موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

موسوعة القصصالجزء الرابع عشر

ياسين طاهر األغا

1

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

بسم الله الرحمنالرحيم

المقدمة الحمد لله الذي هدانا لإلسالم وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا الله والصالة والسالم على نبي11ه محم11د المص11طفى، ال11ذي تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، ال يضل سالكها، وال يهتدي تاركها، وعلى آله وأص11حابه نج11وم اله11دى، وزينالورى، ومن أحبهم إلى يوم الفناء وزوال األرض والسماء.

عزيزي القارئ الكريم 000وبعد 2

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ها نحن بعون من الله وتوفيقه ،نتواصل معكم لنق11دم لكم موسوعةالجزء الرابع عش11ر من الموس11وعة الجميل11ة )

( ، وقد اشتمل ه11ذا الج11زء على العش11رات منالقصص القصص الهادفة والمشوقة في القديم والحديث ، وقصص الجرائم والقت11ل ، وقص11ص الحب والرحم11ة ، وقص11ص في الصبر ، وقصص في جميل التوكل على الله ، وغير ذل11ك ، نس11أل الل11ه الك11ريم أن ين11ال إعج11ابكم وتج11دون في11ه م11ا

يسركم .

فصل قصص لطيفة معبرة-قتل عشيقته وداسها بقدميه :-

شاب في مقتبل العمر نهل من متاع الدنيا وكل ما طالته عيناه ويداه عاش حياة صاخبة ال تعرف األخالق وال الدين بعد أن وصل إلى مرحلة التشبع ولم يعد يجد اللذة

في شئ وبدأ يشعر بالتوهان والضياع وفقدان النفس والروح .. أتاه داعي الحق وعرف معنى الدين وحالوة

اإليمان عرف طريق االستقرار واالطمئنان التزم بتعاليم اإلسالم...عرف معنى الدين وحالوة اإليمان عرف طريقه.

3

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

.طريق االستقرار واالطمئنان التزم بتعاليم اإلسالم ..وأطلق لحيته.. وقصر ثوبه التزم بالفروض

والواجبات.. ترك المحرمات ....أصدقاء السوء ..كل ذلك تركه إال حاجة واحدة لم يتركها عشيقته أو حبيبته كما كان

يسميها يعلم أنها محرمة عليه ..حاول مرة وأكثر ولكن في كلمرة يعود اليها.. فالشيطان والنفس والهوى غلبوا عليه

كل ما بعد عنها أتاه هاجسها وذكرياتها معه كان يعشقها عشقا ال يوصف كانت ترافقه في أغلب أوقاته.. عشرة

عمر كما يقال تعبت نفسيته وبدأ يعيش التناقض فهل الملتزم حقا

يسقط هذه السقطة ال بد أن يكون قويا ..قوي اإلرادة والعزيمة في هجر عشيقته.. فاألمر دين ال

لعب... هكذا قرر في جلسة مصارحة بينه وبين نفسه واتخذ

قراره بإعالمها بتركها .. قرر ونفذ خاطبها وتحدث إليها ..بينه وبينها فقط .. قال لها انه

ملتزم اآلن وتعاليم دينه تنهاه عن االقتراب منها والعيشمعها

كانت عشيقته تصغي إليه دون أن تتكلم .. تلقت منه ما قاله دون أن تتكلم كان يخاطبها وصوت األسى ينبع من

كلماته.. ولكن هكذا قرر والبد أن يتخذ قراره وهكذا حصل الفراق ..ارتاحت نفسه قليال رغم بعض الحزن الذي أحس

به وهو يخاطبها بهذا األسلوب ولكن غلب عليه جانبالراحة

استمر صاحبنا في هذا الهجر حتى كان يوم المفاجأة.؟!!

4

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

في يوم شتوي ماطر ركب سيارته وأدار محرك السيارة التفت خلفه فجأة فكانت المفاجأة التي عقدت لسانه ..

شاهد عشيقته قابعة في الكرسي الخلفي للسيارة ألجمته المفاجأة سألها كيف دخلت ومن أتى بك ؟ لم تجبه بل

أحس ببصرها ينظر إليه بحزن أعاد السؤال كيف دخلت لم تجب أراد أن يغلظ عليها القول .. ولكن أصابه بعض

اللين وبدأت الذكريات يسوقها له الشيطان فما كان منه إال أن أجلسها بالكرسي األمامي بجواره وسار

بالسيارة ..بدون هوادة إلى حيث ال يدري وكان الصمت والشيطان ثالثهما بدأ يختلس النظر إليها وإلى جمالها تأجج الحب والعشق في قلبه مرة أخرى .. وبدأ داعي

الشيطان واإليمان في قلبه يتصارعان .. كل ذلكوعشيقته صامته في حزنها

سار بالسيارة إلى طريق فرعي ال يوجد به أي عابر سبيل .. وهون من سرعته غلبه شيطان الهوى مد يده بتردد إلى

معشوقته بدأ يداعبها استسلمت عشيقته لهذه المداعبة فقد اشتاقت اليها .. يأتيه داعي اإليمان فيسحب يده ..

هكذا الصراع كل ذلك في ثوان معدودة مد يده مرة أخرى وبدأ يداعبها ويقربها إليه أراد أن يقبلها في هذا اللحظة أتاه داعي اإليمان .. فما كان منه إال أن أطبق بيده على عشيقته بكل قوته فلم يدري بنفسه إال

وكأنه قد كسر عنقها أحس بأنها ماتت أو في غيبوبة حدث كل ذلك بصورة سريعة جدا لم تبدي العشيقة أي مقاومة

فقد كان األمر مباغتا عليها.. فتح باب السيارة وهي تسير ببطء وألقاها بالخارج وسار

عنها ونظر من مرآة السيارة إلى الخلف رأى عشيقتهملقاة على الشارع دون حراك يذكر

أوقف السيارة وعاد إلى الخلف ،مر بجوارها مرة أخرى رأى أنها أصيبت ببعض الكسور فقط خاف على نفسه فما

5

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كان منه إال أن قاد سيارته بسرعة إلى األمام وعبر بإطارات السيارة فوق جسدها ثم كرر ذلك مرتين ليتأكد

من موتها..... عندما تأكد أنها قد هرست تحت إطارات السيارة ، أحس

بالراحة واالطمئنان فقد تأكد اآلن أنه لن يعود إلىإلى سيجارة المارلبوروعشيقته،

وضعت الكاميرا في بيتها فانظروا ماذا حدث-لها

تقول المرأة : خطرت على بالي فكرة غريبة ، وهي تثبيت كاميرات فيديو في بيتي أردت أن أسجل يوما

عاديا في حياتي ، فلماذا ال أرى نفسي بعين اآلخرين .. قمت فعال بتثبيت الكاميرات في أكثر من مكان

بالمنزل ..حتى تسجل كل حركه وكل سكنه بوضوح .. ولكن شعرت برهبة شديدة من هذه التجربة .ولم أدر منبع هذا الخوف.هل هو خوف من الكاميرات أم من

نفسي ..!!؟ مرت الدقائق بصعوبة شديدة .وسرحت بتفكيري متخيلة

أحداث اليوم ..وكيف ستسجلها الكاميرا باللحظة ..لمأكن أنا الوحيدة المتشوقة لرؤية هذه التجربة

بل أن مجموعة كبيرة من الصديقات يتشوقن لرؤي11ة ه11ذه التجربة ..وكأنهن يتش11وقن لرؤي11ة فيلم س11ينمائي من ن11وع خاص..لم يكتب له السيناريو سواي .. ولم يخرجه غيري . ولكن ترى من سيشاركني في بطولة هذا الفلم ، ثم قلت

في نفسي : ما الجديد في األمر؟ إنه يوم مثل أي يوم ،يجب أن أتصرف بتلقائية

وأحاول أن أتناسى الكاميرات وبدأت أشعر أن هذهالكاميرات تشعر بما أفكر به ..6

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وكأنها تنظر إلى وتتحداني .. بل وتبتسم في سخرية : قائلة :سأتعرف على كل ما يخصك .. سأقتحم

حياتك ،سأكون شاهدة على أقوالك وأفعالك ... وهدأت نفس11ي قائل11ة : ه11ذه الك11اميرا. م11ا هي إال جم11اد ال يحس وال يش11عر.!!...فلم11اذا ك11ل ه11ذه الرهب11ة والخ11وف منها .. تحدثت مع صديقتي بالجوال لم أس11تطع الح11ديث ، وأغلقت الهاتف سريعا ،كنت دائما أتحدث بالس11اعات في

الهاتف .. الحديث عن تلك . . وماذا فعلت تلك ..!! واآلن ال أستطيع وهكذا تمر

الدقائق تلو الدقائق ، والساعات تلو الساعات . وكلما فكرت في فعل شيء ال أحب أن يراه ا لناس

تراجعت ...فالكاميرات تسجل وتصور أحسست بخوف يملؤني، أحتاج ألح11د ألج11أ إلي11ه ، ذهبت ال إرادي11ا ألتوض11أ وأص11لي .. وأبكي بين ي11دي الل11ه ..وك11أنني أص11لي ألول م11رة ، نعم ألول م11رة في حي11اتي أستش11عر

معية الله بعدها لم أعد أخشى من تلك الكاميرات ..بل أحببتها

جدا ..ألنها أحدثت تحوال كبيرا في حياتي ..ونظرت إليهافي متنان ..وكأنني أقول لها : شكرا ..

~هتم بها ولم تعد تلك واألغرب أنني بعد فترة لم أعد أ الكاميرات هي الرقيب علي. وإنما أعظم منها ..وهو

شعوري بمعية الله الذي ال يغفل وال ينام . فلو فرضنا أن الكاميرات سجلت كل تصرفاتي فما الذي يجعلني

أخاف ،أأخاف من الناس الذين هم مثلي أمام الله .أأخشى الناس وال أخشى الله ...!

حينئذ تذكرت مقولة: ال تجعل الله أهون الناظرين أليك

7

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قمت وأغلقت الكاميرات .فلم أعد في حاجه إليها .ولن أحتاج أن أسجل يوما من حياتي ..فعندي ملكان يسجالن

�قوالي .. علي كل أعمالي وكل أ واآلن ..أسمع صوتا يناديني من داخلي يقول: ما أحلى

معية الله ولكن ما هذا الصوت ..؟؟ لقد سمعت هذا الصوت

كثيرا ..إنه صوت ضميري .. خطرت لي فكره أكثر غرابة ..ماذا سيحدث لو ظل كل

منا تحت رقابة القمر الصناعي يوما كامال ..كيفسيتصرف..؟

الناس ستراك اآلن .. ماذا ستفعل ، يا ألهي.. .. لقد كانت فكرة الكاميرات أبسط بكثير فما بالك بالقمر

الصناعي ..والعالم كله يراك . هل تعصي الله . هل تحبأن يراك أحد على معصية ..

بالطبع ستكون أجابتك : ال واآلن ..أطرح سؤال :هل تجد في الدنيا ما هو أعظم من

رضا الله . إذا ال تجعل الله أهون الناظرين إليك

اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك اإلحسان :أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه

يراكجزاء المعروف-

قال تميم بن عدي اليربوعي:

8

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كنت مع عبدالل11ه بن العب11اس عن11د منص11رفه من دمش11ق،فسألته في بعض األيام وقلت له: بماذا يتم عقل الرجل؟

فقال: إذا صنع المعروف مبتدئا به، وج11اد بم11ا ه11و محت11اج إلي11ه، وتج11اوز عن الزل11ة، وج11ازى على المكرم11ة، وتجنب م11واطن االعت11ذار، فق11د تم عقل11ه.. فحفظت ذل11ك من11ه،

وألصقته بقلبي. ثم بعد أيام نزلنا منزال، فطلبنا طعاما فلم نجده، وال ق11درنا عليه - فإن زيادا ك11ان ق11د ن11زل ب11ذلك الم11نزل قبلن11ا بأي11ام قليلة في جمع كثير، فأتوا على ما كان فهي من الطع11ام - فقال عبدالله لوكيله: اخرج إلى ه11ذه البري11ة، فلعل11ك تج11د بها راعيا معه طعام، فمضى الوكيل ومعه غلمان، فأطالوا التوقف، فلما كادوا يرجعون الح لهم خباء، فأموه، فوجدوا

فيه عجوزا، فقالوا لها:هل عندك طعام نبتاعه منك؟

فقالت: أما طعام بيع فال، ولكن عندي أكل11ة لي، وب11أوالديإليها أمس حاجة،

قالوا: وأين أوالدك؟ قالت: في رعيهم، وهذا وقت عودتهم..

قالوا: فما أعددت لهم قالت: خبزة تحت ملتها، انتظر بها أن يجيئوا..

قالوا لها: فجودي لنا بنصفها، قالت: ال، ولكن بها كلها.. قالوا: ولم منعت النصف وجدت به11ا كله1ا، وال خ11بز عن1دك

غيرها؟

9

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قالت: إن إعطاء الشطر من خ11بزة نقيص11ة، فأن11ا أمن11ع م11اينقصني، وأجود بما يرفعني،

فأخ11ذوا الخ11بزة لف11رط ح11اجتهم إليه11ا.. وانص11رفوا، ولمتسأل: من هم؟ وال من أين جاءوا!

فلما أتوا عبدالله وأخبروه خبر العجوز عجب من ذلك، وق11ال: ارجع11وا إليه11ا فاحملوه11ا في دع11ة، وأحض11روها،

فرجعوا إليها، وقالوا لها: إن صاحبنا أحب أن يراك..

قالت: ومن صاحبكم؟ قالوا: عبدالله بن العباس.

ق11الت: م11ا أع11رف ه11ذا االس11م.. ق11الوا: العب11اس بن عب11دالمطلب وهو عم النبي..

قالت: والله هذا الش11رف الع11الي وذروت11ه الرفيع11ة، وم11اذايريد مني؟

قالوا: يريد أن يكافئك على ما كان منك.. ق11الت: لق11د أفس11د الهاش11مي م11ا أث11ل ل11ه ابن عم11ه علي11ه السالم! والله لو ك11ان م11ا فعلت معروف11ا م11ا أخ11ذت علي11ه

ثوابا، وإنما هو شيء يجب على كل إنسان أن يفعله.. قالوا: فإنه يحب أن يراك ويسمع كالمك..

قالت: أصير إليه، ألني أحب أن أرى رجال من جن11اح الن11بيوعضوا من أعضائه.

فلما سارت إلي11ه رحب به11ا وأدنى مجلس11ها، وق11ال: ممنأنت!

10

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قالت: من كلب.. قال: كيف حالك؟ قالت: لم يبق من الدنيا ما يفرح إال وقد بلغت11ه، وإني اآلن أعيش بالقناعة، وأصون القرابة، وأنا أتوقع مفارق11ة ال11دنيا

صباحا ومساء.. قال: أخبريني، م11ا ال11ذي أع11ددت ألوالدك عن11د انص11رافهم

بعد أخذنا الخبزة؟ قالت: أعددت لهم قول العربي:

ولق11د أبيت على الط11وى وأظل11ه ح11تى أن11ال ب11ه ك11ريمالمأكل

فأعجبه قولها، وقال لبعض غلمانه: انطلق إلى خبائها، فإذاأقبل بنوها، فجئ بهم..

فقالت للغالم: انطلق، فكن بفناء البيت، فإنهم ثالثة، ف11إذا رأيتهم تجد أح11دهم دائم النظ11ر نح11و األرض ، علي11ه ش11عار

الوقار، فإذا تكلم أفصح، وإذا طلب أنجح.. واآلخر حديد النظر، كثير الح11ذر، إذا وع11د فع11ل، وإن ظلم

قتل.. واآلخر كأن11ه ش11علة ن11ار وكأن11ه يطلب بث11أر، ف11ذاك الم11وت المائت والداء الكابت، ف11إذا رأيت ه11ذه الص11فة فيهم فق11ل

لهم عني: ال تجلسوا حتى تأتوني. فانطلق الغالم، فأخبرهم الخبر، فما بعد أمده حتى ج11اءوا، فأدناهم عبدالله وق11ال: إني لم أبعث إليكم وإلى وال11دتكم

إال ألصلح من أمركم، واصنع ما يجب لكم، فق11الوا: إن ه11ذا ال يك11ون إال عن مس11ألة أو مكاف11أة فع11ل جميل تقدم، ولم يصدر منا واحدة منهم11ا، ف11إن كنت أردت

11

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

التكرم مبتدئا فمعروفك مش11كور، وب11رك مقب11ول م11بروز..فأمر لهم بسبعة آالف درهم وعشر من النوق،

فقالت لهم العجوز: ليقل كل واحد منكم بيتا من قوله:فقال األكبر:

شهدت عليك بحسن المقال وصدق الفعال وطيب الخبروقال األوسط:

تبرعت بالبذل قبل السؤال فعال كريم عظيم الخطروقال األصغر:

وحق لمن كان ذا فعله بأن يسترق رقاب البشروقالت العجوز:

فعمرك الله من ماجد ووقيت ما عشت شر القدرثم ودعوه وانصرفوا.

قال تميم اليربوعي: فالتفت إلي وقال لي: يا تميم، وودت لو وجدت مزيدا في ابتداء المعروف إلى هذه المرأةوبنيها، وجعل يتأوه من تقصيره عن مراده في ذلك..

فقلت ل11ه: لق11د أحس11نت وأرجحت وق11د ش11هد فعل11ك بم11اسبق من قولك، فأنت أتم الناس عقال، وأكملهم مروءة!

هاشمي وقينتان ومضحك-حدث أبو عبد الله بن عبد البر بمصر قال:

حدثني إسحاق بن إبراهيم عن الهيثم بن عدي ق11ال: ك11ان بالمدين11ة رج11ل من ب11ني هاش11م، وك11ان ل11ه قينت11ان، يق11ال إلحداهما رشا، ولألخرى ج11ؤذر؛ وك11ان يحب الغن11اء، وك11ان بالمدين11ة مض11حك ال يك11اد يغيب عن مجلس أح11د؛ فأرس11ل الهاشمي إليه ذات ي11وم ليض11حك ب11ه، فلم11ا أت11اه ق11ال: م11ا

الفائدة فيك وفي لذتك وال لذة لي؟

12

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قال له: وما لذتك؟ قال: تحضر لي نبيذا، فإنه ال يطيب لي عيش إال به.

فأمر الهاش11مي بإحض11ار نبي11ذ، وأم11ر أن يط1رح في11ه س11كر العشر، فلما ش11ربه المض11حك تح11رك علي11ه بطن11ه؛ وتن11اوم الهاش11مي وغم11ز جواري11ه علي11ه، فلم11ا ض11اق علي11ه األم11ر واض111طر إلى الت111برز ق111ال في نفس111ه: م111ا أظن ه111اتين المغني111تين إال يم111انيتين. وأه111ل اليمن يس111مون الكن111ف

المراحيض فقال لهما: يا حبيبتي، أين المرحاض؟ قالت: إحداهما لصاحبتها: ما يقول: قالت يقول: غنياني:

أهيم من الحب في كل واد  ... رحضت فؤادي فخليتني فاندفعتا تغنيانه؛ فقال في نفسه: ما أراهما فهمتا عني،

أظنهما مكيتين وأهل مكة يسمونها المخارج. قال: ياحبيبتي، أين المخرج؟

قالت إحداهما لألخرى: ما يقول؟قالت: يقول غنياني:

أصات المنادي للصالة ... خرجت بها من بطن مكة بعد مافأعلما

فاندفعتا تغنيانه؛ فقال في نفسه: لم يفهما والله عني، أظنهما شاميتين، وأهل الشام يسمونها المذاهب؛ فقال

لهما: يا حبيبتي، أين المذهب؟ قالت إحداهما لصاحبتها: ما يقول؟ قالت: يقول: غنياني:

ولم يك حقا كل ... ذهبت من الهجران في غير مذهبهذا التجنب

فغنتاه الصوت؛ فقال في نفسه: لم يفهما عني، وما يسمونها بيت الخالء؛ أظنهما إال مدنيتين وأهل المدينة

فقال لهما: يا حبيبتي، أين بيت الخالء؟ قالت إحداهما13

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

لصاحبتها: ما يقول؟ قالت: يسأل أن نغني: من بطن مكة ... خلى على جوى األحزان إذ ظعنا

والتسهيد والحزنا قال: فغنتاه؛ فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! ما أحسب

الفاسقتين إال بصرتين وأهل البصرة يسمونها الحشوش؛فقال لهما: أين الحش؟

فقالت إحداهما لصاحبتها ما يقول؟ قالت: يسأل أن نغنيه:فمناها فالمنزل المعمور  ... فلقد أوحش الجهيدان منها

فاندفعتا تغنيانه؛ فقال: ما أراهما إال كوفيتين. وأهلالكوفة يسمونها الكنف.

قال: يا حبيبتي، أين الكنيف؟ قالت إحداهما لصاحبتها: يعيش سيدنا، هل رأيت أكثر

اقتراحا من هذا الرجل؟ ما يقول؟ قالت: يسأل أن نغني.

فشيبني وما اكتهال ... تكنفني الهوى طفال قال: فغلبه بطنه، وعلم أنهما تولعان به، والهاشمي يتقطع

ضحكا؛ فقال لهما: كذبتما يا زانيتان، ولكني أعلمكما ما هو. فرفع ثيابه فسلح عليهما، وانتبه الهاش11مي فق11ال ل11ه: س11بحان الل11ه! أتس11لح

على وطائي؟(1) قال: الذي خرج من بطني أعز علي من وطائك؛

كل فتاة بأبيها معجبة خرجت العجفاء بنت علقمة الس11عدي م11ع ثالث نس11وة منعدن بروضة يتحدثن فيها ، ف11وافين به11ا ليال في قومها , فات

78 / 7العقد الفريد )(114

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قمر زاهر ، وليلة طلقة ساكنة ، وروض11ة معش11بة خص11بة , فلما جلسن قلن : ما رأينا كالليلة ليل11ة وال كه11ذه الروض11ة

روضة أطيب ريحا وال أنضر , ثم أفضن في الحديث  فقلن : أي النساء أفضل ؟

قالت إحداهن : الخ11رود ال11ودود الول11ود )الخ11رود : الم11رأة الحيية والبكر لم تمس(

قالت األخرى : خيرهن ذات الغناء ، وطيب الثناء ، وشدة الحياء .

موع الجموع النفوع غير قالت الثالثة : خيرهن الس المنوع .

قالت الرابعة : خيرهن الجامعة ) ألهلها ( الوادعة الرافعة ، ال الواضعة .

 قلن : فأي الرجال أفضل ؟ قالت إحداهن : خيرهم الحظي الرضي غير الحظال وال

 التبال. : المقتر الذي يحاسب أهله بما ينفق عليهم ,الحظال)

: صاحب التوابل وبائعها وليس بظاهر , ولعلهوالتبال مبالغة من تبله بمعنى ذهب بعقله أو أسقمه وأفسده أو

 من تبلهم الدهر أي أفناهم( قالت الثانية : خيرهم السيد الكريم , ذو الحسب العميم ,

 والمجد القديم . قالت الثالثة : خيرهم السخي الوفي الرضي الذي ال يغير

ة . وال يتخذ الضرة .  الحر قالت الرابعة : وأبيكن إن في أبي لنعتكن كرم األخالق ، والصدق عند التالق ، والفلج عند السباق ، ويحمده أهل

 الرفاق. قالت العجفاء عند ذلك : ) كل فتاة بأبيها معجبة (

فسيرتها مثال يضرب في إعجاز المرء برهطه وعشيرته وسائر ما ينسب إليه .

وفي بعض الروايات أن إحداهن قالت : إن أبي يكرم الجار ، ويعظم النار ، وينحر العشار بعد الحوار ، ويحمل

 األمور الكبار.15

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

)العشار بالكسر : جمع عشراء كنفساء وهي الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر أو هي كالنفساء من

النساء , والحوار بالضم : ولد الناقة من حين يرضع إلى أن يفطم ويفصل(

فقالت الثانية : إن أبي عظيم الخطر ، منيع الوزر ، عزيز النفر ، يحمد منه الورد والصدر .

)الخطر كالشرف وزنا ومعنى , والوزر بالتحريك : الملجأ(والمعقل وأصله الجبل المنيع

وقالت الثالثة : إن أبي صدوق اللسان ، كثير األعوان ، يروي السنان عند الطعان .) أى شديد البأس فى

 الحرب( وقالت الرابعة : إن أبي كريم النزال ، منيف المقال ، كثير

 النوال ، قليل السؤال ، كريم الفعال. ثم تنافرن إلى كاهنة في الحي فقلن لها : اسمعي ما قلنا

واحكمي بيننا واعدلي , ثم أعدن عليها قولهن ، فقالت لهن : كل واحدة منكن ماردة ، على اإلحسان جاهدة ،

 لصواحباتها حاسدة ، ولكن اسمعن قولي خير النساء المبقية على بعلها ، الصابرة على الضراء مخافة أن ترجع إلى أهلها )مطلقة( ، فهي تؤثر حظ

 زوجها على حظ نفسها ، فتلك الكريمة الكاملة . وخير الرجال الجواد البطل ، القليل الفشل ، إذا سأله

الرجل ؛ ألفاه قليل العلل ، كثير النفل ) النفل بالتحريك : الهبة ومن معانيه : الغنيمة (

(2) ثم قالت : كل واحدة منكن بأبيها معجبة

ال تتزوج إال من كريم :- كانت امرأة� من العرب من بنات ملوك اليمن ذات جمال وكم11ال، وحس1ب وم11ال، ف11آلت أن ال ت11زوج نفس11ها إال من كريم، ولئن خطبه1ا ل11ئيم لتج11دعن أنف11ه، فتحاماه11ا الن11اس حتى انتدب لها زيد الخيل، وحاتم بن عب11د الل11ه، وأوس بن حارثة بن ألم الطائيون، فارتحلوا إليه11ا فلم11ا دخل11وا عليه11ا

قالت: 114 / 1جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة )(2

16

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

مرحبا بكم، ما كنتم زوارا فما الذي جاء بكم؟ قالوا: جئنا زوارا خطابا،

قالت: أكفاء كرام. فأنزلتهم وفرقت بينهم وأسبغت لهم القرى وزادت فيه؛

فلما كان في اليوم الثاني بعثت بعض حواريها متنكرة في زي سائلة تتعرض لهم، ف11دفع إليه11ا زي11د وأوس� ش11طر م11ا حمل إلى كل واحد منهما، فلما صارت إلى رحل حاتم دفع إليها جميع ما كان من نفقته، وحمل معها جمي11ع م11ا حم11ل إلي11ه، فلم11ا ك11ان في الي11وم الث11الث دخل11وا عليه11ا فق11الت: ليصف كل واحد منكم نفسه في شعره؛ فابتدر زيد وانش11أ

يقول: عند الطعان إذا ما     هال سألت بني ذبيان ما حسبي

احمرت الحدق بالماء يسفح من        وجاءت الخيل محمرا بوادرها

لباتها العلق يوم األكس به من        والخيل تعلم أني كنت فارسها

نجدة روق إن ناب دهر� لعظم        والجار يعلم أني لست خاذله

الجار معترق أو تسخطي فإلى من        هذا الثناء فإن ترضي فراضية�

تعطف العنق وقال أوس بن حارثة: إنك لتعلمين أنا أكرم أحسابا وأشهر

أفعاال، من أن نصف أنفسنا لك، أنا الذي يقول فيهالشاعر

ليقضي حاجتي        إلى أوس بن حارثة بن ألمولقد قضاها

وال لبس النعال        فما وطئ الحصى مثل ابن سعدىوال احتذاها

وأنا الذي عقت عقيقته، وأعتقت عن كل شعرة فيها عنهنسمة.

17

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ثم أنشأ يقول: فما مثله فينا وال في        فإن تنكحي ماوية الخير حاتما

األعاجم فكاك أسير أو معونة        فتى ال يزال الدهر أكبر همه

غارم        وإن تنكحي زيدا ففارس قومه إذا الحرب يوما

أقعدت كل قائم شذا األمر عند        وصاحب نبهان الذي يتقى به

المعظم المتفاقم وال جارف جرف        وإن تنكحيني تنكحي غير فاجر

العشيرة هادم بأنفسها نفسي        وال متق يوما إذا الحرب شمرت

كفعل األشائم وجدت ابن سعدى        وإن طارق األضياف الذ برحله

للقرى غير عاتم فإنا كرام� من        فأي فتى أهدى لك الله فاقبلي

رؤوس أكارموأنشأ حاتم يقول:

أماوي قد طال التجنب والهجر وقد عذرتني ف~يطالبكم العذر

أماوي إما مانع فمبين وإما عطاء ال ينهنههالزجر

أماوي ما يغني الثراء عن~ الفتى إذا حشرجت يوماوضاق به الصدر

وقد علم األقوام لو أن حاتما أراد ثراء المالكان له وفر

إلى أن انتهى إلى آخر القصيدة - وهي مشهورة – فقالت: أما أنت ي11ا زي11د فق11د وت11رت الع11رب، وبق11اؤك م11ع

الحرة قليل.

18

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وأم11ا أنت ي11ا أوس فرج11ل ذو ض11رائر، وال11دخول عليهنشديد.

وأما أنت يا حاتم فمرضي الخالئق، محم11ود الش11يم، ك11ريم(3) النفس، وقد زوجتك نفسي

من خبر عروة بن الورد وسلمى- ع11روة بن ال11ورد بن زي11د العبس11ي، من غطف11ان: من ش11عراء الجاهلي11ة و فرس11انها وأجواده11ا. ك11ان يلقب ب1 ع11روة الص11عاليك، لجمع11ه إي11اهم، وقيام11ه ب11أمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم. ق11ال عب11د المل11ك بن م11روان: من قال إن حاتما أسمح الناس فق11د ظلم ع11روة بن ال11ورد.

له )ديوان شعر( شرحه ابن السكيت وذكر أبو عمرو الشيباني من خبر عروة بن الورد وسلمى هذه أن11ه أص11اب ام11رأة من ب11ني كنان11ة بك11را ، يق11ال له11ا : س11لمى ، وتك11نى أم وهب ، فأعتقه11ا واتخ11ذها لنفس11ه ، فمكثت عنده بضع عشرة سنة ، وول11دت ل11ه أوالدا وه11و اله11ا أرغب الن11اس في11ه ، وهي تق11ول ل11ه : ل11و يش11ك في أن حججت بي فأمر على أهلي وأراهم ، فحج بها ، فأتى مكة ثم أتى المدينة ، وكان يخالط من أهل يثرب بني النض11ير ، فيقرض111ونه إن احت111اج ويب111ايعهم إذا غنم ، وك111ان قومه111ا

يخالطون بني النضير ، فأتوهم وهو عندهم ، فقالت لهم سلمى : إنه خارج بي قبل أن يخ11رج الش11هر الحرام ، فتع11الوا إلي11ه وأخ11بروه أنكم تس11تحيون أن تك11ون امرأة منكم معروف11ة النس11ب ص11حيحته س11بية ، وافت11دوني منه ، فإنه ال يرى أني أفارقه ، وال أختار عليه أحدا ، فأتوه فسقوه الشراب ، فلما ثم11ل ، ق11الوا ل11ه : فادن11ا بص11احبتنا11ا س11بة أن فإنه11ا وس11طة النس11ب فين11ا معروف11ة ، وإن علين

30 /2خزانة االدب   )(3

19

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

تكون سبية ، فإذا ص11ارت إلين11ا وأردت معاودته11ا فاخطبه11اإلينا ، فإننا ننكحك ،

فقال لهم : ذاك لكم ، ولكن لي الشرط فيها أن تخيروها~ن اخت11ارتني انطلقت معي إلى ول11دها ، وإن اخت11ارتكم ، فإ

انطلقتم بها ، قالوا : ذاك لك ،

قال : دعوني أله بها الليلة وأفادها غدا ، فلما كان الغد جاءوه ، فامتنع من فدائها ،

فقالوا له : قد فاديتنا به منذ البارح11ة ، وش11هد علي11ه ب11ذلك جماعة ممن حضر ، فلم يقدر على االمتناع ، وفاداها فلما

فادوه بها خيروها ، فاختارت أهلها ثم أقبلت عليه ، فقالت : يا عروة ، أما إني أقول فيك وإن فارقتك الحق ، والله م11ا أعلم ام11رأة من الع11رب ألقت س11ترها على بع11ل خ11ير من11ك وأغض طرف11ا وأق11ل فحش11ا وأج11ود ي11دا وأحمى لحقيقة ، وما مر علي يوم منذ كنت عندك إال والموت فيه أحب إلي من الحي11اة بين قوم11ك ، ألني لم أكن أش11اء أن11ذا ، أسمع امرأة من قومك ، تق11ول : ق11الت أم11ة ع11روة ك وكذا إال سمعته ، ووالله ال أنظر في وج11ه غطفاني11ة أب11دا ،

فارجع راشدا إلى ولدك ، وأحسن إليهم ، فقال عروة في ذلك : سقوني الخمر ثم تكنفوني وأولها :

أرقت وصحبتي بمضيق عمق لبرق من تهامةمستطير

سقى سلمى وأين ديار سلمى إذا كانت مجاورةالسرير

إذا حلت بأرض بني علي وأهلي بين إمرة وكير ذكرت منازال من أم وهب محل الحي أسفل من

نقير وأحدث معهد من أم وهب معرسنا بدار بني النضير

20

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وقالوا ما تشاء فقلت ألهو إلى اإلصباح آثر ذيأثير

بآنس11ة الح11ديث رض11اب فيه11ا بعي11د الن11وم ك11العنبالعصير.

كم11ا ذك11ر أب11و عم11رو ، وق11ال فيه11ا : إن قومه11ا أغل11وا به11ا الفداء ، وكان معه طلق وجبار أخوه وابن عمه ، فقاال له : والله لئن قبلت ما أعطوك ال تفتقر أبدا وأنت على النساء قادر متى شئت ، وكان قد سكر فأج11اب إلى ف11دائها فلم11ا ص111حا ن111دم ، فش111هدوا علي111ه بالف111داء ، فلم يق111در على

االمتناع ، وجاءت سلمى تثني عليه ، فقالت : والله إنك ما علمت لضحوك مقبال ،

كسوب مدبرا ، خفيف على متن الفرس ،

ثقيل على العدو ، طويل العماد ،

كثير الرماد ، راضي األهل والجانب ،

فاستوص ببنيك خيرا ، ثم فارقته ، فتزوجها رجل من بني عمها ، فقال لها يوم11ا من األي11ام : يا سلمى ، أث11ني علي كم11ا أث11نيت على ع11روة ، وق11د ك11ان

قولها فيه شهر ، فقالت له : ال تكلفني ذلك ، فإني إن قلت الحق غض11بت ،

وال والالت والعزى ال أكذب ، فقال : عزمت عليك لت11أتيني في مجلس ق11ومي ، فلتث11نين علي بما تعلمين ، وخرج فجلس في ن11دي الق11وم ، وأقبلت

فرماها القوم بأبصارهم ، فوقفت عليهم ،

21

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وقالت : أنعموا صباحا ، إن هذا ع11زم علي أن أث11ني علي11هبما أعلم ، ثم أقبلت عليه ،

فقالت : والله إن شملتك اللتحاف ، وإن شربك الشتفاف ، وإنك لتنام ليلة تخاف ،

وتشبع ليلة تضاف ، وما ترضي األهل وال الجانب ،

ثم انصرفت ، فالمه قومه ، وق11الوا : م11ا ك11ان أغن11اك عن(4)هذا القول منها ؟

- ومن سيرة عروة بن الورد :~ي أب11و فقعس ، ق11ال : ك11ان ق11ال ابن األع11رابي ، : ح11دثن عروة بن الورد إذا أصابت الناس س11نة ش11ديدة ترك11وا في دارهم المريض والكبير والضعيف ، وكان ع11روة بن ال11ورد يجمع أشباه هؤالء من دون الناس من عشيرته في الشدة ، ثم يحف1111ر لهم األس1111راب ، ويكن1111ف عليهم الكن1111ف ، ويكسيهم ، ومن قوي منهم إما مريض يبرأ من مرضه ، أوحابه ضعيف تثوب قوته خرج ب11ه مع11ه ، فأغ11ار وجع11ل ألص11 الباقين في ذلك نصيبا ، ح11تى إذا أخص11ب الن11اس ، وألبن11وا~نسان بأهل11ه ، وقس11م ل11ه نص11يبه وذهبت السنة الحق كل إ~نسان منهم أهله من غنيمة إن كانوا غنموها ، فربما أتى اإل ، وقد استغنى ، فلذلك سمي عروة الصعاليك ، فق11ال في

ذلك بعض السنين ، وقد ضاقت حاله : لعل ارتيادي في البالد وبغيتي وشدي حيازيم المطية

بالرحل سيدفعني يوما إلى رب هجمة يدافع عنها بالعقوق

وبالبخل 88 / 1بالغات النساء   )(4

22

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فزعموا أن الله عز وجل قيض له وهو م11ع ق11وم من هالك عش11يرته في ش11تاء ش11ديد ن11اقتين دهم11اوين ، فنح11ر لهم إحداهما ، وحمل متاعهم وضعفاءهم على األخرى ، وجعل ينتقل بهم من مكان إلى مكان ، وكان بين النقرة والرب11ذة ، فنزل بهم ما بينهما بموضع يقال له : ماوان ، ثم إن الله عز وجل قيض له رجال صاحب مائة من اإلب11ل ق11د ف11ر به11ا من حقوق قومه ، وذلك أول ما ألبن الناس فقتل11ه ، وأخ11ذ إبل11ه وامرأت11ه ، وك11انت من أحس11ن النس11اء ، ف11أتى باإلب11ل أصحاب الكنيف فحلبها وحملهم عليه11ا ، ح11تى إذا دن11وا منعشيرتهم أقبل يقسمها بينهم ، وأخذ مثل نصيب أحدهم ، فقالوا : ال والالت والعزى ، ال نرض11ى ح11تى تجع11ل الم11رأة نص11يبا ، فمن ش11اء أخ11ذها ، فجع11ل يهم ب11أن يحم11ل عليهم فيقتلهم ، وينتزع اإلبل منهم ، ثم يذكر أنهم صنيعته ، وأن11ه إن فعل ذلك أفسد ما كان يصنع ، فأفكر طويال ثم أج11ابهم إلى أن يرد عليهم اإلبل إال راحلة يحمل عليها المرأة ح11تى يلحق بأهل1ه ، ف11أبوا ذل11ك علي11ه ح11تى انت11دب رج11ل منهم ، فجعل له راحلة من نصيبه ، فقال عروة في ذلك قص11يدته

التي أولها : أال إن أصحاب الكنيف وجدتهم كما الناس لما أمرعوا

وتمولوا وإني لمدفوع إلي والؤهم بماوان إذ نمشي

وإذ نتململ وإني وإياهم كذي األم أرهنت له ماء عينيها تفدي

وتحمل فباتت بحد المرفقين كليهما توحوح مما نالها

وتولوله11ا ق11د تخير من أمرين ليسا بغبطة ه11و الثك11ل إال أن

تتجمل. وقال ابن األعرابي في هذه الرواية أيضا :

23

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ك11ان ع11روة ق11د س11بى ام11رأة من ب11ني هالل بن ع11امر بن صعص11عة ، يق11ال له11ا : ليلى بنت ش11عواء ، فمكثت عن11دهها تحبه ، ثم استزارته أهلها ، زمانا ، وهي معجبة له تريه أن فحملها حتى أتاهم به11ا ، فلم11ا أراد الرج11وع أبت أن ترج11ع مع11ه ، وتوع11ده قومه11ا بالقت11ل ، فانص11رف عنهم وأقب11ل عليها ، فقال لها : يا ليلى ، خبري صواحبك عني ، كيف أنا

؟ فقالت : ما أرى لك عقال ، أتراني قد اخترت عليك وتقول

خبري عني ؟ فقال في ذلك :

تحن إلى ليلى بجو بالدها وأنت عليها بالمال كنتأقدرا

وكيف ترجيها وقد حيل دونها وقد جاوزت حيا بتيماءمنكرا

لعلك يوما أن تسري ندامة علي بما جشمتني يومغضورا .

وهي طويلة. قال : ثم إن بني عامر أخذوا ام1رأة من ب1ني عبس ثم من بني سكين ، يقال لها : أسماء ، فما لبثت عن11دهم إال يوم11ا حتى استنقذها قومه1ا ، فبل1غ ع1روة أن ع11امر بن الطفي1ل فخر بذلك ، وذكر أخذه إياها ، فقال عروة يع11يرهم بأخ11ذه

ليلى بنت شعواء الهاللية : إن تأخذوا أسماء موقف ساعة فمأخذ ليلى وهي

عذراء أعجب لبسنا زمانا حسنها وشبابها وردت إلى شعواء والرأس

أشيب

24

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كمأخذنا حسناء كرها ودمعها غداة اللوى معصوبة(5)يتصبب

يا أبا الصعاليك ، أغثنا-وقال ابن األعرابي :

أج11دب ن11اس من ب11ني عبس في س11نة أص11ابتهم ف11أهلكت أموالهم وأصابهم جوع شديد وبؤس ، فأتوا عروة بن الورد فجلسوا أمام بيته ، فلما بصروا به صرخوا وق11الوا : ي11ا أب11ا الص11عاليك ، أغثن11ا ، ف11رق لهم وخ11رج ليغ11زو بهم ويص11يب معاشا ، فنهته امرأته عن ذلك لما تخوفت عليه من الهالك ، فعصاها وخرج غازيا ، فمر بمال11ك بن حم11ار الف11زاري ثم الشمخي ، فسأله : أين يريد ؟ فأخبره ، ف11أمر ل11ه بج11زور فنحرها فأكلوا منها ، وأشار عليه مالك أن يرج11ع ، فعص11اه ومض111ى ح111تى انتهى إلى بالد ب111ني القين ، فأغ111ار عليهمحابه ، وق11ال في فأصاب هجمة ع11اد به11ا على نفس11ه وأص11

ذلك : أرى أم حسان الغداة تلومني تخوفني األعداء

والنفس أخوف تقول سليمى لو أقمت لسرنا ولم تدر أني للمقام

أطوف لعل الذي خوفتنا من أمامنا يصادفه في أهله

المتخلف وهي طويلة وقال في ذلك أيضا :

أليس ورائي أن أدب على العصا فيشمت أعدائيويسأمني أهلي

شعراء الصعاليك في العصر الجاهلي   )(5

25

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

رهينة قعر البيت كل عشية يطيف بي الولدان أهدجكالرأل

أقيموا بني لبنى صدور ركابكم فكل منايا النفسخير من الهزل

فإنكم لن تبلغوا كل همتي وال أربي حتى تروامنبت األثل

لعل ارتيادي في البالد وحيلتي وشدي حيازيمالمطية بالرحل

سيدفعني يوما إلى رب هجمة يدافع عنها(6)بالعقوق وبالبخل

روضة و غدير و خطب يسير-

و قال الشرقي بن القطامي كان رجل من كلب يق11ال ل11ه عبي11د بن الحم11ارس ش11جاعا و ك11ان ن11ازال بالس11ماوة أي11ام الربيع فلما حسر الربيع وقل ماؤه و أقلعت أن11واؤه تحم11ل إلى وادي تبل فرأى روضة و غديرا فقال روضة و غ11دير و خطب يس11ير و أن11ا لم11ا ح11ويت مج11ير ف11نزل هن11اك و ل11ه امرأتان اسم إحداهما الرباب و األخ11رى خول11ة فق11الت ل11ه

خولة أرى بلدة قفرا قليال أنيسها و إنا لنخشى إن دجا

الليل أهلهاو قالت له الرباب

أرتك برأيي فاستمع عنك قولها و ال تأمنن جن العزيقو جهلها

55عروة ابن الورد ونسبه   )(6

26

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقال مجيبا لهما ألست كميا في الحروب مجربا شجاعا إذا شبت له

الحرب محربا سريعا إلى الهيجا إذا حمي الوغى فأقسم ال أعدو

الغدير منكبا ثم صعد إلى جبل تبل فرأى شيهمة و هي األنثى من

القنافذ فرماها فأقعصها و معها ولدها فارتبطه فلما كانالليل هتف به هاتف من الجن

يا ابن الحمارس قد أسأت جوارنا و ركبت صاحبنابأمر مفظع

و عقرت لقحته و قدت فصيلها قودا عنيفا فيالمنيع األرفع

و نزلت مرعى شائنا و ظلمتنا و الظلم فاعلهوخيم المرتع

فلنطرقنك بالذي أوليتنا شر يجيئك ما لهمن مدفع

فأجابه ابن الحمارس يا مدعي ظلمي و لست بظالم اسمع لديك

مقالتي و تسمع إن كنتم جنا ظلمتم قنفذا عقرت فشر عقيرة

في مصرع ال تطمعوا فيما لدي فما لكم فيما حويت و حزته

من مطمعفأجابه الجني

27

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

يا ضارب اللقحة بالعضب األفل قد جاءك الموت وأوفاك األجل

و ساقك الحين إلى جن تبل فاليوم أقويت وأعيتك الحيل

فأجابه ابن الحمارس يا صاحب اللقحة هل أنت بجل مستمع مني

فقد قلت الخطل و كثرة المنطق في الحرب فشل هيجت

قمقاما من القوم بطل ليث ليوث و إذا هم فعل ال يرهب الجن و

ال اإلنس أجلمن كان بالعقوة من جن تبل

قال فسمعهما شيخ من الجن فقال ال و الله ال نرى قتل إنسان مثل هذا ثابت القلب ماضي العزيمة فقام ذلك

الشيخ و حمد الله تعالىثم أنشد

يا ابن الحمارس قد نزلت بالدنا فأصبت منهامشربا و مناما

فبدأتنا ظلما بعقر لقوحنا و أسأت لما أننطقت كالما

فاعمد ألمر الرشد و اجتنب الردى إنا نرى لكحرمة و ذماما

و اغرم لصاحبنا لقوحا متبعا فلقد أصبت بمافعلت أثاما

28

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فأجابه ابن الحمارس الله يعلم حيث يرفع عرشه أني ألكره أن

أصيب أثاما أما ادعاؤك ما ادعيت فإنني جئت البالد و ال

أريد مقاما فأسمت فيها مالنا و نزلتها ألريح فيها

ظهرنا أياما فليغد صاحبكم علينا نعطه ما قد سألت و

ال نراه غراماثم غرم للجن لقوحا متبعا للقنفذ و ولدها.

و هذه الحكاية و إن كانت كذبا إال أنها تتضمن أدبا و هي من طرائف أحاديث العرب فذكرناها ألدبها و إمتاعها و

يقال إن الشرقي بن القطامي كان يصنع أشعارا و ينحلها(7)غيره.

 أفضل من حجة- قال إبراهيم بن ميمون:حججت أيام الرشيد وبينما أنا بمكة أجول فيها فإذا بي بجارية قائمة ساهية فوقفت

أنظر إليها وقد أنكرت حالها فقالت: أعمرو عالم تجتنبن1111111ي ------ أخذت فؤادي

فعذبتن111ي فلو كنت ياعمرو خيرتن1ي ------ أخذت حذاري فما

نلتن1يفدنوت منها وقلت ياهذه من عمرو ؟

فارتاعت وقالت إنه زوجي !356 \ 2 ، بلوغ األرب 381 \ 3قصص العرب   )(7

29

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقلت وما شأنه ؟ قالت : أخبرني أنه يهواني ومازال يدس لي ويعلق بي

في كل طريق ويشكو شدة حبه حتى تعلقت بهوتزوجته ثم مضى إلى جدة وتركني.

قلت صفيه ليقالت: هو أحسن من تراه, أسمر حلو ظريف

فركبت راحلتي وصرت الى جدة فوقفت في المرفأ أتبصر من يعمل في السفن وأصي1ح ياعمرو فإذا به

خارج من سفينة وعلى عنقه صن )الصن وعاء يوضعفيه الزاد من طبقتين( فعرفته بالصفه

قلت:"أعمرو عالم تجنبتني" فقال:هيه هيه رأيتها وسمعته منها ثم أطرق هنيهة

واندفع يغنيهفقلت أال ترجع ؟

قال:بأبي أنت وأمي ومن بذلك ؟ !قلت :كم يكفيك كل سنه؟

قال: ثالثمئة درهمفأعطيته ثالثة آالف وقلت :

له هذه لعشرة سنين ورددته إليها وقلت له:إذا فنيت أو قاربت أقدم علي فأعطيك وكان ذلك أحب إلي من

(8)حجي

159مصارع العشاق :   )(830

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

د- فصل قصص في الفصاحة ورجاحة العقل عنالنساء

كالم امرأة أبي األسود الدؤلي- كان أبو األسود الدؤلي من أك11بر الن11اس عن11د معاوي11ة بن أبي سفيان وأق11ربهم مجلس11ا وك11ان ال ينط11ق إال بعق11ل وال يتكلم إال بعد فهم فبينا هو ذات ي11وم جالس11ا وعن11ده وج11وه ق111ريش وأش111راف الع111رب إذ أقبلت ام111رأة أبي األس111ود الدؤلي حتى حاذت معاوية وق11الت الس11الم علي11ك ي11ا أم11ير المؤمنين ورحمة الل11ه وبركات11ه ان الل11ه جعل11ك خليف11ة في البالد ورقيبا على العباد يستسقي بك المطر ويستثبت ب11ك

31

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

الشجر وتؤلف بك األهواء وي11أمن ب11ك الخ11ائف وي11ردع ب11ك الجانف فأنت الخليفة المصطفى واإلمام المرتضى فاسأل الله لك النعمة في غير تغيير والعافية من غ11ير تع11ذير لق11د ألجأني إليك يا أمير المؤمنين أم11ر� ض11اق علي في11ه المنهج وتفاقم علي فيه المخرج ألم11ر ك11رهت ع11اره لم11ا خش11يت إظهاره فلينصفني أمير المؤمنين من الخص11م ف11إني أع11وذ بعقوته من العار الوبي11ل واألم11ر الجلي11ل ال11ذي يش11تد على

الحرائر ذوات البعول األجائر فقال لها معاوية ومن بعلك هذا الذي تصفين من أمره

المنكر ومن فعله المشهر قال فقالت هو أبو األسود الدؤلي

قال فالتفت إليه فقال يا أبا األسود ما تقول هذه المرأة قال فقال أبو األسود هي تقول من الحق بعضا ولن

يستطيع أحد عليها نقضا ، أما ذكرت من طالقها فهو حقوأنا مخبر أمير المؤمنين عنه بالصدق

والله يا أمير المؤمنين ما طلقتها عن ريبة ظهرت وال أليهفوة ولكني كرهت شمائلها فقطعت عني حبائلها

فقال معاوية وأي شمائلها يا أبا األسود كرهت قال يا أمير المؤمنين إنك مهيجها علي بجواب عتيد

ولسان شديد فقال له معاوية ال بد لك من محاورتها فاردد عليها قولها

عند مراجعتها فقال أبو األسود يا أمير المؤمنين إنها كثيرة الصخب

دائمة الذرب مهينة لألهل موذية للبعل مسيئة إلى الجارمظهرة للعار إن رأت خيرا كتمته وإن رأت شرا أذاعته

قال فقالت والله ل11وال مك11ان أم11ير المؤم11نين وحض11ور من حضره من المسلمين لرددت علي11ك ب11وادر كالم11ك بنواف11ذ

32

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أق11رع ك11ل س11هامك وإن ك11ان ال يجم11ل ب11المرأة الح11رة أنتشتم بعال وال أن تظهر ألحد جهال

فقال معاوية عزمت عليك لما أجبته قال فقالت : يا أمير المؤمنين م11ا علمت11ه إال س11ؤال جه11وال ملحا بخيال ، إن قال فشر قائل ، وإن س11كت ف11ذو دغائ11ل، ليث حين يأمن ، وثعلب حين يخاف ، شحيح حين يض11اف ، إن ذكر الجود انقمع لما يعرف من قصر شأنه ولؤم آبائه ، ضيفه جائع وجاره ض11ائع ، ال يحف11ظ ج11ارا وال يحمي ذم11ارا وال يدرك ثأرا ، أكرم الناس عليه من أهانه ، وأهونهم عليه

من أكرمه قال فقال معاوية سبحان الله لما تأتي به هذه المرأة من

السجع قال فقال أبو األسود أصلح الله أمير المؤمنين إنها

مطلقة ومن أكثر كالما من مطلقة فقال لها معاوية إذا كان رواحا فتعالي أفصل بينك وبينه

بالقضاء قال فلما كان الرواح جاءت ومعها ابنها قد احتضنته فلما

رآها أبو األسود قام إليها لينتزع ابنه منها فقال له معاوية يا أبو األسود ال تعجل المرأة أن تنطق

بحجتها قال يا أمير المؤمنين أنا أحق بحمل ابني منها

فقال له معاوية يا أبا األسود دعها تقل فقال يا أمير المؤمنين حملته قبل أن تحمله ووضعته قبل

أن تضعه

33

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قال فقالت : صدق والله يا أمير المؤمنين ، حمله خفا وحملته ثقال ، ووضعه بشهوة ووضعته كرها ، أن بطني

لوعاؤه ، وإن ثديي لسقاؤه ، وإن حجري لفناؤه قال فقال معاوية سبحان الله لما تأتين به

فقال أبو األسود أنها تقول األبيات من الشعر فتجيدها قال فقال معاوية أنها قد غلبتك في الكالم فتكلف لها

أبياتا لعلك تغلبها قال فأنشأ أبو األسود يقول:

ثم سهال بالحامل المحمول ... مرحبا بالتي تجور عليناإن خير النساء ذات البعول ... أغلقت بابها علي وقالت

هل سمعتم بالفارغ ... شغلت نفسها علي فراغاالمشغول

قال فأجابته وهي تقول: كمن جار عن منار ... ليس من قال بالصواب وبالحمق

السبيلثم حجري فناؤه باألصيل ... كان ثديي سقاءه حين يضحي

بدال ما علمته والخليل ... لست أبغي بواحدي يا بن حربقال فأجابها معاوية:

وسقاه من ثديه بخذول ... ليس من غذاه حينا صغيرا من أبيه بالوحي والتنزيل ... هي أولى به وأقرب رحما

هي أولى بحمل هذا الضئيل ... أم ما حنت عليه وقامت(9 ).قال فقضي لها معاوية عليه واحتملت ابنها وانصرفت

 سعدى أم أوس بن حارثة-حدث عمرو ابن العالء فقال

جلس النعمان بن المنذر وعليه حلة مرصعة بالدر لم ير مثلها قبل ذلك اليوم فصارت العرب تنظر الى الحلة

27 / 7قصص العرب   )(934

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ويقول فردهم لصاحبه : ما رأيت كهذه الحلة قط وكانبينهم أوس بن حارثة مطرق ال ينظر إليها .

فقال النعمان : ما أرى كل من دخل علي إال استحسن الحلة وتكلم مع صاحبه في أمرها إال أنت فما رأيتك

استحسنتها وال نظرتها ! فقال أوس : أسعد الله الملك إنما تستحسن الحلة في يد

التاجر وأما إن كانت على الملك وأشرق فيها وجهه فنظري مقصور عليه ال عليها !

فاسترجح عقله ولما عزموا االنصراف قال النعمان : اجتمعوا علي في غد فإني ملبس هذه الحلة لسيد العرب

 منكم فانصرفوا وكل منهم يزعم ويرجو أن يكون غدا البس

الحلة ولما أصبحوا تزينوا بأفخر مالبسهم وأحسن سيوفهم

وركبوا أكرم جيادهم وحضروا الى النعمان ونظر النعمان في الوجوه ولم ير أوس بن حارثة

فاستدعى بعض خاصته وقال له : اذهب فاعرف لي خبراوس

مضى رسول النعمان وسئل بعض أصحاب اوس فأجابه انه قال : ان كنت سيد قومي فما أنا بسيد العرب عند

نفسي وإن حضرت ولم آخذها انصرفت منقوصا وإن كنت المطلوب لها فسيعرف مكاني

فرجع الرسول وقص على النعمان خبر اوس ومقالته فأرسل اليه رسوال وقال : أحضره آمنا مما خاف عليه

فحضر اوس بثياب األمس فاستبشرت العرب بتأخره من ان يكون هو آخذ الحلة

فلما حضر وأخذ مجلسه قال له النعمان : إني لم أرك غيرت ثيابك في يومك فالبس هذه الحلة لتتجمل بها ثم

خلعها وألبسها له35

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

اشتد ذلك على العرب وحسدوه وقالوا : ال حيلة لنا فيها إال أن نرغب أحد الشعراء فيهجوه بقبيح الفعال فإنه ال

يخفض رفعته إال الشعر وجمعوا بينهم خمسمائة ناقة وأتوا بها رجل يقال له جرول قائلين : خذ هذه واهج لنا أوس

بن حارثة وكان جرول يومئذ أشعر العرب وأهجاهم فقال لهم :

ياقوم كيف اهجو رجال حسيبا ال ينكر بيته , كريما ال ينقطع عطاؤه , فيصال ال يطعن على رأيه , شجاعا ال يضام

نزيله , محسنا ال أرى في بيتي شيئا إال من فضله ؟؟ ! سمع بذلك بشر بن أبي خازم وكان شاعرا فرغب في

 البذل فأخذ اإلبل وذكر أم أوس سعدى سمع بذلك أوس فوجه في طلبه فهرب وترك اإلبل فاتوا

 بها أوس فأخذها وشد في أثره وجعل بشر يطوف في أحياء العرب يلتمس عزيزا يجيره على أوس وكل من قصده يقول : قد أجرتك إال من أوس

فال أقدر أن أجير عليه وكان أوس قد أرسل على بشر العيون ولما بصر به احدها قبض عليه وأحضره الى أوس فلما مثل بين يديه قال له :

 ويلك ! أتذكر امي وليس في العرب مثلها ؟ !فقال بشر : قد كان ذلك أيها األمير

فقال أوس : والله ألقتلنك قتلة تحيا بها سعدى ثم دخل على أمه سعدى وقال : قد أتيتك بمن هجاك وقد

آليت ألقتلنه قتلة تحيين بها !قالت سعدى :يا بني , أو خير من ذلك ؟ !

قال : وما هو ؟ ! قالت : إنه لم يجد ناصرا منك , وال مجيرا عليك , وإنا قوم ال نرى في اصطناع المعروف من بأس , فبحقي عليك إال

أطلقته , ورددت عليه إبله , وأعطيته من مالك مثلها ,

36

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ومن مالي مثل ذلك , وأرجعه إلى أهله سالما , فإنهمأيسوا منه . !!

فخرج له أوس وقال : ما تقول أني فاعل بك ؟ قال : قاتلي ال محالة .

فقال : أو تستحق ذلك ؟ قال : نعم

قال أوس : إن سعدى التي هجوتها أشارت بكذا وكذا وأمر بحل وثاقه وانصرف الى أهلك وخذ ما أشارت لك به

! فرفع بشر يده الى السماء وقال : إني أشهدك أني ال

أعود الى شعر إال إذا كان مدحا في أوس بن حارثة وأمه .

الخيزران زوجة الخليفة العباسي المهدي وأم-بنيه الهادي وهارون الرشيد :

كانت ملكة حازمة متفقه11ة يماني11ة األص11ل، أخ11ذت الفق11ه عن اإلم11ام األوزاعي، وك1انت من ج11واري المه11دي أعتقه11ا وتزوجها، ولما مات ولي ابنها الهادي الخالفة وهذه القص11ة

جرت معها هي بالذات زوجة الخليفة الهادي، قال: كانت الخيرزان في داره11ا وعن11دها أمه11ات أوالد الخلف11اء وغيرهن من بنات بني هاش11م، فبينم11ا هي ك11ذلك إذ دخلت عليها جارية من جواريها فقالت: أعز الله الس11يدة: بالب11اب امرأة يبدو أنها شريفة في أطمار رثة، وليس وراء م11ا هي عليه من سوء الحال غاية، تأبى أن تخبر عن اس11مها، وهي

تروم الدخول عليك، فقالت الخيزران: أدخليها، فإن11ه الب11د من فائ11دة أو ث11واب، ف11دخلت ام11رأة في أطم11ار رث11ة ف11وقعت بجنب عضاض11ة

37

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

الب11اب، يع11ني ط11رف الب11اب الملبن، ثم س11لمت متض11ائلة، منكمش11ة، مس11تحية، كس11يفة باللغ11ة الدارج11ة، وتكلمت،

فأوضحت ببيان ولسان، فقالت لها الخيزران: من أنت ؟

قالت: أن11ا مزن11ة، زوج م11روان بن محم11د آخ11ر خلف11اء ب11ني أمية، وقد أصارني الدهر إلى ما ترين، هذه حالتي، ووالل11ه ما األطمار الرثة التي علي إال عاري11ة، ح11تى ه11ذه األطم11ار البالي11ة ال11تي على جس11دي اس11تعرتها، وإنكم لم11ا غلبتمون11ا على هذا األمر وصار لكم دوننا لم ن11أمن مخالط11ة العام11ة، فقصدناكم لنكون في حجابكم على أية ح11ال ك11انت، ح11تى

تأتي دعوة من له دعوة أي الموت. فهذه زوجة خليف11ة في ثي11اب رث11ة تق11ف بب11اب الخ11يزران، وترجو أن تدخل عليها، فاغرورقت عينا الخيزران بال11دموع

ونظرت زينب بنت سليمان بن علي، فقالت زينب: ال خفف الل11ه عن11ك ي11ا مزن11ة، يع11ني الل11ه ال يقيمك باللغ11ة الدارج11ة، أت11ذكرين وق11د دخلت علي11ك وأنت على هذا البس1اط بعين11ه، نفس القاع11ة، فكلمت1ك في جث11ة إب11راهيم اإلم11ام ف11انتهرتني وأم11رت ب11إخراجي، وقلت م11ا للنساء والدخول على الرجال، ف11و الل11ه لق11د ك11ان م11روان أرعى للحق منك، لقد دخلت عليه فحلف أنه ما قتله وه11و كاذب، وخيرني بين أن يدفنه أو ي11دفع إلي بجثت11ه، وع11رض علي ماال فلم أقبله، ف11انظر إلى األي11ام كي11ف ي11داولها الل11ه

بين الناس. قالت مزنة: والله ما أداني إلى هذه الحال ال11تي ترينه11ا إالت~ ض11 تلك الفعال التي كانت مني، وكأنك استحس11نتها فحر الخيزران على مثلها إنما كان يجب عليك أن تحض11يها على

38

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فع11ل الخ11ير وت11رك المقابل11ة بالش11ر لتح11رز ب11ذلك نعيمه11اوتصون دينها،

ي11ا بنت العم كي11ف رأيت ص11نيع الل11ه بن11ا في العق11وق، ق11ال: فأش11ارتأف11أحببت التأس11ي بن11ا، ثم ولت باكي11ة.

الخ11يزران إلى جاري11ة من جواريه11ا فع11دلت به11ا إلى بعضالمقاصير، وأمرت بتغيير حالها واإلحسان إليها،

فلم11ا دخ11ل المه11دي عليه11ا وق11د انص11رفت زينب قص11ت الخيزران عليه قصتها، وما أمرت به من تغيير حالها، فدعا الهادي بالجارية التي ردتها إلى المقصورة وق11ال له11ا: لم11ا

~ها إلى المقصورة ماذا قالت ؟ رددت فق11الت الجاري11ة: لحقته11ا وهي تبكي في خروجه11ا وتق11رأ

 قوله تعالى:ا]تيه ية كانت] آمنة مط]مئنة يأ ﴿وضرب الله مثال قر]أن]عم اللهرت] بان فكفل مكدا من] كا رغقه رز]انواا كو]ف بموع وال]خاس ال]جا الله لب فأذاقه

نعون ) 112 النحل ﴾ 112يص] فقال المه11دي إلى زوجت11ه الخ11يزران: والل11ه ل11و لم تفعلي فيها م11ا فعلت~ م11ا كلمت11ك أب11دا، وبكى بك11اء كث11يرا، وق11ال:

اللهم إني أعوذ بك من زوال النعمة.ثم بعث لهذه المرأة من يخبرها،  

ق11ال: أق11رئي عليه11ا الس11الم وق11ولي له11ا: ي11ا ابن11ة العم إن أخواتك اجتمعن عندي، فلما جاءته قال: يا بنت العم والل11ه لوال أني ال أريد أن أجعل لقوم أنت منهم في أمرن11ا ش11يء لتزوجتك، ولكن ال شيء أصون لك من حجابي، وكوني مع أخواتك في قصري لك م11ا لهن وعلي11ك م11ا عليهن، إلى أن يأتي11ك أم11ر من ل11ه األم11ر فيم11ا حكم في11ه على الخل11ق، ثم

39

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أخدمها وأجازها فأقامت في قصره إلى أن قضى المه11دي والهادي ومضى صدر من أيام الرشيد في خالفته، فتوفيت

(10 )وجزع عليها جزعا شديدا.

األصمعي وامرأة فصيحة -وقال األصمعي:

دفعت يوما في تلمسي بالبادي11ة إلى واد خالء ال أنيس ب11ه إال بيت معتنز، بفنائه أع11نز، وق11د ظمئت فيممت11ه فس11لمت فإذا عجوز ق11د ب11رزت كأنه11ا نعام11ة راخم، فقلت: ه11ل من ماء؟ فقالت: أو لبن؟ فقلت: ما كانت بغيتي إال الماء ف11إذا

يسر الله اللبن فإني إليه فقير. فقامت إلى قعب فأفرغت في1ه م1اء ونظفت1ه وغس1لته، ثم11رتهن ح11تى احتلبت ق11راب ملء ج11اءت إلى األع11نز فتغب القعب ثم أفرغت عليه ماء حتى رغ1ا وطفت ثمالت1ه كأنه1ا11ا غمامة بيض11اء، ثم ن11اولتني إي11اه فش11ربت ح11تى تحببت ري

واطمأننت فقلت: إني أراك معت111نزة في ه111ذا ال111وادي الم111وحش ، والحلة منك قريب، فلو انضممت إلى خبائهم فأنست بهم، ق111الت: ي111ا ابن أخي، إني آلنس بالوحش111ة وأس111تريح إلى الوحدة، ويطمئن قلبي إلى هذا الوادي الم11وحش، فأت11ذكر من عهدت، فك11أني أخ11اطب أعي11انهم، وأت11راءى أش11باحهم،11ل إلي أندي11ة رج11الهم، ومالعب ول11دانهم، ومن11دى وتتخي

أموالهم. والل1ه ي1ا ابن أخي لق11د رأيت ه11ذا ال11وادي بش1ع اللدي11دين بأه11ل أدواح وقب11اب، ونعم كالهض11اب، وخي11ل كال11ذئاب، وفتيان كالرماح، يبارون الري1اح، ويحم1ون الص1باح، فأح11ال

200 \ 3قصص العرب   )(1040

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

عليهم الجالء قما بغرفة، فأصبحت اآلثار دارسة، والمح11الطامسة، وكذلك سيرة الدهر في من وثق به. ثم قالت: ارم بعينيك في هذا المأل المتباطن،

فنظرت فإذا قبور نحو من أربعين أو خمسين؛ فقالت: أترى تلك األجداث؟ قلت: نعم.

قالت: ما انط11وت إال على أخ أو ابن أخ أو عم أو ابن عم، فأصبحوا قد ألم11أت عليهم األرض، وأن11ا أنتظ11ر م11ا غ11الهم.

(11) انصرف راشدا يرحمك الله

فةه بلقيس وص فصل ذكر صفة القصر الذي بنتعرشها

قال الشعبي : يروى أن بلقيس لما ملكت أمرت فحم11ل إليه11ا خمس11مائة أس11طوانة من الرخ11ام ، ك11ل أس11طوانة خمسون ذراعا ، وأمرت به11ا فنص11بت على ت11ل ق11ريب من مدينة صنعاء ، وخطت بين كل أس11طوانتين عش11رة أذرع ، ثم جعلت على ذلك سقفا مبس11وطا ب11ألواح الرخ11ام وألحم بعضها إلى بعض بالرصاص حتى صارت كأنها ل11وح واح11د . ثم بنت فوق ذل11ك قص11را مربع11ا من آج11ر وجعلت في ك11ل زاوية من زواياه قبة من ذهب مشرفة في الهواء ، وفيم11ا

من ذهب وفضة مرص11عة ب11أنواع بين ذلك مجالس حيطانها الجواهر الملون11ة ، فك11انت الش11مس إذا طلعت على ذل11ك القصر التهب الذهب والج1وهر فيك1اد يعش العي1ون وتح11ار

، الغريب:- المعتنز: المنفرد، والراخم: التي تحض11ن بيض11ها،207قصص العرب   )(11 احتلبت الغبر وهو بقية اللبن في الضرع وجمعه أغبار، وقراب وقريب واحد مث11ل وتغبرتهن:

كبار وكبير، والثمالة: الرغوة، وتحببت: امتألت، والمن11دى: المك11ان ال11ذي ين11دى في11ه الم11ال، الكناس11ة والمقم11ة: المكنس11ة، وبشع: مآلن، واللديدان: الجانب11ان، وقم11ا: كنس11ا، والقمام11ة:

والغرف11ة: الواح11دة من الغ11رف وه11و ض11رب من الش11جر، والمتب11اطن: المتط11امن، وألم11أتاألرض استوت عليه ووارت عليهم: احتوت عليهم، وتلمأت عليه

41

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فيه األبصار . وجعلت ب11اب ذل11ك القص11ر مم11ا يلي المدين11ة بدرج من الرخ11ام األبيض واألحم11ر واألخض11ر ، وفي جانب11ه حجرا لحجابها وبوابيها وحرسها وخدمها وحشمها على قدر

مراتبهم . قال : وأما صفة عرشها فك11ان مقدم11ه من ذهب مفص11ص بالي11اقوت األحم11ر والزم11رد األخض11ر ، وم11ؤخره من فض11ة مكلل بأنواع الجواهر ، وله أربع قوائم : قائم11ة من ي11اقوت أحمر ، وقائمة من ياقوت أصفر ، وقائمة من زمرد أخضر ، وقائمة من در أصفر ، وصفائح السرير من ذهب . وعليه س11بعة بي11وت ، على ك11ل بيت ب11اب مغل11ق ، وك11ان ثم11انين ذراعا في ثمانين ذراعا ، وطوله في الهواء ثمانون ذراعا ،

(12) فذلك قوله : " ولها عرش عظيم " أي سرير ضخم .

قصة وادي القردة- قال الكسائي : وبينما سليمان - ع - مع بلقيس ذات وي11وم إذ قال لها : أكل اليمن في طاعتك ؟ ق11الت : نعم ، إال واد عن يمين س11بأ ، في11ه أش11جار ومي11اه غلبت علي11ه الق11ردة وأزاحوا عن11ه س11كانه ، وه11و واد طوي11ل ع11ريض ، وهم في

كثرة ، وإنهم على سنن اليهود ال يتبايعون يوم السبت . فبعث سليمان العقاب ليأتيه بخبرهم .

فط11ار إلى ال11وادي وع11اد إلي11ه قب11ل أن يق11وم من مقام11ه ذل11ك ، وأخ11بره بك11ثرتهم . ف11ركب س11ليمان ال11ريح على بساطه في قبة القوارير ، وسار في نفر من بني إسرائيل حتى نزل على شفير الوادي ، فعلم القردة أن11ه س11ليمان ، فبادروا إلى طاعته وأتوه ، وق11الوا : ي11ا ن11بي الل11ه ، إن11ا من نس11ل اليه11ود ال11ذين اعت11دوا في الس11بت ، ونحن على دين موسى نعمل بأحكام التوراة ، وسألوه أن يقرهم في ذل11ك ال11وادي ، ف11أقرهم في11ه وكتب لهم س11جال على ل11وح من نح11اس وجعل11ه في عن11ق كب11يرهم يتوارثون11ه ، ثم انص11رف

عنهم . هكذا نقل .123 \14نهاية االرب في فنون العرب   )(12

42

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

يرهم بت وغ والصحيح أن الذين اعتدوا في الس ممن مسخ لم يعقبوا . وفي الصحيح : إن الله لم

يجعل لمسيخ نسال .قصة الرجل الذي قبض بأرض الهند-

قال الكسائي : كان سليمان - ع - قد سأل الله تع11الى أن يريه ملك الموت فأراه إياه ، وك1ان يع11وده ويأتي11ه في ك1ل خميس . فأتاه في بعض األيام على صورة البشر ، وجع11ل يطي11ل النظ11ر إلى رج11ل في مجلس س11ليمان ح11تى أرعب ذلك الرجل . فلما فارقه ملك الموت قال : ي11ا ن11بي الل11ه ، لقد فزعني هذا الرجل ال11ذي كن في مجلس11ك من نظ11ره إلي ، فمن هو ؟ قال : هو ملك الموت . قال : يا نبي الل11ه أسألك أن تأمر الريح أن تحملني إلى أرض الهند ، فأمره11ا سليمان فحملته من مجلسه ووضعته بأرض الهند . ثم جاء ملك الموت إلى سليمان ، فقال له : قد كنت اليوم عندي وأنت تنظر إلى ذلك الرجل نظرا شافيا حتى خاف من11ك . قال : يا نبي الل11ه ، إني كنت ق11د أم11رت بقبض روح11ه في موضع من أرض الهند في ه11ذا الي11وم ، فلم11ا رأيت11ه عن11دك عجبت متى يصل إلى الهن11د ، ف11إذا ال11ريح ق11د ج11اءت ب11ه ، فألقته في بالبقعة التي أمرت بقبض روحه فيها ، فقبض11ت

(13) روحه هناك . فعجب سليمان - ع - من ذلك .

فائدة : في ابن أبي ش11111يبة ف11111إن ه11111ذه القص11111ة ذكره11111ا

وابن  في الزهد، وأحمد في تفسيره، والثعلبي المصنف، وابن هب111ة في العظم111ة، واألص111بهاني في اإلبان111ة، بط111ة

في الحلية. وأبو نعيم في تاريخ دمشق، الله وه11و ت11ابعي، ش11هر بن حوش11ب، ولكن أس11انيدهم لم تتع11د

ومن المعلوم عند أهل المصطلح أن ما أسند إلى الت11ابعي

نهاية األرب في فنون األدب  )(1343

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ووق11ف علي11ه يعت11بر مقطوع11ا، وه11و من أقس11ام الض11عيف، فالقصة غير منسوبة إلى الرسول صلى الله علي11ه وس11لم،

 ولعلها من اإلسرائيليات، هذا مع أن ه11ذا متكلم في11ه شهراعند أهل الحديث.

هليمان علياتم ساب خة وذهبر الفتن - قصة خالسالم ورجوعه إليه

قال الكسائي : كان س11ليمان - ع - كلم11ا ن11زل بم11نزل من البراري بنت الجن والشياطين له قصرا بديعا ، فإذا تح11ول عنه خربوه . وك11ان ل11ه قص11ر على س11احل البح11ر من بن11اء الجن ، فأمرهم أن يتركوه على حالته . فجاء س11ليمان إلى ذلك القصر فنزله ، وك11ان ص11خر الج11ني مع11ه وه11و ش11ديد الحرص على أن يسلبه الخاتم ؛ ألنه كان قد علم أن ملكه في خاتمه . وكان لسليمان جارية اسمها األمينة فك11ان إذا أراد الدخول إلى الخلوة بنسائه يسلم الخ11اتم إليه11ا ، ف11إذا اغتسل أخذ خاتمه منه11ا ، وك11ذلك إذا أراد الوض11وء . فج11اء سليمان في بعض األيام فنزل ذلك القصر وأراد الوض11وء ، ف11دفع الخ11اتم إلى الجاري11ة ، فج11اء ص11خر وق11د ألقى على نفس11ه ص11ورة س11ليمان ، فق11ال للجاري11ة : ه11ات الخ11اتم ، فناولته إياه وهي ال تعلم . فلما صار الخ11اتم في ي11د ص11خر لم يستقر في يده ألنه شيطان ، فرماه في البح11ر ، فج11اء حوت بإذن الله فابتلع11ه . ومض11ى ص1خر وه1و على ص1ورة سليمان فجلس على كرسيه ومعه الناس وهم يظنون أن11ه سليمان ؛ فذلك قوله تعالى : " ولقد فتنا س11ليمان وألقين11ا على كرس11يه جس11دا ثم أن11اب " قي11ل : الجس11د ه11و ص11خر الج11ني . ق11ال : وخ11رج س1ليمان من الخالء وق11د غ11ير الل11ه ص111ورته إلى ص111ورة ص111خر ، فطلب الخ111اتم ، فق111الت الجارية : أعوذ بالله منك ، قد دفعت الخاتم إلى سليمان . فعلم أن الله قد أوقع به البلية ، فخرج يريد القصر ويقول للناس : أنا س1ليمان ، والن1اس يه1زءون بقول1ه ويقول1ون : لست س11ليمان أنت ص11خر الج11ني . فجع11ل س11ليمان ي11دور على جمي11ع الن11اس وهم على كلم11ة واح11دة في إنك11اره ،

44

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وجع11ل ي11دور في الق11رى ويق11ول : أن11ا س11ليمان والن11اس يشتمونه حتى لزق بطنه بظهره من الجوع ، فق11ال : إلهي إن11ك ابتليت كث11يرا من األنبي11اء ولم تح11رمهم رزق11ك . إلهي إني ت11ائب إلي11ك من خطيئ11تي . فلم ي11زل س11ليمان ك11ذلك أربعين يوما لم يطعم شيئا ، ثم وجد قرصة يابسة ملقاة ، فأخذها ولم يق1در على أكله1ا ليبس1ها ، فأقب11ل إلى س1احل البح11ر وقع11د يب11ل القرص11ة فاس11تلبتها األم11واج من ي11ده . فقال : إلهي رزقتني بعد أربعين يوما قرصة يابس11ة ن11زلت ح11تى أبله11ا فاس11تلبتها األم11واج من ي11دي وأنت المتكف11ل بأرزاق العباد ، وأنا عبدك المذنب ، فارزقني فأنت الرزاق الكريم . ثم جعل يمش11ي على الس11احل وه11و يبكي ، ف11إذا هو بقوم يص1طادون الس1مك ، فس1ألهم ش1يئا من الطع1ام فمنعوه وطردوه وقالوا له . انصرف عنا ، فما رأينا أوحش من وجهك . قال : ما عليكم من وجهي إذا أطعمتم11وني ؟ قالوا : وحق سليمان إن قمنا إلي11ك لنوجعن11ك ض11ربا إن لم ترح عنا . قال : يا قوم ، فأنا والله سليمان . فضربه رج11ل منهم على رأسه وقال : أتكذب على نبي الل1ه فبكى ح11تى بكت المالئكة لبكائه ورحمه أولئك الق11وم ون11اولوه س11مكة وأعطوه سكينا ، فشق بطنها ليص11لحها ويش11ويها ويأكله11ا ، فخرج الخاتم من بطنها فغسله وجعل1ه في إص1بعه ، وع11اد إليه حسنه وجماله ، فوضع الس11مكة وس11ار يري11د قص11ره ، فجعل يمر بتلك القرى ، فك11ل من ك11ان ق11د أنك11ره عرف11ه وسجد له . فبلغ ذلك صخرا الجني فهرب . وع11اد س11ليمان إلى قصره واجتمع ل11ه اإلنس والجن والش11ياطين والس11باع والهوام كم11ا ك11انوا أول م11رة . فبعث العف11اريت في طلب ص11خر ف11أتوه ب11ه ، ف11أمر أن ينق11روا ل11ه ص11خرتين وص11فده بالحديد وجعله بينهما وأطبقهم11ا علي11ه وختم علي11ه بخاتم11ه وطرح11ه في بح11يرة طبري11ة . فق11ال : إن11ه فيه11ا إلى ي11وم القيامة . ثم أمر الله الرياح أن تحشر له سائر الش11ياطين

(14)فحشرت له ، فصفد مردتهم بالحديد وحبسهم .

99 \ 14بلوغ االرب في فنون الغرب   )(14

45

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

عن وهب بن منبه قال : - سمع سليمان - ع - أن في جزي11رة من جزائ11ر البح11ر رجال يق11ال ل11ه ص11يدون مل11ك عظيم الش11أن لم يكن ألح11د من الناس عليه سبيل لمكانه في البحر . وقال غيره : إن هذه الجزي11رة مس11يرة ش11هر في مثل11ه ، وفيه11ا عج11ائب كث11يرة وأش11جار وأنه111ار ، و في وس111طها مجلس على عم111د من مرمر ملون ، والمجلس من ذهب مفصل ب11أنواع الج11واهر يش11رف على جمي11ع الجزي11رة وقي11ل : إن11ه ك11ان س11احرا ، فكانت الجن تطيف به وتعمل له العجائب ، فدل س11ليمان

عليها فغزاه . : فخ11رج س11ليمان إلى الجزي11رة تحمل11ه ال11ريح على ظه11ر الماء حتى نزل بها بجنوده من الجن واإلنس ، فقتل ملكها وسبى ما فيها ، وأصاب فيم11ا أص11اب بنت المل11ك واس11مها ج11رادة لم ي11ر الن11اس مثله11ا حس11نا وجم11اال ، فاص11طفاها سليمان لنفسه ، ودعاها إلى اإلسالم فأسلمت على جف11اء منها وقل11ة ثق11ة ، وأحبه11ا س11ليمان حب11ا لم يحب11ه ش11يئا من نس11ائه ، وك11انت منزلته11ا عن11ده منزل11ة عظيم11ة ، وك11ان ال

يذهب حزنها وال ترقا دمعتها على أبيها . فشق ذلك على سليمان وقال لها : ويحك ما هذا الحزن الذي ال يذهب ، وال11دمع ال11ذي ال يرق11أ ق11الت : إني أذك11ره

وأذكر ملكه وما كان فيه وما أصابه فيحزنني ذلك . ق11ال س11ليمان : فق11د ب11دلك الل11ه ملك11ا أعظم من ملك11ه ، وس11لطانا أعظم من س11لطانه ، وه11داك إلى اإلس11الم وه11و

خير من ذلك كله . قالت : إن ذلك كذلك ، ولكن إذا ذكرته أص11ابني م11ا ت11رى من الحزن . ولو أنك أمرت الشياطين فصوروا لي صورته في داري أراها بكرة وعشية لرجوت أن يذهب ذل11ك ، وأن

يسكن عني بعض ما أجد في نفسي . 46

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فأمر سليمان الشياطين أن يمثلوا ص11ورة أبيه11ا في داره11ا حتى ال تنكر منه شيئا ، فمثلوه لها ح11تى نظ11رت إلى أبيه11ا بعينه إال أنه ال روح فيه . فعمدت إليه حين صنعوه فأزرت11ه

وقمصته وعممته بمثل ثيابه التي كان يلبس . ثم ك11انت إذا خ11رج س11ليمان من داره11ا تغ11دو على ذل11ك

له كما كانت تصنع ذلك في التمثال هي ووالئدها فيسجدن ملكه ، وتفعل ذلك بكرة وعشية وس11ليمان ال يعلم بش11يء

من ذلك أربعين يوما . وبلغ ذلك آصف بن برخيا ، وكان صديقا ، وكان ال يرد من باب سليمان متى أراد دخوله من ليل أو نهار ، فأتاه فقال : يا نبي الله ، كبرت سني ، ودق عظمي ، ونف11د عم11ري ، وقد حان مني الذهاب ، وق11د أحببت أن أق11وم مقام11ا قب11ل الموت أذك11ر في11ه من مض11ى من أنبي11اء الل11ه وأث11نى عليهم بعلمي ، وأعلم الناس ما يجهل11ون من كث11ير من أم11ورهم ،

فقال : افعل . فجمع له س11ليمان الن11اس فق11ام فيهم خطيب11ا ، ف11ذكر من مضى من أنبياء الله وأثنى على كل منهم بما في11ه ، وذك11ر ما فضهلم الل1ه ب1ه ح1تى انتهى إلى س1ليمان ، فق1ال : م1ا كان أحلمك في صغرك ، وأورع11ك وأفض11لك في ص11غرك ، وأحكم أمرك في صغرك ، وأبع11دك من ك11ل م11ا ترك11ه فيصغرك ، ثم انصرف . فوجد سليمان في نفسه من ذلك . فلم11ا دخ11ل س11ليمان داره أرس11ل إلى آص11ف بن برخي11ا فق11ال : ذك11رت من مض11ى من أنبي11اء الل11ه ، وأثبت عليهم خيرا في كل زمانهم ، وفي ك11ل ح11ال من أم11ورهم ؛ فلم11ا ذكرتني جعلت تث11ني علي بخ11ير في ص11غري وس11كت عم11ا سوى ذلك من أم11ري في ك11بري ، فم11اذا أح11ادث في آخ11ر أمري ؟ قال : ألن غير الله يعبد في دارك أربعين يوما في

هوى امرأة .

47

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قال سليمان : في داري قال : نعم في دارك . فاس11ترجع س11ليمان ثم دخ11ل داره فكس11ر ذل11ك الص11نم ، وخافت تلك المرأة . ثم أمر س11ليمان بثي11اب الطه11ر ف11أتى بها ، وهي ثياب ال يغزلها إال األبك1ار وال تمس1ها ام11رأة ذات دم . فلبس11ها ثم خ11رج إلى فالة من األرض وح11ده ، ف11أمر برماد ففرش به ، ثم أقبل تائبا إلى الل11ه ح11تى جلس على ذلك الرماد ت11ذلال لل11ه تع11الى وتض11رعا إلي11ه ، يبكي وي11دعو ويس11تغفر مم11ا ك11ان في داره ، فلم ي11زل ذل11ك دأب11ه ح11تى

أمسى ، ثم رجع إلى داره . وكان له وليدة يقال لها األمينة ، فكان إذا دخل لحاجته أو أراد إصابة امرأة من نسائه وضع خاتمه عندها حتى يتطهر ، فوضعه يوما من األي11ام عن11دها ثم دخ11ل لقض11اء حاجت11ه ، فأتاه11ا ص11خر الج11ني على ص11ورة س11ليمان ال ينك11ر من11ه شيء ، فقال لها : يا أمينة ، خاتمي ؛ فناولته إياه ، فجعل11ه في يده ثم خرج حتى جلس على س11رير س11ليمان وعكفت عليه الجن واإلنس والطير . وخرج س11ليمان ف11أتى األمين11ة وقد تغير عن حليته وهيئته عند ك11ل من ي11راه . فق11ال : ي11ا أمين11ة . ق11الت : ومن أنت ؟ ق11ال : أن11ا س11ليمان بن داود . قالت : ك11ذبت لس11ت س11ليمان ، وق11د ج11اء س11ليمان وأخ11ذ خاتمه وهو جالس على سريره في ملكه ، فعرف سليمان أن خطيئته ق11د أدركت11ه ، فجع11ل يق11ف على ال11دار من دور

فيقول : أنا سليمان بن داود ، فيحث11ون علي11ه بني إسرائيل التراب ويسبونه ويقولون : انظروا إلى هذا المجنون يزعم أنه س11ليمان . فلم11ا رأى س11ليمان ذل11ك عم11د إلى البح11ر ، فك11ان ينق11ل الحيت11ان ألص11حاب البح11ر من11ه إلى الس11وق فيعطون11ه ك11ل ي11وم س11مكتين ، ف11إذا أمس11ى ب11اع إح11دى سمكتيه بأرغف11ة ويش11وي األخ11رى فيأكله11ا ، فمكث ك11ذلك أربعين صباحا عدة م11ا ك11ان ذل11ك ال11وثن في داره . ق11ال : وأنك11ر آص11ف وعظم11اء ب11ني إس11رائيل حكم ع11دو الل11ه الشيطان في تلك الم11دة . فق11ال آص11ف : ي11ا معش11ر ب11ني

48

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

إسرائيل ، هل رأيتم من اختالف حكم سليمان بن داود م11ا رأيت ؟ قالوا نعم . قال : أمهلوني حتى أدخل على نس11ائه وأسألهن هل أنكرن منه في خاص11ة أم11ره م11ا أنكرن11اه في

عامة أمر الناس . فدخل على نسائه فق11ال : ويحكن ه11ل أنك11رتن من أم11ر نبي الله سليمان م11ا أنكرن11اه ؟ فقلن : أش11د وأعظم ، م11ا ي1دع ام1رأة من11ا في دمه1ا ، وال يغتس1ل من جناب11ة . فق11ال آص11ف : إن11ا لل11ه وإن11ا إلي11ه راجع11ون ، إن ه11ذا له11و البالء

المبين . ثم خرج إلى بني إسرائيل فق11ال : م11ا في الخاص11ة أعظم مما في العامة . فلما مضت أربعون صباحا طار الشيطان عن مجلسه ثم م11ر ب11البحر فق11ذف الخ11اتم في11ه ، فابتلعت11ه س11مكة وأخ11ذها بعض الص11يادين ، وق11د عم11ل ل11ه س11ليمان ص11در يوم11ه ح11تى إذا ك11ان آخ11ر النه11ار أعط11اه س11مكتيه ، ف11أعطى الس11مكة ال11تي ابتلعت الخ11اتم ، وحم11ل س11ليمان سمكتيه فباع ال11تي ليس فيه11ا الخ11اتم باألرغف11ة ، ثم عم11د إلى السمكة األخرى فبقره11ا ليش11ويها ، فاس11تقبله الخ11اتم من جوفه11ا فأخ11ذه ، فجعل11ه في ي11ده ووق11ع س11اجدا لل11ه تعالى ، وعكفت عليه الطير والوحش والجن . وأقبل إلي11ه الن11اس ورج11ع إلى ملك11ه وأظه11ر التوب11ة من ذنب11ه ، وأم11ر الشياطين بإحضار صخر فأدخل11ه في ص11خرة عظيم11ة ، ثم شد عليه أخرى ، ثم أوثقهما بالحدي11د والرص11اص ، ثم أم11ر

به فقذف في البحر ، هذا حديث وهب . وقال السدي في سبب الفتنة : كان لسليمان مائ11ة ام11رأة وكانت منهن امرأة يقال لها جرادة وهي آثر نسائه وآمنهن عنده ، وكان إذا أجنب أو أتى حاجته نزع خاتمه ولم يأتمن عليه غيرها . فجاءها يوما من األي11ام فق11الت ل11ه : إن أخي بين111ه وبين فالن خص111ومة ، وإني أحب أن تقض111ي ل111ه إذا ج11اءك . ق11ال نعم ، ولم يفع11ل ؛ ف11ابتلى بقول11ه وأعطاه11ا

49

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

خاتمه ودخل المذهب ، فخرج الشيطان في صورته فق11ال لها : هاتي الخاتم ، فأعطته إي11اه ، فج11اء ح11تى جلس على

سليمان بع11ده فس11ألها أن تعطي11ه مجلس سليمان ، وخرج الخاتم فقالت : ألم تأخ11ذه ؟ ق11ال : ال وخ11رج من مكان11ه . ومكث الش11يطان يحكم بين الن11اس أربعين يوم11ا ، ف11أنكر الن11اس حكم11ه ، ف11اجتمع ق11راء ب11ني إس11رائيل وعلم11اؤهم فجاءوا حتى دخلوا على نسائه فقالوا : إنا قد أنكرنا ه11ذا ، فإن كان سليمان فقد ذهب عقله وأنكرن1ا حكم11ه ، ف1أبكى النساء عند ذلك . فأقبلوا يمشون حتى أتوه فأحدقوا به ثم نشروا التوراة فقرءوها ، فط1ار الش1يطان من بين أي1ديهم حتى وقع على شرفة والخاتم مع11ه ح11تى ذهب إلى البح11ر فوقع الخاتم في البح11ر فابتلع11ه الح11وت . فأقب11ل س11ليمان في حالته التي كان فيها حتى انتهى إلى صيادين وهو جائع فاس11تطعمهم من ص11يدهم وق11ال : إني س11ليمان بن داود . فقام إليه بعضهم فض11ربه بعص11اه فش11جه . فجع11ل يغس11ل دمه وهو على شاطئ البحر ، فالم الصيادون صاحبه ال11ذي ضربه وق11الوا : بئس11ما ص11نعت حيث ض11ربته . فق11ال : إن11ه زعم أن11ه س11ليمان بن داود فأعط11اه س11مكتين . فق11ام إلى ساحل البحر فشق بطونهما وجعل يغسلهما ، فوجد خاتمه في بطن إحداهما ، فأخذه ولبس1ه ، ورد الل1ه تع1الى علي11ه ملكه وبهاءه ، وجاءت الطير فعكفت عليه ، فعرفه الق11وم فقاموا يعتذرون إليه مما صنعوا . فقال : ما أؤاخذكم على عدوانكم وال ألومكم على ما كان منكم ، هذا ما كان ال ب11د منه . وجاء ح11تى أتى ملك11ه ، فأخ11ذ الش11يطان فجعل11ه في ص11ندوق من حدي11د ثم أطبق11ه وأقف11ل علي11ه بقف11ل وختم بخاتمه ، ثم أمر به فألقى في البحر ، وهو في11ه ك11ذلك إلىي11111111111111111111111111111111وم القيام11111111111111111111111111111111ة . ق1ال : وفي بعض الرواي11ات أن س1ليمان لم11ا افتتن س1قط الخاتم من يده ، فأخذه سليمان فأعاده إلى يده ، فس11قط من ي11ده فلم11ا رآه ال يثبت في ي11ده أيقن بالفتن11ة . وق11ال آصف لسليمان : إن11ك مفت11ون ب11ذنبك والخ11اتم ال يتماس11ك

50

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أربعة عشر يوما ، ففر إلى الله تعالى تائب11ا من ذنب11ك وأن11ا أقوم مقامك وأسير في عملك وأهل بيوتك بس11يرتك ح11تى يتوب الله عليك وي11ردك إلى ملك11ك . فف11ر س11ليمان هارب11ا إلى ربه ، وأخذ آصف الخاتم ووض11عه في ي11ده فثبت . وإن الجسد الذي قال الله تعالى : " وألقينا على كرسيه جسدا " هو آصف كاتب سليمان ، وكان عن11ده علم من الكت11اب . فأقام آصف في ملك سليمان يسير سيرته ويعم11ل بعمل11ه أربعة عشر يوم11ا ، إلى أن رج11ع س11ليمان إلى منزل11ه تائب11ا إلى الله تعالى ، ورد الله تعالى عليه ملك11ه ، وق11ام آص11ف من مجلسه وجلس سليمان على كرسيه وأعاد الخاتم في

يده فثبت فيها . قال أبو إسحاق : وقيل في سبب ذلك م11ا روي عن س11عيد بن المس11يب أن س11ليمان احتجب عن الن11اس ثالث11ة أي11ام ، فأوحى الله تعالى إليه أن ي11ا س11ليمان احتجت عن عب11ادي ثالثة أيام فلم تنظر في أم11ورهم ولم تنص11ف مظلوم11ا من ظالم . وذكر حديث الخاتم وأخذ الشيطان إياه كما تقدم ، وقال في آخره : قال علي : فذكرت ذلك للحسن فق11ال :

ما كان الله ليسلطه على نسائه .

قال وقال بعض المفسرين : كان سبب فتنة س11ليمان أن11ه أم11ر أال ي11تزوج ام11رأة إال من ب11ني إس11رائيل ، ف11تزوج من

غيرهم فعوقب على ذلك . وقيل : إن سليمان لما أصاب ابن11ة المل11ك ص11يدون أعجب بها ، فعرض عليها اإلسالم فأبت وامتنعت ، فخوفها فقالت : إن أكرهتني على اإلسالم قتلت نفسي . فخاف س11ليمان أن تقتل نفسها ، ف11تزوج به11ا وهي مش11ركة أربعين يوم11ا ، وك11انت تعب11د ص11نما له11ا في خفي11ة من س11ليمان إلى أن

أسلمت ، فعوقب سليمان بزوال ملكه أربعين يوما .

51

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قال وقال الشعبي في سبب ذلك . إن سليمان ولد له ولد . فاجتمعت الشياطين وقال بعضهم لبعض : إن ع11اش ل11ه ولد لم ننفك مما نحن فيه من البالء والسخرة ، وما لن11ا إال أن نقت11ل ول11ده أو نخبل11ه . فعلم س11ليمان ب11ذلك ، ف11أمر السحاب أن يأخذ ابنه ، وأمر الريح فحملته ، وغدا ابنه في السحاب خوفا من مضرة الش11يطان . فعاقب11ه الل11ه تع11الى بخوف11ه من الش11يطان ، وم11ات الول11د ف11ألقي ميت11ا على كرسيه فهو الجسد الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز ؛ قال الله تعالى : " ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه

(15) جسدا ثم أناب " .

قصة وفاة بلقيس زوجة سليمان عليه السالم- قال الكسائي : أقامت بلقيس عند سليمان سبع سنين وسبعة أشهر ثم توفيت ، فدفنها بمدينة تدمر من أرض

الشام تحت حائط ، ولم يعلم أحد بموضع قبرها إلىأيام الوليد بن عبد الملك بن مروان .

قال موس11ى بن نص11ير : بعثت في أي11ام الولي11د إلى مدين11ة تدمر ومعي العباس بن الوليد بن عبد الملك ، فج11اء مط1ر عظيم فانهار بعض حائط المدين11ة ، فانكش11فت عن ت11ابوت طول11ه س11تون ذراع11ا وعرض11ه أربع11ون ذراع11ا متخ11د حج11ر كالزعفران مكتوب علي11ه : " ه11ذا ت11ابوت بلقيس الص11الحة أسلمت لثالث عشرة ستة خلت من ملك سليمان ، وتزوج به11ا ي11وم عاش11وراء س11نة أرب11ع عش11رة خلت من ملك11ه ، وتوفيت يوم االثنين من ربي11ع األول س11نة إح11دى وعش11رين مضت من ملكه ، وقد دفنت ليال في حائ1ط مدين11ة ت1دمر ، ولم يطل11ع على دفنه11ا إنس وال جن وال ش11يطان . ق11ال : فرفعنا غط1اء الت1ابوت وإذا هي غض1ة كأنه1ا دفنت ليلته1ا . فكتبنا بذلك إلى الوليد فأمر بترك11ه في مكان11ه ، وأن يب11نى

عليه بالصخر والمرمر ، ففعلنا ذلك .

105 \ 14بلوغ االرب   )(1552

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

رث-احبي الحليمان بن داود وصة س قصوالغنم

دخ11ل رجلين على داؤود علي11ه الس11الم أح11دهما ص11احبغنم واآلخ11111ر ص11111احب ح11111رث فق11111ال أح11111دهما : أن هذا دخلت غنم11ه باللي11ل إلى ح1رثي فأهلكت11ه وأكلت1ه

ولم تبق لي فيه شيئا فقال داؤود عليه السالم الغنم لصاحب الحرث عوضا عن حرثه ، فلما خرج11ا من عنده مرا على سليمان عليه السالم وكان عمره إذ ذاك

عش11رة س11نة فق11ال على مانقل11ه أئم11ة التفس11ير إح11دىلهم111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111ا : ماحكم بينكما الملك؟ ف11ذكرا ل11ه ذل11ك .فق11ال غ11ير ه11ذا أرفق بالفريقين. فعادا إلى داود علي1ه الس1الم وق1اال ل1ه ما قاله ول11ده س11ليمان علي11ه الس11الم ف11دعاه داود علي11هالس111111111111111111الم وق111111111111111111ال ل111111111111111111ه :

ماهو األرفق بالفريقين؟ فقال سليمان :تسلم الغنم إلى صاحب الحرث – وك11ان الحرث كرما قد تدلت عناقيده في قول أكثر المفسرين – فيأخذ صاحب الكرم األغنام ينتفع بلبنها ودرها ونسلها ، ويسلم الكرم إلى صاحب األغنام ليقوم به ، ف11إذا ع11اد الكرم إلى هيئته وص11ورته ال11تي ك11ان عليه11ا ليل11ة دخلت الغنم إليه سلم صاحب الكرم الغنم إلى صاحبها وتسلم كرمه كما كان بعناقيده وصورته ،فقال له داود :القض11اء

 كما قلت . وحكم به كما قال سليمان عليه السالم .- فصل قصة وفاة سليمان عليه السالم

قال الكسائي : ملك سليمان شرق األرض وغربها وط11اف أقطارها حتى انتهى إلى السد الذي ه11و ب11القرب من جب11ل قاف ، فوقف هناك ثم قال للريح : هل جريت هاهنا قط ؟ قالت : ال يا نبي الله ، وإنه آخر الدنيا وليس وراءه إال علم

53

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

الله تعالى . ثم أمر الريح فاحتملته ح11تى نظ11ر إلى الت11نين المحدق بالعالم ، فسار أياما على طرف من أطرافه ف11إذا هو بملك ، فقال : يا بن داود إن هذا التنين محيط بالع11الم الذي هو مس11يرة خمس11مائة ع11ام . ثم ارتف11ع إلى مس11تقر الغم11ام ونظ11ر إلى مجم11ع القط11ر ، ون11زل من هن11اك إلى مسكن الليل والنهار فإذا هو بملك يقول : اللهم أعط ك11ل منف11ق خلق11ا وك11ل ممس11ك تلف11ا . ثم أم11ر ال11ريح أن تح11ط بس11اطه إلى األرض المقدس11ة ، وك11انت م11دة غيبت11ه مائ11ة وثالثين يوما . وكان في ط11ول س11فرته ه11ذه ي11رى شخص11ا بين يديه يسبق كل شيء ، فس11أله من ه11و ؟ ف11أخبره أن11ه ملك الموت ، فوقعت عليه الرعدة وتغير لونه وجع11ل ابن11ه رحبعم خليفته ، وأوصى الناس بالسمع والطاعة له . وأخذ في الص11وم والص11الة ط11ول ليل11ه ، ف11إذا أص11بح خ11رج من محرابه إلى روض11ة هن11اك فيه11ا نب11ات حس11ن يتس11لى ب11ه . فخرج في بعض األيام فرأى نبتا غريبا لم يكن قد رآه قبل ذلك اليوم . فقال : أيها النبت ما أنت ؟ قال : أنا الخرنوب الذي ال أنبت في موضع إال خربته . فق11ال : ق11د أم11رت أن أنبت هاهنا . فعاد سليمان من الغد وهو على حاله وقد زاد نباته . فقال ل11ه س11ليمان : ألم آم11رك أن تلح11ق بموض11عك من البراري . قال الخرنوب : يا نبي الله ، إن هذا الموضع سيخرب عن قريب ، فس11كت س11ليمان . فلم11ا ض11عف عن العبادة توكأ على عصاه . فبينا هو في محرابه متوكئا قائما يتلو الزبور والتوراة إذ أتاه ملك الموت ، فرفع رأسه إلي11ه فناوله شمة فشمها فمات . وبقي سليمان على حالت11ه لم يس11قط إلى األرض ولم يتح11رك وال م11ال . فه11ابوه وم11ا جسروا أن يتقدموا إليه . وقالوا : إن11ه لم يمت ، ولم ت11زل اإلنس والجن والش11ياطين وال11وحش والط11ير في الطاع11ة واألعمال حتى مضت سنة ، ثم وقعت األرض11ة في أس11فل العصا ، فذلك قوله تعالى : " فلما قضينا عليه الم11وت م11ا دلهم على موت111ه إال داب111ة األرض تأك111ل منس111أته " فخ111ر سليمان عند ذل11ك كالخش11بة اليابس11ة ، وك11انت الجن قب11ل

54

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ذلك تدعي علم الغيب ؛ قال الله تعالى : " فلما خر تبينت الجن أن ل11و ك11انوا يعلم11ون الغيب م11ا لبث11وا في الع11ذاب المهين " أي في تل11ك الس11نة في نق11ل الص11خور والبني11ان

وغير ذلك . وحكى أبو إس11حاق الثعل11بي رحم11ه الل11ه تع11الى في خ11بر وفاة سليمان - ع - : قال أهل الت11اريخ : لبث س11ليمان في ملكه بعد أن رده الله علي11ه تعم11ل ل11ه الجن م11ا يش11اء من محاريب وتماثيل وجفان ك11الجوابي وق11دور راس11يات وغ11ير ذلك ، ويعذب من الش1ياطين من يش1اء ، وي11أمرهم بحم11ل الحج11ارة الثقيل11ة ونقله11ا إلى حيث أحب . فأت11اهم إبليس وهم في العمل فقال : كيف أنتم ؟ فقالوا : م11ا بن11ا طاق11ة لم11ا نحن في11ه . فق11ال لهم : ت11ذهبون تحمل11ون الحج11ارة وترجعون فراغا ال تحملوا شيئا ؟ قالوا نعم . ق11ال : ف11أنتم في راح11ة . ف11أبلغت ال11ريح ذل11ك س11ليمان ، ف11أمرهم أن يحمل111وا ذاه111بين وراجعين . فق111ال لهم إبليس : تعمل111ون بالليل ؟ قالوا ال . قال : ف11أنتم في راح11ة . ف11أبلغت ال11ريح ذلك سليمان ، فأمرهم أن يعملوا باللي11ل والنه11ار . فأت11اهم إبليس فسألهم فشكوا إليه أنهم يعمل11ون باللي11ل والنه11ار . فقال لهم إبليس : وفعلها ؟ ق11الوا : نعم . ق11ال : فتوقع11وا الفرج ، فقد بلغ األمر منته11اه . فم11ا لبث11وا إال يس11يرا ح11تى

مات سليمان . ق11ال ابن عب11اس وغ11يره : ك11ان س11ليمان يتحنث في بيت المقدس الس11نة والس11نتين والش11هر والش11هرين وأق11ل من ذل11ك وأك11ثر ، ي11دخل ومع11ه طعام11ه وش11رابه ، فدخل11ه في المرة التي مات فيها . قال : وك11ان ب11دء ذل11ك أن11ه لم يكن يوما يصبح فيه إال نبت في بيت المق11دس ش1جرة فيس1ألها سليمان ما اسمك ؟ فتقول الشجرة : اس11مي ك11ذا وك11ذا . فيقول : ألي شيء تصلحين ؟ فتقول : لكذا وك11ذا ؛ في11أمر بها فتقطع ، فإن ك11انت تنبت لغ11رس غرس11ها ، وإن ك11انت

لدواء كتب عليها لكذا وكذا .55

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فبينا هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه ، فق11ال لها : ما اس11مك ؟ فق11الت : الخرنوب11ة . ق11ال : وألي ش11يء

نبتي ؟ قالت : لخراب هذا المسجد . فقال سليمان : ما كان الله ليخربه وأن11ا حي ، أنت ال11ذي على وجه111ك هالكي وخ111راب بيت المق111دس . فنزعه111ا وغرس111ها في حائ111ط ل111ه ، ثم ق111ال : اللهم عم عن الجن م111وتي ح111تى يعلم اإلنس11ان أن الجن ال يعلم111ون الغيب . وك111انت الجن يخ111برون اإلنس أنهم يعلم111ون الغيب وأنهم

يعلمون ما في غد . قال : ثم دخل سليمان المحراب فق11ام يص11لي متكئ11ا على عصاه ، فمات على تلك الحال1ة ، ولم يعلم ب1ذلك أح1د من الشياطين ، وهم في ذل11ك يعمل11ون ل11ه يخ11افون أن يخ11رجفيع111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111اقبهم . ق11ال وق11ال عب11د ال11رحمن بن زي11د ق11ال س11ليمان لمل11ك الموت : إذا أمرت بي ف11أعلمني . ق11ال : فأت11اه فق11ال : ي1ا س11ليمان ق11د أم11رت ب11ك وق11د بقيت ل11ك س11ويعة . ف11دعا الشياطين فبن11وا علي11ه ص11رحا من ق11وارير ليس ل11ه ب11اب ، فقام يصلي واتكأ على عصاه ، ف11دخل علي11ه مل11ك الم11وت

فبقض روحه وهو متكئ على عصاه قال وفي رواية أخرى : أن سليمان قال ذات يوم ألصحابه : قد آتاني الله من الملك ما ترون ، وما مر علي ي11وم في ملكي بحيث صفا لي من الكدر ، وقد أحببت أن يك11ون لي يوم واحد يصفو لي إلى اللي11ل وال أغتم في11ه ، وليكن ذل11ك غدا . فلم1ا ك1ان من الغ11د دخ1ل قص11را ل11ه ، وأم11ر ب11إغالق أبوابه ومنع الناس من الدخول عليه ورفع األخب11ار إلي11ه لئال يسمع شيئا يسوءه ، ثم أخذ عصاه بيده وصعد فوق قصره واتكأ عليها ينظ1ر في ممالك11ه ، إذ نظ1ر إلى ش1اب حس1ن الوجه ، عليه ثياب بيض قد خ11رج علي11ه من ج11انب قص11ره فقال : السالم عليك يا سليمان . فقال س11ليمان . وعليكم

56

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

السالم ، كيف دخلت هذا القصر وق11د منعت من دخول11ه ؟ أما منعك الب11واب والحج11اب . أم11ا هبت11ني حين دخلت ه11ذا قصري بغير إذني فقال : أنا ال1ذي ال يحجب1ني ح1اجب ، وال يمنعني بواب ، وال أهاب المل11وك ، وال أقب11ل الرش11ا ، وم11ا

كنت ألدخل هذا القصر بغير إذن . فقال سليمان : فمن أذن لك في دخوله ؟

قال : ربه . فارتعد سليمان وعلم أنه ملك الموت .

فقال له : أنت ملك الموت ؟ قال نعم . قال : فيم جئت ؟ قال : جئت ألقبض روحك .

قال : يا ملك الم11وت ، ه11ذا ي11وم أردت أن يص11فو لي وم11اأسمع فيه ما يغمني .

قال له : يا سليمان ، إنك أردت يوما يصفو لك فيه عيشك حتى ال تغتم فيه ، وذلك اليوم لم يخلق في الدنيا ، ف11ارض

بقضاء ربك فإنه ال مرد له . قال : فاقبض كما أمرت ، فقبض ملك الموت روحه وه11و

متكئ على عصاه . ق11ال الثعل11بي ق11الوا : وك11انت الش11ياطين تجتم11ع ح11ول محرابه ومصاله أينما كان . وكان للمحراب كوى بين يدي11ه ومن خلفه ، فكان الشيطان الذي يري11د أن ي11دخل يق11ول : ألست جليدا إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب ، في11دخل حتى يخرج من الجانب اآلخر . ف11دخل ش11يطان من أولئ11ك فمر ، ولم يكن شيطان ينظ11ر إلى س11ليمان في المح11راب إال احترق ، فمر ولم يسمع صوت س11ليمان ، ثم رج11ع ولم يسمع ، ثم رجع فوقع في ال11بيت فلم يح11ترق ، ونظ11ر إلى

57

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

س11ليمان - ع - ق11د س11قط ميت11ا ، فخ11رج ف11أخبر الن11اس أن سليمان قد مات ، ففتحوا عنه وأخرج1وه ووج1دوا منس1أته وهي - العصا بلسان الحبشة - قد أكلتها األرض11ة ، فمكث11وا يدأبون ل11ه من بع11د موت11ه ح11وال ك11امال ، ف11أيقن الن11اس أن الجن كانوا يكذبونهم ، ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت

سليمان ، فلم يلبثوا في العذاب سنة يعملون . ق11ال : ثم إن الش11ياطين ق11الوا لألرض11ة : ل11و كنت ت11أكلين الطعام ألتيناك بأطيب طعام ، ولو كنت تش1ربين الش1راب س11قيناك أطيب الش11راب ، و لكنن11ا س11ننقل إلي11ك الم11اء والطين . قال : فهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت . ق11ال : ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو مم11ا

فلماتأتيها به الشياطين شكرا لها ؛ فذلك قوله تعالى : " ةه إال دابا دلهم على موتوت مه الم قضينا علي

" وهي األرض11ة ، ويق11ال له11ا الق11ادح أيض11ا ، وهياألرض دويبة تأكل العيدان " تأكل منسأته " أي عصاه " فلما خ11ر

تبينت الجن . . . " اآلية . قال أهل التاريخ : كان عمر سليمان ثالثا وخمسين س11نة ، ومدة ملكه أربعين سنة ، ومل11ك ي11وم مل11ك وه11و ابن ثالث

عشرة سنة . وقال الكسائي قال وهب : ع11اش س11ليمان س11تين س11نة ، منه11ا في المل11ك والنب11وة أربع11ون س11نة . ق11ال : وتف11رقت اإلنس والجن وغ11يرهم ، فتف11رق بن11و إس11رائيل بع11ده ثالث ف11رق : فرق11ة كف11روا واتبع11وا الس11حرة ، وفرق11ة اع11تزلواوق11الوا : ال نطي11ع بع11ده أح11دا وفرق11ة اتبع11و ابن11ه رحبعم . قال الثعلبي : ملك بعد س11ليمان - ع - ابن11ه رحبعم ، وك11ان قد استخلفه فنب11أه الل1ه تع1الى ولم يكن رس1وال ثم قبض ، وكان ملكه سبع عشرة سنة . ثم ملك بعده ابن11ه أيش11ا بن

رحبعم ، وكان ملكه ثالثا وستين سنة . ثم ابنه أينا .

58

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وقال الكسائي : ملك بع11د رحبعم ابن11ه اليى ، ومل11ك بع11د اليى ابنه أيشا بن اليى ، ثم بعث الله تع11الى بع11د أن قبض أيش11ا ، ش11عيا وه11و من ول11د ه11ارون بن عم11ران . وق11ال الثعلبي في س11ياقه : لم11ا مل11ك أين11ا بن أيش1ا ، وك1ان رجال ص11الحا ، وك11ان أع11رج ، وك11ان ب11ه ع11رق النس11ا ، فطمعت المل11وك في11ه لض11عفه ، واف11ترقت مل11وك ب11ني إس11رائيل ، فغزاهم مل11ك من مل11وك الهن11د يق11ال ل11ه زرج الهن11دي في جمع كث11ير ، فبعث الل11ه تع11الى عليهم مالئك11ة فهزم11وهم ، فقصدوا البحر حتى ركبوه جميعا ، فبعث الله تعالى عليهم الريح واألمواج أثقالهم وأم11والهم وس11لبهم إلى محل11ة ب11ني إسرائيل ، ونودوا أن خذوا ما غنمكم الله وكون11وا في11ه من الش11اكرين . ثم لم ي11زل يغ11زوهم المل11ك بع11د المل11ك من ملوك العراق وغيرهم ، فيهلكهم الله تع11الى إلى أن ظه11ر فيهم الظلم والفس11اد ، وفش11ت فيهم المعاص11ي ، وعب11د بعض مل11وكهم األص11نام ، فك11ان من أم11رهم م11ا ن11ذكره إن

(16) شاء الله تعالى .

من قصص الجن والله أعلم : وقد روي أن عبيد بن األبرص خرج في ركب فبينما هم

يسيرون إذا بشجاع قد احترق جنباه من الرمضاء، فقال له بعض أصحابه: دونك الشجاع يا عبيد فاقتله! قال عبيد: هو إلى غير القتل أحوج، فأخذ إدواة من ماء، فصبها عليه،

فانساب الشجاع ودخل في جحره، وسار القوم، فقضوا حوائجهم، ثم أقبلوا حتى صاروا إلى ذلك الموضع الذي فيه الشجاع، قال: فتأخر عبيد لقضاء حوائجه، فانلفت

بكره، وقيل بل حسر عليه، فسار القوم، وبقي عبيد452 / 3نهاية األرب في فنون األدب   )(16

59

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

متحيرا، فإذا بهاتف من عدوة الوادي، وهو يقول: الرجزا يا صاحب البكر~ المض~ل مركبه ... دونك هذا البكر م~ن

فاركبه ما دونه من ذي الرشاد~ تصحبه ... وبكرك اآلخر أيضا

تجنبهحتى إذا الليل تجلى غيهبه ... فحط عنه رحله وسيبه

إذا بدا الصبح والح كوكبه ... وقد حمدت عنه ذاك مصحبه قال: فالتفت عبيد، فإذا هو ببكره، وبكر إلى جنبه، فركبه،

حتى إذا صار إلى دار قومه أرسل البكر، وأنشأ يقول: يا صاحب البكر~ قد أنق~ذت من بلد ... يحار في حافتيها

~ج الهاد~ي المدل أبنت لنا بالحق نعرفه، ... من ذا الذي جاد هال

بالمعروف~ في الوادي إرج~ع حميدا، فقد أبلغت مأمننا ... بور~كت من ذي

سنام رائح غاديفأجابه هاتف يقول:

أنا الشجاع الذي ألفيته رم~ضا ... في رملة ذات~ دكداكوأعقاد

فجدت بالماء~ لما ضن حام~له، ... جودا علي ولم تبخلبإنجادي

ه ي ال أمن به~، ... فارج~ع حميدا رعاك الل هذا جزاؤك منمن غادي

مان به، ... والشر أخبث ما الخير أبقى، وإن طال الزأوعيت من زاد~

روي عن أبي كتيبة رض11ي الل11ه تع11الى عن11ه ق11ال : ح11دثني رجل من ب1ني كعب ,, ق1ال : دخلت البص111رة ألبي11ع تم1رافلم أجد منزال فوجدت دارا قد نس11ج العنك11بوت عليها ,,

60

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقلت : ما بال هذه الدار ؟ فقال1وا : إنها معمورة ,, والناس يس11مون الدار معم11ورة يري11دون ال11تي يس1111كنها

الجن ,, فقلت لمالكها : أتكريني دارك ؟ فقال : ان11ج بنفس1111ك ,, فإن فيه11ا عفريت11ا ق11د اتخ11ذها م11نزال ,, يهل11ك ك11ل من أتى

إليها ,, قلت : فالله يعينني عليه ,,

فقال : دون11ك إياه11ا فس1111كنت فيه11ا ,, فلم11ا جن اللي111ل ,, دخل علي شخص أسود ,, عين11اه كش1111علة الن1111ار ,, و ل11ه

وظلمة ,, وهو يدن11و مني فقلت : ه إال ه الله ال الوم إلى آخر آية الكرسي ,, فكلم11ا ق11رأت الحي القي

والكلمة ق1ال مثلي !! فلم1ا وص1لت إلى قول1ه تع1الى : م و العلي العظي ,, يؤده حفظهما وه

لم يقل شيئا فكررتها ف11ذهبت تل11ك الظلم11ة ,, ف11آويت في بعض جهات الدار ,, فنمت ,, فلما أصبحت وجدت بالمكان الذي رأيت11ه في11ه ,, أث11ر الحري11ق والرم11اد وس11معت قائ1111ال

يقول : أحرقت عفريتا عظيما ,, فقلت : وبم أحرقته ؟

و فق11ال : بقول11ه تع11الى : ا وهؤده حفظهم وال يم العلي العظي

ه11ذا وال ش11111ك أن الق11رآن ح11رز من الش11يطان وأن منخ111111واص آي111111ة الكرس111111ي ط111111رد الش111111يطان ..

- أخرج ابن أبي الدنيا , عن عب11د ال11رحمن بن أبي ليلى : أن رجال من قوم11ه خ11رج ليصلي صالة العشاء ففقد , فانطلقت امرأته إلى عمر بن

61

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

الخطاب رضي الله عنه , فحدثته بذلك فأمرها أن ت11تربص أرب1ع س1نين , فتربص1ت , فأمره1ا أن ت1تزوج ثم إن زوجه1ا األول قدم , فارتفعوا إلى عمر , فقال عمر : يغيب أحدكم

الزمان الطويل ال يعلم أهله حياته ! قال الرجل : كان لي عذر .

قال : ما عذرك ؟! قال : خرجت أصلي ص11الة العش11اء فس11بتني الجن ) أي : أس111رتني ( , فكنت فيهم زمان111ا ط111ويال , فغ111زاهم جن مؤمنون فقاتلوهم , فظهروا عليهم , فأص11ابوا لهم س11بايا ,

فكنت فيمن أصابوا , فقالوا : ما دينك ؟ قلت : مسلم .

قالوا : أنت على ديننا ال يحل لنا سباك . فخيروني بين المقام وبين القفول ) أي : الرجوع ( ,

فاخترت القف11ول , ف11أقبلوا معي باللي11ل بش11ر� يح11دثونني ,وبالنهار إعصار ريح أتبعها . قال : فما كان طعامك ؟

قلت : كل ما لم يذكر اسم الله عليه . فم11ا ك11ان ش11رابك ؟ قلت : الج11دف م11ا لم يخم11ر من

الشراب .11ره عم11ر رض11ي الل11ه عن11ه بين الم11رأة وبين ق11ال : فخي

الصداق .

,- وأخرج الخرائطي في الهواتف من طريق الشعبي عن النض1ر بن عم1رو الح1ارثي ق11ال : كنا في الجاهلية إلى جانبنا غ11دير فأرس11لت ابن11تي بص11حفه

62

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

لتأتينا بماء , فأبطأت علينا , فطلبناها فأعيتنا , فو الله إني لذات ليلة ج11الس تعب11ا تحت مظل11تي إذ طل11ع علي ش11بح ,

فلما دنا مني إذا ابنتي , فقلت : ابنتي !! قالت : نعم ابنتك !!

قلت : أين كنت أي بنية ؟! ق111الت : أرأيت ليل111ة بعث111تي إلى الغ111دير ! أخ111ذني جن فاستطار بي , فلم أزل عنده ح11تى وق11ع بين11ه وبين فري11ق من الجن ح11رب , ف11أعطى الل11ه عه11دا إن ظف11ر بهم أن يردني عليك فظفر بهم فردني عليك ف11إذا هي ق11د ش11حب لونه11ا وتم11رط ش11عرها ) ومع11نى تم11رط ش11عرها : نت11ف ( وذهب لحمها , فأقامت عندنا فصلحت , فخطبها ابن عمها فزوجناها , وقد كان الجني جعل بينه وبينها أمارة إذا أرابها

ريب أن تدخن له , وإن ابن عمها ذاك عيب عليه11ا وق11ال : جني11ة ش11يطانه م11ا

أنت بإنسية فدخنت , فناداه مناد : ما لك ولهذه ؟! لو كنت تقدمت إليك لفقأت عيني111ك , رعيته111ا في الجاهلي111ة بحس11بي , وفي اإلس111الم

بديني . فقال له الرجل : أال تظهر لنا حتى نراك ؟!

11رى وال قال : ليس ذلك لنا , إن أبانا س11أل لن11ا ثالث11ا : أن ن نرى وأن نكون تحت أطباق الثرى , وأن يعمر أح11دنا ح11تى

تبلغ ركبتاه حنكه ثم يعود فتى . فقال : يا هذا أال تصف لي دواء حمى الربع ؟

ق11ال : بلى , أم11ا رأيت تل11ك الدويب111ة على الم11اء كأنه11ا عنكبوت ؟! خذها ثم أش11دد على بعض قوائمه11ا خيط11ا من عهن ) العهن : الص11وف ( فش11ده على عض11دك اليس11رى .

ففعل فكأنما نشط من عقال . 63

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقال الرجل : يا هذا أال تصف لنا من رج11ل يري11د م11ا تري11دالنساء ؟

قال: هل ألمت به الرجال؟(17) قال : نعم . قال : لو لم يفعل وصفت لك

- ورويت القصة عن طريق آخر : وأخرج الخرائطي من وجه ابن عم11ير , عن الش11عبي , عن زياد بن النضر الحارثي قال : كنا في غدير لنا في الجاهلية ومعنا رجل من الحي يقال له : عمرو بن مالك ومع11ه ابن11ة ل11ه ش11ابة رواد ) أي : كث11يرة الط11واف ب11بيوت جاراته11ا ( فقال : أي بنية خذي هذه الصفحة فأتي الغدير , فاس11قني من مائ11ه . فوافاه11ا علي11ه ج11ني فاختطفه11ا , ف11ذهب به11ا , ففقدها أبوه11ا فن11ادى في الحي ف11درجناه على ك11ل ص11عب وذلول وسلكنا كل شعب ونقب وطريق , فلم نجد لها أثرا

. فلما كان في زمن عمر بن الخط1اب رض1ي الل1ه عن11ه إذا هي قد ج11اءت وق11د عفى ش11عرها وأظفاره11ا , فق11ام إليه11ا

أبوها يلثمها ) أي : يقبلها ( ويقول : أي بنية أين كنت ؟ وأين نبت بك األرض ؟

قالت : أتذكر ليلة الغدير !؟! قال : نعم . قالت : فإنه وافاني عليه جان فاختطفني فذهب بي , فلم أزل فيهم , والله ما نال مني محرما حتى إذا جاء اإلس11الم غزوا قوما مشركين منهم , فجعل الله تعالى علي1ه إن ه1و ظفر ) أي : انتصر ( ه11و وأص11حابه أن ي11ردني على أهلي , فظفر هو وأصحابه فحملني , فأصبحت وأن11ا أنظ11ر إليكم , وجع11ل بي11ني وبين11ه أم11ارة إذا أن11ا احتجت إلي11ه أن أول11ول

بصوتي .

81آكام المرجان في أحكام الجان - صفحة   )(1764

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قال : فأخذوا من شعرها وأظفارها . ثم زوجها أبوها شابامن الحي , فوقع بينها وبينه ما يقع بين الرجل وامرأته .

فقال لها : يا مجنونة إنما نشأت في الجن . فولولت بصوتها ) أي : صوتت ( فإذا هاتف ما يهتف بن11ا :

يا معشر بني الحارث اجتمعوا وكونوا أحياء كرماء . قلنا : يا هذا نسمع صوتا وال نرى شيئا .

قال : أنا رب فالنة رعيته11ا في الجاهلي11ة بحبي , وحفظته11ا في اإلسالم بديني , والله ما نلت منه11ا محرم11ا ق11ط . إني كنت في أرض فالن فسمعت نباءة من صوتها , فتركت ما كنت فيه ثم أقبلت فسألتها , فقالت : عيرني ص11احبي أني

كنت فيكم . قال : أما والله لو كنت تقدمت إليه لفقأت عينه .

فقلنا له أظهر لنا نكافئك , فلك عندنا الجزاء والمكافأة . 1رى , وأن ال نخ1رج من فقال : إن أبانا س11أل أن ن1رى وال ن ال11ثرى , وأن يع11ود ش11يخنا ف11تى . فق11الت ل11ه عج11وز من

الحي : إن بنية لي أصابتها حمى الربع فهل لها دواء ؟! فق11ال : على الخب11ير س11قطت انظ11ري إلى ذب11اب الم11اء الطويل القوام الذي يكون على أفواه األنهار فخذي س11بعة أل11وان منهن : من أص11فره وأحم11ره وأخض11ره وأس11وده , فاجعلي11ه في وس11ط ذل11ك , ثم اقتلي11ه بين أص11ابعك , ثم

اعقديه على عضدها اليسرى . (18) . ففعلت فكأنما نشطت من عقال

الهواتف البن ابي الدنيا )(1865

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فصل الفرج في الدعاء فادع بهذا الدعاء-

عن أصبغ بن زيد قال: مكثت أنا ومن عندي ثالثا لم نطعم شيئا –أي: من الجوع- فخرجت إلي ابنتي الصغيرة وقالت:! الج11وع! –تش11كو الج11وع- ق11ال: ف11أتيت الميض11أة ، ي11ا أبت~ فتوضأت وص11ليت ركع11تين، وألهمت دع11اء دع11وت ب11ه، في

اللهم افتح علي منك رزقا ال تجع11ل ألح11د علي في11ه آخره:ة، وال لك علي في اآلخرة في11ه تبع11ة، برحمت11ك ي11ا أرحم م~ن

ثم انصرفت إلى البيت، فإذا بابنتي الكبيرة وقد الراحمين!11ه عمي به11ذه قامت إلي وقالت: يا أبه! جاء رجل يق11ول إن الصرة من الدراهم وبحمال عليه دقيق، وحم11ال علي11ه من كل شيء في السوق، وقال: أقرئ11وا أخي الس11الم وقول11وا له: إذا احتجت إلى شيء فادع بهذا الدعاء، تأتك حاجت11ك، قال أصبغ بن زيد: والله ما كان لي أخ قط، وال أعرف من

كان هذا القائل، ولكن الله على كل شيء قدير.

- أتدل العباد على الله ثم تنساه؟! عن ش11قيق البلخي ق11ال: كنت في بي11تي قاع11دا فق11ال لي أهلي: قد ترى ما بهؤالء األطفال من الجوع، وال يح11ل ل11ك

أن تحمل عليهم ما ال طاقة لهم به، قال: فتوضأت وكان لي صديق� ال ي11زال يقس11م علي بالل11ه إن يكن بي حاجة أعلمه بها وال أكتمها عن11ه، فخط11ر ذك11ره ببالي، فلما خرجت من المنزل مررت بالمس11جد، ف11ذكرت م11ا روي عن أبي جعف11ر ق11ال: من عرض11ت ل11ه حاج11ة إلى مخلوق فليبدأ فيها بالله عز وجل، ق11ال: ف11دخلت المس1جد فصليت ركعتين، فلما كنت في التشهد، أف11رغ علي الن11وم،

66

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ي11ا ش11قيق! أت11دل العب11اد على فرأيت في منامي أنه قي11ل: الله ثم تنساه؟!

قال: فاستيقظت وعلمت أن ذلك تنبيه نبهني به ربي، فلم أخرج من المسجد حتى صليت العش1اء اآلخ1رة، ثم ت1ركت الذهاب لصاحبي وتوكلت على الله، وانصرفت إلى المنزل فوجدت الذي أردت أن أقصد قد حركه الله وأج11رى ألهلي

(19 )على يديه ما أغناهم..

- ساقها لي بدعائي ك11ان رج11ل� من العب11اد م11ع أهل11ه في الص11حراء في جه11ة البادية، وكان عابدا قانتا منيبا ذاكرا لل11ه، ق11ال: ف11انقطعت المياه المجاورة لنا وذهبت ألتمس ماء ألهلي، فوجدت أن الغدير قد جف، فعدت إليهم ثم التمسنا الماء يمنة ويسرة فلم نجد ولو قط1رة وأدركن11ا الظم11أ، واحت11اج أطف11الي إلى الم11اء، فت11ذكرت رب الع11زة س11بحانه الق11ريب المجيب، فقمت ف11تيممت واس11تقبلت القبل11ة وص11ليت ركع11تين، ثم رفعت يدي وبكيت وس11الت دم11وعي وس11ألت الل11ه بإلح11اح

اه وتذكرت قوله:طر إذا دع ق11ال: أمن] يجيب ال]مض] والله ما هو إال أن قمت من مقامي وليس في السماء من سحاب وال غيم، وإذا بسحابة قد توسطت مكاني وم11نزلي في الص11حراء، واحتكمت على المك11ان ثم أن11زلت ماءه11ا، ف111امتألت الغ111دران من حولن111ا وعن يمينن111ا وعن يس111ارنا فشربنا واغتسلنا وتوضأنا وحمدنا الله سبحانه وتع11الى، ثم ارتحلت قليال خل11ف ه11ذا المك11ان، وإذا الج11دب والقح11ط، فعلمت أن الل11ه س11اقها لي ب11دعائي، فحم11دت الل11ه ع11ز

مجموع رسائل ابن رجبا )(19

67

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وا﴿ وجل:ا قنطد مل ال]غي]ث من] بع] ز وهو الذي ينمته وهو ال]ولي ال]حميد وينشر رح]

إبراهيم التميمي في سجن الحجاج- لما أدخل إبراهيم التميمي سجن الحجاج رأى قوما

مقرنين في سالسل، إذا قاموا قاموا معا ، وإذا قعدوا قعدوا معا، فقال: يا أهل بالء الله في نعمته، ويا أهل

نعمة الله في بالئه، إن الله عز وجل قد رآكم أهال ليبتليكم، فأروه أهال للصبر،

 فقالوا: من أنت رحمك الله؟ قال: أنا ممن يتوقع من البالء مثلما أنتم عليه،

ا خرجنا. فقال أهل السجن: ما نحب أن- اذكرني عند ربك

قال أحدهم: صحبنا إبراهيم التميمي إلى سجن الحجاج، فقلنا له: أوصنا، فقال: أوصيكم أن تذكروني عند الربالذي فوق الرب الذي سأل يوسف أن يذكره عند ربه.

الفرج قال الفضيل بن عياض رحمه الله وهو يحدث عن

)إبراهيم التميمي( إن إبراهيم قال: إن حبسني )يعني الحجاج( فهو أهون علي، ولكن أخاف أن يبتليني فال

أدري على ما أكون عليه؟ )يعني من الفتنة(، فحبسني، فدخلت على اثنين في قيد واحد، في مكان ضيق ال

يجد الرجل إال موضع مجلسه، فيه يأكلون، وفيه يتغوطون، وفيه يصلون قال: فجيء برجل من أهل

البحرين، فأدخل علينا، فلم يجد مكانا، فجعلوا يتبرمون منه، فقال: اصبروا، فإنما هي الليلة، فلما كان الليل

يا رب مننت علي بدينك، وعلمتني قام يصلي، فقال:

68

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كتابك، ثم سلطت علي شر خلقك، يا رب الليلة الليلة، ال أصبح فيه، فما أصبحنا حتى ضرب بواب السجن: أين

ي البحراني؟ فقلنا: ما دعا به الساعة إال ليقتل، فخل سبيله، فجاء فقام على الباب، فسلم علينا، وقال:

أطيعوا الله ال يعصكم..

- السحرر علي زوجي في فترة معينة ح11تى قالت إحدى النساء تغي صار يضربني ويس11يء مع11املتي فتعجبت من ص11نيعه ومن11ره بع11دما قض11يت مع11ه س11نوات ع11دة في اس11تقرار؟  تغي

هل أخطأت عليه؟ هل؟ هل؟ أسئلة كثيرة كنت أفكر فيها ليال ونهارا.

ومع األي11ام ازداد زوجي س11وءا ح11تى مللت الجل11وس مع11ه11روني بأبن11ائي وأعلمت أهلي بخبره فنصحوني بالص11بر وذك حينها علمت أن ال ملجأ لي إال الله تع1الى فب11دأت بالص1يام ولزمت الدعاء واالستغفار وقيام الليل وصرت أعلم أبنائي القرآن الكريم وأروي لهم سيرة الرسول صلى الل11ه علي11ه

 وسلم وفي يوم دخل زوجي وضربني وبالغ في إساءته لي حينه11ا لم أعد أصبر على الجلوس معه فاتصلت بأهلي وأن11ا أبكي فج11اؤوا إلى ال11بيت ورأيت منهم الش11فقة لح11الي وح11ال أبنائي، وبينم11ا كن11ا جالس11ين في ال11بيت ه11دأت قليال وب11دأنا نتجاذب أطراف الحديث وفجأة قط11ع ح11ديثنا ص11وت ق11وي فهرعن111ا س111راعا إلى المطبخ ظن111ا أن111ه أنب111وب الغ11از أو الكهرب11اء فلم نج11د ش11يئا عن11دها خرجن11ا إلى س11احة ال11بيت فرأبنا عجبا رأينا )بالطة( خرجت من مكانها فاقتربن11ا منه11ا ونحن خ11ائفون متعجب11ون وتس11اءلنا أحق11ا ك11ان الص11وت

69

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

الشديد منها فرفعناها ونظرنا تحتها وكانت الحقيق11ة.. لق11د كان هن1اك ش1يء� من عم11ل الس1حر.. وف11ورا اتص11لنا بأح11د المش11ايخ وأخبرن11اه فق11دم لن11ا طريق11ة للتخلص من11ه وأم11ا زوجي فك11ان خ11ارج ال11بيت ولكن ال11ذي فاج11أني كث11يرا وأفرحني أنه قدم سريعا بعد إحراق الس11حر ودخ11ل ال11بيت لكن هل سيفعل ذات الفعل قبل ساعات؟ أبدا لق11د دخ11ل فرحا بثغر مبتس11م وص11دقوني أن حالن11ا ص11ارت بع11د ذل11ك أحسن من ذي قبل.. حقا لق11د أحسس11ت بض11رورة ال11دعاء

وااللتجاء إلى الله تعالى في كل أمر.فصل قصص في فضل الصدقة -شفيت من السحر-

لم ينته~ حديث النساء عن فضل الصدقة حتى خلعت واحدة منهن عقدها الغالي الثمين وأعطته إلحداهن

لتقوم ببيعه وتسليم ثمنه لعائالت فقيرة فلما ذهبت به إلى بائع الذهب وأراد وزنه أخرج )فصا( في وسط

العقد فأذهله ما رأى وتعجب، فقد شاهد شيئا من عمل السحر داخل )الفص( فأخرجه وتعافت المرأة مما

كانت تعاني منه والحمد لله.

لكل شكوى أخبرت امرأة بهذه القصة قائلة: استدان زوجي من

شخص )أربعة وعشرين ألف ريال( ومرت سنوات ولم يستطع معها زوجي جمع المال وقد أثقل الدين كاهله حتى أصبح دائم الهم والحزن فضاقت بي الدنيا لحال

زوجي.. وفي إحدى ليالي رمضان قمت وصليت ودعوت الله تعالى بإلحاح – وأنا أبكي بشدة – أن

يقضي الله تعالى دين زوجي، وفي الغد وقبيل اإلفطار سمعت زوجي يتحدث في الهاتف بصوت مرتفع

70

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فحسبت األمر سوءا وذهبت مسرعة إليه لكنه انتهى من حديثه فسألته ما األمر فقال وهو عاجز عن الكالم

يبكي بكاء شديدا لم أره يبكي منذ زواجنا ودموع الفرح بادية عليه: إن المتصل صاحب الدين يخبرني أنه وهب المال لي أما أنا فتلعثمت ولم أدر ما أقول فكأن جبال

انزاح عن رأسي ولهج لساني بشكر الله تعالى على ما. أنعم به علينا. وشكرت صاحب الدين~

- جزاء اإلحسان أصيبت )بفشل كلوي( – نسأل الله السالمة والعافية

والشفاء لمرضى المسلمين- عانت منه كثيرا بين مراجعات وعالجات فطلبت من يتبرع لها بكلية

)بمكافأة قدرها عشرون ألف ريال( وتناقل الناس الخبر ومن بينهن تلك المرأة التي حضرت للمستشفى موافقة على كافة اإلجراءات وفي اليوم المحدد دخلت المريضة على المتبرعة فإذا هي تبكي فتعجبت وسألتها ما إذا كانت مكرهة فقالت: ما دفعني للتبرع بكليتي إال

فقري وحاجتي إلى المال ثم أجهشت بالبكاء فهدأتها المريضة وقالت: المال لك وال أريد منك شيئا.. وبعد أيام جاءت المريضة إلى المستشفى وعند الكشف

عليها رأى األطباء العجب فلم يجدوا أثرا للمرض فقدشفاها الله تعالى ولله الحمد.

- إنه ولي حميد قال الراوي :حكت لي جدتي عن بدايات زواجه11ا وبع11د أن رزقت بمولودها األول )عمي ناصر( تعرضوا لج11دب ش1ديد م11ع قل11ة األمط11ار، ونض11وب المي11اه في اآلب11ار؛ ح11تى ج11ف الضرع وكاد الزرع أن يهلك، وقد أقيمت صالة االستس11قاء وألك11ثر من م11رة دون أن يمط11روا!.. وفي لحظ11ة ي11أس

71

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وحزن من الناس، ومن فرط ح11رص ج11دي – رحم11ه الل11ه- خوفا على زرعه وماشيته ، خرجت جدتي بص11بيها الص11غير وذهبت إلى مك11ان خ11ال، وجلس11ت وهي مس11تقبلة القبل11ة وص11غيرها على فخ11ذيها، ق11د رفعت يدي11ه الص11غيرتين إلى السماء وأخذت تدعو بقلب خاشع وعين دامعة أن يسقيهم الل1ه ويغيثهم مم1ا هم في11ه من الك1رب والش1دة والج11دب، ومع خشوعها وت11ذللها بين يدي11ه س11بحانه؛ وارتف11اع ص11وتها بالبكاء؛ بكى الصغير لبكائها وارتفع صوته لنحيبها!.. لتتنزل الرحمات، وتتلبد السماء بالغيوم، ويأتي الفرج ال1ذي ط11ال

ل ال]غي]ث انتظاره.. وصدق الله العظيم: ﴿وهو الذي ينزوليو ال]ه وهمت ر رح] وا وينشا قنطد م من] بع]

ال]حميد(.من المسؤول-

في ص11باح ي11وم كنت أرش11ف من معين مجلتن11ا الفوائ11د والمتع.. مرت لحظات يسيرة ح11تى ش11د انتب11اهي موض1وع

)الف1رج بع1د الش1دة( حيث أث1ار العن1وان43الغالف للعدد كوامن الذكريات لدي كغيري من البشر، تذكرت كثيرا من الشدائد والك11رب وم11ا حص11ل بع11دها من آي11ات الف11رج، ثم

)وإن تذكرت نعم الله التي ال تعد وال تحصى لقوله سبحانه حم11دت ربي، ثم ع11زمت على تعدوا نعمة الله ال تحصوها(

كتابة بعض الخواطر والفوائد في ذات الموض11وع من ب11اب اإلدالء بالدلو.. في تلك الدقائق الجميلة أراد الله خالف ماأردت وه1111111اكم تفاص1111111يل الح1111111دث باختص1111111ار.. أضاع أخي جواله وطلب مني إعارته ج11والي ريثم11ا يقت11ني جواال فوافقت وأخرجت بطاقة ج11والي )الش11ريحة( م11رت الدقائق سريعة حتى تذكرت البطاقة فقمت فزع11ا للبحث عن المكان الذي خبأتها في11ه لك11ني لألس11ف نس11يت تمام11ا ولم يكن أمامي إال البحث الشامل فبطاقة ج11والي عزي11زة

72

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

علي بحكم وجود رقمي ل11دى األه11ل واإلخ11وان وال11زمالء.. ب111دأت البحث به111دوء في األدراج ثم الكتب ال111تي ك111انت أم11امي دون العث11ور عليه11ا.. مض11ت دق11ائق البحث األولى11ذكر أو بحث فوض11وي، لحظ11ات ودخ11ل بسالم دون ت11وتر ي أخي الصغير القادم من مدرسته فأخبرت11ه بالقص11ة فواف11ق على البحث معي.. وبأس11لوب ش11به طف11ولي ب11دأنا البحث فأخرجن11ا )كنب( الغرف11ة من مكان11ه ع11ل البطاق11ة تك11ون مختبئ11ة خلف11ه، لم أتحم11ل االنتظ11ام والبحث مع11ه ح11تى عم11دت إلى الكتب الموج11ودة ووض11عتها أرض11ا وجلس11ت أفتش الصفحات كأني باحث حاذق أو عالم جهبذ وق11د ب11دأ ضغط دمي يرتفع بتدرج وعالمات الحيرة والغض11ب تع11انقص1111111111111111111111111111111111111111111111111111111111فحات وجهي.. مضت ال11دقائق مس11رعة ال تل11وي على ش11يء دون العث11ور على البطاقة، انتهيت من تف11تيش الكتب وع11دت إلى أخي المتواجد معي أجر أذيال الفش11ل.. أح11اول الس11يطرة على غضبي حتى ال تتضاعف المشكلة وأحرم األج11ر فاس11تعذت بالله من الشيطان ثم جلست في إحدى زوايا غرفتي وقد نال مني التعب واإلعياء وبلغا م11ني مبلغ11ا.. مض11ت س11اعة ونص11ف الس11اعة ونحن داخ11ل الغرف11ة يتص11بب الع11رق من11ا وكأننا داخل منجم.. لحظات ويدخل أبي حفظه الله ليفاجأ بمشهد أشبه ما يكون بمشاهد الدمار والخراب بعد قصف مكثف.. ارتسمت على شفتيه ابتسامة متسائال عن س11بب هذه الفوضى فأجبته بصوت خافت.. وال أذكر من كالمه إال قول11ه ابحث11وا به11دوء وت11أن وس11تجدونها ب11إذن الل11ه.. وبع11د استراحة قصيرة أعدنا كل شيء إلى مكان11ه وبع11د االنته11اء

ال11تي180من الترتيب لفت نظ11ري مجل11ة األس11رة الع11دد كانت على )الماسة( هرعت إليها أقلب الصفحات ولس11ان الح11ال )المتهم ب11ريء ح11تى تثبت إدانت11ه( وبين ص11فحتين وجدت ض11التي فخ11ررت س11اجدا لل11ه رب الع11المين ش11كرا

73

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

على هذه النعم11ة، ت11ذكرت حينه11ا وط11أة الش11دة والك11رب، ونعمة الف11رج واليس11ر.. ولن يغلب عس11ر� يس11رين وص11دق

فلل11ه )فإن مع العسر يسرا . . إن م11ع العس11ر يس11را( الله(20 )الحمد والمنة.

- اإلرهابيون في غضون~ حادث تفجير المدمرة )كول( في اليمن، حدث ألحد اإلخوة وهو وصديقه موقف� صعب وح11رج، ففي تل11ك الفترة هزهم الشوق والحنين لزي11ارة مدين11ة ع11دن لغ11رض

النزهة والترويح عن النفس.. وبعد وصولهما إلى مدينة عدن صعدا حافل11ة الرك11اب وهن11ا ب11دآ يتهامس11ان وك11ان ج11ل ح11ديثهما ي11دور ح11ول الم11دمرة )كول( وما حدث لها، وفي أي مكان تم تدميرها، وفي تلك الف11ترة ك11انت الس11لطة تبحث عن ك11ل من تش11تبه بص11لته بالح11ادث، وألن ص11احبينا ملتحي11ان، فق11د ح11امت حولهم11ا الش1كوك، ووقع1ا فريس1ة س11هلة ألح11د أع11وان~ ش1رطة م11ا يسمى بمكافحة اإلرهاب، والذي ك11ان في المقع11د الخلفي

يرصد كل ما يقوالنه بالحرف الواحد!! وفج11أة ودون س11ابق إن11ذار، فوجئن11ا ب111)الطقم العس11كري( يح11اذي الحافل11ة، ويطلب منهم11ا س11رعة تس11ليم نفس11يهما ورفع أيديهما وصعود )الطقم( دون نق11اش وج11دال فنظ11را يمن11ة ويس11رة ع11ل المطل11وبين غيرهم11ا، وإذا بالعس11كر11ؤ، فأخ11ذا يراجع11ان يطلبون منهما سرعة ال11نزول دون تلك العسكر ويطلبان منهم معرفة السبب، ولكن دون ج11دوى،الن ب11القيود فسلما أمرهما لله وص11عدا )الطقم( وهم11ا مكب وكل منهما ينظر إلى صاحبه ويضحك من شر البلي11ة ال11تي

الفرج بعد الشدة )(20

74

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

حلت بهم11ا من حيث ال ي11دريان، حيث ك11ان آخ11ر مط11اف نزهتهما خلف قضبان الحديد وبعد ذلك ب11دأت القض11ية وتم اس11تدعاؤهما للتحقي11ق.. واتس11عت رقع11ة القض11ية ودخلت منحدرا خط11يرا، ح11تى ك11ادا أن يتورط11ا في حادث11ة ال ناق11ة

لهما فيها وال جمل. وبعد أن بلغ بهما األمر مبلغه واستحكمت حلق11ات الض11يق، وجف الريق، جاءت براءتهما كفلق الص11بح، فحلت األزم1ة، وزالت الغمة وج11اء الف11رج بع11د الض11يق والش11دة والكرب11ة، فكانت نزهة عجيبة غريبة، ودرسا من دروس الحي1اة ال1تيال يمكن أن تمحى من ال11111111111111111111111111111111111111ذاكرة.

كرب المستشفى أسعفت زوجتي في تلك الليلة، أخذتها إلى المستشفى بعد معاناة يوم كامل من الوالدة المتعسرة، كانت في

حالة يرثى لها، وفور وصولنا إلى المستشفى هبت جميع الطبيبات والممرضات بورقة قلن إن علي أن أوقع فيها

بالموافقة على إجراء عملية قيصرية عاجلة جدا، وبعد العملية أخبروني أن ابني األول سيرقد في غرفة الحضانة

ألن تعسر الوالدة طوال يوم كامل أصاب دماغه جراء عدم وصول األوكسجين إليه، كما أنه استنشق أثناء ذلك

من ماء الرحم فأصابه بالتهاب رئوي حاد، وبعد يومينأخبرني الطبيب أن حالة ابني متفاقمة، واألقدار بيد الله.

- وإن تعافى يا دكتور؟ - سوف يكون هناك احتمال إصابته بتخلف عقلي جراء

الضرر الحاصل بالدماغ. وأظلمت الدنيا أمام عيني حتى أنني كنت أمشي وال أدري، وكنت أتذكر معاناة أمه الطويلة في البيت، ثم

معاناتها في المستشفى، وأخيرا حالة الولد ميؤوس منها.. ثم تذكرت )إن الحكم إال لله( وليس لألطباء، فتوضأت

75

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وصليت ركعتين دعوت الله فيهما من قلب خالص، وفي اليوم الثاني ذهبت إلى المستشفى فقابلتني ممرضة

الحضانة وهي تقول: غدا موعد الخروج يا أبا الطفل!! لقد درجة، وزرت أم الطفل فقالوا180تغيرت حالة الطفل

لي اليوم موعد خروجها وهي أحسن من ذي قبل! واليوم يتمتع ابني بذكاء أكبر من عمره بعدة سنوات.. وذهبت

الشدة والكرب بركعتين خالصتين لله تعالى..مع الشيخ عائض القرني-

ضل من تدعون إال إياه ه1 سافرت1413يقول الشيخ عائض القرني: في عام

من الري11اض إلى مدين11ة ال11دمام، فوص11لت م11ا يق11ارب الساعة الثانية عشرة ظهرا، ون11زلت المط11ار وأن11ا أري11د صديقا لي، ولكنه ك11ان في عمل11ه وال يخ11رج إال مت11أخرا، ف111ذهبت إلى فن111دق هن111اك، وأخ111ذت س111يارة إلى ذاك المك11ان، فلم11ا دخلت الفن11دق لم أج11د في11ه كث11ير ن11اس وليس الموسم موسم عطل وال زوار واستأجرت غرف11ة في الفن111دق وك111انت في ال111دور الراب111ع، بعي111دة عن الموظفين والعمال، وال أح11د معي في الفن11دق، ودخلت الغرفة ووض11عت حقيب11تي على الس11رير، وأتيت ألتوض11أ، وأغلقت غرفة الوض11وء، فلم11ا انتهيت من الوض11وء أتيت ألفتح الب11اب فوجدت11ه مغلق11ا ال يفتح، وح11اولت أن أفتح الباب بكل وس11يلة ولكن م11ا انفتح لي، وأص11بحت داخ11ل هذا المكان الضيق، فال نافذة تش11رف، وال ه11اتف أتص11ل به، وال قريب أناديه، وال جار أدعوه، وتذكرت رب الع11زة سبحانه، ووقفت في مكاني ثلث ساعة وكأنه ثالثة أيام، سال الع11رق، ورج11ف منه11ا القلب، واه11تز منه11ا الجس11م لقض11ايا، منه11ا: أن11ه في مك11ان غ11ريب عجيب ومنه11ا: أن11ر األم11ر مف11اجئ، ومنه11ا: أن11ه ليس هن11اك اتص11ال فيخب

76

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

صديق أو قريب، ثم إن المكان ليس الئق11ا، وأتت الع11بر وال11ذكريات، وم11اجت األح11داث في ثلث س11اعة!.. وفي األخير فك11رت أن أه1ز الب11اب ه11زا، وبالفع11ل ب11دأت به11ز الباب بجسم ناحل ضعيف، مرتبك واكتشفت أن قطع11ة الحديد تفتح رويدا رويدا كعقرب الساعة، فهززت الباب وكلم111ا تعبت ت111وقفت، ثم واص111لت، وفي النهاي111ة فتح الباب!.. وك11أنني خ11رجت من ق11بر وع11دت إلى غرف11تي، وحمدت الله على م11ا ح11دث، وذك11رت ض11عف اإلنس11ان، وقلة حيلته، ومالحقة الم11وت ل11ه، وذك11رت تقص11يرنا في

(21 )أنفسنا وفي أعمارنا، ونسياننا آلخرتنا.

- بين السماء واألرض ح11دثنا الش11يخ ع11ائض الق11رني حفظ11ه الل11ه في أمس11يةعن11111دما زار اليمن قب11111ل بض11111ع س11111نوات فق11111ال: ركبت في ط111ائرة من أبه111ا إلى الري111اض عقب أزم111ة الخليج األولى، ال أعاده11ا الل11ه علين11ا، ولم11ا اقتربن11ا من الرياض أخبرنا أن الطائرة فيها عطل وأنها سوف تتأخر في الجو، وانظر أنت راكب في طائرة في الجو ويق11ال لك إن الطائرة فيها عطل )وانتظ11روا(، ال مقهى تنتظ11ر في11ه وال مستش11فى وال ش11يء!! وق11الوا عليكم الص11بر

والسكينة!!بين السماء واألرض عليكم الصبر والسكينة؟!!

ق1111ال الش1111يخ: فك1111رت أن أكتب وص1111يتي لكن لمن أعطيه11ا؟؟ وبمن أتص11ل باله11اتف؟؟ ومن تكلم؟؟ أتص11ل

)أمن بالواحد األحد، الله وحده.. يق11ول س11بحانه وتع11الى يجيب المضطر إذا دعاه(، يقول: فس1ألنا الواح1د األح11د،

الفرج بعد الشدة )(21

77

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

والتجأنا إليه وبكينا وبعضنا عاهد الله أن يتوب وال يع11ود،ويوم نزل في المطار رجع!!!

وجلسنا في الجو ساعة تمت فيها عشر محاوالت كاملة ح1تى ج1اء الف11رج من الل1ه بع1د المح1اوالت العش1ر وتم

إصالح العطل. يقول الشيخ: لقد عانينا في تلك الرحلة الكثير وكتبت فيها قصة )لذة المعاناة(، لذة المعاناة أنها تقربك من

الواحد األحد، أنها تعلمك أن العالم ليسا بشيء.. دراويش ومساكين وحشرات، كم من فوق التراب تراب، ال يملكون ضرا وال نفعا وال موتا وال حياة وال

نشورا، فهو سبحانه المقصود وهو المحمود وهو الفعاللما يريد وقلت في تلك الرحلة:

يا رب أنت الواحد القهار ............ أنت المجير وليسمنك يجار

ولقد ذكرتك في مخاطر رحلة............ جوية سارتبها األخبار

كادت بطائرة )الخطوط( وفاتنا............ تدنو وترويموتنا األقطار

و)الكابتن( البيطار أعلن عجزه............ وعلى)المضيف( كسافة وقتار

وتفجع )الركاب( كل ذاهل............ مأل الفضاء تشهدوجؤار

ناديت يا الله فرج كربنا............ ودعوت يا غفار ياستار

نجيتنا وحفظتنا وحميتنا............ فالحمد ربي ما أطلنهار

78

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فصل : كيف أسلم هؤالء في مصلى صغير ، يقع على أطراف مدينة مونتريال

يجلس ذلك الشيخ الكندية .. يدعى مصلى إبراهيم .. الباكستاني الوقور بكل سمت .. ما بين تدريس للقرآن و دعوة و عبادة .. رث الثياب .. كثيف اللحية .. سمح� ،

متواضع .. و ابتسامة� ال تفارقه .. قد بلغ من العمرعتيا .. هذا المصلى هو بيته و مدرسته و مصاله ..

ترددت على هذا المصلى كثيرا فما رأيت منه إال حسن خلق .. و ما سألني قط حاجة و إن كانت آثار الحاجة

تبدو على هيئته و محياه .. يدفعني الفضول كلما دخلت هذا المصلى و أنا أرى

فراشه مسنود على الجدار الخلفي ، و مكان الوضوء هو حمامه الشخصي و مطبخه ، أن اسأله عن سره ..

لكني فضلت السكوت حتى ال أكدر خاطري بهموماآلخرين و احتياجاتهم ..!

لكن ربي أراد أن يعلمني درسا في التضحية~ لدينه ... صليت يوما في هذا المصلى و إذ بي أرى هذا الشيخ

الباكستاني يهم بالخروج مع رجل آخر ذو بشرة بيضاء .. و عندما انتهيت من صالتي و اتجهت

79

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

لسيارتي ، إذ بسيارتهم تقف بجانب سيارتي .. سلمت عليهم ، فردوا السالم بكل بشاشة ، ثم ناداني هذا

الشيخ الباكستاني ألن أسلم على هذا األخ البرازيلي ، فهو للتو قد دخل في اإلسالم .. سلمت عليه بكل

حرارة و هنأته ، و في رأسي ألف سؤال و سؤال عن كيفية إسالمه .. تحمس األخ البرازيلي كثيرا لما علم

أني من بالد الحرمين ، فتعلق بي و طلب رقم هاتفي .. و أخبرته أني سأبحث له عن نسخة من القرآن الكريم

بلغته البرتغالية ..همتي الضعيفة

مرت خمسة أيام و إذا باألخ البرازيلي يتصل بي و يسألني عن النسخة المترجمة للقرآن الكريم ، و يطلب لقائي .. تكاسل بي الشيطان بعدها عشرة أيام ، ثم ذهبت للقائه في ذات المصلى .. دخلت و إذا بي أرى الشيخ و صاحبه البرازيلي بانتظاري .. سلمت عليه بكل حرارة لما رأيت

آثار السعادة على وجهه بعد إسالمه .. جلسنا نتحدث قليال حتى حان موعد صالة المغرب .. قدمني الشيخ

الباكستاني ألصلي بهم ، فأنا العربي ابن بالد الحرمين و حفيد الصحابة في نظرهم .. و ليتنا حملنا هذه األمانة

على حجمها .. كبرت للصالة ، و بدأت قراءة الفاتحة ، و إذا بالبرازيلي يبكي و ينتحب .. ثم ظل كذلك طوال

الصالة .. لما فرغت من الصالة ، رجعت للخلف .. و كنت بانتظاره

أن يهدأ قليال فاطمئن عليه .. فإذا بالشيخ الباكستاني "هذه حاله في كل صالة يقترب مني و يهمس في أذني ،

... منذ أن أسلم" جلس األخ البرازيلي بجانبي بعد أن هدأت نفسه ، و

إني أرى صورة كلما كبرت للصالة .. و هذه الصورة قال

80

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

مربوطة بحلم حلمت فيه بعد أسبوع من إسالمي .. رأيت في منامي الملك عبدالله يلتفت إلي و أنا خلفه و يقول: عبدالعزيز تعال و تقدم ، ثم لما تقدمت إليه , قال تعال إلى هنا و أشار على الحرم المكي .. فكلما كبرت في... صالتي بعدها ، رأيت صورة الحرم المكي ماثلة أمامي

تعجبت من رؤياه ، فالناس هنا ال تعرف السعودية ، فكيف بملكها .. فلما سألته عن ذلك ، اتضح لي مدى ثقافته و

علمه بالسياسة ، باإلضافة إلى عمله في التصدير و االستيراد .. كما أنه يتقن االنجليزية و الفرنسية و

البرتغالية و االسبانية .. سألته عن ماضيه ، فقال لي أنه نشأ في بيئة نصرانية حتى الثامنة عشر من عمره .. ثم تحول إلى البوذية و

انتقل من البرازيل إلى كندا .. و أمضت البوذية هي ديانته أكثر من عشر سنوات ، حتى اقتنع ببطالنها و قصورها .. و أمضى بقية أيامه حائرا بال دين ، حتى أتى اليوم الذي

أشرقت فيه روحه بإسالمه ..! و هنا وصلت للسؤال األهم في خاطري ، كيف أسلمت ؟

أجذبك منظر هذا الشيخ الرث ، أم فقره ، أم هيئته ؟!كيف أسلم عبدالعزيز البرازيلي ؟-

استطرد األخ البرازيلي في قصة إسالمه , فقال: "كنت أرقد في المستشفى لمدة ش11هر بس11بب الحمى , و لم11ا ب11دأت بالتحس11ن طلبت من ال11دكتور أن يس11مح لي ب11الخروج في الص11باح لبعض المش11اوير المهم11ة , ثم أع11ود إلى المستشفى وقت الظه11يرة .. لم تكن س11يارتي معي , و لم أج11د الب11اص في موقف11ه , فك11رهت االنتظ11ار أك11ثر .. فأخ1111ذت س1111يارة تاكس1111ي إلى البن1111ك الق1111ريب من المستشفى .. و لما وصلت إلى البن11ك , طلبت من س11ائق التاكسي انتظاري ألني سأس11دد ف11اتورتي فق11ط , و أكم11ل معه مش11واري ألم11وري األخ11رى .. لم11ا فتحت ب11اب البن11ك ألدخل , إذا بشيخ مبتسم يهم بالخروج من البن11ك .. طلبت

81

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

من11ه التق11دم و الخ11روج قبلي , ف11ازداد تبس11مه و خ11رج ثم صافحني شاكرا .. أحسست بالراحة كثيرا البتس11امته رغم هموم ال11دنيا القاتل11ة .. عرف11ني باس11مه و دولت11ه , فعرفت11ه باسمي و دول11تي .. ثم أخ11رج كرت11ه الشخص11ي و أعط11اني إي111اه , و س111ألني إن كنت أمل111ك كرت111ا شخص111يا ليق111وم بالتواص11ل معي .. تفاج11أت من بس11اطته , فأخبرت11ه أني بالمستش11فى حالي11ا ل11ذلك ق11د ال يتس11نى ل11ه مق11ابلتي في الفترة الحالية .. فسألني عن اسم المستشفى الذي أرقد في11ه ليق11وم بزي11ارتي هن11اك .. هن11ا تفاج11أت كث11يرا !! كي11ف تزورني .. فأنا ال أعرفك ..! شعرت بالخوف~ و الراح11ة~ في نفس اللحظة .. فزيارة شخص للتو قد ع11رفت اس11مه لي قد تكون غريبة و مبهمة .. لكن ال يظهر من ش11كله س11وى البساطة و األريحية .. كما أن لي شهرا في المستش11فى ,

لم يقم أحد قط بزيارتي من أقربائي و أصدقائي ..! عندما انتهيت من أعمالي , كانت الساعة الثالثة ظه11را .. اتجهت إلى العن11وان الموج11ود على الك11رت ألقاب11ل ه11ذه الشيخ البس11وم فلم أج11ده .. ثم ع11دت إلى المستش1فى .. أخ11بروني في المستش11فى ب11أن شخص11ا أتى لزي11ارتي فلم يج11دني .. و في الس11ابعة مس11اءا , أخ11برني الط11بيب ب11أني اس11تطيع مغ11ادرة المستش11فى فح11التي الص11حية جي11دة و الحمى ق111د غ111ادرتني .. هممت بجم111ع حق111ائبي و قمت بس111حبها في أس111ياب المستش111فى متجه111ا إلى البواب111ة الرئيس111ية بحث1111ا عن تاكس111ي ينقل111ني , و إذا بالش111يخ الباكستاني يقابلني آتيا لزيارتي مرة أخ11رى .. س11ألني إلى أين ستذهب , فأخبرته بأنهم قد كتبوا لي بالخروج .. فقال لي هل لك من مكان تري11د أن أوص11لك إلي11ه , أم ن11ذهب و نرت11اح في المس11جد .. ال أع11رف م11ا ه11و المس11جد , لك11ني وافقت ألني كنت أري11د أن أذهب م11ع ه11ذا الرج11ل الحن11ون

الخلوق ألتعرف عليه أكثر .. ذهبنا إلى المسجد و دخلنا .. طلب مني أن أخلع ح11ذائي و أضعه في المكان المخص11ص .. أش11ار إلي ببعض اللوح11ات اإلرش11ادية ألقرأه11ا .. ثم س11ألني ه11ل أنت ج11ائع ؟ أجبت11ه

بنعم .. فدخل إلى مطبخه و قام بتحضير الطعام ..82

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

المس11جد ك11ان عب11ارة عن غرف11ة متوس11طة الحجم , فيه11ا فرش مخط11ط متج11ه على زاوي11ة مح11ددة , و فيه11ا مكتب11ة� صغيرة� , و عدد من اللوحات التعليمي1ة عن دين اإلس1الم و الصالة و الوضوء و غيرها .. منذ دخولي لهذه الغرف11ة رغم تواض11ع أثاثه11ا و غرابته11ا بالنس11بة لي , إال أني أحسس11ت بالراحة .. قمت بحكم حب االس11تطالع الم11زروع في دمي بقراءة اللوحات بداية من أولها عند مدخل المسجد , و لم أنتبه إال و الطعام محضر أمامي .. جلست و تناولت طعام العشاء مع هذا الشيخ الذي يبتسم أكثر مم11ا يتح11دث .. ثم بعد أن فرغنا , قال لي ه11ذه المكتب11ة فيه11ا كتب كث11يرة إن أحببت أن تق11رأ ش11يئا , ثم ق11ام يص11لي .. قمت و أكملت جولة استطالعي و أنا استرق النظ11ر إلي11ه , و وص11لت إلى

40آخ11ر لوح11ة ك11انت تتكلم عن ملخص دين اإلس11الم في م11رات , و انش11رح ص11دري3نقطة .. قرأت ه11ذه اللوح11ة

لهذا الدين العظيم المتكامل , فقررت بعدها أن أسلم .." أما أنا فكنت استرق النظر إلى هذا الشيخ ال11رث الفق11ير , و أقول: م11ا أعظم11ك عن11د رب11ك , و م11ا أحقرن11ا بجانب11ك .. لبسنا أحسن الثي11اب , و تهن11دمنا بك11ل م11ا نس11تطيع , و م11ا كتب الله لنا أن يسلم على أيدينا رجل واحد !.. هي العل11ة في القلب ال في المظهر .. هي العلة في الهم11ة العالي11ة ,

ال في محبة الدنيا الفانية ..كم أسلم على يد الشيخ الباكستاني ؟

لم أس111تطع الص111بر أك111ثر , و التفت إلى ه111ذا الش111يخ الباكس11تاني ألس11أله .. كم أس11لم على ي11دك ي11ا ش11يخ ؟

"كنت دوم11ا أدع11و ربي أن يجعل11ني فأطرق رأس11ه و ق11ال: سببا في هداية اآلخرين , فحقق الل1ه من11اي .. وص11لت في

عدي المئة , ثم توقفت بعدها عن العد .." الله أكبر .. ال تستطيع أن تحصي عدد من أسلم على يدك من كثرتهم , و أنت فقير ال تملك المال .. و نحن بالمال و العلم و المكانة االجتماعية , و ما أسلم على أيدينا شخص� واحد ..! هو الميزان ميزان األعم11ال الص11الحة و ال11دعوات الخفي11ة , ال م111يزان األش11كال الخاوي11ة الجوف11اء .. اللهم

83

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أكرم11ني بإس11الم ش11خص واح11د على األق11ل على ي11دي ي11اسميع الدعاء ..

المسجد أهم من المنزل ق11د اس11تأجره لم يتوقف العجب عند ه11ذا , فه11ذا المص11لى

8الشيخ الباكستاني منذ سنوات من مال11ه ليك11ون مس11كنا .. زهد بمسكن خاص يؤيه , لي11وفر له و مصلى للمسلمين

للمسلمين مصلى يصلون في11ه .. ي11ا الل11ه , م11ا أعظم11ك .. كيف وضعت القناعة و الزه11د في قلب11ه , و ح11رمت قلوب11ا أخرى تغوص في ألوان الترف من التل11ذذ بنعيم القناع11ة و

الصدقة و التضحية لدين الله .. يا الله , ما أعظمك .. كيف سخرت لهذا الشيخ

الباكستاني الفقير أن يضع الدنيا في يده و يزهد بها , و بلوت قلوبا أخرى بالتعلق بالدنيا إلى أقصى درجاتها نوما

و يقظة , ضحى و عشية ...كيف أسلم ؟

كنيس11ة٧٠داعية أوغندي قارب الثمانين ك11ان قسيس11ا تحته وابتعثوه ألمريكا ماجستير تواصل ثم أسلم فسلبت قبيلت11ه

أمواله وأوالده فبقي وحيدا مهموما لكن بم؟! يقول كن11ا ونحن قس11س ن11دعو الن11اس بالوس11ائل الحديث11ة المتنوعة ل11دعم الكنيس11ة أم11ا اآلن فال نمل11ك الم11ال ل11ذلك ودعوتنا مباشرة بس11يطة، وأري11د التكف11ير عن تنص11يري وال يهمني فقد مالي وأهلي وال تق11دم س11ني ف11روحي مبتهج11ة وشابة باإلسالم ولكن همي ما ذك1رت لكم! ف1ذكرنا ل1ه أن الدعوة الفردية هي األصل وأن الله يبارك فيها واستشهدنا له بأن ع11دد من يس11لم س11نويا أك11ثر ممن يتنص11ر في تل11ك البالد، فكأنم11ا س11ري عن11ه وزال هم11ه، ثم طالبن11ا بحرق11ة

باالجتهاد في الدعوة.. كان موقفا مؤثرا جدا

84

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

***معه111د الراي111ة في اندونيس111يا ل111ه قص111ة ال تنس111ى ) طالب وطالبة(يعكف11ون على العلم س11نتين ك11املتين ال٣٥٠

يخرج11ون جمع11ة وال عي11دا، يقض11ون إج11ازتهم مس11تمتعين بالمعه11د.. عن11دما ح11دثني مؤس11س المعه11د عن التجرب11ة ظننته11ا لن تنجح لقس1وتها ،لكن عن11دما زرن1اه وج11دنا فتي11ة انخلعوا من الدنيا، وأقبل1وا بقل1وب خاش1عة على الكت1اب و الس11نة وص11لناهم وكن11ا أربع11ة في إج11ازتهم من دراس11ة متواصلة ليال ونهارا، فخش11ينا أن يس11تثقلوا دورتن11ا العلمي11ة خاصة أن اإلجازة أسبوع ولكن فرحتهم بنا ك11انت ش11ديدة. لم يكن يتغيب أح111د البت111ة، لم يكن أح111د منهم ينص111رف بجسمه أو حسه، كانوا أحيانا يبكون إذا مرت آية أو حديث وأحيان11ا يتم11ون ال11دليل تف11اعال، ال يفت11ؤون يكتب11ون. وأم11ا أسئلتهم بعد الدرس فكانت مبكية: هل يع11اقبني ربي ألني ال أخشع في صالتي و قراءتي! كيف أت11دبر الق11رآن وأن11ا ال أعرف العربي11ة! كي11ف أت11أثر بأس11ماء الل11ه وص11فاته وهك11ذا أسئلة مؤثرة فضال عن أسئلة األحكام الكثيرة قب11ل وأثن11اء وبعد الدرس. والمفاجأة أننا عندما زرناهم في س11كنهم بال علمهم وج11دناهم يتناش11دون ويق11رأون. وب11ع دس11تة أش11هر يفهم11ون ويكتب11ون العربي11ة بش11كل جي11د ويتكلم11ون ك11ذلك السيما بعد إنجاز الفص11لين الدراس11يين م11ع تعلمهم لعل11وم

عربية متنوعة أما العلوم الشرعية فك11انت ثري11ة وش11املة لعل11وم تأص11يلية م11ع ت11اريخ وعل11وم التطوير. واختبارات حازمة، وهم م11ع ه11ذه الش11دة ال11تي ال نظير لها في العالم يتفاخرون بقبولهم بالمعه11د وق11د ك11ان بعض الطالب يطلبون من الشفاعة لقبولهم أو مواص11لتهم إذا تعثروا وكان من يطوى قيده يبكي بحرقة.. ي11ااه ك11انت أيام حلقت بالهمة عاليا، وعرفن11ا ض11عفنا ولم نكن نظن أن مثل هذه البلد البعيدة التي اكتنفتها فتن كثيرة تخرج مث11ل

85

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ه11ذه المحاض11ن النموذجي11ة لكن11ه دين الل11ه ال11ذي تكف11لبحفظه ونصره، فا لحمد لله..

***في رواند أسلوب دعوي م11ؤثر وه11و المن11اظرات ال11تي يعق11دها ال11دعاة المس11لمون م11ع القس11س حيث تنعق11د في مكان ع1ام ويجتم1ع المئ11ات و تمت1د من ي1وم لثالث1ة أي11ام.. ويتفاعل الناس معها، و يظهر فيها الحق ويزه11ق الباط11ل، ويتن11اوب عليه11ا ع11دة دع11اة وقس11س، ولن أنس11ى تل11ك المن11اظرة ال11تي حض11رتها في يومه11ا الث11الث وق11د أس11لم

ثم بعد حضور إخواني المشايخ زاد تأثر الدعاة٢٠٠أكثرمن مساءاليوم الثالث من الرجال والنساء١٠٠والناس وأسلم

والص11غار وق11ام المش11ايخ بتوزي11ع الحج11اب على النس11اء وألبسوا الرجال الطواقي ، وكانوا بين باك وض1احك، فن1ور اإلسالم يشع في وجوههم، والبهجة تمأل قلوبهم، لق11د ك11ان مس11اءا م11ؤثرا انتهى بغيث ك11ثيف ،فلعله11ا رحم11ة ال11رحمن وتنتشر هذه المناظرات في عدة دول أفريقية ويق11وم به11ا غالبا مايس11مى بقافل11ة دعوي11ة وهي س11يارة فيه11ا مك11برات ص1وت وع11دة لتنق1ل ال1دعاة، وتكل1ف الرحل1ة بض1عة آالف كنت أخشى من ردة ال11ذين يس11لمون بس11رعة في روان11دا ولكن المفاج11أة أن ثب11اتهم عجيب فهم يس11جلون في دورة تعليمية قرابة شهر يتعلمون فيها األحكام الضرورية وتمت11د

أشهر ، ويبادرون بالختان وتغي11ير أس11مائهم٦بعض الدورات في مظاهر صدق تبعث البش11ر في النف11وس، وتمأل القلب

إيمانا بنصرة الله لدينه ولوكره الكافرون. ***من المواق11ف الم11ؤثرة الزي11ارات الدعوي11ة في الج11زر األوغندية حيث تمتاز بكثرتها وتفرقها وآهليتها بالسكان مع قل111ة من يص111لها من الن111اس داعي111ا أو زائ111را هن111اك من األوغندين المس11لمين من هم11ه ال11دعوة في الج11زر ف11تراه يقض11ي يوم11ه في التنق11ل بينه11ا وينس11ق لزي11ارات ال11دعاة

86

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

األفارقة وغيرهم وقد كان أح11دهم ينتظرن11ا كن11ا ق11د عزمن11ا على الذهاب ظهرا ثم رهقنا فرغبنا التأجيل لكننا كنا أم11ام داعية يسمونه أمير البحار تتصاغر نفسك أمامه فق11د ك11ان ينتظرنا من الفجر قادم11ا من بعي11د لم يك11د يص11دق حض11ور أربعة لزيارة الجزيرة كان يعبر عن فرحته الغامرة، ووجهه يتحدث قبل لسانه وهمه إيصال رس11الة التوحي11د لج11زر لم تسمع بها من قبل ال أذكر أني رأيت شخصا مبتهجا بش11يئ كابتهاج11ه بالمش11ايخ لكن11ه فيم11ا أحس11ب إخالص11ه وص11دقه وغيرت11ه على دين الل11ه، لم يكن لن11ا ب11دمن مرافقت11ه فق11د خجلنا من أنفسنا ركبنا قاربه المتهالك الذي خاض به بحار أوغندا وجزرها ليحدثنا عن مأساة تل11ك الج11زر وغيابه11ا عن اإلسالم وتقصير الدعاة معها وكان يقرأ القرآن بين حديث11ه يستثمر وجود المشايخ لتص11حيح قراءت11ه ثم يس11أل عن م11ا يشكل عليه، فما أجل همته!!ثم لم11ا وص11لنا بع11د س11اعتين كانت المفاجأة أن أهل الجزيرة اص11طفوا الس11تقبالنا فلم11ا نزلن11ا وج11دنا خلفهم رج11ال القري11ة ق11د اجتمع11وا ومعهم رئيسهم ينتظرون ما نحن ص11انعون فأقبلن11ا عليهم وس11لمنا فاطمئنوا ثم كانت المفاجأة وهي كلمة رئيس11هم رحب بن11ا وقال أقدر ج11دا س11فركم ألجلن11ا ف11أنتم أول البش11ر ال11بيض الذين تطأ أقدامهم جزيرتن11ا!!فص11دمنا والل11ه ثم ق11ال نحن هنا في الجزيرة تنقص11نا خ11دمات مهم11ة نحن11اج مستش11فى ومدرسة فهل ستأمنون ذلك لنا؟! فأدركن11ا أنن11ا في م11أزق أمام قرابة مائتين من أهل الجزيرة المجتمعين فضال عمن يتابع عن بعد وهم بالمئ11ات ك11انوا يتوقع11ون من11ا الموافق11ة وأن ل11دينا الم11ال كونن11ا من ال11بيض ،لم يكون11وا يظن11ون أن أحدا سيسافر ألجل دعوتهم لتغيير دينهم! لم أكن اس11تبعد أن1ه أراد إحراجن1ا في مث1ل ه1ذه المواق1ف يجب أن تك11ون واثقا وصريحا لكن باألسلوب المناسب وهو م11ا وف11ق الل11ه أحدنا له فارتجل شاكرا لهم اجتماعهم وترحيبهم وبين حبنا

87

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

الخير لهم وشاهد ذلك قدومنا من بالد بعي11دة ونحن نتم11نى تحقيق ما يصبون ل1ه وس1ننقل ذل1ك لغيرن1ا من الجمعي1ات الخيرية أما نحن فجئنا للس1الم عليكم وتع1ريفكم ب11ديننا ثم استغل أحدنا موقف11ا حص11ل في الق11ارب حيث أس11لم أح11د البحارة مت11أثرا بم11ادار بينن11ا وبين الداعي11ة األوغن11دي فق11ام الشيخ بتق11ديم المس11لم الجدي11د أم11ام الجم11وع وق11ال ه11ذا أخون111ا من جنس11كم وك111ان على دينكم لم111ا تع11رف على اإلس11الم انش11رح ل11ه ص11دره ثم لقن11اه الش11هادة أم11امهم وس11ألناه عن ش11عوره فك11انت عبرات11ه تس11بق عبرات11ه ك11ان الموقف أبلغ من كل خطبة، تأثروا بشدة أما أميرهم فكان واقفا ثم جلس وكان متفاجئا من سرعة انعكاس الموق11ف ثم بين أحد المشايخ لماذا أسلم صاحبنا وكان يريد ع11رض م11يزات اإلس11الم من خالل الموق11ف وه11ذا من أحس11ن م11ا

يكون تأثيرا: قال لقد أسلم ألنه اكتشف أن اإلسالم دين بس11يط يق11وم على عبادة الله وحده وهو دين ي11ؤمن بك11ل األنبي11اء ومنهم عيسى ونعتقد أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم هي الخاتمة و يدعو للرحمة والع11دل وب11ر الوال11دين ومس11اعدة اآلخ11رين وفي اإلس1الم ال تحت11اج لواس1طة بين11ك وبين الل1ه فإذا احتجت منه شيئا تدعوه مباشرة ويجيب11ك، ألج11ل ذل1ك أسلم أخينا البحار ثم قمنا بالسالم عليه وض11مه كن11ا نحت11اج إلى عرض نجذب به القلوب التي كانت تنتظر منا غ11ير م11ا نريد فكان تيسير الله باستثمار هذا الموق11ف ثم ق11ال أح11د المش11ايخ: دع11وني أق11رأ عليكم من الق11رآن وك11ان ص11وته جميال فق11رأ آي11ات زادتهم ت11أثرا وخض11وعا، ثم ج11اء المح11ك

لنقول بكل ثقة بدين الله وتيسيره: من يرغب باإلسالم؟ فبدؤا يتناظرون وكأنهم متخوفون السيما ورئيس11هم بينهم فكأن11ه أش11ار لهم ب11أن ك11ل واح11د ح11ر في معتق11ده فق11ال

88

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أح11دهم أن11ا أري11د ثم الث11اني فلقن11اهم الش11هادتين وس11لمنا عليهم وشجعناهم كثيرا فذهبوا وأتوا باثنين آخرين ،فأسلما ففرح الدعاة المسلمون الجدد أكثر من11ا، ثم ج11اءت ام11رأة من بعي11د وق11الت أري11د اإلس11الم فأس11لمت وته11افت بع11دها النساء تأثرنا ألننا رأينا رحمة الله عباده بعباده تق11ود أناس11ا لتغيير معتقدهم في دقائق وأمام غرباء لكنه أمر الس11ماء، انتشرنا بينهم لتبدأ الدعوة الفردية وكنا نن11اقش ك11ل واح11د عن سبب عدم قناعته باإلسالم ونبين له المزايا ونستشهد بمن أسلم وكنا مجموع11تين ألن معن11ا م11ترجمين وم11ع ك11ل مجموعة مسلم جديد ثم بعد ساعتين تقريبا ك11ان مجم11وع من أسلم يقارب العشرين، ولكنهم لم يكونوا يس11لمون إال بعد نقاش وقناعة ظاهرة ألن النصرانية حاضرة ورئيس11هم متمسك بها كانت الفرحة غ11امرة لكن ك11ان هن11اك من ه11و أشد فرحا بل ربما بكى وهو الداعية أمير البح11ار، فتوجهن11ا لرئيس11هم وش11كرناه ودعون11اه لإلس11الم فوع11دنا أن يفك11ر ودعناهم وأخذ الداعية األوغندي أسماء المسلمين ليرس11ل لهم داعي11ة يعلمهم وه11و م11ا حص11ل، ثم قفلن11ا م11ع غ11روب الشمس ق11افلين ونحن نتأم11ل رحم11ة الل11ه وتقص11يرنا فكم من الناس لم يكونوا بحاجة سوى أن يسمعوا عن اإلس11الم ليؤمنوا به فتنقذهم من النار بل لتنق11ذ نفس11ك منه11ا، لكنن11ا ننشغل عنهم بما ه1و دون، فلم1اذا ه1ذا وختام1ا أعت1ذر عن اإلطال11ة فق11د ك11انت كت11ابتي بال تحري11ر وق11د ت11ركت القلب يروي بال تحبير وكنت أظن أنني سأذكر الموق11ف بثلث م11ا

كتبت، وفقنا الله للهدى أجمعين *** في الركن الرواندي تق11ع بح11يرة كيف11و وهي من أك11بر

كيالوفي طرفه11ا تق11ع٨٠بح11يرات افريقي11ا إذ يص11ل طولها دول،روان11دا وكونغ11و وبورن11دي، ل11ذا فأهميته11ا٣شنقوقوبين

كب11يرة الطري11ق من العاص11مة إليه11ا نص11ف ي11وم م11ع أن

89

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كيلو،لكن11ه طري11ق جبلي وتمت11د على ض11فافه٣٠٠المسافة أودية ومزارع الش11اي رائع11ة وتنت11ثر عش11رات الق11رى على جنبيه. كنا في سيارتين ،سيارة فيها اثنان من كبار ال11دعاة وكانوا يتيحون الفرصة لنا كوننا ألول م11رة ن11زور المنطق11ة وقد صرح بعضنا لهم بأن نس11تأثر ب11دعوة غ11ير المس11لمين. وكان معنا داعيت11ان روان11ديان أح11دهما خب11ير ي11دعى قاس11م واآلخر شعلة له قصص لعلي أعود له11ا الحق11ا. وق11د وقفن11ا عند عدة قرى فبمجرد وقوفنا يتجه بنا قاسم لمكان محدد كنا نستغرب اختياره إذا ب11ه ي11راعي اعتب11ارات منه11ا مكان11ة صاحب المكان وقبوله واجتماع الناس واالرتفاع، مم11ا أك11د لنا حكمته حيث نجد الن11اس زراف11ات ووح11دانا. فمن المهم إف11ادة الداعي11ة من دع11اة المنطق11ة فه11ذا ي11وفر كث11يرا من الجه11د، ويجم11ع القل11وب ألن إعراض11ه عنهم ق11د يش11عرهم بالمزاحمة فيفتت الجهود ويوغر الصدور. في إحدى القرى اتجهن11ا للمطعم بع11د أن رحب بن11ا ص11احبه فوقفن11ا أمام11ه وذهب قاسم ين11ادي الن11اس بص11وته الجه11وري تع11الوا فق11د جاءكم ض11يوف ول11ديهم أم11ر عاج11ل ومهم. لم يكن ل11ديهم توجس منا بل كانوا يتن11ادون بفض11ول ليس11معوا م11اذا يري11د ال11زوار ال11ذين ق11ل أن ي11روا مثلهم، وكن11ا نش11جع الق11ادمين ونسلم عليهم ريثما يجتمع أهل القرية كان الجمي11ع يس1عى إلى المكان بما فيهم الكفيف والمقعد والطفل والمرضعة ورضيعها، وترى الوجوه البس11يطة ال11تي اختطفه11ا الش11رك فصدها عن عبادة الله.. كنا نشعر بألم كب11ير إذا رأين11ا تل11ك العيون تتساءل ه11ل ل11ديكم دين ال نعرف11ه؟ ه11ل نحن على غ11ير ح11ق؟ أين أنتم عن11ا من قب11ل؟ طيب وآباؤن11ا ال11ذين قضوا؟! ش11رع أح11دنا ي11رحب بهم ويش11كرهم على اإلقب11ال وحس11ن االس11تقبال وي11بين لهم محاس11ن ال11دين اإلس11المي وبساطته وتوحيده الخالق بالعبادة وعنايته ب11األخالق.. فه11و كالم الل111ه المعج111ز، وي111زداد تف111اعلهم بترجم111ة مع111نى

90

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

اآليات ..عندها اقترب من11ا أبع11دهم حس11ا ومع11نى وه11و من كان شكله يوحي بأنه لو أس11لم الجمي11ع فلن يس11لم!! وق11د كانت تلك المع11اني أك11ثر م11ا يش11دهم، لكن ه11ذا كل11ه ك11ان يتضاءل عندما يشرع أحدا لمشايخ بترتيله الشجي للق11رآن فقد كانت السكينة تش11تمل المك11ان وتتغ11ير الوج11وه لكن11ه اقترب وق11ال أري11د أن أس11لم !فتعجب الجمي11ع! وتهامس11وا وكأن11ه ك11ان معروف11ا ل11ديهم بم11ا يمن11ع تجاوب11ه لكن11ه نط11ق الش11هادتي أم11امهم فال تس11أل بع11دها عم11ا ج11رى! فوجه11ه الكالح تغير بنور اإليمان وخفتت ضحكات تعالت لم11ا ت11بين لهم صدقه وانقلب الساخرون مهنئين، ثم تتابع الن11اس بين رج11ل وام11رأة يعلن11ون ش11هادة التوحي11د فالس11عادة من11ا ال توصف وإن كان يشوبها شئ من الحزن فكث11يرون لم يكن إس11المهم يحت11اج س11وى أن نق11ف لهم دق11ائق ونحن نقص11د غيرهم فتتغير بهذا الموقف حياتهم.. الل11ه أك11بر تح11درت إذ ذاك واآلن دمعتي وأنا أسائل نفس11ي كم فرطن11ا في إنق11اذ اآلآلف من أمثال أولئك م11ع أن األم11ر لن يك11ون أكل11ف من ربما نزهة خلوية!! نعم فقد رجعت بكل أدويتي لم أفتحه11ا وبكامل صحتي بفضل الل11ه وفي أي11ام قالئ11ل والزالت تل11ك الزيارة من سنتين تعتمل في صدري فأس11تحي عن11دها من ربي. أسلم قرابة ثالثين ،وكان اإلخوة يس11جلون اس11ماءهم وينتدبون لهم داعية يعلمهم بع11د أن يعق11د لهم في ال11وقت نفس111ه مجلس مختص111ر لتعليم الفاتح111ة والص111الة. ك111ان الداعية يصلهم في الي11وم نفس11ه أومن الغ11د، وك11ان ي11وزع على المسلم الرج11ل طاقي11ة يط11يرون به11ا فرح11ا ،وحجاب11ا للم11رأة على رأس11ها ال تس11عها ال11دنيا مع11ه فرح11ا. فتأم11ل الفطرة م11ا أنقاه11ا!!فهن يف11رحن بالس11تر م11ع ك11ونهن اآلن أس11لمن!!.ثم يس11مي المش11ايخ الرج11ال والنس11اء بأس11ماء إس11المية إذا رغب11وا وق11د ك11انوا يحرص11ون على ذل11ك. كم11ا يحرص الرجال على أم11ر آخ11ر، أع11ني الخت11ان على ش11دته

91

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

لكنهم ال يترددون فيه حتى أخبرن11ا الداعي11ة المص11احب أن11ه تدرب على الختان من ك11ثرة م11ا يطلب11ون منهم ثم واص11لنا لمقص11دنا ش11نغوقو حيث ينتظ11ر الن11اس هن11اك في موض11ع

زلزال ضرب البلدة فهدم مسجدها الوحيد *** جلس ذو العشر سنوات بجواري في الحرم ثم ش11رع يقرأ حفظا على والده ال عمران حتى ف1رغ ولم يخط11أ ثم ش11رع في النس11اء فلم11ا أقيمت الص11الة س11لمت على أبي11ه وسألته فقال: أدخلته حلقة مكثف11ة قب11ل دخول11ه المدرس11ة وقد أتمه في السابعة. وسيختبر به غ11دا ك11امال في ال11دمام وه11و في مك11ة يس11تعد.. فال أدري أعجب من طف11ل يتقن الق11رآن وه11و مغ11ترب ال يفهم العربي11ة! أم أعجب من اب يحترق على تربية ابن11ه وه11و أعجمي مجه11د بلقم11ة عيش11ه

(22 )يصرف ماله وجهده في ذلك, أو أعجب من تفريطنا

فصل قصة زارع األمل- بمالمحه التي ظهرت عليها أمارات اليأس واإلحباط، توجه

الشاب الضرير "أمجد" إلى قطار الدرجة الثانية بصحبة أخيه، والذي أجلسه في مقعد خال مستعينا بمصباح

هاتفه، حيث ساد القطار المتهالك ظالم سائد، ثم ودعهوانصرف.

وحتما لم يدر أمجد بأنه يجلس بجانب رجل يبدو من هيئته بأنه قد تجاوز عقده الخامس، يجلس في مقعده وابتسامة

عذبة قد ارتسمت على محياه، حال الظالم والعمى بينأمجد وبين رؤيتها.

جرس الهاتف يدق، فيخرج أمجد هاتفه من جيب معطفه،الشيخ عبد الله الغفيلي )(22

92

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وظهر أن المتصل هو والده، والذي حادثه قليال، ثم ردعليه أمجد:

ال تقلق يا والدي فابن عمي سينتظرني كما تعرف فيمحطة بني سويف.

ال تخف، وضحك ضحكة متهالكة ساخرة قائال: حتى إن حدث لي مكروه، فلن يضر العالم وجودي من عدمه، أنا

أعيش كالحيوانات أتناول طعامي وأخرجه، وأنام ال أختلفعن السرير الذي أنام عليه.

كيف ال أقول ذلك الكالم يا أبي؟ أليست هذه حقيقة؟ إننيأتمنى الموت في كل دقيقة.

حسنا يا أبي، سأتصل بك بمجرد وصولي. انتهت المكالمة الهاتفية، فإذا بيد حانية تأخذ طريقها إلى

كتف أمجد، تبعتها كلمات ذلك الشيخ الذي يجلسبجواره؟

لماذا كل هذا القدر من التشاؤم يا ولدي؟ الحياة جميلة،أجمل مما تعتقد.

أمجد وهو يكبت ضيقه: جميلة؟ وما الجميل فيها ياوالدي؟

الشيخ: أنك موجود فيها. أثارت الكلمة انتباه أمجد، فردباهتمام: كيف؟

الشيخ: ألنها من أجلك، هكذا خلقت، من أجلك أنت كانت الشمس والنجوم والشجر والبحار واألنهار، ألنك خليفة

في األرض. أمجد: قل هذا الكالم لمن يرون الحياة، ويشاهدون ما

تتحدث عنه، الذين يشاهدون جمال الطبيعة كما تشاهدهاأنت تماما، و...

قاطعه الشيخ: لكن تلك المشاهد حية في كيانك، في حسك، فقط دع عنك اليأس واإلحباط ، سترى جمال الحياة كما أراها، سترى مشهد الغروب عندما تعانق

93

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

الشمس صفحة المياه وتغيب في أحضانها. بدا أمجد مشدوها من تلك العبارات التي بدت وكأن

صاحبها يرسم بها لوحة شعرية، لكنه تابع اإلنصات والشيخيستطرد:

سترى مع تفتح الزهرة أمل جديد في الحياة، سترى سريان ماء النيل ينتقل بك بين القرون السابقة والالحقة

في نهر الزمن، قاطعه أمجد باهتمام: سيدي هل أنتشاعر؟

ابتسم الشيخ ابتسامة عريضة مجيبا: ال يا ولدي، ولكنني أرى جمال الحياة، وحطم جمالها كل ذرة يأس قد يدب

إلى نفسي. أمجد: ليتني كنت متفائال مثلك، ولكن كما يقال: يدك في

المياه، ويدي في النار، ولن تشعر بمرارتي. الشيخ: يا ولدي إن كان الله قد أخذ بصرك فلم يحرمك

من البصيرة، وإن كان قد سلب منك نعمة فقد أنعم عليك بما ال تحصيه عددا، لماذا تنظر إلى ما أخذ منك، وال تنظر إلى ما أعطيت، ال تستصغر نفسك وتحتقرها على حالها،

وانظر إلى ما ذخر به العالم ممن سلبوا نعمة البصر وصاروا فخرا ألن يذكرهم التاريخ، لماذا ترى نفسك أقل

من هؤالء؟ أمجد: أتعرف، إنني لم يسبق لي أن حدثني أحدهم بهذا

الشكل، كالمك أجد له أثرا عميقا في نفسي. الشيخ: إذا، فلتطوي صفحات الماضي، واعتبر هذه

اللحظات بداية حياتك، ووالدتك الجديدة، وعاهدني على أن تستثمر كل موهبة وطاقة لديك، في أن تسير إلى

األمام. تهلل وجه الشاب وهو يقول: لقد فجرت في نفسي

مشاعر كنت أظن أنها ماتت، إنني أشعر اآلن بقوة لم أعهدها، وأرجوك، كن على صلة بي دائما، وتفقد أحوالي،

94

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أنا أحتاج لمثل هذه الروح التي بعثت في األمل من جديد. ربت الشيخ على كتف الشاب في حنان وهو يقول: إنك

لست بحاجة إلى، فأنا على يقين من أنه قد ولد فيك العزم من جديد، سأنزل في المحطة القادمة، في رعاية

الله يا ولدي.وفي سرعة سأله أمجد: هل كنت في عمل؟

أجاب مبتسما: نعم، عمل يومي، أستقل القطار يوميا منالجيزة التي أقيم فيها إلى بنها، وأعود في أول قطار.

تعجب الشاب، وقال: لماذا؟ اتسعت ابتسامة الشيخ وهو يقول: أزرع األمل في قلوب

مات فيها األمل. قالها وهو ينهض حيث توقف القطار في محطة الجيزة، وودعه: في رعاية الله يا ولدي، في رعاية الله، فأجاب

الشاب ممتنا: في أمان الله يا زارع األمل، ولكنه سرعان ما اتسعت حدقتاه دهشة، إذ سمع صوتا مألوفا لديه من ق~بل الشيخ، صوت عصا طويلة رفيعة يملك أمجد أختها

يتحسس بها األعمى الطريق.أم الشهيد-

أمس11كت بعص11اها وق11امت متثاقل11ة، فق11د أعيت األح11داث جس11دها النحي11ل، س11ارت قليال وأطلت برأس11ها من بيته11ا المتواضع في وسط المخيم، وتوجهت ببصرها إلى مسقط رأس11ها وم11وطن طفولته11ا، انح11درت دمع11ة ح11رى على وجنتيها، تذكرت آخر العنق11ود وه11و يلف11ظ أنفاس11ه األخ11يرة بين أقدامهم، ال شعوريا رفعت يدها اليسرى وأخذت تنظر

إلى أصابعها وتقول:- كانوا خمسة.

95

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ضمت أصابع يدها بقوة وتحسست عص11اها وق11الت :- لق11د رحلوا ، لم يبق أحد ، ولكني لس11ت وحي11دة ، فالل11ه معي ،

ولن ينساني . عن11دما تش11عر بالمل11ل، تس11ير قليال بين ال11بيوت، ت11وزع ابتساماتها الحزينة على رفيقات دربها الشائك، وص11ديقات مشوارها ال11دامي، أطف11ال أبري11اء يتراكض11ون هن11ا وهن11اك، شباب يتباحثون أوضاعهم األليمة، نساء حيارى قد تجرحت مآقيهن من البك11اء، ش11يوخ تفط11رت أكب11ادهم من الح11زن، هدوء ص11اخب، وس11كون متوق11د، وأص11حاب ش11ريعة الغ11اب ي11أتون بجرع11ات حق11دهم ال11تي ال تنقض11ي، دوري11اتهم في جوالت مس1تمرة للتنكي11ل، م11داهمات، تف11تيش، اعتق11االت، فوض111ى ال ح111دود له111ا، ومن ثم يغ111ادرون وهم يقت111ادون بوحش1111ية ش1111ديدة باق1111ة يانع1111ة من س1111كان المخيم. عادت بها الذاكرة إلى الوراء، إلى الماضي البعيد القريب، البعيد عندما حضروا لمصادرة طفولتها الجميلة، ومحاصرة أحالمه11ا الوردي11ة، أم11ا الماض11ي الق11ريب ب11ل الق11ريب ج11دا

عندما وأدوا ابتسامتها ،وأحالوا حياتها جحيما ال يطاق. ت11ذكرت طفولته11ا ال11تي ك11انت بين بيت وال11دها، والبس11تان الذي يملكه، تذكرت المزارع المحيط11ة، وأش11جار الزيت11ون والحمضيات، وأوقات الحصاد، ك11انت األح11داث ق11د ب11دأت، وازداد الج11دل والت11وجس، ولكن وعن11دما اش11تعل الفتي11ل، تغ1يرت حي11اة اآلالف ج11ذريا، قه1ر، وتش1ريد، لي11الي حالك11ة السواد، مستقبل ال يعلمه إال الله، أمه11ات ثك11الى، أطف11ال

يتامى، أرامل في مرحلة الصبا والشباب. عن11دما ك11برت، ت11زوجت من قريبه11ا، لم تع11رف في حياته11ا معه طعما لالستقرار، كانت تعرف ك11ل ش11يء عن11ه، تت11ابع حركاته وسكناته، تعرف حق المعرفة أنه يعم11ل لي11ل نه11ار

96

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

من أج11ل إع11ادة الح11ق الس11ليب، وت11درك تمام11ا أن حيات11ه مهددة طوال ال11وقت، ك11انت أش11د حماس11ا من11ه، تش11د من أزره بين الحين واآلخ11ر، وك11ان استش11هاده أول المط11اف، فبقيت م11ع أبنائه11ا األربع11ة، وك11ان كال منهم يك11بر ويحم11ل الراية عوض11ا عن وال11ده، وك11أنهم ق11د تعاه11دوا على إتم11ام

المسير، والسير قدما في نفس الطريق. نظ11رت إلى تجم11ع ش11بابي على ج11انب المخيم، ك11انت تستشعر في نظراتهم وهمس11اتهم أفك11ار زوجه11ا وأوالده11ا الذين رحلوا، حماسهم هو نفس ذلك الحم11اس، وت11وهجهم هو ذل11ك الت11وهج، لق11د ش11عرت بك11ل ذل11ك ومن11ذ أن حطت قدماها هذا المكان، كانت في بيتها وبين أوالدها تعيش هذا الش11عور، حي11اتهم لم تع11رف الس11كون، حرك11ة دؤوب هن11ا وهناك، عالقات واسعة، صداقات حميمة، أهداف واض11حة، كانت فيما بينها وبين نفسها تسمي كل واح11د منهم باس11م واحد من أبنائها، كانوا يشعرون بما يعتمل في نفسها، فقد كان بعضهم أصدقاء ألبنائها، فهذا هادئ ومتعق11ل كغس11ان، وهذا شديد الحماس والتسرع أحيان11ا فه11و مث11ل عم11ر، نعم عمر إنه ك1ذلك، أم11ا محم1د وف11ارس فك11ان دأبهم1ا العم11ل بصمت شديد وس11رية تام11ة، أم11ا التوق11د والحم11اس فك11ان

سمة للجميع. مخططات ت11دور في الخف11اء، إش11ارات وهمس11ات، اتف11اق جماعي صامت، والنتيجة عمل بط11ولي متفج11ر كالبرك11ان، يأتي الحدث تلو اآلخر، يتناقلون دقائقه، ويتبادلون تفاصيله بفرحة كبرى، ونش1وة غ1امرة، ولكن وعلى النقيض تمام11ا، تقع مجري11ات مث11ل ه11ذا الح11دث على الط1رف اآلخ11ر وق11ع الصاعقة، وفي لمح البصر يتواجد المئات لمعاينة المك11ان، رج11ال األمن ،األطب11اء، الص11حافة واألعالم، تهدي11د ووعي11د، س11بحان الل11ه قط11رة ال11دماء عن11دهم ت11راق له11ا مئ11ات

97

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

القطرات، وتحصد مقابلها عشرات األرواح، ولكنه قانونهم القه111ري، وتش111ريعهم الحي111واني ،فالحي111اة غالي111ة ل111دى

 مستوطنيهم، ورخيصة باعتقادهم عند غيرهم. بين ص11راخ األمه11ات، واعتراض11ات الش11يوخ، ونظ11رات الص11غار، تحين س11اعة االنتق11ام، حض11روا عش11وائيا له11ذا المكان، لم يتثبتوا بعد، ولكن ال يهم، المهم التشفي وعلى أي ش11كل ك11ان، يمعن الطغ11اة في وحش11يتهم، ويعتقل11ون الش1111باب بأس1111لوب مهين، وج1111ل همهم أن ين1111الوا من ك111رامتهم، ويستنقص111وا ع111زتهم، ولكن هيه111ات أن ت111ذل النف11وس األبي11ة، أو تط11أطيء ال11روؤس الش11امخة ،كبري11اء

تعانق النجوم، وعزة ال حدود لها. أش11احت بوجهه11ا قليال، إن11ه نفس الموق11ف، يتك11رر يومي11ا، تجرعت مرارته عدة مرات، وتجرعت مرارت11ه مثله11ا آالف النساء في البلد السليب، أعمار فتية، أجساد غض11ة، أحالم بحجم الجبال، شباب البلد، أمل األم11ة، جحاف11ل الظلم له1ا بالمرص1اد، تزح11ف على طموحه11ا، وتطيح بآماله11ا ،وتغت11ال حقه11ا ، وتس11تحل دمائه11ا ،حجج واهي11ة، ادع11اءات فج11ة، والنتيجة عشرات الضحايا ،أخبار، صور، اس11تنكار وش11جب، ومن ثم ملفات ضخمة تمأل أرف11ف أقبي11ة مظلم11ة، وبع11دها

يلوذ العالم بالصمت الجبان، والسكوت الرهيب. جرحها الغائر ال زال ي11نزف حزن11ا، آالمه11ا ين11ابيع ال تنض11ب أبدا، مرارة فراق األحبة ال تك11اد تفارقه11ا ،أين الجم11وع من مشاعرها، مشاهد تشييع الشهداء بش11كل ي11ومي مس11حت ذكرى أبنائها من العق11ول، وتك11رار الع11زاء بين هن11ا وهن11اك أودى ب111الحزن عليهم من القل111وب، ذك111راهم ب111اتت بين جوانحه11ا فق11ط، والح11زن عليهم ص11ار حي11ا في فؤاده11ا، لم تشعر باللوم تجاه أحد، بل تشعر بجام الغضب يص11ب نح11و

98

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

المعتدين، أحزانها المتراكمة مألت قل11وب الكث11يرات، فكم من عروس فق11دت فرحته11ا ليل11ة عرس11ها، وكم من ام11رأة فجعت بابنه11ا بين عش11ية وض11حاها، وكم من طفل11ة تس11أل بصمت عن أبيها، لم يتبقى بيت11ا لم يفج11ع بغ11ال لدي11ه، ولم

تسلم عائلة من مرور مراسيم العزاء عندها. بالرغم من تجرعه11ا للح11زن م11رات عدي11دة، إال إن أص11عبها على نفس11ها ي11وم فق11دانها البنه11ا عم11ر، ليس ألن11ه األغلى بينهم، ب1ل لع1ل الس1بب في استش1هاده أم1ام عينه1ا، تل1ك اللحظ11ات األليم11ة أص11بحت كابوس11ا يطارده11ا ليال ونه11ارا، صارت دمعتها تسابق ذاكرتها في استحضار ذلك الموق11ف الحزين، لن تنسى تلك الس11اعة ال11تي أحض11روا فيه11ا آلتهم الضخمة لهدم بيتها، كانت تحمد الله كل لحظة أنه لم يكن موجودا، ولكنها لم تف11رح ب11ذلك س11وى لحظ11ات مح11دودة، قدم إليها وهو يزمجر غاضبا، لقد استقبله الص11بية ب11الخبر، كان يتوعد ويهدد، ح11اولت جاه11دة تهدئت11ه ولكن محاوالته11ا

ذهبت أدراج الرياح. تفك11رت في مش11اعرها، وتس11اءلت عن موقفه11ا، إنه11ا لم تجبن ولم تخاف، لقد أع11دت زوجه11ا فيم11ا مض11ى، وك11انت تحض أخوة عمر على مواصلة النض11ال، ولكن ه11ذه الم11رة مختلفة تماما، هذه المرة تشعر ب11الخوف من تص11ديه لهم، إن11ه ي11واجههم ك11ل ي11وم م11ع رفاق11ه، يلقي بمحت11وى يدي11ه ويختبئ، يعيد الكرة مرات ومرات، يمد الرف1اق بالحج1ارة، ويساعد الجرحى، ويعود إليها وهو ينفض غبار المعركة عن مالبس11ه، لكن ه11ذه الم11رة مواجه11ة فردي11ة، ومعرك11ة غ11ير متكافئة، ونتيجة محسومة مس11بقا، لم تع1د تتحم11ل ص11دمة

جديدة، جراح أحبتها لم تندمل بعد.

99

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

هدأ الوضع ل11دقائق مع11دودة، لم تع11د تس11مع ش11يئا، فم11رة تمسح أركان حجرتها ذهابا وإيابا، وم11رة تف11ترش س11جادتها وتدعو الله تعالى، خرجت إلى حجرت11ه، اس11ترقت الس11مع، الوض11ع ه11ادئ، ع11ادت إلى مكانه11ا على أم11ل أن يس11تمر

السكون. ذهبت إلى حجرت11ه م11رة أخ11رى ،ك11انت تتم11نى أن يك11ون كعادته قد خرج مع رفاقه، فتحت الباب، ولكنها وجدته ق11د فتح نافذة حجرته يترقب ع11ودتهم، وكأنم11ا ق11د أع11د الع11دة لمواجهتهم، صرخت في وجهه معترضة على بقائ11ه هك11ذا، فالتفت إليها بيديه الخاليتين وأجابها بأنه سيواجه طغي11انهم بإيمانه، بجسده، بروحه، بمبادئه، وأن11ه هن11ا وم11ع ك11ل ه11ذه األش11ياء مجاه11د كم11ا ل11و ك11ان بين رفاق11ه يحم11ل الحج11ارة ويرشق بها أولئك األوغاد، وإن كانت يديه خاليتي الوف11اض

فيكفيه قلبه الذي مأله اإليمان. خ1111رجت من حجرت1111ه، ومن ثم غ1111ادرت الم1111نزل على عجل ،كانت تنادي بأعلى صوتها، أصدقاء زوجه11ا، أص11دقاء أبنائه11ا، معارفه11ا، جيرانه11ا، نظراته11ا الحزين11ة أوحت لهم بالحقيقة المرة، ال11دور على بيته11ا إذا، تع11رف مس11بقا أنه11ا ستخس11ر ال11بيت، ولكن محاوالته11ا إنم11ا هي للحف11اظ على صاحب البيت فقط، ن1دائها يم1زق ني11اط القل1وب، وص1وتها يحرك األفئ11دة، لعل11ه ي11تراجع عن ق11راره ،مج11ابهتهم تع11ني الموت، ال بأس بجهاده اليومي، مناضل ي11ذهب وعلى أم11ل أن يعود، ولكن الوضع مختلف اآلن، مواجهة فردي11ة لق11وى الظلم والع11دوان، خ11رج ب11دوره، لثم جبينه11ا، وقب11ل ي11ديها،

ونظر إليها معاتبا، وبادرها بقوله:- أين أبي؟ أين أخوتي؟ أين الكثير من أحب11تي؟ ألم يس11قط بعضهم مدافعا عن األرض؟ أننسى من أستشهد في عم11ل

100

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فدائي؟ أال تتذكري من دخل المعتق1ل على رجلي1ه، وخ1رج منه جثة هامدة؟ هل ترضين لي بالذل والهوان؟ ه11ل أجبن دون11ا عن الجمي11ع؟ أمي الحبيب11ة، إنن11ا بحاج11ة لمن يق11اوم قراراتهم الجبان11ة، ال ب1د لهم أن يعرف1وا أنن1ا لن نستس1لم، وأننا سنتصدى لهم في كل حركة، وسنكون أمامهم دائم11ا، حق11ا س11يكون الثمن غالي11ا ولكن ال ب11أس، الق11دس غالي11ة،

وتراب أرضنا الطاهر يستحق أكثر. استسلمت لجوابه، واستودعته الله عز وجل، ونظرت إليه نظرة المودع11ة، ورفعت ي11ديها ت11دعو ل11ه بح11رارة، وذرفت الدموع الحارقة، وت11ذكرت المقدس11ات، واألرض، واألع11داد الهائل11ة من الش11هداء، أقنعت نفس11ها بص11حة رده، وس11مو

هدفة، وأخلت بينه وبين ما يريد. بعد بضعة دقائق كانت على موعد مع طغيانهم، لقد جاءوا مرة أخرى، عادوا بأسوأ مما ذهبوا به ،آالت الهدم والدمار ته111ز األرض من تحت أق111دامهم، انتفض111ت من مكانه111ا، وخ111رجت من بيته111ا، تجمه111ر كالع111ادة، احتج111اج، أوراق، إثبات11111ات، ك11111ان في المقدم11111ة، يدي11111ه في ارتف11111اع وانخف111اض ،ص111وته يجلج111ل كالرع111د، اتص111ال قص111ير منهم ،وي11111أتي الم11111دد س11111ريعا، س11111يارات ممل11111وءة بالجنود ،ينتشرون في لمح البصر، يص11وبون س11الحهم نح11و السماء، يطلقون عدة أعيرة لتفري11ق الجم11وع، لم يتح11رك أح11د، توجه11وا بالس11الح نح11و الص11دور، تراج11ع البعض قليال، جاءت لتحول بينه وبينهم، دعته لالبتعاد، رفض االنس11حاب، وتعالت األصوات، دفع11ه أح11دهم بق11وة، وق11ع على األرض، هبت لمساعدته على النهوض، هب بدوره من مكان11ه يري11د االنقضاض ولكن، كان طلق ناري من أحدهم أس11رع بكث11ير من محاولته للنه11وض، س11قط م11رة أخ11رى مض11رجا ب11دماء زكية طاهرة، كان العرق يتصبب من جبينه، نظ11ر إلى أم11ه

101

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وأنفاسه تتسارع، كان يريد منها كلمة ،يريد أن يسمع منها كلمة الرضا، كانت ترد عليه بنظراتها الحانية، وت11ومئ إلي11ه برأس1ها، انكب علي1ه ص1ديق وال1ده، ك1ان يلقن1ه الش1هادة، نط1ق به1ا، ص1وب نظرت1ه األخ1يرة نحوه1ا، ابتس1م وأس1لم الروح، سيارة اإلسعاف كانت على أهبة االس11تعداد، حمل11ه الرف11اق في لحظ11ات، ش11يعته بنظراته11ا ،وس11ارت خلفهم، ت11راجعت إلى ال11وراء، إلى بيته11ا، ك11انوا ق11د انقض11وا علي11ه، خدشوا وجهه الجميل ،ه11ا هم يعي11دون الك11رة م11رة أخ11رى وضعت يديها على عينيه11ا، ف11المنظر أص11عب من أن ت11راه، أمسكت بها إحدى جاراتها، وأخ11ذتها بعي11دا، تخيلت النتيج11ة المؤلمة، سيتساوى بيتها مع التراب في لحظات مع11دودة،

ولكن ال يهم اآلن، لقد خسرت األهم. ك11ان ي11وم جنازت11ه مم11يزا، إذ لم يكن ه11و الوحي11د في ذل11ك اليوم، عدد من الشهداء سقطوا في ذلك الي11وم، والجمي11ع بين كلمات العزاء والتهاني، العزاء إنما كان لف11راق األحب11ة فقط، والتهاني كانت لنيل الشهادة على ث11رى المقدس11ات

الغالية، وبذل الروح رخيصة في سبيل هدف سام.

102

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ليلة في ظلمة القبر - سمعت األم اضطرابا في بطنها ، تاله ضرب مؤلم ..ذهبت

إلى الطبيب ، فزف لها البشرى ، قال : يا بشرى هذاغالم

لم تسع األرض األم من الفرح ، سجدت لله شاكرة ، حمدته بلسانها وجوارحها ، رفعت يديها إليه .. ناجته

قائلة : رب هب لي من ذريتي قرة عين . بدأ سعد بالمعافسة في بطن أمه .. يتحرك هنا وهناك

بكل فرح وحبور ألنه خارج إلى حياة رحبة ، ظانا أن الدنيامع سعتها أسعد من بطن األم مع ضيقه !!

أما أمه .. فعينها امتزجت بدمع األلم واألمل، والفرحوالحزن، والدمع الحار والبارد ..

ألم الحمل وأمل الذرية ، فرح األوالد وحزن الوالدة ، دمعها الحار خوفا عليه من مس السوء، والدمع البارد ألنه خيل إليها نجاحه فال تراه إال رجال يضرب به المثل .. سندا

للظهر ، وعصى يتوكأ عليها .جاء اليوم المشهود وفر~ح الوالد بالمولود :

خرج سعد يتنسم عبير الدنيا ويأخذ نفسا عميقا يرو~يعظمه الطر~ي الغض .

شب قرنه وبدا مسير الطريق مخالفا لما عولت عليه أمه ، حلمت أن يصبح رجال صالحا فأمسى طالحا ، يرى

عب فيأوي إليه . . نور الطريق فيحيد عنه وظلمة الشفما حال سعد ؟!!

سعد صاحب العضالت المفتولة والنظارة السوداء ، يركب رأسه ويخالف الناس ويمشي مع هواه ، يسمع نداء األذان

فال يلبي ، ويرى الناس تؤم بيت الله وهو صاد عنه ، أعجبته نفسه ، وغرته األماني ، وظن أن سعادته فيما

103

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

يفعل .. ضيع نفسه ووقته ،كأن وجوده في الدنيا ذنب قابله

د وتنمر !! بعصيان وتمر يفتح عينه من سبات غميق غط فيه ، يتعاجز عن القيام ،

أثقلته الذنوب ، على وجهه ضوء أسود فحدقه مظلم،تثائب تثاؤب من بال الشيطان في أذنه ونهض قائما

وبينما هو يمشي في حمأة اللهو أصابته حمى شديدة فطرحته للفراش صريعا ،كان جسده يمانع األمراض

فأصبح مرتعا للوباء ، ذهب إلى الطبيب فحذره وأنذره مناتخاذ الخليالت وشرب المسكرات ، وليته سمع فوعى !!

ها وإقبال األيام وإدبارها حان موعد ومع كر الليالي وفر الرحيل وآذنت النفس باإلياب ، وأخذت الوديعة

المستودعة . اعترى سعدا ضعف� في جسده .. تنملت أطرافه خارت

قواه ، نادى : أماه أماه .. لبت النداء أمه تهرول وتقول : ولدي حبيبي هل أصابك

من ضرر ؟ ضمته إلى صدرها ، نضحت وجهه بالماء ، إال أن " سعدا"

يصارع شيئا ال يشبه المرض .. .. نادته : سعد سعد ، وبصره شاخص إلى السماء كأنه

يرتقب ضيفا مفزعا وبعد شدة هول .. جاءه الضيف ذو الوجه األسود والعين الجاحظة .. مد يده إلى جوف سعد كأنه وجد ما فقد ..

لقد نزع الروح نزعا شديدا غليظا كأنه اقتلع جسده كله ، وسعد يصارخ ويضطرب وال منجى من الموت ، قد حان

ما كنت تحذره يا سعد . :"ربأراد سعد الكالم ولكن لم يسطع ، كان يريد القول

ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت" ما زال سعد يقاتل الموت ولكن ال طاقة له بملك

104

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

الموت !! لم يكن النزع يسيرا بل غرقا ، لقد هربت روحه فلم تدع

ع~رقا وال عصبا إال اختبأت خلفه .. وهذا الملك غارق في نزعه ، فالعذاب عسير وال طاقة

للجبال الرواسي به !!'. وذهب ملك الموت متأبطا شرا ، تاركا جسده المسجى

بالهول والهلع . .. بقي سعد جثة هامدة ال تطيق حراكا بل هي أشد ما تكون

في سكونها .. ضربت األم صدرها وقالت : بني سعد وقتك األواقي ،

أجبني ، ما ذا أصابك ؟ فلما لم يجب عرفت أن ليس ثمة مرض .. إنه الموت

الذي ال يرده ملك مقرب وال نبي مرسل كان سعد تاركا للصالة مجانبا للطاعة بعيدا عن الخير ، فتحرجوا في الصالة عليه ، ولم يجدوا بدا من أن يلقوه

في المقبرة رميا، كأنه متاع قد استغني عنه . حملوه على أكتافهم وهو يسمع قرع نعالهم ويقول : إلى

أين ؟ أين تذهبون بي ؟ أنا سعد ابنكم وقريبكم ، دعوني أصل لله ركعات لعله يغفر لي خطيئتي ، لقد ضربت فالنا وشتمت فالنا أريد

المغفرة منهم ، وصاحب المتجر يريد ماال لم أعطه ، وقداستعرت متاعا فجحدته ...

ولكن ال يسمع نداءه إال ربه ، وال حياة لمن يناديهماقترب من الحفرة التي ستكون له مأوى ومصيرا !!

رأى سور المقبرة كأنه قيد في العنق يقطع الوريد ويشدالوثاق !! !!

اقترب من المقابر كأنها غابة موحشة ال يأنس بها إالاألبالسة !! !!

النبات ذابل ، والشجر محترق ، وكل شيء في هذا105

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

المكان خر~ب خر~ب ، فكل ما تراه يدعو إلى الموت ، الحياة بعد تلك الحياة ، أواه ثم أواه .

لقد بدلوا اسمه ، فكان "سعدا" في الماضي ، أما اآلن فهم يقولون أين "الميت" ؟ ، ويقولون :ضعوا "الجنازة"

هنا . يالله !! ما أكثر من خدع ببريق الدنيا ثم لم تمهله حتى

رم~ي في حومة الردى .. أنزلوا رأسه أوال إلى هذه الحفرة الضيقة فرأى ظالما

عميقا وقعرا مخيفا أراد أن يمسك بيد من يدفنه ليقولنشدتك الله إال تركتني .. دعني وشأني

ولكن الموت ليس فيه رحمة وال توسل فال يخرقنواميسه أحد� إال الله !

استقر سعد في ظلمة القبر وهو يرى بعينه الفانية هيالنالتراب عليه ، ويقول ما ذا فعلت بهم ؟

طم الثرى جسده فلم يعد يرى شيئا ، التقمه القبر وهومليم ، فسعد محاط بالضنك والكدر وال راد لما أراد الله .

~نة عليه أثقلت جسده وأضنت عظمه ،ثم ثم وضعوا لب أهالوا التراب أخرى وأخرى فلم يطق التفاتا واستسلم لما

هو كائن عليه .. وما إن فرغوا من توسيده التراب حتى ضربوا أيديهم كفا

على كف ينفضون الغبار وتفرقوا شذر مذر . بقي وحيدا فريدا عاريا ، فارغا من كل شيء ، ال يملك من

األمر ق~طميرا ، فوقه تراب ، يمينه تراب ، وعن شمالهالتراب ، وتحته التراب ، فراشه التراب ول~حافه .

ما هذا المصير ؟ أين فراشي الناعم ؟ أين الديباج والحرير ؟ أين الهناء ورغد العيش ؟ أين الطعام والشراب

؟ أين فالن وفالنة ، في كل ليلة لي معهم صولة وجولة، نقطع الوقت بالحديث الماتع ، والغناء الماجن ، والكالم

المؤنس؟106

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

لم تركوني في وقت الحاجة والفقر الشديد ؟!!المكان شديد اإلظالم ال أرى إال سوادا في سواد ؟؟

ثم يجيئه ملكان قبيحا المنظر يقوالن له : قم يا سعد ..فيقوم أفزع قيام، وج~ال خائفا يقول لهما : من أنتما ؟

فيقوالن نحن عملك السيء؟فيقول : ماذا تريدون ؟

فيقاالن : من ربك؟فيقول وقد انخلع فؤاده : هاه هاه ال أدري !!

يسائل سعد نفسه ما لي ال أجيب ، فأنا أعلم من ربيومن خلقني ورزقني ، ولم يح~ر جوابا ..

ثم يقوالن : من نبيك ؟ ما دينك ؟ويقول في كل ذلك : هاه ال أدري !!

فيضربانه على رأسه بم~طرقة يسمعه كل شيء قريبمنه إال الثقلين ، ولو سمعوه لصعقوا . .

ثم يرى منزله من النار ، ويرى غرفته في الجنة لو كان صالحا ، فيزداد حسرة على حسرة وحرقة على حرقة

ويموت في كل حين أسفا وحزنا . ثم يضمه القبر ضمة تختلف أضالعه فيها .. فال يبقى عظم

على عظم بل هشيما .. ويتمنى سعد أن ال تقوم الساعة ألنه يعلم أن ما يأتيه أشد فزعا وأعظم عذابا من هذا فيقول : رب ال تقم الساعة ،

رب ال تقم الساعة ... وهذه ليلة سعد في ظلمة القبر البهيم .. وهناك من

تطيب نفسه إلى هذا المصير ليس بقلبه ، ولكن حالهتخبرك ، وعند االمتحان يكرم الرجل أو يهان ..

ة ، ل اللهم أسبل علينا رحمتك ، وق~نا عذابك ، واغفر الز وتجاوز عن الخطيئة ، وأحسن الخاتمة ، وأجزل المثوبة

إنك جواد كريم ونحن الفقراء إليك ..وصلى الله على محمد .

107

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كيف عاش شيخ اإلسالم زكريا األنصاري مئة-وثالث سنين!

حكى الش11يخ عب11د الوه11اب الش11عراوي عن الش11يخ أبي يح11يى زكري11ا األنص11اري- ش11يخ اإلس11الم وقاض11ي القض11اة

للهجرة عن مئة وثالث س11نوات - أن11ه926والمتوفى سنة قال : جئت من البالد وأنا شاب فلم أعكف على االش11تغال بشيء من أمور الدنيا ولم أعلق قل11بي بأح11د من الخل11ق ، قال : وكنت أجوع في الجامع كثيرا ف11أخرج في اللي11ل إلى الميض11أة وغيره11ا فأغس11ل م11ا أج11ده من قش11يرات البطيخ حوالي الميضأة وآكلها وأقنع بها عن الخ11بز ، ف11أقمت على

ذلك الحال سنين. ثم إن الله تعالى قيض لي شخصا من أولياء الله تع11الى ك111ان يعم111ل في الط111واحين في غربل111ة القمح ، فك111ان يتفقدني ويشتري لي م11ا أحت11اج إلي11ه من األك11ل والش11رب والكسوة والكتب ويقول لي : ي11ا زكري11ا ال تخ11ف ع11ني من

أحوالك شيئا ، فلم يزل معي كذلك عدة سنين. فلما ك11ان ليل1ة من اللي11الي أخ1ذ بي11دي والن11اس ن11ائمون وق11ال لي : قم معي ، فقمت مع11ه ف11أوقفني على س11لم الوقادة الطويل بالجامع وقال : اصعد هذا الكرس11ي ، فلم ي11زل يق11ول لي : اص11عد إلى آخ11ر درج11ة ، ثم ق11ال : ان11زل

فنزلت . فقال لي : ي11ا زكري11ا ، إن11ك تعيش ح11تى تم11وت أقران11ك ويرتفع شأنك وتتولى مشيخة اإلسالم يعني قض11اء القض11اء مدة طويل11ة وترتف11ع على أقران11ك وتص11ير طلبت11ك مش11ايخ اإلسالم في حياتك ح11تى يك11ف بص11رك ، قلت : وال ب11د لي من العمى، فق11ال : ال ب11د ، ثم انقط11ع ع11ني فلم أره بع11د

ذلك. انتهى

108

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

خذوه فغلوه ! من غريب م11ا اتف11ق للش11يخ أبي الن11ور التونس11ي الم11الكي

للهجرة بحلب :926المتوفى سنة أنه لما ركب البحر من تونس إلى إسكندرية حصل لمالح الس111فينة - وك111ان فرنجي111ا- حمى أش111غلته عن مص111لحة السفينة وعجز ركابها عن عالج ينفعه ، وطلب من الش11يخ أبي النور ما يكتب للحمى فكتب له ورقة : ) خذوه فغل11وه ثم الجحيم ص11لوه ثم في سلس11لة ذرعه11ا س11بعون ذراع11ا فاسلكوه( ، ولف الورقة ودفعها له فوضعها في رأسه فما

مضت تلك الليلة حتى ذهبت عنه الحمى

من عجائب قصص القردة في الصومال ! -قال المقريزي:

قدم مكة – أي محمد بن إسحاق بن محمد قاضي مدين11ة المو في الصومال - وأنا بها في أخريات سنة تس11ع وثالثين وثمانمائة، فبلوت منه معرفة بالفقه وبالفرائض، مع عبادة

ونسك. وأخبرنا أن القردة غلبت على مدين1ة مقديش1وه من نح1و س111نة ثمانمائ111ة بحيث ض111ايقت الن111اس في مس111اكنهم وأس11واقهم، وص11ارت تأخ11ذ الطع11ام من األواني وغيره11ا، وتهجم الدور على الناس، وتأخذ ما تجده من آنية ح11تى إن صاحب تلك الدار يتبع القرد يتلطف به في رد اإلناء ف11يرده

بعد أكل ما فيه، وإذا وجد امرأة منفردة وطئها. قال: ومن ع11ادة ممتلكه11ا أن أرب11اب دولت11ه يقف11ون تحت قصره فإذا تكاملوا فتحت طاقة بأعاله فيقبلون ل11ه األرض ثم يرفعون رؤوسهم فيجدون الملك قد أشرف عليهم من

109

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

تلك الطباق فيأمر وينهى. فلما ك11ان في بعض األي11ام ك11انالمشرف عليهم قردا.

قال: وتمر القردة طوائ11ف طوائ11ف ك11ل طائف11ة له11ا كب11ير يقدمها وهي تابع11ة ل11ه بت11ؤدة وت11رتيب، ق11ال: ف11يرون ذل11ك

عقوبة من الله لهم. وأن البحر يلقي بساحل مدينة المو العن11بر فيأخ11ذه المل11ك

ومرة كانت زنة قطعة منه ألف رطل ومائتي رطل. قال: وشجر الموز عندهم كثير جدا، وأنه عدة أن11واع، منه11ا نوع تبلغ الموزة منه في الطول ذراعا، ويعمل عندهم من11ه

دبس يقيم أكثر من سنة، ويعقدون منه أيضا حلوى

وقالت فاطمة بنت عبد الملك بن م11روان تخ11اطب-1 زوجه11ا عم11ر بن عب11د العزي11ز حيث اش11تغل ب11أمور

الخالفة ولم يتفرغ لها:أال يا أيها الملك الذي قد ... سبى عقلي وهام به فؤادي أراك وسعت كل الناس عدال ... وجرت علي من بين

العباد~وأعطيت الرعية كل فضل ... وما أعطيتني غير السهاد~

وقال اآلخر:نحن قوم تذيبنا األعين النجل ... على أننا نذيب الحديدا

110

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

نقتل األسد ثم تقتلنا البيض ... المصروفات أوجها وخدوداوتراني لدى الكريمة أحرارا ... وفي السلم للحسان عبيدا و زعموا أن العلوي قائل هذا الش11عر حاص11ر قلع11ة ح11تى كاد يقتحمها. وكانت فيها امرأة ذات حسن وجمال فق11الت ألهلها: أنا أكفيكم أم11ره فت1برقعت وخ1رجت نح1و العس1كر وق11الت: أبلغ11وني إلى األم11ير فأبلغوه11ا إلي11ه فق11الت: أنت

القائل:نحن قوم تذيبنا األعين

فقال: نعم فنزعت البرقع عن وجهها وقالت: أحس11نا ت11رى أم قبيحا؟ فقال: والله م11ا أرى إال حس11نا فق11الت: م11ا ح11ق الم11ولى على عب11ده؟ فق11ال: الس11مع والطاع11ة. فق11الت: فارح11ل عن11ا وانص11رف راش11دا ق11ال: نعم: وأم11ر بالرحي11ل. فقال له أهل العسكر:إن المدين11ة بأي11دينا. فق11ال: ال س11بيل إلى اإلقامة ساعة واحدة. ثم خطب تلك المرأة وتزوجه11ا،

فكانت عنده أحظى نسائه.وقال اآلخر في الثقالء:

إلمام كل ثقيل قد أضر بنا ... نروم نقصهم والشيء يزدادومن يخف علينا ال يلم بنا ... وللثقيل على الساعات ترداد

وقال اآلخر:إذا هز الكريم يزيد خيرا ... وإن هو اللئيم فال يزيد

وروي أن أعرابي111ا وق111ف على م111روان بن الحكم، وه111و يفرض العطاء بالمدينة، فق11ال ل11ه: أف11رض لي فق11ال: ق11د طوي الكتاب فقال له األعرابي: أما علمت إني القائل: إذا هز الكريم؟ فقال: نش11دتك الل11ه، وأنت القائ11ل ل11ه؟ ق11ال:

نعم فقال مروان: افرضوا عليه ما يرضيه وقال اآلخر: ال يوجد الخير إال في معادنه ... والشر حيث طلبت الشر

موجود111

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

و يحكى عن جعفر بن يحيى إنه في بعض أس11فاره ع11رض عليه ممالي11ك رج11ل جف11اه الس11لطان، وفيهم غالم جمي11ل. قال: فقلت له: ما اسمك؟ قال: ماهر. قلت وما ص11نعتك؟ قال: األدب والشعر والغناء، وم11ا ش11ئت من بع11د. فس11ألت عن ثمن11ه فقي11ل خمس11مائة دين11ار على الض11رورة. ف11وزنت ثمن11ه وس11ألته إن يس11معني ش11يئا من غنائ11ه. فأخ11ذ الع11ود

واندفع يغني: حملتم جبال الحب فوقي وإنني ... ألعجز عن حمل

القميص وأضعف ظفرتم بكتمان اللسان فمن لكم ... بكتمان عين دمعها

الدهر يذرف؟ فأطربني غناؤه وش11جاني، فأجرت11ه وخلعت علي11ه، وأمرت11ه بمع11ادلتي. فلم11ا أج11زت م11نزل م11واله بمق11دار مي11ل أنش11أ

يقول: وما كنت أخشى معبدا أن يبيعني ... بشيء ولو أضحت

أنامله صفرا أخوهم وموالهم وحامل سيرهم ... ومن قد ثوى فيهم

وعاشرهم دهرا أشوق ولما يمض لي غير ساعة ... فكيف إذا سار المطي

بنا شهرا؟ فقلت له: يا غالم، أتع11رف م11نزل م11والك من هن11ا؟ فق11ال: وهل تخفى معالم الحب؟ فقالت: اذهب ف11أنت ح11ر لوج11ه الل11ه ووهبت ل11ه أل11ف دين11ار. فق11ال لي زميلي: أمث11ل ه11ذا يعتق؟ فقلت ل11ه ويح11ك وه11ل مثل11ه يمل11ك؟ ف11أنطلق وه11و

يقول:ال يوجد الخير إال في معادنه

وقال محمد بن عبد الملك الزيات:-

112

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وأي امرئ سمى بها قط نفسه ... ففارقها حتى يغيب فياللحد؟

وك11ان س11بب ذل11ك أن إب11راهيم بن المه11دي اق11ترض من التجار أمواال كثيرة ببغداد. فيها لعبد الملك الزيات عش11رة آالف دين11ار. فلم11ا لم يتم ل11ه أم11ر الخالف11ة ل11وى التج11ار أم11والهم. فص11نع محم11د ابن عب11د المل11ك قص11يدة يخ11اطب

المأمون، وهذا صغير، منها: تذكر أمير المؤمنين قيامة ... بإيمائه في الهزل منه وفي

الجدووالله ما من توبة نزعت به ... إليك وال ميل إليك وال ود

ومن صك تسليم الخالفة سمعه ... ينادي به بينالسماطين عن بعد؟

وأي امرئ سمى بها قط نفسه وعرض11ها على إب11راهيم وق11ال ل11ه: إم11ا أنص11فت أبي، وإم11ا أنشدتها المأمون ف11أدى إلى أبي11ه مال11ه دون س1ائر التج11ار،واستحلفه على كتمانها، فحلف له، وهذا من فوائد الشعر.

113

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فصل قصص في الحياة بعد الموت : ألقت الشرطة المصرية القبض على عصابة مكونة من

طبيبين وممرضة وسيدتين أخريين، احترفوا جميعا المتاجرة في األطفال حديثي الوالدة، الذين جاؤوا نتيحة

ارتكاب أمهاتهم جريمة الزنا. وقال مصدر أمني ل1»ايالف« ان العصابة كانت تحترف العمل في هذه الجريمة منذ

أكثر من ثالثة أعوام، مشيرا الى أن الشرطة تلقت بالغات تفيد بتردد الساقطات والفتيات الالئي وقعن في

الحب الحرام على مستشفى خاص في منطقة عينشمس في القاهرة.

ولفت المصدر الى أن البالغات أفادت بأن هناك ممرضة تسرق األطفال بعد الوالدة مباشرة، وتقوم بتسويقهم على السيدات العاقرات. وأضاف أن الشرطة راقبت المستشفى لفترة تصل الى نحو الشهرين، وأسفرت

المراقبة والتحريات عن قيام طبيبين وممرضة، أحدهما مدير المستشفى، بإجراء عمليات الوالدة مجانا للفتيات أو

النساء الالتي وقعن في ممارسة الجنس الحرام، مقابلترك الطفل للمستشفى.

114

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وأشار المصدر الى أن الطبيبين يتوليان عملية الوالدة ورعاية األم، فيما تتولى الممرضة عمليات التسويق والبيع

باالشتراك مع سيدتين أخريين في وسط السيدات العاقرات، أو الالتي ينجبن البنات، وفي حاجة الى إنجاب

الذكور. وأوضح أن ثمن بيع الطفل الذكر يتراوح ما بين خمسة

و800وعشرة آالف جنيه مصري، أي ما يتراوح بين دوالر أميركي، فيما يتراوح سعر الطفلة ما بين1600 وخمسة آالف جنيه، يحصل الطبيبان على نسبة2500

في المئة من المبلغ، بينما تحصل الممرضة50 في المئة األخرى.50والسيدتان على نسبة

طفل،300وأشار المصدر الى أن الممرضة اعترفت ببيع طفال على350مرجحا أن يزداد الرقم الى نحو يصل الى

األقل، جرى بيعهم الى سيدات عاقرات في القاهرة والمحافظات، أو قتل بعضهم، وتحويلهم الى قطع غيار

بشرية، منوها بأن الشرطة ألقت القبض عليهم، في حالةتلبس.

وأوضح أن الممرضة كانت تستعد لبيع طفل عمره خمسة أيام لسيدة عاقر من القاهرة، ونبه المصدر الى أنه كانت

هناك ثمة ما تشبه بروتوكوالت التعاون مع عصابة الدعارة، حيث يتم االتفاق مع القوادين أو القوادات على توريد الساقطات الى المستشفى الجراء عمليات الوالدة

مجانا مقابل التنازل عن الطفل، أو اجراء عمليات االجهاض مقابل أجر أقل من المتعارف عليه في

المستشفيات األخرى. وأشار المصدر الى أن التحريات مازالت جارية بحثا عن

متهمين جدد، السيما أن نشاط العصابة امتد ألكثر من

115

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ثالثة أعوام، وكان يشمل شتى محافظات الجمهورية، الفتا الى أن العصابة كانت تخطط لتوسيع النشاط،

ليشمل الدول العربية واألجنبية، عبر شبكات االتجار فيالبشر.

ووفقا لتحقيقات النيابة العامة في القضية، فان الطبيب نفى ارتكابه للجريمة، مشيرا الى أنه يمارس مهنة الطب

25منذ أكثر من عاما، ويمتلك سجال ناصع البياض، متهماالممرضة باالتجار في األطفال السفاح.

فيما قالت الممرضة ان الطبيب ومدير المستش11فى على في50علم بعمليات االتجار، وانه كان يحصل على نس11بة

المئة من ثمن الطفل. وكشفت أن الط11بيب ك11ان يحتف11ظ باألطفال الذين قد يتوفون أثناء عمليات ال11والدة، ورجحتأن يك11ون ذل11ك بغ11رض االتج11ار في أعض11ائهم البش11رية.ا - عادت سيدة مصرية للحياة بعد أن قتلها زوجه

انتقاما لشرفه عادت سيدة مصرية للحياة بعد ان قتلها زوجها انتقاما

لشرفه بعد ان ضبطها مع عشيقها ودفنها فى إحدى المقابر معتقدا أنها قد ماتت ولكنها عادت للحياة أثناءمعاينة إحدى الضباط مع الزوج للقبر الذي دفنت فيه.

وقال النقيب حس11بما نق11ل برن11امج "مص11ر الجدي11دة" على قن11اة الحي11اة" ان الواقع11ة تع11ود الى قي11ام ال11زوج بض11بط زوجت11ه م11ع عش11يقها فق11ام بطعن عش11يقها وخن11ق زوجت11هودفنه1111111111111111ا فى إح1111111111111111دى المق111111111111111ابر. وأشار الض11ابط ان11ه حينم11ا توج11ه م11ع ال11زوج الى المق11برة خرجت يد الزوجة وأمس11كت بقدم11ه وق11الت ل11ه "الحق11نى قبل ما أموت" ، وأثبتت التحريات إن السيدة ادعت الوفاة

116

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

بعد أن خنقها زوجها لحين معاينة المب1احث للجريم1ة ، وتمنقلها إلى المستشفى وجارى متابعة سير القضية.

 عودة زوجة للحياة - شهدت مدينة منشأة أبو عمر بمحافظة الشرقية

معجزة ونادرا ما تحدث في أكبر جرائم القتل-زوجة للحياة . واالغتصاب وهي عودة

وبداية سيناريو الجريمة الغريبة كانت بتلقي اللواء مدير أمن الشرقية إخطارا من العقيد رئيس فرع

البحث لقطاع شرق يفيد تلقيه بالغ من أحمد يوسف سنة يعمل بدولة الكويت ومقيم40عبد العظيم

سنة ربة منزل ومقيمة35حلون عن اختفاء زوجته حلوان بالقاهرة أثناء زيارتها أحدي صديقتها بمحافظة

الشرقية واتهم شخصان بمركز منشأة أبو عمر بالتسبب في اختفائها الكتشافه وجود عالقة عاطفية

مع أحدهما علي الفور أمر اللواء مدير المباحث الجنائية بتشكيل

فريق بحث ضم رئيس مباحث مركز الحسينيةلكشف غموض الواقعة

وأسفرت جهود فريق البحث عن عالقة عاطفية بين الزوجة وكل من شاب يدعي ممدوح وصديقه جاد مقيمان قرية طارق ابن زياد قسم منشأة أبو عمر وحضرت لمقابلة األول منذ أسبوع بعد قيامه بالضغط عليها لمقابلته وأثناء قدومها قام المتهم

األول باالشتراك مع الثاني في استدراجها إلي عشة زراعية بإحدي األراضي الزراعية في مكان خالي من

السكان وقاما بالتعدي عليها جنسيا وسرقة مصوغاتها الذهبية ومبلغ مالي كان معها يقدر بحوالي

جنيه ثم قاما بضربها بقطعة حديدية علي4500 رأسها حتي لفظت أنفاسها األخيرة ثم قاما بالتخلص من جثتها بإلقائها بمصرف بحر البقر بمدينة الحسينية

117

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وأفادت التحقيقات بأن الزوج حاول االتصال بزوجته المجني عليه11ا وفي إح11دى المكالم11ات لم ت11رد وق11ام شخص مجهول بالرد عليه من موبايل زوجته وأخ11بره بأنه عثر عليه بناحي11ة الحس11ينية وترك11ه ل11ه ل11دي أح11د األكشاك وبفحص المكالمات الص11ادرة وال11واردة ع11بر هاتف المجني عليه11ا ت11بين وج11ود ع11دة مكالم11ات بين المجني عليها وبين شخص يدعي ممدوح عبد العزي11ز

س11نة فالح ومقيم بقري11ة ط11ارق ابن زي11اد38الس11يد وبضبطه أقر بوجود عالقة عاطفية مع المج11ني عليه11ا وبأنه تعرف عليه11ا ع11بر اله11اتف وأص11ر علي مقابلته11ا وبالفع11ل رض11خت لطلب11ه وحض11رت واس11تدرجها ه11و

سنة سائق ومقيم24وصديقه جاد عبد القوي حسن بالناصرية إلي عشة مهج11ورة ب11أرض زراعي11ة بمدين11ة الحسينية وقاموا باالعتداء علي المجني عليها جنس11يا وض11ربوها بآل11ة ح11ادة علي رأس11ها ق11اموا بإلقائه11ا بمصرف بحر البقر بعد أن سرقوا مص11وغاتها الذهبي11ة ونقودها وفروا ه1اربين وترك11وا الموباي11ل ل1دي كش1ك

43ش1111خص ي1111دعي ش1111حتة الدس1111وقي حس1111ن سنة ,وبإعداد األكمنة الالزم1ة تمكن ض1باط المب11احث من القبض علي المتهمين ال1111ذين أق1111روا تفص1111يليا بسيناريو الجريمة وقي11امهم ب11بيع المص11وغات الذهبي11ة الخاصة بالمجني عليها ألحد محالت الذهب واقتسموا

حصيلة البيع فيما بينهم بالتساوي وكانت المفارقة هي عودة الزوجة بعد أربعة أيام من الجريمة وذهبت لمركز الشرطة برفقة زوجها وروت

تفاصيل الواقعة وأكدت بأن المتهمين استدرجوها عبر الهاتف واستغلوا مرضها النفسي واغتصبوها

وسرقوا مصوغاتها الذهبية.

118

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

بعد أن ضربوها بآلة حادة علي رأسها وألقوا بها بجوار مصرف بحر البقر معتقدين بأنها فارقت الحياة ,ومن خالل عرض قانوني تعرفت المجني عليها علي المتهمين وتم عرضهم علي النيابة العامة إلعادة فتح

التحقيق مرة أخريسميرة تعود للحياة-

"س11ميرة".. اس11م لطفل11ة بريئ11ة لم يتج11اوز عمره11ا أربع11ة أعوام ، ولكنها باتت اآلن مثار حديث محافظة كفر الش11يخ - شمال مصر - بأكملها، بعد أن عادت للحي11اة بع11د ي11ومين من وفاته11ا لكن.. كي11ف ح11دث ذل11ك؟ ه11ذا م11ا تجيب علي11ه الس11طور القادم11ة. في أح11د األي11ام اس11تيقظت الطفل11ة "سميرة" وبعدما تناولت طعام اإلفطار أخبرت أمه11ا بأنه11ا خارجة إلي الش1ارع كي تلعب م11ع زميالته1ا من األطف11ال.. وألنه11ا ع11ادة يومي11ة للطفل11ة س11محت له11ا األم ب11الخروج.. ومرت الس11اعات لكن لم تع11ود الطفل11ة إلي أحض11ان أمه11ا التي خرجت تبحث عنها في كل مكان.. لكن دون ج11دوى! أسرعت األم إلي األقارب والج11يران ال11ذين ظل11وا يبحث11ون عن الفتاة الصغيرة طيلة اليوم لكن محاوالتهم أيضا ب11اءت بالفشل، وجاء اليوم التالي واألهالي مازالوا يبحث11ون ح11تي استقر بهم األمر إلي إبالغ الشرطة، التي أخذت تكثف من تحرياتها لمعرفة لغز اختفاء الطفل11ة الص11غيرة .. وبس11ؤال األطفال الصغار الذين كانوا يلعبون معها أفاد أح11دهم بأن11ه سمع صوت مكتوم يصدر من شقة مجاورة لمنزل11ه!! أخ11ذ رج11ال المب11احث كالم الطف11ل الص11غير علي محم11ل الج11د، وق11اموا بتحدي11د مص11در الص11وت في أح11د الش11قق الكائن11ة بمدينة كفر الشيخ ، وباقتحام الشقة لم يجدوا أحد بداخلها فانت11ابهم الي11أس ولكن أثن11اء خ11روجهم س11مع أح11د الرج11ال صوت استغاثة من غرفة النوم، ف11دخلوها علي الف11ور فلم يجدوا أحدا !! وبمواصلة التفتيش، تبين أن انبعاث الصوت من داخ1ل "دوالب" غرف1ة الن1وم، وبفتح1ه وج1دوا الطفل1ة س11ميرة في حال11ة إعي11اء ش11ديدة وملف11وف ح11ول رقبته11ا

119

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

"ايشارب" وتبكي بحرق11ة ش11ديدة . الق11رط ال11ذهبي ورغم العث11ور علي الطفل11ة، فم11ازال الج11اني مجه11وال، وه11و م11ا كشفت عن11ه الطفل11ة الص11غيرة ال11تي ق11الت: أثن11اء قي11امي باللعب مع زميالتي نادت علي جارتن11ا "جيه11ان س11يد" دون أن يش11اهد أح11د من األطف11ال ذل11ك، وعن11دما ذهبت إليه11ا إحتضنتني وطلبت من أن أصعد معها إلي ش11قتها لتعط11ني بعض الحلوي، وأثناء وجودي بالشقة، وجدت جارتي تقف11ل جمي11ع األب11واب، وص11رخت من ش11دة خ11وفي فف11وجئت به11ا تحضر سكينا وتضعه علي رقبتي حتي أصمت بعدها أخذت

جنيه11ا50الق11رط ال11ذهبي من أذني ، وق11الت أن11ه ثمن ال1 ال11تي أخ11ذتها أمي ولم ترده11ا إليه11ا. لم تكش11ف الج11ارة المتوحشة بما فعلت بالطفلة الصغيرة، بل تفتق ذهنها عن حيلة شيطانية للتخلص من الفتاة خوفا من افتضاح أمرها، حيث أحضرت "ايشارب" وقامت بلفه حول رقب11ة الطفل11ة حتي فقدت الوعي تماما، اعتقدت الم11رأة أن الطفل11ة ق11د م11اتت، فق11امت بحمله11ا ووض11عها في دوالب المالبس ثم أحكمت غلق الشقة وهربت. لم يبق لرجال الش11رطة بع11د هذه االعترافات الساخنة سوي القبض علي هذه الس11يدة، وبالفعل قبضوا عليها في إح11دى الم11دن المج11اورة لمدين11ة كفر الشيخ، وبمواجهتها اعترفت بارتكاب الح11ادث وق11الت أنه11ا لم تعتق11د أن جريمته11ا ستتكش11ف بع11د م11وت الفت11اة، وأفادت أن تركت الفتاة لفترة لحين عودته11ا بع11د أن ته11دا األمور ثم تقوم بالتخلص منها وإلقائها من أحد المصارف..

120

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فصل قصص في الكرمقال منصور بن علي الجهضمي-

ك11ان لي ج11ار طفيلي وك11ان من أحس11ن الن11اس منظ11را وأعذبهم منطقا وأطيبهم رائحة وأجملهم ملبوسا وكان من شأنه أني إذا دعيت إلى دع11وة تبع1ني فيكرم11ه الن11اس من أجلي ويظن11ون أن11ه ص11احب لي ف11اتفق يوم11ا أن جعف11ر بن القاسم الهاشمي أمير البص1رة وأراد أن يختن بعض أوالده فقلت في نفس11ي ك11أني برس11وله وق11د ج11اء وك11أني به11ذا

تبعني ألفض11حنه فأن11ا على ذل11ك الرجل قد تبعني والله لئن إذ جاء الرسول ي11دعوني فم11ا زدت على أن ليس11ت ثي11ابي وخ11رجت ف11إذا أن11ا ب11الطفيلي واق11ف على ب11اب داره ق11د سبقني بالت11أهب فتق11دمت وتبع11ني فلم11ا دخلن11ا دار األم11ير جلسنا ساعة ودعي بالطعام وحض11رت الموائ11د وك11ان ك11ل جماعة على مائ1دة والطفيلي معي فلم1ا م1د ي1ده ليتن1اول الطعام قلت: حدثنا درس11ت ابن زي11اد عن أب11ان بن ط11ارق عن نافع عن ابن عمر قال، ق11ال رس11ول الل11ه ص11لى الل11ه عليه وسلم من دخل دار ق11وم بغ11ير إذنهم فأك11ل طع1امهم سارقا وخرج مغيرا فلما س11مع ق11ال أثبت ل11ك ع11ثرا والل11ه من هذا الكالء فإنه ما من أحد من الجماع11ة إال وه11و يظن أنك تع11رض ب11ه دون ص11احبه أوال تس11تحي أن تح11دث به11ذا الكالم على مائدة س11يد من أطعم الطع11ام وتبخ11ل بطع11ام غيرك على من سواك ثم ال تستحي أن تحدث عن درست بن زي11اد وه11و ض11عيف عن أب11ان بن ط11ارق وه11و م11تروك لح11ديث يحكم برفع11ه إلى الن11بي ص11لى الل11ه علي11ه وس11لم والمس11لمون على خالف11ه ألن حكم الس11ارق القط11ع وحكم المغير أن يعزر على ما يراه اإلم11ام وأين أنت عن ح11ديث.

121

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

حدثنا أبو عاصم النبي11ل عن ابن ج11ريح عن أبي الزب11ير عن جابر قال، قال رسول الله صلى الل11ه علي11ه وس11لم طع11ام الواحد يكفي االثنين وطعام االث11نين يكفي األربع11ة وطع11ام األربعة يكفي الثمانية وه1و إس1ناد ص1حيح ق1ال منص11ور بن علي فأفحمني فلم يحض11رني ل11ه ج11واب فلم11ا خرجن11ا من الموضع لالنصراف فارقني من جانب الطريق إلى الجانب

اآلخر بعد أن كان يمشي ورائي وسمعته يقول: ومن ظن ممن يالقي الحروب ... ب11أن ال يص11اب فق11د ظن

عجزا

 قيل لقيس بن سعد بن عبادة:- هل رأيت أحدا أسخى منك؟

 فقال: نعم، نزلنا بالبادية على امرأة، فحضر زوجها، فقالت

. فجاء بناقة ونحرها، وقال: له: إنه نزل بك ض~يفان�شأنكم بها..

فلما كان بالغد جاء بأخرى ونحرها، وقال: شأنكم بها.

اليسير.  فقلنا: ما أكلنا من التي نحرت لنا البارحة إالي ال أطع~م أضيافي الطعام البائت.  فقال: إن

فبق~ينا عنده يومين أو ثالثة، والسماء تمطر، وهو وضعنا له مائة ا أردنا الرحيليفعل ذلك كل يوم، فلم

 دينار في بيته، وقلنا للمرأة: اعتذري لنا إليه. ومضينا، فلما متع النهار إذا نحن

ها الركب اللئام، برجل يصيح خلفنا: قفوا أيه، أعطيتموني ثمن قراي. ثم إنه لحقنا، وقال: لتأخذن

طعنتكم برمحي هذا. فأخذناه وانصرف  وإال

122

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فصل من قصص الدهاء والفراسةفراسة القاضي إياس-

استودع رجل� رجال ماال ثم طلبه فجحده ، فخاصمه إلى إياس بن معاوية فقال الطالب:

إني دفعت المال إليه . قال: ومن حضر؟

قال: دفعته في مكان كذا وكذا ولم يحضرنا أحد . قال :فأي شيء في ذلك الموضع؟

قال :شجرة .123

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قال :فانطلق إلى ذلك الموضع وانظر الشجرة فلعل الله تعالى يوضح لك هناك ما يتبين به حقك ، لعلك دفنت

مالك عند الشجرة ونسيت فتتذكر إذا رأيت الشجرة .فمضى الرجل ، وقال إياس للمطلوب اجلس حتى يرجع خصمك ، فجلس وإياس يقضي وينظر إليه

ساعة ثم قال له :ياهذا ! أترى صاحبك بلغ موضع الشجرةالتي ذكر ؟

 قال :ال )وهذا يثبت أنه يعرف مكان الشجرة(. قال :ياعدو الله! إنك لخائن .فلما رجع الرجل قال له

إياس : قد أقر بحقك فخذه. جاء رجل إلي سفيان الثوري فقال:-

صف لي دواء لمرض البعد عن الله . فقال: عليك بعروق اإلخالص. _وورق الصبر.

_وعصير التواضع. _ضع هذا كله في إناء التقوی وصب عليه ماء الخشية وأوقد عليه نار الحزن وصفه بمصفاة المراقبة واسق~ه~ من كأس االستغفار وتناوله

بكف الصدق وتمضمض بالورع وابعد عن الحرصوالطمع تشفي من مرضك بإذن الله...

قال يحي بن جعفر :-سمعت أبا حنيفة يقول :

احتجت إلى ماء بالبادية فجاءني أعرابي ومعه قربة ماء فأبى أن يبيعنيها إال بخمسة دراهم ، فدفعت إليه

خمسة دراهم وقبضت القربة ، ثم قلت :و~يق ؟ يا أعرابي ما رأيك في الس

فقال :هات. فأعطيته سويقا ملتوتا بالزيت فجعل يأكل حتى

 امتأل ، ثم عطش فقال: شربة؟ قلت :بخمسة دراهم ، فلم أنقصه من خمسة دراهم

124

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

على قدح من ماء ، فاسترددت الخمسة دراهم وبقيمعي الماء.

قصة العالم و الملك:- لما طلب ملك الروم من الخليفة أن يرسل إليه أحد

علمائه ليسأله بعث له بالقاضي أبا بكر الباقالنيوكان أذكى علماء اإلسالم في عصره...

عندما سمع ملك الروم بقدوم أبي بكر الباقالني، أمر حاشيته أن يقصروا من طول الباب ، بحيث لو دخل

عليه الباقالني يضطر إلى خفض رأسه و أعلى جسمه كهيئة الركوع ، فيذل أمام ملك الروم وأمام

حاشيته . 180جسمه ) لما حضر أبو بكر، عرف الحيلة فدار

درجة( و دخل من الباب وهو يمشي للوراء بحيثدخل و قفاه موجه لملك الروم بدال من رأسه .

فعلم الملك أنه داهية من الدهاة ! فلما دخل المجلس وكان مع الملك حاشيته من الرهابنة ورجال الكنيسة بادر العالم الرهابنة بالسؤال: "كيف حالكم

و كيف حال أهلكم و أوالدكم؟" فأرعدوا وأزبدوا وغضب ملك الروم وقال: "هؤالء

رهبان يتنزهون عن الزوجة والولد. فهم أشرف منأن يتخذوا زوجة وأطفاال ؟!!"

فقال أبو بكر: "الله أكبر!!! تنزه هؤالء عن الزواج و اإلنجاب ثم تتهمون ربكم بمريم وال تنزهونه عن الولد

؟؟!" فزاد غضب الملك !!! قال الملك بكل وقاحة: "فما

قولك في عائشة التي زنت ؟؟!!!" قال أبو بكر: أما و الله أن عائشة تزوجت ولم

تنجب! و أما مريم فلم تتزوج وأنجبت! فأيهما أولى وكيف تتهم بالزنى التي لم تأت بولد

وتنزه التي أتت بولد أما نحن ففي القرآن نبرئهما125

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

االثنتين؟؟؟!!!"فجن جنون الملك!

قال الملك: "هل كان نبيكم يغزو؟!"قال أبو بكر: "نعم"

قال الملك: "فهل كان يقاتل في المقدمة؟!"قال أبو بكر: "نعم"

قال الملك: "فهل كان ينتصر؟!"قال أبو بكر "نعم"

قال الملك: "فهل كان يهزم؟!"قال أبو بكر: "نعم"

قال الملك: "عجيب! أنبي و يهزم؟؟؟!!!"فقال أبو بكر : أصلب عيسى عليه السالم

فقال الملك : نعمفقال أبو بكر : "أنبي و يصلب؟؟؟!!!"

فبه~ت الذي كفردهاء المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:-

عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب استعمل المغيرة بن شعبة على البحرين فكرهوه فعزله عنهم

 فخافوا أن يرده فقال دهقانهم : اجمعوا مائة ألف درهم حتى أذهب بها إلى عمر وأقول له

: إن المغيرة اختان )من الخيانة( هذا ودفعه إلي ، ففعلوا ، فأتى عمر وقال :

إن المغيرة اختان هذا ودفعه إلي ، فدعا عمر المغيرة وقال :

 ما يقول هذا ؟ قال : كذب ! إنما كانت مئتي ألف

 قال : فما حملك على ذلك ؟ . قال : العيال والحاجة

 فقال عمر للدهقان : ماتقول ؟

126

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

 قال : والله ألصدقنك والله ما دفع إلي قليال وال كثيرا . فقال عمر للمغيرة : ما أردت إلى هذا ؟

قال : الخبيث كذب علي فأحببت أن أخزيه .الحجاج وابنة عباد بن أسلم-

كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج يأمره أن يبعث إليه برأس عباد بن اسلم ، فقال له عباد : أيها

األمير أنشدك الله التقتلني فوالله إني ألعول أربع وعشرين امرأة مالهن كاسب غيري، فرق لهن واستحضرهن وإذ واحدة منهن كالبدر فقال لها

الحجاج : ما أنت منه؟ فقالت :أنا بنته فاسمع ياحجاج مني ما أقول، ثم

قالت: أحجاج إما أن تمن بتركه * علينا وإما أن تقتلنا

معا أحجاج التفجع به إن قتلته * ثمانا وعشرا واثنتين

وأربعا أحجاج التترك عليه بناته * وخاالته يندبنه الدهر

أجمعا فبكى الحجاج ورق له واستوهبه من أمير المؤمنين

عبدالملك وأمر له بصلة. روي عن عثمان الضحاك قال: خرجت أريد الحج-

فنزلت بخيمة باألبواء فإذا بجارية جالسة على بابالخيمة فأعجبني حسنها فتمثلت بقول نصيب:

بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب..... وقل التملينافما ملك القلب

 فقالت:ياهذا أتعرف قائل هذا البيت؟

قلت: بلى هو نصيبفقالت :أتعرف زينبه؟

127

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قلت :القالت :أنا زينبه

 قلت :حياك الله وحياك قالت: أما والله إن اليوم موعده وعدني العام األول

باالجتماع في هذا اليوم فلعلك ال تبرح حتى تراه ، قال فبينما هي تكلمني إذ أنا براكب قالت ترى ذلك

الراكب؟ قلت :نعم

قالت :إني ألحسبه إياه فأقبل فإذا هو نصيب ف11نزل قريب11ا من الخيم11ة ثم أقب11ل فس111لم ثم جلس قريب111ا منه111ا فس111ألته أن ينش111دها فأنش11دها ،فقلت في نفس11ي محب11ان ق11د ط11ال التن11ائي بينهما فالبد أن يكون ألحدهما إلى صاحبه حاج11ة فقمت إلى بع11يري ألش11د علي11ه فق11ال على رس11لك إني مع11ك، فجلست ح11تى نهض معي فس11رنا وتس11امرنا ،فق11ال لي أقلت في نفسك محبان ألتقيا بع11د ط11ول تن11اء فالب11د أن يكون ألحدهما إلى صاحبه حاجة؟ قلت نعم قد كان ذلك ، قال ورب البيت منذ أحببتها ما جلست منها مجلسا هو أقرب من مجلسي هذا فتعجبت لذلك وقلت :والله هذه

هي العفة في المحبة.

ومر يزيد بن المهلب- عند خروجه من سجن عمر بن عبد العزيز رضي الله

تعالى عنه، بعجوز أعرابية، فذبحت له عنزا ، فقال البنه:ما معك من النفقة؟ قال: مائة دينار.

قال: ادفعها إليها، فقال: هذه يرضيها اليسير وهي ال تعرفك. قال: إن كان يرضيها اليسير، فأنا ال أرضى إال

بالكثير، وإن كانت ال تعرفني فأنا أعرف نفسي.

128

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وقال أحمد بن حمدون النديم: - عملت أم المستعين بس11اطا على ص11ورة ك11ل حي11وان من جمي11ع األجن11اس، وص11ورة ك11ل ط11ائر من ذهب، وأعينهم يواقيت وجواهر، أنفقت عليه مائة ألف أل11ف دين11ار وثالثين ألف دينار، وسألته أن يقف عليه، وينظر إليه، فكسل ذل11ك

اليوم عن رؤيته. قال أحمد بن حمدون: فقال لي، وألترجة الهاشمي: اذهبا، فانظرا إليه، وكان معنا الحاجب، فمضينا ورأيناه، ف11و الل11ه ما رأينا في الدنيا شيئا أحسن منه، وال شيئا حسنا إال وق11د عم11ل في11ه، فم11ددت أن11ا ي11دي إلى غ11زال من ذهب عين11اه ياقوتتان، فوضعته في كمي، ثم جئناه، فوص11فنا ل11ه حس11ن

ما رأيناه، فقال أترجة: يا أمير المؤمنين: إنه قد سرق منه شيئا،

وغمزه على كمي، فأريته الغزال، فقال: بحياتي عليكما وأقبيتنا ارجعا، فخذا ما أحببتما، فمضينا، فمألنا أكمامنا

وأقبلنا نمشي كالحبالى، فلما رآنا ضحك، فقال بقية الجلساء: ونحن فما ذنبنا يا أمير المؤمنين؟

فقال: قوموا، فخذوا ما شئتم، ثم قام، فوقف على الطريق

ينظر كيف يحملون ويضحك.

ونظر يزيد المهلبي سطال من ذهب مملوءا مسكا،- فأخذه بيده وخرج، فقال له المستعين: إلى أين؟

فقال:إلى الحمام يا أمير المؤمنين.

فضحك من قوله، وأمر الفراشين والخدم أن ينتهبوا الباقي، فانتهبوه، فوجهت إليه أمه تقول: سر الله أمير

129

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

المؤمنين لقد كنت أحب أن يراه قبل أن يفرقه، فإنني أنفقت عليه مائة ألف ألف وثالثين ألف دينار، فقال:

يحمل إليها مثل ذلك حتى تعيد مثله، ففعلت، ومضى حتىرآه، وفعل به كفعله باألول.

وق-وف السه بن عد الل ودخل طلحة بن عبيوما،

فوافق فيه الفرزدق، فقال يا أبا فراس: اختر عشرا من اإلبل، ففعل، فقال ضم إليها مثلها، فلم يزل يقول مثل

ذلك حتى بلغت مائة، فقال: هي لك، فقال: إن الندى ما مات طلحة...يا طلح أنت أخو الندى وعقيده

ماتا فبحيث بت من المنازل...إن الندى ألقى إليك رحاله

باتا وق111دم زي111اد األعجم على عب111د الل111ه بن الحش111رج-

بنيس11ابور، فأكرم11ه، وأنعم علي11ه، وبعث إلي11ه ب11ألفدينار، فقال:

في قبة ضربت على ابن...إن السماحة والمروءة والندى الحشرج

فقال: زدني، فقال: كل شيء وثمنه.ووفد أبو عطاء السدي -

على نصر بن سيار بخراسان مع رفيقين له، فأنزله، وأحسن إليه، وقال: ما عندك يا أبا عطاء ؟ فقال: وما

عسى أن أقول، وأنت أشعر العرب غير أني قلت بيتين.قال: هات ما قلت فقال:

فاطلب على بابه نصر...يا طالب الجود إما كنت تطلبه بن سيار

130

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

مع القيان وفيها ألف...الواهب الخيل تغدو في أعنتها دينار

فأعطاه ألف دينار، ووصائف، وكساه كسوة جميلة، فقسم ذلك بين رفيقيه، ولم يأخذ منه شيئا، فبلغ ذلك

نصرا، فقال: يا له، قاتله الله من سيد، ما أضخم قدره،ثم أمر له بمثله.

وقال العتبي: أشرف عمرو بن هبيرة يوما من قصره، فإذا هو بأعرابي

يرقل قلوصه، فقال عمرو لحاجبه: إن أرادني هذا األعرابي، فأوصله إلي، فلما وصل األعرابي سأله

الحاجب، فقال: أردت األمير، فدخل به إليه، فلما مثل بينيديه قال له: ما حاجتك؟

فأنشد األعرابي يقول: وال أطيق العيال إذ كثروا...أصلحك الله قل ما بيدي

فأرسلوني إليك وانتظروا...أناخ دهري علي كلكله فأخذت عمر األريحية، فجعل يهتز في مجلسه ثم قال: أرسلوك إلي وانتظروا إذن والله ال تجلس حتى ترجع

إليهم، ثم أمر له بألف دينار.

ل: أراد ابن ع11امر أن يكتب لرج11ل بخمس11ين أل11فوقي درهم، فجرى القلم بخمسمائة ألف، فراجع11ه الخ11ازن في ذلك، فقال: انفذه، فم11ا بقي إال نف11اذه، وإن خ11روج الم11ال أحب إلي من االعتذار. فاستشرفه الخ11ازن فق11ال: إذا أراد الله بعب11د خ11يرا ص11رف القلم عن مج11رى إرادة كاتب11ه إلى إرادت11ه، وأن11ا أردت ش11يئا وأراد الج11واد الك11ريم أن يعطي

131

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

عبده عش11رة أض11عافه، فك11انت إرادة الل11ه الغالب11ة، وأم11رهالنافذ.

ووقف أعرابي على ابن عامر،- فق11ال: ي11ا قم11ر البص11رة، وش1مس الحج11از، وي1ا ابن ذروة العرب، وابن بطحاء مكة، ب11رحت بي الحاج11ة، وأك11دت بي اآلمال إال بفنائ11ك، ف11امنحني بق11در الطاق11ة ال بق11در المج11د

والشرف والهمة، فأمر له بمائتي ألف درهم.وسمع المأمون قول عمارة بن عقيل:-

زيارته إني إذا للئيم...أأترك إن قلت دراهم خالد فقال: أو قلت دراهم خالد احمل11وا إلي11ه مائ11ة أل11ف درهم، فبعثها خالد بن يح11يى إلى عم11ارة بن عقي11ل، وق11ال: ه11ذه قطرة من سحابك. ولما ع11زل عب11د ال11رحمن بن الض11حاك عن المدين11ة بكى، ثم ق11ال: والل11ه م11ا بك11ائي جزع11ا من الع11زل، وال أس11فا على الوالي11ة، ولكن أخ11اف على ه11ذه

الوجوه أن يلي أمرها من ال يعرف لها حقا. وأراد الرشيد أن يخرج إلى بعض المتفرج11ات، فق11ال-

يح11يى بن خال11د لرج11اء بن عب11د العزي11ز وك11ان على نفقاته: ما عن11د وكالئن11ا من األم11وال؟ ق11ال: س11بعمائة

ألف درهم. قال: فاقبضها إليك يا رجاء. فلما كان من الغد دخل عليه رجاء،

قال فقبل يده وعنده منصور بن زياد، فلما خرج رجاءيحيى لمنصور:

قد ظننت أن رجاء توهم أنا قد وهبناه المال، وإنما أمرناه بقبضه من الوكالء ليحفظه علينا لحاجتنا إليه في

وجهنا هذا، فقال منصور: أنا استخبر لك هذا. فقال يحيى: إذن يقول لك: قل له يقبل يدي كما قبلت

يده، فال تقل له شيئا، فقد تركتها له.

132

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وقيل: إن الرشيد وصل في يوم واحد بألف ألف وثالثمائة ألف

وخمسين ألفا. ووصل المنصور في يوم واحد لبني هاشم،ووجوه قواده بعشرة آالف ألف دينار على ما ذكر.

وعن األخفش الصغير قال:- كان أسيد بن عنقاء الف11زاري من أك11بر أه11ل زمان11ه ق11درا وأكثرهم أدبا، وأفصحهم لسانا، وأثبتهم جنانا، فطال عمره ونكبه دهره ، فخرج عشية ينتفل ألهله ، فم11ر ب11ه عميل11ة الفزاري، فس11لم علي11ه، وق11ال: م11ا أص11ارك ي11ا عم إلى م11ا أرى؟ فقال: بخ11ل مثل11ك بمال11ه وص11ون وجهي عن مس11ألة الناس، قال: والله لئن بقيت إلى غ11د ألغ11يرن م11ا أرى من حالك، فرج11ع ابن عنق11اء إلى أهل11ه، فأخبره11ا بم11ا ق11ال ل11ه عميل11ة، فق11الت ل11ه: لق11د غ11رك كالم غالم في جنح اللي11ل. ق11ال: فكأنم11ا ألقمت ف11اه حج11را وب11ات متملمال بين رج11اء ويأس، فلما كان وقت الس11حر س11مع رغ11اء اإلب11ل وص11هيل الخيل تحت األموال، فقال: ما هذا؟ قالوا: عميلة قد قسم

ماله شطرين، وبعث إليك بشطره، فأنشأ يقول: إلى ماله حالي...رآني على ما بي عميلة فاشتكى

فواسى وما هجر تردى رداء سابغ الذيل...ولما رأى المجد استعيرت ثيابه

واتزر له سيمياء ال تشق على...غالم حباه الله بالحسن يافعا

البصر وفي أنفه الشعرى وفي...كأن الثريا علقت في جبينه

جيده القمر

133

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

يحيى بن يعمر  مع   الحجاج ضيةق-ق111ال الش111عبي : كنت بواس111ط وك111ان ي111وم أض111حى ، فحضرت صالة العيد م11ع الحج11اج ، فخطب خطب11ة بليغ11ة ، فلم11ا انص11رف ج11اءني رس11وله ، فأتيت11ه ، فوجدت11ه جالس11ا

أردت مستوفزا . قال : يا شعبي ، ه1ذا ي1وم أض1حى ، وقد أن أضحي فيه برجل من أهل العراق ! وأحببت أن تستمع

أني ق11د أص11بت ال11رأي فيم11ا أفع11ل ب11ه . قول11ه ، فتعلم فقلت : أيها األمير ، أو ترى أن تس11تن بس11نة رس11ول الل11ه

وتضحي بما أمر أن يضحى به وتفع11ل صلى الله عليه وآله ه1ذا الي11وم مث11ل فعل1ه ، وت1دع م11ا أردت أن تفعل1ه ب11ه في

العظيم إلى غ111111111111111111111111111111111111111111111111111111يره ؟ فقال : يا شعبي ، إنك إذا س11معت م11ا يق11ول ص11وبت رأيي

وعلى رس11وله وإدخال11ه الش1بهة في فيه ، لكذب11ه على اللهاإلسالم

قلت : أف11يرى األم11ير أن يعفي11ني من ذل11ك ؟ ق11ال : ال ب11د فبس11ط ، بالس11ياف فأحض11ر ، وق11ال : من11ه . ثم أم11ر بنطع

يعم11ر ! أحض11روا الش11يخ ، ف11أتوا ب11ه ، ف11إذا ه11و يح11يى بن فاغتممت غما شديدا ، وقلت في نفسي : وأي شئ يقوله

ي1111111111111111وجب قتل1111111111111111ه ؟ . يح1111111111111111يى ممافقال له الحجاج : أنت تزعم أنك زعيم العراق ؟ !

فقهاء العراق . قال يحيى : أنا فقيه من قال : فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين من

رسول الله ؟ ذرية قال : ما أنا زاعم ذلك ، بل قائله بحق .

قال : وبأي حق قلته ؟ قال :بكت11اب الل11ه ع11ز وج11ل . فنظ11ر إلي الحج11اج وق11ال : اس11مع م11ا يق11ول ! ف11إن ه11ذا مم11ا لم أكن س11معته عن11ه ، أتعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحس11ن والحس11ين

ذرية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فجعلت من القرآن شيئا يدل على ذل11ك . أفكر في ذلك ، فلم أجد في

134

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ق11ول الل11ه وفكر الحجاج مليا ، ثم قال ليحيى : لعل11ك تريداءك منتع11الى : ا جد مه من] بع]ك في فمن] حاج

اءنا اءكم] ونسا وأب]ند]ع أب]ناءنا ن ال]عل]م فقل] تعالو]ل]ع ل] فنج]كم] ثم نب]ته نا وأن]فس ونساءكم] وأن]فس

.ال عمران( 61لع]نت الله على ال]كاذبين ) وأن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج للمباهلة ومع11ه

وفاطم11111111111ة والحس11111111111ن والحس11111111111ين ؟ علي قال الشعبي : فكأنما أهدى إلى قلبي س11رورا ، وقلت في

يحيى . وكان الحجاج حافظا للقرآن ، نفسي : قد خلص بليغ11ة ، ولكن فقال له يحيى : والل11ه إنه11ا لحج11ة في ذلك

ليس منها أحتج لم11ا قلت ، فاص11فر وج11ه الحج11اج وأط11رق رفع رأسه إلى يحيى وقال له : إن أنت جئت من مليا ، ثم

فل11ك عش11رة آالف درهم ، وإن كتاب الله بغيره11ا في ذلكلم تأت بها فأنا في حل من دمك ،

قال : نعم . قال الشعبي : فغمني قوله ، وقلت : أما كان في الذي

به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه نزع به الحجاج ما يحتجوسبقه إليه وتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه ؟

فإن جاءه بعد هذا بشئ لم آمن أن يدخل عليه فيه من لئال يقال : إنه قد علم ما قد القول ما يبطل به حجته

جهله هو . ومن ذريتهفقال يحيى للحجاج : قول الله تعالى : "

عنى بذلك ؟ قال الحجاج : إبراهيم " منداود وسليمان ذريته ؟ قال : - عليه السالم ، قال : فداود وسليمان من

نعم . قال يحيى : ومن نص الله عليه بعد ه11ذا أن11ه من ذريت11ه ؟

الحجاج " وأيوب ويوس11ف وموس11ى وه11ارون وك11ذلك فقرأنجزي المحسنين "

135

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قال يحيى :ومن ؟ قال : " وزكريا ويحيى وعيس11ى " ق11اليح111111111111يى : ومن أين ك111111111111ان عيس111111111111ى من

ذرية إبراهيم عليه السالم وال أب له ؟ قال : من أمه مريم عليها السالم

قال يحيى :فمن أقرب : مريم من إبراهيم أم فاطمة منمحمد صلى الله عليه وآله ، وعيسى

من إبراهيم والحسن والحسين عليهما السالم من رسولالله صلى الله عليه وآله ؟

قال الشعبي : فكأنما ألقمه حجرا ! فقال : أطلقوه قبحه عشرة آالف درهم ال بارك الله له الله ، وادفعوا إليه

فيها ! ثم أقبل علي فقال : قد كان رأيك صوابا ، ولكنا أبيناه .

فنحره ، وقام فدعا بطعام فأكل وأكلنا معه . ودعا بجزور يزل مما احتج به وما تكلم بكلمة حتى انصرفنا ، ولم

يحيى بن يعمر واجما.

- قصة الصياد

يقال أنه كان في بني إسرائيل رجل يصيد السمك ويق11وت من صيده أطفال11ه وزوجت11ه فك11ان في بعض األي11ام يتص11يد فوقعت في شبكته سمكة كبيرة ففرح به11ا وق11ال: أمض11ي بهذه السمكة وأبيعها وأخرج ثمنها في نفقة العائل11ة فلقي11ه بعض العوانية في طريق11ه وق11ال ل11ه: أت11بيع ه11ذه الس11مكة فقال في نفسه: إن قلت له نعم أخذها بنصف ثمنها فقال

له: ما أبيعها.

فض11ربه الع11واني بخش11بة ك11انت مع11ه على ص11لبه ض11ربة موجعة وأخذ السمكة منه غصبا فدعا الص11ياد علي11ه وق11ال:

إلهي خلقتني مسكينا ضعيفا وخلقته قويا عنيفا.136

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

اللهم فخذ بحقي منه في الدنيا فإني ال أصبر إلى اآلخرة.

ثم إن الغاصب انطل11ق بالس11مكة إلى منزل11ه وس11لمها إلى زوجته وأمره1ا أن تش1ويها فلم1ا ش11وتها وض1عتها بين يدي11ه على المائدة فمد ي11ده ليأك11ل منه11ا ففتحت الس11مكة فاه11ا ونكزت أصبعه نكزة س11لبت ق11راره وأزالت لش11دة نكزته11ا

اصطبارة.

فشكا حاله إلى الطبيب وذكر ما نال11ه فق11ال ل11ه الط11بيب: ينبغي أن تقط11ع ه11ذه األص11بع لئال يس11ري األلم إلى جمي11ع

الكف.

فقط111ع أص111بعه فانتق111ل األلم إلى الك111ف وازداد تألم111ه وارتعدت من خوفه فرائض11ه فق11ال ل11ه الط11بيب: ينبغي أن تقطع اليد من المعصم لئال يسري األلم إلى الساعد فقطع ي11ده من المعص11م فانتق11ل األلم إلى س11اعده فق11ال ل11ه الط11بيب: ينبغي أن تقط11ع الس11اعد لئال يس11رى األلم إلى

الكتف.

فقطع الساعد فانتقل األلم إلى الكتف وتوجع فخرج هائما على وجهه داعيا إلى ربه ليكشف ما نزل به فرأى ش11جرة

فانكفأ إليها فأخذه النوم.

فرأى في منامه كأن قائال يقول له: يا مسكين إلى كمتقطع يدك امض~ إلى خصمك وأرضه.

137

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فانتبه وتفكر وتذكر وقال: إنني أخذت السمكة غصباوأوجعت الصياد ضربا وهي التي نكزتني.

فنهض وقصد المدينة وطلب الصياد فوجده فوقع بين يديه والتمس اإلقال11ة وأعط11اه ش11يئا من مال11ه وت11اب من فعل11ه فرض11ي عن11ه خص11مه ففي الح11ال س11كن ألم11ه وب11ات تل11ك الليلة على فراشه وتاب واقلع عم1ا ك1ان يص1نع ون1ام على توبة خالصة ففي اليوم الثاني تداركته رحمة رب11ه ورد ي11ده كما كانت بقدرته فنزل الوحي على موسى علي11ه الس11الم: أن ي11ا موس11ى وع11زتي وجاللي وق11درتي ل11وال أن الرج11ل

أرضى خصمه لعذبته مهما امتدت به حياته.

حكاية

كان موسى عليه السالم يناجي ربه عز وجل على الطورفقال في مناجاته: إلهي أرني عدلك وإنصافك.

فقال له: أنت رجل عجول حاد جريء ال تقدر أن تصبر.

فقال: أقدر على الصبر بتوفيقك.

فقال: اقصد العين الفالنية واختف بأزائها وانظر إلىقدرتي وعلمي بالغيوب.

فمض11ى موس11ى وص11عد إلى ت11ل ب11أزاء تل11ك العين وقع11د مختفيا فوصل إلى العين فارس ف11نزل عن فرس11ه وتوض11أ من العين وشرب من مائها وح11ل من وس11طه هميان11ا في11ه أل11ف دين11ار فوض11عه إلى جانب11ه وص11لى ثم ركب ونس11ى

138

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

الهميان في موضعه وسار فجاء ص11بي ص11غير فش11رب من العين وأخذ الهميان فجاء بعد الصبي ش11يخ أعمى فش11رب من الماء وتوضأ ووقف في الصالة فذكر الفارس الهمي11ان فعاد من طريقه إلى العين فوجد الشيخ فلزمه وقال: إني نسيت هميانا فيه ألف دينار في هذا الموضع هذه الس11اعة

وما جاء إلى هذا المكان سواك.

فقال األعمى: تعلم أني رجل أعمى فكيف أبصرتهميانك فغضب الفارس من كالمه

وجذب السيف فضرب األعمى فقتله وفتش11ه عن الهمي11ان فلم يج11ده فمض11ى وترك11ه فعن11د ذل11ك ق11ال موس11ى: إلهي وسيدي ق11د نف11د ص11بري وأنت ع11ادل فعرف11ني كي11ف ه11ذه األحوال فهبط جبريل عليه السالم وقال: يا موسى الب11اري

تعالى يقول: أنا عالم األسرار أعلم ما ال تعلم.

أما الصبي الصغير الذي أخذ الهميان فأخذ حقه وملكه وذلك أن أبا الصبي كان أجيرا لذلك الفارس فاجتمع عليه

بقدر ما في الهميان فالذي أخذه الصبي حقه.

وأما ذلك األعمى فإنه قبل أن يعمى قتل أبا ذلك الفارس فقد اقتص منه ووصل كل ذي حق إلى حقه وعدلنا

وإنصافنا دقيق.

فلما علم موسى ذلك تحير واستغفر.

139

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وهذه الحكاية أوردناها ليعلم العقالء ويتصور األلباء أن الله جل ذكره ال يخفي عليه شيء وأنه يتصف من الظ11الم في

الدنيا ولكن نحن غافلون عما جاءنا ال ندري من أين أتانا.

نكتة

ال11دين والمل11ك توأم11ان مث11ل أخ11وين ول11دا من بطن واح11د فيجب أن يهتم ويجتنب الهوى والبدع11ة والمنك11ر والش11بهة وكل ما يرجع بنقصان الش11رع وإن علم أن في واليت11ه من يتهم بدينه ومذهبه أمر بإحضاره وتهدي11ده وزج11ره ووعي11ده فإن تاب وإال أوقع عليه العق11اب ونف11اه عن واليت11ه ليطه11ر الوالي11ة من إغوائ11ه وبدعت11ه وتخل11و من أه11ل األه11واء ويع11ز اإلسالم ويستديم عم11ارة الثغ11ور بإنف11اذ العس11اكر والحم1اة إليها ويجتهد في إعزاز الحق وإعادة رون11ق الس11نة النبوي11ة والس11يرة المرض11ية لتحم11د عن11د الل11ه طريقت11ه وتعظم في الخلق هيبته وتخاف سطوته أع11داوه ويعل11و ق11دره وبه11اؤه

ومنزلته ويكبر في عين أضداده ويعظم عند أنداده.

ويجب أن يعلم أن صالح الناس في حسن سيرة الملك فينبغي للملك أن ينظر في أمور الرعية ويقف على قليلها

وكثيرها وعظيمها وحقيرها وال يشارك رعيته في األشياءالمذمومة واألفعال المشؤومة.

ويجب عليه احترام الصالحين وأن يثيب على الفعل الجميل ويمنع من الفعل الرديء الوبيل ويعاقب على

140

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ارتكاب القبيح وال يحابي من أصر على المعصية ليرغبالناس في الخيرات ويحذروا من السيئات.

ومتى كان السلطان بال سياسة وكان ال ينهي المفسد عنفساده ويتركه على مراده أفسد في سائر بالده.

وقالت الحكماء أن طباع الرعية نتيجة طباع الملوك ألن العامة إنما ينتحلون ويركبون الفساد وتضيق أعينهم اقتداء

بالكبراء فإنهم يتعلمون منهم ويلزمون طباعهم.

أال ترى أنه قد ذكر في التواريخ أن الوليد بن عبد الملك من بني أمية كان مصروف الهمة إلى العمارة وإلى

الزراعة.

وكان سليمان بن عبد الملك همته في كثرة األكل وطيب المطعم وقضاء األوطار والمهمات وبلوغ الشهوات وكانت

همة عمر بن عبد العزيز في العبادة والزهادة.

قال محمد بن علي بن الفضل: ما كنت اعلم أن طباع الرعية تجري على عادة ملوكها حتى رأيت الناس في أيام الوليد قد اشتغلوا بعمارة الكروم والبساتين واهتموا ببناء

الدور.

وعمارة القصور ورأيتهم في زمن سليمان ابن عبد الملك قد اهتموا بكثرة األكل وطيب المطعم حتى كان الرجل يسأل صاحبه أي لون اصطنعت وما الذي أكلت ورأيتهم

في أيام عمر بن عبد العزيز قد اشتغلوا بالعبادة وتفرغوا

141

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

لتالوة القرآن وأعمال الخيرات وإعطاء الصدقات ليعلم أن في كل زمن يقتدون بأفعاله من القبيح والجميل وإتباع

الشهوات وإدراك اإلرادات.

ة: ذك11روا أن في زمن المل11ك الع11ادل كس11رى ان11وحكاي شروان ابتاع رجل من رجل أرضا فوجد فيها ك1نزا فمض11ى سريعا إلى البائع وأخبره بذلك فقال: إنم11ا بعت11ك ولم أعلم ما فيها والكنز الذي وجدته فهو لك ومبارك عليك فقال: ال أريده وال أطمع في أم11وال الن11اس فترافع11ا به11ذه ال11دعوى إلى الملك الع11ادل ان11و ش11روان فف11رح ان11و ش11روان ب11ذلك وقال هل لكما أوالد فقال أحدهما لي ابن وق11ال اآلخ11ر لي بنت فقال انو شروان أحب أن يكون بينكما قراب11ة ووص1لة وإن تزوج11ا الول11د ب11البنت وتنفق11ا ه11ذا الك11نز في جهازهم11ا ليكون لكما ولولديكما ففعال ما أمر ب11ه وتراض11يا م11ا رس11م لهما ولو أن الرجلين كانا في زمن سلطان جائر لقال ك11ل واحد منهما الكنز لي ولكنهما لم11ا علم11ا أن ملكهم1ا ع11ادل

طلبا الحق وآثرا الصدق.

وقالت الحكماء الملك كالسوق فكل أحد يحمل إلى السوق ما يعلم أنه فيه نافق وما يعلم أنه كاسد ال يحمله

إلى ذلك السوق.

والرجالن اللذان وجدا الكنز وترافعا إلى السلطان علما إن الزهد والعدل والصدق يعزعند الملك وأن الحق عنده

نفاق فلذلك حماله إليه وعرضاه عليه.

142

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وأما اآلن في هذا الزمان فكلما يجري على يد أمرائنا وألسنة والتنا فهو جزاؤنا واستحقاقنا كما إننا رديئو

األعمال قبيحو األفعال ذوو خيانة وقلة أمانة.

فأمراؤنا ظلمة جائرون وغشمة معتدون.

)كما تكونوا يول عليكم( فقد صح بهذا الحديث أن أفعال الخلق عائدة إلى أفعال الملك أما ترى أنه إذا وصف بعض البالد بالعمارة وأن أهله في أمان وراحة ودعة وغبطة فإن

ذلك دليل على عدل الملك وعقله وسداده وحسن نيته في رعيته ومع أهل واليته وأن ليس ذلك من الرعية فقد

صح ما قالته الحكماء )الناس بملوكهم أشبه منهمبزمانهم(.

وقد جاء في الخبر أيضا )الناس على دين ملوكهم(.

وكان من سياسة انو شروان أن بحيث لو أن رجال ألقى في مكان حمال من ذهب وبقي مهما بقي في موضعه لم

يقدر أحد على إزالته من مكانه إال صاحبه وكان يونان وزير انو شروان متقدما عنده فقال له يوما: أيها الملك ال تركن لألشرار فتخرب واليتك وتفقر رعيتك فيصير حينئذ

ملكك إلى الخراب وسلطانك إلى الفقر ويقبح اسمك في الدنيا فكتب انو شروان إلى عماله: إن أخبرت أنه قد بقى في جميع مملكتي أرض خراب سوى أرض سبخة ال تقبل

الزرع صلبت عامل تلك األرض.

وخراب األرض من شيئين: أحدهما عجز الملك.143

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

والثاني جوره.

وكان الملوك في ذلك الزمان يتفاخرون بالعمارةويتحاسدون على إجتماع المملكة.

- : قصة ملك الهند

أرسل ملك هندوستان رس11وال إلى المل11ك الع11ادل كس11رى انو شروان فق11ال أن11ا أولى بالمل11ك من11ك فأنف11ذ لي خ11راج واليتك فأمر أنو شروان بإنزال الرسول ثم جمع في اليوم الث11اني أرب11اب دولت11ه وأعي11ان مملكت11ه وأذن للرس11ول في ال1دخول إلي11ه فلم11ا مث11ل بين يدي1ه ق11ال ل11ه أس1مع ج11واب رسالتك ثم أمر أنو شروان بإحضار صندوق ففتحه وأخ11رج منه صندوقا صغيرا وأخرج منه قبضة من كبر وس11لمه إلى الرسول وقال ه11ل في بالدكم من ه11ذا ق11ال نعم من ه11ذا

عندنا كثير

فقال أنو شروان: أرجع وق11ل لمل11ك الهن11د يجب علي11ك أن تعم11ر واليت11ك فإنه11ا خ11راب ثم تطم11ع بع11د ذل11ك في والي11ة عامرة فإنك لو طفت جميع واليتي وطلبت أصال واحدا من كبر لم تجده ولو س11معت أن في موض11ع من والي11تي أص11ال واحدا من كبر لصلبت تل11ك الوالي11ة على المل11ك أن س11يلك طريق الملوك ال11ذين تق11دموه ويعم11ل على س11ننهم ويق11رأ كتب مواعظهم وقضاياهم فإنهم كانوا أطول أعمارا وأك11ثر تجارب واعتبارا وإنهم فرقوا بين الجي11د وال11رديء وعرف11وا

الجلي من الخفي.

144

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وكان أنو شروان مع حسن سيرته يقرأ كتب مواعظهم ويطلب استماع حكايتهم ويمضي على مناهجهم وسننهم

وملوك هذا الزمان أجدر أن يفعلوا ذلك.

حكاية

سأل أنو شروان العادل يوما وزيره يونان وقال أريد أن تخبرني بسيرة الملوك المتقدمين فقال له يونان تريد أن أمدحهم بثالثة أشياء أم بشيئين أم بشيء واحد فقال أنو

شروان أمدحهم بالثالثة فقال يونان ما وجدت لهم فيشغل من األشغال وال عمل من األعمال قط كذبا.

وال رأيت لهم بشيء جهال.

وال رأيت لهم في حال من األحوال غضبا.

فقال أنوشروان أمدحهم بالشيئين فقال يونان كانوا دائمايسارعون إلى الخبر وعمله.

وكانوا دائما يحذرون من أعمال الشر.

فقال أمدحهم بشيء واحد فقال كانت سلطنتهم وجرأتهم على أنفسهم أكثر مما كانت على غيرهم فطلب أنو

شروان الكأس وقال ولهذا سرور بالكرام الذين يأتون بعدنا ويملكون تاجنا وتختنا ويذكروننا كما نذكر نحن من

تقدمنا.

145

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وأشقى الناس من اغتر بملكه وعمر الدنيا وهو ال يدري كيف ينبغي أن يعيش فيها فيعبر دنياه بالتعب ويحصل في

آخراه بالندم السرمد والعذاب المؤبد.

وإنما كان قصد أولئك الملوك واجتهادهم في عمارة الدنياليبقى فيها بعدهم طيب الذكر مدى األيام والدهر.

كما جاء في الحكاية.

حكاية

كان ألنو شروان كرم يعرف بهزاركام فاجتمع يوما فيه قيصر ملك الروم ويعفور جين ملك هندوستان في ضيافة

أنو شروان فتكلم كل واحد منهم بكلمة حكمة.

فقال قيصر الروم ليس شيء في هذه الدنيا أجود من فعل الخير واالسم الصالح والذكر الطيب فإنه يذكر به

صاحبه دائما فيقال بعده لم ال نكون نحن مثله.

فقال أبو شروان تعالوا حتى نفعل الخير ونتفكر في الخير فقال قيصر إذا تفكرت في الخير عملت الخير وإذا عملت الخير نلت المراد فقال يعفور جين أعاذن11ا الل11ه من فك11رة إن نحن أظهرناه111ا اس111تحييناها وأن ذكرناه111ا خجلن111ا وأن أخفيناها ن11دمنا فق11ال قيص11ر ألن11و ش11روان أي ش11يء أحب إليك قال أحب األشياء إلى أن أقضي حاج11ة من رآني أهال لقضاء حاجته فقال قيصر ب1ل أن1ا أحب أن ال أذنب ح1تى ال

أخاف ملوكا كان هذا كالمهم.

146

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أنظر كيف كانت سيرتهم مع رعيتهم يا سلطان اإلسالم فيجب أن تسمع أقوال هؤالء وتنظر أعمالهم وتقرأ حكاياتهم من الكتب وما ينظر فيها من نعت عدلهم

وإنصافهم وحسن سيرتهم وطيب خبرهم وذكرهم الجاريعلى ألسنة الخلق إلى يوم القيامة.

كان ألمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من العدل والسياسة إلى حد أقام فيه الحد والعقاب على

ولده حتى مات.

وكان إذا أنفذ عماال إلى أعمال قال لهم إشتروا دوابكم وأسلحتكم من أرزاقكم وال تمدوا أيديكم إلى بيت مال

المسلمين وال تغلقوا أبوابكم دون أرباب الحوائج.

قال عبد الرحمن ابن عوف دعاني عمر بن الخطاب ذات ليلة وقال قد نزل بباب المدينة قافلة وأخاف عليهم إذا

ناموا أن يسرق شيء من متاعهم فمضيت معه فلماوصلنا قال لي نم أنت ثم جعل يحرس القافلة طول ليلته.

وقال عمر رضي الله عنه يجب علي أن أسافر ألقضي حوائج الناس في أقطار األرض ألن بها ضعفاء ال يقدرن

على قصدي في حوائجهم لبعد المكان فينبغي أن أطوف البالد ألشاهد أحوال العمال وأسير سيرتهم وأقضي حوائجالمسلمين فال يكون في سني عمر أبرك من هذه السنة.

حكاية

147

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

خرج هارون الرشيد والعباس ليال زيارة الفضيل بن عياضة: فلما وصال إلى بابه وجداه يتلو ذه اآليب ه أم] حس

واعلهم] كالذين آمن يئات أن] نج] ترحوا الس الذين اج]ياهم] ومماتهم] ساء ما الحات سواء مح] وعملوا الص

كمون ) الجاثية ومعناها: أيظن الذين اكتس11بوا (21يح] الخطايا ويعملون األعمال المذموم11ة أن نس11وي بينهم في

اآلخرة وبين الذين يعملون الخيرات وهم مؤمنون.

كال ساء ما يحكمون.

فقال هارون: إن كنا جئنا للموعظة فكفى بهذه موعظة.

ثم أمر العباس أن يطرق عليه الباب فطرق بابه فقال:افتح الباب ألمير المؤمنين.

فقال الفضيل: ما يصنع عندي أمير المؤمنين فقال: أط~عأمير المؤمنين وافتح الباب.

وكان ليال والمصباح يتقد فأطفأه وفتح الباب فدخل الرشيد وجعل يطوف بيده ليصافح بها الفضيل فلما وقعت

يده عليه قال: الويل لهذه اليد الناعمة إن لم تنج منالعذاب في القيامة.

ثم قال له: يا أمير المؤمنين استعد لجواب الله تعالى فانه يوقفك مع كل واحد مسلم على حدة يطلب منك إنص11افك

إياه.

فبكى هارون الرشيد بكاء شديدا وضمه إلى صدره.148

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقال له العباس: مهال فقد قتلته.

فقال الرشيد للعباس: ما جعلك هامان إال وجعلنيفرعون.

ثم وضع الرشيد بين يدي11ه أل11ف دين11ار وق11ال ل11ه: ه11ذه منوجه حالل من صداق أمي وميراثها.

فقال له الفضيل: أنا آمرك أن ترفع يديك عما فيها وتعودإلى خالقك وأنت تلقيه إلي.

فلم يقبلها وخرج من عنده.

نكتة

سأل عمر بن عبد العزيز محمد بن كعب القرظي فقال:صف لي العدل.

فقال: كل مسلم أكبر منك سنا فكن له ولدا ومن كان أصغر منك فكن له أبا ومن كان مثلك فكن له أخا وعاقب كل مجرم على قدر جرمه وإياك أن تضرب مسلما سوطا

واحدا على حقد منك فإن ذلك يصيرك إلى النار.

نكتة

حضر بعض الزهاد بين يدي خليفة فقال له: عظني فق11ال: يا أمير المؤمنين إني سافرت الصين وكان ملك الصين قد أص11ابه الص11مم وذهب س11معه فس11معته يق11ول يوم11ا وه11و يبكي: والله ما أبكي ل11زوال س11معي وإنم11ا أبكي لمظل11وم

149

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

يقف ببابي يستغيث فال أسمع اس11تغاثته ولكن الش11كر لل11هإذ بصري سالم.

وأمر مناديا ينادي أال كل من كانت له ظالمة فليلبس ثوباأحمر.

فكان يركب الفيل فكل من رأى عليه ثوبا أحمر دعاهواستمع شكواه وأنصفه من خصمائه.

فانظر يا أمير المؤمنين إلى شفقة ذلك الكافر على عباد الله وأنت مؤمن من أهل بيت النبوة فأنظر كيف تريد أن

تكون شفقتك على رعيتك.

نكتة أخرى

حضر أبو قالبة مجلس عمر بن عبد العزيز فقال له: عظني قال: من عهد آدم إلى وقتنا هذا لم يبق خليفة

سواك.

فقال: زدني.

فقال: أنت أول خليفة يموت.

فقال: زدني.

فقال: إن كان الله معك فممن تخاف وإن لم يكن معكفإلى من تلتجىء.

قال: حسبي ما قلت.

150

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

حكمة: ك11ان س11ليمان بن عب11د المل11ك خليف11ة فتفك11ر يوم11ا وقال: قد تنعمت في الدنيا طويال فكيف حالي في اآلخ11رة وأتى إلى أبي حازم وك11ان ع11الم أه11ل زمان11ه وزاه11د أوان11ه

وقال: أنفذ لي شيئا من قوتك الذي تفطر عليه.

فأنفذ له قليال من نخالة وقد شواها فقال: هذا فطوري.

فلم11ا رأي س11ليمان ذل11ك أفط11ر الليل11ة الثالث11ة على تل11ك النخالة المش11وية فيق1ال إن11ه في تل1ك الليل1ة تغش11ى أهل1ه

فكان منها عبد العزيز وجاء منه عمر بن عبد العزيز.

وكان واحد زمانه في عدله وإنصافه وزهده وإحسانه وكان على طريقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل أن

ذلك ببركة نيته وصيامه وأكله من ذلك الطعام.

نكتة

سئل عمر بن عبد العزيز: ما كان سبب توبتك قال: كنت أضرب يوما غالما فقال لي: اذكر الليلة التي تكون

صبيحتها القيامة فعمل ذلك الكالم في قلبي.

نكتة أخرى

رأى بعض األكابر هارون الرشيد في عرفات وهو حاف حاسر قائم على الرمضاء الحارة وقد رفع يديه وهو يقول:

إلهي أنت أنت وأنا أنا الذي دأبي كل يوم أعود إلىعصيانك ودأبك أن تعود إلي برحمتك.

151

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقال بعض الكبراء: انظروا إلى تضرع جبار األرض بينيدي جبار السماء.

نكتة أخرى

سأل عمر بن عبد العزيز يوما حازم الموعظة فقال له أبو حازم: إذا نمت فضع الموت تحت رأس11ك وك11ل م11ا أحببت أن يأتيك الموت وأنت عليه مصر فالزمه وكل ماال تريد أن يأتيك الموت وأنت عليه فاجتنبه فربم11ا ك11ان الم11وت من11ك

قريبا.

فينبغي لصاحب الوالية أن يجعل هذه الحكاية نصب عيني11ه وأن يقبل المواعظ التي وعظ بها غ11يره فكلم11ا رأى علم11ا س11أله أن يعظ11ه وينبغي للعلم11اء أن يعظ11وا المل11وك بمث11ل هذه المواع11ظ وال يغ11روهم وال ي11دخروا عنهم كلم11ة الح11ق وكل من غ11رهم فه11و مش11ارك لهم والل11ه س11بحانه وتع11الى

أعلم

نكتة

كتب عم11ر بن الخط11اب رض11ي الل11ه عن11ه إلى عامل11ه أبي موسى األشعري: )أما ف11إن أس11عد ال11والة من س11عدت ب11ه رعيت11ه وإن أش11قى ال11والة من ش11قيت ب11ه رعيت11ه فإي11اك والتبسط فإن عمالك يقتدون بك وإنم11ا مثل11ك كمث11ل داب11ة رأت م11رعى مخض11را ف11أكلت كث11يرا ح11تى س11منت فك11ان

سمنها سبب هالكها ألنها بذلك السمن تذبح وتؤكل(.

152

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وفي التوراة كل ظلم علمه السلطان من عماله فسكتعنه كان ذلك الظلم منسوبا إليه وأخذ به وعوقب عليه.

وينبغي للوالي أن يعلم أنه ليس أحد أشد غبنا ممن باع دينه وآخرته بدنيا غيره وأكثر الناس في خدمة شهواتهم

فانهم يستنبطون الحيل ليصلوا إلى مرادهم منالشهوات.

وك11ذلك العم11ال ألج11ل نص11يبهم من ال11دنيا يغ11رون ال11والي ويحس11نون الظلم عن11ده فيلقون11ه في الن11ار ليص11لوا إلى أعراضهم وأي ع11دو أش11د ع11داوة ممن يس11عى في هالك11ك

وهالك نفسه ألجل درهم يكتسبه ويحصله.

وفي الجملة ينبغي لمن أراد حفظ الع11دل على الرعي11ة أن يرتب غلمانه وعماله للعدل ويحفظ أح11وال العم11ار وينظ11ر فيها كما ينظر في أحوال أهل11ه وأوالده ومنزل11ه وال يتم ل11ه ذل11ك إال بحف11ظ الع11دل أوال من باطن11ه وذل11ك أن ال يس11لط ش11هوته وغض11به على عقل11ه ودين11ه وال يجع11ل عقل11ه ودين11ه أسرى ش11هوته وغض11به ب11ل يجع11ل ش11هوته وغض11به أس11رى

عقله ودينه.

ويجب أن يعلم أن العقل من جوهر المالئكة ومن جند البارئ جلت قدرته وأن الشهوة والغضب من جند

الشيطان.

فمن يجعل جند الله ومالئكته أسرى جن11د الش11يطان كي11ف يعدل في غيرهم وأول ما تظهر شمس الع11دل في الص11در

153

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ثم ينش11ر نوره11ا في أه11ل ال11بيت وخ11واص المل11ك فيص11ل شعاعها إلى الرعية ومن طلب الشعاع في غ11ير الش11مس

فقد طلب المحال وطمع فيما ال ينال.

واعلم أيها السلطان وتبين أن ظهور العدل من كمال العقل وكمال العقل أن ترى األشياء على ما هي وتدرك

حقائق باطنها وال تغتر بظاهرها.

مثال إذا كنت تجور على الناس ألجل الدنيا فينبغي أن تنظر أي شيء مقصودك من الدنيا فإن كان مقصودك من الدنيا أكل الطعام الطيب فيجب أن تعلم أن ه11ذه ش11هوة بهيم11ة في صورة آدمي ألن الشهوة إلى األكل من طب11اع البه11ائم وإن كان مقصودك لبس التاج فإنك امرأة في صورة رجل ألن التزين والرعونة من أعمال النساء وإن كان مقصودك أن تمض11ي غض11بك على أع11دائك ف11أنت أس11د أو س11بع في صورة آدمي ألن إحضار الغض1ب للقلب من طب1اع الس1باع وإن ك11ان مقص11ودك أن تخ11دمك الن11اس ف11أنت جاه11ل في ص111ورة عاق111ل فإن111ك ل111و كنت ع111اقال لعلمت أن ال111ذين يخ11دمونك إنم11ا هم خ11دم وغلم11ان لبط11ونهم وف11روجهم وشهواتهم وإن خدمتهم وسجودهم ألنفسهم ال لك وعالم11ة ذلك أنهم لو سمعوا إرجافا بأن الوالية تؤخ11ذ من11ك وتعطى لس11واك أعرض11وا ب11أجمعهم عن11ك وفي أي موض11ع علم11وا ال11درهم خ11دموا وس11جدوا ل11ذلك الموض11ع فعلى الحقيق11ة

ليست هذه خدمة وإنما هي ضحكة.

154

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

والعاقل من نظر أرواح األشياء وحقائقها وال يغتر بصورها وحقيقة هذه األعمال ما ذكره وأوضحناه فكل من لم

يتيقن ذلك فليس بعاقل ومن لم يكن عاقال لم يكن عادال ومن لم يكن عادال مأواه جهنم فلهذا السبب كان رأس

مال السعادات كلها العقل.،خباب بن األرت صحابي جليل-

تحم11ل في س11بيل عقيدت11ه بم11ا ه11و ف11وق طاق11ة البش11ر،  وقراءة مسيرة حياته وإس11المه ومواقف11ه، تعطي اإلنس11ان صورة علي اإلنسان أن يعيش للمب11دأ، وال يق11ايض بمبادئ11هملء األرض ذهب111111111111111111111111111111111111111111111111111111111ا. فما أكثر ما عذب عندما أعلن إسالمه، فقد حول11ه االس11الم إلي إنسان آخر.. إنسان أصبح لحياته هدف وغاية، وأص11بح للحياة نفسها هدف وغاي11ة، علي أس11اس أنه11ا مع1بر لع11الم

خالد ال يعرف الفناء. ، من تميم، اختطف من أهلهوخباب عربي من بني سعيد

عندما كان غالما وبيع كرقيق في أسواق مكة، واشترته اسمها )أم أنمار( وهي امرأة من خزاعة كانتامرأة

تشتغل خاتنة في مكة. وكبر خباب، وشب علي الطوق، وأصبح ماهرا في صناعة السيوف والدروع.. واشتهر بمهارته تلك في مكة، فكان

الناس يقبلون عليه لشراء سيوفهم ودروعهم. حياته تماما، فقد سمع بالدعوة االسالمية، وفجأة تغيرت

وما ينادي به محمد بن عبدالله عليه الصالة والسالم، وسرعان ما أقتنع بهذه الدعوة، وذهب إلي الرسول

وأعلن اسالمه. ثم سرعان ما عرف الناس بهذا الخبر، وعندما سألوه عن ذلك لم ينكر، ولكنه لم يفق إال بعد

وقت طويل، فقد أخذوا في ضربه في كل مكان يقع عليهسياط الظالمين.

أما 'أم أنمار' سيدته، فقد أذاقته ألوانا من العذاب ال

155

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

يخطر علي بال، فقد كانت تربطه في عمود من أعمدة البيت، وتشعل النار في الكور، وتضع فيه الحديد، حتي

يصبح كالجمر، وتكوي به جسد خباب وهي تقول له: ستظل هكذا حتي تعود إلي ملتنا، وتظل تعذبه بقطع

الحديد الساخن كلما أفاق!! ذهب خباب إلي رسول الله يشكو له ما يالقي من عذاب،

وقال للرسول الكريم: يارسول الله.. أال تدعو الله لنا فيخفف عنا عذابنا ويريحنا

من موالينا؟فطلب منه الرسول الصبر، وقال له:

إنه كان من قبلكم ليمشط أحدهم بأمشاط الحديد ما دونعظمه من لحم وعصب!

ويوضع المنشار علي فرق رأس أحدهم فيشق.. ما يصرفه عن ذلك عن دينه، وليظهرن الله تعالي هذا الدين،

حتي يسير الراكب من صنعاء اليمن إلي حضرموتاليخاف إال الله والذئب علي غنمه'!

فما كان من خباب بعد ما سمعه من الرسول إال أنه أخذ يلوذ بالصبر الجميل، متحمال كل هذا العذاب من امرأة

انتزع الله من قلبها أي رحمة. ومر رسول الله به ذات يوم وهو يعذب، فرفع كفيه إلي

السماء وقال:اللهم انصر خبابا

واستجاب الله لدعاء رسوله، فقد أصيبت أم أنمار بسعارغريب فجعلها تعوي مثل الكالب!

ونصحها البعض بأن عالجها هو أن تكوي رأسها بالنار! وهكذا ذاقت من نفس الكأس التي أذاقته لخباب بن

األرت. وتفرغ خباب للعبادة وحفظ القرآن الكريم حتي قال عنه

عبدالله بن مسعود: من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأه بقراءة

أبن أم عبد'.

156

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فاطمة بنت الخطاب، وكان خباب هذا هو الذي يعلم والذي فاجأهم ذاتوزوجها سعيدبن زيد القرآن الكريم،

يوم عمر بن الخطاب، وقد كان ممسكا سيفه يريد به االعتداء علي رسول الله، ولكنه عندما قرأ آيات القرآن الكريم، الن قلبه، وطلب من أخته أن تدله علي محمد، يومها كان خباب مختبئا، فما كاد يسمع عمر، حتي خرج

من مخبأه ليبشره بقوله: يا عمر.. والله إني ألرجو أن يكون الله قد خصك بدعوةنبيه صلي الله عليه وسلم، فإني سمعته باألمس يقول: 'اللهم أيد اإلسالم بأحب الرجلين إليك.. أبي الحكم بن

هشام وعمر بن الخطاب' وعرف عمر أن الرسول في بيت األرقم بن أبي األرقم فذهب وأعلن إسالمه، وكان إسالمه له أثره العظيم في

تقويه الدعوة. جميع المواقف والغزوات مع الرسول وقد شهد خباب

له دخل كبيرالكريم، وعندما انتقل الي جوار ربه وكان من بيت المال لسابقته في اإلسالم، قرر أن يشتري بيتا

متواضعا في الكوفة.. وكان يعطي من هذا المالالمحتاجين.

إنه بكي حين حضرته الوفاة، وعندما سأله ويقول الرواة يالقي األحبة الذين سبقوهأصدقاؤه عما يبكيه، وهو سوف

الي الدار اآلخرة.. قال لهم: أما أنه ليس بي جزع، ولكنكم ذكرتموني أقواما، واخوانا

مضوا بأجورهم كلها لم ينالوا من الدنيا شيئا. وإنما بقينا بعدهم حتي نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعا

إال التراب.وكان قد أعد كفنه، وقال للذين جاءوا لعبادته:

انظروا هذا كفني.. لكن حمزة عم الرسول صلي الله عليه وسلم لم يوجد له كفن يوم استشهد إال بردة ملحاء.. إذا جعلت علي رأسه قلصت عن قدميه، واذا جعلت علي

157

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قدمه قلست عن رأسه!. هذه اللوحة لنهاية هذا البطل ويرسم خالد محمد خالد

الذي عاش لله وبالله، لم يرهبه عذاب وال تعذيب، ولكنه كان قرير العين، راضيا بما تجري به األقدار مؤمنا بفوزه

بنعم اآلخرة، لرضاء الله ورسوله عليه.يقول خالد محمد خالد في كتابه )رجال حول الرسول( ومات خباب في السنة السابعة والثالثين للهجرة. مات

أستاذ صناعة السيوف في الجاهلية.. وأستاذ صناعة التضحية والفداء في االسالم! مات الرجل الذي كان أحد

الجماعة الذين نزل القرآن يدافع عنهم، ويحييهم عندما طلب بعض السادة من قريش أن يجعل لهم رسول الله

صلي الله عليه وسلم يوما، وللفقراء يوما.. من أمثال)خباب( و)صهيب( و)بالل( يوما آخر.

فإذا القرآن العظيم يحتضن رجال الله هؤالء في تمجيدلهم وتكريم، وتهل أياته قائلة للرسول الكريم:

'وال تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك

عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين'. 'وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤالء من الله عليهم

من بيننا، أليس الله بأعلم بالشاكرين. 'وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سالم عليكم، كتب

ربكم علي نفسه الرحمة'. وهكذا لم يكن الرسول صلي الله عليه وسلم بعد نزول هذه اآليات، حتي يبالغ في اكرامهم، فيفرش لهم رداءه،

ويربت علي أكتافهم ويقول لهم:أهال بمن أوصاني بهم ربي.

أجل مات واحد من األبناء البررة أليام الوحي، وجيلالتضحية

'ولعل خير ما نودعه به كلمات االمام علي كرم الله وجهه حين كان عائدا من معركة صفين، فوقعت عيناه علي قبر

غض رطب فسأل:

158

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قبر من هذا؟فأجابوه:

إنه قبر خبابفتمأله خاشعا آسيا وقال:

رحم الله خبابالقد أسلم راغبا

وهاجر طائعاوعاش مجاهدا'

روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عن11ه لم11ا رج11ع من صفين ودخل أوائل الكوفة رأى قبرا فق11ال:ق11بر من ه11ذا؟ فقالوا:قبر خب11اب بن األرت.فوق11ف علي11ه وق11ال:رحم الل11ه خبابا أسلم راغبا وهاجر طائعا وع11اش مجاه11دا.وابتلي في

جسمه آخرا وأن الله ال يضيع أجر من أحسن عمال،ثم مشى فإذا هو بقبور،فجاء حتى وقف عليها وقال:

السالم عليكم أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة أنتم لنا سلف ولنا لكم تبع وبكم عما قليل الحق1ون.اللهم اغف1ر لنا ولهم وتجاوز عنا وعنهم،طوبى لمن ذكر المع11اد وعم11ل

ليوم الحساب وقنع بالكفاف، ثم قال: يا أهل القبور، أما األزواج فقد نكحت، وأما ال11ديار فقد سكنت، وأما األموال فقد قسمت وهذا ما عندنا، فم11ا عندكم؟ ثم التفت إلى أصحابه وقال :أم11ا أنهم ل11و تكلم11وا

خير الزاد التقوى.  لقالوا: وجدنا

عاتكة بنت يزيد بن معاوية من رب11ات الس11ؤدد والمج11د والرفع11ة والعظم11ة والحس11ن الباهر والجمال البارع. شغلت في قلوب ب11ني أمي11ة مكان11ا رفيعا وأحبها زوجها عبد الملك بن مروان حبا عظيم11ا فق11د

159

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

غض11بت عاتك11ة م11رة على عب11د المل11ك وك11ان بينهم11ا ب11اب فحجبته وأغلقت ذلك الباب فشق غضبها على عب11د المل11كوشكا إلى رجل من خاصته يقال له عمر بن بالل األسدي. ف11أتى عم11ر بابه11ا وجع11ل يتب11اكى وأرس11ل إليه11ا بالس11الم فخرجت إلي11ه حاض11نتها ومواليه11ا وجواريه11ا فقلن: م11ا ل11ك قال: ف1زعت إلى عاتك1ة ورجوته1ا فق1د علمت مك11اني من أمير المؤمنين معاوية ومن أبيها بعده. قلن: وما لك؟ قال: ابناي لم يكن لي غيرهما فقتل أحدهما صاحبه فق11ال أم11ير المؤمنين: أنا قاتل اآلخر به. فقلت: أنا الولي وقد عف11وت. قال: ال أع11ود الن11اس ه11ذه الع11ادة فرج11وت أن ينجي الل11ه ابني هذا على يدها. فدخلن عليها فذكرن لها ذلك. فقالت: وكيف أص1نع من غض1بي علي1ه وم1ا أظه1رت ل1ه؟ قلن: إذا

والله يقتل. فقالت ألمير المؤمنين: أنشدك الله يا أمير المؤمنين فقد ع11رفت مكان11ه على أم11ير المؤم11نين معاوي11ة ومن أم11ير المؤمنين يزيد وهو ببابي فلم تزل ب11ه ح11تى أخ11ذت برجل11ه

فقبلتها. فقال: هو لك ولم يبرحا حتى اصطلحا. وقال عبد الملك لعاتك11ة: إن ابني11ك ق11د بلغ11ا فل11و ش11هدت لهم11ا بميراث11ك من أبي11ك ك11انت لهم11ا فض11يلة على س11ائر إخوتهما. فق11الت: اجم11ع لي ش11هودا من م11والي وموالي11ك. فجمعهم وأدخل معهم روح بن زنباع الجذامي وك11انت بن11و أمية تدخله على نسائها مداخل مشائخها وأهلها. فق11ال ل11ه عبد الملك: رغبها فيما صنعت وحسنه لها وأخبرها برضائي عنها. ف11دخل عليه11ا فتكلم ثم ق11ال: م11ا قال11ه عب11د المل11ك. فقالت: يا روح أتراني أخشى على ابني العيل11ة. وهم11ا ابن11ا أمير المؤمنين أشهدتك أني تصدقت بمالي على فقراء آل

بني سفيان. فخ11رج الق11وم وأقب11ل روح يج11ر رجلي11ه. فلم11ا نظ11ر عب11د الملك. قال: أما أنا فأشهد أنك قد أقبلت بغير الوجه الذي

160

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أدبرت فيه. قال: يا أمير المؤم11نين إني ت11ركت معاوي11ة بن أبي س11فيان في ال11ديوان جالس11ا وأخ11بره الخ11بر. فغض11ب عليها عب11د المل11ك وتوع11دها. فق11ال ل11ه روح: مهال ي11ا أم11ير المؤم11نين فوالل11ه له11ذا الفع11ل في ابنيه11ا خ11ير من ماله11ا. فكف عنها. وينسب إليها أرض عاتك11ة خ11ارج ب11اب الجابي11ة بدمشق. وقد عاشت عاتكة إلى أن أدركت مقتل ابن ابنها

.الوليد بن يزيدواصل بن عطاء والخوارج-

يروى عن )واصل بن عطاء( أنه كان في قوم على س11فر، فإذا بخيول الخوارج تطوقهم، ف11أثرن بهم نقع11ا، فوس11طن بهم جمعا، فذعر القوم؛ فق11ال لهم ال عليكم ودع11وا األم11ر

لي. فلما اق11تربوا ص11احوا بهم من الق11وم؟ أج11اب واص11ل: نحن قوم من المشركين. ولو كان الجواب نحن من المسلمين لقتلوهم. وتابع واص11ل ق11د طلبن11ا إج11ارتكم. أج11اب مق11اتلو

الخوارج لكم ذلك. قال واصل ونريد أن تعلموننا مما علمكم الله؟ وكان يري11د أن يستش11هد باآلي11ة "وإن أح11د من المش11ركين اس11تجارك فأجره حتى يسمع كالم الله". ق11ال الخ11وارج أنتم آمن11ون، فانطلقوا في حال سبيلكم. قال واصل ال قبل أن تسمعونا كالم الله ثم تبلغوننا مأمننا. وكان يريد تذكيرهم ببقية اآلية ثم أبلغه مأمنه؛ ف11التفت الخ11وارج إلى بعض11هم وق11الوا ق11د ص111دقوا، ثم مش111وا معهم في حراس111ة مش111ددة، ط111ول الطريق مجانا، حتى وصل عطاء وجماعته بك11ل دالل حيث

يريدون. دخ1ل الحس1ين بن علي يوم1ا على معاوي1ة ومع1ه  -

11وان، وعن11د معاوي11ة جماع11ة� من مولى له يقال ل11ه ذكب11ير، ف11رحب معاوي11ة بالحس11ين ق11ريش فيهم ابن الز وأجلسه على سريره، وقال: ترى هذا القاعد - يع11ني

بير - فإنه ليدركه الحسد لبني عبد مناف. ابن الز161

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

بير لمعاوية: قد عرفنا فضل الحسين فقال ابن الز وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن إن

بير على أبيك أبي سفيان ئت أن أعلمك فضل الز ش~ فعلت. فتكلم ذكوان مولى الحسين ابن علي، فقال: يا بن

بير، إن موالي ما يمنعه من الكالم أن ال يكون طلق الز اللسان، رابط الجنان، فإن نطق نطق بع~لم، وإن صمت

نان، صمت بح~لم غير أنه كف الكالم وسبق إلى الست بفضله الكرام، وأنا الذي أ قول: فأقر

ف~يم الكالم لسابق في غاية ... والناس بين مقصر ومبلد~~يدر~ك شأوه ... ينمى بغير مسود ومسدد إن الذي يجر~ي ل

بل كيف يدرك نور بدر ساطع ... خير~ األنام وفرع آلمحمد

فقال معاوية: صدق قولك يا ذكوان، أكثر الله في مواليبير: إن أبا عبد الله سكت، الك~رام م~ثلك. فقال ابن الز

وتكلم مواله، ولو تكلم ألجبناه، أو لكففنا عن جوابه إجالال. منك، له، وال جواب لهذا العبد. قال ذكوان: هذا العبد خير�

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مولى القوم منهم " . فأنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت ابن الزبير بن العوام بن خويلد، فنحن أكرم والء

وأحسن ف~عال.بير: إني لست أجيب هذا، فهات~ ما عندك يا قال ابن الزبير! ما أعياك معاوية. فقال معاوية: قاتلك الله يا بن الز

وأبغاك! أتفخر بين يدي أمير المؤمنين وأبي عبد الله! إنك أنت المتعدي ل~طورك ، الذي ال تعرف قدرك، فق~س

~ين بني عبد برك بف~ترك، ثم تعرف كيف تقع بين عران ش~مناف.

أما والله لئن دف~عت في بحور بني هاشم وبني عبد شمس لقطعتك باع مواجها، ثم لترمين بك في لججها.

فما بقاؤك في البحور إذا غمرتك، وفي األمواج إذا بهزتك هنالك تعرف نفسك، وتندم على ما كان من جرأتك، وتمنى ما أصبحت فيه من أمان، وقد ح~يل بين العير

162

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ا! ثم رفع رأسه فالتفت بير ملي زوان . فأطرق ابن الز والنإلى من حوله، ثم قال:

أسألكم بالله، أتعلمون أن أبي حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أباه أبا سفيان حارب رسول الله

صلى الله عليه وسلم وأن أمي أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأمه ه~ند األكباد؛

وجدي الصديق، وجده المشدوخ ببدر ورأس الكفر، وعمتي خديجة ذات الخطر والحسب، وعمته أم جميل

حمالة الحطب،~ي صفية، وجدته حمامة، وزوج عمتي~ خير ولد آدم وجدت

محمد� صلى الله عليه وسلم وزوج عمته شر ولد آدم أبو لهب سيصلى نارا ذات لهب،

وخالتي عائشة أم المؤمنين. وخالته أشقى األشقين، وأناعبد الله وهو معاوية.

بير! كيف تصف نفسك بم11ا قال له معاوية: ويحك يا بن الز وص11فتها؟ والل11ه مال11ك في الق11ديم م~ن ر~ياس11ة، وال في الحديث من سياسة، ولقد قدناك وسدناك قديما وحديثا، ال تستطيع لذلك إنكارا، وال عن11ه ف~11رارا، وإن ه11ؤالء الخص11وم ليعلمون أن قريشا ق11د اجتمعت ي11وم الف~ج11ار على رياس11ةون ح11رب بن أمي11ة، وأن أب11اك وأس11رتك تحت رايت11ه راض11~فضله وال طامعين في عزله، إن أمر بإمارته، غير منكرين ل أطاعوا، وإن قال أنصتوا؛ فلم تزل فينا القيادة وع~ز الوالية حتى بعث الله ع11ز وج11ل محم11دا ص11لى الل11ه علي11ه وس11لم11ني فأنتخبه من خير خلق11ه، من أس11رتي ال من أس11رتك، وب أبي البني أبيك، فجحدته قريش أشد الجحود، وأنكرته أشد11ه أش11د الجه11اد، إال من عص11م الل11ه من اإلنك11ار، وجاهدت قريش؛ فما ساد قريشا وقادهم إال أبو س11فيان ابن ح11رب،

163

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

اللة 11ا ورئيس الض11 فكانت الف~ئتان تلتقي، ورئيس اله11دى من منا، فمهديكم تحت راية مهدينا، وضالكم تحت راية ض1النا، فنحن األرباب وأنتم األذناب، حتى خلص الله أبا سفيان بنله من عظيم ش11ركه، وعص11مه باإلس11الم من ح11رب بفض1111ة عظيم11ا ش11أنه، وفي عب11ادة األص11نام، فك11ان في الجاهلي اإلسالم معروفا مكانه، ولقد أعط~ي يوم الفتح م11ا لم يع11ط أحد� من آبائ11ك، وإن من11اد~ي رس11ول الل11ه ص11لى الل11ه علي11ه وسلم نادى: من دخ11ل المس11جد فه11و آم~ن، ومن دخ11ل دار أبي سفيان فه11و أمن؛ وك11انت داره حرم11ا، ال دارك وال دار11ة 11د، فك11انت ام11رأة من ق11ريش، في الجاهلي أبيك؛ وأما ه~ن عظيمة الخط11ر~، وفي اإلس11الم كريم11ة الخ11بر؛ وأم11ا ج11دك~تصديق عبد مناف سمي ص~ديقا ال بتصديق عبد الصديق، فبدوخ بب11در فلعم11ري العزي؛ وأما ما ذكرت من ج11دي المش1111رزت إلي11ه أنت 11ه، فل11و ب ~راز هو وأخوه وابن لقد دعا إلى الب وأبوك ما بارزوكم وال رأوكم لهم أكفاء، كما قد طلب ذلك غ11يركم فلم يقبل11وهم، ح11تى ب11رز إليهم أكف11اؤهم من ب11ني أبيهم، فقض11ى الل11ه مناي11اه~م بأي11ديهم، فنحن قتلن11ا ونحن قتلن11ا، وم11ا أنت وذاك؟ وأم11ا عمت11ك أم المؤم11نين، فبن11ا11ل ذل11ك، شرفت وسميت أم المؤمنين، وخالتك عائش11ة م~ثف~ية، فهي أدنت11ك من الظ11ل ولواله11ا لكنت ض11اح~يا؛ وأما ص11هداء، فك11ذلك وأما ما ذكرت من عمك وخال أبيك سيد الش كانوا رحمهم الله، وفخرهم وإرثهم لي دونك، وال فخر ل11ك فيهم، وال إرث بينك وبينهم؛ وأما قولك أن11ا عب11د الل11ه وه11و معاوية، فقد علمت ق11ريش أين11ا أج11ود في اإلزم، وأمض11ى11روم في القدم وأمنع للحرم، ال والله ما أراك منتهيا حتى ت من بني عبد مناف م11ا رام أب11وك، فق11د ط11البهم بال11ذحول، وق11دم إليهم الخي11ول، وخ11دعتم أم المؤم11نين، ولم تراقب11وا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ م11ددتم على نس11اءكميوف، السجوف، وأب11رزتم زوجت11ه للحت11وف، ومقارع11ة الس11 فلما التقى الجمعان نكص أبوك هارب11ا، فلم ينج11ه ذل11ك أن طحنه أبو الحسين بكلكله طحن الحص~يد بأيدي العبيد، وأما11ه. وايم 11ه ونالت11ك مخالب أنت، فأفلت بعد أن خمش1تك براثن الله، ليقومنك بنو عبد مناف بثقافها أو لتصيحن منها ص~ياح

164

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أبيك بوادي السباع، وما كان أبوك المرهوب جانبه، ولكن11هكما قال الشاعر:

علمت ق11ريش أين11ا أج11ود في اإلزم، وأمض11ى في الق11دموأمنع للحرم،

ال والله ما أراك منتهيا حتى تروم من بني عب11د من11اف م11ا رام أب11وك، فق11د ط11البهم بال11ذحول، وق11دم إليهم الخي11ول، وخدعتم أم المؤمنين، ولم تراقبوا رسول الل11ه ص11لى الل11هجوف، وأب11رزتم عليه وس11لم إذ م11ددتم على نس11اءكم الس11يوف، فلم11ا التقى الجمع11ان زوجته للحتوف، ومقارعة الس11ين نكص أبوك هاربا، فلم ينج11ه ذل11ك أن طحن11ه أب11و الحس11 بكلكله طحن الحص~يد بأيدي العبيد، وأما أنت، ف11أفلت بع11د أن خمشتك براثنه ونالتك مخالبه. وايم الله، ليقومن11ك بن11وياح أبي11ك ب11وادي عب11د من11اف بثقافه11ا أو لتص11يحن منه11ا ص11~11ه، ولكن11ه كم11ا ق11ال السباع، وما كان أبوك المره11وب جانب

الشاعر:يغم ... فقضقض11ه ب11الكف من11ه رحان فر~يس11ة ض11 أكيل11ة س11~

وحطماب11ير عن11د معاوي11ة،- نازع مروان بن الحكم يوم11ا ابن الز

فكان معاوية مع مروان، فقال ابن الزبير: يا معاوي11ة: إن لك حقا وطاعة، وإن لك ص~لة وحرمة، ف11أط~ع الل11ه نط~عك، فإنه ال طاعة ل11ك علين11ا إن لم تط~11ع الل11ه، وال

خبر. تطر~ق إطراق األفعوان في أصول السبير، وذكر له مروان- وقال معاوية يوما وعنده ابن الز

فقال: إن يطلب ه11ذا األم11ر فق11د يطم11ع في11ه من ه11و دون11ه، وان يترك11ه يترك11ه لمن ه11و فوق11ه، وم11ا أراكم بمنتهين حتى يبعث الل11ه عليكم من ال تعط~ف11ه قراب11ة،

وال ترده مودة، يسومكم خسفا، ويوردكم تلفا. قال ابن الزبير: إذا والله نطلق ع~قال الحرب بكتائب تموريح، تتب11ع كر~جل الجراد، حافاتها األسل، لها دوي ك11دوي ال11ر

165

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ة قال معاوية: أن11ا طر~يفا من قريش، لم تكن أمه براعية ثل11د، أطلقت ع~ق11ال الح11رب، وأكلت ذ~روة الس11نام، ابن ه~ن وشربت عنفوان المكرع، وليس لآلكل بعدي إال الف~لذة، وال

للشارب إال الرنق.وفد الحسن بن علي على معاوية-

فقال عمرو لمعاوية: يا أم11ير المؤم11نين: إن الحس11ن لف11ه،م~ع الن11اس كالم11ه ع11ابوه فلو حملته على الم~نبر فتكلم وس11 وسقط من~ عيونهم، ففعل. فصع~د الم~ن11بر وتكلم وأحس11ن،كم ما بين البتيه11ا لم ثم قال: أيها الناس، لو طلبتم ابنا لنبي تجدوه غيري وغ11ير أخي، وإن أدر~ي لعل11ه ف~تن11ة لكم ومت11اع إلى حين. فساء ذل1ك عم1را وأراد أن يقط1ع كالم1ه، فق1الف ال11رطب؟ فق11ال: أج11ل، تلحق11ه ل11ه: أب11ا محم11د، أتص11~بغه مس، ويص11 مال، وتخرج11ه الجن11وب. وتنض11جه الش11 الش11 القمر. ق11ال: أب11ا محم11د، ه11ل تنعت الخ~11راءة؟ ق11ال: نعم، تبعد المشي في األرض الصحصح حتى تتوارى من الق11وم،~القمام11ة تنج ب تقبل الق~بل11ة وال تس11تدبرها، وال تس11 وال تس11مة - يريد الروث والعظم - وال تبل في الماء الراكد. والر

بينما معاوية بن أبي سفيان جالس� في أصحابه إذ قيل له: الحسن بالباب؟ فقال معاوية: إن دخل أفسد علينا ما نحن فيه؛ فقال له مروان بن الحكم: ائذن لي، فإني أس11أله م11ا ليس عنده فيه جواب؛ قال معاوي11ة: ال تفع11ل، ف11إنهم ق11وم قد. أله~م11وا الكالم، وأذن ل11ه. فلم11ا دخ11ل وجلس، ق11ال ل11ه مروان: أسرع الشيب إلى شاربك يا حسن، ويقال إن ذلكا - معش11ر من الخرق، فقال الحسن: ليس كما بلغك، ولكن~لن علين11ا فاهها، فنس1اؤنا يقب بني هاشم - أفواهن11ا عذب11ة� ش11~~ه~ن، وأنتم معشر بني أمية فيكم بخر شديد، بأنفاسهن وقبل فنس1111اؤكم يص1111رفن أف1111واههن وأنفاس1111هن عنكم إلىأصداغكم، فإنما يش~يب منكم موضع الع~ذار من أجل ذلك. قال مروان: إن فيكم يا بني هاشم خصلة سوء؟ قال: وما11زعت الغلم11ة م~ن نس11ائنا هي؟ قال: الغلمة؟ قال: أج11ل، ن

166

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ووضعت في رجالنا، ونز~عت الغلمة من رج11الكم ووض11عت~سائكم، فما قام ألموية إال هاشمي. في ن

ب معاوي11ة، وق11ال: ق11د كنت أخ11برتكم ف11أبيتم ح11تى فغض11~م~عتم م1ا أظلم عليكم بيتكم، وأفس1د عليكم مجل~س1كم. س1

فخرج الحسن وهو يقول:ة ... وحمسا أزجي، قائال ومارست هذا الدهر خمسين ح~ج

بعد قائليمها ... وال في الذي أهوى فال أنا في الدنيا بلغت جس~

كدحت بطائل وقد شرعت دوني المنايا أكفها ... وأيقنت أني رهن موت

معاجللمة الف~ه11ري: رب ق11ال الحس11ن بن علي لح11بيب بن مس11 مسير لك في غير طاعة الله؛ قال: أما مس11يري إلى أبي11ك فال، قال: بلى، ولكنك أطعت معاوية عن دني11ا قليل11ة، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرت11ك، ول11و كنت إذ فعلت ش11را قلت خ11يرا كنت كم11ا ق11ال الل11ه ع11ز وج11ل:

ئا ولكنك كما قال الل11ه: ~حا وآخر سي ل] خلطوا عمال صال ب. ران على قلوبهم ما كانوا يك]سبون

قد~م عبد الله بن جعفر على عبد المل11ك بن م11روان،-~يث11ة؛ فق11ال: فق11ال ل11ه يح11يى بن الحكم: م11ا فعلت خب سبحان الل11ه! يس11ميها رس11ول الل11ه ص11لى الل11ه علي11ه وسلم طيبة وتسميها خبيثة! لق11د اختلفتم11ا في ال11دنيا وستختلفان في اآلخرة؛ قال يحيى: ألن أموت بالشام أحب إلي م~ن أن أم11وت به11ا؛ ق11ال: اخ11ترت ج~11وار النص11ارى على ج~11و~ار رس11ول الل11ه ص11لى الل11ه علي11ه وسلم قال يحيى: م11ا تق11ول في علي وعثم11ان؛ ق11ال:

ر منهما :أقول ما قاله من هو خير� مني فيمن هو ش11 إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن] تغ]فر] لهم فإنك

أن]ت العزيز الحكيم.

167

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

مرقند لم لم11ا افتتح~ س11 واة أن قتيب11ة بن مس11 11زعم ال11ر وت1ه، وإلى آالت لم يس11مع بمثله1ا، أفضى إلى أثاث لم ير م~ثلفهم فأراد أن ير~ي الناس عظيم م11ا فتح الل11ه عليهم، ويع11ر أق11دار الق11وم ال11ذين ظه11روا عليهم، ف11أمر ب11دار ففرش11ت،ين وفي صحنها قدور أشتات، ترتقى بالساللم. ف11إذا الحض11قاشي قد أقبل، والناس بن المنذر بن الحارث بن وعلة الر جلوس على مراتبهم، والحضين شيخ كب11ير، فلم11ا رآه عب11د الله ابن مسلم قال لقتيبة: إئ11ذن لي في كالم11ه؛ فق11ال: ال تر~ده، فإنه خبيث الجواب فأبى عبد الل11ه إال أن ي11أذن ل11ه - وكان عبد الله يضعف، وكان ق11د تس11ور حائط11ا إلى ام11رأة قبل~ ذلك - فأقبل على الحضين، فق11ال: أمن الب11اب دخلت ي11ا أب11ا ساس11ان؟ ق11ال: أج11ل، ض11عف عمك عن تس11ور

الح~يطان؛ قال: أرأيت هذه القدور؟ قال: هي أعظم من أن ال ترى،

قال: ما أحسب بكر بن وائل رأى مثلها؟بعان ولم مي ش11 قال: أجل، وال عيالن، ول11و ك11ان رآه11ا س11

يسم عيالن، قال له عبد الله: أتعرف الذي يقول :

عزلنا وأمرنا وبكر بن وائل ... تجر خصاها تبتغي منتحالف

قال: أعرفه وأعرف الذي يقو~ل:باب، وخيبة من يخيب على غني ... وباهلة بن يعصر والر

يريد: يا خيبة من يخيب. قال له: أتعرف الذي يقول: كأن ف~قاح األزد حول ابن م~سمع ... إذا عر~قت أفواه بكر

بن وائلقال: نعم. وأعرف الذي يقول:

قوم قتيبة أمهم وأبوهم ... لوال قتيبة أصبحوا في مجهل قال: أما الشعر، فأراك ترويه، فهل تقرأ من القر~آن شيئا؟ قال: أقرأ منه األكثر: هل على اإلنسان حين م~ن الدهر لم

168

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

يكن مشيئا مذكورا قال: فأغضبه، فقال: والله لقد بلغني أن امرأة الحضين حملت إليه وهي حبلى من غيره. قال: فما تحرك الشيخ عن هيئته األولى، ثم قال على هرسله:

وما يكون! تلد غالما على فراشي، فيقال: فالن بن الحضين، كما يقال: عبد الله بن مسلم. فأقبل قتيبة على

عبد الله، فقال: ال يبعد الله غيرك. والحضين هذا هو~ى الحضين ابن المنذر الرقاشي، ورقاش أمه، وهو من بن

شيبان ابن بكر بن وائل، وهو صاحب لواء علي بن أبي طالب رضي الله عنه بص~فين على ربيعة كلها، وله يقول

علي بن أبي طالب: لمن راية� سوداء يحف~ق ظ~لها ... إذا قيل قدمها حضين

تقدما يقدمها في الصف حتى يزيرها ... ح~ياض المنايا تقط~ر

م والدما الس~ه ... ربيعة خيرا ما أعف جزى الله عني والجزاء بفضل

وأكرما

فصل قصص في الفرج بعد الشدة

ه يز~ي11د بن- ، وال 11ا على الع~11راق~ ~ي 11رة وال كان عم11ر بن هبي~ف تخل ~11ك~ واس11 11د~ المل ، فلما مات يز~يد بن عب عبد~ المل~ك~ام� الع~11راق أح11د ي ه~ش11 11ول ، قال عمر بن هبيرة: ي ه~شام�ه~ 111د~ الل ~111د بن عب ، أو خال ي ع~يدا الحرش111~ : س111 جلين~ ال111ر~11دا فه11و البالء , ة~ خال ~ي ران ص11 ى ابن الن ~ن ول ر~ي، ف11إ القس1ط وق11د أوذ~ن ~11دا الع~11راق، ف11دخل واس11~ ى ه~شام� خال فول، والم~11رآة أ، وق11د~ اعتم ~الصالة~ وه11و يتهي عمر بن هبيرة ب

169

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

~11د� ق11د دخ11ل، ~ذ ق~يل له: ه11ذا خال ف~ي يد~ه~ يسوي ع~مته، إ11ة، ~ي بغت 11أت اعة، ت فقال عمر بن هبيرة: هكذا تقوم الس11ه ده، وألبس11 11رة، فقي ~11د�، فأخ11ذ عم11ر بن هبي فق11د~م خال

~د ~خال ننت على: م~درعة م~ن صوف، فق11ال ل ~ئس م11ا س11 ب~م~ثل~ هذا؟ ، أما تخاف أن يؤذن ف~يك ب أهل~ الع~راق~

ب وه11و ف~ي نع ذهب يتقل ~11ه~ م11ا ص11 ~11د� ب نع خال ق11ال: لما ص11وفه، فق11ال: م11ا ثم ص11 ف، فكأن ال إله إالالحد~ي11د~، فتكش11

،[87]األنبياء: أن]ت سب]حانك إني كن]ت من الظالمينفقال من حضره: ما أخلقه سيفرج عنه سر~يعا

11رة، ~عم11ر بن~ هبي 11اد: فج11اء م11وال~ي ل ليمان بن ز~ي ق11ال س11~لى ربا م~نه11ا إ 11وا س11~ ~ب~ الحبس~، ثم نقب ~لى ج11ان فاكتروا دارا إط، ~ط~ سور~ مد~ينة~ واس11~ ~ب~ حائ ~لى جان الحبس~، واكتروا دارا إ~ي أرادوا أن يخر~جوه ف~يه11ا م~ن الحبس~، ت يلة ال فلما كانت~ الل، رب~ ~لى الحبس~، فخرج م~ن الحبس~ ف~ي الس قب إ أفضوا الن~ب~ ~لى ج11ان ~ي إ ت 11غ ال11دار ال ى بل ي حت ~لى الدار~ يمش11~ ثم خرج إرب~ م~نه11ا ~ط~ المد~ينة~، وقد نق~ب ف~يه11ا، ثم خ11رج ف~ي الس1 حائ~ط~ 11ل� خل11ف حائ 11ه خي ئت ل 11ة~، وق11د هي ى خ11رج م~ن المد~ين حت11ان أظه11ر بحوا وق11د ك ~ه~ بعد ما أص11 ~م ب ~ب، وعل المد~ينة~، فرك11ل وقت، كوا عن تفقد~ه~ ف~ي ك ~كي يمس11~ ~11ك، ل 11ل ذل ة قب ل ع~11ه الف11رات، 11ه وبين ~د� سع~يدا الحرش~ي، فلح~قه وبين فأتبعه خال

فتعصب له وتركه، وقال الفرزدق:~ال ولما رأيت األرض قد سد ظهرها ... ولم يك إ

بطنها لك مخرجاذ~ي ناداه يونس بعدما ... ثوى ف~ي ثالث دعوت ال

جا ~مات ففر مظلك البر وى رب خرجت ولم يمنن عليك شفاعة ... س~

جا اللط~يف~ المفررت ليلة ... وما سار سار وأصبحت تحت األرض~ قد س~

م~ثلها ح~ين أدلجا "

170

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

11رةقال مو]لى عمر ب]ن هبي]رة،: كنت م11ع عم11ر بن~ هبيق 11ا د~مش11 ، فبلغن جن~ بع11د عتم11ة، ف11أتىحيث هرب م~ن الس

لى ~ه~، وص11 مسلمة بن عبد~ المل~ك~ فأجاره وأنزله معه ف~ي بيتبح، ~11ك~ الص11 ~ بن~ عبد~ المل مسلمة بن عبد~ المل~ك~ خلف ه~شاملمة، ف11دخل 11ه~ مس11 تأذن علي فلما صلى ه~شام� الصبح، فاس11~ال 11رة إ ع~يد، م11ا أظن ابن هبي 11ا س11 عليه~، فلما رآه، قال: يا أب~ين، يلة~؟ قال: أجل، يا أم~11ير الم11ؤم~ن وقد طرقك ف~ي هذ~ه~ الل

قد وهبته لك: وقد أجرته، فهبه ل~ي، قال

-:، ة ال]غالبيال قطن ب]ن معاويارعق كنت م~من س1111و جعف11ر ~ي أب ~11ل طلبن 11راه~يم، واجته11د مع11ه، فلما قت ~ب ~لى إ إ~الباد~ية~، فجاورت فاختفيت فقبض أموال~ي ودور~ي، ولح~قت ب~ي ~الب، ثم ف~ي بن ~ي ك 111ة، ثم ف~ي بن ر~ بن~ معاو~ي ~ي نض111 ف~ي بن~111واد~ي قيس ليم، ثم تنقلت ف~ي ب ~ي س111 ف111زارة، ثم ف~ي بن~ف11اء~، ف11أزمعت على خت ~اال~ قت ذرع11ا ب ى ض11~ أج11او~ر ف~يه~م، حترة، 11ه، فق11د~مت البص11 ~11راف~ ل عت ~ي جعفر واال~ ~ على أب القدوم~ي عم11ر~و بن~ ~لى أب لت إ 11زلت ف~ي ط11رف م~نه11ا، ثم أرس11 فن111ه~، ذ~ي أزمعت علي اورته ف~ي ال 111ان ل~ي وادا فش111 العالء~، وك

~ذن ه~ إ ي، وق111ال: والل ل رأس111~ ك لتع~ين علىفقب ~ن ك وإ ليقتلنى ق11د~مت ت حت 11ه~، وشخص11 ~لي ك، ق11ال: فلم ألتف~ت إ نفس11~11ه، ونزله11ا، فليس أح11د� م~ن بغداد، وقد بنى أبو جعفر مد~ينت

11ركب ف~يه11ا م11ا خال اس~ ي 11زلت دارا، ثم قلتالن المه11د~ي، فن~ن 1ا، ف1إ ~ين، ف1أمه~لوا ثالث ~لى أم~ير~ الم1ؤم~ن ~غالم~ي: أنا ذاه~ب� إ لى دخلت المد~ينة، فج~ئت ~ال فانصر~فوا، ومضيت حت ئتكم وإ ج~111ز~ل داخ~111ل ~ذ ين ينئ 111ه، وه111و ح~ اس ينتظ~رون ~ي111ع~ والن ب دار الرب ، فلم أنش11 ار~عة~ على قصر~ ال11ذهب~ المد~ينة~ ف~ي الدار~ الشمت ل اس، فقمت معهم، فس11 ~ليه~ الن أن خرج يمش~ي، فقام إ11ة، 11ه~، ف11رد علي، ق11ال: من أنت؟ قلت: قطن بن معاو~ي علي قال: انظر ما تقول، قلت: أنا هو فأقبل على مسودة معه،

~هذا، فقال: احتف~ظوا ب~ي رت رأي أب 11ذك دام11ة، وت ~ي الن قتن ت لح~ ق11ال: فلما حر~س11~ي11ع، فلم يط~11ل ب فت عليه~، ودخل الر عمر~و بن~ العالء~، فتأس

171

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

، ثم ر ال1ذهب~ ~ي قص11 ~يد~ي، فأدخلن ى خرج خص~ي، فأخذ ب حت11ق، 11ق علي وانطل ~ي11ه~، ثم أغل ينا، فأدخلن 11ا حص11~ ~ي بيت ~ي ب أتي ~نفس11~ ، وخل11وت ب ~11الهالك~ ~ي، وأيقنت ب 11دامت تدت ن فاش11أت ~م11اء، فتوض11 ي ب ~ي الخص11~ 11ان ألومها، فلما كان الظهر، أت11ان ، فلما ك ~م� ائ ي ص11 11ه أن ~طع11ام، فأخبرت ~ي ب 11ان يت، وأت وصل11ل ي يت، وأرخى علي الل ~ماء فتوضأت وصل ~ي ب المغر~ب أتان11ة~ 11واب المد~ين م~عت أب 11اة~، فس11 ت م~ن الحي ~س11 دوله، فيئ س11در� وم، فلما ذهب ص11 ي الن تغلق، وأبوابها تشدد، فامتنع م~ن~ي ~ي ف11أدخلن ى ب ~ي الخص~ي ففتح علي، ومض11 يل~ أتان م~ن الل11ا دول، فخ11رج علين تر مس11 ~ي م~ن س11~ 11ا ب صحن الدار~، ثم دن~م� ~ي11ع ق11ائ ب ~ذا الر 11و جعف11ر وح11ده، وإ ~ذا أب 11ا، ف11إ لن خاد~م� فأدخ~ه، 11و جعف11ر هنيه11ة مطر~ق11ا، ثم رف11ع رأس11 ية، ف11أكب أب ناح~11ا قطن بن ~ين، أن 11ا أم~11ير الم11ؤم~ن فق11ال: ه~ي11ه، فقلت: ييت أم11رك، ه~ جه~دت عليك جه11د~ي، فعص11 معاو~ية، فقد والل~ن 11ك، ف11إ لبك ملك ت على أن أس11 وواليت ع11دوك، وحرص11~ي 11وب غر~ ذن ~أص11 ~ن ع11اقبت فب ~11ك أنت، وإ عف11وت فأه11ل ذلكت هنيه11ة، ثم ق11ال: ه~ي11ه، فأع11دت ~ي، ق11ال: فس11 تقتلن11ا ~ين قد عفا عنك، فقلت: ي ~ن أم~ير المؤم~ن ~ي، قال: فإ مقالت11ك، ~لي ل إ ~11ك ال أص11~ ير م~ن وراء~ باب ي أص11~ ~ن ~ين، إ أم~ير الم11ؤم~ن~ين أن ~ن رأى أم~11ير الم11ؤم~ن ة�، ف11إ وض~ياع~ي ودور~ي مقبوض1111ه ~ال11دواة~، ثم أم11ر خاد~م11ا ل يردها علي، فعل، قال: فدعا ب11ر~ي، وه11و مي وب الن ~11ك~ بن~ أي 11د~ المل ~لى عب ~ه~ إ ~مالئ ~إ فكتب بي عن ~ين ق11د رض11~ ~ن أم~11ير الم11ؤم~ن رة~: إ ~ذ على البص11 يومئ~ض قطن~ بن~ معاو~ية، ورد عليه~ ض~ياعه ودوره وجم~يع ما قبه، ق11ال: ثم ختم اء الل ~ن ش11 ~11ك وأنف~11ذه ل11ه، إ له، فاعلم ذل~ي ال أدر~ي اعت ~لي، ق11ال: فخ11رجت م~ن س11 ~تاب ودفع11ه إ الك~ب أح11د~ه~م ، فجلست جان ~الباب~ ~ذا الحرس ب أين أذهب؟، فإذ~ي ج11ل ال ~يع، فقال: أين الر ب أحدثه، فلم ألبث أن خرج الرج11ل، فق11د ه11ا الر ~11ق أي ~ليه~، فق11ال: انطل ~فا؟ فقمت إ خرج آن~ي، ~ي وأفرشن ان ~ه~ فعش ~لى منز~ل ~ي إ ~مت، فانطلق ب ه~ سل والل11رون لتهم يكت ~ي وأرس11 لم11ان فلما أصبحت ودعته، ف11أتيت غ~ ل~ي، فوجدوا صد~يقا ل~ي م~ن الدهاق~ين، م~ن أهل~ ميسان قد~11د~ ~ي مع11ه، فق11د~مت على عب ه~، فحملن ~نفس11~ اكترى سف~ينة ل

172

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

~ين، ~ي جعف111ر أم~111ير~ الم111ؤم~ن 111اب~ أب ~ت ~ك وب ب ~111ك~ بن~ أي الملى رد علي جم~يع ما استصف~ي نده، فلم أقم حت ~ي ع~ فأقعدن

ل~ي

األعرابي والحجاج -قال صعصعة بن صوحان:

خرجنا مع الحجاج حاجا إلى بيت الله الح11رام. فبينم11ا نحن في بعض الطري111ق إذا نحن بص111وت أع111رابي يل111بي بين

الغيضة. فلما فرغ من التلبية قال: كالمك اللهم لك، من قال مخلوق هلك،

وفي الجحيم قد سلك والجاريات في الفلك، على مجاري من سلك، قد اتبعنا رسلك،

ما خاب عبد أملك،أنت له حيث علك

فق11ال الحج11اج: تلبي11ة موح11د ورب الكعب11ة. ال يف11وتنكمالرجل.

فأسرع ما كان حتى أتي بأعرابي على ناقة برحاء بلحاء. فق11ال الحج11اج: من أين أقبلت ي11ا أخ11ا الع11رب؟ وإلى أين

تريد؟ قال جئت من الفج العميق.

قال من أي الفجاج أنت؟ قال من العراق وأرضها.

ق11ال من أي الع11راق أنت؟ ق11ال من مدين11ة الحج11اج بنيوسف.

173

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قال فما سيرته فيكم؟ ق11ال بس11يرة فرع11ون في ب11ني إس11رائيل، يقت11ل أبن11اءهم

ويستحيي نساءهم. قال فهل خلفته ظاعنا أو مقيما؟ قال بل ظاعنا. قال إلى أين؟ قال إلى الحج ولن يتقبل الله منه.

قال وهل خلف أحدا بعده؟ قال نعم أخاه محمدا. قال فما سيرته فيكم؟ قال ظلوم غشوم، واس11ع البلع11وم،

عاص مشؤوم. قال له الحجاج هل عرفتني؟ قال األعرابي اللهم ال.

قال الحجاج أنا الحجاج بن يوسف. قال األع11رابي: أش1ر والل1ه ممن أظلت الخض11راء. وأقلت

الغبراء. ويشرب من الماء بغيض مبغوض. لعين ملعون. في الدنيا

واآلخرة. فقال الحجاج والله يا أعرابي ألقتلنك قتلة لم أقتله11ا أح11دا

قبلك. قال األعرابي إن لي ربا يخلصني وينجيني منك.

قال يا أعرابي إني سائلك؟ قال إذا والله أخبرك. فقال أتحسن من القرآن شيئا؟ قال نعم. قال فأسمعنا.

فاستفتح وقال: بسم الل11ه ال11رحمن ال11رحيم إذا ج11اء نص11رالله والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجا.

قال ليس هكذا يا أعرابي. قال وكيف؟ قال يدخلون في دين أفواجا. 174

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقال األعرابي قد كان ذلك قبل أن يتولى الحجاج. فلما ولي جاؤوا يخرجون من دين الله.

فضحك الحجاج حتى استلقى على قفاه. ثم قال ما تقول في محم11د رس1ول الل1ه ص1لى الل1ه علي1ه

وسلم؟ قال وما عسى أن أقول في محمد صلى الله علي11ه وس1لم ص11احب القض11يب والناق11ة والح11وض والش11فاعة وزم11زم

والسقاية، ومن قرن الله اسمه باسمه. يدعى في كل يوم وليلة عشر مرات في األذان واإلقامة.

قال فما تقول في أبي بكر الصديق رضي الله عنه. قال وما عسى أن أقول في صديق في الس11ماء وص11ديق في األرض وص11احبه في الغ1ار وأس11لم وه11و يمل11ك ثم11انين ألف دينار أنفقها في سبيل الل11ه وعلى رس11ول الل11ه ص11لى الله عليه وسلم. ومع ذلك يا حجاج ي11وم ق11رأ الن11بي ص11لى

كم في الله عليه وسلم أموالكم وأنفسدوا ب جاه . وقال عليه الس11الم س11معتم م11ا ق11ال ربكم سبيل الله

تبارك وتعالى إال من كان عنده ش11يء فلي11أتني بم11ا أمكن11هفقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فأتى بجيمع ما عنده.

وقام عمر رضي الله عنه فأتى بنصف ما عنده. وقام عثمان رضي الله عنه وأتى بثلث ما عنده.

فقالوا خذ يا رسول الله. ولله عندنا المزيد. فنزل جبريل عليه السالم وق11ال ي11ا رس11ول الل11ه إن رب11ك العلي األعلى يقرئك السالم ويقول لك: اقرأ أبا بك11ر م11نى السالم وقل له أنا راض عنه، فهل هو راض ع11ني؟ ف11أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عن11ه. فبكى

175

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أبو بكر بكاء ش11ديدا وق11ال ي11ا رس11ول الل11ه أن11ا راض راضوففوع11د الل11ه أن يرض11يه وذل11ك قول11ه تع11الى: ولس

يعطيك ربك فترضى قال الحجاج: فما تقول في عمر بن الخطاب؟

ق11ال وم11ا عس11ى أن أق11ول في ف11اروق الس11ماء وف11اروقاألرض.

فرق بين الحق والباطل على لسانه. وإذا كان يوم القيامة يأتي الحق واإلسالم ويتعلقان فيه فيجزع عمر رض11ي الل11ه عن11ه منهم11ا فيق11والن ل11ه ال تج11زع فنحن الح11ق واإلس11الم

اللذان كنت تقوم بنا في الدنيا. ومن ذلك يا حجاج إن رسول الله صلى الله علي11ه وس11لم كان عند حفصة فدخلت علي11ه ص11فية فق11ال له11ا ال تخ11بري عائش11ة فخ11رجت وأخ11برت أم س11لمة. ف11أخبرت أم س11لمة

عائشة رضي الله تعالى عنهن. فتظاهر عليه أزواجه فجاءهن عمر مغضبا فق11ال لهن: لم تتظاهرن على رسول الله صلى الل11ه علي11ه وس11لم عس11ى رب11ه أن طلقكن أن يبدل11ه أزواج11ا. ف11نزلت اآلي11ة ك11ذلك

موافقة لقول عمر رضي الله عنه. قال الحجاج فما تقول في عثمان بن عفان؟

فقال األعرابي وما عسى أن أقول في حافر بئر أرومة. ومجهز جيش الفطرة.

ومن سبح في كفه الحصى. واستحيت منه مالئكة السماء.

ومن ذلك يا حجاج يوم دخل على رسول الل11ه ص11لى الل11ه عليه وسلم وك11ان جالس11ا على األيس11ر وركبت11ه مكش11وفة.

176

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فدخل أبو بك11ر والن11بي علي11ه الص11الة والس11الم على حال11ه. فلما استؤذن لعثمان بادر له وغطى ركبت11ه ف11دخل عثم11ان رضي الله عنه وجلس جلسة الم11ريض يمزح11ه فنظ11ر أب11و بكر إلى عم11ر وعم11ر إلى أبي بك11ر. فق11اال ي11ا رس11ول الل11ه تغطيت من عثمان وعثمان صهرك ونحن أص11هارك. فق11ال الن11بي ص11لى الل11ه علي11ه وس11لم أال أتغطى وأس11تحي ممن

تستحي منه المالئكة؟ فقال الحجاج: ما تقول في حق علي بن أبي طالب؟

قال األع11رابي: وم11ا عس11ى أن أق11ول في ابن عم رس11ول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته البتول. ومن قال له رسول الله صلى الله علي11ه وس11لم: ي11ا علي إن الل11ه أل11ف بين روحي وروحك وكان عرشه على الماء وزوجك فاطمة

واختارك لها من قبل أن يخلق الدنيا بألف عام. فقال الحجاج: فما تقول في الحسن والحسين؟

قال األعرابي وما عسى أن أقول فيمن ول11دتهما البت11ول، ورباهم11ا الرس11ول وراعاهم11ا جبرائي11ل فه11ل لهم11ا مث11ل

وعديل؟ فقال الحجاج فما تقول في معاوية؟

قال وما عسى أن أقول في خ11ال المؤم11نين وك11اتب وحي رسول رب العالمين ورديف رسول الل11ه ص11لى الل11ه علي11ه وسلم على بغلته دل11دل فق11ال ل11ه الن11بي ص11لى الل11ه علي11ه وسلم ما يلبني منك يا معاوية؟ فقال بطني يا رسول الله. فقال النبي عليه الصالة والس11الم مأله الل11ه علم11ا وحلم11ا.

فقال الحجاج ما تقول في يزيد بن معاوية؟ قال األعرابي كما قال من هو خير مني لمن هو شر منك.

قال الحجاج ومن هو خير منك وشر مني؟

177

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقال األعرابي موسى عليه الس11الم خ11ير م11ني، وفرع11ونشر منك.

قال الحجاج فما قال فرعون لموسى؟ ( ولى ( ؟ قال عل]مها51 قال فما بال ال]قرون األ]

ى ل ربي وال ين]س اب ال يض (52 )عن]د ربي في كت 52 - 51طه

فقال الحجاج: فما تقول في عبد الملك بن مروان؟ فقال األعرابي: ذلك والله أخطأ خطيئة مألت بين الس11ماء

واألرض. فقال الحجاج وكيف ذلك؟

ق111ال األع111رابي: والك على أم111ور المس111لمين تحكم فيأموالهم ودمائهم بجور وظلم.

ق11ال فعن11د ذل11ك هم الحج11اج بالس11يف وأش11ار إلى س11يافهليضرب عنق األعرابي.

ق11ال فح11رك األع11رابي ش11فتيه. فخ11ر الس11يف ناحي11ة،والسياف ناحية.

وولى األعرابي ذاهبا. فق11ال الحج11اج: بح11ق معب11ودك أال أخبرت11ني ب11أي دع11اء

دعوت؟ فقال األعرابي: بدعاء إن علمت11ك إي11اه غف11ر الل11ه ل11ك م11ا عليك من حسابهم من شيء. وم11ا من حس11ابك عليهم من

شيء. ثم قال األعرابي يا حجاج!

قلت: اللهم! يا رب األرباب. ويا معتق الرقاب.

178

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ويا هازم األحزاب. ويا منشئ السحاب.

ويا منزل الكتاب. ويا رازق من تشاء بغير حساب.

يا ملك، ويا تواب. يا راد موسى إلى أمه. ويوسف إلى أبيه.

أسألك أن ترزق11ني وتكفي11ني ش11ره إن11ك على ك11ل ش11يءقدير.

فصل في الفكاهة حديث عباس بن األحنف

حدث أبو العباس محمد بن يزيد المبرد قال: ح11دثنا محم11د بن عامر الحنفي، وكان من سادات بكر بن وائل، وأدركت11ه شيخا كبيرا مملقا، وك11ان إذا أف11اد على إمالق11ه ش11يئا ج11اد به ، وق1د ك1ان ق1ديما ولي ش1رطة البص1رة، فح1دثني ه1ذا الحديث الذي أذكره، ووقع إلي من غير ناحيته، وال أذكر ما بينهم111ا من الزي111ادة والنقص111ان، إال أن مع111اني الح111ديث

مجموعة فيما أذكر لك: ذكر أن فتيانا كانوا مجتمعين في نظام واحد، كلهم ابن

نعمة، وكلهم قد شرد عن أهله وقنع بأصحابه، فذكر ذاكرمنهم قال:

179

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كنا قد اكترينا دارا شارعة على أحد طرق بغداد المعمورة بالناس، وكنا نفلس أحيان1ا ونوس1ر أحيان1ا، على مق1دار م11ا يمكن الواحد من أهل1ه، وكن1ا ال ننك11ر أن تق1ع مئونتن1ا على واحد منا إذا أمكنه، ويبقى الواحد منا ال يق11در على ش11يء، فيقوم به أصحابه الدهر األطول، وكنا إذا أيسرنا أكلن11ا من الطعام ألين11ه، ودعون11ا الملهين والملهي11ات، وك11ان جلوس1نا في أسفل الدار، فإذا عدمنا الطرب جلس11نا في غرف11ة لن11ا نتمتع منها بالنظر إلى الناس؛ وكنا ال نخل بالنبيذ في عسر وال يسر؛ فإنا لكذلك يوما إذا بفتى يستأذن علينا، فقلنا له: اصعد. فإذا رج11ل نظي11ف، حل11و الوج11ه، س11ري الهيئ11ة، من أبن11اء النعم؛ فأقب11ل علين11ا فق11ال: إني س11معت مجتمعكم، وحس11ن من11ادمتكم! وص11حة ألفتكم، ح11تى ك11أنكم أدرجتم جميعا في قالب واحد: ف11أحببت أن أك11ون واح11دا منكم فال

تحتشموا. قال: وصادف ذلك منا إقتارا من القوت؛ وكثرة من النبيذ، وق11د ك11ان ق11ال لغالم ل11ه: أول م11ا ي11أذنون لي أن أك11ون كأحدهم، هات ما عن11دك. فغ11اب الغالم عن11ا غ11ير كث11ير، ثم أتانا بسلة خيزران، فيها طعام المطبخ، من جدي، ودج11اج، وفراخ ، ورق11اق ، وأش11نان، ومحلب ، وأخل11ة ؛ فأص11بنا من

ذلك، ثم أفضنا في شرابنا.ه إذا ح11دث، وانبس11ط الرج11ل، ف11إذا ه11و أحلى خل11ق الل وأحس11نهم اس11تماعا إذا ح11دث، وأمس11كهم عن مالح11اة إذا خول111ف؛ ثم أفض111ينا من111ه إلى أك111رم مخالق111ة، وأجم111ل مساعدة؛ وكنا ربما امتحناه بأن ن11دعوه إلى الش11يء ال11ذي نعلم أنه يكرهه، فيظهر لنا أن11ه ال يحب غ11يره، وي11رى ذل11ك في إش11راق وجه11ه؛ فكن11ا نغ11ني ب11ه عن حس11ن الغن11اء، ونتدارس أخب11اره وآداب11ه؛ فش11غلنا ذل11ك عن تع11رف اس11مه ونسبه، فلم يكن من11ا إال تع11رف الكني11ة، فإن11ا س11ألناه عنه11ا

فقال: أبو الفضل. فقال لنا يوما بعد اتصال األنس: أال أخبركم بم عرفتكم؟

قلنا: إنا لنحب ذلك. ق11ال: أحببت جاري11ة في ج11واركم، وك11انت س11يدتها ذات حب11ائب ؛ فكنت أجلس له11ا في الطري11ق ألتمس اجتيازه11ا،

180

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فأراه111ا؛ ح111تى أخلق111ني الجل111وس على الطري111ق ورأيت غ11رفتكم ه11ذه، فس11ألت عن خبره11ا، فخ11برت عن ائتالفكم وتمالئكم، ومساعدة بعض11كم بعض11ا؛ فك11ان ال11دخول فيم11ا أنتم فيه أسر عن11دي من الجاري11ة. فس1ألناه عنه11ا فخبره1ا،

فقلنا له: نحن نخت11دعها ح11تى نظف11رك به11ا! فق11ال: ي11ا إخ11واني، إني والله على ما ترون مني من شدة الشغف والكلف بها، ما قدرت فيها حراما قط وال تقديري إال مطاولتها ومص11ابرتها إلى أن يمن الله ب11ثروة فأش11تريها! فأق11ام معن11ا ش11هرين، ونحن على غاية االغتباط بقربه، والسرور بصحبته، إلى أن اختلس منا، فنالنا بفراقه ثكل ممض، ولوع11ة مؤلم11ة، ولم نعرف له منزال نلتمسه فيه؛ فكدر علينا من العيش ما كان طاب لنا به، وقبح عندنا م11ا ك11ان حس11ن بقرب11ه، وجعلن11ا ال نرى سرورا وال غما إال ما ذكرناه، التصال السرور بصحبته

وحضوره، والغم بمفارقته؛ فكنا فيه كما قال الشاعر: وشر، فما أنفك منهم على ذكر...يذكرنيهم كل خير رأيته

فغاب عنا زهاء عشرين يوم11ا، فبينم11ا نحن مجت11ازون يوم11ا من الرصافة، إذا به قد طلع في موكب نبي11ل، وزي جلي11ل،

ق11ال: ي11ا فلما بصر بنا انحط عن دابته وانح11ط غلمان11ه، ثم إخواني، والله م11ا هن11أني عيش بع11دكم، ولس11ت أم11اطلكم بخ11بري ح11تى آتى الم11نزل، ولكن ميل11وا بن11ا إلى المس11جد. فملنا مع11ه، فق11ال: أع11رفكم أوال بنفس11ي، أن11ا العب11اس بن األحنف؛ وكان من خ11بري بع11دكم أني خ11رجت إلى م11نزلي من عندكم؛ فإذا المسودة محيطة بي، فمضي بي إلى دار

أمير المؤمنين، فصرت إلى يحيى بن خالد، فقال لي: ويحك يا عباس! إنما اخترتك من ظرفاء الش11عراء، لق11رب مأخذك، وحسن تأتيك! وإن الذي ندبتك له من شأنك؛ وقد ع11رفت خط11رات الخلف11اء، وإني أخ11برك أن م11اردة هي الغالبة على أمير المؤمنين اليوم، وأنه ج11رى بينهم11ا عتب؛ فهي بدال11ة المعش11وق ت11أبى أن تعت11ذر، وه11و بع11ز الخالف11ة وش11رف المل11ك ي11أبى ذل11ك؛ وق11د رمت األم11ر من قبله11ا فأعي11اني، وه11و أح11رى أن تس11تعزه الص11بابة؛ فق11ل ش11عرا

يسهل عليه هذه السبيل.181

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقضى كالمه. ثم دع11اني إلى أم11ير المؤم11نين، فص11رت إلي11ه وأعطيت قرطاس11ا ودواة، ف11اعتراني الزم11ع وأذهب ع11ني م11ا أري11د االستحثاث؛ فتعذرت علي كل عروض ، ونف11رت ع11ني ك11ل قافية؛ ثم انفتح لي شيء، والرسل تعنتني؛ فجاءتني أربعة أبي11ات رض11يتها، وقعت ص11حيحة المع11نى، س11هلة األلف11اظ، مالئمة لما طلب مني؛ فقلت ألحد الرسل: أبلغ الوزير أني قلت أربعة أبيات، فإن كان به11ا مقن11ع ووجهت به11ا. فرج11ع إلي الرسول بأن هاتها، ففي أقل منه11ا مقن11ع. وفي ذه11اب الرسول ورجوعه قلت بيتين من غير ذل11ك ال11روي، فكتبت

األبيات األربعة في صدر الرقعة، وعقبت بالبيتين، فقلت: وكالهما متوجد متعتب...العاشقان كالهما متغضب وكالهما مما يعالج متعب...صدت مغاضبة وصد مغاضبا إن المتيم قلما يتجنب...راجع أحبتك الذين هجرتهم

دب السلو له فعز...إن التجنب إن تطاول منكما المطلب

ثم كتبت تحت ذلك: تكون بين الهجر والصرم ...ال بد للعاشق من وقفة

راجع من يهوى على رغم...حتى إذا الهجر تمادى به ثم وجهت بالكتاب إلى يحيى بن خالد، فدفعه إلى الرشيد، فقال: والله ما رأيت ش11عرا أش11به بم11ا نحن في11ه من ه11ذا،ه يا أمير والله لكأني قصدت به! فقال له يحيى: وأنت والل المؤمنين المقصود به؛ هذا يقوله العباس ابن األحنف في

هذه القصة، فلما قرأ البيتين وأفضى إلى قوله: راجع من يهوى على رغم اس11تغرب ض11احكا ح11تى س11معت ضحكه، ثم قال: إي والله، أراجع على رغم! يا غالم، ه11ات نعلي. فنهض، وأذهل11ه الس11رور عن أن ي11أمر لي بش11يء؛

فدعاني يحيى وقال: إن شعرك قد وقع بغاية الموافقة، وأذه11ل أم11ير المؤم11نين السرور عن أن يأمر لك بشيء. قلت: لكن ه11ذا الخ11بر م11ا وق11ع م11ني بغاي11ة الموافق11ة! ثم ج11اء غالم فس11اره، فنهض

وثبت مكاني ثم نهضت بنهوضه؛

182

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فقال لي: يا عباس، أمسيت أنبل الناس! أتدري ما سارنيبه هذا الرسول؟

قلت ال. قال: ذكر لي أن ماردة تلقت أمير المؤم11نين لم11اعلمت بمجئيه،

ثم قالت: يا أمير المؤمنين، كيف كان هذا؟ فناولها الشعر، وقال: هذا أتى بي إليك!

قالت: فمن يقوله؟ قال: عباس بن األحنف. قالت: فيم كوفىء؟

قال: ما فعلت شيئا بعد. قالت: إذا والله ال أجلس حتى يكافأ!

قال: فأمير المؤمنين قائم لقيامه11ا وأن11ا ق11ائم لقي11ام أم11يرالمؤمنين، وهما يتناظران في صلتك، فهذا كله لك.

قلت: ما لي من هذا إال الصلة! فقال: هذا أحسن من شعرك.

قال: فأمر لي أمير المؤمنين بمال كثير، وأمرت لي ماردة بم11ال دون11ه، وأم11ر لي ال11وزير بم11ال دون م11ا أم11رت ب11ه!

وحملت على ما ترون من الظهر! تمام اليد عندك أن ال تخرج من ال11دار ثم قال الوزير: من

ح11تى يؤه11ل ل11ك ه11ذا الم11ال ض11ياعا. فاش11تريت لي ض11ياعبعشرين ألف درهم، ودفع إلي بقية المال.

فهذا الخبر الذي عاقني عنكم، فهلموا حتى أقاسمكم الضياع، وأفرق فيكم المال قلنا له: هنأك الله، فكل منا

يرجع إلى نعمة من أبيه. فأقسم وأقسمنا فقال:]فتكونون[ أسوتي فيه. فقلنا: أما هذه فنعم.

قال: فامضوا بنا إلى الجارية حتى نشتريها. فمشينا إلى صاحبها، وكانت جارية جميلة حلوة، ال تحسن شيئا، أكثر ما فيها ظرف اللسان وتأدية الرس11ائل، وك11انت تساوي على وجهها خمسين ومائة دينار؛ فلم11ا رأى مواله11ا ميل المشتري استام بها خمسمائة، فأجبناه بالعجب فحط مائة، ثم قال العباس: يا فتيان، إني والله أحتشم أن أقول بعد ما قلتم، ولكنه11ا حاج11ة في نفس11ي، به11ا يتم س11روري، فإن ساعدتم فعلت. قلن11ا ل11ه: ق11ل ق11ال ه11ذه الجاري11ة أن11ا

183

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أعاينها منذ دهر، وأريد إيث11ار نفس11ي به11ا؛ ف11أكره أن تنظ11ر إلي بعين من ق11د م11اكس في ثمنه11ا! دع11وني أعطي11ه به11ا خمسمائة دينار كما سأل! قلنا ل1ه: وإن1ه ق1د ح1ط م1ائتين.

قال: وإن فعل. قال: فصادفت من موالها رجال حرا، فأخذ ثالثمائة وجهزها

بالمائتين! فما زال إلينا محسنا حتى فرق الموت بيننا.خبر دعبل وصريع الغواني-

حدثنا أبو سويد بن أبي عتاهية عن دعبل بن علي الش11اعر قال: بينا أنا ذات يوم بباب الكرخ وأنا س11ائر، وق11د احت11وى الفكر على قلبي في أبيات شعر قد نطق به11ا اللس11ان من

غير اعتقاد جنان، فقلت: ونوم عيني به انقباض...دموع عيني لها انبساط

فإذا أنا بجارية فائق11ة الجم11ال ح11وراء الط1رف، يقص1ر عن نعتها الوصف؛ لها وج11ه زاه11ر، ون11ور ب11اهر، فهي كم11ا ق11ال

الشاعر: في كل جارحة منها لها...كأنما أفرغت في قشر لؤلؤة

قمروهي تسمعني، فقالت:

بلحظها األعين المراض...هذا قليل لمن دهته فأجبتها:

أو للذي في الحشا انقراض؟...فهل لموالي عطف قلب فأجابتني فقالت:

فالود في ديننا قراض ...إن كنت تبغي الوداد منا ق11ال دعب11ل: فلم أعلم11ني قبله11ا خ11اطبت جاري11ة تقط11ع األنفاس بعذوبة ألفاظها وتختلس األرواح ببراع11ة منطقه11ا، وتذهل األلباب برخيم نغمتها، مع تالعة جيد ، ورشاقة ق11د، وكمال عق11ل، وبراع11ة ش11كل، واعت11دال خل11ق؛ فح11ار والله البص1111ر، وذهب اللب، وج1111ل الخطب، وتلجلج اللس1111ان، وتغللت الرجالن؛ وما ظنك بالحلفاء إذا دنت من الن11ار؟ ثم

ثاب إلي عقلي، وراجعني حلمي، فذكرت قول بشار: قول تغلظه وإن جرحا ...ال يمنعنك من مخدرة

والصعب يمكن بعدما جمحا ...عسر النساء إلى مياسرة

184

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

هذا لمن حاول ما دون الطمع فيه اليأس منه، فكيف بمنوعد قبل المسألة، وبذل قبل الطلبة؟ فقلت مسمعا لها:

ويضم مشتاقا إلى مشتاق؟...أترى الزمان يسرنا بتالق فقالت مجيبة لي في أسرع من نفس:

أنت الزمان فسرنا بتالق!...ما للزمان يقال فيه وإنما قال دعبل: فلحظتها ومضيت وتبعتني، وذلك في أيام إمالقي، فقلت: مالي إال منزل مسلم صريع الغواني،

فسرت إلى بابه، فاستوقفتها وناديته، فخرج: فقلت له: أكمل الخير، معي وجه صبيح، يعدل ال11دنيا بم11ا فيه11ا، وق11د حص11ل على ض11يقة وعس11ر! فق11ال: ق11د ش11كوت م11ا ك11دت أباديك بشكواه! ائت بها. فلم11ا دخلت ق11ال: والله ال أمل11ك غير هذا المنديل! فقلت: هو البغية فناولنيه. فقال: خذه ال بارك الله لك فيه! فأخذته، فبعته بدينار وكسر، فاش11تريت لحما وخبزا ونبيذا، وصرت إليه: فإذا هما يتساقطان ح11ديثا كأنه قطع الروض المعط11ور؛ ق11ال: م11ا ص11نعت؟ فأخبرت11ه؛

قال: كيف يصلح طعام وشراب وجلوس مع وجه نظيف بال نقل

وال ريحان وال طيب؟اذهب فالطف لتمام ما كنت أوله.

قال: فخرجت فاضطربت في ذلك حتى أتيت به، فألفيت باب الدار مفتوحا، فدخلت؛ فإذا ال يرى لهما وال لشيء

مما أتيت به أثر، فسقط في يدي، وقلت: أرى ص11احب الرب11ع أخ11ذهما! فبقيت متلهف11ا ح11ائرا، أرجم الظنون وأجيل الفكر سائر يومي؛ فلم11ا أمس11يت قلت في نفسي: أفال أدور في البيت لعل الطلب يوقفني على أثر؟ ففعلت، فوقفت على باب سرداب له، وإذا هما ق11د هبط11ا فيه، وأنزال معهم11ا جمي11ع م11ا يحتاج11ان إلي11ه، ف11أكال وش11ربا

وتنعما؛ فلما أحسستهما دليت رأسي ثم ناديت: مسلم! ويلك! فلم يجبني، حتى ناديت ثالثا؛ فكان من

إجابته لي أن غرد بصوت يقول فيه: جنب القلب طاهر...بت في درعها وبات رفيقي

األطراف ثم قال: دعبل، ويلك! من يقول هذا؟ قلت:

185

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قد أنافت على علو مناف...من له من حر امه ألف قرن قال: فضحك، ثم سكتا، واستجلبت كالمهم11ا فلم يجيب11اني، وأخذا في لذتهما، وبت بليلة يقصر عمر ال11دهر عن س11اعة

منها طوال وغما! ح11تى إذا أص11بحت ولم أك11د، خ11رج إلي مس11لم، فجعلت

أؤنبه، فقال لي: يا صفيق الوجه! م11نزلي، ومن11ديلي، وطع11امي،

وشرابي؛ فما شأنك في الوسط؟ وجه11ه قلت له: حق القيادة والفضول والله ال غير! ف11ولىإليها وقال: بحياتي إال أعطيتيه حق قيادته وفضوله!

قالت: أما حق قيادته فعرك أذنه، وأما حق فضوله فص11فعقفاه!

فاستقبلني مسلم فعرك أذني وصفعني، فقلت: ما هذا؟ فقال: جرى الحكم عليك بما جرى لك من

العذل واالستحقاق!

الخدم والقيان-الحسين بن الضحاك وشفيع خادم المتوكل

ح11دثنا عيس11ى بن أحم11د الك11اتب ق11ال: ق11ال الحس11ين بن الضحاك: دخلت على جعفر المتوكل، وشفيع الخادم ينضد وردا بين يدي11ه- ولم يع11رف في ذل11ك الزم11ان خ11ادم ك11ان أحس11ن من11ه وال أجم11ل- وعلي11ه ثي11اب م11وردة، ف11أمره أن

يسقيني ويغمز كفي؛ ثم قال لي: يا حسين، قل في شفيع. وقد كان حيا المتوكل بوردة،

فجعل المتوكل يشرب ويشم الوردة؛ فقلت: من الورد يمشي في...وكالدرة الحمراء حيا بأحمر

قراطق كالورد بكفيه تستدعي الشجي إلى...ويغمز كفي عند كل تحية

الورد فأذكرني ما قد نسيت من...سقاني بكفيه وعينيه شربة

العهد من الدهر إال من...سقى الله دهرا لم أبت فيه ليلة

حبيب على وعد!186

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فأمر المتوكل ش11فيعا أن يس11قيني، وبعث مع11ه إلي بتحاي11افي عبير وشمامات من قصص الذكاء

القصة األولى:- عام11ا على عب11ور الح11دود20 مواطن بلجيكي دأب طوال

نحو ألمانيا بشكل يومي على دراجت11ه الهوائي11ة ح11امال على ظهره حقيبة مملوءة بالتراب، وكان رجال الحدود األلم11ان على يقين أن11ه "يه11رب" ش11يئا م11ا ولكنهم في ك11ل م11رة ال

يجدون معه غير التراب السر الحقيقي لم يكشف إال بعد وفاة السيد ديستان حين وجدت في مذكراته الجملة التالية: "حتى زوج11تي لم تعلم

أنني بنيت ثروتي على تهريب الدراجات إلى ألمانيا"!!. أما عنصر الذكاء هنا فهو : ذر الرم11اد في العي11ون وتحوي11ل

أنظار الناس عن هدفك الحقيقي القصة الثانية: -

جاء عن حذيفة بن اليمان انه ق11ال: دع11اني رس11ول الل11ه ونحن في غ11زوة الخن11دق فق11ال لي: اذهب الى معس11كر قريش ف11انظر م11اذا يفعل11ون، ف11ذهبت ف11دخلت في الق11وم )والريح من شدتها ال تجعل أح11دا يع11رف أح11دا( فق11ال اب11و سفيان: ي11ا معش11ر ق11ريش لينظ11ر ك11ل ام11رئ من يج11الس )خوفا من الدخالء والجواسيس( فقال حذيفة: فأخذت بي11د الرج11ل ال11ذي بج11انبي وقلت: من أنت ي11ا رج11ل؟ فق11ال

مرتبكا: أنا فالن بن فالن!. وعنصر الذكاء هنا.. : أخذ زم11ام المب11ادرة والتص11رف بثق11ة

تبعد الشك؟

القصة الثالثة:

187

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أم11ا أب11و حنيف11ة فتح11دث يوم11ا فق11ال: احتجت إلى الم11اء بالبادية فمر أعرابي ومع11ه قرب11ة م11اء ف11أبى إال أن يبيع11ني إياها بخمس11ة دراهم ف11دفعت إلي11ه ال11دراهم ولم يكن معي غيره11ا.. وبع11د أن ارت11ويت قلت: ي11ا أع11رابي ه11ل ل11ك في السويق، قال: هات.. فأعطيته سويقا جافا اكل من11ه ح11تى عطش ثم قال: ناولني ش1ربة م11اء؟ قلت: الق11دح بخمس1ةدراهم، فاس111111ترددت م111111الي واحتفظت بالقرب111111ة!!.

.. وعنصر الذكاء هنا :إضمار النية وخلق ظروف الفوز

القصة الرابعة وأخ11يرا هن11اك حرك11ة ذكي11ة بالفع11ل ق11ام به11ا أح11د النبالء الفرنسيين.. ف11ذات ي11وم ع11اد لقص11ره قلق11ا متجهم الوج11ه فس11ألته زوجت11ه عن الس11بب فق11ال: أخ11برني الم11اركيز كاجيلسترو )وكان معروفا بممارسة السحر والعرافة( انك تخونينني مع أقرب أصدقائي فص11فعته بال ش11عور.. فق11الت الزوجة بهدوء: وهل أفهم من هذا أنك لم تصدق ادعاءه!؟ فقال: بالطبع لم أصدق كالم11ه، إال أن11ه ه11ددني بقول11ه "إن كان كالمي صحيحا ستستيقظ غدا وق11د تح11ولت إلى قط11ة س11وداء"!.. وفي ص11باح الي11وم الت11الي اس11تيقظت الزوج11ة فوجدت بجانبها قطة نائم1ة فص1رخت من ال1رعب والف1زع ثم ع111ادت وركعت أمامه111ا تعت111ذر وتطلب منه111ا الص111فح والغفران.. وفي تلك اللحظة بالذات خرج الزوج من خلف

الستارة وبيده سيف مسلط!. وعنصر الذكاء هنا هو : استغالل خرافات اآلخرين واالتج11اهبتفك11111111يرهم لنهاي11111111ة تخ11111111دم مص11111111لحتك !!.

القصة الخامسة: عندما كادت هيئة المحكم11ة أن تنط11ق بحكم اإلع11دام على قاتل زوجته والتى لم يتم العثور على جثتها رغم توافر كل األدلة التي تدين الزوج - .. وقف محامى الدفاع يتعلق بأي

قشة لينقذ موكله ... ثم قال للقاضي 188

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

"ليصدر حكما بإعدام على قاتل ... البد من أن تتوافر لهيئة المحكمة يقين ال يقبل الشك بأن المتهم قد قتل

الضحية .. و اآلن .. سيدخل من باب المحكمة ... دليل قوى على

براءة موكلى و على أن زوجته حية ترزق !!... و فتح باب المحكمة و اتجهت أنظار كل من فى القاعة

الى الباب ...و بعد لحظات من الصمت و الترقب ...

لم يدخل أحد من الباب ...و هنا قال المحامى ...

الكل كان ينتظر دخول القتيلة !! و هذا يؤكد أنه ليسلديكم قناعة مائة بالمائة بأن موكلى قتل زوجته !!!

و هنا هاجت القاعة اعجابا بذكاء المحامى ..و تداول القضاة الموقف ...

و جاء الحكم المفاجأة ....حكم باإلعدام

لتوافر يقين ال يقبل الشك بأن الرجل قتل زوجته !!!و بعد الحكم تساءل الناس كيف يصدر مثل هذا الحكم ...

فرد القاضي ببساطة... عندما أوحى المحامى لنا جميعا بأن الزوجة لم تقتل و

مازالت حية ... توجهت أنظارنا جميعا إلى الباب منتظريندخولها إال شخصا واحدا في القاعة !!!

إنه الزوج المتهم !! ألنه يعلم جيدا أن زوجته قتلت ...وأن الموتى ال يسيرون

189

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قصة من بركة بر الوالدين :هذه القصة ترويها إحدى المعلمات تقول: -

كنت مراقبة على إحدى اللجان أيام االختبارات ، وبينما أنا أنتظر دخول الطالبات إلى اللجنة واكتم11ال ع11ددهم دخلت طالبة شاحبة اللون وجلست في مكانها ، بع1د ه1ذا ج11اءت أوراق االختبارات ، وبعد ما وزعته11ا لمحت ورقت الطالب11ة الشاحبة خالية من أي حرف واندهشت من أمره11ا وع11دت لمراقبة الطالبات . وبع11د ف11ترة رأيت تل11ك الطالب11ة ، وق11د أمسكت قلمها وبدأت تكتب األجوب11ة بس11رعة وق11د ظننته11اوجدت طريقة جديدة للغش وجلست أركز في مراقبتها .

190

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وبعد لحظات رن جرس انته11اء وقت االختب11ار ثم ت11وجهت إليها وسألتها عم11ا ح11دث له11ا ؟ فق11الت : أن11ا لم أنم ليل11ة البارح11ة ألني كنت س11اهرة م11ع أمي المريض11ة أمرض11ها ، وكنت أفكر أن ال أذهب لالختبار ولكن قلت س11أذهب لعلي أتذكر ش11يئا ، وفعال ذهبت ، وأول م11ا رأيت ورق11ة االختب11ار ظننت أني لم أنجح ، ولك11ني دع11وت الل11ه ب11أحب األعم11ال إلي11ه )ب11ر الوال11دين( أن يس11اعدني، وفعال اس11تجاب الل11ه لدعائي وكأني رأيت الكتاب أمامي وعدت لورق11تي وأجبت

عنها كلها..... سألوا معلمة : لماذا لم تتزوجي ، فماذا كان-

جوابها؟؟

معلمة في إحدى المدارس ، جميلة وخلوقة ، سألتها زميالتها في العمل : لماذا لم تتزوجي مع أنك تتمتعين

بالجمال ؟ فقالت: هناك امرأة لها من البنات خمس ، فهددها زوجه11ا إن ولدت بنتا فس11يتخلص منه11ا ، وفعال ول11دت بنت11ا ، فعم11د هذا الرجل إلى البنت ووضعها عند باب المسجد بعد ص11الة العشاء ، وعند صالة الفجر وجدها لم تؤخذ، فأحضرها إلى الم11نزل ، وك11ل ي11وم يض11عها عن11د المس11جد وبع11د الفج11ر يجدها ! سبعة أيام مضت على هذا الحال، وك11انت وال11دتها

تقرأ عليها القرآن المهم مل الرجل فأحضرها وفرحت بها األم.. حملت

األم مره أخرى وعاد الخوف من جديد فولدت هذه المرة ذكرا، ولكن البنت الكبرى ماتت، ثم حملت بولد آخر

فماتت البنت األصغر من الكبرى !! وهكذا إلى أن ولدت خمسه أوالد وتوفيت البنات الخمس

!!… وبقيت البنت السادسة التي كان يريد والدها التخلص منها

191

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

!!وتوفيت األم وكبرت البنت وكبر األوالد.

قالت المعلمة : أتدرون من هي هذه البنت التي أرادوالدها التخلص منها ؟؟

إنها أنا ، تقول لهذا السبب لم أتزوج ، ألن والدي ليس ل11ه أحد يرعاه وهو كبير في السن ، وأن11ا أحض11رت ل11ه خادم11ة وسائق ، أم11ا إخ1وتي الخمس1ة األوالد فيحض1رون لزيارت1ه، منهم من ي111زوره ك111ل ش111هر م111رة ومنهم ي111زوره ك111ل ش11هرين !! أم11ا أبي فه11و دائم البك11اء ن11دما على م11ا فعل11ه

بي ..يا سبحان الله

فصل : قصص لطيفة

192

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

قصة مضحكة :-

في أي111ام أزم111ة الخليج ع111ام التس111عين ، بعض الع111ائالتالكويتي1111ه أس1111كنتها الحكوم1111ة في مجم1111ع اإلس1111كان ولمن ال يع111رف مجم111ع اإلس111كان ه111و : مجموع111ة من العمارات العالي11ة ولم تكن مس11كونه من قب11ل ، المهم في أح11د األي11ام ))ك1ان الش11خص المتح11دث(( ذاهب الى هن11اك وجاء وقت الصالة ، وق11د ك1ان األخ11وان )الس11اكنين(عن11دما يحين وقت الص11الة يتجمع11ون أس11فل أح11د ه11ذه العم11ارات يع11ني في )الص11الة الس11فلية الواس11عة( ويق11دمون اإلم11ام

ويصلون ولضيق المكان وكثرة الناس ال يوجد مكان لإلمام

فيقومون بفتح باب المصعد ويضعون عصى )خشبه( يمسكون بها الباب حتى ال يغلق ، ويقدمون اإلمام في

المصعد ، فيكون المصعد بمثابة محراب لإلمام والمصلينمن خلفه ، والصفوف من خلفه وهكذا في كل صالة

في يوم كان يصلي معهم أطفال ، وكان بعض األطفاليلعبون

كبر اإلمام للسجود ، وسجد الجميع أحد األطفال حرك العصى التي يتم بها تثبيت المصعد

حتى ال يتحرك انطبق باب المصعد ، وصعد باإلمام إلى فوق ، وهم

ياغافلين لكم الله ، ما زالوا ساجدين إلى أن جاء واحد من الخارج وقال باللهجة الكويتية

الجميلة : يا معودين إمامكم ؟؟؟؟ إمامكم صعد فوق ، قطعوا الصالة طبعا وبعد لحظات رجع المصعد وفيه

اإلمام وهو يكاد يغمى عليه من الضحك ، وال تسأل عنحالة المصلين وقد سجدوا أطول سجدة في التاريخ

قصه ميت يغمز ألحد المصلين ؟-193

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

حكاية صاحبنا هذا تبدو ضربا من الخيال .. رغم أنها واقعةحقيقية حسب ما يرويها أحد أقاربه نقال عنه ..

فقد اعتاد هذا الرجل , على فترات زمنية متباعدة , أن يخرج من بلدته , بسيارته متوجها إلى منطقة بعيدة

لمتابعة وإنجاز أموره التجارية . وكان في منتصف الطريق تقريبا يمر ببلدة صغيرة بها

محطة بنزين وبعض المحالت , ليمأل سيارته بالوقود ويعرج على المحالت ليشتري بعض األشياء التي قد

يحتاجها وفي إحدى المرات ، شاهد مجموعة من الرجال يحملون نعشا لمتوفى , فنزل من سيارته دون تفكير ومشى في

جنازة هذا الميت. وكان يحمل النعش سبعة من الرجال , وهو ثامنهم , فلما

وضعوا النعش على األرض وبدءوا يصلون على الميت ...... وصاحبنا واقف يصلي على الميت معهم , حانت منه التفاته نحو الميت الذي انكشف الغطاء عن

وجهه ، فإذا بالميت يخرج لسانه ويغمز بعينه!!!! فترك صاحبنا الصالة وفر هاربا إلى سيارته ال يلتفت إلى

خلفه ..فلما أدار محرك السيارة وتحرك من مكانه .. فإذا به يرى الميت مقبل يركض باتجاهه , فجن جنونه وضغط

على البنزين فأسرع كالصاروخ مبتعدا هاربا بعيدا عن هذهالبلدة .

وكان فيما بعد , وألشهر عده ، كلما جاء هذا الطريق ال يتوقف في هذه البلده . ولم يجد تفسيرا لما رأى

وحدث !!! .. ولم يخبر أحدا بما حدث ، فهو غير مصدقفكيف يضمن أن يصدقه اآلخرون ؟! ..

وأخفى األمر حتى ال يكون موضع سخرية . وبعد أشهر ... بينما هو على عادته مارا بهذا الطريق ، اضطر للتوقف عند هذه البلدة بسبب نفاذ خزان الوقود ، حيث

194

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

لم يكن آخذا حيطته . فتوقف وهو وجل خائف , يتلفت يمينا ويسارا .

وفجأة ....وفجأة..إذا برجل يضع يده على كتفه ! ...فلما التفت فإذا به وحها لوجه أمام الرجل الميت الذي صلى عليه قبل عدة أشهر فأخذته المفاجأة لبرهة وجمد في

مكانه , ثم حاول أن يهرب إال أن الرجل الميت تمسك بهجيدا وهو يقول:

يا ابن الحالل اذكر الله ، أهدأ أريد أن أعلمك الحكاية ! وبين الرعدة وشيء من الهدوء واالطمئنان بسبب لهجة

الرجل الهادئة . فحكى الرجل الحكاية الغريبة قائال: يا أخي أنا رجل نظول , أصيب الناس بالعين , فجماعتي

ضاقوا ذرعا مني ومن أعمالي كل يوم متسبب في اإلضرار بأحد الناس صاكه بعين ,

فقالوا نريد أن نصلي عليك صالة الميت , ألنه يقولون أن الحاسد إذا صليت عليه صالة الميت يبطل مفعول العين

للناس , وأنا قلت لجماعتي الذي ارونه سأفعله . والذين رأيتهم كانوا عيال عمي وجماعتي , مكفنيني

وشاليني في نعش . وأنا يوم شفتك معهم عرفت إنك على نيتك تحسب أني

ميت , فقلت امزح معك ،طلعت لك لساني وغمزت لك , ويوم شفتك هربت , قلت الرجال الحقه اليستخف ,

وركضت وراك أريد أعلمك ، لكنك ركبت السيارة وهربت .. واآلن يوم وقفتك والله أني عرفتك على طول

وجيت أعلمك فلما سمع صاحبنا الحكاية أخذته نوبة من الض11حك , بينم11ا الرجل يدعوه لتناول القهوة وكان هو يش11ير معت11ذرا لع11دم

استطاعته التحدث لشدة الضحك -اليهودي الذي اشترى جهنم !!!

195

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

في زمن مضى كان ال بابات ) بابات = جمع بابا ( يبيعون للناس أراض في الجنة وكانت أسعارها غالية جدا ورغم غالئها إال أن الناس مقبلون عليها بشكل كبير جدا ,

فكان الشخص بشراءه أرضا في الجنة يضمن دخوله الجنة مهما فعل من معاصي في الدنيا , ويأخذ الشخص

صكا )عقدا( مكتوب فيه اسمه وأنه يملك أرضا فيالجنة ..!!!!

كان ربح الكنيسة من هذه المبيعات عاليا جدا جدا ولكن في يوم من األيام جاء أحد اليهود للبابا وقال له :" أريد شراء النار كاملة " , فتعجب البابا من أمر هذا اليهودي

واجتمع مسؤولوا الكنيسة كاملة وقرروا بينهم القرار التالي ] أراضي النار أراض كاسدة� خاسرة , ولن يأتينا غبي أخر غير هذا الغبي ويشتريها منا , إذا سنبيعها له

بثمن عالي ونتخلص منها

وقرر ال بابا أن يبيع له النار واشترى اليهودي النار كاملة من الكنيسة وأخذ عليها صكا ) عقدا ( مكتوب فيه

أنه اشترى النار كاملة .

وبعدها خرج اليهودي للناس جميعا وقال لهم إنه اشترى النار كاملة ورأى الجميع العقد المكتوب فيه ذلك وقال لهم :" إن كنت قد اشتريت النار كاملة فهي ملكي وقد

أغلقتها ولن يدخلها أي أحد فما حاجتكم لشراء أراض فيالجنة وقد ضمنتم عدم دخول النار ألني أغلقتها ؟

وعندها لم يشتر أي شخص أرضا في الجنة ألنه ضمن عدم دخول النار وعندها بدأت الكنيسة تخسر أموال تلك

التجارة ولم تعد تدر لها شئيا وعادت الكنيسة واشترت

196

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

النار من هذا اليهودي ولكن بأضعاف أضعاف أضعافسعرها األصلي

فصل قصص مفزعة : عاطلين إلى حيلة م11اكرة لس11رقة ص11يدلية "ف11ؤاد"5-لجأ

بمنطقة المهندسين، حيث ادعى أحدهم إصابته بجرح قطعى فى يده، وطلبوا من الصيدلى إسعافه، وأثن11اء انش11غاله بتحض11ير الش11اش الط11بى أش11هروا األس11لحة الناري11ة، واس11تولوا على مبل11غ م11الى من الخزين11ة، ثم استولوا على كمية كب11يرة من األدوي11ة ومستحض11رات

التجميل وفروا هاربين.بصق على القاضي-

ش11هدت محكم11ة عين ولم11ان في والي11ة س11طيف بش11رق الجزائر حادثة فريدة من نوعها، قام خالله11ا متهم بالبص11ق

197

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

على القاضي، وقذفه بالحذاء على طريقة منتظر الزي11دي؛الذي قذف الرئيس األمريكي السابق جورج بوش بحذائه. وذكرت صحيفة "الشروق الي11ومي" الجزائري11ة - ، بع11د أن نطق القاضي بالحكم، وق11رر إدان11ة المتهم بس11نتين حبس11ا

بتهمة النصب واالحتيال. وأض11افت أن11ه بمج11رد أن س11مع المتهم منط11وق الحكم، استشاط غضبا، ولم يتردد في شتم القاضي والبصق عليه أمام دهشة الجميع وراح يردد عب11ارة "ل11و س11مع )ال11رئيس عب111د العزي111ز( بوتفليق111ة بحكم111ك ألدخل111ك أنت الس111جن

وأعطاني البراءة". وأشارت الصحيفة إلى أن األمر لم يتوقف عند ه11ذا الح11د؛

عام11ا الخ11روج من35بل ح11اول المتهم الب11الغ من العم11ر القفص المخص111ص للمتهمين، لي111أمر القاض111ي عناص111ر

الشرطة بالتدخل وإلقاء القبض عليه. وعلى رغم إمس111اكه من قب111ل الش111رطة تمكن من ن111زع حذائه وقذف ب11ه القاض11ي فأص11ابه، في حرك11ة مفاجئ11ة لم

يتوقعها أحد. وقرر القاضي فتح قض11ية جدي11دة للمتهم، وس11ماعه بتهم11ة إهانة هيئة قضائية أثناء أدائه11ا مهامه11ا، وهي القض11ية ال11تي

قد تكلفه ضعف العقوبة التي أدين بها.قتل ابنه-

25أقدم ستيني أردني على قتل ابنه البالغ من العمر عاما أثر مشادة كالمية بينهما على مائدة اإلفطار مساء

األربعاء الماضي. وذكرت صحف أردنية الخميس أن الجريمة وقعت في

مدينة الرمثا ،شمال المملكة ،وان األب طعن االبن برقبتهما أدى الى مقتله.

198

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وأضافت الصحف أن األب قام بعد ارتكاب جريمته بتسليمنفسه للشرطة معترفا بقتل ابنه نتيجة خالقات بينهما.

أغرقهم في النيل - عاما سائق من قري11ة جب11ل50سعد شمردن عبد اللطيف

النور شرق النيل بمركز ببا محافظة بنى سويف ض11اق ب11ه العيش بعد الث11ورة وت11رك عمل11ه بع11د خالفات11ه م11ع ص11احب السيارة التى كان يعمل عليها وحاول إيج11اد فرص11ة أخ11رى إال أنه فشل وأصبح بال عم11ل وأم11ام ض11غوط الحي11اة دخ11ل فى خالفات كثيرة مع زوجته والتى تركت ل11ه الم11نزل بع11د فش11له فى الحص11ول على عم11ل وتوف11ير نفق11ات الم11نزل تارك11ه خمس11ة أطف11ال فى الم11نزل تع11انى ثالث11ة منهن منم111111111111111111رض جل111111111111111111دى م111111111111111111زمن.

اختفى األب أمس عن األنظار عدة س11اعات وع11اد مه11روال إلى الم11نزل يس11أل عن بنات11ة الثالث11ة ليس11رع إلى مرك11ز

الشرطة وأمام رئيس المباحث "والدى اتخطفوا ". تم إبالغ مدير أمن بنى سويف وتشكيل فريق بحث، حيث تبين من التحريات اختالف11ات فى رواي11ات األب ال11تى أدلى

7بها "إنه لديه خمسة أوالد من بينهم ثالثة بن11ات "فاطم11ة س11نوات" خ11رجن نه11ارا3 سنوات، وزينب 6سنوات، والء

ولم يعدن حتى نهاية اليوم، وإنه يخشى غ11رقهن فى مي11اه النيل أو خطفهن، خاصة والدتهما بمنزل أسرتها من11ذ ع11دة

أيام بسبب خالفات كثيرة نظرا النعدام الحالة المالية. وكانت قوات اإلنق11اذ النه11ري انتش11لت جث11تى والء وزينب بع11د أن طفي11ا على الم11اء ب11القرب من إدارة المس11طحات

المائية بمدينة بنى سويف. وكش111فت التحري111ات أن )األب( يع111انى من اض111طرابات نفسية كث11يرة من11ذ ف11ترة وبتض11ييق الخن11اق حول11ه اع11ترف بقتله بناته الثالثة، وأنه اص11طحبهم إلى الني11ل الق11ريب من

199

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

منزله بالقرية، وأغرقهن في المياه، وأن السبب الرئيس11ي فى ذل11ك ه11و ض11يق ذات الي11د( وم11ا زال البحث جاري11ا عن

الجثة الثالثة "فاطمة". قصة غريبة -

هذه طريفة عفوية وقعت في شهر رمض11ان المب11ارك دون قص111د أو مداعب111ة، ولكن111ني أدرجه111ا ض111من الطرائ111ف الرمضانية. تولى القضاء في بغداد األستاذ محيي الدين. ال أتذكر اسمه الكامل، فقد كان قاض11يا على األح11داث، على الصغار، والصغار ال يتذكرون من الكبار غير اسمهم األول، مثلم11ا ال يت11ذكر الكب1ار من الص11غار غ11ير وق1ائعهم وبالويهم

ومصايبهم. بحل11ول ش11هر رمض11ان، ع11زم األس11تاذ مح11يي ال11دين على الصوم، ربم11ا ألول م11رة في حيات11ه، ألن11ه عن11دما فتش عن المص11حف الش11ريف لتالوة ش11يء من ال11ذكر الحكيم في المناسبة، لم يجد أي نسخة منه في البيت. فبعث بالخ11ادم ليأتي11ه ب11ه، ال من س11وق الكتب، وإنم11ا من المحكم11ة حيث

توجد نسخة يستعملونها ألداء اليمين. فجاءه الخادم بها. ع11اد في الي11وم الت11الي للمحكم11ة وش11اء الل11ه أن تتض11من جلسات المحكمة إفادة من أحد الشهود، واقتضى ذلك أن يؤديها بعد القسم. فتشوا عن المصحف فلم يجدوه. فراح كاتب الضبط يولول ويشتم، »الله أك11بر، يع11ني به11ذا البل11د يسرقون حتى كالم الله؟! ومن المحكمة؟! الله يلعن ك11ل

من أخذه«. ال شك في أنها ك11انت لعن11ة تس11رع فيه11ا واض11طر لس11حبها واالعتذار عنه11ا بع11د أن ع11رف أن القاض11ي ه11و ال11ذي أخ11ذ

المصحف. فبعثوا بالفراش ليستعيده، وأجلوا المحاكم11ة إلى م11ا بع11د

الظهر.

200

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ولكن الفراش كان رجال أمي11ا، ويظه11ر أن زوج11ة القاض11ي كانت هي األخرى أمية فأعطته القاموس العصري إللي11اس

أنطون إلياس. جاء به الفراش للمحكمة. فتقدم الشاهد ووضع ي11ده علي11ه

وقال: »بحق هذا كالم الله ما أقول غير الحقيقة«. ال أدري ما الذي سيقوله الفاضل إلي11اس أنط11ون إلي11اس، مؤل11ف الق11اموس، عن ه11ذه الش11هادة البليغ11ة لقاموس11ه الش11هير ل11و أن11ه س11مع به11ا! ولكن الش11هادة ج11رت. وتلته11ا شهادة أخ11رى، ب11ل وش11هادات وش11هادات على م11ر األي11ام، والقاض11ي يحكم بموجبه11ا دون أن يفطن أح11د إلى حقيق11ة

هذا الكتاب المطروح على الطاولة للشهادة. جاءت أيام وفاتت أيام وقدر الله أن يحضر للشهادة رج11ل يهودي. ومن عادة اليه11ود أن ي11دققوا في الكتب وال11دفاتر. نظر إلى الكتاب نظرة سريعة وقال أنا موسوي. أنا أقسم بالتوراة وال أقسم بالقاموس العصري، إنجليزي/ ع11ربي أو

عربي/ إنجليزي. ص11رخ ب11ه القاض11ي »ش11نو؟ ج11اي تم11زح م11ع المحكم11ة؟

تأدب!«. مد الرجل يده ليعرض الكتاب على القاض11ي، ولكن ك11اتب الض11بط، ص11رخ ب11ه، »ج11ر إي11دك من كالم الل11ه! ال تمس

الكتاب!«، فجر اليهودي يده باحتشام وسكت. الح11ظ الك11اتب العن11وان المطب11وع على الغالف. وأدرك أن هذا اليهودي لم يقل غير الحق. قام وهمس ش11يئا في أذن القاضي الذي قضى بقية اليوم يتأم11ل في ك11ل الش11هادات التي سجلها واألحكام التي أصدرها بناء على القس11م به11ذا الكت11اب المغل11وط. لم يكن كالم الل11ه ق11ط ب11ل ك11ان كالم النصراني إلياس أنط11ون! تمتم القاض11ي م11ع نفس11ه أخ11يرا وقال: »من يدريني؟ يمكن كل ه11الوزراء والم11ديرون اللي

201

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

حلف11وا ب11اإلخالص للمل11ك وال11وطن، حلف11وا على الق11اموسالعصري للخواجة إلياس أنطون!«.

حكاية علي شار مع زمرد الجارية- وحكي أنه ك11ان في ذل11ك الزم11ان وس11الف العص11ر واألوان تاجر من التجار في بالد خراسان اسمه مجد وله مال كثير وعبيد ومماليك وغلمان، إال أنه بلغ من العم11ر س11تين س11نة ولم يرزق ولدا وبعد ذلك رزق11ه الل11ه تع11الى ول11دا فس11ماه عليا، فلما نشأ الغالم ص11ار كالب11در ليل11ة التم11ام. ولم11ا بل11غ

202

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

مبلغ الرج11ال وح11از ص1فات الكم1ال ض1عف وال1ده بم1رض الموت فدعا بولده وقال له: يا ول11دي إن11ه ق11د ق11رب وقت المنية وأريد أن أوصيك بوصية فقال له: وما هي يا وال11دي فقال له: اوصيك أنك ال تعاشر أحد من الن11اس وتجنب م11ا يجلب الضر والي11أس وجليس الس11وء فإن11ه كالح11داد إن لم

تحرقك ناره يضره دخانه ومن أحسن قول الشاعر: وال صديق إذا خان الزمان ما في زمانك من ترجو مودت1ه

وفى ها قد نصحتك فيما قلته فعش فريدا وال تركن إلى أح1د

وكفى فقال: يا أبي سمعت وأطعت ثم ماذا أفعل? فقال: افعل الخير إذا قدرت ودم على صنع الجميل من الناس واغتنم بذل المعروف فما في كل وقت ينجح الطلب وما أحسن

قول الشاعر:تأتي صنائع اإلحس1ان ليس في كل ساعة وأوان

حذر من تعذر االمكانفإذا أمسكتك بادر إليه1ا

ل-دعوين لحفد المريس يجل في السودان العزفافه حتى تتبلل مالبسهم بالدماء

من أغ11رب ع11ادات الزف11اف الس11وداني على اإلطالق، هم طقس الجلد بالسياط، المنتش11ر في من11اطق قبلي11ة، حيث يقوم العريس بجلد مدعوين لحف11ل زفاف11ه على ظه11ورهم حتى تتبلل مالبسهم بالدماء، ويكون ذلك وسط جم11وع من النساء الكبار والفتي1ات ورؤس1اء القبائ1ل، واله1دف إظه1ار

شجاعة رجال القبائل. ويحدث قبل حفل ال11زواج بثالث11ة أي11ام، أن يحبس الع11ريس في بيته، بينما تحضر فتي11ات العائل11ة الحن11اء ويض11عنها على

قدميه ويديه طيلة هذا األيام. ويشارك أصدقاء العريس الذين سبق لهم الزواج في ه11ذا الطقس، الذي يهدف إلى إح11داث ض11جة اجتماعي11ة وس11ط “الح1ارة” ح1تى يس1تعد الجمي1ع للمش1اركة في المناس1بة، ال11تي ي11وبخ من لم يحض11رها، وب11ذلك يحظى الي11وم األخ11ير للعرس، بأكبر ع11دد من المش11اركين يف11وق األل11ف ش11خص

203

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

من النس111111اء والرج111111ال في كث111111ير من األحي111111ان.ا لش1هر كام11ل، وال يس1مح له1ا أما العروس11ة، فتحبس أيض11 برؤية زوجها المستقبلي، وذلك بهدف زيادة جرعة اللوع11ة واالشتياق، وجعل الظهور مفاجأة في حف11ل الزف11اف تبه11ر

الحضور بمن فيهم العريس نفسه وأهله. إال أن بعض العرس1ان يتس1للون إلى بيت أس1رة العروس1ةس1111111111111را لرؤيته1111111111111ا دون علم الع1111111111111ائلتين. ويقول الباحث االجتماعي السوداني ال11دكتور عب11د ال11رحيم

″بالل في تصريحات ل1 ” إرم نيوز إن “ظاهرة الجل11د ت11دل على الرجول11ة وإظه11ار الفروس11يةلج11111111111111111111111111111ذب الفتي11111111111111111111111111111ات”. وأضاف أن “من بين العادات ال11تي ب11دأت في ال11زوال هي عادة دخان المرأة الذي ك1ان يزده1ا جاذبي1ة ويجعله1ا أك1ثر

جماال”.

هل فات األوان - استيقظت ألداء ص11الة الفج11ر، وكعادته11ا أخ11ذت جول11ة بين غ111رف األوالد والبن111ات إليق111اظهم ، ع111ادت إلى حجرته111ا وأيقظته للمرة الثانية، دقائق معدودة وتقام الص11الة، نظ11ر إلى الس111اعة وهب من مكان111ه بس111رعة ونط111ق بجملت111ه

المعهودة:- لن أنتظرهم، أيقظيهم ليلحقوا بي.

توض11أ وذهب للمس11جد على عج11ل، وع11ادت م11رة أخ11رى ألوالدها، أحدهم يتوض11أ، واآلخ11ر ينتظ11ر أخوت11ه، وش11قيقهم األص11غر ال زال نائم11ا في فراش11ه، أيقظت11ه للم11رة الثاني11ة، دقائق ويغادر الجميع المكان، بدأت الصالة فور خ11روجهم، تأخروا كعادتهم، وتوقعاتها كبيرة لجرعة ت11وبيخ تتلقاه11ا من وال11دهم ل11دى عودت11ه، أدت ص11التها، وإذا ب11الجميع يع11ودون وك1ل منهم يتوج11ه إلى فراش11ه ليحظى بالراح11ة قليال قب11ل

204

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

بزوغ الش11مس، حمله11ا كعادت11ه مس11ئولية ت11أخر أوالده عنالصالة، وذهب إلى فراشه لينام قليال قبل موعد العمل.

ه11دأ ال11بيت، ف11الجميع ع11ادوا إلى الن11وم، أس11رعت ب11نزول الس111اللم متوجه111ة إلى المطبخ، أع111دت بعض الش111طائر، ومق11دارا من الش11اي والحليب، وس11ارعت ب11ترتيب بس11يط لمطبخها، واستعدت بتحضير مبدئي لوجبة الغ11داء، نظ11رت إلى ساعتها، الوقت قد أزف، ويجب عليه11ا إيق11اظهم م11رة أخرى ،تس11ارع بص11عود الس11اللم، توق11ظ البن11ات ثم األوالد، يستيقظ الجميع فتحثهم على السرعة ،تذهب إلى حجرته11ا الرتداء مالبس المدرسة، تتحرك بهدوء خوف11ا من إيقاظ11ه، تنتهي على عج11ل، تخ11رج من حجرته11ا وتن11اديهم، أوش11ك الجمي11ع على الت11أخر، يتراكض11ون على الس11اللم ،يتن11اولون إفط11ارا خفيف11ا ،ومن ثم ينطلق11ون إلى الس11يارة ،توص11دأب1111111111111111واب ال1111111111111111بيت وتلح1111111111111111ق بهم. المعان11اة اليومي11ة في ه11ذه اللحظ11ات، الجمي11ع يخش11ى الت11أخر، وك11ل منهم يص11ر أن ي11ذهب أوال ،تتلقى ص11راخهم بص11مت، والس11ائق في ح11يرة من طلب11اتهم، وتع11رف أنه11ا كالعادة ستكون ضحية للدور األخ11ير، تص11ل إلى المدرس11ة مت1111أخرة، ت1111دخل المدرس1111ة وق1111د ب1111دأت اإلذاع1111ة المدرسية ،تستحث الخطا نحو اإلدارة، لق11د س11بقها الخ11ط األحمر وحل مك11ان توقيعه11ا الي11ومي، ال ب11أس م11رة أخ11رى فالمهم اآلن أن المديرة في طابور الصباح، ومنش11غلة م11ع الطالبات، تسارع بالخروج من اإلدارة، وت1دخل إلى حج1رة المعلمات وأنفاسها متسارعة ،كل شيء تقوم ب11ه بس11رعة ومع ذلك يكون نصيبها التأخر في كل شيء، أسرعت مرة أخ111111رى إلى فص111111لها، ووج111111دت م111111ديرتها له111111ا بالمرص11اد ،اض11طربت، تلعثمت، وفي النهاي11ة تلقت تأنيب11اقاس1111111يا، أط1111111رقت برأس1111111ها ودخلت فص1111111لها.

205

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

في منتص11ف الي11وم الدراس11ي حض11رت إليه11ا المرش11دة الطالبية برفقة بعض أمهات الطالبات، أسئلة متالحق11ة من األمهات، وإجابات صريحة منها، فهذه ابنتها ثرث11ارة، وتل11ك ابنتها مهملة ،واألخ11رى ابنته11ا انطوائي11ة ،وفي النهاي11ة تج11د نفس11ها مطالب11ة بمراع11اة الطالب11ات ،فهي معلم11ة وتعت11بر بمكانة األم الثانية للطالبات في المدرس11ة ،واألك11ثر من ذا وذاك فهي تتقاض111ى راتب111ا مجزي111ا وعليه111ا تحم111ل ك111ل شيء ،أومأت برأسها عالمة الموافق11ة ،وانس11حبت لتكم11ل

عملها. ذهبت إلى غرف11ة المعلم11ات لتمض11ية حص11ة فراغه11ا بين أك11وام األوراق لتص11حيحها، تمنت أن تحظى ببعض المتع11ة مع أحاديث زميالتها، لم تج11د ل11ديهن جدي11دا، أخب11ار األزواج والخادم11ات تتك11رر ،ووص11ف دقي11ق لطريق11ة تحض11ير بعض األطباق، وفي نهاية المط11اف ك11ان الح11ديث عن األس11واق والمحالت واألم11اكن المناس11بة والتخفيض11ات الموس11مية، رفعت رأسها لفترة بسيطة، تابعت قليال ولكنها سرعان ما انكبت على أوراقها مرة أخ11رى وهي تأم11ل أن تنتهي منه11ا

مع نهاية هذه الحصة. وفي نهاي11ة الي11وم الدراس11ي تقابله11ا الم11ديرة في أح11دالمم111111رات، وتبتس111111م له111111ا وتبادره111111ا بقوله111111ا:- • اعذريني لقسوتي معك ص1باح الي1وم، إن1ه واجب العم1ليس1111111111تدعي م1111111111ني أن أك1111111111ون حازم1111111111ة.

• أعذرك!!!نعم أعذرك، وأعذر الجميع لكل شيء ذهبت إلى فصلها م11رة أخ11رى، وكلم11ات اعت11ذار الم11ديرة ترن في رأسها، ورأي المرشدة الطالبية ماثل أمام عينيها، ونظرات أمهات الطالبات لها ال تفارق مخيلتها، ومس11ئولية الطالبات بين يديها ،فكرت في حالها ووضعها الي11ومي م11ع

206

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كل هؤالء، زوجها يؤنبها عندما تتوانى في إيقاظ11ه ،أوالده11ا يؤنبونه11ا عن11دما ال يج11دون حاجي11اتهم كامل11ة ونظيف11ة في أماكنها، المديرة تؤنبها على تأخره11ا الي11ومي، وفي الظه11ر جرع11ة ت11أنيب من الجمي11ع، فالغ11داء لم يكن ج11اهزا في الوقت المحدد ،الجمي11ع ج11ائعون ويري11دون الن11وم!!ق11ارنت بين وضعها مع طالباتها وإدارتها المدرسية من جه11ة ،وبين زوجه11ا وأوالده11ا من جه11ة أخ11رى ،ال تعلم س11ببا لمقارنته11ا المفاجئة بينهن وبين زوجها وأوالدها ،تش11عر بوج11ود عام11ل مش11ترك، فكره11ا المنه11ك لم يعطه11ا فرص11ة لتحدي11د ه11ذا

العامل ،هزت كتفيها وتابعت عملها. ينتهي الي11وم الدراس11ي، هي األولى في رك11وب الس11يارة، تتذكر موعد خ11روج كال منهم، تري11د تنظيم مروره11ا عليهم، تتم11نى أن تس11لم ول11و لم11رة واح11دة من غض11ب بعض11هم للتأخر، تمر عليهم الواحد تلو اآلخر، التعب والمل11ل بادي11ة على وج1111وههم، وابنه1111ا البك1111ر يتمتم ببعض العب1111ارات الغاضبة ،الذت بالصمت ولم تعلق بأي ش11يء، س11بحت في س11ماء أفكاره11ا، وأح11داث يومه11ا تم11ر متسلس11لة أم11ام

ناظريها. تصل إلى البيت، تستحث الخطى إلى مطبخها، تكم11ل م11ا بدأته صباحا، تسابق الدقائق والث11واني لينتهي الطع11ام في ال111وقت المح111دد، ذهب الجمي111ع إلى حج111راتهم لتغي111ير مالبس111هم، أم1111ا هي فق1111د بقيت في مالبس111ها لض1111يق الوقت ،يأتي زوجها، ويحين موعد الطعام، يحض11ر الجمي11ع ولكن الطعام لم ينتهي بعد، تذمر واضح، وبعض االنتقادات الالذعة، يريدون تناول الطعام اآلن ليتسنى لهم النوم قليال قب11ل أذان العص11ر، تع11د المائ11دة وتحض11ر الطع11ام، ينتهي الجميع ويذهبون للنوم ،تذهب في هذه اللحظة على عجل لتب11ديل مالبس11ها، تع11ود بس11رعة إلى مطبخه11ا، تنظي11ف

207

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وت11رتيب إلى موع11د أذان العص11ر، تنظ11ر إلى الس11اعة بين لحظة وأخرى، فسمعها يخونه11ا أحيان11ا فال تس11مع الم11ؤذن، حان وقت الصالة، جولة جدي11دة بين الحج11رات، بعض11هم ال يستيقظ من أول مرة، تكرار وتأكيد حتى يهب الجمي11ع من فرشهم، ي11ذهب ال11زوج م11ع أوالده إلى المس11جد المج11اور، وفي هذه اللحظ11ة ت11دخل حجرته11ا، ت11ؤدي الص11الة ومن ثم

تعود إلى المطبخ ألعداد الشاي. تجلس بينهم، تش1111عر ب1111التعب واإلره1111اق، تنظ1111ر إلى وجوههم ،أحاديث متنوعة ،مرح يتعدى الح11دود ،نفس11ياتهم تغ11يرت عن الص11باح ،أم11زجتهم ليس11ت كم11ا ك11انت ظه11را، يشعرون بمتع11ة الراح11ة اآلن بع11د عن11اء ي11وم كام11ل، وتب11دأ موج11ة من االعت11ذار، زوجه11ا يلقي بكلم11ة رقيق11ة ويطلب

 السماح عما يبدر منه من عصبية ويقول:- • اعذريني فأنت تعرفين أنني أكون حاد المزاج دائم11ا م11ع

استيقاظي من النوم.• نعم أعذرك.

تكتمها بين جنبات صدرها، وتستكمل أعمالها، ها هي ابنتها البكر تعتذر عن حدة مزاجه1ا أيض1ا، وتع11ترف أمامه1ا بأنه11ا كانت مخطئ11ة، االبن أيض11ا ل11ه نص11يب من موج11ة التأس11ف واالعتذار لما حدث في ساعات هذا اليوم، والجميع بعد أن ترت11اح أعص11ابهم من ش11قاء ي11وم بأكمل11ه يعلنونه11ا أمامه11ا،

اعذرينا. نعم تعذرهم، تعذر زوجها لعصبيته ،ومديرتها

لقسوتها ،وابنتها لحدة مزاجها، وابنها عن شقاوته ،وتلميذاتها إلهمالهن ،وفي لحظة يسيرة تتأمل

 نفسها، وتقول فيما بينها وبين نفسها :-نعم أعذرهم ،أعذرهم جميعا.

208

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

 تتوقف فجأة وتقولها بصوت عال وألول مرة :- نعم، أنا أعذركم، أعذركم جميعا ولكن أنا من

يعذرني؟؟؟؟؟؟نهاية المطاف -

العودة إلى مقاعد الدراس11ة ب11ات هاجس11ا ي11ؤرق مض11جعه، ومالحقة الركب صار حلما يداعب أجفانه ،ووظيفت11ه تق11ف حجر عثرة في الطريق ،وزوجته وأطفاله ومتطلب11اتهم ق11د يكونون عقبة أخرى فعندما تخرج من الثانوي11ة العام11ة ه11و وكثير من رفاقه طرقوا على الفور أب11واب الوظيف11ة ال11تي كانت مت11وفرة في ذل11ك الحين ،وبع11د س11نوات قليل11ة تغ11ير الوض111ع ،فالك111ل يواص111ل ويبحث عن تخص111ص يحتاج111ه المجتمع، كان يلوم نفسه بين الحين واآلخر، وأحيانا يعاتب والدي11ه لع11دم نص11حه في ال11وقت المناس11ب ،فق11د أمس11ك بزمام وظيف11ة عادي11ة بع11د حص11وله على الش11هادة الثانوي11ة دون حاجة لذلك ،فأحوال والده المادي11ة ك11انت جي11دة، ولم يكن مقص11را تج11اه أوالده ،إنهم رفاق11ه إذا ،لم يكن ل11ديهم أدنى اهتم11ام لطلب العلم ،وك11انت طموح11اتهم مح11دودة فحذا حذوهم، وما أن أقنعوا أنفسهم بعدم جدوى مواص11لة الدراسة حتى أقنع نفسه معهم ،ولكن الرغبة في تحص11يل العلم، والحص11ول على ش11هادة عالي11ة تحاص11ره اآلن ،ولم تبخل نفسه عليه ببعض المقارنات بينه وبين أخوته األصغر سنا، فعبدالله توج11ه لدراس11ة الهندس11ة المعماري11ة، وخال11د يدرس الطب ،وعم11ر اخت11ار الحاس11ب اآللي ،أم11ا ه11و فق11د كان ينظر إلى نفسه ش11زرا وه11و يقب11ع خل11ف مكتب جام11د

من الصباح إلى ما قبل العصر بقليل. هاجس إكمال الدراسة كان الشغل الشاغل لعقله، وفكره كان يعمل باستمرار ،ت11ذهب الفك11رة أحيان11ا ومن ثم تع11ود

209

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

بشكل أقوى وأكبر ،وكان يس11أل نفس11ه بين الحين واآلخ11رأسئلة ال يجد لها أجوبة:-

- هل من طريقة للتعويض عما فات؟؟- هل يتحقق األمل بوجود بيت وأطفال؟؟

- هل من سبيل للجمع بين العمل والوظيفة؟؟ - هل من الممكن التخلي عن جلسات األصدقاء ورحالتهم

الخلوية؟؟ هل، وهل، وهل ،أسئلة كثيرة تكاد ال تفارقه لحظة واح11دة والفكرة تأخذ حيزا كبيرا من وقته ،وقد بدت آثارها واضحة على محياه، زوجت11ه تتس11اءل عن تغ11يره وش11روده ال11دائم، وزمالءه في العمل ك11ذلك ،وأص11دقاءه الحظ11وا أيض11ا ،فلم يعد مرحا كسابق عهده ولم تكن له رغبة في إدارة حديث أو تص111در جلس111ة ،جميعهم يتس111اءلون ولكن111ه يواج111ه تساؤالتهم بصمت مطبق ،كان فيما بينه وبين نفسه يتوق11ع الس11خرية من الجمي11ع ،ولم يج11د حماس11ا للتعب11ير عم11ا في نفسه ألي شخص كان ،وكان لهذه الخطرات ت11أثيرا س11لبيا على أداءه الوظيفي، وازداد الهمس حوله عن الحالة التي يعيشها مؤخرا، ولم يعد مديره يطي11ق ص11برا، فالعم11ل أهم من كل شيء ،واإلخالل في أي ج11انب من جوانب11ه س11يؤثر

على األداء بشكل عام. استدعاه المدير على عجل، ورحب به في مكتبه، وبدأ

معه حديثا وديا ،كان من الواضح أنه يحاول استمالته ،ومعرفة مالبسات وضعه الحالي، وهل هي من صميم العمل أم خارجية ،في البدء شعر ببعض الحماس

للبوح بمكنون أعماقه ،ولكنه تردد قليال وتساءل عن جدوى كالمه مع مديره ،ومع إلحاح مديره وتلميحه بالمساعدة إذا كانت في مقدوره عاد الحماس إليه

210

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

مجددا،يريد رأي المحيطين بفكرة عودته إلى مقاعد الدراسة،وهل ستكون هذه الفكرة محل ترحيب أم

استهجان؟؟بدأ كالمه برموز لم تكن واضحة:-- الحقيقة أني قد عملت بالشهادة الثانوية....................

- وماذا في ذلك؟؟- المجتمع تغير وقد تغيرت النظرة أيضا إلى...............

- إلى ماذا؟؟- إلى الشهادات التي يحملها كل شخص.

- لم أفهم معنى كالمك. - انظر إلى تعامل أفراد المجتمع ،وطريقة تعاملهم مع

اآلخرين وفق تخصصاتهم وأعمالهم.- هذا شيء طبيعي.

- ومن ثم انظر إلى الوظائف ومستوياتها أيضا.- وهذا أيضا أسلوب طبيعي متبع في جميع دول العالم.

تململ مديره لحظات قصيرة وهو يفكر بمعنى هذاالحوار، وبعد قليل ابتسم عالمة البدء في فهم المقصود:-

- تريد أن تكمل تعليمك إذا بعد هذه السنوات.- لم أقرر وإنما أفكر فقط.

وقف المدير فجأة ومد يده مصافحا وقسمات وجهه تباركهذه الفكرة، وهو يردد:-

- فكرة رائعة، خطوة جريئة، وفقك الله. مد يده أيضا وهو يشعر ببعض الراحة، فأهم شخص في

موضوعه قد أيده وأبدى استعداده للتعاون من خالل تنظيم العمل ومراعاته ،ولكن هناك الرفاق والزوجة

واألوالد ، أوالده الذين كبروا والتحقوا بالمدارس ،ذهب إلى مكتبه، ونظرات زمالء تستطلع خبر اجتماعه الخاص

مع المدير لم تكن لديه رغبة في مفاتحتهم اآلن ،فقد كان يفكر في زوجته، ويعتبرها الطرف الثاني في موضوعه

من حيث األهمية.211

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

عاد إلى بيته ه11ذا الي11وم وه11و أحس1ن ح11اال من األي11ام السابقة، واستبشرت زوجته خيرا بهذا التحسن ،وسارعت إلعداد طعام الغداء ،ولكنه ناداه11ا لتك11ون الش11خص الث11اني ال11ذي يب11وح ل11ه بفكرت11ه ال11تي أقلقت11ه لف11ترة طويل11ة ،ب11دأ الحديث وهو يتأم11ل ت11أثيره على قس11مات وجهه11ا، ويتوق11ع معارض11تها وقوله11ا بأن11ه ال تواف11ق بين دراس11ة ج11ادة وبيت مليء باألطف11ال ،انتهى كالم11ه ،وانتظ11ر ردة فعله11ا س11واء ك11انت بالس11لب أو اإليج11اب ،ابتس11مت ل11ه ،وتمتمت ببعض الكلم11111ات ،فهم معناه11111ا، فه11111ا هي أيض11111ا تش11111اركه الطموح ،وتعلن أمامه أتم االستعداد للتعاون معه لتحقي11ق هذه الرغبة ،فبعض التنازالت لن تضرها شيئا ،أما الشهادة

التي يسعى للحصول عليها فستكون لصالح الجميع. تغيرت حالت11ه بس11رعة، واتخ11ذ الق11رار على عج11ل، تناس11ى فارق العم11ر بين11ه وبين طلب11ة الجامع11ات في ه11ذا ال11وقت، وبات ليلت11ه يفك11ر في التخص11ص المناس11ب، ومن أي كلي11ة يب11دأ انطالقت11ه، وب11دأ في إع11داد األوراق المطلوب11ة ،آخ11ر شهادة حصل عليها ،صورة للبطاقة الشخصية ،وغيرها من األوراق ،وسارع بتقديم هذه األوراق ،وانتظر الموافقة من الجهة المسئولة ،مقابلة شخصية وبعدها اتص11ال إلخط11اره بالموافقة ،ومع بداية العام الدراسي تب11دأ رحلت11ه م11ع كتب العلم والمعرف11ة ،تنس11يق بين11ه وبين م11ديرة في العم11ل لل11ذهاب إلى الكلي11ة في أوق11ات مح11ددة، فدراس11ته عن طريق االنتساب صعبة، ولكنه يحاول كسر حاجز الص11عوبة عن طريق االتصال المباشر ببعض الطلبة واألساتذة، يتابع عل111ومهم من خالل مجه111وده الشخص111ي، ويس111ير وف111ق ج1داولهم اليومي1ة، الجمي11ع استش1ف حرص1ه وإقبال1ه على

العلم، فأقبلوا بدورهم عليه لمساعدته.

212

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

مرت الفصول الدراسية الواحد تلو اآلخر، وه11و في نج11اح مستمر، ومستوى تحصيله متف11اوت من م11ادة إلى أخ11رى، افتقده األص11دقاء ،وأمط11روه بس11خريتهم الالذع11ة ،وح11اول بعضهم جذبه لبعض الوقت ،ولكنه تصدى إلغ11راءاتهم بك11ل ق11وة وش11موخ ،ولم يتج11اوب معهم إال في اإلج11ازات، ك11ان يش11عر ببعض التقص11ير تج11اه بيت11ه وأطفال11ه ،ولكن زوجت11ه ك1111انت ته1111ون األم1111ر علي1111ه ،وتش1111جعه على التس1111لح بالصب ،وتذكره بكثير من األقارب والمعارف الذين أكملوا دراس111اتهم العلي111ا بع111د س111نوات من العم111ل وم111ع ذل111ك نجحوا ،فال فرق في نظرها بين المراحل الدراسية ،ك11انت بكلماتها تشد من أزره ،وتشحذ همته للمتابعة بعد التوك11ل على الل111111111111111ه س111111111111111بحانه وتع111111111111111الى. السنة النهائية كانت نهاي1ة المط1اف ،ك1انت األي1ام س1ريعة على المصاعب التي اعترتها ،وكان يشعر بكثير من التعب والمل11ل وه11و بين أك11وام الكتب والمجل11دات ،ولكن حب11ه للعلم ورغبت11ه في تط11وير ذات11ه كان11ا يخفف11ان من ح11دة اإلرهاق الذي يشعر به ،قسم جل وقته بين عمله ودراسته وبيت11ه ،ولم يكن لدي11ه متس11ع من ال11وقت ألي ش11يء آخ11ر، اق11ترب الع11ام الدراس11ي من نهايت11ه ، وازداد م11ديره في العمل في مراعاته ،وكانت زوجت1ه تش1جعه أيض1ا، وعن1دما حانت اللحظة الحاسمة ،وبدأت االختب11ارات ك11ان على أتم االستعداد ،ولكنه في نفس الوقت كان يشعر بالرهب11ة من خوض11ها ،ويت11وجس دائم11ا من النت11ائج ،ولكن تل11ك الف11ترة الحاسمة انتهت بسرعة ،وكانت النتيجة باهرة ،تلقى بعدها التهاني من الجميع ،وفي ظل نجاحه وفرحته نسي معان11اة السنوات األربع السابقة ،وأخذ يع11د الع11دة لمواص11لة طلب

العلم في مراحل متقدمةولدي قد طال انتظارك-

213

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

 إهداء إلى كل محروم من نعمة الولد إلى كل من اشتاقت نفسه إلى كلمة بابا أ و ماما

إلى أصحاب دموع الليالي وآهات تهز الجبال~ أهدي لكم هذه القصة الواقعية التي الزمت أحداثها

 بنفسي لمدة اثنتي عشر سنة فلعلها تخفف عن وطأة ما تعانون

 بل ربما ترسم لكم األمل من جديدأخوكم ومحبكم / كرم مبارك

ولدي كم طال انتظاري  كانت دموعي تشق طريقها كالعادة في شقوق اعتادت

عليها وعرفت مجراها على وجنتي ، وأنا مستلق على ظهري فوق سريري الحديدي في مساء يوم إجازة عن العمل المدرسي الشاق وحيدا بين جدران غرفة صغيرة

في هذا البلد العربي الذي أعمل فيه بعيدا عن زوجتيوأهلي وأحبابي ..

آه كم أطلت النظر إلى هذا السقف المشقوق فوقي فبرغم الضوء الخافت إال أني مازلت أرى بوضوح الشقوق التي حفظت مجراها والتي يتخللها قشرات ألصباغ قديمة

تتساقط بين حين وآخر على سريري أما الجدران فمصبوغة بألوان الطيف المتداخلة مع بعضها وقد بدأ الملح يزحف إليها بفعل الرطوبة الدائمة حتى أصبح

منظره مشمئزا منفرا ..!!ولكن ماذا أفعل فهكذا هي حياة العزاب ..

فمنذ أن رجعت زوجتي إلى وطني قبل سنوات بأمر من الطبيب لكي تكون قريبة إلى تحقيق األمل المنشود الذي يبدو أنه لن يأتي ، أصبحت وحيدا في هذه الغرفة الوحيدة

الكئيبة في هذه العمارة المتهالكة بعد أن تركت الشقة التي كنا نعيش فيها وانتقلت إلى أفقر حي في هذه

 المدينة وها أنا أزورهم في كل إجازة صيف ، في زيارة ال أتمناها

214

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

بل أفضل الغربة عنها !!

كعادتي أنا مستلق على سريري والنوم يأبى إال أنيعاندني ويجافي عيوني ، ونفس التساؤل يراودني ؟

هل من الممكن أن أرزق بمولود بعد خمسة عشر سنةمن الزواج ؟!

وخاصة أن زوجتي تعدت األربعين سنة وكادت أن تالمسسن اليأس في اإلنجاب

 أنه هاجس يطاردني ليل نهار ككابوس جاثم على صدري استبدلت وضعية نومي عل وعسى أن يذهب عني هذا

الكابوس ولكن هيهات ، فمن يعرفني يعرف أنه لم ينفك عني منذ السنة الثانية للزواج عندما تسلل هذا الهاجس

إلى داخلي بعدما تزوج أخوتي وأصدقائي من بعد ثم أنجبوا

وهكذا تزوج أمة من القوم وأنجبوا أما أنا فقد كان مجرد عطف الناس علي وأسئلتهم المتكررة تقتلني عدة مرات قبل أن أعود إلى الحياة ثانية كجثة متحركة ال تمتلك من هذه الحياة سوى قلبا مازال فيه جبال من األمل والرجاء وقدمان تحمالن هذه الجثة لتذهبان بها إلى العمل أو إلى

 المسجد ثم تعود وعينان تزيدان من بؤسي عندما أنظر إلى الصغار يلعبون هنا وهناك وأسمع صرخاتهم وكأنها أعذب األلحان وأطربها ، ولكم تمنيت هذه الصرخات في بيتي تفسد علي هدوئي

القاتل وتصم أذني اللتين لم تسمع إلى اآلن كلمة \" أبي \"

لم تكن زوجتي المسكينة بأقل حاال مني ولكن عزاءها أنها مازالت بين األهل واألحباب في بلدنا يخففون عنها ألمها ويجبرون مصابها وخاصة إن آمالنا قبل أكثر من سنة قد

215

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

غنا إنها حامل ، ثم بعد أشهر المست السحب بعد أن بل تحطمت هذه اآلمال وانكسرت على جبال اليأس فقد كان

حمال كاذبا !هكذا يقال !!

حتى الحمل يكذب ؟!!أتراه يسخر من جراحنا ؟!!

أم تراه يتلذذ بآهات البؤساء ودموعهم ؟! كنا قد تكيفنا مع مصيبتنا لفترة من الوقت وغضينا الطرف

 عن اإلنجاب فقد أصبح بعيد المنالوسكت الناس عنا ورفعنا الراية البيضاء ورضينا بالقدر

ولكن هذا الحمل الكاذب جدد األوجاع ونكل في الجروح وفتح المواجع ، حتى أصبحت هذه المآسي هاجسا يوميا

مريعا ... تقتلني الوحدة هنا مع إنني من اختارها ، فقد كانت أعين األهل والجيران واألصدقاء كأنها سهام تدخل في جسدي

لتنتزع روحي ، ومن ثم تحولت النظرات إلى الهمز والغمز واللمز

فآثرت الهروب طلبا لراحة الجسد وأمان األلسن والنظرات وكذلك طلبا للمال الذي به يتجدد أمل اإلنجاب وتفتح به أبوابا في مستشفيات في بلدي كانت مسدودة

علينا نحن الفقراء ، فإذا بي أواجه عدوا جديدا وقاتالشرسا بطيئا آخر يسمى " الوحدة "

المالحتى بت – أستغفر الله - أخشى سماع اآلية أمام الناس ، ألنني بكل والبنون زينة الحياة الدنيا

بساطة كنت أنهار وتسبقني العبرات وأفقد رباطة جأشي مع إنني دائما أحاول أن أبدو قويا راضيا بقدر الله تعالى

 غير مهتما إال بما قدره الله لي هكذا كنت أمام الناس وهكذا كنت أوحي لهم وبهذا كنت

 أتمتم ، مع إنني في داخلي عكس ذلك تماما216

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كانت كل قطعة في داخلي تبكي بل وتصرخ وتتساءل :أيأتي صباح يحمل إلي خبرا سعيدا ؟!

أم سيأتي مساء� يحمل لي أمل جميال ؟؟

وكانت كأنها تجيب نفسها : بعد خمسة عشر سنة أال تملأو تكل يا رجل !!

انس يا محمود فليس لك نصيب في الذرية أبدا كتب عليك أن تموت هكذا وينتهي أثرك

كتب عليك أن تعلم األطفال وتحنو عليهم وتالطفهم ولكندون أن تسمع كلمة " بابا " !

ولم أنت قاسية في إجاباتك أيتها النفس ؟تلطفي بي ، قولي شيئا يسعدني أو اسكتي على األقل !!

 أو قولي لي اصبر وتجلد وال تفقد األمل أو قولي انتظر فرج الله فإن عطاءه ال ولن ينقطع

قولي لي ما أجمل الصبر وما أجمل الثقة بالله العليالعظيم !

كانت اللحظات شبه السعيدة الوحيدة هي عندما تهاتفنيزوجتي أو أهاتفها وال نتطرق فيها إلى هذه القضية ..

كان االتفاق بيننا أال نتطرق إلى هذا الموضوع بتاتا ، ألنها حتما ستنتهي إلى البكاء وعدم إكمال الحديث

فكم كانت - أم أحمد - هكذا كنت أناديها منذ بداية زواجنا ولم أكن أدري أن أحمد لن يأتي - تحمل لي األمل دائما

 في مكالماتها تارة تقول لي : لقد زار بلدنا طبيب عالمي وبشرني أن

الحمل قريب وتارة تقول : لقد رأت فالنة رؤيا وفسرها فالن على إننا

سنرزق بمولود ! وتارة تقول : لقد قرأت في مجلة متخصصة أنهم وجدوا

217

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

 عالجا للعقم وتأخر اإلنجاب كم كنت أتعذب وأنا أسمعها وهي تخفف عني وتريد

إدخال السرور إلى نفسي في حين إني أعلم يقينا إنها داخليا منهارة أكثر مني وبمجرد أن تغلق الهاتف دوني

ستنفجر في البكاء كم أنت عظيمة يا أم أحمد ،تخففين عني في حين أنا من

يجب أن يخفف عنك !  وتحملين همي وهمك معا

 لذا اتفقنا أال نتطرق إلى هذا الحديث مطلقاولكن هيهات فكل آمالنا وآالمنا تجمعت عند هذه النقطة

حتى صمتنا للحظات يوحي إنه صمت النداء ، نداء الفطرة ، فطرة حب الولد والذرية

 ولكننا كنا كأننا نهرب من الجحيم إلى الجحيم لم نترك طبيبا ، وال حكيما ، وال راقيا ، وال وسيلة تمكننا

من الذرية إال وطرقناها  ذهبت إلى العمرة ثم إلى الحج وهناك بكيت بكاء مرا  كل كان يدعو غفران الذنوب إال أنا كان دعائي مختلفا

لو كانت أصوات النفوس تسمع لبكي لدعائي كلالذاكرين و الطائفين

ولو كانت دعوات القلوب تفوح لغمرت رائحة حزني جميعالساجدين والراكعين ...

 وهنا انتبهت وأنا على سريري فقد أخذتني األحزان بعيدا انتبهت وأنا أكثر عزيمة على أال أترك لليأس سبيال علي

 يتحكم بي كيفما شاء لك وحدك إلهي ألجأ ، نعم لك وحدك يا إلهي يجب أن

 أتجه بعد أن استنفذت جميع السبلأنت الرجاء وإليك الملتجأ

قمت وتوضأت حامال في نفسي قوة عجيبة من األمل وقلبي ينبض بشدة وكأني أسمع تلك النبضات تقول " لك

218

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

 وحدك إلهي " لك وحدك إلهي ، ذاك كان دعائي يوم طفت بالبيت

كان تسليما تاما إني قد فوضت أمري إليك يا ربي بعد أن استنفذت جميع األسباب فخذ بيدي يا رب

سجدت وأطلت في السجود ... لك وحدك يا من تعلم سرى و عالنيتي يا من تعلم كربي و

 هميلك وحدك دعائي لك وحدك توسالتي لك وحدك مناجاتي إله1111111ي و خالقي وخالق كل الكون لك الحمد و المجد

 و الكبرياء إله111111ي يا من أرجوك في السر والعلن و يا من أجاب

نوحا في قومه ، و نصر إبراهيم على أعدائه ، و رد يوسف إلى يعقوب ، وكشف ضر أيوب ، يا من أجاب دعوة زكريا ، و قبل تسبيح يونس ال إله إال أنت سبحانك إني كنت من

الظالمين .. اللهم من اعتز بك فلن يذل، ومن اهتدى بك فلن يضل،

ومن استكثر بك فلن يقل، ومن استقوى بك فلن يضعف، ومن استغنى بك فلن يفتقر، ومن استنصر بك فلن يخذل، ومن استعان بك فلن يغلب، ومن توكل عليك فلن يخيب،

ومن جعلك مالذه فلن يضيع، ومن اعتصم بك فقد هدىإلى صراط مستقيم

اللهم أسألك ذرية صالحة وولدا تقر به عيني ، اللهم لقد طال انتظاري له فما أجمل عطاؤك ، وإني لعطائك

منتظر ، فهل من عطاء يفرح عبدك الضعيف ويدخلالسرور في قلبه والحبور في نفسه .............

 دعوت ليلتها كأنني لم أدعو قط وبين الدعاء والركوع والسجود والدموع نمت وأنا على

 سجادتي وبحالتي تلك ولم أستيقظ إال على جرس الباب

219

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فتحت عيني يا إلهي الصباح قد انبلج والشمس في كبد السماء ويبدو إنني تأخرت عن حافلة المدرسة وأحد

 الزمالء جاء ليوقظني فتحت الباب ويا لها من مفاجأة !! لم تكن في الحسبان

 إنها أم أحمد زوجتي تحمل طفال جميال يبتسم ذهلت من هول المفاجأة وانخرس لساني للحظات وأنا

 غير مصدق ما أرى ما هذه المفاجأة يا أم أحمد ؟!! كيف وصلت إلى هنا ومن

هذا الطفل ؟!! قلتها بكل دهشة وأنا أنظر للطفل الجميل

- إنه أحمد يا محمود لقد أصبحت أبا أخيرا ، خذه يامحمود احضنه وقبله ......

مددت يدي آلخذه إلى حضني فإذا صوت جرس الهاتف يرتفع عاليا

وتختفي أم أحمد مع الطفل ! آه لقد كنت أحلم وأنا نائم على سجادتي ويا له من حلم

 جميل لقد قطع علي الجرس هذا الحلم الجميل وهذه الرؤيا

 السعيدة أسرعت إلى الهاتف ولكنه سكت

 يبدو أنه أحد الزمالء ، فقد تأخرت عن المدرسة ثم رن ثانية

نظرت إلى الرقم إنها أم أحمد زوجتي خير؟ فليس من عادتها أن تتصل في هذا الوقت المبكر

إال ألمر هام!قلقت بشدة وتسارعت دقات قلبي وأنا أرد

- السالم عليكم ، نعم يا أم أحمد ؟؟!! - وعليكم السالم وصباح السرور واألفراح وخبر سعيد يا

حبيبي220

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

لقد كان صوتها مشبوبا بفرح غامر مما خفف عني ذلكالقلق الذي اجتاحني فجأة ..

 - أراك~ سعيدة خير يا أم أحمد - كم ستعطيني إن قلت لك إني حامل حامل حامل يا

محود

- حامل ؟! أم كالعادة حمل كاذب ؟! - أنا في المستشفى يا حبيبي اآلن ، حجزتني الطبيبة

أمس الظهر، أشعر إن األمر ليس كالعادة ، أنا أشعر به في داخلي يا محمود ، لم أستطع النوم طوال الليل حتى

 أخبرك ولم أشأ االتصال بك ليال لعلمي إنك تنام مبكرا - لقد سئمت من هذا يا أم أحمد ، في كل مرة يحجزونك

 لشهور ثم ال يكون إال األلم والبؤس عموما إن خرج إلى الحياة فأخبريني ألعطيك ما تطلبين

 وقبلها أرجوك ال تقطعين قلبي وقلبك كالعادة قلتها بيأس وحزن وأغلقت الهاتف والدموع تتساقط من عيني فدخلت إلى دورة المياه ألتوضأ وأصلي الفجر فقد

ارتفعت الشمس و تأخرت عن العمل . كنت في قرارة نفسي أتمنى أن يكون ما تقوله أم أحمد

 صحيحا ولكن خالل هذه السنوات الخمسة عشر كم وكم دخلت

المستشفى ! وكم وكم قيل لها إنها حامل ومن بعدها كان العذاب

والتعذيب ! ولم أعد أصدق األطباء وما يقولون ، وأكثر ما كان يقطع قلبي أن تتصل بي أم أحمد بعد فترة لتقول لي إن األمر انتهى وإنها عادت إلى المنزل خائبة بعد أن دفعنا األموال

الكثيرة وبذلت الوقت والجهد والصحة ... لم تعد أم أحمد تلك المرأة التي تشع فرحة ودالال ، لم

221

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

تعد بتلك النضارة والحيوية ، بل ذبلت كشجرة خضراء أسقطت أوراقها ثم أصبحت بعد مدة صفراء شاحبة

ولم يكن يصبرها إال إيمانها بالله و حبي الجارف لها ، ومع ذلك فقد كانت تحثني على الزواج مرة ثانية لعلي أرزق

بمولود لي ولها وكنت أمازحها وأقول : أنا موافق سأتزوج عندما تنجبين

فترد : إذا لن أنجب أبدا ... كان يوما جميال عندما استدعاني مدير مدرستي إلى

 مكتبه كان من عادته إنه كان يتعاهدني بين حين وآخر بالسؤال

 عن أحوالي فبرغم مشاغله الكثيرة ومسؤلياته الكبيرة إال أنه كان ال

 ينساني  كان متعاطفا معي جدا

عن نفسي كنت أحبه جدا واحترمه كل احترام ألنه وبكل اختصار " إنسان " بمعنى الكلمة

فبرغم حزمه وقوة شخصيته إال أن طبيعته كانت سمحة طيبة ، يسأل عن الصغير والكبير ويقف بجانبهم في

محنهم ويتلمس همومهم ، لم تكن عالقته مع الجميع عالقة إدارية فقط بل بجانب هذا كانت عالقة إنسانية من

 الدرجة األولى فبرغم إنني أكبر منه سنا كنا نشعر أمامه إننا أبناءه

كنت وبكل صراحة كلما أخرج من عنده أخرج بأمل جديد وقوة معنوية عالية تضل معي لفترة طويلة

بادرني مبتسما : - أستاذ محمود ستكون أبا قريبا إن شاء الله ، فإحساسي

 ال يخب - أستاذي دائما تشجعني وأنا أقدر لك هذه الروح الطيبة ،

وال أنسى ذلك اليوم الذي أخبرتني عن صديقك الذي222

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

  سنوات كاملة7أنجب بعد وال عن اآلخر الذي أنجب أيضا بعد سنين وكيف إنك أرجعت إلى األمل بهذه القصص الواقعية وجعلتني

وزوجتي نعيد حساباتنا ثانية بعد أن كدنا أن نقتنع إن األمر وصل إلى طريق مسدود وخاصة لما وصلنا إلى هذا

 العمر - ولهذا استدعيتك يا عزيزي

أتتذكر سائق الحافلة األردني الذي كان يعمل هنا ثم ترك العمل بعد فترة ، ربما ال تتذكره ولكنه أكبر منك عمرا

 وزوجته أكبر من زوجتك- نعم ماذا حصل له ؟

- جاءني باألمس يحمل سلة حالوة ويكاد يطير فرحا16وأخذني باألحضان طويال ، لقد أنجبت زوجته بعد عاما

وسماها فاطمة آه لو تقرأ الفرحة في عينيه يا محمود ، لقد أبلغته قصتك ، فقال : بلغه إن الله على كل شيء قدير

- بعد ستة عشر عاما ؟!  - نعم بعد ستة عشر عاما

- والله يا أستاذي لقد فتحت لي باب األمل واسعا بحديثك هذا بعد أن ضاق شيئا فشيء

لقد أعدت إلي روحي المشتتة في داخلي ، واستجمعت ابتسامتي المبعثرة في فمي ، واحتويت قلبي الممزق في

 أحشائي نعم إن الله على كل شيء قدير

لم أستطع التغلب على قطرات الدموع التي كانت تتقاطرمن عيني ولم أستطع النظر إلى عينيه السعيدتين لفرحتي استأذنت سريعا بإشارة من يدي فقد كدت أن أنفجر بكاء

 في وجهه ،223

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وخرجت سريعا وانزويت في زاوية بعيدا عن األعين ولم أستطع المقاومة فقد غلبتني الدموع واهتز جسميوانفجرت في البكاء طويال وكأني لم أبك من قبل !

ولكنها دموع لها طعم آخر إنها دموع عودة األمل منجديد.....

 ها أنا أعود إلى هذا المنزل الكئيب ولكن بأمل جديد هل أخبر أم أحمد الرؤيا التي رأيتها هذا الصباح ؟ وهل

أسعدها بما أخبرني عنه مديري ؟ أتذكر كم أسعدها خبر ذلك الرجل الذي أنجبت زوجته بعد

 سبع سنوات ، وكيف رسمنا يومها آماال كالجبال ال أدري هل أخبرها اآلن أم أخبرها في الصيف عندما

ألتقي بها هناك في بلدي ، فعلى األقل عندي ما أحمله لها من األخبار السعيدة

آه تذكرت أنها في المستشفى اآلن ، إذا فألخبرها عندما ترجع من المستشفى محطمة كالعادة من حملها

الكاذب ، فساعتها من المناسب أن أخفف عنها بمثل هذه األخبار

مرت الشهور كعادتها مملة فال أنا مرتاح هنا وال أنا سعيد بقرب اإلجازة الصيفية

فالعودة إلى الوطن ليس لها ميزة ممتعة بالنسبة لي ولكني أؤديها كواجب حتمي ومع ذلك فقد قررت أال

أسافر هذه السنة ، فأم أحمد خرجت من المستشفى بعد سبعة أشهر من العناء وعادت إلى البيت دون ظهور

تباشير أمل في األفق ، واآلن كما تقول تراجع كل أسبوعين ولكنني ال أجد في حديثها حماسا بل أشعر كأنها

 تخفي عني أمرا وهذا األمر أنا أعرفه جيدا المسكينة تحاول التخفيف عني

وال تريد مواجهتي وإخباري أن الحمل فشل مرة أخرى لعلمها إني مشغول هذه األيام في االختبارات النهائية

224

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

 للطالب وال تريد أن تزيد همي هما آخر لذا كانت تتجنب الحديث عن أمر اإلنجاب أو الحمل وكنت

أفضل هذا ، لذا فعدم النزول إلى البلد هذه السنة قرار صائب بالنسبة لي ألنها ستكون مأساوية ولكن لن أخبرها

إال عندما تقترب اإلجازة وأضعها أمام أمر الواقع . كنت في الصف الدراسي عندما اهتز هاتفي في جيبي

فلم اعره اهتماما ، حيث أنه لم يبق من وقت الحصة إال القليل ، وكنت جالسا أقضي هذا الوقت في الحديث

الودي مع طالبي الصغار ، ولم تكن من عادتي أن أرد  على الهاتف في الصف مطلقا

ولكن الهاتف عاود االهتزاز ثانية ثم ثالثة فرابعة فنظرتإلى الرقم فإذا هو رقم زوجتي أم احمد !!

لم يكن تلك من عاداتها ، فهي تعلم إنني اآلن في الحصة الدراسية وتحفظ أوقات راحتي وعملي ولكن هذا اإللحاح

 من الهاتف يقلق جدا ، هل حصل شيء ألحد من أهليبدأ القلق يتسرب إلى قلبي ...!

جاءت رسالة سريعة منها ، قرأتها \" أرجوك رد على الهاتف ضروري \"

ثم بعدها مباشرة اهتز الهاتف وال شعوريا رددت وقلبي  قلق جدا

- السالم عليكم - محمود ... قالتها أم أحمد وهي تصرخ

وكأن قلبي سقط في بطني لدى سماعي صرختها فقد كنت أتوقع أمرا سيئا

أعادت الصراخ ثانية وأنا أسمع ضجيجا حولها وأصواتعالية كثيرة لذا لم يكن صوتها واضحا وهي تقول :

- محمود حبيبي أحمد وصل !- ماذا تقولين لم أسمعك جيدا ... أي أحمد ؟!

 - أحمد ابنك وصل والله وصل ، وها هو في حضني225

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

- أحمد ابني ، أي ابن ؟!! ال تمزحين معي يا أم أحمد !! - صدقني والله ال أمزح ... خذ تكلم مع أختك سلمى

- نعم يا محمود ، الله رزقك ولدا هذا الصباح .... قالتها سلمى وهي تبكي سعادة

- سلمى ، أخشى أن أكون في حلم ، ماذا تقولين قوليها ثانية

- أنت ال تحلم يا أخي بل هي الحقيقة ، زوجتك رزقت بولد هذا الصباح ، لقد أصبحت أبا يا أخي أخيرا

- أبا ، أنا ؟!! بعد خمسة عشر سنة ؟!! لم أشعر إال وأنا أهوي على األرض ساجدا حمدا وشكرا

 لله رب العالمين ولم انتبه أن الطالب يراقبون ويسمعون ما يجري من

 الحديث فجلست على الكرسي ال تحملني قدماي كان قلبي يدق بشدة ، و الدموع تغمر عيني ولكنها لم تسقط بعد ، حاولت أن أتماسك أمام طالبي وغطيت

 وجهي بيدي لكي ال يروا دموعيولكن سؤال أحد طالبي كان قاصمة ظهر ، حين قال :

- أأنت تبكي يا أستاذ ؟!! حينها لم أستطع أن أتمالك نفسي فانفجرت في بكاء

ونشيج متواصل وجسدي كله يهتز كأنه يتراقص معقطرات الدموع التي تنزل على شاربي ولحيتي

ثم خرجت إلى ساحة المدرسة أركض كالمجنون أحضن كل من يقابلني وأنا أصرخ لقد أصبحت أبا لقد أصبحت

أبا ......- شؤم المعصية

يتحلق مع زمالء الحلقة حول أس11تاذهم "بالل"، يتجم11ع م11ع أبناء القرية كل يوم بعد ص11الة المغ11رب في ه11ذه الحلق11ة، يحفظون ما يسر لهم ربهم، ويراجعون ما تيس11ر. يوس11ف، ابن السبعة عشر ربيعا، شاب� في مقتبل الحياة، له عين11ان

226

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

كرا تلمعان ذكاء، وقلب� وقاد� يشع نشاطا، وثغ11ر� يقط11ر س11 فال تخ11رج من س11وى أحال الكلم111ات .. "كلم11ات ليس11ت كالكلمات" كما يقول نزار. في آخ11ر األي11ام، انتب11ه "س11عد" إلى أن صديقه يوسف لم يعد يمأل المكان بحض11وره، ك11ان يأتي بجسده فقط، يمكث في الحلق1ة وبين يدي11ه مص11حفه األخضر، ويبقى سارحا بفكره، يثقب المدىبعينيه الح11ادتين، كأنم11ا يبحث عن ش11يء هن11اك في الخل11ف، ال ت11راه األعين كان بيت يوسف -الذي ورثه من والده- يتكئ على مرتف11ع من األرض، تحي11ط ب11البيت أش11جار ال11ذرة الذهبي11ة، بينم11ا تظلل11ه ش11جرة ت11وت عمالق11ة، متش11عبة األف11رع، متين11ة

األغصان. في بيت من دورين، كانت غرفة يوسف في األعلى، بينما كانت أمه "أفنان" تنام على ضمير مرت11اح في غرفته11ا في األسفل، مجاورة لغرفة المعيش11ة، وك11ان ه11ذا ك11ل ال11بيت،

ثالث غرف. يعود يوس11ف إلى ال11بيت بوج11ه ك11الح ص11فعه الهم، ي11دخل11ل م11ا بين عينيه11ا، يكتفي على أم11ه وهي تع11د عش11اءه، يقب بابتسامة مختلقة، ثم يصعد ال11درج إلى غرفت11ه، يلتفت في منتصفه نحو أفنان : "يمه، دعواتك". يستلقي يوسف على س11ريره، يخ11رج جوال11ه، يتص11فحه قليال، تص11طاده الش11بكة العنكوبتي11ة في فخه11ا، تأخ11ذه من ص11فحة إلى ص11فحة إلى صفحة، يرتكب الخطيئ11ة مث11ل ك11ل ليل11ة، ين11ام عليه11ا وه11و يبكي. على عفن اإلثم، اغتسل بالماء، يتذكر كيف كان أث11ر ه11ذا الم11اء بع11د أول خطيئ11ة، كي11ف ك11ان يغس11ل عن قلب11ه س11وادها. اآلن يم11ر الم11اء على قلب11ه فال يك11اد يالمس11ه من السواد الذي يغشاه، تص11لب قلب11ه فه11و كالحج11ارة أو أش11د قس11وة، وإن من الحج11ارة لم11ا يتفج11ر من11ه األنه11ار. ك11ان يوسف يتوغل في غابة مهلكة، لم يستطع حجز نفس1ه عن االستمرار في سلوكها، وكلما توغ11ل أك11ثر؛ كلم11ا انقبض11ت نفسه أكثر، كلما تسمرت عينيه في المدى أكثر، وكلما زاد

قلق سعد عليه. بعد صالة العصر في مس11جد االفتق11ار ص11عد يوس11ف على ش11جرة الت11وت العمالق11ة، ح11امال مص11حفه األزرق الص11غير،

227

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

حيث موع11ده الي11ومي م11ع س11عد لمراجع11ة الق11رآن قب11ل ال11ذهاب إلى حلق11ة األس11تاذ بالل. ص11عد س11عد إلى أعلى الشجرة حيث يوسف، مستندا إلى جذع الشجرة الض11خم، يدلي ساقيه من إحدى األغصان، مسمرا عينيه في المدى، شعر سعد بضرورة مصارحة ص11ديق عم11ره ب11القلق ال11ذي يعتصره، بخوفه الشديد على هذا الشرود ال11ذي يغش11اه. - اممم يوسف .. أنا أشعر بأنه من الواجب علي .. - يوسف

مقاطعا: سعد . سعد بكل انتباه: نعم! - انظر إلى هذه الشجرة العمالقة، الضخمة، هل تراها جميلة؟ - جدا جدا يا يوسف، ما أروعها وهي تتكئ على غرفت11ك، ناف11ذة غرفت11ك ال11تي تط11ل على

وجهها البسام، أحسدك عليها يا يوسف! – يوسف وهو لم يزل يسمر عينيه في المدى: هذه الشجرة جميلة ألنها تثمر هذه الفاكهة الحلوة، التوت. تخيل يا سعد ل11و أن ه11ذه الش11جرة لم تكن س11وى ه11ذا الج11ذع الض11خم بنتوءات11ه المؤذي11ة، ومجموع11ة من األغص11ان المتش11عبة، ال11ة، ه11ل م11ا زالت توت س11كري الطعم، وال ورق� بل11ون الجن

الشجرة جميلة؟ أنا قلق� عليك يا يوسف، ما بك؟

يكاد قلبي ينخلع من مكانه وأنت تسألني هل شجرة الت111 - أجبني ي11ا س11عد! ه11ل م11ا زالت جميل11ة في نظ11رك؟ - ال. - بعي11نين ينهم11ر منهم11ا ال11دمع يلتفت يوس11ف لص11ديقه: أن11ا11ا، شجرة توت يا سعد! أنتم تحبونني ألن11ني أظه11ر لكم توت بينما أنا جذع� ضخم� من القبح المتجذر في وادي الخطيئ11ة. أنا أغصان� متشعبة� في جو كالح، تش11عرك بالثق11ة ح11تى إذا ما استندت إليه11ا فاجأت11ك بهشاش11تها، أن11ا أتعفن ي11ا س11عد! س11عد� على رفيق11ه ب11أن يفتح قلب11ه ألس11تاذه بالل؛ ذل11ك أن األستاذ كان قريبا من طالب11ه، وك11انوا يش11عرون بأن11ه منهم

وهم منه، وأيضا ألنه أنضج منهم، وأكثر خبرة بالحياة. وك11ان يوس11ف ق11د جلس جلس11ة أولى م11ع األس11تاذ بالل، حكى له قصة "شجرة التوت"، ثم سقى كتف أستاذه بماء عينيه. كان من عادة يوسف أن يذهب إلى مكتب11ة القري11ة، كانت مكتبة دائرية، ترتص على جدرانها رفوف بنية اللون،

228

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

وبداخلها أكثر من عشرة آالف كتاب، وفي وس11ط المكتب11ة مجموعة كب11يرة من الط11اوالت والكراس11ي مجه11زة ل11رواد المكتبة. كانت الزائر ال11دائم ه11و يوس11ف، ويك11اد أن يك11ون الوحيد، حيث يكتفي أهل القرية بالتتلم11ذ على ي11د الحي11اة، دون أن يجدوا في مكتبتهم ما يسدوا ب11ه رمقهم. في ي11وم من األيام، دخل يوسف إلى المكتبة، وبدأ في الق11راءة في كتاب ما، ووج11د في11ه س11طورا ح11ول ذنب11ه ال11ذي يأك11ل من روحه، كان تحقيقا لحكمه الشرعي، فوجد في السطور ما يجعل من ذنبه من قبيل المباحات، حم11ل الكت11اب وأس11رع إلى أستاذه بالل في مس1جد االفتق11ار، حيث يقض11ي غ11الب وقته هناك، دخل عليه وهو يتأبط كتاب11ه، ووض11عه بين ي11دي أس111تاذه: - أس111تاذ بالل، ه111ذا كت111اب في111ه كالم عن1111 ... - اشششش، يوسف، ال تخادع نفس11ك، إلن ص11ح أن اإلباح11ة هي حكم ما تجد، فإن ما ي11ؤدي إلي11ه ه11و من الكب11ائر بك11ل

تأكيد. يوسف، كم م11رة هتكت حرم11ة نه11ار رمض11ان بس11بب ه11ذا

)المباح(؟ كم مرة ألجأك خجلك من الناس، أن يغيب خجلك من الله

فتصلي بال طهارة بسبب هذا (المباح(؟ كم مرة شاهدت مقطعا، أو نظرت إلى صورة، أو ق11رأتا فاض11حا بس11بب ه11ذا (المب11اح(؟. يوس11ف، ألن تبقى نص11 مضطرب الروح، مسمرا عيني11ك في الم11دى، تج11د نفس11ك أش1به األش1ياء بش1جرة الت11وت=خ11ير ل1ك من أن تج1د في ورقة ال تعرف حالك وفعالك طوق نج11اة من ع11ذابك ه11ذا. يوسف هذه الحالة التي تدافع فيها شيطانك، فيغلبك مرة، وتغلبه م11رتين، وتلج11أ إلى رب11ك، وتج11د في ص11درك حرك11ة11ا، وخجال من رب11ك=ه11ذا وغ11يره هي ص11ورة من أروع ودوي صور العبودية لله، الله يري11د ه11ذا! يوس11ف، ق11د كتب رب11ك ال11ذنب على البش11ر من أبيهم آدم إلى آخ11ر من يخ11رج من رحم أمه، والله أراد أن يغالب المرء شهوة نفس11ه، وه11وى

صدره. يوسف، لم تجد بسبب ذنبك ما تجد؟!

229

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

أنت تج11د ه11ذا ألن11ك تش11عر أن11ك خ11الفت أم11ر رب11ك، ه11ذا الش11عور عبودي11ة عظيم11ة ي11ا حبي11بي، ال تغتال11ه برصاص11ة

)المباح)! ، ق11رأ إم11ام مس11جد االفتق11ار آي11ات من س11ورة يوس11ف ...

ه وغلقت س ا عن] نف]و في بي]تهه التي ه وراودت]اذ الله إنه ربيال معك قب]واب وقالت] هي]ت ل األ]

لح الظالمون ) واي إنه ال يف]ن مث] د]23أح]س ( ولقذلكان ربه كه ال أن] رأى بر] و] همت] به وهم بها لااء إنه من] عبادن وء وال]فح]ش ه السرف عن] [ لنص

لصين ) ، (24ال]مخ] تتجمع أهاليل الدمع في كوة عينيه، تحجب بصره، وتكشف لبصيرته الرؤية، ثم تنهمر على وجنتي11ه المت11وردتين، كأنم11ا ك11انت ال11دموع تغس11ل ال11دنس ال11ذي ك11ان يلطخ بص11يرة يوسف. ينشج يوسف، ترتجف أعضاءه خجال من ربه الذي أحسن مث11واه، خيب11ة على نفس11ه ال11تي لم تع11د ت11ؤثر فيه11ا براهين ربه، لقد كان يقول في يوم من األيام: معاذ الله .. لكنها لم تعد تتحرك على لسانه بعد أن تكدست على قلبه أك11وام� من اآلث11ام، جب11ال� من الخطيئ11ات، مئ11ات� من ص11ور الرذائل، يتمنى لو قدر أن يتخلص منها بضغطة زر .. لكن11ه يعلم أن اإلدمان ال يعالج بسهولة، وأن االستمرار فيه يعني التعفن، والموت طبعا . تغزل بيديها في صالة البيت، أمام الم11دفأة، حيث ت11نزف م11ا تبقى من عمره11ا هن11اك، تقت11ات

ا على التأمل أمام النار؛ ن جعل]ناها تذ]كرة ومتاع نح]وين ) ،(...73لل]مق]

يدخل يوسف إلى البيت بعد أن أزال عن وجهه أثر صالة العشاء؛ كان يحب أن تبقى أمه طيبة البال، ال يك11در ص11فو11ل رأس11ها وص1عد إلى عيش1ها ش1يء من وعث11اء الحي1اة، قب داره. استلقى على فراشه، حاول أن ينام قبل أن يقع في فخ نفسه، لكنه ما لبث أن أخرج جوال1ه، ووق1ع في ش1باك العنكبوت. كانت النكات السوداء أقوى من أن تزيلها دمعة� ع11ابرة، ح11اول أن يه11رب من ض11ميره إلى الن11وم، لكن لم يستطع، ترن في أذنه كلمات� من أستاذه قالها ل11ه بع11د أن س11أله م11تى يس11تريح؟ فق11ال األس11تاذ بالل: "وكي11ف ين11ام،

230

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

!" . عاد إلى أمه ~ في المضجع~ وطيف الفجور~، ورائحة اإلثم أمام المدفأة، جلس على الكرسي بجانبها، نظر إليه11ا ولم ينطق بحرف، توقفت عن الغزل ورفعت رأس11ها إلي11ه، من ثقبين صغيرين في رأسها نظرت إليه، كأنما ك11انت تخ11ترق صدره بنورين ينبعان من عينيها، فيكش11فان أس11راره ال11تي تبيت في صدره، بعد أن ك11انت أس11رار يوس11ف ال تب11ات إال

في صدر أفنان! قالت أمه له: - يوسف.

- نعم يا أميعندما أشاهد هذه النار، أتذكر الشيطان!

يقترب يوسف من أمه، ويصغي بأذنيه وهو يقول: ولم ؟ - ه11ذه الن11ار ي11ا ول11دي هي ج11زء من س11بعين ج11زء من ن11ار

اآلخرة، من جهنم. - طيب ؟ - كان والدك -رحمه الله- يقرأ دائم11ا على المحتض11ر س11ورة يس، وعندما انتصفت روحه في الدرب بين الدنيا واآلخ11رة قرأت عليه سورة يس، في مقطع منها بكيت حتى رق لي أبوك، وضغط بيده على يدي وهو يبتس11م، ك11ان يع11رف أن

موعظة قرآنية اخترقت سوادا في قلبي. – ما هو هذا المقطع يا أمي ؟! –

11ل بص1وتها الط1اعن في اسمع يا يوسف. وبدأت والدته ترتدوا الحي11اة:ا بني آدم أن] ال تع]بد] إلي]كم] ي ألم] أع]ه

دو مبين )ي]طان إنه لكم] ع دوني60الش ( وأن اع]بتقيم ) ل من]كم] جبال61هذا صراط مس] د] أض ( ولق

ون )ذه جهنم التي62كثيرا أفلم] تكونوا تع]قل ( هدون )ا كن]تم]63كن]تم] توعم بم و]ها ال]ي لو] [ ( اص

]فرون ) ا64تكواههم] وتكلمن تم على أف] م نخ] ( ال]يو]جلهم] بما كانوا يك]سبون ) هد أر] - (65أي]ديهم] وتش]

كلما رأيت الن11ار ي11ا ول11دي، ت11ذكرت "جهنم"، ف11إذا ت11ذكرت جهنم تذكرت هذا المقطع من سورة يس، تذكرت أن الله عهد إلينا أال نطيع الشيطان، وأتذكر أنه قد أوض11ح لن11ا أن11ه عدو مبين؛ فأقابله وساوسه وخطواته مقابل1ة الع1دو، قب11ل أن يختم الله على فمي، وتتكلم ي11دي، وتش11هد ق11دمي بم11ا كسبت من آثام، وخسرت من طاع11ات. من أج11ل ذل11ك ي11ا

231

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

يوسف ال أفارق ناري هذه، ضع هذه النار نص11ب عيني11ك ي11ا ولدي، قبل أن تسمع "جهنم" وهي تقول: هل من مزيد ؟!

، توجه يوسف إلى بيته األنيق، تجاوز حق11ل ال11ذرة الذهبي11ة، وصعد إلى أعلى شجرة التوت، استند إلى جذعها الم11تين، وأرسل قدميه لتتأرجحا في الهواء المعطر بالتوت. ما لبث أن وص11ل س11عد إلي11ه، تس11لق الش11جرة الض11خمة، وجلس بجواره، وب1دأ س1عد� في ق11راءة الج11زء المطل1وب من11ه في حلق1ة مس1جد االفتق11ار، ك1ان المقط1ع من س1ورة البق11رة،

بلى من] وفي منتصف الصفحة قرأ س11عد� قول11ه تع11الى: ئةكسب سيئة اطت] . أكمل سعد� قراءة ما سي وأح

حاب النار هم] فيها خالدون به خطيئته فأولئك أص](81)بينم11ا ع11اد يوس11ف إلى عادت11ه، س11مر عيني11ه في

اطت]المدى، وصار يفكر في هذا الوصف العجيب وأح ، يا الله! أن تفعل السيئة شيء، وأن تحيطبه خطيئته

بك ش11يء� آخ11ر، أن تجعل11ك في إطاره11ا، تتح11رك ب11داخلها، تقيدك بحبالها حتى ال تخرج عنها، وال تبتعد إال بالقدر ال11ذي11ل يوس11ف عش11رات يض11من عودت11ك إليه11ا ... ي11ا الل11ه! تخي الصور وهي تقيده، عش11رات المق11اطع وهي توث11ق قدمي11ه بحبالها، عشرات النصوص الفاض11حة وهي تب11ني من حول11ه أس11وارها، تل1ك األي11ام الرمض11انية ال11تي م11ا ص11امها بس11بب تعفن11ه به11ذا ال11ذنب، ه11اهو ي11رى الخطيئ11ة وهي تحي11ط ب11ه، تمنعه من االبتعاد عنها، كيف سمح لها بأن تحيط به؟ كيف فعلتها في غفلة منه؟ يا للذنب ال11ذي ندمن11ه .. إن11ه يملكن11ا11ل! - يوس11ف! - نعم ي11ا س11عد. - وال نملك11ه! أو هك11ذا نتخي أنفك ينزف ! على سريره المبلل بم1اء ال1ورد الب1ارد، عن1د رأسه كان يجلس طبيب القري11ة، وعن11د قدمي11ه ك11انت أم11ه أفنان، حيث كانت تدلكهما دون معنى، بينم11ا ك11ان األس11تاذ

بالل وصديقه سعد يمكثان على جانبي السرير. ك11ان ق11د أغمي على يوس11ف بع11د أن ن11زف إث11ر تخيل11ه للخطيئة وهي تحيط به، ما إن ط11رفت عين11ا يوس11ف ح11تى غ11ادر الط11بيب بع11د أن أوص11ى أفن11ان بع11دد من األم11ور، وشيعته أفنان إلى حقل الذرة، ثم عادت إلى مغزلها أم11ام

232

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

11ا بأس11تاذه وص11ديقه. الن11ار، بع11د أن ت11ركت يوس11ف مختلي دمعت عينا يوسف، بينما كانت يده تضغط على يد األستاذ بالل، ربت س11عد على كت11ف ص11ديقه وق11ال: - يوس11ف، بم

تشعر ؟ بصوت ممزق بالدمع رد يوسف: أش11عر ب11أني أض11رب في التيه، أعرف بأني في أسر الذنب، لكني ال أع11رف من أين أبدأ كي أتخلص من11ه، س11عد! أس11تاذي بالل! أرجوكم11ا، من أين أب111دأ؟! اق111ترب األس111تاذ بالل من يوس111ف، وأحاط111ه بذراعه، بينما ك11انت االبتس11امة ترتس11م على ش11فتيه، ق11ال ليوس11ف: عن حذيف11ة بن اليم11ان رض11ي الل11ه عنهم11ا ق11ال:

رضسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تع]أيودا. فودا عير، ع الفتن على القلوب كالحصوداء، وأي قلبة سه نكتربها نكت في قلب أشير علىتى تصاء، حة بيضه نكتا نكت في أنكرهه رفا، فال تضل الصبين: على قلب أبيض مث قلودر أسماوات واألرض، واآلخ فتنة ما دامت السرا، وال ينكيا، ال يعرف معروف بادا كالكوز مجخ مر]

". يا يوسف، ما وص11لتمنكرا، إال ما أشرب من هواه إلى مرحلة إحاطة الخطيئ11ة ب11ك في ي11وم وليل11ة، ب11ل إنه11ا عرضت عليك عودا عودا حتى كون الحصير، وإن قلب11ك لم يزد السواد فيه هكذا فجأة، لكنك استهنت ب11النكت الس11ود األوائل حتى اجتمعن عليك. يا يوسف، إن نقطة البداية أن تتخلص من ه11ذه النكت الس11وداء، نكت11ة نكت11ة، وتس11تبدلها

بثياب البياض، حتى يصير قلبك أبيض مثل الصفا. – وكيف يا أستاذ ؟! –

يا ولدي، يا يوسف، إنك لن تعرف كيف تفوز في معركتك حتى تعرف نقاط قوتك ونقاط ضعفك، ونقاط قوة ع11دوك ونق11اط ض11فعه. إن نق11اط قوت11ك تكمن في ه11ذه الرغب11ة الجارفة في التوب11ة واألوب11ة، واإلحس11اس الص11ادق بال11ذنب والخط1أ، وإن نق11اط ض1عفك تكمن في فراغ11ك، ووح11دتك، والذئب يا ولدي ال يأكل من الغنم إال القاصية! يا حبيبي ي11ا يوسف .. ثق ب11أن جراح11ك العميق11ة ه11ذه، سيتس11لل منه11ا

النور ! 233

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

عاد يوسف إلى أمه أفن11ان، وهي تغ1زل أم11ام الن1ار، جلس على الكرس11ي الع11تيق بجانبه11ا وه11و ص11امت. ك11ان م11ذياع أفن11ان األث11ير يص11دح بص11وت الق11ارئ المص11ري: مص11طفى إسماعيل، كان يقرأ من سورة النور، تذكر يوسف أس11تاذه باألمس وهو يق11ول ل11ه: "ث11ق ب11أن جراح11ك العميق11ة ه11ذه،

وراسيتسلل منه11ا الن11ور!" ه نه ل ومن لم يجعل اللهوفي س11ورة الن11ور ق11ال الل11ه: ، فما له من نور الل

ماوات واألرض ، لكن آي11ة واح11دة بص11وت ...نور الس مصطفى إسماعيل توقف عندها يوسف كثيرا، كأنم11ا ك11ان

ل] ينتظرها ليبدأ في رحل11ة العالج، يق11ول الل11ه تع11الى: قوافظ ارهم] ويح] وا من] أب]ص ؤ]منين يغض لل]ماير بمكى لهم] إن الله خب ك أز]روجهم] ذل ف

نعون [ ، ص11عد يوس11ف مس11رعا إلى غرفت11ه،(11 30)يص سريره فتح النافذة وقفز منها إلى شجرة التوت العمالقة، تعل11ق بأغص11انها قب11ل أن يس11تند إلى ج11ذعها الط11اعن في الس11ن، وبقي يفك11ر في اآلي11ة ويت11دبرها، ه11ذا األم11ر بغض البصر لم علله الل11ه ب111(ذل11ك أزكى لهم) ؟ ك11ان س11عد� في طريق11ه ليوس11ف ليطمئن علي11ه، وعن11دما لمح11ه في أعلى الشجرة~ صعد إليه وعالمة االستغراب تسبقه، قال سعد: -11ا يوسف! لم صعدت إلى الشجرة في ه11ذا ال11وقت؟ ملتفت إلى سعد، قال يوسف: اسمع يا صديقي، الي11وم ولج الن11ور

منين جراحي العميقة، يقول الله تع11الىمن ؤ] قل] لل]مكروجهم] ذلوا ففظ ارهم] ويح] وا من] أب]ص يغض

نعون [ا يصير بمكى لهم] إن الله خب ..(11 30)أز] ، ~11ك أزكى لهم س11عد لم11اذا (أزكى لهم) ؟! - ألن الص11ور ذل تقتات على ذاكرة اإلنسان، وتعشعش في نوافذ قلبه حتى تحجب النور عنها، الصور يا يوسف هي س11كين اإلثم ال11تي ال تقتلك؛ ولكنها تجرحك جرحا ال يتوقف النزيف منه، فإم11ا أن يقتلك ه11ذا ال11نزيف، أو ت11درك جرح11ك بم11ا يبرئ11ه. ك11ف البصر عن النظر إلى الح11رام يع11ني أن الن11ور سيص11ل إلى نواف1ذ قلب11ك، ومناف11ذ روح11ك، يع11ني أن نفس1ك ق1د ب11دأت تتزكى/تتطهر، أن قلبك المغلف بالنكت السوداء ق11د قبض على أول أدوات التطهير! كان عينا يوسف تفيضان بالدمع

234

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

على خدي11111ه المت11111وردين، بينم11111ا ك11111انت ح11111روف كلمة (يارب) تتكئ على شفتيه . صار يوس11ف ال يبقى في غرفته وحيدا إال إذا خارت ق11واه وأراد الن11وم، ك11ان يقض11ي يوم11ه بين التحض11ير للحلق11ة على ش11جرة الت11وت، وحف11ظ الق11رآن تحت قب11ة مس11جد االفتق11ار، والق11راءة في مكتب11ة القرية، وممارسة الرياضة في الليل مع صديقه سعد قب11ل العودة إلى البيت، فإذا دخ11ل ال11بيت جلس م11ع أم11ه أفن11ان أمام المدفأة، هي تغزل، وهو يحدثها عما فعل هذا الي11وم، حتى إذا بدأ النع11اس يس11رق الكلم11ات من فم11ه، ق11ام إلى غرفته بعد أن ترك جواله باألسفل، ثم ينام بع11د أن يتوض11أ

ويقرأ أذكار النوم. في يوم من األيام، عاد يوسف إلى غرفت11ه بع11د أن داعب النوم عينيه، لكنه أخذ جواله معه، فتح جوال11ه وس11قط في خي11وط العنكب11وت! "وكي11ف ين11ام، وطي11ف الفج11ور~ ورائح11ة!" ق11ام من س11ريره وه11و يحس بالخيب11ة، اإلثم~ في المضجع~ فتح الناف11ذة وس11مر عيني11ه في الم11دى الليلي، وبكى وه11و يشعر بالفشل من محاولته لتزكية قلبه .. ما لبث أن تذكر11دافع فيه11ا كلمات أستاذه بالل: "يوسف هذه الحالة التي ت شيطانك، فيغلب11ك م11رة، وتغلب11ه م11رتين، وتلج11أ إلى رب11ك، وتجد في صدرك حركة ودويا، وخجال من ربك ه11ذا وغ11يره هي صورة من أروع صور العبودية لل11ه، الل11ه يري11د ه11ذا!". أغل11ق يوس11ف الناف11ذة، وتطه11ر تحت الم11اء، وص11لى لل11ه ركع11تين تحت س11كون اللي11ل، وف11وق نج11وم روح11ه، وق11ال:

يارب( !التوبة رحمة الله للمذنبين-

في يوم الخميس ذهبت مع صاحبي إلى تجمعات الشباب في مدينة جدة وكانت معنا أشرطة دعوية وأذكار الصباح

والمساء نقوم بتوزيعها عليهم والجلوس معهم وقابلنا أحد الشاب وتحدث صاحبي معه عن حقيقة السعادة وذكر له

 بعض األدلة. فقال الشاب: يا شيخ أرجوك ال تكمل أنا والله أشعر

 بضيق في صدري وأحس اآليات هذه كأنها لي شخصيا.

235

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

 فجلس يبكي ويقول: يا رب تب علي.. يا رب سامحني. فقال صاحبي: ربك غفور رحيم يقبل توبتك إذا صدقت

 معه وأبشر بالخير يا أخي بل يبدل السيئات إلى حسنات. فقال الشاب: يا شيخ اسمع قصتي.. والله لي ) ست

سنوات ( ما سجدت لله سجدة بل أني مدمن مخدرات ولي عالقات مع الفتيات بل والله أني أكبر مروج في

 الحي الذي أسكن فيه. فقال صاحبي: أبشر بالخير يا الغالي هل تريد تعلنها توبة

 لله وتفتح صفحة جديدة مع الله وتنسى الماضي. قال: نعم والله يا شيخ مستعد.. فأخرج من جيبه حبتين مخدر فجلس يبكي ويقول: هذه الحبوب ضيعت حياتي والله العظيم أحيانا يا شيخ خمسة أيام مواصل ما أنام. فقال صاحبي وفقه الله ما رأيك سنذهب نتوضأ ونصلي ركعتين كلنا تائبين إلى الله وذهبنا وتوضأنا ثم ذهبنا إلى

مخطط كبير وفرشنا فرشتنا ثم قال الشاب: ممكن سؤال بس محرج منكم.

فقلنا: تفضل. قال: إذا ركعت نسيت ماذا أقول وإذا سجدت أيضا ماذا أقول، والله أني جاهل في أمر الصالة

 بكل بصراحة. فأخبرناه بذلك وصلى ركعتين بجانبنا وبعدما انتهينا يقول: نحن الشباب أكثرنا ضايعين نحتاج من يذكرنا بالله، نحتاج

من يزورنا في مثل هذه األماكن عالقتي مع والدي ووالدتي ال أسلم عليهم وال أرد عليهم االتصال وأصحاب

السوء هم من يعينوني ويعطوني المخدرات وأنا أقوم بتوزيعها بين الشباب في المخططات والمقاهي.

بدأت هذا الطريق المظلم وعمري ثمانية عشرة سنة واآلن عمري أربع وعشرين سنة )ست سنوات في ضيق

ونكد وحزن( ما يعلم به إال الله سبحانه فأخذنا رقم جواله وتوصلنا معه وأوصلناه إلى سيارته.

وبعد تقريبا عشرين دقيقة اتصل بي قال: هل أنتم الزلتم في المخطط قلت: نعم. قال: أريد أقابلكم فرجعنا إليه

فأخرج من جيبه حبتين أيضا مخدر وقال: هذه آخر حبتين أملكها.

236

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ثم قال قبل قليل: اتصل بي المروج يقول سوف أعطيك كمية توزعها قلت له ال أستطيع الحضور إليك.

فقلنا له غير رقم جوالك وأخرج شريحة جديدة لترتاح من الصحبة السابقة وبالفعل أخرج شريحة جديدة وبعد تقريبا أسبوع ذهبنا به زيارة إلى الحرم لكي نأخذ عمرة وبفضل الله ذهب معنا وعندما شاهد الرجال يركضون في السعي

 بين العلمين الخضر قال: لماذا يركضون هكذا. قلنا له هذه من السنة نقتدي كما جاء عن النبي صلى الله

 عليه وسلم في العمرة. وبعد صالة العشاء صلينا على األموات في الحرم ووقفنا قال ماذا نقول؟! وأخبرناه بذلك وألول مرة يأخذ عمره

في حياته وعرفناه على صحبة صالحة مع شباب التحفيظ ونصحناه يلتحق بهم فقال: أرجوك يا شيخ ال تحرجني معهم والله ما أحفظ إال ثالث سور فقط \" اإلخالص

 والناس والفلق \". قلت له وال سورة غيرها قال: نعم قلت له: هل تعرف

سورة النصر؟! قال: ال ، فقرأتها عليه لعله يعرفها. فقال ال والله بصراحة لست حافظها.

وبفضل الله بعد أيام تواصل مع شباب التحفيظ واآلن متواصل معهم يأخذونه ويطلع معهم وهو اآلن بسعادة

 كبيرة بفضل الله تعالى. واتصل والد أخينا التائب على جوال صاحبي ودعا لنا وقال

والله ولدي تغير بصراحة صار له ثالث سنوات ال يسلم علي وال على والدته وال يعرف طريق المسجد واآلن بحمد

الله أصبح بارا بنا يسلم علينا كل يوم ومن أهل المسجد بفضل الله يصلي معنا .

 الفوائد من القصة: - ش111بابنا قل11وبهم فيه111ا خ111ير مهم111ا ك11انوا على تقص111ير ويحت111111اجون من111111ا ال111111نزول لهم والجل111111وس معهم. - كيف بح11ال بعض الش11باب المقص11رين في الص11لوات ل11و قبض الله روحه وهو على هذا الحال - رسالة من محب ال تبخل على إخوانك بنق11ل الخ11ير ال11ذي تملك11ه إلى أخوان11ك الش11111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111111باب.

237

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

- استشعر أنك تقوم بأعظم وظيفة وهي الدعوة إلى الل11ه وتبلي111111111111111111غ ش111111111111111111عائر الل111111111111111111ه . - يكفى شرفا أخي الداعية أن الل11ه ع11ز وج11ل ي11ذكرك في الس11ماء باس11مك والمالئك11ة تس11تغفر ل11ك - لم11اذا ال نت11وب

ادي الذينوباب التوبة مفتوح قال تعالى : ا عب قل] ية اللهم وا من] رح]نط هم] ال تق] رفوا على أن]فس أس]ورو ال]غفا إنه هذنوب جميعر ال إن الله يغ]ف

حيم [.53 ]الزمر:الر رأيته حزين في ركن من أركان حجرته وسمعته يقول في

حسرة : آه من ذنوبي .. آه من آثامي ... آه من سقطاتي .. لقد

أثقلت كاهلي ودفعتني إلى الهاوية فال أستطيع العودة فقد تدحرجت وتقلبت فيها وال أستطيع النهوض ... فكلما أبصرت الحقيقة والطريق الصحيح المستقيم ألنهض

وأقوم من هذه الهاوية شدتني آثامي وذنوبي وسقطاتي وقالت لي هيهات ... هيهات من عمل الخيرات ... هيهات ... هيهات من العودة واألوبة وقالت لي لن

تستطيع أن تتسلق جبال المعاصي التي اقترفتهاوالوصول لنهايتها لتفر منها.

وقلت لنفسي ال أستطيع أن أفر من ذنوبي وأتنفس الهواء النقي الخالي من القاذورات والدخان والضباب األسود

ألبصر السماء الصافية واستنشق الهواء العليل وأستريحقليال من عناء الذل للمعاصي والذنوب واآلثام.

فقلت له : تستطيع ... تستطيع. فتنبه إلي وقال : من أنت ومن أين أتيت ... إنني أحاور

وأكلم نفسي الخاطئة. فقلت له ولكنني أنا نفسك الصالحة وتستطيع أن تكون

من أولياء الله الصالحين وليس فقط من التائبين .قال لي : وكيف ذلك وما الدليل ؟

قلت له : يقول الله تعالى في كتابه الكريم هم] ال رفوا على أنفس [ادي الذين أسا عبل] ي ق

ذنوبر ال ة الله إن الله يغ]فم ح] وا من رنط تق]حيم 53الزمر جميعا إنه هو ال]غفور الر

238

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

ق11ال لي : ولكن11ني س11ويت األه11وال وعملت م11ا لم يعمل11ه بشر وال ش11يطان وكنت ض11يفا دائم11ا على ك11ل معص11ية ... فتجدني في كل ذنب ركنا أساسيا ... فح11دث وال ح11رج ... ففي عقوق الوالدين أستاذ ومع أس1رتي دي11وث وفي الزن1ا رئيس قس11م وفي الخيان11ة متم11رس وفي الحس11د والحق11د قلبي أسود وفي السرقة زي ما بيقول11وا )إي11دي تتل11ف في حرير( , وفي القتل كانوا يس11تعينون بي كقات11ل مح11ترف , وفي شرب الخمر كنت أقضي ليلتي كل يوم أعاقر الخمر ح11تى أك11ون س11كران طين11ة كم11ا يقول11ون وفي تج11ارة المخدرات والهيروين والحشيش فأنا زعيم عص11ابة ...وفي .. وفي .. وفي ... ال أس111تطيع أن أس111رد علي111ك أفع111اليالش111نيعة القبيح111ة المنتن111ة ... لق111د مللت من الق111ذارة . فقلت ل11ه : ه11ذه بداي11ة مش11جعة وبداي11ة ألن تتطه11ر من بالويك الكثيرة المتلتل11ة كم11ا يقول11ون , فقول11ك أن11ك مللت من هذه الق11ذارة ه11و مرب11ط الف11رس ألن تع11رف الطري11قالص11111111111111111111111111111حيح لحيات11111111111111111111111111111ك.

قال لي : الالالالال إنك تهزأ بي هل وعيت ما قلته لك وسردته لك وأفصحت عنه لك ...

ثم تقول لي هذه بداية الطريق ... ال أنا طريقيمعروف .. وال أستطيع اإلفالت والحيد عنه.

قلت له : هذه البداية الصحيحة لك ودليلي هذه اآلية القرآنية التي سأعيدها عليك مرة أخرى لعلك ال تعي

الخير الكثير الموجود فيها لكل عاصي ولكل فاجر ولكلفاسد .... ولكنني أوال أسألك سؤاال واحدا .

فقال لي : وما هو؟ قلت له: هل تؤمن بأن ال إله إال الله وأن محمدا صلى الله

عليه وسلم رسوله ونبيه . فقال لي : نعم إنني مسلم ولكنني ال أعمل بما في هذه

الكلمة وبما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأعمل عكس كل ما قاله وعكس كل ما نصح به وعكس

كل صحيح ولكنني ال أشرك به أحدا وال أقول كما يقول النصارى أو أقول كما يقول اليهود أو الهندوس أو كل ملة

ودين يضع مع الله تعالى ندا له وشريكا له يعبده معه239

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

 تعالي.فقلت له يقول الله تعالى:

رك به ويغ]فر ما دون ذلك إن الله ال يغ]فر أن يش]ترى إث]ما رك] بالله فقد اف] لمن يشاء ومن يش]

النساء{ 48}عظيما أي إن الله تعالى ال يغفر وال يتجاوز عمن أشرك به أحدا

من مخلوقاته, أو كفر بأي نوع من أنواع الكفر األكبر, ويتجاوز ويعفو عما دون الشرك من الذنوب, لمن يشاء

من عباده, ومن يشرك بالله غيره فقد اختلق ذنبا عظيما. وسأعيد عليك ما قاله الله تعالى لمن كان مثلك .. يقول

تعالى:هم] ال رفوا على أنفس [ادي الذين أسا عبل] ي ق

ذنوبر ال ة الله إن الله يغ]فم ح] وا من رنط تق]حيم 53 الزمر جميعا إنه هو ال]غفور الر

أي قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادوا في المعاصي, وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه

ئسوا من رحمة الله؛ لكثرةنفوسهم من الذنوب: ال تي ذنوبكم, إن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع

عنها مهما كانت, إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده,الرحيم بهم.

وهذا ما قاله الله تعالى أفال تثق في الله تعالى ؟ قال لي : نعم أثق ولكنني مجرم وآثم وال أستطيع أن

أكون نظيفا طاهرا. )يا ابنقلت له: قال الله تعالى في الحديث القدسي :

آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك وال أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك

عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك وال أبالي يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب األرض خطايا ثملقيتني ال تشرك بي شيئا ألتيتك بقرابها مغفرة

فقال لي : الله أكبر ولله الحمد.(. فقلت له : وسأزيدك خيرا , فلك في قصة إسالم عم11ر بن الخطاب رضي الله عنه الدليل ... فعمر بن الخطاب عمل جميع الذنوب ومنها الزنا وشرب الخمر ووأد البنات وكث11ير

240

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

من اآلثام مثل ما عملت وأكثر ... ولكن عندما أذن الله له باإلسالم وبتوحيده تع11الى ك1ان كي11وم ولدت11ه أم11ه ... أي بال

خطايا وال ذنوب... وعندما سمع اآلية الكريمة لئك الحا فأو] ل عمال صاب وآمن وعم إال من ت

وراان الله غفنات وك يئاتهم] حس دل الله س يبحيما 70الفرقان ر

فق11ال عم11ر بن الخط11اب لمن حول11ه .. إن11ني اآلن أك11ثركم حسنات فقد كنت أك11ثركم س11يئات ولكن الل11ه تع11الى ق11ال

عني نات يئاتهم] حس دل الله سلئك يب فأن11ا اآلنفأو]

أكثركم حسنات. فتهلل وجهه وقال : يعني تقصد إنني عندما أتوب إلى الله تعالى فإن جميع ذنوبي وآثامي وسقطاتي و البالوي التي

 اقترفتها تتحول من ذنوب إلى حسنات و من شرإلى خير ومن آثام وظالم إلى أنوار .

قلت له : نعم .. أال تؤمن بالقرآن الكريم ؟ فقال : الله أكبر ولله الحمد ... بذلك سأكون أكثركم

حسنات وأكثركم خيرات فأنا كما رويت لك حالي وآثاميوسقطاتي وذنوبي التي أثقلت كاهلي كثيرة كثيرة كثيرة .

فقلت له : ولكي توقن وتزداد أمل في الله تعالى أسردلك هذا الحديث .

فقال لي : زدني خيرا يا صاحب الخير والجود واألمل فيالله تعالى.

فقلت له : إن رجال قتل تسعة وتسعين نفسا ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل األرض فدل على راهب

فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال ال فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل

األرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة قال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم وال ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى

إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه مالئكة الرحمة ومالئكة العذاب فقالت مالئكة الرحمة جاء تائبا

241

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

مقبال بقلبه إلى الله تعالى وقالت مالئكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه

بينهم فقال قيسوا بين األرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو لها فقاسوا فوجدوه أدنى إلى األرض التي أراد فقبضته

مالئكة الرحمة. )صححه األلباني( فقال لي : ولكنني لم أقتل هذا العدد الكبير ولم أصل إلى

شنيع فعل هذا الرجل ... الله الله على رحمة الله تعالى بعباده ... لقد زرعت في قلبي األمل للتوبة واإلنابة لله

تعالى .فقلت يقول الله تعالى:

وء ون السه للذين يع]ملة على اللب ا التو] إنمهوب الللئك يت بجهالة ثم يتوبون من قريب فأو]

ا}ا حكيمه عليمان اللت17علي]هم] وك { ولي]سر يئات حتى إذا حض ون السة للذين يع]ملب التو]ال إني تب]ت اآلن وال الذينو]ت قدهم ال]م أحذاباد]نا لهم] عئك أع]تل ار أو] ون وهم] كف يموت

  النساء{ 18}أليما فهذه فرصتك للتوب11ة وأنت حي ت11رزق ولم يحض11رك مل11كالم11111111111111111111وت ولم تكن في غرغرته11111111111111111111ا. فقال لي : نعم ... نعم هذه فرصتي اآلن للتوبة واألوبة للهتع111111111111111111111111111111111111111111111الى .... ولكن ولكن !!!

قلت له : ولكن ماذا !؟ قال : ولكن أخاف أن أضعف أمام نفس11ي الخبيث11ة وأع11ودإلى م111111111ا كنت علي111111111ه من فس111111111ق وذنب وإثم . قلت له : أقدم على التوبة وال تف11زع من الرج11وع للرزيل11ة وال11ذنوب ....اب11دأ والل11ه س11يعينك على الس11ير في طري11ق

االستقامة.فقال : أخاف من أن أرتد , فنفسي ضعيفة وأنا أعرفها .

قلت له : حتى لو كانت نفسك واهية وضعيفة ورجعت لبعض معاصيك فباب التوبة مفتوح وليس عليه بواب ولك أن ترجع وتؤوب لرشدك مرة ومرات عديدة مالم تغرغر ,

ولكن هل تأمن الموت ؟فقال لي : ومن يأمنه ؟؟؟

242

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

فالموت ليس له صاحب , فإذا جاء انتهى كل شيء .و ليس له مكان , فالعالم كله بأسره مكانه .

وال تستطيع الهروب منه أو االختباء ولو كنت في بروجمشيدة.

وليس له زمان , فهو يعمل طوال اليوم على مدار العام . وال ينتظر أحد ولكن الكل ينتظره.

وهادم اآلمال والطموحات واألحالم . وقبله شيء وبعده شيء آخر .

فهو نهاية المرحلة األولى لإلنسان وبداية الحياة السرمديةله إما جنة ونعيم وإما نار وجحيم.

فقلت : بسم الله ماشاء الله والله أكبر... هذا ليس كالممذنب ولكنه كالم تائب منيب لله تعالى .

فقال : نعم ... هذا ما أشعر وأحس به .. اللهم إني تبت إليك وأنبت إليك وعزمت أال أرجع إلى معصيتك ,أعوذ بك

من شر ما صنعت , أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبيفأغفر لي فإنه ال يغفر الذنوب إال أنت.

 ولكني أخاف من عاقبتي ونهايتي !!! فقلت له : نحن جميعا نخاف من سوء الخاتمة .. وحتى

أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان يقول: لو أن لي قدم في الجنه وقدم خارجها ما أمنت مكر الله فأين نحن من

الصديق رضي الله عنه ؟ فيا أخي العاصي المذنب جدد توبتك لله تعالى فإن اإلنسان خطاء وخير الخطائين التوابون المجددون

استغفارهم وتوبتهم لله تعالى , فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم , فمن أخطأ فيجب عليه أن يبادر بالتوبة لله تعالى وإن أخطأ ثانية فيتوب وإن أخطا ثالثة فيتوب , يقول النبي

صلى الله عليه وسلم : )والذي نفسي بيده _ أو قال والذي نفس محمد بيده _ لو

أخطأتم حتى تمأل خطاياكم ما بين السماء واألرض ثم استغفرتم الله عز وجل لغفر لكم والذي نفس محمد بيده _ أو قال والذي نفسي بيده _ لو لم تخطئوا لجاء الله عز

وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم -243

موسوعة القصص الجزء الرابع عشر

صححه األلباني( . ولكن يا أخي ال تتمهل في توبتك وتسوف فيها وتقول سوف أتوب غدا ... فإنك ال تعلم متى ستموت , فإن أحسن الله خاتمتك فسيدخلك الجنة إن شاء تعالى , ولكن إن كانت خاتمتك غير ذلك فندعو الله لنا ولكم

العفو والعافية . إن العبد ليعمليقول النبي صلى الله عليه وسلم )

فيما يرى الناس بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار وإنه ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل

النار وإنه من أهل الجنة وإنما األعمال بالخواتيم.)

 118 التوبةثم تاب عليهم ليتوبوايقول الله تعالى: فاللهم يارب ياكريم يا ذا الفضل واإلحسان تب علينا

جميعا لنتوب و أحسن خاتمتنا جميعا وخاتمة المسلمين أجمعين وتوفنا وأنت راض عنا

244