رشع نماثلا ددعلا )م2017 ــ ـه 1438( ةسمالخا ةنسلا · ؤصسخح...

العدد الثامن عشرالسنة اخلامسة )1438 هـ ــ 2017م(

السند ــد ــم حم ــخ ــي ــش ال الله آيـــة آية الله الشيخ حممد جواد فاضل اللنكرانيــم ــاض احلكيـــ ــــــيهد ري ــة الله الس آي

ــدي الكربالئي ــد امله ــيخ عب ــة الش م العاله

ــوي ــادل العلــ ــــــــيهد ع ــة الله الس آيــاز اخلب ــر من ـــــــيهد الس الله ــة آيمة الد كتور الشيخ حممد باقر املقدسي العاله

رئيس التحرير :...............*الشيخ قيصر التميمي

مدير التحرير:...............*الشيخ صباح عبهاس الساعدي

هيئة التحرير:...............*الشيخ ثناء الدين الدهلكي

د. الشيخ حممد الكروي القيسيالشيخ أسـعـد التميـمـي

د.الشيخ ميـثـم الربـيــعيد. الشيخ رغدان املنصوري

املقابلة وتقويم النص:.........*الشيخ عدنان الطائيالشيخ عصام السعيد

الشيخ مصطفى الدالي

*.....: التصميم واإلخراج الفنهالسيهد صادق احليدريالشيخ حسـني املـالكيعبـد الزهـرة الطـائي

معتمد الرتمجة اإلجنليزية:...*بدر شـاهني

اإلشراف العام:...................*مساحة الشيخ علي الفتالوي

التنسيق العام:...................*السيهد صاحل التنكابن

السـيد مالك البطاط

د. علـي البـديـري

زيد فرج الل األسدي

مريم هادي الياسري

سة:....................* إدارة املؤسه الشيخ باقر الساعدي )النجف األشرف(

سة( الشيخ رافد التميمي )قم املقده

سة:.................* معاونية املؤسهالشيخ عبهاس احلمداوي )النجف األشرف(

سة( الشيخ حيدر األسدي )قم املقده

رقم اإليداع يف دار الكتب والوثائق ببغداد )1924( لسنة 2013م

ISSN: 978-964-984-240-7:الرتقيم الدولي

هوية اجمللهةجملة فصلية علمية ختصصية تعنى بالبحوث املتخصصة يف جمال النهضة احلسينية، تص�در ع�ن مؤسس�ة وارث األنبياء للدراس�ات التخصصية يف النهضة احلس�ينية يف

النجف األرشف وقم املقدسة.

اهتمام اجمللهةهتتم املجلة بنرش معامل وآفاق الفكر احلس�يني وتس�ليط الضوء عىل تاريخ النهضة احلس�ينية وتراثها، وكذا إبراز اجلوانب اإلنس�انية واالجتامعي�ة والفقهية واألدبية يف

تلك النهضة املباركة.فاملجل�ة تتطلع الس�تيعاب مجي�ع املجاالت املهمة واحلساس�ة يف أب�واب النهضة احلس�ينية، رشيط�ة أن تك�ون البح�وث والدراس�ات متضمن�ة جلوانب م�ن اإلبداع

واحلداثة والتجديد، مع حفظ روح األصالة والتأسيس.

أهداف اجمللهة1� إعط�اء رؤي�ة واضح�ة ح�ول مع�امل النهض�ة احلس�ينية م�ن خ�ال البحوث

والدراسات.2 � نرش أهداف وثقافة النهضة احلسينية.

3 � إحياء الرتاث الديني واحلسيني.4 � فتح نافذة علمية لتفعيل جانب اإلبداع والتجديد والتأصيل الفكري يف كافة

حقول املعرفة الدينية.رين. 5 � االنفتاح عىل الواقع العلمي والفكري لدى العلامء واألساتذة واملفك

6� اس�تثامر األق�ام الرائ�دة، وتطوي�ر الطاق�ات العلمي�ة الواعدة، واس�تقطاب البحوث والدراسات واملقاالت العلمية القيمة لنرشها تعميام للفائدة.

رين لن�رش بحوثهم ودراس�اهتم؛ لتكون 7 � فس�ح املج�ال أم�ام الباحث�ن واملفكاملجلة رافدا من روافد تزكية العلم واملعرفة.

8 � التصدي لإلجابة عن الش�بهات واإلشكاليات والقراءات غري املوزونة حول النهضة احلسينية.

ضوابط النشرتدع�و املجلة العلامء واألس�اتذة والباحث�ن وكل من لديه اهت�امم يف جمال الكتابة

والتحقيق إىل رفدها بنتاجاهتم القيمة، عىل أمل ماحظة األمور التالية:أن تكون البحوث مرتبطة باختصاص الـمجلة وأركانها.•أل تكون منشورة أو بصدد النشر في كتاب أو مجلة.•بعة.• أن تكون ضمن املناهج العلمية املتأن تكون بحوثا مبتكرة وبلغة معاصرة.•أن يكون البحث على قرص ليزري فيما لو كان منضدا.•حقوق النشر محفوظة.•ر بالضرورة عن رأي الـمجلة.• األفكار املطروحة ل تعبل تعاد البحوث ألصحابها نشرت أم لم تنشر.•يخضع ترتيب البحوث لعتبارات فنية.•إجراء التعديالت والتلخيصات الالزمة من صالحيات الـمجلة.•كتاب• ضمن أو كتاب في املقال أو البحث نشر إعادة حق للمجلة

منفصل، مع احلفاظ على نصه األصلي.كل 250 كلمة حتسب صفحة واحدة.•تتبع الـمجلة نظام املكافآت ألصحاب البحوث.•الـمجلة غير ملزمة بنشر ما يقل عن 15 صفحة أو يزيد عن 30 صفحة.•

مراكز النشر

* النجف األرشف:سوق احلويش ـ املكتبة العلمية.

* النجف األرشف: شارع الرسول| ـ مكتبة دار اهلالل.

* النجف األرشف: سوق احلويش ـ دار الغدير.

* كربالء املقدسة: املعرض الدائم يف العتبة احلسينية املقدسة.

* بغداد: شارع املتنبي ـ مكتبة العني.* البرصة: العشار ـ مكتبة اإلمام اهلادي×.

* إيران /قم املقدسة: شارع معلم ـ سوق نارشان ـ معرض العتبة احلسينية املقدسة.

* إيران /قم املقدسة: صفائية ـ سوق اإلمام املهدي# ـ مكتبة فدك.

* إيران /قم املقدسة: سوق كذرخان ـ مكتبة اهلاشمي.

مقال التحرير

الشعائر املستحدثة وأدلتها.. قراءة يف كتاب )أسرار الشهادات( للفاضل الدربندي الشيخ قيصر التميمي ....................................................................................13

ملف العددشعائرية المراسم الحسينية.. المصاديق والمفاهيم

املراسم احلسينية بني عمومات الشعائر والتأصيل الفقهي املستقل آية اهلل الشيخ مسلم الداوري ........................................................................ 43

مفهوم اجلزع يف الشعائر احلسينية د. الشيخ فالح الدوخي .................................................................................. 57

بالغة الراية والشعار يف املواكب احلسينية.. دراسة يف ضوء بالغة اجلمهور أ. م. د. علي مجيد البديري ........................................................................... 85

شعرية لبس السواد يف املنظار الفقهي الشيخ عدنان الشامي .................................................................................... 99

الشعائر الدينية واملراسم احلسينية.. دراسة لغوية قرآنية يف االنطباق املفهومي السيد شهيد طالب املوسوي ....................................................................... 127

أهمية الزيارة يف الشعائر احلسينية الباحث: حسن جميل الربيعي ..................................................................... 161

دراسات حسينيةالركائز األساسية لوعي نهضة اإلمام احلسني×

الشيخ جميل الربيعي .................................................................................. 187

سرة ثائر )سليمان بن صرد اخلزاعي( السيد محمد الشوكي ............................................................................... 213

املعنى اللغوي لـ)سكينة(: اجلارية اخلفيفة الروح السيد محمود املقدس الغريفي ................................................................... 233

مصرع عبد الل الرضيع .. رؤية حتليلية الشيخ عبد الرزاق النداوي ......................................................................... 241

أثر الشعائر احلسينية يف نشر فكر أهل البيت^ يف القارة اإلفريقية )مناذج خمتارة(د. حيدر عبد اجلليل احلربية ...................................................................... 263

خالصة املقاالت باللغة العربية واإلجنليزية ............................................................ 293

الشعائر املستحدثة وأدلهتهاقراءة يف كتاب)أسرار الشهادات( للفاضل الدربندي

الشيخ قيصر التميمي*

بعد االس�تقصاء واملتابعة امليدانية للكتب االس�تداللية يف جمال النهضة احلس�ينية عموما والش�عائر احلس�ينية عىل وجه اخلصوص، وجدنا أن كتاب أرسار الشهادات سة يف هذا املجال، بل نستطيع القول: للفاضل الدربندي)1) من الكتب الرائدة واملؤسإنه أول كتاب ألفه صاحبه طبقا آلخر الصيحات املعرفية املرتبطة بمناهج االجتهاد، ولعله هو أول من أس�س لاستدالل الفقهي واألصويل يف زمانه، فيام يرتبط بشؤون

امللحمة احلسينية))).* رئيس حترير جملة اإلصاح احلسيني.

بن عيل رمضان بن عابد بن آقا ما »الدربندي: بالقول: واأللقاب الكنى يف القمي له ترجم (1(بالفقه عارف واملنقول، املعقول جامع مدقق، حمقق متكلم فقيه شيخ احلائري، الرشواين زاهد واألصول، كان من تامذة رشيف العلامء، وكان له يف حب أهل البيت^، سيام سيد الشهداء×، مقام رفيع، وتغري أحواله من اللطم والبكاء وغري ذلك من شدة مصيبته عىل احلسن املظلوم× يف أيام عاشوراء مشهور. يكى أنه كان يعظم كتب العلم، سيام كتب احلديث... له اخلزائن، وأرسار الشهادة، والسعادة النارصية، وغ�ري ذلك... تويف سنة )1286ه�( يف طهران، ونقل إىل كرباء املرشفة، ودفن يف الصحن الصغري... والدربندي هنا: نسبة إىل دربند، البلد املسمى بباب األبواب بقرب الرشوان، ال

الدربند التي كانت من أعامل الري«: ج2، ص228� 229.)2) ليس هدف املقال هو استقصاء كل ما ذكره الدربندي يف هذا املجال، وال تأييده أو انتقاده تفصيا، وإنام هدفنا هو التعرف عىل األصول واألسس والبدايات والبيئة التي نشأت وترعرعت فيها ظاهرة البحوث التحليلية واالجتهادية املرتبطة بمستحدثات املراسم احلسينية، ليتعرف الباحث بعد ذلك عىل حجم الرتاكامت االستنباطية واالستداللية التي رافقت مسرية تلك املراسم إىل يومنا احلارض، وهي تراكامت كبرية وكثرية وخطرية، كانت وما زالت حمل جدل وخاف، يلقي بظاله عىل جمتمعاتنا احلسينية. ومع ذلك مل ختل هوامش املقال أيضا من تسجيل بعض املاحظات، واإلشارة إمجاال إىل

بعض االنتقادات عىل منهجية املصنف وأدلته واستنتاجاته.

14

رشـ السنة اخلامسةـ 1438 هــ 2017مالعدد الثامن ع

وهذا ما أكده الدربندي نفس�ه، حينام أش�ار يف بعض تذييات بحوثه إىل أس�باب تأليف�ه هذا الكتاب، حيث يقول: »هذا الكتاب ليس كسـائر املقاتل والكتب املؤلفة يف هذا الشأن، فإن ما فيها ليس إل من باب التأليف واجلمع، بخالف ما يف هذا الكتاب، فإنه قد تضمن ـ يف كل مقدمة من مقدماته، ويف كل جملس من جمالسه ـ ما حيتاج إىل استعامل الفكـر الدقيق، والتأمـل الرقيق يف ضمن تذييالت عديدة، فليس ما كنت أسـتعمله من الفكـر وارتكبـت فيـه من املشـقة أقل مما اسـتعملته من الفكـر وارتكبت فيه من املشـقة يف سـائر كتبـي وتصانيفي، مـن العقلية والنقليـة، فالنتفاع منه عىل النهـج التام والنمط الكامل ليس إل يف طوع العالم اجلامع املحقق، ذي امللكة القوية والسليقة املستقيمة، وإن ل يكن بالغا رتبة الجتهاد والفقاهة، فال ينتفع منه عىل هذا النمط من دون هذه الدرجة، وإن كان ممـن لـه حذاقة يف العلوم األدبية وكتب التواريخ والسـر، فضال عن انتفاع من كان فاقدا لكل ذلك، ونمعم ما قال بعض العلامء الصلحاء والفضالء العظامء يف شأن هذا

تزن«)1). الكتاب، وهو أنه يليق أن يخكتب بامء الذهب، ثم يخكتنز ويخثم إن الدربندي قد تعرض للش�عائر املس�تحدثة يف ثنايا بحوثه، وتبعا الستدالله عىل الش�عائر احلس�ينية املنصوصة باخلصوص، علام أن ما سنعرضه من مستحدثات الش�عائر احلس�ينية ال يراها الدربندي يف كتابه من الشعائر املستحدثة، وإنام يراها من الشعائر املنصوصة واملتأصلة واملتصلة بزمان املعصومن^، ونحن قد اخرتنا هلا هذا التعبري؛ للتمييز بينها � كوهنا مما وقع اخلاف يف ش�عائريتها وأدلتها � وبن املامرسات الت�ي اتفقت الكلمة عىل كوهنا من الش�عائر احلس�ينية املنصوص�ة، كالزيارة والبكاء.

منهجه العام يف االستدالليؤك�د الدربن�دي يف مواض�ع كث�رية م�ن كتاب�ه عىل أن�ه يعتم�د يف بي�ان املطالب واملوضوع�ات احلس�ينية عىل م�ا ينقله م�ن الرواي�ات واألخبار واآلث�ار واملنامات،

)1) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص504.

تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

15

املعتمدة يف نظره، كام يس�تدل عىل ذلك أيضا »بالعمومات واألخصول والقواعد العقلية والنقليـة واللتزامـات األخبارية ونحو ذلك«)1)، كام س�تتضح أمثل�ة وتطبيقات ذلك

الحقا.أما بالنس�بة إىل ما ينقله م�ن الروايات واألخبار واآلثار واملنامات، فإنه يقس�مها

عىل أساس مصادرها إىل قسمن:1� املأخوذ من الكتب املعتربة يف نظره.

2� املأخوذ من غريها، مما ال يستلزم الوضع والكذب واالفرتاء.وه�ذا ما ذكره ونص علي�ه يف املقدمات األخرية لكتابه، حي�ث يقول: »إن كل ما ذكرتـه ونقلتـه يف هذا الكتاب، من األخبـار والروايات واآلثار واملنامـات، فهو ل يلو تـب املحمدين الثالثة، مـن وجهـني: إما أنه مما أخذته من الكتـب املعتربة، وذلك مثل كختب من يف درجتهم ممـن قبلهم أو بعدهم، أي: الكلينـي والصـدوق والطويس، ومثـل كختب أكثر متأخري املحدثني، الذين أخذوا من الكتب املعتربة واألخصول املعتمدة، ومثل كختب العالمة املجليس، والشـيخ األعظم احلر العامـي، وصاحب العوال، وذلـك مثـل: كخوهكـذا من يكون يف درجتهـم من حيث احلذاقة يف فنون األخبـار، وإما أنه مما أخذته ل

من مثل الكتب املشار إليها«)2).ث�م يؤكد ع�ىل منهجه العام يف كيفية التعامل مع مصادر هذين القس�من بالقول: »أما القسـم األول: فكام قد أذكر أسـامي الكتب املأخوذ منها أو أسامي أصحاهبا، فكذا قد أترك النتسـاب ول أخشـر إىل يشء من ذلك؛ فذلك مني لالتكال عىل وضوح احلال. وأما القسم الثاين: فنحن نشر فيه إىل الكتاب الذي أخذت منه بالواسطة أو بال واسطة، أو إىل الشـخص الـذي رويت عنـه«)3). وهو ي�رى أن هذا الق�در كاف يف مقام صحة

)1) املصدر السابق: ص500.

)2) املصدر السابق: ص496.)3) املصدر السابق.

16


النقل وجوازه، وكاف يف دفع ش�بهة الكذب والوضع والتزوير، وال يشرتط يف املقام االقتصار يف النقل عىل خصوص الروايات الصحيحة واملعتربة من حيث السند، أي: الت�ي تكون صحتها واعتبارها عىل طب�ق املوازين املذكورة يف علم الدراية والرجال،

والتي تصلح أن تقع يف طريق استنباط احلكم الرشعي الفقهي)1).ث�م إنه بعد ذلك يؤكد ويش�دد عىل قب�ح وحرمة تعمد الك�ذب، خصوصا ما إذا كان يف أم�ور الدي�ن والرشيعة، كوضع األحادي�ث واخرتاعها، ثم نس�بتها إىل النبي األكرم| وأهل بيته^، وهكذا نقل ورواية أمثال هذه األحاديث املوضوعة، وأن

ذلك من اجلرائم والذنوب املوبقة، برضورة املذهب واألدلة األربعة.ويق�ول يف هذا املقام أيضا: »ل جيوز نقل األخمور التي ل أصل هلا يف اآلثار واألخبار وكتب العلامء وأهل التواريخ واآلداب والسـر ـ من اخلاصة أو العامة ـ يف جمالس عزاء

سـيد الشـهداء، ومـآدب مصائب آل حممـد، طمعا يف كثـرة بكاء الناس وشـدة نوحهم

وضجتهـم وصيحتهـم، فكيـف ل؟! فـإن ذلـك يف احلقيقة مـن قبيل إحباط احلسـنات

بالسـيئات، فـإن إبكاء أحد الناس عىل سـيد الشـهداء وعرتته وأصحابـه املظلومني من

ـوز العاقل أو يرىض بأن أفضـل العبـادات وأقرب الطاعات وأعظم القربات، فكيف جيخ

ـرب بنيان ذلك بتعمد الكذب والفرتاء، ووضع األحاديث من عند نفسـه، أو بتعمد يخ

نقل ما هو يعلم كذبه ووضعه؟!«)2).

ويؤك�د أيضا يف الس�ياق ذاته ع�ىل أن »املحتاط يف دينه ل يـرتك الحتياط ول يفتح باب اجلرأة واجلسارة«)3).

ثم تصدى بعد ذلك إلخراج ما ال يراه كذبا يف النقل، وعد من ذلك االستناد إىل

)1) لاطاع عىل حقيقة هذا املنهج وتفاصيله بصورة أشمل وأعمق، ومعرفة املناهج املختلفة يف هذا املج�ال، انظ�ر: ما كتبه ش�يخنا األستاذ حممد السند، الشعائر احلسينية: ج1، ص213 �243.

)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص504.)3) املصدر السابق: ص501.

تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

17

العمومات، والقواعد العقلية والنقلية، وبعض اللوازم املستفادة من األخبار، وأمثال ذلك، كام أنه يعتقد بأنه ليس من الكذب أيضا »نقل األحاديث الضعيفة، من الروايات املرسـلة واألخبار املوقوفة املقطوعة بحسـب األسـانيد، أو املسـتندة إىل غر املعصوم«. وأن ه�ذا النق�ل »مما ل ضر ول عيب فيه، من باب ذكـر املصائب والرثاء«، برشط »أن تمل صدقهـا وصدورها، وإن ل تكـون مقطوعـة الكـذب والوضع، بل أن تكـون مما حيخكان عىل نمط الحتامل املرجوح«. ويضيف قائا: »ثم إذا كانت مما تخعارض القطعيات العقليـة أو النقلية وأصال من أخصول مذهـب اإلمامية، فال جيوز نقله للعوام، إل إذا كان ذاق، فهذا كام ترى جيري يف شأن األخبار الصحيحة الناقل قد سمع تأويله من العلامء احلخواملوثقات واحلسـان أيضا«. ثم رتب عىل ذلك »جواز نقل ما يوجد يف األوراق العتيقة والتصانيـف القديمـة التي ل يخعلم أسـامء مصنفيها، واألوىل بل الـالزم يف كل ذلك بيان احلـال، بذكر حال تلك الكتب وتلك األوراق، فمثل ذلك يخسـمى عند العلامء ـ يف باب حتمـل الروايـات ـ الوجادة، فهي أعـم مما أرشنا إليـه«)1). ثم أورد مجلة م�ن الروايات

املؤيدة جلملة ما أفاده يف املقام.ولعل�ه يف�رتض أن يف ه�ذا الق�در من الوج�ادة أيضا درج�ة ومرتبة م�ن مراتب االعتب�ار يف املق�ام، حي�ث يقول يف مواضع الحق�ة من كتاب�ه: »ول أخرش يف كل عنوان إل إىل مجلـة كثرة مـن رواياته، من األخبار والروايات التي ظفرت هبا يف الكتب املعتربة عنـدي، أمـا ترى أين ل أذكـر يف هذا العنوان ]عن�وان احلزن والبكاء[ اخلرب املشـهور يف األلسـنة، مـن أن مجعا من املالئكـة يف أيدهيم آنية مـن الزجاجات، فيـدورون يف جمالس ذكـر مصائـب آل حممد|، ويلتقطون دموع الباكني... ألين ل أظفر بذلك يف كتاب من

الكتب املعتربة«)2). وأم�ا ما يرتب�ط باملنامات، فإنه يرى أن قول املعصوم وفعله وتقريره حجة مطلقا،

)1) املصدر السابق: ص500� 501.

)2) املصدر السابق: ص104� 105.

18


حت�ى لو كان عن طريق رؤيته يف املن�ام، ويف هذا املجال يقول: »فإن قلت: هل يمكن إثبـات احلكـم الرشعي بالقضايـا الواقعة يف املنامـات؟! قلت: نعم، فـإن قول املعصوم وفعله وتقريره حجة، سـواء كان ذلـك يف اليقظة أم يف املنام، فمن أراد التحقيق والكالم

املشبع يف ذلك، فلرجع إىل مصنفاتنا يف العلوم العقلية والنقلية)1)«)2). بعد ذلك عطف عىل كامه هذا ما يرتبط باألشعار ولسان احلال، قائا: »ثم نقول: إن احلـال يف الـكالم النظمي كاحلال يف الكالم النثري، أي: مـن جهة الصدق والكذب، فيتمشـى فيه ما كان يتمشـى فيه، نعم إن دائرة األشـعار والكالم النظمي أوسـع الدوائر من جهة أخخرى، وهي أن أكثر ما يخذكر فيها، من باب املراثي وذكر املصائب، إنام هو من قبيل اإلنشاءات واخلطابات. وأما قضية لسان احلال، وتصدر الكالم بلفظة )كأن( أو ما يؤدي مؤداه من الفارسـية والرتكية واهلندية ونحوها، فالظاهر أهنا حيلة حسـنة يف باب

إخراج الكالم عن الكذب«)3).وأم�ا نق�ل حمتوى األش�عار بصورة خرب ورواي�ة، فقد قال في�ه: »إذا كان صاحب القصيدة واألشـعار مـن العلامء واملحدثني الكاملني، أو مـن األثبات الثقات، جاز ذلك النتسـاب عـىل هـذا النمـط، بمعنى أن هـذا يكـون حينئذ من قبيـل الروايات املرسـلة وي واألخبـار املرفوعـة الضعيفة، فيجوز أن يـروي ذلك كله، وذلك بأن يقـول: وقد رخكـذا وكـذا، أو أنـه ورد يف بعـض الروايات كذا وكـذا، أو أنه بلـغ إلينا كـذا وكذا ، أو نحـو ذلـك.. فقد بان من تضاعيف مـا قررنا أن تتبع األشـعار والقصائد، ول سـيام إذا كانت من أشعار العلامء وأهل احلديث، أو من أهل السر والتواريخ واألدب، مما يخوسع

الدائرة«)4). أي: يوسع دائرة النقل وجوازه ومرشوعيته)5).

)1) مل نعثر يف عجالة من البحث عىل حتقيق للمصنف يف هذا املجال، وهو من غرائب اآلراء!)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص188.


)5) ما زالت كل هذه الدعاوى يف املنهج حمل نقاش وجدل بن العلامء.

تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

19

أدلهته على الشعائر املستحدثةبعد مرورنا املوجز عىل املنهج العام لدى الدربندي يف استدالله عىل املوضوعات احلس�ينية، ننتق�ل إىل بي�ان وإيضاح أدلته التي أقامها عىل مجلة من الش�عائر احلس�ينية املس�تحدثة، الت�ي مل ين�ص يف الرواي�ات عليه�ا باخلص�وص، أو ال أق�ل م�ن وق�وع االخت�اف ب�ن العلامء يف كوهن�ا من الش�عائر املنصوص�ة باخلص�وص، وقبل ذلك

نحيص فيام ييل أهم ما جاء يف كلامته من تلك الشعائر واملامرسات، وهي:1� شج الرؤوس )التطبري(.

2� مخش الوجوه، ولطم الصدور، والرضب عىل الرؤوس باألكف)1).3� حث�و ال�رتاب والرماد عىل الرؤوس، وتطين الوجه واجلس�د بالوحل، وش�ق

الثياب، ولبس السواد)2).4� مراسم الشبيه )التمثيل(.

5� رضب الطبول والعزف باآلالت املوسيقية.

تأسيس األصل يف املسألةاعتاد الفقهاء يف اس�تدالالهتم الفقهية عىل تأس�يس وذكر األصل األويل والعميل يف املس�ألة، قب�ل أو بعد الول�وج يف أدلتها اللفظية، واهلدف م�ن ذلك هو الرجوع إىل األصل األويل واالستناد إليه يف مقام العمل يف حال فقدان األدلة واألصول اللفظية، أو التش�كيك يف داللته�ا وانطباقها عىل حم�ل النزاع، وقد هنج املصن�ف هذه الطريقة الفقهية يف مواضع متعددة من كتابه، لكونه من الفقهاء املرموقن يف زمانه، ومن مجلة

تلك املواضع حمل بحثنا، وهي الشعائر املستحدثة وغري املنصوصة باخلصوص)3).

)1) تشرتك هذه املامرسات يف كوهنا من األفعال التي قد تؤدي إىل إحلاق الرضر بالبدن وإيذائه.)2) تشرتك هذه املامرسات يف كوهنا مؤثرة يف مظهر اإلنسان العام.

)3) أي: عدم النص الرصيح باخلصوص من قبل املعصومن^ عىل كوهنا بعنواهنا من املراسم احلسينية.

20


وق�د اخت�ار املصنف يف املق�ام أن األصل يف مثل هذه األمور بش�كل عام يف حالة الش�ك هو اجل�واز، وإن كان قد رفع ي�ده عن هذا األصل يف بعض امل�وارد اخلاصة، كام س�يتبن الحقا، واس�تند يف بنائه عىل أصالة اجلواز إىل كون املقام يف نظره مندرج يف م�وارد الش�بهات احلكمي�ة التحريمي�ة البدوية، غري املس�بوقة أو املقرون�ة بالعلم اإلمجايل بالتحريم، ومن املقرر يف علم األصول جريان أصالة الرباءة واجلواز يف مثل ه�ذه امل�وارد، عىل خاف املذهب األخب�اري)1)، هكذا قرر املصن�ف األصل العميل قع الشـبهة يف املس�ألة، قائ�ا: »مـع كونه عىل طبـق األصل األويل؛ لكـون املقام من صخالتحريمية احلكمية، مع عدم سـبق العلم اإلمجايل يف البني«)2)، وستأيت إشارة أخرى إىل

ذلك من املصنف الحقا.ه�ذا م�ا يراه املصنف يف املقام، بعيدا عام قد ي�رد عليه فيام يدعيه، من إدراج املورد حتت أصالة الرباءة واجلواز يف الش�بهات احلكمية، يف حالة الش�ك وفقدان األصول

اللفظية.

األدلهة العامةهناك مجلة من الوجوه والش�واهد العامة التي اس�تند إليها الدربندي يف استدالله

عىل الشعائر املستحدثة بصورة عامة، نشري فيام ييل إىل أهم وأبرز تلك األدلة:

الدليل األوهل: ضرورة املذهب والسرة القطعية للمعصومني واملتشرهعةي�رى املصن�ف أن العامل احلاذق واملتابع الفطن لرواي�ات وتراث أهل البيت^، وم�ا وصلنا عن أصحاهبم وأتباعهم من العلامء وغريه�م، جيزم بأن رضورة املذهب والسرية القطعية املمضاة قائمة عىل مرشوعية بل استحباب تلك املامرسات واملراسم

احلسينية.

)1) انظر عىل سبيل املثال: اخلراساين، حممد كاظم، كفاية األصول: ص337، وما بعدها.)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص249.

تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

21

وه�ذا م�ا نص علي�ه يف مواضع كثرية من كتاب�ه، ومن تلك املواض�ع ما أورده يف ذيل قضية رضب الس�يدة زينب’ رأس�ها بمقدم املحمل، فإنه بعد تعداد مجلة من تلك املراس�م احلسينية، من ش�ق الثياب واجليوب، ولطم الصدور، ومخش الوجوه، وحث�و الرتاب والرم�اد عىل ال�رؤوس، ورضهبا باألك�ف، وتلطيخ الوجه واجلس�د قال: إن جواز ذلك بل بالوحل واأللوان املسودة، وما أشبه ذلك، قال: »بل يمكن أن يخ

استحبابه مما عليه السرة والرضورة من املذهب)1)«)2).كذل�ك ق�ال يف موضع آخ�ر، ويف الس�ياق ذاته، وبعد اس�تعراض تلك املراس�م احلسينية: »فوقوع هذه األخمور من الباكني واجلازعني يف مصيبته، قبل وقوع شهادته وبعد وقوعها، من أهل العصمة من املالئكة واألنبياء واألوصياء واألئمة^، وممن يتلو أهل العصمـة، ومن سـائر املحبني واملوالـني يف حضور أهل العصمة، مما ل شـك فيه)3)«)4).ويف هذا السياق أيضا يقول � بعد تأكيده جواز ومرشوعية تلك األمور �: »ول سيام إذا لوحظ ما يف األمصار يف مجيع األعصار ما يفعله مجع من شـبان الشـيعة بل وكهوهلم وشـيوخهم أيضا، مـن لطمهم صدورهم وجباههم ورؤوسـهم باحلجر واحلديد ونحو رح، يف حمرض مـن أكابر الدين وأعاظم املذهب من ذلـك، حتى تخدمى هذه األعضاء وتخالعلامء والصلحاء، وهم ل يمنعوهنم عن ذلك، بل يشتد حينئذ بكاؤهم ويعلو نحيبهم، بلت عىل فعل أمثال ذلك يف أيام العرش األخول من املحرم، أما سمعت فكأن طبائع مجع قد جخحديث مسلم اجلصاص، حيث قال: فلطمت وجهي حتى خشيت عىل عيني أن تذهب )))؟

)1) لقد تفرد املصنف هبذا املدعى، ومل يسبقه إىل ذلك أحد من الفقهاء عىل حد علمنا، ودعوى أن السرية ورضورة املذهب قائمتان عىل جواز أو استحباب تلك الطقوس، دون إثباهتا خرط القتاد.

)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص247.)3) هناك جمال واسع للتشكيك يف وقوع أغلب املامرسات الواردة يف كامه، سوى البكاء واللطم وشق

اجليوب، فقد يدعى اجلزم بوقوعها، كام سوف يتبن الحقا.)4) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص141.

)5) انظر: املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج45، ص114.

22


وباجلملة، فإن ذلك ليس إل ألمر أصي صادر من رضاء املعصومني بذلك)1)«)2).

الدليل الثاني: مطلوبية اجلزع على اإلمام احلسني×يع�د اجل�زع)3) ومطلوبيت�ه الرشعي�ة يف ع�زاء اإلمام احلس�ن× من أه�م األدلة العامة، التي استند إليها الدربندي يف التدليل عىل مرشوعية واستحباب تلك الشعائر

املستحدثة، ويف مواضع كثرية من كتابه.ويف مقام حديثه عن مطلوبية اجلزع باخلصوص والتأكيد عليه، أورد يف بداية األمر جمموعة كبرية من النصوص حول فضل البكاء عىل س�يد الش�هداء×، وما تضمنته م�ن مواق�ف وترصفات من بي�ت العصمة والطه�ارة، وكذلك مجلة م�ن النصوص

الدالة عىل خصوص مطلوبية اجلزع عىل اإلمام احلسن×، من قبيل:ق�ول اإلمام الص�ادق×: »كل اجلـزع والبكاء مكروه سـوى اجلـزع والبكاء عىل

احلسني«)4). ويف ن�ص آخ�ر عنه×: »إن البـكاء واجلزع مكـروه للعبد يف كل ما جـزع، ما خال

البكاء واجلزع عىل احلسني بن عي، فإنه فيه مأجور«)5).وأيضا يف حديثه املفصل مع مس�مع بن عبد امللك البرصي: »قال يل: أفام تذكر ما نـع بـه؟ قلت: نعم، قال: فتجزع؟ قلت: إي واهلل... قـال: رحم اهلل دمعتك، أما إنك صخ

من الذين يخعدون من أهل اجلزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا وحيزنون حلزننا«)6).

)1) الكام كل الكام يف فرض كاشفية هذه السرية املزعومة عن رأي املعصومن^.)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص248� 249.

)3) اجلزع: نقيض الصرب، وهو: حالة من االنقطاع والضعف عن حتمل ما نزل من نازلة، تصيب الشخص اجلازع. انظر: الزبيدي، مرتىض، تاج العروس: ج11، ص64.

)4) الطويس، حممد بن احلسن، األمايل: ص162. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص89.)5) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص202. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات:

ج1، ص89.)6) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص204. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات:

ج1، ص90.

تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

23

ب احلسـني× ويبكيه، ويأمر مـن يف داره وأيض�ا ع�ن اإلم�ام الباقر×: »ثـم ليندخقيم يف داره مصيبته بإظهار اجلزع عليه، ويتالقون بالبكاء بعضهم بعضا بالبكاء عليه، ويخ

بمصاب احلسني«)1). كذل�ك عن الصادق×: »إن احلسـني يقول لزواره: لو يعلم زائـري ما أعد اهلل له،

لكان فرحه أكثر من جزعه«)2).وجاء يف دعاء الصادق× لزوار احلس�ن×: »وارحم تلك القلوب التي جزعت واحرتقـت لنـا، وارحم تلـك الرصخة التي كانت لنـا«)3). ويف التعلي�ق عىل هذا اخلرب باخلصوص قال املصنف: »وكيف كان، فإن ما ورد يف باب زيارة سـيد الشـهداء وباب البكاء واحلزن والغتامم والرصخة والصيحة، لو كان منحرصا يف خرب معاوية بن وهب

لكفانا؛ ملا فيه ما يخغني عن غره«)4).وع�ن اإلمام الرضا× يف قصة ذب�ح إبراهيم البنه، وحمادثة اهلل تعاىل له، قال: »يا إبراهيـم، فإن طائفة تزعم أهنا من أخمة حممد سـتقتل احلسـني ابنه من بعـده ظلام وعدوانا كام يخذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي. فجزع إبراهيم× لذلك، وتوجع قلبه، وأقبل يبكي، فأوحى اهلل عز وجل إليه: يا إبراهيم، قد فديت جزعك عىل ابنك إسامعيل

لو ذبحته بيدك بجزعك عىل احلسني وقتله«)5).وقول اإلمام زين العابدين× لعمته زينب’، حينام رأته جيود بنفس�ه، وس�ألته لد عمي ع�ن ذلك: »وكيف ل أجزع وأهلع؟! وقد أرى سـيدي وإخويت وعمومتي ووخ

)1) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص326. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص91.

)2) الطويس، حممد بن احلسن، األمايل: ص55. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص98.)3) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص229. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات:

ج1، ص102.)4) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص104.

ج1، الشهادات: أرسار عابد، بن آقا الدربندي، ص59. اخلصال: عيل، بن حممد الصدوق، (5(ص126�127.

24


وأهي مرضجني بدمائهم مرملني...« )1).وبع�د أن اس�تعرض املؤلف ه�ذه النصوص الروائي�ة التي يراها متوات�رة، انتقل لتقريب االس�تدالل هبا عىل جمموعة من الش�عائر املس�تحدثة املش�ار إليها، بعبارات واضح�ة تغنينا عن البي�ان واإليضاح، حيث قال: »فال يفى أن اجلـزع لغة وعرفا هو نقيض الصرب، فإذا كان اجلزع عىل سـيد الشـهداء× عند ذكر مصائبه ومصائب عرتته وعيالـه وأصحابه املستشـهدين بني يديه× من املندوبات املؤكدة والكاشـفة عن حتقق امللكـة النورانيـة امللكوتيـة، كان دق الصـدر ورضب الـرؤوس وشـق اجليـوب ومتزيق الثيـاب وحثو الـرتاب والرماد عىل الرؤوس والتلبس بلباس أهـل املصائب، عند موت األعزة األجلة من عظامء الدين والدنيا، والتشبه هبم يف كوهنم شعثا غربا، من املطلوبات املؤكـدة واملندوبات املفضلة؛ ألنـه كام يدخل حتت اجلزع رفع الصوت يف النوح والبكاء عىل سيد الشـهداء، وإعالن الصيحة والضجة والنحيب وتنفس الصعداء، فكذا تدخل حتته هذه األخمور املشـار إليها آنفا، فهذا كاف يف إثبات رشعية هذه األخمور وكشـفها عن ملكـة اإليامن واإليقـان... وباجلملة فإن كل ذلك داخل حتت اجلـزع املقطوع املطلوبية، واملعلـوم املندوبيـة، فال يخعـارض ذلك يف بعض املـوارد ما يدل عىل حرمـة اإلرساف يف متزيـق الثيـاب، وما يدل عىل حرمة اإلرضار بالبدن، كام يف دق الصدور عىل النمط الذي تـأل منه، وهكذا الـكالم يف مثل ذلـك؛ ألن أدلة مطلوبية اجلزع تـرد عىل أدلة توجـع ويخ يخ

األخمور املشار إليها ورود اخلاص عىل العام«)2).ويبق�ى ه�ذا الدلي�ل بنظره مفتوحا الس�تقطاب واس�تحداث جمموع�ة كبرية من الطق�وس واملراس�م احلس�ينية، الت�ي يش�ملها مفهوم اجلزع، بالتفس�ري ال�ذي أورده

للجزع يف هذا النص.ولذا؛ قال يف موضع الحق: »وقد مرت اإلشارة إىل أن أقسام اجلزع وأفراده كثرة،

)1) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج45، ص179. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص203.

)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص136�137.

تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

25

فكل ما مرت إليه اإلشـارة من رفع الصوت والضجة، وإعالن الصيحة، وشـق اجليوب ومتزيـق الثيـاب، ونرش الشـعور، ولطم الوجـوه، وخدش اخلـدود والصدور، ورضب األفخـاذ والـرؤوس واجلبـاه باألكف، وحثـو الرتاب والرمـال والرماد عـىل الرؤوس، والتلبـس باملالبـس والثياب السـود... إىل غر ذلـك من مجلة من األخمـور األخخر، داخل

حتت اجلزع«)1) )2).

م احململ الدليل الثالث: رواية ضرب السيهدة زينب’ رأسها مبقدهوه�ي التي رواه�ا املجليس يف البح�ار، عن بع�ض الكتب املعتربة، مرس�لة، عن مس�لم اجلصاص، وهي رواية طويلة، ومن مجلة ما جاء فيها: »فالتفتت زينب، فرأت رأس أخيها، فنطحت جبينها بمقدم املحمل، حتى رأينا الدم يرج من حتت قناعها«)3).وع�ىل الرغم من كون ه�ذه الرواية من أهم النصوص اخلاصة، التي يس�تند إليها املصنف يف االستدالل عىل مرشوعية التطبري واستحبابه، إال أنه يعتربها أيضا � بداللة الفح�وى واألولوي�ة � من أهم األدلة العامة عىل مجلة واس�عة من املراس�م احلس�ينية املس�تحدثة، حيث يقول: »فاعلم أن قضية نطح زينب بنت أمر املؤمنني رأسـها بمقدم رح وجرى الدم منه، يكشـف عن فحوى أن مـا ل جيوز فعله يف املحمـل، بحيـث إنـه جخمصيبة غر آل حممد من اجلزع الشـديد، وشـق الثياب واجليوب، ولطم الصدور ومخش الوجـوه، وحثو الرتاب والرماد عىل الرؤوس ورضهبا باألكف، وتلطخ الوجه واجلسـد بالوحل واأللوان املسـودة وما يشـبه ذلك، جيوز فعله يف مصائب آل حممد|، ول سيام يف مصائب سـيد الشهداء روحي له الفداء«، إىل أن يقول يف صدد تأكيده عىل العموم: »نعـم، إن اإلفتـاء بام يزيد عىل ما ذخكر ـ أي: بمثل ما صنعته زينب بنت أمر املؤمنني ـ يف غاية الصعوبة واإلشـكال، ويمكن أن يقال: إن هذا اإلشـكال إنام هو بالنسـبة إىل النظر

)1) املصدر السابق: ص141.)2) ولكن ما زال باب النقاش واجلدل مفتوحا يف حتديد حقيقة اجلزع وماهيته وتطبيقاته لغة ورشعا.

)3) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج45، ص115. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص223.

26


اجلي)1)، وأما النظر الدقيق، فال إشكال يف البني أصال، فإن ما يف هذا اخلرب يرد عىل مجلة مـن العمومات واإلطالقات وبعض القواعد، ورود اخلـاص عىل العام«)2). أي: يكون

مصصا ومقيدا للعمومات واإلطاقات.ث�م إن املصن�ف � وتتميام لاس�تدالل � يؤكد أن ذلك الفعل الصادر عن الس�يدة زينب’ كان يف حمرض حجة اهلل اإلمام زين العابدين×، ومل يعرتض عىل عمته بيشء، وهو ما يكشف عن قبوله ورضاه بام فعلت، باإلضافة إىل ما يراه هو من كون فعل السيدة زينب’ حجة يف ذاته، با حاجة إىل إثبات واستكش�اف رضا اإلمام× وتقريره، قال هبذا الصدد: »جواز الستدلل بام فعلته زينب بنت أمر املؤمنني؛ ألن ما فعلته كان يف حمرض من حجة اهلل عىل مجيع خلقه سيد الساجدين، فكام أن فعل املعصوم وقوله حجتان، فكـذا تقريـره، عىل أنه قد تقدم مـا يدل عىل كون زينب حمدثة وتاليـة ملرتبة العصمة«)3).ثم ينتقل بعدها إىل بيان رأيه يف البحث الس�ندي يف الرواية، قائا: »فإن قلت: إن قضية نطح زينب رأسـها بمقدم املحمل ل يرد إل يف خرب مرسـل عن مسـلم اجلصاص، : إن وصـف املحقق املجليس الكتـاب الذي أخذ هذا وهـو أيضا جمهول احلـال... قلتخرز لرشائط العمل اخلـرب عنـه بكونه من الكتب املعتربة، يخصر هذا اخلرب بمنزلـة ما هو حمخبه، فعىل البناء عىل اتسـاع الدائرة يف باب األخبار جيوز ختصيص العمومات به«)4)، وقد تقدم�ت اإلش�ارة إىل ه�ذا البناء فيام يرتبط بب�اب األخبار والرواي�ات، حتت عنوان:

منهجه العام يف االستدالل، فاحظ.ونظرا إىل أن هذا الفعل الصادر من الس�يدة زينب’ يف هذا اخلرب قد يتوهم أنه م�ن األفعال املحرمة، التي دلت عىل حرمتها مجلة م�ن العمومات اللفظية والقواعد الفقهية، التي حترم عىل املكلف إيذاءه لنفس�ه وبدنه، فيكون صدوره عنها’ منافيا

)1) أي: البدوي والسطحي.)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص247.


تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

27

ألصول املذه�ب وثوابته، كام يتناىف أيضا مع اعتقادنا اخلاص بمقامها الس�امي’؛ ح�اول املصنف يف املقام أن يس�تعرض ه�ذه الدعوى مع اإلجابة عنه�ا، حيث قال: صـص به العمومـات وبعض القواعـد البالغة حد أخصـول املذهب »فكيـف جيـوز أن يخباملعنـى األخـص؟ عىل أن الظاهـر أن احلكم بحرمة مثل ذلك ـ ولـو كان ذلك يف تعزية

سيد الشهداء وعند ذكر مصائبه ـ من املسائل التفاقية اإلمجاعية«.ث�م أج�اب عن ه�ذه الدعوى بأهنا: »مـن الدعـاوى اجلزافية؛ إذ كـون القاعدة من أخصول املذهب باملعنى األخص أول الكالم، واملسـألة بخصوصها ل تخعنون يف كتاب من كتب األصحاب، فكيف تكون من التفاقيات، أو مما ادعي يف شأهنا التفاق واإلمجاع؟! فقـد بـان من ذلك كله أن احلكم باجلواز مما ل يلـو من قوة«)1). وكامه هذا رصيح يف حداثة أمثال هذه البحوث احلسينية، وأهنا مل تعنون يف كتب األصحاب إىل زمانه&.

ة األدلهة اخلاصهتن�اول املصن�ف يف ثنايا بحوثه أهم الش�عائر احلس�ينية املس�تحدثة، ون�ص عليها بص�ورة منف�ردة، وتعرض ألدلتها وحكمه�ا الرشعي، ونذكر فيام ي�يل أهم وأبرز ما

جاء يف كلامته:

1ـ التطبرج�زم املصن�ف بمرشوعي�ة التطب�ري، وكل جرح للرأس واجلس�د بآل�ة من حديد أو غريه�ا يف ع�زاء س�يد الش�هداء×، بل جزم أيضا باس�تحبابه، وكون�ه من أفضل

العبادات وأرشفها. ولع�ل ه�ذه الش�عرية تعد من أش�د الش�عائر احلس�ينية ممارس�ة وج�دال وخافا ب�ن العل�امء، م�ن زم�ن املصن�ف إىل زماننا هذا، ف�إذا ج�ازت وحك�م بمرشوعيتها واستحباهبا، جاز يف نظر املصنف ما دوهنا من األفعال واملامرسات، كخمش الوجوه

)1) املصدر السابق.

28


ولطمها، ولطم الصدور والرؤوس، وأمثال ذلك مما سيأيت التعرض له تباعا، وذلك بالفح�وى واألولوية التي أرشنا إليها، ونص عليها املصنف س�ابقا؛ ولذا قدمنا هذه

الشعرية اخلاصة عىل سائر الشعائر األخرى املستحدثة.ث�م إن�ه باإلضاف�ة إىل ما تقدم م�ن التدليل عىل ذل�ك، والتنصيص علي�ه من قبل املصنف يف األدلة العامة، استدل أيضا بفعل السيدة زينب’، حينام صدمت رأسها الرشي�ف بمق�دم املحمل، وقد كرر ذلك يف مواضع كث�رية من كتابه، ومن مجلة تلك املواض�ع م�ا ج�اء يف قوله عند بيان بع�ض ما يس�تحب فعله عند ذكر مصائب س�يد الش�هداء×: »وأما الـكالم يف مثل جرح الرؤوس أو الصدور بآلـة من احلديد أو نحو ذلـك، فمام يخعلم حتقيق احلال فيه يف بعض املجالس، وهو املجلس املتضمن لقضية نطح الصديقة الطاهرة زينب بنت أمر املؤمنني÷ رأسـها ـ يف حضور اإلمام ـ عىل خشـب اهلـودج«)1)، وه�و يش�ري بذلك إىل التذيي�ل الثالث من املجلس الث�اين والعرشين من

كتابه، وقد سبقت تفاصيله يف الدليل الثالث من األدلة العامة، فاحظ.ويقول يف موضع آخر أيضا، يف معرض حديثه عن استحباب شق اجليوب ومخش الوجوه كام س�يأيت: »وكيف ل؟ فإن مجلة كثرة من األخبار... قد دلت عىل جواز ذلك يف مصيبـة سـيد الشـهداء روحي فداه، بل عـىل كون ذلك وما فوقه، مثـل لطم الصدور باألحجـار، وشـق الرأس، ونحـو ذلك، مما فخعـل يف حضور املعصـوم، فيكون من مجلة العبادات، بل من مجلة أرشفها وأفضلها، فافهم«)2)، وهو يش�ري يف مس�ألة ش�ق الرأس

إىل فعل السيدة زينب’ املتقدم يف حضور اإلمام املعصوم×.ث�م إن املصن�ف يس�تثني من هذا النح�و من املامرس�ات، األفعال الت�ي قد تؤدي إىل امل�وت أو تلف عضو م�ن األعضاء، وجزم بحرمتها يف ه�ذا احلال، حيث يقول: ش التلـف عىل النفس واألعضاء، وإل »ولكـن ل يفـى عليك أن ذلك كله إنام فيام ل يخ

فيحرم قطعا، واهلل أعلم بأحكامه«)3).

)1) املصدر السابق: ج1، ص141.



تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

29

2ـ الصياح ومخش الوجوه ولطم الصدور والضرب على الرؤوس باألكفه

3ـ حثو الرتاب والرماد على الرؤوس وتطيني الوجه واجلسد وشقه الثياب ولبس السوادمجعن�ا بن هذه الش�عائر واملامرس�ات املتنوعة حت�ت هذين العنوان�ن؛ لتقارهبا يف املامرسة واألداء، وتقارهبا أيضا يف األدلة والنصوص والروايات التي ساقها املصنف إلثبات شعائريتها، ومضافا إىل األدلة العامة املاضية، أورد املصنف روايات كثرية يف

هذا الباب، يعتقد بتواترها وبلوغ مضموهنا حد الرضورة الدينية واملذهبية.ومن أهم ما ورد يف كتابه من تلك النصوص والروايات ما ييل:

م�ا رواه ع�ن الس�يدة زينب’ يف كرباء قب�ل وقوع املعركة: »فقالـت زينب: وا ثكاله! ينعى احلسني إيل نفسه! قال: وبكى النسوة ولطمن اخلدود وشققن اجليوب«)1). وه�ذا النص ال�ذي يرويه أيضا يف الس�ياق ذاته: »فنظر إليها احلسـني×، فقال هلا: يا أخخيـة، ل يخذهبن حلمك الشـيطان، وترقرقت عيناه بالدمـوع، وقال: لو تخرك القطا لنام. فقالـت: يا ويلتاه! أفتغتصب نفسـك اغتصابـا؟! فذاك أقرح لقلبي، وأشـد عىل نفيس، ثـم لطمت وجهها، وهوت إىل جيبها فشـقته، وخرت مغشـيا عليها«)2). ويف نص آخر

مماثل: »فشقت ثوهبا، ونرشت شعرها، ولطمت وجهها«)3).وهك�ذا نص آخر يتحدث عن حال النس�اء بعد مرصع اإلمام احلس�ن×: »فلام سـمعن باقـي احلريم خرجن، فنظرن إىل الفرس عاريا، والـرج خاليا، فجعلن يلطمن

اخلدود، ويشققن اجليوب، وينادين وا حممداه! وا علياه! وا فاطمتاه!...«)4). ون�ص آخ�ر يتح�دث ع�ن مرورهن ع�ىل القتىل: »ثـم أخخرج النسـاء مـن اخليمة، وأشـعلوا فيها النار، فخرجن حوارس مسـلبات حافيات باكيات، يمشـني سبايا يف أرس الذلة، وقلن: بحق رسـول اهلل إل ما مررتم بنا عىل مرصع احلسـني×. فلام نظر النسـوة

)1) ابن طاووس، عيل بن موسى، اللهوف عىل قتىل الطفوف: ص49. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج2، ص145.

)2) املفيد، حممد بن حممد، اإلرشاد: ج2، ص94. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج2، ص146.)3) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص56.


30


إىل القتىل صحن، ورضبن وجوههن«)1). وأيض�ا م�ن نصوص ما بعد امل�رصع: »وروي عن بعضهم: أنه كان للحسـني بنت صغرة، وكانت من بني تلك النسـاء جالسة حول أبيها، قابضة كتفه، وكفه يف حضنها، فتـارة تشـم كتفـه، وتارة تضـع أصابعه عـىل فؤادها، وتارة عـىل عينها، وتأخـذ من دمه

ضب شعرها ووجهها«)2). الرشيف، وختخويف الكوفة بعد خطابات بنات الرسالة، ضج »الناس بالبكاء والنوح، ونرش النساء شـعورهن، ووضعن الرتاب عىل رؤوسـهن، ومخشـن وجوههن، ورضبـن خدودهن، ر باكية أكثر من ذلك اليوم«)3). ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال، ونتفوا حلاهم، فلم يخويف جمل�س يزي�د، ملا رأت الس�يدة زينب’ ال�رأس الرشيف »أهـوت إىل جيبها

فشقته«)4). ويف خربة الشام حينام استيقظت صغرية احلسن× تريد والدها: »فعظم ذلك عىل أهل البيت، فضجوا بالبكاء، وجددوا األحزان، ولطموا اخلدود، وحثوا عىل رؤوسـهم

الرتاب، ونرشوا الشعور، وقام الصياح«)5). وحينام عاد الركب احلس�يني إىل املدينة ونادى الناعي: »يا أهل املدينة، هذا عي بن احلسـني÷ وإخوته وعامته قد نزلوا بسـاحتكم، وأنا رسـوله إليكم. قـال: فلم يبق يف املدينة خمدرة إل وبرزت من خدرها، ولبسـوا السـواد، وصاروا يدعون بالويل والثبور،

فلم أر إل باكيا وباكية، ونادبة وناعية«)6).

)1) ابن طاووس، عيل بن موسى، اللهوف: ص49. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص201.

)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص205.)3) ابن طاووس، عيل بن موسى، اللهوف يف قتىل الطفوف: ص91�92. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار

الشهادات: ج3 ص229.)4) احليل، ابن نام، مثري األحزان: ص79. الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص360.

)5) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج3، ص411.)6) املصدر السابق: ص463.

تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

31

ويف نص مماثل ويف الس�ياق ذاته: »فام بقيـت يف املدينة خمدرة ول حمجوبة إل وبرزن من خدورهن، مكشـوفة شـعورهن، خممشـة وجوههن، ضاربـات خدودهن، يدعون

بالويل والثبور وعظائم األخمور، فلم أر باكيا ول باكية أكثر من ذلك اليوم«)1).وقد تضمنت هذه النصوص وغريها املامرسات التالية:

1� لطم اخلدود.2� مخش الوجوه.

3� نتف اللحى.4� تلطيخ الوجه والشعر بالدماء.

5� حثو الرتاب عىل الرؤوس.6� النوح والصياح.

7� نرش الشعور.

8� شق اجليوب.

9� لبس السواد.10� الدعوة بالويل والثبور.

11� خروج املخدرات من خدورهن.والذي يفهم من جمموع إفادات املصنف يف هذا املجال أنه يرى:

أول: أن هذه النصوص الدالة عىل هذا النحو من املامرسات وأمثاله متواترة، ومما ال ش�ك فيها، بل بالغة حد الرضورة، وال معنى للولوج يف حكاية االعتبار الس�ندي

وعدمه)2).

ص461. وانظر أيضا باملضامن ذاهتا هلذا النص وسابقه: ابن طاووس، عيل بن )1) املصدر السابق: موسى، اللهوف يف قتىل الطفوف: ص115.

)2) إن دعوى بلوغ كل تلك املامرسات بتفاصيلها وعناوينها حد التواتر أو الرضورة، استنادا إىل تلك النصوص والروايات، عهدهتا عىل مدعيها. نعم، للمصنف أن يدعي ثبوت التواتر اإلمجايل، الذي ال

يثبت سوى بعض تلك املامرسات، كاللطم وشق اجليوب، وتفصيل الكام موكول إىل حمله.

32


ثانيا: أن هذه األفعال واملامرسات قد وقعت يف حمرض اإلمام املعصوم× من دون اعرتاض منه عىل ذلك؛ مما يكشف عن إمضائه ورضاه)1).

ثالثا: أن هذه النصوص وغريها تكشف عن أن ما يقع يف أفق هذه املامرسات، مما يكشف عن عظم املصيبة ويذكر هبا، كله جائز ومطلوب)2).

وم�ن إف�ادات املصنف يف هذا املجال، التي يش�ري فيه�ا إىل أمثال م�ا أوردناه عنه م�ن النص�وص والروايات، م�ا تقدم يف قول�ه: »فوقـوع كل هذه األخمور مـن الباكني واجلازعـني يف مصيبته... مما ل شـك فيه، ومما تطلع عىل األخبـار املتضمنة له يف مواضع

عديـدة يف مجلة كثرة مـن جمالس هذا الكتاب«)3)، ومن مجلة تل�ك املواضع ما أوردناه

عنه من النصوص والروايات.ويف موضع آخر، وبعد اس�تعراضه جلملة من تلك املامرس�ات، يف إش�ارة منه إىل م�ا أوردن�اه من النص�وص والروايات، قال أيضا: »بل إن اسـتنباط كل مـا أرشنا إليه مـن األخبار الكثرة وفقرات الزيارات الوفرة ـ اسـتنباطا تطابقا والتزاما ـ مما ل يشـك

قال: إن جواز كل ذلك ـ بل فيه العال، العريض التتبع، والشـديد التيقظ، بل يمكن أن يخ

استحبابه ـ مما عليه السرة والرضورة من املذهب«)4).

ث�م إن للمصن�ف دلي�ا إضافي�ا متص�ا بمرشوعية لبس الس�واد واس�تحبابه يف مصيبة س�يد الشهداء×، وهو عبارة عن تلك القصة التي ينقلها املصنف عن بعض مؤلفات أصحابنا، من أنه حكي عن السيد عيل احلسيني، أنه كان جماورا ملشهد اإلمام الرضا×، ويف يوم العارش من املحرم، وعند قراءة املقتل، ورد ذكر هذه الرواية عن

)1) ولكن لنا أن نتساءل: هل كان يتسنى للمعصوم× � وهو يف تلك احلال وبن رش أعدائه � االعرتاض عىل تلك املامرسات، لو كانت فيها مالفة حلكم جزئي من األحكام الرشعية؟!

)2) ال خيلو هذا االستنتاج من روائح القياس الباطل يف مذهب أهل البيت^.)3) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص141.


تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

33

اإلمام الباقر×، أنه قال: »من ذرفت عيناه عىل مصاب احلسني×، ولو كان مثل جناح البعوضـة، غفـر اهلل تعـاىل ذنوبه، ولو كانت مثـل زبد البحر«)1)، وقد اس�تثقل أحدهم مضم�ون ه�ذا احلديث وكذب�ه، فنام الرجل، ف�رأى يف منام�ه كأن القيامة قد قامت، والناس قد حرشوا للحس�اب، ويف هذا احلال، ومع شدة احلر، رأى حوض الكوثر، »وإذا عنـد احلـوض رجالن وامرأة، أنوارهم تخرشق عىل اخلالئق، وهم مع ذلك لبسـهم السـواد، باكون حمزونـون. فقلت: من هؤلء؟ فقيل يل: هـذا حممد املصطفى|، وهذا اإلمام عي املرتىض، وهذه الطاهرة فاطمة الزهراء. فقلت: ما يل أراهم لبسـني السـواد

وباكني وحمزونني؟ فقيل يل: أليس هذا يوم عاشوراء، يوم مقتل احلسني×؟!«)2).ويف مقام االس�تدالل هبذه الرؤيا عىل مرشوعية لبس الس�واد واس�تحبابه، يقول املصن�ف � اعت�امدا منه عىل ما أسس�ه، م�ن حجية قول املعصوم وفعل�ه وتقريره، ولو برؤيت�ه يف املن�ام)3) �: »ثـم ل يفـى عليـك أن من مجلة ما يـدل عىل اسـتحباب التلبس باملالبس السـود يف عرشة عاشـوراء، هو الروايـة املتقدمة، املتضمنـة لرؤية ذلك الرجل يف منامه أن رسـول اهلل| وأمـر املؤمنني× وفاطمة الزهراء’ قد تلبسـوا باملالبس

السود«)4).

4ـ مراسم الشبيه )التمثيل(خصص املصنف هلذه املامرس�ة والش�عرية احلس�ينية مقدمة خاص�ة من مقدمات

)1) الرواية مروية يف املصادر عن أيب عبد اهلل الصادق×، هبذا النص: »من ذكرنا عنده، ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب، غفر اهلل ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر«. انظر: الربقي، أمحد بن حممد، املحاسن:

ج1، ص63.)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص182�183.

)3) ال خيفى ما يف هذا االستدالل من مؤاخذات، فالقصة ال نعلم مصدرها وال حاكيها وال صاحب الرؤيا فيها، مضافا إىل غرابة االستدالل بفعل املعصوم يف منام شخص جمهول، وصفه حاكي القصة باجلاهل

املركب!!)4) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص188.

34


كتابه، وقد حرر عنوان هذه الش�عرية ومضموهنا بقوله: »املقدمة اخلامسـة: يف اإلشارة ك وغرها، من التشبيهات إىل حتقيق احلال فيام يخصنع يف بالد العجم، من بالد فارس والرترواملثل يف شهر املحرم، أي: من املثال والتشبيه لسيد الشهداء )روحي له الفداء(، وأشباه عرتته وأصحابه ونسائه الطاهرات والبنات الفاطميات، وهكذا تشبيهات تلك اجلسوم الطيبـة الطاهرة املنبوذة يف مجلـة من األيام والليايل يف أرض كربالء، وهكذا التشـبيهات للرؤوس املقدسـة املرفوعة عىل رماح الزنادقة والكفار، وهكذا املثل واألشـباه لرؤسـاء أهل الضالل وأهل الزندقة واإلحلاد، مثل يزيد وابن زياد وابن سـعد وجنودهم، لعنهم

اهلل تعاىل أمجعني«)1). هكذا حرر املصنف مسألة الشبيه واملسارح احلسينية آنذاك.ثم انتقل بعد ذلك إىل بيان احلكم الرشعي يف املس�ألة، واختار يف حكمها اجلواز، بل االس�تحباب، وبدأ بالتأكيد عىل كوهنا من املس�ائل االبتائية املس�تحدثة، وأهنا مل تبحث بحثا فقهيا إىل زمانه، حيث يقول: »فاعلم أن هذه املسـألة ـ مع كوهنا مما تشـتد نقل عن بعض ما قاربنا عرصه بني احلال فيها يف كالم أحد إىل اآلن، وقد يخ احلاجة إليهاـ ل يخ

أنه كان يمنع عن ذلك، إل أن الوجه املنقول عنه يف هذا املقام مما يف غاية املدخولية«)2).بعد ذلك يكي املصنف استدالال عىل اجلواز يف املقام، يدور يف األروقة العلمية، ث�م يناقش�ه، وقد نص عىل ذلك بالق�ول: »ثم إن الدائر يف ألسـنة الطالب ونحوهم أن املدرك للجواز هو عموم )من أبكى(. وفيه: أن هذا إنام يصح لو كانت كلمة )من أبكى( يف األخبار املشـتملة عليها واردة عىل هنج اإلرسـال واإلطالق، وليس األمر كذلك، بل إهنا إنام وردت يف مقام إنشـاد األشـعار وقـراءة املراثي، فكيف يمكن السـتدلل هبا يف تمسـك حينئذ بتنقيح املناط القطعي، والدللة اللتزامية العرفية، املقام؟!. اللهم إل أن يخ

وفيه ما ل يفى عىل الفطن«)3).

)1) املصدر السابق: ص154.)2) املصدر السابق: ص155.


تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

35

ث�م انتق�ل بعدها إىل بي�ان أدلته ع�ىل املرشوعية واالس�تحباب، ورشع بتأس�يس األص�ل يف ه�ذه املس�ألة، وعطفا ع�ىل األصل العام الذي أسس�ه يف املق�ام كام تقدم، اختار أن مقتىض األصل العقيل والنقيل هو اجلواز، لكون املقام من الشبهات احلكمية التحريمي�ة، وعبارته املفصل�ة والواضحة تغنينا عن اإليض�اح والبيان، حيث يقول: »والتحقيـق يف املقـام هو أن يقال: إنه ل بد من تأسـيس األصل، ثم اإلشـارة ثانيا إىل أن

املقام هل هو مما يوجد فيه عىل اإلثبات أو النفي دليل أم ل؟

فنقـول: مقتـىض األصـل األول العقي والنقي هو اجلواز؛ ألن شـبهة هـذا املقام من

أفـراد الشـبهات التحريميـة احلكمية، مع عدم سـبق العلـم اإلمجايل يف البـني، فاألصل

عنـد األخصوليني بأمجعهم هـو الرباءة واإلباحة، كام أن األصل عنـد األخباريني ـ ما عدا

رر يف حمله أن احلق مع معرش األخصوليني«)1). الصدوق& ـ هو احلظر واحلرمة، وقد قخ

بع�د ذلك يؤك�د املصنف عىل عموم هذا األصل وش�موله للممثل�ن والناظرين والك�وادر الت�ي تعمل خلف الكوالي�س، حيث يقول: »فإن هـذا األصل يخالحظ عىل نمـط التعميـم يف املقام، بمعنى أنه كام جيري يف شـأن املشـبهني أنفسـهم، يف مقام اإلتيان

باملثل واألشـباه باألبرار املقربني من اإلمام وحزبه، فكذا جيري يف شـأن معرش الناظرين

إليهم واحلارضين يف املجالس املشـتملة عىل األمثال واألشـباه، وكذا جيري يف شـأن من

يئ أسبابه«)2). يسعى يف هذا األمر وهيخ

ثم انتقل إىل عرض الش�واهد واألدلة اخلاصة عىل اجلواز، املطابقة ألصالة الرباءة عن�د األصولي�ن، والرافعة ألصالة احلظ�ر عند األخبارين، قائ�ا: »كل من كان من أهل التحقيق والنظر والتتبع ل بد من أن يقول باجلواز، وإن كان من معرش األخباريني،

ومن حزب القائلني باحلظر واحلرمة من حيث األصل، وبيان ذلك: أن املقام مما فيه دليل

)1) املصدر السابق.)2) املصدر السابق: ص155� 156.

36


مطابـق ألصل األخصوليني، وارد عىل أصل األخباريني ورود األدلة املنجزة عىل األخصول

املتعلقة«)1)، أي: املتعلقة يف حجيتها عىل عدم األدلة اخلاصة اللفظية املنافية هلا.

والدلي�ل اخل�اص اللفظي يف نظره، الوارد عىل أصالة احلظ�ر، والرافع ملوضوعه، هو ما يرويه املصنف »عن ثقة اإلسالم الكليني يف كتاب الروضة من الكايف، ومضمونه ومعنـاه ـ عىل ما يف خلدي اآلن ـ: أن الكميت الشـاعر دخـل عىل الصادق×، فقال: يا

كميت، أنشـد يف جدي احلسـني×. فلام أنشد الكميت أبياتا يف مصيبة احلسني× بكى

حن يف حجراهتن، فبينام اإلمام بكاء شـديدا، وبكت نسوة اإلمام× وأهله وحريمه وصم

اإلمـام يف البكاء والنحيب، إذ خرجت جارية من خلف السـرت مـن الباب الذي كان يف

سمت حجرات احلرم، ويف يدها طفل صغر رضيع، فوضعته يف حجر اإلمام×، فاشتد

حينئذ يف غاية الشـتداد بكاء اإلمام× ونحيبه، وعال صوته الرشيف، وأعلنت النسوة

الطاهرات واحلرم أصواهتن بالبكاء والنحيب من خلف األستار من احلجرات«)2) )3).

بع�د ذلك انتقل إىل تقريب االس�تدالل بالرواية، قائا: »وأنـت خبر بأن مقصود

)1) املصدر السابق: ص156.)2) املصدر السابق: ص156� 175.

)3) الظاهر أن هذه الرواية هبذا النص واملضمون، وبام فيها من حمل الشاهد وموضع االستدالل، ال وجود هلا إال يف خلد املصنف& وذاكرته، وهو املصدر األول واألساس هلا، وال وجود هلا، ال يف روضة الكايف وال يف غريها من املصادر السابقة عليه، فام جاء يف روضة الكايف عن الكميت هذا اخلرب: »عن الكميت ابن زيد األسدي، قال: دخلت عىل أيب جعفر×، فقال: واهلل، يا كميت لو كان عندنا مال ألعطيناك منه، ولكن لك ما قال رسول اهلل| حلسان بن ثابت: لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنا«. الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج8، ص102. وهناك خرب آخر يف الروضة أيضا قريب املضمون مما ذكره املصنف، ولكن عن املنشد سفيان بن مصعب العبدي، ومن دون أي ذكر ملوضع الشاهد، وهو ما رواه الكليني بسنده: »عن سفيان بن مصعب العبدي، قال: دخلت عىل أيب عبد اهلل×، فقال: قولوا ألم فروة جتيء، فتسمع ما صنع بجدها. قال: فجاءت، فقعدت خلف السرت، ثم قال: أنشدنا. قال: فقلت: )فرو جودي بدمعك املسكوب(، قال: فصاحت، وصحن النساء«. الكايف: ج8، ص216. ولعل الذاكرة قد خانت املصنف، فخلط بن هذه النصوص وبن نص آخر رآه أو س�معه من مصادره

األخرى التي مل تصلنا.

تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

37

النسـوة الطاهـرات واحلـرم مـن إنفاذ ذلـك الطفل من ذريـة رسـول اهلل| إىل حرضة

اإلمام×، ما كان إل تشـبيها بعي األصغر الرضيع الشـهيد )روحي له الفداء(، وذلك

لتشـتد بذلك الرقة يف الباكني والباكيات، ويكثـر البكاء والنحيب، فتقرير اإلمام كقوله

وفعلـه يف احلجيـة، فـإذا ثبـت ورود ذلك يف أصـل الـرشع يف اجلملة، ثبت اجلـواز، بل

الستحباب يف كل ما أرشنا إليه؛ لعدم القول بالفصل«)1).

ثم يضيف املصنف ش�اهدا آخر إلثبات املرشوعية، قائا: »إنه يمكن أن يسرتشـد

الفطن إىل حقية ما قلنا من أخمور أخخر أيضا، وذلك مثل ما ورد يف مجلة من األخبار: أن اهلل

قد أرى مجعا من األنبياء واملرسـلني ما جيري يف كربالء عىل عرتة سـيد األنبياء وآل خر

األوصياء، إراءة يف عال الظل واملثال، ومثل ما ورد أيضا من أن اهلل تعاىل خلق يف السامء

ملـكا بصورة أمر املؤمنني×، كان املالئكة يزورونه إذا كانوا مشـتاقني إىل صورة أمر

املؤمنني×، فلام رضبه ابن ملجم )لعنه اهلل( عىل رأسه، صارت تلك الرضبة يف صورته

التي يف السـامء، واملالئكة ينظرون إليه غداة وعشية، ويلعنون قاتله ابن ملجم. ول يفى

عليـك أن السرتشـاد من ذلك إىل ما قلنا حيتاج إىل نظـر دقيق وفهم صائب، فتأمل«)2).

وق�د اس�تدل املصنف بأمثال هذه الش�واهد والنصوص إلثب�ات مطلوبية التمثيل يف

مواضع كثرية من كتابه)3).

بعد ذلك يؤكد املصنف عىل أن هذا اجلواز هو حكم التشبيه من حيث هو، بغض

النظ�ر عام يرافقه أو م�ا قد يؤدي إليه من املحرمات واملفاس�د، وإال فإنه يكون حمرما

نايف احلكم حينئ�ذ، حيث يقول: »إن احلكم بجواز التشـبيهات من حيث هي هـي، ل يخ

بحرمتهـا بالنظـر إىل مجلة من اجلهات والعوارض، فال يفى عليك أهنا حترم إذا أدت إىل

)1) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص157.)2) املصدر السابق.

)3) انظر عىل سبيل املثال: ج3، ص50�51.

38


مجلة من املفاسد، مثل إتالف النفوس املحرتمة ونحو ذلك«، وقد مثل إلتاف النفوس بقص�ة وقع�ت يف اهلند ألش�خاص قتلوا أنفس�هم حينام رأوا موكب�ا لتمثيل الرؤوس

والسبايا الطواهر.ويف موضع آخر مثل املصنف لذلك االس�تثناء بتشبه الرجال بالنساء، الذي جيزم املصن�ف بحرمت�ه، فيكون التش�بيه حمرم�ا من هذه احليثي�ة، وقد أوضح ه�ذه النقطة بالق�ول: »إن مـا مـر من احلكـم بجواز التشـبيهات إنـام كان بالنسـبة إىل مالحظة نفس التشـبيهات، مـن حيث هي هي، ومـع قطع النظر عن بعض اجلهـات، وإل فقد يتصف ـ بالنظـر إىل بعـض اجلهات والعـوارض ـ باحلرمة، وذلـك مثل أن طائفة من املشـبهني أنفسـهم بالنسـاء الطاهرات والبنـات الفاطميات، يلبسـون املالبس والثيـاب املختصة بالنسـاء، وهذا كام ترى مما ل شـك يف حرمته؛ إذ ل يرد يف الرشع ما يدل عىل الستثناء يف

هذا الباب، عىل أن املرتجى املقصود حيصل بدون ارتكاب هذا املحرم«.ثم يقول: »وأما ختيل الحتجاج يف املقام بـ: عموم )من أبكى(، وهكذا بالسـرة بني

الشيعة... مما ل وجه له؛ ألن:اجلـواب عـن األول: قد مر، عىل أن التعارض بني العمومات الدالة عىل حرمة تلبس الرجال بام يتص بالنساء، وبني عموم )من أبكى( ـ أي: من اإلطالق املستفاد من لفظة )أبكى(ـ تعارض العامني من وجه، فال ريب يف كون الرتجيح من وجوه عديدة مع تلك

العمومات)1).واجلواب عن الثاين: بأن تلبس الرجال بمالبس النسـاء وما يتص هبن، ما كان عادة مسـتمرة يف مقام التشـبيهات، حتى تخعد من قبيل السـرة، عىل أن منع العلامء اجلهال عن ذلك وعدم حضور املحتاطني منهم يف املجالس املشتملة عىل هذا النحو من التشبيهات،

مما ل يمكن ألحد إنكاره، فخذ الكالم بمجامعه وتأمل«)2).

)1) ولعل من مجلة هذه الوجوه: كثرة تلك العمومات واعتبارها وشهرهتا.)2) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص158.

تادا

شهر ال

رساب أ

كتايف

ءة قرا

..تها

أدلة و

حدثست

ر املعائ

لشا

39

5ـ ضرب الطبول والعزف باآلالت املوسيقيةحرر املصنف عنوان هذه املامرسات والطقوس بقوله: »يف اإلشارة إىل حتقيق احلال يف رضب األطبـال، وتصويـت الطنابـر واملزامـر والبوقات، وما يشـبه ذلك يف جمالس

التشبيهات«)1).وقد حكم جازما بحرمة هذه املامرس�ات يف املراس�م احلسينية، ودفع ما قد يتوهم كونه دليا عىل املرشوعية واجلواز، حيث قال: »فاعلم أن احلكم باحلرمة يف هذه األخمور هو مقتىض األخصول والقواعد املأخوذة من الكتاب والسنة واإلمجاع، فاملخصص الوارد عليهـا مما ل يثبت يف املقام)2)، وأما ختيل أن تويز تشـبيهات مجع من الكفار، كيزيد وابن سـعد وشـمر وجنودهمـ لعنهم اهلل تعاىلـ مما يستلزم تويز هذه األخمور، والتقريب غر خفـي، عىل أن املقصود املرتجى من التشـبيهات هو كثرة البكاء والنحيب، وشـدة الرقة والصيحـة والضجـة، فهذه األخمور كام ترى ل حتصل بـدون حتقق تلك األخمور يف جمالس

التشبيهات من اخليالت العتبارية التي ل اعتداد هبا«.ويضي�ف قائ�ا: »ثـم إن أقبح مـا يصنعه مجاعـة، أهنم يأتـون يف جمالس تشـبيهات األعراس للقاسـم بن احلسـن× بالطنبور، ويرضبونه ويصوتونه، فهذا وإن كان سـببا لشـدة الرقـة للعـوام من الرجال والنسـاء، وكثـرة البـكاء والنحيب، وإعـالن الصيحة

والضجة، إل أن احلكم بجواز ذلك ألجل ذلك، مما دونه خرط القتاد بأنامل«)3).وبع�د أن يرسد املصن�ف جمموعة من احلكايات والقصص يف ه�ذا املجال، مما قد يستكش�ف من�ه وجود س�رية لدى املترشعة ع�ىل أمثال هذه املامرس�ات، يقول: »فإن قلـت: إن مجلـة ما ذكرت وإن كانت تناسـب املقام، إل أن األليـق األحرى هو أن تذكر

)1) املصدر السابق: ص159.)2) يشري املصنف بذلك إىل النصوص والروايات املتضافرة التي حترم استعامل تلك اآلالت املوسيقية.

انظر: احلر العاميل، حممد بن احلسن، وسائل الشيعة: ج17، ص312� 318.)3) الدربندي، آقا بن عابد، أرسار الشهادات: ج1، ص159.

40


األهم، وهو أن تكشف حقيقة احلال يف قضية رضب الطنابر واألطبال وتصويت املزامر والبوقات وما يشبه ذلك، فإن ما ذكرت كالم خمتلط يذهب بعضه ببعض.

قلـت: إين مـا قرصت يف حتقيق احلـال وتبيني املقـال، إل أنني أقرص الـكالم ها هنا، وأقول: إن هذه األخمور املذكورة إذا صارت سـببا لنظم املجلس وكثرة أهله واحلارضين فيـه، ولشـدة الرقة وكثرة البكاء والنحيب وغلبة الضجـة والصيحة، فإين ل أقدم حينئذ إىل فتـح بـاب اجلسـارة والتجري، بـأن أقول: ل أحـرض يف هذا املجلـس، أو أقول: بأن احلارضيـن فيـه يرتكبـون املعصية من حيث حضورهـم فيه واسـتامعهم ألصوات تلك اآللت، ومع ذلك ل أطرح األصل الفقهي املذهبي الثابت باألدلة، فهذا عجيب، إل أنه

عند الناظر إىل األشياء بالعينني الصحيحتني، ل بعني واحدة سقيمة، ليس بعجيب«)1).وهذا يعني أن املصنف قد فصل يف احلكم بن املستعمل لتلك اآلالت املوسيقية، فحكم باحلرمة، وبن احلارضين والسامعن، فلم يتجرأ عىل احلكم بحرمة حضورهم

يف تلك املجالس، واستامعهم للموسيقى.

)1) املصدر السابق: ص162�163.

41

ت( ادا

شهر ال

رسا )أ

بكتا

يف ءة

قرا ..

تهاأدل

ة وحدث

ستر امل

عائلش

ا

املراسم احلسينيةبني عمومات الشعائر والتأصيل الفقهي املستقل

آية اهلل الشيخ مسلم الداوري*

اس�تثمرت جملة اإلصاح احلس�يني فرصة احلوار مع سامحة آية اهلل الشيخ مسلم

ال�داوري )حفظه اهلل(؛ وذلك إيامنا منها برضورة ع�رض النتاج الفكري للمحققن

والباحث�ن املتخصصن، مع مراعاة أصول البحث العلمي واحلوار اهلادئ الرصن؛

للوصول إىل احلقيقة بكل حرفية وعقانية، فكان لنا مع سامحته هذا احلوار:

: ابتداء نش�كركم سامحة الش�يخ عىل إتاحة هذه الفرصة، ونأمل

أن تكون مفتاحا لفرص أخرى ومشاركات قادمة إن شاء اهلل.

نب�دأ معكم س�امحة الش�يخ بالس�ؤال األول: ماذا ي�راد من مصطلح الش�عائر يف

النصوص الدينية؟

)الشـيخ الداوري(: بس�م اهلل الرمحن الرحي�م، احلم�د هلل رب العاملن، والصاة

والسام عىل سيدنا ونبينا حممد وآله الطيبن الطاهرين.

أن�ا أيض�ا بدوري أقدم لكم جزيل الش�كر عىل ه�ذا االهتامم املتواص�ل بالعلامء،

ونسأل اهلل تبارك وتعاىل لكم التوفيق والسداد.

يف البدء ال بأس ببيان مترص ملعنى الش�عائر يف اللغة، ثم ماحظة موارد استعامهلا

يف الكتاب والسنة.

* أستاذ البحث اخلارج يف احلوزة العلمية، يف مدينة قم املقدسة.

44


رش ـ السنة الثالثة ـ 1437 هـ ـ 2015 مالعدد احلادي ع

4444



444444


فعند الرجوع إىل أهل اللغة نرى أن الش�عائر: مجع ش�عرية، وهي من ش�عر يشعر شعرا وشعورا. ويقال: استشعر اليشء: أحس به، واستشعر الثوب: لبسه شعارا.

�عار: ما استش�عرت به من اللباس حتت الثياب، س�مي به؛ ألنه ييل اجلس�د، والشدون ما سواه من اللباس.

عار: ما ينادي به القوم يف احلرب؛ ليعرف بعضهم بعضا، وأشعر فان قلبي والشمها، أي: ألبسه باهلم حتى جعله شعارا للقلب.

فالشعائر: كل عامة توجب احلس واملعرفة بيشء ما)1). وهذا هو املوافق ملا يفهم ويستعمل عرفا.

وش�عائر اهلل: هي كل عامة توجب احلس واملعرفة باهلل تبارك وتعاىل، من خال عظمته، وطاعته، والتوجه إليه.

والش�عائر عىل أقسام: فتارة تكون الشعائر من ش�عائر الدين واإلسام، وأخرى تكون من شعائر اإليامن، وثالثة تكون من شعائر الناس، سواء أكانت حقا أم باطا، كشعائر املسيحين، أو البوذين، أو غريهم، أو الشعائر يف احلروب التي تدل عىل متييز الصديق عن العدو، فا فرق يف ذلك أن يكون منش�ؤها ش�خصا واحدا أو أشخاصا متعددي�ن، كام يف ش�عائر الدول، ف�إن لكل دولة ش�عارا وعلام خاصا هب�ا، يميز هذه الدولة عن سائر الدول، فلكل ملة من امللل أو مذهب من املذاهب شعائر أو شعار،

إما حقا، وإما باطا. هذا من جهة اللغة والعرف.وأما من جهة الكتاب، فقد ورد هذا اللفظ وما شاهبه يف مخس آيات:

1� قوله تعاىل: )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ()2).ک ک ک ک ڑ ڑ ژژ ڈ ڈ ڎ ڎ ڌ ( تع�اىل: قول�ه �2

)1) انظر: الفراهيدي، اخلليل بن أمحد، كتاب العن: ج1، ص251. ابن منظور، حممد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص413.

)2) احلج: آية32.

ل ستق

ي املقه

الفيل

صالتأ

ر وعائ

لشت ا

وماعم

ني ية ب

سين احل

سمملرا

ا

45

گ گ گ گ ڳڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ()1). 3� قوله تعاىل: ) چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ

ڌڌ ڎ ڎ ڈ()2).

4� قوله تعاىل: )ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ()3). 5� قوله تع�اىل: )ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے

ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ()4).فاس�تعمل لفظ الش�عائر يف الصفا واملروة، وكذلك يف املش�عر احلرام، ويف البدن،

ويف األخرية قد هنى اهلل عن إحاهلا والتعرض هلا.وب�ام أن اآلي�ات املباركة قد وردت يف س�ياق آي�ات احلج، فقد ف�رس بعض كلمة )الش�عائر( بمناس�ك احلج أو البدنة خاصة أو غريها، مع أن معنى كلمة )الش�عائر( ص الوارد، أوس�ع م�ن هذه املعاين مجيع�ا؛ إذ ثبت يف علم األصول أن امل�ورد ال خيصفاآلية الكريمة: )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ(، وإن وردت ر اإلنس�ان باهلل يف س�ياق بي�ان احل�ج، إال أهنا بمنزل�ة كربى كلية تش�مل مجيع ما يذكتعاىل، من دون اختصاصها باملوارد التي ذكرت يف سياق اآليات املشار إليها سابقا. وق�د ذكر الش�يخ الط�ويس& يف معرض تفس�ريه لآلية الكريم�ة: )ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ...(، ثامني�ة أق�وال يف معن�ى الش�عائر، وق�د رج�ح القول بالعم�وم، واملعن�ى: ال حتلوا حرمات اهلل، وال تضيعوا فرائضه)5)، فهو هني عن إباحة

كل ما يكون من معامل عبادته.

)1) البقرة: آية158.)2) البقرة: آية 198.

)3) احلج: آية36.)4) املائدة: آية2.

)5) انظر: الطويس، حممد بن احلسن، التبيان يف تفسري القرآن: ج3، ص418.

46



4646



464646


وق�د قوى هذا املعنى مجاع�ة من املفرسين أمثال الطربيس يف جممع البيان أيضا)1)، ومثلهام ما ذهب إليه الفخر الرازي من أن شعائر اهلل عام يف مجيع تكاليفه غري مصوص بيشء معن، فش�عائر اهلل: دين اهلل)2)، وهو ما اس�تظهره من التعريف اللغوي بمعنى كون الش�عائر عامة عىل اليشء، وقد اس�تدل الشهيد األول بآية تعظيم الشعائر وآية تعظي�م حرم�ات اهلل عىل تعظيم املؤمن بام جرت به ع�ادة الزمان، وإن مل يكن منقوال

عن السلف؛ لداللتهام عىل العموم)3).ب به إىل اهلل تعاىل، فهو ش�عرية واحلاصل: أن كل يشء يكون معلام لدين اهلل يتقرم�ن ش�عائره تعاىل؛ وذلك عىل كون املراد بالش�عائر اجلنس، فكل معل�م لعبادته فإنه مش�عر هلل، يذكر اإلنس�ان به س�بحانه وتع�اىل وعظمته يف حال التوج�ه إليه بتلك

العبادة، وإن كل ذلك يعد من الشعائر.: ما وجه إضافة هذه الشعائر إىل اهلل تبارك وتعاىل؟

)الشيخ الداوري(: أما إضافتها إىل اهلل تعاىل، فإنه ياحظ فيها جهتان: جهة كوهنا معل�ام ع�ىل اهلل، وجهة كوهنا م�ن اهلل، فإذا كان املعلم ش�عرية وعامة عىل اهلل

وكانت معلميته من قبل اهلل، فهذا يكون من شعائر اهلل.: ما هي الضوابط العامة التي يمكن من خاهلا حتديد الشعرية؟

)الشيخ الداوري(: ال إشكال يف أن كل فعل أو عمل ال يمكن أن يعد من الشعائر، بل ال بد للشعرية من خواص ورشوط تتوفر فيها، منها:

1� أن تكون من األمور الراجحة التي ندب إىل فعلها أو تركها رشعا، سواء أكان من املس�تحبات كإش�عار البدنة، أم الواجبات كالس�عي بن الصفا واملروة، فإذا كان ما فعل�ه، أو كان مباحا باملعنى األخص أو مكروه�ا، فا يصلح أن يكون ال�يشء حمر

)1) انظر: الطربيس، الفضل بن حسن، تفسري جممع البيان: ج1، ص443.)2) انظر: الفخر الرازي، حممد بن عمر، التفسري الكبري: ج4، ص106.

)3) انظر: العاميل، حممد بن مكي، القواعد والفوائد: ج2، ص159.

ل ستق

ي املقه

الفيل

صالتأ

ر وعائ

لشت ا

وماعم

ني ية ب

سين احل

سمملرا

ا

47

.من شعائر اهلل تعاىل، وال يمكن أن ينسب إىل اهلل2� أن تكون من األمور املميزة، فليس كل حكم من املندوبات أو الواجبات التي ال يتميز هبا الدين عن سائر املذاهب واألديان يصح أن يقال له: إنه معلم لإلسام. فالظاه�ر أن املوض�وع ال بد أن يكون متضمنا هلذي�ن الرشطن حتى يصدق عليه

كونه معلام وشعرية من شعائر اهلل تعاىل. )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ه�ل الظاه�ر م�ن قول�ه تع�اىل: :ڤ ڦ ڦ ڦ()1)، أن إنش�اء الش�عائر متوق�ف ع�ىل حك�م اهلل، أم أن

للمعصوم× واملترشعة والعرف دورا يف إنشائها وإجيادها كذلك؟)الشـيخ الداوري(: وقع الكام يف أنه هل ال بد من رشط رابع يميز الشعرية عن غريها، وهو أن يكون إنش�اء الش�عائر من اهلل، وأن اهلل هو الذي يعن وجيعل ، أم يمكن شيئا شعارا؟ وبعبارة أخرى: هل املعلمية والشعارية اعتبار وإنشاء رشعي

حتققها أيضا بأمر تكويني أو مترشعي أو عريف؟فمن يقول باألول يرص الشعار بام يعينه الشارع، ومن يقول بالثاين ال يرص ذلك بجعل الش�ارع، وإن املعلم والش�عرية يمكن حتققها بأم�ر تكويني، أو اعتباري عريف

مترشعي.واستدل عىل القول األول بوجوه، أقواها وجهان، مها:

الوجه األول: أن ظهور كلمة )شعائر اهلل( يمكن أن يستفاد منها أمران:.األمر األول: أن اليشء يكون مشعرا ومعلام باهلل

األم�ر الثاين: أنه معلم وش�عرية من قب�ل اهلل تعاىل، فإذا كان بجع�ل من اهلل )جل ش�أنه(، فه�و من ش�عائر اهلل، وأم�ا إذا مل يكن من قبل�ه تعاىل، فا يطل�ق عليه أنه من ش�عائر اهلل، بل ش�عرية من الناس، ولي�س كل اعتبار من قبل أي أح�د يكون اعتبارا


48



4848



484848


وش�عارا من اهلل، بل ال بد أن يكون اعتبار ش�عائريته وإنش�ائه من اهلل تعاىل؛ حتى يصح إطاق )شعائر اهلل( عليه.

الوجه الثاين: لو كانت الش�عائر بيد العرف التس�ع هذا الب�اب وترامى، وملا حد بحد، فلو أعطي الزمام للعرف واملترشعة بأن جيعلوا ألنفسهم شعائر كيف ما شاؤوا أو اقرتحوا، يلزم أن تطرأ عىل الدين ترشيعات جديدة، وأحكام مس�تحدثة، ورسوم وطقوس متعددة، حس�بام يراه العرف واملترشعة؛ وذلك يس�تلزم تأسيس دين جديد

وفق ما متليه عليهم رغباهتم وخلفياهتم الذهنية واالجتامعية.أما القول الثاين: فقد استدل عليه بوجهن:

الوجه األول: أن املس�تفاد من اآلي�ة الرشيفة )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ()1) � وإن كان بالنظرة األوىل كام ذكر � هو أن شعائر اهلل هي املعامل الت�ي تك�ون من قب�ل اهلل، ولكن مع اإلمع�ان والدقة يف املقام يظهر أن الش�عائر: ه�ي التي تكون عامة وش�عرية هلل تعاىل، فا ينح�رص جعلها باهلل، بل يكفي فيها واجدية األوصاف املتقدمة، ومنها: كوهنا مندوبا إليها، وهذا املعنى يمكن أن نحصل

عليه بقرينتن: األخوىل: هي نفس املحمول، فإن تقوى القلوب التي تكون منشأ وداال عىل تعظيم واحرتام الش�عائر، ال ختتص بالش�عائر واملعامل التي تكون جمعول�ة من اهلل، بل إذا كان�ت املربزية جمعولة من قبل الرس�ول‘، أو اإلمام×، أو املترشعة، فإهنا تقتيض ذل�ك أيض�ا با ريب، ف�إن التعظي�م والتبجيل ألح�كام اهلل � خصوص�ا إذا كان عامة ومعلام لإلسام والدين � ال ريب أنه يدل عىل التقوى، وأن فاعله يكون مهتام بالدين، وملصا ومراعيا حلق اهلل تعاىل؛ ومن ذلك يعلم أن املراد بالشعائر هو جنس الشعرية، وكل ما يكون معلام ومميزا للدين احلنيف، فتعظيمه تعظيم للشعائر، ومورد ومصداق لآلية الرشيفة، سواء أكان قد جعل من اهلل )عز وجل( مبارشة، أم بواسطة


ل ستق

ي املقه

الفيل

صالتأ

ر وعائ

لشت ا

وماعم

ني ية ب

سين احل

سمملرا

ا

49

نبيه‘، أو اإلمام×، أو نائبه من الفقهاء، أو املترشعة من املؤمنن.الثانية: ما يستفاد من القرائن اخلارجية من أن ما ورد يف الكتاب والسنة من إطاق الشارع الشعائر عىل بعض املصاديق، كالبدنة، أو الصفا، أو املروة وغريها، مما يوجب القطع بأن الكعبة أو مناس�ك عرفة واملش�عر أيضا من الش�عائر، ف�إن أمهيتها وكوهنا معلام ومميزا أمر واضح، بل أجىل من املذكورات، وكذلك ما ورد يف األحاديث، فإن إطاق الشعرية والشعائر عىل املصاديق الواردة فيها يؤدي إىل حصول االطمئنان إىل أن املذكور يف اآلية هو جنس الشعرية، وال يتوقف اعتبارها وإنشاؤها عىل اهلل تعاىل،

والروايات يف هذا املجال كثرية جدا، منها:1� ما ذكره السيد عيل بن عبد احلميد، نقا من )كتاب الغيبة( للفضل بن شاذان، بإسناده إىل الفضيل بن يسار، عن أيب عبد اهلل× � يف حديث يف أصحاب القائم× قتلوا يف سبيل � أنه قال: »وهم من خشـية اهلل مشـفقون، يدعون بالشهادة، ويتمنون أن يخ

اهلل، شعارهم: يا لثارات احلسني×، إذا ساروا يسر الرعب أمامهم مسرة شهر«)1).2� م�ا يف جوام�ع اجلامع: »ول يكون الرجل مرائيـا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة، فمن حق الفرائض اإلعالن هبا وتشهرها لقوله×: )ول غمة يف فرائض اهلل(؛

ألهنا شعائر الدين وأعالم اإلسالم«)2).3� م�ا رواه الصدوق مرس�ا عن أمري املؤمنن× أنه ق�ال: »جاء جربئيل× إىل النبـي‘، فقال له: إن التلبية شـعار املخحرم، فارفع صوتك بالتلبيـة: لبيك اللهم لبيك،

لبيك ل رشيك لك لبيك، إن احلمد والنعمة لك وامللك، ل رشيك لك ]لبيك[«)3). 4� م�ا رواه الصدوق أيضا بإس�ناده عن احلس��ن بن ع��يل÷: »فجعـل اهلل

تلك اإلجابة شعار احلج«)4).

)1) النوري، حسن، مستدرك الوسائل: ج11، ص114.)2) الطربيس، الفضل بن احلسن، جوامع اجلامع: ج3، ص853.

)3) الصدوق، حممد بن عيل، من ال يرضه الفقيه: ج2، ص326 � 327.)4) املصدر السابق: ص238.

50



5050



505050


5� م�ا رواه الش�يخ الط�ويس بإس�ناده ع�ن معاوية ب�ن عامر، ع�ن الصادق×يف املناس�ك من املس�تحبات: »وإياك أن تشـتغل بالنظر إىل الناس، وأقبل قبل نفسـك... وليكن فيام تقول: اللهم رب املشـاعر كلها، فك رقبتي من النار، وأوسع عي من رزقك

احلالل، وادرأ عني رش فسقة اجلن واإلنس«)1).6� نق�ل املح�دث الن�وري ع�ن بعض نس�خ كت�اب فق�ه الرض�ا×: »وأكثمر من ر وي عن رسـول اهلل‘ أنه قال: أتاين جربئيل، فقال: مخ التلبيـة... رافعا صوتك، وقد رخ

أصحابك أن يرفعوا أصواهتم بالتلبية، فإنه من شعار احلج«)2).7� ما جاء يف تفس�ري العس�كري×: »وقـال رجل للرضا×: سـل يل ربك التقية احلسـنة، واملعرفة بحقـوق اإلخوان، والعمل بـام أعرف من ذلك. فقـال الرضا×: قد

أعطاك اهلل ذلك، لقد سألت أفضل شعار الصاحلني ودثارهم«)3).واحلاصل: أن إطاق الشعائر أو الشعار عىل هذه املوارد الكثرية يورث االطمئنان

بالعموم، وعدم االنحصار.الوجه الثاين: ظهر مما تقدم لزوم اعتبار ضوابط يف الشعرية، وأنه ال بد وأن تكون مما ندب إليها رشعا، فإذا كانت أمرا جمعوال وحمبوبا من قبل الشارع فكيف يدعى أهنا بعد صدق الشعرية عليها تكون بدعة، ويلزم من ذلك ترشيع دين جديد؟! فلو قلنا: إن التحية بالس�ام ش�عرية لإلس�ام، وقد اعتربها الناس شعارا، فهل يلزم من ذلك

دين جديد؟! أو يكون التعظيم واالهتامم هبا بدعة؟! نع�م، ال ب�د أن تك�ون رشعيتها ثابت�ة قبل أن تصري ش�عارا، كام أن الس�جود عىل الرتبة أمر مطلوب رشعا ومندوب إليه، فإذا صار السجود عىل الرتبة شعارا، كام عند اإلمامي�ة، فلي�س هذا بدعة، وال إدخ�اال ملا ليس من الدين يف الدي�ن ما دام يؤتى هبا

)1) الطويس، حممد بن احلسن، هتذيب األحكام: ج5، ص182.)2) النوري، حسن، مستدرك الوسائل: ج9، ص177.

)3) التفسري املنسوب إىل اإلمام العسكري×: ص323.

ل ستق

ي املقه

الفيل

صالتأ

ر وعائ

لشت ا

وماعم

ني ية ب

سين احل

سمملرا

ا

51

بعنوان االس�تحباب، وكذلك االجتامع لقراءة الق�رآن، أو الدعاء، فكلها من الدين، وليست خارجة عنه حتى يقال: إهنا بدعة ودين جديد.

وع�ىل كل ح�ال، فه�ذا الوجه مما ي�دل ع�ىل أن القائل ب�ه مل يعرف معن�ى البدعة وحدودها، فيحكم عىل تعظيم ما هو مندوب ومرشوع بأنه بدعة.

: م�ا هي أه�م وأبرز مصاديق ش�عائر اهلل تعاىل؟ وه�ل النبي‘ واألئمة^ من شعائر اهلل؟

)الشـيخ الـداوري(: ال ش�ك يف أن النبي‘ واألئم�ة من أهل بيت�ه^ يعدون م�ن أب�رز مصاديق ش�عائر اهلل؛ ألهنم م�ن أعام الدي�ن ومعامله، ك�ام ورد يف الزيارة اجلامع�ة: »أعالما لعباده، ومنـارا يف بالده«)1)، ويف زيارة اإلم�ام الكاظم×: »يا علم الديـن والترقـى«)2)، ويف زي�ارة اإلمام اجلواد×: »الـذي نصبته علام لعبـادك«)3)، ويف دع�اء الندب�ة: »يا بن املعال املأثورة«)4)، و»أين أعالم الديـن«)5)، وأمثال هذه العبارات

.املشتملة عىل أهنم معامل دين اهلل وأحكامه، فتعظيمهم يكون تعظيام لشعائر اهلل ،وه�ذا ما دل�ت علي�ه الروايات الكث�رية يف بيان فضله�م ومنزلته�م عند اهللوالدع�وة إىل إحي�اء أمره�م)6)، فق�د ورد عن اإلم�ام الصادق× أنه ق�ال للفضيل: »تلسـون وتتحدثون؟ فقال: نعم. فقال: إن تلك املجالس أخحبها، فأحيوا أمرنا، فرحم

اهلل من أحيى أمرنا...«)7).

)1) الطويس، حممد بن احلسن، هتذيب األحكام: ج6، ص97.)2) ابن طاووس، عيل بن موسى، مصباح الزائر: ص378.

)3) املصدر السابق: ص396.)4) ابن طاووس، عيل بن موسى، إقبال األعامل: ج1، ص510.

)5) املصدر السابق: ص508.)6) انظر: ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص201. الصدوق، حممد بن عيل، عيون أخبار الرضا: ج2، ص306. الطربي، حممد بن جرير، دالئل اإلمامة: ص299. الطويس، حممد بن احلسن،

مصباح املتهجد: ص291. ابن طاووس، عيل بن موسى، إقبال األعامل: ص87. )7) احلر العاميل، حممد بن احلسن، وسائل الشيعة: ج14، ص501.

52



5252



525252


وال ش�ك يف أن إقامة املجالس احلس�ينية، واملس�ريات العزائية، وبذل األموال يف ذل�ك، من أجل إحي�اء أمر أهل البيت^، يع�د من أبرز مصاديق التعظيم لش�عائر اهلل؛ ألن ذل�ك إحي�اء لدي�ن اهلل، ورشيع�ة النبي األك�رم‘، فإن تلك الش�عائر هي أحد أبرز األس�باب حلفظ الرشيعة ونرشها، وحف�ظ العقائد احلقة؛ إذ لوال أهل

البيت^ لبقي اإلسام با حمتوى، بل لنيس أيضا.باعتبار أن التعظيم والتبجيل أمر عريف خيتلف بحسب املوارد والعادات، فتعظيم األس�تاذ خيتلف عن تعظيم الوالد، وكذلك تعظي�م الصديق خيتلف عن تعظيم األخ يف ن�وع األدب واالح�رتام، وكذل�ك تعظيم أح�كام اهلل، فتعظي�م الواجبات هو العم�ل هب�ا يف أوقاهتا، كام أن تعظيم املحرمات هو االجتناب عن الوقوع فيها، وعدم هتك حرمتها واملس�اس فيها، وتعظيم كتاب اهلل وآيات�ه قراءهتا والعمل هبا، وتعظيم األئم�ة^ قبول قوهلم، والتمس�ك هبم، وإطاعتهم، والقي�ام بخدمتهم، وزيارهتم، س�واء أكان�وا أحياء أم أمواتا، وكذل�ك القيام بتعمري قبوره�م، واالهتامم برواياهتم، وإقام�ة املجال�س إلحياء ذكرهم، وبي�ان أحاديثهم؛ لقوله×: »فرحـم اهلل من أحيى

أمرنا«، فإن بيان مظلوميتهم، والبكاء عليهم، يكون تعظيام لساحتهم. وق�د ورد احل�ث والرتغيب األكيد يف األحاديث يف كل م�ا يرتبط هبم^، ويعد

كل ذلك تعظيام هلم^.: ي�ا حبذا لو تذكرون لنا موارد يمكن اعتبارها من أبرز مصاديق

الشعائر احلسينية؟)الشيخ الداوري(: نعم، سؤالكم هذا ينقلنا إىل احلديث عن صغريات البحث يف

الشعائر، وبإمكاننا أن نشري إىل أبرز مصاديق الشعائر احلسينية، وهي:

1ـ زيارة مشهد اإلمام احلسني×ويتأك�د الرجح�ان حال امليش، فقد وردت الروايات الكث�رية الدالة عىل مطلوبية الزي�ارة وتأكيدها ح�ال امليش، ومنها: ما روي عن اإلم�ام الصادق×: »من أتى قرب

ل ستق

ي املقه

الفيل

صالتأ

ر وعائ

لشت ا

وماعم

ني ية ب

سين احل

سمملرا

ا

53

احلسني× ماشيا كتب اهلل له بكل خطوة ألف حسنة، وحما عنه ألف سيئة، ورفع له ألف

درجة«)1).

2ـ البكاء على مصائبه×فالبكاء س�نة نبوية؛ إذ نقل لنا أن النبي‘ قد بكى عىل ولده إبراهيم، وعىل عمه محزة، وعىل فاطمة بنت أسد، وعىل أمه آمنة بنت وهب، وعىل ابن عمه جعفر، وعىل زي�د ب�ن حارثة، وقد روي يف موقف من مواقفه أن�ه أخرب من قبل الوحي عن ظامة ول�ده احلس�ن× ومقتله، فأكثر بالب�كاء عليه، حتى أنه أبكى م�ن حوله، وارتفعت أصواهت�م بالضجي�ج)2)، ثم قام وهو يقول: »اللهم إين أشـكو إليك ما يلقى أهل بيتي

بعدي«)3).وع�ن الصادق×: »إن البكاء واجلزع مكـروه للعبد يف كل ما جزع، ما خال البكاء

واجلزع عىل احلسني بن عي÷، فإنه فيه مأجور«)4).

3ـ إقامة اجملالسفقد ورد يف القرآن الكريم: )ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ()5)، فإن من أبرز مصاديق املودة إقامة املآتم ملصاهبم، ومشاركتهم أفراحهم وأحزاهنم، خصوصا أيب عبد اهلل احلس�ن×؛ ملا جرى عليه يف يوم عاش�وراء من القتل والسلب والتنكيل بأه�ل بيته وأصحابه، فقد ورد عن اإلمام الصادق× يف قوله لبكر بن حممد األزدي علت فداك، : جخ � وق�د ذكرنا س�ابقا ما يقرب منه �: »تلسـون وتتحدثون؟ قال: قلـتخ

)1) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص255.)2) انظر: ابن حنبل، أمحد، مسند أمحد: ج1، ص137. الطربي، أمحد بن عبد اهلل، ذخائر العقبى: ج2،

ص163.)3) الصدوق، حممد بن عيل، األمايل: ص177.

)4) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص201� 202.)5) الشورى: آية23.

54



5454



545454


كمرنا عنده فخرج من نعـم. قـال: إن تلك املجالس أخحبها، فأحيوا أمرنا، إنه من ذكرنا وذخ

عينه مثل جناح الذبابة، غفر اهلل ذنوبه، ولو كانت أكثر من زبد البحر«)1)، باإلضافة إىل

السرية اجلارية من قبل األئمة^ وأصحاهبم يف إحياء أمر احلسن×.

4ـ لبس السواد يف أيهام مصائبهيمكنن�ا إدخ�ال لبس الس�واد يف املس�تحبات؛ لكونه مصداقا إلظه�ار احلزن عىل مصاب�ه×؛ وقد ورد يف عدة مص�ادر رجحان ذلك، ومنها: ما رواه الربقي صحيحا تل احلسني بن عي÷ لبسن نساء بس�نده عن عمر بن عيل بن احلس�ن×، قال: »ملا قخبني هاشم السواد واملسوح، وكن ل يشتكني من حر ول برد، وكان عي بن احلسني÷

يعمل هلن الطعام للمأتم«)2).

فه�ذه الرواي�ة ت�دل عىل أن نس�اء بني هاش�م لبس�ن الس�واد بمرأى اإلم�ام زين العابدي�ن×، ومل ي�ردع اإلم�ام ع�ن ذل�ك، وهذا يكش�ف ع�ن رضاه هب�ذا الفعل، باإلضاف�ة إىل فعل الس�يدة زينب’ صاحبة الكامالت والفضائ�ل واملؤيدة من قبل

املعصوم×.

5ـ لطم اخلدود والصدورنق�ل الطربي عن أيب منف تأثر الس�يدة زينب’ عند س�امع أخيها احلس�ن×

وهو ينشد:خليلم ــن م ــك ل أف دهـــرخ ــا ــك بـــاإلرشاقم واألصــيــلمي كــم ل

قتيلم طــالــب أو صــاحــب بالبديلممــن يقنعخ ل والــدهــرخ

اجلــلــيــلم إىل األمـــــرخ ـــــام سبييوإن ســالــك ـــي ح وكــــلر

)1) الصدوق، حممد بن عيل، ثواب األعامل: ص187.)2) الربقي، أمحد بن حممد، املحاسن: ج2، ص420.

ل ستق

ي املقه

الفيل

صالتأ

ر وعائ

لشت ا

وماعم

ني ية ب

سين احل

سمملرا

ا

55

فقد روى الطربي حوارها مع أخيها احلسن×، وقد جاء فيه: »بأيب أنت وأخمي صته وترقرقت عيناه، وقال: لو ترك القطا يا أبا عبد اهلل، استقتلت، نفيس فداك؟! فرد غخليـال لنـام. قالت: يا ويلتي أفتغصب نفسـك اغتصابا؟! فذلك أقرح لقلبي، وأشـد عىل نفيس، ولطمت وجهها...«)1)، ورواه الشيخ املفيد يف اإلرشاد)2)، وقد نقل عن العامة

أن عائشة رضبت وجهها عند وفاة النبي‘)3).وهن�اك أيضا ش�عائر أخرى ربام يط�ول املقام بنا عند ذكرها واالس�تدالل عليها،

كإطعام الطعام، وسقي املاء، وإنشاد الشعر، والرصخة، وغريها.وكذلك يمكن االستدالل بأن األصل يف األشياء هو اإلباحة واجلواز، فكل يشء ح�ال حتى تعلم حرمته، ف�ام مل يقم دليل عىل حرمته يف الرشيعة فهو حمكوم باحللية،

وعليه، فكل هذه الشعائر مندرجة حتت هذا األصل با إشكال.

)1) الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج4، ص319.)2) انظر: املفيد، حممد بن حممد، اإلرشاد: ج2، ص93�94.

)3) انظر: ابن حنبل، أمحد، مسند أمحد: ج6، ص274. أبو يعىل، أمحد بن عيل، مسند أيب يعىل: ج8، ص63. الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج2، ص441.

مفهوم اجلزع يف الشعائر احلسينية د. الشيخ فالح الدوخي*

مقدهمةتع�د مظاه�ر احل�زن واجل�زع من أه�م العوام�ل التي س�امهت يف خل�ود النهضة احلس�ينية، ولطاملا كانت تلك املظاهر جتس�يدا للتفاعل احلي بن املجتمع اإلس�امي بكاف�ة أطياف�ه وب�ن تلك النهض�ة املعطاء، مم�ا انعكس يف حي�اة األمة التزام�ا فكريا وس�لوكيا باملثل والقيم التي ضحى من أجلها اإلمام احلس�ن×، ويقف اإلصاح ع�ىل رأس تلك القيم واملبادئ، وال يتحقق اإلصاح املنش�ود إال إذا كانت الش�عائر احلس�ينية، ومنها اجل�زع، ضمن احل�دود الرشعي�ة، واألطر التي ترس�مها األهداف املتوخ�اة م�ن النهض�ة احلس�ينية؛ من هن�ا جاءت ه�ذه املقال�ة لتحدد مفه�وم اجلزع وحكمه يف الش�عائر احلس�ينية، يف خطوة هتدف إىل إصاح تلك الشعائر بام يتناسب ومبادئ تلك النهضة املباركة؛ وذلك بعد حتديد املعايري املفهومية واملصداقية للجزع عىل اإلمام احلسن×، وإسقاط تلك املعايري عىل ممارساتنا وشعائرنا احلسينية.

ثالث نقاط متهيدية

أوال: حملة عن مفهوم الشعائر احلسينية عمل علام لطاعة اهلل تعاىل... الشعائر مفرد شعرية، »والشعائر أعامل احلج، وكل ما جخ

* دكتوراه يف الفقه املقارن، أستاذ يف جامعة املصطفى العاملية، من العراق.

58



5858



5858


وشـعار القوم يف احلرب: عالمتهم؛ ليعرف بعضهم بعضا«)1). »وأشـعرتخه فشـعر، أي: أدريتـهخ فـدرى«)2). ف�كل يشء هلل تع�اىل فيه أمر أش�عر ب�ه وأعلم يقال له: ش�عار، أو ش�عائر)3)، و»شعائر اهلل أعالم دينه«)4)، فهي متثل معامل دين اهلل، »واألعالم التي نصبها

لطاعته«)5).والش�عائر احلس�ينية هي ممارس�ات دينية، يفعلها الش�يعة تعبريا عن ش�دة حزهنم ع�ىل ما حدث للحس�ن× يف واقعة كرب�اء املؤملة، وإظهارا مل�ودة أهل البيت^،

املطلوبة يف قوله تعاىل: )ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ()6).وال تنحرص الش�عائر عند الش�يعة بإظهار احلزن واملودة، فلها مجلة من األهداف، سنشري إليها الحقا باختصار، وهذه الشعائر ال ترتبط بزمن حمدد، لكنها تشتد وتقوى يف ش�هري حم�رم وصفر، ويكون أعظمه�ا يف يوم العارش من حمرم، ذكرى استش�هاد

اإلمام احلسن×، وثلة من أهل بيته وصحابته. وما دامت الش�عرية تعن�ي العامة الدالة عىل اهلل تع�اىل، والطريق إىل طاعته، فإن

الش�يعة تعتقد أهنا م�ن مصاديق قوله تع�اىل: )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ()7)، فهذه اآلية ظاهرها العموم، وإن جاءت يف س�ياق احلج، فكل ما

يكون داال كذلك يعد من الشعائر.والش�عائر احلس�ينية متثل امتدادا لس�رية احلسن× وس�لوكه وتضحيته يف سبيل الدي�ن، ب�ل إن أعظم أعام الدين هم النبي| وأه�ل بيته^، وقد وردت يف ذلك

)1) الرازي، حممد بن أيب بكر، متار الصحاح: ص180.)2) ابن منظور، حممد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص409.

)3) انظر: القرطبي، حممد بن أمحد، اجلامع ألحكام القرآن: ج12، ص56.)4) البغوي، احلسن بن مسعود، معامل التنزيل يف تفسري القرآن )تفسري البغوي(: ج3، ص287.

)5) الطربيس، الفضل بن احلسن، جممع البيان: ج7، ص150.)6) الشورى: آية23.


ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

59

رواي�ات كثرية، فتعظيمهم وإب�داء االهتامم هبم مما ال ش�ك يف رجحانه رشعا، وهذا التعظيم يتناسب مع إحياء أمرهم، واالنقياد هلم.

ثانيا: نبذة من تاريخ الشعائر احلسينيةوقد اش�تهر الشيعة بإقامة الشعائر احلس�ينية منذ وقت بعيد، حتى أضحت جزءا من هويتهم املذهبية، فهي ليس�ت وليدة العرص الراهن، بل تعود جذورها األوىل إىل

زمان النبي|، فقد روي أنه| أول من بكى عىل احلسن×)1).إن ذكرى عاش�وراء م�رت بمنعطفات كثرية، ومجلة من التح�والت والتغريات، وحظي�ت باخللود واالس�تمرار، وقد تفاع�ل الناس معها بازدي�اد مدهش، وقد كان للطبيعة املأس�اوية واملؤملة ألحداث الثورة وتفاصيلها، وعمق البشاعة واالنتهاكات الت�ي حصل�ت لقائده�ا وألرسته وأصحاب�ه، كان لذل�ك الدور األب�رز يف بقاء هذه الذك�رى متوهج�ة، وكأهنا قد حدثت الي�وم، فقد كانت الثورة احلس�ينية من بدايتها حتى هنايتها فاجعة مدوية، تثري األمل واألسى، واحلزن العميق يف القلوب والنفوس، فام حدث لإلمام احلسن× وأهل بيته وأنصاره وأصحابه من مآس حمزنة، وهنايات مؤمل�ة، يكس��ب الذكرى جاذبية بالغ�ة عىل الصعيد اإلنس��اين، ف�كل من يطلع عىل أح�داث كرباء � وإن مل يكن مس�لام � يتفاعل ويتضامن إنس�انيا مع مظلومية اإلمام احلسن وأهل بيته^ وأصحابه الذين استشهدوا بن يديه، ويستنكر ما تعرضت له

)1) روى أمحد يف مسنده عن نجي احلرضمي أنه سار مع عيل×، وكان صاحب مطهرته، فلام حاذى نينوى وهو منطلق إىل صفن، فنادى عيل: اصرب أبا عبد اهلل، اصرب أبا عبد اهلل بشط الفرات. قلت: وما ذاك؟ قال: دخلت عىل النبي)صىل اهلل عليه وسلم( ذات يوم وإذا عيناه تذرفان، قلت: يا نبي اهلل، أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جربيل×، قال: فحدثني أن احلسن يقتل بشط الفرات، قال: فقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت: نعم. قال: فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا. قال اهليثمي: رواه أمحد وأبو يعىل والبزار والطرباين، ورجاله ثقات. ابن حنبل، أمحد، مسند اإلمام أمحد: ج1، ص85. اهليثمي، عيل بن أيب بكر، جممع

الزوائد: ج9، ص187.

60



6060



6060


النس�اء واألطفال من الترشيد واألرس واألذى النفيس واجلس�دي بام يدمي القلوب، ويثري األسى واألمل العميق.

ه�ذا مضاف�ا إىل عنرص آخر ال يق�ل أمهية عن الطبيعة املأس�اوية، وهو اهتامم أئمة أه�ل البيت^ بإحياء هذه الث�ورة، وتذكري الناس بتفاصيلها املفجعة؛ إلبقاء ذكرى عاشوراء حية يف ضمري األمة؛ وربام يكون ذلك من العوامل املهمة جدا يف خلود هذه الثورة العظيمة، واستفادة البرشية من مكاسبها ونتائجها، واستلهام قيمها ومبادئها.وأول من خطط للتذكري بمقتل احلس�ن× هو اإلمام الس�جاد×، فهو أول من وضع أساس ختليد الثورة احلسينية بعد استشهاد أبيه× عىل مدى ثاثن سنة كام يف الروايات، وكان دائم البكاء والتحرس عىل ما حل بأبيه وآله يف كرباء، ومل يكن ذلك جم�رد حال�ة عاطفية فقط، متثل حزن الول�د عىل أبيه، فإن الس�جاد× إمام معصوم، وعواط�ف املعصوم ختضع إلرادته وفق منط�ق العقل واحلكمة، وال تتحكم بحياته،

فاحلالة التي كان عليها اإلمام زين العابدين× ليست حالة عادية.ث�م تتاب�ع بعد ذل�ك تقنن العاطفة جتاه ثورة احلس�ن× واستش�هاده، ففي عهد اإلمام الباقر× كان اإلمام يوجه شيعته لاهتامم بيوم العارش من حمرم بإحياء ذكرى س�يد الش�هداء يف ذلك اليوم من كل عام، ويف عهد اإلمام جعفر الصادق× أصبح األم�ر مألوف�ا ومت�داوال؛ ولذلك نجد اإلم�ام الصادق× يلتف�ت إىل بكر بن حممد األزدي � أح�د أصحابه � ويقول له: »تلسـون وتتحدثـون؟ قال: نعم، جعلت فداك.

قال×: إن تلك املجالس أخحبرها، فأحيوا أمرنا«)1). فق�د كان األئم�ة^ يدعون يف مناس�بات متعددة إىل إحياء عاش�وراء، وإنش�اد الش�عر، وإقامة جمال�س العزاء، ويثون عىل زيارة اإلمام احلس�ن×، والبكاء عليه، وخدم�ة زواره، وقد وردت يف كل ذلك أحادي�ث وروايات كثرية، كقول النبي|:

)1) املفيد، حممد بن حممد، األمايل: ص32.

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

61

»كل عـني باكيـة يـوم القيامة إل عني بكت عـىل مصاب احلسـني...«)1). وقول اإلمام الصادق×: »ل يذكره مؤمن إل بكى«)2). وكان اإلمام الصادق× يث عىل إنشاد الش�عر يف اإلمام احلس�ن× وباقي األئمة األطهار^؛ فقد ق�ال×: »من قال فينا بيت شعر بنى اهلل له بيتا يف اجلنة«)3). وروى ابن قولويه يف كامل الزيارات عن عيل بن احلس�ن× قوله: »أيام مؤمن دمعت عيناه لقتل احلسـني بن عي× دمعة، حتى تسـيل عىل خده، بوأه اهلل هبا يف اجلنة غرفا يسكنها أحقابا، وأيام مؤمن دمعت عيناه، حتى تسيل عـىل خـده فينا، ألذى مسـنا مـن عدونا يف الدنيا، بـوأه اهلل هبا يف اجلنة مبـوأ صدق، وأيام مؤمـن مسـه أذى فينـا، فدمعت عيناه حتى تسـيل عىل خـده من مضاضة مـا أوذي فينا،

رصف اهلل عن وجهه األذى، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار«)4).وهك�ذا نج�د أن�ه مع م�رور الزمن ق�د اتس�عت قضية اإلم�ام احلس�ن× أفقيا وعموديا، فقد حصل توس�ع من حيث الطبيعة اجلغرافية، بام تضم من زخم برشي، فتحققت معرفة واسعة لقضية احلسن×، وانترشت تفاصيل ثورته يف أغلب أنحاء العامل، بام حتمل من جتس�يد، وصورة مؤملة، ومواقف بطولية هتز الوجدان، وبام حتيي من قيم اإلس�ام ومبادئه، كام اتس�عت زمانيا وتارخييا، فلم تقترص عىل زمان س�ابق، بل أضحى العزاء يف ش�هر حمرم يف كل زم�ان، ويف أي منطقة يقطنها موالون وحمبون

ألهل البيت^، جتد إحياء واحتفاال حزينا لذكرى احلسن×.وه�ذا العنرص الثاين قد س�اهم يف حتويل ذكرى عاش�وراء إىل رم�ز ديني كبري، له الكثري م�ن الدالالت واملفاهيم العقدي�ة، والفكرية، واألخاقية، والسياس�ية، وهو األمر الذي ساهم يف إبقاء الثورة احلسينية متوقدة يف وجدان األمة، مهام تقادم الزمن

وتغريت الظروف.

)1) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج44، ص293.)2) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص214.

)3) الصدوق، حممد بن عيل، عيون أخبار الرضا: ج1، ص15.)4) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص201.

62



6262



6262


ثالثا: األهداف املتوخاة من إقامة الشعائرهناك مجلة من األهداف إلقامة الش�عائر احلس�ينية، ومعرفة ه�ذه األهداف يقق

فهام أعمق لس�بب اس�تمرار هذه الش�عائر، بل وجتددها يف كل س�نة بنحو أش�د من

الس�ابق، ويف ض�وء هذه األهداف يتحدد أيضا مفهوم اجلزع يف الش�عائر كام س�وف

يأيت الحقا.

اهلـدف األخول: هو هدف نف�يس يتمثل يف إبداء املودة والتعاطف مع ما حدث من

ظلم وتعس�ف وبش�اعة ومهجية، قل نظريه�ا يف التاريخ بحق أه�ل البيت^، إذن

ه�و تعزية يف املص�اب املؤمل ملجموع�ة من األش�خاص تعتربهم أق�رب الناس إليك

بعد رس�ول اهلل|، وتتس�ابق يف تقديم العزاء هلم يف ذكراهم احلزينة، كام تش�اركهم

أفراحهم، وهذا يس�تبطن مس�ألة اعتقاد الش�يعة بأن هذه الثلة الطاه�رة تتمتع بحياة

أش�به ما تكون هبذه احلياة الدني�ا، وأن ما عرض عليهم من املوت ال يدل عىل فنائهم

وانعدامهم، كام أخرب اهلل تعاىل عن الشهداء بأهنم أحياء عند رهبم يرزقون، فالنبي|

وش�هداء أه�ل بيت�ه^ أوىل بأن يي�وا حياة الش�هداء، ويف ه�ذا الس�ياق روي عن

اإلمام الصادق×: »يعزر عىل رسـول اهلل مرصعهم، ولو كان يف الدنيا يومئذ حيا لكان

ى هبم، وبكـى أبو عبد اهلل× حتـى اخضلت حليته )صلـوات اهلل عليـه وآله( هـو املخعز

بدموعه«)1).

اهلـدف الثـاين: هو احلصول عىل الث�واب اجلزيل؛ ملا ورد من رواي�ات كثرية جدا

حتث عىل مشاركتهم احلزن، وإقامة العزاء هلم، والبكاء عليهم، وأن الفاعل لذلك له

املزيد من الثواب واملغفرة والعفو اإلهلي، وهذا اهلدف بحد ذاته يفرس كثريا مما يتعلق

بخلود الشعائر احلسينية.

)1) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج45، ص63.

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

63

اهلـدف الثالـث: أن إقام�ة العزاء يعترب ممارس�ة إعامية، تكش�ف ع�ن أمهية دور األئمة يف حياة الناس، ويف الدين عموما، وأن احلس�ن الشهيد× إنام ثار عىل الظلم وعدم ممارسة الدين عمليا بشكل سليم، بنحو يقق العدالة االجتامعية واالقتصادية ونح�و ذل�ك، وهذا م�ن أهم األهداف وأرشفه�ا، ويرتتب عىل ه�ذا اهلدف كثري من األه�داف الفرعي�ة، منها: تربية جي�ل مؤمن بقضية احلس�ن× وبمرشوعه الثوري

القائم عىل رفض االضطهاد وظلم احلكام والطغاة.بع�د هذه املباحث التمهيدية الثاث، يتس�نى لنا أن ندخل يف املطالب األساس�ية

التي يستهدفها هذا املقال، وذلك يف إطار العناوين اآلتية:

اجلزع لغة ، جيزعخ جزعـا فهو جازع، ع بالكـرم ، جزم ـربم يف لس�ان العرب: »اجلـزعخ نقميضخ الص

وع...«)1). ع وجزخ ع وجزخ وجزم

ويف معجم مقاييس اللغة: »اجليم والزاء والعني أصالن: أحدمها النقطاع، واآلخر زعخ الوادي، جوهر من اجلواهر، فأما األول فيقولون: جزعتخ الرملة إذا قطعتها، ومنه: جم

: نقميض الصرب، وهو ه من أحـد جانبيه إىل اجلانب... واجلـزعخ وهـو املوضـع الذي يقطعخ

زع، وهو اخلرزخ املعروف«)2). انقطاعخ املخنة عن حل ما نزل... وأما اآلخر فاجلم

ويف املصب�اح املن�ري: »جزعـتخ الـوادي )جزعـا( من بـاب نفع: قطعتـه إىل اجلانب وع( مبالغة: إذا ضعفت ع( و)جـزخ ع( )جزعا( من باب تعمب فهو )جزم اآلخـر... و)جـزم

منته عن حل ما نزل به ول جيد صربا«)3).

ويف املف�ردات للراغب: »واجلزع هو حزن يرصف اإلنسـان عام هو بصدده ويقطعه

)1) ابن منظور، حممد بن مكرم، لسان العرب: ج8، ص47.)2) ابن فارس، أمحد، معجم مقاييس اللغة: ج1، ص453.

)3) الفيومي، أمحد بن حممد، املصباح املنري: ج1، ص99.

64



6464



6464


عنـه، وأصل اجلـزع قطع احلبل من نصفه، يقال: جزعته فانجزع، ولتصور النقطاع منه

زعخ الوادي ملنقطعه، ولنقطاع اللون بتغره. قيل للخرز املتلون جزع«)1). قيل جم

الفرق بني اجلزع واحلزنق�ال املن�اوي )ت1031ه��( يف التوقيف: »احلـزن )بالفتح(: ما غلظ وخشـن من األرض، و)بالضـم(: الغم احلاصل لوقوع مكروه، أو فوات حمبوب يف املايض، ويضاده الفرح، وعند الصوفية: انكسار الفؤاد لفوات املراد، وقيل: زوال قوة القلب لدوام وارد

الكرب«)2).ويف املف�ردات للراغ�ب )ت502ه��(: »اجلـزع أبلغ من احلـزن؛ فإن احلـزن عام،

واجلزع: هو حزن يرصف اإلنسان عام هو بصدده، ويقطعه عنه«)3).وق�ال الكفومي )ت616ه��( يف الكليات: »أما احلزن فهو: غـم يلحق من فوات نافـع، أو حصـول ضـار«)4)، وقال: »اجلـزع، بفتحتـني: حزن يرصف اإلنسـان عام هو بصـدده ويقطعـه عنـه، وهو أبلغ مـن احلـزن؛ ألن احلزن عـام«)5). فيش�مل ما يرصف

اإلنسان وما ال يرصفه عام هو بصدده.فاحل�زن غ�ري اجلزع، احلزن: م�ن الرمحة التي أودعه�ا اهلل يف نفوس عب�اده، ترقق مش�اعرهم، وهت�ذب نفوس�هم، وتعطف بعضهم ع�ىل بعض. واجل�زع: ضعف هيز املش�اعر، ويطم النفوس ويذهب بصابته�ا أمام النوازل، وهو الذي يمل صاحبه ع�ىل ترك األعامل املرشوع�ة عند املصيبة، واألخ�ذ بعادات وأع�امل مذمومة ضارة،

ينهى عنها الرشع، ويستقبحها العقل.

)1) الراغب اإلصفهاين، احلسن بن حممد، مفردات ألفاظ القرآن: ص92.)2) املناوي، حممد املدعو بعبد الرؤوف، التوقيف عىل مهامت التعاريف: ص139.

)3) الراغب اإلصفهاين، احلسن بن حممد، مفردات ألفاظ القرآن: ص92.)4) الكفومي، أيوب بن موسى، كتاب الكليات: ج1، ص428.


ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

65

وق�د يقال: الف�رق بن اجلزع واحل�زن أن التأثر واالضط�راب يف احلزن يكون يف الباطن، وهو ال ينايف الصرب ظاهرا، بخاف اجلزع)1).

وقال أبو هال العسكري )ت395ه�( يف الفروق اللغوية: »وصرب الرجل: حبس نفسه عن إظهار اجلزع، واجلزع إظهار ما يلحق املصاب من املضض والغم«)2).

اجلزع يف القرآن الكريمذكر اجلزع يف القرآن مرتن:

يف قول�ه تعاىل: )چ چ ڇ ڇ ڇڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ

ڈ ڈ ژ()3)، وقوله تعاىل: )چ چ چ ڇ*ڇ ڇ ڍ ڍ()4).يقول الش�يخ الطويس)ت460ه�( يف تفس�ريه: »واجلزع: انزعاج النفس بورود ما

يغم. ونقيضه الصرب«)5).

ويقول اآللويس: »واجلزع: حزن يرصف عام يراد، فهو حزن شديد. ويف البحر: هو

عدم احتامل الشدة، فهو نقيض الصرب«)6).

ويق�ول الفخر ال�رازي: »إن كان يف مصيبة اقترص عليه باسـم الصرب، ويضاده حالة

تخسـمى اجلزع واهللـع، وهو: إطالق داعي اهلوى يف رفع الصوت، ورضب اخلد، وشـق

اجليب وغرها«)7).

)1) انظر: املصطفوي، حسن، التحقيق يف كلامت القرآن الكريم: ج2، ص82.غوية: ص200. )2) أبو هال العسكري، احلسن بن عبد اهلل، الفروق الل

)3) إبراهيم: آية21.)4) املعارج: آية19�20.

)5) الطويس، حممد بن احلسن، التبيان يف تفسري القرآن: ج6، ص288. الطربيس، الفضل بن احلسن، تفسري جممع البيان: ج6، ص69.

)6) اآللويس، حممود بن عبد اهلل، تفسري اآللويس: ج13، ص207.)7) فخر الدين الرازي، حممد بن عمر، تفسري الرازي: ج4، ص171.

66



6666



6666


املعنى الراجح للجزعونخلص إىل نتيجة أن اجلزع: حالة من احلزن واالنزعاج الشديد، تنتاب اإلنسان نتيج�ة تعرض�ه لصدمة نفس�ية، ناجتة م�ن مصيبة حلت ب�ه، كفقد حبيب بع�د تعلقه الشديد به، وغري ذلك من أنوع املصائب، بحيث يكون اإلنسان ضعيفا، يفقد الصرب واهلدوء، والثبات والتامس�ك، والطمأنينة والتحم�ل، وال يتمكن من كتم حزنه، بل يظه�ر ه�ذا احلزن خارجا، معربا عنه تارة برفع الصوت بالبكاء، املس�مى ب�)النوح(، وتارة مع الرصاخ، املسمى ب�)العويل(، أو يكون اإلظهار بتكرار ذكر حماسن املفقود، املس�مى ب�)الندب(، ورابعة بأن يدعو عىل نفسه بالويل والثبور، وقد يكون ذلك من خ�ال الفع�ل، كام ل�و قام برضب وجهه أو جبينه، أو رضب رأس�ه بج�دار مثا، أو

يمزق ثوبه، أو يرتك الطعام، وغري ذلك.

تنوع اجلزع خارجا تبعا الختالف مصاديقهمفه�وم اجل�زع لي�س من املفاهي�م ذات املصادي�ق املح�ددة، بل تتع�دد مصاديقه خارج�ا، ومعي�ار هذا التعدد هو الع�رف، فام يراه العرف مصداق�ا للجزع فهو، وإال ف�ا، فرب�ام يكون أح�د املصاديق يف نظر عرف م�ا جزعا، لكنه لي�س جزعا يف عرف آخر، فقد يكون اللطم عىل الصدر جزعا يف عرفنا � مثا � لكنه ليس كذلك يف عرف

دول بعيدة عنا، بل ربام يعد مثارا للسخرية والتهكم.ويف الوق�ت ال�ذي تتوس�ع فيه ه�ذه املصاديق وتتكثر بش�كل أفقي، ق�د تتولد يف عم�وم الزم�ن مصاديق جديدة للج�زع، وقد يكون مصداق يف زمن م�ا جزعا، لكنه يف زمن الحق ال يكون كذلك؛ واملحصلة أن اجلزع ما دام معياره العرف، فهو مما ال

يمكن أن يتحدد وينضبط يف تطبيقات خاصة.ومن هنا ربام ال يكون اللطم عىل الصدور � مثا � يوما ما مصداقا عرفيا للجزع؛ ألن�ه مل يك�ن معروفا آنذاك، لكنه يف زمن الحق يصب�ح مصداقا، أي: إن العرف يراه كذلك، وقد ال يرى العرف يف أمور مستجدة � عىل ما سوف يأيت الحقا � أهنا مصاديق

للجزع، كامليش عىل اجلمر، أو تطين اجلسم � مثا � ونحو ذلك.

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

67

اجلزع حالة عفويةعطف�ا عىل ما تق�دم من أن املعيار يف ص�دق اجلزع خارجا هو الع�رف، وما تقدم أيضا يف تعريف اجلزع من أنه: حالة من احلزن الش�ديد، تدفع بصاحبها للترصف بام يصدق عليه أنه جزع، وأنه ضد الصرب. جتدر اإلش�ارة إىل أن هذه الترصفات � س�واء كان�ت قوال أم فعا � عادة ما تصدر بصورة عفوية غري متصنعة، فالطبيعة اإلنس�انية الت�ي تتع�رض لصدمة ما تقتيض هذا النوع من الترصف، م�ن هنا قد يقال: يؤخذ يف اجل�زع الاإرادي�ة وعدم االختيار، أما التظاهر هبذه الترصف�ات، والتصنع فيها، فإنه يبع�د الت�رصف يف حالة املصيبة عن حقيقة اجلزع، فا يك�ون مصداقا له حينئذ. فهل

اجلزع متقوم بالعفوية فعا؟ ويمك�ن اجل�واب عن هذا الس�ؤال بأن يق�ال: إن مفهوم اجلزع � كس�ائر املفاهيم املشاهبة له � يتوقف عىل الصدق العريف، وليس صدقه خارجا منوطا بتحقق العفوية والاإرادي�ة، فمن يتظاهر باحل�زن والبكاء والغم، تزامنا م�ع ترصفات جزعية، يراه العرف جازعا، وال ينتظر معرفة أن الشخص كان عفويا يف جزعه، أم أنه يف حالة من

االختيار والوعي التام.ولو مل يقبل هذا اجلواب، ومل نجد حا إلشكالية أخذ العفوية يف اجلزع، فسيكون الكث�ري من مظاه�ر احلزن واجلزع، خصوصا يف ذكرى عاش�وراء، ليس س�وى متثيل لذلك، فإننا نقطع أن كثريا من الش�يعة مل يكن الدافع هلم إلظهار اجلزع هو العفوية، ب�ل ذلك نات�ج من التظاهر باجل�زع وحكايته خارج�ا، ومع ذلك قد يق�ال: لن يرض ذلك يف حتقيق اهلدف املنش�ود من هذه الش�عائر، فإن خرج ذلك عن مصداق اجلزع، فس�وف يدخل يف مصداق املواس�اة ألهل البي�ت^، فيام لو كان�ت تلك املصاديق

مم�ا يعد مواس�اة بالفع�ل، ويف املحصلة ثمة وجهتا نظر يف مس�ألة العفوية وعدمها يف

اجلزع، وسنتعرض لكا الوجهن الحقا.

68



6868



6868


حكم اجلزع شرعاتن�اول الفقهاء حكم اجلزع عند بحثهم يف مس�ألة البكاء عىل امليت واملفقود، أي: إهن�م بحث�وا اجلزع يف خص�وص املصيبة التي حتدث للش�خص بفق�ده البنه أو ألبيه أو ل�م�ن ه�و عزي�ز عليه، بينام قد يتحقق اجل�زع يف مصيبة من نوع آخ�ر، كام لو ابتيل

الشخص باحرتاق بيته، أو ضياع مال كبري له، وغري ذلك.

حكم اجلزع يف الفقه الشيعياجلزع يف الفقه الش�يعي جائز عىل نحو الكراه�ة، وقد قيد اجلواز بعض العلامء بام إذا مل يق�رتن بعدم الرضا بقض�اء اهلل تعاىل، ومعه يكون حراما، يقول صاحب العروة الوثقى: »...وأما البكاء املشتمل عىل اجلزع وعدم الصرب، فجائز، ما ل يكن مقرونا بعدم

الرضا بقضاء اهلل، نعم يوجب حبط األجر، ول يبعد كراهته«)1).

وعىل هذا املعنى حتمل الروايات التي تفيد حرمة النياحة، وما يكون ضد الصرب، ك�ام ورد يف ال�كايف: »ومن أقام النواحة فقد ترك الصرب، وأخذ يف غر طريقه، ومن صرب واسـرتجع وحـد اهلل فقد ريض بام صنع اهلل، ووقع أجره عـىل اهلل، ومن ل يفعل ذلك

جرى عليه القضاء وهو ذميم، وأحبط اهلل تعاىل أجره«)2).

واعرتض بعض العلامء قائا: ال دليل عىل احلرمة، حتى فيام لو اقرتن اجلزع بعدم الرض�ا بقض�اء اهلل، ما مل يكن ذلك مس�تتبعا للقول املس�خط للرب تع�اىل، وإن كان الرضا بقضاء اهلل من أرشف صفات املؤمنن، وعدم الرضا بقضائه من نقص اإليامن،

بل العقل)3).وقال بعضهم مؤوال احلرمة املقرتنة بعدم الرضا بقضاء اهلل بام يؤول إىل نفي العدل

)1) اليزدي، حممد كاظم، العروة الوثقى: ج 1، ص448.)2) الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج3، ص223.

)3) انظر: اليزدي، حممد كاظم، العروة الوثقى )املحيش(: ج 2، ص0 13.

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

69

عنه سبحانه، فإن ذلك خيرج اإلنسان عن اإليامن)1).أما النوح عىل املفقود، وسائر الترصفات املعروفة املعربة عن احلزن، من قبيل شق

اجليب والثوب، أو جز الشعر أو اللطم، ففي حكمها تفصيل.أم�ا الن�وح أو النياحة، فإهن�ا جائزة م�ا مل تتضمن الكذب، ومل تكن مش�تملة عىل الوي�ل والثب�ور، ويرى الس�يد اخلوئ�ي أهنا جائ�زة حتى م�ع الويل والثب�ور، يقول: »النياحـة الصحيحـة أمر جائز، ول تثبـت كراهتها فضال عن حرمتها، ما ل تشـتمل عىل الكـذب ونحـوه، فام عنون به الباب يف الوسـائل من كراهة النياحة ليـس صحيحا، فإن

الكراهة كاحلرمة حكم رشعي حيتاج إىل دليل، ول دليل عليها«)2).وق�ال صاح�ب اجلواهر: »ولعله من جواز البكاء يخسـتفاد جواز النـوح عليه أيضا؛ ملالزمته له غالبا، مضافا إىل األخبار املسـتفيضة حد السـتفاضة، املعمول هبا يف املشهور بـني أصحابنـا، بل يف املنتهى اإلمجاع عىل جوازه إذا كان بحـق، كاإلمجاع عىل حرمته إذا

كان بباطل«)3).أما مثل اللطم، واخلدش، وجز الشعر، والرصاخ اخلارج عن حد االعتدال، فقد أفتى بعض بحرمته كالشيخ الطويس، فقال يف املبسوط: »وأما اللطم، واخلدش، وجز وي جـواز ختريق الثوب عىل األب الشـعر، والنـوح، فإنه كله باطل حمـرم إمجاعا، وقد رخ

واألخ، ول جيوز عىل غرهم«)4). وبعضه�م حرم ذل�ك عىل نح�و االحتياط، وكذلك ش�ق الثوب ع�ىل غري األب

واألخ)5).وق�د خالف الس�يد اخلوئي يف ذلك، وأفتى بجواز مجي�ع ذلك، وناقش كل األدلة

)1) انظر: التربيزي، املريزا جواد، تنقيح مباين العروة )كتاب الطهارة(: ج7، ص403.)2) اخلوئي، أبو القاسم، موسوعة اإلمام اخلوئي: ج 9، ص345 .

)3) اجلواهري، حممد حسن، جواهر الكام: ج4، ص365.)4) الطويس، حممد بن احلسن، املبسوط: ج1، ص189.

)5) انظر: اليزدي، حممد كاظم، العروة الوثقى )املحيش(: ج 2، ص131 .

70



7070



7070


ع�ىل التحري�م)1). أما احلكم يف امل�رأة، فقد ادع�ى بعضهم أن ثمة إمجاع�ا عىل حرمة خدشها وجهها يف املصيبة، وجز شعرها، وكذلك يف نتفه)2).

حكم اجلزع يف الفقه السنود، دخ أما يف الفقه الس�ني، فقد روي يف صحيح البخاري: »ليس منا من رضب اخلخوشـق اجليوب، ودعا بدعوى اجلاهلية«)3). ويف صحيح مسلم: »النائحة إذا ل تتخب قبل

بال من قطران ودمرع من جرب«)4). موهتا؛ تخقامخ يوم القيامة وعليها رسموهل�ذا كانت الفتوى بتحريم النوح، وش�ق الثوب، واللط�م. قال حممد الصاحلي م�ن املذه�ب احلنب�يل يف الفروع: »وحيـرم النـدب والنياحة، نـص عليهـام، والرصاخ، ومخش الوجه، ونتف الشـعر ونرشه، وشـق الثوب، ولطم اخلدود، ونحوه، وزاد مجاعة: والتحفـي. قـال يف الفصول: حيرم النحيب، والتعداد، والنياحـة، وإظهار اجلزع، وذكره

ابن عبد الرب يف النياحة، وأطلق بعضهم الكراهة؛ ألنه هنى عن النياحة«)5).ويق�ول البهويت احلنبيل يف كش�اف القن�اع: »ول توز النياحة، وهـي رفع الصوت بذلـك برنة؛ ملـا يف الصحيحني عن أخم عطية قالت: أخذ علينا )صىل اهلل عليه وسـلم( يف البيعة أن ل ننوح. ويف صحيح مسلم أنه )صىل اهلل عليه وسلم( لعن النائحة واملستمعة، ول جيوز شق الثياب ولطم اخلدود، وما أشبه ذلك من الرصاخ، ومخش الوجه وتسويده، ونتف الشـعر ونرشه وحلقه؛ ملا يف الصحيحني أنه )صىل اهلل عليه وسـلم( قال: ليس منا

من لطم اخلدود، وشق اجليوب، ودعا بدعوى اجلاهلية«)6).

)1) انظر: اخلوئي، أبو القاسم، موسوعة اإلمام اخلوئي: ج 9، ص343 � 348.)2) انظر: اشتهاردي، عيل بناه، مدارك العروة: ج 9، ص126.

احلجاج، بن النيسابوري، مسلم البخاري: ج2، ص82. إسامعيل، صحيح بن البخاري، حممد (3(صحيح مسلم: ج1، ص70.

)4) النيسابوري، مسلم بن احلجاج، صحيح مسلم: ج3، ص45.)5) الصاحلي، حممد بن مفلح، الفروع: ج3، ص401.

)6) البهويت، منصور بن يونس، كشاف القناع: ج2، ص 189.

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

71

ويظهر من بعض كام علامئهم أن الرأي السائد هو احلرمة، لكن هناك من يقول باجلواز عىل نحو الكراهة أو اإلباحة، يقول ابن قدامة: »ول جيوز الندب، ول النياحة، ول شـق الثيـاب، ولطـم اخلدود، وما أشـبه ذلك النـدب، هو تعداد حماسـن امليت، وما يلقـون بعده بلفظ الندبـة، كقوهلم وا رجاله، وا جباله، وانقطاع ظهراه، فهذا وأشـباهه من النوح، وشق اجليوب، ولطم اخلدود، والدعاء بالويل والثبور، ونحوه ل جيوز، وقال بعـض أصحابنا هو مكـروه، ونقل حرب عن أحد كالما حيتمـل إباحة النوح والندب،

واختاره اخلالل وصاحبه...«)1).وي�رى ابن القيم أن من هدي النبي ترك النع�ي، يقول: »وكان من هديه )صىل اهلل ه عليه وسلم( تركخ نعي امليت، بل كان ينهى عنه، ويقول: هو من عمل اجلاهلية، وقد كرم

ه الناس إذا مات، وقال: أخاف أن يكون من النعي«)2). علمم به أهلخ حذيفةخ أن يخ

األدلهة على استحباب اجلزع على احلسني× وحدود تلك الداللة

أوال: األدلة على استحباب اجلزع على احلسني×يف الفق�ه الش�يعي ثمة روايات عدي�دة تؤكد بمضموهنا اس�تثناء اجلزع من حكم الكراهة، فيام لو كان عىل احلسن×، وهذه الروايات مستفيضة؛ فا حاجة للبحث ع�ن س�ندها، وس�نذكر جمموعة منها ق�د نصت عىل مفه�وم اجلزع حتدي�دا، من هذه

الروايات:أول: عن معاوية بن وهب، عن أيب عبد اهلل×، قال: »كل اجلزع والبكاء مكروه،

سوى اجلزع والبكاء عىل احلسني×«)3).ثانيا: عن احلسن بن عيل بن أيب محزة، عن أبيه، عن أيب عبد اهلل×، قال: »سمعته

)1) ابن قدامة، عبد الرمحن، الرشح الكبري: ج2، ص430.)2) ابن القيم اجلوزية، حممد بن أيب بكر، زاد املعاد: ج1، ص528.

)3) الطويس، حممد بن احلسن، األمايل: ص162.

72



7272



7272


يقول: إن البكاء واجلزع مكروه للعبد يف كل ما جزع، ما خال البكاء واجلزع عىل احلسني ابن عي×؛ فإنه فيه مأجور«)1).

ثالثـا: ع�ن عب�د اهلل ب�ن عب�د الرمحن األصم، عن مس�مع ب�ن عبد املل�ك كردين الب�رصي، ق�ال: »قال يل أبو عبد اهلل×: يا مسـمع، أنت من أهل العـراق؟ أما تأيت قرب نع به؟ قلت: نعم. قال: فتجزع؟ قلت: إي واهلل! احلسني×؟... قال يل: أفام تذكر ما صخ، فأمتنع من الطعام حتى يسـتبني ذلك يف واسـتعرب لذلك، حتى يـرى أهي أثر ذلك عي

وجهي. قال: رحم اهلل دمعتك، أما إنك من الذين يخعدون من أهل اجلزع لنا...«)2).رابعا: عن مالك اجلهني، عن أيب جعفر الباقر×، قال: »من زار احلسـني× يوم عاشـوراء، حتـى يظل عنده باكيا، لقي اهلل يوم القيامـة بثواب ألفي ألف حجة... ثم قيم يف داره مصيبته بإظهار ليندب احلسني× ويبكيه، ويأمر من يف داره بالبكاء عليه، ويخ

اجلزع عليه...«)3).خامسـا: ع�ن روح ب�ن دراج، ع�ن قدامة بن زائدة، ع�ن أبيه، ق�ال: »قال عي بن احلسـني×: بلغني يا زائدة أنك تزور قرب أيب عبد اهلل× أحيانا... إنه ملا أصابنا بالطف مـا أصابنا...فـكادت نفيس ختـرج، وتبينت ذلك منـي عمتي زينب الكـربى بنت عي، فقالـت: ما يل أراك تود بنفسـك يا بقيـة جدي وأيب وإخويت؟ فقلـت: وكيف ل أجزع لـد عمي وأهـي مرصعـني بدمائهم، وأهلـع وقـد أرى سـيدي وإخـويت وعمومتي ووخ

مرملني بالعراء...«)4).سادسا: عن خالد بن سدير أخي حنان بن سدير، قال: »سألت أبا عبد اهلل× عن رجل شـق ثوبه عىل أبيه أو عىل أخمه أو عىل أخيه... وقد شـققن اجليوب، ولطمن اخلدود

)1) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص201.)2) املصدر السابق: ص203.)3) املصدر السابق: ص326.


ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

73

الفاطميات عىل احلسني بن عي×، وعىل مثله تخلطم اخلدود وتخشق اجليوب«)1).سـابعا: عن إبراهيم بن عقبة، عن معاوية بن وهب، قال: »اسـتأذنت عىل أيب عبد اهلل× فقيل يل: اخدخل، فدخلت، فوجدته يف مصاله يف بيته، فجلست حتى قىض صالته، فسمعته وهو يناجي ربه، ويقول: يا من خصنا بالكرامة... اغفر يل وإلخواين ولزوار قرب أيب )عبد اهلل( احلسـني×... وارحم تلك األعني التي جـرت دموعها رحة لنا، وارحم

تلك القلوب التي جزعت واحرتقت لنا، وارحم الرصخة التي كانت لنا...«)2).وكل الرواي�ات الت�ي م�ر ذكره�ا ذات داللة واضحة ع�ىل أن اجلزع ع�ىل اإلمام

احلسن× جائز ومستحب يف كلامت األئمة^.

ثانيا: حدود اجلزع يف الشعائر احلسينيةبع�د أن ثبت أن اجلزع عىل اإلمام احلس�ن× وما حدث ل�ه يف كرباء جائز، بل مس�تحب، وبعد أن تعرفنا طبيعة اجلزع ومفهوم�ه، بات من املهم أن نتعرض حلدود

هذا اجلزع.قد تقدم حكم اجلزع، وقلنا: إن احلكم هو اجلواز عىل نحو الكراهة، وهذا اجلواز يقت�يض بطبيعت�ه أن تكون ممارس�ات التعب�ري عن احل�زن واجلزع مما يص�دق عليه يف الع�رف أنه ج�زع أوال. وثانيا: أن تكون مصاديق اجل�زع العرفية جائزة، وال تتجاوز خ�ط الكراهة إىل دائرة احل�رام؛ فليس كل ما هو عريف جائزا، وثالث�ا: قد بينا أهداف الشعائر احلسينية يف املقدمة؛ فمن الازم أن يدخل استحباب هذه املامرسات اجلزعية يف دائ�رة تل�ك األهداف، فام يوج�د من اجلزع خارجا غري حمق�ق ليشء من األهداف

املذكورة ال يمكن القول باستحبابه.ويف ضوء ما تقدم، يمكن أن نحدد اجلزع املستحب يف الشعائر احلسينية فيام ييل:

)1) الطويس، حممد بن احلسن، هتذيب األحكام: ج8، ص325.)2) الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج4، ص582 � 583.

74



7474



7474


أول: ب�ام أن املعي�ار يف صدق اجل�زع هو العرف، ينبغي أن تكون كل ممارس�ة � ملا يمكن أن يكون ش�عرية حس�ينية � تعبريا عرفيا عن مفهوم اجلزع املس�تحب، وتعبريا

عرفيا عن تعظيم شعائر اإلمام احلسن×.ثانيا: أن تكون املامرسة مما يقع ضمن أهداف الشعائر احلسينية، فلو كانت ممارسة م�ا تع�رب عن اجلزع، لكنها ال ختدم األهداف املتوخاة من الش�عائر، فا بد من التخيل

عنها.ثالثا: أن ال تتخطى كل ممارسة حسينية خطوط املحظور واحلرام.

يقول يف هذا الس�ياق الس�يد حممد باقر احلكيم: »أن ل تكون املامرسـة مما هنى عنها الشـارع املقـدس بعنواهنا اخلاص؛ لنطبـاق عنوان حمرم عليها، كالـرضر، أو اهلتك، أو الختـالط غـر املباح بني الرجال والنسـاء، وجيب أن ل تتضمن املامرسـة آثارا سـلبية، مثل: هتك حرمة أهل البيت^، أو إعطاء صورة مشـوهة أو انطباع عام غر صحيح، أو تكـون منفـرة ومقـززة، كام هـو احلال يف بعض املامرسـات التي توحـي بمثل ذلك يف مجيـع األوسـاط الجتامعية، أو يف بعضها عىل األقل، حيث ل يخعـرف هلا مثيل من ألوان العبادة أو السـلوك الجتامعي العام، الذي أمر به الشـارع املقدس أو ندب إليه، فإن هذه املامرسـات التـي ينظر فيهـا الوجدان الصـايف، والذوق اإلنسـاين السـليم، التي ل نجد تفسـرا منطقيا هلا ينسـجم مع العقل والفطرة السـليمة، ل يصح اإلتيان هبا، ول نسبتها إىل الشـعائر احلسـينية؛ إذ ل ينطبق عليها أي عنوان من العناوين املرشوعة، كام ل يصح القيام بمامرسـات تؤدي إىل الوقوع يف احلرام، أو تقرتب منه، كالتعري أمام النسـاء، أو الختالط بني النسـاء والرجال بطريقة منافية للحجاب الذي وضعه الشـارع بينهام، أو اسـتخدام الطرق التي يستخدمها أهل الفسوق يف جمالسـهم العامة للغناء، وأمثال ذلك

من املخالفات«)1).

)1) احلكيم، حممد باقر، حوارات: ص182 � 183، منشورات دار احلكمة، قم املقدسة.

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

75

ثالثا: مصاديق يتوهم أنهها من اجلزع على احلسني× يف ه�ذا املبح�ث نري�د أن نس�تعرض أه�م املامرس�ات الت�ي أث�ري حوهل�ا بع�ض

االعرتاضات واإلشكاالت، وسوف نتكلم عن ثاثة منها:أوهلا: ممارسة التطبري.

والثانية: امليش عىل اجلمر.والثالثة: نثر الرتاب عىل الرأس والتطين.

وال نريد هنا أن نقيم هذه املامرسات من ناحية احلكم الفقهي، بل الغاية من بحثها هو معرفة كوهنا مصداقا للجزع أم ال، وعندما نتعرض حلكمها الرشعي اس�تطرادا، فهو من باب أن احلرمة ربام تس�تلزم عدم كوهنا مصداقا للجزع يف الش�عائر احلسينية، وكذلك احللية، فقد يقال: إن حليتها تستند لكوهنا مصداقا ملفهوم اجلزع، وقد تستند احللي�ة إىل دلي�ل مغاي�ر لكوهنا مصداقا للج�زع، فالقول بعدم كوهن�ا كذلك ال يعني

بالرضورة حرمتها، بل يمكن إثبات احللية بدليل آخر كأصالة الرباءة مثا.وأهم املصاديق التي نود اإلشارة إليها ثاثة:

أوال: إدماء الرأس )التطبر(يمكن تعريف التطبري بأنه: رضب الرأس بالس�يف، أو ما ش�ابه ذلك من اآلالت احل�ادة، رضب�ا خفيف�ا حتى إدم�اء الرأس وخ�روج ال�دم)1)، مرتافقا ذل�ك مع لبس األكف�ان وحلق الرأس وقرع الطبول ونفخ املزامري، كل ذلك حزنا عىل احلس�ن×

أو مواساة له. وهو من األلفاظ العامية، وال يوجد له تعريف خاص يف كتب اللغة.وممارس�ة التطب�ري يكث�ر رواجها يف ي�وم العارش من حم�رم، يف دول مث�ل: العراق

وبعض دول اخلليج، ولبنان، وباكستان، واهلند، وأذربيجان.وللفقه�اء يف ه�ذه املامرس�ة آراء ثاثة: قس�م يرى حرمتها، وقس�م ث�ان يرى أهنا مباح�ة ما مل تس�تلزم رضرا عىل النف�س وعىل املذهب، وثالث يراها مس�تحبة، وفيها

)1) انظر: فتح اهلل، أمحد، معجم ألفاظ الفقه اجلعفري: ص114.

76



7676



7676


ترويج للمذهب)1).ذكرن�ا يف بداي�ة البح�ث أن اهل�دف م�ن التع�رض للتطب�ري مل يك�ن بي�ان حكمه الرشع�ي، بل اهلدف هو معرفة مصداقيته للجزع أم ال، وما يمكن التمس�ك به لبيان كونه مصداقا للجزع هو أن يقال: إن معنى اجلزع هو نقيض الصرب، واجلزع والصرب م�ن املفاهي�م الكلية التي ينضوي حتته�ا أفرادها، فام مل يكن التطب�ري من أفراد اجلزع، فهو بالرضورة من أفراد الصرب، وهذا هو مقتىض التناقض، ومن الواضح أن التطبري ليس من أفراد الصرب عقا وعرفا، فيكون عندئذ من اجلزع، ويكون مشموال لقاعدة

أن كل جزع مكروه ما خا اجلزع عىل احلسن×، فيثبت استحبابه. وجياب عن ذلك: بأن هذا االستدالل � كام هو واضح � قائم عىل أساس التناقض ب�ن اجلزع والص�رب، وكأن اجلزع أمر عدم�ي للصرب، لكن التناق�ض ليس صحيحا، فاجلزع أمر وجودي كام عرفناه سابقا، وهو حالة من احلزن الشديد، ترتافق مع بعض الترصف�ات والس�لوكيات التي تكش�ف عن حالة اجل�زع. نعم، ربام يق�ال يف تعريفه وتوضيح�ه: إن�ه ما كان ضد الص�رب، وهكذا يكون التقابل بن اجل�زع والصرب تقابل الضدي�ن اللذي�ن هلام ثال�ث، وهلذا قد جتد ش�خصا يمر بمصيبة م�ا، لكن ال يوصف عرف�ا باجل�زوع وال بالصبور، كام لو أنه أظهر حزنا بمرتبة ينتفي معها الصرب، لكن يف

ذات الوقت ال يرتافق حزنه مع ترصفات يصدق معها اجلزع. ول�و بنين�ا ع�ىل أن العفوي�ة مأخوذة يف اجلزع فس�يكون م�ن املؤكد ع�دم جزعية التطبري، فالتطبري ليس من املامرسات العفوية، بل هو ممارسة مسيطر عليها، ناجتة من الوعي التام، وليس هو نتيجة مشاعر احلزن الشديدة، أو نتيجة عظم وهول الفاجعة، وم�ع غ�ض النظر عن العفوية والا إرادي�ة يف اجلزع، مل نجد يف العرف أن أبا � مثا �

فقد ابنه، وقد مارس التطبري وجرح رأسه؛ جزعا عىل فقدانه.

)1) يمكن االطاع مفصا عىل هذه اآلراء ومصادرها وأسامء أبرز العلامء املفتن، يف موقع ويكي شيعة لفظة )تطبري).

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

77

وهل�ذا أفتى بعض الفقهاء بحرمة التطبري أو بإباحته مرشوطا بعدم الرضر، س�واء الرضر اجلسدي، أو الديني واملذهبي، فهو ال يراه مصداقا للجزع حتام.

ويف اس�تفتاء ورد للس�يد اخلوئ�ي، يق�ول: »تفضلتـم بنفـي اإلشـكال عـن إدمـاء الرأس)التطبـر( إذا ل يلـزم منـه رضر، فقيل: إنه ل يثبت أكثر مـن اإلباحة، وعليه فهل

إدماء الرأس مستحب لو نوى بذلك تعظيم الشعائر ومواساة أهل البيت^؟«.وقد أجاب السيد اخلوئي&: »ل يرد نص بشعاريته؛ فال طريق إىل احلكم باستحبابه،

ول يبعد أن يثيبه اهلل تعاىل عىل نية املواساة ألهل البيت الطاهرين إذا خلصت النية«)1).وكذلك ما جاء يف أحد اس�تفتاءات الس�يد اخلامنئي: »هل التطبر يف اخلفاء حالل

أم أن فتواكم الرشيفة عامة؟«. عد عرفا من مظاهر األسى واحلزن، وقد أجاب س�امحته: »التطبر مضافا إىل أنه ل يخوليس له سـابقة يف عرص األئمة^ وما واله، ول يرد فيه تأييد من املعصوم× بشـكل خـاص ول بشـكل عـام، يخعـدر يف الوقـت الراهـن وهنا وشـينا عـىل املذهـب، فال جيوز

بحال«)2). ومن الواضح أن من ينفي استحبابه، فهو ينفي با شك مصداقيته للجزع.

وأم�ا ما يق�ال م�ن أن التطبري نموذج م�ن نامذج استش�عار األمل، وإيذاء اجلس�د، للوص�ول إىل حال�ة االس�تذكار الكام�ل، وه�و الش�عرية األكث�ر حتري�كا للمش�اعر واألحاس�يس)3)، فه�ذا ال�كام ال يكش�ف عن كون�ه مصداقا للجزع، ب�ل هو جمرد

استشعار، ويبقى يف هذه الدائرة، وقد ال يراه كثري من الناس أنه كذلك.وم�ن هن�ا يتضح أن�ه ال يمكن االس�تدالل عىل ج�واز التطبري واس�تحبابه بكونه

مصداقا للجزع، نعم يمكن التامس أدلة أخرى للجواز واحللية.

)1) التربيزي، املريزا جواد، رصاط النجاة: ج1، ص432.)2) اخلامنئي، عيل، أجوبة االستفتاءات: ج2، ص 129.

)3) اشتهر ذلك عن الدكتور املسيحي املاروين بولس جوزيف احللو، وهو دكتور جامعي يف بريوت.

78



7878



7878


توهني الدين واالستخفاف باملذهبقد يقال: إن ممارس�ة التطبري تفيض إىل إضعاف الدين أو املذهب، واالس�تخفاف به؛ وهلذا حترم من هذه اجلهة، فاليوم أصبحت ظاهرة التطبري موهنة لإلس�ام عامة، وللمذهب خاصة، وأضحت وس�ائل اإلعام والتواصل االجتامعي بكافة أش�كاهلا تس�لط األض�واء ع�ىل هذه املامرس�ة، وت�روج أهن�ا خرافة تث�ري الس�خرية، ومع هذا االس�تخفاف قد ابتعد هذا الفعل عن أحد أهداف الش�عائر، وهو بيان مظلومية أهل

البيت^. الكث�ري مم�ن يرى حرمة ممارس�ة التطبري يعتمد ع�ىل هذا التش�خيص، ومن أجاز التطب�ري قي�ده أيضا بع�دم هذا التش�خيص للرضر املعن�وي أو املادي، وق�د تعرضنا لتحدي�د دالل�ة اس�تحباب اجل�زع، وقلن�ا: إن كل ممارس�ة عاش�ورائية ت�دور م�دار األهداف املتوخى حتقيقها للشعائر احلسينية، فإن وجدت شعرية ما ختل باهلدف، فا

ينبغي الرتدد يف تركها.ويف ه�ذا املجال كام مهم للس�يد احلكيم، يدد ه�ذا الرضر بنحو رصيح، حيث يق�ول&: »من املؤسـف أن بعـض الفعاليات أو غرها )كالتطبر( تـري أحيانا مقرتنة بأعامل منافية للذوق العام، أو غر مرشوعة، أو تكون بنفسـها أو بعض ممارسـاهتا بعيدة

عن األهداف التي استهدفها أئمة أهل البيت^ من وراء هذه الشعائر، وغالبا ما يقوم

وقةخ والعامة من الناس، الذين ل يشاركون يف هذه الشعائر إل هبذا النوع من النشاط الس

يف مثل هذه األيام، وهم يرون أن هذه األسـاليب أقرب إىل فهمهم وطريقتهم يف التعبر

عن العواطف واملشاعر، ولذا نجد العلامء واملتفقهني والواعني من أبناء اجلامعة الصاحلة

ل يشـاركون يف هذه النشـاطات املنافية، بل يسـتنكروهنا أحيانا بالبيانات أو الكالم، أو

ينكروهنا بقلوهبم عندما ل جيدون من يسـمع هلم، أو يافون الفتنة والختالف والنزاع،

الـذي يكـون رضره أحيانـا أكـرب من وجـود هـذه املخالفات، كـام أن بعـض الظروف

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

79

السياسية التي مرت هبذه الشعائر، وتصدي احلكام الطغاة والظلمة للقضاء عليها هبدف القضـاء عىل أصل الشـعائر، كلها جعل بعض العامة يتعصبـون هلا كام يتعصبون لإلمام احلسـني×، وبعض العلامء يسـكتون أو يأذنون بمامرسـتها؛ حرصا منهم عىل استمرار أصل الشعائر، ألن العامة يمثلون القوة الشعبية التي يمكن أن تقف أمام احلكام الطغاة، أو ألن بعـض العلـامء يرون أن ممارسـة هذا العمل يف نفسـه ل يوجد دليـل عىل حرمته، فهو مباح باألصل، ويف ممارسـته شـعارا مصلحة، أو دفع مفسـدة يف مثل هذه الظروف، أو يرونـه أفضـل طريـق جلمـع العامـة وجذهبم لالحتفـال بذكرى احلسـني×، ولكن املوقـف الصحيح الذي تبناه املرجع األعىل يف عـرصه اإلمام احلكيم& يف أيامه األخرة، وكذلك قائد الثورة اإلسـالمية يف إيران اإلمام اخلميني&، وكذلك القرار الذي أصدره من بعده خليفته آية اهلل السـيد عي اخلامنئي )دام ظله(، وموقف مجاعة من كبار العلامء، هـو أن مثل هذه الشـعائر أصبح رضرهـا عىل اجلامعة الصاحلة أكرب من نفعها؛ إذ تشـوه صورهتا، وتقف حائال بني أنوار األئمة وأصالة فهمهم لإلسالم، وبني مجهور الناس من

املسلمني«)1).ويف مقاب�ل ذل�ك، هن�اك م�ن ي�رى أن هذا التش�خيص جيان�ب الواق�ع، بل عىل العكس، فإن ممارس�ة التطبري مما يس�اهم يف ترويج املذهب والدي�ن؛ وهلذا أفتى كثري

منهم باستحبابه وفقا هلذا التشخيص)2).

ثانيا: املشي على اجلمرامليش عىل اجلمر ظاهرة انترشت يف اآلونة األخرية أيضا، كتعبري عن اجلزع واحلزن

عىل اإلمام احلسن×، أو مواساة له، وملا حصل له يف حادثة الطف الشهرية.

)1) احلكيم، حممد باقر، رسالة الثقلن، مقال بعنوان: نظام الشعائر والعبادات يف مدرسة أهل البيت^: بناء اجلامعة الصاحلة: ج2، البيت^ يف وانظر: دور أهل العدد 22، هامش ص39 وما بعدها.

ص188.)2) انظر: موسوعة ويكي شيعة، مادة: )التطبري).

80



8080



8080


وما يمكن قوله يف مصداقية هذا الفعل ملفهوم اجلزع، ومن ثم احلكم باستحبابه، هو أن يقال: إن كل عمل تس�تذكر به آالم فاجعة الطف، ويواس�ى به س�يد الش�هداء وأه�ل بيته وأنصاره^، هو عمل راجح مس�تحب؛ إذ إن املواس�اة أفضل األعامل، ك�ام ورد ذل�ك عن اإلمام ع�يل×)1)، وإن تعريض البدن للن�ار، أو امليش عليها، هو مصداق من مصاديق اجلزع واملواساة، واستشعار ملا حصل من آالم ألهل البيت^ يف كرب�اء، فإن ذلك مما حصل هلم عند اهلجوم عىل اخليام وإرضام النريان فيها، وأن هذه النريان قد علقت بثياب النس�اء واألطف�ال، فأحرقت أبداهنم، وبعضهم هرعوا

إىل خارج اخليام حفاة، فأحرقت الرمضاء احلارقة أقدامهم. وليس بخاف ما هلذه الشعرية من تأثري قوي يف إحياء الدين، وإبراز مظلومية سيد الش�هداء×، فإن ما جيري كل عام هو أمر خارق للعادة، إذ ال حترتق أقدام املعزين، وتربأ من س�اعتها، لش�موهلم بعناية احلس�ن×، وقد كان هلذه الشعرية بالذات دور يف هداية الناس إىل اإلس�ام؛ فبماحظة هذه اجلهات تكون هذه الش�عرية من أعظم

املستحبات.واجل�واب ع�ن ذل�ك: هو أننا ال نري�د هبذا االس�تدالل أن نقيم جهة املواس�اة أو جهة اخرتاق قانون الطبيعة واألس�باب واملس�ببات يف مثل هذه املامرس�ات، فام هيمنا يف البحث هو أن هذه املامرس�ة هل تش�كل فردا جديدا من أفراد اجلزع، وهلذا يكون

الفعل مستحبا، أو ال يكون كذلك؟م�ن هن�ا أق�ول � كام ذك�رت يف اجلواب عن ممارس�ة التطبري � ليس م�ن الصحيح اعتبار هذا الفعل مصداقا للجزع؛ فكون املامرس�ة مصداقا للجزع ليس تابعا العتبار الشخص أو عدمه، بل هو تابع للعرف، وهو ال يرى أن هذه املامرسة مصداق للجزع. ويؤيد هذا الرأي أن امليش عىل اجلمر � إن قلنا بعفوية اجلزع � ال يعد من املامرسات

)1) إذ ورد عنه×: »املواساة أفضل األعامل«. النوري، املريزا حسن، مستدرك الوسائل: ج7 ، ص210.

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

81

العفوية الناجتة من هول املصيبة وفظاعتها، فإنه مما يصدر عن وعي تام، وإرادة هادفة هلذا الفعل، ويؤيده أيضا عدم اشتهار هذا الفعل بصفته مصداقا للترصفات اجلزعية، ف�ا نعرف � مثا � أن الش�خص املفج�وع بمصيبة يلجأ إىل هذا النوع من الس�لوك؛

ليخفف من هول مصيبته. وهل�ذا مل ي�ر كثري م�ن الفقهاء أن هذه املامرس�ة مس�تحبة وراجح�ة، إال إذا ترتب عليها ترويج املذهب والدين، ويف هذا الس�ياق يقول الش�يخ بش�ري النجفي: »امليش بـاح، نعم إذا ترتب عىل ذلك البدن، أو تعطل العضو فهو مخ املذكـور يف نفسـه إذا ل يرضخر عىل اإلسالم أو املسلمني، فيصبح راجحا النتصار للدين، ول يرتتب عىل ذلك أي رض

حينئذ«)1). وقد أجاب س�امحته يف اس�تفتاء نرش عىل موقعه عن أن امليش املذكور هل هو من

مصاديق اجلزع؟ فقال: »ليس من مصاديقه، واهلل العال«)2).كام أن رواية »املواسـاة أفضـل األعامل« رواية ضعيفة باإلرس�ال، وقد اقترص عىل نقلها بحس�ب التتبع صاحب املس�تدرك؛ نقا ع�ن كتاب )غرر احلك�م ودرر الكلم م�ن كام أمري املؤمنن عيل بن أيب طالب×(، ملؤلف�ه عبد الواحد بن حممد التميمي

اآلمدي، وهي مرسلة. ومن هنا أيضا ال يمكن الفتوى بحلية امليش عىل اجلمر؛ انطاقا من كونه مصداقا

للجزع، نعم قد يكون هناك دليل آخر للحلية كاملواساة � مثا � إن قبلناها.

ثالثا: حث الرتاب وتطيني الرأس والبدنومما ش�اع مؤخرا يف الش�عائر احلس�ينية ممارس�ة نثر الرتاب عىل ال�رأس، وتطين الرأس وس�ائر البدن، وما يمكن ذكره يف مصداقية هذا الفعل للجزع املس�تحب عىل احلس�ن× أن يقال: إن هذه املامرس�ة من مجلة الش�عائر احلس�ينية املقدس�ة؛ وذلك

)1) موقع الشيخ بشري النجفي عىل اإلنرتنيت، قسم االستفتاءات.)2) املصدر السابق.

82



8282



8282


ألن ح�ث ال�رتاب عىل ال�رأس وتلطيخه واللحية بالطن وما أش�به ذلك، عامة من عامات احلزن والتفجع واجلزع، وإظهار مثل هذه العامات يف مصاب احلسن× من أعظم املس�تحبات والقربات، وهذا هو الرتمذي واحلاكم النيس�ابوري وغريهم م�ن حمدث�ي أهل الس�نة، يروون عن س�لمى أهنا دخلت ع�ىل أم س�لمة وهي تبكي، فس�ألتها: ما يبكيك؟ فقالت: »رأيتخ النبي )صىل اهلل عليه وسـلم( وعىل رأسـه وحليته

الرتاب، قال: شهدتخ قتل احلسني آنفا«)1).واجل�واب: أننا ال نش�عر أن هذه املامرس�ة تعبري عن احل�زن والتفجع واجلزع؛ فا ي�رى العرف ذلك مصداق�ا للحزن واجلزع، خصوصا هب�ذه الكيفية؛ ويؤيد ذلك أن كث�ريا من الن�اس يمتعض منها، كام أن رواية الرتمذي واحلاكم النيس�ابوري موردها الرؤي�ة يف املنام ال يف اليقظة، فا تصلح أن تكون دليا عاضدا؛ وهلذا ال يمكن أيضا

الفتوى بحلية هذه املامرسة بمناط كوهنا مصداقا للجزع املستحب عىل احلسن×.وهناك موقف متش�دد رافض هلذه املامرس�ة بعنوان التعبد والتدين هبا؛ لكوهنا ال تنس�جم مع األهداف من إقامة الشعائر احلسينية، فضا عن كوهنا تيسء إىل اإلسام

وشعائر احلسن× بشكل عام)2).

اخلامتةيف هناي�ة املقال أود أن أذك�ر القارئ العزيز بأهم املطال�ب والنتائج التي توصلت

إليها، وذلك ضمن النقاط اآلتية:1� تقدي�م تعريف واضح ملفهوم اجلزع، كفيل بالوق�وف عىل التفرقة الدقيقة بينه

وبن االصطاحات املشاهبة كاحلزن مثا.

)1) الرتمذي، حممد بن عيسى، سنن الرتمذي: ج5، ص323. احلاكم النيسابوري، حممد بن عبد اهلل، املستدرك عىل الصحيحن: ج4، ص19.

)2) انظر: جملة التوحيد، العدد94، حوار مع السيد حممد باقر احلكيم حتت عنوان: الشعائر احلسينية املوقف الرشعي والرسايل: ص29�30.

ية سين

احلئر

شعايف ال

زع اجل

وم فه

م

83

2� إثب�ات أن اجل�زع م�ن املصطلح�ات ذات املصادي�ق التي تتجدد وتتوس�ع يف عمود الزمن، وربام تتفاوت بحسب البيئات واملجتمعات، أو الدول واملدن واملناطق

املختلفة.3 � حتديد العرف بصفته معيارا إلدراج املظاهر املستجدة يف مفهوم اجلزع أو عدم

ذلك.4� ال يش�رتط يف املامرس�ة أن تكون عفوي�ة، لتندرج يف مفهوم اجلزع، مما يس�مح

بدخول التظاهر باحلزن واجلزع يف إطار املفهوم العريف. 5 � حتديد أهم األهداف املتوخاة من الش�عائر احلس�ينية؛ ملا متثله من قيمة معيارية

يف اندراج مظاهر العزاء يف مفهوم اجلزع املستحب عىل اإلمام احلسن×.6� خ�روج بعض املامرس�ات عن مفهوم اجلزع املس�تحب؛ لع�دم انطباق املعايري العرفي�ة عليه�ا، إضاف�ة إىل ع�دم اندراجه�ا يف إط�ار األه�داف املرس�ومة للش�عائر

احلسينية، ومن أبرزها: التطبري، وامليش عىل اجلمر، والتطين.7� ال يمكن االستدالل عىل جواز التطبري واستحبابه بكونه مصداقا للجزع، نعم

يمكن التامس أدلة أخرى للجواز واحللية.8 � حك�م اجلزع � بش�كل ع�ام � يف الفقه اإلمام�ي هو اجلواز عىل نح�و الكراهة بحس�ب املش�هور، أما فيام خيص بعض مصاديقه اخلارجة عن حد االعتدال كخدش الوج�ه، وج�ز الش�عر، فقد وقع فيه�ا االختاف بن قائ�ل باحلرمة وقائ�ل بالكراهة

واجلواز.9� اس�تثناء اجل�زع ع�ىل اإلم�ام احلس�ن× م�ن احلكم بكراه�ة اجل�زع يف الفقه اإلمام�ي؛ عم�ا بالنصوص الروائية املس�تفيضة، الدالة عىل اس�تحبابه والدعوة إليه

من قبل املعصومن^. 10� الرأي الس�ائد يف الوسط الفقهي الس�ني هو حرمة مظاهر اجلزع، وفيهم من

يذهب إىل الكراهة، بل اإلباحة.

84



8484



8484


11� للفقه�اء يف ممارس�ة التطبري آراء ثاثة: قس�م يرى حرمتها، وقس�م ثان يرى أهنا مباحة ما مل تستلزم رضرا عىل النفس وعىل املذهب، وثالث يراها مستحبة وفيها

ترويج للمذهب.12� ال يمك�ن الفت�وى بحلية امل�يش عىل اجلمر؛ انطاقا من كون�ه مصداقا عرفيا

للجزع.13� ال يمك�ن الفت�وى بحلية ممارس�ة التطين وحث الرتاب ع�ىل الرأس بمناط

كوهنا مصداقا للجزع املستحب عىل اإلمام احلسن×.

احلسينية املواكب يف والشعار الراية بالغة دراسة يف ضوء بالغة اجلمهور

أ. م. د. علي مجيد البديري*

مقدهمة حظيت املوضوعات املتعلقة بالنهضة احلسينية � ذات الطابع التارخيي أو األديب � بعناية متلف الباحثن منذ عقود طويلة من الزمن، بينام بقيت بعض اجلوانب األخرى بحاجة إىل بحث وحتقيق، وبخاصة تلك التي ترتبط بمتلقي النهضة واملتفاعل معها،

والساعي إىل إحياء ذكراها، واإلفادة من دروسها.م�ن هنا اختار هذا البحث املتواضع ظاهرة الفت�ة للنظر وجديرة بتأمل دالالهتا، وتع�د ش�كا من أش�كال اس�تجابة اجلمه�ور للنهضة احلس�ينية، كام تازم مراس�م اإلحي�اء؛ حيث أصبح�ت مصداقا من مصاديقها، ومتثيا رضوري�ا هلا، فام يكاد يل ش�هر حمرم احلرام م�ن كل عام إال وتغص املباين واملؤسس�ات والش�وارع واملواكب واألماكن العامة باألعام والشعارات، وهو ما يعكس فهام للنهضة، وموقفا واضحا

منها، وينتج خطابا باغيا له طرائقه وسياقاته ودالالته اخلاصة.ولكي يقق البحث اقرتابا من تأويل عميق هلذا اخلطاب، كانت االستعانة بمقولة )باغة اجلمهور(، وهي اجتاه جديد يف الباغة العربية املعارصة، الذي يعنى باخلطاب املنتج من قبل اجلمهور املخاطب؛ من خال استجابته لنص املتكلم، وإعادة تشكيله

عىل وفق فهمه للنص، وموقفه من مضامينه.

* جامعة البرصة /كلية اآلداب، من العراق.

86



8686



8686



8686



86


8686


بالغة اجلمهور والشعائر احلسينيةإن غاي�ة باغة اجلمهور � بوصفها اجتاها حديثا يف الدراس�ات الباغية املعارصة � هي »إمداد اإلنسـان العادي، الذي يشـكل اللبنة األساسـية للجمهور، بمعرفة متكنهـ يف حـال تعرضه خلطاب بالغي ما ـ من الكشـف عن حتيزات هـذا اخلطاب، ومبالغاته، ومغالطاتـه، ومفارقته للواقع، وتناقضاته الداخلية، واألغراض التي يسـعى إلنجازها؛ حتى يتمكن من التمييز بني خطاب سلطوي يسعى للسيطرة عليه، وخطاب حر يسعى لتحريره«)1). وال شك يف أن هذه االستجابة تتفاوت يف مستوياهتا، وتتنوع يف أنامطها، فه�ي ترتبط بس�ياقها، وتعتمد عىل االس�تعداد ال�ذايت للمتلقي ومقدرته يف تش�كيل خطابه، وستكون مهمة الدارس أن يكشف عن طبيعة هذه االستجابات ودالالهتا.

يعد خطاب عاشوراء خطابا مهيمنا، مارس عرب قرون طويلة فعا مؤثرا وموجها لإلنس�ان بمختلف انتامءاته العرقية والقومية والدينية، وقد تنوعت أس�اليبه وأدواته

بشكل كبري، ويمكن أن نميز بن نمطن من هذا اخلطاب:األول: وهو األصل الذي متثل يف النصوص الصحيحة السند، واملروية عن الثقات من الرواة، واخلاصة بتفاصيل رحلة الركب احلسيني الرشيف، من ساعة خروجه من املدينة املنورة وحتى عودته إليها بعد حادثة استشهاد اإلمام وأهل بيته^ وأصحابه )رضوان اهلل عليهم(، وهو خطاب امتاز املنقول منه بتنوع أشكاله، فمنها ما هو نيص

ومنها ما هو عميل أو فعيل. الثـاين: فهو ما يمكن تس�ميته بخطاب الق�راءات املركزية، ونعني هبا: جمموعة النص�وص القديم�ة واحلديثة التي انتجته�ا جماميع من املؤلفن والكت�اب واخلطباء، ومتتاز بأن هلا احلضور األكثر هيمنة وتأثريا عىل مجهور املتلقن، وخيتلف هذا اخلطاب عن األول بأنه قراءة لوقائع النهضة احلسينية، مشفوعة يف بعض أشكاهلا بام يستدعي التفاع�ل العاطف�ي م�ع تفاصي�ل مقات�ل اإلم�ام× واهلاش�مين وأصحاب�ه، وم�ن

)1) عبد اللطيف، عامد، باغة احلرية، معارك اخلطاب السيايس يف زمن الثورة: ص61.

نيةسي

احلب

واكيف امل

ار شع

والاية

الرغة

بال

87

الطبيع�ي أن تعمد بع�ض القراءات يف هذا النمط من اخلط�اب بملء الفجوات التي تركه�ا التاريخ فارغة، بام ينس�جم مع األحداث املدون�ة يف كتب التاريخ، وعىل وفق قابلية الكاتب أو اخلطيب، بوصفه قارئا ذا عدة معرفية معينة، له اس�تجابته اخلاصة،

وطريقته يف الفهم والتفسري، وإعادة إنتاج املروي. وتش�كل مراس�م إحياء عاش�وراء فضاء الس�تجابات مجاهريية متنوعة، تتسم بالثبات النس�بي يف أش�كاهلا وطرائقها، فه�ي مفتوحة عىل إضافات مس�تمرة بمرور الزم�ن وتبدل األمكنة، بام يتناس�ب مع الس�ياق وطبيعة اجلمهور، ولعل الس�بب يف ذلك يتمثل ب�»عدم التعبدية يف مراسـم اإلحياء لرفع يد أي سـلطة إل استثناء، فال ترى ]يف كثري من الدول[ مواجهة رسـمية واحدة تضبط اإلحياء يف صورة تأسيسـية خاصة ليلتـزم هبـا الشـيعة، بل إن اجلهات الرسـمية ـ أو حتـى الرشعية ـ تقـع يف حلظة ما حتت ضغط اجلمهور، الذي يرج من جمالسـها إىل ما يناسـب مزاجه من أساليب تعبرية«)1)؛ م�ن هن�ا كان تن�وع مظاه�ر اإلحياء، وتغ�ري طرائق بعضه�ا، فام مل يك�ن موجودا من قب�ل اس�تحدثه اجلمهور، مفيدا من تط�ور الصناعات والتكنولوجي�ا احلديثة، ولعل أبسط مثال عىل ذلك دخول املؤثرات املوسيقية يف تلحن بعض القصائد الرثائية، ما يصطل�ح علي�ه ب� )اللطميات(، وكذلك إنتاجها مصورة مع مش�اهد متثيلية، وغريها من املظاهر احلديثة. وال شك يف أن هذه املظاهر احلديثة هي استجابات مجهور يعيش س�ياقا خاصا به، وال يس�تطيع اإلفات من مؤثراته، بل ال يمكنه أن يكون خارجه؛ إذن هي باغة مجهور تصوغ موقفا، وختتار أس�لوبا تعبرييا، يوجهها العامل النفيس،

وتضبطها � بشكل نسبي � بعض القواعد واحلدود. من بن مظاهر اإلحياء وأس�اليبه: رفع األعام والشعارات التي تازم الكثري من مراسم العزاء، فرتتفع مع بدء شهر حمرم عىل البيوت، وتنصب يف الشوارع العامة واألمكنة املختلفة، وتس�تأثر املواكب احلس�ينية بأعام خاصة، يرص أصحاهبا عىل

)1) خازم، عيل، عاشوراء بن احلياة واإلحياء: ص84.

88



8888



8888



8888



88


8888


تنويعها، وخيصصون علام كبريا خيط عليه اسم املوكب، وتاريخ تأسيسه ومكانه. وجتسد الراية والشعار فعا تعبرييا يعلن عن خصوصية املناسبة، ويرتبط هبا دون

غريها من املناسبات الدينية األخرى، عىل الرغم من كثرهتا.

الرايات: تلبية النداء وإيقونة اهلويةال خت�رج دالل�ة العل�م اللغوي�ة ع�ن معنى اإلش�ارة والعام�ة يف ال�كام الوارد ع�ن احلوراء زين�ب’ ماطبة فيه اإلمام الس�جاد×: ».. ينصبون هلـذا الطف علام لقرب أبيك سـيد الشـهداء، ل يخدرس أثره، ول يعفو رسـمه، عىل كـرور الليايل واأليام، وليجتهـدن أئمـة الكفر وأشـياع الضاللة يف حموه وتطميسـه، فال يزداد أثـره إل ظهورا، وأمره إل علوا..«)1). ولعل هذا النص هو األول الذي يس�ترشف املستقبل، ويرد فيه ذكر العلم أو الراية مقرتنا بقضية الطف ومشهد اإلمام احلسن×، ومن الواضح أن العقيلة تذكره بوصفه اس�تجابة املؤمنن للحدث، وإحياء ألمر اإلمام وإدامة مبادئه،

وهو ما سيتشكل عرب الزمن يف مظاهر متنوعة. لقد اكتس�بت بعض املظاهر يف مراس�م إحياء ذكرى عاشوراء وأربعينية اإلمام احلسن× داللة ثابتة جديدة مرتبطة بالقضية احلسينية، ومل يتم ذلك بفعل قصدي، ب�ل يفرض�ه يف أحي�ان كث�رية طبيعة اإلحي�اء ونمطه، فكث�ري من ه�ذه املظاهر محلت مس�تويات رمزي�ة اكتس�بتها من س�ياقها اجلديد، وحتول�ت إىل إيقونة ش�عارية، منها طبيعة املابس التي يرتدهيا الفرد، ولوهنا، وطريقة ارتدائها واستعامهلا، فالكوفية)2) � مثا � ال تكون إال مرقطة بالس�واد، أو س�وداء، أو بنية، أو خرضاء، وكلها مرتبطة يف

دالالهتا بألوان الرايات التي ستتنوع كام سنرى.أما طريقة ارتدائها � التي يفرضها نمط العمل الذي يقوم به الفرد � فتتنوع بن أن

)1) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج28، ص57.)2) الكوفية: نسيج يلبس عىل الراس حتت العقال، والظاهر أنه لفظ مولد. انظر: قلعجي، حممد، معجم

لغة الفقهاء: ص317.

نيةسي

احلب

واكيف امل

ار شع

والاية

الرغة

بال

89

تل�ف عىل الرأس بطريقة معروفة لدى العراقين وتس�مى )اجلراوية(، أو تلف حول اخلرص كحزام، ويرفع الثوب بواس�طته لتسهيل احلركة، فضا عن األجزاء األخرى م�ن اللب�اس التي يفضلها الش�باب م�ن املعزين؛ إذ تتناس�ب مع طبيع�ة اخلدمة التي

يقدموهنا يف املوكب احلسيني. إن تن�وع اس�تخدام األع�ام يف املواك�ب أكس�بها دالالت جدي�دة، مضافة إىل ال�دالالت القديمة املرتبطة هبا، بوصفها عامات عىل مجاعات معينة، من املمكن أن يقق هذا التنوع إش�ارات ألفواج مقاتلن زاحفن إىل س�احة الطف، عىل نحو يامثل وجودها يف التاريخ، إذ كان كل قس�م من أقس�ام املعسكر احلس�يني يمل علام بلون م�ا، فهي امتداد تطوي�ري لتلك األعام، وإثراء لداللتها، فتن�وع األلوان يعني تنوع االس�تجابات وتعدده�ا عىل اختاف مش�ارب امللبن للنداء، وه�ي فضا عن ذلك اس�تحضار رمزي للجهاد، يفز اجلمهور عىل االس�تعداد، ويصنع الفرد العادي فيه اس�تجابته عىل النحو الذي يراه مناس�با، وهي يف هناية األمر جزء من هويته؛ بوصفه منتظ�را راغبا بش�وق كبري يف االش�رتاك يف املعرك�ة الكربى، الت�ي تطهر األرض من الفس�اد ورموزه، وجمس�دا للدعاء الوارد يف زيارة عاش�وراء: »فأسـأل اهلل الذي أكرم مقامك وأكرمني بك، أن يرزقني طلب ثأرك مع إمام منصور من أهل بيت حممد|«)1)، إذ تتضاف�ر عن�د الداع�ي معرفة ش�أن اإلمام ومنزلت�ه ومقامه بالرجاء والس�ؤال من اهلل تع�اىل، فالداع�ي الزائر مدرك إك�رام املنعم )جل وعا( له هب�ذه املعرفة وقيمتها، ويرغ�ب يف إمت�ام هذه النعمة برزق النرصة وإمتام النهض�ة التي أنجز مفتتحها اإلمام احلس�ن×، وخيصص الطلب بأن تكون هذه الن�رصة حتت لواء احلجة القائم#،

وهو ما يعني إدراك امتداد النهضة وثورة اإلصاح احلسيني إىل آخر الزمان. وتتجسد هذه املعاين بطريقة أخرى؛ إذ محلت بعض الرايات رسوما رمزية لإلمام احلس�ن×، أو لوجه آخر من وجوه الطف الكريمة، وهي رس�وم احتفظت ببعدها

)1) العاميل، حممد بن مكي العاميل، كتاب املزار: ص180.

90



9090



9090



9090



90


9090


الروح�ي واجلهادي؛ ألهنا مس�تمدة من أح�داث الواقعة، أو من حي�اة اإلمام وأهل بيته^، وختتزل بعضها أحيانا تفاصيل املأس�اة اإلنس�انية يف اس�تباحة األطفال، من خ�ال صورة عب�د اهلل الرضي�ع مذبوحا، بينام تفتق�ر بعض هذه الراي�ات إىل العناية بالقياس�ات التصميمية للمش�هد أو الش�خصية املرس�ومة، وهو أمر عائ�د إىل طبيعة التصنيع والقائم به، والذي غالبا ما يكون غري واع متاما بجامليات الرس�م والتصميم وتقنياهتام، وال يقلل هذا األمر من داللة الرايات املوظفة يف املراسم واملواكب، فكيف ما تكون الصورة املرسومة فإهنا متنح الراية دفقا تعبرييا مضافا، وجتسد تفاعا عميقا م�ع ش�خصية اإلم�ام وهنضته، ف�»الصـورة يمكن أن متثل شـيئا أو شـخصا، ويمكنها أن تـؤرش مفهومات تريديـة... ألن من النـادر أن تفرض الصورة فرضـا معنى وحيدا واحـدا... يمكـن للصورة أن تقول عدة أشـياء يف آن واحد، وأهنـا يمكن أن حتتوي عىل

عدة جمازات يف نفس الوقت«)1).غ�ري أن حمور الدالالت س�يكون حول الش�هادة والعطاء والب�ذل، وهي من أبرز دروس الطف وأكربها، وتتجىل هذه املعاين بشكل أكرب مع الرايات ذات احلجم الكبري، التي يرص بعض الزائرين عىل محلها معهم من مناطق نائية يف مدهنم باجتاه كرباء.ويع�د من نافل القول احلديث عن س�يميائية ألوان الرايات، ففضا عن دالالت األلوان ورمزيتها املعروفة، تكتس�ب باقرتاهنا مع الراية دالالت جديدة، تنس�جم مع أفع�ال اإلحي�اء األخرى ومظاهره، وتكث�ر الرايات ذات األلوان )األس�ود، األمحر، األخرض(، مع وجود بنس�بة أق�ل لأللوان األخرى )األصف�ر، األزرق، واألبيض(، وق�د تعتمد بع�ض الرايات أس�لوبا تعبريي�ا مضافا، ع�رب كتابة أس�امء األئمة االثني ع�رش^ عليه�ا، أو تتعدد األعام بعدد األئمة، وجتع�ل يف مقدمة املواكب يف داللة واضح�ة عىل االقتداء بقيادهت�م^ األمة، بوصفهم الثقل الثاين الذي خصه حديث

الثقلن بالتمسك والطاعة.

)1) لعيبي، شاكر، باغة اللغة اإليقونية )الصورة بوصفها باغة( كتاب الصباح الثقايف: ص13.

نيةسي

احلب

واكيف امل

ار شع

والاية

الرغة

بال

91

ال ش�ك يف أن اجلمه�ور هن�ا يس�تعمل ذائقت�ه اجلاملي�ة، فهو ي�درك من خاهلا مجاليات الوس�ائل املس�تخدمة يف اإلحياء، ويك�ون التذوق هنا »نتيجـة تفاعل ما هو وجداين لديه مع بيئات مجالية حتمل املالمح الدللية نفسـها... فاملتلقي املسـلم أقدر عىل تلقـي بيئة مجاليـة مثالية، أقرب منها إىل معتقده وسـلوكياته وتصوراتـه«)1)، وال يمكن إبع�اد م�ا لكرباء � املدين�ة التي أصبحت إيقونة الش�هادة � من تأثري يف تش�كل هذه الباغ�ة وهذه الذائقة. ف�»بعض األماكن الطبيعية قد تتحول إىل فضاء بالغي يف بعض

احلالت؛ حني تخصبح وعاء ألنشطة تواصلية ذات طابع نفعي أو مجايل«)2). م�ن جان�ب آخر، تش�هد املواكب حض�ور العل�م العراقي بن األع�ام األخرى

اخلاصة بذكرى عاشوراء، وهو ما له داللة رمزية ذات بعدين: البعـد األول: يتعل�ق باهلوية الوطنية، ويرتبط بام يم�ر به البلد واملنطقة العربية من أحداث وظروف استثنائية، فحرص أغلب املواكب عىل رفع العلم العراقي إىل جوار أعام عاشوراء كان لتبليغ رسالة مفادها االعتزاز باهلوية، واالستعداد للتضحية من أجله�ا، فضا عن تضمنها ملعان تعبوي�ة تتعلق بفتوى اجلهاد املقدس، وهي متثل ردا باهلوية الراس�خة األصيلة عىل اهلويات الطارئة عىل الوجود، متمثلة بعلم ما يس�مى

ب�)داعش(، التي اقرتنت بصور الذبح والقتل والتهجري وهتك احلرمات. البعد الثاين: يتعلق باهلوية الدينية، ويتضمن إشارة عقدية ترتبط هبوية التشيع، ردا هات واألباطيل التي وجهت هلذه اهلوية، وهي ال تس�تند إىل واقع تارخيي أو عىل الرت

حقيقة علمية.

بالغة الشعار: التجديد يف النمطيس�عى خط�اب اجلمهور الذي يصنعه من خال مظاه�ر متلفة إىل إبراز الصورة الواقعي�ة ألتباع مذهب آل البيت^، من خال الش�عارات املرفوعة التي حرصت

)1) وادي، عيل شناوة، دراسات يف اخلطاب اجلاميل البرصي: ص125.)2) عامد عبد اللطيف، باغة احلرية، معارك اخلطاب السيايس يف زمن الثورة: ص116.

92



9292



9292



9292



92


9292


عىل أن تبقى ضمن إطار النهضة احلسينية، ويسعى كذلك إىل مقابلة الفعل التشوهيي الذي متارس�ه وسائل اإلعام عرب صياغة أفكار غري واقعية عن أتباع املذهب، ونقل صورة مش�وهة عن�ه إىل العامل، صورة قائم�ة عىل اجتزاء بعض احلاالت من س�ياقها اخل�اص، وارتباطه�ا بمجموع�ة ما، وتقديمه�ا إىل املتلق�ي اآلخر عىل أهن�ا الصورة الواقعية والش�املة ملراس�م إحياء ذكرى عاش�وراء واألحداث التي تلتها، فالرس�الة التي يقدمها اجلمهور للعامل عرب خطاب الش�عارات املرفوعة ترتكز إىل أرضية صلبة ثابتة؛ ألهنا مرتبطة بجوهر النهضة احلسينية؛ ومن هنا ال يمكن فصل قراءة مدلوالت الش�عار ال�ذي يرفعه موكب مع�ن أو فرد ما منفصا عام يامرس�ه م�ن فعل، كتقديم اخلدمة للزائرين والتفاين فيها، وبذل املال والوقت واجلهد، وتعريض النفس لألذى واخلطر أحيانا، فهو ال يفصل هنا بن الش�عار واملامرس�ة، فتجده يرفع ش�عاره بخط

واضح وكبري )خادم وافتخر(. إن االنس�جام االجتامعي وحتقيق التعايش اإلنس�اين بش�كله األمثل، وبمختلف ص�وره وأنامطه هو بعض م�ا يقوله اخلطاب، كام أن مودة صاح�ب القضية والنهضة والذك�رى، تتحقق من خال هذا االنس�جام والتعايش مع أفراد املجتمع اإلنس�اين،

عىل اختاف انتامءاهتم القومية والعرقية والدينية أيضا. لق�د امت�از اخلطاب ال�ذي يصنعه مجه�ور الزائري�ن والقائمن ع�ىل خدمتهم من أصح�اب املواك�ب باالنفتاح عىل اإلنس�انية ووعي س�بل صاحها، فالف�رد العادي يدرك ببس�اطة تفكريه ووعيه أن ش�عاره الذي يرفعه، وممارس�ته اإلحيائية التي يقوم هبا، تعد مثاال حيا وملموس�ا ملا يريده صاحب املناس�بة من الفرد املؤمن، األمر الذي جتسده باغة بعض الشعارات املوظفة يف رفضها ثقافة اخلنوع، من مثل: )هيهات منا الذلة(، )كلنا حسينيون من األنبار إىل كرباء(، )عاشوراء ثورة املظلوم عىل الظامل(، )من كرباء احلس�ن كلنا أسود الرافدين(، )احلس�ن رس انتصاراتنا(، إىل احلد الذي أصبح فيه املوكب إيقونة شعارية تتصل بامض اتسم بالرفض ملامرسة السلطات املانعة

نيةسي

احلب

واكيف امل

ار شع

والاية

الرغة

بال

93

من إحياء عاش�وراء، وهو ما يعني يف داللته العميقة فعا اس�تابيا يقيد الفرد وخينق حريت�ه ويس�حق إرادته، فيمكن ق�راءة كثافة فع�ل اجلمهور عرب ه�ذه الكثرة الافتة للنظر يف املواكب والش�عارات والرايات تفويضا مجاعي�ا متعددا للجمهور منحه هو لنفس�ه؛ للتعب�ري عن قوته ووعي�ه وحضوره يف احلياة، إذ يكرس الش�عار وداللة رفع الراي�ات انتصار اإلرادة وقدرة اجلمهور عىل القيام بفعل مؤثر، واس�تحالة إخضاعه وحتويله إىل آلة بيد السلطات الدنيوية، أو النظر إليه عىل أنه خانع عاجز، وقارص عن

حتقيق حياة كريمة. وم�ن الواضح ارتكاز هذا النمط من الش�عارات إىل مج�ل رشيفة، كالنص الوارد »أفضـل اجلهـاد كلمـة حق عنـد سـلطان جائـر«)1)، ال�ذي كان من ش�عارات الطف احلس�يني، الت�ي ح�رص اإلمام احلس�ن× عىل إش�هاره وجتس�يده، ب�ل كان بمثابة »الالئحة السياسـية للمنهج املمتد، حله وحكم به مفـردات احلياة والدولة، وألزم األخمة املشـاركة يف صنـع وتطبيق هذه الالئحة، التي تفرض مفهوم السـتبداد والعبثية بجميع صورها، وأيا كان مصدرها«)2). وكذلك تنهل ش�عارات املواكب من اإلعان الكبري للنهض�ة احلس�ينية، أو ما يمكن تس�ميته جم�ازا بالبي�ان األول هلا، ع�ىل الرغم من أن اإلمام× يذكر يف مس�تهله بام يفيد أنه وصية، إذ يقول×: »هذا ما أوىص به احلسـني ابن عي إىل أخيه حممد املعروف بابن احلنفية، أن احلسـني يشـهد أن ل إله إل اهلل، وحده ل رشيك له، وأن حممدا عبده ورسوله، جاء باحلق من عنده، وأن اجلنة والنار حق، وأن السـاعة آتيـة ل ريب فيها، وأن اهلل يبعث مـن يف القبور، وأين ل أخرج أرشا ول بطرا ول مفسدا ول ظاملا، وإنام خرجت لطلب اإلصالح يف أخمة جدي‘، أخريد أن آمر باملعروف وأهنـى عن املنكر، وأسـر بسـرة جدي وأيب عي بـن أيب طالب×، فمـن قبلني بقبول

)1) املتقي اهلندي، عيل بن حسام، كنز العامل: ج3 ، ص64.األمة، جملة اإلصاح )2) آل نور، نعمة جابر، النهضة احلسينية والعنارص احليوية لإلبداع والتأثري يف

احلسيني: العدد5، ص113.

94



9494



9494



9494



94


9494


احلـق، فـاهلل أوىل باحلق، ومـن رد عي هذا أصرب حتى يقيض اهلل بينـي وبني القوم باحلق، وهو خر احلاكمني...«)1).

م�ن هن�ا كان الش�عار يف داللته األوىل ث�ورة عىل النف�س ونوازعه�ا، وهو يقرتن بفع�ل إحياء ش�اق ومتعب، كامليش ملس�افات طويل�ة، أو الوقوف هن�ارا كاما ألكثر م�ن عرشين يوما بش�كل متواصل، إذ تذوب املصلحة الذاتية إزاء اهلدف األس�مى، ويتح�رك اجلمي�ع يف فضاء من التفاين واإليثار، كل فرد يس�عى خلدم�ة اآلخر وتلبية

حاجاته، ويتجه اجلميع نحو هدف واحد، وحمور مركزي شاخص.وتسعى بعض الشعارات إىل بيان املنهج احليايت اإلصاحي الذي يتبناه اجلمهور، ومنه�ا: )أنا حس�يني ال أطلق الرصاص يف اهل�واء(، )أنا حس�يني ال أتعامل بالربا(، )أنا حس�يني ل�ن أكون مفس�دا(؛ فخطابه يدلل عىل حس�ه الوطن�ي والديني العميق إزاء مظاه�ر الفس�اد املوج�ودة يف احلي�اة، أو التي م�ن املمكن أن تظهر، وهو يس�عى إىل معاجلته�ا وحماربته�ا، عرب ترمجة أهداف اإلصاح احلس�يني إىل واقع عميل، وهو من وجه آخر يمثل فعا تثقيفيا يامرس�ه اجلمهور، ليؤكد لنفس�ه ولغريه أنه عىل متاس كب�ري ووعي فائ�ق بالقضايا االجتامعية وبعض مظاهر الفس�اد األخاقي، ويطرحها بأكثر الصيغ وضوحا، عرب لغة مبارشة تبدأ من الذات باجتاه املجموع، وتكون وظيفة الش�عار التحريض عىل املش�اركة يف الفعل اإلصاحي، فضا عن وظيفة التنبيه التي اس�تعمل ألجله�ا الش�عار، ويعد ه�ذا الفهم من أندر أش�كال التفاعل م�ع احلياة يف نف�وس األفراد من املجتمع؛ إذ إن اس�تنباته يف النفوس، وتثبيت وجوده وإنامئه أمور يف غاية الصعوبة، تتطلب مشاريع تثقيفية كربى، قد ال حتقق هذه األهداف باملستوى نفس�ه الذي نراه هن�ا، فاالرتباط بالقدوة احلس�نة والقيادة املثالية، والتس�امل عىل هذا

االرتباط ما بن مئات األجيال املتاحقة، أمر ال يققه غري الدين وبتسديد إهلي.إن تفاع�ا للجمه�ور م�ع دروس النهض�ة احلس�ينية هب�ذا املس�توى، يمك�ن أن


نيةسي

احلب

واكيف امل

ار شع

والاية

الرغة

بال

95

يتمخ�ض يف املس�تقبل عن متث�ل أكرب، جتتاز في�ه باغة اجلمهور حدود الش�عار التي حترصه بالواقعة، إىل فضاء يفيد منه اجلمهور يف قراءة احلارض ومش�اكله، وتشخيص مسببات هذه املشاكل وتسجيلها بصورة فعلية يف ضوء الدروس الكبرية املستخلصة

من النهضة احلسينية، ورفع ذلك شعارا وجتسيده فعا عىل ساحة العمل. وهن�ا نجد أن م�ن املمكن العمل عىل توجيه الش�عارات ابت�داء؛ من خال جلان متخصص�ة تص�وغ اخلطاب اجلامه�ريي بام يريب ل�دى الفرد العادي احل�س الديني/الس�يايس؛ لريفع يف مستقبل األيام شعاره اخلاص الذي يصيغه بنفسه، وخيتار داللته

ويدد هدفه.

بالغة النموذج يف بعض الشعاراتهنا تكاد تغيب اإلضافة التلقائية والذاتية من قبل األفراد يف مقابل حرص شديد منهم عىل اس�تعامل املتعارف عليه من الشعارات املتعلقة بالنهضة احلسينية، وال يدل تش�ابه الش�عارات ومتاثلها، ووحدانية الس�لوك املتس�م باإليثار، عىل خضوع باغة ه يس�ميه علم االجتامع باإلياء االجتامعي؛ وذلك ألن األخري يتضمن اجلمهور ملوجمعن�ى وقوع الفرد حتت تأثري التقليد الا واعي، وهذا بخاف واقع احلضور الفاعل واملدرك ألبعاد ش�عرية اإلحياء الذي يامرسه اجلمهور. ولكي يكون التشخيص أكثر دق�ة وعلمية، وابتع�ادا عن التعميم واملبالغة يف الوصف، نقول: إن مس�تويات وعي هذه املفاهيم تتفاوت با ش�ك؛ نتيجة تفاوت مس�تويات التفكري والوعي وااللتزام الدين�ي، وتباي�ن قوة القيم الثقافية املحركة له، وه�و أمر طبيعي، غري أن هذه الباغة جتس�د ثقافة ن�ادرة، عجزت عن حتقيقها أكث�ر املجتمعات احلديثة تط�ورا، هي ثقافة املش�اركة واستعداد اجلمهور ألن يكون قوة مؤثرة يف صنع احلياة الكريمة التي خرج

من أجلها اإلمام احلسن×.يمك�ن إحص�اء بعض النامذج من هذه الش�عارات، )يا لثارات احلس�ن(، )يا ثأر

96



9696



9696



9696



96


9696


اهلل(، )يا غريب كرباء(، )يا شهيد(، )يا حسن(، )لبيك يا حسن(، )لبيك يا زينب(، )لبي�ك يا ثأر اهلل(، )يا رصيع كرباء(، )يا قمر بني هاش�م(، )نور عيني يا حس�ن(، )يا صاحب الزمان(، )الس�ام عىل اخلد الرتيب(، )السام عليك يا قتيل العربات(، )الس�ام عىل ساقي عطاشى كربا(، )أمريي حس�ن ونعم األمري(، )األرض تبكي والسامء وا حسيناه(، )السام عىل املظلوم با نارص، احلسن رمز السام(، )احلسن

مصباح اهلدى وسفينة النجاة(، )ال يوم كيومك يا أبا عبد اهلل(... ويمك�ن أن نقرأ الوجه اآلخر لباغة هذا التش�ابه والتكرار، فقد جس�د نمط من الشعارات روح احلشد اجلامعي الذي تذوب فيه الذات وتنصهر، وتؤكد انتامء روحيا للنهض�ة، وجت�اوزا للفروقات املختلف�ة، فتصبح )أنا الذات( أن�ا اجلمهور واجلامعة، وهو ما يعني القدرة عىل تش�كل بنية موحدة، أساس�ها املبادئ الواحدة، والسعي إىل احلف�اظ عىل ديمومته�ا. ولعلنا نقرأ يف كثري من ش�عارات املواك�ب واألفراد أصداء ش�عارات الطف التي رفعت � قوال وعما � يوم املعركة وقبلها، واس�تمرت جمس�دة يف الرك�ب احلس�يني فيام بعد. يري�د اجلمهور من ذلك تأكيد نبذ اخل�وف من الطغاة، وحتويله إىل حالة اس�تنفار للطاقات واجلهود بش�كل فاعل ومؤثر روحيا وجس�ديا، وال ش�ك أن حتقق ذلك عىل النحو األمثل يتطلب فعا تكميليا هلذا احلراك العفوي واالس�تجابة التلقائي�ة، وهو الدور الذي يناط بالب�نى املؤسس�اتية املنظمة من خال

بناء الوعي العلمي بأهداف احلسينية، وإثراء استجابة اجلمهور هلا.وتس�تمد بعض ه�ذه النامذج من الش�عارات مضموهن�ا من األحادي�ث الرشيفة ال�واردة بش�أن إحي�اء ذكر اإلمام احلس�ن×، ومن ذل�ك النص الرشي�ف »ملا أخرب النبـي| ابنتـه فاطمة بقتل ولدها احلسـني وما جيري عليه من املحـن بكت فاطمة بكاء شـديدا، وقالـت: يا أبـت، متى يكون ذلك؟ قـال: يف زمان خال منـي ومنك ومن عي. ، فمـن يبكي عليه؟ ومـن يلتزم بإقامة العـزاء له؟ فقال فاشـتد بكاؤهـا وقالـت: يا أبتمالنبي: يا فاطمة، إن نسـاء أخمتي يبكون عىل نسـاء أهل بيتي، ورجاهلم يبكون عىل رجال

نيةسي

احلب

واكيف امل

ار شع

والاية

الرغة

بال

97

أهـل بيتـي، وجيددون العزاء جيال بعد جيل يف كل سـنة، فإذا كان القيامة تشـفعني أنت للنساء وأنا أشفع للرجال، وكل من بكى منهم عىل مصاب احلسني أخذنا بيده وأدخلناه اجلنـة. يـا فاطمـة، كل عني باكية يوم القيامـة، إل عني بكت عىل مصاب احلسـني، فإهنا

ضاحكة مستبرشة بنعيم اجلنة«)1).من هذه املضامن أنجزت باغة اجلمهور ش�عارات انترشت بش�كل واسع جدا، حترص أغلب املواكب وأكثر األفراد عىل رفعها والتفنن بإش�هارها، ومنها: )واهلل ال متحو ذكرنا(، )وال متيت وحينا(، )أبد واهلل يا زهراء ما ننس�ى حسينا(، )نأتيك زحفا سيدي يا حسن(، )وددت لو أن الطريق لكرباء من مولدي سريا حلن ممايت؛ ألنادي يف يوم احلس�اب تفاخرا أفنيت يف حب احلس�ن حيايت(، )يله نقصد كربله مش�اية(، )حيايت حس�ن ممايت حسن(، )مش�اية تقصدك أنصارك(، )مشاية وفاية للحسن من البحر إىل النحر(. عىل أن سمة التامثل هذه ال تقترص عىل الشعارات املوظفة من قبل اجلمهور فحسب، بل هي ظاهرة نجدها يف كثري من املراسم احلسينية، وعىل مستوى �ام يس�هم يف حتقق التفاعل ما بن املنش�د والراوي م�ن جهة، وبن اجلمهور دويل، فماملتن�وع م�ن جهة أخ�رى يف التعازي احلس�ينية هو اختاف طرائق اإلنش�اد، ليس يف البل�د الواحد فحس�ب، وإنام يف بل�دان أخرى أيضا، عىل الرغم م�ن التوحد الديني؛ وذل�ك بفعل التأثريات البيئية، واختاف الس�ياقات الثقافية الذي ينعكس عىل تنوع طبيع�ة اس�تجابة اجلمهور، غري أن هذا التنوع ال يعن�ي اختافا كبريا، أو خروجا عن

، حتى وإن اعتمد املنشدون واخلطباء منهجا مبتكرا يف تعازهيم)2). نسق عاميتجاوز الش�عار هنا حدود زمنه الذي رفع فيه ليمتد مرشوعا دائميا، حمرضا عىل التطبي�ق، ومنبها قارئه عىل أمهية مضامينه، بمعنى أنه يامرس دورا مزدوجا؛ يتجس�د يف إلفات النظر وتوجيه اجلهود نحو تشخيص الفاسد من األوضاع واألمور العامة،

)1) املصدر السابق: ج44، ص292 �293.)2) انظر: أوهان، فاروق، األبعاد الدرامية يف السري امللحمية الدينية، دراسة مقارنة بن اجلمعة احلزينة

والتعازي احلسينية: ص157.

98



9898



9898



9898



98


9898


واحلض عىل الرشوع يف اإلصاح الذي هو جوهر النهضة احلسينية ودرسها الكبري.

اخلامتةحرصت هذه الدراسة املتواضعة عىل مقاربة ظاهرة دالة من ظواهر إحياء النهضة احلس�ينية يف املجتمع العراقي بش�كل عام، مع عناية بمجتمع مدينة كرباء بخاصة؛ ملا تش�هده هذه املدينة م�ن جتمع برشي ضخم جدا، تنفرد به مكانا ومناس�بة وطبيعة إحي�اء، وكان ذلك من خ�ال ما يمنحه االجتاه البحثي اجلديد يف ميدان الدراس�ات الباغي�ة احلديثة، وه�و باغة اجلمهور ال�ذي ظهر حديثا يف م�رص. وال تدعي هذه الصفح�ات أهنا أغلق�ت باب اإلضافة أو مع�اودة القراءة لتجلي�ات باغة اجلمهور

يف هذه املوضوعة، فهي با شك قراءة أوىل تنفتح عىل إضافات واقرتاحات ممكنة.لق�د امت�ازت باغة الراي�ة املوظفة يف إحياء عاش�وراء بتحوهل�ا إىل إيقونة ثورية، م�ا ت�كاد أيام املحرم تبدأ حتى ترفع عامة وإش�ارة ورس�الة، وهي م�ن خال تعدد ألواهنا وأشكاهلا تؤدي دالالت ترتبط بدروس النهضة، وتفصح من جانب آخر عن استجابة مجاهريية خاصة، هلا باغتها وأساليبها التعبريية الدالة، وقد استعانت باغة الراية يف بعض أش�كاهلا بالصورة أو اإليقونة املرس�ومة الت�ي هلا صلة بواقعة الطف،

من خال وجه من وجوه الواقعة الرشيفة.من جانب آخر، كان للش�عار دوره اهلام يف جتس�يد باغة اجلمهور، فهو قد حقق تنوع�ا يف أنامط�ه، من خ�ال التجدي�د واالنفتاح عىل مس�تجدات احلي�اة وظروفها الطارئة، فضا عن وظيفته الرئيس�ة، املتمثلة بالتوصيل واإلقناع، وقد حقق ذلك يف كل صوره؛ ألهنا حرصت عىل أن تكون مرتبطة بشخص اإلمام احلسن× وهنضته املبارك�ة، ومل تك�ن الش�عارات � الت�ي جاءت نمطية متك�ررة � خالية م�ن باغة دالة ومقصودة بذاهتا، فاس�تمرار شعار ما يف الظهور، واإلحلاح عىل رفعه، واحلرص عىل تبني�ه ال يفرغ�ه من حمتواه أو داللته العميقة، بل يدلل ع�ىل أمهية املضامن، وارتباطه بجوهر القضية، وهو ما جسدته بعض النامذج من الشعارات. واحلمد هلل رب العاملن.

واد يف املنظار الفقهي شعرة لبس السه الشيخ عدنان الشامي*

متهيدتواجه الشعائر احلسينية بن الفينة واألخرى موجة من التشكيكات وإثارة بعض الشبهات حول مدى مرشوعيتها أو دليل رجحان إقامتها، و قد متتد هذه الشبهات إىل اعتبارها بدعة وضاال، أو ختلفا ورجعية، أو ممارسات عاطفية مل تأخذ مرشوعيتها من الرشع، وال ترقى إىل أهداف اإلمام احلسن× التي ضحى من أجلها، وما إىل ذلك.وال�ذي يب�دو أن م�ن يثري هذه الش�بهات واإلش�كاالت مل يتعمق يف فلس�فة هذه الش�عائر وأهدافها والبع�د العقائدي والفكري هلا، أو ال يملك وعي�ا كافيا واعتقادا رصينا يصنه من الش�بهات، يف حن يتصدى البعض اآلخر للدفاع بطريقة عاطفية ال تزي�د اآلخ�ر إال إرصارا وتص�ورا بأن املس�ألة ال تعدو كوهنا طقوس�ا اعتاد عليها الش�يعة، ورسختها الضغوطات التي مورس�ت ضدهم وضد أئمتهم، فكانت عبارة

عن ردة فعل وإثبات وجود.وم�ن املظاهر التي تعد من الش�عائر الش�ائعة واملعروفة بن أتب�اع أهل البيت^ وش�يعتهم، ه�ي ارتداء الثياب الس�ود يف وف�اة الرس�ول واألئمة األطهار والس�يدة الزهراء^، وخصوصا يف أيام حمرم احلرام وصفر، ذكرى شهادة سيد الشهداء احلسن ابن عيل÷، وثلة من أهل بيته وأصحابه يف كرباء، بعد أن هنض يف وجه الظلم طالبا

* أستاذ يف جامعة املصطفى‘ العاملية، من العراق.

100



100100



100100



100100



100


100100



100100



100


100


100100


إقامة العدل و إصاح االنحراف يف األمة، رافضا االستس�ام واخلنوع، مصمام عىل فضح الظاملن وتعريتهم أمام األجيال، حتى صنع تلك امللحمة العظيمة التي حتولت إىل أك�رب مدرس�ة لإلباء ورف�ض الظلم عىل ط�ول التاريخ ومدى تعاق�ب األجيال.ونح�ن يف ه�ذه الدراس�ة نح�اول أن نس�لط الضوء عىل ه�ذه املامرس�ة من مجيع حيثياهت�ا العلمية واالجتامعية والرشعية، كي يتض�ح حكمها ومدى مرشوعيتها من الناحي�ة الفقهي�ة؛ ألن كل ممارس�ة � مهام كان�ت صبغتها � جيب أن توض�ع يف امليزان الفقهي، لريى مأخذها ودليل مرشوعيتها ومدى انس�جامها مع اخلط العام للترشيع املق�دس بعيدا ع�ن العواطف، فإن علم الفقه هو املي�زان واملعيار يف مرشوعية وعدم مرشوعي�ة كل ممارس�ة أو س�لوك فردي أو اجتامع�ي، ويف مجيع جم�االت احلياة طبقا

ملعطيات النصوص والقواعد العامة واخلاصة وروح الرشيعة وأهدافها املقدسة. وإليك معاجلة ظاهرة شعرية )لبس السواد( ضمن العناوين اآلتية:

أوهال: التعريف املراد من لبس الس�واد: هو ارتداء الثياب الس�وداء، وهذا أمر واضح لغة وعرفا، والذي ينفع يف املقام هو معرفة حقيقة الس�واد من الناحية العلمية، فإن ذلك قد يؤثر

يف معرفة خصائصه ودالالته.هذا وقد عرف اللون األسود علميا بأنه: عبارة عن غياب الضوء، وعدم وصوله للعن، أو هو: »ذلك النطباع الذي يرتك يف العني عندما ل تأيت أي أشـعة ضوئية باتاه العني، أي: ل تتحفز أي من املستقبالت اللونية يف العني بفعل غياب األشعة الضوئية«)1).وم�ن هنا قالوا: إن اللون األس�ود لي�س لونا حقيقيا، فهو غ�ري موجود يف ألوان

الطيف، بل هو امتصاص جلميع األلوان وعدم انعكاس ألي منها)2).

)1) ويكيبيديا )املوسوعة احلرة(، مادة )أسود(.)2) انظر: موقع: www.mawdoo3.com. مقال حتت عنوان: ماذا يعني اللون األسود.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

101

ومما يؤيد ذلك: ما ورد يف بعض النصوص الروائية واألدبية التي يس�تفاد منها أن املت�وىف يك�ون بمثابة الضوء والن�ور ألقربائه يف احلياة، وموته انطف�اء لذلك الضوء، فتك�ون الدني�ا مظلمة بفقده، ومن ذل�ك خطاب الزهراء’ ألبيه�ا بعد وفاته حن وقوفه�ا عىل قربه قائلة: »يـا أبتاه، انقطعت بك الدنيا بأنوارها، وزوت زهرهتا، وكانت ببهجتك زاهرة، فقد اسـود هنارها، فصار حيكي حنادسـها رطبها ويابسـها«)1)، إىل أن قالت: »لو ترى املنرب الذي كنت تعلوه، عاله الظالم بعد الضياء«)2). وقول عيل× يف رثاء فاطمة’ عند دفنها: »لقد اسـودت عي الغـرباء، وبعدت عني اخلرضاء...«)3). وقول اإلمام زين العابدين× عندما أراد مواراة أبيه اإلمام احلسن× حيث وضع خ�ده ع�ىل منحره الرشيف: »طوبى ألرض تضمنت جسـدك الطاهر، فإن الدنيا بعدك

مظلمة، واآلخرة بنورك مرشقة«)4). وغري ذلك.

ثانيا: خصائص اللون األسود ودالالته ذك�ر علامء النف�س واالجتامع أن للون تأث�ريا س�يكولوجيا )psychology) عىل النف�س، فتح�دث أحاس�يس ينت�ج عنها اهت�زازات، بعضه�ا يمل س�امت الراحة، واآلخ�ر يمل صف�ات اإلرهاق واالضطراب، وتنقس�م هذه التأث�ريات إىل مبارشة

كالفرح واحلزن، وغري مبارشة تتغري حسب الفرد.فالل�ون األصفر � عىل س�بيل املثال � يبعث عىل الرسور، ولع�ل ما يف قوله تعاىل: )... ی ی جئ حئ مئ ىئ يئ()5)، إش�ارة إىل ذلك، يف حن أن اصف�رار اجلس�م عام�ة عىل عدم الصح�ة، واصفرار ال�زرع قب�ل أوان اصفراره

عامة عىل فساده.

)1) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج43، ص176.)2) املصدر السابق: ص177.)3) املصدر السابق: ص180.

)4) املقرم، عبد الرزاق، مقتل احلسن×: ص320.)5) البقرة: آية69.

102



102102



102102



102102



102


102102



102102



102


102


102102


واللون األمحر يشري إىل العاطفة اجلياشة واالندفاع، كام يشار به إىل القتال واحلروب

والدم؛ حتى أن بعض القبائل العربية جتعل اللون األمحر شعارا هلا لتخويف أعدائها.

ب�ل رب�ام يتع�دى تأث�ري الل�ون املج�ال النف�يس فيك�ون ل�ه تأث�ري فيس�يولوجي

)Physiology) ك�ام يف الل�ون األمحر؛ إذ إن التعرض له لفرتة طويلة يؤدي إىل زيادة

،)Eczema( يف ضغط الدم)1)، وقد استعمل هذا اللون يف عاج فقر الدم واألكزيام

وقدي�ام كان�ت األمه�ات تلب�س األطف�ال املصابن بم�رض احلصبة ماب�س محراء،

وما زالت هذه العادة جارية إىل هذا اليوم)2).

ومن خصائص اللون األس�ود أنه يرمز من جهة للقوة، ويدل عىل احرتام النفس

واالعت�زاز هب�ا، ويف الوق�ت نفس�ه هو ل�ون االكتئاب واحل�زن واحلداد، فه�و اللون

التقليدي للحداد يف الكثري من البلدان.

وق�د ورد يف بع�ض اآلي�ات والرواي�ات ما يؤي�د ذلك، فق�د ج�اء يف بعضها أنه

س�بب حلصول االختيال، وأنه من لباس اجلبارين، ويف أخرى أنه يورث اهلم، أو أنه

عام�ة عىل احلزن واالكتئاب، وغري ذلك من اآلثار الس�لبية م�ن الناحيتن الصحية

واألخاقية، ومن تلك اآليات:

1� قوله تعاىل: )ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چچ چ

ڇ ڇ ڇ ڇ())).واسوداد وجوههم حينئذ ملا أحاط هبم وشاهدوه من غضب اهلل ونقمته)4)، وليس

)1) انظر: كحيل، عبد الدائم، روائع اإلعجاز النفيس يف القرآن الكريم: ص134.)2) انظر: كامل، حممد حسن، مقالة )معجزة القرآن يف دنيا األلوان(: منتديات احتاد الكتاب واملثقفن

http://alexandrie.yoov.com/forum.htm :العرب عىل املوقع)3) الزمر: آية60.

انظر: القرطبي، حممد بن أمحد، تفسري القرطبي: ج15، ص274. الشوكاين، حممد بن عيل، فتح (4(القدير: ج4، ص472.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

103

املعنى كنائيا، بل »ظاهر اآلية أن وجوههم تسودر حقيقة«)1). فاالسوداد هنا آية الذلة)2).2� قوله تعاىل: )ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ()3).

»أي: صار مربدا من الكآبة«)4)، والغم، والكظيم أي: »اململوءخ كربا وغيظا«)5).وقيل يف تفسري ذلك علميا: إن األبحاث الطبية والنفسية قد قررت أن الوجه مرآة النفس؛ ألن شكل الوجه يتوقف عىل احلالة التي تكون عليها العضات التي تتحرك داخ�ل الدهن ال�ذي حتت اجلل�د، وتتوقف حركتها ع�ىل حالة أفكارن�ا وانفعاالتنا، فالغي�ض املكظ�وم يظه�ر عىل الوج�ه فيحتق�ن ويظهر حمم�را أوال، وإذا اش�تد كظم

الغيض وطال أمد احتقان الوجه يبدو مسودا، وهو ما يشاهد فعا)6).ۅ ۋ ۋ ٴۇ ۈۈ ۆ ۆ ۇ )ۇ تع�اىل: قول�ه �3وئ ەئ ەئ ائ ى*ائ ې ې ې ې ۉ ۉ ۅ

وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ()7). قال الراغب: »ابيضاض الوجه عبارة عن املرة، واسودادها عن الغم«)8).

إذا؛ يف ه�ذه اآليات إش�ارة إىل احلزن والكآبة واألذى التي يكون عليها اإلنس�ان يف تل�ك احل�االت، ويض�اد اللون األس�ود الل�ون األبيض ال�ذي يرم�ز إىل الطهارة واالستبش�ار، ونح�و ذل�ك، س�واء أكان امل�راد باالس�وداد واالبيضاض ه�و املعنى الكنائي أم احلقيقي، أي: س�واد اللون وبياضه حقيق�ة، ففي احلالن هو يرمز للحزن

والغم، وعكسه البياض.

)1) الثعالبي، عبد الرمحن، تفسري الثعالبي: ج5، ص98.)2) انظر: الطباطبائي، حممد حسن، امليزان يف تفسري القرآن: ج17، ص284.

)3) النحل: آية58.)4) الطربيس، الفضل بن احلسن، تفسري جوامع اجلامع: ج2، ص332.

)5) الطباطبائي، حممد حسن، امليزان يف تفسري القرآن: ج18، ص90.)6) انظر: إبراهيم، حممد إسامعيل، القرآن وإعجازه العلمي: ص167.

)7) آل عمران: آية106� 107.)8) الراغب اإلصفهاين، احلسن بن حممد، مفردات ألفاظ القرآن: ص154.

104



104104



104104



104104



104


104104



104104



104


104


104104


ولع�ل ما تقدم من التفس�ري العلم�ي يف اآلية املتقدمة يؤي�د إرادة املعنى احلقيقي، إال أننا لسنا يف صدد حتقيق ذلك، فإن غرضنا هنا يتحقق يف احلالتن كام هو واضح.

ومنها الروايات الواردة يف النهي عن النعل السوداء، وتفضيل الصفراء والبيضاء، وهي:

1� م�ا روي ع�ن أيب عب�د اهلل× أنه نظ�ر إىل بعض أصحابه وعليه نعل س�وداء، فق�ال: »ما لك وللنعل السـوداء؟! أما علمـت أهنا ترضر بالبـرص، وتخرخي الذكر، وهي

بأغىل الثمن من غرها، وما لبسها أحد إل اختال فيها«))).2� روى حنان بن سدير، قال: دخلت عىل أيب عبد اهلل× ويف رجيل نعل سوداء، فقال: »يا حنان، ما لك وللسـوداء؟! أما علمت أن فيها ثالث خصال: تخضعف البرص،

وتخرخي الذكر، وتورث اهلم، وهي مع ذلك من لباس اجلبارين«)2).3� ع�ن عبي�دة ب�ن زرارة، ق�ال: رآين أب�و عبد اهلل× وع�يل نعل س�وداء، فقال: »يـا عبيد، ما لك وللنعل السـوداء؟! أمـا علمت أن فيها ثالث خصـال: تخرخي الذكر، وتخضعـف البـرص، وهـي أغىل ثمنا مـن غرها، وأن الرجل يلبسـها وما يملـك إل أهله

لده فيبعثه اهلل جبارا«)3). ووخبين�ام ورد التأكي�د يف الروايات ع�ىل النعل البيض�اء والصفراء، وأهن�ا تزيل اهلم، وجتلب املال والولد، وترس الناظر، كرواية س�دير الصرييف قال: »دخلت عىل أيب عبد اهلل× وعي نعل بيضاء، فقال يل : يا سدير، ما هذه النعل احتذيتها عىل علم؟ قلت: ل علـت فداك. فقال: من دخل السـوق قاصدا لنعل بيضاء ل يبلها حتى يكتسـب واهلل، جخمال من حيث ل حيتسب«)4). ورواية أيب البخرتي، عن أيب عبد اهلل× قال: »من لبس

)1) احلر العاميل، حممد بن احلسن، وسائل الشيعة: ج5، ص67.)2) املصدر السابق: ح2.


ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

105

نعال صفراء كان يف رسور حتى يبلها«)1). وغري ذلك)2).ومنه�ا: الروايات الدالة عىل أن الس�واد لب�اس آل فرعون كقول أمري املؤمنن×

فيام علم أصحابه: »ل تلبسوا السواد؛ فإنه لباس فرعون«)3).وغري ذلك مما يش�ري إىل أنه لباس تكرب وجترب واعتداد بالنفس، كام أنه لباس حزن

وحداد.

عوب ثالثا: لبس السواد لدى األمم والشه الظاهر أن لبس الس�واد عند املصيبة من التقاليد املعروفة عند األمم والش�عوب قبل اإلس�ام وبع�ده؛ ف�كان اإليراني�ون، والياباني�ون، والروماني�ون، واملرصيون، واليهود القدماء، وغريهم يلبس�ون الس�واد ح�دادا وحزنا عىل موتاه�م، وإن كانت بع�ض األم�م تلب�س ألوانا أخ�رى، ومل يكن ذلك عن غ�ري قصد، بل ل�كل تقليد يف اللب�اس منش�أ وقصد؛ فإن كل أمة أو ش�عب يدع�ي أن اللون الذي خيت�اره يرمز إىل يشء؛ فاألصفر يرمز إىل س�قوط اجلس�د؛ ألنه لون الورقة عند ذبوهلا، واألزرق يرمز إىل املسكن الساموي الذي تصري إليه نفس الصديق، والرمادي إشارة عند البعض إىل أدمة الرتاب الذي منه املنشأ وإليه املصري، واألبيض عند الصينين إشارة إىل الطهارة واخللود، واألس�ود عند الرومان واليونان إش�ارة إىل املقر املظلم الذي يصري إليه كل

ميت)4). ولعل األس�ود عند العرب واملسلمن يرمز إىل ما تقدمت اإلشارة إليه من انطفاء

شعلة احلياة، فتكون الدنيا مظلمة ومسودة يف عيون األقرباء.وقي�ل: إن املتأخري�ن من الش�عوب املتمدنة ت�كاد تكون مابس احل�داد عندهم

)1) املصدر السابق: ص69.)2) انظر: املصدر السابق: ص68 � 70.

)3) الصدوق، حممد بن عيل، من ال يرضه الفقيه: ج1، ص251.)4) انظر: البستاين، بطرس، دائرة املعارف: ج6، ص710 � 713.

106



106106



106106



106106



106


106106



106106



106


106


106106


واحدة، ويسبون اللون األسود أليق من سائر األلوان))).وهن�اك ش�واهد كثرية عىل جريان ه�ذه العادة بن متلف األق�وام، والعرب عىل اخلص�وص، حتى قيل: إن أول من خالف ذلك ولبس البياض عند احلزن عىل امليت هم ملوك الغرب )أي: األندلس( من بني أمية؛ قصدا ملخالفة بني العباس يف لباسهم الس�واد )2)، وأن أهل األندلس أخذوا ذلك من األموين)3)، ويف ذلك يقول احلس�ن

ابن عيل بن عبد الغني احلرصي: حـزن لبـاس البيـاض كان الصـواب إذا مـن فـذاك بأندلـس

ميتـة أكـرم فالقتـل قتلـوا يخ وكل فتى يوما إلحدى الشـواعبمفـإن

شـيبي بيـاض لبسـت تـرين ألين قـد حزنـت عىل الشـباب)4).أل

و»قيل لراهب عليه مدرعة شعر سوداء: ما الذي حلك عىل لبس السواد؟ فقال: هو لباس املحزونني وأنا أكربهم...«)5).

و»قـال بعضهـم: لقيت راهبا عليه سـواد، فقلـت له فيه، فقال: ما تلبـس العرب إذا مات هلم ميت؟ قلت: السواد. قال: فأنا يف حداد الذنوب«)6).

ومل�ا أصاب�ت قريش من النب�ي‘ وأصحابه يوم أحد، س�ود األنصار الثياب كام تصنع العرب يف ثياهبا عند املصائب)7).

ومن الش�واهد الواضحة عىل ذلك أيضا تفسري اللغوين للحداد بأنه »ثياب املأتم السـود«)8)، وكذا )الساب(، فقد روي عن الرسول‘ أنه »قال ألسامء بنت عميس

)1) انظر: املصدر السابق: ص712.)2) انظر: السيوطي، عبد الرمحن بن أيب بكر، الوسائل إىل معرفة األوائل: ص80.

)3) السيوطي، عبد الرمحن بن أيب بكر، املحارضات واملحاورات: ص408.)4) املصدر السابق.

)5) ابن فهد احليل، أمحد بن حممد، التحصن: ص15.)6) الزمرشي، حممود بن عمر، ربيع األبرار ونصوص األخبار: ج3، ص747.

)7) انظر: أخبار الدولة العباسية، ملؤلف جمهول من القرن الثالث اهلجري: ص247.)8) اجلوهري، إسامعيل بن محاد، الصحاح: ج2، ص463.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

107

(، أي: البيس ثـوب احلداد، وهو بعـد مقتـل جعفر: )تسـلبي ثالثا، ثم اصنعي ما شـئتمالسالب، واجلمع سلب، وتسلبت املرأة إذا لبسته، وقميل: هو ثوب أسود تخغطي به املخحدر

رأسها. ومنه حديث بنت أخم سلمة )أهنا بكت عىل حزة ثالثة أيام وتسلبت(«)1).وقال ابن منظور: »ويف احلديث عن أسامء بنت عميس: أهنا قالت: ملا أخصيب جعفر (. تسلبي، أي: البيس أمرين رسول اهلل‘، فقال: )تسلبي ثالثا، ثم اصنعي بعدخ ما شئتم

ثياب احلداد السود...«))).فهذه كلها ش�واهد عىل أن األسود لباس احلزن واحلداد عند العرب قبل اإلسام

وبعده.

رابعا: لبس السواد يف النصوص الشرعية وردت ع�دة رواي�ات تنهى عن لبس الس�واد يف النعل ويف الثي�اب، وقد تقدمت الروايات الناهية عن النعل السوداء، واحلاثة عىل البيضاء والصفراء، مع اإلشارة إىل علة ذلك واإلرش�اد إىل اآلثار املرتتبة عليه، وأما الروايات الناهية عن الثياب الس�ود

واحلاثة عىل لبس الثياب البيضاء فهي مستفيضة، وإليك كلتا الطائفتن:

1ـ الروايات الناهية عن لبس السواد إن الرواي�ات الناهي�ة عن لبس الس�واد ع�ىل طوائ�ف، فمنها: الرواي�ات الدالة ع�ىل أنه لب�اس فرعون، كالذي رواه الص�دوق، قال: قال أم�ري املؤمنن× فيام علم

أصحابه: »ل تلبسوا السواد؛ فإنه لباس فرعون«)3).ومنه�ا: م�ا دل عىل أنه لباس أهل النار، فقد روى الصدوق � أيضا � بإس�ناده عن حذيفة بن منصور أنه قال: »كنت عند أيب عبد اهلل× باحلرة، فأتاه رسـول أيب العباس

)1) ابن األثري، املبارك بن حممد، النهاية يف غريب احلديث: ج2، ص387.)2) ابن منظور، حممد بن مكرم، لسان العرب ج1، ص473، وأيضا: ج2، ص83.

)3) الصدوق، حممد بن عيل، من ال يرضه الفقيه: ج1، ص251.

108



108108



108108



108108



108


108108



108108



108


108


108108


اخلليفة يدعوه، فدعا بممطرة له، أحد وجهيه أسـود واآلخر أبيض، فلبسـه ثم قال×: أما إين ألبسـه وأنا أعلم أنه لباس أهل النار«)1). ورواه الكليني، عن حممد بن سنان)2)، وق�د ذكر الصدوق أنه× لبس�ه للتقي�ة، وأنه إنام أخرب حذيفة ب�ن منصور بأنه لباس أهل النار؛ ألنه ائتمنه. وقد دخل إليه قوم من الش�يعة يس�ألونه عن الس�واد، ومل يثق إليهم يف كتامن الرس فاتقاهم فيه، فقد روى داوود الرقي، قال: »كانت الشـيعة تسـأل أبا عبد اهلل× عن لبس السواد، قال: فوجدناه قاعدا عليه جبة سوداء، وقلنسوة سوداء، ف أسـود، مبطن بسـواد، قال: ثم فتق ناحية منه، وقال: )أما إن قطنه أسود( وأخرج وخخ

منه قطنا أسود، ثم قال: بيض قلبك والبس ما شئت«)3).ومنها: ما دل عىل أنه لباس بني العباس، فقد روي أنه »هبط جربئيل× عىل رسول اهلل‘ وعليه قباء أسـود، ومنطقة فيها خنجر، فقال له رسول اهلل|: يا جربئيل ما هذا

لد عمك العباس«)4). لدك من وخ لد عمك العباس يا حممد، ويل لوخ الزي؟ فقال زي وخومن املعلوم أن الس�واد أصبح شعارا لبني العباس، فقد كان السواد لون لباسهم وراياهتم، وربام عللوا ذلك بأنه حزن عىل ش�هداء كرباء، وغريهم من ش�هداء أهل البي�ت^، وبع�د ذل�ك ألزموا أعض�اء دولته�م وعامة الن�اس بذلك حت�ى عرفوا

ب�)املسودة))5).وب�ام أن الفراعن�ة، وبن�ي العباس، أعداء اهلل ورس�وله وأهل بيت�ه^، فا ينبغي التش�به واالقت�داء هب�م؛ فقد هنينا عن ذلك، وق�د ورد عن الصادق× أن�ه قال: »أنه أوحى اهلل إىل نبي من أنبيائه: قل للمؤمنني ل يلبسوا لباس أعدائي، ول يطعموا مطاعم

)1) الصدوق، حممد بن عيل، علل الرشائع: ج2، ص347.)2) انظر: الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج6، ص449.)3) الصدوق، حممد بن عيل، علل الرشائع: ج2، ص347.

)4) انظر: املصدر السابق: ص348.)5) انظر: الصدوق، حممد بن عيل، معاين األخبار: ص28. املازندراين، حممد صالح، رشح أصول الكايف:

ج6، ص325.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

109

أعدائـي، ول يسـلكوا مسـالك أعدائـي فيكونـوا أعدائي كـام هم أعدائـي«)1). وروى الص�دوق يف )عيون أخبار الرضا( نحوه، ثم قال: »قال مصنف هذا الكتاب&: لباس

األعداء السواد، ومطاعم األعداء النبيذ املسكر والفقاع...«)2).ومنها: ما دل عىل أنه يكره لبس الس�واد، إال يف العاممة واخلف والكساء، كالذي رواه الكليني، عن أمحد بن حممد مرفوعا، عن أيب عبد اهلل×، قال: »يكره السواد إل

يف ثالثة: اخلف، والعاممة، والكساء«)3).وكذا ما رواه مرفوعا أيضا: »كان رسـول اهلل‘ يكره السـواد إل يف ثالث: اخلف،

والعاممة، والكساء«)4).ففي هذه الروايات داللة عىل كراهة لبس السواد مطلقا ويف مجيع احلاالت.

ن ذكره، عن أيب عبد اهلل×، نعم، روى الكليني، بسنده عن حمسن بن أمحد، عمقال: »قلت: أخصي يف القلنسوة السوداء؟ فقال: ل تصل فيها، فإهنا لباس أهل النار«)5). وروى مرس�ا أيض�ا: »ل تصـل يف ثوب أسـود، وأمـا اخلف أو الكسـاء أو العاممة فال

بأس«)6).وظاهرمه�ا االختص�اص بالص�اة، لكن س�وف تع�رف الحقا ترصي�ح الفقهاء بعم�وم الكراه�ة ومح�ل الروايت�ن املذكورتن عىل تأكده�ا يف الص�اة، أو عىل عدم

املنافاة بينهام وبن روايات العموم.

2ـ الروايات احلاثهة على لبس البياضه�ذا مضاف�ا إىل ورود روايات حاث�ة عىل لبس البياض � كام تقدمت اإلش�ارة إىل

)1) الصدوق، حممد بن عيل، من ال يرضه الفقيه: ج1، ص252.)2) الصدوق، حممد بن عيل، عيون أخبار الرضا×: ج2، ص26.

)3) الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج3، ص403.)4) املصدر السابق: ج6، ص449.)5) املصدر السابق: ج3، ص403.

)6) الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج3، ص403.

110



110110



110110



110110



110


110110



110110



110


110


110110


ذلك � بل روى اجلمهور عن النبي‘ أنه قال: »البسـوا من ثيابكم البياض؛ فإهنا من خر ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم«)1).

ورواه الكليني بس�نده عن اإلمام الصادق×، قال: »قال رسـول اهلل‘: البسـوا البياض فإنهخ أطيبخ وأطهر، وكفنوا فيه موتاكم«)2).

وق�د علق بعض الفقهاء عىل هذه الروايات � يف مقام تقريب االس�تدالل هبا عىل كراهة لبس الس�واد � بالقول: »وتعليق احلكم بالوصف يخشـعر بنفيه عن غره، وأيضا: فإن اختصاص البياض بذلك ملصلحة راجحة موجودة فيه، فيكون ما يضادهخ غر مشارك

له يف املصلحة، وأشدر األلوان مضادة له السواد«)3).

خامسا: فتوى الفقهاء بكراهة لبس السواد إن جمم�ل الرواي�ات املتقدمة تدل عىل كراهة لبس الس�واد، واس�تنادا إليها أفتى الفقه�اء بكراه�ة الصاة يف الثياب الس�ود ع�دا العامم�ة واخلف وال�رداء، بل ظاهر بعضه�م ورصيح آخرين دع�وى اإلمجاع عليه)4)، ورصح بعضه�م بأفضلية البياض مطلقا حتى يف املس�تثنى، أي: العاممة واخلف والرداء؛ إذ ليس املراد باس�تثناء الثاثة م�ن الكراه�ة كون أس�ودها مس�تحبا، بل املراد جم�رد انتف�اء الكراهة فيه�ا)5)، ونفي الكراه�ة عنه�ا يف النصوص وعب�ارات الفقهاء ال تدل عىل أزيد م�ن ذلك؛ ألن نفي الكراه�ة أعم م�ن االس�تحباب واإلباحة)6)، وق�د ورد التأكيد عىل البي�اض يف عدة رواي�ات أورده�ا الكليني يف كت�اب الزينة من الكايف)7)، بل ذه�ب بعض الفقهاء إىل

)1) ابن حنبل، أمحد، مسند أمحد بن حنبل: ج1، ص247، وص274.)2) الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج6، ص445.

)3) العامة احليل، احلسن بن يوسف، املعترب: ج2، ص94.)4) انظر: الطويس، حممد بن احلسن، اخلاف: ج1، ص506.

)5) انظر: العاميل ، زين الدين بن عيل، مسالك األفهام: ج1، ص168.)6) انظر: العاميل، زين الدين بن عيل ، روض اجلنان يف رشح إرشاد األذهان: ج2، ص558.

)7) انظر: الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج6، ص445.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

111

القول ب�»تضافر األخبار باألمر بلبسها، وكوهنا خر الثياب وأطهرها وأطيبها«)1).إال أن ظاه�ر أغل�ب الروايات املتقدمة عموم الكراه�ة حلال الصاة وغريها، كام نب�ه عىل ذل�ك بعض الفقهاء)2) ع�دا الروايت�ن األخريتن الظاهرت�ن يف الكراهة يف خصوص الصاة، فإن مفهومهام عدم كراهة لبسه يف غريها، وعليه يصل التعارض

بن مفهوم هاتن الروايتن وبن إطاق تلك الروايات.وحينئ�ذ فمقتىض العمل باملفهوم، واجلمع بينه�ام بحمل املطلق عىل املقيد، تكون النتيجة تقييد الروايات املطلقة هباتن الروايتن، وبالتايل احلكم بالكراهة يف خصوص الص�اة، إال أن بع�ض الفقه�اء ذهب إىل اجلمع ب�ن الروايات بتأكي�د الكراهة حال

الصاة لضعف العمل باملفهوم)3). بل حتى بناء عىل ثبوت املفهوم يمكن أن يقال: إنه يف باب املستحبات واملكروهات ال حاج�ة إىل مح�ل املطلق عىل املقيد، رغم أن مقتىض ك�ون القضية ذات مفهوم عدم مطلوبية وعدم مبغوضية فاقد القيد � الذي هو لبس السواد يف غري الصاة يف موردنا �إال أن العلم اخلارجي بكون املس�تحبات واملكروه�ات ذات مراتب باعتبار قيودها، يوج�ب رصف القضي�ة ع�ن كوهن�ا ذات مفه�وم، فا تتحق�ق املنافاة ب�ن القضيتن

لتحمل إحدامها عىل األخرى)4).إال أن بع�ض الفقهاء رفض ذلك باعتبار أن كون املس�تحبات واملكروهات ذات مرات�ب إنام ه�و باعتبار غالب قيودها، وم�ن الواضح أن جمرد ثب�وت الغلبة يف ذلك ال تصل�ح لرصف ظه�ور القضية الرشطي�ة يف كوهنا ذات مفه�وم، وإال لزم االلتزام بع�دم التقيي�د في�ام إذا كان التقييد بمتصل أيض�ا، مع أنه خ�اف الواقع واملفروض، فالصحي�ح يف م�ورد ك�ون القضي�ة ذات مفهوم هو مح�ل املطلق ع�ىل املقيد واحلكم

)1) الفاضل اهلندي، هباء الدين حممد بن احلسن، كشف اللثام عن قواعد األحكام: ج5، ص296.)2) انظر: املصدر السابق.

)3) انظر: العاميل، زين الدين بن عيل، روض اجلنان يف رشح إرشاد األذهان: ج2، ص558.)4) انظر: اخلوئي، السيد أبو القاسم، أجود التقريرات )تقرير بحث النائيني (: ج1، ص542.

112



112112



112112



112112



112


112112



112112



112


112


112112


باختصاص الطلب أو النهي باملقيد)1).وكي�ف م�ا كان ف�إن بع�ض الفقهاء ذه�ب إىل عدم احلاج�ة إىل التأوي�ل واحلمل ع�ىل ش�دة الكراهة، وال حلم�ل املطلق عىل املقي�د، بل األوىل االجتناب عن الس�واد مطلق�ا يف الصاة وغريه�ا؛ نظرا لداللة الروايات عىل العم�وم، نافيا وجود روايات ت�دل عىل كراهة الس�واد يف الص�اة فقط، حاما رواية )حمس�ن بن أمح�د( التي ورد فيه�ا الس�ؤال عن الصاة يف القلنس�وة عىل كراهة الس�واد يف القلنس�وة، وليس فيها دالل�ة ع�ىل االختصاص بالصاة)2)، وه�ذا ما رصح به غريه من الفقهاء مس�تفيدين ذل�ك من مقتىض التعلي�ل بكونه )لباس أهل الن�ار(، فإنه يدل عىل كراهة القلنس�وة يف غري الصاة أيضا)3)، بل ش�كك بعضهم يف ش�دة الكراهة وتأكيدها يف القلنس�وة الس�وداء هلذا اخلرب، رضورة أنه بعد تعليل الكراهة فيه بالعلة املشرتكة بن اجلميع، مل يبق حينئذ خصوصية ملورد التعليل، س�يام كونه من كام السائل، ولعله لذلك أطلق

باقي الفقهاء احلكم بالكراهة)4). وهن�ا يأيت الس�ؤال عن س�بب إفتاء الفقه�اء بالكراهة يف الص�اة، وعد ذلك من

مكروهات لباس املصيل؟ احتم�ل املحق�ق النجفي أن تكون اس�تفادة الفقهاء من هذه األخب�ار الكراهة يف الص�اة؛ »إما لدعوى احتاد الكونـني كام يف املغصوب)5)، أو ألن إطالق الكراهة يقتيض شـمول خصوص الصـالة، ول ينافيه شـمول غرها، إذ ليس املـراد اختصاص الصالة بذلـك مـن بني األفراد، بل املـراد الكراهة فيها باخلصـوص، وإن كان غرها من األفراد كذلـك«)6)، م�ع اعتض�اد الكراه�ة يف الصاة باإلمج�اع املحكي، ومرس�ل الكليني،

)1) انظر: املصدر السابق: هامش رقم 1.)2) انظر: املقدس األردبييل، أمحد، جممع الفائدة والربهان يف رشح إرشاد األذهان: ج2، ص88.

)3) انظر: النراقي، أمحد بن حممد مهدي، مستند الشيعة يف أحكام الرشيعة: ج4، ص374.)4) انظر: اجلواهري النجفي، حممد حسن، جواهر الكام: ج8، ص232.

)5) فإن عنوان الصاة هنا احتد مع عنوان مرجوح مطلقا، وهو لبس السواد. )6) اجلواهري النجفي، حممد حسن، جواهر الكام: ج8، ص230.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

113

واملرسل يف القلنسوة، وال ريب يف ظهور التعليل فيه بكونه )لباس أهل النار( بكراهة الص�اة يف كل ما كان كذلك، وقد ورد يف الس�واد أيضا أن�ه لباس فرعون، وأنه زي بن�ي العباس؛ فتتجه كراهة الصاة فيه للتعليل املذكور)1)، فيكون حكمهم بالكراهة

يف الصاة هلذه االعتبارات، وليس خلصوص الروايات أو ختصيصها. ثم إن حكمهم بالكراهة إما مطلقا � كام هو ظاهر الروايات � أو يف الصاة خاصة، م�ع ظهور النه�ي يف الروايات بالتحريم، إنام هو ملخالفة القول باحلرمة للش�هرة، بل اإلمج�اع عىل ع�دم احلرمة؛ فتثبت هبذه األخبار الكراهة، ه�ذا مضافا إىل ما تقدم وما

سيأيت من الروايات الدالة عىل الرخصة واإلباحة.وأما األخبار الدالة عىل لبس اإلمام للس�واد، كالرواية املتقدمة عن داوود الرقي،

فإهنا حممولة عىل التقية أو بيان الرخصة)))، فا ينايف ثبوت الكراهة.

إنكار بعض الفقهاء لكراهة لبس السواده�ذا وق�د أنك�ر بع�ض الفقه�اء املتأخرين احلك�م بكراهة لب�س الس�واد مطلقا؛ لضعف مجيع تلك الروايات من حيث الس�ند، فا تصلح لاستدالل هبا، عدا رواية السكوين عن إسامعيل بن مسلم، عن الصادق× قال: »قل للمؤمنني ل تلبسوا لباس أعدائي، ول تطعموا مطاعم أعدائي. ول تسلكوا مسالك أعدائي، فتكونوا أعدائي كام هم أعدائي«)3). فهي معتربة من حيث الس�ند، ودالة عىل النهي عن التش�به باألعداء يف اللب�اس والطعام، وعليه ال بد من األخ�ذ بمضموهنا، فا جيوز لبس ما اختص به أعداء الدين، كالقبعة التي خيتص هبا اليهود. إال أنه مل يثبت اختصاص لبس الس�واد

بأعداء الدين. نع�م، يمك�ن ثب�وت االختص�اص بخصوص اللب�ادة الس�وداء، فإن لبس�ها من

)1) انظر: املصدر السابق: ص231. اهلمداين، رضا بن حممد، مصباح الفقيه: ج10، ص451.)2) انظر: النراقي، أمحد بن حممد مهدي، مستند الشيعة يف أحكام الرشيعة: ج4، ص375.

)3) احلر العاميل، حممد بن احلسن، وسائل الشيعة: ج4، ص385.

114



114114



114114



114114



114


114114



114114



114


114


114114


متصات علامء اليهود والنصارى.

وعلي�ه؛ فالفت�وى بالكراه�ة مبنية ع�ىل أخبار )من بل�غ(، واملعرب عنه�ا ب�)قاعدة

التسامح يف أدلة السنن(، وبأحد فهمن وتفسريين هلا:

األول: أن يكون املراد منها أن اخلرب يف غري األحكام اإللزامية � مثل االس�تحباب

والكراهة � معترب وإن كان ضعيف السند ما مل يصل العلم بكذبه؛ لعدم اشرتاط يشء يف جميئه�ا مما يعترب يف حجية األخب�ار الدالة عىل حكم إلزامي )كالوجوب واحلرمة(،

أو املستلزمة حلكم إلزامي )كالنجاسة وامللكية والزوجية(.الثـاين: إن أص�ل قيام اخلرب املحتمل أنه قول املعصوم× هو بنفس�ه من العناوين

املرجحة، فإذا كان ذلك اخلرب يتضمن ثوابا عىل عمل فذلك العمل يكون مستحبا.فالفت�وى بالكراهة مع ضعف اخلرب متوقفة عىل االلتزام بأحد هذين التفس�ريين، يف حن أن الصحيح هو أن املستفاد من أخبار»من بلغ« هو أن املكلف عندما وصلته مطلوبي�ة عمل ما ع�ن طريق خرب ضعيف، فأت�ى به انقيادا ورجاء، اس�تحق الثواب والتقرب إىل اهلل؛ بس�بب ذلك االنقياد واخلضوع إىل اهلل تعاىل، ومقدار ذلك الثواب هو نفس ما بلغه يف ذلك اخلرب، وعليه فمن مل يتيقن باحلكم لضعف اخلرب ويأيت بالعمل

رجاء وانقيادا؛ لعدم علمه بصدوره من النبي‘ أو اإلمام× فله ذلك الثواب. وم�ع التن�زل واألخذ بأحد التفس�ريين ، فمع ذل�ك ال يمكن تطبيقه�ا هنا؛ ألهنا � أي: أخب�ار م�ن بلغ � إنام تدل عىل الكراهة يف م�وارد النهي التكليفي، وليس النهي ع�ن لبس الس�واد هنيا تكليفيا، بل هو إرش�اد إىل ك�ون الفرد املنهي عن�ه أقل األفراد ثواب�ا، فم�ن أراد العم�ل عىل طب�ق اخلرب يمتنع م�ن الصاة يف األس�ود، وليس ترك الص�اة يف الثوب األس�ود موجبا إلعطائه الثواب، وإن كان�ت الصاة يف غريه أكثر

ثوابا، فرتك العمل فيام نحن فيه ولو كان عما، إال أنه مل يرد فيه ثواب.وما قد يقال: بأن عمل املش�هور جابر لضعف هذا اخلرب وإن كان ضعيف السند،

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

115

غ�ري صحيح؛ الحت�امل اس�تنادهم إىل أخبار )من بلغ(، كام يس�تفاد ذلك من الس�يد العاميل، فإنه بعد أن رصح بضعف الروايات كلها، أثبت احلكم باعتبار أن املقام مقام كراهة وتنزيه؛ إذ قال: »وهذه الروايات كلها قارصة من حيث السند، إل أن املقام مقام

كراهة وتنزيه، فال يرض فيه ضعف السند«)1) )2).

وكذا احلال يف اإلحرام، فقد أفتوا بكراهته باألسود)3)؛ هلذه األخبار أيضا، وخلرب م الرجل يف الثوب األسود؟ قال: رم احلس�ن بن املختار، قال: »قلت أليب عبد اهلل×: حيخم بالثوب األسود ول يخكفن به امليت«)4). محا له عىل الكراهة؛ ألصالة اإلباحة، رم ل حيخ

وألنه ثوب يصىل فيه باإلمجاع، وكل ثوب يصىل فيه جيوز فيه اإلحرام؛ ملا رواه حريز م فيه«)5). رم عن الصادق× أنه قال: »كل ثوب يخصىل فيه فال بأس أن حيخ

واملس�تخلص م�ن كل ما تقدم س�واء ما ذكره عل�امء النفس وما ذك�ر من الناحية العلمي�ة، أو م�ا ورد يف الرواي�ات وكل�امت أغلب الفقه�اء أن لبس الثوب األس�ود مرج�وح؛ إذ غاي�ة ما يف األم�ر أننا نحمل الروايات عىل اإلرش�اد إىل آثاره النفس�ية، أو االجتامعي�ة، أو العلمي�ة، خصوصا م�ع التأكيد عىل اللون األبي�ض، وعليه ينبغي

اجتناب لبسه يف احلاالت الطبيعية واحلياة العادية.

ة^ واإلمام احلسني× على اخلصوص سادسا: حكم لبس السواد يف عزاء األئمهبع�د كل م�ا تقدم نص�ل إىل بيت القصيد وصل�ب املوضوع وه�و النظر يف حكم لبس الس�واد يف عزاء األئمة^؛ إذ اعتاد ش�يعة أهل البيت^ � بل وغريهم � عىل

)1) املوسوي العاميل، حممد بن عيل، مدارك األحكام يف رشح رشائع اإلسام: ج3، ص202.)2) انظر: املريزا، جواد التربيزي، األنوار اإلهلية: ص63� 66.

)3) انظر: املحقق البحراين، يوسف، احلدائق النارضة: ج15، ص554. اجلواهري النجفي، حممد حسن، جواهر الكام: ج8، ص424.

)4) الطويس، حممد بن احلسن، هتذيب األحكام: ج5، ص66.)5) الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج4، ص339.

116



116116



116116



116116



116


116116



116116



116


116


116116


لب�س الثي�اب الس�وداء يف وفيات األئم�ة^، ويف أيام حمرم وصفر، حزنا عىل س�يد ش�باب أهل اجلن�ة وأهل بيت�ه^ وأصحابه )رض�وان اهلل عليهم(؛ إحي�اء ألمرهم املأمور به يف الروايات، إذ روي عنهم^ قوهلم: »أحيوا أمرنا... فرحم اهلل من أحيى أمرنـا«)1). ف�إن ارتداء الثياب الس�ود حزنا عليهم إحياء ألمره�م، وجتديد لذكرهم،

وبي�ان ملظلوميتهم، وإبقاء ملا جرى عليهم ماثا أمام األجيال. ومن هنا؛ أصبح لبس السواد يف عزاء األئمة األطهار^، واإلمام احلسن× عىل اخلصوص، من الشعائر

املهمة لدى الشيعة.

1ـ روايات استحباب لبس السواد عزاء على اإلمام احلسني×من الروايات التي اس�تدل هبا عىل مرشوعية لبس الس�واد حزنا عىل احلس�ن× بل اس�تحبابه، ما رواه ابن قولويه القمي، بس�نده عن هش�ام بن سعد، قال: »أخربين املشيخة أن امللك الذي جاء إىل رسول اهلل‘ وأخربه بقتل احلسني بن عي÷ كان ملك البحار، وذلك أن ملكا من مالئكة الفردوس نزل عىل البحر فنرش أجنحته عليها، ثم صاح صيحة وقال: يا أهل البحار البسوا أثواب احلزن فإن فرخ رسول اهلل‘ مذبوح...«)2). أن ثي�اب احل�زن ه�ي الثي�اب الس�ود وال ي�تم�ل غريه�ا. واملرتك�ز واملتع�ارف تل احلسني ومنها ما رواه الربقي بسنده عن عمر بن عيل بن احلسن×، قال: »ملا قخابن عي× لبسـن نسـاء بني هاشم السواد واملسوح، وكن ل يشـتكني من حر ول برد،

وكان عي بن احلسني× يعمل هلن الطعام للمأتم«)3).ومنها: ما ورد يف بعض الروايات من أنه ملا أصبح يزيد بن معاوية استدعى حرم رس�ول اهلل‘، فق�ال هلن: »أيام أحبر إليكن، املقام عنـدي أو الرجوع إىل املدينة ولكم

)1) احلمريي القمي، عبد اهلل بن جعفر، قرب اإلسناد: ص36.)2) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص143.

)3) الربقي، أمحد بن حممد بن خالد، املحاسن: ج2، ص420.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

117

اجلائـزة السـنية؟ قالـوا: نحبر أول أن ننوح عىل احلسـني. قـال: افعلوا ما بـدا لكم، ثم

جر والبيوت يف دمشـق، ول تبق هاشـمية ول قرشـية إل ولبست السواد أخخليت هلن احلخ

عىل احلسني× وندبوه...«)1).

ووج�ه داللة هات�ن الروايتن األخريتن ع�ىل املرشوعية وع�دم الكراهة، هو أن

لب�س الس�واد كان بحض�ور اإلمام× وعلمه، فه�و تقرير منه لذل�ك، خصوصا أن

الظاهر أهنن كن قد لبس�نه بعنوان العزاء، فلو مل يكن ذلك من شعائر العزاء املطلوب

وآداب�ه املندرج�ة يف عموم تعظيم الش�عائر لوج�ب عليه منعهن من ذل�ك حذرا من

اإلغ�راء باجله�ل)2)، هذا مضاف�ا إىل أن فيهن مثل احلوراء زين�ب’. وهذه الرواية

� إضافة إىل داللتها عىل مرشوعية لبس السواد، بل استحبابه عىل سيد الشهداء× �

يمكن أن يس�تفاد منها اس�تحباب إقامة املأتم عىل اإلمام احلس�ن× واإلطعام فيه؛

لقيام اإلمام السجاد× بذلك.

والظاه�ر أن�ه ال كام وال ش�بهة يف أص�ل مرشوعيت�ه، ب�ل راجحيت�ه حزن�ا عىل

احلس�ن× عىل مس�توى الفت�وى، إنام وق�ع البحث من جه�ة التوفيق بين�ه وبن ما

تق�دم م�ن النهي عن لبس الس�واد، واحلث عىل البي�اض؛ إذ قد يتص�ور ألول وهلة

وج�ود التن�ايف بينهام، مضافا إىل ما قد يقال: من أن لبس الس�واد نوع من اجلزع، وقد

هنين�ا ع�ن اجلزع وأمرنا بالصرب عىل املصيبة ك�ام يف قوله تعاىل: )ٺ ٺ ٿ

ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹڤ ڤ ڤ*ڦ ڦ ڦ ڇ ڇ ڇڇ چ چ چ چ ڃ*ڃ ڃ ڄ ڄ ڄ ڄ ڦ

ڍ()3).

)1) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج45، ص195.)2) انظر: الطباطبائي احلائري، املريزا جعفر، إرشاد العباد إىل استحباب لبس السواد: ص29.

)3) البقرة: آية155� 157.

118



118118



118118



118118



118


118118



118118



118


118


118118


وق�ول اإلمام ع�يل× ماطبا الرس�ول‘ بعد وفات�ه: »لول أنك أمـرت بالصرب وهنيت عن اجلزع ألنفدنا عليك ماء الشؤون«)1). وقد أوىص النبي‘ ابنته فاطمة’

، فال ختميش عي وجها، ول تنرشي عي شعرا، ول تنادي بالويل، ول قائا: »إذا أنا مترتقيمي عي نائحة«)2). ومثله ما أوىص به اإلمام احلس�ن× أخته احلوراء زينب’،

ع�ىل ما رواه الش�يخ املفيد& عن عيل بن احلس�ن× � وأخرج�ه كذلك الطربي يف تارخيه � قائا هلا: »يا أخخية، إين أقسـمت عليك فأبري قسـمي، ل تشقي عي جيبا، ول ختميش عي وجها، ول تدعي عي بالويل والثبور إن أنا هلكت«)3). وروي عن أيب عبد

اهلل× أنه قال: »ملا فتح رسول اهلل| مكة بايع الرجال، ثم جاءه النساء يبايعنه، فأنزل )ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ :اهلل

ڤ ڤ ڤ ٹ ٹ ٹ ٹ ٿ ٿ ٿ ٿ ٺ ٺ ڤ ڦڦ ڦ ڦ ڄ ڄڄ ڄ ڃ ڃ ڃ (... فقالـت أخم حكيـم: ما ذلك املعـروف الـذي أمرنا اهلل أن ل نعصيك فيـه؟ قال: ل تلطمن خدا، ول ختمشـن وجها،

ول تنتفن شعرا، ول تشققن جيبا، ول تسودن ثوبا، فبايعهن رسول اهلل عىل هذا...«)4).

إن جمم�وع هذه النص�وص وغريها تدل بوضوح عىل حس�ن الصرب، ومبغوضية اجلزع، ومن هنا قد ينش�أ تس�اؤل عن مدى راجحية لبس الس�واد يف وفيات األئمة األطهار واإلمام احلس�ن× عىل اخلصوص، إال أنه تساؤل رسعان ما يتضح جوابه م�ن الناحية العقائدي�ة والفقهية والتارخيية، وقد تصدى الفقه�اء لذلك وإن تعددت

وجوه اإلجابة وتنوعت باختاف منشأ اإلشكال والشبهة، وإليك التفصيل:

)1) خطب هنج الباغة: ج2، ص228.)2) الكليني، حممد بن يعقوب، الكايف: ج5، ص527.

)3) املفيد، حممد بن حممد، اإلرشاد: ج2، ص94. الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج4، ص319.


ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

119

أما من جهة كراهة لبس الس�واد وداللة الرواي�ات املتقدمة عليه، فبناء عىل ثبوهتا � إذ قد عرفت تش�كيك بعض الفقهاء يف أصل ذلك � يستثنى من تلك الكراهة لبسه عزاء عىل سيد الشهداء وغريه من أهل بيت العصمة^؛ لألمر بإظهار شعائر احلزن. قال املحدث البحراين � بعد نقل الروايات الدالة عىل الكراهة �: »ثم أقول: ل يبعد اسـتثناء لبس السواد يف مأتم احلسـني× من هذه األخبار؛ ملا استفاضت به األخبار من

األمر بإظهار شـعائر احلزن«)1)، ثم أيده برواية الربقي التي ورد فيها لبس اهلاش�ميات

السواد واملسوح عىل اإلمام احلسن×، وكان اإلمام السجاد× يعمل هلن الطعام. ووجه االس�تثناء � عىل ما بينه الش�يخ التربيزي& � هو أن لبس السواد يف وفيات

األئمة إظهار ملودهتم وحبهم، وحزن عليهم، وإحياء ألمرهم)2).فهو من مصاديق احلزن املس�تحب، وبام أن قس�ام من الشعائر احلسينية، وأساليب اإلحي�اء ليس�ت حقائق رشعية أو أمور توقيفية، بل هي أم�ور عرفية، املدار فيها عىل إحياء ذكرهم وإظهار مظلوميتهم، واحلفاظ عىل فكرهم وأهدافهم السامية، وضامن اس�تمراريتها ونقله�ا إىل األجي�ال من خ�ال العزاء والب�كاء وإظهار احل�زن ونحو ذلك، رشيطة أن ال يصدق عليه عنوان حمرم رشعا كاإلس�اءة إىل الدين واملذهب، أو اإلرضار بالنفس إرضارا حمرما، فام بالك بلبس الس�واد الذي هو س�رية متعارفة بن

الناس، وعليه شواهد تارخيية وروائية تدل بوضوح عىل جوازه، بل عىل استحبابه. كام أن تلك الروايات املتقدمة الواردة يف كراهة لبس السواد املراد منها اختاذه زيا يف احلي�اة واحل�االت الطبيعية، أو احرتازا من التش�به بالفراعنة وبن�ي العباس وأهل الن�ار، فهي ليس�ت كراهة ذاتي�ة ال تنفك، بل ترتفع إذا انطبق�ت عليه عناوين أخرى مطلوبة ومستحبة كاحلزن عىل األئمة^، وهذا ما أشار إليه الشيخ كاشف الغطاء؛

)1) املحقق البحراين، يوسف، احلدائق النارضة: ج7، ص118.)2) انظر: التربيزي، املريزا جواد، األنوار اإلهلية: ص69.

120



120120



120120



120120



120


120120



120120



120


120


120120


إذ قال معلقا عىل عد السيد اليزدي الثياب السود يف مكروهات اللباس حال الصاة: »إل جلهة راجحة كعزاء األئمة«))).

2ـ الروايات والشواهد التارخيية على ظاهرة لبس السواد يف العزاءم�ن الروايات والش�واهد التارخيية التي تدل عىل حصول لبس الس�واد، وأنه أمر متعارف قبل اإلس�ام وبعده، هي � مضافا إىل ما تقدم من أمر النبي‘ ألس�امء بنت

عميس بالتسلب عىل جعفر، ولبس اهلاشميات السواد عىل احلسن× � ما ييل: 1� لب�س اإلم�ام احلس�ن× الس�واد ع�ىل أبي�ه بع�د ش�هادته×: ق�ال اب�ن أيب احلديد، واصفا خروج اإلمام احلس�ن بن عيل÷ إىل الناس بعد استش�هاد أبيه أمري

املؤمنن×: »وكان خرج إليهم وعليه ثياب سود«)2).2� ويف إقبال األعامل نقا عن كتاب )النرش والطي( بإس�ناده عن الرضا×، أنه قال يف حديث يف فضيلة يوم الغدير: »... وهو يوم تنفيس الكرب... ويوم لبس الثياب

ونزع السواد...«)3). 3� ومثله�ا روي يف مس�تدرك الوس�ائل عن كتاب املحترض للحس�ن بن س�ليامن احليل، بإسناده عن أمحد بن إسحاق، عن اإلمام العسكري×، عن آبائه، عن رسول اهلل‘ يف فضيلة يوم التاس�ع من ربيع األول وأس�اميه � إىل أن قال � قال×: »ويوم

نزع السواد«)4). 4� رؤي�ا س�كينة بنت احلس�ن× الزهراء’ يف املنام، وهي تندب احلس�ن× وعليه�ا ثياب س�ود، عىل ما ذك�ره املحقق النوري يف املس�تدرك؛ إذ قال�ت: »... فإذا بخمس نسوة قد عظم اهلل خلقتهن، وزاد يف نورهن، وبينهن امرأة عظيمة اخللقة، نارشة

)1) اليزدي، حممد كاظم، العروة الوثقى: ج2، ص358، هامش رقم2.)2) ابن أيب احلديد، عبد احلميد بن حممد، رشح هنج الباغة: ج16، ص22.

)3) ابن طاووس، عيل بن موسى، إقبال األعامل: ج2، ص261.)4) النوري الطربيس، حسن، مستدرك الوسائل: ج3، ص326 � 327.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

121

شـعرها، وعليهـا ثياب سـود، وبيدها قميص مضمـخ بالدم، إىل أن ذكـرت أهنا كانت

فاطمة الزهراء’«)1).

5� لبس أهل املدينة الس�واد بعد مقتل احلس�ن×: فف�ي مقتل أيب منف، عندما

أخ�رب نع�امن بن بش�ري بقتل احلس�ن×، فلم يب�ق يف املدين�ة م�درة إال وبرزت من

خدرها، ولبسوا السواد وصاروا يدعون بالويل والثبور)2).

6� وروي يف الدعائ�م ع�ن اإلمام جعفر ب�ن حممد الباقر×، أنه ق�ال: »ل تلبس

احلـاد ]أي: املرأة يف حداده�ا عىل زوجها[ ثيابا مصبغـة، ول تكتحل، ول تخطيب، ول

تخزين، حتى تنقيض عدهتا، ول بأس أن تلبس ثوبا مصبوغا بسواد«)3).

وق�د أفت�ى بمضمونه الش�يخ يف )املبس�وط()4)، واملحق�ق يف )الرشائع( يف حداد

الزوجة)5)، والعامة يف )القواعد()6)، وغريهم.

7� وروى الصفار بس�نده، عن أيب عبد اهلل×، قال: »خطب رسـول اهلل‘ يوما

بعد أن صىل الفجر يف املسـجد، وعليه قميصة سـوداء«)7). وذكر× أن الرس�ول|

تويف يف ذلك اليوم.

8 � وروى الكليني بس�نده عن س�ليامن بن راش�د، عن أبيه، قال: »رأيت عي بن

احلسني÷ وعليه دراعة سوداء، وطيلسان أزرق«)8).

)1) املصدر السابق. املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج45، ص195� 196.)2) انظر: أبو منف، لوط بن ييى، مقتل أيب منف: ص149.

)3) القايض أبو حنيفة، النعامن بن حممد، دعائم اإلسام: ج2، ص291.)4) الطويس، حممد بن احلسن، املبسوط: ج5، ص264.

)5) املحقق احليل، جعفر بن احلسن، رشائع اإلسام: ج3، ص613.)6) العامة احليل، احلسن بن يوسف، قواعد األحكام: ج3، ص143.

)7) انظر: الصفار، حممد بن احلسن، بصائر الدرجات: ص324. املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج22، ص464.


122



122122



122122



122122



122


122122



122122



122


122


122122


9� ويف رشح األخبار عن أيب نعيم، بإس�ناده عن أم س�لمة )رضوان اهلل عليها(، أهنا ملا بلغها مقتل اإلمام احلس�ن×، رضبت قبة س�وداء يف مس�جد رسول اهلل‘،

ولبست السواد)1). 10� وروى الشيخ يف الغيبة، بسنده إىل كامل بن إبراهيم املدين، أنه دخل عىل أيب حممد احلس�ن العسكري×، فنظر إىل ثياب بياض ناعمة. قال: »فقلتخ يف نفيس: ويل اهلل وحجتـه يلبس الناعم من الثياب، ويأمرنا نحن بمواسـاة اإلخوان، وينهانا عن لبس

مثله؟ فقال× متبسـام: يا كامل، وحر عن ذراعيه فإذا مسـح أسـود خشن عىل جلده،

فقال: هذا هلل، وهذا لكم«)2).

فه�ذه األخب�ار واضح�ة الداللة ع�ىل مرشوعية لبس الس�واد، وع�دم كراهته يف الع�زاء، ب�ل وراجحيت�ه عىل أئمة اهلدى وس�ادة ال�ورى، وأنه لباس احل�داد واحلزن والع�زاء عىل الفقيد من قديم الزمان، وهو أمر متعارف ومرس�وم إىل يومنا هذا، وال ردع عن�ه، بل إق�راره واألمر به موج�ود يف اجلملة، هذا مضافا إىل اس�تحبابه بعنوان

إحياء الشعائر واألمر هبا، كام تقدم.وأم�ا املناف�اة مع الرواي�ات الناهية عن اجلزع، وعن ش�ق اجلي�وب، ونحو ذلك، فاجلواب عنها أن تلك الروايات ختصص وتقيد بام إذا كان ذلك حزنا عىل احلسن×؛ بش�هادة الرواي�ات األخرى الدالة عىل ج�واز ذلك، كقول اإلم�ام الصادق×: »إن البـكاء واجلـزع مكـروه للعبـد يف كل ما جـزع، ما خال البـكاء واجلزع عىل احلسـني بن

عي× فإنه فيه مأجور«)3).

وروى الش�يخ الط�ويس عن اإلم�ام الصادق× أن�ه قال: »وقد شـققن اجليوب،

)1) انظر: أبو حنيفة، النعامن بن حممد، رشح األخبار: ج3، ص171.)2) الطويس، حممد بن احلسن، الغيبة: ص247.

)3) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص201.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

123

ولطمـن اخلدود الفاطميات عىل احلسـني بـن عي÷، وعىل مثله تخلطم اخلدود وتخشـق

اجليوب«)1).

ويف قوله: »عىل مثله تخلطم اخلدود« شهادة عىل التخصيص، وأن األمر ليس خاصا به، بل عىل غريه من األنبياء واألوصياء، فإنه جيوز ذلك ويكون اجلزع مطلوبا، ويؤيد ذلك ما ورد عن عيل× ماطبا رسول اهلل‘: »إن الصرب جلميل إل عنك، وإن اجلزع

لقبيح إل عليك«)2).

وج�زع آدم× عىل ابنه هابيل)3)، واإلمام الصادق× عىل ابنه إس�امعيل)4)؛ فإن هذا يدل عىل أنه ال قبح يف اجلزع عىل بعض األشخاص كالنبي‘، وال هني عنه.

ثم إن للجزع مراتب، فإن اجلزع الذي يتضمن أو يستلزم أمرا حمرما، كاالعرتاض ع�ىل اهلل، أو الش�ك يف عدله وحكمت�ه، أو نحو ذلك، فإن ذلك حم�رم قطعا ومطلقا،

سواء أكان عىل نبي أم ويص. وقد يكون اجلزع حمرما إذا كان الفقيد ش�خصا عاديا، كام لو كان جمرد أب أو أخ أو قري�ب، ف�إن اجلزع واحلزن عليه ال يرتتب منه أثر عىل الدين واإلنس�انية، بخاف اجلزع واحلزن عىل األنبياء واألوصياء، فإن فيه فوائد دينية ودنيوية، وآثارا فكرية؛ ملا ج�اء به من قيم وأخاق، وأن فقده خس�ارة عظيمة... ف�إن هذا بحد ذاته إدامة له يف

احلياة البرشية وملا جاء به ومات من أجله. فهكذا جزع وحزن مطلوب وحمبوب.

سابعا: حكم االتهشاح بالسواداالتش�اح بالس�واد: هو عبارة عن تغطية احلسينيات واملس�اجد والدور بالسواد،

)1) الطويس، حممد بن احلسن، هتذيب األحكام: ج8، ص325.)2) خطب هنج الباغة: ج4، ص71.

)3) انظر: الصدوق، حممد بن عيل، علل الرشائع: ج1، ص20.)4) انظر: املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج47، ص242.

124



124124



124124



124124



124


124124



124124



124


124


124124


ورف�ع الرايات الس�ود يف أيام وفي�ات األئمة^، وأيام حمرم وصفر )ذكرى ش�هادة سيد شباب أهل اجلنة وأهل بيته وأصحابه يف كرباء)؛ من أجل إقامة العزاء وإعان

شعار احلزن.وقد اتضح حكمه مما تقدم يف حكم لبس السواد، فإنه إذا جاز ذلك، بل استحب حزنا عىل احلس�ن× وإحياء للش�عائر احلس�ينية، جاز هذا واس�تحب لذلك أيضا، ب�ل لع�ل عدم اإلش�كال يف االتش�اح أوىل من حكم اللب�س؛ إذ قد عرفت أن منش�أ اإلشكال يف اللبس هو ورود الروايات يف النهي عنه، يف حن ال توجد روايات تنهى ع�ن االتش�اح، مع احت�امل وجود اخلصوصي�ة يف اللبس، إال أن يق�ال بوحدة املاك واحلكم�ة يف األمرين، ككونه ش�عار األعداء، أو غري ذل�ك، أو منافاته للصرب املأمور ب�ه، أو غري ذلك من العل�ل املحتملة التي تقدم ذكرها، أو يقال: إن عدم ورود النهي عن االتش�اح قد يكون لع�دم تعارفه آنذاك. لكن قد عرفت احل�ال يف ذلك وأنه عىل

فرض الكراهة واملرجوحية فهو مرجوح بالعناوين املتقدم ذكرها.وعليه؛ يكون راجحا � كام يف لبس الس�واد � بعنوان كونه إحياء ألمرهم وجتديدا

لذكرهم^، وبيانا ملظلوميتهم، وما جرى عليهم، وإحياء للشعائر املأمور هبا.من هنا أجاب العلامء عن حكم االتش�اح بالس�واد يف جمالس العزاء بأنه جائز، بل راجح يثاب عليه، بل اعترب بعضهم أن إثارة الش�بهة يف مثل هذه املوارد يصدر غالبا من أعداء الدين؛ لتلقيهم الرضبات بس�بب إقامة جمالس العزاء التي من ش�أهنا دحر أفكارهم وإفش�ال مططاهتم، من هنا تكون وظيفة املؤمنن أن يبذلوا � وبنية خالصة � أك�رب ق�در من اجلدية يف إقامة عزاء س�يد الش�هداء وخامس أهل الكس�اء×؛ كي يتعلم الناس بفضل هذه املجالس واملظاهر فلس�فة ثورة اإلمام احلسن× وأهدافها

املقدسة)1).

وص16، ص12، ج7، الشيعة(: لدى التقليدية العزاء )مراسم شيعيان سنتي عزادارى انظر: (1(وص21، وص22، وص30.

ي قه

الفار

نظيف امل

اد سو

س الة لب

عريش

125

النتائجومن كل ما تقدم يمكن أن نخلص إىل ما ييل:

أول: إن ال�ذي يفه�م مم�ا تقدم م�ن خصائص اللون األس�ود وآثاره م�ن الناحية

النفسية، وما ورد فيه من الروايات أنه:

1� سبب حلصول االختيال، وأنه من لباس الفراعنة اجلبارين.

2� يورث اهلم واحلزن، وهو اللون التقليدي للحداد والعزاء.واخلصيصة األوىل ال جتتمع مع لبس الس�واد حزنا، والثانية تنس�جم متاما معه كام

هو واضح.

ثانيـا: إن لب�س الس�واد حزنا ع�ىل اإلمام احلس�ن× وأهل بيته وغ�ريه من أئمة اهل�دى^، بل وع�ىل العل�امء والصلحاء وحتى األع�زاء من األق�ارب: خارج عن دائ�رة الروايات الناهية عنه إما ختصيص�ا أو ختصصا؛ أما خروجه ختصيصا فبناء عىل صحة تلك الروايات � إذ عرفت مناقشة البعض فيها من جهة السند � وإطاق النهي فيها، فيخصص ذلك اإلطاق بام عرفت من الشواهد الكثرية الدالة عىل جوازه، بل

استحبابه.أم�ا ختصصا فإنه يمك�ن القول: إن الذي يظهر من جمموع تلك الروايات الناهية، ه�و أن املكروه ليس هو لبس الس�واد تعبدا أو أن كراهته ذاتي�ة، بل لعناوين أخرى؛ لكون�ه لب�اس األعداء والفراعنة وأه�ل النار � بناء عىل كون املراد منه ما يلبس�ونه يف دار الدني�ا، باعتب�ار أنه لباس الفراعنة وح�كام اجلور، أو لباس تك�رب وجترب � فإن ما اش�تملت علي�ه تلك الروايات من تعلي�ل املنع بكونه لباس فرعون ت�ارة وأهل النار أخرى وبني العباس ثالثة، مضافا إىل ما ورد يف بعضها من كونه لباس األعداء؛ يدل عىل أن موضوع الكراهة هو لبسه بتلك العناوين، فيعود إىل املنع عن لبسه تشبها هبم، أو لكونه يف اخلارج لباس�ا وش�عارا هلم فيفهم من لبسه تأييدهم أو التشبه هبم � مثا �

126



126126



126126



126126



126


126126



126126



126


126


126126


أو لبس�ه ألج�ل اخلياء والتكرب أو نح�و ذلك من العناوين، فيكون لبس�ه حزنا، بل حت�ى جتما، خارجا عن تل�ك العناوين، وليس داخا فيها، فهو خارج ختصصا وال

حاجة حينئذ إىل التخصيص. وعىل هذا إذا صدق عليه عنوان آخر مطلوب رشعا كلبسه حزنا عىل الرسول‘ وأهل بيته^ وحزنا عىل اإلمام احلسن× عىل اخلصوص يكون راجحا ومستحبا، وق�د قرأت ما دلت عليه األخبار ونقله التاريخ مما يدل عىل جوازه، بل واس�تحبابه،

فضا عن كونه من إحياء األمر، وإقامة الشعائر، فيدل عليه كل ما دل عىل ذلك.وأم�ا لبس�ه حزنا عىل امليت من األقارب وغريهم، ك�ام يف حداد املرأة عىل زوجها فهو عىل اإلباحة، والظاهر عدم ورود ما يدل عىل راجحيته، بل الظاهر مرجوحيته. ومما يؤيد ذلك؛ أننا رغم ما أرشنا إليه من كون املتعارف أنه لباس احلزن يف الكثري من األمم وبن العرب قبل اإلس�ام وبعده مل نجد هنيا عن لبسه حزنا، بل قد عرفت جم�يء الرواي�ات يف النهي عنه بمناس�بات أخ�رى وتعليله بام عرف�ت، ومل يرد تعليله بمنافاته للصرب أو استلزامه االعرتاض عىل حكمة اهلل وعدله أو غري ذلك مما يناسب مقام احلزن والعزاء، وذلك ال ينايف ما دل عىل استحباب البياض، وأنه أطهر وأفضل الثياب، فاس�تحباب البياض وأفضليته بش�كل مطلق خيصص بام دل عىل اس�تحباب لبس السواد حزنا وعزاء، فا منافاة، مع أن استحباب لبس البياض ال يستلزم كراهة غريه، بل مجيع األلوان عىل اإلباحة إال ما دل الدليل عىل أفضليته أو كراهته بعناوين

أو مواقع معينة.

الشعائر الدينية واملراسم احلسينيةدراسة لغوية قرآنية يف االنطباق املفهومي

السيد شهيد طالب املوسوي*

متهيديط�رح الق�رآن الكريم موضوع�ات دينية متلف�ة متعلقة باملس�لمن؛ لبيان املنهج القوي�م وال�رصاط املس�تقيم، ال�ذي ينبغي هل�م أن يس�لكوا س�بيله ويقت�دوا هبديه، ت�اركا يف نف�س الوقت مس�احة واس�عة للفكر اإلس�امي؛ للخ�وض يف تفصيات ه�ذه املوضوع�ات من جهة، وبي�ان موضوعاهتا اخلارجية من جه�ة أخرى، فهو مع االختص�ار الش�ديد ق�د أحكم القواع�د األساس�ية لتحديد املطالب واألس�س التي

يعتمد عليها يف بيان شمول املصاديق ملا يطرحه من املوضوعات العامة. وما بن أيدينا بحث أقرب ما يكون إىل البحوث القرآنية يف حتديد صدق الشعائر الدينية � باعتبارها أحد موضوعات الدين التي ورد ذكرها يف آيات عديدة من القرآن الكريم � عىل املراس�م احلسينية، التي تعترب ممارسات قد يقال: إن مذهبا من املذاهب اإلس�امية استقل يف إحيائها ولو عىل نحو رشعنة هذه املراسم الشرتاكه مع غريه يف ممارستها أحيانا؛ ألن هذا الغري قد ينظر إليها من جهة أخرى ليست دينية أو رشعية. لكن اليشء األس�اس واملهم بطبيعة احلال، هو حتديد صحة صدق الش�عائر عىل هذه املراسم، فتكون ممارسة هذه املراسم ذات أثر رشعي وديني، يرتتب عليه الثواب

* باحث وكاتب إسامي، من العراق.

128



128128



128128



128128



128


128128



128128



128


128


128128



128128



128


128


128


128128


واألج�ر األخروي قبل أن يكون عاطفيا أو إنس�انيا. ويف هذا البحث س�نتناول بيان مفهوم الشعائر الدينية قرآنيا وقبول صدقها عىل املراسم احلسينية.

القسم األول: ماهية الشعائر الدينية

احملور األول: الشعائر بني الوضع واالستعمال ورد لفظ الش�عائر يف القرآن الكريم يف م�وارد متعددة، منها: قوله تعاىل: )ٹ

ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ()1). وهذا اللفظ له داللة لغوية وضعية بمعنى أن اللفظ له معنى لغوي حن الوضع، والذي تبينه معاجم اللغة أو لسان أهلها؛ إذ وضعوا للحقيقة اللغوية عامات، منها: التبادر، وصحة احلمل، وغري ذلك. وال خيفى أن املفرسين ينظرون يف املعنى اللغوي لتكوي�ن معنى بدوي للفظ الوارد يف النص القرآين، ثم يصار إىل البحث عن القرائن الصارف�ة عن معن�اه اللغوي إىل املعنى الرشعي أو ما يس�مى باحلقيقة الرشعية، وهو املعن�ى الذي أراده الش�ارع باس�تعامل ذلك اللفظ. فاللفظ تارة يفه�م بمعناه اللغوي وه�و األصل، أو بمعناه الرشعي، فيكون للفظ وضع واس�تعامل، والش�ارع املقدس ق�د يس�تعمل هذا اللفظ يف معنى ه�و نفس املعنى اللغوي، فيكون الش�ارع قد جرى م�ع ع�رف املحاورة العام ومل ينص�ب قرينة إلرادة معنى آخر، أو أنه اس�تعمل اللفظ يف معنى مصوص أراده الش�ارع ونصب عليه القرينة، والش�ارع املقدس له مع ذلك

السلطة يف الوضع التعييني أو التعيني. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن إثبات أن اللفظ باق عىل معناه اللغوي يقتيض جواز التمس�ك باإلطاق وحتقق موضوعه باعتبار ماهيته اللغوية، وإن ثبت عكس�ه بأن اللفظ قد نقل بلس�ان الش�ارع، فإن الش�ارع هو املقيد هلذا اإلطاق واملخصص

للشمول واالستيعاب.


ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

129

أم�ا لغ�ة )الداللة الوضعية(، فأمج�ع اللغويون عىل أن الش�عائر هي العامة، وأن شعائر اهلل هي أعام متعبداته ومواطن طاعته، قال الزبيدي: »وقال الزجاجخ يف شعائرم تعبداتهم التي أشـعرها اهلل، أي: جعلها أعالما لنا، وهي: كل ما كان اهلل: يعنـي هبا مجيع مخمن موقف أو مسعى أو ذبح، وإنام قيل: شعائر لكل علم مما تخعبد به؛ ألن قوهلم: شعرتخ

تعبداتخ اهلل تعاىل: شعائر«)1). ميت األعالمخ التي هي مخ به: علمته، فلهذا سخوقال الفراهيدي أيضا: »وشعائر اهلل: مناسك احلج، أي: عالماته«)2).

وهنا لنا مناقش�ة يف أقوال اللغوين: إن بن املش�اعر والش�عائر فرقا، فهام وإن دال ع�ىل املع�امل، وهي املتعب�دات كام يف قول الزجاج ال�ذي نقله الزبيدي وغ�ريه، إال أن الفارق أن املش�اعر مجع مش�عر والشعائر مجع ش�عرية، واملشعر من أوزان اسم املكان الدال عىل مكان حدوث الفعل، أما الشعرية فهي صفة مشبهة بالفعل، وقول الزجاج الذي نقله الزبيدي وغري واحد � التي أش�عرها اهلل � تكون مش�عورة وليست شعرية، واملشعور اسم مفعول، بيد أن شعرية إن كانت مؤنث شعري فهي صفة مشبهة، وهي تعم�ل عمل الفعل كام هو معلوم، أي: أن الش�عرية ه�ي الواجدة لإلعام والداللة، ال أهن�ا معلمة من قبل احلق تعاىل، فقوله تعاىل: )ڤ ڤ(، أي: عامات طاعته وعبادته، ال أن اهلل جعلها أعاما لنا كام يف قول الزجاج. وبعبارة أخرى: إهنا هي من

تقوم بدور اإلشعار واإلعام. واملش�اعر مكانية، أما الش�عائر فهي الفاعلة لفعل الش�عور واإلعام، وهي أعم من املكانية؛ ولذا ورد يف وصف املزدلفة أو مس�جدها باملش�عر؛ ألهنا من أوزان اسم

امل�كان، وه�ي م�ن مناس�ك احلج، ق�ال تع�اىل: )ڇ ڇ ڍ ڍ ڌڌ ڎ ڎ ڈ()3).

)1) الزبيدي، حممد مرتىض، تاج العروس: ج12، ص191.)2) الفراهيدي، اخلليل بن أمحد، العن: ج1، ص251.

)3) البقرة: آية19.

130



130130



130130



130130



130


130130



130130



130


130


130130



130130



130


130


130


130130


إال أن يقال: إن النسبة يف قوله تعاىل: )ڤ ڤ( تفيد معنى اإلشعار من قبله تعاىل، بمعنى أن اهلل تعاىل هو من أشعرها وجعلها أعاما لطاعته، فيصح توجيه أهل

اللغة، لكن ذلك بفعل اإلضافة.عل علام . وكلر مـا جخ : أعاملخ احلج أم�ا اجلوه�ري يف الصح�اح، فيقول: »والشـعائمرخ : رخ عارة. واملشاعم لطاعة اهلل تعاىل. قال األصمعي: الواحدة شعرة. قال: وقال بعضهم: شم

.(1(» رم مواضع املناسك. واملشعرخ احلرام: أحد املشاعم

فه�ذا الق�ول ب�ن يف التفريق بن الش�عائر واملش�اعر، ومثله ما ذك�ره ابن فارس: ا معال احلج. والشعمرة: واحدة يت بذلك؛ ألهن ع املناسـك، سـم رخ احلج: مواضم »ومشـاعم

عائر، وهي أعالمخ احلج وأعاملخه«)2). الش

بيد أننا ال ننكر دخول املش�اعر حتت عنوان الش�عائر؛ لكوهنا تؤدي نفس الغرض وهو اإلعام، لكنه تارة يكون اإلعام عن طريق املكان، وتارة بطرق أخرى كالفعل دى«)3)، فليس كل شعرية مشعرا، : البدنةخ هتخ والقول؛ ولذا قال أهل اللغة: »والشـعرةخ

بمعنى أن النسبة بن املشاعر والشعائر عموم وخصوص مطلق.والش�عرية واملشاعر من الفعل ش�عر )بالفتح(، أو ش�عر )بالضم(، وكامها يفيد : رخ العلم، ومصدرها شعور وهو اإلحساس، ومنه املشاعر وهي األحاسيس »واملشاعم«)4). ومثله ما قاله الزمرشي: »وهو ذكي املشاعر وهي احلواس، واستشعرت احلواسر

البقرة: صوتت إىل ولدها تطلب الشعور بحاله. قال اجلعدي:

فاستشعرت وأبى أن يستجيب هلا فأيقنت أنه قد مات أو أخكال«)5).

)1) اجلوهري، إسامعيل بن محاد، الصحاح: ج2، ص698.

)2) ابن فارس، أمحد، معجم مقاييس اللغة: ج3، ص194.

)3) اجلوهري، إسامعيل بن محاد، الصحاح: ج2، ص698.)4) املصدر السابق: ص699.

)5) الزمرشي، حممود بن عمر، أساس الباغة: ج1، ص510.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

131

نعم، كون الشعرية منسوبة إىل اهلل تعاىل: )ڤ ڤ( يفيد مع ما تقدم أهنا: كل عامة وداللة عليه سبحانه، فالشعرية عىل ما تقدم هلا نحوان من املعاين:

األول: إهن�ا عام�ات أقيم�ت وجعل�ت من قبل احل�ق تعاىل للدالل�ة عىل طاعته وامتثال أوامره.

الثاين: إهنا أقوال وأفعال وأماكن ذات طبيعة خاصة، من شأهنا أن توجد حالة من الشعور واإلحساس بالقرب من اهلل تعاىل.

وه�ذان املعني�ان ملحوظ�ان يف نفس الش�عائر، فهي مش�عورة من قب�ل اهلل تعاىل لعب�اده، وه�ي يف ذات الوقت تؤدي فعل الش�عور باهلل تعاىل والتذكري به بالنس�بة إىل

مؤدهيا والداخل يف كنفها. واألول يفه�م من�ه أن القائ�م بفعل التش�عري هو اهلل تع�اىل، أي: إنه تع�اىل هو من أش�عرها، وهذا ما يفهم من قول بعض اللغوين. والثاين أن نفس هذه الش�عرية هي الفاعل�ة للش�عور يف نف�س العبد املؤم�ن، فتكون ش�عائر اهلل هي األفع�ال واألقوال واألماك�ن الت�ي توجد يف نفس العبد املؤمن حالة الش�عور واإلحس�اس، أو التذكري

باهلل تعاىل، وهو ما يفهم من أن الشعرية صفة مشبهة بالفعل.نع�م، إن الق�ول: بأن الش�عرية ه�ي العامة تعري�ف بامل�رادف؛ ألن التفريق بن الش�عور والعل�م دونه خرط القتاد؛ مم�ا محل بعضهم عىل القول: »الشـعور هو ابتداء العلـم باليشء من جهة املشـاعر، وهي احلواس... وقيل: إن الشـعور هـو إدراك ما دق

للطف احلس، مأخوذ من الشعر لدقته، ومنه الشاعر«)1). والش�اعر وه�و من مش�تقات الفعل ش�عر إن�ام يعرب ع�ن خفايا املخاجل�ات التي ت�دور يف خل�ده، فيظهره�ا لإلعام هب�ا، هذا اإلع�ام غرضه إش�عار اآلخرين هبذه املخاجل�ات، ومحلهم لإلحس�اس هبا والش�عور بفحواه�ا الكامن يف نفس الش�اعر، بمعنى أن وراء ش�عره معان هي مراد الش�اعر الذي عرب عنه هبذه العبارات، فيكون

)1) الطربيس، الفضل بن احلسن، جممع البيان: ج1، ص397.

132



132132



132132



132132



132


132132



132132



132


132


132132



132132



132


132


132


132132


املؤثر عامة حس�ية يمكن أن تدرك باحلواس، إال أن أثرها وجداين أو عاطفي، وهو حالة اإلحساس والشعور.

فيظهر أن الش�عائر عامات حس�ية خارجية تش�رتك يف كوهنا معلمة من قبل اهلل تع�اىل لعب�اده، وهي بدورها هل�ا أثر وجداين يف نفس العبد، وه�ذا ما يمكن أن نجده واضح�ا يف قول�ه تع�اىل: )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ()1)، فتعظيم الشعائر دال عىل تقوى القلوب، بمعنى أن معظم الشعائر إنام يظهر لنا صدق انتامئه ووالئه ومتسكه وتقواه، وهذا بمجموعه مستقره قلب العبد املؤمن املتعلق باهلل

تعاىل املعرب عنه بتعظيم شعائره.لدها أو ـق جم أم�ا قول اللغوين: »أشـعر البدنـة: إذا جعل فيهـا عالمة، وهو أن يشخيطعنها«)2)، فإن العامة من شأهنا أن حتمل اآلخرين عىل اإلدراك أو الشعور أن هذه البدن�ة هدي البيت احل�رام، فتارة تكون العامة هي البدنة؛ لكوهنا موس�ومة بيشء، وتارة لكوهنا معلمة تكون منش�أ ش�عور الناظر إليها، وعلم�ه بأهنا هدي البيت. وال تعارض بن املعنين إن قلنا: إننا تارة ننظر إىل األصل، وتارة إىل األثر، وإن الش�عور ه�و إدراك وعلم متعلق ب�ام وراء اليشء كعامات املرور، فه�ي عامة وداللة، لكن

الغاية منها واهلدف هو اإلدراك والعلم بقانون املرور الذي تقتضيه.ونجد يف عبارات اللغوين كالفراهيدي: »والشـعرة من شـعائر احلج، وهو أعامل احلج من السـعي والطواف والذبائح، كل ذلك شعائر احلج«)3)، أن الشعائر هي أعامل احل�ج مضاف�ا إىل املعنى اللغوي وهو العامة، إال أن ه�ذا إن صح، فإنه إما أن يكون من باب ذكر املصداق، وهو ما نجده جليا يف آيات القرآن الكريم التي ستأتينا، وإما أهنم أفادوا ذلك من تفسريات بعض املتقدمن كابن عباس، وجماهد، وهو ما نجده يف

)1) احلج: آية32.)2) الزبيدي، حممد مرتىض، تاج العروس: ج12، ص190.

)3) الفراهيدي، اخلليل بن أمحد، العن: ج1، ص251.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

133

عبارات اللغوين مرارا عند ورود لفظ قرآين معن، إال أن هذا دور واضح ال يمكن أن نس�تند إليه، بل هو من اختصاص املفرسين، ومناقش�ة ذلك يرتك إىل حمله، إال أن يقال: إننا نفهم من عبارته أن نس�بة الش�عرية أو الش�عائر إىل احل�ج جيعلها مصوصة

بأعامله ومناسكه، وهو وجه وجيه.

احملور الثاني: مفهوم الشعائر الدينية املفه�وم ه�و: الوجود الذهني ل�يشء له ما بإزائ�ه يف اخل�ارج، أي: املعنى املرتكز بالذه�ن ليشء، أو جمموعة أش�ياء خارجية. وتارة هذا املفهوم ينطبق عىل متش�خص خارج�ي واحد فيكون جزئيا، وت�ارة عىل كثريين فيكون كلي�ا. واملفهوم الكيل ليس بال�رضورة أن تك�ون كل أفراده موج�ودة ومتحققة، بل يكف�ي افرتاضها؛ ألن الفرد )املص�داق( إذا اتص�ف بحقيق�ة املفهوم ال�كيل � وهي التي نعرب عنه�ا باملاهية � صح إطاق الكيل عليه نظري اإلنس�انية، فكل فرد )إنس�ان( يولد )جديد( يصح أن يطلق

عليه لفظ إنسان؛ ألنه يمل حقيقة اإلنسانية. والش�عائرية م�ن املفاهيم باعتب�ار أن هلا وج�ودا ذهنيا له أفراد باخل�ارج كالصفا وامل�روة والبدن، بحس�ب الن�ص الرصيح للق�رآن الكري�م، وهذا الوج�ود الذهني موص�وف بالكلي�ة لقابليته االنطباق ع�ىل كثريين، إال أن الكثريي�ن ال يعني رضورة تش�خصهم ووجودهم فعا يف اخلارج، بل يكفي افرتاضهم، كام هو احلال يف املولود

اجلديد، فهو قبل والدته مصداق مفرتض ملفهوم اإلنسانية الكيل.فالش�عائرية من جهة املفهوم هي معقول ماهوي؛ ألهنا صورة لألشياء يف الذهن، ومن جهة أخرى فإن تعدد مصاديق هذا املفهوم بحسب النصوص الرشعية دال عىل كليت�ه، وهذه الكلية تنطبق عىل األف�راد أو املصاديق املوجودين واملفرتضن عىل حد س�واء، فعند حتقق حقيقة الشعائرية يف املصداق يصح إطاق هذا اللفظ عليه، شأهنا

شأن مفهوم اإلنسانية ومصاديقها.

134



134134



134134



134134



134


134134



134134



134


134


134134



134134



134


134


134


134134


وحقيقة الش�عائرية هي معناه�ا اللغوي الذي ذكرناه، وقد ثب�ت عدم نقل اللفظ إىل معن�ى رشع�ي، غاية األم�ر أن اإلضافة الت�ي ذكرت يف النص�وص الرشعية تفيد التعري�ف وليس التخصي�ص، والبيان وليس احلرص، فكل مص�داق يصح أن يكون شعرية إهلية، أي: أن يكون عامة وداللة عىل اهلل، ووسيلة إلحياء دينه، أو أن يوجد تل�ك احلال�ة الوجداني�ة من اإلحس�اس والتذكري ب�اهلل يصح أن يطل�ق عليه هذا

اللفظ، فيكون شعرية من شعائر اهلل. وبعب�ارة أخرى أصولية: فإنه بعد ثبوت العموم، فاحلكم إنام ينصب عىل املاهية، ز احلكم ووجدت أم�ا اآلثار فتتحقق باخلارج؛ لذلك فإن املاهي�ة متى ما حتققت تنجاآلث�ار. رضورة أن الق�رآن الكريم يف كل موارده إنام يلحظ املوضوع، ثم تأيت الس�نة لبيان املصداق، أو أن العرف هو الفيصل يف حتديد املصاديق واملوضوع اخلارجي، كام يف قول�ه تع�اىل: )ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ...()1)، فالقوة التي انصب عليها مضم�ون قوله تعاىل: )ۇ ۆ( وهو احلكم، إنام هي رصف الطبيعة، ومل يدد الشارع املقدس أو يقيد هذا الطبيعي، بل إن العرف هو احلاكم يف حتديد املوضوعات اخلارجي�ة أو املصادي�ق، فالق�وة يف زمن الصدر األول لإلس�ام ختتل�ف عن العرص احلارض، فوس�ائل احلروب � مثا � ختتلف أيضا، وهذا كله ال يمنع من ش�مول اآلية ملصادي�ق الق�وة يف زمن النبي‘، أو يف زمننا هذا أو املس�تقبل، وهذا ما تس�امل عليه

املسلمون بمختلف طوائفهم ومذاهبهم. ومثله جيري يف الشعائر، فمتى ما حتققت املاهية أو احلقيقة الكلية للشعائر املستفادة م�ن معناه�ا اللغ�وي، يف أي يشء يمكن أن يكون مصداقا للمفه�وم وفردا من أفراد العام، جيري عليه ما جيري عىل املصاديق األخرى من إرادة الشارع، كالتعظيم الوارد

يف قوله تعاىل: )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ(.ومن جهة أخرى، فإن دخول األفراد حتت حكم العام قد يكون نسبيا، بمعنى أن

)1) األنفال: آية60.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

135

العام تارة من صنف النوع، فيستوعب أفراده املوجودين يف اخلارج، وتارة هناك عدة أن�واع تقع حتت اجلنس، فاحليوان � مث�ا � جنس وهو عام تقع حتته أفراده، وهي من صنف النوع كالطري واإلنس�ان، فالطري نوع يش�مل كل ما يص�ح أن يطلق عليه لفظ ط�ري كالنرس والغراب، واإلنس�ان نوع يقع حتت عنوانه زي�د وعمرو وهكذا. فالطري واإلنس�ان يش�رتكان يف احلقيقة احليوانية ويفرتقان بالفصل، وهو أن اإلنسان حيوان

ناطق حسب تعبري املناطقة، فزيد حيوان باعتبار اجلنس وناطق باعتبار النوع. والش�عائرية كذل�ك إن أخذنا بنظر االعتبار رصيح الق�رآن الكريم يف بيان فردين من أفراد الشعائر، ومها: الصفا واملروة، والبدن، فالفارق بن الصفا واملروة من جهة والبدن من جهة أخرى واضح، فهام متلفان من حيث الس�نخية، ومن حيث احلكم املتعل�ق هبام، فاألوالن جبان معلومان، والثاين حيوان من نوع خاص معلوم، وهي اإلب�ل الس�مينة )البدينة( كام س�يأتينا، أما م�ن حيث احلكم املتعلق هب�ام ففي األولن )الصفا واملروة ( وجوب الطواف، ويف الثاين )البدن( هو اهلدي، وهذا بمنزلة النوع والفصل، أما من حيث الشعائرية فهام مشرتكان؛ ألهنام يمان نفس احلقيقة واملاهية

للش�عائر بدليل القرآن الكريم لكوهن�ام )ہ ہ ھ( وهو اجلنس، فكل ما من شأنه أن يدخل حتت عنوان الشعائر، فإنام هو من أفراد اجلنس وإن اختلف عن باقي األن�واع م�ن حيث الفصل؛ ألن الفصل هو املميز للن�وع وليس للجنس، فإذا صدق

عليه عنوان الشعائرية كان فردا من أفراد العام ومصداقا من مصاديق املفهوم.وه�ذه األص�ول العلمية الفلس�فية أو املنطقي�ة، تعترب قواعد عامة يص�ار إليها يف مق�ام إثب�ات العموم أو التخصي�ص واإلمج�ال أو التبين؛ ألن األصل ك�ام قيل: هو العم�وم أو اإلط�اق إال أن يرد دليل خاص عىل إرادة التخصيص أو التقييد، بمعنى أن أي موضوع رشعي ورد بنحو العموم، فهو مستوعب وشامل جلميع أفراده، ما مل خيص�ص أو يقيد بدليل أو قرينة واضحة، وهذه األصول متفق عليها بن األصولين

136



136136



136136



136136



136


136136



136136



136


136


136136



136136



136


136


136


136136


أو املفرسي�ن عىل حد س�واء. والعام هو نفس املاهية اللغوي�ة أو املعنى اللغوي للفظ الوارد يف لسان الشارع، بعد ثبوت أن الشارع جرى مع العرف يف استعامله هلذا اللفظ يف معناه. أما من ناحية اللغوين فقد تبن، وأما أقوال املفرسين وغريهم فسيأيت بياهنا. وبعب�ارة أخ�رى: إن إط�اق الش�عائر ع�ىل أي ممارس�ة يتمل دخوهل�ا حتت هذا العنوان باعتبار ما، فهو من باب إطاق اجلنس، وقد يطلق عىل هذه املامرس�ة عنوان آخ�ر هو من صنف األنواع، فا مش�احة يف االصطاح بعد م�ا بيناه من أن الكليات

تنقسم إىل جنس ونوع وغري ذلك كام هو مقرر يف علم املنطق.

احملور الثالث: الشعائرية وموضوع الدين للعلامء يف مقولة الدين تعريفات كثرية، إال أننا نكتفي يف املقام ببيان ذلك عن طريق التقسيم والتعريف بالقسمة من التعاريف املنطقية السليمة، فتقسيم الدين إىل أصول وف�روع كاف يف بيان معنى الدي�ن، فاألصول هي: التوحيد، والنب�وة، واملعاد )وهو باتف�اق علامء املس�لمن(، واختلفوا يف الع�دل واإلمامة. أما فروع�ه، فهي: الصاة، والص�وم، والزكاة، واحلج، إىل غري ذلك من الف�روع املعلومة بعد غض الطرف عن االختاف�ات فيها كوهنا واقعة يف التفصيات. وللعلامء يف تعريف الش�عائر وصلتها

بالدين أقوال: منها: ما نقله القرطبي: »وقال عطاء بن أيب رباح: شعائر اهلل مجيع ما أمر اهلل به وهنى

عنه. وقال احلسن: دين اهلل كله«)1). أما األول املنسوب لعطاء، فيفهم منه أهنا فروع الدين خاصة، وهذا املعنى يتعارض

مع قوله تعاىل: ) ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ (، وقوله تعاىل: )ۀ ہ ہ ہ ہ ھ()2)، فاملجع�ول لي�س ه�و الط�واف الواجب يف احل�ج أو اهلدي

)1) القرطبي، حممد بن أمحد، تفسري القرطبي: ج6، ص37.)2) احلج: آية36.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

137

� ومها من فروع الدين ومناسك احلج � وإنام رصف الصفا واملروة أو البدن كام ترى من رصيح اآليات، أما محل اآلية عىل غري معناها الظاهر فهو من التأويل.

نعم، قد يقال: بأن البدن حال كوهنا هديا تكون من الشعائر كام قال اإلصفهاين: دى«)1)، إال أن هذا »)ۀ ہ ہ ہ ہ ھ( هو مجع البدنة التي هتخإن ص�ح هن�ا فإنه ال يص�ح يف الصفا واملروة وحتى املش�عر احلرام، فالش�عائرية ثابتة هلام من غري منس�كيهام )الطواف والص�اة(، وإال كان مالفا لرصيح القرآن، يف حن أن تصور ذلك يف البدن ممكن، فس�لب الش�عائرية عن البدن التي مل يتعلق هبا اهلدي رضورة عقلي�ة، وهو قيد أضافه الراغب يف قوله الذي تقدم: )التي هتدى( لاحرتاز

عن غريها.وأما قول احلس�ن البرصي من أن )الش�عائر دين اهلل كله(، فريد عليه ما ورد عىل الق�ول األول؛ ألن الصفا واملروة ليس�تا م�ن أصول الدين أو فروع�ه، غاية األمر أن هن�اك أوامر متعلقة هبام، نعم يمكن القول: إن قوله: دين اهلل كله، أراد به حتقق معنى الش�عائرية يف أص�ول الدي�ن وفروعه، بمعن�ى أن كل أصل أو فرع إن�ام هو بحد ذاته عام�ة ودالل�ة ع�ىل اهلل والتذكري به، عندها يص�ح هذا القول بعد محل الش�عائر عىل معناه�ا اللغوي، وهو العامة والداللة عىل اهلل وعىل دينه، وقولنا: إن للدين عامة، لي�س معن�اه أن العامة يشء والدين يشء آخر، فالصاة عامة عىل الدين وهي منه،

واحلج عامة عىل الدين وهو منه، وقس عىل ذلك.فإن قيل: إن املجعول يف القرآن هو الصفا واملروة وليس الطواف.

قلن�ا: إن مفه�وم الدين يمكن أن يش�مل الصفا واملروة أيضا، والب�دن التي تعلق هب�ا اهلدي، فتدخل حتت عن�وان الدين كدخول الكعبة واملس�جد النبوي وغري ذلك م�ن األماكن يف مفهوم الدين، وهو واضح، والق�ول: إن الدين يقترص عىل األصول

)1) الراغب اإلصفهاين، احلسن بن حممد، مفردات غريب القرآن: ص40.

138



138138



138138



138138



138


138138



138138



138


138


138138



138138



138


138


138


138138


والف�روع ال يعن�ي عدم دخول متعلقاهتا، كالكعبة بالنس�بة للحج، والزيارة بالنس�بة لقرب النبي‘ وغري ذلك، وهو مرتكز يف ذهن املترشعة وال خاف فيه.

يف ح�ن أن بع�ض املفرسين خصصها بمواطن الطاعة، كالش�يخ الطويس بقوله: »الشعائر املعال لألعامل، فشعائر اهلل: معال اهلل التي جعلها مواطن للعبادة... فشعائر اهلل: أعالم متعبداته«)1). فهو قد أجاد اجلمع بن معنى الشعريتن )الصفا واملروة والبدن( الوارد ذكرمها يف القرآن الكريم؛ إذ نفهم من قوله )مواطن العبادة( أن الصفا واملروة موطن الطواف، والبدن موطن اهلدي، فهام معلامن لألعامل العبادية التي هي الطواف واهلدي، بمعنى أن الش�يخ+ يرى أن الش�عائر هي غري الدين )األصول والفروع(، بل هي متعلقة به عىل نحو اإلعام واإلظهار املرتبط بيشء ما مكاين، أو غريه كالبدن يف اهل�دي ع�ىل ما يظهر من عبارته. وقلنا يف املعنى اللغوي للش�عائر: إن املواطن هي املش�اعر، وهي أخص من الش�عائر، فالش�عائر ه�ي: كل أمر فيه عام�ة وداللة عىل طاعة اهلل تعاىل وإحياء دينه، س�واء كان مكانا، أم فعا، أم قوال، غاية األمر أنه يقق

موضوع الشعائر وماهيتها اللغوية. ومنه�ا: ق�ول الرازي الذي أطلق يف العبارة بناء ع�ىل معناها اللغوي بقوله: »وأما عمل علام من أعـالم طاعة اهلل، فهو من )ڤ ڤ( فهـي أعـالم طاعته، وكل يشء جخ

شـعائر اهلل، قـال اهلل تعـاىل: )ۀ ہ ہ ہ ہ ھ(، أي: عالمـة للقربـة«)2). فالطاعة املتعلقة بالش�عرية ختتلف باختاف الش�عرية، ولكنها � حس�ب تعبريه � تشرتك يف كوهنا عامة للقربة والطاعة هلل تعاىل، وهو بذلك يرتك التمييز بن الدين والشعائر، بل يظهر من قوله: إن كل ما من شأنه أن يكون من عامات القرب هلل تعاىل وعامة عىل طاعته، فهو يعد من الشعائر، وهو قد يكون من الدين؛ باعتبار

اجلنبة اإلعامية أو خارجا عنه بعد حرص الدين باألصول والفروع.

)1) الطويس، حممد بن احلسن، التبيان يف تفسري القرآن: ج2، ص41.)2) الرازي، حممد بن عمر، التفسري الكبري: ج4، ص135.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

139

ف�إن قي�ل: إن البدن ليس فيها عامة ع�ىل القربة، بل اهل�دي املتعلق هبا، وكذلك الصف�ا وامل�روة، فاملتعلق هبا، وه�و الطواف، هو عامة القرب�ة والطاعة وليس نفس

الصفا واملروة والبدن. قلن�ا: إن هذه الش�عائر لو لوحظت مس�تقلة عن األحكام املتعلق�ة هبا لصح هذا الق�ول، إال أنن�ا يمكن أن نق�ول: إن الصفا وامل�روة باعتبار الط�واف والبدن باعتبار اهل�دي، ه�ي التي تكون ش�عائر اهلل، وهب�ذا التقريب يص�ح ما ذهب إلي�ه الرازي يف تفس�ريه عىل أن كل يشء جعل علام من أعام الطاعة والقربة هلل تعاىل يكون ش�عرية

من شعائر اهلل تعاىل.ورب�ام قيل: بأن الش�عائر تؤدي غرضها يف الف�روع دون األصول، وأقوال العلامء إن�ام تريد هذا اجلانب دون غريه، وال مدخلي�ة لألصول يف البن؛ ألهنا حمض مفاهيم

ال يرتتب عليها موقف عميل باستثناء ما كان من مدخوالت الفروع. قلنا: إن هناك جهتن للرد عىل هذه الشبهة:

األخوىل: إن هذه املقولة منش�ؤها تعريف الدين عىل أنه اإليامن والعمل الصالح أو أنه األصول والفروع، فهو وإن صح عىل هذا املعنى إال أنه بطبيعة احلال فيه نحو من اإلمج�ال؛ ألن اإلي�امن يقتيض وجود املوض�وع، أي: موضوع اإلي�امن وهو اهلل تعاىل واألنبياء واملائكة والكتب الس�اموية، فالدين ليس اإليامن وحس�ب، بل هو اإليامن املتعل�ق ب�اهلل تعاىل وأنبيائ�ه^، فالنبي‘ من الدين باعتبار نبوت�ه وما تعلق هبا من

اإليامن من جهة األصول أو االمتثال ألوامره من جهة الفروع.الثانيـة: إن النب�وة وإن كانت أص�ا من أصول الدين واإليامن هب�ا كذلك، إال أن ذلك ال يعني خروج نفس النبي‘ عن دائرة الدين، بعد ماحظة أن لألصول ناحية نظري�ة أو مفهومية، وناحية موضوعية خارجية، ومها ال ينفكان إال اعتبارا، فاإليامن بالنب�وة تعني اإليامن هب�ا مفهوما وموضوعا، واإليامن باإلمام�ة كذلك من الناحيتن

140



140140



140140



140140



140


140140



140140



140


140


140140



140140



140


140


140


140140


)الذهنية واخلارجية(. أما الش�عائر، فبعد أن علمنا أهنا عامات الدي�ن، ونعني بالدين أصوله وفروعه عىل النحو الذي بيناه، فكل ما يرتبط بأصول الدين وفروعه ويكون عامة عليه فهو من ش�عائر الدين، وهي ش�عائر اهلل تعاىل، وهذا ال يتناىف واملعنى اللغوي للش�عرية؛ ألن النب�ي‘ أو اإلم�ام× مها معل�امن من معامل طاعة اهلل تعاىل، ق�ال عز من قائل:

چ چ چ ڃ ڃ ڃ ڃ ڄ ڄ ڄ ڄ ڦ )ڦ

چ ڇ()1). ب�ل يمكن القول: إن األنبياء^ أنفس�هم هم من ش�عائر اهلل تعاىل، باعتبار حالة الوجدان والش�عور باهلل تعاىل، وكوهنم معلام من معامل التذكري باهلل تعاىل، ولعل هذا املعن�ى جيري باملثل عىل األئم�ة^ واألولياء الصاحلن؛ ألهنم أع�ام دين اهلل تعاىل م�ن خال تضحياهتم يف س�بيل إعاء كلم�ة اهلل وإحياء دينه، فاألنبي�اء واألئمة^ واألولياء بام يملون من رمزية دينية وعامة حقيقية عىل الدين من خال تضحياهتم ودورهم يف نرش تعاليم الس�امء، فإن إحياء ذكراهم والصدع بآثارهم إنام يؤدي نفس الغ�رض، ويقق ذات املوض�وع الذي أرشنا إليه يف تعريف الش�عائر وبيان ماهيتها، يق�ول الش�يخ مكارم الش�ريازي: »صحيح أن قـراءة تاريخ حياة عظـامء التاريخ يدفع اإلنسـان إىل القتـداء هبـم، لكن هنـاك طريقا أكثـر تأثرا، وهو مشـاهدة املعـال األثرية التـي كافـح عليها هـؤلء الرجال، وسـجلوا فيها بطولهتـم. هذه املعال هـي يف الواقع لق باإلنسـان ليسـت مثـل كتب التاريخ امليتـة، بل هي تاريخ حي ناطق، يسـتطيع أن حيخعرب القرون واألعصار؛ ليجعله يعيش مع احلوادث املاضية بكل مشاعره. األثر الرتبوي هلذه املشـاهدات أعمق بكثر من تأثر الكتب واملحارضات وأمثاهلا... فهنا الشـعور ل

اإلدراك، والتصديق ل التصور، والعينية ل الذهنية«)2).

)1) النساء: آية61.)2) الشريازي، نارص مكارم، تفسري األمثل: ج1، ص452.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

141

القسم الثاني: الشعائرية يف القرآن الكريم

احملور األول: الشعائر وأدلتها القرآنية ورد ذكر الشعائر يف القرآن الكريم يف عدة موارد، وهي:

1� ) ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں()1).

ڇ چ چ چچ ڃ ڃ ڃ ڃ ڄ ڄ )ڄ �2ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ

ژ ڑ ڑ ک()2).

3� )ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ۉ ۉ ۅ ۋۅ ۋ ٴۇ ۈۈ ۆ ۆ ۇ ۇ ڭ ڭ ڭ ې ې ې ې ى ى ائ ائەئ ەئ وئ وئ ۇئۇئ ۆئ ۆئ ۈئ

ۈئ ېئېئ ېئ ىئىئ ىئ ی ی ی()3).4� )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ()4).

ڭ ڭڭ ے ۓ ۓ ھ ھ ھ ھے ہ ہ ہ )ۀ ہ �5ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ()5).ذكر القرآن الكريم الشعائر يف هذه املوارد مبينا يف األوىل واألخرية أحد مصاديقها، ويف الثانية وردت بصيغة اسم املكان، ويف الثالثة والرابعة بنحو العموم، وللمفرسين يف بي�ان مدل�ول هذه اآليات أقوال متع�ددة، نذكر منها ما ذكره الط�ربي: »فأنزل اهلل

)1) البقرة: آية 158.

)2) البقرة: آية 198.)3) املائدة: آية2.



142



142142



142142



142142



142


142142



142142



142


142


142142



142142



142


142


142


142142


تعـاىل ذكـره يف ذلك من أمرهـم: ) ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ( يعنـي: أن الطواف هبام، فرتك ذكر )الطواف هبام(، اكتفاء بذكرمها عنه«)1).

ومثله ما نقله اآللويس: »والشـعائر ـ مجع شـعرة، أو شعارة ـ وهي العالمة، واملراد هبام أعالم املتعبدات أو العبادات احلجية. وقيل: املعنى أن الطواف بني هذين اجلبلني من قام فيها دينه، أو من عالماته التي تعبد عالمات دين اهلل تعاىل، أو أهنام من املواضع التي يخ

بالسعي بينهام«)2).أم�ا قول الطربي، فريد عليه ما ذكرناه س�ابقا م�ن أنه قول مالف لرصيح القرآن، فاآلية املتقدمة نص يف أن الصفا واملروة هي من شعائر اهلل، وليس الطواف هبام، وإنام الطواف متعلق هباتن الش�عريتن، وتأويل اآلية � أي: محلها عىل غري ظاهرها � يتم فيام لو تعارض مع رضورة أخرى، وهو ما ال ملزم له. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ، أي: اسم مكان؛ أن الصفا واملروة � وليس الطواف هبام � هو الش�عرية عىل أنه مشعرأس�وة باآلية التي ذكرت املش�عر احلرام، وقد تقدمت النس�بة بن الشعائر واملشاعر، وجاءت تسميتهام من شعائر اهلل للمناسبة، وهي ما ورد من حرج املسلمن للطواف هبام مع وجود صنمي قريش )يساف ونائلة(، حيث ورد هذا السبب بنصوص العامة واخلاصة، فكانت املناس�بة هي الداعي لذكرمها باألعم )الش�عائر( وأن املش�اعر إنام

هي حمال مناسك احلج، وهي داخلة حتت عنوان الشعائرية لكوهنا جنس هلا.إضافة إىل ذلك القول: بأن الصفا واملروة تتش�ابه مع املزدلفة وتتامثل بالس�نخية؛ لكوهنام من املكان، أما البدن فتختلف، فحكم املزدلفة جيري عىل الصفا واملروة، لكن حك�م البدن ليس كذلك؛ لتغاير املوضوع. فإذا محلنا قول اإلصفهاين � إن البدن هي الشعرية حال تعلق اهلدي هبا � عىل الصحة هناك، فللخصوصية يف البدن دون الصفا وامل�روة، وآية املش�عر احلرام متنع من ش�مول الصفا واملروة لنفس تفس�ري آية البدن.

)1) الطربي، حممد بن جرير، تفسري الطربي: ج3، ص230 � 231.)2) اآللويس، حممود بن عبد اهلل، روح املعاين: ج1، ص424.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

143

فيك�ون األص�ل يف ذلك كل�ه هو عامة الطاع�ة وداللتها، وهي حقيقة الش�عائر ومعناها. بمعنى آخر: أن الش�عرية هي متعلق الطاعة واالمتثال، ال االمتثال نفس�ه، ومها الصفا واملروة يف الطواف، واهلدي يف البدن، وأنت خبري بأن البدن يطلق عليها هديا تسمية بالصفة، وهو صحيح إال أن ذلك مل يسمع من كام العرب أو املسلمن يف الصف�ا واملروة، فهل س�معنا يوما جواز تس�مية الصفا واملروة طواف�ا؟! بل يطلق وي�راد ب�ه رصف العبادة، بعكس اهل�دي فقد يطلق وي�راد به االثنن، ومه�ا: الطاعة

املعلومة يف مناسك احلج، ونفس البدن كذلك. وأم�ا اآلل�ويس، فنق�ل القول الذي ش�ابه قول الط�ربي عىل نح�و التضعيف بن

األق�وال األخ�رى، ع�ىل أن قول�ه تع�اىل: )ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے... ( ظاه�ر باملغايرة بن اهلدي والش�عائر؛ إذ العطف يقتيض املغاي�رة ك�ام هو معلوم، ف�إن قيل: إن هذا العطف من ب�اب عطف اخلاص عىل العام

وهو شبيه ملا ذكره الزركيش: »وقوله تعاىل: )ڱں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ... ()1)، فـإن عـداوة اهلل راجعـة إىل عـداوة حزبـه، فيكون جربيـل كاملذكـور أربع مـرات، فإنه اندرج حتت عموم مالئكته، وحتت عموم رسـله، ثم عموم

حزبه، ثم خصوصه بالتنصيص عليه«)2).قلنا: إن اإلجابة عن ذلك بنحوين:

األول: إن عط�ف اخلاص عىل العام يصح ل�و مل يذكر معه أفراد آخرون مغايرون له يف العام، يف حن أن الش�هر احلرام كان معطوفا وهو غري داخل يف الش�عائر، وأما

القول بشعائريته فيحتاج إىل دليل، فتكون قرينة السياق مانعة هلذا االحتامل.الثاين: لو تنزلنا عن الرد األول، فإنه يمكن أن نحتمل ورود لفظ اهلدي، واملراد به البدن، من باب تسمية اليشء بصفته، وقد تقدم، فالبدن حال كونه موصوفا أنه هدي

يكون شعرية، وإال فمع عدم هذا الوصف ال تكون كذلك.

)1) البقرة: آية98.)2) الزركيش، حممد بن عبد اهلل، الربهان يف علوم القرآن: ج2، ص466.

144



144144



144144



144144



144


144144



144144



144


144


144144



144144



144


144


144


144144


والق�ول: إن الصفا واملروة هي الش�عائر، وإن البدن التي تعلقت هبا عبادة اهلدي هي الش�عائر، يفهم منه متييز الصفا واملروة عن البدن، بمعنى أن من الش�عائر ما هو ثاب�ت ومنه�ا ما هو متغري )مرشوط(، فالبدن التي يتعلق هبا اهلدي تكون ش�عرية، يف حن أن الصفا واملروة من الش�عائر وإن مل يتعلق هبام الطواف كام هو احلال يف املش�عر احل�رام، وهو نظ�ري الواجب التعيين�ي والتخيريي، ف�األول هو املتعن ع�ىل املكلف نفس�ه، وه�و الثابت الذي ال بدل ل�ه يف مقام االمتثال. وأما التخي�ريي فهو ما خيتاره املكل�ف م�ن البدائل ويتحقق به الوجوب، فيكون كل ف�رد من أفراده متنجزا برشط ع�دم اإلتي�ان بفرد آخر، ويس�قط هذا الوج�وب بانتفاء رشطه عند اإلتي�ان بفرد ما، وه�ذا ما جي�ري يف البدن، فمتى ما حتق�ق اهلدي عىل هبيمة ما حتققت الش�عائرية عىل تل�ك البهيمة فع�ا دون غريها، أما يف الصفا واملروة ف�إن الطواف وعدمه ال يغري يف

شعائريتها. وورد أيض�ا أن الش�عائر هي مناس�ك احلج خاصة، وهو ما نقل�ه الثعلبي عن ابن عباس وجماه�د: »فأنـزل اهلل )ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ(. ابن عباس

وجماهد: هي مناسك احلج«)1). فيمكن الرد عليه من عدة جهات:

األخوىل: إن ق�ول ابن عب�اس فضا عن جماهد يعد من املوق�وف، بمعنى أنه مل يرو عن النبي‘، فهو اجتهاد يف فهم النص وليس بحجة عىل ما تم حتقيقه يف املوقوف،

وهو الذي ورد عن الصحابة دون رفعه إىل النبي‘.الثانية: ورد يف مسند أمحد: »عن زيد بن خالد اجلهني، قال: قال رسول اهلل )صىل اهلل ر أصحابك فلرفعوا أصواهتم بالتلبية؛ عليه وسلم(: جاءين جربيل× فقال: يا حممد، مخ

فإهنا من شعائر احلج«)2).

)1) الثعلبي، أمحد، الكشف والبيان: ج4، ص8.)2) ابن حنبل، أمحد، مسند أمحد: ج5، ص192.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

145

فقوله‘ من شعائر احلج لبيان النوع وليس اجلنس، وقد تقدم أن النوع يقع حتت عن�وان اجلنس، إال أنه يف�ارق باقي األنواع املنضوية حتت اجلن�س بالفصل، فإضافة الش�عائر إىل احل�ج لبيان الن�وع، وكان�ت التلبية أح�د مصاديق هذا الن�وع، وهو من

مرويات العامة املرفوعة إىل النبي‘، فهو أثبت يف احلجية مما نقل عن ابن عباس.فإن قيل: إن قرينة السياق مصصة ملعنى الشعائر.

قلنا: إن اإلجابة عن هذا التوهم ناشئ من كون التعظيم منحرصا فيام ورد عن ابن عباس: »ويخسـن استسـامن األخضحية واستحسـاهنا؛ لقول اهلل تعاىل: )ٹ ٹ ڤ ها ا واستمعظامخ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ(. قال ابن عباس: تعظيمها: استمسامهنخا«)1)، بيد أن هذا األمر ال جيري يف الصفا واملروة، بمعنى أن التعظيم هبذا واستمحساهنخ

املعنى ال يمكن قبوله يف الصفا واملروة ومها من شعائر اهلل بنص القرآن. فإن قيل: إن السياق مصص للشعائر يف موردها هذا، واآلية التي تيل آية التعظيم

هي قوله تعاىل: )ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ()2). قلن�ا: إن اآلية التي س�بقت آية التعظيم هي قول�ه تعاىل: )ٱ ٻ ٻ ٻ ٿ ٿ ٿ ٿ ٺ ٺ ٺ ٺ ڀ ڀ ڀ ڀ پ پ پ ٻپ ٹ()3)، وه�ي ظاه�رة أن التعظي�م هو نف�ي حالة ال�رشك ومظاه�ره التي كانت عليه�ا قريش يف اجلاهلية، وجعل الدي�ن خالصا هلل تعاىل، وتطهري القلوب من الرياء والسمعة، وغري ذلك من مظاهر الرشك اجليل أو اخلفي، واستشعار حالة العبودية هلل تعاىل؛ ويؤيد ذلك أيضا � آخر آية التعظيم � قوله تعاىل: )ڤ ڦ ڦ ڦ( .أم�ا آي�ة املناف�ع حمل البح�ث، فهي اس�تئناف لقوله تع�اىل: )ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې()4)، فيك�ون متعل�ق آي�ة املناف�ع هو األنع�ام وليس

)1) ابن قدامة، عبد اهلل، املغني: ج11، ص98. )2) احلج: آية33.)3) احلج: آية31.)4) احلج: آية30.

146



146146



146146



146146



146


146146



146146



146


146


146146



146146



146


146


146


146146


الش�عائر، وإن كانت األنعام من الش�عائر عند هدهيا وإيصاهلا إىل البيت، فالسياق ال خيصص املورد، بل وال يبن حكم اخلاص )األنعام(، وإنام يبن حكم العام منه، فآية

التعظيم ظاهرة باإلطاق الشمويل، والسياق ال خيصص هذا اإلطاق.كذلك يرد عىل قول ابن عباس أن التعظيم إذا كان هو االستس�امن واالس�تعظام، ف�إن ذل�ك ال جي�ري عىل الب�دن؛ ألهن�ا لغة: الس�من من اإلب�ل أو البق�ر عىل بعض األق�وال، فتعظيمه�ا حكم ب�ا موضوع؛ ألهن�ا � أص�ا � عظيمة وس�مينة، فأنى لنا تعظيم العظيم؟! فيظهر أن اعتامد هذا املعنى للتعظيم وتطبيقه يف آية )البدن( سيكون

بدون نتيجة.

احملور الثاني: الشعائر بني التخصيص والتوقيفم�ن اإلش�كاليات األخ�رى الت�ي ربام ت�رد يف هذا الب�اب: أن مبنى الش�عائر عىل التوقي�ف، ولي�س لنا أن ندخل حتت هذا العنوان أي ممارس�ة، باس�تثناء ما ورد ذكره يف الق�رآن الكري�م، فهي مصصة بالدليل القرآين، وبناء عىل املعنى اللغوي للش�عائر من أهنا معامل وأش�ياء أعلمها اهلل تعاىل وأش�عرها لعباده؛ لتك�ون حمل طاعته وامتثال تعاليمه املتعلقة هبا، فهي بذلك نظري ما ذهب إليه بعض العامة عىل أن مبنى األس�امء اإلهلي�ة ع�ىل التوقي�ف، بمعنى عدم صحة إط�اق غري ما ورد من األس�امء اإلهلية يف القرآن الكريم عىل اهلل تعاىل، فتكون الشعائر عموما مصصة بمناسك احلج والعمرة،

ومنها: الصفا واملروة والبدن.وكذلك بضميمة كون اهلدي يف البدن، والطواف يف الصفا واملروة من العبادات، ومبن�ى العب�ادات عىل التوقي�ف، فا حميص من عدم إدخال أي ش�كل من أش�كال املامرس�ات حتت عنوان الش�عائر، وإنام هو من اإلحداث والبدعة، وهو عىل ما تعلم حكمه يف اإلس�ام، فهي خاصة بمناس�ك احلج والعمرة. أما الصفا واملروة والبدن

ففيها نص رصيح. وأما سائر املناسك يف احلج، فظاهرة من السياق، وقد تقدم.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

147

ومنش�أ هذه الش�بهة هو معنى التعظيم الوارد يف تفس�ريات املتقدمن املستفاد من السياق، وهو عىل ما علمت من هوانه نضيف إىل ذلك النقاط اآلتية:

األخوىل: إن التعظي�م لغ�ة ه�و التبجي�ل والتفخي�م، قال الزبي�دي: »عظمـه تعظميام له«)1)، والتبجيل أو التفخيم املتعلق بش�عائر اهلل تعاىل هخ وبج مـهخ وكـرب وأعظمـهخ إمذا فخ

ناش�ئ من قداس�تها كام يف قول�ه تع�اىل: )ائ ەئ ەئ وئ وئۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ()2)، فخل�ع النعل�ن معلول لقداس�ة املحل، وهو ظاه�ر بالتبجيل والتفخيم، فيكون معنى التعظيم اختيار السمن واحلسن منها، وهذا االختيار الذي يائم قدسية وعظمة الش�عائر عند اهلل تعاىل؛ لكوهنا عامة وإش�ارة عىل دينه وتعاليمه، التي ال بد أن تظهر بام يائم عظمتها، وهو نفسه يف الصفا واملروة، واملقدس هو: اليشء الطاهر، ي: سـةخ هم ن ذلمك األرضخ املقد والتقديس هو: التطهري لغة، حيث قال ابن فارس: »ومم«)3). فالتعظيم هو: تطهري وتقديس ، أي: الطرهرم ى اجلنةخ حظمرة القخدسم . وتخسـم رةخ املطهش�عائر اهلل تعاىل من الرشك، وهذا التطهري ال�ذي جيب أن يكون نابعا من قلب العبد املؤمن؛ ألنه حمل نظر اهلل تعاىل، وهذا املعنى ينس�جم متاما مع آية التعظيم، التي بينت

أن التعظي�م م�ن تقوى القل�وب، قال تع�اىل: )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ(، وهو نفس املعنى الذي ذكرناه س�ابقا من أن الس�ياق يرصف معنى

التعظيم إىل تطهري الشعائر من مظاهر الرشك.الثانيـة: إن هذا الق�ول يعتمد عىل مقدماته، فإن صحت صح�ت نتيجتها، وإن مل تص�ح فالنتيج�ة كذلك، فالكام يف املقدم�ات، والقول: إن الصف�ا واملروة أو البدن م�ن العب�ادات بناء ع�ىل أن الع�ربة بالطواف واهل�دي إنام هو خاف ظاه�ر اآليات، ف�إن الش�عائر ظاهرا إنام ه�ي الصفا واملروة والب�دن، وإن الطاع�ات أو األحكام إنام

)1) الزبيدي، حممد مرتىض، تاج العروس: ج33، ص110.)2) طه: آية12.

)3) ابن فارس، أمحد، معجم مقاييس اللغة: ج5، ص63.

148



148148



148148



148148



148


148148



148148



148


148


148148



148148



148


148


148


148148


ه�ي متعلقة هبا، فالتقريب الس�ابق يكون يف حالة النظ�ر إليهام كوحدة واحدة ال عىل نحو االس�تقال، وإال فإن األصل بحس�ب الظهور العريف أن الصفا واملروة والبدن مه�ا الش�عريتان، وهو ما عليه مجع من املفرسين، فضا ع�ن مطابقته للمعنى اللغوي بالقول: إن الش�عائر ه�ي العامات املقامة من قبل احلق س�بحانه، والتي تؤدي دور

اإلعام واإلشعار إىل دين اهلل تعاىل. أما ش�مول الش�عائر لسائر مناسك احلج والعمرة بقرينة السياق، فهو ال يمنع من شمول غريه بعد القول: إن الشعائر باقية عىل معناها اللغوي، وأن مجيع ما ذكر بنحو

بيان بعض أفراد العام، ومل خيصص هذا العام بدليل خاص. وبعب�ارة أخ�رى: إن ذك�ر الصفا واملروة والبدن ومناس�ك احلج إن�ام يكون لبيان بع�ض أفراد العام، وليس لتخصيصه ك�ام توهم ذلك، ف�»إن من أنواع البيان املذكورة فيـه ]الق�رآن[ أن يذكر لفظ عام، ثم يخرصح يف بعـض املواضع بدخول بعض أفراد ذلك العـام فيه، كقوله تعاىل: )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ( مع ترصحيه بأن البدن داخلة يف

هذا العموم بقوله: )ۀ ہ ہ ہ ہ ھ(«)1).الثالثـة: م�ر بنا أن األح�كام إنام تنصب ع�ىل ماهية اليشء وحقيقت�ه؛ وبالتايل فإن كل ف�رد يم�ل هذه املاهية أو ج�زءا منها ص�ح دخوله حتت حكم الع�ام، فاملاحظ هن�ا هو نفس املوضوع، ومن جهة أخ�رى يلحظ احلكم، فإن جريان نفس احلكم إىل موض�وع آخر فيه داللة ع�ىل أن هذا املوضوع )اخلارجي( له نف�س املاهية واحلقيقة،

وك�ام قي�ل: حك�م األمثال في�ام جيوز وم�ا ال جيوز واح�د، كام يف قول�ه تعاىل: )ٴۇ ەئ ائ ائ ى ېى ې ې ې ۉ ۉ ۅ ۅ ۋ ۋ تأم�ر يف اخت�اذ مق�ام فاآلي�ة ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ()2)، إبراهي�م× مص�ىل، بمعنى أهنا تأمر يف أن يكون مقامه× معل�ام من معامل عبادة اهلل

)1) الشنقيطي، حممد األمن، أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن: ج3، ص203.)2) البقرة: آية125.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

149

تعاىل ومتعبدا من متعبداته وطاعته، فتس�اوي احلكم بينه وبن غريه، وانطباق املعنى اللغوي دال عىل شعائريته وإن مل ترصح اآلية بذلك، ومثله قوله تعاىل: )ڭ ۇ ې ۉې ۉ ۅ ۅ ۋ ۋ ٴۇ ۈ ۈ ۆ ۆ ۇ

ې()1).فاألمر اإلهلي بأن جتعل بيوت موسى وأخيه÷ قبلة فيه داللة عىل أهنا معلم من مع�امل الطاعة وأعام متعبداته تعاىل، فاش�رتاك املصداق�ن أو املصاديق بنفس احلكم املعل�ول ملاهي�ة اليشء دال عىل اش�رتاكها يف نف�س املاهية أو جزء منه�ا، واحلكم إنام

يلحظ تلك املاهية أو ذلك اجلزء يف مرحلة اجلعل. وهذه اآليات تبن أن القول بتوقيفية الش�عائر عىل املعنى الذي يفهم يف أسامء اهلل تعاىل أو العبادات ليس صحيحا؛ ألهنا ظاهرة بتشعري هذه املعامل من قبل احلق تعاىل، بمعن�ى أن اهلل س�بحانه جعله�ا عامات ومواط�ن طاعته وعبادته، ك�ام هو احلال يف

الصفا واملروة والبدن.ونح�ن نفه�م التوقي�ف يف الش�عائر عىل أهنا منس�وبة إىل اهلل تعاىل، ف�ا يمكن أن ننس�ب ش�يئا إىل اهلل تع�اىل مل ينس�به إىل نفس�ه، ب�ل هذا هو س�بب التعظي�م، وهو أن الش�عائر منس�وبة إىل اهلل تع�اىل )ڤ ڤ(، فكل أمر ليس فيه نس�بة إىل اهلل تعاىل ال يمكن أن يدخل حتت عنوان الشعائرية التي ندب الشارع إىل تعظيمها؛ ولذا قلنا: إن الش�عائر منه�ا ما يتعلق باألص�ول ومنها ما يتعلق بالف�روع، وكامها من دين اهلل تع�اىل، أي: إهن�ا منس�وبة إىل اهلل تعاىل، فاألنبي�اء^ وبيوهتم منس�وبة إىل اهلل تعاىل؛ ألهن�ا مواطن ذكره وتس�بيحه، وق�د أذن يف رفعها وتعظيمها وتقديس�ها، قال تعاىل: ىت()2)، مت خت حت جت يب ىب مب خب حب جب يئ ىئ )مئ

حيث ورد »عن أنس بن مالك، وبريدة قال: قرأ رسول اهلل )صىل اهلل عليه وسلم( هذه

)1) يونس: آية87.)2) النور: آية36.

150



150150



150150



150150



150


150150



150150



150


150


150150



150150



150


150


150


150150


اآليـة: )مئ ىئ...( إلـخ، فقام إليه )عليه الصالة والسـالم( رجل، فقال: أي بيوت

هـذه يا رسـول اهلل؟ فقال )صىل اهلل عليه وسـلم(: بيوت األنبيـاء^. فقام إليه أبو بكر

)ريض اهلل تعاىل عنه( فقال: يا رسـول اهلل، هذا البيت منها لبيت عي وفاطمة )ريض اهلل

تعاىل عنهام( قال: نعم، من أفاضلها«)1).

وأق�رب م�ن ذلك ما نجده يف ق�ول أمري املؤمنن×: »نحن الشـعار واألصحاب

ـمي واخلزنـة واألبـواب، ل تؤتـى البيوت إل مـن أبواهبا، فمـن أتاها من غر أبواهبا سخ

سـارقا«)2)، كناية عىل أهنم^ األقرب إىل رس�ول اهلل‘ دون سواهم، والشعار هم

اخلاصة والبطانة، وهذا يبن منزلة أهل البيت إىل رسول اهلل‘، والذي يكون بمعنى

العام�ة والداللة من جهة، وهم^ يمثلون وجود النبي‘، فالناظر إليهم يش�عر

بنظ�ره إىل رس�ول اهلل‘، والقريب منهم إنام هو قريب من رس�ول اهلل‘؛ وبالتايل

يستش�عر حالة الق�رب من اهلل تعاىل؛ ولذا قال رس�ول اهلل‘: »حسـني مني وأنا من

حسني، أحب اهلل من أحب حسينا، حسني سبط من األسباط«)3).

القسم الثالثاحملور األول: اإلمام احلسني× وأصول الدين

بينا سابقا بيشء من اإلمجال أن الدين هو أصول وفروع وإيامن وعمل، واألصول حمل خاف بن املسلمن، فمنهم من قال بالتوحيد والنبوة واملعاد، ومنهم من أضاف الع�دل إليه�ا، ومنهم � وهو مذهب اإلمامية � م�ن أضاف اإلمامة، ونحن ال نريد أن نس�رب غ�ور هذا اخلاف، غاية األمر أن نب�دأ بالقدر املتيقن عند عامة املس�لمن، وما يعنين�ا يف املق�ام هو النبوة، فس�واء قلن�ا: إن اإلمامة أصل أصيل، أم أهن�ا متفرعة عن

)1) اآللويس، حممود، روح املعاين: ج9، ص367.)2) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج26، ص266.

)3) ابن حنبل، أمحد، مسند أمحد: ج4، ص172.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

151

أص�ل النب�وة، فإن اإليامن بأص�ل النبوة يكفي يف مق�ام إثبات ما نري�د؛ إذ إن اإليامن بالنب�وة تعن�ي اإلي�امن بالنبي‘، وبأنه م�ا ينطق عن اهلوى إن ه�و إال وحي يوحى، وه�و م�ا وصفه به تعاىل يف حمكم كتابه، وهذا الوصف مطلق وليس خاصا بالرس�الة أو الق�رآن، ب�ل كل قول وفع�ل وتقرير للنبي‘ حجة بناء ع�ىل اإليامن بإطاق هذا الق�ول، وهو ما يتفق عليه علامء املس�لمن بمختلف مش�ارهبم وطوائفهم، ونحن إذ

نتكلم بالعمومات نستغني عن الدليل؛ ألنه سيكون توضيحا للواضح.ث�م إن النب�وة تفرع عنها كتاب اهلل تع�اىل، بمعنى أن النبوة ه�ي األصل، وهذا ما أك�ده علامء ال�كام من أن القرآن ال يمكن أن يكون دلي�ا عىل نبوة اخلاتم‘؛ ألنه يل�زم ال�دور؛ إذ تتوقف النبوة ع�ىل القرآن والق�رآن يتوقف عىل ص�دق النبوة، وقد اس�تدلوا عىل أصلها باألدلة العقلية، ومنها: قاعدة اللطف، ومن النبوة تفرع اإليامن بالق�رآن ع�ىل أنه من اهلل تعاىل عىل ما فيه من أدلة تب�ن إعجازه، وأنه ال يكون إال من حكيم مقتدر، ومن النبوة تفرعت العرتة كام ورد: »عن عطية عن أيب سعيد، قال: قال رسول اهلل )صىل اهلل عليه وسلم(: إين قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي، الثقلـني أحدمهـا أكرب من اآلخـر، كتاب اهلل حبل ممدود من السـامء إىل األرض، وعرتيت

أهل بيتي، أل وإهنام لن يفرتقا حتى يردا عي احلوض«)1).فالق�ول: إن اإلمام�ة متفرعة عن النب�وة، يمكن أن يفهم من�ه أن اإلمامة ال تثبت إال بالنبوة، بمعنى أن النبي‘ هو الذي ينصب اإلمام ويس�ميه، وهذا معنى الوقف ال�ذي فهمناه س�ابقا، وهو األه�م؛ ألن الق�ول بالوقف يف أصول الدي�ن أهم منه يف فروعه، كيف وأن األصل هو األس�اس الذي يتف�رع منه باقي أمور الدين، فإن صح

صح ما بعده والعكس صحيح.فيك�ون وجود القرآن والعرتة إنام ه�و وجود للنبي‘، وهو معنى قوله‘: »قد تركـت فيكم ... الثقلني«، ومها متفرع�ان عن أصل النبوة وال يفرتقان، فام ورد عنهام


152



152152



152152



152152



152


152152



152152



152


152


152152



152152



152


152


152


152152


فه�و ع�ن النبي‘، وما ع�ن النبي‘ عن اهلل تع�اىل؛ إذ ال ينطق ع�ن اهلوى كام هو معل�وم، فس�واء قلن�ا: إن اإلمامة أصل من أص�ول الدين، أو إهن�ا متفرعة عن أصل النبوة، فكامها متس�اويان يف ترتب األثر الرشعي عىل ذلك؛ ألن مالفتها أما مالفة أصل اإلمامة عند القول بأصوليتها، أو أصل النبوة عند القول بتفرعها عنها، واإليامن

بالنب�وة يعني التصديق هبا مطلقا؛ حيث ق�ال تعاىل: )ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ()1).

وحيث ورد عن رس�ول اهلل‘ يف احلس�ن واحلسن÷: »مها سـيدا شباب أهل ، قاما أو اجلنـة، وأبومهـا خـر منهام«، وكذلك قوله‘: »احلسـن واحلسـني إماما حـق

قعدا، وأبومها خر منهام«)2).والق�در املتيقن من اإلمامة هي القيادة الديني�ة، وهي ال حتصل إال باجلعل اإلهلي

املبل�غ عن اهلل تع�اىل، إما بالوحي فقد قال تع�اىل: )ۀ ہ ہ ہ ہ ھھ ھ ھ ے ے ۓ...()3)، أو عن طريق أنبيائه^ كام تقدم يف إمامة احلس�ن

واحلسن÷ بنص الرسول‘.هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن هناك ناحية عملية لألصول، وقد مر بيان هذه اجلهة، فالناحية العملية تعني حتقق املوضوع اخلارجي لألصول، فا معنى أن يكون هناك إيامن بالنبوة دون اإليامن بنبوة اخلاتم‘؛ لكوهنا متثل املوضوع اخلارجي للنبوة واملص�داق الصحيح هل�ا، كذل�ك يف اإلمامة عىل الفرضن الس�ابقن، فإهنا تس�تلزم اإليامن باإلمام املوجود يف زمانه، وعجيب أمر هذه األمة التي ختلت عن قول رسول اهلل‘: »مـن مـات بغـر إمام مات ميتـة جاهليـة«)4)، فبدل أن تس�عى إىل معرفة إمام

)1) احلرش: آية7.)2) القايض، حممد بن منصور، دعائم اإلسام: ص37.

)3) البقرة: آية124.)4) ابن حنبل، أمحد، مسند أمحد: ج4، ص96.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

153

زماهنا املجعول من قبل احلق تعاىل، س�عت هي إىل أن ختتار بنفس�ها إمام زمان هلا برا أو فاجرا.

وه�ذا ما أرشنا إليه من التأكيد عىل أصول الدين من جهتها العملية أيضا، وليس النظرية وحسب، ولعل ما متر به األمة اإلسامية من ضياع القيم الدينية واألخاقية والف�وىض العارم�ة إن�ام حصل�ت لتخليه�ا عن ه�ذه الناحي�ة، وهذا م�ا صدعت به الزه�راء’ حت�ذر األم�ة ووالهت�ا م�ن مغب�ة التخ�يل عن ه�ذا األص�ل بقوهلا’: »... وطاعتنا نظاما للملة، وإمامتنا أمانا من الفرقة، واجلهاد عزا لإلسالم، والصرب معونة

عىل استيجاب األجر، واألمر باملعروف مصلحة للعامة«)1).فثبوت اإلمامة لإلمام احلس�ن×، كوهنا من أصول الدين أو متفرعة عن النبوة، جيعله�ا موضوع�ا للش�عائر الديني�ة، وأن كل ما تعلق هب�ا إنام هو من الش�عائر؛ ألهنا )إمامة احلس�ن×( موقوفة من اهلل تعاىل عىل لس�ان نبيه‘، وكل فعل من شأنه أن ييي ذكر اإلمام احلسن× حيا كان أو ميتا، إنام هو إحياء لدين اهلل وإحياء ألصوله املتقدم�ة يف األمهي�ة عىل الف�روع، بل كل ما يتعل�ق به× من بيت أو ق�رب أو فعل أو ق�ول، فإن إحياءه بطريقة ما إنام هو فعل متعل�ق بأصل من أصول الدين، واإلمام أو

النبي÷ إنام جعلت حمال بيوهتم ومواطن قبورهم إعاما لدين اهلل وإحياء ذكره.نعم، قد يقال: إن األعامل املتعلقة باحلسن× وإحياء ذكره مبناها عىل التوقيف، قلن�ا: إن ثب�وت دينية كل عمل وفع�ل ومعلم متعلق باإلمام احلس�ن× إنام هو من ش�عائر اهلل تعاىل؛ ألهنا ختتص بأصل من أصول الدين أو متفرعة عنه، وتوقيف هذه

املامرسات موضوع آخر يرتك ملحله.

احملور الثاني: املراسم احلسينية تفريع لألصل وحتقق للموضوعذك�ر األصولي�ون أن األحكام إنام تنص�ب عىل املواضيع، واملوض�وع هو املاهية،


154



154154



154154



154154



154


154154



154154



154


154


154154



154154



154


154


154


154154


وه�ي تتحق�ق ب�أي فرد م�ن أفراده�ا، فإذا حتقق�ت تنجز احلك�م ووج�دت آثاره يف اخل�ارج، وإن اختلف�ت هذه األفراد يف بعض لوازمه�ا؛ ألن حتقق املوضوع أو املاهية إن�ام يك�ون بتحقق اجلامع املش�رتك بن األف�راد، وه�ذا اجلامع املش�رتك يمثل ماهية املوض�وع، نظ�ري الكلمة، فإنه وإن قيل: إهنا ما كان م�ن حرفن أو أكثر، فإن الواضع إن�ام وضع الكلمة للجامع املش�رتك بن أفراد الكلمة املتكون�ة من حرفن فأكثر، عىل أن احلرف�ن خيتلف�ان من فرد آلخر باختاف حروف اللغة، فتكون الش�عائر متحققة بتحق�ق ماهيته�ا يف أفرادها وإن اختلفت يف بعض أجزائها، فبالنس�بة للقرآن الكريم ف�إن اجلامع املش�رتك بن الصف�ا واملروة من جه�ة، وبن البدن من جه�ة أخرى، هو

ماهي�ة املوضوع الذي أم�ر اهلل تعاىل بتعظيمه يف قوله تعاىل: )ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ(، وق�د مر أن اجلامع املش�رتك أو املاهية بن أفراد جنس الش�عائر إنام هو معناها اللغوي املتحقق يف الصف�ا واملروة ويف البدن بترصيح القرآن الكري�م ع�ىل حد س�واء، وغرض امل�وىل إنام يك�ون بتحقق هذا املعن�ى وهو اإلعام والتذكري باهلل تعاىل وبدينه احلنيف، أما املراس�م احلسينية فهي متعلقة بأصل مهم من أصول الدين وهو اإلمامة، فاإلمام احلسن× باعتباره يمثل أصا دينيا عمليا، فإن كل ما يرتبط به ويؤدي غرض املوىل س�بحانه وتعاىل من الش�عائر، فإنه يكون بذلك قد حقق موضوع الشعائرية أو ماهيتها يف اخلارج، فالشعائر بمختلف صورها وتعدد أفرادها إنام تتعدد وتتفرع تبعا للمناس�بة ومتعلقها، فالش�عائر املتعلقة باحلج هلا صور متلف�ة كالطواف ب�ن الصفا واملروة، وهدي البدن، والتلبية عىل ما ورد عن رس�ول اهلل‘، وهي بالتايل متعلقة بفرع من فروع الدين وهو احلج، أما املراس�م احلس�ينية، فهي ش�عائر متعلقة بأصل من أصول الدين، وهو اإلمام احلسن×، وإحياء ذكرى

الفاجعة األليمة التي حدثت له وألهل بيته^ وأصحابه. وبعب�ارة أخرى: إن الش�عائر تتفرع إىل أش�كال وصور متلفة بحس�ب متعلقها، واملراس�م احلس�ينية إن�ام حتق�ق ذات املوض�وع واملاهية الش�عائرية، وه�ي تلتقي مع

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

155

مناس�ك احل�ج يف اجلامع املش�رتك بينها، وهو اإلع�ام والداللة عىل دي�ن اهلل تعاىل، وإحياء تعاليمه وأصوله من جهة، ومن جهة أخرى فهي ختلق تلك احلالة الوجدانية يف نفوس املؤمنن من الش�عور والتذكري باهلل تعاىل، والذي يكون مدعاة إىل التمسك بدين�ه وتعاليم�ه لنيل س�عادة الدارين من جهة، وحتمل املس�ؤولية أمام اهلل ورس�وله واملؤمن�ن يف الدعوة إىل الدي�ن وااللتزام بتعاليمه ومبادئه من جهة أخرى، وهذا من أه�م ما انتجته فاجعة الطف األليمة، التي كان إلحيائها الدور البارز يف توجه الكثري ممن هلم جذور دينية يف الرجوع إىل الدين والتمس�ك به وترك اخلوض مع الس�لطات احلاكمة الظاملة، التي اختذت من الدين ش�عارا مزيفا لتحقيق مطامعها، يقول الس�يد حممد س�عيد احلكيم حول النتائ�ج الدينية مللحمة كرباء: »الشـعور بتدهور املجتمع اإلسـالمي وابتعـاده عن الديـن، وتقصره يف أمره بنحو يسـتوجب تأنيـب الضمر عىل ذلـك، خصوصـا بعد أن ركـز أهل البيـت )صلـوات اهلل عليهم( وشـيعتهم عىل عمظم اجلريمة، واهتموا بإحيائها والتذكر هبا بإقامة املآتم وزيارة قرب اإلمام احلسني )صلوات اهلل عليـه( ورثائـه وما جيري جمرى ذلك؛ حيث يكون رد الفعل املناسـب لذلك من كثر ممن هلم جذور دينية، هو ترك السلطة ومن يتنازع عليها جانبا، والرجوع للدين والتعرف

عليه والتمسك به«)1). وربام يصل املرء إىل أن يكون بنفس�ه ش�عارا لدين اهلل تعاىل، بمعنى أن يكون علام هادي�ا مهدي�ا لطري�ق احلق، كام ورد عن طري�ق العرتة الطاهرة يف تأوي�ل قوله تعاىل: )ڀٺ ٺ ٺ ٺ()2)، روى الشيخ الكليني: »عن معىل بن حممد، عن الوشـاء قال: سألت الرضا× عن قول اهلل تعاىل: )ڀٺ ٺ ٺ ٺ(، قال: نحن العالمات، والنجم رسول اهلل‘«)3). هذا كله من جهة حتقق نفس املوضوع

واملاهية اللغوية يف الشعائر.

)1) احلكيم، حممد سعيد، فاجعة الطف: ص390.)2) النحل: آية16.


156



156156



156156



156156



156


156156



156156



156


156


156156



156156



156


156


156


156156


ومن جهة أخرى، فإن االس�تدالل عىل املوضوع تارة بام ورد رصاحة أو ضمنا يف لسان الدليل، وتارة يكون بمرادفه الذي يشرتك معه وجيانسه يف املاهية، فآية التعظيم دال�ة ع�ىل قداس�ة الش�عائر وعظمتها، واهلل تع�اىل أمرن�ا بتعظيمه�ا، أي: إظهار هذه العظم�ة، ك�ام يف قولك: اهلل أكرب، فاهلل تعاىل كبري وهذا الق�ول إنام إلظهار هذا املعنى ونرشه، كذلك يف التعظيم، فيكون املعنى إظهار هذه القدسية للشعائر؛ لكوهنا مرتبطة باهلل تعاىل، ودليل ارتباطها إضافتها إليه سبحانه، وكل مقدس إنام كان الرتباطه باهلل تع�اىل وجي�ب تعظيمه ك�ام يف آية ال�وادي املقدس ال�ذي كان حم�ل كام اهلل تعاىل مع موس�ى×، والقدس�ية هي الطهارة كام تقدم لغويا � بمعناها الع�ام وليس الفقهي �

ف�كل ما هو طاهر فهو مقدس وجيب تعظيم�ه، فقوله تعاىل: ) ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک()1)، دليل عىل قدس�ية أهل البيت^ وبركتهم وارتباطهم باهلل تعاىل؛ فلذا وجب تعظيمهم، فيكون هذا التعظيم متفرع عن األصل وهو تعظيم الش�عائر، بعد فرض أن س�بب التعظيم إنام هو قدسيتها ونسبتها إىل اهلل تع�اىل ك�ام هو حال الوادي املقدس، بمعنى أن امللحوظ يف الش�عائر هو كل ما كان مقدس�ا ومرتبط�ا باهلل تعاىل ومعلام من معامل دينه احلني�ف، وبناء عىل هذه املعاين ينص�ب حكم التعظي�م ويتفرع م�ن هذا األصل أه�ل البيت^؛ لثب�وت طهارهتم بالن�ص الق�رآين، وكوهنم عامة عىل دين اهلل احلنيف ومواط�ن عبادته كام ورد: »عن علقمة، عن عبد اهلل، قال: قال رسول اهلل‘: النظر إىل وجه عي عبادة«)2)، وهو جيري

عىل اإلمام احلس�ن× لاش�رتاك مع أبيه يف آية التطهري، ف�إذا كان أمري املؤمنن× موطن طاعة اهلل تعاىل بمجرد النظر، فام بالك بإحياء أمره وسريته وأقواله وغري ذلك

من املراسم املعروفة، واألمر نفسه كذلك بالنسبة إىل اإلمام احلسن×.

)1) األحزاب: آية 33.)2) الطرباين، سليامن بن أمحد، املعجم الكبري: ج10، ص77.

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

157

احملور الثالث: الشعائرية واملراسم، انطباق املفهوم على املصداق إن احلكم عىل املراس�م احلس�ينية أهنا من الش�عائر أش�به بالقضية احلملية، بمعنى إثبات يشء ليشء أو نفيه عنه، عىل أن املراس�م هي املوضوع والشعائر هي املحمول؛ ألن املحم�ول رشط�ه أن يك�ون عرض�ا، أي: إنه صف�ة عارضة عىل ال�يشء، وهو ما ثبت يف علم الرصف أن الش�عرية صفة مش�بهة بالفعل وال بد للصفة من موصوف. وبن املوضوع واملحمول إما االحتاد باملاهية وهو احلمل األويل، أو االحتاد باملصداق وهو الشايع الصناعي، أما األويل � وهو االحتاد باملفهوم � فالواقع اخلارجي والشاهد الوجداين كفيل ببيان معنى املراس�م احلس�ينية، وهي أهنا ممارس�ات الغاية منها إحياء أم�ر أه�ل البيت^؛ وبالت�ايل إحياء أمر الدي�ن؛ ألهنم تركة رس�ول اهلل‘ إىل هذه األم�ة مع كتاب اهلل، وكل أمر مرتبط هبم^ إنام هو من أجل إحياء الدين، فهذه املامرس�ات ليس الغاية منها تعظيم ش�خوصهم وذواهتم وحس�ب، بل بام حتمله هذه اهلي�اكل اإلهلية من روح وإي�امن عميق باهلل تعاىل، ودورهم يف حتمل أعباء مس�ؤولية الدين احلنيف بعد وفاة رس�ول اهلل‘، هذا الدور الذي جاءنا بجعل إهلي مبلغ عن

طريق نبيه املصطفى‘، بل يضاف إليه إحياء دين اهلل تعاىل ونرش مبادئه وقيمه.أما من الناحية اخلارجية، فإن هذه املامرسات وإن اختلفت وتباينت وتنوعت، إال أهنا تلتقي بذلك اجلامع، نظري شعائر احلج وما بيناه من الفرق الواضح بينها، إال أهنا تش�رتك يف نف�س املاهية واملوضوع، فضا عن القول: إن هن�اك بيانات قرآنية ظاهرة بأن تكون بيوت األنبياء^ ومقاماهتم مواطن لتعبد الناس، وهي بذلك تشرتك من هذه اجلهة، كذلك إحياء تراث أهل البيت^ وبيان فضائلهم، ودورهم الرسايل يف احلف�اظ عىل الدي�ن وبيان تعاليمه احلقة، فإن هذه املصاديق تش�رتك مع غريها بنفس

املوضوع، وإن اختلفت صورها وتعددت حيثياهتا.

158



158158



158158



158158



158


158158



158158



158


158


158158



158158



158


158


158


158158


أم�ا من جهة توحي�د هذه العناوين الفرعية حتت عنوان الش�عائر، وجواز إطاقه عىل املراس�م احلسينية، فنقول: إن الكليات مقس�مة إىل: ذايت، وعريض. والذايت إىل: فص�ل، ون�وع، وجنس. واجلن�س إىل: جنس قريب، وبعي�د. بمعنى أن الش�عائر إذا لوحظت جنس�ا بعيدا فإن املراس�م احلسينية هي جنس قريب، وإن لوحظت الشعائر جن�س قريب فإن املراس�م نوع قد يكون هلا فصل يميزها عن باقي األنواع املش�رتكة معها باجلنس كمناسك احلج، فاملراسم احلسينية إنام هي شعائر من جهة النوع، بمعنى

أهنا نوع تندرج حتت اجلنس، وهو )الشعائر( الذي تشرتك به مع مناسك احلج.وبعبارة أخرى: إن اجلنس هو أن تكون أفراده متكثرة يف احلقيقة والعدد، والنوع هو أن تكون أفراده متفقة يف احلقيقة ومتكثرة بالعدد، فعىل هذا نفهم أن القول بشعائرية املراس�م احلس�ينية وإن قيل: إهنا ختتلف يف احلقيقة عن مناسك احلج مثا، إال أن هذا الق�ول مدفوع بأن الش�عائر إن�ام هي من صنف اجلنس الذي تق�ع حتته األنواع، وهي تشرتك )األنواع( بنفس حقيقة اجلنس، مضافا إليها الفصل الذي يفصل النوع عن باقي األنواع األخرى، والنوع كام أن له أفرادا كثرية إال أن نفس أفراده إنام هي أفراد اجلنس.ف�كل ممارس�ة دينية من ش�أهنا أن حتق�ق الغرض اإلهل�ي وحتيي دي�ن اهلل بأصوله وفروع�ه، وتك�ون ممارس�ة إعامية داعي�ة إىل اهلل تع�اىل وإىل دينه، ومعل�ام من معامل الطاع�ة واإلي�امن والعم�ل الصالح الذي يعت�رب جوهر الدين، وه�ي يف ذات الوقت حتي�ي قل�وب املؤمنن بذكر اهلل تع�اىل، والتوكل عليه واإلحس�اس بالقرب املعنوي، يص�ح أن يطلق عليها عنوان الش�عائرية من جهة انطب�اق املفهوم عىل املصداق، وهو

عىل ما تقدم صحيح يف انطباقه عىل املراسم احلسينية.

اخلامتةمما تقدم ننتهي إىل نتيجة مفادها: أن الشعائر وردت يف لسان الشارع بنفس املعنى العريف اللغوي، ومل يس�تعملها يف حقيقة رشعية؛ وبناء عىل هذا القول صح التمس�ك

ية رآن

ة قغوي

ة لاس

در ..

ية سين

احلسم

ملرا وا

نيةلدي

ر اعائ

لشا

159

باإلطاق واس�تيعاب الش�عائر كل فرد يتحقق فيه موضوع الش�عائر وماهيتها. وأما م�ا ذهب إليه املفرسون، فهو مع أهنم فرسوا معنى الش�عائر باملعن�ى اللغوي إال أهنم خصصوه�ا يف مناس�ك احل�ج، واحل�ق أن ه�ذا التخصي�ص ال يصم�د أمام دراس�ة النص�وص بمجموعه�ا، وبي�ان أن ما ورد م�ن ذكره يف اآليات إنام ه�و من باب ذكر بع�ض أف�راد العام، واللطيف يف املق�ام أن الفردين املذكوري�ن يف القرآن يمكن لكل باحث أن يصل منهام إىل اجلامع املش�رتك الذي حلظه الش�ارع وصب احلكم عليه يف آية تعظيم الشعائر، ومن جهة أخرى فإن هذا التعميم أدخل يف مضمونه كل ما تعلق بالدين بنحو حتقق موضوع الشعائرية من أصول الدين وفروعه، واملسلم يعلم أمهية األصول عىل الفروع من ناحية نرش الدين وإحياء تعاليمه، والذي انطبق عىل املراسم احلس�ينية كوهن�ا متعلقة بأصل م�ن أصول الدين وهو اإلمام�ة، أو ما تفرع عن أصل النب�وة لتضاف�ر األخبار عىل إمامته وش�موله يف آي�ة التطهري، وال�ذي يعترب )الطهارة والقدس�ية( س�ببا يف حكم التعظيم عىل الشعائر، كام يف آية الوادي املقدس الواضحة الداللة عىل هذا املعنى، وحديث رس�ول اهلل‘ حول النظر إىل وجه عيل×، فضا عن القواعد العلمية )الفلس�فية واملنطقية ( التي كانت من األس�س التي اعتمدناها، مضاف�ا إىل بي�ان مضام�ن اآلي�ات القرآنية التي ذك�رت رصاحة بعض أف�راد عموم الش�عائر، والت�ي كانت مؤك�دة بمجموعها عىل صحة محل الش�عائرية عىل املراس�م

احلسينية، وكون األخرية إحدى مصاديقها.

ية الزيارة يف الشعائر احلسينية أهمه الباحث: حسن جميل الربيعي*

معنى الشعائر وشعائر الللو أردنا البحث عن لفظة )الشعائر( لوجدناها وردت يف أربعة مواضع من القرآن

الكريم، وكلها يف سياق آيات احلج، قال تعاىل: ) ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ()1)،

وق�ال تع�اىل: )ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ()2)، وقال تعاىل: )ٹ ٹ

ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ( )3)، وقال تعاىل: )ۀ ہ ہ ہ ہ ھ()4).

ولكن ورود هذه اللفظة يف س�ياق آيات احل�ج ال يعني أهنا متصة باحلج فقط كام

يظ�ن؛ وذلك بدليل أهنا جاءت � يف آيتن � مس�بوقة ب�)من التبعيضية(، أي: إن معامل

احل�ج هي بعض ش�عائر اهلل، وبالتايل توجد ش�عائر أخرى غري تل�ك املعامل. والدليل

الثاين أن لفظة )الش�عائر( � يف مجيع اآلي�ات املتقدمة � جاءت مضافة إىل لفظ اجلالة

)اهلل(، أي: إن معناها أوس�ع من معنى احلج، بل هو معنى ينطبق عىل كل املعامل التي

يتعبد هبا اإلنسان املؤمن هلل تعاىل، واحلج من أبرزها.

* باحث إسامي، من العراق.)1) البقرة: آية 158.

)2) املائدة: آية2.)3) احلج: آية32.)4) احلج: آية36.

162



162162



162162



162162



162


162162



162162



162


162


162162



162162



162


162


162


162162



162162



162


162


162


162162162


ولتأكي�د هذا املعنى ال بد من الرجوع إىل املعجم اللغوي الذي يبن لنا أصل هذه املفردة، فهذه املفردة مش�تقة من اجلذر )ش�عر(، وهو يدل ع�ىل أصلن كام نص عليه

لم وعلم«)1). ابن فارس )ت395ه�(، فقال: »يدل أحدمها عىل نبات، واآلخر عىل عموهذه املفردة مش�تقة من األصل الثاين الذي يدل عىل اإلدراك والعلم والعامة،

قال الزمرشي )ت538ه�(: »والشعائر: مجع شعرة، وهي العالمة«)2).وق�ال أبو حي�ان األندليس )ت745ه��(: »مادة شـعر، أي: أدرك وعلـم، وتقول

العرب: بيتنا شعار، أي: عالمة«)3).عارة وقال ابن عاش�ور )ت1393ه�(: »والشـعائر مجع شـعرة، بفتح الشـني، وشمبكر الشني بمعنى العالمة، مشتق من شعر إذا علم وفطن، وهي فعيلة بمعنى مفعولة،

أي: معلم هبا«)4).إذن؛ تب�ن لن�ا من التعريف اللغ�وي أن األصل الذي جاءت منه مفردة الش�عائر ه�و العل�م البارز ال�ذي يظهر يف أمر م�ا، ومنه احلج؛ ألنه يش�تمل عىل أع�ام معينة

كالطواف، والسعي، والوقوف و...أم�ا معن�ى )الش�عائر( مضاف�ة إىل لف�ظ اجلال�ة )اهلل(، فهو معنى واس�ع ش�امل لألحكام اإلهلية، وملواطن عبادة اهلل تعاىل، وعىل هذا يكون حج بيت اهلل احلرام أحد مصاديقه، فهو يش�مل الدين كله، قال الزجاج )ت311ه�(: »يعني هبا مجيع متعبداته التـي أشـعرها اهلل، أي: جعلهـا أعالما لنا، وهـي كل ما كان من موقف، أو مسـعى، أو ذبـح، وإنـام قيل: شـعائر لـكل علم مما تخعبـد به؛ ألن قوهلم: شـعرت به: علمتـه؛ فلهذا

يت األعالم التي هي متعبدات اهلل تعاىل شعائر«)5). م سخ

)1) ابن فارس، أمحد، معجم مقاييس اللغة: ص506، مادة )شعر(.)2) الزمرشي، حممود بن عمر، الكشاف: ج1، ص208.

)3) األندليس، أبو حيان، حممد بن يوسف، تفسري البحر املحيط: ج1، ص647.)4) ابن عاشور، حممد الطاهر بن حممد، تفسري التحرير والتنوير: ج2، ص60.

)5) الزبيدي، حممد مرتىض، تاج العروس: ج12، ص191.

ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

163

وق�ال اهلروي يف تفس�ريها: »سـمعت األزهري يقـول: هي العالئـم التي ندب اهلل إليها، وأمر بالقيام هبا«)1).

وقال ش�يخ الطائف�ة الطويس )ت460ه��( يف تبيانه: »والشـعائر: املعال لألعامل، فشـعائر اهلل: معال اهلل التـي جعلها مواطن للعبادة، وهي أعـالم متعبداته من موقف، أو مسعى، أو منحر، وهو مأخوذ من شعرت به: أي: علمت. وكل معلم لعبادة من دعاء،

أو صالة، أو أداء فريضة، فهو مشعر لتلك العبادة«)2).ـعارة، أي: وق�ال أب�و حيان األندليس )ت745ه�(: »والشـعائر مجع شـعرة أو شمقد أشـعر اهللخ أهنا حـده وطاعته، فهي بمعنى معال اهلل... قال احلسـن: دين اهلل كله يعني

رشائعه التي حدها لعباده، فهو عام يف مجيع تكاليفه تعاىل«)3).وق�ال ابن عاش�ور )ت1393ه�(: »فكل ما أمر اهلل به بزيارتـه، أو بفعل يوقع فيه،

فهو من شعائر اهلل، أي: مما أشعر اهللخ الناس، وقرره، وشهره«)4).وجاء يف املعجم الوسيط يف معنى )الشعرية(: »ما ندب الرشع إليه، وأمر بالقيام به«)5).وبناء عىل ما تقدم يكون معنى )شعائر اهلل( كل ما أمر اهلل به، وجعله علام للناس.وقد جعل اهلل تعاىل تعظيم ش�عائره من تقوى القلوب، وهذه مرتبة س�امية عالية ال يص�ل إليه�ا إال من جد واجتهد والتزم بأحكام دينه، وتعظيمها؛ لذلك قال تعاىل: معناه�ا: يف ورد وق�د ڦ()6)، ڦ ڦ ڤ ڤ ڤ ڤ ٹ )ٹ

»شـعائر اهلل: دين اهلل كله، وتعظيمها: التزامها«)7)، ولكي يزيد الباري س�بحانه وتعاىل

)1) األندليس، أبو حيان، حممد بن يوسف، تفسري البحر املحيط: ج1، ص647.)2) الطويس، حممد بن احلسن، التبيان يف تفسري القرآن: ج2، ص42.

)3) أبو حيان األندليس، حممد بن يوسف، تفسري البحر املحيط: ج3، ص585.)4) ابن عاشور، حممد الطاهر بن حممد، تفسري التحرير والتنوير: ج17، ص185.

)5) جممع اللغة العربية بالقاهرة، املعجم الوسيط: ص485.)6) احلج: آية32.

)7) الطربيس، الفضل بن احلسن، جممع البيان يف تفسري القرآن: ج7، ص133.

164



164164



164164



164164



164


164164



164164



164


164


164164



164164



164


164


164


164164



164164



164


164


164


164164164


من أمهية )شعائر اهلل( وكوهنا من تقوى القلوب، أكد الكام ونبه عليه بلفظة )ذلك( التي بدأت هبا اآلية؛ لكي يلفت انتباه السامع، فالقصد من اإلتيان باسم اإلشارة هنا

»هو التنبيه عىل الهتامم بام سيذكر بعده، فاإلشارة مراد هبا التنبيه«)1).وقد أفاد العامة حسن املصطفوي )ت1426ه�( يف هذا املجال، فقال يف حتقيقه هل�ذه املفردة: »ولزم أن تعظم شـعائره، وهيتـم يف حفظها، ويتوجه إىل حتققها بأحسـن أنحائـه. وهـذا املعنى إنام يتحقـق إذا حتقق حق التقوى يف القلب، فـإن التقوى هو حفظ النفـس واملراقبة عليها، وصيانتها عن أي خـالف وانحراف، حتى يتحصل حق التوجه واخللـوص، وكلـام ازداد التوجـه واخللـوص يزداد التوجـه والعالقة إىل تنظيم شـعائره تعـاىل، فيصـح لنا أن نفر الشـعائر: بأهنا عالئـم لطيفة، وآيات دقيقة، وشـواهد رقيقة

تخدرك حول مقاماته وكربيائه وعظمته«)2).

الشعائر احلسينيةبعد أن تبن معنى الش�عائر ننتقل إىل املحطة الثانية يف البحث، وهي ارتباط لفظة )الش�عائر( بلفظة )احلسينية(، فنقول: إن وصف الش�عائر باحلسينية هو وصف عال جدا، خصص لفظ الش�عائر، وأكس�به صفة امل�دح والثناء، فقد ذه�ب النحاة إىل أن

النعت يفيد عدة فوائد، منها: التخصيص والثناء)3).فحين�ام نقول: )الش�عائر احلس�ينية( فنحن نخص�ص لفظة الش�عائر، ونقصد هبا اجلان�ب املتعلق باإلمام احلس�ن×، وننطل�ق من هذا اجلان�ب إىل اهلل تعاىل، طالبن رضاه؛ فاحلس�ن× حجة من حجج اهلل تعاىل عىل خلقه، وس�يد ش�باب أهل اجلنة، ومصب�اح اهلدى وس�فينة النج�اة، وهو× أس اإلس�ام، وخازن الكت�اب، ونظام املس�لمن كام ج�اء يف إحدى الزي�ارات: »السـالم عليك يا خـازن الكتاب املشـهور،

)1) ابن عاشور، حممد الطاهر بن حممد، تفسري التحرير والتنوير: ج17، ص182.)2) املصطفوي، حسن، التحقيق يف كلامت القرآن الكريم: ج6، ص76.

)3) انظر: الريض األسرتآبادي، حممد بن احلسن، رشح الكافية: ج2، ص231.

ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

165

السالم عليك يا أخس اإلسالم النارص لدين اهلل، السالم عليك يا نظام املسلمني«)1).واحلس�ن× يمثل روح اإلس�ام وجوهره بثورته التي رفض هبا الظلم واجلور، وطلب هبا اإلصاح يف أمة جده؛ لكي يرجع األمة إىل مسارها الصحيح بعد أن أراد

بنو أمية أن يرفوها باجتاه إسامهم الذي يريدونه.إذا، فنحن نضع لفظ )احلسن( يف هذا املجال؛ ألنه مشهد ومعلم بارز من مشاهد )شعائر اهلل( ومعامله، فإن احلسن× يف كل حركة من حركاته، وسكنة من سكناته، كان يطلب رضوان اهلل تعاىل، وكان يطلب هداية الناس إىل رشعة اهلل سبحانه وتعاىل؛ لذا كان دائم التذكري والنصح واإلرش�اد واهلداية هلم حتى س�اعة استشهاده مرضجا

بدمائه الزكية.وهب�ذا املعنى »فإن الشـعائر احلسـينية تكون أحـد مصاديق شـعائر اهلل التي جيب أن يعظمهـا املسـلمون؛ وذلـك ألهنـا ترتبط ارتباطـا وثيقا بروح اإلسـالم وجوهـره، ومنه

تستمد معينها، وعىل أساسه يقوم بناؤها«)2).وهي أحد أش�كال االنتامء احلقيقي إىل اهلل تعاىل، وإىل جبهة احلق ورفض الظلم، قال املرحوم آية اهلل الشيخ حممد مهدي اآلصفي& )ت1436ه�(: »والشعائر احلسينية هـي تعبر عن هذا النتـامء إىل جبهة احلق وجبهة التوحيد؛ ووسـائل التعبر خمتلفة مثل الزيارات، والحتفالت، وإقامة جمالس العزاء، والنياحة، واهليئات احلسينية، واملواكب احلسينية... تأيت يف هذا السياق، وهي يف نفس الوقت تعبر عن تبني قيم التوحيد، وإباء

الضيم، ورفض الظلم«)3).لذا؛ فإن كل تعبري عن الش�عائر احلس�ينية جيب أن يتناس�ب مع ثورة احلس�ن× وأهداف�ه الت�ي ضحى من أجله�ا، وهي أهداف إهلية يريد هبا وج�ه اهلل تعاىل. ورحم

)1) املشهدي، حممد بن جعفر، املزار الكبري: ص430.)2) الربيعي، مجيل، اإلمام احلسن× شمس لن تغيب: ص390.)3) اآلصفي، حممد مهدي، الشعائر والشعارات احلسينية: ص44.

166



166166



166166



166166



166


166166



166166



166


166


166166



166166



166


166


166


166166



166166



166


166


166


166166166


اهلل الش�هيد مرتض��ى مطهري )ت1398ه�( إذ حتدث عن الوس�ائل الت�ي يعرب هبا املوالون عن عزائهم بس�يد الشهداء× قائا: »إن البكاء واحلزن والنواح عىل احلسني أمـر جيد للغاية... إن النـواح، واللطم، والرضب بالسالسـل، كل هذه األعامل، أوافق عليها شـخصيا، لكنني أقول رشط أن تكون شعاراتنا يف هذا املجال، شعارات حسينية،

اتنا... فشعارات احلسني من نوع آخر متميز«)1). وليس شعارات نابعة من عنديفالش�عائر احلس�ينية ه�ي اس�تذكار للحس�ن×، وتطبي�ق ألحكام اهلل س�بحانه وتع�اىل، ب�ل هي امت�داد لثورة احلس�ن×، وإب�راز جلوانبه�ا الربانية التي جس�دها احلسن× وأهل بيته وأصحابه )سام اهلل عليهم( منذ خروجهم من مكة إىل ساعة استشهادهم يف رمضاء كرباء، وأكملها من بعدهم سبايا آل حممد إىل حن وصوهلم

إىل مدينة جدهم رسول اهلل‘.إذا؛ فع�ىل املؤم�ن امل�وايل ال�ذي يقوم بالش�عائر احلس�ينية أن يس�تحض�ر أهداف الثورة احلس�ينية املبارك�ة؛ لكي يعمل وفقها، وال أظن أنن�ا بحاجة إىل حتليل الكتاب واملفكرين اإلسامين وغريهم لبيان هذا اهلدف � مع احرتامنا وإجالنا ملا بذلوه من جه�ود قيم�ة يف هذا املجال � م�ع وجود نص رصيح يف هذا املج�ال من قائد النهضة س�يد الشهداء اإلمام احلس�ن×؛ إذ قال يف البيان األول لثورته املباركة حن خرج: فسدا ول ظاملا، وإنام خرجت لطلب اإلصالح يف أخمة »وإين ل أخرج أرشا ول بطرا، ول مخر باملعروف، وأهنى عن املنكر، وأسـر بسـرة جدي، وأيب عي بن جدي‘، أخريد أن آمخأيب طالب، فمن قبلني بقبول احلق، فاهلل أوىل باحلق، ومن رد عي هذا أصرب حتى يقضـي

اهلل بيني وبني القوم باحلق، وهو خر احلاكمني«)2).فاهل�دف احلس�يني من اخل�روج والثورة ع�ىل بني أمي�ة الذين أفس�دوا وطغوا يف الباد هو اإلصاح، واألمر باملعروف، والنهي عن املنكر، وااللتزام بخط اإلس�ام

)1) مطهري، مرتىض، امللحمة احلسينية: ج2، ص194.)2) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج 44، ص329.

ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

167

األصيل، وإحياء اإلسام الذي أرادوا دفنه، اإلسام املتمثل بخط حممد‘ وعيل× والعرتة الطاهرة^، الذين مثلوا اإلسام قوال وفعا يف إطار أخاقي تربوي كامل يقت�يض: الص�رب، والتحمل، وعدم اجل�زع إىل أن يكم اهلل تع�اىل، دون جرب أو إكراه

ألحد عىل هذه الثورة، »من حلق يب منكم استخشهد، ومن ختلف عني ل يبلغ الفتح«)1).وبعبارة أخرى: هدف احلسن× من ثورته املباركة هو إحياء اإلسام بمنظومته الكامل�ة، ترشيعي�ا، وعقائدي�ا، وأخاقيا؛ لتغي�ري حال األمة إىل احل�ال األمثل الذي

يريده اهلل سبحانه وتعاىل ليسري هبا إىل ما فيه خريها وسعادهتا.وهل�ذا؛ ورد التأكي�د من أئمة أهل البي�ت^ عىل إقامة جمالس العزاء احلس�يني، وكانوا^ يرضوهنا بأنفس�هم، ويبكون فيها، ويطلبون من الش�عراء إنشاد الشعر، وإب�كاء الن�اس، وقد وردت ع�رشات الروايات املؤكدة عىل أمهية هذا األمر، س�واء كان جمالس حسينية، أو بكاء عىل احلسن×، أو إظهار اجلزع واحلزن لتلك املصائب

األليمة.

الزيارة وأهميهتهالعل أهم ما ركز عليه أهل بيت العصمة والطهارة^ يف هذا املجال هو الزيارة، التي هي من أهم الش�عائر احلس�ينية التي مارس�ها أهل البيت^ بأنفس�هم، وحثوا أصحاهب�م عىل االلتزام هبا، وأرش�دوهم إىل الطريق األصح فيه�ا، فام أن تذكر زيارة س�يد الش�هداء أيب عبد اهلل احلس�ن× حتى ترد عىل ذهن اإلنس�ان املح�ب واملوايل عرشات بل مئات من الروايات الواردة عنهم^ يف فضلها، وثواهبا، واستحباهبا يف كل آن وزم�ان، بل وردت بعض الروايات املرصحة بوجوب الزيارة؛ وبذلك تكون م�ن مواطن التعبد هلل تعاىل، والتي حث عليها املعصوم بنفس�ه، وأداها بقوله وفعله، فتكون مظهرا من أهم مظاهر شعائر اهلل التي جيب تعظيهام لتحصيل تقوى القلوب.

)1) ابن طاووس، عيل بن موسى، اللهوف يف قتىل الطفوف: ص129.

168



168168



168168



168168



168


168168



168168



168


168


168168



168168



168


168


168


168168



168168



168


168


168


168168168


روا شـيعتنا بزيارة قرب احلسـني×، فـإن إتيانه فع�ن أيب جعف�ر الباق�ر×، قال: »مخ .(1(»ؤمن يقر للحسني× باإلمامة من اهلل فرتض عىل كل مخ مخ

ويف حديث آخر عن أم س�عيد األمحس�ية، عن أيب عبد اهلل×، قالت: »قال يل: يا أخم سـعيد، تزورين قرب احلسـني؟ قالت: قلت: نعم. فقال: زوريه، فإن زيارة قرب احلسني

واجبة عىل الرجال والنساء«)2).ويف رواي�ة ثالث�ة عن�ه×، ق�ال: »لـو أن أحدكم حج دهـره، ثم ل يزر احلسـني بن عي×، لكان تاركا حقا من حقوق رسول اهلل‘؛ ألن حق احلسني× فريضة من اهلل

واجبة عىل كل مسلم«)3).وبقراءة بس�يطة هل�ذه الروايات نراها تنطب�ق عىل مفهوم ش�عائر اهلل؛ ألن الزيارة ، وحكم من أح�كام اهلل تع�اىل، وأداء حق من حقوق�ه، ويف هذا واج�ب رشع�ياملجال قال العامة املرحوم الس�يد حمم�د جعفر املروج )ت1419ه�( يف حديثه عن الزيارة � بعد أن يأيت بأحاديث عدة يف أمهية الزيارة �: »يخفهم من هذه الرواية ونظائرها أن التمسك بحبل وليتهم، واإليامن بإمامتهم، ل يتم إل بزيارهتم )صلوات اهلل عليهم(، فـال يكـون أحد إماميـا إل بالعتقاد اجلنـاين بإمامتهم، واإلقرار اللسـاين هبا، واحلضور بالبدن العنرصي عند قبورهم. فالزيارة هي اجلزء األخر لسـبب اتصاف املسـلم بكونه إماميـا، وتركها كفقدان سـابقيها يوجـب الرفض املبعد عن رحته الواسـعة ـ أعاذنا اهلل تعاىل منه ـ فاإلمامة التي هي من أخصول الدين يتوقف التدين هبا عىل زيارهتم؛ فلها دخل

يف حتقق هذا األصل األصيل الذي هو أساس الدين«)4).أم�ا إذا أردن�ا قراءة الروايات التي تؤكد اس�تحباب زيارة احلس�ن× فهي كثرية جدا، نقرؤها يف بطون الكتب قديمها وحديثها، ونس�معها من رواد املنابر احلس�ينية

)1) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص236.)2) املصدر السابق: ص237.)3) املصدر السابق: ص238.

)4) املروج، حممد جعفر، منتهى الدراية يف رشح الكفاية: ج6، ص637� 638.

ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

169

التي تصدح ليل هنار يف رشق األرض وغرهبا، كلها حتث عىل زيارة سيد الشهداء× يف كل زم�ان ومكان، صباحا ومس�اء، ويف كل يوم وكل ليلة، وعند اخلوف والظلم، وعن�د الفس�حة واحلرية، ويف كرب�اء وغريها، بل ومن أبعد نقط�ة يف األرض، كلها

حتث عىل زيارة املوىل أيب عبد اهلل×، وتبن لنا عظيم الثواب واألجر للزائر.

الزيارة باملأثورمن األمور املهمة يف الزيارة ومن آداهبا هو الدعاء باملأثور، والسام عىل املعصومن ب�ام جاءنا من زيارات رويت ع�ن أئمة أهل البيت^، ودوهن�ا أصحاب املصنفات احلديثي�ة، ابت�داء من أصح�اب الكتب األربعة وم�ن تاهم، ثم الاح�ق فالاحق، ب�ل اختص�ت بعض الكتب بنقل الزيارات فقط، من قبي�ل: كتاب )كامل الزيارات( للعامة ابن قولويه القمي، و)املزار( للش�يخ املفيد، و)املزار الكبري( للمش�هدي، كام ذكر يف ترمجة شيخ الطائفة الطويس أن له كتابا مفقودا مجع فيه الزيارات، وغريها من

الكتب، وصوال إىل ساعة كتابة هذه السطور، بل وما قد سيأيت يف قابل األيام.وق�د ورد التأكيد الكبري عىل الزي�ارة باملأثور يف بعض النصوص الواردة عن أهل البي�ت^، فإهن�م^ كانوا إذا أوصوا ش�خصا بزي�ارة احلس�ن× يعلمونه كيفية الزي�ارة من خال قراءة النصوص املذكورة يف كل م�كان، بل أحيانا يؤكدون تأكيدا بالغ�ا أن تك�ون الزيارة هبذا النص بالدقة، كقول أيب عب�د اهلل الصادق× للمفضل: فضل، إذا أتيت قرب احلسـني بن عي× فقف بالباب، وقل هذه الكلامت، فإن لك »يا مخ

بكل كلمة كفال من رحة اهلل...«)1).ولذل�ك؛ كان أصحاب األئمة يعرف�ون أمهية النصوص؛ فكانوا يطلبون منهم أن يعلموهم كيفية الزيارة، فقد ورد يف زيارة عاش�وراء أن علقمة سأل اإلمام الباقر× قائ�ا: »علمنـي دعاء أدعو به ذلك اليوم إذا أنا زرته من قرب، ودعاء أدعو به إذا ل أزره


170



170170



170170



170170



170


170170



170170



170


170


170170



170170



170


170


170


170170



170170



170


170


170


170170170


من قرب، وأومأت من بخعد البالد، ومن داري بالسالم إليه...«، فعلمه اإلمام× دعاء الزيارة، وقال له بعد أن أتم الزيارة: »إن استطعت أن تزوره يف كل يوم هبذه الزيارة من

دارك فافعل«)1).وورد ع�ن اإلم�ام الص�ادق× يف الزي�ارة نفس�ها أنه ق�ال لعلقم�ة: »تعاهد هذه الزيـارة، وادعخ هبذا الدعاء، وزر به؛ فـإين ضامن عىل اهلل تعاىل لكل من زار هبذه الزيارة، رب أو بخعد أن زيارته مقبولة، وسـعيه مشـكور، وسـالمه واصل ودعا هبذا الدعاء من قخيبه، يا صفوان، وجدت هذه غر حمجوب، وحاجته مقضية من اهلل بالغا ما بلغت، ول يخالزيـارة مضمونـة هبذا الضامن عـن أيب، وأيب عن أبيه عي بن احلسـني^ مضمونا هبذا الضامن، واحلسـني عن أخيه احلسن مضمونا هبذا الضامن، واحلسن عن أبيه أمر املؤمنني مضمونا هبذا الضامن، وأمر املؤمنني عن رسـول اهلل‘ مضمونا هبذا الضامن، ورسـول

.(2(»...اهلل‘ عن جربئيل× مضمونا هبذا الضامن، وجربئيل عن اهللومم�ا تق�دم يتب�ن أن الزيارات ال بد أن تقرأ بنصه�ا؛ ألن أي تغيري فيها � وإن كان بس�يطا � هو تغي�ري ملعنى من املعاين املقصودة يف الزي�ارة، »فيخعلم إذن أن لعني األلفاظ خصوصية«)3) فيها؛ ولذلك قال الش�يخ عبد النبي العراقي )ت1385ه�( عن زيارة عاشوراء: »إن زيارة عاشوراء املعروفة كالم اهلل تعاىل، ول يمكن تغير ألفاظها، وجيب أن تخقـرأ باأللفاظ الـواردة عينها، لرتتب آثار دنيوية وأخخرويـة، وضعية وتكليفية عليها، وتغيرهـا اجتهـاد يف مقابـل النص، بل هو تر عـىل أحكام اهلل تعاىل، وحرمـان من آثار

وخواص العبادة بسبب ترك رشوطها«)4).وقد يكون الس�بب م�ن هذا التأكيد عىل نصوص الزيارات هو أهنا ترس�م صورة كاملة لش�رائع اإلسام أصوال وفروعا، وتعطي صورة كاملة للمزور، »بل هي نص

)1) الطويس، حممد بن احلسن، مصباح املتهجد وساح املتعبد: ص773 � 775.)2) املصدر السابق: ص781 � 782.

)3) العراقي، عبد النبي، الكنز املخفي.. دراسة يف زيارة عاشوراء: ص210.)4) املصدر السابق: ص207.

ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

171

ملعرفة املزور والعلم بمنزلته... ويف هذه الزيارات تكرر نعوت املزور حني السالم عليه، ول يكتفى بذكر السم؛ وذلك ألجل كشف مرتبة املزور لدى الزائر، وليعرف مدى ما حتمله معشـوقه وحمبوبه من مشاق يف سـبيل إعالء كلمة التوحيد، وإقامة الصالة، وأداء

الزكاة، وإحياء األمر باملعروف، والنهي عن املنكر، وتالوة كتاب اهلل و...«)1).وتأسيس�ا عىل ما تقدم فإن هذا الثواب كله، وهذا األجر كله، وهذه الربكة كلها، وهذا التأكيد كله عىل زيارة احلس�ن×، ليس عما ش�كليا يفعله الزائر، بالوصول إىل القرب وقراءة النص املأثور ثم ينتهي األمر، بل إهنا تتطلب أمورا مهمة، تستوجب منه االلتزام بام قرأه يف نص الزيارة، وما قاله يف مقام س�يد الش�هداء×، سيد شباب أه�ل اجلن�ة، وريانة رس�ول اهلل‘، خصوص�ا ونح�ن نعتقد أن اإلمام× يس�مع كامنا، ويرد س�امنا، ويش�هد مقامنا، فالزي�ارة وفق النصوص ال�واردة فيها تكون تعه�دا بالتمس�ك وااللتزام بام عاهد ب�ه الزائر اإلمام عليه يف حرضت�ه الرشيفة، ويف

تلك البقعة املباركة التي حتفها املائكة.وبن�اء ع�ىل ه�ذا فالزيارة نص عب�ادي نتعبد ب�ه إىل اهلل تعاىل بأداء م�ا ورد فيه من تعاليم تبني شخصية اإلنسان املؤمن، وترشده إىل الرصاط القويم، وهتديه إىل تعاليم اإلس�ام العظيم، بل هي متثل منهجا إس�اميا متكامل األركان يف أصوله وفروعه،

ويف عقائده وأحكامه، ويف آداب التعامل االجتامعي وغريها.هذا األمر يتأكد إذا تذكرنا أن نصوص الزيارات مل تكن من إنشاء أي شخص، بل إن أغلب الزيارات الواردة � إن مل نقل: كلها � صادرة من األئمة املعصومن كالباقر، والص�ادق، والكاظم، والرضا^، وص�وال إىل صاحب العرص والزمان#، فهي وثائق نورانية، نلتزم هبا ونتمس�ك بمفاهيمها؛ ألننا أقررنا هبا عىل أنفسنا حن تعبدنا

هلل تعاىل هبا يف املشاهد املطهرة.

)1) اآلميل، عبد اهلل جوادي، أدب فناء املقربن.. رشح زيارة اجلامعة الكبرية: ج1، ص34.

172



172172



172172



172172



172


172172



172172



172


172


172172



172172



172


172


172


172172



172172



172


172


172


172172172


وبالتأكي�د أن هل�ذه الزيارات أثرا يف مس�رية الث�ورة احلس�ينية، ويف إظهار مفهوم الش�عائر احلسينية بإعاء كلمة اهلل عاليا، ورفض الظلم والظاملن، ورفع كلمة احلق،

ونرصة اإلسام العزيز.ولننتق�ل إىل نص�وص الزيارة لنلحظ أثرها يف إحياء مفهوم الش�عائر احلس�ينية يف

النقاط اآلتية:

1ـ الزيارة تفاعل إجيابي يف النفوسيف أكثر نصوص الزيارة نجد دعاء الزائر لنفسه بالتوفيق، واملغفرة، والرمحة، وقد تتعدى لتصل إىل األمور املادية التي تعينه عىل قضاء حوائجه كس�عة الرزق وغريها، وه�ذه األم�ور كلها ترتك أث�را إجيابيا يف نفس الزائر املؤم�ن، وباخلصوص إذا تفاعل بروح�ه وقلب�ه مع هذا الن�ص الذي يقرؤه، فيحاول أن جيس�د ما ق�رأه عمليا بعد أن ينتهي من الزيارة، وباخلصوص إذا عرف أن اإلمام× حي يس�معه، ويشهد مقامه، وي�زداد هذا األمر إذا كان عارفا بمقام اإلمام احلس�ن× ودوره يف صناعة التاريخ، م�ن خال األخبار والروايات ال�واردة يف خصوص زيارته×، إضافة إىل أن زيارته هي من حقوق رسول اهلل‘ وآله األطهار^، فقد روي عنهم^: »إن لـمن أراد أن يقيض حق رسـول اهلل‘، وحق أمر املؤمنني، وحق فاطمة^؛ فليزر احلسـني×

يوم عاشورا«)1).فإذا عرف هذا كله، وعاش�ه بروحه وقلبه، تنطلق روحه، وهتيم به يف عامل العش�ق اإلهل�ي؛ لتحل�ق يف س�امء املعرفة والعل�م والنور، وحينئ�ذ خيرج من ذات�ه لينطلق إىل تصحيح مس�اره بام ينطبق مع مبادئ اإلس�ام، ويسعى أن جيسدها قوال وفعا، بعد أن توسل باهلل تعاىل أن يوفقه هلا، وهذا هو اهلدف األعىل املراد من الشعائر احلسينية.

ونجد هذا املعنى يف األمثلة اآلتية من الزيارة:


ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

173

»اللهم حببني إىل خلقك، وأفض عي من سـعة رزقك، ووفقني للقيام بأداء حقك، برحتك ورضوانك ومنك وإحسانك يا كريم«)1).

مرهتم، »اللهـم ثبتني عىل حمبة أوليائـك، ول تقطع أثري عن زيارهتم، واحرشين يف زخوادخلني اجلنة بشفاعتهم«)2).

فإذا ما رزق اإلنس�ان حب اخلائق، وتوس�ع رزقه، وتوف�ق ألداء حق اهلل تعاىل، وحق رس�وله وآل رس�وله^، س�وف يعمل عىل ما يقرب�ه إىل اهلل، ويزيد يف عمله، رجاء مغفرته، وجزيل إحس�انه؛ لينال رضا اهلل بشفاعتهم، واحلرش يف زمرهتم. وهذا ما حث عليه اإلس�ام يف رس�الته اخلالدة، وجس�ده اإلمام احلس�ن× الذي خرج

لنرش رسالة اإلسام احلقيقية.ويتب�ن ه�ذا األثر والتفاع�ل اإلجيايب يف ن�ص آخر م�ن الزيارة بص�ورة أوضح: »انقلبتخ يا سيدي عنكام تائبا، حامدا هلل، شاكرا، راجيا لإلجابة، غر آيس، ول قانط«)3).فلنتصور ما هو األثر الطيب، واإلحساس اجلميل الذي سيشعر به الزائر احلقيقي وهو يقرأ هذا النص، وياول أن يطبقه حقيقة عىل نفس�ه يف حياته العملية، وما يرتك ه�ذا التفاعل اإلجيايب عىل روحه التي س�تتعلق باهلل تعاىل أكث�ر وأكثر، وجتعله يرسح يف رحاب العشق اإلهلي، فالزيارة »ليست جمرد عمل تكريمي، احتفايل، يقوم به إنسان حي، لتكريم إنسان ميت، فإن الشيعي حني يقوم بالزيارة، يكون قد جدد صلته باإلسالم ككل، وعاهـد اهلل عىل التمسـك به، واحلفاظ عليه، وتطبيقـه يف حياته«)4)، وهذا املعنى س�يؤدي إىل إصاح النفس الت�ي تؤدي إىل إصاح املجتم�ع بالتدريج، فالنفس هي امليدان األول لإلصاح، فإذا قدر عليها اإلنسان كان عىل غريها أقدر، وهذا بالتأكيد م�ن أهداف ث�ورة احلس�ن× الذي ث�ار ألجلها، وهو ه�دف من أهداف الش�عائر

)1) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج101، ص232.)2) املشهدي، حممد بن جعفر، املزار الكبري: ص418.

)3) الطويس، حممد بن احلسن، مصباح املتهجد وساح املتعبد: ص780.)4) شمس الدين، حممد مهدي، واقعة كرباء يف الوجدان الشعبي: ص61.

174



174174



174174



174174



174


174174



174174



174


174


174174



174174



174


174


174


174174



174174



174


174


174


174174174


احلس�ينية؛ إذ س�تتحول هبذا املفه�وم إىل مدرس�ة إهلية لتغيري املجتمع نحو األحس�ن انطاقا من تغيري الفرد.

2ـ الزيارة تبعث اجلذوة اإلميانيهة يف النفسهن�اك كثري من نصوص الزيارات توقد اجلذوة الرس�الية، وتبعث روح الثورة يف نفس اإلنس�ان املؤمن؛ لينطلق حاما مش�عل اإلي�امن ضد الظل�م والظاملن، رافضا الواق�ع الفاس�د ال�ذي متر ب�ه األم�ة يف كل وقت، ليح�اول أن يغري ويصل�ح، وجيدد

ويعمر ما فسد من أمور الدين والدنيا.ف�إذا وعى م�ا يقرأ من نصوص، ومتثل موقف س�يد الش�هداء يف رمضاء كرباء، وهو يسطر بدمه أروع ملحمة عرفها التاريخ ليس ليشء إال ليحيي اإلسام األصيل يف النف�وس، ف�إذا وعى املرء ه�ذا كله، وتأصل يف نفس�ه، انطلق ثائرا ض�د كل ظلم وفساد، أينام حل وارحتل؛ ومن هنا كان احلسن× مثاال للثائرين يف أغلب الثورات حت�ى عند غري املس�لمن، فهذا غاندي ونظراؤه من الثوار غري املس�لمن اس�تلهموا من احلس�ن× رفض الظلم والطغيان، ويف تارخينا اإلس�امي كثري من األمثلة عىل اس�تلهام روح الث�ورة من احلس�ن×، كث�ورة التواب�ن واملختار الثقف�ي وغريمها، وس�يبقى ه�ذا اخلط يتج�دد كل يوم حتى ظه�ور احلجة املنتظر#، الذي س�يكون

شعاره: )يا لثارات احلسن(.ونح�ن نلح�ظ هذا املعنى يف عدد من نصوص الزيارات الواردة؛ إذ جاء فيها عىل

سبيل املثال ال احلرص:»أشـهد أنك صادق صديق، صدقت فيام دعوت إليه، وصدقت فيام أتيت به، وأنك

ثار اهلل يف األرض، من الدم الذي ل يخدرك ثأره من األرض إل بأوليائك«)1).فالزائ�ر املؤم�ن حن يقرأ ه�ذا النص، ويتفاع�ل معه تعود اجلذوة احلس�ينية إليه،


ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

175

وهو يطلب أن يكون ممن يدرك هذا الثأر مع إمام منصور بالعدل؛ ليأخذ بثأر احلسن الشهيد يف حتقيق أهدافه التي ضحى بالغايل والنفيس من أجلها، وهكذا يكون قامعا للظامل�ن، ن�ارصا للمؤمنن، س�اعيا إلقامة دولة الع�دل اإلهلي التي س�عى إليها كل األنبياء واملرس�لن ع�ىل طول خط الرس�الة اإلهلية، وهذا ما كان يصبو إليه احلس�ن

الشهيد× حن خرج ثائرا بوجه يزيد.ونقرأ يف زيارة أخرى: »أشـهد أنك كنت عىل بينة من ربك، قد بلغت ما أخمرت به، وقمـت بحقـه، وصدقت من كان قبلـك، غر واهن ول موهن، صىل اهلل عليك وسـلم تسليام، فجزاك اهلل من صديق خرا عن رعيتك. أشهد أن اجلهاد معك جهاد، وأن احلق

معك وإليك، وأنت أهله ومعدنه، ومراث النبوة عندك وعند أهل بيتك^«)1).فه�ذا النص يطلق الداف�ع النفيس للثورة ض�د الظاملن ورفضه�م؛ لتغيري الواقع الفاس�د إىل واق�ع س�ليم، وهذا ما كان احلس�ن× هي�دف إليه يف ثورت�ه املباركة، إذ وقف بن تلك اجلموع، وخطب فيهم قائا: »أهيا الناس، إن رسـول اهلل‘، قال: من الفا لسنة رسول اهلل‘، يعمل سـتحال حلرم اهلل، ناكثا لعهد اهلل، خمخ رأى سـلطانا جائرا مخيف عبـاد اهلل باإلثـم والعدوان، فلم يخغر عليـه بفعل ول قول، كان حقا عىل اهلل أن يخدخله دخله، أل وإن هؤلء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحن، وأظهروا الفساد، مخوعطلـوا احلدود، واسـتأثروا بالفـيء، وأحلوا حرام اهلل، وحرموا حاللـه، وأنا أحق من

غر...«)2).فالزائ�ر ح�ن يتمث�ل ه�ذا املوقف وغ�ريه م�ن مواقف الط�ف، وه�و يتأمل هذه النص�وص التي تش�ع ث�ورة وانتفاضة، ضد الباطل ياول أن يتأس�ى باحلس�ن×، ويقتدي بنهجه، خصوصا وأن احلس�ن قدوة وأس�وة منذ ق�دم الزمان، فعن أيب عبد

اهلل×، قال: »إن إسـامعيل الذي قـال اهلل يف كتابه: )ٺ ٿ ٿ ٿٿ ٹ ٹ

)1) املصدر السابق: ص372.)2) الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج5، ص403.

176



176176



176176



176176



176


176176



176176



176


176


176176



176176



176


176


176


176176



176176



176


176


176


176176176


ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ()1)، ل يكن إسامعيل بن إبراهيم، بل كان نبيا من األنبياء بعثه اهلل إىل قومه، فأخذوه، فسـلخوا فروة رأسـه ووجهه، فأتاه ملك، فقال: إن اهلل )جل

رين بام شئت. فقال: يل أخسوة بام يخصنع باحلسني«)2). جالله( بعثني إليك، فمخوقد أخرب أمري املؤمنن× اإلمام احلسن× بأنه األسوة والقدوة؛ فقد روي عن ما. دخ اإلم�ام الصادق× أن�ه قال: »قال عي× للحسـني: يا أبا عبد اهلل، أخسـوة أنت قخعلـت فمداك، ما حايل؟ قـال×: علمت ما جهلوا، وسـينتفع عال بام علم، فقـال×: جخيـا بخني، اسـمع وأبرص من قبـل أن يأتيك، فو الذي نفيس بيده، ليسـفكن بنو أخمية دمك، زيلونك عن دينك، ول يخنسـونك ذكر ربك. فقال احلسني×: والذي نفيس بيده ثم ل يخ

حسبي، أقررت بام أنزل اهلل، وأخصدقخ قول نبي اهلل، ول أخكذب قول أيب«)3).وم�ن النص�وص الت�ي تصعد ال�روح الثورية لإلنس�ان املؤمن الزائ�ر، ما جاء يف إح�دى الزي�ارات لع�يل بن احلس�ن×: »بـأيب أنت وأخمـي من مذبـوح ومقتـول من قدم بني رم، وبأيب أنت وأخمي دمك املرتقى به إىل حبيب اهلل، وبأيب أنت وأخمي من مخ غر جخرقا عليك قلبه، يرفع دمك بكفه إىل أعنان السامء يدي أبيك، حيتسـبك ويبكي عليك، حمخل ترجع منه قطرة، ول تسـكن عليك من أبيك زفرة، ودعك للفراق، فمكانكام عند اهلل

نعمني، أبرأخ إىل اهلل ممن قتلك وذبحك«)4). مع آبائك املاضني، ومع أخمهاتك يف اجلنان مخفه�ذا الن�ص وم�ا في�ه م�ن تصوي�ر فن�ي بدي�ع للمصائب الت�ي حدث�ت عىل آل الرس�ول^ تصع�د يف نف�س املوايل احلقيق�ي روح الث�ورة ضد من ينتهج أس�لوب قتلة احلس�ن يف كل زمان؛ إذ إن قتلة احلس�ن يتجددون يف كل عرص، فاملنهج واحد، واألش�خاص متغ�ريون، وما نراه اليوم من حرب يف عدد م�ن بلدان العامل كالعراق، وس�وريا، واليمن، ولبنان، ونيجرييا، ضد املنهج احلس�يني، هو امتداد لنهج بني أمية

)1) مريم: آية54.)2) الصدوق، حممد بن عيل، علل الرشائع: ج1، ص135� 136.

)3) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص150.)4) املصدر السابق: ص415 � 416.

ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

177

يف إسكات صوت احلق، ولكن يريدون ويريد اهلل، ويمكرون ويمكر اهلل، قال تعاىل: )ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ()1).

ويف هذه النصوص بعد س�يايس ال خيفى عىل املتأمل فيها، فهذا البعد الثوري هو ما كان يقلق الظاملن منذ أيام مقتل احلس�ن× وإىل يومنا هذا؛ لذا نراهم قد حاربوا احلس�ن× وقتلوه، ومل يكفه�م هذا األمر فقط، بل ظلوا ياربون احلس�ن× وهو يف ق�ربه، فمرة يرثون القرب، وخيفون معامله، وأخ�رى يمنعون الزائرين، ويقتلوهنم، ويقطعون أيدهيم وأرجلهم، حتى وصل هبم مس�توى اإلجرام يف عرصنا احلارض إىل

التفخيخ والتفجري، والرضب باألسلحة احلديثة. فنداء احلس�ن× ب�اق ومتجدد عرب العصور، هيز ع�روش الظاملن ما دام املؤمن نجز لكم مـا وعدكم، تلـت مظلومـا، وأن اهلل مخ امل�وايل يق�رأ يف الزيارة: »أشـهد أنك قخسلم لكم وتابمع، وأنا لكم تابمع، ونخرصيت جئتك يا بن أمر املؤمنني وافدا إليكم، وقلبي مخعـدة، حتى حيكم اهلل وهو خر احلاكمني، فمعكـم معكم ل مع عدوكم، إين بكم لكـم مخوبإيابكم من املؤمنني، وبمن خالفكم وقتلكم من الكافرين، قتل اهلل أخمة قتلتكم باأليدي

واأللسن«)2).وم�ا دام الزائ�ر يق�رأ ويتمثل املوقف: »السـالم عليك يـا ثار اهلل وابن ثـاره والوتر املوتـور... فلعـن اهلل أخمـة قتلتك، ولعـن اهلل أخمة ظلمتـك، ولعن اهلل أخمة سـمعت بذلك

فرضيت به«)3).»السالم عليك يا حجة اهلل وابن حجته، السالم عليك يا قتيل اهلل وابن قتيله، السالم عليك يا ثار اهلل وابن ثاره، السالم عليك يا وتر اهلل املوتور يف الساموات واألرض، أشهد أن دمك سـكن يف اخللد، واقشـعرت له أظلة العرش، وبكى له مجيع اخلالئق، وبكت له

)1) التوبة: آية32.)2) الطويس، حممد بن احلسن، هتذيب األحكام: ج6، ص66.

)3) الطويس، حممد بن احلسن، مصباح املتهجد وساح املتعبد: ص720.

178



178178



178178



178178



178


178178



178178



178


178


178178



178178



178


178


178


178178



178178



178


178


178


178178178


الساموات السبع واألرضون السبع، وما فيهن وما بينهن...«)1).إن ه�ذه املضامن � ال�واردة يف الزيارة � كان يتوخاها احلس�ن× يف ثورته، وقد جس�دها بنفس�ه، فكان األنم�وذج األع�ىل للتضحية والف�داء يف تاري�خ البرشية؛ إذ ضح�ى من أج�ل مبدئه العظيم، مبدأ اإلس�ام؛ ف�إذا متثلها الزائ�ر احلقيقي ووعاها بدقة، ووعى السبب الذي جعل احلسن× يضحي بدمائه الزكية من أجلها، فسوف ياول أن يسري عليه، ويرفض كل ظلم، حتى وإن أدى به ذلك إىل القتل، أو السجن، أو الترشي�د، أو غريها. وقد أبرز لنا التاريخ كثريا من األس�امء التي س�ارت عىل هنج احلس�ن× عىل الرغم من املصائب التي جرت عليهم، مس�تمدين ذلك من ش�عرية زيارة احلس�ن×، فكانت هي املحرك األس�اس لتعبئة »اجلامهر نفسيا وماديا لعملية التغيـر والتضحيـة، وهذا ما حـدث يف كثر من مواسـم الزيارات التـي كانت الرشارة األخوىل لتغيـر حكم الطواغيـت واجلبابرة، كام حدث يف ثورة التوابني قديام، وثورة صفر يف العراق عام )977)م(، وما بينهام، وما بعد ذلك من تاريخ طويل عريض من الثورات

والنتفاضات«)2).

ق املفاهيم اإلسالمية يف النفوس 3ـ الزيارات تعمهكان اإلم�ام احلس�ن × � ك�ام أس�لفنا � يريد جتس�يد اإلس�ام بش�كله احلقيقي،

فجاهد وقدم نفسه من أجل هذا املبدأ، )واجلود بالنفس أقىص غاية اجلود(.وإذا انتقلنا إىل نصوص الزيارة نرى أهنا جتسد للواقع اإلسامي الصحيح أصوال

وفروعا.فف�ي أص�ول الدين ويف البعد التوحي�دي يقول الزائر يف بداي�ة الزيارة: »اهلل أكرب بحان اهلل بخكرة وأصيال«)3)، فيكون مفتاح الزيارة توحيد اهلل تعاىل. ونقرأ يف كبرا، وسخ

)1) الكليني، حممد بن يعقوب، األصول من الكايف: ج2، ص576.)2) الكروي، حممد، الشعائر احلسينية.. آثار ونتائج، جملة اإلصاح احلسيني: العدد 13، ص81.

)3) املشهدي، حممد بن جعفر، املزار الكبري: ج4، ص30.

ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

179

نصوص أخرى من الزيارة: »احلمد هلل الواحد املتوحد باألخمور كلها، خالق اخللق، ول نتهى ب عنه يشء من أخمورهم، وعلم كل يشء بغر تعليم... ل إله إل اهلل يف علمه مخ يعزخنتهى علمه... ل إله نتهى علمه، ل إله إل اهلل مع علمه مخ علمـه، ل إلـه إل اهلل بعد علمه مخصيـه غـره، قبل كل أحد، وبعد كل أحد، ومـع كل أحد، وعدد كل إل اهلل هتليـال ل حيخ

أحد...«)1).ويف مق�ام النب�وة نرى تأكيدا كثريا عىل نبوة رس�ول اهلل‘، فام أن يدخل الزائر يف رحاب املش�هد الرشيف حتى يصيل عىل النبي‘، ويشهد له بالرسالة، ويف كثري من نصوص الزيارة � إن مل نقل: كلها � ش�هادة من الزائر برس�الة الرس�ول: »وأشـهد أن

حممدا عبده ورسوله«، »جئتخك يا بن رسول اهلل«، »السالم عليك يا بن رسول اهلل...«.وكذل�ك األم�ر يف مق�ام اإلمامة والوالية إذ نقرأ: »وأشـهد أنك اإلمـام الرب التقي لدك كلمة التقوى، وأعالم اهلدى، الريض الزكي اهلادي املهدي، وأشهد أن األئمة من وخ

والعروة الوثقى، واحلجة عىل أهل الدنيا«)2).ولع�ل م�ن نصوص الزي�ارة ما مجع ع�ددا من االعتق�ادات، فق�د ورد يف إحدى ، وأن الزيارات: »اللهم إين أخشـهدك وكفى بك شـهيدا، فاشـهد يل أين أشـهد أنك حق، وأن ، وأن فعلك حق ، وأن قدرك حق ، وأن قضاءك حق ، وأن قولك حق رسولك حقيي املوتى، وأنك باعث من يف يت األحياء، وأنك حمخ ، وأنك ممخ ، وأن نارك حق جنتك حق

لف امليعاد«)3). القبور، وأنك جامع الناس ليوم ل ريب فيه، وأنك ل ختخفه�ذا الن�ص جيم�ع أص�ول الدي�ن الت�ي يعتقد هب�ا املؤمن امل�وايل، وه�ذا ما كان احلس�ن× يري�ده من ثورت�ه، إذ كان يوحد اهلل وهو يف ميدان احل�رب، وكان يؤمن بقض�اء اهلل وعدل�ه ومعاده، وه�و ما يريده منا ونحن نقوم بالش�عائر املقامة باس�مه،

)1) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص398 � 399.)2) الطويس، حممد بن احلسن، مصباح املتهجد وساح املتعبد: ص721.


180



180180



180180



180180



180


180180



180180



180


180


180180



180180



180


180


180


180180



180180



180


180


180


180180180


لنراه× وهو يف آخر حلظات حياته املباركة يرفع رأس�ه إىل الس�امء قائا: »صربا عىل قضائك يا رب، ل إله سـواك، يا غياث املسـتغيثني، ما يل رب سواك، ول معبود غرك، يي املوتى، يا قائام عىل كمك، يا غياث من ل غياث له، يا دائام ل نفاد له، يا حمخ صربا عىل حخ

م بيني وبينهم، وأنت خر احلاكمني«)1). كل نفس بام كسبت، احكخففي كل كلمة من كلامت احلسن× مدرسة تربوية وعقدية كاملة متثل جانبا من جوانب ثورته اإلصاحية، وهذا ما جيب أن نتأمله يف كل ممارس�ة ش�عائرية نقوم هبا؛

لكي يتحقق اهلدف األسمى من الشعائر، وهو إحياء أمر اهلل تعاىل.ه�ذا يف جان�ب أصول الدين، وهناك جانب آخر يف ف�روع الدين أكدته الزيارات أيضا: »أشـهد أنك قـد أقمت الصالة، وآتيـت الزكاة، وأمرت باملعـروف، وهنيت عن املنكـر«)2)، وهذه مجلة من فروع الدين التي كان احلس�ن× مث�اال أعىل يف تطبيقها. وال بد لنا ونحن نشهد للحسن× هبذه الشهادة أن نطبقها قوال وفعا، ونجسدها حقيقة؛ إذ هذه الش�هادة لنا وليست للحس�ن×، فيصبح هو× شهيدا علينا، وقد اس�تنتج هذا املعنى � من عدة آيات من القرآن الكريم � آية اهلل املرحوم الش�يخ حممد مه�دي اآلصفي+ )ت1436ه�( يف بحث له ع�ن الزيارة، فقال: »فينقلب الزائرون من موقع الشـاهد إىل املشـهود، وينقلب الذين نقصدهم بالزيارة، ونشـهد هلم بالصالة

والزكاة واألمر باملعروف واجلهاد من موقع املشهود له إىل موقع الشاهد«)3).وهذا املعنى أيضا من تعاليم اإلسام، فالرسول وآله األطهار^ هم شهداء عىل األمة، وقد وردت عدة أحاديث عنهم^ أهنم ش�هداء عىل الناس، وأعامل اإلنسان تعرض عليهم، فإذا أحس اإلنسان هبذه الشهادة العظيمة عليه من قبل أعظم اخللق،

)1) املقرم، عبد الرزاق، مقتل احلسن×: ص297.وص379، وص378، وص376، ص371، الزيارات: كامل حممد، بن جعفر قولويه، ابن (2(

وص380، وص402.)3) اآلصفي، حممد مهدي، يف رحاب عاشوراء: ج4، ص231.

ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

181

سيسعى إىل حتسن حاله، وااللتزام بأوامر اإلسام، وهذا ما أراده احلسن×.وق�د كان احلس�ن× يطبق ف�روع الدين الت�ي وردت يف نص الزيارة يف س�احة املعركة، فها هو يطلب من القوم أن يؤخروا القتال يف اليوم التاسع؛ لكي يصيل لربه، ويق�رأ الق�رآن، ويطلب أن يتوقف القت�ال أثناء املعركة لكي ي�ؤدي صاته، وها هو يأم�ر باملع�روف، وينهى عن املنكر، ويرصح هبذا الفرع من ف�روع الدين يف أول بيان

لثورته املباركة.ومن فروع الدين األخرى التي وردت يف الزيارة: الوالء والرباءة، ومها من أعظم فروع الدين، فقد ورد التأكيد واحلث عليهام يف الزيارة، ففي إحدى الزيارات: »أخشهد سـتبصـر ؤمـن بكم وبـام آمنتم به، كافـر بعدوكم، وبام كفرتم به، مخ اهلل وأخشـهدكم أين مخم، عاد هلخ بغض ألعدائكم، ومخ وال لكـم وألوليائكم، مخ بشـأنكم وبضاللة من خالفكم، مخ

بطل ملا أبطلتم«)1). قق ملا حققتخم، مخ سلم لـمن ساملكم، ]و[ حرب لـمن حاربكم، حمخ

عتصمني بحبله، عارفني سـلمني لـه، مخ ؤمنني به، مخ ويف ن�ص آخر: »اللهم إنا أتيناه مخسـتبرصين بضاللة من خالفه، عارفني باهلـدى الذي هو عليه. قريـن بفضله، مخ بحقـه، مخ

ؤمن، وأين بمن قتلهم كافر«)2). اللهم إين أخشهدك وأخشهد من حرض من مالئكتك أين هبم مخويف ن�ص ثالث: »لخعنت أخمة قتلتكم، وأخمـة خالفتكم، وأخمة جحدت وليتكم، وأخمة

ظاهرت عليكم، وأمة شهدت ول تخستشهد«)3).

وهكذا يتبن الوالء الذي هو من أساسيات الدين، وتتبن الرباءة التي هي مكملة للوالء.

إذا؛ هك�ذا تتب�ن أص�ول الدي�ن وفروع�ه يف الزي�ارات وتظه�ر بأج�ىل وأوضح صورها، مبينة اإلسام بصورته احلقيقية التي هنض احلسن× من أجلها.

)1) الصدوق، حممد بن عيل، من ال يرضه الفقيه: ج2، ص614.)2) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص417.


182



182182



182182



182182



182


182182



182182



182


182


182182



182182



182


182


182


182182



182182



182


182


182


182182182


وهبذا الفهم لش�عرية الزيارة فإهنا تكون امتدادا لنهضة احلس�ن×، ومكملة هلا، فثورته هي اإلس�ام، والزيارة توضح معامل اإلسام بمنظومة متكاملة تبن الرشيعة والعقيدة واألخاق، وترسم لنا صورة احلسن الشهيد يف ذلك املوقف املهول، فهي

وثيقة ربانية نتعبد هبا إىل اهلل، ووثيقة تارخيية ندين هبا الظلم والظاملن.وهبذا الفهم للزيارات نستطيع فهم معنى الروايات الكثرية الواردة يف فضل زيارة

احلسن×، وأهنا تعدل احلج والعمرة و...وق�د أج�اد العام�ة املرحوم الش�يخ باق�ر رشي�ف الق�ريش& )ت1433ه�( إذ س�مى كتابا له كتبه يف آخر عمره باسم )زيارات اإلمام احلسن× نص�ر لإلسام(، وق�ال فيه: »لقد اهتم أئمة اهلدى^ بزيارة سـيد الشـهداء×، وذكروا األجر اجلزيل الـذي حيظـى به الزائر، كام ذكرنا أخبارهم، ولعل السـبب فيام نحسـبه أن بقاء اإلسـالم

ببقـاء ذكرى احلسـني×؛ ألن فيها التضحية اخلالصة لوجه اهلل تعاىل، وإقامة اإلسـالم،

وأن القضـاء عليها وعـىل جمالس العزاء قضاء عىل مبدأ أهل البيـت^، الذين يمثلون

اإلسالم بجميع مقوماته«)1).

فإذا وعى الزائر هذه املعاين وغريها مما احتوهتا الزيارات املقدسة كان زائرا حقيقيا هيدف إىل ختليد ثورة احلس�ن×، والس�ري عىل هنجها عمليا، وإذا جس�دها حقا كان من الذين ييون أمر أهل البيت^، ويرفعون مفهوم )ش�عائر اهلل(، ويصلون عىل تقوى القلوب، ومن أحيى هذا األمر استحق دعوة املعصوم×: »رحم اهلل من أحيى

أمرنا«)2)، وبذلك يكون من الفائزين يف الدنيا واآلخرة.نس�أل اهلل أن يوفقن�ا مل�ا ي�ب وي�رىض، وجيعلنا ومجي�ع املؤمنن مم�ن وعى ثورة احلسن× بوعي اإلسام يف أصالته، وحركيته، وواقعيته، وإنسانيته، وممن يسريون

)1) القريش، باقر رشيف، زيارات اإلمام احلسن× نرص لإلسام: ص72.)2) الطويس، حممد بن احلسن، هتذيب األحكام: ج10، ص92.

ية سين

احلئر

شعايف ال

رة زيا

ة المهي

أ

183

عىل هنجه، وينظرون إىل كل جانب من جوانب الش�عائر احلس�ينية ومنها الزيارة عىل أهن�ا امت�داد وختليد لتل�ك الثورة اخلال�دة إلحياء اإلس�ام، ونرش العدل والقس�ط، ورف�ض الظلم والظاملن، وتربي�ة النفس، والتضحية بكل غ�ال ونفيس ألجل املبدأ

املقدس.وآخ�ر دعوان�ا أن احلم�د هلل رب العامل�ن، وص�ىل اهلل ع�ىل حمم�د وآل�ه الطيب�ن

الطاهرين.

الركائز األساسية لوعي نهضة اإلمام احلسني×الشيخ جميل الربيعي*

متهيدال خيتلف اثنان أن النهضة احلسينية هنضة إسامية شكا ومضمونا، قلبا وقالبا، يف أهدافها ومبادئها وأساليبها وشعاراهتا ونتائجها، ومجيع منطلقاهتا؛ ولذلك ال يمكن ألحد مهام أويت من عمق فكري، وغزارة علمية، وقدرة حتليلية، أن يفهم ويعي هذه احلركة الكونية، ما مل يفهم ويعي اإلس�ام فهام ووعيا ش�موليا أصيا بجميع أبعاده العقائدية، أو احلكمية الترشيعية، فقد انطلق احلسن× لإلسام وباإلسام، وجسد مجي�ع مبادئه، وأحكام�ه، وأخاقياته يف كل خطوة خطاها، من�ذ أن خرج وإىل حلظة استش�هاده؛ ولذلك بقي صوته مدويا عىل طول حركة التاريخ، وس�وف يس�تمر إىل يوم الظهور الش�امل لإلسام، وس�يطرته عىل مجيع مواقع احلياة، رافعا راية التوحيد بيد خليفة احلسن× بقية اهلل األعظم#، بل إىل يوم القيامة، يوم يرش اهلل اخلائق

بن يديه: )گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ()1).وتأسيسا عىل ذلك، ال بد أن نحدد الركائز األساسية لوعي هذه احلركة اإلسامية،

فنذكر منها:

الركيزة األوىل: الوعي الصحيح لإلسالمال بد من الوعي الصحيح الش�امل لإلس�ام بكل متبنيات�ه الفكرية، والعقائدية،

* باحث وكاتب إسامي، من العراق. )1) النجم: آية31.

188



188188



188188



188188



188


188188



188188



188


188


188188



188188



188


188


188


188188



188188



188


188


188


188188188



188188



188


188


188


188


188


188188


واحلكمي�ة، واألخاقي�ة الس�لوكية، وب�كل م�ا تش�تمل علي�ه م�ن تفاصي�ل تل�ك احلقائق األساس�ية التي جتس�دت يف كتاب اهلل، وسنة رس�وله‘، واألئمة من ذريته الطاهري�ن^، فكام ال يمك�ن أن نطلق صفة اإليامن بكتاب اهلل عىل ش�خص يؤمن ببعض�ه ويكف�ر ببعض�ه اآلخر، كذل�ك ال يمكن أن نطل�ق صفة الوالء الس�ليم عىل شخص يؤمن باحلسن× يف جانب من جوانب الوالء، وينكر أو يتجاهل اجلوانب األخ�رى، س�واء كان�ت عىل املس�توى الفك�ري، أم العاطف�ي، فا يمك�ن أن يكون التواص�ل مع احلس�ن× تواصا س�ليام ما مل يش�مل مجي�ع جوانب الوع�ي اإليامين والعميل عىل مس�توى األفكار، واملفاهيم، واألح�كام، بل حتى العواطف من احلب

والبغض، والقبول والرفض.وبناء عىل ذلك، إذا أردنا أن نربط املس�رية اإلنس�انية بمس�رية اإلمام احلسن×؛ ليبق�ى حم�ركا لعجل�ة التغيري م�ن الواقع الفاس�د إىل الواقع الس�ليم، فا ب�د أن نعيد لإلنس�انية الفهم والوعي الصحيح لإلس�ام أصال�ة، وعمقا، وش�مولية، وواقعية، وإنس�انية؛ ألن أعداء اإلس�ام قد بذلوا أقىص جهودهم لتغيري مفهوم اإلس�ام عن مس�اره الصحيح، املوافق لكتاب اهلل، وس�نة رس�وله‘، وأوصيائه املعصومن من بع�ده^، حن عجزوا عن مواجه�ة امتداده بالتصفية اجلس�دية عىل طول التاريخ، وأيقن�وا أن املواجه�ة املب�ارشة باحلرب العس�كرية أو املواجهة الفكري�ة والعلمية مع اإلس�ام ال تزي�د املس�لمن إال إرصارا عىل التمس�ك بمبادئ�ه الس�اموية، وثباتا عىل

عقائده وأحكامه.ولذلك انتهجوا مناهج متلفة لتش�ويه صورته، منها: دعواهم أنه ليس إال عاقة فردية بن العبد وربه، بعيدا عن ش�ؤون احلياة السياسية، واالجتامعية، واالقتصادية؛ ولذلك قالوا: إن اإلس�ام دين س�اموي عبادي قيم، ولك�ن ال عاقة له باالقتصاد، والسياسة، واالجتامع، ومن هنا طرحوا فكرة عزل الدين عن الدولة، وعن السياسة، وعن االجتامع، وحبسوه يف قمقم حمكم؛ ليعيش فيه املسلم منعزال، ال شأن له بالعامل

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

189

م�ن حول�ه، وراح أولئك يؤكدون أن اإلس�ام ال عاقة له بش�ؤون احلياة األخرى، وإنام جيب أن ترتك ألهلها العاملن هبا، يقول أحد فقهائنا العظام يف ذلك: »رسموا له ]أي لإلس�ام[ صورة مشـوهة يف أذهان العامة من الناس، وغرسـوها حتى يف املجامع العلميـة، وكان هدفهـم مـن وراء ذلك إمخاد جذوتـه، وتضييع طابعـه الثوري احليوي،

حتى ل يفكر املسلمون يف السعي لتحرير أنفسهم، وتنفيذ أحكام دينهم«)1).وخاصة القول: إذا أردنا للمجتمع اإلنس�اين أن يعي هنضة احلس�ن× ليصلح هبا ويتغري بواس�طتها � فهي هنضة إص�اح وتغيري، وتركيز إلرادة التغيري واإلصاح ز عىل الفهم الس�ليم للدين واإلس�ام، وأنه دين يف نفوس املس�لمن � فا بد أن نركاهلل ال�ذي أراد إنق�اذ البرشي�ة من بؤس�ها وش�قائها، وأن »الدين ليس كلـامت جامدة ترددها الشـفاه، ول طقوسـا تقليدية تؤدهيا العضالت، وإنام هو عقيدة، وكيان، ومنهج لقية، ينبثق عنها نظام كامل لإلنسانية، يف التفكر«)2)، وأن اإلسام: »عقيدة معنوية وخخد، ويضع هلا هدفا أعىل يف ذلك الشـوط، ويعرفها عىل يرسـم هلا شـوطها الواضح املحد

مكاسبها منه«)3).فإذا وعى املس�لم أن اإلس�ام يام�س كل جزئيات حيات�ه الفكرية واألخاقية، واالجتامعي�ة والسياس�ية، وأنه حركة يف املجتمع تأمر باملع�روف، وتنهى عن املنكر، وتنرش مبادئ احلق والعدل واجلامل، ونظام ومنهج ينظم مس�ريته يف احلياة الدنيا من س�اعة مولده يف الدنيا إىل س�اعة مغادرت�ه هلا، بل وما بعد الدنيا أيض�ا، حينئذ يمكن أن يفه�م ويعي هنضة احلس�ن×، ويرتس�م كل خطواهتا، ويعيش�ها منهج�ا تغيرييا وإصاحي�ا نابض�ا باحليوية واحلركي�ة التي ال تقف متفرجة عىل الواقع الفاس�د، بل تعم�ل عىل تغيريه إىل الواقع األس�لم، أو تصعقه صعقة توقظ إحساس�ه ومش�اعره،

)1) اإلمام اخلميني، روح اهلل، احلكومة اإلسامية: ص8.)2) الصدر، حممد باقر، املدرسة القرآنية: ص364.

)3) الصدر، حممد باقر، فلسفتنا: ص59.

190



190190



190190



190190



190


190190



190190



190


190


190190



190190



190


190


190


190190



190190



190


190


190


190190190



190190



190


190


190


190


190


190190


وتبع�ث في�ه روح الثورة والنه�وض ضد كل م�ا خيالف مبادئ اإلس�ام وأحكامه، ولعل هذا ما أراده احلسن× حن خاطبه مروان ودعاه لبيعة يزيد قائا: »يا أبا عبد اهلل، إين لك ناصح، فأطعني تخرشـد، فقال احلسـني×: وما ذاك، قل حتى أسمع؟ فقال مروان: إين آمرك ببيعة يزيد بن معاوية؛ فإنه خر لك يف دينك ودنياك، فقال احلسني×: إنا هلل وإنا إليه راجعون، وعىل اإلسـالم السـالم، إذ قد بخليت األخمة براع مثل يزيد، ولقد

سمعتخ جدي رسول اهلل‘ يقول: اخلالفة حمرمة عىل آل أيب سفيان«)1).ونحن نستوحي من رد احلسن× عىل الرجس مروان، حالة األسى واحلزن عىل ما وصلت إليه األمة من الفهم املتدين لإلس�ام؛ لذا نراه يس�رتجع بحزن عميق، كام أن قوله×: »وعىل اإلسالم السالم...« يوحي بأن األمة إذا انحرف فهمها لإلسام، فاخلطر يكون حمدقا باإلس�ام بالذات؛ إذ س�يكون يف مهب رياح األهواء السياس�ية التي تعصف به، وهلذا كان رد احلسن× ملروان عنيفا جدا، إذ قال � حن طال إحلاح م�روان علي�ه �: »وحيك، أتأمـرين ببيعة يزيد وهو رجل فاسـق؟! لقد قلت شـططا من القول، يا عظيم الزلل، ل ألومك عىل قولك؛ ألنك اللعني الذي لعنك رسـول اهلل‘، وأنت يف صلب أبيك احلكم بن أيب العاص؛ فإن من لعنه رسول اهلل‘ ل يمكن له، ول منـه ]إال[ أن يدعـو إىل بيعـة يزيد. ثم قال: إليك عني يا عدو اهلل، فإنا أهل بيت رسـول

اهلل‘، واحلقر فينا، وباحلق تنطق ألسنتنا«)2).وهكذا يتضح لنا أن احلس�ن× أراد من ثورته إرجاع األمة إىل أصالة اإلس�ام املتجسدة يف الكتاب والسنة، كام أراد أن يوضح لألمة أن هؤالء الذين تسنموا عرش اخلافة باإلس�ام ليس�وا من اإلس�ام بيشء، فإس�امهم مزيف بعيد عن كتاب اهلل

وسنة رسوله‘.فم�ن أراد أن يض�ع الناس ع�ىل خطى احلس�ن× ومنهجه، فعلي�ه أن ينهج هبم

)1) ابن طاووس، عيل بن موسى، اللهوف يف قتىل الطفوف: ص98� 99.)2) الكويف، أمحد بن أعثم ، الفتوح: ج5، ص17.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

191

منه�ج اإلس�ام احلقيقي؛ ليعربوا ع�ن والئهم تعب�ريا حضاريا يف تطبيق ش�عائر اهلل احلسينية... فا يمكن لإلنسان أن يعرب عن والئه هلل ولرسوله‘ وألهل البيت^ ما مل يع حقيقة الوالية بكل أبعادها الفكرية، والسياسية، واالجتامعية، ليكون تعبريه صادقا حن يقف عىل أرض كرباء ماطبا س�يد الشهداء× وأبنائه الطاهرين: »إين سـلم لـمن سـاملكم، وحرب لـمن حاربكم، وعدو لـمن عاداكم«)1)، ويش�عر بمعيته الصادقة والدائمة واملتواصلة والش�املة حن يقول: »معكم معكم ل مع عدوكم«)2)، تل�ك املعي�ة التي تربط�ه برتل النبوة الصاع�د من خاتم الرس�ل إىل آدم )صلوات اهلل عليه�م أمجعن(، وتش�عره أن�ه حلقة من هذا الرتل النبوي الرس�ايل، قائا: »السـالم

عليك يا وارث آدم صفوة اهلل...«)3).وأخريا، ال يمكن لإلنس�ان أن يعيش هذه احلقائق روحيا وفكريا وأخاقيا، إذا مل

يع اإلسام وعيا عميقا شاما جلميع جوانب احلياة.

الركيزة الثانية: إدراك ووعي موقع اإلمام احلسني× يف حركة التاريخ الرساليح�ن نتأمل يف س�رية الرس�ول األكرم‘ مع احلس�ن× منذ والدت�ه ويف مجيع مراح�ل حياته، نجد حاالت قد تب�دو غريبة وعجيبة ل�من مل يدرك التخطيط النبوي ملستقبل الرسالة اإلسامية، وتفكري الرسول األعظم‘ ببقائها عىل أصالتها اإلهلية، واس�تمرارية حركتها عىل طول خط التاريخ، وترسيخها يف أعامق وجدان اإلنسانية؛

لتبقى منارا هتتدي به البرشية إىل يوم القيامة.فالنبي‘ وكذلك أمري املؤمنن× يف تعاملهام مع السبط الشهيد، كأهنام استرشفا مستقبل اإلسام، وبقاءه حيا متحركا، نابضا باحليوية، ومقوما ملسرية اإلنسانية، وهذا املعنى نس�توحيه من الس�رية النبوية العطرة، إذا عرفنا أن الرسول األعظم‘ وأهل

)1) الطويس، حممد بن احلسن، مصباح املتهجد: ص774.)2) الشهيد األول، حممد بن مكي، املزار: ص165.


192



192192



192192



192192



192


192192



192192



192


192


192192



192192



192


192


192


192192



192192



192


192


192


192192192



192192



192


192


192


192


192


192192


بيته^، ال حتركهم العواطف وحس�ب، فه�م يف كل حركة هلم وموقف وكام، إنام يقصدون جتس�يد احلقائق اإلهلية، وتعميق مبادئها يف الضامئر احلية، والفطر السليمة، ف�ام معن�ى أن يبك�ي النب�ي‘ بكاء ح�ارا حن يتض�ن احلس�ن× يف أول يوم من والدته، ويدعو عىل قتلته، ويلعنهم لعنا وبيا، وهو النبي احلكيم الذي قال اهلل تعاىل يف حقه: )ڀ ڀ ڀ ٺ *ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ()1)، وهل ذلك إال تنبيه منه‘ إىل

أمهية هذا الوليد، ودوره اخلطري يف مستقبل اإلسام.روى الصدوق+ عن صفية بنت عبد املطلب أهنا قالت: »ملا سقط احلسني× من بطن أخمه، وكنت وليتها، قال النبي‘: يا عمة، هلمي إيل ابني. فقلت: يا رسول اهلل، إنا ل ننظفه بعد. فقال‘: يا عمة، أنتم تنظفينه؟! إن اهلل تبارك وتعاىل قد نظفه وطهره«)2).ويف رواية أخرى أن النبي‘ جاء إىل بيت فاطمة’، فقال ألسامء بنت عميس: »يـا أسـامء، هلمـي ابنـي. فدفعته إليـه يف خرقة بيضـاء، فـأذن يف أخذنه اليمنـى، وأقام يف م بكاؤك؟ قال: عىل اليرى، ووضعه يف حجره فبكى، فقالت أسـامء: بأيب أنت وأخمي ممابني هذا. قلت: إنه ولد السـاعة يا رسـول اهلل! فقال: تقتله الفئة الباغية بعدي، ل أناهلم

ربي فاطمة هبذا، فإهنا قريبة عهد بولدته«)3). اهلل شفاعتي، ثم قال: يا أسامء، ل ختخأقول: ما هو الرس يف هذا اإلجراء من النبي األكرم‘؟ هل هو جمرد عاطفة أبوية ال غ�ري؟ إن ذلك ال يعقل أن يصدر من س�يد حكامء البرش، الذي عصمه اهلل من كل ما ينايف عقيدته ورشيعته، أو ليس هذا إال بيانا ملا س�وف يقوم به احلسن× من دور

فعال يف مستقبل الرسالة اإلهلية، وإيضاحا لدوره العظيم يف حركة التاريخ؟!ومل يكتف النبي‘ هبذا، بل راح يبن ألهل بيته وألصحابه يف معظم املناس�بات واملواقف، ما سوف يمر به اإلمام احلسن× من مواقف عظيمة هلا الدور الفعال يف

)1) النجم: آية3� 4.)2) الصدوق، حممد بن عيل، األمايل: ص198 � 199.

)3) الصدوق، حممد بن عيل، عيون أخبار الرضا×: ج2، ص29.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

193

حياة رسالته اخلالدة، نذكر من هذه املواقف:ما روته أم املؤمنن أم سلمة، قالت: »كان النبي‘ جالسا ذات يوم يف بيتي، فقال: ل يدخلـن عـي أحد. فانتظرتخ فدخل احلسـني، فسـمعت نشـيج النبي)صـىل اهلل عليه ، فإذا احلسـني يف حجره، أو إىل جنبه يمسـح رأسه وهو يبكي، وسـلم( يبكي، فاطلعتخفقلت: واهلل، ما علمت به حتى دخل. فقال النبي)صىل اهلل عليه وسلم(: إن جربيل كان به؟ فقلت: أما من حب الدنيا فنعم. فقال: إن أخمتك ستقتل هذا معنا يف البيت، فقال: أحتخبأرض يقال هلا: كربالء، فتناول جربيل من تراهبا فأراه النبي)صىل اهلل عليه وسلم(«)1). ، وهكذا كان رس�ول اهلل‘ يقرأ ألصحابه مستقبل احلسن× وحركته أينام حلوأين�ام ارحت�ل، فقد روى ابن عب�اس: »ملا أتت عىل احلسـني من مولده سـنتان كاملتان خرج النبي‘ يف سـفر له، فلـام كان يف بعض الطريق وقف، فاسـرتجع ودمعت عيناه، ربين عن أرض بشـاطئ الفـرات يقال هلا: كربال، ـئل عـن ذلك، فقال: هذا جربيل يخ فسخقتـل هبا ولدي احلسـني ابن فاطمة، فقيل: من يقتله يا رسـول اهلل؟ فقال: رجل يقال له يخيزيـد، ل بـارك اهلل له يف نفسـه، وكأين أنظـر إىل مرصعه ومدفنه هبا، وقد أخهدي برأسـه، وواهلل ما ينظر أحد إىل رأس ولدي احلسـني فيفرح إل خالف اهلل بني قلبه ولسـانه. قال: ثم رجع النبي‘ من سـفره ذلك مغموما، ثم صعد املنرب فخطب ووعظ، واحلسـني بن عي بني يديه مع احلسـن، قال: فلام فرغ من خطبته وضع يده اليمنى عىل رأس احلسـن، واليـرى عىل رأس احلسـني، ثم رفع رأسـه إىل السـامء، فقال: اللهـم، إين حممد عبدك ونبيـك، وهذان أطايب عرتيت، وخيار ذريتـي، وأرومتي، ومن أخخلفهم يف أخمتي، اللهم، وقـد أخربين جربيل بأن ولدي هذا مقتـول خمذول، اللهم، فبارك له يف قتله، واجعله من سـادات الشـهداء، إنك عـىل كل يشء قدير، اللهـم، ول تبارك يف قاتلـه وخاذله. قال: وضج الناس يف املسـجد بالبكاء، فقـال النبي‘: أتبكـون، ول تنرصونه! اللهم، فكن

أنت له وليا ونارصا«)2).

)1) املتقي اهلندي، عيل، كنز العامل: ج13، ص656.)2) الكويف، أمحد بن أعثم ، الفتوح: ج4، ص325.

194



194194



194194



194194



194


194194



194194



194


194


194194



194194



194


194


194


194194



194194



194


194


194


194194194



194194



194


194


194


194


194


194194


أقول: ما هذه الربكة التي طلبها النبي‘ من ربه؟ وكيف يكون قتل احلس�ن× بركة لرسول اهلل‘؟

ال شك أهنا بركة بقاء اإلسام الذي سقاه احلسن× بدمه وبتضحياته بكل غال ونفيس.

وهل�ذا بقي�ت تل�ك املواق�ف حية نابض�ة أب�د اآلبدين، مل يس�تطع أح�د أن يطفئ ه�ذه اجلذوة املبارك�ة، رغم كل املحاوالت الت�ي بذلت من قب�ل دول كربى، وبكل إمكاناهت�ا املالية واإلعامية والفكرية؛ لتس�كت رصخة احلس�ن×، وأنى هلا ذلك واحلسن× سكن القلوب والضامئر، وأصبح قوة حمركة تتحدى الظاملن عىل طول حرك�ة التاريخ إىل يوم القيامة، تلك هي بركة دم احلس�ن× التي صدح هبا رس�ول

اهلل‘ عىل رؤوس األشهاد.وما أن رحل رسول اهلل‘ عن هذه الدنيا قائا: »حسني مني وأنا من حسني«)1)، واحلسن× عىل صدره يودعه بالدموع احلارة، حتى واصل أمري املؤمنن× مسرية رس�ول اهلل‘ يف بي�ان أمهي�ة موق�ع اإلمام احلس�ن× يف مس�تقبل اإلس�ام، قال اهليثمي يف جممع الزوائد: »عن نجي احلرضمي، أنه سـار مع عي ـ وكان صاحب : اصـرب أبا عبد اهلل، مطهرتـه)2) ـ فلـام حاذى نينـوى وهو منطلق إىل صفـني، فنادى عياصـرب أبا عبد اهلل، بشـط الفرات. قلت: وما ذاك؟ قـال: دخلت عىل النبي| ذات يوم، وإذا عينـاه تذرفـان، قلت: يا نبي اهلل، أغضبك أحد؟ ما شـأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قتل بشـط الفرات. قال: فقال: هل ، فحدثني أن احلسـني يخ قام من عندي جربيل× قبلخلك أن أشمك من تربته؟ قلت: نعم. قال: فمد يده، فقبض قبضة من تراب، فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا. رواه أحد، وأبو يعىل، والبزار، والطرباين، ورجاله ثقات، ول

ينفرد نجي هبذا«)3).

)1) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص116.)2) املطهرة: إناء من األدم يتخذ حلفظ املاء. انظر: الفراهيدي، اخلليل بن أمحد، العن: ج4، ص19.

)3) اهليثمي، عيل بن أيب بكر، جممع الزوائد: ج9، ص187.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

195

ويف رواي�ة أخ�رى: »عن شـيبان بن خمـرمـ وكان عثامنياـ قـال: إين ملع عي إذ أتى كربالء، فقال: يخقتل هبذا املوضع شهداء ليس مثلهم شهداء إل شهداء بدر. فقلت: جل هـذا احلامر فأوتدها يف جل حار ميـت، فقلت لغالمي: خذ رم بعـض كذباتـه. وثم رمتل احلسـني بـن عيانطلقتخ ومعي مقعـده وغيبهـا، فـرضب الدهر رضبـة، فلام قخجـلم ذلك احلامر، وإذا أصحابه ربضة أصحاب يل، فإذا جثة احلسـني بن عيعىل رم

حوله«)1).هذا غيض من فيض الروايات التي رويت يف كتب املس�لمن من السنة والشيعة، يف ذك�ر واقع�ة احلس�ن× قب�ل حدوثه�ا بع�دة عقود م�ن الزم�ن، وما ذكرن�ا هذه األحادي�ث والروايات إال لبيان حقيقة هنضة احلس�ن×، وأهنا هنضة ال تنحرص يف مكان وال زمان، وإنام هي لكل زمان ومكان، وكأهنا مصداق للقول املش�هور: »كل

يوم عاشوراء، وكل أرض كربالء«)2).كل ذل�ك تأكيد لبيان دور احلس�ن× يف حركة التاريخ، وهل�ذا ينبغي ل�من أراد أن يضع الناس عىل جادة اإلسام األصيل، الذي جتسد باحلسن× يف مجيع جوانبه الروحية والفكري�ة واألخاقية، أن يعمق هذا املوقع يف العقول والقلوب والضامئر؛ ليبع�ث فيها روح الثورة التغيريية واإلصاحية، ذلك ما نعنيه بمعرفة وإدراك موقع

احلسن× يف حركة التاريخ البرشي عىل طول الزمن.وما أمجل قول سيد قطب: »فام من شهيد يف األرض هتتز له اجلوانح باحلب والعطف، وهتفو له القلوب، وتيش بالغرة والفداء كاحلسـني )رضوان اهلل عليه(، يستوي يف هذا

املتشيعون وغر املتشيعني من املسلمني، وكثر من غر املسلمني.وكـم من شـهيد مـا كان يملك أن ينـرص عقيدته ودعوتـه ولو عاش ألـف عام، كام نرصها باستشـهاده، وما كان يملك أن يودمع القلوب من املعاين الكبرة، وحيفز األلوف

)1) الطرباين، سليامن بن أمحد، املعجم الكبري: ج3، ص111.)2) اجلايل، السيد حممد رضا، اإلمام احلسن× سامته وسريته: ص199.

196



196196



196196



196196



196


196196



196196



196


196


196196



196196



196


196


196


196196



196196



196


196


196


196196196



196196



196


196


196


196


196


196196


إىل األعـامل الكبـرة، بخطبة مثل خطبتـه األخرة التي يكتبها بدمه، فتبقـى حافزا حمركا

لألبناء واألحفاد، وربام كانت حافزا حمركا خلطى التاريخ كله مدى أجيال...«)1).

الركيزة الثالثة: معرفة سر اخللود يف نهضة احلسني×لع�ل م�ن أوض�ح الظواه�ر الت�ي أبرزهتا هنض�ة اإلمام احلس�ن× ه�ي ظاهرة اخلل�ود، وبقاء جذوهتا وحرارهتا متقدة عىل طول الزم�ن مل تربد أبدا، بل تزداد اتقادا كل�ام تق�ادم هبا الزمن، وهي تص�ارع قوى الضال التي حتاول إمخ�اد جذوهتا، وصد إش�عاعها، فهي تتصاعد كل�ام ازدادت التحديات الفكرية والسياس�ية واالجتامعية، ه�ذه التحديات التي تقوده�ا دول متتلك كل اإلمكانات املالي�ة واإلعامية، إال أهنا مل تس�تطع أن تصد التيار احلس�يني املتصاعد يف جاذبيته للقلوب، إذ يوقد فيها حرارة إيامنية جترف ما يقف أمامها من عقبات، ولعل هذا ما أش�ار إليه الرس�ول األكرم|

بقوله: »إن لقتل ولدي احلسني حرارة يف قلوب املؤمنني ل تربد أبدا«)2).وم�ن هن�ا ينبغي لن�ا الس�عي إلدراك أرسار اخلل�ود والبقاء واالس�تمرار يف هذه احلرك�ة اإلهلية، ولكن مه�ام أويت املفكر من عمق يف التفكري، وق�وة يف التحليل، فلن يستطيع أن يقف عىل كل أبعادها، وإنام قد يكتشف بعض أرسارها من خال التأمل يف حركتها، وكيفية امتاكها للقلوب والضامئر، وحركتها يف شد اجلامهري بقوة جاذبة قد ال تس�تطيع أن تفل�ت منها، وهذا ما ال تدركه إال العق�ول الكبرية الذائبة يف حب اهلل ورسوله‘، ولعله هلذا كان جواب احلسن× عن علة خروجه � ل�من اعرتض عىل مس�ريته مش�فقا خائفا عىل مصريه من القتل واإلبادة � قوله عن رس�ول اهلل‘: »فإن اهلل قد شـاء أن يراك قتيال«)3)، وعن علة اصطحابه لنس�ائه قوله: »إن اهلل قد شـاء

)1) سيد قطب، إبراهيم بن حسن، يف ظال القرآن: ج7، ص189�190.)2) الربوجردي، حسن، جامع أحاديث الشيعة: ج12، ص556.

)3) ابن طاووس، عيل بن موسى، اللهوف يف قتىل الطفوف: ص40.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

197

أن يراهن سبايا«)1). نعتق�د � واهلل الع�امل � أن احلس�ن× أج�اب هب�ذا اجل�واب املبه�م؛ ألن العقول والقلوب ال تستطيع وعيه واستيعابه، فهو× ينظر إىل مستقبل الرسالة اإلسامية يف عم�ق الزمن إىل يوم القيامة، وأما املش�فقون فينظرون إىل حياة اإلمام أو موته، فكأنه يق�ول هل�م: إن اهلل تع�اىل أراد بإقدامي عىل هذه اخلطوة الصعبة املس�تصعبة أن يبعث احلياة يف رس�الته، ويسقي ش�جرهتا بدمي، وأنا أقف بن حياة اإلسام، وبن حيايت، فحيايت احلقيقية باقية ببقائه، وموته يعني مويت األبدي، وهذا ما ال يمكن أن أختاره، ولعل هذا مدلول قول جده‘: »حسني مني وأنا من حسني«)2)، فرسول اهلل‘ من احلسن×؛ ألن دينه بقي حيا نابضا متحركا بشهادة احلسن وسبي عرتته الطاهرة.

ولنعد إىل رس خلود هذه النهضة املباركة، فنقول: »أما رس اخللود، فمام ل شك فيه أن املشـيئة اإلهلية هي التي رسـمت هذا املسـار، حتى تلت فيها سنن اهلل بأجىل صورها يف واقعة الطف، وتلت إرادة اهلل تعاىل فيها: )شـاء اهلل أن يراين قتيال( و)إن اهلل شـاء أن

يراهن سبايا(؛ ليكون األخنموذج الذي يخقتدى به يف الكدح إىل اهلل«)3).أم�ا م�ن الناحي�ة التحليلي�ة، ف�إن األم�ور إما أن تش�تمل ع�ىل الزي�ف والباطل والض�ال، ولكنه مغلف بغاف من احلق؛ ليخفي ما فيه من الزيف والباطل، وهذا النوع رسعان ما ينكشف ما فيه من عيوب ونواقص، وحينئذ يلفظه الناس، ويرمونه

يف مزبلة التاريخ، ويمحى من قاموس حياهتم، ومن ذاكرة التاريخ.وإم�ا أن يكون )األمر( حمدودا بحدود زمانية، أو بقعة جغرافية حمدودة ولد فيها،

فحركته تكون بمقدار تلك احلدود وال يتعداها.وإما أن يكون )األمر( مش�تما عىل احلقيقة كامل�ة ناصعة مطلقة، ال حتد بحدود

)1) املصدر السابق: 128.)2) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص116.

)3) الربيعي، مجيل، اإلمام احلسن× شمس لن تغيب: ص440.

198



198198



198198



198198



198


198198



198198



198


198


198198



198198



198


198


198


198198



198198



198


198


198


198198198



198198



198


198


198


198


198


198198


الزمان واملكان، وهلا ارتباط وثيق بالتكوين العقيل والوجداين لإلنسان، فهذه احلقيقة تكون خالدة مع عمر اإلنسان، ومسريهتا تبقى تزوده بالطاقة احلركية والقوة الفكرية، فا يس�تطيع اإلنس�ان أن ينفصل عنها... وثورة احلس�ن× من النوع الثالث يف قوة مبادئها وشعاراهتا، ووسائلها وأهدافها)1) املستمدة من روح الرسالة اإلهلية؛ ولذلك ترس�خت يف القل�وب والضامئر، فهي تغذهي�ا بروح الوفاء، والتح�دي، والتضحية، والصرب، والفداء يف البأس�اء والرضاء، وهكذا أصبحت معلام يرشد املسرية، وهيذب النف�وس، ويطه�ر القل�وب، وي�ريب العواطف، ويول�د األفكار الس�ليمة... وبذلك أضحت النهضة احلس�ينية تيارا إساميا، ثوريا، محاسيا، متصاعدا ال يتوقف إال عند

حدود الرشع املقدس.ولعل هذا ما أشارت إليه احلوراء زينب’، وهي تسري يف أصعب مسرية عرفتها البرشي�ة، انطلقت لتجس�د تلك احلقائ�ق بصواعقها الثورية، وهي واقفة عىل جس�د أخيه�ا احلس�ن× حن مروا هبا عىل أجس�اد الش�هداء يف ميدان الط�ف، فخاطبت اإلمام زين العابدين× لتس�مع احلارضين، ولتوصلها إىل األجيال القادمة، ولتبقى منارا هيتدي به األنام إىل يوم القيامة، قالت’: »ما يل أراك تود بنفسك يا بقية جدي وأيب وإخـويت... ل جيزعنـك ما ترى، فـواهلل إن ذلك لعهد من رسـول اهلل‘ إىل جدك

وأبيـك وعمك، ولقـد أخذ اهلل ميثاق أخناس من هذه األخمة، ل تعرفهم فراعنة هذه األخمة،

وهم معروفون يف أهل السـاموات، إهنم جيمعون هذه األعضاء املتفرقة فيواروهنا، وهذه

اجلسـوم املرضجة، وينصبون هلذا الطف علام لقرب أبيك سـيد الشـهداء، ل يخدرس أثره، دن أئمة الكفر، وأشـياع الضاللة يف ول يعفو رسـمه، عىل كرور الليايل واأليام، وليجتهم

حموه وتطميسه، فال يزداد أثره إل ظهورا، وأمره إل علوا«)2).

)1) انظر: املصدر السابق.)2) ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص445.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

199

قالت هذا يف س�اعة بكت الس�امء فيها دما، واهتزت األرض خش�وعا، وما قلب حج�ر إال وج�د حتته دم عبيط كام حدثنا التاريخ الصحيح)1)، فإذا حدث كل ذلك يف مجي�ع أنح�اء الكون، فهل يمك�ن أن يمحى من ذاكرة الزمن، ولو بعد آالف الس�نن

هيهات هيهات!ه�ذا املعن�ى الذي نقصده باخللود والبقاء واالس�تمرار، ولذا ينبغي أن نعمل عىل ترس�يخه يف القل�وب والعق�ول؛ ليبقى قوة تس�تمد منه�ا األجيال طاقاهت�ا احلركية، وأفكاره�ا الس�ليمة، وعواطفه�ا املتفجرة، رغم كل م�ا يمر به املوال�ون من صعاب وم�رارات وعقب�ات، رافعن ش�عارات النهض�ة املتفجرة ع�ىل طول الزم�ن، والتي انطلقت عىل لس�ان رشيكة احلسن× يف أحرج املواقف، متحدية طاغية الكوفة ابن زي�اد: »ما رأيـت إل مجيال، هؤلء قوم كتـب اهلل عليهم القتل، فـربزوا إىل مضاجعهم، وسـيجمع اهلل بينـك وبينهم، فتحاج وختاصـم، فانظر لـمن الفلج يومئـذ، هبلتك أخمك

يا بن مرجانة«)2).وبقي�ت كلامهتا ت�رن يف أذن الزمن حن خاطب�ت الطاغية يزيد )لعن�ه اهلل( قائلة: يت وحينا، ول »فكمد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فواهلل ل متحو ذكرنا، ول متختخدرك أمدنا، ول ترحض عنك عارها، وهل رأيك إل فند، وأيامك إل عدد، ومجعك إل

بدد، يوم ينادي املنادي: أل لعنة اهلل عىل الظاملني«)3).ومن خال تلك املواقف املتفجرة عىل أيدي ثوار الطف، قبل شهادة احلسن× وبعدها يتضح لنا أمهية معرفة رس اخللود يف واقعة الطف، وأمهية الرتكيز عليه؛ ليبقى

حافزا يربط آخر املسرية بأوهلا.

)1) انظر: ابن عساكر، عيل بن احلسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص229�230. ابن حجر اهليتمي، أمحد، الصواعق املحرقة: ص193.

)2) ابن طاووس، عيل بن موسى، اللهوف يف قتىل الطفوف: ص201.)3) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج35، ص135.

200



200200



200200



200200



200


200200



200200



200


200


200200



200200



200


200


200


200200



200200



200


200


200


200200200



200200



200


200


200


200


200


200200


وختاما: إذا أردنا معرفة قوة النهضة احلسينية، فا بد أن نمر عىل التحديات التي واجهته�ا م�ن قبل طغاة بني أمية وبني العباس ومن ج�اء بعدهم إىل اليوم، وما ياك هلا يف كواليس الظام، ودهاليز االس�تخبارات العاملية؛ لتشويه املسرية، أو احتوائها،

أو إيقافها، فا بد من املرور رسيعا عىل تلك التحديات، ومنها:1� يف الع�رص األم�وي كانت هناك حماوالت كبرية إلطف�اء مفعول النهضة، وقد رت لذلك إمكان�ات الدولة االقتصادي�ة، واإلعامية، والسياس�ية، ومن تلك س�خاملح�اوالت حماول�ة تربئة رأس النظام األم�وي � أعني يزيد بن معاوي�ة � من جريمة قتل احلس�ن×، وإلقاء التبعة عىل ابن زياد، ولكن األحداث التارخيية أبطلت تلك الفري�ة، كام أك�دت ذلك املصادر التارخيية، ففي خرب )مس�افر بن رشيح اليش�كري(

الذي ورد يف أكثر من مصدر تارخيي ما يؤكد ذلك)1).2� ح�اول اإلع�ام األم�وي، وأتباعه من ذلك احل�ن وإىل اليوم تش�ويه أهداف النهض�ة، فراح�وا يصورون أن خروج احلس�ن× إنام كان لطلب امللك والرئاس�ة، واختلقوا أكاذيب مفتعلة، كاخلرب الذي ينس�ب للحس�ن× بأنه قال لعمر بن سعد:

»... وإما أن أضع يدي يف يد يزيد بن معاوية، فرى فيام بيني وبينه رأيه...«)2).ولكن كل األحداث والوقائع تكذب هذه الفرية الصلعاء، فالطربي نفس�ه الذي ي�روي ه�ذه األكذوبة، يروي ع�ن )عقبة بن س�معان( � وهو الرج�ل الذي صحب احلس�ن× م�ن املدين�ة إىل كرباء، وس�لم م�ن القتل � أنه ق�ال: »صحبتخ حسـينا، تل، وليس من فخرجـتخ معـه من املدينة إىل مكة، ومن مكة إىل العراق، ول أفارقه حتى قخخماطبته الناس كلمة باملدينة، ول بمكة، ول يف الطريق، ول بالعراق، ول يف عسكر، إىل يـوم مقتله، إل وقد سـمعتخها، أل واهلل ما أعطاهـم ما يتذاكر الناس وما يزعمون؛ من أن

)1) وهو قول عبيد اهلل بن زياد ماطبا مسافر بن رشيح: »أما قتيل احلسن، فإنه أشار عيل يزيد بقتله أو قتيل، فاخرتت قتله«. ابن األثري، عيل بن أيب الكرم، الكامل يف التاريخ: ج4، ص140.

)2) الطربي، حممد بن جرير، ت�اريخ األمم وامللوك: ج5، ص389.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

201

يضع يده يف يد يزيد بن معاوية، ول أن يسـروه إىل ثغر من ثغور املسـلمني، ولكنه قال: دعـوين فألذهب يف هذه األرض العريضة حتى ننظر ما يصر أمرخ الناس«)1)، لكنهم مع

ذلك مل يدعوه.3� ح�اول اإلع�ام األموي إعطاء صورة مش�وهة للث�ورة وأنصارها، فصورهم ع�ىل أهنم خوارج حروري�ة، وأهنم خارجون عىل أحكام الرشع املقدس، وقد ش�قوا عصا املس�لمن، وفرقوا صفوفهم؛ ولذلك فإن اإلجراء الذي اختذ بحقهم هو إجراء تل بسيف جده«)2). وزعم أموي آخر أنه ما خرج إىل رشعي، حتى قيل: »إن احلسني قخاحلس�ن× أحد إال بتأويل، متمس�كا بأحاديث موضوعة منها حديث )عرفجة بن ق أمر هذه األخمة رشي�ح(، حيث يقول: »إنه سـتكون هنات وهنـات، فمن أراد أن يفـروهي مجيع، فارضبوه بالسيف كائنا من كان، ]فقيل تعقيبا عىل ذلك احلديث:[ فام خرج

الناس إل هبذا وأمثاله«)3).4� جعلوا يوم العارش من املحرم يوم عيد ورسور وهبجة، وقد وضعوا األحاديث تل احلسـني× تقرب الناس بالشـام إىل يزيد، يف فضله، قال اإلمام الصادق×: »ملا قخفوضعـوا له األخبـار، وأخذوا عليها اجلوائـز من األموال، فكان مما وضعـوا له أمر هذا اليـوم، وأنه يوم بركة، ليعدل الناس فيـه من اجلزع والبكاء، واملصيبة واحلزن، إىل الفرح

والرور، والتربك والستعداد فيه، حكم اهلل بيننا وبينهم«)4).5� حاولوا إسقاط القيمة الثورية والسياسية واألخاقية للثورة ورجاهلا وأنصارها، م�ن خال اإلق�دام عىل قطع الرؤوس وس�حق األبدان، وس�بي األطفال والنس�اء،

)1) الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج5، ص413�414.)2) قال اآللويس: »وأبو بكر بن العريب املالكي )عليه من اهلل تعاىل ما يستحق( أعظم الفرية، فزعم أن

احلسن قتل بسيف جده )صىل اهلل عليه وسلم(، وله من اجلهلة موافقون عىل ذلك، ) پ ڀ ڀ ڀ ڀٺ ٺ ٺ ٺ ٿ(«. اآللويس، حممود بن عبد اهلل، روح املعاين: ج26، ص73.

)3) ابن العريب، حممد بن عبد اهلل، العواصم من القواصم: ص244�245.)4) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج44، ص270.

202



202202



202202



202202



202


202202



202202



202


202


202202



202202



202


202


202


202202



202202



202


202


202


202202202



202202



202


202


202


202


202


202202


جها منهم بدور هؤالء يف هنضة الطف؛ ولكن انقلب السحر عىل الساحر، فتحولت تل�ك األفاعي�ل اإلجرامية إىل إدان�ة تارخيية وأخاقي�ة لبني أمية، وأما للحس�ن× وأه�ل بيت�ه، فتحول�ت إىل وثيق�ة ت�دان هبا تل�ك األع�امل املخالفة للعق�ل والرشع.6� هدموا قرب احلسن× مرات متعددة، وقطعوا السدرة التي كانت بجنبه، ففي رواي�ة ييى بن املغ�رية الرازي، قال: »كنـت عند جرير بن عبد احلميـد إذ جاءه رجل مـن أهل العراق، فسـأله جريـر عن خرب الناس، فقـال: تركت الرشـيد، وقد كرب قرب

احلسـني×، وأمر أن تخقطع السـدرة التي فيه، فقخطمعت. قال: فرفع جرير يده، فقال: اهلل

أكرب جاءنا فيه حديث عن رسول اهلل| أنه قال: لعن اهلل قاطع السدرة ثالثا، فلم نقف

عـىل معناه حتـى اآلن؛ ألن القصد بقطعه تغير مرصع احلسـني× حتى ل يقف الناس

عىل قربه«)1).

ويف س�نة )236ه�( »أمر املتوكل هبدم قرب احلسـني بن عي×، وهدم ما حوله من بذر، ويخسقى موضع قربه، وأن يخمنع الناس من إتيانه، فنادى ]عامل املنازل والدور، وأن يخ

صاح�ب الرشط�ة[ بالناس يف تلـك الناحية: من وجدناه عند قربه بعد ثالثة حبسـناه يف ع«)2). رم ب وزخ ر املخطبمق! فهرب الناس، وتركوا زيارته، وخخ

وقد هدم بأيد هيودية، إذ بعث املتوكل »برجل من أصحابه يقال له: الديزج ـ وكان هيوديا فأسلمـ إىل قرب احلسني×، وأمره بكرب قربه وحموه، وإخراب كل ما حوله، فمىض

لذلـك وخرب مـا حوله، وهدم البناء، وكرب ما حوله نحـو مائتي جريب، فلام بلغ إىل

قربه ل يتقدم إليه أحد، فأحرض قوما من اليهود ]لعنهم اهلل[ فكربوه، وأجرى املاء حوله،

ووكل به مسالح، بني كل مسلحتني ميل، ل يزوره زائر إل أخذوه، ووجهوا به إليه«)3).

)1) الطويس، حممد بن احلسن، األمايل: ص484.)2) ابن األثري، عيل بن أيب الكرم، الكامل يف التاريخ: ج7، ص55.

)3) أبو الفرج اإلصفهاين، عيل بن احلسن، مقاتل الطالبين: ص478 � 479.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

203

واس�تمر ه�ذا العم�ل إىل العص�ور املتأخرة ع�ىل أي�دي الوهابين، يقول الش�يخ األمين�ي& يف ذل�ك: »ثم جاء سـعود بن عبـد العزيز بإيعـاز من أبيـه، فباغت كربالء املرشفـة، وهامجهـا يف ذي احلجة صبيحة يوم الغدير سـنة )6)))هــ(، فورد عليها عىل حـني غفلة من أهلها ومعه )000))(، فأغـاروا عليها، وهنبوا ما وصلوا إليه، وأزهقوا النفـوس، وهتكـوا احلـرم، ول يرقبـوا للمؤمنـني إل ول ذمة، وأباحوا القتل فيها سـت تل فيها سـبعة آلف من العلامء والفضـالء، واألكابر واألرشاف، سـاعات من النهار، قخوامللوك والسـوقة... وقد انتهكوا حرمة رسـول اهلل بتوهني احلرم القديس، وهد أركانه،

وهنب نفائسه«)1).واس�تمر هذا العمل ع�ىل أيدي طغاة العرص، وكان آخرها رمي�ه باملدافع الثقيلة، ب�ل وقص�ف كرباء باألس�لحة الكيمياوية م�ن قبل أوباش البعث س�نة )1991م �

1411ه�()2).ك ي�ا أبا عب�د اهلل، خيافك الطغاة، وأنت راق�د يف رضيك الرشيف، متدنا فلل�ه دربالق�وة والثبات واالس�تقامة، وهلل در زينب’ رشيكة احلس�ن بقوهلا: »وليجتهدن أئمـة الكفر، وأشـياع الضاللة يف حموه وتطميسـه، فال يـزداد أثره إل ظهـورا، وأمره إل

علوا«)3)، فكل الوقائع عىل طول التاريخ صدقت هذا القول الرشيف.في�ا هلل وي�ا للعج�ب، كيف ص�ارع اإلمام احلس�ن× الباط�ل يف حيات�ه، وبعد ش�هادته، وه�ذا ه�و رس اخللود؛ ولذا ع�ىل اخلطباء والعل�امء، والكت�اب املعلمن يف مدرسة احلسن×، أن يعمقوا ذلك يف الوجدان اجلامهريي بكل ما أوتوا من قوة يف القلم، واللس�ان، والعقل؛ ليبقى احلس�ن× ثورة يف قربه ال تنطفئ وال تتوقف، بل

وال تنتهي إىل يوم قيام قائم آل حممد#، ليشفي صدور املؤمنن.

)1) األميني، عبد احلسن، شهداء الفضيلة: ص294..almasalah.com/ar/news/70958/ 2) انظر: موقع(


204



204204



204204



204204



204


204204



204204



204


204


204204



204204



204


204


204


204204



204204



204


204


204


204204204



204204



204


204


204


204


204


204204


الركيزة الرابعة: وعي متطلبات الزمانإن التواصل مع حركة احلسن× ال يكتفى فيه بطرح فكرة أو إثارة عاطفة، وإنام يعني طرح أهداف النهضة احلسينية يف كل أبعادها الفكرية، والسياسية، واالجتامعية، والتفاعل معها، وملا مل يكن هذا الطرح ترفا فكريا، وإنام هو مواجهة الواقع االجتامعي يف كل سلبياته واجيابياته؛ وألجل إصاح السلبيات وتقويم وإسناد اإلجيابيات ال بد م�ن فهم الواقع االجتامعي الذي نط�رح تلك األفكار فيه، علام أن هذه األطروحات مل تكن هدفا لذاهتا، وإنام هي وس�يلة لتغيري هذا الواقع بوصفها عاجا مستوحى من

املنهج اإلهلي الذي بذل احلسن× كل غال ونفيس من أجله.فمن أراد أن يصلح املجتمع البش�ري وفق املنهج احلسيني، ال بد أن يعرف طبيعة املجتم�ع ال�ذي خياطبه هب�ذا الفكر الن�ري، من حيث حاجات�ه الفكري�ة، وأخاقياته، وعادات�ه، وما يدور فيه من تيارات عىل متلف الصعد، كام أن من األمور األساس�ية كذل�ك التعرف بدقة عىل طبيعة ارتباط الناس باحلس�ن×، وهل هو ارتباط فكري س�ليم، أم ارتب�اط عاطف�ي ناض�ج، أم ارتباط رس�ايل يمل ب�ذور الوع�ي واحلركة والث�ورة؟ ليس�تطيع أن خياطبه�م باس�م احلس�ن× بام يث�ري فيهم العواط�ف النبيلة

واألفكار السليمة، ويفتح من خاهلا القلوب عىل النهضة اإلسامية احلسينية..وال شك أن فتح القلوب أصعب كثريا من فتح القاع واملدن؛ ولذا فمن استطاع أن يفت�ح القل�وب عىل منهج احلس�ن× اس�تطاع أن ي�رك املخاطب�ن باجتاه هنضة

احلسن× املستمرة عىل طول الزمن.وخاصة الكام: أن من الركائز األساس�ية للثائر احلس�يني ال بدية فهم العص�ر والزمان، وما فيه من مابس�ات وصعوبات وعقبات؛ ليس�تطيع أن يعالج األمراض النفس�ية، واالنحراف�ات الفكري�ة، والتي�ارات السياس�ية، وه�ذا ما يعرب عنه الس�يد الشهيد الصدر بالوعي السيايس، حيث يقول: »ول بد من وعي سيايس صحيح ينبثق عن مفاهيم حقيقية للحياة، ويتبنى القضية اإلنسـانية الكربى، ويسـعى إىل حتقيقها عىل

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

205

قاعـدة تلك املفاهيم، ويدرس مسـائل العال مـن هذه الزاوية، وعند اكتـامل هذا الوعي السـيايس يف العال، واكتسـاحه لكل وعي سـيايس آخـر، وغزوه لكل مفهـوم للحياة ل يندمج بقاعدته الرئيسـية، يمكن أن يدخل العال يف حياة جديدة، مشــرقة بالنور، عامرة بالسعادة. إن هذا الوعي السيايس العميق هو رسالة اإلسالم احلقيقي يف العال، وإن هذه الرسـالة املنقذة هلي رسالة اإلسالم اخلالدة، التي استمدت نظامها الجتامعي ـ املختلف

عن كل ما عرضناه من أنظمة ـ من قاعدة فكرية جديدة للحياة والكون«)1).

الركيزة اخلامسة: اهلدفية الواضحة والوسيلة اجلاذبةإن وض�وح اهل�دف يف أي عم�ل كان، أم�ر ال يمكن أن يس�تغنى عن�ه، فام مل يدد العام�ل م�اذا يريد أن يعم�ل؟ وملاذا يعمل؟ وكي�ف يتوصل إىل إنجاز ه�ذا العمل؟ ال يمك�ن أن ينج�ز عمل�ه أبدا، فاهلدفي�ة الواضحة البن�اءة تضع اإلنس�ان عىل جادة الص�واب، وجتعل�ه يتحرك بدقة وات�زان دون ختبط أو تردد؛ ولذل�ك ال بد للمصلح احلسيني أن يعرف ملاذا يرتبط باحلسن×؟ وكيف يتواصل معه؟ وكيف يشد الناس إليه؟ فإذا اتضح له ذلك جيدا استطاع أن يبتكر الوسائل السليمة يف التعبري عن إيامنه

بخط الرسالة، ووالئه ألهل بيت العصمة^، والعكس صحيح.وتأسيس�ا ع�ىل ذلك، ينبغ�ي لكل مصلح أن خيتار األس�لوب األمثل، والوس�يلة األكث�ر جاذبية، بحيث ال خيرج عن أحكام ال�رشع املقدس يف كل كلمة يقوهلا، وكل خط�وة خيطوه�ا، وكل مظهر يربزه، وهذه اخلطوات مجيع�ا برزت يف واقعة الطف يف سلوك احلسن×، وأهل بيته وأصحابه، ولعل من أهم األمور التي جيب أن تدرس بدقة وعمق � بناء عىل ما تقدم � هو كيفية انشداد الناس يف متلف مستوياهتم الفكرية واالجتامعي�ة لثورة احلس�ن×؛ لكي نع�رف كيف توجه هذه اجلامه�ري للتفاعل مع

منهج اإلصاح.نحن ناحظ بدقة أن ارتباط الناس باحلسن× يتنوع بتنوع أفكارهم ومستوياهتم

)1) الصدر، حممد باقر، فلسفتنا: ص39.

206



206206



206206



206206



206


206206



206206



206


206


206206



206206



206


206


206


206206



206206



206


206


206


206206206



206206



206


206


206


206


206


206206


وثقافتهم، فمن الناس من يرتبط باحلس�ن× طلبا للثواب، ومنهم من جيده عادات وتقاليد اعتاد عليها، وجرفه العقل اجلمعي دون أن يعي من هنضة احلسن× شيئا، ونرى البعض من الناس يندفع بش�دة إلقامة هذه الش�عائر مع أن سلوكه يتناقض مع منهج اإلسام شكا ومضمونا، فارتباطهم باحلسن× ارتباط موسمي، فإذا انتهى املوسم احلس�يني ختىل عن مجيع لوازمه ومقتضياته الروحية، والفكرية، واألخاقية، ومن الناس من يرتبط باحلس�ن× حبا وعاطفة وش�وقا إىل املنهج الذي ضحى× من أجله؛ ولذا تراه األنموذج احلسيني األمثل الذي يذكر باحلسن× يف سلوكه قبل كامه، ولعل هذا ما أراده اإلمام احلسن× بقوله: »أحبونا بحب اإلسالم، فإن رسول اهلل‘ قال: ل ترفعوين فوق حقي، فإن اهلل تعاىل اختذين عبدا قبل أن يتخذين رسول«)1).وع�ىل العك�س من ه�ذا الصنف هن�اك من يبذل امل�ال واجلهد والوق�ت يف إقامة الش�عائر الرشعية إال أن س�لوكه يعطي مردودا س�لبيا بالنس�بة إىل املس�رية احلسينية، ولع�ل هذا م�ا قصده اإلمام زين العابدي�ن× بقوله: »أحبونا حب اإلسـالم، فإنه ما بـرح بنا حبكم حتى صار علينـا عارا«)2)، ويف رواية أخرى: »فام برح بنا حبكم من غر

التقوى حتى صار علينا عارا«)3)، ويف رواية: »حتى بغضتمونا إىل الناس«)4).وخاصة الكام: ينبغي ل�من يمل راية اإلصاح احلسيني أن يعرف ماذا يريد؟

وملاذا يريد؟ وكيف يتوصل إىل حتقيق ما يريد؟وأعىل األهداف يف هذا املنهج هو أن يقصد املصلح احلسيني � ويف مجيع املستويات الفكري�ة، واجلهادية، والسياس�ية، واالجتامعية � وجه اهلل يف كل خطوة خيطوها، ويف كل كلم�ة يكتبه�ا أو يقوهلا، وجيعل رضوان اهلل تعاىل غاية يف كل عمل يقوم به، وهذا

هو منهج احلسن× يف كل حركة حتركها إىل ساعة استشهاده )صلوات اهلل عليه(.

)1) اهليثمي، عيل بن أيب بكر، جممع الزوائد: ج9، ص21.)2) ابن شهر آشوب، حممد بن عيل، مناقب آل أيب طالب: ج3، ص300.

)3) القندوزي، سليامن بن إبراهيم، ينابيع املودة لذوي القربى: ج3، ص155.)4) ابن كثري، إسامعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج9، ص122.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

207

الركيزة السادسة: العمل اجلاد على نشر املعارف احلسينية وه�ذه الركيزة حتت�اج إىل تعريف املأل العام هبا بدقة وش�مولية، ونقصد باملعارف احلس�ينية ما أفاضه اهلل عىل لسان احلسن× من بيانات معرفية، طرحها عىل كل من التقاه�م، وكل موقف جس�د× فيه األخاق اإلس�امية، فإن معارف احلس�ن× هي املعارف اإلس�امية بكل أبعادها العقائدية، واحلكمية، والسياسية، واألخاقية، بل يمكن القول: إن احلس�ن× جس�د اإلس�ام ق�وال وفعا يف أحل�ك الظروف، وأصع�ب املواقف، ونكتفي بذكر بعض بياناته التي كان يواصل طرحها عىل كل من ر الناس به وأكد عليه، يلتقيه، ونركز عىل اجلانب العقائدي التوحيدي، الذي طاملا ذك

وجانب التقوى، وأثرها يف اإلصاح.ففي عرص التاس�ع من عاش�وراء، والعطش يفتت كبده وأكب�اد أهل بيته، وقوى الض�ال تزحف إليه، يف هذا املوقف احلرج يرف�ع يديه مناجيا ربه قائا: »اللهم أنت ثقتـي يف كل كـرب، ورجائـي يف كل شـدة، وأنـت يل يف كل أمر نزل يب ثقـة وعدة، كم ت فيه العدو، مـن هم يضعف فيه الفؤاد، وتقـل فيه احليلة، ويذل فيه الصديق، ويشـمخن سـواك، ففرجته وكشـفته، وأنت ويل أنزلته بك، وشـكوته إليك، رغبة مني إليك عم

كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة«)1).فف�ي هذا الدع�اء ركز× دعائم التوحيد، وجس�د روح االنقطاع التام إليه تعاىل دون س�واه، وتل�ك ه�ي أم املعارف والعم�ود الفقري للفكر اإلس�امي بكل أبعاده

الفكرية، والروحية، واألخاقية.ويف موق�ف آخر نجده خياطب الن�اس بمعارف التوحيد اخلالص، فقد خرج عىل أصحابه � كام روى اإلمام الصادق× � وقال: »أهيا الناس، إن اهلل )جل ذكره( ما خلق العباد إل ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه«)2).

)1) املفيد، حممد بن حممد، اإلرشاد: ج2، ص96.)2) الصدوق، حممد بن عيل، علل الرشائع: ج1، ص9.

208



208208



208208



208208



208


208208



208208



208


208


208208



208208



208


208


208


208208



208208



208


208


208


208208208



208208



208


208


208


208


208


208208


وإذا تأملن�ا يف ه�ذا النص نجد أن اإلمام احلس�ن× أراد أن يركز روح التوحيد يف القل�وب، ويرس�م خ�ط الوصول إلي�ه، ويوضح النتائ�ج الباهرة في�ه، ويف أغلب ر بتوحيد اهلل، النص�وص الت�ي خاطب فيها أصحاب�ه، أو رد عىل خصوم�ه، كان يذكوكأن�ه يق�ول: إن ه�ذه املواقف املتخاذلة ه�ي نتيجة اجلهل بحقيق�ة التوحيد، وعدم نضج�ه يف نف�وس املتخاذلن عن نرصته، فرتاه يف كتابه ل�من دعاه إىل اخلروج يقول: »فلعمـري، ما اإلمام إل العامل بالكتاب، واآلخذ بالقسـط، والدائـن باحلق، واحلابس

نفسه عىل ذات اهلل، والسالم«)1).ول�و تأملن�ا يف قول�ه: »واحلابس نفسـه عـىل ذات اهلل« فقط، لوجدنا أن�ه قد وضح

جوهر التوحيد، وذكر حقيقته يف التقوى بأخرص عبارة وأقرصها.ويف دعاء عرفة نجد من املفاهيم التوحيدية تلك الصور الرائعة التي تأخذ بمجامع القل�وب، وتطهره�ا من رين الذنوب، وتضعها عىل ج�ادة الصواب، قال×: »أنت الـذي أرشقت األنـوار يف قلوب أوليائك حتـى عرفوك ووحدوك، وأنـت الذي أزلت األغيار عن قلوب أحبائك حتى ل حيبوا سـواك، ول يلجؤوا إىل غرك، أنت املؤنس هلم حيث أوحشـتهم العوال، وأنت الذي هديتهم حيث اسـتبانت هلم املعال، ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك، لقد خاب من ريض دونك بدل، ولقد خسـر من بغى

عنك متحول«)2).ويف مقط�ع آخ�ر م�ن مقاطع دع�اء عرف�ة يعمق× حقيق�ة التوحي�د بوجود اهلل وظهوره للعقول النرية، ولطفه للقلوب الزكية، قال×: »كيف يخسـتدل عليك بام هو يف وجـوده مفتقـر إليـك؟ أيكون لغرك مـن الظهور ما ليس لك حتى يكـون هو املخظهر لـك؟ متـى غبت حتى حتتاج إىل دليـل يدلر عليك؟ ومتى بعدت حتـى تكون اآلثار هي التي توصل إليك؟ عميت عني ل تراك، ول تزال عليها رقيبا، وخســرت صفقة عبد ل

)1) الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج4، ص262.)2) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج95، ص226.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

209

تعل له من حبك نصيبا«)1).ولو تأملنا قليا يف هذا النص لوقفنا عىل معارف مجة ال حتد بحدود، واسعة بسعة

رمحة اهلل، فام أحوجنا اليوم للتأمل يف تلك املعارف. وكام يركز دعائم التوحيد والعدل، نراه× يذر ممن تلبس بالتوحيد كذبا وزورا مة، واملشبهة، فيقول×: »أهيا الناس، اتقوا هؤلء املارقة ة، واملجس أو خداعا كاملجربالذين يشـبهون اهلل بأنفسـهم، يضاهؤون قول الذين كفروا من أهل الكتاب، بل هو اهلل ليـس كمثله يشء، وهو السـميع البصر، ل تدركه األبصـار، وهو يدرك األبصار، وهو اللطيف اخلبر. اسـتخلص الوحدانية واجلربوت، وأمضـى املشيئة، واإلرادة، والقدرة، والعلم بام هو كائن، ل منازع له يف يشء من أمره، ول كفؤ له يعادله، ول ضد له ينازعه، ي له يشـاهبه، ول مثل له يشـاكله، ل تتداوله األخمور، ول تري عليه األحوال، ول سـممنه عظمته، ول يطر عىل القلوب مبلغ ر الواصفون كخ ول تنـزل عليـه األحداث، ول يقدجربوتـه؛ ألنـه ليس له يف األشـياء عديل، ول تدركـه العلامء بألباهبـا، ول أهل التفكر بتفكرهـم، إل بالتحقيـق إيقانـا بالغيب؛ ألنه ل يوصف بيشء مـن صفات املخلوقني،

وهو الواحد الصمد، ما تخصور يف األوهام فهو خالفه«)2).وهك�ذا يواصل )صلوات اهلل عليه( دعوته إىل تعميق األس�س املبدئية لإلس�ام يف كل حرك�ة يتحركها، ويف كل نفس يتنفس�ه، يدعو إىل اهلل وهو يف جمالس الظاملن، ماطب�ا لل�وايل األم�وي قائا: »نحن أهـل بيت النبـوة، ومعدن الرسـالة، ويزيد رجل

فاسق، شارب اخلمر، وقاتل النفس، ومثي ل يبايع ملثله«)3).ويف ن�ص آخ�ر يضع الناس ع�ىل جادة التق�وى، ويوض�ح هلم أمهيته�ا وأبعادها وآثاره�ا، ويؤك�د أن الس�عادة احلقيقي�ة، والنج�اة يف الدني�ا واآلخ�رة ال تتحقق إال بالتق�وى والورع عن حمارم اهلل تع�اىل، فيقول: »أوصيكم بتقوى اهلل، فإن اهلل قد ضمن

)1) الفيض الكاشاين، حممد حمسن، الوايف: ج1، ص448.)2) ابن شعبة احلراين، احلسن بن عيل، حتف العقول: ص244.

)3) ابن نام، جعفر بن حممد، مثري األحزان: ص14.

210



210210



210210



210210



210


210210



210210



210


210


210210



210210



210


210


210


210210



210210



210


210


210


210210210



210210



210


210


210


210


210


210210


وله عام يكره إىل ما حيب، ويرزقه من حيث ل حيتسـب، فإياك أن تكون من اتقاه أن حيخ لمـدع ن ياف عىل العباد من ذنوهبم، ويأمـن العقوبة من ذنبه، فإن اهلل تبارك وتعاىل ل يخ ممـ

عن جنته، ول ينال ما عنده إل بطاعته إن شاء اهلل«)1).ومن النصوص التي وضح فيها )صلوات اهلل عليه( قيمة التقوى، وسبل احلصول عليه�ا، قوله× يف دعاء عرفة وعيناه تس�يل بالدموع: »اللهم، اجعلني أخشـاك كأين

أراك، وأسعدين بتقواك، ول تشقني بمعصيتك«)2).فف�ي ه�ذا النص ب�ن× أن التق�وى � وه�ي الكرام�ة اإلهلية العظم�ى، وميزان التفاضل البش��ري � ال حتصل إال بخش�ية اهلل وحبه ورجائه، وأن السعادة والتكامل

اإلنساين ال يصان إال هبا.وم�ن النص�وص الرائعة التي مجع فيها مجي�ع أبعاد هنضته، وأك�د احلقيقة املعرفية التي حترك من أجلها، وضحى بكل غال ونفيس ألجل حتقيقها، وأنه مل خيرج لينافس طاب احلكم، أو يصارع ألجل الدنيا، وإنام كان هدفه إعاء كلمة اهلل، وإظهار احلق، ودحض الباطل، فيقول مناجيا ربه: »اللهم، إنك تعلم أنه ل يكن ما كان منا تنافسـا يف سـلطان، ول التامسـا من فضول احلطام، ولكن لنري املعال من دينك، ونخظهر اإلصالح يف بـالدك، ويأمن املظلومـون من عبادك، ويخعمل بفرائضك وسـننك وأحكامك، فإن ل ي الظلمـة عليكم، وعملـوا يف إطفاء نور نبيكم، وحسـبنا اهلل، تنرصونـا وتنصفونـا قوم

وعليه توكلنا، وإليه أنبنا، وإليه املصر«)3).وك�ام كان يركز يف النف�وس دعائم احلق والع�دل، كان يوضح الصفات واخلال الت�ي يتحىل فيها املؤمن، فيقول: »إن املؤمن اختـذ اهلل عصمته، وقوله مرآته، فمرة ينظر يف نعـت املؤمنـني، وتارة ينظـر يف وصف املتجربيـن، فهو منه يف لطائف، ومن نفسـه يف

)1) ابن شعبة احلراين، احلسن بن عيل، حتف العقول: ص240.

)2) ابن طاووس، عيل بن موسى، إقبال األعامل: ج2، ص78.

)3) ابن شعبة احلراين، احلسن بن عيل، حتف العقول: ص239.

×ني

حلسم ا

إلماضة ا

ي هنوع

ة لسي

سااأل

ئز ركا

ال

211

تعارف، ومن فطنته يف يقني، ومن قدسه عىل متكني«)1).وم�ن روائ�ع معارفه ه�و جوابه لرجل س�أله أن يعظ�ه، فأجابه: »من حـاول أمرا

بمعصية اهلل، كان أفوت ملما يرجو، وأرسع ملما حيذر«)2).ويف ه�ذا الن�ص الرشي�ف يعالج× مرض�ا من أم�راض النف�وس، وهو مرض التربي�ر الذي طاملا وق�ع فيه كثريون، وخرس كثري منهم حياهت�م الروحية، والفكرية، واألخاقية، حن برروا قعودهم عن نرصة احلق وأهله، وعللوا عصياهنم ومالفاهتم، حت�ى جرهم إىل التن�ازل عن كثري من مبادئه�م، واالنج�رار وراء أهوائهم، فصاروا ياول�ون أن يوفقوا بن ش�خصيتن يف ذواهتم؛ ش�خصية املتدين امللتزم، وش�خصية اخلاضع لش�هواته، وهذا ما يعرب عنه: )ازدواج الشخصية(، ومن املعلوم أن اإلنسان املزدوج الش�خصية هو »الذي تعيش يف نفسه قوى متصارعة، ليس ألحدها الغلبة عىل األخخرى، هو هذا اإلنسان الذي ساعة لربه، وأخخرى لقلبه، ويامرس يف الساعة التي لقلبه ألوانا من الفجور، واملحارم، والشبهات، هو هذا اإلنسان ذو العاطفة الدينية التي تستنفر يف حلظـات خاصة... فعن طريق اخلداع، خداع الذات والتربير، يسـتطيع أن يقيض هذا اإلنسـان عىل الصـراع النفســي بني قوتني نفسيتني، ودافعني متقاربني يف درجة التأصل يف النفـس، إذ تتحايـل إحـدى القوتنيـ وهي هنا القوة الشـهويةـ عـىل القوة األخخرى،

وحتقق له راحة التوافق، والنسجام الداخي، وتنبه آلم الرصاع والتناحر الذايت«)3).ول�ذا نجد يف بع�ض األحاديث املروية عن�ه× دالئل حق ونج�اة، تضع الناس ع�ىل جادة احلق، وتقودهم إىل س�احل النجاة، فقد ورد ع�ن كتاب )أرسار احلكامء( لياقوت املس�تعصمي: »ل تتكلف ما ل تطيـق، ول تتعرض ملما ل تخدرك، ول تعتد بام ل تقدر عليه، ول تنفق إل بقدر ما تستفيد، ول تطلب من اجلزاء إل بقدر ما صنعت، ول


)3) معن، حسن، نظرات حول اإلعداد الروحي: ص218�220.

212



212212



212212



212212



212


212212



212212



212


212


212212



212212



212


212


212


212212



212212



212


212


212


212212212



212212



212


212


212


212


212


212212



212212



212


212


212


212


212


212


212212


تفرح إل بام نلت من طاعة اهلل، ول تتناول إل ما رأيت نفسك له أهال«)1).هذه ش�ذرات من املع�ارف اإلهلية التي صدرت عن اإلمام احلس�ن× تنبئ عن

أمهية املعرفة يف حركة اإلصاح والتغيري.وختاما نقول: إن مما يؤسف له أن هذه املعارف قد وضعت عىل الرفوف يف بطون الكت�ب، وال ت�كاد تذك�ر إال أقل من القليل، وه�ذا ما جيعل ارتب�اط كثري من الناس بمنه�ج احلس�ن× عملي�ة انجذاب عاطف�ي يف أكثر األحي�ان، خاليا م�ن املحتوى الرس�ايل، م�ع أنه قد ورد عنه�م^ يف رواية عن جعفر بن حممد، ع�ن أبيه حممد بن عيل، عن أبيه عيل بن احلس�ن، عن أبيه احلس�ن بن عيل^، قال: »إن رسول اهلل‘، أوىص إىل أمر املؤمنني عي بن أيب طالب×، وكان فيام أوىص به أن قال له: يا عي، من حفـظ من أخمتي أربعني حديثا يطلب بذلك وجه اهلل والدار اآلخرة، حشــره اهلل يوم

القيامة مع النبيني والصديقني، والشهداء والصاحلني، وحسن أخولئك رفيقا«)2).إذن، إذا أردن�ا حتريك عجلة اإلصاح احلس�يني، فعلينا نرش املعارف احلس�ينية،

وتركيزها يف األذهان، ومتثيلها يف السلوك.

)1) األمن، حمسن، أعيان الشيعة: ج1، ص621، نقا عن املستعصمي، ياقوت، أرسار احلكامء.)2) الصدوق، حممد بن عيل، اخلصال: ج2، ص543.

سرة ثائرسليمان بن صرد اخلزاعي

السيد محمد الشوكي*

فج�رت ثورة اإلمام احلس�ن× بركانا ثوري�ا عارما يف األمة، فب�دأت الثورات تت�واىل بعدها ك�ام تتواىل االرتدادات بعد اهلزات األرضية الش�ديدة، فكأن ثورته× كان�ت صيح�ة أيقظت األمة من س�بات طوي�ل، ودفعتها لتتحرك باجت�اه التمرد عىل

النظام األموي اجلائر.لق�د كان للقي�م الت�ي محلها احلس�ن×، ورفه�ا ش�عارا، وجس�دها بمواقفه يف الطف�وف، أثر كبري يف ذلك، يوازهيا يف التأثري املأس�اة التي حدثت يف كرباء، فهزت الضم�ري اإلس�امي هزا عنيف�ا تفجر عرب ثورات عدي�دة، كانت منها ث�ورة التوابن

بقيادة سليامن بن رصد اخلزاعي.لقد برز اس�م س�ليامن بن رصد اخلزاعي بروزا واضحا من خ�ال ثورة التوابن، غري أنه مل يكن خافيا قبل ذلك، بل نلمحه يف كثري من املواقف واملنعطفات التي مرت

هبا الكوفة يف تارخيها املثري.هذه املقالة هي حماولة لتسليط الضوء عىل هذه الشخصية الثورية التي ال ختلو من

اجلدل يف صفوف الدارسن للتاريخ.

اهلوية الشخصيةقال ابن عبد الرب يف االس�تيعاب: »سـليامن بن رصد بن اجلون بن أيب اجلون بن منقذ ابـن ربيعـة بن أرصم اخلزاعي.. يكنى أبا مطرف. كان خـرا فاضال له دين وعبادة، كان

* خطيب وباحث إسامي، من العراق.

214



214214



214214



214214



214


214214



214214



214


214


214214



214214



214


214


214


214214



214214



214


214


214


214214214



214214



214


214


214


214


214


214214



214214



214


214


214


214


214


214


214214


اسمه يف اجلاهلية يسارا، فسامه رسول اهلل )صىل اهلل عليه وسلم( سليامن، سكن الكوفة، وابتنـى دارا يف خزاعـة، وكان نزولـه هبـا يف أول ما نزهلا املسـلمون، وكان له سـن عالية ورشف وقـدر وكلمـة يف قومه. شـهد مع عي صفني، وهـو الذي قتل حوشـبا ذا ظليم

األهلاين بصفني مبارزة.وكان فيمن كتب إىل احلسـني بن عييسأله القدوم إىل الكوفة، فلام قدمها ترك تل احلسـني ندم هو واملسـيب بـن نجبة الفزاري ومجيع مـن خذله؛ إذ القتـال معه، فلام قخل يقاتلـوا معـه، ثـم قالوا: مـا لنا من توبة ممـا فعلنـا إل أن نقتل أنفسـنا يف الطلب بدمه. فخرجوا فعسكروا بالنخيلة، وذلك مستهل ربيع اآلخر سنة مخس وستني، وولوا أمرهم سليامن بن رصد، وسموه: أمر التوابني، ثم ساروا إىل عبيد اهلل بن زياد، فلقوا مقدمته يف تل سليامن بن رصد واملسيب بن أربعة آلف عليها رشحبيل بن ذي الكالع، فاقتتلوا، فقخ

نجبة بموضع يقال له: عني الوردة.وقيل: إهنم خرجوا إىل الشـام يف الطلب بدم احلسـني، فسموا التوابني، وكانوا تل سـليامن بن رصد، رماه يزيد بن احلصني بن نمر بسـهم فقتله، وحل أربعة آلف، فقخرأسه ورأس املسيب بن نجبة إىل مروان بن احلكم أدهم بن حمريز الباهي، وكان سليامن

تل ابن ثالث وتسعني سنة«)1). يوم قخ

صحبتهاملعروف بن املؤرخن وأصحاب الرتاجم أنه من الصحابة، وقد نص غري واحد عىل صحبته، غري أن السيد اخلوئي& ذهب إىل أنه من التابعن، قائا: »ثم إن ما ذكره الشـيخ من كون سـليامن بن رصد من أصحاب رسـول اهلل‘، فلعله مأخوذ من كتب

العامة، وإل فقد رصح الفضل بن شاذان بأنه من التابعني«)2).غري أنه ال يمكن اجلزم باس�تفادة ذلك من كام الفضل بن ش�اذان، فعبارته هي:

)1) ابن عبد الرب، يوسف بن عبد اهلل، االستيعاب يف معرفة األصحاب: ج 2، ص649�650.)2) اخلوئي، أبو القاسم، معجم رجال احلديث: ج9، ص284.

ي( زاع

اخلرصد

ن ن ب

ليام)س

ئر ة ثا

سري

215

»فمن التابعني الكبار ورؤسـائهم وزهادهم جندب بن زهر قاتل الساحر، وعبد اهلل بن بديل، وحجر بن عدي، وسليامن بن رصد، واملسيب بن نجبة، وعلقمة، واألشرت، وسعد تلوا مع احلسني× وبعده«)1). ابن قيس، وأشباههم، أفناهم احلرب ثم كثروا بعد، حتى قخفيمك�ن أن ال يري�د م�ن التابعن املصطل�ح املع�روف يف ترتيب الطبق�ات، وإنام م�ن تاب�ع عليا× وش�ايعه، كيف وعبد اهلل ب�ن بديل املذكور يف العبارة الس�ابقة من الصحاب�ة املتف�ق عىل صحبتهم، وقد أرس�له النب�ي‘ إىل اليمن، وهذا ه�و ما تبناه السيد اخلوئي& يف موضع آخر يف ترمجته لعبد اهلل بن بديل، فقال: »الظاهر أن الفضل أراد بقولـه: ومـن التابعـني.. مـن تابع عليا وشـايعه، والقرينـة عىل ذلك قولـه: أفناهم تلوا مع احلسني× وبعده، وإل فهو من الصحابة كام ذكره الشيخ+«)2). احلرب حتى قخمل يذكر املؤرخون سنة إسامه، ولكن يظهر من بعض األخبار أنه كان حارضا يف معركة األحزاب، وقد روى أن رسول اهلل‘ قال يوم األحزاب: »اآلن نغزوهم ول يغزوننا«)3)، وكانت غزوة األحزاب يف الس�نة اخلامس�ة للهجرة، مما يدل عىل أنه كان

قد أسلم قبلها.

تشيهعهن�ص غري واحد من املؤرخن وأصحاب الرتاجم عىل تش�يعه، قال الذهبي: »من

شيعة عي، ومن كبار أصحابه«)4).وقد وصفه رفاعة بن شداد بأنه »شيخ الشيعة، وصاحب رسول اهلل‘«)5).

وقد ورد يف الكتاب الذي كتبه الشيعة إىل اإلمام احلسن× وكتب بأمر سليامن:

)1) الطويس، حممد بن احلسن، اختيار معرفة الرجال )رجال النجايش(: ج1، ص286.)2) اخلوئي، أبو القاسم، معجم رجال احلديث: ج11، ص126.

)3) البخاري، حممد بن إسامعيل، صحيح البخاري: ج5، ص48. الطربيس، الفضل بن احلسن، جممع البيان يف تفسري القرآن: ج8، ص136.

)4) الذهبي، أبو عبد اهلل، شمس الدين حممد بن أمحد بن عثامن، تاريخ اإلسام: ج5، ص46.)5) الطب�ري، حممد بن جرير، ت�اريخ األمم وامللوك: ج4، ص427.

216



216216



216216



216216



216


216216



216216



216


216


216216



216216



216


216


216


216216



216216



216


216


216


216216216



216216



216


216


216


216


216


216216



216216



216


216


216


216


216


216


216216


»من سـليامن بن رصد، واملسـيب بن نجبة، وحبيب بن مظاهر، ورفاعة بن شـداد، وعبد اهلل بن وال، ومجاعة شيعته من املؤمنني«)1).

وقال الش�يخ املفيد&: »ومن يلحق منهم بالذكر من أوليائهم وعلية شيعتهم وأهل الفضل يف الدين واإليامن والعلم والفقه والقرآن، املنقطعني إىل اهلل تعاىل بالعبادة واجلهاد والتمسـك بحقائق اإليامن: حممد بن أيب بكـر ربيب أمر املؤمنني× وحبيبه، وحممد بن

أيب حذيفة... وسليامن بن رصد اخلزاعي«)2).وقال السيد رشف الدين& يف املراجعات: »سليامن بن رصد اخلزاعي الكويف، كبر

شيعة العراق يف أيامه، وصاحب رأهيم ومشورهتم«)3).وق�ال الس�يد اخلوئ�ي&: »أقـول: ل ينبغـي اإلشـكال يف جاللـة سـليامن بن رصد

وعظمته؛ لشهادة الفضل بن شاذان بذلك«)4).

بيعته ألمر املؤمنني×ينقل الش�يخ املفيد& أن س�ليامن بن رصد اخلزاعي كان يف املدينة بعد مقتل عثامن اب�ن عفان وبيعة أمري املؤمنن×، وبايع أم�ري املؤمنن× يف مجلة املبايعن، فذكر& مجلة من شيعة أمري املؤمنن×، وذكر فيهم سليامن بن رصد، وقال بعد ذكر أسامئهم: »وأطبقوا عىل الرضا بأمر املؤمنني×، فبايعوه عىل حرب من حارب، وسـلم من سال،

وأن ل يولوا يف نرصته األدبار«)5).موقفه يف حرب اجلمل

ذكر نرص بن مزاحم يف كتابه )وقعة صفن( أن سليامن بن رصد اخلزاعي كان من املتخلف�ن عن جبهة أمري املؤمنن× يف حرب اجلم�ل، وأنه ملا رجع× من البرصة

)1) الكويف، ابن أعثم، أمحد، كتاب الفتوح: ج 5، ص28.)2) املفيد، حممد بن حممد بن النعامن، اجلمل: ص52.

)3) رشف الدين، عبد احلسن، املراجعات: ص130.)4) اخلوئي، أبو القاسم، معجم رجال احلديث: ج9، ص284.

)5) املفيد، حممد بن حممد بن النعامن، اجلمل: ص52.

ي( زاع

اخلرصد

ن ن ب

ليام)س

ئر ة ثا

سري

217

جاء إليه س�ليامن معتذرا، فأنبه× عىل ختلفه، قال: »عن سيف، قال: حدثني إسامعيل ابـن أيب عمـرة، عن عبد الرحـن بن عبيد بن أيب الكنود، أن سـليامن بـن رصد اخلزاعي

دخـل عـىل عي بن أيب طالب بعـد رجعته من البرصة، فعاتبه وعذلـه، وقال له: ارتبت

وتربصـت وراوغـت، وقـد كنـت من أوثـق الناس يف نفـيس، وأرسعهم فيـام أظن إىل

نرصيت، فام قعد بك عن أهل بيت نبيك؟ وما زهدك يف نرصهتم؟

فقال: يا أمر املؤمنني، ل تردن األخمور عىل أعقاهبا، ول تؤنبني بام مىض منها، واستبق

موديت ختلص لك نصيحتي، فقد بقيت أخمور تعرف فيها عدوك من وليك، فسكت عنه.

وجلـس سـليامن قليـال، ثـم هنض، فخـرج إىل احلسـن بن عـي وهو قاعـد يف باب

املسجد، فقال: أل أعجبك من أمر املؤمنني وما لقيت منه من التوبيخ والتبكيت؟ فقال

له احلسـن: إنام يعاتب من تخرجى مودته ونصيحته. فقال: إنه قد بقيت أخمور سيستوسـق

تاج فيها إىل أشـباهي، فال تستغشـوا عتبي، ول فيها القنا، وتخنتىض فيها السـيوف، وحيخ

تتهموا نصحي، فقال احلسن: رحك اهلل، ما أنت عندنا بضنني«)1).

غ�ري أن الس�يد اخلوئ�ي& يش�كك يف رواية نرص ه�ذه التي تضمن�ت توبيخ أمري املؤمن�ن× له، ويق�ول: »فإن ما روي عن كتاب صفني لنرص بـن مزاحم عن أيب عبد اهلل سيف بن عمر عن إسامعيل بن أيب عمرة عن عبد الرحن بن عبيد بن أيب الكنود، من

عتـاب أمر املؤمنني×، وعذله سـليامن بن رصد يف قعـوده عن نرصته بعد رجوعه×

من حرب اجلمل ل يمكن تصديقه؛ ألن عدة من رواته ل تثبت وثاقتهم، عىل أنه ل يثبت

كـون هذا الكتاب عـن نرص بن مزاحم بطريـق معترب، فلعل القصـة مكذوبة عليه، كام

احتمله الشيخ+«)2).

باإلضاف�ة إىل أنه يرويه عن س�يف، وس�يف بن عم�ر من الوضاع�ن املعروفن،

)1) املنقري، نرص بن مزاحم، وقعة صفن: ص7.)2) اخلوئي، أبو القاسم، معجم رجال احلديث: ج9، ص284.

218



218218



218218



218218



218


218218



218218



218


218


218218



218218



218


218


218


218218



218218



218


218


218


218218218



218218



218


218


218


218


218


218218



218218



218


218


218


218


218


218


218218


وموقفه سلبي وواضح جتاه شيعة أهل البيت^.غ�ري أن�ه رغم ع�دم تصديق�ه لرواية ن�رص وم�ا ورد فيها م�ن توبيخ لس�ليامن قد حك�م& بأن ختلفه عن حرب اجلمل ثابت، معت�ذرا له ببعض األعذار، يقول: »وأما ختلفـه عـن أمر املؤمنني× يف وقعة اجلمل فهو ثابت، ولعل ذلك كان لعذر أو بأمر من

أمر املؤمنني×«)1).ولع�ل مس�تنده يف ذل�ك هو قول الش�يخ الط�ويس&، إذ قال: » سـليامن بن رصد اخلزاعي املتخلف عنه يوم اجلمل، املروي عن احلسن أو املروي عىل لسانه كذبا يف عذره

يف التخلف«)2).وق�ول الش�يخ الطويس& :»املروي عن احلسـن، أو املـروي عىل لسـانه كذبا« ربام إشارة إىل ما رواه نرص بن مزاحم يف النص املتقدم، وربام إشارة إىل ما رواه الزمرشي يف غري�ب احلدي�ث عن س�ليامن ب�ن رصد: »أتيت عليا حـني فرغ من مرحـى اجلمل، فلـام رآين قال: تزحزحـت وتربصت وتنأنأت، فكيف رأيت اهلل صنـع؟! فقلت: يا أمر املؤمنـني إن الشـأو بطني، وقد بقي من األخمور ما تعرف بـه صديقك من عدوك. فلام قام قلت للحسـن: ما أغنيت عني شيئا؟ قال: هو يقول لك اآلن هذا، وقد قال يل يوم التقى النـاس ومشـى بعضهـم إىل بعض: ما ظنك بامـرئ مجع بني هذين الغاريـن ما أرى بعد هـذا خرا«)3)، أي: إنه يعاتبك عىل عدم حضور احلرب، وهو كان نادما عىل مواجهة أصحاب اجلمل، ويرى أنه لن يرى خريا بسبب مجعه بن الغارين ) اجليشن( يف هذه

احلرب.. وهذا ال يصح أبدا، وهو مكذوب عىل لسان احلسن×.غ�ري أن مؤرخ�ن آخرين نصوا عىل حضوره حرب اجلم�ل مع أمري املؤمنن×، يق�ول ابن س�عد يف الطبقات: »وكانت له سـن عالية ورشف يف قومـه، فلام قخبض النبي

)1) املصدر السابق.)2) الطويس، حممد بن احلسن، رجال الشيخ الطويس: ص66.

)3) الزمرشي، جار اهلل حممود بن عمر، الفايق يف غريب احلديث: ج2، ص29.

ي( زاع

اخلرصد

ن ن ب

ليام)س

ئر ة ثا

سري

219

)صىل اهلل عليه وسـلم( حتول فنزل الكوفة حني نزهلا املسـلمون، وشـهد مع عي بن أيب

طالب× اجلمل وصفني«)1)، وقال عنه ابن األثري: »وشهد مع عي بن أيب طالب

مشـاهده كلها وهو الذي قتل حوشـبا ذا ظليم األهلاين بصفني مبارزة«)2)، وقال الشيخ

املفي�د& يف كتاب اجلمل بعد ذكر مجلة من أصح�اب أمري املؤمنن× الذين بايعوه، ويف مجلته�م س�ليامن بن رصد اخلزاعي: »وحرضوا مشـاهده كلهـا ل يتأخر عنه منهم

أحد، حتى مىض الشهيد منهم عىل نرصته، وبقي املتأخر منهم عىل حجته«)3).

يف حرب صفنينص أكثر الذين ترمجوا له عىل حضوره معركة صفن، ويظهر من بعض النصوص

أن�ه كان أح�د قادهتا، وكان عىل ميمنة الرجال�ة يف جيش أمري املؤمنن×، قال نرص:

»عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن حممد بن عي وزيد بن حسن وحممد بن عبد املطلب:

أن عليا× ومعاوية عقدا األلوية وأمرا األخمراء وكتبا الكتائب، واستعمل عي عىل اخليل

عامر بن يارس، وعىل الرجالة عبد اهلل بن بديل بن ورقاء اخلزاعي، ودفع اللواء إىل هاشم

ابن عتبة بن أيب وقاص الزهري، وجعل عىل امليمنة األشعث بن قيس، وعىل امليرة عبد

اهلل بن العباس، وجعل عىل رجالة امليمنة سليامن بن رصد اخلزاعي، وعىل رجالة امليرة

احلارث بن مرة العبدي«)4).

ويبدو أنه أبىل باء حسنا فيها، وقتل أحد أبرز قادة جيش معاوية، قال نرص: »ثم

إن حوشبا ذا ظليم، وهو يومئذ سيد أهل اليمن، أقبل يف مجعه وصاحب لوائه يقول:

)1) ابن سعد، أبو عبد اهلل حممد، الطبقات الكربى: ج4، ص292.)2) اجلزري، ابن األثري، عز الدين أبو احلسن عيل بن حممد، أسد الغابة يف معرفة الصحابة: ج2، ص351.

)3) املفيد، حممد بن حممد بن النعامن، اجلمل: ص52.)4) املنقري، نرص بن مزاحم، وقعة صفن: ص205. الدينوري، أبو حنيفة، أمحد بن داوود، األخبار

الطوال: ص171.

220



220220



220220



220220



220


220220



220220



220


220


220220



220220



220


220


220


220220



220220



220


220


220


220220220



220220



220


220


220


220


220


220220



220220



220


220


220


220


220


220


220220


حوشـب ومنـا اليامنـون املهـرب نحـن منـا أيـن ظليـم ذا

املعلـب والقنـا الصفيـح شـزبفينـا الوشـيج أمثـال واخليـل

مذبذب حبلها ــراق ــع ال حمبب إن ــم ــك ــي ف عــلــيــا إن

مذنب وكـــل عــثــامن قــتــل يف

فحمل عليه سليامن بن رصد اخلزاعي وهو يقول:يومـا كاسـفا عصبصبـا لـك كوكبـا يـا يـوارى ل يومـا لـك يـا

تذبذبـا الـذي احلـي أهيـا حوشـبايـا ظليـم ذا نخـاف لسـنا

ــا ــرب جم بـــطـــال ــا ــن ــي ف مغضبـا ألن كاهلزبـر بديـل ابـن

حمببا ــا ــدن ــن ع عـــي ــى ــس أبـا أم نبقـي ول بـاألخم نفديـه

فطعنه وقتله«)1).وروى ن�رص أن�ه بعد أن كتب�ت صحيفة التحكيم يف صفن جاء س�ليامن بن رصد اخلزاع�ي إىل أم�ري املؤمن�ن× ووجهه م�رضوب بالس�يف، فلام نظر إلي�ه عيل قال: »فمنهم من قىض نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديال، فأنت ممن ينتظر وممن ل يبدل. فقـال: يـا أمر املؤمنني، أما لو وجدت أعوانا ما كتبت هـذه الصحيفة أبدا، أما واهلل لقد

مشيت يف الناس ليعودوا إىل أمرهم األول، فام وجدت أحدا عنده خر إل قليال«)2).ويظهر من بعض املؤرخن أن أمري املؤمنن× واله عىل اجلبل)3).

موقفه من اإلمام احلسن×روى اخلصيبي يف اهلداية يف حديث طويل أن اإلمام احلس�ن× بعد أن استش�هد

)1) املنقري، نرص بن مزاحم، وقعة صفن: ص400�401. الكويف، ابن األثري، أمحد، كتاب الفتوح: ج3، ص123.

)2) املنقري، نرص بن مزاحم، وقعة صفن: ص519.)3) الباذري، أمحد بن ييى بن جابر، أنساب األرشاف: ج2، ص393.

ي( زاع

اخلرصد

ن ن ب

ليام)س

ئر ة ثا

سري

221

أم�ري املؤمن�ن× وبايعه الناس خليف�ة من بعد أبيه صعد املن�رب وخطب بالناس، ثم طل�ب منه�م أن جييبوه، فلم جيبه منهم إال عرشون رجا، عد منهم س�ليامن بن رصد اخلزاعي، قاموا فقالوا: »يا بن رسـول اهلل، ما نملك غر سـيوفنا وأنفسنا، فها نحن بني

يديك، ألمرك طائعون، مرنا بام شئت«)1).ك�ام روى ابن قتيبة يف اإلمامة والسياس�ة أن س�ليامن ب�ن رصد كان من املعرتضن ع�ىل الصلح ب�ن اإلمام احلس�ن× وبن معاوي�ة، وأنه دع�اه ألن يبعث�ه إىل الكوفة ليخ�رج عام�ل معاوية منه�ا، وأن يعيد الكرة عليهم، قال: »وذكـروا أنه ملا متت البيعة ملعاويـة بالعـراق، وانـرصف راجعا إىل الشـام، أتاه سـليامن بـن رصد، وكان غائبا عن الكوفة، وكان سـيد أهل العراق ورأسـهم، فدخل عىل احلسـن، فقال: السالم عليك يا مذل املؤمنني. فقال احلسـن : وعليك السـالم، اجلس هلل أبوك. قال: فجلس سـليامن، فقال : أما بعد، فإن تعجبنا ل ينقيض من بيعتك معاوية ومعك مائة ألف مقاتل من أهل العراق، وكلهم يأخذ العطاء مع مثلهم من أبنائهم ومواليهم، سـوى شـيعتك من أهل البـرصة وأهـل احلجـاز، ثم ل تأخذ لنفسـك ثقة يف العهـد، ول حظا مـن القضية، فلو كنت إذ فعلت ما فعلت، وأعطاك ما أعطاك بينك وبينه من العهد وامليثاق، كنت كتبت عليك بذلك كتابا، وأشـهدت عليه شـهودا من أهل املرشق واملغرب أن هذا األمر لك

من بعده، كان األمر علينا أير، ولكنه أعطاك هذا فرضيت به من قوله.ثـم قال : وزعم عىل رؤوس الناس ما قد سـمعت، إين كنت رشطت لقوم رشوطا، ووعدهتـم عـدات، ومنيتهم أماين، إرادة إطفاء نار احلرب، ومداراة هلذه الفتنة، إذ مجع اهلل لنـا كلمتنـا وأخلفتنـا، فإن كل ما هنالـك حتت قدمي هاتني، وواهلل مـا عنى بذلك إل نقض ما بينك وبينه، فأعد للحرب خدعة، وأذن يل أشخص إىل الكوفة، فأخرج عامله

منها، وأظهر فيها خلعه، وأنبذ إليه عىل سواء، إن اهلل ل هيدي كيد اخلائنني...«)2).

)1) انظر: اخلصيبي، احلسن بن محدان، اهلداية الكربى: ص415.)2) ابن قتيبة الدينوري، عبد اهلل بن مسلم، اإلمامة والسياسة: ج1، ص141.

222



222222



222222



222222



222


222222



222222



222


222


222222



222222



222


222


222


222222



222222



222


222


222


222222222



222222



222


222


222


222


222


222222



222222



222


222


222


222


222


222


222222


ويظه�ر م�ن متابعة األخبار أن اب�ن قتيبة تفرد برواية هذا اخل�رب، وهو قد عرب عنه بلفظ )ذكروا(، عىل أن هناك اختافا فيمن سلم عىل اإلمام احلسن× هبذه الصيغة، فف�ي األخب�ار الطوال للدينوري أن ال�ذي قال له: ) يا مذل املؤمنن( هو س�فيان بن لي�ىل)1)، ويف الفت�وح البن أعثم أنه س�فيان بن الليل البهم�ي)2)، ويف البداية والنهاية أنه أبو عامر س�عيد بن النتل)3)، ويف دالئل اإلمامة للطربي أن الذي قال له ذلك هو

حجر بن عدي)4)، غري أن املروي عن أهل البيت^ هو سفيان بن ليىل)5).نعم، ذكر السيد املرتىض& يف التنزيه أن سليامن بن رصد اخلزاعي وفد عىل اإلمام احلس�ن× مع مجلة من الشيعة بعد سنتن من الصلح ودعاه إىل نقضه، قال: »وروى عباس بن هشـام، عن أبيه، عن أيب خمنف، عن أيب الكنود عبد الرحن بن عبيدة، قال: ملا بايع احلسـن× معاوية أقبلت الشـيعة تتالقى بإظهار األسف واحلرة عىل ترك القتال، فخرجـوا إليـه بعد سـنتني من يوم بايـع معاوية، فقال له سـليامن بـن رصد اخلزاعي: ما ينقـيض تعجبنـا من بيعتك ملعاويـة ومعك أربعون ألـف مقاتل من أهـل الكوفة، كلهم يأخـذ العطـاء، وهم عىل أبـواب منازهلم، ومعهم مثلهـم من أبنائهم وأتباعهم، سـوى

شيعتك من أهل البرصة واحلجاز...«)6). وليس فيه أنه القائل: يا مذل املؤمنن.

موقفه من ثورة احلسني×كان أهل الكوفة عىل تواصل دائم مع اإلمام احلس�ن× منذ أيام معاوية، وكانوا يف�دون علي�ه، ويكتبون له الكتب يدعونه فيها للثورة، غ�ري أنه كان يأمرهم بالرتيث

)1) الدينوري، أبو حنيفة، أمحد بن داوود، األخبار الطوال : ص220.)2) الكويف، ابن أعثم، أمحد، كتاب الفتوح: ج4، ص166. اختلف يف اسمه بن سفيان بن ليىل ، وسفيان

ابن أيب ليىل، وسفيان بن الليل.)3) ابن كثري، أبو الفداء، إسامعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص20.

)4) الطربي )الشيعي(، حممد بن جرير، دالئل اإلمامة: ص166.)5) الطويس، حممد بن احلسن، اختيار معرفة الرجال )رجال النجايش(: ج1، ص328.

)6) الرشيف املرتىض، عيل بن احلسن، تنزيه األنبياء: ص223.

ي( زاع

اخلرصد

ن ن ب

ليام)س

ئر ة ثا

سري

223

واالنتظار إىل ما بعد معاوية.ومل�ا بلغه�م م�وت معاوية عق�دوا مؤمترا مهام يف دار س�ليامن ب�ن رصد اخلزاعي، ليق�رروا في�ه اإلج�راءات ال�ازم اختاذها يف تل�ك اللحظ�ة التارخيي�ة الفاصلة، قال الط�ربي: »قـال أبـو خمنف: فحدثنـي احلجاج بن عي عـن حممد بن برش اهلمـداين قال: اجتمعـت الشـيعة يف منزل سـليامن بن رصد، فذكرنـا هالك معاوية، فحمدنـا اهلل عليه، فقال لنا سـليامن بن رصد: إن معاوية قد هلك، وإن حسـينا قد تقبض عىل القوم ببيعته، وقد خرج إىل مكة، وأنتم شـيعته وشـيعة أبيه، فإن كنتم تعلمون أنكم نارصوه وجماهدو عـدوه فاكتبوا إليـه، وإن خفتم الوهل والفشـل، فال تغروا الرجل من نفسـه. قالوا: بل

نقاتل عدوه، ونقتل أنفسنا دونه. قال: فاكتبوا إليه«)1).ويظه�ر م�ن اجتامعه�م يف بيته لتدارس ه�ذا األمر اخلطري أنه كان ل�ه ثقل كبري يف ش�يعة الكوفة آنذاك، ك�ام يظهر أنه كان بصريا وواقعي�ا يف طرحه حن قال هلم: إذا مل يكن لكم استعداد لنرصته فا تغروه؛ ألنه خرب الناس وعرف أن العواطف االنفعالية

والشعارات احلامسية ال تقدم وال تؤخر، ما مل يكن هناك التزام واقعي.وبعد أن تبانوا عىل نرصته قرر الش�يعة أن يكتبوا لإلمام احلس�ن× كتابا يدعونه فيه إىل القدوم إىل الكوفة، ويبدون فيه استعدادهم لنرصته ومؤازرته عىل عدوه، وكان اسم سليامن يف أول ذلك الكتاب، فجاء فيه: »من سليامن بن رصد اخلزاعي، واملسيب ابن نجبة، ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر، وشيعته من املؤمنني واملسلمني من أهل الكوفة.. أما بعد: فاحلمد هلل الذي قصم عدوك اجلبار العنيد الذي انتزى عىل هذه األخمة، فابتزها أمرها، واغتصبها فيأها، وتآمر عليها بغر رضا منها، ثم قتل خيارها، واسـتبقى رشارها، وجعل مال اهلل دولة بني جبابرهتا وأغنيائها، فبخعدا له كام بعخدت ثمود. إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل اهلل جيمعنا بك عىل احلق، والنعامن بن بشـر يف قرص اإلمارة، لسـنا نجتمـع معـه يف مجعـة، ول نخرج معه إىل عيد، ولـو بلغنا أنك قد أقبلـت إلينا أخرجناه

)1) الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج4، ص261.

224



224224



224224



224224



224


224224



224224



224


224


224224



224224



224


224


224


224224



224224



224


224


224


224224224



224224



224


224


224


224


224


224224



224224



224


224


224


224


224


224


224224


حتى نلحقه بالشام، إن شاء اهلل. والسالم عليك ورحة اهلل وبركاته«)1).ه�ذه هي املرة األخرية التي يظهر فيها اس�م س�ليامن ب�ن رصد يف التاريخ يف تلك الفرتة قبل أن يظهر جمددا يف ثورة التوابن، وما بن ذلك ظل موقف الرجل غامضا، فلم يس�جل له التاريخ حضورا يف كل األحداث التي مرت هبا الكوفة يف تلك الفرتة احلرج�ة، فلم ينزل مس�لم بن عقيل )س�ام اهلل عليه( يف بيته مع م�ا له من مركزية يف الكوفة، ومل يسجل له التاريخ أنه التقى بمسلم طوال تلك الفرتة، أو تشاور معه، كام غاب اس�مه متاما عن األحداث التي رافقت ثورة مسلم بن عقيل، وكذلك مل يلتحق

باإلمام احلسن× يف كرباء.. فأين كان الرجل؟تذه�ب بع�ض املص�ادر التارخيي�ة إىل أن�ه كان م�ن املتخاذلن عن نص��رة اإلمام احلس�ن×، وأنه ندم عىل ذلك، وقام بثورة التوابن بوصفها نوعا من تكفري الذنب جتاهه، قال ابن عبد الرب: »وكان فيمن كتب إىل احلسـني بن عي يسأله القدوم إىل تل احلسـني ندم هو واملسـيب بن نجبة الفزاري الكوفة، فلام قدمها ترك القتال معه، فلام قخومجيـع مـن خذله؛ إذ ل يقاتلوا معه، ثم قالوا: ما لنا من توبة مما فعلنا إل أن نقتل أنفسـنا

يف الطلب بدمه«)2). والعبارة نفسها نجدها مكررة عند ابن األثري)3)، فيام يضيف ابن سعد يف الطبقات أنه كان كثري الشك والرتدد والتوقف يف املواقف، فقال: »كان فيمن كتب إىل احلسني بن عي أن يقدم الكوفة، فلام قدمها أمسك عنه، ول يقاتل معه، كان كثر الشك والوقوف، فلام تل احلسني ندم هو واملسيب بن نجية الفزاري ومجيع من خذل احلسني، ول يقاتل معه«)4). قخولكن الش�يخ املامقاين يف كتابه تنقيح املقال يرد عىل ذلك ويقول: إنه كان حمبوسا يف س�جن عبي�د اهلل بن زياد م�ع أربعة آالف من الش�يعة »ما قاله ابن األثـر من ختلفه

)1) املصدر السابق.)2) ابن عبد الرب، يوسف بن عبد اهلل، االستيعاب يف معرفة األصحاب: ج2 ، ص649 �650.

)3) ابن األثري اجلزري، عز الدين أبو احلسن عيل بن حممد، أسد الغابة يف معرفة الصحابة: ج2، ص351.)4) ابن سعد، أبو عبد اهلل حممد، الطبقات الكربى: ج4، ص292.

ي( زاع

اخلرصد

ن ن ب

ليام)س

ئر ة ثا

سري

225

عن نرصة احلسـني× من سـهوه، رضورة أن ممـا اتفقت عليه كتب السـر واألخبار أن ابن زياد ملا اطلع عىل مكاتبة أهل الكوفة احلسـني× حبس أربعة آلف ومخسـامئة رجل مـن التوابني مـن أصحاب أمر املؤمنـني× وأبطاله الذين جاهدوا معه، منهم سـليامن

هذا«)1).غ�ري أن قول�ه: إن مما اتفقت عليه كتب الس�ري واألخبار أن اب�ن زياد حبس أربعة آالف ومخسامئة رجل من شيعة الكوفة، من بينهم سليامن بن رصد، هي جمرد دعوى، فل�م نجد مثل هذا االتفاق بينهم، ب�ل مل نجد ذكرا لذلك يف أي من املصادر التارخيية املعتربة سوى ما ذكر يف كتاب )حكاية املختار يف األخذ بالثار( املطبوع يف هناية كتاب )اللهوف( للس�يد ابن طاووس&، حيث جاء فيه: »فلام شـاع هالك يزيد )لع(، وثبوا عـىل دار ابـن زياد وهنبـوا أمواله وخيله، وقتلـوا غلامنه، وكروا حبسـه، وأخرجوا منه أربعـة آلف ومخسـامئة رجـل من أصحـاب أمر املؤمنـني عي بن أيب طالـب×، منهم سـليامن بن رصد اخلزاعي، وإبراهيم بن مالك األشـرت، وابن صفوان، وحييى بن عوف، وصعصعـة العبدي«)2)، وهذا مقطع من حكاية طويلة ذات طابع قصيص ال ختلو من

املاحظات.وذكر الش�يخ الق�ريش نقا عن )الدر املس�لوك يف أحوال األنبي�اء واألوصياء( � وهو كتاب قال عنه: أنه مطوط، ويظهر من مصادر أخرى أنه للشيخ أمحد بن احلسن احل�ر العاميل، وهو أخو صاحب الوس�ائل � أن ابن زياد اعتقل أربعامئة من األعيان،

فيهم سليامن بن رصد، واملختار الثقفي)3)، وقد تفرد بذلك أيضا.أما املحقق التس�رتي فيبدو جازما يف ختلف س�ليامن عن نرصة اإلمام احلسن× با عذر قائا: »اتفقت كلمة اخلاصة والعامة من ختلف هذا عن نرصة احلسني× بدون

)1) التسرتي، حممد تقي، قاموس الرجال يف رشح تنقيح املقال: ج5، ص279.)2) ابن طاووس، عيل بن موسى، اللهوف يف قتىل الطفوف: ص152.

)3) القريش، باقر رشيف، حياة اإلمام احلسن: ج2، ص416.

226



226226



226226



226226



226


226226



226226



226


226


226226



226226



226


226


226


226226



226226



226


226


226


226226226



226226



226


226


226


226


226


226226



226226



226


226


226


226


226


226


226226


عـذر«)1). واس�تدل � باإلضافة إىل بعض النص�وص التارخيية � بخطبة س�ليامن التي ذكره�ا ابن نام، إذ جاء فيه�ا: »أما بعد فقد ابتخلينا بطول العمـر والتعرض للفتن.. وكنا مغرمني بتزكية أنفسـنا ومدح شـيعتنا، حتى بىل اهلل خيارنا فوجدنا كذابني يف نرصة ابن

بنت رسول اهلل‘ ول عذر دون أن نقتل قاتليه، فعسى ربنا أن يعفو عنا«)2).وكذلك استدل بام قاله سليامن بن رصد وأصحابه عندما زاروا قرب احلسن×، إذ روى الطربي عن أيب منف عن سلمة بن كهيل عن أيب صادق، قال: »ملا انتهى سليامن ابـن رصد وأصحابه إىل قرب احلسـني نادوا صيحة واحدة: يـا رب، إنا قد خذلنا ابن بنت

نبينا، فاغفر لنا ما مضـى منا، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم«)3).وكذلك اس�تدل بخطبة س�ليامن عند لقاء العدو: »ونادى عباد اهلل، من أراد البكور

إىل ربه، والتوبة من ذنبه، والوفاء بعهده فإيل، ثم كر جفن سيفه...«)4).غ�ري أن قوله: إن ختلفه بدون عذر مما اتفق�ت عليه اخلاصة والعامة هو أيضا جمرد دعوى، وإذا تم هذا بالنسبة إىل العامة فيام ذكروه يف كتبهم فا يتم يف اخلاصة، فلم نر

تص�ريا معتربا يف ذلك من متقدمي اخلاصة أو متأخرهيم.وأما ما استش�هد به من كلامت س�ليامن وخطبه، فيمكن اجل�واب عنه: إن الرجل يمكن أن يكون قد تكلم بلس�ان القوم، وحكى حاهلم، ووضع نفسه معهم تواضعا، أو من باب عدم التوفيق لنرصة احلس�ن×، وفوات الش�هادة معه ولو لعذر، مع أن بعض هذه الكلامت نقلت عن غريه، كالكلمة األوىل حيث رواها الطربي للمس�يب

ابن نجبة)5).ولكن توجد له كلمة أخرى ذكرها الطربي، وهي: »إنا كنا نمد أعناقنا إىل قدوم آل

)1) التسرتي، حممد تقي، قاموس الرجال يف رشح تنقيح املقال: ج5، ص280.)2) ابن نام احليل، جعفر بن حممد بن جعفر، ذوب النضار يف رشح الثار: ص75.

)3) الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج4، ص457.)4) املصدر السابق: ص 456

)5) انظر: املصدر السابق: ص426.

ي( زاع

اخلرصد

ن ن ب

ليام)س

ئر ة ثا

سري

227

نبينـا، ونمنيهم النرص، ونحثهم عىل القدوم، فلام قدمـوا ونينا وعجزنا وادهنا وتربصنا، تل فينا«)1). وانتظرنا ما يكون، حتى قخ

وع�ىل أي ح�ال تبقى ه�ذه الفرتة التي عاش�ها الرجل أيام ثورة احلس�ن× فرتة غامض�ة يف تارخي�ه، وال يمكن اجلزم بعدم عذره يف التخل�ف، خصوصا إذا ما أخذنا بنظ�ر االعتب�ار ما روي من قول أمري املؤمنن× املتقدم ل�ه »فأنت ممن ينتظر، وممن ل

يبدل«، واهلل العامل بحقيقة احلال.

ثورة التوابنيال خيف�ى أن ث�ورة احلس�ن× ه�زت الضمري اإلس�امي ه�زة عنيف�ة، وولدت ارت�دادات عاصف�ة يف صفوف األمة، خصوصا يف صفوف أولئ�ك الذين مل يلتحقوا

باحلسن×، أو ختاذلوا عن نرصته.وي�رى بع�ض الباحث�ن أن ث�ورة التوابن ه�ي ث�ورة )تأنيب ضم�ري(، و) تكفري ذن�ب(، نتيجة اإلحس�اس باملس�ؤولية عن خ�ذالن اإلمام احلس�ن×: »والواقع أن حركـة التوابـني التي قامت بزعامة سـليامن ورفاقه من قادة احلزب الشـيعي، هي طراز فريـد بـني احلـركات السياسـية العديـدة التي شـهدهتا تلـك الفـرتة املهمة مـن التاريخ العريب؛ ذلك أهنا ل تتضمن شـيئا من برنامج احلركة الشـيعية السـيايس أو الجتامعي أو القتصـادي عـىل غرار ما ظهر قبل ذلك يف ثورة احلسـني، أو ما ظهر من مالمح فيام بعد يف حركـة املختارالثقفي، وإنام انحرصت يف ظـل إطار التكفر عن الذنب، واختذت من الثأر للحسـني شـعارا رئيسـيا هلا، وانعكس عليها سـلوك زعامئها املثايل، وشخصياهتم املرتفعة التي زهدت باملناصب، ورفضت املسـاومات، ونبذت كل موقف ل يتالءم مع املبدأ العام للحركة، الذي خلصه سـليامن بالعبارة اآلتية : إنه ل يغسـل عنهم ذلك اجلرم

إل قتل من قتله أو القتل فيه«)2).

)1) املصدر السابق: ص824.)2) بيضون، د. إبراهيم، التوابون: ص 7 � 8.

228



228228



228228



228228



228


228228



228228



228


228


228228



228228



228


228


228


228228



228228



228


228


228


228228228



228228



228


228


228


228


228


228228



228228



228


228


228


228


228


228


228228


ه�ل هذه النظرة إىل ث�ورة التوابن نظرة صائبة، وهل يمكن وصف حركتهم بأهنا حركة انتحارية، كام عن بعض الباحثن، أم أن هلا أهدافا سياس�ية، هذا ما ال نخوض فيه فعا يف هذا املقال، ونرتكه ملناسبة أخرى، إال أن مما ال شك فيه أن الشعور بالندم

والتكفري عن الذنب كان من الدوافع األساسية للثوار.اجتمع الثوار هذه املرة � كام يف املرة األوىل عندما بلغهم نبأ موت معاوية، وخروج احلس�ن× إىل مك�ة � يف دار س�ليامن ب�ن رصد اخلزاعي، وكان االجت�امع يضم قادة آخرين، منهم املسيب بن نجبة، وعبد اهلل بن سعد بن نفيل األزدي، وعبد اهلل بن وال التميمي، ورفاعة بن شداد البجيل، وألقوا بعض اخلطب، ثم اتفقوا عىل تولية سليامن

ابن رصد قيادة الثورة)1).عمل قادة الثورة عىل اس�تقطاب املتطوعن، وتشجيع املرتددين، ومكاتبة الشيعة خ�ارج الكوف�ة يف املدائن والبرصة وغريه�ا، وقاموا بحملة إعامي�ة كبرية يف ذلك، حتى بلغ عدد املؤيدين � بحسب ابن كثري � عرشين ألفا)2)، وبلغ عدد املبايعن له ستة عرش ألفا )3)، ولكن ليس املهم كثرة املؤيدين واملبايعن، بل من س�يصمد منهم حتى

النفس األخري، ومن يبقى عىل موقفه يف ساعة الصفر.قبل التحرك الفعيل كان ثمة اجتامع لقادة الثورة، تدارسوا فيه اخلطوات التي ينبغي أن يقوموا هبا، واألولويات التي ال بد من الرتكيز عليها، وقد برز اجتاهان متغايران: أحدمه�ا يمثله عبد اهلل بن س�عد، ويرى أهنم ال بد أن يب�دأوا بعمليات انتقامية داخل الكوف�ة، تس�تهدف بع�ض األرشاف املتواطئ�ن مع النظ�ام األم�وي، واآلخر يمثله س�ليامن بن رصد نفس�ه، ويرى رضورة الب�دء بعبيد اهلل بن زياد الذي بات املس�ؤول األول بع�د م�وت يزيد بن معاوية، ثم يتم التفرغ بعد القض�اء عليه للداخل الكويف؛

)1) انظر: الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك:ج4، ص634� 834.)2) انظر: ابن كثري، أبو الفداء، إسامعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص251.

)3) انظر: الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج 4، ص254.

ي( زاع

اخلرصد

ن ن ب

ليام)س

ئر ة ثا

سري

229

ألن التع�رض لقتل�ة اإلمام احلس�ن× يف البداية س�وف يثري عليه�م الناس املوالن هلم، مما س�يضعف جبهتهم أمام عبيد اهلل بن زياد، قال: »إن الذي قتل صاحبكم وعبأ اجلنـود إليـه، وقال: ل أمان له عندي دون أن يستسـلم فأخميض فيه حكمي، هذا الفاسـق ابن الفاسق ابن مرجانة عبيد اهلل بن زياد، فسروا إىل عدوكم عىل اسم اهلل، فإن يظهركم اهلل عليه رجونا أن يكون من بعده أهون شوكة منه، ورأينا أن يدين لكم من وراءكم من أهل مرصكم يف عافية، فتنظرون إىل كل من رشك يف دم احلسـني فتقاتلونه... إين ألحب أن تعلوا حدكم وشوكتكم بأول املحلني القاسطني، واهلل، لو قاتلتم غدا أهل مرصكم

ما عدم رجل أن يرى رجال قد قتل أخاه وأباه وحيمه، أو رجال ل يكن يريد قتله...«)1).

انطالقة الثورةحت�رك الث�وار ليلة اجلمعة يف اخلامس من ربيع الثاين س�نة )65ه�( باجتاه النخيلة، املعس�كر الذي س�يتوافد علي�ه الث�وار واملتطوعون، أقام�وا يف النخيلة ثاث�ة أيام يف معس�كرهم، ولكن االستجابة مل تكن باملستوى املطلوب؛ إذ مل يتجاوز عدد املقاتلن

األربعة آالف مقاتل)2).لقد ختلف ش�يعة املدائن، وش�يعة البرصة، وكثري من شيعة الكوفة عن سليامن بن رصد، وه�ذا األم�ر له أس�بابه املوضوعية التي ال جمال لرسدها هن�ا، ولكن عىل رغم

ذلك مل تتأثر معنويات الثوار بذلك، وإنام اندفعوا بكل إرصار وعزيمة.س�اروا قاصدين كرباء حيث قرب سيد الش�هداء×، فلام وافوها ضجوا بالبكاء والنحي�ب حول القرب املب�ارك، وقالوا بصوت واحد: »يا رب، إنـا قد خذلنا ابن بنت نبينـا، فاغفـر لنـا ما مىض منـا، وتب علينا، إنـك أنت التـواب الرحيم، وارحم حسـينا

تلوا عليه، فإن ل تغفر وأصحابه الشهداء الصديقني، وإنا نخشهدك يارب أنا عىل مثل ما قخ

)1) املصدر السابق: ص454.)2) انظر: املصدر السابق: ص452.

230



230230



230230



230230



230


230230



230230



230


230


230230



230230



230


230


230


230230



230230



230


230


230


230230230



230230



230


230


230


230


230


230230



230230



230


230


230


230


230


230


230230


لنا وترحنا لنكونن من اخلارسين«)1).بع�د يوم وليل�ة أقاموا فيها عند قرب احلس�ن× انطلقوا عرب الف�رات إىل األنبار،

ومنها إىل القيارة وهيت، ثم إىل قرقيسيا التي تزودوا منها بام يلزمهم.ويف قرقيس�يا تناه�ت إىل أمريها أخبار عن نزول عبي�د اهلل بن زياد يف )الرقة( عىل رأس جي�ش كبري، يضم مخس�ة م�ن قادة األموين، ومن أش�د أعداء الش�يعة، وهم: احلص�ن بن نم�ري، ورشحبي�ل بن ذي ال�كاع احلم�ريي، وأدهم بن حم�رز الباهيل،

وربيعة بن مارق الغنوي، وجبلة بن عبد اهلل اخلثعمي.أطلع )زفر الكايب( أمري قرقيس�يا سليامن ومجاعته باألمر، وحاول أن يثنيهم عن املض�ي يف طريقهم، ولكنهم رفضوا وأرصوا عىل االستمرار، ودعهم زفر ودعا هلم، وأعطاه�م نصائح واستش�ارات قيمة ح�ول طبيعة املنطقة، وبع�ض اخلطط احلربية،

فودعوه وانطلقوا يف مسريهم)2).

معركة عني الوردةس�ار سليامن مع أصحابه يف عمق اجلزيرة قاصدا )عن الوردة(، بناء عىل نصيحة قدمها له أمري قرقيس�يا، حتى إذا ما وصلوها اس�رتاحوا قليا، ثم أخذ س�ليامن ينظم املقاتلن، ويضع خطط القتال، وقد عمد إىل تقسيم املقاتلن، فقسمهم عىل جمموعات صغرية تتوىل القيام بعمليات خاطفة عىل طائع وأطراف اجليش األموي؛ إلرباكهم

والتأثري يف معنوياهتم.بعده�ا ق�ام خطيبا فيهم، وأوكل قي�ادة اجليش � إن هو أصيب � إىل نائبه املس�يب اب�ن نجبة، ثم إىل عبد اهلل بن س�عد، وبعده إىل عبد اهلل ب�ن وال، وأخريا إىل رفاعة بن

شداد)3).

)1) املصدر السابق: ص456.)2) انظر: املصدر السابق: ص461.)3) انظر: املصدر السابق: ص462.

ي( زاع

اخلرصد

ن ن ب

ليام)س

ئر ة ثا

سري

231

مل تك�ن املعرك�ة متكافئ�ة، فأربع�ة آالف مقاتل، ب�ل تناقص عدده�م إىل ما دون

األربعة آالف بحس�ب بعض املصادر، يقفون أمام عرشين ألفا بحس�ب ابن أعثم)1)،

وس�تن ألفا بحس�ب خليفة بن خياط)2)، وتقديرات أخرى ب�ن هذين الرقمن، إهنا

معركة غري متكافئة أبدا.

ولكن عىل رغم ذلك قدم التوابون ماحم أسطورية يف مواجهة اجليش األموي،

واس�تمرت املعرك�ة ثاثة أيام كب�د فيها الثوار جي�ش األموين خس�ائر فادحة، غري

أن الكث�رة العددية تفوقت يف النهاية، »ورأى سـليامن بن رصد مـا لقي أصحابه، فنزل

فنادى: عباد اهلل، من أراد البكور إىل ربه، والتوبة من ذنبه، والوفاء بعهده، فإيل.. ثم كر

جفن سـيفه، ونزل معه ناس كثر، وكروا جفون سـيوفهم، ومشـوا معه.. وقتلوا من

أهل الشام مقتلة عظيمة، وجرحوا فيهم فأكثروا اجلراح، فلام رأى احلصني بن نمر صرب

تل سـليامن القوم وبأسـهم، بعث الرجـال ترميهم بالنبل، واكتنفتهم اخليل والرجال، فقخ

ابن رصد&، رماه يزيد بن احلصني بسهم فوقع، ثم وثب، ثم وقع«)3)، وكان يوم قتل له

ثاث وتسعون سنة)4).

إن ثورة التوابن من الثورات الفريدة يف التاريخ، وهي تس�تحق دراسة أوسع من

هذه، فغرض املقالة كان الرتكيز عىل س�رية س�ليامن بن رصد&، وليس دراس�ة ثورة

التوابن، التي هي بحق حتتاج إىل دراس�ة حتليلية واس�عة، عسى أن نوفق هلا يف القادم

من األيام.

)1) انظر: الكويف، ابن أعثم، أمحد، كتاب الفتوح: ج 6، ص230.)2) انظر: العصفري، ابن خياط، خليفة، تاريخ خليفة بن خياط: ص201.

)3) الطربي، حممد بن جرير، تاريخ األمم وامللوك: ج4، ص465.)4) انظر: ابن سعد، أبو عبد اهلل حممد، الطبقات الكربى: ج4، ص293.

املعنى اللغوي لـ)سكينة(اجلارية اخلفيفة الروح

السيد محمود املقدس الغريفي*

مة املقدهيت�ل احلديث عن ضبط ش�كل األس�امء ولفظه�ا الصحيح أمهية ك�ربى يف كتب علم الرجال واألنس�اب، وتشتد هذه األمهية حينام يتناقل االسم أو اللقب كثريا عىل األلس�ن. وبحثن�ا احلايل يدور حول ش�خصية المعة من ش�خصيات كرباء، وهي: )آمن�ة بن�ت اإلمام احلس�ن ×( امللقب�ة ب�)س�كينة(، نتن�اول يف هذا املق�ال الضبط الصحي�ح للقبها’ومعناه، وس�نتناول املوض�وع من جهة لغوية وسنس�تعرض ما

يقوله علامء الرجال واألنساب؛ لنصل يف هناية املطاف إىل حقيقة األمر.

ضبط اللقب وأصله سكينة كجهينة بضم السن وفتح الكاف والياء الساكنة بعدها النون املفتوحة، ثم التاء القصرية، وهو لقب آلمنة بنت احلسن بن عيل بن أيب طالب^ )ت117ه�(، وبه اشتهرت، وقد لقبتها بذلك أمها الرباب بنت امرئ القيس الكلبي )ت62ه�()1) عندما كانت تداعبها، وهي طفلة صغرية، وتنادهيا يا سكينة؛ خلفة روحها ولطافتها،

فغلب عىل اسمها األصيل. ومقابل ذلك هناك رأي يرى أن ضبط هذا اللقب )س�كينة( بفتح الس�ن وكرس

* أستاذ يف احلوزة العلمية يف النجف األرشف، من العراق.)1) انظر: ابن عساكر، عيل بن احلسن، تاريخ مدينة دمشق: ج69، ص120. ابن خلكان، أمحد بن حممد،

وفيات األعيان: ج2، ص399.

234



234234



234234



234234



234


234234



234234



234


234


234234



234234



234


234


234


234234



234234



234


234


234


234234234



234234



234


234


234


234


234


234234



234234



234


234


234


234


234


234


234234



234234



234


234


234


234


234


234


234


234234


الكاف، وليس )س�كينة(، والذي يدل عىل أن الضبط الصحيح هو )س�كينة( كلامت النسابة والرجالين واللغوين.

ابة والرجاليني كلمات النسهنستعرض هنا كلامت النسابة والرجالين لنرى كيف ضبطوا هذا اللقب؛ لتتضح

لنا حقيقة األمر، وإليكم كلامهتم:ـكينةخ بضم السـني وفتح ق�ال اب�ن ماك�وال )ت475ه�( يف )إك�امل الك�امل(: »سخ .(1(»ـكينة بنت احلسني بن عي بن أيب طالب الكاف وختفيفها وفتح النون، فهي سخـكينةخ لقب هلا، كانت ذات وقال الس�هييل)ت581ه�( يف )الروض األنف(: »وسخ

دعابة ومزح«)2)، بمعنى الظرف وخفة الروح.ـكينة بنت احلسني بن عي وقال اليافعي)ت768ه�( يف)مرآة اجلنان(: »السـيدة سخ

ابن أيب طالب كانت من أمجل النساء وأظرفهن وأحسنهن أخالقا«)3).ـكينة ويف )توضي�ح املش�تبه( البن نارص الدين الدمش�قي)ت842ه�(، قال: »سخعدة نسـوة. قلت: هذا السـم بضم أوله وفتح الكاف وسكون املثناة حتت وفتح النون،

ثم هاء«)4). فمن هنا استعري هذا اللقب آلمنة بنت اإلمام احلسن×؛ خلفة روحها وظرافتها،

فلقبتها أمها الرباب ب�)سكينة(، حتى غلب عىل اسمها األصيل. وقال النامزي )ت1405ه�( يف )مستدركات علم الرجال(: »سكينة بنت أيب عبد اهلل احلسـني )صلوات اهلل عليه(... كانت عقيلة قريش، وهلا السـرة اجلميلة، وهي ذات الفضل والفضيلة، والكرم الوافر، والعقل الكامل، واملكارم الزاخرة، واملناقب الفاخرة،

)1) ابن ماكوال، عيل بن هبة، إكامل الكامل: ج4، ص316�320.)2) السهييل، عبد الرمحن، الروض األنف: ج1، ص277.

)3) األمن، حمسن، أعيان الشيعة: ج3، ص492.)4) الدمشقي، حممد بن عبد اهلل، توضيح املشتبه يف ضبط أسامء الرواة وأنساهبم وألقاهبم وكناهم: ج5،

ص128�130.

ح رو

ة الفيف

اخلرية

جلا(: ا

ينةسك

لـ)ي

غو الل

نىاملع

235

وهي سيدة نساء عرصها، وأمجلهن وأظرفهن وأحسنهن أخالقا«)1).ومما تقدم يتضح أن ضبط هذا اللقب يكون بالشكل التايل)سكينة(.

كلمات اللغوينيوحين�ام نراجع معن�ى كلمة )س�كينة( يف اللغة نجدها بمعن�ى: )اجلارية، الطفلة، وح(، وقد استعري هذا املعنى هلا من معنى آخر غري مراد يف أصل تسميتها اخلفيفة الر، وهو احلامر ـكنيم ولقبه�ا، أخذ من »التسـكني: وهـو أن يدوم الرجل عـىل ركوب السراخلفيف الســريع، واألتانخ ]بالفتح أنثى احلامر[ إذا كانت كذلك ]أي: خفيفة رسيعة[ كينة«)2)، كام قال ابن منظور)ت711ه�( وح سخ ميت اجلارية اخلفيفة الرر ـكينة، وبه سخ سخ

يف )لسان العرب(. »والسـتعارة، هي: اللفظ املسـتعمل فيام شـبه بمعناه األصي، لعالقة املشاهبة كأسد يف قولنـا: رأيـت أسـدا يرمـي«)3). وهذا األم�ر ليس بعزي�ز عند الع�رب، وال يقصد من�ه التنقي�ص واإلهانة للش�خص، ورب�ام يؤخذ ما ه�و أبعد من ذلك عند الش�عراء وغريهم، فيؤخذ من الش��يء اجلانب اجلميل فيه واملحبب، وينقل إىل الذي يش�اهبه يف هذه الصفة اجلميلة املحببة، ويوصف به، كوفاء الكلب، وش�جاعة األسد، ودهاء

الثعلب.وإىل ما تقدم تشري كلامت اللغوين، ففي )القاموس( للفريوز آبادي )ت817ه�(: »والسـكني كزبـر: حي، واحلـامر اخلفيف الريع. والتسـكني: مداومـة ركوبه وتقويم الصعـدة بالنـار. وكجهينة: األتان، واسـم البقة الداخلة أنف نمـروذ، وصحايب، وبنت

.(4(»احلسني بن عي

)1) الشاهرودي، عيل النامزي، مستدركات علم رجال احلديث: ج8، ص580.)2) ابن منظور، حممد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص213.

)3) التفتازاين، مسعود بن عمر، مترص املعاين: ص219. )4) الفريوز آبادي، حممد بن يعقوب، القاموس املحيط: ج4، ص235.

236



236236



236236



236236



236


236236



236236



236


236


236236



236236



236


236


236


236236



236236



236


236


236


236236236



236236



236


236


236


236


236


236236



236236



236


236


236


236


236


236


236236



236236



236


236


236


236


236


236


236


236236


هينـة: األتانخ ، كجخ ـكينةخ وق�ال الزبي�دي )ت1205ه��( يف )تاج الع�روس(: »وسخـكينة؛ عن ابـن األعرايب قال: وحم سخ يفةخ الرر يـةخ اخلفم يتم اجلارم ـم ، وبه سخ اخلفيفـةخ الســريعةخ

بابخ سـنيم بنم عي )ريضم اهلل تعاىل عنهام(، وأخمها الر ـكينةخ بمنتخ احلخ ـكينةخ أيضا.. وسخ والسر

ها ـكينةخ لقبخها، واسـمخ ي الكلبية، وتخكنى أخم عبدم اهلل، وقيل: سخ بمنـتخ امرئ القيسم بـنم عدم

، كان هلا دعابة ومزح لطميف«)1). وضم ، كام يف الر أمينةخ

إذا؛ فسكينة لقب استعري للسيدة آمنة بنت اإلمام احلسن× وقصد به خفة روح هذه السيدة وظرافتها.

خلط أبي الفرج اإلصفهاني وداللته على املطلوب ومم�ا يؤي�د ضب�ط الكلم�ة ب�)س�كينة( ما ذك�ره أبو الف�رج اإلصفه�اين يف كتاب سـن تصفيف شعرها، أخربين احلسن بن عي، قال: ـكينة حتخ )األغاين(، فقال: »كانت سخكينة أحسن حدثني حممد بن موسى، عن أيب أيوب املديني، عن مصعب، قال: كانت سخ

رف ذلك، فكانت ر أحسـن منه، حتى عخ تها تصفيفا ل يخ الناس شـعرا؛ فكانت تصفف مجخ

كينية«)2). مة تسمى السر تلك اجلخ

كينية )بضم السن وفتح الكاف(، وإليها تنسب، قال ابن قتيبة: ة الس وتعرف بالطركينية: هي تنسب إىل سكينة بنت عي بن أيب طالب، )رىض اهلل تعاىل عنهام(«)3). »الطرة السر

وطرة الش�عر والثوب، أي: طرفه، وإنام س�ميت طرة؛ ألهن�ا مقطوعة من مجلته، ومفصولة منه، وجارية هلا طرة، وهي ما تطره من الشعر املويف عىل جبهتها وتصففه. �كينية( إىل سكينة بنت احلس�ن× اشتباه وخلط من أيب ة الس ولكن نس�بة )الطرالف�رج اإلصفه�اين صاح�ب كتاب )األغ�اين( وغريه، مع س�كينة الزبريي�ة املعروفة

)1) الزبيدي، حممد مرتىض، تاج العروس: ج18، ص290.)2) أبو الفرج اإلصفهاين، عيل بن احلسن، األغاين: ج16، ص363.

)3) ابن قتيبة الدينوري، عبد اهلل بن مسلم، املعارف: ص620.

ح رو

ة الفيف

اخلرية

جلا(: ا

ينةسك

لـ)ي

غو الل

نىاملع

237

بولعه�ا بالغناء والطرب، وجمالس�ة الش�عراء، وق�د روى أبو الفرج ذل�ك عن الزبري ابن بكار الزبريي؛ ليدفع الصورة القبيحة واملبتذلة عن ابنتهم )س�كينة بنت خالد بن مصعب بن الزبري(، وقد رواه عن عمه مصعب، وكامها معروف ومشهور بالوضع والك�ذب، كام رميا س�كينة بنت اإلمام احلس�ن÷ كذبا وهبتانا بمخالطة الش�عراء واجلل�وس يف نوادهي�م؛ لرفع س�لوك االبتذال ع�ن ابنتهم تلك، وطم�س فضائحها

املشهورة، عىل طريقة املثل: رمتني بدائها وانسلت. فإن املعروف عن نس�اء أه�ل البيت أهنن مؤمنات عفيفات، حمتش�امت خفرات، ال يظهرن بام يش�تهرن به ب�ن الناس وعىل ألسن الرجال، ال سيام السيدة سكينة بنت احلسن÷، التي قال فيها أبوها: »وأما سكينة، فغالب عليها الستغراق مع اهلل تعاىل«)1).

إطالق لقب سكينة يف التاريخث�ات يعرف�ن ب�)س�كينة( عىل وزن ة نس�وة حمد وق�د ذك�روا أيض�ا أن هن�اك ع�د)جهين�ة(، مثل: س�كينة بنت أيب وقاص، وس�كينة بن�ت حنظلة خالة ابن الغس�يل، وس�كينة بنت سعد، وس�كينة بنت قريش، وغريهن، كام جاء هذا االسم يف مجلة من املحدثن، منهم: أبو سكينة احلمص�ي، وأبو عبد اهلل حممد بن إبراهيم بن أيب سكينة، وأبو الوليد موس�ى بن أيب س�كينة، وسعيد بن أيب سكينة، وييى بن عيل بن حممد بن

أيب سكينة احللبي، وغريهم)2). عىل أن هناك حمدثن عرفوا بلقب )سكينة( بفتح السن وكس�ر الكاف)3) كسفينة،

منهم: أبو سكينة زياد بن مالك، وغريه.ينة( بكرس السن والكاف املشددة، منهم: أبو احلسن وآخرون عرفوا بلقب )س�ك

)1) القمي، عباس، الكنى واأللقاب: ج2، ص465.)2) انظر: ابن ماكوال، عيل بن هبة اهلل، إكامل الكامل: ج4، ص317ـ 318.

بالفتح ينة، »وسك الزبيدي: قال ص290. ج18، العروس: تاج مرتىض، حممد الزبيدي، انظر: (3(دة كام ضبطه احلافظ..«. واب بالكرس مشد مشددة، كذا يف النسخ، والص

238



238238



238238



238238



238


238238



238238



238


238


238238



238238



238


238


238


238238



238238



238


238


238


238238238



238238



238


238


238


238


238


238238



238238



238


238


238


238


238


238


238238



238238



238


238


238


238


238


238


238


238238


ينة األنامطي، وابنه أبو عبد اهلل حممد بن عيل بن احلس�ن بن عيل بن احلس�ن بن س�كسكينة، واملبارك بن أمحد بن حسن بن سكينة، وغريهم)1).

من هنا نعرف تنوع الضبط الذي نقل هلذا اللقب، والدقة يف نقله، فلو كان ضبط لقب سكينة بنت اإلمام احلسن× سكينة لنقل لنا ذلك.

رأي آخر يف ضبط لقب )سكينة(ذهب بعض إىل أن صواب لقبها )سكينة( بفتح السن وكس�ر الكاف، من السكينة

)ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ()2)، وقول�ه تع�اىل:)ې يف قول�ه تع�اىل: ې ى ى()3)، وقوله تعاىل: )ۋ ۋ ۅ ۅ()4)، وقوله تع�اىل: )ڱ ڱ ں()5)، وغريها من اآليات الرشيفة املأخوذة فيها فعيلة من السكون، وهي الوداعة والوقار والطمأنينة، وقد وقع يف هذا االشتباه كثري

من الناس وبعض اخلطباء با روية وتتبع)6). وأول من أش�ار إىل هذا املعنى من املعارصين � فيام أحس�به � العامة الس�يد عبد الرزاق املقرم+ )ت1391ه�( يف كتابه )الس�يدة س�كينة بنت احلسن(؛ حيث قال: »وأما سكينة، فقد ذكر املؤرخون أنه لقب هلا من أخمها الرباب؛ وكأنه لسكوهنا وهدوئها، وعليه فاملناسـب فتح السـني املهملة وكر الكاف التي بعدها، ل كام جيري عىل األلسن من ضم السني وفتح الكاف، وهذا الرأي نسبه الصبان ]ت1206ه�[ إىل املشهور، فإنه كرب بفتح السني وكسـر الكاف، واملحكي عن قال: املشـهور عىل األلسن يف اسمها أنه مخ

)1) انظر: ابن ماكوال، عيل بن هبة اهلل، إكامل الكامل: ج4، ص319�320. الدمشقي، حممد بن عبد اهلل، توضيح املشتبه يف ضبط أسامء الرواة وأنساهبم وألقاهبم وكناهم: ج5، ص128.

)2) الفتح: آية4.)3) البقرة: آية248.

)4) التوبة: آية40.

)5) الفتح: آية18.)6) انظر: الغريفي، حممود، ديوان اإلمام احلسن بن عيل: ص22�23.

ح رو

ة الفيف

اخلرية

جلا(: ا

ينةسك

لـ)ي

غو الل

نىاملع

239

صغر بضم السني وفتح الكاف، ومثله يف القاموس«)1). رشح أسامء رجال املشكاة: أنه مخ

وال�ذي دع�ا إىل انتش�ار ه�ذا ال�رأي بن الن�اس وش�يوعه يف الس�نوات األخرية تبن�ي الس�يد الش�هيد حمم�د الص�در+ )ت1421ه�( ل�ه يف حمارضات�ه اخلاصة عن الثورة احلس�ينية)2)، فجرى ترديده كثريا عىل األلس�ن، وفوق املنابر احلس�ينية، حيث ـكينة( كام يلفظ العامة واملشـهور، وإنام صغرا )سخ قال+: »وأنا أعتقد أن اسـمها ليس مخينة(، مأخوذ من القرآن الكريـم )ڱ ڱ ں()3)، ويعني هي كرب)سـكم هو مخ

السكينة النازلة تشبيها، وأما املخصغر، فهو أخنثى احلامر بنص اللرغويني، ومنهم: ابن منظور

يف لسـان العرب، وهذا مما جيهله املثقفون واملتفقهون من الناس مع األسـف، ول حيتمل

أن احلسني× جيهله«)4).

وم�ن ث�م انترش ه�ذا الرأي، واعت�رب أن من يق�ول ويعرض غري ه�ذا املعنى، فإنه ممن يس��يء هلذه الس�يدة اجلليلة، وأنه ينتقص من كرامتها، عن علم كان ذلك أم عن غ�ري علم؛ حيث إنه يش�بهها بأنثى احلامر! ويبعدها ع�ن مدلوهلا احلقيقي، الذي يفيد

كينة والوقار واالطمئنان، وهذا ال يليق بمكانتها ورشفها. الس

مناقشة وحتليل بينا أن معنى س�كينة اجلارية اخلفيفة الروح، اللطيف�ة النفس، الودود الضحوك، وي�دل ع�ىل ذلك كلامت عل�امء الرجال والنس�ابة واللغوين، ومل نق�ف عىل أحد من

املؤرخن واللغوين والنسابن القدماء أثبت هذا الضبط )سكينة(.عىل أن الوقوف عىل رس�م لقبها الصحيح ولفظه � س�كينة كجهينة بضم الس�ن،

)1) املقرم، عبد الرزاق، السيدة سكينة: ص11�112.)2) وقد طبعت بجزئن، اجلزء األول بعنوان: أضواء عىل ثورة اإلمام احلسن×، والثاين بتقرير وحتقيق

الشيخ أسعد النارصي حتت عنوان: شذرات من فلسفة تاريخ اإلمام احلسن×.)3) الفتح: آية18.

)4) الصدر، حممد حممد صادق، شذرات من فلسفة تاريخ اإلمام احلسن×: ص157.

240



240240



240240



240240



240


240240



240240



240


240


240240



240240



240


240


240


240240



240240



240


240


240


240240240



240240



240


240


240


240


240


240240



240240



240


240


240


240


240


240


240240



240240



240


240


240


240


240


240


240


240240



240240



240


240


240


240


240


240


240


240


240240


وفتح الكاف والياء الس�اكنة، بعده�ا النون املفتوحة، ثم التاء القصرية، وما اس�تعري من�ه � ال يمن�ع من كون هذه الس�يدة اجلليلة ذات س�كينة ووقار وه�دوء واطمئنان؛ فإهنا جممع الفضائل الكريمة، واألخاق النبيلة، والسجايا احلميدة، وتعد من النساء الفضلي�ات املحدث�ات، وإهن�ا روت ع�ن أبيها وأه�ل بيتها، وقد أخرج هل�ا الطرباين )ت360ه�( يف )املعجم الكبري( بسنده قال: »حدثني فايد موىل عبيد اهلل بن أيب رافع، حدثتني سكينة بنت احلسني بن عي، عن أبيها، قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه ]وآله[

وسلم: »حلة القرآن عرفاء أهل اجلنة يوم القيامة«)1).ولك�ن الوقوف ع�ىل الضبط اللغوي الصحي�ح، وداللة املعنى امل�راد منه، أمر ال مفر منه لطالب العلم واحلقيقة. وكام مر علينا فإن املؤرخن وأهل اللغة مل يغفلوا عن ضبط األس�امء صورة وكتابة، كاسم س�كينة، سواء بضم السن أو فتحها أو كرسها، وقد ضبط لقب )آمنة بنت احلسن( هذا الضبط )سكينة( عىل وزن )جهينة(، كل من ذكرها من علامء اللغة والتاريخ والنس�ب والرتاجم، كالعامة ابن منظور يف )لس�ان الع�رب(، والف�ريوز آب�ادي يف )القاموس املحي�ط(، والزبيدي يف )ت�اج العروس(، وابن عس�اكر )ت571ه�( يف )تاريخ دمش�ق()2)، والذهبي )ت748ه�( يف )تاريخ

. اإلسام()3)، وغريهم كام مر

)1) الطرباين، سليامن بن أمحد، املعجم الكبري: ج3، ص132.)2) انظر: ابن عساكر، عيل بن احلسن، تاريخ مدينة دمشق: ج69، ص206.

)3) انظر: الذهبي، حممد بن أمحد، تاريخ اإلسام: ج18، ص406.

مصرع عبد الل الرضيع رؤية حتليلية

الشيخ عبد الرزاق النداوي*

توطئةهناك عدة أسئلة تثار حول هنضة اإلمام احلسن×، ومن بن تلك األسئلة: ملاذا خرج احلسن× بطفله الرضيع نحو األعداء يطلب له املاء، أال يعرف اإلمام قساوة هؤالء القوم وجرأهتم عىل ارتكاب كل املوبقات، وأهنم عربوا كل اخلطوط احلمراء؟ه�ذا الس�ؤال يف احلقيق�ة جيرنا إىل س�ؤال آخر، وه�و: ملاذا محل اإلم�ام× عياله وأطفاله معه، وهو يف طريقه إىل احلرب؟ أما كان األفضل أن يرتكهم يف املدينة آمنن ضه�م خلط�ر ومضاعفات احلرب، كام قد حصل فع�ا بعد واقعة مطمئن�ن، وال يعر

وا سبايا إىل الكوفة ثم إىل الشام، وطيف هبم يف البلدان؟ الطف، حيث أرسوا وسريم اإلجابة عن هذا الس�ؤال األخ�ري، ثم نعود لإلجابة عن الس�ؤال ونح�ن س�نقد

املرتبط بموضوع البحث.

ملاذا محل احلسني× عياله إىل كربالء؟يمكن اإلجابة عن هذا السؤال بعدة نقاط:

النقطـة األخوىل: أن بن�ي أمي�ة مل يكون�وا ليتورعوا عن أرس عياله× وس�جنهم لو ه عن مواصلة تركهم يف املدينة، وبالتايل يس�تخدمون كورقة للضغط عليه، ألجل كف

* باحث وكاتب إسامي، من العراق.

242



242242



242242



242242



242


242242



242242



242


242


242242



242242



242


242


242


242242



242242



242


242


242


242242242



242242



242


242


242


242


242


242242



242242



242


242


242


242


242


242


242242



242242



242


242


242


242


242


242


242


242242



242242



242


242


242


242


242


242


242


242


242242


ضون لألرس س�واء حركته، وليس ذلك بالغريب عىل السياس�ة األموية)1)، فهم معرتركهم يف املدينة أم محلهم معه، فاألوىل محلهم معه وحفظهم طاملا بقي حيا، وأما بعد استشهاده فاألمر هلل، وهلذا نسمعه× يوصيهم يف الوداع األخري بالصرب، فقد جاء يف ، اخلرب: »ثم إنه× ودع عياله ثانيا وأمرهم بالصرب، ولبس األخزر، وقال: استعمدوا لملبالءمم إمىل كخ ، وجيعلخ عاقمبـة أمرم ـن رش األعداءم م مم م، وسـيخنجيكخ ـوا أن اهلل تعاىل حاميكخ واعلمخ ، هم البلميةم بمأنواعم النعمم والكرامةم م عن هذم كخ ضخ عو كم بمأنواعم العذاب، ويخ بخ عدو عذ خر، ويخ

م«)2). م ما ينقخصخ قدركخ نتمكخ ولخوا بمألسم وا، ول تقخ فال تشكخ ومما يؤيد ذلك بالفعل أنه× كان يرجتز ل�ام محي الوطيس:

ــــن عــي ــــنيخ ب ــــس ـــــا احل ــي أن ــن ــث أن ل أن آلـــــيـــــتخ أيب عـــــيـــــالت ـــــــي ــي))). أح ــب ــن ـــن ال ـــيض عـــىل دي أم

وح�ن حيل بين�ه وبن رحله صاح هبم×: »ويلكم يا شـيعة آل أيب سـفيان، إن ل يكـن لكم دين، وكنتم ل ختافون يوم املعاد، فكونوا أحرارا يف دنياكم هذه، وارجعوا إىل

أحسابكم، إن كنتم عربا كام تزعمون«)4).فناداه شمر: ما تقول يا بن فاطمة؟ قال×: »أقول: أنا الذي أقاتلكم وتقاتلونني، ض حلرمي ما والنساء ليس عليهن جناح، فامنعوا عتاتكم وجهالكم وطغاتكم من التعرر

دمتخ حيا«)5)، فهو عمليا كان يفدهيم بنفسه)6).

)1) كام فعل ذلك معاوية بن أيب سفيان مع عمرو بن احلمق اخلزاعي صاحب رسول اهلل‘، فقد ذكروا أنه ملا هرب من جور معاوية وزياد ابن أبيه واليه عىل الكوفة، واختفى يف املوصل، أمر معاوية بزج زوجته يف السجن؛ لكي تستخدم كورقة للضغط عليه وتسليم نفسه. انظر: املقرم، عبد الرزاق، تنزيه

املختار: ص13.)2) املقرم، عبد الرزاق، مقتل احلسن×: ص276.

)3) األمن، حمسن، لواعج األشجان: ص184.)4) املصدر السابق: ص185.

)5) املصدر السابق.)6) انظر: الصدر، حممد، أضواء عىل ثورة احلسن×: ص103.

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

243

النقطة الثانية: لنتصور أن احلسن× جاء إىل كرباء ومل جيلب معه سوى الرجال، فكيف ستكون الصورة؟

إن للحس�ن× مقاما ساميا يف األمة اإلسامية، وإن جيل الصحابة الذين رووا فضائله ومكانته وأحاديث النبي‘ فيه ال يزالون موجودين، وقد قال× يف صبيحة عاش�وراء: »أو ل يبلغكم ما قال رسـول اهلل يل وألخي: هذان سـيدا شباب أهل اجلنة؟! فإن صدقتموين بام أقول وهو احلق، واهلل ما تعمدت كذبا منذ علمت أن اهلل يمقت عليه

أهله، وإن كذبتموين فإن فيكم من لو سألتموه عن ذلك أخربكم، سلوا جابر بن عبد اهلل

األنصاري، وأبا سـعيد اخلدري، وسـهل بن سعد السـاعدي، وزيد بن أرقم، وأنس بن

مالك، يربوكم أهنم سـمعوا هذه املقالة من رسول اهلل‘ يل وألخي، أما يف هذا حاجز

لكم عن سفك دمي؟!«)7).

وهذا يعني أن قتل احلسن× لن يمر بسهولة، وسيصعق املجتمع املسلم، ولكن ليس بمستوى قتله ثم سبي عائلته من بلد إىل بلد، وما صحبه من مظامل أخرى، األمر ل بمجموعه زلزاال يعصف بعرش الطاغية، فإن الناس لن يعذروا يزيد الذي سيشكعىل س�بي عيال احلسن× الذين هم عائلة رسول اهلل‘، واإلمام× كان يعلم أن عياله ستس�بى بعد مقتله، وقد رصح بذلك يف مكة بمقولته املشهورة: »شاء اهلل تعاىل

أن يراهن سبايا«)8).

والواقع أن سبيهم عىل يد السلطة احلاكمة الغاشمة آنذاك ساهم يف كشف زيفها، وخب�ث أهدافها، وبعده�ا عن الدين، وعدائها لس�يد املرس�لن‘ عمليا، فأوجب نفور املس�لمن منه�ا، وربام ال يكون قت�ل أولئك األصحاب مع اإلمام احلس�ن× وح�ده كافي�ا إلظهار هذه احلقيقة، لق�وة الدعاية واإلعام األم�وي املضلل واملضاد

)7) املفيد، حممد بن حممد، اإلرشاد: ج2، ص98.)8) املقرم، عبد الرزاق، مقتل احلسن: ص167.

244



244244



244244



244244



244


244244



244244



244


244


244244



244244



244


244


244


244244



244244



244


244


244


244244244



244244



244


244


244


244


244


244244



244244



244


244


244


244


244


244


244244



244244



244


244


244


244


244


244


244


244244



244244



244


244


244


244


244


244


244


244


244244


لإلمام×، قال الشاعر:يندبـا وتشـاطرت هـي واحلسـني بدعوة أن عليهـام القضـاء حتـم وهـذهم النصـولم بمشـتبكم يف حيـث معرتكخ املـكارهم والسـبا))). هـذا

النقطـة الثالثـة: ال ري�ب يف أن عملية التخطيط الس�ليم يس�هم مس�امهة فعالة يف إنج�اح أي م�رشوع، وهلذا نج�د أن الدول ختص�ص وزارة كاملة هلذا األمر تس�مى وزارة التخطيط، واإلمام احلسن× مل يكن يرجتل املواقف والقرارات، وإنام يسبها

ويسب نتائجها بدقة.وألن�ه× كان ي�رى أن القم�ع واإلرهاب الذي مارس�ته الس�لطة األموية مل يدع جم�اال حت�ى للكلم�ة أن تنطل�ق، حيث قطع�ت األعن�اق املعارضة، وغل�ت األيدي

ة، وقد رأينا يزيد هيتف بإنكار الوحي متمثا: املنابذة، وكممت األفواه احلرــكم فال ــل ــامل ب ــمخ ــاش نـــزل))). لــعــبــت ه وحـــي ول جـــاء ــرب خ

واملس�لمون بمسمع ومرأى، حيث كان املس�جد غاصا بالناس، ومل جيرؤ أحد أن ي�رد عليه، لوال أن احلس�ن× قد خط�ط � من قبل � ملواجهة مث�ل هكذا إرغاءات، وأع�د هلا أفواها ش�جاعة وحرة، تصدح باحلق؛ لتامرس الدعاي�ة واإلعام ضد هذا االس�تبداد والظلم األموي، وضد اإلعام املضلل، وتقوم بالتعريف بأهداف هنضته

النبيلة.ر عن ثورة احلسـني× ليس ألجل مصلحة احلسـني نفسـه، »وهـذا التعريـف املتأخول ملصلحة أصحابه املستشـهدين معه؛ ألهنم نالوا بالشهادة ما رزقهم اهلل )جل جاللخه( مـن املقامات العالية يف الـدار اآلخرة، وإنام هذا اإلعالم أراده اهلل سـبحانه ألجل الناس قـال من أنه إكامل لثورة احلسـني× يراد به اجلانـب الظاهري يف وهدايـة املجتمـع، فام يخ

الدنيا، ل اجلانب الباطني يف اآلخرة.

)1) احلسن، عبد اهلل، ليلة عاشوراء يف احلديث واألدب: ص156.)2) انظر: القريش، باقر رشيف، حياة اإلمام احلسن×: ج2، ص178.

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

245

وهذا التعريف كام يصلح أن يكون تبكيتا وفضحا ألعداء احلسـني× يف كل جيل، وردعـا عـن التفكـر يف مثل هذه اجلريمـة النكراء لـكل حاكم ظال عىل مـدى التاريخ،

كذلك يصلح هلداية الناس نحو احلسني...«)1).وقد قام الركب احلس�يني هبذه املهمة خري قيام يف أيام الس�بي العصيبة، فالطاغية ال�ذي ظ�ل هيتف بإنكار الوحي يف أبياته املش�ار إليها، ما انربى له أحد س�وى عقيلة الطالبي�ن’، صارخ�ة بوجه�ه: »... فمهال مهـال، ل تطش جهال، أنسـيت قول اهلل

ڻۀ ڻ ڻ ڻ ں ڱں ڱ ڱ ڱ ڳ ڳ ڳ ڳ )گ تعـاىل: ۀ ہ ہ («)2)، وقد جاء هذا الرد كالصاعقة عىل رأس الطاغية، ومل يستطع جوابا سوى أنه عجل بإخراج آل البيت^ من الشام، وعودهتم لديارهم يف املدينة.ل وهكذا اتس�قت بيان�ات وخطاب�ات اإلمام الس�جاد× وباقي العائلة، لتش�كبمجموعه�ا زل�زاال هد عروش الطغ�اة عىل مر التاري�خ، وأدى إىل أفول دولة آل أيب س�فيان هب�اك يزيد، وقد كان الطاغية عارفا بحجم اخلس�ارة الت�ي مني هبا من تلك البيان�ات، حتى أن�ه رفض صعود اإلمام الس�جاد× عىل تلك األع�واد � بادئ ذي بدئ � حن طلب منه اإلمام× ذلك، »فقال الناس: يا أمر املؤمنني، ائذن له ليصعد، فعلنا نسمع منه شيئا. فقال هلم: إن صعد املنرب هذا ل ينزل إل بفضيحتي وفضيحة آل أيب قوا العلم زقا. ول سـفيان، فقالوا: وما قدر ما حيسـن هذا؟ فقال: إنه من أهل بيت قـد زخ

يزالوا به حتى أذن له بالصعود«)3).ومل يتاملك يزيد نفس�ه من س�امع بيان اإلمام× الذي بدأ باملوعظة والتحذير من الدني�ا، وانته�ى بالتعريف هبؤالء الس�بايا، حتى ص�اح بامل�ؤذن أذن؛ ليقطع خطاب اإلمام، ومل يكن قد حان وقت الصاة، فلام وصل املؤذن إىل قوله: )أش�هد أن حممدا

)1) الصدر، حممد، أضواء عىل ثورة احلسن×: ص105. )2) األمن، حمسن، أعيان الشيعة: ج7، ص139.)3) اخلوارزمي، مقتل احلسن×، ج2، ص76.

246



246246



246246



246246



246


246246



246246



246


246


246246



246246



246


246


246


246246



246246



246


246


246


246246246



246246



246


246


246


246


246


246246



246246



246


246


246


246


246


246


246246



246246



246


246


246


246


246


246


246


246246



246246



246


246


246


246


246


246


246


246


246246


ي أم رس�ول اهلل(. ق�ال اإلمام× � ومل يزل بع�د عىل املنرب �: »يا يزيـد، حممد هذا جدك؟! فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت، وإن قلت: إنه جدي، فلمم قتلت عرتته؟!«)1)، جدرفأميط اللثام عن الوجه القبيح لس�لطة الطلقاء، وتبخ�رت دعاياهتم املضللة، وارتج

املجلس بالبكاء والنحيب. النقطة الرابعة: قال الش�هيد حممد الصدر: »إن مقتىض القاعدة أن كل فرد صاحب ر ـه، وأن يذك ه وأخذه منـه الظاملون، فإنه له احلـقر أن يطالب بحق ـرم مـن حق حـق إذا حخاملجتمع به، وأن يربز حججه وبيناته عىل ثبوته ما أخويت إىل ذلك من سبيل، وهذا ل ينبغي أن يكـون حمـل شـك إطالقا، واملهمر أن األصـل يف كل ذي حق أن يدافع هو عن نفسـه،

ه، ل أن يدافع عنه غره. ويطالب بحقلكـن حينـام تقتيض املصلحة العامة غر ذلك، فال بـأس أن يدافع الكثرون عن احلق املغصوب، والظلم املرتاكم، ومن ذلك بكل تأكيد ما إذا ل يستطع صاحب احلق أن يدافع ـروا املجتمع بمظلمته، ه لبعض املوانـع، إذا جيب أن يدافع عنه اآلخرون، ويذك عـن حق

ه...«)2). ويربهنوا عىل صحة حقففي هذا النص نجد أن الس�يد الش�هيد يرى أن مبدأ الدفاع يمكن أن يكون بأحد

شكلن:الشـكل األول: أن يدافع املظلوم بنفس�ه عن نفس�ه، وهو األوىل م�ن حيث املبدأ

واألصح.الشكل الثاين: أن يدافع اآلخرون عن املظلوم، فيام إذا مل يستطع الدفاع عن نفسه، ث�م ي�رضب+ مثا للش�كل الث�اين، فيقول: »ومن ذلـك أنه قد حيصل يف اإلسـالم أن الرجال ل يسـتطيعون أن يدافعوا عن أنفسـهم، فتدافع عنهم النسـاء، وقد حصل ذلك يف اإلسـالم مرتـني: أوضحهـا ما حصل بعـد مقتل احلسـني×، حيث يكون احلسـني

)1) املصدر السابق: ص78.)2) اجلمعة الثالثة والعرشين، اخلطبة األوىل من خطب السيد حممد الصدر&.

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

247

وأصحابه )سـالم اهلل عليهم أمجعني( مستشهدين، قد فارقوا الدنيا، ول جمال هلم بطبيعة احلال للدفاع عن أنفسهم، واألخذ بحقهم، وبيان ظالماهتم، والقتصاص من أعدائهم. ومن هنا كان أهم من تصدى هلذا اإلعالم الرضوري، وإقامة احلجة الرئيسـية ـ بعد الشهادةـ عىل الصديق والعدو، وعىل املؤالف واملخالف هي زينب العقيلة بنت عي أمر املؤمنـني÷، ولـول موقف زينب’ وكالمها وإعالمها وخطاباهتا لنطمسـت ثورة احلسـني×، واندرجت يف طي النسـيان، وكأهنا ل تكن، فكان ل بد يف احلكمة اإلهلية أن ز؛ لكي تنضـم تلك الثورة الكـربى، والتضحيات اجلليلة إىل هذا اجلانب اإلعالمي املرك

يثمر ثمرته، وينفع األجيال بأثره كام قد حصل«)1).وهذه النقطة ختتلف عن س�ابقتها بأهنا انتصار للمظلومية التي تعرض هلا أبو عبد

اهلل×، وأما تلك فهي تنويه باألهداف النبيلة التي محلها ودعا إليها. النقطـة اخلامسـة: ويمكن أن يقال يف ه�ذا املجال: إن اإلمام احلس�ن× أراد أن يربز دور املرأة املس�لمة الرس�الية، وأهنا قادرة عىل لعب أدوار مهمة، تؤدي إىل قلب موازي�ن املعرك�ة مع الباطل، وه�ذا � يف احلقيقة � فيه رد عىل من زعموا أن اإلس�ام حجر عىل املرأة، وامتهن كرامتها، وجواب عميل للرد عىل هذه املزاعم، فها هي املرأة تواصل طريق الثورة واالنتفاضة، وتقود ركب الثائرين بالرغم من كل ما حل هبا من مواجع وآالم، إال أهنا مل تنكرس ومل تنثن ومل تس�قط، فنس�معها حن يسأهلا الدعي ابن

مرجانة: كيف رأيت صنع اهلل بأهل بيتك؟ تب عليهم القتـل، فربزوا إىل مضاجعهم، »قالـت: ما رأيـت إل مجيال، هؤلء قوم كخاصم، فانظخـر لـمن الفلج، هبلتـك أخمك يا بن وسـيجمع اهلل بينـك وبينهم، فتخحـاج وختخ

مرجانة«)2).الح�ظ، كأهنا’ تريد أن تقول: إن كرباء هلا وجهان: وجه مظلم جتس�دت فيه

)1) املصدر السابق.)2) ابن نام احليل، جعفر بن حممد، مثري األحزان: ص71.

248



248248



248248



248248



248


248248



248248



248


248


248248



248248



248


248


248


248248



248248



248


248


248


248248248



248248



248


248


248


248


248


248248



248248



248


248


248


248


248


248


248248



248248



248


248


248


248


248


248


248


248248



248248



248


248


248


248


248


248


248


248


248248


املأساة بكل معانيها، مع ما يصحبها من األمل واللوعة والدمعة، والوجه اآلخر مجيل، فيه التضحية والفداء والوفاء واإليثار والتفاين واملواس�اة، وكل املعاين اخلرية، وكأهنا تقول: أنا أرى مجال املنظر، فإن كنت تريد أن تكرسين هبذه الكلامت فأنا غري منكرسة،

أنا ابنة عيل× ذلك اجلبل األشم، وأخت احلسن× ذلك البطل املقدام.هذه هي املرأة املس�لمة، وهذا ما يريده هلا اإلسام، فاإلسام مل يمنع املرأة من أن تكون عاملة وفاضلة وأس�تاذة ودكتورة ومهندس�ة، ولكن كل ذلك ضمن إطار العفة والنزاه�ة، وأما أصحاب تل�ك املزاعم، فرييدون منها أن تنغمس يف وحل الش�هوة، فتكون أكلة اآلكل، ورشبة الشارب، ويريدون منها أن تكون مبتذلة، تتصدر صورها

صفحات املجات والفضائيات ووسائل التواصل االجتامعي إلشباع غرائزهم. النقطة السادسـة: إن محل احلس�ن× لعياله وأطفاله معه سبب تعاطفا إساميا، ب�ل إنس�انيا عاما جتاه حركت�ه التي ما أراد من ورائها احلرب وال س�فك الدماء، وإنام خ�رج ختلص�ا م�ن إلزامه ببيع�ة الطاغي�ة، والنتيجة الت�ي حصلت أن س�احة كرباء امتألت بالدماء والدموع، فتش�كلت كرباء من لوحة تراجيدية ال نظري هلا يف تاريخ البرشية، ألننا يف وقت واحد نرى أما تنعى ولدها، وأختا ترثي أخاها، ومرضعة تبكي رضيعه�ا، وبنتا تندب أباها، وأطفاال يش�كون العطش، وصغارا رصعى س�حقتهم اخليول، وأخبية حمرتقة، وبعض النس�وة هلن أكث�ر من فقيد، ففيهن من فقدت الزوج والول�د، كليىل أم عيل األكرب، وبعضهن فقدت ولدين، كرملة أم القاس�م، وبعضهن فقدت اإلخوة واألوالد، كزينب العقيلة، وكل واحدة من هؤالء النسوة هلا أكثر من أمل ولوع�ة ومص�اب؛ ألن القتىل كلهم أه�ل بيت واحد، أبيدوا يف س�اعة من النهار، وم�ع كل ه�ذه املصائ�ب يؤخذون س�بايا ع�ىل إبل هزيلة م�ن غري غط�اء وال وطاء،

ويسريون مئات الكيلو مرتات.إن ه�ذه الص�ور املؤمل�ة وغريها من مش�اهد كرب�اء جعلت الع�دو يتعاطف مع

احلسن× قبل الصديق، ومن أمثلة ذلك:

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

249

1� قال املقرم وهو يصف مرصع السبط الشهيد: »ونادت أخم كلثوم زينب العقيلة: وا حممداه، وا أبتاه، وا علياه، وا جعفراه، وا حزتاه، هذا حسني بالعراء، رصيع بكربالء، ثم نادت: ليت السامء أطبقت عىل األرض، وليت اجلبال تدكدكت عىل السهل. وانتهت نحو احلسـني وقد دنا منه عمر بن سـعد يف مجاعة من أصحابه، واحلسـني جيود بنفسـه، فصاحت: أي عمر، أيخقتل أبو عبد اهلل وأنت تنظر إليه؟! فرصف بوجهه عنها، ودموعه

تسيل عىل حليته«)1).2� وقال: »ودعا يزيد برأس احلسـني×، ووضعه أمامه يف طسـت من ذهب، وكان النساء خلفه، فقامت سكينة وفاطمة يتطاولن للنظر إليه، ويزيد يسرته عنهام، فلام رأينه رصخـن بالبكاء، ثـم أذن للناس أن يدخلـوا، وأخذ يزيد القضيـب، وجعل ينكت ثغر

احلسني، ويقول: يوم بيوم بدر، وأنشد قول احلصني بن احلامم:الدمـا أبـى قومنـا أن ينصفونـا فأنصفت تقطـر أيامننـا يف قواضـب

أعـزة رجـال مـن هامـا وأظلـام نخفلـق أعـق كانـوا وهـم علينـا

فقال حييى بن احلكم بن أيب العاص أخو مروان، وكان جالسا عنده:قرابـة أدنـى الطـف بجنـب من ابن زياد العبد ذي احلسب الوغل هلـام

وليـس آلل املصطفى اليوم من نسـل سـمية أمسـى نسـلها عـدد احلىص

فرضبه يزيد عىل صدره، وقال: اسكت ل أخم لك«)2).لب عـىل باب القرص ثالثة أيـام، فلام رأت 3� »ثـم أخخـرج الـرأس من املجلس، وصخهند بنت عمرو بن سـهيل ـ زوجة يزيد ـ الرأس عىل باب دارها، والنور اإلهلي يسـطع منه، ودمه طري ل جيف، ويخشم منه رائحة طيبة، دخلت املجلس مهتوكة احلجاب، وهي تقول: رأس ابن بنت رسول اهلل عىل باب دارنا. فقام إليها يزيد وغطاها، وقال هلا: اعويل

عليه يا هند، فإنه رصية بني هاشم عجل عليه ابن زياد«)3).

)1) املقرم، عبد الرزاق، مقتل احلسن×: ص285. )2) املصدر السابق: ص354.

)3) املصدر السابق: ص355 � 356.

250



250250



250250



250250



250


250250



250250



250


250


250250



250250



250


250


250


250250



250250



250


250


250


250250250



250250



250


250


250


250


250


250250



250250



250


250


250


250


250


250


250250



250250



250


250


250


250


250


250


250


250250



250250



250


250


250


250


250


250


250


250


250250


الح�ظ أن التعاطف مع احلس�ن× يصدر م�ن القائد األعىل للجي�ش املعادي، ومن ابن عم اخلليفة، وزوجته، وهذا التعاطف ترجم إىل ش�جب واس�تنكار من ابن ع�م اخلليف�ة ييى ب�ن احلكم، وزوجة اخلليف�ة هند بنت عم�رو، وإذا كان هذا احلال

داخل قرص الطاغية ومن املقربن منه فكيف بباقي املسلمن وغري املسلمن؟!)1).وهكذا بدأت تتس�ع دائرة الرفض والشجب واالستنكار؛ ملا فعله الطاغية، حتى حتول يف مرحلة الحقة إىل ثورة تتبعها ثورة، كثورة التوابن، ثم ثورة املختار، وتلتهام ث�ورات العلوين، حتى ص�ار رفض الظلم واجلور واالس�تبداد صفة أتباع مدرس�ة أهل البيت^، واتس�عت الدائرة لتش�مل ش�عراء وأدباء من خارج دائرة اإلسام، يتعاطفون مع احلسن×، كبولس سامة، وعبد الرزاق عبد الواحد، وأنطوان بارا، وغريهم كثري، حتى أصبحنا اليوم نرى املسريات احلسينية تطوف شوارع مدن العامل بأرسه، والناس � كل الناس، ومن متلف األديان � يتعاطفون مع هذا الثائر املظلوم،

وقد يكون هذا التعاطف سببا للهداية ومعرفة احلق.فاليوم نجد الغالب من الذين يدخلون اإلس�ام يدخلونه من بوابة احلس�ن×، والذي�ن يدخلون التش�يع يدخلونه من البوابة ذاهتا، حتى عن�ون بعضهم كتابه الذي يكي فيه قصة االنتقال من مدرس�ة الصحابة إىل مدرس�ة آل البيت^ بعنوان )لقد ش�يعني احلس�ن()2)، ولع�ل هذا هو أحد تفس�ريات الفتح العظيم ال�ذي برش به×

)1) كام حصل يف جملس يزيد، حيث »التفت رسول قيرص إىل يزيد، وقال: إن عندنا يف بعض اجلزائر حافر محار عيسى، ونحن نحج إليه يف كل عام من األقطار، وهندي إليه النذور ونعظمه كام تعظمون كتبكم، فأشهد أنكم عىل باطل. فأغضب يزيد هذا القول، وأمر بقتله، فقام إىل الرأس وقبله، وتشهد

الشهادتن...«. املصدر السابق: ص355.)2) للباحث واإلعامي املغريب األستاذ إدريس احلسيني، أقول: ومن اللطائف أنني عندما ذهبت للحج كان معنا يف تلك الرحلة ويف نفس احلملة األستاذ الدكتور صائب عبد احلميد، فسألته كيف حتولت للتشيع؟ فقال: كانت لدي تساؤالت وإشكاالت عىل التاريخ اإلسامي مل أحصل عىل إجابة شافية هلا، واملهم أنني ويف يوم ما، وكان اليوم العارش من املحرم، بدأ بث مقتل احلسن×، فجلست أستمع إليه بإصغاء، وما إن انتهى القارئ من تاوة املقتل حتى هنضت وتوضأت وضوء الشيعة، وغادرت

املدرسة األخرى.

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

251

بمقولته اخلالدة: »من حلق بنا استخشهد، ومن ل يلحق ل يدرك الفتح«)1).إذن؛ كان من األدوار املرتبطة هبذه العائلة هي ش�حن هذه النهضة بالعاطفة التي سببت هذا الزخم الذي استقطب القلوب والعقول بشكل ال نظري له عىل اإلطاق. وزب�دة املخ�ض: أننا نس�تطيع القول: إن مجي�ع الذين محلهم احلس�ن× معه إىل الطف � س�واء كانوا رجاال أو نس�اء أو أطفاال � كانت هلم أدوار هنا وهناك بش�كل وبآخ�ر، ومل يمله�م اعتباطا ومن دون ختطيط، ثم إن احلس�ن× لو مل يمل العيال

معه ملا قتل هذا الطفل الذي هو حمل البحث.

دور عبد الله الرضيعمن وموقف فصل كل إن بل فصوهلا، بكل رسالة الطف ملحمة كانت لقد احلسن× خروج من أبعادها، بكل متكاملة فجاءت ذاهتا، بحد رسالة فصوهلا

بعياله من املدينة حتى رجوعهم إليها.ع وم�ن بن تلك املواق�ف يطالعنا موق�ف يدمي القلب، وهو املوق�ف الذي رصفي�ه عبد اهلل الرضيع×، فبعد أن قتل أصحاب احلس�ن× وأه�ل بيته، »دعا بولده قبله، وهو الرضيـع يودعـه، فأتته زينب بابنه عبد اهلل، وأخمه الرباب، فأجلسـه يف حجره يخك املصطفى خصمهم. ثم أتى به نحو القوم يطلب يقـول: بخعدا هلؤلء القوم إذا كان جدره، له املاء، فرماه حرملة بن كاهل األسـدي بسـهم فذبحه، فتلقى احلسـني× الدم بكفورمى به نحو السـامء«)2)، وهو يقول: »واهلل، ألنـت أكرم عىل اهلل من الناقة، ولـمحمد أكـرم عـىل اهلل من صالح«)3)، ثم قال: »هون عي مـا نزل يب أنه بعني اهلل، اللهم ل يكون

أهون عليك من فصيل ناقة صالح«)4).

)1) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج45، ص87.)2) املقرم، عبد الرزاق، مقتل احلسن×: ص272.

)3) انظر: اليعقويب، أمحد، تاريخ اليعقويب: ج2، ص245. )4) أبو الفرج اإلصفهاين، عيل بن احلسن، مقاتل الطالبين: ص60.

252



252252



252252



252252



252


252252



252252



252


252


252252



252252



252


252


252


252252



252252



252


252


252


252252252



252252



252


252


252


252


252


252252



252252



252


252


252


252


252


252


252252



252252



252


252


252


252


252


252


252


252252



252252



252


252


252


252


252


252


252


252


252252


وهنا يمكن أن تثار حول هذا املوقف أسئلة عديدة منها:• هل كان احلسن× عاملا بأن األعداء سيقتلون الطفل؟• هل كان السبب احلقيقي خلروج احلسن× بالطفل هو طلب املاء؟ • وإذا مل يكن طلب املاء هو السبب، فام هو الدافع احلقيقي خلروجه بالطفل؟• ملاذا رمى احلسن× بدم الطفل نحو السامء؟

السؤال األول: هل كان احلسن× يعلم بأن األعداء سيقتلون الطفل؟اجلواب: ال ريب يف أن احلس�ن× كان يعلم بأن األعداء سيقتلون ذلك الطفل؛ ألن قتل�ه لي�س بأعظ�م م�ن قتل اإلمام× نفس�ه، وقد أكد احلس�ن× ه�ذا املعنى ة السوء، بئسام خلفتم حممدا يف عرتته، أما إنكم بنفس�ه، حن صاح بصوت عال: »يا أخم

ل تقتلون رجال بعدي فتهابون قتله، بل هيون عليكم ذلك عند قتلكم إياي«)1).فبع�د أن تآزروا عىل قت�ل اإلمام× وانتهاك حرمته، فل�ن يتورعوا عن أي فعل، ول�و كان قتل طفل رضيع، فاحلس�ن× كان يع�رف أن القوم س�يقتلون الطفل من ظاهر احلال وسري األحداث، فضا عن العلم اإلهلامي الذي نعتقده يف املعصوم)2).

السؤال الثاين والثالث: هل كان السبب احلقيقي خلروج اإلمام احلسن× بالطفل ه�و طل�ب املاء؟ وإذا مل يكن طلب املاء هو الس�بب، فام هو الداف�ع احلقيقي خلروجه بالطف�ل؟ وإذا كان احلس�ن× يعرف ه�ذه النتيجة )قتل الطفل(، فل�امذا خيرجه إىل األع�داء ويطل�ب له امل�اء؟ وبعب�ارة أدق: ما ه�و الدافع احلقيقي خل�روج اإلمام×

بالطفل وعرضه أمام األعداء؟

)1) املقرم، عبد الرزاق، مقتل احلسن×: ص278. )2) ال إشكال يف أن احلسن× كان يعلم بنتائج املعركة، بل بتفاصيلها، وقد دل عىل ذلك الكثري من ة، حيث كلامته× قبل املعركة ويف أثنائها، وأهم تلك الكلامت خطبته يف مكة ليلة الثامن من ذي احلجيقول: »... كأين بأوصايل هذه تقطعها عسان الفلوات بن النواويس وكرباء، فيمألن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا، ال حميص عن يوم خط بالقلم...«. اإلربيل، عيل بن عيسى، كشف الغمة: ج2،

ص239.

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

253

اجلـواب: يمك�ن أن نجي�ب ع�ن هذا الس�ؤال بعدة وج�وه، وكل وج�ه من هذه الوجوه يمكن أن يكون هدفا لإلمام احلسن×:

الوجـه األول: أن التكلي�ف الرشع�ي أم�ىل عىل اإلمام احلس�ن× مح�ل الطفل وعرض�ه أم�ام اجليش وطلب املاء له؛ ألنه أرشف عىل اهلاك من ش�دة الظمأ، كام أن أمه ال تقوى عىل رضاعه لنفس الس�بب، فكان لزاما عىل اإلمام× أن يس�عى حلفظ ه�ذه النف�س املحرتم�ة الربيئة من التل�ف؛ ألن ترك الطفل عىل ذل�ك احلال يف اخليام

سيؤدي به قطعا إىل اهلاك. فأق�دم اإلم�ام× ع�ىل محل الطف�ل وعرضه أم�ام اجلي�ش ختلصا من املس�ؤولية الرشعي�ة، وإب�راء لذمت�ه، وجعل اجلي�ش املعادي أمام األم�ر الواق�ع، وحتميله هذه

املسؤولية.الوجـه الثـاين: ما ذكره الش�هيد حمم�د الصدر+ م�ن »إقامة احلجة عـىل األعداء، ـزل، وهو أمر وفضحهـم يف النتيجـة؛ إذ يثبت باحلس والعيـان مقتلهم)1) لألطفال والعخ

ة مستويات: يثبت عىل عد

منهـا: أمـام أفراد اجليـش املعادي نفسـه، ومنها: أمـام اجليل املعارص للحسـني×،

رة عنـه، ودللة ذلـك ما سـمعناه عن املؤرخـني من وقوع ومنهـا: أمـام األجيـال املتأخ

اخلـالف بني أفراد اجليـش املعادي، فقال بعض املنصفني منهـم: إذا كان ذنب للكبار فام

ذنـب األطفـال ]أو الصغار[، وقال بعض املعاندين: ل تبقوا ألهل هذا البيت باقية، فقد

ة يف املدى القريب والبعيد. ج حصل التمحيص والمتحان آنيا، فضال عن إقامة احلخ

وينبغي أن نلتفت أيضا إىل أن هذا املسـتوى من التفكر يقتيض التسـليم بأن احلسـني

ـة أمـام األعـداء ذو)2) مصلحـة أكيـدة، حتى فدى يف سـبيلها ولده ج رأى أن إقامـة احلخ

)1) كذا يف النسخة، واألوىل أن يقول: قتلهم. )2) هكذا يف النص، والصحيح: ذات.

254



254254



254254



254254



254


254254



254254



254


254


254254



254254



254


254


254


254254



254254



254


254


254


254254254



254254



254


254


254


254


254


254254



254254



254


254


254


254


254


254


254254



254254



254


254


254


254


254


254


254


254254



254254



254


254


254


254


254


254


254


254


254254


الرضيع، وهذا أمر مقنع وجدانا؛ ألن ما حصل من فضيحة هؤلء ل يكن له مثيل«)1).

الوجـه الثالـث: أن خل�ود أي فك�رة أو أطروح�ة اجتامعي�ة يق�وم ع�ىل دعامتن

أساسيتن:

األوىل: خطاب واع ينظم مصالح املجتمع، ويل مشاكلهم، ويتبنى قضاياهم.

الثانية: عاطفة تشدهم لألطروحة، وتدفعهم للتفاعل معها، والدفاع عنها.

أم�ا الدعام�ة األوىل، فقد تكفل هبا القرآن الكريم والس�نة الرشيف�ة، اللذان قدما

للمجتمع ترشيعا عادال كاما، يتكفل سعادهتم ما عاشوا.

وأما الدعامة الثانية، فقد أشار إليها القرآن الكريم يف الكثري من اآليات التي تأمر

بامل�ودة جتاه اهلل ورس�وله واملؤمنن، حت�ى وصل األمر إىل أن النب�ي‘ ينفي اإليامن

عم�ن ال يب�ه، فيقول بحس�ب الرواية: »والذي نفيس بيده، ل يؤمنـن عبد حتى أكون

أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أمجعني«)2).

ولك�ن ب�ام أن العاطفة مرتبط�ة بالوجدان، فربام ال يكف�ي يف حصوهلا الدعوة هلا،

فه�ي بحاج�ة إىل باعث وجداين، وقد قيل: إن منش�أ احلب مج�ال املحبوب، فالناس

يبون الكرم والش�جاعة � مثا � جلامهلام، فإذا جتس�دت هذه القيم اجلاملية يف شخص

ص�ار حمبوبا، وهلذا أحب الناس رس�ول اهلل‘؛ ألنه كام وصفته أم املؤمنن عائش�ة:

ه »كان خلقه القرآن«)3)، وهكذا احلس�ن× الذي جتسدت فيه كل القيم النبيلة كجد

املصطفى‘.

ث�م إن الش�جاعة والبطول�ة من أق�وى عوامل الش�د واحلب، فالن�اس بطبيعتهم

يبون البطل، ونحن نقرأ يف زيارة احلس�ن× يوم األربعن: »السـالم عليك يا بطل

)1) انظر: الصدر، حممد، أضواء عىل ثورة احلسن×: ص194. )2) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج22، ص88.

)3) ابن حنبل، أمحد، مسند أمحد: ج، 6ص91.

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

255

املسـلمني«)1)، فإذا تعرض هذا الرمز البطل إىل الظلم واالضطهاد ازداد الناس تعلقا

ب�ه وبأهدافه، فإذا أريق دمه ظلام وعدوان�ا، حتول دمه إىل الزيت الذي ييضء مصباح

األف�كار التي محلها، واستش�هد م�ن أجلها؛ ألن الدم من أق�وى البواعث الوجدانية

عىل احلب والعاطفة.

والطفولة بعد ذلك عنوان الرباءة، والتعامل معها ميزان اإلنس�انية، وإذ مل تقترص

تضحية احلس�ن× عىل نفس�ه، ب�ل قدم أبن�اءه وإخوته وبني عمومته، كان املش�عل

ال�ذي محله ي�زداد توهجا، حت�ى وصل الدور هل�ذا الطفل الربيء، فح�ول الليل إىل

هنار، وش�د القل�وب واألرواح والعقول والنفوس إىل األهداف الس�امية التي محلها

احلسن× ودافع عنها.

إننا لو مررنا عىل حضارات العامل القديمة واحلديثة، فسنجد أن الكثري من امللوك

والق�ادة حاولوا أن يرتكوا آثارا من بعدهم يف جمتمعاهت�م لتخلدهم، وغالبا ما تكون

تلك اآلثار رصوحا من البناء الضخم، كإهرامات مرص، وجنائن بابل املعلقة، وملوية

س�امراء، وغريه�ا، وهذا ينم عن وجود غري�زة حب اخللود لدهيم، فأش�بعوها هبذه

املظاهر، وقد غفلوا عن أن احلب والعاطفة ال تصنعها احلجارة التي ال تلبث حتى تنهار.

واحلس�ن× أراد اخللود والدوام، لكن لدين اهلل ورشيعته ال لذاته وال لغريزته،

�ك به)2)، ‘ وحث عىل التمس وبام أنه رمز كبري من رموز هذه األمة، أش�ار إليه النبي

فخلود هنضته خلود للدين، وحياة فكرته حياة لرشيعة س�يد املرس�لن، وهلذا س�عى

لبناء رصح يف القلوب، وشتان بن ما بناه احلسن×، وما بناه أولئك القادة وامللوك،

)1) القمي، عباس، مفاتيح اجلنان: ص654.)2) جاء يف كثري من الروايات إلفات النظر ملكانة احلسن×، منها: »احلسن واحلسن سيدا شباب أهل اجلنة«، ومنها: »ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا«، وملزيد من الفضائل انظر: ابن كثري، إسامعيل بن

عمر، البداية والنهاية: ج8، ص223� 224، وما بعدها.

256



256256



256256



256256



256


256256



256256



256


256


256256



256256



256


256


256


256256



256256



256


256


256


256256256



256256



256


256


256


256


256


256256



256256



256


256


256


256


256


256


256256



256256



256


256


256


256


256


256


256


256256



256256



256


256


256


256


256


256


256


256


256256


فاحلج�ارة وإن صم�دت ع�رب الق�رون، إال أهنا أثر جام�د ال ي�رض وال ينفع، بل وال

ك املشاعر والعواطف التي تشد اإلنسان، أما الدم، فإنه من أقوى مظاهر اخللود، يرها تأثريا يف النفوس، ولنعم ما قال الشاعر: وأشد

أخقيـم عـىل دم ـل لنـرى رصحـا رفيـعخ فمم وهـو اهلل وجـه ـم تيموضلـوعخ وشـتان بـني الـرصح تبنيـه صخـرة حشـا تبنيـهم وآخـر

ولعل هذا هو أحد تفسريات ما روي عن النبي‘: »حسني مني وأنا من حسني«)1)،

ألن االرتباط باحلسن× ارتباط بالدين، وبخلود أهل البيت^ خيلد النبي‘، بل

األنبياء^ ورس�االهتم عىل طول اخلط، ومن أجل ذلك كله جاد احلس�ن× بتلك

الدماء الطاهرة، التي أعطت لثورته هذا الزخم من العاطفة واخللود.

ول�ذا هان عىل احلس�ن× كل تلك األضاحي، حتى وصل ال�دور إىل الرضيع،

فج�اد بدمه؛ ليضي�ف إىل عدد الضحايا رقام آخر جوهريا، وقد س�بب ذلك زمخا من

العاطفة والشد نحوه×.

الوجه الرابع: موقف احلس�ن× هو احلق الرصيح، لكن يف كثري من األحيان ال

ينفع طرح النظريات، وال إلقاء اخلطب والبيانات، وال عرض األدلة والرباهن، إلقناع

، من دون املواقف احلية عىل مرسح احلياة. الناس، وكسب رأي اجلامهري صوب احلق

وعىل س�بيل املثال: جه�د كل من اإلمام أمري املؤمنن واإلمام احلس�ن÷ يف أن

يبينا لألمة حقيقة بني أمية، وأهنم أعداء هلل تعاىل ولرس�وله‘ ولإلنسانية، ويريدون

هدم الدين من الداخل، فعجزوا عن ذلك، وكانت ردود فعل األمة هزيلة، ومل تنفع

كل تل�ك البيان�ات، مما اضطر اإلمام احلس�ن× إىل أن يس�لم األم�ر ملعاوية؛ ليثبت

لألم�ة عملي�ا حقيقة بني أمية، وقبح وجههم، وقذارة فعلهم، فاكتش�فت األمة ذلك

)1) ابن كثري، إسامعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص224.

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

257

ل صعقة بعد فوات األوان، وبعد أن كرست إرادهتا، فجاءت هنضة احلسن× لتشكتوقظ األمة من رقدهتا، وتدفع هبا للميدان، لتتحمل مسؤوليتها.

وحمل الش�اهد: أن اإلمام احلس�ن× أراد أن يشحن املعركة باملواقف التي تثبت أن هذا اجليش معاد لإلنسانية، فضا عن اإلسام؛ ليكسب بذلك مشاعر وعواطف

ورأي اجلامهري عىل مر العصور، وهكذا كان.ف�رتاه ت�ارة بع�د مرصع العب�اس � ملا بقي وحي�دا فري�دا � ينادي: »أمـا من مغيث يغيثنـا؟ أمـا من جمر جيرنـا؟ أما من طالب حـق ينرصنا«)1)، وتارة أخ�رى يطلب املاء بع�د أن أعي�اه ن�زف الدم وضعف ع�ن القتال، وهو يعل�م علم اليق�ن أن القوم ران عىل قلوهبم ما كانوا يكس�بون، فا حن اس�تنرص نرصوه، وال حن استس�قى سقوه، فخروج�ه بالرضي�ع يطلب له املاء من أمثال هذه املواق�ف، وهي كثرية، فهو× أراد أن يثبت حتى جليش العدو يف تلك الس�اعة: أن الس�لطة التي حترم طفا رضيعا من املاء سوف لن تعيشوا معها بحرية وال عزة وال كرامة، كام أن فعله هذا أثبت لألجيال

املتعاقبة صواب موقفه، ورعونة األموين وبشاعة جرائمهم.والواق�ع أن احلس�ن× حقق هذا اهل�دف أيضا، فالناس م�ن كل امللل والنحل، وليس من املس�لمن فحس�ب، ويف كل العصور، يتعاطفون مع احلس�ن× وهنضته النبيل�ة، ويتفاعلون معها، ويصوبون موقفه، ويمجدون تضحيته، وهذا أيضا يصب

يف مصلحة الدين)2).

)1) املقرم، عبد الرزاق، مقتل احلسن×: ص270. )2) والشواهد عىل ذلك كثرية: منها: قصيدة عبد الرزاق عبد الواحد الصابئي الديانة، ومنها: قصيدة أهل حب يف اخلالدات القصائد عباس، حممد الدراجي، انظر: سامة. بولس املسيحي للشاعر

البيت^: ص141.ألنترص(، مظلوما أكون أن احلسن )علمني الديانة: البوذي لغاندي املشهورة املقولة ومنها: املسيحي( الفكر بارا( حتت عنوان )احلسن يف )أنطوان املسيحي للكاتب ومنها: كتاب منصف

د فيه احلسن×، وقارن بينه وبن املسيح×. جمل يرى أن أغلب أولئك القوم تأثروا باإلسام من خال احلسن×، كام تقدمت اإلشارة إىل واملتأم

ذلك يف نقطة سابقة.

258



258258



258258



258258



258


258258



258258



258


258


258258



258258



258


258


258


258258



258258



258


258


258


258258258



258258



258


258


258


258


258


258258



258258



258


258


258


258


258


258


258258



258258



258


258


258


258


258


258


258


258258



258258



258


258


258


258


258


258


258


258


258258


وهنا يطيب يل أن أعلق قليا فأقول: إن اإلنس�ان مرة يكون متفاعا ومرة يكون فاعا، واحلسن× مل يرد التفاعل فقط، خصوصا من املسلمن، بل أراد الفعل؛ ألن التفاعل قد يصل من كل إنسان، فإنك لو عرضت حادث الرضيع أو كرباء بشكل عام عىل مس�يحي، أو صابئي، أو بوذي، أو من أي ملة كان فإنه سيتعاطف ويتفاعل وتذرف دموعه، وهذا جيد بالنس�بة هلؤالء، أما املس�لم فاملفروض أنه يكون متفاعا وفاع�ا، أعني أن تنزف دماؤه قبل دموعه لو اقتىض ذلك الذب والدفاع عن الدين،

كام فعل اإلمام احلسن×.م األس�وة والق�دوة واملث�ل األعىل الوجـه اخلامـس: أن احلس�ن× أراد أن يق�دللتضحية بأعىل مستوياهتا، فلم يرتك جانبا من جوانب التضحية إال وأثراه بالضحايا، فق�دم األصح�اب، واإلخوة، واألوالد، ش�بانا، وكهوال، ورضعان�ا، وجاد بالنفس

وهي آخر ما يملك، وترك من خلفه عياال بن األعداء، ولسان حاله يقول:هـواكا يف طـرا اخللـق ــا تركـتخ أراك لكي الــعــيــال وأيــتــمــتخ

إربـــا ــب ــاحل ب قطعتني ــا))). فــلــو ــواك إىل س ــؤادخ ــف ال ــال م ملــا

وهذا يعني أنه أراد أن يقول بلسان احلال لكل مسلم غيور: إن هذا الدين احلنيف غال ونفيس، وال يمكنه الدوام من دون تضحية، فإذا اقتىض أن تضحي بأصحابك، أو إخوتك، أو أبنائك، أو رضعانك، أو نفسك، أو أرستك فافعل!! فليس أصحابك خ�ريا م�ن أصحايب، وال إخوتك خ�ريا من إخويت، وال أبناؤك خ�ريا من أبنائي، وال

نفسك خريا من نفيس، وال عيالك خريا من عيايل، فتأمل واعترب:يكـــون أن مـن أأروعخ ـــك وقـــفـــا عـــىل املــبــضــعم ومـــاذا حلـــمخ

ترتئي ــا م دون ــقــي تــت عم وأن ـــل الـــــرش ـــاألس ضـــمـــرك ب

البنـني خـر املـوت تطعـم ))). وأن ـــعم الـــرض إىل األكهلني مــن

)1) انظر: مغنية، جواد، الشيعة يف امليزان: ص454.)2) انظر: احلسن، عبد اهلل، ليلة عاشوراء يف احلديث واألدب: ص116.

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

259

السؤال الرابع: ملاذا رمى احلسن× بدم الطفل نحو السامء؟اجلـواب: ق�د يكون هذا الس�ؤال من قبيل: ملاذا ص�اة الصبح ركعت�ان؟ أو ملاذا رة؛ ألن كثريا من أرسار الترشيع الصوم ش�هر ال أكثر وال أقل؟ فتكون اإلجابة متعذالواقعي�ة ال يعلمه�ا إال اهلل ومن ارتىض، وإن أعطيت هلا تفس�ريات وتأويات كام يف

كتاب )علل الرشائع()1). ف�ات املعصومن^ الت�ي ال يعلمه�ا إال اهلل تعاىل، وكذل�ك أرسار بع�ض ترص

ولكن يمكننا استكشاف بعض تلك األرسار من خال املروي عنهم^. فنق�ول يف مق�ام اجلواب: إن احلس�ن× � ملا رمى دم الطفل نحو الس�امء � قال: »اللهـم ل يكـون أهون عليك من فصيل ناقة صالح«)2)، ثم دعا عىل القوم قائا: »رب

إن تكخ قد حبست عنا النرص من السامء فاجعله ملا هو خر، وانتقم لنا من الظاملني«)3).، لق�د أهلكت ثمود، ألهنم عق�روا الناقة وقتلوا فكأن�ه× أراد أن يق�ول: يا ربفصيله�ا، وإن نبي�ك حممدا‘ أكرم م�ن صالح×، وأنا أكرم م�ن الناقة، والرضيع

أكرم من فصيلها، فأنزل عىل هؤالء غضبك ونقمتك كام أنزلتهام عىل أولئك.ف�كان املفروض أن يل بس�احتهم الباء، خصوصا أن رشوط اس�تجابة الدعاء مكتملة با ريب، ولكنه× بأخذه لذلك الدم الطاهر ورميه نحو الس�امء كأنه جعل األمر متعلقا باحلكمة اإلهلية، فإن كانت املصلحة تقتيض معاجلتهم بالعقوبة فبها، وإال فلله األمر من قبل ومن بعد، تأسيا منه× بام فعله رسول اهلل‘، حيث كان يتناول بيده ما يسيل من دمه، فريميه يف اهلواء، فا يرتاجع منه يشء، قال الصادق×: »واهلل لو سقط منه يشء عىل األرض لنزل العذاب«)4)، وهذا الكام استظهار من هذه الرواية.ب�ل ربام يس�تظهر من الرواية أن احلس�ن× � بقذف ذلك الدم نحو الس�امء � قد

)1) كتاب مجع الروايات التي تدور يف فلك علل األحكام. )2) أبو الفرج اإلصفهاين، عيل بن احلسن، مقاتل الطالبين: ص60.

)3) ابن كثري، إسامعيل، البداية والنهاية: ج8، ص203.)4) املجليس، حممد باقر، بحار األنوار: ج20، ص96.

260



260260



260260



260260



260


260260



260260



260


260


260260



260260



260


260


260


260260



260260



260


260


260


260260260



260260



260


260


260


260


260


260260



260260



260


260


260


260


260


260


260260



260260



260


260


260


260


260


260


260


260260



260260



260


260


260


260


260


260


260


260


260260


طل�ب من اهلل تع�اىل تأجيل العذاب؛ حتى يق�يض اهلل أمرا كان مفع�وال)1)؛ ألنه لو مل

ف لطفا من احلس�ن× يرم به نحو الس�امء لنزل إىل األرض قطعا، فكان ذلك الترص

باألعداء! كيف ال وهو امتداد ل�من بعث رمحة للعاملن.

وق�د كان لذل�ك ال�دم أث�ره يف ع�امل التكوين، حيث ظه�رت احلم�رة يف اآلفاق،

وأمطرت السامء دما كام يف بعض الروايات)2).قال آية اهلل الشيخ حممد حسن اإلصفهاين+:

ــه وأعــظــام مـن دمـه الزاكي رمـى نحو السـام ــف ــط ـــــل ل ـــام أج ف

إليهـا بـه يـرمم ل كان عليهـا لـو بمـن األرضخ لسـاخت

ـه ت السـامءخ مـن فيـضم دمم نقمـه))). فاحـر مـن هلـم اهللم مـن ويـل

وينبغي أن نلتفت إىل أن احلسن× رمى بالدم نحو السامء يف ثاثة مواقف: األول: عند مرصع عيل األكرب)4).

الثاين: عند مرصع الرضيع)5).

)1) قد يقال: كيف يمكن تفسري أنه× دعا عليهم بالعذاب حن قال: »وانتقم لنا من الظاملن«، ثم يطلب تأجيل العذاب؟

ويمكن اإلجابة عن ذلك بأمرين: األول: أنه× يطلب تأجيل العذاب عنهم لعلهم يرجعون عن الغي، ويذعنون للحق، رغم كل ما

ارتكبوه من فظائع.الثاين: وإن قيل: إنه× كان يعلم بأهنم معاندون ال يرجعون عن غيهم، قلنا: إن ذلك يدل عىل أنه× راض بقضاء اهلل وقدره وعدم معاجلتهم بالعقاب حتى هناية املطاف، لذا كان يطلب التأجيل إن كانت

حكمته تعاىل تقتيض ذلك، وال منافاة بن طلب العذاب مع تأجيله.)2) انظر: ابن قولويه، جعفر بن حممد، كامل الزيارات: ص188. املفيد، حممد بن حممد، اإلرشاد: ج2،

ص132. املحمودي، حممد باقر، عربات املصطفن: ج2، ص19، وما بعدها.)3) اإلصفهاين، حممد حسن، األنوار القدسية: ص152.

)4) املقرم، عبد الرزاق، مقتل احلسن×: ص260.)5) املصدر السابق: ص 272.

ية ليل

ة حترؤي

.. ضيع

الراهلل

بد ع ع

رصم

261

الثالث: عند مرصعه هو×)1).ويف كل هذه املواقف مل تنزل قطرة واحدة، وهذا يعني أن الباء كاد يل باألعداء

ثاث مرات، واحلسن× يطلب اللطف هبم من اهلل لعلهم يرجعون:

الكبـرة ل تكـن النفـس حتـى عـىل مـن قاتلـوك حقـودا))).ورأيتـك

)1) املصدر السابق: ص 279..https://forums.alkafeel.net :2) من أشعار الدكتور الشيخ أمحد الوائيل. شبكة الكفيل(

أثر الشعائر احلسينية يف نشر فكر أهل البيت^ يف القارة اإلفريقية

مناذج خمتارة

إعداد: د. حيدر عبد اجلليل احلربية*

الشعائر احلسينية يف زجنبارتتجاوز نس�بة املس�لمن الشيعة بن املس�لمن اليوم يف زنجبار )التابعة إىل تنزانيا( ال�)10%(، وهم يتواجدون يف: دار الس�ام، وليندي، وتانغا، وس�نفيدي، وتابورا، ومت�وارا، ومبي�ا، وعروش�ا، وكيبون�دا، وزنجب�ار. وللش�يعة العدي�د من املس�اجد واحلس�ينيات اخلاصة هبم، منها: )مس�جد كيزمكازي( أو )ش�ريازي(، الذي يشكل مصدر فخر للس�كان املحلين؛ إذ إن له ت�أرخيا مدهشا له صلة ببنائه، وال يزال يمثل التواجد اإلس�امي الذي جاء به اإليرانيون حارضا من خال هذا املس�جد القديم، ال�ذي يم�ل هذا االس�م، ويعرف ه�ذا املس�جد اجلامع حمليا أيضا باس�م )مس�جد ش�ريازي ديمب�اين(، وه�و يقع بالقرب م�ن قرية صيادي�ن التي تق�ع إىل اجلنوب من س�تونتاون، ويزيد عمر املس�جد عىل مائتي عام، ومع هذا ما زالت بنيته صلبة قوية، وتزين جدران املسجد األمامية وحمرابه عبارات من القرآن الكريم، نحتت باألحرف

الصوفية.وأيض�ا هنالك )مس�جد اخلوجة( يف دار الس�ام، و)مس�جد أه�ل البيت^(، و)مس�جد أنصار اإلمامية( و)مس�جد مجعية اخلوجة الش�يعة( يف عروشا، و)مسجد

كيوندا( يف زنجبار.

* جامعة ذي قار/كلية الرتبية للعلوم اإلسامية/قسم التاريخ، من العراق.

264



264264



264264



264264



264


264264



264264



264


264


264264



264264



264


264


264


264264



264264



264


264


264


264264264



264264



264


264


264


264


264


264264



264264



264


264


264


264


264


264


264264



264264



264


264


264


264


264


264


264


264264



264264



264


264


264


264


264


264


264


264


264264



264264



264


264


264


264


264


264


264


264


264


264264


أما احلسينيات، ففي زنجبار حسينيات بعدد املعصومن األربعة عرش^، منها: )حسينية املأتم(، التي يرجع تأريخ بنائها إىل ما قبل )140( عاما، ويف العاصمة هناك

)احلسينية احليدرية(، و)حسينية أيب الفضل العباس×(.إضاف�ة إىل ذل�ك وج�ود املراك�ز وامل�دارس الدينية، وم�ن أهم مراكز الش�يعة يف الب�اد: )مرك�ز دار اهل�دى(، وهو مركز ومدرس�ة هلا ف�روع عدي�دة، و)مركز بال مس�لم(، و)مرك�ز ي�از(، و)مركز الس�يد اخلوئي+(، و)مدرس�ة أه�ل البيت^(، و)مدرس�ة الزه�راء’( يف العاصمة، باإلضافة إىل مراكز أخ�رى موزعة يف الباد، مثل )حوزات أهل البيت^(، و)حوزة ويل العرص×( يف عروشا، ويانكان، ودار

السام، ومناطق أخرى.ويبل�غ ع�دد الطلبة يف هذه املدارس واحلوزات )400( طالب، يدرس�ون العلوم الديني�ة، ه�ذا باإلضاف�ة إىل العرشات من التانزانين الذين يدرس�ون خ�ارج الباد،

خصوصا يف إيران وسوريا.وقد ظل املس�لمون الش�يعة يف زنجبار حمافظن عىل انتامئه�م املذهبي والتزاماهتم الديني�ة، وحاول�وا وياول�ون � باس�تامتة � حفظ اهلوية اإلس�امية الش�يعية، ويدلل حضوره�م الكب�ري كل س�نة يف مراس�م األربعن، ومس�امهتهم يف إحيائه�ا عىل هذه احلقيقة، ولذلك قد نرى أحدهم ينفق مبالغ كبرية من أجل احلضور يف زنجبار خال ه�ذه املراس�م، قادما من أقىص باد الغ�رب، إلقامة عزاء اإلمام احلس�ن×، وكأنه

يبحث عن ضالته املنشودة يف تلك الديار.وتتلخص نش�اطات املس�لمن الش�يعة هناك بإقامة املراس�م الدينية اإلس�امية، م�ع نرش وطباع�ة الكتب باللغات الس�واحلية واإلنجليزية، وإص�دار املجات مثل )الي�ت( باللغ�ة اإلنجليزي�ة، و)ص�وت ب�ال( باللغ�ة الس�واحلية، وكذل�ك إقامة املؤمت�رات للتعريف بالش�يعة ومذه�ب أهل البي�ت^، إلبراز الرتاث اإلس�امي اإلمامي يف تنزانيا ومدينة عروش�ا )إحدى معاقل الش�يعة الكب�رية يف إفريقيا(، ومن

265

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

أبرز هذه النشاطات:1� حلقات حتفيظ القرآن الكريم.

2� الدراسة احلوزوية.3� حلقات دراسية يف هنج الباغة.

4� االحتفاالت بمواليد وشهادات املعصومن^.5� إطاق برامج ومحات توعوية.

واجلدي�ر بالذك�ر أن حركة اعتناق املذهب الش�يعي أصبح�ت ظاهرة واضحة يف أوس�اط التانزانين، فقد دخل الكثري من املثقف�ن يف هذا املذهب، وألفوا كتبا كثرية، مث�ل )تاري�خ اإلس�ام(، و)زواج املتع�ة صحيح(، و)إرش�اد املتعلم�ن(، و)طاولة االكتش�اف(، و)ه�ل تع�رف الص�اة(، و)حق�وق الب�رش يف اإلس�ام(، و)اخلمس والزكاة(، و)مس�ائل اإلسام(، و)ما هو اإلسام(، و)الشيعة(، وهناك كتب أخرى

عديدة تصدى لتأليفها املستبرصون يف هذا البلد.وما يفرح القلب أن هناك حركة دعوة جديدة حالية عىل يد ش�يخ مستبرص اسمه )أمحد اخلطيب(، ولديه اتصاالت مع من يب أن يساهم يف نرش فكر أهل البيت^،

واستطاع أن يدخل يف املذهب الكثريين.وقد ظهر يف زنجبار شخصيات شيعية برزت بنشاطها املتميز، ومنهم:

1� احلاج رمحة اهلل تيجاين، وله دار ضيافة ينزل فيها غرباء الشيعة.2� نارص نور حممد، وله مستوصف ملعاينة املرىض جمانا.

3� داتو محاين، وقد أنشأ دار توليد جمانية.4� مرتىض سليامن، شخصية مرموقة من أصل تانزاين.

5� الش�يخ أب�و موس�ى حس�ن بن حمم�د، وهو من ش�يد مس�جد كيزم�كازي أو شريازي.

6� حممد رضا بيار عيل، وهو مدير مجاعة اخلوجة االثني عرشية يف عروشا.

266



266266



266266



266266



266


266266



266266



266


266


266266



266266



266


266


266


266266



266266



266


266


266


266266266



266266



266


266


266


266


266


266266



266266



266


266


266


266


266


266


266266



266266



266


266


266


266


266


266


266


266266



266266



266


266


266


266


266


266


266


266


266266



266266



266


266


266


266


266


266


266


266


266


266266


7� أمحد بن النعامن، وهو أول مبعوث للواليات املتحدة، ويقام يف منزله مأتم أيب عبد اهلل احلسن×، وما زال مستمرا)1).

8� عيل باتو، وهو شخص كان قد أدى خدمات كبرية لدولة زنجبار خال الفرتة بن )1914م و1918م(، فقد قال له الس�لطان ذات يوم: »اخرت أنت بنفسك اجلائزة التي تريدها مقابل خدماتك«، فأجاب عىل الفور: »كل ما أخريده أن يكون اليوم احلادي والعرشون من الشـهر التاسـع القمري، واليوم العارش من الشـهر األول القمري، يومي عطلة رسـمية«، فوافق الس�لطان عىل ذلك، ومنذ ذلك اليوم تعطل الدوائر الرس�مية كل سنة، يف ذكرى مقتل الشهيد عيل، ومقتل الشهيد احلسن، أقول: وهذان اليومان مها: احلادي والعرشون من ش�هر رمضان، ذكرى استشهاد اإلمام عيل×، والعارش

من شهر حمرم ذكرى استشهاد اإلمام احلسن×، من كل سنة)2).ويف النهاي�ة فق�د كان اخل�وارج األباضية يف زنجب�ار، يقيمون مراس�م احلزن يوم عاش�وراء، ال مراس�م األعياد، وكانوا يبون احلس�ن× لقيامه بالسيف، ومقاومته

للظلم)3).

)1) السعد، حممد، شيعة زنجبار وهجرة التجدد، صحيفة صدى املهدي اإللكرتونية، مركز الدراسات � التخصصية يف اإلمام املهدي، النجف األرشف: العدد 7، السنة األوىل، ذي احلجة )1430ه�(

.www.m-mahdi.net/sada-almahdi/pdf/add7.pdf .5كانون األول )2009م(، ص)2) انظر: الشهرستاين، صالح، تاريخ النياحة عىل اإلمام الشهيد احلسن بن عيل÷: ج2، ص93ـ 94.)3) تعترب باد الزنجبار املركز الرئييس لإلسام يف رشق إفريقيا؛ ألن كل سكاهنا مسلمون، بل إن سلطاهنا عريب مسلم أيضا، ويف باد الزنجبار يكاد يكون كل السكان مسلمن، وال يوجد بينهم إال نفر قليل من غري املسلمن، ويمكن أن ترتب طوائفهم من الناحية االقتصادية ترتيبا تنازليا عىل النحو التايل: ليسوا أهنم الطوائف هناك با مراء، ولكن يظهر أغنى فالشيعة السنة، فأهل الشيعة، فاألباضية، يف مستوى واحد من الثراء، فاإلسامعيليون � أتباع آغا خان � يأتون أوال، ولقد ساعدهم جده�م ناحية برباط متن من ببعض الدقيق، وارتباط بعضهم التعاوين ناحية، ونظامهم واجتهادهم من أخرى، عىل أن ينهضوا هنضة عظمى يف مجيع نواحي احلياة، ثم البهريون واالثنا عرشيون من الشيعة، وهم ذوو مركز اقتصادي طيب أيضا، وأما األباضيون، فهم عىل ما يبدو أقل ثراء من األولن، وأما أهل السنة، وهم مجهور املسلمن، فيأتون أخريا، وهم أكثرهم فقرا، عىل الرغم من أنه يوجد من بينهم أفراد قائل يملكون ثروات طائلة، ونظرا إىل أنه ال يوجد بن املسلمن هناك ما يمكن أن يعترب

267

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

أتباع أهل البيت يف نيجريا وإحياء الشعائر احلسينية يعت�رب فضيل�ة الش�يخ إبراهي�م زكزكي)1)، م�ن الش�خصيات الكب�رية واملعروفة يف أوس�اط أتب�اع أه�ل البيت^ يف الغ�رب اإلفريق�ي عموما، ونيجريي�ا عىل نحو

اخلصوص، وله من األتباع املاين)2).ويذكر أن الش�يخ إبراهيم زكزكي يقوم بفعالياته التبليغية يف حسينية بقية اهلل# يف نيجري�ا، ولدي�ه العديد من املدارس االبتدائية والثانوي�ة، إضافة إىل إقامته للعديد من الدورات التعريفية بمذهب أهل البيت^ للمستبرصين اجلدد، وهذه الدورات مس�تمرة عىل طول العام، وهناك دورة متصة بالنس�اء حتمل اس�م الزهراء’، تقام س�نويا خ�ال احتف�ال أتب�اع أه�ل البي�ت^ يف نيجريي�ا بمناس�بة والدة الصديقة الطاه�رة، وخ�ال احتفالي�ات عاش�وراء يقي�م الش�يخ إبراهيم زكزك�ي العديد من املجالس احلس�ينية للتعريف بواقعة كرباء، ويب�ث العديد من هذه املحارضات عرب

وسائل اإلعام.ويف زي�ارة األربع�ن ينظم أتب�اع أهل البي�ت^ يف املحافظات املحيط�ة بمدينة

)زاريا( � مقر إقامة الشيخ � مسرية حتاكي مسرية األربعن املتوجهة إىل كرباء)3).

وحدة اقتصادية، فا مراء يف أنه يوجد بينهم كثري من املساعدات املالية املشكورة التي يقدمها أرباب الثراء منهم للمعرسين عىل اختاف فرقهم وطوائفهم، وتتمثل تلك املساعدات يف نواحي شتى، واملساجد ناحية منها، فنجد أغنياء الشيعة � مثا � يسامهون بنصيب كبري يف بناء مساجد أهل السنة أو يف إصاحها. للتفصيل انظر: حب اهلل، حممد، اإلسام واملسلمون يف رشق إفريقيا، جملة الدراسات ص7�11. ،37 العدد العاملية: إفريقيا جامعة اإلفريقية، والدراسات البحوث مركز اإلفريقية،

. iua.edu.sd/shariea/iua_magazine/african_studies/37.htm

)1) للتفصيل حول شخصية الشيخ إبراهيم زكزكي انظر: أمن، حممد، تاريخ السيد الزكزكي، موقع . www.alharakah.net/index ،)2013( احلركة اإلسامية يف نيجرييا، األربعاء، 3 نيسان

)2) انظر: موسى، حممد الثاين عمر، الشيعة يف نيجرييا )النشأة و الوسائل)، جملة قراءات إفريقية: العدد3، ذي احلجة )1429) � ديسمرب )2008(، ص41ـ42.

.http://www.qiraatafrican.com/_pdf/n4.pdf . www.alkafeel.net/ar-news .3) شبكة الكفيل العاملية، موقع العتبة العباسية املقدسة(

268



268268



268268



268268



268


268268



268268



268


268


268268



268268



268


268


268


268268



268268



268


268


268


268268268



268268



268


268


268


268


268


268268



268268



268


268


268


268


268


268


268268



268268



268


268


268


268


268


268


268


268268



268268



268


268


268


268


268


268


268


268


268268



268268



268


268


268


268


268


268


268


268


268


268268


ومم�ا جتدر اإلش�ارة إلي�ه أن جذور احلركة اإلس�امية يف نيجرييا تعود يف نش�أهتا إىل دور الش�يخ إبراهي�م يعقوب الزكزكي، الذي كان معروف�ا بن أصدقائه وزمائه �رة، وكانت مهومه بنش�اطاته الديني�ة واالجتامعي�ة املختلف�ة منذ بدايات ش�بابه املبكدائ�ام تنصب عىل قضايا األمة اإلس�امية، ولذلك حاول م�ع بعض أصدقائه بمدينة زاريا )Zariya( تأس�يس رابطة س�موها )رابطة ش�باب املس�لمن(، وذلك يف عام )1972م(، م�ن القرن املايض، حينام كان عمره املبارك )19( عاما، ومن خال هذه الرابطة بدأ الش�يخ الزكزكي نش�اطاته احلركية، وقد بن أهدافه ومقاصده التي يرمي

إليها، ومن ثم دعا الناس إىل ذلك. ه�ذا كل�ه قبل رحلت�ه لطل�ب العلم إىل خ�ارج مدينة زاري�ا، وبعد عودة الش�يخ الزكزك�ي م�ن رحات�ه العلمي�ة املبارك�ة، والتحاق�ه ب�)جامع�ة أمح�دو بل�و( ما بن )1976م � 1979م(، زاد نشاطه يف تلك الفرتة، ما أهله ذلك إىل تقلد عدة مناصب حساسة يف احتاد الطاب املسلمن )M.S.S( للجامعة، وقد استفاد من هذه الفرصة خري اس�تفادة، حيث أظه�ر لزمائه وأصدقائ�ه داخل اجلامعة أهداف�ه التي جتول يف خاط�ره، من رضورة اإلص�اح يف الباد، ونرصة املس�تضعفن، والوحدة بن األمة

اإلسامية، والعودة إىل النهج اإلسامي األصيل.وبحل�ول أواخر الس�بعينيات بدأت تنش�أ تدرجييا حركة ش�بابية دينية ذات طابع إس�امي بحت يف نيجرييا داخل اجلامعات الوطنية واملؤسس�ات التعليمية عرب احتاد الطاب املسلمن )M.S.S(، وكانت تلك احلركة حتت قيادة الشيخ الزكزكي نفسه، األم�ر ال�ذي أده�ش الدول الغربي�ة التي مل تع�د تتوقع مثل هكذا أمر وس�ط طاب اجلامعات النيجريية، الذين مل يكن ينتظر منهم حتى أداء الصلوات اخلمس املفروضة

يف وقتها آنذاك.ولقد تطورت تلك احلركة الش�بابية إىل أن أصبحت احلركة اإلس�امية احلالية يف

269

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

Yan Uwa( أو اإلخوة املسلمون ، )Yan shi'a(نيجرييا، كام تسمى باحلركة الشيعية

Musulmi( ، أو اإلخوة )Yan Uwa( أيضا.

وكانت التيارات الفكرية الس�ائدة آنذاك يف أوس�اط الساسة النيجريين وأساتذة اجلامع�ات هي الش�يوعية )Communist(، والرأس�املية )Capitalism( وغريمها، فا خرب عن اإلس�ام وكل ما يتعلق به من األنظمة السياس�ية واالقتصادية إطاقا؛ ب�ل كان ينظ�ر إىل صاحب الدين داخل اجلامعات عىل أنه إنس�ان متخلف ورجعي،

كام أصبحت اجلامعة مركزا لفساد األخاق والرتبية.أم�ا املجتمع النيجريي، فقد انقس�م إىل متمس�ك بدينه ومتهاون به، بينام انش�غل

العلامء باختافات فقهية ثانوية عىل رأسها، مسألة القبض والسدل يف الصاة.ويف مطلع الثامنينيات من القرن املايض زاد الطن بلة ظهور التيار الوهايب السلفي، الذي جاء بفكرة التكفري، وهكذا انشغلت األمة هبذه األمور التافهة، وتركوا القضايا

األساسية التي ينبغي صب اهتاممهم عليها.أما احلكام فقد انش�غلوا بنهب ثروات وخريات الب�اد، وختزينها يف بنوك الدول الغربي�ة، ك�ام أصبح ديدهنم األس�ايس هو التنافس عىل الس�لطة، وكث�رة االنقابات العس�كرية، بين�ام وق�ف الش�عب متفرجا ينظ�ر إىل أموال�ه تنهب، وحرياته تس�لب،

والعلامء منشغلون باالختافات التي ال تسمن وال تغني من جوع.يف ه�ذه الظ�روف العويص�ة انتقل�ت احلركة اإلس�امية من إط�ار اجلامعات إىل أوس�اط الش�عب النيجريي تدرجييا )يف مطلع الثامنينيات(، حيث نالت قبوال واسعا � رغم املؤامرات والتهديدات والقمع � بن الفئات الش�بابية التي س�ئمت من ظلم الظاملن، وظلت منتظرة س�نن عددا من يأخ�ذ بيدها، وخيلصها من ذلك االضطهاد

الذي ال يرتك األخرض واليابس.لق�د اس�تفاد الس�يد الزكزك�ي من املؤمت�ر ال�ذي يقيمه احت�اد ط�اب اجلامعات

270



270270



270270



270270



270


270270



270270



270


270


270270



270270



270


270


270


270270



270270



270


270


270


270270270



270270



270


270


270


270


270


270270



270270



270


270


270


270


270


270


270270



270270



270


270


270


270


270


270


270


270270



270270



270


270


270


270


270


270


270


270


270270



270270



270


270


270


270


270


270


270


270


270


270270


النيجريي�ة، الذي يس�مى ب�) I.V.C( أيام التعطيات، ويش�ارك في�ه عدد كبري من ط�اب اجلامع�ات واملعاهد وامل�دارس الثانوية من مجيع أقايص الب�اد، ويف إحدى هذه املؤمترات، الذي أقيم بمدينة كتس�ينا )Katsina( س�نة )1978م(، يف مدرس�ة) A.T.S( ، بعد أن ألقى الش�يخ حمارضته، دعا احلارضين إىل جلسة مفتوحة داخل مس�جد املدرس�ة، فحرض أربعون طالبا تقريبا، )منهم الش�خصية الب�ارزة يف احلركة الش�يخ حممد حمم�ود تور(، وبعد س�امعهم كلامت الش�يخ عاهدوا اهلل عه�د الرجال عىل القيام باحلركة اإلس�امية، مع نرش أفكارها اإلصاحية يف مناطقهم، ثم ختمت

اجللسة بالتوقيع ولصق الصور، مع كتابة العناوين عىل ورقة مصصة للجلسة.ويف مج�ادى األوىل لس�نة )1400ه�( املوافق�ة لس�نة )1980م( ، أقيم مثل ذلك املؤمت�ر أيض�ا بمدينة فنت�وا )Funtuwa(، ويف هذه املرة بعد إلقاء الش�يخ حمارضته دع�ا احلارضين إىل حمارضة أخرى مس�اء، وأعلن فيها براءته من ظلم النظام احلاكم، ورضورة الع�ودة إىل ع�دل اإلس�ام، وقد حظيت تل�ك املحارضة بقبول واس�ع يف أوس�اط الطاب والشعب، فس�جلت ونس�خت، ثم طبعت عدة طبعات، وال تزال أرشطتها إىل يومنا هذا مرغوبة عند الناس، كام أن الشيخ يف نفس السنة ألقى حمارضة أخرى عىل نفس املنوال بمدينة زاريا، وهكذا ذاع خرب الش�يخ ودعوته يف مجيع أنحاء نيجريي�ا وخارجها، وتواف�د الناس إليها أفواجا، من هن�ا رأى زعيم احلركة رضورة وج�ود مراك�ز خاصة للحرك�ة، ومؤسس�ات تعليمي�ة وتنموية، إضاف�ة إىل دروس األخ�اق التي تتص�دى إلعداد احلركي�ن، وجتعلهم قادرين عىل حتمل عناء الس�فر للتبلي�غ ال�ذي كان طريقه مملوءا باألش�واك واملخاطر، لقد أصبح�ت تلك الدروس األخاقي�ة � وغريه�ا م�ن النش�اطات الرتبوية والنفس�ية � من�ربا ومدرس�ة لتكوين

شخصية أفراد احلركة؛ ألن املسافة طويلة، وحتتاج إىل زاد وفري. أما طبيعة النظام اإلداري يف احلركة، فمن املعلوم أن نيجرييا مقسمة جغرافيا إىل )36( والية و)774( حمافظة، ومل تكن فعالية احلركة مقترصة عىل داخل إطارنيجرييا

271

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

فق�ط، بل ش�ملت الدول األخ�رى، وخاص�ة املجاورة هل�ا أيضا، فم�ن الطبيعي أن تكون للحركة إدارة حكيمة مرنة وش�فافة؛ كي تتس�نى هلا إدارة أمورها بسهولة قدر اإلمكان، وهي كام ييل: يرتأس احلركة فضيلة الشيخ إبراهيم يعقوب الزكزكي نفسه، يعاون�ه عدد من كب�ار قيادات احلرك�ة، الذين اخت�ذوا مدينة زاري�ا )Zariya(، مقرا لقي�ادة احلركة، كام يرشف كل واحد من تلك القي�ادات عىل عدد من مندويب احلركة يف األقاليم والواليات، س�واء كانت داخل خريطة نيجرييا اجلغرافية أم خارجها، ال فرق ما دام يقطنها أتباع احلركة، الذين امتازوا من غريهم بتسليمهم الكامل للقيادة

املوحدة والنظام املوحد والفكر املوحد، عاوة عىل اعتقادهم بوالية الفقيه.أما عىل مستوى الواليات واألقاليم، فهي مقسمة إىل دوائر وحلقات ثم املجالس، وعىل رأس كل منها مندوب أو وكيل، يكون مسؤوال أمام املجلس القيادي الوالئي، ك�ام أن الوالي�ة � ككل � ختضع لقيادة وكيل واحد، بصفت�ه املرشف املبارش عىل مجيع مندويب احلركة ووكائها يف املدن واملحافظات واملحات واألحياء السكنية والقرى

داخل احلدود اجلغرافية للوالية.وم�ن جانب آخر، هن�اك إدارات أخرى للمؤسس�ات واهليئ�ات واملنظامت التي أسس�ت بأوام�ر الس�يد، أو باق�رتاح بعض أف�راد احلركة، لأله�داف اإلنس�انية، أو املذهبي�ة، أو اخلدم�ات االجتامعي�ة واإلعامي�ة وغريه�ا، فمديرو هذه املؤسس�ات

خيضعون إلرشاف تلك القيادات احلركية حسب التسلسل املذكور أعاه.ونظ�را إىل أن�ه من األمور الفطرية التي فطر اهلل الن�اس عليها وجود هدف يف كل م�ا يس�عون إىل حتقيقه يف حياهتم اليومية، فاحلركة اإلس�امية أيض�ا هلا أهداف وراء ذلك التقس�يم اإلداري، ومن أهداف التقس�يم اإلداري يف احلركة عىل سبيل املثال ال

احلرص:1� أن يتسنى لإلخوة املؤمنن يف احلركة معرفة بعضهم بعضا .

2� إجياد روح اإلخاء واأللفة واملحبة بن اإلخوة .

272



272272



272272



272272



272


272272



272272



272


272


272272



272272



272


272


272


272272



272272



272


272


272


272272272



272272



272


272


272


272


272


272272



272272



272


272


272


272


272


272


272272



272272



272


272


272


272


272


272


272


272272



272272



272


272


272


272


272


272


272


272


272272



272272



272


272


272


272


272


272


272


272


272


272272


3� تفويت الفرصة عىل اجلواسيس الذين يعملون ليا و هنارا من أجل التخريب، وإجياد الفتن داخل صفوف اإلخوة .

4 � تس�هيل نق�ل أوامر القيادة العام�ة للحركة إىل اإلخوة، خاص�ة األوامر التي حتتاج إىل الس�رية التامة يف النقل.

5� التأكي�د عىل ش�مولية احلركة، وكوهنا ال ختتص بقوم دون ق�وم، أو قبيلة دون أخرى .

6 � الس�عي إىل إعداد املبلغن يف كل قرية أو مدينة أوحي س�كني مهام صغر؛ كي يس�هل تعرف الن�اس عىل أخاق وعلوم أه�ل البيت^ عن قرب، ك�ام أن اندماج

وتعايش اإلخوة حسب حدود الش�رع مع املجتمع يعد أكرب عامل لنجاح احلركة .7� إرش�اد املجتم�ع عملي�ا إىل أن اإلس�ام دي�ن حي�وي في�ه كل يشء، وصالح

للتطبيق يف كل زمان ومكان.8� تس�هيل عملية إدارة احلركة، مع التأكيد عىل شفافيتها ومرونتها، ثم جعلها يف

متناول اجلميع، الصغري منهم والكبري، واملرأة والرجل، واحلرضي والبدوي .9� مراع�اة الظروف واخلصوصيات لكل منطقة أو ق�وم؛ ألن العادات والتقاليد

والثقافات واألعراف ختتلف، فام يصلح تطبيقه يف منطقة قد ال يصلح يف أخرى. أما أهم ما أسس�ته احلركة اإلس�امية، فقد متثل بعدة مؤسسات تعليمية وإنسانية داخ�ل وخ�ارج نيجرييا، الت�ي تعمل يف جم�االت وصعد ومس�تويات متلفة، ولكل إدارة أجه�زة مس�تقلة، نكتف�ي هنا بذكر ثاثة من املؤسس�ات اإلنس�انية بإجياز، عىل

سبيل املثال:)ـ مؤسسـة الشهداء: تأسس�ت هذه املؤسسة املباركة يف يوم السبت السابع عرش من ش�هر رج�ب، س�نة )1411ه�(، املواف�ق لي�وم )1992/1/1م( بمدين�ة زاريا )Zariya(، بأمر من قائد احلركة اإلسامية الشيخ إبراهيم يعقوب الزكزكي، كام أنه ترأس مراسم التأسيس بنفسه، إضافة إىل مشاركة مجع غفري من قيادات احلركة، فهي

273

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

مؤسسة إنسانية تقوم برعاية أبناء الشهداء وكفالة األيتام واألرامل وغريها.)ـ مؤسسـة الزهراء اخلرية: تأسست هذه املؤسسة املباركة حديثا بأمر من السيد الزكزك�ي س�نة )2010م(، املواف�ق ل�)1432ه��(، لتك�ون عمدة لبقية مؤسس�ات احلركة، وخاصة التي تعمل يف جمال اخلدمات االجتامعية واإلنس�انية، كحفر اآلبار،

وشق قنوات املياه، وختليص املسجونن، ومساعدة األرامل واملحتاجن وغريها. )ـ مؤسسـة الصحة )Isma): تم تش�كيل هذه املؤسس�ة امليمونة )بعد أن مضت عدة س�نوات عىل تأسيس اللجنة الطبية للحركة( يف يوم )1422/6/6ه�(، املوافق ل��)2001/8/23م(، وهي تعمل عىل توفري العناية الصحية، وإيصال املس�اعدات اإلنس�انية إىل املترضرين يف النزاعات التي حتدث هنا وهناك داخل الباد، إضافة إىل إدارة املستش�فيات احلكومية أيام إرضاب األطب�اء واملمرضن عن العمل، كام تعمل عىل تدريب الش�باب والش�ابات عىل عملية اإلس�عافات األولية وغريها، وهي أكثر املؤسسات اإلنسانية غري احلكومية نشاطا بنيجرييا، رغم شح اإلمكانات وقلة العتاد)1).

سة اإلمام احلسني× ودورها التوعوي يف أوغندا مؤسهتقوم مؤسس�ة اإلمام احلس�ن× يف دولة أوغندا بدور مه�م يف نرش مذهب أهل البيت^ يف هذا اجلزء من وسط أفريقيا، ويف هذا الصدد قد بن فضيلة الشيخ حممد مزمل مليندوا، مس�ؤول مؤسس�ة اإلمام احلس�ن )صلوات اهلل عليه( اإلس�امية يف أوغن�دا أهم فعاليات ونش�اطات املؤسس�ة يف تقرير جاء فيه: »من لطف اهلل سـبحانه وتعـاىل أن أنعـم علينا بإرسـال نبي الرحة، سـيدنا حممـد املصطفى‘، بشـرا ونذيرا، ليوصلنـا إىل طريق الكامل، وأمرنا‘ باتباع األوصياء األطهار من بعده؛ وذلك إلكامل مسـرة تربيـة النفـس وتزكيتها، ويف عـرص الغيبة الرشيفـة أمرنا مولنـا اإلمام صاحب العـرص والزمـان# بالرجـوع إىل روات أحاديثهـم، وهـم الفقهـاء واملراجع األعالم

األربعاء نيجرييا، احلركة اإلسامية يف نيجرييا، موقع احلركة اإلسامية يف نشأة انظر: هاشمي، (1( .www.alharakah.net/index :(20136 شباط/ م(

274



274274



274274



274274



274


274274



274274



274


274


274274



274274



274


274


274


274274



274274



274


274


274


274274274



274274



274


274


274


274


274


274274



274274



274


274


274


274


274


274


274274



274274



274


274


274


274


274


274


274


274274



274274



274


274


274


274


274


274


274


274


274274



274274



274


274


274


274


274


274


274


274


274


274274


األتقياء العاملون، املدافعون عن الدين ومبادئه، وكان فضل اهلل علينا عظيام.انطالقـا من ذلـك، وامتثـال لتوجيهـات وإرشـادات وتوصيـات الفقهـاء األعالم ومراجعنـا العظـام، الذين أكـدوا مرارا رضورة بـذل اجلهود يف تعلم علـوم أهل البيت )صلـوات اهلل عليهم( وتعليمهـا الناس، والهتامم بالنـاس يف كل املجالت، باألخص الثقافية والجتامعية، وقامت مؤسسـة اإلمام احلسـني )صلوات اهلل عليه( اإلسـالمية يف أخوغندا للرتبية والثقافة واإلرشـاد، قامت بفضل اهلل ولطفه سبحانه وتعاىل، وبربكة أهل البيـت )صلوات اهلل عليهم( بالعديـد من الفعاليات الثقافيـة والجتامعية، إليكم بعضا

منها بصورة موجزة...: القسم األول: فعاليات تبليغية وتثقيفية من شهر شعبان املعظم )))4)هـ( إىل شهر

حمرم احلرام )))4)( للهجرة:• عقد جلسـات إرشـادية وتوجيهيـة وتثقيفية لتعليم املسـائل الفقهيـة اخلالفية،

وبيان املسـائل العقائدية واألخالقية والتاريية وغرها ألئمة املساجد واملبلغني املحليني بصورة مكثفة.

• عقد جلسـات توجيهية وتثقيفية وتربويـة وتعليمية للبنات والبنني، من عرشين مدرسـة ومعهد من املتوسـطة والثانوية األكاديمية، والستامع إىل ما عندهم من

األسئلة واألفكار، وكانت إجيابية ومثمرة جدا.• عقـد جلسـات تثقيفيـة وتوجيهيـة وإرشـادية وإدارية للجـان املسـاجد التابعة

للمؤسسة واملرتبطة هبا، للرجال والنساء.• عقد جلسات ثقافية متنوعة يف: العقائد، والفقه، والتأريخ، واألخالق، واآلداب

اإلسالمية لعموم الناس، يف مسجد اإلمام احلسني )صلوات اهلل عليه( املركزي، ويف باقي املساجد.

• إمامـة صلوات اجلمعة واجلامعة يف مسـجد اإلمام احلسـني )صلـوات اهلل عليه( املركزي، ويف غرها من املساجد، وكذا صالة عيد الفطر املبارك.

275

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

• إقامة جمالس قراءة دعاء كميل، ودعاء الفتتاح، والتوسل، ورشح بعض فقراهتا بصورة موضوعية، يف مسجد اإلمام احلسني )صلوات اهلل عليه( املركزي.

• اإلجابة عىل املسائل الرشعية والعقائدية والتأريية وغرها.• إلقاء الدروس الدينية واملحارضات عرب اإلذاعة يف أيام اجلمع ملدة سـاعة خالل

شهر رمضان املبارك وشوال املكرم.• إقامـة املجالـس يف املناسـبات الدينية، كمجالس ذكرى عاشـوراء، يف مسـجد

اإلمام احلسني )صلوات اهلل عليه( املركزي ويف مجيع فروع املؤسسة.• إرسال املبلغني املحليني، بشكل دائم ومؤقت، إىل املساجد.• جـولت تفقديـة وثقافيـة وتبليغيـة، شـملت مجيع فـروع املؤسسـة، وعدد من

روابطنا يف العديد من املحافظات، كان منها: حمافظة بوسيا، وبغري، وإيغانغا، .(Luwuuka( ولووكا

• اللقاء بالعديد من املسـؤولني احلكومني الرسـميني السياسـيني، ومنهم: رئيس حمافظة بغري، ورئيس املدينة، واملتحدث باسم املحافظة.

• لقاءات عديدة مع الشخصيات الثقافية والجتامعية الفاعلة يف أخوغندا.• إقامـة مـآدب إفطارية يف يوم عيد الفطر يف مسـجد اإلمام احلسـني )صلوات اهلل

عليه( املركزي.• مجـع وإيصال املسـاعدات إىل املسـاجد إلقامة مـآدب إفطارية يف شـهر رمضان

املبـارك، وتـم إقامـة ذلك يوميا يف مسـجد اإلمام احلسـني )صلـوات اهلل عليه( املركزي، وملدة أخسبوع يف باقي الفروع التابعة لنا بالتعاون مع جلنة سيد الشهداء

)صلوات اهلل عليه( وأهل اخلر.• تقديـم وجبات إفطار للمبلغني وأسـاتذة مدرسـة اإلمام احلسـني )صلوات اهلل

عليه(.• تقديم مساعدات مادية لبعض املسلمني املحتاجني.

276



276276



276276



276276



276


276276



276276



276


276


276276



276276



276


276


276


276276



276276



276


276


276


276276276



276276



276


276


276


276


276


276276



276276



276


276


276


276


276


276


276276



276276



276


276


276


276


276


276


276


276276



276276



276


276


276


276


276


276


276


276


276276



276276



276


276


276


276


276


276


276


276


276


276276


• إيصال الذبائح والكفارات ألصحاهبا.• توزيـع اللحـوم عـىل املسـلمني يف مسـجد اإلمام احلسـني )صلـوات اهلل عليه(

املركزي.• إقامة احتفال عظيم بمناسبة تقديم الشكر لختتام فعاليات شهر رمضان املبارك،

وتقدير املشـاركني املتفوقني، وكان ذلك يف شـهر شـوال بحضور مجع غفر من أتبـاع أهـل البيـت )صلـوات اهلل عليهم(، ومـن العامـة من خمتلـف حمافظات أخوغندا، والشـخصيات الرسـمية واحلكوميـة والدينية والجتامعيـة، كان منهم رئيـس حمافظة بغري، ورئيـس املدينة، واملتحدث باسـم املحافظة، واملسـؤول األمنـي يف حمافظـات رشق أخوغنـدا، واملشـاركني يف الـدورات، وبعض طالب املـدارس واملعاهد العليا واجلامعات يف البلد، ومجع من اإلعالميني والصحفيني

ومراسي اإلذاعة والتلفاز.• جولة تفقدية ودية عىل مسـتوى رشق إفريقيا، شملت دولة كينيا وتانزانيا، كان

منها: حوزة السـيدة زينب )سـالم اهلل عليها(، ومع املعلمـني واملبلغني املحليني ملركز ويل العرص# بدار السالم بتنزانيا، وبمشايخ جلنتي سيد الشهداء وأهل

البيت )صلوات اهلل عليهم( يف مدينة عروشا. القسم الثاين: إنجازات ثقافية وإنسانية واجتامعية، كان منها:

أول: تشييد العديد من املساجد يف العديد من املحافظات واملناطق والقرى املحرومة، بمساعدة ومساندة جهات اإلحسان وأهل اخلر، خصوصا املحسنني واخلرين من دولة الكويت، بإرشاف جلنتي سـيد الشـهداء وأهل البيت )صلـوات اهلل عليهم(، وبمبارشة

مؤسسة اإلمام احلسني )صلوات اهلل عليه( اإلسالمية، ومنها: • مسجد اإلمام احلسني )صلوات اهلل عليه( املركزي يف حمافظة بغري.• مسجد الرسول املصطفى‘ يف منطقة اسغروا حمافظة بغري.• مسجد أمر املؤمنني أبو احلسنني )صلوات اهلل عليهم( يف منطقة بوكوبانري.

277

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

• مسـجد السـيدة فاطمة الزهراء )صلوات اهلل عليها( يف منطقة نوانزوا بمحافظة إيغانغا.

• مسجد أمر املؤمنني )صلوات اهلل عليه( يف منطقة موغىل بمحافظة إيغانغا.• مسجد اإلمام حممد الباقر )صلوات اهلل عليه( يف منطقة أنسوز إبري.• مسجد اإلمام صاحب العرص والزمان# يف منطقة بيومبي بمحافظة بونسيا.

ثانيا: املدارس واحلوزات: يف الوقت احلارض لدينا مدرسـة اإلمام احلسـني)صلوات اهلل عليـه( الدينية األكاديمية، يف سـبعة فصـول، ويدرس الطالب والطالبـة فيها العلوم الدينية: كالفقه، والعقيدة، واألخالق، واآلداب اإلسـالمية، والتأريخ، والسرة النبوية، وسـرة أهل البيت األطهار )صلوات اهلل عليهم(، والتفسر، وقراءة القرآن واألحاديث

النبوية، وغرها، إضافة إىل العلوم العرصية األكاديمية.ثالثـا: املكتبة: املكتبة هي باسـم مكتبة اإلمام احلسـني )صلـوات اهلل عليه(، وحتتوي عىل العديد من الكتب التعليمية والثقافية املتنوعة، بلغات خمتلفة، كالعربية، والفارسية، واإلنجليزية، والسـواحيلية، واملحلية، حيث يسـتفيد منها الطالب، واألخسـتاذ، واملبلغ،

والباحث، واملحقق، وغرهم. رابعا: العمل يف جمال توفر املياه الصاحلة للرشب، يف مسجد اإلمام احلسني)صلوات

اهلل عليه(، ويف باقي املساجد.خامسـا: العمـل يف جمال مسـاعدة طلبة املـدارس واألسـاتذة واملبلغـني املحليني بام

يمكن.سادسا: العمل يف جمال حاية األيتام والهتامم بوضعهم املعايش، ومنها: توزيع األلبسة واملفروشـات واألغطية وغرها، باألخص لأليتام بمدرسـة اإلمام احلسني)صلوات اهلل

عليه( يف بغري، بمسامهة أحد املؤمنني، وذلك يف شهر حمرم احلرام )))4)( للهجرة.سابعا: القرض احلسن، تم افتتاح مكتب إعطاء القرض احلسن باسم اإلمام احلسني )صلوات اهلل عليه(، وذلك لتحسـني وضع األسـاتذة واملبلغـني املحليني، واملقبلني عىل

278



278278



278278



278278



278


278278



278278



278


278


278278



278278



278


278


278


278278



278278



278


278


278


278278278



278278



278


278


278


278


278


278278



278278



278


278


278


278


278


278


278278



278278



278


278


278


278


278


278


278


278278



278278



278


278


278


278


278


278


278


278


278278



278278



278


278


278


278


278


278


278


278


278


278278


الزواج، واملسلمني اجلدد، واملرىض، وغرهم من أصحاب احلاجة.ثامنا: املقربة: تم رشاء قطعة من األرض بقرب مركز مؤسسة اإلمام احلسني)صلوات

اهلل عليه(، وختصيصها كمقربة«)1).

دور اجلالية اللبنانية يف نشر مذهب أهل البيت^ يف السنغال خال الربع األخري للقرن املايض بدأت أعداد من السنغالين تعتنق مذهب أهل البيت^، علام بأن مجيع مس�لمي السنغال يكنون احرتاما شديدا ألهل البيت^، ويتلون يف مواليدهم األش�عار العربية يف مديح الرس�ول‘ وأهل البيت^، ومن تقاليدهم االحرتام الش�ديد لألرشاف السادة، وقد بلغ أتباع مذهب أهل البيت^ بضع�ة آالف، يضاف إليه�م حوايل )25000( لبناين عىل املذهب نفس�ه، يقيمون يف

السنغال منذ عرشات السنن. يق�ول الش�يخ عبد املنع�م الزين املقي�م يف دكار يف ه�ذا الصدد: »لقـد حتققت من جدت بني قوم تتملكهم عاطفة جياشـة تاه أهل البيت^، وإن كانت مغمورة أنني وخبتلك العادات اجلافة والتقاليد الظاملة، إل أن جهلهم بذلك قد يغفر هلم كثرا من آثارها وآثامهـا، وعرفـت أن انتصـار تلك العاطفة عىل هـذه العادات أمر يف متنـاول اليد، نعم حيتـاج ذلـك إىل جهود وتوعية وتربية... ومن تلك العـادات اخلاطئة أن البعض يقيمون األفـراح يف أيام عاشـوراء، ويوم العـارش عندهم هو عيد النرص ومجع الشـمل... وبعد التحقـق مـن واقـع األفارقـة وجـدت أهنم يقومـون هبـذه العـادات دون أدنـى علم أو تل معرفة بأسـباهبا وماهيتها، وعندما تقول ألحدهم: كيف تفرح بيوم عاشـوراء وفيه قخاحلسني× ابن بنت رسول اهلل‘؟! يرتعد خوفا ويرفع يديه قائال: أستغفر اهلل... ولئن كان التأسف يأكل من أعصاب الذين يعرفون احلقيقة، فلقد فتحت صدورهم وعقوهلم

للنور اجلديد«.

أوغندا: يف اإلسامية احلسن× اإلمام مؤسسة نشاطات من األعظم، الرسول مؤسسة انظر: (1( .www.alrsool.org

279

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

وكان للجالية اللبنانية)1) الدور البارز يف نرش مذهب أهل البيت^ يف السنغال، فق�د كان الوض�ع الديني ل�دى اجلالية مرتديا للغاي�ة، حيث مل يكن هن�اك من يرعى شؤوهنا الدينية سوى بعض األفراد الذين مل يؤتوا حظا كافيا من العلم، كام أن املظاهر والشعائر العامة كالصلوات يف املساجد كانت حمظورة عىل أبناء اجلالية أيام االستعامر الفرنيس، هبدف عدم اختاطهم مع املواطنن األصلين، حتى أن السلطات الفرنسية

طردت من السنغال أحد اللبنانين؛ ألنه صىل اجلمعة يف أحد املساجد! واحلجاب لدى النساء كان شبه معدوم، ما عدا عدد من السيدات كبريات السن، أم�ا معرفة األحكام الرشعية � إذا ما اس�تثنينا بضعة أفراد � فإننا نس�تطيع القول: إن أكثرية اجلالية كانت عىل جهل هبا، فلم يكن لدهيم مسجد أو مكان مناسب جيتمعون فيه إلقامة النش�اطات، والشعائر الدينية واالجتامعية األخرى يف شهر رمضان وأيام عاش�وراء وغريه�ا، حت�ى أهنم كان�وا جيتمعون يف جمال�س تأبن املتوف�ن إما يف قاعة تس�تأجر من الرهبنة الفرنس�ية، أو يف إحدى قاعات الس�ينام يف دكار، وكانت جمالس عاش�وراء تق�ام يف من�زل أحد املؤمنن، فيحرض عنده حتت ش�جرة ق�رب منزله عدد يرتاوح بن )20 و30( ش�خصا، وكان هذا األخ املؤمن قد بدأ بإقامة تلك املجالس

منذ مطلع الثاثينيات. ك�ام كان�ت اجلالية تعاين حالة تفكك اجتامعي مبنية عىل تكتل العائات بحس�ب انتامئه�ا الق�روي يف لبنان، ف�كان أبناء كل قرية ال خيتلطون بأبن�اء القرى األخرى إال نادرا، حتى الزواج فيام بينهم كان قليا. يف الواقع كانت هذه أوضاع اجلالية اللبنانية،

خصوصا األكثرية املنتمية إىل مذهب أهل البيت^.

يف اللبناين الوجود عاشور، حممد مهدي، انظر: إفريقيا، يف اللبنانية اجلالية واقع حول للتفصيل (1(إفريقيا: قضايا املايض والواقع وآفاق املستقبل، جملة الدراسات اإلفريقية، مركز البحوث والدراسات

اإلفريقية، جامعة إفريقيا العاملية: العدد 36، ص1 � 35.. iua.edu.sd/shariea/iua_magazine/african_studies/36.htm

280



280280



280280



280280



280


280280



280280



280


280


280280



280280



280


280


280


280280



280280



280


280


280


280280280



280280



280


280


280


280


280


280280



280280



280


280


280


280


280


280


280280



280280



280


280


280


280


280


280


280


280280



280280



280


280


280


280


280


280


280


280


280280



280280



280


280


280


280


280


280


280


280


280


280280


وعندما زار العامة املغيب السيد موسى الصدر � قبل أن يصبح رئيسا للمجلس اإلس�امي الش�يعي األع�ىل يف لبنان � دول�ة الس�نغال، ليتعرف عىل أوض�اع اجلالية اللبناني�ة فيها، وليتصل باملس�ؤولن وأبناء الش�عب الس�نغايل طلب أبن�اء اجلالية منه عامل�ا دينيا كفوءا يرعى ش�ؤوهنم، فتم اختي�ار العامل اللبناين الذي كان يتابع دراس�ته اإلس�امية العليا يف النجف األرشف، وهو فضيلة الش�يخ عبد املنعم الزين، ليكون أول ع�امل لبناين مقي�م يف أفريقيا الغربية يقوم بوظيفة التبليغ واإلرش�اد ألبناء اجلالية

وإلخواهنم من األفارقة املسلمن.ويعترب الش�يخ عبد املنعم املؤس�س لعدد من املش�اريع والنش�اطات احليوية التي كان�ت تفتقدها اجلالية والس�نغال عموما، ويف هذا الصدد بن الش�يخ بداية عمله يف مت إىل هـذه البالد الطيبة بناء عـىل تكليف رشعي من الس�نغال، باختص�ار قائا: »قدماملرجع األعىل الراحل اإلمام السـيد حمسن احلكيمبعد تشاور معه، ومبادرة كريمة مسـؤولة من أخسـتاذي سـامحة العالمة املغيب السـيد موسـى الصدر )أعاده اهلل(، الذي توىل أيضا ترتيب أجواء قدومي بالتنسـيق مع بعض وجوه اجلالية، وكان ذلك يف شـهر آب سـنة )969)م(، وقـد خصصت الفـرتة األخوىل التي امتدت نحو سـنة للتعرف عىل أبنـاء اجلاليـة، ورصد أوضاعهم ومشـاكلهم، باإلضافة إىل مهمتي اإلرشـادية التبليغية األساسـية.. وكانت تسـود اجلالية آنذاك ـ باإلضافة إىل قلة املعرفـة باألحكام الرشعية،

وضعف اللتزام عموما، ما عدا القلة ـ ظاهرتان:وىل: إمهال اللغة العربية نتيجة انصهار أبناء اجلالية يف املجتمع املحي. األخ

الثانية: فقر مدقع لدى عرشات العائالت. فكان ل بد من تأسـيس مجعية حتاول القضاء عىل هاتني املشكلتني األساسيتني، وهنا بدأت فرتة متاعب يل مع بعض املتصدرين يف اجلالية، الذين عارضوا فكرة إنشـاء مجعية جديـدة، بدافـع أن اجلمعيـات السـابقة ـ التي كان التنـازع عىل زعامتها مـا زال قائام ـ قـد فشـلت يف حتقيق أهدافها، وأن الناس قد ملوا دفـع املال ملثل هذه اجلمعيات، وهناك

281

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

خـوف من أن يكون مصر هذه اجلمعية كسـابقاهتا، وبام أنني كنت مقتنعا بالفكرة، فقد استطعت تنيد عدد قليل من املؤيدين هلا يف البداية رغم العراقيل...

وهكذا أخنشـئت اجلمعية باسم )املؤسسة اإلسـالمية الجتامعية(، وكانت البداية عام ستأجر، حتول إىل مسجد للصالة وإلحياء املناسبات )970)م(، من خالل منزل صغر مخاإلسـالمية، وإىل مدرسة لتعليم عدد من الشـبان اللغة العربية والفقه والتفسر والتاريخ اإلسـالمي، كـام كان يتـم ذلك أيضـا يف بعـض البيوت، ثـم توفقنا لحقا لـرشاء قطعة أرض يف أرقى أحياء دكار، أنشـأنا عليها مقر اجلمعية الرئييس، الذي بدأ العمل به سـنة )974)م(، وانتهى سـنة )977)م(، ولكن تم افتتاحه بشـكل رسـمي عام ))98)م( باحتفـال كبر، وذلك بحضور رئيس اجلمهورية، وعدد مـن الوزراء، ورئيس املجلس النيايب والنواب، وكبار املسؤولني، وتسعة وستني سفرا ورئيس بعثة دبلوماسية، وعدد كبر من ممثي املنظامت اإلسالمية، ووفد من املجلس اإلسالمي الشيعي األعىل يف لبنان، باإلضافـة إىل رؤسـاء الطوائف السـنغالية الصوفيـة، وأبناء اجلالية، ومجهور واسـع من

الشعب السنغايل، ووفود من اجلاليات اللبنانية يف البلدان املجاورة.لقـد كان يوما مشـهودا، أخقفلت فيه املحـالت التجارية، وازدانت الشـوارع املحيطة بالزينة، كـام أخلقيت اخلطب من قبل رئيس اجلمهورية، واخلليفة العام للطائفة التيجانية، ومن قبل بعض العلامء، ومني شخصيا، كان هلذا الحتفالـ الذي جاء انعكاسا للجهود التي قامت هبا املؤسسـة ـ صدى طيب لدى اجلالية اللبنانية، وكانت قاعدة املؤسسـة قد توسعت فأصبحت هيئتها العامة تضم )400( عضو مساهم، يمثلون مع اهليئة اإلدارية

خمتلف طبقات اجلالية.وخالل السنوات اخلمس األخوىل تم أيضا إنشاء وتفعيل مجعية اهلدى اخلرية النسائية، التي عكفت عىل تدريس اللغة العربية والعلوم اإلسالمية للفتيات والنساء، كام ختصصت بمسـاعدة الفقراء، وكان هلا نشـاطات واسعة مشرتكة مع اجلمعيات النسائية السنغالية، وأصبح هلا اسـم مشـهور يف العمل اخلري، بام تقدمه من مساعدات شهرية للمعوزين، وتبني استشـفائهم يف الداخل واخلارج، وكذلك تغطية سـفر من يرغب يف العودة منهم

282



282282



282282



282282



282


282282



282282



282


282


282282



282282



282


282


282


282282



282282



282


282


282


282282282



282282



282


282


282


282


282


282282



282282



282


282


282


282


282


282


282282



282282



282


282


282


282


282


282


282


282282



282282



282


282


282


282


282


282


282


282


282282



282282



282


282


282


282


282


282


282


282


282


282282


هنائيـا إىل موطنـه... وذلـك باإلضافة إىل القيام بـدورات تعليم اخلياطـة والتدبر املنزيل للنساء«.

وق�د أثمرت جهود هذه املؤسس�ة الناش�طة طيلة أربعة وعرشي�ن عاما عددا من املش�اريع الثقافي�ة واالجتامعية والصحية، ومب�اين عدة تنطلق من خاهلا أنش�طتها، وذلك يف العاصمة دكار، ويف أنحاء أخرى من الباد، وكان املبنى الرئيس للمؤسسة

يتألف من مخسة طوابق: الطابق األول: عبارة عن قاعة لاحتفاالت مسامة باسم نادي الرسول‘، وهي تتسع ل�)400( شخص، ويمكن مع الباحة األمامية أن تستوعب )1000( شخص.، مع جناح الطابـق الثـاين: هو مس�جد اإلمام عيل×، ويتس�ع ل��)400( مص�ل

خاص للنساء.الطابـق الثالـث: هو مركز مجعية اهلدى النس�ائية وأنش�طتها، كام توج�د فيه قاعة

املكتبة العامة.الطابق الرابع: هو مركز رئاس�ة املؤسسة، حيث تقام مجيع اللقاءات واملعامات، خاصة املس�ائل املتعلقة باألحوال الشخصية، من الزواج، والطاق، واإلرث، وغري ذلك، والش�يخ الزين هو املعتمد يف هذه املس�ائل من قبل املحاكم الرشعية يف لبنان، وم�ن الدول�ة اللبناني�ة، عرب س�فارهتا يف دكار، كام توج�د يف هذا الطابق قاعة تتس�ع

ل�)150( شخصا، تعطى فيها الدروس الدينية الليلية. الطابق اخلامس: هو مسكن رئيس املؤسسة.

ك�ام أن هنال�ك مبن�ى يت�وي ع�ىل مطبع�ة متص�ة بطباعة منش�ورات املؤسس�ة ومدارسها، إضافة إىل املستوصف اإلسامي اخلريي.

أم�ا املبنـى الثالـث: فيض�م مدرس�ة ديني�ة باس�م مدرس�ة الس�بطن÷ لتعليم الدراسات اإلسامية باللغة العربية، وهو مكون من طابقن بمساحة )400م2( لكل منهام، ويتبعه ثاثة مبان مس�تأجرة، وهنالك مس�جد احلاج إبراهيم درويش، الذي هو بعهدة املؤسس�ة، ويتس�ع أللف ش�خص، ثم مس�جد اإلمام زي�ن العابدين×،

283

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

وهو قيد اإلنشاء، ويضم أيضا طابقا للدراسات اإلسامية، ثم املبنى السادس الذي هو عبارة عن عامرة مؤلفة من مخس طوابق مصصة لاس�تثامر، وسينش�أ فيها معهد

خاص لتعليم اللغة العربية، يف حن كان املبنى السابع يضم كلية الزهراء’)1). يدثنا الشيخ الزين باختصار عن أبرز النشاطات التي تقام يف فروع املؤسسة، ثم

عن إنجازاهتا يف املناطق، فيقول: »نبدأ أول من املركز الرئييس:يى املناسـبات الدينية، مثل ليايل شـهر رمضان املبارك، أـ نادي الرسـول‘: وفيه حتخوليايل عاشـوراء التي تقام جمالسـها يف النهار أيضا للنساء، كام جيري فيه إحياء مناسبات عيـد املولـد النبـوي الرشيـف، وولدات ووفيـات األئمـة األطهـار^، باإلضافة إىل

املناسبات اخلاصة كذكريات الوفيات.ب ـ مسـجد اإلمـام عي×: وتخقام فيـه صالة اجلامعة واجلمعـة، وحيرض الصالة فيه

حوايل )00)( من أبناء اجلالية واإلخوة السنغاليني من النساء والرجال. ج ـ مجعية اهلدى: سبق احلديث عنها.

دـ املكتبـة العامـة: وحتتـوي عىل جمموعـة كبرة من الكتـب الدينيـة والثقافية، وتتم املطالعـة فيهـا ضمن القاعة املخصصة، أو من خالل نظام السـتعارة، كام يتم من خالل املكتبـة توزيع آلف املصاحف والكتب الفكرية اإلسـالمية عىل املسـاجد واملؤسسـات

واملدارس الدينية السنغالية. هــ ـ الـدروس املنظمـة يف التفسـر والفقـه والعقيدة، وتخعطـى يف قاعة السـتقبال،

والدروس للرجال ليال، وللنساء عرصا، وذلك حسب برنامج موضوع ومقرر.وـ املستوصف اإلسالمي: وقد افتختح عام )980)م( برعاية وزير الصحة، ويعمل فيه طبيب دائم، وطبيبة نسـائية، وممرضة، كام يداوم فيه بعض األطباء األخصائيني، وحيول املستوصف عند الرضورة املرىض إىل العيادات واملستشفيات مع توصية ملعاجلتهم جمانا،

)1) انظر: املنكويش، حيدر، وجه اإلسام يف أطراف القارة السمراء، موقع اإلعام الدويل، املوقع الرسمي لشعبة اإلعام يف العتبة احلسينية املقدسة: 9/ أيلول/2013م.

.http://www.imhussain.com/view771.html

284



284284



284284



284284



284


284284



284284



284


284


284284



284284



284


284


284


284284



284284



284


284


284


284284284



284284



284


284


284


284


284


284284



284284



284


284


284


284


284


284


284284



284284



284


284


284


284


284


284


284


284284



284284



284


284


284


284


284


284


284


284


284284



284284



284


284


284


284


284


284


284


284


284


284284


كـام يقدم األدوية جمانا حسـب توفرها، وكذلـك التحاليل الطبية تخؤمـن جمانا عن طريق خمترب جامعة دكار، أو بعض املختربات اللبنانية... وقد عالج هذا املستوصف حتى اآلن

حوايل )80)( ألف مريض بمعدل يومي مقداره )60( مريضا. زـ مســـجد احلـــاج إبراهيـم درويـــش: وقـد تـربع ببنائـه أولده عـــن روح ملذهـب طبقـا الصـالة فيـه تخقـام اإلفريقيـة القـارة يف مسـجد أول وهـو والدهـم، أهـل البيـت^، ويـؤم املصلـني فيـه عـال سـنغايل هـو األخ الشـيخ إبراهيـم تشـام، ويزيـد عـدد املصلـني فيـه ويف باحتـه أثنـاء صـالة اجلمعـة عـن ثالثـة آلف شـخص.وباإلضافة إىل كلية الزهراء، فإن املؤسسـة أنشـأت العديد من الفروع واملنشـآت يف

أنحاء عدة من السنغال... ومن ذلك: ـ حسـينية يف مدينـة كاولخ التـي تبعد ))9) كـم( عن العاصمة، حيـث يبلغ عدد أفراد اجلالية اللبنانية فيها نحو ألف شـخص، ويف احلسـينية تتمع اجلالية يف املناسـبات،

كام تري سهرات وحمارضات دينية. ـ مدرسة دينية باسم الرسول األعظم‘ يف مدينة زيغنشور، التي تبعد )))4كم(،

وتتبع هلا ثالث مدارس مستأجرة. ـ مسجد وبجانبه مدرسة دينية يف قرية كولن )70 كم( عن زيغنشور.

ـ مدرسـة دينية باسـم حوزة اإلمام املهدي# يف مدينة كولدا، ويتبع املدرسة قطعة أرض خارج املدينة مساحتها )0/000) م)( سيقام عليها معهد زراعي.

ـ مدرسة دينية يف قرية يروفول عىل بخعد)40كم( من كولدا.ـ مدرسـة إسـالمية يف مدينة نجوم يف الشامل ))))كم( عن دكار، باسم مدرسة أيب

ذر الغفاري، كام تم فيها حفر بئر ماء يرشب منه أهايل املدينة.ـ حفر بئر ماء يرشب منه األهايل يف مدينة حلوار، عىل بعد )00)كم( من نجوم«)1).

اإلسام نور جملة الصعوبات(، رغم لتعزيزه ونشاط عريق )إسامها السنغال جهاد، يوسف، (1(http://www.alhassanain. :اإللكرتونية، شبكة اإلمامن احلسنن÷ للرتاث والفكر اإلسامي

.com/arabic/magazin/noor_al_islam/49-50/16.html

285

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

العزاء احلسين يف جنوب إفريقيا كام هو حال دين اإلس�ام دخل التش�يع جنوب إفريقيا، واستنارت ربوعها بنور والي�ة آل البيت النب�وي املحمدي^، وذلك م�ع اهلجرات العربية واآلس�يوية إىل هن�اك، فانترش مذهب التش�يع، وب�دأ بالنمو والزي�ادة، حيث يبلغ عدد الش�يعة فيها اآلن ع�رشات اآلالف، وه�م ينت�رشون يف العاصمة جوهانس�ربغ، ومدين�ة دربان، وهلم وجود يف مدن أخرى، وينتظم املس�لمون من شيعة آل البيت^ خال شهري املحرم وصفر يف أداء واجبات العزاء احلس�يني، بدءا من حمارضات ومواعظ اخلطباء احلسينين، إىل قراءة املقتل احلسيني يف عاشوراء احلسن×، والبكاء واللطم، وذلك

يف احلسينيات التي بنيت حديثا.مل يكتف ش�يعة آل البيت^ يف جنوب إفريقيا بمامرساهتم الشعائرية الدينية، بل شاركوا بقية أبناء وطنهم يف جنوب إفريقيا يف التصدي لنظام الفصل العنرصي الذي حكم جنوب إفريقيا فرتة طويلة، مما كلفهم املئات من الشهداء واجلرحى، متأثرين يف

ذلك باملنهج الفكري والعقائدي للعرتة املباركة^.ومم�ا قام به ش�يعة جن�وب إفريقيا من نش�اط ديني وعقائدي، إنش�اء مؤسس�ات أقاموه�ا خصيص�ا لذلك، وهي مركز إش�عاع واس�تقطاب ملن يطلع ع�ىل مبادئ آل حممد‘، إذ يوجد يف جنوب إفريقيا )12( مسجدا للشيعة، إضافة إىل )8( حسينيات تقام فيها متلف مناس�بات األفراح واألحزان املتعلقة بأهل البيت النبوي^، ومن

املؤسسات الشيعية هناك: • مرك�ز أه�ل البيت^/كيب تاون/العاصمة: ومديره املس�ؤول هو الس�يد

آفت�اب حي�در، وينش�ط املرك�ز يف إقام�ة ص�اة اجلمع�ة واجلامع�ة، وإحياء مناسبات آل بيت النبوة^.

• مؤسس�ة أه�ل البي�ت^ يف إفريقي�ا اجلنوبي�ة: وه�ي يف كيب ت�اون أيضا،

286



286286



286286



286286



286


286286



286286



286


286


286286



286286



286


286


286


286286



286286



286


286


286


286286286



286286



286


286


286


286


286


286286



286286



286


286


286


286


286


286


286286



286286



286


286


286


286


286


286


286


286286



286286



286


286


286


286


286


286


286


286


286286



286286



286


286


286


286


286


286


286


286


286


286286


ومديرهتا مريم نوسا. • مركز اجلهاد/كيب تاون/العاصمة: مسؤوله يوسف حممد.• مركز أهل البيت^ اإلسامي من فيلبي/كيب تاون: مديره عيسى. • حس�ينية أبو الفض�ل العباس×/غوتن�غ � بريتوريا/جن�وب رشق الباد:

مسؤوهلا الشيخ أمحد قاسم.

• مركز القائم×/غوتنغ � بريتوريا: مسؤوله جعفر شاه. • املصطفى )سوا(، مسجد ومركز إسامي/ غوتنغ � سربنجس: املدير الشيخ

عبد الواحد منري. • مركز العلم اإلس�امي)بابول(/غوتنغ � جوهانس�ربغ/ شامل رشق الباد:

مديره املسؤول السيد خرام املهدي.

• قرص الزهراء/غوتنغ � جوهانسربغ: مديره حسن بوت. • املركز اإلسامي ألفريقيا/غوتنغ � جوهانسربغ: املسؤول السيد رضائي. • اإلم�ام الصادق× املركز اإلس�امي/غوتنغ � ناجيل/جنوب رشق الباد:

املدير عبد الرمحن ماهانغو.

• مجاعة أهل البيت^ املس�امة )kwa odabela)، ش�امل غرب مبوماالنجا: املدير الشيخ مسعود عيل.

• مس�جد اإلمام احلس�ن×، مدرس�ة ديني�ة ومرك�ز ثقايف/كوازول�و ناتال � ديربان/جنوب رشق الباد: بإدارة الشيخ جابر شاندو.

• املدرسة اجلعفرية اإلسامية/كوازولو ناتال � ديربان: املسؤول عنها: راشد.• مرك�ز اإلمام الباقر× اإلس�امي/كيب الرشقية � مين�اء إليزابيث/جنوب

الباد: املدير املسؤول الشيخ أمحد.• املركز اإلسامي لإلمام موسى الكاظم×/كرونستاد � فري ستيت/وسط

287

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

الباد: بإدارة الشيخ عبد اهلل)1). عد النظام الجتامعي واملدين احلديث من النظم التي يكسـب من خالهلا املواطنون »يخالكثر من حقوقهم، خصوصا يف البلدان التي خرجت من طائلة الستعامر أو الستعباد، ومتارس نموذجا من نامذج التحرر والنفتاح الديمقراطي، الذي هييئ للمواطنني فرصة املامرسـات الجتامعيـة والفكريـة والعقائدية بحرية ل بـأس هبا، من هنـا طالب ممثلون عـن شـيعة جنوب إفريقيـا ـ يف لقاء مجعهـم مع رئيـس اجلمهورية ـ بأن يتـم العرتاف الرسـمي بمذهب أهل البيت^ يف هذا البلد، وقـد نقلت بعض التقارير لوكالة )أهل البيت^ انبا(: أن اللقاء هذا مع رئيس اجلمهورية تم يف الكنيسة اإلنجليكانية يف كيب تـاون، وشـارك فيه نحو من مائـة زعيم ديني من خمتلف األديان، فضال عن شـخصيات اجتامعيـة ودينية وصحفية، واسـتخثني من اللقاء هذا اليهود الذين امتنعوا عن املشـاركة؛ بسـبب كـون انعقاده يوم السـبت، وقد أكد رئيـس اجلمهورية عىل أمهيـة رجال الدين، ودورهم يف ترسـيخ السـتقرار واألمن، مطالبـا إياهم بالتواصل خلدمـة الصالح العام، ومـن أبرز من شـارك يف هذا اللقاء السـيد )آفتاب حيدر رضوي( رئيس مؤسسـة أهل البيـت^ يف جنوب إفريقيا، وقدم تقريرا عن الشـيعة وأوضاعهـم يف هذا البلد، وقال السـيد الرضـوي: بعد بزوغ فجـر احلرية يف مجهوريـة جنوب إفريقيا، كان الشـيعة دائام حيافظـون عـىل القانون، وقد بذلوا جهودا مضنية يف سـبيل حتقق احلرية والديمقراطية يف هذا البلد، لذا يطالب الشـيعة بأن يتم العرتاف هبم رسـميا، وأن يمثلهم نائب يف اهليئة الدينيـة يف البلد، وأضـاف قائال: بالرغم مـن اجلهود التي تبذهلا العديد من املؤسسـات التابعـة ملذهـب أهل البيت^ يف هـذا البلد، إل أهنـا ل تفلح يف احلصـول عىل عضوية

ملذهب أهل البيت^ يف هيئة احلج والعمرة يف جنوب إفريقيا.

)1) انظر: صحيفة صدى املهدي اإللكرتونية، مركز الدراسات التخصصية يف اإلمام املهدي#، النجف األرشف، العدد 57، السنة اخلامسة، )صفر 1435ه� � كانون األول 2013م(: ص5.

.www.m-mahdi.net/sada-almahdi/pdf/add57.pdf

288



288288



288288



288288



288


288288



288288



288


288


288288



288288



288


288


288


288288



288288



288


288


288


288288288



288288



288


288


288


288


288


288288



288288



288


288


288


288


288


288


288288



288288



288


288


288


288


288


288


288


288288



288288



288


288


288


288


288


288


288


288


288288



288288



288


288


288


288


288


288


288


288


288


288288


ولشـيعة إفريقيا نشـاطات كثرة وكبرة نلحظهـا من خالل مؤسسـاهتم التي ترعى هـذه النشـاطات، فهناك الكثر مـن الحتفاليات التـي تقيمها مؤسسـة أهل البيت^ يف املناسـبات اإلسـالمية، كمولد النبي‘، ومولد اإلمام احلسني×، وذكرى النصف من شـعبان، وعيد الغدير، وغرها، كام أن هلا نشـاطات واسـعة جدا يف وفيات الرسول األكـرم‘ واألئمة^، سـيام ذكرى فاجعـة الطف وواقعة كربـالء، وقد قامت بعض الشخصيات العراقية ـ كالسفر العراقي ـ هناك بزيارة هذه املؤسسات؛ لتالقح األفكار وحتاور األديان، وقد أخقيمت هبذا الصدد عدة ندوات من خالل اجلولت التي أخقيمت يف مسـاجد مدينة كيب تاون، فضال عن بعض الزيارات ملدارس األطفال التابعة ملؤسسـة أهل البيت^، وكان حلضور شـخصيات دينية مسـيحية وإسـالمية أخخرى األثر البالغ يف تسـيد حالة التعايش السـلمي والتالقح الفكري املوزون، الذي يتسـم به شيعة أهل البيت^ وأتباعهم، هذا، وقد عقدت جمموعة من اللقاءات يف مسجدي القدس وزينة

اإلسالم يف مدينة كيب تاون لنفس الغرض...إن حركـة التشـيع يف هذا البلد سـائرة باطـراد، وبخطى ثابتة حمسـوبة، وذلك بجهد املرشفني عىل هذا األمر هناك، ولكن هذا النشـاط وهذا املسـر حيتاج وبشـدة إىل الكثر من املتطلبات، ومنها الكتب التخصصية واملبلغني ـ خاصة إذا ما عرفنا أن اللغة السائدة يف هذا البلد هي اإلنجليزية ـ وهذا يتطلب جهدا استثنائيا، يتحمل مسؤوليته املتصدون مور اجلسـام، وعىل رأس أخولئك بطبيعة احلال احلوزة الرشيفة واملؤسسـات ملثل هذه األخالسـائرة عـىل هنجها الرشيـف، وكل ذلك وجله مـن أجل نرش نـور آل النبي اخلاتم‘ وخره إىل العاملني مجيعا، ومنه ويف سـبيله زاد نامء وأعداد متبعي مذهب أهل البيت^ ممن سيمهدون لنتصار املسرة اإلهلية إلظهار دين الرحن عىل الدين كله، وعىل يد خاتم

العرتة اإلمام املهدي احلجة بن احلسن#«)1).


289

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

مركز اهلادي للثقافة واإلرشاد اإلسالمي ودوره يف نشر الفكر احملمدي يف دولة بينني القارة غرب )بينن( دولة يف )كوتونو( بمدينة )2000م( عام يف املركز تأسس

اإلفريقية.

أهداف املركز• تأصي�ل اهلوية اإلس�امية فكريا وثقافي�ا بتجليات وجهها النقي املس�تند إىل

القرآن الكريم وتعاليم أئمة أهل البيت^.• نرش الثقافة اإلسامية ومعارفها وأخاقها عىل ضوء مدرسة أهل البيت^.• تربي�ة اجلي�ل املس�لم ع�ىل األخ�اق اإلس�امية الفاضل�ة، وخل�ق أج�واء

للصداق�ات الصاحل�ة والتع�ارف املنت�ج ب�ن املؤمن�ن املقيم�ن واملغرتب�ن املهاجرين عىل أساس الفضيلة واألخاق.

• التأكيد عىل قضاي�ا التقدم األخاقي واالجتامعي والثقايف وما يرتبط بذلك، وتوحيد اجلهود املبذولة عىل هذا الصعيد.

• إقام�ة املع�ارض وعق�د الندوات واملؤمت�رات العلمي�ة ذات الصل�ة املبارشة بتوسيع نطاق املعرفة اإلسامية، املؤدية إىل تقدم املستوى الثقايف واألخاقي،

وتنمية سائر اجلوانب الفكرية واالجتامعية يف املجتمع اإلسامي. • العم�ل عىل حتقي�ق املش�اريع وإقام�ة املراك�ز ذات الصلة باجلان�ب الفكري

والرتبوي واإليامين.• تأسيس مدرسة عرصية لبنانية يف كوتونو: وهي أكاديمية عص�رية تعنى � إىل

جان�ب املواد العص�رية � باملنهج الرتبوي اإلس�امي، ك�ام تعنى يف مناهجها بدراسة الدين اإلسامي واللغة العربية والعلوم القرآنية.

• تأهي�ل ورعاي�ة أس�اتذة التعلي�م الق�رآين ومبلغ�ي الدين اإلس�امي ملناطق األرياف والقرى النائية يف غرب إفريقيا.

290



290290



290290



290290



290


290290



290290



290


290


290290



290290



290


290


290


290290



290290



290


290


290


290290290



290290



290


290


290


290


290


290290



290290



290


290


290


290


290


290


290290



290290



290


290


290


290


290


290


290


290290



290290



290


290


290


290


290


290


290


290


290290


• العم�ل عىل تأس�يس فضائي�ة مرئي�ة متخصص�ة بمنظومة األخ�اق والقيم والرتبية اإليامنية.

• إع�داد برام�ج إذاعية مس�موعة أو مرئية إلش�اعة الرتبية اإلس�امية والقيم اإليامنية.

• إصدار جملة )اهلادي(: وهي جملة ش�هرية متخصصة تعنى بدراسات منظومة األخاق والقيم والرتبية اإليامنية.

• تأم�ن املنح الدراس�ية للطاب املتخصصن يف دراس�ات الرشيع�ة والعلوم اإلسامية.

• تأسيس املدارس االبتدائية والتكميلية والثانوية الدينية امللتزمة بروح القرآن، وذلك يف ق�رى ومدن املناطق اإلفريقية النائية، وبناء املس�اجد، وحفر اآلبار

ألهل تلك القرى واألرياف.

مكوهنات املركزيتكون املركز من: مسجد اإلمام عيل اهلادي×، وحسينية السيدة الزهراء’)1)،

ومس�توصف الس�يدة زين�ب’، ومكتبة اإلم�ام الصادق×، ومرسح عاش�وراء،

وقاع�ة اإلم�ام ع�يل× لاحتف�االت الدينية، وقاع�ة الن�دوات الفكري�ة والثقافية، ومكاتب املركز.

املبادئ العامهة للمركزتتمثل املبادئ العامة للمركز، بأنه:

• هيت�م اهتامم�ا بالغ�ا باجلان�ب التبليغي اخل�اص بإحي�اء مناس�بات أئمة أهل

البي�ت^، ومجي�ع العاملن يف املركز إن�ام يقومون بعمله�م تطوعا دون أي

http://www.alwasat.com.kw/news/ اإللكت�رونية. الوس��ط ص�حيفة انظ�ر: للتفص�يل (1(. templates/wassat-orange.aspx?articleid=9949&zoneid=7

291

ية ريق

إلفرة ا

لقايف ا

^ت

البيل

أهكر

رش فيف ن

ية سين

احلئر

شعار ال

أث

أج�ر مادي، ال يري�دون إال وجه اهلل تعاىل وخدمة اإلس�ام العظيم، املتمثل

بمذهب أهل البيت^.

• ين�أى املركز بنفس�ه عن التدخ�ل يف القضايا السياس�ية واالنتخابية، فاهتاممه

ينصب عىل اجلانب التبليغي واألخاقي الرتبوي، ولكادر املركز � يف الوقت

نفس�ه � احلق يف العمل الس�يايس واالنتخ�ايب، ولكن بعنواهنم الش�خيص ال

بعنوان انتامئهم للمركز.

• ال ي�امرس املركز أي نش�اط مايل خريي، فالعمل اخلريي امل�ايل وإن كان مهام

ملساعدة الفقراء واملحتاجن، إال أن هدف املركز هدف تبليغي أخاقي ثقايف

تربوي فقط.

• املرك�ز ال يف�رق بن مرجعي�ة وأخرى، وبن تيار س�يايس وآخ�ر، فاملؤمنون

كلهم إخوة، وكلنا نتعاون من أجل خدمة اإلسام.

• عىل مس�توى العمل النسائي، هيتم املركز اهتامما بالغا بتشجيع روح احلجاب

والعف�اف واحلي�اء ل�دى الفت�اة املس�لمة، وم�ن إنج�ازات املرك�ز التواصل

م�ع املرجعي�ات الدينية، وعق�د اللقاءات الدائم�ة، واملش�اركة يف املؤمترات

اإلسامية من أجل ذلك.

• افتتاح موقع رسمي خاص بمركز اهلادي وسائر متعلقاته .

• تأسيس وترخيص مجعية اإلرشاد العاملية يف لبنان، التي تعنى بإقامة األنشطة

الدينية التبليغية ذات الصلة بإحياء أمر أهل البيت^. • تأس�يس وترخي�ص مجعي�ة مرك�ز اهل�ادي للثقافة واإلرش�اد اإلس�امي يف

)كوتونو(. • االنتهاء من بناء عدة مدارس دينية، وجمموعة من املساجد، وذلك يف حمافظتي


292292



292


292


292


292


292


292


292


292


292292292


)باراكو( و)كاندي( وضواحيهام يف شامل دولة )بينن( يف غرب إفريقيا. • إص�دار جملة اهل�ادي: وهي جملة إس�امية فكرية ثقافي�ة اغرتابية متخصصة،

تعنى بدراس�ات منظومة األخاق والقيم والرتبية اإليامنية، تصدر عن مركز اهلادي للثقافة واإلرشاد اإلسامي.

• اإلرشاف عىل حسينية الزهراء’ونشاطاهتا يف )كوتونو(. • اإلرشاف عىل املدرسة اللبنانية العرصية التي أنجزها املركز يف )كوتونو(. • اإلرشاف عىل مدرس�ة أهل البيت^ يف حمافظ�ة )باراكو( يف )بينن(، وهي

مدرس�ة دينية خاصة بالشيعة األفارقة، كام يرشف املركز عىل بعض املدارس الدينية يف حمافظة )كاندي(.

• اإلرشاف ع�ىل مدرس�ة اإلم�ام عيل اهل�ادي× يف )كوتونو(، وهي مدرس�ة صغ�رية خاص�ة باألطفال األفارق�ة، تعنى بتدري�س القرآن الكري�م وتعليم

اللغة العربية. • طباعة الكتب الشيعية املهمة وترمجتها وتوزيعها. • إحي�اء املعارض وعقد الن�دوات واملؤمترات العلمي�ة والثقافية، ذات الصلة

املبارشة بتوسيع نطاق املعرفة الدينية، وقضايا األخاق والرتبية اإليامنية )1).

)1) للتفصيل انظر: مركز آل البيت العاملي للمعلومات، مركز اهلادي للثقافة واإلرشاد اإلسامي: http://www.al-shia.org/html/ara/others/index.php?mod=marakez&id=79

293

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

293

295

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

295

الشعائر املستحدثة وأدلهتها

قراءة يف كتاب )أسرار الشهادات( للفاضل الدربندي

الشيخ قيصر التميمي

يس�تعرض مق�ال التحري�ر جمموعة م�ن الش�عائر احلس�ينية املس�تحدثة، مع ذكر

أدلته�ا ال�واردة يف كتاب )أرسار الش�هادات( للدربندي. والكتاب م�ن أهم الكتب

سة يف جمال النهضة احلسينية عموما االس�تداللية االجتهادية الرائدة يف زماهنا واملؤس

والشعائر احلسينية عىل وجه اخلصوص.

واهلدف األس�اس م�ن املقال هو التعرف ع�ىل البدايات والبيئة التي نش�أت فيها

ظاهرة البحوث التحليلية واالجتهادية املرتبطة بمس�تحدثات املراس�م احلسينية قبل

ق�رن ونص�ف من الزم�ن تقريبا؛ ليتع�رف الباحث بع�د ذلك عىل حج�م الرتاكامت

االس�تنباطية واالستداللية التي رافقت مس�رية تلك املراسم إىل يومنا احلارض، وهي

تراك�امت كب�رية وخط�رية، كانت وما زال�ت حمل ج�دل يلقي بظاله ع�ىل جمتمعاتنا

احلسينية.

وق�د بدأ املقال ببيان املنهج االس�تداليل العام ال�ذي انتهجه املصنف يف كتابه، مع

إحصاء أهم ما جاء يف كتابه من تلك الشعائر اآليت ذكرها.

ث�م انتقلنا بعدها إىل عرض األدلة، فذكرنا األصل العميل األويل يف املس�ألة، وقد

اختار املصنف أن األصل يف مثل هذه األمور بش�كل عام يف حالة الش�ك هو اجلواز.

ثم قس�منا األدلة إىل عامة وخاصة، حيث يرتاوح كام املصنف فيها بن إثبات أصل

املرشوعية وبن إثبات االستحباب، وقد كانت العامة منها ثاثة:


296296



296


296


296


296


296


296


296


296


296296296


أوال: رضورة املذهب، والسرية القطعية للمعصومن واملترشعة.ثانيا: مطلوبية اجلزع عىل اإلمام احلسن×.

ثالثا: رواية رضب السيدة زينب’ رأسها بمقدم املحمل.وأما األدلة اخلاصة فقد توزعت عىل الشعائر التالية:

1� التطبري، واستدل له باخلصوص بفعل السيدة زينب’، حينام صدمت رأسها الرشيف بمقدم املحمل. واستثنى ما قد يؤدي إىل املوت أو تلف عضو من األعضاء،

وجزم بحرمته.2� الصياح ومخش الوجوه ولطم الصدور والرضب عىل الرؤوس باألكف.

3� حث�و ال�رتاب والرماد ع�ىل الرؤوس، وتطين الوجه واجلس�د، وش�ق الثياب ولبس السواد.

واس�تدل ملجموع هذه الطقوس بروايات كثرية وممارس�ات متنوعة ممضاة وقعت يف حم�رض املعصوم�ن^، يعتق�د بتواتره�ا وبلوغ مضموهن�ا حد ال�رضورة الدينية واملذهبي�ة، وه�ي بمجموعها تكش�ف عن اس�تحباب ما يق�ع يف أفقه�ا ويامثلها من املامرس�ات والطقوس. كام اس�تدل الستحباب لبس الس�واد باخلصوص بمنام وارد

يف قصة حمكية.4� الش�بيه )التمثيل(، فإنه بعد تأكيده عىل كونه من املسائل االبتائية املستحدثة، وبع�د التأس�يس ألصال�ة اجلواز في�ه، ورد بعض االس�تدالالت الضعيف�ة يف املقام، اس�تدل برواي�ة نس�بها إىل الكليني& يف الروض�ة، لكننا مل نجد حمل الش�اهد فيها إال يف كت�اب املصنف نفس�ه. ثم أيد ذل�ك بمجموعة من النصوص والش�واهد املامثلة،

مستثنيا ما قد يؤدي إىل احلرام بنظره، كتشبه الرجال بالنساء.5� رضب الطبول والعزف باآلالت املوس�يقية، وقد تبنى حرمة هذه املامرسات،

وأن األصول والقواعد الرشعية العامة دالة بمجملها عىل التحريم.

297

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

297

THE EDITORIAL THE INNOVATIVE RITUALS AND

THEIR PROOFS:

A PERUSAL OF AL-Fª®IL AL-DARBAND«’S BOOK: ASRªR AL-SHAHªDªT

Shaykh Qay¥ar al-Tam¢m¢The editorial reviews a set of innovative practices that have been

included with the rituals of commemorating Imam al-°usayn’s martyr-dom, along with the points of evidence on their legality, as quoted from al-F¡¤il al-Darband¢’s famous book: Asr¡r al-Shah¡d¡t, since this book is regarded as one of the most leading argumentative and induc-tive books of its time dealing with issues related to Imam al-°usayn’s revolutionary uprising generally and the rituals of commemorating his martyrdom particularly.

The main goal of writing this essay is to find out the outsets as well as the environments in the shade of which the phenomenon of writing ana-lytical and inductive researches and studies dealing with and discuss-ing the innovative practices of commemorating Imam al-°usayn’s mar-tyrdom, which first came out about 150 years ago, emerged. Thereby, a researcher may have an idea about the vast volume of the inductive and argumentative accumulations that escorted these rituals, ceremonies, and practices since the first day of their emergence and up to the pres-ent day. In fact, these accumulations, which are colossally dangerous, have always been open to disputes and questions that badly affected the communities of the loyalists to Imam al-°usayn (‛a).

The essay thus starts with shedding light on the general inductive methodology adopted by the author of Asr¡r al-Shah¡d¡t, along with a guide to the most important innovative rituals mentioned in the book.

The writer then moves to posing the points of evidence on the legality of each ritual, thus stating the initial practical origin of the issue as a whole. In this regard, the author of the book confirmed that the original law in such issues when doubted is their being legal.

Classifying these points of evidence into general and particular, the writer proves that the words of the author in this regard range between some of these rituals being originally legal and others being recom-


298298



298


298


298


298


298


298


298


298


298298298


mended. However, the general points of evidence are precisely the fol-lowing three ones:

1. Some rituals are proven through what is necessarily required by the Sect and what is proven through the decisively reported narrations of the Holy Imams and the religious people.

2. Other rituals are proven through the unquestionable instruction of the necessity of showing deep grief for Imam al-°usayn (‛a).

3. Other rituals are proven through the narration telling that Lady Zaynab hit her head with the column of the howdah when she saw the head of Imam al-°usayn (‛a) raised on spearheads.

299

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

299

املراسم احلسينية

بني عمومات الشعائر والتأصيل الفقهي املستقل

آية اهلل الشيخ مسلم الداوري

أجرت جملة اإلصاح احلسيني حوارية مع سامحة آية اهلل الشيخ مسلم الداوري، تضمن�ت عدة أس�ئلة، كان أوهل�ا متعلقا بمعنى الش�عائر يف النص�وص الدينية، وقد أج�اب الش�يخ بأن معنى كلمة الش�عائر أوس�ع م�ن امل�وارد الت�ي وردت يف القرآن الكريم، وال يعني ورودها يف س�ياق مناس�ك احلج أهنا حمصورة يف ذلك؛ إذ املورد ال ب به إىل اهلل تعاىل فهو خيصص الوارد. وعليه؛ أن كل يشء يكون معلام لدين اهلل يتقر

شعرية من شعائره تعاىل.ويف سؤال عن الضابطة العامة التي يمكن من خاهلا حتديد الشعرية، ذكر سامحته

ضابطتن:1 � أن تكون من األمور الراجحة التي ندب إليها الرشع.

2� أن تكون من األمور التي يتميز هبا الدين عن سائر املذاهب واألديان.ويف معرض جوابه عن س�ؤال حول إجياد الش�عائر احلس�ينية هل هو متص باهلل تع�اىل أم أن للمعص�وم أو املترشع�ة دورا يف ذلك، ذكر أن املراد بالش�عائر هو كل ما يكون معلام ومميزا للدين احلنيف، سواء أكان قد جعل من اهلل مبارشة، أم بواسطة

نبيه|، أم اإلمام×، أم نائبه من الفقهاء، أم املترشعة من املؤمنن.وخت�م احل�وار بذكر أهم املوارد الت�ي يمكن اعتبارها من أبرز مصاديق الش�عائر احلسينية، فذكر سامحته جمموعة من املصاديق معززا ذلك باألدلة النقلية. ومنها: زيارة اإلمام×، البكاء عىل مصابه، إقامة املجالس، لبس السواد، لطم اخلدود والصدور.


300300



300


300


300


300


300


300


300


300


300300300


THE CEREMONIES OF COMMEMORATING IMAM AL-°USAYN’S

MARTYRDOM; A COMPARISON BETWEEN THE COMMON RITU-

ALS AND THE ACTUAL RITUALS AS SPECIFIED BY THE MUSLIM

JURISPRUDENCE

An interview with His Eminence Ayatollah Muslim al-D¡war¢The al-I¥l¡¦ al-°usayn¢ Magazine interviewed His Eminence Ayatol-

lah Shaykh Muslim al-D¡war¢ and posed a number of questions, the first of which was about the meaning of the Arabic word sha‛¡'ir (ritu-als) as mentioned in religious texts. In reply, His Eminence stated that the meaning of this word is very much wider than its meaning in the Qur'¡nic texts. Thus, when this word is mentioned in the Holy Qur'¡n to denote the rites of the ritual °ajj pilgrimage exclusively, this does not necessarily mean that it is restricted to this domain only, since, generally, a word being used in a certain context does not necessar-ily mean that it is restricted to that context. In view of that, whatever thing that acts for a sign referring to the religion of God and is aimed at seeking nearness to Him is considered amongst the rituals of God the All-exalted.

In his reply to our question about the general grounds on which an activity is defined as a religious ritual, His Eminence said: An activity, in order to be recognized as a religious rite, must be:

(1) reasonably acceptable. (2) distinguishing in the sense that it is used only in Islam rather than

the other religions and sects.His Eminence was then asked whether creating a certain ritual of

commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom is one of the issues that must be decided by God exclusively or that the Holy Imams and the scholars committing to the religious laws are allowed to play a role therein. His answer was as follows: Since a religious rite includes all activities and signs that act as markers distinctively related to the reli-gion, there is no difference whether that activity has been already pre-scribed by God the Almighty directly, or through His Prophet, or the Imam, or the supreme religious authority in his capacity as the deputy

301

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

301

of the Imam, or any duty-bound faithful believer who abides by the laws of the religion.

The interview was then sealed with referring to the activities consid-ered to be the most important examples of the rituals of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom, such as going on pilgrimage to the holy tomb of Imam al-°usayn (‛a), weeping for his tragic martyrdom, hold-ing sessions and ceremonies of commemorating his affairs and martyr-dom, wearing black clothes as expression of sorrow for him, slapping the faces and chests as a sign of grieving for him. For each of these examples, His Eminence mentioned one or more supporting narrations.


302302



302


302


302


302


302


302


302


302


302302302


مفهوم اجلزع يف الشعائر احلسينية

د. الشيخ فالح الدوخي

تناول املقال مفهوم اجلزع وحكمه يف الرشيعة اإلسامية بشكل عام، واجلزع عىل اإلمام احلسن× بشكل خاص.

اس�تعرض الكاتب بع�د املقدمة ثاث نقاط متهيدية، تن�اول فيها ملحة عن مفهوم اجل�زع يف الش�عائر احلس�ينية، ونب�ذة م�ن تارخيها ال�ذي يمتد إىل عهد الرس�ول‘، واألهداف املتوخاة منها؛ ملا متثله من قيمة معيارية يف اندراج مظاهر العزاء يف مفهوم

اجلزع املستحب عىل اإلمام احلسن×.ث�م ق�دم تعريفا واضحا ملفه�وم اجلزع، مفرق�ا بينه وبن االصطاحات املش�اهبة كاحلزن مثا، مثبتا أن اجلزع من املصطلحات ذات املصاديق التي تتجدد وتتوسع يف عمود الزمن، حمددا العرف بصفته معيارا إلدراج املظاهر املس�تجدة يف املفهوم، وقد أثبت عدم اش�رتاط العفوية يف املامرس�ة، لتندرج يف مفهوم اجلزع؛ مما يسمح بدخول

التظاهر باجلزع يف إطار املفهوم العريف. وقد استعرض حكم اجلزع � بشكل عام � يف الفقه اإلمامي، وهو اجلواز عىل نحو الكراهة بحس�ب املش�هور، مستثنيا اجلزع عىل اإلمام احلس�ن×؛ عما بالنصوص

املستفيضة، الدالة عىل استحبابه والدعوة إليه من قبل املعصومن^.وبن الكاتب حدود اجلزع يف الش�عائر احلس�ينية، مؤكدا خروج بعض املامرسات ع�ن مفهوم اجلزع املس�تحب؛ لع�دم انطباق املعاي�ري العرفية عليه�ا، إضافة إىل عدم اندراجها يف إطار األهداف املرسومة للشعائر احلسينية، ومن أبرزها: التطبري، وامليش

عىل اجلمر، والتطين.

303

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

303

THE DENOTATIONS OF “JAZA‛” IN THE RITUALS OF

COMMEMORATING IMAM AL-°USAYN’S MARTYRDOM

Dr. Shaykh Fal¡¦ al-D£kh¢The essay is an investigation of the important roles played by the

activities of raising flags and slogans by those commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom, as well as the meanings and notions symbol-ized by such activities and related to bringing to minds and celebrating Imam al-°usayn’s revolutionary issue.

In the beginning, the writer of the essay discusses with details the impacts left by the speeches about Imam al-°usayn’s revolution on the mentalities of the addressees, proving that there are two types of such speeches, although the common point between the two types is that they mention and concentrate on the details of Imam al-°usayn’s movement towards martyrdom and the commentaries of the authors, writers, and orators on the events that escorted that movement.

The writer then touches on the history of raising flags while com-memorating Imam al-°usayn’s martyrdom, proving-through quoting some historical texts—that this activity is strongly attached to the event of the Battle of al-±aff, which ended with the martyrdom of Imam al-°usayn (‛a), along with all of its details.

Referring to the symbolism of the colors of flags, the writer confirms that these colors are signs of certain groups of warriors and symbols of fight that stimulate the masses to ready themselves for fighting in defense of the principles of Imam al-°usayn (‛a). They are also con-sidered part of the identity of each individual who waits desirously for taking a part in the final battle of purifying the globe from corruption and corrupters. The writer then speaks of the symbolism of the pictures painted on these flags, confirming that these pictures hold some spiri-tual and combative aspects since they are derived from the events of the Imam’s martyrdom.

The writer then refers to the importance of raising slogans in order to highlight the actual attitude of the followers of the Ahl al-Bayt School, since many of these slogans express the masses’ willingness to fight and firm determination to stand in the face of the tyrannical authorities. He then mentions some samples of such slogans that convey a reformative


304304



304


304


304


304


304


304


304


304


304304304


course adopted by the masses in the face of all aspects of corruption.In the end, the writer points out the influence of these slogans, which

can be noticed in the similarities and the many common points, bear-ing out that these slogans represent the culture of the participation of the masses in the rituals and ceremonies of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom and contribute to preparing them for acting as influential powers in the making of noble lives.

305

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

305

بالغة الراية والشعار يف املواكب احلسينيةدراسة يف ضوء بالغة اجلمهور

أ. م. د. علي مجيد البديري

تن�اول املق�ال باغة الراية والش�عار، وما يرم�زان إليه من مع�ان ومفاهيم ترتبط بإحياء القضية احلسينية.

بداي�ة تن�اول الكات�ب تأثري اخلطاب احلس�يني يف نفس املخاطب، وب�ن أن هناك نمطن من اخلط�اب، يتمثان بالنصوص اخلاصة بتفاصيل رحلة الركب احلس�يني،

وقراءات املؤلفن والكتاب واخلطباء لوقائع النهضة.ث�م تطرق لتاري�خ الراية، وبن أنه يق�رتن بقضية الطف وم�ا رافقها من أحداث،

مستشهدا لذلك ببعض النصوص.كام أوضح رمزية األلوان يف الرايات، واعتبارها إشارات ألفواج مقاتلن، ورمزا للجهاد يفز اجلمهور عىل االستعداد، وأهنا جزء من هوية الفرد بوصفه منتظرا وراغبا يف االشرتاك يف معركة تطهري األرض من الفساد ورموزه، وكذلك رمزية الرسوم يف الراي�ات، وأن فيها بع�دا روحيا وجهاديا؛ باعتبارها مس�تمدة من أح�داث الواقعة.ث�م أش�ار إىل أمهي�ة رفع الش�عار يف إب�راز الص�ورة الواقعية ألتب�اع مذهب أهل البي�ت^، وب�ن أن مجلة من الش�عارات تعرب ع�ن قدرة اجلمه�ور، وصابة إرادته يف الوقوف بوجه الس�لطات الظاملة، وذكر نامذج من الش�عارات التي ترس�م منهجا

إصاحيا يتبناه اجلمهور إزاء مظاهر الفساد.ويف النهاية، تناول باغة الش�عارات يف تشابه نامذجها، وأهنا جتسد ثقافة املشاركة

وإعداد اجلمهور ألن يكون قوة مؤثرة يف صنع احلياة الكريمة.


306306



306


306


306


306


306


306


306


306


306306306


THE ROLES AND SYMBOLISMS OF FLAGS AND SLO-

GANS IN THE RITUALS

OF COMMEMORATING IMAM AL-°USAYN’S MARTYRDOM;

A STUDY IN THE LIGHT OF THE ACTIVITIES OF THE COMMEMORATORS

Dr. ‛Al¢ Maj¢d al-Budayr¢The essay is an investigation of the important roles played by the

activities of raising flags and slogans by those commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom, as well as the meanings and notions symbol-ized by such activities and related to bringing to minds and celebrating Imam al-°usayn’s revolutionary issue.

In the beginning, the writer of the essay discusses with details the impacts left by the speeches about Imam al-°usayn’s revolution on the mentalities of the addressees, proving that there are two types of such speeches, although the common point between the two types is that they mention and concentrate on the details of Imam al-°usayn’s movement towards martyrdom and the commentaries of the authors, writers, and orators on the events that escorted that movement.

The writer then touches on the history of raising flags while com-memorating Imam al-°usayn’s martyrdom, proving-through quoting some historical texts-that this activity is strongly attached to the event of the Battle of al-±aff, which ended with the martyrdom of Imam al-°usayn (‛a), along with all of its details.

Referring to the symbolism of the colors of flags, the writer confirms that these colors are signs of certain groups of warriors and symbols of fight that stimulate the masses to ready themselves for fighting in defense of the principles of Imam al-°usayn (‛a). They are also con-sidered part of the identity of each individual who waits desirously for taking a part in the final battle of purifying the globe from corruption and corrupters. The writer then speaks of the symbolism of the pictures painted on these flags, confirming that these pictures hold some spiri-tual and combative aspects since they are derived from the events of the Imam’s martyrdom.

The writer then refers to the importance of raising slogans in order to

307

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

307

highlight the actual attitude of the followers of the Ahl al-Bayt School, since many of these slogans express the masses’ willingness to fight and firm determination to stand in the face of the tyrannical authorities. He then mentions some samples of such slogans that convey a reformative course adopted by the masses in the face of all aspects of corruption.

In the end, the writer points out the influence of these slogans, which can be noticed in the similarities and the many common points, bear-ing out that these slogans represent the culture of the participation of the masses in the rituals and ceremonies of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom and contribute to preparing them for acting as influential powers in the making of noble lives.


308308



308


308


308


308


308


308


308


308


308308308


شعرة لبس السواد يف املنظار الفقهيالشيخ عدنان الشامي

يتناول املقال حكم لبس الس�واد بمصاب أئمة أهل البيت^ وخصوصا يف أيام حمرم وصفر، ال سيام وأن ذلك أصبح شعرية عند أتباع أهل البيت^.

بع�د أن اس�تعرض الكاتب تعريف اللون األس�ود علمي�ا وخصائصه ودالالته، وأن�ه يرمز إىل القوة واحرتام النفس واالعتزاز هب�ا، وأنه لون االكتئاب واحلزن، ذكر مجل�ة من اآلي�ات والروايات التي تدل عىل هذا املعنى، ثم بن أن اللون األس�ود من التقالي�د املعروفة عند األمم والش�عوب، وأن�ه لون احلزن واحلداد عن�د العرب قبل

اإلسام وبعده.كام تطرق إىل حكم لبس الس�واد � بش�كل عام � يف الرشيعة املقدس�ة واستعرض طائفتن من الروايات يف ذلك، األوىل: الروايات الناهية عن لبس الس�واد. والثانية: الروايات احلاثة عىل لبس البياض. ثم ذكر اخلاف بن الفقهاء يف كراهة لبس السواد وعدم�ه. وخل�ص إىل أن رواي�ات النهي حتمل ع�ىل الكراهة، وأهنا إرش�اد إىل آثاره

النفسية، أو االجتامعية، أو العلمية.بعد ذلك بن حكم لبس السواد يف عزاء األئمة^ واإلمام احلسن× عىل وجه اخلصوص، واس�تعرض مجلة من الروايات والشواهد التارخيية الدالة عىل استحباب

ذلك.ويف اخلت�ام تط�رق لظاهرة االتش�اح بالس�واد يف العزاء عىل األئم�ة^ وتعريفه

وبيان حكمه، وأنه جائز، بل مستحب.

309

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

309

THE RITUAL OF WEARING IN BLACK IN LIGHT

OF THE ISLAMIC LAW

Shaykh ‛And¡n al-Sh¡m¢The essay discusses the Islamic laws concerning wearing in black

on the sad occasions of the martyrdoms of the Holy Imams (‛a) in gen-eral and during the days of the months of Mu¦arram and ¯afar as ex-pression of deep sorrow for the martyrdom of Imam al-°usayn (‛a), since this practice has turned to be one of the rituals of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom that is widely practiced by the partisans and followers of the Ahl al-Bayt (‛a).

The essay is started with giving scientific definition of the black color along with its distinctive features and indications. The writer thus con-firms that the black color symbolizes strength, self-respect, and self-esteem plus its being a symbol of depression and grief. Proving these facts, the writer provides points of evidence extracted from a number of Qur'¡nic verses and narrations authentically reported from the Holy Imams (‛a).

He then maintains that wearing in black to express grief is one of the widely familiar traditions of nations and peoples, including the Arabs who, before and after Islam, used to wear in black in order to express their sadness and mourning.

The writer then moves to mentioning, yet generally, the rulings ap-pertained to wearing in black in the Islamic Law, thus citing and dis-cussing two groups of narrations on this topic. The first group includes narrations that warned against wearing black clothes, and the second group includes narrations encouraging on wearing in white. Then, the writer refers to the disagreement among scholars of Muslim jurispru-dence about wearing in black, since some scholars deemed discom-mended to do so while others deemed the otherwise. In conclusion, the writer proves that the narrations that warned against wearing black clothes only regarded this act as discommended and unfavorable, but not as illegal and forbidden, because the texts of these narrations were only intended to draw attentions to the psychological, social, and sci-entific effects and bad consequences of the black color.

The writer then displays the rulings appertained to wearing in black


310310



310


310


310


310


310


310


310


310


310310310


on the sad occasions of the martyrdoms of the Holy Imams (‛a) in gen-eral and Imam al-°usayn (‛a) in particular, quoting a good number of narrations and historical facts that confirmed that it is highly advisable to wear black clothes on such occasions.

In the end, the writer, discussing the ritual of covering the walls with black materials on the occasion of Imam al-°usayn’s martyrdom, men-tions the limits of this ritual as well as the view of the Islamic Law about it, thus proving that this act is not only legal but also recommended.

311

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

311

الشعائر الدينية واملراسم احلسينيةدراسة لغوية قرآنية يف االنطباق املفهومي

السيد شهيد طالب املوسوي

موضوع صدق الش�عائر الدينية عىل املراسم احلس�ينية قديم وحديث، فقد بحث قديام وما زال طريا؛ ملا له من حيوية عىل الفرد املامرس هلذه املراسم؛ ألن مآل البحث إما أن يكون له ارتباط ديني وتتبعه آثار من قبيل األجر يف اآلخرة، وإما ال ارتباط له بالدين ويكون معطى إنس�انيا، فمن هنا تكم�ن أمهية البحث وما له من آثار تنعكس

عىل اعتقاد الشخص املرتبط بالقضية احلسينية.لذل�ك؛ بدأ الباحث بتمهيد ب�ن فيه أمهية املوضوع وح�دد دائرة بحثه من خال الق�رآن الكري�م. ث�م ب�ن أوال ماهية الش�عائر م�ن خال بيان الش�عائر ب�ن الوضع واالس�تعامل، ثم حتديد املفهوم. وثانيا: بحث الش�عائرية يف القرآن الكريم من خال أدلة القرآن عىل الش�عائر، وقضية توقيفها وعدمه. وثالثا: بحث قضايا تطبيقية ملا مر من األبحاث، فبن ارتباط قضية اإلمام احلسن× بأصول الدين، ثم بن أن املراسم احلس�ينية هي تفريع لألصل وحتقق للموضوع وأخريا الش�عائرية واملراسم، فهي من

باب انطباق املفهوم عىل املصداق. وختم بحثه بخاصة ل�ملم فيها مقاله مفادها: أن الشعائر وردت يف لسان الشارع بنف�س املعنى العريف اللغوي، ومل يس�تعملها يف حقيقة رشعي�ة، وبناء عىل هذا القول

صح التمسك باإلطاق واستيعاب كل فرد يتحقق فيه موضوع الشعائر وماهيتها.


312312



312


312


312


312


312


312


312


312


312312312


THE RELIGIOUS RITUALS AND THE CEREMONIES OF

COMMEMORATING IMAM AL-°USAYN’S MARTYRDOM

A LEXICAL-QUR'ªNIC STUDY OF THE NOTIONAL CONGRU-

ENCE OF THE TWO CONCEPTS

Sayyid Shah¢d ±¡lib al-M£saw¢The topic of the rituals of commemorating Imam al-°usayn’s martyr-

dom being part of the religious rituals has always been discussed in the past and in the present; nevertheless, it has still been open to discus-sion and argumentation, because it holds some bearings on the lives of those who practice these rituals. Thus, the purpose behind studying this topic is to prove whether the rituals of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom are religious and religion-related practices-and, such being the case, certain issues are resulted therefrom, such as those who practice these rituals will win otherworldly rewards-or they are only worldly practices that have nothing to do with the religion. From this reason, the discussion of this issue seems to be highly important as long as it reflects on the faith of those who believe in and practice the ceremonies of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom.

The essay is started with a prelude that sheds light on the importance of the topic, which is studied within the frame of the texts of the Holy Qur'¡n exclusively. Thus, the first theme discussed in the essay is intro-ducing and defining the lexical meanings and the usages of the Arabic word sha‛¡'ir (rituals) and then defining its meaning as a term and a notion. Then, the writer discusses the word as mentioned in the Holy Qur'¡n to prove whether this word is confined to a certain field or is so general that it can be used in all domains and fields. After that, he comes upon some applicable usages of the word. He thus concludes that Imam al-°usayn’s issue, represented by his reformative uprising that ended with his martyrdom, is inseparably connected to the principles of the religion of Islam. Hence, practicing the rituals and ceremonies of commemorating his martyrdom must be a branch of the principles of the religion and a form of putting the religious rituals into practice; therefore, it is clearly understood that holding ceremonies and rituals of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom must be an example

313

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

313

of the notional congruity between these ceremonies and the religious rituals.

The essay is finally sealed with an abstract that sums up the whole matter, which can be put in the following words: When mentioned in the Holy Qur'¡n, the word sha‛¡'ir (rituals) was used in the same tradi-tional and lexical meaning of it, since the Holy Qur'¡n has not used it to express an issue related exclusively to the religious law. Accordingly, it is absolutely accurate to use this word in its very unrestricted mean-ing that includes all items that express and meet the notion of the word without limitation


314314



314


314


314


314


314


314


314


314


314314314


أهمية الزيارة يف الشعائر احلسينيةالباحث: حسن جميل الربيعي

يؤك�د املق�ال أمهية زيارة اإلمام احلس�ن× ويعتربه�ا املصداق األبرز للش�عائر احلسينية؛ ملا تشتمل عليه من تعاليم ومعارف سامية ترتبط بروح اإلسام وجوهره.ب�دأ الكاتب بتعريف الش�عائر واس�تعامالهتا يف الق�رآن الكري�م، وأهنا وردت يف أربع�ة مواضع يف س�ياق آيات احل�ج، وبن أن ذكرها يف س�ياق آيات احل�ج ال يعني اختصاصها به؛ مستش�هدا لذلك باملعنى اللغوي للشعائر، وإضافتها إىل لفظ اجلالة

)اهلل(.ثم تطرق إىل ارتباط لفظ )الشعائر( بلفظ )احلسينية(، وأهنا � هبذه الصفة � تكتسب صفة املدح والثناء، ويكون املقصود هبا هو اجلانب املتعلق باإلمام احلسن×، الذي م�ن خاله نصل إىل رضا اهلل تعاىل؛ باعتبار أن احلس�ن× يف كل حركة من حركاته

وسكنة من سكناته كان يطلب رضوان اهلل تعاىل.بعد ذلك انتقل إىل بيان الزيارة وأمهيتها يف إحياء الش�عائر احلس�ينية، وذكر بعض الروايات الواردة يف وجوهبا، كام بن رضورة الزيارة باملأثور؛ ملا حتمله تلك النصوص من معارف ومفاهيم إس�امية، تلقي بظاهلا عىل اإلنس�ان املس�لم؛ لبناء شخصيته، وتقوية الروح اإليامنية يف نفس�ه. ثم اس�تعرض ثاث نقاط لبيان أثر الزيارة يف إحياء

الشعائر احلسينية:1� الزيارة تفاعل إجيايب يف النفوس.ق اجلذوة اإليامنية يف النفس. 2� تعم

ق املفاهيم اإلسامية يف النفوس. 3� تعم

315

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

315

THE SIGNIFICANCE OF PILGRIMAGE TO THE TOMB

OF IMAM AL-°USAYN AS ONE OF THE LEADING

RITUALS OF COMMEMORATING HIS MARTYRDOM

°asan Jam¢l al-Rubay‛¢The essay highlights the importance of going on pilgrimage to the

holy shrine of Imam al-°usayn (‛a), considering it to be the most out-standing example of commemorating his martyrdom, since it embraces sublime teachings and principles that are directly related to the spirit and essence of Islam.

The writer thus begins his essay with giving definitions to the Ara-bic word sha‛¡'ir. Referring to its usages in the Holy Qur'¡n, the writ-er argues that although this word has been repeated four times in the Qur'¡nic verses that speak of the ritual °ajj pilgrimage exclusively, this does not necessarily mean that the word is restrictedly related to the rites of the °ajj pilgrimage; rather, it can be used in other practices and fields. The evidence on this fact is the lexical meaning of the word and its being attached and annexed to God the Almighty.

Touching on the familiar connection between the word sha‛¡'ir and the rituals of commemorating Imam al-°usayn (‛a), the writer proves that such a connection imparts on the word sha‛¡'ir a sort of praise and commendation. Hence, the sha‛¡'ir in the sense of rituals, practices, and ceremonies, when connected to the name of Imam al-°usayn (‛a), are purely aimed at commemorating his martyrdom and great revolu-tion and through these rituals, the pleasure of God the Almighty is won, since Imam al-°usayn, along with all of his movements and activities, sought nothing but the pleasure of God.

The writer then moves to discussing in details the features, methods, and aspects of pilgrimage to Imam al-°usayn’s holy tomb, supporting these details with some narrations that laid very much emphasis on coming to the holy tomb, while other narrations even deemed this act to be obligatory upon faithful believers to do. He then highlights the necessity of visiting the holy tomb in the same method and way taught by the Holy Imams (‛a), which include reading certain supplicatory prayers, offering prayers near the holy tomb, and following a certain method of pilgrimage. This is so because these methods of pilgrimage


316316



316


316


316


316


316


316


316


316


316316316


that are reported from the Holy Imams (‛a) hold a big number of Is-lamic notions, teachings, and wisdom that positively affect the souls of Muslims, contributing greatly to building the personality and enhanc-ing the spirits of faith.

Finally, the writer, explaining the positive impacts of visiting the holy tomb of Imam al-°usayn (‛a) on the rituals of commemorating the Imam’s martyrdom, reviews the following three points:

1. Pilgrimage to the Imam’s tomb expresses an explicit reaction and creates positivity in souls.

2. It strengthens faith in the minds of the believers.3. It also implants the Islamic conceptions and teachings deeply in

mentalities.

317

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

317

الركائز األساسية لوعي نهضة اإلمام احلسني ×الشيخ جميل الربيعي

انطل�ق الباح�ث من نقطة أساس�ية وجوهرية ذكره�ا يف متهيد البح�ث، وهي أن النهضة احلس�ينية هنضة إس�امية بكل أبعادها ومدياهتا؛ ولذلك ذكر ركائز أساس�ية لوع�ي ه�ذه احلركة اإلس�امية، بدأها بالوعي الصحيح لإلس�ام، حي�ث تعد هذه الركي�زة األس�اس القوي الذي ال بد م�ن االعتامد عليه لوعي هذه النهضة بالش�كل

الصحيح.ويف الركي�زة الثانية انتقل احلديث عن قائ�د هذه النهضة وإدراك ومعرفة موقعيته يف حرك�ة التاري�خ الرس�ايل، وما له من أبع�اد عىل قارئ النهضة احلس�ينية بالش�كل

املرجو هلا.ث�م ب�ن ركيزة ثالثة يف غاي�ة األمهية وهي معرفة رس خلود ه�ذه النهضة والتأكيد

عىل جانبها اإلهلي، فذكر جمموعة حتديات أوصلها إىل ستة عىل نحو االختصار.أما الركيزة الرابعة )وعي متطلبات الزمان( فكان احلديث فيها عن أن من الركائز األساس�ية للثائر احلس�يني فهم العص�ر والزمان، وما فيه من مابس�ات وصعوبات وعقبات؛ ليس�تطيع أن يعالج األمراض النفس�ية، واالنحرافات الفكرية، والتيارات

السياسية. والركيزة اخلامس�ة )اهلدفية الواضحة والوسيلة اجلاذبة(، فهي تضع اإلنسان عىل

جادة الصواب، وجتعله يتحرك بدقة واتزان دون ختبط أو تردد.وأخ�ريا خت�م الباحث مقاله بمس�الة مهمة وهي: العمل اجل�اد عىل نرش املعارف

احلسينية وما جسدته من أصول الدين وفروعه.


318318



318


318


318


318


318


318


318


318


318318318


THE BASIC PILLARS OF UNDERSTANDING

IMAM AL-°USAYN’S REFORMATIVE UPRISING

Shaykh Jam¢l al-Rubay‛¢In writing it, the researcher bases this essay on an essential and

fundamental point mentioned as prelude to the research. This point is that Imam al-°usayn’s reformative uprising is, in all of its aspects and scopes, a purely Islamic uprising. For this reason, the writer mentions a number of basic pillars for understanding consciously the Imam’s Divine uprising. The first of these pillars is the accurate and perfect understanding of Islam, since this pillar is seen as the most powerful basis that must be relied upon for a true understanding of the Imam’s uprising.

Drawing the attentions to the second pillar, the writer moves to speaking of the leader of the uprising in order to recognize and identify his standing in the progress of the history of defending the principles, since this aspect has its own features and dimensions that leave great impacts on the mentality of those who read about Imam al-°usayn’s reformative uprising in the most appropriate way.

The writer then arrives at the third pillar, which is, being extremely important, to recognize the secrets behind the immortality of Imam al-°usayn’s reformative uprising and the Divine aspect of it. He thus men-tions, yet briefly, six challenging points that contributed to immortal-izing this blessed uprising.

About the necessity of recognizing the requirements of time, which is the fourth pillar of understanding Imam al-°usayn’s uprising, the writer introduces this point as one of the basic pillars to be had in the mind of the revolutionists who follow the course of Imam al-°usayn (‛a), confirming that such revolutionists should fully recognize what is required by the current era along with all of its confusables, difficulties, and obstacles in order to treat all mental disabilities, ideational perver-sions, and fallacious political tendencies.

Defining the objective unmistakably through employing all attractive means is the fifth pillar of understanding Imam al-°usayn’s uprising, since this matter puts man on the right path and makes him move me-ticulously and steadily without any haphazard action or hesitation.

319

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

319

Finally, the essay is sealed with shedding light on another crucial issue; namely, the necessity of working painstakingly toward spreading the distinctive features of Imam al-°usayn’s reformative uprising and actions that embodied the true religion of Islam along with all of its primary and secondary issues.

320



320320



320320



320320



320


320320



320320



320


320


320320



320320



320


320


320


320320



320320



320


320


320


320320320



320320



320


320


320


320


320


320320



320320



320


320


320


320


320


320


320320



320320



320


320


320


320


320


320


320


320320



320320



320


320


320


320


320


320


320


320


320320



320320



320


320


320


320


320


320


320


320


320


320320


سرة ثائرسليمان بن صرد اخلزاعي

السيد محمد الشوكي

ب�دأ الكاتب مقاله بام آلت إليه أحوال الناس بعد واقعة كرباء، وبروز ش�خصية س�ليامن بن رصد اخلزاعي يف ثورة التوابن، فتعرض بداية لبطاقته الش�خصية وكونه صحابي�ا أو تابعيا، واس�تدل ع�ىل صحبته برواية رواها يف غ�زوة األحزاب، وأنه من أكابر الش�يعة، وصاحب رأي، ومشورة فيهم، ومن املبادرين لبيعة اإلمام عيل بن أيب

طالب× بعد مقتل عثامن.تط�رق الكاتب أيضا إىل مس�ألة عدم اش�رتاك س�ليامن ب�ن رصد يف حرب اجلمل وتأنيب أمري املؤمنن× له، حيث ش�كك يف رواية التأنيب، وجزم أخريا باحلضور.

وكونه من قادة اجليش يف معركة صفن، حيث كان عىل ميمنة رجالة اجليش.كام وتطرق إىل موقفه من صلح اإلمام احلس�ن× وما قيل فيه، وطلبه من اإلمام

نقض الصلح.كام فصل يف مكاتبته لإلمام احلسن×، حيث ذكر أنه كان أول من كتب، وخفاء اسمه بعد ذلك يف أحداث الكوفة من حن دخول مسلم بن عقيل هلا إىل نزول اإلمام

احلسن× بكرباء، وما هو عذره يف عدم احلضور يف كرباء.خت�م الكات�ب مقال�ه بزعامت�ه لث�ورة التواب�ن واألس�باب الت�ي دفعت�ه للثورة، واستعرض من خاهلا ما آل إليه معسكر التوابن من قتال ابن زياد وكيفية االستبسال

يف القتال حتى مقتل سليامن بن رصد اخلزاعي يف عن الوردة شهيدا صابرا حمتسبا.

ابه كت

يفنية

قرآت ال

آلياية ل

طنالبا

ته يال

تأوي و

لينلك

ب )اكتا

يف(كا

ل الصو

أ

321

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

321

BIOGRAPHY OF A REVOLUTIONIST;

SULAYMªN IBN ¯URAD AL-KHUZª‛«

Sayyid Mu¦ammad al-Shawk¢The essay is started with relating the Muslims’ actual state of affairs

immediately after the martyrdom of Imam al-°usayn at Karbal¡'—the same era that witnessed the coming into light of the personality of Sulaym¡n ibn ¯urad al-Khuz¡‛¢ as a revolutionary and a leader of the revolution that was then known as the Revolution of the Repenters (thawrat al-taww¡b¢n). First of all, the writer introduces the identity of this revolutionist, proving that he was one of the companions, or one of the followers of the companions, of the Holy Prophet (¥). Yet, the evidence provided by the writer on Sulaym¡n having been a companion of the Holy Prophet (¥) is a narration that Sulaym¡n himself reported about the events of the Battle of the Ditch that was led by the Holy Prophet (¥) personally. Moreover, Sulaym¡n is proven to have been one of the most celebrated personalities of the followers and partisans of Imam ‛Al¢ ibn Ab¢-±¡lib (‛a) whose advice was frequently sought and followed by the others and was one of those who took the lead in swear-ing allegiance and paying homage to Imam ‛Al¢ (‛a) immediately after the assassination of ʽUthm¡n ibn ʽAff¡n.

History holds that Sulaym¡n failed to join Imam ‛Al¢ (‛a) in the Battle of the Camel against the Renegades and, because of this attitude, Imam ‛Al¢ (‛a) blamed him. Yet, this report is open to question, because many other indications and historical facts prove that Sulaym¡n did join the Imam (‛a) in that battle. Moreover, in the Battle of ¯iff¢n that was im-posed on Imam ‛Al¢ (‛a) by a gang of transgressors, Sulaym¡n was appointed as the commander-in-chief of the right wing of Imam ‛Al¢’s army.

The writer then touches on Sulaym¡n’s attitude to the peace treaty signed by Imam al-°asan ibn ‛Al¢ (‛a) with Mu‛¡wiyah, since some nar-rations entail that Sulaym¡n’s attitude was negative and he frequently asked Imam al-°asan (‛a) to revoke that treaty.

With regard to Sulaym¡n’s attitude to Imam al-°usayn’s revolution, the writer mentions in details that Sulaym¡n was the first to have writ-ten a letter to Imam al-°usayn (‛a) asking him to come to al-K£fah and


322322



322


322


322


322


322


322


322


322


322322322


promising to support him in his reformative uprising. However, history did not mention any role played by Sulaym¡n after that. Thus, nothing is known about Sulaym¡n concerning the events of al-K£fah since the arrival of Muslim ibn ʽAq¢l there and up to Imam al-°usayn’s residing in Karbal¡'. Likewise, history does not hold anything that may justify Sulaym¡n’s failure to be present in Karbal¡' for supporting Imam al-°usayn (‛a).

The essay is then ended with relating Sulaym¡n’s role as a leader of the Revolution of the Repenters and the reasons that motivated him to revolt against the tyrannical ruling regime. The writer thus recounts the events of the fight of Sulaym¡n and his soldiers against ‛Ubaydull¡h ibn Ziy¡d and the bravery shown by Sulaym¡n up to his martyrdom at ‛Ayn al-Wardah.

ابه كت

يفنية

قرآت ال

آلياية ل

طنالبا

ته يال

تأوي و

لينلك

ب )اكتا

يف(كا

ل الصو

أ

323

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

323

املعنى اللغوي لـ)سكينة(: اجلارية اخلفيفة الروحالسيد محمود املقدس الغريفي

اهتم علامء الرجال واألنس�اب والرتاجم بمس�ألة ضبط ش�كل األس�امء ولفظها الصحي�ح، وت�زداد ه�ذه القضي�ة اهتامما عندم�ا يتناقل االس�م أو اللق�ب كثريا عىل

األلسن. تن�اول الباح�ث من ه�ذه احليثية ش�خصية بارزة من ش�خصيات واقع�ة الطف، وهي: )آمنة بنت اإلمام احلسن ×( امللقبة ب�)سكينة(، فبدأ بضبط اللقب وأصله،

ثم بكلامت النسابة والرجالين، ثم كلامت اللغوين.ثم عرج عىل قضية اخللط عند أيب الفرج اإلصفهاين وداللته عىل املطلوب، وكيف أثر هذا اخللط يف املس�ألة، وانتقل الباحث إىل إطاق لقب س�كينة يف التاريخ؛ ملا هلذا

البحث من آثار عىل جممل املسألة.ث�م ب�ن أن هناك رأي�ا آخر يف ضبط اس�م هذه امل�رأة اجلليلة، وذكر أن من أش�ار إىل هذا املعنى من املعارصين العامة الس�يد عب�د الرزاق املقرم+ )ت1391ه�( يف كتابه )السيدة سكينة بنت احلسن×(، ثم الذي دعا إىل انتشار هذا الرأي بن الناس وش�يوعه يف الس�نوات األخرية تبني السيد الشهيد حممد الصدر+ )ت1421ه�( له يف حمارضات�ه اخلاصة عن الثورة احلس�ينية، فجرى ترديده كثريا عىل األلس�ن، وفوق

املنابر احلسينية.وأخريا، ناقش هذه اآلراء وحللها ووصل إىل نتيجة ختم بحثه هبا.


324324



324


324


324


324


324


324


324


324


324324324


THE LEXICAL MEANING OF THE PROPER

NAME SUKAYNAH: THE LIGHT-SPIRITED MAID

Sayyid Ma¦m£d al-Muqaddas al-Ghurayf¢Arab linguists, biographers, and genealogists paid very much atten-

tion to the inflection of words generally and the most accurate way of pronouncing the proper names particularly, especially the proper names that are frequently used. Based on this fact, the writer of the es-say discusses the most accurate way of pronouncing the Arabic word: Sukaynah, which is the nickname of Lady 'ªminah the daughter of Imam al-°usayn (‛a). Hence, he starts with shedding light on the origin of this name and the way it must be pronounced, citing the words of the famous genealogists, biographers of the Islamic personalities, and Arabic lexi-cographers and grammarians.

The writer then focuses on the confusion in which Abu’l-Faraj al-I¥fah¡n¢, the famous Muslim historian, fell while discussing the name Sukaynah along with its morphology and the proper way of pronounc-ing it. In fact, Abu’l-Faraj’s inaccurate opinion affected the issue so badly.

The writer then moves to the history of using the name Sukaynah, since this subject has something to do with the main topic of the essay.

He then refers to some scholars who pronounced the name involved in a different way, such as the well-versed author Sayyid ‛Abd al-Razz¡q al-Muqarram (died in AH. 1391) in his book: Al-Sayyidah Sakinah bint al-°usayn. However, recently, the martyr Sayyid Mu¦ammad al-¯adr (died in AH 1421), within one of his lectures on the topic of Imam al-°usayn’s reformative uprising, adopted the same opinion of Sayyid al-Muqarram; therefore, the issue was heatedly argued by people and declared from the stages of commemorating Imam al-°usayn’s martyr-dom.

The writer thus discusses all these opinions analytically and reaches at a conclusion with which he finishes the essay.

ابه كت

يفنية

قرآت ال

آلياية ل

طنالبا

ته يال

تأوي و

لينلك

ب )اكتا

يف(كا

ل الصو

أ

325

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

325

مصرع عبد الل الرضيع رؤية حتليلية

الشيخ عبد الرزاق النداوي

يث�ري صاح�ب املقال بعض التس�اؤالت حول م�رصع الطفل الرضيع، كالس�بب الذي جعل احلس�ن× يأخذه إىل معس�كر األعداء، ويطلب ل�ه املاء، وهل كان×

يعلم بأهنم سيقتلونه؟ وما هو الرس يف رمي دم الرضيع نحو السامء؟وقب�ل أن جيي�ب ع�ن هذه التس�اؤالت تطرق ملس�ألة مح�ل احلس�ن× عياله إىل كرب�اء. وأج�اب ع�ن ذلك من خ�ال عدة نق�اط، منه�ا: أن بني أمي�ة ال يتورعون ع�ن أرس عيال�ه وس�جنهم لو تركه�م يف املدين�ة. ومنه�ا: أن مقتله× وس�بي عياله س�وف يش�كل زلزاال يعصف بعرش الطاغية يزيد. ومنها: وجود من ينوب عنه× الس�تمرارية هنضته اخلالدة. ومنها: بيان حجم املظلومية التي تعرض هلا احلسن×

وأهل بيته وأصحابه، وغري ذلك.بعد ذلك تطرق الكاتب لإلجابة عن تساؤالت املقال، وذكر بأن احلسن× كان يعل�م بأن األعداء س�يقتلون ولده الرضيع، وإنام محله معه لع�دة أمور، وهي: العمل بتكليفه الرشعي، وإمتام احلجة عىل األعداء وفضحهم، وإجياد زخم عاطفي لنهضته

من أجل خلودها يف وجدان اإلنسانية.أما ملاذا رمى احلسن× دم الطفل نحو السامء؟ فقد أجاب بأن ذلك من األرسار الت�ي ال يعلمه�ا إال اهلل تعاىل وأهل البيت^، ثم احتم�ل أن تكون احلكمة يف ذلك هي: أن اإلمام× عندما دعا اهلل تعاىل أن ينزل نقمته وغضبه عىل أعدائه أراد أن يربز

تسليمه املطلق ملشيئة اهلل تعاىل يف تعجيل العقوبة أو تأخريها.


326326



326


326


326


326


326


326


326


326


326326326


THE KILLING OF ‛ABDULLªH, THE SIX-MONTH OLD

BABY OF IMAM AL-°USAYN; AN ANALYTICAL VIEW

Shaykh ‛Abd al-Razz¡q al-Nadd¡w¢The writer of this essay poses some questions about the slaying of

‛Abdull¡h, the six-moth old suckling baby of Imam al-°usayn (‛a). He thus wonders why Imam al-°usayn (‛a) took the baby to the camp of the enemies asking them to give him water, whether the Imam (‛a) had or had not already known that they would slay his baby, and what the secret behind throwing the baby’s blood towards the sky was.

Before giving answers to these questions, the writer discusses the issue of Imam al-°usayn’s having taken his family members with him while he was heading for Iraq. Answering this prefatory question, the writer cites a number of points that act as answers, such as that the Imam (‛a) had already known that the Umayyad tyrannical ruling au-thorities would imprison his family members if he would leave them behind him in al-Mad¢nah, that the slaying of the Imam along with his family members would contribute greatly to the collapse of Yaz¢d’s rule, that this issue would create someone to play a crucial part in the con-tinuity of the Imam’s everlasting uprising against wrong and tyranny, and that the Imam (‛a) intended to show the world the actual size of oppression to which he as well as his family members and companions would be exposed… etc.

Answering the wonderments mentioned in the beginning of the essay, the writer confirms that despite that Imam al-°usayn (‛a) had already known for sure that the enemies would slay his six-month old baby; he took him to the camp of the enemies for a number of reasons. Firstly, the Imam (‛a) carried out the duty to which he is bound by the Islamic Law. Secondly, he wanted to impose an overwhelming argument on the ene-mies and to unveil their wicked and vicious realities. Thirdly, he wanted to create an emotional aspect that would characterize his reformative uprising so that his movement would last forever in the conscience of humanity.

Answering the question as to why Imam al-°usayn (‛a) threw the blood of the slain baby towards the sky, the writer confesses that this issue is one of the secrets that are known by nobody except God the

ابه كت

يفنية

قرآت ال

آلياية ل

طنالبا

ته يال

تأوي و

لينلك

ب )اكتا

يف(كا

ل الصو

أ

327

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

327

Almighty and the Ahl al-Bayt (‛a). However, the writer states, it is not improbable that when Imam al-°usayn (‛a) invoked God’s wrath and punishment on the enemies, he wanted to show his absolute surrender to God’s act and will, whether God pours down His wrath and punish-ment sooner or later.

328



328328



328328



328328



328


328328



328328



328


328


328328



328328



328


328


328


328328



328328



328


328


328


328328328



328328



328


328


328


328


328


328328



328328



328


328


328


328


328


328


328328



328328



328


328


328


328


328


328


328


328328



328328



328


328


328


328


328


328


328


328


328328



328328



328


328


328


328


328


328


328


328


328


328328


أثر الشعائر احلسينية يف نشر فكر أهل البيت^ يف القارة اإلفريقية مناذج خمتارة

إعداد: د. حيدر عبد اجلليل احلربية

املق�ال عب�ارة عن دراس�ة وصفية ش�به إحصائية ألثر الش�عائر احلس�ينية � ومنها املجال�س احلس�ينية � يف نرش فك�ر أهل البي�ت^. فابتدأ الباحث بدول�ة )زنجبار( بعد أن مهد بالتعريف هبذه الدولة اإلفريقية، وعدد املس�لمن فيها، وأهم مس�اجدها

وحسينياهتا، ونشاط أتباع أهل البيت^ فيها، وأهم شخصياهتم املعروفة.ث�م ح�ط الكاتب رحال بحث�ه يف )نيجريي�ا( متعرضا ملس�رية احلركة اإلس�امية وتارخيها، وس�رية أهم شخصياهتا العلامئية، ثم دور الشعائر احلسينية يف نرش وتثبيت

املذهب احلق يف هذا البلد.ثم انتقل الكاتب إىل )أوغندا( وتعرض إىل املؤسس�ات التبليغية � ومنها الش�عائر احلس�ينية � ودوره�ا يف التوعي�ة الديني�ة واالجتامعي�ة يف ه�ذا البل�د. وانتق�ل بعدها إىل )الس�نغال(، فتط�رق إىل دور اجلالي�ة املس�لمة يف إب�راز مظلومي�ة أهل البيت^ وخصوصا يف عاش�وراء، متعرضا لدور الشعائر احلسينية يف إبراز تلك املظلومية، ثم

إىل دور املبلغ الرسايل يف ذلك، إضافة إىل ذكر املؤسسات العاملة هناك.ج الكاتب عىل دولة )جنوب إفريقيا(، وذكر أثر الشعائر احلسيني�ة وبعد ذلك عر

� خصوصا يف حمرم وصفر � يف نرش الفكر الديني احلق.وأخ�ريا، حط رحال البحث يف دولة )بينن( ذاكرا أهم املؤسس�ات التبليغية فيها

ودورها الديني واالجتامعي هناك.

ابه كت

يفنية

قرآت ال

آلياية ل

طنالبا

ته يال

تأوي و

لينلك

ب )اكتا

يف(كا

ل الصو

أ

329

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

329

THE IMPACTS OF THE CEREMONIES OF COMMEMO-

RATING IMAM AL-°USAYN’S MARTYRDOM ON THE

SPREAD OF THE AHL AL-BAYT SCHOOL IN THE CON-

TINENT OF AFRICA; SELECTED SAMPLES

Dr. °aydar A. al-°arbiyahThe essay is a descriptively semi-statistical study of the effective role

of the rituals and ceremonies of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom in the spread of the Ahl al-Bayt School in the different coun-tries of Africa.

Starting with Zanzibar the semi-autonomous region of Tanzania in East Africa, the writer introduces this African region by mentioning the number of Muslims living there, the most important mosques and °us-ayniyyahs, the activities of the followers of the Ahl al-Bayt School, and the most celebrated personalities of that region.

Moving to Nigeria, the writer goes into the progress of the Islamic movement in this country, as well as its history, the most important Is-lamic personalities, and, finally, the role played by the rituals of com-memorating Imam al-°usayn’s martyrdom in spreading and enforcing the Ahl al-Bayt School in the country.

The writer then picks another African country; namely Uganda, to give an idea about the foundations of promulgating for Islam that are active in the country, including the foundations holding the practic-es and ceremonies of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom, since these foundations took a leading role in the activities of social and religious enlightenment in Uganda.

About Senegal, the writer alludes to the role of the Muslim commu-nity in underlining the oppressions to which the Holy Prophet’s family members and descendants were exposed through history, especially the tragic event of ʽªsh£r¡'. He then concentrates on the important role of the rituals of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom in drawing the attentions to these oppressions, without omitting the eminent contri-butions of the Muslim preachers and promulgators to highlighting these historical facts. The writer then makes reference to the foundations of


330330



330


330


330


330


330


330


330


330


330330330


Islamic promulgation that are active in Senegal.He then stops at South Africa to inspect the big role played by the

rituals and practices of commemorating Imam al-°usayn’s martyrdom, especially during the months of Mu¦arram and ¯afar, in broadcasting and spreading the Ahl al-Bayt School.

Finally, the writer goes to Benin and refers to the most important foundations of Islamic promulgation as well as the religious and social roles played by these foundations in that country.

ابه كت

يفنية

قرآت ال

آلياية ل

طنالبا

ته يال

تأوي و

لينلك

ب )اكتا

يف(كا

ل الصو

أ

331

زيةجلي

إلن وا

بيةعر

ة الللغ

ت بااال

املقصة

خال

331

رشع نماثلا ددعلا )م2017 ــ ـه 1438( ةسمالخا ةنسلا · ؤصسخح...

Documents