بداية النهاية

28
1 اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻐﺰاﻟﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ أﺑﻮ اﻷﺳﻼم ﺣﺠﺔ ﺳﻨﺔ ﺧﺮاﺳﺎن أﻋﻤﺎل ﻣﻦ ﻃﻮس ﺑﻠﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻲ1111 م

Upload: abdullah-shahab

Post on 19-Dec-2015

16 views

Category:

Documents


9 download

DESCRIPTION

Islamic Teaching

TRANSCRIPT

Page 1: بداية النهاية

1

بداية النهاية

حجة األسالم أبو حامد محمد الغزالي

م 1111المتوفي في بلدة طوس من أعمال خراسان سنة

Page 2: بداية النهاية

2

بداية الهداية

بسم اهللا الرحمن الرحيم

أبو حامد محمد بن محمد بن الغزالي الطوسى؛ قدس : قال الشيخ اإلمام، العالم العالمة، حجة االسالم، وبرآة األنامالحمدهللا حق حمده، والصالة والسالم على خير خلقه، محمد رسوله وعبده، وعلى : آمين -روحه، ونور ضريحه اهللا

.آله وصحبه من بعده

أنك إن .. فاعلم أيها الحريص المقبل على اقتباس العلم، المظهر من نفسه صدق الرغبة، وفرط التعطش إليه: أما بعد، والتقدم على األقران، واستمالة وجوه الناس إليك، وجمع حطام الدنيا؛ فأنت آنت تقصد بالعلم المنافسة، والمباهاة

ساع في هدم دينك، وإهالك نفسك، وبيع آخرتك بدنياك؛ فصفقتك خاسرة، وتجارتك بائرة، ومعلمك معين لك على عان على من أ: (عصيانك، وشريك لك في خسرانك، وهو آبائع سيف لقاطع طريق، آما قال صلى اهللا عليه وسلم

).معصية ولو بشطر آلمة آان شريكا فيها

الهداية دون مجرد الرواية؛ فأبشر؛ فإن المالئكة : وإن آانت نيتك وقصدك، بينك وبين اهللا تعالى، من طلب العلمولكن ينبغي لك أن تعلم، قبل آل شيء، أن الهداية . تبسط لك أجنحتها إذا مشيت، وحيتان البحر تستغفر لك إذا سعيت

تي هي ثمرة العلم لها بداية ونهاية، وظاهر وباطن، وال وصول إلى نهايتها إال بعد إحكام بدايتها، وال عثور على ال .باطنها إال بعد الوقوف على ظاهرها

وهأنا مشير عليك ببداية الهداية؛ لتجرب بها نفسك، وتمتحن بها قلبك، فإن صادفت قلبك إليها مائال، ونفسك بها

.قابلة؛ فدونك التطلع إلى النهايات والتغلغل في بحار العلوممطاوعة، ولها

وإن صادفت قلبك عند مواجهتك إياها بها مسوفا، وبالعمل بمقتضاها مماطال؛ فاعلم أن نفسك المائلة إلى طلب العلم إلى غمرة هي النفس األمارة بالسوء، وقد انتهضت مطيعة للشيطان اللعين ليدليك بحبل غروره؛ فيستدرجك بمكيدته

باألخسرين أعماال، الذين ضل سعيهم في (الهالك، وقصده أن يروج عليك الشر في معرض الخير حتى يلحقك وعند ذلك يتلو عليك الشيطان فضل العلم ودرجة العلماء، وما ورد ). الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا

من ازداد علما ولم يزدد هدى، لم يزدد من اهللا إال : (ويلهيك عن قوله صلى اهللا عليه وسلم. رفيه من األخبار واآلثاوآان صلى اهللا عليه ) أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه اهللا بعلمه: (، وعن قوله صلى اهللا عليه وسلم)بعدا

).وعمل ال يرفع، ودعاء ال يسمع اللهم إنى أعوذ بك من علم ال ينفع، وقلب ال يخشع،: (وسلم يقول

من أنتم؟ : مررت ليلة أسرى بي بأقوام تقرض شفاههم بمقارض من نار، فقلت: (وعن قوله صلى اهللا عليه وسلم ).آنا نأمر بالخير وال نأتيه وننهى عن الشر ونأتيه: قالوا

تعلم مرة واحدة، وويل للعالم حيث لم فإياك يا مسكين أن تذعن لتزويره فيدليك بحبل غروره، فويل للجاهل حيث لم ي

.يعمل بما عمل ألف مرة

رجل طلب العلم ليتخذه زاده إلى المعاد، ولم يقصد به إال وجه اهللا : واعلم أن الناس في طلب العلم على ثالثة أحوال .والدار اآلخرة؛ فهذا من الفائزين

لجاه والمال، وهو عالم بذلك، مستشعر في قلب رآاآه ورجل طلبه ليستعين به على حياته العاجلة، وينال به العز وا

فإن عاجله أجله قبل التوبة خيف عليه من سوء الخاتمة، وبقي أمره في . حاله وخسة مقصده، فهذا من المخاطرينالتحق -خطر المشيئة؛ وإن وفق للتوبة قبل حلول األجل، وأضاف إلى العلم العمل، وتدارك ما فرط منه من الخلل

ورجل ثالث استحوذ عليه الشيطان؛ فاتخذ علمه ذريعة إلى التكاثر .ين، فإن التائب من الذنب آمن ال ذنب لهبالفائزبالمال، والتفاخر بالجاه، والتعزز بكثرة األتباع، يدخل بعلمه آل مدخل رجاء أن يقضى من الدنيا وطره،ن وهو مع

علماء، وترسمه برسومهم في الزى والمنطق، مع تكالبه ذلك يضمر في نفسه أنه عند اهللا بمكانة، التسامه بسمة ال

Page 3: بداية النهاية

3

فهذا من الهالكين، ومن الحمقى المغرورين؛ إذ الرجاء منقطع عن توبته لظنه أنه من .. على الدنيا ظاهرا وباطناأنا : (سول اهللاوهو ممن قال فيهم ر). يأيها الذين آمنوا لم تقولون ماال تفعلون(المحسنين، وهو غافل عن قوله تعالى

وهذا ألن الدجال غايته ). علماء السوء: (وما هو يارسول اهللا؟، فقال: فقيل) من غير الدجال أخوف عليكم من الدجالاإلضالل، ومثل هذا العالم وإن صرف الناس عن الدنيا بلسانه ومقاله فهو دافع لهم إليها بأعماله وأحواله، ولسان

اع الناس إلى المساعدى في األعمال أميل منها إلى المتابعة في األقوال؛ فما أفسده الحال أفصح من لسان المقال، وطبهذا المغرور بأعماله أآثر مما أصلحه بأقواله، إذ ال يستجرىء الجاهل على الرغبة في الدنيا إال باستجراء العلماء،

ك تمنيه وترجيه، وتدعوه إلى أن يمن فقد صار علمه سببا لجرأة عباد اهللا على معاصيه، ونفسه الجاهلة مذلة مع ذل .على اهللا بعلمه، وتخيل إليه نفسه أنه خير من آثير من عباد اهللا

فكن أيها الطالب من الفريق األول، واحذر أن تكون من الفريق الثاني، فكم من مسوف عاجله األجل قبل التوبة

. يرجى معه فالحك، وال ينتظر صالحكفخسر، وإياك ثم إياك أن تكون من الفريق الثالث، فتهلك هالآا ال

فما بداية الهداية ألجرب بها نفسي، فاعلم أن بدايتها ظاهرة التقوى، ونهايتها باطنة التقوى؛ فال عاقبة إال : فإن قلت .بالتقوى، وال هداية إال للمتقين

أشير عليك بجمل مختصرة من والتقوى، عبارة عن امتثال أوامر اهللا تعالى، واجتناب نواهيه، فهما قسمان، وهأنا

.ظاهر علم التقوى في القسمين جميعا، وألحق قسما ثالثا ليصير هذا الكتاب جامعا مغنيا واهللا المستعان

القسم األول

في الطاعات

توطئةاعلم أن أوامر اهللا تعالى فرائض ونوافل؛ فالفرض رأس المال، وهو أصل التجارة وبه تحصل النجاة، والنفل هو

ما تقرب إلي المتقربون بمثل أداء : (يقول اهللا تبارك وتعالى: (وبه الفوز بالدرجات، قال صلى اهللا عليه وسلم الربحما افترضت عليهم، وال يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته آنت سمعه الذي يسمع به، وبصره

).ها، ورجله التي يمشي بهاالذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش ب

ولن تصل أيها الطالب إلى القيام بأوامر اهللا تعالى إال بمراقبة قلبك وجوارحك في لحظاتك وأنفاسك، حين تصبح إلى فاعلم أن اهللا تعالى مطلع على ضميرك، ومشرف على ظاهرك وباطنك، ومحيط بجميع لحظاتك، . حين تمسى

رآاتك؛ وأنك في مخالطتك وخلواتك متردد بين يديه؛ فال يسكن في الملك وخطراتك، وخطواتك، وسائر سكناتك وحوالملكوت ساآن، وال يتحرك متحرك، إال وجبار السموات واألرض مطلع عليه، يعلم خائنة األعين وما تخفي

لمذنب في الصدور، ويعلم السر وأخفى؛ فتأدب أيها المسكين ظاهرا وباطنا بين يدي اهللا تعالى تأدب العبد الذليل ا .حضرة الملك الجبار القهار، واجتهد أال يراك موالك حيث نهاك، وال يفقدك حيث أمرك

ولن تقدر على ذلك إال بأن توزع أوقاتك، وترتب أورادك من صباحك إلى مسائك، فاصغ إلى ما يلقى إليك من أوامر

.اهللا تعالى عليك من حين تستيقظ من منامك إلى وقت رجوعك إلى مضجعك

ل في آداب االستيقاظ من النومفصفإذا استيقظت من النوم، فاجتهد أن تستيقظ قبل طلوع الفجر، وليكن أول ما يجري على قلبك ولسانك ذآر اهللا تعالى؛

الحمدهللا الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور، أصبحنا وأصبح الملك هللا، والعظمة والسلطان هللا، : فقل عند ذلكهللا رب العالمين، أصبحنا على فطرة االسالم، وعلى آلمة االخالص، وعلى دين نبينا محمد صلى اهللا والعزة والقدرة

عليه وسلم، وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وما آان من المشرآين؛ اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، يوم إلى آل خير، ونعوذ بك أن نجترح فيه سوءا أو وبك نموت، وإليك النشور؛ اللهم إنا نسألك أن تبعثنا في هذا ال

فإذا . نجره إلى مسلم، أو يجره أحد إلينا؛ نسألك خير هذا اليوم وخير مافيه ونعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما فيه .لبست ثيابك فانو به امتثال أمر اهللا تعالى في ستر عورتك، واحذر أن يكون قصدك من لباسك مراءاة الخلق فتخسر

Page 4: بداية النهاية

4

باب آداب دخول الخالءفإذا قصدت بيت الماء لقضاء الحاجة، فقدم في الدخول رجلك اليسرى، وفي الخروج رجلك اليمنى، وال تستصحب

.وال تدخل حاسر الرأس، وال حافي القدمين. شيئا عليه اسم اهللا تعالى ورسوله .ث، الشيطان الرجيمباسم اهللا، أعوذ باهللا من الرجس النجس، الخبيث المخب: وقل عند الدخول

.غفرانك، الحمدهللا الذي أذهب عني ما يؤذيني وأبقى في ما ينفعني: وعند الخروج

وينبغي أن تعدل النبل قبل قضاء الحاجة، واال تستنجي بالماء في موضع قضاء الحاجة، وأن تستبرىء من البول

.بالتنحنح والنتر ثالثا، وبإمرار اليد اليسرى على أسفل القضيب إن آنت في الصحراء، فابعد عن عيون الناظرين واستتر بشيء إن وجدته، وال تكشف عورتك قبل االنتهاء إلى و

.موضع الجلوس

وال تستقبل الشمس وال القمر، وال تستقبل القبلة وال تستدبرها، وال تجلس في متحدث الناس، وال تبل في الماء الراآد حذر االرض الصلبة ومهب الريح، احترازا من الرشاش لقوله صلى اهللا وتحت الشجرة المثمرة، وال في الجحر، وا

).إن عامة الوسواس منه: (عليه وسلم

واتكىء في جلوسك على الرجل اليسرى، وال تبل قائما إال عن ضرورة، واجمع في االستنجاء بين استعمال الحجر رت على الحجر فعليك أن تستعمل ثالثة أحجار والماء، فإذا أردت االقتصار على أحدهما فالماء أفضل، وإذا اقتص

طاهرة منشفه للعين، تمسح القضيب في ثالثة مواضع من حجر، فإن لم يحصل اإلنقاء بثالثة فتمم خمسة أو سبعة .وال تستنج إال باليد اليسرى. إلى أن ينقى باإليتار؛ فاإليتار مستحب واالنقاء واجب

وادعك يدك بعد تمام . طهر قلبيى من النفاق وحصن فرجي من الفواحشاللهم : وقل عند الفراغ من االستنجاء

.االستنجاء باالرض أو بحائط ثم اغسلها

باب آداب الوضوءفإذا فرغت من االستنجاء، فال تترك السواك؛ن فإنه مطهرة للفم، ومرضاة للرب، ومسخطة للشيطان وصالة بسواك

: قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: يرة رضى اهللا عنه قالوروي عن أبي هر. أفضل من سبعين صالة بال سواكأمرت بالسواك حتى خشيت : (، وعنه صلى اهللا عليه وسلم)لوال أن أشق على أمتي ألمرتهم بالسواك في آل صالة(

).أن يكتب علي

رحيم، رب أعوذ ثم اجلس للوضوء مستقبل القبلة على موضع مرتفع آي ال يصيبك الرشاش، وقل بسم اهللا الرحمن ال .بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب بأن يحضرون

.اللهم إني أسألك اليمن والبرآة، وأعوذ بك من الشؤم والهلكة: ثم اغسل يديك ثالثا قبل أن تدخلهما اإلناء، وقل

.ثم انو رفع الحدث واستباحة الصالة، وال ينبغي أن تعزب نيتك قبل غسل الوجه، فال يصح وضؤوك

خذ غرفة لفمك وتمضمض بها ثالثا، وبالغ في رد الماء إلى الغلصمة إال أن تكون صائما فترفق، وقل اللهم أعني ثم .على تالوة آتابك وآثرة الذآر لك، وثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة

اللهم أرحني رائحة : االستنشاق ثم خذ غرفة ألنفك واستنشق بها ثالثا، واستنثر ما في األنف من رطوبة، وقل في

.اللهم إني أعوذ بك من روائح النار وسوء الدار: الجنة وأنت عني راض، وفي االستنثار

ثم خذ غرفة لوجهك، فاغسل بها من مبتدأ تسطيح الجبهة إلى منتهى ما يقبل من الذقن في الطول، ومن األذن في عتاد النساء تنحية الشعر عنه، وهو ما بين رأس األذن إلى العرض، وأوصل الماء إلى موضع التجديف، وهو ما ي

الحاجبين، والشاربين، : زاوية الجبين، أعني ما يقع منه في جبهة الوجه، وأوصل الماء إلى منابت الشعور األربعة

Page 5: بداية النهاية

5

اللحية ، ويجب إيصال الماء إلى منابت الشعر من)وهما ما يوازيان األذنين، من مبتدأ اللحية(واألهداب، والعذران اللهم بيض وجهي بنورك يوم تبيض وجوه أوليائك، وال تسود وجهي : الخفيفة، دون الكثيفة؛ وقل عندن غسل الوجه

.وال تترك تخليل اللحية الكثيفة.. بكلماتك يوم تسود وجوه أعدائك

. مواضع الوضوء ثم اغسل يدك اليمنى، ثم اليسرى مع المرفقين إلى أنصاف العضدين، فإن الحلية في الجنة تبلغاللهم إني أعوذ بك أن : أعطني آتابي بيميني، وحاسبني حسابا يسيرا، وعند غسل الشمال: وقل عند غسل اليد اليمنى

ثم استوعب رأسك بالمسح، بأن تبل أيداك وتلصق رؤوس أصابع يدك . تعطيني آتابي بشمالي أو من وراء ظهريتمررهما إلى القفا، ثم ترددهما إلى المقدمة، فهذه مرة، تفعل ذلك اليمنى باليسرى، وتضعهما على مقدمة الرأس، واللهم غشني برحمتك، وأنزل على من برآاتك، وأظلني تحت ظل : ثالث مرات، وآذلك في سائر األعضاء، وقل

.عرشك يوم ال ظل إال ظلك، اللهم حرم شعري وبشرى على النار

: دخل مسبحتك في صماخ أذنيك، وأمسح أذنيك ببطن إبهاميك، وقلثم امسح أذنيك ظاهرهما وباطنهما بماء جديد، وأ .اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم أسمعني منادى الجنة في الجنة مع األبرار

.اللهم فك رقبتي من النار، وأعوذ بك من السالسل واألغالل: ثم امسح رقبتك، وقل

يسرى مع الكعبين، وخلل بخنصر اليسرى أصابع رجلك اليمنى مبتدئا بخنصرها، حتى ثم اغسل رجلك اليمنى ثم ال

اللهم ثبت قدمي على الصراط المستقيم مع أقدام عبادك : تختم بخنصر اليسرى، وتدخل األصابع من أسفل، وقلار يوم تزل أقدام اللهم إني أعوذ بك آن تزول قدمي على الصراط في الن: وآذلك تقول عند غسل اليسرى.. الصالحين

.وارفع الماء إلى أنصاف الساقين، وراع التكرار ثالثا في جميع أفعالك. المنافقين والمشرآين

اشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له، وأشهد أن محمد عبده : فإذا فرغت فارفع بصرك إلى السماء، وقلأنت التواب الرحيم، اللهم اجعلني من التوابين؛ واجعلني ورسوله، تسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن ال إله إال أنت،

من المتطهرين، واجعلني من عبادك الصالحين واجعلني صبورا، شكورا، واجعلني أذآرك ذآرا آثيرا، وأسبحك .بكرة وأصيال

فمن قرأ هذه الدعوات في وضوئه خرجت خطاياه من جميع أعضائه، وختم على وضوئه بخاتم، ورفع له تحت

.عرش، فلم يزل يسبح اهللا تعالى ويقدسه، ويكتب له ثواب ذلك إلى يوم القيامةال

التنفض يديك فترش الماء، وال تلطم وجهكن ورأسك بالماء لطما، وال تتكلم في أثناء : واجتنب في وضوئك سبعافلموسوسين الوضوء، وال تزد في الغسل على ثالث مرات، وال تثكر صب الماء من غير حاجة بمجرد الوسوسة،

وال تتوضأ بالماء المشمس وال من األواني الصفرية، فهذه السبعة مكروهه في ) الولهان(شيطان يضحك بهم يقال له .الوضوء

).من ذآر اهللا عند وضوئه طهر اهللا جسده آله، ومن لم يذآر اهللا لم يطهر منه إال ما أصابه الماء: (وفي الخبر أن

آداب الغسلبة، من احتالم أو وقاع، فخذ اإلناء إلى المغتسل، واغسل يديك أوال ثالثا، وأزل ما على بدنك من فإذا أصابتك جنا

قذر، وتوضأ آما سبق في وضوئك للصالة مع جميع الدعوات، وأخر غسل قدميك، آيال يضيع الماء فإذا فرغت من شقك األيمن ثالثا، ثم على األيسر الوضوء فصب الماء على راسك ثالثا وأنت ناو رفع الحدث من الجنابة، ثم على

ثالثا، وادعك ما أقبل من بدنك وما أدبر ثالثا، وخلل شعر رأسك ولحيتك، وأوصل الماء إلى معاطف البدن ومنابت .الشعر ما خفف منه وما آثف

.واحذر أن تمس ذآرك بعد الوضوء فإن أصابته يدك فأعد الوضوء

.لة النجاسة، واستيعاب البدن بالغسلالنية، وإزا: والفريض من جملة ذلك آله

Page 6: بداية النهاية

6

غسل الوجه واليدين مع المرفقين، ومسح بعض الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين مرة، مع النية : وفرض الوضوء .والترتيب

وما عداها سنن مؤآدة فضلها آثير، وثوابها جزيل والمتهاون بها خاسر، بل هو بأصل فرائضه مخاطر، فإن النوافل

.رائضجوابر للف

آداب التيممفإن عجزت عن استعمال الماء لفقده بعد الطلب، أو لعذر من مرض، أو لمانع من الوصول إليه من سبع أو حبس، أو آان الماء الحاضر تحتاج إليه لعطشك أو لعطش رفيقك، أو ملكا لغيرك ولم يبع إال بأآثر من ثمن المثل، أو آان بك

فاصبر حتى يدخل وقت الفريضة، ثم اقصد صعيدا طيبا عليه تراب خالص - جراحة أو مرض تخاف منه على نفسكطاهر لين، فاضرب عليه بكفيك ضاما بين أصابعك، وانو استباحة فرض الصالة، وامسح بهما وجهك آله مرة، وال

ك، تتكلف إيصال الغبار إلى منابت الشعر خف أو آثف، ثم انزع خاتمك، واضرب ضربة ثانية مفرجا ما بين أصابعواسمح بهما يديك بمع مرفقيك، فإن لم تستوعبهما فاضرب ضربة أخرى إلى أن تستوعبهما، ثم امسح إحدى آفيك

.باألخرى، وامسح نما بين أصابعك بالتخليل

.وصل به فرضا واحدا وما شئت من النوافل، فإن أردت فرضا ثانيا فاستأنف تيمما آخر

طهارتك فصل في بيتك رآعتي الصبح إن آان الفجر قد طلع، آذلك آان فإذا فرغت من آداب الخروج إلى المسجد .يفعل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ثم يتوجه إلى المسجد

فإن آنت تتساهل في ) فصالة الجماعة تفضل على الفرد شرين درجة(وال تدع الصالة في الجماعة، ال سيما الصبح .وإنما ثمرة العلم العمل به مثل هذا لربح فأي فائدة لك في طلب العلم؟

اللهم إني أسألك بحق السائلين : فإذا سعيت إلى المسجد، فامش على هينة وتؤدة وسكينة، وال تعجل وقل في طريقك

عليك، وبحق الراغبين إليك، وبحق ممشاى هذا إليك؛ فإني لم أخرج أشرا وال بطرا، وال رياء، وال سمعة، بل رضاتك فأسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي؛ فإنه ال يغفر الذنوب إال خرجت اتقاء سخطكن، وابتغاء م

.أنت

آداب دخول المسجداللهم صل على محمد وعلى آل محمد وصحبه وسلم؛ اللهم : فإذا أردت الدخول إلى المسجد، فقدم رجلك اليمنى، وقل

.اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك

ال رد اهللا : وإذا رأيت فيه من ينشد ضالة، فقل. ال أربح اهللا تجارتك: من يبيع أو يبتاع، فقل ومهما رأيت في المسجد .آذلك أمر رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم - عليك ضالتك

فإذا دخلت المسجد، فال تجلس حتى تصلي رآعتي التحية، بفإن لم تكن على طهارة أو لم ترد فعلها آفتك الباقيات

فإن لم تكن صليت في بيتك رآعتي الفجر، . ثا، وقيل أربعا، وقيل ثالثا للمحدث وواحدة للمتوضىءالصالحات ثال .فيجزئك أداؤهما عن التحية

: فإذا فرغت من الرآعتين، فانو االعتكاف وادع بما دعا به رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بعد رآعتي الفجر، فقل

ها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي، وترد بها ألفتي وتصلح بها اللهم إني أسألك رحمة من عندك، تهدي ب(ديني وتحفظ بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزآي بها عملي، وتبيض بها وجهي، ولتهمني بها رشدي، وتقضي لي

، حتى أعلم أنه بها حاجتي، وتعصمني بها من آل سوء، اللهم إني أسألك إيمانا خالصا دائما يباشر قلبي، ويقينا صادقالن يصيبني إال ما آتبته على، ورضني بما قسمته لي، اللهم إني أسألك إيمانا صادقا، ويقينا ليس بعده آفر؛ وأسألك رحمة أنال بها شرف آرامتك في الدنيا واآلخرة؛ اللهم إني أسألك الفوز عند اللقاء والصبر عند القضاء، ومنازل

األعداء، ومرافقة األنبياء؛ اللهم إني أنزل بك حاجتي، وإن ضعف رأيي الشهداء وعيش السعداء والنصر على

Page 7: بداية النهاية

7

وقصر عملية، وافتقرت إلى رحمتك فأسألك يا قاضي األمور وياشافي الصدور، آما تجير بين البحور أن تجيرني لغه نيتي من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور ومن فتنة القبور؛ اللهم ما قصر عنه رأيي، وضعف عنه عملي، ولم تب

وأمنيتي، من خير وعدته أحدا من عبادك أو خير أنت معطيه أحدا من خلقك فإني أرغب إليك فيه، وأسألك إياه يارب العالمين؛ اللهم اجعلنا هادين مهتدين، غير ضالين وال مضلين؛ حربا ألعدائك سلما ألوليائك نحب بحبك الناس،

الدعاء وعليك اإلجابة وهذا الجهد وعليك التكالن، وإنا هللا وإنا إليه ونعادي بعداوتك من خالفك من خلقك؛ اللهم هذا راجعون وال حول وال قوة إال باهللا العلي العظيم؛ اللهم ذا الحبل الشديد، واألمر الرشيد، أسألك األمن يوم الوعيد،

ودود وإنك تفعل ما تري والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود، والرآع السجود، الموفين لك بالعهود؛ إنك رحيمسبحان من تعطف بالعز وقال به، سبحان من لبس المجد وتكرم به، سبحان من ال ينبغي التسبيح إال له، سبحان ذي الفضل والنعم، سبحان ذي الجود والكرم، سبحان الذي أحصى آل شيء بعمله؛ اللهم اجعل لي نورا في قلبي، ونورا

بصري ونورا في شعري، ونورا في بشري، ونورا في لحمي، ونورا في في قبري، ونورا في سمعي ونورا فيدمي، ونورا في عظامي، ونورا من بين يدي، ونورا من خلفي ونورا من يمين ونورا عن شمالي ونورا من فوق

.ونورا من تحتي؛ اللهم زدني نورا، وأعطني نورا أعظم نور، واجعل لي نورا برحمتك يا أرحم الراحمين

فإذا سمعت األذان في أثناء ذلك . غت من الدعاء، فال تشتغل إلى وقت الفرض إال بفكر وتسبيح أو قراءة قرآنفإذا فر .فاقطع ما أنت فيه واشتغل بجواب المؤذن

ال حول وال قوة إال باهللا : اهللا أآبر، فقل مثل ذلك، وآذلك في آلم آلمة غال في الحيعلتين فقل فيهما: فإذا قال المؤذن

ن فإذا سمعت .صدقت وبررت وأنا على ذلك من الشاهدين: الصالة خير من النوم، فقل: فإذا قال .العظيمالعلي فإذا . أقامها اهللا وأدامها ما دامت السموات واألرض: قد قامت الصالة، فقل: االقامة فقل مثل ما يقول، إال في قوله

: وأصوات دعاتك، وإدبار ليلك، وإقبال نهاركاللهم إني أسألك عند حضور صالتك : فرغت من جواب المؤذن فقلأن تؤتي محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك ال تخلف الميعاد يا أرحم

.فإذا سمعت األذان وأنت في الصالة فتمم الصالة، ثم تدارك الجواب بعد السالم على وجهه. الراحمينم بالفرض، فال تشتغل إال باالقتداء به وصل الفرض آما سيتلى عليك في آيفية الصالة وآدابها فإذا فإذا أحرم اإلما

اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وسلم، اللهم أنت السالم، ومنك السالم، وإليك يعود السالم، فحينا : فرغت فقلاإلآرام؛ سبحان ربي العلى األعلى الوهاب، ال إله إال ربنا بالسالم، وأدخلنا الجنة دار السالم؛ تبارآت يا ذا الجالل و

اهللا وحده ال شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حي ال يموت، بيده الخير، وهو على آل شيء قدير، ولو آره ال إله إال اهللا، أهل النعمة والفضل والثناء الحسين، ال إله إال اهللا، وال نعبد إال إياه مخلصين له الدين

.الكافرون

اللهم : (عائشة رضي اهللا عنها، فقل -ثم ادع بعد ذلك بالجوامع الكوامل، وهو ما علمه رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمإني أسألك من الخير آله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر آله عاجله وآجله ما علمت منه

نة وما يقرب إليها من قول وعمل ونية واعتقاد، وأعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول وما لم أعلم، وأسألك الجوعمل ونية واعتقاد، وأسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى اهللا عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما

).عاقبته رشدا استعاذك منه عبدك ونبيك محمد صلى اهللا عليه وسلم، وما قضيت على من أمر فاجعل

يا حي يا قيوم، يا ذا الجالل : (ثم ادع بما أوصى به رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فاطمة رضي اهللا عنها، فقلواإلآرام، ال إله إال أنت برحمتك أستغيث، ومن عذابك أستجير، ال تكلني إلى نفسي، وال إلى أحد من خلقك طرفة

).الصالحين عين، وأصلح لي شأني آله بما أصلحت به

.ثم قل ما قاله عيسى على نبينا وعليه الصالة والسالم

اللهم إني أصبحت ال أستطيع دفع ما أآره، وال أملك نفع ما أرجو، وأصبح األمر بيدك ال بيد غيرك، وأصبحت صديقي، مرتهنا بعملي؛ فال فقير أفقر مني إليك، وال غنى أغنى منك عني، اللهم ال تشمت بي عدوى، وال تسؤ بي

.وال تجعل مصيبتي في ديني، وال تجعل الدنيا أآبر همي وال مبلغ علمي، وال تسلط علي بذنبي من ال يرحمني

).إحياء علوم الدين(ثم ادع بما بدا لك من الدعوات المشهورات ، واحفظها مما أوردنا في آتاب الدعوات من آتاب

Page 8: بداية النهاية

8

وظيفة في الدعوات، ووظيفة في األذآار : ة على أربع وظائفولتكن أوقاتك بعد الصالة إلى طلوع الشمس، موزع

والدعوات؛ وتكررها في مسبحة، ووظيفة في قراءة القرآن، ووظيفة في التفكر، فتفكر في ذنوبك وخطاياك .وتقصيرك في عبادة موالك، وتعرضك لعقابه األليم وسخطه العظيم

فرط من تقصيرك، وتحترز من التعرض لسخط اهللا تعال وترتب بتدبيرك أورادآن في جميع يومك لتتدارك به ما

األليم في يومك، وتنوي الخير لجميع المسلمين وتعز أال تشغل في جميع نهارك إال بطاعة اهللا تعالى، وتقصد في قلبك الطاعات التي تقدر عليها وتختار أفضلها، وتتأمل تهيئة أسبابها لتشتغل بها؛ وال تدع عنك التفكر في قرب

.ل، وحلول الموت القاطع لألمل، وخروج األمر عن االختيار، وحصول الحسرة والندامة بطول االغتراراألج

ال إله إال اهللا، وحده ال شريك له، له الملك، له الحمد، يحيى : إحداهن: وليكن من تسابيحك، وأذآارك عشر آلمات .ويميت، وهو حي ال يموت، بيده الخير، وهو على آل شيء قدير

.ال إله إال اهللا الملك الحق المبين: انيةالث

.ال إله إال اهللا الواحدن القهار، رب السموات واألرض وما بينهما العزيز الغفار: الثالثة

.سبحان اهللا، والحمدهللا، وال إله إال اهللا، واهللا أآبر، وال حول وال قوة إال باهللا العلي العظيم: الرابعة

.الئكة والروحسبوح قدوس رب الم: الخامسة

.سبحان اهللا وبحمده، سبحان اهللا العظيم: السادسة

اللهم ال مانع لما : الثامنة. أستغفر اهللا العظيم الذي ال إله إال اهللا هو الحي القيوم، وأسأله التوبة والمغفرة: السابعة .أعطيت وال معطي لما منعت، وال راد لما قضيت وال ينفع ذا الجد منك الجد

.اللهم صلى على محمد، وعلى آل محمد وصحبه وسلم: التاسعة

.بسم اهللا الذي ال يضر مع اسمه شيء في األرض وال في السماء، وهو السميع العليم: العاشرة

. تكرر آل واحدة من هذه الكلمات إما مائة مرة أو سبعين مرة، أو عشر مرات، وهو أقله، ليكون المجموع مائة

- تتكلم قبل طلوع الشمس؛ ففي الخبر أن ذلك أفضل من اعتاق ثمان رقاب من ولد اسماعيلوالزم هذه االوراد، وال .أعني االشتغال بالذآر إلى طلوع الشمس من غير أن يتخلله آالم -على نبينا وعليه الصالة والسالم

آداب ما بعد طلوع الشمس إلى الزوالد زوال وقت الكراهة للصالة؛ فإنها مكروهة من بعد فإذا طلعت الشمس وارتفعت قدر رمح، فصل رآعتين، وذلك عن

.فريضة الصبح إلى ارتفاع الشمسفإذا أضحى النهار، ومضى منه قريب من ربعه، صل صالة الضحى أربعا أو ستا أو ثمانية، مثنى، مثنى،؛ فقد نقلت

.هذه االعداد آلها عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

يستكثر، ومن شاء فليستقلل، فليس بين طلوع الشمس والزوال راتبة من الصلة إال والصالد خير آلها فمن شاء فلأن يصرفه في طلب العلم النافع : الحالة األولى وهي االفضل: هذه؛ فما فضل منها من أوقاتك فلك فيه أربع حاالت

.في الدين، دون الفصول الذي أآب الناس عليه وسموه علما

ي خوفك من اهللا تعالى، ويزيد في بصيرتك بعيوب نفسك، ويزيد في معرفتك بعبادة ربك، والعلم النافع هو ما يزيد فويقلل من رغبتك في الدنيا، ويزيد في رغبتك فني اآلخرة، ويفتح بصيرتك بآفات أعمالك حتى تحترز منها، ويطلعك

Page 9: بداية النهاية

9

تعالى وسخطه؛ن حيث على مكايد الشيطان وغروره، وآيفية تلبيسه على علماء السوء،ن حتى عرضهم لمقت اهللاأآلوا الدنيا بالدين، واتخذوا العلم ذريعة ووسيلة الى أخذ اموال السالطين، وأآل أموال االوقاف واليتامى والمساآين، وصرفوا همتهم طول نهارهم إلى طلب الجاه والمنزلة في قلوب الخلق، واضطرهم ذلك إلى المراءاة والممراة،

.والمشاقة في الكالم والمباهاة

فإن آنت من أهله فحصله واعمل به ثم علمه ) إحياء علوم الدين(وهذا الفن من العلم النافع، قد جمعناه في آتاب وادع إليه؛ فمن علم ذلك وعمل به، ثم علمه ودعا إليه فذلك يدعى عظيما في ملكوت السموات بشهادة عيسى عليه

.السالم

ك ظاهرا وباطنا، وفضل شيء من أوقاتك، فال بأس أن تشتغل فإذا أفرغت من ذلك آله، وفرغت من إصالح نفسبعلم المذهب في الفقه لتعرف به الفروع النادرة في العبادات، وطريق التوسط بين الخلق في الخصومات عند

.فذلك أيضا بعد الفراغ من هذه المهمات من جملة فروض الكفايات.. انكبابهم على الشهوات

ا ذآرناه من األوراد واألذآار استثقاال لذلك، فاعلم أن الشيطان اللعين قد دس في قلبك فإن دعتك نفسك إلى ترك م .الداء الدفين، وهو حب المال والجاه فإياك أن تغتر به، فتكون ضحكة له، فيهلكك، ثم يسخر منك

ي تحصيل اعلم فإن جربت نفسك مدة في االوراد والعبارات، فكانت ال تستثقلها آسال عنها، لكن ظهرت رغبتك ف

ولكن الشأن . النافع، ولم ترد به إال وجه اهللا تعالى والدار اآلخرة، فذلك أفضل من نوافل العبادات مهما صحت النية .في صحة النية فإن لم تصح النية فهو معدن غرور الجهال، ومزلة أدام الرجال

شتغل بوظائف العبادات من الذآر والتسبيح أال تقدر على تحصيل اعلم النافع في الدين، ولكن ت: الحالة الثانية

.والقراءة والصالة فذلك من درجات العابدين، وسير الصالحين، وتكون أيضا بذلك من الفائزين

أن تشتغل بما يصل منه خير إلى المسلمين، ويدخل به سرور على قلوب المؤمنين، أو تتيسر به : الحالة الثالثةالفقهاء والصوفية وأهل الدين، والتردد في أشغالهم، والسعي في إطعام الفقراء آخدمة: األعمال الصالحة للصالحين

والمساآين، والتردد مثال على المرضى بالعيادة، وعلى الجنائز بالتشييع، فكان ذلك أفضل من النوافل؛ فإن هذه .عبادات، وفيها رفق للمسلمين

تسابا على نفسك أو على عيالك، وقد سلم المسلمون منك أال تقوى على ذلك، فاشتغل بحاجاتك اآ: الحالة الرابعة

وآمنوا من لسانك ويدك، وسلم لك دينك، إذا لم ترتكب معصية؛ فتنال بذلك درجة أصحاب اليمين، إن لم تكن من أهل .الترقي إلى مقامات السابقين

بما يهدم -والعياذ باهللا - بأن تشتغل فهذا أقل الدرجات في مقامات الدين، وما بعد هذا فهو من مراتع الشياطين؛ وذلك

.دينك، أو تؤذي به عبدا من عباد اهللا تعالى؛ فهذه رتبة الهالكين؛ فإياك أن تكون في هذه الطبقة

.وهو المقتصر على أداء الفرائض وترك المعاصي.. إما سالم: واعلم أن العبد في حق دينه على ثالث درجات

.والنوافلوهو المتطوع بالقربات .. أو رابح

.وهو المصر عن اللوازم.. أو خاسر

.فإن نلم تقدر أن تكون رابحا، فاجتهد أن تكون سالما، وإياك ثم إياك أن تكون خاسرا

أن ينزل في حقهم منزلة الكرام البررة من المالئكة، وهو أن : األولى: والعبد في حق سائر العباد له ثالث درجات .إدخاال للسرور على قلوبهميسعى في أغراضهم؛ رفقا بهم، و

Page 10: بداية النهاية

10

.أن ينزل في حقهم منزلة البهائم والجمادات؛ فال ينالهم خيره، ولكن عنهم شره: الثانية

.أن ينزل في حقهم منزلة العقارب والحيات والسباع الضاريات، ال يرجى خيره، ويتقى شره: الثالثة

ن درجة البهائم والجمادات إلى درجة العقارب والحيات فإن لم تقدر على أن تلتحق بأفق المالئكة، فاحذر أن تنزل ع

فإن رضيت لنفسك النزول من أعلى عليين، فال ترض لها من الهوى إلى أسفل سافلين، فلعلك . والسباع الضاريات .تنجو آفافا ال لك وال عليك

. االستعانة به على معادك فعليك في بياض نهارك اال تشتغل إال بما ينفعك في معادك أو معاشك الذي ال تستغنى عن

. فإن عجزت عن القيام بحق دينك مع مخالطة الناس، وآنت ال تسلم، فالعزلة أولى، فعليك بها؛ ففيها النجاة والسالمةفإن آانت الوساوس في العزلة تجاذبك إلى ماال يرضى اهللا تعالى، ولم تقدر على قمعها بوظائف العبادات فعليك

فأحسن بحال من سالمة دينه . وأحوالنا إذا عجزنا عن الغنيمة رضينا بالسالمة في الهزيمةبالنوم فهو أحسن أحوالك .في تعطيل حياته إذ النوم أخو الموت، وهو تعطيل الحياة والتحاق بالجمادات

آداب االستعداد لسائر الصلواتالفيلولة إن آان بك قيام في الليل، آداب االستعداد لسائر الصلوات ينبغي أن تستعد لصالة الظهر قبل الزوال، فتقدم

أو سهر في الخير؛ فإن فيها معونة على قيام الليل، آما أن في السحور معونة على صيام النهار، والقيلولة من غير .قيام بالليل آالسحور من غير صيام بالنهار

جد، وتنتظر المؤذن فتجيبه، فإذا قلت، فاجتهد أن تستيقظ قبل الزوال، وتتوضأ وتحضر المسجد، وتصلي تحية المس

هذا وقت تفتح فيه : (ثم تقوم فتصلي أربع رآعات عقب الزوال، آان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يطولهن ويقولمن صالهن : (وهذه األربع قبل الظهر سنة مؤآدة؛ ففي الخبر). أبواب السماء، فأحب أن يرفع لي فيه عمل صالح

).سبعون ألف ملك يستغفرون له إلى الليل فأحسن رآوعهن وسجودهنن صلى معه

.ثم صل الفرض مع اإلمام ثم صل بعد الفرض رآعتين؛ فهما من الرواتب الثابتة

.ثم صل الفرض مع اإلمام، ثم صل بعد الفرض رآعتين فهما من الرواتب الثابتة

معاش لتستعين به على دينك، ثم وال تشتغل إلى العصر إال بتعلم علم أو إعانة مسلم، أو قراءة قرآن أو سعي فيرحم اهللا امرأ صلى أربعا : (صل أربع رآعات قبل العصر؛ فهي سنة مؤآدة؛ فقد قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

.فاجتهد أن ينالك دعاؤه صلى اهللا عليه وسلم) قبل العصر

ملة فتشتغل في آل وقت بما اتفق آيف وال تشتغل بعد العصر إال بمثل ما سبق قبله، وال ينبغي أن تكون اوقاتك مهاتفق، بل ينبغي أن حاسب نفسك وترب أورادك في ليلك ونهارك، وتعين لكل وقت شغال ال تتعداه، وال تؤثر فيه

فأما إذا ترآت نفسك سدى مهمال إهمال البهائم ال تدري بماذا تشتغل في آل وقت، . سواه فبذلك تظهر برآة األوقاتضائعا، وأوقاتك عمرك، وعمرك رأس مالك، وعليه تجارتك، وبه وصولك إلى نعيم دار األبد فينقضي أآثر أوقاتك

فال تكن آالحمقى . نفي جوار اهللا تعالى؛ فكل نفس من أنفاسك جوهرة ال قيمة لها؛ن إذ ال بدل له فإذا فات فال عود لهوال ! خير في مال يزيد وعمر ينقصالمغرورين الذين يفرحون آل يوم بزيادة أموالهم مع نقصان أعمارهم، فأي

تفرح إال بزيادة علم أو عمل صالح؛ن فإنهما رفيقاك يصحبانك في القبر حيث يتخلف عنك أهلك ومالك، وولدك، ثم إذا اصفرت الشمس، فاجتهد أن تعود إلى المسجد قبل الغروب، وتشتغل بالتسبيح واالستغفار؛ فإن . وأصدقاؤك

).وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها: (لطلوع، قال اهللا تعالىفضل هذا الوقت آفضل ما قبل ا

.والشمس وضحاها والليل إذا يغشى، والمعوذتين: واقرأ قبل غروب الشمس أربع سور من القرآن هي

Page 11: بداية النهاية

11

ألك عند إقبال ليلك، اللهم إني أس: ولتغرب عليك الشمس وأنت في االستغفار، فإذا سمعت األذان فاجبه، وقل بعده

.الدعاء آما سبق -أن تؤتي محمد الوسيلة: وإدبارك نهارك، وحضور صالتك، وأصوات دعاتك

ثم صل الفرض بعد جواب المؤذن واالقامة، وصل بعده قبل أن تتكلم رآعتين، فهما راتبتا المغرب وإن صليت .بعدهما أربعا تطيلهن، فهن أيضا سنة

كاف إلى العشاء، وتحيى ما بين العشاءين بالصالة فافعل، فقد ورد في فضل ذلك ما ال وإن أمكنك أن تنوي االعت

يحصى، وهي ناشئة الليل؛ ألنه أول نشأه، وهي صالة األوابين، وسئل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عن قوله ).إنها تذهب بمالغات النهارهي الصالة ما بين العشاءين؛ ف: (ن فقال)تتجافى جنوبهم عن المضاجع: (تعالى

: والمالغات دخل وقت العشاء، فصل أربع رآعات قبل الفرض إحياء لما بني األذانين ففضل ذلك آثير وفي الخبر

).أن الدعاء بين األذان واالقامة ال يرد(

الدخان فذلك ثم صل الفرض وصل الراتبة رآعتين، واقرأ فيهما سورة الم السجدة، وتبارك الملك أو سورة يسس، و .مأثور عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

ثم صل الوتر بعدها ثالثا بتسليمتين أو بتسليمة . وصل بعدهما أربع رآعات، ففي الخبر ما يدل على عظم فضلهن

وآان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقرأ فيها سورة سبح اسم ربك األعلى، وقل يأيها الكافرون، واالخالص. واحدة .والمعوذتين

.فإن آنت عازما على قيام الليل، فأخر الوتر، ليكون آخر صالتك وترا

ثم اشتغل بعد ذلك بمذاآرة علم أو مطالعة آتاب، وال تشتغل باللهو واللعب فيكبون ذلك خاتمة أعمالك قبل نومك؛

.فإنما األعمال بخواتيمها

آداب النوم .قبلة، ونم على يمينك آما يضطجع الميت في الحدهفإذا أردت النوم، فابسط فراشك مستقبل ال

واعلم أن النوم مثل الموت، واليقظة، فكن مستعدا للقائه، بأن تنام على طهارة، وتكون وصيتك مكتوبة تحت رأسك،

واعزم على الخير لجميع المسلمين إن بعثك اهللا . وتنام تائبا من الذنوب، مستغفرا، عازما على أال تعود إلى معصية .تعالى، وتذآر أنك ستضجع في اللحدن آذلك وحيدا فريدا ليس معك إال عملك، وال تجزى إال بسعيك

وال تستجلب النوم تكلفا بتمهيد الفرش الوطيئة؛ فإن النوم تعطيل لحياة، إال إذا آانت وباال عليك؛ فنومك سالمة .لدينك

الليل والنهار أآثر من ثماني ساعات، فيكفيك إن عشت واعلم أن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، فال يكن نومك ب .مثال ستين سنة أن تضيع منها عشرين سنة وهو ثلث عمرك

وأعد عند النوم سواآك وطهورك، واعزم على قيام الليل، أو على القيام قبل الصبح، فرآعتان في جوف الليل آنز

.آنوز الدنيا إذا مت من آنوز البر؛ فاستكثر من آنوزك ليوم فقرك، فلن تغني عنك

باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه، فاغفر لي ذنبي؛ اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، اللهم : وقل عند نومكباسم أحيا وأموت؛ أعوذ بك اللهم من شر آل ذي بشر، ومن شر آل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط

ء، وأنت اآلخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت مستقيم؛ اللهم أنت األول فليس قبلك شيالباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين، وأغنني من الفقر؛ اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها، لك مماتها

و والعافية في ومحياها، إن أمتها فاغفر لها، وإن أحييتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين؛ اللهم إني أسألك العف

Page 12: بداية النهاية

12

الدين والدنيا واآلخرة؛ اللهم أيقظني في أحب الساعات إليك، واستعملني بأحب االعمال إليك، لتقربني إليك زلفى، .وتبعدني عن سخطك بعدا، أسألك فتعطيني، وأستغفرك فتغفر لي، ، وأدعوك فتستجيب لي

.المعوذتين، وتبارك الملكثم اقرأ آية الكرسي، وآمن الرسول إلى آخر السورة، واالخالص، و

.ويأخذك النوم وأنت على ذآر اهللا وعلى الطهارة

فإذا استيقظت، فارجع إلى ما عرفتك أوال، . فمن فعل ذلك عرج بروحه إلى العرش، وآتب مصليا إلى أن يستيقظ

واء انتظارا فإن شقت عليك المداومة، فاصبر صبر المريض على مرارة الد. وداوم على هذا الترتيب بقية عمركللشفاء، وتفكر في قصر عمرك، وإن عشت مثال مائة سنة فهي قليلة باالضافة إلى مقامك في الدار اآلخرة وهي أبد اآلباد، وتأمل أنك آيف تتحمل المشقة والذل في طلب الدنيا شهرا أو سنة رجاء أن تستريح بها عشرين سنة مثال،

وال ت طول أملك فيثقل عليك عملك، وقر قرب الموت، ! احة أبد اآلبادفكيف ال تتحمل ذلك أيام قالئل رجاء االسترإني أتحمل المشقة اليوم فلعلي أموت الليلة، وأصبر الليلة فلعلى أموت غدا؛ فإن الموت ال يهجم في : وقل في نفسك

م أنك ال وقت مخصوص، وحال مخصوص، فال بد من هجومه؛ فاالستعداد له أولى من االستعداد للدنيا، وأنت تعلتبقى فيها إال مدة يسيرة، ولعله لم يبق من أجلك إال يوم واحد، أو نفس واحد؛ فقدر هذا في قلبك آل يوم، وآلف نفسك الصبر على طاعة اهللا يوما فيوما، فإنك لو قدرت البقاء خمسين سنة، وألزمتها الصبر على طاعة اهللا تعالى

وإن سوفت وتساهلت جاءك الموت في . الموت فرحا ال آخر لهفإن فعلت ذلك فرحت عند . نفرت واستعصت عليكوقت ال تحتسبه، وتحسرت تحسرا ال آخر له، وعند الصباح يحمد القوم السرى، وعند الموت يأتيك الخبر اليقين،

.ولتعلمن نبأه بعد حين

.مامة والقدوة والجمعةوإذا أرشدناك إلى ترتيب األوراد، فلنذآر لك آيفية الصالة والصوم وآدابهما، وآداب اإل

آداب الصالةفإذا فرغت من طهارة الحدث، وطهارة الخبث، في البدن، والثياب، والمكان ومن ستر العورة من السرة إلى

تحصنا بها ) قل أعوذ برب الناس(فاستقبل القبلة قائما مزاوجا بين قدميك ال تضمهما، واستو قائما، واقرأ .. الرآبة .من الشيطان الرجيم

وأحضر قلبك ما أنت فيه، وفرغه من الوسواس، وانظر بين يدي من تقوم، ومن تناجي، واستح أن تناجى أن تناجى

.موالك بقلب غافل، وصدر مشحون بوساوس الدنيا وخبائث الشهوات

واعلم أنه تعالى مطلع على سريرتك وناظر إلى قلبك، فإنما يتقبل اهللا من صالتك بقدر خشوعك وخضوعك .عك وتضرعك، واعبده في صالتك آأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراكوتواض

فإن لم يحضر قلبك ولم تسكن جوارحك لقصور معرفتك بجالل اهللا تعالى، فقدر أن رجال صالحا من وجوه أهل بيتك

لسوء اال يا نفس ا: ينظر إليك ليعلم آيف صالتك، فعند ذلك يحضر قلبك وتسكن جوارحك، ثم ارجع إلى نفسك وقلتستحين من خالقك وموالك، إذ قدرت اطالع عبد ذليل من عباده عليك، وليس بيده ضرك وال نفعك خشعت

! عندك أقل من عباده؟ -تعالى -جوارحك وحسنت صالتك، ثم إنك تعلمين أنه مطلع عليك، وال تخشعين لعظمته، أهوهذه الحيل فعسى أن يحضر معك في صالتك؛ فإنه وعالج قلبك ب. فما أشد طغيانك وجهلك وما أعظم عداوتك لنفسك

.ليس لك من صالتك إال ما عقلت منها، وأما ما أتيت مع الغفلة والسهو فهو إلى االستغفار والتكفير أحوج

.وإن انتظرت حضور جماعة فأذن، ثم أقم. فإذا حضر قلبك، فال تترك اإلقامة، وإن آنت وحك

وال تغرب . فرض الظهر هللا تعالى، وليكن ذلك حاضرا في قلبك عند تكبيركأؤدي : فإذا أقمت فانو وقل في قلبكإلى حذو منكبيك وهما مبسوطتان، -بعد إرسالهما أوال - عنك النية قبل الفراغ من التكبير، وارفع يديك عند التكبير

فيك منكبيك، فإذا وأصابعهما منشورة، وال تتكلف ضمهما وال تفريجهما، بحيث تحاذى بإبهاميك شحمتى أذنيك، وبك .استقرتا في مقرهما فكبر، ثم أرسلهما برفق

Page 13: بداية النهاية

13

فإذا أرسلتهما . وال تدفع يديك عند الرفع واإلرسال إلى قدام دفعا، وال إلى خلف رفعا، وال تنفضهما يمينا وال شماال

ك فاستأنف رفعهما إلى صدرك، وأآرم اليمنى بوضعها على اليسرى، وانشر أصابع اليمنى على طول ذراعاهللا أآبر آبيرا، والحمدهللا آثيرا، وسبحان اهللا بكرة وأصيال، ثم : وقل بعد التكبير. اليسرى، واقبض بها على آوعها

وجهت وجهي للذي فطر السموات واألرض حنيفا مسلما وما أنا من المشرآين، إن صالتي ونسكي ومحياى : اقرأأعوذ باهللا من الشيطان الرجيم، ثم أقرأ : ثم قل. ن المسلمينومماتى هللا رب العالمين ال شريك له وبذلك أمرت وأنا م

وال : الفاتحة بتشديداتها، واجتهد في الفرق ببين الضاد والظاء في قراءتك في الصالة، وقل آمين، وال تصله بقولكمأموما وصال واجهر بالقراءة في الصبح والمغرب، والعشاء، أعني في الرآعتين األوليين إال أن تكون -الضالين

واقرأ في الصبح بعد الفاتحة من السور الطوال من المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي الظهر والعصر قل يأيها : (وما قاربها من السور، وفي الصبح في السفر) والسماء ذات البروج: (والعشاء من أوساطه، نحو

.لسورة بتكبيرة الرآوع، ولكن افصل بينهما بمقدار سبحان اهللاوال تصل آخر ا). قل هو اهللا أحد(، و )الكافرون

وآن في جميع قيامك مطرقا، قاصرا نظرك على مصالك؛ فذلك أجمع لهمك، وأجدر لحضور قلبك وإياك أن تلتفت .يمينا وشماال في صالتك

على رآبتيك وأصابعك ثم آبر للرآوع وارفع يديك آما سبق، ومد التكبير إلى انتهاء الرآوع، ثم ضع راحتيك

منشورة، وانصب رآبتيك، ومد ظهرك وعنقك ورأسك مستويا آالصحيفة الواحدة، وجاف مرفقيك عن جنبيك وإن آنت منفردا، فالزيادة إلى سبع . ثالثا - سبحان ربي العظيم: والمرأة ال تفعل ذلك بل تضم بعضها إلى بعض، وقل

.وعشرين حسنة

ربنا لك الحمد ملء : سمع اهللا لمن حمده، فإذا استويت قائما فقل: وارفع يديك قائال ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما،وإن آنت في فريضة الحج فاقرأ القنوت في الرآعة الثانية في . السموات وملء االرض وملء ما شئت من شي بعد

.اعتدالك من الرآوع

م يديك ثم جبهتك مكشوفة، وضع أنفك مع ثم اسجد مكبرا غير رافع اليدين، وضع أوال على األرض رآبتيك، ثالجبهة وجاف مرفقيك عن جنبيك، وأقل بطنك عن فخذيك، والمرأة ال تفعل ذلك، وضع يديك على األرض حذو

.ثالثا أو سبعا أو عشرا، إن آنت منفردا -سبحان ربي االعلى: منكبيك، وال تفرض ذراعيك على االرض، وقل

تى تعتدل جالسا، واجلس على رجلك اليسرى، وانصب قدمك اليمنى، وضع يديك ثم ارفع رأسك من السجود مكبرا ح. رب اغفر لي، وارحمني، وارزقني، واهدني، واجبرني وعافني واعف عني: على فخذيك، واألصابع منشورة، وقل

..ثم اسجد سجدة ثانية آذلك

يدين على األرض، وال تقدم إحدى رجليك ثم اعتدل جالسا لالستراحة في آل رآعة ال تشهد عقبها، ثم تقوم وتضع الفي حال االرتفاع، وابتدىء بتكبيرة االرتفاع عند القرب من حد جلسة االستراحة، ومدها إلى انتصاف ارتفاعك إلى

.قيامك ولتكن هذه الجلسة جلسة خفيفة مختطفة

انية للتشهد األول، وضع اليد اليمنى وصل الرآعة الثانية آاألولى، وأعد التعوذ في االبتداء، ثم اجلس في الرآعة الثفي جلة التشهد االول على الفخذ اليمنى مقبوضة األصابع إال المسبحة واإلبهام فترسلها، وانشر مسبحة يمناك عند

وضع اليد اليسرى منشورة االصابع على الفخذ اليسرى، واجلس على رجلك ). ال إله: (ال عند قولك) إال اهللا: (قولكواستكمل الدعاء المعروف المأثور بعد . التشهد آما بين السجدتين، وفي التشهد االخير متورآا اليسرى في هذا

واجلس فيه على ورآك األيسر، وضع رجلك اليسرى خارجة من تحتك، . الصالة على النبي صلى اهللا عليه وسلملجانبين، والتفت بحيث يرى بياض مرتين، من ا -السالم عليكم ورحمة اهللا: وانصب القدم اليمنى، ثم قل بعد الفراغ

.خدك من جانبيك، وانو الخروج من الصالة، وانو السالم على من بجانبك من المالئكة والمسلمين

..وهذه هيئة صالة المنفرد

Page 14: بداية النهاية

14

.وعماد الصالة الخشوع، وحضور القلب مع القراءة والذآر بالتفهم

.عفيها القلب فهي إلى العقوبة أسرآل صالة ال يحضر : رحمة اهللا تعالى -قال الحسن البصري

إن العبد ليصلي الصالة فال يكتب له منها سدسها وال عشرها، وإنما يكتب : (وقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ).للعبد من صالته بقدر ما عقل منها

آداب اإلمامة والقدوةيت خلف أحد صالة أخف وال أتم من صالة ما صل: ينبغي لإلمام أن يخفف الصالة، قال أنس بن مالك رضي اهللا عنه

وال يكبرما لم يفرغ المؤذن من االقامة، وما لم تتسو الصفوف، ويرفع اإلمام صوته . رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمبالتكبيرات، وال يرفع المأموم صوته إال بقدر ما يسمع نفسه، وينوي اإلمام اإلمامة لينال الفضل، فإذا لم ينو صحت

.وم إذا نووا االقتداء به، ونالوا فضل القدوةصلة الق

ويسر اإلمام بدعاء االستفتاح والتعوذ آالمنفرد، ويجهر بالفاتحة والسورة في جميع الصبح، وأوليى المغرب في الجهرية، وآذلك المأموم، ويقرن المأموم تأمينه بتأمين اإلمام معا ) آمين: (والعشاء، وآذلك المنفرد، ويجهر بقوله

يبا له، ويسكت اإلمام سكتة عقب الفاتحة ليثوب غليه نفسه، ويقرأ المأموم الفاتحة في الجهرية في هذه السكتة، تعق .ليتمكن من االستماع عند قراءة اإلمام، وال يقرأ المأموم السورة في الجهرية إال إذا لم يسمع صوت اإلمام

اللهم صل على : (وال يزيد في التشهد األول بعد قولهوال يزيد اإلمام على ثالث في تسبيحات الرآوع والسجود،

ويقتصر في الرآعتين األخيرتين على الفاتحة، وال يطول على القوم، وال يزيد دعاؤه في التشهد األخير على ) محمدوم قدر تشهده وصالته على رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وينوي اإلمام عند التسليم السالم على القوم، وينوي الق

.بتسليمهم جوابه

ويلبث اإلمام ساعة بعد ما يفرغ من السالم ويقبل على الناس بوجهه، وال يلتفت إن آان خلفه نساء حتى ينصرفن .أوال

.وينصرف اإلمام حيث شاء عن يمينه أو شماله، واليمن أحب إلي. وال يقوم أحد من القوم حتى يقوم اإلمام

ن ويجهر به، ويؤمن القوم وال يرفعون )اللهم اهدنا: (قنوت الصبح، بل يقول وال يخص اإلمام نفسه بالدعاء في ).إنك تقضي وال يقضى عليك: (أيديهم إذ لم يثبت ذلك في االخبار، ويقرأ المأموم بقية القنوت من قوله

ى اإلمام في وال يقف المأموم وحده، بل يدخل في الصف، أو يجر إلى نفسه غيره، وال ينبغي للمأموم أن يتقدم عل

أفعاله أو يساويه، بل ينبغي أن يتأخر عنه، وال يهوي للرآوع إال إذا انتهى اإلمام إلى حد الرآوع، وال يهوى للسجود .ما لم تصل جبهة االمام إلى االرض

آداب الجمعةوافقها عبد اعلم أن الجمعة عيد المؤمنين، وهو يوم شريف خص اهللا عزوجل به هذه االمة، وفيه ساعة مبهمة ال ي

.مسلم يسال اهللا تعالى فيها حاجة إال أعطاه إياها

فاستعد لهبا من يوم الخميس؛ بتنظيف الثياب، وبكثرة التسبيح واالستغفار عشية الخميس، فإنها ساعة توازى في .الفضل ساعة يوم الجمعة

.وانو صوم يوم الجمعة، لكن مع الخميس أو السبت؛ إذ جاء في افراده نهى

ثم تزين بالثياب البيض؛ فإنها . أي ثابت مؤآد) غسل الجمعة واجب على آل محتلم( ،ا طلع عليك الصبح، فاغتسلفإذ

Page 15: بداية النهاية

15

أحب الثياب إلى اهللا تعالى، واستعمل من الطيب أطيب ما عندك، وبالغ في تنظيف بدنك بالحلق والقص والسواك .وسائر أنواع النظافة وتطييب الرائحة

نمن راح إلى الجمعة في الساعة : (اسع إليها على الهينة والسكينة، فقد قال صلى اهللا عليه وسلمثم بكر إلى الجامع، و

االولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب فإذا . في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضةآبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح

ويقال إن الناس في ). خرج ا إلمام طوت الصحف، ورفعت االقالم، واجتمعت المالئكة عند المنبر يستمعون الذآر .قربهم عند النظر إلى وجه اهللا تعالى على قدر بكورهم إلى الجمعة

س فال تتخط رقابهم، وال تمر بين أيديهم وهم يصلون، ثم إذا دخلت الجامع، فاطلب الصف االول، فإذا اجتمع النا

واجلس بقرب حائط أو اسطوانة حتى ال يمروا بين يديك، وال تقعد حتى تصلي التحية، واألحسن ان تصلي أربع أن من فعل ذلك لم يمت حتى يرى : (رآعات، تقرأ في آل رآعة بعد الفاتحة االخالص خمسين مرة، ففي الخبر

.وال تترك التحية وإن آان اإلمام يخطب). أو يرى لهمقعده من الجنة

سورة االنعام، والكهف، وطه، ويس، فإن لم : ويستحب في هذا اليوم أو في ليلته أن يصلى أربع رآعات بأربع سور. وال تدع قراءة هذه السورة ليلة الجمعة؛ ففيها فضل آثير. السجدة، وسورة الملك) الم(تقدر فسورة يس والدخان، و

آثر من الصالة على رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم في هذا وأ. ومن لم يحسن ذلك فليكثر من قراءة سورة االخالصومتى خرج االمام، فاقطع الصالة والكالم، واشتغل بجواب المؤذن ثم استماع الخطبة واالتعاظ بها، .اليوم خاصة

أنصت، أو صه؛ فقد لغا، نومن لغا -واإلمام يخب -ان من قال لصاحبه: (ودع الكالم رأسا في الخطبة، ففي الخبر .غيره باالشارة ال باللفظ آالم، فينبغي أن ينهى: ، آي ألن قوله أنصت)فال جمعة له

فإذا فرغت وسلمت، فاقرأ الفاتحة قبل أن تتكلم سبع مرات، واالخالص سبعا، والمعوذتين . ثم اقتد باإلمام آما سبق

يا غني، يا حميد، يا : عد ذلكسبعا سبعا، فذلك يعصمك من الجمعة االخرى، ويكون حرزا لك من الشيطان، وقل بثم . مبدىء، يا معيد، يا رحيم، يا ودود؛ أغنني بحاللك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك

صل بعد الجمعة رآعتين أو أربعا أو ستا، مثنى، مثنى، فكل ذلك مروي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم في .أحوال مختلفة

المغرب أو إلى العصر، وآان حسن المراقبة للساعة الشريفة؛ فإنها مبهمة في جميع اليوم، ثم الزم المسجد إلى

.فعساك أن تدرآها وأنت خاشع هللا تعالى متذلل متضرع

وال تحضر في الجامع مجالس الحلق، وال مجالس القصاص، بل مجلس العلم النافع، وهو الذي يزيد في خوفك من في الدنيا، فكل علم ال يدعوك من الدنيا إلى اآلخرة فالجهل أعود عليك منه؛ فاستعذ اهللا تعالى، وينقص من رغبتك

.باهللا من علم ال ينفع

وأآثر من الدعاء عند طلوع الشمس، وعند الزوال، وعند الغروب، وعند اإلقامة، وعند صعود الخطيب المنبر، .ي بعض هذه االوقاتوعند قيام الناس إلى الصالة، فيوشك أن يكون الساعة الشريفة ف

واجتهد أن تتصدق في هذا اليوم بما تقدر عليه وإن قل، فتجمع بين الصالة والصوم والصدقة والقراءة والذآر

.واالعتكاف والرباط

.واجعل هذا اليوم من االسبوع خاصة آلخرتك؛ فعساه أن يكون آفارة لبقية االسبوع

آداب الصيامن فتترك التجارة بالنوافل، وآسب الدرجات العالية في الفراديس؛ فتتحسر إذ ال ينبغي أن تقتصر على صوم رمضا

.نظرت إلى منازل الصائمين، آما تنظر إلى الكواآب الدرية، وهم في أعلى عليين

Page 16: بداية النهاية

16

يوم عرفة لغير الحاج، ويوم : واأليام الفاضلة التي شهدت األخبار بشرفها وفضلها، وبجزالة الثواب في صيامها

لعشر االول من ذي الحجة، والعشر األول من المحرم، ورجب وشعبان، وصوم األشهر الحرم من عاشوراء، واوأما في الشهر فأول . الفضائل، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، واحد فرد وثالثة سرد، وهذه في السنة، وأما في االسبوع فيوم الشهر وأوسطه وآخره، واأليام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر

االثنين والخميس والجمعة؛ فتكفر ذنوب االسبوع بصوم االثنين والخميس والجمعة، وتكفر ذنوب الشهر باليوم األول .واليوم األوسط واليوم اآلخر واأليام البيض، وتكفر ذنوب السنة بصيام هذه األيام واالشهر المذآورة

آم من صائم : (طعام والشراب والوقاع فقط، فقد قال صلى اهللا عليه وسلموال تظن إذا صمت أن الصوم هو ترك ال، بل تمام الصوم بكف الجوارح آلها عما يكرهه اهللا تعالى، بل ينبغي أن )ليس له من صيامه إال الجوع والعطش

حرمه اهللا؛ فإن تحفظ العين عن النظر إلى المكاره، واللسان عن النطق بما ال يعنيك، واألذن عن االستماع إلى ما خمس (المستمع شريك القائل وهو أحد المغتابين، وآذلك تكف جميع الجوارح آما تكف البطن والفرج، ففي الخبر

إنما الصوم : (، وقال صلى اهللا عليه وسلم)الكذب، والغيبة، والنميمة، واليمين الكاذبة، والنظر بشهوة: يفطرن الصائم ).إني صائم: وال يفسق، وال يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل جنة فإذا آان أحدآم صائما فال يرفث،

ثم اجتهد أن تفطر على طعام حالل، وال تستكثر فتزيد على ما تأآله آل ليلة، فال فرق إذا استوفيت ما تعتاد أن تأآله

فإذا أآلت . تقوىدفعتين في دفعة واحدة، وإنما المقصود بالصيام آسر شهوتك، وتضعيف قوتك لتقوى بها على العشية ما تدارآت به ما فتك ضحوة، فال فائدة في صومك، وقد ثقلت عليك معدتك، وما وعاء يمأل أبغض إلى اهللا

فإذا عرفت معنى الصوم فاستكثر منه ما استطعت، فإنه أساس العبادات، ؟تعالى من حالل، فكيف إذا ملىء من حرامآل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إال : قال اهللا تعالى: (عليه وسلمومفتاح القربات؛ قال رسول اهللا صلى اهللا

والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند اهللا من : (، وقال صلى اهللا عليه وسلم)الصوم، فإنه لي وأنا أجزى بهلصوم لي وأنا أجزى إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلى، فا: ريح المسك، يقول اهللا تعالى عزوجل من قائل

).للجنة باب له الريان، ال يدخله إال الصائمون: (وقال صلى اهللا عليه وسلم) به

فهذا القدر من شرح الطاعات يكفيك من بداية الهداية، فإذا احتجت إلى الزآاة، والحج، أو إلى مزيد شرح الصالة ).إحياء علوم الدين(والصيام، فاطلبه مما أوردناه في آتابنا

لقسم الثانيا

القول في اجتناب المعاصى

توطئةوترك المناهي هو األشد؛ فإن الطاعات يقدر .. فعل الطاعات: ترك المناهي، واآلخر: اعلم ان للدين شطرين، أحدهما

المهاجر : (عليها آل واحد، وترك الشهوات ال يقدر عليه إال الصديقون، فلذلك قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ).السوء، والمجاهد من جاهد هواه من هجر

واعلم أنك إنما تعصي اهللا بجوارحك، وهي نعمة من اهللا عليك وأمانة لديك، فاستعانتك بنعمة اهللا على معصيته غاية الكفران، وخيانتك في أمانة استودعها اهللا غاية الطغيان؛ فأعضاؤك رعاياك، فانظر آيف ترعاها؛ فكلكم راع، وآلكم

.تهمسؤول عن رعي

واعلم أن جميع أعضائك ستشهد عليك في عرصات القيامة بلسان طلق ذلق، تفضحك به على رؤوس الخالئق، قال اليوم نختم على افواههم : (، وقال اهللا تعالى)يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما آانوا يعملون: (اهللا تعالى

فاحفظ يا مسكين جميع بدنك من المعاصى، وخصوصا أعضاءك ). وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما آانوا يكسبونالسبعة؛ فإن جهنم لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم، وال يتعين لتلك االبواب إال من عصا اهللا تعالى بهذه

.العين، واألذن، واللسان، والبطن، والفرج، واليد، والرجل: االعضاء السبعة، وهي

Page 17: بداية النهاية

17

آداب العينفإنما خلقت لك لتهتدي بها في الظلمات، وتستعين بها في الحاجات، وتنظر بها إلى عجائب ملكوت : أما العين

أن تنظر بها إلى غير محرم، أو إلى صورة : األرض والسموات، وتعتبر بما فيها من اآليات؛ن فاحفظها عن أربع .على عيب مسلم مليحة وال بشهوة نفس، أو تنظر بها إلى مسلم بعين االحتقار، أو تطلع بها

آداب األذنفاحفظها عن أن تصغي بها إلى البدعة، أو الغيبة، أو الفحش، أ الخوض في الباطل، أو ذآر مساوىء : وأما األذن

الناس؛ فإنما خلقت لك لتسمع بها آالم اهللا تعالى، وسنة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وحكمة أوليائه، وتتوصل فإذا أصغيت بها إلى شيء من المكاره صار . لملك المقيم والنعيم الدائم في جوار رب العالمينباستفادة العلم بها إلى ا

وال تظن أن اإلصم يختص به القائل . ما آان لك عليك، وانقلب ما آان سبب فوزك سبب هالآك، وهذا غية الخسران ).أن المستمع شريك القائل وهو أحد المغتابين: (دون المستمع؛ ففي الخبر

فإنما خلق لتكثر به ذآر اهللا تعالى وتالوة آتابه، وترشدن به خلق اهللا تعالى إلى طريقه، : اب اللسان وأما اللسانآدفإذا استعملته في غير ما خلق له، فقد آفرت نعمة اهللا تعالى . وتظهر به ما في ضميرك من حاجات دينك ودنياك

.ب الناس في النار على مناخرهم إال حصائد ألسنتهمفيه، وهو أغلب أعضائك عليك وعلى سائر الخلق، وال يك

إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها أصحابه : (فاستظهر عليه بغاية قوتك حتى ال يكبك في قعر جهنم، ففي الخبر، وروى أنه قتل شهيد في المعرآة على عهد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم )فيهوي بها في قعر جهنم سبعين خريفا

وما يدريك لعله آان يتكلم فيما ال يعنيه، ويبخل بما ال : (صلى اهللا عليه وسلم: ن هنيئا له الجنة، فقال:ل قائلفقا ).يغنيه

: فاحفظ لسانك من ثمانية

األول الكذبفاحفظ منه لسانك في الجد والهزل، وال تعود لسانك الكذب هزال فيتداعى إلى الجد، والكذب من أمهات الكبائر، ثم

.ك إذا عرفت بذلك سقطت عدالتك والثقة بقولك، وتزدريك األعين وتحتقركإن

وإذا أردت أن تعرف قبح الكذب من نفسك، فانظر إلى آذب غيرك، وعلى نفرة نفسك عنه، واستحقارك لصاحبه وآذلك فافعل في جميع عيوب نفسك؛ فإنك ال ترى قبح عيوبك من نفسك، بل من غيرك، فما . واستقباحك له

.قبحته من غيرك يستقبحه غيرك منك ال محالة؛ فال ترض لنفسك ذلكاست

الثاني الخلف في الوعدفإياك أن تعد بشيء وال تفي به، بل ينبغي أن يكون إحسانك إلى الناس فعال بال قول، فإن اضطررت إلى الوعد،

: قال النبي صلى اهللا عليه وسلم فإياك أن تخلف إال لعجز أو ضرورة؛ فإن ذلك من امارات النفاثق وخبائث االخالق، ).من إذا حدث آذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان: ثالث من آن فيه فهو منافق وإن صام وصلى(

الثالث الغيبة .آذلك ورد في الخبر. فاحفظ لسانك عنها، والغيبة أشد من ثالثين زنية في االسالم

.، فأنت مغتاب ظالم وإن آنت صادقاأن تذآر إنسانا بما يكرهه لو سمعه: ومعنى الغيبة

أصلحه اهللا فقد ساءني وغمني ما جرى : وإياك وغيبة القراء المرائين، وهو أن تفهم المقصود من غير تصريح فتقول

: الغيبة إذا حصل به التفهم، واآلخر: عليه، فنسأل اهللا تعالى أن يصلحنا وإياه؛ فإن هذا جمع بين خبيثين، أحدهماالدعاء؛ - أصلحه اهللا: ولكن إن آان مقصودك من قولك. الثناء عليها بالتجريح لغيرك والصالح لنفسكتزآية النفس و

وإن اغتممت بسببه، فعالمة أنك ال تريد فضيحته واظهار عيبه، وفي إظهارك الغم بعيبه إظهار . فادع له في السر .تعييبه

Page 18: بداية النهاية

18

). م بعضا، أيحب أحدآم أن يأآل لحم أخيه ميتا فكرهتموهوال يغتب بعضك: (ويكفيك زاجرا عن الغيبة قوله تعالى

ويمنعك عن الغيبة أمر لو تفكرت فيه وهو أن تنظر في ! فقد شبهك اهللا بآآل لحم الميتة؛ فما أجدرك أن تحترز منها

لك من نفسك، فاعلم أن نفسك، هل فيك عيب ظاهر أو باطن؟، وهل أنت مقارف معصية سرا أو جهرا؟ فإذا عرفت ذوآما تكره أن تفتضح وتذآر عيوبك، فهو أيضا . عجزه عن التنزهي عما نسبته إليه آعجزك، وعذره آعذرك

يكرهه؛ فإن سترته ستر اهللا عليك عيوبك، وإن فضحته سلط اهللا عليك ألسنة حدادا، يمزقون عرضك في الدينا، ثم .لقيامةيفضك اهللا في اآلخرة على رؤوس الخالئق يوم ا

وإن نظرت إلى ظاهرك وباطنك، فلم تطلع فيهما على عيب ونقص في دين وال دنيا، فاعلم أن جهلك بعيوب نفسك

ولو أراد اهللا بك خيرا لبصرك بعيوب نفسك، فرؤيتك نفسك بعين . أقبح أنواع الحماقة، وال عيب أعظم من الحمقشكر اهللا تعالى عليه وال تفسده بثلب الناس، والتمضمض ثم إن آنت صادقا في ظنك فا. الرضا غاية غباوتك وجهلك

.بأعراضهم؛ فإن ذلك من أعظم العيوب

الرابع المراء والجدال ومناقشة الناس في الكالمفذلك فيه إيذاء للمخاطب وتجهيل له، وطعن فيه، وفيه ثناء على النفس وتزآية لها بمزيد الفطنة والعلم، ثم هو

رى سفيها إال ويؤذيك، وال تماري حليما إال ويقليك ويحقد عليك؛ فقد قال صلى اهللا عليه مشوش للعيش؛ فإنك ال تمامن ترك المراء وهو مبطل بنى اهللا له بيتا في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محق بنى اهللا له بيتا في : (وسلم

).أعلى الجنة

فيه، فإن الشيطان أدبا يستجر الحمقى إلى الشر في أظهر الحق وال تداهن: وال ينبغي أن يخدعك الشيطان ويقول لكمعرض الخير، فال تكن ضحكة للشيطان فيسخر منك، فاظهار الحق حسن مع من يقبله منك، وذلك بطريق النصيحة

.في الخفية ال بطريق المماراة

.حهاوللنصيحة صفة وهيئة، ويحتاج فيها إلى تلطف وإال صارت فضيحة، وآان فسادها أآثر من صالومن خالط متفقهة العصر غلب على طبعه المراء والجدال، وعسر عليه الصمت، إذ ألقى إليه علماء السوء أن ذلك هو الفضل، والقدرة على المحاجة والمناقشة هو الذي يمتدح به؛ ففر منهم فرارك من األسد، واعلم أن المراء سبب

.المقت عنداهللا وعند الخلق

الخامس تزآية النفسثناء المرء : مالصدق القبيح؟ فقال: ، وقيل بعض الحكماء)فال تزآوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى: (قال اهللا تعالى فقد

فإذا أردت . فإياك أن تتعود ذلك، واعلم أن ذلك ينقص من قدرك عند الناس، ويوجب مقتك عنداهللا تعالى. على نفسهي قدرك عند غيرك، فانظر إلى أقرانك إذا أثنوا على أنفسهم بالفضل والجاه أن تعرف أن ثناءك على نفسك ال يزيد ف

والمال آيف يستنكره قلبك عليهم، ويستثقله طبعك، وآيف تذمهم عليه إذا فارقتهم؛ فاعلم أنهم أيضا في حال تزآيتك .لنفسك يذمونك في قلوبهم ناجزا، وسيظهرونه بألسنتهم إذا فارقتهم

ك أن تلعن شيئا مما خلق اهللا تعالى من حيوان أو طعام أو إنسان بعينه، وال تقطع بشهادتك على فإيا اللعن : السادس

أحد من أهل القبلة بشرك أو آفر أو نفاق؛ فإن المطلع على السرائر هو اهللا تعالى، فال تدخل بين العباد وبين اهللا ولم سكت عنه؟ بل لو لم تعلن ابليس طول عمرك، ولم لم لم تلعن فالنا، : تعالى، واعلم أنك يوم القيامة ال يقال لك

وإذا لعنت أحدا من خلق اهللا تعالى طولبت به، وال تذم . تشغل لسانك بذآره لم تسأل عنه ولم تطالب به يوم القيامةا أآله شيئا مما خلق اهللا تعالى، فقد آان النبي صلى اهللا عليه وسلم ال يذم الطعام الردىء قط، بل آان إذا اشتهى شيئ

.وإال ترآه

Page 19: بداية النهاية

19

السابع الدعاء على الخلقإن : (فاحفظ لسانك عن الدعاء على أحد من خلق اهللا تعالى، وإن ظلمك فكل أمره إلى اهللا تعالى؛ ففي الحديث

وطول بعض الناس لسانه ). المظلوم ليدعو على ظالمه حتى يكافئه ثم يبقى للظالم فضل عنده يطالب به يوم القيامة ).إن اهللا لينتقم للحجاج ممن تعرض له بلسانه آما ينتقم من الحجاج لمن ظلمه: (فقال بعض السلفعلى الحجاج

الثامن المزاح والسخرية واالستهزاء بالناسفاحفظ لسانك منه، في الجد والهزل؛ فإنه يريق ماء الوجه ويسقط المهابة، ويستجر الوحشية، ويؤذي القلوب، وهو

ارم، ويغرس الحقد في القلوب؛ فال تمازح أحدا؛ فإن مازحك أحد فال تجبه، وأعرض مبدأ اللجاج والغضب والتص .عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وآن من الذين إذا مروا باللغو مروا آراما

فهذه مجامع آفات اللسان، وال يعينك عليه إال العزلة، أو مالزمة الصمت غال بقدر الضرورة؛ فقر آان أبوبكر

هذا : اهللا تعالى عنه يضع حجرا في فيه ليمنعه ذلك من الكالم بغير ضرورة، ويشير إلى لسانه ويقول الصديق رضي .فاحترز منه بجهدك؛ فإنه أقوى أسباب هالآك في الدنيا واآلخرة. الذي أوردني الموارد

آداب البطندته فاحرص على أن تقتصر فاحفظه من تناول الحرام والشبهة، واحرص على طلب الحالل، فإذا وج: وأما البطن

منه على ما دون الشبع، فإن الشبع يقسي القلب، ويفسد الذهن، ويبطل الحفظ، ويثقل األعضاء عن العبادة والعلم، .ويقوي الشهوات، وينصر جنود الشيطان

ام والشبع من الحالل مبدأ آل شر، فكيف من الحرام وطلب الحالل فريضة على آل مسلم، والعبادة مع أآل الحر .آالبناء على السرجين

فإذا قنعت في السنة بقميص خشن، وفي اليوم والليلة برغيفين من الخشكار، وترآت التلذذ بأطيب األدم، لم يعوزك

.من الحالل ما يكفيك، والحالل آثير

من عالمة وليس بعليك أن تتيقن بواطن األمور، بل عليك أن تحترز مما تعلم أنه حرام أو تظن أنه حرام ظنا حصل ناجزة مقدرة بالمال؛ أما المعلوم فظاهر، وأما المظنون بعالمة فهو مال السلطان وعماله، ومال من ال آسب له إال

فإن من علمت أن أآثر ماله . من النياحة، أو بيع الخمر، أو الربا، أو المزامير؛ وغير ذلك من آالت اللهو المحرمة .فهو حرام؛ ألنه الغالب على الظن - ن ان يكون حالال نادراوإن أمك -حرام قطعا، فما تأخذه من يده

ومن الحرام المحض ما يؤآل من األوقاف من غير شرط الواقف، فمن لم يشتغل بالتفقه فما يأخذه من المدارس .حرام، ومن ارتكب معصية ترد بها شهادته، فما يأخذه باسم الصوفية من وقف أو غيره فهو حرام

لشبهات والحالل والحرام في آتاب مفرد من آتب إحياء علوم الدين، فعليك بطلبه؛ فإن معرفة وقد ذآرنا مداخل ا

.الحالل وطلبه فريضة على آل مسلم، آالصلوات الخمس

آداب الفرججهم والذين هم لفروجهم حافظون، إال على أزوا: (فاحفظه عن آل ما حرم اهللا تعالى، وآن آما قال اهللا: وأما الفرج

).أو ما ملكت أيمانهم غير ملومين

وال تصل إلى حفظ الفرج إال بحفظ العين عن النظر، وحفظ القلب عن التفكر، وحفظ البطن عن الشبهة وعن الشبع؛ .فإن هذه محرآات للشهوة ومغارسها

آداب اليدينال حراما، أو تؤدي بهما أحدا من الخلق، أو فاحفظهما عن أن تضرب بهما مسلما، أو تتناول بهما ما: وأما اليدان

تخون بهما في أمانة أو وديعة، أو تكتب بهما ما ال يجوز النطق به، فإن القلم أحد اللسانين، فاحفظ القلم عما يجب .حفظ اللسان عنه

Page 20: بداية النهاية

20

آداب الرجلينم؛ فإن المشي إلى فاحفظهما عن أن تمشي بهما إلى حرام، أو تسعى بهما إلى باب سلطان ظال: وأما الرجالن

.السالطين الظلمة من غر ضرورة وارهاق معصية آبيرة؛ فإنه تواضع وإآرام لهم على ظلمهموهو تكثير لسوادهم، ) وال ترآنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار: (وقد أمر اهللا تعالى باإلعراض عنهم في قوله تعالى

من تواضع لغنى صالح لغناه ذهب : (حرام، وقد قال صلى اهللا عليه وسلموإن ذلك لسبب طلب مالهم فهو سعى إلى وهذا في غنى صالح، فما ظنك بالغنى الظالم؟ وعلى الجملة، فحرآاتك وسكناتك بأعضائك نعمة من نعم ) ثلثا دينه

.اهللا تعالى عليك؛ فال تحرك شيئا منها في معصية اهللا تعالى أصال، واستعملها في طاعة اهللا تعالى

واعلم أنك إن قصرت فعليك وباله، وإن شمرت فإليك تعود ثمرته، واهللا غني عنك وعن عملك، وإنما آل نفس بما إن اهللا آريم رحيم يغفر الذنوب للعصاة؛ فإن هذه آلمة حق أريد بها باطل، وصاحبها : آسبت رهينة، وإياك أن تقول

الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، : (حيث قالملقب بالحماقة، بتلقيب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم واعلم أن قولك هذا أيضا هي قول من يريد أن يكون فقيها ). واألحمق من أتبع نفسه هواها، وتمنى على اهللا األماني

إن اهللا آريم رحيم قادر على أن يفيض على قلبي من : في علوم الدين من غير أن يدرس علما واشتغل بالبطالة وقالالعلوم ما أفاضه على قلوب أنبيائه وأوليائه من غير جهد وتكرار وتعلم وهو آقول من يريد ماال فترك الحراثة

إن اهللا آريم رحيم وله خزائن السموات واألرض وهو قادر على أن يطلعني على : والتجارة والكسب ويتعطل، وقالفأنت إذا سمعت آالم هذين الرجلين استحمقتهما آنز من آنوز أستغني به عن الكسب، فقد فعل ذلك لبعض عباده،

وسخرت منهما، وإن آان ما وصفاه من آرم اهللا تعالى وقدرته صدقا وحقا، فكذلك يضحك عليك أرباب البصائر في ون ما إنما تجز: (، ويقول)وأن ليس لإلنسان إال ما سعى: (الدين إذا طلبت المغفرة بغير سعى لها، واهللا وتعالى يقول

).إن األبرار لفي نعيم، وإن الفجار لفى جحيم(ويقول ) آنتم تعملون

فإذا لم تكن تترك السعي في طلب العلم والمال اعتمادا على آرمه، فكذلك ال تترك التزود لآلخرة، وال تفتر؛ فإن رب تك وإنما آرمه سبحانه وتعالى في أن ييسر الدنيا والآلخرة واحد، وهو فيهما آريم رحيم، وليس يزيد له آرم بطاع

.لك طريق الوصول الى الملك المقيم والنعيم الدائم المخلد، بالصبر على ترك الشهوات أياما قالئل، وهذا نهاية الكرم

فال تحدث نفسك بتهويسات البطالين، واقتد بأولى العزم والنهي من االنبياء والصالحين، وال تطمع في أن تحصد ما .تزرع، وليت من صام وصلى وجاهد واتقى غفر لهلم

فهذه جمل مما ينبغي أن تحفظ عنه جوارحك الظاهرة، وأعمال هذه الجوارح إنما تترشح من صفات القلب؛ فإن أردت حفظ الجوارح فعليك بتطهير القلب؛ فهو تقوى الباطن، والقلب هو المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد بها

فسدت فسد بها سائر الجسد، فاشتغل باصالحه لتصلح به جوارحك، وصالحه يكون بمالزمة سائر الجسد، وإذا .المراقبة

القول في معاصى القلباعلم أن الصفات المذمومة في القلب آثيرة، وطريق تطهير القلب من رذائلها طويلة، وسبيل العالج فيها غامض،

.سهم واشتغالهم بزخارف الدنياوقد اندرس بالكلية علمه وعمله؛ لغفلة الخلق عن أنف

في ربع المهلكات وربع المنجيات، ولكنا نحذرك؛ فإنها مهلكات ) إحياء علوم الدين(وقد استقصينا ذلك آله في آتاب وهي الحسد، والرياء، والعجب؛ فاجتهد في تطهير قلبك منها؛ فإن : في أنفسها، وهي أمهات لجملة من الخبائب سواها

.فإن عجزت عن هذا، فأنت عن غيره أعجز. آيفية الحذر من بقيتها من ربع المهلكاتقدرت عليها فتعلم

وال تظن أنك تسلم بنية صالحة في تعلم العلم، وفي قلبك شيء من الجسد والرياء والعجب، وقد قال صلى اهللا عليه ).شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه: ثالث مهلكات: (وسلم

الحسدفهو متشعب من الشح، فإن البخيل هو الذي يبخل بما في يده على غيره، والشحيح هوالذي يبخل بنعمة :أما الحسد

اهللا تعالى وهي في خزائن قدرته تعالى، ال في خزائنه، على عباد اهللا فشحه أعظم، والمحسود هو الذي يشق عليه

Page 21: بداية النهاية

21

و محبة في قلوب الناس، أو حظ من الحظوظ، إنعام اهللا تعالى من خزائن قدرته، على عبد من عباده بعلم أو مال أحتى أنه ليحب زوالها عنه، وإن لم يحصل له بذلك شيء من تلك النعمة؛ فهذا منتهى الخبث؛ فلذلك قال النبي صلى

).الحسد يأآل الحسنات آما تأآل النارالحطب: (اهللا عليه وسلم

.الدنيا إلى موته، ولعذاب اآلخرة أشد وأآبر والحسود هو المعذب الذي ال يرحم، وال يزال في عذاب دائم في

بل ال يصل العبد إلى حقيقة اإليمان ما لم يحب لسائر الناس ما يحب لنفسه، بل ينبغي ان يساهم المسلمين في السراء . والضراء؛ فالمسلمون آالبنيان الواحد يشد بعضه بعضا، وآالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو اشتكى سائر الجسد

آنت ال تصادف هذا من قلبك، فاشتغالك بطلب التخلص من الهالك أهم من اشتغالك بنوادر الفروع وعلم فإن .الخصومات

الرياءفهو الشرك الخفي، وهو أحد الشرآين، وذلك طلب المنزلة في قلوب الخلق، لتنال بها الجاه والحشمة، : وأما الرياء

اس، فما أهلك الناس إال الناس، ولو أنصف الناس حقيقة لعلموا أن وحب الجاه من الهوى المتبع، وفيه هلك أآثر النأآثر ما هم فيه من العلوم والعبادات فضال عن أعمال العادات، ليس يحملهم يحملهم عليه إال مراءاة الناس، وهي

في سبيلك، يا رب استشهدت: أن الشهيد يؤمر به يوم القيامة إلى النار، فيقول: (محبطة لألعمال، آما ورد الخبر .وآذلك يقال للعالم والحاج والقارىء -بل أردت أن يقال إنك شجاع، وقد قيل ذلك، وذلك أجرك: فيقول اهللا تعالى

العجب والكبر والفخرفهو الداء العضال، وهو نظر العبد إلى نفسه بعين العز واالستظام، وإلى غيره بعين : وأما العجب والكبر والفخر

أنا خير منه، خلقتني من نار، وخلقته : (أنا وأنا آما قال إبليس اللعين: يجته على اللسان أن يقولاالحتقار والذل، ونت .وثمرته في المجالس الترفع والتقدم وطلب التصدر فيها، وفي المحاورة االستنكاف من أن يرد آالمه عليه) من طين

.ا من أحد من خلق اهللا تعالى فهو متكبروالمتكبرهو الذي إن وعظ أنف، أو وعظ عنف، فكل من رأى نفسه خير

بل ينبغي لك أن تعلم أن الخير من هو خير عند اهللا في دار اآلخرة، وذلك غيب، وهو موقوف على الخاتمة؛ فاعتقادك في نفسك أنك خير من غيرك جهل محض، بل ينبغي أال تنظر إلى أحد إال وترى أنه خير منك، وأن

هذا لم يعص اهللا وأنا عصيته، فال شك أنه خير مني وإن رأيت آبيرا : صغيرا قلت الفضل له على نفسك، فإن رأيتقلت هذا قد عبد اهللا قبلى، فال شك أنه خير مني وإن رأيت آبيرا قلت هذا قد عبد اهللا قبلي، فال شك أنه خير مني وإن

هذا قد أعطى ما لم أعط، وبلغ ما : توإن آان عالما قل. رأيت آبيرا قلت هذا قد عبد اهللا قبلي، فال شك أنه خير منيهذا قد عصى اهللا بجهل، وأنا عصيته بعلم؛ فحجة اهللا : لم أبلغ، وعلم ما جهلت؛ فكيف أآون مثله وإن آان جاهال قلت

ال أدري، عسى أن يسلم ويختم له بخير العمل، : على آآد، وما أدري بم يختم لي وبم يختم له؟ وإن آان آافرا قلتفعسى أن يضلني اهللا فأآفر فيختم لي - والعياذ باهللا - من الذنوب آما تنسل الشعرة من العجين، وأما أنا وينسل بإسالمه

.بشر العمل؛ فيكون غدا هو من المقربين، وأنا أآون من المبعدين

هي فال يخرج الكبر من قلبك إال بأن تعرف أن الكبير من هو آبير عند اهللا تعالى، وذلك موقوف على الخاتمة، ومشكوك فيه؛ فيشغلك خوف الخاتمة عن أن تتكبر مع الشك فيها على عباد اهللا تعالى، فيقينك وإيمانك في الحال ال

.يناقض تجويزك في االستقبال؛ فإن اهللا مقلب القلوب يهدي من يشاء، ويضل من يشاء

حديث جامع في معاصي القلبكفيك فيها حديث واحد جامع؛ فقد روى ابن المبارك بإسناده واألخبار في الحسد والكبر والرياء والعجب آثيرة، وي

فبكى معاذ حتى : (يا معاذ حدثني حديثا سمعنه من رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، قال: عن رجل أنه قال لمعاذسمعت : واشوقاه إلى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وإلى لقائه، ثم قال: ظننت أنه ال يسكت، ثم سكت، ثم قال

يا معاذ، إني محدثك بحديث إن أنت حظفته نفعك عنداهللا، وإن ضيعته ولم : (سول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول ليرتحفظه انقطعت حجتك عند اهللا تعالى يوم القيامة يا معاذ إن اهللا تبارك وتعالى خلق سبعة أمالك قبل أن يخلق

ليها، فتصعد الحفظة بعمل العبد من حين يصبح إلى حين السموات واألرض، فجعل لكل سماء من السبع ملكا بوابا ع

Page 22: بداية النهاية

22

: يمسي، له نور آنور الشمس، حتى إذا صعدت به إلى السماء الدنيا زآته وآثرته، فيقول الملك الموآل بها للحفظةاضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا صاحب الغيبة، أمرني ربي أال أدع عمل من اغتاب الناس يجاوزني إلى

ثم تأتي الحفظة بعمل صالح من أعمال العبد له نور فتزآيه وتكثره حتى تبلغ به إلى السماء الثانية، : لغيري، قاقفوا، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، إنه أرا بعمله عرض الدنيا، أنا ملك الفخر، : فيقول لهم الملك الموآل بها

وتصعد الحفظة بعمل : على الناس في مجالسهم، قالأمرني ربي أال أدع عمله يجاوزني إلى غيري، إنه آان يفتخر العبد يبتهج نورا، من صدقة وصال وصيام، قد أعجب الحفظة، فيجاوزون به إلى السماء الثالثة، فيقول لهم الملك

قفوا، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا ملك الكبر، أمرني ربي أال أدع عمله يجاوزني إلى غيري؛ : الموآل بهاوتصعد الحفظة بعمل العبد يزهو آما يزهو الكوآب الدري وله دوي : ان يتكبرى على الناس في مجالسهم، قالإنه آ

قفوا، : من تسبيح وصالة وصيام وحج وعمرة، حتى يجاوزا به إلى السماء الرابعة، فيقول لهم الملك الموآل بهارني ربي أال أدع عمله يجاوزني إلى واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه وظهره وبطنه، أنا صاحب العجب، أم

وتصعد الحفظة بعمل العب حتى يجاوزا به إلى السماء : غيري؛ إنه آان إذا عمل عمال أدخل العجب فيه، قالقفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه،ن : الخامسة آأنه العروس المزفوفة إلى بعلها، فيقول الملك الموآل بها

الحسد، إنه آان يحسد من يتعلم ويعمل بمثل عمله، وآل من آان يأخذ فضال من العبادة واحملوه على عاتقه، أنا ملك وتصعد الحفظة بعمل العبد له ضوء : قال. آان يحسدهم، ويقع فيهم، أمرني ربي أال أدع عمله يجاوزني إلى غيري

ة، فيقول لهم الملك آضوء الشمس، من صالة وزآاة وحج وعمرة وجهاد وصيام، فيجاوزون به إلى السماء السادسقفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه؛ إنه آان ال يرحم إنسانا قد من عباد اهللا أصابه بالء أو مرض، : الموآل بها

وتصعد الحفظة بعمل العبد : بل آان يشمت به، أنا ملك الرحمة، أمرني ربي أال أدع عمله يجاوزني إلى غيري، قالله دوي آدوى النحل، وضوء آضوء الشمس، ومعه ثالثة آالف ملك، من صوم وصالة ونفقة وجهاد وورع،

قفوا، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، واضربوا : فيجاوزون به إلى السماء السابعة، فيقول لهم الملك الموآل بهاا أراد جوارحه واقفلوا به على قلبه، أنا صاحب الذآر، فإني أحجب عن ربي آل عمل لم يرد به وجه ربي؛ إنه إنم

بعمله غير اهللا تعالى، إنه أراد به رفعة عند الفقهاء، وذآرا عند العلماء، وصيتا في المدائن، أمرني ربي أال أدع وتصعد : قال.. عمله يجاوزني إلى غيري وآل عمل لم يكن هللا تعالى خالصا فهو رياء، وال يقبل اهللا عمل المرائي

ج وعمرة وخلق حسن وصمت وذآر اهللا تعالى، فتشيعه مالئكة الحفظة بعمل العبد من صالة وزآاة وصيام وحالسموات السبع حتى يقطعوا به الحجب آلها إلى اهللا تعالى، فتشيعه مالئكة السموات السبع حتى يقطعوا به الحجب

نتم الحفظة أ: آلها إلى اهللا تعالى، فيقفون بين يديه، ويشهدون له بالعمل الصالح المخلص هللا تعالى، فيقول اهللا تعالىعلى عمل عبدي، وأنا الرقيب على ما في قلبه؛ إنه لم يردني بهذا العمل، وإنما أراد به غيري، فعليه لعنتي، فتقول

ثم بكى معاذ، وانتحب انتحابا شديدا، وقال ) عليه لعنتك ولعنتنا، فتلعنه السموات السبع ومن فيهن: المالئكة آلهااقتد بي وإن آان في : (هللا وأنا معا، فكيف لي بالنجاة والخالص من ذلك؟ قالقلت يا رسول اهللا أنت رسول ا: معاذ

عملك نقص، يا معاذ حافظ على لسانك من الوقيعة في إخوانك من حملة القرآن خاصة، واحمل ذنوبك عليك، وال ، وال تراء بعملك، تحملها عليهم، وال تزل نفسك بذمهم، وال ترفع نفسك عليهم، وال تدخل عمل الدنيا في عمل اآلخرة

وال تتكبر في مجلسك، لكي يحذر الناس من سوء خلقك، وال تناج رجال وعندك آخر، وال تتعظم على الناس فتنقطع : عنك خيرات الدنيا واآلخرة، وال تمزق الناس بلسانك فتمزقك آالب النار يوم القيامة في النار، قال اهللا تعالى

آالب في النار : (يا رسول اهللا ؟ قال - بأبي أنت وأمي -ما هن: ن يا معاذ؟، قلت، هل تدري من ه)والناشطات نشطا(يا معاذ : (بأبي أنت وأمي يا رسول اهللا ، من يطيق هذه الخصال ونمن ينجو منها؟ قال: ، قلت)تنشط اللحم من العظم

لنفسك، وتكره لهم ما تكره إنه ليسير على من يسره اهللا تعالى عليه، إنما يكفيك من ذلك أن تحب للناس ما تحب فما رأيت أحدا أآثر تالوة للقرآن العظيم من معاذ لهذا : قال خالد بن معدان). لنفسك، فإذن أنت يا معاذ قد سلمت

.الحديث العظيم

طلب العلم : فتأمل أيها الراغب في العلم هذه الخصال، واعلم أن أعظم االسباب في رسوخ هذه الخبائث في القلباهاة والمنافسة، فالعامي بمعزل عن اآثر هذه الخصال،والمتفقه مستهدف لها، وهو متعرض للهالك بسببها؛ ألجل المب

فانظر آي أمورك أهم، أتتعلم آيفية الحذر من هذه المهلكات، وتشتغل بإصالح قلبك وعمارة آخرتك؟ أم األهم أن .اء والحسد والعجب، حتى تهلك مع الهالكينتخوض مع الخائضين، فتطلب من العلم ما هو سبب زيارة الكبر والري

واعلم أن هذه الخصال الثالث من أمهات خبائث القلب، ولها مغرس واحد، وهو حب الدنياي ولذلك قال النبي صلى

، ومع هذا فالدنيا مزرعة لآلخرة فمن أخذ من الدنيا بقدر الضرورة، )حب الدنيا رأس آل خطيئة: (اهللا عليه وسلم .على اآلخرة، فالدنيا مزرعته؛ ومن أراد الدنيا ليتنعم بها، فالدنيا مهلكتهليستعين بها

Page 23: بداية النهاية

23

فهذه نبذة يسيرة من ظاهر علم التقوى، وهي بداية الهداية، فإن جربت بها نفسك وطاوعتك عليها، فعليك بكتاب

.لتعرف آيفية الوصول إلى باطن التقوى) إحياء علوم الدين(

والقال، والمراء والجدال، فما أعظم مصيبتك وما أطول تعبك وما أعظم حرمانك وإن آنت تطلب العلم من القيلفاعمل ما شئت؛ فإن الدينا التي تطلبها بالدين ال تسلم لك، واآلخرة تسلب منك؛ن فمن طلب الدنيا بالدين ! وخسرانك

فعند ذلك ترتفع الحجب بينك فإذا عمرت بالتقوى باطن قلبك، . خسرهما جميعا، ومن ترك الدنيا للدين ربحهما جميعاوبين ربك، وتنكشف لك أنوار المعارف، وتنفجر من قلبك ينابيع الحكم، وتتضح لك أسرار الملك والملكة، ويتسير

.لك من العلوم ما تستحقر به هذه العلوم المحدثة التي لم يكن لها ذآر في زمن الصحابة رضي اهللا عنهم والتابعين

اية الطريق في معاملتك مع اهللا تعالى بأداء أوامره واجتناب نواهيه، وأشير عليك اآلن بجمل فهذه جمل الهداية إلى بد .من اآلداب لتؤاخذ نفسك بها في مخالطتك مع عباد اهللا تعالى وصحبتك معهم في الدنيا

القسم الثالث

القول في آداب الصحبة

حضرك وسفرك ونومك ويقظتك، بل في حياتك آداب الصحبة مع اهللا تعالى اعلم أن صاحبك الذي ال يفارقك في ).أنا جليس من ذآرين: (وموتك، هو ربك وسيدك وموالك وخالقك، ومهما ذآرته فهو جليسك؛ إذ قال اهللا تعالى

أنا عند المنكسرة : (ومهما انكسر قلبك حزنا على تقصيرك في حق دينك، فهو صاحبك ومالزمك؛ إذ قال اهللا تعالى

).قلوبهم من أجليفإن لم تقدر على ذلك في جميع أوقاتك، فإياك أن تخلي . لو عرفته حق معرفته التخذته صاحبا وترآت الناس جانباف

ليلك ونهارك عن وقت تخلو فيه لموالك وتتلذذ معه بمناجاتك له، وعند ذلك فعليك أن تتعلم آداب الصحبة مع اهللا .تعالى

ودوام الصمت، وسكون الجوارح، ومبادرة األمر، واجتناب إطراق الرأس، وغض الطرف، وجمع الهم،: وآدابها

النهي، وقلة االعتراض على القدر، ودوام الذآر، ومالزمة الفكر، وإيثار الحق على الباطل، واإلياس عن الخلق، والخضوع تحت الهيبة واالنكسار تحت الماء، والسكون عن حيل الكسب ثقة بالضمان والتوآل على فضل اهللا تعالى

.رفة بحسن االختيارمع

وهذا آله ينبغي أن يكون شعارك في جميع ليلك ونهارك؛ فإنها آداب الصحبة مع صاحب ال يفارقك، والخلق آلهم .يفارقونك في بعض أوقاتك

آداب العالمرك االحتمال، ولزوم الحلم، والجلوس بالهيبة على سمت الوقار مع إطراق الرأس، وت: وإن آنت عالما، فآداب العالم

التكبر على جميع العباد إال على الظلمة زجرا لهم عن الظلم، وإيثارا للتواضع في المحافل والمجالس، وترك الهزل والدعابة، والرفق بالمتعلم، والتأني بالمتعجرف، وإصالح البليد بحسن االرشاد، وترك الحرد عليه، وترك األنفه من

سؤاله، وقبول الحجة، واالنقياد للحق، والرجوع إليه عند الهفوة، وصرف الهمة إلى السائل وتفهم) ال أدري: (قولومنع المتعلم عن آل علم يضره، وزجره عن أن يريد بالعلم النافع غير وجه اهللا تعالى، وصد المتعلم عن أن يشتغل

أوال وفرض عينه إصالح ظاهره وباطنه بالتقوى، ومؤاخذه نفسه .. بفرض الكفاية قبل الفراغ من فرض العين .بالتقوى ليقتدي المتعلم أوال بأعماله، ويستفيد ثانيا من أقواله

آداب المتعلمأن يبدأه بالتحية والسالم، وأن يقلل بين يديه الكالم، وال يتكلم ما لم يسأله : وإن آنت متعلما، فآداب المتعلم مع العالم

قال فالن بخالف ما قلت، وال يشير عليه بخالف : أستاذه، وال يسأل ما لم يستأذن أوال، وال يقول في معارضة قوله

Page 24: بداية النهاية

24

رأيه فيرى أنه أعلم بالصواب من أستاذه، وال يسأل جليسه في مجلسه، وال يلتفت إلى الجوانب، بل يجلس مطرقا ساآنا متآدبا آأنه في الصالة، وال يكثر عليه السؤال عند ملله، وإذا قام قام له، وال يتبعه بكالمه وسؤاله، وال يسأله

ي طريقه إلى أن يبلغ إلى منزله، وال يسىء الظن به في أفعال ظاهرها منكرة عنده، فهو أعلم بأسراره، وليذآر عند ف، وآونه مخطئا في إنكاره )أخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إمرا: (عليهما السالم - ذلك قول موسى للخضر

.اعتمادا على الظاهر

والدينآداب الولد مع الأن يسمع آالمهما، ويقوم لقيامهما؛ ويمتثل ألمرهما، وال يمشي : وإن آان لك والدان، فآداب الولد مع الوالدين

أمامهما، وال يرفع صوته فوق أصواتهما، ويلبي دعوتهما، ويحرص على مرضاتهما، ويخفض لهما جناح الذل، وال ظر إليهما شذرا، وال يقطب وجهه في وجههما، وال يسافر إال يمن عليهما بالبر لهما وال بالقيام ألمرهما، وال ين

.بإذنهما

أصناف الناس في العالقة بالمرء .إما أصدقاء، وإما معاريف، وإما مجاهيل: واعلم أن الناس بعد هؤالء في حقك ثالثة أصناف

آداب العالقة بالعوام المجهولينالخوض في حديثهم، وقلة اإلصغاء إلى أراجيفهم، والتغافل عما ترك: فإن بليت بالعوام المجهولين، فآداب مجالستهم

يجري من سوء ألفاظهم، واالحتراز عن آثرة لقائهم والحاجة إليهم، والتنبيه على منكراتهم باللطف والنصح عند .رجال القبول منهم

آداب العالقة باالخوان واألصدقاء يفة األولى الوظ: وأما اإلخوان واالصدقاء فعليك فيهم وظيفتان

شروط الصحبة والصداقةأن تطلب أوال شروط الصحبة والصداقة، فال تؤاخ إال من يصلح لالخوة والصداقة، قال رسول اهللا صلى : إحداهما

).المرء على دين خليله فلينظر أحدآم من يخالل: (اهللا عليه وسلم

: العقل: األولى: ياك، فراع فيه خمس خصالفإذا طلبت رفيقا ليكون شريكك في التعلم، وصاحبك في أمر دينك ودنفال خير في صحبة األحمق، فإلى الوحشة والقطيعة يرجع آخرها، وأحسن أحواله أن يضرك وهو يريد أن ينفعك،

: والعدو العاقل خير من الصديق األحمق، قال علي رضي اهللا عنه

وإياك وإياه فال تصحب أخا الجهل حليمـا حـين آخـاه ل أردىفكم من جاهـ

إذا ما المرء ماشـاه يقاس المرء بالمـرء إذا مالنعـل حـاذاه آحذو النعل بالنـعـل مقـاييس وأشـبـاه وللشىء من الشـىء يلـقـاه دليل حـين وللقلب على القـلـب

وقد جمعه علقمة . فال تصحب من ساء خلقه، وهو الذي ال يملك نفسه عند الغضب والشهوة: قحسن الخل: الثانية

يا بني إذا أردت صحبة إنسان فاصحب من إذا : العطاردي رحمه اهللا تعالى في وصيته البنه لما حضرته الوفاة، قالبخير مدها، وإن رأى منك اصحب من إذا مددت يدك.. خدمته صانك، وإن صحبته زانك، وإن قعدت بك مؤنة مانك

.حسنة عدها، وإن رأى منك سيئة سدها

.اصحب من إذا قلت صدق قولك، وإن حاولت أمرا أمرك، وإن تنازعتما في شر آثرك

Page 25: بداية النهاية

25

: وقال علي رضي اهللا عنه رجزا

ومن يضر نفسه لينفـعـك إن أخاك الحق من آان معك ليجمـعـك شتت فيك شمله كومن إذا ريب الزمان صدع

فال تصحب فاسقا مصرا على معصية آبيرة، ألن من يخاف اهللا ال يصر على آبيرة، ومن ال يخاف : الصالح: الثالثةوال تطع من : (اهللا ال تؤمن غوائله، بل يتغير بتغير األحوال واألعراض، قال اهللا تعالى لنبيه صلى اهللا عليه وسلم

).ا قلبه عن ذآرنا واتبع هواه وآان أمره فرطاأغفلن

فاحذر صحبة الفاسق؛ فإن مشاهدة الفسق والمعصية على الدوام تزيل عن قلبك آراهية المعصية، وتهون عليك يه أمرها، ولذلك هان على القلوب معصية الغيبة إللفهم لها، ولو رأو خاتما من ذهب أو ملبوسا من حرير على فق

.الشتد إنكارهم عليه، والغيبة أشد من ذلك

فصحبة الحريص على الدنيا سم قاتل؛ ألن الطباع مجبولة على التشبه : أال يكون حريصا على الدنيا: الرابعةواالقتداء، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث ال يدري فمجالسه الحريص تزيد في حرصك، ومجالسه الزاهد تزيد

.في زهدك

.فال تصحب آذابا، فإنك منه على غرور، فإنه مثل السراب، يقرب منك البعيد، ويبعد منك القريب: الصدق :الخامسة

إما العزلة واالنفراد؛ ففيها : ولعلك تعدم اجتماع هذه الخصال في سكان المدارس والمساجد، فعليك بأحد أمرينأخ آلخرين فال تراع فيه إال : م أن االخوة ثالثةوإما أن تكون مخالطتك مع شرآائك بقدر خصالهم، بأن تعل.. سالمتك

.الدين، وأخ لدنياك فال تراع فيه إال الخلق الحسن، وأخ لتأنس به فال تراع فيه إال السالمة من شره وفتنته وخبثه

أحدهم مثله مثل الغذاء ال يستغنى عنه، واآلخر مثله مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت، : والناس ثالثةلثالث مثله مثل الداء ال يحتاج إليه قط، ولكن العبد قد يتسلى به، وهو الذي ال أنس فيه وال نفع؛ فتجب مداراته إلى وا

الخالص منه، وفي مشاهدته فائدة عظيمة إن وفقت لها، وهو أن تشاهد من خبائث أحواله وأفعاله ما تستقبحه ما أدبني أحد، : من أدبك؟ فقال: ، وقيل لعيسى عليه السالمفتجتنبه؛ فالسعيد من وعظ بغيره، والمؤمن مرآة المؤمن

فلو اجتنب الناس ما يكرهونه من - على نبينا وعليه الصالة والسالم -ولقد صدق. ولكن رأيت جهل الجاهل فاجتنبته .غيرهم لكملت آدابهم واستغنوا عن المؤدبين

الوظيفة الثانية

مراعاة حقوق الصحبة

وانتظمت بينك وبين شريكك الصحبة، فعليك حقوق يوجبها عقد الصحبة، وفي القيام بها فمهما انعقدت الشرآة،، ودخل صلى اهللا عليه وسلم )مثل األخوين مثل اليدين تغسل إحداهما األخرى: (آداب، وقد قال صلى اهللا عليه وسلم

ه، فأعطاه المستقيم، وأمسك أجدمعة، فاجتنى منها سواآين، أحدهما معوج، واآلخر مستقيم، وآان معه بعض أصحابما من صاحب يصحب : (يارسول اهللا أنت أحق مني بالمستقيم، فقال صلى اهللا عليه وسلم: لنفسه المعوج، فقال

وقال صلى اهللا عليه ). صاحبا ولو ساعة من نهار إال وسئل عن صحبته، هل أقام فيها حق اهللا تعالى أو أضاعه ).أحبهما إلى اهللا تعالى أرفقهما بصاحبهما اصطحب اثنان قط إال وآان : (وسلم

االيثار بالمال، فإن لم يكن هذا فبذل الفضل من المال عند الحاجة، واإلعانة بالنفس في الحاجات، : وآداب الصحبةعلى سبيل المبادرة من غير احواج إلى التماس، وآتمان السر، وستر العيوب، والسكوت على تبليغ ما يسوؤه من

اه، وإبالغ ما يسره من ثناء الناس عليه، وحسن ا إلصغاء عند الحديث، وترك المماراة فيه، وأن مذمة الناس إييدعوه بأحب أسمائه إليهس، وأن ثني عليه بما يعرف من محاسنه، وأن يشكره على صنيعه في وجهه، وأن يذب عنه

ا احتاج إليه، وأن يعفو عن زلته في غيبته إذا تعرض لعرضه آما يذب عن نفسه، وأن ينصحه باللطف والتعريض إذ

Page 26: بداية النهاية

26

وهفوته، وال يعتب عليه، وأن يدعو له في خلوته في حياته وبعد مماته، وأن يحسن الوفاء مع أهله وأقاربه بعد موته، وأن يؤثر التخفيف عنه، فال يكلفه شيئا من حاجاه، فيروح سره من مهماته، وأن يظهر الفرح بجميع ما يرتاح له من

على نياله من مكارهه، وأن يضمر في قلبه مثل ما يظهره، فيكون صادقا في وده سرا وعالنية، مساره، والحزن وأن يبدأه بالسالم عند إقباله، وأن يوسع له في المجلس ويخرج له من مكانه، وأن يشيعه عند قيامه، وأن يصمت عند

مله بما يحب أن يعامل به، فمن ال يحب وعلى الجملة، فيعا. آالمه حتى يفرغ من آالمه، ويترك المداحلة في آالمه .ألخيه ما يحب لنفسه فأخوته نفاق، وهي عليه وبال في الدنيا واآلخرة

.فهذا أدبك في حق العوام المجهولين، وف يحق األصدقاء المؤاخين

آداب العالقة بالمعارف، أم الصديق فيعينك، وأما المجهول فاحذر منهم؛ فإنك ال تر الشر إال ممن تعرفه: وأما القسم الثالث، وهم المعارف

.فال يتعرض لك، وإنما الشر آله من المعارف الذين يظهرون الصداقة بألسنتهم

فأقلل من المعارف ما قدرت، فإذا بليت بهم في مدرسة أو مسجد أو جامع أو سوق أو بلد، فيجب أال تستصغر منهم ين التعظيم لهم في حال دنياهم فتهلك، ألن الدنيا صغيرة عند أحدا؛ فإنك ال تدري لعله خير منك، وال تنظر إليهم بع

ومهما عظم أهل الدنيا في قلبك فقد سقطت من عين اهللا تعالى، وإياك أن تبذل لهم دينك . اهللا تعالى، صغير ما فيها .لتنال به من دنياهم؛ فال يفعل ذلك أحد إال صغر في أعينهم ثم حرم ما عندهم

م بالعداوة؛ فإنك ال تطيق الصبر على مكافأتهم، فيذهب دينك في عداوتهم، ويطول عناؤك وإن عادوك فال تقابله

معهم، وال تسكن إليهم في حال إآرامهم إياك وثنائهم عليك في وجهك وإظهارهم المودة لك؛ فإنك إن طلبت حقيقة تتعجب إن ثلبوك في غيبتك وال ذلك لم تجد في المائة واحدا، وال تطمع أن يكونوا لك في السر والعلن واحد، وال

تغضب منه؛ فإنك إن أنصفت وجدت من نفسك مثل ذلك، حتى في أصدقائك وأقاربك، بل في أستاذك ووالديك؛ فإنك تذآرهم في الغيبة بما ال تشافههم به، فاقطع طمعك عن مالهم وجاههم ومعونتهم؛ فإن الطامع في األآثر خائب في

.الحالالمال، وهو ذليل ال محالة في

وإذا سألت واحدا حاجة فقضاها، فاشكر اهللا تعالى واشكره، وإن قصر فال تعاتبه وال تشكه فتصير عدواة له، وآن .آالمؤمن يطلب المعاذير، وال تكن آالمنافق يطلب العيوب، وقل لعله قصر لعذر له لم أطلع عليه

لم يستمع منك وصار خصما عليك، إذا أخطئوا في وال تعظن أحدا منهم ما لم تتوسم فيه أو مخايل القبول، وإال

مسألة، وآانوا يأنفون من التعلم منك، فال تعلمهم؛ فال تعلمهم؛ن فإنهم يستفيدون منك علما ويصبحون لك أعداء، إال وإذا رأيت منهم آرامة وخيرا، . إذا تعلق ذلك بمعصية يقارفونها عن جهل منهم، فاذآر الحق بلطف من غير عنف

وإذا رأيت منهم شرا، فكلهم إلى اهللا تعالى، واستعذ باهللا من شرهم، وال تعاتبهم، وال تقل . هللا الذي حببك إليهمفاشكر الم لم تعرفوا حقي؛ وأنا فالن بن فالن، وأنا الفاضل في العلوم؟ فإن ذلك من آالم الحمقى، وأشد الناس حماقة : لهم

.من يزآي نفسه ويثني عليها

.عالى ال يسلطهم عليك إال بذنب سبق منك، فاستغفر اهللا من ذنبك، واعلم أن ذلك عقوبة من اهللا تعالىواعلم أن اهللا ت

وآن فيما بينهم سميعا لحقهم، أصم عن باطلهم، نطوفا بمحاسنهم، صموتا عن مساويهم، واحذر مخالطة متفقهة .الزمان، ال سيما المشتغلين بالخالف والجدال

ريب المنون، ويقطعون عليك بالظنون، ويتغامرون وراءك بالعيون، -لحسدهم -ربصون بكواحذر منهم؛ فإنهم يت

ويحصون عليك عثراتك في عشرتهم، حتى يجبهوك بها في حال غيظهم ومناظرتهم، ال يقيلون لك عثرة، وال لكثير، يغفرون لك زلة، وال يسترون لك عورة، يحاسبونك على النقير والقطمير، ويحسدونك على القليل وا

ويحرضون عليك اإلخوان بالنميمة والبالغات والبهتان، إن رضوا فظاهرهم الملق، وإن سخطوا فباطنهم الحنق، .ظاهرهم ثياب وباطنهم ذئاب

.هذا ما قطعت به المشاهدة على أآثرهم، إال من عصمه اهللا تعالى؛ فصحبتهم خسران، ومعاشرتهم خذالن

Page 27: بداية النهاية

27

: ف من يجاهرك بالعداوة؟ قال القاضي ابن معروف رحمه اهللا تعالىهذا حكم من يظهر لك الصداقة، فكي

واحذر صديقك ألف مرة فاحـذر عـدوك مـرة بالمضـرة فكان اعرف فلربما انقلب الـصـديق

: وآذلك قال أبو تمام

لصحـابفال تستكثرن من ا عدوك من صديقك مستفـاد يكون من الطعام أو الشراب فإن الداء أآثـر مـا تـراه

: وآن آما قال هالل بن العالء الرقى

أرحت نفسى من هم العـداوات لما عفوت ولم أحقد علـى أحـد ياتألدفع الشر عنى بالـتـحـ إني أحيى عدوى عنـد رؤيتـه آأن قد مال قـلـبـى مـرات وأظهر البشر لإلنسان أبغضـه فكيف أسلم من أهل المـودات ولست أسلم ممن لست أعرفـه وفي الجفاء لهم قطع األخوات الناس داء دواء الناس ترآـهـم

وآن حريصا على آسب التقيات غوائلـهـمفسالم الناس تسلم من تـقـيات اصم ابكم اعمـى ذا وخالق الناس واصبر ما بليت بهم

الق صديقك وعدوك بوجه الرضا، من غير مذلة لهما وال هيبة منهما، وتوقر من : وآن أيضا آما قال بعض الحكماء

: ن في جميع أمورك في أوسطها، فكال طرفى قصدن األمور ذميم، آما قيلغير آبر، وتواضع من غير مذلة، وآ طريق إلى نهج الصراط قويم عليك بأوساط األمور فإنـهـا ذمـيم فإن آال حال األمـور وال تك فيها مفرطا أو مفرطا

وال تقف على الجماعات، وإذا جلست فال تستوفز، وتحفظ من وال تنظر في عطفيك، وال تكثر إلى وارئك االلتفات،

تشبيك أصابعك، وآثرة بصاقك ونخمك، وطر الذباب عن وجهك، وآثرة التمطى والتثاؤب في وجوه الناس في الصالة وغيرها، وليكن مجلسك هادئا، وحديثك منظوما مرتبا، واصغ إلى الكالم الحسن ممن حدثك من غير إظهار

وال تسأله إعادته، واسكت عن المضاحك والحكايات، وال تحدث عن إعجابك بولدك وشعرك وآالمك تعجب مفرط، وتصنيفك وسائر ما يخصك، وال تتصنع تصنع المرأة في التزين، وال تتبذل تبذل العبد، وتوق آثرة الكحل

من أهلك وولدك فضال عن واإلسراف في الدهن، وال تلح في الحاجات، وال تشجع أحدا على الظلم، وال تعلم أحداغيرهم مقدار مالك؛ واجفهم من غير عنف، ولن لهم من غير ضعف، وال تهازل أمتك وال عبدك، فيسقط وقارك من قلوبهم، وإذا خاصمت فتوقر، وتحفئ من جهلك وعجلتك، وتفكر في حجتك، وال تكثر االشارة بيدك، وال تكثر

وإذا قربك السلطان فكن منه على حد . وإذا هدأ غضبك فتكلم االلتفاف إلى من ورائك وال تجث على رآبتيك، .السنان، وإياك وصديق العافية؛ فإنه أعدى األعداء، وال يجعل مالك أآرم من عرضك

قسم آداب الطاعات، وقسم في ترك : فهذا القدر يافتى يكفيك من بداية الهداية، فجرب بها نفسك؛ فإنها ثالثة أقسام

.الطة الخلق، وهي جامعة لجمل معاملة العبد مع الخالق والخلقالمعاصي، وقسم في مخ

فإن رأيتها مناسبة لنفسك، ورأيت قلبك مائال إليها راغبا في العمل بها، فاعلم أنك عبد نور اهللا تعالى باإليمان قلبك، إحياء (عناها آتاب وشرح به صدرك، وتحقق أن لهذه البداية نهاية، ووراءها أسرارا وأغوارا ومكاشفات، وقد أود

.؛ فاشتغل بتحصيله)علوم الدين

Page 28: بداية النهاية

28

أنى ينفعك هذا العلم في : وإن رأيت نفسك تستثقل العمل بهذه الوظائف، وتنكر هذا الفن من العلم، وتقول لك نفسك

وآيف يرفع منصبك في مجالس األمراء والوزراء؟ وآيف ! محافل العلماء، ومتى يقدمك هذا على األقران والنظراء؟لك إلى الصلة واألرزاق ووالية األوقاف والقضاء؟ فاعلم أن الشيطان قد أغواك وأنساك متقلبك ومثواك، فاطلب يوص

ثم أنه قط ال يصفو لك الملك في محلتك، فضال عن . لك شيطانا مثلك، ليعملك ما تظن أنه ينفعك ويوصلك إلى بغيتك .جوار رب العالمين قريتك وبلدتك، ثم يفوتك الملك المقيم والنعيم الدائم في

. وال حول وال قوة إال باهللا العلي العظيم. والسالم عليكم ورحمة اهللا وبرآاته، والحمد هللا أوال وآخرا، وظاهرا وباطنا

.وصلى اهللا على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليما آثيراس