جامعـة ابـن خلـدون تيـارت - tlemcendspace.univ-tlemcen.dz › bitstream ›...

609
ﺟـ ﺎﻣﻌـﺔ ﺃﺑﻮ ﺑﻜ ـ ﺑﻠﻘﺎﻳــﺪ ﺗﻠﻤﺴـﺎﻥ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﳋﺎﺹ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟ ﺪﻛﺘ ـﻮﺭﺍﻩ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﳋﺎﺹ . . ﺑﻮﻋﺰﺓ ﺩﻳﺪﻥ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻤﺴﺎﻥ ﺭﺋﻴﺴﺎ. . ﺗﺸﻮﺍﺭ ﺟﻴﻼﱄ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻤﺴﺎﻥ ﻣﻘﺮﺭﺍ. . ﻣﺮﻭﺍﻥ ﳏﻤﺪ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻭﻫﺮﺍﻥ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ. . ﺑﻮﺳﻨﺪﺓ ﻋﺒﺎﺱ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﺎﻣﻌﺔ ﺳﻴﺪﻱ ﺑﻠﻌﺒﺎﺱ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ ﺍﻟﺴﻨـﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴــﺔ: 2012 / 2013

Upload: others

Post on 28-May-2020

13 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  • بلقايــد ر ـبكأبوامعـة جـتلمسـان

    كلية احلقوق والعلوم السياسيةقسم القانون اخلاص

    ـوراه يف القانون اخلاصدكتالدرجةرسالة للحصول على

    رئيسا تلمسانجامعةالتعليم العايلأستاذ بوعزة ديدن.د.أمقررا تلمسانجامعةالتعليم العايلأستاذ تشوار جياليل.د.أمناقشاوهرانجامعةالتعليم العايلأستاذ مروان حممد.د.أمناقشاسيدي بلعباسامعةجالتعليم العايلأستاذ بوسندة عباس.د.أ

    م2012/2013:السنـة الجامعيــة

  • داءـاإله

    رب أوزعين أن أشكر نعمتك اليت أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صاحلاً ترضاه وأدخلين ﴿﴾برمحتك يف عبادك الصاحلني

    .19:سورة النمل، اآلية

    .إىل األم احلنون اليت أمدتين من نور قلبها وغزير فيضها عطفاً وحناناً

    .الذي طعم عقلي بالعلم واإلميان، وتفاىن يف تغذية جسمي باحلاللإىل األب الكرمي

    إىل اإلخوة واألخوات ومجيع أفراد أسريت، وثّق اهللا رباطها وأدامها بنيانا مرصوصاً، جسدا واحداً إذا .اشتكى منه عضو تداعى له سائر األعضاء بالسهر واحلمى

    إىل الزوجة الكرمية

    رفقاء الدرب، الذين سامهوا يف إمتام هذا البحث، سواء جبهودهم إىل مجيع األحبة واألصدقاء و.املباركة، أو برأيهم السديد، أو بدعوام اخلالصة

    إىل هؤالء الذين أهتدي م يف ظلمات الرب والبحر أهدي هذا العمل

  • ديرـر وتقـشك

    ه على عظيم نعمه وجليـل ال يسعين بعد إمتام هذا البحث إال أن أمحد اهللا تبارك وتعاىل، وأشكر منته، فهو مبدأ احلمد ومنتهاه ال أحصي ثناء عليه هو كما أثىن على نفسه، حباين بنعمة طلب العلم

    .وسهل يل طريقهويسرين أن أتقدم جبزيل الشكر واالمتنان، عرفانا باجلميل إىل أستاذي الدكتور تـشوار جـياليل

    اإلشراف على هذه الرسالة رغم مشاغله الكثرية، فلـم لقبوله ) عميد كلية احلقوق جامعة تلمسان (.يبخل علي بعلمه ووقته

    »اللهم جازه بأحسن مما جازيت به عبادك الصاحلني«وال ميكنين بعد رد الفضل هللا إال أن أرده على مجيع األشخاص الذين قدموا يل يـد املـساعدة

    وهران، كما أشكر اهليئات اليت مكنتين من ومجيع أساتذة الطب يف جامعة ) الدكتور وردياين توفيق (.إعداد هذا البحث

  • املختصراتأهم قائمة . الصفحة.ص

    Art. ou art. Article.Chr. Chromique.D. Dalloz.Doc. doctrine.éd. Edition.G. P. La Gazette du palais.IDHL. International. Digest of Health Legislation.J.O. Journal Officiel.N°. Numéro.Op. cit. Ouvrage précité.P. Page (s).Rev. Crit. Reuve critique de législation et de jurisprudence.Rev. Int. De polRev. Trim. dr. civ. Revue trimestrielle de droit civil.Sub. Subseec.T. Tome.Trib. ou trib. Tribunal.

  • ةــدمـقـم

  • مقدمـة

    1

    لقد ترتب على التطورات العلمية آثاراً بالغة األمهية يف نواحي احلياة املختلفة، ويصدق القول على الفترة اليت أعقبت الثورة الصناعية يف العامل الغربـي ولكنها أكثر صدقاً على املرحلة اليت شهدها

    ل التقنيات احلديثة، فتوسعت املنتصف الثاين من القرن العشرين، حيث شهدت طفرة هائلة يف جما. معارف اإلنسان واكتشافاته يف حل ألغاز الكون وأسراره وقوانينه ما أتاح جمال االختيار واحلرية أمامه

    والعربة يف اتساع هذه املعارف ليس بكميتها وإمنا بكيفية توظيفها واستثمارها وتسيري احلياة مع دفع هذا ما دعا إىل إجياد نظام قانوين حيكم سبيل توظيف املكتسبات و.احملاذير يف التعامل مع هذه املعطيات

    وأخطر ااالت اليت اكتسحها اإلنسان وأخضعها . يف القوانني ووضع الضوابط وإخضاعها ملنهج سليملبحثه وجتاربه ما تعلق منها بالكيان اجلسدي اإلنساين بوصفه مركز التنظيم االجتماعي وغايته، وحمل

    ستحق العناية بالبحث والتأصيل فيما أسفر عنه التقدم العلمي يف جمال الطب احلديث ضيقاً القضايا اليت ت.واتساعاً يف نطاق محاية اجلسم البشري

    ولقد كان اجلسم البشري حمل اهتمام النظم القانونية والدينية بوجهات خمتلفة ومتفاوتة، ذلك أن خالله اجلسم البشري محاية تذكر أو على نطاق اتمع املنظم قبل نشأته وظهور القوانني مل يعرف

    من القوة والسلب والقتل والتنكيل وسيلة لتنفيذ 1ضيق، حيث اختذت اتمعات البشرية البدائيةالذي " حق اإلنسان يف سالمة جسمه" وبعد حقبة من الزمن ظهر مبدأ . أغراضها انتقاما فرديا أو مجاعياً

    وهو أمر يواكب احلماية اجلنائية للوجود اإلنساين حبسبان أن هذه يعترب من أهم األمور يف كل نظاممعصومية اجلسد، احلصانة اجلسدية املطلقة اليت "احلماية مظهر من مظاهر املدنية، تنضوي يف إطار فكرة

    ". تستغرقه حال حياته وبعد فنائه، وحظر التعامل يف جسم اإلنسان

    فجعلتوتدنياًتشريفااالجتماعيةاملراكزيفواالختالفالتفاوتفكرةفيهاسادتاليتاملرحلةيفتذكرحبمايةحيظىالبشرياجلسميكنمل-1قابلةكالسلعةكانواالقدميةاملصريةاحلضارةففيالعبيدأماكاجللد،العقوباتعليهتشددحيثالفالحنيطبقةوباخلصوصلقيودخيضعاجلسم.ص،1999،مصر،اجلامعيةاملطبوعاتدارواالجتماعية،القانونيةالنظمتاريخحسن،إبراهيمأمحد. متدينمركزهمأنباعتباروالشراء،للبيع

    239 .علىبضالقإلقاءلهاحملكومللدائنجيوزفكان. املدينجسمعلىبالتنفيذلصاحلهاحلكملهصدرملنعشراإلثنااأللواحقانونومسح

    عنه،للدفعشخصأيتقدمعدمحالةويف. بهاحملكوماملبلغبيانمعباألغاللموثقاًالسوقإىلمراتثالثواصطحابهيوماستونملدةاملدينتاريخالعبودي،عباس. الدائننيبقيةعلىوتقسيمهقتلهقياحلقمنهمواحدفلكاالدائنونتعددوإذاواسترقاقه،بيعهأومدينهقتلللدائنجاز

    .180.ص،1989األردن،عمان،والتوزيع،للنشرالثقافةدارمكتبةالقانون،البدنية،والسالمةاحلياةيفاحلقومنهاكبرياًازدهاراًاإلنسانحقوقشهدتاألوىلاإلسالمعصوريفوباألخصالوسطىالعصوريفو

    سألهحني-عنهاهللارضي-طالبأيببنجعفرقال. وبعدهاإلسالمقبلالعربأخبارمنجاءمااجلذريوالتغيرياالزدهارهذالناويصور... أمرنا...رسوالًإلينااهللابعثحىت... الضعيفمناالقوييأكل... جاهليةقومكنا:" قومهمبهفارقواالذيالدينهذاعناحلبشةيفالنجاشي،2003األردن،عمان،الشروق،دار،األوىلالطبعةاألساسية،وحرياتهاإلنسانحقوقيمات،الطعسليمانهاين.". ..والدماءاحملارمعنبالكف

    .52.ص

  • مقدمـة

    2

    األفكار مادة للبحث املتجدد فاقترب اجلسم من ومع تقدم العلوم الطبية جعلت موضوع هذه مشرط اجلراح تتقاذفه أيادي األطباء تارة حتت مقتضيات العالج وتارة أخرى حتت مقتضيات البحث

    ومن أمثلة هذه التدخالت الطبية عمليات نقل األعضاء وزرعها، التلقيح االصطناعي، وتغيري . العلميثث ألغراض جنائية أو علمية، والتجارب على األجنة اجلنس، وعمليات االستنساخ، وتشريح اجل

    وغريها، فاحتار املشرع اجلنائي يف التعامل معها، ذلك أن النظم القانونية يف إطار القواعد ... اهضةفعلى الصعيد القانوين أفل جنم مبدأ احلصانة املطلقة وغدا نسبياً، . التقليدية مل تعد كافية حلماية اجلسم

    ثرت اختيار هذا املوضوع إلجياد نظام قانونـي حيكم هذه التدخالت الطبية احلديثة وألجل ذلك آ. ولوضع إطار يضبطها ويبني أثرها على نطاق احلماية اجلنائية للجسم البشري من غري إفراط وال تفريط

    . ولقد دفعين الختيار هذا املوضوع أسباب ذاتية وموضوعية نأتـي على بياامزية اخلوض يف اجلديد والسعي إليه وهي مسة طالب العلم ومجيع الباحثني، تيةاألسباب الذافمن

    ما دفعين إىل اختيار هذا املوضوع املرتبط بقضايا طبية، لتقوية اجلانب املعريف يف جمال القانون الطيب عية واصطفاء وربط هذه املسائل بالقواعد القانونية واملبادئ والقيم األخالقية واالجتماعية واجلوانب الشر

    ما تالءم منها ووافق هذه املبادئ ورد يف مقابل ذلك ما خالفها، ويف ذلك إقامة لنظام قانونـي حيكم .التعامل يف اجلسم البشري

    فإن سالمة اجلسم من احلقوق اللصيقة بالشخصية، فاجلسد ،الدوافع واألسباب املوضوعيةأما جب أن يصان ويعصم من مجيع االحنرافات التقنية احلديثة مهبط الروح ومصدر مجيع األنشطة احلياتية فو

    أن استعمال املعرفة بال إسناد أو " حممد جباوي"ويف هذا الصدد يقول . وذلك بتأطري التكنولوجية احلديثة. 1"مرجعية قد يؤدي إىل االحنراف والضالل لذا فال بد من وضع معامل متكن من تأطري املعرفة

    تفاقية اخلاصة حبقوق اإلنسان والطب احليوي واملنعقدة يف إطار جملس وهو ما أشارت إليه االمن أجل صيانة حقوق Ovedo"2"واملسماة باتفاقية 1997أبريل 4أوروبا واللجنة األوروبية يف

    اإلسالمخياطي،مصطفى:عنمقتبس.1995) باريس( اليونسكوب-أي-سيفاحلياة،لعلمالدويلالسأمامألقاهاكلمةجباوي،حممد-1،1999سنة) الطبأخالقياتيفاإلسالمعطاء( الثاينالعدداألعلى،اإلسالميالسجملةوتأمل،تفكريضرورةاحلياتيةواألخالقيات

    .140.صووصل1997أفريلمنابتداءوالطبالبيولوجياتطبيقاتمواجهةيفالبشريالكائنوكرامةاإلنسانحلقوقاألوربيةاالتفاقيةعلىالتوقيعمت-2

    القواعدفلسفةايد،عبداحلليمعبدرضا. 1998يونيهيفالتنفيذحيزودخلتاألورويبالسيفدولعشربينهامندولة22إىلالعددالعددالقاهرة،مشس،عنيجبامعةاحلقوقكليةأساتذةيصدرهاواالقتصادية،القانونيةالعلومجملةيفمنشورحبثاإلنسان،جسدمحايةيفالدوليةداراألوىل،الطبعةوالقانون،الواقعبنيالبشريةباألعضاءجتاراالاحملامي،الفتوحأبوعمر؛03.ص،2000،ينايرألربعون،واالثانيةالسنةاألول،.42.ص،2011-2010القاهرة،مصر،العربية،النهضة

  • مقدمـة

    3

    مصلحة اإلنسان ومنفعته "اإلنسان وكرامته يف مواجهة العلوم الطبية وذلك يف املادة الثانية منها بقوهلا إن.1"أن ترجح على جمرد مصلحة اتمع أو العلم جيب

    يف جمال التدخالت الطبية اليت تطال جسم 2ورغم اتساع رقعة الدراسات القانونية والشرعيةاإلنسان وجثته يف اآلونة األخرية واليت اجتهدت يف بيان املواقف القانونية واألحكام الشرعية هلا سواء

    قتصار على نوع من األعمال الطبية ومشلها بالدراسة والتحليل مث بصفة عامة، أو بصفة خاصة أي االبيان الضوابط القانونية والشرعية اليت حتكمها، فإننا سنحاول يف دراستنا بيان القواعد العامة اليت حتكم التعامل يف اجلسم البشري يف اإلطار الطيب القانونـي، وبيان أثر التدخل الطيب احلديث على هذه

    وذلك باختيار تطبيقات طبية حديثة، لننظر كيف تعمل هذه األخرية يف التأثري على ،سلباً وإجياباًالقواعد .القواعد املرعية اليت حتكم اجلسم البشري وعلى نطاق محايته جنائياً

    إن هذه الدراسة هي حماولة حلصر التدخالت الطبية احلديثة األشد خطورة على كيان اإلنسان استنهاضاً للضمري االجتماعي، وأعظمها أثراً يف اضطراب النصوص القانونية مبجافاا وحرمته، وأكثرها

    للقواعد الثابتة واألصول املرعية يف إطار التعامل مع اجلسم البشري حبسبان أن احلق يف سالمة اجلسم . 3يعترب من بني مصايف احلقوق الدستورية

    " واألخرى" حمل احلماية " ن إحدى جوانبها بدائرة ثالثية يكَوحتديد نطاق البحثميكننا إن التعريف القانونـي ميكن القول حمل احلمايةفمن حيث . "وسيلة احلماية " مث " موضوع احلماية

    1 - « L’etre humain doivent prévoloir sur le seul intérêt de la société et la science » Art 2, La convention pour laprotection Des droits de l’homme et de la dig Humain a l’égard des applications de la biologie Et de nité de l’êtrela médecine.

    أمحد عبد " للدكتور " مل القانوينأعضاء اإلنسان ضمن التعا" هناك العديد من الدراسات أمهها رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه بعنوان -2الذي جاء ليضع نظاما 1994جويلية 29بتاريخ 653-94واعتمد الباحث يف إقامة نظام قانوين على شرح القانون الفرنسي رقم ". الدائم

    ىل أن مبدأ حصانة وتساءل الباحث على طبيعة سلطات الشخص على جسمه؟ وخلُص إ. خاصاً جبسم اإلنسان ضمن التعامل القانوين املدنـيإالّ أنه بتطور الطب . جسم اإلنسان على الصعيد القانوين جسد من خالل صورتني، منع الغري من االعتداء عليه، وحظر التصرف جبسم اإلنسان

    ، وعالج الشخص جلسمه، وافق الكل على الطرح القائل بأن هذا املبدأ حيمل استثناءات يف كال جماليه، ملصلحة القانون، والعدالة، والصحة العامةروبريجامعةاحلقوق،يفالدكتوراهشهادةلنيلمقدمةرسالةالقانوين،التعاملضمناإلنسانأعضاءالدائم،عبدأمحد.وللتضامن االجتماعي

    .1999لبنان،بريوت،احلقوقية،احلليبمنشوراتواإلدارة،السياسيةوالعلوماحلقوقكليةستراسبورغ،يفشومانوتناولت "النظام القانوين حلماية جسم اإلنسان" بعنوان " حبيبة سيف سامل راشد الشامسي" لدراسة الثانية هي رسالة دكتوراه لـ وا

    الباحثة إشكالية محاية جسم اإلنسان بالتساؤل عن مدى إمكانية القواعد القانونية العامة يف معاجلة التصرفات واليت ترد على صحة اإلنسان؟ وهل تعانة بنظرية االلتزام بصفة عامة تستجيب وتتماشى مع تنظيم التعامل يف جسم اإلنسان؟ انطالقاً من ازدياد احلاجة جلسم اإلنسان يف مواجهة االس

    صلحة دأ احلرمة املطلقة ملالشخص نفسه، ومواجهة التطور الطيب الذي زعزع الثقة يف القواعد واملبادئ القانونية اليت كان التسليم بإطالقها كمب.اجلسم

    مساسأيأومعنويأوبدينعنفأيوحيظر. اإلنسانحريةانتهاكعدمالدولةتضمن:" بأنهاجلزائري1996دستورمن34املادةتنص-3".بالكرامة

  • مقدمـة

    4

    فجسم اإلنسان . للشخصية ال مينح جلسم اإلنسان لذاته ولكن إىل شخص أهل للخضوع إىل القانونوإذا كان جسم اإلنسان ليس شيئا فإنه مع ذلك ". شخص املميز لل" أو " الغالف للشخصية " ليس إال

    ال يعترب مبفرده شخصاً؛ ألنه بالنسبة لرجل القانون وكذلك بالنسبة لعامل األخالق الذي يكَون الشخص هو االندماج الذي ال يقبل االنقسام لكل من اجلسم والروح؛ ألن جسم اإلنسان الذي يعترب غطاء

    شخصية تبدأ " من القانون املدين اجلزائري25ويف ذلك تنص املادة . 1خصالروح يندمج مع ذلك بالش.2..."اإلنسان بتمام والدته حياً وتنتهي مبوته

    ولقد ثار اخلالف يف الفقه خبصوص مناط احلماية اجلنائية جلسم اإلنسان فهل هي قاصرة على وهذا األخري رأي يسانده بعض . امادة اجلسد ذاا أم أن مناطها قدرة أعضاء اجلسم على أداء وظائفه

    الذي نؤيده هو الذي يذهب إىل القول بان مناط احلماية اجلنائية املقررة 4إال أن الرأي. 3الفقه والقضاءجلسم اإلنسان حتدد مبدى انتمائها إىل مادة اجلسم؛ ألن جسم اإلنسان يف ذاته حرمة يتعني عدم املساس

    ال تؤدي يف جمال السمع وظيفة وظيفة له كشحمة األذن حيث به حىت ولو كان هذا املساس جبزء ال . وإمنا هي جمرد حلية

    إىل أن جسمان الرجل " ابن منظور" واستنادا إىل التعريف اللغوي جلسم اإلنسان فقد أشار وبالنظر إىل . 5"وجثمانه واحد، رجل جسماين وجثماين إذا كان ضخم اجلثة، واجلسم مبعىن اجلسد

    ة فإن التعامل مع جسم اإلنسان آخذ يف التغير، فلم يعد قاصر على اعتبار اجلسم احلامل التطورات الطبيككتلة واحدة، وإمنا أضحى التعامل مع جسم اإلنسان عن طريق حتليله إىل عناصر أعضاء للروح املؤقت

    .وأنسجة ومشتقات ومنتجات بشريةها احلد الفاصل بني ما يصطلح عليه ومل تعد تلك النظرة الكلية إىل احلياة أو الروح باعتبار

    جسمان وجثمان، وإمنا أصبح ينظر إىل احلياة متجزأة كاحلياة اخللوية اليت تدب يف اخللية، احلياة ولذلك يعترب جثمان اإلنسان بعد خروج الروح بفترة وجيزة حياً حياة .اخل... النسيجية، احلياة العضوية

    العربيةاإلماراتجامعةاألوىل،الطبعةاحلقوق،يفدكتوراهرسالةاإلنسان،جسمحلمايةالقانوينالنظامالشامسي،راشدساملسيفحبيبة-1.19-18. ص،2006املتحدة،

    لألمرواملتمماملعدل. 40العدداجلزائرية،للجمهوريةالرمسيةاجلريدة2005جويلية20يفاملؤرخ10-05بالقانوناملعدلة25املادة-2.املدينالقانوناملتضمن1975سبتمرب26املوافق1395عامرمضان20يفاملؤرخ75-58

    النقضحمكمة؛72.ص،1986الزقازيق،جامعةاحلقوق،دكتوراه،رسالةاجلسم،سالمةيفللحقاجلنائيةاحلمايةالشوا،السيدساميحممد-3. 73.صالسابق،عاملرجالشوا،السيدساميحممد: عنمقتبس. 1061.ص199رقم،17سالنقضأحكامجمموعة1/11/1966املصرية

    مصر،اإلسكندرية،اجلامعية،املطبوعاتدارواألموال،األشخاصجرائمحممد،عوض؛73.صالسابق،املرجعالشوا،السيديسامحممد-4.137.ص،1984

    .99.صالنشر،سنةتوجداللبنان،بريوت،صادردارعشر،الثايناجلزءالعرب،لسانمنظور،ابن-5

  • مقدمـة

    5

    ،-الرياض-مدير املركز السعودي لزراعة األعضاء، م شاهنييقول الدكتور فيصل عبد الرحي.عضويةاجلسد امليت ال خيتلف كيمائيا عن اجلسد احلي على " أنه ملن املسلمات واحلقائق الطبية والفقهية أن

    خزعة قبل املوت (اإلطالق ال من الناحية الشكلية أو التشرحيية أو حىت من خالل فحص األنسجة فالغالبية العظمى من خاليا جسد اإلنسان . 1"نهما فقط يف تأدية الوظائفوالفرق بي) وخزعة بعده

    وكذلك أعضاؤه هلا حياا املستقلة عن حياة اإلنسان كفرد، وكحقيقة مطلقة ال ترتبط أحداها ومثال ذلك ميكن زراعة بعض اخلاليا أو األعضاء خارج جسم اإلنسان أو دراستها باملعمل . باألخرى

    اليا حياا ولكنها تستمر يف حياا الذاتية من هدم وبناء ومناء طاملا توافرت هلا إمكانية وال تفقد هذه اخلوهذا ما يربر من الناحية املنهجية اإلحاطة بأثر التطور الطيب على نطاق احلماية اجلنائية . الغذاء املناسب

    . التدخالت الطبية املتسارعةمن ) اجلثة ( للجسم البشري، سواء جسم اإلنسان حال حياته أو بعد موته فإن القانون يقرر حق اإلنسان يف سالمة جسمه مما يتهدده من خماطر يقذف موضوع احلمايةأما

    بالنصف األخري من واملرتبطة زمنياًا التقدم التكنولوجي الذي زحف بآثاره السلبية على كيانه املادي، ت القوانني ضرورة املواجهة التشريعية حلماية اجلسم ولذلك استشعر). النطاق الزمين ( القرن العشرين

    من سعى إىل دراسة النظرية 2البشري، وتوجهت أنظار الباحثني إىل تناول هذه املوضوعات، فمنهمالعامة للحق يف سالمة اجلسم ليكون القانون اجلزائي مبا حيمله من عقوبات وسيلة ملواجهة العنف

    من اختذ من محاية البيئة موضوعاً حلماية مباشرة فأوصى بإعداد 3منهمو. والتعدي بكافة الوسائل والطرقلسياسية جنائية تكفل حق اإلنسان يف بيئة نظيفة وحقه يف سالمة اجلسم من خماطر التلوث كزيادة

    من قرن بني محاية اجلسم 4ومن الباحثني... األمراض الصدرية، وأمراض القلب، ونسبة ارتفاع الوفياتالوسائل العلمية يف اإلثبات ( استخدام الوسائل العلمية احلديثة يف الكشف عن اجلرائم البشري وبني

    إال أننا آ ثرنا البحث يف آثار التطورات . اخل...مما يعترب اعتداء على الكيان املادي أو النفسي) اجلنائي

    /http //www.islamset conu arabic: املوقعنترنتاإلمنمستخرجحبث. 01:صاملوتتعريفشاهني،الرحيمعبدفيصل-1abioethics/ aieath/ moot/ fesal.html

    مصر،باملنصورة،والقانونالفكرداروالثاين،األولالدمقارنة،جنائيةدراسةاجلسم،سالمةيفللحقالعامةالنظريةحممد،أمحدعصام-22008.

    األعمال،قانونيفالعلياالدراساتدبلومشهادةلنيلأعدترسالة" مقارنةدراسة" البيئةتلوثعناملدنيةاملسؤوليةالشرعة،محدانموفق-3عنلناشئةااملدنيةاملسؤوليةكساب،حممودالرمحنعبد؛129.ص،2003بريوت،واإلدارية،السياسيةوالعلوماحلقوقكليةاللبنانية،اجلامعة،2006األردن،مؤتة،جامعةاخلاص،القانونقسماحلقوق،يفاملاجستريدرجةعلىاحلصولملتطلباتاستكماالًمقدمحبثالبيئة،تلوث

    حولطينالوامللتقىيفمداخلةالدولية،واالتفاقياتالقانونيفالبيئيالتلوثمنالبشرياجلسممحايةمبارك،الطييببنيوسف،بوشي؛68.ص. 2011-24–23يوميتيارت،خلدونأبنجامعةالبيئية،املشكالتحدةمنوالتخفيفالتغلبآليات

    ،2009السعودية،الرياض،األمنية،للعلومالعربيةنايفجامعةاجلنسي،االعتداءحوادثيفالبيولوجيةاآلثارحتليلالقصاب،شعبانأمحد-4.42-37.ص،2002-2001اجلزائر،جامعةاحلقوق،كليةاملاجستري،شهادةلنيلمذكرةاجلزائية،باتاإلثأدلةرابح،اللو؛16.ص

  • مقدمـة

    6

    لعلمي املثري، خلروجها الطبية احلديثة على نطاق محاية اجلسم البشري واليت فتحت جماال خصباً للجدل اعن القواعد املستقرة، ومساسها حبق من احلقوق الشخصية املرتبطة باإلنسان، وهو حقه يف التكامل

    ومن أهم هذه التدخالت الطبية نقل وزرع األعضاء، . اجلسدي الذي يتقامسه مناصفة الفرد واتمع... ة على األجنة اهضةالتلقيح االصطناعي، تغيري اجلنس، االستنساخ، التجارب الطبي

    احلماية فال شك أن االهتمام املتزايد باجلسم البشري جعل وسائل احلماية ومن حيث وسيلة) قانون العمل، قانون التأمينات االجتماعية( تتعدد، شرعية وقانونية دستورية ومدنية وجنائية واجتماعية

    -وسيلة احلماية احلماية اجلنائيةنا أن تكون لكننا اختر-وال غىن عن هذه اجلوانب كلها-...ودولية مراعاة ألمهيتها وفعاليتها يف احترام نصوصها ودفع كافة أوجه اإلضرار -وبالضبط يف القانون اجلزائري

    . واالحنرافات اليت تعصف حبصانة اجلسمحلاجة إىل ما بني ارتباطه باجلسم البشري، وتعلقه بالشؤون الطبية، مث اأمهية املوضوع وتتجلى

    فيجب االعتراف حبقيقة مهمة وهي أن هذا الكيان العظيم الذي وصفه اخلالق عز . بناء سياسة جديدةيوم تشهد " لقوله تعاىل. جيب أن حيترم، فهو مناط احلماية واملسؤوليةوجلَّ بأنه خلقه يف أحسن تقومي

    أيضاً قوله . 2"لتسئلن يومئذ عن النعيممث" وقوله . 1"عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم مبا كانوا يعملون.3"وال تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤوال" عز وجل

    كما أن حق اإلنسان يف سالمته البدنية من املصاحل اليت حيرص القانون اجلنائي على محايتها ليظلّ وآخر اجتماعي وأي تعطيل يف هذه الوظائف بسبب غري مؤدياً وظائفه األساسية احليوية لغرض فردي

    .مشروع ينهض املسؤولية اجلنائيةكما أن ارتباط املوضوع باألساليب الطبية املستجدة أو املستحدثة أمهية ملا تثريه من قضايا

    خاصة أن بعض هذه األساليب يتصف . شائكة وأمهية عملية يف حياتنا اليومية وساحات القضاءرعة التغيري واختالف النتائج مما جيعل أمر قبوهلا صعب، وبعضها اآلخر ال زالت بالغموض وس

    موضوعات خالفية بني املهتمني قي هذا اال بني األطباء واملختصني وعلماء الدين والقانونيني وعلماء .االجتماع واألخالق

    لتطور الطيب، ذلك أن تأيت أمهية البحث كذلك يف إبراز السياسة اجلنائية اليت تولدت نظري االيت حتدد ما جيب أن تكون عليه الصيغ القانونية يف أفضل -السياسة اجلنائية حلماية جسم اإلنسان

    .24.اآليةالنور،سورة-1.8.اآليةالتكاثر،سورة-2.36.اآليةاإلسراء،سورة-3

  • مقدمـة

    7

    جيب أن تتالءم مع ما استحدثه الطب يف النصوص اجلنائية أو التشريع بشكل عام، فيجب أن -صورهامن التعامل يف اجلسم بشكل غري يراعى حجم التطور، ومالئمة النصوص ألغراض اجلماعة يف احلد

    .مشروع، ومدى فاعلية هذه النصوص يف محاية احملل املراد محايتههذا وأن البحث يعترب دراسة تقييمية للقواعد اجلنائية، ومدى تطابقها مع تطور الظاهرة

    .اإلجرامية وحجم التطور الطيبلة يف ما هو أثر التطورات الطبية اليت يتناوهلا البحث واملتمثاإلشكالية ومن هنا ميكن طرح

    :احلديثة على نطاق محاية اجلسم البشري يف القانون اجلنائي؟ وتتفرع عنها جمموعة من التساؤالت التاليةØ كيف ميكن املوازنة بني ختطي الضرورات الطبية ومحاية اجلسم البشري؟Ø الطبية؟وهل جنحت القوانني يف إسباغ محاية فعالة من زحف وخماطر التدخالت

    يتالءم موضوع الدراسة مع منهجني، املنهج االستقرائي التحليلي الذي يعتمد على مجع املادة العلمية وبيان احلقائق واملعارف التفصيلية املتفرعة عنه وحتليلها، وهو املنهج القانوين الذي يعتمد على

    ألحكام القضائية اليت تؤازره، ويفيد يف بيان األحكام القانونية وحتليلها باالعتماد على اآلراء الفقهية وابيان األحكام الشرعية نظراً خلصوبة املوضوعات وعدم اجتماعها على رأي واحد، فيقتضي بيان اآلراء

    . واختيار ما ترجح منها وذلك إميانا منا بشمولية أحكام الشريعة وتناسبها مع هذه املستجداتوفق أنه يتوجب علينا بيان املواقف القانونية والشرعية ونظراً الرتباط املوضوع باملسائل الطبية ف

    ، وإن كان ذلك ليس من باب بيان الراجح واملرجوح وإمنا على أساس بيان أوجه احلماية مقارنمنهجباخلصوص القانون وتتوسع املقارنة بني القوانني العربية و. اليت يضفيها كل منهما على اجلسم البشري

    .واالستئناس باالتفاقيات الدولية مع التركيز على القانون اجلزائريون الفرنسيكالقانالغربيةاملصري وورغم توافر املراجع املتعلقة بتفاصيل املوضوع بشكل عام، إال أن إطار الدراسات اجلنائية تبدو

    دى ضئيلة باملقارنة مع الدراسات اليت تؤسس لنظام قانوين يف إطار القانون املدنـي، وهذا ما يشكل إحبارتباط املوضوع بشؤون طبية حديثة يشق على البحث باإلضافة إىل صعوبة أخرى تتعلق صعوبات

    تقسيم هذه وعليه سيتم. النفس فهمها يف أغلب االحيان مما يبعث على التقرب من أهل واالختصاص:الدراسة وفق خطة ثنائية يف بابني

    . نائية جلسم اإلنسانأثر التطور الطيب على نطاق احلماية اجل:الباب األول

    .أثر التطور الطـيب على نطاق احلماية اجلنائية جلثة اإلنسان:أما الباب الثاين

  • اب األولـالب

    أثر التطور الطبـي على نطاق احلماية اجلنائية جلسم اإلنسان

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    8

    مجل صورة، واعترب إن من أجلى مظاهر التكرمي الرباين لإلنسان أن خلقه يف أحسن تقومي وأجسمه ملكا هللا تعاىل وحده، فال جيوز ألحد أن يتصرف فيه مبا يسوءه أو يرديه، ولو كان صادر من صاحب اجلسم نفسه، ولذا حرمت األديان السماوية والقوانني الوضعية إتالف البدن وإزهاق الروح عن

    .طريق االنتحار أو ما يؤدي إليهإلنسان بالدرجة األوىل، وحينما تنتهك هذه احلقوق فالبشر إن حقوق اإلنسان هي مسؤولية ا

    أنفسهم هم ضحايا فيحتاج األمر ملن يكفل هلم محاية حقوقهم اليت طغى عليها التطور العلمي اهلائل يف وإذا كان اجتراء أساليب التقدم العلمي . شىت أساليب العنف والتعدي ويف مناحي احلياة وجماالا

    قوق اإلنسان بصفة عامة، فإنه مشل االعتداء على سالمة اجلسم بصفة خاصة، احلديث على عناصر حومن مث ال بد من قياس الدور الفعال للنصوص اجلنائية اليت حتمي احلق يف سالمة اجلسم فإذا أدركنا قصورها وجب إعادة النظر يف املبادئ العامة اليت حتمي هذا احلق بوجه يضمن االحتفاظ باحلد األدىن

    . ، ويفيد منها بقدر ما لزم، ودفع يف مقابل ذلك ما أضر امنها

    ومن مت يتحتم معرفة القواعد واملبادئ األساسية الين حتكم اإلطار العام للحماية اجلنائية للجسم وعلى اعتبار أن تعاظم حجم التآمر على اجلسم البشري مل يعد يقف عند تلك ) الفصل األول ( البشري

    ة اليت ال خيتلف اثنان يف انتفاء مشروعيتها فإن حجم التدخل الطيب أهـول وأعظـم التداعيات اإلجرامي خاصة مع حداثتها وما تثريه من إشكاليات يف إطار املشروعية، بالتوازي مع اإلطار اجلنـائي احلمـائي

    الفصل ( ومن مث وجب التعرض إىل تطبيقات هذا التدخل الطيب احلديث على اجلسم البشري . وكفايته.)ثانـيال

    الفصل األوللحماية اجلنائية جلسم اإلنساناملبادئ العامة ل

    لكل جمتمع نظام قانونـي يستند إىل قيم وتقاليد يف صورة جمموعة من القواعد املستقرة اآلمـرة وعلى اعتبار نسبية فكـرة . وعدد ثابت من املبادئ العامة من النظام العام ال جيوز االتفاق على خمالفتها

    م العام ختتلف هذه املبادئ وتلك القيم تبعاً الختالف الزمان واملكان واألشخاص، وتتمايز يف مقابل النظا. ذلك القواعد القانونية مستجيبة لسنة فُطرت عليها وهي خضوعها لسنة التطور االجتماعيمايتها الكيان ومن بني القيم واملصاحل املرعية اليت عنيت التشريعات أو النظم القانونية والدينية حب

    ذلك أن اإلنسان هو غاية التنظيم االجتماعي واالعتداء على سـالمة . املادي لإلنسان أو اجلسم البشري

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    9

    ومن مث يتعني حتديد مفهوم احلماية اجلنائية جلـسم .اجلسم يؤدي إىل اهتزاز الثقة بالنظام األمين للدولة ).املبحث األول( اإلنسان

    حـصانة جـسم " صمد يف وجه رياح التغيري زمناً طويالً وهو مبـدأ ولقد استقر املبدأ العام و واستقر "... األشياء خارج نطاق التعامل " أو " مبدأ حظر التعامل القانونـي يف اجلسد " أو " اإلنسان

    إال أن ). املبحث الثاين ( بذلك احلق يف سالمة اجلسم ضمن أولويات احلقوق اليت ال ميكن التنازل عنها ( الطبية اختزلت بعض هذه القدسية خدمة هلذا املبدأ ورعاية له بإقرار مشروعية التدخل الطيب التطورات

    ). املبحث الثالث املبحث األول

    مفهوم احلماية اجلنائية جلسم اإلنسانأحد أنواع احلماية وأخطرها أثراً على كيان اإلنسان " تعترب احلماية اجلنائية جلسم اإلنسان

    تها القانون اجلنائي، إذ تنفرد قواعده أو نصوصه بتحقيق ذلك أحياناً، وتشترك معه يف وحرياته، ووسيلويكمن االختالف بينهما يف اجلزاء اجلنائي الذي . 1..."أحيان أخرى بقية فروع القانون كالقانون املدين

    به القاضي وتطبقه األثر االجتماعي املترتب عن اإلخالل بقاعدة جنائية، ينص عليه القانون ويأمر" يعترب السلطات العامة، ويقتضي تطبيقه إهدار أو تقييد أو إنقاص من احلقوق الشخصية للمحكوم عليه املقرر

    .2"بالقانون للناس كافة دف وقاية اتمع من اإلجراميتضمن جزاء إال أن اجلزاء اجلنائي يدعو إيل القول جبدارته يف 3وبالرغم من أن القانون املدنـي

    ن محاية اجلسم البشري نظرا للطابع الردعي خصوصاً مع تسارع حركة التطورات التقنية يف جمال ضماوملا كان مفهوم احلماية اجلنائية على حنو ما ذكر فإن بيان حملها مما تقتضيه هذه . العلوم الطبية اإلحيائية

    يف أعضائه مؤدية وظائفها فاجلسم البشري هو املهبط املادي للحياة ومهبط الروح اليت جتري. احلماية

    وىل، الديوان الوطين لألشغال التربوية، اجلزائر، الطبعة األمروك نصر الدين، تطور مفهوم احلماية اجلنائية للحق يف سالمة اجلسم البشري،-1.5.، ص2004

    اجلزء الثاين، اجلزاء اجلنائي، الطبعة الرابعة، ديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائـر، بد اهللا سليمان، شرح قانون العقوبات اجلزائري، القسم العام، ع-2عقوبات، القسم العام، الطبعة األوىل، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، األردن، ؛ حممد علي السامل عياد احلليب، شرح قانون ال 406.، ص 2005. 230.، ص2007

    :يضع القانون املدين مبادئ حلماية اجلسم البشري من بينها-3.أن كل اتفاق على إعفاء من يعتدي على جسم غريه من املسؤولية يعد باطالً بطالناً مطلقاً·.لينوب عن مدينه يف املطالبة حبق متصل بشخص املدين، ومن بني هذه احلقوق ما يتصل جبسمهةلدعوى غري املباشرليس للدائن استعمال ا·يوسـفاوي . ليس للمؤمن أن حيل حمل املؤمن له يف مطالبة املسؤول مبا يدفعه للمؤمن له من تأمني عن األضرار اليت أصابت جسم املؤمن لـه ·

    إلنسان يف القانون اجلزائري، مذكرة لنيل شهادة املاجستري يف القانون اجلنائي والعلوم اجلنائية، املركز اجلامعي فاطمة، احلماية اجلنائية جلسم ا . 6.، ص2006-2005بشار،

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    10

    وممارسة احلياة يف صورا املثالية حيتم كمال ممارسة هذا اجلسد . احليوية، فسيولوجية أو عقلية أو نفسيةوهلذا يتعني . سائر جسده يف مقابل ذلك" اشتكى " لوظائفه على حنو تام فإذا تعطل عضو عن وظيفته

    ). املطلب الثانـي( بداية وجوده مث ،)املطلب األول( بيان مفهوم جسم اإلنسان املطلب األول

    مفهوم جسم اإلنسانيقصد باإلنسان ابن آدم الذي خلقه اهللا تعاىل وأوجده من هذه األرض ليعمرها، قال تعـاىل يف

    . 1﴾ٍق﴿ اقْرأْ ِباسِم ربك الَِّذي خلَق خلَق الِْإنسانَ ِمن علَ. العلقأول ما نزل من القرآن يف سورة حتار العلماء والفالسفة يف معرفة حقيقة وطبيعة اإلنسان لشدة تعقيدها ولكون املنـاهج اولقد

    اليت اتبعوها يف دراسة هذه الطبيعة مناهج غري سليمة، لغلبة الرتعة الفلسفية عليها والقتصار كل منـهم .2ذلك املنهجعلى جانب من جوانب الطبيعة اإلنسانية وبناء على الفلسفة اليت يتبعها

    ؛ ألن األساس الذي بنيت 3ومجيع هذه النظريات واملناهج أو املذاهب مبين على التخمني والظن .1عليه غري صاحل للمناقشة والبحث كونه فاسدا رأساً

    . 2-1. سورة العلق، اآلية-1. 16.، صاملرجع السابقهاين سليمان الطعيمات، -2هل أتى على "يف قوله تعاىل " هل " ، وكذا عدم اخلوض يف معىن "ابن رشد " و " يناابن س" و" ابن عريب احللويل"و" أرسطو" ومثال ذلك -3

    ما أتى على اإلنسان زمن كان ( فبعض املتصوفة يقولون أا جاءت لالستفهام اإلنكاري؛ إذ املعىن " اإلنسان حني من الدهر مل يكن شيئاً مذكورا. للتقرير اإلجيايب" هل" نسان، وأنه ليس حبادث مع أن جلمهور الصحابة والتابعني يرون أن ويريدون بذلك إثبات القدم النوعي لإل) فيه معدوماً

    سعيد منصور موفعة، املوسوعة الفقهية لألجنة ). أتى على اإلنسان حني من الدهر مل يكن شيئاً مذكوراً؛ أي مل ين شيئاً يذكر فيه( وتكون مبعىن؛ . 1اهلامش . 53.، ص2005الشرعية والقانونية، اجلزء األول، دار اإلميان، اإلسكندرية، مصر، واالستنساخ البشري من الناحية الطبية و

    :ومن النظريات اليت سادت عن تطور اإلنسان قبل نزول القرآنادت ويف عهده س. قبل امليالد) 322-384( يذكر التاريخ أن بعض الدراسات عن تطور أجنة الفراخ كانت سائدة قبل عهد أرسطو طاليس

    :نظريتان تفسر منو اجلنني.أن تكوين اجلنني يبدأ يف سائل الرجل أو سائل املرأة حيث توجد خملوقات صغرية جدا تنمو فيما بعد داخل الرحم: األوىل.1تكمن وقد أيد أرسطو طاليس هذه النظرية، وأضاف أن أمهية سائل الرجل. أن اخللق احلقيقي والتكوين حيدث من دم حيض املرأة: الثانية.2

    .يف أنه يساعد على عملية التجلط، وقد ذكر أن عملية خلق اجلنني من دم حيض املرأة تشبه عملية التجنبوشرحوا 1864عام ) Pastrur( وكذلك 1668عام )Redi( عام حىت جاء العامل 2000ومل يعارض هذه النظرية أحد حوايل

    .آراءهم احلديثة حول عملية اخللقوقد كان رأيه يف ) تكوين اجلنني (ن علم األجنة حتت عنوان عالذي عاش يف القرن الثاين امليالدي كتاباً )Galen(وكتب العامل

    ويف القرون الوسطى كان القرآن الكرمي والرسول صلى اهللا عليه وسلم مها الوحيدان اللذان أوردا حقائق غاية . سطو طاليسرالكتاب مطابقاً لرأي أوحىت . يف كتابه حنو اإلنسان الطبعة الثالثة القليل عما جاء به القرآن الكرمي) Keith Moore( وأورد العامل .لق اإلنسانيف الدقة والغرابة عن خ

    القرن الثاين عشر كانت االعتقادات السائدة عامة أنه يوجد داخل البويضة خملوقات صغرية جداً وحتتاج فقط للتنبيه بواسطة احليوان املنوي حىت .التكوين والنموتنشط عملية

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    11

    أما اإلسالم فقد قدم لنا تصورا كامال عن احلقيقة الطبيعية لإلنسان، فامتاز بنظرة شاملة حميطة واليت من خالهلـا ميكـن ييـان ) الفرع األول ( وقسم الطبيعة البشرية إىل أبعاد معينة .ملاهية اإلنسان

    ).الفرع الثاين(اجلوانب املكونة للجسم البشري الفرع األول

    أبعـاد الطبيـعة البشـريةإىل جانب التكوين املادي " الشخصية" اإلنسان كائن يتميز عن سائر الكائنات بوجود

    قدرات عقلية وميول روحية ومشاعر انفعالية عاطفية، األمر الذي جعل هذا الكائن العضوي، ولديهوالبعد املتعلق ) ثانياً ( مث البعد العقلي ) أوالً ( ينفصل عن أبعاد حددا آي القرآن، وهي البعد البشري

    ). رابعاً ( فالبعد الروحي ) ثالثاً ( بالبيئة البشرية والطبيعية لبشريالبعـد ا: أوالً

    ولَقَـد كَرمنـا بِنـي آدم ﴿يعترب اإلنسان خملوق حي مفضل يف سلَّم املخلوقات يقوله تعـاىل ؛ خلقـه 2﴾وحملْناهم ِفي الْبر والْبحِر ورزقْناهم من الطَّيباِت وفَضلْناهم علَى كَِثٍري ممن خلَقْنا تفِْضيالً

    ولَقَـد خلَقْنـا ﴿؛ 3﴾فَِإنا خلَقْناكُم من تراٍب ﴿واد األرضية يف البيئة الطبيعية اليت سخرها له اهللا من امل .5﴾وهو الَِّذي خلَق ِمن الْماء بشراً ﴿؛ 4﴾اِإلنسانَ ِمن صلْصاٍل من حمٍإ مسنوٍن

    يضة واليت منها يتم خلق ويف نظريته اليت وضعها يف منتصف القرن الثامن عشر أن كتلة من اخلاليا داخل الب) Wolff(وصف العامل كما ة لى هذه الظاهرعاإلنسان بالتدريج خطوة فخطوة، ابتداء من الكتلة غري احلادة، حىت مرحلة اجلنني اإلنساين معقد التكوين، وأطلق

    )Epigenesis( وصف العامل 1817ويف عام)Pander(أما العامل . الطبقات اخللوية الثالث اليت يتكون منها جنني الفراخ)Van Baer(م أب عل" )Van Baer(فقد شرح ووسع هذه النظرية لتشمل مجيع احليوانات، وهو أول من وصف احليوان املنوي، لذلك يطلق 1830عام

    ومل يتم 1824عام )Prevost , Dumas( وأول وصف للبويضة على أا وحدة البناء يف اجلسم اجلنني أطلق العاملان " األجنة احلديثوالذين شرحا كيف أن اخللية هي الوحدة البيولوجية واليت 1839عام ) Schwann , and , Schleiden( فهمها جيدا إال عن طريق فهو الذي وصف علميا عملية اإلخصاب بني احليوان املنـوي 1875عام )Hertwig( أما العامل . سان ونباتيتكون منها كل جسم إن

    أن خاليا اجلنس يف الذكر واألنثى حتمل عدد متساو من الكرومزومات1883عام )VanBenden( وأكد العـــامل . والبويضة:قرناً وهي14ملعلومات اليت أثبتها القرآن من اماإلنسان خاشعاً أماقفوهنا ي). اجلينات( .أن الذكر واألنثى يشاركان بالتساوي يف تكوين اجلنني·". ال ترجون هللا وقاراً وقد خلقكم أطواراممالك:" قال تعاىل. أن اجلنني ال يكون خملقاً قبل التلقيح ولكنة يتكون بعد التلقيح يف أطوار متعاقبة·

    بيه عبد الرمحان عثمان، معجزة خلق اإلنسان بني الطب والقرآن، مطابع رابطة العامل اإلسالمي، مكة املكرمة، ن. 14.13.سورة نوح، اآلية. 36-33.السعودية، ال توجد سنة النشر، ص

    .53.صسعيد منصور موفعة، املرجع السابق، -1.70.سورة اإلسراء، اآلية-2.5.سورة احلج، اآلية-3.26.سورة احلجر، اآلية-4.54. سورة الفرقان، اآلية-5

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    12

    مث بني بـأن . خلق اإلنسان بأنه خلق من تراب لقد حدد لنا القرآن الكرمي يف أكثر من آية مادة هذه املادة مرت مبراحل وصور ختتلف هيئاا وصفاا من مرحلة إىل أخرى، حيث تلي مرحلة التـراب مرحلة الطني، ذلك أن اهللا سبحانه وتعاىل عجن هذا التراب فصار طينا مث وصف هذا الطني بـالالزب؛

    مرحلة احلمأ املسنون أو الصلصال احلمأ وهو الطني اليـابس أي الالصق و الثابت الشديد التماسك، مث الذي يصوت إذا ضربه شيء، واملسنون املصور من سنة الوجه وهي صورته مث مرحلة الصلصال الفخار

    .1وهو الطني املطبوخ بالنار وهو اخلزفالبعـد العقلي: ثانيا

    ل يف القدرة الفكريـة الكتـساب وهو البعد الذي ارتقى به اإلنسان وساد على األرض، ويتمث . 2العلم الذي جيمع بني املعرفة لقوانني الكون والطبيعة واإلبداع يف كشف وتسخري الطاقات الطبيعيـة

    ومن مث فالبعد العقلي هو البعد األمسى يف مـصايف األبعـاد . 3﴾علم اإلنسان ما مل يعلم ﴿قال تعاىل متحان الراقي الذي جعله اهللا بني املالئكة وآدم، وهو أعظـم البشرية، وهو ما تبني من تلك املنازلة واال

    االمتحانات؛ ألن املصحح هو اهللا جل وعال، واملمتحنني املالئكة وآدم أبو البشر، وقد جعله اهللا خليفـة يف األرض وفضله بالعلم والعقل لريتقي به على سائر املخلوقات، وصوره فأحسن صورته، فـاألوىل أن

    ترته عن كل ما يعيبه ويشينه ويغير قطرته، مبنع كل التصرفات اليت ختفض مـن مقامـه يرتفع ويسمو وي .باحملافظة على حياته وسالمة جسمه، خصوصاً يف ظل التقدم الطيب احلديث

    البعـد الذي يتعلق بالبيئة البشرية والطبيعية: ثالثاوبني اإلنسان والبيئة الطبيعيـة جتماعيةوتتمثل يف الروابط احليوية املتبادلة بني اإلنسان والبيئة اال

    وما ِمن دآبٍة ِفـي اَألرِض والَ ﴿:قال تعاىل. 4مبا فيها من كائنات حية ومبا فيها من مجاد مسخر للحياة ، بل تربطه ومن مث فاإلنسان ليس كائناً جمرداً وال ثابتاً مستقالً . 5﴾طَاِئٍر يِطري ِبجناحيِه ِإالَّ أُمم أَمثَالُكُم

    مبحيطه عالقة سببية، وهي العالقة بني املثري واملثار، والسبب والنتيجة، فيتأثر اإلنسان مبا حوله من طبيعة جغرافية واجتماعية وثقافية، فيأخذ منها ما يصلح لنموه وتطوره على ضوء ما تسخره الطبيعة من موارد

    .58.سعيد منصور موفعة، املرجع السابق، ص-1:املوقع2008- 01-28أمحد عروة، آفاق إسالمية لفلسفة وسياسة الصحة، حبث منشور على اإلنترنت، تاريخ اإلطالع -2

    http://www.islamset.com/arabic/ahip/immunity/weqaya.html.05.سورة العلق، اآلية-3.01.السابق، صملرجع أمحد عروة، ا-4.38.اآلية،سورة األنعام-5

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    13

    ف به احلياة من تطور مفيد ونافع، ودفع يف غري ذلك يف إطار املشروعية والنظام العام، ويستفيد مما تقذ . ما يضر حبياته وسالمته البدنية

    البعـد الروحي : رابعاوالصحة ال تعترب كاملة . يتعلق بالبعد الروحي الذي تتحقق به وتتسم به وظيفة اإلنسان الوجودية

    أن 2ويـري الـبعض . 1وح اإلهلية وذا البعد كرمه اهللا وفضله فنفخ فيه الر . إذا فقدت بعدها الروحي :اإلنسان يتكون من عنصرين أساسيني

    I. عنصر مادي(تكوين أرضي(أو ما يتركب منهما، وهو الطني وقد نـتج عـن ذلـك التكـوين 3ويتمثل يف التراب واملاء

    اِتِه وِمن آي﴿: قال تعاىل . البيولوجي لإلنسان املشتمل على أجهزته وحواسه وأعضائه وحاجاته األساسية

    . 01.، صنفس البحثأمحد عروة، -1للمالئكة إين خالق بشرا من طني فإذا سويته ونفخت فيه من روحي إذ قال ربك :" يري الدكتور نبيه عبد الرمحن عثمان، أنه بداللة قوله تعايل-2

    :أن خلق اإلنسان قد مت على النحو التايل. 72.71.سورة، ص، اآلية" فقعوا له ساجدين.الطني وميثل مادة األرض.1.عملية التسوية والتكوين.2.نفخة من روح اهللا.3

    وقد ورد يف القرآن الكرمي مراحل التكوين والتجمع املادي العضوي، فاألرض فالطني ميثل إحدى مراحل التكوين املادي األرضي لإلنسان،هي منشأ اإلنسان فمنها ينبت وإليها ينتهي بعد املوت، ويف عناصرها يتكون اإلنسان يف جوانبه املادية العضوية، مث نفخة من روح اهللا يبعث فيه

    راب يتمثل يف مطالب اجلسد العضوية والدافع لذلك اجلوع والعطش ابتغاء األكل والشرب، الروح واحلياة، ومن هنا كان اإلميان قريباً للنفس، فالتيتفاعالن دائما وال ينفصالن لبناء احلياة ) األرضي والروحي( واجلانبان . واجلانب الروحي يتمثل يف املطالب الروحية واخللقية واحلرية واإلرادة

    .24.محن عثمان، املرجع السابق، صنبيه عبد الر. النفسية اإلنسانية املتكاملة: عنصراً، تتوزع بشكل رئيسي على) 22( إنه لو أرجعنا اإلنسان إىل عناصره األولية، لوجدناه أشبه مبنجم صغري، يشترك يف تركيبه حوايل -3

    تكوين جس اإلنسان، واملاء وهو مهم جداً يف .من وزن اجلسم% 70ـ % 65على شكل ماء بنسبة ) H( ـ هيدروجني ) O(أكسجني -وزنه، ويساعد املاء على إذابة الغذاء وإيصاله إىل مجيع أجزاء اجلسم، ويساعد على عملية التخلص من الفضالت، ويدخل يف 3/1ويساوي

    …تركيب اخللية، فإما أن يكون متحداً احتادا كيماوياً كما يف السيتوبالزم أو منتشراً جبزئيااوتشكل أساس املركبات العضوية من سكريات ودسم ،و بروتينات وفيتامينات، وهرمونات ) O(وأكسجني ) H( ، وهيدروجني )C(كربون -

    .أو مخائر : مواد جافة ميكن تقسيمها إىل-، والصوديوم )K(والبوتاسيوم )Ca( والكالسيوم ) MG(، واملنغزيوم )P(، الفسفور )S(، الكربيت )CL( الكلور : مواد هي بعس. آ )Na( ، من املواد اجلافة % 80ـ 60وهي تشكل.

    واملولبيديوم ) Zn( ، والتوتياء )Co( والكوبالت ) MN(واملنغرتيوم ) I(واليود ) Cu(، والنحاس )Fe(احلديد : سبع مواد بنسبة أقل هي. ب )Mo.(

    ) .Cr( والكروم ) Cd( ، الكادميوم )Se( ، والسيلينيوم )B(، والبور )AL(، واألملنيوم )F( الفلور : ستة عناصر بشكل زهيد هي . جـ مؤسسة علوم الطبعة الثانية، عبد احلميد دياب، أمحد قرقوز، مع الطب يف القرآن الكرمي، ؛ 26.25.نبيه عبد الرمحن عثمان، املرجع السابق، ص

    . 73-72.، ص1982دمشق، سوريا، القرآن،

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    14

    وهو الَِّذي خلَق ِمن الْمـاِء بـشراً ﴿: ؛ وقال تعاىل 1أَنْ خلَقَكُم ِمن تراٍب ثُم ِإذَا أَنتم بشر تنتِشرونَ ﴾ .2﴾فَجعلَه نسباً وِصهراً وكَانَ ربك قَِديرا

    املاء، مث يف آية ثالثـة مـن ففي اآلية األوىل إشارة على خلق اإلنسان من تراب ويف الثانية من ويف هـذه . وما الطني سوى مزيج من التراب واملاء. 4﴾﴿ لَقَد خلَقْنا الِْإنسانَ ِمن سلَالٍَة من ِطنيٍ . 3طني

    اآليات السابقة إشارة إىل أن أصل اإلنسان ومعدنه األساسي هو من طينة هذه األرض ومـن معـدا، .خالصةٌ من هذه األرضوبشكل أدق؛

    II. تكوين مساوي روحيويتمثل يف التكوين السيكولوجي لإلنسان أو اجلانب املعنوي والناتج عن تلك اللطيفة الربانيـة

    وما يستتبعها من عواطف وأشواق علوية، ومن صفات معينـة خاصـة ) الروح ( اليت هي سر احلياة . 5بالطبيعة اإلنسانية

    و السابق الذكر من الضرورة مبكان، فإنه يتعني وملا كان بيان املقصود باجلسم البشري على النح .علينا بيان اجلوانب املكونة هلذا اجلسم

    الفرع الثانـي اجلوانب املكونة جلسم اإلنسان

    من خالل بيان املقصود باجلسم البشري وبيان أبعاده يتبني أن اجلوانب املكونة له تنحصر يف بار أن هذا اجلسم حمل للحماية اجلنائية ومناط للتدخالت اجلوانب املادية والنفسية والروحية وعلى اعت

    الطبية احلديثة املترتبة على التطور العلمي يف نواحي احلياة املختلفة، فإننا سوف نركز على اجلوانب ، لنرجأ الكالم عن احلديث يف اجلانب الروحي والبحث يف )ثانيا(والنفسية املكونة له ) أوال(املادية

    .ماهيته يف حينهاجلانب املادي جلسم اإلنسان: أوال

    يف واقع األمر عندما يتعلق احلديث عن اجلسم البشري فإن السيادة تكون للطب، أما رجال القانون فال ميلكون إال اخلضوع لنتائج وتفسريات العلم، مث حماولة تكييف القانون ضمن الوسائل املمكنة

    ية احلديثة لدجمها ضمن نظام قانونـي مع األخذ يف االعتبار مع احلقائق العلمية الطبية والتكنولوج

    . 20.سورة الروم، اآلية-1. 54.سورة الفرقان، اآلية-2.72.، صاملرجع السابقعبد احلميد دياب، أمحد قرقوز، -3.12. سورة املؤمنون، اآلية-4.18. هاين سليمان الطعيمات، املرجع السابق، ص-5

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    15

    وهلذا حناول أن نتعرض للتقسيم العلمي للجسم البشري . التوازنات الضرورية ملصلحة الفرد واتمع.وفقاً للحقائق العلمية مث للتقسيم القانونـي

    I.التقسيم العلمي جلسم اإلنسانن األنواع العظيمة مء من الناس واإلبل والدواب وغريهم مجاعة البدن أو األعضا: اجلسم يف اللغة

    ويقال أنه لنحيف . جسم الرجل: مجاعة اجلسم، واجلثمان: اخللق، واجلمع أجسام وجسوم، واجلثماناجلسمان، وجسمان الرجل وجثمانه واحد، ورجل جسماين وجثمانـي إذا كان ضخ اجلثة؛ واجلسم

    . 1؛ وقد جسم الشيء؛ أي عظُم، فهو جسيم وجساماجلسد وكذلك اجلسمان، واجلثمان الشخصيقصد باجلسم ذلك الكيان الذي يباشر وظائف احلياة وهو جمموعة من األعضاء اليت تتكون

    واإلنسان من الناحية . بدورها من أنسجة متباينة، وقوام هذه األنسجة خاليا نوعية مميزة لكل نسيجية تعمل بوحي ذاتـي على مستوى اخللية الواحدة وعلى جسد حيتوي على خاليا وأعضاء ح" املادية

    .2"مستوى العضوتعد اخللية الوحدة األساسية يف تكوين جسم اإلنسان، حيث أن جتمعها وارتباط بعضها ببعض

    فجسم اإلنسان احلي تعمل مجيع أجزائه على كافة املستويات، واخللية فيه تعمـل . يكون أنسجة خمتلفة ها ولكن ليس إدراك الواعي العـاقل، بل إدراك برجمة مبا حتتويه نواـا مـن وتدرك أا ليست وحد

    .3وبعض هذه اخلاليا تتجدد وبعضها ال تتجدد وحىت هذه األخرية تتغري مكوناا باستمرار. مورثاتيتكون اجلسم البشري من اهليكل العظمي، واجلهاز الدوري واجلهاز التنفسي واجلهاز العصيب،

    وهذه هي األجهزة األساسية ومثة أجهـزة أخـرى، كالعـضلي، . ضمي، واجلهاز التناسلي واجلهاز اهل 4.واللمفاوي، والبويل وجهاز اإلفراز وأجهزة السمع والبصر والشم

    فاجلهاز اهليكلي هو اهليكل العظمي الذي يعطي جسم اإلنسان شكله اخلاص وقوامه الذي يتميز واجلهاز الدوري وهو املسؤول ضـخ . ظام مائتني وستة عظمات به عن مجيع احليوانات، ويبلغ جممع الع

    . الدم يف كافة أحناء اجلسم ويتكون من القلب واألوعية الدموية والدمواجلهاز اهلضمي وهو جمموعة األعضاء اليت تشترك يف عملية هضم الطعام من أول دخوله الفـم

    واجلهاز العـصيب . لغدد اهلضمية، األسنان البطن إىل أن خترج فضالته من الدبر ويشمل القناة اهلضمية، ا ويتكون من اجلهـاز العـصيب . هو الذي يضطلع جبمع وحتويل ومعاجلة املعلومات بالدماغ واألعصاب

    .99.ابن منظور، لسان العرب، اجلزء الثاين عشر، دار صادر بريوت، لبنان، ال توجد سنة النشر، ص-1.15.جع السابق، صنبيه عبد الرمحان عثمان، املر-2.20-19.، صنفس املرجع-3.26. ، ص1995عبد اهللا إبراهيم موسى، املسؤولية اجلسدية يف اإلسالم، الطبعة األوىل، دار ابن حزم، -4

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    16

    ويتكون من ، الفرعياملركزي وهو املخ واملخيخ والنخاع املستطيل والنخاع الشوكي، مث اجلهاز العصيب ؛ وخيرج من اجلسم اثنا عشر زوجاً من األعصاب؛ وخيرج مـن األعصاب اليت تصل مجيع أجزاء اجلسم

    النخاع الشوكي واحد وثالثون زوجاً من األعصاب وهي املهيمنة على عضالت اجلسم وحركتها وعلى .1مجيع احلواس

    ويتكون اجلهاز التنفسي من األعضاء املستعملة للتنفّس، األنف والبلعوم واحلنجـرة والقـصبة وأخرياًَ اجلهاز التناسلي يعترب الفارق احلاسم بني الذكر واألنثى، لقيام التزاوج بينـهما .اهلوائية والرئتني

    ويتكون اجلهاز التناسلي عند الذكر من اخلصيتان، الصفن، القناة الناقلة للمين، احلويـصلتان املنويتـان، رمحية، الـرحم، املهبـل أما جهاز األنثى التناسلي فهو متكون من املبيضان، القناة ال . الرببخ، القضيب

    .2الفرجمن املالحظ أن اجلسم البشري وفق علماء الطب ينحصر يف اجلانب الفين العلمي، فبيان اجلسم كأجهزة وصف جممل وكلي، إذ حيتوي كل جهاز على العديد من األعضاء، والعـضو خالصـة مـن

    ضي البحث والـصراع املـستمر األنسجة واخلاليا، فحماية جسم اإلنسان يف اجلانب العلمي الطيب يقت ومن مث يتيح هلم القانون والشرع التداوي والتطبيب بكافة . لكشف أسرار األمراض املستعصية اليت تطاله

    مـشروعية " األساليب خلالصه من األدواء، إال أن هذه التدخالت الطبية تصطدم مببدأ عظـيم وهـو تة، فما هو رأي القانون من تقـسيم اجلـسم وإذا كانت نظرة الطب والعلم فنية وعلمية حب ". التعامل

    البشري؟ II.التقسيم القانوين جلسم اإلنسان

    ال جيد الفقه القانوين اجلنائي صعوبة وهو بصدد حتديد املقصود باصطالح اجلسم البشري بوصفه ا اجلـسم من املسائل األولوية لبيان عناصر الركن املادي يف جرائم القتل واإليذاء، إذ ال يعدو مفهوم هذ

    .أن يكون قد مت انفصاله عن رحم أمه ال يشوبه مسخ خيرجه عن الصورة التقليدية للبشروإن كان هذا املفهوم يبدو واضحاً على صورته البسيطة وكافياً لبيان األحكام اخلاصة جبـرائم

    حماصـر بـأنواع فإن األمر سيشهد قصوراً كبرياً خاصة إذا عرفنا أن هذا البنيان املادي . القتل واإليذاء عديدة من املمارسات الطبية بوجه عام واملستحدث منها بوجه خاص، حيث أفرزت الطفـرة الطبيـة اهلائلة يف اآلونة األخرية قلبة شرسة على عناصر اجلسم، خاصة بعد االكتشاف العالجات اجلينية وظهور

    جات اجلسم من أبـرز اخلامـات الصناعات البيولوجية والتكنولوجيا اإلحيائية واليت تعد مشتقات ومنت

    .37-26. ، صاملرجع السابق، عبد اهللا إبراهيم موس-1.37.، صنفس املرجع-2

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    17

    وهذا ما جيعل من حماولة ضبط وحتديد نطاق هذه املمارسات وجوانبـها . األولية لنشاط هذه الصناعة .القانونية أمراً ال يدركه املرء إال بشق األنفس

    حناول يف هذا الصدد التأسيس لفكرة مفادها أن اجلسم البشري مل يعد ينظر إليه كما يف السابق ية، بل أصبح ينظر إليه بصورة متجزئة، أعضاء، مشتقات، منتجات، كما مل يعـد ينظـر إىل بصفة كل

    الروح بأا مغادرة الروح للجسد بصفة يقينية وكلية، بل أضحى ينظر إىل الروح على أنوع متعـددة، ومن مث نرى أن يستتبع نطاق احلمايـة اجلنائيـة للجـسم ...حياة خلوية، حياة نسيجية، حياة عضوية

    . البشري املراحل التالية ملوت اإلنسان مادامت أعضائه وخالياه ومنتجاته تتمتع ـذه احليـاة اجلزئيـة ويتوافق هذا الكالم مع ما جد يف الطب احلديث عن استعماالت اجلسم البشري واستخداماته يف إطـار

    ماا كالتحكم يف اجلـنس التقنيات الطبية احلديثة، نقل األعضاء، االستنساخ، اهلندسة الوراثية واستخدا .وغريها...

    ، وكـذا ملعـىن 1ونستند يف هذا املعىن بالتركيز على املعىن اللغوي للجسم كما سـبق ذكـره من القانون املدين اجلزائـري، وداللـة 25يف القانون أو معىن الشخصية تطبيقاً لنص املادة " الشخص"

    شخصية القانونية وترتيب اآلثار القانونية عليها يبدو معىن اجلسم وحماولة املقارنة بينهما، كما أن زوال ال مستقالً عن التعامل يف اجلسم البشري يف اإلطار الطيب، خصوصاً بعـد اكتـشاف أجهـزة اإلنعـاش

    . االصطناعي، اليت حتافظ على احلياة اجلزئية للجسم البشري ملدة زمنية طويلة رغم مفارقة الروح للجسدني مكونات اجلسم البشري بالنظر إىل أمهية التقسيم يف القانون والطب، وهلذه الغاية حناول أن نب

    ألن حتديد مكونات اجلسم البشري حتديداً دقيقا ينقل املسألة من واقعها التقليدي يف القانون اجلنائي إىل وهذا ما يـربر مـن . خصوصية تستلزمها دراسة أثر هذه التدخالت الطبية احلديثة على اجلسم البشري

    يف نظر القانون، وميكن اجلزم أن اجلسم يقـسم يف اإلطـار احية املنهجية اإلحاطة مبكونات اجلسم الن:كما يلي)_2(ومشتقات ومنتجات )_1(القانوين إىل أعضاء

    األعضاء البشرية-1وقيل كل عظم وافر من اجلسد بلحمه أو هو جزء مـن . العضو يف اللغة كل حلم وافر بعظمه

    واألعضاء الرئيسية هي الـيت . فه مجاعة بأنه جسم متولد من أول مزاج األخالط وقد عر . جمموع اجلسد .2تكون مبادئ للقوى حمتاجا إليها يف بقاء الشخص، وهي القلب والدماغ والكبد أو يف بقاء النوع

    .من هذه الرسالة5و4أنظر الصفحتني - 1.610. ص،1979،ملعلم بطرس البستاين، حميط احمليط، مكتبة لبنان ناشرون، لبنانا-2

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    18

    جمموعة أنسجة تعمل مع بعضها البعض كي تؤدي وظيفة معينة كاملعدة " والعضو عند األطباء " واألنسجة اليت يتكون منها العضو هـي ". ية والدماغ واألعضاء التناسلية والقلب وغريهاوالكبد والكل

    جمموعة اخلاليا اليت تعمل مع بعضها البعض لتؤدي وظيفة معينة واخللية هي أصـغر وحـدة يف املـواد .1"احلية

    أي جزء " :على أنه 2أما تعريف العضو يف الفقه اإلسالمي فهو كما عرفه جممع الفقه اإلسالمي إال أن . من اإلنسان من أنسجة وخاليا ودماء وحنوها، كقرنية العني سواء كان متصال به أم انفصل عنه

    هذا التعريف يشمل بعض أجزاء اجلسم غري واردة يف التعريف كالشعر والدم واللـنب فهـذه ليـست اإلنسان مـن أنـسجة كل جزء من :" أعضاء، وعليه فالتعريف املختار أن يقال بأن العضو البشري هو

    ذلك أن الشعر واألظافر مـن ملحقـات ". وخاليا ال يتجدد بعد نزعه أو يتجدد وليس من شأنه الرتع ولذلك ينطبق لفظ العضو عليها، غري أمـا . اجللد، واجللد عضو بشري، وهو أكرب األعضاء الظاهرة

    من أنسجة وال من خاليا، فهو إذن أما بالنسبة حلليب األم فهو ال يتكون . ليس حبد ذاما أعضاء بشرية .3ليس عضوا بشريا

    وتبدو حاجة رجل القانون إىل إجياد تعريف منضبط ملصطلح العضو أكثر من رجل الطب ذلك أن االختالف يف بيان املقصود بالعضو يؤدي بالضرورة إىل اختالف اآلثار القانونية وتكييـف أفعـال

    .االنتهاك الواقعة على اجلسم البشريالفقرة الثالثة من قانون العقوبات اجلزائري على جرمية وعقوبة العنـف 264د نصت املادة فلق

    املؤدي إىل عاهة مستدمية كفقد أو بتر أحد األعضاء أو املنع من استعمال عضو أو فقد البصر أو إبصار املـادي يف أحد العينني أو أية عاهة مستدمية أخرى، فيأيت بيان مصطلح العضو كضرورة لتحديد الركن

    . جرائم اإليذاء أو العنف والتعديال جيوز انتزاع أعضاء :" املتعلق حبماية الصحة وترقيتها 054-85من قانون 161وتنص املادة

    اإلنسان وال زرع األنسجة أو األجهزة البشرية إال ألغراض عالجية أو تشخيصية حـسب الـشروط املادة ما املقصود بالعضو وال املواد التالية هلا، غري أـا ومل حتدد هذه ". املنصوص عليها يف هذا القانون

    . ذكرت بعض األعضاء وأجهزة اجلسم كالقرنية والكلية لتعلقها بأحكام خاصة

    .09.ص،2004حممد املدين بوساق، موقف الشريعة اإلسالمية من نقل األعضاء بني البشر، دار اخللدونية للنشر والتوزيع، اجلزائر، -1فربايـر 11-6هــ، املوافـق 1408مجادى اآلخرة 23-18ة السعودية من قرار جملس امع اإلسالمي املنعقد جبدة يف اململكة العربي -2

    .بشأن انتفاع اإلنسان بأعضاء جسم اإلنسان آخر حياً أو ميتا1988ً.11-10.حممد املدين بوساق، املرجع السابق، ص-3.1990جويلية 31خ يف املؤر17-90املتعلق حبماية الصحة وترقيتها املعدل واملتمم بالقانون رقم 05-85قانون -4

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    19

    إن كتابات الفقه اجلنائي ال تقدم لنا إجابات وافية يف هذا الصدد، وإن كانت تعطـي بعـض بني األعضاء الضرورية، وبـني األعـضاء غـري التمييز 1ويرى البعض . األمثلة كاليد والساق والرأس

    على النفس التسليم بـه؛ ألنـه إال أن هذا التقسيم يشق . الضرورية اليت تبقي الشخص على قيد احلياة ذلك أن مفهوم احلق يف احلياة ال يتحدد نطاقه بالنقطة الـيت ،يؤدي إىل احنسار احلماية اجلنائية للجسم

    فهناك صلة وثيقة بني احلـق يف . اإلنسان يف أن تسري الوظائف احليويةتقابل املوت بل يتسع ليشمل حق .احلياة واحلق يف التكامل اجلسدي إذ أن هذا األخري يعترب الدرع الواقي لألول

    وإذا ما اجتهنا إىل القوانني الطبية، فإننا جند أن املشرع اجلنائي واملدين الفرنـسي قـد أدرك يف فائدة ذلك وإن كان ال يعرف العضو البـشري، 1994حيائية الصادر يف قوانني أخالقيات العلوم اإل

    املعدل لقانون الـصحة 1994جويلية 29الصادر يف 654-94من القانون 716ولكنه يف املادة يعد مبثابة العضو يف تطبيق أحكام القسم : "يف الفقرة األوىل أشار إىل تعريف النخاع العظمي بأنه العامة

    .2"ألعضاء البشريةاخلاص بنقل ابالقـانون القـومي املعدلمن قانون الصحة العامة 301األمريكي فنجده يف املادة شرعأما امل

    ال يعرف العضو البشري وإمنا يعـدد بعـض 19843أكتوبر عام 19لزراعات األعضاء الصادر يف نية العظم، اجللد، أو كل األعضاء، حيث أشار إىل الكبد، القلب، الرئة البنكرياس النخاع العظمي، القر

    .4ما تضفي عليه اللوائح الصادرة من وزارة الصحة هذا الوصف، وال خيفى ملا هلذا السرد من لغط كبريوبالنسبة للقانون الربيطاين، فإنه وحبق يعترب من التشريعات الرائدة يف وضع تعريـف منـضبط

    -7يف املـادة 19895الصادر عام للعضو، حيث نص يف القانون اخلاص بتنظيم ونقل وزرع األعضاء يقصد بكلمة عضو يف تطبيق أحكام هذا القانون كل جزء من اجلسم يتكون من جمموعة :" على أنه 02

    مركبة ومنتظمة من األنسجة، واليت ال ميكن للجسم استبداله بـشكل تلقـائي، إذا مـا مت استئـصاله .6"بالكامل

    ؛ حممـد املرسـي 11.ص،2002مهند صالح أمحد فتحي العزة، احلماية اجلنائية للجسم البشري، دار اجلامعة اجلديدة، اإلسكندرية، مصر،-1.385.، ص1990، ال توجد دار النشر، )دراسة مقارنة( زهرة، اإلجناب الصناعي وأحكامه القانونية وحدوده الشرعية

    2-« La moelle osseuse est considérée comme un organe pour l’application des dispositions du présent livre ». ArtL. 671. Loi n° 94-654 du 29 juillet 1994 relative au don et à l'utilisation des éléments et produits du corpshumain, à l'assistance médicale à la procréation et au diagnostic prénatal. J. O. 30 juillet 1994.3 - The National Organ Transplant Act ( Public Law N° 98-507) 19 October 1984( US code congressional andAdministrative News, December, 1984, N° 10 ? pp 2339-2348) , International Digest of Heaith Legislation(IDHL) 1985-36(3) p.604.

    .16.مهند صالح أمحد فتحي العزة، املرجع السابق، ص-45 - Human Organ Transplants Act 27 th July 1989, Web-http// www. Organet. Co. Uk/ body/ Hot. See also,International Digest of Health Legislation( IDHL) 1989, 40 (4), p840.6 - In This Act «" Organ" means any part of a human body consisting of a structured arrangement of tissueswholly removed, can not be replicated by the body », Subseec (2). Sec (7), Human Organ Transplants Act 1989.

  • املبادئ العامة للحماية اجلنائية جلسم اإلنسانولاألالفصل

    20

    سعودية لتنظيم عمليات نقل األعضاء معىن العـضو من القرار الصادر عن اململكة العربية ال ضوتيقصد هنا بالعضو أي جزء من اإلنسان، من أنسجة وخاليـا ودمـاء " البشري، فجاء يف مطلع القرار

    .1"سواء أكان متصالً به أم انفصل عنه . وحنوها، كقرنية العنيلتربع باألعضاء واألنسجة املتعلق با 162-98وتنص املادة الثانية من قانون اململكة املغربية رقم

    " ألجل تطبيق هذا القانون، يراد بعبارة " البشرية وأخذها وزرعها على املقصود باصطالح العضو بقوهلا ك