المجموعة القصصيةالمجموعة القصصية

صاحبة الحروف صاحبة الحروف صاحبة الحروف األربعةاألربعةاألربعة

)الجزء األول( : ترجمة

.عمار الحامداألستاذ

تحقيق وإشراف .األستاذ لؤي السعداوي:

:داءــــــــــــــــهاإل

لم أحبها كما يحب الرجال النساء،التي إلى كما تحب أو تهم كما يحب اآلباء بناوإنما

.األمهات أبناءهن .صاحبة الحروف األربعةوفاءا لطيفك يا

.عمار الحامد

:المحتويات

الصفحة المؤلف اسم القصة ت هنريأو الزواج الخدعة 1 هيرمان ميلفيل بارتلبي 2 نفرانك ستوكتو حسناء أم نمر 3 أو هنري حكاية من بلدتي 4 مارك توين حكاية من كاليفورنيا 5 جاك لندن سنة الحياة 6 هاملين جارلند عندما يعود الجند 7 أو هنري هدية عيد الميالد 8 أو هنري األلف دوالر 9

الزواج الخدعة .أو هنري: قصة

�الضافة اىل ما أمت� من عقارات وأموال تقدر بثالثة . وثالثون س�نة أرغب �لزواج اثنانأ� أرم� أبلغ من العمر "

واحلمكة أسعى لالقرتان �ر�ل عطوف و�ىل �انب من الطيبة . أالف دوالر نقدا، فانين أمتتع جبامل و�اذبية وعواطف جياشةسارع . واملصداقية حبيث �كون قادرا �ىل ر�اية أماليك واست�ر أموايل، هذا، وانين �ري �متة اطالقا مبعايري الشلك والعمر

سريتك ا�اتية وعنوانك �رسا� موقعة اىل أ�د معمتدي واك� بيرتز و��ر يف لك من القاهرة وايلينوي، واحرص �ىل �رسال .""أن تضمن رسالتك امس الواك�

الر�الن هذاناكن هذا نص اال�الن ا�ي كتبه لك من جيف بيرتز وأندي ��ر لينرشاه يف ا�دى الصحف، واملعروف أن .حمتاالن �شار ا�هيام �لبنان، ولقد قررا أن جيمعا �روة �ىل طريقهتام اخلاصة من �الل ا�شاء واك� زواج ومهية

حىت ا�ن، لك يشء �ىل ما �رام، ولكن أ�ن ا�رم�؟: ما ان فر�ا من صيا�ة اال�الن حىت قال جيف

.وما شآن هذا اال�الن وا�رم�؟ قال أندي وهو �رمق جيف بنظرة �ادةلرشطة، امسعين جيدا � صديقي، ال أظنك �سيت القا�دة ا�هبية اليت لطاملا جنبتين ا�خول يف مشالك مع ا: رد جيف

ملموسا للضحية شيئااننا جيب أن نقدم وبعبارة أخرى، . لقانونحىت عندما خنالف اواليت مؤداها أننا جيب أن نطبق القانون م أرم� ما، وال فرق عندي يف ما اذا اكنت أن نقدهذا املرشوع، فال بد وصصوخب .من أ�ل اجناز �متنا �ىل أمت و�ه .أم �ري ذ� حس�ناء كام هو مدرج يف اال�الن

أن تقوم اح�لحس�نا، قد �كون الفكرة ممتازة اذا أ�ذ� بنظر �عتبار : بعد أن فكر مليا يف �م صديقه، قال أندي مصل�ة الربيد الفدرالية �لتحري عن ماكن الواك�، ولكن، من أ�ن س�نآيت بآرم� تنفق وقهتا �ىل مرشوع زواج ومهي كهذا؟

اكن يل صديق قدمي امسه ز�يك �رو�ر يعمل يف ا�دى فرق : اس�تطردت �ىل الرشيك املناسب، مث �رث أين أظن: قال جيفمن الكحول حىت وفاته قبل �ام من ا�ن، �البا ما كنت أنزل ضيفا يف بيته، وانين الرديءالرسك، ولقد أدمن �ىل رشب

.هبذه املهمة لالضطالع�ظن أن أرملته يه املرأة املناس�بة

جيف ا�ي سارع لز�رة أرم� صديقه اليت �رمغ مرىمعن مبنآى �كن الب�ة الصغرية اليت يقبع فهيا بيت الس�يدة �رو�ر مل .�وهنا ليست مجي� وال شابة كام ورد يف اال�الن، اال أهنا بدت مناس�بة للعب ذ� ا�ور

.العمل �ىل أي نوع من أنواع �حتيال؟ سآلت الس�يدة �رو�ر ضيفها �دئ ا�مر هذاوهل ينطوي ، ال �رد الزواج، وامنا من أ�ل احلصول �ىل أموا� وممتلاكتك دون أن يك�سيهتافت أالف الر�ال للزواج : قال جيف

ا�اد�ني والفاشلني والسا�ني حنو الرثاء من واننا مبوجب هذه امحل� ا��القية العمالقة س�نعطي هؤالء . يفكروا مبقابل يدفع وا�ن، هل أنيت مقتنعة � س�يدة �رو�ر؟. �لوس درسا لن ينسوه ما بقي �ىل ا�رض أديم

أ�ل � س�يد بيرتز، ولكن ما يه �ميت �ىل و�ه الت�ديد؟ هل سآقوم �رفض هؤالء فرادا أم جام�ات؟ سآلت بعد أن .ختمرت الفكرة يف رأسها

س�يكون مع� �س�يطا للغاية، لك ما �ليك فع� هو أن تقمي يف ا�دى الفنادق الراقية وترت�يين أ� وأندي نتد�ر : أ�اهبا: مث اس�تدرك. ا�مر، لكن ضعي يف حس�بانك أن قد يآيت بعضهم لرؤيتك، عندها س�تكونني مضطرة ملقابلهتم ورفضهم مبارشة

.الضافة اىل �اكليف اقامتك يف الفندقس�ندفع � مخسة وعرشون دوالرا أس�بوعيا �هال أ�لتين بعض الوقت ري� أودع مفتاح البيت �ى اجلريان مث ميكنك بعدها أن تدفع يل أجوري، قالت قبل أن تنطلق

.صوب اجلريان

ف الس�يدة جي أصطحب، �كونوا مثارا للش�هباتاىل ماكن بعيد عن الفندق ا�ي يقمي فيه مع صديقه أندي، وليك ال .فنادقال �رو�ر حيث أنزلها يف ا�دى

بعد أن أمن احملتالون �انب بعضهم، وبعد أن أ�ذ اال�الن مساحته من �ىل صف�ات اجلرائد، قام الر�الن بفتح حساب .بقمية ألفي دوالر �مس رش�كهتام يف أ�د املصارف وسلامها دفرت الصكوك حتس�با �ي سؤال عن حقيقة وجود الواك�

.الش�باك مبا � وطاب من املغفلني ميلئافعل، اكن هلام ما أرادا، فلقد أصبح �س�تطاعهتام أن و�ل

ومن املفارقات أن �ل . رسا� يوميا ةاملائقوبل اال�الن بفيض من الرسائل حبيث أصبح الر�الن �ردان �ىل ما �ربو �ىل م ال �زال �امرة �حلب وال �زالون يت�لون �كثري من الصفات املرسلني مه ممن فقدوا وظائفهم، أوالئك ا��ن قلوهب هؤالء

.امحليدة �رمغ أهنم مل مينحوا الفرصة الاكفية ليثبتوا وجودمه�كيل من املدحي اكن الصديقان �ردان �ىل أحصاب ت� الرسائل ويطلبان مهنم أن يبعثوا بصورمه واملزيد من التفاصيل

.نفقات ارسال الرسا� الثانية اىل ا�رم� احلس�ناء�الضافة اىل مبلغ دوالر�ن لتغطية نال�ا�ىل مجيع هؤالء تقريبا، فلقد أرسل �دد �بري مهنم املبلغ املطلوب اىل جيف وأندي انطلتواحلال أن هذه اخلد�ة

دوالر يوميا ا�مر ا�ي جعلهام ال ينفاكن يت�د�ن عن ةاملائ�يف ال وقد بدأا حيصالن �ىل قرابة ،راق هلام هذا العمل املرحب .ما يوا�هام من متاعب جراء فتح الظروف واس�تخراج النقود

واكن ��د . �ىل أن البعض بدؤوا يآتون ملقاب� الس�يدة �رو�ر خشصيا، فريسلهم الصديقان اىل الفندق لتقوم يه �جراء الالزمه من اخلد�ة، فلقد �اء هذا ا��ري للتحقق من حصة وجود الواك� اال أن جيف رس�ان مفتيش مصل�ة الربيد الفدرالية نصيب

.ما طمآنه بآن معلهم �سري وفق القانون

حتوم حول أ�ذت وبعد ثالثة أشهر، متكن احملتاالن من مجع مبلغ مخسة أالف دوالر، �ا قررا التوقف �ون الشكوك �شعر �لتعب جراء هذا العمل، فالعديد من الر�ال يآتون ملقابلهتا يوميا بدأت �رو�ر حقيقة واك�هتام، �هيك عن أن الس�يدة

.ا�مر ا�ي مل �رق لها بآي �ال من ا�حوالذهب جيف اىل الفندق ليودع الس�يدة �رو�ر وليدفع لها مس�تحقاهتا و�سرتد ا�لفي دوالر املوجودة يف حساهبا، اال أنه

.اكنت تبيك وحبرقةفوجئ وهو يد�ل غرفهتا بآهنا .ملا لك هذا الباكء؟ هل ضايقك أ�دمه؟ أم لع� بدأت حتنني اىل بيتك؟ سآلها حماوال أن هيدئ من روعها

� � س�يد بيرتز، أعرف أنك كنت أعز أصدقاء زو� ز�يك ولكن سآ�ربك �لك يشء وليكن ما �كن، لقد : أ�ابت .بدونه، فهو الر�ل ا�ي لطاملا متىن قليب وقعت يف حب ر�ل وال أس�تطيع أن أختيل حيايت

.وملا ال تزتوجيه اذا، ولكن، هل يباد� الشعور؟ قال متسائال بىل � س�يد بيرتز، انه أ�د أوالئك ا��ن �اؤوا لرؤييت بناءا �ىل اال�الن وامسه وليام ويلكنسون، ولكن مثة مشلكة : ردت

.ر اليت يف حسايب املرصيفويه أنه لن يزتوجين ما مل أعطه ا�لفي دوالتآمل جيف من أ�لها وأ�ربها أنه لو اكن �س�تطاعته أن يعطهيا ذ� املبلغ لفعل ولكنه وقبل لك يشء ال بد أن يتلكم مع

.وفعال، �اد جيف اىل الفندق وأ�رب أندي ��مر. صديقه أنديأشك بآن ا�مور س�تنهتيي بنا اىل هذا املوقف، من كنت �ىل ا�وام : مل يقتنع أندي �لقصة اليت قصها �ليه صديقه، فقال

.خصوصا يف ما يتصل �ملشاريع ذات الطابع العاطفي �مرأةأ�ل هذا كنت وال أزال أ�ذرك من أن تثق .ان جمرد التفكري بآن أ�ون السبب يف �رس قلب ا�سانة لهو شعور حمزن حقا � أندي

طيب القلب وخسي ومزا�، أما أ� فال أ�دو �وين ر�ل قايس القلب ال بآس �ليك � جيف، فآنت كام عهدتك ر�ل ووجودي وشاكك، �ري أين هذه املرة سآتفق معك، اذهب اىل الس�يدة �رو�ر وقل لها أن �سحب املبلغ وتدفعه �� الر�ل

.ا�ي فتهنا �ىل �ني ش�يخو�ة، ولتحىي معه حياة سعيدة، وأفوض أمري اىل هللا

ما ان مسعت . نفسه، فهنض وصاحف صديقه حبرارة �لغة مث هرع اىل الس�يدة �رو�ر يبلغها مبوافقة أندي مل �س�تطع جيف متا�الس�يدة �رو�ر �خلرب حىت مغرهتا سعادة مل �س�تطع معها أن حتبس دموع الفرح اليت أملت هبا كام أملت هبا دموع احلزن منذ

.قليل

أال �رغب �ز�رة الس�يدة �رو�ر ولو ملرة : امن �ملغادرة، اذ ذاك قال جيفبعد يومني، حزم الصديقان أمتعهتام وهام هي .وا�دة قبل أن نغادر؟ فهيي �متىن أن �شكرك �ىل معروفك ا�ي أسديت لها

.قال أندي مس�تع�ال صديقه. ال داعي ��، وا�فضل أن �رسع لنلحق �لقطار قبل أن ينطلقالنطاق ا�ي ربطه حول بطنه بعناية، أخرج أندي من جيبه مكية �برية بعد أن فرغ جيف من رص حزم ا�والرات �لف

.من ا�والرات وطلب من جيف أن يضعها مع بقية النقود ما هذا؟: �ساأل جيف

.قال أندي بله�ة ما�رة. اهنا ا�لفي دوالر اخلاصة �لس�يدة �رو�ر ومن أ�ن حصلت �لهيا؟ : سآل جيف مس�تغر�

.، مفنذ ما �زيد عن الشهر وأ� أزورها يف الفندقمن الس�يدة �رو�ر طبعا .مندهشا ن فآنت وليام ويلكنسون ؟ سآل جيفاذ

.أندي مبتسام أ�اب. بىل كنت كذ�

يــارتلبــب .هيرمان ميلفيل: قصة

عن حاجتي أعلنموظفين، قررت ذات يوم أن ةأنا محامي قديم، يعمل لدي ثالث

.لناسخ، فعملي أخذ يتسع أكثر من ذي قبل، بيد أن ذلك الشخص ةاالجتماعية والمهنيلقد صادفت أناسا كثيرين طوال مسيرتي

الذي جاء طالبا مقابلتي بناءا على اإلعالن كان يختلف كليا عن جميع من صادفت .ومن لم أصادف بعد، ذلكم هو بارتلبي

نحيف البنية، متوسط األناقة، قليل الكالم، جادا في عمله كان بارتلبي شخصا

جدية ال أخال موظفا تمتع بها من قبل، وليس رجما بالغيب إن قلت أن لن يطأ .الموكلة إليه كمثل بارتلبي األعمالالبسيطة موظف يواصل الليل بالنهار في إنجاز

عمل الرجل بادئ الرأي، أعجبت بني ب العمل، ال أفشي سرا إذا قلت أوكأي من أربا .إال أن آلية عمله لم تكن تعجبني، فهو ال يتكلم مع زمالئه وال حتى ينظر إليهم

في أحد األيام، طلبت من بارتلبي أن يحضر إلى مكتبي لتدارس بعض األوراق

.ال أريد: القانونية، ودون أن يحرك ساكنا أجابنيالرد الفج الذي نزل علي نزول الصاعقة، ثم قلت تسمرت في مكاني لبرهة أمام هذا

أنا أقول أريدك أن تساعدني في تدارس هذه : له وعقال اللياقة يوشك أن ينفلت هل أنت مريض؟! ماذا تقصد بهذا؟ أخبرني! الورقة، وأنت تقول ال أريد

عندها رن جرس الهاتف، وانشغلت مع من . ال أريد: وبذات الدم البارد أجابني بقول .، فنسيت الموضوع بأكملهلخطان على اك

دعوت موظفي األربعة إلى مكتبي ذات يوم ألوزع عليهم مجموعة مستندات .مستفيضةوصلت المكتب مؤخرا وهي بحاجة إلى دراسة

حضر الموظفون جميعا إال بارتلبي، األمر الذي جعلني أستشيط غضبا، فزعقت به !أنا بانتظارك! ال تتأخر !تعال هنا! هيا بارتلبي: قائال

وقف أمامي صامتا بعض الوقت، وقبل أن يستدير ويعود أدراجه، أطلقها بوجهي ال .ال أريد: خائفا وال خجال

إجراء تجاه حماقات بارتلبي، وإنما شعوري اتخاذلم تكن دهشتي وحدها تمنعني من ل الطعام، وإنما يكتفي بالشفقة عليه، فلقد الحظت مع مرور األيام أنه ال يخرج لتناو

بما يجلبه له أحد زمالئه من كعك الزنجبيل في حوالي الحادية عشر من كل صباح، .ولمن أراد الحقيقة، فهو ال يغادر المكتب بتاتا

هر أحد األيام، طلبت من بارتلبي أن يذهب إلى البريد ويجلب لي بعض ظبعد و

.أريدال : الرسائل، وكعادته، أجابني قائال

تركته وعدت إلى مكتبي مذهوال، غير أني هذه المرة عقدت العزم على حل هذا حسنا، إن أحد موظفي واسمه بارتلبي ال : اإلشكال بأسرع وقت ممكن، فجلست أفكر

...ينفذ أوامري، ثم أنه ال يغادر مكتبه البتة، فما العمل

ض المتراكمات، إال أن مفتاح إلنجاز بعفي عطلة نهاية األسبوع ذهبت إلى مكتبي المكتب أبى أن يفتح معي، فوقفت مندهشا بعض الوقت، ثم ناديت معتقدا أن أحدهم

لقد خرج بارتلبي من مكتبه ليخبرني أنه يمنعني من : في الداخل، فكانت المفاجأة .الدخول

كان مجرد التفكير في أن أحدهم يسكن مكتبي أمر يقض مضجعي، إال أن ذات الذي يحول بيني وبين اتخاذ إجراء بحق بارتلبي عاد ليساورني مجددا، فكان الشعور

.أن انسحبت بكل هدوء

لقد قررت من يوم ذاك أن أمد يد العون لهذا المسكين، فهو ليس له أهل وال .هنا أصدقاء، لذا أصبح يأكل ويشرب وحتى ينام

: ، وبعد أن أخذنا أماكننا، سألتهمكتبي إلىطلبت منه في صباح اليوم التالي أن يأتي هال حدثتني عن نفسك يا بارتلبي؟

لم يجبني بشيء، وإنما ردد على مسامعي تلك العبارة التي لم أسمع منه سواها مذ بدأ حسنا، ال أريدك أن تخبرني عن : وقلت لهبجواره العمل معي اللهم إال اسمه، فجلست

...لمستند، أريد أنماضيك، لكن عندما تنتهي من كتابة هذا ا .لن أكتب أي شيء من اآلن فصاعدا : قاطعني وهو يهم بالخروج قائال

، فبارتلبي ال يريد أن يقوم بأي عمل؟ إذن هيإلماذا سأفعل يا : جلست وأخذت أفكر فما الداعي لبقائه هنا؟

طرده من الوظيفة، وبالفعل، أخبرته أن أمامه ستةأمامي سوى خيار يبق إذ ذاك لم .أيام لمغادرة المكان وأنني سأصرف له مكافأة مجزية لقاء عمله معي

في اليوم السادس، ألقيت نظرة في مكتب بارتلبي، فوجدته ال يزال جالسا في و

.الداخلوكذا الحال في صبيحة اليوم التالي، حيث أتيت مبكرا، فوجدت المكتب مغلقا من

نيته الخالدة يزلزل األرض من تحتي، فما الداخل وصوت بارتلبي وهو يردد سنفو! كما تشاء يا بارتلبي: كان مني إال أن نزلت إلى الشارع وأنا أحدث نفسي كالمجنون

!إذا لم تتركني وشأني، فأنا من سيرحل ويترك لك المكان

بعد أيام، أتيت إلى المكتب مصطحبا معي عدد من الحمالين لغرض نقل أثاث آخر، هنالك أكثر ما آلمني منظر المسكين بارتلبي الذي لم ينبس المكتب إلى مكان

.ببنت شفة والعمال يسحبون كرسيه أمام عينيهاقتربت منه وودعته ثم وضعت بعض النقود في يده، لكنه تركها تسقط إلى األرض

ليس هينا علي أن تغادر المكان : من قبل وهو يقول بنبرة انكسار لم أعتد سماعها منه

قبل أن تغادرني تغادرني أن روحي لو ، لكنني أريدك أن تتأكد أنني أتمنى بسببي .أنت

زارني أحدهم في مقر عملي الجديد بعد أيام ليبلغني أن صاحب العمارة يحملني

، فلقد حاول الجميع قضائيمسؤولية إخالء بارتلبي من مكتبي السابق بموجب أمر ى يعود مجددا مما أثار حفيظة سكان ذلك لكن دون جدوى، فهو ما إن يخرج حت

.العمارةاسمعني : وفعال، ذهبت إلى هناك ووجدته جالسا بمفرده على بالط الشقة األجرد، قلت

فأنت إما أن توافق على العودة للعمل : أمامك أن تختار بين أمرين! جيدا يا بارتلبي .خيارينغير أنه رفض كال ال. معي، أو أن أرسلك للعمل لدا محامي آخر

.إذن، تعال معي إلى بيتي لنفكر سويا علنا نصل إلى حل: قلت .كال، ال أريد أن أقوم بأي تغيير: قال ببروده المعهود

لم أجد جدوى من الحديث معه، فتركته ونزلت إلى الشارع قاصدا أحد األماكن .عل تغيير المكان يساعدني في نسيان بارتلبي التاريخية

إقتياد بارتلبي إلى السجن، هذا ما طالعني به بريدي بعد عدة أيام، فذهبت لقد تم

.إلى هناك لزيارته .ولكن ليس لدي ما أقول... أعرف أنك: ما إن وقع نظره علي حتى قال ,لم أكن أنا من جاء بك إلى هنا !صدقني يا بارتلبي: قلت وقد قطع منظره نياط قلبي

.د ليجلب لك بعض الطعاملقد أعطيت حارس السجن بعض النقو .ال تجهد نفسك، فأنا ال أريد ذلك: رد قائال

ومرت األيام، وذهبت مرة أخرى لزيارة بارتلبي في سجنه حيث أخبرني أحد

الحراس أنه نائم في باحة السجن، فتوجهت من فوري إلى هناك، ورأيته نائما لكن !!!أيما نوم

ركبتاه على صدره وعيناه ال انطبقتالسماء وقد كان مفترشا الحصى الباردة، ملتحفا .تزاالن مفتوحتان

هل أكل اليوم أم : ا أنا أقترب منه، إذ بحارس السجن يسألني بلهجته الال إنسانيةموبين بقي كعادته بدون طعام؟

كال، لقد بقي : أجبته وأنا أغلق عيني المسكين بارتلبي بعد أن تأكدت أنه فارق الحياة .دون طعام

إنه نائم، أليس كذلك؟! آها: قال الحارس متصنعا الجهل بما يجري .بلى، نائم في الفردوس األعلى: أجبته

أنه قضى جل حياته موظفا في علمت بعد فترة وجيزة من وفاة بارتلبي،

مكتب للبريد، وإن عمله هو فك شفرات الرسائل المجهولة الوجهة، تلك الرسائل التي

البريد عن إيصالها إلى مستلميها كون عناوينهم لم تكتب بالوضوح يعجز ساعي .المطلوب

األكبر من حياته بين الجزءتصوروا معي حجم اإلحباط الذي يشعر به إنسان عاش أكداس من المآسي، فهذه رسالة تحمل في طياتها خاتم يبعث به أحدهم وهو ال يعلم

التراب، وتلك حوالة بريدية يمني أنه سيصل إلى خطيبته وقد تفسخت أصابعها تحتإال أن تصل بعد فوات األوان، تأبىبإنقاذ حياة شخص عزيز، لكنها مرسلها النفس

باألمل مرسلة ألشخاص ماتوا دون أدنى بارقة أمل، رسائل تنبضنعم، إنها رسائل .عن تحليلها المسئولملعونة تقتل األمل حتى في داخل موظف البريد

!أيها اإلنسان ولهي عليك !تلبيرولهي عليك يا با

نمر أم حسناء .ستوكتون فرانك: قصة

التقدمية مالمح شخصه في تجمعت جبارا ملكا أن يحكى خلت، عصور منذ

ومن ازدهار، أيما وازدهرت اتساع أيما ظله في المملكةاتسعت جهة، فمن والتخلف، .الحكم بشؤون يتصل ما في خصوصا لنزواته المطلق بانقياده اتصف: أخرى جهة هي التي العامة الساحة فكرة عصره، في سادت التي المتخلفة األفكار جملة ومن

كانت. ال أم مذنبا كان إذا ما وحده الحظ ليقرر بالمتهم يؤتى هناك المحكمة، بمثابة أحد وبطانته الملك منصة تحتل ومسيج طويل مستطيل عن عبارة الساحة تلك

من تبقى ما أما ومتجاوران، متشابهان بابان يوجد المقابل الطرف وعلى أطرافه، .العامة من الحضور أراد لمن فمخصص جوانبه،

الملك يجلس حيث المحاكمات، ليشهدوا الساحة هذه إلى الحضور الناس اعتاد لقد

إلى المتهم يخرج المنصة، تلك تحت من الباب فيفتح اإلشارة، تعطى منصته، على .البابين أحد يفتح أن هو فعله عليه ما وكل الساحة

إربا فيقطعه المملكة، في األشرس هو جائع نمر عليه يخرج األول، الباب فتح فلو ونواح الباكيات بعويل الحزين األجراس رنين يمتزج عندها. يداه كسبت بما جزاءا

الخيبة أذيال ذويه من الحزانا يجر ثم اآلخرين، مصائب على يقتتن الالئي النائحات .الوسيم الشاب ذاك أو الوقور الشيخ هذا على حسرة الرؤوس امطأطئو وهم له أختيرت والتي المملكة حسناوات إحدى عليه فستخرج اآلخر، الباب فتح لو أما

منصة تحت من آخر باب يفتح ساعتها أبى، أم شاء عليها قرانه فيعقد خصيصا، الكاهن ليلتحقالبهجة أجراس تقرع ثم الزواج، لمباركة الكهنة أحد ويخرج الملك

أصوات ترتفع هنالك المهيب، العرس بموكب والموسيقيون والراقصون والمغنون .العريس بيت إلى المؤدي الطريق إمتداد على الزهور األطفال وينثر الزغاريد

والعقاب الثواب سنة باختصار هذه الثاني؟ وأيهما األول البابين أي يدري، من ولكن هذا ولما تطبيقها، بوجه كان من كائنا يقف أن يجب ال والتي لشعبه الملك سنها التي

تلكم من شاؤوا ما يفتحوا أن فللمتهمين والمثالية، النزاهة في غاية والمسألة الوقوف على المحاكمات هذه بعدالة مقتنع الشعب أن عن فضال هذا تدخل، أي دون البابين .المتهمين أمام مفتوحة الخيارات ترك الجاللة صاحب أن فرض

بحب سارة واسمها الملك ابنة وقعت فلقد كلمتها، تقول أن األقدار شاءت وأخيرا،

. القوم عامة من أنه عليه يعاب كان أنه بيد والجمال الشجاعة في مثيل له ليس شاب من العالم يرى التي مرئاته أنها ذلك نفسه، من أكثر حتى ابنته يحب الملك كان

.اإلتجاه في وتوازيه القوة في تساويه التي فعله ردة هي بل ال خاللها، موعدا وحدد السجن في الشاب بزج أمر حتى العالقة، بتلك الملك سمع إن ما

نفسه له تسول من لكل ينسى ال درسا لتكون إعداد خير لها أعد التي لمحاكمته كان الملك أن والحق مواطن، والمواطن دولة فالدولة الحاكمة، األسرة على التطاول

السابقة بتلك القيام على تجرأ الذي الشاب بذلك العقاب أشد إنزال على العزم عاقدا .الحسناء خلفه تختبئ الذي الباب فتح وإن حتى أحد من إليها سبقه ما التي

ضاقت التي الساحة في وصوب حدب كل من الناس وتجمع الموعود اليوم جاء ثم أماكنهم، الجميع أخذ. وبامتياز استثنائية المرة هذه والمحاكمة ال كيف بالحاضرين،

.الساحة إلى الشاب وخرج للمتهمين المخصص الباب ففتح اإلشارة، أعطيت

القامة الطويل الشاب ذلك وجه على فارقة عالمات ترتسم المالئكية المالمح كانت ال كيف ثم حبه، في األميرة تقع أن جرم فال ،أبصره من كل قلب لتأسر الطلعة البهي مصيره إال وبين بينه يحول ال وهو إليه الناظرين هاؤالء رؤوس على الطير تقف .يرد الال المبرم القدر هذا ويال هللا فيال خطوات، بضع

أنه على التحية، عليه ليلقي وانحنى الملك صوب إستدار الساحة، إلى خروجه بمجرد تمعنان عيناه كانت طرا، لشعبه وال للملك باال ليلقي يكن لم الحرجة اللحظات تلك في

بطريقة فيها طرف فهي المحاكمة، بهذه اهتمامها بمقدار منه معرفة سارة في النظر .بأخرى أو

على تحافظ أن استطاعت بحيث بمكان القوة من األميرة تكون أن في شك من ما أطلقت ما األلسن من أطلقت أن فبعد يوم، هكذا لمثل أعصابها وهدوء جأشها رباطة

بل ال البابين وراء ما بسر لنفسها احتفظت أخرى، تارة النساء وبكيد تارة بالذهب . أحدهما خلف المختبئة الفتاة اسم وحتى وجدت التي األميرة كراهية محط جعلها مما المملكة جميالت إحدى الفتاة تلك كانت

منظر إن كما غيرتها، لصب وعاء خير غريمتها أصل ووضاعت أصلها شرف في تغفو الذي هاجسها أصبح حبيبها على نعمتها ولية تنافس وهي األصل الوضيعة تلك

.وتصحو عليه

مقاومة تستطع لم التي حبيبته بعيني الشاب عينا التقت مصيرية، توتر لحظة في أنه لو كما أيهما؟: بالقول البابين وراء ما السر عن تكشف أن تتوسلها وهي نظراته على بدا ذاك إذ! أمامي وقت ثمة فليس أجلي، من شيءا افعلي: صوته بأعلى يصيح

باب أي وخلف الحسناء تختبئ باب أي خلف تعرف كونها اإلضطراب األميرة .يدها من بإشارة مرهونة حبيبها حياة أن عن ناهيك النمر، يختبئ واقفا الشاب فانتصب البرق، بسرعة وأنزلتها يدها رفعت أحد، بها يشعر أن ودون

أنفاسهم، الجميع وحبس المكان، على بظالله الرعب أرخى. أشارت حيث إلى وتوجه إلى وصل إن ما والذي واثقة بخطا مصيره نحو السائر ذلك على األنظار وتركزت

.تردد ما دون فتحه حتى األيمن الباب

هل: الباب ذلك وراء من يخرج عساه من قصتنا، تتمحور تحديدا النقطة هذهحول ما كل باإلجابة، فكرنا ما كل إننا الحقيقة، في النمر؟ يكون تراه أم الحسناء؟ تكون

النفس أغوار نسبر أن تقتضي أنها شك ال إذ وتعقيدا، صعوبة المسألة ازدادت: التالي السؤال عن لإلجابة أدعوكم أجدني ال ذلك أجل من بطبيعتها، المعقدة البشرية

:أسأل وإنما األميرة؟ مكان كنتم لو ستفعلون ماذا على قلبته أن بعد وحزنا غيرة قلبها يحترق التي وهي أشارت تتوقعونها باب أي إلى من ولكن بنفسها، مصيره حسمت حبيب األبد، إلى فقدته حبيب على حسرة هادئة نار

غريمتها تجاه تحمله الذي الحقد كان أم ذاك، قرارها على عاطفتها طغت هل: يدري أنياب بين أم الحسناء، أحضان أبين: عمره بقية يقضي أن قررت فأين الموقف؟ سيد

النمر؟

كابوسا المنظر ذلك بعدها ليصبح النمر باب يفتح وهو طيفه داهمها ليلة من كم ثم باسم رأته أخرى ليلة من كم... ولكن يقظتها؟ صفو عليها ويعكر نومها عنها يصرف

ندما شعرها وتقطع غيضا أسنانها على ذلك بعد لتكز الحسناء باب يفتح وهو الوجه بحبيب األقدار أقرتهما بعينين ترمقها أخرى امرأة أحضان بين يرتمي تراه وهي

نصيبها؟ من يكون أن تمنت لطالما وزوج سوية ليقطعا عروسه بيد يمسك ثم عينيها، أمام لغيرها يزف رأته إذا بها وكيف

على فيه يعلو صوت ال يوم بالعيد، يكون ما أشبه يوم في بالزهور المفروش الطريق البكاء؟ آلة على المنفرد للعزف فيه مكان ال بهيج يوم الجماعي، الغناء صوت

ستأتي أين من... ولكن حين؟ بعد ولو به تلحق ثم واحدة مرة يموت أن لها خيرا أليس على تقوى يجعلها جلدا لها وأنى النمر؟ لذلك فريسة يقع وهو منظره يحتمل بقلب

شر يدها على مات حب على حيا شاهدا تسيل وهي دمائه ورؤية صراخه سماع ميتة؟

ساقت فلقد قناعة، وسابق تفكير طول بعد قرارها اتخذت أنها هو أعرفه ما كل

اإلشارة تلك وترسل وقلبها عقلها شتات تستجمع أن قبل والمبررات الحجج كل لنفسها .قصر أم الزمان طال القرار هذا عن ولةمسؤ بأنها منها معرفة الخاطفة

لذا المعادلة، هذه تكتنف أراها التي للصعوبة التخمين عن بنفسي ألنأى هنا وإنني الباب يخبئه كان الذي ما: السؤال هذا عن لتجيبوا أمامكم مفتوحا المجال أترك فسوف نمر؟ أم أحسناء : األيمن

حكاية من بلدتي .أو هنري: قصة

كانت ال تزال تمطر عندما وصلت إلى بلدة ناشفيل الواقعة إلى الجنوب من والية

.تنسي .أحسست أن التعب يكاد يهلكني، لذا توجهت مباشرة من القطار إلى الفندق

في طريقي إلى غرفتي، لفت إنتباهي رجل بدين ذا منظر ال يدعو أنا بينما و

.مألوفمن الللطمأنينة، رجل ذا وجه أحمر فاقع كلما فيه أكبر شيء ما في . كانت عيناه الذابلتان تفضحان كونه مدمن كحول من الدرجة األولى

أتخيل كلبا جائعا يبحث عن مشيته وهو يذرع استراحة الفندق جيئة وذهابا يجعلني .عظم

الرائد ونت ورث كازويل من أسرة راقية من : اقترب مني وعرفني بنفسه قائال

ثم سحبني إلى حانة الفندق حيث نادى على النادل وطلب منه أن يحضر لنا . الجنوب .بعض الشراب

ب من معطفه كثيرا ما تحدث عن نفسه وعائلته وعن زوجته وعائلتها، قال وهو يسح .إن زوجته ثرية جدا : مجموعة من العمالت المعدنية على سبيل التفاخر

في تلك األثناء، شعرت أنني لم يعد باستطاعتي تحمل المزيد، ودعته وصعدت إلى .غرفتي

هناك ألقيت نظرة من شرفتي على المدينة التي بدت ناعسة مثلها كمثل باقي مدن

.الساعة كانت العاشرة مساءا الجنوب الهادئة رغم أن ، كيف ال وأنا ابن هذه البلدة لكن عملي في إحدى بدا كل شيء جميال في عيني

.كبريات مجالت نيويورك دفعني لمغادرتها منذ مدةوها أنا ذا أعود إلى ناشفيل حيث أرسلني مدير المجلة أللتقي بالكاتبة أزيليا أدير التي

ص إلى مجلتنا، ولقد أعجب رئيس التحرير بكتاباتها بعثت بعدد من القصائد والقصأيما إعجاب مما حدى بالناشر ليرسلني إلى هنا ألوقع معها عقدا تنشر بموجبه كل

.كتاباتها في مجلتنا حصرا .كانت ليلة هادئة خلدت فيها إلى فراشي غارقا في نوم عميق قل نظيره في نيويورك

.اليوم التالي، خرجت من الفندق ألقابل اآلنسة أدير في تمام التاسعة من صباح

كان المطر ال يزال يهطل، وحال وصولي إلى الباب قابلني العم سيزر، رجل عجوز أسود بدين ذا شعر رمادي يلبس معطفا لم يصدف وأن رأيت مثله في حياتي على

عيناي فإن معطف طويل يشبه إلى حد ما المعاطف العسكرية، ولو صدقت . اإلطالقلونه كان رماديا بادئ األمر، أما اآلن، فبفعل الشمس والمطر وسنين اإلستعمال

معطف شبه خال من . الطويلة، أصبح لونه، أو قل ألوانه كألوان طيف الشمس .األزرار اللهم إال من زر واحد أصفر بحجم عملة الخمسين سنتا

وما إن وصلت حتى فتح باب وقف العم سيزر بالقرب من عربته وحصانه،

.فسوف أأخذك حيث تريد! تفضل بالصعود سيدي: العربة وهو يقول لي بلطف .شارع الياسمين-618أريد أن أذهب إلى : قلت بينما كنت أهم بالصعود

ما الذي يدفعك للذهاب إلى هناك سيدي؟: أوقفني الرجل متسائال وما شأنك أنت؟: قلت بغضب

ال شيء سيدي سوى أن : وقد إرتسمت على وجهه إبتسامة أجاب العم سيزر بهدوءالمكان الذي تود الذهاب إليه جزء معزول من البلدة، فقط تفضل وسوف أوصلك إلى

شارع الياسمين كان ذات يوم بيت من أجمل البيوت، -618إن : هناك حاال، ثم أضافثم أردف . ورتسكنه أسرة من أرقى األسر،، لكنه اآلن أصبح شبه مهدوم وشبه مهج

!ستكون األجرة دوالران سيدي: قائال

عندما وصلنا إلى منزل اآلنسة أدير، نزلت من العربة ودفعت له الدوالرين، إذ ذاك الحظت أن أحد الدوالرين قد مزق من المنتصف وأصلح بشريط الصق أزرق

.كما أنه مقطوع من أعلى اليمينمرأة في الخمسينيات من عمرها وقد إبدت ر التي طرقت الباب، ففتحت اآلنسة أدي

أخذ الكبر والتعب منها مأخذا، ذلك ما فضحه شعرها األبيض المشدود للخلف .ووجهها الصغير

.كانت ترتدي ثوبا أصفر غامق بدا عليه القدم، لكنه بدا أنيقا جدا جلسنا معا في غرفة الجلوس التي توسطتها منضدة شبه محطمة تحيط بها ثالث

.كراسي وأريكة حمراء قديمة، وبدأنا نتحدثإنها من أسرة جنوبية عريقة، : أخبرتها عن عرض المجلة، فأخبرتني عن نفسها قائلة

والدها كان قاضيا وإنها لم يسبق لها أن سافرت، كما إنها لم تدخل مدرسة قط ألن .والديها إستعانا بمدرسين خصوصيين لتعليمها في البيت

قاء بيننا، وعدتها أنني سأزورها غدا وسأجلب معي العقد، ونهضت مستأذنا لم يطل الل .بالذهاب

ساعة إذ طرق شخص ما الباب الخلفي، فاستأذنت اآلنسة أدير لتفتح، ثم عادت بعد

قليل وقد بدت عليها عالمات الفرح حيث تورد وجهها كما لو أنها عادت عشرة .سنوات إلى الوراء

.ال بد أن تشرب بعض الشاي قبل أن تذهب: تبتسمان وهي تقول ليكانت عيناها أخذت جرسا صغيرا وضع فوق المنضدة وهزته، فبادرت لها طفلة سمراء لها من

.العمر حوالي إثنا عشرة سنة

: فتحت اآلنسة أدير محفظة صغيرة بدا عليها القدم وسحبت منها دوالرا وهي تقولبيكر واجلبي لنا شاي بخمس وعشرين سنتا وسكر أسرعي أمبي إلى دكان السيد

.بعشرة سنتاتكان ذلك الدوالر الممزق من المنتصف، والذي أصلح بشريط الصق أزرق ذاته الذي

.دفعته قبل قليل للعم سيزر وهو الذي تدفعه اآلنسة أدير ألمبي اآلن

تى أخذت خرجت الصغيرة من الغرفة مسرعة، وما إن أغلق الباب الخلفي ح .الطفلة بالصراخ وشيئا فشيئا بدأ صوتها يختلط بصوت رجل غاضب

.ودون أن تنبس ببنت شفة، نهضت اآلنسة أدير وخرجت من الغرفة متجهمة

رغم كل ما حاولت أن تتخذ من إحتياطات، استطعت أن أسمع بوضوح صوت .مشاجرة تدور بينها وبين ذلك الرجل ذو الصوت األجش في الخارج

قالت وهي تغلق . عا إنتهت تلك المشاجرة وعادت اآلنسة أدير إلى الغرفة غاضبة سريأنا آسفة جدا لكن يظهر أن السيد بيكر قد نفذ ما عنده من الشاي لهذا : الباب بقوة

.ثم ودعنا بعضنا وعدت للفندق. اليوم، وآمل أن يحالفنا الحظ غدا فنضيفك

ئد كازويل الذي كان تفاديه أمرا مستحيال، فأصر قبل العشاء بقليل، قابلني الرا على دعوتي للشراب وهو يسحب من جيبه دوالرا، ممزقا من المنتصف وقد أصلح

.بشريط الصق أزرق، نعم، هو ذلك الدوالر الذي فقد طرفه األعلى األيمنترى كيف وصل هذا الدوالر إلى كازويل وقد دفعته : تساألت مع نفسي مستغربا

ح هذا اليوم بنفسي للعم سيزر؟صبا

في مساء اليوم التالي، كان العم سيزر ينتظرني خارج الفندق ليوصلني إلى منزل .اآلنسة أدير حيث إتفقت معه أن ينتظرني حتى أتم ما جئت من أجله

شرحت لها فكرة العقد، . وصلنا إلى هناك غير أن اآلنسة لم تكن تبدو على ما يرام .فوقعت

وبينما كانت تهم بالنهوض، سقطت إلى األرض مغما عليها، فحملتها ووضعتها على .األريكة، ثم ركضت إلى الباب وناديت على العم سيزر للمساعدة

ما إن سمعني الرجل حتى عبر الشارع مهروال ثم عاد بعد قليل مصطحبا معه

.الطبيباذهب سريعا إلى بيتي : زر قائال فحص الطبيب اآلنسة أدير، والتفت إلى العم سي

لم تأكل بما فيه الكفاية، كم : ثم التفت لي وهو يقول. واجلب بعض الحليب والبيضتخيل إن لها العديد من األصدقاء الذين يودون مساعدتها، ! هي أبية السيدة كازويل

ذي لكنها ترفض ذلك باستمرار، فهي ال تقبل المساعدة إال من هذا العجوز األسود ال .كان ذات يوم عبدا عند أسرتها

.كنت أظن أنها اآلنسة أزيليا أدير! ماذا؟ السيدة كازويل: قلت وقد أخذتني المفاجأة

بلى كانت كذلك قبل عشرين عاما، قبل أن تتزوج من ذلك السكير التعس : رد الطبيب .سيزرالمسمى ونت ورث كازويل الذي يأخذ حتى قليل المال الذي يعطيه أياها العم

بعد أن غادر الطبيب، سمعت العم سيزر في الغرفة األخرى وهو يسأل السيدة

هل أخذ الدوالرين الذين أعطيتك إياهما البارحة سيدتي؟: كازويل .نعم يا سيزر، لقد أخذ كلتا الدوالرين: سمعتها ترد بهدوء

ثم طلبت من دخلت إلى الغرفة وأعطيتها خمسون دوالرا وقلت لها إنها من المجلة .العم سيزر أن يعيدني إلى الفندق

بعد بضع ساعات، تناولت العشاء وخرجت ألتنزه، إذ ذاك لفت إنتباهي حشد غفير

.من الناس واقفين أمام أحد المتاجر وهم يتحدثون عن شخص ما قتلاستطعت أن أشق طريقي بينهم، فكان أن رأيت الرائد كازويل ملقا على األرض وقد

.الحياةفارق سمعت أن أحدهم وجد جثته ملقاة على قارعة الطريق وأنه قتل في مشاجرة مع لص

.حاول أن يسرق خمسين دوالرا كانت بحوزته، األمر الذي أكده الجميع

وبينما . أكثر ما أثار إنتباهي كفا كازويل المغلقين بشدة كما لو أنه أراد إخفاء شيء ماتح كف كازويل األيمن، فسقط منه شيء تدحرج كنت أقف بالقرب من الجثة، ف

باتجاهي، وما إن وصل إلى قدمي حتى وضعته تحت حذائي ثم التقطته ووضعته في .جيبي

في صبيحة اليوم التالي، تركت ناشفيل عائدا إلى نيويورك، وبينما كان القطار يمر

الليلة البارحة فوق النهر، أخرجت من جيبي ذلك الشيء الذي سقط من يد كازويل .وألقيته في النهر، كان ذلك الشيء الزر األصفر الذي يضعه العم سيزر في معطفه

حكاية من كاليفورنيا .مارك توين: قصة

والحق أنني لم أجد ما يكفي . أيام كنت شابا، ذهبت إلى كاليفورنيا باحثا عن الذهب

عثرت على منطقة جميلة اسمها من الذهب ألصبح ثريا لكن عزائي كان أنني .ستانيسالو

لست أبالغ إذا قلت أنها جنة هللا في األرض، فتاللها الخضراء الزاهية والعمق الذي وجعلني أخلع عليها هذا يلنسيم العذب الذي يداعب أشجارها يكتنف غاباتها المتشابكة وا

.اللقب دون ترددا أن ثمة من سبقني إليها قبل أمد عندما وطأت قدماي تراب ستانيسالو، بدا لي جلي

بعيد، فقد أنشئت في واديها بلدة متكاملة ينطق كل ما فيها من األرصفة والمخازن .والبنوك والمدارس والمنازل التي بناها عمال المناجم ألسرهم بلسان المدنية

، لقد أجزلت تالل ستانيسالو لضيوفها العطاء ومنحتهم الكثير من الذهب بادئ األمرثم ما لبث حظهم أن عثر بعد بضع سنين، فكان أن اختفى الذهب واختفوا هم بدورهم معه، بحيث أنني عندما وصلت، رأيت الشوارع مغطاة باألعشاب والمنازل الصغيرة

.تختفي خلف أكوام من شجيرات األزهار البرية

عم، دار في كانت أصوات الحشرات تمأل أرجاء البلدة الخالية اللهم إال مني، ن الصيفي أنني الكائن البشري الوحيد على هذه البقعة، لكنني سرعان النهار خلدي ذلك

ما اكتشفت زيف تخيالتي وأنني لم أكن لوحدي، فهذا رجل يقف في باب أحد المنازل .وهو يبتسم لي

لم يكن منزله ليشبه باقي المنازل، فهو غير مغطى بشجيرات األزهار البرية وإنما واجهته حديقة صغيرة جميلة تملؤها الزهور الحمراء والزرقاء، والستائر تزين

.البيضاء المعلقة على نوافذه يعبث بها النسيم جيئة وذهابا وهو ال يزال مبتسما، فتح الرجل باب منزله وأشار لي بالدخول، وفعال، دلفت إلى

ذ أسابيع خلت تفاصيل الداخل فرأت عيني ما لم أكد أصدق، وأنى لي هذا وقد ألفت منالحياة القاسية في مخيمات عمال المناجم، فكم افترشنا األرض الصلبة وسائد للنوم

وكم أكلنا الفاصوليا المعلبة باردة وكم قضينا من أيام وأيام سعيا محموما وراء .الذهب

هنا في هذا البيت الصغير، شعرت وكأن روحي بعثت من جديد، فالسجاد بألوانه ية أخذ مكانه بعناية على األرضية الخشبية البراقة، والصور احتلت جميع الزاه

جدران الغرفة، والمناضد الصغيرة ازدانت بالكتب واألصداف البحرية والمزهريات .الصينية المليئة بالزهور

.ةأال شك أن من رتب هذا المكان إمر :قلت في نفسي

اإلعجاب التي باتت واضحة على وجهي قال الرجل مبتسما وكأنه لم يقرأ تعابير نعم، هي من قام بهذا كله، لقد وضعت لمساتها : فحسب، وإنما تعداها ليقرأ أفكاري

.على كل شيء هناإذ ذاك الحظ أن إحدى الصور لم تكن معلقة بشكل صحيح، فسارع إلى تثبيتها في

.بتها بالشكل المطلوبمكانها ثم أخذ يقترب منها تارة ويبتعد أخرى للتأكد من كونه ثتصور أنها تلمس األشياء ... لقد اعتادت فعل ذلك: قال وهو بالكاد يلمس الصورة

كثيرا ما رأيتها ... بحنان تماما كما تالمس األم شعر طفلتها بعد أن آذتها الفرشاةأقوم بفعل لست أدري لماذا ..توضب المكان بهذا الشكل لدرجة أنني أصبحت أقلدها

.ني أفعله ليس إال، لكنذلكبينما كان يتحدث، أدركت أنه يريدني أن أكتشف شيء ما في الغرفة، فكان له ما

.أراد

ما إن وقع نظري على إحدى الزوايا قرب المدفأة، انفجر ضاحكا وأخذ يفرك يديه كنت أعرف إنك سوف ! لقد وجدتها يا رجل! ها هي ذي: بشدة وهو يهتف مسرورا

.هذه صورتهانعم، ! تفعلهااتجهت صوب رف أسود صغير يحمل في ثناياه صورة صغيرة ألنثى لم يسبق وأن

.رأيت أنثى بجمالها، كانت تعابير وجهها تفصح عن جمال ورقة منقطعة النظيرلقد التقطت لها هذه الصورة : أخذ الرجل الصورة من بين يدي وبدأ يحدق بها قائال

هال انتظرت بعض الوقت ألعرفك .. تزوجنا يومهافي عيد ميالدها التاسع عشر، وقد !عليها أين هي اآلن؟: سألته

إنها في مكان ! آه: قال وهو يعيد الصورة إلى مكانها وقد انطلقت من أعماقه تنهيدةوالديها اللذان يقيمان على بعد .لقد ذهبت منذ أسبوعين لزيارة: بعيد، ثم أردف قائال

.أربعين أو خمسين ميال من هنا متى ستعود؟: سألته

.اليوم هو األربعاء، حسنا، ستكون هنا بحلول مساء السبت القادم: أجابني .قبل هذا التاريخأذهب آسف، ال بد أن : نادما قلتفسوف ! تذهب؟ ال تذهب ولماذا يجب أن! تذهب: ت عليه عالمات التعجبدرد وقد ب .ويقيمون معناأال ترى إنها تحب أن يزورنا الناس ... كليحزنها ذ

.كال، ال بد لي من المغادرة: قلت بشيء من الحديةأخبرها اآلن صراحة أنك كنت : التقط الصورة من على الرف ووضعها أمامي قائال

.تستطيع البقاء للتعرف عليها لكنك لم تفعل .شيء ما جعلني أغير رأيي وأنا أنظر إلى صورتها للمرة الثانية، فقررت البقاء

ن اسمه هنري، تحدثنا طوال الليل بمواضيع شتى إال أنها كانت صلب كل أخبرني أ .تلك المواضيع

مر نهار الخميس سريعا، حتى إذا جاء المساء، زارنا رجل عجوز ضخم الجثة بدا .أنه عامل مناجم اسمه توم

وصلت لتوي ألسألك متى ستعود؟ هل من جديد؟: قال توملتني رسالة منها، هل ترغب باالستماع لها؟ ثم سارع لقد وص! نعم! نعم: أجاب هنري

بإخراج ورقة صفراء قديمة من جيب قميصه وأخذ يقرأ رسالة انطوت على الكثير .من تعابير الحب لهنري وألصدقائه المقربين وحتى للجيران

بعد أن فرغ هنري من قراءة الرسالة، التفت إلى توم الذي تمردت دموعه على لماذا تبكي كل ما قرأت ! لقد فعلتها مرة أخرى يا توم! هيلإيا : إياه محجريه مخاطبا

!رسالة من رسائلها؟ تأكد أنني سأخبرها اآلنفلقد كبرت وقليل من الحزن ! كال، ال تفعل يا هنري، ال تؤاخذني: رد الرجل العجوز

!كفيل أن يبكيني، حقا تمنيت لو أنها معنا الليلة

.علينا ضيف آخر اسمه جو في اليوم التالي، حل طلب جو من هنري أن يقرأ له تلك الرسالة، فأخذ بالبكاء كما حصل مع صديقه توم

.جميعنا نفتقدها يا هنري: وهو يقول

يومها أطيل النظر في ساعتي األمر الذي نيوأخيرا جاء يوم السبت، فوجدت ذلك؟تعتقد أن مكروها قد أصابها؟ أليس ك: الحظه هنري، فقال

.لكنه لم يكن مقتنعا بكالمي. ال أبدا، أعتقد أنها على ما يرام: قلت مبتسما

عند حلول المساء، غادر صديقا هنري البيت، ثم عادا بعد قليل مصطحبين و .معهما قيثارتين وزهور وزجاجة كحول

وضع الرجالن الزهور في المزهريات وأمسكا قيثارتيهما وانطلقا يعزفان بعض هما يسقيان هنري كؤوس الخمر الواحد تلو اآلخر حتى أوصاله الراقصة وغاني األ

.إلى درجة الثمالةعندما وصلت يدي إلى أحد الكأسين األخيرين، همس توم في أذني وهو يمسكني من

!دع عنك هذا وخذ اآلخر: ذراعي

ؤوس إلى على وقع أجراس الساعة التي أعلنت انتصاف الليل، دفع توم بآخر الك أشعر : هنري الذي أفرغه في جوفه، فأخذ وجهه بالشحوب أكثر فأكثر وهو يتمتم

.أنني متعب وأريد أن أذهب إلى الفراشلم تكد هذه الكلمات تخرج من فم هنري، حتى غط في نوم عميق، سارع صديقاه إلى

.رفعه وحمله إلى غرفة النوم ثم عادا إلي بعد أن أوصدا الباب خلفهما

أنا ! السيدان ارجاءا ال تذهبا يا أيه: بدا وكأنهما يستعدان للمغادرة، عندها قلت لهما !غريب وسوف لن تعرفني عندما تأتي .لقد توفيت زوجته منذ تسعة عشر سنة: حدق الرجالن في بعضهما ثم قال توم

!ماذا؟ متوفاة: همست بتعجبستة أشهر على زواجها، ذهبت بعد مرور: فما بالك بما هو أسوأ؟ ثم أضاف: رد توم

ذات يوم لزيارة والديها، وفي طريق العودة، وتحديدا في مثل هذا المساء، قبض عليها الهنود على مقربة من هذه البلدة، فاختفت منذ ذلك الحين، األمر الذي أفقد

هنري صوابه، فهو يعتقد أنها ال تزال على قيد الحياة ومع مجيء شهر حزيران من تراوده ذكراها ويظن أنها ما تزال مسافرة إلى بيت والديها، فيعمد كل عام،

نأتي لزيارته في هذا الوقت من كل عام، فيخرج تلك الرسالة القديمة . النتظارهاوفي مثل هذا المساء، حيث يفترض أنها ستعود إلى البيت، نضع في . ويقرؤها لنا

تى يكون على ما يرام إلى أن شرابه بعض المنوم ، وما إن تطلع عليه شمس الغد ح .يحل العام القادم

لقد اعتدنا فعل هذا منذ تسعة : قال جو وهو يرفع قبعته وقيثارته من على الطاولةكنا في السنة األولى سبع وعشرون وها نحن اليوم اثنان : عشر سنة خلت، ثم أضاف

.ثم فتح باب البيت واختفى مع توم في ظالم ستانيسالو الحالك. ال غير

:سنة الحياة .جاك لندن: قصة

افترش الهندي العجوز الثلج وجلس وحيدا عاجزا عن فعل أي شيء بعد أن ألقى

الكبر بغمامة سوداء على عينيه حجبت عنهما ضوء الحياة، فلم يبقى له سوى أذنان هاكذا أصبح كاسكوش الذي كان في سالف . واعيتان كل الوعي تجاه ما يحيط به

.م عميد قومهاأليامشغولة عن أبيها بترويض الكالب لجر عربات الإنه صوت ابنته ستكمتها . بلى

.الثلج، وأنى لها أن تتذكره، فالحي أبقى من الميت

بالهالك جوعا، لذا أصبح لزاما على رجالها البحث عن أراض القبيلة مهددة كانت جديدة للصيد، وليس لديهم وقت كي يضيعوه، فها هي أيام الشمال الدفيءة وقد مرت

سريعا، وها هي خيمة ولي عهد كاسكوش في قومه وقد سقطت بفعل تكسر الجلود .التي كانت تكسوها لتنبئه أن ساعة الرحيل قد أزفت

طويلة وشاقة في الثلوج، لكنه لم اسكوش يعرف ان قومه في طريقهم إلى رحلة كان كيكن ليعرف ما إذا ستكون رحلته هي األخرى طويلة، شاقة، أم قصيرة، سهلة، كل ما كان يعرفه هو أنه مقبل على رحلة ستنقضي من جلوس، رحلة باتجاه مصير محتوم

.أال وهو الموتطرق سمعه صوت ولده وهو يحث نساء القبيلة على التعجيل في في هذه األثناء،

إنجاز أعمالهن، فما كان منه إال أن أرهف السمع لذلك الصوت الموقن أنه غير .سامعه البتة

.فجأة تناها إلى سمعه صوت طفل يبكي، وأم تهمهم بصوت عذب لتهدئته

فل أتى عليه المرض ولسوف ط; إنه كوتي: قال كاسكوش وقد غرق في تفكير عميقيموت حتما، عند إذ سيحفرون له في الصخور الجليدية قبرا يخفوا فيه جثته الصغيرة

فإنه لو حصل وبقي على قيد الحياة، فاألمر ال يعدو كونه ! عن عيون الذئاب، وليكنبضع سنوات تنتهي بالموت، الموت الذي ينتظر الواحد منا أيما إنتظار بمعدة ما

.ت مرة معنى اإلكتفاءعرفهذا يربط الكالب ; عاد من شروده ليصغي ألصوات الرجال وهم مشغولون عنه

تلك الكالب . بالعربات بحبال متينة، وهذا يلهب ظهورهم بسوطه إيذانا بالرحيلمما العنيدة الكسولة التي ما أحبت يوما العمل ما انفكت تنبح بنبرةتذمر مألت المكان

.تعاض كاسكوشأثار ام

بعد قليل، بدأت العربات بالمسير ال شيء تاركة وراءها سوى رجل عجوز أعمى ال يقوى على الحراك وليس له إال أن يقضي ما تبقى من حياته دون ما أنيس، اللهم

.إال بضع أعواد توقد نارا أشبه ما تكون بصاحبها

شة الصمت، ولكن ماذا هناك؟ سرعان ما توارت تلك األصوات عن أذنيه خلف وحإنها قطعة ثلج تتكسر تحت قدمي شخص ما، ذلك الشخص كان ابن كاسكوش الذي

.وقف قريبا من والده ممسدا رأسه بيديه،كان أمرا طيبا بالنسبة له أن يأتي ولده فيودعه، ساعتها تذكر رجاال كانوا في سنه

.تركهم أوالدهم حتى دون أن يودعوهم

أبتي، هل : ولم ينتبه حتى سأله ولدهالسحيق بحر كاسكوش بذاكرته في الماضي أ كل شيء على ما يرام؟

.أجل كل شيء على ما يرام يا ولدي: أجاب كاسكوشيوجد خشب إلى جانبك، وها هي نارك ما تزال عامرة، والصبح لما : قال االبن

وت تساقط الثلوج؟ سوف تثلج لقد عاد الثلج ليلف المكان مجددا، أتسمع ص... ينبلجسأذهب اآلن أللحق بالرجال فقد أخذوا ... عما قريب، والحق أنها بدأت تثلج

يسرعون، مساكين لم يأكلوا منذ مدة ولم يبقى لهم الكثير من الوقت، فاألمتعة ثقيلة واآلن، هل كل شيء على ما يرام يا أبتي؟... والمسافة طويلة

بلى كل شيء على ما يرام، فكما ترى: بالحزن رد كاسكوش بلهجة ساخرة مشوبةني وقد كبرتأصبحت كورقة في غصن شجرة آيلة للسقوط تنتظر أول نسمة إ; يا بني

لتهب فتسقطها، كل شيء على ما يرام وقد أصبحت عاجزا حتى عن الكالم وحتى لذي ما عيناي أصبحتا عاجزتين عن أن ترياني ما تحت قدمي، رغم كل هذا والعيا ا

.بارح جسدي، فإن كل شيء على ما يرام

أطرق برأسه مصغيا إلى صوت الثلج المتساقط وهو يمتزج بصوت خطى ولده المتسارعة محدثا نفسه كيف إن النار ستأكل أعواده الواحد تلو اآلخر، وكيف

سيقترب الموت منه خطوة مع كل عود يحترق، وكيف ستتسلل البرودة إلى جسمه العود األخير، عندها ستتجمد قدماه ثم يداه ثم ينتهي به األمر إلى احتراقلحظة ببطء

.أن يتجمد بكامله، ساعتها سيشعر بالراحة األبديةإذ ذاك أحس بشيء من الحزن سرعان ما تغلب عليه معزيا نفسه أن كل حي ال بد أن

من الطبيعة يموت ذات يوم، حينها استجمع ما تبقى من قوى رجل عاش قريبا ويعرف جيدا أن قانونها ال يرحم الضعفاء، رجل يؤمن أن التأريخ البشري برمته ال

حل حتى إذايعدو كونه ورقة تبدأ خضراء طرية ناعمة الملمس كبشرة الوليد، .ثم استقبلت األرض مهشمة تصفر وا تجف ،الخريف

أيام كان عزيز قومه الذين ; سحب عودا وألقاه في النار وعاد ليسترجع ماضيه

مرت بهم أياما عاشوا فيها بمنتهى الرخاء، أيام كانوا يحجمون عن ذبح حيواناتهم التي كانت تنفق من شدة التخمة، تلك األيام التي لم تبخل فيهن نساؤهم بكثير األوالد

واألحفاد سرعان ما انقضت، فلقد تلتهن سبع سنوات عجاف ضاقت فيهن األرض بما .بت، وشحت البحار بما في بطونهارح

نه خرج ذات يوم للعب قرب النهر مع صديقه زنكها الذي قتل في ما أتذكر كيف ثمبعد في نهر اليوكان، وكيف أنهما رأيا آثار أقدام كبيرة تبعاها فأرشدتهما إلى أيل

.عجوز يسير وراء قطيع ذئابمتعبا، انظر كيف تخلف عن انظر إنه ال يستطيع اللحاق بهم، يبدو : قال زنكها

.القطيعولكن هيهات أن تترك الذئاب صيدا سهال كهذا، وبالفعل فقد تالقفوه هذا يعضه في

.أنفه وهذا في ساقه حتى أثخنوه جراحا، غير أنه قاوم ولم يتوقف عن اللحاق بهم

أخذا يتبعان أخذ قلبيهما يخفقان بسرعة، لكن المنظر كان جديرا بالمشاهدة، لذا .تلك الخطى التي كانت لكل واحدة منهن قصة

وقف األيل ليقاتل في مكان تراكم فوقه الجليد لعدة أقدام واضعا أحد الذئاب بين أرجله وأخذ يرفسه حتى الموت ثم ألقى به بعيدا، بعدها حاول أن يحتمي فوق تل عال بيد أن

نزل فسحق ذئبين آخرين، ولكن نهايته الذئاب آلت إال أن تهاجمه من خلفه، فكان أن .باتت وشيكة

لمحهما تركة وقد حبسا أنفاسهما مخافة أن اقترب كاسكوش وزنكها من ساحة المع .الذئاب، حينها رأيا ما آل إليه أمر ذلك األيل الشجاع

لقد رافق ذلك المنظر كاسكوش طوال حياته حتى أنه أصبح هاجسا يقض

ك، ما انفك يفكر كيف سينتهي به المطاف في بيئة ليس مضجعه، ومن يوم ذا .للضعيف فيها مكان

وفي تلك األثناء، بدأت النار تخفت شيئا فشيئا، وشيئا فشيئا، بدأ البرد يتسلل إلى .جسمه، فسحب عودان آخران وألقاهما في النار التي أصبحت تمثل له كل شيء

صوت الذي يحدثه الخشب؟ أبدا لم يكن راوده شعور قاتل بالوحشة، ولكن ما هذا التجمد الدم في عروقه عندما أدرك أنه صوت . الخشب، احتراقذلك الصوت بفعل

.ذئب

إلى ذاكرته صورة األيل الذي قطعته الذئاب إربا، ولون ومالمشؤأعاد ذلك العواء .دمه األحمر القان الذي طغى على لون الثلج األبيض

لتي تناثرت قطعا رمادية هنا وهناك ومنظر الذئاب التي هاجمت تذكر منظر العظام اسال أفواهت رطبة من مسرعة وأعين المعة وأسنان حادة وألسن تدل بخطىفريستها

.لعابها جوعا، وتذكر كيف التفوا حوله مشكلين حلقة سرعان ما ضاقت

روحه إلى عنان السماء مس وجهه، قفزتفجأة، أحس كاسكوش أن شيئا رطبا يال عندما أدرك أن ذلك الشيء كان أنف ذئب، وبال شعور، مد يده إلى النار فسحب عودا

الذئب وأطلق صيحة ما استدارمشتعال ورفعه بوجه الذئب، ولكن دون جدوى، فقد إن سمعها رفاقه حتى أسرعوا نحوه ملبين دعوته بعواء ملئ الحناجر وجوع ملئ

.البطون

العجوز بسمعه إلى الذئاب وهي تلتف حوله وحول ناره التي بدأت تنطفئ، أصاخفلوح في وجوههم بعوده، بيد أنهم لم يبتعدوا، فدنا أحدهم منه كما لو أنه أراد تذوق

.فريسته

ذئب في البرية لم يأتي يق حول كاسكوش الذي ظن أن لم يبق أخذت الحلقة تض فعل . أنطفأمه، أنزل عوده إلى األرض حيث إلى وليمته، وفي إشارة الستسال

لماذا يجب أن أقاوم؟ وما هذا التشبث الرهيب بالحياة؟: كاسكوش هذا متسائال أعادت دائرة الذئاب التي ما زالت تضيق وتضيق إلى ذاكرته صورة األيل العجوز

ه وكأن الذي كافح من أجل البقاء بكل ما أوتي من قوة، فدس رأسه يائسا بين ركبتي أليست هذه سنة الحياة؟؟؟: لسان حاله يقول

:الجند يعود عندما .جارالند هاملين: قصة

فهم. وسكانسن والية باتجاه طريقه يشق القطار يشاهدون وهم الصعداء الثالثة الجنود تنفس

.شمالها إلى جنوبها من البالد فيها قطعوا شاقة رحلة إنهاء وشك على بالجندية تذكره المصابة فقدمه الثاني أما كبيرة، حمراء ندبة جبينه توجت وقد عائدا األول كان المنتفختان البيضاوان فعيناه حاال، رفيقيه من بأحسن فليس الثالث وأما بالمسير، هم ما كل

.بالمالريى إصابته تفضحان

والبرد هذا لهم أنى ولكن ، بطانياتهم والتحفوا القطار مقاعد الثالثة افترش للنوم، محاولة وفي .صيفا الفصل كون رغم الليلة تلك على بظالله يلقي

القيام عن وعجزه مرضه تذكر عندما به ألمت التي والحمى البرد وطأة تحت سمث ارتعش .للبيت عودته حال منها مفر ال التي الشاقة الفالحة بأعمال

من القليل سوى له تبقي لم أنها وكيف سنين ثالث عمره من بالده منح أنه كيف ساعتها تذكر .الحال بهذا وهو األيام قادم في أسرته رعاية على تعينه علها والقوة المال

أخذ بينما الفضاء، في الذهبي شعرها من بخصالت لتلقي الصباح شمس جاءت متثاقلة

سينزل حيث الكروس بلدة إلى وشيك وصول عن معلنا اآلخر هو مسيره في يتثاقل القطار .الثالثة الجنود بحلول البيت إلى سأصل: يبتسم وهو نفسه في سمث قال. األحد هو اليوم ألن خالية المحطة كانت

.األحد أيام الظهر بعد الواحدة حوالي الغداء تناول زوجتي اعتادت لقد حسنا، الظهيرة،

تلو األميال سويا قطعنا الذين نحن شباب، يا حسنا : بالكالم سمث بدأ القطار، من الثالثة قفز أكمل على مهمتنا أتممنا أننا القول أستطيع هنا، ها أن نودع بعضنا السماء إرادة جرت األميال،

.وجه نتركك ال أن يجب: سمث مخاطبا قال أحدهم أن إال رفيقيه، وجه في النظر على أحدهم يجرؤ لم

تحمل وأنت خصوصا بمفردك المسافة هذه كل قطع تستطيع لن فأنت البيت، إلى نوصلك حتى .الثقيلة الحقيبة هذه أكثر منزلي من أقترب فأنا بخير، أنا تقلق، ال: رأسه على العسكرية قبعته يضع وهو سمث رد .والتوفيق السالمة لبعضهم متمنين الجميع تصافح ثم. خطوة كل مع

التحية فباداله بقبعته، ملوحا نحوهما استدار قليل وبعد يبتعد، وهو رفيقيه عن بوجهه أشاح .ثابتة عسكرية بخطى بعيدا بالمسير يبتدئا أن قبل

عايشوها التي المعارك أيام تذكر مخيلته، تبرح لم السالح رفاق مع وذكرياته المسير عاود صدره في برصاصة أصيب لقد المسكين، تريب، بيلي صديقه أيضا تذكر كما ومرها، بحلوها زالتا ما اللتان الشابة وزوجته أمه على مأساته يقص أن عليه يتعين أنه تذكر بحياته، أودت

صوت أن سوى مناسبات هكذا مثل في ليقال الكثير ثمة ليس ولكن الصبر، بفارغ تنتظرانه. السطر على ونقطة قتيال وجهه على يسقط أن قبل بالصراخ بلي فأخذ الهواء، في دوى رصاصة

لحظة عاشه الذي الرعب لتنسيه تكن لم اليوم ذلك منذ بها اشترك التي المعارك كل أن والحق .بلي موت

فلم لعينيه، مألوفة أصبحت والمنازل الحقول كون فأكثر، أكثر منزله من يقترب بأنه أدرك .الحارقة الظهيرة بشمس عابئ غير األخير التل تسلق من بدا يجد

بمنحه كفيلة نظرة الجميل، الوادي في القابعة مزرعته على نظرة وألقى التل قمة إلى وصل .األسري بالدفء شعورا

ذات ميري وهم الثالثة أطفالها مع المزرعة في تعيش وزوجته بالجندية، سمث التحق منذ

.الكثير الرابعة دخوله على يمضي لم الذي تادي والصغير سنوات الست ذو وتومي سنوات التسع صياح بفعل يستمر أن له يكتب لم حلمها أن إال بزوجها، تحلم سمث السيدة كانت الصباح، هذا في

.إلطعامهن وخرجت ثيابها وارتدت سريرها من نهضت أن إال منها يكن فلم دجاجاتها، ولكن وتكرارا، مرارا ترتيبه إعادة فحاولت الدجاج، بيت من القريب السياج تحطم الحظت عندها زوجها غياب عند بالمزرعة باالعتناء تعهد الذي فالمزارع تبكي، وأخذت فجلست جدوى، دون

لم ثم األولى،، السنة في الحنطة من محصولها شاركها فقد محتال، كسول رجل سوى يكن لم بها حدا مما تقريبا المحصول كامل على االستحواذ إلى األخرى السنة في فعمد بذلك، يكتفي

.ويبيعها الحنطة هذه يحصد رجل هو تحتاجه ما فكل بالحنطة، مليء والحقل اآلن، أما لطرده،

يعودون بدؤوا الجميع أن بيد قريبا، سيعود أنه ونصف شهر قبل تلقتها برسالة زوجها أخبرها التل أسفل إلى المؤدي الطريق مراقبة على تدأب جعلها مما بعد يأتي لم زوجها إال منازلهم إلى

.يوميا البعيد إلى االشتياق ودوار القاتل االنتظار بملل الممتزجة الوحدة رياح بها عصفت أن بعد

بسرعة ثيابهم األطفال وألبست الداخل إلى مهرولة وأسرعت قدميها على واقفة انتصبت القريب، .غري ميري السيدة جارتها مزرعة إلى متجهة الشارع إلى ونزلت بعناية الباب وأغلقت البرق

إنها كما حسناوات،وبنات أشداءأوالد من تتألف كبيرة لعائلة وأما أرملة غري السيدة كانت

مزرعتها أتى طعام طالب ردت ما أنها عنها فالمعروف فقرها، من الرغم على بالكرم اتصفت الدوام على المزاج رائقة وهي وجهها البسمة تفارق وال عملها في جادة سيدة قط،

تفضلي: تقول وهي الستقبالهم خرجت حتى قادمين وأطفالها جارتها غري السيدة رأت إن ما .الغداء تناول وشك على فنحن بالدخول، تفضلي! رجاءا سمث، سيدة بالدخول

وبناتها غري السيدة وأبناء ال كيف الضجيج، يسوده كان الذي المنزل إلى سمث السيدة دخلت اندمجت حتى لحظات بضع إال تمضي ولم واحد، آن في جميعا ويتضاحكون يتحدثون كانوا

.اآلخرين مع والغناء بالضحك سمث السيدة

والخبز التفاح وفطائر الطازجة والذرى بالبطاطس الطويلة المطبخ طاولة امتألت سريعا .التخمة حد إلى الجميع فأكل ، والعسل بالزبد والخبز والمخلالت الحار بنات إحدى قالت ذاك إذ شايهما، تحتسيان بقيتا اللتين السيدتين إال الطاولة الجميع غادر بعدها !مستقبلنا عن أخبرينا فناجيننا، لنا اقرئي! أمي أرجوكي: ألمها غري السيدة

ارتسمت وقد فيه النظر أمعنت ثم الشمال، وذات اليمين ذات وحركته ابنتها فنجان األم التقطت .حمراء لحية ذو وسيم رجل طريقك في أرى: تقول وهي الجدية عالمات وجهها على

.الهستيري والصراخ بالضحك البنت انفجرت حتى األم فم من تخرج الكلمات هذه تكد لم

على يحمل ما شخص : بهدوء غري السيدة قالت دورها، جاء عندما سمث السيدة ارتبكت .الوصول وشك على وهو إليك، قادم بندقية ظهره جهة إلى وتشير تصيح وهي قائلة غري السيدة استطردت عندها بسرعة، يخفق بقلبها أحست

!هو ذاك: الطريق

ويحمل زرقاء بزة يرتدي رجل المفاجأة، وكانت هناك، ماذا ليشاهدوا الباب نحو الجميع هرع

.سمث السيدة مزرعة إلى المؤدي الطريق في يسير ظهره على كبيرة وحقيبة بندقية باسمه إياه منادية القادم الجندي خلف مهرولة المنزل من تخرج وطفقت وأطفالها قبعتها أمسكت

التي السعادة بعبرات المختنق صوتها يصله أن من أبعد كان أنه بيد وراءها أطفالها تجر وهي .العنان لدموعها تطلق أن سوى أمامها تجد لم والتي حاصرتها

إلى ينظر الذهن شارد السياج قرب واقفا زوجها رأت حتى المزرعة أقدامها وطأت إن ما

.الصفراء بالحنطة المليء والحقل الصغير البيت إلى تتجه المزرعة وأبقار التالل من الغربي الجانب تنير فالشمس عصرا، عندها الوقت كان

.أجراسها رنين وقع على الحظيرة المعارك عن الحبيبة مزرعتي تفصلك مسافة من ويالها! الهدوء هذا يال: نفسه في قال

هذه طوال عنك بعيدا العيش تحمل استطعت كيف أدري ال! والقتلى والجرحى والمستشفيات !األليمة السنوات

غياب، طول بعد نحب من نلتقي عندما فينا يدبان اللذان والضعف البكاء رعشة تأثير تحت

لتلتقي فجأة فاستدار بها، أحس أنه غير صوتا، قدماها تصدر أن دون حتى زوجها جهة هرولت .يعيش أن له كتب ما اللحظات تلك في وجهها ينسى لن! إما إما، يناديها فأخذ عيناهما،

من وأخرج رآهم عندما انحنى. الغريب هذا تقبل أمهم يشاهدون وهم مذهولين األطفال تسمر .كبيرة حمراء تفاحات ثالث حقيبته الصغير بيتها األسرة دخلت ثم أبيهم، أحضان بين الثالثة األطفال كان ثوان، بضع وبعد

.مسرورة

على الفضي بضوئه يلقي القمر كان. زوجته مع سمث خرج العشاء، تناول وبعد الليلة تلك في تغني الليل طيور كانت بينما السماء تمأل الطمأنينة على الباعثة الجميلة والنجوم الشرقية التالل .الهواء في تحلق الصغيرة والحشرات بهدوء

الشاب ذلك يعد لم وأنه مالبس إلى يحتاجون وأطفاله عمل إلى تحتاج مزرعته أن سمث فكر بذات المستقبل صعوبات مواجهة على وعزم األفكار هذه كل على قفز ما سرعان أنه إال القوي،

.الحرب ظروف بها واجه التي الشجاعة

هدية عيد الميالد .أو هنري: قصة

بعد جدال طويل وزعت فيه الكثير من ماء وجهها بين بائع الخضار تارة وبائع

اللحم تارة أخرى، جدال تحملت جراءه أن ينظر لها كل من في السوق نظرة شفقة صامتة كونها سيدة فقيرة، استطاعت ديال أن توفر دوالر وسبع وثمانين سنت منها

.ستون سنتا على شكل بنساتلمبلغ ثالث مرات، فلم يزدد شيءا، إنه دوالر وسبع وثمانين سنت ال أعادت عد ا

غير، فما العمل والليلة هي ليلة عيد الميالد؟جلست وأخذت تبكي بكاء الواثقة أن حياتها ليست سوى قليل من السعادة وكثير من

األحزان، بعد قليل، مسحت دموعها ووقفت حزينة تنظر من النافذة إلى قطتها دية وهي تمشي قرب سياج الفناء الخلفي الذي لونته الثلوج هو اآلخر باللون الرما

.الرمادي

على توفير المال لهذه المناسبة، ولكن جميع الماضيةطوال الشهور ديال لقد دأبت جهودها باءت بالفشل، فغدا هو عيد الميالد وليس لديها ما يكفي لشراء هدية لزوجها

.بل رائعة واستثنائية تليق به جيم، هدية لطيفة، اللم يكن غالء المعيشة ليحرم عائلة ديلنكهام الصغيرة من قضاء أوقات سعيدة، فقد

الزوجان على اإلنفاق ضمن حدود العشرين دوالرا التي يحصل عليها الزوج اعتاد .أسبوعيا، ال بل ويدخران ما يزيد منها

لة الموضوعة بين نافذتي الغرفة ونظرت فجأة صوب المرئاة الطويديال استدارت

.وهي تنظر إلى وجهها الشاحب انطفأإلى نفسها، فبرق في عينيها وميض سرعان ما لم تفكر طويال قبل أن تطلق سراح شعرها الجميل وتتركه ينساب ما شاء أن ينساب

عمد متمنية لو أن بلقيس حية ترزق وأنها تسكن معهم في ذات العمارة، ساعة إذ ستتديال تجفيف شعرها عبر النافذة، ال لشيء، فقط لكي تبرهن للدنيا بأسرها أن صاحبت

.هذا الشعر تمتلك ما تفوق قيمته قيمة جميع جواهر الملكةالبني المتدفق كالشالل والذي نزل دون مستوى ركبتيها مع ثوبها هاتعانق شعر

سرعان ما قطعت على هااألبيض ليرسما سويا لوحة لم تخطر على بال بشر، ولكننفسها ذلك المشهد الجميل، فلقد قدحت في رأسها فكرة ذرفت من أجل تنفيذها حرى

.الدموع

شدت شعرها وارتدت معطفها وقبعتها البنية القديمة، وبحركة رشيقة، وجدت محالت مدام : نفسها تسير في الشارع، حتى إذا وصلت إلى الفتة مكتوب عليها

ع أنواع الشعر، تسابقت قدماها، فاندفعت داخل المحل مقطوعة سفروني لجمي .األنفاس

هل تشترين شعري؟: سألت ديال

.ولنرى قبعتك نعم أشتري، ارفعي : أجابت صاحبة المحلقالت صاحبة المحل وهي ترفع . رفعت ديال قبعتها، فتدفق شالل الشعر البني الجميل

.ن دوالرا عشرو: من شعر زبونتها بيد متمرسة تخصال .حسنا، أعطني المبلغ بسرعة: ردت ديال

البرق وهي تبحث بسرعةلم تدخر ديال جهدا خالل الساعتين التاليتين اللتان مرتا

في المتاجر عن هدية لزوجها، وأخيرا وجدت ضالتها، فهذه السلسلة الفضية الجميلة .ساعته الذهبيةكما لو أنها صنعت من أجل جيم، ثم أنها تناسب الفاخرة

سارعت إلى دفع الواحد والعشرون دوالرا ثمن السلسلة إلى صاحب المتجر، ثم .الهدية والسبع وثمانين سنتا المتبقية برفقةعادت إلى شقتها

بدأت حال وصولها بتصفيف ما تبقى من شعرها الذي أفلست منه بدافع حبها

تحيلة، لكن استطاعت ديال في أقل من لزوجها، وإن كانت مهمة لملمة الحطام شبه مس .شعرها تساعة أن تتوج رأسها بما تبقى لها من خصال

إذا لم : ميذ وهي تحدث نفسها قائلة تالاله ووجكأمعنت النظر إلى وجهها الذي بدا ي أفعل بدوالر نيقتلني جيم، فإنه حتما سيشبهني بمغنيات الكنيسة، ولكن ماذا عسا

وسبع وثمانين سنتا؟

في تمام السابعة مساءا، جهزت القهوة وتهيأت لطهي طعام العشاء، لكن جيم الذي ما عودها أن يتأخر، تأخر عن موعده هذه المرة، فلم تجد بدا من أن تنتظره قرب

.باب الشقة حاملة معها السلسلة الفضيةأتوسل إليك يا : شحب وجهها وهي تنصت إلى وقع أقدامه، فأخذت تصلي ل قائلة

! اجعلني أبدو في عينيه جميلة كما كنت! رب .لم تكد تكمل صالتها حتى فتح جيم الباب ودخل

والعشرين، رجل نحيف، االثنينكان جيم رجل كل ما فيه ال يتناسب مع سنواته

بدا ناللذاشر مأخذ حتى أعجزه عن تجديد معطفه وقفازيه جاد، وقور، أخذ الفقر منه .عن إعالة أسرة مسئولعليهما القدم، وأنى له هذا؟ وهو على صغر سنه

تسمر عند الباب وانطلقت عيناه تتفحصان ديال بنظرة لم تجد لها تفسيرا، نظرة .ارتعدت لها فرائصها، فهي ليست نظرة تعجب وال خوف وال حتى غضب

غريبة لم تكن بحسبانها، األمر اتبيرعلى وجهه تع ارتسمتظر إليها وقد كان ينلقد ! ال تنظر إلي هكذا! أرجوك! حبيبي جيم: الذي جعلها تندفع نحوه باكية وهي تقول

... شيئاقصصت شعري وبعته ألنني ال أتحمل أن يمر عيد الميالد دون أن أهديك ! ميالد سعيد ودعنا نحتفل هذه الليلة هيا، قلي عيد... صدقني إن شعري ينمو بسرعة

.تدري كم جميلة تلك الهدية التي اشتريتها لك لست

لقد ! ماذا تقولين: ن العملسألها متعجبا مما يسمع وكأن عقله توقف فجأة ع ؟؟؟شعرك قصصت

أال تزال تحبني كما في السابق؟ فأنا لم أزل كما أنا ... نعم لقد قصصته وبعته: أجابت .م أتغير، بشعري أو بدون شعريل

تقولين إن : ثم قال متسائال كما لو كان يبحث عن شيء ما، جال بنظره في الغرفة، قد ذهب؟ شعرك إنها ليلة عيد الميالد يا ... ، فكما قلت لك، إنني بعته وانتهى األمرال تجهد نفسك: ردتقد ! ال ما رحمتنيأقسمت عليك بشعري الذي قصصته من أجلك إ! ارحمني! جيم

؟ هل عزيزيواآلن ماذا تقول يا ... يكون شعري له ثمن لكن حبي لك ال يقدر بثمن أضع طبق اللحم أم ال؟

: أحاطها بذراعيه قبل أن يخرج من معطفه علبة ويضعها على المنضدة وهو يقول مدللتي، يقلل من حبي لك يا المقصوص ل ما كان شعرك ! تخطئي بحقي يا ديالال

.لو فتحت هذه العلبة ألدركت السر وراء صدمتي لكنكانهالت أصابع ديال البريئة على العلبة تمزيقا، ثم صرخت بفرح سرعان ما تحول إلى

مرا أعيت معه زوجها الحيلة بكاءحسرة لم يستطع قلبها الصغير إخفاءها، فبكت ك الشعر الجميل المصنوع من إلقناعها للكف عنه، كيف ال؟ والعلبة تحتوي على مشب

المحار والمرصع بالجواهر والذي يتناسب لونه مع لون شعرها الذي كان شعرها قبل .سويعات

منذ أن رأته ذات يوم في واجهة هاكان ذلك المشبك ذاته الذي رفرف نحوه قلب

لذا الثمن، ظأنه لم يصنع من أجلها كونه باه إحدى المحالت، لكنها كانت تعي جيدا فلم تتمنى ولو لمرة أن تمتلكه، أما اآلن، وقد أصبح بمتناول يدها، فإنها لم تعد تمتلك

.الشعر الذي تشبكه بهال تقلق يا : ضمت المشبك إليها وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة متفائلة وهي تقول

.فإن شعري سريع النمو! جيم

وهي تريه السلسلة الفضية أدركت أن جيم لم يرى هديته بعد، فقفزت بسعادة ... أليست رائعة يا جيم؟ لقد بحثت لك عنها في كل محالت المدينة: البراقة قائلة

أريد أن أرى كيف تبدو ! أعطني ساعتك! هيا... ستنظر إلى ساعتك مئة مرة في اليوم .مع هذه السلسلة

ف رأسه وهو يديه خل كلتاوبدال من أن يعطيها ساعته، استلقى على األريكة واضعا إن لنترك هدايا عيد الميالد جانبا بعض الوقت، لكن إن أردت الحقيقة، ف: يقول مبتسما

لقد بعت ساعتي الذهبية ألحصل على المال ... أمر غاية في المتعة النظر إليها،مجرد واآلن، لما ال تضعين طبق اللحم يا عزيزتي؟... الكافي لكي أشتري لك هذا المشبك

لم يكن بحوزة عائلة ديلنكهام ما هو أثمن من ساعة الزوج الذهبية التي نعم، .ه وجده، وشعر الزوجة الذي هو تاجها كما يعبرونيبأورثها عن

.األلف دوالر أو هنري: قصة

.قال المحامي تولمان بلهجة صارمة. تفضل هذه هي األلف دوالر

ثم قال مجموعة من أوراق الخمسين دوالرا أخذ جيليان الرزمة الصغيرة المؤلفة من عشرة آالف دوالر، لو كان المبلغ: أستدركثم ! استثنائييا له من مبلغ : وهو يبتسم

ألقمت حفال ساهرا يستحيل الليل فيه نهارا لكثرة ما .صغير كهذا سأطلق من األلعاب النارية، ولكن، ما علينا، لن أعدم وسيلة إلنفاق مبلغ

أظن أنك سمعت جيدا وصية عمك وهي تتلى بعد وفاته، ولست :يلمحاما قاطعهإنتبهت إلى كافة تفاصيلها أم ال، ومع هذا، فال بد لي من أن أذكرك أدري ما إذا كنت

مهم للغاية وهو أنك يجب أن تزودنا بتقرير تشرح فيه كيف قمت بصرف بشرط .ال تنفذ وصية عمك تنتهي من ذلك، وإني ال أظنك اسرعان م ,دوالر األلف

.قال بلهجة مهذبة قبل أن ينصرف. يمكنك أن تعتمد علي

العجوز ذهب جيليان إلى النادي باحثا عن شخص اسمه برايسون، أو برايسون رصين، ال كان برايسون هذا شخصا أربعيني السن،. كما يحلو لجيليان أن يناديه

بتنهيدة عميقة وهو مقبال نحوه حتى إستقبلهما إن لمح جيليان . يحب مخالطة اآلخرين .يضع كتابه على المنضدة ويخلع نضارته

.قال جيليان محاوال تلطيف الجو. أريد أن أحكي لك نكتةأستسيغ من األفضل أن تذهب وتحكيها لغيري في صالة البليارد، فأنت تعلم أنني ال

.رد برايسون بلهجة حادة. نكاتكمضحكة نك ألحكيها له، فهي تختلف عن سابقاتها بكثير ألنهاال أجد من هو أفضل م

جيليان وهو قال. من الحكمة في شيئ أن تحكى هكذا في صالة البليارد مبكية، وليسمؤخرا، وقد عدت للتو من مكتب محامي عمي الذي توفي: ثم أضاف. يلف سيجارته

أستطيع أن أفعل بمبلغ ماذا باعتقادك ,علمت أنه أوصى لي بمبلغ ألف دوالر ليس إال كهذا؟

.كنت أظن أن سابتوماس جيليان يمتلك ثروة تربو على النصف مليون دوالر .برايسون وقد بدت عليه عالمات االهتمام أجاب

وهنا تسكب العبرات، تصور، لقد أوصى أن يذهب الجزء. نعم، ما تقوله صحيحالبكتيريا خصص مبلغا كمنحة لمن يقوم باكتشاف فقد! األكبر من ثروته للمايكروبات

األمراض العصوية، أما الجزء اآلخر، فخصصه لبناء مستشفى متخصص بعالجكل من مدبر هذا باإلضافة إلى أنه أوصى بأن يحصل. الناجمة عن هذه البكتيريا

ف فقد أوصى له بأل أما ابن أخيه، تم،االمنزل والساقي على مبلغ عشرة دوالرات وخ .دوالر ال غير

وهل جاء في وصية عمك ذكر لشخص آخر؟أحد نعم، تذكرت، هناك اآلنسة هايدن وهي ربيبة عمي وتعيش معه في منزله، والدها

شاعرية ال إنها إنسانة. أوالئك الذين قذفهم حظهم العاثر في وادي صداقة المرحوم

يةنسيت أن أخبرك أنها ثالث ثالثة في وص. تملك من أمرها شيئنبيذ أتعلم؟ لو كنت أحد هؤالء، الشتريت زجاجتي. تم المهزلةاالعشرة دوالرات والخ

تعاليك واآلن، نحي. بالعشرة دوالرات وأهديت الختم لنادل الحانة وقضي األمر جانبا أيها العجوز وأخبرني، ما الذي أستطيع فعله بمبلغ كهذا؟

.يان أن محدثه يتعمد استفزازهمسح برايسون نضارته وهو يبتسم، إذ ذاك شعر جيلفأنت يا :قال برايسون مبتسما ثم أضاف. أن يفعل الكثير بمبلغ كهذا المرءيستطيع

قالدتها صغيري مثال، أرى من األنسب لك أن تذهب إلى لوتا لورير وتشتري الماسية، أو ما رأيك أن تطير إلى آيداهو وتنزل في إحدى مزارعها،

أناصب األغنام العداء، فإنني أنصحك أن تتلطف وتحط الرحالولما كنت شخصيا .في مزرعة لألغنام

كنت أظن أنك: قال جيليان وهو ينهض من على كرسيه، ثم أضاف! شكرا جزيال أما لقد دبرت فأحسنت، ولكن يا عزيزي،. شخص يمكن االعتماد عليه أيها العجوز

المبلغ؟ ثم ر حول كيفية إنفاقي لهذاعلمت أنني يجب أن أعود فأزود المحامي بتقري .هل نسيت أنني رجل أكره التفصيل في كل شيئ

أن يوصله إلى اتصل طالبا سيارة أجرة وما إن وصلت حتى طلب من سائقها

.مزدحما مدخل مسرح كولمبيا، وبالفعل وصل إلى هناك وكان المكانإحدى لمسرح عندما أخبرتهاكانت اآلنسة لوتا لورير بانتظار دورها على خشبة ا

.مساعداتها أن السيد جيليان باالنتظار .قالت اآلنسة لورير. دعيه يدخل

المسرح، تكلم، ما وراءك؟ قالتإلى لدي من الوقت دقيقتين فقط قبل أن أصعد .مستعجلة جيليان

ال أظن األمر يستغرق دقيقتين، ما رأيك بأن تبيعيني سلسلة مجوهراتك بألف دوالر؟ ومئتيألفين هل تعلم أن ديال ستايسي باعت قالدتها بمبلغ! أمتأكد مما تقول يا هذاالمسرح وتنشغل عنه بأداء إلى قالت ساخرة قبل أن تصعد !دوالر الليلة الماضية

.ادوره

لو : السائق إلى حيث توقفت سيارة األجرة منذ قليل، عاد أدراجه، إذ ذاك سأل ف دوالر، فما عساك تفعل؟حصل وامتلكت مبلغ أل

من أن سأفتح به حانة بالطبع، فأنا أعرف مكانا يمكنني: ودون تردد أجابه السائقأموالك في سأكون مستعدا إلدارة حانتك إذا قررت أن تضع. أغرف المال بكلتى يدي

.وعمثل هكذا مشر .ال شكرا، كنت أسأل فقط

السائق أن يتوقف ثم ترجل من السيارةفي إحدى الشوارع الكبيرة، طلب من

.وخطى صوب بائع أقالم ضرير يفترش الرصيف

جيليان لديك مبلغ ألف دوالر؟ سأل من فضلك، هال أخبرتني ما الذي ستفعله إذا كان .الرجل الضرير

به ودون أن ينبس ببنت شفة، أخرج هذا األخير من جيب معطفه كتابا صغيرا ودفع .صوب جيليان

حسابا مصرفيا كتاب، وإذا به أمام دفتر توفير يفهم منه أن بائع األقالم يمتلكفتح ال .روثمانين دوال ئةمبقيمة ألف وسبع

.أعاد الدفتر إلى صاحبه وخطى عائدا إلى سيارة األجرة .تتجه بنا إلى مكاتب المحاميين تولمان وشارب، فلقد نسيت شيئا ما يمكنك أن

للفضول ما إن وقع نظر المحامي تولمان على جيليان حتى رمقه بنظرة عدوانية

.منها نصيب عذرا على اإلزعاج، ولكن جئت أسأل هل أوصى عمي بشيئ آخر لآلنسة هايدن ما

تم والعشرة دوالرات؟اعدا الخ .شيئكال ال

.قال جيليان قبل أن يطلق لقدميه العنان لتعود به من حيث أتى! شكرا جزيال سيدي

إمرأة هناك، حيث كانت. ركب السيارة ومد السائق بعنوان منزل عمه الراحل المنزل وهي نحيفة تتشح بالسواد ال يظهر من وجهها سوى عينيها تجلس في مكتبة

.هايدنمستغرقة بالكتابة تدعى اآلنسة لتوي من لقد أتيت: قطع عليها جيليان خلوتها وهو يقول مبررا سبب مجيئه المفاجئ

هناك، فكان أن مكتب العجوز تولمان وقد علمت منه أنهم راجعوا بعض المستندات نعم،. تلعثم باحثا عن تعبير قانوني مناسب... عثروا على

عمي في الوصية، يفهم منه أنعثروا على تعديل أو حاشية أو شيئ من هذا القبيل لقد طلب :ثم استطرد وهو يضع المبلغ على الطاولة. أوصى لك بمبلغ ألف دوالر

.تفضلي، ها هي ذي األمانة. مني تولمان أن أوصله لك !إلهييا ! أوه: بدا عليها االرتباك وهي تكرر

تعرفينال شك أنك : أشاح بوجهه عنها ونظر صوب النافذة وهو يقول بصوت خافت .أنني أحبك

.أنا آسفة: لم تقل وهي ترفع نقودها من على الطاولة سوى .أنا آسفة: أليس ثمة فائدة؟ فجاءه ردها كما في كل مرة: سألها بشيئ من الدعابة

هل أستطيع أن أكتب شيئا ما؟ .دفعت له بورقة وقلم ثم عادت لتغرق نفسها بالكتابة مجددا

: قائال مقتضبا يشرح فيه كيف قام بصرف األلف دوالر هنالك كتب جيليان تقريرا على شرف سعادة أبدية ألزمت السماء بها نفسها ذات يوم، أضع أنا]

ثم وضع. [روبرت جيليان مبلغ ألف دوالر تحت تصرف اإلنسانة األقرب إلى قلبي .التقرير في مظروف وانحنى مودعا اآلنسة هايدن

دخل ة أمام مكتب المحاميين تولمان وشارب، وما إنمرة أخرى، توقفت السيار جئتك بتقرير لقد صرفت المبلغ يا سيد تولمان وها أنا ذا: جيليان حتى صاح مبتهجا .الطاولة قال هذا وهو يرمي بمظروف أبيض على. بهذا الخصوص كما اتفقنا

ودون أن يلمس المظروف، اتجه السيد تولمان صوب أحد األبواب ونادى على وبعد قليل،. شريكه السيد شارب وانطلقا يبحثان عن شيئ ما في خزانة كبيرة

يهزان استخرجا من تلك الخزانة مظروف كبير مقفل بالشمع، حتى إذا فتحاه أخذا .رأسيهما وهما يقرأان محتواه

يوجد ملحق لوصية: ساعة إذ، كسر تولمان حاجز الصمت الذي لف المكان بالقولتزودنا ن، ولقد وصلنا بصفة شخصية مع التوجيه بأن ال يفتح حتىعمك يا سيد جيليا

وقد واآلن،. بتقرير تشرح فيه كيف تصرفت بالمبلغ الذي نصت عليه الوصيةفي حال :استوفيت بالشروط، فلقد اطلعنا على ذلك الملحق وسوف أقرأ عليك فحواه

المال، بعبارة من تحليت بالمؤهالت الموجبة للمثوبة، فإنك سوف تحصل على الكثيرفستستلم خمسين ألف أخرى، إذا تصرفت بالمبلغ المذكور بعقالنية وحكمة وإيثار،

كما تعودت أن تفعل في دوالر، أما إذا قمت بتبذير المبلغ على نحو غير مسؤولحصة اآلنسة مريم هايدن السابق، فإن الخمسين ألف دوالر ستكون على الفور من

سأقوم والسيد شارب بدراسة هذا ما اآلن يا سيد جيليان،أ. ربيبة الراحل جيليان .التقرير

ما كاد السيد تولمان يصل إلى المظروف حتى أسرع إليه جيليان والتقطه ومزقهفال أنفسكم، حسنا يا سادة، ال داعي ألن تزعجوا: ووضعه في جيبه وهو يقول مبتسما

سرت األلفعلى العموم، لقد خ .أظنكم ستفهمون هذه التفاصيل .دوالر في سباق للخيل، طاب نهاركم

كان يصفر مسرورا الذي أومأ المحاميان برأسيهما بحزن عندما انصرف جيليان .وهو واقف في رواق البناية ينتظر المصعد

SShhoorrtt SSttoorryy CCoolllleeccttiioonn

TTThhheee LLLaaadddyyy ooofff FFFooouuurrr LLLeeetttttteeerrrsss

)Part One(

Translated by Mr. Amar Alhamid

Revision and supervision Mr. Loway Al_Sadwy