شبهات حول الأنبياء 3 · web view(8) الباب الثالث شبهات حول...

393
ل ص ف م ل ا ي ف رد ل ا ي عل هات ب ش عداء ا لام س! لا ا( 8 ) ات ب ل ا ث ل ا ب ل ا هات ب ش ول ح اء ب, ب ن لا ااد عد! ا 0 ث ح ا ب ل ا ي ف3 ن5 را لق ا ة ن س ل وا ي عل3 ن ب ف ي ا ن ود ح ش ل ا1

Upload: others

Post on 20-Feb-2020

6 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

شبهات حول الأنبياء 3

المفصل في الرد على شبهات أعداء الإسلام

(8)

الباب الثالث

شبهات حول الأنبياء

إعداد

الباحث في القرآن والسنة

علي بن نايف الشحود

الباب الثالث

شبهات حول الأنبياء

شبهه حول نبي الله سليمان

بسم الله الرحمن الرحيم

[ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب*إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد*فقال إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب ردوها على فطفق مسحاً بالسوق والأعناق]

هل يعقل ان يكون تفسير هذه الآية أن نبى الله سليمان الذى وصفته الآية بأنه نعم العبد وأنه أواب تلهيه الجياد عن صلاة العصر حتى توارت الشمس واقترب المغرب فدعا الله ان يرد الشمس حتى يصلى العصر فردت..وللتعبير عن غضبه على الجياد التى ألهته عن صلاة العصر قام وقطع سوقها وأعناقها مسحاً بالسيف!!!

وهل يعقل ان يقتل نبى الله سليمان حيوانات لا تعقل وتستخدم كأداة لدفع عدوان الأعداء وللزود عن عباد الله المؤمنين الذين يدافعون عن دين الله

وهل نبى الله سليمان الذى وصفه الله بهذه الأوصاف الحميدة يعترف أن الجياد ألهته عن ذكر الله

هذا التفسير الخاطئ قد أخفى معنى الآية الحقيقى والذى يحمل فى طياته إعجاز يضاف إلى جملة الإعجاز القرآنى

لنرى ما يقول الطب البيطرى:- للحيوانات الأهلية أمزجة متباينة ,وطباع تتقلب بين الدعة والشراسة لذلك يجب على من يقترب منها الحذر والحيطة خصوصاً الغريب الذى لم يسبق له الاقتراب منها وخدمتها,, لذلك يجب ان يظهر فاحص الخيل نحوه العطف فيربت على رأسه ورقبته وظهره حتى يطمئن الحصان ويعلم ان القادم عليه صديق فلا يتهيج او يرفس

ولأن أهم أجزاء الحصان قوائمه لأنه يجرى عليها,والجرى من أهم صفات الحصان الرئيسية

فإن أول ما يتجه إليه الإنسان عند فحص الخيل هو اختبار قوائمه ويقول كتاب [أصول الطب البيطرى] ولرفع القائمة الأمامية للحصان يمسك الفاحص بزمام الحصان ويقف الفاحص بجوار كتفه متجهاً للمؤخرة ثم يربت له على جانب رقبته وكتفه إلى ان يصل باليد إلى المرفق فالساعد فيصل

المسافة بين الركبة والرمانة,, وهنا يشعر الحصان باليد التى تمسك اوتار قائمته فيرفع قائمته طائعاً مختاراً.

أما قياس نبض الخيل فهو من أهم الأمور لأن قياس النبض يعطى فكرة عن حالة الحصان المرضية

وقياس نبض الخيل يكون من الشريان تحت الفكى والشريان الصدغى والشريان الكعبرى...وإذا كان قياس نبض الخيل عند هدوئه يكشف عن حالة الحصان المرضية,,فإن قياس نبضه لمعرفه حالة قلبه ودرجه إحتماله لابد ان تكون بعد قيام الحصان بشوط من الجرى

لذلك اصبحت هذه الطريقة دستوراً يعمل بها لفحص الخيول فأولا الفحص الظاهرى للتأكد من صلاحيته شكلاً ومنظراً ثانياً يقوم الحصان بالعدو لشوط كبير قدر الإستطاعة ومراقبته اثناء العدو ثم قياس نبضه. [وهذا ما فعله نبى الله سليمان انه امر ان تعدو الخيل إلى اقصى وابعد ما يستطاع حتى توارت بالحجاب ولم تعد رؤيتها مستطاعة,,,ثم طلب ان تعود بعد هذا الشوط من العدو وبعدها قام بقياس نبضها من الشريان تحت الفكى والصدغى والكعبرى ثم قام بفحص الساق لمعرفة اثر العدو عليه وطاقة الساق عليه بعد هذا المجهود من العدو.]

المصدر: كتاب من الآيات العلمية للعلامة عبد الرزاق نوفل رحمه الله

================

شبهة شاول الملك أو جدعون القاضى

الأزهر

شاول الملك أو جدعون القاضى

جاء فى سورة البقرة: (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً.. (إلخ (1).

وهذه القصة هى قصة طالوت وداود لما فتحا فلسطين.

ووجه الإشكال أنه قال فيها: إن الله امتحن جيش طالوت بالشرب من النهر. والامتحان لم يكن لجيش طالوت وإنما كان لجيش جدعون وهو يحارب أهل مدين [قضاة 7: 1ـ8].

الرد على الشبهة:

إن سفر القضاة سفر تاريخى ، وسفر صموئيل الأول الذى أورد قصة طالوت وداود سفر تاريخى. فأى مانع يمنع من خطأ المؤرخ فى نقل جزء من قصة إلى قصة أخرى مشابهة لها. خاصة وأنه ليس معصوماً كالنبيين والمرسلين الحقيقيين ؟

ولهذا أمثلة كثيرة منها أن هذا النص مذكور مرتين: مرة فى سفر الخروج ، ومرة فى سفر التثنية من التوراة السامرية. ومذكور مرة واحدة فى سفر التثنية من التوراة العبرانية واليونانية. وهو: " نبيًّا أقمت لهم من حملة إخوتهم مثلك وجعلت خطابى بغيه ؛ فيخاطبهم بكل ما أوصيه به.

ويكون الرجل الذى لا يسمع من خطابه الذى يخاطب باسمى ؛ أنا أطالبه. والمتنبئ الذى يتقح على الخطاب باسمى ما لم أوصه من الخطاب ، ومن يخاطب باسم آلهة أخرى ؛ فليقتل ذلك المتنبئ. وإذ تقول فى سرك: كيف يتبين الأمر الذى لم يخاطبه الله ؟ ما يقوله المتنبئ باسم اللهو لا يكون ذلك الأمر ولا يأتى ؛ هو الأمر الذى لم يقله الله. باتّقاح قاله المتنبئ. لا تخف منه ".

-------------

(1) البقرة: 247

=================

شبهة - فرعون بنى برج بابل بمصر

الأزهر

- فرعون بنى برج بابل بمصر

إن فى القرآن أن فرعون طلب من هامان أن يبنى له برجاً. وهذا خطأ لأن البرج من بناء الناس فى " بابل " من بعد نوح.

الرد على الشبهة:

إن فرعون طلب من وزيره الملقب بهامان أن يوقد له على الطين ليجعل له صرحًا. ولم يرد فى القرآن أنه أوقد له على الطين وجعل له صرحًا. ولو أنه أوقد وجعل فما هو الدليل على أن صرح مصر هو برج بابل ؟ ومن المحتمل أنه أراد ببناء الصرح ؛ التهكم على موسى

==================

رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم

ما يراه الإنسان في أثناء نومه إن كان شيئاً يسرَّه فتلك رؤيا صالحة وهي من الله تعالى.

قال صلى الله عليه وسلم : " لم يبق من النبوة إلا المبشرات " رواه البخاري . وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : " إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله تعالى فليحمد الله عليها وليحدِّث بها" رواه الشيخان وفي رواية : "فلا يحدث بها إلا من يحب" وإن كانت هذه الرؤيا لا تسره فذلك حلم من الشيطان فلينفث عن يسراه ثلاث مرات وليتعوَّذ من شرها فإنها لا تضره ولا يلقي لها بالاً ولا يخبر بها أحداً فهي وسوسة من الشيطان .

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [يونس: 64] قال: ما سألني عنها أحد قبلك هي الرؤيا الحسنة يراها المرء أو تُرى له " رواه الترمذي وأحمد وحسَّنه الترمذي ورواه الطبراني بإسناد قوي. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي " رواه الشيخان. وروى الشيخان عن أبي هريرة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رآني فسيراني في اليقظة " .

هكذا يتبين لنا أن من يرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في منامه فهذه رؤيا صالحة وبشارة من الله تعالى إما بحُسن الخاتمة والوفاة على الإيمان أو أن الرؤيا قد تكون موعظة لصاحبها وتذكِرة له . وقال العلامة المناوي رحمه الله تعالى : يراه رؤية خاصة في الآخرة بصفة القرب والشفاعة.

ينبغي أوَّلاً ملاحظة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوصافه الشريفة و أخلاقه المنيفة ليسهل تطبيقه بعد الرؤية في المنام عليها.

و حقيقة الرؤيا اعتقادات يخلقها الله في قلب النائم كما يخلقها في قلب اليقظان يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم و لا يقظة . و قوله من رآني في المنام فقد رآني، أي من رآني في حال النوم فقد رآني حقّاً أو فكأنما رآني في اليقظة فهو على التشبيه و التمثيل و ليس المراد رؤية جسمه الشريف و شخصه المنيف بل مثاله على التحقيق.

وقوله فإنّ الشيطان لا يتمثَّل بي أي لا يستطيع ذلك لأنه سبحانه و تعالى جعله محفوظاً من الشيطان في الخارج فكذلك في المنام سواء رآه على صفته المعروفة أو غيرها قال العلامة القرطبي رحمه الله تعالى رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال ليست باطلة ولا أضغاثاً، بل هي حق في نفسها، ولو رُؤي على غير صورته صلى الله عليه وسلم، فَتصَوُّر تلك الصورة ليس من الشيطان، بل هي من قِبَل الله تعالى .

ولقد اتفق العلماء أنه من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام على الهيئة التي وُصِفَت لنا في كتب الشمائل بسند صحيح فقد رآه قطعاً وأما من رآه على غير الصورة المذكورة في السُنَّة الصحيحة كأن رآه حليقاً أسود اللون هنا وقع الخلاف بين العلماء .

فريق منهم قال إنه يكون قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة وإن كان المرئي ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم بعينه (أي ذاته) ولكن تُؤوَّل هذه الرؤية بحسب اختلاف حال الرائي لأنه صلى الله عليه و سلم كالمرآة الصقيلة ينطبع فيها ما يقابلها وفي ذلك يقول النووي رحمه الله تعالى :

والصحيح أنه يراه - صلى الله عليه وسلم الرائي في المنام - حقيقة، سواء كانت على صورته المعروفة أو غيرها .

و يُذكر أنّ رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم في صورة حسنة تدل على حُسن دين الرائي بخلاف رؤيته في صورة شين أو نقص في بعض البدن فإنها تدل على خلل في دين الرائي فبها يعرف حال الرائي فلذلك لا يختص برؤيته صلى الله عليه و سلم الصالحون بل تكون لهم ولغيرهم .

وقال فريق آخر من المحدثين والعلماء إنه من رآه عليه الصلاة والسلام على غير الصورة أو الأوصاف التي نُقِلَت إلينا فلا يُعتبر أنه رآه، واستدلوا على ذلك بأن بعض التابعين كان إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أخبر الصحابة فيقولون له صفه لنا فإذا كان رآه على وصفه بشَّروه بأنه رآه وإلا فلا .

سؤال : ما حكم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فأمره بطاعة ما وماذا لو أمره بمعصية ؟

الجواب : إذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بما يوافق الشرع كأن أمره بصوم يوم كذا مثلاً ونحو ذلك مما يوافق الشرع، يندب للرائي العمل به هو نفسه بشكل خاص ولا يأمر به الناس ولا يندب لغيره أن يأخذ به.

فلقد سُئلَ شيخ الإسلام زكريا الأنصاري أن رجلاً رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يأمره أن يأمر المسلمين أن يصوموا يوم كذا، فقال : لا يجب علينا صومه ولا نأمر به المسلمين بل يندب صومه للرائي فقط .

أما لو أُمِرَ بمعصية ففي ذلك شبهة أوضحها الإمام النووي فقال : أما الرؤية فجاء بها النص فلا يمكن للشيطان أن يتمثل به صلى الله عليه وسلم .

أما ما وراء الرؤية كالكلام وغيره فلم يأتِ فيه نص يمنع أن يكون الشيطان ألقى في سمع النائم وتلاعب به . وذلك يكون بأن يرى النائم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فيأتي الشيطان فيأمر النائم بأمور ويسمعها النائم فيظن أنها من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ممكن، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في عروقه " ..

ومن المعلوم أن الشيطان يحاول أن يلقي في روع الأنبياء فيبطل الله سبحانه وتعالى ما يلقيه فكيف لا يمكن له أن يلقي في روع أحدنا وهو نائم ؟ !!! ومن المعلوم أن الشيطان قد يتلاعب بالإنسان في نومه وقد يستعين بعض الفجار بالجن حتى يتلاعب بإنسان و الاحتلام هو باب من تلاعب الشيطان بالإنسان .

ثم قال النووي : وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم في المنام من قبيل الرواية والإخبار، والرواية والإخبار لا يُقبل فيه إلا الضابط، والنائم لا يعتبر ضابطاً، وذلك لأنه قد ينسى ويلقى الشيطان في روعه أشياء أخرى، ومن المعلوم أن أطول منام لا يتجاوز اللحظات القليلة وإنه أحسَّ به الإنسان أن طويل جداً "، بسط هذا الكلام الإمام النووي في تهذيب الأسماء والصفات.

( الموسوعة الإسلامية المعاصرة بتصرف

================

وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ? (الصافات-107

في مقالة بعنوان : ( من الذبيح إسماعيل أم اسحق ؟ ) نُشرت في احدى مواقع التنصير لكاتب اكتفى بأن يوقع عليها باسم : ( الشيخ المقدسي ) دون أن يعرفنا بنفسه اكثر . نفاجأ بموجة عارمة من الهجوم الضاري على الإسلام و المسلمين لا لشيء إلا لأنهم يقولون ربنا الله ! ؛ فيقول الكاتب في صدر مقالته : " كما احترف الإسلام العنف و الإرهاب هكذا أيضا احترف المسلمون التزوير . لم يشهد التاريخ أمة احترفت التزوير مثل أمة الإسلام ، تزوير الحقائق و طمس المعالم صفة أساسية تميز بها الإنسان المسلم . " ( !! )

حقا لقد جانبه الصواب بمقولته و تهجمه و سبابه ، فإن كان يخاطب بني دينه من النصارى فالبعض لن يرضوا بهذا السباب العلني منهم لأنه يتنافى مع رسالة المسيح عليه السلام الذي يقول : (أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ . ) متى 5 - 44 .

هذا حقا إن كان المسلمون أعداءكم و يسيئون إليكم و يطردوكم و لا يتعايشون معكم في سلام على أرض وطن واحد ! و إذا كان يخاطب الناس كافة من مسلمين و نصارى و يهود دفاعا عن قضية معينة ، أو حق يرى أن المسلمين قد سلبوهم إياه ، فقد أخطأ مرة ثانية بسبابه و هجومه الذي يسلبه كل الحقوق بل و ينفر منه قرّاءه و يبعد عنه من ينظر للموضوع بعين الحياد !!

• ما هو الموضوع ؟

و يورد الكاتب بعد ذلك مسألة ورد ذكرها في الكتب السماوية و تناولتها أقلام المفسرين المسلمين من قبل من بين مرجِّح أو غير مكترث ؛ ألا و هي : ( من هو الذبيح اسماعيل أم اسحق ؟ ) ، و يورد بعد ذلك دراسة مستفيضة في كتب المسلمين كذكره الأيات الكريمة التي وردت في هذا الموضوع في القرآن و بيان ذكر مرات اسماعيل من ذكر اسحاق عليهما و على نبينا الكريم افضل الصلاة و السلام محاولا اثبات تكريم القرآن لإسحق عن اسماعيل عليهما السلام ، و ذكر أيضا أراء المفسرين مع بيان ما وصلوا اليه من خلاف عندما تناولوا هذا الموضوع بالدراسة محاولا ايضا اثبات أن من ذكروا اسماعيل كذبيح بدلا من اسحق انما يبدل حقيقة ساطعة كالشمس ، و ذكر كذلك بعض من أراء المفسرين اليهود التي وردت في ( المدراج ) بل و ذكر رأي الشعراء العرب القدامى كالفرزدق و جرير و غيره ، لا لشيء إلا ليثبت للقاريء أن معظم الفقهاء بل و عامة الناس يؤيدون رأيه و الذي اعتبره من صميم عقيدة النصارى ؛ و هو أن الذبيح هو اسحق دون اسماعيل عليهما السلام !

و اورد رأيي الشخصي في هذا الموضوع كمسلم ، فأقول : إن الذبيح إذا كان إسماعيل أم إسحق عليهما السلام فالأمر لن يختلف كثيرا ؛ فكلاهما نبي كريم و ابن نبي كريم و نحن جميعا نؤمن بكل الأنبياء و برسالاتهم دون تفرقة بين احد منهم لقولع تبارك و تعالى : ? آمَنَ الرّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رّبّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ? ( البقرة- 285) ، فالأمر اجتباء و تشريف من الحق سبحانه و تعالى و كلاهما أهل له . و لم يرد في هذا حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم فنستند اليه و ينتهي الأمر ؛ هذا لأنه لا يؤثر في العقيدة و لا دخل له بالإيمان . فالمسلم الحق لا يبحث كثيرا في هذا ! و كما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين سئل عن هذا : إن هذا الشيء ما كنت لأنظر فيه ( قصص الأنبياء – ابن كثير )

• نظرة على القرآن الكريم :

و لكن اذا تناولنا أيضا الموضوع بالدراسة في ظل القرآن الكريم نرى الحق تبارك و تعالى يورد قصة الذبيح فيقول : ? وَقَالَ إِنّي ذَاهِبٌ إِلَىَ رَبّي سَيَهْدِينِ O رَبّ هَبْ لِي مِنَ الصّالِحِينِ O فَبَشّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ O فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السّعْيَ قَالَ يَبُنَيّ إِنّيَ أَرَىَ فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىَ قَالَ يَأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيَ إِن شَآءَ اللّهُ مِنَ الصّابِرِينَ O فَلَمّا أَسْلَمَا وَتَلّهُ لِلْجَبِينِ O وَنَادَيْنَاهُ أَن يَإِبْرَاهِيمُ O قَدْ صَدّقْتَ الرّؤْيَآ إِنّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ O إِنّ هََذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ O وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ O وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاَخِرِينَ O سَلاَمٌ عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ O كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ O إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ O وَبَشّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مّنَ الصّالِحِينَ O وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىَ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرّيّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لّنَفْسِهِ مُبِينٌ ? ( الصافات- 99 : 113 ) . فنرى أن النص القرآني يورد قصة الذبيح ثم يورد : ? وَبَشّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مّنَ الصّالِحِينَ ? و كأنه يقول : و من بعد هذا جاءت البشرى بإسحق عليه السلام . فمن يكون الذبيح ؟ إنه جدٌّ يكون الأمر متكلّفا اذا كان حديث الذبيح عن اسحق عليه السلام دون أن يسميه ، ثم يسميه بإسمه ، و يبشر أبيه به كنبي و من الصالحين . فهذا يتعارض مع بلاغة النص القرآني . و الله تعالى أعلى و اعلم .

و نورد أيضا رأي ابن كعب القرظي إذ يقول : يقول الحق تبارك و تعالى : ? وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ? (هود-71) فكيف تقع البشارة بإسحق و أنه سيولد له يعقوب عليهما السلام ، ثم يؤمر أبيه بذبحه و هو صغير قبل أن يولد له ؟ ( نفس المرجع السابق ) .

و ما سبق نورده للكاتب لا نريد به اقصاء الأمر عن احدهما دون الأخر عليهما السلام جميعا ، و لكن لنثبت له أن استعمال العقل و التفكير في نصوص قرآنية ثابتة لن يبلغك ما تريد من زرع بذرة الشك في نفس القاريء المسلم بل على العكس انه شيء مردود عليه و من نص القرآن فكلمة الله تتكلم عن نفسها .

• و ماذا تقول التوراة ؟

و ليسمح لي الكاتب هنا بدراسة الموضوع كما تعرضه التوراة و لنقرأ النص معا : ( وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ إِسْحَاقَ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ». ) تكوين 22 : 1-2.

فنجد النص يسمي اسحق بأنه ابن ابراهيم الوحيد ! و واقع الأمر أن اسحق لم يكن أبدا ابنا وحيدا لأبراهيم عليهما السلام في أي لحظة من حياته ؛ لأنه عندما ولد كان لإسماعيل عليه السلام أربعة عشر عاما – بنص التوراة - فكيف يكون اسحق وحيده ؟ هل الرب مثلا لا يعترف بزيجة ابراهيم و هاجر لكونها جارية ؟ و الإجابة : لا ! لأن الترواة أيضا تقول : (وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ ) تكوين 21 : 13 . حقا أنه يعترف في مواضع اخرى بأنه بإسحق يدعى لإبراهيم نسلا ( تكوين 17 : 19 و 21 : 12 ) و لكن ليس معنى أن يتبرأ منه . و إن كان قد نبذه و امه في البرية فما انقطعت صلته به أبدا و لا صلته بأخيه من بعده بدليل ما تقصه التوراة عن موت ابراهيم فتقول : ( وَدَفَنَهُ إِسْحَاقُ وَإِسْمَاعِيلُ ابْنَاهُ فِي مَغَارَةِ الْمَكْفِيلَةِ ) تكوين 25 : 9 ، و بذلك فلم يكن اسحق الوحيد أبدا !

فالنص بهذا لا يكون معقولا عند التفكير فيه . فإذا حُذِفت من النص كلمة ( وحيدك ) يكون المعنى معقول و مقبول ! أو تُستبدل ( اسحق ) بـ ( إسماعيل ) فيكون ايضا كذلك !

و لا نريد بهذا أيضا أن نفاضل بين أنبياء الله - كما أسلفنا – ولكن لأثبت للكاتب أنه إذا أردت اخراج دليلا عقليا من التوراة لما تريد فهو موجود !

و في النهاية أقول للكاتب : إن المسلمين لا يكترثون بمسألة الذبيح و لا يفاضلون بين أنبياء الله فما هكذا علمنا ديننا ، و لا يدخلون في نزاع و لا تفاخر بالأجداد مع اليهود أو حتى مع الفرس الذين جعلهم الكاتب من نسل اسحق و قد جانبه الصواب في ذلك أيضا فهم ليسوا من بنى اسرائيل و لا من بني سام من الأصل كما هو وارد في كتب التاريخ و كما يعرف العرب الذين جعلهم يحرفون التوراة الذين لم يعرفوها من اجل صراعهم القادم مع الفرس !!

أيضا قد أنزل الله عز و جل القرآن على نبيه صلى الله عليه و سلم هدى و نور لمن يقرأه و يتدبره و ليس لمن ينظر له بعين السخط و الحقد و الكراهية . فالكاتب و غيره ممن يوجهون الشبهات للقرآن يوما بعد يوم لا يدرسونه دراسة مستفيضة و تبحث أعينهم في كل حرف منه عن نقص أو عيب أو تأويل محرّف و ذلك لكي يرضوا غرورهم و ظنهم أنهم قد نالوا منه ، و حقيقة الأمر أنهم لو حكَّموا العقل المجرد و الفطرة السليمة لوجدوا عكس مايقولون .

اللهم اهدنا لما اختلفنا فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .

كتبه الأخ / طارق

==================

شبهة قصة ذى الكفل

الأزهر

قصة ذى الكفل

يقول المعترض: إنه جاء فى القرآن ذكر نبى اسمه (ذا الكفل) وليس فى التوراة مسمى بهذا الاسم. وذكر من كلام البيضاوى كلاماً فى شأنه ، وذكر أيضاً كلاماً لغيره.

الرد على الشبهة:

هو أنه جاء فى كتاب " نزهة المشتاق " ومؤلفه يهودى يحكى فيه تاريخ يهود العراق: أن (ذا الكفل) الذى ورد اسمه فى القرآن هو نبى الله حزقيال. وكان معاصراً لسبى اليهود فى بابل

==================

شبهة لم تنزل مائدة من السماء

الأزهر

لم تنزل مائدة من السماء

إن فى سورة المائدة: أن الحواريين قد طلبوا مائدة من السماء. وأن الله قال (إنى منزلها عليكم (ولا يقول الإنجيل: إن تلاميذ المسيح طلبوا منه آية من السماء ، ولا يقول: إن مائدة نزلت من السماء.

الرد على الشبهة:

إن المعترض غير دارس للإنجيل وغير دارس للتوراة. وذلك لأن فى إنجيل يوحنا أن الحواريين طلبوا آية من السماء " فقالوا له: فأية آية تصنع ؛ لنرى ونؤمن بك ؟ ماذا تعمل ؟ آباؤنا أكلوا المنّ فى البرية. كما هو مكتوب: أنه " أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا " [يو 6: 30ـ31].

إنهم طلبوا مائدة من السماء ؛ لأنهم قالوا: " آباؤنا أكلوا المن فى البرية " بعد قولهم " فأية آية تصنع لنرى ونؤمن بك ؟ " واستدلوا على أكل آبائهم للمن بقولهم مكتوب فى التوراة أنه أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا. وهذا يدل على أن آباءهم أكلوا المن والسلوى فى سيناء. والنص هو: " وأمطر عليهم منّا للأكل وبرّ السماء أعطاهم " [مزمور 78: 24].

فهل نزل المن من السماء ؟ وقد سماه داود ـ عليه السلام ـ مائدة فى قوله عنهم: " قالو: هل يقدر الله أن يرتب مائدة فى البرية ؟ " [مز 78: 19] فمعنى نزوله من السماء: أنه من جهة الله لا من جهة إله آخر. ونص إنجيل يوحنا يبين أنهم طلبوا مائدة من السماء. ذلك قوله: " أنه أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا " فإذا بارك الله فى طعام من الأرض ليشبع خلقاً كثيراً ؛ فإنه يكون مائدة من السماء. كالمن النازل من السماء. وهو لم ينزل من السماء وإنما كان على ورق الشجر ، وكالسلوى.

ومن أعجب العجب: أن مؤلف الإنجيل قال كلاماً عن المسيح فى شأن محمد رسول الله لا يختلف اثنان فى دلالته عليه صلى الله عليه وسلم. وقد استدل المسيح فيه عليه صلى الله عليه وسلم بنص فى الإصحاح الرابع والخمسين من سفر إشعياء.

ويقول المعترض: ولعلّ قصة القرآن عن نزول مائدة من السماء نشأت عن عدم فهم بعض آيات الإنجيل الواردة فى متى 26 ومرقس 24 ولوقا 22 ويوحنا 13. وغرضه من قوله هذا أن لا يعرف المسلمون موضع المائدة من الأناجيل لأنها بصدد كلام من المسيح فى شأن محمد رسول الله ، وموضعها الإصحاح السادس من إنجيل يوحنا

================

نبى الله يونس - هل عصى ربه او غوى ؟

وردت الشبهة فى قوله تعالى (( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)) و قوله تعالى (( إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ )) ، فقالوا : كيف يعصى يونس أمر ربه ؟ و كيف يظن أن الله القادر على كل شىء لن يقدر عليه ؟

بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:

قال الإمام ابن حزم فى الملل (فأما يونس عليه السلام فلم يغاضب ربه ، و لم يقل تعالى أنه ذهب مغاضباً ربه ، فمن زاد هذه الزيادة كان قائلاً على الله الكذب و زائداً فى القرأن ما ليس منه ، و هذا ما لا يجوز فإنما هو غاضب قومه و لم يوافق ذلك مراد الله تعالى و إن كان يونس لم يقصد بذلك إلا رضاء الله عز و جل،و الأنبياء يقع منهم السهو بغير قصد و يقع منهم الشىء يراد به وجه الله فيوافق خلاف مراد الله تعالى))

و هذا هو المعنى الصحيح و الذى يتضح جلياً بفهم قوله تعالى ((فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ)) ، "جاء رجل فسأل ابن عباس: كيف يظن نبى الله يونس أن الله لن يقدر عليه؟ فقال ابن عباس: ليس هذا، ألم تقرأ قول الله تعالى ((وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ))

قال الإمام القرطبى فة تفسير قوله تعالى ((فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ ))

[قِيلَ : مَعْنَاهُ اسْتَنْزَلَهُ إِبْلِيس وَوَقَعَ فِي ظَنّه إِمْكَان أَلَّا يَقْدِر اللَّه عَلَيْهِ بِمُعَاقَبَتِهِ . وَهَذَا قَوْل مَرْدُود مَرْغُوب عَنْهُ ; لِأَنَّهُ كُفْر . رُوِيَ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر حَكَاهُ عَنْهُ الْمَهْدَوِيّ , وَالثَّعْلَبِيّ عَنْ الْحَسَن . وَذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ وَقَالَ عَطَاء وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَكَثِير مِنْ الْعُلَمَاء مَعْنَاهُ : فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُضَيِّق عَلَيْهِ . قَالَ الْحَسَن : هُوَ مِنْ قَوْله تَعَالَى : " اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِر " [ الرَّعْد : 26 ] أَيْ يُضَيِّق . وَقَوْله " وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقه " [ الطَّلَاق : 7 ] . قُلْت : وَهَذَا الْأَشْبَه بِقَوْلِ سَعِيد وَالْحَسَن . وَقَدَرَ وَقُدِرَ وَقَتَرَ وَقُتِرَ بِمَعْنًى , أَيْ ضُيِّقَ وَهُوَ قَوْل اِبْن عَبَّاس فِيمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ وَالْمَهْدَوِيّ .

وَقِيلَ : هُوَ مِنْ الْقَدْر الَّذِي هُوَ الْقَضَاء وَالْحُكْم ; أَيْ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْضِي عَلَيْهِ بِالْعُقُوبَةِ ; قَالَهُ قَتَادَة وَمُجَاهِد وَالْفَرَّاء . مَأْخُوذ مِنْ الْقَدْر وَهُوَ الْحُكْم دُون الْقُدْرَة وَالِاسْتِطَاعَة]

فكلمة نقدر عليه لا تشير ههنا إلى معنى الإستطاعة فهذا ما لا يظنه أحاد الناس فضلاً عن نبى ، و إنما تشير إلى معنى التضييق، فيونس عليه السلام لما دعى قومه للتوحيد و نفروا منه و أذوه تركهم غضباناً لله و لم يظن أن الله يحاسبه و يضيق عليه لذلك، و إنما حاسبه الله لأنه لم يصبر عليهم و خرج منهم قبل الإذن ، كما قال تعالى ((فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ )) و قد نبه رسول الله (ص) إلى هذا الأمر و حذر من أن يسىء إنسان الظن بنبى الله يونس فقال عليه الصلاة و السلام: (( لا يقولن أحدكم إني خير من يونس )) رواه البخارى

عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه "قال - يعني الله تبارك وتعالى - لا ينبغي لعبد لي (وقال ابن المثنى : لعبدي) أن يقول : أنا خير من يونس بن متى، عليه السلام"رواه مسلم.

و قال عليه الصلاة و السلام: ((ما ينبغي لنبي أن يقول : إني خير من يونس بن متى)) صحيح أبو داود للألبانى

و قال عليه الصلاة و السلام ((ومن قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب)) صحيح ابن ماجة

و هذا من تعظيم رسول الله (ص) لشأن اخوانه الأنبياء و دفاعه عنهم عليهم صلوات الله أجمعين

و هفوة نبى الله يونس هذه لو صدرت عن غيره لاعتبرها فى ميزان الفضيلة و لكن يونس عليه السلام أوخذ يها نظراً لرفيع مقامه كما نقول دائماً (حسنات الأبرار سيئات المقربين) ، و فعاقب الله تعالى نبيه يونس بموجب (التربية الخاصة) لتزكية نفسيه الطاهرة و السمو بها عن كل شائبة، و قد تضرع عليه السلام إلى ربه منيباً معترفاً بخطئه فقال عليه السلام " لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين .." فاستجاب له ربه تعالى و جعل دعاءه هذا مأثوراً لرفع الكرب إلى يوم القيامة،

================

المَلام لمَن أخطأَ في حقّ يونس عليه السلام

بقلم المهندس مراد عبد الوهاب الشوابكه

من المشاكل التي يواجهها المسلمون اليوم هي هجر القرءان الكريم، فلا تكاد تركب في حافلة أو تدخل في سوق إلا وتجد أصوات الأغاني الماجنة تتعالى في كل مكان كأنّها أصوات الشياطين، وقلّما تسمع فيها القرءان، وكأن القرءان الكريم قد أُنزِلَ فقط على أهل مكّة ولا ينبغي لك أن تسمعه إلا في المسجد، فلا غرابة إذن أن نجد من بين أبناء المجتمع الإسلامي وسط هذه الأجواء الصاخبة بما لا يرضي الله عزّ وجلّ من لا يكاد يفهم القرءان، فقد تبدّلت لغتهم القرآنية الفصيحة بكلمات ماجنة ركيكة طغت على القلوب الصحيحة فأشربتها بحب الشهوات وأبعدتهم عن فهم كلام ربّ الأرض والسماوات.

وأرجوكم أن تعذروني على هذا الكلام، ولكنها الحقيقة التي لن نجد عن قولها مصرفاً، لأنها داءٌ عضال استشرى في جسد الأمة حتى أردى بأبنائها الضِعاف في مهالك الشبهات والفهم الخاطئ لكلام الله عزّ وجل، واليوم سنتحدّث إليكم حول تصحيح خطأ فاحش وقع فيه الكثيرون من الذين إضيَقَّت مداركهم اللغوية حتى وصل بهم الحال إلى القول بأنّ يونس عليه السلام قد شكَّ في قدرة الله عليه (حاشا لله) ولكن هؤلاء للأسف اكتفوا بظاهر القرءان ولم يفهموا معناه ولم يقرؤوا التفاسير لذا جاءت هذه المقالة بعد ما سمعت من بعضهم هذا الفهم الخاطئ.

يونس بن متّى عليه السلام " ذو النون ":

هو أحد أنبياء الله عزّ وجلّ الذين ورد ذكرهم في القرءان الكريم لمقصد عظيم هدفه شحذ همم الدعاة إلى الله تعالى وتحذيرهم من مغبّة الوقوع في اليأس من الدعوة إليه لأن مفاتيح القلوب بيد الله عز وجل وما عليك إلا البلاغ المبين فلعلك مع كثرة الدعاء والبلاغ توافق لحظة صفاء فطرة عند من تدعو فيكون ذلك سببا لهدايته وصلاحه .

أما سيدنا يونس عليه السلام فقد أرسله الله إلى أهل نينوى ليدعوهم إلى عبادة الله عز وجل، وترك ما يدعون من دونه، فما كان جواب قومه إلا أن كذّبوا دعوته وأصرّوا على كفرهم، فلمّا رأى هذا العناد والكفر تركهم مغاضباً، فركب البحر، حتى إذا ماجت السفينة بمن فيها ألقي بيونس عليه السلام بعد أن إستهموا عليه فابتلعه الحوت في بطنه وضيَّق عليه في جوفه فنادى في الظلمات أن لا اله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين، فنجّاه الله عز وجل مما فيه.

أمّا الخطأ الفاحش الذي وقع فيه البعض فهو قولهم بأن سيدنا يونس عليه السلام كان لديه شكّ في قدرة الله عزّ وجلّ ونسوا بذلك أنهم بمقولتهم هذه قد أخرجوه من دائرة الإيمان إلى الكفر، وهذا ما لا ينبغي أن يقال عن مؤمن عاديّ، فكيف يرضونه لنبي كريم ؟

وسبب هذا القول هو عدم فهم الآية 87 من سورة الأنبياء كما ينبغي :

بسم الله الرحمن الرحيم

" وذَا النُّونِ إذ ذَّهَبَ مُغاضِباً فظَنَّ أن لَّن نَّقدِرَ عَليهِ فَنَادَى فِي الظُّلمَاتِ أن

لآ إله إلا أنت سُبْحَانكَ إنّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينْ "

صدق الله العظيم

أمّا قول الله عز وجل" فظَنَّ أن لَّن نَّقدِرَ عَليهِ " ليس بمعنى أنّ يونس عليه السلام قد شكّ في قدرة الله عليه، إذ يستوجب ذلك منّا أن نحيط بمعاني كلمة نَّقدِرَ اللغوية :

من المعجم الوسيط :

بإرجاع كلمة نَّقدِرَ إلى أصلها الثلاثي قَدَرَ ، نجد :

قَدَرَ اللهُ على فلان : معناها ضَّيَقَ عليه و وابتلاه ، وفي التنزيل العزيز :

" وأمّا إذا ما ابتلاه فَقَدَرَعليه رزقه "

فالقدر إذن هو وقوع البلاء من الله عز وجل على الإنسان نتيجة تقصيرٍ بَدَرَ منهُ ، أما إذا لم يدرك هذا الشخص وقوعه في المحظور فربّما يتبادر إلى ذهنه ويظن بأن الله لن يعاقبه على فعلته ولن يقدر عليه ـ لن يعاقبه ويبتليه ـ وهذا تماما ما حصل مع يونس عليه السلام إذ أنّه بعد ما ترك دعوة قومه ظنّ أن الله لن يبتليه لكن الله ضيّق عليه بطن الحوت .

وختاماً نسأل الله عز وجل أن يفقهنا في الدين ويجعلنا من الذين يتدبرون القرءان ويقيمون حروفه وحدوده ، وأن نكون ممن حسّنوا ظَنّهم بالله وأنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام .

مع تحيّات م.مراد عبد الوهاب الشوابكه

[email protected]

المصادر والمراجع :

---

(1) القرءان الكريم

(2) تفسير القرءان العظيم للإمام الحافظ ابن كثير

(3) في ظلال القرءان – سيّد قطب

(4) المعجم الوسيط – الجزء الثاني – ط3

====================

المفاضلة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين يونس بن متى عليه السلام

الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

من درس: المفاضلة بين الأنبياء

قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

[وأما ما يروى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لا تفضلوني عَلَى يونس} وأن بعض الشيوخ قَالَ: لا يفسر لهم هذا الحديث، حتى يعطى مالاً جزيلاً، فلما أعطوه فسره بأن قرب يونس من الله، وهو في بطن الحوت، كقربي من الله ليلة المعراج، وعدوا هذا تفسيراً عظيماً، وهذا يدل عَلَى جهلهم بكلام الله وبكلام رسوله لفظاً ومعنى، فإن هذا الحديث بهذا اللفظ لم يروه أحد من أهل الكتب التي يعتمد عليها، وإنما اللفظ الذي في الصحيح {لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى} وفي رواية {من قَالَ: إني خير من يونس بن متى فقد كذب}

وهذا اللفظ يدل عَلَى العموم أي: لا ينبغي لأحد أن يفضل نفسه عَلَى يونس بن متى، ليس فيه نهي الْمُسْلِمِينَ أن يفضلوا محمداً عَلَى يونس، وذلك لأن الله تَعَالَى قد أخبر عنه أنه التقمه الحوت وهو مليم، أي فاعل ما يلام عليه، وقال تعالى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87].

فقد يقع في نفس بعض النَّاس أنه أكمل من يونس، فلا يحتاج إِلَى هذا المقام، إذ لا يفعل ما يلام عليه، ومن ظن هذا فقد كذب، بل كل عبد من عباد الله يقول ما قال يونس: أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] كما قال أول الأَنْبِيَاء وآخرهم، فأولهم آدم قد قَالَ: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23].

وآخرهم وأفضلهم وسيدهم مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الحديث الصحيح حديث الاستفتاح من رواية على بن أبي طالب وغيره بعد قوله: {وجهت وجهي} إِلَى آخره، {اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، لا يغفر الذنوب إلا أنت} إِلَى آخر الحديث، وكذا قال موسى عَلَيْهِ السَّلام: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [القصص:16] وأيضاً فيونس صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قيل فيه فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [القلم:48] فنُهي نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التشبه به، وأمره بالتشبه بأولي العزم، حيث قيل له: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35] فقد يقول من يقول: (أنا خير منه) وليس للأفضل أن يفخر عَلَى من دونه، فكيف إذا لم يكن أفضل فإن الله لا يحب كل مختال فخور.

وفي صحيح مسلم عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: {إن الله أوحي إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد عَلَى أحد، ولا يبغي أحد عَلَى أحد} ، فالله تَعَالَى نهى أن يفخر عَلَى عموم المؤمنين، فكيف عَلَى نبي كريم، فلهذا قَالَ: {لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى} ، فهذا نهي عام لكل أحد أن يتفضل ويفتخر عَلَى يونس.

وقوله: {من قال: إني خير من يونس بن متى فقد كذب} ، فإنه لو قدر أنه كَانَ أفضل، فهذا الكلام يصير أنقص، فيكون كاذباً، وهذا لا يقوله نبي كريم بل هو تقدير مطلق، أي من قال هذا فهو كاذب وإن كَانَ لا يقوله نبي كما قال تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65] وإن كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معصوماً من الشرك، لكن الوعد والوعيد لبيان مقادير الأعمال] اهـ.

الشرح:

ذكر المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ بعض التفاسير لحديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا تفضلوني عَلَى يونس بن متى} وذكر أن بعض أصحاب الطرق أو بعض أدعياء العلم الباطن من مشايخ الصوفية الذين يدعون العلم الباطن -ولم أستطع أن أعثر عَلَى ترجمته- يقول في معنى هذا الحديث: أنا أفسر لكم معنى هذا الحديث، لكن بشرط أن تعطوني مالاً جزيلاً -وسوف أشرحه لكم بالشرح الإشاري الصوفي- ويسمون تفسيرهم للقرآن تفسيراً إشارياً باطنياً.

فيفسرون الآية عَلَى خلاف ما جاءت به، كما في كثير من تفاسيرهم، مثل تفسير روح المعاني وغيره، فوافقوا عَلَى ذلك فأعطوه مالاً جزيلاً، وقالوا له: اشرح لنا الحديث.

فقَالَ: معناه "إن قرب يونس من الله وهو في بطن الحوت كقربي من الله ليلة المعراج".

فَقَالُوا: يستحق الشيخ أن نعطيه كل المال من أجل هذا المعنى العظيم، وهذا دليل عَلَى جهلهم بكتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبمعاني حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجهلهم بالسنة أيضاً.

وقد قال بعض العلماء: إن هذه اللفظة هي: {لا تفضلوني عَلَى يونس بن متى} لم تصح وإنما ورد ما يدل عَلَى معناها عند بعض العلماء، كما في الصحيح قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من قَالَ: إني خير من يونس بن متى فقد كذب} ، وقد اختلف العلماء في فهم هذا الحديث، فبعض العلماء فهم من هذا أنه يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي: لا أحد يقول: إنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير من يونس.

والبعض الآخر قالوا: إن المقصود من قوله: إني -أي المتكلم- خير من يونس بن متى، فقد كذب، ويقول الحافظ ابن حجر : الرواية الأخرى {من قَالَ: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب} هي في صحيح البُخَارِيّ وتدل عَلَى أن المقصود من قوله "إني" أي المتكلم، لأنه يقول: من قال "أنا"، فأي أحد من النَّاس يقول: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب، لكن يُقال له:

أولاً: لم تصح هذه الرواية.

وثانياً: عَلَى فرض أنها ثبتت، فإن هذا المعنى الذي فهمه بعض العلماء، ليس عَلَى إطلاقه، لكن عَلَى فرض ذلك فلا يكون تفسيره بأن قرب مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ربه ليلة الإسراء والمعراج مثل قرب يونس، وهو في بطن الحوت، هذا المعنى باطل؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما اختص الملائكة قَالَ: وَمَنْ عِنْدَهُ [الأنبياء:19] وقَالَ: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب [فاطر:10].

فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما عرج به إِلَى السماء كَانَ في موضع التكريم، وهناك ما يدل عَلَى أن العلو كلما كَانَ أكثر، كلما كَانَ فيه تكريم، وقرب من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عنده، ولهذا سمى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الملأ الأعلى بهذا الإسم، لأنهم أعلى من أهل الدنيا لقربهم منه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكما جَاءَ في الحديث الآخر {وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه} .

فالشاهد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما وصل إِلَى ذلك المقام الأعلى الذي لم يصل ولن يصل إليه مخلوق قط، كَانَ هذا تكريماً له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو في هذه الحالة وبهذا العمل أفضل من كل النَّاس الذين لم يصلوا إليه وكذلك الأَنْبِيَاء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لم يحظوا بأن يصلوا إِلَى هذه الدرجة وإلى هذه المكانة، فهذا تعظيم للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو أفضل من يونس بن متى عليهما الصلاة والسلام.

فقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا يقل أحد: إني خير من يونس بن متى} ليس فيه منع تفضيل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يونس عَلَيْهِ السَّلام، وإنما الذي فيه النهي بأن أحداً لايجوز له أن يفضل نفسه عَلَى يونس عَلَيْهِ السَّلام، بأن يقول: إن يونس فعل ما يلام عليه، وأنا لم أفعل ما ألام عليه، ومع ذلك فإن يونس عَلَيْهِ السَّلام قد استغفر وتاب، وقَالَ: سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]. وفي قوله هذا دليل عَلَى أنه فعل ما يلام عليه، كما خاطب الله تَعَالَى نبيه بقوله: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [القلم:48].

وكان سبب لوم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليونس: أنه لما أمره أن ينذر قومه لم يصبر عَلَى أذاهم ولم يكن له العزم عَلَى مواجهتهم، وكذبوه إذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ [الصافات:140-142]، فكان هذا الفعل سبباً للوم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى له، وهذا دليل عَلَى أنه لم يكن من أولي العزم الذين قال الله تَعَالَى فيهم: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35] فأولوا العزم أفضل من يونس عَلَيْهِ السَّلام، وأفضل من آدم عَلَيْهِ السَّلام، من هذه الناحية؛ لأن الله تَعَالَى قال في حقه وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [طه:115] فآدم عَلَيْهِ السَّلام أيضاً لم يكن لديه عزم، ولذلك وقع في معصية الأكل من الشجرة، لكن هل معنى هذا أنه يجوز لأحدٍ من النَّاس أن يقول: إنه فعل ما يلام عليه، وأنا أفضل منه، لأني لم أفعل ما ألام عليه؟ لا يجوز لأحد ذلك.

أما قوله: سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] يذكر المُصْنِّف أن هذه العبارة يقولها كل عباد الله، قالها آدم عَلَيْهِ السَّلام: قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23] معنى قوله ربنا ظلمنا أنفسنا، أي: إقرار منهما بالظلم، وأيضاً قد قالها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث الاستفتاح {أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي} .

وقالها موسى عَلَيْهِ السَّلام: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي [القصص:16]، ويقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ إن الفخر محرم ومنهي عنه، ولا ينبغي للفاضل أن يفتخر عَلَى المفضول، فإذا كَانَ كذلك فمن باب أولى أن لا يفتخر المفضول عَلَى الفاضل!

وكيف يكون لأحدٍ من النَّاس كائناً من كَانَ في عبادته أو في ولايته أن يقول: إنه أفضل من يونس بن متى؟!

وقد تستغربون وتقولون: وهل يوجد أحد يقول: إنه أفضل من نبي من الأَنْبِيَاء؟!

نقول: نعم، هناك كثير من فرق وطوائف الصوفية يرون أن الولي أفضل من النبي فما بالكم بنبي الله يونس عَلَيْهِ السَّلام الذي ليس من أولي العزم! والذي ذكر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عنه هذا الفعل ولامه عليه وقَالَ: وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [القلم:48] يكون عندهم أقل بكثير جداً.

والخلاصة: أن الأرجح في معنى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من قال إني خير من يونس بن متى فقد كذب} أنه ليس معناه من قَالَ: إن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل من يونس بن متى فقد كذب، لكن من قَالَ: أنا، أي: من قال عن نفسه ذلك: ويأتي هنا إشكال كما ذكر المُصْنِّف أخيراً وهو لو أن نبياً قال ذلك!!

فنقول: لا يمكن أن يقول أي نبي إنه أفضل من يونس بن متى عَلَى سبيل الفخر والانتقاص ليونس بن متى عَلَيْهِ السَّلام، فإن القول الذي قاله يونس قاله كل الأَنْبِيَاء حتى نبينا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أفضل الأَنْبِيَاء جميعاً.

قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

[وإنما أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سيد ولد آدم لأنا لا يمكننا أن نعلم ذلك إلا بخبره إذ لا نبي بعده يخبرنا بعظيم قدره عند الله، كما أخبرنا هو بفضائل الأَنْبِيَاء قبله صلّى الله عليهم وسلم أجمعين، ولهذا أتبعه بقوله "ولا فخر" كما جَاءَ في رواية (وهل يقول من يؤمن بالله واليوم الآخر: إن مقام الذي أسري به إِلَى ربه وهو مقرب معظم مكرم كمقام الذي ألقى في بطن الحوت وهو مُليم؟!

وأين المعظم المقرب من الممتحن المؤدب، فهذا في غاية التقريب، وهذا في غاية التأديب، فانظر إِلَى هذا الاستدلال لأنه بهذا المعنى المحرف اللفظ لم يقله الرسول، وهل يقاوم هذا الدليل عَلَى نفي علو الله تَعَالَى عَلَى خلقه الأدلة الصحيحة الصريحة القطعية عَلَى علو الله تَعَالَى عَلَى خلقه التي تزيد عَلَى ألف دليل، كما يأتي الإشارة إليها عند قول الشيخ رَحِمَهُ اللَّهُ (محيط بكل شيء وفوقه)، إن شاء الله تَعَالَى] اهـ.

الشرح:

يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: يأتي إشكال وهو قوله صلى الله علهي وسلم: وقوله: {أنا سيد ولد آدم يَوْمَ القِيَامَةِ} مع القول بأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الفخر، وعن التفضيل، وأمر بالتواضع، والتفضيل حق وكونه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل الأَنْبِيَاء حق، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أنا سيد ولد آدم} حق، فكيف نجمع بين هذا وهذا؟

يقول: يكون الجمع بأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُعلم فضله، ولا يُعلم تفضيله عَلَى الأَنْبِيَاء إلا بالوحي، والوحي يأتينا عن طريقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو يُخبرنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فهذا من قبيل الإخبار، وعليه توضحه رواية (ولا فخر) وإن كَانَ فيها ضعفاً.

فقوله: (ولا فخر) أي لم أقل إني سيد ولد آدم يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى سبيل الفخر، فإن الفخر منهي عنه، والأمر والحال والشأن كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يا عباد الله تواضعوا حتى لا يفخر أحد عَلَى أحد} فليس قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أنا سيد ولد آدم} من الفخر، وإنما هو من قبيل الإخبار بالواقع وبالحقيقة الذي لا يمكن أن نعلمها إلا عن طريقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكما أخبر عن يَوْمَ القِيَامَةِ وما يكون فيها، ولا يعلم ذلك إلا بالخبر، فكذلك قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سيد الناس، أي: أفضل النَّاس في ذلك الموقف.

وهذا يربط الكلام بما قلنا: في أول الحديث: إن يَوْمَ القِيَامَةِ أمر خاص وتفضيله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاس فيه له خصوصية، ولهذا قَالَ: {أنا سيد ولد آدم يَوْمَ القِيَامَةِ} ، بينما لم يقل ذلك مطلقاً ولم يرد هذا اللفظ عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عن أصحابه مطلقاً، وإن كَانَ هو حق في ذاته.

ويقول راداً عَلَى الشيخ الضال: كيف لا يكون هناك فرق بين النبي الذي أسري به مكرماً معززاً مقرباً، وبين الممتحن المؤدب الذي التقمه الحوت تأديباً وعقوبة من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟

فهذه من حذلقة الصوفية ومن إشارتهم التي يفسرون بها كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى ما يقتضيه الهوى لا عَلَى ما يقتضيه الدليل والنص الشرعي.

تنبيه: قَالَ المُصْنِّفُ [قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من قَالَ: إني خير من يونس بن متى فقد كذب} ، فإنه لو قدر أنه كَانَ أفضل، فهذا الكلام يصبح نقصاً، فيكون كاذباً!!

وهذا لا يقوله نبي كريم، بل هو تقدير مطلق، وكما مر بنا أنا نفضل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جميع الأَنْبِيَاء كما ثبت ذلك، لكنه هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل أو غيره من الأنبياء: إني أفضل من فلان من الأنبياء، لأنهم متأدبون صلوات الله وسلامه عليهم، ومثلما نهانا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا يفخر بعضنا عَلَى بعض، فإن الأَنْبِيَاء صلوات الله وسلامه عليهم لا يفخر بعضهم عَلَى بعض، مع أن التفضيل بين المؤمنين حاصل، والتفضيل بين الأَنْبِيَاء حاصل، وهذا هو المراد بهذه العبارة،

==================

شبهة هاجر أو السيدة العذراء

الأزهر

هاجر أو السيدة العذراء

إنه جاء فى سورة مريم: أن مريم لما حملت بالمسيح انتبذت به مكاناً قصيًّا. وعندئذ قد جعل الله لها تحتها (سريًّا) أى نهرا جارياً لتشرب منه. وهذا فى التوراة عن هاجر أم إسماعيل ؛ فإنها لما عطشت هيأ الله لها عين ماء. وقد وضعه القرآن على مريم.

الرد على الشبهة:

إنه فسر السرى بالنهر الجارى. وليس كذلك. فإن الملاك ناداها بعدم الحزن ؛ لأن الله قد جعل تحت كفالتها ورعايتها غلاماً سيكون سيّدا. فالسرى هو السيد وليس هو جدول الماء. وقد تحقق هذا الوعد ؛ فإن المسيح صار سيِّدًا. أى معلماً للشريعة. وقال للحواريين عن هذا المعنى: " أنتم تدعوننى معلماً وسيداً. وحَسَناً تقولون ؛ لأنى أنا كذلك " [يو 13: 13

===================

شبهة سليمان أو أبشالوم

الأزهر

سليمان أو أبشالوم

إن داود وسليمان ـ كما فى القرآن ـ حكما فى الحرث ، وإن سليمان راجع داود فى الحكم.

ثم ذكر كلام المفسرين فى هذه القضية. وعقب عليه بقوله: القضية تليق بأبشالوم بن داود ؛ لأنه كان دائماً يعارض أقوال أبيه ولا تليق بسليمان.

الرد على الشبهة:

إن فى التوراة أن سليمان كان حكيماً. أحكم من جميع ملوك الأرض الذين سمعوا بحكمته. واللائق بحكمته هو الحكم فى الحرث. ففى الإصحاح الرابع من سفر الملوك الأول: " وفاقت حكمة سليمان حكمة جميع بنى المشرق ، وكل حكمة مصر ، وكان أحكم من جميع الناس من إيثان الأرزاحى ، وهيمان وكلكول ودردع بنى ماحول ، وكان صيته فى جميع الأمم حواليه وتكلم بثلاثة آلاف مثل ، وكانت نشائده ألفا وخمسا. وتكلم عن الأشجار من الأرز الذى فى لبنان ، إلى الزوفا الثابت فى الحائط ، وتكلم عن البهائم وعن الطير وعن الدبيب وعن السمك. وكانوا يأتون من جميع الشعوب ليسمعوا حكمة سليمان من جميع ملوك الأرض الذين سمعوا بحكمته " [امل 4: 30ـ34].

================

نوح دعا على قومة بالضلال

نوحاً ـ عليه السلام ـ قال لله تعالى: (ولا تزد الظالمين إلا ضلالاً ) (1) ؛ فكيف يدعو نوح ربه أن يزيد الناس ضلالاً ؟

الرد على الشبهة:

إن نوحاً لم يدع ربه أن يزيد الناس ضلالاً ، وإنما دعا على الظالمين من الناس. ومثل ذلك: ما فى التوراة عن الأنبياء فإنهم دعوا على الظالمين ، ولم يدعوا على كل الناس. ففى المزمور الثامن عشر: " من الرجل الظالم تنقذنى " ـ " مثل طين الأسواق ؛ اطرحهم " ، وفى الإنجيل يقول المسيح لله عن الذين آمنوا به: " احفظهم فى اسمك الذين أعطيتنى " [يو 17: 11] ولم يدع للكل.

(1) نوح: 24.

أ.د. محمود حمدى زقزوق - وزير الأوقاف

جزاه الله خيرا ً

================

شبهة هل طلبوا رؤية الله ؟

الأزهر

هل طلبوا رؤية الله ؟

إن فى القرآن أن بنى إسرائيل طلبوا رؤية الله. وفى التوراة أنهم قالوا لموسى: " تكلم أنت معنا ، ولا يتكلم معنا الله ؛ لئلا يموت " [خر 20: 19 ] فعكس القرآن الموضوع.

الرد على الشبهة:

إن المؤلف جاهل بما فى كتابه. وإن فيه:

أ ـ أن اليهود رأوا الله.

ب ـ وأن موسى طلب رؤية الله.

جـ ـ وأنهم طلبوا أن لا يروا الله.

(أ) فموسى لما أخذ العهد على اليهود أن يعملوا بالتوراة ، بكّر فى الصباح وبنى مذبحاً فى أسفل الجبل. وأخذ العهد. ثم قال الكاتب: " ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرئيل ورأوا إله إسرائيل ، وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف وكذات السماء فى النقاوة ، ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بنى إسرائيل فرأوا الله وأكلوا وشربوا " [خروج 24: 9ـ11].

(ب) وطلب موسى رؤية الله " فقال: أرنى مجدك " ورد عليه بقوله: " لا تقدر أن ترى وجهى.لأن الإنسان لا يرانى ويعيش " [خر 33: 18].

(ج) ولما تجلى الله للجبل ؛ حدث من هيبته حال التجلى نار ودخان وارتجف

كل الجبل جداً. فارتعب بنو إسرائيل من هذا المنظر ، وقالوا لموسى: إذا أراد الله أن يكلمنا مرة أخرى ؛ فليكن عن طريقك يا موسى ونحن لك نسمع ونطيع. فرد الله بقوله: أحسنوا فيما قالوا. وسوف أكلمهم فى مستقبل الزمان عن طريق نبى مماثل لك يا موسى من بين إخوتهم وأجعل كلامى فى فمه ؛ فيكلمهم بكل ما أوصيه به [تث 18: 15ـ22].

==================

المفهوم الصحيح لقول أبو الأنبياء : إني كَذَبت ثلاث كذبات وإِنَّي سَقِيمٌ

روى البخاري ومسلم حديث الشفاعة وطلب الناس من إبراهيم ـ عليه السلام ـ أن يشفع لهم فامتنع وقال "إني كَذَبت ثلاث كذبات" وهي قوله عندما سألوه عمن كسر الأصنام (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) وقوله عندما نظر في النجوم (إِنَّي سَقِيمٌ) وقوله عن زوجته سارة إنها أخته.

الأولى بأن إبراهيم لم يكذب، بل أثبت أنه صادق ولكن بطريقة غير مُباشرة، أو كان صِدْقُه قضية تحمل معها دليلها، فلو كنت أنت مثلاً خطاطًا ماهرًا ولا يجيد الكتابة أحد غيرك، ثم سألك شخص أُمي غير مجيد للكتابة وقال لك: أأنت كتبت هذا؟ فقلت له باستهزاء: بل أنت الذي كتبته، فالغرض هو إثبات الكتابة لك مع استهزائك بالسائل الذي ما كان ينبغي أن يوجه هذا السؤال الظاهر البطلان. ولذلك لما أجابهم إبراهيم ـ عليه السلام ـ بأن الذي كسَرَ الأصنام هو كبيرهم رجعوا إلى أنفسهم يتهمونها بالغباء. لاعتقادهم ألوهية من لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر، ولا يرد عن نفسه كيدًا، ولكن العناد جعلهم يتمادون في مجادلته وتكذيبه. ولجئوا أخيرًا إلى التهديد باستعمال القوة والعُنْف، وَهُوَ سلاح كل عاجز عن الاستمرار في المحاجة المنطقية.

والثانية وهي قوله: (إِنِّي سَقِيمٌ) بأنه كَانَ بالفعل سَقيمًا، وسقمه نفسي، وذلك من تماديهم في الباطل على الرغم من قوة الحُجة، كما قال الله تعالى في حَقِّ سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ (فَلَعَلَّكَ باَخعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفَا) (سورة الكهف: 6) فقد أوهمهم إبراهيم أنه سقيم الجسم على ما كانوا يعتقدون من تأثير الكواكب في الأجسام، وهو في الوقت نفسه سقيم النفس. وهذا الأسلوب من المعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب.

وعن الثالثة وهي وصف زوجته بأنها أخته ـ بأنه صادق في هذا الوصف؛ لأنها أخته في الدين كما جاء في صحيح الروايات ، وذلك ليخلصها من ظُلْم الجبار روى مسلم "ج 15 ص 123 بشرح النووي" أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لم يكذب إبراهيم النبي ـ عليه السلام ـ قط إلا ثلاث كذبات، ثنتين في ذات الله: قوله إني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم، ، وواحدة في شأن سارة، فإنه قدِم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها: إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي، فإنك أختي في الإسلام. فإني لا أعلم في الأرض مسلمًا غيري وغيرك، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار أتاه فقال له: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي لها أن تكون إلا لك. فأرسل إليها فأتى بها، فقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ إلى الصلاة، فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها، فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها: ادعى الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضة الأولى، فقال لها مثل ذلك ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين، فقال ادعى الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت وأطلقت يده ودعا الذي جاء بها فقال له: إنما أتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان ، فأخرجها من أرضي وأعطها "هاجر" قال: فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم ـ عليه السلام ـ انصرف، فقال لها "مهيم"؟ قالت: خيرًا ، كف الله يد الفاجر وأخدم خادمًا" قال أبو هريرة فتلك أُمكم يا بني ماء السماء.

اسم هذه الجبار مذكور في ص 81 من المجلد الثاني من هذه الموسوعة. ومعنى " مهيم" ما شأنك وما خبرك؟ ومعنى "أخدم خادمًا" أعطاني جارية تخدمني وهي هاجر ، والخادم يقع على الذكر والأنثى، والمراد "بماء السماء" العرب كلهم لخلوص نسبه وصفائه، وقيل: لأن أكثرهم أصحاب مواشٍ وعيشهم من المراعي والخِصْب وَمَا ينبت بماء السماء، وقيل: المراد بهم الأنصار نِسْبَة إلى جدهم "الأدد" وكان يعرف بماء السماء.

جاء في شرح النووي لهذا الحديث أن المازري قال: إن الكذب الذي يُعصم منه الأنبياء هو الكذب فيما طريقه البلاغ عن الله تعالى، أما في غير ذلك ففي إمكان وقوعه منهم وعِصْمَتهم منه القولان المشهوران للسلف والخلف، وذكر أن ما قاله إبراهيم عن سارة تورية وهي جائزة، وليست كذبًا، ولو كان كذبًا لكان جائزًا في دفع الظالمين، فقد اتفق الفقهاء على أنه لو جاء ظالم يطلب إنسانًا مختفيًا ليقتله أو يطلب وديعة لإنسان ليأخذها غصبًا وسأل عن ذلك وجب على من علم ذلك إخفاؤه وإنكار العلم به، وهذا كذب جائز بل واجب لكونه في دفع الظلم، ثم نقل عن المازري قوله: لا مانع من إطلاق الكذب على ما حدث من حديث إبراهيم كما أطلقه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومع ذلك فالتأويل صحيح لا مانع منه.

ثم حمل قوله: (إِنِّي سَقِيمٌ) على أنه سيسقم؛ لأن الإنسان عُرضة للسقم، وأراد به الاعتذار عن الخروج معهم إلى عيدهم وشهود باطلهم وكفرهم، وقيل: سقيم بما قُدِّرَ عليَّ من الموت، وقيل: كانت تأخذه الحُمَّى في ذلك الوقت.

=================

الأنبياء معصومون ولو أنكر الجاهلون .

كتب م الدخاخني

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين

وبعد

ردا على العضو / عرفه الشواف في منتدى الجامع كتبت هذا المقال :

الأنبياء معصومون ولو أنكر الجاهلون .

ردا علي سؤال للعضو عرفه الشواف :

اقتباس:

المشاركة الاصليه للعضو /عرفه الشواف (منتدي الجامع )

أما عن موضوع الآية القرآنية التي تطلب الاستغفار لذنوب رسول الإسلام وذنوب المؤمنين والمؤمنات ( محمد : 19 ) , فهذا واضح من ظاهر النص وأكد كلامي ترجمة هذه الآية إلي اللغة الإنجليزية , إذن فانا أقدم شرح النص كما هو واضح ولا أؤول الكلام إلي شيء آخر كما قام بذلك شيوخ الإسلام , وهذا هو ما يقوله العقل تشرح مجموعة الآيات لاستخلاص العقيدة ولا تؤول العقيدة ( ) علي تفسير الآيات .

مثال آخر يثبت كلامي في هذا الموضوع :

وأنا أتصفح برنامج المصحف الرقمي الذي احمله علي الكومبيوتر الخاص بي , استخدمت خاصية البحث به عن كلمة " يفغر " , فكانت نتيجة البحث 35 كلمة , لكن الذي لفت انتباهي هو كلمة يغفر في آية الفتح رقم (2 ) , يقول القران :

{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } ( الفتح2)

لكن الذي اندهشت له هو ما قرأته في تفسير الجلالين المحمل مع البرنامج ذاته في تفسير هذه الآية , فكتب يقول :

(ليغفر لك الله) بجهادك (ما تقدم من ذنبك وما تأخر) منه لترغب أمتك في الجهاد وهو مؤول لعصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالدليل العقلي القاطع من الذنوب واللام للعلة الغائية فمدخولها مسبب لا سبب (ويتم) بالفتح المذكور (نعمته) إنعامه (عليك ويهديك) به (صراطا) طريقا (مستقيما) يثبتك عليه وهو دين الإسلام.

ما معني هذا الكلام ؟ وكيف يقبل العقل هذا الكلام ؟

هنا أضع لك الدليل العقلي الذي لم يذكره تفسير الجلالين .

أسمح لي أولا ياعزيزي أن نتفق علي ماهو معلوم للعامة من الناس :

إن فاقد الشيء لا يعطيه - فكيف يعطي الجاهل العلم إلى غيره ؟ أم كيف يعطي الضال الهداية لغيره ؟ وهكذا عبر ما شئت بهذا المضمون .

فالشخص الذي يتقدم لتعليم الناس ! يجب أن يكون لديه علم .

وهكذا .... ، الشخص الذي يتصدى لهداية الناس ، الشخص الذي يأمر الناس بالخير . الشخص الذي ينهى الناس عن الشر. الشخص الذي لا يرضى للناس الموبقات والذنوب والمفاسد والآثام .

يجب أن يكون هو قبل كل واحد وقبل أن يكون معلماً هادياً آمراً وناهياً متصفاً بالعلم والهداية وملتزماً بكل صفات الآمر والناهي .

وأن تكون نفسه متصفة بكل صفات الخير والسعادة بعيدة عن صفات الضلال والشر.

وكما قلت سابقا نقلا عن أحد اخوتي في الله : إذا أردت أن تعلم إبنتك تعاليم دينيه فهل تذهب بها إلي إنسان فاسق أو فاجر أو زاني أو ..............

بالطبع الإجابة بالنفي يا عزيزي . لأن فاقد الشئ لا يعطيه بل علي العكس تماما ربما هذا المعلم يغويها وتصبح هي مثله تماما .

إن العرف والعقل والشرع بل وكل الأنظمة الوضعية لا تجيز للمذنب أو العاصي أو المجرم أو الظالم أن يكون هادياً أو مصلحاً ومرشداً وحاكماً ، ومن المستحيل عقلاً أن يأمر الله تعالى باتباعه وإطاعة أشخاص تلبسوا بالمساوي والفساد.

إن العاصي فضلاً عن عدم وجوب طاعته يجب ردعه وإرشاده ونصحه لا أن يكون هو الناصح المرشد .

إن العاصي المتلبس بالمساوئ والآثام يجب نهيه عن أفعاله التي يتصف بها لا أن يكون قدوة ومتبعاً .

إن العاصي والمجرم والظالم وكل ذوي صفة قبيحة مذمومة يجب أن يكون منبوذاً مهجوراً محتقراً لا يصحبه الناس ولا يخالطونه لئلا تسري منه إلى غيره عدوى المساوئ والشرور والمفاسد - فالطبع مكتسب من كل مصحوب - لا أن يكون ذلك العاصي والمجرم مطاعاً متبعاً ، فذلك من أقبح القبائح وأضر المساوئ ، حيث تموت الفضيلة وتحيى الرذيلة ويسود الظلم وتضيع المقاييس ، وتختل الأنظمة إذا ساد الفسقة المذنبون وتحكم المفسدون الظالمون :

وذلك الحال ولله المثل الأعلى فالله سبحانه وتعالي حينما يختار شخص للهداية والإصلاح لا يصح إلا أن يكون هذا الشخص صالح لأن يكون معلما ومرشدا للخير ومنهي عن المعاصي ويلتزم بأوامر الله وبعيدا عن وساوس الشيطان و..............

لذلك يجب أن يكون �