فدرسنا في المبحث األول . أما في الفصل الثالث فقد تطرقنا لمسألة التغییر السیاسي عند المودودي.

وأنھینا بحثنا ھذا .. مفھوم الجھاد عند المودودي وفي المبحث الثاني درسنا مفھوم االنقالب االسالمي. بجملة من النتائج التي توصلنا أو بخالصة لھ حددنا فیھا رؤیتنا لألمور

:الكلمات المفتاحیة

الدولة؛ الحاكمیة؛ الجاھلیة؛ الشریعة؛ الدستور؛ الشورى؛ الدیمقراطیة؛ الجھاد؛ االنقالب؛ .أھل الحل والعقد

2013دیسمبر 18نوقشت یوم

رﺻﺎﻌﻣﻟا ﻲﻣﻼﺳﻻا رﻛﻔﻟا ﻲﻓ ﺔﻟودﻟا موﻬﻔﻣ...

Documents