التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ...

574
ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻛﺘﺎﺏ ﻟﺸﺮﺡ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺣﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﺩﺭﻭﺱ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺁﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﱀ

Upload: others

Post on 08-Feb-2020

4 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

الذي هو حق اهللا على العبيد

دروس ألقاها صاحل بن عبد العزيز بن حممد بن إبراهيم آل الشيخ

Page 2: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

2

املقدمة

مقدمة شرح كتاب التوحيدهذا شرح : احلمد هللا والصالة والسالم على رسول اهللا وآله وصحبه ومن وااله

يف مسجد شيخ اإلسالم ابن تيمية حبي سلطانة لكتاب التوحيد، شرحته يف جمالس متصلة يف مدينة الرياض عاصمة اململكة العربية السعودية، وقد فرغ من األشرطة املسجلة وأصلحت بعض األلفاظ مبا يناسب املكتوب، فلم أقصد إىل تأليف شرح، ولذلك فإين

رح من عدم أرغب من احملققني يف مقاصد التأليف أن يغضوا الطرف عما قد يرد يف الش استيعاب أو علو عبارة، واهللا أسأل أن جيزي مؤلف األصل اجلد اإلمام حممد بن عبد الوهاب خري اجلزاء عن أهل السنة لقاء ما قرب هلم من علوم الكتاب والسنة، وصلى اهللا

. على نبينا حممد وسلم تسليما صاحل بن عبد العزيز آل الشيخ

Page 3: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

3

بسم اهللا الرمحن الرحيم الذي بعث عباده املرسلني بتوحيده، وأقام هبم احلجة على عبيده، فاتفقوا احلمد هللا

أوهلم وآخرهم على توحيده وتفريده، ونبذ الشرك وتنديده، وأنه اإلله احلق املستحق باطلة؛ فإنه ما ع بد غري اهللا إال - كائنا من كان -للعبادة دون من سواه، وعبادة غريه

. بالبغي، والظلم، والعدوان وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له، تأكيدا بعد تأكيد؛ لبيان مقام التوحيد، وأشهد أن حممدا عبد اهللا ورسوله، صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثريا إىل

-: يوم الدين، أما بعد من مؤلفات اإلمام املصلح اجملدد شيخ اإلسالم - كتاب التوحيد -فهذا الكتاب

- غين عن التعريف؛ ملا جعل اهللا - رمحه اهللا-ملسلمني، حممد بن عبد الوهاب، وهو واشرقا وغربا، جنوبا ومشاال، : لدعوته من أثر ظاهر النفع يف مجيع أحناء األرض -جل وعال

عليه أفضل ، إحياء لدعوة حممد بن عبد اهللا -رمحه اهللا- وال غرو يف ذلك فإن دعوته . الصالة والسالم

كتاب عظيم جدا، أمجع علماء التوحيد، - الذي حنن بصدد شرحه -ب التوحيدوكتاعلى أنه مل يصنف يف اإلسالم يف موضوعه مثله، فهو كتاب وحيد وفريد يف بابه، مل ينسج

طرق يف هذا الكتاب مسائل توحيد العبادة، - رمحه اهللا -على منواله مثله؛ ألن املؤلف ه، أو يضاد كماله، فامتاز الكتاب بسياق أبواب توحيد وما يضاد ذلك التوحيد، من أصل

العبادة مفصلة، م د ل ل ة ، وعلى هذا النحو، بتفصيل، وترتيب، وتبويب ملسائل التوحيد، مل يوجد من سبق الشيخ إىل ذلك، فحاجة طالب العلم إليه، وإىل معرفة معانيه ماسة؛ ملا

.اشتمل عليه من اآليات، واألحاديث، والفوائد - رمحه اهللا -وقد شبه بعض العلماء هذا الكتاب بأنه قطعة من صحيح البخاري

ن س ج كتابه هذا ن س ج اإلمام البخاري صحيحه - رمحه اهللا -وهذا ظاهر، ذلك أن الشيخ واحلديث واآلية - غالبا -من جهة أن التراجم اليت يعقدها، حتتوي على آية وحديث

Page 4: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

4

من كالم أهل العلم - رمحه اهللا - ر هلا، وكذلك ما يسوقه على الترمجة، وما بعدها مفس -من الصحابة، أو التابعني، أو أئمة اإلسالم، هو نسق طريقة اإلمام أيب عبد اهللا البخاري

. فإنه يسوق أقوال أهل العلم يف بيان املعاين -رمحه اهللا ها، وكان الداعي إىل وهذا الكتاب صنفه إمام الدعوة ابتداء يف البصرة مل ا رحل إلي

ومن ضياع مفهوم التوحيد احلق - جل جالله -تأليف ما رأى من شيوع الشرك باهللا األكرب، واألصغر، واخلفي، فابتدأ : عند بعض املسلمني، وما رآه عندهم من مظاهر الشرك

يف البصرة مجع هذا الكتاب، وحترير الدالئل ملسائله، ذكر ذلك تلميذه، وحفيده الشيخ ، مث إن الشيخ مل ا قدم جندا حرر "املقامات" يف - رمحه اهللا-مام عبد الرمحن بن حسن اإل

- كتاب دعوة إىل التوحيد احلق؛ ألن الشيخ - حبق-الكتاب، وأكمله، فصار كتابه هذا بني فيه أصول دالئل التوحيد، وبني فيه معناه وفصله، كما بني فيه ما يضاده، -رمحه اهللا

أفراد توحيد العبادة، وأفراد توحيد األمساء والصفات - أيضا-ده، وبني واخلوف مما يضا إمجاال، واعتىن ببيان األكرب واألصغر وصورمها، والذرائع املؤدية إليهما، وبي ن ما ي ح مى به

كتاب "فـ . التوحيد، والوسائل إىل ذلك، وبني أيضا شيئا من أفراد توحيد الربوبية ع جدا، جدير بأن يعىن به عناية حفظ، ودرس، وتأمل؛ فالعبد كتاب عظيم النف" التوحيد

حمتاج إليه للعمل به، ولتبليغ ما فيه من العلم ملن وراءه من الناس، سواء أكانوا يف املسجد، أن م ن فهم هذا الكتاب : واملقصود . أم يف البيت، أم يف مقر عمله، أم يف أي جهة أخرى

. ، بل يكون قد فهم جل مسائله وأغلبهافقد فهم أكثر مسائل توحيد العبادةوقد كنت نظرت يف الكيفية اليت ينبغي أن يشرح هبا هذا الكتاب، وطريقة ذلك؛ ألن

طويل ال ميكن استيعاب شرحه شرحا متوسطا أو مبسوطا يف حنو - كما ي علم -الكتاب بني ما : مثانية عشر جملسا، فتأملت منهج العلماء الذين شرحوه، فوجدت شروحهم

بسيط، ووجيز، ووسيط، فرأيت أن يقتصر الشرح على ذكر الفوائد اليت يكثر التباسها على طلبة العلم، مع بيان مناسبة اآلي واألحاديث للترمجة، وإبراز وجه االستدالل من اآلية أو من احلديث على املقصود، وذكر شيء من تقرير احلجاج مع اخلصوم يف هذه

Page 5: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

5

: وهذه الطريقة اليت سنسلكها . كثري من طلبة العلم يف الشروح املسائل، رمبا ال يطالعهعلى الكتاب كله، مع عدم اإلخالل بإفهامه، - إن شاء اهللا-طريقة خمتصرة، سوف نأيت هبا

. وعدم اإلقالل من معانيه، ونسأل اهللا تعاىل املدد، واإلعانة، والتوفيق

Page 6: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

6

كتاب التوحيد

$ {: قال اهللا تعاىل tΒ uρ àM ø)n= yz £Ågø: $# }§ΡM}$#uρ ω Î) Èβρ ߉ç7÷èu‹Ï9 ∩∈∉∪ { )1(] 56: الذاريات[ ،

$ ô‰s)s9uρ {: وقوله uΖ÷Wyè t/ ’ Îû Èe≅à2 7π ¨Β é& »ωθ ß™§‘ Âχ r& (#ρ ߉ç6 ôã$# ©!$# (#θ ç7Ï⊥ tG ô_ $#uρ |Nθ äó≈ ©Ü9$# ( { )2( اآلية

4 * {: ، وقوله]36: النحل[ |Ós% uρ y7 •/u‘ ω r& (#ÿρ ߉ç7÷è s? Hω Î) çν$ −ƒ Î) Èø t$ Î!≡uθ ø9$$ Î/uρ $ ·Ζ≈ |¡ôm Î) 4 { )3( اآلية

ρ#) * {: ، وقوله]23: اإلسراء[ ߉ç6 ôã $#uρ ©!$# Ÿω uρ (#θ ä.Îô³è@ ϵ Î/ $ \↔ ø‹x© ( { )4( 36: النساء[ اآلية [

≅ö * {: وقوله è% (#öθ s9$ yè s? ã≅ø?r& $ tΒ tΠ§ym öΝà6š/u‘ öΝà6øŠn= tæ ( ω r& (#θ ä.Îô³è@ ϵ Î/ $ \↔ø‹x© ( { )5( اآليات

]. 151: األنعام[

اليت عليها خامته فليقرأ قوله من أراد أن ينظر إىل وصية حممد {: قال ابن مسعود

≅ö * {: تعاىل è% (#öθ s9$ yè s? ã≅ ø?r& $ tΒ tΠ§ym öΝà6š/u‘ öΝà6øŠn= tæ ( ω r& (#θä.Îô³è@ ϵ Î/ $ \↔ ø‹x© ( { )6( إىل قوله

} ¨β r&uρ #x‹≈ yδ ‘ÏÛ≡uÅÀ $ VϑŠ É)tG ó¡ãΒ { )7(اآلية {. )8(

يا معاذ، " : على محار فقال يل كنت رديف النيب { قال وعن معاذ بن جبل

: قال. اهللا ورسوله أعلم: ؟ قلت"أتدري ما حق اهللا على العباد، وما حق العباد على اهللاأن ال يعذب : أن يعبدوه، وال يشركوا به شيئا، وحق العباد على اهللا: حق اهللا على العباد"

. 56: سورة الذاريات آية )1( . 36: سورة النحل آية )2( . 23: سورة اإلسراء آية )3( . 36: سورة النساء آية )4( . 151: سورة األنعام آية )5( . 151: م آية سورة األنعا)6( . 153: سورة األنعام آية )7( . )381 / 3(والبيهقي يف شعب اإلميان يف الدر املنثور ) 3072( أخرجه الترمذي )8(

Page 7: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

7

ال تبشرهم، : " يا رسول اهللا، أفال أبشر الناس؟ قال:قلت". من ال يشرك به شيئا )2( . أخرجاه يف الصحيحني )1( } فيتكلوا

: فيه مسائل . احلكمة يف خلق اجلن واإلنس : األوىل . أن العبادة هي التوحيد؛ ألن اخلصومة فيه : الثانية

. )Iωuρ óΟçFΡr& tβρ߉Î7≈tã !$tΒ ß‰ç7ôãr& ∩⊂∪ { )3 {: ففيه معىن قوله . أن من مل يأت به مل يعبد اهللا : الثالثة

. احلكمة يف إرسال الرسل : الرابعة . أن الرسالة عمت كل أمة : اخلامسة . أن دين األنبياء واحد : السادسة: عىن قولهأن عبادة اهللا ال حتصل إال بالكفر بالطاغوت، ففيه م: املسألة الكبرية: السابعة

} yϑ sù öàõ3tƒ ÏNθ äó≈©Ü9$$ Î/ -∅ ÏΒ ÷σムuρ «!$$ Î/ ωs)sù y7 |¡ôϑ tG ó™ $# Íο uρ óãèø9$$ Î/ 4’ s+øO âθ ø9$# { )4( .

. أن الطاغوت عام يف كل ما ع بد من دون اهللا : الثامنةعظم شأن ثالث اآليات احملكمات يف سورة األنعام عند السلف وفيها عشر : اسعةالت . النهي عن الشرك : أوهلا. مسائل

وفيها مثاين عشرة مسألة بدأها اهللا . اآليات احملكمات يف سورة اإلسراء: العاشرة≅ω ö {: بقوله yèøgrB yìtΒ «!$# $ ·γ≈ s9Î) tyz# u y‰ãè ø)tG sù $ YΒθãΒ õ‹tΒ Zωρ ä‹øƒ ¤Χ ∩⊄⊄∪ { )5( .

، )4296(، ابن ماجه الزهد )2643(، الترمذي اإلميان )30(، مسلم اإلميان )6938( البخاري التوحيد )1(

. )5/234(أمحد ومسلم ) 7373(و ) 6500(و ) 6267(و ) 5967(و ) 2856(و ) 129(و ) 128( أخرجه البخاري )2(

)30( . . 3: سورة الكافرون آية )3( . 256: سورة البقرة آية )4( . 22: سورة اإلسراء آية )5(

Page 8: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

8

Ÿω {: هـوختمها بقول uρ ö≅ yè øg rB yì tΒ «! $# $ ·γ≈ s9 Î) t yz# u 4’ s+ ù= çF sù ’ Îû tΛ © yγ y_ $ YΒθ è= tΒ # ·‘θ ãm ô‰ ¨Β

∩⊂∪ { )1( . ونبهنا اهللا سبحانه على عظم شأن هذه املسائل بقوله :} y7 Ï9≡sŒ !$ £ϑ ÏΒ # yr÷ρ r&

y7 ø‹s9Î) y7•/u‘ zÏΒ Ïπ yϑ õ3Ït ø:$# 3 { )2( .

: النساء اليت تسمى آية احلقوق العشرة، بدأها اهللا تعاىل بقوله آية سورة : احلادية عشرة} * (#ρ ߉ç6 ôã $#uρ ©!$# Ÿω uρ (#θ ä.Îô³è@ ϵ Î/ $ \↔ ø‹x© ( { )3( .

سية ľانية عشرة سمة ل مى ا لة س

ἔه هة ˣة هللا اهللا س هللا ˣ . وة عشرة ῖˣ

ة ἔة Ϸ xهللانة ة عشهللا وة ي ي Tc 0002. ا<436Tj-0.45 0 TD0 Tc( )Tj/T6.30 0 .9167 TDية0-

Page 9: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

9

: الشرح

$ { :ىـكتاب التوحيد، وقول اهللا تعال : قوله tΒ uρ àM ø) n= yz £ Åg ø: $# }§Ρ M} $# uρ ω Î)

Èβρ ߉ ç7 ÷è u‹ Ï9 ∩∈∉∪ { )1(] جرت عادة املصنفني واملؤلفني، أن يضعوا بعد ] 56 :الذاريات

البسملة واحلمدلة خطبة للكتاب، يبينون فيها طريقتهم فيه، ومرادهم من تأليفه، وهاهنا طريقة املصنفني فلم جيعل للكتاب - رمحه اهللا-ملاذا خالف الشيخ : سؤال معروف، وهو

$ {: ل اهللا تعاىلوقو" كتاب التوحيد " :خطبة يبني فيها طريقته، بل قال tΒ uρ àM ø)n= yz £Ågø: $#

}§ΡM}$#uρ ω Î) Èβρ ߉ç7÷è u‹Ï9 ∩∈∉∪ { )2(] فأخاله من اخلطبة ]56: الذاريات ،. - أن التوحيد الذي سيبينه الشيخ - فيما يظهر يل - والسبب يف ذلك، والسر فيه

- وتوحيد اهللا قد بينه اهللا - جل وجالله -هذا الكتاب هو توحيد اهللا يف -رمحه اهللا من األدب يف مقام التوحيد أال ي جعل فاصال بني - لذلك - يف القرآن، فكان-جل وعال

احلق والدال على احلق وكالم الدال عليه، فاحلق الذي هللا هو التوحيد، والذي دل على وهذا من دليل عليه هو كالمه، وكالم رسوله وال- جل جالله -هذا احلق هو اهللا

)3( . يف صحيحه-لطائف أثر التوحيد يف القلب، وهذا كصنيع اإلمام البخاري، رمحه اهللا إذ مل جيعل لصحيحه خطبة، بل جعل صحيحه مبتدأ باحلديث؛ ذلك أن كتابه كتاب

بني يدي اهللا ورسوله، أال ي تقد م : سنة، ومن املعلوم أن من األدب، أو من مراعاة األدب فجعل البخاري صحيحه مفتتحا بقول الرسول فلم يقد م كالمه على كالم رسوله

ألن كتابه كتاب سنة، فجعل )5( )4( } إمنا األعمال بالنيات، وإمنا لكل امرئ ما نوى {

. 56: ذاريات آية سورة ال)1( . 56: سورة الذاريات آية )2( . 1 انظر البخاري يف كتاب بدء الوحي ص )3(، النسائي )1647(، الترمذي فضائل اجلهاد )1907(لم اإلمارة ـ، مس )1(خاري بدء الوحي ـ الب)4(

. )1/43(، أمحد )4227(، ابن ماجه الزهد )2201(، أبو داود الطالق )75(الطهارة ) 6953(و ) 6689(و ) 5070(و ) 3898(و ) 2529(و ) 54(و ) 1(خاري ـه البـرجـ أخ)5(

. )1907(لم ـومس

Page 10: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

10

وهذا من لطيف . -عليه الصالة والسالم -ه مبتدأ بكالم صاحب السنة كتابه يف ابتدائ . املعاين اليت يرعاها من نور اهللا قلوهبم ملعرفة حقه، وحق رسوله

مصدر و ح د يوح د توحيد ا، وقد جاء هذا : التوحيد) كتاب التوحيد( :قوله كما ورد يف صحيح بقلة، وجاء يف السنة الدعوة إىل توحيد اهللا، ) التوحيد( اللفظ

إنك تأيت قوما أهل {: ملا بعث معاذ بن جبل إىل اليمن قال له البخاري أن النيب

" يوحدوا " فـ )2( )1( } كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه إىل أن يوحدوا اهللا

الذي -رضي اهللا عنهما-، ويف الرواية األخرى من حديث ابن عباس "التوحيد " درهمصفليكن أول ما {: قال أنه- وهي يف الصحيحني -فيه قصة بعث معاذ إىل اليمن

فدل هذا على أن )4( )3( } ة أن ال إله إال اهللا، وأن حممدا رسول اهللا تدعوهم إليه شهاد

شهادة أن ال إله إال اهللا، وأن حممدا رسول اهللا، وأن حتقيق هاتني الشهادتني، : التوحيد هو . حتقيق للتوحيد: هو

و ح د ت املتكلم : جعله واحدا، تقول : وتوحيد الشيء إذا جعلت ه واحدا، ووحد : والتوحيد املطلوب يشمل . - جل وعال-إذا جعلوا املعبود واحدا، وهو اهللا : اهللا املسلمون : به يف كتابه من توحيده، وهو ثالثة أنواع - جل وعال -ما أمر اهللا

. توحيد الربوبية- 1 . وتوحيد األلوهية- 2 . وتوحيد األمساء والصفات- 3

، أبو )2435(، النسائي الزكاة )625(، الترمذي الزكاة )19(، مسلم اإلميان )1389( البخاري الزكاة )1(

. )1614( الدارمي الزكاة ، )1/233(، أمحد )1783(، ابن ماجه الزكاة )1584(داود الزكاة . )31) (19(ومسلم ) 7371(و ) 4347(و ) 2448(و ) 1496(و ) 1458( أخرجه البخاري )2(، أبو )2435(، النسائي الزكاة )625(، الترمذي الزكاة )19(، مسلم اإلميان )1389( البخاري الزكاة )3(

. )1614(، الدارمي الزكاة )1/233(، أمحد )1783(، ابن ماجه الزكاة )1584(داود الزكاة . )31) (19(ومسلم ) 7371(و ) 4347(و ) 1496(و ) 1395( أخرجه البخاري )4(

Page 11: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

11

اخللق، : وأفعال اهللا كثرية، منها. فمعناه توحيد اهللا بأفعاله: فأما توحيد الربوبية والر ز ق، واإلحياء، واإلماتة، وتدبري امللك، والنفع، والض ر، والشفاء، واإلجارة كما قال

uθ {: تعاىل يف الترتيل èδuρ çÅgä† Ÿω uρ â‘$ pgä† Ïµ ø‹n= tã { )1(] وإجابة دعوة املضطر، ] 88: املؤمنون

-وإجابة دعوة الداعي، وحنو ذلك من أفراد الربوبية، فاملتفرد بذلك على الكمال هو اهللا . - سبحانه-هو توحيد اهللا بأفعاله : فتوحيد الربوبية-جل وعال

إذا ع بد مع احملبة : وهة أل ه يأ ل ه إ هلة وأ ل : فاأللوهية مأخوذة من: وأما توحيد األلوهية ت أ ل ه إذا ع بد م ع ظ م ا م ح ب ا، ففرق بني العبادة واأللوهة، فإن األلوهة عبادة : يقال. والتعظيم

أ ل وهة : فيها احملبة، والتعظيم، والرضا باحلال، والرجاء، والرغب، والرهب، فمصدر أ ل ه يأ ل ه . وحيد األلوهية، ومها مصدران أل ل ه يأ ل ه توحيد اإلهلية، وقيل ت: وإهلة؛ وهلذا قيل

العبادة على ذاك النحو، : والتأ ل ه. عبد مع احملبة، والتعظيم: يف لغة العرب ) أ ل ه ( ومعىن : قال الراجز

ــبحن ــه س ــن تأل ــترجعن م ــدههللا واس ــيات املـــ در الغانـــ ج ع ل : و توحيد العبادة، يعين ه: من عباديت، فتوحيد اإلهلية، أو توحيد األلوهية : يعين

جل -، فالعبادة اليت يفعلها العبد أنواع، واهللا - جل جالله -العبادة لواحد، وهو اهللا هو املستحق لأللوهة وللعبادة، فهو ذو األلوهة، وهو ذو العبادة على خلقه -وعال . أمجعنياليت يوقعها على جهة هو توحيد اهللا بأفعال العبد املتنوعة، : األلوهية " توحيد " فـ

كان موحدا إياه توحيد اإلهلية، وإذا - جل وعال-التقرب، فإذا توجه هبا لواحد وهو اهللا . توجه العبد هبا هللا ولغريه كان مشركا يف هذه العبادة

أن يعتقد العبد : فهو توحيد األمساء والصفات، ومعناه : وأما النوع الثالث من التوحيد واحد يف أمسائه وصفاته ال مماثل له فيها، وإن ش ر ك بعض العباد اهللا - جل جالله -أن اهللا

. 88: سورة املؤمنون آية )1(

Page 12: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

12

يف أصل بعض الصفات فإهنم ال ي ش ر ك ونه -جل وعال - يف كمال املعىن، -جل وعال - -بل الكمال فيها هللا وحده دون من سواه، ومثال ذلك أن املخلوق قد يكون عزيزا واهللا

ن صفة العزة ما يناسب ذاته احلقرية الوضيعة هو العزيز، فللمخلوق م- جل جالله له من كمال هذه الصفة منتهى ذلك، ليس له فيها مثيل، -جل وعال -الفقرية، واهللا

øŠs9 ϵ§{ {: -جل وعال -وليس له فيها مشابه على الوجه التام، قال Î= ÷WÏϑ x. Öï† x« ( uθ èδ uρ

ßìŠÏϑ ¡¡9$# çÅÁ t7ø9$# ∩⊇⊇∪ { )1(] 11: الشورى [.

يف هذا الكتاب، لكن ملا -رمحه اهللا-فهذه األنواع الثالثة من التوحيد ذكرها الشيخ : ببيان النوعني- أعين علماء السنة والعقيدة -كانت التصانيف قبله اعتىن فيها العلماء

الث، ومها توحيد الربوبية وتوحيد األمساء والصفات، ملا اعتىن العلماء هبما مل األول، والث القول فيهما، وإمنا بسط القول فيما الناس أحوج إليه، - رمحه اهللا -يبسط الشيخ

فإن كتاباته املختلفة، ومؤلفاته - رمحه اهللا -ويفتقدون التصنيف فيه، وهذه طريقة اإلمام سب حاجة الناس إليها، ليست للتكاثر، أو لالستكثار، أو للتفنن، إمنا كانت حب : املتنوعة

وإمنا كتب فيما الناس حباجة إليه، فلم يكتب ألجل أن يكتب، ولكن كتب ألجل أن بي ن يف هذا الكتاب توحيد اإلهلية والعبودية، - إذ ا -يدعو، وبني األمرين فرق، فالشيخ

، والرجاء، والرغبة، واالستعانة، واالستغاثة، التوكل، واخلوف، واحملبة : وبني أفراده من مث . دون من سواه - سبحانه وحده -والذبح، والنذر، وحنو ذلك، فكل هذه عبادات هللا

ملا بسط ذلك ب ي ن أيضا ضده وهو الشرك - رمحه اهللا -إن الشيخ فهذا الكتاب الذي هو . بيان -أيضا -مساء والصفات، وفيه كتاب التوحيد، فيه بيان توحيد العبادة، والربوبية، واأل

أن ي ج ع ل واحد : اختاذ الشريك، وهو: والشرك معناه . الشرك: ضد ذلك، وضد التوحيد إذا جعل : إذا جعلهما اثنني، أو أشرك يف أمره غريه : أشرك بينهما : شريك ا آلخر؛ يقال

. 11: سورة الشورى آية )1(

Page 13: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

13

ك، كما سيأيت هنى عن الشر- جل وعال -فالشرك فيه تشريك، واهللا : ذلك األمر الثنني . - إن شاء اهللا -الكالم على ذلك

ي قس م : أنه حبسب ما دلت عليه النصوص : وقد بني أهل العلم عند كالمهم عن الشرك شرك : إىل قسمني باعتبار، ويقسم إىل ثالثة أقسام باعتبار آخر؛ فهو إما أن يقس م إىل

قسم إىل شرك أكرب، وشرك فهذا باعتبار انقسامه إىل قسمني، أو ي . أكرب، وشرك أصغر . فهذا باعتبار انقسامه إىل ثالثة أقسام . أصغر وشرك خفي

يف الربوبية، أو يف العبادة، أو يف - جل وعال -هو اختاذ شريك مع اهللا : والشرك يف - جل وعال -النهي عن اختاذ شريك مع اهللا : واملقصود هنا. األمساء والصفات

. -نه سبحا-العبادة، واألمر بتوحيده هو املخرج من امللة، : وهو تقسيم الشرك إىل أكرب وأصغر، فاألكرب : التقسيم األول

وليس فيه تنديد كامل ي ل ح ق ه بالشرك األكرب، . ما حكم الشارع عليه بأنه شرك: واألصغر ما كان وسيلة إىل الشرك األكرب، فعلى هذا يكون الشرك : وعب ر عنه بعض العلماء بقوله

. ه ما هو ظاهر، ومنه ما هو باطن خفي األكرب منعبادة األوثان، واألصنام، وعبادة القبور، واألموات : فمثال الظاهر من الشرك األكرب

شرك املتوكلني على املشايخ، أو على اآلهلة املختلفة، أو كشرك : ومثال الباطن . والغائبنيلكنه خفي، أي يف الباطن، املنافقني؛ ألن املنافقني مشركون يف الباطن؛ فشركهم أكرب، و

. وليس يف الظاهر منه ما هو ظاهر، ومنه ما هو باطن - على هذا التقسيم-وكذلك الشرك األصغر

لبس احللقة، واخليط، وتعليق التمائم، واحللف : خفي، فمثال الظاهر من الشرك األصغر الرياء وحنو يسري: ومثال الباطن اخلفي منه. بغري اهللا، وحنو ذلك من األعمال واألقوال

منه ما هو أكرب كرياء املنافقني الذين قال - على هذا التقسيم أيضا -فيكون الرياء . ذلك

Page 14: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

14

tβρ {: اهللا يف وصفهم â!#tム}¨$Ζ9$# Ÿω uρ šχρ ãä.õ‹tƒ ©!$# ω Î) WξŠ Î= s% ∩⊇⊆⊄∪ { )1(] 142: النساء[ ،

ما يقع فيه بعض املصلني املتصنعني يف صلواهتم؛ ألجل نظر الناس إليهم، ومنه ما هو : ومنه . أصغر كمن حيب التسميع أو املراءات

أكرب، وأصغر، وخفي، وهذا : -وهو جعله ثالثة أقسام -التقسيم الثاين للشرك جل -ن امللة؛ مما فيه صرف العبادة لغري اهللاما كان خمرجا م: التقسيم يعين به أن األكرب

ما كان وسيلة لذلك الشرك األكرب، وفيه تنديد ال يبلغ به أن خيرج : ، واألصغر-وجالله . أنه ندد وأشرك : من اإلسالم، وقد حكم الشارع على فاعله بالشرك، وحقيقة احلال

علم يقول بالتقسيم وبعض أهل ال. كيسري الرياء، وحنو ذلك : وأما الشرك اخلفي، فهووالتحقيق أهنما متساويان، أحدمها يوافق اآلخر، وليس . األول، ومنهم من يقول بالثاين

فقوله هذا : إن الشرك ينقسم إىل أكرب، وأصغر : فإذا مسعت من يقول . بينهما اختالفإن الشرك ينقسم إىل أكرب : - وهو قول أئمة الدعوة -صحيح، وإذا مسعت من يقول

. قوله صحيح -أيضا-فهذا : يوأصغر وخف

Ÿξ {: - جل وعال -فإذا تبني ذلك، فاعلم أن الشرك يعرب عنه بالتنديد، كما قال sù

(#θ è= yèøgrB ¬! #YŠ# y‰Ρr& { )2(] 22: البقرة[ ،} وقال النيب حينما سئل أي الذنب أعظم؟

)4( )3( } أن جتعل هللا ندا، وهو خلقك : "قال

فالتنديد منه ما هو تنديد أعظم، ومنه ما هو تنديد أصغر ليس فيه صرف العبادة لغري صار التنديد شركا أكرب، وإذا كان التنديد : لعبادة لغري اهللاهللا، فإذا كان التنديد جبعل ا

فإنه يكون : ندا هللا يف عمل، ومل يبلغ ذلك الشرك األكرب -جل وعال -جبعل غري اهللا

. 142: سورة النساء آية )1( . 22: سورة البقرة آية )2(، النسائي حترمي )3183(، الترمذي تفسري القرآن )86(سلم اإلميان ، م )4207( البخاري تفسري القرآن )3(

. )1/380(، أمحد )2310(، أبو داود الطالق )4014(الدم . )141) (86(مسلم ) 7520(و ) 6811(و ) 4761( أخرجه البخاري )4(

Page 15: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

15

تنديدا أصغر، وهو املسمى بالشرك األصغر، فهذه مقدمات، وتعريفات، وتنبيهات، . واهللا أعلم . إليها جعلتها بني يدي هذا الشرح ألمهيتها، وملسيس احلاجة

هذه ) قول( ).وقول اهللا تعاىل( )كتاب التوحيد( :- رمحه اهللا -قال إمام هذه الدعوة كتاب التوحيد ، : إما أن تنطقها على العطف، فتقول- كما يف صحيح البخاري -الكلمة

وقول اهللا، يعين . اىل وقول اهللا تع : وكتاب قول اهللا، أو تنطقها على االستئناف، فتقول :

$ {: وقول اهللا تعاىل( :قال tΒ uρ àMø)n= yz £Ågø: $# }§ΡM}$#uρ ω Î) Èβρ߉ç7÷è u‹Ï9 ∩∈∉∪ { )1(

أن السلف فسروا قوله : هذه اآلية فيها بيان التوحيد، ووجه ذلك ]) 56: الذاريات[ωÎ) Èβρ߉ç7÷è {: تعاىل u‹Ï9 ∩∈∉∪ { )2(إال ليوحدون : مبعىن )أن الرسل : ودليل هذا الفهم )3

ω {: توحيد العبادة، فقوله : إمنا بعثت ألجل التوحيد، أعين Î) Èβρ ߉ç7÷è u‹Ï9 ∩∈∉∪ { )4( يعين :

. إال ليوحدون

$ {: قوله tΒ uρ àM ø)n= yz £Ågø: $# }§ΡM}$#uρ ω Î) Èβρ߉ç7÷è u‹Ï9 ∩∈∉∪ { )5( هذه اآلية فيها حصر؛ ألن

: - على هذا-تفيد احلصر والقصر، فيكون معىن الكالم ) إال( النافية مع) ما( من املعلوم أنففيه قصر علة اخللق على . قت اجلن واألنس لغاية واحدة هي العبادة دون ما سواها أين خل . العبادة

ω {: وقوله Î) Èβρ ߉ç7÷è u‹Ï9 ∩∈∉∪ { )6( ، و )هذه أداة استثناء، واالستثناء هنا مفرغ ) إال

وما خلقت اجلن واإلنس لشيء، : يعين-يقول النحاة أي مفرغ من أعم األحوال كما - . أن يعبدوين : أو لغاية من الغايات أبدا إال لغاية واحدة، هي

. 56: سورة الذاريات آية )1( . 56: سورة الذاريات آية )2( . 238 / 4ري ج تفسري ابن كث )3( . 56: سورة الذاريات آية )4( . 56: سورة الذاريات آية )5( . 56: سورة الذاريات آية )6(

Page 16: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

16

Èβρ߉ç7÷è {: وقوله u‹Ï9 ∩∈∉∪ { )1( هذه الالم تسمى الم التعليل، والم التعليل هذه قد

. إما تعليل غاية، أو تعليل علة: يكون معناهاهذه : يكون ما بعدها مطلوبا ولكن قد يكون، وقد ال يكون، يعين : فتعليل الغاية

وفرق بني العلة واحلكمة، ي و ض ح ه . الم احلكمة . ويسميها بعض العلماء. الغاية : إذا قيل : سواه فهذا أن يعبدوا اهللا وحده دون ما : ما احلكمة من خلق اجلن واإلنس؟ فاجلواب

ω {: التعليل لقوله Î) Èβρ߉ç7÷è u‹Ï9 ∩∈∉∪ { )2( مل : -مثال- هو تعليل غاية؛ ولو سألت شخصا

أحضرته ألقرأ، كانت علة اإلحضار أو احلكمة من اإلحضار : أحضرت الكتاب؟ قال لك خبالف الالم اليت يكون معناها العلة؛ وهي اليت يترتب عليها القراءة فقد يقرأ وقد ال يقرأ

احلكم دائر مع علته وجودا وعدما، فتلك هي علة : معلوهلا، واليت يقول العلماء يف حنوها علة الغاية؛؟ ألن من اخللق : فتكون الالم هنا . القياس اليت ال يتخلف فيها املعلول عن العلة

. لكن عبد غريه- جل وعال - من أ وجد، وخلقه اهللا : هنا- جل وعال -والم احلكمة شرعية، ويكون ما بعدها مطلوبا شرعا؛ وقد قال

} $ tΒ uρ àMø)n= yz £Ågø: $# }§ΡM}$#uρ ωÎ) Èβρ߉ç7÷è u‹Ï9 ∩∈∉∪ { )3( ،أن هذه اآلية دالة : فنفهم من هذا

. ن جهة أن الغاية من اخللق هي التوحيد، والعبادة هنا هي التوحيد على التوحيد، ماخلضوع والذل، فإذا انضاف إليها احملبة واالنقياد صارت عبادة : وحقيقة العبادة

: شرعية، قال طرفة يف وصف ناقة يفا فــوق مــور معــبد ظــ و يفاظــو ــباري ــت ت ــيات وأتبع ــتاقا ناج ع

. الذي ذلل من كثرة وطء األقدام عليه هو: الطريق، واملعبد : واملور : وقال أيضا يف معلقته

. 56: سورة الذاريات آية )1( . 56: سورة الذاريات آية )2( . 56: سورة الذاريات آية )3(

Page 17: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

17

ــردت ــبد وأف ــبعري املع ــراد ال ــلها إىل إف ــرية ك ــتين العش أن حتامالذي صار ذليال؛ ألنه أصيب باملرض، فجعل بعيدا عن باقي األبعرة، فصار : يعين

. ذليال، لعدم املخالطة وقال بعض . ي على جهة احملبة والرجاء واخلوف هي امتثال األمر والنه: والعبادة شرعا

وهذا تعريف . إن العبادة هي ما أ مر به من غري اقتضاء عقلي وال اطراد عريف : العلماء . األصوليني

اسم جامع : العبادة: -"العبودية " يف بيان معناها يف أول رسالة-وقال شيخ اإلسالم . ظاهرة والباطنةملا حيبه اهللا ويرضاه من األقوال، واألعمال ال

أن كل فرد من أفراد العبادة جيب أن يكون هللا وحده : - إذ ا -فتكون داللة هذه اآلية وهو -دون ما سواه؛ ألن الذي خلقهم إمنا خلقهم ألجل أن يعبدوه، فكوهنم يعبدون غريه

يعد من االعتداء والظلم العظيم؛ ألنه ليس من خيلق كمن ال خيلق؛ كما -الذي خلقهم yϑ {: - جل وعال -قال sùr& ß,è= øƒ s† yϑ x. ω ß,è= øƒ s† 3 { )1(] 17: النحل .[

$ ô‰s)s9uρ {: وقوله: - رمحه اهللا-قال الشيخ uΖ÷Wyè t/ ’Îû Èe≅ à2 7πΒ é& »ωθß™ §‘ Âχ r& (#ρ ߉ç6 ôã$# ©! $#

(#θ ç7Ï⊥ tG ô_ $#uρ |Nθ äó≈©Ü9$# ( { )2(] هذه اآلية تفسري لآلية قبلها، فاآلية قبلها فيها ]36: النحل ،

بيان معىن العبادة، وفيها بيان الغرض من إجياد اخللق، وأنه ألجل العبادة اليت أرسلت هبا الرسل )ô‰s)s9uρ $uΖ÷Wyèt/ ’Îû Èe≅à2 7πΒé& »ωθß™§‘ Âχr& (#ρ߉ç6ôã$# ©!$# (#θç7Ï⊥tGô_$#uρ |Nθäó≈©Ü9$# ( { )3 {: بدليل قوله

: ي قولهـفف. طاغوتاعبدوا اهللا، واجتنبوا ال: فاهللا تعاىل ابتعث الرسل هباتني الكلمتني} (#ρ ߉ç6 ôã$# ©!$# { )4(إثبات، ويف قوله :} (#θ ç7Ï⊥ tG ô_ $#uρ |Nθ äó≈©Ü9$# ( { )1( نفي، وهذا هو

. 17: سورة النحل آية )1( . 36: سورة النحل آية )2( . 36: رة النحل آية سو)3( . 36: سورة النحل آية )4(

Page 18: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

18

ρ#) {ى إثبات ونفي، فقوله يف اآلية ـىن التوحيد املشتمل علـمع ߉ç6 ôã$# ©!$# (#θ ç7Ï⊥ tG ô_ $# uρ

|Nθ äó≈ ©Ü9$# ( { )2(يتضمن معىن قول : ) ؛ ألن النفي فيه اجتناب الطاغوت )ال إله إال اهللا-

إثبات العبادة هللا وحده دون : ، واإلثبات فيه- وهو كل إله ع ب د بالبغي والظلم والعدوان ρ#) {: ما سواه، ففي قوله ߉ç6 ôã θ#) { املثبت، ويف قوله التوحيد)3( } #$!© #$ ç7Ï⊥ tG ô_ $#uρ

|Nθ äó≈ ©Ü9$# ( { )4(نفي اإلشراك .

كل ما جاوز به العبد حده من متبوع، أو : والطاغوت فعلوت من الطغيان، وهو . معبود، أو مطاع

4 * {: وقوله: قال |Ós% uρ y7 •/u‘ ω r& (#ÿρ ߉ç7÷è s? Hω Î) çν$ −ƒ Î) È ø t$ Î!≡uθ ø9$$ Î/uρ $ ·Ζ≈ |¡ôm Î) 4 { )5(] اإلسراء :

وأمر ووصى . أمر ووصى: مبعىن- كما فسرها عدد من الصحابة هنا -) قضى( ]23ω {: يف قوله ) أن ( القول دون حروف القول، فتكون معىن r& (#ÿρ ߉ç7÷è s? { )6( ،مصدرية

ω {مباذا أمر ووصى؟ بـ : يعين r& (#ÿρ ߉ç7÷è s? Hω Î) çν$ −ƒ Î) È ø t$ Î!≡uθ ø9$$ Î/uρ $ ·Ζ≈ |¡ôm Î) 4 { )7(قوله :} ω r&

(#ÿρ ߉ç7÷è s? Hω Î) çν$ −ƒ Î) { )8(هذا معىن ) نفي يف اجلملتني، وقال ) ال( باملطابقة؛ ألن) ال إله إال اهللا

ÿρ#) {: هنا ߉ç7÷è s? { )9(وهي مبعىن ) املذكورة يف كلمة التوحيد، فاإلله هو املعبود ) إله .

. 36: سورة النحل آية )1( . 36: سورة النحل آية )2( . 36: سورة النحل آية )3( . 36: سورة النحل آية )4( . 23: سورة اإلسراء آية )5( . 23: سورة اإلسراء آية )6( . 23: سورة اإلسراء آية )7( . 23: راء آية سورة اإلس)8( . 23: سورة اإلسراء آية )9(

Page 19: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

19

ω {: فقوله r& (#ÿρ ߉ç7÷è s? Hω Î) çν$ −ƒ Î) { )1(احصروا العبادة فيه وحده دون ما سواه، فإنه : يعين

أمر هبذا ووصى به، وهذا هو معىن التوحيد، وداللة اآلية على التوحيد ظاهرة، يف أن ). ال إله إال اهللا ( التوحيد إفراد اهللا بالعبادة، أو حتقيق كلمة

È {: وقوله ø t$ Î!≡uθ ø9$$ Î/uρ $ ·Ζ≈ |¡ôm Î) 4 { )2(وأحسنوا بالوالدين إحسانا : يعين .

Ÿω {: وقوله تعاىل: قال uρ (#θ ä.Îô³è@ ϵ Î/ $ \↔ ø‹x© ( { )3(] فيه - أيضا-وهذا] 36: النساء

ρ#) * {: أمر وهني، أما األمر ففي قوله ߉ç6 ôã$#uρ ©!$# { )4(وأما النهي ففي قوله :} Ÿω uρ

(#θ ä.Îô³è@ ϵ Î/ $ \↔ ø‹x© ( { )5( وقد مر داللة قوله :} * (#ρ ߉ç6 ôã$#uρ ©!$# { )6(لنفي، على مع ا

. توحيد اهللا

Ÿω {: مث تأمل قوله هنا uρ (#θ ä.Îô³è@ ϵ Î/ $ \↔ ø‹x© ( { )7(فإن )هنا ناهية، ومن املتقرر يف ) ال

) ال ( د العموم، وما بعدعلم األصول أن النهي كالنفي، إذا تسلط على نكرة، فإنه يفي نكرة وهو املصدر أحد مدلويل الفعل؛ ألن الفعل املضارع مشتمل على مصدر وزمن، فـ

} Ÿω uρ (#θ ä.Îô³è@ { )8(ـ : يعين ت ش ر ك وا( ال إشراك به، ف واملصدر نكرة، متضمنة ملصدر،)

Ÿω {: فيكون قوله uρ (#θ ä.Îô³è@ { )9( كما أن . دل على النهي على أي نوع من الشرك

. 23: سورة اإلسراء آية )1( . 23: سورة اإلسراء آية )2( . 36: سورة النساء آية )3( . 36: سورة النساء آية )4( . 36: سورة النساء آية )5( . 36: سورة النساء آية )6( . 36: سورة النساء آية )7( . 36: اء آية سورة النس)8( . 36: سورة النساء آية )9(

Page 20: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 21: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

21

ö/ä3Ï9≡sŒ Νä38 {: هــ، ألنه جاء يف آخر اآلي قول )وصاكم( بقوهلم ¢¹ uρ ϵ Î/ ÷/ä3ª= yè s9 tβθè= É)÷è s?

=ä3ª/÷ {: وقال يف اآلية الثانية، )1( } ∪⊆∋⊆∩ yè s9 šχρ ã©.x‹s? ∩⊇∈⊄∪ { )2( ،وقال يف اآلية الثالثة :

} ÷/ä3ª= yè s9 tβθà)−G s? ∩⊇∈⊇∪ { )3( إذ ا - وكل هذه الثالث فيها التوصية، فيكون تقدير الكالم

: والوصية هنا . وص اكم أال تشركوا به شيئا : مقل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليك : - . فهي أمر واجب : شرعية، وإذا كانت الوصية من اهللا شرعية

Ÿω {: وقوله uρ (#θ ä.Îô³è@ ϵ Î/ $ \↔ ø‹x© ( { )4( آية النساء اليت داللتها على التوحيد كداللة

. قبلهامن أراد أن ينظر إىل : وهو قوله أثر ابن مسعود- رمحه اهللا -مث ساق الشيخ

. )5( إخل ..... اليت عليه خامته، فليقرأ قوله تعاىل وصية حممد يعين اليت كانت من آخر ما وصى به ومن آخر ما أمر به، ): اليت عليها خامته( :قوله

عليه الصالة - أنه وصى، وختم على هذه الوصية، وفتحت بعد وفاته يعين اليت لو ق د ر وانتقاله إىل الرفيق األعلى لكانت هي هذه اآليات اليت فيها الوصايا العشر، -والسالم

فهذا القول من ابن مسعود للداللة على عظم شأن هذه اآليات اليت افت ت ح ت بالنهي عن ر بعبادة اهللا وحده، والنهي عن الشرك، واختتمها أيضا ابتدأ دعوته باألم والنيب . الشرك

باألمر بالتوحيد والنهي عن الشرك فدل ذلك - كما دل عليه كالم ابن مسعود هذا - . على كونه أوىل املطالب، وأول املطالب، وأهم املطالب

. 151: سورة األنعام آية )1( . 152: سورة األنعام آية )2( . 153: سورة األنعام آية )3( . 36: سورة النساء آية )4( . تقدم)5(

Page 22: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

22

على محار كنت رديف النيب: قال وعن معاذ بن جبل {: مث قال بعد ذلك

اهللا : قلت " يا معاذ أتدري ما حق اهللا على العباد وما حق العباد على اهللا؟ " :فقال يل وموطن )2( )1( } حق اهللا على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئا: ورسوله أعلم، قال

حق اهللا على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به {: احلديث هو قولهالشاهد من هذا

- وهذا قد مر بيان معناه، لكن الشاهد من هذا احلديث، ومناسبته لالبتداء )3( } شيئا

أتدري ما حق اهللا على {: لذي يف قولها) حق( أنه أتى فيه بلفظ : ابتداء كتاب التوحيد

وهذا احلق )4( } حق اهللا على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئا " :مث قال " العباد

املرسلني مجيعا أتوا هبذا ألن الكتاب والسنة، بل وألن- جل وعال -حق واجب هللا . احلق، وبيانه، وبيان أنه أوجب الواجبات على العباد

)5( } وحق العباد على اهللا أن ال يعذب من ال يشرك به شيئا {: مث قال

حق أحقه اهللا على نفسه باتفاق أهل العلم، أن هذا : معناه) حق العباد على اهللا( :قوله رمحه -وأوجبه على نفسه، كما يف بعض أقواهلم، كما قاله الشيخ تقي الدين ابن تيمية

. -اهللا

، ابن ماجه الزهد )2643(رمذي اإلميان ـ، الت )30(لم اإلميان ـ، مس )2701(خاري اجلهاد والسري ـ الب)1(

. )5/238(د ، أمح )4296( . تقدم)2((، ابن ماجه الزهد )2643(، الترمذي اإلميان )30(، مسلم اإلميان )2701( البخاري اجلهاد والسري )3(

. )5/238(، أمحد )42964296(، ابن ماجه الزهد )2643(، الترمذي اإلميان )30(، مسلم اإلميان )5912( البخاري االستئذان )4(

. )5/238(، أمحد )، ابن ماجه الزهد )2643(رمذي اإلميان ـ، الت )30(لم اإلميان ـ، مس )2701(خاري اجلهاد والسري ـ الب)5(

. )5/238(، أمحد )4296(

Page 23: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

23

: هل هو واجب أم ال؟ نقول " حق العباد على اهللا " :وهل ذلك احلق املذكور يف قوله حيرم - جل وعال -؛ فاهللا نعم هو حق واجب، لكن بإجياب اهللا ذلك احلق على نفسه

على نفسه ما يشاء مبا يوافق حكمته، ويوجب على نفسه ما يشاء مبا يوافق حكمته، فكما إين حرمت الظلم على نفسي وجعلته {: أن اهللا حرم الظلم على نفسه، كما يف قوله

كذلك أوجب على نفسه أشياء، لكن بعض أهل العلم )2( )1( } نكم حمرما فال تظاملوابي

- ي عب ر عن ذلك بأنه حق يتفضل به : على اهللا، وقال ) اإلجياب( حتاشى إطالق لفظ على من يشاء، فهو حق تفضل، ال حق إجياب، لكن هذا ليس مبتعني؛ ألن -سبحانه

- جل وعال -لى نفسه، والعباد ال يوجبون على اهللا احلق الواجب هو الذي أوجبه اهللا ع . ال خيلف امليعاد- جل جالله -شيئا من احلقوق به على عباده، واهللا

باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب

t {: وقول اهللا تعاىل Ï% ©!$# (#θ ãΖtΒ#u óΟs9uρ (#þθÝ¡Î6 ù= tƒ Οßγ uΖ≈ yϑƒ Î) AΟù= ÝàÎ/ { )3( 82: األنعام[ اآلية

من شهد أن ال إله إال اهللا وحده ال { قال رسول اهللا: عن عبادة بن الصامت قال]

، وأن حممدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد اهللا ورسوله، وكلمته ألقاها إىل مرمي شريك له )4( } وروح ومنه، واجلنة حق، والنار حق، أدخله اهللا اجلنة على ما كان من العمل

. )5( أخرجاه

. )2577( مسلم الرب والصلة واآلداب )1( . )2577( أخرجه مسلم )2( . 82: سورة األنعام آية )3( . )5/318(، أمحد )2638(، الترمذي اإلميان )28(، مسلم اإلميان )3252( البخاري أحاديث األنبياء )4( . )28(ومسلم ) 3435( أخرجه البخاري )5(

Page 24: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

24

ال إله إال اهللا يبتغي بذلك : فإن اهللا حرم على النار من قال {: وهلما يف حديث عتبان

. )2( )1( } وجه اهللا

يا رب، علمين شيئا: قال موسى {: قال وعن أيب سعيد اخلدري عن رسول اهللا

يا رب، كل عبادك : ال إله إال اهللا، قال : - يا موسى -قل : أذكرك وأدعوك به، قال يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غريي، واألرضني السبع يف : يقولون هذا؟ قال

رواه ابن حبان واحلاكم } كفة، وال إله إال اهللا يف كفة، مالت هبن ال إله إال اهللا

. )3( وصححه

يا : قال اهللا تعاىل {: يقول مسعت رسول اهللا: عن أنس- وحسنه -وللترمذي

ابن آدم، لو أتيتين بقراب األرض خطايا، مث لقيتين ال تشرك يب شيئا ألتيتك بقراهبا )5( )4( } مغفرة

: فيه مسائل . سعة فضل اهللا : األوىل . كثرة ثواب التوحيد عند اهللا: الثانية . تكفريه مع ذلك للذنوب : الثالثة . اليت يف سورة األنعام ) 82( تفسري اآلية: الرابعة . تأمل اخلمس اللوايت يف حديث ع بادة : اخلامسة

. )754(، ابن ماجه املساجد واجلماعات )33(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )415( البخاري الصالة )1( . )33(ومسلم ) 6938(و ) 6423(و ) 667(و ) 425( أخرجه البخاري )2( . وصححه ووافقه الذهيب 528 / 1واحلاكم ) موارد- 2324( أخرجه ابن حبان )3( . )2788(، الدارمي الرقاق )5/167( أمحد )4(وله شاهد من حديث أيب . حديث حسن غريب : وقال) 3534( والترمذي 172 و154 / 5 أخرجه أمحد )5(

. )2687(ذر عند مسلم

Page 25: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 26: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

26

: الشرحباب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب وما يكفر من " هذا الباب

يشمل التوحيد بأنواعه الثالثة؛ فالتوحيد بأنواعه الثالثة، له فضل عظيم على " الذنوب يف - رمحه اهللا - ومن أعظم فضله أنه به ت ك ف ر الذنوب؛ وهلذا قال الشيخ . أهله

هنا موصول امسي بداللة ) ما(فـ . وما يكفر من الذنوب باب فضل التوحيد، " :التبويبباب فضل : البيانية مما حيول دون جعلها موصوال حرفيا، فيكون املعىن " من " وجود

فالتوحيد يكفر الذنوب مجيعا، ال يكفر بعض الذنوب . التوحيد وبيان الذنوب اليت يكفرها ة إال وأحرق نور تلك احلسنة أثر دون بعض؛ ألن التوحيد حسنة عظيمة، ال تقابلها معصي

. املعصية إذا كمل ذلك النور ؛ فمن كمل "باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب " :فهذا هو املقصود بقوله

توحيد الربوبية، وتوحيد اإلهلية، وتوحيد األمساء والصفات : أعين-التوحيد بأنواعه الثالثة دخل : أنه من حقق التوحيد : يف الباب بعدهفإنه تكفر عنه ذنوبه، كما سيأيت بيانه : -

. اجلنة بغري حسابفكلما زاد التوحيد حمي من الذنوب مبقدار عظمه، وكلما زاد التوحيد أمن العبد يف الدنيا ويف اآلخرة مبقدار عظمه، وكلما زاد العبد يف حتقيق التوحيد كان متعرضا لدخول

: آية األنعام، فقال- رمحه اهللا - اإلمام اجلنة على ما كان عليه من العمل؛ فلهذا ساق . مث ذكر اآليات) باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب، وقول اهللا تعاىل (

. موصول حريف ) وما يكفر من الذنوب: (يف قوله) ما(إن : ومن العلماء من قال

t {: وقول اهللا تعاىل Ï% ©!$# (#θ ãΖtΒ#u óΟs9uρ (#þθ Ý¡Î6 ù= tƒ Οßγ uΖ≈ yϑƒ Î) AΟù= ÝàÎ/ y7 Íׯ≈ s9'ρ é& ãΝßγ s9 ßøΒ F{$# Νèδuρ

tβρ ߉tG ôγ •Β ∩∇⊄∪ { )1(] هو الشرك، كما جاء يف تفسري ذلك يف : الظلم هنا]. 82: األنعام

قال يف هذه اآلية يـأن النب {رضي اهللا عنه الصحيحني من حديث ابن مسعود

. 82: سورة األنعام آية )1(

Page 27: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

27

: يا رسول اهللا، أينا مل يلبس إميانه بظلم؟ فقال: حينما استعظم الصحابة هذه اآلية، وقالوا χ {: بد الصاحلالشرك، أمل تسمعوا لقول الع : ليس الذين تذهبون إليه، الظلم Î) x8÷Åe³9$#

íΟù= Ýàs9 ÒΟŠ Ïàtã ∩⊇⊂∪ { )1( {] 13: لقمان[ )هو : - يف مراد الشارع - فالظلم هنا )2

ن فضل من آمن بيا: الشرك، فيكون مقصود الشيخ من إيراد هذه اآلية حتت هذا الباب ووح د، ومل يلبس إميانه وتوحيده بشرك، وأن له األمن التام، واالهتداء التام؛ فهذا هو

الذين آمنوا ومل يلبسوا إمياهنم بشرك أولئك هلم : ومعىن اآلية. وجه مناسبة اآلية للباب . األمن وهم مهتدون

óΟs9uρ (#þθÝ¡Î6 {ىل وجاء الظلم يف اآلية م ن ك ر ا، يف سياق النفي، وهو قوله تعا ù= tƒ { )3( ،

وهذا يدل على عموم أنواع الظلم، لكن هل املراد بالعموم هنا العموم املخصوص، أو لعموم الذي يراد به هو ا: أن املراد بالعموم هنا : العموم الذي يراد به اخلصوص؟ اجلواب

اخلصوص؛ ألن العموم عند األصوليني تارة يكون باقيا على عمومه، وتارة يكون عموما خمصوصا يعين دخله التخصيص، وتارة يكون عموما مرادا به اخلصوص يعين أن لفظه عام،

رمحه اهللا -ولكن يراد به اخلصوص فهذه أوجه ثالثة، والوجه األخري هو الذي أراد الشيخ فيدل ): مل( هنا جاء نكرة يف سياق النفي ) الظلم( صحيح أن . االستدالل به من اآلية-

على العموم، لكنه عموم مراد به اخلصوص؛ وهو خصوص أحد أنواع الظلم كلها؛ ألن ظلم العبد نفسه باملعاصي، أو ظلم العبد غريه بأنواع التعديات، ومنه ما : من أنواع الظلم

بالشرك به، فهذا هو املراد هبذا العموم، فيكون - جل وعال - هو ظلم من جهة حق اهللا : ى اآليةـن اآلية، فيكون معنـه االستدالل مـعاما يف أنواع الشرك، وهبذا حيصل وج

. 13: سورة لقمان آية )1( . )124(، ومسلم )3428(، )336(، )32( رواه البخاري )2( . 82: سورة األنعام آية )3(

Page 28: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

28

} t Ï% ©!$# (#θãΖtΒ#u óΟs9uρ (#þθ Ý¡Î6 ù= tƒ Οßγ uΖ≈ yϑƒ Î) { )1( يعين مل يلبسوا توحيدهم بنوع من أنواع

y7 {الشرك Íׯ≈ s9'ρ é& ãΝßγ s9 ßøΒ F{$# Νèδ uρ tβρ ߉tG ôγ •Β ∩∇⊄∪ { )2(فـ )هو األمن التام يف : هنا) األمن

واالهتداء التام يف - جل وعال -املراد به أمن القلب وعدم حزنه على غري اهللا الدنيا، والدنيا ويف اآلخرة، وكلما وجد نقص يف التوحيد بغشيان العبد بعض أنواع الظلم الذي هو الشرك، إما الشرك األصغر، أو الشرك اخلفي، وسائر أنواع الشرك، وحنو ذلك، ذهب

. هذا من جهة تفسري الظلم بأنه الشرك . ذلكمنه من األمن واالهتداء بقدر فإذا ف س ر ت الظلم بأنه مجيع أنوع الظلم - كما ذكر ذلك شيخ اإلسالم ابن تيمية -

مقابلة بني األمن واالهتداء، وبني حصول الظلم، فكلما - على هذا التفسري -فإنه يكون عظم األمن : وانتفت املعصية و جد األمن واالهتداء، وكلما كمل التوحيد : انتفى الظلم

ق ل األمن واهتداء حبسب ذلك: واالهتداء، وإذا زاد الظلم .

من شهد أن ال إله إال اهللا { :قال رسول اهللا: وعن عبادة بن الصامت قال( :قال

شريك له، وأن حممدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد اهللا ورسوله وكلمته ألقاها وحده ال إىل مرمي وروح منه، واجلنة حق، والنار حق، أدخله اهللا اجلنة على ما كان من

)4( ) أخرجاه )3( } العمل

: ومعىن قوله )5( } لعملعلى ما كان من ا {: مناسبة هذا احلديث للباب قوله

يعين على الذي كان عليه من العمل ولو كان مقصرا يف العمل )6( } على ما كان {

وعنده ذنوب وعصيان، فإن لتوحيده هللا، وشهادته له بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة، ولعيسى

. 82: سورة األنعام آية )1( . 82: سورة األنعام آية )2( . )5/318(، أمحد )2638(، الترمذي اإلميان )28(، مسلم اإلميان )3252( البخاري أحاديث األنبياء )3( . تقدم)4( . )3252( البخاري أحاديث األنبياء )5( . )3252( البخاري أحاديث األنبياء )6(

Page 29: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

29

إن : إىل مرمي وروح منه، وإلقراره بالغيب، وبالبعثبأنه عبد اهللا ورسوله، وكلمته ألقاهافهذا احلديث . أن يدخله اهللا اجلنة ولو كان مقصرا يف العمل : لذلك فضال عظيما، وهو

. فيه بيان فضل التوحيد على أهله

ال إله إال اهللا يبتغي : فإن اهللا حرم على النار من قال {: وهلما يف حديث عتبان : قال

. )2( )1( } بذلك وجه اهللا

القول الذي معه متام الشروط؛ : املراد بالقول هنا} ال إله إال اهللا : من قال {: قوله

يعين إذا أتى ببقية األركان والواجبات، فيكون )4( )3( } احلج عرفة { كقول النيب

. يعين باجتماع شروطها، وباإلتيان بالزمها } ال إله إال اهللا : من قال {: معىن قوله هنا

املنافقون؛ ألهنم حني قالوها ال يبتغون } وجه اهللا يبتغي بذلك {: وخرج بقوله

. بذلك وجه اهللا

حترمي النار يف نصوص الكتاب والسنة يأيت على )5( } حرم على النار {: وقوله

حترمي بعد أمد، فالتحرمي املطلق يقتضي أن من حرم : انيةحترمي مطلق، والث: األوىل: درجتنيفإنه لن يدخلها، إما بأن يغفر اهللا له، وإما بأن يكون من الذين : اهللا عليه النار حترميا مطلقا

. يدخلون اجلنة بال حساب وال عذاب، احلديث حيتمل األول، وحيتمل الثاين

. )754(، ابن ماجه املساجد واجلماعات )33(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )415(لصالة البخاري ا)1( . تقدم)2(4/335(، أمحد )3015(ابن ماجه املناسك )1949(أبو داود املناسك )3044( النسائي مناسك احلج )3(

( . . )2015(وابن ماجه ) 256 / 5(والنسائي ) 889(والترمذي ) 1949( رواه أبو داود برقم )4( . )754(، ابن ماجه املساجد واجلماعات )33(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )415( البخاري الصالة )5(

Page 30: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

30

يعين أن الذي أتى بالتوحيد، )1( } ال إله إال اهللا : فإن اهللا حرم على النار من قال {

وانتهى عن ضده، وكانت عنده بعض الذنوب واملعاصي، ومات من غري توبة، فهو حتت . ار ابتداءاملشيئة، إن شاء اهللا عذبه مث حرم عليه النار، وإن شاء اهللا غفر له وحرم عليه الن

أن هذه الكلمة، وهي كلمة التوحيد : من احلديث للباب- إذ ا -فوجه الشاهد وسيأيت بيان معناها مفصال، إن شاء اهللا تعاىل ملا ابتغى هبا صاحبها وجه اهللا، وأتى

وهذا . بشروطها وبلوازمها تفضل اهللا عليه، وأعطاه ما يستحقه من أنه حرم عليه النار . أن جيعلنا من أهله- جل وعال -اهللا فضل عظيم، نسأل

وفيه قول وموسى عليه ،ويف حديث أيب سعيد اخلدري الوارد بعد حديث عتبان ال إله إال اهللا، :سىقل يا مو: قال. يا رب علمين شيئا أذكرك به وأدعوك به {: السالم

فهذا احلديث فيه داللة على أن أهل الفضل، )2( } يا رب كل عبادك يقولون هذا : قال

والرفعة يف الدين، واإلخالص والتوحيد، قد ينبهون على شيء من مسائل بالتوحيد؛ فهذا - جل وعال - وهو أحد أويل العزم من الرسل، وهو كليم اهللا - عليه السالم -موسى

د شيئا خيتص به غري ما عند الناس، وأعظم ما خيتص به أولياء اهللا، وأنبياؤه ورسله، أرافأراد شيئا أخص من ذلك، فأعلم أنه ) ال إله إال اهللا ( وأولو العزم منهم هو كلمة التوحيد

ال أخص من كلمته التوحيد، فهي أفضل شيء، وهي اليت د ل عليها أولو العزم من الرسل . لناسومن دوهنم من ا

يا موسى لو أن السماوات السبع : يا رب، كل عبادك يقولون هذا؟ قال {: قال

جل -يعين ومن يف السماوات السبع من املالئكة ومن عباد اهللا : } وعامرهن غريي

. -وعال

. )33(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )5086( البخاري األطعمة )1( . تقدم)2(

Page 31: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

31

يعين لو متثلت السماوات واألرضون أجساما، : )1( } واألرضني السبع يف كفة {

يف الكفة األخرى ملالت ) ال إله إال اهللا ( ووضع اجلميع يف ميزان له كفتان، وجاءت يزان من قاهلا، وعظم يف كلمة توحيد فيها ثقل مل) ال إله إال اهللا( فـ). ال إله إال اهللا ( هبن

. } مالت هبن ال إله إال اهللا {: الفضل ملن اعتقدها وما دلت عليه فلهذا قال

أنه لو تصور أن ذنوب العبد بلغت ثقل السماوات السبع، وثقل ما : ووجه الداللة مائلة بذلك الثقل من ) ال إله إال اهللا ( فيها من العباد واملالئكة وثقل األرض لكانت

الذنوب، وهذا هو الذي دل عليه حديث البطاقة حيث ج ع ل على أحد العصاة سجالت بلى، مث أخرجت له بطاقة : ال، فقيل له : هل لك من عمل؟ فقال : عظيمة، فقيل له

، فوضعت يف الكفة األخرى، فطاشت سجالت الذنوب، وثقلت )ال إله إال اهللا ( فيها وهذا الفضل العظيم لكلمة التوحيد، إمنا هو ملن قويت يف قلبه، ذلك أهنا يف )2( البطاقة،

قلب بعض العباد تكون قوية؛ ألنه خملص فيها مصدق، ال ريب عنده فيما دلت عليه، : معتقد ما فيها، حمب ملا دلت عليه، فيقوى أثرها ونورها يف القلب فإذا كانت كذلك

ا من الذنوب، وأما من مل يكن من أهل متام اإلخالص فيها، فإنه ال فإهنا حترق ما يقابلهال إله ( تطيش له سجالت الذنوب، فيكون هذا احلديث وحديث البطاقة يدل ان على أن

ال يقابلها ذنب، وال تقابلها خطيئة، لكن هذا يف حق من كملها وحققها، حبيث ) إال اهللاتردد ومعناها مشتمل على الربوبية بالتضمن، ريب، وال - يف معناها -مل خيالط قلبه

وعلى األمساء والصفات باللزوم، وعلى اإلهلية باملطابقة، فيكون من ينتفع هبذه الكلمة على ولو بلغت ذنوبه ما بلغت، وكانت سجالته كثقل السماوات واألرضني -وجه الكمال

احلديث، وحديث هو الذي كمل ما دلت عليه من التوحيد وهذا معىن هذا -السبع : البطاقة، وهذا أيضا هو الذي دل عليه احلديث اآلخر الوارد يف الباب نفسه عن أنس قال

. )2/170( أمحد )1( . حديث حسن : لوقا) 639(والترمذي ) 213 / 2( أخرجه أمحد )2(

Page 32: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

32

خطايا، يا ابن آدم لو أتيتين بقراب األرض : قال اهللا تعاىل {: يقول مسعت رسول اهللا

وهذا من فضل التوحيد )2( )1( } مث لقيتين ال تشرك يب شيئا ألتيتك بقراهبا مغفرة

. وتكفريه الذنوبأنه من أتى بذنوب عظيمة، ولو كانت : ومناسبة هذا احلديث للباب ظاهرة، وهي

: كقراب األرض خطايا يعين كعظم وقدر األرض خطايا، ولكنه لقي اهللا ال يشرك به شيئا ذلك العبد مبقدار تلك اخلطايا مغفرة، وهذا ألجل فضل التوحيد، وعظم فضل ألتى اهللا

. على عباده بأن هداهم إليه، مث أثاهبم عليه - جل وعال -اهللا باب من حقق التوحيد دخل اجلنة بغري حساب

β¨ {: ىـ ول اهللا تعال ـ وق Î) zΟŠ Ïδ≡ t ö/ Î) šχ% x. Zπ ¨Β é& $ \F ÏΡ$ s% °! $ ZŠ ÏΖ ym óΟ s9 uρ à7 tƒ z ÏΒ

t Ï. Î ô³ ßϑ ø9 t {وقال ] 120: النحل [)3( } ∪⊂⊅⊆∩ #$ Ï% ©!$#uρ Οèδ öΝÍκÍh5tÎ/ Ÿω šχθ ä.Îô³ç„ ∩∈∪ { )4(

أيكم : كنت عند سعيد بن جبري، فقال: عبد الرمحن، قالعن حصني بن] 59: املؤمنون[أما إين مل أكن يف صالة ولكين : أنا، مث قلت: رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت

حديث : فما محلك على ذلك؟ قلت : قال: ارتقيت: فما صنعت؟ قلت: لدغت، قالال رقية " :يب أنه قالحدثنا عن بريدة بن احلص: وما حدثكم؟ قلت: حدثناه الشعيب، قال، قال قد أحسن من انتهى إىل ما مسع، ولكن حدثنا ابن عباس عن "إال من عني أو محة

لرجل عرضت علي األمم فرأيت النيب ومعه الرهط والنيب ومعه ا {: أنه قال النيب

هذا : والرجالن، والنيب وليس معه أحد، إذ رفع يل سواد عظيم فظننت أهنم أميت، فقيل يل هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا : موسى وقومه، فنظرت، فإذا سواد عظيم، فقيل يل

. )2788(، الدارمي الرقاق )5/167( أمحد )1( . تقدم)2( . 120: سورة النحل آية )3( . 59: سورة املؤمنون آية )4(

Page 33: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

33

فخاض الناس يف أولئك، . يدخلون اجلنة بغري حساب وال عذاب، مث هنض فدخل مرتله فلعلهم الذين ولدوا يف : وقال بعضهم حبوا رسول اهللافلعلهم الذين ص : فقال بعضهم

. فأخربوه فخرج عليهم رسول اهللا . اإلسالم، فلم يشركوا باهللا شيئا، وذكروا أشياءفقام " هم الذين ال يسترقون، وال يكتوون، وال يتطريون، وعلى رهبم يتوكلون " :فقال

مث " أنت منهم " :ن جيعلين منهم، فقاليا رسول اهللا ادع اهللا أ : عكاشة بن حمصن فقال . )2( )1( } سبقك هبا عكاشة " قام رجل، فقال ادع اهللا أن جيعلين منهم فقال

: فيه مسائل . األوىل معرفة مراتب الناس يف التوحيد

. ما معىن حتقيقه: الثانية . ثناؤه سبحانه على إبراهيم بكونه مل يك من املشركني: الثالثة . اؤه على سادات األولياء بسالمتهم من الشركثن: الرابعة . كون ترك الرقية والكي من حتقيق التوحيد : اخلامسة . كون اجلامع لتلك اخلصال هو التوكل : السادسة . عمق علم الصحابة ملعرفتهم أهنم مل ينالوا ذلك إال بعمل: السابعة . حرصهم على اخلري : الثامنة . مية والكيفية فضيلة هذه األمة بالك : التاسعة . فضيلة أصحاب موسى : العاشرة

. - عليه الصالة والسالم -عرض األمم عليه : احلادية عشرة . أن كل أمة حتشر وحدها مع نبيها : الثانية عشرة . قلة من استجاب لألنبياء: الثالثة عشرة

، )2446(، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع )220(، مسلم اإلميان )5378(خاري الطب ـ الب)1(

. )1/271(أمحد . )220(ومسلم ) 6541(، )6472(، )5752(، )5705(، )3410 ( أخرجه البخاري )2(

Page 34: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

34

. أن من مل جيبه أحد يأيت وحده : الرابعة عشرة . ، وهو عدم االغترار بالكثرة وعدم الزهد يف القلة مثرة هذا العلم : اخلامسة عشرة الرخصة يف الرقية من العني واحل م ة : السادسة عشرة . قد أحسن من انتهى إىل ما مسع، ولكن كذا " عمق علم السلف لقوله: السابعة عشرة

. فع ل م أن احلديث األول ال خيالف الثاين ". وكذا . إلنسان مبا ليس فيه ب عد السلف عن مدح ا : الثامنة عشرة ع ل م من أعالم النبوة )1( } أنت منهم {قوله : التاسعة عشرة .

فضيلة ع ك اشة : العشرون . . استعمال املعاريض: احلادية والعشرون ح س ن خ ل ق ه : الثانية والعشرون .

: الشرحوقد ذكر يف " خل اجلنة بغري حسابباب من حقق التوحيد د " :هذا الباب هو

الباب قبله فضل التوحيد، وما يكفر من الذنوب، وهذا الباب أرفع رتبة من بيان فضل التوحيد فإن فضل التوحيد يشترك فيه أهله، وأهل التوحيد هم أهل اإلسالم، وال شك أن

د، نصيب من فضل التوحي- تبعا لذلك -لكل مسلم نصيبا من التوحيد، فيكون له وتكفري الذنوب، أما خاصة هذه األمة فهم الذين حققوا التوحيد؛ وهلذا عطف هذا الباب

وحتقيق التوحيد هو مدار هذا الباب، وحتقيقه مبعىن حتقيق . على الذي قبله؛ ألنه أخص تصفية الدين من : ومعىن حتقيق الشهادتني ) ال إله إال اهللا حممد رسول اهللا (الشهادتني

: لبدع واملعاصي، فصار حتقيق التوحيد يرجع إىل ثالثة أشياء شوائب الشرك وا . األكرب، واألصغر، واخلفي : ترك الشرك بأنواعه: األول . ترك البدع بأنواعها: والثاين

. )4/436(، أمحد )218( مسلم اإلميان )1(

Page 35: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

35

. ترك املعاصي بأنواعها: الثالثدرجة واجبة ودرجة مستحبة، وعليها : فيكون حتقيق التوحيد على هذا على درجتني

أن يترك ما جيب تركه : وا التوحيد على درجتني أيضا، فالدرجة الواجبة يكون الذين حققمن األشياء الثالثة اليت ذكرت، فيترك الشرك خفيه وجليه، صغريه وكبريه، ويترك البدع،

. ويترك املعاصي، هذه درجة واجبة وهي اليت يتفاضل فيها الناس من احملققني -والدرجة املستحبة يف حتقيق التوحيد

- هي أال يكون يف القلب شيء من التوجه أو القصد لغري اهللا -وحيد أعظم تفاضل للتأن يكون القلب متوجها إىل اهللا بكليته، ليس فيه التفت إىل غري اهللا، : يعين-جل وعال

، وقد عرب عنها - جل جالله -فيكون نطقه هللا، وفعله وعمله هللا، بل وحركة قلبه هللا أن يترك ما ال بأس به حذرا مما : بقوله-ذه الدرجة املستحبة أعين ه-بعض أهل العلم . يف جمال أعمال القلوب، وأعمال اللسان، وأعمال اجلوارح : به بأس، يعين

وهو أن يدخل أهله اجلنة بغري حساب، - فإذ ا رجع حتقيق التوحيد الذي هذا فضله ال إله إال اهللا حممد : (ني رجع إىل تينك املرتبتني، وحتقيقه حتقيق الشهادت -وال عذاب اإلتيان بالتوحيد، والبعد عن الشرك بأنواعه، ) ال إله إال اهللا (؛ ألن يف قوله، )رسول اهللا

البعد عن املعصية، والبعد عن البدع؛ ألن ) أشهد أن حممدا رسول اهللا : (وألن يف قوله فيما أخرب، وأن أن ي طاع فيما أمر، وأن يصد ق : مقتضى الشهادة بأن حممدا رسول اهللا

ي جت ن ب ما عنه ن ه ى وز ج ر ، وأال يعبد اهللا إال مبا شرع، فمن أتى شيئا من املعاصي والذنوب، أو البدع مث مل يتب منها أو مل تكفر له فإنه مل حيقق التوحيد الواجب وإذا مل

ن ذا ال شيء فيها؛ فإن حركة قلب م : يأت شيئا من البدع، ولكن حس نها بقلبه، أو قال فإنه ال : شأنه ملا كانت يف غري حتقيق التوحيد ويف غري حتقيق شهادة أن حممدا رسول اهللا

. يكون من أهل حتقيق التوحيد، وكذلك أهل الشرك بأنواعه ليسوا من أهل حتقيق التوحيد وأما مرتبة اخلاصة اليت ذ ك ر ت ففيها يتنافس املتنافسون وما مث إال عفو اهللا، ومغفرته،

. رضوانهو

Page 36: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

36

بآيتني " باب من حقق التوحيد دخل اجلنة بغري حساب " واستدل الشيخ يفβ¨ {قول اهللا تعاىل وحبديث، أما اآلية األوىل فهي Î) zΟŠ Ïδ≡tö/Î) šχ% x. Zπ ¨Β é& $ \FÏΡ$ s% °! $ ZŠÏΖym óΟs9uρ

à7 tƒ zÏΒ tÏ.Îô³ßϑ ø9$# ∩⊇⊄⊃∪ { )1(] وهذه اآلية فيها الداللة على أن إبراهيم ] 120: النحل-

. كان حمققا للتوحيد-عليه السالم : وصفه بصفات- جل وعال -أن اهللا : وجه الداللة

هو اإلمام الذي مجع مجيع صفات الكمال البشري : ، واألمة )أمة ( أنه كان : األوىل. ، وهذا يعين أنه مل ينقص من صفات اخلري شيئا وهذا معىن حتقيق التوحيدوصفات اخلري

أن يكون معىن األمة اإلمام : واألمة تطلق يف القرآن إطالقات، فمن تلك اإلطالقات املقتد ى به يف اخلري، وس م ي أمة؛ ألنه يقوم مقام أمة يف االقتداء؛ وألن من سار على سريه

. دد؛ ألنه ليس مع واحد فقط، وإمنا هو مع أمة يكون غري مستوحش وال متر

$ {: أنه قال: الوصف الثاين الذي فيه حتقيق التوحيد \FÏΡ$ s% °! $ZŠÏΖym { )2( وهاتان

جل -دوام الطاعة هللا : معناه متالزمتان ألن القنوت هللا - القانت، واحلنيف -: الصفتان كما يقول - " احلنيف " وألن . - جل وعال - ومالزمتها فهو مالزم لطاعة اهللا -وعال

هو ذو احلنف وهو امليل عن طريق املشركني، فاحلنيف هو املائل عن طريق : -العلماء اعة املشركني املائل عن هدي وسبيل املشركني فصارت عنده دميومة وقنوت ومالزمة للط

وب ع د عن سبيل املشركني، ومعلوم أن سبيل املشركني الذي صار إبراهيم عليه السالم معلوم أنه يشتمل على الشرك، والبدعة، واملعصية فهذه الثالث : حنيفا، أي مائال بعيدا عنه

. الشرك، والبدعة، واملعصية من غري إنابة وال استغفار : هي أخالق املشركني

óΟs9 {قال uρ à7 tƒ zÏΒ tÏ.Îô³ßϑ ø9$# ∩⊇⊄⊃∪ { )3(

. 120: سورة النحل آية )1( . 120: سورة النحل آية )2( . 120: سورة النحل آية )3(

Page 37: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

37

روط بش-يكن، وجيوز يف حالة اجلزم : كانت يف األصل)óΟs9uρ à7tƒ { )1 {: وقوله

: ى يف سورة النحلـوكما يف قوله تعال . ي اآلية السابقةـ؛ كما ف)يكن( حذف نون -} Ÿω uρ ÷βt“ øt rB óΟÎγ öŠn= tæ Ÿω uρ Û s? ’ Îû 9,øŠ|Ê $ £ϑ ÏiΒ šχρ ãà6ôϑ tƒ ∩⊇⊄∠∪ { )2(] وجيوز ] 127: النحل

Ÿω {: إثباهتا كما يف قوله تعاىل uρ ä3s? ’ Îû 9,øŠ|Ê $ £ϑ ÏiΒ tβρ ãä3ôϑ tƒ ∩∠⊃∪ { )3( يف سورة النمل

]. 70: النمل[ . - بشروطه املعروفة -فإثبات النون وحذفها وجهان جائزان يف اللغة

zÏΒ tÏ.Îô³ßϑ {: وقوله تعاىل ø9$# ∩⊇⊄⊃∪ { )4(ـ : املشركني ، )املشرك ( مجع تصحيح ل

إذا دخلت على اسم - كما هو معلوم يف العربية -) أل( واملشرك اسم فاعل الشرك، و : ولة، كما قال ابن مالك يف األلفية الفاعل أو اسم املفعول فإهنا تكون موص

صرحية صلة أل وصفة مبعرب األفعال قل وكوهنا

óΟs9uρ à7 {: املوصول عند األصوليني يدل على العموم، فيكون معىن قوله إذ ا واالسم tƒ

zÏΒ tÏ.Îô³ßϑ ø9$# ∩⊇⊄⊃∪ { )5(أنه مل يك فاعال للشرك بأنواعه، ومل يك منهم .

óΟs9uρ à7 { ودل قوله أيضا tƒ zÏΒ tÏ.Îô³ßϑ ø9$# ∩⊇⊄⊃∪ { )6( على أنه ابتعد عنهم، ألن ) م ن (

تكون املباعدة باألجسام، وحيتمل أن تكون بيانية، فتكون حتتمل أن تكون تبعيضية، ف استحضر هذه املعاين من اآلية - رمحه اهللا -أن الشيخ : فاملقصود . املباعدة مبعىن الشرك

β¨ {: قال جل وعال. فدلته على أهنا يف حتقيق التوحيد Î) zΟŠ Ïδ≡tö/Î) šχ% x. Zπ ¨Βé& $ \FÏΡ$ s% °! $ ZŠÏΖym

. 120: سورة النحل آية )1( . 127: سورة النحل آية )2( . 70: ية سورة النمل آ )3( . 120: سورة النحل آية )4( . 120: سورة النحل آية )5( . 120: سورة النحل آية )6(

Page 38: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

38

óΟs9uρ à7tƒ zÏΒ tÏ.Îô³ßϑ ø9$# ∩⊇⊄⊃∪ { )1( ،ذلك ألن من ج م ع تلك الصفات فقد حقق التوحيد

. ومن حقق التوحيد دخل اجلنة بغري حساب ن ـن عبد الوهاب، هذه اآلية م ـر إمام الدعوة املصنف الشيخ حممد ب ـوقد فس

β¨ {: - رمحه اهللا -خر سورة النحل، فقال أوا Î) zΟŠ Ïδ≡tö/Î) šχ% x. ZπΒ é& { )2(، لئال

$ {يستوحش سالك الطريق من قلة السالكني \FÏΡ$ s% °! { )3( ال للملوك، وال للتجار

$ {املترفني ZŠÏΖym { )4( ال مييل ميينا، وال مشاال، كحال العلماء املفتونني } óΟs9uρ à7 tƒΟ ė9∩⊇⊄{

)

4

[

û

¡

1

Tj/

TT1

1

T

6

01

f0.

b5

Tc0.

2

6

0c7

<01

5

b01

fb02

02

01

a3

1

Tf0.

6

04

0.

Tj/

TT2

1

Tf2

.

07

.

7

6

03

Tm(

)

Tj/

TT1

2

6

0bT00

TD0.

0008

Tc<0c<6

c<02

0f02

01

>Tj/

TT2

1

Tf0.

8

1

3

3

.

7

6

03

Tm(

)

Tj/

TT1

ff06

d

¢

ø

1

T

j

/

T

T

1

2

0

1

f

0

T

f

0

.

2

6

1

4

.

7

1

1

T

f

0

6

0

3

T

m

(

)

T

j

/

T

T

1

4

8

T

f

0

.

f

0

0

0

0

5

T

c

<

0

1

5

b

0

1

f

b

0

2

0

2

0

1

a

4

4

6

s

c

n

-

1

1

7

b

>

T

j

/

T

T

2

1

T

f

0

.

9

4

3

3

4

3

.

7

6

0

3

T

m

(

)

T

j

/

T

T

1

a

7

0

1

b

e

T

f

0

.

f

0

0

0

a

6

0

0

0

5

T

c

<

0

1

9

4

0

1

a

2

0

1

f

8

0

1

f

4

2

1

f

c

0

2

0

8

0

1

7

b

>

T

j

/

T

T

2

1

T

f

1

.

1

6

6

7

4

3

.

7

6

0

3

-

T

D

(

1

T

j

/

T

T

1

a

0

.

f

T

D

9

f

T

c

0

1

2

6

0

0

5

T

c

<

0

1

9

4

0

1

T

2

1

T

f

0

.

4

6

3

3

0

T

D

(

)

T

j

/

T

T

4

.

3

6

c

0

2

0

8

0

1

7

b

>

T

j

0

.

3

9

6

s

c

n

-

1

.

0

6

3

3

0

T

D

0

T

c

(

}

)

T

j

-

0

.

1

2

6

7

0

3

9

4

a

3

1

4

9

6

.

1

0

2

1

T

f

1

2

0

0

1

2

4

4

9

.

7

5

7

1

.

7

6

0

3

T

m

0

0

1

T

f

T

*

<

0

0

1

)

T

j

/

T

T

1

1

j

/

T

T

1

3

1

T

f

T

*

<

0

0

1

c

>

>

T

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

8

9

0

2

5

<

0

0

5

7

>

1

j

/

T

T

1

3

1

4

5

0

2

s

c

n

(

>

T

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

1

5

0

T

D

<

0

0

5

8

>

T

j

/

T

T

1

3

1

0

T

f

T

*

<

0

0

5

4

>

T

j

/

T

T

j

/

T

T

1

3

2

.

2

5

f

T

*

<

0

0

1

c

4

T

j

/

T

T

1

1

T

f

-

0

.

8

1

5

0

T

)

T

j

/

T

T

1

1

j

/

T

T

1

3

1

T

f

T

*

<

0

0

1

c

>

c

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

1

5

0

4

9

j

/

T

T

1

2

7

/

T

T

1

3

1

5

T

f

T

*

<

0

0

d

d

1

c

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

3

5

f

T

*

<

0

0

1

c

8

5

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

1

5

0

0

D

<

0

0

5

6

>

T

j

/

T

T

1

3

1

5

T

f

T

*

<

0

0

d

d

5

T

j

/

T

T

1

4

1

T

f

-

1

.

2

1

0

2

0

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

2

f

T

*

<

0

0

d

d

c

T

j

/

T

T

1

4

1

T

f

-

1

.

3

7

0

T

D

<

0

0

5

7

>

T

j

/

T

T

1

3

f

0

7

5

2

1

0

0

1

a

0

0

6

3

6

1

f

0

4

T

j

/

T

T

1

3

T

*

<

0

0

1

c

8

a

>

T

j

/

T

T

1

4

1

T

f

0

.

3

0

5

9

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

7

T

f

T

*

<

0

0

3

2

a

f

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

8

5

0

0

D

<

0

0

5

6

>

T

j

/

T

T

1

3

c

9

9

f

T

*

<

0

0

6

3

6

1

f

0

4

T

j

/

T

T

1

3

1

T

f

T

*

<

0

0

1

a

>

T

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

8

9

T

m

(

)

T

j

/

T

T

0

d

b

T

0

c

f

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

8

2

f

T

*

<

0

4

0

1

f

3

<

0

0

6

a

>

T

j

/

T

T

1

7

T

f

0

.

3

8

5

0

0

8

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

5

T

*

<

0

0

1

c

8

a

>

T

j

/

T

T

1

7

T

f

0

.

3

8

5

0

0

4

T

j

/

T

T

1

1

j

/

T

T

1

3

1

T

*

<

0

0

1

c

T

Ý

È

ÿ9Οÿÿ

u

ƒ�

Ý

Í

T

D

0

-

T

D

(

4

)

T

j

8

8

.

9

8

.

4

9

6

.

1

0

2

1

T

f

.

0

2

5

0

1

>

T

j

.

1

2

0

T

s

c

4

f

T

*

<

0

4

0

1

f

3

0

T

D

0

-

8

.

1

5

1

T

f

0

1

6

s

0

1

a

0

0

6

3

6

1

f

0

4

(

}

)

T

j

1

2

0

3

-

T

D

(

1

T

j

/

T

T

1

e

e

0

0

5

T

b

f

<

0

0

5

8

>

T

j

/

T

T

1

1

6

c

<

0

2

0

f

0

2

0

1

>

T

j

/

T

T

2

1

T

f

0

.

8

1

3

3

3

3

.

1

0

3

3

T

D

(

)

T

j

/

T

T

1

b

e

.

f

0

0

0

a

5

<

0

0

5

8

>

T

j

/

T

T

1

c

8

7

<

0

2

0

f

0

2

0

1

>

T

j

/

T

T

2

1

T

f

0

.

8

1

3

3

3

.

1

0

3

3

T

D

(

1

1

T

j

/

T

T

1

f

1

T

f

0

.

f

b

<

0

0

5

8

>

T

j

/

T

T

1

c

8

7

c

<

0

2

0

f

0

2

0

1

>

T

j

/

T

T

2

1

T

f

0

.

8

1

3

3

3

.

7

6

0

3

<

T

3

d

)

T

j

/

T

T

1

1

T

f

T

4

.

1

8

f

T

*

<

0

:

.

3

9

6

s

c

2

4

-

1

.

0

6

3

3

0

T

D

0

s

c

2

7

6

s

c

n

-

1

3

)

.

3

9

6

/

T

T

3

j

/

T

T

1

3

1

.

4

6

3

.

1

0

3

3

T

D

(

7

T

j

/

T

T

1

f

e

0

0

5

1

2

0

1

e

b

0

T

f

0

.

2

6

/

T

T

4

j

/

T

T

1

3

c

6

0

1

f

c

0

2

0

8

0

1

.

c

8

5

9

0

1

>

T

j

:

/

T

T

2

1

T

0

j

/

T

T

1

0

.

4

6

3

3

0

T

D

(

)

T

j

/

T

T

c

8

0

1

f

c

0

2

0

8

0

1

7

b

>

T

j

0

.

3

9

6

s

c

n

-

1

.

0

6

3

3

0

T

D

0

T

c

(

}

)

T

j

-

0

.

1

2

6

7

0

3

3

4

.

8

.

4

5

8

.

0

6

2

1

T

f

1

2

0

0

1

2

4

4

9

.

7

5

7

1

.

7

6

0

T

j

/

T

T

1

3

f

3

0

f

T

*

<

0

0

1

c

>

>

T

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

8

9

T

m

(

)

T

j

/

T

T

0

d

b

T

0

c

f

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

8

2

f

T

*

<

0

4

0

1

f

3

<

0

0

6

a

>

T

j

/

T

T

1

7

T

f

0

.

3

8

5

0

0

8

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

5

T

*

<

0

0

1

c

8

a

>

T

j

/

T

T

1

7

T

f

0

.

3

8

5

0

0

4

T

j

/

T

T

1

1

j

/

T

T

1

3

1

T

*

<

0

0

1

c

)

T

j

/

T

T

1

1

T

f

-

0

.

8

1

5

0

T

6

<

0

0

5

7

>

2

/

T

T

1

1

1

2

5

0

2

s

c

n

(

)

T

T

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

1

5

0

T

D

<

0

0

5

8

>

T

j

/

T

T

1

3

2

.

2

7

5

2

1

0

0

1

a

0

0

6

3

6

1

f

0

4

3

j

/

T

T

1

3

1

.

2

4

f

T

*

<

0

0

1

c

3

2

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

6

4

f

T

*

<

0

0

1

c

c

9

T

j

/

T

T

1

1

1

T

f

0

.

3

1

5

0

4

6

<

0

0

5

7

>

T

j

/

T

T

1

3

1

.

0

2

2

1

0

0

1

a

0

0

6

3

6

1

f

0

4

4

j

/

T

T

1

3

1

7

7

0

2

s

c

n

(

)

d

>

T

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

8

9

0

3

1

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

5

5

0

2

s

c

n

(

)

a

e

T

j

/

T

T

1

1

1

T

f

0

.

3

1

5

0

4

d

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

2

2

0

2

s

c

n

(

)

a

e

T

j

/

3

1

5

0

4

a

T

j

/

T

T

1

1

T

f

-

0

.

8

1

5

0

1

8

T

j

/

T

T

1

1

j

/

T

T

1

3

1

T

*

<

0

0

1

c

>

>

T

j

/

T

T

1

2

T

f

1

.

1

6

8

1

5

0

6

d

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

3

5

f

T

*

<

0

0

1

c

a

f

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

8

5

0

1

2

<

0

0

5

7

>

T

j

/

T

T

1

3

1

.

8

2

2

1

0

0

1

a

0

0

6

3

6

1

f

0

4

T

j

/

T

T

1

3

c

7

T

f

T

*

<

0

0

3

2

8

T

j

/

T

T

1

4

1

T

f

-

1

.

2

1

0

5

9

<

0

0

5

7

>

T

j

/

T

T

1

3

5

0

3

7

5

2

1

0

0

1

a

0

0

6

3

6

1

f

0

4

T

j

/

T

T

1

3

3

.

8

T

*

<

0

0

3

2

7

c

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

1

5

T

m

(

)

T

j

/

T

T

0

4

5

(

)

3

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

f

0

5

f

T

*

<

0

4

0

1

f

3

<

0

0

c

5

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

1

5

0

1

1

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

5

0

4

T

f

T

*

<

0

0

3

2

a

f

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

8

5

0

6

e

j

/

T

T

1

3

4

/

T

T

1

1

1

2

5

0

2

s

c

n

(

)

d

5

j

/

T

T

1

2

1

T

f

0

.

3

8

5

0

9

3

j

/

T

T

1

3

1

T

f

0

.

c

7

2

T

*

<

0

0

d

d

c

8

T

j

/

T

T

1

1

1

T

f

-

1

.

3

7

0

T

D

<

0

0

5

8

>

T

j

/

T

T

1

3

3

.

9

)

5

0

1

f

3

<

0

0

a

7

0

0

0

f

0

0

b

2

0

0

a

8

<

0

0

5

7

>

T

j

/

T

T

1

T

D

(

4

)

T

j

-

7

3

.

4

.

4

5

8

.

0

6

2

1

T

f

.

4

6

3

3

0

T

D

(

)

T

j

/

T

1

7

b

>

T

j

/

T

T

2

1

T

0

j

/

T

T

1

3

c

8

0

6

s

c

n

-

1

3

{

T

D

0

T

c

(

}

)

T

j

1

2

0

T

j

/

T

T

6

7

4

-

1

.

0

6

3

3

0

T

D

0

-

0

.

2

4

6

(

4

)

T

0

.

2

4

6

1

5

1

.

0

8

.

4

6

6

.

0

4

a

1

T

f

(

)

.

3

9

6

s

c

4

8

9

)

Page 39: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

39

من مل يشرك باهللا أي نوع والذين ال يشرك هو املوحد، فصار عندنا الزم، وهو أن )öΝÍκÍh5tÎ/ { )1 {: قولهقدم هنا : من الشرك، فإنه ما ترك الشرك إال لتوحيده، قال العلماء

t {: يف قوله Ï%©!$#uρ Οèδ öΝÍκÍh5tÎ/ Ÿω šχθ ä.Îô³ç„ ∩∈∪ { )2( ألن الربوبية تستلزم العبودية، فصار

عدم اإلشراك يف الربوبية معناه عدم اإلشراك يف الطاعة، وعدم اإلشراك يف العبودية وهذا أال ي شر ك هواه؛ ألن املرء إذا : وصف الذين حققوا التوحيد؛ ألنه يلزم من عدم اإلشراك

ة، فصار نفي الشرك نفيا للشرك بأنواعه ونفيا أتى بالبدع، أو أتى باملعصي : أشرك هواه . - جل وعال -للبدعة، ونفيا للمعصية، وهذا هو حتقيق التوحيد هللا

باب من حقق " : بقوله- رمحه اهللا - دالة على ما ترجم له اإلمام - إذ ا -فاآلية ". التوحيد دخل اجلنة بغري حساب

فنظرت، {: - عليه الصالة والسالم -أما احلديث فطويل، وموضع الشاهد منه قوله

هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون اجلنة بغري حساب وال : فإذا سواد عظيم، فقيل يل فلعلهم الذين : بعضهمفخاض الناس يف أولئك، فقال . مث هنض فدخل مرتله " عذاب

فلعلهم الذين ولدوا يف اإلسالم، فلم يشركوا باهللا : وقال بعضهم. صحبوا رسول اهللاهم الذين ال " :فقال. فأخربوه شيئا، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول اهللا

هذا احلديث يف صفة )3( } يسترقون، وال يكتوون، وال يتطريون، وعلى رهبم يتوكلون

لذين يدخلون اجلنة بغري حساب وال عذاب، وهذه صفة من صفاهتم، وتلك الصفة خاصة ا ف م ن هم الذين حققوا . هبم، ال يلتبس أمرهم بغريهم؛ ألن هذه الصفة كالشامة يعرفون هبا

. 59: سورة املؤمنون آية )1( . 59: سورة املؤمنون آية )2(، )2446(، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع )220(، مسلم اإلميان )5378(خاري الطب ـ الب)3(

. )1/271(أمحد

Page 40: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

40

، )1( } ذين ال يسترقون، وال يكتوون، وال يتطريون هم ال {: التوحيد؟ اجلواب يف قوله

: فذكر أربع صفات

ومعىن ي س ت ر ق ون: )2( } ال يسترقون {أهنم يعين ال يطلبون الرقية؛ ألن الطالب :

نفي الوارد يف وهذا ال. للرقية يكون يف قلبه ميل للراقي، حىت يرفع ما به من جهة السبب ألن الناس يف شأن الرقية تتعلق قلوهبم هبا جدا أكثر من )3( } ال يسترقون {: قوله

هلم تعلق - وهكذا هو حال أكثر الناس -تعلقهم بالطب وحنوه، فالعرب يف اجلاهلية جل - كمال التوكل على اهللا بالرقية، فالقلب يتعلق بالراقي، ويتعلق بالرقية؛ وهذا ينايف

فهذا غلط؛ وهو )4( } الذين ال يرقون { وأما ما جاء يف بعض الروايات أهنم -جالله

لذين ا {لفظ شاذ، ألن الراقي حمسن إىل غريه، والصواب ما جاء يف هذه الرواية من أهنم

الذين ال يطلبون الرقية؛ وذلك ألن طالب الرقية يكون يف قلبه : يعين)5( } ال يسترقون

ميل إىل هذا الذي رقاه وإىل الرقية، ونوع توكل، أو نوع استرواح هلذا الذي يرقي أو . للرقية

ن فيه تعذيبا بالنار، مع أنه والكي مكروه يف أصله؛ أل : )6( } وال يكتوون {: مث قال

والعرب تعتقد أن الكي حيدث املقصود دائما؛ فلهذا . مأذون به شرعا، لكن فيه كراهة

. )4/443(، أمحد )218( مسلم اإلميان )1(، )2446(، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع )220(، مسلم اإلميان )5378(خاري الطب ـ الب)2(

. )1/271(أمحد ، )2446(، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع )220(لم اإلميان ـ، مس )5378( البخاري الطب )3(

. )1/271(أمحد . )1/271(، أمحد )220( مسلم اإلميان )4(، )2446(، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع )220(، مسلم اإلميان )6107(خاري الرقاق ـ الب)5(

. )1/271(أمحد . )4/443(، أمحد )218( مسلم اإلميان )6(

Page 41: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

41

فصار تعلق القلب هبذا الكي من جهة أنه سبب يؤثر دائما، ومعلوم . تتعلق قلوهبم بالكيفالنفي . إذا اجتمعت األسباب، وانتفت املوانع : - بإذن اهللا جل وعال -أن الكي يؤثر

. ألجل أن يف الكي خبصوصه ما يتعلق الناس به من أجله

والطرية شيء يعرض على القلب من جراء شيء )1( } وال يتطريون {: مث قال

حيدث أمامه؛ فيجعله يقدم على أمر، أو حيجم عنه، وهذه صفة من مل يكن التوكل يف قلبه . عظيما

وهذه . وهي جامعة للصفات السابقة )2( } وعلى رهبم يتوكلون {: عدهامث قال ب

الصفات ليس املقصود منها أن الذين حققوا التوحيد ال يباشرون األسباب، كما فهمه نيبوهذا غلط؛ ألن ال! بعضهم، وأن الكمال أال يباشر سببا البتة، أو أال يتداوى البتة

وأمر أيضا بعض )4( تداوى وأمر بالتداوي - عليه الصالة والسالم - وألنه )3( : ر قي وحنو ذلك فليس يف احلديث أن أولئك ال يباشرون األسباب )5( الصحابة بأن يكتوي

مطلقا، أو ال يباشرون أسباب الدواء، وإمنا فيه ذكر هلذه الثالث خبصوصها، ألنه يكثر ه إىل الراقي، أو إىل الكي، أو الكاوي، أو إىل التطري، ففيها إنقاص من تعلق القلب والتفات

إما واجب، أو مستحب، وقد يكون يف : فهو مشروع، وهو : أما التداوي. مقام التوكل )7( )6( } تتداووا حبرام تداووا عباد اهللا وال { بعض األحوال مباحا، وقد قال النيب

، )2446(ترمذي صفة القيامة والرقائق والورع ، ال )220(، مسلم اإلميان )6107(خاري الرقاق ـ الب)1(

. )1/271(أمحد ، )2446(، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع )220(، مسلم اإلميان )5378(خاري الطب ـ الب)2(

. )1/271(أمحد . )972(والترمذي ) 2186( أخرجه مسلم )3( . )2039(والترمذي ) 278 / 4( أخرجه أمحد )4( . )5681(، )5680(أخرجه البخاري )5( . )3436(، ابن ماجه الطب )2038( الترمذي الطب )6( . )2045(والترمذي ) 3874( أخرجه أبو داود )7(

Page 42: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

42

أن التداوي ليس خارما لتحقيق التوحيد ولكن الذي هو من صفة أهل : فاملقصود من هذاحتقيق التوحيد أهنم ال يسترقون خبصوص الرقية، وال يكتوون خبصوص الكي، وال

. يتطريون، وأما ما عدا ذلك مما أذن به، فال يدخل فيما خيتص به أهل حتقيق التوحيد

ال يسترقون وال يكتوون وال {هر عندي أن قوله يف هذا احلديث واألظ

. أنه خمصوص هبذه الثالثة )1( } يتطريون

ل اهللا، ادع اهللا أن جيعلين منهم، يا رسو: فقام عكاشة بن حمصن فقال {: قال

سبقك " :ادع اهللا أن جيعلين منهم، فقال: مث قام رجل آخر، فقال " أنت منهم " :فقال هذا فيه دليل على أن أهل حتقيق التوحيد قليل وليسوا بكثري، وهلذا جاء )2( } هبا عكاشة

عند اإلمام أمحد عددهم يف هذا احلديث بأهنم سبعون ألفا، وقد جاء يف بعض الروايات )3( مع كل ألف من السبعني سبعني ألفا أعطى النيب- جل وعال -وعند غريه بأن اهللا

وقد -فيكون العدد قرابة مخسة ماليني من هذه األمة، فإن كان ذلك احلديث صحيحا فإنه ال يكون للعدد يف هذا احلديث مفهوم، أو كان -صحح إسناده بعض أهل العلم

ما معىن : فإن قيل. أن ي زاد يف عدد أولئك الذين حققوا التوحيد ال النيبذلك قبل سؤ ي م ن على أناس من هذه - جل وعال -أن املعىن أن اهللا : أن ي زاد يف عددهم؟ فاجلواب

ممن سيأتون ب ع د ، فيوفقهم لعمل حتقيق التوحيد؛ فاهللا - غري السبعني ألفا -األمة جل - فما أعظمه من حمسن، . ق، وهو الذي يهدي، مث هو الذي جيازي هو الذي يوف -وعال

. ب ر ، كرمي، رحيم

، )2446(، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع )220(، مسلم اإلميان )5378(خاري الطب ـ الب)1(

. )1/271(أمحد . )2/502(، أمحد )216(، مسلم اإلميان )6176( البخاري الرقاق )2( . )416(والبيهقي يف الشعب ) 359 / 2( أخرجه أمحد يف املسند )3(

Page 43: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

43

باب اخلوف من الشرك

} ¨β وقول اهللا Î) ©!$# Ÿω ãÏøó tƒ β r& x8uô³ç„ ϵ Î/ ãÏøó tƒ uρ $ tΒ tβρ ߊ y7 Ï9≡sŒ yϑ Ï9 â!$ t±o„ 4 { )1(

_Í {: - عليه السالم -ال اخلليل ـوق] 116 و 48: النساء[ ö7ãΨ ô_ $#uρ ¢ Í_ t/uρ β r& y‰ç7÷è ¯Ρ

tΠ$ oΨ ô¹ F{$# ∩⊂∈∪ { )2(] ويف احلديث] 35: إبراهيم :} " أخوف ما أخاف عليكم الشرك

: قال أن رسول اهللا وعن ابن مسعود )4( )3( } الرياء " :فسئل عنه قال " األصغر

رواه البخاري وملسلم عن )6( )5( } هو يدعو من دون اهللا ندا، دخل النار من مات و {

من لقي اهللا ال يشرك به شيئا دخل اجلنة، ومن لقيه {: قال أن رسول اهللا جابر

. )8( )7( } ناريشرك به شيئا دخل ال

: فيه مسائل . اخلوف من الشرك : األوىل . أن الرياء من الشرك : الثانية . أنه من الشرك األصغر: الثالثة . أنه أخوف ما خياف منه على الصاحلني : الرابعة ق ر ب اجلنة والنار : اخلامسة .

. 48: سورة النساء آية )1( . 35: سورة إبراهيم آية )2( . )5/428( أمحد )3(302" ( بلوغ املرام " ظ يف وحسنه احلاف) 4301" ( الكبري" والطرباين يف429، 428 / 5 أخرجه أمحد )4(

( . . )1/374(، أمحد )4227( البخاري تفسري القرآن )5( . )6683(، )4497( أخرجه البخاري )6( . )3/345(، أمحد )93( مسلم اإلميان )7( . )93( أخرجه مسلم )8(

Page 44: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

44

. اجلمع بني قرهبما يف حديث واحد : السادسة أنه م ن لقيه ال : السابعة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل . يشرك به شيئا؛ دخل اجلنة

. النار، ولو كان من أعبد الناس . سؤال اخلليل له ولبنيه وقاية عباد األصنام: املسألة العظيمة: الثامنة

<Éb {: اعتبار حبال األكثر لقوله: التاسعة u‘ £åκΞÎ) zù= n= ôÊ r& #ZÏVx. zÏiΒ Ä¨$ ¨Ζ9$# ( { )1( .

. ، كما ذكره البخاري "ال إله إال اهللا " فيه تفسري: العاشرة فضيلة من س ل م من الشرك: احلادية عشرة .

: الشرحيد كل من حقق التوحيد فال بد أن خياف من الشرك؛ وهلذا كان سيد احملققني للتوح

ي كثر من الدعاء بأن يبعد عنه الشرك، وكذلك كان - عليه الصالة والسالم -حممد . يكثر من الدعاء؛ لئال يدركه الشرك، أو عبادة األصنام - عليه السالم -إبراهيم

فمناسبة هذا الباب ملا قبله ظاهرة، وهي أن حتقيق التوحيد عند أهله ال بد أن يقترن ل من يكون خماطرا بتوحيده أو غري خائف من الشرك، ويكون معه اخلوف من الشرك، وق

فكل حمقق للتوحيد، وكل راغب فيه حريص . مع هذا على مراتب الكمال، بل ال يوجدخياف من الشرك، وإذا خاف من الشرك فإن اخلوف الذي هو فزع القلب وهلعه، : عليه

منه واخلوف من الشرك جيعل العبد حريصا كل احلرص على البعد عن الشرك واهلروب : يثمر مثرات منها

. أن يكون متعلما للشرك بأنواعه، حىت ال يقع فيه - ومنها أن يكون متعلما للتوحيد بأنواعه، حىت يقوم يف قلبه اخلوف من الشرك -

. ويعظم، ويستمر على ذلك

. 36: سورة إبراهيم آية )1(

Page 45: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

45

مرضاة ومنها أن اخلائف من الشرك يكون قلبه دائم االستقامة على طاعة اهللا مبتغيا -اهللا فإن عصى، أو غفل كان استغفاره استغفار من يعلم عظم شأن االستغفار وعظم

جل -حاجته لالستغفار؛ ألن الناس يف االستغفار أنواع، لكن من علم منهم حق اهللا فإنه إذا غفل : وسعى يف حتقيق التوحيد وتعلم ذلك، وسعى يف اهلرب من الشرك -وعال

-رمحه اهللا- إىل االستغفار، وألجل صالح هذا بوب الشيخ وجد أنه أشد ما يكون حاجة إذا كنت ختاف من : ، فكأنه يقول لك)باب اخلوف من الشرك(هذا الباب الذي عنوانه

وعرفت ما توعد اهللا به أهل الشرك من - عليه السالم -الشرك كما خاف منه إبراهيم ما سيأيت يف هذا الكتاب، فإن هذا أنه ال يغفر هلم شركهم، فينبغي لك أن تعلم وأن تتعلم

الكتاب موضوع لتحقيق التوحيد، وللخوف من الشرك والبعد عنه، فما بعد هذين تفصيل هلاتني املسألتني ) باب اخلوف من الشرك (و ) باب من حقق التوحيد: (البابني

. حتقيق التوحيد، واخلوف من الشرك؛ بيان معناه وبيان أنواعه : العظيمتني اللتني مهاإشراك غري اهللا معه يف أي نوع من أنواع العبادة، : وقد ذكرنا فيما سبق أن الشرك هو

. وقد يكون أكرب، وقد يكون أصغر، وقد يكون خفيا

} ¨βÎ) ©!$# Ÿω ãÏøóوقول اهللا : (قال الشيخ رمحه اهللا tƒ β r& x8uô³ç„ ϵ Î/ ãÏøó tƒ uρ $ tΒ tβρߊ

y7 Ï9≡sŒ yϑ Ï9 â!$ t±o„ 4 { )1(] 116 و 48: النساء[ (

إذا ستر، ومنه س م ي ما : غفر: الستر ملا خياف وقوع أثره ويقال يف اللغة : واملغفرة هي لسيف وحنوه، يوضع على الرأس مغفرا؛ ألنه يستر الرأس، ويقيه األثر املكروه من وقع ا

راجعة إىل ستر األثر الذي خياف منه، والشرك واملعصية هلما أثرمها إما يف ) املغفرة( فمادة وأعظم ما ي م ن به على العبد أن يغفر ذنبه، وذلك . الدنيا وإما يف اآلخرة أو فيهما مجيعا

يف اآلخرة، بأن يستر عليه، وي محي عنه أثره، فال يؤاخذ به يف الدنيا، وال يعاقب عليه . فلوال املغفرة هللك الناس

. 48: سورة النساء آية )1(

Page 46: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

46

يف هذه اآلية ل ا ي غ ف ر أي- جل وعال -ومعىن قوله Ÿω ãÏøó {: أبدا، فقوله : tƒ βr& x8uô³ç„

ϵ Î/ { )1( عل مغفرته ملن أشرك به، وقد قال العلماء يف مل جي- تعاىل - هذا وعيد بأنه

β¨ {: قوله Î) ©!$# Ÿω ãÏøó tƒ β r& x8uô³ç„ ϵ Î/ { )2( إن يف هذه اآلية دليال على أن املغفرة ال

كا أصغر، فإن الشرك ال يدخل حتت املغفرة، تكون ملن أشرك شركا أكرب، أو أشرك شر بل يكون باملوازنة، فهو ال يغفر إال بالتوبة، فمن مات على ذلك غري تائب فهو غري مغفور

ãÏøó { غري الشرك كما قال - تعاىل -له ما فعله من الشرك، وقد يغفر اهللا tƒ uρ $ tΒ tβρߊ

y7 Ï9≡sŒ yϑ Ï9 â!$ t±o„ 4 { )3( فجعلوا اآلية دليال على أن الشرك األكرب واألصغر ال يدخل حتت

. املشيئة

Ÿω ãÏøó { :يف قوله تعاىل ) أن ( أن : وجه االستدالل من اآلية tƒ β r& x8uô³ç„ ϵ Î/ { )4(

موصول حريف، فتؤول مع الفعل الذي بعدها وهو يشرك مبصدر كما هو معلوم، واملصدر فهذا يدل على : نكرة وقع يف سياق النفي، وإذا وقعت النكرة يف سياق النفي عمت، قالوا

-كل أنواع الشرك ال يغفرها اهللا أن الشرك الذي نفي هنا يعم األكرب واألصغر واخلفي، ف هو الذي خلق، ورزق، - جل وعال - وذلك لعظم خطيئة الشرك ألن اهللا -جل وعال

ال شك أن هذا ظلم يف ! وأعطى، وهو الذي تفضل، فكيف يتوجه القلب عنه إىل غريه؟ وهذا اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية، وأكثر . ولذلك مل يغفر - جل وعال -حق اهللا . ء الدعوة علما

. 48: سورة النساء آية )1( . 48: سورة النساء آية )2( . 48: سورة النساء آية )3( . 48: سورة النساء آية )4(

Page 47: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

47

Ÿω ãÏøó {: إن قوله هنا : وقال آخرون من أهل العلم tƒ β r& x8uô³ç„ ϵ Î/ { )1( دال على

Ÿω {: العموم، لكنه عموم مراد به خصوص الشرك األكرب، فاملقصود بالشرك يف قوله

ãÏøó tƒ β r& x8uô³ç„ ϵ Î/ { )2(الشرك األكرب فقط دون غريه، وأما ما دون الشرك األكرب : هو

فإنه يكون داخال حتت املشيئة، فيكون بالعموم يف اآلية مرادا به اخلصوص، ألنه غالبا ما βr& x8uô³ç„ ϵ {: يرد يف القرآن هذا اللفظ Î/ { )3( وحنو ذلك ويراد به الشرك األكرب دون

فالشرك غالبا ما يطلق يف القرآن على األكرب - كما سبق -األصغر، وهذا يف الغالب $tΑ {: - جل وعال -غر، ومن شواهد ذلك، قوله دون األص s% uρ ßxŠÅ¡yϑ ø9$# û Í_ t7≈ tƒ Ÿ≅ƒ Ïℜ uó Î)

(#ρ ߉ç6 ôã$# ©!$# ’ În1u‘ öΝà6−/u‘ uρ ( …çµ ¯ΡÎ) tΒ õ8Îô³ç„ «!$$ Î/ ô‰s)sù tΠ§ym ª!$# ϵ ø‹n= tã sπ ¨Ψ yf ø9$# çµ1 uρù'tΒ uρ â‘$Ψ9$# ( $ tΒ uρ

šÏϑ Î=≈©à= Ï9 ôÏΒ 9‘$ |ÁΡr& ∩∠⊄∪ { )4( ي ش ر ك هو : ، فقوله يف اآلية فعل داخل يف : - أيضا -

أنه ال : سياق الشرط، فيكون عاما، لكن هل يدخل فيه الشرك األصغر واخلفي؟؟ اجلواب ار، والتخليد فيها، إمنا هو ألهل املوت على يدخل باإلمجاع؛ ألنه حترمي اجلنة، وإدخال الن

çµ… {: الشرك األكرب، فدلنا ذلك على أن املراد بقوله ¯ΡÎ) tΒ õ8Îô³ç„ «!$$ Î/ ô‰s)sù tΠ§ym ª!$# ϵ ø‹n= tã

sπ ¨Ψ yf ø9$# çµ1 uρ ù'tΒ uρ â‘$ ¨Ψ9$# ( $ tΒ uρ šÏϑ Î=≈©à= Ï9 ôÏΒ 9‘$ |ÁΡr& ∩∠⊄∪ { )5(] أهل اإلشراك باهللا ] 72: املائدة

. الشرك األكرب، فلم يدخل فيه األصغر، ومل يدخل ما دونه من أنواع األصغر

. 48: سورة النساء آية )1( . 48: سورة النساء آية )2( . 48: سورة النساء آية )3( . 72: سورة املائدة آية )4( . 72: سورة املائدة آية )5(

Page 48: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

48

من آييت سورة النساء كاملفهوم من آية سورة املائدة، وحنوها - إذ ا -فيكون املفهوم tΒ {احلج وهذا كقوله يف سورة uρ õ8Îô³ç„ «!$$ Î/ $ yϑ ¯Ρr( s3sù §yz š∅ ÏΒ Ï!$ yϑ ¡¡9$# çµàsÜ÷‚ tF sù çö©Ü9$# ÷ρ r&

“ Èθ ôγ s? ϵÎ/ ßw† Ìh9$# ’Îû 5β% s3tΒ 9,‹ Ås y™ ∩⊂⊇∪ { )1(] ارد يف الشرك األكرب فهذا وحنوه و] 31: احلج .

Ÿω ãÏøó {: املراد مبا ن في هنا يف قوله- على هذا القول -فيكون tƒ β r& { )2( الشرك

: كشيخ اإلسالم:وملا كان اختيار إمام الدعوة، كما هو اختيار عدد من احملققني. األكرباألكرب، واألصغر، : ابن تيمية، وابن القيم وغريمها أن العموم هنا شامل ألنواع الشرك

أنواع، وإذا كان الشرك بأنواعه : واخلفي، كان االستدالل هبذه اآلية صحيحا؛ ألن الشرك كاحللف بغري : ال يغفر، فهذا يوجب اخلوف منه أعظم اخلوف، فإذا كان الشرك األصغر

ما : ، وتعليق التميمة، واحللقة، واخليط، وحنو ذلك من أنواع الشرك األصغر، كقولك اهللاشاء اهللا وشئت، ونسبة النعم إىل غري اهللا، إذا كان ذلك ال يغفر فإنه يوجب أعظم اخلوف

. كالشرك األكرب وإذا كان كذلك، فيقع يف اخلوف من الشرك م ن هم على غري التوحيد، كم ن يعبدون

هللا، ويستغيثون بغري اهللا، ويتوجهون إىل غريه، ويذحبون وينذرون لغريه، وحيبون غري غري ااهللا حمبة العبادة، ويرجون غري اهللا رجاء العبادة، وخيافون خوف السر من غري اهللا، إىل غري ذلك من ألوان الشرك، فيكون هؤالء أوىل باخلوف من الشرك؛ ألهنم وقعوا فيما ات ف ق

كما يقع يف اخلوف من الشرك أهل اإلسالم الذين قد يقعون يف بعض . ال يغفر أنه : عليه . أنواع الشرك اخلفي، أو الشرك األصغر بأنواعه، وهم ال يشعرون أو وهم ال حيذرون

فإذا علم العبد املسلم أن الشرك بأنواعه ال يغفر، وأنه مؤاخذ به، وأن الصالة إىل ال تكفر ذنب الوقوع يف الشرك : ان إىل رمضانالصالة، واجلمعة إىل اجلمعة، ورمض

فبماذا يغفر إذا؟ فاجلواب أنه ال : فإن قيل. األصغر، فيجب أن يعظم يف قلبه اخلوف منه

. 31: سورة احلج آية )1( . 48: سورة النساء آية )2(

Page 49: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

49

يغفر إال بالتوبة فقط، فإن مل يتب فثمة املوازنة بني احلسنات والسيئات، ولكن ما ظنكم ال ريب أنه ينجو إال من !! بسيئة فيها التشريك باهللا مع حسنات؟ فمن ينجو من ذلك؟

وال شك أن هذا يوجب . عظمت حسناته، فزادت على سيئة ما وقع فيه من أنواع الشرك اخلوف الشديد من الشرك بعامة؛ ألن املرء يكون على خطر عظيم إذ و زنت حسناته وسيئاته، مث كان يف سيئاته نوع من أنواع الشرك، ألن من املعلوم وأن الشرك بأنواعه من

. يث اجلنس أعظم من كبائر األعمال املعروفةح

βÎ) ©!$# Ÿω ãÏøó¨ {: - جل وعال -فوجه االستدالل من آية النساء وهي قوله tƒ βr& x8uô³ ç„

ϵ Î/ { )1( مجيعا، وأهنا كلها ال تغفر، فيكون ذلك أن فيها عموما يشمل أنواع الشرك

موجبا للخوف من الشرك، وإذا وقع أو حصل اخلوف والوجل من الشرك يف القلب، فإن العبد سيحرص على معرفة أنواعه حىت ال يقع فيه، ويطلب معرفة أصنافه وأفراده، حىت ال

أو أحب الناس، يقع فيها، وحىت حيذ ر أحبابه ومن حوله منها؛ لذلك كان أحب اخللق، جل -من حيذرهم من هذا األمر، ولو مل يشعروا به ولو مل يعقلوه قال : وخري الناس للناس

öΝçGΖä. uö {: -وعال yz >πΒ é& ôMy_ Ì÷z é& Ĩ$Ψ= Ï9 { )2(] ألهنم يدلون اخللق ] 110: آل عمران

على ما ينجيهم، فالذي حيب للخلق النجاة هو الذي حيذرهم من الشرك بأنواعه، ويدعوهم إىل التوحيد بأنواعه؛ ألن هذا أعظم ما ي دعي إليه؛ وهلذا ملا حصل من بعض القرى يف زمن إمام الدعوة تردد وشك ورجوع عن مناصرة الدعوة، وف ه م ما جاء به

إن ما جئت به ليس : وكتبوا للشيخ وغل ظوا له القول، وقالوا -ه اهللا رمح-الشيخ بصحيح، وإنك تريد كذا وكذا مل ا حصل منهم ذلك، أجاهبم بكتاب قال يف آخره بعد أن

ولو كنتم تعقلون حقيقة ما دعوتكم إليه لكنت : شرح التوحيد وضد ه، ورغ ب وره ب -انتهى كالمه . ئكم، ولكنكم قوم ال تعقلونأغلى عندكم من آبائكم وأمهاتكم وأبنا

. 48: سورة النساء آية )1( . 110: سورة آل عمران آية )2(

Page 50: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

50

- جل وعال -وهو كالم صحيح، ولكن ال يعقله إال من عرف حق اهللا . -رمحه اهللا فرمحة اهللا على هذا اإلمام، وأجزل له املثوبة، وجزاه عنا وعن املسلمني خري اجلزاء، ورفع

. درجته يف املهديني، والنبيني، والصاحلني : - جل وعال - بعد هذه اآلية قول اهللا -محه اهللا ر-مث ساق الشيخ

} Í_ ö7ãΨô_ $#uρ ¢ Í_ t/uρ β r& y‰ç7÷è ¯Ρ tΠ$ oΨ ô¹F{$# ∩⊂∈∪ { )1(] وصاحب هذه الدعوة ] 35: إبراهيم

أن إبراهيم قد حقق التوحيد، وقد : ، ومر بنا يف الباب قبله - عليه السالم -هو إبراهيم وصفه اهللا بأنه كان أمة قانتا هللا حنيفا، وبأنه مل يك من املشركني، فهل يطمئن من كان !! على هذه احلال إىل أنه لن يعبد غري اهللا، ولن يعبد األصنام، أو يظل مقيما على خوفه؟؟

عليه -هذا إبراهيم ! د أهنم يطمئنون أم خيافون؟؟ وهل حال الكم ل الذين حققوا التوحي : وله ـاف عبادة األصنام، فدعا اهللا بق ـ كما يف هذه اآلية خاف الشرك، وخ -السالم

} Í_ ö7ãΨ ô_ $#uρ ¢Í_ t/uρ βr& y‰ç7÷è ¯Ρ tΠ$ oΨ ô¹F{$# ∩⊂∈∪ Éb> u‘ £åκΞÎ) zù= n= ôÊ r& #ZÏVx. zÏiΒ Ä¨$ ¨Ζ9$# ( { )2(] إبراهيم :

!! فكيف مبن دون إبراهيم ممن ليس من السبعني ألفا، وهم عامة هذه األمة؟؟ ] 36 - 35 ة األمة ال خيافون من الشرك، فمن الذي خيافه إذ ا؟ الذي خيافه هو الذي والواقع أن عام

. يسعى يف حتقيق التوحيدومن : وهو من سادات التابعني ملا تال هذه اآلية قال- رمحه اهللا -قال إبراهيم التيمي

وهو الذي حقق - عليه السالم - إذا كان إبراهيم )3( !!يأمن البالء بعد إبراهيم؟ د، وهو الذي و ص ف مبا و ص ف به، وهو الذي كس ر األصنام بيده خياف من الفتنة التوحي

! هبا فمن يأمن البالء بعده؟ أن هذا يوجب اخلوف الشديد من : إذ ا فما مث إال غرور أهل الغرور، واملقصود

بعد مع كونه سيد احملققني للتوحيد يف زمانه، بل و- عليه السالم -الشرك؛ ألن إبراهيم

. 35: سورة إبراهيم آية )1( . 36 - 35: سورة إبراهيم آية )2( . )46 / 5( أخرجه ابن جرير وابن أيب حامت كما يف الدر املنثور )3(

Page 51: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

51

ما أعطي الضمان واألمان من الوقوع يف الشرك، وأال يزيغ احلال مع زمانه إىل نبينا . نبينا حممد

_Í {: قوله هنا ö7ãΨ ô_ $#uρ ¢ Í_ t/uρ β r& y‰ç7÷èΡ tΠ$ oΨ ô¹F{$# ∩⊂∈∪ { )1(مجع صنم والصنم : األصنام

ما ج ع ل على صورة مما ي عبد من دون اهللا، كشكل وجه رجل، أو شكل جسم : هو حيوان، أو رأس حيوان، أو صورة كوكب، أو جنم أو شكل الشمس أو القمر وحنو ذلك

. كله وما أشبهه يطلق عليه أنه صنمورة، فالقرب وثن، وليس بصنم، ما ع بد من دون اهللا، مما ليس على هيئة ص : والوثن هو

. مشاهد القبور عند ع ب ادها، فهذه أوثان، وليست بأصنام : املشهد، أعين : وكذلكوقد يطلق على الصنم اسم الوثن، كما قال جل وعال يف قصة إبراهيم يف سورة

$ {العنكبوت yϑ ¯ΡÎ) šχρ߉ç7÷è s? ÏΒ Èβρߊ «!$# $ YΖ≈ rO ÷ρ r& šχθ à)è= øƒ rBuρ % ¸3øùÎ) 4 { )2(] 17: العنكبوت [

. ولكن هذا يطلق على قلةهم عبدوا األصنام، وعبدوا األوثان مجيعا، فصار ذكر األصنام : وقال بعض أهل العلم

اآليات لعبادهتم األوثان، واألول يف بعض اآليات لعبادهتم األصنام، وذكر األوثان يف بعضويدل على أن الوثن ما ليس على هيئة صورة . أظهر يف أنه قد يطلق على الصنم أنه وثن

فدعا اهللا أن ال جيعل قربه وثنا )4( )3( } اللهم ال جتعل قربي وثنا يعبد { :قول النيب

. ى أن الوثن ما يعبد من دون اهللا مما ليس على هيئة صورة فدل ذلك عل

. 35: سورة إبراهيم آية )1( . 17: ة العنكبوت آية سور)2( . )416( مالك النداء للصالة )3( . 246 / 2 أخرجه أمحد )4(

Page 52: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

52

" أخوف ما أخاف عليكم الشرك األصغر " {: ويف احلديث ( :- رمحه اهللا -قال

. سلم، ورياء املنافقرياء امل: والرياء قسمان)2( )1( } الرياء " :فسئل عنه فقال

أنه راءى بإظهار اإلسالم، وأبطن الكفر، قال : رياء يف أصل الدين، يعين: فرياء املنافق$¨{ tβρâ!#tム{: تعاىل ¨Ζ9$# Ÿω uρ šχρ ãä.õ‹tƒ ©!$# ω Î) WξŠ Î= s% ∩⊇⊆⊄∪ { )3(] ورياء ] 142: النساء

أن ي ح س ن تالوته؛ ألجل : مثل أن ي حس ن صالته؛ من أجل نظر الرجل، أو : املسلم املوح د التسميع؛ لي مد ح وي سمع، ال ألجل التأثري .

أن حيسن العبادة ألجل أن يرى من املتعبدين : مشتق من الرؤية، ومن صوره : فالرياءأو يطيل يف ركوعه، أو يف سجوده، أو يقرأ يف صالته أكثر من كأن يطيل يف صالته،

. إنه يقوم الليل : العادة، ألجل أن يرى ذلك منه، أو يقوم الليل ألجل أن يقول الناس عنه . فهذا كله شرك أصغر قد يكون حمبطا ألصل العمل الذي تعبد به، وقد - الذي هو الرياء -والشرك األصغر . يت زادها فيهيكون حمبطا للزيادة ال

وإذا ابتدأ النية بالرياء، كمن يصلي الراتبة : فيكون حمبطا ألصل العمل الذي تعبد به ألجل أن يرى أنه يصليها، وليست عنده رغبة يف أن يصليها، لكن ملا رأى أنه ي ر ى صالها؛ وألجل أن ميدح؛ ملا يرى من نظر الناس إليه، فصالته هذه حابطة ليس له فيها

. ثواب

. )5/428( أمحد )1( . تقدم)2( . 142: سورة النساء آية )3(

Page 53: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

53

-لكن إذا عرض الرياء له يف أثناء العبادة فيكون ما زاده ألجل الرؤية باطال كما قال أنا أغىن الشركاء عن الشرك، من عمل عمال : قال اهللا تعاىل {: -عليه الصالة والسالم

. )2( )1( } معي غريي تركته وشركهأشرك فيه

أخوف ما أخاف {: - عليه الصالة والسالم -قوله : فالشاهد من حديث الباب

عليه الصالة والسالم - فهو أخوف الذنوب اليت خافها النيب )3( } عليكم الشرك األصغر

على أهل التوحيد؛ ألهنم ما داموا أهل توحيد فإهنم ليسوا من أهل الشرك األكرب، -والشرك األصغر تارة يكون يف النيات، . فيكون أشد ما ي خاف عليهم هو الشرك األصغر

وتارة يكون يف األقوال، وتارة يكون يف األعمال، يعين أنه يكون يف القلب، ويف املقال، . هذا الكتاب بيان أصناف كل واحد من هذه الثالثة ويف الفعال، وسيأيت يف

أخوف ما أخاف عليكم الشرك {: - عليه الصالة والسالم -فيدل قوله

ن أعظم وكا لكن ملاذا خافه النيب . أنه أخوف الذنوب على هذه األمة )4( } األصغر

أنه كان كذلك ألجل أثره، وهو أنه ال يغفر، وألجل أن الناس : الذنوب خوفا؟ اجلواب والشيطان حريص على إيقاع أهل التوحيد يف الشرك األصغر، ووصمهم . قد يغفلون عنه

. وفرحه بذلك أعظم من فرحه بغريه من الذنوب . بالرياء يف األقوال، واألعمال، والنيات أن رسول اهللا وعن ابن مسعود( :ديث ابن مسعود فقالمث بعد ذلك ساق ح

. )6( )5( } من مات وهو يدعو من دون اهللا ندا دخل النار {: قال

. )4202(، ابن ماجه الزهد )2985( مسلم الزهد والرقائق )1( . )2985( أخرجه مسلم )2( . )5/428( أمحد )3( . )5/428( أمحد )4( . )1/374(، أمحد )4227( البخاري تفسري القرآن )5( . تقدم)6(

Page 54: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

54

ودعوة )1( } من مات وهو يدعو من دون اهللا ندا {: أنه قال: وجه االستدالل منه

الند من دون اهللا من الشرك األكرب؛ ألن الدعاء عبادة، وهو من أعظم العبادات؛ فقد جاء ويف معناه حديث أنس الذي يف )3( ، )2( } الدعاء هو العبادة {: يف احلديث الصحيح

فهو أعظم أنواع العبادة، فمن مات وهو . )5( )4( } الدعاء مخ العبادة {السنن، ولفظه

. يصرف هذه العبادة أو شيئا منها لند من األنداد، فقد استوجب النار

، فيكون خالدا فيها؛ ألن املسلم إذا يعين كحال الكفار: } دخل النار {: وقوله

جل -فإنه حيبط عمله بذلك، ولو كان أصلح الصاحلني، وقد قال : وقع يف الشرك األكربô‰s)s9uρ z {: لنبيه-وعال Çrρé& y7 ø‹s9Î) ’ n< Î)uρ t Ï% ©!$# ÏΒ š Î= ö6 s% ÷ È⌡s9 |M ø.uõ° r& £sÜt6 ós u‹s9 y7 è= uΗ xå £tΡθ ä3tG s9 uρ

zÏΒ zƒ ÎÅ£≈ sƒ ø: $# ∩∉∈∪ È≅ t/ ©!$# ô‰ç7ôã $$ sù ä.uρ š∅ ÏiΒ t ÌÅ3≈ فاهللا ] 66 - 65: الزمر [)6( } ∪∌∌∩ ¤±9$#

: ، مبن فيهم أفضلهم - سبحانه -حمتاجون إليه، وعبيد له عظيم، واهللا أكرب، وخلقه كلهم حلبط عمله، ولكان يف اآلخرة من وهم األنبياء واملرسلون، فلو فرض أن أشرك نبينا

!! اخلاسرين، أفال يوجب هذا أن خياف من هو دونه ممن يدعي الصالح والعلم من الشرك؟ لم يدعو إىل الشرك وحيض عليه وي ك ر ه بل قد شاع يف هذه األمة أن بعض املنتسبني إىل الع

sŒÎ)uρ tÏ.èŒ# {: عن أسالفهم- جل وعال - وي ب غ ض يف التوحيد وحال هؤالء، كما قال اهللا

. )1/374(، أمحد )4227( البخاري تفسري القرآن )1( . )3828(، ابن ماجه الدعاء )2969( الترمذي تفسري القرآن )2( . )3828(وابن ماجه ) 1479(وأبو داود ) 426 / 5( أخرجه الترمذي )3( . )3371(ي الدعوات الترمذ)4( . )425 / 5( أخرجه الترمذي )5( . 66 - 65: سورة الزمر آية )6(

Page 55: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

55

ª!$# çν y‰÷nuρ ôN— r'yϑ ô© $# Ü>θè= è% t Ï%©!$# Ÿω šχθ ãΖÏΒ ÷σムÍο tÅz Fψ$$ Î/ ( #sŒÎ)uρ tÏ.èŒ zƒ Ï% ©!$# ÏΒ ÿϵ ÏΡρ ߊ #sŒÎ) öΝèδ

tβρ çųö; tG ó¡o„ ∩⊆∈∪ { )1(] 45: الزمر .[

دا من مات، وهو يدعو من دون اهللا ن { يف قوله - إذ ا -فوجه االستدالل ظاهر

أن يكون : ، وأنه يوجب اخلوف، ألن قصد املسلم، بل قصد العاقل )2( } دخل النار

. ناجيا من النار، ومتعرضا لثواب اهللا يف اجلنة

يكثر وروده يف القرآن والسنة، ويراد به عند علماء } من دون اهللا {ولفظ

: التفسري، وعلماء التحقيق شيئان

أي مع اهللا، وعب ر عن } من دون اهللا {: ، فيكون معىن )مع( أن تأيت مبعىن - 1

؛ ألن كل من د عي مع اهللا، فهو دون اهللا } من دون اهللا {املعية بلفظ - جل وعال -

وهو األعظم، ويف هذا دليل على بشاعة هو األكرب، - جل وعال -فهم دونه واهللا . عملهم

يدعو إهلا غري اهللا، : أي} من دون اهللا {: فيكون معي) غري( أن تأيت مبعىن- 2

ن دون م {ل دعا غريه استقالال، فشملت ـي أنه مل يعبد اهللا، وأشرك معه غريه، بـيعن

. من دعا اهللا ودعا غريه، ومن دعا غري اهللا وتوجه إليه استقالال : احلالني} اهللا

من لقي اهللا ال {: قال أن رسول اهللا وملسلم عن جابر. رواه البخاري( :قال

تقدم قريبا أن )4( ))3( } ه شيئا دخل اجلنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار يشرك ب

. 45: سورة الزمر آية )1( . )1/374(، أمحد )4227( البخاري تفسري القرآن )2( . )3/345(، أمحد )93( مسلم اإلميان )3( . تقدم)4(

Page 56: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

56

عموم يف أنواع الشرك ويدل عليه : فيه نوعان من العموم} ال يشرك به شيئا {: قوله

يف املتوجه - أيضا -نكرة، وعموم " يشرك " :وقوع النكرة يف سياق النفي؛ ألن لفظة إليهم وهو امل ش ر ك هبم كما يدل عليه قوله . نكرة يف سياق النفي- أيضا -ألنه ) شيئا(

. نفي جلميع أنواع الشرك )1( } من لقي اهللا ال يشرك {: فمعىن قوله

مل يتوجه بالعبادة ألي أحد، ال مللك، وال لنيب، وال : أي " به شيئا " : قولهفمعىن . لصاحل، وال جلين، وال لطاحل، وال حلجر، وال لشجر، وال غري ذلك

وعده بدخول اجلنة برمحته - جل وعال -يعين أن اهللا : } دخل اجلنة {: قوله

. ه الصادق الذي ال ي خل ف سبحانه وتفضله، وبوعد

أن كل مشرك متوع د : أي )2( } ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار {: قوله

بالنار، ووجه الداللة مستقيم مع استدالل الشيخ باآلية؛ ألن من لقي اهللا وهو على شيء فإنه سينال العقوبة والعذاب يف النار والعياذ : ، أو اخلفي من الشرك األكرب، أو األصغر

. باهللا

هنا ) من( فيه عموم أيضا كما ذكرنا؛ ألن )3( } ومن لقيه يشرك به شيئا {: قوله

. ملتوج ه إليهم عامة يف ا) شيئا( نكرة، فتكون عامة ألنواع الشرك، و ) يشرك( شرطية، و

هل يدل على ؟)4( } من لقيه يشرك به شيئا دخل النار {: عالم يدل قوله: فإن قيل

أن ذلك حبسب نوع الشرك، فإن كان الشرك أكرب : أنه دخول أبدي، أو أمدي؟ فاجلواب ا، وإن كان الشرك أصغر، أو خفيا فإنه يكون ومات عليه فإنه يدخل النار دخوال أبدي

. سيدخل النار وخيرج منها؛ ألنه من أهل التوحيد : متوعدا بالنار أي

. )3/345(، أمحد )93( مسلم اإلميان )1( . )3/391(، أمحد )93(مسلم اإلميان )2( . )3/391(، أمحد )93( مسلم اإلميان )3( . )3/391(، أمحد )93( مسلم اإلميان )4(

Page 57: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

57

وهل يدخل الشرك األصغر يف املوازنة أو ال؟ تقدم اجلواب أن الشرك األصغر يدخل يف موازنة احلسنات والسيئات، وأنه إذا رجحت حسناته فإنه ال يعذب على الشرك

ر لكن هذا ليس يف حق كل أحد من اخللق، فإن منهم من يعذب على الشرك األصغاألصغر؛ ألن املوازنة بني احلسنات والسيئات ليست شاملة لكل اخللق، وليست شاملة أيضا لكل الذنوب، بل قد يكون من الذنوب ما يستوجب النار، ولو رجحت احلسنات

أن يطهر يف النار وهذا دليل على ولكن ال بد من . على السيئات فإنه يستوجب اجلنة يشمل } من لقي اهللا يشرك به شيئا دخل النار {: وجوب اخلوف من الشرك؛ ألن قوله

الشرك األكرب واألصغر واخلفي، فعلى املرء أن يطلب اهلرب من الشرك جبميع أنواعه، . ده ويسعى إىل ذلك جه

من الشرك األصغر واخلفي، - جل وعال - أن يستعيذ باهللا - أيضا -وعلى املرء ألنه . )1( " اللهم إين أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه، وأستغفرك مما ال أعلم " :بقوله

عدم املغفرة، ففي هذا الدعاء، : إذا علم فأشرك، فإنه سيترتب األثر الذي ذكرناه، وهو التفريق بني الشرك األصغر مع العلم، - عليه الصالة والسالم -نا الذي علمناه رسول

؛ ألن } أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه {: والشرك األصغر مع اجلهل؛ ولذا قال

ه شركا أمر الشرك األصغر مع العلم عظيم فيجب أن يستعيذ املرء باهللا من أن يشرك ب . أصغر فما هو أعلى منه من باب أوىل، وهو يعلم

؛ قد يقع يف الشرك األصغر أو اخلفي، وهو ال } وأستغفرك مما ال أعلم {: مث قال

يعلم، ويظهر شيء من ذلك على فلتات لسانه، وهو ال يقصد، وملثل ذلك شرع هذا . الدعاء

، وقال اهليثمي بنحوه من حديث أيب موسى338 - 337 /10وابن أيب شيبة ) 19606( أخرجه أمحد )1(

ورجال أمحد رجال الصحيح غري " األوسط" و" بريالك" رواه أمحد والطرباين يف : ( 223 /10" اجملمع" يف . )، ووثقه ابن حبان أيب علي

Page 58: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

58

على أن الشرك أمره عظيم، فال يتهاونن أحد هبذا األمر؛ ألن من هتاون فهذا يدلبالشرك وبالتوحيد، فإنه يكون، فإنه يكون متهاونا بأصل دين اإلسالم، بل يكون متهاونا

يف مكة سنني عددا، بل يكون متهاونا بدعوة األنبياء واملرسلني؛ بالذي دعا إليه النيب، وهو العقيدة، وتوحيد العبادة والربوبية واألمساء فإهنم اجتمعوا على شيء واحد

. والصفات، وأما الشرائع فشىتهلذا وجب عليك احلذر كل احلذر من الشرك بأنواعه، وأن تتعلم ضده، وأن تتعلم

وأما تعلم ذلك . أيضا أفراد الشرك، وأفراد التوحيد، وبذلك يتم العلم، ويستقيم العمل حنن على الفطرة، لكن إذا أتت األفراد فرمبا رأيت : يقالعلى وجه اإلمجال، فهذا كما

بعض الناس خيوضون يف بعض األقوال أو األعمال اليت هي من جنس الشرك، وهم ال . يشعرون؛ وذلك لعدم خوفهم وهرهبم من الشرك، نسأل اهللا جل وعال العفو والعافية

مذاكرته، وفهم ما على تعلم هذا الكتاب ومدارسته، وعلى كثرة - إذ ا -فاحرص - جل وعال -فيه من احلجج والبينات؛ ألنه أفضل ما تودعه صدرك، بعد كتاب اهللا

. سببا عظيما من أسباب النجاة والفالح- إن شاء اهللا - فلعله أن يكون وسنة نبيه باب الدعاء إىل شهادة أن ال إله إال اهللا

≅ö {وقول اهللا تعاىل è% Íν É‹≈ yδ þ’Í?Š Î6 y™ (#þθ ãã÷Šr& ’n< Î) «!$# 4 4’n?tã >ο uÅÁ t/ { )1(] 108: يوسف [

. اآلية

إنك تأيت {: ملا بعث معاذا إىل اليمن قال عن ابن عباس رضي اهللا عنهما أن النيب

ويف )2( } قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ال إله إال اهللا

يوحدوا اهللا، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن اهللا افترض عليهم مخس إىل أن {: رواية

. 108: سورة يوسف آية )1(، أبو )2435(، النسائي الزكاة )625(، الترمذي الزكاة )19(، مسلم اإلميان )6937( البخاري التوحيد )2(

. )1614(، الدارمي الزكاة )1/233(، أمحد )1783(، ابن ماجه الزكاة )1584(داود الزكاة

Page 59: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

59

صلوات يف كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن اهللا افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أمواهلم،

. )2( . أخرجاه )1( } اهللا حجابواتق دعوة املظلوم، فإنه ليس بينها وبني

ألعطني الراية غدا {: قال يوم خيرب أن رسول اهللا وهلما عن سهل بن سعد

ت الناس يدوكون فبا " رجال حيب اهللا ورسوله، وحيبه اهللا ورسوله، يفتح اهللا على يديه كلهم يرجو أن يعطاها، ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول اهللا

هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأتي به فبصق : ، فقيل"أين علي بن أيب طالب؟ " :فقالانفذ على رسلك حىت " :يف عينيه ودعا له فربأ كأن مل يكن به وجع، فأعطاه الراية، وقال

رتل بساحتهم مث ادعهم إىل اإلسالم وأخربهم مبا جيب عليهم من حق اهللا تعاىل، فواهللا تأي : يدوكون( .)4( )3( } ألن يهدي اهللا بك رجال واحدا خري لك من محر النعم

). خيوضون : فيه مسائل

. أن الدعوة إىل اهللا طريق من اتبع رسول اهللا : األوىل ألن كثريا من الناس لو دعا إىل احلق فهو يدعو إىل التنبيه على اإلخالص،: الثانية

. نفسه . أن البصرية من الفرائض : الثالثة . من دالئل حسن التوحيد كونه ترتيها هللا تعاىل عن املسب ة : الرابعة . أن من ق بح الشرك كونه مسب ة هللا : اخلامسة

، أبو )2435(، النسائي الزكاة )625(، الترمذي الزكاة )19(، مسلم اإلميان )4090( البخاري املغازي )1(

. )1614(، الدارمي الزكاة )1/233(، أمحد )1783(، ابن ماجه الزكاة )1584(داود الزكاة . تقدم خترجيه)2( . )5/333(، أمحد )2406(، مسلم فضائل الصحابة )3973 ( البخاري املغازي )3( . )2406(ومسلم ) 3701( أخرجه البخاري )4(

Page 60: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

60

يصري منهم، ولو مل إبعاد املسلم عن املشركني؛ لئال - وهي من أمهها -: السادسة . يشرك

. كون التوحيد أول واجب : السابعة . أن ي بدأ به قبل كل شيء، حىت الصالة : الثامنة . معىن شهادة أن ال إله إال اهللا ": أن يوحدوا اهللا " أن معىن : التاسعةأن اإلنسان قد يكون من أهل الكتاب وهو ال يعرفها، أو يعرفها وال يعمل : العاشرة

. هبا . التنبيه على التعليم بالتدريج: ادية عشرة احل

. الب داءة باألهم فاألهم: الثانية عشرة . مصرف الزكاة : الثالثة عشرة . كشف العامل الشبهة عن املتعلم: الرابعة عشرة . النهي عن كرائم األموال : اخلامسة عشرة . اتقاء دعوة املظلوم : السادسة عشرة . ا ال ت حجباإلخبار بأهن: السابعة عشرةمن أدلة التوحيد ما جرى على سيد املرسلني وسادات األولياء من : الثامنة عشرة

. املشقة واجلوع والوباء عل م من أعالم النبوة " ...ألعطني الراية " :التاسعة عشرة قوله .

ت ف ل ه يف عينيه ع ل م من أعالمها أيضا : العشرون . . اهللا عنهفضيلة علي رضي: احلادية والعشرون فضل الصحابة يف د و ك ه م تلك الليلة وش غلهم عن بشارة الفتح : الثانية والعشرون . . اإلميان بالقدر، حلصوهلا ملن مل يسع هلا ومنعها عمن سعى : الثالثة والعشرون

. } على رسلك {األدب يف قوله : الرابعة والعشرون

Page 61: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 62: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

62

وتفسري للشرك وبيان ألفراده، فتكون الدعوة إىل شهادة أن ال إله إال اهللا، وإىل التوحيد من أهل -وهذا من املهمات، ألن كثريين من املنتسبني للعلم . دعوة إىل تفاصيل ذلك

يسلمون بالدعوة إىل التوحيد إمجاال، ولكن إذا أتى التفصيل يف بيان مسائل -األمصار و جاء التفصيل يف بيان أفراد الشرك، فإهنم خيالفون يف ذلك، وتغلبهم نفوسهم التوحيد، أ

. يف مواجهة الناس حبقائق أفراد التوحيد، وأفراد الشرك فالذي متيزت به دعوة اإلمام املصلح رمحه اهللا أن الدعوة فيها إىل شهادة أن ال إله إال

هنتم : عو إليه كثريون ممن يقولوناهللا دعوة تفصيلية، ليست إمجالية، أما اإلمجال فيد رمحه -والذي ذكره اإلمام . بالتوحيد ونربأ من الشرك، لكن ال يذكرون تفاصيل ذلك

على علماء - يعين الدعوة إىل التوحيد - يف بعض رسائله أنه ملا عرض هذا األمر -اهللا فري، ويف مسألة يف مسألة التك: وافقوين على ما قلت، وخالفوين يف مسألتني : األمصار قال

وهاتان املسألتان سبب خمالفة أولئك العلماء للشيخ، ألهنما فرعان ومتفرعتان عن . القتال . البيان والدعوة إىل أفراد التوحيد، والنهي عن أفراد الشرك

إىل شهادة ال إله إال اهللا هو الدعاء إىل ما دلت عليه من التوحيد، - إذ ا -فالدعاء عليه من نفي الشريك يف العبادة، ويف الربوبية، ويف األمساء والصفات والدعاء إىل ما دلت

رمحه - وهذه الدعوة دعوة تفصيلية ال إمجالية؛ وهلذا فصل اإلمام - جل وعال -عن اهللا يف هذا الكتاب أنواع التوحيد، وأفراد توحيد العبادة، وفص ل الشرك األكرب -اهللا

.واألصغر، فبني أفرادا من ذا وذاك باب تفسري " وسيأيت تفسري شهادة أن ال إله إال اهللا يف الباب الذي بعده؛ ألنه

". التوحيد وشهادة أن ال إله إال اهللا

≅ö {وقول اهللا تعاىل : (- رمحه اهللا -قال è% Íν É‹≈ yδ þ’Í?Š Î6 y™ (#þθ ãã÷Šr& ’ n< Î) «!$# 4 4’ n?tã >ο uÅÁ t/ O$ tΡr&

ÇtΒ uρ Í_ yè t6?$# ( z≈ ys ö6 ß™ uρ «!$# !$ tΒ uρ O$ tΡr& zÏΒ šÏ.Îô³ßϑ ø9$# ∩⊇⊃∇∪ { )1(] 108: يوسف [:(

. 108: سورة يوسف آية )1(

Page 63: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

63

كما هو -هذه اآلية من آخر سورة يوسف هي يف الدعوة إىل اهللا، وسورة يوسف ل م ن ت أ م ل ها هي يف-معلوم - إذا - الدعوة إىل اهللا؛ من أوهلا إىل آخرها، فموضوعها

الدعوة؛ وهلذا جاء يف آخرها قواعد مهمة يف بيان حال الدعاة إىل اهللا، وحال الرسل الذين دعوا إىل اهللا، وما خالف به األكثرون الرسل، واستيئاس الرسل من نصرهم وحنو ذلك من

≅ö {: لنبيه- جل وعال -سورة قال اهللا ويف آخر تلك ال. أحوال الدعاة إىل اهللا è% Íν É‹≈ yδ

þ’ Í?Š Î6 y™ (#þθãã ÷Šr& ’ n< Î) «!$# 4 4’n?tã >ο uÅÁ t/ { )1(أنين أدعو إىل اهللا، فمهمة : أي سبيلي ومنهجي

. - جل وعال -اهللا الدعوة إىل : الرسل هي جل -عمل من دعا إىل اهللا : قول من دعا إىل اهللا، وأحسن األعمال: فأحسن األقوال

ôtΒ {: ؛ وهلذا قال سبحانه -وعال uρ ß|¡ôm r& Zω öθ s% £ϑ ÏiΒ !% tæyŠ ’ n< Î) «!$# Ÿ≅ Ïϑ tãuρ $ [s Î=≈ |¹ tΑ$ s% uρ Í_ΡÎ)

zÏΒ tÏϑ Î= ó¡ßϑ ø9$# ∩⊂⊂∪ { )2(] يف تفسري - رمحه اهللا -قال احلسن البصري ] 33: فصلت

هذا حبيب اهللا، هذا ويل اهللا، هذا صفوة اهللا من خلقه، أجاب اهللا يف : هذه اآلية ما معناه . )3( .حبيب اهللادعوته، ودعا الناس إىل ما أجاب اهللا فيه من دعوته، هذا

وهذا أمر عظيم؛ فالداعي إىل اهللا هو أحسن أهل األقوال قوال كما دلت عليه اآلية . السابقة

Íν {: وموطن الشاهد من قوله É‹≈ yδ þ’ Í?Š Î6 y™ (#þθãã ÷Šr& ’ n< Î) «!$# 4 { )4(هو قوله :} (#þθ ãã÷Šr&

’ n< Î) «!$# 4 { )5( ال إىل غريه، ويف هذا فائدتان - جل وعال -، فإنه دعاء إىل اهللا :

. 108: سورة يوسف آية )1( . 33: سورة فصلت آية )2( . 187 / 2 أخرجه عبد الرزاق يف التفسري )3( . 108: سورة يوسف آية )4( . 108: سف آية سورة يو)5(

Page 64: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

64

كما سيأيت تفسري هذه أن الدعوة إىل اهللا دعوة إىل توحيده، ودعوة إىل دينه، : األوىلحديث ابن عباس يف إرسال معاذ إىل اليمن، وحديث سهل بن : الكلمة يف احلديثني بعدها

. يف إعطاء علي الراية سعد

ö≅è% Íν {: - جل وعال -فدل قوله É‹≈ yδ þ’ Í?Š Î6 y™ (#þθ ãã÷Šr& ’ n<Î) «!$# 4 { )1( على الفائدة

. وهي أن الدعوة إىل اهللا فيها دعوة إىل التوحيد - كما تقدم -األوىل التنبيه على اإلخالص، وهذا حيتاجه من أراد الدعاء إىل شهادة أن ال إله إال : الثانية

يكون خملصا يف ذلك؛ اهللا، والدعاء إىل اإلسالم، يعين أن الداعي إىل اإلسالم حيتاج أن إ ل ى الل ه التنبيه على : يف قوله: يف مسائل هذا الباب- رمحه اهللا -وهلذا قال الشيخ

. اإلخالص؛ ألن كثريين وإن دعوا إىل احلق فإمنا يدعون إىل أنفسهم، أو حنو ذلك ع ل ى ب ص ري ة البصريية: وقوله يف اآلية بصر هبا هي العلم، وهي للقلب كالبصر للعني ي :

املعلومات واحلقائق، فكما أنك بالعني تبصر األجرام والذوات، فإنك ببصرية القلب أنه دعا على علم، وعلى يقني، وعلى معرفة، مل يدع إىل : والعقل تدرك املعلومات، واملعىن

. اهللا على جهالة أ ن ا و م ن ات ب ع ن ي يعين: وقوله تعاىل اتبعين ممن أجاب أدعو أنا إىل اهللا وكذلك من :

دعويت، فإهنم يدعون إىل اهللا أيضا على بصرية، وهذا أيضا من مناسبة إيراد اآلية حتت هذا . يدعون إىل اهللا الباب؛ ألن أتباع النيبال بد هلم من الدعوة إىل : واملوحدون هللا - عليهم الصالة والسالم -فاملتبعون للرسل : يا حممد: يعين) قل( ر اهللا نبيه أن خيرب عنها، فقال وصفتهم اليت أم اهللا، بل هذه صفته

} Íν É‹≈ yδ þ’ Í?Š Î6 y™ (#þθ ãã ÷Šr& ’ n< Î) «!$# 4 4’n?tã >ο uÅÁ t/ O$ tΡr& ÇtΒ uρ Í_ yè t6?$# ( { )2( فهذه إذ ا خصلة أتباع

نبياء الذين مل خيافوا من الشرك فحسب، ومل يعلموا التوحيد ويعملوا به فحسب، بل األ

. 108: سورة يوسف آية )1( . 108: سورة يوسف آية )2(

Page 65: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

65

دعوا إىل ذلك، وهذا أمر حتمي والزم؛ ألن من عرف ع ظ م حق اهللا فإنه - جل وعال - يغار على حق الرب سبحانه وتعاىل، وكيف ال يغار على مواله، وعلى حق من أحبه فوق

فال بد أن !. خللق إىل غريه بنوع من أنواع التوجهات؟ كل حمبوب من أن يكون توجه ا ل الدين وأصل امللة الذي اجتمعت عليه األنبياء واملرسلون، أال وهو ـيدعو إىل أص

. يف عبادته ويف ربوبيته ويف أمسائه وصفاته جل وعال وعز سبحانه -جل وعال - توحيده معاذا إىل ملا بعث النيب: حديث ابن عباس أنه قال - رمحه اهللا -مث ساق اإلمام

إنك تأيت قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ال {: اليمن قال

هذا موطن الشاهد، وهو أن : } إىل أن يوحدوا اهللا {: ويف رواية)1( } إله إال اهللا

شهادة أن ال إله إال اهللا، وفس رهتا : أمر معاذا أن يكون أول ما يدعو إليه هو النيبن يوحدوا إىل أ {: الرواية األخرى للبخاري يف كتاب التوحيد من صحيحه، وهي بلفظ

)2( .} اهللا

فالنيب عليه . الدعوة إىل التوحيد : فالدعوة إىل شهادة أن ال إله إال اهللا مأمور هبا، وهي من أهل : الصالة والسالم أمر معاذا أن يدعو أهل اليمن، وكانوا من أهل الكتاب، يعين

النصارى، أما الكتاب امل ت عبدين بالتوراة واإلجنيل، فبعضهم كان من اليهود، وبعضهم من . املشركون فيهم فهم قليل، وأكثرهم كان على إحدى امللتني

)3( } إنك تأيت قوما أهل الكتاب {: قوله عليه الصالة والسالم ملعاذ : قال العلماء

من وتوطئة للنفس بأن يهيئ نفسه ملناظرهتم، وقد كان معاذ بن جبلفيه توطني

، أبو )2435(، النسائي الزكاة )625(، الترمذي الزكاة )19(، مسلم اإلميان )6937( البخاري التوحيد )1(

. )1614(، الدارمي الزكاة )1/233(، أمحد )1783(، ابن ماجه الزكاة )1584(داود الزكاة . تقدم)2(، أبو )2435(، النسائي الزكاة )625(، الترمذي الزكاة )19(، مسلم اإلميان )6937( البخاري التوحيد )3(

. )1614(، الدارمي الزكاة )1/233(، أمحد )1783(، ابن ماجه الزكاة )1584(داود الزكاة

Page 66: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

66

العلماء بدين اإلسالم، ومن علماء الصحابة رضوان اهللا عليهم أمجعني فقال له عليه الصالة والسالم ذلك ليهيئ نفسه ملناظرهتم ولدعوهتم، مث أمره أن يكون أول ما يدعوهم إليه أن

. - جل وعال -يوحدوا اهللا

: وجهان )1( } فليكن أول ما تدعوهم شهادة أن ال إله إال اهللا {: إعراب قوله ويف

ـ ) أول ( :األول برفع قوله على أنه ) شهادة( ، ونصب قوله )يكن( على أنه اسم له عن األولية، فابتدأ باألولية مث أخربه بذلك أنه أخرب : فيكون املعىن على هذا الوجه . اخلرب . األول

ـ ) أول ( :بنصب قوله: الثاين على ) شهادة( مقدم، ورفع قوله) يكن( على أنه خرب ل اإلخبار عن الشهادة بأهنا أول ما ي دعى : أنه امسها مؤخر، فيكون املعىن على هذا الوجه

منصوبة؛ ) أول( جبعل: لثاين يعينواملشهور هو الوجه ا . وهذان الوجهان جائزان . إليهوذلك ألن مقام ذكر الشهادة واالبتداء هبا هو األعظم، وهو املقصود؛ ليلتفت السامع

. إىل ما ي راد منه أن ي خ ب ر به من جهة الشهادة - وهو معاذ -واملتلقي هو ذكر أن التوحيد هو : فموطن الشاهد من هذا احلديث، ومناسبة إيراده يف الباب

. ما يدعى إليه، وهو شهادة أن ال إله إال اهللا أول قال مث ساق يف الباب أيضا حديث سهل بن سعد الذي يف الصحيحني أن النيب

وحيبه اهللا ورسوله، يفتح اهللا ألعطني الراية غدا رجال حيب اهللا ورسوله، {: يوم خيرب

... )2( } على يديه، فبات الناس يدوكون ليلتهم

. املكث يف الليل سواء أكان نوم أو مل يكن : البيتوتة هي) بات( :قوله

، أبو )2435(، النسائي الزكاة )625(لزكاة ، الترمذي ا )19(، مسلم اإلميان )6937( البخاري التوحيد )1(

. )1614(، الدارمي الزكاة )1/233(، أمحد )1783(، ابن ماجه الزكاة )1584(داود الزكاة . )5/333(، أمحد )2406(، مسلم فضائل الصحابة )3973( البخاري املغازي )2(

Page 67: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

67

يعين ظلوا ليال ) باتوا( خيوضون يف تلك الليلة، و : أي " يدوكون ليلتهم " :ومعىن قوله يتحدثون من دون نوم، ل ع ظ م هذا ا . لفضل الذي ذكره عليه الصالة والسالم

أين : كلهم يرجو أن يعطاها فقال فلما أصبحوا غدوا على رسول اهللا {.. . :قال

به فبصق يف عينيه، مث دعا هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأيت : علي بن أيب طالب؟ فقيلانفذ على رسلك حىت ترتل بساحتهم، : له، فربأ كأن مل يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال

عهم انفذ على رسلك حىت ترتل بساحتهم مث اد {: فقوله )1( } مث ادعهم إىل اإلسالم

. هذا هو موطن الشاهد واملناسبة من إيراد هذا احلديث يف الباب . )3( )2( } إىل اإلسالم

مث ادعهم إىل اإلسالم، وأخربهم مبا جيب عليهم من حق اهللا تعاىل {: قال

عوة إىل اإلسالم هي الدعوة إىل التوحيد؛ ألن أعظم أركان اإلسالم ، فالد)4( } فيه

شهادة أن ال إله إال اهللا وأن حممدا رسول اهللا، وضم إليها عليه الصالة والسالم أيضا أن . إىل ما جيب عليهم من حق اهللا فيه: يدعوهم إىل حق اهللا فيه، يعين

يعين يف اإلسالم، من ... )5( } وأخربهم مبا جيب عليهم من حق اهللا فيه {: فقوله

جهة التوحيد، ومن جهة الفرائض، واجتناب احملرمات؛ وهلذا جيب أن تبدأ بالدعوة أوال التوحيد، وبيان معىن الشهادتني مث بيان احملرمات، والواجبات؛ : إىل أصل اإلسالم، وهو

. ألصول هو أوىل الواجبات بالتقدمي ألن أصل ا أن آية سورة يوسف فيها بيان أن كل الصحابة كانوا دعاة إىل - هنا -ومما يالحظ

وإىل التوحيد، وحديث معاذ يبني أن معاذا كان من الدعاة إىل اهللا، - جل وعال -اهللا

. )5/333(، أمحد )2406(، مسلم فضائل الصحابة )3973( البخاري املغازي )1( . )5/333(، أمحد )2406(، مسلم فضائل الصحابة )2847( البخاري اجلهاد والسري )2( . تقدم)3( . )5/333(، أمحد )2406(، مسلم فضائل الصحابة )3498( البخاري املناقب )4( . )5/333(، أمحد )2406(، مسلم فضائل الصحابة )3498( البخاري املناقب )5(

Page 68: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

68

عد وكذلك حديث سهل بن س- جل وعال -وقد فصل فيه نوع تلك الدعوة إىل اهللا الذي فيه قصة علي فيه أيضا الدعوة إىل اإلسالم، فيكون هذان احلديثان كالتفصيل لقوله

þθ#) {: يف اآلية ãã÷Šr& ’ n<Î) «!$# 4 4’ n?tã >ο uÅÁ t/ O$ tΡr& ÇtΒ uρ Í_ yè t6?$# ( { )1( فالدعوة على بصرية هي

الدعوة إىل شهادة أن ال إله إال اهللا وهي الدعوة إىل توحيده وإىل اإلسالم، وما جيب على . العباد من حق اهللا فيه

باب تفسري التوحيد وشهادة أن ال إله إال اهللا

y7 {: ىـول اهللا تعالـوق Í× ¯≈ s9 'ρ é& t Ï% ©! $# šχθ ãã ô‰ tƒ šχθ äó tG ö6 tƒ 4’ n< Î) ÞΟ Îγ Î n/ u‘ s' s#‹ Å™ uθ ø9 $# öΝ åκ š‰ r&

Ü> t ø% r& { )2( وقوله ، ]57: اإلسراء[اآلية} øŒÎ)uρ tΑ$ s% ãΛ Ïδ≡tö/Î) ϵ‹ Î/L{ ÿϵ ÏΒ öθ s% uρ Í_ ¯ΡÎ) Ö!#tt/ $£ϑ ÏiΒ

tβρ ߉ç7÷ès? ∩⊄∉∪ ω Î) “ Ï% ©!$# ’ÎΤtsÜsù { )3(] وقوله اآلية،] 27 - 26: الزخرف :} (#ÿρ ä‹sƒ ªB$#

öΝèδ u‘$ t6 ôm r& öΝßγ uΖ≈ t6 ÷δ â‘ uρ $ \/$ t/ö‘ r& ÏiΒ Âχρߊ «!$# { )4( وقوله ] 31: التوبة[اآلية :} š∅ ÏΒ uρ

Ĩ$ ¨Ζ9$# tΒ ä‹Ï‚ −G tƒ ÏΒ Èβρߊ «!$# #YŠ# y‰Ρr& öΝåκtΞθ ™6 Ït ä† Éb=ßs x. «!$# ( { )5( 165: البقرة[اآلية .[

ال إله إال اهللا، وكفر مبا يعبد من دون : من قال {: أنه قال ويف الصحيح عن النيب

وشرح هذه الترمجة ما بعدها . ) { )6( - )7 اهللا، حرم ماله ودمه، وحسابه على اهللا

. من األبواب : فيه مسائل

. 108: سورة يوسف آية )1( . 57: سورة اإلسراء آية )2( . 27، 26: اآليتان سورة الزخرف )3( . 31: سورة التوبة آية )4( . 165: سورة البقرة آية )5( . )6/394(، أمحد )23( مسلم اإلميان )6( . )23( أخرجه مسلم )7(

Page 69: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

69

آية : منها. وهي تفسري الشهادة، وبي نها بأمور واضحة: فيه أكرب املسائل وأمهها اإلسراء بي ن فيها الرد على املشركني الذين يدعون الصاحلني؛ ففيها بيان أن هذا هو الشرك

. األكربا أن أهل الكتاب اختذوا أحبارهم ورهباهنم أربابا من دون آية براءة، بي ن فيه: ومنها

: اهللا، وبني أهنم مل يؤمروا إال بأن يعبدوا إهلا واحدا، مع أن تفسريها الذي ال إشكال فيه . طاعة العلماء والعباد يف املعصية، ال دعاؤهم إياهم

{: ول اخلليل عليه السالم للكفار ـق: ومنها Í_ΡÎ) Ö!#tt/ $ £ϑ ÏiΒ tβρ ߉ç7÷ès? ∩⊄∉∪ ω Î) “ Ï% ©! $#

’ ÎΤtsÜsù { )1( ) فاستثىن من املعبودين ربه، وذكر سبحانه أن هذه ) 27 - 26: الزخرف

$ {: فسري شهادة أن ال إله إال اهللا فقال هي ت: الرباءة وهذه املواالة yγ n= yè y_ uρ Oπ yϑ Î= x. Zπ u‹Ï%$ t/ ’ Îû

ϵ Î7É)tã öΝßγ ¯= yè s9 tβθãè Å_ ötƒ ∩⊄∇∪ { )2( ) 28: الزخرف .(

$ {: ال اهللا فيهمـي الكفار الذين قـة البقرة فـآي: ومنها tΒ uρ Ν èδ t Å_ Ì≈ y‚ Î/ z ÏΒ

Í‘$ ¨Ψ9 ذكر أهنم حيبون أندادهم كحب اهللا فدل على أهنم ) 167: البقرة( )3( } ∪∠∌⊆∩ #$

حب اهللا؟ فكيف مبن أحب الند أكرب من. حيبون اهللا حبا عظيما؛ ومل ي دخلهم يف اإلسالم فكيف مبن مل حيب إال الند وحده؟ ومل حيب اهللا؟

من قال ال إله إال اهللا وكفر مبا يعبد من دون اهللا، حرم ماله ودمه، { قوله: ومنها

فإنه مل جيعل " ال إله إال اهللا " من أعظم ما ي ب ي ن معىن وهذا)4( } وحسابه على اهللا

التلفظ هبا عاصما للدم واملال، بل وال معرفة معناها مع لفظها، بل وال اإلقرار بذلك، بل

. 27، 26: اآليتان سورة الزخرف )1( . 28: ة الزخرف آية سور)2( . 167: سورة البقرة آية )3( . )6/394(، أمحد )23( مسلم اإلميان )4(

Page 70: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

70

وال كونه ال يدعو إال اهللا وحده ال شريك له، بل ال حيرم ماله ودمه حىت ي ض يف إىل ذلك . فإن شك؛ أو توقف؛ مل حيرم ماله ودمه . الكفر مبا ي ع ب د من دون اهللا

وحجة ما أقطعها ! ويا له من بيان ما أوضحه ! فيا هلا من مسألة ما أعظمها وأجلها !. للمنازع

: الشرحشهادة : سبق بيان أن التوحيد هو " باب تفسري التوحيد وشهادة أن ال إله إال اهللا "

التوحيد وشهادة أن ال إله إال " :لعطف يف قوله إن ا : أن ال إله إال اهللا؛ وهلذا قال العلماء : ولكن هذا فيه نظر من جهة أن الترادف غري موجود، أعين . من عطف املترادفات " اهللا

من قبيل عطف - إذ ا -الترادف الكامل، لكن الترادف الناقص موجود فيكون هذا . املترادفات اليت خيتلف بعضها عن بعض يف بعض املعىن

الكشف واإليضاح عن معىن التوحيد، وقد : يعين " باب تفسري التوحيد " :وقوله هنا واحد يف ربوبيته ال شريك له، واحد - جل وعال -اعتقاد أن اهللا : تقدم أن التوحيد هو

: -جل وعال- يف إهليته ال ند له، واحد يف أمسائه وصفاته ال م ث ل له، سبحانه وتعاىل، قال } }§øŠs9 ϵ Î= ÷WÏϑ x. Öï† x« ( uθ èδ uρ ßìŠÏϑ ¡¡9$# çÅÁ t7ø9$# ∩⊇⊇∪ { )1(] وذلك يشمل ] 11: الشورى

. هو اعتقاد أن اهللا واحد يف هذه الثالثة أشياء - إذ ا -أنواع التوحيد مجيعا، فالتوحيد تفسري شهادة أن ال إله إال اهللا، فهذه : يعين " ة أن ال إله إال اهللا وشهاد: "... قوله

الشهادة هي أعظم كلمة قاهلا مكل ف، وال شيء أعظم منها؛ وذلك ألن معناها هو الذي . قامت عليه األرض والسماوات، وما تعب د املتعبدون إال لتحقيقها والمتثاهلا

وتارة تكون شهادة عن علم، مبعىن والشهادة تارة تكون شهادة عن حضور وبصر،إما أن يشهد على شيء حضره ورآه، أو يشهد على شيء علمه، فهذان معنيان : أنه

املشاهدة والرؤية وحيتمل أهنا مبعىن : أشهد، فيحتمل أهنا مبعىن : فإذا قال قائل . للشهادة

. 11: سورة الشورى آية )1(

Page 71: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

71

: وهلذا تضمن قوله أشهد أن ال إله إال اهللا، شهادة علمية؛ : ومعىن الشهادة يف قولنا . العلم أشهد ، العلم .

) شهد( والشهادة يف اللغة، والشرع، ويف تفاسري السلف آلي القرآن اليت فيها لفظ y‰Îγ {: ولهـكق x© ª!$# …çµ ¯Ρr& Iω tµ≈s9Î) ω Î) uθ èδ èπ s3Íׯ≈ n= yϑ ø9$#uρ (#θ ä9'ρ é&uρ ÉΟù= Ïè ø9$# $ Jϑ Í←!$ s% ÅÝó¡É)ø9$$ Î/ 4 Iω tµ≈s9Î) ω Î) uθ èδ

Ⓝ Í–yêø9$# ÞΟŠ Å6y⇔ø9$# ∩⊇∇∪ { )1(] وكقوله ] 18: مرانـآل ع} ω Î) tΒ y‰Íκy− Èd,ys ø9$$ Î/ öΝèδ uρ

tβθ ßϑ n=ôè tƒ ∩∇∉∪ { )2(تتضمن أشياء :

االعتقاد مبا سينطق به، واالعتقاد مبا شهده فكونه يشهد أن ال إله إال اهللا : األوليستلزم أنه اعتقد بقلبه معىن هذه الكلمة من علم ويقني؛ ألن الشهادة فيها االعتقاد،

. واالعتقاد ال يسمى اعتقادا إال إذا كان مث علم ويقني إعالما - أيضا -التكلم هبا، فالشهادة كما أهنا تقتضي اعتقادا؛ فإهنا تقتضي : ينالثا . ونطقا

اإلخبار بذلك، واإلعالم به، فينطق بلسانه، وهذا من جهة الواجب وأيضا ال : والثالث ). الشهادة( يسمى شاهدا حىت ي خرب غريه مبا شهد، وهذا من جهة

بأن ال إله إال : أعتقد وأتكلم، وأعلم، وأخرب : أشهد أن ال إله إال اهللا : فيكون معىن فافترقت بذلك عن حال االعتقاد، وافترقت كذلك عن حال القول، كما افترقت . اهللا -

عن حال اإلخبار اجملرد عن االعتقاد، فال بد لتحققها من حصول الثالثة جمتمعة؛ -أيضا . لسان، وعمل باجلوارح واألركان اعتقاد باجلنان، وقول بال: وهلذا نقول يف اإلميان إنه

على - من حيث األلفاظ -كلمة التوحيد، وهي مشتملة : هي) ال إله إال اهللا ( فـ : أربعة ألفاظ

) ال( - 1

. 18: سورة آل عمران آية )1( . 86: سورة الزخرف آية )2(

Page 72: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

72

). إله( - 2 ). إال( - 3 ). اهللا( لفظ اجلاللة- 4 - جل وعال -النافية للجنس، تنفي األلوهية احلقة عن أحد إال اهللا : هنا فهي) ال( أما

أفادت معن ى زائدا، - وهي أداة االستثناء -) إال( وإذا أتى بعد النفي . يعين يف هذا السياقاإلهلية احلقة، أو اإلله احلق هو اهللا، باحلصر والقصر، : احلصر، والقصر، فيكون املعىن : وهو

. ليس مث إله حق إال هو، دون ما سواه ، وتأيت أحيانا )فاعل( عىن، وتأيت أحيانا مب)فعال( على وزن ) إله ( وكلمة

ع ب د ، وقال بعض اللغويني: مبعىن) أل ه( مشتقة من- لغة -، وهي )مفعول( مبعىن : إهنا من: ـ إذا حتري، ومسي اإلله عندهم إهلا؛ ألن األلباب : فالن يأ ل ه أو ت أ ل ه ) أ ل ه ( أل ه يأ ل ه إذا حتري، ف

القول ليس جبيد، بل الصواب أن حتي رت يف ك نه وصفه، وك نه حقيقته، وهذا ما جاء يف قراءة ابن : وهو املعبود، ويدل على ذلك ) مفعول( مبعىن) فعال( )إله ( كلمة

أ ت ذ ر م وس ى و ق و م ه ل ي ف س د وا ف ي ال أ ر ض و ي ذ ر ك و إ ل اه ت ك : عباس أنه قرأ يف سورة األعراف ي ذ ر ك و إل اه ت ك قال و : كان ابن عباس يقرأها]. 127: األعراف[ ألن فرعون كان ي عب د :

ومل يكن ي ع ب د، فصوب القراءة بـ و ي ذ ر ك و إ ل اه ت ك يعين وهي -وعبادتك، وقراءتنا : ‘x8u { -قراءة السبعة x‹tƒ uρ š tFyγ Ï9#uuρ 4 { )1(أن ابن عباس : املتقدمني، فهذا معناه: يعين

فهم من اإلل ه ة، معىن العبادة، وقد قال الراجز : ــبحن ــه س ــن تأل ــترجعن م واس

ــده هللا ــيات املـــ در الغانـــ

. ال معبود إال اهللا ): ال إله ( املعبود، مبعىن : اإلله هو - إ ذ ا -من عباديت، فيكون : يعين حتتاج إىل - كما تعلمون -النافية للجنس وهي : هي) ال معبود( يف قوله) ال( فـ

: كما قال ابن مالك يف األلفية) إن ( اسم وخرب؛ ألهنا تعمل عمل

. 127: سورة األعراف آية )1(

Page 73: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

73

ـ ) إن ( عمـل ............. يف نكرة ) ال ( اجعـل لا النافية للجنس؟ فاجلواب أن كثريا من املنتسبني للعلم قدرو ) ال( فأين خرب: قيلفإن

ـ : اخلرب ، وو ج ه هذا التقدير وسببه )ال إله موجود إال اهللا ( ب : حيتاج إىل مقدمة قبله وهي : : هي مبعىن ) إله ( إن كلمة : أن املتكلمني واألشاعرة واملعتزلة ومن ورثوا علوم اليونان قالوا

: هي مبعىن آل ه، واآلل ه هو : فقالوا) فاعل( ، أو )مفعول( تأيت مبعىن) فعال( فاعل؛ ألنالقادر على االختراع؛ وهذا جتده مسطورا يف عقائد : بأنه) اإلله( القادر، ففسروا

إذ قال ). أم الرباهني( األشاعرة، كما يف شرح العقيدة السنوسية، اليت تسمى عندهم بـفمعىن ال إله : هو املستغين عما سواه، املفتقر إليه ك ل ما عداه، قال ) اإلله( : فيها ما نص ه

ففسروا األلوهية . ال مستغنيا عما سواه، وال مفتقرا إليه كل ما عداه إال اهللا : إال اهللابالربوبية، وفسروا اإلله بالقادر على االختراع، أو باملستغين عما سواه، املفتقر إليه كل ما

ـ : عداه، ولذلك يقد رون اخلرب خ ب ر ه ا) ال إله( موجود، ف ال قادر على : موجود، يعين : اع واخللق موجود إال اهللا، وال مستغنيا عما سواه، وال مفتقرا إليه كل ما عداه االختر

موجود إال اهللا؛ ألن اخللق مجيعا حمتاجون إىل غريهم وهذا الذي قالوه هو الذي فتح باب . إفراد اهللا بالربوبية، فإذا اعتقد املرء أن : الشرك على املسلمني؛ ألهنم ظنوا أن التوحيد هو

صار موحدا، وإذا اعتقد أن املستغين عما سواه : على االختراع هو اهللا وحده القادرواملفتقر إليه كل ما عداه هو اهللا وحده صار عندهم موحدا وهذا من أبطل الباطل؛ ألن

مشركي قريش كانوا على اإلقرار بالربوبية، كما د ل القرآن على ذلك، كقوله تعال : ىـ } È⌡s9uρ Νßγ tFø9r'y™ ôΒ t,n= y{ ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# uÚö‘ F{$#uρ t¤‚ y™ uρ }§ôϑ ¤±9$# tyϑ s)ø9$#uρ £ä9θ à)u‹s9 ª!$# ( { )1(

{: ويف آية أخرى ] 61: العنكبوت[ È⌡s9uρ Οßγ tFø9r'y™ ôΒ t,n= y{ ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# uÚö‘ F{$#uρ £ä9θ à)u‹s9

£ßγ s)n= yz Ⓝ Í“ yè ø9$# ÞΟŠ Î= yè ø9$# ∩∪ { )2(] وحنو ذلك من اآليات، وهي كثرية، ] 9: الزخرف

. 61: سورة العنكبوت آية )1( . 9: سورة الزخرف آية )2(

Page 74: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

74

≅ö {: كقوله è% tΒ Νä3è% ã— ötƒ zÏiΒ Ï!$ yϑ ¡¡9$# ÇÚö‘ F{$#uρ Β r& à7Î= ôϑ tƒ yìôϑ ¡¡9$# t≈ |Á ö/F{$#uρ tΒ uρ ßl Ìøƒ ä† ¢‘y⇔ø9$#

zÏΒ ÏM Íh‹yϑ ø9$# ßl Ìøƒ ä† uρ |M Íh‹yϑ ø9$# š∅ ÏΒ Çc‘y⇔ø9$# tΒ uρ ãÎn/y‰ãƒ zö∆ F{$# 4 tβθ ä9θ à)uŠ|¡sù ª!$# 4 ö≅ à)sù Ÿξ sùr& tβθ à)−G s? ∩⊂⊇∪

â/ä3Ï9≡x‹sù ª!$# ÞΟä3š/u‘ ‘,pt ø: $# ( #sŒ$ yϑ sù y‰÷è t/ Èd,ys ø9$# ω Î) ã≅≈n= Ò9$# ( { )1(] اآليات من ] 32 ،31: يونس

فصارت هذه . نوا ينازعون يف الربوبية ف ع لم بذلك أن مشركي قريش مل يكو. سورة يونس: دالة على غري ما أراد أولئك املتكلمون وهو ما ذكرناه آنفا من أن معىن - إذ ا -الكلمة

ال معبود موجود إال اهللا، : فيكون املعىن) موجود ( :ال معبود، وأن تقدير اخلرب : ال إله، هو : خمربا عن قول الكفار-ل وعال ج-وهذا باطل؛ ألننا نرى أن املعبودات كثرية وقد قال

} Ÿ≅ yèy_ r& sπ oλÎ; Fψ$# $ Yγ≈ s9Î) #´‰Ïn≡uρ ( { )2(] واملعبودات . فدل ذلك أن املعبودات كثرية ] 5: ص

ربية أن ومن املعلوم أن املتقرر يف علم الع. غلط ) موجود ( فتقدير اخلرب بـ. موجودة النافية للجنس يكثر حذفه يف لغة العرب، ويف نصوص الكتاب والسنة؛ ذلك أن ) ال( خربالنافية للجنس حيذف إذا كان املقام يدل عليه، وإذا كان السامع يعلم ما املقصود ) ال( خرب

: النافية للجنس ملا ساق هذه املسألة ) ال( من ذلك، وقد قال ابن مالك يف آخر باب ــر إذا ــر امل ــقوطه ظه ــع س اد م

إسقاط اخلرب )3 ( يف ذا الـباب وشـاع

ظهر املراد مع حذف اخلرب، فإنك حتذف اخلرب؛ ألن األنسب أن يكون الكالم فإذارة وال هامة وال صفر وال ال عدوى وال طي {: خمتصرا كما يف قوله عليه الصالة والسالم

أنه يف كل ذلك حمذوف؛ لكونه : فأين اخلرب فيما تقدم؟ اجلواب. )5( )4( } نوء وال غول

ـ : معلوم، وال يصح تقديره ) ال إله ( فخرب : معلوما لدى السامع إذ ا ؛ ألن اآلهلة )موجود ( ب

. 32، 31: سورة يونس آية )1( . 5: سورة ص آية)2( . . النافية للجنس) ال(يعين باب )3( . )2/434(، أمحد )3911(، أبو داود الطب )5425( البخاري الطب )4( . )2220(، )106( أخرجه مسلم )5(

Page 75: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

75

اليت عبدت مع اهللا موجودة، فالصحيح تقدير اخلرب بقولك ب ح ق ال إله : يعين، ح ق : أو، أو ال معبود حق إال اهللا، وإن قدرت الظرف فال بأس، أو قدرت ، أو ال معبود حبق،حبق

هذا معىن كلمة التوحيد فيكون كل معبود ،كلمة مفردة فال بأس، فال معبود حق إال اهللا ان، قد عبد ولكن هل عبد باحلق، أو عبد بالباطل، والظلم، والطغي -جل وعال -غري اهللا

أنه قد عبد بالباطل، والظلم، الطغيان، والتعدي، وهذا يفهمه العريب : اجلواب! والتعدي؟؟: -رمحه اهللا-مبجرد مساعه لكلمة ال إله إال اهللا؛ وهلذا قال الشيخ حممد بن عبد الوهاب

ـ ،بئس قوم ). ال إله إال اهللا ( أبو جهل أعلم منهم بال إله موجود، : ولو كان معناها . ن يقوهلافأبو جهل كان يفهم هذه الكلمة، وأىب أ لقالوها بسهولة، ومل يدروا ما حتتها من : كما يزعم كثري من أهل هذا العصر وما قبله

ال معبود حق إال اهللا، وأن عبادة غريه إمنا هي : لكنهم كانوا يعلمون أن معناها . املعاينال إله إال ( وحقيقة معىن ! ؟ بالظلم، فهل يقرون على أنفسهم بالظلم، والبغي، والعدوان

هي ما شرحناه، وبيناه، وفيها اجلمع بني النفي واإلثبات، كما سيأيت بيان ذلك يف آية ) اهللا$øŒÎ)uρ tΑ {: سورة الزخرف، يف قوله تعاىل s% ãΛÏδ≡tö/Î) ϵ‹ Î/L{ ÿϵ ÏΒ öθ s% uρ Í_ ¯ΡÎ) Ö!#tt/ $ £ϑ ÏiΒ tβρ߉ç7÷è s? ∩⊄∉∪

ω Î) “ Ï% ©!$# ’ÎΤtsÜsù …çµ ¯ΡÎ* sù È Ï‰öκu y™ ∩⊄∠∪ { )1(] 27: الزخرف .[

≈¯×y7Í {وقول اهللا تعاىل ( :قال اإلمام رمحه اهللا s9'ρ é& t Ï%©!$# šχθ ããô‰tƒ šχθ äótG ö6 tƒ 4’ n< Î) ÞΟÎγ În/u‘

s' s#‹Å™ uθ ø9$# öΝåκš‰ r& Ü> tø% r& tβθ ã_ ötƒ uρ …çµ tG yϑ ôm u‘ šχθ èù$ sƒ s† uρ ÿ…çµ t/# x‹tã 4 { )2(] هذه اآلية ]): 57: اإلسراء

و توحيد ـ وه،بأنه إفراد اهللا بالعبادة د ـيد؛ وذلك أننا عرفننا التوحي ـتفسري للتوح. وهذه اآلية اشتملت على الثناء على خاصة عباد اهللا بأهنم وحدوا اهللا يف اإلهلية ،اإلهلية

y7 {: بقوله-جل وعال -وهذه مناسبة اآلية للباب، فقد وصفهم اهللا Íׯ≈ s9'ρ é& t Ï% ©!$#

. 27 - 26: سورة الزخرف آية )1( . 57: سورة اإلسراء آية )2(

Page 76: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

76

šχθ ããô‰tƒ { )1(ي د ع ون : ومعىن يعبدون؛ ألن الدعاء هو العبادة، والدعاء نوعان كما :

y7 {دعاء مسألة، ودعاء عبادة، فقوله هنا : سيأيت تفصيله Íׯ≈ s9'ρ é& t Ï%©!$# šχθ ãã ô‰tƒ { )2(

šχθ {: يعبدون، والوسيلة يف قوله : يعين äótG ö6 tƒ 4’ n< Î) ÞΟÎγ În/u‘ s' s#‹Å™ uθ ø9$# { )3(القصد : هي

أن حاجاهتم يبتغوهنا إىل رهبم ذي الربوبية : ينواحلاجة، والتقرب باألعمال الصاحلة يع -رضي اهللا عنهما-الذي ميلك اإلجابة، ويف مسائل نافع بن األزرق، املعروفة البن عباس

$ {: أنه سأله عن قوله تعاىل يف سورة املائدة yγ •ƒ r'≈ tƒ š Ï% ©!$# (#θ ãΖtΒ#u (#θ à)®?$# ©!$# (#þθ äó tG ö/$#uρ ϵ ø‹s9Î)

s' s#‹Å™ uθ ø9$# { )4(] وهل : احلاجة، فقال له :الوسيلة: ما معىن الوسيلة؟ فقال ] 35: املائدة

: خياطب امرأة-وهو عنترة-نعم، أمل تسمع قول الشاعر : تعرف العرب ذلك؟ قالــيب أن ــلي وختض ــأخذوك تكح ــيلة إن ي ــيك وس ــم إل ــرجال هل ال

هلم إليك حاجة، ووجه االستدالل من آية : يعين) هلم إليك وسيلة ( : عنترةفقولþθ#) {: أنه قال : املائدة äótG ö/$#uρ ϵ ø‹s9Î) s' s#‹Å™ uθ ø9$# { )5( واجملرور على لفظ فقدم اجلار ) الوسيلة( ،

يفيد احلصر والقصر، وعند عدد من علماء - وحقه التأخري -وتقدمي اجلار واجملرور يف أن قوله : يفيد االختصاص، وسواء أكان هذا أم ذاك، فوجه االستدالل ظاهر : املعاين

šχθ {: تعاىل يف آية اإلسراء äó tGö6 tƒ 4’ n< Î) ÞΟÎγ În/u‘ s' s#‹Å™ uθ ø9$# { )6(أن حاجاهتم إمنا : معناه

بذلك، فال يتوجهون إىل غريه، وقد - جل وعال -يبتغوهنا عند اهللا، وقد اختص اهللا . حصروا وقصروا التوجه يف اهللا جل وعال

. 57: سورة اإلسراء آية )1( . 57: سورة اإلسراء آية )2( . 57: سورة اإلسراء آية )3( . 35: سورة املائدة آية )4( . 35: سورة املائدة آية )5( . 57: سورة اإلسراء آية )6(

Page 77: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

77

šχθ {ى ـأللوهية قوله تعالوقد جاء بلفظ الربوبية دون لفظ ا äó tG ö6 tƒ 4’ n< Î) ÞΟÎγ În/u‘

s' s#‹Å™ uθ ø9$# { )1( يبتغون إىل اهللا الوسيلة؛ ألن إجابة الدعاء واإلثابة هي من : ومل يقل

. على خلقه تقتضي أن جييب دعاءهم وأن يعطيهم سؤهلم مفردات الربوبية؛ ألن ربوبية اهللا

šχθäó {: فظهروا من قوله tG ö6 tƒ 4’ n< Î) ÞΟÎγ În/u‘ s' s#‹Å™ uθ ø9$# { )2( أن فيها تفسري التوحيد، وهو

ي د ع ون فيه تفسري : وكذلك قوله- جل وعال -ا ترتهلا باهللا أن كل حاجة من احلاجات إمن ألن معىن ي د ع ون يعبدون؛ فهم إمنا يطلبون حاجتهم من اهللا - أيضا -التوحيد جل -

فال يعبدون غري اهللا بنوع من العبادات، وال يتوجهون هبا لغري اهللا، فإذا حنروا فإمنا -وعال ة، وإذا صلوا فإمنا يصلون يبتغون إىل رهبم القربة، وإذا ينحرون يبتغون إىل رهبم احلاج

استغاثوا فإمنا يستغيثون باهللا يبتغون إليه رفيع الدرجات دومنا سواه، إىل آخر مفردات šχθ {: على أن قوله- بظهور -فهذه اآلية دالة . توحيد العبادة ããô‰tƒ šχθ äótG ö6 tƒ 4’ n< Î)

ÞΟÎγ În/u‘ s' s#‹Å™ uθ ø9$# { )3(وقد استشكل بعض أهل العلم إيراد هذه اآلية يف . أنه هو التوحيد

. ما مناسبة هذه اآلية هلذا الباب؟ ومبا ذكرت لك تتضح املناسبة جليا : الباب وقال

‰öΝåκš {: وله جل وعال ـوق r& Ü> tø% r& tβθã_ ötƒ uρ …çµ tG yϑ ôm u‘ šχθ èù$ sƒ s† uρ ÿ…çµt/# x‹tã 4 { )4(

فيه بيان حلال خاصة عباد اهللا الذين مجعوا بني العبادة، واخلوف، والرجاء، ] 57: اإلسراء[، فهم إمنا توجهوا إليه وحده دون ما سواه فأنزلوا اخلوف، فريجون رمحته، وخيافون عذابه

وحده دون ما سواه، وهذا هو -جل وعال -واحملبة، والدعاء، والرغب، والرجاء يف اهللا . تفسري التوحيد

. 57: سورة اإلسراء آية )1( . 57: سورة اإلسراء آية )2( . 57: سورة اإلسراء آية )3( . 57: سورة اإلسراء آية )4(

Page 78: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

78

$øŒÎ)uρ tΑ {: وقوله: قال رمحه اهللا s% ãΛ Ïδ≡tö/Î) ϵ‹ Î/L{ ÿϵ ÏΒ öθ s% uρ Í_ ¯ΡÎ) Ö!#tt/ $ £ϑ ÏiΒ tβρ߉ç7÷è s? ∩⊄∉∪ ωÎ)

“ Ï% ©!$# ’ÎΤtsÜ sù …çµ ¯ΡÎ* sù È Ï‰öκu y™ ∩⊄∠∪ { )1(] 27: الزخرف [.

_Í {: والدليل يف هذه اآلية هو قوله ¯ΡÎ) Ö!#tt/ $£ϑ ÏiΒ tβρ߉ç7÷è s? ∩⊄∉∪ ω Î) “ Ï% ©!$# ’ ÎΤtsÜsù { )2( ،

مما يعبدون، قال : ووجه االستدالل أن هذه اجلملة فيها الرباءة، وفيها اإلثبات، فالرباءة تربأ من العبادة ومن املعبودين قبل أن يتربأ من العابدين؛ ألنه إذا تربأ من : لمبعض أهل الع

فقد بلغ به احلنق، والكراهة، والبغضاء، والكفر بتلك العبادة مبلغها األعظم، وقد : أولئك . جاء تفصيل ذلك يف آية املمتحنة كما هو معلوم

{: ولهـأن ق: بابـ ذه اآلية للـفمناسبة ه Í_ ¯ΡÎ) Ö!#tt/ $£ϑ ÏiΒ tβρ߉ç7÷è s? ∩⊄∉∪ ω Î) “ Ï% ©!$#

’ ÎΤtsÜsù { )3( ،اشتملت على نفي وإثبات، فهي مساوية لكلمة التوحيد بل هي التوحيد

$ {: فسري شهادة أن ال إله إال اهللا؛ وهلذا قال جل وعال بعدها ففي هذه اآلية ت yγ n= yè y_ uρ

Oπ yϑ Î= x. Zπ u‹Ï%$ t/ ’ Îû ϵ Î7É)tã { )4( ال إله إال اهللا، كما عليه تفاسري : فما هذه الكلمة؟ هي قول

{: -جال وعال -السلف، فقوله Í_ ¯ΡÎ) Ö!#tt/ $ £ϑ ÏiΒ tβρ ߉ç7÷è s? ∩⊄∉∪ { )5( فيه النفي الذي نعلمه

ω {، وقوله )ال إله ( من قوله Î) “ Ï% ©!$# ’ ÎΤtsÜsù { )6(ي نفهمه من قولنا فيه اإلثبات الذ ) إال

{: معناها) ال إله ( :فتفسري شهادة أن ال إله إال اهللا هو يف هذه اآلية؛ ألن ) اهللا Í_ ¯ΡÎ) Ö!#t t/

$ £ϑ ÏiΒ tβρ߉ç7÷è s? ∩⊄∉∪ { )7( و ) معناها ) إال اهللا} ω Î) “ Ï%©!$# ’ÎΤtsÜsù { )1( ، ففي آية سورة

. 27 - 26: سورة الزخرف آية )1( . 27 - 26: سورة الزخرف آية )2( . 27 - 26: سورة الزخرف آية )3( . 28: سورة الزخرف آية )4( . 26: سورة الزخرف آية )5( . 27: سورة الزخرف آية )6( . 26: سورة الزخرف آية )7(

Page 79: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

79

{: أن إبراهيم عليه السالم شرح هلم معىن كلمة التوحيد بقوله : الزخرف هذه Í_ ¯ΡÎ) Ö!#tt/

$ £ϑ ÏiΒ tβρ ߉ç7÷è s? ∩⊄∉∪ ω Î) “ Ï% ©!$# ’ÎΤtsÜsù { )2( وترب أ من . الكفر، والبغضاء، واملعاداة : والرباءة هي

عبادة غري اهللا، فهذه الرباءة ال بد منها، وال يصح إسالم أحد حىت تقوم هذه الرباءة يف أن يكون مبغضا : فال يكون موحدا، والرباءة هي قلبه؛ ألنه إن مل تقم هذه الرباءة يف قلبه،

{: لعبادة غري اهللا، كافرا بعبادة غري اهللا، معاديا لعبادة غري اهللا، كما قال يف اآلية هنا Í_ ¯ΡÎ)

Ö!#tt/ $ £ϑ ÏiΒ tβρ ߉ç7÷è s? ∩⊄∉∪ { )3(.لرباءة من العابدين فإهنا من لوازم التوحيد، وليست من أما ا

وهذه هلا مقامات منها ما هو . أصل كلمة التوحيد، مبعىن أنه قد يعادي، وقد ال يعادي . مكفر، ومنها ما هو نوع مواالة، وال يصل بصاحبه إىل الكفر

تقتضي ) هال إل ( :أن الرباءة باليت هي مضمنة يف النفي يف قول : - إذ ا -فتحصل لك البغض لعبادة اهللا، والكفر بعبادة غري اهللا والعداوة لعبادة غري اهللا، وهذا القدر ال بد منه،

. بل ال يستقيم إسالم أحد حىت يكون يف قلبه ذلك

“ (ωÎ {: مث قال Ï% ©!$# ’ÎΤtsÜsù { )4( تثناء الذي يف كلمة وهذا االستثناء هو كاالس

ω {: ، قال بعض أهل العلم يف قوله )ال إله إال اهللا ( التوحيد Î) “ Ï% ©!$# ’ÎΤtsÜsù { )5( ذكر

الفطر دون غريه؛ ألن يف ذلك تذكريا بأنه إمنا يستحق العبادة م ن ف ط ر، أما م ن مل يفط ر ، . ئا، فإنه ال يستحق شيئا من العبادةومل خيلق شي

. وجه االستدالل منها : فمناسبة هذه اآلية للباب ظاهرة، وكذا

. 27: لزخرف آية سورة ا)1( . 27 - 26: سورة الزخرف آية )2( . 26: سورة الزخرف آية )3( . 27: سورة الزخرف آية )4( . 27: سورة الزخرف آية )5(

Page 80: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

80

ÿρ#) {: وقوله: قال ä‹sƒ ªB$# öΝèδu‘$ t6 ôm r& öΝßγ uΖ≈ t6 ÷δ â‘ uρ $ \/$ t/ö‘ r& ÏiΒ Âχρ ߊ «!$# { )1(] 31: التوبة [

اختذوا أحبارهم ورهباهنم معبودين : العبادة، يعين: مجع رب، والربوبية هنا هي : األرباب م ن د ون الل ه يعين مع اهللا؛ وذلك أهنم أطاعوهم يف حتليل احلرام، وحترمي احلالل، والطاعة :

من التوحيد، وفرد من أفراد العبادة، فإذا أطاع غري اهللا فإنه يكون : يف التحليل ويف التحرمي ذ ك ر أحد أفراد التوحيد، وأحد أفراد العبادة، وهو : قد عبد ذلك الغري، فهذه اآلية فيها

مع بيان ما تشتمل عليه من - إن شاء اهللا تعاىل -الطاعة، وسيأيت إيرادها يف باب مستقل . املعاين

∅š {: وقوله: قال ÏΒ uρ Ĩ$ ¨Ζ9$# tΒ ä‹Ï‚ −G tƒ ÏΒ Èβρߊ «!$# #YŠ# y‰Ρr& öΝåκtΞθ ™6 Ït ä† Éb=ßs x. «!$# ( { )2(

]. 165: البقرة[ ، يعين مع اهللا أو غريه ، أن املشركني اختذوا من دون اهللا أندادا -جل وعال -أخرب اهللا

. )öΝåκtΞθ™6Ïtä† Éb=ßsx. «!$# ( { )3 {قون شيئا من العبادات ووصفهم بأهنم دونه وجعلوهم يستح

Éb=ßs {وقوله هنا x. «!$# ( { )4(للمفسرين من السلف فمن بعدهم هنا قوالن :

öΝåκtΞθ {: منهم من يقول- 1 ™6 Ït ä† Éb=ßs x. «!$# ( { )5( هي كلها يف الذين اختذوا أندادا

. حيبون أندادهم كحبهم هللا: يعين

öΝåκtΞθ {: وقال آخرون - 2 ™6 Ït ä† Éb=ßs x. «!$# ( { )6(حيبوهنم كحب املؤمنني هللا : يعين

ΝèO ôM|¡s% Νä3ç/θ§ {: مثل، كقوله تعاىل: هنا مبعىن ) الكاف( فـ è= è% .ÏiΒ Ï‰÷è t/ š Ï9≡sŒ }‘Îγ sù

. 31: سورة التوبة آية )1( . 165: سورة البقرة آية )2( . 165: سورة البقرة آية )3( . 165: سورة البقرة آية )4( . 165: رة البقرة آية سو)5( . 165: سورة البقرة آية )6(

Page 81: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

81

Íο u‘$ y∨Ït ø: $$ x. ÷ρ r& ‘‰x© r& Zο uθ ó¡s% 4 { )1(مثل؛ ألنه عطف عليها امسا آخر : فالكاف هنا اسم مبعىن

ρ÷ {: وهو قوله r& ‘‰x© r& Zο uθ ó¡s% 4 { )2( .

öΝåκtΞθ {: فيكون معىن ™6 Ït ä† Éb=ßs x. «!$# ( { )3(أهنم سو وا تلك اآلهلة باهللا تعاىل يف : أي

حبا عظيما، ولكنهم حيبون تلك اآلهلة أيضا حبا عظيما، وهذه احملبة، فهم حيبون اهللا يف سورة - جل وعال -الشرك، وهي اليت جعلتهم من أهل النار، كما قال : التسوية هي

$$!» {الشعراء خمربا عن قول أهل النار، s? βÎ) $ ¨Ζä. ’ Å∀s9 9≅≈n= |Ê AÎ7•Β ∩∠∪ øŒÎ) Νä3ƒ Èhθ |¡èΣ Éb> tÎ/

tÏϑ n=≈ yè ø9$# ∩∇∪ { )4(] ومعلوم أهنم ما سووا تلك اآلهلة برب العاملني ] 98 - 97: الشعراء

يف اخللق، والرزق، ومفردات الربوبية، وإمنا سووهم برب العاملني يف احملبة والعبادة فيكون öΝåκtΞθ { - جل وعال -وله معىن ق ™6 Ït ä† Éb=ßs x. «!$# ( { )5(حيبوهنم حمبة مثل حمبتهم هللا، : أهنم

كحب املؤمنني هللا، والذين آمنوا أشد : وهذا الوجه أرجح من الوجه اآلخر الذي تقديره . حبا هللا

يف أن التشريك يف احملبة مناف : ووجه االستدالل من اآلية، ومناسبتها للباب ظاهرة لكلمة التوحيد، ومناف للتوحيد من أصله، بل ح ك م اهللا عليهم بأهنم اختذوا أندادا من دون اهللا، حيبوهنم كحب اهللا، ووصفهم بذلك، وال شك أن احملبة نوع من أنواع العبادة،

واحملبة م ح أن احملبة نوع من : فوجه ذكره احملبة هنا . ر ك ة، وهي اليت تبعث على التصرفات صاروا متخذين أندادا من دون اهللا، وهذا : أنواع العبادة، فلما مل يفردوا اهللا هبذه العبادة . معىن التوحيد، ومعىن شهادة أن ال إله إال اهللا

. 74: سورة البقرة آية )1( . 74: سورة البقرة آية )2( . 165: سورة البقرة آية )3( . 98 - 97: سورة الشعراء آية )4( . 165: سورة البقرة آية )5(

Page 82: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

82

ال إله إال اهللا، : من قال {: قال أنه يف الصحيح عن النيب( :- رمحه اهللا -مث قال

يف "): - ) { )1 -وكفر مبا يعبد من دون اهللا، حرم ماله ودمه، وحسابه على اهللا

ال إله إال : أن مثة فرقا بني قول بيان التوحيد وشهادة أن ال إله إال اهللا؛ ذلك: هذا احلديثاهللا، وبني التوحيد وشهادة أن ال إله إال اهللا، فالتوحيد والشهادة أرفع درجة، وخيتلفان عن

: جمرد القول، وهذا احلديث فيه قيد زائد عن جمرد القول، وهو قوله عليه الصالة والسالم هنا عاطفة، ) الواو ( فتكون )2( } ال إله إال اهللا، وكفر مبا يعبد من دون اهللا : من قال {

كفر مبا " :ويكون ما بعدها غري ما قبلها؛ ألن األصل يف العطف املغايرة، فتضمن قوله إال اهللا، ومع ال إله: أنه قال: أمرا زائدا على جمرد القول، فيكون املعىن " يعبد من دون اهللا

. هذا قول . تربأ مما يعبد من دون اهللا : قوله كفر مبا يعبد من دون اهللا، يعينهنا وإن كانت عاطفة، فليست لتمام املغايرة، وإمنا هي من ) الواو ( أن : والقول الثاين

%tΒ tβ {: - جل وعال -باب عطف التفسري، فيكون ما بعدها بعض ما قبلها، كقوله x.

#xρ ߉tã °! ϵ ÏG x6Íׯ≈ n= tΒ uρ Ï& Î#ß™ â‘ uρ Ÿ≅ƒ Îö9 Å_ uρ Ÿ≅8s3‹ ÏΒ uρ { )3(] فجربيل وميكال بعض ] 98: البقرة

ني املالئكة، فعطفهم وخصهم بالذكر، وأظهر اسم جربيل وميكال لبيان أمهية هذين االمس . وأمهية هذين امللكني؛ ألن أولئك اليهود هلم كالم بالقدح يف جربيل وميكال

عطف خاص بعد عام، أو عطف تفسري؛ ألن ما بعدها -هنا-أن العطف : فاملقصودعلى هذا ) ال إله إال اهللا ( :ال إله إال اهللا، فتكون : داخل يف ما قبلها، وهذا تفسري لقوله

ر مبا يعبد من دون اهللا، وهذا سبق ذكره يف تفسري معىن الرباءة متضمنة للكف: القول الثاين {: املذكورة يف آية سورة الزخرف، وهي قوله تعاىل Í_ ¯ΡÎ) Ö!#tt/ $ £ϑ ÏiΒ tβρ ߉ç7÷ès? ∩⊄∉∪ ωÎ) “ Ï% ©!$#

. )6/394(، أمحد )23( مسلم اإلميان )1( . )6/394(، أمحد )23 ( مسلم اإلميان)2( . 98: سورة البقرة آية )3(

Page 83: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

83

’ ÎΤtsÜsù { )1(] إن الرباءة تتضمن البغض، والكفر، واملعاداة، : إذ قلنا] 27: الزخرف

. والكفر يكون مبا يعبد من دون اهللا، وهذا تفسري ظاهر لكلمة التوحيد بل هو الذي يتوافق مع ما - رمحه اهللا تعاىل -والوجه الثاين هو األظهر لسياق الشيخ

. من األدلةقبله : ، ذلك ألنه صار مسلما، فمن قال " حرم دمه وماله وحسابه على اهللا " :وقوله

ال إله إال اهللا، وكفر مبا يعبد من دون اهللا، صار مسلما، واملسلم ال حيل دمه إال بإحدى ". حرم ماله ودمه " :ال حيل ماله إال حبق؛ وهلذا قال هنا: ثالث، وكذلك

أن تفسري التوحيد وتفسري : ة، وما فيها من اآليات واحلديث فظهر من هذه الترمج يستوجب من املسلم مزيد عناية، ونظر، وتأمل، وتأن حىت يفهمه : شهادة أن ال إله إال اهللا

. حبجته، وببيان وجه احلجة يف ذلك ): وتفسري هذه الترمجة ما بعدها من أبواب( " :- رمحه اهللا -بعد ذلك قال الشيخ

كله هو تفسري للتوحيد، وتفسري لكلمة ال إله إال اهللا، وبيان ما يضاد ذلك، فالكتابوبيان ما ينايف أصل التوحيد، وما ينايف كماله، وبيان الشرك األكرب، والشرك األصغر،

من -توحيد العبادة-والشرك اخلفي، وشرك األلفاظ، وبيان بعض مستلزمات التوحيد -جل وعال -وبيان ما يتضمنه توحيد العبادة من اإلقرار هللا اإلقرار هللا باألمساء والصفات،

. بالربوبية باب من الشرك لبس احللقة واخليط وحنومها لرفع البالء أو دفعه

≅ö {: وقول اهللا تعاىل è% ΟçF÷ƒ utsù r& $ ¨Β tβθ ããô‰s? ÏΒ Èβρߊ «!$# ÷β Î) u’ÎΤyŠ# u‘ r& ª!$# AhÛØÎ/ ö≅ yδ £èδ

àM≈xϱ≈ x. ÿÍν ÎhàÑ { )2( 38: الزمر[ اآلية [.

. 27 - 26: سورة الزخرف آية )1( . 38: سورة الزمر آية )2(

Page 84: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

84

من صفر ده حلقة ـ رأى رجال يف ي يـأن النب { نيـ ن عمران بن احلص ـع

انزعها، فإهنا ال تزيدك إال وهنا، فإنك لو " :من الواهنة، فقال: قال " ما هذه؟ " :فقال . )2( رواه أمحد بسند ال بأس به )1( } مت وهي عليك، ما أفلحت أبدا

من تعلق متيمة فال أتم اهللا له، ومن تعلق ودعة فال {: وله عن عقبة بن عامر مرفوعا

. )4( )3( } ودع اهللا له

. )6( )5( } من تعلق متيمة فقد أشرك {: ويف رواية

أنه رأى رجال يف يده خيط من احلمى فقطعه وتال والبن أيب حامت عن حذيفة $ {: له تعاىلقو tΒ uρ ßÏΒ ÷σムΝèδ çsYò2 r& «!$$ Î/ ω Î) Νèδ uρ tβθä.Îô³•Β ∩⊇⊃∉∪ { )7( )8( .

: فيه مسائل . التغليظ يف ل بس احللقة واخليط وحنومها ملثل ذلك : األوىلأن : فيه شاهد لكالم الصحابة . فلحأن الصحايب لو مات وهي عليه؛ ما أ : الثانية

. الشرك األصغر أكرب من الكبائر . أنه مل يعذر باجلهالة: الثالثة

. )9( } ال تزيدك إال وهنا {أهنا ال تنفع يف العاجلة؛ بل وتضر لقوله : الرابعة

. )4/445(، أمحد )3531( ابن ماجه الطب )1( . 216 / 4 واحلاكم 628 / 7 وابن حبان 445 / 4 أخرجه أمحد )2( . )4/154( أمحد )3( . 417 / 4واحلاكم ) 1759( وأبو يعلى 154 / 4 أخرجه أمحد )4( . )4/156( أمحد )5( . 417 / 4 واحلاكم 156 / 4 أخرجه أمحد )6( . 106: سورة يوسف آية )7( . 342 / 4 ذكره ابن كثري يف التفسري )8( . )4/445(، أمحد )3531( ابن ماجه الطب )9(

Page 85: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

85

. اخلامسة اإلنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك التصريح بأن من تعلق شيئا و ك ل إليه: السادسة . . التصريح بأن من تعلق متيمة فقد أشرك: السابعة . أن تعليق اخليط من احل م ى من ذلك : الثامنةتالوة حذيفة اآلية دليل على أن الصحابة يستدلون باآليات اليت يف الشرك : التاسعة

. ة البقرةاألكرب على األصغر، كما ذكر ابن عباس يف آي أن تعليق الو د ع عن العني من ذلك : العاشرة .

الدعاء على من تعلق متيمة أن اهللا ال ي ت م له، ومن تعلق ودعة فال ودع : احلادية عشرة . ترك اهللا له: اهللا له؛ أي : الشرح

هذا باب شرع به الشيخ يف تفصيل ما سبق، وهو بيان التوحيد ببيان - رمحه اهللا - . حبقيقته، ومبعرفة ضده : من املعلوم أن الشيء يعرف ويتميز بشيئني و. ضده

مبعرفة معناه وأفراده، ومبعرفة ضده أيضا وقد قال : والتوحيد يتميز مبعرفته يف نفسه أي : الشاعر

ــدها ــياء وبضـ ــيز األشـ ............................... . تتمـ رمحه -وقد بدأ اإلمام . ة قبح الشرك فإن التوحيد ي عرف حس ن ه مبعرف: صحيحوهذا

. يف ذكر ما هو مضاد للتوحيد-اهللا ما يضاد أصله، وهو الشرك األكرب الذي إذا أتى به املكلف : وما يضاد التوحيد منه

أنه : فإنه ينقض توحيده، ويكون مشركا شركا أكرب خمرجا من امللة، فمثل هذا يقال فيه . ايف أصل التوحيدقد أتى مبا ينايف التوحيد، أو ين

ما كان حاصال من جهة الشرك : ما ينايف كمال التوحيد الواجب، وهو : والثايناألصغر، فإنه ينايف كماله الواجب، فإذا أتى بشيء منه، فقد ناىف بذلك كمال التوحيد؛

Page 86: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

86

ألن كمال التوحيد إمنا يكون بالتخلص من أنواع الشرك مجيعا، وكذلك الرياء فإنه من ومنها أشياء يقول . يسري الرياء، وهو ينايف كمال التوحيد: ك األصغر أعين أفراد الشرإهنا نوع شرك، فيعربون عن بعض املسائل من الشركيات بأهنا نوع شرك أو : العلماء عنها

: يف هذا الباب أربعة- عندنا -نوع تشريك فصارت ألفاظهم . الشرك األكرب : األول . الشرك األصغر: الثاين . الشرك اخلفي:الثالثفيها نوع شرك، أو نوع تشريك، وذلك مثل ما سيأيت : قوهلم يف بعض املسائل : الرابعtβθèùÌ÷è {: - جل وعال -يف قوله tƒ |Myϑ ÷è ÏΡ «!$# ¢ΟèO $ pκtΞρ ãÅ6Ζム{ )1(] ويف ]83: النحل ،

„tβθä.Îô³ç {له حنو قو r& $ tΒ Ÿω ß,è= øƒ s† $ \↔ ø‹x© öΝèδ uρ tβθ à)n= øƒ ä† ∩⊇⊇∪ { )2(] وهذا ] 191: األعراف

. - إن شاء اهللا -يدخل يف باب الطاعة، كما سيأيت بيانه مفصال ل وبيان صور من الشرك األصغر، اليت بتفصي: يف هذا الباب- رمحه اهللا -ابتدأ الشيخ

يكثر وقوعها، وقد م األصغر على األكرب انتقاال من األدىن إىل األعلى؛ ألن الشبهة يف : األدىن ضعيفة خبالف الشبهة يف األعلى، فإهنا أقوى، ألن شبهة املتعل ق باخليط، وبالتمائم

تعل ق باخليط، والتمائم، وحنوها أضعف من شبهة املتعل ق باألولياء والصاحلني، فإذا علم امل خطأه وبطالن تعل قه، س ه ل إقناعه ببطالن التعلق بغري اهللا من األولياء - بعد ذلك -

، أما إذا جاء إىل - كما هو احلال يف الشرك األكرب -والصاحلني، وبأنه أقبح من األول سأهلم، ويذبح هلم، من هو متلبس بالشرك األكرب، كالذي يتعل ق باألولياء، ويدعوهم، وي

فال ي ح س ن فيمن هذه حاله أن ي ن ت قل يف إقناعه ببطالن ما هو عليه من األعلى إىل األدىن؛ - أن أولئك هلم مقامات عند اهللا - بزعمه -لقوة الشبهة عنده جتاه من أشرك هبم، وهي

. 83: سورة النحل آية )1( . 191: ة سورة األعراف آي )2(

Page 87: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

87

م الشرك فهذه حقيقة حال الذين يتوجهون إىل أولئك املدعوين، ويشركون هب -جل وعال إمنا أردنا الوسيلة، وهؤالء الذين : فإهنم يقولون- والعياذ باهللا -األكرب املخرج من امللة

فحال هؤالء كحال املشركني الذين . ندعوهم هلم مقامات عند اهللا، وإمنا أردنا الوسيلة š {: فيهم- جل وعال - الذين قال اهللا كانوا يف زمن النيب Ï%©!$#uρ (#ρ ä‹sƒ ªB$# ∅ ÏΒ

ÿϵ ÏΡρ ߊ u!$ uŠÏ9÷ρ r& $ tΒ öΝèδ߉ç6 ÷è tΡ ω Î) !$ tΡθ ç/Ìhs)ã‹Ï9 ’ n< Î) «!$# #’ s∀ ø9ã— { )1(] أن الشيخ : واملقصود] 3: الزمر-

ال من األدىن إىل األعلى حىت يكون ذلك بدأ أوال بتفصيل الشرك األصغر انتقا-رمحه اهللا . ضرورة التعل ق باهللا، وإبطال التعلق بغريه : أقوى يف احلجة، وأمكن يف النفوس، من جهة

باب من الشرك( :- رمحه اهللا -قوله أن هذه الصورة اليت : هنا تبعيضية؛ يعين) م ن( ): أهنا : عه؟ اجلواب يف الباب هي بعض الشرك، لكن هل هي بعض أفراده أو بعض أنوا

: هو أحد أنواع الشرك، وهو - وهو لبس احللقة أو اخليط - شاملة لألمرين؛ ألن ما ذ كر . الشرك األصغر، وهو أيضا أحد أفراد الشرك بعمومه؛ ألهنا صورة من صور اإلشراك

ما ) وحنومها( :املقصود بقوله ): باب من الشرك لبس احللقة واخليط وحنومها( :قوله اخلرز، والتمائم، واحلديد، وحنو ذلك مما قد ي لبس، ومثله : احللقة واخليط مثليكون حنو

أيضا ما يعل ق يف البيوت، أو يف السيارات، أو يعل ق على الصغار، وحنو ذلك، مما فيه لبس، . أو تعليق، فكل ذلك يدخل يف هذا الباب، وأنه من الشرك

إما أن تكون من ص فر يعين : واحللقة وإما أن تكون من حديد، أو تكون من حناس،: معروف، واملراد ع ق د ه يف اليد على وجه االعتقاد، وليس املراد : واخليط . من أي معدن . خيطا بعينه

كالتمائم، وغريها، إذ كانوا يعتقدون : وكان للعرب اعتقاد يف احللقة واخليط، وحنومهادفع البالء قبل وقوعه، وإما من أثر فيه ونفع، إما من جهة : أن من تعل ق شيئا من ذلك

لرفع البالء أو ( :- رمحه اهللا -جهة رفع البالء أو املرض بعد وقوعه؛ وهلذا قال الشيخ

. 3: سورة الزمر آية )1(

Page 88: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

88

ألن احلالتني موجودتان، فمنهم من يعل ق احللق، واخليوط، وحنومها قبل وقوع ؛)دفعهياء لرفع البالء بعد البالء لدفعه، وال شك أن هذا أعظم إمثا وذنبا من الذي يعل ق هذه األش

، - جل وعال -حصوله؛ ألنه يعتقد أن هذه األشياء اخلسيسة الوضعية تدفع قدر اهللا هم الذين يلبسون تلك األشياء، ويعل قوهنا : فالصنف األول، هم من ذكرنا، والصنف الثاين

لرفع البالء بعد حصوله، كمن مرض فلبس خيطا، لريفع ذلك املرض، أو أصابته عني . يف أصناف شىت، من أحوال الناس يف ذلك : اخليط لريفع تلك العني، وهكذافلبس

مث ل م كان ل بس احللقة أو اخليط من الشرك األصغر؟ اجلواب ألنه تعلق قلبه هبا، : أن إثبات األسباب : وجعلها سببا لرفع البالء، أو سببا لدفعه، والقاعدة يف هذا الباب

وز إال من جهة الشرع فال جيوز إثبات سبب إال أن يكون ال جي: املؤثرة وكون الشيء سببا سببا شرعيا، أو أن يكون سببا قد ثبت بالتجربة الواقعة أنه يؤثر أثرا ظاهرا ال خفيا فمن لبس حلقة أو خيطا أو حنومها لرفع البالء أو دفعه فإنه يكون بذلك قد اختذ سببا ليس

حيصل له ذلك على وجه الظهور وإمنا هو ال : مأذونا به شرعا، وكذلك من جهة التجربة جمرد اعتقاد من املالبس لذلك الشيء فيه، فقد يوافق القدر، في شفى م ن ح ني ل بس أو بعد لبسه، أو يدفع عنه أشياء يعتقد أهنا ستأتيه فيبقى قلبه معلقا بذلك امللبوس، ويظن بل يعتقد

. أنه سبب من األسباب، وهذا باطلفإن من : حللقة واخليط وحنومها لرفع البالء أو دفعه شركا أصغر أما وجه كون لبس ا

لبسها فقد تعلق قلبه هبا، وجعلها تدفع وتنفع، أو جعلها تؤثر يف رفع الضرر عنه، أو يف وحده؛ إذ هو وحده النافع الضار، - جل وعال -وهذا إمنا يستقل به اهللا . جلب املنافع له

وأما . بالرمحة، ويفيض باخلري أو ميسك ذلك الذي يفيض - سبحانه وتعاىل -وهو األسباب اليت تكون سببا ملسبباهتا فهذه ال بد أن يكون مأذونا هبا يف الشرع؛ وهلذا يعرب

اد عى أنه ي حد ث املسب ب، أو : يعين-من أثبت سببا : بعض العلماء عما ذكرت بقوله ي ح د ث النتيجة . فقد أشرك، يعين الشرك األصغر: را مل جيعله اهللا سببا، ال شرعا، وال قد-

Page 89: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 90: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

90

ö≅è% ΟçF÷ƒ {: يف هذه اآلية من سورة الزمر-جل وعال utsùr& $ ¨Β tβθãã ô‰s? ÏΒ Èβρߊ «!$# { )1(

إذا جاءت بعد مهزة االستفهام، فإهنا تكون عاطفة على ) الفاء( إن : قال بعض أهل العلم {مجلة حمذوفة يدل عليها السياق، وهذه اآلية أوهلا Í.s!uρ Οßγ tFø9r'y™ ôΒ t,n= y{ ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$#

uÚö‘ F{$#uρ  ∅ ä9θ à)u‹s9 ª!$# 4 ö≅ è% ΟçF÷ƒ utsùr& { )2(أتقرون بأن الذي خلق السماوات : قل: يعين

أتقرون بذلك، ! واألرض هو اهللا وحده، ومع ذلك تدعون غريه؛ وتتوجهون لغريه؟ ه هو أتقرون بأن اهللا هو الواحد يف ربوبيته، وأن : وتفعلون هذه األشياء؟ أو يكون التقدير

الذي خلق السماوات واألرض وحده؟؟ إذا أقررمت هذه األشياء اليت تتوجهون هلا من دون فعلى !! اهللا، هل هي قادرة على دفع املضار عنكم؟ أو هل جتلب لكم رمحة من دون اهللا؟؟

هنا ترتيبية؛ رتبت ما بعدها على ما قبلها، وهذا هو املقصود هنا من ) الفاء( تكون: هذااج؛ ألن طريقة القرآن أنه حيتج على املشركني مبا أقروا به من توحيد الربوبية هذا االحتج

أنه : على ما أنكروه من توحيد اإلهلية، وهم أقروا بالربوبية، فرتب على إقرارهم هبذا ت د ع ون أي : ومعىن قوله- جل وعال -يلزمهم أن يبطلوا عبادة غري اهللا تعبدون، وقد :

ت د ع ون يشمل : ملسألة، وقد تكون بأنواع العبادة األخرى، وقوله تكون العبادة بدعاء ا . دعاء املسألة، ودعاء العبادة؛ ألهنما حالتان من أحوال أهل اإلشراك باهللا

م ا ت د ع ون عامة؛ ألهنا اسم موصول مبعىن الذي؛ أي: يف قوله) ما(و أفرأيتم الذي : أنواع، كل - الذي مشلته هذه اآلية - والذي يدعونه من دون اهللا . تدعونه من دون اهللا

ما دعي من دون اهللا مما جاء بيانه يف القرآن، وقد جاء يف القرآن بيان األصناف اليت أ شر ك وت و ج ه هلا بالعبادة، وهي أنواع - جل وعال -هبا من دون اهللا :

. 38: سورة الزمر آية )1( . 38: سورة الزمر آية )2(

Page 91: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

91

ورة يف آخر س - جل وعال -بعض األنبياء والرسل والصاحلني، كما قال : األول$øŒÎ)uρ tΑ {: املائدة s% ª!$# |¤ŠÏè≈ tƒ t ø⌠ $# zΝtƒ ótΒ |MΡr&u |M ù= è% Ĩ$Ζ= Ï9 ’ ÎΤρ ä‹Ïƒ ªB$# u’ ÍhΓé&uρ È ÷yγ≈ s9Î) ÏΒ Èβρߊ «!$# (

tΑ$ s% y7 oΨ≈ ys ö6ß™ { )1(] اآليات، فهذا فيه بيان هذا النوع من املعبودين ] 116: املائدة .

tΠöθ {: املالئكة، كما جاء بيان ذلك يف آخر سورة سبأ يف قوله تعاىل : الثاين tƒ uρ

öΝèδ çà³øt s† $ YèŠÏΗ sd §ΝèO ãΑθ à)tƒ Ïπ s3Íׯ≈ n= yϑ ù= Ï9 ÏIω àσ¯≈ yδ r& ö/ä.$ −ƒ Î) (#θçΡ$ Ÿ2 tβρ ߉ç7÷è tƒ ∩⊆⊃∪ (#θ ä9$ s% y7oΨ≈ ys ö6 ß™ |MΡr& $ uΖ–ŠÏ9uρ

ÏΒ ΝÎγ ÏΡρ ߊ ( ö≅ t/ (#θçΡ% x. tβρ ߉ç7÷è tƒ £Éf ø9$# ( Νèδ çsYò2 r& ΝÍκÍ5 tβθãΖÏΒ ÷σ•Β ∩⊆⊇∪ { )2(] 41 - 40: سبأ .[

يتوجهون للكواكب بالعبادة، مثل من يعبد الشمس والقمر، : ونوع آخر من املشركني . وغريمها من الكواكب

. ونوع آخر كانوا يتوجهون لألشجار، واألحجار .ونوع كانوا يتوجهون لألصنام واألوثان

ΟçF÷ƒ {: فقوله utsùr& $ ¨Β tβθãã ô‰s? ÏΒ Èβρ ߊ «!$# { )3( يدخل فيه كل من توجه إليه بشيء

. من أنواع العبادة، وذلك يفيدنا يف معرفة وجه االستدالل من هذه اآلية، كما سيأيت

’βÎ) u÷ {: قوله ÎΤyŠ# u‘ r& ª!$# AhÛØÎ/ ö≅ yδ £èδ àM≈xϱ≈ x. ÿÍν ÎhàÑ ÷ρ r& ’ ÎΤyŠ# u‘ r& >π yϑ ôm tÎ/ ö≅ yδ  ∅ èδ àM≈ s3Å¡ôϑ ãΒ

ϵ ÏG uΗ ÷qu‘ 4 { )4( إضرار أو نفع، ومعىن قوله - بأنواعها - فيه إبطال أن يكون لتلك اآلهلة :

} ÷β Î) u’ ÎΤyŠ# u‘ r& ª!$# AhÛØÎ/ ö≅ yδ £èδ àM≈ xϱ≈ x. ÿÍν ÎhàÑ { )5(ال يستطيعون ذلك، كما أنه إن : أي

: اجلواب ! برمحة، فهل تستطيع هذه اآلهلة أن تدفع رمحة اهللا؟ - جل وعال -أرادين اهللا

. 116: سورة املائدة آية )1( . 41 - 40: اآليتان سورة سبأ )2( . 38: سورة الزمر آية )3( . 38: سورة الزمر آية )4( . 38 : سورة الزمر آية )5(

Page 92: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

92

ف ب ط ل إذ ا أن يكون ث م تعل ق بتلك اآلهلة العظيمة اليت يظن أن هلا . ع أيضاأهنا ال تستطي . موجبة لشفاعتها - جل وعال -مقامات عند اهللا

إن هذه اآلية واردة يف الشرك األكرب، ف ل م : إذا تبني ذلك فقد قال بعض أهل العلم ألصغر؟؟ واجلواب عن ذلك يف سرد بيان أصناف من الشرك ا- رمحه اهللا -جعلها الشيخ : من وجهني

أن اآليات الواردة يف الشرك األكرب، دلت من جهة املعىن على وجوب : الوجه األول، ولذا - أيضا -التعلق باهللا، وبطالن التعلق بغريه، وهذا املعىن متحقق يف الشرك األصغر

فإن من السلف من نز ل اآليات الواردة يف الشرك األكرب على الشرك ا ألصغر جبامع أن يف فإذا بطل التعلق يف األعظم بطل التعلق فيما - جل وعال - كال الشركني تعل قا بغري اهللا

. هو دونه من باب أوىل أن هذه اآلية واردة يف الشرك األكرب، ولكن املعىن الذي دارت عليه هو : الوجه الثاين

ئا، فال يقدر أن يرفع ضرا وال تقرير أن كل من يدعى من دون اهللا ال يستطيع من األمر شي بالء، وال أن مينع رمحة وفضال عمن أراده اهللا بذلك وهذا املعىن الذي هو التعلق مبا يعتقد

باحللقة وباخليط؛ -الشرك األصغر- أنه يضر أو ينفع هو املعىن الذي من أجله تعل ق املشرك أن هلما تأثريا من جهة رفع ألنه ما علق اخليط، وال علق احللقة، وغريمها إال ألنه يعتقد

البالء أو دفع الضر، وأهنما جيلبان النفع أو يدفعان الضر، مع أن هذه األشياء مهينة وأمور وضيعة، فإذا ن ف ي عن األشياء العظيمة كاألنبياء واملرسلني واملالئكة والصاحلني، أو األوثان

عما سواها مما هو أدىن ال شك أنه فإن انتفاء النفع والضر ؛اليت هلا روحانيات كما يقولون . أظهر يف الربهان وأبني

Page 93: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

93

ب ض ر : وقوله β÷ {: الوارد يف سياق قوله تعاىل ، Î) u’ ÎΤyŠ# u‘ r& ª!$# AhÛØÎ/ { )1( نكرة يف سياق

الشرط، فهو يعم مجيع أن ال يستطيع أن يرفع - جل وعال -أن غري اهللا : واع الضرر، يعين أي ضر -ضرا . إال بإذنه سبحانه- جل وعال - أنزله اهللا -

عن عمران بن حصني: يف الباب عدة أحاديث؛ فقال- رمحه اهللا -مث ساق من الواهنة، : قال " ما هذه؟ " : رأى رجال يف يده حلقه من صفر، فقال أن النيب {

انزعها، فإهنا ال تزيدك إال وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت : فقال . )3( )2( } أبدا

حلقة أنه عليه الصالة والسالم رأى رجال يف يده : مناسبة احلديث للباب ظاهرة، وهي من صفر وكان أهل اجلاهلية يعلقوهنا رجاء النفع أو دفع الضر فقال عليه الصالة

فما نوع االستفهام يف هذا احلديث؟ اجلواب أن من أهل : ، فإن قيل"ما هذه؟ " :والسالمولكن املسؤول مل يفهم أنه إنكار، بل فهم أنه . إنه استفهام إنكار : العلم من قال

. من الواهنة: فقالاستفصال، فلذلك أجاب؛ إنه حيتمل أن يكون استفهام استفصال، أو استفهام : وقال آخرون من أهل العلم

أنه يفيد اإلنكار : األول، يعين: واألظهر. من الواهنة: إنكار؛ وهلذا أجاب املسؤول بقوله الشديد، وإمنا كان هو األظهر من حيث داللة السياق عليه؛ وليس يف السياق ما يدل على

كان يقصد بسؤاله االستفصال عن السبب الذي من أجله لبس الرجل حلقه نهأ . الصفر، كأن يكون قد لبسها للتحلي، أو ألي أمر آخر

ال حيتمل أن يكون استفصاال عن } ما هذه؟ {: واملقصود أن االستفهام يف قوله

. د لبس لغري ذلك، بل هو استفهام لإلنكارلالعتقاد، أو يكون ق: وجه اللبس، هل هو

. 38: سورة الزمر آية )1( . )4/445(، أمحد )3531( ابن ماجه الطب )2( . تقدم)3(

Page 94: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

94

ما } من الواهنة {: وإذا احتمل أن يكون االستفهام لالستفصال، فإن يف قول املسؤول

يكون قد لبسها ألجل تعلقه هبا، لرفع املرض، أو : يعني سبب اللبس، فعلى كال القولني . األمراض يهن اجلسم، ويطرحه، ويضعف قواه نوع مرض من : والواهنة . لدفعه

أن تغيري املنكر يكون : هذا أمر، وفيه : } انزعها {: وقوله عليه الصالة والسالم

باللسان، إذا كان املأمور يطيع اآلمر؛ ويكتفى بذلك عن تغيريه باليد؛ ألن النيب عليه إمكانه تغيري هذا املنكر بيده، لكن ملا علم من حال ذلك الصالة والسالم له حق الوالية، وب

فال تعارض بني هذا وبني ما سيأيت من أن . } انزعها {: املأمور أنه ميتثل األمر قال له

. قطع خيطا من يد رجل؛ فإن ذلك مبين على حال أخرى حذيفة

أن ضررها أقرب من نفعها، وهذا : يعين)1( } فإهنا ال تزيدك إال وهنا {: قوله

شامل جلميع أنواع الشرك، فإن ما أشرك به ضرره أعظم من نفعه، لو ف رض أن فيه نفعا، كان فيها لو: يعين} انزعها فإهنا ال تزيدك إال وهنا" {: وقد قال العلماء يف قوله هنا

أثر فإن أثرها اإلضرار بدنيا، وروحيا، ونفسيا؛ ألهنا تضعف الروح والنفس عن مقابلة . الوهن واملرض، فيكون تعل قه بذلك احللقة أو اخليط سببا يف حصول الضعف

إن شركه جيره وهذا حال كل من أشرك ف )2( } فإهنا ال تزيدك إال وهنا {: قوله

. من ضرر إىل ضرر أكثر منه، وإن ظن أنه يف انتفاع

ألن حال املعل ق خيتلف، )3( } فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا { قوله

التسبب، فإذا فقد يكون علقها العتقاده أهنا تؤثر استقالال، وقد يكون عل قها من جهة كان الذي ر ئ ي ت يف يده صحابيا، تعني أن تعليقه هلا من جهة التسبب، ال من جهة اعتقاده

. )4/445(، أمحد )3531( ابن ماجه الطب )1( . )4/445(، أمحد )3531( ابن ماجه الطب )2( . )4/445(، أمحد )3531( ابن ماجه الطب )3(

Page 95: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

95

حصول العربة له، ولغريه، } ما أفلحت أبدا {: تأثريها استقالال، ولكن الفائدة من قوله

. وبيان عاقبة ذلك خيتلف معناه، باختالف حال املعل ق؛ فيكون - احلديث يف هذا-والفالح املنفي

وهذا يف . احلرمان من دخول اجلنة، واخللود يف النار : إما نفي الفالح املطلق، مبعىن: املرادشرك أكرب، وإما نفي مطلق : حق من اعتقد أن تعليق احللقة أو اخليط ينفع استقالال، فهذا

: رجاته، فيكون واقعا يف الشرك األصغر، وهذاالفالح، أو نفي نوع منه، أو درجة من د قد اختذ من األسباب ما مل : إن اعتقد أن تعليق احللقة أو اخليط سبب حلصول النفع، فهذا

مصطلحان يكثر : سببا، ال شرعا، وال قدرا، ومطلق الشيء، والشيء املطلق جيعله اهللا: - مثال -هم يقولون وردومها يف كتب أهل العلم، ويف كتاب التوحيد خاصة، فتجد

التوحيد املطلق ومطلق التوحيد، واإلسالم املطلق ومطلق الإلسالم واإلميان املطلق ومطلق اإلميان، والشرك املطلق ومطلق الشرك، والفالح املطلق ومطلق الفالح، والدخول املطلق

ومطلق - يعين حترمي دخول اجلنة أو حترمي دخول النار -ومطلق الدخول، والتحرمي املطلق . التحرمي

الكامل، فاإلميان املطلق هو اإلميان الكامل، : ومن املهم أن تعلم أن الشيء املطلق هو واإلسالم املطلق هو اإلسالم الكامل، والتوحيد املطلق هو التوحيد الكامل، والفالح املطلق

. هو الفالح الكامل فمطلق اإلميان هو أقل أقل درجاته، أو درجة من درجاته، : وأما مطلق الشيء فهو

هذا ينايف : ينايف اإلميان، أو نقول : هذا ينايف اإلميان املطلق، يعين : درجاته؛ فنقول مثال . مطلق اإلميان، يعين ينايف أقل درجات اإلميان

الفالح املطلق، وقد تقدم : الفالح املنفي حيتمل أن يكون : فإنا نقول: وإذا تقرر هذا املعل ق، فإن كان معتقدا فيها، أهنا تنفع استقالال فهو من أهل أن هذا ي عت ب ر حبسب حال

Page 96: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 97: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

97

فال تركه ذلك، وال : دعاء عليه أيضا ومعناه)1( } فال ودع اهللا له {: ومعىن قوله

جعله يف دعة، وسكون وراحة، وإمنا دعا عليه الصالة والسالم عليه بذلك، ألن ذاك املعل ق . أشرك باهللا جل وعال

ألن تعليق التمائم والتعلق هبا )2( } من تعلق متيمة فقد أشرك {: ويف رواية : لقا

شرك أصغر، وقد يكون أكرب حبسب حال املعلق، كما سيأيت تفصيل الكالم عليه إن شاء . اهللا تعاىل وتال ده خيط من احلمى فقطعه أنه رأى رجال يف ي والبن أيب حامت عن حذيفة :قال

$ {قوله تعاىل tΒ uρ ßÏΒ ÷σムΝèδ çsYò2 r& «!$$ Î/ ω Î) Νèδ uρ tβθä.Îô³•Β ∩⊇⊃∉∪ { )3(] 106: يوسف[ )4(

من رأى رجال يف يده خيط مناسبة هذا األثر للباب ظاهرة، وهي أن حذيفة الصحايب م ن ( و . احلمى فقطعه، واستدل باآلية على أن ذلك من الشرك أنه علق : هنا تعليلية، يعين)

. اخليط ألجل رفع احلمى، أو لرفعها م ن (و هلا معان كثرية، فتكون تبعيضية وتعليلية، وغري ذلك، وقد مجعها ابن أم قاسم )

: يف نظمه لبعض حروف املعاين بقوله ــيل ـ وتعلـ ــته ــدء وانـ ا وبـ

ــىن ــن ومع ــ ع ــد ويف وب لى وع ع

ــنا ــن ( أتت ـ ) م ــ ــيني وبع ض لتبـــ ــدال وفصـ ــدة وإبـ ل وزائـ

م ن ( فـ أي ألجل دفع } من احلمى {: تفيد التعليل، ومعىن قوله: يف هذا األثر)

ـ . تعليل لوضع اخليط يف اليد ) من( احلمى، أو لرفعها، ف . يدل على أن هذا منكر عظيم، جيب إنكاره، وجيب قطعه : } فقطعه {.. . :قوله

. )4/154( أمحد )1( . )4/156( أمحد )2( . 106: سورة يوسف آية )3( . تقدم)4(

Page 98: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

98

$ {: وتال قوله تعاىل . . :قوله tΒ uρ ßÏΒ ÷σムΝèδ çsYò2 r& «!$$ Î/ ωÎ) Νèδ uρ tβθä.Îô³•Β ∩⊇⊃∉∪ { )1(

ت قال السلف]: 106: يوسف[ } $ tΒ uρ ßÏΒ ÷σãƒΝèδ çsYò2 r&

«!$$ Î/ { )

1 T f 0 . 2 6 3 3 1 T f 1 8 0 9 4 . 9 2 9 8 0 7 T f 4 5 . 4 6 0 3 T * 0 . 0 0 0 6 2 0 5 0 1 9 7 j / T T 1 1 1 5 0 T T f 0 . 7 4 0 T T-0.1 Tf 0-0.67 0 T D -0.2441 T Tc ( )Tj /T T1 1 T40.2633 0 T D1 0 T D29033 Ta c7020019bj /T T1 1 15 0 T821Tc( )Tj /T T1 1 Tf 0.2633 0 50.2633 0 T D 30 T D2903< 01f01be702840be601c71ab1c71j/T T1 1 15 0 2.7<c81Tc ( )Tj /T T1 1 Tf 0.2633 0 -1.7533 0 TD -0.0 022 T93 Ta a702840f8406d 0.26 0 T(.)Tj -0.62956f1.77 0 T D 0 T c ( )Tj /T T1 1 T-1.7533 0 TD -1.00 06 202<01f0 c71j/T T1 1 15 0 62331Tc( )Tj /T T1 1 Tf 0.2633 0 50.2633 0 T D 1.0022 T93 206702840840.26 0 T(.)Tj -0.625f1.77 0 T D 0 T c ( )Tj /T T1 1 T-1.7533 0 TD -1.00 06 202<01f0 c71j/T T1 1 15 0 6233c81Tc( )Tj /T T1 1 Tf 0.2633 0 -7.0867 0 T T * .0 022 T93 Te20.2 TD c80c2401c801f301a1>T j /T T2 1 91.77 0 T D 0 T c ( )Tj /T T1 1 T-1.7533 0 TD 0.0 01[6 202<01f> 5 3<0 c71j( :[)]T1 15 0 6233c81Tc( )Tj /T T1 1 Tf 0.2633 0 -1.7533 0 TD -5.0022 T93 Ta c80c2401c801f301a1>T j /T T2 1 586f1.77 0 T D 0 T c ( )Tj /T T1 1 T-1.7533 0 TD 11.00 06 202<01fj /T T1 1 15 0 TT16f1.77 0 T D 0 T c ( )Tj /T T1 1 T-1.7533 TD -5.0022 f-801f301a1>T j /T T2 3 T8c81Tc ( )Tj /T T1 1 Tf 0.2633 0 -1.7533 0 TD -0.0 011 Tc209840a5j/T T1 1 15 0 T881Tc( )Tj /T T1 1 Tf 0.2633 0 -1.7533 0 TD 30 T D2903< 01f01c10.2 TD f101a019bj /T T1 1 15 0 1 9f 0.74 ∉ Nèδuρ t ∉ { )

1 � T f 1 8 0 2 8 0 . 9 8 6 3 9 T T f 4 5 . 4 6 0 0 T D - 0 . 2 4 4 1 T c ( ) T j / T T 1 1 3 1 0 . 2 6 3 3 0 T D 1 0 . 0 0 2 2 0 3 e 4 0 a 5 j / T T 1 1 1 5 0 T 4 6 c 8 1 T c ( ) T j / T T 1 1 1 T 2 4 0 . 2 6 3 3 0 - T 1 1 1 3 . 1 1 . 2 6 3 3 0 T D - 0 . 2 4 4 1 T c ( ) T j / T T 1 1 3 1 0 . 2 6 3 3 0 T D 3 0 T D 2 9 2 1 D 1 d f 0 c 7 1 j / T T 1 1 1 5 0 6 2 2 3 6 f 1 . 7 7 0 T D 0 T c ( ) T j / T T 1 1 3 1 0 . 2 6 3 3 0 T D 5 . 0 0 2 2 1 f c 7 1 b 3 j / T T 1 1 1 5 0 T 9 f 0 . 7 4 � � � È � ó � ¡

Page 99: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

99

من العني واحل م ة رسول اهللاوخص منها الدليل ما خال من الشرك، فقد رخص فيه . . شيء يصنعونه يزعمون أنه حيبب املرأة إىل زوجها، والرجل إىل امرأته ) التولة ( و

رواه أمحد )1( } إن من تعلق شيئا وكل إليه {: وعن عبد اهللا بن عكيم مرفوعا

يا رويفع، لعل { :قال يل رسول اهللا: فع قال وروى أمحد عن روي)2( .والترمذي

احلياة تطول بك، فأخرب الناس أن من عقد حليته، أو تقلد وترا، أو استنجى برجيع دابة، أو من قطع متيمة من " :عيد بن جبري قال وعن س)4( .)3( } عظم، فإن حممدا بريء منه

إنسان كان ك ع د ل رقبة كانوا يكرهون التمائم : وله عن إبراهيم قال . رواه وكيع )5( " . )6( كلها من القرآن، ومن غري القرآن

: فيه مسائل . تفسري الرقى والتمائم: األوىل . تفسري التولة: الثانية . من غري استثناءأن هذه الثالث كلها من الشرك : الثالثة . أن الرقية بالكالم احلق من العني واحلمة ليس من ذلك : الرابعةهل هي من ذلك أو : أن التميمة إذا كانت من القرآن؛ فقد اختلف العلماء : اخلامسة

ال؟ . أن تعليق األوتار على الدواب عن العني من ذلك : السادسة . الوعيد الشديد على من تعلق وترا: السابعة

. )4/310(، أمحد )2072( الترمذي الطب )1( . 216 / 4واحلاكم ) 2073( والترمذي 311 و310 / 4 أخرجه أمحد )2( . )4/108(، أمحد )36(، أبو داود الطهارة )5067( النسائي الزينة )3( . 109 و108 / 4 أخرجه أمحد )4( . )3524" ( املصنف " أخرجه ابن أيب شيبة يف )5( . )3518" ( املصنف " أخرجه ابن أيب شيبة يف )6(

Page 100: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

100

. فضل ثواب من قطع متيمة من إنسان: الثامنةأن كالم إبراهيم ال خيالف ما تقدم من االختالف، ألن مراده أصحاب عبد : التاسعة

. اهللا بن مسعود : الشرح

باب من الشرك لبس احللقة " :- رمحه اهللا -يف الباب السابق قال اإلمام باب من الشرك الرقى : ومل يقل " ئمباب ما جاء يف الرقى والتما " :وقال هنا " واخليط

والتمائم، وذلك ألن الرقى منها ما هو جائز مشروع، ومنها ما هو شرك ممنوع، والتمائم منها ما هو متفق عليه أنه شرك، ومنها ما قد اختلف الصحابة فيه هل هو من الشرك أو

وهذا من أدب " باب ما جاء يف الرقى والتمائم " : بقوله- رمحه اهللا -ال؟ هلذا عرب . التصنيف العايلأهنا أدعية : مجع رقية، وهي معروفة، وقد كانت العرب تستعملها، وحقيقتها : والرقى

وألفاظ تقال أو تتلى، مث ينفث فيها، ومنها ما له أثر عضوي يف البدن، ومنها ما له أثر يف . األرواح، ومنها ما هو جائز مشروع، ومنها ما هو شرك ممنوع

ه عليه الصالة والسالم رقى نفسه، ورقى غريه، بل ثبت أنه ر ق ي أيضا رقاه وثبت أن معقود لبيان - باب ما جاء يف الرقى والتمائم - فهذا الباب )2( ورقته عائشة، )1(جربيل،

حكم الرقى، وقد رخ ص الشارع يف الرقى ما مل تكن شركا، وهي الرقى اليت خلت من : النيب عليه الصالة والسالم عن حكم الرقى فقال وقد سأل بعض الصحابة . الشرك

: وقد قال العلماء)4( )3( } اعرضوا علي رقاكم، ال بأس بالرقى ما مل يكن فيه شرك {

: الرقية جتوز بثالثة شروط جممع عليها

. )97292(والترمذي ) 2186( أخرجه مسلم )1( . )5735( أخرجه البخاري )2( . )3886(، أبو داود الطب )2200( مسلم السالم )3( . )2200( أخرجه مسلم )4(

Page 101: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

101

. أو بأمساء اهللا، أو بصفاته أن تكون بالقرآن، : األول . بلسان عريب، معلوم املعىن: أن تكون بالكالم العريب، أي : الثاينيدخل يف : قال بعض العلماء أن ال يعتقد أهنا تنفع بنفسها، بل بتقدير اهللا: الثالث

أن : فيكون الشرط األول : الشرط األول أيضا أن تكون مبا ثبت يف السنة، وعلى هذا قرآن، أو السنة، أو بأمساء اهللا وبصفاته، فال تكون الرقى جائزة إال باجتماع تكون من ال

. هذه الشروط الثالثة ففي جواز الرقية خالف بني أهل العلم، والشرط : فإذا ختلف الشرط األول أو الثاين

متفق عليه بينهم، وأما اشتراط كوهنا بأمساء اهللا وصفاته أو بالكتاب والسنة، أو أن : الثالثيسوغ أن تكون : تكون بلسان عريب مفهوم، فإن هذا خمتلف فيه كما تقدم، وقال بعضهم

الرقية مبا يعلم معناه، ويصح املعىن بلغة أخرى، وال يشترط أن تكون بالعربية، وال يشترط أن تكون من القرآن أو السنة، وهذه مسائل فيها خالف وحبث، وأما من جهة تأثري غري

ففيه مسائل نرجئ تفصيل الكالم فيها إىل موضع : وما سبق من اخلالفالقرآن على املرقي . آخر إن شاء اهللا أن الرقى اجلائزة باإلمجاع هي ما اجتمعت فيها الشروط الثالثة، وأما الرقى : فاملقصود

اليت فيها استعاذة، أو استغاثة بغري اهللا،أو كان فيها شيء من أمساء : الشركية احملرمة فهي : أو اعتقد املرقي فيها أهنا تؤثر بنفسها وهي اليت قال عليه الصالة والسالم فيهاالشياطني

. كما سيأيت بيانه)2( )1( } إن الرقى والتمائم والتولة شرك {

اعا كثرية وهي جتمع أنو - وقد ذكر تفسريها خمتصرا من قبل -مجع متيمة : والتمائم فالتمائم جتمع كل ما يعل ق، أو يتخذ مما يراد منه تتميم أمر اخلري للعبد، أو دفع الضرر عنه

. ذلك الشيء سببا ال شرعا، وال قدرا- جل وعال -ومل جيعل اهللا . ويعتقد فيه أنه سبب

. )1/381(د ، أمح )3530(، ابن ماجه الطب )3883( أبو داود الطب )1( . تقدم)2(

Page 102: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

102

شيء يتخذ من جلد، أو ورق، ويكون فيه أذكار وأدعية وتعوذات - إذ ا -فالتميمة ق على الصدر، أو يف التعضد، وقد تتخذ التميمة من خرزات وحبال وحنو ذلك، يعلق تعل

على الصدر، وقد تكون التميمة باختاذ شيء جيعل على باب البيت، أو يف السيارة، أو أي أن التمائم جيمعها أهنا شيء يراد منه تتميم أمر اخلري، وتتيم أمر دفع : مكان ما، فاحلاصل . مل يؤذن به ال شرعا، وال قدرا الضر وذلك الشيء

ليست خاصة بصورة معينة، بل تشمل أمورا كثرية وتعم أصنافا - إذ ا -فالتميمة مثل : عديدة، مثل ما نراه على كثري من أهل زماننا، من تعليقهم أشياء على صدورهم

فع جلود صغرية جيعلوهنا على رقاهبم، أو تكون على العضد، أو يربطوهنا على بطوهنم لر . كاإلسهال، والقيء، وحنومها : األمراض الباطنية

ومنهم من جيعل يف سيارته رأس دب، أو أرنب، أو غريها من األشكال، كحدوة ومنهم . الفرس، أو يعلق خرزات، ومسابح خشبية، وحنو ذلك على املرايا األمامية للسيارة

الباب رأس ذئب، من يلبس سلسلة فيها شكل عني صغرية، وبعضهم قد يعل ق على مدخل أو غزال، أو يضع على مطرق الباب حدوة فرس، اعتقادا من أصحاهبا أهنا تدفع العني، أو

. جتلب هلم النفع . فكل هذه أنواع، وأصناف، وصور للتمائم، أحدثها الناس على اختالف األزمان

ين إمنا أعلق هذه األشياء للزينة، وال أستحضر هذه املعا: لكن من الناس من يقول . احملظورة، فهذا يقوله طائفة قليلة من الناس

فيكون قد أشرك الشرك : إن علق التمائم لدفع الضر، واعتقد أهنا سبب لذلك : فنقولاألصغر، وإن علقها للزينة فهو حمرم؛ ألجل مشاهبته من يشرك الشرك األصغر، فدار األمر

و مل يعتقد؛ ألن حاله إن اعتقد على النهي عن التمائم كلها، سواء اعتقد فيها أ- إذ ا -

Page 103: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

103

فهو شرك أصغر، وإن مل يعتقد فيكون قد شابه أولئك املشركني، وقد قال عليه : أهنا سبب . )2( )1( } من تشبه بقوم فهو منهم {: الصالة والسالم

أنه كان مع رسول { يف الصحيح عن أيب بشري األنصاري ( :- رمحه اهللا -قوله

يف بعض أسفاره، فأرسل رسوال أن ال يبقني يف رقبة بعري قالدة من وتر، أو قالدة اهللا . )4( )3( } إال قطعت

. من الوتر على البعري مأمور بقطعهأن تعليق القالدة: وجه االستدالل هبذا احلديث واألمر بقطعه؛ ألجل أن العرب تعتقد أهنا تدفع العني عن األبعرة، والن ع م، فيعل قون عليها األوتار على شكل قالئد، ورمبا ناطوا باألوتار أشياء من خرز، أو من شعر، أو حنو ذلك

أن : ديث للباب ظاهرة، وهيفمناسبة هذا احل. لدفع العني، فهذا نوع من أنواع التمائم ظاهر يف النهي )5( } ال يبقني يف رقبة بعري قالدة من وتر أو قالدة إال قطعت {: قوله

يدفع عن التمائم، وأن هذا النوع جيب قطعه، وإمنا جيب قطعه؟ ألن يف تعليقه اعتقاد أنه . الضر أو أنه جيلب النفع، وهذا االعتقاد اعتقاد شركي

. )2/50( أمحد )1( 6(وحسن إسناده ابن حجر يف الفتح ) 19437(وابن أيب شيبة يف مصنفه ) 5114( أخرجه أمحد يف مسنده )2(

/98( . /5(، أمحد )2552(، أبو داود اجلهاد )2115(، مسلم اللباس والزينة )2843( البخاري اجلهاد والسري )3(

. )1745(اجلامع ، مالك )216 . تقدم)4(/5(، أمحد )2552(، أبو داود اجلهاد )2115(، مسلم اللباس والزينة )2843( البخاري اجلهاد والسري )5(

. )1745(، مالك اجلامع )216

Page 104: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

104

إن الرقى والتمائم {: يقول مسعت رسول اهللا: قال وعن ابن مسعود ( :قوله

ية على اجلملة اخلرب ) إن ( ، فهذا احلديث تضمن تأكيدا؛ ألن دخول ))1( } والتولة شرك

. بعدها يفيد تأكيد ما تضمنتهأفادت العموم، فهذا احلديث أفاد ) األلف والالم ( ملا دخلت عليها ) الرقى( :وقوله هنا

بعمومه أن كل الرقى من الشرك، وأن كل التمائم من الشرك، وأن كل التولة من الشرك، . فتكون هذه األنواع كلها من الشرك

ال بأس بالرقى ما مل تكن {: وحدها، وهو قوله وهذا العموم خص الدليل منه الرقى

إذ ا -، فدل الدليل - عليه الصالة والسالم - رقى ورقي وبأن النيب)3( )2( } شركا

على أن العموم هاهنا خمصوص، فليس كل أنواع الرقية شرك، بل بعض أنواع الرقية، -ليت اشتملت على شرك، فالعموم هنا خمصوص، وقد خرج منه ما مل يكن فيه شرك ا: وهي

ويف لفظ آخر )5( )4( } ال بأس بالرقى ما مل تكن شركا {: وقد جاء احلديث بلفظ

أما التمائم فلم خيص الدليل باجلواز )7( )6( } بالرقى ما مل يكن شرك ال بأس {: قال

منها نوعا دون نوع، فتكون التمائم بكل أنواعها شركا لعدم ورود ما خيصص بعضها؛ إذ مل يستثن الشارع منها شيئا، واألصل بقاء العام على عمومه، والتخصيص يكون بالشرع،

. ومل يرد هنا، فيبقى على األصل

. )1/381(، أمحد )3530(، ابن ماجه الطب )3883( أبو داود الطب )1( . )3886(لطب ، أبو داود ا )2200( مسلم السالم )2( . تقدم)3( . )3886(، أبو داود الطب )2200( مسلم السالم )4( . تقدم)5( . )3886(، أبو داود الطب )2200( مسلم السالم )6( . تقدم)7(

Page 105: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

105

شيء يصنعونه، يزعمون : - رمحه اهللا -التولة كما فسرها الشيخ ": والتولة " :هقولأنه حيبب املرأة إىل زوجها، والرجل إىل زوجه، وهو نوع من السحر، ويسمى عند العامة

حبسب -الصرف والعطف، فهو نوع من السحر يصنع فيجلب شيئا، ويدفع شيئا ع التمائم ألهنا تصنع ويكون الساحر هو الذي وهي يف احلقيقة نوع من أنوا-اعتقادهم

يرقي فيها الرقية الشركية، فيجعل املرأة حتب زوجها، أو جيعل الرجل حيب زوجته، وهذا وكفر عام يف كل أنواع التولة، - جل وعال -نوع من أنواع السحر، والسحر شرك باهللا

. فهي شرك كلها

هنا ) شيئا( )2( )1( } من تعلق شيئا وكل إليه {: وعن عبد اهللا بن عكيم مرفوعا

نكرة يف سياق الشرط فتعم مجيع األشياء فكل من عل ق شيئا و ك ل إليه فمن أخرج صورة من صور التعليق عن هذا العموم كانت احلجة عليه؛ ألن هذا الدليل عام، ويفيد أن من

ألشياء فإنه ي وكل إليه، والعبد إمنا يكون عزه، ويكون فالحه، وجناحه، تعلق أي شيء من اوحسن قصده، وحسن عمله يف تعلقه باهللا وحده، فيتعلق باهللا وحده يف أعماله، ويف أقواله، ويف مستقبله، ويف دفع املضار عنه، فيكون أنس قلبه باهللا، وسروره باهللا، وتعلقه

توكله على اهللا جل وعال فمن كان كذلك وتوكل على باهللا، وتفويض أمره إىل اهللا، و له - جل وعال -فإنه لو كادته السماوات واألرض جلعل اهللا : اهللا، وطرد اخللق من قلبه

، - جل جالله وتقدست أمساؤه -من بينها خمرجا؛ ألنه توكل وفوض أمره على العظيم فإذا تعلق العبد متيمة وكل إليها، فما ظنك )3( } من تعلق شيئا وكل إليه {: فقال هنا

مبن وكل إىل خرقه، أو إىل خرز، أو إىل حدوة حصان، أو إىل شكل حيوان، وحنو ذلك، . ال شك أن خسارته أعظم اخلسارة

. )4/310(، أمحد )2072( الترمذي الطب )1( . تقدم)2( . )4/310(، أمحد )2072( الترمذي الطب )3(

Page 106: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

106

أنه ذكر نتيجة التعلق وهو أنه )1( } من تعلق شيئا {: ووجه االستدالل هنا يف قوله

يوكل إىل ذلك الشيء الذي تعلقه، فمن تعلق شيئا وكل إليه، وإذا وكل إليه فمعىن ذلك . أنه خسر يف ذلك اخلسران املبني

مل يصد ر الباب حبكم، فيكون االستدالل على حكمها مستفاد - رمحه اهللا -والشيخ . من هذه األحاديث

هنا شاملة ألي ) شيء( ): التمائم شيء يعل ق على األوالد يتقون به العني( :قوله شيء يعل ق دون صفة معينة، وخص بعض العلماء التمائم مبا كان متخذا من اخلرز،

مبا كان مصنوعا من اجللد وحنوه، وهذا ليس جبيد، بل التمائم اسم يعم هوبعضهم خص . رر، أو جللب خري نفسي كل ما يعلق لدفع العني واتقاء الض

إذا كان : يعين) لكن إذا كان املعل ق من القرآن فرخص فيه بعض السلف ( :مث قال املعل ق من القرآن مبعىن أنه جعل يف مرتله مصحفا؛ ليدفع العني، أو عل ق على صدره شيئا كسورة اإلخالص، أو آية الكرسي، ليدفع العني، أو ليدفع الضرر عنه، فهذا من حيث

إن : - رمحه اهللا -تعليق يسمى متيمة، فهل هذه التميمة جائزة أو غري جائزة؟ قال الشيخ ال التمائم إذا كانت من القرآن فقد اختلف فيها السلف، فجوزها، ورخ ص فيها بعض

بعض كبار الصحابة، ومال إىل هذا القول بعض أهل العلم : السلف، ويعين ببعض السلف الكبار، وبعضهم مل يرخ ص في : وكأصحاب ابن مسعود الكبار، منهم ها كابن مسعود

إبراهيم النخعي، وعلقمة، وعبيدة، والربيع بن خثيم، واألسود، وأصحاب ابن مسعود أن السلف إذا : أن السلف اختلفوا يف ذلك، ومن املعلوم أن القاعدة : مجيعا، فاحلاصل

دل على أن كل أنواع اختلفوا يف مسألة وجب الرجوع فيها إىل الدليل، والدليل قدمن تعلق شيئا وكل {: التمائم منهي عنها، كما جاء يف قوله عليه الصالة والسالم

. )4/310(، أمحد )2072(الطب الترمذي )1(

Page 107: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 108: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

108

غريه، فإذا استفصلت منه، فإذا رأينا من علق متيمة وقلنا حيتمل أن تكون من القرآن أوهل هذه متيمة شركية أو من القرآن؟ فمعلوم أن صاحب املنكر سيجيب بأهنا : وقلت له حىت ينجو من اإلنكار؛ ألنه يريد أن يسلم له تعليقها، فمن املفاسد العظيمة أن ، من القرآن

ريعة اإلشراك يف إقرار التمائم من القرآن إبقاء للتمائم الشركية، ويف النهي عنها سد لذ الشركية، ولو يكن إال هذا لكان كافيا كائم

-

Page 109: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

109

باب ما جاء يف الرقى " هذا احلديث وارد يف )2( )1( } دابة أو عظم فإن حممدا بريء منه

قلد وترا، وقد وفيه ذكر تقل د الوتر وأن حممدا عليه الصالة والسالم بريء ممن ت " والتمائمأن ال يبقني يف عنق {: أرسل رسوال تقدم يف أول الباب حديث أيب بشري أن النيب

. ، وهذا احلديث يف معناه )3( } بعري قالدة من وتر، أو قال قالدة إال قطعت

فيه تقييد بالوتر، وهذا له مفهوم، وهو )4( } تقلد وترا {: احلديث يف هذا : وقوله

أن النهي ليس راجعا إىل القالدة من حيث هي بل إىل القالدة اليت ي عتقد فيها أهنا تدفع عض العني، وخص الوتر منها هنا؛ ألن أهل اجلاهلية كانوا يقلدون األوتار، وينوطون هبا ب

اخلرق، أو بعض الشعر، أو بعض العظام، لكي تدفع العني عن األبعرة، وأما جمرد التقليد أشعر هديه وأيضا فتلت له القالئد، وعلق القالئد لبيان أن ما أرسله إىل مكة فإن النيب . هدي

فالتقليد هنا خ ص بالوتر؛ فيقال القالدة اليت جتعل على احليوان أو على غريه إذا : فإنه ي نهى عنها وهلذا قيدها يف : مما ي عتقد فيها، أو خيتص هبا أهل االعتقاداتكانت

) م ن( و)6( )5( } ال يبقني يف رقبة بعري قالدة من وتر {: حديث أيب بشري األول بقوله

. )4/108(، أمحد )36(، أبو داود الطهارة )5067( النسائي الزينة )1( . تقدم)2(/5(، أمحد )2552(، أبو داود اجلهاد )2115(، مسلم اللباس والزينة )2843( البخاري اجلهاد والسري )3(

. )1745(، مالك اجلامع )216 . )4/109(، أمحد )36(، أبو داود الطهارة )5067( النسائي الزينة )4(/5(، أمحد )2552(، أبو داود اجلهاد )2115(، مسلم اللباس والزينة )2843( البخاري اجلهاد والسري )5(

. )1745(، مالك اجلامع )216 . تقدم)6(

Page 110: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

110

وهذا واضح املعىن يف أنه جعل )1( } أو تقلد وترا {: قالها هنا بيانية، وكذلك هنا

. الوتر الذي ق لد متيمة

هذا من األلفاظ اليت تدل : )2( } فإن حممدا بريء منه {: وقوله يف هذا احلديث

: مما يستدل به على كون الفعل، أو القول، من الكبائر على أن هذا الفعل من الكبائر؛ ألن منه؛ ألن ذلك يدل على اهللا ورسوله منه بريئان، أو يتربأ النيب : أن يقال عن مرتكبه

عظم املعصية، وأن الشرك األصغر من الكبائر كما أن الشرك األكرب من الكبائر، والكبائر هي من حيث جنس : سرقة، وشرب اخلمر كالزنا وال- اليت ليس معها اعتقاد -العملية

إن : احملرم والكبرية أقل مرتبة من الشرك األصغر فضال عن الشرك األكرب؛ وهلذا نقولجنس الشرك األصغر كاختاذ التمائم، أو حنو ذلك هذا جنسه أعظم من حيث الذنب

زنا، والكبرية من جنس الكبائر العملية اليت ال يصحب فاعلها حني ف علها اعتقاد، كال من قطع متيمة : وعن سعيد بن جبري قال( :قوله. والسرقة، وشرب اخلمر، وما أشبه ذلك

يعين كان كتحرير رقبة، وهذا فيه فضيلة قطع التمائم )3( ")من إنسان كان كعدل رقبة ، والشرك األصغر مدخل للنار، وفاعله متوعد بالنار؛ - جل وعال -وذلك ألهنا شرك باهللا

β¨ { -جل وعال -كما يف قوله Î) ©!$# Ÿω ãÏøó tƒ βr& x8uô³ç„ ϵ Î/ { )4(] 116، 48: النساء [

ويف حنو قوله )5( } ن دون اهللا ندا دخل النارمن مات وهو يدعو م { وحنو قوله

فمن قطع متيمة من عنق من )6( } من مات وهو يشرك باهللا شيئا دخل النار {: أيضا

فهو يف مقام إعتاق رقبة ذاك الذي قطعت منه التميمة من النار؛ ألنه استوجب : علقها

. )4/109(، أمحد )36(، أبو داود الطهارة )5067( النسائي الزينة )1( . )4/109(، أمحد )36(و داود الطهارة ، أب )5067( النسائي الزينة )2( . تقدم)3( . 48: سورة النساء آية )4( . )1/374(، أمحد )4227( البخاري تفسري القرآن )5( . )1/425(، أمحد )92(، مسلم اإلميان )4227( البخاري تفسري القرآن )6(

Page 111: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

111

ذلك الفعل الوعيد بالنار، فإذا قطع التميمة كان جزاؤه من جنس فعله، فكما أنه أعتق ب . يف األجر : رقبة هذا املسلم من النار أثيب بأن له مثل إعتاق رقبة أي

وهذا القول من سعيد بن جبري حممول على أنه مما مسعه من الصحابة رضوان اهللا ا كان كذلك فله حكم املرسل؛ ألن فيه فضيلة عليهم؛ ألن هذا مما ال يقال بالرأي، وإذ

خاصة جعلها سعيد بن جبري ملن قطع متيمة من رقبة إنسان، فيكون ذلك من قبيل املرسل، . من قبيل املرفوع، وسعيد بن جبري تابعي من أصحاب ابن عباس فيكون مرسال : يعين

ذلك اإلمام أبو فاإلمام أمحد، ومالك، حيتجون باملرسل، وك: ويف حجية املرسل كالم حنيفة حيتج باملرسل، ومنهم من جيعل له شروطا كالشافعي، ومنهم من حيتج باملرسل إذا

. كان املعىن معروفا يف الباب كما هاهناقول التابعي يف األشياء اليت ال تدرك االجتهاد، وال يناط هبا : وقال بعض أهل العلم

نه مسعه من الصحايب، فيكون اجتهاد أ: الرأي يكون حمموال على أنه قول صحايب، يعين : صحايب، وهذا ليس بقوي؛ ألنه إذا كان حمموال على أنه مسعه من الصحايب، فنقول أيضا

؛ - - مسعه من الرسول - إذ ا -الصحايب ال يقوله من جهة الرأي، فال بد أن يكون ذه الصيغة من ألن مثل هذا ال مدخل فيه لالجتهاد، والقول األول هو املعروف، وهو أن ه

. قبيل املرسل . يعين لوكيع": وله " :قولهوهو النخعي، تلميذ ابن مسعود وإبراهيم النخعي عامل أهل الكوفة ": عن إبراهيم "

. بعد ابن مسعود) كانوا( :قوله": كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغري القرآن " :قوله

مة، وكالربيع بن خثيم وكعبيدة السلماين، أصحاب ابن مسعود، كاألسود، وعلق: يعين . وحنو هؤالء

Page 112: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

112

باب من تربك بشجر أو حجر وحنومها

ãΛä {: وقول اهللا تعاىل ÷ƒ utsù r& |M≈ ¯=9$# 3“ ¨“ ãèø9$#uρ ∩⊇∪ nο 4θ uΖtΒ uρ sπ sWÏ9$ ¨W9$# #“ t÷z W{$# ∩⊄⊃∪ ãΝä3s9r& ãx.©%! $# ã& s!uρ

4 s\ΡW{$# ∩⊄⊇∪ y7 ù= Ï? #]ŒÎ) ×π yϑ ó¡Ï% #“ u”ÅÊ ∩⊄⊄∪ ÷βÎ) }‘Ïδ Hω Î) Ö!$ oÿ ôœ r& !$ yδθßϑ çG ø‹®ÿ xœ öΝçFΡr& /ä.äτ !$ t/# uuρ !$ ¨Β tΑt“Ρr& ª!$# $ pκÍ5

ÏΒ ?≈ sÜù= ß™ 4 β Î) tβθ ãèÎ7−Ftƒ ω Î) £©à9$# $ tΒ uρ “ uθ ôγ s? ߧàΡF{$# ( ô‰s)s9uρ Νèδ u!% y` ÏiΒ ãΝÍκÍh5§‘ #“ y‰çλù; $# ∩⊄⊂∪ { )1(

إىل حنني وحنن خرجنا مع رسول اهللا: لعن أيب واقد الليثي قا] 23 - 19: النجم[: حدثاء عهد بكفر، وللمشركني سدرة يعكفون عندها، وينوطون هبا أسلحتهم، يقال هلا

يا رسول اهللا اجعل لنا ذات أنواط، كما هلم ذات : ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا بيده كما قالت بنو إهنا السنن قلتم والذي نفسي!! اهللا أكرب " أنواط، فقال رسول اهللا

إنكم قوم جتهلون، لتركنب سنن من كان : اجعل لنا إهلا كما هلم آهلة قال : إسرائيل ملوسى )2( .رواه الترمذي وصححه " قبلكم

: فيه مسائل . تفسري آية النجم: األوىل . معرفة صورة األمر الذي طلبوا: الثانية . كوهنم مل يفعلوا: الثالثة . وا التقرب إىل اهللا بذلك، لظنهم أنه حيبه كوهنم قصد: الرابعة . أهنم جهلوا هذا؛ فغريهم أوىل باجلهل : اخلامسة . أن هلم من احلسنات والوعد باملغفرة ما ليس لغريهم : السادسة

اهللا أكرب، إهنا السنن لتتبعن {: مل يعذرهم؛ بل رد عليهم بقوله أن النيب : السابعة

. فغل ظ األمر هبذه الثالث )3( } سنن من كان قبلكم

. 23 - 19: سورة النجم آية )1( . حديث حسن صحيح : قالو) 2181( أخرجه الترمذي )2( . )3/84(، أمحد )2669(، مسلم العلم )6889( البخاري االعتصام بالكتاب والسنة )3(

Page 113: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

113

أنه أخرب أن طلبهم كطلب بين إسرائيل ملا : - وهو املقصود -األمر الكبري : الثامنة≅ {قالوا ملوسى yè ô_ $# !$ uΖ©9 $ Yγ≈ s9Î) { )1( .

. مع دقته وخفائه على أولئك " ال إله إال اهللا " أن نفي هذا من معىن: التاسعة . أنه حلف على الفتيا، وهو ال حيلف إال ملصلحة : العاشرة

. أن الشرك فيه أكرب وأصغر، ألهنم مل يرتدوا هبذا : احلادية عشرة

. أن غريهم ال جيهل ذلك : فيه} وحنن حدثاء عهد بكفر {قوهلم : الثانية عشرة

. التكبري عند التعجب، خالفا ملن كرهه: الثالثة عشرة . سد الذرائع: الرابعة عشرة . النهي عن التشبه بأهل اجلاهلية : اخلامسة عشرة . الغضب عند التعليم : السادسة عشرة

. } إهنا السنن {: القاعدة الكلية لقوله : عشرةالسابعة

. أن هذا ع ل م من أعالم النبوة، لكونه وقع كما أخرب : الثامنة عشرة . أن كل ما ذم اهللا به اليهود والنصارى يف القرآن أنه لنا : التاسعة عشرة

على األمر فصار فيه التنبيه على مسائل أنه متقرر عندهم أن العبادات مبناها : العشرونما " فمن إخباره بأنباء الغيب، وأما " القرب؛ أما من ربك؟ فواضح، وأما من نبيك؟

. إىل آخره ) اجعل لنا( فمن قوهلم " دينك؟ . أن سنة أهل الكتاب مذمومة، كسنة املشركني : احلادية والعشرون ي اعتاده قلبه، ال ي ؤ م ن أن يكون يف قلبه أن املنتقل من الباطل الذ : الثانية والعشرون

. وحنن حدثاء عهد بكفر : بقية من تلك العادة، لقوهلم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

: الشرح

. 138: سورة األعراف آية )1(

Page 114: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

114

ما حكم هذا الفعل؟ : يعين " باب من تربك بشجر أو حجر وحنومها" . شركباب من تربك بشجر أو حجر وحنومها فهو م : هو مشرك يعين : اجلواب

. التربك تفع ل من الربكة، وهو طلب الربكة ": من تربك " :وقوله، أما )بركة (، أو من كلمة )بروك(والربكة مأخوذة من حيث االشتقاق من مادة

فربوك البعري يدل على مالزمته وثبوته يف ذلك املكان، وأما اشتقاقها : اشتقاقها من الربوك، وهي تدل على كثرة املاء يف هذا املوضع، وعلى جمتمع املاء: فالربكة هي: من الربكة

. لزومه له، وعلى ثبوته فيه كثرة الشيء الذي فيه اخلري، وثباته، ولزومه، فالتربك : - إذ ا -فيكون معىن الربكة

طلب اخلري الكثري، وطلب ثباته، وطلب لزومه، فترب ك، يعين : هو . طلب الربكة: - وأن اهللا - جل وعال - أن الربكة من اهللا والنصوص يف القرآن والسنة دلت على

$‘x8u { هو الذي يبارك، وأنه ال أحد من اخللق يبارك أحدا، قال سبحانه -جل وعال t6 s?

“ Ï% ©!$# tΑ“ tΡ tβ$ s% öàø9$# 4’n?tã Íν ωö6 tã { )1(] ع ظ م خري من نز ل الفرقان على : يعين] 1: انالفرق

≈x8t {: وقال. عبده، وكثر، ودام، وثبت t6 s? “ Ï% ©!$# Íν ωu‹Î/ à7 ù= ßϑø9$# { )2(] 1: امللك .[

$ {: ال سبحانهـوق uΖø.t≈ t/uρ ϵ ø‹n= tã #’ n?tã uρ t,≈ ys ó™ Î) 4 { )3(] الـوق] 113: الصافات :

} Í_ n= yèy_ uρ % º.u‘$ t7ãΒ { )4(] فال جيوز -ل وعال ج-فالذي يبارك هو اهللا ] 31: مرمي ،

باركت على الشيء، أو أبارك فعلكم؛ ألن الربكة وكثرة اخلري : للمخلوق أن يقول . ولزومه، وثباته، إمنا ذلك من الذي بيده األمر، وهو اهللا

. 1: سورة الفرقان آية )1( . 1: سورة امللك آية )2( . 113: سورة الصافات آية )3( . 31: سورة مرمي آية )4(

Page 115: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

115

- جل وعال -وقد دلت النصوص يف الكتاب والسنة على أن األشياء اليت أحل اهللا : ة؛ وقد تكون خملوقات آدمية، فهذان قسمان الربكة فيها قد تكون أمكنة أو أزمن

بارك بعض األماكن كبيت اهللا احلرام، وحول بيت - تعاىل -أن اهللا : القسم األول“ {: املقدس، كما قال سبحانه Ï%©!$# $ oΨ ø.t≈ t/ …çµ s9öθ ym { )1(] ومعىن كون ] 1: اإلسراء

أن ي ت م س ح بأرضها، أو - أبدا -أن يكون فيها اخلري الكثري الالزم يعين : األرض مباركة أن ي ت م س ح حبيطاهنا، ألن بركتها الزمة ال تنتقل بالذات، يعين أنك إذا المست األرض، : ات، وإمنا بركتها من جهة أو دفنت فيها، أو تربكت هبا، فإن بركتها ال تنتقل إليك بالذ

. املعىن فقطليس كما يعتقد البعض أن : كذلك بيت اهللا احلرام هو مبارك ال من جهة ذاته، يعين

اجتمعت فيه الربكة : من متسح به انتقلت إليه الربكة وإمنا هو مبارك من جهة املعىن، يعين ة اخلري الذي يكون ملن تعلق القلوب هبا، وكثر: اليت جعلها اهللا يف هذه البنية، من جهة

أرادها، وأتاها، وطاف هبا، وتعبد عندها، وكذلك احلجر األسود هو حجر مبارك، ولكن يف استالمه له، ويف تقبيله، بركته ألجل العبادة، يعين أن من استلمه تعبدا مطيعا للنيب

ك حجر ال إين ألعلم أن " : ملا قب ل احلجر وقد قال عمر . فإنه يناله به بركة االتباعال تنفع وال تضر، يعين ال جيلب ملن قبله شيئا من النفع، وال : فقوله)2( " تنفع وال تضر

يدفع عن أحد شيئا من الضر، وإمنا احلامل على التقبيل جمرد االت ساء، تعبدا هللا، ولذلك فهذا معىن الربكة اليت جعلت " يقبلك ما قبلتك ولوال أين رأيت رسول اهللا : ".. قال

. يف األمكنة - مثل شهر رمضان، أو بعض أيام اهللا الفاضلة -وأما معىن كون الزمان مباركا

أن من تعبد فيها، ورام اخلري فيها، فإنه ينال من كثرة الثواب ما ال يناله يف غريها : فيعين . من األزمنة

. 1: راء آية سورة اإلس)1( . )1270(ومسلم ) 1610(و) 1605(و) 1597( أخرجه البخاري )2(

Page 116: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

116

يف -ل وعال ج-الربكة املنوطة ببين آدم، وهي الربكة اليت جعلها اهللا : والقسم الثاينمن األنبياء والرسل فهؤالء بركتهم بركة : سادة املؤمنني: املؤمنني من الناس، وعلى رأسهم

هو الذي جعل جسد آدم مباركا - جل وعال -أن أجسامهم مباركة، فاهللا : ذاتية، يعينوجعل جسد إبراهيم عليه السالم مباركا، وجعل جسد نوح مباركا، وهكذا جسد

أنه لو : يهم مجيعا الصالة والسالم جعل أجسادهم مجيعا مباركة، مبعىن عيسى، وموسى، علتربك أحد من أقوامهم بأجسادهم، إما بالتمسح هبا، أو بأخذ عرقها، أو التربك ببعض أشعارهم، فهذا جائز؛ ألن اهللا جعل أجسادهم مباركة بركة متعدية، وهكذا نبينا حممد بن

هلذا ورد يف السنة أن الصحابة كانوا يتربكون جسده أيضا جسد مبارك؛ و عبد اهللا إىل آخر ما ورد يف ذلك؛ )2( وإذا توضأ اقتتلوا على وضوئه، )1( بعرقه، ويتربكون بشعره،

ذلك أن أجساد األنبياء فيها بركة ذاتية ينتقل أثرها إىل غريهم، وهذا خمصوص باألنبياء ألنبياء والرسل م ن بركتهم بركة والرسل، أما غريهم فلم يرد دليل على أن من أصحاب ا

أن الصحابة : ذاتية، حىت أفضل هذه األمة أبو بكر وعمر، فقد جاء بالتواتر القطعي والتابعني واملخضرمني مل يكونوا يتربكون بأيب بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، كما كانوا

ذلك، فعلمنا أو بوضوئه، أو بنخامته، أو بعرقه أو مبالبسه، وحنو يتربكون بشعر النيبهبذا التواتر القطعي أن بركة أيب بكر وعمر إمنا هي بركة عمل، ليست بركة ذات تنتقل كما هي بركة النيب صلى اهللا عليه وسلم؛ وهلذا جاء يف احلديث الذي رواه البخاري يف

فدل )4( )3( } الشجر لما بركته كربكة املسلم إن من {: قال صحيحه أن النيب

ما هذه {: على أن يف كل مسلم بركة، ويف البخاري أيضا قول أسيد بن حضري : هذا

. )171(و) 170(والبخاري ) 1305( أخرجه مسلم )1( . )2732(و) 2731( أخرجه البخاري )2( . )5129( البخاري األطعمة )3( . )5444( أخرجه البخاري رقم )4(

Page 117: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

117

فهذه الربكة اليت أضيفت لكل مسلم وأضيفت )2( )1( } بأول بركتكم يا آل أيب بكر

بركة عمل، هذه الربكة راجعة إىل اإلميان، وإىل العلم، والدعوة، : كر، هي آلل أيب ب . والعمل

فكل مسلم فيه بركة، وهذه الربكة ليست بركة ذات، وإمنا هي بركة عمل، وبركة ما واإلجالل - جل وعال -معه من اإلسالم واإلميان، وما يف قلبه من اإليقان والتعظيم هللا

ال تنتقل من : فهذه الربكة اليت يف العلم، أو العمل، أو الصالح له، واالتباع لرسوله شخص إىل آخر وعليه فيكون معىن التربك بأهل الصالح هو االقتداء هبم يف صالحهم، والتربك بأهل العلم هو األخذ من علمهم واالستفادة منه وهكذا، وال جيوز أن ي تربك هبم

ألن أفضل اخللق من هذه األمة وهم الصحابة مل مبعىن أن ي تمسح هبم، أو ي تربك بريقهم؛ . يفعلوا ذلك مع خري هذه األمة أيب بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وهذا أمر مقطوع به

أهنم كانوا يرجون كثرة اخلري، ودوام اخلري، ولزوم اخلري وثبات : فمعىن تربك املشركني الذي من احلجارة، والقرب من الصنم: اخلري، بالتوجه إىل اآلهلة، وهذه اآلهلة يكون منها

التراب، ويكون منها الوثن والشجر، ويكون منها البقاع املختلفة، كالغار أو عني ماء، أو حنو ذلك، فهذه التربكات املختلفة مجيعها تربكات شركية؛ وهلذا قال الشيخ رمحه اهللا

، ذلك مجع شجرة، واحلجر معروف : والشجر " باب من تربك بشجر أو حجر وحنومها "أن املشركني كانوا يتربكون باألشجار واألحجار، حىت يف أول الدعوة يف هذه البالد

. كانت األشجار واألحجار اليت يتربك هبا كثريةالبقاع املختلفة، أو غار معني، أو : حنو الشجر واحلجر، مثل : يعين": وحنومها " :قوله

. قد فيها أهل اجلهالةقرب، أو عني ماء، أو حنو ذلك من األشياء اليت يعت

، مالك )6/179(، أمحد )310(، النسائي الطهارة )367(، مسلم احليض )327( البخاري التيمم )1( . )122(الطهارة

( و) 4608( و) 4607( و) 4583( و) 3773( و) 3672( و) 336(و) 334( أخرجه البخاري )2(إمنا . ما هذه بأول بركتكم يا آل أيب بكر : وقوله) 6845(و) 6844(و) 5882(و) 5250( و) 5164

. يس من قول النيب هو قول أسيد بن حضري ول

Page 118: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

118

أنه مشرك، كما صرح به الشيخ عبد الرمحن بن : فما حكم فاعل ذلك؟ اجلواب لباب من تربك بشجر أو حجر وحنومها حيث قال " فتح اجمليد " حسن يف شرحه

). فهو مشرك : أي( :اهللا مل يفصح الشر اح يف هذا املوضع عن نوع شرك املتربك بالشجر واحلجر هل هو شرك

بعد أن " التيسري " املعىن يف- رمحه اهللا -رب، أو شرك أصغر؟ وإمنا أدار الشيخ سليمان أكãΛä {: ساق تفسري آية النجم ÷ƒ utsùr& |M≈ ¯=9$# 3“ ¨“ ãè ø9$#uρ ∩⊇∪ { )1(] على ] 19: النجم

أنه إن كان التربك شركا أكرب فظاهر، : رمجةمناسبة اآلية للت: االحتمالني، فقال يف آخره . فالسلف يستدلون باآليات اليت نزلت يف األكرب على األصغر: وإن كان شركا أصغر

أن التربك بالشجر، أو باحلجر أو بالقرب، أو ببقاع خمتلفة، قد يكون : وحتقيق املقام . شركا أكرب، وقد يكون شركا أصغر

ها، معتقدا أنه بتمسحه هبذا الشجر، أو احلجر أو إذا طلب بركت: فيكون شركا أكربفإذا اعتقد فيه أنه وسيلة إىل اهللا . يتوسط له عند اهللا: القرب، أو مترغه عليه، أو التصاقه به

وشرك أكرب، وهذا هو الذي كان يعتقده أهل - جل وعال -اختاذ إله مع اهللا : فهذايف القبور اليت يتربكون هبا؛ يعتقدون أهنم اجلاهلية يف األشجار واألحجار اليت يعبدوهنا، و

إذا عكفوا عندها، ومتسحوا هبا، أو نثروا تراهبا على رؤوسهم، فإن هذه البقعة، أو صاحب جل -أنه يتوسط له عند اهللا : الروح اليت ختدم هذه البقعة : هذه البقعة، أو الروحانية وهي

، وقد قال - جل وعال -مع اهللا راجع إىل اختاذ أنداد - إذ ا - فهذا الفعل -وعال š {: سبحانه Ï% ©!$#uρ (#ρ ä‹sƒ ªB$# ∅ ÏΒ ÿϵ ÏΡρ ߊ u!$ uŠÏ9÷ρ r& $ tΒ öΝèδ߉ç6 ÷è tΡ ω Î) !$ tΡθ ç/Ìhs)ã‹Ï9 ’ n<Î) «!$# #’s∀ ø9ã— { )2(

]. 3الزمر [

. 19: سورة النجم آية )1( . 3: سورة الزمر آية )2(

Page 119: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

119

إذا كان يتخذ هذا التربك بنثر التراب عليه، أو إلصاق : ون التربك شركا أصغرويكاجلسم به، أو التربك بعني وحنوها، أسبابا حلصول الربكة بدون اعتقاد أهنا توصل وتقرب

أنه جعلها أسبابا فقط، كما يفعل البس التميمة، أو احللقة، أو اخليط؛ : إىل اهللا، يعين تراب القرب، - من هذه حاله -عل تلك األشياء أسبابا فإذا أخذ فكذلك هذا املتربك، جي

: ونثره عليه العتقاده أن هذا التراب مبارك، وإذا المس جسمه فإن جسمه يتبارك به أي وإمنا - جل وعال -فهذا شرك أصغر؛ ألنه ال يكون عبادة لغري اهللا : من جهة السببية

. سببا: اعتقد ما ليس سببا مأذونا به شرعا جل -وأما إذا متسح هبا كما هي احلال األوىل ومترغ والتصق هبا، لتوصله إىل اهللا

إن كان : ، فهذا شرك أكرب خمرج من امللة؛ وهلذا قال الشيخ سليمان كما تقدم-وعال فالسلف يستدلون : فظاهر يف االستدالل باآلية وإن كان شركا أصغر: التربك شركا أكرب

. ا يريدون من االستدالل، يف مسائل الشرك األصغر مبا نزل يف األكرب على م

ãΛä {: وقول اهللا تعاىل: قوله ÷ƒ utsùr& |M≈ ¯=9$# 3“ ¨“ãè ø9$#uρ ∩⊇∪ nο 4θ uΖtΒ uρ sπ sWÏ9$ ¨W9$# #“ t÷z W{$# ∩⊄⊃∪ { )1(

فإنه يكون بينها : سبق بيان أن مهزة االستفهام، إذا أتى بعدها فاء] 20 - 19: النجم[وبني الفاء مجلة دل عليها السياق، فمن أول سورة النجم إىل هذا املوضع يدل على

. احملذوفهي صخرة بيضاء منقوشة عليها، بيت بالطائف، وما هدمت إال بعد ): الالت( :قوله

املغرية بن شعبة، فهدمها، وكسرها، وحرقها يبأن أسلمت ثقيف، أرسل إليها النأن الالت صخرة وصفت بأهنا : فاملقصود)2( بالنار، وكان عليها بيت وهلا سدنة وخدم،

. بيضاء أ ف ر أ ي ت م الل ات ( :ويف قراءة ابن عباس وغريه من السلف فعلى هذه . بتشديد التاء)

الالت ( يكون: القراءة على صخرة : السويق للحاج، ويف روايةهذا رجال كان يلت )

. 20 - 19: سورة النجم آية )1( . 138 / 4 السرية البن هشام )2(

Page 120: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

120

أنه كان يلت هلم السويق فلما مات : فعظموا تلك الصخرة، ويف رواية أخرى عن السلف الالت ( :أن الالت صخرة، فإذا قرأت : فتحصل من هذا)1( عكفوا على قربه، بتشديد )

. لسويقفيكون قربا، أو صخرة، كان يتعبد عندها، ويتصدق ذاك الذي كان يلت ا : التاءشجرة كانت بني مكة والطائف، وهي يف األصل شجرة مث بين بناء على : والعزى

مكة ثالث مسرات، وكانت امرأة كاهنة هي اليت ختدم ذلك املوضع، فلما فتح النيب وقتل من قتل - السمرات الثالث -أرسل إليها خالد بن الوليد، فقطع الشجرات الثالث

، فرجع فرآه السدنة، } ارجع فإنك مل تصنع شيئا {: ل له قا فلما رجع وأخرب النيب

ففروا إىل اجلبل، مث رأى امرأة ناشرة شعرها عريانة، وهي الكاهنة اليت كانت ختدم ذلك املوضع الشركي، وحتضر اجلن إلضالل الناس بذلك، فعالها خالد بالسيف حىت قتلها،

أن العزى اسم لشجرة كانت يف : املقصود )2( .} تلك العزى {: فقال للنيبفرجع

ذلك املوضع، وكان تعلق الناس يف احلقيقة بتلك الشجرة، وباملرأة اليت كانت ختدم ذلك الشرك، فلو قطعت األشجار وبقيت املرأة، فإن املرأة ستغري الناس مرة أخرى مبا ستذكره

ما جتيب به مطالبهم عن طريق اجلن، فال يكون الشرك قد هلم، أو ما حتكيه هلم، أو أن حقيقة العزى هي تلك املرأة اليت : يعين} تلك العزى { انقطع؛ وهلذا قال النيب

. تغري الناس بذلك الشرك، وإال فهي شجرة

nο {وقوله، 4θ uΖtΒ uρ sπ sWÏ9$ ¨W9$# #“ t÷z W{$# ∩⊄⊃∪ { )3(الوضيعة احلقرية، : يعين: واألخرى

وكانت مناة هذه أيضا صخرة، ومسيت مناة؛ لكثرة ما ميىن عليها من الدماء تعظيما أن ما كان يفعله املشركون عند هذه الثالث، هو عني : ووجه مناسبة اآلية للترمجة )4( .هلا

. )4859( أخرجه البخاري )1( . 1099 / 4 سرية ابن هشام )2( . 20: سورة النجم آية )3(37 / 4(، )192 / 2(والبداية والنهاية ) 432 / 7(فسري ابن كثري وانظر ت) 613 / 8( أخرجه البخاري )4(

( .

Page 121: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

121

شجار، والغريان، والقبور ومن ما يفعله املشركون يف األزمنة املتأخرة عند األحجار، واأل قرأ شيئا مما يصنعه املشركون علم غربة اإلسالم يف هذه البالد قبل هذه الدعوة، وأن الناس

وإذا تأملت أحوال ما حولك من البالد اليت ينتشر فيها الشرك . كانوا على شرك عظيمظم من ذلك اختاذ وجدت من اختاذ األشجار واألحجار آهلة والتربك هبا الشيء الكثري، وأع

. القبور آهلة يتوجه إليها، ويتعبد عندها يف الباب حديث أيب واقد الليثي، وهذا احلديث حديث - رمحه اهللا -مث ساق

. أن املشركني كانت هلم سدرة هلم فيها اعتقاد : صحيح، عظيم وفيه : واعتقادهم فيها كان يشمل ثالثة أشياء

. أهنم يعظموهنا: األول . هنم يعكفون عندهاأ: الثاينأهنم كانوا ينوطون هبا األسلحة رجاء انتقال الربكة من الشجرة إىل السالح، : الثالث

. حىت يكون أمضى، وحىت يكون خريه حلامله أكثر : وفعلهم هذا شرك أكرب؛ ألهنم عظموها وعكفوا عندها، والعكوف عبادة؛ وهو

لبوا منها الربكة، فصار شركهم شركا مالزمة الشيء على وجه التعظيم والقربة؛ وألهنم ط . أكرب ألجل هذه الثالث جمتمعة

: وبعض الصحابة رضوان اهللا عليهم ممن كانوا حديثي عهد بكفر وهم الذين قالوااجعل لنا ذات أنواط كما هلم ذات أنواط، ظنوا أن هذا ال يدخل يف الشرك، وأن كلمة

قد يغيب عن بعض الفضالء بعض مسائل : ءالتوحيد ال هتدم هبذا الفعل؛ هلذا قال العلما: الشرك؛ ألن الصحابة وهم أعرف الناس باللغة كهؤالء الذين كان إسالمهم بعد الفتح

. خفيت عليهم بعض أفراد توحيد العبادة

Page 122: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 123: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

123

التعظيم، أي تعظيم العبادة، وهذا ال جيوز إال هللا، فتعظيمهم هبذه الصورة، - 1 . هو نوع من عبادهتم، وشرك جلي : واعتقاد أهنم يتوسطون هلم

أهنم عكفوا عندها والزموها، والعكوف واملالزمة نوع عبادة، فإذا عكف والزم - 2 . وحمبة، فهذا نوع من العبادة تقربا، ورجاء، ورغبة، ورهبة،

. التربك- 3وإذا تأملت ما يصنعه عباد القبور . ما ضم هذه الثالثة : وإذ ا فيكون الشرك األكرب

وجدت أهنم يصنعون مثل ما كان : واخلرافيون يف األزمنة املتأخرة ويف زماننا هذا ويعتقدون يف املشركون األولون يصنعون عند الالت، وعند العزى، وعند ذات أنواط،

القرب، بل يعتقدون يف احلديد الذي ي سي ج به القرب، فترى الناس يف البالد اليت يفشو فيها الشرك يعتقدون يف احلائط الذي على القرب، أو يف الشباك احلديدي الذي حييط بالقرب، فإذا

م؛ ألهنم متسحوا به فكأهنم متسحوا باملقبور، واتصلت روحهم به، واعتقدوا أنه سيتوسط هل ألن فعلهم هذا راجع إىل تعلق القلب يف -جل وعال -عظموه، فهذا شرك أكرب باهللا

- جل وعال - وجع له وسيلة إىل اهللا -جل وعال-جلب النفع، ويف دفع الضر بغري اهللا $ {: كفعل األولني الذين قال اهللا فيهم tΒ öΝèδ ߉ç6 ÷ètΡ ω Î) !$ tΡθ ç/Ìhs)ã‹Ï9 ’ n< Î) «!$# #’ s∀ ø9ã— { )1( .

وأما احلال األخرى اليت نبهتك يف أول املقام عليها، فكمن جيعل بعض التمسحات مثل ما ترى من بعض اجلهلة ممن يأيت إىل احلرم، ويتمسح بأبواب احلرم اخلارجية، : أسبابا عض اجلدران، أو ببعض األعمدة، فهذا إن ظن أن ث م روحا يف هذا العمود، أو أن أو بب

هناك أحدا مدفونا بالقرب منه، أو ث م من خيدم هذا العمود من األرواح الطيبة كما . فهذا شرك أكرب : بذلك الفعل- جل وعال -فتمسح ألجل أن يصل إىل اهللا : يقولون

إذا : مكان مبارك، وأن هذا سبب قد يشفيه فنقول إذا وأما إذا متسح واعتقد أن هذا كان يتمسح جبعله سببا فهذا يكون شركه شركا أصغر، وإذا كان تعلق قلبه هبذا املتمسح

. 3: سورة الزمر آية )1(

Page 124: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

124

به أو املتربك به، وعظمه، والزمه، واعتقد أن مثت روحا هنا، أو أنه يتوسل به إىل اهللا فإن . هذا شرك أكرب

من الوعيد وأنه شرك باهللا جل وعال باب ما جاء يف الذبح لغري اهللا

°ö≅è% ¨βÎ) ’ÎAŸξ|¹ ’Å5Ý¡èΣuρ y“$u‹øtxΧuρ †ÎA$yϑtΒuρ ¬! Éb>u‘ tÏΗs>≈yèø9$# ∩⊇∉⊄∪ Ÿω y7ƒÎŸ {: وقول اهللا تعاىل

…çµs9 ( y7Ï9≡x‹Î/uρ ßNöÏΒé& O$tΡr&uρ ãΑρr& tÏΗÍ>ó¡çRùQ$# ∩⊇∉⊂∪ { )1( وقال تعاىل :} Èe≅|Ásù y7În/tÏ9 öptùΥ$#uρ ∩⊄∪ { )2(

لعن اهللا من ذبح لغري اهللا، {: بأربع كلمات حدثين رسول اهللا: قال وعن علي

رواه )3( } لعن اهللا من لعن والديه، لعن اهللا من آوى حمدثا، لعن اهللا من غري منار األرض

دخل اجلنة رجل يف ذباب {: قال وعن طارق بن شهاب أن رسول اهللا . )4( مسلم

مر رجالن على " :وكيف ذلك يا رسول اهللا؟ قال: قالوا " ودخل النار رجل يف ذبابليس عندي : قوم هلم صنم ال جيوزه أحد حىت يقرب له شيئا، فقالوا ألحدمها قرب، قال

ا قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا، فخلوا سبيله فدخل النار، وقالو : شيء أقرب، قالوا له فضربوا عنقه فدخل ما كنت ألقرب ألحد شيئا دون اهللا: قرب، فقال : لآلخر . )5( رواه أمحد } اجلنة

≅ö {تفسري : األوىل: فيه مسائل è% ¨βÎ) ’ÎAŸξ |¹ ’Å5 Ý¡èΣ uρ { )6( .

≅Èe {تفسري : الثانية |Á sù y7 În/tÏ9 öpt ùΥ$#uρ ∩⊄∪ { )7( .

. 163 - 162: سورة األنعام آية )1( . 2: سورة الكوثر آية )2( . )1/118(، أمحد )4422(، النسائي الضحايا )1978(ي مسلم األضاح )3( . )1978( أخرجه مسلم )4( . موقوفا على سليمان الفارسي 203 / 1" احللية" وأبو نعيم يف ) 22( أخرجه أمحد يف الزهد )5( . 162: سورة األنعام آية )6( . 2: سورة الكوثر آية )7(

Page 125: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

125

. البداءة بلعنة من ذبح لغري اهللا: الثالثة . لعن من لعن والديه، ومنه أن تعلن والدي الرجل فيلعن والديك : الرابعةلعن من آوى حمدثا، وهو الرجل حيدث شيئا جيب فيه حق هللا، فيلتجئ إىل : اخلامسة

. ريه من ذلكمن جيلعن من غري منار األرض وهي املراسيم اليت تفرق بني حقك وحق جارك، : السادسة

. فتغريها بتقدمي أو تأخري . الفرق بني لعن املعني ولعن أهل املعاصي على سبيل العموم: السابعة . هذه القصة العظيمة، وهي قصة الذباب : الثامنةلذباب الذي مل يقصده، بل فعله ختلصا من كونه دخل النار بسبب ذلك ا: التاسعة

. شرهممعرفة قدر الشرك يف قلوب املؤمنني؛ كيف صرب ذلك على القتل ومل : العاشرة

! يوافقهم على طلبتهم مع كوهنم مل يطلبوا إال العمل الظاهر دخل النار يف " :أن الذي دخل النار مسلم، ألنه لو كان كافرا مل يقل : احلادية عشرة

". ذباب

اجلنة أقرب إىل أحدكم من شراك {: فيه شاهد للحديث الصحيح: الثانية عشرة

. )1( } نعله، والنار مثل ذلك

. معرفة أن عمل القلب هو املقصود األعظم، حىت عند عبدة األوثان : الثالثة عشرة : الشرح

: الذبح معروف، وهو ". باب ما جاء يف الذبح لغري اهللا " - رمحه اهللا -قول الشيخ . إراقة الدم

. )1/442 (، أمحد )6123( البخاري الرقاق )1(

Page 126: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

126

ذبح ألجل غري اهللا، والذبح فيه : متقربا به إىل غري اهللا، أي : يعين " لغري اهللا " :وقوله : شيئان مهمان، ومها نكتة هذا الباب، وعقدته

. الل باسم ماالذبح باسم اهللا، أو الذبح باإله : األول ث م التسمية، وث م القصد، ومها : أن يذبح متقربا ملا يريد أن يتقرب إليه، فإذ ا : الثاين

θè=ä3sù#) {: أن ما ذ كر عليه اسم اهللا فإنه جائز كما قال تعاىل : شيئان، أما التسمية، فظاهر

$£ϑÏΒ tÏ.èŒ ãΛôœ$# «!$# ϵø‹n=tã βÎ) ΛäΨä. ϵÏG≈tƒ$t↔Î/ tÏΖÏΒ÷σãΒ ∩⊇⊇∇∪ { )1(] وأن ما مل يذكر ] 118: األنعام

)tΒuρ ¨≅Ïδé& ϵÎ/ ÎötóÏ9 «!$# ( { )2$! {: اسم اهللا عليه فهذا مما أهل لغري اهللا به كما يف قوله تعاىل

$! {: وقوله] 173: البقرة[ tΒ uρ ¨≅ Ïδé& ϵ Î/ Îötó Ï9 «!$# ( { )3(] 3: املائدة .[

فإنه استعان يف هذا : نة، فإذا مسى اهللا استعا: فالتسمية على الذبيحة من جهة املعىن باسم اهللا، يعين أذبح متربكا، ومستعينا : ؛ ألن الباء يف قولك - جل وعال -الذبح باهللا

الذي له األمساء احلسىن، فجهة - جل وعال -، أو باهللا - جل وعال -بكل اسم هللا . التسمية إذ ا جهة استعانة

، فمن ذبح باسم اهللا هللا كانت االستعانة باهللا فهذه جهة عبودية ومقاصد : وأما القصد : فصارت األحوال عندنا أربعة- جل وعال -والقصد من الذبح أنه لوجه اهللا تقربا هللا

. أن يذبح باسم اهللا هللا، فهذا هو التوحيد - 1 . أن يذبح باسم اهللا لغري اهللا، وهذا شرك يف العبادة - 2اهللا، وهذا شرك يف االستعانة، وشرك يف العبادة أن يذبح باسم غري اهللا لغري - 3 . أيضا

. أن يذبح بغري اسم اهللا وجيعل الذبيحة هللا، فهذا شرك يف الربوبية - 4

. 118: سورة األنعام آية )1( . 173: سورة البقرة آية )2( . 173: سورة البقرة آية )3(

Page 127: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

127

: فإذ ا األحوال عندنا أربعة وحده، وهذا هو - جل وعال -إما أن يكون هناك تسمية باهللا مع القصد هللا

- جل وعال -قصدا تقربا، وأن يسمي اهللا : التوحيد، وهو العبادة، فالواجب أن يذبح هللا وترك التسمية عمدا فإن الذبيحة ال حتل، - جل وعال -على الذبيحة، فإن مل يسم اهللا

وال التقرب لغريه، وإمنا ذحبها ألجل - جل وعال -وإن مل يقصد بالذبيحة التقرب إىل اهللا فهذا : ، ومل يقصد هبا التقرب ذحبها لقصد اللحم: أضياف عنده أو ألجل أن يأكلها، يعين

جائز، وهو من املأذون فيه؛ ألن الذبح ال ي شترط فيه أن ينوي الذابح التقرب بالذبيحة إىل . جل وعال ،اهللا

أن ذكر اسم اهللا على الذبيحة واجب، وأن يكون قصد : فاحلاصل من احلالة األوىل وهذا مثل ما يذبح من - إن كان قد نوى هبا تقربا -التقرب إىل اهللا : الذابح هبا

مما أمر به - جل وعال -األضاحي، أو يذبح من اهلدي ذلك مما يذحبه املرء تعظيما هللا ، فهذا من العبادات - سبحانه -تقصد التقرب به إليه : شرعا، فهذا الذي تذحبه هللا

. وهي عبادة النحر والذبح - جل وعال -العظيمة اليت حيبها اهللا أريدها لألضياف، أو أريدها للحم ويعين : باسم اهللا، ولكن يقوللكن قد يذبح املرء

هذه احلالة جائزة؛ ألنه : لألكل، ومل أتقرب هبا لغري اهللا، وأيضا مل أتقرب هبا هللا، فنقول مسى وقال باسم اهللا، ومل يذبح لغري اهللا، فليس داخال يف الوعيد، وال يف النهي، بل ذلك

. من املأذون فيهباسم : أن يذبح باسم اهللا، ويقصد بذلك التقرب لغري اهللا، فيقول مثال: انيةاحلالة الث

اهللا، وينحر الدم، وهو ينوي بإزهاق النفس، وبإراقة الدم التقرب هلذا العظيم املدفون، أو هلذا النيب، أو هلذا الصاحل، فهذا وإن ذكر اسم اهللا فإن الشرك حاصل من جهة أنه أراق

أن يذكر اسم اهللا على : ، وتعظيما لغري اهللا، ويدخل يف ذلك أيضا الدم تعظيما للمدفونالذبيحة، أو على املنحور، ويكون قصده بالذبح أن يتقرب به للسلطان، أو للملك، أو ألمري ما، كما حيدث عند بعض البادية، وكذلك بعض احلضر إذا أرادوا أن يعظموا ملكا

Page 128: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

128

، فإهنم يستقبلونه باجلمال، أو بالبقر، أو بالشياه، قادما، أو أمريا، أو سلطانا، أو شيخ قبيلةويذحبوهنا يف وجهه، فيسيل الدم عند إقباله، فهذا الذبح وإن مسى اهللا عليه، فإن الذبيحة

جل - ولذا أفىت العلماء بتحرميها؛ ألن إراقة دم لغري اهللا - جل وعال -قصد هبا غري اهللا ل ذلك ال جيوز تعظيم أولئك مبثل هذا التعظيم؛ فال جيوز أكلها ومن باب أوىل قب -وعال

وحده؛ ألنه سبحانه هو الذي يستحق - جل وعال -ألن إراقة الدم إمنا يعظم به اهللا . العبادة والتعظيم هبذه األشياء وحده، فهو الذي أجرى الدماء يف العروق سبحانه وتعاىل

جل وعال -ن يقصد هبا غري اهللا أن يذكر غري اسم اهللا على الذبيحة، وأ : احلالة الثالثةباسم املسيح، وحيرك يده، ويقصد هبا التقرب للمسيح، فهذا الذبح مجع : فيقول مثال-

الذين يذحبون باسم البدوي، أو باسم : شركا يف االستعانة، وشركا يف العبادة، ومثلهغريهم من احلسني، أو باسم السيدة زينب، أو باسم العيدروس، أو باسم املريغياين، أو

الذين توجه إليهم بعض اخللق بالعبادة، فيذبح بامسهم ويقصد بذحبه هذا املخلوق؛ وينوي : فهذا الشرك جاء من جهتني . حني ذبح أن يريق الدم تقربا هلذا املخلوق

. جهة االستعانة : اجلهة األوىل . - جل وعال-جهة العبودية والتعظيم، وإراقة الدم لغري اهللا : واجلهة الثانية

وهذا نادر - جل وعال -أن يذبح باسم غري اهللا وجيعل ذلك هللا : واحلالة الرابعة كالبدوي، أو العيدروس، أو الشيخ عبد : الوقوع ورمبا حيصل، كمن يذحبون ملعظميهم

، وهذا يف احلقيقة - جل وعال -فينوون بذلك الذبح التقرب إىل اهللا . القادر، أو غريهم . الستعانة، والشرك يف العبادة راجع إىل الشرك يف ا

يف م عر ض كالم له يف هذه املسائل - رمحه اهللا -قال شيخ اإلسالم ابن تيمية أن : والصورة املتقدمة يف احلالة الثانية وهي - جل وعال -ومعلوم أن الشرك باهللا " :قال

حترم؛ : قالبأهنا شرك وإمنا : يذبح لسلطان وحنوه، فبعض العلماء مل يطلق القول عليهاأن : ، فاملقصود- جل وعال -ألجل أنه قد ال يقصد بذلك تعظيم املذبوح له كتعظيم اهللا

قصد غري اهللا بالذبح شرك يف العبودية، وذكر غري اسم اهللا على الذبيحة شرك يف

Page 129: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

129

Ÿω { - جل وعال -االستعانة؛ وهلذا قال uρ (#θ è=à2 ù's? $ £ϑ ÏΒ óΟs9 Ìx.õ‹ãƒ ÞΟó™ $# «!$# ϵø‹n= tã …çµΡÎ)uρ ×,ó¡Ïs9

3 ¨β Î)uρ šÏÜ≈ u‹¤±9$# tβθ ãmθã‹s9 #’ n< Î) óΟÎγ Í← !$ u‹Ï9÷ρ r& öΝä.θ ä9ω≈ yf ã‹Ï9 ( ÷β Î)uρ öΝèδθßϑ çG ÷è sÛr& öΝä3¯ΡÎ) tβθä.Îô³çRmQ ∩⊇⊄⊇∪ { )1(

. إن أطعتموهم يف الشرك فإنكم مشركون، كما أهنم مشركون : يعين] 121: األنعام[وهي أن الكالم يف مسائل التوحيد تقريرا واستدالال، : وأنبه هنا على مسألة مهمة

من األمور الدقيقة، والتعبري عنها حيتاج إىل دقة من جهة املعرب، : وبيان وجه االستدالل بعض الناس قد استشكلوا بعض العبارات ومدار وأيضا من جهة املتلقي، أقول هذا؛ ألن

أهنم مل يدققوا، ومل يقيدوا ما يقال، فهم إما أن حيذفوا قيدا، أو حيذفوا كلمة، : االستشكالأو يأخذوا املعىن الذي دل عليه الكالم، ويعربوا عنه بطريقتهم، وهذا غري مناسب، هلذا

مع؛ ألن كل مسألة هلا ضوابطها، وهلا ينبغي أن يكون املتلقي هلذا العلم دقيقا فيما يس فإن بعض املسائل يكون الكالم عليها تارة جممال، ويكون املتلقي قد مسع : قيودها، وأيضا

غري الكالم : أحد أحوال املسألة، وهي حتتمل تفصيال، لكن كان الكالم يف مقام اإلمجال . يف مقام التفصيل

ö≅è% ¨βÎ) ’ÎAŸξ {: وقول اهللا تعاىل: - رمحه اهللا-حممد بن عبد الوهاب : قال اإلمام |¹

’ Å5Ý¡èΣ uρ y“$ u‹øt xΧuρ †ÎA$ yϑ tΒ uρ ¬! Éb> u‘ tÏΗ s>≈ yè ø9$# ∩⊇∉⊄∪ Ÿω y7ƒÎŸ° …çµ s9 ( { )2(] 163 - 162: األنعام

جل - مها هللا - وهو الذبح -هذه اآلية تدل على أن عبادة الصالة، وعبادة النسك ] من املؤكدات، وجميء التأكيد يف اجلمل اخلربية ) إ ن ( ق ل إ ن و: وقوله تعاىل . وحده-وعال أن من خوطب بذلك م نك ر هلذا األمر، أو م ن ز ل م ن ز ل ة ا: يفيد مل نك ر له، وهلذا يكون

االستدالل هبذه اآلية على التوحيد من جهة أهنا خوطب هبا من ينكر أن الصالة هللا وحده فدل على أن هذه اآلية يف - هم املشركون -استحقاقا، وأن الذبح هللا وحده استحقاقا

. 121: سورة األنعام آية )1( . 163 - 162: سورة األنعام آية )2(

Page 130: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

130

قه وأن الذبح لغريه خمالف ملا يستح -جل وعال -التوحيد وأن الذبح جيب أن يكون هللا . جل وعال ،الرب

ö≅è% ¨β {: والنسك يف قوله Î) ’ ÎAŸξ |¹ ’Å5 Ý¡èΣ uρ { )1(التقرب : الذبح أو النحر، يعين : هو

عبادة عظيمة؛ ألن الذبائح، أو املنحورات من -جل وعال-بالدم، والتقرب بالدم هللا جل - أو البقر، أو الغنم، أو الضأن، مما تعظم يف نفوس أهلها، وحنرها تقربا إىل اهللا اإلبل والصدقة هبا عبادة عظيمة، فيها إراقة الدم هللا، وفيها تعلق القلب حبسن الثواب من -وعال ، وفيها حسن الظن باهللا تبارك وتعاىل، وفيها التخلص من الشح، - جل وعال -اهللا

د اهللا سبحانه، بإزهاق نفس عزيزة عند أهلها؛ وهلذا كان النحر، والذبح والرغب فيما عن . جل وعال ،عبادة من العبادات العظيمة اليت حيبها اهللا

-وقد دلت هذه اآلية على أن النحر والصالة عبادتان؛ ألنه جعل النسيكة هللا، واهللا و ن س ك ي( له من أعمال خلقه العبادات فدل قوله -جل وعال لى أن النسك عبادة من ع)

العبادات، وأنه م ستح ق هللا . - جل وعال -

<Éb !¬ {: يف قوله- هنا -والالم u‘ tÏΗ s>≈ yè ø9$# ∩⊇∉⊄∪ { )2( متعل قة مبحذوف خرب ) يف ) إن

≅ö {قوله è% ¨βÎ) ’ ÎAŸξ |¹ ’Å5 Ý¡èΣ uρ { )3( ،وهي تفيد االستحقاق، والالم يف اللغة تأيت ملعان

$ {: واستعماالت؛ فتأيت للملك، كما يف قوله تعاىل ¨Β r& èπoΨ‹ Ï¡¡9$# ôMtΡ% s3sù tÅ3≈ |¡yϑ Ï9 { )4(

وتأيت لالستحقاق، كما يف قوله - وهو شبه امللك -وتأيت لالختصاص . ميلكوهنا: يعين ال ح م د ل ل ه : تعاىل . جل وعال ،أن مجيع أنواع احملامد مستحقة هللا : يعين،

. 162: سورة األنعام آية )1( . 162: سورة األنعام آية )2( . 162: سورة األنعام آية )3( . 79: سورة الكهف آية )4(

Page 131: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

131

$“y {والالم يف قوله سبحانه u‹øt xΧuρ † ÎA$ yϑ tΒ uρ ¬! { )1( مع أهنا واحدة، لكن يكون

قال - جل وعال -معناها برجوعها لألول غري معناها برجوعها للمحيا واملمات، فإن اهللا ö≅è% ¨βÎ) ’ÎAŸξ {: يف هذه اآلية من آخر سورة األنعام |¹ ’ Å5Ý¡èΣ uρ y“$ u‹øt xΧuρ † ÎA$ yϑ tΒ uρ ¬! { )2(

وملك له، فهو الذي - جل وعال -اإلحياء واإلماتة، وهذه بيد اهللا : واحمليا واملمات يعين على خلقه، فهذه اآلية مبا اشتملت - جل وعال -ميلكها سبحانه؛ ألهنا من أفراد ربوبيته

≅ö {: من هذه األلفاظ األربع دلت على توحيد اإلهلية، وعلى توحيد الربوبية فقولهعليه è%

¨β Î) ’ ÎAŸξ |¹ ’ Å5 Ý¡èΣ uρ { )3( يدل على توحيد العبادة، وقوله } y“$ u‹øt xΧuρ † ÎA$ yϑ tΒ uρ { )4(

الصالة، : ل ل ه إذا أرجعتها لألوليني ومها : يدل على توحيد الربوبية، والالم يف قوله االستحقاق، وإذا أرجعتها لألخري كان معناها امللك وهلذا يقول : والنسك، كان معناها

≅ö {: أهل التفسري هنا è% ¨β Î) ’ÎAŸξ |¹ ’Å5 Ý¡èΣ uρ { )5( ،هللا استحقاقا } y“$ u‹øt xΧuρ † ÎA$ yϑ tΒ uρ

. هللا ملكا، وتدبريا، وتصرفا )6( }

<Éb !¬ {: وقوله u‘ tÏΗ s>≈ yèø9$# ∩⊇∉⊄∪ Ÿω y7ƒÎŸ° …çµ s9 ( { )7( فيه وجه استدالل ثالث على

Ÿω y7ƒ {: التوحيد، حيث قال Ο° …çµ s9 ( { )8(فيما مر، أي ال شريك له يف الصالة، : يعين

أو من دونه، - جل وعال -والنسك؛ فال يتوجه بالصالة والنسك إىل أحد مع اهللا

. 162: سورة األنعام آية )1( . 162: سورة األنعام آية )2( . 162: سورة األنعام آية )3( . 162: سورة األنعام آية )4( . 162: سورة األنعام آية )5( . 162: سورة األنعام آية )6( . 163 - 162: سورة األنعام آية )7( . 163: عام آية سورة األن)8(

Page 132: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

132

وكذلك ال شريك له يف ملكه للمحيا واملمات، بل هو املتفرد سبحانه بأنواع اجلالل، . للعبادة، وهو ذو امللكوت األعظم وأنواع الكمال، وهو املستحق

≅Èe {: وقوله: قال |Ásù y7În/tÏ9 öpt ùΥ$#uρ ∩⊄∪ { )1(] فأمر بالصالة، وأمر ] 2: الكوثر

اسم جامع لكل ما حيبه اهللا : بالنحر، وإذا أمر به فهو داخل يف حد العبادة؛ ألن العبادة بالصالة دليل على - جل وعال -فأمره . واألعمال الظاهرة والباطنةويرضاه، من األقوال

أهنا حمبوبة لديه، وأمره سبحانه بالنحر دليل على أنه حمبوب له، ومرضي، فتكون الصالة . - جل وعال - والنحر إذ ا عبادة هللا

- جل وعال -هي كل ما يتقرب به العبد إىل اهللا : إن العبادة : وعلى التعريف اآلخر - جل وعال - ويكون النحر عبادة أيضا؛ ألنه ي عمل تقربا إىل اهللا . ممتثال به األمر والنهي . بامتثال األمر الوارد فيه

$! {قال سبحانه ¯ΡÎ) š≈ oΨø‹sÜôã r& trO öθ s3ø9$# ∩⊇∪ { )2(] اخلري : والكوثر هو] 1: الكوثر

≅Èe {: والفاء يف قوله. لنهر الذي يف اجلنة العظيم، ومنه ا |Á sù y7În/tÏ9 öpt ùΥ$#uρ ∩⊄∪ { )3(

- جل وعال -اشكر اهللا : أنه بسبب ذلك: هي فاء السببية، واملعىن] 2: الكوثر[ بتوحيده، بأن ص ل لربك الذي أعطاك اخلري الكثري، وتقرب إليه بالنحر، و بن س ك النسائك

. وحده- جل وعال -له سبحانه؛ ألن اخلري الذي حصل لك إمنا أسداه -جل وعال -إذن فوجه الداللة من هذه اآلية على الباب أن النحر عبادة، وقد قال

} Èe≅ |Á sù y7 În/tÏ9 öpt ùΥ$#uρ ∩⊄∪ { )4(] بك، فأصبح النحر والذبح واحنر لر: يعين] 2: الكوثر

. 2: سورة الكوثر آية )1( . 1: سورة الكوثر آية )2( . 2: سورة الكوثر آية )3( . 2: سورة الكوثر آية )4(

Page 133: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

133

جل -فقد صرف العبادة لغريه : لغري اهللا خارجا عما أمر اهللا فمن حنر أو ذبح لغري اهللا . -وعال

لعن { : بأربع كلمات حدثين رسول اهللا: قال وعن علي: -رمحه اهللا-قال

اهللا من ذبح لغري اهللا، لعن اهللا من لعن والديه، لعن اهللا من آوى حمدثا لعن اهللا من غير منار . رواه مسلم )1( } األرض

، وهذا وعيد يدل على أن )2( } لعن اهللا من ذبح لغري اهللا {: الشاهد من هذا قوله

فإذا كان - جل وعال -الطرد واإلبعاد من رمحة اهللا : ابح لغري اهللا ملعون، واللعن هو الذوأما رمحته العامة . اهللا هو الذي لعن فيكون قد طرد وأبعد هذا امللعون من رمحته اخلاصة

لعن اهللا من ذبح {: وإن كان قوله . فهي تشمل املسلم والكافر، ومجيع أصناف اخللق

دعاء عليه باللعن؛ فكأن النيب عليه الصالة والسالم قال ذلك؛ داعيا على )3( } لغري اهللا

- جل وعال - باللعن وهو الطرد واإلبعاد من رمحة اهللا - جل وعال -من ذبح لغري اهللا ران ذنب من الذنوب وهذا يدل على أن الذبح لغري اهللا من الكبائر ومن املعلوم أن اقت

أن الذبح لغري اهللا شرك باهللا : باللعن يدل على أنه من كبائر الذنوب، وهذا ظاهر من جهة . - جل وعال - يستحق صاحبه اللعنة والطرد واإلبعاد من رمحته - جل وعال -

أن من فعل ذلك من أجل : معناها)4( } اهللالعن اهللا من ذبح لغري {: والالم يف قوله

غري اهللا تقربا إليه وتعظيما، فذبح لغري اهللا تقربا إىل ذلك الغري، وتعظيما له فهو مستحق ـ من : يعين " باب ما جاء يف الذبح لغري اهللا " للعن، وهذا وجه مناسبة هذا احلديث ل

. الوعيد وأنه شرك وصاحبه ملعون

. )1/118(، أمحد )4422(، النسائي الضحايا )1978( مسلم األضاحي )1( . )1/118(، أمحد )4422(، النسائي الضحايا )1978( مسلم األضاحي )2( . )1/118(، أمحد )4422(، النسائي الضحايا )1978( مسلم األضاحي )3( . )1/118(، أمحد )4422(، النسائي الضحايا )1978( مسلم األضاحي )4(

Page 134: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

134

أن التقريب للصنم بالذبح كان سببا لدخول النار : داللة منهاحلديث اآلخر وجه ال وذلك أن ظاهر املعىن يدل أن من فعله كان مسلما، وأنه دخل النار بسبب ما فعل، وهذا

: يعين} دخل النار {: يدل على أن الذبح لغري اهللا شرك أكرب؛ ألن ظاهر قوله

. د فيهااستوجبها مع من خيلوهو أنه إذا كان تقريب هذا الذي ال قيمة له وهو الذباب : وفيه وجه آخر للداللة

سببا يف دخول النار، فإنه يدل على أن من قرب ما هو أبلغ، وأعظم منفعة عند أهله . وأغلى، أنه سبب أعظم لدخول النار

يعين اذبح تقربا، واملالح ظ هنا يف هذا ا ": قر ب " :وقوهلم هنا حلديث، أنه مل يدل مر رجالن على قوم هلم صنم ال جيوزه {على أهنم أكرهوه على هذا الفعل؛ ألنه قال

يعين أهنم ال يأذنون } ال جيوزه أحد {: فظاهر قوله.. } أحد حىت يقرب له شيئا

: ألحد مبجاوزته عن ذلك الطريق حىت يقرب، وهذا ليس إكراها؛ إذ ميكن أن يقولسأرجع من حيث أتيت وال جيوز ذلك املوضع ويتخلص من أذاهم، فهذا يدل على أن

ωÎ) ôtΒ oν {: اإلكراه بالفعل مل حيصل من أولئك فال يدخل هذا يف قوله Ìò2 é& …çµ ç6 ù= s% uρ

B È⌡yϑ ôÜãΒ Ç≈ yϑƒ M}$$ Î/ Å3≈ s9uρ Β yy uŸ° Ìøä3ø9$$ Î/ #Y‘ ô‰|¹ { )1(] ألنه ليس يف احلديث ] 106: النحل

مر رجالن على قوم هلم {: على حصول اإلكراه، وإمنا قال- كما هو ظاهر -داللة

فما صفة عدم السماح بعدم اجملاوزة، هل .. } صنم ال جيوزه أحد حىت يقرب له شيئا

هي أنه ال جيوزه حىت يقتل أو يقرب؟ أو جيوزه حىت يقرب أو يرجع؟ استظهر بعض أن املعىن ال جيوزه حىت يقرب، أو يقتل، وأن هذا ع لم العلماء من قتلهم ألحد الرجلني

بالسياق فصار ذلك نوع إكراه؛ فلهذا استشكلوا كون هذا احلديث داال على أن من فعل . هذا الفعل يدخل النار مع أنه مكره

. 106: سورة النحل آية )1(

Page 135: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

135

أن هذا احلديث على هذا القول وما فيه من عدم إعذار : واجلواب عن هذا اإلشكال املكر ه ولو بالقتل وأما رفع اإلكراه، أو جواز قول كلمة الكفر، . كان يف شرع م ن قبلنا

أو عمل الكفر مع اطمئنان القلب باإلميان فهذا خاص هبذه األمة، هذا ما أجاب به بعض . أهل العلم

وعلى القول األول الذي قدمناه وهو أن السياق ليس فيه ما ي عني أهنم هددوه بالقتل . ف ي حمل احلديث على شيء جممل مل يعنيفيكون احلديث جممال، فكي

ليس فيه إشكال، وال ي ر د على ما قلناه؛ ألهنم رمبا قتلوا } فضربوا عنقه {: وقوله

قرب ألحد شيئا دون ما كنت أل {: الذي مل يقرب شيئا، ألنه أهان صنمهم بقوله

هلذا استشكل هذا احلديث طائفة من أهل العلم كما سبق وهو حبمد اهللا ليس } اهللا

مبشكل؛ ألنه إما أن حيمل على أنه فيمن كان قبلنا فال وجه إذ ا لدخول اإلكراه، أو حيمل مل أكن ألقرب ألحد {: على أهنم مل يكرهوه حني أراد اجملاوزة ولكن قتلوه ألجل قوله

. } شيئا دون اهللا

ظاهر يف الداللة على أن " باب ما جاء يف الذبح لغري اهللا " :إذن فهذا الباب وهو قوله يف العبادة؛ فمن ذبح لغري - سبحانه - بالذبح شرك به - جل وعال -التقرب لغري اهللا

. فهو مشرك الشرك األكرب املخرج من امللة اهللا؛ تقربا وتعظيما؛ باب ال يذبح هللا مبكان يذبح فيه لغري اهللا

›Ÿω óΟà)s? ϵ {: وقوله تعاىل Ïù #Y‰t/r& 4 î‰Éf ó¡yϑ ©9 }§Åc™ é& ’ n?tã 3“ uθ ø)−G9$# ôÏΒ ÉΑρ r& BΘöθ tƒ ‘,ym r& β r& tΠθ à)s?

ϵ‹ Ïù 4 ϵ‹ Ïù ×Α% y Í‘ šχθ™7Ït ä† βr& (#ρ ã£γ sÜtG tƒ 4 ª!$#uρ =Ït ä† š ÌÎdγ ©Üßϑ ø9$# ∩⊇⊃∇∪ { )1( . وعن ثابت بن

هل كان فيه " : فقال بح إبال ببوانة فسأل النيب نذر رجل أن يذ {: قال الضحاك

. 108: سورة التوبة آية )1(

Page 136: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

136

: قالوا " فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ " ال، قال: قالوا " وثن من أوثان اجلاهلية يعبد؟ )1( } أوف بنذرك فإنه ال وفاء بنذر يف معصية اهللا وال فيما ال ميلك ابن آدم " :ال، قال

. وإسناده على شرطهما)2( رواه أبو داود : يه مسائلف

›Ÿω óΟà)s? ϵ {تفسري قوله : األوىل Ïù #Y‰t/r& 4 { )3(

. أن املعصية قد تؤثر يف األرض، وكذلك الطاعة : الثانية . ل اإلشكالرد املسألة املشكلة إىل املسألة البينة؛ ليزو : الثالثة . استفصال املفيت إذا احتاج إىل ذلك: الرابعة . أن ختصيص البقعة بالنذر ال بأس به؛ إذا خال من املوانع : اخلامسة . املنع منه؛ إذا كان فيه وثن من أوثان اجلاهلية، ولو بعد زواله : السادسة . املنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم، ولو بعد زواله : السابعة

. أنه ال جيوز الوفاء مبا نذر يف تلك البقعة؛ ألنه نذر معصية: ثامنةال . احلذر من مشاهبة املشركني يف أعيادهم ولو مل يقصده: التاسعة . ال نذر يف معصية: العاشرة

. ال نذر البن آدم فيما ال ميلك: احلادية عشرة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

: الشرحال " :قوله". باب ال يذبح هللا مبكان يذبح فيه لغري اهللا " :-محه اهللا ر-قال اإلمام

هذا على جهة النفي املشتمل على النهي؛ ألن من أساليب اللغة العربية أنه ي ع د ل " يذبح هللا

. )3313( أبو داود األميان والنذور )1( . إسناده على شرط الصحيحني : )436 / 1(قال شيخ اإلسالم يف االقتضاء ) 3313( أخرجه أبو داود )2( . 108: سورة التوبة آية )3(

Page 137: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 138: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

138

Ÿω óΟ {: وقول اهللا تعاىل : ورفع درجاته يف اجلنة -رمحه اهللا -قال الشيخ à) s? ϵ‹ Ïù

# Y‰ t/ r& 4 { )1( هذا النهي هو عن القيام يف مسجد الضرار الذي بناه املنافقون، وقد أقاموه

إرصادا، وحمادة هللا ورسوله، وتفريقا بني املؤمنني، فهو مكان أقيم على اخليانة وعلى مضادة اإلسالم وأهله؛ فلهذا ملا كانت هذه هي غاية م ن أقامه فإن مشاركتهم فيه بالصالة

جل -م أو تكثري لسوادهم، وإغراء للناس للصالة فيه، فنهى اهللا ال جتوز؛ ألنه إقرار هل . واملؤمنني عن أن يصلوا فيه نبيه-وعال

عن الصالة يف هنى النيب- جل وعال -وهي أن اهللا : ومناسبة اآلية للباب ظاهرةمسجد الضرار، ومعلوم أن صالته عليه الصالة والسالم، وصالة املؤمنني معه هي خالصة

دون من سواه، ومع هذا فقد هنوا عن الصالة فيه، مع أهنم خملصون؛ - جل وعال -هللا ليس عندهم نية اإلضرار وال التفريق وال اإلرصاد، لكن هناهم عن الصالة فيه؛ ألجل هذه

. املشاركة واملشاهبة اليت قد تغري بإتيان ذلك املكان فيه لغري اهللا، فإنه وإن كان الصورة متحققة وموجودة فيمن ذبح هللا مبكان يذبح

: لكن هنا إيراد . خملصا، لكنه قد يدعو إىل تعظيم ذلك املكان بفعله، وإن مل يقصد التعظيم يف كنيسة بيت وهو أنه جاء اإلذن عن الصحابة بالصالة يف الكنيسة، وقد صلى عمر

صالهتم يف ومن الصحابة رضوان اهللا عليهم من صلى يف كنائس بعض البالد ف )2( املقدس أليست مشاهبة للصالة يف مسجد الضرار أو للذبح يف مكان - جل وعال -الكنائس هللا

يذبح فيه لغري اهللا؟ عن الصالة يف مسجد أن هذا اإليراد ليس بوجيه؛ ذلك ألن هني النيب : اجلواب

ة؛ فصورة ألن صورة العبادة واحد : الضرار، وعن الذبح هللا مبكان يذبح فيه لغري اهللا إمنا هو آلة الذبح على املوضع : الذبح من املوحد، ومن املشرك واحدة، وهي إمرار السكني وهي

. 108: سورة التوبة آية )1( والفتاوى 496 / 1 انظر صحيح البخاري باب الصالة يف البيعة وفيه أثر عمر وابن عباس وانظر اإلنصاف ج )2(

. 123 / 6 وأحكام أهل الذمة 162 / 22

Page 139: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

139

من البهيمة املراد ذحبها، وإهراق دمها يف ذلك املكان، والصورة احلاصلة من املوحد ومن وإن اختلفت - من حيث الظاهر -املشرك واحدة، وهلذا فإنه ال متييز بني الصورتني

والصحابة يف مسجد الضرار فيها مشاهبة من حيث ذلك صالة النيب مقاصدمها فكالصورة لصالة املنافقني، فرجع االختالف إىل اختالف ما يف القلب؛ والنيات، ومقاصد القلوب مما ختفى على الناس، وهلذا تقع املفسدة من حيث اشتباه الصورة الظاهرة، وال

. حيصل بذلك الفعل ولو مع خلوص النية مصلحة وأما الصالة يف الكنيسة، فإن صورة الفعل خمتلفة؛ ألن صالة النصارى ليست على هيئة وصورة املسلمني، فيعلم من رأى املسلم يصلي أنه ال يصلي صالة النصارى فليس يف فعله إغراء بصالة النصارى، ومشاركتهم فيها، فهذا هو الفرق بني املسألتني، وهو واضح

. بأدىن تأمل

نذر رجل أن يذبح إبال ببوانة، فسأل {: قال ثابت بن الضحاكوعن: قال

فهل كان : ال، قال : ؟ قالوا "هل كان فيها وثن من أوثان اجلاهلية يعبد " : فقال النيبأوف بنذرك، فإنه ال وفاء لنذر يف " ال، فقال رسول اهللا : الوافيها عيد من أعيادهم؟، ق

. رواه أبو داود . )1( } معصية اهللا، وال فيما ال ميلك ابن آدم

أن رجال نذر أن ينحر إبال ببوانة، : هذا احلديث فيه : وإسناده على شرطهما ألن املقام استفصله النيب: اسم موضع، فلما نذر أن ينحر يف هذا املوضع ): بوانة( و

يقتضي االستفصال، إذ يتبادر إىل الذهن سؤال عن ختصيص هذا الرجل بوانة بأن ينحر فيها اإلبل، فقد تكون ألن فيها عيدا من أعيادهم، أو ألن فيها وثنا من أوثان اجلاهلية كان

ة؛ يعبد يف ذلك املوضع فهذا هو املتبادر من التخصيص؛ ألنه يف الغالب يكون لغرض العباد هل كان فيها وثن من أوثان اجلاهلية {: وهلذا استفصله النيب عليه الصالة والسالم فقال

. )3313( أبو داود األميان والنذور )1(

Page 140: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

140

فهذا السؤال يدل على أنه لو وجد هذا الوصف وهو أنه كان ث م : )1( } ال: يعبد؟ قالوا

لية يعبد مل جيز النحر يف ذلك املوضع، وهو املراد من إيراد هذا وثن من أوثان اجلاه . احلديث يف الباب، وهو وجه االستدالل

املكان أو الزمان الذي : العيد هو: )2( } فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ {: قوله

يكون مكانيا؛ ألنه اسم للمكان الذي يعتاد اجمليء إليه يف يعود، أو ي عاد إليه، فالعيد قد ال جتعلوا قربي {: وقت معتاد؛ ومثال ما يراد له املكاين قوله عليه الصالة والسالم

. ال جتعلوا هذا املكان مكانا تعتادون اجمليء إليه : يعين)4( )3( } عيدا

. نة تكون أعيادا؛ ألهنا تعود يف وقت معنيوكذلك األزم

: عيدا مكانيا؛ ألنه قال : يعين)5( } هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ {: فقوله

. أيضا أن يكون عيدا زمانيا وحيتمل )6( } هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ {

أن أعياد املشركني الزمانية واملكانية مرتبطة بأدياهنم الشركية، فيكون : ومن املعلومأهنم يتعبدون يف تلك األعياد بعباداهتم الشركية، ومن أعظم ما يفعلونه يف هذه : املعىن إذ ا

. األعياد، التقرب إىل معبوداهتم بالذبح، وإراقة الدماء على أن مشاركة املشركني يف املكان الذي يتقربون فيه لغري اهللا بصورة فدل ذلك

ال جيوز؛ ألنه مشاركة هلم يف الفعل الظاهر ولو كان الفاعل : مشاهبة لفعلهم ولو ظاهرا . - جل وعال -خملصا ال يذبح إال هللا، أو ال يصلي إال هللا

. )3313( أبو داود األميان والنذور )1( . )3313( أبو داود األميان والنذور )2( . )2/367(، أمحد )2042( أبو داود املناسك )3( . )2024( أخرجه أبو داود )4( . )3313( أبو داود األميان والنذور )5( . )3313(ان والنذور أبو داود األمي)6(

Page 141: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

141

: فيه )1( } أوف بنذرك، فإنه ال وفاء لنذر يف معصية اهللا { قوله : قال العلماء

: على ما قبلها بالفاء وهذا يدل على أن سبب اإلذن بالوفاء بالنذر ) الفاء( ترتيب ما بعدأن ما قبله ليس مبعصية، ويدل االستفصال، على أن الذبح هللا يف مكان فيه وثن يعبد، أو

- رمحه اهللا - وهبذا يستقيم ما أراده الشيخ معصية هللا : عيد من أعياد املشركني فيه . من االستدالل واالستشهاد هبذا احلديث حتت ذلك الباب

باب من الشرك النذر لغري اهللا تعاىل

tβθèùθ {: وقول اهللا تعاىل ム͑ õ‹¨Ζ9$$ Î/ tβθ èù$ sƒ s† uρ $ YΒ öθ tƒ tβ% x. …çν •Ÿ° #ZÏÜtG ó¡ãΒ ∩∠∪ { )2(

$! {: وقوله] 7: اإلنسان[ tΒ uρ ΟçFø)xΡr& ÏiΒ >π s)x¯Ρ ÷ρ r& Νè?ö‘ x‹tΡ ÏiΒ 9‘ õ‹¯Ρ  χ Î* sù ©!$# …çµ ßϑ n= ÷ètƒ 3 $ tΒ uρ

šÏϑ Î=≈©à= Ï9 ôÏΒ A‘$ |ÁΡr& ∩⊄∠⊃∪ { )3(] 270: البقرة .[

من نذر أن يطيع { قال رسول اهللا: ويف الصحيح عن عائشة رضي اهللا عنها قال

. )5( )4( } ال يعصهاهللا فليطعه، ومن نذر أن يعصي اهللا ف

: فيه مسائل . وجوب الوفاء بالنذر : األوىل . إذا ثبت كونه عبادة هللا، فصرفه إىل غريه شرك : الثانية . أن نذر املعصية ال جيوز الوفاء به : الثالثة

. )3313( أبو داود األميان والنذور )1( . 7: سورة اإلنسان آية )2( . 270: سورة البقرة آية )3(، )3807(، النسائي األميان والنذور )1526(، الترمذي النذور واألميان )6318( البخاري األميان والنذور )4(

، مالك النذور واألميان )6/36(، أمحد )2126(ن ماجه الكفارات ، اب )3289(أبو داود األميان والنذور . )2338(، الدارمي النذور واألميان )1031(

. )6700(و) 6696( أخرجه البخاري )5(

Page 142: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

142

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ : الشرحمن " :قوله. هنا تبعيضيةها) م ن( " باب من الشرك النذر لغري اهللا تعاىل " :قوله

. النذر لغري اهللا كائن من الشرك : مبتدأ مؤخر، واخلرب قبله، وأصل اجلملة ": الشرك النذر . به الشرك األكرب : املقصود: والشرك هنا

-، ووجه كونه شركا باهللا - جل وعال -وال شك أن النذر لغري اهللا شرك أكرب باهللا إما مطلقا، وإما - جل وعال -كلف نفسه بعبادة هللا إلزام امل : أن النذر هو : -جل وعال

. بقيد، فهذه حقيقة النذر مدح الذين يوفون بالنذر - جل وعال -أن اهللا : ومما يدل أيضا على أن النذر عبادة

tβθèùθ {: فقال ム͑õ‹¨Ζ9$$ Î/ tβθ èù$ sƒ s† uρ $ YΒ öθ tƒ tβ% x. …çν •Ÿ° #ZÏÜtG ó¡ãΒ ∩∠∪ { )1(] ومدحه ] 7: اإلنسان

وال يكون حمبوبا إال وهو مشروع، هلم يدل على أن الوفاء بالنذر أمر حمبوب هللا وذلك يقتضي أنه عبادة من العبادات، بل إن الوفاء بالنذر واجب؛ ألنه إلزام بطاعة، وقد

. )2( } من نذر أن يطيع اهللا فليطعه { :قال

$! {: ومما يدل أيضا على كون النذر عبادة قوله tΒ uρ ΟçFø)xΡr& ÏiΒ >π s)x¯Ρ ÷ρ r& Νè?ö‘ x‹tΡ ÏiΒ 9‘õ‹¯Ρ

 χ Î* sù ©!$# …çµ ßϑ n= ÷è tƒ 3 { )3(] لذلك - جل وعال -حمبة اهللا : ووجه الداللة ] 270: البقرة

. بالنذر- سبحانه وتعاىل -الذي حصل منهم تعظيما له كان - جل وعال -فإنه عبادة من العبادات، فمن صرفه لغري اهللا : وإذا كان كذلك

.- جل وعال -مشركا باهللا

. 7: سورة اإلنسان آية )1(، )3807(نذور ، النسائي األميان وال )1526(، الترمذي النذور واألميان )6318( البخاري األميان والنذور )2(

، مالك النذور واألميان )6/36(، أمحد )2126(، ابن ماجه الكفارات )3289(أبو داود األميان والنذور . )2338(، الدارمي النذور واألميان )1031(

. 270: سورة البقرة آية )3(

Page 143: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

143

وها هنا سؤال معروف قد ي ر د يف هذا املقام، وهو أن النذر مكروه قد كرهه النيب فكيف يكون عبادة وقد كرهه عليه )2( )1( } إنه ال يأيت خبري {: وسئل عنه فقال

! الصالة والسالم؟؟ أن يلزم العبد : ، والنذر املطلق هو نذر مطلق، ونذر مقيد: أن النذر قسمان : واجلواب

هللا علي نذر أن أصلي : ، هكذا بال قيد، كأن يقول مثال - جل وعال -نفسه بعبادة هللا ركعتني، وليس هذا النذر يف مقابلة شيء حيدث له يف املستقبل، أو شيء حدث له، فيلزم

إلزام العبد نفسه : كصالة، أو صيام، أو حنو ذلك، فهذا هو النذر املطلق وهو : نفسه بعبادة أو بعبادة وليس هذا النذر هو الذي كرهه عليه الصالة والسالم، - جل وعال -بطاعة هللا

إمنا { وهو النذر املقيد، وهو الذي قال فيه الرسول : بل النذر املكروه هو القسم الثاين

جل وعال -أن يلزم العبد نفسه بطاعة هللا : وحقيقته. )4( )3( } يستخرج به من البخيل

إن : له، ويقدره، ويقضيه له، كأن يقول مثال - جل وعال - مقابل شيء حيدثه اهللا -أن أتصدق بكذا وكذا، أو إن جنحت فسأصلي ليلة، أو : شفى اهللا مريضي فلله علي نذر

، فهذا كأنه يشترط هبذا النذر على إن ع ي نت يف هذه الوظيفة فسأصوم أسبوعا، وحنو ذلك صمت لك، وإن أجنحتين : يا رب إن أعطيتين كذا وكذا : فيقول- جل وعال -اهللا

صليت ، أو تصدقت ، وإن شفيت مريضي فعلت كذا وكذا، يعين . مقابلة للفعل بالفعل: إمنا يستخرج به من {: وهذا هو الذي وصفه النيب عليه الصالة والسالم بقوله

/2(، أمحد )3801(النذور ، النسائي األميان و )1639(، مسلم النذر )6315( البخاري األميان والنذور )1(

86( . . )4) (1639(ومسلم ) 6693( أخرجه البخاري )2(، أبو داود األميان )3801(، النسائي األميان والنذور )1639(، مسلم النذر )6234( البخاري القدر )3(

. )2340(، الدارمي النذور واألميان )2/61(، أمحد )3287(والنذور . )2) (1639( أخرجه مسلم )4(

Page 144: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 145: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

145

وأن من صرفها لغري - جل وعال -ري اهللا هللا وحده، وعلى أنه ال جيوز صرف العبادة لغ . فقد أشرك: فقد أشرك، والنذر عبادة من العبادات، فمن نذر لغري اهللا- جل وعال -اهللا

هو أن تستدل على املسائل بأدلة خاصة وردت فيها، : والنوع الثاين من االستدالل، تستدل ľأن تستدل على حترمي الذبح لغري اهللا بأدلة خاصة وردت يف ذلك، و ك ل ذ مي د ر ة خاصة و ل د أ � أ ب � � ن — أ ɠ ذ ه

ن عصة أ مي ر ا ث � ¨ � Ï � Ý هللا ن ا أ ة ب ص ني Nj ك ل يب Nj ك ك � ľاكū ت - � î � í � ò جب ك ل ا ث

هللا ū ا ك ا ث

هللا ن رحتمأن ا ن ن أ يت

Page 146: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 147: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

147

$! {وكذلك قوله tΒ uρ ΟçFø) xΡr& ÏiΒ >π s)x¯Ρ ÷ρ r& Νè?ö‘ x‹tΡ ÏiΒ 9‘õ‹¯Ρ  χ Î* sù ©!$# …çµ ßϑ n= ÷ètƒ 3 { )1(

χ  {: فإن اهللا عظم النذر بقوله] 270: البقرة[ Î* sù ©!$# …çµ ßϑ n= ÷ètƒ 3 { )2( ،وعظم أهله

. - جل وعال -وهذا يدل على أن الوفاء به عبادة حمبوبة هللا

من نذر { قال رسول اهللا: ويف الصحيح عن عائشة رضي اهللا عنها قالت : قوله

وجه الداللة من هذا :)3( } أن يطيع اهللا فليطعه، ومن نذر أن يعصي اهللا فال يعصه

)4( } من نذر أن يطيع اهللا فليطعه {: أوجب الوفاء بالنذر فقال أن النيب : احلديث

هللا على أن أصلي كذا : وهذا فيه إجياب الوفاء بالنذر املطلق الذي يكون طاعة، كأن يقول إن شفى : وكذا، فهذا جيب عليه أن يويف بنذره، وكذا إن كان النذر مقيدا، كأن يقول

جل وعال - فهذا جيب عليه أن يويف بنذره هللا اهللا مريضي فلله علي أن أتصدق مبائة ريال، ، وإجياب ذلك يدل على أنه عبادة حمبوبة؛ ألن الواجب من أنواع العبادات، وأن ما -

كان وسيلة إليه فإنه أيضا عبادة؛ ألن الوسيلة للوفاء بالنذر هي النذر، فلوال النذر مل يأت . م نفسه هبذه العبادة الوفاء، فأ وجب الوفاء؛ ألجل أن املكلف هو الذي ألز

. 270: سورة البقرة آية )1( . 270: سورة البقرة آية )2(، )3807(، النسائي األميان والنذور )1526(، الترمذي النذور واألميان )6318( البخاري األميان والنذور )3(

، مالك النذور )6/36(، أمحد )2126(، ابن ماجه الكفارات )3289(ود األميان والنذور و داـأب . )2338(، الدارمي النذور واألميان )1031(واألميان

، )3807(، النسائي األميان والنذور )1526(، الترمذي النذور واألميان )6318( البخاري األميان والنذور )4(، مالك النذور )6/36(، أمحد )2126(، ابن ماجه الكفارات )3289(لنذور و داود األميان وا ـأب

. )2338(، الدارمي النذور واألميان )1031(واألميان

Page 148: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

148

ومن نذر أن يعصي اهللا {. . :وأما املنع من الوفاء بنذر املعصية، الذي دل عليه قوله

فيه معارضة - جل وعال -فألن إجياب املكلف على نفسه معصية اهللا ؛ )1( } فال يعصه

كما هو -لعصيان، وإذا نذر العبد العصيان، فإن النذر عن ا- جل وعال -لنهي اهللا قد انعقد، وجيب عليه أال يفي بفعل تلك املعصية، لكن جيب عليه أن -معلوم يف الفقه

. يكفر عن ذلك كفارة ميني، وحمل ذلك باب النذر يف كتب الفقه

من {: ه بالشق األول، وهو قول - رمحه اهللا -أن استدالل الشيخ : فاملقصود من هذا

: ظاهر يف الداللة على أن النذر عبادة، وكذلك يف قوله )2( } نذر أن يطيع اهللا فليطعه

حيث أوجب عليه كفارة ميني، فهذا يدل )3( } ومن نذر أن يعصي اهللا فال يعصه {

على أن أصله منعقد، انعقد لكونه عبادة، وإذا كان عبادة فصرفها لغري اهللا شرك أكرب به . جل وعال

جل وعال - والنذر لغري اهللا - كما ذكرنا - عبادة عظيمة - جل وعال -فالنذر هللا جل -عبده، وإذا توجه الناذر هللا أيضا عبادة، فإذا توجه الناذر لغري اهللا بالنذر فقد -

. - جل وعال - بالنذر فقد عبد اهللا -وعال هللا، أو لغري اهللا، هو عبادة، مث إن كان هللا فهو عبادة هللا - على أية حال كان -فالنذر

. وإن كان لغري اهللا فهو عبادة لذلك الغري، واهللا أعلم - جل وعال -

، )3807(، النسائي األميان والنذور )1526(، الترمذي النذور واألميان )6318( البخاري األميان والنذور )1(، مالك النذور )6/208(، أمحد )2126( ابن ماجه الكفارات ، )3289(أبو داود األميان والنذور

. )2338(، الدارمي النذور واألميان )1031(واألميان ، )3807(، النسائي األميان والنذور )1526(، الترمذي النذور واألميان )6318( البخاري األميان والنذور )2(

، مالك النذور )6/36(، أمحد )2126(كفارات ، ابن ماجه ال )3289(و داود األميان والنذور ـأب . )2338(، الدارمي النذور واألميان )1031(واألميان

، )3807(، النسائي األميان والنذور )1526(، الترمذي النذور واألميان )6318( البخاري األميان والنذور )3(، مالك النذور )6/208(، أمحد )2126(، ابن ماجه الكفارات )3289(أبو داود األميان والنذور

. )2338(، الدارمي النذور واألميان )1031(واألميان

Page 149: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

149

عاىل باب من الشرك االستعاذة بغري اهللا ت

çµ… {: ىـوقول اهللا تعال ¯Ρr&uρ tβ% x. ×Α% y Í‘ zÏiΒ Ä§ΡM}$# tβρ èŒθãè tƒ 5Α% y ÌÎ/ zÏiΒ ÇdÅgø: $# öΝèδρ ߊ# t“ sù

$ Z)yδ u‘ ∩∉∪ { )1(] 6: اجلن .[

من نزل مرتال { قال رسول اهللا : التوعن خولة بنت حكيم رضي اهللا عنها ق

أعوذ بكلمات اهللا التامات من شر ما خلق، مل يضره شيء حىت يرحل من مرتله : فقال . )3( رواه مسلم )2( } ذلك

: فيه مسائل . اجلنتفسري آية: األوىل . كونه من الشرك: الثانية

الثالثة االستدالل على ذلك باحلديث؛ ألن العلماء يستدلون به على أن كلمات اهللا . ألن االستعاذة باملخلوق شرك : غري خملوقة؛ قالوا

. فضيلة هذا الدعاء مع اختصاره : الرابعة نفع؛ ال يدل أن كون الشيء حيصل به منفعة دنيوية؛ من كف شر؛ أو جلب : اخلامسة

. على أنه ليس من الشرك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

: الشرحباب من الشرك االستعاذة بغري اهللا " بقوله- رمحه اهللا -هذا الباب عنونه اإلمام

كلها يف بيان املقصد من : وهذا الباب مع الذي قبله واألبواب اليت سلفت أيضا " تعاىل

. 6: سورة اجلن آية )1(3547(، ابن ماجه الطب )3437(، الترمذي الدعوات )2708( مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )2(

. )2680(، الدارمي االستئذان )6/409(، أمحد ) . )2708(ه مسلم أخرج)3(

Page 150: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 151: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

151

ما يؤم ن من الشر، : إذا طلب العياذ، والعياذ : طلب العياذ، يقال استعاذ: واالستعاذة: من يؤم ن منه، ويقابلها اللياذ، وهو كالفرار من شيء خموف إىل ما يؤم ن منه، أو إىل

. الفرار إىل طلب اخلري، والتوجه إليه، واالعتصام به، واإلقبال عليه، لطلب اخلري موضوعة يف الغالب للطلب، فغالب ) استفعل( استفعال، ومادة: واالستعاذة

: ىاستعاذ، واستعان، واستغاث، واستسق: للطلب؛ فمعىن) األلف والسني والتاء ( جميء جل -طلب تلك األمور، وتأيت أحيانا للداللة على كثرة الوصف يف الفعل، كما يف قوله

{: -وعال o_ øó tG ó™ $#¨ρ ª!$# 4 { )1(] ؛ فـ]6: التغابن )ليس معناها طلب الغىن، ) استغىن

ا جاء بالسني والتاء هنا للداللة على عظم االتصاف بالوصف الذي اشتمل عليه الفعل، وإمن، وأشباه ذلك فيها طلب، والطلب من )استعان(و) استغاث(و) استعاذ( فـ. الغين: وهو

أنواع التوجه والدعاء، ألن الطلب يدل على أن هناك من ي طلب منه واملطلوب منه ملا كان كان الفعل املتوجه إليه يسمى دعاء؛ وهلذا فإن حقيقة االستعاذة :أرفع درجة من الطالب طلب العوذ، أو طلب العياذ؛ وهو الدعاء املشتمل على ذلك، : لغة، وداللتها شرعا هي

طلب الغوث وهو دعاء مشتمل على ذلك، وهكذا يف كل ما فيه طلب : واالستغاثة هي والعبادة حق هللا وحده دون من سواه، إنه دعاء، وإذا كان دعاء فإنه يكون عبادة، : نقول

β¨ {: كما قام اإلمجاع على هذا، ودلت النصوص عليه، كقوله سبحانه r&uρ y‰Éf≈ |¡yϑ ø9$# ¬!

Ÿξ sù (#θ ããô‰s? yìtΒ «!$# #Y‰tnr& ∩⊇∇∪ { )2(] وكقوله] 18: اجلن :} * 4 |Ós% uρ y7•/u‘ ω r& (#ÿρ ߉ç7÷è s? Hω Î)

çν$ −ƒ Î) { )3(] أيضا: كقوله] 23: اإلسراء :} * (#ρ ߉ç6 ôã $#uρ ©!$# Ÿω uρ (#θ ä.Îô³è@ ϵ Î/ $\↔ ø‹x© ( { )4(

يكون عبادة؛ : فكل فعل من األفعال، أو قول من األقوال فيه طلب: إذ ا] 36: النساء[

. 6: سورة التغابن آية )1( . 18: سورة اجلن آية )2( . 23: سورة اإلسراء آية )3( . 36: سورة النساء آية )4(

Page 152: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

152

: والطلب خيتلف نوعه ومسماه باختالف املطلوب منه . فهو دعاء: ألنه دعاء؛ وكل طلبفيسمى أمرا، وإذا : نكفيسمى التماسا، وإذا كان ممن هو دو : فإذا كان الطلب من مقارنواملستعيذ واملستغيث، ال شك أنه طالب ممن هو . فيسمى دعاء: كان ممن هو أعلى منك

- جل وعال -أعلى منه؛ حلاجته إليه؛ فلهذا يصح أن يكون كل دليل فيه ذكر إفراد اهللا أن االستعاذة من العبادات : بالدعاء أو بالعبادة، دليال على خصوص هذه املسألة، وهي

. العظيمة، وإذ كانت كذلك، فإن إفراد اهللا هبا واجب هذا الغري شامل لكل من يتوجه إليهم ": من الشرك االستعاذة بغري اهللا " :وقوله هنا

ما كان املشركون اجلاهليون - باألولية -بالعبادة، ويشركوهنم مع اهللا، ويدخل يف ذلك لرسل، واألنبياء، والصاحلني، واألشجار، من اجلن، واملالئكة، وا : يتوجهون إليهم بالعبادة

. واألحجار، وغري ذلك من معبوداهتممشول هذا احلكم " باب من الشرك االستعاذة بغري اهللا " :لكن هل مقصوده بقوله

: على فاعله بالشرك، لكل أنواع االستعاذة، ولو كان فيما يقدر عليه املخلوق؟ واجلواب االستعاذة توجه القلب، واعتصامه، والتجاؤه، : ن يقولأن هذا فيه تفصيل، فمن العلماء م

. - جل وعال -ورغبه، وهذه املعاين مجيعا ال تصلح إال هللا قد جاءت أدلة بأنه يستعاذ باملخلوق فيما يقدر عليه؛ ألن حقيقة : وقال آخرون

أن يستعيذ من شر أحدق به، وإذا : طلب انكفاف الشر، وطلب العياذ، وهو : االستعاذةفقد ميلك املخلوق شيئا من ذلك، وعلى هذا فتكون االستعاذة بغري اهللا : ن كذلككا

شركا أكرب، إذا كان ذلك املخلوق ال يقدر على أن يعيذ، أو طلبت منه اإلعاذة فيما ال . يقدر عليه إال اهللا

أن االستعاذة فيها عمل ظاهر، : والذي يظهر أن املقام كما سبق فيه تفصيل، وهو أن يطلب العوذ، وأن يطلب العياذ، وهو أن ي عصم من : باطن، فالعمل الظاهروفيها عمل

توجه القلب وسكينته، : هذا الشر، أو أن ينجو من هذا الشر، وفيها أيضا عمل باطن وهو

Page 153: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

153

واضطراره، وحاجته إىل هذا املستعاذ به، واعتصامه هبذا املستعاذ به، وتفويض أمر جناته . إليه

إن االستعاذة ال تصلح إال : ة جتمع هذين النوعني فيصح أن يقالفإذا كانت االستعاذوإذا . باهللا، ألن منها ما هو عمل قليب كما تقدم وهو باإلمجاع ال يصلح التوجه به إال هللا

قصد باالستعاذة العمل الظاهر فقط وهو طلب العياذ وامللجأ، فيجوز أن يتوجه هبا إىل . ارد يف جوازهااملخلوق، وعلى هذا حيمل الدليل الو

فحقيقة االستعاذة إذ ا جتمع بني الطلب الظاهر، واملعىن الباطن؛ وهلذا اختلف أهل العلم أن توج ه أهل : يف جواز طلبها من املخلوق، فالذي ينبغي أن يكون منك دائما على ذكر

م العبادات الشركية ملن يشركون به من األولياء، أو اجلن، أو الصاحلني، أو غريهم، أهن ، وهبذا - جل وعال -مجعوا بني القول باللسان، وأعمال القلوب اليت ال تصلح إال هللا

أن االستعاذة هبم إمنا هي فيما يقدرون عليه، وأن اهللا : يبطل ما يقوله أولئك اخلرافيون من : أقدرهم على ذلك؛ فيكون إبطال مقاهلم راجعا إىل جهتني

إن هذا امل ي ت، أو هذا اجلين يقدر على هذا : ال أن ي بطل قوهلم بأن يق : اجلهة األوىل األمر الذي طلب منه، فإذا مل يقتطع بذلك، أو حصل عنده اشتباه ما، انتقل اجلين إىل

وهو إثبات أن االستعاذة فيها توجه بالقلب إىل املستعاذ به : اجلهة الثانية من اإلبطال توجه إىل ذلك امليت أو الويل قد واضطرار إليه، واعتصام به، وافتقار إليه؛ وهذا الذي

. قامت هذه املعاين بقلبه، وال جيوز أن يكون شيء من ذلك إال هللا وحده . - جل جالله -االستعاذة بغري اهللا شرك أكرب؛ ألهنا صرف عبادة لغري اهللا : فنقول إذ ا

، وحسن لكن إن كان االستعاذة يف الظاهر فقط مع طمأنينة القلب باهللا وتوجهه إىل اهللا ظنه باهللا، وأن هذا العبد إمنا هو سبب، وأن القلب مطمئن ملا عند اهللا فإن هذه تكون

كان : وإذا كان كذلك . فإنه مل تقم به حقيقة االستعاذة: استعاذة بالظاهر، وأما القلب . هذا جائزا

Page 154: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

154

çµ… {: وقول اهللا تعاىل ( :- رمحه اهللا -قال ¯Ρr&uρ tβ% x. ×Α% y Í‘ zÏiΒ Ä§ΡM}$# tβρ èŒθãè tƒ 5Α% y Ì Î/

zÏiΒ ÇdÅgø: $# öΝèδρߊ# t“ sù $ Z)yδ u‘ ∩∉∪ { )1(] 6: اجلن .[

إىل - جل وعال -هذه معطوفة على أول السورة، وهو ما أوحى اهللا ) و أ ن ه ( :قولهö≅è% z {: نبيه بقوله Çrρ é& ¥’ n< Î) çµ ¯Ρr& yìyϑ tG ó™ $# ÖxtΡ zÏiΒ ÇdÅgø: : مث قال بعد آيات ] 1: اجلن [)2( } #$

} …çµ ¯Ρr&uρ tβ% x. ×Α% y Í‘ zÏiΒ Ä§ΡM}$# tβρèŒθ ãè tƒ 5Α% y ÌÎ/ zÏiΒ ÇdÅgø: $# öΝèδρߊ# t“ sù $ Z)yδ u‘ ∩∉∪ { )3(] 6: اجلن [

$ {ومعىن Z)yδ u‘ ∩∉∪ { )4(اإلرهاق، خوفا، واضطرابا يف القلب؛ أوجب هلم : أي

يف األبدان ويف األرواح، فلما كان كذلك تعاظمت اجلن، وزاد شرها، وقد كان : والرهقاملشركون يعتقدون أن لكل مكان خموف جنيا أو سيدا من اجلن خيدم ذلك املكان، هو له

نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء : ويسيطر عليه، فكانوا إذا نزلوا واديا، أو مكانا قالواعنون اجلن، فعاذوا باجلين ألجل أن يكف عنهم الشر مدة مقامهم؛ هلذا قال جل قومه، يçµ… {: وعال ¯Ρr&uρ tβ% x. ×Α% y Í‘ zÏiΒ Ä§ΡM}$# tβρèŒθ ãè tƒ 5Α% y ÌÎ/ zÏiΒ ÇdÅgø: $# öΝèδρ ߊ# t“ sù $ Z)yδ u‘ ∩∉∪ { )5(

زاد اجلن اإلنس خوفا، واضطرابا، وتعبا يف األنفس، ويف األرواح، وإذا كان : يعينوالعقوبة إمنا تكون على ذنب، فدلت اآلية على ذم أولئك، . كان هذا عقوبة هلم : كذلك

واهللا سبحانه أمر أن يستعاذ - جل وعال -وإمنا ذموا؛ ألهنم صرفوا تلك العبادة لغري اهللا ≅ö { سواه فقال سبحانه به دون ما è% èŒθ ãã r& Éb> tÎ/ È,n= xø9$# ∩⊇∪ { )6(] وقال] 1: الفلق :

. 6: سورة اجلن آية )1( . 1: سورة اجلن آية )2( . 6: ية سورة اجلن آ)3( . 6: سورة اجلن آية )4( . 6: سورة اجلن آية )5( . 1: سورة الفلق آية )6(

Page 155: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

155

} ö≅è% èŒθ ãã r& Éb> tÎ/ Ĩ$ ¨Ψ9$# ∩⊇∪ { )1(] وقال ] 1: الناس} ≅ è% uρ Éb> §‘ èŒθ ããr& y7 Î/ ôÏΒ ÏN≡t“ yϑ yδ

ÈÏÜ≈ u‹¤±9$# ∩∠∪ èŒθ ãã r&uρ š Î/ Éb> u‘ β r& ÈβρçÛØøt s† ∩∇∪ { )2(] واآليات يف ذلك ] 97: املؤمنون

$ {: كثرية، كقوله ¨Β Î)uρ š ¨Ζxî u”∴tƒ zÏΒ Ç≈ sÜø‹¤±9$# Øø÷“ tΡ õ‹Ïè tG ó™ $$ sù «!$$ Î/ 4 { )3(] 200: األعراف[

ف ع ل م من التنصيص على املستعاذ به وهو اهللا أن االستعاذة حصلت باهللا، - جل وعال - وقد ذكرت لكم أصل . وبغريه وأن اهللا أمر نبيه أن تكون استعاذته به وحده دون ما سواه

ك، وأن االستعاذة عبادة، وإذا كانت عبادة فتدخل فيما دلت عليه اآليات من الدليل يف ذل . إفراد العبادة باهللا وحده

$ {: إن معىن قوله : وقال قتادة وبعض السلف Z)yδ u‘ ∩∉∪ { )4( ،إمثا )فزادوهم : أي)5

مثا، وهذا أيضا ظاهر من جهة االستدالل، ألن االستعاذة إذا كانت موجبة لإلمث، فهي إذ ا إ وهذا - جل جالله -عبادة شركية إذا صرفت لغري اهللا، وعبادة مطلوبة إذا صرفت هللا

. يستقيم مع الترمجة من أن االستعاذة بغري اهللا شرك

من نزل مرتال {: يقول مسعت رسول اهللا: وعن خولة بنت حكيم قالت ( :قوله

أعوذ بكلمات اهللا التامات من شر ما خلق، مل يضره شيء حىت يرحل من مرتله : فقال . رواه مسلم )6( } ذلك

: االستعاذة بكلمات اهللا فقال يبني فضل أن النيب : وجه الداللة من هذا احلديث وجعل املستعاذ )1( } أعوذ بكلمات اهللا التامات من شر ما خلق: من نزل مرتال فقال {

. 1: سورة الناس آية )1( . 98 - 97: سورة املؤمنون آية )2( . 200: سورة األعراف آية )3( . 6: سورة اجلن آية )4( . )226 / 8( تفسري ابن كثري )5(ن ماجه الطب ـ، اب )3437(رمذي الدعوات ـ، الت )2708(ة واالستغفار ـء والتوب لم الذكر والدعا ـ مس)6(

. )2680(، الدارمي االستئذان )6/409(، أمحد )3547(

Page 156: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

156

دل أهل العلم ملا ناظروا كلمات اهللا وقد است : املخلوقات الشريرة واملستعاذ به هو : منهألن : املعتزلة، وردوا عليهم هبذا احلديث، على أن كلمات اهللا ليست مبخلوقة، قالوا

. املخلوق ال يستعاذ به، واالستعاذة به شرك، كما قاله اإلمام أمحد وغريه من أئمة السنة ذة إمجاع أهل السنة على االستدالل به على أن االستعا : فوجه الداللة من احلديث

- جل وعال -باملخلوق شرك، وأنه ما أمر باالستعاذة بكلمات اهللا إال ألن كلمات اهللا . ليست مبخلوقة

: )2( } أعوذ بكلمات اهللا التامات من شر ما خلق : من نزل مرتال فقال {: قال

ـ هنا الكلمات الكونية اليت ال جياوزهن بر وال فاجر، " كلمات اهللا التامات " املقصود ب≅ {: وهي املقصودة بقوله جل وعال è% öθ ©9 tβ% x. ãós t7ø9$# #YŠ# y‰ÏΒ ÏM≈yϑ Î= s3Ïj9 ’În1u‘ y‰ÏuΖs9 ãós t6 ø9$# Ÿ≅ ö7s% β r&

y‰xΖs? àM≈ yϑÎ= x. ’ În1u‘ { )3(] وبقوله] 109: الكهف :} öθs9uρ $ yϑ ¯Ρr& ’ Îû ÇÚö‘ F{$# ÏΒ >ο tyf x© ÒΟ≈ n= ø% r&

ãós t7ø9$#uρ …çν ‘‰ßϑ tƒ .ÏΒ Íν ω÷è t/ èπ yè ö7y™ 9çt ø2r& $ ¨Β ôNy‰ÏtΡ àM≈ yϑ Î= x. «!$# 3 { )4(] وله ـ وق] 27: مانـلق

} ôM £ϑ s?uρ àM yϑ Î= x. y7În/u‘ $ ]% ô‰Ï¹ Zωô‰tã uρ 4 { )5(] راءة األخرى ـي القـوف] 115: األنعام :

} ôM£ϑ s?uρ àM yϑ Î= x. y7 În/u‘ $ ]%ô‰Ï¹ Zω ô‰tã uρ 4 { )6(] فهذه اآلية يف الكلمات ] 115: األنعام

. الشرعية، وكذلك يف الكلمات الكونية

3547(، ابن ماجه الطب )3437(الترمذي الدعوات )2708( مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )1(

. )2680(، الدارمي االستئذان )6/409(، أمحد )3547(، ابن ماجه الطب )3437(الترمذي الدعوات )2708( مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )2(

. )2680(، الدارمي االستئذان )6/409(، أمحد ) . 109: سورة الكهف آية )3( . 27: سورة لقمان آية )4( . 115: سورة األنعام آية )5( . 115: سورة األنعام آية )6(

Page 157: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

157

: فقوله : إذ ا

Page 158: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

158

Β {: وقول اهللا تعاىل r& Ü=‹Ågä† §sÜôÒ ßϑ ø9$# #sŒÎ) çν% tæyŠ ß#ϱõ3tƒ uρ uþθ ¡9$# öΝà6è= yè ôf tƒ uρ u!$ xn= äz

ÇÚö‘ F{$# 3 { )1(] 62: النمل .[

منافق يؤذي املؤمنني فقال كان يف زمن النيب {أنه : وروى الطرباين بإسناده

إنه ال يستغاث " فقال النيب. من هذا املنافق قوموا بنا نستغيث برسول اهللا: بعضهم . )2( .} يب إمنا يستغاث باهللا

: فيه مسائل . أن عطف الدعاء على االستغاثة من عطف العام على اخلاص : األوىل

Ÿω {: تفسري قوله: الثانية uρ äí ô‰s? ÏΒ Èβρߊ «!$# $ tΒ Ÿω y7 ãèxΖtƒ Ÿω uρ x8•ÛØtƒ ( { )3( .

. أن هذا هو الشرك األكرب : الثالثة . أن أصلح الناس لو يفعله إرضاء لغريه؛ صار من الظاملني : الرابعة . تفسري اآلية اليت بعدها: امسةاخل

. كون ذلك ال ينفع يف الدنيا مع كونه كفرا : السادسة . تفسري اآلية الثالثة: السابعة . أن طلب الرزق ال ينبغي إال من اهللا كما أن اجلنة ال تطلب إال منه : الثامنة . تفسري اآلية الرابعة: التاسعة . أنه ال أضل ممن دعا غري اهللا : العاشرة

. أنه غافل عن دعاء الداعي، ال يدري عنه: احلادية عشرة . أن تلك الدعوة سبب لبغض املدعو للداعي وعداوته له : الثانية عشرة

. 62: آية سورة النمل)1(، ورجاله رجال الصحيح : 159 / 10" جممع الزوائد " أخرجه الطرباين يف املعجم الكبري وقال اهليثمي يف )2(

. " غري ابن هليعة وهو حسن احلديث . 106: سورة يونس آية )3(

Page 159: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

159

. تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو: الثالثة عشرة . كفر املدعو بتلك العبادة : الرابعة عشرة . هي سبب كونه أضل الناس : اخلامسة عشرة . فسري اآلية اخلامسةت: السادسة عشرةاألمر العجيب، وهو إقرار عبدة األوثان أنه ال جييب املضطر إال اهللا، : السابعة عشرة

. وألجل هذا يدعونه يف الشدائد خملصني له الدين ح م ى التوحيد، والتأدب مع اهللا محاية املصطفى: الثامنة عشرة .

: الشرحاملراد به كما : الشرك " أو يدعو غريه باب من الشرك أن يستغيث بغري اهللا " :قوله

. الشرك األكرب: ذكرنا فيما سبقباب : (مع الفعل تؤول مبصدر، يعين ) أن(يعين االستغاثة؛ ألن ": أن يستغيث " :قوله

يؤول " يدعو " :، وكذلك قوله )استغاثة بغري اهللا(، أو )من الشرك االستغاثة بغري اهللا : - كما ذكرنا -واالستغاثة ). دعاء غريه (، أو )ة غريه دعو (من الشرك، : مبصدر، يعين

أو يدعو " :إن يف قوله : طلب؛ والطلب نوع من أنواع الدعاء؛ وهلذا قال العلماء أن : عطفا للعام على اخلاص، ومن املعلوم " أن يستغيث بغري اهللا " :بعد قوله " غريه

. اخلاص قد يعطف على العام، وأن العام قد يعطف على اخلاص ألن - كما ذكرنا -هذا أحد أفراد الدعاء ": أن يستغيث بغري اهللا " :وقوله

. االستغاثة طلب، والطلب دعاءهذا لفظ عام يشمل االستغاثة، واالستعاذة، ويشمل ": أو يدعو غريه " :وقوله

. أصنافا من أنواع الدعاء ملن وقع يف شدة هي طلب الغوث، والغوث حيصل : االستغاثة":أن يستغيث " :قوله

إذا فزع إليه، وأعانه على : أغاثه: وكرب خيشى معه املضرة الشديدة، أو اهلالك؛ فيقال

Page 160: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

160

çµ {: يف قصة موسى- جل وعال -كشف ما به، وخلصه منه؛ كما قال sW≈ tó tGó™ $$ sù “ Ï% ©!$#

ÏΒ Ïµ ÏG yè‹Ï© ’ n?tã “ Ï%©!$# ôÏΒ Íν Íiρ ߉tã { )1(] فقوله ] 15: القصص :} çµ sW≈ tó tG ó™ $$ sù “ Ï% ©!$# ÏΒ

ϵ ÏG yè‹Ï© { )2(] لغوث من أن م ن كان م ن شيعة موسى طلب ا : يعين] 15: القصص

. موسى على من كان عدوا هلما مجيعا، فأغاثه موسى عليه السالم طلب الغوث؛ وطلب الغوث ال يصلح إال من اهللا فيما ال يقدر عليه إال : فاالستغاثة

. ؛ ألن االستغاثة ميكن أن ت طلب من املخلوق فيما يقدر عليه - جل جالله -اهللا تكون : أكرب؟ ضبطه بعض أهل العلم بقوهلم لكن مىت تكون االستغاثة بغري اهللا شركا

. شركا أكرب، إذا استغاث باملخلوق فيما ال يقدر عليه ذلك املخلوق تكون شركا أكرب، إذا استغاث باملخلوق فيما ال يقدر عليه إال اهللا، : وقال آخرون

فيما ال واألصح منهما األخرية؛ ألن املرء إذا استغاث باملخلوق . وهاتان العبارتان خمتلفتان جل -فهذا شرك أكرب باهللا : يقدر عليه إال اهللا؛ وهو يعلم أن هذا ال يقدر عليه إال اهللا

. أنه ال يقدر عليه إال اهللا: ألن حقيقة األمر-وعال إن االستغاثة شرك أكرب إذا استغاث باملخلوق فيما ال : أما قول من قال من أهل العلم يقدر عليه، فإن هذا ي ر د عليه مثت أشياء قد يكون املخلوق يف ظاهر األمر قادرا أن :

من

Page 161: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

161

قد استغاث باملخلوق فيما ال يقدر عليه إال اهللا، أما إذا استغاث به فيما يقدر عليه غري اهللا فإنه ال يكون : من املخلوقني، لكن هذا املخلوق املعني مل يقدر على هذا الشيء املعي ن

. - جل جالله -شركا؛ ألنه ما اعتقد يف املخلوق شيئا ال يصلح إال هللا شرك أكرب، وإذا كانت : إذا كانت فيما ال يقدر عليه إال اهللا، فهيفاالستغاثة بغري اهللا

فيما يقدر عليه املخلوق، فهي جائزة؛ كما حصل من صاحب موسى، إذ استغاث مبوسى . عليه السالم : هو العبادة، والدعاء نوعان - كما ذكرت لك -الدعاء ): أو يدعو غريه ( :قوله

ما كان فيه طلب وسؤال؛ كأن يرفع : بدعاء املسألة دعاء مسألة، ودعاء عبادة، ونعين . ويدعوه، فهذا يسمى دعاء مسألة - جل وعال -يديه هللا

دعا فالن؛ يعين سأل : وهو الذي يغلب عند عامة املسلمني يف تسمية الدعاء، فإذا قيل . - جل وعال -ربه

β¨ {: دعاء العبادة كما قال جل وعال: والنوع الثاين r&uρ y‰Éf≈ |¡yϑ ø9$# ¬! Ÿξ sù (#θ ããô‰s? yìtΒ «!$#

#Y‰tnr& ∩⊇∇∪ { )1(] ال تعبدوا مع اهللا أحدا، أو ال تسألوا مع اهللا أحدا، : يعين] 18: اجلن

ودعاء املسألة، غري دعاء العبادة، فدعاء . )2( } ةالدعاء هو العباد { وكما قال النيب

العبادة يتناول كل صنف من أصناف العبادة؛ فمن صلى، أو زكى، أو صام، وحنو ذلك . إنه دعا، لكن دعاء عبادة : فيقال

دعاء املسألة متضمن لدعاء العبادة، ودعاء العبادة مستلزم لدعاء املسألة، : قال العلماءفهو داع دعاء مسألة، وهذا متضمن لعبادة : شيئا- جل وعال - أن من سأل اهللا: يعين

أحد أنواع العبادة، فدعاء املسألة متضمن للعبادة؛ ألن : دعاء املسألة: اهللا؛ ألن الدعاء أعين . حيب من عباده أن يسألوه- جل وعال -اهللا

. 18: سورة اجلن آية )1( . )3828(، ابن ماجه الدعاء )2969( الترمذي تفسري القرآن )2(

Page 162: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

162

زم من إنشائه أن من صلى، فيل : إن دعاء العبادة مستلزم لدعاء املسألة، يعين : وقولنافيكون دعاء املسألة متضمنا لدعاء . الصالة أن يسأل اهللا القبول، ويسأل اهللا الثواب

. العبادة، ودعاء العبادة مستلزما لدعاء املسألةمهم جدا يف فهم حجج : فاعلم أن هذا التفصيل أو هذا التقسيم : إذا تقرر ذلك

نه قد حصل من اخلرافيني والداعني إىل القرآن، ويف فهم احلجج اليت يوردها أهل العلم؛ أل أهنم يؤولون اآلية اليت فيها دعاء العبادة، بدعاء املسألة، أو اآلية اليت يف دعاء : الشرك

املسألة، بدعاء العبادة، وإذا تبني ذلك ع لم أنه ال انفكاك يف احلقيقة بني دعاء املسألة، ومعلوم أن دالالت التضمن واللزوم . وم إما بالتضمن أو باللز: ودعاء العبادة، فهذا هو ذاك

. دالالت لغوية واضحة جاءت يف القرآن، وجاءت يف السنة بعض األدلة على أن الدعاء واالستغاثة إمنا يتوجه هبما - رمحه اهللا -مث ساق الشيخ

. إىل اهللا وحده فيما ال يقدر عليه إال اهللا

Ÿω {: وقول اهللا تعاىل :قال uρ äí ô‰s? ÏΒ Èβρߊ «!$# $ tΒ Ÿω y7 ãè xΖtƒ Ÿω uρ x8•ÛØtƒ ( β Î* sù |M ù= yè sù y7 ¯ΡÎ* sù

#]ŒÎ) zÏiΒ tÏϑ Î=≈ ©à9$# ∩⊇⊃∉∪ βÎ)uρ y7 ó¡|¡ôϑ tƒ ª!$# 9hÛØÎ/ Ÿξ sù y#Ï©% Ÿ2 ÿ…ã& s! ω Î) uθ èδ ( χ Î)uρ x8÷ŠÌム9ösƒ ¿2 Ÿξ sù ¨Š!#u‘

Ï& Î#ôÒ xÏ9 4 Ü=ŠÅÁ ムϵ Î/ tΒ â!$ t±o„ ôÏΒ Íν ÏŠ$ t6 Ïã 4 uθ èδ uρ â‘θàtó ø9$# ÞΟŠ Ïm §9$# ∩⊇⊃∠∪ { )1(] 106: يونس -

107 .[

Ÿω {: ال يف أول اآليةـق uρ äí ô‰s? ÏΒ Èβρߊ «!$# $ tΒ Ÿω y7ãè xΖtƒ Ÿω uρ x8•ÛØtƒ ( { )2( فقوله :

} Ÿω uρ äí ô‰s? { )3(ا هني، والنهي هنا قد توجه إىل الفعل هذ )وإذا كان كذلك ) تدع :

دعاء مسألة، ومنه دعاء عبادة؛ : فإنه يعم أنواع الدعاء، وسبق القول بأن الدعاء منه : أن النكرة إذا جاءت يف سياق النهي، أو يف سياق النفي، أو يف سياق الشرط : والقاعدة

. 107 - 106: سورة يونس آية )1( . 106: سورة يونس آية )2( . 106: سورة يونس آية )3(

Page 163: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 164: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

164

فهو : فإنه يصبح ظاملا، ويصبح مشركا وحاشاه عليه الصالة والسالم من ذلك : الشرك . ن ذلك، من باب أوىل ختويف عظيم ملن هو دونه ممن مل ي عصم، ومل ي عط العصمة م

*βÎ {: فقوله sù |M ù= yèsù { )1(إن دعوت من دون اهللا ما ال ينفعك وال يضرك : يعين :

} y7 ¯ΡÎ* sù #]ŒÎ) { )2(بسبب الدعوة : يعين} zÏiΒ tÏϑ Î=≈ ©à9$# ∩⊇⊃∉∪ { )3( . والظاملون مجع

قال جل الشرك كما: املراد به هنا : اسم فاعل الظلم، والظلم : تصحيح للظامل، والظاملχ {: وعال Î) x8÷Åe³9$# íΟù= Ýàs9 ÒΟŠ Ïàtã ∩⊇⊂∪ { )4( .

βÎ)uρ y7 {: مث قال ó¡|¡ôϑ tƒ ª!$# 9hÛØÎ/ Ÿξ sù y#Ï©% Ÿ2 ÿ…ã& s! ω Î) uθ èδ ( { )5( اعلم أن غرض من

وقد أبطل اهللا . إمنا هو طلب كشف الضر: يلجأ إىل غري اهللا، أو يستغيث، أو يستعيذ بغريه: الـى هذا التعلق الشرعي بقاعدة عامة تقطع عروق الشرك من القلب؛ حيث ق ـتعال} βÎ)uρ y7 ó¡|¡ôϑ tƒ ª!$# 9hÛØÎ/ { )6(إذا مسك اهللا بضر فمن يكشف الضر؟؟ اجلواب : يعين :

، - جل وعال -يكشفه من قدره، ومن قضاه عليك، وهكذا كل أنواع التوجه لغري اهللا ه إىل املخلوق فيما يقدر عليه، كالتوجه إليه بطلب ولكن ما دام أنه أذن بالتوج . أيا كانت

. فإنه يكون مما رخص فيه، واحلمد هللا : الغوث، أو حنو ذلك

مجيع أنواع نكرة جاءت يف سياق الشرط فتعم : )9hÛØÎ/ { )7 {: وقوله يف هذه اآلية

كان ضرا يف الدنيا من : سواء أكان ضرا يف الدين، أم كان ضرا يف الدنيا، يعين : الضرجهة األبدان، أو من جهة األموال، أو من جهة األوالد، أو من جهة األعراض، وحنو ذلك

. 106: سورة يونس آية )1( . 106: سورة يونس آية )2( . 106: سورة يونس آية )3( . 13: سورة لقمان آية )4( . 107: سورة يونس آية )5( . 107: سورة يونس آية )6( . 107: سورة يونس آية )7(

Page 165: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

165

β {: فمعىن قوله: إذ ا Î)uρ y7 ó¡|¡ôϑ tƒ ª!$# 9hÛØÎ/ { )1( أي بأي نوع من أنواع الضر :} Ÿξ sù

y#Ï©% Ÿ2 ÿ…ã& s! ω Î) uθèδ ( { )2(وعال جل -هو اهللا : الذي يكشف الضر يف احلقيقة : أي- ،

: ال يكشف البلوى إال هو سبحانه وتعاىل، وإذا كان املخلوق يقدر على ذلك الكشف -فإمنا هو من جهة أنه سبب، فاهللا هو الذي جعله سببا يقدر على أن يكشف بإذن اهللا

، واملخلوق ولو كان يقدر - جل وعال -، وإال فالكاشف حقيقة هو اهللا -جل وعال أن الكاشف على احلقيقة هو : ه؛ إذ هو سبب من األسباب، فاحلاصل فإمنا قدر بإقدار اهللا ل

ظهر لك وجه استدالل املصنف هبذه اآلية ومناسبة اآلية : اهللا وحده، وإذا تبني ذلك . للترمجة، من عدة جهات كما ذكرنا

θ#) { : قوله تعاىل- رمحه اهللا -مث أورد الشيخ äótG ö/$$ sù y‰ΖÏã «!$# šX ø— Îh9$# çνρ ߉ç6 ôã$# uρ

(#ρ áä3ô© $#uρ ÿ…ã& s! ( { )3(] 17: العنكبوت .[

ليبني أن االستغاثة والدعاء مها من أعظم أسباب احلياة؛ فمن مل يكن عنده رزق فإنه ة اليت فيها النص على توحيد جهة طلب يوشك على اهلالك؛ وهلذا ذكر اإلمام هذه اآلي

. الرزق؛ ألن معظم حال املستغيثني إمنا هي لطلب الرزق أن ي منح وي عطى؛ فيدخل يف : والرزق اسم عام يشمل كل ما يصلح أن ي رزق، يعين

. ذلك الصحة، والعافية، واملال، والطعام، واملرتل، والدواب، وكل ما حيتاجه املرء

θ#) { :وقوله يف اآلية äó tGö/$$ sù y‰ΖÏã «!$# šX ø—Îh9$# { )4( :أصل تركيب الكالم فيها :

اب ت غ وا(فابتغوا الرزق عند اهللا، و األصل أن يتأخر ) عند اهللا(مفعول، و) الرزق (فعل أمر، و) إن : - من علوم البالغة -قال علماء املعاين . فابتغوا الرزق عند اهللا على املفعول، أي

. 107: سورة يونس آية )1( . 107: سورة يونس آية )2( . 17: وت آية سورة العنكب)3( . 17: سورة العنكبوت آية )4(

Page 166: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

166

فابتغوا عند اهللا الرزق واجعلوا ذلك : يفيد االختصاص، واألصل : تقدمي ما حقه التأخريفليكن ابتغاؤكم : ، هكذا يفهم العريب معىن اآلية، أي - جل وعال -االبتغاء خمتصا باهللا

تستغيثوا بغريه يف طلب رزق، وال تستنجدوا بغريه يف طلب الرزق من عند اهللا وحده، فال . - جل وعال -رزق، وإمنا ذلك هللا

çνρ {: مث قال ߉ç6ôã $#uρ { )1( ؛ ليجمع أصناف السؤال مبا يشمل دعاء املسألة، ودعاء

. ةالعباد

ôtΒ {وقوله ( :مث قال uρ ‘≅ |Ê r& £ϑ ÏΒ (#θ ãã ô‰tƒ ÏΒ Èβρ ߊ «!$# tΒ ω Ü=‹Éf tG ó¡o„ ÿ…ã& s! 4’ n< Î) ÏΘöθ tƒ

Ïπ yϑ≈ uŠÉ)ø9$# öΝèδ uρ tã�D�T �\�T�Xπ ḓ

Page 167: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

167

فهو الذي يص د ق عليه وصف اهللا - الذي هو يف الربزخ - وأما امل ي ت - جل وعال - tΒ ω Ü=‹Éf {: بقوله tG ó¡o„ ÿ…ã& s! 4’ n<Î) ÏΘöθ tƒ Ïπyϑ≈ uŠÉ)ø9$# { )1( أن لفظ : واألصل يف اللغة ) م ن (

م ن ( لفظ: أن يقال : واألصح- كما يقول النحاة - ت ستعمل للعقالء : األصل فيها لغة) أهنا تطلق على من يعلم، لورود بعض اآليات يف القرآن أطلق فيها هذا اللفظ يف حق

ه القول هذا األحسن من حيث استعمال هذا اللفظ، وإن كان الذي جرى علي اهللا م ن ( استعمال: عند علماء النحو أن األصح : فتلخص مما سبق. لغري العاقل) ما( للعاقل، و ) كانوا بشرا خياط بون : ملن يعلم، وهؤالء املذكورون يف اآلية : أهنا) م ن( يف استعمال

. وخياط بون، ويعلمون وي عل م منهم

’4 {: وقوله n<Î) ÏΘöθ tƒ Ïπ yϑ≈ uŠÉ)ø9$# öΝèδ uρ tã óΟÎγ Í← !% tæߊ tβθ è=Ï≈ xî ∩∈∪ { )2( : هذا الوصف ليس

. مقصودا به األصنام، وإمنا هو يف األموات

$¨sŒÎ)uρ uųãm â# {: مث قال تعاىل ¨Ζ9$# (#θ çΡ% x. öΝçλm; [!#y‰ôã r& (#θ çΡ% x.uρ öΝÍκÌEyŠ$ t7Ïè Î/ t ÌÏ≈ x. ∩∉∪ { )3(

ìN≡uθ {ولذلك قال جل وعال يف سورة النحل ] 6: األحقاف[ øΒ r& çöxî &!$ uŠôm r& ( $ tΒ uρ

šχρ ããè ô±o„ tβ$ −ƒ r& šχθ èWyè ö7ム∩⊄⊇∪ óΟä3ßγ≈ s9Î) ×µ≈s9Î) Ó‰Ïn≡uρ 4 { )4(] 22 - 21: النحل .[

Β {: وقوله( :قال r& Ü=‹Ågä† §sÜôÒ ßϑ ø9$# #sŒÎ) çν% tæyŠ ß#ϱõ3tƒ uρ uþθ ¡9$# { )5(] 62: النمل ([

وحده، - جل وعال -أن دعاء املضطر إمنا هي هللا : فيها) النمل( هذه اآلية من سورةΒ {: فقوله r& Ü=‹Ågä† §sÜôÒ ßϑ ø9$# #sŒÎ) çν% tæyŠ { )6( هذا يف دعاء املسألة، وكشف السوء يف

. 5: سورة األحقاف آية )1( . 5: سورة األحقاف آية )2( . 6: سورة األحقاف آية )3( . 22 - 21: ل آية سورة النح)4( . 62: سورة النمل آية )5( . 62: سورة النمل آية )6(

Page 168: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

168

ß#ϱõ3tƒ {. قوله uρ uþθ ¡9$# { )1( يكون هذا تارة يكون باالستغاثة، وتارة بغري ذلك؛ وهلذا

، )االستغاثة( لفظ: من اللفظني- رمحه اهللا -القدر من اآلية صاحلا ملا ترجم به املؤلف ). الدعاء( ولفظ

ستفهام إنكاري، ينكر ، وهذا اال ]62: النمل [)µ≈s9Ïr& yìΒ «!$# 4 { )2× {: مث قال بعدها

عليهم أن يتخذوا إهلا مع اهللا، وينكر عليهم أن يدعوا غري اهللا، أو يتوجهوا يف كشف µ≈s9Ïr& yìΒ «!$# 4 WξŠ× {: السوء لغري اهللا فيما ال يقدر عليه إال اهللا، فهذا معىن اإلنكار يف قوله Î= s%

$ ¨Β šχρ ã2 x‹s? ∩∉⊄∪ { )3( .

منافق يؤذي املؤمنني فقال وروى الطرباين بإسناده أنه كان يف زمن النيب ( :قال . أبو بكر الصديق، كما جاء يف بعض الروايات : املراد بالبعض هنا ......) بعضهم

من هذا املنافق فقال قوموا بنا نستغيث برسول اهللا {.... . :مث قال يف احلديث

كانت واستغاثة الصحابة بالنيب} إنه ال يستغاث يب، وإمنا يستغاث باهللا " النيب

نه عليه الصالة والسالم كان فيما يقدر عليه؛ أل جائزة؛ ألهنم طلبوا اإلغاثة من النيب قادرا يف هذا املقام على إغاثتهم، إما باألمر بقتل املنافق، أو األمر بسجنه، أو بتهديده، أو

. معاقبته بتعزير، أو بغريه؛ ألنه كان يؤذي املؤمنني استغاثة به " قوموا بنا نستغيث برسول اهللا " : يف قوهلم فاستغاثتهم برسول اهللا

علمهم األدب يف ذلك، وعلمهم األكمل - عليه الصالة والسالم -كن النيب يقدر عليه، ل . } إنه ال يستغاث يب إمنا يستغاث باهللا {: يف ذلك؛ حيث قال

. 62: سورة النمل آية )1( . 62: سورة النمل آية )2( . 62: سورة النمل آية )3(

Page 169: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

169

فكأنه حصل وحقيقة االستغاثة على وجه الكمال، إمنا هي باهللا جل وعال ال بنبيه أن الواجب عليهم : منهم نوع التفات للنيب عليه الصالة والسالم فيما يقدر عليه، فبني هلم

، وهذا نفي فيه معىن "إنه ال يستغاث يب " : أوال؛ فقال - جل وعال -أن يستغيثوا باهللا ال تستغيثوا يب، بل استغيثوا باهللا يف هذا األمر، وإذا أغاثهم اهللا جل وعال : النهي، يعين

. شر ذلك املنافق عنهم كف لكن . وقد أعل بعض العلماء هذا احلديث بأن يف إسناده ابن هليعة، وحاله معروف

ال : إيراد أئمة احلديث لألحاديث اليت قد يكون يف إسنادها بعض مقال يف مثل هذا املقام بأس به، بل فعلهم هذا صواب إذا كان ما يف احلديث من املعىن قد عضدته األدلة من

إنه ال {: رآن ومن السنة، كما يف هذا احلديث؛ فإن قوله عليه الصالة والسالم الق

قد دلت عليه اآليات اليت سلفت، وهذا الذي درج عليه } يستغاث يب إمنا يستغاث باهللا

خ اإلسالم ابن تيمية يف معرض صنيع الراسخني يف العلم من أهل احلديث، كما قال شي أهل احلديث ال يستدلون حبديث ضعيف يف أصل من : ؛ قال)الفتاوى( كالم له يف

. يف تأييد ذلك األصل أو يف فرع من الفروع : األصول، بل إما يف تأييده يعين أيضا يف هذا الكتاب؛ فإنه يستدل بأحاديث هي - رمحه اهللا -وهذا هو صنيع الشيخ

وقد ساق شيخ - كما سبق إيضاحه -ىن الذي اشتملت عليه صحيحة من جهة املع ـ ) االستغاثة( اإلسالم ابن تيمية هذا احلديث مستدال به يف رده على البكري املعروف ب

، وقال إن هذا احلديث هو معىن )الرد على البكري ( ، أو )االستغاثة الكربى( كتاب: أعين . ما جاء يف النصوص

ال تستغيثوا يب، وإمنا استغيثوا : يعين " إنه ال يستغاث يب " :لسالم فقوله عليه الصالة وا . النهي : تقدمه نفي، واملراد منه) يستغاث( باهللا؛ ألن لفظ

Page 170: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

170

وهذا الباب ظاهر املناسبة ملا قبله وملا بعده أيضا يف أن االستغاثة بغري اهللا نوع من : وصرف العبادة لغري اهللا جل وعال أنواع الدعاء، وأن الدعاء عبادة، وأن االستغاثة عبادة،

. كفر وشرك

sŒÎ)uρ y7# {: ومما يدل على أن الدعاء عبادة قول اهللا جل وعال s9r'y™ “ ÏŠ$ t6 Ïã Íh_ tã ’ ÎoΤÎ* sù

ë=ƒ Ìs% ( Ü=‹Å_ é& nο uθ ôãyŠ Æí#¤$! $# #sŒÎ) Èβ$ tã yŠ ( (#θ ç6‹Éf tG ó¡uŠù= sù ’ Í< (#θ ãΖÏΒ ÷σã‹ø9uρ ’ Î1 { )1(] 186: البقرة[ ،

برفع يدل على أن إجابة الدعوة تكون )Ü=‹Å_é& nοuθôãyŠ Æí#¤$!$# #sŒÎ) Èβ$tãyŠ ( { )2 {: وقوله

املكروه، أو مبنع وقوعه، وتكون أيضا بالعطاء، واإلثابة فيما إذا عبد، فيجيب الدعوة بإعطاء السائل سؤله، وجييب أيضا الدعاء بإثابة الداعي العابد على عبادته؛ وهلذا يفسر السلف

ن بأن فيها إعطاء سؤل السائل، وإثابة العابد؛ أل : اآليات اليت فيها إجابة الدعاء وحنو ذلك : يعين)sŒÎ) Èβ$tãyŠ ( { )3# {: وقوله . الصحابة والسلف يعلمون أن الدعاء يشمل هذا وهذا

. إذا سألين، أو عبدين، مع أهنا يف السؤال ظاهرة، ويف الدعاء بينة يف سورة إبراهيم، فيما ذكره عن نبيه عليه -جل وعال-ك كقوله واآليات يف مثل ذل

öΝ {السالم ä3 ä9 Í” tI ôã r& uρ $ tΒ uρ šχθ ãã ô‰ s? ÏΒ Èβρ ߊ «! $# (#θ ãã ÷Š r& uρ ’ Î n1 u‘ # |¤ tã Hω r& tβθ ä. r& Ï !% tæ ߉ Î/ ’ Î n1 u‘

$ |‹ É) x© ∩⊆∇∪ { )4(بعدها -ل وعال ـج–ال اهللا ـ ق } $ £ϑ n= sù öΝçλm; u”tIôã $# $ tΒ uρ tβρ ߉ç7÷è tƒ ÏΒ Èβρ ߊ

öΝä3ä9Í”tIôã {: الـراهيم عليه السالم ق ـ، فإب]49 - 48مرمي [)5( } #$!» r&uρ $ tΒ uρ

šχθ ããô‰s? { )6(.

. 186: سورة البقرة آية )1( . 186: سورة البقرة آية )2( . 186: سورة البقرة آية )3( . 48: ية سورة مرمي آ)4( . 49: سورة مرمي آية )5( . 48: سورة مرمي آية )6(

Page 171: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

171

$ {: وقال اهللا £ϑ n= sù öΝçλm; u”tIôã $# $ tΒ uρ tβρ߉ç7÷è tƒ { )1( : ،فدل على أن الدعاء هو العبادة

والدعاء يفسر تارة بدعاء املسألة، وتارة بدعاء العبادة، وهذا حاصل . والعبادة هي الدعاء . من أولئك وألصنامهم وأوثاهنم

tβθ { : باب قول اهللا تعاىل ä.Îô³ç„ r& $ tΒ Ÿω ß,è= øƒ s† $ \↔ ø‹x© öΝèδ uρ tβθà)n= øƒ ä† { . ..

tβθ {: باب قول اهللا تعاىل ä.Îô³ç„ r& $ tΒ Ÿω ß,è= øƒ s† $ \↔ ø‹x© öΝèδ uρ tβθ à)n= øƒ ä† ∩⊇⊇∪ Ÿω uρ tβθ ãè‹ÏÜtG ó¡o„ öΝçλm;

#ZóÇtΡ Iω uρ öΝåκ|¦ àΡr& šχρ çÝÇΨ tƒ ∩⊇⊄∪ { )2( ،وقول اهللا تعاىل :} t Ï% ©!$#uρ šχθ ãã ô‰s? ÏΒ Ïµ ÏΡρ ߊ

$ tΒ šχθ ä3Î= ÷Κ tƒ ÏΒ AÏϑ ôÜÏ% ∩⊇⊂∪ βÎ) óΟèδθ ããô‰s? Ÿω (#θ ãèyϑ ó¡o„ ö/ä.u!$ tã ߊ öθs9uρ (#θ ãè Ïÿ xœ $ tΒ (#θ ç/$ yf tG ó™ $# ö/ä3s9 ( tΠöθ tƒ uρ

Ïπ u ć9$# tρ ã#3tƒ ö ă3τ t4 �•ωuρ �� �Ä Î ƒ ã ç ÏΒ

Î y

Page 172: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

172

وفيه عن أيب هريرة )øŠs9 šs9 zÏΒ ÌøΒF{$# íóx« { )1( )2§{ {فرتلت واحلارث بن هشام،

)ö‘É‹Ρr&uρ y7s?uϱtã šÎ/tø%F{$# ∩⊄⊇⊆∪ { )3 { حني أنزل عليه اهللاقام رسول {: قال

اشتروا أنفسكم ال أغين عنكم من اهللا شيئا، - أو كلمة حنوها -يا معشر قريش " :فقال ال أغين رسول اهللا ويا عباس بن عبد املطلب ال أغين عنك من اهللا شيئا، يا صفية عمة

عنك من اهللا شيئا، يا فاطمة بنت حممد سليين من مايل ما شئت ال أغين عنك من اهللا )4( .} شيئا

: فيه مسائل . تفسري اآليتني: األوىل . قصة أحد : الثانية . قنوت سيد املرسلني وخلفه سادات األولياء، يؤمنون يف الصالة : الثالثة . فاراملدعو عليهم ك : الرابعةشجهم نبيهم وحرصهم على : أهنم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار؛ منها: اخلامسة

. التمثيل بالقتلى مع أهنم بنو عمهم: ومنها. قتله

øŠs9 š§{ {أنزل اهللا عليه يف ذلك : السادسة s9 zÏΒ ÌøΒ F{$# íó x« { )5( .

ρ÷ {قوله : السابعة r& z>θ çG tƒ öΝÍκö n= tæ ÷ρ r& öΝßγ t/Éj‹yè ム{ )6(فتاب عليهم فآمنوا .

. القنوت يف النوازل: الثامنة

. 128: سورة آل عمران آية )1(هذا حديث : وقال الترمذي 93 / 2وأمحد ) 3007(، ووصله الترمذي معلقا) 4070( أخرجه البخاري )2(

. حسن غريب . 214: سورة الشعراء آية )3( . )4771(و ) 3527(و ) 2753( أخرجه البخاري )4( . 128: سورة آل عمران آية )5( . 128: سورة آل عمران آية )6(

Page 173: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

173

. ة بأمسائهم وأمساء آبائهمتسمية املدعو عليهم يف الصال : التاسعة . لعن املعني يف القنوت: العاشرة

‘ö {: ملا أنزل عليه قصته: احلادية عشرة É‹Ρr&uρ y7 s?uϱtã šÎ/tø% F{$# ∩⊄⊇⊆∪ { )1(

وكذلك يف هذا األمر حبيث فعل ما نسب بسببه إىل اجلنون، جده : الثانية عشرة . لو يفعله مسلم اآلن

: حىت قال )2( } ال أغين عنكم من اهللا شيئا {: قوله لألبعد واألقرب : الثالثة عشرة

فإذا صرح وهو سيد املرسلني ؛)3( } شيئايا فاطمة بنت حممد ال أغين عنك من اهللا {

ال يقول إال احلق، مث نظر بأنه ال يغين شيئا عن سيدة نساء العاملني، وآمن اإلنسان أنه . فيما وقع يف قلوب خواص الناس اليوم، تبني له التوحيد وغربة الدين

: الشرح

tβθ { :هذا الباب هو باب قول اهللا تعاىل ä.Îô³ç„ r& $ tΒ Ÿω ß,è= øƒ s† $ \↔ ø‹x© öΝèδ uρ tβθ à)n= øƒ ä† ∩⊇⊇∪ Ÿω uρ

tβθ ãè‹ÏÜtG ó¡o„ öΝçλm; #ZóÇtΡ { )4(] 191 - 192 [ و إ ير اد ه ذ ا ال ب اب بعد األبواب املتقدمة هو

برهان وجوب توحيد من أحسن اإليراد، ومن أعظمها فقها ورسوخا يف العلم؛ ذلك أن واحد يف - جل وعال -ما ركز يف الفطر من أنه : يف إهليته هو- جل وعال -اهللا

ربوبيته، وقد أقر هبذا، وسلم به املشركون، بل كل أحد على اإلقرار هبذا، واالعتراف به؛ من توحد يف الربوبية، فهذا الباب، والباب : فهي الربهان على أن املستحق للعبادة هو

. 214: سورة الشعراء آية )1(، )2/361(، أمحد )3646(، النسائي الوصايا )206(، مسلم اإلميان )2602( البخاري الوصايا )2(

. )2732(الدارمي الرقاق . )6/136(، أمحد )3648(، النسائي الوصايا )2310(، الترمذي الزهد )205( مسلم اإلميان )3( . 192: سورة األعراف آية )4(

Page 174: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

174

برهان الستحقاق اهللا العبادة وحده دون ما سواه بدليل فطري، ودليل : ي بعده أيضاالذ . واقعي، ودليل عقلي

تؤخذ من الكتاب - أهل السنة واجلماعة -ومن املعلوم أن األدلة العقلية عندنا والسنة؛ ألن يف الكتاب والسنة من األدلة العقلية ما يغين عن تكلف أدلة عقلية أخرى كما

. ظاهر ملن تأمل نصوص الوحيني هو فهذا الباب فيه بيان أن الذي خيلق هو اهللا وحده، والذي يرزق هو اهللا وحده، والذي

ليس له نصيب من اخللق، وليس له - جل وعال -ميلك هو اهللا وحده، وأن غري اهللا نصيب من الرزق، وليس له نصيب من اإلحياء، وليس له نصيب من اإلماتة، وليس له

يب من األمر، وليس له ملك حقيقي يف أمر من األمور حىت أعلى اخللق مقاما، وهو نصøŠs9 š§{ {: قال له اهللا جل وعال- عليه الصالة والسالم -النيب s9 zÏΒ ÌøΒ F{$# íó x« { )1(

لست مالكا لشيء من األمر، وليس من األمر شيء متلكه، : يعين] 128: آل عمران[فإذا . اهللا جل وعال : الذي ميلك هو ! فمن الذي ميلك إذا؟ . هنا الم امللك) الالم( فـ

ينفى عنه ذلك األمر فإنه منفي عمن هو دونه من - عليه الصالة والسالم -كان النيب . باب أوىل

ر أو إىل الصاحلني واألولياء واألنبياء يعتقدون بأن هؤالء واملتوجهون إىل أصحاب القبو جل وعال -املتوجه إليهم ميلكون شيئا من الرزق، أو التوسط أو الشفاعة بدون إذن اهللا

هو أحد األبواب اليت فيها الربهان على استحقاق اهللا - إذا -فهذا الباب . ومشيئته- . للعبادة وحده دون ما سواه

- جل وعال -كثري من األدلة والرباهني على أن املستحق للعبادة هو اهللا والقرآن فيه ما يف القرآن من أدلة فيها إقرار املشركني : وحده دون ما سواه؛ فمن تلك األدلة والرباهني فيه دليل على أن املستحق للعبادة هو من : بتوحيد الربوبية، فكل ذلك النوع من األدلة

. 128: سورة آل عمران آية )1(

Page 175: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

175

من نصر : ما جاء يف القرآن - أيضا -ن األدلة والرباهني على ذلك وم. أقررمت له بالربوبية رسله وأولياءه على أعدائهم، من طوائف الشرك، وكيف أهنم ذلوا وخضعوا اهللا

من الرسل واألنبياء وأتباعهم، - جل وعال -وغلبوا أمام طوائف أهل اإلميان وجند اهللا إمامها - جل وعال -ة موحدة بعث اهللا فهذا نوع آخر من األدلة، وهو أنه ما من طائف

وأدلة هذا يف . ورسوهلا بقتال املشركني إال نصرها، وأظفرها، حىت صارت العاقبة هلمقصص األنبياء، وقصص القرى، وما جاء يف بيان عاقبة األمم : القرآن كثرية، نقرؤها يف

ومن . لشرك باطل والقرى املخالفني لرسلهم، فهذا دليل على أن التوحيد هو احلق وأن ا ما تضمنه القرآن من : األدلة والرباهني على تقرير استحقاق اهللا تعاىل للعبادة دون من سواه

بيان ضعف املخلوق، الذي يعلم هذا، ويلمسه بنفسه؛ وكيف أنه جاء إىل احلياة بغري ره الذي أتى به إىل هذه احلياة وسيخرجه منها بغري اختيا - جل وعال -اختياره، بل اهللا

أن الذي قهره وأذله وجعله على هذه - قطعا -مما يدل على أنه مقهور، وهو يعلم . أيضا وحده هو الذي حييي ومييت، - جل وعال -احلالة ليست هي تلك اآلهلة، وإمنا هو اهللا . وهذا إقرار عام، يعلمه كل أحد من فطرته

اء احلسىن، وله الصفات له األمس- جل وعال -أن اهللا : ومن األدلة والرباهني أيضا العلى، وأنه ذو النعوت الكاملة، وذو النعوت اجلليلة، فنعوت اجلالل، واجلمال والكمال له سبحانه، وهو سبحانه له الكمال املطلق يف كل اسم له، ويف كل نعت ووصف له، فله

. الكمال املطلق، الذي ال يعتريه نقص بوجه من الوجوه أحد أنواع أدلة الربوبية، أو براهني التوحيد، -رمحه اهللا-فهذا الباب ذكر فيه الشيخ

: ىـ هو الواحد يف ربوبيته، والباب الذي يلي هو باب قول اهللا تعال -جل وعال -وأنه } # ¨L ym #sŒÎ) tí Ìh“ èù tã óΟÎγ Î/θ è= è% (#θ ä9$ s% #sŒ$ tΒ tΑ$ s% öΝä3š/u‘ ( (#θ ä9$ s% ¨,ys ø9$# ( uθ èδ uρ ’ Í?yèø9$# çÎ6 s3ø9$# ∩⊄⊂∪ { )1(

. 23: سورة سبأ آية )1(

Page 176: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

176

يف صفاته، ففي هذا الكتاب تنويع - جل وعال -، وفيه دليل على عظمة اهللا ]23: سبأ[ . إن شاء اهللا تعاىل - كما سيأيت -براهني توحيد العبادة بأدلة متنوعة من القرآن

tβθ {: قول اهللا تعاىلباب ä.Îô³ç„ r& $ tΒ Ÿω ß,è= øƒ s† $ \↔ ø‹x© öΝèδ uρ tβθ à)n= øƒ ä† ∩⊇⊇∪ Ÿω uρ tβθ ãè‹ÏÜtG ó¡o„ öΝçλm;

#ZóÇtΡ Iω uρ öΝåκ|¦ àΡr& šχρ çÝÇΨ tƒ ∩⊇⊄∪ { )1(] 192 -191: األعراف .[

t {: وقوله Ï%©!$#uρ šχθ ããô‰s? ÏΒ Ïµ ÏΡρ ߊ $ tΒ šχθ ä3Î= ÷Κ tƒ ÏΒ AÏϑ ôÜÏ% ∩⊇⊂∪ { )2(] .فاطر :

13 .[ يليه من كتاب التوحيد مها برهان للتوحيد، ذكرنا أن هذا الباب مع الباب الذي

العبادة وحده، وحجة دامغة على بطالن عبادة ما - جل وعال -وبرهان الستحقاق اهللا : واحد يف ربوبيته، ودليل ذلك - جل وعال -تقرير أن اهللا : سواه، وهذا الربهان هو

هو - جل وعال -الفطرة، والعقل، والنص من الكتاب والسنة، فال أحد ينكر أن اهللا كما -مالك امللك، وهو الذي بيده تصريف األمر كما يشاء إال شرذمة قليلة من الناس

. ال يصح أن تنسب هلم مقالة: قال الشهرستاين وغريه: فالناس مفطورون على اإلقرار بالرب، وعلى اإلقرار بأهنم خملوقون، وإذا كان كذلك

وحيد اإلهلية؛ ملا جعل اهللا يف فطرهم من اإلقرار فإن احلجة عليهم قائمة بوجوب إقرارهم بت مل يكن املشركون ينكرون توحيد الربوبية، بل كانوا : بتوحيد اهللا يف ربوبيته؛ وهلذا

هو الذي حييي - جل وعال -الرزاق وحده، وأنه اخلالق وحده، وأنه : يعترفون أنه تعاىلملكوت السماوات واألرض، وهو ومييت، وهو الذي جيري وال جيار عليه، وهو الذي بيده

لألمر، - جل وعال -الذي ينبت النبات، وهو الذي يرتل املاء، إىل آخر إفراد تدبريه . وإفراد توحيد الربوبية

. 192 - 191: سورة األعراف آية )1( . 13: ة سورة فاطر آي )2(

Page 177: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

177

هو مالك امللك - جل وعال -أنه : فالربهان على أن اهللا هو املستحق للعبادة وحده العباد، والعباد صائرون إليه، أما وحده، وهو املتفرد بتدبري هذا امللكوت، وهو الذي خلق

خملوقون : اآلهلة اليت توجه إليها العباد بالعبادة من األنبياء، أو األولياء، أو املالئكة، فإمنا هم ال يستطيعون نصرا ملن سأهلم، وإمنا ذلك : مربوبون، ال خيلقون شيئا، وهم خيلقون، وأيضا

ليس هلم من األمر شيء، وليس هلم من فإذا كان أولئك املدعوون - جل وعال -كله هللا امللك شيء، وليس هلم من اخللق شيء، وليس هلم من تدبري األمر شيء، وإمنا تدبري أمر السماوات، وتدبري أمر األرض بيد اهللا وحده دون ما سواه، فإن الذي يستحق العبادة

ي وحده وحده، هو الذي يفعل تلك األفعال، وهو الذي يتصف بتلك الصفات، وهو الذ فيجب أن يوحدوه بأفعاهلم؛ وأال يتوجهوا بالعبادة إال : العباد يف ربوبيته؛ فإذا كان كذلك

. إليه وحده وهذا النوع من احلجاج واالستدالل كثري يف القرآن جدا؛ فإنك جتد يف القرآن أن

ق عبادة أعظم األدلة والرباهني على املشركني يف تقريره إبطال عبادهتم لغري اهللا، ويف إحقابرهان : أهنم يقرون بتوحيد الربوبية، واإلقرار بتوحيد الربوبية: اهللا وحده دون ما سواه

احتج يف القرآن على املشركني مبا أقروا به من توحيد - جل وعال -فاهللا . توحيد اإلهلية≅ö {: الربوبية، على ما أنكروه من توحيد اإلهلية؛ وهلذا قال جل وعال è% tΒ Νä3è% ã— ötƒ zÏiΒ

Ï!$ yϑ ¡¡9$# ÇÚö‘ F{$#uρ Β r& à7 Î=ôϑ tƒ yìôϑ ¡¡9$# t≈ |Á ö/F{$#uρ tΒ uρ ßl Ìøƒ ä† ¢‘y⇔ø9$# zÏΒ ÏMÍh‹yϑ ø9$# ßl Ìøƒ ä† uρ |M Íh‹yϑ ø9$# š∅ ÏΒ

Çc‘y⇔ø9$# tΒ uρ ãÎn/y‰ãƒ zö∆ F{$# 4 tβθ ä9θ à)uŠ|¡sù ª!$# 4 ö≅ à)sù Ÿξ sùr& tβθ à)−G s? ∩⊂⊇∪ { )1(] يعين] 31: يونس :

إذا أتت بعد اهلمزة فهي تعطف ما ) الفاء ( أتقرون بذلك فال تتقون الشرك؟ وقد ذكرت أن : يعين)Ÿξsùr& tβθà)−Gs? ∩⊂⊇∪ { )2 {: بعدها على مجلة حمذوفة قبلها دل عليها السياق، فقوله

. 31: سورة يونس آية )1( . 31: سورة يونس آية )2(

Page 178: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

178

)â/ä3Ï9≡x‹sù ª!$# ÞΟä3š/u‘ ‘,ptø:$# ( { )1 {أتقرون بأن اهللا واحد يف ربوبيته، فال تتقون الشرك به؟

$sŒ# {اعترافكم وبإيقانكم ب yϑ sù y‰÷è t/ Èd,ys ø9$# ω Î) ã≅≈ n=Ò9$# ( { )2(] فهذا النوع ] 32: يونس

على ما أنكروه -وهو توحيد الربوبية-من االحتجاج وهو االحتجاج عليهم مبا أقروا به : ي القرآن كثري، كاآليات العظيمة يف سورة النمل يف قوله تعاىلـ ف-و توحيد اإلهليةوه–

} È≅è% ߉ôϑ pt ø: $# ¬! íΝ≈ n= y™ uρ 4’ n?tã Íν ÏŠ$ t6 Ïã š Ï%©!$# #’ s∀sÜô¹ $# 3 ª!!#u îöyz $ ¨Β r& šχθä.Îô³ç„ ∩∈∪ { )3(

} ôΒ r& t,n= y{ ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# uÚö‘ F{$#uρ tΑt“Ρr&uρ Νà6s9 š∅ ÏiΒ Ï!$ yϑ ¡¡9$# [!$ tΒ $ uΖ÷Fu; /Ρr'sù ϵ Î/ t,Í← !#y‰tn šV#sŒ

7π yf ôγ t/ $ ¨Β šχ% Ÿ2 óΟä3s9 β r& (#θçG Î6 .⊥ è? !$ yδ tyf x© 3 ×µ≈ s9Ïr& yìΒ «!$# 4 ö≅ t/ öΝèδ ×Πöθ s% tβθä9ω÷è tƒ ∩∉⊃∪ { )4(

≈µ× {: ، فقوله تعاىل]60 -59: النمل[ s9Ïr& yìΒ «!$# 4 { )5(بسبب أهنم إنكار عليهم، : هنا

فيما سبق يقرون له خبلق السماوات واألرض، وغريها من األمور الوارد ذكرها يف اآليات، فهذا ! يتخذون إهلا مع اهللا؟ - إذا -فإذا كانوا يقرون بأن الذي خلقها هو اهللا، فكيف

سبب اإلنكار عليهم؛ ألن الذي أنزل هلم من السماء ماء فأنبت هلم به حدائق ذات هبجة فهذا )µ≈s9Ïr& yìΒ «!$# 4 { )6× {: هللا، فكيف يتخذون إهلا معه؟ وهلذا قال جل وعال هو ا

≅ö {وقوله . إنكار عليهم t/ öΝèδ ×Πöθ s% tβθä9ω÷è tƒ ∩∉⊃∪ { )7(يعدلون باهللا غريه، أو : ، يعين

يصرفون : يساوون هذا هبذا، أو يعدلون، يعين : به، يعين- جل وعال -يعدلون غري اهللا عن احلق، وينصرفون عنه إىل غريه، فكيف يعدلون عن احلق إىل غريه؟ أو كيف يعدلون

. 32: سورة يونس آية )1( . 32: سورة يونس آية )2( . 59: سورة النمل آية )3( . 60: سورة النمل آية )4( . 60: سورة النمل آية )5( . 60: سورة النمل آية )6( . 60: سورة النمل آية )7(

Page 179: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

179

Β {: وهكذا اآلية اليت بعدها وهي قوله!! ن اآلهلة؟ باهللا غريه م r& Ÿ≅yè y_ uÚö‘ F{$# #Y‘# ts%

Ÿ≅ yè y_ uρ !$ yγ n=≈ n= Åz #\≈ yγ ÷Ρr& Ÿ≅ yèy_ uρ $ oλm; † Å›≡uρ u‘ Ÿ≅ yè y_ uρ š ÷t/ Ç÷ƒ tós t7ø9$# #¹“ Å_% tn 3 { )1( وجواب

Β {: املشركني على هذا السؤال يف قوله r& { )2(اهللا؛ فقد كانوا مقرين بأنه : هو

≈µ× {املتفرد هبذه األمور، قال جل وعال s9Ïr& yìΒ «!$# 4 ö≅ t/ öΝèδ çsYò2 r& Ÿω šχθßϑ n= ôè tƒ ∩∉⊇∪ { )3(

Β {مث قال جل وعال r& { )4( } Ü=‹Ågä† §sÜôÒ ßϑ ø9$# #sŒÎ) çν% tæyŠ { )5( وهذا رجوع من

اآليات اليت يف اآلفاق، وفيما حوهلم إىل الشيء الذي يعلمونه علم اليقني وهو أن فاعل : ىل، مث قال سبحانههو اهللا تعا: أيضا-تلك األشياء املتقدم ذكرها يف اآليات، وما سيأيت

} Β r& Ü=‹Ågä† §sÜôÒ ßϑ ø9$# #sŒÎ) çν% tæyŠ ß#ϱõ3tƒ uρ uþθ ¡9$# öΝà6è= yè ôf tƒ uρ u!$ xn= äz ÇÚö‘ F{$# 3 ×µ≈s9Ïr& yìΒ «!$# 4 WξŠ Î= s%

$ ¨Β šχρã2 x‹s? ∩∉⊄∪ { )6( مث قال جل وعال :} Β r& öΝà6ƒ ωôγ tƒ ’Îû ÏM≈ yϑè= àß Îhy9 ø9$# Ìós t7ø9$# uρ

tΒ uρ ã≅ Å™ öムyx≈ tƒ Ìh9$# #Mô³ç0 š ÷t/ ô“ y‰tƒ ÿϵ ÏFuΗ ÷qu‘ 3 ×µ≈s9Ïr& yìΒ «!$# 4 ’n?≈ yè s? ª!$# $ £ϑ tã šχθ à2 Îô³ç„ ∩∉⊂∪ Β r&

(#äτ y‰ö7tƒ t,ù= sƒ ø: $# ¢ΟèO …çν ߉‹Ïè ムtΒ uρ /ä3è% ã—ötƒ zÏiΒ Ï!$ yϑ ¡¡9$# ÇÚö‘ F{$#uρ 3 ×µ≈s9Ïr& yìΒ «!$# 4 ö≅è% (#θ è?$ yδ öΝä3uΖ≈ yδ öç/ β Î)

óΟçFΖä. šÏ% ω≈ -أنه ال برهان هلم؛ قال : ، ويف احلقيقة ]64 - 63: النمل [)7( } ∪⊇∌∩ ¹|

tΒ {: يف سورة املؤمنون -جل وعال uρ äíô‰tƒ yìtΒ «!$# $ ·γ≈s9Î) tyz# u Ÿω z≈ yδ öç/ …çµ s9 ϵ Î/ $ yϑ ¯ΡÎ* sù

…çµ ç/$ |¡Ïm y‰ΖÏã ÿϵ În/u‘ 4 { )8( ومعىن قوله ، :} Ÿω z≈ yδöç/ …çµ s9 ϵ Î/ { )1(أن كل إله : أي

. 61: ة النمل آية سور)1( . 61: سورة النمل آية )2( . 61: سورة النمل آية )3( . 62: سورة النمل آية )4( . 62: سورة النمل آية )5( . 62: سورة النمل آية )6( . 64 - 63: سورة النمل آية )7( . 117: سورة املؤمنون آية )8(

Page 180: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

180

منا اختذه البشر بالطغيان وبالظلم؛ متخذ من دون اهللا فإنه ال حجة قائمة على أنه إله، وإ $ {: وهلذا قال متوعدا إياهم، ومبينا فداحة خسارهتم yϑ ¯ΡÎ* sù …çµ ç/$ |¡Ïm y‰ΖÏã ÿϵ În/u‘ 4 …çµΡÎ) Ÿω ßx Î= øãƒ

tβρ ãÏ≈ s3ø9$# ∩⊇⊇∠∪ { )2(] فهذا الباب قائم على هذه احلجة؛ وهلذا فإن من ]117: ملؤمنونا ،

أعظم احلجة على املشركني الذين توجهوا إىل األموات، واملقبورين بطلب تفريج الكربات، وطلب إغاثة اللهفان، وطلب إجناح احلاجات، وسؤال ما حيتاجه الناس، إن من

على ما ينكرونه من توحيد اإلهلية، أعظم احلجة عليهم أن حتتج عليهم بتوحيد الربوبية كما قال الشيخ -وقد زاد شرك املشركني يف هذه األزمنة، على شرك مشركي اجلاهلية

يف القواعد األربعة فنسبوا إليهم شيئا من الربوبية، فهم مل جيعلوا توحيد - رمحه اهللا - . خالصا - أيضا -الربوبية

توسع يف دالئله، وأن تعلم حجته من القرآن؛ وهذا نوع من الرباهني عظيم، ينبغي أن ت على ما ينكره املشركون - وهو توحيد الربوبية -ألن القرآن كثريا ما حيتج هبذا الربهان

. من توحيد اإلهليةباب قول اهللا " : يف هذا الباب وهو قوله - رمحه اهللا -ومن ذلك ما ساقه الشيخ

tβθ {: تعاىل ä.Îô³ç„ r& $ tΒ Ÿω ß,è= øƒ s† $\↔ ø‹x© öΝèδ uρ tβθ à)n= øƒ ä† ∩⊇⊇∪ { )3( فهذا إنكار وتوبيخ هلم، كيف

بل هو الذي -يشركون الذي ال خيلق شيئا وهم خيلقون؟ مع أن خالقهم هو اهللا ده دون وما سواه خلق من عبد، وهو الذي خلق العابد أيضا، فالذي يستحق العبادة وح

. إمنا هو اهللا ذو اجلالل واإلكرام

. 117: سورة املؤمنون آية )1( . 117: ة املؤمنون آية سور)2( . 191: سورة األعراف آية )3(

Page 181: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

181

Ÿω {: مث بني حقيقة هذه اآلهلة وعجزها فقال uρ tβθ ãè‹ÏÜtG ó¡o„ öΝçλm; #ZóÇtΡ { )1(

جل وعال، -ألن النصر يف احلقيقة، إمنا هو من عند اهللا ]: 192 - 191: األعراف[ . ولو أراد اهللا أن مينع نصر الناصر ملنعه

t {: وقوله Ï% ©!$#uρ šχθ ããô‰s? ÏΒ Ïµ ÏΡρ ߊ $ tΒ šχθä3Î= ÷Κ tƒ ÏΒ AÏϑ ôÜÏ% ∩⊇⊂∪ β Î) óΟèδθ ããô‰s? Ÿω

(#θ ãè yϑó¡o„ ö/ä.u!$ tã ߊ { )2(] اآليات، وموطن الشاهد من هذه اآليات ] 14 - 13: فاطر

$ {: قوله tΒ šχθ ä3Î=÷Κ tƒ ÏΒ AÏϑ ôÜÏ% ∩⊇⊂∪ { )3( فحىت هذا القطمري وهو غالف النواة أو

. احلبل الواصل من أعلى النواة إىل ظاهر الثمرة ال ميلكونه فغريه مما هو أعلى منه من باب أوىل وأوىل، وإذا كانوا ال ميلكون هذا الشيء احلقري،

-ياء ال ميلكوهنا وقوله وهو مما ال حيتاجه الناس، وال يطلبونه، فكيف إذا يطلبون منهم أش t {: هنا-جل وعال Ï% ©!$#uρ šχθ ãã ô‰s? ÏΒ Ïµ ÏΡρ ߊ { )4( )هذا اسم موصول، يعم ) الذين

ني من األموات أو كل من دعي من دون اهللا من املالئكة، أو األنبياء والرسل، أو الصاحل الطاحلني، أو اجلن أو األصنام، أو األشجار، أو األحجار، فكل من دعي وما دعي فإنه ال

فالواجب ! ميلك ولو قطمريا، فإذا كانوا ال ميلكون هذا الشيء مع حقارته، فلم يسألون؟ . أن يتوجه بالسؤال ملن ميلك ذلك

يف هذا الباب، وهذه األحاديث بعد ذلك عدة أحاديث - رمحه اهللا -مث ذكر الشيخ øŠs9 š§{ {: جل وعال -مدارها على بيان قول اهللا s9 zÏΒ ÌøΒ F{$# íó x« { )5( ووجه

. 192: سورة األعراف آية )1( . 14 - 13: سورة فاطر آية )2( . 13: سورة فاطر آية )3( . 13: سورة فاطر آية )4( . 128: سورة آل عمران آية )5(

Page 182: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

182

رسول اهللاأن النفي توجه إىل: االستدالل من هذه األحاديث، وإيراد هذه اآلية هنا . وهو عليه الصالة والسالم سيد ولد آدم

øŠs9 š§{ {: فقوله s9 { )1(يا حممد : أي} zÏΒ ÌøΒ F{$# íó x« { )2( . والالم يف

ال تستحق شيئا، أو ال متلك شيئا، : هي الم االستحقاق، أو الم امللك، يعين ) لك( :قوله ومبا أذن به، فتعظيم النيب - جل وعال -ال تستحقه بذاتك، وإمنا مبا أمر اهللا : يعين

شيء إال ما أذن به؛ وراء ذلك وحمبته فرع عن حمبة اهللا، وتعظيمه جل وعال، فليس له øŠs9 š§{ {: كما قال تعاىل s9 zÏΒ ÌøΒ F{$# íó x« { )3(و كان له عليه الصالة ـ ، ول

الم من األمر شيء لنصر نفسه وأصحابه يوم أحد، ولكن حصل يف يوم أحد ما ـوالسøŠs9 š§{ {: فأنزل اهللا قولهحصل، s9 zÏΒ ÌøΒ F{$# íó x« ÷ρ r& z>θ çG tƒ öΝÍκö n= tæ ÷ρ r& öΝßγ t/Éj‹yè ムöΝßγ ¯ΡÎ* sù

šχθ ßϑÎ=≈ sß ∩⊇⊄∇∪ { )4( .

يف ق ن وت ملا لعن النيب: وكذلك احلديث اآلخر ال ف ج ر ف ل انا و ف ل ان ا م ن الن اس ال ذ ين آذ وا ال م ؤمنني أنزل اهللا قوله :} }§øŠs9 š s9 zÏΒ ÌøΒ F{$# íó x« { )5( )6(لست متلك : يعين

. ذي بعدهوهكذا احلديث ال . شيئا من األمروهو عليه . ال ميلك شيئا من ملكوت اهللا وهذه األحاديث تدل على أن النيب

الصالة والسالم قد بلغ ذلك وبينه، فمن هم دونه عليه الصالة والسالم منفي عنه هذا األمر من باب أوىل، فاملالئكة، واألنبياء والصاحلون من أتباع الرسل وأتباعه عليه الصالة

- بأن ينفى عنهم ذلك، فإذا كان كذلك بطلت كل التوجهات إىل غري اهللا أوىل : والسالم

. 128: سورة آل عمران آية )1( . 128: سورة آل عمران آية )2( . 128: سورة آل عمران آية )3( . 128: سورة آل عمران آية )4( . 128: سورة آل عمران آية )5( . تقدم)6(

Page 183: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

183

دعاء، واستغاثة، : ووجب أن يتوجه بالعبادات، وأنواع التوجهات من -جل وعال . وحده دون ما سواه -جل وعال -إىل احلق : واستعاذة، وذبح، ونذر، وغري ذلك

‘ö { لتأنه ملا نز : ي الباب، وهوـر احلديث األخري فـمث ذك É‹Ρr&uρ y7 s?uϱtã

šÎ/tø% F{$# ∩⊄⊇⊆∪ { )1(قال النيب } يا معشر قريش اشتروا أنفسكم ال أغين عنكم من

ا عباس بن عبد املطلب ال أغين عنك من اهللا شيئا، يا صفية عمة رسول اهللاهللا شيئا، يال أغين عنك من اهللا شيئا، يا فاطمة بنت حممد سليين من مايل ما شئت ال أغين عنك من

، وهذا ظاهر يف أن النيب عليه الصالة والسالم ال يستطيع أن ينفع أحدا من )2( } اهللا شيئا

اهللا له من الرسالة، وأداء األمانة، وأما أنه يغين عنهم من اهللا شيئا، أقربائه إال مبا جعله مل جيعل ألحد من خلقه - جل وعال -فاهللا : ويدفع عنهم العذاب؛ أو النكال، أو العقوبة

من ملكوته شيئا، وإمنا هو سبحانه املتفرد بامللكوت واجلربوت، واملتفرد بالكمال واجلمال . واجلالل

# {: تعاىلباب قول اهللا ¨L ym #sŒÎ) tí Ìh“ èù tã óΟÎγ Î/θ è=è% (#θ ä9$ s% #sŒ$ tΒ tΑ$ s% öΝä3š/u‘ { ...

# {باب قول اهللا تعاىل " ¨L ym #sŒÎ) tí Ìh“èù tã óΟÎγ Î/θ è=è% (#θ ä9$ s% #sŒ$ tΒ tΑ$ s% öΝä3š/u‘ ( (#θ ä9$ s% ¨,ys ø9$# ( uθ èδuρ

’ Í?yèø9$# çÎ6 s3ø9$# ∩⊄⊂∪ { )3(] 23: سبأ .[

إذا قضى اهللا األمر يف السماء {: قال عن النيب ويف الصحيح عن أيب هريرة

حىت إذا . بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك ضربت املالئكةاحلق وهو العلي الكبري، فيسمعها مسترق : ماذا قال ربكم؟ قالوا: فزع عن قلوهبم قالوا

وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بني . ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض . السمع

. 214: سورة الشعراء آية )1(، النسائي الوصايا )3185(، الترمذي تفسري القرآن )206(، مسلم اإلميان )2602(ايا ـخاري الوص ـ الب)2(

. )2732(، الدارمي الرقاق )2/361(، أمحد )3646( . 23: سورة سبأ آية )3(

Page 184: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

184

، مث يلقيها اآلخر إىل من حتته، حىت يلقيها عن فيسمع الكلمة فيلقيها إىل من حتته . أصابعهلسان الساحر أو الكاهن؛ فرمبا أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، ورمبا ألقاها قبل أن يدركه،

كذا وكذا؛ فيصدق : أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: فيكذب معها مائة كذبة فيقال . )1( } بتلك الكلمة اليت مسعت من السماء

إذا أراد اهللا تعاىل أن يوحي { قال رسول اهللا: قال مسعانوعن النواس بن

شديدة خوفا من اهللا . أو قال رعدة . باألمر تكلم بالوحي؛ أخذت السماوات منه رجفة فيكون أول من يرفع . صعقوا وخروا سجدا فإذا مسع ذلك أهل السماوات . عز وجل

رأسه جربيل فيكلمه اهللا من وحيه مبا أراد، مث مير جربيل على املالئكة، كلما مر بسماء قال احلق وهو العلي الكبري، : ماذا قال ربنا يا جربيل؟ فيقول جربيل: سأله مالئكتها

. } أمره اهللافينتهي جربيل بالوحي إىل حيث . فيقولون كلهم مثل ما قال جربيل

: فيه مسائل . تفسري اآلية: األوىلما فيها من احلجة على إبطال الشرك، خصوصا ما تعلق على الصاحلني، وهي : الثانية

. إهنا تقطع عروق شجرة الشرك من القلب : اآلية اليت قيل

θ#) {تفسري قوله : الثالثة ä9$ s% ¨,ys ø9$# ( uθ èδuρ ’ Í?yè ø9$# çÎ6 s3ø9$# ∩⊄⊂∪ { )2( .

. سبب سؤاهلم عن ذلك: الرابعة ". قال كذا وكذا " :أن جربيل جييبهم بعد ذلك بقوله : اخلامسة . ذكر أن أول من يرفع رأسه جربيل : السادسة . كلهم، ألهنم يسألونهأنه يقول ألهل السماوات : السابعة . أن الغشي يعم أهل السماوات كلهم : الثامنة

. )194(، ابن ماجه املقدمة )3223(، الترمذي تفسري القرآن )7043( البخاري التوحيد )1( . 23: سورة سبأ آية )2(

Page 185: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

185

. ارجتاف السماوات بكالم اهللا: التاسعة . أن جربيل هو الذي ينتهي بالوحي إىل حيث أمره اهللا : العاشرة

. ذكر استراق الشياطني: احلادية عشرة . صفة ركوب بعضهم بعضا: الثانية عشرة . هابإرسال الش: الثالثة عشرة

أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارة يلقيها يف أذن وليه من : الرابعة عشرة . اإلنس قبل أن يدركه . كون الكاهن يصدق بعض األحيان : اخلامسة عشرة . كونه يكذب معها مائة كذبة : السادسة عشرة . ءأنه مل يصدق كذبه إال بتلك الكلمة اليت مسعت من السما : السابعة عشرة قبول النفوس للباطل، كيف يتعلقون بواحدة وال يعتربون مبائة؟ : الثامنة عشرة . كوهنم يتلقى بعضهم من بعض تلك الكلمة، وحيفظوهنا ويستدلون هبا : التاسعة عشرة

. إثبات الصفات، خالفا لألشعرية املعطلة : العشرون . جلأن تلك الرجفة والغشي خوف من اهللا عز و : احلادية والعشرون

. أهنم خيرون هللا سجدا : والعشرون : الثانية : الشرح

أن فيه برهانا على أن : - كما ذكرنا سابقا -مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد . املستحق للعبادة هو اهللا جل جالله؛ ألنه هو املتصف بصفات الكمال واجلالل

السماوات جل وعال؛ إذ كل من يف-وهذا الباب فيه ذكر لصفات اجلالل هللا اجلليل؛ ولذلك كان أعرف عمار السماء - سبحانه -واألرض خائف منه، ووجل؛ ألنه

$tβθèù {: ي وصفهم ـال اهللا تعاىل فـم املالئكة الذين ق ـبه ه sƒ s† Νåκ®5u‘ ÏiΒ óΟÎγ Ï% öθ sù tβθ è= yè øtƒ uρ

Page 186: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

186

$ tΒ tβρ ãtΒ ÷σム) ∩∈⊃∪ { )1( يف وصفهم أيضا - جل وعال - وقال } Νèδ uρ ôÏiΒ Ïµ ÏG uŠô±yz

tβθ à)Ïô±ãΒ ∩⊄∇∪ { )2( له سبحانه، وهذه كلها دالئل : ، فصفات اجلالل، والكمال، واجلمال

ق للعبادة وحده دون ما سواه ألنه املتصف بالعظمة الكاملة، وهو الذي على أنه املستح ينبغي أن يهاب وأن خياف منه على احلقيقة، فكل ما يف السماوات واألرض جار على

. وفق أمره سبحانه وتعاىل -جل وعال-ذو األمساء احلسىن، وذو الصفات العلى؛ وهلذا قال : فهو سبحانه وتعاىل

L# {: يف آية سبأ ym #sŒÎ) tí Ìh“ èù tã óΟÎγ Î/θ è= è% (#θ ä9$ s% #sŒ$ tΒ tΑ$ s% öΝä3š/u‘ ( (#θ ä9$ s% ¨,ys ø9$# ( uθ èδ uρ ’ Í?yè ø9$# çÎ6 s3ø9 $#

كة؛ فاملالئكة مع أهنم مقربون إال يعين أزيل الفزع عن قلوب املالئ): فزع( ، و )3( } ∪⊃⊅∩

أهنم شديدوا املعرفة باهللا جل وعال، وشديدوا العلم به، فعلمهم برهبم سبحانه عظيم، ومما أنه هو اجلبار، وأنه هو اجلليل سبحانه، وأنه ذو امللكوت، - جل وعال -يعلمونه عن اهللا

. طرفة عني-ال جل وع-فلهذا اشتد فزعهم منه سبحانه؛ ألنه ال غىن هبم عنه هي : والصفات اليت اشتملت على هذا النوع من الربهان، على استحقاقه تعاىل للعبادة

الصفات اليت تورث اخلوف يف القلب؛ ألن : وهي- جل وعال -صفات اجلالل هللا أهنا تنقسم إىل صفات جالل، : الصفات تنقسم إىل أقسام متنوعة باعتبارات، ومن ذلك

. وصفات مجالفات اليت حتدث يف القلب اخلوف، واهللع، والرهبة من الرب جل وعال، تسمى فالص

صفات اجلالل، والذي يتصف بصفات اجلالل على احلقيقة هو اهللا جل وعال؛ ألنه هو . الكامل يف صفاته سبحانه

. 50: سورة النحل آية )1( . 28: سورة األنبياء آية )2( . 23: سورة سبأ آية )3(

Page 187: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

187

فإن الكامل يف صفاته هو املستحق للعبادة، وأما البشر املخلوقون : فإذا كان كذلكيف صفاهتم، ويعلمون أن حياهتم ليست حياة كاملة، فحيث عرض هلا عرض فإهنم ناقصون

من موت، أو مرض، أو غريمها، فإهنا تضعف بذلك، وتعجز عن أن تعمل شيئا، ورمبا أن البشر ضعاف فقراء، حمتاجون، ليست هلم صفات الكمال، وهذا : هتلك، فحقيقة األمر

.دليل عجزهم، ونقصهم، وأهنم مربوبون، مقهورون وهلذا جيب على العباد أن يتوجهوا بالعبادة إىل من له صفات الكمال، ونعوت

فهذا املراد هبذا الباب وهو . وهو اهللا جل وعال وحده سبحانه وتعاىل : اجلمال، واجلالل . ظاهر حبمد اهللا تعاىل

باب الشفاعة

ö‘É‹Ρr&uρ ϵ {: وقول اهللا تعاىل Î/ t Ï% ©!$# tβθèù$ sƒ s† β r& (#ÿρ ãt±øt ä† 4’ n< Î) óΟÎγ În/u‘   }§øŠs9 Οßγ s9 ÏiΒ Ïµ ÏΡρ ߊ @’ Í< uρ

Ÿω uρ Óì‹Ïx© öΝßγ ¯= yè ©9 tβθà)−G tƒ ∩∈⊇∪ { )1(] 51: األنعام .[

≅ {: وقوله è% °! èπ yè≈x¤±9$# $ YèŠÏΗ sd ( { )2(] وقوله]44: الزمر ، :} tΒ #sŒ “ Ï% ©!$# ßìxô±o„

ÿ…çν y‰Ψ Ïã ω Î) ϵ ÏΡøŒÎ* Î/ 4 { )3(] 255: البقرة .[

x.uρ ÏiΒ 77/ * {: ولهوق n= ¨Β ’Îû ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# Ÿω Í_ øóè? öΝåκçJ yè≈xx© $ º↔ ø‹x© ωÎ) .ÏΒ Ï‰÷è t/ βr& tβ sŒù'tƒ ª!$#

yϑ Ï9 â!$ t±o„ # yÌötƒ uρ ∩⊄∉∪ { )4(] 26: النجم .[

. 51: األنعام آية سورة )1( . 44: سورة الزمر آية )2( . 255: سورة البقرة آية )3( . 26: سورة النجم آية )4(

Page 188: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

188

È≅è% (#θãã {: وقوله ÷Š$# š Ï%©!$# Λä ôϑ tã y— ÏiΒ Èβρߊ «!$# ( Ÿω šχθ à6Î= ôϑ tƒ tΑ$ s)÷WÏΒ ;ο §‘ sŒ † Îû

ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# Ÿω uρ ’ Îû ÇÚö‘ F{$# $ tΒ uρ öΝçλm; $ yϑ ÎγŠ Ïù ÏΒ 78÷Å° $ tΒ uρ …çµ s9 Νåκ÷]ÏΒ ÏiΒ 9Îγ sß ∩⊄⊄∪ Ÿω uρ ßìxΖs? èπ yè≈x¤±9 $#

ÿ…çν y‰Ψ Ïã ω Î) ôyϑ Ï9 šχ ÏŒr& …çµ s9 4 { )1(] 23- 22: سبأ .[

ه املشركون، فنفى أن نفى اهللا عما سواه كل ما يتعلق ب: رمحه اهللا-قال أبو العباس يكون لغريه ملك أو قسط منه، أو يكون عونا هللا، ومل يبق إال الشفاعة فبني أهنا ال تنفع إال

Ÿω {: ملن أذن له الرب كما قال تعاىل uρ šχθãè xô±o„ ωÎ) Çyϑ Ï9 4 |Ós?ö‘ ]28: األنبياء [)2( } #$

وأخرب {فهذه الشفاعة اليت يظنها املشركون هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن،

ارفع رأسك وقل : مث يقال له أنه يأيت فيسجد لربه وحيمده ال يبدأ بالشفاعة أوال النيبمن أسعد الناس : وقال له أبو هريرة { )4( )3( } يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع

شفاعة ألهل فتلك ال)6( )5( } من قال ال إله إال اهللا خالصا من قلبه " بشفاعتك قال

أن اهللا سبحانه هو الذي : اإلخالص بإذن اهللا تعاىل وال تكون ملن أشرك باهللا، وحقيقتهيتفضل على أهل اإلخالص فيغفر هلم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ليكرمه وينال

. املقام احملمود. مواضع فالشفاعة اليت نفاها القرآن ما كان فيها شرك، وهلذا أثبت الشفاعة بإذنه يف

. انتهى كالمه. أهنا ال تكون إال ألهل التوحيد واإلخالص وقد بني النيب : فيه مسائل

. 23، 22: اآليتان سورة سبأ )1( . 28: سورة األنبياء آية )2(، )3/116(، أمحد )4312(، ابن ماجه الزهد )193(، مسلم اإلميان )4206( البخاري تفسري القرآن )3(

. )52(الدارمي املقدمة . )194(ومسلم ) 3340( أخرجه البخاري )4( . )2/373(، أمحد )99( البخاري العلم )5( . )6570( أخرجه البخاري )6(

Page 189: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

189

. تفسري اآليات: األوىل . صفة الشفاعة املنفية : الثانية . صفة الشفاعة املثبتة : الثالثة . ذكر الشفاعة الكربى، وهي املقام احملمود : الرابعة . بدأ بالشفاعة، بل يسجد، فإذا أذن له شفع أنه ال ي صفة ما يفعله : اخلامسة من أسعد الناس هبا؟ : السادسة . أهنا ال تكون ملن أشرك باهللا : السابعة

. الثامنة بيان حقيقتها : الشرح

هذا الباب هو باب الشفاعة، وإيراد هذا الباب بعد البابني قبله مناسب جدا؛ ذلك أن ويستغيثون به ويطلبون منه، أو يسألون غريه من الذين يسألون النيب عليه الصالة والسالم

حنن نعتقد : األولياء أو األنبياء إذا أقيمت عليهم احلجة مبا ذكر من توحيد الربوبية، قالوا - جل وعال -ذلك، ولكن هؤالء الشفعاء مقربون عند اهللا معظمون، قد رفعهم اهللا

فهم يشفعون عند اهللا، فمن عنده، وهلم اجلاه عند الرب جل وعال، وإذا كانوا كذلك . توجه إليهم أرضوه بالشفاعة؛ ألهنم ممن رفعهم اهللا، وهلذا يقبل شفاعاهتم

وهو . رأى حال املشركني واخلرافيني واستحضر حججهم - رمحه اهللا -فكأن الشيخ . كذلك؛ إذ هو أخرب أهل هذه العصور املتأخرة حبجج املشركني

والشفاعة يف . ة ليحاججهم، فهذا باب الشفاعة فلما استحضر ذلك عقد باب الشفاع الزوج؛ ألن الشافع طالب؛ فصار مع صاحب : ، والشفع هو )الشفع (مأخوذة من : األصل

بذلك -فقد صار : الطلب األصلي شفعا، فإذا أراد أحد من آخر شيئا، فجاءه ليشفع له . دافسميت شفاعة؛ ألن صاحب الطلب أصبح شفعا، بعد أن كان فر : شفعا له-

أستشفع : طلب الدعاء، فإذا قال قائل : وطلب الشفاعة هو. الدعاء: والشفاعة هيفالشفاعة طلب؛ فمن . أن يدعو يل عند اهللا أطلب من الرسول : برسول اهللا، فكأنه قال

Page 190: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

190

طلب الدعاء أيضا، وقد : أن الشفاعة دعاء، وهي : استشفع فقد طلب الشفاعة، واخلالصة إله - جل وعال - ورد يف الشرع على إبطال أن يدعي مع اهللا سبق أن قررنا أن كل دليل

آخر، فإنه يصلح أن يكون دليال على إبطال االستشفاع باملوتى الذين غابوا عن دار أنه طالب وألن حقيقة املستشفع أنه - كما تقدم آنفا -التكليف؛ ألن حقيقة الشافع

فع يدعو من أراد منه الشفاعة، طالب أيضا، فالشافع يف ظن املستشفع يدعو، واملستش أستشفع بك، أو أسأل : إذا أتى آت إىل قرب نيب، أو قرب ويل أو حنو ذلك، فقال: يعين

الشفاعة، فمعناه أنه طالب منه، ودعا أن يدعو له؛ فلهذا كان صرفها، أو التوجه هبا إىل ؤال من هذا امليت، شركا أكرب؛ ألهنا يف احلقيقة دعوة لغري اهللا، وس- جل وعال -غري اهللا

ى الشفاعة، وحكم طلبها من األموات، ـفإذا عرفت معن. وتوجه بالطلب والدعاء منه فاعلم أن األحياء الذين هم يف دار التكليف جيوز طلب الشفاعة : وأن ذلك شرك أكرب

أن يطلب منهم الدعاء، لكن قد جياب دعاؤهم، وقد ال جياب، وهذا كما : منهم؛ مبعىنة الناس بعضهم لبعض، بالشفاعة احلسنة، أو بالشفاعة السيئة، كما قال حاصل يف شفاع

Β ôìxô±o„ ºπ {: تعاىل yè≈xx© Zπ uΖ|¡ym { )1(] وقال]85: النساء ، :} tΒ uρ ôìxô±o„ Zπ yè≈xx©

Zπ y∞ÍhŠy™ { )2(] فهذا حيصل لكن من األحياء؛ ألهنم يف دار تكليف ويقدرون ]85: النساء ،

على اإلجابة، وقد أذن اهللا يف طلب الشفاعة منهم؛ وهلذا كان الصحابة يف عهد النيب . أن يدعو له: عليه الصالة والسالم وطلب أن يشفع له، يعين رمبا أتى بعضهم النيب

فمسألة الشفاعة من املسائل اليت ختفي على كثريين مبا يف ذلك بعض أهل العلم؛ ولذا كما - عليه الصالة والسالم -وقع بعضهم يف أغالط، يف مسألة طلب الشفاعة من النيب

ذا ال يعد خالفا يف املسألة؛ ألن هذا اخلالف وه. فعل النووي وابن قدامة يف املغين وغريمهاراجع إىل عدم فهم حقيقة هذا األمر، ومسألة الشفاعة مسألة فيها خفاء؛ وهلذا يقول بعض

. 85: سورة النساء آية )1( . 85: سورة النساء آية )2(

Page 191: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

191

إقامة احلجة يف مسائل التوحيد ختتلف حبسب قوة : أهل العلم من أئمة الدعوة رمحهم اهللا ملخالف هو فيما يتعلق بأصل الشبهة، فأقل الشبهات ورودا، وأيسر احلجج قدوما على ا

-ومن أكثرها اشتباها . دعوة غري اهللا معه، وباالستغاثة بغري اهللا، والذبح لغريه، وحنو ذلك أتى هبذا - رمحه اهللا - مسألة الشفاعة؛ وهلذا فإن الشيخ -إال على احملقق من أهل العلم

أن - الكتاب والسنة مبا ساق من األدلة من -وبني لك " باب الشفاعة " :الباب، وقالالشفاعة اليت تنفع ال تصح إال بشروط، وكذلك فإن هناك شفاعة منفية، فليست كل

له شروط وضوابط، : الشفاعة مقبولة، بل منها ما يقبل، ومنها ماال يقبل؛ فاملقبول منها . فلقيام أوصاف توجب ردها: واملردود منها شفاعة منفية، وشفاعة : قسمان: نة أن الشفاعة الواردة يف القرآن والس : فاحلاصل

عن أهل اإلشراك، وأول األدلة - جل وعال -هي اليت نفاها اهللا : فالشفاعة املنفية. مثبتة : يف بيان هذه املسألة - رمحه اهللا -اليت ساقها الشيخ

} ö‘É‹Ρr&uρ ϵ قوله Î/ t Ï% ©!$# tβθèù$ sƒ s† β r& (#ÿρ ãt±øt ä† 4’ n< Î) óΟÎγ În/u‘   }§øŠs9 Οßγ s9 ÏiΒ Ïµ ÏΡρ ߊ @’ Í< uρ Ÿω uρ

Óì‹Ïx© { )1(] الشفاعة املنفية، وقد نفاها اهللا عن : والشفاعة الواردة هنا هي] 51: األنعام

أما عن . كما نفاها عن غريهممجيع اخللق، مبا يف ذلك الذين خيافون وهم أهل التوحيد، -إذن اهللا للشافع أن يشفع، ورضاه : أهل التوحيد فهي منفية عنهم إال بشروط، وهي

. عن الشافع وعن املشفوع له -جل وعال

øŠs9 Οßγ§{ {: فقوله هنا s9 ÏiΒ Ïµ ÏΡρ ߊ @’ Í< uρ Ÿω uρ Óì‹Ïx© { )2(أن الشفيع يف احلقيقة : يعين

≅ {: دون ما سواه؛ وهلذا عقبها باآلية األخرى، فقال - جل جالله -هو اهللا è% °!

èπ yè≈x¤±9$# $YèŠÏΗ sd ( { )3(] يف -فالشفاعة مجيعا ملك هللا، وأهل اإلميان وغريهم ] 44: الزمر

. 51: سورة األنعام آية )1( . 51: سورة األنعام آية )2( . 44: سورة الزمر آية )3(

Page 192: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

192

- ليس هلم من دون اهللا ويل وال شفيع، فليس من أحد يشفع هلم من دون اهللا -احلقيقة . بإذنه وبرضاه: بل ال بد أن تكون الشفاعة باهللا؛ يعين -جل وعال

هو الذي ميلك ألنه- تعاىل -فإذا تقرر ذلك وأن الشفاعة منفية عن أحد سوى اهللا الشفاعة وحده، بطل تعلق قلوب املشركني الذين يسألون املوتى الشفاعة، مبسألة الشفاعة؛

. ألن الشفاعة ملك هللا، وهذا املدعو ال ميلكها الشفاعة تنفع لكن ال : نعم! لكن هل تنفع الشفاعة مطلقا أم ال بد هلا أيضا من قيود؟

“ tΒ #sŒ {: بعدها ومها قوله جل وعال بد هلا من شروط؛ وهلذا أورد اآليتني Ï% ©!$# ßìxô±o„

ÿ…çν y‰Ψ Ïã ω Î) ϵ ÏΡøŒÎ* Î/ 4 { )1(] وقوله ]255: البقرة ، :} * /x.uρ ÏiΒ 77 n= ¨Β ’ Îû ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# Ÿω Í_ øóè?

öΝåκçJ yè≈xx© $ º↔ ø‹x© ω Î) .ÏΒ Ï‰÷è t/ β r& tβ sŒù'tƒ ª!$# yϑ Ï9 â!$ t±o„ # yÌötƒ uρ ∩⊄∉∪ { )2(] ووجه ]26: النجم ،

ط أن يأذن أنه قيد اإلذن فيها؛ فليس ألحد أن يشفع إال بشر : االستدالل من اآلية األوىل اهللا له، فال أحد يشفع عند اهللا إال بإذنه، فال املالئكة، وال األنبياء، وال املقربون، ميلكون

فإذا كان كذلك . هو الذي ميلك الشفاعة - جل وعال -شيئا من الشفاعات، وإمنا اهللا : هلم؟ ليعلم أوال - جل وعال - فمن الذين يأذن اهللا - جل وعال -وأنه ال بد من إذنه

أن ال أحد يبتدئ بالشفاعة دون أن يأذن اهللا له هبا، فإذا كان ذلك كذلك رجع األمر إىل . أن اهللا هو الذي يوفق للشفاعة، وهو الذي يأذن هبا فال أحد يبتدئ هبا

ω {: وكذلك قال يف اآلية األخرى Î) .ÏΒ Ï‰÷è t/ β r& tβ sŒù'tƒ ª!$# yϑ Ï9 â!$ t±o„ { )3(من : يعين

# {الشافعني yÌötƒ uρ ∩⊄∉∪ { )4(عن املشفوع - أيضا -يرضى قول الشافع، ويرضى : أي

. له

. 255: سورة البقرة آية )1( . 26: سورة النجم آية )2( . 26: سورة النجم آية )3( . 26: سورة النجم آية )4(

Page 193: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

193

أن ال يتعلق أحد مبن : الشروط وهي الفائدة املراد تقريرها يف هذا الباب ففائدة هذه يظن أو يعتقد أن له عند اهللا مقاما وأنه يشفع له عند اهللا، كما يعتقد ذلك أهل الشرك يف آهلتهم، حيث يزعمون أن من توجهوا إليهم بالشفاعة ميلكون ذلك، جزما، فمىت توجه

ب إليهم بالعبادات مث طلب منهم الشفاعة عند اهللا فإهنم إليهم الطالب، وتذلل هلم، وتقر . ال يرد شفاعتهم يشفعون جزما، وأن اهللا إبطال لدعوى أولئك املشركني، واعتقادهم أن أحدا ميلك الشفاعة : فهذه اآليات فيها

بدون إذن اهللا، وبدون رضاه عن املشفوع وإذا ثبت أنه ال أحد ميلكها، وأن من يشفع إمنا له فكيف يتعلق املتعلق هبذا املخلوق، بل - جل وعال -ع بإكرام اهللا له، وبإذنه يشف

الواجب أن يتعلق بالذي ميلك الشفاعة؛ وإذا كان من املتقرر شرعا أن شفاعة النيب - تعاىل -أن طلبها إمنا هو من اهللا : حاصلة يوم القيامة، فهل يصح طلبها منه؟ اجلواب

عليه - هو الذي يفتح، ويلهم النيب - تعاىل -فع فينا نبيك؛ ألنه اللهم ش : فتقول يف ذلك أن يشفع يف فالن ويف فالن، فيمن سألوا اهللا أن يشفع هلم النيب عليه -الصالة والسالم

È≅è% (#θãã {: وقوله: بآية سبأ فقال- رمحه اهللا -الصالة والسالم؛ وهلذا أعقبها الشيخ ÷Š$#

š Ï%©!$# Λä ôϑ tã y— ÏiΒ Èβρߊ «!$# ( Ÿω šχθ à6Î= ôϑ tƒ tΑ$ s)÷WÏΒ ;ο §‘ sŒ † Îû ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# Ÿω uρ ’ Îû ÇÚö‘ F{$# $ tΒ uρ öΝçλm;

$ yϑ ÎγŠ Ïù ÏΒ 78÷Å° $ tΒ uρ …çµ s9 Νåκ÷]ÏΒ ÏiΒ 9Îγ sß ∩⊄⊄∪ { )1(] فهذه اآلية اشتملت على ،]22: سبأ

: أربع حاالتأن يدعوا الذين زعموهم من دون اهللا، وأن ينظروا هل ميلكون مثقال : احلالة األوىل

=Ÿω šχθà6Î {: كما قال جل وعال: واجلواب ! ذرة يف السماوات أو يف األرض؟ ôϑ tƒ

tΑ$ s)÷WÏΒ ;ο §‘ sŒ † Îû ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# Ÿω uρ ’ Îû ÇÚö‘ F{$# { )2( فانتفى عنهم امللك االستقاليل، وهذه هي

. احلالة األوىل

. 22: سورة سبأ آية )1( . 22: سورة سبأ آية )2(

Page 194: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

194

$ {: ي قولهـف: والثانية tΒ uρ öΝçλm; $ yϑ ÎγŠ Ïù ÏΒ 78÷Å° { )1( أن : أيضا- هنا - إذ نفى

يكونوا شركاء هللا يف امللك، ويف تدبري السماوات واألرض، أو يف ملك شيء منهما، فنفى $ {: بعدها أوال أن ميلكوا استقالال، ونفى ثانيا أن ميلكوا شركة، مث قال tΒ uρ …çµ s9 Νåκ÷]ÏΒ

ÏiΒ 9Îγ sß ∩⊄⊄∪ { )2( ىـوله تعال ـو املعاون واملؤازر، والوزير، وق ـه : والظهري :} $ tΒ uρ

…çµ s9 { )3(اهللا تعاىل، و: أي :} Νåκ÷]ÏΒ { )4(من تلك اآلهلة، ما له من وزير وال : يعين

معاون؛ ألنه قد يتبادر إىل ذهن بعض الناس أن مثت من يعني اهللا على تدبري األمور ظن أنه إذا توجه إىل أولئك بالدعاء وبالطلب، وتصريف الشؤون، كاملالئكة أو األنبياء؛ في

كان قد توجه إىل من يعني اهللا، فيعتقد أنه إذا طلب من اهللا فإن اهللا لن يرده؛ ألنه ممن يعني مبا حيصل من املخلوقني - تعاىل -وقد بنوا هذا االعتقاد الفاسد على تشبيه اخلالق ! اهللا

احلاكم، أو األمري إذا كان له من يعينه، ومن بعضهم لبعض؛ فإن امللك يف هذه الدنيا، أو يظاهره، وشفع هذا املعني ألحد فإنه ال يرد شفاعته؛ ألنه حيتاجه؛ فألجل هذه احلاجة ال يرد األمري، أو امللك، شفاعة من كان له ظهريا، فلما ظن هؤالء املشركون أن بعض تلك

مث . اجلاهلي، وهذه هي احلالة الثالثة نفى اهللا هذا االعتقاد- جل وعال -اآلهلة معاونة هللا Ÿω {: أن تلك اآلهلة متلك الشفاعة، فقال جل وعال : نفى أخريا آخر اعتقاد، وهو uρ ßìxΖs?

èπ yè≈x¤±9$# ÿ…çν y‰Ψ Ïã ω Î) ôyϑ Ï9 šχ ÏŒr& …çµ s9 4 # ¨L ym #sŒÎ) tí Ìh“ èù tã óΟÎγ Î/θ è= è% (#θä9$ s% #sŒ$ tΒ tΑ$ s% öΝä3š/u‘ ( (#θ ä9$ s% ¨,ys ø9$# (

. 22: سورة سبأ آية )1( . 22: سورة سبأ آية )2( . 22: سورة سبأ آية )3( . 22: سورة سبأ آية )4(

Page 195: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

195

uθ èδ uρ ’Í?yè ø9$# çÎ6 s3ø9$# ∩⊄⊂∪ { )1(] الشفاعة، وأثبتها بشرط - آخر ما نفى -فنفى ] 23: سبأ

Ÿω {: فقال uρ ßìxΖs? èπ yè≈x¤±9$# ÿ…çν y‰Ψ Ïã ω Î) ôyϑ Ï9 šχ ÏŒr& …çµ s9 4 { )2( وهذه هي احلالة الرابعة ، .

ترتيبا - رمحه اهللا -فاآليات اليت سبقت من أول الباب إىل هنا رتبها اإلمام : إذنة ملك هللا، وليس ألحد أن الشفاع : موضوعيا؛ ووجه االستدالل يف اآلية األوىل والثانية

يشفع بأن : فإذا كان ال ميلك فمن يشفع إذا؟ وكيف يشفع؟ اجلواب . شيء من الشفاعة . يعطى الشفاعة، ويؤذن له هبا، ويكرم هبا

أن اهللا تعاىل نفى شفاعة : هل يشفع الشافع استقالال؟ وجوابه: وسؤال آخر وهو . رضا االستقالل، وأثبت الشفاعة بشرط، وهو شرط اإلذن وال

إذا كان كذلك فمن الذي يؤذن له؟ ومن الذي يرضى له أن يشفع؟ ومن الذي يرضى عنه أن يشفع فيه، هذه ثالثة أسئلة جواهبا يف كالم شيخ اإلسالم حيث قال

: رمحه اهللا-املصنف نفى اهللا عما سواه كل ما يتعلق به املشركون، فنفى أن يكون لغريه " :قال أبو العباس

فبني أهنا ال تنفع إال ملن أذن له . منه، أو يكون عونا هللا، ومل يبق إال الشفاعة ملك أو قسط Ÿω {: الرب، كما قال uρ šχθãè xô±o„ ω Î) Çyϑ Ï9 4 |Ós?ö‘ ، فهذه الشفاعة ]28: األنبياء [)3( } #$

ومعىن قول أيب " ..... يظنها املشركون هي منتفية يوم القيامة كما نفها القرآناليت له - جل وعال -يعين عن مجيع اخللق، إال ملن أثبت اهللا ": منتفية يوم القيامة " :العباس

األصل أن ال شفاعة إال ملن رضي اهللا : االستحقاق، أو أن يكون نائال تلك الشفاعة، يعين . ه جل وعال قوله أو أذن ل

. 23: سورة سبأ آية )1( . 23: سورة سبأ آية )2( . 28: سورة األنبياء آية )3(

Page 196: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

196

أنه وأخرب النيب {كما نفاها القرآن، " : رمحه اهللا-مث قال أبو العباس ابن تيمية

يظنها ، فهذه الشفاعة اليت - رمحه اهللا -قول الشيخ : )1( } يأيت فيسجد لربه، وحيمده

منتفية بدون شروط؛ ألن : يعين " املشركون هي منتفية يوم القيامة، كما نفاها القرآن املشركني يعتقدون أهنا حتصل بدون إذن من اهللا وال رضا؛ ألن الشافع عندهم ميلك

. أهنا ال حتصل إال بالشرط املذكور يف الكتاب والسنة : الشفاعة، ولكن حقيقتها ال يبدأ بالشفاعة -يأيت فيسجد لربه وحيمده : "...... محه اهللا ر-مث قال أبو العباس

". ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع : مث يقال له-أوال

ال إله إال اهللا : من قال " : قالمن أسعد الناس بشفاعتك؟ : وقال له أبو هريرة {

وهو سيد ولد آدم فالدليل األول وهو من السنة فيه أن النيب )3( )2( } خالصا من قلبه

يا حممد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، {: ال يشفع حىت يؤذن له كما يف قوله

يؤذن : لكن من الذي يؤذن له؟ اجلواب . فهذا يف دليل اإلذن )5( )4( } واشفع تشفع

للنيب عليه الصالة والسالم، ويؤذن للرسل فال يبتدئون بالشفاعة من أنفسهم، وإمنا يستأذنون يف الشفاعة فيؤذن هلم؛ ألهنم ال ميلكوهنا، وإمنا الذي ميلكها إمنا هو اهللا سبحانه

. وتعاىلفمن الذي يؤذن يف الشفاعة فيه؟ ومن الذي يرضى عنه يف الشفاعة؟ : يلفإذا ق

من أسعد الناس قال أبو هريرة للنيب {فاجلواب جاء يف احلديث اآلخر؛ حيث

، )3/116(، أمحد )4312(، ابن ماجه الزهد )193(، مسلم اإلميان )4206( البخاري تفسري القرآن )1( . )52(الدارمي املقدمة

. )2/373(، أمحد )99( البخاري العلم )2( . مطوال) 194( أخرجه مسلم )3(، )3/116(، أمحد )4312(، ابن ماجه الزهد )193(، مسلم اإلميان )7072( البخاري التوحيد )4(

. )52(الدارمي املقدمة . )99( أخرجه البخاري )5(

Page 197: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

197

فهذا الذي يرضى )2( )1( } اهللا، خالصا من قلبهال إله إال: من قال " :بشفاعتك؟ قال

أصحاب : فاملخصوصون بنيل الشفاعة هم- جل وعال -عنه، فيشفع فيه، بعد إذن اهللا . اإلخالص من أهل التوحيد، فتبني أن تلك الشفاعة منتفية عن أهل الشرك

وال تكون ملن فتلك الشفاعة ألهل اإلخالص بإذن اهللا " :مث قال أبو العباس ابن تيمية رسال، أم أنبياء، أو صاحلني : أن من توجه إىل املوتى، أيا كانوا : ومعىن هذا ": أشرك باهللا

أو كالصاحلني لطلب الشفاعة منهم فإنه مشرك؛ ألنه توجه بالدعاء لغري اهللا، وأولئك ال أهل ميلكون الشفاعة، وإمنا يشفعون بعد اإلذن والرضا، والرضا يكون عن أهل التوحيد، و

. التوحيد هم الذين ال يسألون الشفاعة أحدا من املوتى - جل وعال -فقد حرم نفسه الشفاعة؛ ألنه أشرك باهللا : فكل من سأل ميتا الشفاعة

. والشفاعة املثبتة، إمنا هي ألهل اإلخالص، ليس ألهل الشرك فيها نصيب . يعين حقيقة الشفاعة": وحقيقته "

أن اهللا سبحانه : وحقيقته " : موضحا حقيقة الشفاعة-اهللا رمحه -مث قال ابن تيمية هو الذي يتفضل على أهل اإلخالص، فيغفر هلم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع

، فهذا الكالم يف مقام بيان حقيقة الشفاعة، فإننا قد ذكرنا "ليكرمه، وينال املقام احملمود !° %è≅ {: كما قال سبحانه بهأن اهللا نفى أن ميلك أحد الشفاعة، وأهنا خاصة

èπ yè≈x¤±9$# $YèŠÏΗ sd ( { )3(] والالم يف قوله ]44: الزمر ، :} °! { )الم امللك، يعين )4 :

øŠs9 Οßγ§{ {الذي ميلك الشفاعة هو اهللا جل وعال، وقال s9 Ïi �j {505 0 7D<0 0 3 2 > T j / T T 1 4 1 11.52 183. a e < 0 0 5 6 > T j / T T 1 3 1 TfTf < 0 0 4 9 > T j / T T 1 2 12/T T 1 8 3 T f - 5 * < 0 0 c 8 > T j / T T 1 3 1 Tf5* < 0 0 0 4 > T j / T T 2 1 T5-1 . 4 2 5 0 TD( )TTj / T T 2 1 Tf0. 5 0 5 0 T*<0 0 9 1 > T j / T T 1 3 1 Tf5* < 0 0 4 9 > T j / T T 1 2 17Tf 0 . 6 4 5 0 5*<0 0 c 8 > T j / T T 1 3 1 Tf5* < 0 0 0 4 > T j / T T 2 1 T1-1 . 4 2 5 0 TD( )T4 Tc( )Tj f - 1 . 7 4 0 b4<0 0 c 0 > T 1 / T T 1 3 1 Tfcc < 0 0 c 8 > T j / T T 1 3 1 f-1. 0 9 0 6b<0 0 3 2 > T j / T T 1 4 1350 1 Tf-0 . 8 d 0 . 0 0 0 7 1/T T 1 3 1 Tfdd < 0 0 4 9 > T j / T T 1 2 1 Tf0. 5 0 5 0 TD<0 0 3 b > T j / T T 1 1 1 Tf89 < 0 0 0 4 > T j / T T 2 ( { )

(

Page 198: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

198

فإن الشفاعة إمنا هي هللا تبارك وتعاىل، وجاءت األدلة بنفي الشفاعة عن ] 51: األنعام[ . اإلذن، والرضا : إمنا هي ألهل اإلخالص، بشرطني: املشركني، وأن الشفاعة النافعة

اب ما حقيقة حصوهلا، وكيف حتصل؟ اجلو : فما حقيقة الشفاعة؟ يعين : إذا تقرر ذلك أن اهللا سبحانه هو الذي يتفضل على : حقيقته " :يف كالم شيخ اإلسالم ابن تيمية يف قوله

عليهم، - جل وعال -يعين أن الذين شفع هلم، إمنا ذلك بتفضل اهللا " أهل اإلخالص أسعد {: وهم أهل اإلخالص؛ حيث جاء يف حديث أيب هريرة قوله عليه الصالة والسالم

خالصا من قلبه {: أو قال)1( } ال إله إال اهللا خالصا من قلبه : الناس بشفاعيت من قال

هو ، فأهل اإلخالص هم الذين يكرمهم اهللا بالشفاعة، فاملتفضل بالشفاعة )2( } ونفسه

انقطع القلب من التعلق بغري اهللا يف طلب الشفاعة؛ ألن : اهللا جل وعال، فإذا ثبت ذلك إمنا : الذين توجهوا إىل املعبودات املختلفة كاألولياء، والصاحلني، واملالئكة، وغريهم

šχθ {: عنهم- جل وعال -توجهوا إليهم رجاء الشفاعة، كما قال ä9θ à)tƒ uρ ÏIω àσ¯≈ yδ

$ tΡàσ¯≈ yè xä© y‰Ψ Ïã «!$# 4 { )3(] فإذ بطل أن تكون هلم الشفاعة وثبت أن املتفضل ]18: يونس ،

إمنا يتفضل هبا على أهل اإلخالص، - جل جالله -بالشفاعة هو اهللا جل وعال، فإن اهللا . بواسطة من دعا، بواسطة دعاء الذي أذن له أن يشفع : فيغفر هلم أي

مل مل يتفضل اهللا عليهم بأن يغفر هلم بدون واسطة الشفاعة؟ واجلواب : وهاهنا سؤالإظهارا لفضل : ، أي "ليكرمه " :عن ذلك ما ذكره شيخ اإلسالم ابن تيمية هنا بقوله

الذي قبلت -أن الشافع : من املعلوم له يف ذلك املقام، فإن - تعاىل -الشافع، وإكرام اهللا يظهر إكرامه ملن أذن له أن - جل وعال - ليس يف املقام مثل املشفوع له؛ فاهللا -شفاعته

يشفع، ويظهر رمحته بالشافع؛ فقد تكون للشافع قرابة، أو أحباب يريد أن يشفع هلم،

. )2/373(، أمحد )99( البخاري العلم )1( . )99( البخاري العلم )2( . 18: سورة يونس آية )3(

Page 199: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

199

أيضا - بل يشفع ليست خاصة بالنيب : فإن الشفاعة يوم القيامة ألهل الكبائر : ولذلكفهذه شفاعات خمتلفة يف أهل الكبائر جعلها اهللا إكراما . األنبياء، واملالئكة، والصاحلون -

على - جل وعال -رمحة باملشفوع له، وإظهارا لفضل اهللا : للشافع، ورمحة به، وأيضا . الشافع، واملشفوع له

لى املأذون له بالشفاعة ع- تعاىل -أن حقيقة الشفاعة تكون بتفضيل اهللا : فاحلاصلوهذا كله . ليشفع وإكرامه بذلك، مث تفضله على املشفوع له ورمحته بقبول الشفاعة فيه

وتفرده بامللك، وتفرده بتدبري - جل وعال - على عظم اهللا - ملن كان له قلب -دال الذي الذي جيري وال جيار عليه، وهو الذي له الشفاعة كلها، وهو - سبحانه -األمر وأنه

فضله، وإحسانه، - سبحانه -له ملك األمر كله؛ ليس ألحد منه شيء، وإمنا يظهر - أن يكون مث تعلق للقلب بغري اهللا - إذا -ورمحته، وكرمه؛ لتتعلق به القلوب، فبطل

صنيع الذي تعلقوا باألولياء، أو تعلقوا - أيضا - ألجل الشفاعة، وبطل -جل وعال ء، أو باملالئكة ألجل الشفاعة، فإذا تبني حد الشفاعة، وحقيقتها، بالصاحلني، أو باألنبيا

وأهنا حمض فضل من اهللا سبحانه وتعاىل وإكرام، أوجب ذلك تعلق القلوب به سبحانه يف طلب الشفاعة، ورجائها؛ فاهللا تعاىل هو املتفضل هبا على احلقيقة، والعباد مكرمون هبا، ال

ول، وإمنا جيلون، وخيافون، ويثنون على اهللا، وحيمدون، يبتدئون بالقول، وال يسبقون بالق . حىت يؤذن هلم بالشفاعة

: أي " فالشفاعة اليت نفاها القرآن ما كان فيها شرك " :مث قال شيخ اإلسالم ابن تيميةøŠs9 Οßγ§{ {: مثل ما يف قوله جل وعال s9 ÏiΒ Ïµ ÏΡρ ߊ @’ Í< uρ Ÿω uρ Óì‹Ïx© { )1(] 51: األنعام [

فإن املشركني ال يشفعون؛ : فهذه شفاعة منفية، وهي الشفاعة اليت فيها شرك، وكذلكفالشفاعة اليت فيها شرك من جهة الطلب، . فالشفاعة يف حقهم منفية؛ ألهنم مل يرض عنهم

فثبت . أن كان مشركا، فإهنا منفية عن هؤالء، بل ال تنفعهمأو من جهة من سئلت له، ب

. 51: سورة األنعام آية )1(

Page 200: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

200

بذلك أن املستحقني للشفاعة هم الذين أنعم اهللا عليهم باإلخالص، ووفقهم لتعظيمه، وتعلقت قلوهبم به وحده دون ما سواه؛ خبالف الذين حرموها من املشركني باهللا الشرك

. اهللا ألهل اإلخالصاألكرب، فال نصيب هلم منها؛ ألن الشفاعة فضل من قال شيخ اإلسالم بعد . وأما الشفاعة املثبتة فهي اليت أثبتت بشرط اإلذن، والرضا

أثبتها بإذنه يف " وهذه هي الشفاعة املثبتة ". وهلذا أثبت الشفاعة بإذنه يف مواضع " :ذلكإما إذن كوين، وإما إذن شرعي؛ فاملأذون له : أي بشرط اإلذن، واإلذن ": مواضع

الشفاعة ال ميكن أن حتصل منه الشفاعة، إال أن يأذن اهللا له كونا بأن يشفع، فإذا منعه اهللا ب . كونا أن يشفع مل حتصل منه الشفاعة وال حتركت هبا لسانه

بأن تكون خالصة وخالية من الشرك، وأن يكون : ومعىن اإلذن يف باب الشفاعةطالب، حيث يشفع له النيب عليه وخيص من ذلك أبو . املشفوع له ليس من أهل الشرك

الصالة والسالم يف ختفيف العذاب عنه، فهي شفاعة ليست يف االنتفاع باإلخراج من جل -النار، إمنا هي يف ختفيف العذاب، خاصة بالنيب عليه الصالة والسالم مبا أوحى اهللا

. إليه، وأذن له بذلك -وعال أهنا وقد بني النيب " : يف آخر كالمه - رمحه اهللا -مث قال شيخ اإلسالم ابن تيمية

فتبني . ، وهذه هي الشفاعة املثبتة بشرط الرضا "ال تكون إال ألهل التوحيد واإلخالص : هبذا الباب أن الشفاعة اليت تعلقت هبا قلوب أولئك اخلرافيني املشركني باطلة؛ وأن قوهلم

} ÏIω àσ¯≈ yδ $ tΡàσ¯≈ yèxä© y‰Ψ Ïã «!$# 4 { )1(] قول باطل؛ إذ الشفاعة اليت تنفع إمنا ] 18: يونس

هي ألهل اإلخالص مث إن طلبها وسؤاهلا من غري اهللا تعاىل مؤذن حبرماهنم إياها، ما داموا . طلبوها من غري اهللا، ووقعوا يف الشرك الصريح

. 18: سورة يونس آية )1(

Page 201: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

201

أن تعلق أولئك بالشفاعة عاد عليهم بعكس ما أرادوا، فإهنم ملا : وخالصة الباب به شرعا؛ حيث - جل وعال -تعلقوا بالشفاعة حرموها؛ ألهنم تعلقوا بشيء مل يأذن اهللا

. استخدموا الشفاعات الشركية، وتوجهوا إىل غري اهللا، وتعلقت قلوهبم هبذا الغري

“ y7ΡÎ) Ÿω {: باب قول اهللا تعاىل ωöκsE ôtΒ |M ö6 t7ôm r& £Å3≈ s9uρ ©!$# “ ωöκu‰ tΒ â!$ t±o„ {

“ y7ΡÎ) Ÿω {: باب قول اهللا تعاىل ωöκsE ôtΒ |M ö6 t7ôm r& £Å3≈ s9uρ ©!$# “ ωöκu‰ tΒ â!$ t±o„ 4 { )1(

] 56: صصالق[ملا حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول : ويف الصحيح عن ابن املسيب عن أبيه قال

يا عم، قل ال إله { وعنده عبد اهللا بن أيب أمية وأبو جهل، فقال له رسول اهللا اهللا

أترغب عن ملة عبد املطلب؟ فأعاد عليه : إال اهللا، كلمة أحاج لك هبا عند اهللا، فقاال له ال إله إال : هو على ملة عبد املطلب، وأىب أن يقول : فأعادا، فكان آخر ما قال النيب

$ { ، فأنزل اهللا"ألستغفرن لك، ما مل أنه عنك " اهللا، فقال النيب tΒ šχ% x. Äc É<¨Ζ= Ï9

š Ï%©!$#uρ (#þθ ãΖtΒ#u βr& (#ρ ãÏøó tG ó¡o„ tÅ2 Îô³ßϑ ù= Ï9 öθ s9uρ (#þθ çΡ% Ÿ2 ’ Í<'ρ é& 2† n1öè% { )2(] 113: التوبة .[

y7 {: يف أيب طالب - تبارك وتعاىل -وأنزل اهللا ¨ΡÎ) Ÿω “ ωöκsE ôtΒ |M ö6 t7ôm r& £Å3≈ s9uρ ©!$# “ ωöκu‰

tΒ â!$ t±o„ 4 { )3( {] 56: القصص[ )4( .

: فيه مسائل

y7 {: تفسري: األوىل ¨ΡÎ) Ÿω “ ωöκsE ôtΒ |M ö6 t7ôm r& £Å3≈ s9uρ ©!$# “ ωöκu‰ tΒ â!$ t±o„ 4 { )5( .

. 56: سورة القصص آية)1( . 113: سورة التوبة آية )2( . 56: سورة القصص آية)3( . )24(، ومسلم )6681(و ) 4772(و ) 4675(و ) 3884(و ) 1360( أخرجه البخاري )4( . 56: سورة القصص آية)5(

Page 202: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

202

$ {: الثانية تفسري قوله tΒ šχ% x. Äc É<¨Ζ= Ï9 šÏ% ©!$#uρ (#þθ ãΖtΒ#u βr& (#ρ ãÏøó tG ó¡o„ tÅ2 Îô³ßϑ ù= Ï9 öθ s9 uρ

(#þθ çΡ% Ÿ2 ’ Í< 'ρ é& 2† n1öè% .ÏΒ Ï‰÷è t/ $ tΒ št7s? öΝçλm; öΝåκΞr& Ü=≈ ys ô¹ r& ÉΟŠ Ås pgø: $# ∩⊇⊇⊂∪ { )1( .

ف ما عليه ، خبال)2( } قل ال إله إال اهللا {: وهي املسألة الكربى تفسري قوله : الثالثة

. من يدعي العلم

قل ال إله إال {: إذا قال للرجل أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النيب : الرابعة

. ؛ فقبح اهللا من أبو جهل أعلم منه بأصل اإلسالم )3( } اهللا

. ومبالغته يف إسالم عمه جده : اخلامسة . لى من زعم إسالم عبد املطلب وأسالفه الرد ع : السادسة . استغفر له فلم يغفر له، بل هني عن ذلك كونه: السابعة . مضرة أصحاب السوء على اإلنسان : الثامنة . مضرة تعظيم األسالف واألكابر: التاسعة . استدالل اجلاهلية بذلك: العاشرة

. قاهلا لنفعتهالشاهد لكون األعمال باخلواتيم؛ ألنه لو: احلادية عشرة التأمل يف كرب هذه الشبهة يف قلوب الضالني؛ ألن يف القصة أهنم مل : الثانية عشرة

فألجل عظمتها ووضوحها عندهم اقتصروا . وتكريره جيادلوه إال هبا؛ مع مبالغته . عليها

: الشرح : مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد

. 113: سورة التوبة آية )1( . )5/433(، أمحد )2035(، النسائي اجلنائز )24(، مسلم اإلميان )1294( البخاري اجلنائز )2( . )5/433(، أمحد )2035(، النسائي اجلنائز )24(، مسلم اإلميان )1294( البخاري اجلنائز )3(

Page 203: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

203

به املتعلقون بغري اهللا؛ أن حيصل هلم النفع أن اهلداية من أعز املطالب، وأعظم ما تعلق وهو أفضل وملا كان النيب . الدنيوي واألخروي من الذين توجهوا إليهم، واستشفعوا هبم

دل - وهي نوع من أنواع املنافع -اخللق، وسيد ولد آدم قد نفى اهللا عنه أن ميلك اهلداية شيء، كما جاء فيما سبق يف باب ذلك على أنه عليه الصالة والسالم، ليس له من األمر

tβθ {: قول اهللا تعاىل ä.Îô³ç„ r& $ tΒ Ÿω ß,è= øƒ s† $ \↔ ø‹x© öΝèδ uρ tβθ à)n= øƒ ä† ∩⊇⊇∪ { )1(] يف ] 191: األنعام

øŠs9 š§{ {: سبب نزول قول اهللا تعاىل s9 zÏΒ ÌøΒ F{$# íó x« { )2(] فإذا ]128: آل عمران ،

ليس له من األمر شيء، وال يستطيع أن ينفع قرابته، - عليه الصالة والسالم -كان النيب من اهللا يا فاطمة بنت حممد سليين من مايل ما شئت، ال أغين عنك " :كما جاء يف قوله

- جل وعال - وأنه ال يغين من اهللا إذا كان هذا يف حق املصطفى : أقول)3( " شيئاعن أحبابه شيئا، وعن أقاربه شيئا وال ميلك شيئا من األمر، وليست بيده هداية التوفيق،

. من باب أوىل فإنه أن ينتفي ذلك، وما دونه، عن غري النيب بغري اهللا جل وعال؛ ألن كل - من هذه األمة - كل تعلق للمشركني - إذا -فبطل

من تعلقوا به هو دون النيب عليه الصالة والسالم باإلمجاع، فإذا كانت هذه حال النيب عليه الصالة والسالم، وقد نفى اهللا عنه ملك هذه األمور، فإن نفي ذلك عن غريه من باب

. أوىل

y7 {باب قول اهللا تعاىل " :قال هنا ¨ΡÎ) Ÿω “ ωöκsE ôtΒ |Mö6 t7ôm r& { )4(: )هنا نافية، ) ال

هي هداية التوفيق، واإلهلام اخلاص، واإلعانة اخلاصة، : اهلداية املنفية هنا " هتدي " وقوله جيعل - جل وعال -أن اهللا : اإلهلام، ومعناها هداية التوفيق و : وهي اليت يسميها العلماء

فالتوفيق إعانة خاصة . يف قلب العبد من اإلعانة اخلاصة على قبول اهلدى، ما ال جيعله لغريه

. 191: سورة األعراف آية )1( . 128: سورة آل عمران آية )2( . )208(ومسلم ) 4770( أخرجه البخاري )3( . 56: سورة القصص آية)4(

Page 204: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

204

فجعل هذا يف القلوب ليس إىل النيب . ملن أراد اهللا توفيقه؛ حبيث يقبل اهلدى ويسعى فيه كيف يشاء، حىت إن أحب الناس إليه صلى اهللا عليه وسلم؛ إذ القلوب بيد اهللا يقلبها

أن جيعله مسلما مهتديا، وقد كان أبو طالب من - عليه الصالة والسالم -ال يستطيع : فاملنفي هنا يف قوله. له، ومع ذلك مل يستطع أن يهديه هداية توفيق أنفع قرابة النيب

. هي هداية التوفيق] هتدي[هداية الداللة واإلرشاد، وهذه ثابتة : املكلف هيوالنوع الثاين من اهلداية املتعلقة ب

$! {: خبصوصه، ولكل داع إىل اهللا، ولكل نيب ورسول، قال جل وعال للنيب yϑ ¯ΡÎ) |MΡr&

Ö‘ É‹ΖãΒ ( Èe≅ä3Ï9uρ BΘöθ s% >Š$ yδ ∩∠∪ { )1(] يف نبيه عليه الصالة - جل وعال -، وقال ]7: الرعد

y7 {: والسالم ¯ΡÎ)uρ ü“ ωöκtJ s9 4’ n< Î) :Þ≡uÅÀ 5ΟŠ É)tG ó¡•Β ∩∈⊄∪ ÅÞ≡uÅÀ «!$# { )2(] 53 - 52: الشورى

لتدل وترشد إىل صراط مستقيم بأبلغ أنواع الداللة، وأبلغ أنواع : أي] لتهدي[ومعىن ]اإلرشاد، املؤيدين باملعجزات والرباهني الدالة على صدق ذلك اهلادي، وصدق ذلك

. املرشدأن النفع، وطلب النفع يف : هداية التوفيق، وهذا يعين : هي- إذا -فاهلداية املنتفية

- عليه الصالة والسالم -هذه املطالب املهمة جيب أن يكون من اهللا جل وعال، وحممد مع عظم شأنه عند ربه، وعظم مقامه عند ربه، وأنه سيد ولد آدم، وأفضل اخللق عليه

ميلك من األمر شيئا عليه الصالة إال أنه ال : الصالة والسالم، وأشرف األنبياء واملرسلني . والسالم

كاهلداية، واملغفرة، وطلب الرضوان، - تعلق القلوب يف املطالب املهمة - إذا -فبطل فإنه هو الذي جيب أن - جل وعال - إال باهللا -وطلب دفع الشرور، ويف جلب اخلريات

. 7: سورة الرعد آية )1( . 53 - 52: شورى آية سورة ال)2(

Page 205: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

205

إقباال عليه، وإعراضا خضوعا، وإنابة، ورغبا، ورهبا، و- جل وعال -تتعلق القلوب به . عما سواه سبحانه وتعاىل

ملا حضرت أبا طالب الوفاة {: يف الصحيح عن ابن املسيب عن أبيه قال " :قوله

يا عم " هل، فقال له رسول اهللا وعنده عبد اهللا بن أيب أمية وأبو ج جاءه رسول اهللاأترغب عن ملة عبد املطلب؟ : ، فقاال له"ال إله إال اهللا، كلمة أحاج لك هبا عند اهللا : قل

: هو على ملة عبد املطلب، وأىب أن يقول : فأعادا، فكان آخر ما قال فأعاد عليه النيب . )1( } ال إله إال اهللا

ليست كلمة ) ال إله إال اهللا ( أن هذه الكلمة :يف هذا القدر من احلديث فائدة، وهيوالعرب كانوا لصالبتهم، وعزهتم، . جمردة عن املعىن، تنفع من قاهلا، ولو مل يقر مبعناها

ورجولتهم، ومعرفتهم مبا يقولون إذا تكلموا، أو خوطبوا بكالم، يعون كل حرف، وكل ا ال إله إال اهللا مع أهنا كلمة قولو: كلمة خوطبوا هبا، أو نطقوا هبا؛ ولذلك ملا قيل هلم

- جل وعال -إبطال إهلية من سوى اهللا : يسرية أبوا؛ ألهنم يعلمون أن هذه الكلمة معناها öΝåκΞÎ) (#þθ {: وهلذا قال جل وعال çΡ% x. #sŒÎ) Ÿ≅‹ Ï% öΝçλm; Iω tµ≈ s9Î) ω Î) ª!$# tβρ çÉ9 õ3tG ó¡o„ ∩⊂∈∪ tβθä9θ à)tƒ uρ $ ¨ΖÍ← r&

(#þθ ä.Í‘$ tG s9 $ oΨ ÏG yγ Ï9#u 9Ïã$ t±Ï9 ¥βθ ãΖøg¤Χ ∩⊂∉∪ ö≅ t/ u!% y` Èd,pt ø: $$ Î/ s−£‰|¹ uρ tÎ= y™ ößϑ ø9$# ∩⊂∠∪ { )2( اآليات

خمربا عن قوهلم يف أول - جل وعال -، وكذلك قول اهللا ]37 - 35: الصافات[≅Ÿ {): ص( سورة yè y_ r& sπ oλÎ; Fψ$# $ Yγ≈ s9Î) #´‰Ïn≡uρ ( { )3(] استنكروا قول] 5: ص: ) ال إله إال

ال إله إال اهللا، كلمة : قل { و الذي حصل مع أيب طالب ملا قال له النيبوهذا ه ). اهللا

فلو كانت كلمة جمردة من املعىن عندهم، أو ميكن أن يقوهلا . )4( } أحاج لك هبا عند اهللا

. )5/433(، أمحد )2035(، النسائي اجلنائز )24(، مسلم اإلميان )4494( البخاري تفسري القرآن )1( . 37 - 35: سورة الصافات آية )2( . 5: سورة ص آية)3( . )5/433(، أمحد )2035(، النسائي اجلنائز )24(، مسلم اإلميان )3671( البخاري املناقب )4(

Page 206: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

206

لقاهلا، ولكن ليس هذا هو : يها ويقني وانتفاء الريباملرء دون اعتقاد ما فيها، ورضى مبا ف ، بل املقصود هو قوهلا مع متام اليقني هبا، وانتفاء الريب، )ال إله إال اهللا ( املقصود من قول

. والعلم، واحملبة، إىل آخر الشروط املعروفة اهللا والعياذ ب -هذا فيه ": أترغب عن ملة عبد املطلب " :فقاال له: وقوله يف احلديث

. ضرر جليس السوء على اجملالس له -

ال إله إال اهللا، : هو على ملة عبد املطلب، وأىب أن يقول: فكان آخر ما قال {: وقوله

وهذا موطن الشاهد من هذا : )1( } ألستغفرن لك، ما مل أنه عنك " فقال النيب

)2( } ألستغفرن لك {: قال ومناسبة هذا احلديث، هلذا الباب أن النيب. احلديث

: هي اليت تقع يف جواب القسم؛ فثم قسم مقدر، تقديره " ألستغفرن " :والالم يف قوله هل نفع استغفار : لعمه، ولكن فاالستغفار حصل من النيب. واهللا ألستغفرن لك

. له؟؟ مل ينفعه ذلك النيبمن جنس طلب املغفرة، فاالستغفار طلب املغفرة، : وطلب الشفاعة واالستشفاع هو

شفاعته لعمه؛ والشفاعة قد يكون منها طلب املغفرة، ولكن مل يقبل اهللا تعاىل من النيب ال ال تنفعان أهل الشرك، والنيبألن املطلوب له كان مشركا، واالستغفار والشفاعة

ميلك أن ينفع مشركا بالشفاعة له مبغفرة ذنوبه، أو أن ينفع أحدا ممن توجه إليه بدعوة؛ أو ألستغفرن {: أو جلب اخلريات له؛ هلذا قال . استغاثة، أو استعانة إلزالة ما به من كربات

$ { فأنزل اهللا)3( } لك ما مل أنه عنك tΒ šχ% x. Äc É<¨Ζ= Ï9 š Ï%©!$#uρ (#þθ ãΖtΒ#u β r& (#ρ ãÏøó tG ó¡ o„

tÅ2 Îô³ßϑ ù= Ï9 öθ s9uρ (#þθ çΡ% Ÿ2 ’ Í< 'ρ é& 2† n1öè% .ÏΒ Ï‰÷èt/ $ tΒ š ¨t7s? öΝçλm; öΝåκΞr& Ü=≈ ys ô¹ r& ÉΟŠ Ås pgø: $# ∩⊇⊇⊂∪ { )4(

. )5/433(، أمحد )2035(، النسائي اجلنائز )24(، مسلم اإلميان )1294( البخاري اجلنائز )1( . )5/433(، أمحد )2035(، النسائي اجلنائز )24(، مسلم اإلميان )1294( البخاري اجلنائز )2( . )5/433(، أمحد )2035(، النسائي اجلنائز )24(، مسلم اإلميان )1294( البخاري اجلنائز )3( . 113: سورة التوبة آية )4(

Page 207: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

207

أن يستغفر هنى النيب- جل وعال -أن اهللا : ، وهذا ظاهر يف املقام ]113: التوبة[ . للمشركني : يف الكتاب والسنة تأيت على استعمالني) ما كان( كلمة: فائدة

. النهي: االستعمال األول . النفي: واالستعمال الثاين

$ {: ة، وهي قوله مثل هذه اآلي : فالنهي tΒ šχ% x. Äc É<¨Ζ= Ï9 š Ï%©!$#uρ (#þθ ãΖtΒ#u β r& (#ρ ãÏøó tG ó¡o„

tÅ2 Îô³ßϑ ù= Ï9 { )1(] فهذا هني عن االستغفار هلم، وكذلك قوله ]122التوبة ، :} * $ tΒ uρ

šχ% x. tβθ ãΖÏΒ ÷σßϑ ø9$# (#ρ ãÏΨ uŠÏ9 Zπ ©ù!$ Ÿ2 4 { )2( والنفي كقوله ، :} $ tΒ uρ $ ¨Ζà2 ’ Å5Î= ôγ ãΒ #” tà)ø9$# ω Î)

$ yγ è= ÷δr&uρ šχθßϑ Î=≈sß ∩∈∪ { )3(] وحنو ذلك من اآليات ]59: القصص ، .

- هنا -تأيت يف القرآن على هذين املعنيني، فاملراد هبا ) ما كان( فإذا عرفنا أن كلمة هنى الرسل، فإذا كان اهللا. النهي عن االستغفار ألحد من املشركني: النهي، أي

عن االستغفار هلؤالء - يف حال حياهتم -ياء، وغريهم من أهل الصالح واألنبياء، واألول: أنه لو فرض أهنم يقدرون على االستغفار يف حال حياهتم الربزخية : املشركني، فهذا يدل

لطلب - حال موهتم -فإهنم لن يستغفروا للمشركني، ولن يسألوا اهللا ملن توجه إليهم . واهللا أعلم . ها من العبادات، وأنواع التوجهات االستشفاع، أو لطلب اإلغاثة، أو غري

y7 {: وأنزل اهللا يف أيب طالب : قال ¨Ρ Î) Ÿω “ ω öκ sE ô tΒ |M ö6 t7 ôm r& £ Å3≈ s9 uρ ©! $# “ ω öκ u‰ tΒ

â !$ t± o„ 4 { )4(] 56: القصص .[

. 113: سورة التوبة آية )1( . 122: سورة التوبة آية )2( . 59: سورة القصص آية)3( . 56: سورة القصص آية)4(

Page 208: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

208

اب ما جاء أن سبب كفر بين آدم وتركهم دينهم هو الغلو يف الصاحلني ب

≅Ÿ {: ىـول اهللا تعالـوق ÷δ r'≈ tƒ É=≈ tG Å6ø9$# Ÿω (#θè= øó s? ’Îû öΝà6ÏΖƒ ÏŠ Ÿω uρ (#θ ä9θ à)s? ’ n?tã «!$# ω Î)

¨,ys ø9$# 4 { )1(] 171النساء .[

θ#) {: يف قول اهللا تعاىل : قال- رضي اهللا عنهما -ويف الصحيح عن ابن عباس ä9$ s% uρ

Ÿω ¨βâ‘ x‹s? ö/ä3tG yγ Ï9#u Ÿω uρ ¨β â‘ x‹s? #tŠuρ Ÿω uρ % Yæ# uθ ß™ Ÿω uρ šWθ äó tƒ s−θ ãè tƒ uρ #Zô£nΣ uρ ∩⊄⊂∪ { )2(] 23: نوح .[

: هذه أمساء رجال صاحلني من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إىل قومهم : قالأن انصبوا إىل جمالسهم اليت كانوا جيلسون فيها أنصابا، ومسوها بأمسائهم، ففعلوا، فلم

. )3( .تعبد، حىت إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت ملا ماتوا عكفوا على قبورهم، مث صوروا : قال غري واحد من السلف : وقال ابن القيم

. )4( .متاثيلهم، مث طال عليهم األمد، فعبدوهم

ين كما أطرت النصارى ابن مرمي إمنا أنا ال تطرو {: قال وعن عمر أن رسول اهللا

)6( . أخرجاه )5( } عبد اهللا ورسوله: عبد، فقولوا

. 171: سورة النساء آية )1( . 23: سورة نوح آية )2( . )4920( أخرجه البخاري )3( . 223 - 552ط دار ابن زيدون . لهفان إغاثة ال)4( . )1/47(، أمحد )3261( البخاري أحاديث األنبياء )5( . )1691(ومسلم ) 6830) (3445( أخرجه البخاري )6(

Page 209: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

209

)2( )1( } إياكم والغلو فإمنا أهلك من كان قبلكم الغلو { قال رسول اهللا: وقال

قاهلا ". هلك املتنطعون {: قال اهللاعن ابن مسعود أن رسول : وملسلم

. )4( )3( } ثالثا

: فيه مسائلأن من فهم هذا الباب وبابني بعده؛ تبني له غربة اإلسالم، ورأى من قدرة اهللا : األوىل

. وتقليبه للقلوب العجب . أنه بشبهة الصاحلنيمعرفة أول شرك حدث يف األرض : الثانية . أول شيء غري به دين األنبياء، وما سبب ذلك، مع معرفة أن اهللا أرسلهم : الثالثة . قبول البدع، مع كون الشرائع والفطر تردها : الرابعةفعل : والثاين . مزج احلق بالباطل، فاألول حمبة الصاحلني : أن سبب ذلك كله : اخلامسة

. ا به خريا، فظن من بعدهم أهنم أرادوا به غريه أناس من أهل العلم شيئا، أرادو . تفسري اآلية اليت يف سورة نوح: السادسة . جبلة اآلدمي يف كون احلق ينقص يف قلبه والباطل يزيد : السابعة . فيه شاهد ملا نقل عن السلف، أن البدع سبب الكفر : الثامنة . قصد الفاعلمعرفة الشيطان مبا تؤول إليه البدعة، ولو حسن : التاسعة . معرفة القاعدة الكلية، وهي النهي عن الغلو ومعرفة ما يؤول إليه : العاشرة

. مضرة العكوف على القرب ألجل عمل صاحل : احلادية عشرة . معرفة النهي عن التماثيل، واحلكمة يف إزالتها : الثانية عشرة . غفلة عنهامعرفة شأن هذه القصة، وشدة احلاجة إليها مع ال : الثالثة عشرة

. )3057( النسائي مناسك احلج )1( . )3064( وابن ماجه 347، 215 / 1 أخرجه أمحد )2( . )1/386(، أمحد )4608(ة ، أبو داود السن )2670( مسلم العلم )3( . )2670( أخرجه مسلم )4(

Page 210: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

210

قراءهتم إياها يف كتب التفسري واحلديث، : وهي أعجب وأعجب : الرابعة عشرة ومعرفتهم مبعىن الكالم، وكون اهللا حال بينهم وبني قلوهبم، حىت اعتقدوا أن فعل قوم نوح

. أفضل العبادات؛ فاعتقدوا أن ما هنى اهللا ورسوله عنه، فهو الكفر املبيح للدم واملال . التصريح بأهنم مل يريدوا إال الشفاعة: ةاخلامسة عشر . ظنهم أن العلماء الذين صوروا الصور، أرادوا ذلك : السادسة عشرة

لنصارى ابن ال تطروين كما أطرت ا {: البيان العظيم يف قوله: السابعة عشرة

. فصلوات اهللا وسالمه على من بلغ البالغ املبني )1( } مرمي

. نصيحته إيانا هبالك املتنطعني: الثامنة عشرةالتصريح بأهنا مل تعبد حىت نسي العلم؛ ففيها بيان معرفة قدر وجوده، : التاسعة عشرة

. ومضرة فقده . موت العلماء : أن سبب فقد العلم : العشرون : الشرح فيما سبق من األبواب أصوال عظيمة، وأقام الرباهني على - رمحه اهللا - الشيخ بني

التوحيد، وبني ما يتعلق به املشركون، وأبطل أصول اعتقادهم بالشريك، أو الظهري، أو . الشفيع، وحنو ذلك

دخل - إذا -فإذا كان التوحيد ظاهرا، واألدلة عليه من النصوص بينة، فكيف ع الناس فيه؛ واألدلة على انتفائه، وبطالنه، وعدم جوازه ظاهرة؟ مع أن الشرك؟ وكيف وق

$ ô‰s)s9uρ {: الرسل مجيعا بعثوا، ليعبد اهللا وحده دون ما سواه، كما قال تعاىل uΖ÷Wyè t/ ’ Îû

Èe≅ à2 7π ¨Βé& »ωθ ß™ §‘ Âχ r& (#ρ ߉ç6 ôã$# ©!$# (#θç7Ï⊥ tG ô_ $#uρ |Nθ äó≈©Ü9$# ( Νßγ ÷Ψ Ïϑ sù ôΒ “ y‰yδ ª!$# Νßγ ÷Ψ ÏΒuρ ï∅ ¨Β ôM¤)ym

ϵ ø‹n= tã ä' s#≈ n= Ò9$# 4 { )2(] فما سبب الغواية؟ وما سبب الشرك؟ فإذا كانت ]36: النحل ،

. )1/47(، أمحد )3261( البخاري أحاديث األنبياء )1( . 36: سورة النحل آية )2(

Page 211: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

211

على وجوب قضية التوحيد من أوضح الواضحات، واألبواب السالفة دالة بظهور ووضوح جل جالله وتقدست -إحقاق عبادة اهللا وحده، وعلى إبطال عبادة كل من سوى اهللا

فما سبب وقوع الشرك إذا؟ وكيف وقعت فيه األمم؟ ولألجوبة على هذه -أمساؤه هذا الباب وما بعده؛ ليبني أن سبب الشرك، وسبب - رمحه اهللا -األسئلة أورد الشيخ

سواء يف هذه عنه، وهنى عنه رسوله - جل وعال - اهللا الغلو الذي هنى : الكفر هوالغلو يف الصاحلني، بل : األمة أو يف األمم السابقة، فأحد أسباب وقوع الكفر والشرك هو

. هو سببهما األعظمباب ما جاء أن سبب كفر بين آدم وتركهم دينهم هو الغلو يف " :قال هنا . ألصول والعقائدهذا ذكر لألسباب، بعد ذكر ا " الصاحلني

إذا جاوز به : يغلو، غلوا : مأخوذ من غال الشيء : الغلو ": هو الغلو يف الصاحلني " ذه مبثل ه " : ملا رمى اجلمرات حبصيات، قال أن النيب {حده، وقد جاء يف احلديث

ال جتاوزوا احلد حىت يف حجم تلك احلصاة، : يعين)2( )1( } فارموا وإياكم والغلو

مبثل هذه {: ومقدارها؛ ولذلك أرشدهم إىل احلجم الذي ينبغي أن تكون عليه بقوله

جاوز احلد الذي : عينفإنه قد غال، ي: فإذا جاوز يف املثلية، بأن رمى بكبرية)3( } فارموا

. جماوزة احلد: هو- إذا -حد له يف ذلك، فالغلو ـ الذي هو سبب كفر بين آدم، وتركهم، دينهم " الغلو يف الصاحلني " واملقصود ب

. أهنم جتاوزوا احلد الواجب يف تعظيمهم حىت آل هبم األمر إىل الشرك : الذي أمروا به

. )3057( النسائي مناسك احلج )1(وصححه الذهيب ) 3064(ابن ماجه ) 268 / 5(والنسائي ) 347 - 215 / 1( رواه أمحد يف املسند )2(

. 106ووي وابن تيمية يف االقتضاء ص والن . )6/379(، أمحد )3028(، ابن ماجه املناسك )1966( أبو داود املناسك )3(

Page 212: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

212

به هذا الوصف، من األنبياء، والرسل، يشمل كل من قام ": الصاحلون " :وقوله . واألولياء، من أي أمة كانوا

هو اسم من قام به الصالح، : والصاحل ). الصاحل ( أهنا مجع) الصاحلني( وأصل كلمة ما يقابل الفساد، وتارة : والصالح يف الكتاب والسنة تارة يكون مبعىن نفي الفساد أي

مبعىن ليس بذي فساد، ويقال أيضا صاحل يكون مبعىن ما يقابل السيئات، فيقال صاحل . ليس بسيئ: مبعىن

-جل وعال -أهل الطاعة واإلخالص هللا : أهل الصالح يعين: والصاحلون هنا املراد هبم الذين اجتنبوا الفساد واجتنبوا السيئات، وهم الذين اشتركوا يف فعل الطاعات وترك

لصاحل يقع شرعا على املقتصد، وعلى احملرمات، أو كانوا من السابقني باخلريات، فاسم االسابق باخلريات؛ فاملقتصد صاحل، والسابق باخلريات، صاحل وكل درجات عند اله جل

. وعالجماوزة احلد فيهم، لكن ما احلد الذي أذن به الشرع يف : يعين " والغلو يف الصاحلني "

أهنم إذا كانوا : اجلواب حق الصاحلني، حىت نعلم مىت يكون تعظيمهم جماوزة للحد املعلوم؟ فباألخذ بشرائعهم، واتباعهم، واالقتداء هبم، مع احملبة، واالحترام، واملواالة، : من الرسل

أما الغلو فيهم جماوزة . والنصرة، وغري ذلك من املعاين الداخلة يف احلد املأذون به يف حقهم لت فيهم خصائص ذلك احلد، وهو حبر ال ساحل له، فمما حصل من الغلو فيهم أهنم جع

أنه يعلم سر اللوح والقلم، وأنه من جوده الدنيا وضرهتا اإلهلية كما ادعاه يف حق نبينا ـ ): الربدة( كما قاله البوصريي يف قصيدته املشهورة، املسماة ب

مـن جـودك الدنـيا وضـرهتا فـإن علومـك عـلم اللوح والقلم ومـن فهذا من الغلو املنهي عنه، وكذلك قوله يف النيب أن هذا ال يليق إال باهللا، : املعلومومن

: عليه الصالة والسالم، غاليا فيه أعظم الغلو ــو امسـه حـني يدعى دارس الرمم أحـيا ــه عظمــا ل ناســبت قــدره آيات

Page 213: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

213

حىت : إن النيب عليه الصالة والسالم مل يعط آية تناسب قدره، قال الشراح : يقولوالقرآن املتلو خبالف غري املتلو عند : يقولون. لعياذ باهللا وا القرآن ال يناسب قدر النيب

. األشاعرة؛ ألهنم يفرقون بني هذا وهذا - يعين النيب عليه الصالة والسالم -لو ناسبت قدره : فهذا البوصريي يغلو ويقول

أحيا امسه حني يدعى دارس الرمم، فالذي يناسب قدره، - يعين يف العظمة -آياته عظما وصريي أنه إذا ذكر امسه على ميت قد درس، وذهب رميمه يف األرض، وذهبت عند الب

عليه، وهذا من أنواع الغلو عظامه أن تتجمع هذه العظام وحتىي، ألجل ذكر اسم النيب ويتوجهون إىل األنبياء والرسل، - جل وعال -الذي حيصل من الذين يعبدون غري اهللا ما ال إذن هلم به، بل هو من الشرك األكرب باهللا وجيعلون يف حقهم من خصائص األلوهية

. جل وعال، ومن سوء الظن باهللا، ومن تشبيه املخلوق باخلالق، وهذا كفر والعياذ باهللا والغلو مذموم . فاحلد املأذون به شرعا يف حقهم مطلوب، وهذه هي احلالة األوىل

. اء، يف حقهم وهي احلالة الثالثة اجلف: شرعا، ومنهي عنه، وهذه هي احلالة الثانية، ويقابلها أن : عدم مواالهتم، وخبسهم حقهم، وترك حمبتهم، فاحلاصل : وهذا اجلفاء له صور منها

. كل تقصري يف حقهم يعد جفاء، وكل زيادة فيه يعد غلو

≅ } Ÿ وقول اهللا :قوله ÷δ r'≈ tƒ É=≈ tG Å6ø9$# Ÿω (#θ è= øós? ’ Îû öΝà6ÏΖƒ ÏŠ { )1(... مناسبته للباب

Ÿ≅÷δ {: أنه تعاىل هنى أهل الكتاب عن الغلو، فقال: ظاهرة، وهي r'≈ tƒ É=≈ tG Å6ø9$# Ÿω (#θ è= øós? ’Îû

öΝà6ÏΖƒ ÏŠ { )2(] ووجه االستدالل من اآلية أنه قال ]171: النساء ، :} Ÿω (#θ è= øó s?

ال: فعل جاء يف سياق النهي فهو يعم مجيع أنواع الغو يف الدين، أي ) اتغلو( و . )3( }

. 171: سورة النساء آية )1( . 171: سورة النساء آية )2( . 171: سورة النساء آية )3(

Page 214: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

214

تغلو بأي نوع من أنواع الغلو يف الدين، أي ال تغلو بأي نوع من أنواع الغلو يف الدين؛ . فيدخل يف هذا عموم الغلو يف الصاحلني وغريهم . فنهوا عن أي نوع من أنواع الغلو

جيد أهنم قد : من أخبارهم- جل وعال -واملتأمل حلال أهل الكتاب، وملا قص اهللا ويف أمه ويف - عليه السالم - يف عيسى - مثال - النصارى غلوا يف صاحليهم، كغلو يف عزير، ويف أصحاب موسى، ويف أحبارهم، ويف - أيضا -حوارييه، وكغلو اليهود

فحصل الغلو يف أهل الكتاب بأن جعلوا للرسل واألنبياء خصائص . رهباهنم وهكذاô‰s)s9 txŸ2 š {: األلوهية من جهة التوجه هلم، وقد قال اهللا جل وعال Ï%©!$# (#þθä9$ s% χ Î)

©!$# uθ èδ ßxŠÅ¡yϑ ø9$# ß ø⌠ $# zΟtƒ ótΒ ( tΑ$ s% uρ ßxŠÅ¡yϑ ø9$# û Í_t7≈ tƒ Ÿ≅ƒÏℜ uó Î) (#ρ ߉ç6 ôã$# ©!$# ’ În1u‘ öΝà6−/u‘ uρ ( …çµΡÎ) tΒ õ8Îô³ç„

«!$$ Î/ ô‰s)sù tΠ§ym ª!$# ϵ ø‹n= tã sπ ¨Ψ yf ø9$# çµ1 uρù'tΒ uρ â‘$ ¨Ψ9$# ( $ tΒ uρ šÏϑ Î=≈ ©à= Ï9 ôÏΒ 9‘$ |ÁΡr& ∩∠⊄∪ ô‰s)©9 txŸ2 t Ï% ©!$#

(#þθ ä9$ s% χ Î) ©!$# ß]Ï9$ rO 7π sW≈ n= rO ¢ { )1(] ويف آخر سورة املائدة أيضا قال ]73 - 72: املائدة ،

$øŒÎ)uρ tΑ {: اهللا جل وعال s% ª!$# |¤ŠÏè≈ tƒ t ø⌠ $# zΝtƒ ótΒ |MΡr&u |M ù=è% Ĩ$Ζ= Ï9 ’ÎΤρ ä‹Ïƒ ªB$# u’ÍhΓé&uρ È ÷yγ≈ s9Î) ÏΒ

Èβρߊ «!$# ( tΑ$ s% y7 oΨ≈ys ö6 ß™ { )2(ترتيها وتعظيما لك أن أقول هلم ذلك؛ ألن ذلك من : يعين

$tΑ {! الشرك، فكيف أقول هلم ذلك؟ s% y7 oΨ≈ ys ö6 ß™ $ tΒ ãβθä3tƒ þ’ Í< ÷βr& tΑθ è% r& $ tΒ }§øŠs9 ’ Í< @d,ys Î/ 4 βÎ)

àMΖä. …çµ çFù= è% ô‰s)sù …çµ tG ôϑ Î= tæ 4 ãΝn= ÷ès? $ tΒ ’Îû Ť øtΡ Iω uρ ÞΟn= ôã r& $ tΒ ’ Îû y7 Å¡øtΡ 4 y7ΡÎ) |MΡr& ãΝ≈ ¯= tã É>θ ã‹äóø9$# ∩⊇⊇∉∪ $ tΒ

àM ù=è% öΝçλm; ω Î) !$ tΒ Í_ s?ós∆ r& ÿϵ Î/ Èβ r& (#ρ ߉ç6ôã $# ©!$# ’În1u‘ öΝä3−/u‘ uρ 4 { )3(] وهذا ]117 - 116: املائدة ،

أن الغلو وقع من أتباع الرسل، وأتباع األنبياء يف األنبياء : فاحلاصل. كله يف التوحيدجعلوا هلم بعض خصائص اإلهلية، يف الصاحلني من أتباعهم، و - أيضا -والرسل، وغلوا

وجعلوا هلم الشفاعة، وزعموا أن هلم نصيبا من امللك، أو أهنم يدبرون األمور، أو أهنم أن للكون أقطابا أربعة : يصرفون شيئا من امللكوت، وهذا كما يعتقده بعض الصوفية

. 73، 72: اآليتان سورة املائدة )1( . 116: سورة املائدة آية )2( . 117، 116: اآليتان سورة املائدة )3(

Page 215: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

215

لفالين، والربع القطب ا: الربع الفالين، املسؤول عنه : يدبرون أمر هذا العامل، ورمبا قالوا فجعل هؤالء املتصوفة ألقطاهبم املزعومني . القطب الفالين، وهكذا : الفالين، املسؤول عنه

نصيبا من اإلهلية؛ فتقربوا إليهم بأنواع -أيضا-نصيبا من امللك والربوبية،وجعلوا هلم من الذبح، واالستغاثة، والتذلل، واخلضوع، واحملبة، والتوكل، والرغب، : القربات

. الرهب، وخوف السر، وغريها من أنواع العبادات القلبية والعملية و

θ#) {: ويف الصحيح عن ابن عباس رضي اهللا عنهما، يف قول اهللا تعاىل " :قوله ä9$ s% uρ Ÿω

¨β â‘ x‹s? ö/ä3tG yγ Ï9#u Ÿω uρ ¨βâ‘ x‹s? #tŠuρ Ÿω uρ % Yæ# uθ ß™ Ÿω uρ šWθ äótƒ s−θ ãè tƒ uρ #Zô£nΣ uρ ∩⊄⊂∪ ô‰s% uρ (#θ = |Ê r& #ZÏWx. ( { )1(

]. 24 - 23نوح [هذه أمساء رجال صاحلني من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إىل : قال حممول على - رضي اهللا عنهما -هذه القصة، أو هذا األثر عن ابن عباس .... ": مقومه

ود، وسواع، ويغوث، ( و. الرفع؛ ألن هذا خرب غييب ال يستقى إال من مشكاة النبوة . هذه أمساء رجال صاحلني من قوم نوح ) ويعوق، ونسرا

ه دون من سواه، هو أول رسول بعثه اهللا بعبادة اهللا وحد - عليه السالم -ونوح أن : لكن كيف دخل الشرك يف قوم نوح؟ اجلواب . وبالدعوة إىل التوحيد، ملا وقع يف قومه

شرك : األصل األول: القرآن ذكر أصلني يف احلالني، من أصول الشرك وذكر غريمها أيضا . شرك قوم إبراهيم: قوم نوح، واألصل الثاين

وأرواحهم؛ فجاءهم الشيطان من جهة وأما شرك قوم نوح فكان بالغلو يف الصاحلني،روح ذلك العبد الصاحل، وأثر تلك الروح، وأن من تعلق به فإنه يشفع له، مث ساقهم من ذلك التعظيم إىل أن صوروا هلم صورا، ونصبوا هلم أنصابا، وأوثانا، وأصناما حىت إذا طال

. عليهم األمد عبدوهم

. 24 - 23: سورة نوح آية )1(

Page 216: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

216

من جهة النظر يف : يف التأثري، يعينشرك قوم إبراهيم، وذلك شرك : األصل الثاينالكواكب ومن يؤثر وحيرك، فهذا شرك يف الربوبية، وما تبعه من الشرك يف األلوهية؛ ألهنم جعلوا لتلك الكواكب أصناما، وجعلوا هلا صورا، وجعلوها أوثانا، فعبدوها من دون اهللا

غلو يف الصاحلني، فسبب وقوع الشرك يف قوم نوح هو ال . وتوجهوا إليها - جل وعال -فلما هلكوا أوحى الشيطان إىل " :كما قال ابن عباس هنا يف بيان أصل وقوع هذا الشرك

قومهم أن انصبوا إىل جمالسهم اليت كانوا جيلسون فيها أنصابا، ومسوها بأمسائهم، ففعلوا، . ومل تعبد، حىت إذا هلك أولئك، ونسي العلم عبدت

ملا ماتوا عكفوا على قبورهم مث صوروا " :من السلف قال غري واحد : وقال ابن القيم -أن أولئك توجهوا إىل الصور : الشاهد من هذا": متاثيلهم مث طال عليهم األمد فعبدوهم

. وكانوا أهل علم يعلمون أهنم إذا اختذوا هذه الصور فإهنم لن يعبدوها -صور الصاحلني طريقا وسببا ألن عبدت يف املستقبل، لكن كانت تلك الصور للصاحلني واملعظمني وسيلة و

أنه رمبا أتى إىل الصورة : ومن حرص الشيطان املريد على إضالل العبيد . ملا نسي العلمأهنا تتحدث وتتكلم، أو يسمع منها . املتعلق هبا، فأوهم الناظر إليها، أو املخاطب هلا

ب تتعلق بتلك كالما، أو حنو ذلك من األشياء، وأصناف التصرفات اليت جتعل القلو الروحانيات كما يقال، أو تلك األرواح فيغري أولئك هبم، وهذا هو احلاصل عند عباد

ذهبت إىل القرب الفالين، فكلمين أيب، : القبور، والعاكفني عليها؛ يأيت أحدهم، ويقولويكون ذلك شيطانا نطق على لسان أبيه، ورمبا تصور بصورة أبيه فخرج له يف ظالم

ه أبوه بصوته الذي يعرفه، أو حيدثه العامل، أو الوايل بصوته الذي يعرفه منه، وحنوه، فيحدث فتقع الفتنة، وهذا من قبيل الشيطان؛ وهلذا قال ابن عباس هنا كلمة تبني السبب يف ذلك؛

إلقاء يف خفاء، والشيطان ال يتحدث علنا، : والوحي " أوحى الشيطان إىل قومهم " :فقالي يف خفاء، فالوحي هو إلقاء اخلرب يف خفاء، فألقى الشيطان يف يلق: ولكن يوحي، يعين

ومل يكونوا يف أول - جل وعال -فكان سببا للشرك باهللا : روعهم وأنفسهم ذلك األمر كان ذلك : األمر يعبدوهنا، لكنهم ملا صوروا صور أولئك الصاحلني، ونصبوا هلم األنصاب

Page 217: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

217

جعلوها وسائل، كان عندهم من العلم ما سببا ووسيلة إىل عبادهتم، لكن أولئك الذين . حجزهم عن عبادة الصاحلني، لكن ملا نسي العلم عبدت

وهذا وجه . وهذا الفعل الذي فعلوه بإحياء الشيطان هو من الغلو يف أولئك الصاحلني الشاهد، وهو أهنم ملا ماتوا عكفوا على قبورهم، أو صوروا صورهم، أو نصبوا األنصاب

ذكروهم، وليكون ذلك أنشط هلم يف العبادة أو العلم، ولكن هذه األفعال يف أماكنهم ليتوهذا . اليت فعلوها، كانت سببا من أسباب عبادة أولئك الصاحلني، الذين غلوا يف حبهم

. من إيراد هذا األثر- رمحه اهللا -هو مراد الشيخ

ال تطروين كما أطرت النصارى ابن مرمي، إمنا {: قال وعن عمر أن رسول اهللا"

النهي عن إطرائه عليه : هذا احلديث فيه )2( )1( } أنا عبد، فقولوا عبد اهللا ورسوله

هو يعم أمور يف املدح، أما الغلو ف- أيضا -جماوزة احلد : الصالة والسالم، واإلطراء هو كثرية؛ فقد يكون يف املدح، وقد يكون يف الذم، وقد يكون يف الفهم، وقد يكون يف

والنيب عليه . الغلو يف املدح، والثناء والوصف : العلم، وقد يكون يف العمل، أما اإلطراء فهو : إمنا أنا عبد، فقولوا {: الصالة والسالم هنى عن إطرائه كإطراء النصارى ابن مرمي، فقال

. )3( } عبد اهللا ورسوله

)4( } كما أطرت النصارى ابن مرمي {يف قوله ) الكاف( وقد ظن بعض الناس أن

إن : ابن مرمي، ويقول هذا الظان ال تطروين مبثل ما أطرت النصارى : أهنا كاف املثلية؛ يعينهو ابن اهللا جل وعال، فيكون : النصارى أطرت ابن مرمي يف شيء وحد، وهو أن قالوا

. )1/47(، أمحد )3261( البخاري أحاديث األنبياء )1( . وتقدم احلديث ) 3029(وأمحد )2787(والدارمي ) 3445( أخرجه البخاري )2( . )3261( البخاري أحاديث األنبياء )3( . )1/47(، أمحد )3261(نبياء البخاري أحاديث األ )4(

Page 218: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

218

وهذا هو فهم . رتبة النبوة فقط، فإذا كان كذلك فما عداه جائز النهي عن أن جتعل له : اخلرافيني هلذا النهي؛ كما قال قائلهم البوصريي يف هذا املقام مـا ادعـته النصـارى يف نبيهم دع شـئت فـيه واحتكم مبـا واحكـم

إنه ولد هللا، أو إنه ابن هللا، فهذا هو القدر املنهي عنه فقط، : ال تقل: كما قال، يعينأو . ولك أن تقول فيه بعد ذلك ما شئت غري ملوم وغري مثرب عليك

هنا هي ) كافال( أن : الوجه الثاين وهو الفهم الصحيح، وهو الذي يدل عليه السياق . ال تطروين إطراء، كما أطرت النصارى ابن مرمي : كاف القياس، واملعىن

أن يكون هناك شبه بني ما : وكاف القياس هي كاف التمثيل الناقص، وحقيقتها عن )1( } ال تطروين كما أطرت {: يف قوله بعدها وما قبلها يف أصل الفعل، فنهى

أن يطري عليه الصالة والسالم كما حصل أن النصارى أطرت ابن مرمي فهو متثيل للحدث )2( } ال تطروين كما أطرت {: باحلدث، ال متثيل أو هني عن نوع اإلطراء، فمعىن قوله

هو هني عن إطرائه عليه الصالة والسالم؛ ألجل أن النصارى أطرت ابن مرمي، فقادهم إمنا أنا عبد {: ذلك إىل الكفر، والشرك باهللا، وادعاء أنه ولد هللا جل وعال وهلذا قال

. )3( } عبد اهللا ورسوله : فقولوا

فالكاف هنا ليست كاف التمثيل الكامل؛ بأن يكون ما بعدها مماثال ملا قبلها من كل وجه، وإمنا هي كاف التمثيل الذي يكون ما بعده مشتركا مع ما قبله يف املعىن، وهي

: هذا كهذا، فيقولون مثال : لومالقياسية اليت جتمعها العلة؛ وهلذا قال العلماء كما هو مع نبيذ غري التمر والعنب، كنبيذ التمر والعنب، مساواة بني هذا وهذا، لوجود أصل املعىن

. )1/47(، أمحد )3261( البخاري أحاديث األنبياء )1( . )1/47(، أمحد )3261( البخاري أحاديث األنبياء )2( . )3261( البخاري أحاديث األنبياء )3(

Page 219: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

219

بينهما، وهنا هني عن اإلطراء، ألجل وجود أصل اإلطراء، يف االشتراك بني إطراء النصارى . وما سيسببه من الشرك وما سببه من الشرك، وإطراء ما لو أطري النيب

يف النهي عن إطرائه حىت جاوزوا وكثري من طوائف هذه األمة خالفوا أمر النيب مع أنه . احلد يف ذلك، فزعم زاعمهم أن له من امللك نصيبا، وال حول وال قوة إال باهللا

عبد اهللا : إمنا أنا عبد فقولوا {: أرشدهم إىل ما ينبغي أن يكون عليه األمر بقوله

أن يكون عبدا رسوال، : وهذا هو الكمال يف حقه عليه الصالة والسالم )1( } ورسوله

. فهذا أشرف مقاماته عليه الصالة والسالم

: )2( } و فإمنا أهلك من كان قبلكم الغلو إياكم والغل { وقال رسول اهللا: قوله

هذا هني عن الغلو بأنواعه، وأن من قبلنا إمنا أهلكهم الغلو؛ أهلكهم من جهة الدين، من جهة الدنيا، فالغلو سبب لكل شر، واالقتصاد سبب يف كل فالح - أيضا -وأهلكهم

مجيع أقوال القلب يف: وخري، والغلو منهي عنه جبميع صوره، يف األقوال واألعمال يعين . وأعماله، وكذلك أقوال اللسان وأعمال اجلوارح، فالغلو سبب هلالك العبد يف دينه ودنياه

)3( } هلك املتنطعون {: قال عن ابن مسعود أن رسول اهللا : وملسلم " :قوله

ه يف أفعاهلم، أو أقواهلم، وهم الذين جاوزوا احلد يف هلك الذين تنطعوا فيما يأتون ب: يعينذلك، وابتغوا علم شيء أو تكلفوا شيئا، مل يأذن به اهللا؛ فزادوا عما أذن هلم، وابتغوا علم . شيء أو تكلفوا شيئا، مل يأذن به اهللا؛ فزادوا عما أذن هلم، فأتوا بأشياء، مل يؤذن هلم فيها

اربة املعىن جيمعها جماوزة احلد املشروع، والغلو يشمل والتنطع، واإلطراء، والغلو، متق غلو، والغلو اسم جامع هلذه مجيعا، : اإلطراء، ويشمل التنطع؛ فكل تنطع، وكل إطراء

بني أن سبب كفر بين آدم، وسبب تركهم - يف هذا الباب - - رمحه اهللا -فالشيخ

. )3261( البخاري أحاديث األنبياء )1( . )3057( النسائي مناسك احلج )2( . )1/386(، أمحد )4608(، أبو داود السنة )2670(لم مسلم الع )3(

Page 220: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

220

جاوز قوم نوح احلد يف هو الغلو يف الصاحلني، بأن جاوزوا احلد فيهم، كما : دينهمصاحليهم، فعكفوا على قبورهم، وأهلوها، فصارت آهلة، والنصارى غلت يف رسوهلم

جل وعال -عيسى عليه السالم، ويف احلواريني، ويف البطارقة، حىت جعلوهم آهلة مع اهللا يستغيثون هبم، ويؤهلوهنم، ويسألوهنم ويعبدوهنم، وكذلك وقع الغلو يف هذه األمة من -لذين جعلوا للنيب عليه الصالة والسالم نصيبا من خصائص األلوهية، وهذا هو عني ما هنى ا

، إمنا ال تطروين كما أطرت النصارى املسيح بن مرمي {: عنه عليه الصالة والسالم بقوله

. )1( } عبد اهللا ورسوله : أنا عبد، فقولوا

باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد اهللا عند قرب رجل صاحل فكيف إذا عبده

ة ذكرت لرسول اهللا أن أم سلم { - رضي اهللا عنها -ويف الصحيح عن عائشة

أولئك شرار اخللق عند اهللا، " :كنيسة رأهتا بأرض احلبشة وما فيها من الصور، فقالأولئك إذا مات فيهم الرجل الصاحل أو العبد الصاحل بنوا على قربه مسجدا، وصوروا فيه

. )3( )2( } تلك الصور، أولئك شرار اخللق عند اهللا

. القبور، وفتنة التماثيلفتنة: فهؤالء مجعوا بني فتنتني

ملا نزل برسول اهللا طفق يطرح مخيصة له على وجهه، فإذا اغتم {: وهلما عنها قالت

ور أنبيائهم لعنة اهللا على اليهود والنصارى اختذوا قب : هبا كشفها، فقال وهو كذلك

. )1/24(، أمحد )3261( البخاري أحاديث األنبياء )1(/6(، أمحد )704(، النسائي املساجد )528(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )424( البخاري الصالة )2(

51( . . )528(ومسلم ، )3878(و) 1341(و ) 434(و ) 427( أخرجه البخاري )3(

Page 221: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

221

)1( } مساجد حيذر ما صنعوا ولوال ذلك أبرز قربه غري أنه خشي أن يتخذ مسجدا

. )2( أخرجاه : قبل أن ميوت خبمس وهو يقول مسعت النيب: وملسلم عن جندب بن عبد اهللا قال

إين أبرأ إىل اهللا أن يكون يل منكم خليل، فإن اهللا قد اختذين خليال كما اختذ إبراهيم {

خليال، ولو كنت متخذا من أميت خليال الختذت أبا بكر خليال، أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، أال فال تتخذوا القبور مساجد، فإين أهناكم عن

)4( )3( } ذلك

. من فعله- وهو يف السياق -فقد هنى عنه يف آخر حياته، مث إنه لعن خشي أن يتخذ : والصالة عندها من ذلك، وإن مل ينب مسجد، وهو يف معىن قوهلا

مسجدا، فإن الصحابة مل يكونوا ليبنوا حول قربه مسجدا، وكل موضع قصدت الصالة جعلت يل { جدا كما قالفيه فقد اختذ مسجدا، بل كل موضع يصلى فيه يسمى مس

إن {: مرفوعا وألمحد بسند جيد عن ابن مسعود)6( )5( } األرض مسجدا وطهورا

. )7( } ركه الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد من شرار الناس من تد

. )8( رواه أبو حامت يف صحيحه

/6(، أمحد )703(، النسائي املساجد )531(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )425( البخاري الصالة )1(

. )1403(، الدارمي الصالة )146 . )531(ومسلم ) 5815(و ) 4443(و ) 3453(و ) 1390(و ) 1330(و ) 435( أخرجه البخاري )2( . )532( مسلم املساجد ومواضع الصالة )3( . )532( أخرجه مسلم )4( . )5/383(، أمحد )522( مسلم املساجد ومواضع الصالة )5( . )521(ومسلم ) 3122(و ) 438(و ) 335( أخرجه البخاري )6( . )1/405( أمحد )7( . )879(وابن خزمية ) 5316( أخرجه أمحد )8(

Page 222: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

222

: فيه مسائلما ذكر الرسول فيمن بىن مسجدا يعبد اهللا فيه عند قرب رجل صاحل، ولو : األوىل

. صحت نية الفاعل . الثانية النهي عن التماثيل وغلظ األمر يف ذلك

يف ذلك كيف بني هلم هذا أوال، مث قبل موته خبمس، قال غتهالعربة يف مبال: الثالثة . ما قال؛ مث ملا كان يف السياق مل يكتف مبا تقدم

. هنيه عن فعله عند قربه أن يوجد القرب : الرابعة . أنه من سنن اليهود والنصارى يف قبور أنبيائهم : اخلامسة . لعنه إياهم على ذلك: السادسة . ذيره إيانا عن قربه أن مراده حت : السابعة . العلة يف عدم إبراز قربه: الثامنة . يف معىن اختاذها مسجدا: التاسعةأنه قرن بني من اختذها، وبني من تقوم عليه الساعة، فذكر الذريعة إىل : العاشرة

. الشرك قبل وقوعه مع خامتته للتني مها أشر الرد على الطائفتني ا : ذكره يف خطبته قبل موته خبمس : احلادية عشرة

. الرافضة واجلهمية : أهل البدع، بل أخرجهم بعض أهل العلم االثنتني والسبعني فرقة، وهم . وبسبب الرافضة حدث الشرك وعبادة القبور، وهم أول من بىن عليها املساجد

. من شدة الرتع ما بلي به: الثانية عشرة . ما أكرم به من اخللة: الثالثة عشرة . التصريح بأهنا أعلى من احملبة:الرابعة عشرة . التصريح بأن الصديق أفضل الصحابة: اخلامسة عشرة . اإلشارة إىل خالفته : السادسة عشرة

: الشرح

Page 223: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

223

كان حريصا على هذه األمة، وأنه يف هذا الباب مع األبواب بعده بيان أن النيب م كل وسيلة تصل هبم كان باملؤمنني رؤوفا رحيما، ومن متام حرصه على األمة أن حذره

إىل الشرك، وسد مجيع الذرائع املوصلة إىل ذلك، وغلظ يف ذلك، وشدد فيه، وأبدى وأعاد، حىت إنه بني ذلك؛ خشية أن يفوت تأكيده، وهو يعاين سكرات املوت عليه

. الصالة والسالم فهذه األبواب يف بيان وسائل الشرك األكرب، وما ينبغي سده ومنعه من الذرائع

غلظ على من - عليه الصالة والسالم -وصلة إليه؛ رعاية ومحاية للتوحيد؛ ألن النيب امل . يفعلون شيئا من تلك الوسائل، أو الذرائع املوصلة إىل الشرك

. وهذا الباب يف بيان أحد الوسائل املوصلة إىل الشرك، والذرائع اليت جيب منعها ". من عبد اهللا عند قرب رجل صاحل باب ما جاء من التغليظ في " :قوله رمحه اهللا

كأن يكون من األنبياء -أن يأيت آت إىل قرب رجل صاحل، يعلم صالحه : صورة ذلك فيتحرى -واملرسلني، أو أن يكون من صاحلي هذه األمة، أو صاحلي أمة غري هذه األمة

. ذلك املكان؛ كي يعبد اهللا وحده دون ما سواه؛ رجاء بركة هذه البقعة هذا األمر عند الكثريين من الناس، والدمهاء، حيث اعتقدوا أن ما حول قبور وقد راج

األنبياء والصاحلني من األمكنة والبقاع مبارك، وأن العبادة عندها ليست كالعبادة عند والنيب عليه الصالة والسالم غلظ يف ذلك وهنى عنه، مع أن املغلظ عليه مل يعبد إال . غريها

عبد صاحب القرب، لكنه اختذ ذلك املكان رجاء بركته، ورجاء ترتل اهللا جل وعال، ومل ي ورجاء ترتل النسمات، والفضل من اهللا عليه، فاختاره ألجل - كما يقولون -الرمحات

ذلك الصنف الذين ومع ذلك لعن النيب - جل وعال -بركته، ولكنه مل يعبد إال اهللا . يتخذون قبور أنبيائهم وصاحليهم مساجد

أنه مل يشرك باهللا، بل عبد اهللا وحده؛ بأن صلى هللا : يعين " فيمن عبد اهللا " :هقول . خملصا- جل وعال -خملصا، أو دعا هللا خملصا، أو تضرع واستغاث واستعاذ باهللا

. لكنه حترى إيقاع هذه العبادات عند قرب رجل صاحل ألجل الربكة

Page 224: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

224

الذي أتى بالواجبات، وابتعد : هو املقتصد- كما سبق أن ذكرنا -والرجل الصاحل : عن احملرمات، أو السابق باخلريات؛ وهو أعلى درجة، فالصاحلون من الرجال والنساء

_öΝèδ ìM≈y {: مقامات u‘ yŠ y‰Ψ Ïã «!$# 3 { )1(] و ب ع ض أهل العلم يعرب يف ] 163: آل عمران

القائم حبقوق اهللا؛ القائم حبقوق : الصاحل من عباد اهللا، هو : ريف الرجل الصاحل بقولهتععباده، وهذا تعبري صحيح؛ وألن املقتصد قائم حبقوق اهللا، قائم حبقوق عباده، أتى

فأهل السبق . السابق باخلريات: بالواجبات، وانتهى عن احملرمات، وأعظم منه درجة وز أن تعظم قبورهم، وأن يغلي فيها بظن أن البقعة اليت حول باخلريات من العباد، ال جي

قبورهم بقعة مباركة، فإن هذا الفعل قد جاء فيه الوعيد الذي سيأيت يف هذا الباب، وغلظ . فيه على فاعله- عليه الصالة والسالم -

يعين إذا كان هذا التغليظ واللعن قد جاء يف حق من ": فكيف إذا عبده؟ " :وقولهذ قبور األنبياء مساجد، ومن أسرج على القبور، أو عظمها، وعظم من فيها، وعبد اهللا اخت

: إذا كان هذا قد جاءت النصوص بلعن فاعله، وأنه من شرار اخللق عند اهللا : وحده عندها فكيف إذا توجه ذلك العابد إىل صاحب القرب يدعوه، ويرجوه، أو خيافه، أو يأمل منه، أو

ال شك أن هذا أعظم وأعظم يف !! لي له، أو يذبح له، أو يستشفع به؟ يستغيث به، أو يصفكيف " : رمحه اهللا-التغليظ من عبادة اهللا وحده عند قرب رجل صاحل؛ كما قال الشيخ

يعين أن التغليظ يكون أشد وأشد، إذا عبد صاحب ذلك القرب، وهذا مقتضى " إذا عبده؟؛ ألن حتري العبادة والدعاء أو تعظيم ذلك وهذا واضح. كالم الشيخ يف هذه التبويب

املكان، وسيلة وذريعة إىل الشرك، املقبورين، فإذا كان من فعل وسائل الشرك األكرب ملعونا، وموصوفا بأنه ومن شرار اخللق عند اهللا، فكيف مبن فعل الشرك األكرب بعينه

ال شك أن هذا أبلغ وأبلغ !! وتوجه إىل قبور الصاحلني، واختذها أوثانا مع اهللا جل وعال؟ . يف التغليظ، وذلك ألنه من الشرك األكرب املخرج من ملة اإلسالم، إذا فعله مسلم

. 163: سورة آل عمران آية )1(

Page 225: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

225

عبد القرب، أو عبد الرجل الصاحل صاحب القرب؛ : أي " فكيف إذا عبده " :ومعىن قوله بل ألن عبادة القبوريني تارة تكون بالتوجه إىل القرب، وتارة بالتوجه إىل صاحب القرب،

وتارة التوجه إىل ما حول القرب، كاألبنية احملاطة بالقبور، وصارت مشاهد، فمنها ما يكون مسورا باحلديد، فترى من هؤالء من يعمد إىل تلك الستور واجلدران واألبنية، فيتمسح هبا

يعكفون عند قبور معظميهم، - أيضا -رجاء بركتها، ويتخذها وسيلة إىل اهللا، فتراهم مشاهدهم أوثانا يعبدوهنا، ويرجوهنا، وخيافوهنا، وإذا ضم أحدهم إىل صدره ويتخذون

تلك املشاهد، أو احلديد، أو الستور، وحنو ذلك، فكأنه صار مقربا عند اهللا، وقبلت وال شك أن هذا نوع من أنواع اختاذ املشاهد أوثانا، ومن اختاذ القبور . وسيلته تلك

إهلا مع اهللا، -الذي هو متربئ من أولئك ومن عبادهتم له -أوثانا، أو اختاذ الرجل الصاحل وقد علمنا أن العبادة معناها واسع، وأهنا قد تكون بالصالة له، أو بدعوته، أو بسؤاله كشف املدهلمات، أو جلب اخلريات، أو الذبح لصاحب القرب، أو وضع النذور له، وحنو

الذين يعبدون األوثان، وقبور ذلك من أنواع العبادات، كما هو الواقع من أولئك . الصاحلني

أن أم سلمة ذكرت لرسول { - رضي اهللا عنها -يف الصحيح عن عائشة : قوله

أولئك إذا مات فيهم " : كنيسة رأهتا بأرض احلبشة وما فيها من الصور، فقال اهللاالرجل الصاحل أو العبد الصاحل بنوا على قربه مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك

ملا كانت - رضي اهللا عنها -أن أم سلمة : يف هذا احلديث)1( } شرار اخللق عند اهللا

يف احلبشة رأت كنيسة، ورأت يف تلك الكنيسة صور الصاحلني، فذكرت ذلك لرسول فقد يكون الرجل الصاحل نبيا )2( } أولئك إذا مات فيهم الرجل الصاحل {: ل فقا اهللا

/6(، أمحد )704(، النسائي املساجد )528(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )424( البخاري الصالة )1(

51( . /6(، أمحد )704(، النسائي املساجد )528(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )424( البخاري الصالة )2(

51( .

Page 226: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

226

من أنبيائهم، أو عبدا من عباد اهللا الصاحلني فيهم، فماذا كانوا يفعلون معه؟ جاء يف قوله جيعلون قربه مسجدا، : ، أي )1( } بنوا على قربه مسجدا {: عليه الصالة والسالم

: واملسجد أيضا. الكنائس : مكان العبادة، فيدخل يف هذا املعىن : واملسجد يف اللغة؛ هو كل : فاملسجد يطلق على . والسجود هو اخلضوع والتذلل هللا جل وعال . مكان السجود

وجعلت يل األرض مسجدا { قال النيب كما- جل وعال -مكان يتخذ لعبادة اهللا

-عليه الصالة والسالم -وهلذا قال النيب . مسجد: ، فمكان العبادة يقال له )2( } وطهورا

مكانا للعبادة فالكنائس إذا : يعين ،)3( } بنوا على قربه مسجدا {: يف شأن الكنيسة

جعلوا صور الصاحلني على : بنيت على قبور أولئك الصاحلني، وصوروا فيها الصور، أي d b36 0 TDيدلوا لكي يدلوا الناس على عبادة اهللا بتعظيم ذلك الرجل -0.0006 T7.0001 Tc<020401f401df>Tj/TT2 1 Tf1.0533 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.36 0 TD0.0001 Tc<020401f401df>Tj/TT2 1 T3 0 TD-0.2441TD0 Tc( Tf0.3 0 TD0.00010.51<01a1020201f301be0207>Tj/TT2 1 Tf1.2367 0TTD0 Tc( )Tf )Tjfc( )Tj/TT1 1 Tf0.3 0 TD-0.-2015020201a1020201f201f001f7>Tj/TT2 1 Tf1.81 0.2441TD0 Tc(/TT1 1 Tf0.36 0 -c39{8cnbd01a201a601e001f401f3>Tj/TT2 140 TD-0.2441 Tc( )Tjj/TT1 1c73 0 TD-0.0004 Tc1a10202a201a601e001f401f3>Tj/TT2 140 TD-0.2441 TD0 Tc(faf0.36 0 TD0.0021 0 TD0.0016 Tc<02050197>Tj/TT240 TD-0.2441 T30 Tc( 8)Tj/Tj/Tc73 0 TD-0.0004 Tc1a49202a201a601e001f401f3>Tj/TT2 140 TD-0.2441 23D0 Tc(/TT1f36 0 TD0.0021 0 5b016b01a201d001f301a1>Tj/TT2 140 TD-0.2441 TTD0 Tc( )TcTf0.3 0 TD-0.0002 Tc<02<01f201b301c201f301a1>Tj/TT2 140 TD-0.2667 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 )Tj/TT1 1 Tf0.36 0 -c39{8f775b016b01a201d001f301a1>Tj/TT2 140 TD-0.2441 TTD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.36 0 TD0.0001 Tc<020401f401df>Tj/TT2 140 TD-0.2441 T1TD0 Tc94/TT6<)Tj/TT1 1 )Tj1 1 Tf0.3 0 TD0.0046 10202a201a601e001f401f3>Tj/TT2 140 TD-0.2441 TD0 Tc(( )Tj/TT441 0 TD0.0002 Tc<01c6019f77<01f201b301c201f301a1>Tj/TT2 140 TD-0.2441 TTD0 Tc( )Tf( )T0 1 Tf0.3 0 TD-0.00221f201b301c201f301a1>Tj/TT2 140 TD-0.2441 T TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0b3 0 TD-0.0004 Tc1a8.0016 Tc<020401f401df>Tj/TT240 TD-0.2667 0 TD0 Tc( )T41/TT1 1 Tf0.3 0 TD0.0002 Tc-21a42 TD-0.2667 0 TD0.0559 Tc( :)Tj-7.1933 0 TD-67 03TD0 Tce )Tj2 TD0.0002 Tc-.1933 001a1020201f401e001b3>Tj/TT2TT2 1 Tf-5.7 -1.6667 TD-0.2441 T90.6833 0 TTT1 1f0.36 0 -c39{8cn5<01a1020201f301be0207>Tj/TT2 1Tc[<01c102.0TD0 Tc(be 1 )TjTf0.360.3 03 0 TD-0.0004 Tc1a 5b016b01a201d001f301a1>Tj/TT2 1Tc[<01c102.0T TD0 Tc( )Tj/TT1 1 يدلوا

Page 227: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

227

اخلطاب فيه ألم سلمة رضي اهللا عنها، واخلطاب إذا توجه :)1( } أولئك {: وقوله

: أي )2( } أولئك شرار اخللق عند اهللا {: وقوله. إىل مؤنث تكسر فيه كاف اخلطاب

يف هذا احلديث أهنم توجهوا إليهم وليس . املعظمون الصاحلني ببناء املساجد على قبورهم فتنة القبور، وفتنة : بالعبادة، بل عظموا قبورهم، وجعلوا هلم صورا، فجمعوا بني فتنتني

بالبناء : الصور، وفتنة الصور وسيلة من وسائل حدوث الشرك األكرب، وكذلك فتنة القبور احب القرب أن له شيئا عليها، وبتعظيمها، وبإرشاد الناس إليها، وسيلة إىل أن يعتقد يف ص

يف قضاء احلاجات، كما - جل وعال -من خصائص اإلهلية، أو أنه يتوسط عند اهللا . حصل ذلك منهم فعال حتذير هذه األمة أن : ألولئك األقوام بأهنم شرار اخللق عند اهللا واملفهوم من وصفه

ك القرب، فهو من يبنوا على قرب أحد مسجدا؛ ألن من فعل ذلك ودل اخللق على تعظيم ذل لتتبعن سنن من كان قبلكم شربا {: شرار اخللق عند اهللا؛ وقد قال عليه الصالة والسالم

.)3( } بشرب وذراعا بذراع

وما فيه )4( } أولئك شرار اخللق عند اهللا {: قوله: فوجه الدالل من هذا احلديث

من التغليظ فيمن عبد اهللا يف الكنيسة، اليت فيها القبور والصور، ألن القبور والصور من . وسائل الشرك باهللا جل وعال

6/51(، أمحد )704(النسائي املساجد )528(مسلم املساجد ومواضع الصالة )424( البخاري الصالة )1(

( . 6/51(، أمحد )704(النسائي املساجد )528(مسلم املساجد ومواضع الصالة )417( البخاري الصالة )2(

( . . )2/511(، أمحد )3994(، ابن ماجه الفنت )6888( البخاري االعتصام بالكتاب والسنة )3(6/51(، أمحد )704(النسائي املساجد )528(مسلم املساجد ومواضع الصالة )417( البخاري الصالة )4(

( .

Page 228: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

228

يعين نزل به ملا نزل برسول اهللا {: قالت- يعين عن عائشة -وهلما عنها : وقوله

: طفق يطرح مخيصة له على وجهه، فإذا اغتم هبا كشفها، فقال، وهو كذلك -املوت هذا احلديث من :)1( } لعنة اهللا على اليهود والنصارى اختذوا قبور أنبيائهم مساجد

يظ والنهي عن وسائل الشرك، وبناء املساجد على القبور، أعظم األحاديث اليت فيها بالتغل . واختاذ قبور األنبياء والصاحلني مساجد

أنه عليه الصالة والسالم مع أنه يف ذلك الغم، وتلك الشدة، ونزول : ووجه ذلك حتذير األمة من وسيلة من وسائل - وهو يف تلك احلال -سكرات املوت به مل يغفل

والدعاء على اليهود والنصارى بلعنة اهللا؛ ألهنم اختذوا قبور أنبيائهم الشرك، وتوجيه اللعن . مساجد

أنه عليه الصالة والسالم وهو يف تلك احلال خشي أن يتخذ قربه : وسبب ذلكمسجدا، كما اختذ شرار اخللق عند اهللا من اليهود والنصارى قبور أنبيائهم مساجد،

واللعنة )2( } لعنة اهللا على اليهود والنصارى {: لهفلعنهم النيب عليه الصالة والسالم بقو

الطرد واإلبعاد من رمحة اهللا، وذلك يدل على أهنم فعلوا كبرية من كبائر الذنوب، : هيكبرية من ألن البناء على القبور، واختاذ قبور األنبياء مساجد، هو من وسائل الشرك، و

. الكبائر

فيه بيان السبب الذي ألجله استحقوا )3( } اختذوا قبور أنبيائهم مساجد {: وقوله

من اختاذ القبور ويف حتذير النيب. أهنم اختذوا قبور األنبياء مساجد : اللعن، وهو

6/34(أمحد )703(النسائي املساجد ) 531(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )425( البخاري الصالة )1(

. )1403(، الدارمي الصالة )، الدارمي )703(، النسائي املساجد )531(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )425( البخاري الصالة )2(

. )1403(الصالة /6(، أمحد )703(، النسائي املساجد )531(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )425( البخاري الصالة )3(

. )1403(، الدارمي الصالة )146

Page 229: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

229

: ومع ذلك . ا يقوم مقام آخر وصية أوصى هبا م: مساجد، ولعن فاعله وهو يف السياق واختاذ القبور مساجد يكون على . خالف كثري من هذه األمة وصيته عليه الصالة والسالم

: إحدى صور ثالث : أن جيعل القرب مكان سجوده، فقوله : أن يسجد على القرب، يعين: الصورة األوىل

وهذه الصورة . جعلوا القرب مكان السجود: يعين)1( } اختذوا قبور أنبيائهم مساجد {

يف الواقع مل حتصل بانتشار؛ ألن قبور األنبياء مل تكن مباشرة للناس، حبيث ميكنهم الصالة لكن . عليها، أو السجود عليها بل كانوا يعظمون قبور أنبيائهم فال يصلون عليها مباشرة

أن يتخذ : هو)2( } اختذوا قبور أنبيائهم مساجد {: ختاذ املفهوم من قولهأبلغ صور اال

يصلي عليه مباشرة، وهذه أفظع تلك األنواع وأشدها، : القرب نفسه مسجدا، يعين . وأعظمها، وسيلة إىل الشرك والغلو بالقرب

أن يكون : القرب، ومعىن اختذه مسجدا يف هذه احلالةأن يصلي إىل : الصورة الثانيةأمامه القرب، يصلي إليه حبيث جيعله قبلة، فإنه يكون بذلك قد اختذ القرب وما حوله له

واملسجد ال يعين به مكان السجود، الذي هو وضع . مكانا للتذلل واخلضوع : حكمهوع، فاختاذ قبورهم مساجد، اجلبهة على األرض فقط، وإمنا يعين به مكان التذلل واخلض

أن يصلي إىل القرب؛ ألجل أن الصالة إليه وسيلة جعلوها قبلة هلم؛ وهلذا هنى النيب : يعينباب ما جاء يف " يف الباب- رمحه اهللا -من وسائل التعظيم، وهذا يوافق قول الشيخ

رب رجل عند ق " :، فاملفهوم من قوله "التغليظ فيمن عبد اهللا عند قرب رجل صاحل أن يكون القرب أمامه، فيجعل القرب بينه وبني القبلة : هذه الصورة املتقدمة، وهي " صاحل

. تعظيما للقرب

/6(، أمحد )703(، النسائي املساجد )531(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )425( البخاري الصالة )1(

. )1403(، الدارمي الصالة )146/6( أمحد ، )703(، النسائي املساجد )531(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )425( البخاري الصالة )2(

. )1403(، الدارمي الصالة )146

Page 230: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

230

أن يتخذ القرب مسجدا، بأن جيعل القرب يف داخل بناء، وذلك البناء هو : الصورة الثالثةاختذوا ذلك املسجد، فإذا دفن النيب قام أولئك بالبناء عليه، فجعلوا حول قربه مسجدا و

-املكان للتعبد وللصالة فيه، هذه هي الصورة الثالثة، وهي أيضا موافقة لقول الشيخ ". عند قرب رجل صاحل " -رمحه اهللا

. وهذا يبني لك بعض املناسبة يف إيراد هذا احلديث يف هذا الباب جله لعن فيه إشارة إىل السبب الذي أل " حيذر ما صنعوا " وقول عائشة رضي اهللا عنها

اليهود والنصارى، وهو يعاجل ويعاين سكرات املوت؛ وهو - عليه الصالة والسالم -النيب وقد قبل الصحابة . أنه أراد حتذير الصحابة من أن حيذوا يف ذلك األمر حذو أهل الكتاب

ولوال ذلك " : رضي اهللا عنها-ومعىن قوهلا . رضوان اهللا عليهم حتذيره، وعملوا بوصيتهألظهر، وجعل قربه مع سائر القبور يف البقيع أو غري ذلك، ولكن كان : يعين". ربه أبرز ق

: من العلل اليت جعلتهم ال ينقلونه عليه الصالة والسالم من مكانه الذي تويف فيه إىل املقربة على اليهود والنصارى اختذوا قبور أنبيائهم لعنة اهللا {: قوله عليه الصالة والسالم

. حيذر ما صنعوا، ولوال ذلك أبرز قربه، فهذه إحدى العلتني : قالت)1( } مساجد

إن األنبياء يقربون حيث {: يقول إنه مسع النيب قول أيب بكر: والعلة الثانية

. )2( } يقبضون

. ، ومها وجهان جائزان بفتح اخلاء، أو خشي بضمها " غري أنه خشي " :وقوهلاهم : وإذا كان بضم اخلاء فاملقصود النيب: فإذا كان بفتح اخلاء فاملقصود به

. وهذا تنبيه على إحدى العلتني- رضي اهللا عنهم -الصحابة

، الدارمي )703(، النسائي املساجد )531(، مسلم املساجد ومواضع الصالة )425( البخاري الصالة )1(

. )1403(الصالة . 1303 / 4" سرية ابن هشام )2(

Page 231: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

231

وعملوا هبا، فدفنوه يف وصية رسول اهللا - رضوان اهللا عليهم -وقد قبل الصحابة قد أقامت جدارا - رضي اهللا عنها -ائشة، وكانت مكانه الذي قبض فيه، يف حجرة ع

. بينها وبني القبور، فكانت غرفة عائشة فيها قسمان قسم فيه القرب، وقسم هي فيه من جهة الشمال، كانت أيضا ودفن بعد رسول اهللا وكذلك ملا تويف أبو بكر

، مث أغلقت تركت احلجرة رضي اهللا عنها يف ذلك اجلزء من احلجرة، وملا دفن عمر احلجرة، فلم يكن مث باب فيها يدخل منه إليها، وإمنا كانت فيها نافذة صغرية، ومل تكن الغرفة كما هو معلوم مبنية من حجر، وال من بناء جمصص، وإمنا كانت من البناء الذي

. كان يف عهده عليه الصالة والسالم؛ من خشب وحنو ذلك هد الوليد بن عبد امللك، وكان أمري املدينة يوم وملا زيد يف بناء املسجد النبوي يف ع

وأخذوا بعضا من حجر زوجات النيب عليه - رمحه اهللا -ذاك، عمر بن عبد العزيز بقيت حجرة النيب عليه الصالة والسالم كذلك، فأخذوا من الروضة : الصالة والسالم

، وجعلوا جهة جزءا، وبنوا عليه جدارا آخر غري اجلدار األول، بنوه من ثالث جهات مغلق متاما، وهو : اجلدار األول : مثلثة، فصار عندنا اآلن جداران: الشمال مسنمة أي

- رمحه اهللا -الذي عمل يف إمرة عمر بن عبد العزيز : جدار حجرة عائشة، واجلدار الثاين مسنما؛ - وهي عكس القبلة -زمن الوليد بن عبد امللك وقد جعلوا من جهة الشمال

مسامتا : لك اجلهة جاءت التوسعة، فخشوا أن يكون ذلك اجلدار مربعا، يعين ألنه يف تللمستقبل، فيكون إذا استقبله أحد فقد استقبل القرب، فجعلوه مثلثا، يبعد كثريا عن اجلدار

جدار حجرة عائشة؛ ألجل أن ال ميكن ألحد أن يستقبل القرب؛ لبعد املسافة؛ : األول، وهو . ثاوألجل أن اجلدر صار مثل

Page 232: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

232

مث بعد ذلك بأزمان جاء جدار ثالث أيضا وبين حول ذينك اجلدارين، وهو الذي قال : يف النونية يف وصف دعاء النيب عليه الصالة والسالم بقوله - رمحه اهللا -فيه ابن القيم

: ل قا)2( )1( } اللهم ال جتعل قربي وثنا يعبد {

ــه ــدران وأحاطـ ــثالثة اجلـ بـــيان ــة وصـ ــزة ومحايـ يف عـ

رب العـــاملني دعـــاءه فأجـــابــه ــاءه بدعائ ــدت أرج ــىت غ ح

قرب النيب عليه الصالة والسالم حماطا بثالثة جدران، وكل جدار ليس فيه باب، فأصبحفال ميكن ألحد أن يدخل ويقف على القرب بنفسه؛ ألنه صار مث جداران، وكل جدار ليس له باب، مث بعد ذلك وضع اجلدار الثالث، وهذا اجلدار أيضا ليس له باب، وهو كبري مرتفع، وهو الذي وضعت عليه القبة فيما بعد، فال يستطيع أحد اآلن أن يدخل إىل القرب،

وضع السور احلديدي بينه وبني : أو أن يتمسح به، أو أن يرى جمرد القرب، مث بعد ذلك ونصف يف بعض املناطق، وحنو متر يف بعضها، ويف بعضها حنو متر اجلدار الثالث حنو متر

فإنه ميشي بني ذلك اجلدار احلديدي : ومثانني إىل مترين، يضيق ويزداد، لكن من مشى أن املسلمني عملوا بوصيته عليه الصالة والسالم، وأبعد : فاحلاصل. وبني اجلدار الثالث

ذا ملا جاء اخلرافيون يف عهد الدولة العثمانية قربه، حبيث ال ميكن ألحد أن يصل إليه؛ وهل فتحوا يف التوسعة اليت هي من جهة الشرق ممرا؛ لكي ميكن من يريد أن يطوف بالقرب، أو

الذي هو قدر -وذلك املمر الشرقي !! أن يصلي يف تلك اجلهة، أن يطوف، أو يصلي لسعودية األوىل، وما بعدها، قد منعت الصالة فيه يف عهد الدولة ا -مترين أو يزيد قليال

فال : فكأنه أخرج من كونه مسجدا؛ ألنه إذا كان من مسجد النيب عليه الصالة والسالم جيوز أن مينعوا أحدا من الصالة فيه، فلما منعوا الصالة فيه جعلوا له حكم املقربة، ومل

. )416( مالك النداء للصالة )1( . )261(املوطأ كتاب الصالة " أخرجه مالك يف )2(

Page 233: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

233

ة، أما وقت جيعلوا له حكم املسجد، فال ميكن ألحد أن يصلي فيه، بل يغلقونه وقت الصال . السالم أو وقت الزيارة فإهنم يفتحونه للمرور

فتبني بذلك أن قرب النيب عليه الصالة والسالم مل يتخذ مسجدا، وإمنا أدخلت الغرف بالتوسعة يف عهد التابعني يف املسجد، ولكن جهته الشرقية خارجة عن املسجد، فصارت

وهي اجلدران األربعة اليت -ددة كالشيء الذي دخل يف املسجد، ولكن احليطان املتع ومما . متنع أن يكون القرب يف داخل املسجد، يعين مكان الدفن -تفصل بني القرب واملسجد

يدل على أخذ الصحابة والتابعني ومن بعدهم بوصية النيب عليه الصالة والسالم هذه، ه مسجدا، أهنم وسد الطرق املوصلة إىل الشرك به عليه الصالة والسالم، وعدم اختاذ قرب

أخذوا من الروضة الشريفة اليت هي روضة من رياض اجلنة، كما قال عليه الصالة قدر ثالثة أمتار، لكي )2( )1( } ما بني بييت ومنربي روضة من رياض اجلنة {: والسالم

الثالث وأخذوا أكثر من ثالثة أمتار إلقامة السور احلديدي، يبنوا اجلدار الثاين، مث اجلدار فهذا من أعظم التطبيق والعمل بوصيته عليه الصالة والسالم؛ حيث إهنم أخذوا من

عليه الصالة -الروضة، وأجازوا أن يأخذوا من املسجد؛ ألجل أن حيمى قرب النيب فقه من قاموا بذلك يدل على عظيم-وال شك- من أن يتخذ مسجدا، وهذا -والسالم

-جل وعال -العمل، ففصل القرب عن املسجد هبذه الكيفية اليت وصفت، هو من رمحة اهللا ملا دعا بقوله فيما سيأيت بعد -عليه الصالة والسالم -هبذه األمة، ومن إجابة دعوة النيب

. )3( } ل قربي وثنا يعبداللهم ال جتع {: هذا الباب

، مالك )4/39(، أمحد )695(، النسائي املساجد )1390(، مسلم احلج )1137( البخاري اجلمعة )1(

. )463(النداء للصالة . )7335(و ) 6588(و ) 1188(و ) 1196( أخرجه البخاري )2( . )416( مالك النداء للصالة )3(

Page 234: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

234

لعنة اهللا على اليهود والنصارى اختذوا قبور {: إذن فقوله عليه الصالة والسالم

. ، فإنه عليه الصالة والسالم مل يتخذ قربه مسجدا )1( } أنبيائهم مساجد حيذر ما صنعوا

ملسجد النبوي قد تكون صورته عند من مل حيسن التأمل، وعند واملوجود اليوم يف ا غري الفقيه صورة قرب يف داخل مسجد، وليست احلقيقة كذلك؛ لوجود اجلدارين املختلفة اليت تفصل بني املسجد وبني القرب؛ وألن اجلهة الشرقية منه ليست من املسجد؛ وهلذا ملا

الشمال بعد هناية احلجرة بكثري، حىت ال جاءت التوسعة األخرية، كان مبتدؤها من جهة . تكون احلجرة يف وسط املسجد؛ فيكون ذلك من اختاذ قربه مسجدا عليه الصالة والسالم

أن قرب النيب عليه الصالة والسالم ما اختذ مسجدا، وأن : فاملقصود من هذا البيانه، ولكن خالفتها وصيته عليه الصالة والسالم يف التحذير قد أخذ هبا يف مسجده ويف قرب

بعض األمة يف قبور بعض الصاحلني من هذه األمة، فاختذوا قبور بعض آل البيت مساجد . وعظموها، كما تعظم األوثان

قبل أن ميوت خبمس، وهو مسعت النيب {: وملسلم عن جندب بن عبد اهللا قال "

إين أبرأ إىل اهللا أن يكون يل منكم خليل، فإن اهللا قد اختذين خليال كما اختذ إبراهيم : يقولأن : سبب ذلك : )2( } خليال، ولو كنت متخذا من أميت خليال الختذت أبا بكر خليال

ف الصدر، اخللة هي أعظم درجات احملبة، وهي اليت تتخلل الروح، وتتخلل القلب، وشغا ليس - عليه الصالة والسالم -حبيث ال يكون مث مكان لغري ذلك اخلليل؛ وهلذا فإن النيب

ولو كنت متخذا من أميت خليال الختذت أبا بكر {: له من أصحابه خليل؛ وهلذا قال

. )3( } خليال

، الدارمي )703(، النسائي املساجد )531(لصالة ، مسلم املساجد ومواضع ا )425( البخاري الصالة )1(

. )1403(الصالة . )532( مسلم املساجد ومواضع الصالة )2( . )1/270(، أمحد )455( البخاري الصالة )3(

Page 235: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

235

أال وإن من كان قبلكم كانوا {: لشاهد من هذا احلديث قوله بعد ذلكووجه ا

يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، أال فال تتخذوا القبور مساجد فإين أهناكم عن كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصاحليهم {: يضاوجاء يف رواية أخرى أ : )1( } ذلك

، وهذا هو الذي وقع يف هذه األمة، وال شك أنه وسيلة من وسائل )2( } مساجد

. الشركساجد، أنه حرم اختاذ قبور واألنبياء والصاحلني م : ومناسبة احلديث للباب ظاهرة وهي

مع أنه قد يكون العابد ال يعبد إال اهللا؛ ألهنا وسيلة من وسائل الشرك األكرب، والوسائل أن سد الذرائع : تفضي إىل ما بعدها، وقد تقرر يف القواعد الشرعية، وأمجع عليه احملققون

املوصلة إىل الشرك، وإىل احملرمات، أمر واجب، ألن الشريعة جاءت بسد أصول احملرمات، اختاذ : الذرائع إليها، فيجب أن يغلق كل باب من أبواب الشرك باهللا، ومن ذلكوسد

قبور األنبياء والصاحلني مساجد؛ وهلذا ال تصح الصالة يف مسجد بين على قرب؛ ألن ذلك فالنيب عليه الصالة والسالم هنى، وهؤالء فعلوا، والنهي توجه إىل بقعة مناف لنهي النيب

ة؛ فالذي يصلي يف مسجد أقيم على قرب فصالته باطلة ال تصح؛ الصالة فبطلت الصالبالبناء عليها : يعين)3( } أال فال تتخذوا القبور مساجد {: لقوله عليه الصالة والسالم

. )4( } م عن ذلكفإين أهناك {: وبالصالة حوهلا

من فعله، - وهو يف السياق -فقد هنى عنه يف آخر حياته، مث إنه لعن " :قولهخشي أن يتخذ مسجدا " :والصالة عندها من ذلك، وإن مل ينب مسجد، وهو معىن قوهلا

يعين أن الصالة عند القبور ال جتوز سواء صلى إليها، أو صلى عندها رجاء بركة ذلك ":

. )532( مسلم املساجد ومواضع الصالة )1( . )532( مسلم املساجد ومواضع الصالة )2( . )532 ( مسلم املساجد ومواضع الصالة )3( . )532( مسلم املساجد ومواضع الصالة )4(

Page 236: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

236

- غري صالة اجلنازة عندها - يرج بركة ذلك املكان، وإمنا صلى صالة نافلة املكان، أو مل كمسجد، أو كان قرب، أو قربان يف غري : كل هذا ال جيوز؛ سواء كان مث بناء على القرب

عليه الصالة والسالم -بناء عليهما، فإن الصالة ال جتوز؛ وهلذا جاء يف الصحيح أن النيب ويف البخاري )2( )1( } اجعلوا من صالتكم يف بيوتكم وال جتعلوها قبورا {: قال-

)3( " القرب، القرب " : أنه رأى أنسا يصلي عند قرب، فقال له أيضا معلقا من كالم عمر جتوز؛ ألهنا وسيلة من وسائل احذر القرب، وهذا يدل على أن الصالة عند القبور ال: يعين

الشرك، وأعظم من ذلك أن يكون مث بنيان، واختاذ ملا حول القرب من األبنية مسجدا . للصالة، والدعاء، والقراءة، وحنو ذلك

، فإن الصحابة مل يكونوا ليبنوا حول قربه "خشي أن يتخذ مسجدا " :وهو معىن قوهلاختذ مسجدا، بل كل موضع يصلى فيه مسجدا، وكل موضع قصدت الصالة فيه فقد ا

. وهذا ظاهر : )4( } جعلت يل األرض مسجدا وطهورا { يسمى مسجدا، كما قال

إن من شرار الناس من تدركهم { مرفوعا وألمحد بسند جيد عن ابن مسعود

. يف صحيحه)5( ورواه أبو حامت } الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد

، النسائي قيام )451(، الترمذي الصالة )777(، مسلم صالة املسافرين وقصرها )422( البخاري الصالة )1(

، )1377(، ابن ماجه إقامة الصالة والسنة فيها )1448(، أبو داود الصالة )1598(الليل وتطوع النهار . )2/16(أمحد

. )1187(و ) 432( أخرجه البخاري )2( . )426( أخرجه البخاري معلقا إثر حديث )3( . )5/383(، أمحد )522( مسلم املساجد ومواضع الصالة )4(جممع " كما يف" الكبري" والطرباين يف ) 879(وابن خزمية ) 5316(وأخرجه أمحد . يعين ابن حبان )5(

. ناده حسن إس: وقال27 / 2" الزوائد

Page 237: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

237

)1( } والذين يتخذون القبور مساجد {: أنه قال : ووجه الشاهد من هذا احلديث

هنم من شرار الناس، فالذين يتخذون القبور مساجد هم من شرار الناس؛ وذلك أ: يعين . وسيلة من وسائل الشرك باهللا جل وعال - كما ذكرنا -ألن اختاذ القبور مساجد

مسجدا، هذا يعم كل اختاذ للقرب )2( } والذين يتخذون القبور مساجد {: وقوله

سواء اختذه بالصالة عليه، أو بالصالة إليه أو بالصالة عنده، فذلك القصد للصالة عند . بذلك- عليه الصالة والسالم -القرب جيعل القاصد من شرار الناس كما وصفهم النيب

ومناسبة هذا احلديث للباب ظاهرة فإنه ذكر أن من شرار الناس الذين يتخذون القبور أن يعبد اهللا عند قرب ذلك الرجل الصاحل، فكيف : من اختاذ القرب مسجدامساجد، والقصد

واحلال أن القرب ال خيلص !! حال الذي توجه إىل النيب عليه الصالة والسالم بالعبادة؟؟ إليه، ولكن االستغاثة بالنيب عليه الصالة والسالم، وتأليهه قد يقعان حبسب االعتقادات،

من اجلاهليني مناداة املالئكة، واختاذ املالئكة آهلة مع اهللا جل وحبسب املناداة، كما حصل عليه -وكذلك املتخذون األولياء معبودين، هم من أشر الناس الذين وصفهم النيب . جالله

إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين { بقوله -الصالة والسالم

، فإن الذي اختذ القرب مسجدا ملعون بلعنة النيب عليه الصالة } يتخذون القبور مساجد

والسالم، وإن كان مل يعبد إال اهللا جل وعال، فكيف حال الذي عبد صاحب ذلك القرب؟ . لشركنسأل اهللا العافية والسالمة من كل وسائل ا!!

وتأمل هذا مع ما فشا يف بالد املسلمني من بناء القباب واملشاهد على القبور، وتعظيم هذا الفعل املنكر، وحتسينه، وتوجيه الناس إليه، وإىل التعلق باملقبورين، وذكر احلكايات الطويلة يف مناقب أولئك األولياء، ويف إجابتهم للدعوات، وإغاثتهم للهفات، وحنو ذلك

إن ذلك : لك غربة اإلسالم أشد غربة يف هذه األزمنة وما قبلها، فكيف إذا قالوا يتبني

. )1/195( أمحد )1( . )1/195( أمحد )2(

Page 238: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

238

بل كيف إذا اهتموا من هناهم عن ذلك بعدم املعرفة، وعدم الفهم، ! جائز، وذلك توحيد؟ . ؟ نسأل اهللا السالمة والعافية. وهم يدعونه إىل النار- جل وعال -وهو يدعوهم إىل اهللا لو يف قبور الصاحلني يصريها أوثانا تعبد من دون اهللا تبارك وتعاىل باب ما جاء أن الغ

اللهم ال جتعل قربي وثنا يعبد، اشتد {: قال روى مالك يف املوطأ أن رسول اهللا

بسنده عن والبن جرير )2( )1( } غضب اهللا على قوم اختذوا قبور أنبيائهم مساجد

ãΛä {: سفيان عن منصور عن جماهد ÷ƒ utsù r& |M≈ ¯=9$# 3“ ¨“ ãèø9$#uρ ∩⊇∪ { )3(] قال] 19: النجم :

وكذا قال أبو اجلوزاء عن ابن عباس . )4( كان يلت هلم السويق فمات، فعكفوا على قربه . )5( كان يلت السويق للحاج: قال

زائرات القبور لعن رسول اهللا {: قال- رضي اهللا عنهما -عن ابن عباس و

)6( . رواه أهل السنن } واملتخذين عليها املساجد والسراج

: فيه مسائل . تفسري األوثان: األوىل

. الثانية تفسري العبادة . مل يستعذ إال مما خياف وقوعه أنه: الثالثة . ر األنبياء مساجدقرنه هبذا اختاذ قبو : الرابعة . ذكر شدة الغضب من اهللا : اخلامسة . صفة معرفة عبادة الالت اليت هي أكرب األوثان -وهي من أمهها : السادسة

. )416( مالك النداء للصالة )1( . )261" ( املوطأ" أخرجه مالك يف )2( . 19: سورة النجم آية )3( . 58 / 27" التفسري " ابن جرير يف )4( . " التفسري " ابن جرير يف )5( . حديث حسن : وقال، )320(والترمذي و) 3236( أبو داود )6(

Page 239: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

239

. معرفة أنه قرب رجل صاحل: السابعة . أنه اسم صاحب القرب، وذكر معىن التسمية : الثامنة . لعنه زوارات القبور: التاسعة . ا لعنه من أسرجه: العاشرة : الشرح

الغلو ". باب ما جاء أن الغلو يف قبور الصاحلني يصريها أوثانا تعبد من دون اهللا " -وسيلة من وسائل الشرك، بل قد يصل الغلو إىل أن يكون شركا باهللا : يف قبور الصاحلني

وأن يصري ذلك القرب وثنا يعبد؛ فالغلو درجات، وقد تقدم يف األبواب قبله -جل وعال عض صور هذا الغلو يف القبور، وهنا بني أن الغلو يصل إىل أن تصري تلك القبور ذكر ب

: فمعناه هنا يف هذا الباب. جماوزة احلد: إن الغلو هو : وإذا قلنا. أوثانا تعبد من دون اهللا هو جماوزة احلد يف الصفة اليت ينبغي أن يكون عليها القرب؛ إذ صفتها يف الشرع واحدة،

رع دليل يف متييز قبور الصاحلني عن غريهم، بل الوارد وجوب أن ومل يأت عن الشاتتساوى من حيث الصفة، فال يفرق بني قرب صاحل أو طاحل؛ فالقرب إما أن يكون يف ظاهر

. مسنما، وإما أن يكون مربعا، وهذه الصورة من حيث الظاهر واحدة أو جتصيصه، أو رفعه يف عن الكتابة على القرب، - عليه الصالة والسالم -فنهى النيب

أنواع من السنن اليت جاءت يف أحكام القبور، إمنا ألجل سد الطرق اليت توصل إىل الغلو . يف قبور الصاحلني

فمجاوزة احلد يف قبور الصاحلني هي جماوزة ملا أمر الشارع أن تكون عليه القبور؛ ألن ها يكون بالكتابة عليها، أو فالغلو في. قبور الصاحلني ال ختتلف عن قبور غري الصاحلني

برفعها، أو بالبناء عليها، أو باختاذها مساجد، وكل هذا من الوسائل املؤدية إىل الشرك ومن صور الغلو يف قبور الصاحلني، أن جتعل وسيلة من الوسائل اليت تقرب إىل اهللا . األكرب

وعال، أو ينذر للقرب، جل وعال، أو أن يتخذ القرب أو من يف القرب شفيعا هلم عند اهللا جل

Page 240: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

240

أو يذبح له، أو يستشفع بترابه؛ اعتقادا أنه وسيلة عند اهللا جل وعال، وحنو ذلك من أنواع . الشرك األكرب باهللا تبارك وتعاىل

فالغلو يف قبور الصاحلني يكون مبجاوزة ما أذن فيها، ومن اجملاوزة ما هو من وسائل ور أوثانا تعبد من دون اهللا جل وعال؛ وهلذا الشرك، ومنها ما هو شرك صريح كاختاذ القب

، "باب ما جاء أن الغلو يف قبور الصاحلني يصريها أوثانا " :- رمحه اهللا -قال أن الغلو صار : جيعلها؛ فقد يكون جعل الوسائل للغايات، يعين : يعين " يصريها " :وقوله

. ون اهللا جل وعال وسيلة الختاذها أوثانا، وقد يكون الغلو جعلها وثنا يعبد من د يف أن القبور صارت أوثانا تعبد : وهذا هو الواقع واملشاهد يف كثري من بالد اإلسالم

من دون اهللا، ملا أقيمت عليها املشاهد والقباب، ودعي الناس إليها، وذبح هلا، وقبلت .النذور هلا، وصار يطاف حوهلا، ويعكف عندها، وحنو ذلك من أنواع الشرك األكرب باهللا

اللهم ال جتعل قربي وثنا {: قالروى مالك يف املوطأ أن رسول اهللا " :قوله

. )1( } يعبد، واشتد غضب اهللا على قوم اختذوا قبور أنبيائهم مساجد

إىل اهللا تعاىل هذا دعاء، ورغب منه )2( } عل قربي وثنا يعبداللهم ال جت {قوله

ولو كان ذلك ال يقع أصال، وال ميكن أن يقع، ملا دعا النيب عليه . أال يقع ذلك بقربهالصالة والسالم بذلك الدعاء العظيم، وهو أن ال جيعل قربه وثنا يعبد، كما جعلت قبور

فإن عددا من قبور األنبياء -الصالة والسالم عليهم -غريه من األنبياء واملرسلني اللهم {: اختذت أوثانا تعبد من دون اهللا، ويف قوله - عليهم الصالة والسالم -واملرسلني

أن فالغاية . دليل على أن القرب ميكن أن يكون وثنا يعبد )3( } ال جتعل قربي وثنا يعبد

. )416( مالك النداء للصالة )1( . )416( مالك النداء للصالة )2( . )416( مالك النداء للصالة )3(

Page 241: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

241

دعاء منه )1( } اللهم ال جتعل قربي وثنا يعبد { يكون القرب وثنا يعبد؛ وقول النيب

اشتد غضب اهللا {: بأن ال تتحقق هذه الغاية اليت من وسائلها ما جاء يف قوله بعد ذلك

وهذا هو غلو الوسائل، فاختاذ قبور األنبياء )2( } على قوم اختذوا قبور أنبيائهم مساجد

فالنيب عليه الصالة والسالم مجع . مساجد غلو من غلو الوسائل، يصري تلك القبور أوثاناهللا على من فعلها، يف هذا احلديث بني ذكر الوسيلة، والتنفري منها، وبيان اشتداد غضب ا

أن تكون القبور أوثانا تعبد من : وذكر هناية ما تصل إليه تلك الوسيلة بأصحاهبا، وهي . دون اهللا جل وعال

إن القبور ال : فهذا احلديث صريح يف أن القرب ميكن أن يكون وثنا، واخلرافيون يقولون فنقول يف الرد . هلية فقطميكن أن تكون أوثانا، واألوثان هي أوثان اجلاهلية وأصنام اجلا

إن اجلاهليني إذا كانوا قد تعلقوا بأصنام، وبأحجار، وبأشجار، وبغري ذلك من : عليهماألشياء، واعتقدوا فيها، ووصل هبم ذلك االعتقاد إىل حد الشرك األكرب؛ مع أن املسوغ

واألنبياء، فإن اختاذ قبور الصاحلني، : العقلي والنفسي لعبادهتا غري قوي، وال ظاهر فيهاواملرسلني أوثانا، أو أن يتوجه إىل أصحاهبا بالعبادة وارد من باب أوىل؛ ألن تعلق القلوب بالصاحلني أوىل من تعلقها باألحجار، وتعلقها باألنبياء واملرسلني أوىل من تعلقها باجلن، أو

صنام باألشجار، أو باألحجار، أو حنو ذلك، فوسائل الشرك بالقبور، أظهر منها يف األ وحنوها، وأوضح؛ ومها يشتركان يف أن كال منهما يعتقد تأثري الصنم أو الوثن يف حصول

$ {: ما يرجوه من الشفاعة عند اهللا؛ فأولئك املشركون يقولون يف آهلتهم tΒ öΝèδ ߉ç6 ÷ètΡ ω Î)

!$ tΡθ ç/Ìhs)ã‹Ï9 ’ n< Î) «!$# #’ s∀ø9ã— { )3(] ويقولون]3: الزمر ، :} ÏIω àσ¯≈ yδ $ tΡàσ¯≈ yè xä© y‰ΨÏã «!$# 4 { )4(

. )416( مالك النداء للصالة )1( . )416( مالك النداء للصالة )2( . 3: سورة الزمر آية )3( . 18: سورة يونس آية )4(

Page 242: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

242

هذا توسل، وهذا : يقولون ، وأهل العصور اليت فشا فيها الشرك، إذا سألتهم ]18: يونس[استشفاع، واحلال واحدة، والسبيل الذي جعل تلك القبور أوثانا هو اختاذها مساجد، والبناء عليها، واحلث على جميئها، والتربك هبا، وذكر الكرامات اليت حتصل عندها من

. ، إىل غري ذلك مما يفعله املشركون بقبور معظميهم !!إجابة الدعوات، وتفريج الكربات

ãΛä÷ƒ {: والبن جرير بسنده عن سفيان، عن منصور، عن جماهد، قال يف قوله " ut sùr&

|M≈=9$# 3“ ¨“ ãè ø9$#uρ ∩⊇∪ { )1(] كان يلت هلم السويق، فمات، فعكفوا على : قال]. 19: النجم

الشاهد قول ". كان يلت السويق للحاج :قربه، وكذا قال أبو اجلوزاء عن ابن عباس قال، فهذا العكوف؛ ألجل أنه رجل كان ينفعهم، يلت "مات فعكفوا على قربه " :جماهد

ãΛä {السويق هلم، وهذا على قراءة ÷ƒ utsù r& |M≈=9$# 3“ ¨“ ãèø9$#uρ ∩⊇∪ { )2(

صالح ذلك الرجل جعلهم يغلون يف قربه كما من أن : ووجه املناسبة ظاهر لزوم : والعكوف على القبور يصريها أوثانا، والعكوف معناه ". فعكفوا على قربه " :قال

القرب بتعظيمه، واعتقاد الربكة، والثواب، والنفع، ودفع الضر، يف لزومه، فهذا معىن . العكوف

زائرات القبور، لعن رسول اهللا {: قال- رضي اهللا عنهما -وعن ابن عباس "

وجه الداللة من احلديث ": رواه أهل السنن )3( } واملتخذين عليها املساجد والسرج

ساجد أما اختاذ امل. لعن املتخذين على القبور املساجد والسرج وهي أن النيب : ظاهرةفألهنا وسيلة : على القبور فقد سبق الكالم عليه، وأما لعن املتخذين السراج على القبور

لتعظيم تلك القبور، ونوع من أنواع الغلو فيها، وقد كانت القبور املعظمة تسرج قدميا،

. 19: سورة النجم آية )1( . 19: سورة النجم آية )2(، ابن ماجه ما جاء يف )3236(، أبو داود اجلنائز )2043(، النسائي اجلنائز )320( الترمذي الصالة )3(

. )1/337(، أمحد )1575(اجلنائز

Page 243: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 244: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

244

. ءةتفسري آية برا: األوىل . إبعاده أمته عن هذا احلمى غاية البعد : الثانية . ذكر حرصه علينا ورأفته ورمحته: الثالثة . هنيه عن زيارة قربه على وجه خمصوص، مع أن زيارته من أفضل األعمال : الرابعة . هنيه عن اإلكثار من الزيارة: اخلامسة . حثه على النافلة يف البيت : السادسة . رر عندهم أنه ال يصلى يف املقربةأنه متق : السابعةبأن صالة الرجل وسالمه عليه يبلغه وإن بعد، فال حاجة إىل ما : تعليله ذلك: الثامنة

. يتومهه من أراد القرب . يف الربزخ تعرض أعمال أمته يف الصالة والسالم عليه كونه: التاسعة : الشرح

ة النيب عليه الصالة والسالم جناب هذا الباب من جنس األبواب قبله الواردة يف محاي هنا بآية - رمحه اهللا -وأتى الشيخ . التوحيد، ويف سده كل طريق يوصل إىل الشرك

ô‰s)s9 öΝà2 {: براءة، وهي قول اهللا تعاىل u!% y` Ñ^θß™ u‘ ôÏiΒ öΝà6Å¡àΡr&  Í•tã ϵø‹n= tã $ tΒ óΟšG ÏΨ tã

ëȃ Ìym Νà6ø‹n= tæ šÏΖÏΒ ÷σßϑ ø9$$ Î/ Ô∃ρ âu‘ ÒΟŠ Ïm •î“ƒÍ {: فقوله] 128: التوبة [)1( } ∪∇⊅⊆∩ ‘§ tã

ϵ ø‹n= tã $ tΒ óΟšG ÏΨ tã { )2(أن تكونوا يف عنت ومشقة، فهذا : عزيز عليه عنتكم؛ يعين: يعين

. عزيز عليه وال يرغب فيه عليه الصالة والسالم

=ëȃÌym Νà6ø‹n {: قوله tæ { )3( ته، ألنه عليه الصالة والسالم عزيز عليه عنت أم

فهو هلذا يأمرهم بكل خري، وينهاهم عن كل شر، وحيمي محى ما أمرهم به، وما هناهم عنه؛

. 128: سورة التوبة آية )1( . 128: سورة التوبة آية )2( . 128: سورة التوبة آية )3(

Page 245: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

245

فإهنم أقدموا على مهلكتهم، وأقدموا على ما فيه : ألن الناس إذا أقدموا على ما هنوا عنه أن : عزيز عليه عنت أمته أي - عليه الصالة والسالم -عنتهم يف الدنيا ويف األخرى، والنيب

، )ëȃÌym Νà6ø‹n=tæ { )1 {: وا يف ما يعود عليهم بالوبال وباملشقة؛ هلذا قال بعدها يقع

ألن عزة مشقتهم عليه، وحرصه عليهم متالزمان، فمن حرصه علينا عليه الصالة والسالم، عز عليه عنتنا، أن ح مى ح مى التوحيد، ومحى جناب التوحيد، وسد كل ومن كونه ي

طريق قد نصل هبا إىل الشرك، عليه الصالة والسالم، وهذا وجه االستدالل من اآلية على . الباب

، )2( } وال جتعلوا قربي عيدا {: وأما حديث أيب هريرة فوجه الشاهد منه قوله

ال جتعلوا قربي {: والعيد يكون عيدا مكانيا كما جاء هنا، ويكون عيدا زمانيا، فقوله

تعتادون اجمليء إليه يف أوقات : ال تصريوا قربي مكانا تعودون إليه؛ أو : يعين)3( } عيدا

كتعظيم اهللا جل - عليه الصالة والسالم -معلومة؛ فإن هذا قد يوصل إىل أن يعظم النيب وصلوا علي، فإن صالتكم {: فاختاذ القبور عيدا من وسائل الشرك؛ وهلذا قال . وعال

.)4( } تبلغين حيث كنتم

لي بن ولفظ حديث ع. وكذلك حديث علي بن احلسني هو مبعىن احلديث السابق ؟ أال أحدثك حديثا مسعته من أيب عن جدي عن رسول اهللا {: احلسني أنه قال

قاله للرجل الذي كان يعتاد اجمليء إىل } ال تتخذوا قربي عيدا، وال بيوتكم قبورا " :قال

. 128: سورة التوبة آية )1( . )2/367(، أمحد )2042( أبو داود املناسك )2( . )2/367(، أمحد )2042( أبو داود املناسك )3( . )2/367(، أمحد )2042( أبو داود املناسك )4(

Page 246: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

246

، ووسيلة إىل تعظيم فرجة كانت عند القرب؛ ألن اعتياده الدعاء عند القرب نوع من الغلو . وهذا من وسائل الشرك . القرب، واختاذه عيدا

فحمى النيب عليه الصالة والسالم محى التوحيد وحرس جنابة، وسد كل طريق توصل إىل الشرك، حىت يف قربه عليه الصالة والسالم، فإذا كان قد هنى عن اختاذ قربه مسجدا، أو

اء واملرسلني، والصاحلني، فإهنم أوىل بذلك؛ ألنه عيدا، فمن باب أوىل قبور غريه من األنبيأن بعض هذه األمة خالف ما دعا إليه : فاحلاصل. أفضل خلق اهللا عليه الصالة والسالم

وأمر به من محاية جناب التوحيد، فاختذوا القبور مساجد، وأعيادا، وبنوا عليها النيبافوا حوهلا، وجعلوها كالكعبة، املشاهد، وأسرجوها، وقدموا هلا الذبائح والنذور، وط

وجعلوا األمكنة حوهلا مقدسة أعظم من تقديس بقاع اهللا املباركة، بل إن عباد القبور جتد حني يأتون إىل قرب النيب أو قرب -عندهم من الذل، واخلضوع، واإلنابة، والرغب، والرهب

- جل جالله - مع اهللا ما ليس يف قلوهبم إذا كانوا يف خلوة -الرجل الصاحل أو قرب الويل . ولرسوله - جل وعال -وهذا عني احملادة هللا

باب ما جاء أن بعض هذه األمة يعبد األوثان

’ ?öΝs9r& ts {: وقول اهللا تعاىل n< Î) š Ï%©!$# (#θ è?ρ é& $ Y7ŠÅÁ tΡ zÏiΒ É=≈ tG Å6ø9$# tβθãΨ ÏΒ÷σムÏM ö6 Éf ø9$$ Î/

ÏNθ äó≈©Ü9$#uρ tβθä9θ à)tƒ uρ t Ï% ©#Ï9 (#ρ ãxx. ÏIω àσ¯≈ yδ 3“ y‰÷δ r& zÏΒ t Ï% ©!$# (#θ ãΨtΒ#u ¸ξ‹ Î6 y™ ∩∈⊇∪ { )1(] النساء :

51 .[

≅ö {: وقوله تعاىل è% ö≅yδ Νä3ã⁄ Îm; tΡé& 9h|³Î0 ÏiΒ y7 Ï9≡sŒ ºπt/θ èWtΒ y‰Ψ Ïã «!$# 4 tΒ çµuΖyè ©9 ª!$# |=ÅÒ xî uρ ϵø‹n= tã

Ÿ≅ yè y_ uρ ãΝåκ÷]ÏΒ nο yŠtÉ)ø9$# tƒ Η$ uΖsƒ ø: $#uρ y‰t7tã uρ |Nθ äó≈©Ü9$# 4 { )2(] 60: املائدة .[

$tΑ {: وقوله تعاىل s% š Ï%©!$# (#θ ç7n= yñ #’ n?tã öΝÏδ ÌøΒ r& χ x‹Ï‚ −G oΨ s9 ΝÍκö n= tã #Y‰Éf ó¡¨Β ∩⊄⊇∪ { )1(

]. 21: الكهف[

. 51: سورة النساء آية )1( . 60: سورة املائدة آية )2(

Page 247: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

247

لتتبعن سنن من كان قبلكم {: قال أن رسول اهللا وعن أيب سعيد اخلدري

يا رسول اهللا اليهود : قالوا " حذو القذة بالقذة حىت لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه أن رسول اهللا وملسلم عن ثوبان )3( أخرجاه )2( } فمن؟ " :والنصارى؟ قال

إن اهللا زوى يل األرض، فرأيت مشارقها ومغارهبا، وإن أميت سيبلغ ملكها ما {: قال

األمحر، واألبيض، وإين سألت ريب ألميت أال يهلكها : زوي يل منها، وأعطيت الكرتينيا : وإن ريب قالبسنة بعامة وأال يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم،

حممد إذا قضيت قضاء فإنه ال يرد، وإين أعطيتك ألمتك أال أهلكهم بسنة بعامة، وأال أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها

رواه الربقاين يف صحيحه )5( )4( } حىت يكون بعضهم يهلك بعضا ويسيب بعضهم بعضا

وإمنا أخاف على أميت األئمة املضلني، وإذا وقع عليهم السيف مل يرفع إىل يوم {: وزاد

القيامة، وال تقوم الساعة حىت يلحق حي من أميت باملشركني، وحىت تعبد فئام من أميت ون يف أميت كذابون ثالثون، كلهم يزعم أنه نيب، وأنا خامت النبيني، وال األوثان، وإنه سيك

نيب بعدي، وال تزال طائفة من أميت على احلق منصورة ال يضرهم من خذهلم وحىت يأيت )6( } أمر اهللا تبارك وتعاىل

: فيه مسائل . تفسري آية النساء: األوىل

. 21: سورة الكهف آية )1( . )3/84(، أمحد )2669(، مسلم العلم )6889( البخاري االعتصام بالكتاب والسنة )2( . بنحوه) 2669( ومسلم ، )3456( أخرجه البخاري )3(، ابن )4252(، أبو داود الفنت واملالحم )2176(، الترمذي الفنت )2889( مسلم الفنت وأشراط الساعة )4(

. )5/284(، أمحد )3952(ماجه الفنت . )2889( أخرجه مسلم )5( . )209(، الدارمي املقدمة )5/284(، أمحد )3952(، ابن ماجه الفنت )4252( أبو داود الفنت واملالحم )6(

Page 248: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

248

. تفسري آية املائدة: الثانية . آية الكهف تفسري : الثالثةوهي أمهها ما معىن اإلميان باجلبت والطاغوت؟ وهل هو اعتقاد قلب؟ أو هو : الرابعة

موافقة أصحاهبا مع بغضها ومعرفة بطالهنا؟ . إن الكفار الذين يعرفون كفرهم أهدى سبيال من املؤمنني : قوهلم : اخلامسة هذه األمة، كما أن هذا ال بد أن يوجد يف - وهي املقصود بالترمجة -: السادسة

. تقرر يف حديث أيب سعيد . التصريح بوقوعها، أعين عبادة األوثان يف هذه األمة يف مجوع كثرية : السابعة خروج من يدعي النبوة، مثل املختار، مع تكلمه - العجب العجاب -: الثامنة

أن وفيه. وأن الرسول حق وأن القرآن حق . بالشهادتني، وتصرحيه بأنه من هذه األمة وقد خرج املختار . حممدا خامت النبيني، ومع هذا يصدق يف هذا كله مع التضاد الواضح

. يف آخر عصر الصحابة وتبعه فئام كثرية البشارة بأن احلق ال يزول بالكلية، كما زال فيما مضى، بل ال تزال عليه : التاسعة

. طائفة . هلم، وال من خالفهم أهنم مع قلتهم ال يضرهم من خذ : اآلية العظمى: العاشرة

. أن ذلك الشرط إىل قيام الساعة : احلادية عشرة . ما فيهن من اآليات العظيمة: الثانية عشرة

إخباره بأن اهللا زوى له املشارق واملغارب، وأخرب مبعىن ذلك، فوقع كما أخرب، : منها . خبالف اجلنوب والشمال

. وإخباره بأنه أعطي الكرتين . ته ألمته يف االثنتنيوإخباره بإجابة دعو

. وإخباره بأنه منع الثالثة . وإخباره بوقوع السيف وأنه ال يرفع إذا وقع

Page 249: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

249

. وإخباره بظهور املتنبئني يف هذه األمة . وإخباره ببقاء الطائفة املنصورة

. وكل هذا وقع كما أخرب، مع أن كل واحدة منها من أبعد ما يكون يف العقول . وف على أمته من األئمة املضلني حصر اخل : الثالثة عشرة . التنبيه على معىن عبادة األوثان: الرابعة عشرة

: الشرح، وكتاب التوحيد من أوله إىل "باب ما جاء أن بعض هذه األمة يعبد األوثان " هذا

مسائل كثرية من - رمحه اهللا -هذا املوضع، ذكر فيه اإلمام حممد بن عبد الوهاب ب معرفة التوحيد، والعلم به، واخلوف من الشرك، وبيان بعض أفراد التوحيد، كبيان وجو

التوحيد، وبعض أفراد الشرك، األكرب واألصغر، مث بني شيئا مما يتعلق بوسائل ذلك، وما يف : يتعلق بالصور املختلفة اليت وقعت من هذا الشرك يف األمم قبلنا وعند اجلاهليني، يعين

مث ذكر الوسائل والطرق املوصلة . مما وقع يف هذه األمة األميني ويف أهل الكتاب، وكذلك . وسائل الشرك اليت توصل إليه، وطرق الشرك املوصلة إليه : إىل الشرك، يعين

من أن - جل وعال -وقد حيتج بعض املشركني واخلرافيني بأن هذه األمة محاها اهللا بدليل قول النيب عليه تعود إىل عبادة األوثان، وعصمت من الوقوع يف الشرك األكرب

إن الشيطان أيس أن يعبده املصلون يف جزيرة العرب ولكن يف {: الصالة والسالم

إن الشيطان أيس أن يعبده {: فلما قال عليه الصالة والسالم)2( )1( } التحريش بينهم

علمنا أن عبادة الشيطان ال تكون يف هذه األمة، وأن )4( )3( } املصلون يف جزيرة العرب

. الشرك األكرب ال يكون، هكذا يدعي القبوريون

. )3/313(، أمحد )1937(، الترمذي الرب والصلة )2812( مسلم صفة القيامة واجلنة والنار )1( . تقدم خترجيه)2( . )3/313(، أمحد )1937(، الترمذي الرب والصلة )2812( مسلم صفة القيامة واجلنة والنار )3( . تقدم خترجيه)4(

Page 250: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

250

موضعه، وفهم ذلك الدليل، وذلك احلديث، ليس أن هذا االحتجاج يف غري : واجلواب إن الشيطان أيس {: على ذلك النحو، وجواب ما قالوا من أن قوله عليه الصالة والسالم

إن الشيطان ال يعلم الغيب، وهو : ول هو أن نق )1( } أن يعبده املصلون يف جزيرة العرب

∅  {: حريص على إغواء بين آدم، كما قال تعاىل s3ÏΨ tFôm V{ ÿ…çµ tG−ƒ Íh‘ èŒ ω Î) WξŠ Î= s% ∩∉⊄∪ { )2(

فالشيطان أيس بنفسه ملا رأى - وعال جل-هو أيس ولكن مل يأيسه اهللا ] 62: اإلسراء[عز اإلسالم، وملا رأى ظهور التوحيد على الكفر يف جزيرة العرب، فأيس ملا رأى ذلك

. من أن يعبد يف جزيرة العرب - جل وعال -ولكنه مل يأيسه اهللا إشارة إىل أن أهل الصالة هم الذين ال تتأتى "أيس أن يعبده املصلون " :مث إن يف قوله

م عبادة الشيطان، ألن املصلني ال شك أهنم آمرون باملعروف ناهون عن املنكر؛ ألن منهاملصلي هو الذي أقام الصالة، ومن أقام الصالة فإن الصالة تنهى عن الفحشاء واملنكر،

فيكون الشيطان بذلك -جل وعال -الشرك باهللا : وأعظم املنكر الذي سينكره املصلي، هو . جل وعال ،م الصالة على حقيقتها كما أراد اهللا قد يأس أن يعبده من أقا

أن : أن عبادة الشيطان ال تكون يف هذه األمة، بل فيه - إذ ا -فليس يف هذا احلديث الشيطان أيس ملا رأى عز اإلسالم ولكنه مل ي أي س؛ وهلذا فإن طائفة من العرب ارتدوا عن

رتداد كان من عبادة الشيطان؛ ألن بقليل، وال شك أن ذلك اال اإلسالم بعد وفاة النيبóΟs9r& ô‰yγ * {: - جل وعال - بطاعته؛ كما قال - أيضا -عبادة الشيطان تكون ôã r& öΝä3ö‹s9Î)

û Í_ t6≈tƒ tΠyŠ# u χ r& ω (#ρ߉ç7÷è s? z≈ sÜø‹¤±9$# ( …çµ ¯ΡÎ) ö/ä3s9 Aρ ߉tã ×Î7•Β ∩∉⊃∪ { )3(] وعبادة ] 60: يس

بطاعته يف األمر والنهي، وطاعته يف الشرك، وطاعته يف ترك : الشيطان كما يف تفسري اآلية . اإلميان وترك لوازمه

. )3/313(، أمحد )1937(، الترمذي الرب والصلة )2812(القيامة واجلنة والنار مسلم صفة )1( . 62: سورة اإلسراء آية )2( . 60: سورة يس آية )3(

Page 251: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

251

مستحضرا هلذا الدليل الذي حيتج به املشركون من -رمحه اهللا-وقد كان إمام الدعوة هل عصره وغريهم على نفي عبادة هذه األمة لألوثان، وعدم وقوع هذه األمة، من أ

التنبيه على بطالن االستدالل بذلك الدليل على ما ادعوه، -رمحه اهللا-الشرك منهم، فأراد واألدلة جاءت مصرحة . بل هو ال يدل على قوهلم، إذ قد عرفنا معناه وتفسريه فيما تقدم

ا مما يصحح معىن ما أشرنا إليه من كون الشيطان أن بعض هذه األمة يعبد األوثان، وهذ . قد يأس من أن يعبده املصلون يف جزيرة العرب

أن : معناه " باب ما جاء أن بعض هذه األمة يعبد األوثان " :-رمحه اهللا-وقول اإلمام كما وقعت يف األمم السالفة، فهذه عبادة األوثان واقعة يف هذه األمة بنص قول النيب

. فيها عبادة غري اهللا سبحانه وتعاىل أيضااألمة . من النصوص يف الكتاب ويف السنة: يعين" باب ما جاء " :وقولهنص على وقوع ذلك من بعضهم، ال من كلهم؛ ألن " أن بعض هذه األمة " :وقوله

عبادة األوثان مل تكن من األمة كلها، وإمنا كانت من بعض هذه األمة، وإال فال تزال وال تزال {. -عليه الصالة والسالم - هذه األمة ظاهرة على احلق كما قال طائفة من

.)1( } طائفة من أميت ظاهرين على احلق ال يضرهم من خذهلم إىل قيام الساعة

ذلك البعض املرذول، فنفهم من هذا أن هناك من ": ألمةبعض هذه ا " ـاملقصود ب و وكان عليه صحابته، األمة من يقوم باالستمساك باألمر األول الذي كان عليه الرسول

. يف أمر التوحيد، وأمر العبادة والسنن أمة الدعوة أو أمة اإلجابة؟ ". هذه األمة " .لكن هل املقصود بقوله

من - وهم مجيع اجلن واإلنس - شك أن هناك من أمة الدعوة فال. أمة الدعوة : إذا قلنا . ومل يرض ببعثته، ومل يقبل ذلك عبد األوثان، واستمر على عبادهتا، بعد بعثة النيب

ن ماجه ـاب، )4252(أبو داود الفنت واملالحم ، )2229(ترمذي الفنت ـال )1920(لم اإلمارة ـ مس)1(

. )5/279(، أمحد )3952(الفنت

Page 252: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

252

يف دعوته، أن من أجاب الرسول : إن املراد باألمة أمة اإلجابة، يعين : وإذا قلنا ركوا دينهم، كما جاء يف باب سلف يف تتقادم هبم العهود، حىت يرتدوا على أدبارهم، ويت

أن سبب كفر بين آدم، وتركهم دينهم الغلو يف الصاحلني، لكن الظاهر هنا أن يعين به أمة اإلجابة يف أهنم يتركون دينهم، " بعض هذه األمة يعبد األوثان " :قوله

. ويتوجهون إىل األوثان ويعبدوهنا يء توجه إليه الناس بالعبادة، إما بأن كل ش: مجع وثن، والوثن هو ": األوثان " و

أو أن يستغيثوا به، أو أن يعتقدوا فيه أنه ينفع ويضر بدون -جل وعال - يدعوه مع اهللا -جل وعال - أو أنه يرجى رجاء العبادة، وخياف منه كخوف اهللا - جل وعال -إذن اهللا من ذلك خوف السر، وحنو ذلك من التوجهات، والعبادات، فمن اعتقد فيه شيء : أي

. فهو وثن من األوثان، وقد يكون راضيا بتلك العبادة، وقد ال يكون راضيا -والوثن ليس هو املصور على شكل صورة، بل الصنم هو ما كان على شكل صورة

اآلهلة اليت صورت : أن األصنام هي. فالفرق بني األوثان واألصنام-كما سبق أن ذكرنا -نبياء صورة ويعبدها، أو جيعل لرجل من الرجال على شكل صور، كأن جيعل لنيب من األ

أما األوثان فهي األشياء . صورة ويسجد هلا، ويعبدها، فهذه تسمى أصناما-كبوذا وحنوهاملعبودة أيا كانت؛ فقد تكون جدارا، أو قربا، أو رجال ميتا، أو صفة من الصفات يتخذها

فهو وثن من : من أنواع العبادةفكل ما توجه إليه العباد بنوع . معبودة من دون اهللا . األوثان

’ ?öΝs9r& ts {: وقول اهللا تعاىل " :قوله n<Î) š Ï%©!$# (#θ è?ρ é& $ Y7ŠÅÁ tΡ zÏiΒ É=≈ tG Å6ø9$# tβθ ãΨ ÏΒ÷σãƒ

ÏM ö6Éf ø9$$ Î/ ÏNθ äó≈ ©Ü9$#uρ { )1(] اسم عام لكل ما فيه خمالفة ألمر اهللا: اجلبت] 51: النساء-

وهذا هو الذي فسر - يف االعتقاد، فقد يكون اجلبت سحرا وأمر رسوله-جل وعال

. 51: سورة النساء آية )1(

Page 253: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

253

به كثري من السلف اجلبت، وقد يكون اجلبت الكاهن، وقد يكون اجلبت الشيء املرذول . الذي يضر صاحبه

tβθ {: ومعىن قوله ãΨÏΒ ÷σムÏM ö6 Éf ø9$$ Î/ ÏNθ äó≈©Ü9$#uρ { )1(يؤمنون بالسحر، ويؤمنون : يعين

. - جل وعال -بالباطل، وبعبادة غري اهللاوالطاغوت مشتق من الطغيان، وهو جماوزة احلد، فالطاغية ) الطاغوت( ـويؤمنون ب

-رمحه اهللا-الذي جتاوز احلد يف أمر الدين، بأن جعل ما هللا له؛ وهلذا يعرف ابن القيم هو ". كل ما جتاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع " :الطاغوت بأنه

أنه تعدى حد ذلك الشيء الذي توجه إليه، وهو احلد : ومعىن جماوزة العبد به حدهته له، فتوجهه إليه بالعبادة، أو اعتقاده فيه بعض خصائص الذي مل يأذن به الشرع جماوز

يغيثه كيف ما شاء، ومن أنه ميلك غوثه، وميلك الشفاعة له، أو أن يغفر له، : اإلهلية من أنه، وحنو ذلك مما ال ميلكه املعبودون، فإن - جل وعال -وأن يعطيه، وميلك أن يقربه إىل اهللا

. د الذي جعل له يف الشرع كل ذلك جماوزته بذلك املتخذ عن احلمثل العلماء، " أو متبوع " :فهذا معىن جماوزة احلد يف املعبودين، واملقصود بقوله

أهنم صاروا يتبعوهنم يف كل ما قالوا، وإن : والقادة يف أمر الدين، ومعىن جماوزة احلد فيهم بدعة سنة، وهم أحلوا هلم احلرام، وحرموا عليهم احلالل، أو جعلوا هلم السنة بدعة، وال

يعلمون أصل الدين، ولكنهم خالفوا ألجل ما قال فالن، فإن هذا قد ت ج و ز به حده، فإن فإذا . أن يكون آمرا مبا أمر به الشرع، ناهيا عما هنى عنه الشرع : حد املتبوع يف الدين

ده، أحل احلرام، أو حرم احلالل فإنه يعترب طاغوتا، ومن اتبعه فإنه يكون قد جتاوز به ح . وقد أقر بأنه طاغوت، واختذه كذلك

يشمل األمراء، وامللوك، واحلكام، والرؤساء، الذين يأمرون " أو مطاع " :وقوله -باحلرام فيطاعون، ويأمرون بتحرمي احلالل فيطاعون يف ذلك مع علم املطيع مبا أمر اهللا

. 51: سورة النساء آية )1(

Page 254: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

254

الشرح ملعىن ما فهذا . به فهؤالء اختذوهم طواغيت؛ ألهنم جاوزوا هبم حدهم -جل وعال . من تعريف الطاغوت-رمحه اهللا-ذكره اإلمام ابن القيم

يدخل فيه كل هذه األنواع، أي الذين عبدوا، ) الطاغوت( .وقوله يف اآلية املتقدمة . والذين اتبعوا، والذي أطيعوا

ووجه مناسبة هذه اآلية للباب، أن اإلميان باجلبت والطاغوت، حصل ووقع من الذين نصيبا من الكتاب، من اليهود والنصارى، وإذا كان قد وقع منهم، فسيقع يف هذه أوتوا

أخرب أن ما وقع يف األمم قبلنا سيقع يف هذه -عليه الصالة والسالم -األمة؛ ألن النيب لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة {: األمة، كما قال يف حديث أيب سعيد اآليت

فمثل بشيء صغري، وهو دخول جحر )1( } بالقذة حىت لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه

تنبيها على أن ما هو أعلى من ذلك سيقع من هذه - الذي ال ميكن أن يفعل-الضب فإن من هذه األمة من ه النيب كما أخرب ب-وقد حصل. األمة، كما وقع من األمم قبلنا

آمن بالسحر، ومنهم من آمن بعبادة غري اهللا، ومنهم من أطاع العلماء واألمراء يف حتليل ما حرم اهللا وحترمي ما أحل اهللا، فكانوا بذلك متبعني سنن من كان قبلهم، وحصل منهم إميان

. باجلبت والطاغوت كما حصل من األمم قبلهم

≅ö {: وقوله تعاىل" è% ö≅ yδ Νä3ã⁄Îm; tΡé& 9h|³Î0 ÏiΒ y7 Ï9≡sŒ ºπ t/θ èWtΒ y‰ΨÏã «!$# 4 tΒ çµ uΖyè ©9 ª!$# |=ÅÒ xî uρ ϵ ø‹n= tã

Ÿ≅ yè y_ uρ ãΝåκ÷]ÏΒ nο yŠtÉ)ø9$# tƒ Η$ uΖsƒ ø: $#uρ y‰t7tã uρ |Nθ äó≈©Ü9$# 4 { )2(] على هذه القراءة ] 60: املائدة ) ع ب د

الطاغوت ، كأنه )لعن( :فعال معطوفا على قوله) عبد( ، و )عبد( يكون الطاغوت مفعول) ووجه االستشهاد من اآلية أن عبادة . من لعنه اهللا ومن عبد الطاغوت : قال بتقدمي وتأخري

سيقع األمم السالفة خبرب النيبالطاغوت وقعت يف أولئك امللعونني، ومبا أن ما وقع يف يف هذه األمة، فإننا نعلم أن يف هذه األمة من سيعبد الطاغوت كما عبدها أولئك، وعبادة

. )3/84(، أمحد )2669(، مسلم العلم )6889( البخاري االعتصام بالكتاب والسنة )1( . 60: سورة املائدة آية )2(

Page 255: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

255

يدخل فيها عبادة األوثان من عبادة القبور، وتأليه أصحاهبا، - كما ذكرنا-الطاغوت عامة أو طلب الشفاعة -عال جل و- واالستشفاع هبم إىل اهللا - جل وعال -والتوسل هبم إىل اهللا

منهم وحنو ذلك من الوسائل الشركية أو ما هو من الشرك األكرب، فحصلت عبادة األوثان من القبور، ومن املشاهد، ومن األشجار ومن األحجار، وحنو ذلك مما اعتقد فيه اجلهلة

$tΑ {: وقوله تعاىل " . عليه الصالة والسالم ،الذين تركوا دين حممد s% š Ï%©!$# (#θ ç7n= yñ #’ n?tã

öΝÏδ ÌøΒ r& χ x‹Ï‚ −G oΨ s9 ΝÍκö n= tã #Y‰Éf ó¡¨Β ∩⊄⊇∪ { )1(] قصة أصحاب الكهف ]: 21: الكهف

ية، آ-جل وعال - معروفة، وهذه اجلملة بعض آية من قصة أصحاب الكهف، جعلهم اهللا θ#) {: كما قال تعاىل èWÎ6 s9uρ ’Îû óΟÎγ Ïôγ x. y]≈ n= rO 7π s($ ÏΒ šÏΖÅ™ (#ρ ߊ# yŠø— $#uρ $ Yèó¡Î@ ∩⊄∈∪ { )2(] الكهف :

ا ماتوا واطلع الناس على أهنم مكثوا أحياء هذه املدة الطويلة، فاعتقدوا فيهم، ومل ] 21 . تنازعوا يف أمرهم

θ#) {: فمنهم من قال ãΖö/$# ΝÍκö n= tã $ YΖ≈ u‹÷Ζç/ ( { )3( .

اجعلوا هلم فناء ودارا وعظموا مكاهنم، واختلف الناس فيهم يف : ومنهم من قال $tΑ { :ال اهللا جل وعال ذلك الزمان، ق s% š Ï% ©! $# (#θ ç7 n= yñ #’ n? tã öΝ Ïδ Ì øΒ r& χ x‹ Ï‚ −G oΨ s9 Ν Íκ ö n= tã

# Y‰ Éf ó¡ ¨Β ∩⊄⊇∪ { )4(] فمن الذين غلبوا على األمر؟ اختلف املفسرون يف ]. 21: الكهف

:ذلك حصل منهم تعظيم ألصحاب -مسلمو ذلك الزمان - هم املسلمون : فقال قائلونθ#) {: الكهف، فقالوا ãΖö/$# ΝÍκö n= tã $ YΖ≈ u‹÷Ζç/ ( { )5(] وقالوا] 21: الكهف :} χ x‹Ï‚ −G oΨ s9

. 21: سورة الكهف آية )1( . 25: سورة الكهف آية )2( . 21: سورة الكهف آية )3( . 21: آية سورة الكهف)4( . 21: سورة الكهف آية )5(

Page 256: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

256

ΝÍκö n= tã #Y‰Éf ó¡¨Β ∩⊄⊇∪ { )1( تعظيما هلم وداللة للناس عليهم، فإذا كان هذا القول راجحا

فإنه من وسائل الشرك باهللا ويؤدي إىل عبادة تلك القبور واالعتقاد يف أصحاب الكهف، . ل يف هذه األمةوهذا القدر حصأتباع ذلك الدين : أن الذين غلبوا على أمرهم هم املشركون، يعين : والقول الثاين

{العتقادهم اجلاهلي، وملا يف قلوهبم من الشرك والبدع اليت خالفوا هبا أنبياءهم، قالوا χ x‹Ï‚ −G oΨ s9 ΝÍκö n= tã #Y‰Éf ó¡¨Β ∩⊄⊇∪ { )2( .وهو الذي رجحه ابن كثري -: والقول الثالث -

أن الذين غلبوا على أمرهم هم الكرباء، - ورجحه عدد أيضا من أهل العلم -رمحه اهللاواألمراء، وأصحاب النفوذ فيهم، ألن الذي له الغلبة يف األمر هو من ميلك األمر والنهي

ملنكر وهم الكرباء، وأصحاب النفوذ، وملوك ذلك الزمان، وأمراؤه، عظموا هؤالء يف اχ {الصاحلني وقالوا x‹Ï‚ −G oΨ s9 ΝÍκö n= tã #Y‰Éf ó¡¨Β ∩⊄⊇∪ { )3( ،وقد حصل هذا يف تلك األمة ،

أنه حصل فإنه سيحصل يف هذه األمة؛ ألنه ما من خصلة من الشرك حصلت يف وما دام - جل وعال -األمم قبلنا إال وحصلت يف هذه األمة حىت ادعى بعض هذه األمة أنه اهللا

وأن اهللا حيل فيه وحنو ذلك، بل قد ادعوا أن روح اإلله تتناسخ يف أناس معنيني كما هو : -عليه الصالة والسالم -ذلك، وهذا كما قال اعتقاد طوائف من الباطنيني وحنو

. )4( } لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة {

الطريقة، يعين . مجع سنة، وهي : يروى بضم السني وفتح النون، وهو) سنن( :قولهويروى بفتح السني والنون معا، . لتتبعن طرائق من كان قبلكم يعين يف الدين : أنه قالك

. لتتبعن سبيل من كان قبلكم: السبيل والطريق، يعين : وهو على هذه الرواية مفرد، ومعناه

. 21: سورة الكهف آية )1( . 21: سورة الكهف آية )2( . 21: سورة الكهف آية )3( . )3/84(، أمحد )2669(، مسلم العلم )6889( البخاري االعتصام بالكتاب والسنة )4(

Page 257: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

257

-هي الواقعة يف جواب القسم، فيفهم من ذلك أن النيب " لتتبعن " :والالم يف قوله . واهللا لتتبعن سنن من كان قبلكم : أقسم على ذلك، فقال مؤكدا-م عليه الصالة والسال

ليؤكد هذا األمر تأكيدا عظيما، وأن هذه األمة -عليه الصالة والسالم -وإمنا أقسم طريق وسبيل من كان قبلها من األمم، وهذا حتذير ألن األمم السالفة - ال حمالة-ستتبع

- جل وعال-نصارى، وهؤالء قد وصفهم اهللاإما أن يكونوا من أهل الكتاب اليهود والبأهنم مغضوب عليهم وضالون، فإذا اتبعت هذه األمة سبيلهم، فمعىن ذلك أهنا تعرضت للغضب واللعنة، وقد وجد يف هذه األمة من سلك سبيل اليهود، ومن سلك سبيل

سد من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن ف : النصارى؛ وهلذا قال بعض السلف من عبادنا ففيه شبه من النصارى؛ ألن اليهود خالفوا على علم، والنصارى خالفت على

Îöxî ÅUθ {جل وعال ضاللة وقد قال àÒ øó yϑ ø9$# óΟÎγ ö‹n= tæ Ÿω uρ tÏj9!$ Ò9$# ∩∠∪ { )1(] 7: الفاحتة [

. غضوب عليهم هم اليهود، والضالون هم النصارى كما فسرها النيب واملمثال مبثل، وهو مثل للشيئني يستويان، وال يتفاوتان، : أي " حذو القذة بالقذة " :قوله

مأخوذ من قذة السهم، وهي أذنه؛ ألن كل قذة تقر على صاحبتها، مث تقطع على قياسها، فحصل يف هذه األمة مثل ما حصل أخرب به النيب وقد وقع ما . فال يكون بينها تفاوت

يف األمم قبلنا يف أبواب الربوبية، ويف أبواب اإلهلية، ويف األمساء والصفات، وكذلك يف فكل شيء كان فيمن قبلنا - جل وعال -العمل، ويف السلوك، وكذلك القول يف أفعال اهللا

. والعافية السالمة- جل وعال -جاء ووقع يف هذه األمة، نسأل اهللا

والنصارى؟ يا رسول اهللا اليهود : قالوا " حىت لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه {: قوله

هذا وجه الداللة من هذا احلديث ظاهرة، بل عماد ": )3( أخرجاه )2( } فمن؟ :قال

. 7: سورة الفاحتة آية )1( . )2/527( أمحد ، )3994( ابن ماجه الفنت )2( . يعين البخاري ومسلم )3(

Page 258: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

258

الباب على هذا احلديث من أن كل كفر وشرك وقع يف األمم السالفة فسيقع يف هذه وسيقع يف هذه األمة - جل وعال -األمة، فإن األمم السالفة عبدت األوثان وكفرت باهللا

يف الربوبية ويف اإلهلية ويف األمساء والصفات - جل وعال -من يعبد األوثان ومن يكفر باهللا ويف احلكم والتحاكم، وهكذا يف أنواع كثرية مما حصل فيمن - جل وعال -ويف أفعال اهللا

قبلنا حىت يف أمور السلوك والبدع، بل حىت يف أمور األخالق والعادات اليت تتصل بالدين . فإنه سلكت هذه األمة مسلك األمم قبلها خمالفة هني النيب

ليه الصالة ع- قوله -وهو حديث طويل-ووجه االستشهاد من حديث ثوبان واألئمة املضلون هم الذين )1( } وإمنا أخاف على أميت األئمة املضلني {: -والسالم

. اختذهم الناس أئمة، إما من جهة الدين، وإما من جهة والية احلكم ن ميلكون زمام الناس، فيضلون الناس بالبدع وبالشركيات، وحيسنوهنا واألئمة املضلو

هلم حىت تغدو يف أعينهم حقا، وكذلك أصحاب النفوذ وأصحاب احلكم فإهنم إذا كانوا مضلني فإن بيدهم األمر الذي جيعلهم يفرضون على الناس أمورا ويلزموهنم بأشياء مضادة

ومن أمور السلوك والعمل، ومن أمور احلكم من أمور العقيدة والتوحيد، لشرع حممد فكثر األئمة -عليه الصالة والسالم -والتحاكم، وهكذا وقع يف هذه األمة ما خاف منه

. األئمة املضلون من جهة االتباع، واألئمة املضلون من جهة الطاعة : املضلون يف األمة

وإذا وقع عليهم السيف مل يرفع إىل يوم القيامة وال تقوم الساعة حىت يلحق {: قوله

هذا نص صحيح من )2( } حي من أميت باملشركني، وحىت تعبد فئام من أميت األوثان

ي من أميتـحىت يلحق ح {: ن قولهـل املراد مـفه. ي صحيحهـرواية الربقاين ف

. )209(، الدارمي املقدمة )5/284(، أمحد )3952(، ابن ماجه الفنت )4252( أبو داود الفنت واملالحم )1( . )5/278( أمحد )2(

Page 259: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

259

أن هذا احلي يترك بالد املسلمني، ويذهب إىل أرض املشركني؟ أو أنه )1( } باملشركني

. يلحق باملشركني يف الصفات واخلصال؟ حيتمل هذا وهذا

الفئام، هي اجلماعات الكبرية، وهذا )2( } من أميت األوثانوحىت تعبد فئام {: قوله

باب ما جاء أن بعض هذه األمة يعبد " يف الباب -رمحه اهللا-ظاهر املناسبة لقول الشيخ ". األوثان

وال تزال طائفة من أميت على احلق {. يف هذا احلديث-عليه الصالة والسالم -قوله

هذه الطائفة املنصورة )3( } منصورة ال يضرهم من خذهلم حىت يأيت أمر اهللا تبارك وتعاىل

وال تزال طائفة من أميت {: يف حديث آخر -عليه الصالة والسالم -هي اليت قال فيها

وستفترق {: -عليه الصالة والسالم -وهي اليت قال فيها ،)4( } ظاهرين على احلق

)5( } كلها يف النار إال واحدة، وهي اجلماعة هذه األمة على ثالث وسبعني فرقة

عليه الصالة -فالطائفة املنصورة هي الفرقة الناجية وهي اجلماعة جبمع أحاديث النيب نصرها على من ناوأها باحلجة والبيان، - جل وعال -ومسيت منصورة؛ ألن اهللا. -والسالم

والبيان، فهم وإن هزموا ونصرها الذي وعدت به ليس نصرا بالسنان، ولكنه نصر باحلجة يف بعض املعارك أو أديلت دولتهم يف بعض األحيان فهم الظاهرون على من سواهم

من احلجة والنصوص - جل وعال-باحلجة والبيان، وهم املنصورون مبا أعطاهم اهللا . فهم على احلق وسواهم على الباطل . والصواب واحلق على من سواهم

5/278(، أمحد )3952(، ابن ماجه الفنت )4252(، أبو داود الفنت واملالحم )2219( الترمذي الفنت )1(

( . . )5/284(، أمحد )3952(، ابن ماجه الفنت )4252( أبو داود الفنت واملالحم )2( . )5/279(، أمحد )10(، ابن ماجه املقدمة )4252( أبو داود الفنت واملالحم )3((نت ، ابن ماجه الف )4252(، أبو داود الفنت واملالحم )2229(، الترمذي الفنت )1920( مسلم اإلمارة )4(

. )5/279(، أمحد )3952 . )2518(، الدارمي السري )4/102(، أمحد )4597( أبو داود السنة )5(

Page 260: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

260

امسان لشيء واحد، وإمنا هو من باب - وطائفة منصورة فرقة ناجية،-وهذان اللفظانال تزال طائفة من أميت على احلق {تنوع الصفات فقال عنها الطائفة املنصورة هنا

ΡÎ) çÝÇΖoΨ$ {: -جل وعال - ألهنا موعودة بالنصر كما قال} منصورة s9 $ oΨ n= ß™ â‘ š Ï% ©!$#uρ

(#θ ãΖtΒ#u ’ Îû Íο 4θ uŠpt ø: $# $ u‹÷Ρ‘‰9$# tΠöθ tƒ uρ ãΠθ à)tƒ ߉≈yγ ô© F{$# ∩∈⊇∪ { )1(] ال أيضاـا قـوكم] 51غافر :

} ô‰s)s9uρ ôMs)t7y™ $ oΨ çG uΗ Í>x. $ tΡÏŠ$ t7Ïè Ï9 tÎ= y™ ößϑ ø9$# ∩⊇∠⊇∪ öΝåκΞÎ) ãΝßγ s9 tβρ â‘θÝÁΨ yϑø9$# ∩⊇∠⊄∪ ¨β Î)uρ $ tΡy‰Ζã_ ãΝßγ s9

tβθ ç7Î=≈tó ø9$# ∩⊇∠⊂∪ { )2(] فقوهلم هو املنصور وهو الظاهر ]173-171: الصافات ،

وقد يكون أيضا هلم من النصر والتمكني يف أرض اهللا ما أعطاهم وحجتهم هي الظاهرة، . من ذلك- جل وعال -اهللا

وهم أيضا الفرقة الناجية اليت جاءت يف حديث االفتراق، ألهنا موعودة بالنجاة من النار، فهم موصوفون بالنصر، وموصوفون بالنجاة من النار، وموصوفون بالنصر على

. د يكون مع ذلك نصر بالسيف والسنان وحنو ذلك عدوهم باحلجة والبيان، وق باب ما جاء يف السحر

ô‰s)s9uρ (#θ {: وقول اهللا تعاىل ßϑ Î= tã Çyϑ s9 çµ1 utIô© $# $ tΒ …çµ s9 ’ Îû Íο tÅz Fψ$# ï∅ ÏΒ 9,≈ n= yz 4 { )3(

tβθ {وقوله ] 102: البقرة[ ãΨÏΒ ÷σムÏMö6 Éf ø9$$ Î/ ÏNθ äó≈©Ü9$#uρ { )4(] 51: النساء .[

كهان كان : الطواغيت: وقال جابر . الشيطان: السحر، والطاغوت : اجلبت : قال عمر . طان يف كل حي واحد يرتل عليهم الشي

. 51: سورة غافر آية )1( . 173 - 171: سورة الصافات آية )2( . 102: سورة البقرة آية )3( . 51: سورة النساء آية )4(

Page 261: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

261

يا : ، قالوا"اجتنبوا السبع املوبقات {: قال أن رسول اهللا وعن أيب هريرة

ال باحلق، الشرك باهللا، والسحر وقتل النفس اليت حرم اهللا إ " :رسول اهللا وما هن؟ قالوأكل الربا وأكل مال اليتيم، والتويل يوم الزحف، وقذف احملصنات الغافالت

. )2( )1( } املؤمنات

: وقال)4( رواه الترمذي)3( } حد الساحر ضربه بالسيف {: وعن جندب مرفوعا

كتب عمر بن : ة بن عبدة قال ويف صحيح البخاري عن جبال . الصحيح أنه موقوف . )5( فقتلنا ثالث سواحر : قال، أن اقتلوا كل ساحر وساحرة اخلطاب

)6( أهنا أمرت بقتل جارية هلا سحرهتا فقتلت-رضي اهللا عنها-وصح عن حفصة . عن ثالثة من أصحاب النيب: وكذلك صح عن جندب، قال أمحد

. تفسري آية البقرة: األوىل: فيه مسائل . تفسري آية النساء: ثانيةال

. تفسري اجلبت والطاغوت، والفرق بينهما : الثالثة . أن الطاغوت قد يكون من اجلن، وقد يكون من اإلنس : الرابعة . معرفة السبع املوبقات املخصوصات بالنهي : اخلامسة . أن الساحر يكفر : السادسة . أنه يقتل وال يستتاب: السابعة ! املسلمني على عهد عمر فكيف بعده وجود هذا يف : الثامنة

2874(، أبو داود الوصايا )3671(، النسائي الوصايا )89(، مسلم اإلميان )2615( البخاري الوصايا )1(

( . . )89(ومسلم ) 6857(و ) 5764(و ) 2766( أخرجه البخاري )2( . )1460( الترمذي احلدود )3( . )1460( أخرجه الترمذي )4( . )3156( أخرجه البخاري )5( . 180 / 15زاق ، ووصله عبد الر بالغا) 46" ( املوطأ" أخرجه مالك يف )6(

Page 262: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

262

: الشرحأن السحر . ومناسبة ذكر السحر لكتاب التوحيد " باب ما جاء يف السحر " هذا

، )1( } من سحر فقد أشرك {: -عليه الصالة والسالم -نوع من الشرك، وقد قال

فمناسبته ظاهرة، ألنه مضاد ألصل - جل وعال -فالسحر أحد أنواع الشرك األكرب باهللا . التوحيد

صار سبب ذلك : عبارة عما خفي ولطف سببه، ومعىن خفي : والسحر يف اللغة هو الشيء خفيا ال يقع بظهور، وإمنا يقع على وجه اخلفاء؛ وهلذا مسي آخر الليل سحرا

اخلفاء وعدم لذلك، وكذلك قيل يف أكلة آخر الليل سحور وذلك ألهنا تقع على وجه . االشتهار والظهور من الناس

وما اشتقت منه تدل على خفاء يف الشيء؛ وهلذا فإنه يف اللغة ) سحر( فهذه اللفظة يطلق السحر على أشياء كثرية، منها ما يكون من جهة املقال، ومنها ما يكون من جهة

لباب الذي الفعل، ومنها ما يكون من جهة االعتقاد، وسيأيت يف هذا الباب ويف ا . ما يتصل بذلك " باب بيان شيء من أنواع السحر " بعده

فهو استخدام الشياطني - جل وعال -وأما السحر الذي هو كفر وشرك أكرب باهللا . واالستعانة هبا حلصول أمر بواسطة التقرب لذلك الشيطان بشيء من أنواع العبادة

ث فيها فيكون سحرا يضر رقى وعزائم وعقد ينف: والسحر عرفه الفقهاء بقوهلم أنه استخدام للشياطني يف : فحقيقة السحر إذا. حقيقة، وميرض حقيقة، ويقتل حقيقة

التأثري، وال ميكن للساحر أن يصل إىل إنفاذ سحره حىت يكون متقربا إىل الشياطني، فإذا تقرب إليها خدمته شياطني اجلن بأن أثرت يف بدن املسحور، فلكل ساحر خادم من

طني خيدمه، ولكل ساحر مستعان به من الشياطني، فال ميكن للساحر أن يكون الشيا . جل وعال ،ساحرا على احلقيقة إال إذا تقرب إىل الشياطني؛ وهلذا فإن السحر شرك باهللا

. )4079( النسائي حترمي الدم )1(

Page 263: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

263

وهناك شيء قد يكون يف الظاهر أنه سحر، ولكنه يف الباطن ليس بسحر، وهذا ليس من السحر باالستعانة بالشياطني، وباستخدام الرقى الكالم فيه، وإمنا الكالم فيما كان

ÏΒ {: - جل وعال -والتعويذات والعقد والنفث فيها، وقد قال uρ Ìhx© ÏM≈ sV≈¤¨Ζ9$# † Îû

ωs)ãè ø9$# ∩⊆∪ { )1(] ن فيها، هن السواحر الاليت يعقدن العقد وينفث : والنفاثات] 4: الفلق

خصت اإلناث باالستعاذة منهن؛ ألن الغالب يف السحر أن الذي يستخدمه النساء، فجرى مجع نفاثة، صيغة مبالغة من النفث؛ ألهنا تكثر النفث يف : ذلك جملرى الغالب، والنفاثات

العقدة برقى وتعازمي وتعويذات، تستخدم فيها اجلن لتخدم هذه العقدة اليت فيها شيء من وقد سحر . حور، أو فيها شيء يتعلق باملسحور حىت يكون ذلك مؤثرا فيه بدن املس

-عليه الصالة والسالم -يف أشياء من شعره : يف مشط ومشاطة، يعين يهودي النيب، -عليه الصالة والسالم - أنه يفعل الشيء وال يفعله من جهة نسائه حىت خييل للنيب

لكنه مل يكن مؤثرا -ليه الصالة والسالم ع-فقد كان سحر ذلك اليهودي مؤثرا يف بدنه وإمنا يف بدنه خييل إليه أنه -عليه الصالة والسالم -يف علمه، وال يف عقله، وال يف روحه . قد واقع نساءه وهو مل يواقع وحنو ذلك

كما قال -جل وعال- وهذا السحر الذي فيه استخدام الشياطني شرك وكفر باهللا θãè#) {: سبحانه t7¨?$#uρ $ tΒ (#θ è= ÷G s? ßÏÜ≈ u‹¤±9$# 4’ n?tã Å7ù= ãΒ z≈ yϑ ø‹n= ß™ ( { )2(] والذي ] 102: البقرة

تلته الشياطني على ملك سليمان هو ما قرؤوه يف كتاب السحر وما يتصل بذلك من عمل $ {. - جل وعال -لالسحر، قا tΒ uρ txŸ2 ß≈ yϑ ø‹n= ß™ £Å3≈ s9uρ šÏÜ≈ u‹¤±9$# (#ρãxx. tβθßϑ Ïk= yè ム}¨$ ¨Ψ9$#

tós Åb¡9$# { )3(] فعلل كفر الشياطني بقوله] 102: البقرة :} tβθßϑ Ïk= yèム}¨$ ¨Ψ9$# tós Åb¡9$# !$ tΒ uρ

. 4: سورة الفلق آية )1( . 102: سورة البقرة آية )2( . 102: سورة البقرة آية )3(

Page 264: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

264

tΑÌ“Ρé& ’ n?tã È÷x6n= yϑ ø9$# Ÿ≅ Î/$ t6 Î/ |Nρ ã≈ yδ šVρ ã≈ tΒ uρ 4 { )1(] قال سبحانه] 102: البقرة :} $ tΒ uρ

Èβ$ yϑÏk= yè ムôÏΒ >‰tnr& 4 ®Lym Iωθ à)tƒ $ yϑ ¯ΡÎ) ßøt wΥ ×πoΨ ÷G Ïù Ÿξ sù öàõ3s? ( { )2( .

وتعلم السحر وفهم كيف يكون وكيف يعمل السحر، كل هذا ال ميكن أن يكون إال تعلم ذلك نظريا وال يعمله، والثانية أن أن ي : بالكفر والشرك، لكن هناك مراتب إحداها

يتعلمه ويعمله ولو مرة، وهناك مرتبة الساحر الذي يتعلم ويعمل به دائما فما حكم هذه $ { :املراتب؟ قال جل وعال tΒ uρ Èβ$yϑ Ïk= yè ムôÏΒ >‰tnr& 4 ®L ym Iωθ à)tƒ $ yϑ ¯ΡÎ) ßøt wΥ ×πoΨ ÷G Ïù Ÿξ sù öàõ3s? ( { )3(

الصحيح أن تعلم السحر : ، فدل على أن تعلمه مبجرده كفر، وهلذا نقول ]102: البقرة[ بنص اآلية، ألنه ال ميكن أن يتعلم السحر -جل وعال- ولو بدون عمل شرك وكفر باهللا

جل ، كيف يشرك، وإذا تعلم الشرك فهو مشرك باهللا و- جل وعال-إال بتعلم الشرك باهللا . وعال

منه ما يكون -كقول الشافعي وغريه-السحر قسمان : وبعض العلماء يقول باالستعانة بالشياطني فهذا كفر وشرك أكرب، ومنه ما يكون باألدوية والتدخينات فهذا

. فسق وحمرم وال يكفر فاعله إال إذا استحله نظروا يف الذين : افعي ومن تبعه، هو من جهة الواقع، يعين وهذا التقسيم من الش

أنه : ميارسون ذلك، فمنهم من يقول إنه ساحر وليس كذلك من حيث النظر الشرعي يعين هو ساحر، وهو يستخدم أدوية وتعويذات، : ليس السحر الذي وصف يف الشرع، فيقول

يما يفعل يؤثر عن طريق ويف احلقيقة هو مشعوذ، وال يصدق عليه اسم الساحر، وهذا ف . األدوية

. 102: سورة البقرة آية )1( . 102: سورة البقرة آية )2( . 102: سورة البقرة آية )3(

Page 265: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

265

جلب حمبة امرأه لزوجها، أو صرف حمبة املرأة لزوجها، : وأما الصرف والعطف، يعين أو العكس، فهذا من القسم األول؛ ألنه من نواقض اإلسالم، فالسحر من نواقض اإلسالم؛

ب من ألنه شرك باهللا ومنه الصرف والعطف؛ ألنه ال ميكن ألحد أن يصل إىل روح وقل يراد صرفه أو العطف إليه إال بالشرك؛ ألن الشيطان هو الذي يؤثر على النفس ولن خيدم

. جل وعال،الشيطان اإلنسي الساحر إال بعد أن يشرك باهللا فتحصل أن السحر جبميع أنواعه فيه استخدام للشياطني واستعانة هبا، والشياطني ال

يعين أن . غاثة، أو باالستعاذة، وحنو ذلك ختدم إال من تقرب إليها بالذبح، أو باالستيصرف إليها شيئا من أنواع العبادة، بل قد نظرت يف بعض كتب السحر، فوجدت أن

ال يصل إىل حقيقة السحر، وختدمه اجلن كما - حبسب ما وصف ذلك الكاتب -الساحر -جل وعال - ينبغي، حىت يهني القرآن، ويهني املصحف، وحىت يكفر به، ويسب اهللا

. وهذا قد ذكره بعض من اطلع على حقيقة احلال نبيهو على - فيما سيأيت-وقتل الساحر. فالسحر إذ ا شرك باهللا تعاىل، وكل ساحر مشرك

باب ما جاء " عقد هذا الباب -رمحه اهللا-الصحيح أنه قتل ردة، ال قتل تعزير، فالشيخ . لبيان تلك املسألة" يف السحر

ô‰s)s9uρ (#θßϑ {: وقول اهللا تعاىل" Î= tã Çyϑ s9 çµ1 utIô© $# $ tΒ …çµ s9 ’ Îû Íο tÅz Fψ$# ï∅ ÏΒ 9,≈ n= yz 4 { )1(

] ". 102: البقرة[

$ {: وجه االستدالل هبذه اآلية قوله tΒ …çµ s9 ’Îû Íο tÅz Fψ$# ï∅ ÏΒ 9,≈ n= yz 4 { )2(ما له : يعين

Çyϑ {: وقوله. النصيب: يف اآلخرة من نصيب، واخلالق هو s9 çµ1utIô© : يعين)3( } #$

أن يأخذ شيئا ويدفع عوضه، فحقيقة الشراء أن تشتري سلعة : اشترى السحر، واالشتراء

. 102: سورة البقرة آية )1( . 102: ة البقرة آية سور)2( . 102: سورة البقرة آية )3(

Page 266: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

266

. والساحر ومن تعلم السحر اشترى السحر . مثال وتدفع مثنها، فتأخذ مثمنا وتدفع مثنهه، واملثمن أخذ السحر، وبذل توحيده عوضا، فالثمن هو التوحيد، واإلميان باهللا وحد : أي

من دفع : يعين )ô‰s)s9uρ (#θßϑÎ=tã Çyϑs9 çµ1utIô©$# { )1 {: هنا-جل وعال - السحر؛ وهلذا قال هو

$ {دينه عوضا عن ذلك الشيء الذي أخذه وهو السحر tΒ …çµ s9 ’ Îû Íο tÅz Fψ$# ï∅ ÏΒ 9,≈ n= yz 4من نصيب، وهكذا املشرك ليس له يف اآلخرة من نصيب، فوجه االستدالل : يعين)2( }

. بهظاهر يف أن الساحر قد جعل دينه عوضا عن ذلك الذي اشتراه وتعلمه وعمل

tβθãΨ {: وقوله" ÏΒ ÷σムÏMö6 Éf ø9$$ Î/ ÏNθ äó≈ ©Ü9$#uρ { )3(] اجلبت : قال عمر ] 51: النساء جل -وهذا يف ذم أهل الكتاب، فإن أهل الكتاب ملا آمنوا بالسحر ذمهم اهللا " السحر جل - ولعنهم وغضب عليهم، ألنه يكثر السحر واستعماله فيهم؛ فذمهم اهللا -وعال بسبب ذلك، وإذا كان اهللا ذمهم ولعنهم وغضب عليهم ألجل ذلك، فهذا يفيد -وعال

فظاهر أنه شرك - جل وعال-أنه من احملرمات ومن الكبائر، وإذا كان فيه إشراك باهللا . - جل وعال -باهللا

كما -أن اجلبت اسم عام يشمل أشياء كثرية: يعين " شيطانال: والطاغوت " :قوله ومن أبرزها وأظهرها عند اليهود السحر، فيؤمنون باجلبت يعين بالسحر؛ ألنه هو -تقدم

أظهر األشياء عندهم، ويؤمنون بالطاغوت يعين بالشيطان، وهو كل ما توجهوا إليه . بالطاعة، وبعد عن احلق، وعن الصواب

": الطواغيت كهان كان يرتل عليهم الشيطان يف كل حي واحد )4( جابر : قال" ". باب ما جاء يف الكهان " وهذا يأيت بيانه يف

. 102: سورة البقرة آية )1( . 102: سورة البقرة آية )2( . 51: سورة النساء آية )3( . يعين ابن عبد اهللا )4(

Page 267: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

267

يا : ، قالوا"اجتنبوا السبع املوبقات {: قال أن رسول اهللا وعن أيب هريرة "

أن : وجه االستدالل من ذلك )1( } الشرك باهللا، والسحر " :رسول اهللا وما هن؟ قال

هي اليت توبق صاحبها، وجتعله يف هالك وخسار يف الدنيا : السحر من املوبقات، واملوبقات ويف اآلخرة، وهذه السبع أكرب الكبائر، وعطف السحر على الشرك باهللا ليس عطفا بني

يف احلقيقة، وإمنا هو عطف بني خاص وعام، فالشرك باهللا يكون بالسحر ويكون متغايرين بغريه، فعطف السحر على الشرك للتنصيص عليه، والسحر كما ذكرنا أحد أفراد الشرك

tΒ { :-جل وعال - وعطف اخلاص على العام أمثلته كثرية منها قوله -جل وعال - باهللا

tβ% x. #xρ ߉tã °! ϵ ÏG x6Íׯ≈ n= tΒ uρ Ï& Î#ß™ â‘ uρ Ÿ≅ƒÎö9 Å_ uρ Ÿ≅8s3‹ ÏΒ uρ  χ Î* sù ©!$# Aρ ߉tã zƒ ÌÏ≈ s3ù= Ïj9 ∩∇∪ { )2(

. فعطف جربيل وميكال على املالئكة، ومها منهم، من باب عطف اخلاص على العام

رواه الترمذي، )3( } حد الساحر ضربه بالسيف {: ندب مرفوعاوعن ج " :قوله

فحد " ضربة " وهو األصح، وروي " ضربه " روي هكذا " الصحيح أنه موقوف : وقالإن مات بضربة أو : ال يكون هلا مفهوم، يعين " ضربة " الساحر قتله بالسيف، وعلى رواية

. تني أو ثالثا حىت ميوت ألن العدد ال مفهوم له يضرب ضربهنا مل يفرق بني ساحر وساحر، ومل يأت يف أدلة الكتاب " حد الساحر " .قوله

والسنة التفصيل يف اسم الساحر الذي حيد، أو الذي وصف بالكفر بني نوع ونوع من التأثري، ويف التأثري، فاألنواع اليت يستخدمها السحرة مما يصدق عليها أهنا سحر يف

اإلمراض، ويف التفريق، ويف التأثري على العقول وعلى القلوب، وحنو ذلك من أنواع التأثري اخلفي الذي يكون باستخدام الشياطني أو بأمور خفية، فهذا كله ال يفرق فيه بني فاعل

2874(، أبو داود الوصايا )3671(، النسائي الوصايا )89(، مسلم اإلميان )2615( البخاري الوصايا )1(

( . . 98: سورة البقرة آية )2( . )1460( الترمذي احلدود )3(

Page 268: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

268

الصحيح أن الساحر من أي نوع حده أن : وفاعل، واألدلة ما فرقت؛ فلهذا قال العلماءل، وهل حده حد كفر وردة، أو حد ألجل أنه قتل، فيكون حد ألجل القتل، أو حد يقت

والصحيح من هذه أنه يف اجلميع حد ردة؛ ألن حقيقة . تعزير؟ اختلف العلماء يف ذلك فقد - جل وعال - فمن أشرك باهللا - جل وعال -السحر أنه ال بد أن يكون فيه إشراك باهللا

. ارتد وحل دمه وماله إن الساحر قد ال تدرك حقيقة : سالم ابن تيمية تفصيل يقول فيه ما مقتضاهولشيخ اإل

سحره فيترك أمره يف قتله إىل اإلمام، إذا رأى املصلحة يف قتله قتله، وإن مل ير املصلحة يف قتله مل يقتله، ويعين باملصلحة املصلحة الشرعية، فتحصل من ذلك أن األقوال يف حد

: الساحر هي . قتل مطلقا ردة؛ ألنه ال يكون السحر إال بشرك أنه ي: األول

أنه يقتل ردة إذا كان سحره بشرك، ويقتل حدا إذا كان سحره أدى : والقول الثاين . إىل قتل غريه بغري ما فيه إشراك، من مثل األدوية، والتعويذات، وحنو ذلك مما ذكرنا

يترك أمره إىل اإلمام من أنه كالزنديق: القول الذي عزي إىل شيخ اإلسالم: والثالث . حبسب ما يراه، إن رأى املصلحة الشرعية يف قتله قتله، وإال عاقبه مبا دون القتل

كتب عمر بن اخلطاب : ويف صحيح البخاري عن جبالة بن عبده قال " :قولههذا ظاهر يف األمر بقتل " فقتلنا ثالث سواحر: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة قال

جل -دون تفصيل؛ وألن حقيقة السحر ال تكون إال بشرك باهللا الساحر والساحرة ب . وذلك ردة -وعال

أهنا أمرت بقتل جارية هلا سحرهتا، -رضي اهللا عنها -وصح عن حفصة : "قوله ". عن ثالثة من أصحاب النيب : فقتلت، وكذلك صح عن جندب، قال أمحد

يقتل حلد الردة، أو يقتل حلد إنه: يعين أن الساحر جيب أن يقتل وهذا حده سواء قلنا أفتوا بقتله، وأمروا بقتله، وذلك -رضوان اهللا عليهم-القتل، أو يقتل تعزيرا، فالصحابة

بدون تفريق، وهذا هو الواجب أال يفرق بني نوع ونوع، والواجب على املسلمني أن

Page 269: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

269

ذة، أو حيذروا السحر بأنواعه، وأن يتعاونوا يف اإلبالغ عن كل من يعلمون عنده شعواستخداما لشيء من اخلرافات، أو السحر، وحنو ذلك، إبراء للذمة، وإنكارا للمنكر؛ ألنه

ما دخل السحرة إىل بلد إال فشا فيها الفساد، والظلم، واالعتداء، : كما قال األئمةوالطغيان؛ ذلك ألهنم يستخدمون الشياطني، فتطيع الشياطني السحرة، أعاذنا اهللا منهم،

. م، وأعماهلم وتأثرياهتم ومن أقواهل باب بيان شيء من أنواع السحر

حدثنا قطن بن : حدثنا عوف بن مالك قال: حدثنا حممد بن جعفر قال: قال أمحد . )1( } إن العيافة والطرق والطرية من اجلبت {: قال قبيصة، عن أبيه أنه مسع النيب

: قال احلسن : اخلط خيط باألرض، واجلبت: والطرق. العيافة زجر الطري: قال عوف )3( وأليب داود والنسائي وابن حبان يف صحيحه املسند منه )2( .إسناده جيد . رنة الشيطان

من اقتبس شعبة من { قال رسول اهللا: قال-رضي اهللا عنهما-وعن ابن عباس

رواه أبو داود، وإسناده . )4( } ن السحر زاد ما زاد ـالنجوم فقد اقتبس شعبة م

. )5( صحيحمن عقد عقدة مث نفث فيها فقد سحر ومن سحر " :وللنسائي من حديث أيب هريرة

: قال أن رسول اهللا مسعود وعن ابن )6( " فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه . )8( رواه مسلم )7( } أال هل أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بني الناس {

. )3/477(، أمحد )3907( أبو داود الطب )1( . 60 / 5 و 477 / 3 أخرجه أمحد )2( . وحسنه النووي646 / 7وابن حبان ) 3907( أخرجه أبو داود )3( . )1/227(د ، أمح )3726(، ابن ماجه األدب )3905( أبو داود الطب )4( . )3905( أخرجه أبو داود )5( . 112 / 7 أخرجه النسائي )6( . )1/437(، أمحد )2606( مسلم الرب والصلة واآلداب )7( . )2606( أخرجه مسلم )8(

Page 270: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

270

إن من البيان {: قال أن رسول اهللا -رضي اهللا عنهما-وهلما عن ابن عمر

. )2( )1( } لسحرا

. أن العيافة والطرق والطرية من اجلبت : األوىل: فيه مسائل . تفسري العيافة والطرق: الثانية . أن علم النجوم نوع من السحر : الثالثة . العقد مع النفث من ذلك : الرابعة . أن النميمة من ذلك : اخلامسة . ك بعض الفصاحة أن من ذل : السادسة : الشرح ما جاء -رمحه اهللا تعاىل-ملا ذكر اإلمام ". باب بيان شيء من أنواع السحر " هذا

يف السحر، وما اتصل بذلك من حكمه وتفصيل الكالم فيه، ذكر أن السحر قد يأيت يف ، فإن اسم السحر - جل وعال -النصوص، وال يراد منه السحر الذي يكون بالشرك باهللا

اللغة، يدخل فيه ذلك االسم اخلاص الذي فيه استعانة بالشياطني والتقرب إليها عام يفوعبادهتا لتخدم الساحر، ويدخل فيها أمور أخرى يطلق عليها الشارع أهنا سحر، وليست

. كالسحر األول يف احلقيقة وال يف احلكم، وهو درجات والبيان " البيان لسحرا إن من " البيان، كما جاء يف آخر الباب : فمما يسمى سحرا

ليس سحرا فيه استعانة بالشياطني، ولكنه داخل يف حقيقة السحر اللغوية؛ ألن له تأثريا خفيا على القلوب، فإن الرجل البليغ البيان، وذا اإليضاح، وذا اللسان الفصيح يؤثر يف

فاء القلوب حىت يسبيها، ورمبا قلب احلق باطال والباطل حقا ببيانه، فسمي سحرا خل . وصوله إىل القلوب وقلب الرأي وفهم املخاطب من شيء إىل آخر

، )2/94(، أمحد )5007(، أبو داود األدب )2028(، الترمذي الرب والصلة )4851( البخاري النكاح )1(

. )1850 (مالك اجلامع . 94 و 63 و 59 و 16 / 2وأمحد ) 5767(و ) 5146( أخرجه البخاري )2(

Page 271: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

271

وكذلك ما ذكر من أن الطرية من السحر، فالطرية نوع اعتقاد، وكذلك العيافة وهي شبيهة هبا أو بعض أنواعها، كذلك اخلط يف الرمل، وحنو ذلك، من األشياء اليت رمبا أطلق

. احلد واحلقيقة وال يف احلكم عليها أهنا سحر وهي ليست كالسحر األول يف هذا الباب، لبيان شيء من أنواع السحر؛ ألن من أنواع -رمحه اهللا-وهلذا عقد اإلمام

، وهو املراد إذا أطلق السحر، وهذه هي - جل وعال-السحر ما هو شرك أكرب باهللا . احلقيقة العرفية، ومنه ما ليس شركا أكرب

فيها إىل احلقيقة اللغوية، وأمور يكون املرجع ويف ألفاظ الشرع أمور يكون املرجع ومن ذلك هذا . فيها إىل احلقيقة العرفية، وأمور يكون املرجع فيها إىل احلقيقة الشرعية

أنه سحر، وما - عرفا- أنه سحر، وفيه ما يطلق عليه- لغة-الباب، فإن فيه ما يطلق عليه . أنه سحر-يطلق عليه شرعا

اع مهم؛ وهلذا ذكر اإلمام هذا الباب حىت تفرق بني نوع والتفريق بني هذه األنوال ينطبق على كل هذه األنواع اليت " حد الساحر ضربه بالسيف " وآخر، فاحلد الذي فيه

. ستذكر؛ ألهنا سحر لغة وليست بسحر شرعا

إن العيافة، والطرق، والطرية من { قال النيب : قوله يف احلديث األول

.)1( } اجلبت

مأخوذة من عياف الشيء، وهو تركه، عاف الشيء يعافه، إذا تركه، فلم تبغه : العيافة: وزجر الطري - وهذا أحد تفسريات العيافة -زجر الطري : نفسه، وهي كما فسرها عوف

الزجر أن هذا األمر الذي أن حيرك طريا حىت ينظر إىل أين تتحرك، مث يفهم من ذلك سيقدم عليه أمر حممود أو أمر مذموم، أو يطلع حبقيقة زجر الطري على مستقبل احلال،

الشيء املرذول - كما تقدم -)اجلبت( فهذا نوع من اجلبت، وهو السحر؛ ألن من معاين شيء خفي يؤثر يف النفوس، والعيافة من : والسحر. املطرح الذي يصرف الواحد عن احلق

. )3/477(، أمحد )3907( أبو داود الطب )1(

Page 272: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

272

التأثر بالطري وبزجرها وبانتقاهلا من هنا إىل هنا أو حبركتها شيء خفي دخل يف النفس فأثر - أيضا-فيها من جهة اإلقدام أو الكف، فكانت نوعا من السحر ألجل ذلك، وهي

والطرية أعم من العيافة؛ ألن . جبت؛ ألهنا شيء مرذول أدى إىل اإلقبال أو االمتناع: متعلقة بالطري وحده، وأما الطرية فهي -وهو أحد تفسرياهتا على تفسري عوف -العيافة

اسم عام ملا فيه تشاؤم أو تفاؤل بشيء من األشياء، وسيأيت باب مستقل لذكر أحكام . - إن شاء اهللا تعاىل -الطرية، وصورهتا، وما يقي منها،

ك ميينا، أنه يرى شيئا من الطري، حترك ميينا أو يسارا، فإن رآه حتر: وحقيقة الطرية: تفاءل به، واعتقد أنه سينجح يف هذا العمل أو يف هذا السفر، وإن رآه حترك مشاال قال

عليه الصالة -وقد قال . هذا معناه أين سأتضرر يف هذا السفر، أو سيصيبين مكروه فرجع .)1( " من ردته الطرية عن حاجته فقد أشرك " :-والسالم

عها، أو بشيء يف اجلو، أو بتصادم سيارة وقد يتشاءم حبركة شيء، أو بكلمة يسم أمامه، أو بسواد يف اجلو حصل أمامه أو يف ذلك اليوم الذي سينتقل فيه، أو يتشاءم بشيء حصل له يف أول زواجه، وحنو ذلك من أنواع التشاؤم، كالتشاؤم باألشهر، أو باأليام،

. هذا كله من أنواع الطريةته، أو جعله يقبل إىل حاجته، فإذا تشاءم، ومحله وال يكون طرية إال إذا رده عن حاج

. ذلك التشاؤم على أن يقدم أو حيجم فإنه يكون متطريا وكذلك يف باب التفاؤل إذا رأى شيئا، فجعله ذلك الشيء يقدم، ولوال ذلك الشيء الذي رآه ما أقدم، فإن ذلك أيضا من الطرية وهي نوع من أنواع التأثريات اخلفية على

. وذلك ضرب من السحر القلوب،فهو مأخوذ من وضع طرق يف األرض، وهي اخلطوط، فيأيت خبطوط : وأما الطرق

متنوعة خيطها يف األرض، ليس هلا عدد، مث يبدأ الكاهن الذي يستخدم اخلطوط فيمسح هذا الذي بقي يدل : خطا خطا أو ميسح خطني خطني بسرعة، مث ينظر ما بقي، فيقول

. 220 / 2 أخرجه أمحد )1(

Page 273: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

273

ستغتين، أو يدل على أنه سيصيبك كذا وكذا، وحنو ذلك، وهو على كذا وكذا، وأنك . نوع من أنوع الكهانة، والكهانة ضرب من السحر

". رنة الشيطان : قال احلسن : اخلط خيط باألرض، واجلبت: والطرق " :قال هنا . وهو من أنواع السحر؛ ألن الشيطان يدعو إىل ذلك بصوته وبعويله

من اقتبس { قال رسول اهللا: قال- عنهمارضي اهللا-وعن ابن عباس : قوله

.)2( )1( } شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد

يف هذا احلديث بيان أن تعلم النجوم تعلم للسحر، . رواه أبو داود بإسناد صحيح جل -أنواع تعلم النجوم وما جعل اهللا " باب ما جاء يف التنجيم " ويأيت يف باب خاص

. النجوم له-وعال: يعين من تعلم بعضا من علم النجوم؛ ألن الشعبة هي ": من اقتبس شعبة " :قوله

الطائفة من الشيء، أو جزء من أجزائه، فكل جزء من أجزاء علم النجوم الذي هو علم كلما : يعين" فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد " . من أنواع السحر، قال التأثري نوع

زاد يف تعلم علم النجوم زاد يف تعلم السحر، حىت يصل إىل آخر حقيقة علم التأثري كما يسمونه، فيصبح سحرا وكهانة على احلقيقة، ويأيت أن التنجيم منه علم التأثري وهو جعل

ا والتقائها وافتراقها وطلوعها وغروهبا مؤثرة يف احلوادث الكواكب والنجوم يف حركتهاألرضية، أو دالة على ما سيحدث يف األرض، فيجعلوهنا دالة على علم الغيب، ومنبئة على

. املغيبات، وهذا القدر من السحر؛ ألنه يشترك معه يف حقيقته وهو أنه تأثري بأمر خفي

من عقد عقدة مث نفث فيها فقد { وللنسائي من حديث أيب هريرة " :قوله

. )2( )1( } سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه

. )1/227(، أمحد )3726(، ابن ماجه األدب )3905( أبو داود الطب )1(وابن ) 2000(احلديث واإلمام أمحد يف املسند " . . . مامن اقتبس عل " بلفظ ) 3905( أخرجه أبو داود )2(

. )3726(ماجه

Page 274: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 275: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

275

وخسر وضر أعظم الضرر، فسعادة العبد فقد خاب - جل وعال -أو وكل إىل غري اهللا . وحده- جل وعال -وعظم صالح قلبه، وعظم صالح روحه، بأن يكون تعلقه باهللا

دليل على أن من تعلق باهللا فإن اهللا كافيه، " ومن تعلق شيئا وكل إليه: "وقوله هنا يعين -خيافه ويؤذيهومن تعلق قلبه باهللا إنزاال حلوائجه باهللا، ورغبا فيما عند اهللا، ورهبا مما

tΒ {: كافيه، كما قال تعاىل- جل وعال - فإن اهللا-يؤذي العبد uρ ö≅ ©.uθ tG tƒ ’ n?tã «!$# uθ ßγ sù

ÿ…çµ ç7ó¡ym 4 { )1( لك الغري، والعباد فقراء إىل اهللا، ، وإذا تعلق العبد بغري اهللا فإنه يوكل إىل ذ

$ * {: هو ويل النعمة وويل الفضل، قال سبحانه - جل وعال -واهللا pκš‰ r'≈ tƒ â¨$Ζ9$# ÞΟçFΡr&

â!#ts)àø9$# ’ n< Î) «!$# ( ª!$#uρ uθ èδ Í_ tóø9$# ߉‹Ïϑ ys ø9$# ∩⊇∈∪ { )2( فمن أنزل حاجته باهللا أفلح، ومن تعلق

قلبه باهللا أفلح، وأما من تعلق باخلرافات، أو تعلق باألمور الشركية كالسحر، وكالذهاب إىل األولياء، وطلب املدد منهم، أو طلب اإلغاثة منهم، فإنه يوكل إىل املخلوق، ومن

θ#) {: -جل وعال- ، كما قاليوكل إىل املخلوق فإنه يضره ذلك أعظم الضرر ããô‰tƒ yϑ s9

ÿ…çν •ŸÑ Ü> tø% r& ÏΒ Ïµ Ïèø¯Ρ 4 { )3(] 13: احلج .[

أال هل أنبئكم ما العضه؟ هي {: قال أن رسول اهللا وعن ابن مسعود " :قوله

. )5( رواه مسلم )4( } النميمة القالة بني الناس

الع ض ه ( العضه هكذا تروى يف كتب احلديث : قوله ، ويف كتب غريب احلديث واللغة ) الع ض ه( تنطق هكذا : -عليه الصالة والسالم -ألشباهها يف وزهنا، وهي كما فسرها النيب )

. النميمة القالة بني الناس

. 3: سورة الطالق آية )1( . 15: سورة فاطر آية )2( . 13: سورة احلج آية )3( . )1/437(، أمحد )2606( الرب والصلة واآلداب مسلم)4( . )2606( صحيح مسلم )5(

Page 276: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

276

وأصل العضه يف اللغة يطلق على أشياء، منها السحر، والنميمة والقالة بني الناس نوع ووجه الشبه بني النميمة . من أنواع السحر، وهي كبرية من الكبائر، وحمرم من احملرمات

فرقني، تأثريه على أن تأثري السحر يف التفريق بني املتحابني، أو يف مجع املت: وبني السحرالقلوب خفي، وهكذا عمل النمام، فإنه يفرق بني األحباب ألجل كالم يسوقه هلذا وكالم يسوقه لذاك، فيفرق بني القلوب وجيعل العداوة والبغضاء بني قلب هذا وهذا، كما

tβθ {: عن السحر- جل وعال-قال ßϑ ¯= yè tG uŠsù $ yϑ ßγ ÷ΨÏΒ $ tΒ šχθ è% Ìhxムϵ Î/ t ÷t/ Ïöyϑ ø9$# ϵ Å_ ÷ρ y— uρ 4، والنميمة هي القالة بني الناس، وهي من أنواع السحر، وكبرية ]102: البقرة [)1( }

. من الكبائر، والكبائر من أعظم الذنوب العملية

إن من البيان {: قال أن رسول اهللا -رضي اهللا عنهما- وهلما عن ابن عمر "

.)3( )2( } لسحرا

التبيني عما يف النفس باأللفاظ الفصيحة البينة اليت تأخذ املسامع : املقصود بالبيان هنا يغدو قول ذلك والقلوب، فتسحر القلوب، فرمبا قلبت احلق باطال، والباطل حقا، حىت

يف -الذي يعد من أهل البيان والفصاحة هو احلق، وأن ما مل يقله أو رده هو الباطل وهذا ضرب من السحر؛ ألنه تأثري يف النفوس باأللفاظ، وقلب -الظاهر، ويف ظن سامعيه

إن من " .احلق باطال، والباطل حقا، فتأثريه خفي كتأثري السحر يف اخلفاء؛ وهلذا قال ". لسحراالبيان

إن من البيان . "أن هذا ذم للبيان وليس مدحا له، قال : والصحيح من أقوال أهل العلم إن ذاك على جهة املدح؛ ألنه يصل يف : على جهة الذم، وبعض أهل العلم يقول " لسحرا

. 102: سورة البقرة آية )1(، )2/94(، أمحد )5007(، أبو داود األدب )2028(، الترمذي الرب والصلة )4851( البخاري النكاح )2(

. )1850(مالك اجلامع . )2009(ومسلم ) 5146( رواه البخاري )3(

Page 277: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

277

التأثري إىل أن يؤثر تأثريا بالغا كتأثري السحر يف النفوس، والتأثري البالغ إذا كان من جهة وهذا فيه نظر، ألنه ملا جعل . ن فإنه جائز، وهذا من جهة املدح له، وبيان عظم تأثريه البيا

يف هذا الباب الذي -رمحه اهللا-البيان سحرا علمنا أنه أراد ذمه؛ وهلذا أورده الشيخ . اشتمل على أنواع من احملرمات لب الباطل من اللسان والبيان والفصاحة يف ق - جل وعال -فالذي يستغل ما آتاه اهللا

: حقا ويف قلب احلق باطال، هذا ال شك أنه من أهل الوعيد ومذموم على فعله؛ ألن البيان حقا يف أنفس الناس ويف - جل وعال -يقصد به نصرة احلق ال أن جيعل ما أبطله اهللا

. قلوهبم باب ما جاء يف الكهان وحنوهم

من أتى { :ه قال أن عن النيب روى مسلم يف صحيحه عن بعض أزواج النيب

. )2( )1( } عرافا فسأله عن شيء فصدقه، مل تقبل له صالة أربعني يوما

من أتى كاهنا فصدقه مبا يقول فقد كفر مبا أنزل { : قال وعن أيب هريرة عن النيب

صحيح على : وقال-ولألربعة واحلاكم . )4( رواه أبو داود ) { )3 على حممد

فصدقه مبا يقول فقد كفر مبا أنزل على من أتى عرافا أو كاهنا { شرطهما عن النيب

. ) { )5( )6 حممد

. )4/68(، أمحد )2230( مسلم السالم )1( . " فصدقه مبا يقول" دون قوله) 2230( أخرجه مسلم )2(2/429(، أمحد )639(، ابن ماجه الطهارة وسننها )3904(، أبو داود الطب )135( الترمذي الطهارة )3(

. )1136(، الدارمي الطهارة ) . )3904( أخرجه أبو داود )4(2/429(، أمحد )639(، ابن ماجه الطهارة وسننها )3904(، أبو داود الطب )135(ي الطهارة الترمذ)5(

. )1136(، الدارمي الطهارة ) . وصححه ووافقه الذهيب1 واحلاكم 135 / 8 والبيهقي 429 / 2 أخرجه أمحد )6(

Page 278: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

278

وعن عمران بن حصني )1(. وأليب يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفاأو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ليس منا من تطري أو تطري له، أو تكهن {. مرفوعا

رواه البزار بإسناد } ومن أتى كاهنا فصدقه مبا يقول فقد كفر مبا أنزل على حممد

ومن " :ورواه الطرباين يف األوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله . )2( جيدات يستدل الذي يدعي معرفة األمور مبقدم: العراف: قال البغوي،)3( إىل آخره " ..أتى

. هبا على املسروق ومكان الضالة وحنو ذلك الذي خيرب : هو الكاهن، والكاهن هو الذي خيرب عن املغيبات يف املستقبل، وقيل : وقيل

. عما يف الضمريالعراف اسم للكاهن، واملنجم، والرمال، : -رمحه اهللا-وقال أبو العباس ابن تيمية

. ذه الطرق وحنوهم، ممن يتكلم يف معرفة األمور هب ما أرى من فعل : وينظرون يف النجوم" أبا جاد" يف قوم يكتبون وقال ابن عباس

. ذلك له عند اهللا من خالق : فيه مسائل

. ال جيتمع تصديق الكاهن مع اإلميان بالقرآن: األوىل . التصريح بأنه كفر: الثانية . ذكر من تكهن له: الثالثة . ذكر من تطري له : الرابعة . ذكر من سحر له : امسةاخل

. ذكر من تعلم أبا جاد: السادسة . ذكر الفرق بني الكاهن والعراف : السابعة

. )54 -8( أخرجه أبو يعلى )1( . )3044( أخرجه البزار )2( . إسناده حسن : وقال املنذري 117 / 5" جممع الزوائد " طرباين كما يف أخرجه ال)3(

Page 279: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

279

: الشرحألن حقيقة " هذا الباب أتى بعد أبواب السحر " باب ما جاء يف الكهان وحنوهم "

عمل الكاهن أنه يستخدم اجلن إلخباره باألمور املغيبة يف املاضي، أو األمور املغيبة يف ، فالكاهن جيتمع مع الساحر يف أن كال - جل جالله -املستقبل اليت ال يعلمها إال اهللا

. منهما يستخدم اجلن لغرضه ويستمتع باجلن لغرضه أن الكهانة استخدام للجن، واستخدام اجلن كفر : ومناسبة الباب لكتاب التوحيد

شياء ال يكون إال بأن ؛ ألن استخدام اجلن يف مثل هذه األ- جل وعال-وشرك أكرب باهللا لكي ي خد موا بذكر األمور املغيبة -يتقرب إىل اجلن بشيء من العبادات، فالكهان ال بد

جل - أن يتقربوا إىل اجلين ببعض العبادات، إما بالذبح، أو االستغاثة، أو بالكفر باهللا -هلم . لكفرية بإهانة املصحف، أو بسب اهللا، أو حنو ذلك من األعمال الشركية ا -وعال

؛ ألنه - جل وعال-فالكهانة صنعة مضادة ألصل التوحيد، والكاهن مشرك باهللا . يستخدم اجلن وال ميكن أن ختربه اجلن باملغيبات إال إذا تقرب إليها بأنواع العبادات

وكانت الكهانة منتشرة يف بالد العرب يف اجلزيرة ويف غريها، والكهان أناس يدعى وأن عندهم علم ما مضى، أو عندهم علم املغيبات اليت ستحدث فيهم الوالية والصالح،

للناس، أو حتدث يف األرض؛ وهلذا كانت العرب تعظم الكهان وختاف منهم، وكانت . العرب تعطي الكاهن أجرا عظيما ألجل ما خيرب عنه

ال يصل إىل حقيقة عمله بأن خيرب عن األمور املغيبة إال - كما ذكرنا-والكاهنم اجلن، والتقرب إليهم التقربات الشركية، فتستمتع اجلن به من جهة ما صرف باستخدا

. هلا من العبادة، ويستمتع هو باجلين من جهة ما خيربه به من األمور املغيبةواجلن تصل إىل األمور املغيبة اليت تصدق فيها عن طريق استراق السمع، فإن بعضهم

يف السماء، فرمبا أدرك - جل وعال- اهللايركب بعضا حىت يسمعوا الوحي الذي يوحيه الشهاب اجلين قبل أن يلقي الكلمة ملن حتته، ورمبا أدركه بعد أن يلقي الكلمة، فتأيت هذه

Page 280: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

280

الكلمة للجن فيعطوهنا الكهان، فيكذب معها الكاهن، أو تكذب معها اجلن مائة كذبة، . حىت يعظم شأن الكهان، وحىت تعظم عبادة اإلنس للجن

- كان استراق السمع كثريا جدا، وبعد بعثته -عليه الصالة والسالم - بعثة النيب وقبل حرست السماء من أن تسترق اجلن السمع، ألجل ترتل القرآن -عليه الصالة والسالم

عليه الصالة -والوحي، حىت ال يقع االشتباه يف أصل الوحي والنبوة، وبعد وفاة النيب ليل بالنسبة ملا كان عليه قبل البعثة، فصارت عندنا رجع االستراق ولكنه ق-والسالم

. أحوال استراق السمع ثالثة . كثري جدا: قبل البعثة- 1مل حيصل استراق من اجلن، وإن حصل : -عليه الصالة والسالم - وبعد بعثة النيب - 2

. بكتابه لنبيه - جل وعال -فهو نادر يف غري وحي اهللارجع استراق السمع أيضا، ولكنه ليس : - والسالم عليه الصالة- بعد وفاته - 3

- جل وعال-بالكثرة اليت كانت قبل ذلك؛ ألن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا، واهللا جل -بني ذلك يف القرآن يف آيات كثرية من أن النجوم والشهب ترمي اجلن كما قال

ω {: -وعال Î) ÇtΒ s−u tIó™ $# yìôϑ ¡¡9$# …çµ yèt7ø?r'sù Ò>$ pκÅ− ×Î7•Β ∩⊇∇∪ { )1(] وحنو ] 118: احلجر

. ذلك من اآليات اليت فيها أن الشهب مرصدة للجن إذا ظهر ذلك فالكاهن قد يطلق عليه العراف، والكاهن والعراف امسان متداخالن،

يطلق الكاهن على من خيرب مبا حيصل يف فقد يطلق أحدمها على اآلخر، وعند بعض الناس املستقبل، ويطلق العراف على من خيرب عن الغائب عن األعني مما حصل يف املاضي من مثل مكان املسروق، أو السارق من هو؟ وحنو ذلك مما هو غائب عن األنظار وإمنا يعلمه

. العراف بواسطة اجلن

. 18: سورة احلجر آية )1(

Page 281: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

281

من أن العراف اسم للكاهن : ةوالصحيح يف ذلك ما ذكره شيخ اإلسالم ابن تيميفكل من تكلم يف . واملنجم والرمال وحنوهم ممن يتكلمون يف معرفة األمور بتلك الطرق

معرفة األمور املغيبة املاضية أو املستقبلة بتلك الطرق طريق التنجيم، أو اخلط يف الرمل، ليها أباجاد، بطريق الطرق، أو بالودع، وحنو ذلك من األساليب، أو باخلشبة املكتوب ع

وحنو ذلك من قراءة الفنجان، أو قراءة الكف، كل من خيرب عن األمور املغيبة بشيء جيعله وسيلة ملعرفة األمور املغيبة يسمى كاهنا، ويسمى عرافا، ألنه ال حيصل له أمره إال بنوع

. - إن شاء اهللا -من أنواع الكهانة، وسيأيت ذلك يعين من العرافني، واملنجمني، ). حنوهم( و " همباب ما جاء يف الكهان وحنو " :قوله

. والذين خيطون يف الرمل، والذين يكتبون على اخلشب، وحنو ذلك . أنه قال عن النيب روى مسلم يف صحيحه عن بعض أزواج النيب " :قوله

.)1( } ن أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه، ال تقبل له صالة أربعني يوما م {

حديث الباب هبذا اللفظ وعزاه ملسلم، وقد نبه -رمحه اهللا-هكذا ذكر املؤلف فسأله عن شيء مل تقبل له صالة أربعني من أتى عرافا {: الشراح على أن لفظه يف مسلم

. فقد رواها اإلمام أمحد يف مسنده " فصدقه" أما لفظة " فصدقه" بدون لفظة )2( } يوما

ذكر هذا اللفظ، وعزاه ملسلم على طريقة أهل العلم -رمحه اهللا تعاىل-وعلى هذا فاملؤلف . الطريق أو حنو ذلك يف عزو احلديث ألحد صاحيب الصحيح إذا كان أصله فيهما الحتاد

هذا )3( } من أتى عرافا فسأله عن شيء ال تقبل له صالة أربعني يوما {: قوله

ولو مل -احلديث فيه جزاء الذي يأيت العراف ويسأله، فمن أتى عرافا فسأله عن شيء . ال تقبل له صالة أربعني يوما فإنه -يصدقه

. )4/68(، أمحد )2230( مسلم السالم )1( . )4/68(، أمحد )2230( مسلم السالم )2( . )4/68(، أمحد )2230( مسلم السالم )3(

Page 282: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

282

أهنا تقع جمزئة ال جيب )1( } مل تقبل له صالة أربعني يوما {: واملقصود من قوله

عليه قضاؤها، ولكن ال ثواب له فيها؛ ألن الذنب واإلمث الذي اقترفه حني أتى العراف اب الصالة أربعني يوما، فأسقط هذا هذا، ويدل ذلك على عظم فسأله عن شيء، يقابل ثو

ذنب الذي يأيت العراف فيسأله عن شيء ولو مل يصدقه، وهذا عند أهل العلم على : حالتني

من أتى العراف فسأله عن شيء رغبة يف االطالع، أما من أتى العراف : احلالة األوىليدخل يف ذلك؛ ألن الوسائل هلا أحكام فسأله لإلنكار عليه وحىت يتحقق أنه عراف فال

. املقاصد العراف أن يأيت العراف أو الكاهن فيسأله عن شيء فإذا أخربه الكاهن أو : احلالة الثانية

مل تقبل له { فيه أنه صدقه مبا يقول، فاحلديث األول الذي عن بعض أزواج النيب

) { )3 كفر مبا أنزل على حممد {. واحلديث الثاين فيه أنه ،)2( } ة أربعني يوماصال

وهي من أتى العراف أو الكاهن فسأله عن شيء -فيتضح باحلديث أن احلالة الثانية . يوما وأنه ال تقبل له صالة أربعني أنه يكفر مبا أنزل على حممد-فصدقه

وهذه احلالة تدل على أن الذي أتى الكاهن أو العراف فصدقه، أنه مل خيرج عن امللة؛ عدم قبول صالته بأربعني يوما، والذي أتى الكاهن إذا -عليه الصالة والسالم -ألنه حد

حكم عليه بأنه كافر كفرا أكرب ومرتد وخارج من امللة فإن صالته ال تقبل بتاتا حىت فصدقه مل تقبل له صالة {: دل قوله. سالم، وقد قال طائفة من أهل العلم يرجع إىل اإل

. )4/68(، أمحد )2230( مسلم السالم )1( . )4/68(، أمحد )2230( مسلم السالم )2(2/476(، أمحد )639(، ابن ماجه الطهارة وسننها )3904(، أبو داود الطب )135( الترمذي الطهارة )3(

. )1136(، الدارمي الطهارة )

Page 283: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

283

أنه كفر أصغر وليس )2( } كفر مبا أنزل على حممد {: على أن قوله )1( } أربعني يوما

رج من امللة، وهذا القول هو القول األول، وهو الصحيح، وهو الذي يتعني بالكفر املخمن أتى عرافا فسأله عن شيء { :مجعا بني النصوص، فإن قول النيب عليه الصالة والسالم

يدل على أنه مل خيرج من اإلسالم، واحلديث )3( } يومافصدقه مل تقبل له صالة أربعني

من أتى كاهنا فصدقه مبا يقول فقد كفر مبا أنزل على {: اآلخر وهو قوله

يس كفرا خمرجا يدل على كفره، فعلمنا بذلك أن كفره كفر أصغر، ول )5( )4( } حممد

. من امللة، هذا أحد األقوال يف مسألة كفر من أتى الكاهن فصدقه مبا يقول : أنه يتوقف فيه، فال يقال يكفر كفرا أكرب، وال يقال أصغر، وإمنا يقال . والقول الثاين

، ويسكت عن ذلك، ويطلق القول كما - جل وعال -إتيان الكهان وتصديقهم كفر باهللاوهذا ألجل التهديد والتخويف حىت ال يتجاسر الناس على هذا األمر، جاء يف األحاديث،

. وهذا هو مذهب اإلمام أمحد يف املنصوص عنه أن الذي يصدق الكاهن كافر كفرا أكرب خمرج : والقول الثالث من أقوال أهل العلم : من امللة وهذا القول فيه نظر من جهتني

. )5/380(، أمحد )2230( مسلم السالم )1(2/476(، أمحد )639(بن ماجه الطهارة وسننها ، ا )3904(، أبو داود الطب )135( الترمذي الطهارة )2(

. )1136(، الدارمي الطهارة ) . )4/68(، أمحد )2230( مسلم السالم )3(2/429(، أمحد )639(، ابن ماجه الطهارة وسننها )3904(، أبو داود الطب )135( الترمذي الطهارة )4(

. )1136(، الدارمي الطهارة ) . 8 / 1 واحلاكم 135 / 8 والبيهقي 476-408 / 2 أخرجه أمحد )5(

Page 284: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

284

مل تقبل له {:قوله عليه الصالة والسالم ما ذكرنا من الدليل من أن : اجلهة األوىل

يدل على أنه مل يكفر الكفر األكرب، ولو كان كفر الكفر األكرب )1( } صالة أربعني يوما

. مل حيد عدم قبول صالته بتلك املدة من األيام وادعاء علم الغيب أو تصديق أحد ممن أن تصديق الكاهن فيه شبهة، : واجلهة الثانية

كفرا أكرب، لكن هذا الكاهن الذي ادعى علم - جل وعال -يدعي علم الغيب كفر باهللاالغيب خيرب باألمور املغيبة فيما صدق فيه عن طريق استراق اجلن للسمع، فيكون إذا هو

فقد يأيت اآليت .نقل ذلك اخلرب عن اجلين، واجلن نقلوه عما مسعوه يف السماء، وهذه شبهةأنا أصدقه فيما أخرب من الغيب؛ ألنه قد جاءه علم ذلك الغيب من : إىل الكاهن ويقول

. السماء عن طريق اجلن، وهذه الشبهة متنع من تكفري من صدق الكاهن الكفر األكرب أن كفره كفر أصغر وليس بأكرب؛ لداللة األحاديث؛ ولظهور التعليل : فالقول األظهر

. يف ذلك

يعين القرآن؛ ألنه قد جاء يف القرآن وما )2( } فقد كفر مبا أنزل على حممد { :ولهق

من السنة أن الكاهن، والساحر، والعراف ال يفلحون، وأهنم يكذبون وال بينه النيب . يصدقون

يأيت يف } ليس منا من تطري أو تطري له {: وعن عمران بن حصني مرفوعا : قوله

. باب ما جاء يف التطري عليه ، إن قوله . يدل على أن الفعل حمرم، ويقول بعض أهل العلم " ليس منا " :قوله

.يدل على أنه من الكبائر" ليس منا " :الصالة والسالم

. )4/68(، أمحد )2230( مسلم السالم )1(2/429(، أمحد )639(، ابن ماجه الطهارة وسننها )3904(، أبو داود الطب )135( الترمذي الطهارة )2(

. )1136(، الدارمي الطهارة )

Page 285: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

285

الغيب وادعى أنه كاهن، أو أخرب بأمور من يعين ادعى علم " أو تكهن " :قوله . املغيبة خيدع من رآه بأنه كاهن

أو " :قوله. من رضي أن يتكهن له فأتى فسأل عن شيء: يعين " أو تكهن له " :قوله .) " )1 سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه مبا يقول فقد كفر مبا أنزل على حممد

- جل وعال -ه إعانة له على الشرك األكرب باهللا وهذا كله ألجل أن تصديق الكاهن في . ، هذا حكم الذي يأيت الكاهن

أما الكاهن فذكرنا حكمه، وهو أنه مشرك باهللا الشرك األكرب؛ ألنه ال ميكن له أن . خيرب باألمور املغيبة إال بأن يشرك

الذي يدعي معرفة األمور مبقدمات يستدل هبا على: العراف: قال البغوي " :قوله . املسروق، ومكان الضالة، وحنو ذلك

هذا الذي ذكرنا من أن العراف عند بعض أهل العلم من خيرب بأمور سبقت لكنها . خفية غيبية عن الناس، لكنها من حيث الوجود وقعت يف ملكوت اهللا

. يعين أن العراف والكاهن امسان لشيء واحد " هو الكاهن: وقيل " :قولهالذي خيرب عما يف : رب عن املغيبات يف املستقبل، وقيلهو الذي خي": والكاهن"

العراف اسم للكاهن، واملنجم، والرمال، : -رمحه اهللا-الضمري، وقال أبو العباس ابن تيمية إذا ظهر جنم كذا والتقى : هو الذي يستخدم علم التنجيم والتأثري يقول : املنجم ". وحنوهم

و إذا ولد لفالن ولد يف برج كذا فإنه بنجم كذا فمعناه أنه سيحدث كذا وكذا، أسيحصل كذا وكذا له من الغىن، والفقر، أو السعادة، أو الشقاوة، وحنو ذلك، فيستدلون

. - إن شاء اهللا -حبركة النجوم على حال األرض وحال الناس فيها وسيأيت تفصيلهى هو صاحب الطرق، أو الذي خيط يف الرمل، أو يستخدم احلصى عل ": والرمال " . الرمل

. )3044( أخرجه البزار يف املسند )1(

Page 286: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

286

يعين من مثل الذين يقرؤون الكف، ويقرؤون الفنجان، أو يف هذا العصر ": وحنوهم " الذي يكتبون يف الصحف واجلرائد واجملالت الربوج، وما حيصل يف ذلك الربج، وأنت إذا ولدت يف هذا الربج فمعناه أنه سيحصل لك يف هذا الشهر كذا وكذا، هذه كلها من

. سيأيتأنواع الكهانة كما ما أرى من فعل : وينظرون يف النجوم ) أبا جاد( وقال ابن عباس يف قوم يكتبون "

.)1( " ذلك له عند اهللا من خالق نوع من أنواع الكهانة، - يعين للتأثري-والنظر يف النجوم ) أبا جاد( وذلك ألن كتابة

. - جل وعال -والكهانة حمرمة وكفر باهللاأنه يستخدم الكاهن : ة جدا وجامعها الذي جيمعها واعلم أن أصناف الكهانة كثري

وسيلة ظاهرة عنده ليقنع السائل بأنه وصل إليه العلم عن طريق أمور ظاهرة كالنجوم، أو عن طريق اخلط، أو عن طريق الطرق، أو عن طريق الفنجان، أو عن طريق الكف، أو عن

ها وسائل يغر هبا طريق النظر يف احلصى، أو عن طريق اخلشب وحنو ذلك، هذه كل الكاهن من يأتيه، وهي يف احلقيقة وسائل ال حتصل ذاك العلم، ولكن العلم جاءه عن طريق اجلن وهذه الوسيلة إمنا هي وسيلة خلداع الناس، ولكي يظن الظان أهنا تؤدي إىل العلم وأن هؤالء أصحاب علم وفن هبذه األمور، ويف الواقع هو ال يتحصل على العلم

ن طريق خط، أو عن طريق فنجان، أو عن طريق النظر يف الربوج، أو حنو ذلك، الغييب عوإمنا يأتيه العلم عن طريق اجلن، وهو يظهر هذه األشياء حىت حيصل على املقصود كي يصدق الناس أنه ال يستخدم اجلن، وأنه ويل من األولياء، وإال فكيف يستنتج املغيبات من

كغرب أفريقيا وبعض مشاهلا ويف الشرق من : بعض البالد ويوجد يف ! هذه األمور الظاهرة؟إن املالئكة ختربه بكذا، فهو ال يفعل : يتعاطى هذه األشياء، ويزعم أنه من األولياء، ويقول

الفعل إال بإرشاد من املالئكة، فالذي يفعل هذه األفعال من األمور السحرية أو الكهانة

139 / 8 والبيهقي يف السنن 602 / 8 وابن أيب شيبة يف املصنف 26 / 11الرزاق يف املصنف أخرجه عبد )1( .

Page 287: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

287

ذا ترى بعض الشراح يذكر يف مقدمة هذه األبواب أن يعترب يف تلك البالد من األولياء؛ وهلأولياء اهللا تعاىل ال يتعاطون الشرك، وال يتعاطون مثل هذه األمور، فأولياء اهللا مقيدون

. بالشرع، وليسوا من أولياء اجلن باب ما جاء يف النشرة

هي من عمل " : سئل عن النشرة فقال أن رسول اهللا {وعن جابر

ابن : سئل أمحد عنها فقال: وقال)2( رواه أمحد بسند جيد، وأبو داود )1( } الشيطان

. مسعود يكره هذا كلهرجل به طب، أو يؤخذ عن امرأته أحيل : ويف البخاري عن قتادة قلت البن املسيب

انتهى، . ه، إمنا يريدون به اإلصالح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه ال بأس ب: عنه أو ينشر؟ قال حل السحر : النشرة : قال ابن القيم. ال حيل السحر إال ساحر : وروي عن احلسن أنه قال حل سحر مبثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه حيمل : عن املسحور وهي نوعان

. ا حيب، فيبطل عمله عن املسحور قول احلسن فيتقرب الناشر واملنتشر إىل الشيطان مب . النشرة بالرقية، والتعوذات، واألدوية، والدعوات املباحة، فهذا جائز : والثاين

: فيه مسائل . النهي عن النشرة: األوىل . الفرق بني املنهي عنه واملرخص فيه، مما يزيل اإلشكال : الثانية : الشرح

قيام : لسحر، وأصلها من النشر وهو النشرة متعلقة با " باب ما جاء يف النشرة " اسم لعالج املسحور مسيت نشرة؛ ألنه ينتشر هبا أي يقوم ويرجع : املريض صحيحا، وهي

. إىل حالته املعتادة

. )3/294(، أمحد )3868( أبو داود الطب )1( . 233 / 1" الفتح" وحسنه احلافظ يف ) 3868( وأبو راود 294 / 3 أخرجه أمحد )2(

Page 288: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

288

من التفصيل، وهل : ، يعين"باب ما جاء يف النشرة " هنا-رمحه اهللا-وقول املؤلف هو مذموم، ومنها ما هو مأذون مذمومة؟ أو أن منها ما - وهي حل السحر-النشرة مجيعا

. به؟؟ جل -وهي أنه كما أن السحر شرك باهللا: ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة

يقدح يف أصل التوحيد، وأن الساحر مشرك الشرك األكرب باهللا، فالنشرة اليت هي -وعال أو حل السحر قد تكون من ساحر، وقد تكون من غري ساحر باألدوية املأذون هبا،

األدعية وحنو ذلك، فإذا كان من ساحر فإهنا مناقضة ألصل التوحيد، ومنافية ألصله، فاملناسبة ظاهرة يف الصلة بني هذا الباب وباب ما جاء يف السحر، وكذلك مناسبتها

والنشرة . - جل وعال-لكتاب التوحيد؛ ألن كثريين ممن يستعملون النشرة يشركون باهللا . شرة ممنوعةنشرة جائزة، ون : قسمان

هي ما كانت بالقرآن، أو باألدعية املعروفة، أو باألدوية عند األطباء، : فالنشرة اجلائزة - حقيقة- وحيصل منه- كما تقدم-وحنو ذلك، فإن السحر يكون عن طريق اجلن،

إمراض يف البدن، وتغيري يف العقل والفهم، وإذا كان األمر كذلك، فإنه تعاجل باملضادات القرآن الكرمي، والقرآن الكرمي هو أعظم ما ينفع يف : ل ذلك السحر، فمما يزيله اليت تزي

. إزالة السحر، وكذلك األدعية، واألوراد، وحنو ذلك، مما هو معروف من الرقى الشرعية من جهة عضوية، فهذا أحيانا يعاجل بالرقى : ونوع من السحر يكون يف البدن، أي

كما - عن طريق األطباء العضويني، وذلك ألن السحرواألدعية والقرآن، وأحيانا يعاجل ميرض حقيقة، فإذا أزيل املرض أو سبب املرض فإنه يبطل السحر؛ وهلذا قال ابن -سبق

النشرة بالرقية، والتعوذات، واألدوية، والدعوات املباحة : والثاين " :القيم يف آخر الكالم مر كذلك فإنه يعاجل مبا أذن به شرعا من ؛ ألنه حيصل منه املرض، وإذا كان األ "فهذا جائز

. الرقى واألدوية املباحة

Page 289: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

289

أن ينشر عنه بغري الطريق األول : وهي اليت من أنواع الشرك : والقسم الثاين من النشرةبطريق السحر، فيحل السحر األول بسحر آخر، وذكرنا أن السحر ال ينعقد أصال إال بأن

. ين خيدم الساحر الذي يشرك باهللا دائمايتقرب الساحر للجين، أو أن يكون اجل وهذا . كذلك حل السحر ال بد فيه من إزالة سببه وهو خدمة شياطني اجلن للساحر

ال ميكن إال للجن، فإن الساحر الثاين الذي ينشر السحر ويرفع السحر ال بد أن يستغيث حر أن يرفعوا أو أن يتوجه إىل بعض جنه يف أن يرفع أولئك اجلن الذين عقدوا هذا الس

أثره فعلى هذا ال يكون السحر من حيث العقد واالبتداء إال بالشرك باهللا، ومن حيث ال حيل السحر " :؛ وهلذا قال احلسن- جل وعال-الرفع والنشر ال يكون إال بالشرك باهللا

ال حيل السحر بغري الطريق الشرعية املعروفة إال ساحر، فإذا جاء : يعين)1( " إال ساحر : تستخدم القراءة والتالوة واألدعية؟ فإذا قال : أنا أحل السحر، قيل له : وقال أحدفهو إذا ساحر؛ ألنه إذا . ال: هل أنت طبيب تطب ذلك املسحور؟ فإن قال: قيل. ال

مل يستخدم الطريقة الثانية فإنه ال ميكن أن حيل السحر إال ساحر؛ ألنه فك أثر اجلن يف . ن طريق شياطني اجلن الذين يؤثرون يف ذاكذلك السحر، وال ميكن إال ع

هي من عمل " : سئل عن النشرة فقال أن رسول اهللا {عن جابر "

هذا سؤال عما كان معهودا معروفا عندهم يف هذا االسم وهو اسم )3( )2( } الشيطان

عند -والذي كان معروفا معهودا هو أن النشرة إمنا هي من جهة الساحر، ألهنا النشرة، عن النشرة -عليه الصالة والسالم -ملا سئل النيب { حل السحر مبثله؛ هلذا -العرب

أو الم التعريف يف ) ال( : قال العلماء)4( } طانهي من عمل الشي " .قال

. 233 / 10) فتح الباري(كما يف ) التهذيب ( أخرجه ابن جرير يف )1( . )3/294(، أمحد )3868( أبو داود الطب )2( . 301 / 9والبيهقي يف السنن ) 3868( وأبو داود 294 / 3 أمحد يف املسند )3( . )3/294(، أمحد )3868( أبو داود الطب )4(

Page 290: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

290

النشرة املعهود استعماهلا، وهي حل السحر مبثله، فقال : هذه للعهد، يعين " النشرة " قوله؛ ألن رفع السحر ال يكون إال )1( } هي من عمل الشيطان {. -عليه الصالة والسالم -

من " الرفع والنشر: يعين " هي " :-عليه الصالة والسالم -جين؛ وهلذا قال بعمل شيطان ألن العقد أصال من عمل الشيطان، والرفع والنشر من عمل الشيطان، فإذا " عمل الشيطان

. هو سؤال عن النشرة اليت كانت تستخدم يف اجلاهلية ابن مسعود يكره : سئل أمحد عنها فقال : رواه أمحد بسند جيد، وأبو داود، وقال "

أن تكون النشرة عن طريق التمائم اليت : يعين " يكره هذا كله " : وقوله )2( " هذا كلهفيها القرآن؛ ألنه مر بنا أن ابن مسعود كان يكره مجيع أنواع التمائم حىت من القرآن،

كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن ومن غري . -رمحه اهللا-كما قال إبراهيم النخعي أصحاب ابن مسعود، فابن مسعود كان يكره التمائم من القرآن، وهو أن : يعين. القرآن

يعلق شيئا من القرآن ألي غرض، لدفع العني، أو إلزالة السحر، ورفع الضرر؛ هلذا قال ابن مسعود يكره هذا : اإلمام أمحد ملا سئل عن النشرة اليت تكون بالتمائم من القرآن، قال

. كله باستخدام النفث، والرقية من غري تعليق، فال ميكن لإلمام أمحد وال البن أما النشرة

استخدم ذلك، وأذن به عمال يف نفسه، وكذلك يف مسعود أن يكرها ذلك؛ ألن النيب . -عليه الصالة والسالم -غريه

رجل به طب، أو يؤخذ عن امرأته، : ويف البخاري عن قتادة قلت البن املسيب" ال بأس به إمنا يريدون به اإلصالح، فأما ما ينفع فلم ينه : نشر؟ قالأحيل عنه أو ي

يريد ابن املسيب بذلك ما ينفع من النشرة بالتعوذات، واألدعية، والقرآن، )3( " عنهوالدواء املباح، وحنو ذلك، أما النشرة اليت هي بالسحر، فابن املسيب أرفع من أن يقول

. )3/294(، أمحد )3868( أبو داود الطب )1( . 77 / 3 انظر اآلداب الشرعية البن مفلح )2( . 323 / 10 رواه البخاري )3(

Page 291: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

291

؛ هلذا )1( } هي من عمل الشيطان {: يقول إهنا جائزة، ومل ينه عنها، والنيب

من األدوية : يعين " ال بأس به إمنا يريدون به اإلصالح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه " قالاملباحة، ومن الرقى، والتعوذات الشرعية، وقراءة القرآن، وحنو ذلك، فهذا مل ينه عنه، بل

. أذن فيه . وهذا بينا معناه)2( " ال حيل السحر إال ساحر : وروي عن احلسن أنه قال" حل بسحر مثله، : حل السحر عن املسحور وهي نوعان: النشرة: قال ابن القيم"

وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه حيمل قول احلسن، فيتقرب الناشر واملنتشر إىل .كما ذكرنا لكم سلفا ". الشيطان مبا حيب

. ، وهذه حقيقة النشرة الشركية "فيبطل عمله عن املسحور " جل -إذا تبني ذلك، فإمنا حكم حل السحر مبثله أنه ال جيوز وحمرم، بل هو شرك باهللا

وبعض العلماء من أتباع املذاهب يرى جواز حل . ؛ ألنه ال حيل السحر إال ساحر -وعال: ذهب اإلمام أمحد يف بعض كتبهمالسحر مبثله إذا كان للضرورة، كما قال فقهاء م

وجيوز حل سحر مبثله ضرورة، وهذا القول ليس بصواب، بل هو غلط؛ ألن الضرورة ال تكون جائزة ببذل الدين والتوحيد عوضا عنها، ومعروف أن الضروريات اخلمس اليت

، فال يبذل ما هو - وال شك-حفظ الدين، وغريه أىن منه مرتبة : جاءت هبا الشرائع أوهلاأعلى لتحصيل ما هو أدىن، وضرورة احلفاظ على النفس وإن كانت من الضروريات اخلمس، لكنها دون حفظ الدين مرتبة؛ وهلذا ال يقدم ما هو أدىن على ما هو أعلى، أو أن يبذل ما هو أعلى لتحصيل ما هو أدىن من الضروريات اخلمس، واألنفس ال جيوز حفظها

جل -على التوحيد خري له من أن يعاىف وقد أشرك باهللا بالشرك، وألن ميوت املرء وهو ، ألن السحر ال يكون إال بشرك، والذي يأيت الساحر ويطلب منه حل السحر، -وعال

. )3/294(، أمحد )3868( أبو داود الطب )1( . تقدم)2(

Page 292: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

292

فقد رضي قوله وعمله، ورضي أن يعمل به ذاك، ورضي أن يشرك ذاك باهللا ألجل منفعته، . وهذا غري جائز

جل -كون إال بالشرك األكرب باهللا ال ي- نشرا ووقوعا-فتحصل من هذا أن السحر ، وعليه فال جيوز أن حيل ال من جهة الضرورة، وال من جهة غري الضرورة من باب -وعال

. أوىل بسحر مثله، بل حيل وينشر بالرقى الشرعية باب ما جاء يف التطري

Iω {: وقول اهللا تعاىل r& $ yϑ ¯ΡÎ) öΝèδçÈ∝ ¯≈ sÛ y‰Ψ Ïã «!$# £Å3≈ s9uρ öΝèδ usYò2 r& Ÿω tβθ ßϑ n= ôè tƒ ∩⊇⊂⊇∪ { )1(

]. 131: األعراف[

θ#) {: وقوله ä9$ s% Νä.âÈ∝ ¯≈ sÛ öΝä3yè ¨Β 4 Ér& Οè?ôÅe2 èŒ 4 ö≅t/ óΟçFΡr& ×Πöθ s% šχθèùÍô£•Β ∩⊇∪ { )2(] . يس :

19 .[

ال عدوى، وال طرية، وال هامة، وال {: قال أن رسول اهللا وعن أيب هريرة

: وهلما عن أنس قال )5( } وال نوء، وال غول {: وزاد مسلم)4( أخرجاه )3( } صفر

: وما الفأل؟ قال: قالوا " ال عدوى، وال طرية ويعجبين الفأل { قال رسول اهللا

ذكرت {: بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال وأليب داود )7( )6( } الكلمة الطيبة "

أحسنها الفأل، وال ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما " : فقال الطرية عند رسول اهللا

. 131: سورة األعراف آية )1( . 19: سورة يس آية )2( . )2/434(، أمحد )3911(، أبو داود الطب )5425( البخاري الطب )3( . )2220(ومسلم ) 5757( أخرجه البخاري )4( . )2222(ه مسلم أخرج)5(3916(، أبو داود الطب )1615(، الترمذي السري )2224(، مسلم السالم )5424( البخاري الطب )6(

. )3/178(، أمحد )3537(، ابن ماجه الطب ) . )2224(ومسلم ) 5776( أخرجه البخاري )7(

Page 293: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

293

لسيئات إال أنت، وال حول وال اللهم ال يأت باحلسنات إال أنت، وال يدفع ا: يكره فليقل . )2( )1( } قوة إال بك

الطرية شرك، الطرية شرك، الطرية شرك، وما {: وله من حديث ابن مسعود مرفوعا

وجعل )4( رواه أبو داود، والترمذي، وصححه )3( } منا إال، ولكن اهللا يذهبه بالتوكل

من ردته الطرية عن حاجته {: وألمحد من حديث ابن عمرو. آخره من قول ابن مسعود

لهم ال خري إال خريك، وال طري ال: أن تقولوا : "وما كفارة ذلك؟ قال: قالوا " فقد أشركإمنا الطرية ما {: وله من حديث الفضل بن العباس )6( )5( } إال طريك، وال إله غريك

. )8( )7( } أمضاك أو ردك

: فيه مسائل ). طائركم معكم( :مع قوله ) أال إمنا طائرهم عند اهللا ( :التنبيه على قوله: األوىل . نفي العدوى: الثانية . نفي الطرية: الثالثة . نفي اهلامة: الرابعة . نفي الصفر: اخلامسة . أن الفأل ليس من ذلك، بل مستحب : السادسة

. )3919( أبو داود الطب )1( . وصححه النووي ) 3719( أخرجه أبو داود )2( . )1/440(، أمحد )3538(، ابن ماجه الطب )3910(، أبو داود الطب )1614( الترمذي السري )3( . )1614(والترمذي ) 3910( أخرجه أبو داود )4( . )2/220( أمحد )5( . 220 / 2 أخرجه أمحد )6( . )1/213( أمحد )7( . )2131( أخرجه أمحد )8(

Page 294: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

294

. تفسري الفأل: السابعة . ال يضر، بل يذهبه اهللا بالتوكل- مع كراهته-أن الواقع يف القلوب من ذلك : الثامنة . ذكر ما يقول من وجده : التاسعة . التصريح بأن الطرية شرك: العاشرة

. تفسري الطرية املذمومة: احلادية عشرة : الشرحسبق بيان أن الطرية من أنواع السحر، وهلذا جاء " باب ما جاء يف التطري " هذا هبذا الباب بعد األبواب املتعلقة بالسحر؛ ألهنا من أنواعه بنص -رمحه اهللا-املؤلف

. حلديثا - جل وعال -أن التطري نوع من الشرك باهللا : ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد

بشرطه، والشرك الذي يكون من جهة التطري مناف لكمال التوحيد الواجب؛ ألنه شرك . أصغر

أنه التشاؤم أو التفاؤل حبركة الطري من السوانح والبوارح، أو النطيح : وحقيقة التطريفكانوا يف اجلاهلية إذا أراد أحد أن يذهب إىل مكان، أو . ري الطري مما حيدثوالقعيد، أو بغ

ميضي يف سفر، أو أن يعقد له خيارا، استدل مبا حيدث له من أنواع حركات الطيور، أو مبا حيدث له من احلوادث على أن هذا السفر سفر سعيد فيمضي فيه، أو أنه سفر سيئ

هذا فضابط الطرية الشركية اليت من قامت يف قلبه وعلى . وعليه فيه وبال فريجع عنهوحصل له شرطها وضابطها فهو مشرك الشرك األصغر، هو ما جاء يف آخر الباب من

فالطرية شرك، )2( ، )1( } إمنا الطرية ما أمضاك أو ردك {: قوله عليه الصالة والسالم

فإذا خرج مثال . قع يف القلب، ويبين عليها املرء مضاء يف الفعل، أو نكوصا عنه وهي اليت تمن بيته وهو ينوي سفرا، أو رحلة، أو ينوي القيام بصفقة جتارة، أو حنو ذلك، فحصل

. )1/213( أمحد )1( . 213 / 1جه أمحد أخر)2(

Page 295: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

295

أمامه حادث، فهذا احلادث الذي حصل أمامه من تصادم سيارة، أو اعتداء من واحد على قلبه شؤما، واستدل هبذا احلادث على أنه سيفشل يف سفره آخر، أو حنو ذلك، إن أوقع يف

أو يف جتارته أو أنه سيصيبه مكروه يف سفره، ورجع ومل ميض فقد حصل له التطري الشركي، أما إذا حصل ذلك يف قلبه وحصل له نوع تشاؤم، ولكنه مضى وتوكل على

وما منا إال، ولكن {اهللا، فهذا ال يكاد يسلم منه أحد، كما جاء يف حديث ابن مسعود

. كما سيأيت)2( )1( } اهللا يذهبه بالتوكل

فهذه حقيقة التطري الشركي وضابطه، وتبني أن التطري عام ليس خاصا بالطري متعلقة أن العيافة " باب ما جاء يف شيء من أنواع السحر " وحركاهتا، وقد تقدم يف

العيافة زجر الطري، فهي متعلقة بالطري من حيث : بالطري كما فسرها عوف األعرايب بقولهإنه حيرك الطري ويزجره حىت ينظر أين يتحرك، وأما الطرية فهي أن يتشاءم أو يتفاءل وميضي أو يرجع حبركة حتصل أمامه ولو مل يزجر أو يفعل، أو بشيء حيصل أمامه، إما من

. ن غريه الطري أو م إذا أمضى أو - جل وعال -من أنه شرك باهللا: ، يعين"باب ما جاء يف التطري " قوله

. رجع، وكفارة التطري إذا وقع يف القلب، وحنو ذلك من األحكام

Iω {: وقول اهللا تعاىل" r& $ yϑΡÎ) öΝèδ çÈ∝ ¯≈ sÛ y‰ΨÏã «!$# £Å3≈ s9uρ öΝèδ usYò2 r& Ÿω tβθßϑ n= ôè tƒ ∩⊇⊂⊇∪ { )3(

*sŒÎ# {: هذا مقطع من آية يف سورة األعراف أوهلا ]. 131: األعراف[ sù ÞΟßγ ø?u!% y` èπ uΖ|¡pt ø: $#

(#θ ä9$ s% $ uΖs9 Íν É‹≈ yδ ( βÎ)uρ öΝåκö: ÅÁ è? ×π y∞ÍhŠy™ (#ρ ç©Ütƒ 4 y›θßϑ Î/ tΒ uρ ÿ…çµ yè ¨Β 3 Iω r& $ yϑ ¯ΡÎ) öΝèδ çÈ∝ ¯≈ sÛ y‰Ψ Ïã «!$# £Å3≈ s9uρ

öΝèδ usYò2 r& Ÿω tβθßϑ n= ôè tƒ ∩⊇⊂⊇∪ { )4( يعين إذا أتاهم خصب وسعة وزيادة يف األرزاق } (#θ ä9$ s%

. )1/440(، أمحد )3538(، ابن ماجه الطب )3910(، أبو داود الطب )1614( الترمذي السري )1( . )1614(والترمذي ) 3910( وأبو داود 440، 438، 389 / 1 أخرجه أمحد )2( . 131: سورة األعراف آية )3( . 131: سورة األعراف آية )4(

Page 296: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

296

$ uΖs9 Íν É‹≈ yδ ( { )1(حنن املستحقون هلا : يعين} β Î)uρ öΝåκö: ÅÁ è? ×π y∞ÍhŠy™ { )2(أصاهبم : يعين

هذا بسبب شؤم موسى ومن معه، فهم الذين : أو بالء، قالوا جدب، أو نقص يف األرزاق، : بسببهم وبسبب أقواهلم وأعماهلم حصل لنا هذا السوء وهذه الويالت، فتطريوا هبم، يعين

Iω {: - جل وعال -جعلوهم سببا ملا حصل هلم، قال r& $ yϑ ¯ΡÎ) öΝèδ çÈ∝ ¯≈ sÛ y‰Ψ Ïã «!$# { )3(

ما يطري عنهم من عمل صاحل أو طاحل، وأهنم يستحقون احلسنات أو : طائرهم، يعينIω {أو أن معىن قوله جل وعال ،يستحقون السيئات، كل هذا عند اهللا r& $ yϑ ¯ΡÎ) öΝèδçÈ∝ ¯≈ sÛ y‰Ψ Ïã

أن سبب ما يأتيهم من احلسنات أو ما يأتيهم من السيئات، أن ذلك من : يعين)4( } #$!»

. - جل وعال -جهة القضاء والقدر، فهو عند اهللا أن هذا التطري من صفات أعداء الرسل، ومن خصال : ومناسبة هذه اآلية هلذا الباب

كذلك فهو مذموم، ومن خصال املشركني الشركية، وليست من املشركني، وإذا كان خصال أتباع الرسل، وأما أتباع الرسل فإهنم يعلقون ذلك مبا عند اهللا من القضاء والقدر،

هلم من ثواب أعماهلم أو العقاب على أعماهلم كما قال -جل وعال -أو مبا جعله اهللا Iω {: تعاىل r& $ yϑ ¯ΡÎ) öΝèδçÈ∝ ¯≈ sÛ y‰ΨÏã «!$# { )5( .

θ#) {: قوله تعاىل ä9$ s% Νä.âÈ∝ ¯≈ sÛ öΝä3yè ¨Β 4 { )6( اآلية، وهي من سورة يس، والذين تطريوا

þθä9$#) {: ك هم املشركون أصحاب تلك القرية حيث قالوا بأولئ s% $ ¯ΡÎ) $ tΡ÷sÜs? öΝä3Î/ ( È⌡s9 óΟ©9

. 131: آية سورة األعراف )1( . 131: سورة األعراف آية )2( . 131: سورة األعراف آية )3( . 131: سورة األعراف آية )4( . 131: سورة األعراف آية )5( . 19: سورة يس آية )6(

Page 297: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

297

(#θ ßγ tF⊥ s? ö/ä3§Ψ uΗäd ÷t∴s9 Οä3§Ζ¡¡yϑ u‹s9uρ $ ¨ΖÏiΒ ë>#x‹tã ÒΟŠ Ï9r& ∩⊇∇∪ { )1(ل أتباع الرسل قا :} Νä.âÈ∝ ¯≈ sÛ öΝä3yè ¨Β 4 Ér& Οè?ôÅe2 èŒ 4 { )2(سبب وقوع السيئات عليكم، أو سبب قدوم احلسنات عليكم : يعين

لكم هو من عند أنفسكم، فالسوء الذي سينالكم والعقاب الذي سيرتل بكم مالزممالزمة ما تتطريون به من عمل سوء، ومن معاداة للرسل، وتكذيب للرسل، هذا مالزم

∝Νä.âÈ {لكم وستتطريون به ¯≈ sÛ öΝä3yè ¨Β 4 { )3( ألنه من جهة أهنم فعلوا السيئات وكذبوا

. وبالهالرسل وهذا سيقع عليهم ومناسبة هذه اآلية للباب كمناسبة اآلية قبلها من أن هذه هي قالة املشركني، وأعداء

. الرسل

ال عدوى، وال طرية، وال هامة، {: قال أن رسول اهللا : قال عن أيب هريرة "

.)6( } وال نوء، وال غول {: زاد مسلم)5( رجاه أخ)4( } وال صفر

ومن املعلوم أن املنفي هنا ليس هو وجود .)7( } وال طرية {: موطن الشاهد قوله

ذلك العدوى الطرية؛ ألن الطرية موجودة من جهة اعتقاد الناس، ومن جهة استعماهلا، وك النفي هنا راجع إىل ما تعتقده العرب : موجودة من جهة الوقوع؛ وهلذا قال العلماء

نافية للجنس وامسها مذكور، وخربها حمذوف، - هنا-)ال( ويعتقده أهل اجلاهلية؛ ألنألجل العلم به، فإن اجلاهليني يؤمنون بوجود هذه األشياء، ويؤمنون أيضا بتأثريها، فاملنفي

. 18: سورة يس آية )1( . 19: سورة يس آية )2( . 19: سورة يس آية )3( . )2/434(، أمحد )3911(بو داود الطب ، أ )5425( البخاري الطب )4( . )2220(ومسلم ) 5757( أخرجه البخاري )5( . )2222( من رواية جابر )6(3540(، ابن ماجه الطب )3922(، أبو داود الطب )2225(، مسلم السالم )5421( البخاري الطب )7(

( .

Page 298: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

298

ال عدوى مؤثرة بطبعها ونفسها : وجودها وإمنا هو تأثريها فيكون التقدير هنا ليس هو، وكان أهل اجلاهلية يعتقدون أن العدوى تنتقل - جل وعال-وإمنا تنتقل العدوى بإذن اهللا

: يعين " ال عدوى " .-عليه الصالة والسالم - فقال -بنفسها، فأبطل اهللا ذلك االعتقاد . مؤثرة بنفسها

مؤثرة أيضا، فإن الطرية شيء ومهي يكون يف القلب، ال أثر له يف : أي " ة وال طري " قضاء اهللا وقدره، فحركة السانح، أو البارح، أو النطيح، أو القعيد، ال أثر هلا يف حكم اهللا

ال طرية : أي ) مؤثرة( النافية للجنس تقديره ) ال( ويف ملكوته، ويف قضائه وقدره، فخرب . ومهي مؤثر، بل الطرية شيء

. إخل احلديث .. )1( } وال هامة وال صفر {: وكذلك قوله

النافية للجنس حيذف كثريا يف لغة العرب إذا كان معلوما، ) ال( وقد سبق بيان أن خرب ) ال( وقد سبق بيان أن خرب : النافية للجنس يف األلفية ) ال( كما قال ابن مالك يف آخر باب

النافية للجنس حيذف كثريا يف لغة العرب إذا كان معلوما، كما قال ابن مالك يف آخر : النافية للجنس يف األلفية) ال( باب

ــر إذا ــقوطه ظه ــع س ــراد م يف ذا الـباب إسـقاط اخلرب وشـاع امل

يعين ال عدوى مؤثرة . )2( } ال عدوى { قال رسول اهللا : وهلما عن أنس قال "

. - جل وعال -بنفسها، بل بإذن اهللا . مؤثرة أصال، وإمنا ذلك راجع إىل قضاء اهللا وقدره ": وال طرية "

- كان )1( )3( } الكلمة الطيبة " :وما الفأل؟ قال: قالوا " ويعجبين الفأل {: قوله

حيب الفأل وفسره بأنه الكلمة الطيبة؛ ألن الكلمة الطيبة إذا مسعها -عليه الصالة والسالم

. )2/327(، أمحد )3911( الطب ، أبو داود )2221(، مسلم السالم )5425( البخاري الطب )1( . )2/434(، أمحد )3911(، أبو داود الطب )5425( البخاري الطب )2(3916(، أبو داود الطب )1615(، الترمذي السري )2224(، مسلم السالم )5440( البخاري الطب )3(

. )3/178(، أمحد )3537(، ابن ماجه الطب )

Page 299: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

299

-فتفاءل هبا، وأنه سيحصل له كذا وكذا من اخلريات، يكون من باب حسن الظن باهللا ؛ وهلذا كان - جل وعال -وء ظن باهللا فالفأل حسن ظن باهللا، والتشاؤم س -جل وعال

. الفأل ممدوحا وحممودا، والشؤم مذموما عليه الصالة - وهلذا كان -جل وعال- ومعلوم أن العبد مأمور بأن حيسن الظن بالرب

وحسن الظن به وتعلق القلب -جل وعال- يتفاءل، وكل ذلك من تعظيم اهللا -والسالم . ح له به، وأنه ال يفعل للعبد إال ما هو أصل

ذكرت الطرية عند رسول {: وأليب داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال

يعين التأثر بالكلمة؛ ألننا ذكرنا أن الطرية : الطرية. )2( } أحسنها الفأل " : فقال اهللا

ألقوال واألعمال اليت حتصل أمام العبد، فإذا كان مث تطري فإن أحسنه الفأل، عامة تشمل اأن يقع يف قلبه أنه سيحصل له كذا وكذا من جراء كلمة مسعها، أو من جراء فعل : يعين

وأحسن ذلك الفأل وغريه مذموم، وإمنا كان الفأل حممودا وممدوحا ومأذونا به؛ . حصل له ألن التفاؤل يشرح - جل وعال-متفائال فإنه حمسن الظن باهللاملا ذكرنا من أنه إذا تطري

الصدر، ويؤنس العبد، ويذهب الضيق الذي يوحيه الشيطان ويسببه يف قلب العبد، والشيطان يأيت للعبد فيجعله يتوهم أشياء تضره وحتزنه فإذا فتح العبد على قلبه باب

. التفاؤل أبعد عن قلبه باب تأثري الشيطان يف النفس

} وال ترد مسلما {: قوله

Page 300: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

300

هذا خرب منفي لكن فيه النهي أن ترد " ال ترد مسلما " :مثبت لكنه كاألمر املؤكد، وقوله . ل له الشرك بالتطري الطرية مسلما عن حاجته، فإذا ردته عن حاجته، فقد حص

اللهم ال يأيت باحلسنات إال أنت، وال : فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل {: قوله

دفع ما هذا دعاء عظيم يف )2( )1( } يدفع السيئات إال أنت، وال حول وال قوة إال بك

. يأيت للقلب من أنواع التشاؤم وأنواع الطرية

. )4( )3( } الطرية شرك، الطرية شرك، الطرية شرك {: وعن ابن مسعود مرفوعا"

. - جل وعال -أهنا شرك أصغر باهللا: يعين

إال وقد يقع يف قلبه بعض التطري؛ ألن هذا من : يعين)5( } وما منا إال {: وقوله

ويعرض له : يعين " وما منا إال " الشيطان، والشيطان يأيت القلوب فيغريها مبا يفسدها . ذلك

ألن حسنة التوكل وإتيان العبد بواجب )6( } وكلولكن اهللا يذهبه بالت {: قوله

التوكل يذهب عنه كيد الشيطان بالتطري، فالواجب على العبد إذا عرض له شيء من ؛ ألن هذه - جل وعال -التشاؤم أال يرجع عما أراد عمله، بل يعظم التوكل على اهللا

قعت هكذا أمام العبد، األشياء اليت حتصل ال تدل على األمور املغيبة؛ ألهنا أمور طرأت وو . وليس هلا أثر فيما حيصل مستقبال

. )3919( أبو داود الطب )1( . )3719( رواه أبو داود )2( . )1/440(، أمحد )3538(، ابن ماجه الطب )3910(، أبو داود الطب )1614( الترمذي السري )3( . تقدم)4( . )1/440(، أمحد )3538(، ابن ماجه الطب )3910(، أبو داود الطب )1614( الترمذي السري )5( . )1/438(، أمحد )3538(، ابن ماجه الطب )3910(، أبو داود الطب )1614( الترمذي السري )6(

Page 301: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

301

هذا )1( } من ردته الطرية عن حاجته فقد أشرك {: وألمحد من حديث ابن عمرو

املتطري عن حاجته، فإذا مل ترده عن هو ضابط الطرية اليت تكون شركا، وهو أن ترد حاجته، ومل يستجب هلا، فال حرج عليه وبذلك إال أن عظمت يف قلبه، فرمبا دخلت يف أنوع حمرمات القلوب، الذي يذهب ذلك كله هو التوكل على اهللا، وتعظيم الرغب فيما

. - جل وعال -عنده وحسن الظن باهللا

اللهم ال خري إال خريك، وال طري إال : أن تقول : "فما كفارة ذلك؟ قال: قالوا {

لن حيصل إال قضاؤك الذي قضيته، أو لن : ال طري إال طريك يعين ": )3( )2( } طريك

. - جل وعال - إمنا هو عند اهللافعلم املغيبات. حيصل ويقضى إال ما قدرته على العبد باب ما جاء يف التنجيم

زينة للسماء، : خلق اهللا هذه النجوم لثالث : قال قتادة: قال البخاري يف صحيحهورجوما للشياطني وعالمات يهتدى هبا، فمن تأول فيها غري ذلك أخطأ وأضاع نصيبه،

القمر ومل يرخص ابن عيينة وكره قتادة تعلم منازل . انتهى. )4( وتكلف ما ال علم له به . ورخص يف تعلم املنازل أمحد وإسحاق . فيه، ذكره حرب عنهما

ثالثة ال يدخلون اجلنة مدمن مخر، وقاطع { قال رسول اهللا: وعن أيب موسى قال

. )6( رواه أمحد وابن حبان يف صحيحه . )5( } الرحم، ومصدق بالسحر

: فيه مسائل . احلكمة يف خلق النجوم : األوىل

. )2/220( أمحد )1( . )2/220( أمحد )2( . 220 / 2 أخرجه أمحد )3( . 91 / 1التفسري " ، ووصله ابن جرير يف معلقا295 / 6بخاري أخرجه ال)4( . )4/399( أمحد )5( . 366 / 7 وابن حبان 399 / 4 أخرجه أمحد )6(

Page 302: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

302

. الرد على من زعم غري ذلك : الثانية . ذكر اخلالف يف تعلم املنازل : الثالثة . الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر ولو عرف أنه باطل : الرابعة : الشرح

حكم التنجيم، وأنه منقسم إىل جائز وحمرم، يعين يف".باب ما جاء يف التنجيم " ، فادعاء معرفة - جل وعال-واحملرم منه نوع من أنواع السحر، وهو كفر وشرك باهللا

. املغيبات عن طريق النجوم، هو التنجيم املذموم احملرم الذي هو من أنواع الكهانة والسحر : والتنجيم الذي يتعاطاه الناس ثالثة أنواع

يم الذي هو اعتقاد أن النجوم فاعلة مؤثرة بنفسها، وأن احلوادث التنج: األولاألرضية منفعلة ناجتة عن النجوم وعن إرادات النجوم، وهذا تأليه للنجوم، وهو الذي كان يصنعه الصابئة وجيعلون لكل جنم وكوكب صورة ومتثاال، حتل فيها أرواح الشياطني، فتأمر

، وهذا باإلمجاع كفر أكرب وشرك كشرك قوم أولئك بعبادة تلك األصنام واألوثان . إبراهيم

هو ما يسمى علم التأثري، وهو االستدالل حبركة النجوم : والنوع الثاين من التنجيم والتقائها وافتراقها، وطلوعها وغروهبا، على ما سيحصل يف األرض، فيجعلون حركة

األشياء ويستدل هبا يقال النجوم دالة على ما سيقع مستقبال يف األرض، والذي يفعل هذه املنجم، وهو من أنواع الكهان؛ ألنه خيرب باألمور املغيبة عن طريق االستدالل حبركات : له

األفالك وحترك النجوم، وهذا النوع حمرم وكبرية من الكبائر، وهو نوع من الكهانة وكفر توحي إليهم مبا ؛ ألن النجوم ما خلقت لذلك وهؤالء تأتيهم الشياطني، ف- جل وعال-باهللا

. يريدون ومبا سيحصل يف املستقبل وجيعلون حركة النجوم دليال على ذلك وقد أبطل قول املنجمني يف أشياء كثرية من الواقع وحنو ذلك كما يف فتح عمورية يف

: قصيدة أيب متام املشهورة نباء من الكتبإ أصدق السيف

Page 303: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

303

. وغريها ما يسمى بعلم التسيري، وهو أن يتعلم منازل :النوع الثالث مما يدخل يف اسم التنجيم

النجوم وحركاهتا، ألجل أن يعلم القبلة، واألوقات، وما يصلح من األوقات للزرع وما ال يصلح، واالستدالل بذلك على وقت هبوب الرياح، وعلى الوقت الذي جرت سنة اهللا أال

قد رخص فيه بعض فهذا يسمى علم التسيري، و. يرتل فيه من املطر كذا، وحنو ذلك أنه جيعل النجوم وحركتها والتقاءها وافتراقها، وطلوعها أو : العلماء، وسبب الترخيص فيه

غروهبا، جيعل ذلك وقتا وزمنا، ال جيعله سببا، فيجعل هذه النجوم عالمة على زمن يصلح ≈M; {: جعل النجوم عالمات كما قال تعاىل-جل وعال-فيه كذا وكذا، واهللا yϑ≈ n= tæuρ 4

ÄΝôf ¨Ζ9$$ Î/uρ öΝèδ tβρ ߉tG öκu‰ ∩⊇∉∪ { )1( أنه - مثال- فهي عالمة على أمور كثرية، كأن يعلم

بطلوع النجم الفالين يدخل وقت الشتاء، فدخول الوقت ليس بسبب طلوع النجم، ولكن فهو ليس بسبب حلصول الربد، وليس حني طلع استدللنا بطلوعه على دخول الوقت، وإال

بسبب حلصول احلر، وليس بسبب للمطر، وليس بسبب ملناسبة غرس النخل أو زرع املزروعات وحنو ذلك، ولكنه وقت، فإذا كان على ذلك فال بأس به قوال أو تعلما؛ ألنه

. جيعل النجوم وظهورها وغروهبا أزمنة وذلك مأذون به زينة : خلق اهللا هذه النجوم لثالث : ل قتادة قا: قال البخاري يف صحيحه " ". للسماء

$ {جل وعال كما قال ¨Ζ−ƒ y— uρ u!$ yϑ ¡¡9$# $ u‹÷Ρ‘‰9$# yxŠÎ6≈ |Á yϑ Î/ $ZàøÏm uρ 4 { )2(] 12: فصلت .[

. يات على ذلك كثريةواآل". ورجوما للشياطني " " وعالمات يهتدى هبا "

. 16: سورة النحل آية )1( . 12: سورة فصلت آية )2(

Page 304: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

304

Β {: جل وعال كما قال r& öΝà6ƒ ωôγ tƒ ’Îû ÏM≈yϑ è= àß Îhy9 ø9$# Ìós t7ø9$#uρ { )1(] 63: النمل [

≈M≈yϑ; {وقال جل وعال n= tæuρ 4 ÄΝôf ¨Ζ9$$ Î/uρ öΝèδ tβρ ߉tG öκu‰ ∩⊇∉∪ { )2(] وحنو ذلك ] 16: النحل

كجهة القبلة، وجهة الشمال، . من اآليات، فهي عالمات يهتدى هبا، إىل معرفة اجلهاتوجهة الغرب، وجهة الشرق، ويهتدى هبا أيضا إىل معرفة أماكن البالد والقرى حيث

رف أن البلدة الفالنية باجتاه النجم الفالين، فإذا أراد السائر ليال يف الرب أو يف البحر أن يع . يتجه إىل بلد معني، استدل واهتدى بالنجوم إليه، وحنو ذلك مما أجرى اهللا سنته به

)3( " فمن تأول فيها غري ذلك أخطأ وأضاع نصيبه، وتكلف ما ال علم له به " :قوله - جل وعال -ن النجوم خلق من خلق اهللا وال نفهم سرها إال مبا أخرب اهللا وهذا صحيح؛ أل

عليه الصالة -به، فما أخربنا به أخذناه، وما مل خنرب به فال جيوز أن نتكلف فيه؛ وهلذا قال إذا ذكر القدر فأمسكوا، وإذا ذكر أصحايب فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم {. -والسالم

يف غري ما جاء به الدليل، إذا ذكر القدر : واملراد هنا بذكر النجوم، يعين)4( } فأمسكوا

يف غري ما جاءت به األدلة فأمسكوا، وإذا ذكر أصحايب يف غري ما جاء به من فضلهم حنو ذلك من الدليل فأمسكوا، وكذلك إذا ذكرت النجوم وحسن صحبتهم وسابقتهم و

. وما فيها بغري ما جاء فيه الدليل فأمسكوا؛ ألن ذلك ذريعة ألمور حمرمة . وكره قتادة تعلم منازل القمر، ومل يرخص ابن عيينة فيه، ذكره حرب عنهما " :قوله

" ورخص يف تعلم املنازل أمحد وإسحاق

. 63: سورة النمل آية )1( . 16: سورة النحل آية )2( . 295 / 6 أخرجه البخاري )3( . )10448 -1427( أخرجه الطرباين يف الكبري )4(

Page 305: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

305

tyϑ {: ا قال القمر منازل كم جعل اهللا s)ø9$#uρ çµ≈tΡö‘ £‰s% tΑΗ$ oΨ tΒ 4 ®L ym yŠ$ tã Èβθã_ óãè ø9$% x.

ÉΟƒ ωs)ø9$# ∩⊂∪ { )1(] فله مثانية وعشرون مرتال يرتل يف كل يوم مرتلة منها، فما ] 39: يس

فقد كرهه بعضهم، ورخص فيه طائفة : ن ألهل العلمحكم تعلم هذه املنازل؟ فيها قوالçν… { امنت على عباده بذلك فقال -جل وعال-وهو الصحيح؛ ألنه u‘ £‰s% uρ tΑΗ$ oΨ tΒ (#θ ßϑ n= ÷è tFÏ9

yŠy‰tã tÏΖÅb¡9$# z>$ |¡Ås ø9$#uρ 4 { )2(] وظاهر اآلية أن حصول املنة به يف تعلمه، ] 5: يونس

. وذلك دليل اجلواز

مدمن اخلمر، : ثالثة ال يدخلون اجلنة { قال رسول اهللا: وعن أيب موسى قال "

: ووجه االستدالل من هذا احلديث قوله )4( )3( } وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر

وقد تقدم أن من التنجيم ما هو من أنواع السحر، كما قال ،)5( } ومصدق بالسحر {

من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد {. -عليه الصالة والسالم -

وإذا صدق بالنجوم، فإنه مصدق بالسحر، واملصدق بالسحر ال يدخل )7( )6( } ما زاد

. اجلنة

. وإدمان اخلمر من الكبائر )8( } دمن اخلمر م :ثالثة ال يدخلون اجلنة { :قال هنا

. وهي من الكبائر : } وقاطع الرحم {

. 39: سورة يس آية )1( . 5: سورة يونس آية )2( . )4/399( أمحد )3( . 366 / 7 وابن حبان 399 / 4 أخرجه أمحد )4( . )4/399( أمحد )5( . )1/227(، أمحد )3726(، ابن ماجه األدب )3905( أبو داود الطب )6( . دم تق)7( . )4/399( أمحد )8(

Page 306: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

306

. وهو أيضا من الكبائر :)1( } ومصدق بالسحر {

ما يكثر يف -مع غفلة الناس عنه-ومما يدخل يف التنجيم يف هذا العصر بوضوح صون صفحة أو أقل منها يف اجلرائد، وجيعلون عليها اجملالت مما يسمونه الربوج، فيخص

رسم بروج السنة برج األسد، والعقرب، والثور، إىل آخره، وجيعلون أمام كل برج ما سيحصل لك يف هذا : سيحصل فيه، فإذا كان الرجل أو املرأة مولودا يف ذلك الربج يقول

االستدالل بالنجوم والربوج الشهر كذا وكذا وكذا، وهذا هو التنجيم الذي هو التأثري، و على التأثري يف األرض وعلى ما سيحصل يف األرض، وهو نوع من الكهانة، ووجوده يف اجملالت واجلرائد على ذلك النحو وجود للكهانة فيها، فهذا جيب إنكاره إنكارا للشركيات ولد ع اء معرفة الغيب وللسحر وللتنجيم؛ ألن التنجيم من السحر كما ذكرنا،

ب إنكاره على كل صعيد، وجيب أيضا على كل مسلم أن ال يدخله بيته، وأن ال وجي يدخل - ولو جملرد املعرفة -يقرأه، وال يطلع عليه؛ ألن االطالع على تلك الربوج وما فيها

. يف النهي من جهة أنه أتى الكاهن غري منكر عليه الربج الذي يناسبه، وقرأ وإذا قرأ هذه الصفحة وهو يعلم برجه الذي ولد فيه، أو يعلم

ما فيه، فكأنه سأل كاهنا، فال تقبل له صالة أربعني يوما، فإن صدق مبا يف تلك الربوج فقد كفر مبا أنزل على حممد، وهذا يدلك على غربة التوحيد بني أهله، وغربة فهم حقيقة

إنكار حىت عند أهل الفطرة وأهل هذه الدعوة، فإنه جيب - كتاب التوحيد-هذا الكتابذلك على كل صعيد وأن ال يؤمث املرء نفسه، وال من يف بيته بإدخال شيء من اجلرائد اليت

من - والعياذ باهللا-فيها ذلك يف البيوت؛ ألن هذا معناه إدخال للكهنة إىل البيوت، وهذا الكبائر، فواجب إنكار ذلك ومتزيقه والسعي فيه بكل سبيل حىت يدحر أولئك؛ ألن أهل

وأهل الربوج هم من الكهنة، والتنجيم له معاهد معمورة يف لبنان ويف غريها، التنجيم يتعلم فيها الناس حركة النجوم، وما سيحصل حبسابات معروفة، وجداول معينة، وخيربون

. )4/399( أمحد )1(

Page 307: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

307

بأنه من كان من أهل الربج الفالين فإنه سيحصل له كذا وكذا، عن طريق تعلم ومهي على طلبة العلم أن يسعوا يف تبصري الناس حبقيقة يغرهم به رؤوسهم وكهاهنم، فالواجب

ذلك يف كلماهتم، وبعد الصلوات، ويف خطب اجلمعة؛ ألن هذا مما كثر البالء به، . واإلنكار فيه قليل، والتنبيه عليه ضعيف، واهللا املستعان

باب ما جاء يف االستسقاء باألنواء

tβθ {: وقول اهللا تعاىل è= yèøgrBuρ öΝä3s% ø—Í‘ öΝä3¯Ρr& tβθç/Éj‹s3è? ∩∇⊄∪ { )1(] 82: الواقعة .[

أربع يف أميت من أمر اجلاهلية {: قال أن رسول اهللا وعن أيب مالك األشعري

الفخر باألحساب، والطعن يف األنساب، واالستسقاء بالنجوم، والنياحة، : ال يتركوهننالنائحة إذا مل تتب قبل موهتا، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من : وقال

. )3( رواه مسلم )2( } جرب

صالة الصبح باحلديبية صلى لنا رسول اهللا {: قال وهلما عن زيد بن خالد

هل تدرون ماذا قال " :على إثر مساء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقالأصبح من عبادي مؤمن يب وكافر فأما من : قال " :اهللا ورسوله أعلم، قال : قالوا " ربكم؟مطرنا بنوء : مطرنا بفضل اهللا ورمحته فذلك مؤمن يب وكافر بالكوكب، وأما من قال: قال

وهلما من حديث ابن عباس مبعناه، .)5( )4( } كذا وكذا فذلك كافر يب مؤمن بالكوكب

. 82: سورة الواقعة آية )1( . )5/343(، أمحد )1581(، ابن ماجه ما جاء يف اجلنائز )934( مسلم اجلنائز )2( . )934( أخرجه مسلم )3(، )3906(ود الطب ، أبو دا )1525(، النسائي االستسقاء )71(، مسلم اإلميان )810( البخاري األذان )4(

. )451(، مالك النداء للصالة )4/117(أمحد . )71(ومسلم ) 7503(و ) 4147(و ) 1038(و ) 846( أخرجه البخاري )5(

Page 308: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

308

Iξ * {لقد صدق نوء كذا وكذا، فأنزل اهللا هذه اآلية " :قال بعضهم: وفيه sù ÞΟÅ¡ø% é&

ÆìÏ%≡uθ yϑ Î/ ÏΘθ àf ‘Ζ9$# ∩∠∈∪ { )1( إىل قوله } tβθ ç/Éj‹s3è? ∩∇⊄∪ { )2( )3(.

: فيه مسائل . تفسري آية الواقعة : األوىل . ذكر األربع اليت من أمر اجلاهلية : الثانية . ذكر الكفر يف بعضها: الثالثة . أن من الكفر ما ال خيرج من امللة : الرابعة . بسبب نزول النعمة" أصبح من عبادي مؤمن يب وكافر " قوله : اخلامسة . التفطن لإلميان يف هذا املوضع : السادسة . التفطن للكفر يف هذا املوضع : السابعة ". لقد صدق نوء كذا وكذا "التفطن لقوله : الثامنةأتدرون ماذا قال " :لقوله. للمتعلم املسألة باالستفهام عنهاإخراج العامل: التاسعة

". ربكم؟ . وعيد النائحة: العاشرة : الشرح، واالستسقاء باألنواء هو نسبة السقيا إىل "باب ما جاء يف االستسقاء باألنواء " هذا

. نوء. النجوم، يقال للنجم " األنواء، واألنواء هي يعتقدون أن النجوم واألنواء سبب يف نزول املطر، والعرب واجلاهليون كانوا

من جيعل النوء والنجم هو الذي يأيت باملطر - وهم طائفة قليلة -فيجعلوهنا أسبابا، ومنهم

. 75: سورة الواقعة آية )1( . 82: سورة الواقعة آية )2( . )73( أخرجه مسلم )3(

Page 309: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

309

كما سبق يف حال الطائفة األوىل من املنجمني الذي جيعلون املفعوالت منفعلة عن النجوم . وعن حركتها

باب ما جاء يف نسبة : يعين " االستسقاء باألنواءباب ما جاء يف " :-رمحه اهللا-فقوله ". واالستسقاء بالنجوم "السقيا إىل النوء، وعرب بلفظ االستسقاء؛ ألنه جاء يف احلديث

ألنه . أن االستسقاء باألنواء نوع من التنجيم: ومناسبة هذا الباب ملا قبله من األبواب . ن التنجيم من السحر مبعناه العام نسبة السقيا إىل النجم وذلك أيضا من السحر؛ أل

أن الذي ينسب السقيا والنعمة والفضل الذي : ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد إىل غريه، - جل وعال -يكون قلبه ملتفتا عن اهللا . يؤتاه حني نزول املطر إىل النوء أو النجم لنجوم أسباب هلذه ومعتقدا أن ا- جل وعال-ومتعلقا بغريه، وناسبا النعم إىل غري اهللا

املسببات من نزول املطر وحنوه، وهذا مناف لكمال التوحيد، فإن كمال التوحيد الواجب يوجب على العبد أن ينسب النعم مجيعا إىل اهللا وحده، وأن ال ينسب شيئا منها إىل غري يه اهللا ولو كان ذلك الغري سببا، فينسب النعمة إىل مسديها ولو كان من أجرى اهللا على يد

كيف وأن النجوم - جل وعال-تلك النعم سببا من األسباب، فإنه ال ينسبها إىل غري اهللا : ففي ذلك نوعان من التعدي. ليست بسبب أصال

. أهنا ليست بأسباب أصال- 1 أسبابا، وتنسب النعم والفضل - جل وعال - أن جتعل أسبابا مل جيعلها اهللا - 2

. - جل وعال -لتوحيد وكفر أصغر باهللا والسقيا إليها، وهذا مناف لكمال ا

tβθ {: وقول اهللا تعاىل" è= yèøgrBuρ öΝä3s% ø—Í‘ öΝä3¯Ρr& tβθç/Éj‹s3è? ∩∇⊄∪ { )1( قال علماء التفسري :

أنكم وجتعلون شكر رزقكم، أي شكر ما رزقكم اهللا من النعم ومن املطر : معىن هذه اآلية وإضافتها إىل األنواء، -جل وعال- تكذبون بأن ا لنعمة من عند اهللا بنسبتها لغري اهللا

. 82: سورة الواقعة آية )1(

Page 310: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

310

-شكرا لنعم اهللا جل وعال، وشكرا هللا جل وعال، على ما رزق وأنعم وتفضل - والواجب . أن تنسب النعم مجيعا إىل اهللا، وأن ينسب الفضل إىل الرب وحده، دون ما سواه

أربع يف أميت من أمر اجلاهلية {: قال أن رسول اهللا وعن أيب مالك األشعري

هذا دليل على ذمها وأهنا من شعب " من أمر اجلاهلية " : قوله)1( } ال يتركوهنن

يعا جيب االبتعاد عنها؛ ألن خصال أهل اجلاهلية، ومن املعلوم أن شعب اجلاهلية مجعليه -اجلاهلية مذمومة، كما جاء يف صحيح البخاري من حديث ابن عباس أن النيب

يف احلرم، ومطلب دم امرئ ملحد: أبغض الرجال إىل اهللا ثالثة {: قال-الصالة والسالم

فكل شعبة من شعب أهل )3( )2( } بغري حق ليهريق دمه، ومبتغ يف اإلسالم سنة اجلاهلية

عليه -اجلاهلية إذا ظهر من يعيدها إىل أهل اإلسالم بعد أن أنقذهم اهللا من ذلك ببعثة النيب إلسالم سنة اجلاهلية، وظهور القرآن والسنة وبيان األحكام فإنه مبتغ يف ا -الصالة والسالم

هذا دليل الذم، " من أمر اجلاهلية " :فقوله. - جل وعال -وهو من أبغض الرجال إىل اهللا . وليس اإلخبار بأهنا باقية دليل اإلباحة

. يعين على وجه التكرب والرفعة " الفخر باألحساب: ال يتركوهنن: " قولهاب الناس من غري دليل شرعي، النيل، والقدح يف أنس : أي " والطعن يف األنساب "

أن : ومن غري حاجة شرعية، فإن القاعدة اليت ذكرها اإلمام مالك وغريه من أهل العلم الناس مؤمتنون على أنساهبم، فإذا كان ال يترتب على ذكر النسب أثر شرعي، من إعطاء

نون على حق لغري أهله، أو مبرياث، أو بعقد نسبة، أو بزواج، وحنو ذلك، فإن الناس مؤمت أنساهبم أما إذا كان له أثر فال بد من اإلثبات، ال سيما إذا كان خمالفا ملا هو شائع متواتر

. عند الناس، فالطعن يف األنساب من أمور اجلاهلية

. )5/343(، أمحد )1581(، ابن ماجه ما جاء يف اجلنائز )934( مسلم اجلنائز )1( . )6488( البخاري الديات )2( . )6882( أخرجه البخاري )3(

Page 311: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

311

وهو نسبة السقيا إىل النجوم، ويشمل ما هو أعظم من ذلك ": واالستسقاء بالنجوم " ذين يعتقدون أن احلوادث األرضية حتصل وهو أن تطلب السقيا من النجم، كحال ال

. بالنجوم نفسها، وأن النجوم هي اليت حتدث املقدرات األرضية، واملنفعالت األرضية

وهتا تقام يوم القيامة وعليها النائحة إذا مل تتب قبل م {: والنياحة، مث قال " :قوله

.)2( رواه مسلم )1( } سربال من قطران، ودرع من جرب

النياحة من الكبائر وهي رفع الصوت عند املصيبة، وشق اجليب وحنو ذلك، وهي . منافية للصرب الواجب، ومن خصال اجلاهلية

صالة الصبح باحلديبية صلى لنا رسول اهللا {: قال وهلما عن زيد بن خالد

ماذا : هل تدرون " .على إثر مساء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقالأصبح من عبادي مؤمن يب وكافر فأما : قال " :اهللا ورسوله أعلم، قال : قالوا " قال ربكم؟

مطرنا : مطرنا بفضل اهللا ورمحته فذلك مؤمن يب كافر بالكوكب، وأما من قال : لمن قا .)4( )3( } بنوء كذا وكذا، فذلك كافر يب مؤمن بالكوكب

يعين مطر، واملطر يطلق عليه مساء؛ ألنه يأيت " على إثر مساء كانت من الليل " :قوله : من جهة العلو، كما قال الشاعر

ــناه ــاب رعيـ ــانوا غضـ ــوم إذا ا وإن كـ ــأرض ق ــماء ب ــزل الس ن . إذا نزل املطر: يعين

. يعين من صالة الصبح ": فلما انصرف "

. )5/343(، أمحد )1581(، ابن ماجه ما جاء يف اجلنائز )934( مسلم اجلنائز )1( . تقدم)2(، )3906(، أبو داود الطب )1525( االستسقاء ، النسائي )71(، مسلم اإلميان )810( البخاري األذان )3(

. )451(، مالك النداء للصالة )4/117(أمحد . تقدم)4(

Page 312: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

312

اهللا ورسوله : قالوا " هل تدرون ماذا قال ربكم؟ " :أقبل على الناس فقال {

، وأما بعد -عليه الصالة والسالم -هذه من الكلمات اليت تقال يف حياته . )1( } أعلم

اهللا : ال أدري، أو فليقل: فإذا سئل املرء عما ال يعلم فليقل-عليه الصالة والسالم -وفاته مقيد حبياته -عليه الصالة والسالم -أعلم، وال يقل اهللا ورسوله أعلم؛ ألن ذكر علم النيب

. - الصالة والسالم عليه-الشريفة مؤمن : هنا قسم العباد إىل قسمني" أصبح من عبادي مؤمن يب وكافر : قال: قال" وشكر اهللا - جل وعال - وهو الذي نسب هذه النعمة وأضافها إىل اهللا - جل وعال -باهللا

، ولفظ "وكافر: "عليها، وعرف أهنا من عند اهللا، ومحد اهللا وأثىن عليه هبا، والصنف الثاين فر اسم فاعل الكفر، أو اسم من قام به الكفر، وهذا يصدق على الكفر األصغر والكفر كا

: النوع األول: األكرب، فهم انقسموا إىل مؤمنني، وإىل كافرين، والكافرون منهم نوعانمطرنا بنوء كذا وكذا، يعتقد أن النوء والنجم : من كفر كفرا أصغر، كمن يقول فره كفر أصغر؛ ألنه مل يعتقد التشريك واالستقالل، والكوكب سبب يف املطر، فهذا ك

ولكنه جعل ما ليس سببا سببا، ونسب النعمة إىل غري اهللا، فقوله من أقوال أهل الكفر، كافر الكفر األكرب، : والنوع الثاين. كما قال العلماء- جل وعال-وهو كفر أصغر باهللا

جوم، وأهنا هي اليت تفضلت باملطر، وهو الذي اعتقد أن املطر أثر من آثار الكواكب والن وهي اليت حتركت حبركة ملا توجه إليها عابدوها أنزلت املطر إجابة لدعوة عابديها، وهذا

. - جل وعال -كفر أكرب باإلمجاع؛ ألنه اعتقاد ربوبية وإهلية لغري اهللا ألنه ": مطرنا بفضل اهللا ورمحته فذلك مؤمن يب كافر بالكوكب : فأما من قال" . ب النعمة هللا وحده، ونسبة النعمة هللا وحده دلت على إميانه نس

، )3906(، أبو داود الطب )1525(، النسائي االستسقاء )71(، مسلم اإلميان )810( البخاري األذان )1(

. )451(، مالك النداء للصالة )4/117(أمحد

Page 313: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

313

فأنزل لقد صدق نوء كذا وكذا، " :قال بعضهم: وهلما من حديث ابن عباس معناه وفيه )tβθç/Éj‹s3è? ∩∇⊄∪ { )2 { : إىل قوله)1( } ∪∋∠∩ Iξsù ÞΟÅ¡ø%é& ÆìÏ%≡uθyϑÎ/ ÏΘθàf‘Ζ9$# * {: اهللا هذه اآلية

. وهذا ظاهر )3( ]82-75: الواقعة[وهو ما حيصل أحيانا من بعض الناس من أهنم يقولون يف : وهنا تنبيه يف هذه املسألة

فهذا الومسي مثال إذا طلع يأيت املطر، وجنم سهيل إذا طلع فسيحصل كذا، وحنو ذلك، . القول كما علمت له حاالن

أن يقول ذلك معتقدا أن النجم أو الربج الذي أتى هو زمن جعل اهللا : احلال األوىلسنته فيه أنه يأيت فيه املطر، وإن شاء اهللا سيأيت مطر وحنو ذلك، فهذا جعل للوسم زمنا،

. وهذا جائز النجم الفالين وسيأتينا كذا الوسم جاء وسيأيت املطر، أو طلع : أن يقول: احلال الثاين

وكذا، معتقدا أن هذا الفصل أو ذلك الربج أو ذلك النجم سببا، فهذا كفر ونسبة للنعمة . لغري اهللا، واعتقاد تأثري أشياء ال تأثري هلا

فينبغي أن يفرق بني ما يستعمله العوام من جعل تلك املواسم، والنجوم أزمانا وأوقاتا ر، وبني نسبة أهل الشرك والضالل األفعال للنجوم، إما استقالال، للمطر أو للربد، أو احل . وإما على وجه التسبب

š∅ÏΒ { باب قول اهللا تعاىل uρ Ĩ$ ¨Ζ9$# tΒ ä‹Ï‚ −G tƒ ÏΒ Èβρߊ «!$# #YŠ# y‰Ρr& öΝåκtΞθ ™6 Ït ä† Éb=ßs x. «!$# {

∅š {: باب قول اهللا تعاىل ÏΒuρ Ĩ$ ¨Ζ9$# tΒ ä‹Ï‚ −G tƒ ÏΒ Èβρߊ «!$# #YŠ# y‰Ρr& öΝåκtΞθ ™6 Ït ä† Éb=ßs x.

]. 165: البقرة[ )4( } ) #$!»

. 75: ية سورة الواقعة آ)1( . 82: سورة الواقعة آية )2( . )73( أخرجه مسلم )3( . 165: سورة البقرة آية )4(

Page 314: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

314

≅ö {: وقوله è% βÎ) tβ% x. öΝä.äτ !$ t/# u öΝà2 äτ !$ oΨö/r&uρ öΝä3çΡ≡uθ ÷z Î)uρ ö/ä3ã_≡uρ ø— r&uρ óΟä3è?uϱtã uρ îΑ≡uθ øΒ r&uρ

$ yδθßϑ çG øùutIø% $# ×ο t≈ pgÏBuρ tβ öθ t±øƒ rB $ yδ yŠ$ |¡x. ßÅ3≈ |¡tΒ uρ !$ yγ tΡöθ |Ê ös? ¡=ym r& Νà6ø‹s9Î) š∅ ÏiΒ «!$# Ï& Î!θ ß™ u‘ uρ 7Š$ yγ Å_uρ

’ Îû Ï& Î#‹Î7y™ (#θ ÝÁ −/utIsù 4 ®L ym š† ÎAù'tƒ ª!$# Íν Íö∆ r'Î/ 3 { )1(] 24: التوبة .[

ال يؤمن أحدكم حىت أكون أحب إليه من ولده {: قال عن أنس أن رسول اهللا

. )3( أخرجاه )2( } ووالده والناس أمجعني

أن : ثالث من كن فيه وجد هبن حالوة اإلميان { قال رسول اهللا: وهلما عنه قال

يكون اهللا ورسوله أحب إليه مما سوامها، وأن حيب املرء ال حيبه إال هللا، وأن يكره أن يعود ال {: ويف رواية )5( )4( } يف الكفر بعد إذ أنقذه اهللا منه كما يكره أن يقذف يف النار

. إىل آخره )7( )6( } ...جيد أحد حالوة اإلميان حىت

من أحب يف اهللا، وأبغض يف اهللا، وواىل " : قال-رضي اهللا عنهما-وعن ابن عباس د عبد طعم اإلميان وإن كثرت يف اهللا، وعادى يف اهللا فإمنا تنال والية اهللا بذلك، ولن جي

صالته وصومه، حىت يكون كذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا،

. 24: سورة التوبة آية )1(، )67(، ابن ماجه املقدمة )5013(، النسائي اإلميان وشرائعه )44(، مسلم اإلميان )15( البخاري اإلميان )2(

. )2741(، الدارمي الرقاق )3/207(أمحد . )44(ومسلم ) 15( أخرجه البخاري )3(، )4987(، النسائي اإلميان وشرائعه )2624(، الترمذي اإلميان )43(مسلم اإلميان )16( البخاري اإلميان )4(

. )2741(، الدارمي الرقاق )3/103(، أمحد )4033(ابن ماجه الفنت . )43 (ومسلم) 6941(و ) 21(و ) 16( أخرجه البخاري )5((، النسائي اإلميان وشرائعه )2624(، الترمذي اإلميان )43(، مسلم اإلميان )5694( البخاري األدب )6(

. )3/114(، أمحد )4033(، ابن ماجه الفنت )4988 . )6041( أخرجه البخاري )7(

Page 315: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

315

{: وقال ابن عباس يف قوله تعاىل. رواه ابن جرير " وذلك ال جيدي على أهله شيئا ôM yè©Üs)s?uρ ãΝÎγ Î/ Ü>$t7ó™ F{$# ∩⊇∉∉∪ { )1(املودة : قال .

: فيه مسائل . تفسري آية البقرة: األوىل . تفسري آية براءة: الثانية . على النفس واألهل واملال وجوب حمبته : الثالثة . نفي اإلميان ال يدل على اخلروج من اإلسالم : الرابعة . ها اإلنسان وقد ال جيدهاأن لإلميان حالوة قد جيد : اخلامسةأعمال القلب األربع اليت ال تنال والية اهللا إال هبا، وال جيد أحد طعم اإلميان : السادسة

. إال هبا . أن عامة املؤاخاة على أمر الدنيا : فهم الصحايب للواقع: السابعة

ôM {تفسري : الثامنة yè ©Üs)s?uρ ãΝÎγ Î/ Ü>$t7ó™ F{$# ∩⊇∉∉∪ { )2( .

. أن من املشركني من حيب اهللا حبا شديدا : التاسعة . الوعيد على من كان الثمانية أحب إليه من دينه : العاشرة

. أن من اختذ ندا تساوي حمبته حمبة اهللا، فهو الشرك األكرب : احلادية عشرة : الشرح

رمحه -هذا الباب واألبواب اليت بعده شروع من اإلمام الشيخ حممد بن عبد الوهاب - يف ذكر العبادات القلبية، وما جيب أن تكون عليه تلك العبادات من اإلخالص هللا -اهللا

، فهذا يف ذكر واجبات التوحيد ومكمالته، وبعض العبادات القلبية، وكيف -جل وعال جل -وابتدأها بباب احملبة، وأن العبد جيب أن يكون اهللا . هبا- جل وعال -يكون إفراد اهللا

. 166: سورة البقرة آية )1( . 166: سورة البقرة آية )2(

Page 316: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

316

أحب إليه من كل شيء حىت من نفسه، وهذه احملبة املراد منها حمبة العبادة، وهي -وعالاحملبة اليت فيها تعلق باحملبوب، مبا يكون معه امتثال لألمر رغبا إىل احملبوب واختيارا،

. واجتناب النهي رغبة واختيارااحملبة اليت تكون يف القلب، يكون معها الرغب والرهب، والطاعة : محبة العبادة هيف

واملوحد مل يوحد اهللا إال بسبب ما . والسعي يف مراض احملبوب والبعد عما ال حيب احملبوب وأنه اخلالق - جل وعال - ألنه استدل بربوبية اهللا- جل وعال -وقر يف قلبه من حمبة اهللا

لكوت وحده، وأنه ذو الفضل والنعمة على عباده وحده، وأنه حمبوب، وحده، وأنه ذو امل وأنه جيب أن حيب، وإذا أحب العبد ربه فإنه جيب عليه أن يوحده بأفعال العبد حىت يكون

احملبة اليت هي من العبادة هي احملبة اليت يكون فيها اتباع : حمبا له على احلقيقة؛ لذلك نقول احملبة املتعلقة باهللا : غب ورهب؛ وهلذا قال طائفة من أهل العلم لألمر، واجتناب للنهي، ور

: ثالثة أنواع حمبة اهللا على النحو الذي وصفنا، وهذا نوع من العبادات اجلليلة وجيب إفراد - 1 . هبا- جل وعال -اهللا

، وأن حيب الصاحلني -عليهم الصالة والسالم - حمبة يف اهللا، وهو أن حيب الرسل - 2 . وأن حيب يف اهللا، وأن يبغض يف اهللا يف اهللا، - جل وعال- حمبة مع اهللا، وهذه حمبة املشركني آلهلتهم؛ فإهنم حيبوهنا مع اهللا- 3

فيتقربون إىل اهللا رغبا ورهبا نتيجة حمبة اهللا، ويتقربون إىل اآلهلة رغبا ورهبا نتيجة حملبتهم ة األوثان، وعبدة القبور يف مثل لتلك اآلهلة، ويتضح املقام بتأمل حال املشركني، وعبد

هذه األزمنة، فإنك جتد املتوجه لقرب الويل يف قلبه من حمبة ذلك الويل وتعظيمه وحمبة سدنة ذلك القرب ما جيعله يف رغب ورهب، ويف خوف وطمع، ويف إجالل حني يعبد ذلك

عبادة اليت الويل، أو يتوجه إليه بأنواع العبادة ألجل حتصيل مطلوبه، فهذه هي حمبة ال شرك أكرب به، بل هي عماد الدين، بل هي عماد صالح - جل وعال -صرفها لغري اهللا

جل - وأن تكون حمبته هللا - جل وعال -القلب؛ فإن القلب ال يصلح إال بأن يكون حمبا هللا

Page 317: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

317

هذه من - يعين حمبة العبادة- أعظم من كل شيء، فاحملبة اليت هي حمبة اهللا وحده -وعال العبادات، وإفراد اإلله هبا واجب، واحملبة مع اهللا حمبة العبادة هذه شركية، فمن أعظم أنواع . - جل وعال - حمبة العبادة فإنه مشرك الشرك األكرب باهللا- جل وعال -أحب غري اهللا

هذه األنواع الثالثة هي احملبة املتعلقة باهللا، أما النوع الثاين من أنوع احملبة وهي احملبة اهللا من جهة احملبة الطبيعية، فقد أذن هبا الشرع وأجازها؛ ألن احملبة فيها ليس املتعلقة بغري

حمبة العبادة والرغب والرهب الذي هو من العبادة، وإمنا هي حمبة للدنيا وذلك كمحبة الوالد لولده، والولد لوالده، والرجل لزوجته، واألقارب ألقربائهم، والتلميذ لشيخه،

جل -و ذلك من األحوال، هذه حمبة طبيعية ال بأس هبا، بل جعلها اهللا واملعلم ألبنائه، وحن . غريزة يف اإلنسان-وعال

: ندادا، يعينأ] 165: البقرة [)š∅ÏΒuρ Ĩ$Ζ9$# tΒ ä‹Ï‚−Gtƒ ÏΒ Èβρߊ «!$# #YŠ#y‰Ρr& { )1 {: قوله

، )öΝåκtΞθ™6Ïtä† Éb=ßsx. «!$# ( { )2 {يساوونه يف احملبة؛ هلذا قال : أشباها ونظراء وأكفاء، يعين

ن األنداد أن املشركني حيبو: وأحد وجهي التفسري يف قوله حيبوهنم كحب اهللا، يعين . كحبهم هللا

. أن املشركني حيبون األنداد كحب املؤمنني هللا : والوجه الثاين من التفسري

Éb=ßs {والوجه األول أظهر، والكاف فيه هنا يف قوله x. «!$# ( { )3(مثل، أي: مبعىن:

يف - جل وعال -حيبوهنم مثل حب اهللا، وهي كاف املساواة ومثلية املساواة، وهلذا قال $$!» {. سورة الشعراء خمربا عن قول أهل النار s? βÎ) $ ¨Ζä. ’ Å∀s9 9≅≈ n= |Ê AÎ7•Β ∩∠∪ øŒÎ) Νä3ƒ Èhθ |¡èΣ Éb> tÎ/

. 165: آية سورة البقرة )1( . 165: سورة البقرة آية )2( . 165: سورة البقرة آية )3(

Page 318: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

318

tÏϑ n=≈ yè ø9$# ∩∇∪ { )1(] سووهم برب العاملني يف احملبة : قال العلماء] 98-97: الشعراء

. بدليل هذه اآلية ومل يسووهم برب العاملني يف اخللق والرزق وأفراد الربوبية

≅ö {: وقوله è% βÎ) tβ% x. öΝä.äτ !$ t/# u öΝà2 äτ !$ oΨö/r&uρ öΝä3çΡ≡uθ ÷z Î)uρ ö/ä3ã_≡uρ ø— r&uρ óΟä3è?uϱtã uρ îΑ≡uθ øΒ r&uρ

$ yδθßϑ çG øùutIø% $# ×ο t≈ pgÏBuρ tβ öθ t±øƒ rB $ yδ yŠ$ |¡x. ßÅ3≈ |¡tΒ uρ !$ yγ tΡöθ |Ê ös? ¡=ym r& Νà6ø‹s9Î) š∅ ÏiΒ «!$# Ï& Î!θ ß™ u‘ uρ 7Š$ yγ Å_uρ

’Îû Ï&Î#‹Î7y™ (#θÝÁ−/utIsù 4®Lym š†ÎAù'tƒ ª!$# ÍνÍö∆r'Î/ 3 { )2(] هذا يدل على أن حمبة اهللا جل ] 24: التوبة

حمبته ألي وعال واجبة، وأن حمبة اهللا جيب أن تكون فوق كل حمبوب، وأن حمبة اهللا أعظم من≅ö {شيء، قال جل وعال è% β Î) tβ% x. öΝä.äτ !$ t/# u öΝà2 äτ !$ oΨö/r&uρ { )3( إىل أن قال :} ¡=ym r&

Νà6ø‹s9Î) š∅ ÏiΒ «!$# Ï& Î!θ ß™ u‘ uρ 7Š$ yγ Å_ uρ ’Îû Ï& Î#‹Î7y™ (#θ ÝÁ −/utIsù 4 ®L ym š† ÎAù'tƒ ª!$# Íν Íö∆ r'Î/ 3 { )4( وهذا

وعيد فيدل على أن تقدمي حمبة غري اهللا على حمبة اهللا كبرية من الكبائر، وحمرم من احملرمات؛ ألن اهللا توعد عليه وحكم على فاعله بالفسق والضالل، فالواجب لتكميل

-عليه الصالة والسالم -ب العبد اهللا ورسوله فوق كل حمبوب، وحمبة النيب التوحيد أن حي ، -عليه الصالة والسالم -هي يف اهللا ليست حمبة مع اهللا، ألن اهللا هو الذي أمرنا حبب النيب

. أحب رسله- جل وعال -فإن من أحب اهللا

ال يؤمن أحدكم حىت أكون أحب إليه من ولده {: قال عن أنس أن رسول اهللا "

: اإلميان الكامل وقوله : يعين " ال يؤمن أحدكم " : قوله)6( )5( } ووالده والناس أمجعني

أن يكون حمايب مقدمة على : يعين " حىت أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أمجعني "

. 98 - 97: سورة الشعراء آية )1( . 24: سورة التوبة آية )2( . 24: سورة التوبة آية )3( . 24: سورة التوبة آية )4(، )67(، ابن ماجه املقدمة )5013(ئعه ، النسائي اإلميان وشرا )44(، مسلم اإلميان )15( البخاري اإلميان )5(

. )2741(، الدارمي الرقاق )3/207(أمحد . )44(ومسلم ) 15( أخرجه البخاري )6(

Page 319: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

319

غريي، فحىت أكون أحب إليه وأعظم يف نفسه من ولده ووالده والناس أمجعني، حمابإال من نفسي : -عليه الصالة والسالم -أنه قال للنيب {ويف حديث عمر املعروف

أنت اآلن أحب إيل من : فقال عمر " حب إليك من نفسك يا عمر حىت أكون أ " :فقال . يعين كملت اإلميان)1( } فاآلن يا عمر " :نفسي، قال

عليه - يعين اإلميان الكامل حىت يقدم حمبة النيب )2( } ال يؤمن أحدكم {: فقوله

على حمبة الولد والوالد والناس أمجعني، ويظهر هذا بالعمل، فإذا كان -الصالة والسالم عليه الصالة - وعلى ما أمر به - جل وعال -يقدم حماب هؤالء على ما فيه مرضاة اهللا

تكون ناقصة؛ ألن احملبة حمركة كما قال -عليه الصالة والسالم -؛ فإن حمبته -والسالم احملبة هي اليت حترك فالذي حيب الدنيا يتحرك ": قاعدة يف احملبة " هشيخ اإلسالم يف كتاب

حمبة عبادة - جل وعال -إىل الدنيا، والذي حيب العلم يتحرك للعلم، والذي حيب اهللا . - جل وعال -ورغب ورهب يتحرك طالبا ملرضاته ويتحرك مبعدا عما فيه مساخط الرب

على احلقيقة، فإنه يسعى يف اتباع -عليه الصالة والسالم -كذلك الذي حيب النيب عليه الصالة -سنته، ويف امتثال أمره، ويف اجتناب هنيه، واالهتداء هبديه، واالقتداء بسنته

. -والسالم

: ث من كن فيه وجد هبن حالوة اإلميان ثال { قال رسول اهللا: وهلما عنه قال"

أن يكون اهللا ورسوله أحب إليه مما سوامها، وأن حيب املرء ال حيبه إال هللا، وأن يكره أن واالستدالل )4( )3( } يعود يف الكفر بعد أن أنقذه اهللا منه، كما يكره أن يقذف يف النار

. )4/336(، أمحد )6257( البخاري األميان والنذور )1(، )67(املقدمة ، ابن ماجه )5013(، النسائي اإلميان وشرائعه )44(، مسلم اإلميان )15( البخاري اإلميان )2(

. )2741(، الدارمي الرقاق )3/207(أمحد ، )4987(، النسائي اإلميان وشرائعه )2624(، الترمذي اإلميان )43(مسلم اإلميان )16( البخاري اإلميان )3(

. )2741(، الدارمي الرقاق )3/103(، أمحد )4033(ابن ماجه الفنت . تقدم)4(

Page 320: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

320

حمبة ما سوامها، وأهنا من به ظاهر على أن حمبة اهللا ورسوله جيب أن تكون مقدمة على . كمال اإلميان، وأن العبد لن جيد كمال اإلميان إال بذلك

املقصود )2( " إىل آخره )1( } ..ال جيد أحد حالوة اإلميان حىت {: ويف رواية "

إلميان له حالوة توجد يف الروح، باحلالوة هنا احلالوة الناجتة عن حتصيل كماله؛ ألن ا وكلما سعى العبد يف تكميل إميانه اشتد وجده هلذه احلالوة، واشتد شعوره بتلك احلالوة

. واللذة اليت تكون يف القلب من أحب يف اهللا، وأبغض يف اهللا، وواىل " : قال-رضي اهللا عنهما-وعن ابن عباس "

": اهللا بذلك يف اهللا، وعادى يف اهللا، فإمنا تنال والية . هذه حمبة يف اهللا راجعة إىل األمر والنهي وهي من أقسام احملبة

. كانت حمبته لذلك احملبوب ألجل أمر اهللا : يعين". أحب يف اهللا " :قوله . كان بغضه لذلك املبغض ألجل أمر اهللا : يعين". أبغض يف اهللا " من - جل وعال -بني ذاك يف اهللا كانت مواالته للعقد الذي بينه و ": وواىل يف اهللا "

. أخوة إميانية ملا حصل بينه وبني ذاك الذي خالف أمر اهللا إما بكفر أو مبا : يعين". وعادى يف اهللا " . دونه

إمنا يكون العبد وليا من أولياء اهللا هبذا الفعل، : يعين". فإمنا تنال والية اهللا بذلك " . -جل وعال -وهو أن يوايل يف اهللا ويعادي يف اهللا

أحب حمبة، ونصر : واىل والية يعين: يقال. احملبة والنصرة: هي- بالفتح-والواليةy7 {: - جل وعال-امللك واإلمارة قال : فهي - بالكسر-نصرة، وأما الوالية Ï9$ uΖèδ èπ u‹≈ s9uθ ø9$#

(، النسائي اإلميان وشرائعه )2624(، الترمذي اإلميان )43(، مسلم اإلميان )5694( البخاري األدب )1(

. )3/114(، أمحد )4033(، ابن ماجه الفنت )4988 . تقدم)2(

Page 321: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

321

¬! Èd,pt ø: وليست -جل وعال -أن احملبة والنصرة إمنا هي هللا : يعين] 44: الكهف [)1( } 4 #$

تنال حمبة اهللا ونصرته بذلك، بأن يأيت : يعين " فإمنا تنال والية اهللا بذلك " :لغريه، فقوله . باحملبة يف اهللا والبغض يف اهللا

وقد ولن جيد عبد طعم اإلميان وإن كثرت صالته وصومه، حىت يكون كذلك، " )2( " صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك ال جيدي على أهله شيئا

. املؤاخاة واحملبة يف الدنيا هذه تراد للدنيا، والدنيا قصرية زائلة، وإمنا يغتر هبا أهل الغرور وأما أهل املعرفة باهللا، والعلم باهللا، وأهل كمال توحيده، وأهل كمال اإلميان، وحتقيق

يد فإمنا تكون حماهبم ومشاعرهم القلبية وأنواع العلوم واملعارف اليت تكون يف القلب التوحوأنواع العبادات واملقامات واألحوال اليت تكون يف القلب يكون ذلك كله تبعا ألمر اهللا وهنيه ورغبة يف اآلخرة، أما الدنيا فلها أهلون، وهي مرحتلة عنهم، وهم مقبلون على أمر

ك لن جتدي احملبة يف الدنيا على أهلها شيئا، إمنا الذي جيدي هو احلب يف اهللا آخرهتم؛ ولذل . والرغب يف اآلخرة

ôMyè { يف قوله وقال ابن عباس" ©Üs)s?uρ ãΝÎγ Î/ Ü>$ t7ó™ F{$# ∩⊇∉∉∪ { )3( قال :؛ ألن املشركني كانوا يشركون بآهلتهم، وحيبوهنا، ويظنون أهنا ستشفع هلم يوم )4( " ودةامل

القيامة ألجل مودهتم هلا، وحمبتهم هلا، وستتقطع تلك األسباب وتلك احلبال املدعاة ôMyè {: -جل جالله -املوهومة يوم القيامة، ولن جيدوا نصريا، كما قال اهللا ©Üs)s?uρ ãΝÎγ Î/

Ü>$ t7ó™ F{$# ∩⊇∉∉∪ { )5(كل ما ظنوه سببا نافعا عند اهللا فإنه سينقطع يوم القيامة : يـ يعن :

. 44: سورة الكهف آية )1( . )13537( والطرباين يف الكبري 312 / 1وأبو نعيم يف احللية ) 353( أخرجه ابن املبارك يف الزهد )2( . 166: سورة البقرة آية )3( . 272 / 2واحلاكم يف املستدرك ) 2423( أخرجه ابن جرير الطربي يف التفسري )4( . 166: سورة البقرة آية )5(

Page 322: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

322

} øŒÎ) r&§t7s? t Ï% ©!$# (#θ ãè Î7›?$# zÏΒ š Ï%©!$# (#θ ãèt7¨?$# (#ãρ r&u‘ uρ z># x‹yè ø9$# ôM yè©Üs)s?uρ ãΝÎγ Î/ Ü>$ t7ó™ F{$# ∩⊇∉∉∪ { )1(

]. 166: البقرة[

$ { باب قول اهللا تعاىل yϑ ¯ΡÎ) ãΝä3Ï9≡sŒ ß≈ sÜø‹¤±9$# ß∃Èhθ sƒ ä† …çν u!$ uŠÏ9÷ρ r& Ÿξ sù öΝèδθèù$ y‚ s? Èβθèù% s{uρ β Î) ΛäΖä.

tÏΖÏΒ ÷σ•Β {

$ {: باب قول اهللا تعاىل yϑ ¯ΡÎ) ãΝä3Ï9≡sŒ ß≈ sÜø‹¤±9$# ß∃Èhθ sƒ ä† …çν u!$ uŠÏ9÷ρ r& Ÿξ sù öΝèδθèù$ y‚ s? Èβθèù% s{uρ β Î)

ΛäΖä. tÏΖÏΒ ÷σ•Β ∩⊇∠∈∪ { )2(] 175: آل عمران[ .

$ {: وقوله yϑΡÎ) ãßϑ ÷è tƒ y‰Éf≈ |¡tΒ «!$# ôtΒ š∅ tΒ#u «!$$ Î/ ÏΘöθ u‹ø9$#uρ ÌÅz Fψ$# tΠ$ s% r&uρ nο 4θ n= ¢Á9$# ’tA# uuρ

nο 4θ Ÿ2 ¨“9$# óΟs9uρ |·øƒ s† ω Î) ©!$# ( #† |¤ yè sù y7 Íׯ≈ s9'ρ é& β r& (#θ çΡθ ä3tƒ zÏΒ š ωtFôγ ßϑ ø9$# ∩⊇∇∪ { )3(] التوبة :

zÏΒ {: وقوله]. 18 uρ Ĩ$Ζ9$# tΒ ãΑθ à)tƒ $ ¨Ψ tΒ#u «!$$ Î/ !#sŒÎ* sù y“ ÏŒρ é& ’ Îû «!$# Ÿ≅ yè y_ sπ uΖ÷FÏù Ĩ$ ¨Ψ9$# É># x‹yè x.

]. 10: العنكبوت [)4( } #$!»

إن من ضعف اليقني أن ترض الناس بسخط اهللا، وأن {: مرفوعا وعن أيب سعيد

اهللا ال جيره حرص حتمدهم على رزق اهللا وأن تذمهم على ما مل يؤتك اهللا، إن رزق أن رسول اهللا -رضي اهللا عنها- وعن عائشة )5( } حريص، وال يرده كراهية كاره

وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا من التمس رضا اهللا بسخط الناس {: قال

. 166: سورة البقرة آية )1( . 175: سورة آل عمران آية )2( . 18: سورة التوبة آية )3( . 10: سورة العنكبوت آية )4(وإسناده ) 203" ( شعب اإلميان " والبيهقي يف41 / 10 و 106 / 5" احللية " أخرجه أبو نعيم يف )5(

. ضعيف

Page 323: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 324: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

324

أن خياف يف داخله من هذا : اخلوف الشركي، وهو خوف السر، يعين : القسم األولنه، وخوفه ألجل ما عند هذا املخوف منه مما يرجوه أو خيافه من أن ميسه سرا املخوف م

بشيء، أو أنه ميلك له يف آخرته ضرا أو نفعا، فاخلوف الشركي متعلق يف الدنيا خبوف . السر، بأن خياف أن يصيبه ذلك اإلله بشر وذلك شرك

ق خوفه بغري اهللا من أن ال واخلوف املتعلق باآلخرة، معناه أن خياف العبد غري اهللا ويتعل ينفعه ذلك اإلله يف اآلخرة، فألجل رغبه يف أن ينفعه ذلك اإلله يف اآلخرة وأن يشفع له،

. وأن يقربه منه يف اآلخرة، وأن يبعد عنه العذاب يف اآلخرة، خاف منه فأنزل خوفه به أيت مزيد هبا، وسي- جل وعال-فاخلوف من العبادات العظيمة اليت جيب أن يفرد اهللا

. تفصيل لذلكاخلوف احملرم وهو أن خياف من خملوق يف امتثال واجب، أو البعد عن . والقسم الثاين

احملرم، مما أوجبه اهللا أو حرمه، كأن خياف من خملوق يف أداء فرض من فرائض اهللا، ويف أداء واجب من الواجبات، فال يصلي خوفا من خملوق، وال حيضر اجلماعة خوفا من ذم

وهو نوع من أنواع الشرك، : ملخلوق له أو استنقاصه له، فهذا حمرم، قال بعض العلماء األن ترك األمر والنهي الواجب بشرطه خوفا من ذم الناس، أو من ترك مدحهم له، أو من وصمهم له بأشياء، فيه تقدمي خلوف الناس على خوف اهللا تعاىل، وهذا حمرم؛ ألن الوسيلة

. إىل احملرم حمرمةاخلوف الطبيعي املأذون به، وهذا أمر طبيعي كخوف من عدو، أو من : القسم الثالث

. سبع، أو من نار، أو من مؤذ ومهلك، وحنو ذلك

$ {: باب قول اهللا تعاىل" yϑ ¯ΡÎ) ãΝä3Ï9≡sŒ ß≈ sÜø‹¤±9$# ß∃Èhθ sƒ ä† …çν u!$ uŠÏ9÷ρ r& Ÿξ sù öΝèδθ èù$ y‚ s? Èβθèù% s{uρ βÎ)

ΛäΖä. tÏΖÏΒ ÷σ•Β ∩⊇∠∈∪ { )1(] 175: آل عمران .[

. 175: سورة آل عمران آية )1(

Page 325: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

325

Ÿξsù öΝèδθ {: أنه قال: وجه االستدالل من هذه اآلية èù$ y‚ s? { )1( وهذا هني عن إنزال

. عبادة اخلوف بغريه، فهذا يدل على أنه هني عن أحد أفراد الشرك

%Èβθèù {: قوله s{uρ β Î) ΛäΖä. tÏΖÏΒ ÷σ•Β ∩⊇∠∈∪ { )2( ى أمر باخلوف منه جل وعال، فدل عل

أن اخلوف عبادة من العبادات، وتوحيد اهللا هبذه العبادة توحيد، وإشراك غري اهللا معه يف يف ترك فريضة اجلهاد، إمنا يكون من - كما ذكرنا-هذه العبادة شرك؛ واخلوف من اخللق

جراء الشيطان، فالشيطان هو الذي خيوف املؤمنني من أوليائه، وخيوف أهل التوحيد وأهل لكي يتركوا الفريضة؛ فلهذا كان ذلك اخلوف حمرما، - جل وعال -عداء اهللا اإلميان من أ

اخلوف من األعداء الذي يترتب عليه ترك فريضة من فرائض اهللا من اجلهاد وغريه، : يعين وأن يرتل خوفه به، وأال خياف أولياء - جل وعال -والواجب أال خياف العبد إال ربه

. الشيطان

هنا-جل وعال-وقوله : Ʌ �Ç�× ��W ÿ�Á �G�� �W�g ��P�§ �o�Á ���<· �o�Ç —�· �_� �Ç ���a ���� —�§�7 �o�7 �W�a Ç �‡�� �‡�G �G�� �‡�§ ���Ç ‡�G �_�‘ { ). : ľا

اج ال أو ᶁ ال ئ ي ال : ᵼזئ، يع مت ῍وف : ( )Tj/TT1 1 Tf0.2567 0 TD-0.0001 Tc<094<01a2020801f302010197>Tj/TT2 1 Tf-1.0567 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.0567 0 TD0.0024 Tc<01f901a207eb02d301a1>Tj/TT2 1 Tf155933 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf030567 0 TD0.0007 Tc<01a201f<0197>Tj/TT2 1 Tf02983 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0366 0 TD-0.0001 Tc<1e57020207a1>Tj/TT2 1 Tf13.433 -1.6670 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf039567 0 TD0.0001 Tc<01a20df<01a20e080e97>Tj/TT2 1 Tf-153567 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.9567 0 TD0.0001 Tc<009d01f901a20d8202080ccc01f301a1>Tj/TT2 1 Tf-20296567 0 TD-0.2441 Tc( ( )Tj/TT1 1 Tf0.2433 0 TD0.0019 Tc<1fe20208014001d>>Tj/TT2 1 Tf1.4933 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf039567 0 TD0.0005 Tc<01010bd7>Tj/TT2 1 Tf0.0567 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.9567 0 TD-0.0091 Tc<1e57021501c0170>>Tj/TT2 1 Tf193567 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.9567 0 TD0.0065 Tc<0101021520b001a1>Tj/TT2 1 Tf140933 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf039567 0 TD0.0085 Tc<0101022c01e00e0806d301a22c01>Tj/TT2 1 Tf-214933 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf039567 0 TD-0.0004 Tc<009d01f901a20d8202080ccc01f301a1>Tj/TT2 1 Tf2036933 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf039567 0 TD0.0001 Tc<02940f4001d>>Tj/TT2 1 Tf1.5933 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf039567 0 TD<0bd1022c01e00207>Tj/TT2 1 Tf114567 0 TD( )Tj/TT1 1 Tf039567 0 TD0.0005 Tc<05a11f080d31>Tj/TT2 1 Tf142567 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.9567 0 TD-0.0001 Tc<1e57020207a1>Tj/TT2 1 Tf1.84333 -1.6670 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf7 0 TD0.0001 Tc[<1c20020<0be<1ec80ac>408<c01f301a22c01]TJj/TT2 1 Tf20.0567 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.07 0 TD<099d0e9<01a202080c8c01f301a1>Tj/TT2 1 Tf-3.01433 0 TD010595 Tc( :)Tj9.37 0 TD-0.2441 Tc( )Tj/TT1 1 TfT*0.0007 Tc<059c01e00207>Tj/TT2 1 Tf1.27 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.07 0 TD0.0001 Tc<009d019d094<01a2020801f302010197>Tj/TT2 1 Tf-1.93 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0307 0 TD0.0001 Tc<1c5<01a201fc01f301a1>Tj/TT2 1 Tf134567 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.07 0 TD0.0034 Tc<01f901a20d8202080ccc01f301a1>Tj/TT2 1 Tf20093 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0307 0 TD0.0065 Tc<0e57020207a1>Tj/TT2 1 Tf8.37433 0 TD010595 Tc( :)Tj8.37567 0 TD-0.2441 Tc( ( )Tj/TT1 1 Tf0.2433 0 TD5 Tc<03f7>Tj/TT2 1 Tf02.3433 0 TD( )Tj/TT1 1 Tf030337 0 TD<0be202080be702020acc01f301a1>Tj/TT2 1 Tf1923 0 TD( )Tj/TT1 1 Tf0307 0 TD0.0247 Tc<01a201f<0197>Tj/TT2 1 Tf0298933 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0307 0 TD0.0034 Tc<01f901a20d8202080ccc01f301a1>Tj/TT2 1 Tf20093 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0307 0 TD0.0007 Tc<01a201e00781>Tj/TT2 1 Tf3.73333 -186933 TD-0.2441 Tc( )Tj/TT1 1 Tf7 0 TD0.0047 Tc<01a201f<05a11c080e080ab1>Tj/TT2 1 Tf2000567 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.2567 0 TD<03f7>Tj/TT2 1 Tf02.3567 0 TD( )Tj/TT1 1 Tf0.2567 0 TD-0.0034 Tc<0e640f400c8c01f301a1>Tj/TT2 1 Tf1777 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.2567 0 TD0.0001 Tc<110101a20eb7>Tj/TT2 1 Tf0287167 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.2567 0 TD-0.0047 Tc<011501c016e7>Tj/TT2 1 Tf0288933 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.2567 0 TD-0.0034 Tc[<00e<01642.0009f<01150be<11d>405<<0197]TJj/TT2 1 Tf2027933 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.2567 0 TD0.0005 Tc<01a00107>Tj/TT2 1 Tf0.77 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.2567 0 TD-0.0001 Tc<1e5702020bb7>Tj/TT2 1 Tf-11036933 0 TD-0.0085 Tc( . )Tj/TT01 1 Tf060470. 0.95 scnD-080167 0 TD0 Tc}:)Tj012567 0 TD( )Tj/TT2 1 Tf23 001 2 252.78 f30.64047 mf7 002..27scnD( )Tj/TT42 1 Tf-201107 0 TD<0c0>>Tj/T131 1 TfT*<.000>)Tj/TT42 1 Tf0297 0 TD<0a9> �a �A �A �Q ): 4: ( ᵼيع مت : ῍و

ىا ľ ئ ľ ذ זئ، : � a � A � Á

Page 326: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

326

öΝä3s9 öΝèδ öθ t±÷z $$ sù öΝèδ yŠ# t“ sù $ YΖ≈ yϑƒ Î) (#θ ä9$ s% uρ $ uΖç6 ó¡ym ª!$# zΝ÷è ÏΡuρ ã≅‹Å2 uθ ø9$# ∩⊇∠⊂∪ { )1(] آل عمران :

173 .[

$ {: وقوله" yϑ ¯ΡÎ) ãßϑ ÷ètƒ y‰Éf≈ |¡tΒ «!$# ôtΒ š∅ tΒ#u «!$$ Î/ ÏΘöθ u‹ø9$#uρ ÌÅz Fψ$# tΠ$ s% r&uρ nο 4θ n= ¢Á9$# ’ tA# uuρ

nο 4θ Ÿ2 ¨“9$# óΟs9uρ |·øƒ s† ω Î) ©!$# ( { )2(] وجه الداللة من اآلية قوله ]: 18: التوبة} óΟs9uρ |·øƒ s†

ω Î) ©!$# ( { )3( وهذا نفي واستثناء، وتقدم أن جميء أداة االستثناء بعد النفي يدل على

احلصر والقصر، فاآلية دالة بظهور على أن اخلشية جيب أن تكون من اهللا، وأن اهللا أثىن . على أولئك ألهنم جعلوا خشيتهم هللا وحده دون ما سواه، واخلشية أخص من اخلوف

zÏΒ {: ولهـوق uρ Ĩ$ ¨Ζ9$# tΒ ãΑθ à)tƒ $ ¨Ψ tΒ#u «!$$ Î/ !#sŒÎ* sù y“ ÏŒρ é& ’Îû «!$# Ÿ≅ yè y_ sπ uΖ÷FÏù Ĩ$ ¨Ψ9$# É># x‹yè x.

≅Ÿ {: قوله] 10: العنكبوت [)4( } #$!» yè y_ sπ uΖ÷FÏù Ĩ$ ¨Ψ9$# É># x‹yè x. «!$# { )5( بأن خاف

. منها، وترك ما أوجب اهللا عليه، أو أقدم على ما حرم اهللا عليه، خشية من كالم الناس

إن من ضعف اليقني أن ترضي الناس بسخط اهللا، {: مرفوعا وعن أيب سعيد "

وأن حتمدهم على رزق اهللا، وأن تذمهم على ما مل يؤت اهللا، إن رزق اهللا ال جيره حرص إن من " : وجه االستدالل من هذا احلديث قوله )6( } حريص، وال يرده كراهية كاره

". اهللا ضعف اليقني أن ترضي الناس بسخط يعين من أسباب ضعف اإلميان، والذي يضعف اإلميان ارتكاب ": من ضعف اليقني "

احملرمات؛ ألن اإلميان يزيد بالطاعة وينقص باملعصية، فدل على أن إرضاء الناس بسخط

. 173: سورة آل عمران آية )1( . 18: سورة التوبة آية )2( . 18: سورة التوبة آية )3( . 10: سورة العنكبوت آية )4( . 10: سورة العنكبوت آية )5( . )203(ب اإلميان والبيهقي يف شع106 / 5 أخرجه أبو نعيم يف احللية )6(

Page 327: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

327

اهللا معصية وذنب وحمرم ألن هذا الذي أرضى الناس بسخط اهللا خافهم أو رجاهم، وهذا . يف البابمناسبة إيراد احلديث

من التمس رضا اهللا {: قال أن رسول اهللا-رضي اهللا عنها-وعن عائشة "

وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط اهللا سخط اهللا عليه بسخط الناس هذا جزاء الذي أفرد اهللا بعبادة )1( رواه ابن حبان يف صحيحه } الناسوأسخط عليه

اخلوف وجزاء الذي مل يكمل التوحيد يف عبادة اخلوف، فالذي التمس رضا اهللا بسخط جل -الناس عظم اهللا وخافه، ومل جيعل فتنة الناس كعذاب اهللا؛ بل جعل عذاب اهللا

ه، فلم يلتفت إىل الناس، ومل يرفع هبم أعظم فخاف اهللا وخشيه وطمع فيما عند -وعال . وجعل الناس يرضون عنه رأسا، فكان جزاؤه أن

: )2( } ومن التمس رضا الناس بسخط اهللا سخط اهللا عليه وأسخط عليه الناس {

ف الناس، وجعل خوفه من الناس سببا لعمل احملرم، أو ترك ألنه ارتكب ذنبا بأن خافكان جزاؤه أن " من التمس رضا الناس بسخط اهللا " فريضة من فرائض اهللا؛ هلذا قال

. سخط اهللا عليه، وأسخط عليه الناس

n?tã’ {: باب قول اهللا تعاىل uρ «!$# È≅ ©.uθ tG uŠù= sù tβθ ãΖÏΒ ÷σßϑ ø9$# {

’ {: باب قول اهللا تعاىل " n?tã uρ «!$# (#þθè= ©.uθ tG sù βÎ) ΟçGΨ ä. tÏΖÏΒ ÷σ•Β ∩⊄⊂∪ { )3( " ]املائدة :

23[ .

$ {: وقوله yϑ ¯ΡÎ) šχθ ãΖÏΒ ÷σßϑ ø9$# t Ï% ©!$# #sŒÎ) tÏ.èŒ ª!$# ôM n= Å_ uρ öΝåκæ5θ è= è% #sŒÎ)uρ ôM u‹Î= è? öΝÍκö n= tã …çµ çG≈tƒ#u

öΝåκøEyŠ# y— $ YΖ≈ yϑƒ Î) 4’ n?tã uρ óΟÎγ În/u‘ tβθ è= ©.uθ tG tƒ ∩⊄∪ { )4(] وقوله] 2: األنفال :} $ pκš‰ r'≈ tƒ É<¨Ζ9$# š ç7ó¡ym

. 573-436 / 13 وابن أيب شيبة يف املصنف 247 / 1 أخرجه ابن حبان يف الصحيح )1( . )2414( الترمذي الزهد )2( . 23: سورة املائدة آية )3( . 2: سورة األنفال آية )4(

Page 328: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

328

ª!$# ÇtΒ uρ y7 yè t7¨?$# zÏΒ šÏΖÏΒ ÷σßϑ ø9$# ∩∉⊆∪ { )1(] وقوله] 64: األنفال :} tΒ uρ ö≅ ©.uθ tG tƒ ’ n?tã «! $#

uθ ßγ sù ÿ…çµ ç7ó¡ym 4 { )2(] 3: الطالق .[

$ {: وعن ابن عباس قال uΖç6 ó¡ym ª!$# zΝ÷è ÏΡuρ ã≅‹ Å2 uθø9$# ∩⊇∠⊂∪ { )3( قاهلا إبراهيم عليه

β¨ {: حني قالوا له السالم حني ألقي يف النار وقاهلا حممد Î) }¨$ ¨Ζ9$# ô‰s% (#θ ãè uΚy_ öΝä3s9

öΝèδ öθ t±÷z $$ sù öΝèδ yŠ# t“ sù $ YΖ≈ yϑƒ Î) { )4(] رواه البخاري والنسائي]. 173: آل عمران )5( .

: فيه مسائل . أن التوكل من الفرائض : األوىل . من شروط اإلميان أنه: الثانية . تفسري آية األنفال: الثالثة . تفسري اآلية يف آخرها: الرابعةعظم شأن هذه الكلمة؛ أهنا قول إبراهيم : السادسة. تفسري آية الطالق: اخلامسة

. يف الشدائد وحممد : الشرح

مناسبة الباب لكتاب التوحيد أن التوكل على اهللا فريضة من الفرائض، وواجب من به توحيد، وأن التوكل على غري اهللا شرك خمرج - جل وعال -لواجبات، وأن إفراد اهللا ا

من امللة، والتوكل على اهللا شرط يف صحة اإلسالم، وشرط يف صحة اإلميان فالتوكل . هذا الباب لبيان هذه العبادة-رمحه اهللا-عبادة عظيمة، فعقد املؤلف

. 64: سورة األنفال آية )1( . 3: سورة الطالق آية )2( . 173: ية سورة آل عمران آ )3( . 173: سورة آل عمران آية )4( . )4564(و ) 4563( أخرجه البخاري )5(

Page 329: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

329

أن يعلم العبد أن هذا امللكوت إمنا هو بيد : - جل جالله -وحقيقة التوكل على اهللا يصرفه كيف يشاء، فيفوض األمر إليه، ويلتجئ بقلبه يف حتقيق مطلوبه - جل وعال-اهللا

وحده، فيرتل حاجته - جل جالله -ويف اهلرب مما يسوءه، يلتجئ يف ذلك ويعتصم باهللا فحقيقة التوكل يف الشرع " باهللا ويفوض أمره إىل اهللا، مث يعمل السبب الذي أمر اهللا به

، وفعل األسباب، بل إن نفس اإلميان سبب من - جل وعال -جتمع تفويض األمر إىل اهللا سبب - جل وعال -األسباب اليت يفعلها املتوكلون على اهللا، بل إن نفس التوكل على اهللا

من األسباب، فالتوكل حقيقته يف الشرع جتمع عبادة قلبية عظيمة، وهي تفويض األمر ليه، وااللتجاء إليه، والعلم بأنه ال أمر إال أمره، وال شيء إال مبا قدره وأذن به كونا، مث إ

فعله أو أمر بفعله، فترك فعل األسباب ينايف - جل وعال -فعل السبب الذي أوجب اهللا جل -حقيقة التوكل الشرعية، كما أن االعتماد على السبب وترك تفويض األمر إىل اهللا

قيقة التوكل الشرعية، فاملتوكل يف الشرع هو من عمل السبب، وفوض ينايف ح-وعال يف االنتفاع بالسبب، ويف حدوث املسبب من ذلك السبب، - جل وعال -األمر إىل اهللا

. - جل وعال -ويف توفيق اهللا وإعانته فإنه ال حول وال قوة إال به لبية حمضة؛ وهلذا عمل القلب، فالتوكل عبادة ق: - كما قال اإلمام أمحد -والتوكل . شركا- جل وعال - هبا واجبا، وكان صرفها لغري اهللا - جل وعال -كان إفراد اهللا

. له حاالن- جل وعال -والتوكل على غري اهللاأن يكون شركا أكرب، وهو أن يتوكل على أحد من اخللق فيما ال يقدر : احلال األوىل

وق يف مغفرة الذنب، وأن يتوكل على ، كأن يتوكل على املخل- جل جالله -عليه إال اهللا املخلوق يف حتصيل اخلريات األخروية، أو يتوكل على املخلوق يف حتصيل ولد له، أو يف حتصيل وظيفة له، فيتوكل عليه بقلبه، وهو ال يقدر على ذلك الشيء، وهذا يكثر عند

عليهم، ويفوضون عباد القبور وعباد األولياء، فإهنم يتوجهون إىل املوتى بقلوهبم يتوكلون أمر صالحهم فيما يريدون يف الدنيا واآلخرة إىل أولئك املوتى وإىل تلك اآلهلة واألوثان

Page 330: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

330

وهو شرك - جل وعال-اليت ال تقدر من ذلك على شيء، فهذه عبادة صرفت لغري اهللا . مناف ألصل التوحيد- جل وعال -أكرب باهللا

عليه، وهذا نوع - جل وعال-أقدره اهللاأن يتوكل على املخلوق فيما : والنوع الثاينتوكلت : إذا قال . شرك، بل هو شرك خفي، وشرك أصغر؛ وهلذا قال طائفة من أهل العلم

: على اهللا وعليك فإن هذا شرك أصغر؛ وهلذا قالوا توكلت على اهللا مث عليك؛ ألن املخلوق ليس له نصيب من : ال جيوز أن يقول

-ويض األمر وااللتجاء بالقلب إىل من بيده األمر وهو اهللا التوكل، فإن التوكل إمنا هو تف . ، واملخلوق ال يستحق شيئا من ذلك -جل وعال

فالتوكل على املخلوق فيما يقدر عليه شرك خفي ونوع شرك أصغر، والتوكل على املخلوق فيما ال يقدر عليه املخلوق، وهذا يكثر عند عباد القبور واملتوجهني إىل األولياء

. وتى، هو شرك خيرج من امللة وامل؛ ألنه تفويض األمر إىل - جل وعال-وحقيقة التوكل الذي ذكرناه ال يصلح إال هللا

من بيده األمر واملخلوق ليس بيده األمر، فالتجاء القلب ورغب القلب وطمع القلب يف قدر ، أما املخلوق فال ي- جل وعال-حتصيل املطلوب إمنا يكون ذلك ممن ميلكه وهو اهللا

على شيء استقالال وإمنا هو سبب، فإذا كان سببا فإنه ال جيوز التوكل عليه؛ ألن التوكل عمل القلب وإمنا جيعله سببا بأن جيعله شفيعا، أو واسطة، وحنو ذلك، فهذا ال يعين أنه متوكل عليه، فيجعل املخلوق سببا فيما أقدره اهللا عليه ولكن يفوض أمر النفع هبذا السبب

، فيتوكل على اهللا ويأيت بالسبب الذي هو االنتفاع من هذا املخلوق - جل وعال -إىل اهللا . له من االنتفاع أو من القدرة وحنو ذلك - جل وعال -مبا جعل اهللا

n?tã’ {: باب قول اهللا تعاىل uρ «!$# (#þθ è= ©.uθ tG sù βÎ) ΟçGΨ ä. tÏΖÏΒ ÷σ•Β ∩⊄⊂∪ { )1(] 23: املائدة :[

هذه اآلية فيها األمر بالتوكل على اهللا وحده، وملا أمر به علمنا أنه من العبادة، وملا قدم

. 23: سورة املائدة آية )1(

Page 331: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

331

)2( } þθè=©.uθtGsù#) { على ما يتعلق به وهو الفعل )1( } #$!» n?tãuρ’ {: اجلار واجملرور يف قوله

بالتوكل وأن التوكل عبادة جيب أن حتصر - جل وعال -دل على وجوب إفراد اهللا . ا وجه الداللة من اآلية ، هذ- جل وعال -وتقصر يف اهللا

حيث جعل )βÎ) ΟçGΨä. tÏΖÏΒ÷σ•Β ∩⊄⊂∪ { )3 {: ودليل آخر يف هذه اآلية، وهو قوله وتعاىل

)βÎ) ΟçGΨä. tÏΖÏΒ÷σ•Β ∩⊄⊂∪ { )4 {: اإلميان ال يصح إال بالتوكل، وأن التوكل شرط اإلميان، فقال

فأفردوا اهللا بالتوكل، فجزاء الشرط هو إفراد : وهذا هو الشرط، وجوابه حمذوف، وتقديره . اهللا بالتوكل، فصارت داللة اآلية من جهتني

β {: يف آية سورة يونس-عالجل و-وكذلك قوله Î) ÷ΛäΨä. ΛäΨtΒ#u «!$$ Î/ ϵø‹n= yè sù (#þθ è= ©.uθ s? βÎ)

ΛäΨä. tÏϑ Î= ó¡•Β ∩∇⊆∪ { )5(] فقوله ] 84: يونس} ϵø‹n= yè sù (#þθè= ©.uθ s? { )6( أمر بإفراده بالتوكل

جل وعال وقدم اجلار واجملرور، إلفادة احلصر والقصر واالختصاص باهللا جل وعال مث جعل β {: إفراده بالتوكل جل وعال شرطا يف صحة اإلسالم فقال Î) ΛäΨä. tÏϑ Î= ó¡•Β ∩∇⊆∪ { )7(

واجب، وأنه -جل وعال -فهاتان اآليتان دلتا على أن التوكل عبادة، وأن إفراد اهللا به شرط يف صحة اإلسالم، وشرط يف صحة اإلميان، وهذا كله يدل على أن انتفاءه مذهب

جل -يد ومناف ألصله إذا توكل على غري اهللا فيما ال يقدر عليه إال اهللا ألصل التوح . -جالله

. 23: سورة املائدة آية )1( . 23: سورة املائدة آية )2( . 23: سورة املائدة آية )3( . 23: سورة املائدة آية )4( . 84: سورة يونس آية )5( . 84: ورة يونس آية س)6( . 84: سورة يونس آية )7(

Page 332: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

332

$ {: وقوله" yϑ ¯ΡÎ) šχθãΖÏΒ ÷σßϑ ø9$# t Ï%©!$# #sŒÎ) tÏ.èŒ ª!$# ôMn= Å_ uρ öΝåκæ5θ è= è% #sŒÎ)uρ ôM u‹Î= è? öΝÍκö n= tã …çµ çG≈ tƒ#u

öΝåκøEyŠ# y— $ YΖ≈ yϑƒ Î) 4’n?tã uρ óΟÎγ În/u‘ tβθè= ©.uθ tG tƒ ∩⊄∪ { )1(] أنه : وجه الداللة من اآلية ]: 2: األنفال

’4 {: وصف املؤمنني هبذه الصفات اخلمس وآخرها قوله n?tã uρ óΟÎγ În/u‘ tβθè= ©.uθ tG tƒ ∩⊄∪ { )2(

وظاهر من داللة اآلية حيث قدم اجلار واجملرور على أهنم أفردوا اهللا بالتوكل، فدل على أن هذه العبادات اخلمس هي أعظم مقامات أهل اإلميان، وهذا ينبغي التنبه له، إذ كل أمور

ا العبد، إمنا هي فرع عن حتقيق هذه اخلمس الدين والعبادات والفروع العملية اليت يعمله $ {اليت جاءت يف هذه اآلية yϑ ¯ΡÎ) šχθ ãΖÏΒ ÷σßϑ ø9$# t Ï% ©!$# #sŒÎ) tÏ.èŒ ª!$# ôM n= Å_ uρ öΝåκæ5θ è= è% { )3( وهذه

. ية وجتمع الدين مجيعا؛ ألن ذكر اهللا فيه القرآن وفيه السنة الصفة جتمع الكلمات الشرع

$ {: وقوله" pκš‰ r'≈ tƒ É<¨Ζ9$# š ç7ó¡ym ª!$# ÇtΒ uρ y7 yèt7¨?$# zÏΒ šÏΖÏΒ ÷σßϑ ø9$# ∩∉⊆∪ { )4(] األنفال :

ايف من اتبعك من املؤمنني؛ ألن احلسب هو الكايف، والكلمة كافيك اهللا وك: يعين] 64بناء على كذا، وأما الكايف : هذا حبسب كذا، يعين : تقول ) حسب( املشاهبة هلا

. بسكون السني ) احلسب( فهو

tΒ {أن اهللا حسب من توكل عليه، قال جل وعال : ووجه مناسبة اآلية هلذا الباب uρ

ö≅ ©.uθ tG tƒ ’n?tã «!$# uθ ßγ sù ÿ…çµ ç7ó¡ym 4 { )5(] فاهللا حسب من توكل عليه، فدل على أن ] 3: الطالق

أمر عباده بالتوكل عليه حىت يكون كافيهم من أعدائهم وحىت يكون -جل وعال -اهللا $ {قال جل وعال شركني، ل وعال كايف املؤمنني من املج pκš‰ r'≈ tƒ É<¨Ζ9$# š ç7ó¡ym ª!$# { )6(

. 2: سورة األنفال آية )1( . 2: سورة األنفال آية )2( . 2: سورة األنفال آية )3( . 64: سورة األنفال آية )4( . 3: سورة الطالق آية )5( . 64: سورة األنفال آية )6(

Page 333: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

333

tΒ {: -جل وعال-كافيك اهللا، وهلذا أعقبها املؤلف باآلية األخرى وهي قوله : يعين uρ

ö≅ ©.uθ tG tƒ ’n?tã «!$# uθ ßγ sù ÿ…çµ ç7ó¡ym 4 { )1( كما سبق، يرجـع - جل وعال - والتوكل على اهللا

إىل فهم توحيد الربوبية، وإىل عظم اإلميان بتوحيد الربوبية، فإن بعـض املشركـني قد . يكون عنده من التوكل على اهللا الشيء العظيم

إن : والتوكل على اهللا من العبادات العظيمة اليت تطلب من املؤمن؛ هلذا نقول إحـداث التوكل يف القلب يرجع إىل التأمل يف آثـار الربوبية، فكلما كـان العبد أكثر

يف السماوات واألرض، واألنفس، واآلفاق، كان علمه بأن اهللا هو : تأمال يف ملكوت اهللارف، وأن نصره لعبـده شيء يسري جدا بالنسبة إىل ما جيريه ذو امللكوت وأنه هو املتص

، ويعظم - جل وعال - يف ملكوته، فـيعظم املؤمن هبذا التدبر اهللا - جل وعال -اهللا ال يعجزه شيء يف - جل جالله -التوكل عليه، ويعظم أمره وهنيـه، ويعتقـد أن اهللا

. األرض وال يف السماء، سبحانه وتعاىل

} tΒ uρ ö≅ ©.uθ tG tƒ ’ n?tã «!$# uθ ßγ sù ÿ…çµ ç7ó¡ym 4 { )2(: وهـو الكفاية - رت ـب احلسـب -

. على التوكل عليه، وهذا فضيلة التوكل، وفضيلة املتوكلني عليه

$ {: قـال وعن ابـن عبـاس رضي اهللا عنـهما " uΖç6 ó¡ym ª!$# zΝ÷è ÏΡuρ ã≅‹Å2 uθ ø9$#

حـني قاهلا إبراهيم عليه السالم حني ألقي يف النار، وقاهلـا حممد )3( } ∪⊃∠⊆∩

β¨ {: قـالوا لـه Î) }¨$Ζ9$# ô‰s% (#θãè uΚ y_ öΝä3s9 öΝèδ öθ t±÷z $$ sù öΝèδyŠ# t“ sù $ YΖ≈ yϑƒ Î) (#θä9$ s% uρ $ uΖç6 ó¡ym ª!$#

zΝ÷è ÏΡuρ ã≅‹Å2 uθ ø9$# ∩⊇∠⊂∪ { )4( )5( حسبنا اهللا : وهذا يبني عظم هذه الكلمة وهي قول املؤمن

. 3: سورة الطالق آية )1( . 3: ق آية سورة الطال)2( . 173: سورة آل عمران آية )3( . 173: سورة آل عمران آية )4( . تقدم)5(

Page 334: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

334

ا حقق العبد التوكل على اهللا وحققه يف القلب فقد حقق هـذا النوع ونعم الوكيل، فـإذمن توحيد التوكل يف النفس، فإن العبد إذا أعظم رجاءه يف اهللا، وأكمل توكله على اهللا، فإنه وإن كادته السماوات واألرض ومن فيهن فـإن اهللا سيجعل له من أمره يسـرا،

. وسيجعل له من بينها خمرجا . كـافينا اهللا: يعين " نا اهللاحسب " :قولهونعم الوكيل ربنا، هـذه كلمة عظيمة قاهلا إبراهيـم عليه : يعين " ونعم الوكيل "

السالم يف الكرب، وقاهلا أيضا النيب عليه الصالة والسـالم وأصحابه يف الكـرب ملـا $¨{ (βΨ {: قـال هلـم النـاس ¨Ζ9$# ô‰s% (#θ ãè uΚ y_ öΝä3s9 öΝèδ öθ t±÷z $$ sù öΝèδ yŠ# t“ sù $ YΖ≈ yϑƒ Î) { )1(] آل

. وذلك لعظم توكلهم على الرب جـل وعال ] 173: عمران

θãΖÏΒ#) { باب قول اهللا تعاىل r'sùr& tò6tΒ «!$# 4 Ÿξ sù ßtΒ ù'tƒ tò6tΒ «!$# ω Î) ãΠöθ s)ø9$# tβρ çÅ£≈ y‚ ø9$# {

θ#) {: ول اهللا تعاىل ـباب ق" ãΖÏΒ r'sùr& tò6tΒ «!$# 4 Ÿξ sù ßtΒ ù'tƒ tò6tΒ «!$# ω Î) ãΠöθ s)ø9$#

tβρ çÅ£≈ y‚ ø9$# ∩∪ { )2( ]99: األعراف .[

tΒ {: وقوله uρ äÝuΖø) tƒ ÏΒ Ïπyϑ ôm §‘ ÿϵ În/u‘ ω Î) šχθ —9!$ Ò9$# ∩∈∉∪ { )3(] 56: احلجر .[

الشرك : سئل عن الكبائر فقال أن رسول اهللا {: وعن ابن عباس رضي اهللا عنهما

أكرب : قال وعن ابن مسعود . )4( } باهللا، واليأس من روح اهللا، واألمن من مكر اهللا

. 173: سورة آل عمران آية )1( . 99: سورة األعراف آية )2( . 56: سورة احلجر آية )3(: وقـال147 / 2" الـدر املنثور " ، كما يف " التفسري" ، وابن أيب حامت يف )106( أخرجه البزار )4(

. إسـناده حسن

Page 335: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

335

الكبائر اإلشراك باهللا، واألمن من مكر اهللا، والقنوط من رمحة اهللا، واليأس من روح . )1( رواه عبد الرزاق " اهللا

: فيه مسائل .تفسري آية األعراف: األوىل . تفسري آية احلجر : الثانية . شدة الوعيد فيمن أمن مكر اهللا: الثالثة . شدة الوعيد يف القنوط : الرابعة : الشرح

θ#) {: قـول اهللا تعاىلهذا باب ãΖÏΒ r'sùr& tò6tΒ «!$# 4 Ÿξ sù ßtΒ ù'tƒ tò6tΒ «!$# ω Î) ãΠöθ s)ø9$#

tβρ çÅ£≈ y‚ ø9$# ∩∪ { )2(] وقوله، ]99: األعراف :} tΒ uρ äÝuΖø)tƒ ÏΒ Ïπ yϑôm §‘ ÿϵ În/u‘ ω Î)

šχθ —9!$ Ò9$# ∩∈∉∪ { )3(] هلماهذا الباب عقده املؤلف لآليتني مجيعا التصا ]. 56: احلجر .

واملراد هبذا الباب بيان أن اجلمع هبا اخلـوف والرجـاء واجب من واجبات اإلميان، وال يتم التوحيد إال بذلك، فعـدم اجلمـع بـني اخلـوف والرجـاء مناف لكـمال التوحيد، فالواجب على العبد أن جيعل خوفـه مع الرجـاء، وأن جيعـل رجاءه مع

. - جل وعال - ال يقنط من رمحة اهللا اخلوف، وأن ال يأمن املكر كما

θ#) {: فاآلية األوىل وهي قـول اهللا تعـاىل ãΖÏΒ r'sùr& tò6tΒ «!$# 4 Ÿξ sù ßtΒ ù'tƒ tò6tΒ «!$# ω Î)

ãΠöθ s)ø9$# tβρçÅ£≈ y‚ ø9$# ∩∪ { )4( :أن املشركني من صفاهتم أنـهم أمنـوا عقاب اهللا فيها بيان

فلم خيافوا، والواجـب باملقابل أن تكـون قلوهبم خائفة وجلـة من اهللا جـل وعال

. 459 / 10" املصنف " أخرجـه عبد الرزاق يف )1( . 99: سورة األعراف آية )2( . 56: سورة احلجر آية )3( . 99: سورة األعراف آية )4(

Page 336: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

336

θ#) {: قال سبحانه ãΖÏΒ r'sùr& tò6tΒ «!$# 4 { )1(ون تلـك املثالت، وفعـل اهللا أيعلم: يعين-

!! باألمم السالفة، اليت قصها اهللا يف سـورة األعراف فأمنوا مكـر اهللا؟ -جـل وعال فـإذا كـان كذلك، وحصل منهم األمن، مـع وجود النذر فيما حوهلم، وأن اهللا قـص عليهم القصـص واألنباء، فإن ذلك مـن صفـات اخلاسـرين كمـا قـال

Ÿξ {: تعـاىل sù ßtΒ ù'tƒ tò6tΒ «!$# ω Î) ãΠöθ s)ø9$# tβρ çÅ£≈ y‚ ø9$# ∩∪ { )2( .

واألمن من مكر اهللا ناتج عن عدم اخلوف، وترك عبادة اخلوف، وعبـادة اخلوف اخلوف إذا كـان يف القلب، فـإن العبد وهذا . قلبية، واملراد هنا هـو خوف العبـادة

ويتقرب - جـل وعال -سيسعى يف مراضي اهللا ويبتعـد عن مناهيـه، وسيعظم اهللا أن يتقـرب : إليه باخلوف؛ ألن اخلوف عبـادة، ويكـون عبادة مـن وجـوه، منها

بعدم - جـل وعال - بـاخلوف، وأن يتقـرب إىل اهللا - جـل وعـال -إىل اهللا ن مكره، وذلك أن اهللا هو ذو اجلربوت، فعدم األمن من مكـر اهللا راجـع إىل األمن م

القهار، واجلبار، وهو : وأمسائه اليت منـها - جـل وعـال -عدم فـهم صفات اهللا . الذي جيري وال جيار عليه، وحنو ذلك من صفات الربوبية

ميكر - وعال جـل- من صفاته اليت تطلق مقيدة، فاهللا - جل وعال -ومكر اهللا مبن مكر بأوليائه وأنبيائه، ومبن مكر بدينه؛ ألهنا يف األصل صفة نقص، ولكن تكـون صفة كمال إذا كـانت باملقابلـة؛ ألهنا حينئذ فيها معىن إظـهار العـزة، والقدرة

من صفاتـه - جـل وعال -والقهر واجلربوت وسائر صفات اجلـالل، فمكـر اهللا ميكر بـأعداء رسله، ميكر بأعدائه، ميكر مبن : وجه التقييد، فنقولاليت يتصف هبا، على

. مكر به، وحنو ذلك

. 99: سورة األعراف آية )1( . 99: سورة األعراف آية )2(

Page 337: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 338: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

338

احلال . أهل العصيان، فالواجب عليه أن يغلب جانب اخلوف حىت ينكـف عن املعصية إذا كـان يف حـال املرض املخـوف فإنـه جيب عليه أن يعظـم جـانب : الثانية

الرجاء على اخلوف، فيقوم يف قلبه الرجاء واخلوف ولكـن يكـون رجـاؤه أعظـم ال ميـت أحدكـم إال وهو حيسن {: من خوفه، وذلك لقول النيب عليه الصالة والسالم

. - جل جالله - وذلك من جهة رجائه يف اهللا )2( )1( } الظن بربه تعاىل

جيب أن يتساوى اخلوف :ومن هنا اختلفت كلمات أهل العلم، فتجد بعضهم يقوليغلب جانب اخلوف على جانب الرجاء، وبعض السلف : والرجاء، وبعض السلف قال

يغلب جانب الرجاء على جانب اخلوف، وهي أقوال متباينة ظاهر ا، ولكنها متفقة : قال . يف احلقيقة؛ ألن كل قول منها يرجع إىل حالة مما ذكرنا

: ومن قال. فهو يف حق الصحيح العاصي يغلب جانب اخلوف على الرجاء : فمن قاليغلب جانب الرجاء على اخلوف فهو يف حق املريض الذي خياف اهلالك أو من خياف

يساوي بني اخلوف والرجاء فنظر إىل حال املسددين املسارعني يف : ومن قال . املوتöΝßγ { بقوله - جل وعال -اخلريات، الذين وصفهم اهللا ¯ΡÎ) (#θ çΡ$ Ÿ2 šχθãã Ì≈ |¡ç„ ’Îû ÏN≡uöy‚ ø9$#

$ oΨ tΡθ ããô‰tƒ uρ $ Y6 xî u‘ $ Y6 yδu‘ uρ ( (#θ çΡ% Ÿ2 uρ $ uΖs9 šÏè ϱ≈ yz ∩⊃∪ { )3(] جل -، وقوله ]90: األنبياء

≈¯×y7Í {: يف سورة اإلسراء-وعال s9'ρ é& t Ï% ©!$# šχθ ããô‰tƒ šχθ äó tG ö6 tƒ 4’ n< Î) ÞΟÎγ În/u‘ s' s#‹Å™ uθ ø9$# öΝåκš‰ r&

Ü> tø% r& tβθã_ ötƒ uρ …çµ tG yϑ ôm u‘ šχθ èù$ sƒ s† uρ ÿ…çµ t/# x‹tã 4 ¨βÎ) z># x‹tã y7 În/u‘ tβ% x. #Y‘ρ ä‹øt xΧ ∩∈∠∪ { )4(] اإلسراء :

. وهذا ظاهر] 57

(، أمحد )4167(، ابن ماجه الزهد )3113(، أبو داود اجلنائز )2877( مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها )1(

3/391( . . )7229( أخرجه مسلم )2( . 90: سورة األنبياء آية )3( . 57: سورة اإلسراء آية )4(

Page 339: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

339

عقد هذا الباب لبيان وجوب أن جيتمع اخلوف والرجاء يف - رمحه اهللا -فالشيخ القلب، وقد مر بنا أن هذه أبواب متتالية لبيان حاالت القلب والعبادات القلبية وأحكام

. ذلك

: سئل عن الكبائر، فقال أن رسول اهللا {: عن ابن عباس رضي اهللا عنهما"

: وجه الشاهد من ذلك )1( } الشرك باهللا، واليأس من روح اهللا، واألمن من مكر اهللا

أنـه جعـل اليأس من روح اهللا، وهو ذهـاب الرجاء من القلب، وترك اإلتيان بعبادة -الكبائر، وجعـل األمن من مكر اهللا، وهو ذهاب اخلوف من اهللا الرجاء، جعله من

مـن القلب جعلـه من الكبائر، فعدم الرجـاء يف اهللا من الكبائر، وعدم -جل وعال من الكبائر، وهي كبائر من جهة أعمال القلوب، - جـل وعال -اخلوف من اهللا

، أعظم من كبرية تـرك واجتماع الكبريتني معا بأن ال يكون عنده رجاء وال خوف ؛ وهلذا قرن بينهما - جل وعال -اخلوف وحـده من اهللا، أو ترك الرجاء وحده من اهللا

روح الشرك باهللا، واليأس من : سئل عـن الكبائر فقال {: يف هذا احلديث حيث قال

وهبذا يتبني لك الفرق بـني اليأس من روح اهللا أو القنوط } اهللا، واألمن من مكر اهللا

من رمحة اهللا واألمن من مكـر اهللا،؛ ألن اليأس راجع إىل ترك عبادة الرجـاء، واألمن من مكـر اهللا راجـع إىل تـرك عبـادة اخلـوف، واجتماعـهما واجب من

. اص منهما نقـص يف كمال توحيد من قام ذلك بقلبهالواجبات، وذهاهبما أو االنتق اإلشراك باهللا، واألمن من مكر اهللا، : أكرب الكبائر: وعن ابن مسعود قال "

يف هذا األثر ما يف احلديث قبله، لكن )2( " والقنوط من رمحة اهللا واليأس من روح اهللاالقنوط من رمحة اهللا شيئا، هنا فصل يف القنوط من رمحة اهللا، واليأس من روح اهللا، فجعل

وجعل اليأس من روح اهللا شيئا آخر، وهذا باعتبار بعض الصفات ال باعتبار أصل املعىن،

. ) كشف األستار- 106(ند أخرجه البزار يف املس )1( : . )8783" ( الكبري" ، والطرباين يف 459 / 10 أخرجه عبد الرزاق يف املصنف )2(

Page 340: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

340

وإال فـإن القنوط مـن الرمحة واليأس من الروح مبعىن واحد، لكن خيتلفان من حديث ن ما يتناوله هذا ويتناوله هذا، فـالقنوط من رمحـة اهللا عام؛ ألن الرمحة أعـم م

- جـل وعال -الـروح، والرمحة تشمل جلـب النعـم ودفـع النقـم، وروح اهللا القنوط من رمحة اهللا هذا أعـم؛ وهلذا : يطلق يف الغالب يف اخلالص من املصائب، فقوله

قدمه فيكون ما بعده من عطف اخلـاص على العام، أو أن يكـون هنـاك ترادف يف . بعض ما يتعلق باللفظأصل املعىن، واختالف يف الصفات، أو

داللتهما على ما أراد املؤلـف من عقد هذا : فهذا احلديث مع احلديث قبله واآليتنيأن اخلوف والرجاء واجب اجتماعهما يف القلب وإفراد اهللا : الباب واحدة، وداللة اجلميع

. هبما، واملقصود خوف العبادة، ورجـاء العبادة - جـل وعال - هللا الصرب على أقدار اهللا باب من اإلميان با

tΒ {: وقـول اهللا تعـاىل uρ .ÏΒ ÷σム«!$$ Î/ ωöκu‰ …çµ t6 ù= s% 4 ª!$#uρ Èe≅ ä3Î/ >ó x« ÒΟŠ Î= tæ ∩⊇⊇∪ { )1(

صيبة فيعلم أهنا من عند اهللا فريضى هو الرجل تصيبه امل : ، قال علقمة]11: التغابن[اثنتان يف الناس {: قال أن رسول اهللا ويف صحيح مسلم عن أيب هريرة)2( ويسلم

هلما عن ابن مسعود و)4( )3( } الطعن يف النسب، والنياحـة على امليت: مها هبم كفر

ليـس منا مـن ضرب اخلـدود، وشـق اجليـوب ودعـا بدعـوى {: مرفوعا

إذا أراد اهللا بعبده اخلري {: قال أن رسول اهللا وعن أنس . )6( )5( } اجلاهلية

. 11: سورة التغابن آية )1( . 123 / 28 أخرجه ابن جرير يف التفسري )2( . )2/455(، أمحد )1001(، الترمذي اجلنائز )67( مسلم اإلميان )3( . )67( أخرجه مسلم )4(، )1860(، النسائي اجلنائز )999(، الترمذي اجلنائز )103(، مسلم اإلميان )1235( البخاري اجلنائز )5(

. )1/465(، أمحد )1584(ابن ماجه ما جاء يف اجلنائز . )103(، ومسلم )3519(، و )1297(، و )1294( أخرجه البخاري )6(

Page 341: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

341

عجل له العقوبة يف الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حىت يوايف به يوم . )2( )1( } القيامة

إن عظم اجلزاء مـع عظم البالء، وإن اهللا تعاىل إذا أحـب قوما { وقال

حسنه . )4( )3( } ابتالهم، فمن رضـي فلـه الرضـا، ومـن سـخط فلـه السخط

. الترمذي : فيه مسائل

. تفسري آية التغابن: األوىل . أن هذا من اإلميان باهللا : الثانية . الطعن يف النسب: الثالثةشدة الوعيد فيمن ضرب اخلـدود، وشـق اجليـوب، ودعا بدعوى : بعةالرا . اجلاهلية

. عالمة إرادة اهللا بعبده اخلري : اخلامسة . إرادة اهللا به الشر : السادسة . عالمة حب اهللا للعبد : السابعة . حترمي السخط: الثامنة . ثواب الرضا بالبالء: التاسعة : الشرح

الصرب من املقامات العظيمة، ": لصرب على أقدار اهللا باب من اإلميان باهللا ا" والعبادات اجلليلـة اليت تكـون يف القلب ويف اللسان ويف اجلوارح، وحقيقـة

. )4031(ه الفنت ، ابن ماج )2396( الترمذي الزهد )1( . 340 / 1، واحلاكم )2398( أخرجـه الترمذي )2( . )2396( الترمذي الزهد )3( . حديث حسن غريب من هذا الوجه : وقال) 2398( أخرجه الترمذي )4(

Page 342: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

342

العبوديـة ال تثبـت إال بالصـرب؛ ألن العبـادة أمـر شـرعي، أو نـهي شرعي، أو . ابتالء، بأن يصيب اهللا العبد مبصيبة قدرية فيصرب عليها

أن ميتثل األمر الشرعي، وأن جيتنب النهي الشـرعي، وأن يصرب على : العبادةفحقيقةفـاالبتالء حاصل بالدين . العباد هبا- جل وعال -املصائب القدرية اليت ابتلى اهللا

يف احلديث القدسي الذي لنبيه - جـل وعال -وحاصل باألقدار، فبالدين كمـا قال إمنا بعثتك : قال اهللا تعاىل { قـال رسول اهللا : رواه مسلم عن عياض بن محار قـال

فحقيقة بعثـة النيب عليه الصالة والسالم االبتالء، . )2( )1( } ألبتليك، وأبتلي بك

. اهيواالبتالء جيب معه الصرب، واالبتالء احلاصل ببعثته باألوامر والنوفالواجبات حتتاج إىل صرب، واملنهيات حتتاج إىل صرب، واألقـدار الكونيـة حتتاج إىل

صـرب على الطاعة، : إن الصـرب ثالثة أقسـام : صرب؛ وهلذا قال طائفة من أهل العلم . وصرب عن املعصية، وصرب على أقدار اهللا املؤملة

هذا الباب لبيان أنه - رمحه اهللا -وملا كان الصرب على املصائب قليال أفرد له الشيخ من كمال التوحيد، ومن الواجب على العبد أن يصرب على أقـدار اهللا؛ ألن تسـخط العبـاد وعـدم صـربهم، كثـريا مـا يظـهر يف حـال االبتـالء باملصائب، فعقد

لى هذا الباب لبيان أن الصرب واجب على أقدار اهللا املؤملة، ونبه بذلك على أن الصرب ع . الطاعة واجب، وأن الصرب عن املعصية واجب

قتـل فـالن صربا، إذا حبس أو ربط : احلبس، ومنه قوهلم : وحقيقة الصرب يف اللغةويقال للصرب الشرعي إنه صرب؛ ألن فيه حبس اللسان عن . فقتل من دون مبارزة وال قتال

لطـم التشكي، وحبس القلب عن السخط، وحبس اجلوارح عن إظهار السخط مناخلدود وشق اجليوب وحنو ذلك، فحبس هـذه األشياء هو حقيقـة الصـرب، فالصـرب

. )4/162(، أمحد )2865( مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها )1( . 162 / 4، وأمحد )2865( أخرجه مسلم )2(

Page 343: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

343

حبـس اللسـان عـن التشكي، وحبس القلب عن التسخط، : إذ ا يف الشـرع هـو . وحبس اجلوارح عن إظهار السـخط بشق أو حنو ذلك

سعـني ذكر الصـرب يف القرآن يف أكـثر من ت : - رمحه اهللا -قال اإلمام أمحد موضعا، والصرب من اإلميان مبرتلة الرأس من اجلسد؛ ألن من ال صرب له على الطاعة، وال

. صـرب له عن املعصية، وال صرب له على أقـدار اهللا املؤملة، فإنـه يفوته أكثر اإلميان أن من خصال اإلميان : يعـين " باب من اإلميان باهللا الصرب على أقدار اهللا " :وقوله

من {: لصرب على أقدار اهللا، واإلميان له شعب، كما أن الكفر له شعب، فنبه بقوله باهللا ا

على أن من شعب اإلميان الصرب، ونبـه يف احلديـث الـذي رواه } اإلميان باهللا الصرب

شعب الكفر مسـلم علـى أن النياحـة مـن شـعب الكفر، فيقابل كل شعبة من شعبة من شعب اإلميـان، فالنياحة على امليت شعبة من شعب الكفر، يقابلها يف شعب

. اإلميان الصرب على أقدار اهللا املؤملة

tΒ {: وقول اهللا تعاىل" uρ .ÏΒ ÷σム«!$$ Î/ ωöκu‰ …çµ t6 ù= s% 4 ª!$#uρ Èe≅ä3Î/ >ó x« ÒΟŠ Î= tæ ∩⊇⊇∪ { )1(

هو الرجل تصيبه املصيبة فيعلم أهنا من عند اهللا فريضى : قال علقمة] 11: التغابن[ هلذه اآلية، وهو تفسري ظاهر - أحد التابعني -هذا تفسري من علقمة . )2( " ويسلم

tΒ {: الصحة والصواب؛ وذلك أن قوله uρ .ÏΒ ÷σム«!$$ Î/ ωöκu‰ …çµ t6 ù= s% 4 { )3( إمنا ورد يف سياق

tΒ {ذكر ابتـالء اهللا باملصـائب، فـ uρ .ÏΒ ÷σム«!$$ Î/ { )4(يعظم اهللا جل وعال : يعين

ωöκu‰ …çµ {وميتثل أمره ويتجنب هنيه t6 ù= s% 4 { )5( للصرب، و } ωöκu‰ …çµ t6 ù= s% 4 { )6( لعدم

. 11: سورة التغابن آية )1( . 95 / 3، وأخرجه عبد الرزاق يف التفسري 123 / 28 أخرجه ابن جرير يف التفسري )2( . 11: سورة التغابن آية )3( . 11: سورة التغابن آية )4( . 11: سورة التغابن آية )5( . 11: سورة التغابن آية )6(

Page 344: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

344

ωöκu‰ …çµ {السخط، و t6 ù= s% 4 { )1(هو الرجل تصيبه املصيبة فيعلم " : للعبادات؛ وهلذا قال

" فريضى ويسلم " وهذا هو اإلميان باهللا " أهنا من عند اهللا -، وحكمة اهللا - جل وعال -واملصائب من القدر، والقدر راجع إىل حكمة اهللا

هي وضع األمور يف مواضعها املوافقة للغايات احملمودة منـها، فاحلكمة -جل وعال بعامة مرتبطة بالغايات احملمودة من وضع األمر يف موضعه، فمن وضع األمر يف غري موضعه

وضع األمر يف موضعه عدل، وقد يكون غري حكيـم، أي قد يكون فقد ظلم، ومن عادال ولكن غري حكيم، فإذا وضع األمر يف موضعه املوافق للغاية احملمودة منه فذاك هو

منفي عنه الظلم ومثبت له كمال العـدل سبحانه حيث - جل وعال -احلكيم، واهللا مال احلكمة حيث إن وضعه ك- جـل وعال -يضع األمور يف مواضعها، ومثبت له

األمور يف مواضعها موافق للغايات احملـمودة منـها، فنعلـم بذلك أن املصيبة إذا أصابت العبد فإن اخلري له فيها، إما أن يصرب فيؤجر، وإما أن يتسخط فيؤزر على ذلك،

ب له احلكمة من االبتالء باملصائب؛ هلذا جي - جل وعال -وهذا يف حق اخلاسرين، فاهللا وقضاؤه املوافق - جـل وعال -على العبد أن يعلم أن ما جاء من عند اهللا هو قدر اهللا

. حلكمته فيجب الصرب على ذلكأن اهللا هو الـذي أتـى بـها، وهو الذي : يعين":يعلم أهنا من عند اهللا " :قوله

. أذن هبا قدرا وكونا؛ وهلذا خيتلط على الرضا باملصيبة مستحب وليس بواجـب ": فريضى ويسلم "

أن الصرب على املصائب : كثريين الفرق بني الرضا والصرب، وحترير املقـام يف ذلكواجـب من الواجبات؛ ألن فيه ترك السخـط على قضـاء اهللا وقدره، والرضا له

راجعة إىل فعـل اهللا جـل وعال، فـريضى بقدر اهللا الذي هو : اجلهة األوىل : جهتان

. 11: سورة التغابن آية )1(

Page 345: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

345

اهللا، ويرضى حبكـمة اهللا، ويرضى مبا قسـم اهللا جل وعال وهذا فعله، ويرضى بفعل . الرضا بفعل اهللا جل وعال واجب من الواجبات، وتركه حمرم ومناف لكمال التوحيد

الرضا باملقضي، أي باملصيبة يف نفسـها، فـهذا مستحب، ليس : واجلهة الثانية الولـد، وأن يرضوا بفقد واجبا على العباد أن يرضوا بـاملرض، وأن يرضـوا بفقـد

جل -املال، لكن هذا مستحب وهو رتبة اخلاصة من عباد اهللا، لكـن الرضا بفعل اهللا مبعىن الرضا بقضاء اهللا من حيـث هـو واجب، أما الرضا باملقضي فإنه -وعال

هو الرجـل تصيبـه املصيبة فيعلـم أنـها من عند " :مستحب؛ وهلذا قال علقمة هنالعلمه أهنا من عند اهللا جل جالله " ويسـلم " على قضـاء اهللا: يعين " ىاهللا فـريض

. وهذا من خصال اإلميان

اثنتان الناس {: قـال أن رسول اهللا ويف صحيـح مسلم عن أيب هريـرة

خصلتان من شـعب الكفـر قائمتان يف الناس، وسـتبقيان . يعين: )1( } مها هبم كفر

. )3( )2( } الطعن يف النسب، والنياحـة على امليت {: يف النـاس

ألن النياحـة خمالفة " والنياحـة على امليت " :قوله: وجه الشاهد من هذا احلديث حبـس اجلـوارح عن لطـم اخلـدود وشق اجليوب : للصرب، والصرب الواجـب فيه

وحنو ذلك، وحبس اللسان عن التشكي والعويـل وهذا هو النياحـة، فالنياحة من شعب . الكفر؛ ألهنا منافية للصرب

وكونـها من شعب الكفر ال يدل على أن من قامت به فهو كـافر الكفـر املطلق ة، بل يدل على أن من قامت به قامت به خصلة من خصال الكفار، وشعبة املخرج من املل

. )2/455(، أمحد )1001(، الترمذي اجلنائز )67( مسلم اإلميان )1( . )2/455(، أمحد )1001(، الترمذي اجلنائز )67( مسلم اإلميان )2( . 441- 377 / 2، وأمحد يف املسند )67( أخرجه مسلم )3(

Page 346: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

346

فنكر )1( } اثنتان يف الناس مها هبم كفر {: من شعب الكفر؛ وهلذا قال هنا

أن الكفر إذا : كفر اليت تأيت يف الكتاب والسنة، والقاعدة يف فهم ألفاظ ال "كفر " كلمة أي بدون -أتى معرفـا باأللف والالم فـإن املراد به الكفـر األكرب، وإذا أتى منكرا

فإنه يدل على أن اخلصلـة تلك من شعب الكفر، ومن خصال أهل -األلف والـالم ال ترجعـوا بعـدي {: الكفر، وأن ذلك كفر أصغر كما قال عليه الصالة والسالم

ألن ذلك من خصال الكفار، )3( )2( } كفـارا يضـرب بعضكـم رقـاب بعض

يف الكفر هذا)5( )4( } سباب املسـلم فسوق، وقتاله كفر {: وحنـو ذلك قوله

. األصغروأما الكفر املعرف باأللف والالم فالقاعدة اليت حررها األئمـة كشـيخ اإلسالم

بني الرجل {: أنه إذا أتى فرياد به الكفر األكرب، كقوله عليه الصالة والسـالم : وغريه

. )7( )6( } الصالة وبني الشرك والكفر ترك

ليس منا من ضرب اخلدود، وشق اجليوب، ودعا {: وهلما عن ابن مسعود مرفوعا"

دل هذا احلديث على أن من فعل هذه األفعال فهو ليس من )2( )1( } بدعوى اجلاهلية

. )2/455(، أمحد )1001(، الترمذي اجلنائز )67( مسلم اإلميان )1(، )3942(، ابن ماجه الفنت )4131(، النسائي حترمي الدم )65(، مسلم اإلميان )121(ي العلم البخار)2(

. )1921(، الدارمي املناسك )4/358(أمحد . )118(، ومسلم )7080(و ) 6869(و ) 4405(و ) 121( أخرجه البخاري )3(4108(، النسائي حترمي الدم )1983( والصلة ، الترمذي الرب )64(، مسلم اإلميان )48( البخاري اإلميان )4(

. )1/385(، أمحد )69(، ابن ماجه املقدمة ) . )221( أخرجه مسلم )5(، ابن ماجه إقامة الصالة والسنة )4678(، أبو داود السنة )2620(، الترمذي اإلميان )82( مسلم اإلميان )6(

. )1233(، الدارمي الصالة )3/370(، أمحد )1078(فيها . )134( أخرجه مسلم )7(

Page 347: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

347

تدل على أن الفعل من الكبائر؛ وهلذا " ليس منا " ميان، وقـد سبق بيان أن كلمةأهل اإلفإن ترك الصـرب وإظهار التسـخط كبرية من الكبائر، واملعاصي تنقص اإلميان؛ ألن اإلميان يزيد بالطاعة وينقـص باملعصية، ونقص اإلميان قد ينقص كمـال التوحيد، بـل

. حيد الواجبإن ترك الصرب مناف لكمال التو

إذا أراد اهللا بعبده اخلري عجل له العقوبة {: قال أن رسول اهللا وعن أنس"

هذا )4( )3( } يف الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حىت يواىف به يوم القيامة

اليت إذا استحضرها املصاب، فإنه يعظم عنده - جـل وعال -فيه بيان حكمـة اهللا -الصرب، ويتحلى هبذه العبـادة القلبيـة العظيمة وهي ترك التسخط، والرضا بفعـل اهللا

وقضائه؛ ألن العبد إذا أريد به اخلري فإن العقوبة تعجل له يف هذه الدنيا؛ -جـل وعال أن تعجل له العقوبة يف الدنيا، : العقوبة عن العبد يكون بعشرة أشياء، منهاألن رفع أثر

أن يعـاقب يف الدنيا مبرض، أو بفقـد مـال، أو مبصيبـة؛ ألن خمالفـة أمـر : يعـين ويتجـاوز، فإذا - جل وعال -اهللا يف ملكوته ال بد أن تقع هلا عقوبة، إن مل يغفر اهللا

ا أهون من أن تكـون يف الربزخ، أو أن تكـون يوم القيامة؛ كانت العقوبة يف الدنيا فإهن: وهلذا جاء يف احلديث اآلخر الذي رواه البخاري وغريه قـال عليه الصالة والسالم

؛ وهلذا كـان بعـض السلف يتهم نفسه )6( )5( } من يرد اهللا به خـريا يصب منه {

إذا رأى أنه مل يصب ببالء أو مل ميرض وحنو ذلك، وقـد قال عليه الصالة والسالم يف

، )1860(، النسائي اجلنائز )999(، الترمذي اجلنائز )103(، مسلم اإلميان )1235( البخاري اجلنائز )1(

. )1/465(، أمحد )1584(ابن ماجه ما جاء يف اجلنائز . 386 / 1، وأمحد )103(، ومسلم )1297(و ) 1294( أخرجه البخاري )2( . )2396(لترمذي الزهد ا)3( . 278 / 1، وابن حبان 340 / 1، واحلاكم )2398( أخرجه الترمذي )4( . )1752(، مالك اجلامع )2/237(، أمحد )5321( البخاري املرضى )5( . )5645( أخرجه البخاري )6(

Page 348: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

348

ال تسبوا احلمى فوالذي نفسي بيده إهنا لتنفي الذنوب عن العبد كما ينفي {: احلمى مثال

- جل وعال - ففي املصـائب نعم على العبد، واهللا )2( )1( } بـث احلديدالكـري خ

. له احلكـمة البالغة فيما يصلـح عبده املؤمن

ىل إذا أحـب إن عظم اجلـزاء مـع عظم البالء، وإن اهللا تعـا { وقـال"

دل )4( )3( } قومـا ابتالهم، فمن رضي فله الرضـا، ومـن سـخط فلـه السخط

على أن الرضـا عبادة؛ ألن رضا اهللا عن العبد إذا رضي " من رضي فله الرضا " :قولهعنه دال على أن ذلك الفعـل حمبوب لـه، وذلك دليل أنه من العبادات، وكذلك اجلملة

-من اهللا : يعين " ومن سخط فله السخط " :السـخط حمرم، قال الثانية دليل على أن . -جل وعال

أن يقوم يف قلبه عدم حمبة ذلك الشيء، : - جل وعال -وحقيقة السخط على اهللا وكراهته، وعدم الرضا به، واهتام احلكمة فيـه، فمن قـامت به هذه األشياء جمتمعة فقد

ى اجلوارح، أو يف القلب من جهة عدم سخط، ويظهر أثر السخط على اللسان أو علالرضا بـاألوامر، وعدم الرضا بـالنواهي، وعـدم الرضا بالشرع، فيتسخط األمـر، ويتسخط النهي، ويتسـخط الشرع، فهذا كبرية من الكبائر، ولو امتثل ذلك فإن تسخطه

عض إىل وعدم الرضا بذلك قلبا دليل على انتفاء كمال التوحيد يف قلبه، وقد يصـل بالب انتفاء التوحيـد من أصله إذا مل يرض بأصل الشرع وسخطه بقلبه واهتم الشرع أو اهتم

يف حكمه الشرعي - جـل وعال -اهللا

. )3469( ابن ماجه الطب )1( . )3469( أخرجه ابن ماجه )2( . )2396 ( الترمذي الزهد )3( . )2396( أخرجـه الترمذي )4(

Page 349: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

349

باب ما جاء يف الرياء

≅ö {: وقـول اهللا تعاىل è% !$ yϑ ¯ΡÎ) O$ tΡr& ×|³o0 ö/ä3è= ÷WÏiΒ # yrθ ム¥’ n< Î) !$ yϑ ¯Ρr& öΝä3ßγ≈ s9Î) ×µ≈ s9Î) Ó‰Ïn≡uρ ( yϑ sù tβ% x.

(#θ ã_ ötƒ u!$ s)Ï9 ϵ În/u‘ ö≅ yϑ ÷è u‹ù= sù Wξ uΚ tã $[s Î=≈ |¹ Ÿω uρ õ8Îô³ç„ Íο yŠ$ t7Ïè Î/ ÿϵ În/u‘ #J‰tnr& ∩⊇⊇⊃∪ { )1(] الكهف :

110 .[

أنا أغىن الشركاء عن الشـرك، مـن " :قـال اهللا تعاىل {وعن أيب هريرة مرفوعا

. رواه مسلم . )3( )2( } عمـل عمـال أشـرك معـي فيـه غـريي تركتـه وشركه

أال أخربكم مبا هو أخوف عليكم عندي من املسيح {: وعن أيب سعيد مرفوعا

الشرك اخلفي، يقوم الرجل فيصلـي فيزين " :بلى يا رسول اهللا، قال: قالوا " الدجال؟ . )5( رواه أمحد )4( } صالته ملا يرى من نظر رجل

: فيه مسائل . كهف تفسري آية ال: األوىل . األمر العظيم يف رد العمل الصاحل إذا دخله شـيء لغري اهللا : الثانية . ذكر السبب املوجب لذلك، وهو كمال الغىن : الثالثة . أنه تعاىل خري الشركاء: أن من األسباب : الرابعة . على أصحابه من الرياء خوف النيب : اخلامسة . كن يزينها ملا يرى من نظر رجل إليهأنه فسر ذلك بأن يصلي املرء هللا، ل : السادسة : الشرح

. 110: سورة الكهف آية )1( . )2/301(، أمحد )4202(، ابن ماجه الزهد )2985( مسلم الزهد والرقائق )2( . 2985( أخرجه مسلم )3( . )3/30(، أمحد )4204( ابن ماجه الزهد )4( . هذا إسناد حسن : البوصريي ، وقال )4204(، وابن ماجه 30 / 3 أخرجه أمحد )5(

Page 350: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

350

. - جـل وعال -من الوعيد، وأنه شرك باهللا : يعين " باب ما جاء يف الرياء " هذاوالرياء حقيقته من الرؤية البصرية، وذلك بأن يعمل عمل العبادة لكـي يرى أنه

، أو يعمـل العمل الذي هو من العبـادة، إمـا صـالة، أو تـالوة، أو ذكـر صدقـة، أو حـج، أو جـهاد، أو امتثال أمر، أو اجتناب هني، وحنـو ذلك، ال لطلب

هذا هـو الرياء، وقد . ما عند اهللا، ولكن ألجل أن يراه الناس على ذلك، فيثنوا عليه به : يكون الرياء يف أصل اإلسالم كرياء املنافقني، فالرياء على درجتني

بأن يظهر اإلسالم ويبطن الكفر ألجل رؤيـة اخللق، رياء املنافقني،: الدرجة األوىل ؛ وهلذا وصف اهللا - جـل جالله -وهذا مناف للتوحيد من أصله وكفر أكرب باهللا

tβρ {: املنافقني بقوله â!#tム}¨$ ¨Ζ9$# Ÿω uρ šχρ ãä.õ‹tƒ ©!$# ω Î) WξŠ Î= s% ∩⊇⊆⊄∪ { )1(] 142: النساء .[

tβρ {: فقوله â!#tム}¨$ ¨Ζ9$# { )2( .الريـاء األكـرب الذي هو إظهار أصل اإلسالم : يعين

. الكفروشعب اإلسالم، وإبطان الكفر وشعب أن يكـون الرجـل مسلما أو املرأة مسلمة، ولكـن يرائي : والنوع الثاين من الرياء

-بعمله أو ببعض عمله، فهذا شرك خفي وذلك الشرك مناف لكمال التوحيد، واهللا βÎ) ©!$# Ÿω ãÏøó¨ {: قال. -جـل وعال tƒ β r& x8uô³ç„ ϵ Î/ ãÏøó tƒ uρ $ tΒ tβρ ߊ y7Ï9≡sŒ yϑ Ï9 â!$ t±o„ 4 { )3(

Ÿω ãÏøó {: إن قوله : على قول من قال] 116 و 48: النساء[ tƒ β r& x8uô³ç„ ϵ Î/ { )4(

. يدخل فيه الشرك اخلفي واألصغر

. 142: سورة النساء آية )1( . 142: سورة النساء آية )2( . 48: سورة النساء آية )3( . 48: سورة النساء آية )4(

Page 351: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

351

≅ö { :بـاب مـا جـاء يف الريـاء، وقـول اهللا تعـاىل " è% !$ yϑ ¯ΡÎ) O$ tΡr& ×|³o0 ö/ä3è= ÷W ÏiΒ

# yrθム¥’ n< Î) !$ yϑ ¯Ρr& öΝä3ßγ≈ s9Î) ×µ≈ s9Î) Ó‰Ïn≡uρ ( yϑ sù tβ% x. (#θ ã_ ötƒ u!$ s)Ï9 ϵ În/u‘ ö≅ yϑ÷è u‹ù= sù Wξ uΚ tã $ [s Î=≈ |¹ Ÿω uρ õ8Îô³ç„

Íο yŠ$ t7Ïè Î/ ÿϵ În/u‘ #J‰tnr& ∩⊇⊇⊃∪ { )1(] 110: الكهف [.

Ÿω {قوله uρ õ8Îô³ç„ Íο yŠ$ t7Ïè Î/ ÿϵ În/u‘ #J‰tnr& ∩⊇⊇⊃∪ { )2( هذا هني عن اإلشراك، والنـهي هنا

عام جلميع أنواع الشرك ومنها شرك الرياء،؛ وهلذا يستدل السلف هبذه اآلية على مسائل yϑ {: قال. هنا؛ ألنه- رمحه اهللا تعاىل -الرياء، كما أوردها اإلمام sù tβ% x. (#θ ã_ ötƒ u!$ s)Ï9

ϵ În/u‘ ö≅ yϑ ÷è u‹ù= sù Wξ uΚ tã $ [sÎ=≈ |¹ Ÿω uρ õ8Îô³ç„ Íο yŠ$ t7Ïè Î/ ÿϵ În/u‘ #J‰tnr& ∩⊇⊇⊃∪ { )3( .مبـا يشـمل : يعين

Ÿω {: تـرك املـراءاة، فـإن الريـاء شـرك، وقولـه uρ õ8Îô³ç„ { )4( هذا عموم يعم

ي، فعمت أنواع نكـرة جاءت يف سياق النه)õ8Îô³ç„ { )5 {أنواع الشرك مجيعا؛ ألن

. الشرك

يعـم مجيع اخللق مبـراءاة أو بتسـميع أو بغـري )J‰tnr& ∩⊇⊇⊃∪ { )6# {: وقوله

ب من ذلك، فداللة اآلية على الباب ظاهرة، وأن املراءاة نوع من الشرك األصغر، وضـر الريـاء شرك أصغـر باعتبار أنه ليس بأكـرب، وال خمرج من : الشرك اخلفي،؛ ألننا نقول

الرياء شرك خفي؛ ألنه ليس بظاهر وإمنا هو باطن خفي يف قلب العبد؛ : امللة، وتارة نقول وهلذا جتـد أن كثريين من أهل العلـم يعربون عن الشرك األصغر بيسري الرياء، وتارة

كما -لشرك اخلفي بالريـاء؛ ذلك ألن الشرك خيتلف من حيث اإلطالق يعربون عن ا

. 110: سورة الكهف آية )1( . 110: سورة الكهف آية )2( . 110: سورة الكهف آية )3( . 110: سورة الكهف آية )4( . 110: سورة الكهف آية )5( . 110: سورة الكهف آية )6(

Page 352: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

352

من عامل إىل آخر، فتارة يقسمون الشرك إىل أكرب وأصغر، ومنهم من يقسـمه إىل -سبق . أكـرب وأصغر وخفي، وكـل لـه اصطالحه، وكل األقوال صواب

أنا أغىن الشركاء عن الشرك، من عمل : قال اهللا تعاىل {عن أيب هريرة مرفوعا، "

هذا احلديث يدل على أن الرياء )2( )1( } عمال أشرك معي فيه غريي تركته وشركه

ال يقبل العمل الذي خالطه الريـاء، - جل وعال -مردود على صاحبه، وأن اهللا : له أحوال - إذا عرض للعبادة -الرياء : فصلـوا يف ذلك فقالوا والعلماء

أن يعرض للعبادة من أوهلا، فإذا عرض للعبادة من أوهلا فإن العبادة كلها : احلالة األوىلباطلة، كأن ينشئ الصالة لنظر فالن، فهو مل يرد أن يصلي، لكن ملا رأى فالنا ينظر إليه

لصالة اليت صالها حابطة وهو مأزور على مراءاته صلى، فهذا عمله حابط، يعين أن ا . ومرتكب الشرك اخلفي، الشرك األصغر

أن يكون أصل العبادة هللا، ولكـن خلط ذلك العـابد عملـه رياء، : واحلال الثانيةكـمن أطال الركـوع وأكـثر التسبيح وأطال القراءة والقيام ألجـل من يراه، فأصل

له، وما عدا ذلك فـهو حـابط؛ ألنه راءى يف الزيادة - واليت كـانت هللا -العبادة على الواجب فيحبط ذلك الزائد وهو إمث عليه، ال يؤجر عليه وال ينتفع منه، ويؤزر على

أمـا العبادات املالية فيختلف احلال عن . إشراكه وعلى مراءاته يف العبـادات البدنيـة . ذلك

يعين جبميع : )3( } من عمل عمال أشرك فيه معي غريي تركته وشركه {: قوله

من عمـل " :يف قولـه ) عمال( أنواع الـمشركني وجبميـع أنواع األعمال؛ ألن األعمـال : نكـرة جـاءت يف سياق الشـرط، فعمـت مجيع األعمـال " عمال

. )2/301(، أمحد )4202(، ابن ماجه الزهد )2985( مسلم الزهد والرقائق )1( . )2985( أخرجه مسلم )2( . )2/301(، أمحد )4202(، ابن ماجه الزهد )2985( مسلم الزهد والرقائق )3(

Page 353: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

353

كـالصالة : األعمال اليت اشتملت على مال وبـدن، فالبدنيةالبدنية، واألعمال املالية، وكاحلـج واجلهاد : كالزكـاة والصدقـة، واملشتملة على بدن ومـال : والصيام، واملالية

أشرك فيه معي " أنه أنشـأه " من عمل عمال " :وحنو ذلك، واملقصود من قوله أغىن الشركاء عن -ال جـل وع-جعلـه هللا ولغري اهللا مجيعـا، فـإن اهللا " غريي

. الشرك، ال يقبل إال ما كان له وحده سبحانه وتعاىل

أال أخـربكم مبا هو أخوف عليكم عندي من املسيح {: وعن أيب سعيد مرفوعا "

الشرك اخلفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزين : اهللا، قـالبلى يا رسول : الدجال؟ قالوا هذا فيه بيان أن هذا النوع من الشرك هو )2( )1( } صالته ملا يرى من نظر رجل

من املسيح الدجال؛ ذلك أن أمر املسيح أمر ظاهر أخـوف على هذه األمة عند النيب ، وحـذر األمة منه، بني، والنيب عليه الصالة والسالم بني ما يف شأنه، وبني صفته

وأمرهـم بـأن يدعوا آخـر كـل صالة، وأن يستعيذوا من شر املسيح الدجال، ومن فتنة املسـيح الدجال، أما الرياء فإنه يعرض للقلب كثريا، والشيطان يأيت إىل القلوب،

ويتجه إىل - جل وعال -وهذا الشرك يقود العبد إىل أن يتخلى شيئا فشيئا عن مراقبة اهللا علينا من املسيح الدجـال، ثـم راقبـة املخلوقني؛ لذلك صار أخوف عند النيب م

الشرك اخلفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صالته ملا يرى من نظر {: فسـره بقولـه

)3( } رجل

. )3/30(د ، أمح )4204( ابن ماجه الزهد )1( . )4204(، وابن ماجه 30 / 3 أخرجه أمحد يف املسند )2( . )3/30(، أمحد )4204( ابن ماجه الزهد )3(

Page 354: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

354

اإلنسان بعمله الدنيا باب من الشرك إرادة

%tΒ tβ {: وقوله تعاىل x. ߉ƒ Ìムnο 4θ uŠys ø9$# $ u‹÷Ρ‘‰9$# $ uη tFt⊥ƒ Η uρ Åe∃uθ çΡ öΝÍκö s9Î) öΝßγ n=≈yϑ ôã r& $ pκ Ïù óΟèδ uρ $ pκ Ïù Ÿω tβθ Ý¡y‚ ö7ム∩⊇∈∪ y7 Íׯ≈ s9'ρ é& t Ï% ©!$# }§øŠs9 öΝçλm; ’Îû Íο tÅz Fψ$# ω Î) â‘$ ¨Ψ9$# ( xÝÎ7ym uρ $ tΒ (#θ ãè uΖ|¹ $ pκ Ïù ×≅ÏÜ≈ t/uρ $ ¨Β

(#θ çΡ$ Ÿ2 tβθ è= yϑ ÷è tƒ ∩⊇∉∪ { )1(] 16 - 15: هود .[

تعس عبد الدينار، { قـال رسول اهللا: قـال يف الصحيح عن أيب هريـرة

تعس عبد الدرهم، تعس عبد اخلميصة، تعس عبد اخلميلة، إن أعطي رضي وإن مل يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فال انتقش، طوىب لعبد آخذ بعنان فرسه يف سبيل اهللا،

اسة، وإن كان يف السـاقة أشعث رأسه، مغربة قدماه، إن كان يف احلراسة كان يف احلر . )3( )2( } كان يف السـاقة، إن استأذن مل يـؤذن له، وإن شـفع مل يشفع

: فيه مسائل . إرادة اإلنسان الدنيا بعمل اآلخرة : األوىل . تفسري آية هود: الثانية . تسمية اإلنسان املسلم عبد الدينار والدرهم واخلميصة : الثالثة . إن أعطي رضي، وإن مل يعط سخط تفسري ذلك بأنه: الرابعة " تعس وانتكس " :قوله : اخلامسة . وإذا شيك فال انتقش " :قوله : السادسة . الثناء على اجملاهد املوصوف بتلك الصفات : السابعة : الشرح

. 16 - 15: سورة هود)1( . )4136(، ابن ماجه الزهد )2375(، الترمذي الزهد )2730( البخاري اجلهاد والسري )2( . )6435(و ) 2887(و ) 2886( أخرجه البخاري )3(

Page 355: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

355

- رمحه اهللا -هذا الباب باب عظيم من أبواب هـذا الكتاب ترمجه اإلمام " نسان بعمله الدنياباب من الشرك إرادة اإل " :بقوله

من الشرك األصغر أن يريد اإلنسان بأعماله اليت يعملها من : يعين " من الشرك" ثواب الدنيا، فهو أعم : الطاعات الدنيا وال يريد هبا اآلخرة، وإرادة اإلنسان الدنيا، يعين

ي أو من حال الرياء، فالريـاء حالة واحـدة من أحوال إرادة اإلنسان الدنيا، فـهو يصل يزيد ويزين صالته ألجـل الرؤية وألجـل املدح، لكـن هناك أحـوال أخر إلرادة

هذا البـاب على الذي قبله - رمحه اهللا -الناس بأعماهلم الدنيا، فلهذا عطـف الشيخ ليبني أن إرادة اإلنسان الدنيـا تأيت يف أحوال كثرية أعم من حال الرياء خباصة، لكن

ث وخافه النيب عليه الصالة والسالم على أمته، فهو يف وقوعه كثري الرياء جاء فيه احلدي . واخلوف منه جلل

. وهذا الباب اشتمل على احلكـم بأن إرادة اإلنسان بعمله الدنيا من الشرك أن يعمل العمل ويف إرادة، أي الـذي بعثه على : يعين " إرادة اإلنسان " :وقوله

. وسيأيت تفصيـل أحوال ذلك- جل جالله -باهللا العمل ثواب الدنيا، فهذا من الشرك

%tΒ tβ {: وقول اهللا تعاىل" x. ߉ƒ Ìムnο 4θ uŠys ø9$# $ u‹÷Ρ‘‰9$# $ uη tFt⊥ƒ Η uρ Åe∃uθ çΡ öΝÍκö s9Î) öΝßγ n=≈ yϑ ôã r& $ pκ Ïù óΟèδ uρ

$ pκ Ïù Ÿω tβθ Ý¡y‚ ö7ム∩⊇∈∪ { )1( } y7Íׯ≈ s9'ρ é& t Ï% ©!$# }§øŠs9 öΝçλm; ’ Îû Íο tÅz Fψ$# ω Î) â‘$Ψ9$# ( xÝÎ7ym uρ $ tΒ (#θ ãè uΖ|¹

$ pκ Ïù ×≅ ÏÜ≈ t/uρ $Β (#θ çΡ$ Ÿ2 tβθ è= yϑ ÷è tƒ ∩⊇∉∪ { )2(] هذه اآلية من سورة هود ]. 16 - 15: هود

%tΒ tβ {: خمصوصة بقوله تعاىل x. ߉ƒ Ìムnο 4θ uŠys ø9$# $ u‹÷Ρ‘‰9$# $ uη tFt⊥ƒ Η uρ Åe∃uθ çΡ öΝÍκö s9Î) öΝßγ n=≈ yϑ ôã r& $ pκ Ïù { )3(

%tΒ tβ {: فهي خمصوصة مبن شاء اهللا جل وعال، فقولـه هنا ]. 18: ءاإلسرا[ x. ߉ƒ Ìãƒ

. 15: سورة هود آية )1( . 16: سورة هود آية )2( . 15: سورة هود آية )3(

Page 356: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

356

nο 4θ uŠys ø9$# $ u‹÷Ρ‘‰9$# $ uη tFt⊥ƒ Η uρ Åe∃uθ çΡ öΝÍκö s9Î) öΝßγ n=≈yϑ ôã r& $ pκ Ïù óΟèδ uρ $ pκ Ïù Ÿω tβθÝ¡y‚ ö7ム∩⊇∈∪ { )1( .ممن : يعين

له ذلك وممن شاءه اهللا، فـهذا العموم الذي هنا خمصوص بآية - جل وعـال -أراد اهللا . اإلسراء

والذين يريدون احلياة الدنيا أصال وقصدا وحتركا هم الكفار؛ وهلذا نزلـت هذه اآلية لـه الصاحل؛ يف الكفار، لكـن لفظها يشـمل كـل مـن أراد احليـاة الدنيـا بعم

يف رسـالة لـه أحوال الناس - رمحه اهللا -وهلذا مجع اإلمام حمـمد بن عبد الوهاب فيما قاله السلف تفسريا هلذه اآلية، وجـعل كالم السلف يتنـاول أربعة أنواع من الناس

: كلهم يدخل يف هذا الوعيدأنه يعمل : الدنياالنوع األول ممن ركبوا هذا الشرك األصغر وأرادوا بعملهم احلياة

، ولكـن يريـد بـه ثواب الدنيا وال - جل وعال -العمل الصاحل وهو فيه خملـص هللا بـالصالة وهـو فيها - جـل وعال -يتعبـد اهللا : يريد به ثواب اآلخرة، كـأن

خملص هللا، أداها على طواعية واختيار وامتثال ألمر اهللا، لكـن يريـد منها أن يصـح رمحه وهو يريد منه أن حيصـل له يف الدنيا الذكـر الطيب والصلة بدنـه، أو وصل

وحنو ذلك، أو عمل أعماال من التجارة والصدقات وهـو يريد بذلك جتارة لكي يكون . عنده مال فيتصدق وهو يريد بذلك ثواب الدنيا

دنيا، فهذا النوع عمل العبادة امتثاال لألمر، وخملصا فيها اهللا، ولكنه طامع يف ثواب ال وليس له مهة يف اآلخـرة ومل يعمل هربا من النار وطمعـا يف اجلنة، فـهذا داخـل يف

%tΒ tβ {: هذا النوع وداخـل يف قولـه x. ߉ƒ Ìムnο 4θ uŠys ø9$# $ u‹÷Ρ‘‰9$# $ uη tFt⊥ƒ Η uρ Åe∃uθ çΡ öΝÍκö s9Î) öΝßγ n=≈ yϑ ôã r&

$ pκ Ïù óΟèδ uρ $ pκ Ïù Ÿω tβθÝ¡y‚ ö7ム∩⊇∈∪ { )2(] 15: هود .[

: واألعمال اليت يعملها العبد ويستحضر فيها ثواب الدنيا على قسمني

. 15: سورة هود آية )1( . 15: سورة هود آية )2(

Page 357: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

357

أن يكـون العمل الذي عمله، واستحضر فيه ثواب الدنيـا وأراده، : القسم األولالصالة والصيام : ع فيه بذكر ثواب الدنيا، مثـلومل يرد ثواب اآلخرة، مل يرغب الشر

وحنو ذلك من األعمال والطاعات، فهذا ال جيـوز له أن يريـد به الدنيا، ولو أراد به . الدنيا، فإنه مشرك ذلك الشرك

أعمال رتب الشارع عليها ثوابا يف الدنيا، ورغب فيها بذكر ثواب هلا : والقسم الثاينحم، وبر الوالديـن، وحنـو ذلك، وقـد قـال عليه الصالة صلة الر : يف الدنيا، مثل

)2( )1( } من سره أن يبسط له يف رزقه وينسأ له يف أثره فليصل رمحـه {: والسالم

مـل، استحضر ذلك فـهذا النـوع إذا اسـتحضر يف عملـه حني يعمـل ذلـك الع الثواب الدنيوي، وأخلص هللا يف العمـل ومل يستحضر الثواب األخروي، فإنه داخل يف الوعيد، فهو من أنواع هذا الشرك، لكن إن استحضر الثواب الدنيوي والثواب األخـروي معا، لـه رغبة فيما عنـد اهللا يف اآلخـرة ويطمع يف اجلنة، ويهرب من

ذا العمل يف الدنيا، فإنه ال بأس بذلك؛ ألن الشرع ما رغب فيه النار، واستحضر ثواب ه من قتل {: بذكر الثواب يف الدنيا إال للحـض عليه، كما قال عليه الصالة والسالم

فمن قتـل حربيا يف اجلهاد لكي حيصل على السلب، ولكن )4( )3( } قتيال فله سلبه

خملصا فيه لوجه اهللا، لكن أتى هذا - جل وعال -ه من اجلهاد الرغبـة فيما عند اهللا قصدمن زيـادة الترغيب له ومل يقتصر على هذه الدنيا بل قلبه معلق أيضا باآلخرة، فهذا

. النوع ال بأس بـه وال يدخل يف النوع األول مما ذكره السلف يف هذه اآلية

/3(، أمحد )1693(، أبو داود الزكاة )2557(، مسلم الرب والصلة واآلداب )1961( البخاري البيوع )1(247( .

. ، وأصله متفق عليه من حديث أنس ، من حديث أيب سعيد اخلدري بنحوه156 / 3 أخرجه أمحد )2(، أبو داود )1562(، الترمذي السري )1751(، مسلم اجلهاد والسري )2973( البخاري فرض اخلمس )3(

(، الدارمي السري )990(، مالك اجلهاد )5/306(، أمحد )2837(، ابن ماجه اجلهاد )2717(اجلهاد 2485( .

. من حديث أيب قتادة 306 / 5 أخرجه أمحد )4(

Page 358: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

358

tΒ tβ%x. ߉ƒ {: مما يدخـل حتت هذه اآليـةالنوع الثاين مما ذكـره السلف Ì ãƒ

nο 4θ uŠys ø9$# $ u‹÷Ρ‘‰9$# $ uη tFt⊥ƒ Η uρ Åe∃uθ çΡ öΝÍκö s9Î) öΝßγ n=≈yϑ ôã r& $ pκ Ïù óΟèδ uρ $ pκ Ïù Ÿω tβθ Ý¡y‚ ö7ム∩⊇∈∪ { )1(:] 15: هود [

أن : أنه يعمل العمل الصاحل ألجل املال، فهو يعمل العمل ألجـل ما حيصله من املال، مثل يـدرس ويتعلم العلـم الشرعي ألجـل الوظيفة فقط وليس يف مهه رفع اجلهالة عن نفسه ومعرفة العبد بأمر ربه وهنيـه والرغب يف اجلنة وما يقرب منها واهلرب من النار وما

داخـل يف ذلك، أو حفظ القرآن ليكون إماما يف املسجد، ويكون له يبعد عنها، فهذا الرزق الذي يأيت من بيت املال، فغرضه من هذا العمل إمنا هو املال، فـهذا مل يعمل العمـل صاحلا وإمنا عمل العمل الذي يف ظـاهره أنه صاحل ولكـن يف باطنـه قـد

. أراد بـه الدنيا . ذين يعملون األعمال ألجل الرياءأهل الرياء ال : النوع الثالث

الذين يعملون األعمال الصاحلـة ومعـهم نـاقـض مـن : النوع الرابـع نواقـض اإلسالم، كمن يصلي ويزكي ويتصدق ويقرأ القرآن ويتلوه، ولكن هو مشرك الشرك األكرب، فهذا وإن قال إنه مؤمن فليـس بصـادق يف ذلـك؛ ألنه لو كان صادقا

. -جل وعال -لوحد اهللا

{: فهذه بعض األنواع اليت ذكرت يف تفسري هذه اآلية وكلها داخلة حتت قوله tΒ

tβ% x. ߉ƒ Ìムnο 4θ uŠys ø9$# $ u‹÷Ρ‘‰9$# $ uη tFt⊥ƒ Η uρ { )2(نيا وزينتها ومل يكن هلم فهؤالء مجيعا أرادوا احلياة الد

. وطلب اآلخرة بذلك العمل الذي عملوه - جل وعال -هم يف رضا اهللا وهو أن اهللا جل وعال قال يف اآلية اليت تليها : وهنا إشكال أورده بعض أهل العلم

} y7 Í× ¯≈ s9 'ρ é& t Ï% ©! $# }§ øŠ s9 öΝ çλ m; ’ Îû Íο t Åz Fψ $# ω Î) â‘$ ¨Ψ9 $# ( xÝ Î7 ym uρ $ tΒ (#θ ãè uΖ |¹ $ pκ Ïù ×≅ ÏÜ≈ t/ uρ $ ¨Β (#θ çΡ$ Ÿ2

. 15: سورة هود آية )1( . 15: سورة هود آية )2(

Page 359: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

359

tβθ è= yϑ ÷è tƒ ∩⊇∉∪ { )1(] وأن هـذه يف الكـفـار األصليني أو فيمن قام به ]16: هـود ،

ـ . ل يف هذه اآلية مكـفر، أما املسلم الذي قـامت بـه إرادة الدنيا فإنـه ال يدخأنه يدخـل؛ ألن السلف أدخلوا أصنافا مـن املسلمني يف هـذه اآلية، : واجلواب

y7 {: والوعيد بقولـه Íׯ≈ s9'ρ é& t Ï% ©!$# }§øŠs9 öΝçλm; ’ Îû Íο tÅz Fψ$# ω Î) â‘$Ψ9$# ( { )2( ، فمن كانت إرادته

%tΒ tβ { بشيء - جـل وعال -احلياة الدنيا فلـم يتقرب إىل اهللا x. ߉ƒ Ìムnο 4θ uŠys ø9$# $ u‹÷Ρ‘‰9$#

$ uη tFt⊥ƒ Η uρ Åe∃uθ çΡ öΝÍκö s9Î) öΝßγ n=≈ yϑôã r& $ pκ Ïù óΟèδ uρ $ pκ Ïù Ÿω tβθÝ¡y‚ ö7ム∩⊇∈∪ { )3(] فهؤالء أرادوا ] 15: هود

الدنيا بكـل عمل، وليس معهم من اإلميان واإلسالم مصحح ألصل أعمـاهلم، فـهؤالء خملدون يف النار، أما الذي معه أصل اإلميان وأصل اإلسالم الذي يصـح به عمله، فـهذا

ي أشرك فيه وأراد به الدنيا، وما عداه ال حيبـط؛ قـد حيبـط العمل بل حيبط عمله الذ . ألن معه أصل اإلميان الذي يصحح العمل الذي مل خيالطه شرك

فهذه اآليـة فيها وعيد شـديد، وهـذا الوعيـد يشـمل كمـا ذكرنـا أربعـة إن العربة هنا بعمـوم اللفـظ ال خبصـوص السبب، : أصناف، وكما قـال أهل العلم

. نت يف الكفار، لكن لفظها يشمل من أراد احلياة الدنيا من غري الكفارفهي وإن كـا

تعس عبد الدينار، تعس { قال رسول اهللا: قال يف الصحيح عن أيب هريرة "

وجه الشاهد من . )5( " إخل .. )4( } عس عبد اخلميلة عبد الدرهم، تعس عبد اخلميصة، ت

وعبـد . أنه دعا على عبد الدينار، وعلى عبد الدرهم، وعلى عبد اخلميصـة : ذلكالدينار والدرهـم هو الذي يعمـل العمل ألجـل الدينار، ولوال الدينار ملا حتركت مهته

. 16: سورة هود آية )1( . 16: سورة هود آية )2( . 15: سورة هود آية )3( . )4136(، ابن ماجه الزهد )2375(، الترمذي الزهد )2730( البخاري اجلهاد والسري )4( . تقدم)5(

Page 360: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

360

هو إمنا عمل ألجل هـذا يف العمـل، لوال هـذه اخلميصة ملا حتركت مهته يف العمل، ف الدينار، ألجـل هذه الدنيا، وما فيها من الدرهم، واجلاه واملكانة وحنو ذلك، وقد مساه النـيب عليه الصالة والسالم عابدا للدينار، فدل ذلك على أنه من الشـرك؛ ألن العبودية

ك بغري عبودية الشرك األصغر، ومنها عبودية الشرك األكرب، فالذي يشر: درجات، منها الشرك األكرب هو عابد له، كأهل األوثان، وعبدة األصنام، وعبدة - جل وعال -اهللا

الصليب، وكذلك من يعمل الشرك األصغر، ويتعلق قلبه بشيء من الدنيا فهو عابد، لذلك عبد هذا الشيء؛ ألنـه هو الذي حرك مهته، ومعلوم أن العبد مطيع لسيده، أينما : يقال

ذا الذي حركته مهته للدنيا وللدينـار وللدرهـم عبـد هلا؛ ألن وجهه توجـه، فـه مهتـه معلقـة بتلـك األشياء، وإذا وجد هلا سبيال حترك إليها بدون النظر هل يوافـق

!. وشرعه؟ - جـل وعال - أم ال يوافق أمر اهللا - جـل وعال -أمر اهللا و حتليل ما حرمه فقد اختذهم باب من أطاع العلماء واألمراء يف حترمي ما أحل اهللا أ

أربابا من دون اهللا قال رسول : يوشك أن ترتل عليكم حجـارة من السماء، أقول : وقـال ابن عباس

. )1( قال أبو بكر وعمر : اهللا، وتقولون عجبت لقوم عرفـوا اإلسناد وصحتـه، ويذهبـون إىل رأي : وقال أمحد بن حنبل

‘Í {: سـفيان، واهللا تعـاىل يقـول x‹ós uŠù= sù t Ï% ©!$# tβθ àÏ9$ sƒ ä† ôtã ÿÍν Íö∆ r& β r& öΝåκz:ŠÅÁ è? îπ uΖ÷FÏù ÷ρ r&

öΝåκz: ÅÁ ムë># x‹tã íΟŠ Ï9r& ∩∉⊂∪ { )2(] د أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا ر ] 63: النور

. )3( بعض قوله أن يقع يف قلبه شيء من الزيغ فيهلك

. )3121( أخرجه أمحد )1( . 63: سورة النور آية )2( . )97" ( اإلبانة الكربى" أخرجه ابن بطة يف )3(

Page 361: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

361

ÿρ#) { يقرأ هذه اآلية أنه مسع النيب {: وعن عدي بن حامت ä‹sƒ ªB$# öΝèδu‘$ t6 ôm r& öΝßγ uΖ≈ t6 ÷δ â‘ uρ

$ \/$ t/ö‘ r& ÏiΒ Âχρ ߊ «!$# yx‹Å¡yϑ ø9$#uρ š∅ ö/$# zΝtƒ ötΒ !$ tΒ uρ (#ÿρ ãÏΒ é& ω Î) (#ÿρ ߉ç6 ÷èu‹Ï9 $ Yγ≈ s9Î) #Y‰Ïm≡uρ ( Hω tµ≈ s9Î) ω Î) uθ èδ 4 …çµ oΨ≈ys ö7ß™ $ £ϑ tã šχθà2 Ìô±ç„ ∩⊂⊇∪ { )1(] إنا لسـنا نعبدهم، : ، فقلت له]31: التوبـة

فقلت بلى، "أليس حيرمون ما أحل اهللا فتحرمونه، وحيلون ما حرم اهللا فتحلونه؟ " :قال . رواه أمحد والترمذي وحسنه . )2( } فتلك عبادهتم " :قال

: فيه مسائل . تفسري آية النور: األوىل . تفسري آية براءة: الثانية . لعبادة اليت أنكرها عديالتنبيه على معىن ا: الثالثة . متثيل ابن عباس بأيب بكر وعمر، ومتثيل أمحد بسفيان: الرابعةتغري األحوال إىل هذه الغايـة حىت صار عنـد األكثر عبادة الرهبان هي : اخلامسة

مث تغريت احلال إىل أن . وعبادة األحبار هي العلم والفقه . أفضل األعمال وتسمى الوالية . وعبد باملعىن الثاين من هو من اجلاهلني. من ليس من الصاحلنيعبد من دون اهللا

: الشرحهذا الباب واألبواب بعده يف بيان مقتضيات التوحيد، ولوازم حتقيق شهادة أن ال إله

جل -إال اهللا، وأن شهادة أن ال إله إال اهللا تقتضي وتستلزم أن يكون العبد مطيعا هللا ال للحالل حمرما للحرام، ال يتحاكم إال إليه جل وعال وال فيما أحل وما حرم، حم -وعال

. حيكم يف الدين إال شرع اهللا جل وعال وليست على رسوله - جـل وعال -والعلماء وظيفتهم تبيني معاين ما أنزل اهللا

وظيفتهم اليت أذن هلم هبا يف الشرع أن حيللوا ما يشاءون، أو حيرموا ما يشاءون، بل

. 31: سورة التوبة آية )1( . 378 و 257 / 4، وأمحد )3094( أخرجه الترمذي )2(

Page 362: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

362

، - جل وعال -جتهاد يف فقـه النصوص، وأن يبينوا ما أحـل اهللا وما حرم وظيفتهم االفهم أدوات ووسائل لفهم نصوص الكتاب والسـنة، ولذلك كانت طاعتهم تبعا لطاعة

ولرسوله، وما كان من األمور - جل وعال -اهللا ورسوله، يطاعون فيما فيه طاعة هللا وص من غريهم، فتكون طاعة العلماء واألمراء االجتهادية فيطاعون،؛ ألهنم هم أفقه بالنص

- جل وعال -من جهة الطاعة التبعية هللا ولرسوله، أما الطاعة االستقاللية فليست إال هللا فإن اهللا هو - جـل وعال -حىت طاعة النيب عليه الصالة والسالم إمنا هي تبع لطاعة اهللا

معىن الشـهادة لـه بأنـه وهذا الذي أذن بطاعته وهو الذي أمر بطاعة رسوله Β ÆìÏÜムtΑθ { جل وعال -رسول اهللا، قال ß™ §9$# ô‰s)sù tí$ sÛr& ©!$# ( { )1(] 80: النساء[ ،

$! {: جـل وعـال -وقـال tΒ uρ $ uΖù= y™ ö‘ r& ÏΒ @Αθ ß™ §‘ ω Î) tí$ sÜã‹Ï9 Âχ øŒÎ* Î/ «!$# 4 { )2(

]. 64: النسـاء[ هبا، - جـل وعال -فالطاعة االستقاللية نوع من أنواع العبادة، فيجب إفـراد اهللا

أذن بطاعتـه، ويطاع -ل وعـال جـ- إمنا يطاع ألن اهللا - جـل وعال -وغري اهللا فيما أذن اهللا به يف طاعته، فاملخلوق ال يطاع يف معصية اهللا؛ ألن اهللا مل يأذن أن يطاع

فيه - جل وعال - وإمنـا يطاع فيما أطاع اهللا - جل وعال -خملوق يف معصية اخلالق . على النحو الذي يأيت

الطاعة من أنـواع العبـادة، بل إن ليبني أن- رمحه اهللا -فهذا الباب عقده الشيخ جـل -الطاعة يف التحليل ويف التحرمي هي معىن اختـاذ األرباب، كما قـال اهللا

ÿρ#) {: -وعـال ä‹sƒ ªB$# öΝèδ u‘$ t6 ôm r& öΝßγ uΖ≈ t6 ÷δ â‘ uρ $ \/$ t/ö‘ r& ÏiΒ Âχρ ߊ «!$# yx‹Å¡yϑ ø9$#uρ š∅ ö/$# zΝtƒ ötΒ { )3(

. ، ومـا سيأيت من بيـان حديث عدي بن حامت رضي اهللا عنه]31: التوبة[

. 80: سورة النساء آية )1( . 64: سورة النساء آية )2( . 31: وبة آية سورة الت)3(

Page 363: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 364: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

364

- يعين من اللفظ -وهذا يستفاد منه " ا أحل اهللا أو حتليل ما حرمه يف حترمي م: "وهو قوله . أهنم عاملون مبا أحل اهللا، فحرموه طاعة ألولئك، عاملون مبا حرم، فأحلوه طاعة هلم

ÿρ#) {: ذلك ألجل آية سورة براءة ؛"فقد اختذهم أربابا " :قوله يف آخره ä‹sƒ ªB $#

öΝèδ u‘$ t6 ôm r& öΝßγ uΖ≈ t6 ÷δâ‘ uρ $ \/$ t/ö‘ r& ÏiΒ Âχρߊ «!$# { )1( ، وحديث عدي بن حامت يف ذلك .

واألرباب مجع الرب، والرب واإلله لفظان يفترقان إذا اجتمعا، وجيتمعان إذا افترقا،؛ املعبود، وقد سئل املصنف : األمر، واإلله هو السيد امللك املتصرف يف : ألن الرب هو

عن الفرق بينهما اإلله والرب يف مثل هذه - رمحه اهللا -اإلمام حممد بن عبد الوهاب Ÿω {: السياقات يف حنو قوله uρ öΝä.tãΒ ù'tƒ β r& (#ρ ä‹Ï‚ −G s? sπ s3Íׯ≈ n= pRùQ$# z↵Íh‹Î; ¨Ζ9$#uρ $ ¹/$ t/ö‘ r& 3 Νä.ããΒ ù'tƒ r& Ìøä3ø9$$ Î/ y‰÷è t/

øŒÎ) ΛäΡ r& tβθ ßϑ Î= ó¡•Β ∩∇⊃∪ { )2(] ويف حنـو قولـه ]80: آل عمـران ، :} (#ÿρ ä‹sƒ ªB$# öΝèδu‘$ t6 ôm r&

öΝßγ uΖ≈ t6 ÷δ â‘ uρ $ \/$ t/ö‘ r& { )3( } ÏiΒ Âχρ ߊ «!$# { )4( الربوبية : ما معىن الربوبية هنا؟ قـال

و فقد عبد؛ لقول هنا مبعىن األلوهيـة؛، مبعىن املعبود؛ ألن من أطاع على ذلك النح فعدي فهم من " إنا لسنا نعبدهم " :قال. لعـدي حني النـيبإخل، فهو إقرار " أليس حيرمون " : مقررا لذلك العبـادة، وقـال النيب " أربابا " كلمة

. منه عليه الصـالة والسالم بأن معىن الربوبية هنا العبودية أللوهية والربوبية أو كلمـة الرب ا: حينما سئل- رمحه اهللا -فلهذا قال الشيخ

كلفظ : واإلله من األلفاظ اليت إذا اجتمعـت افترقت، وإذا افـترقت اجتمعـت، يعينالفقري واملسكـني، واإلسالم واإلميان، وحنومهـا؛ ألن اإللـه يطلـق على املعبود، وجاء

ث، وكقوله يف نصوص كثرية إطالق الرب على املعبود كما ذكرنا يف اآليات ويف احلدي

. 31: سورة التوبة آية )1( . 80: سورة آل عمران آية )2( . 31: سورة التوبة آية )3( . 31: سورة التوبة آية )4(

Page 365: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

365

)1( } فيأتيـه ملكان فيسأالنه من ربك؟ {: ". عليه الصالة والسالم يف مسائل القرب

. من معبودك؛ ألن االبتالء مل يقع يف الرب الذي هو اخلالق الرازق احمليي املميت : يعينلفاظ اليت إذا اجتمعـت افـترقت وإذا افترقت من األ ) اإلهلية( و ) الرب( إذا لفظ

اجتمعت، فقد يطلق على األرباب آهلة وعلى اآلهلة أربـاب، وهـل هذا اإلطالق ألجل اللغة؟ يعين أن أصله يف اللغة يدخل هـذا يف هـذا وهـذا يف ذاك، أو أنه ألجل اللزوم

تضمن، فإن الربوبية األخري، وهو أنه ألجـل اللزوم وال - عندي -والتضمن؟ الظاهر مستلزمة لأللوهية، واأللوهية متضمنة للربوبية فإذا ذكر اإلله فقد تضمن ذلك ذكر الرب،

Ÿω {: هنا- جل وعال -وإذا ذكـر الرب استلزم ذلك ذكـر اإلله، وهلذا قال uρ

öΝä.tãΒ ù'tƒ β r& (#ρä‹Ï‚ −G s? sπ s3Íׯ≈ n= pRùQ$# { )2( } z↵Íh‹Î; ¨Ζ9$# uρ $ ¹/$ t/ö‘ r& 3 { )3(] يعـين ] 80: آل عمـران :

ÿρä‹sƒ#) {: آهلـة؛ السـتلزام لفـظ الربوبيـة لإلهليـة، وكذلك قوله ªB$# öΝèδ u‘$ t6 ôm r&

öΝßγ uΖ≈ t6 ÷δ â‘ uρ $ \/$ t/ö‘ r& { )4(آهلة معبودين كما أتى تفصيله يف احلديث : يعين .

قال : يوشك أن ترتل عليكم حجـارة من السماء، أقول : وقال ابن عباس" هـذا احلديث رواه اإلمام أمحد )5( " قال أبو بكر وعمر : وتقولون اهللارسول

عن عبد الرزاق، عن معمر، عن طاوس، عن ابن عباس، أو : بإسناد صحيح وإسنادهحنـو ذلك، وقـد ذكـر إسناده شيخ اإلسالم ابن تيمية يف موضع يف الفتاوى بنصه،

إن هذا األثر ال أصل : التوحيد قالوافذكر اإلسناد واملنت، وغالب الذين خرجوا كتاب

، ابن )4753(و داود السنة ، أب )2057(، النسائي اجلنائز )2871( مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها )1(

. )4/288(، أمحد )4269(ماجه الزهد . 80: سورة آل عمران آية )2( . 80: سورة آل عمران آية )3( . 31: سورة التوبة آية )4( . )3121( أخرجه أحـمد )5(

Page 366: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

366

له هبذا اللفظ، وهذه جـراءة منهم حيث إهنم ظنوا أن كل كتب احلديث بني أيديهم، . ولو تتبعوا كتب أهل العلـم لوجدوا أن إسناده واحلكم عليه موجود يف كتبهم

يوشك أن ترتل عليكـم " :ووجه االستشهاد ما اشتمل عليه هذا األثر، وهو قوله ؛ "قال أبـو بكـر وعمر : وتقولون قال رسول اهللا : ارة من السماء، أقول حج

وعلم فقهـه، أو بينه له أهل ألن الواجب على املسلم إذا مسع حديثا عن النيب العلم أال يترك ذلك احلديث وفقهه لقول أحد كائنا من كان، إذا كان احلديث ظاهرا

دليـل عليـه، أما إذا كانت املسألة يف الداللة على ذلك، وكان القول اآلخر ال اجتهادية يف احلديث من جهة الفهم فهذا جمالـه واسـع، وابن عباس رضي اهللا عنهما

قال أبو بكر : حيمل كالمه هذا على أن هؤالء الذين قـالوا له تلك املقالة، قالوا لهـح وعمر، عارضوا قوله يف املتعة بقول أيب بكر وعمر الذي هو مناقـض لصري

ومعلوم أن أبا بكـر وعمـر رضي اهللا عنهما كانا يذهبان إىل أن قـول النيبإفراد احلج أفضل من التمتـع وابن عبـاس كان يوجب أفضلية التمتع ويسوق األدلة يف ذلك، وقول أيب بكر وعمر أخـذ به طائفة من أهل العلم كمالك وغريه، بل قال

أخرى للعمرة خري له من أن جيمع بني حـج إن إفـراده احلـج وسفره مرة : طائفة . وعمرة يف سـفرة واحـدة، كما هو اختيار شيخ اإلسالم، واختيار غريه من احملققني

أن : واملقصود من ذلك أن كالم ابن عباس هذا ليس يف املسألة الفقهيـة، يعين املؤلـف رمحـه اهللا مل يسـق قـول ابـن عبـاس خلصـوص مسـألة التمتـع

راد، ولكن يف مسألة عموم لفظه، وهو أنـه ال يعارض قول النيب عليه الصالة واإلفوالسالم الظاهر معناه بقول أحد ال دليل له على قوله، ولو كـان ذلك القائل أبا بكر وعمر رضي اهللا عنهما، فكيف مبن دوهنما من التابعني أو من الصحابة، فكيف بأئمة

واحترام العلماء !! ؟؟- رحـمهم اهللا تعاىل -أهل املذاهب وأصحـاب أهل املذاهب وأهل املذاهب واجـب، لكـن أمجـع أهل العلـم على أن من استبانت له سنة من

. مل يكـن له أن يتركـها لقول أحد كائنا من كان سنن الرسول

Page 367: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

367

عجبت لقوم عرفوا اإلسناد وصحته يذهبون إىل رأي : وقـال أمحد بن حنبل " ابن سعيد بن مسروق الثوري أحـد العلماء املعروفني، وكان له : وسفيان هو ":سفيان

. مذهب وله أتباعيدل على أن سفيان مل يكن لـه مستند على ما " يذهبون إىل رأي سفيان " :قوله

ذهب إليه، وهو عامل من العلماء، وأحد الزهاد الصاحلـني املشهورين، ولكن قد ختفاه قعيد عنـده، لكـن السنة جـاءت خبالف ذلك، فال السنة فيكون قد حكم برأيه أو بت

. يسوغ أن جيعل رأي سفيان يف مقابل احلديث النبوي

‘Í {: واهللا تعـاىل يقول " x‹ós uŠù= sù t Ï% ©!$# tβθ àÏ9$ sƒ ä† ôtã ÿÍν Íö∆ r& β r& öΝåκz:ŠÅÁ è? îπ uΖ÷FÏù ÷ρ r& öΝåκz: ÅÁ ãƒ

ë># x‹tã íΟŠ Ï9r& ∩∉⊂∪ { )1(] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض ] 63: النور

إذا رد بعض قول النيب عليه الصالة والسالم ": قوله أن يقع يف قلبه شيء من الزيغ فيهلك : عن اليهود - جل وعال - اهللا لقول أحد خيشى عليه أن يعاقب فيقع يف قلبه زيغ، قال

} $£ϑ n= sù (#þθ äî# y— sø# y— r& ª!$# öΝßγ t/θ è= è% 4 { )2( فهم زاغوا مبحض إرادهتم واختيارهم مع بيان

اهللا قلوهبم عقوبة منه هلم على ذلك، احلجج وظهور الدالئل والرباهني، لكن ملا زاغوا أزاغ ‘Í {: وهذا معىن قوله x‹ós uŠù= sù t Ï%©!$# tβθàÏ9$ sƒ ä† ôtã ÿÍν Íö∆ r& βr& öΝåκz:ŠÅÁ è? îπ uΖ÷FÏù { )3(نوع : أي

إذا كان يف حتليل احلرام مع - جل وعال - األكرب باهللا شرك، وقد يصل ذلك إىل الشرك . العلم بأنه حرام، وحترمي احلالل مع العلم بأنه حالل

ÿρ#) {: يقرأ هذه اآلية أنه مسع النيب {: عن عدي بن حامت" ä‹sƒ ªB$# öΝèδ u‘$ t6 ôm r&

öΝßγ uΖ≈ t6 ÷δ â‘ uρ $ \/$ t/ö‘ r& ÏiΒ Âχρ ߊ «!$# yx‹Å¡yϑ ø9$#uρ š∅ ö/$# zΝtƒ ötΒ !$ tΒ uρ (#ÿρ ãÏΒ é& ω Î) (#ÿρ ߉ç6 ÷èu‹Ï9 $ Yγ≈ s9Î) #Y‰Ïm≡uρ ( Hω tµ≈s9Î)

. 63: سورة النور آية )1( . 5: سورة الصف آية )2( . 63: سورة النور آية )3(

Page 368: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

368

ω Î) uθ èδ 4 …çµ oΨ≈ ys ö7ß™ $ £ϑ tã šχθ à2 Ìô±ç„ ∩⊂⊇∪ { )1(فيه أنه فهم : } إنا لسنا نعبدهم : فقلت له

$ {: من قوله \/$ t/ö‘ r& { )2( أهنم املعبودون .

أليـس حيرمـون مـا أحـل اهللا فتحرمونه، {: قال عليـه الصالة والسالم "

رواه أمحد والترمذي } فتلك عبادهتم: بلى، قال: فقلت! وحيلون ما حرم اهللا فتحلونه؟

صـل إىل الشرك هذا احلديث فيـه بيان أن طاعة األحبار والرهبان قـد ت . )3( وحسنه : والرهبان هم. العلماء: األكـرب، واختـاذ أولئك أربابـا ومعبودين، واألحبار هم

. العباد : وطاعة األحبار يف التحليل والتحرمي على درجتني

يف جعل احلرام : أن يطيع العلماء أو األمراء يف تبديل الدين، يعين : الدرجة األوىل عهم يف تبديـل الدين، وهو يعلم أن احلرام قد حرمه حالال ويف جعل احلالل حراما، فيطي

اهللا، ولكن أطاعهم تعظيمـا هلم، فحلـل ما أحلـوه طاعة هلم وتعظيما وهو يعلم أنه اعتقد أنه حـالل وهو حـرام يف نفسه، أو حرم حالال تبعا لتحرميهم، : حـرام، يعين

ذا يكـون قـد أطاع وهو يعلـم أن ما حرموه حـالل ولكنه حرم تبعا لتحرميـهم، ه العلماء أو األمراء يف تبديـل أصـل الدين، فهذا هو الذي اختذهم أربابا، وهو الكفر

، وهذا هو الذي صرف عبادة الطاعة إىل غري - جل وعال -األكرب والشرك األكـرب باهللا الطاعـة " : يف شرحه لكتاب التوحيـد- رمحه اهللا -اهللا؛ وهلذا قـال الشيخ سليمان

ا يف هذا الباب املراد هبا طاعة خاصة، وهي الطاعة يف حتليل احلرام أو حتريـم هن . وهذا ظاهر " احلالل

. 31: سورة التوبة آية )1( . 31: سورة التوبة آية )2( . )3094( أخرجـه الترمذي )3(

Page 369: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 370: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

370

Kξ≈n= |Ê #Y‰‹Ïè t/ ∩∉⊃∪ #sŒÎ)uρ Ÿ≅ŠÏ% öΝçλm; (#öθ s9$ yè s? 4’ n< Î) !$ tΒ tΑt“Ρr& ª!$# ’ n< Î)uρ ÉΑθ ß™§9$# |M÷ƒ r&u‘ tÉ)Ï≈ uΖßϑ ø9$# tβρ ‘‰ÝÁ tƒ

šΖtã #YŠρ ߉߹ ∩∉⊇∪ y#ø‹s3sù !#sŒÎ) Νßγ ÷Fu;≈ |¹ r& 8π t7ŠÅÁ•Β $ yϑ Î/ ôM tΒ£‰s% öΝÍγƒ Ï‰÷ƒ r& §ΝèO x8ρ â!% y` tβθàÎ= øt s† «!$$ Î/ ÷β Î)

!$ tΡ÷Šu‘ r& Hω Î) $YΖ≈ |¡ôm Î) $ ¸)‹ Ïùöθ s?uρ ∩∉⊄∪ { )1(] 62 - 60: النساء .[

sŒÎ)uρ Ÿ≅ŠÏ% öΝßγ# {: وقوله s9 Ÿω (#ρ ߉šøè? ’ Îû ÇÚö‘ F{$# (#þθ ä9$ s% $ yϑ ¯ΡÎ) ßøt wΥ šχθ ßs Î=óÁ ãΒ ∩⊇⊇∪ { )2( .

Ÿω {: ، وقوله]11: البقرة[ uρ (#ρ ߉šøè? †Îû ÇÚö‘ F{$# y‰÷è t/ $ yγ Ås≈ n= ô¹ Î) çνθ ãã÷Š$#uρ $ ]ùöθ yz $·è yϑ sÛuρ 4 ¨β Î)

|M uΗ ÷qu‘ «!$# Ò=ƒ Ìs% š∅ ÏiΒ tÏΖÅ¡ós ßϑ ø9$# ∩∈∉∪ { )3(] وقوله]56: األعراف ، :} zΝõ3ßs sùr&

Ïπ ¨ŠÎ= Îγ≈yf ø9$# tβθ äóö7tƒ 4 ôtΒ uρ ß|¡ôm r& zÏΒ «!$# $ Vϑ õ3ãm 5Θöθ s)Ïj9 tβθãΖÏ%θ ム∩∈⊃∪ { )4(] 50: املائدة .[

ال يؤمن {: قـال وعن عبد اهللا بن عمرو رضي اهللا عنهما أن رسول اهللا

يح رويناه حديث صح : قـال النووي )5( } أحدكم حىت يكون هواه تبعا ملا جئت بـه

. بإسناد صحيح " احلجة " يف كتابكان بني رجـل من املنـافقني ورجـل من اليهود خصومة، فقال : وقـال الشعيب

نتحـاكم إىل حممد صلى اهللا عليه وسلم؛ ألنه عرف أنه ال يـأخذ الرشوة، : اليهوديا على أن نتحـاكم إىل اليهود؛ لعلمـه أنـهم يأخذون الرشوة، فاتفق : وقـال املنـافق

’ ?öΝs9r& ts {يأتيا كاهنا يف جهينة فيتحاكما إليه فرتلت n< Î) š Ï%©!$# tβθ ßϑ ãã ÷“ tƒ {)6(اآلية )7(.

. 62-60: اآليات سورة النساء )1( . 11: سورة البقرة آية )2( . 56: سورة األعراف آية )3( . 50: سورة املائدة آية )4( . فواحلديث ضعي ) 15" ( السنة " أخرجه ابن أيب عاصم يف )5( . 60: سورة النساء آية )6( . )9893(و ) 9892(و ) 9891(التفسري " أخرجه ابن جرير يف )7(

Page 371: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

371

اآلخر إىل وقال نترافع إىل النيب : نزلت يف رجلني اختصما، فقال أحدمها : وقيلكعب بن األشرف، مث ترافعا إىل عمر، فذكر له أحدمها القصة، فقال للذي مل يرض

. )1( نعم، فضربه بالسيف فقتله: أكذلك؟ قال برسول اهللا : فيه مسائل

. تفسري آية النساء ومـا فيها من اإلعانة على معرفـة فـهم الطاغوت: األوىل

sŒÎ)uρ Ÿ≅Š# {: تفسري آية البقرة: الثانية Ï% öΝßγ s9 Ÿω (#ρ ߉šøè? ’Îû ÇÚö‘ F{$# { )2( .اآلية .

Ÿω {: تفسري آية األعراف : الثالثة uρ (#ρ ߉šøè? † Îû ÇÚö‘ F{$# y‰÷è t/ $ yγ Ås≈n= ô¹ Î) { )3( .

zΝõ3ßs {تفسري : الرابعة sùr& Ïπ ¨ŠÎ= Îγ≈ yf ø9$# tβθ äóö7tƒ 4 { )4( .

. ما قال الشعيب يف سبب نزول اآلية األوىل: اخلامسة . اإلميان الصادق والكاذبتفسري: السادسة . قصة عمر مع املنافق : السابعة . كون اإلميان ال حيصل ألحد حىت يكون هواه تبعا ملا جاء به الرسول : الثامنة : الشرح

جل -هذا الباب من األبواب العظيمة املهمة يف هذا الكتاب، وذلك ألن إفراد اهللا أن يفرد - مجيعا - يتضمن ويقتضي ويستلزم بالوحدانيـة يف ربوبيته ويف إهليته-وعال

ال حكم إال حكمه يف ملكوته، فكذلك جيب أن - جل وعال -يف احلكم، فكما أنه - جل وعال -يكون ال حكم إال حكمه فيما يتخاصم فيه الناس ويف الفصل بينهم، فاهللا

مـن طريق جماهد " التفسـري " ، وأخرجه الطـربي يف عن ابن عباس " الدر املنثور " أخرجه الثعليب كما يف )1(

. 37 / 5" فتح الباري " وانظر . بإسناد صحيح) 99- 1( . 11: البقرة آية سورة)2( . 56: سورة األعراف آية )3( . 50: سورة املائدة آية )4(

Page 372: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

372

ãΝõ3çt {: هو احلكم، وإليه احلكم سبحانه، قال جل وعال ø: $$ sù ¬! Çc’ Í?yèø9$# ÎÎ6 s3ø9$# ∩⊇⊄∪ { )1(

ÈβÎ) ãΝõ3ß⇔ø9$# ω { - جل وعـال -، وقال ]12: غافر[ Î) ¬! ( { )2(] 57: األنعـام [

يف الطاعة وحتقيق شهادة أن ال إله إال اهللا وأن حممدا - جـل وعـال -فتوحيـد اهللا على - جل وعال -رسول اهللا ال يكـون إال بـأن يكون العباد حمكمني ملا أنزل اهللا

، أو حبكم اجلاهلية، أو حبكـم القوانني فترك حتكيـم ما أنزل اهللا على رسوله. رسوله هذا من - جل وعال -حبكـم سـواليف البادية، أو بكل حكـم خمالف حلكـم اهللا

شهادة أن ال إلـه : ومما يناقـض كلمة التوحيد- جـل جالله -الكفر األكـرب باهللا . إال اهللا وأن حممدا رسول اهللا

هذا البـاب ليبني أن احلكـم مبـا أنـزل اهللا - رمحه اهللا -وقـد عقد الشيخ فـرض، وأن تـرك احلكـم مبـا أنـزل اهللا وحتكيـم غـري مـا أنـزل اهللا يف

- جـل وعال -شـؤون املتخاصمني وترتيل ذلك مرتلة القرآن أن ذلك شرك أكرب باهللا . وكفر خمرج من ملة اإلسالم

": حتكيم القوانني " يف أول رسالته - رمحه اهللا -قال اإلمام الشيخ حممد بن إبراهيم من الكفر األكرب املستبني، ترتيل القانون اللعني، مرتلـة ما نزل به الروح األمني، على إن

. قلب سيد املرسلني،؛ ليكون حكما بني العاملني، مناقضة وحمادة ملا نزل من رب العاملني . انتهى كالمه مبعناه

إال اهللا فال شك أن إفراد اهللا بالطاعة، وإفراده بـاحلكـم، وحتقيق شهادة أن ال إله وأن حممدا رسول اهللا، كل ذلـك يقتضي أال حيكـم إال بشرعه؛ فلهذا كان احلكـم

- جل وعال -بالقوانني الوضعية، أو احلكـم بسواليف البادية، من الكفر األكـرب باهللا ’ ?öΝs9r& ts {: - هنا يف هذه اآليـة -لقوله تعـاىل n<Î) š Ï% ©!$# tβθßϑ ãã÷“ tƒ öΝßγ ¯Ρr& (#θ ãΨ tΒ#u !$ yϑ Î/ tΑÌ“Ρé&

. 12: سورة غافر آية )1( . 57: سورة األنعام آية )2(

Page 373: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

373

y7 ø‹s9Î) !$ tΒ uρ tΑÌ“Ρé& ÏΒ y7 Î= ö6 s% tβρ߉ƒ Ìムβ r& (#þθ ßϑ x.$ y⇔tFtƒ ’ n< Î) ÏNθ äó≈©Ü9$# { )1(] فمناسبة ] 60: النساء

ـ أن التحـاكـم إىل غري شرع اهللا : يهذا البـاب لكتاب التوحيد ظاهرة جلية، وهقدح يف أصل التوحيد، وأن احلكـم بشرع اهللا واجب، وأن حتكيم القوانني، أو سواليف

أن ال إلـه إال اهللا، وأن حممدا رسول اهللا؛ فإن . البادية أو أمور اجلاهلية، مناف لشـهادةدق فيما أخرب، وأن من مقتضيات شهادة أن حممدا رسول اهللا أن يطاع فيما أمر، وأن يص

. جيتنب ما عنه هنى وزجـر، وأن ال يعبد اهللا إال مبا شرع فـاحلكـم بني املتخـاصمني ال بـد أن يرجـع فيـه إىل حكـم مـن خلـق

جل -املتخاصمني، ومن خلـق األرض والسماوات، فاحلكم الكونـي القدري هللا أال يكـون بـني فيجـب- جـل وعال - وكذلك احلكـم الشرعي هللا -وعـال

- فإن ذلك هـو حقيقة التوحيد يف طاعة اهللا - جل وعـال -العباد إال حتكيم أمر اهللا . يف مسائل التخاصم بني اخللق-جل وعال

>öΝs9r& ts? ’n {: بـاب قـول اهللا تعـاىل " Î) š Ï%©!$# tβθßϑ ãã ÷“ tƒ öΝßγ ¯Ρr& (#θ ãΨ tΒ#u !$ yϑÎ/ tΑÌ“Ρé& y7 ø‹s9Î)

!$ tΒ uρ tΑÌ“Ρé& ÏΒ y7 Î=ö6 s% { )2(] قولـه ] ": 60: النسـاء} tβθßϑ ãã ÷“ tƒ { )3( يـدل على

جيتمع اإلميان مع إرادة احلكـم والتحـاكـم إىل الطـاغوت، أهنم كذبة، فالهذا ضابط مهم، وشرط يف نفي أصل اإلميان عمن حتـاكـم إىل ) يريدون( :قوله

وهـي الطواعية واالختيار -الطاغوت، فإن من حتاكم إىل الطاغوت قد يكون بإرادته ـأن يكون جمربا على ، وقد يكـون بغري إرادته، ب -والرغبة يف ذلك وعدم الكراهة

ذلك، وليس له يف ذلك اختيار، وهو كاره لذلك، فـاألول هو الذي ينتفي عنه اإلميان، وما أنزل من قبله مع إرادة التحاكـم إىل إذ ال جيتمع اإلميان باهللا ومبا أنزل إىل النيب

. 60: سورة النساء آية )1( . 60: سورة النساء آية )2( . 60: سورة النساء آية )3(

Page 374: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

374

جعلها يف ذلك مسـاق الشرط، - جـل وعال -الطاغوت، فاإلرادة شرط؛ ألن اهللا tβρ߉ƒ {: قالف Ìムβ r& (#þθ ßϑ x.$ y⇔tFtƒ ’n< Î) ÏNθ äó≈ ©Ü9$# { )1( و } β r& (#þθ ßϑ x.$ y⇔tFtƒ { )2( هذا

اسم لكـل ما جتـاوز به . يريدون التحـاكـم إىل الطاغوت، والطاغوت : مصدر، يعين . - كما تقدم بيانه -العبد حـده مـن متبـوع، أو معبود، أو مطاع

%ô‰s {: قوله uρ (#ÿρâÉ∆ é& β r& (#ρ ãàõ3tƒ ϵ Î/ { )3(: يعين أن يكفروا بالطاغوت، وأن يكفروا

، فـاألمر بالكفر بالتحـاكـم إىل - جل وعال -بكل حتاكـم إىل غري شرع اهللا يف - جـل وعال -الطاغوت أمر واجب، ومن إفـراد التوحيد، ومن إفـراد تعظيم اهللا

فى عنه اإلميـان أصال، كـما ربوبيته، فمن حتاكـم إىل الطاغوت بإرادتـه، فقد انت . دلت عليه اآلية

%ô‰s {: قولـه uρ (#ÿρ âÉ∆é& βr& (#ρ ãàõ3tƒ ϵ Î/ ߉ƒ Ìムuρ ß≈ sÜø‹¤±9$# β r& öΝßγ ¯= ÅÒ ãƒ Kξ≈n= |Ê #Y‰‹Ïè t/ ∩∉⊃∪ { )4(

. هذا من وحي الشيطان، ومن تسويله دل ذلك على أن

sŒÎ)uρ Ÿ≅Š# {: وقوله Ï% öΝßγ s9 Ÿω (#ρ ߉šøè? ’ Îû ÇÚö‘ F{$# (#þθä9$ s% $ yϑ ¯ΡÎ) ßøt wΥ šχθ ßs Î=óÁ ãΒ ∩⊇⊇∪ { )5(

هللا، وبتحكيم غري شرع اهللا، فاألرض اإلشراك با: اإلفساد يف األرض] 11: البقرة[إصالحها بالشريعة والتوحيد، وإفسـادها بالشرك بأنواعـه الذي منه الشرك يف الطاعة؛ وهلذا سـاق الشيخ هذه اآلية حتـت هذا البـاب، ألجـل أن يبني لك أن صالح

بالطاعة وأن ال حيـاكم - جـل وعال -األرض بـالتوحيد الـذي منـه إفـراد اهللا جل -إال إىل شرعه، وأن إفسـاد األرض بالشـرك، الذي منه أن جيعل حكم غري اهللا

. جائز التحاكـم إليه-وعال

. 60: سورة النساء آية )1( . 60: نساء آية سورة ال)2( . 60: سورة النساء آية )3( . 60: سورة النساء آية )4( . 11: سورة البقرة آية )5(

Page 375: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

375

وهذه اآلية ظـاهرة يف أن من خصال املنافقني أهنم يسعون يف الشرك ويف وسائله إمنا حنـن مصلحـون ويف احلقيقة أنـهم هـم املفسـدون ولكن ال : وأفراده ويقولون

ن؛ ألهنم إذا أرادوا الشرك ورغبوا فيه وحاكـموا وحتاكـموا إىل غري شرع اهللا يشعرو . فإن ذلك هو الفساد والسعي فيه سعي يف اإلفساد

zΝõ3ßs {: وقوله sùr& Ïπ ¨ŠÎ=Îγ≈ yf ø9$# tβθ äóö7tƒ 4 ôtΒ uρ ß|¡ôm r& zÏΒ «!$# $ Vϑõ3ãm 5Θöθ s)Ïj9 tβθ ãΖÏ%θ ム∩∈⊃∪ { )1(

أن حيكم بعضهم على بعض، بـأن يسن البشر شريعة : وحكم اجلاهلية هو] 50: املائدة[ هو الذي خلق العباد، وهو أعلم مبا يصلحهم، وما - جل وعال -فيجعلوهنا حكما، واهللا

م، فمن حاكم إىل شرائع اجلاهلية فيه العدل يف الفصل بني الناس يف أقضيتهم وخصوماهت جل -فقد حكم البشر، ومعىن ذلك أنه اختذه مطاعا من دون اهللا، أو جعله شريكا هللا

يف عبادة الطاعة، والواجب أن جيـعل العبد حكمه وحتاكمه إىل اهللا جل وعال -وعال uötó { هو أحسن األحكام - جل وعال -دون ما سواه، وأن يعتقد أن حكم اهللا sùr& «!$#

Èö tG ö/r& $ Vϑ s3ym { )2(] وقال هنا] 114: األنعـام :} ôtΒ uρ ß|¡ôm r& zÏΒ «!$# $ Vϑ õ3ãm 5Θöθ s)Ïj9

tβθ ãΖÏ%θム∩∈⊃∪ { )3( زبالة أذهان -كما قال طائفة- فدل على أن حكـم غريه إمنا هو

يف ملكـه - جـل وعال -وحناتة أفكار ال تساوي شيئا عند من عقل تصرف اهللا . وملكوته وأن ليس مث حكم إال حكم الرب جل وعال

من املسائل اليت يقع فيها - أعين مسألة التحاكم إىل غري شرع اهللا-وهذه املسألة خلط كثري، خاصة عند الشباب يف هذه البالد ويف غريها، وهـي من أسباب تفرق املسلمـني؛ ألن نظر الناس فيها مل يكـن واحـدا، والواجب أن يتحرى طالب العلم ما

. 50: سورة املائدة آية )1( . 114: سورة األنعام آية )2( . 50: سورة املائدة آية )3(

Page 376: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

376

دلت عليه األدلة وما بني العلماء من معاين تلك األدلة وما فقهوه من أصول الشرع . وحيد وما بينوه يف تلك املسائلوالت

واحدة، - مسألة احلكم والتحاكم -أهنم جعلوا املسألة : ومن أوجه اخللط يف ذلك أن يكون هناك تشريع : جعلوها صورة واحدة، وهي متعددة الصور، فمن صورها : يعين

هذا التقنني من حيث وضعه كفر، - جل وعال -لتقنني مستقل، يضاهى به حكم اهللا اضع له، واملشرع والسان لذلك، وجـاعل هذا التشريع منسوبا إليه وهو الذي حكم والو

هبذه األحكام، هذا املشرع كـافر، وكفره ظاهر؛ ألنه جعل نفسه طاغوتا، فدعا الناس - وهذه احلالة الثانية -إىل عبادته، عبادة الطاعة وهو راض، وهناك من حيكم هبذا التقنني

م بذلك التشريع حالة، ومن يتحاكم إليه حالة، ومن جيعله يف فاملشرع حالة، ومن حيك . بلده من جهة الدول هذه حالة رابعة املشرع، ومن أطاعه يف جعل احلـالل حراما واحلرام : فصارت عندنا األحوال أربعا

ومن أطاعـه يف ذلك فقد اختـذه ربا من دون . حالال ومناقضة شرع اهللا؛ هذا كافر فإن حكـم مرة أو مرتـني أو أكثر من ذلك : ك التشريع فيه تفصيـل واحلاكم بذل . اهللا

ومل يكن ذلك ديدنا له وهو يعلم أنه عاص بتحكيم بغري شرع اهللا، فهذا له حكم أمثاله : من أهـل الذنوب، وال يكفر حىت يستحل؛ وهلذا جتد أن بعض أهل العلم يقول

ذا صحيح، ولكـن ال ترتل هذه احلاكـم بغري شـرع اهللا ال يكفر إال إذا استحل، وهليس الكفر الذي تذهبون : احلالة على حالة التقنني والتشريـع، كما قال ابن عباس

أن من حكم يف مسألة أو يف مسألتني بـهواه بغري : يعين.. إليـه، هو كفر دون كـفر . شرع اهللا وهو يعلـم أنه عاص ومل يستحل، هذا كفر دون كفر

م بشرع اهللا بتاتا وحيكم دائما ويلزم الناس بغري شرع اهللا، أما احلاكم الذي ال حيكيكفر مطلقا ككفر الذي سن القانون؛ ألن اهللا جل وعال : فهذا من أهل العلم من قال

Page 377: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

377

tβρ {: قال ߉ƒÌムβ r& (#þθ ßϑ x.$ y⇔tFtƒ ’ n< Î) ÏNθ äó≈©Ü9$# { )1( فجعل الذي حيكم بغري شرع اهللا مطلقا

%ô‰s {: طاغوتا وقال uρ (#ÿρ âÉ∆ é& β r& (#ρ ãàõ3tƒ ϵ Î/ { )2( .

ل؛ ألنـه قـد يعمل حىت هذا النوع ال يكفر حىت يستح : قال. ومن أهل العلم من ذلك وحيكم وهو يعتقد يف نفسه أنه عاص، فله حكـم أمثاله من املدمنني على املعصية

وهـو أن الـذي حيكـم دائمـا بغري شرع اهللا -والقول األول . الذين مل يتوبوا منها وهو قول اجلد الشيخ - عندي - هو الصحيح -ويلزم الناس بغري شرع اهللا أنه كـافر

؛ ألنه ال يصـدر يف " يف رسالته حتكيـم القوانني - رمحـه اهللا - إبراهيم حممد بنالواقـع من قلب قـد كـفر بالطـاغوت، بـل ال يصدر إال ممـن عظم القانون،

. وعظم احلكم بالقانون الـذي يذهـب هـو وخصمـه : حـال املتحاكمني، يعين: احلـال الثالثـة

إن كـان يريـد التحاكم : ، وهو - أيضا -فصيل ويتحاكـمون إىل قانون، فهذا فيه ت إىل الطاغوت، وله رغبة يف ذلك، ويرى أن احلكـم بذلك سـائغ وال يكرهـه، فهذا

إرادة - كـما قـال العلماء -؛ ألنه داخـل يف هذا اآلية، وال جتتمـع :كـافر أيضا جـل - التحاكـم إىل الطـاغوت مـع اإلميـان بـاهللا، بـل هذا ينفي هذا، واهللا

>öΝs9r& ts? ’n {: قال-وعال Î) š Ï%©!$# tβθ ßϑ ãã ÷“ tƒ { )3(.

وأما إن كـان ال يريـد التحاكم وال يرضاه، وإمنا أجـرب على ذلـك، كـمـا بـاحلـضور مـع خصمـه إىل قـانوين أو إىل حيصل يف البالد األخـرى، من إلزامه

قاض حيكـم بالقانون، أو أنه علم أن احلق له يف الشرع فرفع األمر إىل القـاضي يف القانون لعلمه أنه يوافق حكم الشرع، فهذا الذي رفع أمره يف الدعوى على خصمه إىل

. 60: سورة النساء آية )1( . 60: سورة النساء آية )2( . 60: نساء آية سورة ال)3(

Page 378: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

378

ذلك، فهذا قاض قانوين لعلمه أن الشرع يعطيه حقه وأن القانون وافـق الشرع يف . أنه جائز- عندي -األصـح أيضا

وصف - جل وعال -يتركه ولو كان احلق له، واهللا : وبعض أهل العلم يقولβ {: املنافقني بقوله Î)uρ ä3tƒ ãΝçλ°; ‘,ys ø9$# (#þθ è?ù'tƒ ϵ ø‹s9Î) tÏΖÏã õ‹ãΒ ∩⊆∪ { )1(] فالذي ] 49: النور

يرى أن احلق ثبت له يف الشرع وما أجـاز لنفسه أن يترافع إىل غري الشرع إال ألنه يأتيه لـه مشروعا، فهذا ال يدخـل يف إرادة التحـاكم إىل - جل وعال -ما جعله اهللا

الطاغوت فهو كـاره ولكنه حـاكـم إىل الشـرع، فعلـم أن الشرع حيكم له . عند القانوين وسيلة للوصول إىل احلـق الذي ثبت له شرعا فجعـل احلكـم الذي

حال الدولة اليت حتكـم بغري الشرع، حتكـم بالقانون، فالدول اليت : احلال الرابعة فقد فصل الشيخ حممد بن إبراهيم الكـالم يف هـذه املسألة - أيضا -حتكـم بالقانون

ـرض، وأن حتكـيـم القانون يف أن الكفـر بالقـانون ف : يف فتاويه، وخالصة قوله أن الدولـة دولة إسالم، : الدول إن كان خفيا نادرا فـاألرض أرض إسالم، يعين

وإن كان : فيكـون له حكـم أمثالـه من الشركيات اليت تكـون يف األرض، قالالدولة دولة كـفر، فيصبـح احلكـم على : دار كـفر، يعين. ظاهرا فاشيا، فالدار

: ىل هذا التفصيل الدولة راجـع إ إن كـان حتكيم القانون قليال وخفيا، فـهذه هلا حكـم أمثاهلا من الـدول الظاملة،

وإن كان ظاهرا فاشيا . أو اليت هلا ذنوب وعصيان ووجود بعـض الشركيات يف دولتها فـالدار دار كفر، وهذا : قـال- والظهور يضاده اخلفاء، والفشو يضاده القلة -

حيـح؛ ألننا نعلـم أنه صار يف دول اإلسالم تشريعات غري موافقة التفصيل هو الص والعلماء يف األزمنة األوىل ما حكـموا على الدار بأهنا دار - جـل وعال -لشرع اهللا

: كفر وال على تلك الدول بأهنا دول كفريـة إال ألن الشرك له أثر يف الدار، وإذا قلنا

. 49: سورة النور آية )1(

Page 379: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

379

ـ اكم إىل الطاغوت ظاهرا فاشيا فالدولة دولة كفر، الدار فنعين الدولة، فمىت كـان التحومىت كان قليال خفيـا أو كـان قليال ظاهرا وينكـر، فاألرض أرض إسالم، والـدار

. دار إسـالم، والدولـة دولـة إسالم فهذا التفصيل يتضـح بـه هذا املقام وبه جتمـع بني كـالم العلماء وال جتـد

. - إن شاء اهللا تعاىل -تشتبه املسألة مضادة بني قول عامل وعامل وال باب من جحد شيئا من األمساء والصفات

öΝèδ {: وقول اهللا تعاىل uρ tβρãàõ3tƒ Ç≈ uΗ ÷q§9$$ Î/ 4 ö≅ è% uθ èδ ’ În1u‘ Iω tµ≈ s9Î) ω Î) uθ èδ ϵ ø‹n= tã àM ù=2 uθ s? ϵø‹s9Î) uρ

É>$ tG tΒ ∩⊂⊃∪ { )1(] 30: الرعد .[

حدثوا الناس مبـا يعرفـون، أتريدون أن " :ويف صحيـح البخـاري قـال علي . )2( " !يكذب اهللا ورسوله؟

وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضـي اهللا يف الصفات استنكارا لذلك، مسع حديثا عن النبـيأنه رأى رجال انتفض ملا " :عنهما. )3( " مـا فـرق هؤالء، جيدون رقة عند حمكمه، ويهلكون عند متشاهبه؟ : فقال

. انتهـى

{: يذكر الرمحن أنكـروا ذلك، فأنزل اهللا فيهم وملا مسعت قريش رسول اهللاöΝèδ uρ tβρ ãàõ3tƒ Ç≈ uΗ ÷q§9$$ Î/ 4 { )4( )5(.

: فيه مسائل . عدم اإلميان جبحد شيء من األمساء والصفات: األوىل

. 30: سورة الرعد آية )1( . )127( أخرجه البخاري )2( . )20895( أخرجه عبد الرزاق يف املصنف )3( . 30: سورة الرعد آية )4( . )20397( أخرجه ابن جرير يف التفسري )5(

Page 380: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

380

. تفسري آية الرعد: الثانية . ترك التحديث مبا ال يفهم السامع: الثالثة . ـوله، ولو مل يتعمد املنكر أنـه يفضي إىل تكذيـب اهللا ورس: ذكـر العلة : الرابعة . كالم ابن عباس ملن استنكر شـيئا من ذلك، وأنه أهلكه : اخلامسة : الشرح

باب من جحـد " :هـذا البـاب ترجـم لـه إمـام هـذه الدعـوة بقولـه ومـا يلحقـه مـن الـذم، وأن جحـد : يعـين " شـيئا من األمساء والصفـات

ـ اف ألصـل التوحيـد ومـن خصـال شيء مـن األمسـاء والصفـات من . الكفـار واملشـركني

وقد ذكرنا فيما سبق أن توحيد اإلهلية عليه براهني، ومن براهينه توحيد املعرفة واإلثبات وهو توحيد الربوبية وتوحيد األمساء والصفات، فمن أدلة توحيد اإلهلية توحيد الربوبية كما

)tβθä.Îô³ç„r& $tΒ Ÿω ß,è=øƒs† $\↔ø‹x© öΝèδuρ tβθà)n=øƒä† ∩⊇⊇∪ { )1 {: باب قول اهللا تعاىل " سبق يف

وكذلك توحيد األمساء والصفات برهان على توحيد اإلهلية، ومن ] 191: األعراف[ توحيد حصل عنـده ضـالل يف توحيد األمساء والصفات فـإن ذلك سيتبعه ضالل يف

من : اإلهليـة؛؛ وهلذا جتـد املبتدعة الذين أحلدوا يف أمساء اهللا ويف صفاتـه من هذه األمة اجلهمية، واملعتزلة، والرافضة، واألشاعرة، واملاتريدية، وحنو هؤالء، جتـد أهنم ملا احنرفـوا يف باب توحيد األمساء والصفات مل يعلمـوا حقيقـة معنـى توحيـد اإلهلية

بغـري معناهـا الـذي دلـت ) ال إلـه إال اهللا ( :بغري معناه وفسـروا) اإلله( ففسرواعليه اللغـة ودل عليه الشرع، وكذلك مل يعلمـوا متعلقـات األمسـاء والصفات

- رمحـه اهللا - وسلطانه؛ هلذا عقـد الشيخ - جـل وعال -وآثارهـا يف ملك اهللا اء والصفـات مـن كـمال التوحيد وأن هذا الباب ألجـل أن يبني أن تعظيـم األمس

. 191: سورة األعراف آية )1(

Page 381: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

381

جحد األمساء والصفات مناف ألصـل التوحيد، فـالذي جيحد امسا مسى اهللا به نفسه أو كما - جل وعال - وثبـت ذلك عنه وتيقنه فإنه يكون كافرا باهللا مساه بـه رسوله

öΝèδ {: قال سبحانه عن املشركـني uρ tβρ ãàõ3tƒ Ç≈ uΗ ÷q§9$$ Î/ 4 { )1(] 30: الرعد .[

يف أمسائه - جـل وعال -والواجب على العباد من أهل هذه امللة، أن يوحـدوا اهللا - جل وعال -أن يتيقن ويؤمن بـأن اهللا : وصفاته، ومعىن توحيد اهللا يف أمسائه وصفاتـه

øŠs9 ϵ§{ {ليس له مثيل يف أمسائه وال يف صفاتـه كما قال ـ جل وعال ـ Î= ÷WÏϑ x. Öï† x« ( uθ èδ uρ ßìŠÏϑ ¡¡9$# çÅÁ t7ø9$# ∩⊇⊇∪ { )2(] شيء فنفى وأثبت، نفى أن مياثل اهللا ] 11: الشورى -

. وأثبت له صفيت السمع والبصر-جل وعال قدم النفي قبل اإلثبات على القاعدة العربية املعروفة أن التخلية تسبق : قال العلماء

التحلية، فيجب أن خيلو القلب من كل براثن التمثيل ومن كل ما كان يعتقده املشركون ، فإذا خال القلب من كل ذلك، وبرئ اجلاهلون من تشبيه اهللا خبلقه، أو تشبيه خلق اهللا به

من الصفات، فأثبت هنا صفتني - جال وعال -من التشبيه والتمثيل، أثبت ما يستحقه اهللا . ومها السمع والبصر

وسبب ذكر السمع والبصر هنا يف مقام اإلثبات دون غريمها من الصفات، أو دون مع والبصر مشتركة بني أكثر ذكر غري اسم السميع والبصري من األمساء؛ ألن صفيت الس

املخلوقات احلية، فجل املخلوقات احلية اليت حياتـها بالروح والنفس ال بالنماء فإن السمع والبصر موجود فيها مجيعا، فاإلنسان له مسع وبصر وسائر أصناف احليوانات هلا مسـع وبصر، فالذباب له مسـع وبصر يناسبه، والبعري له مسع وبصر يناسبه، وكذلك

. الطيور، واألمساك، والدواب الصغرية، واحلشرات كل له مسع وبصر يناسبه

. 30: سورة الرعد آية )1( . 11: سورة الشورى آية )2(

Page 382: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

382

ومن املتقرر عند كـل عـاقل أن مسـع هـذه احليوانـات ليـس متمـاثال، وأن بصرها ليس متماثال وأن مسـع احليـوان ليـس مماثال لسـمع اإلنسـان، فسـمع

انـات وكذلك البصر، فـإذا اإلنسان رمبا كان أبلغ وأعظم من مسع كثري من احليو كـان كذلك كـان اشتراك املخلوقـات الـيت هلا مسـع وبصـر يف السـمع والبصـر اشتراكا يف أصل املعىن، ولكـل مسع وبصر مبا قدر له وما يناسب ذاته، فإذا كـان كذلك ومل يكـن وجـود السمع والبصر يف احليوان ويف اإلنسـان مقتضيـا

نسان، فكذلك إثبات السمع والبصر للملك احلـي القيوم ليس على لتشـبيه احليوان باإل - جـل وعـال -وجـه املماثلة للسمع والبصر يف اإلنسان أو يف املخلوقات، فلله

مسـع وبصـر يليـق بـه، كـمـا أن للمخلوق مسعـا وبصـرا يليـق بذاته يعتريه نقـص احلقـرية الوضيعـة، فسمع اهللا كـامل مطلق من مجيـع الوجوه ال

. وبصـره كذلكهو الذي اسـتغرق كـل الكمـال يف صفـة السـمع، ) السميع( واسم اهللا

هو الذي استغرق كـل الكمال يف صفـة البصر، فدل ) البصري( وكذلك اسـم اهللا ذلك علـى أن النفـي مقـدم علـى اإلثبـات، وأن النفـي يكـون جممـال

جل جالله -لـى العباد أن يعلمـوا أن اهللا واإلثبات يكـون مفصـال، فـالواجب ع متصف باألمساء احلسىن وبالصفات العلـى وأن ال جيحدوا شيئا مـن أمسائه -

وصفاتـه، فمن جحـد شيئا من أمساء اهللا وصفاتـه فهو كـافر؛ ألن ذلك صنيع . الكفار واملشركـني

فـة اهللا، والعلم به، بل واإلميان باألمساء والصفات يقوي اليقني باهللا، وهو سبب ملعر تكـون مبعرفة أمسائـه وصفاته، ومبعرفـة - جـل وعال -إن العلم باهللا ومعرفة اهللا

، وهذا باب عظيم رمبا يأيت - جـل وعـال -آثار األمساء والصفات يف ملكـوت اهللا

Page 383: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

383

$!uρ â!¬ {: باب قول اهللا تعاىل " له زيادة إيضـاح عند oÿ ôœ F{$# 4 o_ ó¡çt ø: $# çνθãã ÷Š$$ sù $ pκÍ5 ( { )1(

]. 180: األعراف[صلة " باب من جحـد شيئا من األمساء والصفات " :فتلخص من هذا أن لقوله

: وطيدة بكتاب التوحيد من جهتني . يد العبادة توحيد األمساء والصفاتأن من براهني توح : اجلهة األوىل

أن جحد شيء من األمساء والصفات شرك وكفر خمرج من امللـة، وأن من : الثانية أثبتها لنفسه، وأثبتها له - جل وعال -ثبت عنده االسم، أو ثبتت الصفة، وعلم أن اهللا

. ة مث جحدها ونفاها أصال، فإن هذا كفـر؛ ألنـه تكذيب بالكتاب وبالسن سوله

öΝèδ { :وقول اهللا تعاىل" uρ tβρãàõ3tƒ Ç≈ uΗ÷q§9$$ Î/ 4 { )2(] اآليـة ]. 30: الرعـد" ،

: واملشركون والكفار يف مكـة كـانوا يقولون - جـل وعال -من أمساء اهللا : الرمحن، وهذا كفر بنفسه؛ وهلذا قال )الرمحن( نعلم الرمحن إال رمحن اليمامة، فكفروا باسم اهللاال

öΝèδ {جـل وعال uρ tβρ ãàõ3tƒ Ç≈ uΗ ÷q§9$$ Î/ 4 { )3(باسم اهللا: يعين )من ، وهذا اسم )الرمحن

فيـه صفـة الرمحـة ) الرمحن( أمساء اهللا احلسىن، وهو مشتمل على صفة الرحـمة؛ ألن ومبـين علـى وجـه املبالغة، فالرمحن أبلغ يف اشتماله على صفة الرمحـة من

فهو من أمساء اهللا - جل وعال -؛ وهلذا مل يتسم به على احلقيقة إال اهللا )الرحيـم( اسـم - جال وعال -فقـد أطلق اهللا ) الرحيـم( فيها أحـد، أماالعظيمة اليت ال يشركه

šÏΖÏΒ {: رحيم كـمـا قـال علـى بعـض عباده بأهنم رمحاء، وأن نبيه ÷σßϑ ø9$$ Î/

Ô∃ρ âu‘ ÒΟŠ Ïm .]. 128: التوبة. [)4( } ∪∇⊅⊆∩ ‘§

. 180: سورة األعراف آية )1( . 30: سورة الرعد آية )2( . 30: سورة الرعد آية )3( . 128: سورة التوبة آية )4(

Page 384: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

384

- جـل وعـال -واالسم والصفة بينهما ارتباط من جهة أن كـل اسـم هللا مشتمل على صفة، فأمساء اهللا ليست جامدة، بل كل اسم من أمسـاء اهللا مشتمل على

الذات، والصفة اليت : ومها. صفة، فاالسم من أمساء اهللا يدل على جممـوع شيئني باملطابقة: بالتضمن؛ وهلذا نقول - الذات أو الصفـة -ى أحدمها اشتمل عليها االسـم، ويدل عل

كـل اسم من أمساء اهللا متضمن لصفة من صفـات اهللا ودال باملطابقة على كل من الذي هو علـم ) اهللا( الذات والصفة، أي الذات املتصفة بالصفة حىت لفـظ اجلاللـة

العلم؛ ألن مشتق، علـى الصحيح من قويل أهل- جـل وعال -على املعبود حبق حذفـت مهزتـه ختفيفا لكـثرة دعائـه وندائه بذلك يف أصل العربية، ) اإلله( أصله

ليس امسا جامدا، بل هو ) اهللا( وهي العبـادة، فلفظ اجلاللة ) اإلهلة( فـهو مأخوذ من . مشتق من ذلك

ومجيع الصفات الـيت تتضمنها األمسـاء كلها دالة على كـمال اهللا جـل وعال ظمته، فالعبد املؤمن إذا أراد أن يكمل توحيده فليعظم العناية باألمساء والصفات؛ وعلى ع

وتؤثر هذه األمساء - جـل وعال -ألن معرفة االسم والصفة جيعل العبد يراقـب اهللا والصفـات يف توحيده وقلبه وعلمه بـاهللا ومعرفتـه، كـما سيأيت يف تقاسيم األمساء

. والصفاتحدثوا الناس مبا يعرفون، أتريدون أن " اري قال علي ويف صحيح البخ"

هذا فيه دليل على أن بعـض العلـم ال يصلح لكـل أحد؛ )1( " يكذب اهللا ورسوله؟فإن من العلم ما هـو خـاص، ولو كـان نافعـا يف نفسه ومن أمور التوحيد، لكن

األمساء والصفات رمبا ال يعرفه كثري من الناس، وهذا من مثل بعـض أفـراد توحيد فإهنا - جل وعال -كبعـض مباحث األمساء والصفـات، وذكـر بعـض الصفات هللا

ال تناسب كـل أحـد حىت إن بعـض املتجـهـني إىل العلـم قـد ال تطرح عليه بعـض املسائل الدقيقـة يف األمسـاء والصفـات، ولكن يؤمرون باإلميان بذلك إمجاال،

. )127( أخرجه البخاري )1(

Page 385: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

385

علوم املشتهر يف الكتاب والسنة، أما دقائق البحث يف األمساء واإلميان بـاملعروف وامل والصفـات فإمنـا هـي للخاصة، وال تناسب العامة واملبتدئـني يف طلب العلم؛ ألن منـها ما يشكـل، ومنها ما قد يؤول بقائله إىل أن يكـذب اهللا ورسـوله، كـما

" !ن يكذب اهللا ورسوله؟حدثـوا الناس مبا يعرفون، أتريدون أ " قـال هنا عليأن من أسباب جحد األمسـاء والصفـات أن حيدث : فمناسبة هذا األثر هلذا الباب

املرء الناس مبـا ال يعقلونه من األمساء والصفـات؛ ألن عامـة الناس عندهـم إميـان إمجـايل باألمسـاء والصفات يصـح معـه توحيدهـم وإميانـهم وإسالمهم،

يل ذلك غري مناسب إال إذا كـان املخـاطب يعقل ذلك ويعيه، فـالدخول يف تفاص ملا - رحـمـه اهللا -وليس أكـثر الناس كذلك؛ وهلذا نـهى اإلمـام مـالك

حـدث عنده حبديـث الصورة هنى املتحـدث بذلـك؛ ألن العامة ال حيسنون فهم سب العامة، فقد مثل هذه املباحث، وهكذا يف بعـض املسائل يف األمساء والصفات ال تنا

يكون سبب اجلحـد حتديث الرجـل ببحـث ال يعقله، فيؤول به ذلك إىل أن جيحد . ، أو جيحد شيئا من األمساء والصفات - جل وعال -شيئا من العلم باهللا

فالواجب على املسلم وخباصة طالب العلم أن ال جيعل الناس يكـذبون شيئا مما قاله ووسيلة ذلك التكـذيـب أن حيـدث رسوله أو أخرب به - جـل وعال -اهللا

ما " :الناس مبا ال يعرفـون، ومبا ال تبلغـه عقوهلم، كمـا جـاء يف احلديـث اآلخـر وقد )1( " أنت مبحـدث قوما حديثا ال تبلغـه عقوهلـم إال كـان لبعضـهم فتنة

عض باب من ترك ب " :بوب على ذلك البخاري يف الصحيـح يف كتاب العلم بقوله، وهـذا من األمر "االختيار خمافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعـوا يف أشد منه

املهم الذي ينبغي للمعلـم واملتحـدث والواعـظ واخلطيـب أن يعيه، وأن حيـدث الناس مبـا يعرفـون وأن جيعـل تقوية التوحيـد وإكـمال توحيدهم والزيادة يف

. نإمياهنم مبا يعرفون ال مبا ينكرو

. )14( أخرجه مسلم )1(

Page 386: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

386

وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي اهللا " يف الصفات استنكارا أنه رأى رجال انتفض ملا مسع حديثـا عن النيب: عنهما

جيدون رقة عند حمكمه، ويهلكون عند !! ما فـرق هؤالء؟ : لذلك، فـقالانتفض؛ ألنه فهم مـن هذه هـذا الرجـل ملا مل يعرف هذه الصفة )1( " متشاهبه؟

الصفـة املماثلة أو التشبيه، فخاف من تلك الصفة، والواجب على املسلم أنه إذا مسع أن جيريها جمرى مجيع الصفات، صفـة من صفات اهللا يف كتاب اهللا أو يف سنة النيب

إثبات بال تكييف، وبـال متثيـل، فإثباتنـا- جـل وعال -وهو أن إثبات الصفات هللا عـن املثيـل والنظـري يف صفاتـه - جـل وعـال -للصفات على وجـه ترتيه اهللا

وأمسائه، فله من كل اسم وصفة أعلى وأعظم ما يشتمل عليه من املعىن؛ وهلذا قال ابن ما سبب خوف هؤالء؟ ملاذا فرقوا؟ خافوا من هذه : يعين " ما فرق هؤالء؟ " :عباس هنا

. الصفة ومن إثباهتا إذا خوطبوا باحملكـم الذي يعرفون، : يعـين " جيدون رقة عند حمكمه " :قوله

هو ما يعلـم، أي الـذي يعلمه سامعه هذا : وجدوا يف قلوهبم رقة لذلـك، واحملكـم . هو احملكـمفإذا مسعوا يف الكتاب أو السـنة شيئا ال تعقله " ويهلكون عند متشاهبه " :قوله

قوا، وأولوا، ونفوا أو جحدوا، وهذا من أسباب عقوهلم هلكوا عنده، وخافوا، وفر . الضالل

. الذي يشتبه علمه على سامعه : واملتشابهوالقرآن والعلم والشريعة كلـها حمكمة، وكلها متشاهبة، ومنها حمكـم، ومنها

: متشابه، فهذه ثالثة أقسام

. )485( السنة ، وابن أيب عاصم يف )20895( أخرجه عبد الرزاق يف املصنف )1(

Page 387: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

387

≈=!9# 4 ë {: - جـل وعـال -احملكـم كما قـال : فاألول tG Ï. ôM yϑ Å3ôm é& …çµ çG≈tƒ#u §ΝèO

ôM n= Å_Áèù ÏΒ ÷β à$ ©! AΟŠ Å3ym AÎ7yz ∩⊇∪ { )1( } ω r& (#ÿρ ߉ç7÷è s? ω Î) ©!$# 4 { )2(] 2-1: هود [

أحكمه، فال - جل وعال -أن معناه واضح، وأن اهللا : كله حمكـم، مبعىن فالقرآن .öθs9uρ tβ%x {: - جل وعـال -اختالف فيه وال تباين، وإمنا يصدق بعضه بعضا كما قال

ôÏΒ Ï‰ΖÏã Îöxî «!$# (#ρ ߉y uθ s9 ϵŠ Ïù $ Z≈ n= ÏF÷z $# #ZÏWŸ2 ∩∇⊄∪ { )3(] 82: النساء .[

أن بعضها يشبه بعضا، فهذا احلكـم : والقرآن والشريعة أيضا متشاهبة كلها، مبعىن يشبه غريه، وهذه املسألة تشبه تلك؛ ألهنا جتـري معـها يف قـاعدة واحدة، فنصوص

: - جـل وعـال - وقـد قال الشريعة يصدق بعضها بعضا ويؤول بعضها إىل بعض} ª!$# tΑ“ tΡ z|¡ôm r& Ï]ƒ ωpt ø: $# $ Y6≈ tG Ï. $ YγÎ6≈ t±tF•Β u’ÎΤ$ sW¨Β ”Ïè t±ø)s? çµ ÷ΖÏΒ ßŠθè= ã_ t Ï% ©!$# šχ öθ t±øƒ s† öΝåκ®5u‘ { )4(

≈Y6$ { :فقـال] 23: الزمر[ tG Ï. $ Yγ Î6≈t±tF•Β { )5(أن بعضه : فـالقرآن متشابه، يعـين

يشبه بعضـا، فـهذا خـرب يف اجلنة، وهذا خرب يف اجلنة، وبعـض األخبار يفصل رى وتزيدها تفصيال، وهكذا كل ما يف بعضا، وهذه قصة وهذه قصة، وكل تصدق األخ

. القرآنوالقرآن أيضا والشريعة والعلم منه حمكـم ومنه متشابه باعتبـار آخـر، كما جـاء

uθ {: يف آيـة آل عمـران èδ ü“ Ï% ©!$# tΑt“Ρr& y7 ø‹n= tã |=≈ tG Å3ø9$# çµ ÷ΖÏΒ ×M≈ tƒ#u ìM≈yϑ s3øt ’Χ £èδ ‘Πé& É=≈ tG Å3ø9$#

ãyz é&uρ ×M≈yγ Î7≈ t±tFãΒ ( { )6(] وهو الذي اتضح لك : ، فمنـه حمكـم ]7: آل عمـران

. 1: سورة هود آية )1( . 2: سورة هود آية )2( . 82: سورة النساء آية )3( . 23: سورة الزمر آية )4( . 23: سورة الزمر آية )5( . 7: سورة آل عمران آية )6(

Page 388: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

388

وهبذا نعلم أنه ليس عند أهل السنة . وهو الذي اشتبه عليك علمـه : علمـه، ومنه متشابه شيء من املتشابه املطلق الذي ال يعلمه أحد، مبعىن أنه - أتباع السلف الصاحل -واجلماعة

ال توجـد مسـألة مـن مسـائل التوحيد، أو من مسائل العمل يشتبه علمها على كل األمة هذا ال يوجد، بل رمبا اشتبه على بعض الناس وبعضهم يعلم املعنـى كمـا قـال

$ {: - جـل وعـال - tΒ uρ ãΝn= ÷è tƒ ÿ…ã& s#ƒ Íρ ù's? ω Î) ª!$# 3 tβθ ã‚ Å™≡§9$#uρ ’Îû ÉΟù= Ïè ø9$# { )1(] آل

علـى أحد وجهي الوقف، فهذا املتشابه املوجود الذي هو قسيم ] 7: عمـرانيء من التوحيد أو من للمحكـم قـد يشتبه على بعض الناس، فإذا اشتبه عليك علم ش

الشريعة فـإن الواجـب أال تفرق عنده وأال ختـاف وأال تتهم الشرع وإال وقـع يف ال يؤمنون به، فإن هؤالء هم الذين : قلبك شيء من الزيغ؛ ألن الذين يتبعون املتشابه مبعىن

جيـدون " :يف قلوهبم زيغ، وهذا هو الـذي عناه ابن عباس رضي اهللا عنهما حني قال يريد به هذا الوجه من أن الذين يهلكون عند " رقة عند حمكمه ويـهلكون عند متشاهبه

$ {: فيـهم- جـل وعـال -املتشابه هـم أهـل الزيـغ الذين قـال اهللا ¨Β r'sù t Ï% ©!$#

’ Îû óΟÎγ Î/θ è= è% Ô÷ƒ y— tβθãè Î6 ®KuŠsù $ tΒ tµ t7≈ t±s? çµ ÷ΖÏΒ u!$ tó ÏG ö/$# Ïπ uΖ÷G Ïø9$# u!$ tó ÏG ö/$#uρ Ï& Î#ƒ Íρ ù's? 3 { )2(] 7: آل عمران .[

إمـا أن يبتغـوا : فـأهل الزيـغ يتبعـون املتشـابه ابتغـاء أحـد أمريـن يـرد املتشـابه إىل باملتشابه الفتنة، وإما أن يبتغـوا بـه التأويل، والواجـب أن

احملكـم، فنعلـم أن الشـريعة يصـدق بعضـها بعضـا، وأن التوحيـد بعضـه يـدل على بعـض، وكالقاعدة املعروفـة يف الصفـات الـيت ذكرهـا عـدد مـن

أن القول يف بعـض الصفات كالقول " :األئمة كاخلطايب وشيخ اإلسـالم يف التدمريةالصفات كالقول يف الذات حيتذى فيه حذوه وينهج على أن القول يف " و " يف بعض يذكر الرمحن أنكـروا ذلك فـأنزل اهللا وملا مسعت قريش رسول اهللا " " منواله

. 7: سورة آل عمران آية )1( . 7: سورة آل عمران آية )2(

Page 389: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

389

öΝèδ {فيـهم uρ tβρ ãàõ3tƒ Ç≈ uΗ ÷q§9$$ Î/ 4 { )1(] 30: الرعد[ " )فإنكار الصفة أو إنكار )2

االسم مبعىن عدم التصديق بذلك هذا جحد، وهذا خيتلف عن التأويل، فالتأويل واإلحلاد له . مراتـب يأيت بياهنا إن شاء اهللا تعاىل

tβθèùÌ÷è { باب قول اهللا تعاىل tƒ |M yϑ ÷èÏΡ «!$# ¢ΟèO $ pκtΞρ ãÅ6ΖムãΝèδ çsYò2 r&uρ šχρ ãÏ≈ s3ø9$# {

tβθ {: ى ـول اهللا تعال ـباب ق èù Ì ÷è tƒ |M yϑ ÷è ÏΡ «! $# ¢Ο èO $ pκ tΞρ ã Å6Ζ ãƒ ãΝ èδ ç sY ò2 r& uρ

šχρ ã Ï≈ s3 ø9 ]. 83: النحل [)3( } ∪⊃∇∩ #$

وقال عون بن عبد .هذا مايل ورثته عن آبائي: هو قول الرجل: قال جماهد ما معناه . هذا بشفاعة آهلتنا: يقولون : وقال ابن قتيبة. لوال فالن مل يكن كذا : يقولون: اهللا

أصبح من : وإن اهللا تعاىل قال {وقال أبو العباس بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه

وهذا كثري يف الكتاب والسنة، : - احلديث، وقـد تقدم )4( } ..كافرعبادي مؤمن يب و

. يذم سبحانه من يضيف إنعامه إىل غريه ويشرك بهكانت الريـح طيبة واملالح حاذقا، وحنو ذلك مما هو : هو كقوهلم : قال بعض السلف . جار على ألسنة كـثري

: فيه مسائل . تفسري معرفة النعمة وإنكارها : األوىل

. معرفة أن هذا جار على ألسنة كثري : ثانيةال . تسمية هذا الكالم إنكارا للنعمة : الثالثة

. 30: سورة الرعد آية )1( . )20397( أخرجه ابن جرير يف التفسري )2( . 83: سورة النحل آية )3(، )3906(، أبو داود الطب )1525(، النسائي االستسقاء )71(، مسلم اإلميان )810( البخاري األذان )4(

. )451(، مالك النداء للصالة )4/117(أمحد

Page 390: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

390

. اجتماع الضدين يف القلب : الرابعة : الشرح

هذا الباب من األبواب العظيمة يف هذا الكتاب وخباصة يف هذا الزمن، لشدة احلاجة tβθ {: ب قول اهللا تعاىلبا " :إليه، وترمجه املصنف رفع اهللا مقامه يف اجلنة بقوله èùÌ÷è tƒ

|

֏

è

t ƒ

Page 391: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

391

$ pκtΞρ ãÅ6Ζム{ )1(] وهذا على جهة األكثرية، وإال فقد وردت املعرفة مبعىن ]. 83: النحل

ملا بعث معاذا إىل أن النيب { يف صحيح مسلم من حديث ابن عباس العلم كما جاء

إنك تأيت قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يعرفوا اهللا، فإن " :اليمن قال له فهذا يدل على أن بعض من روى احلديث من التابعني جعل )3( )2( } ..هم عرفوا اهللا

املعرفة مبعىن العلم، وهم حجة يف هذا املقام فيدل على أن استعمال املعرفة مبعىن العلم ال . بأس به

وهذا الباب معقود أللفاظ يكون استعماهلا من الشرك األصغر، ذلك أن فيها إضافة $ {: قال-ل وعال ج-النعمة إىل غري اهللا، واهللا tΒ uρ Νä3Î/ ÏiΒ 7π yϑ÷è ÏoΡ zÏϑ sù «!$# ( { )4(

وهذا نص صريح يف العموم؛ ألن جمـيء النكـرة يف سياق النفي يدل ] 53: النحل[ـ ت على العموم نصا، والتنصيص يف دل) من( على العموم ظهورا، فإن سبقت النكرة ب

العموم معناه أنه ال خيرج شيء من أفـراده، فدلت اآلية على أنه ال خيرج شيء من النعم أيا كان ذلك الشيء، صغريا كان أو كبريا، عظيما أو حقريا، ال يكون إال من اهللا جل

عباد وحده، وأما ال - جل جالله -وعال، فكل النعـم صغرت أو عظمت هي من اهللا فإمنا هم أسباب تأيت النعم على أيديهم، وأسباب يف إيصال النعمة إليك، فمن كان سببا يف معاجلتك، أو سببا يف تعيينك، أو سببا يف جناحك، أو حنو ذلك ال يدل على أنه هو ويل النعمة، أو هو الذي أنعم، فإن ويل النعمة هو الرب جل وعال، وهذا من كمال التوحيد

هو - جل وعال -ملوحد يعلم أنه ما مث شيء يف هذا امللكـوت إال واهللا فإن القلب ا$ {: الذي يرسله، وهو الذي ميسك ما يشاء كما قـال سبحانه ¨Β Ëx tG øtƒ ª!$# Ĩ$ ¨Ψ=Ï9 ÏΒ

. 83: سورة النحل آية )1(، أبو )2435(، النسائي الزكاة )625(، الترمذي الزكاة )19(، مسلم اإلميان )1389( البخاري الزكاة )2(

. )1614(، الدارمي الزكاة )1/233(، أمحد )1783(، ابن ماجه الزكاة )1584(داود الزكاة . تقدم )3( . 53: سورة النحل آية )4(

Page 392: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

392

7π uΗ ÷q§‘ Ÿξ sù y7 Å¡ôϑ ãΒ $ yγ s9 ( $ tΒ uρ ô7 Å¡ôϑムŸξ sù Ÿ≅Å™ öãΒ …çµ s9 .ÏΒ Íν ω÷è t/ 4 { )1(] فكل النعم من ] 2: فاطر

والعباد أسباب يف ذلك، فالواجب إذا أن تنسب النعمة إىل املسدي ال - جل وعال -اهللا ألبطل كونه سببا، وهذا السبب إذا - جل وعال -إىل السبب؛ ألن السبب لو أراد اهللا

لو شاء لصده عن أن - جـل وعال - فقلبه بـني إصبعـني من أصابع اهللا كان آدميا هو ويل النعمة، قال شيخ - جل وعال -يكـون سببا، أو أن ينفعك بشيء، فاهللا

ما من أحد تعلق مبخلوق إال وخذل، وما من أحد تعلق : - رمحه اهللا تعاىل -اإلسالم ال خذل، وهذا يف غالب املسلمني؛ مبخلوق يف حصول نفع له أو اندفاع مكروه عنه إ

وذلك ألن الواجب على املسلم أن يعلق قلبه باهللا، وأن يعلم أن النعم إمنا هي من عنـد وهـذا هو حقيقة التوحيد ومعرفة - جل جالله -اهللا، والعباد أسباب يسخرهم اهللا

. يف ملكوته- جل وعال -تصرف اهللا ـ : قال جماهد ما معناه " يعين أن )2( " هذا مايل ورثته عن آبائي: لهو قـول الرج

منـاف لكمـال التوحيد ونوع شرك؛ ألنه " مـايل ورثته عن آبـائي " قول الرجلنسب هذا املال إليه ونسبه إىل آبائه، ويف الواقع أن هذا املال أنعم اهللا به على آبائه مث

ة املرياث تصل إليه، وهذا قسم- جل وعال -أنعـم اهللا به على هذا املؤمن؛ إذ جعل اهللا ومن نعمته، والوالد سبب يف إيصال املال إليك، وهلذا ال - جل وعال -كله من فضل اهللا

جيوز للوالد أو لصاحب املال أن يقسم املرياث على ما يريد هو؛ ألن املال يف احلقيقة ليس #?Νèδθè {: - جـل وعال -ماال له كما قال uuρ ÏiΒ ÉΑ$ ¨Β «!$# ü“ Ï% ©!$# öΝä38 s?# u 4 { )3(] النور :

إن اهللا قسم بينكم أخالقكم { يقسمه كيف يشاء - جل وعال -، فهو مال اهللا ]33

. 2: سورة فاطر آية )1( . 157 / 14 أخرجه ابن جرير يف التفسري )2( . 33: سورة النور آية )3(

Page 393: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

393

فالواجب على العبد أن يعلم أن ما وصله من املال، )2( )1( } ما قسم بينكم أرزاقكمك

ونعمته، والده أو - جل وعال -أو وصله من النعمة عن طريق آبائه هو من فضل اهللا على هذه النعمة، ويقابل - جل وعال -والدته أو قريبه سبب من األسباب، فيحمد اهللا

. اء وإما بغريهذلك السبب جبزائه إما بدعلوال : كقول القائل)3( " لوال فالن مل يكن كذا: يقولون: وقال عون بن عبد اهللا "

الطيار لذهبنا يف هلكة، ولوال أن سائق السيارة كان ماهرا لذهبنا يف كذا وكذا، أو لوال : لوال أن الشيخ كان معلما وأفهمنا هذه املسألة ملا فهمناها أبدا، أو يقول: يقولدير الفالين لفصلت، وحنو ذلك مـن األلفاظ اليت فيها تعليق حصول األمر هبذه امل

واألمر إمنا حصل بقضاء اهللا وبقدره، وبفضل اهللا وبنعمته مـن حصول . الواسطةلوال : النعـم، أو اندفـاع املكـروه والنقم؛ وهلذا جيب على العبد أن يوحد فيقول

جل -ة وال جيعلها هي األوىل الوحيدة؛ ألن اهللا اهللا مث فالن، فيجعل مرتبة السبب ثاني . هو املسدي للنعم املفضل هبا-وعـال من جهة كثرة االستعمال، " فالن " :إمنا قال هنا " لوال فالن مل يكن كذا " :قوله

أما يف الواقع فـإن النـاس يستعملوهنا فيما يتعلقون به من مجادات، كبيت، أو سيارة، ة، أو مطر، أو ماء، أو سحاب، أو هواء، وحنو ذلك، فنسبة النعمة إىل أو طيارة، أو بقع

إنسان، أو إىل بقعة، أو إىل فعل فاعل، أو إىل صنعة، أو إىل خملوق، كل ذلك من نسبة -النعم إىل غري اهللا، وهو نوع من أنواع الشرك يف اللفظ وهو من الشرك األصغر باهللا

. إن شاء اهللا كما سيأيت يف الباب بعده-جل وعال إذا حصلت هلم نعمة، أو جاءهتم : يعين " هذا بشفاعة آهلتنا: يقولون: وقال ابن قتيبة

أمطار، أو مال، أو جنحوا يف جتارهتم، إذا حصل هلم ذلك توجهوا لألولياء، أو توجـهوا

. )1/387( أمحد )1( . 387 / 1 أخرجه أمحد )2( . 157 / 14 أخرجه ابن جرير يف التفسري )3(

Page 394: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

394

ة اآلهل : لألنبياء، أو توجـهوا لألصنام، أو لألوثان، فصرفوا هلا شيئا من العبادة فقالوا شفعت لنـا فلذلك جاءنا هذا اخلري، فيتذكرون آهلتهم وينسون أن املتفضل بذلك هو اهللا

وأن اهللا سبحانه ال يقبل شفاعة شركية من تلك الشفاعات اليت - جـل وعال - . يذكروهنا

: وإن اهللا تعاىل قال { :وقال أبو العباس بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه "

وهذا كثري يف الكتاب : احلديث، وقد تقدم )1( } ...أصبح من عبادي مؤمن يب وكافرهو : قال بعض السلف. والسنة، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إىل غريه، ويشرك به

: ألسنة كثريكانت الريح طيبة، واملالح حاذقا، وحنو ذلك مما هو جار على : كقوهلموهذا باب ينبغي االهتمام به وتنبيه الناس عليه؛ ألن نعم اهللا على أهل اإلميان يف كل مكان

وأن يذكر هبا وأن - جل وعال -وهلذا جيب أن تنسب النعم إىل اهللا . كثرية ال حصر هلا؛$ {: يشكر؛ ألن من درجات شكر النعمة أن تضاف إىل من أسداها كما قال تعاىل ¨Βr&uρ

Ïπ yϑ ÷èÏΖÎ/ y7 În/u‘ ô^Ïd‰y⇔sù ∩⊇⊇∪ { )2(] فأول درجات الشكر التحديث بالنعمة ]11: الضحى ،

هذا من فضل اهللا، وهذه نعمة اهللا، فإذا التفت القلب إىل خملوق فإنه يكون : كـأن تقول . يدقد أشرك هذا النوع من الشرك املنايف لكمال التوح

Ÿξsù (#θ { باب قول اهللا تعاىل è= yè øgrB ¬! #YŠ# y‰Ρr& öΝçFΡr&uρ šχθ ßϑ n=÷è s? {

Ÿξsù (#θ { :باب قول اهللا تعاىل" è= yè øgrB ¬! #YŠ# y‰Ρr& öΝçFΡr&uρ šχθ ßϑ n=÷è s? {] 22: البقرة .[ هو الشرك، أخفى من دبيب النمل، : األنداد: قال ابن عباس رضي اهللا عنهما يف اآلية

: واهللا وحياتك يا فالن، وحيايت، وتقول : اة سوداء يف ظلمة الليل، وهو أن تقول على صفوقول الرجل . لوال كـليبة هذا ألتانا اللصوص، ولوال البط يف الدار ألتى اللصوص

، )3906(، أبو داود الطب )1525(، النسائي االستسقاء )71 (، مسلم اإلميان )810( البخاري األذان )1(

. )451(، مالك النداء للصالة )4/117(أمحد . 11: سورة الضحى آية )2(

Page 395: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

395

لوال اهللا وفالن، ال جتعل فيها فالنا، هذا كله : وقول الرجل. ما شاء اهللا وشئت: لصاحبه . )1( رواه ابن أيب حامت . شرك

من حلف بغري اهللا فقد كـفر {: قال أن رسول اهللا وعن عمر بن اخلطاب

. رواه الترمذي وحسنه وصححه احلاكـم . )3( )2( } أو أشرك

. )4( ألن أحلف باهللا كـاذبا أحب إيل من أن أحلف بغريه صادقا : وقال ابن مسعود

: ال تقولوا ما شاء اهللا وشاء فالن، ولكن قولوا {: قال عن النيب وعن حذيفة

وجاء عن إبراهيم النخعي )6( رواه أبو داود بسند صحيح . )5( } ما شاء اهللا مث شاء فالن

لوال : ويقولون: باهللا مث بكم، قال: وجيوز أن يقول )7( أعوذ باهللا وبك : أن يقول أنه يكره . لوال اهللا وفالن : اهللا مث فالن وال تقولوا

: فيه مسائل . تفسري آية البقرة يف األنداد: األوىلأن الصحابة رضي اهللا عنهم يفسرون اآلية النازلة يف الشرك األكـرب أهنا تعم : الثانية . األصغر

. أن احللف بغري اهللا شرك : الثالثة . أنه إذا حلف بغري اهللا صادقا، فهو أكرب من اليمني الغموس : الرابعة

. )230( أخرجه ابن أيب حامت )1(ن ، النسائي األميا )1535(، الترمذي النذور واألميان )1646(، مسلم األميان )5757( البخاري األدب )2(

، )2/69(، أمحد )2094(، ابن ماجه الكفارات )3251(، أبو داود األميان والنذور )3766(والنذور . )2341(، الدارمي النذور واألميان )1037(مالك النذور واألميان

. وصححه ووافقه الذهيب 297 / 4 و 18 / 1واحلاكم ) 1535( أخرجه الترمذي )3( . )8902" ( ، والطرباين يف الكبري 469 / 8ملصنف أخرجه عبد الرزاق يف ا )4( . )5/393(، أمحد )4980( أبو داود األدب )5( . ، وصححه النووي )4980( أخرجه أبو داود )6( . )347( أخرجه ابن أيب الدنيا يف كتاب الصمت )7(

Page 396: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

396

. يف اللفظ ) مث(الفرق بني الواو و : اخلامسة : الشرح

Ÿξ {باب قول اهللا تعاىل " هذا sù (#θ è= yèøgrB ¬! #YŠ# y‰Ρr& öΝçFΡr&uρ šχθ ßϑ n= ÷è s? ∩⊄⊄∪ { )1(] البقرة :

أن جتعل غري اهللا ندا : ، وفيه بيان أن هناك ألفاظا فيها التنديد، والتنديـد معنـاه ] "22: له، فيكون التنديد يف نسبة النعم إىل غري اهللا، ويكون يف احللف بغري اهللا، ويكون يف قول

. شاء اهللا وشاء فالن، وغري ذلك من األلفاظ ما التنديد : فهذا الباب فيه بيان أن التنديد يكون يف األلفاظ، والتـنديد هنا املراد به

. األصغر الذي هو شرك أصغر يف األلفاظ وليس التنديد الكامل الذي هو الشرك األكرب

Ÿξ {: - جل وعال -قوله " sù (#θ è= yèøgrB ¬! #YŠ# y‰Ρr& öΝçFΡr&uρ šχθ ßϑ n=÷è s? ∩⊄⊄∪ { )2(] البقرة :

هذا عام يشمل اختاذ األنداد بالشرك األكرب ويشمل أيضا اختاذ األنداد بأنواع ]: 22 يف سياق، النهي فتعم مجيع أنواع نكرة )أندادا( :اإلشراك اليت دون الشرك األكرب؛ ألن قوله

التنديد، والتنديد منه ما هو خمرج من امللـة، ومنه ما ال خيرج من امللة؛ وهلذا ساق عن فجعل مما يدخل " هو الشرك، أخفى من دبيب النمل : األنداد " :ابـن عبـاس أنـه قال

. لناسيف هذه اآلية الشرك اخلفـي أو شرك األلفاظ اليت ختفى على كثري من ا من أن حقيقـة التوحيد أال يكون يف امللة : ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة

شريكا أو ندا له - جل وعال - وأال يتلفظ بشيء فيه جعل غري اهللا - جل وعال -إال اهللا ما شاء اهللا وشاء فالن، أو لوال كليبة هذا ألتانا : كمن حلف بغري اهللا أو كمن قال

. و هذه األلفاظاللصوص، وحن

. 22: سورة البقرة آية )1( . 22: سورة البقرة آية )2(

Page 397: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

397

: لوال اهللا وفالن، بل قل: يعين ال تقل " ال جتعل فيها فالنا، هذا كله به شرك " قولهلوال اهللا حلصل كذا، هذا هو األكمل، فالذي ينبغي يف استعمال هذه األلفاظ أن تنسب

: درجتني كاملة، جائزة، وغري ذلك ال جيوز : إىل اهللا، فظهر لنا هـنا أن مثـة . لوال اهللا ملا حصل كذا : أن يقول : - وهي الكاملة -األوىل فالدرجة

لوال اهللا مث فالن ملا حصل كذا، فهذه : أن يقول : -والدرجة الثانية وهي اجلائزة جائزة وهي توحيد،؛ جلعله مرتبة فالن نازلة عن مرتبة إنعام اهللا، ولكن هذا ليس هو

لوال اهللا : ؛ ألن الكمال أن تقول"ا فالنا ال جتعل فيه " :الكمال؛ وهلذا قال ابن عباس هنا ألتانا اللصوص، ولوال نعمة اهللا ملا حصل كـذا، ولوال فضل اهللا ملا حصل كـذا، هذه

. لوال اهللا مث فالن : هـي املرتبـة الكاملة، واجلواز أن تقول لوال : فهو أن يقول " كله به شرك " :وأما الذي ال جيوز والـذي قال فيه ابن عباس

تفيد التشريك بني املعطوف واملعطوف عليه دون تراخ يف ) الواو ( وفالن، بالواو؛ ألن اهللافتفيد التراخي يف املرتبة، أو التراخي يف الزمن، على ما هو معلـوم يف هذا ) مث( املرتبة، أما

لوال اهللا وفالن شرك، أو ما : املبحث يف حروف املعاين من النحو؛ فلهذا كان قول القائلما شاء اهللا : لوال اهللا، أو أن يقول : والواجب أن يقول . اهللا وشاء فالن شرك أصغـر شاء

. وحده، كما سيأيت يف باب بعد ذلك وحده، وأن اجلائز - جل وعال -فاتضح من هذا أن الكمال أن ينسب ذلك إىل اهللا

. لوال اهللا مث فالن : أن يقول

Page 398: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

398

من حلف بغري اهللا فقد كفر {: قال أن رسول اهللا وعن عمر بن اخلطاب "

من حلف بغري {: قوله " رواه الترمذي وحسنه وصححه احلاكم)1( } أو أشرك

. )3( } فقد كفر أو أشرك { - جل وعال -عقد اليمني بغري اهللا : يعين)2( } اهللا

تأكيد الكالم مبعظم به بني املتكلم واملخاطب، بأحد حروف القسم : واليمني هي؛ - جل وعال -الواو، أو الباء، أو التاء، والواجب أال يؤكد الكـالم إال باهللا : الثالثة

فليسوا مبعظمني حبيث حيلف ، وأما البشر - جل وعال -ألن املعظـم على احلقيقة هو اهللا هبم، نعم رمبا عظموا بشيء يناسب ذاهتم التعظيم البشري الالئق هبم، أما التعظيم الذي

. - جل وعال -يصل إىل حد أن حيلف به فهذا إمنا هو هللا إذا أراد احللف، فمن كان - جل وعال -فالواجب إذا أال يؤكد الكالم إال باهللا

: باستخدام أحد األحرف الثالثة - جل وعال -ؤكد الكالم باهللا حالفا فليحلف باهللا، ولي . الواو، أو الباء، أو التاء

وحنو ذلك فإنه ال يعد حلفا إال إن ) يف( وأما إذا استخدم غري هذه األحرف كلفظ كان يف قلبه أنه ميني ولكنه أخطأ التعبري، فالعربة مبا يف النفس من املعاين، أما ما يف اللفظ

من حلف بغري اهللا فقد كفر أو {: هذا املقام يؤول إىل ما يف القلب؛ هلذا قال هنافإنه يف

، النسائي األميان )1535(، الترمذي النذور واألميان )1646(، مسلم األميان )5757(ب البخاري األد )1(

، )2/69(، أمحد )2094(، ابن ماجه الكفارات )3251(، أبو داود األميان والنذور )3766(والنذور . )2341(، الدارمي النذور واألميان )1037(مالك النذور واألميان

، النسائي األميان )1535(، الترمذي النذور واألميان )1646(، مسلم األميان )5757( البخاري األدب )2(، )2/69(، أمحد )2094(، ابن ماجه الكفارات )3251(، أبو داود األميان والنذور )3766(والنذور

. )2341(، الدارمي النذور واألميان )1037(مالك النذور واألميان ، النسائي األميان )1535(، الترمذي النذور واألميان )1646(، مسلم األميان )5757( البخاري األدب )3(

، )2/69(، أمحد )2094(، ابن ماجه الكفارات )3251(، أبو داود األميان والنذور )3766(والنذور . )2341(، الدارمي النذور واألميان )1037(مالك النذور واألميان

Page 399: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

399

يف - جل وعال -، وإمنا كفر أو أشرك؛ ألنه عظم هذا املخلوق كتعظيم اهللا )1( } أشرك

أن يشرك باحللف شركا أكـرب إذا احللف به وكفره وشركه شرك أصغر، وقد يصل إىل . يف العبادة- جل وعال -عظـم احمللوف بـه تعظيم اهللا

فاحللف بغري اهللا تعاىل تعظيم لذلك احمللوف به يف احللف، فإن انضاف إىل ذلك تعظيم احمللوف به تعظيم عبادة صار شركا أكرب، كحلف الذين يعبدون األوثان بأوثاهنم فإنه

عظم ذلك الوثن، أو ذلك القرب، أو تلك البقعة، أو ذلك املشهد، أو شرك أكرب؛ ألنه يذلك الويل، يعظمه كتعظيـم اهللا يف العبادة فيكون حلفه حلفا مبعظم به يف العبادة، ويكون شركا أصغر مبجرد احللف بغري اهللا، فكل من حلف بغري اهللا فهو مشرك الشرك

ن مشركا الشرك األكرب إذا كان يعبد األصغر، قـد يصل يف بعض األحوال إىل أن يكو . هذا الذي حلف به

وهناك ميني بغري اهللا يف اللفظ فهذه أيضا شرك، ولو مل يعقد القلب اليمني، كمن يكون دائمـا علـى لسـانه استعمال احللـف بـالنيب، أو بالكعبة، أو باألمانة، أو

على لسانه جمرى اللغو، فهذا بويل، وحنو ذلك وهو ال يريد حقيقة اليمـني، وإمنا جيري . - جل وعال -أيضا شرك؛ ألنه تعظيم لغري اهللا

": ألن أحلف باهللا كـاذبا أحب إيل من أن أحلف بغريه صادقا: وقال ابن مسعود" وأن احللف بغري اهللا شرك، وأما الكذب - جل وعال -هذا ألجل عظم احللف بغري اهللا

من الكبائر؛ فلهذا استحب أن يكذب مع فإنه كبرية والشرك األصغـر هذا أعظـم التوحيد وأال يصدق مـع الشرك؛ ألن حسنة التوحيد أعظم من سيئة الكذب؛ وألن سيئة

. الشرك أشنع من سيئة الكذب

، النسائي األميان )1535(، الترمذي النذور واألميان )1646(، مسلم األميان )5757( البخاري األدب )1(

، )2/69(، أمحد )2094(، ابن ماجه الكفارات )3251(، أبو داود األميان والنذور )3766(والنذور . )2341(، الدارمي النذور واألميان )1037(مالك النذور واألميان

Page 400: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

400

ما شاء اهللا وشاء فالن، ولكن : ال تقولوا {: قال عن النيب وعن حذيفة "

هذا من جهة ":: رواه أبو داود بسند صحيح )1( } ما شاء اهللا مث شاء فالن : قولوا

اإلرشاد إىل ما ينبغي أن يقال، فال جتعل مشيئة العبد مقارنة مشتركة مع مشيئة اهللا، بل جـل -القلب املعظم هللا ، و- جل وعال -الواجب أن يرته العبد لفظه حىت يعظم اهللا

يف - جـل وعـال - ال ميكن أن يستعمل لفظا فيه جعل ملخلوق يف مرتبة اهللا -وعال ما شاء اهللا ال تقولوا {: املشـيئة، أو يف احللـف، أو يف الصفات وحنو ذلك؛ هلذا قال

- وهذا النهي للتحرمي؛ ألن هذا التشريك يف املشيئة، شرك أصغر باهللا )2( } وشاء فالن

. -جل وعال

تفيد التراخي يف ) ثـم( ألن : )3( } ولكن قولوا ما شاء اهللا مث شاء فالن {: قوله

$ {: قال تعـاىل- جل وعال -مشيئة العبد تبع ملشيئة اهللا املشيئة، وهذا ألن tΒ uρ tβρâ!$ t±n@

Hω Î) β r& u!$ t±o„ ª!$# > u‘ šÏϑ n=≈ yèø9$# ∩⊄∪ { )4(] فمشيئة العبد ناقصة ومشيئة ] 29: التكويـر

. اهللا كاملة) الواو ( ألن: )أعوذ باهللا وبك : هيم النخعي أنه يكره أن يقول وجاء عن إبرا "

جهة ظاهرة، وجهة : تقتضي التشريك يف االستعاذة، واالستعاذة كما ذكرنا هلا جهتانااللتجاء، واالعتصام، والرغب، والرهب، وإقبال القلب : باطنة، أما اجلهة الباطنة وهي

. على املستعاذ به، فهذه ال تصلح إال هللا العتماد يف االستعاذة على املخلوق فيما أقدره اهللا عليـه جـائز،؛ ألن االستعاذة وا

أعوذ باهللا : كان يكره أن يقول " باملخلوق ظاهرا فيما أقدره اهللا عليه جائزة؛ هلذا

. )5/393(، أمحد )4980( أبو داود األدب )1( . )5/393(، أمحد )4980( أبو داود األدب )2( . )5/393(، أمحد )4980( أبو داود األدب )3( . 29: سورة التكوير آية )4(

Page 401: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

401

والكراهة يف استعمال السلف يراد منـها غالبا احملرم، وقد ترد لغري احملرم ولكن " وبك . نص فيهيستعملوهنا فيما ال

وجميء الكراهة مبعىن التحرمي يف القرآن يف قوله تعاىل ملا ذكر الكبائر يف سورة ≅‘ {: اإلسراء ä. y7 Ï9≡sŒ tβ% x. …çµ ã∞ÍhŠy™ y‰ΖÏã y7 În/u‘ $ \δρ ãõ3tΒ ∩⊂∇∪ { )1(] ويف ]38: اإلسراء ،

. حمرما التحرمي الشديد: ك كان سيئة عند ربك مكروها أيكل ذل: القراءة األخرى لوال اهللا مث : ويقولون : قال " ملا فيها من التراخي": باهللا مث بك: وجيوز أن يقول "

" لوال اهللا وفالن : فالن، وال تقولوا باب ما جاء فيمن مل يقنع باحللف باهللا

ال حتلفوا بآبائكم، من حلف {: قال عن ابن عمر رضي اهللا عنهما أن رسول اهللا

رواه ابن . )2( } باهللا فليصدق، ومن حلف له باهللا فلريض، ومن مل يرض فليس من اهللا

. )3( ).ماجه بسند حسن : فيه مسائل

. ءالنهي عن احللف باآلبا : األوىل . األمر للمحلوف له باهللا أن يرضى : الثانية . وعيد من مل يرض: الثالثة : الشرح

استفاد منه كثري من " مل يقنع " :، قوله"باب ما جاء فيمن مل يقنع باحللف باهللا " الشراح أن املراد هبذا الباب ما يكون عند توجه اليمني على أحد املتخاصمني، فإنه إذا

. 38: سورة اإلسراء آية )1(جه ، ابن ما )1534(، الترمذي النذور واألميان )1646(، مسلم األميان )3624( البخاري املناقب )2(

2341(، الدارمي النذور واألميان )1037(، مالك النذور واألميان )2/76(، أمحد )2101(الكفارات ( .

. 535 / 11" فتح الباري " ، وحسنه احلافظ يف )2101( أخرجه ابن ماجه )3(

Page 402: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

402

وجهت اليمني يف الدعوى فـإن الواجب على اآلخر أن يقنع مبا كانت اخلصومة، وت فخصوا ما جاء من الدليل، وخصوا هذا الباب - جل وعال -حلف عليه اآلخر باهللا

. اليمني عند القاضي: مبسألة الدعاوى، يعين إن احلديث عام، واحلديث حسنه طائفة من أهل العلم، كما : وقال بعض أهل العلم

هذا عام يف كـل )1( } من حلف له باهللا فلريض {: فقوله-محه اهللا ر-ذكر الشيخ

حلف، سواء كـان عند القاضي أو مل يكن عند القاضي، وهذا القول أوجه وأصوب ؛ فإن تعظيم اهللا - جل وعال -ظاهرا؛ ألن سبب الرضا مبا حلف عليه باهللا هو التعظيم هللا

يف قلب العبد جيعله يصدق من حلف له باهللا، ولو كان كاذبا، لكن له أال يبين عليه من حلف له باهللا { - جل وعال -لكـن يصدقه وال يظهر تكذيبا لـه لتعظيم اهللا

ك يف احللف باهللا له وكذب ذا - جل وعال - فليجعل توحيده وتعظيمه هللا )2( } فلريض

. عليهإن هذا راجـع إىل من عرف : - وهذا قول ثالث -وقال طائفة من أهل العلم

صدقه يف اليمني، أما من كان فاجرا فاسقا ال يبايل إذا حلف أن حيلف كاذبا فإنه ال جيب مـع قيام اليقني أو القرائن العامة بكذبه ليس - واحلالة هذه -تصديقه؛ ألن تصديقه

من حلف باهللا فليصدق، ومن حلف له {: ل يف احلديث؛ لقوله يف أول احلديث بداخ

من {: مبا قبله، وهو قوله )4( } من حلف له باهللا {: فتعلق قوله)3( } باهللا فلريض

. ، يعين من حلف له من كان صادقا، فلريض )5( } حلف باهللا فليصدق

. )2101( ابن ماجه الكفارات )1( . )2101( ابن ماجه الكفارات )2( . )2101( ابن ماجه الكفارات )3( . )2101( ابن ماجه الكفارات )4( . )2101( ابن ماجه الكفارات )5(

Page 403: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

403

، } اهللا فليـس من {من مل يرض باليمني باهللا : أي)1( } ومن مل يرض {: قوله

هذا ملحق لفعله } ليـس مـن اهللا {: فيدل على أن فعله من الكبائر؛ ألن قوله

. بالكبائر -وهذا الباب فيه نوع تردد عند الشراح، والظاهر يف املراد منه أن اإلمام املصنف

لباب قبله من حلف بغري اهللا، ، وقد ذكر يف ا - جل وعال - ذكره تعظيما هللا -رمحه اهللا وأن حكمه أنه مشرك، فهذا فيه أن احللف باهللا جيب تعظيمه، وأن ال حيلف املرء باهللا إال صادقا، وأن ال حيلف بآبائه، وأن ال حيلف بغري اهللا، ومن حلف له باهللا فواجب عليه الرضا

قلبه استهانة ، حىت ال يقـع يف - جل وعال -تعظيما السم اهللا، وتعظيما حلق اهللا . بـاسم اهللا األعظم، وعدم اكتراث به أو بالكالم املؤكد به

باب ما جاء فيمن مل " :فتلخص من هذا أن كثريا من أهل العلم جعلوا قول املصنف خاصا مبا إذا توجهت اليمـني علـى أحـد املتخاصمني عند " يقنـع باحللف باهللا

: )2( } ومن حلف له باهللا فلريض {: يف قولهالقاضي، وأن طائفة من أهـل العلم قالوا

يفرق : إن هذا عام يف كل من حلف له باهللا، فإنه جيـب عليه الرضا، وآخرون قـالوا بـني من ظاهره الصـدق، ومن ظاهره الكذب، واهللا أعلم باب قول ما شاء اهللا وشئت

ما شاء اهللا : إنكم تشركون تقولون: فقال أن يهوديا أتى النيب {: عن قتيلة

ورب الكعبة، : إذا أرادوا أن حيلفوا أن يقولوا والكعبة، فأمرهم النيب : وشئت، وتقولون . )4( رواه النسائي وصححه . )3( } ئتما شاء اهللا مث ش: وأن يقولوا

. )2101( ابن ماجه الكفارات )1( . )2101( ابن ماجه الكفارات )2( . )6/372(، أمحد )3773( النسائي األميان والنذور )3( . 389 / 4افظ يف اإلصابة ، وصححه احل )986(، ويف عمل اليوم والليلة 6 / 7 أخرجه النسائي )4(

Page 404: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

404

ما شاء اهللا أن رجال قال للنيب {: وله أيضا عن ابن عباس رضي اهللا عنهما

.)2( )1( } أجعلتين هللا ندا؟ بلى ما شاء اهللا وحده " :وشئت، فقال

رأيت كأين أتيت على نفر {: قال- أخي عائشة ألمها -والبن ماجه عن الطفيل

وإنكم ألنتم : عزير ابن اهللا قالوا : إنكم ألنتم القوم، لوال أنكم تقولون : من اليهود قلت: ما شاء اهللا وشاء حممد، مث مررت بنفر من النصارى فقلت : لوال أنكم تقولون القوم،

وإنكم ألنتم القوم، لوال أنكم : املسيح ابن اهللا قالوا : إنكم ألنتم القوم، لوال أنكم تقولون ما شاء اهللا وشاء حممد، فلما أصبحت أخربت هبا من أخربت، مث أتيت النيب : تقولون

أما " :فحمد اهللا وأثىن عليه مث قال : نعم، قال: خربت هبا أحدا قلت هل أ : فأخربته قـالبعد، فإن طفيال رأى رؤيا أخرب هبا من أخرب منكم، وإنكم قلتم كلمة كان مينعين كذا

ما شاء اهللا : ما شاء اهللا وشاء حممد، ولكن قولوا : وكذا أن أهناكـم عنها، فال تقولوا . )4( )3( } وحده

: فيه مسائل . معرفة اليهود بالشرك األصغر : ىلاألو . فهم اإلنسان إذا كان له هوى: الثاين

مايل من ألوذ به " : فكيف مبن قال} أجعلتين هللا ندا { قوله: الثالثة

. والبيتني بعده؟ " سواك " كذامينعين كذا و: أن هذا ليس من الشرك األكـرب، لقوله : الرابعة . أن الرؤيا الصاحلة من أقسام الوحي : اخلامسة

. )1/214(، أمحد )2117( ابن ماجه الكفارات )1( . )988( أخرجه النسائي يف عمل اليوم والليلة )2( . )2699(، الدارمي االستئذان )5/72(، أمحد )2118( ابن ماجه الكفارات )3( . 151 / 2، وصححه البوصريي يف مصباح الزجاجة )2118(ابن ماجه . أخرجه)4(

Page 405: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

405

. أهنا قد تكون سـببا لشرع لبعض األحكام: السادسة : الشرح

، وهذه املسألة تقدم الكالم "ما شاء اهللا وشئت : باب قول " :هذا الباب ترمجه بقولهŸξsù (#θ {: باب قول اهللا تعاىل " عليها يف è= yèøgrB ¬! #YŠ# y‰Ρr& öΝçFΡr&uρ šχθßϑ n= ÷è s? ∩⊄⊄∪ { )1(

ما شاء اهللا وشئت، شرك يف اللفظ، وتشريك يف : وأن قول القائل " ]22: البقرة[ . املشيئة، وهذا من الشرك األصغر

: يه فوائد، منها والباب واضح من حيث ما اشتمل عليه، لكن ف

: إنكم تشركـون تقولون : فقال أن يهوديا أتى النيب {: أن قوله يف حديث قتيلة

: يقولوا إذا أرادوا أن حيلفوا أن والكعبة، فأمرهم النيب : وتقولون . ما شاء اهللا وشئتفيه من ": رواه النسائي وصححه . )2( } ما شاء اهللا مث شئت : ورب الكعبة، وأن يقولوا

فيه فهم اإلنسان إذا : يف مسائل الباب حيث قال- رمحه اهللا -الفوائد ما ذكره الشيخ -عزير ابن اهللا، ويشركون باهللا : فهؤالء اليهود هم أهل الشرك يقولون . كان له هوى

لكنهم مع كوهنم مشركني نقموا على أهل اإلسالم أهنم يشركون، وهذا -جل وعال ألجـل الطعـن فيهم، فاهلوى وطلب تنقص أهل اإلسالم والنقد عليهم وخماطبتهم مبا يسوؤهم، كـل هذا كان قصدا هلم؛ وهلذا فهموا من أين يدخلون، فأهل اإلسالم أهل

، فردوا عليهم مبا قالوا، مما يستفاد منه إنكم تشركون، وهم أهل الشرك : التوحيد قالوا هلمأن صاحب اهلوى قد يفهم الصواب، فإذا فهم الصواب فإن الواجب أن يقبل منه؛ ألن املسلم جيب عليـه أن يقبل احلق ممن جاء به، ولو كـان يهوديا أو نصرانيا، فهذا

من قبول لنيباليهودي والنصراين توجها إىل املؤمنني بالقدح فيهم بالشرك، ومل مينع ا احلق الذي قالوه أهنم يهود، بل قبل ما جاء به ذلك اليهودي فأوصاهم أن يتركوا ذلك

. 22: سورة البقرة آية )1( . )6/372(، أمحد )3773( النسائي األميان والنذور )2(

Page 406: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

406

التنديد،؛ ألن احلق هو ضالة املؤمن أين وجده أخذه، فال مينعه من قبول احلق أن قاله مشرك، أو قاله كافر، أو قاله فاسق، أو قاله مبتدع، أو قاله ضال، إذا كان الكالم يف

احلكمة ضالة املؤمن أينما وجدها {: ه حقا؛ ألنه كما قال النيب عليه الصالة والسالم نفس

. )2( )1( } أخذها

. واحلديث الذي بعده واضح

كـأين أتيت على : رأيت {: قال- أخي عائشة ألمها -والبن ماجه عن الطفيل "

وإنكم : عزير ابن اهللا، قالوا: إنكم ألنتم القوم، لوال أنكم تقولون : نفر من اليهود قلتهذا فيه أن صاحب اهلوى : )3( } ما شاء اهللا وشاء حممد : ألنتم القوم، لوال أنكم تقولون

امللة الباطلة قد يرد على صاحب احلق بأن عنده باطال كما أن عند ذاك باطال، أو صاحب فإذا واجهه بذلك فالواجب عليه أن يتجرد للحق وأن ال يرد احلق ألجـل أن من أتى به صاحب باطل، فالقاعدة عند أهل السنة واإلميان أن البدعة ال ترد ببدعة والباطل ال يرد

البـدع يف تاريخ اإلسـالم، وحصلت الشبهات، بباطل، وقد حصـل كثري مـن وقويت بعض الضالالت بسبب أن من وجه حبق مل يتقبله ورده؛ ألن الذي واجهه بذلك احلق صاحب باطل، فلما مل يقبل احلق صار يوجه األدلة ويؤوهلا؛ من أجل إبطال ذلك

عة ببدعة، وإمنا احلق، وهذا كما فعله طائفة من أهل البدع، والواجب أيضا أال ترد البد ترد البدعة حبق، وإذا جهل املرء كيف يرد البدعة حبق، فليصرب حىت يتعلم، أو يسأل أهل العلم، وليس من الواجب عليك أن ترد مباشرة، بل إذا ووجـهت حبق ولو كان من

قبـل منه بعـض احلق الذي جاء به، وأرشد - الشيطان -أضل الضالل فاقبل، فإبليس

. )4169(، ابن ماجه الزهد )2687( الترمذي العلم )1( . )4169( وأخرجه ابن ماجه )2( . )2699(، الدارمي االستئذان )5/72(، أمحد )2118( ابن ماجه الكفارات )3(

Page 407: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

407

ة، وهؤالء اليهود والنصارى يف هذين احلديثني قبلنا منهما حقا أرشدونا إليه إليه أبا هرير . - جل جالله -يف أعظم املسائل وأجل املطالب، وهو توحيد اهللا

وهذه املسائل ليست من الشرك األكـرب، بل من األصغر، كما دل عليه قوله يف والنهي عن الشرك يف )1( } قلتم كلمة كان مينعين كذا وكذا أن أهناكم عنها {: آخره

األلفاظ أتى بالتدريج يف تاريخ بعثة النيب عليه الصالة والسـالم وتبليغه أمته باألوامر وكذلك . والنواهي، فكان احللف باآلباء جائزا، مث فهاهم عليه الصالة والسالم عن ذلك

: ما شاء اهللا وشئت، مث هناهم عن ذلك؛ وهلذا قال املصنف يف مسائل كتاب التوحيد : قولوأما الشوك " } كـان مينعين كذا وكذا {: فيه أن الشرك فيه أكرب وأصغر؛ لقوله

أللفاظ فقـد األكـرب فال جيوز أن يؤخر إنكـاره أو أن مينع عنه مانع، أما شرك ا فقه الدعوة وفقه ترتيب األهم واملهم وتقدمي األهم على -تكـون املصلحـة والفقه

أن يؤخر بعضه لتتم املصلحة العظمى، أما الشرك األكرب فال مصلحة تبقى مع -املهم . وجوده

. )2699(، الدارمي االستئذان )5/72(، أمحد )2118(اجه الكفارات ابن م)1(

Page 408: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

408

باب من سب الدهر فقد آذى اهللا

θ#) {: وقوله اهللا تعاىل ä9$ s% uρ $ tΒ }‘Ïδ ω Î) $ uΖè?$ uŠym $ u‹÷Ρ‘‰9$# ßNθ ßϑ tΡ $ u‹øt wΥuρ $ tΒ uρ !$ uΖä3Î= öκç‰ ω Î) ã÷δ ¤$! $# 4 $ tΒ uρ

Μ çλm; y7 Ï9≡x‹Î/ ôÏΒ AΟù= Ïæ ( ÷β Î) öΛèε ω Î) tβθ ‘ΖÝàtƒ ∩⊄⊆∪ { )1(] يف الصحيح عن أيب ]. 24: اجلاثية

يؤذيين ابن آدم؛ يسب الدهر وأنا الدهر : قال اهللا تعاىل {، : قال عن النيب هريرة

ال تسبوا الدهر، فإن اهللا هو {: ويف رواية ")3( .)2( } أقلب الليل والنهار

. )5( )4( } الدهر

: فيه مسائل . النهي عن سب الدهر: األوىل . تسميته أذى هللا: الثانية " فإن اهللا هو الدهر " :التأمل يف قوله: الثالثة . أنه قد يكون سابا، ولو مل يقصده بقلبه : الرابعة : الشرح والليلة، واألسابيع، واألشهر، والسنني، والعقود، هذا هو الزمان، كاليوم : الدهر هو

الدهر، وهذه األزمنة مفعولة ال فاعلة، فهي ال تفعل شيئا، وإمنا هي مسخرة يسخرها اهللا جل -، وكل يعلم أن السنني ال تأيت بشيء، وإمنا الذي يفعل هو اهللا - جل جالله -

نني سبا ملن تصرف فيها، وهو اهللا جل يف هذه األزمنة؛ وهلذا كان سب هذه الس -وعال

. 24: سورة اجلاثية آية )1(، )5274(، أبو داود األدب )2246(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )4549( البخاري تفسري القرآن )2(

. )1846(، مالك اجلامع )2/238(أمحد . )2246(، ومسلم )7491(و ) 6181(و ) 4826( أخرجه البخاري )3(، )5274(، أبو داود األدب )2246(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )4549( البخاري تفسري القرآن )4(

. )1846(، مالك اجلامع )2/496(أمحد . )2246( أخرجه مسلم )5(

Page 409: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

409

هلذا عقد املؤلف هذا الباب ليبني أن سب الدهر ينايف كمال التوحيد، وأن سب -جالله . باإليذاء؛ ألنه سب ملن تصرف يف هذا الدهر- جل وعال -الدهر يعود على اهللا

ليت ال وهو أن سب الدهر من األلفاظ ا : فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظـاهرة جتوز، والتخلص منها واجب واستعماهلا مناف لكمال التوحيد، وهذا حيصل من اجلهلة كثريا، فإهنم إذا حصل هلم يف زمان شيء ال يسرهم سبوا ذلك الزمان، ولعنوا ذلك اليوم، أو لعنوا تلك السنة، أو لعنوا ذلك الشهر، وحنو ذلك من األلفاظ الوبيلة، أو شتموا

شك ال يتوجه إىل الزمن؛ ألن الزمن شيء ال يفعل وإمنا يفعل فيه، وهو الزمان، وهذا ال . أذية هللا جل وعال

التنقص، أو الشتم، فيكون بتنقص : السب يف أصله ": باب من سب الدهر " :قولهالدهر، أو يكون بلعنه، أو بشتمه، أو بنسبة النقائص إليه، أو بنسبة الشر إليه، وحنو ذلك،

. هو الذي يقلب الليل والنهار- جل وعال -واهللا . اع سبه وهذا كله من أنو

يؤذيين ابن آدم؛ {: قالكما يف حديث أيب هريرة ": فقد آذى اهللا " :قوله

. ففيه رعاية للفظ احلديث)1( } ريسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنها

حمرم، وهو درجات وأعالها لعن الدهر؛ ألن توجه - كما ذكرنا -وسب الدهر اللعن إىل الدهر أعظم أنواع املسبة وأشد أنواع اإليذاء، وليس من مسبة الدهر وصف السنني بالشدة، وال وصف اليوم بالسواد، وال وصف األشهر بالنحس، وحنو ذلك؛ ألن

’þ { - جل وعـال - مقيد، وهذا جاء يف القرآن يف حنو قوله هذا Îû 5Θ$ −ƒ r& ;N$ |¡Ït ªΥ öΝßγ s)ƒ É‹ãΖÏj9

z># x‹tã Ä“ ÷“ σ ø: األيام بأهنا حنسات، - جل وعال -فوصف اهللا ]. 16: فصلـت [)2( } #$

يف أيام حنسـات عليهم، فوصف األيام بالنحس؛ ألنه جرى عليهم فيها ما فيه : ملقصودوا

، )5274(، أبو داود األدب )2246(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )4549( البخاري تفسري القرآن )1(

. )1846(، مالك اجلامع )2/238(أمحد . 16: سورة فصلت آية )2(

Page 410: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

410

)Îû ÏΘöθtƒ <§øtwΥ 9hÏϑtGó¡•Β ∩⊇∪ { )1’ {: حنس عليهم، وحنو ذلك قوله جل وعال يف سورة القمر

من سب الدهر؛ ألن املقصود هبذا أن الوصف ما حصل فيها ، فهذا ليس]19: القمر[كان من صفته كذا وكذا على هذا املتكلم، وأما سبه أن ينسب الفعل إليـه فيسب الدهر

.ألجل أنه فعل به ما يسوؤه، فهذا هو الذي يكون أذية هللا جل وعال

θ#) {: ىـول اهللا تعالـوق" ä9$ s% uρ $ tΒ }‘Ïδ ω Î) $ uΖè?$ uŠym $ u‹÷Ρ‘‰9$# ßNθ ßϑ tΡ $ u‹øt wΥuρ $ tΒ uρ !$ uΖä3Î= öκç‰ ω Î)

ã÷δ ¤$! هذه اآلية ظاهرة يف أن نسبة األشياء إىل الدهر من خصال " ]24: اجلاثية [)2( } 4 #$

-ن خصلة املوحدين أن ينسبوا األشـياء إىل اهللا املشركـني أعداء التوحيد، فنفهم منه أ هو الذي حييي - جل وعال - وال ينسـبوا اإلهالك إىل الدهر، بل اهللا -جـل وعـال

. ومييت

يؤذيين ابن آدم؛ : تعاىلقال اهللا {: قال عن النيب يف الصحيح عن أيب هريرة"

ال يعين أن الدهر من أمساء اهللا )4( } وأنا الدهر {: قوله : )3( } يسب الدهر وأنا الدهر

يسب الدهر وأنا {: ، ولكنه رتـبه على ما قبله، وهـو قوله - جل وعال -

؛ ألن حقيقة األمر أن الدهر ال ميلك شيئا وال يفعل شيئا، فسب الدهر سب )5( } الدهر

فيه، فهو ظرف لألفعال وليس مستقال؛ فلهذا - جل وعال -هللا؛ ألن الدهر يفعـل اهللا

. 19: سورة القمر آية )1( . 24: سورة اجلاثية آية )2(، )5274(، أبو داود األدب )2246(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )4549( البخاري تفسري القرآن )3(

. )1846(، مالك اجلامع )2/238(أمحد ، )5274(، أبو داود األدب )2246(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )4549( البخاري تفسري القرآن )4(

. )1846(، مالك اجلامع )2/506(أمحد ، )5274(، أبو داود األدب )2246(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )4549( البخاري تفسري القرآن )5(

. )1846(، مالك اجلامع )2/238(د أمح

Page 411: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

411

ال يفعل، وال حيرم، وال يعطي، وال يكرم، وال يهلك، وإمنا الذي يفعل هذه األشياء مالك . دبري األمر الذي جيري وال جيار عليهامللك املتفرد بامللكوت وت

فيه نفي نسبة األشياء إىل الدهر، وأن هذه )1( } وأنا الدهر {: - إذا -فقوله

؛ - جل وعال - فريجع مسبة الدهر إىل مسبة اهللا - جل وعال -األشياء تنسب إىل اهللا . لألن الدهر ال ملك له، واهللا هو الفاع

هو - جل وعال -والليل والنهار مها الدهر، فاهللا : )2( } أقلب الليل والنهار {

. الذي يقلبهما، فليس هلما من األمر شيء باب التسمي بقاضي القضاة وحنوه

إن أخنع اسم عند اهللا رجـل {: قال عن النيب يف الصحيح عن أيب هريرة

ويف . مثل شاهان شاه: قال سفيان)4( )3( } تسمى ملك األمالك، ال مالك إال اهللا

: يعين " أخنع " وقوله )6( )5( } وأخبثهأغيظ رجل على اهللا يوم القيامة {: رواية

. أوضع : فيه مسائل

. النهي عن التسمي مبلك األمالك: األوىل

، )5274(، أبو داود األدب )2246(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )4549( البخاري تفسري القرآن )1(

. )1846(، مالك اجلامع )2/506(أمحد ، )5274(، أبو داود األدب )2246(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )4549( البخاري تفسري القرآن )2(

. )2/238(أمحد 4961(، أبو داود األدب )2837(، الترمذي األدب )2143(مسلم اآلداب )5852( البخاري األدب )3(

. )2/315(، أمحد ) . )2143(، ومسلم )6206( أخرجه البخاري )4(4961(دب ، أبو داود األ )2837(، الترمذي األدب )2143(مسلم اآلداب )5852( البخاري األدب )5(

. )2/315(، أمحد ) . 315 / 2، وأمحد يف املسند )2143( أخرجه مسلم )6(

Page 412: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

412

. أن ما يف معناه مثله، كما قال سفيان : الثانية . التفطن للتغليظ يف هذا، وحنوه، مع القطع بأن القلب مل يقصد معناه : الثالثة . التفطن أن هذا ألجل اهللا سبحانه : الرابعة : الشرح

أن يعظمه وأال جيعل خملوقا يف - جل وعال -التوحيد يقتضي من املوحد املؤمن باهللا فيما خيتص به،؛ ألنه قد جيعـل املخلوق يف مرتلة اهللا لشبهة - جل وعال -مرتلة اهللا

وصف قام به، ككون القاضي هو رئيس القضاة أو أعلم، فيجعل يف اللفظ والتسمية على أن التسمي باألمساء اليت معناها إمنا هو - رمحه اهللا -لهذا نبه الشيخ قاضيا للقضاة؛ ف

ال جيوز، والتوحيد يقتضي أال يوصف هبا إال اهللا وأال يسمى هبا إال اهللا : جل جالله -هللا . جل وعال

فتسمية غري اهللا بتلك األمساء اليت ستأيت ال جتوز وحمرم، بل هي أخنع األمساء وأوضع . - جل جالله -اء وأبغض األمساء إىل اهللا تلك األمسيشمل ما إذا مسى نفسه، " التسمي " ":باب التسمي بقاضي القضاة وحنوه " :قوله

أو مساه غريه به فرضي، أما إذا مساه غـريه بـه فلـم يرض، فإنه ال يدخل يف الذم؛ لعدم . الرضا، فيلحق الوعيد املسمي، ومن رضي بذلك االسم

ملـك األمالك، وشاهان : وحنو قاضي القضاة مثل": اضي القضاة وحنوه بق " :قولهقـاضي : هو الـذي يقضي بـني القضاة، تقول : شاه، وحنو ذلك، وقاضي القضاة

الذي : الـذي يقضـي بـني املسـلمني، وقاضي الرياض، يعين : املسـلمني، يعـين الذي : ظ حقيقة معناهيقضي يف اخلصومات اليت بني أهل الريـاض، فقاضي القضاة لف

فهو الذي يقضي بني العباد، وبني - جل جالله -يقضي بني القضاة، وهذا إمنا هو هللا القضاة وبـني العبيد، فهو قاضي القضاة على احلقيقة سبحانه وتعاىل فيخرب عنه بذلك،؛

-ليست من أمساء البشر، فالذي يقضي بـني القضاة هو اهللا " قـاضي القضاة " ألن . جالله جـل

Page 413: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

413

والذي أطلقوا هذه التسمية على كبري القضاة، أو على كبري العلماء، ال يعنون هبا أن ذاك يقضي بني القضاة، وإمنا يعنون هبا أنه وصل إىل مرتبة يف القضاء أو يف العلم أعلى من درجة القاضي، فصار قاضي القضاة، كما شاع يف الزمن املتأخر يف الدولة العثمانية أهنم

. وكيل شيخ اإلسالم، وهي تسمية خاصة : شيخ اإلسـالم، ووكيل املفيت : مون املفيت يسوقد انتشر يف بالد املسلمني التسمية بقاضي القضاة وحنوه، منذ القرن الرابع اهلجري إىل أوقات متأخرة قريبة من هذا الزمان، والواجب على العبد أال جيعل هذه التسمية

. رضى هباجارية على لسانه، وال أن ي ملك األمالك،؛ ألن فيه تسمية البشر : وكذلك مالك األمالك، أو شاهان شاه، يعين

، واألمالك واسعة، واإلنسان - جـل وعال -مبا خيتص باهللا، فإن ملك األمـالك هو اهللا إمنا يطلق عليه أنه مالك للشيء املعني، وليس مالكا لكـل شيء، فالذي ميلك كل شيء

. البشر ميلكون باإلضافة بعض األشياء هو اهللا وحده، و نفاذ األمر والسيطرة، فإنه يكون يف بعض األرض : وهو- بالضم -وكذلك امللك

مالك إذا كـان ميلك ملكا، أو ملك إذا : وليس يف كل األرض، فالذي ميلك يقال لهة ملك اململكة العربي : نفاذ األمر، ويضاف إىل بقعته فيقال : كان ميلك ملكا، مبعىن

. السعودية، وملك األردن، وحنو ذلك وأما اإلطالق العام ملك األمالك، أو شاهان شاه، فإن األمالك منها ما هو على

، فالتوحيد يوجب أال يتسمى - جل وعال -األرض ومنها غري ذلك وهذا إمنا هو هللا بذلك أحد، وأال يرضى بتسمية أحد بذلك، حىت لو وجد يف بعض الكتب ال ينقل كما هو، وقد يغلط بعض الباحثني وبعـض طلبة العلم فينقل قوال عن بعض أهل العلم

كان " و "قاضي القضاة كذا : وقال" :املتقدمني، ممن يتجوزون يف مثل هذه األلفاظ وفيه وأمانة النقل ،وال يغريه، والواجب أن يغريه تعظيما هللا جل وعال " قاضي القضاة كـذا

. بكثري كثري، فالواجب تغيري- جل وعال - توحيد اهللا اليت يدعون هي يف مرتبة دون

Page 414: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

414

يف حقه فيما يزعمه - جل وعال -ذلك، وهذا من توحيد اهللا وتغيري اشتراك اخللق مع اهللا . بعض اخللق

إن أخنع اسم عند اهللا رجل {: قال عن النيب يف الصحيح عن أيب هريرة

أوضـع، وأحقر، وأبعد األمساء عند اهللا، : يعين " أخنع " :)1( } تسمى ملك األمالك

. رجل تسمى ملك األمالك

أن امللك إمنا هو هللا : وهذا من أساليب احلصر، يعين} ال مالك إال اهللا {: قوله

ملك الشيء، : اسم فاعل من امللك، يقال : ه، وهناك فرق بني مالك وملك، فمالك وحد . اقتناه وصار خمتصا به من الـملك، وهذا راجع إىل التصرف باألعيان : يعين

فامللك راجع . الذي ينفذ أمره وهنيه: فاالسم منه امللك، وهو- بالضم -وأما امللك . هذا يف قول عدد من حمققي أهل اللغة إىل األعيان، وامللك راجع إىل املعاين،

أغيظ رجل على اهللا يوم القيامة {: ويف رواية مثل شاهان شاه، : قال سفيان "

جل - وسبب كونه أغيظ رجل وأخبث رجل أنه جعل نفسه مماثال هللا )2( } وأخبثه

. ه التسمية يف احلق هبذ-وعال باب احترام أمساء اهللا تعاىل وتغيري االسم ألجل ذلك

إن اهللا هو احلكم، وإليه { عن أيب شريح أنه كان يكىن أبا احلكم، فقال له النيب

اختلفوا يف شيء أتوين فحكمت بينهم، فرضي كال إن قومي إذا: فقال " احلكم شريح، ومسلم، وعبد اهللا : قال " فما لك من الولد؟! ما أحسن هذا " :الفريقـني، فقال

4961(، أبو داود األدب )2837(، الترمذي األدب )2143(مسلم اآلداب )5852( البخاري األدب )1(

. )2/315(، أمحد )4961(، أبو داود األدب )2837(، الترمذي األدب )2143(مسلم اآلداب )5852( البخاري األدب )2(

. )2/315(، أمحد )

Page 415: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

415

رواه أبو داود . )2( )1( } فأنت أبو شريح " :شريح، قال: قلت " فمن أكربهم؟ " :قال

. وغريه : فيه مسائل

. لو مل يقصد معناه احترام أمساء اهللا وصفاته، و : األوىل . تغيري االسم ألجل ذلك: الثانية . اختيار أكرب األبناء للكنية: الثالثة : الشرح

هذا الباب فيه اإلرشاد إىل األدب الذي جيب أن يصدر من قلب املوحد ومن لسانه، ، ومتأدب مع أمسائه، وصفاته، ومع دينه، فال - جل جالله -فإن املوحد متأدب مع اهللا

دون أن يتدبر ما - جل وعال - بشيء فيه ذكر اهللا، وال يلقي الكلمة عن اهللا-ال مث-يهزل ويغري االسم ألجل هذا، فأمساء - جل وعال-فيها، وكذلك ال يسمي أحدا بأمساء اهللا

جيـب احترامها، وتعظيمها، ومن احترامها أن جيعل ما ال يصلح إال هللا - جل وعال-اهللا . البشرمنها هللا وحده، وأال يسمى به

هذا االحترام قـد يكون مستحبا من جهة ": باب احترام أمساء اهللا تعاىل " :قولهاألدب، وقـد يكون واجبا، فأمساء اهللا تعاىل جيـب احترامها، مبعىن جيب أال متتهن،

. ويستحب احترامها أيضا فيما كان من األدب أال يوصف به غري الرب جل وعال

tΒ {: قال سبحانه،ر اهللا جل جالله وهذا راجع إىل تعظيم شعائ uρ öΝÏjàyè ムuÈ∝ ¯≈ yèx© «!$#

$ yγ ¯ΡÎ* sù ÏΒ ” uθ ø)s? É>θ è=à)ø9$# ∩⊂⊄∪ { )3(] جل وعال -، وقال]32: احلج - :} y7 Ï9≡sŒ tΒ uρ

. )4955(، أبو داود األدب )5387( النسائي آداب القضاة )1( . )4955( أخرجه أبو داود )2( . 32: سورة احلج آية )3(

Page 416: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

416

öΝÏjàyè ムÏM≈ tΒããm «!$# uθ ßγ sù ×öyz …ã& ©! y‰Ψ Ïã ϵ În/u‘ 3 { )1(] الشعائر : قال أهل العلم]: 30: احلج :

أعلم بتعظيمه فهو شعرية، ومما : كـل ما أشعر اهللا بتعظيمه، يعين : مجع شعرية، وهي فيجب احترامها وتعظيمها وهلذا يستدل - جل وعال-ىنأشعر اهللا بتعظيمه أمساؤه احلس

أهل العلم على وجوب أال متتهن أمسـاء املوجـودة يف اجلرائد، أو يف األوراق، أو أن ترمى، أو أن توضع يف أمكنة قذرة، وعلى وجوب احترام كل ما فيه اسم من أمساء اهللا

. هباتني اآليتني، وبالقاعدة العامة يف ذلكسـاق فيـه حديـث أبـي شـريح أنه " غيري االسم ألجل ذلك وت " :قوله

بـالتخفيف هي الفصيحـة، أما يكىن " يكىن " كـان يكنـى أبا احلكـم، و فالن ي ك ـن ى بكذا، أما ي ك ـن ى فليست جبيدة ألن : بالتشديد فهي لغة ضعيفة، تقول

. لغة ي ك ن ى هي اليت كان عليها غالب االستعمال فيما ذكره أهل ال مل يلد ومل يولد، فتكنية - جـل وعال -، واهللا- جل وعال -واحلكم من أمساء اهللا

مل يلد ومل - جل وعال -املخلوق بأيب احلكم غري الئقة ألن احلكم من أمساء اهللا، واهللا . يولد ومل يكن له كفوا أحد، هذا من جهة

صل بني بلوغ الغاية يف الـحكم، والف : ومن جهة أخرى فإن احلكم، وهو ، وأما البشر فإهنم ال - جل جالله -املتخاصمني، راجع إىل من له الـحكم وهو اهللا

يصلحون أن يكونوا حكاما أو أن يكون الواحد منهم حكما على وجه االستقالل ولكن يكون حكما على وجه التبـع؛ وهلذا أنكر النيب عليه الصالة والسالم على أيب شريح هذه

بني لفظ اجلالل وبني ) هو( ودخول } إن اهللا هـو الـحكم {: التكنية فقال له

ضمري ) هو( يدل على اختصاصه بذلك كما هو مقرر يف علم املعاين ألن ) احلكم ( امسـه . عماد أو ضمري فصل ال حمل له من اإلعراب، وفائدته أن جيعل الثاين خمتصا باألول

. 30: سورة احلج آية )1(

Page 417: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

417

الذي يفيد ) احلكم( يعين أن احلكم إليه ال إىل غريه فاسم : } وإليه احلكم {

. استغراق صفات احلكم ليس إال إىل اهللا جل وعال

إذا اختلفوا يف شـيء أتونـي فحكمـت إن قومي {: ذاك الرجل علل فقال

راجـع " ما أحسن هذا " ، )1( } ما أحسن هذا " :بينهم، فرضي كال الفريقني، فقال

إىل الـحكم، وعائد إىل اإلصالح، وهو أنه يصلح وحيكـم بينـهم، فريضى كال : ب مبا يراه؟ اجلوا : الفريقني، وهل حكم بينهم بالشرع، أو حكـم بينهم مبا عنده، يعين

أنه حكـم بينهم مبا يراه، ولو كان الـحكم بينهم بالشرع جلاز إطالق احلكم على من حيكـم بني املتخاصمني بالشرع، أما إطالقه على الفاصل بني املتخاصمني بغري الشريعة

. فإن هذا خمالف لألدب فالواجب أال يسمى أحد باحلكم أو احلاكم أو حنو ذلك إال إذا كـان منفذا

β÷ {: هلذا قـال سـبحانه - جـل جالله - اهللاألحكـام Î)uρ óΟçFøÅz s−$ s)Ï© $ uΚ ÍκÈ]÷ t/ (#θ èWyèö/$$ sù

$ Vϑ s3ym ôÏiΒ Ï& Î#÷δ r& $ Vϑ s3ym uρ ôÏiΒ !$ yγ Î= ÷δr& { )2(] بعوث من هذا وهذا ، فسمى امل]35: النساء

حكمـا ألهنما حيكمان بالشرع، فالذي حيكـم مبا حكم به اهللا الذي هو احلكم يقال فيسوغ إطالق - جل جالله-حكـم ألنه حكـم حيكـم من له احلكم وهو اهللا : له

وصف من حيكمون بشرعه بأهنم حكـام وهم - جل وعال-ذلك وال بأس به؛ ألن اهللاθ#) {: سورة البقرة يف- جل وعال -القضاة، فقال ä9ô‰è?uρ !$ yγ Î/ ’n< Î) ÏΘ$ ¤6çt ø: $# (#θ è=à2 ù'tG Ï9 $ Z)ƒ Ìsù ôÏiΒ

. )4955(، أبو داود األدب )5387( النسائي آداب القضاة )1( . 35: ية سورة النساء آ)2(

Page 418: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

418

ÉΑ≡uθ øΒ r& Ĩ$Ψ9$# ÉΟøO M}$$ Î/ óΟçFΡ r&uρ tβθßϑ n= ÷è s? ∩⊇∇∇∪ { )1(] فقوله] 188: البقرة :} ÏΘ$ ¤6çt ø: $#

. هو مجع احلاكم، وساغ إطالق ذلك عليه؛ ألنه حيكم بالشرع : )2( }

به ولذلك - جل وعال -واملقصود أن من األدب أال يسمى أحد بشيء خيتص اهللا ملك " ب الذي قبله، ألجل هذه املناسبة، فتسميةأورد املؤلف هذا الباب إثر البا

من جهة أن يف كل منهما اشتراكا يف التسمية، " أيب احلكم " مشاهبة لتكنيه " األمالكراجع إىل شيء يفعله هو، وهو أنه حيكم " أبا احلكم " لكن فيها اختالف من جهة أن

ذا كان أخنع اسم عند اهللا ادعاء ليس له شيء؛ وهل " ملك األمالك " فريضون حبكمه وذاك . جل جالله

باب من هزل بشيء فيه ذكر اهللا أو القرآن أو الرسول

{وقول اهللا تعاىل È⌡s9uρ óΟßγ tFø9 r'y™  ∅ ä9θ à)u‹s9 $ yϑ ¯ΡÎ) $ ¨Ζà2 ÞÚθ èƒ wΥ Ü=yè ù= tΡuρ 4 ö≅ è% «!$$ Î/r& ϵ ÏG≈ tƒ# u uρ

Ï& Î!θ ß™ u‘ uρ óΟçFΨ ä. šχρ âÌ“ öκtJ ó¡n@ ∩∉∈∪ { )3(] 65: التوبة .[

وعن ابن عمر وحممد بن كعب وزيد بن أسلم، وقتادة دخل حديث بعضهم يف ما رأينا مثل قرائنا هؤالء، أرغب بطونا، وال : قال رجل يف غزوة تبوك أنه {: بعض

وأصحابه القراء فقال له عوف رسول اهللا: أكذب ألسنا، وال أجنب عند اللقاء، يعين فذهب عوف إىل رسول اهللا كذبت ولكنك منافق، ألخربن رسول اهللا: بن مالك

وقد ارحتل وركـب إىل رسول اهللا ليخربه، فوجد القرآن قد سبقه فجاء ذلك الرجل يا رسول اهللا إمنا كنا خنوض ونتحدث حديث الركبان، نقطع به عناء الطريق، : ناقته فقال

وإن احلجارة لتنكب رجليه كأين أنظر إليه متعلقا بنسعة ناقة رسول اهللا: قال ابن عمر$$!» { إمنا كنا خنوض ونلعب، فيقول له رسول اهللا: وهو يقول Î/r& ϵ ÏG≈ tƒ#uuρ Ï& Î!θ ß™ u‘ uρ

. 188: سورة البقرة آية )1( . 188: سورة البقرة آية )2( . 65: سورة التوبة آية )3(

Page 419: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

419

óΟçFΨ ä. šχρ âÌ“ öκtJ ó¡n@ ∩∉∈∪ Ÿω (#ρ â‘ É‹tG ÷è s? ô‰s% Λän öxx. y‰÷è t/ óΟä3ÏΨ≈yϑƒ Î) 4 { )1( ما يلتفت إليه وما يزيده

.)2( } عليه

: فيه مسائل . أن من هزل هبذا فإنه كافر - وهي العظيمة -: األوىل . أن هذا هو تفسري اآلية فيمن فعل ذلك كائن ا من كان : الثانية . الفرق بني النميمة وبني النصيحة هللا ولرسوله : الثالثة . لفرق بني العفو الذي حيبه اهللا وبني الغلظة على أعداء اهللا ا: الرابعة . أن من االعتذار ما ال ينبغي أن يقبل : اخلامسة : الشرح ". باب من هزل بشيء فيه ذكر اهللا أو القرآن أو الرسول " هذا

التوحيد اخلالص يف القلب، بل أصل التوحيد ال جيامع االستهزاء باهللا جل وعال وبرسوله : الكفار نوعان: لقرآن ألن االستهزاء معارضة، والتوحيد موافقة وهلذا قال بعض أهل العلموبا

)ö≅t/ óΟèδçsYø.r& Ÿω tβθßϑn=ôètƒ ¨,ptø:$# ( Νßγsù tβθàÊÌ÷è•Β ∩⊄⊆∪ { )3 {: معرضون كمن قال اهللا فيهم

، ومعارضون، وهم اجملادلون، أو الذين يعارضون بأنواع املعارضات ألجل ]24: األنبياء[ . إطفاء نور اهللا، ومن ذلك االستهزاء وحنوه

فالتوحيد استسالم وانقياد وقبول وتعظيم، واهلزء واالستهزاء بشيء فيه ذكر اهللا أو - جل وعال -وهلذا كان كفرا أكـرب باهللالقرآن أو الرسول معارضة ألنه مناف للتعظيم،

أو بالقرآن، من قلب موحد أصال، بل ال بد ، إذ ال يصدر االستهزاء باهللا، أو برسوله . أن يكون إما منافقا، أو كافرا مشركا

. 66، 65: اآليتان سورة التوبة )1( . )16916(و ) 16915(و ) 16914(و ) 16912(و ) 16911" ( التفسري " أخرجه ابن جرير يف )2( . 24: سورة األنبياء آية )3(

Page 420: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

420

أن يتكلم بكالم فيه اهلزل : اهلزل خالف اجلد، وصفته " باب من هزل " :قوله . القرآن أو بالرسول واالستهزاء والعيب إما باهللا أو ب

الباء هذه، هل هي اليت يذكر " باب من هزل بشيء " : هنا-رمحه اهللا- وقول الشيخبعدها وسيلة اهلزل، أو الباء اليت يذكر بعدها املهزول به؟؟ الظاهر هو الثاين، فعلى األول

زل، ه: أنه ذكر اهللا بشيء فيه هزل، وذكر الرسول بشيء فيه هزل، يعين : يكون املعىن . وهو يذكر هذه األشياء

أن املستهزئ به أو املهزول " من هزل بشيء فيه ذكر اهللا " :وعلى الثاين يكون معىنبه هو ذكر اهللا، أو القرآن، أو الرسول، ومعلوم أن املعىن املراد هو الثـاين ألن الشيخ يريد

. ةأن املسـتهزئ به هـو اهللا، أو الرسول، أو القرآن، اتباعا لنص اآلي وهو أن اهلزل واالستهزاء باهللا أو بالرسول : فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة

: أو بالقرآن مناف ألصل التوحيد، وكفر خمرج من امللة، لكن بضابطه الذي ذكرناه، وهو أو يكون - جل جالله - يكون باهللا- وهو االستنقاص واللعب والسخرية-أن االستهزاء {: جل وعال - قال،بالقرآن، وهذا هو الذي جاء فيه النص أو يكون بالرسول È⌡s9uρ

óΟßγ tFø9r'y™  ∅ä9θ à)u‹s9 $ yϑ ¯ΡÎ) $ ¨Ζà2 ÞÚθ èƒ wΥ Ü=yè ù= tΡuρ 4 ö≅ è% «!$$ Î/r& ϵ ÏG≈ tƒ#uuρ Ï& Î!θ ß™ u‘ uρ óΟçFΨ ä. šχρ âÌ“ öκtJ ó¡n@ ∩∉∈∪

Ÿω (#ρ â‘ É‹tG ÷è s? ô‰s% Λän öxx. y‰÷è t/ óΟä3ÏΨ≈ yϑƒ Î) 4 { )1(] جل -فمن استنقص اهللا] 66 -65: التوبة

استهزأ وهزل -جل وعال - حينما ذكر اهللا: يعين- جل وعال - أو هزل بذكره هللا-وعال كما يفعله بعض الفسقة، والذين - جل وعال-ومل يظهر التعظيم يف ذلك، فتنقص اهللا

يقولون الكلمة ال يلقون هلا باال هتوي ببعضهم يف النار سـبعني خريفا، أو هزل بالقرآن ر األكرب بالنيب عليه الصالة والسالم، فإنه كافر الكف : أو استهزأ بالقران أو بالسنة، يعين

. املخرج من امللة هذا ضابط هذا الباب

. 66، 65: اآليتان ة التوبة سور)1(

Page 421: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

421

وخيرج عن ذلك ما لو استهزأ بالدين فإن االستهزاء بالدين فيه تفصيل، فإن املستهزئ بالدين، أو الساب له، أو الالعن له، قد يريد دين املستهزأ به، وال يريد دين اإلسالم

الكفر يكون أكرب إذا كان : نقولأصال، فال يرجع استهزاؤه إىل واحد من الثالثة؛ فلهذا . االستهزاء بأحد الثالثة اليت ذكرنا ونصت عليها اآلية، أو كان راجعا إىل أحد الثالثة

فإن هزل : أما إذا كان االستهزاء بشيء خارج عن ذلك، فإنه يكون فيه تفصيل حد من بالدين، فينظر هل يريد دين اإلسالم، أو يريد تدين فالن؟ ومثال ذلك أن يأيت وا

هبيئة أحد الناس وهيئته يكون فيها التزام بالسنة، فهل يكون -مثال- املسلمني ويستهزئال؛ ألن هذا االستهزاء راجع إىل : هذا مستهزئا االستهزاء الذي خيرجه من امللة؟ اجلواب

فإذا علم تدين هذا املرء، وليس راجعا إىل الدين أصال، فيعرف بأن هذا سنة عن النيب استنقص أو هزأ بالذي اتبع السنة : ة، وأقر بذلك، وأن النيب فعله مث استهزأ، مبعىن أنه سن

. مع علمه بأهنا سنة وإقراره بصحـة كوهنا سنه فـهذا رجـع إىل االستهزاء بالرسول وكذلك االستهزاء بكلمات قد يكون مرجعها إىل القـرآن، وقـد ال يكـون

أن االستهزاء إذا كـان باهللا، - إذا -اخلالصة مرجعها إىل القرآن فيكون فيه تفصيل، ف أو بصفاته، أو بأمسائه، أو بالرسول عليه الصالة والسالم، أو بالقرآن فإن هذا كفر، وإن

إن كان راجعا إىل أحـد الثالثة فهو كفر أكرب، وإن : كان االستهزاء غري ذلك فينظر . كان غري ذلك فإنه يكون حمرما وال يكون كفرا أكرب

È⌡s9uρ óΟßγ {: وقول اهللا تعاىل " tFø9 r'y™  ∅ ä9θ à)u‹s9 $ yϑ ¯ΡÎ) $ ¨Ζà2 ÞÚθ èƒ wΥ Ü=yè ù= tΡuρ 4 ö≅ è% «!$$ Î/ r&

ϵ ÏG≈ tƒ#uuρ Ï& Î!θ ß™ u‘ uρ óΟçFΨ ä. šχρ âÌ“ öκtJ ó¡n@ ∩∉∈∪ Ÿω (#ρ â‘ É‹tG ÷è s? ô‰s% Λänöxx. y‰÷è t/ óΟä3ÏΨ≈ yϑƒ Î) 4 { )1(] التوبة :

- جل وعال -هذه اآلية نص يف أن املستهزئ باهللا، وبالرسول، وبآيات اهللا ]: 66 -65القران، أن هذا املستهزئ كافر، وأنه : الشرعية، يعين-جل وعال - واملقصود هبا آيات اهللا

. 66، 65: تانياآل سورة التوبة )1(

Page 422: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

422

-جل وعال- هو كـافر ألن تعظيم اهللاال ينفعه اعتذاره بأنه كـان يف هزل ولعب بل . وتوحيده يوجب عليه أن ال يستهزئ

ليست يف املنافقني، وهذا غلط : وهذه اآلية نزلت يف املنافقني، وبعض أهل العلم قالأن هذه السورة اليت منها هذه اآلية هي يف حال املنافقني؛ : وليس بصواب، ألسباب، منها

جل -قال. يدل على أن الضمائر ترجع إىل املنافقني -اسابقها والحقه- وألن سياق اآلية ‘â {: قبل هذه اآلية يف سورة براءة -وعال x‹øt s† šχθ à)Ï≈ uΖßϑ ø9$# βr& tΑ”t∴è? óΟÎγ öŠn= tæ ×ο u‘θß™ Νßγ ã∞Îm; uΖè?

$ yϑ Î/ ’ Îû öΝÍκÍ5θ è= è% 4 È≅ è% (#ÿρ âÌ“ öκtJ ó™ $# χ Î) ©!$# Ól Íøƒ èΧ $ ¨Β šχρ â‘ x‹øt rB ∩∉⊆∪ È⌡s9uρ óΟßγ tFø9r'y™  ∅ ä9θ à)u‹s9 $ yϑ ¯ΡÎ)

$ ¨Ζà2 ÞÚθ èƒ wΥ Ü=yè ù= tΡuρ 4 { )1(] آلية السابقة آلية الباب هي يف فا] 65 - 64: التوبة

{: يف قولـه- إذا-املنافقني نصا، فالضمـري È⌡s9uρ óΟßγ tFø9 r'y™ { )2( يعود على من ذكر

‘â {: قبل هذه اآلية، وهم املنافقون املنصوص عليهم بقوله x‹øt s† šχθ à)Ï≈ uΖßϑ ø9$# { )3( ،

≈tβθà)Ï { - جـل وعـال-وكذلك ما بعدها من اآليات يف املنـافقني يف قولـه uΖßϑ ø9$#

àM≈s)Ï≈ oΨ ßϑ ø9$#uρ Οßγ àÒ ÷è t/ .ÏiΒ <Ù ÷èt/ 4 šχρ ããΒ ù'tƒ Ìx6Ζßϑ ø9$$ Î/ šχ öθ pκ÷]tƒ uρ Çtã Å∃ρ ã÷è yϑ ø9$# šχθàÒ Î6 ø)tƒ uρ

öΝåκu‰ ω÷ƒ r& 4 { )4(] واألدلة على ذلك كثرية] 67: التوبة .

هل التوحيد فإنه ال يصدر منهم فالصواب يف ذلك أن املراد باآلية هم املنافقون، وأما أ استهزاء أصال، ولو استهزءوا لعلمنا أهنم غري معظمني هللا، وأن توحيدهم ذهب أصال ألن

. االستهزاء يطرد التعظيم أن حيذروا من مزالق - خباصة- وعلى طلبة العلم- مجيعا-فالواجب على املسلمني

، رمبـا استهزءوا، أو رمبا تكلموا الكالم ألن كثريين يتكلمون بكـالم ال يلقون لـه باال

. 65، 64: اآليتان سورة التوبة )1( . 65: سورة التوبة آية )2( . 64: سورة التوبة آية )3( . 67: سورة التوبة آية )4(

Page 423: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

423

بكالم فيه شـيء من اهلزل، وفيه شيء من الضحك، وكان يف أثناء هذا الكالم ذكر اهللا، أو فيه قراءة القرآن، أو فيه ذكر بعض العلم، وهذا مما ال جيوز وقد يدخل أحدهم يف قول

وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ال يلقي هبا باال يهوي هبا يف {: النيب عليه الصالة والسالم

. السالمة والعافية - جل وعال -نسأل اهللا. )2( )1( } النار سبعني خريفا

ن فالواجب على العبد أن يعظم اهللا، وأن ال يتلفظ إال بكالم عقله قبل أن يقوله أل أومؤاخذون يا {: اللسان هو مورد اهللكة، قـال معـاذ للنيب عليه الصـالة والسالم

ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس يف النار على مناخرهم " :رسول اهللا مبا نقول؟ قالفاهللا اهللا يف اللسان فإنه أعظم . )4( )3( } على وجوههم إال حصائد ألسنتهم أو قال

اجلوارح خطرا، وممـا يتساهل فيه أكـثر الناس، فاحذر اخلوض فيما ال يعنيك، وخباصة فيما يتعلق بـالدين، أو بالعلم، أو بأوليـاء اهللا، أو بالعلماء، أو بصحابـة النـيب عليـه

بالتابعني، فإن هذا مورده خطري واهللا املستعان، فقد عظمت الفتنة، الصـالة والسالم، أو . والناجي من سلمه اهللا جل وعال

÷ { باب قول اهللا تعاىل È⌡s9uρ çµ≈ oΨø% sŒr& Zπ tΗ ôqy‘ $ ¨ΨÏiΒ .ÏΒ Ï‰÷è t/ u!#§ŸÑ çµ÷G ¡¡tΒ £s9θ à)uŠs9 #x‹≈ yδ ’ Í< {

: باب قول اهللا تعاىل"

، )2/334(، أمحد )2314(د ، الترمذي الزه )2988(، مسلم الزهد والرقائق )6113( البخاري الرقاق )1(

. )1849(مالك اجلامع . )2314( أخرجه الترمذي )2( . )5/237(، أمحد )3973(، ابن ماجه الفنت )2616( الترمذي اإلميان )3( . )2649( والترمذي 237-236-231 / 5 أخرجه أمحد يف املسند )4(

Page 424: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

424

} ÷ È⌡s9uρ çµ≈ oΨø% sŒr& Zπ tΗ ôqy‘ $Ψ ÏiΒ .ÏΒ Ï‰÷è t/ u!#§ŸÑ çµ ÷G ¡¡tΒ £s9θ à)uŠs9 #x‹≈ yδ ’ Í< !$ tΒ uρ àßr& sπ tã$ ¡¡9$# Zπ yϑ Í←!$ s% È⌡s9uρ

àM ÷èÅ_ •‘ 4’n< Î) þ’ În1u‘ ¨βÎ) ’Í< …çν y‰Ψ Ïã 4 o_ ó¡ßs ù= s9 4 ¨ sÎm6 t⊥ ãΨ n= sù t Ï% ©!$# (#ρ ãxx. $ yϑÎ/ (#θ è= Ïϑ tã Νßγ ¨Ψ s)ƒ É‹ãΖs9uρ ôÏiΒ A># x‹tã

7á‹Î= xî ∩∈⊃∪ { )1(] 50: فصلت [.

يريـد مـن : وقال ابن عباس. )2( هذا بعملي، وأنا حمقوق به: قال جماهد$tΑ {: وقولـه . )3( عندي، s% !$ yϑ ¯ΡÎ) …çµ çF Ï?ρ é& 4’n?tã AΟù= Ïæ ü“ ωΖÏã 4 { )4(] قال ] 78: القصص

على علم من اهللا أين له : وقال آخرون . )5( على علم مين بوجوه املكاسب : قتادة . )7( أوتيته على شرف: وهذا معىن قول جماهد . )6( أهل،

أبرص، : إن ثالثة من بين إسرائيل {: يقول اهللاوعن أيب هريرة أنه مسع رسول

أي شيء : وأقرع وأعمى، فأراد اهللا أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا، فأتى األبرص فقال فمسحه : ي قد قذرين الناس به قاللون وجلد حسن، ويذهب عين الذ : أحب إليك؟ قال

: فأي املال أحب إليك؟ قال : فذهب عنه قذره، فأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا، قال قال فأتى . بارك اهللا لك فيها: فأعطي ناقة عشراء، وقال- شك إسحاق-اإلبل أو البقر شعر حسن، ويذهب عين الذي قد قذرين الناس: أي شيء أحب إليك؟ قال : األقرع فقال

البقر : أي املال أحـب إليك؟ قال : به فمسحه فذهب عنه، وأعطي شعرا حسـنا، فقال أي شيء : فأتى األعمى فقال . بارك اهللا لك فيها : أو اإلبل، فأعطي بقرة حامال، قال

: أن يرد اهللا إيل بصري، فأبصر به الناس، فمسحه فرد اهللا إليه بصر قال : أحب إليك؟ قال

. 50: سورة فصلت آية )1( . 3 /25فسري أخرجه ابن جرير يف الت )2( . 3 /25 أخرجه ابن جرير يف التفسري )3( . 78: سورة القصص آية)4( . 6/440 أخرجه عبد بن محيد كما يف الدر املنثور )5( . 6/440 أخرجه ابن أيب حامت كما يف الدر املنثور )6( . 12 /24 رواه ابن جرير يف التفسري )7(

Page 425: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

425

ل الغنم، فأعطي شاة والدا، فأنتج هذان، وولد هذا، فكان هلذا فأي املال أحب إليك؟ قا . واد من اإلبل، وهلذا واد من البقر، وهلذا واد من الغنم

رجل مسكني، قد انقطعت يب احلبال : مث إنه أتى األبرص يف صورته وهيئته فقال : قالن احلسن، واجللد يف سفري، فال بالغ يل اليوم إال باهللا مث بكم، أسألك بالذي أعطاك اللو

كأين أعرفك أمل :: احلقوق كثرية، فقال له: احلسن، واملال بعريا أتبلغ به يف سفري، فقال إمنا ورثت هذا املال كابرا : فقال!! املال؟ تكن أبرص يقذرك الناس، فقريا فأعطاك اهللا

. تهوأتى األقرع يف صور: إن كنت كاذبا فصريك اهللا إىل ما كنت، قال: عن كابر فقالإن كنت كاذبا فصريك : فقال له مثل ما قال هلذا، ورد عليه مثل ما رد عليه هذا، فقال له

رجل مسكني، وابن سبيل قد : وأتى األعمى يف صورته فقال : اهللا إىل ما كنت قال انقطعت يب احلبال يف سفري، فال بالغ يل اليوم إال باهللا مث بك أسألك بالذي رد عليك

قد كنت أعمى فرد اهللا إيل بصري، فخذ ما شئت، : يف سفري، فقالبصرك شاة أتبلغ هباأمسك مالك فإمنا ابتليتم، : ودع ما شئت فواهللا ال أجهدك اليوم بشيء أخذته هللا، فقال

. )2( أخرجاه )1( } فقد رضي اهللا عنك، وسخط على صاحبيك

: فيه مسائل . تفسري اآلية: األوىل

s9θ£ {: ما معىن: الثانية à)uŠs9 #x‹≈ yδ ’Í< { )3( .

$tΑ {: ما معىن قوله: الثالثة s% !$ yϑ ¯ΡÎ) …çµ çF Ï?ρ é& 4’n?tã AΟù= Ïæ ü“ ωΖÏã 4 { )4( .

. ما يف هذه القصة العجيبة من العرب العظيمة : الرابعة : الشرح

. )2964(، مسلم الزهد والرقائق )3277( البخاري أحاديث األنبياء )1( . )2964(ومسلم ) 6653(و ) 3464( أخرجه البخاري )2( . 50: سورة فصلت آية )3( . 78: سورة القصص آية)4(

Page 426: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

426

يف األلفاظ وأن - جل وعال -هذا الباب كاألبواب اليت قبله يف بيان وجوب تعظيم اهللا هذا أنعـم اهللا علي : النعم جيب أن تنسب إليه، وأن يشكر عليها فتعزى إليه، ويقول العبد

هذه املسائل، أو أن يتكلم املرء بكالم ليس موافقا للحقيقة، أو هو خمالف به، والكذب يف قد أنعم عليه بذلك فهذا قد يؤديه إىل املهالك، وقد - جـل وعال-ملا يعلمه من أن اهللا

. عنه النعمة بسبب لفظه- جل وعال -يسلب اهللا، أو -جل وعال -فالواجب على العبد أن يتحرز يف ألفاظه وخباصة فيما يتصل باهللا

بأمسائه وصفاتـه، أو بأفعالـه وإنعامه، أو بعدلـه وحكمتـه، والتحرز يف ذلك من كمال التوحيد؛ ألنه ال يصدر التحرز إال عن قلـب معظم هللا، جمل هللا، خمبت هللا، يعلم

مطلع عليه، وأنه سبحانه هو ويل الفضل، وهو ويل اإلنعام، وهو - جل جالله-أن اهللا أن جيل فوق كل جليل، وأن حيب فوق كل حمبوب، وأن يعظم فوق كل الذي يستحق

. معظم جيب توقريه وتعظيمه يف األلفاظ، ومن ذلك ما عقد له الشيخ هذا - جل جالله -فاهللا

÷ {: باب ما جاء يف قول اهللا تعاىل " :الباب حيث قال È⌡s9uρ çµ≈oΨ ø% sŒr& Zπ tΗ ôqy‘ $ ¨ΨÏiΒ .ÏΒ Ï‰÷è t/ u!#§ŸÑ

çµ ÷G ¡¡tΒ £s9θ à)uŠs9 #x‹≈ yδ ’Í< { )1(] هذا بعملي، وأنا " :قال جماهد يف تفسريها] 50: فصلت جل -يعين أنه نسب النعمة إىل نفسه، وأنه جدير وحقيق هبا، وأن اهللا " .حمقوق به

عليه ألنه مستحق هلذا اإلنعام، واملال، واجلاه، ولرفعة القدر عند الناس، تفضل-وعالفصار إليه ذلك الشيء من املال والرفعة والسمعة الطيبة ألنه مستحق لذلك الشيء بفعله

. وجبهده وحنو ذلك مما قد يطرأ على قلوب ضعفاء اإلميان وضعفاء التوحيد وأن اهللا هو - جل وعال -تحق لشيء على اهللاوالواجب أن يعلم العبد أنه فقري غري مس

الرب املستحق على العبد أن يشكره، وأن يذكره، وأن ينسب النعم إليه، أما العبد فليس

. 50: سورة فصلت آية )1(

Page 427: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

427

على -جل وعال - إال ما أوجبه اهللا - جل وعال -مستحقا يف الدنيا حبق واجب على اهللا . نفسه

- أتته رمحة من بعد ضراء بعد أن-هذا بعملي، وأنا حمقوق به، : ومثل قول القائلهذا الذي حصل من شفاء : مثل هذا القول يكثر يف ألفاظ الناس، كقول الطبيب مثال

املريض بسبيب، أو جناحي، ونيلي هلذا األمر إمنـا بسبب جهدي، وبسبب تعيب، وحنو على العبد بذلك بسبب استحقاقه، أو أن ينسى اهللا -جل وعال-ذلك مما جيعل إنعام اهللا

أي ":يريد من عندي : قال ابن عباس " :وعال وينسب األشياء إىل نفسه؛ وهلذا قال جل . أنا الذي أتيت هبذا املال أو هبذه النعمة وهذا من عندي، ومل يتفضل علي به

من ينسب الشيء إىل : فيدخل يف هذا الوصف الذي جاء يف اآلية نوعان من الناس أن ينسبه إىل اهللا تعاىل، لكن يرى : ال، والثاين أص -جل وعال -نفسه، وال ينسبه إىل اهللا

كما حيصل من بعض املغرورين أنه إذا -جل وعال -نفسه مستحقا لذلك الشيء على اهللا حصلت يل هذه النعمة من جراء استحقاقي هلا، : أطاع اهللا واتقاه، وحصلت له نعمة قال

رحم عباده ولو حاسبه ي- جل وعال - وال يستحضر أن اهللا -جل وعال-فأنا العابد هللا . له-جل وعال -علـى عمله مل تقم عباداته وعمله بنعمة من النعم اليت أسداها اهللا

على العبد أن ينسب النعم مجيعا هللا، وأن يشعر بأنه ال يستحق شيئا - إذ ا-فالواجب ، على اهللا، وإمنا اهللا هو املستحق للعبودية، وهو املستحق للشكر، وهو املستحق لإلجالل

كيف علمه النيب عليه الصالة وانظر إىل أيب بكر الصديق . والعبد فقري مذنب مهما بلغاللهم إين ظلمت نفسي ظلما كثريا، وال {: والسـالم أن يقـول يف، آخـر صالته

إذا كان أبو بكر علمه الرسول عليه الصالة . )2( )1( } أنت، فاغفر يل يغفر الذنوب إال

3531(، الترمذي الدعوات )2705(، مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )799( البخاري األذان )1(

. )1/4(، أمحد )3835(، ابن ماجه الدعاء )1302(، النسائي السهو ) . )2705(ومسلم ) 7388(و ) 8387( أخرجه البخاري )2(

Page 428: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

428

والسالم أن يدعو هبذا الدعاء، فكيف حبـال املساكـني أمثالنا، وأمثال أكثر هذه األمة؟ ! وكيف يظنون يف أنفسهم أهنم يستحقون على اهللا شيئا؟

مه، وأن ال يعتقد أنه أن جيل العبد ربه تبارك وتعاىل ويعظ - إذ ا-فتمام التوحيد مستحق للنعم، أو أنه أوتيها جبهده، وجهاده، وعمله، وذهابه وجميئه، بل هو فضل اهللا يؤتيه من يشاء واهللا ذو الفضل العظيم؛ ألن فعل العبد سبب وهذا السبب قد يتخلف، وقد

إىل أنه فرجع األمر -جل وعال -يكون مؤثرا، مث إنه إذا أثر فال يكون مؤثرا إال بإذن اهللا . فضل اهللا يؤتيه من يشاء

$tΑ {وقوله " s% !$ yϑ ¯ΡÎ) …çµ çF Ï?ρ é& 4’ n?tã AΟù= Ïæ ü“ ωΖÏã 4 { )1(] قال قتادة ] 78: القصص :

(βΨ * {: -جل وعال -ارون، قال هذه اآلية يف قصة ق ، "على علم مين بوجوه املكاسب

tβρ ã≈ s% šχ% Ÿ2 ÏΒ ÏΘöθ s% 4 y›θãΒ 4 xö t7sù öΝÎγ öŠn= tæ ( çµ≈ oΨ÷ s?# uuρ zÏΒ Î—θ ãΖä3ø9$# !$ tΒ ¨β Î) …çµ pt ÏB$ xtΒ é&þθ ãΖtG s9 Ïπ t6 óÁãè ø9$$ Î/

’ Í<'ρ é& Íο §θ à)ø9$# { )2(] إىل أن قـال ] 78 -76: القصص :} tΑ$ s% !$ yϑ ¯ΡÎ) …çµ çF Ï?ρ é& 4’ n?tã AΟù= Ïæ

ü“ ωΖÏã 4 { )3(ري وهذا حيصل من كث " علـى علم مين بوجوه املكاسب " : قـال قتادة

وأعطاهم أمواال كثرية، فتجد أحدهم ينسب الشيء إىل -جل وعال -ممن أغناهم اهللا أنا خبري بإدارة األموال، وأنا أفهم يف التجارة، وأنا عندي علم بوجوه : نفسه، فيقول

هو الذي تفضل، ولو منـع اهللا -جل وعال -املكاسب، وحنو ذلك، وينسى أن اهللا هو الذي تفضل عليه، وهو -جل وعال -مل يصر شيئا، فاهللا السبب الذي فعله من التأثري

الذي وفقه وهو الذي هداه للفكرة، وهو الذي جعل السبب مؤثرا، فاهللا هو املنعم ابتـداء وهو املنعـم ختاما، فـالواجب إذ ا أن يتخلص العبد من رؤية نفسه وأن يعلم أنه

. كرت من كنوز اجلنةال حول وال قوة إال باهللا، ويكـثر من قوهلا، فإهنا

. 78: سورة القصص آية)1( . 76: سورة القصص آية)2( . 78: سورة القصص آية)3(

Page 429: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

429

فـهذا الباب معقود كمـا ذكرنا لتخليـص القلب واللسـان مـن ألفـاظ والتوحيد هو أن -جل وعال-واعتقادات باطلة، يظن املرء فيها أنه مستحق أشياء على اهللا

-جل وعال -يكون العبد ذليال خاضعا بني يدي اهللا، يعلم أنه ال يستحق شيئا على اهللا . ل اهللا يؤتيه من يشاءوإمنا هو فض

وهذا يشمل أحد النوعني اللذين ": على علم من اهللا أين له أهل : وقال آخرون " ". أوتيته على شرف : وهذا معىن قول جماهد " .ذكرهتما

عاىف - جل وعال -وأن اهللا : مث ساق حديث أيب هريرة الطويل، والداللة منه ظاهرة فضله، مث نسب اثنان منهم النعمة إىل أنفسهم، هؤالء الثالثة يف أبداهنم، ورزقهم من

وثالث نسبها إىل اهللا، فجزى اهللا األخـري خـريا، وأدام عليه النعمة، ورضي عنه، وعاقب اآلخرين، وسخط عليهما، وهذا فضل اهللا ينعم مث يثبت النعمة فيمن يشاء،

يعلم أن الفضل ويصرفها عمن يشاء، ومن أسباب ثبات النعمة أن يعظم العبد ربه، وأن . بيد اهللا، وأن النعمة هي نعمة اهللا

ويف ختام هذه األبواب أوصي املسلم بأن يكـون حذرا من آفات اللسان، متثبتا فيما يتكلم به، وأن يعلم أن كل خري إمنا هو من اهللا، وأنه ال حول وال قـوة إال بـاهللا، ولو

مـن اخلاسرين، فإن العبد أحوج سلبه اهللا العنايـة منه طرفـة عـني هللـك، ولكـان ما يكون إىل االعتراف بذنبه، والعلم بأمساء اهللا وبصفاته، وبآثار ذلك يف ملكوته،

. علـى خلقـه، وبعبادته حق عبادته - جل وعـال-وبربوبيته

$! { باب قوله تعاىل £ϑ n= sù $ yϑ ßγ9s?# u $ [s Î=≈ |¹ Ÿξ yè y_ …çµ s9 u!% x.uà° !$ yϑŠ Ïù $ yϑ ßγ9s?# u 4 ’n?≈ yè tG sù ª!$# $ £ϑ tã

tβθ ä.Îô³ç„ {

$! {: باب قوله تعاىل £ϑ n= sù $ yϑ ßγ9s?# u $ [s Î=≈ |¹ Ÿξ yè y_ …çµ s9 u!% x.uà° !$ yϑŠ Ïù $ yϑ ßγ9s?# u 4 ’n?≈ yè tG sù ª!$# $ £ϑ tã

tβθ ä.Îô³ç„ ∩⊇⊃∪ { )1(] 190: األعراف .[

. 190: سورة األعراف آية )1(

Page 430: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

430

اتفقوا على حترمي كل اسم معبد لغـري اهللا كعبد عمر وعبد الكعبة : قال ابن حـزم . وما أشبه ذلك حاشا عبد املطلب: ملا تغشـاها آدم محلت فـأتامها إبليـس، فقـال: وعن ابن عباس يف اآلية قـال

أو ألجعلن له قرين إنـي صاحبكمـا الـذي أخرجتكمـا مـن اجلنـة، لتطيعانين، أيل، فيخـرج من بطنه فيشقه وألفعلن، وألفعلن، خيوفـهما، سـمياه عبـد احلـارث، فأبيـا أن يطيعـاه فخـرج ميتـا، مث محلـت، فأتامها، فقـال مثل قولـه، فأبيـا أن يطيعـاه فخـرج ميتـا، ثـم محلت، فأتامهـا، فذكر هلما،

Ÿξyè {: احلـارث، فذلك قولهفأدركهما حـب الولد، فسمـياه عبـد y_ …çµ s9 u!% x.uà°

!$ yϑŠ Ïù $ yϑ ßγ9s?# u 4 { )1( رواه ابن أيب حامت . )2( .

له بسند و. )3( شركاء يف طاعته، ومل يكن يف عبادته : وله بسند صحيح عن قتادة قال ÷ {: صحيح عن جماهد يف قوله È⌡s9 $ oΨ tG øŠs?# u $ [s Î=≈ أشفقا أن ال يكون : قال)4( } ¹|

". وذكر معناه عن احلسن، وسعيد، وغريمها ،)5( إنسانا : فيه مسائل

. كل اسم معبد لغري اهللاحترمي : األوىل . تفسري اآلية: الثانية . أن هذا الشرك يف جمرد تسمية مل تقصد حقيقتها : الثالثة . أن هبة اهللا للرجل البنت السوية من النعم : الرابعة . ذكر السلف الفرق بـني الشرك يف الطاعة، والشرك يف العبادة : اخلامسة

. 190: سورة األعراف آية )1( . )15517" ( التفسري " أخرجه ابن جرير يف )2( . )15521" ( التفسري " أخرجه ابن جرير الطربي يف )3( . 189: سورة األعراف آية )4( . 624 / 3 أخرجه ابن أيب حامت يف التفسري كما يف الدر املنثور )5(

Page 431: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

431

: الشرحأن مجيع األبواب يف معىن واحد، وهو أن شكر : همناسبة هذا الباب لألبواب قبل

وأن حيمد - جل وعال - فيما أنعم به، يقتضي أن تنسب إليه - جل وعال -النعمة هللا وأن يتحدث هبا، فالذي - جل وعال-عليها، ويثىن عليه هبا، وأن تستعمل يف مراضيه

وبني - جل وعال -ينسب النعم إىل نفسه مل حيقق التوحيد؛ فإنه مجع بني ترك تعظيم اهللالوال فالن مل : ادعاء شيء ليس له، وقد يعتقد يف غريه أنه هو املنعم عليه، كقول القائل

Ÿξ {: يكن كذا، أو حنو تلك العبـارات اليت تدخـل يف قولـه تعـاىل sù (#θ è= yè øgrB ¬!

#YŠ# y‰Ρr& öΝçFΡr& uρ šχθ ßϑ n=÷è s? ∩⊄⊄∪ { )1(] ويف قولـه] 22: البقرة :} tβθèùÌ÷è tƒ |M yϑ÷è ÏΡ «!$# ¢ΟèO

$ pκtΞρ ãÅ6Ζム{ )2(] فـهذه األلفـاظ وأمثاهلا راجعـة إىل عدم شكر ] 83: النحل

. ةالنعم إذا أنعم على عبد بولد، وجعله سليما معاىف، - جـل وعال -ومن شكر النعم أن اهللا

أن يشكر اهللا عليها، ومن عدم شكر النعمة -اليت هي نعمة الولـد -ورزقه بتلك النعمة فإن هذا مضاد لالعتراف - جل وعال -أن يعبد الولد لغري اهللا : تلك، ونسبتها إىل غري اهللا

وقد يصل ذلك إىل حد الشرك األكرب، إذا -جل جالله - الولد هو اهللا بأن املنعم بذلكعبد الولد لويل أو لعبد صاحل، وهو يعين حقيقة العبودية اليت هي أن هذا عبد لذاك؛ ألن

السيد البدوي، : عبد السيد ويعنون بـه : كمن يعبـد لبعض املشايخ، فيقول . ذاك إله . مرو، وحنو ذلك من األمساء اليت فيها اعتقادات عبد زينب، وعبد علي، وعبد ع : ويقولون

رمحه - فقد ناىف شكر النعمة؛ وهلذا أتبع الشيخ -جل وعال-فمن عبد ولدا لغري اهللا هذا الباب األبواب قبله ملا كان يشترك معها يف هـذا املعىن، وأن الواجب على -اهللا

. 22: سورة البقرة آية )1( . 83: سورة النحل آية )2(

Page 432: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

432

فإن وقع منه ذلك - وعالجل-العبد أن حيقق التوحيد، وأن ال ينسب النعم لغري اهللا . فواجب عليه أن يبادر بالتوبة، وأال يقيـم على ذلك

$! {: باب قول اهللا تعاىل" £ϑ n= sù $ yϑ ßγ9s?# u $ [s Î=≈|¹ Ÿξ yè y_ …çµ s9 u!% x.uà° !$ yϑŠ Ïù $ yϑ ßγ9s?# u 4 ’n?≈ yè tG sù ª!$#

$ £ϑ tã tβθ ä.Îô³ç„ ∩⊇⊃∪ { )1(] 190: األعراف :[

$! {: قوله £ϑ n= sù $ yϑ ßγ9s?# u $ [s Î=≈|¹ { )2( الضمري هنا يرجع إىل آدم وحواء، والذي عليه

رمحه -ن القصة يف آدم وحواء حىت قال الشارح الشيخ سليمان بن عبد اهللا عامة السلف أوسياق اآلية ال يقتضي . إن نسبة ذلك إىل غري آدم وحواء هو من التفاسري املبتدعة : -اهللا

رمحه -غري ذلك إال بأوجه من التكلف؛ وهلذا اعتمد اإلمام الشيخ حممد بن عبد الوهاب : ة السلف، ففسر هذه اآلية بأن املراد هبا آدم وحواء، فقولـه التفسري الذي عليه عام-اهللا

} !$ £ϑ n= sù $ yϑ ßγ9s?# u { )3(وقوله . آتى اهللا آدم وحواء صاحلا : يعين :} $ [s Î=≈ |¹ { )4(

جل -من جهة اخللقة؛ ألنه كان يأتيهما ولد فيموت، أو يكون معيبا فيموت، فاهللا : يعين رزقهما هذا الولـد الصاحل السليم يف خلقته، املعاىف يف بنيته، وكذلك هو صاحل -وعال

. هلما من جهة نفعهما

} Ÿξ yèy_ { )5(آدم وحـواء : يعين} …çµ s9 { )6(جـل وعـال -هللا : يعـين -

} u!% x.uà° !$ yϑŠ Ïù $ yϑ ßγ9s?# u 4 { )7( وكلمة شركاء مجع الشريك، والشريك يف اللغة هو

جـل -اشتراك اثنني يف شيء، فجعال هللا : املقصود هبذه اآلية، ومعىن الشركة يف اللغة

. 190: ة األعراف آية سور)1( . 190: سورة األعراف آية )2( . 190: سورة األعراف آية )3( . 190: سورة األعراف آية )4( . 190: سورة األعراف آية )5( . 190: سورة األعراف آية )6( . 190: سورة األعراف آية )7(

Page 433: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

433

واحلارث هو إبليس، وهو . ا، حيث مسيا ذلك الولد عبد احلارث شركاء فيما آتامه-وعالوهو ذكر -إن مل تسمياه عبد احلارث ألفعلن وألفعلن، وألجعلن له قرين أيل : الذي قال . ويف هذا هتديد بأن يشق بطن األم، فتموت وميوت أيضا الولد -الوعل

ان يف ذلك، فلما رأت حواء ذلك، وأهنا قد مات هلا عدة بطون، أطاعت الشيط فصارت الشركة شركة يف الطاعة، وآدم وحواء عليهما السـالم قـد أطاعا الشيطان من

عنها، كما جـاء يف -جل وعال -قبل، حيث أمرمها بأن يأكال من الشجرة اليت هنامها اهللا ملعروف عند السلف، وهذا هو ا ،)1( } خدعهما مرتني {: قال احلديث أن النيب

%!u {: فيكون إذ ا قوله x.uà° !$ yϑŠ Ïù $ yϑ ßγ9s?# u 4 { )2( من جهة التشريك يف الطاعة، ومعلوم أن

نوع تشريك حصـل كل عاص مطيع للشيطان، وكل معصية ال تصدر من العبد إال ومثيف الطاعة؛ ألنه إما أن يطيع هواه، وإما أن يطيع الشيطان؛ وهلذا قال شيخ اإلسالم وغريه

إنه ما من معصية يعصي هبا العبد ربه إال وسببها طاعة الشيطان أو طاعة : من احملققنياهلوى، وذلك نوع تشريك، وهذا هو الذي حصل من آدم وحواء عليهما السالم، وهو ال

وإمنا هو نوع تشريك يف -جل وعال -قتضي نقصا يف مقامهما، وال يقتضي شركا باهللا يواملعاصي الصغار جائزة على األنبياء، كما هو معلوم عند أهل العلم، فإن آدم نيب . الطاعة

مكلم، وصغـار الذنوب جـائزة علـى األنبياء، وال تقـدح يف كماهلم؛ ألنـهم ال ويكون حاهلم بعد ما وقع -جل وعـال-ن وينيبون إىل اهللا يستقيمون عليها، بل يسرعو

منهم ذاك أعظم من حاهلم قبل أن يقع منهم ذلك؛ ألنه يكون هلم مقامات إميانية واعتراف ، ومعرفة أكمل بتحقيق ما -جل وعال-بالعبودية أعظم، وذل وخضوع أكرب بني يدي اهللا

. وما يستحب-جل وعال -جيب هللا

. 338 / 7تفسري القرطيب : انظر )1( . 190: آية سورة األعراف )2(

Page 434: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

434

صحيحة، وآثار السلف الكثرية تدل عليها، وسياق - ذكرناكما-فهذه القصة اآليات يف آخر سورة األعراف يدل عليها، واإلشكال الذي أورده بعض أهل التفسري من املتأخرين، وهو أن آدم وحواء جعال هللا شركاء، وهذا نص اآلية ال مينع؛ ألن التشريك هنا

أصغر، وال شركا أعظم، وحاشامها من تشريك فيما يدل عليه املعىن اللغوي، وليس شركا M| { -جـل وعال-ذلك، وإمنا هو تشريك يف الطاعة، كما قال ÷ƒ uu‘ r& ÇtΒ x‹sƒ ªB$# …çµ yγ≈ s9 Î)

çµ1 uθ yδ |MΡr'sùr& ãβθä3s? ϵ ø‹n= tã ¸ξ‹ Å2 uρ ∩⊆⊂∪ { )1(] وكما قال أيضا يف اآلية ] 43: الفرقان

M÷ƒ| {األخرى utsù r& ÇtΒ x‹sƒ ªB$# …çµ yγ≈ s9Î) çµ1 uθ yδ ã& ©#|Ê r&uρ ª!$# 4’ n?tã 5Οù= Ïæ { )2(] فكل ] 23: اجلاثية

عبد غري اهللا، أو : ذا نوع تأليه، لكـن ال يقال من جعل هواه متبعا فقد جعله مطاعا، وه لكـن هو نـوع تشريك، فكـل طاعة -جل وعال-أله غري اهللا، أو أشرك باهللا

-للشيطان أو للهوى فيها هذا النوع من التشريك، إذ الواجب على العبد أن يعظم اهللا . وأمر رسوله -جـل وعال- وأن ال يطيع إال أمره -جل وعال

التقرير أن هذه القصة ال تقتضي نقصا يف مقام آدم عليه السالم وال يف مقام فظهر هبذاحواء، بل هو ذنب مـن الذنوب، تابا منه، كما حصل هلما أول مرة يف األكل من

أعظم من هذا الذي -جل وعال -الشجرة، بل إن أكلهما من الشجرة وخمالفة أمر اهللا احلارث، وذلك أن اخلطاب األول كان حصل منهما هنـا، وهـو تسمية الولد عبـد

وهناه عن أكل هذه -جل وعال - آلدم مباشرة، خاطبه اهللا -جـل وعال-من اهللا الشجرة، وهذا خطاب متوجه إىل آدم بنفسه، وأما هذه التسمية فإنه مل ينه عنها مباشرة،

املقام ، فذاك املقام زاد على هذا -جل وعال -وإمنا يفهم النهي عنها من وجوب حق اهللا املباشر آلدم، وهذا أمر معروف عند أهل العلم؛ وهلذا -جل وعال-من جهة خطاب اهللا

. 43: سورة الفرقان آية )1( . 23: سورة اجلاثية آية )2(

Page 435: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

435

له بسند صحيح عن قتادة " :فسر قتادة كلمة شركاء بقوله كما نقل الشيخ حيـث قال . وهذا هو الصحيح يف تفسري اآلية " شركاء يف طاعته، ومل يكن يف عبادته : قال

لى حترمي كـل اسم معبد لغري اهللا، كعبد عمر وعبد اتفقوا ع: قال ابن حزم" أمجعوا، : يعين " اتفقوا " : قول ابن حزم )1( " الكعبة وما أشبه ذلك، حاشا عبد املطلب

أمجع أهل العلم فيما علمه هو أن التعبيد لغري اهللا حمرم؛ ألن فيه إضافة النعم لغري : أيجل -ية، فإن تعبيد الناس لغري اهللا اهللا، وفيه أيضـا إساءة أدب مع الربوبية واإلهل

غلط من جهة املعىن، وأيضا فيه نوع هضم ملقام الربوبية، فلذلك حـرم يف -وعالشـريعة اإلسالم هذه التسمية، بل ويف شرائع األنبياء مجيعا، فاتفق أهل العلم على

لك ذلك، وأن كل اسم معبد لغري اهللا كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وعبد علي، وغري ذ . من األمساء، فإن هذا وما أشبهه حمرم وال جيوز

تكره : مل جيمعوا عليه؛ فإن من أهل العلم من قال: يعين": حاشا عبد املطلب " :قوله

أنا {: التسمية بعبد املطلب وال حترم؛ ألن النيب عليه الصالة والسالم قال يف غزوة حنني

وجاء يف أمساء الصحابة من : قالوا. )3( )2( } النيب ال كـذب، أنا ابن عبد املطلب

ال حيرم، وهذا القول ليس بصحيـح يف أن عبد : امسـه عبد املطلـب؛ وهلذا قـالوا املطلب ال تكره التسمية بـه وال حترم، وما استدلوا به ليس بوجيه، وذلك أن قول النيب

كان من جهة اإلخبار، " أنا النيب ال كذب، أنا ابن عبد املطلب " :ة والسالم عليه الصالواإلخبار ليس فيه تعبيد مباشر بإضافة ذلك املخلوق إىل غري خالقه، وإمنـا هو إخبار،

. وباب اإلخبار أوسع من باب االبتداء كما هو معلوم

. )154" ( مراتب اإلمجاع" أخرجه ابن حزم )1(/4(، أمحد )1688(، الترمذي اجلهاد )1776(، مسلم اجلهاد والسري )2709( البخاري اجلهاد والسري )2(

281( . . )1776(لم ومس) 2874(و ) 2864( أخرجه البخاري )3(

Page 436: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

436

إن من مسي : ة يقولون وأما تسمية بعض الصحابة بعبد املطلب، فاحملققون من الروا بعبد املطلب، فالصحيح أن امسه املطلب بدون التعبيد، ولكـن نقل بعبد املطلب، ألنه شاعت التسمية بعبد املطلب دون املطلب، فوقـع خطأ يف ذلك، وحبث هذه املسائل

. يطول، وحمله كتب احلديث وكتب الرجال: محلت، فأتامها إبليس، فقال ملا تغشاها آدم : وعن ابن عباس يف معىن اآلية قال "

إين صاحبكما الذي أخرجتكما من اجلنة لتطيعانين أو ألجعلن له قرنـي أيل، فيخـرج من بطنه فيشقه، وألفعلن وألفعلن، خيوفهما، مسياه عبد احلـارث، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتا، مث محلت فأتامها فقال مثـل قوله فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا مث

فأتامها فذكـر هلما، فأدركهما حب الولد، فسمياه عبد احلارث، فذلك قوله محلت } Ÿξ yè y_ …çµ s9 u!% x.uà° !$ yϑŠ Ïù $ yϑ ßγ9s?# u 4 { )1(وله بسند صحيح عن . رواه ابن أيب حامت

وهذا دليل على التفريـق بـني ": شركاء يف طاعته ومل يكن يف عبادته : قتادة قال الشرك يف الطاعة والشرك يف العبادة، فالشرك يف العبادة كفر أكرب خمرج من امللة، أما الشرك يف الطاعة فله درجات يبدأ من املعصية واحملرم وينتهي بالشرك األكـرب، فالشرك

درجة واحدة، فقد حيصل شرك يف الطاعة فيكون معصية، يف الطاعة درجاته كثرية، وليس وحيصل شرك يف الطاعة فيكون كبرية، وحيصل شرك يف الطاعة ويكون كفرا أكرب، وحنو

؛ وهلذا فرق أهل العلم بني -جل جالله -ذلك، أما الشرك يف العبادة فهو كفر أكـرب باهللا عة، والطاعة مستلزمة أيضا شرك الطاعة وشرك العبادة، مع أن العبادة مستلزمة للطا

. للعبادة، لكن ليس يف كل درجاهتا

÷ {وله بسند صحيح عن جماهد يف قوله " È⌡ s9 $ oΨ tG øŠ s?# u $ [s Î=≈ |¹ ¨ sðθ ä3 uΖ ©9 z ÏΒ

š Ì Å3≈ ¤±9 $# ∩⊇∇∪ { )2( كما -خافا أن يكون له : يعين": أشفقا أن ال يكون إنسانا : ل قا

. 190: سورة األعراف آية )1( . 189: سورة األعراف آية )2(

Page 437: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

437

له قرنا أيل، أو خلقته خمتلفة، أو خيرج حيوانا، أو قردا، أو حنو ذلـك، -قال الشيطان÷ {: فقـاال È⌡s9 $ oΨtG øŠs?# u $ [s Î=≈ ولدا صاحلا سليما من اآلفات، سليما من : يعـين)1( } ¹|

$! {اخللقة املشينة، فوعدا بأن يكونا من الشاكرين £ϑ n= sù $ yϑ ßγ9s?# u $ [s Î=≈ عبدا ذلك )2( } ¹|

ـن أن يتسلط الشيطان عليه باملوت أو اإلهالك، فأخذتـهما للحـارث، خوفـا مشفقة الوالد على الولد فكان ذلك خالف شكر تلك النعمة؛ ألن من شكر نعمة الولد أن

. يعبد الولد هللا الذي أنعم به وأعطاه وتفضل به

$!uρ â!¬ { باب قول اهللا تعاىل oÿ ôœ F{$# 4 o_ ó¡çt ø: $# çνθ ãã ÷Š$$ sù $ pκÍ5 ( (#ρ â‘ sŒuρ t Ï% ©!$# šχρ ߉Ås ù= ムþ’Îû ϵ Íׯ≈ yϑ ó™ r&{

: باب قول اهللا تعاىل} ¬!uρ â!$ oÿ ôœF{$# 4 o_ ó¡çt ø:$# çνθ ãã ÷Š$$ sù $ pκÍ5 ( (#ρ â‘ sŒuρ t Ï% ©!$# šχρ ߉Ås ù= ムþ’ Îû ϵ Íׯ≈ yϑ ó™ r& 4 { )3(

]. 180: األعراف[

šχρ {: ذكر ابن أيب حامت عن ابن عباس ߉Ås ù= ムþ’ Îû ϵ Íׯ≈ yϑ ó™ r& 4 { )4(يشركون )5(.

.يدخلون فيها ما ليس منها: وعن األعمش . مسو الالت من اإلله، والعزى من العزيز : وعنه : فيه مسائل

. إثبات األمساء: األوىل . كوهنا حسىن: الثانية . األمر بدعائه هبا: الثالثة . ترك من عارض من اجلاهلني امللحدين : الرابعة

. 189: سورة األعراف آية )1( . 190: سورة األعراف آية )2( . 180: سورة األعراف آية )3( . 180: سورة األعراف آية )4( . )613( أخرجه ابن أيب حامت يف التفسري كما يف الدر املنثور )5(

Page 438: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

438

. تفسري اإلحلاد فيها: اخلامسة . وعيد من أحلد : السادسة : الشرح

سىن، وأن من تعظيمها أن ال يلحد فيها، هذا الباب يف وجوب تعظيم أمساء اهللا احل : هبا، واألمساء احلسـىن هـي -جل وعال -وأن يدعى اهللا

األمساء البالغة يف احلسن هنايته، فاخللق يتسمون بأمساء، لكـن قد ال تكون حسنة، أو قد تكون حسنة، ولكن ليست بالغة يف احلسن هنايته؛ ألن احلسن يف األمساء يكون راجعا

لصفة اليت اشتمل عليها ذلك االسم تكـون حقا، موجودة فيمن تسمى هبا، إىل أن ا واإلنسان وإن تسمى باسم فيه معىن فقد ال يكون فيه من ذلك املعىن شيء، فيسمى صاحلا وقد ال يكون صاحلا، ويسمى خالدا وقد ال يكون خالدا، ويسـمى حممدا وقد ال

د يسـمى بأمساء لكن ال تكون يف يكـون كثري خصال احلمد وهكذا، فإن اإلنسان ق له األمساء احلسىن البالغة يف احلسن هنايته، وهي األمساء -جل وعال-حقه حسىن، واهللا

املشتملة علـى صفـات الكمال، واجلـالل، واجلمـال، والقـدرة، والعـزة، واجلربوت وغري ذلك، وله من كل اسم مشتمل على صفة أعلى وأعظم وأمسى املعاين اليت

. شتملت عليها الصفةاوأهل العلم إذا فسروا األمساء احلسىن فإمنا هو تقريب، ليدلوا الناس على أصل املعىن،

ال {: يف دعائه وهلذا قال -جل جالله -أما املعىن بكماله فإنه ال يعلمه أحد إال اهللا

فالناس حـني . )2( )1( } ثناء عليك، أنـت كمـا أثنيـت علـى نفسكحنصي

فإهنم يفسـرون ذلك مبا يقرب إىل األفهام املعىن، أما - جل وعال -يفسرون أمساء اهللا

879(، أبو داود الصالة )1130(، النسائي التطبيق )3493(، الترمذي الدعوات )486( مسلم الصالة )1(

. )497(، مالك النداء للصالة )6/58(، أمحد )3841(، ابن ماجه الدعاء ) . )1179(، وابن ماجه )3566( أخرجه الترمذي )2(

Page 439: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

439

حقيقة املعىن علـى كمالـه فإهنم ال يعونه؛ ألن ذلك من الغيب، وكذلك الكيفية فإهنم . له األمساء احلسىن، والصفات العلى - جل وعال -ال يعلموهنا؛ ألن ذلك من الغيب، فاهللا

الصـانع، واملتكلـم، واملريد، : ومن األمساء ما ال يكـون حسـنا إال بقيد مثـلوالفعال أو الفاعل، وحنو ذلك، فهذه األمساء ال تكون كماال إال بقيد، وهو أن يكون

يكون حممودا؛ وهلذا ليس من متكلما مبا شاء إذا شاء مبا تقتضيه احلكمة ومتام العدل، فهذا جل -أمساء اهللا املتكلم، وكذلك الصانع قد يصنـع خريا، وقد يصنع غري ذلك، واهللا

ليس من أمسائـه احلسىن الصانع؛ الشتماله على هذا وهذا، فإذا أطلق من جهة -وعالد اخلرب فيعىن به ما يقيد باملعىن الذي فيه كمال، وكذلك فـاعل أو فعال فإن الفعال ق

يفعـل أشياء ال توافق احلكمة، وقد يفعل أشياء ال يريدها بل جمرب عليها، والكمال أن عـن - جـل وعال -يفعل ما يريد وال يكون جمربا لكمال عزته وقهره؛ وهلذا قال اهللا

$Α× {: نفسـه ¨è sù $ yϑ Ïj9 ߉ƒ Ìム∩⊇∉∪ { )1(] ييـد كونـه فعاال مبا ألن تق] 16: الربوج

. يريد، يدل على الكمال يف أشياء كثرية، وهي معروفة يف مباحث األمساء والصفاتإن منها : وأمساء اهللا احلسىن تنقسم باعتبارات من جهة املعىن، قال طائفة من أهل العلم

هـي األمساء املشتملة على - جـل جاللـه -أمساء اجلمـال، وأمسـاء اجلمـال هللا الـذات، أو حسن يف املعىن وبر بالعباد واملخلوقني، فيكون من أمساء اجلمال حسن يف

الرب، والرحيم، والودود، : صفات الذات، واسم اهللا اجلميل، ويكون من أمساء اجلمال هذه أمساء اجلالل، : ومن أمساء اهللا ما هو من اجلالل فيقال . واحملسن، وما أشبه ذلك

جـل -يها ما يدل العباد على جالل اهللا، وعظمته وعزتـه وأمساء اجلالل هللا هي اليت ف القهار، واجلبار، والقدير، والعزيز، وحنو ذلك، فهذه : وجالله حىت جيل، من مثل -وعال

أو - رمحه اهللا-أمساء اجلالل، وهناك أمساء يف تقسيمات خمتلفة، تطلب من كالم ابن القيم جل -املؤمن املوحد ينبغي أن يتعرف إىل اهللامن كالم الشراح، فإن املقصود هو أن العبد

. 16: سورة الربوج آية )1(

Page 440: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

440

جل - بأمسائه وصفاته، وال تتم حقيقة التوحيد يف قلب العبد حىت يعلم أمساء اهللا-وعال . فإن العلم هبا تتم به حقيقة التوحيد - جل وعال - ويعلم صفات اهللا-وعال

ثبت اهللا لنفسه، وما أن يثبت ما أ: أن يعلمها إثباتا، يعين: والعلم هبا على مراتب، منها فيؤمن أن هذا االسم مـن أمساء اهللا، وأن هذه الصفة من صفات اهللا أثبته له رسوله

. جل وعال بأمسائه وصفاته مبا يوافق مطلوبه؛ ألن األمساء - جل وعال -أن يسأل اهللا : والثاين

سيأيت بيان هبا، بأن ندعوه هبا كما جاء يف هذه اآلية، و- جل وعال -والصفات نتعبد هللا . ذلك إن شاء اهللا

أن ينظر إىل آثار أمسـاء اهللا وصفاته يف : والثالث من اإلميان باألمسـاء والصفاتامللكوت، فإذا نظر إىل آثار األمساء والصفات يف امللكوت وتأمل ذلك علم أن كل شيء

ما ما سوى وأ- جل وعال -ما خال اهللا باطل، وأن احلقيقة أن احلق الثابت الالزم هو اهللا ≅‘ {اهللا فهو باطل، وزائل، وآيل إىل اهلالك ä. >ó x« î7 Ï9$ yδ ωÎ) …çµ yγô_ uρ 4 { )1(] القصص :

88 .[

$!uρ â!¬ {: قوله oÿ ôœ F{$# 4 o_ ó¡çt ø: هـي الم )uρ { )3!¬ {الالم يف قولـه : )2( } #$

واهللا - جل وعال -قة هللاألمساء احلسىن البالغة يف احلسن هنايته مستح : االستحقاق، يعين . مستحق ذلك

} çνθ ãã ÷Š$$ sù $ pκÍ5 ( { )4( :إذا علمتـم أن اهللا هـو املسـتحق لذلـك، وآمنتم : يعين

العبادة، وفسر بالسؤال والطلب، به، فادعوه هبا، وهذا أمر، والدعاء هنا فسر بالثناء وحنمده، ونثين عليه هبا، فنعبده متوسلني إليه : وكالمها صحيح؛ فإننا ندعو اهللا بـها، أي

. 88: ية سورة القصص آ)1( . 180: سورة األعراف آية )2( . 180: سورة األعراف آية )3( . 180: سورة األعراف آية )4(

Page 441: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

441

إذا : باألمساء احلسىن، وما اشتملت عليه من الصفات العلى، وكذلك أن نسأله هبا، يعين طلوب، فإذا سألنا اهللا كان لنا مطلوب نتوجه إىل اهللا، فنسأله بتلك األمساء مبا يوافق امل

النصرة نأيت بصفات اجلالل، - جل وعال-املغفـرة نأيت بصفات اجلمال، وإذا سألنا اهللا . وهكذا فيما يناسب، وهناك تفصيالت أيضا هلذا األمر

çνθ { - جل وعال -واملقصود أن قوله ãã ÷Š$$ sù $ pκÍ5 ( { )1( :اسألوه هبا، أو اعبدوه، : يعين

. ، فيشمل دعاء املسألة، ودعاء العبادة - جل وعال -واثنوا عليه هبا$! {والباء يف قوله pκÍ5 ( { )2(ادعوه متوسلني هبا : لوسيلة، أي هي باء ا .

ρ#) {: قولـه â‘ sŒuρ t Ï% ©!$# šχρ ߉Ås ù= ムþ’ Îû ϵ Íׯ≈ yϑ ó™ r& 4 { )3( :} #Yρö‘ sŒ ∩⊇∪ { )4(يعين :

جل -كوا، وهذا يوجب على املسلم أن يبتعد عن حال الذين يلحدون يف أمساء اهللا اترجل -امليل والعدول هبا عن حقائقها إىل ما ال يليق باهللا : واإلحلاد يف أمساء اهللا هو. -وعال . -وعال

أن يسمي البشر املعبودين بأمساء اهللا، : وهذا اإلحلاد يف أمساء اهللا وصفاته مراتب منها . مسوا الالت من اإلله، والعزى من العزيز، وحنو ذلك كما

ولد، وأن يضـاف املخلوق إليه - جل وعال -أن جيعل هللا: ومن اإلحلاد يف أمساء اهللا . إضافة الولد إىل والده، كحال النصارى

إنكار األمساء والصفات، أو إنكار بعض ذلك، كما فعلت اجلهمية : ومن اإلحلادنون باسم من أمساء اهللا، وال بصفة من صفات اهللا إال الوجود الغالة، فإهنم ال يؤم

واملوجود، ألن هذه الصفة هي اليت يستقيم معها برهاهنم حبلول األعراض يف األجسام، . ودليل ذلك على الوحدانية كما هو معروف يف موضعه

. 180: سورة األعراف آية )1( . 195: سورة األعراف آية )2( . 180: سورة األعراف آية )3( . 1: سورة الذاريات آية )4(

Page 442: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

442

ن أ : فيها- جل وعال-ومن اإلحلاد أيضا وامليل هبا عن احلق الثابت الذي جيب هللاتؤول وتصرف عن ظاهرها إىل معان ال جيوز أن تصـرف إليها، فيكون ذلك من التأويل، والواجب اإلميان باألمساء والصفـات وإثباهتا، واعتقاد ما دلت عليه، وترك التعرض هلا بتأويل وحنوه، وهذه هي قاعدة السلف فنؤمن هبا وال نصرفها عن حقائقها

فعل املعتزلة، وفعلته األشاعرة، واملاتريدية وطوائف، بتأويل أو مبجاز أو حنو ذلك، كما . كل هذا نوع من أنواع اإلحلاد

وإذا تقرر ذلك علم أن اإلحلاد منه ما هو كفر، ومنه ما هو بدعة حبسب ما ذكرنا، بدعة وإحلاد ال يصل -وهي التأويل، وادعاء اجملاز يف األمساء والصفات-فاحلال األخرية

، أما نفي وإنكار وجحد األمساء والصفات، فهذا كفر، كحال بأصحابه إىل الكفر . اجلهمية، والنصارى، ومشركي العرب

šχρ {ذكر ابن أيب حامت عن ابن عباس " ߉Ås ù= ムþ’ Îû ϵ Íׯ≈ yϑ ó™ r& 4 { )1( يشركون ، . يعين جيعلون الالت من اإلله، فينادون الالت، وعندهم أهنم نادوا اإلله، فصار شركا

يدخلون فيها ما : مسو الالت من اإلله، والعزى من العزيز وعن األعمش : وعنه" له األمساء - جل وعال -وهذه مرتبة من مراتب اإلحلاد يف أمسائه؛ ألن اهللا ": ليس منها

ـ ا مل يثبت يف الكتاب والسنة أنه من أمساء اهللا فقد أحلد؛ ألنه احلسىن، فمن أدخـل امسمال وعدل عن احلق الذي جيب يف األمساء والصفات إىل غريه، واحلق هو أن تثبت هللا ما

وكذلك ال أحد - جل جالله وتعاظم شانه -أثبته لنفسه، إذ ال أحد أعلم باهللا من اهللا فمن أدخل فيها ما ليس منها . اخلامت حممد من رسوله - جل وعال-أعلم من اخللق باهللا

املاكر، واملسـتهزئ، والصانع، وجعل ذلك من : إن من أمساء اهللا : فقد أحلد، كمن قال األمساء احلسىن، فإن هذا ال جيوز، ومنها ما جيوز بتقييد يف بـاب اإلخبار، ومبـاحث

. 180: سورة األعراف آية )1(

Page 443: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

443

مبحث توحيد هـذا البـاب طويلـة التصاهلا باألمسـاء والصفات وهي معروفة يف . األمساء والصفات

Page 444: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

444

باب ال يقال السالم على اهللا

: يف الصالة قلنا كنا إذا كنا مع النيب {: قال يف الصحيح عن ابن مسعود

السالم : ال تقولوا " فـالن وفالن، فقال النيب السالم على اهللا من عباده السالم على . )2( )1( } على اهللا فإن اهللا هو السالم

: فيه مسائل . تفسري السالم: األوىل . أنه حتية: الثانية . أهنا ال تصلح هللا: الثالثة . العلة يف ذلك : الرابعة . تعليمهم التحية اليت تصلح هللا : اخلامسة : الشرح

السالم على اهللا، هو من تعظيم : أن ترك قول : اب للباب الذي قبلهمناسبة هذا الب ، والسالم من أمسائه - جل جالله -األمساء احلسىن، ومن العلم هبا، ذلك أن السالم هو اهللا

سبحانه وتعاىل، فهو املتصف بالسالمة الكاملة من كل نقص وعيب، وهو املرته واملبعد -طلق يف ذاته، وصفاته الذاتية، وصفاته الفعلية عن كل آفة ونقص وعيب، فله الكمال امل

الذي يعطي السالمة ويرزقها، وأثر هذا : والسالم يف أمساء اهللا معناه أيضا -جل وعال االسم يف ملكوت اهللا أن كل سالمة يف ملكوت اهللا من كل شر يؤذي اخللق، فإهنا من

. يفيض السالمة على العباد هو السالم فإنه- جل وعال -آثار هذا االسم، فإنه لكون اهللا إذا كان كذلك فاهللا جل جالله هو الذي يفيض السالم، وليس العباد هم الذين يعطون اهللا السالمة، فإن اهللا جل وعال هو الغين عن خلقه بالذات، والعباد فقراء بالذات،

، ابن )968(، أبو داود الصالة )1298(، النسائي السهو )402(، مسلم الصالة )800(بخاري األذان ال)1(

. )1340(، الدارمي الصالة )1/431(، أمحد )899(ماجه إقامة الصالة والسنة فيها . )402(ومسلم ) 835( أخرجه البخاري )2(

Page 445: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 446: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

446

يف - جل وعال-عباده، وهـذا ال شـك أنـه بـاطل وإساءة يف األدب مع ما جيب هللا . ربوبيته وأمسائه وصفاته

السالم على اهللا، فإن اهللا هو : ال تقولوا {هلذا قال هلم النيب عليه الصالة والسالم

السالم على اهللا؛ ألن : ، وهذا النهي للتحرمي، فال جيوز ألحد أن يقول )1( } السالم

. السالم على اهللا مقتض النتقاص جنـاب الربوبية وتوحيـد األمساء والصفات السالم عليك يا فالن، أو : إذا كان كذلك، فما معىن قولك حـني تسلم على أحد

öΝßγ {ؤمنني يف الدنيا ويف اآلخرة السالم عليكم ورمحة اهللا؟ وهي حتية امل çG ¨ŠÏt rB tΠöθ tƒ …çµ tΡöθ s)ù= tƒ

ÖΝ≈ n= y™ 4 { )2(] جل -كـل اسم هللا: إن معناها: قال بعض أهل العلم]. 44: األحزاب

- جل وعال -كا بأمساء اهللاسم السالم عليكم، فيكون ذلك ترب : عليكم، يعين-وعالاسم اهللا عليكـم، فيكون ذلك تربكا بكـل : وبصفاته، فاسم السالم عليكم، يعين

. السالم، وهذا أحد املعنيني - جل وعال -األمساء ومنها اسم اهللاالسالم عليكـم ورمحة اهللا، : أن قول القائل : ما قاله آخرون من أهل العلم : والثاين

عليكـم، نسأل اهللا أن يفيضها عليكم، أو ) السالم( شتمل عليها اسمالسالمة اليت ا: يعينكـل سالمة عليكـم مين، فإنك لن جتد مين إال السالمة، وهذا يصدق : أن يكون املعىن

كـل سالمة مين : سالم عليكـم ورمحه اهللا وبركاته، يعـين: حـني تنكر فتقوللن أخفرك يف نفسك، وكثري ستأتيك، فلن أخفرك يف عرضك، ولن أخفرك يف مالك، و

السالم : من املسلمني يقول هذه الكلمة وهو ال يعي معناها، ألنه حـني قـال ملـن أتاه عليكم، كأنه عاهده بأنه لن يأتيه منه إال السالمة، مث هو خيفر هذه الذمة، ورمبا أضره، أو

. تناول عرضه، أو تناول ماله، أو حنو ذلك

، ابن )968(، أبو داود الصالة )1298(، النسائي السهو )402(، مسلم الصالة )800( البخاري األذان )1(

. )1340(، الدارمي الصالة )1/431(، أمحد )899(ه إقامة الصالة والسنة فيها ماج . 44: سورة األحزاب آية )2(

Page 447: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

447

مهمة، وهي أنه ينبغي لكل طالب العلم، بل كل عاقل بعامة فهذا فيه التنبيه على فائدةإذا نطق بكالم أن يتبني ما معىن هذا الكـالم، فكونه يستعمل كالما ال يعي معناه، هذا من العيب، إذ ليس من أخالق الرجال أصال أن يتكلموا بكالم ال يعون معناه، فيأيت

أفعال الذين يعقلون، فضال أن يكون من بكالم مث ينقضه يف فعله أو يف قوله، هذا ليس من . شرعه ودينه- جل وعال -أفعال أهل العلم، أو طلبة العلم الذين يعون عن اهللا

السالم عليكم، يشمل املعنيني األول والثاين، فهو تربك بكل : والصواب أن قول القائل ليك يف دينك الذي من آثاره السالمة ع ) السالم( اسم من أمساء اهللا، وتربك باسم اهللا

ودنياك، فـهو دعاء لك بالسالمة يف الدين، ويف الدنيا، ويف األعضاء، والصفات، . واجلوارح، إىل آخر ذلك

باب قوله اللهم اغفر يل إن شئت

اللهم اغفر يل : ال يقل أحدكم {: قال يف الصحيح عن أيب هريرة أن رسول اهللا

. )2( )1( } إن شئت، اللهم ارمحين إن شئت، ليعزم املسألة؛ فإن اهللا ال مكره له

. )4( )3( } وليعظم الرغبة، فإن اهللا ال يتعاظمه شيء أعطاه {: وملسلم

: فيه مسائل . النهي عن االستثناء يف الدعاء: األوىل . بيان العلة يف ذلك: الثانية . ليعزم املسألة: قوله: الثالثة . إعظام الرغبة: الرابعة

(، الترمذي الدعوات )2679(، مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )5980( البخاري الدعوات )1(

. )494( للصالة ، مالك النداء )2/318(، أمحد )1483(، أبو داود الصالة )3497 . )2679(ومسلم ) 6339( أخرجه البخاري )2( . )2679( مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )3( . )2679( أخرجه مسلم )4(

Page 448: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

448

. التعليل هلذا األمر: اخلامسة : الشرح

بتمام الذل واخلضوع واحملبة، وأن - جل وعال -حقيقة التوحيد أن يوحد العبد ربه هو - جل وعال - ويتذلل إليه بإظهار فقره التام إليه، وأن اهللا - جل وعال -إىل اهللايتضرع

يفهم منه أنه مستغن عن )1( } اللهم اغفر يل إن شئت {: الغين عما سواه، وقول القائل

افعل : ر ال يريد أن يتذلل لهأن يغفر له، كما يأيت العزيز أو املتكرب من الناس فيقول آلخ إن فعلت ذلك فحسن، وإن مل تفعل فلست مبلح عليك، ولست : هذا إن شئت، يعين

بذي إكرام، فهذا القول مناف حلاجة الذي قاهلـا إىل اآلخر وهلذا كـان فيه عدم حتقيق ته من أن يظهر فاق- جل وعال-للتوحيد، ومنافاة ملا جيب على العبد يف جناب ربويية اهللا

وحاجته لربه، وأنه ال غىن به عن مغفرة اهللا، وعن غىن اهللا، وعن عفوه، وكرمه وإفضاله، لست : كأنه يقول)2( } اللهم اغفر يل إن شئت {: ونعمه طرفة عني، فقول القائل

هل التكرب، وأهل حمتاجا، إن شئت فاغفر، وإن مل تشأ فلست مبحتاج، وهذا فعل أاللهم {: ، وهلذا حرم هذا اللفظ، وهو أن يقول أحد - جل وعال -اإلعراض عن اهللا

يف الصحيح عن أيب " :؛ للحديث الذي ساقه املؤلف، فقال )3( } اغفر يل إن شئت

اللهم اغفر يل إن شئت اللهم ارمحين إن : ال يقل أحدكم {: قال هريرة أن رسول اهللا

(، الترمذي الدعوات )2679(، مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )5980( البخاري الدعوات )1(

. )494(، مالك النداء للصالة )2/318(، أمحد )1483(، أبو داود الصالة )3497(، الترمذي الدعوات )2679(، مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )5980( البخاري الدعوات )2(

. )494(، مالك النداء للصالة )2/318(، أمحد )1483(، أبو داود الصالة )3497(، الترمذي الدعوات )2679( والدعاء والتوبة واالستغفار ، مسلم الذكر )5980( البخاري الدعوات )3(

. )494(، مالك النداء للصالة )2/318(، أمحد )1483(، أبو داود الصالة )3497

Page 449: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

449

إن اهللا ال وليعظم الرغبة، ف {: وملسلم . )1( } شئت ليعزم املسألة، فإن اهللا ال مكره له

. )2( } يتعاظمه شيء أعطاه

ليسأل سؤال عازم، سؤال حمتاج، سؤال متذلل، : يعين: )3( } ليعزم املسألة {: قوله

ال سؤال مستغن مستكرب، فليعزم املسألة، وليسأل سؤال جاد حمتاج متذلل فقري حيتاج إىل جل -أعظم املسائل، وهي املغفرة والرمحة من اهللا أن يعطى ذلك، والذي سأل سأل

. فيجـب عليه أن يعظـم هـذه املسألة، ويعظم الرغبة وأن يعزم املسألة -وعال

ال أحد يكرهه لتمام غناه، ومتـام عزته : أي)4( } فإن اهللا ال مكره له {: قوله

. ونه مقيتا سبحانه وتعـاىل، وهذا من آثار األمساء والصفاتوقهره وجربوته، ومتام ك

اللهم اغفر يل إن شئت، {: وهلذا ال جيوز قي الدعاء أن يواجه العبد ربه هبذا القول

، وهذا واضـح ظاهر يف الدعاء الذي فيه املخاطبة، وهلذا )5( } اللهم ارمحين إن شئت

إن هذا يتقيد بالدعاء الذي فيه خطاب، أما الدعاء الذي ليس فيه : قال بعض أهـل العلمخطاب فيكون التعليق باملشيئة ليس تعليقا؛ ألجل عدم احلاجة، أو منبئا عن عدم احلاجة

رمحه اهللا إن شاء اهللا، أو غفر اهللا له إن شاء اهللا، : كهذا الدعاء، بل هو للتربك كمن يقول ال يدخل يف هذا : عطيه من املال كذا وكذا إن شاء اهللا، وحنو ذلك، فهذا قالوا أو اهللا ي

، الترمذي الدعوات )2679(ة واالستغفار ـلم الذكر والدعاء والتوب ـ، مس )5980(خاري الدعوات ـ الب)1(

. )494(، مالك النداء للصالة )2/318(، أمحد )1483(، أبو داود الصالة )3497( . )2679( مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )2(، الترمذي الدعوات )2679(ة واالستغفار ـلم الذكر والدعاء والتوب ـ، مس )5980(خاري الدعوات ـ الب)3(

. )494(صالة ، مالك النداء لل )2/318(، أمحد )1483(، أبو داود الصالة )3497(، )3497(الترمذي الدعوات )2679(مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )7039( البخاري التوحيد )4(

. )494(، مالك النداء للصالة )2/318(، أمحد )3854(، ابن ماجه الدعاء )1483(أبو داود الصالة ، الترمذي الدعوات )2679(ة واالستغفار ـلتوب لم الذكر والدعاء وا ـ، مس )5980(خاري الدعوات ـ الب)5(

. )494(، مالك النداء للصالة )2/318(، أمحد )1483(، أبو داود الصالة )3497(

Page 450: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

450

النوع، ألنه ليس على وجه اخلطاب، وليس على وجه االستغناء، ولكن األدب يقتضي أال يستعمل هذه العبارة يف الدعاء مطلقا؛ ألهنا وإن كـانت ليست مبواجهة فإهنا داخلة يف

: ال مكره له، فعموم املعىن املستفاد من قوله - جل وعال-تعليق الدعاء باملشيئة، واهللا عموم هذا التعليل يشمل هذا وهذا، فال شك أن قول )1( } فإن اهللا ال مكره له {

ل اآلخر داخل أيضا يف علة النهي أعظم ولكن القو )2( } اللهم اغفر يل إن شئت {

. ومعىن النهي؛ وهلذا ال يسوغ استعماله كما رواه البخاري -وقول النيب عليه الصالة والسالم ملن عاده وقد أصابته احلمى

)4( إخل كالمه .. بل هي محى تفور: قال)3( } طهور إن شاء اهللا {: -ومسلم وغريمها

يكون طهورا إن شاء اهللا، فهو ليس : هذا ليس فيه دعاء، وإمنا هو من جهة اخلرب، قال . بدعاء، وإمنا هو خرب، فافترق عن أصل املسألة

طهور إن شاء {: وقد يكون قوله : وقال طائفة من أهل العلم من شراح البخاري

خمربا عن قول - جل وعال -ون ذلك من جهة التربك، كقوله للربكة، فيك )5( } اهللا

θ#) {: يوسف è= äz ÷Š$# uóÇÏΒ βÎ) u!$ x© ª!$# tÏΖÏΒ#u ∩∪ { )6( وهـم قد دخلوا مصر، وكقوله -

(، الترمذي الدعوات )2679(، مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )7039( البخاري التوحيد )1(

، مالك النداء للصالة )2/318(، أمحد )3854(لدعاء ، ابن ماجه ا )1483(، أبو داود الصالة )3497)494( .

(، الترمذي الدعوات )2679(، مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار )5980( البخاري الدعوات )2( . )494(، مالك النداء للصالة )2/318(، أمحد )1483(، أبو داود الصالة )3497

. )7032( البخاري التوحيد )3( . ، ومل يروه مسلم رمحه اهللا )3616( أخرجه البخاري )4( . )7032( البخاري التوحيد )5( . 99: سورة يوسف آية )6(

Page 451: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 452: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

452

من األلفاظ اليت يكون فيها إساءة أدب مـع فتحقيق التوحيد ال يكون إال باالحتراس وصفاته، وهلذا عقد - جـل وعـال -، أو مع أمسـاء اهللا - جـل وعال -ربوبية اهللا

". باب ال يقول عبدي وأميت " :املؤلف هذا الباب فقال -هذا عبد اهللا، فهو عبد هللا : عبودية حقيقة، وإذا قيل - جل وعال -عبودية البشر هللا

- جل وعال -هرا أو اختيارا، فكـل من يف السماوات واألرض عبد هللا إما ق-جل وعال β { - جـل وعال -كما قـال Î) ‘≅ à2 tΒ ’Îû ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# ÇÚö‘ F{$#uρ Hω Î) ’ ÎA# u Ç≈ uΗ ÷q§9$# #Y‰ö7tã

∩⊂∪ ô‰s)©9 ÷Λàι9|Á ôm r& öΝè䣉tã uρ #t‰tã ∩⊆∪ öΝßγ = ä.uρ ϵ‹ Ï?# u tΠöθ tƒ Ïπ yϑ≈uŠÉ)ø9$# #·Šösù ∩∈∪ { )1(] 93: مرمي-

ق ظاهرة؛ ألنه هو الرب، وهو املتصرف، وهو خال - جل وعال-، فعبودية اخللق هللا]95 هو املتفرد بذلك سبحانه، فإذا قال الرجل - جل وعال -اخللق، وهو املدبر لشئوهنم، فاهللا

هذا عبدي، وهذه أميت، كان فيه نسبة عبودية أولئك له، وهذا فيه منافاة لكمال : لرقيقه؛ وهلذا كان هذا اللفظ غري جائز عند كثري - جـل وعال -األدب الواجـب مـع اهللا

. وه عند طوائف آخرين من أهل العلم، ومكر

ما ذكرنا من وجوب تعظيـم )2( } عبدي وأميت {: وسبب النهي عن لفظ

. الربوبية، وعدم انتقاص عبودية اخللق هللا جل وعال

ال يقل أحدكم أطعم ربك، {: قال أن رسول اهللا يف الصحيح عن أيب هريرة

فتاي وفتايت : عبدي وأميت، وليقل: سيدي وموالي، وال يقل أحدكم: وضئ ربك، وليقل : هذا النهي يف هذا احلديث اختلف فيه أهل العلم على قولني : )3( } وغالمي

. 95-93: اآليات سورة مرمي )1((، أمحد )4975(، أبو داود األدب )2249(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )2414( البخاري العتق )2(

2/423( . (د ، أمح )4975(، أبو داود األدب )2249(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )2414( البخاري العتق )3(

2/316( .

Page 453: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

453

لتحرمي إال إذا صرفه عن ذلك األصل أنه للتحرمي، ألن النهي األصـل فيه ل : األول . صارف

النهي هنا للكراهة، وذلك ألنه من جهة األدب، وألنه جاء يف القرآن : وقال آخرون ÎΤöà2’ {: قول يوسف عليه السـالم øŒ$# y‰Ψ Ïã š În/u‘ çµ9|¡Σ r'sù ß≈ sÜø‹¤±9$# tò2 ÏŒ ϵ În/u‘ y]Î7n= sù ’Îû

Çôf Åb¡9$# yìôÒ Î/ tÏΖÅ™ ∩⊆⊄∪ { )1(] وألن الربويية هنا املقصود هبا ما يناسب ] 42: يوسف

النهي : البشر، فرب الدار، ورب العبد هو الذي ميلك أمره يف هذه الدنيا؛ فلهذا قالوا اديث من جتويز إطالق بعض تلك للكراهة وليس للتحرمي، مع ما جاء يف بعض األح

. األلفاظ

هو - جل وعال - السيادة مع كون اهللا )2( } سيدي وموالي: وليقل {: قوله

. السيد، لكن السيادة باإلضافة ال بأس هبا؛ ألن للبشر سيادة تناسبه

ـ : )3( } وموالي { وىل يـأيت علـى معـان كثـرية، وخماطبـة البشـر امل

أجازه طائفة من أهل العلم، بناء على هذا احلديث، وقد جاء يف صحيح " موالي " :بقولو أ)4( } ال تقولوا موالي إمنا موالكم اهللا {: موالي، فقال: مسلم النهي عن أن يقول

حنو ذلك، وهذا احلديث أعله بعض أهل العلم بأنه نقل باملعين، فهو شاذ من جهة اللفظ، ومعارض هلذا احلديث الذي هو نص يف إجازة ذلك، فالصحيح جواز إطالق

، وحنـو ذلك؛ ألن املراد بالسيادة هنا سيادة تناسب البشر، "سيدي " و " موالي " لفظسب البشر من ذلك، فليس اللفظان يف مقام الربوبية موالي مراد به ما ينا: وكذلك قول

. 42: سورة يوسف آية )1((، أمحد )4975(، أبو داود األدب )2249(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )2414( البخاري العتق )2(

2/316( . . )2/316(، أمحد )2249(، مسلم األلفاظ من األدب وغريها )2414( البخاري العتق )3( . )4975(، أبو داود األدب )2249(م األلفاظ من األدب وغريها ، مسل )2414( البخاري العتق )4(

Page 454: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 455: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

455

. إجابة الدعوة: الثالثة . عةاملكافأة على الصني: الرابعة . أن الدعاء مكافأة ملن مل يقدر إال عليه : اخلامسة . حىت تروا أنكم قد كافأمتوه : قوله : السادسة : الشرح

- كلها يف تعظيـم اهللا- كما ذكرنا-هذا الباب مع الباب الذي قبله ومع ما سبقه وربوبيته وأمسائه وصفاته؛ ألن تعظيم ذلك من إكمال التوحيد ومن حتقيق -جل وعال

فقـد سأل بعظيم، ومن استعاذ باهللا فقد - جـل جالله -توحيد، ومن سأل باهللا ال فكيف يرد - جل وعال -استعاذ بعظيم، بل استعاذ مبن له هذا امللكوت، وله تدبري األمر

من جعل مالك كل شيء وسيلة؟ وهلذا كان من تعظيم اهللا التعظيم الواجب أال يرد أحد هو الوسيلة فإنه ال جيوز - جل وعال - سؤاال وجعل اهللا فإذا سأل- جل وعال -سأل باهللا

أن يرد تعظيما هللا جل وعال والذي يف قلبه تعظيم اهللا جل وعال ينتفض إذا ذكر اهللا كما $ {: قال سبحانه yϑ ¯ΡÎ) šχθ ãΖÏΒ ÷σßϑ ø9$# t Ï% ©!$# #sŒÎ) tÏ.èŒ ª!$# ôM n= Å_ uρ öΝåκæ5θ è= è% { )1(] 2: األنفال [

وما يستحق، وعلمهم بتدبريه - جـل وعال -مبجرد ذكر اهللا جتل القلوب لعلمهم باهللا فإذا سأل أحد باهللا فإن قلب املوحد ال - جـل وعال-وملكوته وعظمة صفاته وأمسائه

فال يرد أحدا جعل وسيلته إليه رب -ل وعال ج-يكون رادا له؛ ألنه معظم هللا جمل هللا . العزة سبحانه وتعاىل

إن السائل باهللا قد جتب إجابته وحيرم رده، وقد ال جيب : ومن أهل العلم من قالذلك، وهذا القول هو قول شيخ اإلسالم ابن تيمية واختيار عدد من احملققني بعده، وهو

. القول الثالث يف املسألة . فهو أن من سأل باهللا حرم أن يرد مطلقا : لوأما القول األو

. 2: سورة األنفال آية )1(

Page 456: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

456

. أن من سأل باهللا استحب إجابته، وكره رده : والقول الثاينأن يتوجه السؤال ملعني يف أمر معني، : ومراد شيخ اإلسالم رمحه اهللا حبالة الوجوب

أال يكون السائل سأل عددا من الناس باهللا، ليحصل على شيء؛ فلهذا مل يدخل فيه : يعينلسائل الفقري الذي يأيت فيسأل هذا ويسأل هذا، كما مل يدخـل فيه من يكون كاذبا يف ا

سؤاله، أما إذا مل يتوجه ملعـني يف أمر معني، فإنه ال جيب عليه أن يؤتيه مطلبه، وجيوز له : أن يرد سؤاله، وعلى هذا التفصيل يكون للمسألة ثالثة أحوال

فيها رد السائل، وحال يباح فيها رد السائل حال حيرم فيها رد السائل، وحال يكره . باهللا

إذا توجه ملعني يف أمر معني، كما إذا خصك هبذا التوجه، : فيحرم رد السائل باهللا . وسألك باهللا أن تعينه وأنت قادر على أن تؤتيه مطلوبه

إذا : إذا كان التوجه ليس ملعـني، كأن يسـأل أشخاصا كثريين، ويباح : ويستحب . سأل باهللا يعرف منه الكذبكان من . فيه عموم ألجل احلديث الوارد " باب ال يرد من سأل باهللا " :قوله

من سأل باهللا { قال رسول اهللا: عن ابن عمر رضي اهللا عنهما قال"

. وإمنا وجب إعطاؤه تعظيما هللا جل وعال : )1( } فأعطوه

من استعاذ منك باهللا فيجب أن تعيذه، )2( } ومن استعاذ باهللا فأعيذوه {: قوله

جتيبه إىل ذلك وتتركه؛ ألن من - جل جالله -أعوذ باهللا منك، تعظيما هللا: فمن قال عليها النيب عليه استعاذ باهللا فقد استعاذ بـأعظم مستعاذ به؛ ويف قصـة اجلونية اليت دخل

أعوذ باهللا منك، فابتعد عنـها عليه الصالة : الصالة والسالم واقترب منها، قالت له

. )2/68(، أمحد )5109(، أبو داود األدب )2567(كاة النسائي الز)1( . )2/68(، أمحد )5109(، أبو داود األدب )2567( النسائي الزكاة )2(

Page 457: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

457

فلما استعاذت باهللا . )2( )1( } لقد استعذت مبعاذ، احلقي بأهلك {: والسالم وقـال

.منـه تركـها عليه الصالة والسالم

عامة أهـل العلـم علـى أن هـذا )3( } ومن دعاكم فأجيبوه {: قوله

. خمصوص بدعوة العرس، وأما سائر الدعوات فهي على االستحباب

صنع إليك معروفا فكافئه، من )4( } ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه {: قوله

ولتكن مكافأته من جنس معروفه، إن كان معروفه من جهة املال فكافئه من جهة املال، . وإن كان معروفه من جهة اجلاه فكافئه من جهة اجلاه، وهكذا

أن الذي صنع له معروف يكون يف قلبه ميل : وعالقة هذا بالتوحيد كما قال احملققونه واسترواح هلذا الـذي صنـع إليه املعروف، ومعلوم أن ونوع تذلل وخضوع يف قلب

وأن - جل جالله -حتقيق التوحيد ال يتم إال بأن يكون القلب خاليا من كل ما سوى اهللا وختليص القلب من ذلك - جل وعال -يكون ذله وخضوعه وعرفانه باجلميل هو هللا

ص القلب من رؤية ذلك يكون باملكافأة على املعروف، وأنه إذا أدى إليك معروفا فخل فإن مل جتدوا ما تكافئونه فادعوا له حىت {: املعروف بأن تـرد إليـه معروفه؛ وهلذا قال

قد كافأمتوه � :

Page 458: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

458

باب ال يسأل بوجه اهللا إال اجلنة

رواه أبو . )2( )1( } ال يسأل بوجه اهللا إال اجلنة { قال رسول اهللا : عن جابر قال

. داود : فيه مسائل

. النهي عن أن يسأل بوجه اهللا إال غاية املطالب : األوىل . إثبات صفة الوجه : الثانية : الشرح

: ومناسبته لكتاب التوحيد ظاهرة)3( } اهللا إال اجلنة ال يسأل بوجه {: هذا باب

الذاتية والفعلية من حتقيق التوحيد، ومن كمال - جل وعال-يف أن تعظيم صفات اهللا وتعظيم أمسائه وصفاته - جل جالله -، فإن تعظيم اهللا- جل وعال -األدب والتعظيم هللا

إال املطالب - جل جالله -اهللاأال يسأل بوجه اهللا أو بصفات : يكون بأمور كثرية، منها . العظيمـة اليت أعالها اجلنة

ال يسأل أحد : هذا نفي مضمن النهي املؤكد، كأنه قال)4( } ال يسأل {: قوله

ي يتضمن بوجه اهللا إال اجلنة، أو ال تسأل بوجه اهللا إال اجلنة، فعدل عن النهي إىل النفي لك - جل جالله -أن هذا منهي عنه وأنه ال يسوغ وقوعه أصال ملا جيب من تعظيم اهللا

. وصفاته- جل وعال -وتعظيم توحيده، وتعظيم أمساء اهللا

. )1671( أبو داود الزكاة )1(بإسناد ) 2112" ( الدعاء" أخرجه الطرباين يف وله شاهد من حديث أيب موسى ) 1671( أخرجه أبو داود )2(

. حسن . )1671( أبو داود الزكاة )3( . )1671( أبو داود الزكاة )4(

Page 459: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

459

صفة ذات من صفاته سبحانه، - جل جاللـه - وجه اهللا )1( } بوجه اهللا {: قوله

-ما يواجه به، وهو جممع أكثر الصفات يف اللغة، فاهللا : يف اللغةوالوجه . وهو غري الذات متصف بالوجه على ما يليق جبالله وعظمته، نثبت ذلك إثباتا نعلم أصل -جل وعال

جل - املعىن، ولكن كمال املعىن أو الكيفية فإننا نكل ذلك إىل عامله وإىل املتصف به øŠs9§{ {: يل، كما قال جل وعال ولكن نثبت على أصل عدم التمثيل والتعط-جالله

ϵ Î= ÷WÏϑ x. Öï† x« ( uθ èδuρ ßìŠÏϑ ¡¡9$# çÅÁ t7ø9$# ∩⊇⊇∪ { )2(] 11: الشورى .[

- جـل وعال -ار الكرامة اليت أعدها اهللا هي د : اجلنة } إال اجلنة {: قوله

للمكلفني من عباده الذين أجابوا رسله، ووحدوه، وعملوا صاحلا، وهي أعظم مطلوب فلهذا كان من غري السائغ . ألن احلصول عليها حصول على أعظم ما يسر به العبد؛

صفة من بنفسه أو بوجهه أو ب - جل وعال -والالئق بل كان من غري اجلائز أن يسأل اهللا ال يسأل - جل جالله -صفاته أو باسم من أمسائه احلسىن إال أعظم مطلوب، فإن اهللا

بصفاتـه األشياء احلقرية الوضيعة؛ بل يسأل هبا أعظم املطلوب، وذلك لكي يتناسب جل - السؤال مع وسيلة السؤال، وهذا معىن هذا الباب، وهو أن من تعظيم صفات اهللا

بوجهه أو -جل وعال - ا إال يف األمور اجلليلة، فال تسأل اهللا أن ال تدعو اهللا هب -وعال . بامسه األعظم أو حنو ذلك يف أمور حقرية وضيعة ال تناسب تعظيم ذلك االسم

رواه أبو )3( } ال يسأل بوجه اهللا إال اجلنة { قال رسول اهللا: عن جابر قال"

ظاهرة جلية، وقد - رمحه اهللا تعاىل -ود وداللة احلديث على ما بوب له اإلمام املصنف دا يسأل به اجلنة، وال جيوز أن يسأل به غريها - جل جالله -إن وجه اهللا : قال العلماء هنا

. )1/250(، أمحد )5108( أبو داود األدب )1( . 11: سورة الشورى آية )2( . )1671( أبو داود الزكاة )3(

Page 460: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

460

إال ما كان وسيلة إىل اجلنة، أو كان من األمور العظيمة اليت هي من جنس السؤال باجلنة، . السؤال باجلنة كالنجاة من النار، وكالتثبيت عند السؤال، وحنو ذلك أو من لوازم

فاألمر املطلوب اجلنة أو ما قرب إليها من قول أو عمل، والنجـاة من النار أو ما إياه متوسال بوجهه - جل وعال -قرب إليها من قول وعمل، فهذا جيوز أن تسأل اهللا

. العظيم سبحانه وتعاىلالصفات أو من األمساء فاألدب أن ال يسأل به إال املطالب وأما غري الوجه من

العظيمة، أما املطالب الوضيعة أو غريها مما ليس بعظيـم، فال يتوسل إليها بصفات اهللا . اللهم أعطين كذا، اللهم أسألك كذا، واهللا أعلم : اجلليلة العظيمة، بل يقال

باب ما جاء يف اللو

tβθä9θ {: وقـول اهللا تعـاىل à)tƒ öθ s9 tβ% x. $ oΨs9 zÏΒ ÌøΒ F{$# Öó x« $ ¨Β $ uΖù= ÏG è% $ oΨ ßγ≈yδ 3 { )1(] آل

t {: وقوله]. 154: عمران Ï% ©!$# (#θ ä9$ s% öΝÍκÍΞ≡uθ ÷z \} (#ρ ߉yè s% uρ öθ s9 $ tΡθ ãã$ sÛr& $ tΒ (#θ è= ÏFè% 3 { )2(] آل

]. 168: عمران

لى ما ينفعك احرص ع {: قال أن رسول اهللا يف الصحيح عن أيب هريرة

لو أين فعلت لكان كذا وكذا، : واستعن باهللا، وال تعجزن، وإن أصابك شيء فال تقل .)4( )3( } تفتح عمل الشيطان) لو( قدر اهللا وما شاء فعل، فإن: ولكن قل

: فيه مسائل . تفسري اآليتني يف آل عمران: األوىل . إذا أصابك شيء " لو " :النهي الصريح عن قول: الثانية

. 154: سورة آل عمران آية )1( . 168: مران آية سورة آل ع)2( . )2/370(، أمحد )79(، ابن ماجه املقدمة )2664( مسلم القدر )3( . )2664( أخرجه مسلم )4(

Page 461: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

461

. تعليل املسألة؛ بأن ذلك يفتح عمل الشيطان : الثالثة . اإلرشاد إىل الكالم احلسن: الرابعة . األمر باحلرص على ما ينفع، مع االستعانة باهللا: اخلامسة . النهي عن ضد ذلك وهو العجز : السادسة : الشرح

ضاء قلب املوحد املؤمن، ال يكون حمققا مكمال للتوحيد حىت يعلم أن كل شيء بق ماض قدره - جل وعال - وبقدره، وأن ما فعله سببا من األسباب واهللا - جل وعال -اهللا

، فإذا كان كذلك كان - جل وعال -يف خلقه، وأنه مهما فعل فإنه لن حيجز قدر اهللا يف تصرفه يف ملكوته، وكان القلب ال خيالطه متين أن - جـل وعال -القلب معظمـا هللا

ان، وأنه لو فعل كذا لتغري ذلك السابق، بل الواجب أن يكون شيء فات على غري ما ك - جل وعال -يعلم أن قضاء اهللا نافذ، وأن قدره ماض، وأن ما سبق من الفعل قد قدره اهللا

أو لفظ ) لو(وإذا استعمل لفظ . وقدر نتائجه، فالعبد ال ميكنه أن يرجع إىل املاضي فيغري الندم، وعلى التحسر على ما فات، فإن ذلك وما أشبهها من األلفاظ اليت تدل على ) ليت(

- جل وعال -يضعف القلب، وجيعله متعلقا باألسباب، منصرفا عن اإليقان بتصريف اهللا يف ملكوته، وكمال التوحيد إمنا يكون بعدم االلتفات إىل املاضي فإن املاضي الذي حصل

كذا ملا حصل كذا، لو فعلت : إما أن يكون مصيبة أصيب هبا العبد فال جيوز له أن يقول ويستحب له - جل وعال -بل الواجب عليه أن يصرب على املصيبة، وأن يرضى بفعل اهللا

. الرضى باملصيبةوإذا كان ما أصابه يف املاضي معصية فإن عليه أن يسارع يف التوبة واإلنابة وأن ال

حىت ميحو أثر لو كان كذا مل يكن كذا بل جيب عليه أن يسارع يف التوبة واإلنابة : يقول . املعصية

إما أن يكون ذلك الذي مضى : فتبني أن ما مضى من املقدر للعبد معه حاالن مصايب، فحاهلا كما ذكرنا، وإما أن يكون معايب ومعاصي فالواجب عليه أن ينيب وأن

Page 462: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

462

ÎoΤÎ)uρ Ö‘$¤tó’ {: وقد قال سبحانه،يستغفر وأن يقبل على اهللا جـل جالله s9 yϑ Ïj9 z>$ s? ztΒ#uuρ

Ÿ≅ ÏΗ xåuρ $ [s Î=≈|¹ §ΝèO 3“ y‰tF÷δ ]. 82: طه [)1( } ∪⊅∇∩ #$

وبقضائه - جل وعال-والشيطان يدخل على القلب، فيجعله يسيء الظن بربه ما جيب عليه من وبقدره، وإذا دخلت إساءة الظن باهللا ضعف التوحيد ومل حيقـق العبد

؛ وهلذا عقد املصنف هذا الباب؛ ألن - جل جالله -اإلميان بالقدر واإلميان بأفعال اهللاكثريين يعترضون على القدر من جهة أفعاهلم، ويظنون أهنم لو فعلوا أشياء لتغري احلال

. قد قدر الفعل وقدر نتيجته، فالكل موافق حلكمته سبحانه وتعاىل- جل وعال -واهللا

tβθ {: قول اهللا تعاىلو" ä9θ à)tƒ öθ s9 tβ% x. $ oΨ s9 zÏΒ ÌøΒ F{$# Öó x« $ ¨Β $ uΖù= ÏG è% $ oΨßγ≈ yδ 3 { )2(] آل

t {: وقولـه] 154: عمران Ï% ©!$# (#θ ä9$ s% öΝÍκÍΞ≡uθ ÷z \} (#ρ ߉yè s% uρ öθ s9 $ tΡθ ãã$sÛr& $ tΒ (#θ è= ÏFè% 3 { )3(] آل

يف املاضي ال جيوز وأنه حمرم ودليل ذلك واضح من ) لو( تقدم أن قول ] ": 168: عمرانإمنا ) لو( لى املاضي باإلتيان بلفظوهو أن التحسر ع : ومناسبة اآليتني للباب ظاهرة. اآليتني

tβθ {: هو من خصال املنافقني قال جل وعال عن املنافقني ä9θ à)tƒ öθ s9 tβ% x. $ oΨs9 zÏΒ ÌøΒ F{$# Öó x« $ ¨Β

$ uΖù= ÏG è% $ oΨ ßγ≈yδ 3 { )4(وقال :} t Ï% ©!$# (#θ ä9$ s% öΝÍκÍΞ≡uθ ÷z \} (#ρ ߉yès% uρ öθ s9 $ tΡθ ãã$ sÛr& $ tΒ (#θ è= ÏFè% 3 { )5( وهذا

من ) لو( يف قصة غزوة أحد كما هو معروف، فهذا من كالم املنافقني، فيكون استعمال . نفاق، وهذا يدل على حرمتها خصال ال

احرص على ما ينفعك، {: قال أن رسول اهللا يف الصحيح عن أيب هريرة

، لو أين فعلت لكان كذا وكذا : واستعن باهللا، وال تعجزن، وإن أصابك شيء فال تقل

. 82: سورة طه آية)1( . 154: سورة آل عمران آية )2( . 168: سورة آل عمران آية )3( . 154: سورة آل عمران آية )4( . 168: سورة آل عمران آية )5(

Page 463: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

463

وجه مناسـبة : )1( } ، تفتح عمل الشيطان )لو( قدر اهللا وما شاء فعل، فإن : ولكن قل

)2( } لو أين فعلت لكان كذا وكذا : وإن أصابك شيء فال تقل {: قوله: هذا احلديث

هني، والنهي للتحرمي؛ وهذا ألنه سوء ) فال تقل( :هنا كانت على املاضي، وقوله ) لو(وحىت إذا استعملها ) لو(ظن؛ وألنه فتح عمل الشيطان، فالشيطان يأيت املصاب فيغريه بـ

ضعف قلبه وعجز، وظن أنه سيغري من قدر اهللا شيئا، وهو ال يستطيع أن يغري من قدر اهللا قدر اهللا وما شاء {: سالم أن يقول شيئا، بل قدر اهللا ماض؛ وهلذا أرشده عليه الصالة وال

ألن ذلك راجع إىل قدره وإىل مشيئته، هذا كله من النهي والتحرمي راجـع ؛ )3( } فعل

وما شاهبهما من األلفاظ يف التحسر على املاضي، ) ليت( أو ) لو( إىل ما كان من استعمال . ال حيصل له ما سبق، كل ذلك فيما يتصل باملاضيومتين أن لو فعل كذا حىت لو حيصل يل كذا وكذا يف املستقبل، فإنه ال يدخل يف النهي؛ : أما املستقبل كأن يقول

). إن ( ألهنا حينئذ تكون للتعليق يف املستقبل، وترادف يف املستقبل األصل فيه اجلواز، إال إن اقترن بذلك اعتقاد أن فعله ) لو( فاستعمال

سيكون حاكما على القدر كاعتقاد بعض اجلاهليني، أنه إن حصل يل كذا فعلت كذا، تكربا وأنفة واستعظاما لفعلهم وقدرهتم، فإن هذا يكون من املنهي؛ ألن فيه جتربا وتعاظما، والواجب على العبد أن يكون ذليال؛ ألن القضاء والقدر ماض، وقد حيصل له الفعل

Νåκ÷]ÏΒ * {: فيه- جـل وعال -ال الذي قال اهللاولكـن ينقلب على عقبيه كح uρ ôΒ

y‰yγ≈ tã ©!$# ï È⌡s9 $ oΨ9s?# u ÏΒ Ï& Î#ôÒ sù £s% £‰¢Á oΨ s9 £tΡθ ä3uΖs9uρ zÏΒ tÅs Î=≈¢Á9$# ∩∠∈∪ !$ £ϑ n= sù Οßγ9s?# u ÏiΒ

Ï& Î#ôÒ sù (#θ è= σ r2 ϵ Î/ (#θ ©9uθ s?uρ Νèδ ¨ρ šχθ àÊ Ì÷è •Β ∩∠∉∪ öΝåκz: s)ôã r'sù $ ]%$ xÏΡ ’ Îû öΝÍκÍ5θ è= è% 4’ n< Î) ÏΘöθ tƒ …çµ tΡöθ s)ù= tƒ !$ yϑ Î/

. )2/370(، أمحد )79(، ابن ماجه املقدمة )2664( مسلم القدر )1( . )2/370(، أمحد )79(، ابن ماجه املقدمة )2664( مسلم القدر )2( . )2/370(، أمحد )79(، ابن ماجه املقدمة )2664( مسلم القدر )3(

Page 464: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

464

(#θ àn= ÷z r& ©!$# $ tΒ çνρ ߉tã uρ $ yϑ Î/uρ (#θ çΡ$ Ÿ2 šχθ ç/É‹õ3tƒ ∩∠∠∪ { )1(] فإهنم قالوا] 77 -75: التوبة :

املال خبلوا به - جل وعال -لئن كان لنا كذا وكذا لنفعلن كذا وكذا، فلما أعطاهم اهللايف ) لو( القدر وتعاظم، فاستعمالوتولوا وهم معرضون، فهذا فيه نوع حتكم على

املستقبل إذا كانت يف اخلري مع رجاء ما عند اهللا باإلعانة على أسباب اخلري فهذا جائز، أما . إذا كان على وجه التجرب واالستعظام، فإنه ال جيوز؛ ألن فيه نوع حتكم على القدر

باب النهي عن سب الريح

ال تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما {: قال أن رسول اهللا عن أيب بن كعب

اللهم أنا نسألك من خري هذه الريح، وخري ما فيها، وخري ما أمرت به، : تكرهون فقولواصححه " .)3( )2( } ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أمرت به

. الترمذي : فيه مسائل

. النهي عن سب الريح: األوىل . اإلرشاد إىل الكالم النافع إذا رأى اإلنسان ما يكره : الثانية . اإلرشاد إىل أهنا مأمورة: الثالثة . أهنا قد تؤمر خبري، وقد تؤمر بشر: الرابعة : الشرح

- جل وعال - الرياح، جيريها اهللا الريح خملوق من خملوقات اهللا مسخر، وهي واحدة ال متلك شيئا، وال تدبر أمرا، فسب الريح كسب الدهر يرجع -كالدهر-كما يشاء، وهي

؛ ألن اهللا هو الذي يصرف الريح كيف يشاء، فيجعل - جل وعال -يف احلقيقة إىل أذية اهللا

. 77-75: اآليات سورة التوبة )1( . )5/123 (، أمحد )2252( الترمذي الفنت )2( . حديث حسن صحيح : وقال) 2252( أخرجه الترمذي )3(

Page 465: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

465

رته عليهم، وأنه ال الريح تأيت بأمر مكروه؛ ليذكر العباد بالتوبة واإلنابة؛ ويذكر مبعرفة قد جل -وهو الذي جيعل الرياح بشرا، فيسخرها . طرفة عني- جل وعال-غىن هلم عنه

. ملا فيه مصلحة العباد-وعالفهذا الباب عقده لبيان حترمي سب الريح، كما عقد ما قبله لبيان أن سبب الدهر ال

ن هذا يكثر وقوعه، وهذا الباب من جنس ذاك، لك - جل وعال -جيوز وحمرم؛ ألنه أذية هللا . فأفرده لكثرة وقوعه، وللحاجة إىل التنبيه عليه

النهي للتحرمي، وسب الريح يكون بشتمها أو " باب النهي عن سب الريح " قوله -بلعنها، وكما ذكرنا يف باب الدهر، فإنه ليس من سبها أن توصف بالشدة، كقول اهللا

$ {: -جـل وعـال ¨Β r&uρ ׊$ tã (#θ à6Î= ÷δé'sù 8xƒÌÎ/ A|Àö|¹ 7π uŠÏ?% tæ ∩∉∪ $ yδt¤‚ y™ öΝÍκö n= tã yìö7y™ 5Α$ uŠ s9

sπ uŠÏΨ≈yϑ rO uρ BΘ$ −ƒ r& $ YΒθÝ¡ãm { )1(] فهذا وصف للريح بالشدة، ومثل ذلك ] 7 -6: احلاقة

$ {: وصفها باألوصاف اليت يكون فيها شر على من أتت عليه كقوله tΒ â‘ x‹s? ÏΒ >ó x« ôMs?r&

ϵ ø‹n= tã ω Î) çµ÷G n= yè y_ ÉΟŠ ÏΒ §9$% x. ∩⊆⊄∪ { )2(] يس من املنهي عنهفمثل هذا ل] 42: الذاريات .

ال تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما {: قال أن رسول اهللا عن أيب بن كعب "

اللهم إنا نسألك من خري هذه الريح، وخري ما فيها وخري ما أمرت : تكرهون فقولوا - جل وعال - هذا يدل على أن الريح يكون فيها خري، وتؤمر وتنهى، واهللا)3( } به

- عمن يشاء، فهي مسخرة بأمره - جل وعال -يرسل الرياح كيف يشاء، ويصرفها أيضا فللريح مالئكة تصرفها - جل وعال- واملالئكة هي اليت تصرف الريح بأمره -جل وعال

كون فيها خري أو يكون فيها عذاب؛ في- جل وعال وتقدس وتعاظم -كيف شاء ربنا

. 7، 6: اآليتان سورة احلاقة )1( . 42: سورة الذاريات آية )2( . )5/123(، أمحد )2252( الترمذي الفنت )3(

Page 466: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

466

إىل " فأرشدهم)1( } ..إذا رأيت ما تكرهون فقولوا {: وهلذا قال عليه الصالة والسالم

. القول اآليت

وكان النيب عليه الصالة والسالم إذا رأى شيئا يف السماء أقبل وأدبـر، ودخل {

وخرج، ورئي ذلك يف وجهه، حىت متطر السماء، فيسرى عنه، ويسر عليه الصالة أو كما -أمل تسمعي لقول أولئك " :يا رسول اهللا مل ذاك؟ قال: والسالم، قالت له عائشة$ { :-قال عليه الصالة والسالم £ϑ n= sù çν ÷ρ r&u‘ $ ZÊÍ‘% tæ Ÿ≅ Î6ø)tG ó¡•Β öΝÍκÉJ tƒ ÏŠ÷ρ r& (#θ ä9$ s% #x‹≈ yδ ÖÚÍ‘% tæ $ tΡãÏÜøÿ ’Ε 4

ö≅ t/ uθ èδ $ tΒ Λä ù= yf ÷è tG ó™$# ϵ Î/ ( Óxƒ Í‘ $ pκ Ïù ë># x‹tã ×Λ Ï9r& ∩⊄⊆∪ ãÏiΒ y‰è? ¨≅ ä. ¥ó x« ÌøΒ r'Î/ $ pκÍh5u‘ { )2( { .)3( " ]25 -24: األحقاف[

إذا ظهرت هذه احلوادث أو التغريات يف السـماء - جـل جالله -فاخلوف من اهللا يتعـرف إىل عبـاده بالرخاء، كما أنه - وعـال جـل-أو يف األرض واجـب، واهللا

يتعرف إليهم بالشدة، حىت يعرفوا ويعلموا ربوبيته وقهره وجربوته، ويعلموا حلمه وتودده . ورمحته أيضا لعباده

: فعلى العبد إذا رأى ما يكره أن يتضرع إىل اهللا، ويستغيث به، وأن يسأله بقوله اللهم إنا نسألك من خري هذه الريح وخري ما فيها وخري ما أمرت به، ونعوذ بك من {

. صححه الترمذي )4( } شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به

عل وسيلتنا أن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا يف أمرنا، وأن جي - جل وعال -أسأل اهللاالتوحيد وأن جيعل وسيلتنا إليه اإلخالص، فإنا مذنبون، ولوال رمحة اهللا هللكنا، اللهم فاغفر

. مجا وصلى اهللا وسلم وبارك على نبينا حممد

. )5/123(، أمحد )2252( الترمذي الفنت )1( . 25، 24: اآليتان سورة األحقاف )2( . )899(ومسلم ) 3206(رجه البخاري أخ)3( . )5/123(، أمحد )2252( الترمذي الفنت )4(

Page 467: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 468: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

468

. تفسري آية الفتح: الثانية . اإلخبار بأن ذلك أنواع ال حتصر: الثالثة . أنه ال يسلم من ذلك إال من عرف األمساء والصفات، وعرف نفسه : الرابعة : الشرح

موصوف بصفات الكمال، - جل وعال -أن اهللا : مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد أفعال احلكمة، وأفعال العدل، وأفعال الرمحة والرب، فهو سبحانه كامل - جل وعال -وله

كامل يف ربوبيته، ومن كماله يف ربوبيته ويف أمسائه وصفاته يف أمسائه، كامل يف صفاته، يضع األمور يف - جل وعال -أنه : أنه ال يفعل الشيء إال حلكمة بالغة، واحلكمة هي

له - جل وعال -فاهللا . مواضعها اليت توافق الغايات احملمودة منها، وهذا دليل الكمال أن يظن - جل وعال -ا وجب لكماله صفات الكمال، وله نعوت اجلالل واجلمال، فلهذ

- جـل وعال -به ظن احلق، وأن ال يظن به ظن السوء، وأن يعتقد فيه ما جيب جلالله من متام احلكمة، وكمال العدل، وكمال الرمحة، وكمال أمسائه وصفاته سبحانه وتعاىل،

ن أنه يفعـل األشياء ال عن حكمة فإنه قد ظن به ظ- جل وعال -فالذي يظن به النقص، وهو ظن السوء الذي ظنه أهل اجلاهلية، فظن غري احلق باهللا تعاىل مناف للتوحيد، وقد يكون منافيا لكمال التوحيد، فمنه ما يكون صاحبه خارجا عن ملة اإلسالم أصال،

ومنه ما هو مناف لكمال . كما سيأيت-كظن غري احلق باهللا تعاىل يف بعض مسائل القدر املنوطة بالعلل اليت هي - جل وعال -ميان باحلكمة، أو بأفعال اهللا التوحيد، كعدم اإل

≅ö {: - جـل وعال -منوطة حبكمته سبحانه البالغـة؛ وهلذا قـال è% ¬T sù èπ ¤f çt ø:$# èπ tó Î=≈t6 ø9$# ( öθ n= sù u!$ x© öΝä31 y‰yγ s9 tÏè uΗ ød r& ∩⊇⊆∪ { )1(] يف الـرد علـى القدريـة املشركة، ] 149: األنعام

8π {: - جل وعال -وقد قال أيضا yϑò6Ïm ×π tó Î=≈t/ ( $ yϑ sù Çøó è? â‘ä‹–Ψ9$# ∩∈∪ { )2(] 5: القمر[ ،

. 149: سورة األنعام آية )1( . 5: سورة القمر آية )2(

Page 469: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

469

على أفعاله؛ ألن أفعـال اهللا موصوف بكمال احلكمة، وكمال احلمد - جل وعال -فاهللا أفعال ترجـع إىل احلكمـة والعدل، وأفعال ترجع إىل : قسـمان- جـل وعال -

يفعل هذا وهذا، وحىت أفعاله - جـل وعال -الفضل والنعمة والرمحة والرب باخللق، فاهللا اليت هي أفعال بر وإحسان هي منوطة باحلكم العظيمة، وكذلك األفعال اليت قد يظهر

جـل -للبشر أهنا ليست يف صاحلـهم أو ليست موافقة للحكمة، فإن ظن احلق باهللا - أن يظن به، وأن يعتقد أنه ليس مث شيء من أفعاله إال وهو موافق حلكمتـه -وعال

. العظيمة، إذ هو العزيز القهار، الفعال ملا يريد -جـل وعـال وأما ظن . ظن احلق- جل وعال - أن يظن العبد باهللا- حتقيقا للتوحيد -فالواجب

السوء فهو ظن اجلاهلية، الذي هو مناف ألصل التوحيد يف بعض أحواله، أو مناف - هبذا الباب ليبني أن ظن السوء باهللا - رمحه اهللا -لكمـال التوحيد، فترجم املؤلف

من خصال أهل اجلاهلية، وهو مناف ألصل التوحيد، أو مناف لكماله -جل وعال . احلالحبسب

šχθ {: بـاب قـول اهللا تعاىل" ‘ΖÝàtƒ «!$$ Î/ uöxî Èd,ys ø9$# £sß Ïπ§‹Î= Îγ≈ yf ø9$# ( { )1(] آل

الظـن يطلـق ويـراد بـه االعتقـاد، وقـد يـراد بـه مـا ]. 154: عمرانمـا يسـبق إىل الذهـن، فـهم يعتقـدون، أو يسبق : بق إىل الوهـم، يعـين يسـ

ليست أفعاله - جـل وعال - أن اهللا - مبـا معـهم مـن الشـرك -إىل أذهانـهم أفعـال حـق، واهللا سبحانه هو احلـق، وأفعاله كلها أفعـال احلـق، وذلك الظن

حلـق، فقـد ظن ظن هـو ظـن اجلاهليـة، فكـل مـن ظـن بـاهللا غـري ا . غـري الكمال، فهذا هو ظن اجلاهلية- جـل وعال -اجلاهلية، مبعنـى أنـه ظن باهللا

يعتقـدون ويعلمـون : وأما ظن أهـل التوحيـد واإلسالم فإهنم يظنـون، يعـين موصـوف - جـل وعال -ويسـبق إىل أذهانـهم يف أي فعـل حيصل هلـم أن اهللا

. 154: سورة آل عمران آية )1(

Page 470: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

470

šχθ {: لبالغة، فسر ذلك جل وعال بقوله بالكمال وباحلكمة ا ä9θ à)tƒ ≅ yδ $ oΨ ©9 zÏΒ ÌøΒ F{$# ÏΒ

&ó x« 3 { )1( وهذا فيه إنكار للحكمة، أو إنكار للقدر ،} ö≅ è% ¨β Î) tøΒ F{$# …ã& ©#ä. ¬! 3 { )2(

. وهذا يف الرد على هؤالء املنـافقني أو املشركني

$!šÏoΡ {: وقوله" ©à9$# «!$$ Î/  ∅ sß Ïöθ ¡¡9$# 4 öΝÍκö n= tã äο tÍ← !#yŠ Ïöθ ]: 6: الفتح [)3( } ) 9$#¡¡

يؤخذ من كالم ابن القيم الذي أورده املصنف أن السلف فسروا هذا الظن السوء بأحد . إنكار القدر: األول: ثالثة أشياء، وكلها صحيح

. إنكار احلكمة: الثاينو لعباده الصاحلني، أو لدينـه أ لرسوله - جل وعال -إنكار نصر اهللا : الثالث

أن تقدير األمور قبل : فهذه ثالثة أشياء، ووجه كون إنكار القدر ظنا باهللا ظن السوء وقدرته؛ فإن العاجز هو الذي تقع معه األمور - جل وعال -وقوعها من آثار عزة اهللا

قع استئنافا عن غري تقدير سابق، وأما الذي ال حيصل معه أمر حىت يقدره قبل أن يوقعه، في على وفق ما قدر، فهو ذو الكمال، وهو ذو العزة، وهو الذي ال يغالب يف ملكوته؛ وهلذا

أو لدينـه أو لعباده الصاحلني، فهذه ثالثة أشياء، : قال الشـاعر يف وصف رجل كامل أن تقدير األمور قبل وقوعها من آثار عزة : ووجه كون إنكار القدر ظنا باهللا ظن السوء

وقدرته؛ فإن العاجز هو الذي تقع معه األمور استئنافا عن غري تقدير - جل وعال -اهللا سابق، وأما الذي ال حيصل معه أمر حىت يقدره قبل أن يوقعه، فيقع على وفق ما قدر، فهو ذو الكمال، وهو ذو العزة، وهو الذي ال يغالب يف ملكوته؛ وهلذا قال الشـاعر يف

: وصف رجل كامل ــق مث ال وبعــض ــوم خيل ــري الق تفــري مــا خلقــت ألنــت يف

. 154: سورة آل عمران آية )1( . 154: سورة آل عمران آية )2( . 6: سورة الفتح آية )3(

Page 471: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

471

وهم الناقصون -ألنت تقطع ما قدرت، وبعض القوم : هنا مبعىن التقدير، يعيناخللقيقدر األشياء، مث ال يفري، : خيلق، يعين-إما لعدم قدرهتم، أو لعدم عزهتم، أو جلهلهم

. ال يستطيع أن يقطعها على وفق ما يريد: أيوعال ظن السوء؛ ألن فيه نسبة النقص هللا جل وعال واهللا فإنكار القدر ظن باهللا جل

جل وعال هو الكامل يف أمسائه، الكامل يف صفاته جل وعال الذي جيري وال جيار عليه، ö≅è% ¨β {: والذي إليه األمر كله، كما قال هنا Î) tøΒ F{$# …ã& ©#ä. ¬! 3 { )1(فلهذا كان كل ما ؛

حيصل من الرب جل وعال يف بريته موافقا لقدره السابق الذي هو دليل كمال حكمته، . وعلمه، وخلقه، وعموم مشيئته

فهو إنكار احلكمة، وحكمة اهللا جل وعال ثابتة بالكتاب والسنة : أما التفسري الثاينمشتمل على صفة احلكمة، فإنه جل وعال حكيم، ) احلكيم( وبإمجاع السلف، واسم اهللا

أنه ذو احلكمة البالغة، فهذه : حمكم لألمور، وحكيم، مبعىن: حاكم، وحكيم، مبعىن: مبعىنوكلها صحيحة، وكلها يستحقها اهللا جل وعال فإنه جل ). احلكيم( ثالثة تفسريات السم اهللا

)ë=≈tGÏ. ôMyϑÅ3ômé& …çµçG≈tƒ#u { )2 {: كما قالوعال حكيم مبعىن حاكم، وحكيم مبعىن حمكم،

$ {: ، وقال]1: هود[ ¨Β 3“ ts? † Îû È,ù= yz Ç≈ uΗ÷q§9$# ÏΒ ;Nâθ≈ xs? ( { )3(] ؛ ألجل ]3: امللك

≅È {: إحكامه، وقال سبحانه وتعاىل أيضا è% (#ρ ãÝàΡ$# #sŒ$ tΒ ’ Îû ÅV≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# ÇÚö‘ F{$#uρ 4 { )4(

أنه ذو : وعال ملا خلق، والثالث ، وحنو ذلك من دليل إحكامه جل ]101: يونس[ بأهنا وضع األمور يف - تفسر كما تقدم - جل وعال -احلكمة، واحلكمة يف صفة اهللا

مواضعها، املوافقة للغايات احملمودة منها؛ وهلذا قال أهل السنة واجلماعة، أهل األثر الفقهاء

. 154: سورة آل عمران آية )1( . 1: سورة هود آية )2( . 3: سورة امللك آية )3( . 101: سورة يونس آية )4(

Page 472: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

472

- جل وعال -له اهللا معللة، وكل فعل يفع - جل وعال -إن أفعال اهللا : بالكتاب والسنة جل -فله علة من أجلها فعل، وهذه العلة هي حكمته سبحانه وتعاىل، فإن أفعال اهللا

منوطة بـالعلل، وهذا أنكره املـعتزلة؛ ألهنم قدرية، وأنكره األشاعرة؛ ألهنم -وعال ليست مرتبطة باحلكم، وهو يفعل ال عن - جـل وعال -إن أفعال اهللا : جربية، فقالوا

هذا الباب - رمحه اهللا -؛ وهلذا أورد الشيخ - جل وعال -مة، وهذا سوء ظن باهللا حك- جل وعال -ليبني أن حتقيق التوحيد، وحتقيق كمال التوحيد أن توقن باحلكمة البالغة هللا

، ومن نفى احلكمة يف أفعال اهللا فهو مبتدع، توحيده قد انتفى عنه كماله؛ ألن بدعته . تنفي كمال التوحيد، ومنها ما ينفي أصل التوحيدشنيعة، وكـل البدع : - جل وعال - يف ظن أهل اجلاهلية وأهل النفاق ظن السوء باهللا -والتفسري الثالث

ال ينصر كتابه، أو - جـل وعال - وأن اهللا ال ينصر رسـوله - جل وعال -أن اهللا - هذا ظن سوء باهللا أنه جيعل رسوله أو دينه يف اضمحالل حتـى يذهـب ذلك الدين،

أنه مل يدع أحد النبوة وهو : وهلذا كان من براهني النبوات عند أهل السنة. -جل وعال أن كل نيب قال إنه مرسل من : كاذب يف دعواه، إال وخيذل ويضمحل أمره، ومن براهينها

أيـد باآليات والبينات، ونصر على عدوه، وجعل دينه وأهل دينه - جل وعال -عند اهللا $ {: يف عزة على من سواهم، كما قال جل وعال ¯ΡÎ) çÝÇΖoΨ s9 $ oΨ n= ß™ â‘ š Ï%©!$#uρ (#θ ãΖtΒ#u ’Îû Íο 4θuŠpt ø: $#

$ u‹÷Ρ‘‰9$# tΠöθ tƒ uρ ãΠθ à)tƒ ߉≈ yγ ô© F{$# ∩∈⊇∪ { )1(] وقال جل وعال ، ]51: غافر} ô‰s)s9uρ ôM s)t7y™ $ oΨ çG uΗ Í>x.

$ tΡÏŠ$ t7Ïè Ï9 tÎ= y™ ößϑ ø9$# ∩⊇∠⊇∪ öΝåκΞÎ) ãΝßγ s9 tβρâ‘θ ÝÁΨyϑ ø9$# ∩⊇∠⊄∪ ¨βÎ)uρ $ tΡy‰Ζã_ ãΝßγ s9 tβθç7Î=≈ tó ø9$# ∩⊇∠⊂∪ { )2(

، فظـن أهـل اجلاهليـة أن اخلـري أو الديـن ]173 - 171: الصافات[سيضمحل، وأهنم إذا بذلوا إطفاء ذلك األمر وحاربوه بكـل ما أوتوا مـن وسيلة

م، فإنه أيضا وقاوموهم فإنه سينتهي، وهذا مع كونه عمال حمرما ملا يشتمل عليه من الظل

. 51: سورة غافر آية )1( . 173-171: اآليات سورة الصافات )2(

Page 473: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

473

وغرور بالقوة وبالنفس، واهللا جل وعال ناصر رسله، واهللا - جل وعال -سوء ظن باهللا جل وعال ناصر عباده املؤمنني، ولكن قد يبتلي اهللا جل وعال املؤمنني بعدم النصرة

{: والظهور زمنا طويال قد يبلغ مئات السنني، كما حصل يف قصة نوح عليه السالمy]Î7n= sù öΝÎγ‹ Ïù y#ø9r& >π uΖy™ ω Î) šÅ¡÷Η s~ $ YΒ% tæ { )1(] مث بعد ذلك نصره اهللا ]14: العنكبوت ،

من كثري من أهل الصالح، - كما ذكر ابن القيم -جل وعال وهذا الظن السيئ حيصل ن الناس، بل قد حيصل من بعـض املنتسبني إىل العلم، وسبب حدوث ذلك بل من كثري م

جل وعال - وما أوجبه - جل وعال -الظن السيئ يف القلوب عدم العلم مبا يستحقه اهللا . من الصرب واألناة، وحنو ذلك من الواجبات -

به شرعا - جل وعال -فاملسألة متصل بعضها ببعض، فالذي خيـالف ما أمر اهللا وهذا مما ينايف - جـل جالله -فيما يتصل بنصرة الدين، فإنه قد يقع يف سوء ظن باهللا

. كمال التوحيد الواجب جل وعال -وهلذا جيب على املؤمن أن يتحرز كثريا، وأن حيترس من سوء الظن باهللا

فإن بعض الناس قد ينال الشيء فريى أنه يستحق أكثر منه، وقد حيصل له الشيء بقضاء -اهللا وبقدره فيظن أنه ال يستحق ذلك الشيء، أو أن الذي ينبغي أن يصاب به هو غريه،

وقضائه وقدره على وجه االهتام، وقل من يسلم باطنا - جل وعال -فينظر إىل فعل اهللا وظاهرا من ذلك، فكثريون قد يسلمون ظاهرا، ولكن يف الباطن يقوم بقلوهبم ظن

šχθ {: ذا قال جل وعال يف اآلية اليت يف صدر الباباجلاهلية، واعتقاد السوء؛ وهل ‘ΖÝàtƒ

«!$$ Î/ uö xî Èd,ys ø9$# { )2( والظن حمله القلب؛ فلهذا جيب على املؤمن أن خيلص قلبه من كل ،

وصفاته، وأن يتعلم، آثار ذلك يف - جل وعال -م أمساء اهللا ظن باهللا غري احلق، وأن يتعل هو احلق، وأن فعله حق، حىت ولو -ملكوت اهللا، حىت ال يقوم بقلبه إال أن اهللا جل جالله

. 14: سورة العنكبوت آية )1( . 154: سورة آل عمران آية )2(

Page 474: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

474

كان يف أعظم خطب، ولو أصيب بأكرب مصيبة،أو أهني بأعظم إهانة، فإنه يعتقد أن فيما وحكمته، وأنه يتصرف يف خلقه كيف - جل وعال -أصابه حكمة، لتمام ملك اهللا

يستحق اإلجالل - جل وعال -يشاء، وأن العباد مهما بلغوا فإهنم يظلمون أنفسهم، واهللا - من كل ظن سوء باهللا - أيها املسلم، وخاصة طالب العلم -والتعظيم، فخلص قلبك

صوله ، فال تظنن يف أمر قدر اهللا وجوده أن غريه أفضل منه، وأن عدم ح-جل وعال -أصلح، وال يف أمر قدر اهللا عدم كونه أن وجوده أوىل، فإن كل ذلك سوء ظن باهللا

إياكم واحلسد، فإنه يأكل { - وهلذا قال العلماء يف معىن قول النيب -جل وعال

سبب ذلك أن احلاسد ظن أن من أعطاه اهللا )2( )1( } احلطباحلسنات، كما تأكل النار

هذه النعمة فإنه ال يستحقها، فحسده ومتىن زواهلا عنه، فصار يف ظن سوء - جل وعال - جل - وهلذا أكل ظنه حسناته، كما أكلت النار احلطب، نسأل اهللا - جل وعال -باهللا

غري احلق، ونسأله أن جيعلنا من -عال جل و - السالمة والعافية من أن نظن باهللا -وعال . املعظمني له، ومن اجمللني ألمره وهنيه، املعظمني حلكمته سبحانه وتعاىل

باب ما جاء يف منكري القدر والذي نفس ابن عمر بيده لو كان ألحدهم مثل أحد ذهبا، مث أنفقه : وقال ابن عمر

اإلميان أن { - استدل بقول النيب يف سبيل اهللا ما قبله اهللا منه حىت يؤمن بالقدر، مث

.)4( )3( } تؤمن باهللا، ومالئكته وكتبه، ورسله، واليوم اآلخر، وتؤمن بالقدر خريه وشره

د طعم اإلميان حىت تعلم أن ما يا بين إنك لن جت: وعن عبادة بن الصامت أنه قال البنه: يقول أصابك مل يكن ليخطئك، وما أخطأك مل يكن ليصيبك، مسعت رسول اهللا

. )4903( أبو داود األدب )1( . )4903( أخرجه أبو داود )2(، ابن ماجه )4991(، النسائي اإلميان وشرائعه )10(، مسلم اإلميان )4499( البخاري تفسري القرآن )3(

. )2/426(، أمحد )64(املقدمة . )8( أخرجه مسلم )4(

Page 475: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

475

اكتب : لرب وماذا أكتب؟ قا: اكتب، فقال: إن أول ما خلق اهللا القلم، فقال له {

من {: يقول يا بين مسعت رسول اهللا.)1( } مقادير كل شيء حىت تقوم الساعة

إن أول ما خلق اهللا تعاىل {: ويف رواية ألمحد )3( )2( } مات على غري هذا فليس مين

ويف )5( )4( } اكتب، فجرى يف تلك الساعة مبا هو كائن إىل يوم القيامة: القلم فقال له

رقه اهللا فمن مل يؤمن بالقدر خريه وشره أح { قال رسول اهللا: رواية البن وهب

يف : أتيت أيب بن كعب فقلت: ويف املسند والسنن عن ابن الديلمي قال )6( } بالنار

لو أنفقت مثل أحد : نفسي شيء من القدر فحدثين بشيء لعل اهللا يذهبه من قليب، فقال ذهبا ما قبله اهللا منك حىت تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك مل يكن ليخطئك، وما

فأتيت عبد اهللا : ك، ولو مت على غري هذا لكنت من أهل النار، قالأخطأك مل يكن ليصيب. ) )7 بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت، فكلهم حدثين مبثل ذلك عن النيب

. حديث صحيح رواه احلاكم يف صحيحه : فيه مسائل

. بيان فرض اإلميان بالقدر: األوىل . بيان كيفية اإلميان به: الثانية . إحباط عمل من مل يؤمن به: لثةالثا

. اإلخبار أن أحدا ال جيد طعم اإلميان حىت يؤمن به : الرابعة

. )4700(، أبو داود السنة )3319(قرآن الترمذي تفسري ال )1( . )4700(، أبو داود السنة )2155( الترمذي القدر )2( . )4700( أخرجه أبو داود )3( . )5/317( أمحد )4( . )3316(و ) 2156( والترمذي 317 / 5 أخرجه أمحد )5( . )111(" السنة " ، وابن أيب عاصم يف )26" ( القدر " أخرجه ابن وهب يف )6( . )77(، وابن ماجه )4699(، وأبو داود 189 و 185 و 182 / 5 أخرجه أمحد )7(

Page 476: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

476

. ذكر أول ما خلق اهللا : اخلامسة . أنه جرى باملقادير يف تلك الساعة إىل قيام الساعة : السادسة . ممن مل يؤمن به براءته: السابعة . العلماءعادة السلف يف إزالة الشبهة بسؤال : الثامنة أن العلماء أجابوه مبا يزيل شبهته؛ وذلك أهنم نسبوا الكالم إىل رسول اهللا : التاسعة

. فقط : الشرحأن إنكار : ومناسبة هذا الباب للذي قبله ". باب ما جاء يف منكري القدر " هذا

ويكون هذا الباب كـالتفصيل ملا اشتمل عليه الباب - جل وعال -القدر سوء ظن باهللا . الذي قبله

وهي أن اإلميان بالقدر واجـب، وال يتم توحيد : ومناسبته لكتاب التوحيد ظاهرة ينايف أصل التوحيد، كما - جل وعال -العبد حىت يؤمن بالقدر، وإنكار القدر كفر باهللا

القدر نظام التوحيد، فمن كذب بالقدر نقض تكذيبه : قال ابن عباس رضي اهللا عنهماالسلك الذي جتتمـع وتنظم فيه مسائل : أن اإلميان بالقدر هو النظام، أي: يعين. توحيده

التوحيد حىت يقوم عقدها يف القلب، فمن كذب بالقدر يكون قد قطع السلك، فنقض ذلك التكذيب أمور التوحيد، وهذا ظاهر؛ فإن أصـل اإلميان أن يؤمن باألركـان الستة

. لشيخ يف حديث ابن عمراليت منها اإلميان بالقدر، كما ذكر ذلك اهو التقدير كما هو معروف، وهو وضع الشيء على حنو ما مبا يريده : والقدر يف اللغة

قدر الشيء تقديرا، وقدره قدرا وقـدرا، ويف العقيدة عرفه بعض أهل : واضعه، يقال وعموم إن القدر هو علم اهللا السابق باألشياء، وكتابته هلا يف اللوح احملفوظ، : العلم بقوله

وخلقه لألعيان والصفات القائمة هبا، وهذا التعريف صحيح؛ ألنه - جل وعال -مشيئته ما يسبق : الدرجة األوىل : وهذه املراتب على درجتني. يشمل مراتـب القـدر األربع

-اإلميان بكتابة اهللا : اإلميان بالعلم السابق، والثانية : األوىل: وقوع املقدر، وذلك مرتبتان

Page 477: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

477

إن اهللا قدر مقادير اخللق قبل أن خيلق { لعموم األشياء، كما قـال - جل وعال

Page 478: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

478

يصدق على إنكار أي مرتبة من هذه املراتب، وال - رمحه اهللا -الذي بوب عليه الشيخ قدر إال إذا سلم هبا مجيعا، وآمن هبا مجيعـا؛ لداللـة إنه مؤمن بال : يقال عن أحد

. النصوص على ذلكالقدرية الغالة، وهم نفاة القدر الذين أنكـروا العلم السابق، : فمن منكري القدر

فهؤالء كفار، ينايف فعلهم أصل التوحيد، فمن أنكر العلم السابق، فقد أنكر القدر إنكارا مـع -ك من ينكر الكتابة، فإن إنكار الكتابة السابقة انتفى معـه أصل التوحيد، وكذل

. مناف ألصل التوحيد، وال يستقيم معه اإلميان-العلـم بالنصوص الدالة عليها عموم املشيئة، وعموم اخللق، كإنكـار عموم خلق : وأما إنكـار املرتبتني األخريتني

كمال التوحيد، وال حيكم عليهم اهللا لألفعال كما هو مذهب املعتزلة وحنوهـم، فإنه ينايف . بالكفر واخلروج من اإلسالم بذلك، وإن بدعوا، وضللوا بسببه

فإنكار القدر منه ما هو كفر خمرج من التوحيد خمرج من امللة، ومنـه ما هو دون . ذلك، ويكون منافيا لكمال التوحيد، وهبذا يظهر صلة هذا الباب بكتاب التوحيد

نفس ابن عمر بيده لو كـان ألحدهم مثل أحد ذهبا، مث والذي: وقال ابن عمر " ، وإمنا كـان كذلـك ألن اهللا "أنفقه يف سبيل اهللا ما قبله اهللا منه حىت يؤمن بالقدر

ومن ،جـل وعال ال يقبـل مـن مسـلم إذ اإلسالم شرط يف صحة قبول األعمال ا ولو أنفق مثل منه عمل إذ أنكر القدر، ومل يؤمن بالقدر، فإنه ال يكون مسلما، فال يقبل

. أحد ذهبا، حىت يؤمن بالقدر

أن تؤمن باهللا ومالئكته وكتبه، ورسله، : اإلميان { : مث استدل بقول النيب"

تؤمن بالقدر خريه {: ، ويف قوله )1( } واليوم اآلخر، وتؤمن بالقدر خريه وشره

، ابن ماجه )4991(، النسائي اإلميان وشرائعه )10(، مسلم اإلميان )4499( البخاري تفسري القرآن )1(

. )2/426(، أمحد )64(املقدمة

Page 479: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

479

خري بالنسبة البن : دليل على أن القدر منه ما هو خري، ومنه ما هو شر، أي )1( } وشره

آدم، وشر بالنسبة البن آدم، فاملكلف قد يكـون عليه قدر هو باإلضافة إليه خري، وقد جل - فاهللا - جل وعال -افة إليه شر، وأما بالنسبة لفعل اهللا يكـون عليه القدر باإلض

أفعاله كلها خري؛ ألهنا موافقة حلكمته العظيمة؛ فلهذا جاء يف احلديث أن النيب -وعال فاهللا جل وعال ليس يف فعله .)3( )2( } والشر ليس إليك {: قـال يف ثنائه على ربه

شر، فالشر مبا يضاف للعبد، فإذا أصيب العبد مبصيبة فهي شر بالنسبة إليه، أما بالنسبة لفعل اهللا فهي خري، ألهنا موافقة حلكمة اهللا جل وعال البالغة، واهللا سبحانه وتعاىل له األمر

. كلهيـا بين إنك لن جتد طعم اإلميان حىت : وعن عبادة بن الصامت أنه قال البنه " وهذا ألن )4( " ما أصابك مل يكن ليخطئك، وما أخطأك مل يكن ليصيبك تعلم أن

قد - جل وعال -تقدير األمور قد فرغ منه، واهللا : القضاء والقـدر قد فرغ منه، يعينقدر األشياء وقدر أسباهبا، فالسبب الذي سيفعله املختار من عباد اهللا مقدر، كما أن

جعلك خمتارا، وأنك - جل وعال -إلميان بأن اهللا نتيجته مقدرة، ومن اإلميان بالقدر ا لست جمبورا، فالقول باجلرب ال يستقيم مع اإلميان بالقدر؛ ألن اإلميان بـالقدر إميان معه

. اإلميان بأن العبد خمتار وليس مبجرب؛ ألن التكليف وقع بذلك قولون إن طائفة غالة، وهم اجلهمية، وغالة الصوفيـة الذيـن ي : واجلربية طائفتان

العبد كالريشة يف مهب الريـح، وحركاتـه حركـات اضطراريـة، ومنهم طائفة ليست بالغالة، وهم األشاعرة وحنوهم الذين يقولون باجلرب يف الباطن، وباالختيار يف

. )5/317( أمحد )1(، أبو داود )897(، النسائي االفتتاح )3422(ذي الدعوات ، الترم )771( مسلم صالة املسافرين وقصرها )2(

. )1238(، الدارمي الصالة )1/103(، أمحد )760(الصالة . )771( أخرجه مسلم )3( . )4700( أخرجه أبو داود )4(

Page 480: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

480

إن العبد له كسب، وهذا الكسب هو أن يكون العبد يف الفعل الذي : الظاهر، ويقولون فيفعل به، فيكون هو حمال للفعل، ويضاف الفعل إليه - وعال جل-فعله حمال لفعل اهللا

. على جهة الكسب، على ما هو معروف يف موضعه من التفاصيل يف كتب العقيدة املطولة

: اكتب، فقال: ل ما خلق اهللا القلم، فقال له إن أو { : يقول مسعت رسول اهللا "

هذا فيه )2( )1( } اكتب مقادير كل شيء حىت تقوم الساعة : رب وماذا أكتب؟ قال

على - معناه )3( } القلمإن أول ما خلق اهللا {: دليل على مرتبة الكتابة، وقوله

ـ -الصحيح عند احملققني ) إن ( حني و : هنا ظرف مبعىن ) أول ( إنه حني خلق اهللا القلم، فحـني : اكتب، يعين: إنه أول ما خلق اهللا القلم، فقال له : امسها ضمري الشان حمذوف

ـ : اكتب، فيكون قول اكتب هذا من جهة الظرفية، يعين : خلق اهللا القلم قال له ني ح . اكتب: خلق اهللا القلم قال له

عليه الصالة -وأما أول املخلوقات فالعرش سابق يف اخللق على القلم، كما قال لق قبل أن خيلق قدر اهللا مقادير اخل {: يف احلديث الذي يف الصحيح -والسالم

إن { فقوله)5( )4( } السماوات واألرض خبمسني ألف سنة، وكان عرشه على املاء

: له يدل على أنه حني خلق اهللا القلم قال )6( } أول ما خلق اهللا القلم قال له اكتب

اكتب، والكتابة كانت بعد اخللق مباشرة، ودل احلديث الثاين على أن العرش كـان أن العرش خملوق قبل القلم، كما : سابقا، واملاء كان سابقا أيضا؛ وهلذا فالقول الصحيح

اكتب، : يدل على أنه حني خلق اهللا القلم قال له ،قال ابن القيم رمحه اهللا يف النونية

. )4700(، أبو داود السنة )3319( الترمذي تفسري القرآن )1( . )4700( أخرجه أبو داود )2( . )4700(، أبو داود السنة )3319(ترمذي تفسري القرآن ال)3( . )2/169(، أمحد )2156(، الترمذي القدر )2653( مسلم القدر )4( . )2653( أخرجه مسلم )5( . )4700(، أبو داود السنة )3319( الترمذي تفسري القرآن )6(

Page 481: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

481

عد اخللق مباشرة، ودل احلديث الثاين على أن العرش كـان سابقا، والكتابة كـانت بأن العرش خملوق قبل القلم، كما : واملاء كـان سابقا أيضا؛ وهلذا فـالقول الصحيح

: يف النونية- رمحه اهللا -قـال ابن القيم القضـاء بـه مـن الديـان كتـب

قـوالن عند أبـي العلـى اهلمذانـي ـان ذا أركـان عـنـد الكـتابـة ك

خمتلفـون يف القلم الـذي والـنـاس هـل كــان قبـل العرش أو بعـده واحلــق أن العــرش قبـل ألنـه

. آخر ما يف هذا الباب من مباحث يف اإلميان بالقدر إىل باب ما جاء يف املصورين

ومن أظلم ممن ذهب : قال اهللا تعاىل { -قال رسول اهللا : قال عن أيب هريرة

. )2( أخرجاه )1( } خيلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعرية

أشد الناس عذابا {: قـال أن رسول اهللا - رضي اهللا عنها -وهلما عن عائشة

مسعت رسول : وهلما عن ابن عباس قـال )4( )3( } يوم القيامة الذين يضاهئون خبلق اهللا

جيعل له بكل صورة صورها نفس يعذب هبا يف كل مصور يف النار {: يقول اهللا

من صور صورة يف الدنيا كـلف أن ينفخ فيها {: وهلما عنه مرفوعا )6( )5( } جهنم

. )2/259(، أمحد )2111(، مسلم اللباس والزينة )7120( البخاري التوحيد )1( . )2111(ومسلم ) 7559(و ) 5953( أخرجه البخاري )2( . )6/199(، أمحد )5610( البخاري اللباس )3( . )2106(ومسلم ) 5954( أخرجه البخاري )4((، النسائي الزينة )1751(، الترمذي اللباس )2110(، مسلم اللباس والزينة )2112( البخاري البيوع )5(

. )1/308(، أمحد )5024(، أبو داود األدب )5358 . )2110(ومسلم ) 7042(و ) 5963(و) 2225( أخرجه البخاري )6(

Page 482: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

482

أال أبعثك : عليقال يل: وملسلم عن أيب اهلياج قال . )2( )1( } الـروح، وليس بنافخ

أن ال تدع صورة إال طمستها، وال قربا مشرفا إال { -على ما بعثين عليه رسول اهللا

. )4( )3( } سويته

: فيه مسائل . التغليظ الشديد يف املصورين: األوىلومن أظلم ممن ذهب خيلق " :ى العلة؛ وهو ترك األدب مع اهللا؛ لقوله التنبيه عل: الثانية ". كخلقي ". فيخلقوا ذرة أو حبة، أو شعرية " :التنبيه على قدرته وعجزهم؛ لقوله: الثالثة . التصريح بأهنم أشد الناس عذابا: الرابعة . أن اهللا خيلق بعدد كـل صورة نفسا يعذب هبا املصور جهنم : اخلامسة

. أنه يكلف أن ينفخ فيها الروح : لسادسةا . األمر بطمسها إذا وجدت : السابعة : الشرحهو : ، واملصورون مجع تصحيح للمصور، واملصور "باب ما جاء يف املصورين " هذا

التشـكيل، تشـكيل الشيء حىت يكون على هيئة : الذي يقوم بالتصوير، والتصوير معناهيوان، أو نبات، أو مجاد، أو مساء، أو أرض، فكل هذا صورة آلدمي أو لغري آدمي من ح

، النسائي )1751(رمذي اللباس ـ، الت )2110(لم اللباس والزينة ـ، مس )5618(خاري اللباس ـ الب)1(

. )1/360(، أمحد )5024(، أبو داود األدب )5358(الزينة . )2110(ومسلم ) 5963(ه البخاري أخرج)2(، )3218(، أبو داود اجلنائز )2031(، النسائي اجلنائز )1049(، الترمذي اجلنائز )969( مسلم اجلنائز )3(

. )1/96(أمحد . )969( أخرجه مسلم )4(

Page 483: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

483

مصور، إذا كـان يشكل بيده شيئا على هيئة صورة معروفة، هذا من حيث : يقال له . املعىن، أما من حيث احلكم فسيأيت بيانه إن شاء اهللا

مـن الوعيـد، ومـن األحاديث اليت : يعـين " باب ما جاء يف املصورين " :وقوله . - جل وعال -جعلوا أنفسهم أندادا هللا فيها أهنم

، أن التوحيد هو أال جيعل هللا ند فيما يستحقه جل وعال : ومناسبة الباب لكتاب التوحيد وهلذا يدخل الرضى ، والتصوير تنديد من جهة أن املصور جعل فعله ندا لفعل اهللا جل وعال

)Ÿξsù (#θè=yèøgrB ¬! #YŠ#y‰Ρr& öΝçFΡr&uρ šχθßϑn=÷ès? ∩⊄⊄∪ { )1 {: بصنيع املصور يف قول اهللا جل وعال

يف هذه -جل وعال-إذ ذلك حقيقته أنه جعل هذا املصور شريكا هللا ] 22: البقـرة[ الكمال، لكن من جهة على جهة -جل وعال -الصفة، مع أن تصويره ناقص وتصوير اهللا

هو الذي ينفرد بتصوير -جل وعال -االعتقاد ملا جعل هذا املخلوق مصورا، واهللا املخلوقات كما يشاء، كان من كمال التوحيد أن ال يرضى بالتصوير، وأن ال يفعل أحد

فالتصوير من حيث الفعل مناف لكمال التوحيد، ،هذا الشيء؛ ألن ذلك هللا جل وعال . بة إيراد هذا الباب يف هذا الكتابوهذا هو مناس

والشرك - جل وعال -أن التصوير وسيلة من وسائل الشرك باهللا : واملناسبة الثانية لهووسـائله جيب وصدها وغلق الباب؛ ألهنا تفضي بالناس إىل اإلشراك، فمناسبة الباب

جل -مثل خبلق اهللا جهة املضاهاة خبلق اهللا، والت : اجلهة األوىل : لكتاب التوحيد من جهتني . وبصفته وامسه-وعـال

أنه وسيلة لإلشراك، نعم قد ال يشرك بالصورة املعينة اليت عملت، ولكن : والثانية من وسائل اإلشراك؛ فإن شرك كثري من -وال شك-الصورة من حيث اجلنس هي وسيلة

أن الصورة املشركني كان من جهة الصور، فكان من حتقيق التوحيد أال تقر الصور ألجل . وسيلة من وسائل املشركني يف عباداهتم

. 22: سورة البقرة آية )1(

Page 484: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

484

ومن أظلم ممن : قـال اهللا تعاىل { قال رسول اهللا : قال عن أيب هريرة "

: أخرجاه )1( } ليخلقوا شعريةذهب خيلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو

ومن أظلم ممن ذهب خيلق {: هذا احلديث فيه معىن وفيه متثيل، أما املعىن هو قوله

، هللا جل وعال ، فسبب الظلـم أن العبد اعتدى، فأراد أن خيلق كخلق ا )2( } كخلقي

. خللقه- جل وعال -واملقصود بذلك أن يصور كتصوير اهللا

معلوم أن )3( } فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعرية {: مث قال معجزا

وحبة احلنطة، أو . غـر املخلوقات مـن أص- وهي واحدة الذر، صغار النمل -الذرة -حبة الرب، أو حبة الرز، ميكـن أن تصنع، ولكـن ال ميكـن أن تكون كخلق اهللا

وكذلك الشعرية ميكـن أن تصنـع شكال وأن تصور شكال، لكن يعجز -جـل وعال بت أن جيعل فيها احلياة، فمثال حب الرب، أو الشعري، أو الرز، أو حنو ذلك مما صنعه اهللا ين

إذا وضع يف األرض، أما ما صنعه املخلوق فإنه ال تكون فيه حياة، فالرز الصناعي الذي يأكل، لو رمي يف األرض ملا خرج منه ساق، وملا خرج له جذر، وملا كـانت منه حياة،

فهو الذي أودع فيه سر حياة ذلك اجلنس - جل وعال -وأما الذي يكون من خلق اهللا إن هـذا علـى وجـه التعجيز، فالذي : ال بعـض أهل العلم من املخلوقات؛ وهلذا ق

هذا من جهة ظنه، أما من جهة احلقيقة فإنه ال أحد خيلق - جل وعال -خيلق كخلق اهللا . فصار أظلم اخللق- جـل وعال -كخلق اهللا؛ وهلذا صار ذلك مشبها نفسه باهللا

. )2/259(، أمحد )2111(، مسلم اللباس والزينة )7120( البخاري التوحيد )1( . )2/259(، أمحد )2111(، مسلم اللباس والزينة )7120( البخاري التوحيد )2( . )2/232(، أمحد )2111(، مسلم اللباس والزينة )7120( البخاري التوحيد )3(

Page 485: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

485

أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا {: استدل جمـاهد وغريه من السلف بقوله

على أن تصوير ما ال حياة فيه أو ما ال روح فيه حمرم؛ ألنه ذكر احلبة )1( } شعرية

. فتصوير األشجار وتصوير احلب وحنو ذلك ال جيوز : والشعرية، قالواعجيز، وليس جلهة التعليل؛ ومجهور العلماء على خالف ذلك، وأن األمر يف ذلك للت

من صور صورة يف الدنيا كلف أن ينفـخ فيها {: وهلذا قال يف احلديث الذي بعده

علمنا أن )3( } كلف أن ينفـخ فيـها الروح {: ، فلما قال)2( } الروح وليس بنافخ

على ما حياته حبلول الروح فيه، أما : النهي يف التصوير كان منصبا على ما فيه روح، يعين . ما حياتـه بالنمـاء كاملزروعـات واألشـجار وحنوها، فليس داخال يف ذلك

أشد الناس { : قال أن رسول اهللا- رضي اهللا عنها -وهلما عن عائشة "

هذا فيه تنبيه على العلة، وهذه العلة :)4( } عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون خبلق اهللا

وهي إحـدى العلتني اللتني من أجلهما حرم - جـل وعال -هي املضاهاة خبلق اهللا حـرم، وصار صاحبه من أشد الناس عذابا ألجل أنه يضاهي خبلق اهللا التصوير، فالتصوير

. جل وعال وألن الصـورة وسيلة للشرك اليت رتب عليها أن يكون فاعلها أشد الناس عذابا - جل وعال -واملضاهاة خبلق اهللا

اة حممولة على املضاهاة اليت تكون كفرا؛ ألن املضاه : يوم القيامة، عند كثـري من العلماءأن يصور صنما ليعبد، أو يصور إهلا : احلالة األوىل: يف التصوير يكون كفرا يف حالتني

ليعبد، كـأن يصور ألهل البوذيـة صورة بوذا، أو يصور للنصارى املسيح، أو يصور أم

. )2/232(، أمحد )2111(، مسلم اللباس والزينة )7120( البخاري التوحيد )1(، النسائي )1751(رمذي اللباس ـ، الت )2110(لم اللباس والزينة ـ، مس )5618(لباس خاري ال ـ الب)2(

. )1/360(، أمحد )5024(، أبو داود األدب )5358(الزينة ، النسائي )1751(رمذي اللباس ـ، الت )2110(لم اللباس والزينة ـ، مس )2112(خاري البيوع ـ الب)3(

. )1/360(، أمحد )5024(، أبو داود األدب )5358(الزينة . )6/199(، أمحد )5610( البخاري اللباس )4(

Page 486: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

486

مع العلم بأنه يعبد هـذا - جل وعال -املسيح وحنو ذلك، فتصوير ما يعبد من دون اهللا ؛ ألنه صور وثنا ليعبد، وهو يعلـم أنه يعبد، فيكون شركا -عال جل و-كفر باهللا

.أكرب، وكفرا باهللا جل وعال - جـل وعال -أن يصور الصورة ويزعـم أهنا أحسن من خلق اهللا : واحلالة الثانية

جل -هذه أحسن من خلق اهللا، أو أنا فقت يف خلقـي وتصويري ما فعل اهللا : فيقول وهذا هو الذي محل عليه هذا - جل جالله -وشرك أكرب باهللا فهذا كفر أكرب، -وعال

أشد الناس عذابا يوم القيامة الـذي يضـاهئون خبلق {: احلديث، وهو قوله

ـن امللة، كالذي ، وأما املضاهـاة بـالتصوير عامـة مبـا ال خيرجـه م )1( } اهللا

يرسم بيده، أو ينحت التمثال، أو ينحت الصورة مما ال يدخل يف احلالتني السابقتني فهو . كبرية من الكبائر، وصاحبها ملعون ومتوعد بالنار

كل مصور يف النار جيعل له { : يقول وهلما عن ابن عباس مسعت رسول اهللا "

أفـاد أن ذلك " نفس " : قوله:)2( } بكل صورة صورها نفس يعذب هبا يف جهنم

التصوير وقـع لشيء حتله النفس، وهو احليوانات أو اآلدمي؛ وهلذا كان الوعيد منصبا . على ذلك

. هذا يفيد أن التصوير كبرية من الكبائر :)3( } كل مصور يف النار {

من صور صورة يف الدنيا كـلف أن ينفخ فيها الروح، { :وهلما عنه مرفوعا "

. جل وعال - ألن الروح إمنا هي من أمر اهللا ؛)1( } وليس بنافخ

. )6/199(، أمحد )5610( البخاري اللباس )1(، النسائي )1751(رمذي اللباس ـ، الت )2110(لم اللباس والزينة ـ، مس )2112(خاري البيوع ـ الب)2(

. )1/308(، أمحد )5024(، أبو داود األدب )5358(الزينة ، النسائي )1751(رمذي اللباس ـ، الت )2110(لم اللباس والزينة ـ، مس )2112(خاري البيوع ـ الب)3(

. )1/308(، أمحد )5024(، أبو داود األدب )5358(الزينة

Page 487: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

487

أال أبعثك على ما بعثين عليه رسول : قال يل علي : وملسلم عن أيب اهلياج قال " يف هذا .)2( } أن ال تدع صورة إال طمستها، وال قربا مشرفا إال سويته { : اهللا

احلديث التنبيه على العلة الثانية من عليت حترمي التصوير، وهي أنه وسيلة من وسائل الشرك، أنه قرن بني الصورة والقرب املشرف يف وجوب : ووجه االستدالل من هذا احلديث

إزالتـهما، وبقاء القرب املشرف وسيلة من وسائل الشرك، وكذلك القتران بقاء الصورة بعث عليا أن ال يدع - عليه الصالة والسالم -فالنيب {ن وسائل الشرك، أيضا وسيلة م

ألن الصور من وسائل الشرك، وأن ال يدع قربا مشرفا إال سواه؛ } صورة إال طمسها

. ألن بقاء القبور مشرفة يدعو إىل تعظيمها وذلك من وسائل الشركى من جهة التصوير وهناك خالف يف بعض مسائل التصوير حمله كتب الفقه والفتو

احلديث الـذي يكـون بـاآلالت كـالتصوير بالكامـريات املختلفـة أو بالفيديو أو . التليفزيون أو حنو ذلك

باب ما جاء يف كثرة احللف

þθ#) {: وقول اهللا تعاىل Ýàxôm $#uρ öΝä3oΨ≈ yϑ ÷ƒ r& 4 { )3(] وعن أيب هريرة]89: املائدة ،

)4( } احللف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب {: يقول مسعت رسول اهللا : قال

ثالثة ال يكلمهم اهللا وال يزكيهم، {: قال وعن سلمان أن رسول اهللا )5( أخرجاه

، النسائي )1751(رمذي اللباس ـ، الت )2110(لم اللباس والزينة ـ، مس )5618(خاري اللباس ـ الب)1(

. )1/360(، أمحد )5024(، أبو داود األدب )5358(الزينة ، )3218(، أبو داود اجلنائز )2031(، النسائي اجلنائز )1049(، الترمذي اجلنائز )969( مسلم اجلنائز )2(

. )1/96(أمحد . 89: سورة املائدة آية )3(3335(، أبو داود البيوع )4461(، النسائي البيوع )1606(، مسلم املساقاة )1981( البخاري البيوع )4(

. )2/235(، أمحد ) . )1606(ومسلم ) 2087( أخرجه البخاري )5(

Page 488: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

488

أشيمط زان، وعائل مستكرب، ورجل جعل اهللا بضاعته، ال يشتري إال : وهلم عذاب أليمويف الصحيح عن . رواه الطرباين بسند صحيح . )2( )1( } بيمينه، وال يبيع إال بيمينه

خـري أميت قرين مث الذين يلوهنم، مث { قـال رسول اهللا : قال ن حصني عمران ب

فـال أدري أذكر بعد قرنه مرتني أو : ، قال عمران)3( } الذين يلوهنم، مث الذين يلوهنم

مث إن بعدكم قوم يشهدون وال يستشهدون، وخيونون وال يؤمتنون، وينذرون {ثالثـا؟

خري {: قال وفيه عن ابن مسعود أن النيب)5( )4( } وال يوفون، ويظهر فيهم السمن

الناس قرين، مث الذين يلوهنم، ثـم الذين يلوهنم، مث جييء قوم تسبق شهادة أحدهم ميينه، .)6( } وميينه شهادته

.)7( كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد وحنن صغار : وقال إبراهيم : فيه مسائل

. إلميانالوصية حبفظ ا : األوىل . اإلخبار بأن احللف منفقة للسلعة ممحقة للربكة : الثانية . الوعيد الشديد فيمن ال يبيع وال يشتري إال بيمينه: الثالثة

4462(، النسائي البيوع )1595(، الترمذي السري )108(، مسلم اإلميان )2527( البخاري الشهادات )1(

. )2/253(، أمحد )2207(، ابن ماجه التجارات )3474(، أبو داود البيوع ) . )821" ( الصغري" و) 6111" ( الكبري" أخرجه الطرباين يف )2(، النسائي األميان )2222(، الترمذي الفنت )2535(، مسلم فضائل الصحابة )3450( البخاري املناقب )3(

. )4/427(، أمحد )4657(، أبو داود السنة )3809(والنذور ، النسائي األميان )2222(، الترمذي الفنت )2535(لصحابة ، مسلم فضائل ا )6064( البخاري الرقاق )4(

. )4/427(، أمحد )4657(، أبو داود السنة )3809(والنذور . )2535( أخرجه مسلم )5(، ابن ماجه )3859(، الترمذي املناقب )2533(، مسلم فضائل الصحابة )3451( البخاري املناقب )6(

. )1/434(، أمحد )2362(األحكام . )2533( أخرجه مسلم )7(

Page 489: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

489

. التنبيه على أن الذنب يعظم مع قلة الداعي : الرابعة . ذم الذين حيلفون وال يستحلفون : اخلامسة . ربعة، وذكر ما حيدث بعدهم على القرون الثالثة أو األ ثناؤه : السادسة . ذم الذين يشهدون وال يستشهدون : السابعة . كون السلف يضربون الصغار على الشهادة والعهد: الثامنة : الشرح جل -، ومن الظاهر والبني أن القلب املعظم هللا "باب ما جاء يف كثرة احللف " هذاف، ألن كثرة احللف ال جتامع كمال الذي إن ذكر اهللا وجل قلبه أنه ال يكثر احلل-جالله

- جـل وعال -التوحيد، فإن من كمل التوحيد يف قلبه، أو قارب الكمال ال جيعل اهللا عرضـة ألميانـه، فـالذي إذا تكلم تكلـم باحللف، وإذا باع باع باحللف، وإذا

فإن - جل وعال -اشترى اشترى باحللف وحنو ذلك، مل يعظم التعظيم الواجب هللا وأن ال يكثر اليمني، واملقصود باليمني - جل وعال -واجب على العبد أن يعظم اهللا ال

اليمني املعقودة اليت عقدها صاحبها، أما لغو اليمني فـإن هذا معفو عنه، : واحللف هنامـع أن الكمال فيه واملستحب أن خيلـص املوحـد لسـانه وقلبـه مـن كـثرة

. ليمنياحللـف يف اإلكرام وحنوه بلغو ا حتقيـق التوحيـد وكمال : فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة؛ وهي أن

كما -التوحيد ال جيامع كـثرة احللف، فكـثرة احللف منافية لكمال التوحيد، واحللف -فمن أكد وعقد اليمني باهللا . جل جاللـه - هو تأكيد األمر مبعظم، وهو اهللا -ذكرنا

- جـل جالله، إذ اهللا -ك، فإنه ال يكون معظمـا هللا وأكثر من ذل-جل وعال جيـب أن يصان امسـه، ويصـان احللف به واليمني به إال عند احلاجة -سبحانه وتعاىل

إليها، أما كـثرة ذلك وكـثرة جميئه على اللسان، فهو ليس من صفة أهل الصـالح؛

Page 490: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

490

þθ#) {: حبفظ اليمني، فقال- جـل وعال -وهلذا أمر اهللا Ýàxôm $#uρ öΝä3oΨ≈yϑ ÷ƒ r& 4 { )1(

- جل وعال -، وهذا األمر للوجوب؛ ألنه وسيلة لتحقيق تعظيم اهللا ]89: املائدة[þθ#) {: وحتقيق كـمال التوحيد، فقوله Ýàxôm $#uρ öΝä3oΨ≈ yϑ ÷ƒ r& 4 { )2( هذا إجياب ألن حيفظ

العبد ميينه، فال حيلف عاقدا اليمني إال على أمر شرعي بني، أما أن حيلف دائما، وجيعل اهللا . جالله جل - يف ميينه، فهذا ليس من تعظيم أمساء اهللا - جل وعـال -

احللف منفقة للسلعة {: يقول مسعت رسول اهللا: قـال عن أيب هريرة"

وسبب ذلك أنه نـوع عقوبة، فإن هذا الذي يبيع باحللف فإنه :)3( } ممحقة للكسب

قوبة ألجل أنه مل تنفق سلعته، ولكـن كسبه ميحـق؛ ألن حمق الكسب يكون نوع ع . - جل وعال -يفعل الواجب من تعظيم اهللا

ثالثـة ال يكلمهم اهللا، وال يزكيهم، وهلم {: قال وعن سلمان أن رسول اهللا "

-ذا خالطه، وقلبه متعلق بالزىن يعين من مشطه الشيب إ : } أشيمط زان : عذاب أليم

فإنه ليس عنده من الدواعـي للزىن ما جيعلـه يقبل عليه، كحال من كان -والعياذ باهللا شابا، فهو قد وخطه الشيب، فيكون إذا يف قلبه حب املعصية، وليست مسألة غلبة

وله عذاب الشهوة؛ وهلذا كـان من أهل هذا الوعيد العظيم بأال يكلمه اهللا، وال يزكيه، . أليم

فـإن - وهو مـن جنس األول - هذا النوع الثاين :)4( } وعائل مستكرب {

. يكون استكبارا يف الذات، ويكون استكبارا للصفات - كما قال العلماء -االستكبار

. 89: سورة املائدة آية )1( . 89: سورة املائدة آية )2(3335(، أبو داود البيوع )4461(، النسائي البيوع )1606(، مسلم املساقاة )1981( البخاري البيوع )3(

. )2/235(، أمحد ) . )107( مسلم اإلميان )4(

Page 491: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

491

ـ اه ورفعة، فإذا كان استكبارا للصفات فهذا حمرم، ولكنه أهون كمن يكـون ذا جفيتكرب ألجل ما له من اجلـاه والرفعـة، فهذا ال جيوز، لكـن عنده ما يوقع يف قلبه الشبهة والفتنة بالتكرب أو االستكبار، أو يكـون ذا مال، أو يكـون ذا مجال، أو يكون ذا مسعة، وحنو ذلك، فعنده سبب جيعله يتكـرب، وهذا يكثر يف أهل الغىن، فـإن كثريا

ىن يكـون عندهم نوع تكـرب على الفقراء، أو من ليس من أهل الغىن، فهذا من أهل الغعنده وصف جعله يتكـرب، لكـن األعظم أن يكون تكربه يف الذات بأال يكون عنده صفة جتعله متكربا، وهذا هو النوع األول، وهو استكبار للذات يرى نفسه كبريا،

لك، فهذا يكون فعله كبرية من ويتعاظم، وهو ليس عنده شيء من الصفات جتعله كذ ؛ ألن العـائل )1( } وعائل مستكرب {: الكبـائر العظيمة، ويدخـل يف هذا احلديث

ليس عنده من الصفات ما يكون االستكبار شبهة عنده، - وهـو الفقري الكثري العيال - . إال ملا قام يف نفسه اخلبيثة من الكربأو ألجل تلك الصفات، أو يكون مث فتنة عنده،

وهذا موطن : } ورجل جعل اهللا بضاعته، ال يشتري إال بيمينه وال يبيع إال بيمينه {

ألنه جعل اهللا الشاهد من احلديث، وهو ظاهر يف أنه مذموم، وأنه صاحب كبرية؛ بضاعته، يبيع باليمني، ويشتري باليمني، وهذا ال جيامع كمال التوحيد، بل ال جيامع

. التعظيم الواجب، فيكون مرتكبا حملرم - جـل وعـال -تعظيـم اهللا كانوا يضربوننا على " :قول إبراهيم النخعيواحلديثان اللذان بعده واضحان، وأما

فهذا فيه تـأديب السلف ألوالدهم ولذراريهم على ": الشهادة والعهد وحنن صغار جل وعال - فإن الشهـادة والعهد جيب أن يقترنا بالتعظيم هللا - جل وعال -تعظيم اهللا

واخلوف من لقائه، واخلوف من الظلم، فكانوا يؤدبون أوالدهم على ذلك حىت يتمرنوا - . ه وينشئوا على تعظيم توحيد اهللا وتعظيم أمر اهللا وهني

. )107( مسلم اإلميان )1(

Page 492: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

492

باب ما جاء يف ذمة اهللا وذمة نبيه

θ#) {: وقوله تعاىل èù÷ρ r&uρ ωôγ yè Î/ «!$# #sŒÎ) óΟ›?‰ yγ≈ tã Ÿω uρ (#θàÒ à)Ζs? z≈ yϑ ÷ƒ F{$# y‰÷è t/ $ yδ ω‹Å2 öθ s? ô‰s% uρ

ÞΟçFù= yè y_ ©!$# öΝà6ø‹n= tæ ¸ξŠÏx. 4 ¨βÎ) ©!$# ÞΟn= ÷è tƒ $ tΒ šχθè= yè øs? ∩⊇∪ { )1(] .91: النحل [

إذا أمر أمريا على جيش أو سرية أوصاه يف كان رسول اهللا: وعن بريدة قالاغزوا بسم اهللا يف سبيل اهللا، {: خاصته بتقوى اهللا، ومن معه من املسلمني خريا، فقال

قاتلوا من كفر باهللا، اغزوا وال تغلوا وال تغدروا، وال متثلوا، وال تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من املشركني فادعهم إىل ثالث خصال أو خالل، فأتيتهن ما أجابوك فأقبل منهم

فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، مث ادعهم إىل وكف عنهم، مث ادعهم إىل اإلسالم، اإلسالم، فإن أجابوك فاقبل منهم، مث ادعهم إىل التحول من دارهم إىل دار املهاجرين، وأخربهم أهنم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على املهاجرين، فإن أبوا أن

جيرى عليهم حكم اهللا تعاىل وال يتحولوا منها فأخربهم أهنم يكونون كأعراب املسلمني،يكون هلم يف الغنيمة والفيء شيء، إال أن جياهدوا مع املسلمني، فإن هم أبوا فاسأهلم

وإذا . اجلزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن باهللا وقاتلهم هلم ذمة اهللا وذمة حاصرت أهل حصن فأرادوك أن جتعل هلم ذمة اهللا وذمة نبيه، فال جتعل

نبيه، ولكن اجعل هلم ذمتك وذمة أصحابك؛ فإنكم إن ختفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن ختفروا ذمة اهللا وذمة نبيه، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن ترتهلم على حكم اهللا، فال ترتهلم على حكم اهللا، ولكن أنزهلم على حكمك، فإنك ال تدري أتصيب

. رواه مسلم )3( )2( } هللا أم الفيهم حكم ا

. 91: سورة النحل آية )1((، ابن ماجه اجلهاد )2613(، أبو داود اجلهاد )1617(، الترمذي السري )1731( مسلم اجلهاد والسري )2(

. )2439(، الدارمي السري )5/358(، أمحد )2858 . )1731( أخرجه مسلم )3(

Page 493: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

493

: فيه مسائل . الفرق بني ذمة اهللا وذمة نبيه وذمة املسلمني : األوىل . اإلرشاد إىل أقل األمرين خطرا: الثانية

. )1( } اغزوا بسم اهللا يف سبيل اهللا {قوله : الثالثة

. )2( } قاتلوا من كفر باهللا {: قوله : الرابعة

. )3( } استعن باهللا وقاتلهم {: قوله : اخلامسة

. الفرق بني حكم اهللا، وحكم العلماء : السادسة ق حكم اهللا أم ال؟ يف كون الصحايب حيكم عند احلاجة حبكم ال يدري أيواف : السابعة : الشرح

باب ما جاء يف ذمة اهللا " هذا باب عظيم من األبواب األخرية يف هذا الكتاب، وهو هلذا الباب ألجل حديث بريدة الذي ساقه - رمحه اهللا -، وذكر اإلمام "وذمة نبيه

وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن جتعل هلم ذمة اهللا وذمة نبيه، فال جتعل هلم {وفيه

ذمة اهللا وذمة نبيه، ولكن اجعل هلم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن ختفروا ذممكم وذمة -، وهذا ألجـل تعظيم الرب )4( } أصحابكم أهون من أن ختفروا ذمة اهللا وذمة نبيه

يف مناجاته ويف - جل وعـال - فإن تعظيم اهللا - وتعظيم رسوله -جل وعال

5/358(، أمحد )2858(ماجه اجلهاد ، ابن )1408(، الترمذي الديات )1731( مسلم اجلهاد والسري )1(

. )2439(، الدارمي السري )، ابن ماجه )2613(، أبو داود اجلهاد )1617(رمذي السري ـ، الت )1731(لم اجلهاد والسري ـ مس)2(

. )2439(، الدارمي السري )5/358(، أمحد )2858(اجلهاد ، ابن ماجه )2612(، أبو داود اجلهاد )1617(رمذي السري ـ، الت )1731(لم اجلهاد والسري ـ مس)3(

. )5/358(، أمحد )2858(اجلهاد ، ابن ماجه )2612(، أبو داود اجلهاد )1617(ترمذي السري ـ، ال )1731(لم اجلهاد والسري ـ مس)4(

. )5/358(، أمحد )2858(اجلهاد

Page 494: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

494

ويف التعامل مع الناس، هذا كلـه من كمـال - جل وعال -سؤاله، ويف العبادة له التوحيد، وهذا الباب من جهة التعـامل مع الناس، كما جـاء يف الباب الذي قبله،

- جل وعال -متعلق بتعظيم اهللا " ف باب ما جاء يف كثرة احلل " فالباب الذي قبله وهو متعلق بالتعامل مع " باب ما جـاء يف ذمة اهللا وذمة نبيه " حني التعامل مع النـاس، و

-الناس يف احلاالت العسرة الصعبة، وهي حـال اجلهاد، فنبه بذلك على أن تعظيم الرب ـهاد، جيـب أن يكـون يف التعامل ولو يف أعصب احلاالت، وهي اجل -جـل وعال

فإن العبد يكـون موقـرا هللا تعاىل جمال له، معظما ألمسائه وصفاته، ومن ذاك أن يعظم . ذمة اهللا وذمة نبيه

عهد اهللا وعهد نبيه؛ فإنه إذا كـان يعطي بعهد : والذمة مبعىن العهد، وذمة اهللا يعين مال وفجر يف ذلك، وهذا مناف لك- جل وعال -اهللا مث خيفر، فقد خفر عهد اهللا

وأال خيفر عهده - جل جالله -التوحيد الواجب؛ ألن الواجب على العبد أن يعظم اهللا وذمته؛ ألنه إذا أعطى بذمة اهللا فإنه جيـب عليه أن يويف هبذه الذمة مهما كان، حىت ال

جـل جالله؛ هلذا كان إعطاء مثل هذه الكلمة مثل كثرة -ينسب النقص لذمة اهللا كما ال جيوز كـثرة األميان؛ جتعل يف العهد ذمة اهللا وذمة نبيهاحللف، فال جيوز أن

. جل جالله -ألن يف كـل منهما نقصا يف تعظيم الرب : وقوله تعاىل"

} (#θ èù÷ρ r&uρ ωôγ yè Î/ «!$# #sŒÎ) óΟ›?‰ yγ≈ tã Ÿω uρ (#θ àÒ à)Ζs? z≈ yϑ ÷ƒ F{$# y‰÷è t/ $ yδ ω‹Å2öθ s? { )1(] النحل :

θèù÷ρ#) {: العهد يف قوله ]: 91 r&uρ ωôγ yèÎ/ «!$# { )2( فسر بالعقد، وفسر باليمني، فالعهد مبعىن

θèù÷ρ#) {: جل وعال العقد، كما قال r&uρ ωôγ yèø9$$ Î/ ( ¨βÎ) y‰ôγ yèø9$# šχ% x. Zωθ ä↔ ó¡tΒ ∩⊂⊆∪ { )3(

. 91: سورة النحل آية )1( . 91: سورة النحل آية )2( . 34: رة اإلسراء آية سو)3(

Page 495: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 496: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

496

)1( } حصن فأرادوك أن جتعل هلم ذمة اهللا وذمة نبيه، فال جتعل هلم ذمة اهللا وذمة نبيه

ألجل أنه قد يدخل على أهـل اإلسالم أو على الدين نفسه من جهة فعلهم؛ ألهنم إذا ومن الديـن، فـهذه مسـألة خفروا هذه الذمة رجع إخفارهم إىل ما محلوه من اإلسالم خاصة يف هذا الزمان الذي هو -عظيمـة، فينبغي أن تستحضر أن الناس ينظرون إليك

على أنك حتمل سنة، وحتمل توحيدا، وعلمـا شرعيا، فـال -زمان شبه وزمان فنت جل - وحىت جتعل أولئك يعظمون اهللا - جل وعال -تعاملهم إال بشيء فيه تعظيم الرب

بتعظيمك له، وال تستهن بشـأن اليمني، وال ختفر ذمة اهللا؛ ألن ذلك منقص ألثر -وعال : ما حتمله من العلم والدين، فتذكر هذا، وتذكـر أيضا قوله عليه الصالة والسالم هنا

حصن فأرادوك أن ترتهلم على حكم اهللا، فال ترتهلم على حكم اهللا، وإذا حاصرت أهل {

، وذلك )2( } ولكن أنزهلم على حكمك، فإنك ال تدري أتصيب فيهم حكم اهللا أم ال

حىت إذا حصل غلط فيكون الغلط منسوبا إىل من حكـم إىل هذا البشر، وال يكون من الناس ممن حيملون سنة وعلما منسوبا إىل حكم اهللا، فيصد الناس عن دين اهللا، وكـم

جل وعال -أو يشار إليهم باالستقامة يسيئون بأفعاهلم وأقواهلم ألجـل عدم تعظيمهم هللا - جل وعال وتعاىل وتقدس - وما يدعوهم إليه الرب الكرمي وما جيب لسنة النيب-

. نا مجيعا من كل نقـص ونسأله أن يعفو ويتجاوز عنا ويرمح - جل وعال -نربأ إىل اهللا باب ما جاء يف اإلقسام على اهللا

واهللا ال يغفر اهللا : قال رجل { قال رسول اهللا: قال عن جندب بن عبد اهللا

لفالن؟ إين قد غفرت له، من ذا الذي يتأىل علي أن ال أغفر لفالن، فقال اهللا

(، ابن ماجه اجلهاد )2612(، أبو داود اجلهاد )1617(، الترمذي السري )1731( مسلم اجلهاد والسري )1(

. )5/358(، أمحد )2858(، ابن ماجه اجلهاد )2612(، أبو داود اجلهاد )1617(، الترمذي السري )1731( مسلم اجلهاد والسري )2(

. )5/358(، أمحد )2858

Page 497: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

497

أن القائل رجل عابد، : رواه مسلم، ويف حديث أيب هريرة )2( )1( } وأحبطت عملك

. )3( تكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته : قـال أبو هريـرة : فيه مسائل

. التحذير من التأيل على اهللا: األوىل . كون النار أقرب إىل أحدنا من شراك نعله : الثانية . أن اجلنة مثل ذلك : الثالثة . إخل )4( } إن الرجل ليتكلم بالكلمة {: فيه شاهد لقوله : الرابعة

. أن الرجل قد يغفر له بسبب هو من أكـره األمور إليه : اخلامسة : الشرح

جهة يكون فيها التكرب والتجرب، ورفعة هذا : اهللا يكون على جهتني اإلقسام علىاملتأيل نفسه حىت جيعل له على اهللا حقا، وهذا مناف لكمال التوحيد، وقد ينايف أصله،

جـل -وصاحبه متوعـد بالعقاب الذي جاء يف مثل هذا احلديث، فهذا يتأىل على اهللا واهللا ال حيصل لفالن كـذا، تكربا : ، فيقول أن حيكم مبـا اختاره هو من احلكم -وعال

واحتقارا لآلخرين، فرييد أن جيعل حكم اهللا كحكمه تأليا واستكبارا علـى اهللا أن يفعل جل وعال - ما ظنه هو، فهذا التأيل واالستكبار نوع حتكم يف أمر اهللا - جل وعال -اهللا . جل وعال- ويف فعله، وهذا ال يصدر من قلب معظم هللا -

ال على جهة التأيل، ولكن على - جل جالله -أن يقسم على اهللا : واجلهة الثانية جهة أن ما ظنه صحيح يف أمر وقـع له، أو يف أمر يواجهـه، فهذا يقسم على اهللا أن

. )2621( مسلم الرب والصلة واآلداب )1( . )2621( أخرجه مسلم )2( . )4901( وأبو داود 363 و 323 / 2 أخرجه أمحد )3(، )2/334(، أمحد )2314(، الترمذي الزهد )2988(، مسلم الزهد والرقائق )6113( البخاري الرقاق )4(

. )1849(مالك اجلامع

Page 498: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

498

يكون كذا يف املستقبل على جهة التذلل واخلضوع هللا ال على جهـة التأيل، وهذا هو ؛ ألنه )2( )1( } ومن عباد اهللا من لو أقسم على اهللا ألبره {: الذي جاء فيه احلديث

أقسم على اهللا، ال على جهة التعاظم والتكرب والتأيل، ولكـن على جهة احلاجة واالفتقار ائه من جهة ظنه احلسن إىل اهللا، فحني أقسم أقسم حمتاجا إىل اهللا، وأكـد ذلك باهللا وبأمس

فهذا جائز، ومن عباد اهللا من لو أقسم على اهللا ألبره؛ ألنه قـام - جـل وعال -باهللا جييبه يف سؤاله، - جل وعال -يف قلبه من العبودية هللا والـذل واخلضوع ما جعل اهللا

. ويعطيه طلبته ورغبتهنه بلـغ مقاما حبيث يكون وأما احلال األوىل فهي حال املتكرب املترفع الـذي يظن أ

تبعا لفعله، فتكرب واحتقر غريه، فبهذا التفصيل يتضح ما جاء يف - جل وعال -فعل اهللا . هذا الباب من احلديث

واهللا ال يغفر اهللا : قال رجـل { قال رسول اهللا: قال عن جندب بن عبد اهللا

: هذا الذي قال: )3( } من ذا الذي يتأىل علي أن ال أغفر لفالن؟ -لفالن، فقال اهللا

واهللا ال يغفر اهللا لفالن، كـان رجال صاحلا، واآلخر كان رجال فاسقا، فقال الرجـل ريدا كثري العصيان، واهللا ال يغفر اهللا لفالن؛ ألن فالنا هذا كـان رجال فاسقا م : الصاحل

بلـغ مقامـا - جـل وعال -فتأىل هذا العابد وعظيم نفسه، وظن أنه بعبادته هللا يكـون متحكما فيه بأفعال اهللا، وأن اهللا ال يرد شيئا طلبه، أو له أن يتحكم يف اخللق،

سبحانه وتعاىل - فاهللا - جـل وعال -وهذا ينايف حقيقـة العبودية اليت هي التذلل هللا يتعاظم ويتكرب علي وحيلف : يعين)4( } من ذا الذي يتأىل علي؟ {: عاقبه، فقال-

(، ابن ماجه الديات )4595(، أبو داود الديات )4755(، النسائي القسامة )2556( البخاري الصلح )1(

. )3/167(، أمحد )2649 . )1675(ومسلم ) 2703( أخرجه البخاري )2( . )2621(سلم الرب والصلة واآلداب م)3( . )2621( مسلم الرب والصلة واآلداب )4(

Page 499: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

499

t {: احللف، ومنه قوله تعـاىل : من األلية، وهي " يتأىل " علي؛ ألن Ï% ©#Ïj9 tβθ ä9÷σムÏΒ

öΝÎγ Í← !$ |¡ÎpΣ ßÈ š/ts? Ïπyè t/ö‘ r& 9åκô− r& ( β Î* sù ρ â!$ sù ¨β Î* sù ©!$# Ö‘θ àxî ÒΟ‹ Ïm ، ]226: البقرة [)1( } ∪∌⊅⊅∩ ‘§

. حيلف على جهة التكرب والتعاظم : احللف، فيتأىل، يعـين : واإليالء من األلية وهي

فغفـر للطاحل، : )2( } أال أغفر لفالن، إين قد غفرت له وأحبطت عملك {

جـل -وأحبط عمل ذلك الرجل العـابد، وهذا يبني لك عظـم شأن خمالفة تعظيم اهللا فـهذا الرجـل الفاسق أتاه - سبحانه وتعـاىل - وعظم خمالفة توحيد اهللا -جالله

حيث ال يشعر، وقيلت يف حقه كلمـة حبسـب الظاهر أهنا مؤذية له، وأن خـري منفيها من االحتقار واالزدراء له ما جيعله يف ضعة بني الناس، حيث شـهد عليه هذا الصاحل

ساءته وآذته فيها ، فكانت هذه الكلمة اليت )3( } واهللا ال يغفر اهللا لفالن {: بقوله

أن : مصلحة عظيمة له بأن غفر له ذنبـه؛ وهلذا نبه الشيخ يف مسائل الباب مبسألة معناها فليست العربة . مـن االبتـالء واإليـذاء للشخص ما يكـون أعظم أسباب اخلـري له

مر باحتقار النـاس، وال بكالمهم، وال بإيذائهم، وال بتصنيفهم للناس، بل العربة حبقيقة األ فالواجب على العباد مجيعا أن يعظموا اهللا، وأن خيبتوا إليه، - جل جالله -مبا عند اهللا

- جل وعال -وأن يظنوا أهنم أسوأ اخللق، حىت يقوم يف قلوهبم أهنم أعظم حاجة إىل اهللا وأهنم مل يوفوا اهللا حقه، أما التعـاظم يف النفس، والتعاظم بالكالم واملدح والثناء وحنو

جل - اخلائفني من تقلب القلوب، فاهللا - جل وعال -ك، فليس من صنيـع اجمللني هللا ذل يقلب القلوب، ويصرفها كيف يشاء، فالقلب املخبـت املنيب حيـذر وخياف -وعال

دائما من أن يتقلب قلبه، فينتبه للفظه، وينتبه للحظه، وينتبه لسمعه، وينتبه حلركاته، لعل . مييته غري مفتون وال خمزي أن - جـل وعال -اهللا

. 226: سورة البقرة آية )1( . )2621( مسلم الرب والصلة واآلداب )2( . )2621( مسلم الرب والصلة واآلداب )3(

Page 500: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

500

باب ال يستشفع باهللا على خلقه

يا رسول اهللا هنكت : فقال جاء أعرايب إىل النيب {: قال عن جبري بن مطعم

فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع باهللا عليك األنفس، وجاع العيال، وهلكت األموال، فما زال يسبح، حتـى " !!سبحان اهللا، سبحان اهللا " -وبك على اهللا، فقال النيب

وحيك أتدري ما اهللا؟ إن شأن اهللا " :عرف ذلك يف وجـوه أصحابـه، ثـم قـال اه أبو رو. وذكر احلديـث )2( )1( } أعظم من ذلك، إنه ال يستشفع باهللا على أحـد

. داود : فيه مسائل

.)3( } نستشفع باهللا عليك {: إنكاره على من قال: األوىل

. تغريه تغريا عرف يف وجوه أصحابه من هذه الكلمة : الثانية

.)4( } بك على اهللانستشفع {: أنه مل ينكر عليه قوله: الثالثة

". سبحان اهللا " :التنبيه على تفسري: الرابعة . االستسقاء أن املسلمني يسألونه : اخلامسة : الشرح

-جل وعال-ال جيعل اهللا شفيعا على اخللق؛ ألن شأن اهللا : يعين: } ال يستشفع {

اسطة لالنتفاع من أحد من اخللق، فالشفاعة أعظم وأجل من أن يستشفع به، وجيعل و أن تأتى إىل أحد، وتطلب أن يكون شفيعا عند آخر؛ ألن ذلك اآلخر هو الذي : املعروفة

ميلك ما تريد والنفع عنده، وهذا يكون واسطة، وال يستطيع أن ينفعك هو بنفسه إال بأن

. )4726( أبو داود السنة )1( . )4726( أخرجه أبو داود )2( . )4726 ( أبو داود السنة )3( . )4726( أبو داود السنة )4(

Page 501: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

501

ن سوء باهللا جل جالله ال جيوز أن يظن به ذلك الظن، ألنه ظ -جل جالله -واهللا . يتوسط ال يصلـح أن جيعل واسطة ألحد، أو إىل أحد من اخللق أو على أحد من -سبحانه-فاهللا

الذي ميلك األمور مجيعـا، فاالستشفاع باهللا على اخللق - جل وعال -اخللق، بل هو يعين أن جيعـل اهللا واسطة يتوسط العبد بربه على أحد من اخللق، وهذا مناف لكمال

التعظيم الواجب؛ وهلذا -جل وعال-حيد، وعمل وقول من األقوال املنافية لتعظيم اهللا التو حديث جبري بن مطعـم، والشاهد منه قول األعرايب للنيب عليه -رمحه اهللا-ذكر الشيخ

)1( } لنا ربك، فإنا نستشفع باهللا عليك وبك على اهللافاستسق {: الصـالة والسالم

- واسطة يتوسط لنا عندك حىت تدعو، واهللا - جل وعال -نستشفع باهللا جنعل اهللا : يعين هو امللك احلي القيوم، امللك احلق املبني، نواصي العباد بيديه، يصرفها كيف -جل وعال

من خلقه، بل الرجل أو املكلف يشاء، فشأن اهللا أعظم من أن يستشفع به على أحد هو الذي -جل وعال-يستشفع بأحد من اخللق عند خملوق آخر حيتاجه يف شيء، واهللا

ميلك األشياء مجيعا بيده امللك وامللكوت وهو الذي بيده مقاليد السماوات واألرض وبيده βÎ)uρ ÏiΒ >ó {خزائن كل شيء x« ω Î) $ tΡy‰Ψ Ïã …çµ ãΨÍ← !#t“ yz $ tΒ uρ ÿ…ã& è!Íi”t∴çΡ ω Î) 9‘ y‰s)Î/ 5Θθ è= ÷èΒ ∩⊄⊇∪ { )2(

فالعباد هم احملتاجون إىل اهللا، وشأن اهللا أعظم من ذلك، إذ املخلـوق ] 21: احلجر[ - جـل وعال -هللا فال يصلـح أن جيعل ا - جل جالله -حقري وضيع بالنسبة إىل الرب

أعظم من ذلك؛ - جـل وعـال -واسطة عنده حىت يقبل هذه الواسطة، بل شأن اهللا وهلذا قال سيد اخللق، وسيد ولد آدم عليه الصالة والسالم رادا على هذا األعرايب الذي

سبحان {: إنا نستشفع باهللا عليك وبك على اهللا، فقال النيب عليه الصالة والسالم : قال

ترتيها، وتعظيما هللا، وإبعادا هللا عن كل وصف سوء أو : يعين} !!اهللا، سبحان اهللا

. جل وعال-شـائبة نقص، وعن كـل ظن سوء به

. )4726( أبو داود السنة )1( . 21: سورة احلجر آية )2(

Page 502: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

502

مـن شـدة ": فما زال يكررهـا حىت عرف ذلـك يف وجـوه أصحابـه " فصلى - جـل جاللـه - من الغضـب هللا وهذا- جل وعال -تسبيحه، وترتيهه لربه

. اهللا وسلم على نبينا حممد، فما كان أعلمه بربه، وما كان أعرفه بربه

؛ إنه ال يستشفع باهللا إن شأن اهللا أعظم من ذلك " !وحيك أتدري ما اهللا؟ {: مث قال

جل - من علم أمساءه، وعلم الصفات املستحقة له - جل وعال -فاهللا . )1( } على أحد

. جل وعال - أو استنقاص له - جل وعال - فإنه لن خيطر خباطره ظن سوء به -وعال ما ينبغي أن يتحرز منه املوحد من األلفاظ - كما يف األبواب قلبه -فهذا الباب فيه

. جل جالله - وتنقص ملقام الربوبية هللا - جل وعال - فيها سوء ظن باهللا اليت محى التوحيد وسده طرق الشرك باب ما جاء يف محاية النيب

: فقلنا انطلقت يف وفد بين عامر إىل رسول اهللا: قال عن عبد اهللا بن الشخريوأفضلنا فضال، وأعظمنا : قلنا)2( } السيد اهللا تبارك وتعاىل {: أنت سيدنا، فقال

رواه )4( )3( } قولوا بقولكم أو بعض قولكم، وال يستجرينكم الشيطان {: طوال، فقال

يا رسول اهللا، يا خرينا وابن خرينا، : ا أن ناسا قالو وعن أنس. أبو داود بسند جيديا أيها الناس قولوا بقولكم، وال يستهوينكم الشيطان، أنا {: وسيدنا وابن سيدنا، فقال

) { )5( )6 رتليت اليت أنزلين اهللاحممد عبد اهللا ورسوله، ما أحب أن ترفعوين فـوق م

. رواه النسائي بسند جيد

. )4726( أبو داود السنة )1( . )4/25(، أمحد )4806( أبو داود األدب )2( . )4/25(، أمحد )4806( أبو داود األدب )3( . )4806( أخرجه أبو داود )4( . )3/153( أمحد )5(" الصارم املنكي " ، وصححه ابن عبد اهلادي يف )249(و ) 248" ( عمل اليوم والليلة " أخرجه النسائي يف )6(

)246( .

Page 503: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

503

: فيه مسائل . حتذير الناس من الغلو: األوىل . أنت سيدنا: ما ينبغي أن يقول من قيل له : الثانية

. ال احلق مع أهنم مل يقولوا إ )1( } ال يستجرينكم الشيطان {: قوله: الثالثة

.)2( } ما أحب أن ترفعوين فوق مرتليت {: قوله : الرابعة

: الشرح

محى وحرس جناب التوحيد، ومحى محى التوحيد، - عليه الصالة والسالم -النيب من -سالم عليه الصالة وال -وسد كل طريق توصل إىل الشرك، فـإن يف سنة النيب

الدالئل على قاعدة سد الذرائـع ما يبلـغ مائة دليل أو أكـثر، وأعظم الذرائع اليت أنت سيدنا : جيب أن تسد ذرائع الشرك الـيت توصل إليه، ومن تلك الذرائع قول القائل

وابن سيدنا، وخرينا وابن خرينا وحنو ذلك؛ فإن مثل هذه األقوال فيها من التعظيم الذي هو سيد ولد آدم، كما أخرب به النيب عليه الصالة ن يواجه به بشر، فإن النيب ال جيوز أ

. والسالم، لكـن كره املواجهة كما سيأيت محى التوحيـد، وسـده طرقا الشـرك، كـان يف جهـة فحماية النيب

االعتقادات ومن جهة األقـوال واألفعـال، فإذا تأملت سنته وما جـاء يف هذا الكتاب سـد البـاب يف االعتقادات - عليه الصالة والسالم - وجدت أنه -اب التوحيد كت-

اشتد غضب اهللا على قوم اختذوا قبور {: الباطلة، وسد الباب يف األفعال الباطلة، كقوله

اب أيضا يف األقـوال اليت توصل إىل الغلو املذموم، وسـد الب)4( )3( } أنبيائهم مساجد

. )4/25(، أمحد )4806( أبو داود األدب )1( . )3/153( أمحد )2( . )416( مالك النداء للصالة )3( . تقدم)4(

Page 504: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

504

عبد اهللا : ال تطروين كما أطرت النصارى ابن مرمي إمنا أنا عبد، فقولوا {: فقال

محى التوحيد، فيما ك يف بيان محاية النيب وهذا الباب أيضا من ذل)2( )1( } ورسوله

. يتعلق بالقول الذي قد يتبعه اعتقاد

انطلقت يف وفد بين عامر إىل رسول اهللا {: قال عن عبد اهللا بن الشخري "

وأفضلنا فضال، وأعظمنا : ، قلنا"السيد اهللا تبارك وتعاىل " :قالأنت سيدنا، ف: فقلنا رواه أبو )3( } قولوا بقولكم أو بعض قولكم، وال يستجرينكم الشيطان ( :طوال، فقال

يف هـذا احلديث أن إطالق لفظ السيد على البشـر مكـروه، ". داود بسند جيـد أنت سيدنا على جهة : قال لهوخماطبتـه بذلـك جيـب سدها، فال خياطب أحد بأن ي

اخلطاب املباشر، واجلهة : اجلمـع، وذلك ألن فيها نوع تعظيم من جهة املخاطبة، يعين سيد كما قـال عن - عليه الصالة والسالم -الثانيـة من جهة استعمال اللفظ، والنيب

عليه الصالة والسالم - ولكـن خماطبته )5( )4( } خرأنا سيد ولد آدم وال ف {: نفسه

مع كونه سيدا كرهها ومنع منها، لئال تؤدي إىل ما هو أعظم من ذلك، من تعظيمه -أن يف قوله عليه الصالة : والغلو فيه عليه الصالة والسالم، فهذه مناسبة احلديث هلذا الباب

مـع كونه عليه الصالة والسالم سيد ولد )6( } السيد اهللا تبارك وتعـاىل {: والسالم

آدم، ما يفيد أنه عليه الصالة والسالم محى محى التوحيد، وسد الطرق املوصله للشرك، . ومنها طريق الغلو يف األلفاظ

. )1/47(، أمحد )3261( البخاري أحاديث األنبياء )1( . تقدم)2( . )4/25(، أمحد )4806( أبو داود األدب )3( . )4308(، ابن ماجه الزهد )3148( الترمذي تفسري القرآن )4( . )4308( من حديث أيب سعيد اخلدري وابن ماجه 541 / 2 أخرجه أمحد )5( . )4/25(، أمحد )4806( أبو داود األدب )6(

Page 505: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

505

والقول للرجل بأنه سيد وحنـو ذلك إذا كـان علـى وجـه املخاطبـة لـه، ومما . ضافة إىل اجلمـع، أشد وأعظم مما إذا كـان بدون املخاطبة واإلضافة إىل اجلمع واإل

يدل على )1( } السيد اهللا تبارك وتعاىل {: أن قوله عليه الصالة والسالم : ذكر العلماء

هكـذا باأللف والالم؛ ألن هذا قد " السيد " إنه : أنه يكره كراهة شديدة أن يقال لبشر يفهم منه استغراق معاين السيادة؛ ألن البشر له سيادة ختصه، وهلذا ترى الذين يشركون

، ويكثر عندهم التعبيد "السيد " ببعـض األوليـاء كالسـيد البـدوي يعظمون كلمةيريـدون للسيد، ويريدون به السيد البدوي، فيكـثر عندهم عبد السيد وحنو ذلك، وال

ولكن يريدون به ذلك الذي اختذوه معبودا، وتوجهوا إليه - جـل وعال -بـه اهللا أنـه ذو السـيادة، وذو " السـيد " ببعض أنواع العبادة، فيفهمون مـن كلمـة

التصـرف يف األمر، وهذا هو الذي اعتقدوه من أن للبدوي وألمثاله تصرفا يف األرض، .وقبوال للمطالب يف احلاجات

قولوا بقولكم أو بعض قولكم، وال : وأفضلنا فضال، وأعظمنا طوال، فقال: قلنا {

؛ ألن هذا فيـه الثنـاء واملـدح باملواجهة، وهذا من )2( } يستجرينكم الشيطان

هو الذي يفتح هذا الباب أن ميدح أحد ويعظم يف مواجهته، وذلك الشيطان، فالشيطان ، )ال حول وال قوة إال باهللا ( حىت يعظم يف نفسه فيأتيه اخلذالن؛ ألن كـل أحد ختلى عن

وختلى عن االزدراء للنفـس، والـذل واخلضوع الذي يعلمه اهللا من قلبه، فإنه خيـذل، أن يقال مثل ذلك القول مواجهة، وهنى عن ويأتيه األمر على غرة؛ وهلذا هنى النيب

. املدح؛ ألن فيه إضرارا باملتكلم، وإضرارا باملقول فيه ذلك الكالم

وسيدنا وابن يا رسول اهللا، يا خرينا وابن خرينا،: أن ناسا قالوا { وعن أنس"

يا أيها الناس قولوا بقولكم، وال يستهوينكم الشيطان، أنا حممد عبد اهللا " :سيدنا، فقال

. )4/25(، أمحد )4806(دب أبو داود األ)1( . )4/25(، أمحد )4806( أبو داود األدب )2(

Page 506: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

506

، رواه "- ) { )1 ورسوله، مـا أحـب أن ترفعوين فوق مرتليت اليت أنزلين اهللا

هو عليه الصالة والسالم كما وصفوه هو خريهم، وهو سيدهم ": النسائي بسند جيد والسالم، لكنه محى جناب التوحيد، ومحى محى التوحيد، حىت ال يستدل عليه الصالة

أحد بعده عليه الصالة والسالم هبذا الكالم على أنه جيوز أن يقال ملن ظن الناس فيه ذلك، بل سد الباب يف نفسه وهو سيد ولد آدم، وهو خـريهم عليه الصالة والسالم

ـد منه بإقراره هذا الفعـل، وأفضلـهم، ولكـن سد الباب حىت ال يدخـل أح فيعظـم أحـد ويدخـل الشـيطان إىل ذلـك املعظ ـم وإىل املعظ م، فيجعل القلوب

. تتعلق بذلك املعظ م حىت يشرك به، وحىت يعظـم مبا ال جيوز له من التعظيم وهذا الباب كاجلامع ملا جيب من سد الذرائع املوصلة للشرك، وهذا واجب على

د كـل طريق أو سبيل جيعـل نفسـه تتعـاظم، ألن أعظـم مقامات املسلم أن يس منك أنك متذلل خـاضع بـني يديه، وأنك - جـل وعال -الشرف لك أن يعلم اهللا

- جل وعال -خائف وجل تدعوه راغبا راهبا، فهذه صفة اخلـلص من عبـاد اهللا öΝßγ {: باخلريات فقـال سبحانه- جل وعال -الذين وعدهم اهللا ¯ΡÎ) (#θ çΡ$ Ÿ2 šχθ ããÌ≈ |¡ç„

’ Îû ÏN≡uöy‚ ø9$# $ oΨ tΡθ ããô‰tƒ uρ $ Y6 xî u‘ $Y6 yδ u‘ uρ ( (#θ çΡ% Ÿ2 uρ $ uΖs9 šÏè ϱ≈ yz ∩⊃∪ { )2(] 90: األنبياء[ ،

اجلوارح، وخشوع القلب بالتطامن خشوع يف القلب، وخشوع يف : واخلشوع نوعان جـل -والذل واخلضوع بـني يدي اهللا، وخشوع اجلوارح بسـكوهنا، كمـا قـال

ôÏΒ {: وعـال uρ ÿϵ ÏG≈ tƒ#u y7 ¯Ρr& “ ts? uÚö‘ F{$# Zπyè ϱ≈ yz { )3(] 39: فصلت .[

. )3/241( أمحد )1( . 90: سورة األنبياء آية )2( . 39: سورة فصلت آية )3(

Page 507: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

507

$ { باب ما جاء يف قوله تعاىل tΒ uρ (#ρ â‘ y‰s% ©!$# ¨,ym Íν Í‘ ô‰s% { . ..

$ {: باب ما جاء يف قوله تعاىل " tΒ uρ (#ρ â‘ y‰s% ©!$# ¨,ym Íν Í‘ ô‰s% ÞÚö‘ F{$#uρ $Yè‹Ïϑ y_ …çµ çG ŸÒö6 s% tΠöθ tƒ

Ïπ yϑ≈ uŠÉ)ø9$# ÝV≡uθ≈ yϑ ¡¡9$#uρ 7M≈−ƒ Èθ ôÜtΒ Ïµ ÏΨŠ Ïϑ u‹Î/ 4 …çµ oΨ≈ys ö7ß™ 4’ n?≈ yè s?uρ $ £ϑ tã šχθ ä.Îô³ç„ ∩∉∠∪ { )1(] الزمر :

67 ." [

يا حممد : فقال ء حرب من األحبار إىل رسول اهللاجا {: قال عن ابن مسعود

إنا جند أن اهللا جيعل السماوات على إصبع، واألرضني على إصبع، والشجر على إصبع، أنا " :واملاء على إصبع والثرى على إصبع، وسائر اخللق على إصبع، فيقول

$ {: حىت بدت نواجذه، تصديقا لقول احلرب، مث قرأ فضحك النيب " امللك tΒ uρ (#ρ â‘ y‰s%

©!$# ¨,ym Íν Í‘ ô‰s% ÞÚö‘ F{$#uρ $ Yè‹Ïϑ y_ …çµ çG ŸÒ ö6 s% tΠöθ tƒ Ïπ yϑ≈ uŠÉ)ø9$# { )2( { ويف رواية ملسلم ، :

، ويف رواية )3( } أنا امللك أنا اهللا: واجلبال والشجر على إصبع مث يهزهن فيقول {

اخللق على جيعل السماوات على إصبع واملاء والثرى على إصبع، وسائر {: للبخاري

يطوي اهللا السماوات يوم القيامة، مث {: ، وملسلم عن ابن عمر مرفوعا )5( )4( } إصبع

أنا امللك أين اجلبارون أين املتكربون، مث يطوي األرضني: يأخذهن بيده اليمىن مث يقول

. 67: سورة الزمر آية )1( . 67: سورة الزمر آية )2(رمذي تفسري القرآن ـ، الت )2786(جلنة والنار لم صفة القيامة وا ـ، مس )4533(خاري تفسري القرآن ـ الب)3(

. )1/457(، أمحد )3238(رمذي تفسري القرآن ـ، الت )2786(لم صفة القيامة واجلنة والنار ـ، مس )4533(خاري تفسري القرآن ـ الب)4(

. )1/457(، أمحد )3238( . )2786(ومسلم ) 7513(و ) 7415(و ) 7414(و ) 4811( أخرجه البخاري )5(

Page 508: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

508

)2( )1( } أنا امللك أين اجلبارون أين املتكربون : السبع، مث يأخذهن بشماله، مث يقول

ما السماوات السبع واألرضون السبع يف كف الرمحن إال {: وروي عن ابن عباس قال

أخربنا ابن وهب، : ، وقال ابن جرير حدثين يونس، قال )3( } يد أحدكم كخردلة يف

ما السماوات السبع يف الكرسي { قال رسول اهللا: حدثين أيب قال: قال ابن زيد: قال

: يقول مسعت رسول اهللا: قال أبو ذر: وقال )4( } إال كدراهم سبعة ألقيت يف ترس

)5( .} ما الكرسي يف العرش إال كحلقة من حديد ألقيت بني ظهري فالة من األرض {

سمائة عام، وبني كل مساء ومساء بني السماء الدنيا واليت تليها مخ " :وعن ابن مسعود قالمخسمائة عام، وبني السماء السابعة والكرسي مخسمائة عام، وبني الكرسي واملاء

". مخسمائة عام، والعرش فوق املاء، واهللا فوق العرش، ال خيفى عليه شيء من أعمالكم أخرجه ابن مهدي عن محاد بن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد اهللا، ورواه بنحوه

رمحه اهللا تعاىل - قاله احلافظ الذهيب )6( عودي عن عاصم عن أيب وائل عن عبد اهللا، املس . وله طرق: قال-

هل تدرون كم بني { قال رسول اهللا: قال وعن العباس بن عبد املطلب

بينهما مسرية مخسمائة سنة، ومن كل " :اهللا ورسوله أعلم، قال: قلنا " ء واألرض؟السمامساء إىل مساء مسرية مخسمائة سنة، وكثف كل مساء مسرية مخسمائة سنة، وبني السماء

، )4275(، ابن ماجه الزهد )2788(، مسلم صفة القيامة واجلنة والنار )6977(خاري التوحيد ـ الب)1(

. )2/88(أمحد . )2788( أخرجه مسلم )2( . 25 / 24" التفسري " أخرجه ابن جرير يف )3( . )591(، وعبد اهللا بن أمحد يف السنة )5794( أخرجه ابن جرير يف التفسري )4( . )5794" ( يف التفسري " أخرجه ابن جرير )5( . )279(و ) 203" ( العظمة " ، وأبو الشيخ يف )594" ( التوحيد " أخرجه ابن خزمية يف )6(

Page 509: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

509

السابعة والعرش حبر بني أسفله وأعاله كـما بني السماء واألرض، واهللا سبحانه وتعاىل . أخرجه أبو داود وغريه )2( )1( } شيء من أعمال بين آدم فوق ذلك، وليس خيفى عليه

: فيه مسائل

‘ÞÚö {: تفسري قوله تعاىل: األوىل F{$#uρ $Yè‹Ïϑ y_ …çµ çGŸÒ ö6 s% tΠöθ tƒ Ïπ yϑ≈uŠÉ)ø9$# { )3( .

مل ينكروها ومل ه العلوم وأمثاهلا باقية عند اليهود الذين يف زمنه أن هذ : الثانية . يتأولوها . صدقـه، ونزل القرآن بتقرير ذلك أن احلرب ملا ذكر للنيب : الثالثة . ملا ذكر احلرب هذا العلم العظيم وقوع الضحك من رسول اهللا : الرابعة اليـد اليمنـى، واألرضني يف التصريـح بذكر اليدين، وأن السماوات يف : اخلامسة . األخرى

. التصريح بتسميتها الشمال: السادسة . ذكر اجلبارين واملتكربين عند ذلك: السابعة

. } كخردلة يف كف أحدكم {: قوله: الثامنة

. عظم الكرسي بالنسبة إىل السماء: التاسعة . بالنسبة إىل الكرسي عظم العرش : العاشرة

. أن العرش غري الكرسي واملاء : احلادية عشرة . كم بني كل مساء إىل مساء: الثانية عشرة . كـم بني السماء السابعة والكرسي: الثالثة عشرة . كم بني الكرسي واملاء : الرابعة عشرة

. )193(، ابن ماجه املقدمة )4723(، أبو داود السنة )3320( الترمذي تفسري القرآن )1( . حديث حسن غريب : ، وقال )3317(والترمذي ) 4723( أخرجه أبو داود )2( . 67: سورة الزمر آية )3(

Page 510: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

510

. أن العرش فوق املاء : اخلامسة عشرة . أن اهللا فوق العرش : السادسة عشرة . كم بني السماء واألرض: السابعة عشرة . كثف كل مساء مخس مائة سنة: الثامنة عشرةواهللا . أن البحر الذي فوق السماوات أسفله وأعاله مخس مائة سنة : التاسعة عشرة

. أعلم : الشرح

tΒuρ (#ρâ‘y‰s% ©!$# ¨,ym ÍνÍ‘ô‰s% ÞÚö‘F{$#uρ $Yè‹Ïϑy_ …çµ$ {: باب ما جاء يف قوله تعاىل " هـذا çG ŸÒ ö6 s%

tΠöθ tƒ Ïπ yϑ≈ uŠÉ)ø9$# ÝV≡uθ≈ yϑ ¡¡9$#uρ 7M≈−ƒ Èθ ôÜtΒ Ïµ ÏΨŠ Ïϑ u‹Î/ 4 …çµoΨ≈ ys ö7ß™ 4’ n?≈ yè s?uρ $ £ϑ tã šχθä.Îô³ç„ ∩∉∠∪ { )1(

عوة شيخ اإلسالم واملسلمني حممد بن عبد ختـم بـه إمـام هـذه الد " ]67: الزمر[ كتاب التوحيد وختمه هذا الكتاب هبذا الباب ختم عظيم؛ ألن من - رمحه اهللا -الوهاب

علم حقيقة ما اشتمل عليه هذا الباب من وصف اهللا جل وعال وعظمة اهللا جل وعال فإنه له والصحيح ال ميلك إال أن يذل ذال حقيقيا، وخيضـع خضوعا عظيما للرب جل جال

$ {والواقع من حال اخللق أهنم مل يوقروا اهللا جل وعال tΒ uρ (#ρ â‘ y‰s% ©!$# ¨,ym Íν Í‘ ô‰s% { )2( ال

: جـل وعـال -من جهة ذاته وقدرته وصفاته، وال من جهة حكمته وبعثه لرسله، قال } $ tΒ uρ (#ρ â‘ y‰s% ©!$# ¨,ym ÿÍν Í‘ ô‰s% øŒÎ) (#θ ä9$ s% !$ tΒ tΑt“Ρr& ª!$# 4’ n?tã 9|³o0 ÏiΒ &ó x« 3 { )3(] 91: األنعام[ ،

: يف بيان صفة ذاته- جل وعال - وقال فـهذا يف إنزال الكتـاب ويف إرسال الرسول،} $ tΒ uρ (#ρ â‘ y‰s% ©!$# ¨,ym Íν Í‘ ô‰s% ÞÚö‘ F{$#uρ $ Yè‹Ïϑ y_ …çµçG ŸÒ ö6 s% tΠöθ tƒ Ïπ yϑ≈ uŠÉ)ø9$# { )4( وقولـه ، :} $ tΒ

. 67: سورة الزمر آية )1( . 67: سورة الزمر آية )2( . 91: سورة األنعام آية )3( . 67: سورة الزمر آية )4(

Page 511: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 512: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

512

الواسع احلميد الذي له احلمد -سبحانه وتعاىل-ل هو أعظم من ذلك وأجل، ب -وتعاىل جل - يف ذاته، وعظمة الرب - جل وعال -كله، وله الثناء كله، ويبني لك عظمة الرب

يف صفاته، وإذا تأملت هذه األحاديث وما اشتملت عليه تبني لـك غرور أهـل -وعال السماء تعترب صغرية، وأن بني األرض يف األرض، وبسعتها وبقواهم فيها، وأهنا بالنسبة إىل

األرض وبـني السـماء األوىل مسـرية مخسـمائة سـنة يف مسـري الراكـب السريع، وكذلك بني السماء األوىل والسماء الثانية مسرية مخسمائة سنة، وهكـذا حىت تنتهي السبع مساوات، وكذلك السـماوات السبع متناهيـة يف الصغر أمام الكرسي،

السماوات السبع يف الكرسي الذي هو فوق - عليه الصالة والسالم -النيب وهلذا مثل إن السماوات السبع كدراهم سبعة {: ذلك، وهو أكرب بكثري من السماوات بقوله

إىل الكرسي، بل هـذه السماوات صغرية جـدا بالنسبة: يعـين} ألقيت يف ترس

كدراهـم سـبعة ألقيـت يف ترس، والترس مكتنفـها متقوس عليها، فهي صغرية فيه ™yìÅ {: عن الكرسـي- جل وعال -وهو واسعها كما قال uρ çµ •‹Å™ öä. ÏN≡uθ≈ yϑ¡¡9$# uÚö‘ F{$#uρ (

Ÿω uρ …çν ߊθ ä↔ tƒ $ uΚ ßγ ÝàøÏm 4 { )1(] فاألرض اليت أنت فيها نقطـة صغـرية ]255: البقرة ،

جـدا بالنسبة إىل السـماء، واألرض والسـماوات جمتمعـة يف غايـة الصغـر جل وعال، -بالنسبة للكرسي، والكرسي أيضا فوقهما، وفوق ذلك عرش الرمحن

ة ألقيت يف فالة من األرض، فهو متناهي الصغر بالنسبة والكرسي بالنسبة إىل العرش كحلق سبحانه وتعاىل، - وهو فوقه - جـل وعال -إىل عرش الرمحن، والذي هو مستو عليه

- وما جيـب له من اجلالل، وما هو عليه - جل وعال -ولو تأمل الناس صفة الرب تلك الصفات من من صفات الذات، ومـن صفات الفعل، وما عليه -سبحانه وتعـاىل

الكمـال واجلالل املطلق الحتقروا أنفسهم، ولعلموا أنه ال ينجيهم وال يشرفهم إال أن إن الواجب أن يعبد ! يكونوا عبيدا له وحـده دون ما سواه، فهل يعبد املخلوق املخلوق؟

. 255: سورة البقرة آية )1(

Page 513: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

513

املخلوق من هو متصف هبذه الصفات العظيمة، فهو احلقيق بأن ي ذل له، وهو احلقيق بأن اع، وهو احلقيق بأن ي جل، وهو احلقيق بأن ي سأل، وهو احلقيق بأن ي بذل كل ما ميلكه ي ط

إذ هذا من قدره حق قدره، ومن تعظيمه حق - جل وعال -العبد يف سبيل مرضاته جـل -تعظيمه، فإذا تأمل العبد صفات الربوبية وصفات اجلالل وصفات اجلمال هللا

مستو على - سبحانه وتعاىل - عظيمة، وأنـه - جـل وعال - وأن ذات اهللا -وعال عرشه، بائن من خلقه، على هذا العظم، علم أنه ال أحد يستحق أن يتوجه إليه بالعبادة

- جـل وعال، وأن من عبد املخلوق احلقري الوضيع فإنه قد نازع اهللا - وأن ي عبد إال اهللا ؛ وهلذا حيق أن يكون من أهل يف إهليته- جل وعال - يف ملكه، ونازع اهللا -جل وعال

النار املخلدين فيها واملعذبني عذابا دائما؛ ألنه توجه إىل هذا املخلوق الضعيف وترك الرب . سبحانه وتعاىل-العلي القادر على كل شيء

- جـل وعال -مث تأمل كيف أن ربك العزيز احلكيم املتصف بصفات اجلالل، وهو الواسع الذي ما األرض إال كشبه ال شيء يف داخل فوق عرشه يأمر وينهى يف ملكوته

ذلك امللكوت، يفيض رمحته ويفيض نعيمه على من شاء، ويرسل عذابه على من شاء، وينعم من شاء، ويصرف البالء عمن شاء، وهو سبحانه ويل النعمة والفضل فـترى

يف السـماوات، وترى عبوديـة املالئكـة يف - جـل وعـال -أفعـال اهللا سـماوات هلـذا الـرب العظيـم، املسـتوي علـى عرشه، كما قال عليه الصالة ال

أطت السـماء وحق هلا أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إال وملك قائم، {: والسالم

وتـرى نفوذ - جل وعال - تعظيما ألمر اهللا )2( )1( } جدوملك راكـع، أو ملك سا

أمر اهللا يف ملكوته الواسـع الذي ال نعلم منه إال ما حولنا من هذه األرض، وما هو هو املتصرف ثـم تنظر إىل أن - جل وعال -قريـب منها، بل نعلم بعـض ذلك، واهللا

. )5/173(، أمحد )4190(، ابن ماجه الزهد )2312( الترمذي الزهد )1( . )4190(وابن ماجه ) 2312( والترمذي 173 / 5 أخرجه أمحد يف املسند )2(

Page 514: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

514

ه إليك أيها العبد احلقـري الوضيـع اهللا اجلليـل العظيـم املتصف هبذا امللك العظيم يتوج فيـأمرك بعبادته، وهي شرف لك لو شعرت، ويأمرك بتقواه وهي عز لك لو عقلت، ويأمرك بطاعته وذاك فخر لك لو علمت، فإنه إذا علمت حق اهللا، وعلمت صفات اهللا

ه ويف نفوذ أمره يف هذ- جـل وعال -وما هو عليه من العلو املطلق يف ذاته ويف صفاته السماوات السبع اليت هي يف الكرسي كدراهم ألقيت يف ترس، مث ما فوق ذلك، واجلنة

خضوعا - جل وعال -والنار وما يف ذلك، وجدت أنك ال تتمالك إال أن ختضع له اختياريا، وأن تذل لـه، وأن تتوجـه إىل طاعته، وأن تتقرب إليه مبا حيب، وأنك إذا

بك به، ويأمر وينهى به، فيثمر عندك حينئذ من تلوت كالمه تلوت كـالم من خياط غري ما كنت عليه قبل ذلك؛ وهلذا كـان من أسباب رسوخ التوقـري والتعظيم هللا

أن يتأمل العبد ويتفكر يف ملكوت -جل وعال-اإلميان يف القلب وتعظيم الرب È≅è% (#ρ {: بذلك حني قال-جل وعال-السماوات واألرض، كما أمر اهللا ãÝàΡ$# #sŒ$ tΒ ’ Îû

ÅV≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# ÇÚö‘ F{$#uρ 4 { )1(] جل وعال-، وقال ]101: يونس- :} óΟs9uρ r& (#ρãÝàΖtƒ ’ Îû

ÏNθ ä3n= tΒ ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# ÇÚö‘ F{$#uρ $ tΒ uρ t,n= y{ ª!$# ÏΒ &ó x« { )2(] جل -، وقال ]185: األعراف

χ {: يف وصف اخللص من عباده-وعال Î) ’ Îû È,ù= yz ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# ÇÚö‘ F{$#uρ É#≈ n= ÏF÷z $#uρ È≅øŠ©9$#

Í‘$ pκ]9$#uρ ;M≈ tƒUψ ’ Í<'ρ T[{ É=≈ t6 ø9F{$# ∩⊇⊃∪ t Ï% ©!$# tβρãä.õ‹tƒ ©!$# $ Vϑ≈ uŠÏ% #YŠθ ãèè% uρ 4’ n?tã uρ öΝÎγ Î/θ ãΖã_ tβρã¤6xtG tƒ uρ ’ Îû

È,ù= yz ÏN≡uθ≈ uΚ ¡¡9$# ÇÚö‘ F{$#uρ $ uΖ−/u‘ $ tΒ |Mø)n= yz #x‹≈ yδ Wξ ÏÜ≈ t/ y7 oΨ≈ys ö6 ß™ $ oΨÉ)sù z># x‹tã Í‘$ ¨Ζ9$# ∩⊇⊇∪ !$ oΨ −/u‘ y7 ¨Ρ Î)

tΒ È≅ Åz ô‰è? u‘$Ζ9$# ô‰s)sù …çµ tF÷ƒ t“ ÷z r& ( $ tΒ uρ tÏϑ Î=≈©à= Ï9 ôÏΒ 9‘$|ÁΡr& ∩⊇⊄∪ { )3(] 190: آل عمران-

، إىل آخر دعواتـهم، وهم يذكرون اهللا قياما، وقعودا، وعلى جنوهبم، ]192

. 101: سورة يونس آية )1( . 185: ة سورة األعراف آي )2( . 192: سورة آل عمران آية )3(

Page 515: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

515

ويتفكرون، ومع ذلك يسألون النجاة من النار، فهم يف ذل وخضوع ملا عرفوا من آثار . ية يف القلب ويف النفستوحيد الربوبية، وملا عرفوا من آثار توحيد األلوه

أسأل اهللا يف ختام هذا الكتاب أن جيزي مؤلفه اإلمام الشيخ حممد بن عبد الوهاب عنا وعن املسلمني خري اجلزاء، وأن جيزي كل من ساهم يف شرح هذا الكتاب مبا أفهمنا من

اإلمام معانيه، فإنه واهللا لكتاب عظيم، اشتمل على ما به جناة العباد لو شعروا، وقرب به جل -رمحه اهللا نصوص الكتاب والسنة، وأفهمنا دالئلها مبا نرجو معه النجاة بعفو اهللا

وكرمـه، هـذا ووصية أخرية أختم هبا هذا اجمللس املبارك فأوصي بالعناية هبذا -وعال الكتاب عناية عظيمة، وحفظه، ودراسته، وتأمل مسائله، ومعرفة ما فيه، فإنه احلـق الذي

ليه األنبياء واملرسلون ومن تبعـهم من صـاحلي عبـاد اهللا، هـذا وأن كـان عاالنصراف عن مدارسة ما احتواه مما جيب على العبد جتاه ربه لنذير سوء، وإن اإلقبال عليه ملؤذن باخلري والبشرى، وأسأل اهللا أن يغفر لنا زللنا وخطلنا، وأن يعفو عنا ما أخطأنا فيه،

عنهم، ونسأل اهللا التسامح، وأن جيعلنا من احملققني لتوحيده، وأنه ال وأن جيعلنا من املعفوحول لنا وال قوة إال به، اللهم فكـن لنا يا كريـم، اللهم فكـن لنا يا كرمي، اللهم

. فكن لنا يا كريـم، وصلى اهللا وسلم وبارك على نبينا حممد أسئلة وفوائد

ة، أو يضع جمسما فيه أدعية، كأدعية ما حكم من يضع آية الكرسي يف السيار : سؤال ركوب السيارة، وأدعية السفر وغريها من األدعية؟

فإن كـان وضـع هـذه األشـياء ليحفظـها، : إن هذا فيه تفصيل : اجلوابويتذكر قراءتـها، فهذا جائز، كمن يضـع املصحـف أمام السيارة، أو يضعه معه؛ فإذا

أ فيه قـرأ، فهذا جائز ال بأس به، لكن إن صارت عنده فرصة هو أو من معه أن يقرحكم تعليق التمائم من : علقها ألجل أن تدفع عنه اآلفات، فـهذا يدخل يف مسألة

. القرآن، وقد عرفنا أن ذلك ال جيوز على الصحيح، بل حيرم

Page 516: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

516

ما حكم من يوصي أحدا بالبحث عن راق يرقـي له دون أن يطلب الرقية : سؤال هذا يدخل يف الذين يسترقون؟ من الراقي بنفسه، هل

يف وصف السبعـني ألفا الذين يدخلون اجلنة بال حساب إن قول النيب: اجلواب

ال يطلبون الرقية، وفهم : معنـاه)2( )1( } هم الذين ال يسـترقون {: وال عذاب أهنم

أن أولئك كـانوا ال يسترقون، يعين ال يطلبون جواب السؤال يتبع فهم التعليل، ذلـك الرقية، ألجل ما قام يف قلوهبم من االستغناء باهللا، وعدم احلاجة إىل اخللق، ومل تتعلق قلوهبم باخللق يف رفع ما حل هبم، وكما ذكرت لك فإن مدار العلة على تعلق القلب

ـع ما قـد يتوقـع من بالراقي، أو بالرقية يف رفـع ما باملرقي من أذى، أو يف دف إن كان طلب بنفسه، أو طلب بغريه فإنه : السوء، وعليه فيكـون احلاالن سواء، يعين

. طالب، والقلب متعلق مبن طلب منه الرقية إما باألصالة أو بالواسطة اذبح ذبيحة ووزعها على املساكني دفعا لبالء ما، : ما حكم من يقول له أهله : سؤال

فهل جتوز تلك النية؟هذا فيه تفصيل، ذلك أن ذبح الذبائح إذا كان من جهة الصدقة، ومل يكن : اجلواب

لدفع شيء متوقع، أو لرفع شيء حاصل، ولكن من جهة الصدقة، وإطعام الفقراء، فهذا ال . بأس به وهو داخل يف عموم األدلة اليت فيها احلض على اإلطعام، وفضيلة إطعام املساكني

ألن بـالبيت مريضـا، فيذبـح ألجـل أن يرتفع مـا وأما إن كـان الذبـح؛ باملريض من أذى، فهذا ال جيوز بل حيرم؛ سدا للذريعـة، ذلك ألن كثريين يذحبون حـني يكون هبم مرض؛ لظنهم أن املرض كـان بسبب اجلن، أو كـان بسبب مؤذ من

ا أحدثه ذلك املؤذين، فإذا ذبـح الذبيحة وأراق الدم فإنه يندفـع شره، أو يرتفع م وال شك أن اعتقاد مثل هذا حمرم وال جيـوز، فالذبيحة اليت ذحبت لرفع املرض . املؤذي

، أمحد )2446(، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع )220(، مسلم اإلميان )5378( البخاري الطب )1(

)1/271( . . تقدم)2(

Page 517: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

517

هي حرام وال جتوز سدا للذريعة، : قال العلماء- واحلالة هذه -والصدقة هبا عن املريض . وللشيخ العالمة سعد بن محـد بن عتيق رسالة خاصة يف الذبح للمريض

لدفـع أذى متوقـع، كأن يكـون يف البلد داء معني، وكذلك إذا كان الذبح فذبـح لدفـع هذا الداء، أو كان يف اجلـهات اليت حول البيت شيء يـؤذي، فيذبح

يتسلط على البيوت، أو أذى ما يأيت للبيوت، - مثال -ليندفع ذلك املؤذي، إما لص ئز، ومنهي عنه فيذبح ويتصدق بـها ألجل أن يندفـع ذلك األذى، فهذا أيضا غري جا

. جل وعال-سدا للذريعة؛ ألن من الناس من يذبح لدفع أذى اجلن وهذا شرك باهللا فما معىن ما رواه أبو داود وغريه بإسناد حسنه بعض أهل العلم، وبعضهم : فإذا قيل

هل يدخـل فيه إراقة الدم؟ )1( } داووا مرضاكم بالصدقة {: قال أن النيب : ضعفه

ومعلوم أن الشريعة جاءت بسد . الوسيلة إىل االعتقادات الباطلة ألجل ما فيها منالذرائـع املوصلة إىل الشـرك، وجـاءت أيضـا بفتـح الذرائع املوصلة للخري، فما

. كان من ذريعة يوصل إىل الشرك واالعتقاد الباطل فإنه ينهى عنه ليت تباع يف بعض ما احلكم يف بعض األواين اليت يكتب عليها بعض اآليات، وا : سؤال

احملالت التجارية؟ إن هذه األواين خيتلف حاهلا فإن كان يستخدمها ألجل أن يتـربك مبا كتب : اجلواب

فيها من اآليات، فيجعـل فيها ماء ويشربه؛ ألن املاء يالمس هذه اآليات، فهذا من الرقية ، وهذه اآليات مل غري املشروعة؛ ألن الرقية املشروعة تكـون بقـراءة اآليات يف املاء

تنحل يف املاء، بل هي مكتوبة يف ذلك اإلناء املعدين أو النحاسي، والتصاق املاء بتلك مباركا أو مقروءا فيه، فإذا - بذلك -الكتابات من اآليات أو األدعية ال جيعل املاء

. فالرقية هبا غري مشروعة: اختـذت هذه األواين لذلك

مل يروه واحلديث ) 3358" ( صحيح اجلامع الصغري " كما يف. عن أيب أمامة" الثواب " أخرجه أبو الشيخ يف )1(

. أبو داود مبرة

Page 518: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

518

علها يف البيت، أو لتعليقـها، فـهذا كرهه كثري من أهل وأما إذا اختذها للزينة، أو جل العلم؛ ألن القرآن مـا نزل لتزين به األواين، أو تزين به احليطان، وإمنـا نـزل للهدايـة

β¨ {: كمـا قـال تعـاىل Î) #x‹≈ yδ tβ#uöà)ø9$# “ ωöκu‰ ÉL ¯= Ï9 š† Ïφ ãΠuθ ø% r& { )1(.

ما حكم من يضع مصحفا يف درج السيارة، معتقدا أن للمصحـف أثرا يف : سؤال رد العني أو البالء؟

إذا كـان يقصد من وضـع املصحـف يف درج السـيارة، أو يف أي : اجلواب املصحف متيمـة، وقـد تقـدم جهة منها، أن يدفع ذلك عنه العني، فهذا من اختاذ

حكـم التمائم من القرآن، وأن الصحيـح أنه ال جيـوز أن جيعـل القرآن متيمة، وال قراءة القرآن، : يظن أن وجوده يف مكـان ما يدفـع العني، لكـن الذي يدفـع العـني

. واألدعية املشروعة، واالستعادة بـاهللا جل وعال، وحنـو ذلك مما جاء يف الرقية تحصل أن وضع القرآن يف السيارة هلذه الغاية داخل يف املنهي عنـه، وهو من اختاذ ف

مل - وهو كـالم اهللا جل وعال -التمائم من القرآن، لكن ملا كـان القرآن غري خملوق مل يستعمل القرآن على هذه تصر هذه التميمة شركية وإمنـا ينهى عنها فقط ألن النيب

نق أحـد من الصحابة، ال الصغار وال الكبار، وال أذن، وال وجه، الصفة، ومل جيعله يف ع إىل أن جيعـل القرآن يف شيء من صدورهم، أو يف عضـد أحدهم، أو يف بطنه، ومعلوم أن مثل هذا لو كـان دواء مشروعا، أو رقية سائغة، أو متيمة مأذونا هبا، لرخـص فيها

تعليق القرآن أيسر من البحـث عن وال سيما مع شدة حاجة الصحابة إىل ذلك، ألن راق يرقي ويطلب منه ذلك ورمبا يكافأ على رقيته، أو يطلب أجرا، فلما كـان هذا أيسر

علم مع ضميمة األدلة املتقدمة - وقد بعـث ميسرا - مل يرشدهم إىل األيسر والنيب . أن هذا من جنس الرقية غري املشروعة واهللا أعلم : اليت ذكرت

. 9: سورة اإلسراء آية )1(

Page 519: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

519

قد يستدل به أهل البدع على أن اهللا يف كل مكان، " وعامرهن غريي " :قوله: سؤال فكيف الرد عليهم؟

يا " : يف احلديث القدسي- جـل وعال -املقصود بالسماوات يف قوله : اجلوابالسـماوات السـبع معروفة، " موسى لو أن السـماوات السـبع وعامرهن غريي

من : العمارة املعنوية، يعين " وعامرهن: "له وهي طباق بعضها فوق بعض، واملراد بقو عمرها بالتسبيح، والتهليل، وذكر اهللا وعبادته، وقد جـاء يف احلديث الصحيح أن

موضع أربعة أصابع إال وملك أطت السماء وحـق هلا أن تئط، ما فيها {: قال النيب

ففيها عمار كثريون عمروها بعبادة اهللا )2( )1( } قائم، أو ملك ساجد، أو ملك راكـع

uθ { يف أول سورة األنعام - جل وعال -جل وعال، وقد قال èδuρ ª!$# ’ Îû ÏN≡uθ≈ yϑ ¡¡9$# ’ Îûuρ

ÇÚö‘ F{$# ( ãΝn= ÷è tƒ öΝä.§Å™ öΝä.tôγ y_ uρ ãΝn= ÷è tƒ uρ $ tΒ tβθç7Å¡õ3s? ∩⊂∪ { )3(] جـل -، فاهللا ]3: األنعام

. يف األرض- سبحانه - يف السماوات، وهو املعبود - سبحانه - هو املعبود -وعال من يعمر السماوات، : يعين " لو أن السماوات السبع وعامرهن غريي " :فقوله هنا

عـز وجـل، وحيتمل االستثناء هذا -اهللا " غـريي " :واملقصود هبذا االستثناء يف قوله -أن يكـون راجعا إىل الذات، أو إىل الصفات، ومعلوم أن األدلة دلت على أن اهللا

على عرشه، مستو عليه بائن من خلقه، جل وعال، والسماوات من خلقه -جـل وعال راجع إىل عمارة السماء " وعامرهن غريي " :وتعاىل؛ فعـلم من ذلك أن قوله سبحانه

جـل وعال، ومبا يستحقه سبحانه من التأله، والعبودية، وما فيها من -بصفات اهللا . علـم اهللا، ورمحته، وقدرته، وتصريفه لألمر، وتدبريه، وحنو ذلك من املعاين

. )5/173(، أمحد )4190(، ابن ماجه الزهد )2312( الترمذي الزهد )1( . )852( انظر السلسلة الصحيحة رقم )2( . 3: سورة األنعام آية )3(

Page 520: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

520

أذهب إىل مكة، : له عالجا، فقالرجل عنده ولد مريـض مرضا مل جيـد : سؤالوأضع ولدي عند البيت، وأدعو له بالشفاء، فإذا حـان الظهر دعوت مائة شخص من

ادعوا اهللا أن يشفي ولدي، فما حكم هذا : فقراء احلرم على الغداء ثـم أقـول هلم العمل؟

نهم هذا العمل فيـه تصدق ودعوة الفقراء إىل الطعام، وفيه طلب الدعاء م : اجلواب وتقدم أيضا - كما تقدم -لولده، والتصدق بالطعام هو من جنس األعمال املشروعة

فتفصيل اجلواب كما : حكم الذبائح وإراقة الدماء، فإذا كـان يف هذا اإلطعام ذبائح . سبق

-وإن كان قصده جمرد إطعامهم وإلشباعهم والتصدق عليهم، مث طلب منهم الدعاء هذا راجع إىل هل يشرع طلب الدعـاء من الغري هبذه الصفة، أو ف-وهي املسألة الثانية

أنه ليس : ال يشرع؟ الظاهر أن هذا من جنس ما هو غري مشروع، ومعىن أنه ليس مبشروع األصل يف : مبستحب وال واجب، ولكن هل جيوز طلب الدعاء من اآلخرين؟ قال العلماء

: لتابعني الذين طلب منـهم الدعاء ذلك الكراهة، واملتأمل فيما روي عن الصحابة وعن ا كما قال ذلـك حذيفة، !! أحنن أنبياء؟ : أهنم كرهوا ذلك، وهنوا الطالب، ورمبا قالوا له

- رمحه اهللا -أنس بن مالك : ومعـاذ، وغريمها رضي اهللا عنهم، وكان إمام دار اهلجرةعلق قلوهبم به، إذا طلب منه الدعاء هنى الطـالب، خشية أن يلتفـت النـاس إليـه، وتت

وإمنا يتعلق يف طلب الدعاء باألنبياء، أما من دوهنم فال يتعلق هبم يف هذا األمر؛ هلذا اختار أن طلب الدعاء من املسلم احلي يكون مشروعا إذا - رمحه اهللا -شيخ اإلسالم ابن تيمية

ينفـع : قصد به نفع الداعي ونفـع املدعو له، فإذا قصد الطالب أن ينفع اجلـهتني يعين نفسـه، وينفـع الداعي فهذا من املشروع، وهذا هو الذي حيمل عليه ما جاء يف السنة

ال " : قال لعمر ملا أراد أن يعتمر أن النيب {فيما رواه أبو داود والترمذي وغريمها،

Page 521: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

521

وهذا احلديث إسناده ضعيف، وقد احتج به بعض )2( )1( } ا يا أخي من دعائكتنسن

أراد أن ينفع عمر هبذه الدعوة؛ فالطالب للدعاء أهل العلم ومعناه ظاهر يف أن النيب . حمتاج إىل غريهأن ما فعله هذا السائل ألجل ولده األوىل له تركـه؛ ألجـل أال يتعلق : واملقصود . دعائهمقلبه بأولئك يف

بني احلجر األسود، : ومن العالج املناسب شرعا أن يلتزم بني الركن واملقام، يعين وهو امللتزم، يلتزم ويلصق بطنـه وصدره وخده ببيت اهللا -وبـني آخر حد باب الكعبة

منقطعا عن اخللق عاملا - جل وعال - جل جالله، ويقف بالباب خمبتا منيبا سائال اهللا - هو الذي - جل وعال - فاهللا - جل جالله - من الداء يف احلقيقة إال اهللا أنه ال يشفي

$ {: يشفي، وهو الذي يعايف، كما قال تعاىل ¨Β Ëx tG øtƒ ª!$# Ĩ$Ψ= Ï9 ÏΒ 7π uΗ ÷q§‘ Ÿξsù y7 Å¡ôϑ ãΒ $ yγ s9 ( $ tΒ uρ ô7Å¡ôϑ ムŸξ sù Ÿ≅Å™ öãΒ …çµ s9 .ÏΒ Íν ω÷è t/ 4 { )3(] إن -، فهذا الفعل أعظـم أثرا ]2: فاطر

من فعلـه الذي يريد أن يفعله من دعوة أولئك، فالتضرع إىل اهللا يف أوقات -شاء اهللا اإلجابة، ويف األماكن الفاضلة، ويف األزمنة الفاضلة، نرجو أن يكـون معه إجابة الدعاء

. شفاء املرض إن شاء اهللا ومما يقع فيه كثري من الناس أنه إذا حصل له أمر وجنا منه فإنه يوجـب على : سؤال

نفسه الصدقة، أو يعتقد وجوهبا، فما حكم ذلك؟ جل -أن الصدقة يف مثل هذا ليس هلا حكـم الوجـوب، والشكر هللا : اجلواب

ينبغي أن يكون -لت له مسرة إذا جنى العبد من بالء أو حص - على نعمه -وعال على نعمـه، وهذا كله من - جل وعال -بالسجود، أو بالصالة، أو بالصدقة شكرا هللا

. )2894 (، ابن ماجه املناسك )1498(، أبو داود الصالة )3562( الترمذي الدعوات )1( . )2894(وابن ماجه ) 3562(والترمذي ) 1498( أخرجه أبو داود )2( . 2: سورة فاطر آية )3(

Page 522: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

522

- نذر إن جني من كذا وكذا -املستحب، وليس من الواجب، إال إذا كان مث نذر، كمن فـهنا يكـون قـد ألزم نفسه بعبادة، وهي الصدقة املنذورة، فتكون يف . أن يتصدق

واجبة بالنذر، أما أصل الصدقـة فهو مستحب، وإذا كانت الصدقة يف -ه احلالة هـذمقابلة نعمة، أو اندفاع نقمة، فهي أيضا مستحبة، وليست بواجبة، فال جتب إال إذا نذر

. وحتقق الشرطعند بعض الناس عادة، وهي أن من حصل بينه وبني شخص عداوة أو بغضاء : سؤال

خر فيطلبون من أحدمها أن يذبح ويسمون ذلك ذبح صلح، لتعد من أحدمها على اآل فيذبـح وحيضرون من حصلت معـه العداوة، فما حكم ذلك؟

أن ذبح الصلح الذي تعمله بعض القبائل يف صورته املشتهرة املعروفة ال : اجلوابجيوز؛ ألهنم جيعلون الذبح أمام من يريدون إرضاءه ويريقون الدم تعظيما وإجالال له

وإمنا - جل وعال -ضائه، فهذا النوع من الذبح يكون حمرما؛ ألنه مل يرق الدم هللا إلر ال جيوز - أيضا - حمرم، والذبيحة - كما قلت -أراقه ألجل إرضاء فالن، فهذا الذبح

. وإمنا ذحبت لغريه- جل وعال -أكلها؛ ألهنا مل تذبح هللا صار : التعظيم للمذبوح لهفإن كان الذبح الذي هذا صفته يقصـد به التقرب و

شركا أكرب، وإن مل يكن يقصد به التقرب والتعظيم له كـان حمرما؛ ألنه مل خيـلص من أن يكون لغري اهللا فصارت عندنا مع هذه الصورة املسؤول عنها صورة أخرى تقدمت

إن كان قصد : الذبـح عند قـدوم السلطان وحبضرته، ويف كلتا الصورتني : وهـيرب والتعظيم للمذبوح له، فيكـون الذبـح حينئـذ شـركا أكـرب بـاهللا الذابح التق

. ألنـه ذبـح وأراق الـدم تعظيمـا للمخلوق، وتقربا إليه - جـل وعـال -وإن مل يذبـح تقربا أو تعظيما، وإمنا ذبـح لغايـة أخـرى مثـل اإلرضـاء،

الذبيحـة ال جتوز وال : ولفيكون قد شابه أهل الشرك فيما يذحبونه تقربا وتعظيما، فنقحتـل، واألكـل منها حرام، وميكن لإلخـوة الذين يشيع عندهم يف بالدهم أو يف

وحنوه أن يبدلوه خبري منه، وهو أن جيعلونه " ذبح الصلح " قبائلهم مثل هذا الفعل املسمى

Page 523: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

523

يذحبون ملن يريدون إرضائهم، ويدعوهنم، : وليمة للصلح، فيذحبون للضيافة، يعينكرموهنم، وال يكـون هذا حبضرهتم، فهذا من األمر املرغب فيه، ويكون الذبح يف هذه وي

. احلالة كما يذبح املسلم عادة لضيافة أضيافه، وحنو ذلك رجل يف منطقة ما يأيت إليه الناس عند فقد أمواهلم، فيعطيهم خيطا معقدا : سؤال

فيه املال، فما حكم ذلك العمل؟ ويقرأ عليه، ويطلب منهم أن يضعوه يف املكان الذي فقد وما حكم هذا الرجل؟ وما حكم الصالة خلفه؟

هذا من الكهانة؛ ألن الذي يعمل هذه األشياء يسمى بالعراف، أو الكاهن، : اجلوابوقد يكون ساحرا أيضا، فال جيوز مثل هذا العمل، وال حيـل ألحد أن يعني أحدا يدعي

لفه ال جتوز؛ ألن هذا إما أن يكون عرافا أو كاهنا معرفة شيء من علم الغيب، والصالة خ . أو ساحرا، وهؤالء ال جتوز الصالة خلفهم

الشرك األصغر أكرب من الكبائر، وكيف يكون كذلك : ما معىن قوهلم: سؤال والشرك األكرب يعترب من الكبائر؛ إذ هو أكرب الكبائر، فنرجو إزالـة اإلشكال؟

قسم منها يرجـع إىل جهة : أن الكبائر قسمان هذا سبق إيضاحه، وهو : اجلواباالعتقاد والعمل الذي يصحبه اعتقاد، وقسم منها يرجع إىل جهة العمل الذي ال يصحبه

. اعتقادأنواع الشرك باهللا كاالستغاثة بغري اهللا، : وهو الذي يصحبه االعتقاد -مثال األول

ظـاهرة، ولكن هي كبائر والذبـح لغريه، والنذر لغريه، وحنو ذلك، فهذه أعمال جل وعال -صرف عبادة لغري اهللا : يصحبها اعتقاد جعلها شركا أكـرب، فهي يف ظاهرها

وقام بقلب صاحبها الشرك باهللا، بتعظيم هذا املخلوق، وجعله يستحق هذا النوع من -ة اليت الكبائر العملي: والقسم الثاين. العبادة، إما على جهة االستقالل، أو ألجل أن يتوسط

الزنا، وشرب اخلمر، والسرقة، وأكل الربا، وأكل مال : تعمل ال على وجه اعتقاد، مثـلاليتيم، والتويل يوم الزحف، وحنو ذلـك من الكبائر واملوبقات، فهذه تعمل دون اعتقاد؛

. هلذا صارت الكبائر على قسمني

Page 524: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

524

يث جنسه هو من ح: - ومن باب أوىل الشرك األكـرب -الشرك األصغر : فنقولما شاء اهللا : وإن كانت لفظيا، مثل قول -أكرب من الكبائر العملية، فأنواع الشرك األصغر

وشئت، ومثل احللف بغري اهللا، أو نسبة النعـم إىل غري اهللا، أو نسبة اندفاع النقم لغري اهللا هي : نعم. كلها من حيث اجلنس أعظم - أو تعليق التمائم، وحنو ذلك - جل وعال -

الكبائر، لكنها من حيث اجلنس أعظم من كبائر العمل اليت ال يصاحبها اعتقاد؛ ألن من -الزنا، والسرقة، وحنوها من الكبائر العملية، ليس فيها سوء ظن باهللا : كبائر األعمال مثل

- جل وعال - وليس فيها صرف عبادة لغري اهللا، أو نسبة شيء لغري اهللا -جـل وعال اعتقاده : جمرد الشهوات، وأما يف األخرى فاحلامل له على فعلها : لهاواحلامل لـه على فع

ندا هللا سبحانه وتعـاىل، وأعظم الذنب أن جيعل - جل وعال -بغري اهللا، وجعل غري اهللا . جل وعال-املرء هللا ندا وهو خلقه

الشرك للصحابة قبـل أن يقعوا فيه كما يف حديث ملاذا مل يبني الرسول : سؤال أنواط؟ ذات

من املعلوم أن الشريعة جـاءت باإلثبات املفصـل والنفي اجملمـل، والنفي : اجلواب مع -إذا كان جممال، فإنه يندرج حتته صور كثرية، فمن فهم داللة النفـي فـال حيتاج

، مل حيتج )ال إله إال اهللا ( من فـهم : أن ينبه على كل فرد من أفراده، وهلذا نقول -النفي النذر لغري اهللا ليس فيه حديث النذر لغري : يفصل له كل مسألة من املسائل، فمثالإىل أن

العكوف : اهللا شرك، والذبح لغري اهللا ليس فيه حديث ينص أن الذبح لغري اهللا شرك، وكذا عند القبور، أو العكوف عند األشجار واألحجار والتربك هبا، وكل ما سبق مل يأت فيه ما

يدخـل فيها - جـل وعال - بأعياهنا، ولكن نفي إهلية غري اهللا ينص عـن النهي عنها رضـي -فإن الصحابة : كـل الصور الشركية؛ وهلذا - عند من فهم معىن العبادة -

كما للمشركني - فهموا ما دخل حتت هذا النفي، ومل يطلب ذات أنواط -اهللا عنهم لم إال قريبا، وهم قلة ممن مل يس: إال من كان حديث عهد بكفر، يعـين-ذات أنواط . يف مسريه إىل حنني كانوا مع النيب

Page 525: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

525

فإنـه يكـون مفصـال، وتفصيـل اإلثبـات تـارة يكـون : وأما اإلثبـات جل -بالتنصيص، وتارة يكون بالداللة العامة، كما يف اآليات اآلمرة بوجوب إفراد اهللا

ρ#) {: بالعبادة، مثال كقوله تعـاىل-وعال ߉ç6 ôã $# ãΝä3−/u‘ { )1(] 21: البقرة[ ،

$ {: وكقولـه tΒ Νä3s9 ôÏiΒ >µ≈ s9Î) ÿ…çν çöxî { )2(] 85 و 73 و 65 و 59: عرافاأل -

وتارة يكون . ، وحنو ذلك من اآليات]32 و 23: املؤمنون- 84 و61 و 50: هودtβθ {: باألدلة اخلاصة بالعبـادة كقولـه تعـاىل èùθム͑õ‹¨Ζ9$$ Î/ tβθèù$ sƒ s† uρ $ YΒ öθ tƒ tβ% x. …çν •Ÿ°

#ZÏÜtG ó¡ãΒ ∩∠∪ { )3(] وكقوله ]7: اإلنسان ،} Èe≅ |Á sù y7 În/tÏ9 öpt ùΥ$#uρ ∩⊄∪ { )4(] 2: الكوثر

øŒÎ) tβθèW‹Éó {، وكقوله ] tG ó¡n@ öΝä3−/u‘ z>$ yf tFó™ $$ sù öΝà6s9 { )5(] فهذه أدلة إثبات ]9: األنفال ،

) ال إله إال اهللا( تثبـت أن تلك املسائل من العبادات؛ وإذا كـانت من العبادات، فقول . ال تصرف العبادة إال هللا جل وعال : يقتضي باملطابقة أنه

م فهمهم أن تلك راجعا إىل عد-الذي مل يعملوه -فيكون ما طلبه أولئك من القول . الصورة داخلة فيما نفي هلم جممال بقول ال إله إال اهللا

ما حكم التربك بالصاحلني ومباء زمزم والتعلق بأستار الكعبة؟ : سؤال : التربك بالصاحلني قسمان: اجلواب

بقيـة الشراب : يعـين-التربك بذواهتم، أو بعرقـهم، أو بسـؤرهم : القسم األوللذي اختلط بالنوى مثال، أو مبا فضـل من طعامهم، أو بأشعارهم، وحنو أو بلعاهبم ا-

رضوان اهللا -وقد تقدم بيان أن الصحابة . ذلك، فهذا ال جيوز وهو من البدع احملدثة

. 21: سورة البقرة آية )1( . 59: سورة األعراف آية )2( . 7: سورة اإلنسان آية )3( . 2: سورة الكوثر آية )4( . 9: سورة األنفال آية )5(

Page 526: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

526

وهم سادة أولياء هذه - مل يكونوا يعملون مع أيب بكـر وعمر وعثمان وعلي -عليهم الذين يفعلون ما ال يؤمرون ويتركون ما أمروا شيئا من ذلك، وإمنا فعله اخللوف-األمة . به

بركـة عمل، وهي االقتـداء بالصـاحلني يف صالحـهم، : والقسم الثاينواالستفادة من أهل العلم، والتأثر بأهل الصالح، فهذا أمر مطلوب شرعا، أما التربك

. ة والسالم فهذا ليس ألحد إال للنيب عليه الصال بالذات، كما كان يفعل مع النيبأما التربك مباء زمزم فإنه ال بأس به؛ جمليء الدليل بذلك، وهو قوله عليه الصالة

فمن شرهبا طعاما، )2( )1( } إهنا طعام طعـم وشفاء سقم {: والسـالم عن ماء زمزم

كذلك من شرهبا لغرض من األغراض أو شفاء من سقم، فقد عمل مبا دل عليه الدليل، و : قال- عليه الصالة والسالم -فهذا أيضا جائز، ألن النيب : اليت يريد أن حيققها لنفسه

فمن جعـل ماء زمزم سببا ألشياء يريد حتقيقها، . )4( )3( } ماء زمزم ملا شرب له {

إىل أنه سبب أذن به شرعا، ولو شرب ماء آخر كاملياه فال بأس بذلك؛ ألن هذا راجع وأراد بشرب هذا املاء أن حيفظ القرآن، واعتقد ذلك سببا حلفظ - مثال -املعدنية فإن اعتقاده هذا خاطئ، ألن الدليل هو الذي يدل على كون ذلك الشيء مؤثرا : القرآن . أو ال

وسائل الشرك، ويكون من الشرك فهذا من: أما التعلق بأستار الكعبة رجاء الربكةاألصغر إذا اعتقد أن ذلك التربك سبب لتحقيق مطلوبه، أما إذا اعتقد أن الكعبة ترفع أمره إىل اهللا، أو أنه إذا فعل ذلك عظم قدره عند اهللا، وأن الكعبة يكون هلا شفاعة عند اهللا، أو

-ل وعال، فإن هذا التربك ج-حنو تلك االعتقادات اليت فيها اختـاذ الوسائل إىل اهللا

. )2473(حابة مسلم فضائل الص )1( . )2435" ( صحيح اجلامع " أخرجه الطيالسي عن أيب ذر كما يف )2( . )3/357(، أمحد )3062( ابن ماجه املناسك )3( . )3062( أخرجه ابن ماجه )4(

Page 527: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

527

إن التمسـح : يكـون شركا أكـرب؛ وهلذا يقول كثري من أهل العلم-على هذا النحو حبيطـان املسـجد احلرام، أو بالكعبة، أو مبقام إبراهيم، وحنوها؛ رجاء بركتها، هو من وسائل الشرك األكرب، بل هو من الشرك األصغر، كما قرر ذلك اإلمام الشيخ حممد بن

. رمحه اهللا-إبراهيم يوجد بعض الساعات مكتوب عليها لفظ اجلاللـة، فـهل جيـوز الدخول : سؤال

هبا إىل اخلالء؟ ويكـره دخول " :يقول العلماء يف كتب الفقه، يف آداب دخول اخلـالء : اجلواب

. ، فاصطحاب شيء مما فيه ذكـر اهللا يف اخلالء مكروه "اخلالء بشيء فيه ذكـر اهللا إذا حصل للعبد منفعة، مثل أن جنح : هل يعترب هذا النذر مطلقا أم مقيدا، وهو: ؤالس

أو حصل على وظيفة، مث نذر أن يصوم ثالثة أيام هللا تعاىل، مـع العلم أنه مل ينذر قبل جناحه، أو حصوله على الوظيفة؟

: املقيدهو الذي مل يعلق بشيء سيحصل يف املستقبل، والنذر: النذر املطلق: اجلواب للعبد وهذا يكون يف - جل وعال -هو الذي علق الوفاء به حبصول شيء من اهللا

فهذا هو . إن شفى اهللا مريضي فسأصوم ثالثة أيام، أو حنو ذلك : املستقبل، كأن يقول تربرا منه إما بسبب - جل وعال -فهو أن ينذر نذرا هللا : أما املطلق. النذر املعلق املقيد نعمة جتددت، أو نقمة اندفعت، أو بدون سبب، فهذا كله يدخـل يف حادثة حدثت، أو

. كما تقدم قريبا-النذر املطلق، أما املقيد فهو املعلق بشرط يف املستقبل ما حكـم عمل احتفال بسيط مبناسبة انتهاء عقـد أحـد العـاملني : سؤال

حتفال لغري املسلم بالشركة، سواء كان مسلما أو غري مسلم، وحجة بعضـهم يف عمل اال -أنه من باب دعوته إىل اإلسالم، مع العلم أنه خالل وجوده يف العمل مل يقدم له أحد

كتابا أو شريطا لدعوته لإلسالم؟ -ممن حيتجون هبذا القول : املقصود من تلك االحتفاالت إكـرام من أقيمت له، فإذا كـان مسلما : اجلواب

أن : احلالة األوىل: ، وإذا كان غري مسلم فله حالتان فإكرام املسلم من حقوقه املستحبة

Page 528: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

528

يكون ممن مل يظهر لإلسالم عداوة، أو أظهر يف اإلسالم رغبة، وهو مسامل ألهل اإلسالم، فمن كان هبذه - كما يظهر من بعضهم -وحمب ألهل اخلري وأهل الدين والصالح

غضاء والعداوة اليت حتجزه فإنه يصلح أن يدعى لإلسالم؛ ألنه قريب، سلم من الب: الصفة . لو عرض عليه . عن قبول احلـق

أن يكون ذلك بداية لدعوته إىل اإلسالم : فإذا كان القصد من عمل االحتفال ملثل هذا ببيان حماسنه، وبيان بطالن األديان األخرى، وحنو ذلك، فهذا حبسب قصد فاعله، لكن

. أصل اإلكرام لغري املسلم ال جيوز حني -عاديا لإلسالم، أو مل يظهر قبوال لإلسالم، أو عرف من سريته وأما إن كان م

أنه ال حيب اخلري، بل رمبا أظهر صدودا عن أهل -بقي تلك املدة يف املؤسسة أو الشركة فهذا ال جيوز إكرامه؛ ألن : اخلري، وأظهر عدم قبول لبعض أوامر الشرع اليت حيكم هبا

ـ قد أكرمناه مع - هبذا -هم حمرمة؛ ألنا نكون إكرامه من مواالة الكفار، ومواالتواألصل على هذا التفصيل دل عليه قول . بقائـه على عداوته وعلى بغضه، وهذا ال جيوز

ω â/ä38 {: جل وعال -اهللا yγ ÷Ψ tƒ ª!$# Çtã t Ï% ©!$# öΝs9 öΝä.θ è= ÏG≈ s)ム’Îû È Ïd‰9$# óΟs9uρ /ä.θ ã_ Ìøƒ ä† ÏiΒ öΝä.Ì≈ tƒ ÏŠ

β r& óΟèδρ•y9 s? (#þθäÜÅ¡ø)è?uρ öΝÍκö s9Î) 4 ¨βÎ) ©!$# =Ït ä† tÏÜÅ¡ø)ßϑ ø9$# ∩∇∪ $ yϑ ¯ΡÎ) ãΝä39pκ÷]tƒ ª!$# Çtã t Ï% ©!$# öΝä.θè= tG≈ s% ’Îû

È Ïd‰9$# Οà2θ ã_ t÷z r&uρ ÏiΒ öΝä.Ì≈ tƒ ÏŠ (#ρ ãyγ≈ sßuρ #’ n?tã öΝä3Å_# t÷z Î) β r& öΝèδ öθ©9uθ s? 4 tΒ uρ öΝçλ°; uθ tFtƒ š Íׯ≈ s9'ρ é'sù ãΝèδ

tβθ ßϑÎ=≈ ©à9$# ∩∪ { )1(] ؛ وقد ، فهذه اآليات فيها بيان حال الصنفـني]9 - 8: املمتحنة

رجاهلم، أو نساءهم، ورمبا أتى بعض أهـل : رمبا أجاب دعوة اليهود كـان النيبالكتاب، ورمبا أهدى إليهم، بل وحث على اهلدية للجار، وهذا كله ألجـل الترغيب يف

. اخلري، والترغيب يف اإلسالم

. 9 - 8: تانياآل سورة املمتحنة )1(

Page 529: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

529

ية أن اإلكرام بتلك احلفالت ال جيوز إال إذا كـانت مثة مصلحـة شرع : فاملقصودراجحة يقدرها أهل العلم إذا وصف احلال هلم، وأما ما عدا ذلك، فال جيوز إقامة

. احلفالت هلم؛ ألهنا نوع مواالة للكفار

} ال يذبـح هللا مبكـان يذبـح فيه لغري اهللا {: هل يدخـل يف بـاب: سؤال مـن شـراء كثري من املسـلمني - وخاصـة يف أوربـا وأمريكـا -مـا حيصـل

لكنـائس قدميـة ثـم تعديلـها لتكـون مسـاجد، أو هـدم الكنيسـة وبنـاء مسجد مكانـها؟

الـذي تضـاعف الصالة أنه ال يدخل يف ذلك؛ ألن مسـجد النيب: اجلوابشت تلـك القبور وأزيل فيه، أقيم على مكـان فيه قبور للمشـركني؛ فبعـد أن نب

جل - والكنيسة اليت عبد فيها غري اهللا )1( .الرفـات، أقيم املسجد يف ذلك املكـان - إذا حولت إىل مسجد، فهذا من أعظم الطاعات، ومن أحب األعمال إىل اهللا -وعال

ال يذبح هللا مبكان { وذكـرت فيما سبق أن الفرق بني هذه الصورة وبني -جل وعال

الصورة الظاهرية : أن الذبـح صورته مشتركة، مبعىن أن : } يذبح فيـه لغري اهللا

واحـدة، وإمنا االختالف يف النيـات؛ وهلذا منـع من ذلـك، أمـا عبـادة املسلمني فـهي خمالفة ملا : وصالتـهم وهيئـة مسـاجدهم وجلوسهم، إىل آخر تلك اهليئات

فاستبدال الكنيسة باملسجد أمر مطلوب إذا متكن املسلمون . عليـه صـالة النصـارىكالشام : منه، بل هذا الذي فعله املسلمون يف األندلس، بل ويف بعض البالد األخرى

. ومصريا رضا اهللا ورضـا " نرى عبارة مكتوبة علـى بعـض السيارات: سؤال تلك العبارة؟ فما حكم " الوالدين

. )524(ومسلم ) 428( أخرجه البخاري )1(

Page 530: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

530

أنه : اجلهة األوىل : غلط من جهتني " يا رضا اهللا ورضا الوالدين " :قوله: اجلوابال جتوز؛ ألن الصفة ) ياء النداء( بـ- جـل وعال -نادى رضا اهللا، ومناداة صفات اهللا

املتصف بالصفات، وقد - جل وعال - إمنا ي نـادى اهللا : غري الذات يف مقام النداء؛ وهلذا على أن مناداة : ص شيخ اإلسالم ابن تيمية يف رده على البكري، وغريه من أهل العلمن

كان كفرا : جل وعال - كلمة اهللا -الصفة حمرم باإلمجاع، فإذا كانت الصفة هي الكلمة ¡�…� ألن من نادى الكلمة، يعين هبا عيسى عليه السالم فيكون تأليها لغري اهللا ه ري غ جلو جل

Page 531: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

531

مقامه، من أسباب إغراء اإلنسي بالتوسل إىل اجلـين، وبرفعة: وأصل االستعانة باجلنtΠöθ {: - جـل وعال -وباالستمتاع به، وقد قال tƒ uρ óΟèδ çà³øt s† $ YèŠÏΗ sd u|³÷è yϑ≈ tƒ ÇdÅgø: $# ωs%

Οè?÷sYõ3tG ó™ $# zÏiΒ Ä§ΡM}$# ( tΑ$ s% uρ Νèδäτ !$ uŠÏ9÷ρ r& zÏiΒ Ä§ΡM}$# $ oΨ−/u‘ yìtFôϑ tG ó™ $# $ uΖàÒ ÷è t/ <Ù ÷èt7Î/ !$ oΨ øón= t/uρ $ uΖn= y_ r& ü“Ï% ©!$#

|M ù= §_ r& $ uΖs9 4 { )1(] كمـا قـال املفسرون -، فحصل االستمتاع ]128: األنعام -

بأن اإلنسي يتقرب إليه، وخيضـع لـه، ويـذل، ويكـون يف : مـن اجلين باإلنسينسي باجلين بأن خيدمه اجلين، وقـد يكـون مع ذلك حاجته، وحيصل االستمتاع من اإل

جل -االستمتاع ذبـح من اإلنسي للجين، وتقرب بأنواع العبـادات، أو بالكفر باهللا إن تلك : والعياذ باهللا، بإهانة املصحف، أو بامتهانه أو حنو ذلك؛ وهلذا نقول -وعال

: يعين-الستعانة بشياطني اجلنكا-االستعانة جبميـع أنواعها ال جتوز، فمنها ما هو شرك . ومنها ما هو وسـيلة إىل الشرك، كاالستعانة مبسلمي اجلن -الكفار

. إن اجلـن قـد ختـدم اإلنسي : وبعـض أهل العلم كشيخ اإلسالم ابن تيمية يقول النبوات " ذكـر يف آخـر كتاب- رمحه اهللا -وهذا املقام فيه نظر وتفصيل؛ ذلك أنه

بأن أمرهم، اهللا ال يستخدمون اجلن إال مبا فعلـه معـهم رسول اهللا أن أولياء ": فإنه ليس . باألوامر، والنواهي الشرعية، أما طلـب خدمتهم وطلب إعانتهم : وهناهم، أي

مع أنه قد تنفع اجلن اإلنس، وقد تقدم له : من سجايا أولياء اهللا، وال من أفعاهلم، قال . من حيث الواقعبعض اخلدمة وحنو ذلك، وهذا صحيح فإذا كـان االستخدام بطلب اخلدمـة مـن اجلين : فاحلاصل أن املقام فيه تفصيل

املسلم، فهذا وسيلة إىل الشرك، وال جيوز أن يعاجل عند أحد يعرف منه أنه يستخدم اجلن وإذا كانت اجلن ختـدم بعض الناس بدون طلبه، فإن هذا قد حيصل، لكن مل . املسلمني

خلاصة عباده، فال يسلم - جل وعال - خلق أولياء اهللا، وال مما سخره اهللا يكن هذا منمن هذا حاله من نوع خلل جعلت اجلـن تكثر من خدمته، وإخباره باألمور، وحنو

. 128: سورة األنعام آية )1(

Page 532: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

532

أن هذه اخلدمة إذا كانت بطلب منه، فإهنا ال جتـوز، وهي نوع من : فاحلاصل. ذلكانت بغري طلب منه فينبغي له أن يستعيذ باهللا أنواع احملرمات؛ ألهنا نوع استمتاع، وإذا ك

من الشياطني ويستعيذ باهللا من شر مردة اجلن؛ ألنه قد يؤدي قبول خربهم، واعتماده، إىل -حصول األنس بـهم، وقد يقوده ذلك االستخدام إىل التوسل هبم والتوجه إليهم

ضعيف، ال جيوز فإن خرب اجلن عند أهل العلـم : فإذا تبني ذلك. -والعياذ باهللا وهـذا صحيح؛ ألن البناء . االحتجاج به عند أهل احلديث، وذكـر ذلك أيضا الفقهاء

هو فرع عن تعديل املخرب، واجلـين غائب، وعدالته غري معروفة، وغري : على اخلرب وقبولهمعلومة عند السامع، فإذا بىن اخلرب عمن جـاءه به من اجلن وهو مل يرهـم، ومل يتحقق

فإنه يكون قد قبل خرب من - وهي ال تكفي -م إال مبـا مسـع من خطاهبم عدالته$ {: - جـل وعـال -حيتمل أنه فاسق؛ وهلـذا قـال اهللا pκš‰ r'≈ tƒ t Ï% ©!$# (#þθ ãΖtΒ#u βÎ) óΟä.u!% y`

7,Å™$ sù :* t6 t⊥ Î/ (#þθ ãΨ t6 tG sù β r& (#θ ç7ŠÅÁ è? $ JΒöθ s% 7' s#≈ yγ pg¿2 (#θ ßs Î6 óÁ çG sù 4’n?tã $ tΒ óΟçFù= yè sù tÏΒ Ï‰≈ tΡ ∩∉∪ { )1(

، والذين يقبلون إخبار اجلن، وإعالم اجلن هلم ببعـض احلـوادث، حتصل ]6: احلجرات[ن فرمبا حصل جزمهم بصحة ما أخربهتم به اجل : منهم مفاسد متنوعة كثرية، منها هنا

بسبب ذلك مفاسد عظيمة، من الناس الذين أخربوا بذلك، فيكثر القيل والقال، وقد تفرقت بعض البيوت من جراء خرب قـارئ جاهل يزعم أن الذي فعل هذا هو فالن باعتبار اخلرب الذي جاءه، ويكون اخلرب الذي جاءه من اجلين خربا كذبا، فيكون قد اعتمد

يعلم عدالته، وبىن عليه وأخـرب به، فيحصل من جرائه فرقة، على نبأ هذا الـذي الواختالف، وتفرق، وشتات يف البيوت، ونعلـم أنه قد ثبت يف احلديث الصحيـح الذي

أن إبليس ينصب عرشه على ماء، ويبعث سراياه، فيكـون - رمحه اهللا -رواه مسلم وهذا من مجلة التفريق الذي )2( فرقت بني املرأة وزوجها، : أحب جنوده إليه من يقول له

. 6: سورة احلجرات آية )1( . )67) (2813( أخرجه مسلم )2(

Page 533: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

533

يسعى إليه عدو اهللا، بل الغالب أنه يكون من هذه اجلهة، فأحب ما يكـون إىل عدو اهللا أن يفرق بـني املؤمنني؛ وهلذا جاء يف احلديث الصحيح الذي رواه أيضا مسلم وغريه أن

إن الشيطان أيس أن يعبده املصلون يف جزيرة العرب، ولكن يف {: قـال النيب

، فهذه املسألة جيـب على طالب العلم أن يسعوا يف إنكارها، )2( )1( } التحريش بينهم

وبذل اجلـهد يف إقامة احلجة على من يستخدم اجلن، ويتذرع بأن بعض العلماء أباح واقرؤوا أول . - جل وعال -واقع أن هذا العمل وسيلة من وسائل الشرك باهللا ذلك، وال إن سبب دخول الشرك إىل قرى جند أنه كان : البن بشر، حيث قال)) تاريخ جند(( كتاب

بعض الباديـة إذا أتى وقت احلصاد، أو أتى وقت خرف النخيل، فإهنم يقطنون جبانب ب، فإذا كـانوا كذلك فرمبا سأهلم بعـض تلك القرى ومعهم بعض األدوية واألعشا

جهلة تلك القرى حىت حببوا إليهم بعـض تلك األفعال احملرمة مـن جـراء سؤاهلم، وحببوا إليـهم بعض الشركيات، أو بعـض البدع، حىت فشا ذلك بينهم، فبسبب هؤالء

لنجدية وما يف الديار ا- قدميا -املتطببني اجلهلة، والقراء املشعوذين انتشـر الشـرك وقد حصل أن بعض مستخدمي اجلن، كثر عنده الناس، فلما . حوهلا، كما ذكر ابن غنام

رأى من ذلك، صار يعـاجل عالجا نافعا، فزاد تسخر اجلن له، حىت ضعف تأثريه، فلما صار تعلقه باجلن : ضعف تأثريه ومل يستطع مع احلاالت اليت تأتيه للقراءة أو للعـالج شيئا

زال ينحدر ما يف قلبه من قوة اليقني، وعدم االعتماد بقلبـه على اجلن، حىت أكـثر، وال عن السنة، وعما جيب أن يكون يف - والعياذ باهللا -اعتمد عليهم شيئا فشيئا، مث حرفوه

القلب من توحيد اهللا، وإعظامه، وعدم استخدام اجلن يف األغراض الشركية، فجعلوه . أغراض ال جتوز باالتفاق يستخدم اجلن يف أغراض شركية و

. )3/313(، أمحد )1937(، الترمذي الرب والصلة )2812( مسلم صفة القيامة واجلنة والنار )1( . )2812( أخرجه مسلم )2(

Page 534: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

534

جيب إنكار وسائل الشرك والغوايـة، وحكم : فهذا الباب مما جيب وصده، وكذلك من يستخدم اجلن، ويعلن ذلك، ويطلب خدمتهم ملعرفة األخبار، فهذا جاهل حبقيقة

. الشرع، وجاهل بوسائل الشرك، وما يصلح اجملتمعات وما يفسدها، واهللا املستعان . ق بني التوسل والشفاعة؟ نرجو التوضيح وجزاكم اهللا خريا ما الفر: سؤالهي احلاجة نفسها، أو ما يوصل : هو اختاذ الوسيلة، والوسيلة : أن التوسل : اجلواب

بطلـب شفاعة؛ مبعىن : إىل احلاجة وقد يكـون ذلـك التوسـل باستشـفاع، يعـين يروم التوصل إىل باالستشفاع، وقد - حبسب ظنـه -أنه يريد أن يصل إىل حاجته

بغـري االستشـفاع؛ فيتوسـل مثـال بالذوات فيسأل اهللا - حبسـب ظنـه -حاجته بعد -اللهم إين أسألك بنبيك حممد : بذات فالن، أو جباهه، أو حبرمته، مثل أن يقول

اللهم إين أسألك بأيب بكـر، أو بعمر، أو : أو يقول-وفاته عليه الصالة والسالم د، أو بـابن تيميـة، أو بـالويل الفالين، أو بأهل بدر، أو بأهل بيعة باإلمـام أمحـ

أنه جعل أولئك : فهذا هو الذي يسمونه توسال، وهذا التوسل معناه . الرضوان، أو بغريهم أسـألك : احلرمة، واجلـاه، فيقـول : وسيلة، وأحيانا يستعمل يف التوسـل لفـظ

: فهو أن يسأهلم الشفاعة أي : ا االستشفاعأم. حبرمتهم، أو أسـألك جباههم، وحنو ذلك . يطلب منهم أن يشفعوا له طالب : أن التوسل خيتلف عن االستشفاع، يف أن املستشف ع : فتحصل من ذلك

-للشفاعة، وقد علم أن الشفاعة إذا طلبها من العبد يكون قد سأل غري اهللا، وأما املتوسل . عل ذلك بوسيلة أحد فإنه يسأل اهللا، لكن جي-حبسب عرف االستعمال

سؤال لغري اهللا، وأما الوسيلة فـهي سـؤال اهللا بفـالن، أو حبرمته، : فاالستشفاعوكـل هذا ال جيوز؛ ألنه اعتداء يف الدعاء؛ وألنه بدعة حمدثة ووسيلة إىل : أو جباهه

: الشرك، وأما االستشفاع باملخلوق الذي ال ميلك الدعاء، كامليت، أو الغائب، أو حنومها . فهو شرك أكرب؛ ألنه طلب ودعاء لغري اهللا

Page 535: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

535

هو من البدع احملدثة، ومن وسائل الشرك، وأما طلب - حبسب العرف -فالتوسل . الشفاعة من غري اهللا فهو دعاء غري اهللا، وهو شرك أكرب

من طلب -لكن اجلاهليون واخلرافيون والقبوريون يسمون مجيع عباداهتم الشركية توسال وهذا غلط يف اللغة - والنذر، واالستغاثة باملوتى، ودعائهم الشفاعة، والذبح،

والشرع معا، فـالكالم يف أصلـه ال يصـح؛ فـإن بـني التوسل والشفاعة فرقا من أما إذا أخطأ الناس ومسوا ! حيث مدلول املعىن اللغوي، فكيف يسوى بينهما يف املعىن؟

. هم، ال يتحمله الشرع، وال تتحمله اللغةالعبادات املختلفة توسال، فهذا غلط من عندما شاء اهللا، أو : ما حكم من يضع على السيارات، أو املنازل عبارات مثل : سؤال

تبارك اهللا، أو هذا من فضل ريب؟ هذا له حكم تعليق بعض اآلي على احليطان، أو يف السيارات، أو حنو ذلك، : اجلواب

فـهذا مشروع، أو مباح، وأما : شرعي مسنونفإن كان املقصود منها اإلرشاد إىل عملإن كان القصد منها أن حتفظه وأن حترسه من العـني أو من األذى، فهذا راجع إىل اختاذ

. التمائم من القرآن وحنوه، وهذا سبق تفصيل اجلواب عنه ما حكم امرأة طلبت من قريب هلا ذاهب إىل مكـة أن يشتري هلا كفنا من : سؤال

ل الكفن من ماء زمزم، وهذا األمر منتشر بني الناس؟ هناك وأن يغسهذا تربك مبا يباع يف مكـة واعتقاد فيه، وهو بـاطل، ال جيـوز فعله؛ : اجلواب

ألن ما يباع يف مكة ليس له خصوصية يف الربكـة، وليس له خصوصية يف النفع، بل هو يكون ذلك الكفن فيه من وما يباع يف غري احلرم سواء، وأما غسله مبـاء زمزم لرجاء أن

بركة ماء زمزم، فكذلك هذا غلط؛ ألن بركـة ماء زمزم مقيدة مبا ورد فيه الدليل، رضوان -فإن الصحابة : ليست بركة عامة، إمنا هي بركة خاصة مبا جاء فيه الدليل؛ وهلذا

- مل يكونوا يسـتعملون ماء زمزم إال فيما جاءت فيه األدلة كقوله -اهللا عليهم

Page 536: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

536

إهنا طعام طعم وشفاء {: - أيضا - وقوله يف زمزم )2( )1( } ماء زمزم ملا شرب له {

. ، أما التربك هبا يف غري ذلك، فهذا ليس له أصل شرعي )4( )3( } سقم

زمزم، واملاء الذي قرئ فيه القرآن يف بيوت اخلالء؟ ما حكم االغتسال مباء: سؤالال بأس بذلك؛ ألنه ليس فيه قرآن مكتوب، وليس فيه املصحف مكتوبا، : اجلواب

. اهلواء الذي خالطه املصحـف، أو خالطته القراءة : النفث، وهو: وإمنا فيه الريق، أي ماء زمزم ومل يكن ومن املعلوم أن أهل مكة يف أزمنتهم األوىل كانوا يستعملون

عندهم غري ماء زمزم، فالصواب أن ال كراهة يف ذلك، وأنه جائز، واملاء ليس فيه قرآن إمنا . فيه نفث بالقرآن وفرق بني املقامني

ما احلكم إذا ذبح العبد ذبيحـة، ألن اهللا قد شفى مريضه، وخرج من : سؤال املستشفى؟ ه الذبيحة، فـإذا كـانت بعـد أن هذا يرجع إىل نيته يف ذبـح هذ: اجلواب

-جل وعال -االنتهاء من املرض، وارتفاعه، وتعاىف ذلك املريض، وشفي بفضل اهللا - جل وعال -فهذا خيتلـف حاله، فـإذا قصد بالذبيحـة أهنا شكر هللا : وبنعمته

وتصدق بلحمها فهذا حسـن؛ ألن املرض قد انتهى وارتفـع، فهو ال يقصد هبا فال بأس إن دعا إليها أحدا : ، وكذلك - جل وعال -ا هي نوع شكر هللا االستشفاء، وإمن

. من أقربائـه، أو ممن حيبون ذلك املريـض وحنو ذلك، فهذا من باب اإلكرام أن يدفـع رجوع هذا املرض مرة : وأما إذا كانت مقاصده أو نياته يف هذا الذبح

فهذا غري : شيئا مما خيافهأخرى، أو أن يدفع شيئا من انتكاسـات املرض، أو يدفـع . جائز، سدا لذريعة االعتقادات الباطلة

. )3/357(، أمحد )3062( ابن ماجه املناسك )1( . تقدم)2( . )2473( مسلم فضائل الصحابة )3( . تقدم)4(

Page 537: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

537

أن اإلنسان إذا خاف على ولده أو على : جاء يف بعض الكتب نقل معناه : سؤال . نفسه العني، فإنه يضع على جبهته، أو جبهة ولده نقطة سوداء، لصرف العني ودفعها

أن كل شيء : ، واجلامع لذلك اعتقادات الناس يف دفع العني ال حصر هلا : اجلوابفإنه ال جيوز اختاذه، : يفعله الناس مما يعتقدونه سببا، وليس هو بسبب شرعي وال قدري

أنه رأى غالما صغريا، حسن الصورة، وخاف عليه وهذا خيتلف عما جاء عن عمر دمسوا نونته، ففعلوا؛ فـهذا من باب إخفاء احلسن، وحماولة تدميم : العني، فقال ألهله

الذي يوضع ألجل أن - وهو وضـع نقطة يف بعض الوجه -وليس التدسيم . الصورةتدفع تلك النقطة العـني، ولكـن ألجل أن يظهر مبظهر ليس حبسن، فال تتعلق النفوس

. الشريرة به ألجل اعتقاد أهنا تدفـع العـني، فهذا - اليت ذكرت -فإذا كان وضع هذه النقطة

كية اليت ال جتوز، وإن كان ألجـل إظهار عدم احلسن يف تلك من اختاذ األسـباب الشر . واهللا أعلم. الصورة اجلميلة، أو ذلك اجلسد املعاىف، أو حنو ذلك، فإن هذا ال بأس به

ودليلهم حديث األعمى فكيف يرد أجاز بعـض العلماء التوسل بالنيب : سؤال . عليهم؟ وجزاكم اهللا خريا

وهو حديث حسن، وهناك رواية )1( الترمذي وغريه،حديث األعمى رواه: اجلواب -أن أحد الصحابة : أخرى طويلة يف معجـم الطرباين الصغري هلذا احلديث، وفيها زيادة

أرشد إىل استعمال ذلك الدعاء بعد وفاته عليه الصالة - وهو عثمان بن حنيف . )2( .والسالم

يف - عليه الصالة والسالم - بالنسبة للقدر األول وهو أن األعمى توسل بالنيب عليـه الصالة -حياته، فـهذا صحيح وجار على األصول، حيث إن التوسل بالنيب

. )19 / 9(والطرباين يف املعجم الكبري ) 569 / 5(والترمذي ) 138 / 4( رواه أمحد يف املسند )1( . )184 / 1( رواه الطرباين يف الصغري )2(

Page 538: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

538

ميلـك ذلك، - عليه الصالة والسـالم - يف حياته توسل بدعائه وهو -والسالم . ويستطيعه ويقدر عليه

أو بنحـو أي بدعائه، أو بذاتـه، : أما التوسـل بالنيب عليه الصالة والسـالم ذلـك، بعـد وفاتـه، فإنـه ال جيـوز؛ ألنـه طلـب للشـيء ممـن ال ميلكـه،

ضعيفـة، وفيـها جماهيل؛ ولذلـك ليسـت " الطـرباين الصغري " والروايـة الـيت يف . حبجـة ومل يـرد أن الصحابـة اسـتعملوا هـذا الدعاء بعد وفاة النـيب

ك خـاص بـاألعمى، وعلـى علـى أن ذلـ- أيضـا -والـذي يـدل للمستشفع، وفضـل منه عليه، - جل وعال -أصـل االستشفاع، وأنه رمحة من اهللا

عليه الصالة والسالم -أن ذلك األعمى رأى النور وأبصر بعد دعاء النيب : وإزالة عما به أن جييب فيه دعاء نبيـه عليه الصالة - جل وعال - له، وتوجه ذلك األعمى إىل اهللا -

. والسالموالصحابة اآلخرون الذين كانوا مكفوفني مل يدعوا هبذا الدعاء، فكـان يف املدينة

ابن أم مكتوم، ومجاعة، فما دعوا بذلك الدعاء وإمنا : أناس عدة قد كفت أبصارهم منهم : كـان ذلك خاصا بذلك األعمى، فالعلماء هلم يف ذلك توجيهان

ن خاصـا بذلـك األعمـى، بدليـل أن ذلـك الدعـاء كـا : التوجيه األول عليـه -عدم اسـتعمال بقيـة الصحابـة ذلـك الدعـاء، وعـدم إرشـاد النـيب

. هلم أن يزال ما هبم من عمى البصر بذلـك الدعـاء -الصالة والسالم وال يكـون بعد - عليه الصالة والسـالم -أن ذلك خاص حبياته : التوجيه الثاين

والسالم، وهذا الثاين واألول مجيعـا ظاهرة صحيحـة والصحابة وفاته عليه الصالة قال ملا أجدبوا وهو خيطب فهموا ذلك؛ وهلذا ثبت يف صحيح البخاري وغريه أن عمر

اللـهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا بنبيك، وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبيك، : يف االستسقاء . )1( .يا عباس قم فادع اهللا لنا

. )1010( أخرجه البخاري يف االستسقاء )1(

Page 539: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

539

إىل املفضول - وهو النيب عليه الصالة والسالم -انتقل عمر من الفاضل : لعلماءقال اوهو العباس عم النيب عليه الصالة والسالم، لعلة شرعية، وهي أن الدعاء من احلي ممكن،

انتقل من فإنه غري ممكن، وإال كان عمر - احلياة الدنيا املعروفة -وأما من غري احلي لغري علة شرعية، وهذا ممتنع يف حق الصحابة رضوان اهللا عليهم، الفاضل إىل املفضول

. لكمال فقههمبعض أصحاب السيارات اخلاصة، كالليموزين، وسيارات النقل الكبرية، : سؤال

يضعون على أطراف السيارة خرقا سوداء اعتقادا منهم بأهنا حروز متنعهم احلوادث، فهل جيوز نزعها؟ أو ماذا نفعل؟

إذا كـان األمر كما وصفه السائل، من أن سبب وضـع تلـك الشارات : اجلوابأو اخلرق، هـو اعتقاد أهلها فيها، فيجـب نزعها، ومن نزعها فله فضل نزع التمائم من أماكنها، أو ختليـص أصحاهبا منها، لكن هذا متوقف على أن يعلم أهنم وضعوها هلذا

ض غري معروف أنه ألجل دفع التمائم، الغرض، فإن وضع مثل هذه الشـارات هلذا الغر فإذا كان بعـض الناس يستعملها لدفع الشر، ويستعملها ألهنا متائم، فهذه جيب نزعها، ومن رآها ال حيل له أن يتعداها حىت يرتعها؛ ألنـها اعتقاد يف غري اهللا؛ وألهنا نوع من

. - جل وعال - باهللا أنواع املنكـر وذلك االعتقاد فيها كبرية من الكبائر، وشرك أصغر

لوال أنا لكان عمي يف الدرك {: كيف خنرج قول النيب عليه الصالة والسالم : سؤال

؟)1( } األسفل من النار

منع والقاعدة املنضبطة يف ذلك، هو - إن شاء اهللا -عن هذا يـأيت يف بابه اجلواب لوال فالن لكـان كـذا، ألنـه شرك لفظـي، ونـوع تشريك؛ : أن يقول القائل

منها على سبيل : ، وهذا له صور كثرية جدا - جل وعال -حيث إنه نسب النعمة لغري اهللا لوال أن : لوال أن فالنا كـان جيدا معي لكان حصل يل كذا وكذا، أو : املثال قول القائل

. )1/210(، أمحد )209(، مسلم اإلميان )5855(خاري األدب الب)1(

Page 540: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

540

ـ ت، أو لوال كـذا لكان كذا، ممـا فيه تعليق دفـع النقم أو السيارة كانت قوية هللك -والواجب على العباد أن ينسبوا النعـم إىل اهللا . حصول النعـم ألحد من املخلوقـني

: يف سورة النـعم - جـل وعال - ألنه هو الذي يسدي النعـم، قـال -جل وعال } $ tΒ uρ Νä3Î/ ÏiΒ 7π yϑ ÷èÏoΡ zÏϑ sù «!$# ( ¢ΟèO #sŒÎ) ãΝä3¡¡tΒ •‘Ø9$# ϵø‹s9Î* sù tβρãt↔ øgrB ∩∈⊂∪ { )1(] 53: النحل[ ،

tβθèùÌ÷è {: أيضـا يف السـورة نفسـها- جـل وعـال -وقـال tƒ |M yϑ ÷è ÏΡ «!$# ¢ΟèO

$ pκtΞρ ãÅ6Ζム{ )2(] فالواجب على العبد املسلم أن ينسب النعـم إسداء، ]83: النحل ،

. وأن يتعلق قلبه بالذي جعل تلك النعم تصل إليه- جل وعال -وتفضـال، وإنعاما هللا ها أسبابا، جعل- جل وعال -والناس أو اخللق أو األسباب، إمنا هي فضـل من اهللا

وما فالن من الناس إال سبب أوصل اهللا إليك النفـع عن طريقه، أما النافع يف احلقيقة فهو - جل وعال -، فإذا اندفعت عنك نقمة، فـالذي دفعها هو اهللا - جـل وعال -اهللا

-بواسطة سبب ذلك املخلوق، آدميا كـان، أو غري آدمي، فيجب نسبة النعم إىل اهللا ال تنسب نعمة لغريه سبحانه، ومن نسبها لغريه سبحانه فهو داخل يف قول ف-جل وعال

tβθèùÌ÷è {: - جـل وعـال -اهللا tƒ |M yϑ ÷è ÏΡ «!$# ¢ΟèO $ pκtΞρ ãÅ6Ζム{ )3(] 83: النحل .[

هل نفعت عمك أبا طالب : سئل أن النيب {وأما احلديث الذي يف الصحيح من

هو يف ضحضاح من النار، ولوال أنا لكـان يف الـدرك األسفل من " :بشيء؟ قال عليه - ذكر لعمله هذا فيه " لوال أنا " : فقوله عليه الصالة والسالم )5( )4( } النار

اجلهـة : لوال فالن حلصل كذا، من جهتني : وافترق عن قول القائل -الصالة والسالم

. 53: سورة النحل آية )1( . 83: سورة النحل آية )2( . 83: سورة النحل آية )3( . )1/210(، أمحد )209(، مسلم اإلميان )5855( البخاري األدب )4( . )360(ومسلم ) 6564(و ) 3885( أخرجه البخاري )5(

Page 541: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

541

أن ذلـك القـائل هو الذي حصلت له النعمة، أو اندفعت عنه النقمة، والنيب : األوىل خيـرب عـن صنيعـه بعمه، وأن عمه اندفعـت عنه بعـض النقمـة، فذلك -هنـا

ـدث الـذي تعلـق قلبه بالذي نفعه أو دفـع عنه الضر، وأما قول النهي يف املتحفـهو إخبـار عن نفعـه لغـريه، فليـس فيـه تعلـق " لوال أنـا " النيب

، هـذا - جـل وعـال -القلـب، يف اندفـاع النقمة، أو حصـول النعمـة بغري اهللا ـ : وجـه، فتكون العلـة الـيت من أجلها هني عن قـول ذا، ملـا فيـها لـوال ك

مـن نسـبة النعمـة إىل غري اهللا، من جهـة تعلق القلـب بذلك الـذي حصـل لـوال أنـا {: لـه النعمة، وهذا غري وارد يف قـول النيب عليه الصـالة والسـالم

عليـه الصـالة والسـالم -، ألنـه )1( } ارلكـان يف الـدرك األسفل مـن النـ

. ليـس هـو الـذي حصلت له النعمة، وإمنا هو خمرب عن فعله لعمـه - قد بني أن نفعـه لعمه من - عليه الصالة والسالم -أن النيب : الوجه الثاين يف ذلك

لوال أنا {: جهة الشفاعة، فهو يشفع لعمه حىت يكون يف ضحضـاح من نار، فقوله

ومعلوم بنصوص الشرع أنه . لوال شفاعيت : يعين)2( } لكـان يف الدرك األسفل من النار

عليه الصالة والسالم يكرم بالشفاعة، ويعطى الشفاعة، فهو سائل؛ وهو سبب من -، فكأنه قال عليه الصالة والسالم جل وعال -هو اهللا : األسباب، واملتفضل حقيقة

لوال أن اهللا شفعين فيـه لكـان يف : كأنه قال-بضميمة علمنـا أنه يشفع لعمه - تعليق للقلب لغري اهللا - بالوجهني مجيعا -فليس فيه . الـدرك األسـفل مـن النـار

فالن حلصل لوال: يف حصول النعم، أو اندفاع النقم، مما يكون يف قول القائل-جل وعال كذا، أو لوال السـيارة حلصل كذا، أو لوال الطيار حلصل كـذا، أو لوال البيت كان

. )1/210(، أمحد )209(، مسلم اإلميان )5855(لبخاري األدب ا)1( . )1/210(، أمحد )209(، مسلم اإلميان )5855( البخاري األدب )2(

Page 542: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

542

حمصنا حلصل كذا، وحنو ذلك ممـا فيه تعلق قلب من حصلت له النعمة باملخلوقـني، . واهللا أعلم

Page 543: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

543

فهرس اآليات 204, 73.............................................ء عجابأجعل اآلهلة إهلا واحدا إن هذا لشي

321, 320, 314.................إذ تربأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت هبم 523........................إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أين ممدكم بألف من املالئكة مردفني

316, 149, 80..........................................................إذ نسويكم برب العاملني 432..............................................أرأيت من اختذ إهله هواه أفأنت تكون عليه وكيال

335, 334, 333..........................هللا فال يأمن مكر اهللا إال القوم اخلاسرونأفأمنوا مكر ا 374, 370, 369.................أفحكم اجلاهلية يبغون ومن أحسن من اهللا حكما لقوم يوقنون

433...........................أفرأيت من اختذ إهله هواه وأضله اهللا على علم وختم على مسعه وقلبه 240, 236, 118, 117, 111..........................................أفرأيتم الالت والعزى 374............................ما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصال والذينأفغري اهللا أبتغي حك

386..............................أفال يتدبرون القرآن ولو كان من عند غري اهللا لوجدوا فيه اختالفا 17............................................................أفمن خيلق كمن ال خيلق أفال تذكرون

82, 79, 78, 77, 75, 68, 67.................................إال الذي فطرين فإنه سيهدين 386......................................................أال تعبدوا إال اهللا إنين لكم منه نذير وبشري

239, 122, 117, 86......... هللا الدين اخلالص والذين اختذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إالأال 279.......................................................إال من استرق السمع فأتبعه شهاب مبني

111..........................................................................ألكم الذكر وله األنثى 249..............................أمل أعهد إليكم يابين آدم أن ال تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبني

265, 259, 251, 245....ن باجلبت والطاغوتأمل تر إىل الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنو, 373, 372, 371, 369, 368أمل تر إىل الذين يزعمون أهنم آمنوا مبا أنزل إليك وما أنزل من

376 166.......................إهلكم إله واحد فالذين ال يؤمنون باآلخرة قلوهبم منكرة وهم مستكربون

440...............................نأهلم أرجل ميشون هبا أم هلم أيد يبطشون هبا أم هلم أعني يبصرو 418............................أم اختذوا من دونه آهلة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من

129..........................أما السفينة فكانت ملساكني يعملون يف البحر فأردت أن أعيبها وكان 178.......................أمن جعل األرض قرارا وجعل خالهلا أهنارا وجعل هلا رواسي وجعل بني

Page 544: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

544

177......................أنبتنا به حدائقأمن خلق السماوات واألرض وأنزل لكم من السماء ماء ف 178...........................أمن يبدأ اخللق مث يعيده ومن يرزقكم من السماء واألرض أإله مع اهللا

178, 167, 166, 157أمن جييب املضطر إذا دعاه ويكشف السوء وجيعلكم خلفاء األرض أإله 303, 178..................أمن يهديكم يف ظلمات الرب والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بني يدي

166.....................................................وما يشعرون أيان يبعثونأموات غري أحياء 38, 37, 36, 32.....................إن إبراهيم كان أمة قانتا هللا حنيفا ومل يك من املشركني

, 48, 47, 46, 45, 43....إن اهللا ال يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك ملن يشاء ومن يشرك49 ,109 ,349

349, 52, 14.................إن املنافقني خيادعون اهللا وهو خادعهم وإذا قاموا إىل الصالة قاموا 180, 170...............إن تدعوهم ال يسمعوا دعاءكم ولو مسعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة

512...................إن يف خلق السماوات واألرض واختالف الليل والنهار آليات ألويل األلباب 427.....................إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاحته

450.........................................ض إال آيت الرمحن عبداإن كل من يف السماوات واألر 516....................إن هذا القرآن يهدي لليت هي أقوم ويبشر املؤمنني الذين يعملون الصاحلات

111.............................إن هي إال أمساء مسيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل اهللا هبا من سلطان 409..............................................إنا أرسلنا عليهم رحيا صرصرا يف يوم حنس مستمر

131.............................................................................إنا أعطيناك الكوثر 470, 258, 145................الذين آمنوا يف احلياة الدنيا ويوم يقوم األشهادإنا لننصر رسلنا و

206, 202, 200........إنك ال هتدي من أحببت ولكن اهللا يهدي من يشاء وهو أعلم باملهتدين 453, 331, 326.................إمنا املؤمنون الذين إذا ذكر اهللا وجلت قلوهبم وإذا تليت عليهم

165, 164, 156, 51........ إن الذين تعبدون منإمنا تعبدون من دون اهللا أوثانا وختلقون إفكا 125.....................................إمنا حرم عليكم امليتة والدم وحلم اخلرتير وما أهل به لغري اهللا

324, 323, 322, 321إمنا ذلكم الشيطان خيوف أولياءه فال ختافوهم وخافون إن كنتم مؤمنني 325, 321.....................إمنا يعمر مساجد اهللا من آمن باهللا واليوم اآلخر وأقام الصالة وآتى 526............................إمنا ينهاكم اهللا عن الذين قاتلوكم يف الدين وأخرجوكم من دياركم

204..................................................إهنم كانوا إذا قيل هلم ال إله إال اهللا يستكربون 470, 258.....................................................................إهنم هلم املنصورون

358, 357, 354, 353..أولئك الذين ليس هلم يف اآلخرة إال النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل

Page 545: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

545

, 77, 76, 75, 67.....تغون إىل رهبم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رمحتهأولئك الذين يدعون يب337

512........................أومل ينظروا يف ملكوت السماوات واألرض وما خلق اهللا من شيء وأن 379, 202, 179, 175, 172, 170, 86...........أيشركون ما ال خيلق شيئا وهم خيلقون

, 363, 361, 360, 79, 67. ومااختذوا أحبارهم ورهباهنم أربابا من دون اهللا واملسيح ابن مرمي364 ,366 ,367

430, 404, 395, 14الذي جعل لكم األرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج ,481

469......................الذي خلق سبع مساوات طباقا ما ترى يف خلق الرمحن من تفاوت فارجع 389.............................همالذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا من 28, 27, 26, 23.............الذين آمنوا ومل يلبسوا إمياهنم بظلم أولئك هلم األمن وهم مهتدون 333, 332, 327, 324...الذين قال هلم الناس إن الناس قد مجعوا لكم فاخشوهم فزادهم إميانا 460, 458........................الذين قالوا إلخواهنم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن

512................... قياما وقعودا وعلى جنوهبم ويتفكرون يف خلق السماواتالذين يذكرون اهللا 469, 386................................الر كتاب أحكمت آياته مث فصلت من لدن حكيم خبري

475.................................................اهللا خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل 510, 191, 186....................اهللا ال إله إال هو احلي القيوم ال تأخذه سنة وال نوم له ما يف

386.............................اهبا مثاين تقشعر منه جلود الذيناهللا نزل أحسن احلديث كتابا متش 421.....................املنافقون واملنافقات بعضهم من بعض يأمرون باملنكر وينهون عن املعروف

54.................................................................بل اهللا فاعبد وكن من الشاكرين 204.................................................................بل جاء باحلق وصدق املرسلني 316, 149, 80......................................................تاهللا إن كنا لفي ضالل مبني

113...............................................تبارك الذي بيده امللك وهو على كل شيء قدير 113........................................تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعاملني نذيرا

444...................................................حتيتهم يوم يلقونه سالم وأعد هلم أجرا كرميا 464....................تدمر كل شيء بأمر رهبا فأصبحوا ال يرى إال مساكنهم كذلك جنزي القوم

111..........................................................................تلك إذا قسمة ضيزى, 467, 465, 460, 458.قدمث أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة

468 ,469 ,471

Page 546: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

546

80....................مث قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كاحلجارة أو أشد قسوة وإن من احلجارة 466......................................................................حكمة بالغة فما تغن النذر

47........................حنفاء هللا غري مشركني به ومن يشرك باهللا فكأمنا خر من السماء فتخطفه 150...........................نا فكفرواذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدون

8.........................ذلك مما أوحى إليك ربك من احلكمة وال جتعل مع اهللا إهلا آخر فتلقى 414.........................ذلك ومن يعظم حرمات اهللا فهو خري له عند ربه وأحلت لكم األنعام

414..............................................ذلك ومن يعظم شعائر اهللا فإهنا من تقوى القلوب 371...........................ذلكم بأنه إذا دعي اهللا وحده كفرمت وإن يشرك به تؤمنوا فاحلكم هللا 50, 44.....................رب إهنن أضللن كثريا من الناس فمن تبعين فإنه مين ومن عصاين فإنك

512....................................ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظاملني من أنصار 114..........................سبحان الذي أسرى بعبده ليال من املسجد احلرام إىل املسجد األقصى

463...........................ا صرعىسخرها عليهم سبع ليال ومثانية أيام حسوما فترى القوم فيه 70....................................شهد اهللا أنه ال إله إال هو واملالئكة وأولو العلم قائما بالقسط 256...................................صراط الذين أنعمت عليهم غري املغضوب عليهم وال الضالني

203............................صراط اهللا الذي له ما يف السماوات وما يف األرض أال إىل اهللا تصري 295, 294, 291...............مبوسىفإذا جاءهتم احلسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطريوا

408..........................فأرسلنا عليهم رحيا صرصرا يف أيام حنسات لنذيقهم عذاب اخلزي يف 461.................................فأعقبهم نفاقا يف قلوهبم إىل يوم يلقونه مبا أخلفوا اهللا ما وعدوه

241...........................فإن تولوا فقل حسيب اهللا ال إله إال هو عليه توكلت وهو رب العرش 504, 337..................... زوجه إهنم كانوا يسارعونفاستجبنا له ووهبنا له حيىي وأصلحنا له

, 380, 70, 12......فاطر السماوات واألرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن األنعام أزواجا457

177, 73..........................فذلكم اهللا ربكم احلق فماذا بعد احلق إال الضالل فأىن تصرفون 523, 131, 123...............................................................فصل لربك واحنر 438....................................................................................فعال ملا يريد

302....................... وأوحى يف كل مساء أمرها وزينا السماءفقضاهن سبع مساوات يف يومني 125..............................................فكلوا مما ذكر اسم اهللا عليه إن كنتم بآياته مؤمنني

369.............................فكيف إذا أصابتهم مصيبة مبا قدمت أيديهم مث جاءوك حيلفون باهللا 312, 307.................................................................فال أقسم مبواقع النجوم

Page 547: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

547

461.............................................فلما آتاهم من فضله خبلوا به وتولوا وهم معرضون, 431, 430, 429, 428.حلا جعال له شركاء فيما آتامها فتعاىل اهللا عما يشركونفلما آتامها صا

432 ,435 170, 169.................فلما اعتزهلم وما يعبدون من دون اهللا وهبنا له إسحاق ويعقوب وكال 448..........................فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء اهللا

464...........................ا هذا عارض ممطرنا بل هو مافلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالو 248........................قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتين إىل يوم القيامة ألحتنكن

427, 424, 423..............قال إمنا أوتيته على علم عندي أومل يعلم أن اهللا قد أهلك من قبله 330, 329, 326.............قال رجالن من الذين خيافون أنعم اهللا عليهما ادخلوا عليهم الباب

336, 334, 333.......................................ومن يقنط من رمحة ربه إال الضالونقال 295..............................قالوا إنا تطرينا بكم لئن مل تنتهوا لنرمجنكم وليمسنكم منا عذاب

90...........................قالوا سبحانك أنت ولينا من دوهنم بل كانوا يعبدون اجلن أكثرهم هبم 296, 295, 291...........................قالوا طائركم معكم أئن ذكرمت بل أنتم قوم مسرفون

153............................................................................لققل أعوذ برب الف 130, 129, 128, 123....................قل إن صاليت ونسكي وحمياي وممايت هللا رب العاملني

317, 313.....قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشريتكم وأموال اقترفتموها 350, 348..................قل إمنا أنا بشر مثلكم يوحى إيل أمنا إهلكم إله واحد فمن كان يرجوا

371.......................م به ما عندي ما تستعجلون به إن احلكمقل إين على بينة من ريب وكذبت 153...............................قل أوحي إيل أنه استمع نفر من اجلن فقالوا إنا مسعنا قرآنا عجبا

193, 192, 187........قل ادعوا الذين زعمتم من دون اهللا ال ميلكون مثقال ذرة يف السماوات 177.........................قل احلمد هللا وسالم على عباده الذين اصطفى آهللا خري أم ما يشركون

512, 469.................انظروا ماذا يف السماوات واألرض وما تغين اآليات والنذر عن قومقل 144, 21, 20, 6.............قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أال تشركوا به شيئا وبالوالدين

466...................................................قل فلله احلجة البالغة فلو شاء هلداكم أمجعني 196, 190, 186..............قل هللا الشفاعة مجيعا له ملك السماوات واألرض مث إليه ترجعون

155..........................قل لو كان البحر مدادا لكلمات ريب لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات 11..........................قل من بيده ملكوت كل شيء وهو جيري وال جيار عليه إن كنتم تعلمون

176, 73...............قل من يرزقكم من السماء واألرض أمن ميلك السمع واألبصار ومن خيرج

Page 548: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

548

67, 64, 63, 62, 58......من اتبعين وسبحان اهللاقل هذه سبيلي أدعو إىل اهللا على بصرية أنا و 253, 245...................قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند اهللا من لعنه اهللا وغضب عليه

388, 382, 380, 378كذلك أرسلناك يف أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا 400.........................................................كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها

49......................أمرون باملعروف وتنهون عن املنكر وتؤمنونكنتم خري أمة أخرجت للناس ت 7............................ال إكراه يف الدين قد تبني الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن

7......................................................ال جتعل مع اهللا إهلا آخر فتقعد مذموما خمذوال 366, 359..................ال جتعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم اهللا الذين

419, 417...............انكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفةال تعتذروا قد كفرمت بعد إمي 137, 135, 134........ال تقم فيه أبدا ملسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه

130, 128, 123...................................ال شريك له وبذلك أمرت وأنا أول املسلمني 488, 485....................ال يؤاخذكم اهللا باللغو يف أميانكم ولكن يؤاخذكم مبا عقدمت األميان

526.......................نهاكم اهللا عن الذين مل يقاتلوكم يف الدين ومل خيرجوكم من دياركمال ي 450......................................................................لقد أحصاهم وعدهم عدا

523................................لقد أرسلنا نوحا إىل قومه فقال ياقوم اعبدوا اهللا ما لكم من إله, 243, 242, 241...لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم باملؤمنني

382 449...........................وله الرؤيا باحلق لتدخلن املسجد احلرام إن شاء اهللالقد صدق اهللا رس

213................................لقد كفر الذين قالوا إن اهللا ثالث ثالثة وما من إله إال إله واحد 213, 47........................لقد كفر الذين قالوا إن اهللا هو املسيح ابن مرمي وقال املسيح يابين 497............................للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن اهللا غفور, 180, 173, 171, 170.....ليس لك من األمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذهبم فإهنم ظاملون

181 ,202 343, 342, 339.................ما أصاب من مصيبة إال بإذن اهللا ومن يؤمن باهللا يهد قلبه واهللا

463..................................................ما تذر من شيء أتت عليه إال جعلته كالرميم 508......................................................ما قدروا اهللا حق قدره إن اهللا لقوي عزيز

213........................... قلت هلم إال ما أمرتين به أن اعبدوا اهللا ريب وربكم وكنت عليهمما 206, 205, 201, 200.....ما كان للنيب والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركني ولو كانوا أويل 519, 390.....................ما يفتح اهللا للناس من رمحة فال ممسك هلا وما ميسك فال مرسل له

Page 549: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

549

265, 82...............ميكال فإن اهللا عدو للكافرينمن كان عدوا هللا ومالئكته ورسله وجربيل و 358, 357, 355, 354, 353من كان يريد احلياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعماهلم فيها وهم

133............................من كفر باهللا من بعد إميانه إال من أكره وقلبه مطمئن باإلميان ولكن 189...................من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له

361...........................من يطع الرسول فقد أطاع اهللا ومن توىل فما أرسلناك عليهم حفيظا 223.....................................................هم درجات عند اهللا واهللا بصري مبا يعملون

319.................................................هنالك الوالية هللا احلق هو خري ثوابا وخري عقبا 387, 386......هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات حمكمات هن أم الكتاب وأخر متشاهبات

304....................ياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السننيهو الذي جعل الشمس ض 435, 429.......هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها

51, 50, 43..............وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبين وبين أن نعبد األصنام 82, 78, 77, 75, 68, 67....................وإذ قال إبراهيم ألبيه وقومه إنين براء مما تعبدون

213, 90.......................وإذ قال اهللا ياعيسى ابن مرمي أأنت قلت للناس اختذوين وأمي إهلني 163, 27.......................وإذ قال لقمان البنه وهو يعظه يابين ال تشرك باهللا إن الشرك لظلم 366.............................وإذ قال موسى لقومه ياقوم مل تؤذونين وقد تعلمون أين رسول اهللا

166, 156..............................داء وكانوا بعبادهتم كافرينوإذا حشر الناس كانوا هلم أع 54...........................وإذا ذكر اهللا وحده امشأزت قلوب الذين ال يؤمنون باآلخرة وإذا ذكر

169.....................وإذا سألك عبادي عين فإين قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا 369.................................وإذا قيل هلم تعالوا إىل ما أنزل اهللا وإىل الرسول رأيت املنافقني

373, 370, 369...................... تفسدوا يف األرض قالوا إمنا حنن مصلحونوإذا قيل هلم ال 169....................وأعتزلكم وما تدعون من دون اهللا وأدعو ريب عسى أال أكون بدعاء ريب

154....................................................................وأعوذ بك رب أن حيضرون 393........................................................................وأما بنعمة ربك فحدث

463...........................................................وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية 154...................................... عليموإما يرتغنك من الشيطان نزغ فاستعذ باهللا إنه مسيع

160, 150.................................................وأن املساجد هللا فال تدعوا مع اهللا أحدا 470, 258.................................................................وإن جندنا هلم الغالبون

416.....................وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا

Page 550: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

550

499........................................وإن من شيء إال عندنا خزائنه وما نرتله إال بقدر معلوم 6..........................ا السبل فتفرق بكم عن سبيلهوأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه وال تتبعو

377............................................................وإن يكن هلم احلق يأتوا إليه مذعنني, 163, 161, 156....وإن ميسسك اهللا بضر فال كاشف له إال هو وإن يردك خبري فال راد لفضله

164 198, 196, 190, 186......وأنذر به الذين خيافون أن حيشروا إىل رهبم ليس هلم من دونه ويل

182, 172, 171.........................................................وأنذر عشريتك األقربني 154, 153, 148.............وأنه كان رجال من اإلنس يعوذون برجال من اجلن فزادوهم رهقا

460..............................................وإين لغفار ملن تاب وآمن وعمل صاحلا مث اهتدى 493, 492, 490...............وأوفوا بعهد اهللا إذا عاهدمت وال تنقضوا األميان بعد توكيدها وقد

, 263, 262, 259. سليمان ولكن الشياطنيواتبعوا ما تتلو الشياطني على ملك سليمان وما كفر264 ,275

37...........................واصرب وما صربك إال باهللا وال حتزن عليهم وال تك يف ضيق مما ميكرون, 144, 21, 20, 19, 8, 6....واعبدوا اهللا وال تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القرىب

150 440................................................................................والذاريات ذروا

39, 38, 32.........................................................والذين هم برهبم ال يشركون 304................................................والقمر قدرناه منازل حىت عاد كالعرجون القدمي

113.............................وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما حمسن وظامل لنفسه مبني 312, 308, 307, 306.........................................وجتعلون رزقكم أنكم تكذبون

155............................ومتت كلمة ربك صدقا وعدال ال مبدل لكلماته وهو السميع العليم 112............................ى قوم يعكفون على أصنام هلموجاوزنا ببين إسرائيل البحر فأتوا عل

113...........................وأوصاين بالصالة والزكاة ما دمت حيا وجعلين مباركا أين ما كنت 77, 68.................................................وجعلها كلمة باقية يف عقبه لعلهم يرجعون

159.........................ودخل املدينة على حني غفلة من أهلها فوجد فيها رجلني يقتتالن هذا 303, 302.........................................................وعالمات وبالنجم هم يهتدون

69..............................تبعوا لو أن لنا كرة فنتربأ منهم كما تربءوا منا كذلكوقال الذين ا 72.........................وقال املأل من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا يف األرض ويذرك 451.........................وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرين عند ربك فأنساه الشيطان ذكر

Page 551: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

551

330...........................وقال موسى ياقوم إن كنتم آمنتم باهللا فعليه توكلوا إن كنتم مسلمني 214, 207..............الوا ال تذرن آهلتكم وال تذرن ودا وال سواعا وال يغوث ويعوق ونسراوق

409, 407.........................وقالوا ما هي إال حياتنا الدنيا منوت وحنيا وما يهلكنا إال الدهر 214....................................................وقد أضلوا كثريا وال تزد الظاملني إال ضالال

, 150, 144, 19, 18 ,6.....وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك528

154........................................................وقل رب أعوذ بك من مهزات الشياطني 255, 254, 253, 245وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد اهللا حق وأن الساعة ال ريب فيها

203....................وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب وال اإلميان 450....................................................................وكلهم آتيه يوم القيامة فردا

191, 186................ يف السماوات ال تغين شفاعتهم شيئا إال من بعد أن يأذنوكم من ملك 425, 424, 422.......ولئن أذقناه رمحة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا يل وما أظن الساعة

421, 420, 419, 417....ولئن سألتهم ليقولن إمنا كنا خنوض ونلعب قل أباهللا وآياته ورسوله 92, 91, 90, 89, 83......رض ليقولن اهللا قل أفرأيتم ماولئن سألتهم من خلق السماوات واأل

73...........................ولئن سألتهم من خلق السماوات واألرض ليقولن خلقهن العزيز العليم 73....................ولئن سألتهم من خلق السماوات واألرض وسخر الشمس والقمر ليقولن اهللا

7...............................................................................وال أنتم عابدون ما أعبد 416................................احلكام لتأكلواوال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا هبا إىل

128.........................وال تأكلوا مما مل يذكر اسم اهللا عليه وإنه لفسق وإن الشياطني ليوحون 37.....................................................وال حتزن عليهم وال تك يف ضيق مما ميكرون

439............................وال تدع مع اهللا إهلا آخر ال إله إال هو كل شيء هالك إال وجهه له, 162, 161, 157, 156.ذا منوال تدع من دون اهللا ما ال ينفعك وال يضرك فإن فعلت فإنك إ

163 370, 369................وال تفسدوا يف األرض بعد إصالحها وادعوه خوفا وطمعا إن رمحة اهللا

492, 21..........................وال تقربوا مال اليتيم إال باليت هي أحسن حىت يبلغ أشده وأوفوا, 185, 183, 182, 174...وال تنفع الشفاعة عنده إال ملن أذن له حىت إذا فزع عن قلوهبم قالوا

187 ,193 ,194 364, 363..........................وال يأمركم أن تتخذوا املالئكة والنبيني أربابا أيأمركم بالكفر

180, 175, 170..................................وال يستطيعون هلم نصرا وال أنفسهم ينصرون

Page 552: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

552

70........................وال ميلك الذين يدعون من دونه الشفاعة إال من شهد باحلق وهم يعلمون 254...............................................ولبثوا يف كهفهم ثالث مائة سنني وازدادوا تسعا

471.....................لقد أرسلنا نوحا إىل قومه فلبث فيهم ألف سنة إال مخسني عاما فأخذهمو 54....................ولقد أوحي إليك وإىل الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن

209, 18, 17, 6..........ولقد بعثنا يف كل أمة رسوال أن اعبدوا اهللا واجتنبوا الطاغوت فمنهم 470, 258....................................................ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا املرسلني

, 440, 439, 436, 382وهللا األمساء احلسىن فادعوه هبا وذروا الذين يلحدون يف أمسائه سيجزون441

298..........................وهللا يسجد ما يف السماوات وما يف األرض من دابة واملالئكة وهم ال 155.............................ولو أمنا يف األرض من شجرة أقالم والبحر ميده من بعده سبعة أحبر

391............................ حىت يغنيهم اهللا من فضله والذينوليستعفف الذين ال جيدون نكاحا 361...........................وما أرسلنا من رسول إال ليطاع بإذن اهللا ولو أهنم إذ ظلموا أنفسهم 146, 141, 140................وما أنفقتم من نفقة أو نذرمت من نذر فإن اهللا يعلمه وما للظاملني

538, 390.............................وما بكم من نعمة فمن اهللا مث إذا مسكم الضر فإليه جتأرون 475.........................................إال أن يشاء اهللا إن اهللا كان عليما حكيماوما تشاءون

475, 399...............................................وما تشاءون إال أن يشاء اهللا رب العاملني 144, 16, 15, 9, 6.......................................وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون

508............................وما قدروا اهللا حق قدره إذ قالوا ما أنزل اهللا على بشر من شيء قل 509, 508, 507, 505.م القيامة والسماواتوما قدروا اهللا حق قدره واألرض مجيعا قبضته يو

206.............................وما كان املؤمنون لينفروا كافة فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة 206.......................وما كان ربك مهلك القرى حىت يبعث يف أمها رسوال يتلو عليهم آياتنا

97, 96, 84............................................وما يؤمن أكثرهم باهللا إال وهم مشركون 38.........................................ها إال ذو حظ عظيموما يلقاها إال الذين صربوا وما يلقا

62...........................ومن أحسن قوال ممن دعا إىل اهللا وعمل صاحلا وقال إنين من املسلمني 166, 165, 156...........ومن أضل ممن يدعو من دون اهللا من ال يستجيب له إىل يوم القيامة

504........................ومن آياته أنك ترى األرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها املاء اهتزت وربت, 149, 81, 80, 79, 68.... اهللا أندادا حيبوهنم كحب اهللا والذينومن الناس من يتخذ من دون

312 ,316 325, 321........................ومن الناس من يقول آمنا باهللا فإذا أوذي يف اهللا جعل فتنة الناس

Page 553: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

553

273, 261.............................................................ومن شر النفاثات يف العقد 179, 178......................ومن يدع مع اهللا إهلا آخر ال برهان له به فإمنا حسابه عند ربه إنه

119, 118, 111............................................................ثة األخرىومناة الثال 461.........................ومنهم من عاهد اهللا لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصاحلني

517...................وهو اهللا يف السماوات ويف األرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون 528............................ووصينا اإلنسان بوالديه محلته أمه وهنا على وهن وفصاله يف عامني

332, 331, 327, 274كل على اهللا فهو حسبه إن اهللا بالغويرزقه من حيث ال حيتسب ومن يتو 240, 199, 197.......ويعبدون من دون اهللا ما ال يضرهم وال ينفعهم ويقولون هؤالء شفعاؤنا

468, 465........................ويعذب املنافقني واملنافقات واملشركني واملشركات الظانني باهللا 203............................نذر ولكلويقول الذين كفروا لوال أنزل عليه آية من ربه إمنا أنت م

204.........................................................ويقولون أئنا لتاركو آهلتنا لشاعر جمنون 90...............................ويوم حيشرهم مجيعا مث يقول للمالئكة أهؤالء إياكم كانوا يعبدون

529.......................ويوم حيشرهم مجيعا يامعشر اجلن قد استكثرمت من اإلنس وقال أولياؤهم 212, 207.......................ياأهل الكتاب ال تغلوا يف دينكم وال تقولوا على اهللا إال احلق إمنا 362................................ياأيها الذين آمنوا أطيعوا اهللا وأطيعوا الرسول وأويل األمر منكم 530..................................ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما 493.................................ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم هبيمة األنعام إال ما

76, 75................................. وجاهدوا يفياأيها الذين آمنوا اتقوا اهللا وابتغوا إليه الوسيلة 443, 274...................................ياأيها الناس أنتم الفقراء إىل اهللا واهللا هو الغين احلميد

523........................ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 331, 326.........................................ياأيها النيب حسبك اهللا ومن اتبعك من املؤمنني

421...........................لوهبم قل استهزئواحيذر املنافقون أن ترتل عليهم سورة تنبئهم مبا يف ق 184....................................................خيافون رهبم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون

274.......................................يدعو ملن ضره أقرب من نفعه لبئس املوىل ولبئس العشري 538, 430, 389, 388, 85..................يعرفون نعمة اهللا مث ينكروهنا وأكثرهم الكافرون

194, 187, 185...........يعلم ما بني أيديهم وما خلفهم وال يشفعون إال ملن ارتضى وهم من 523, 145, 141, 140..........................يوفون بالنذر وخيافون يوما كان شره مستطريا

180, 175, 170...............يوجل الليل يف النهار ويوجل النهار يف الليل وسخر الشمس والقمر

Page 554: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

554

509......................يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا

Page 555: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

555

فهرس األحاديث 309.................يف احلرم، ومطلب دم امرئ بغري حق ليهريقأبغض الرجال إىل اهللا ثالثة ملحد

22.............................أتدري ما حق اهللا على العباد مث قال حق اهللا على العباد أن يعبدوه 403..................................................................................أجعلتين هللا ندا

60...........................................................................أخربهم مبا جيب عليهم 53, 52, 51, 43.................أخوف ما أخاف عليكم الشرك األصغر فسئل عنه قال الرياء

346, 339.......................ه العقوبة يف الدنيا، وإذا أراد بعبدهإذا أراد اهللا بعبده اخلري عجل ل 183........................إذا أراد اهللا تعاىل أن يوحي باألمر تكلم بالوحي؛ أخذت السماوات منه

303...........إذا ذكر القدر فأمسكوا، وإذا ذكر أصحايب فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا 464...................................................................إذا رأيت ما تكرهون فقولوا،

336.............قيـم على معاصيه، فـاعلموا أن ذلك استدراجإذا رأيتم اهللا يعطي العبد، وهو م 182........................إذا قضى اهللا األمر يف السماء ضربت املالئكة بأجنحتها خضعانا لقوله، 309, 306...............أربع يف أميت من أمر اجلاهلية ال يتركوهنن الفخر باألحساب، والطعن يف

197.....................................أسعد الناس بشفاعيت من قال ال إله إال اهللا خالصا من قلبه 484......................................لناس عذابا يوم القيامة الـذي يضـاهئون خبلق اهللاأشد ا

483, 479...................................أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون خبلق اهللا 511..................أطت السـماء وحق هلا أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إال وملك قائم، 517..................أطت السماء وحـق هلا أن تئط، ما فيها موضع أربعة أصابع إال وملك قائم،

57...............................................................أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه 156......................................................................أعوذ بكلمات اهللا التامات

413, 410...............................................أغيظ رجـل على اهللا يوم القيامة وأخبثه 311.....................أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا اهللا ورسوله أعلم

410..............................................................................أقلب الليل والنهار 352, 348.............؟ قالوا بلى ياأال أخربكم مبا هو أخوف عليكم عندي من املسيح الدجال

497.............................................أال أغفر لفالن، إين قد غفرت له وأحبطت عملك 457........................................................................................إال اجلنة

234..................................................................أال فال تتخذوا القبور مساجد 274, 268..................................أال هل أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بني الناس

Page 556: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

556

233...................أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، أال فال تتخذوا 65, 64.......................................................................... أن يوحدوا اهللاإىل

58........................إىل أن يوحدوا اهللا، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن اهللا افترض عليهم 367..................أليـس حيرمـون مـا أحـل اهللا فتحرمونه، وحيلون ما حرم اهللا فتحلونه ؟

413, 410...................إن أخنع اسم عند اهللا رجـل تسمى ملك األمالك، ال مالك إال اهللا 224, 219........اهللا كنيسة رأهتا بأرض احلبشة وما فيها من الصور،أن أم سلمة ذكرت لرسول

478, 473........إن أول ما خلق اهللا القلم، فقال له اكتب، فقال رب وماذا أكتب ؟ قال اكتب 473......................إن أول ما خلق اهللا تعاىل القلم فقال له اكتب، فجرى يف تلك الساعة مبا

107, 106, 103, 100, 97.................................إن الرقى، والتمائم، والتولة شرك 510.............................................إن السماوات السبع كدراهم سبعة ألقيت يف ترس

531, 248.........إن الشيطان أيس أن يعبده املصلون يف جزيرة العرب ولكن يف التحريش بينهم 270, 268.................................................إن العيافة، والطرق، والطرية من اجلبت

245......................إن اهللا زوى يل األرض، فرأيت مشارقها ومغارهبا، وإن أميت سيبلغ ملكها 478, 475........... قدر مقادير اخللق قبل أن خيلق السماوات واألرض خبمسني ألف سنةإن اهللا

391..........................................إن اهللا قسم بينكم أخالقكم كما قسم بينكم أرزاقكم 415..........................................................................إن اهللا هـو الـحكم

413.......................إن اهللا هو احلكم، وإليه احلكم فقال إن قومي إذا اختلفوا يف شيء أتوين 83.......................قال ما هذه ؟ قال من الواهنة،أن النيب رأى رجال يف يده حلقة من صفر ف

92.....................أن النيب رأى رجال يف يده حلقه من صفر، فقال ما هذه ؟ قال من الواهنة، 538..............أن النيب سئل هل نفعت عمك أبا طالب بشيء؟ قال هو يف ضحضاح من النار،

26............................أن النيب قال يف هذه اآلية حينما استعظم الصحابة هذه اآلية، وقالوا يا 518................................ قال لعمر ملا أراد أن يعتمر ال تنسنا يا أخي من دعائكأن النيب

390......................أن النيب ملا بعث معاذا إىل اليمن قال له إنك تأيت قوما أهل كتاب فليكن 210.......................أن النيب ملا رمى اجلمرات حبصيات، قال مبثل هذه فارموا وإياكم والغلو

423..................... أن يبتليهم فبعثإن ثالثة من بين إسرائيل أبرص، وأقرع وأعمى، فأراد اهللا 403..........................أن رجال قال للنيب ما شاء اهللا وشئت، فقال أجعلتين هللا ندا ؟ بلى ما 338, 333................أن رسول اهللا سئل عن الكبائر فقال الشرك باهللا، واليأس من روح اهللا،

288, 286............................أن رسول اهللا سئل عن النشرة فقال هي من عمل الشيطان

Page 557: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

557

347, 340.............، وإن اهللا تعاىل إذا أحـب قوما ابتالهم،إن عظم اجلزاء مـع عظم البالء 416.............إن قومي إذا اختلفوا يف شـيء أتونـي فحكمـت بينهم، فرضي كال الفريقني،

485, 480...............................أن ال تدع صورة إال طمستها، وال قربا مشرفا إال سويته 108................................أن ال يبقني يف عنق بعري قالدة من وتر، أو قال قالدة إال قطعت

275, 268....................................................................ان لسحراإن من البي 115..........................................................إن من الشجر ملا بركته كربكة املسلم

106, 105, 104, 98...............................................إن من تعلق شيئا وكل إليه 220.............إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد 235............إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد

321.............. ضعف اليقني أن ترض الناس بسخط اهللا، وأن حتمدهم على رزق اهللا وأنإن من 325.................إن من ضعف اليقني أن ترضي الناس بسخط اهللا، وأن حتمدهم على رزق اهللا،

503.........................أن ناسا قالوا يا رسول اهللا، يا خرينا وابن خرينا، وسيدنا وابن سيدنا، 404, 402..........ا شاء اهللا وشئت، وتقولونأن يهوديا أتى النيب فقال إنكم تشركون تقولون م

434........................................................أنا النيب ال كـذب، أنا ابن عبد املطلب 502.......................................................................أنا سيد ولد آدم وال فخر

34........................................................................................أنت منهم 10........................إنك تأيت قوما أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه إىل أن يوحدوا اهللا

65, 64, 58.. إال اهللاإنك تأيت قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ال إله 218, 217, 216............................................إمنا أنا عبد، فقولوا عبد اهللا ورسوله

9......................................................إمنا األعمال بالنيات، وإمنا لكل امرئ ما نوى 293, 292...........................................................إمنا الطرية ما أمضاك أو ردك 142.....................................................................إمنا يستخرج به من البخيل

366, 360....................أنه مسع النيب يقرأ هذه اآلية اختذوا أحبارهم ورهباهنم أربابا من دون 417.......................أنه قال رجل يف غزوة تبوك ما رأينا مثل قرائنا هؤالء، أرغب بطونا، وال 318......................أنه قال للنيب عليه الصالة والسالم إال من نفسي فقال يا عمر حىت أكون 97........................أنه كان مع النيب يف بعض أسفاره فأرسل رسوال أن ال يبقني يف رقبة بعري

102....................أرسل رسوال أن ال يبقني يف رقبةأنه كان مع رسول اهللا يف بعض أسفاره، ف 142..................................................................................إنه ال يأيت خبري

Page 558: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

558

168, 167.....................................................إنه ال يستغاث يب إمنا يستغاث باهللا 112.......................................................................................إهنا السنن

534, 524...........................................................إهنا طعام طعـم وشفاء سقم 220.........................إين أبرأ إىل اهللا أن يكون يل منكم خليل، فإن اهللا قد اختذين خليال كما

23.....................................كم حمرما فال تظاملواإين حرمت الظلم على نفسي وجعلته بين 483.............................................................أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعرية

140...................................................أوف بنذرك، فإنه ال وفاء لنذر يف معصية اهللا 224.............................................................أولئك إذا مات فيهم الرجل الصاحل

226, 225.............................................................أولئك شرار اخللق عند اهللا 225...........................................................أولئك شرار اخللق عند اهللا جل وعال

422.....................ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكبأومؤاخذون يا رسول اهللا مبا نقول ؟ قال 472...................................إياكم واحلسد، فإنه يأكل احلسنات، كما تأكل النار احلطب

218, 208...........................................إياكم والغلو فإمنا أهلك من كان قبلكم الغلو 228, 227............................................................اختذوا قبور أنبيائهم مساجد

345, 344, 339...........اثنتان يف الناس مها هبم كفر الطعن يف النسب، والنياحـة على امليت 265, 259................تنبوا السبع املوبقات ، قالوا يا رسول اهللا وما هن؟ قال الشرك باهللا،اج

234...............................................اجعلوا من صالتكم يف بيوتكم وال جتعلوها قبورا 460, 458........احرص على ما ينفعك واستعن باهللا، وال تعجزن، وإن أصابك شيء فال تقل لو

119......................................................................ارجع فإنك مل تصنع شيئا 491.............................................................................استعن باهللا وقاتلهم

501, 239.................................تد غضب اهللا على قوم اختذوا قبور أنبيائهم مساجداش 100.......................................اعرضوا علي رقاكم، ال بأس بالرقى ما مل يكن فيه شرك

491.....................................................................اغزوا بسم اهللا يف سبيل اهللا 490...............................اغزوا بسم اهللا يف سبيل اهللا، قاتلوا من كفر باهللا، اغزوا وال تغلوا

476, 472..................، واليوم اآلخر، وتؤمناإلميان أن تؤمن باهللا، ومالئكته وكتبه، ورسله 124........................................اجلنة أقرب إىل أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك

29........................................................................................احلج عرفة 405.......................................................احلكمة ضالة املؤمن أينما وجدها أخذها

Page 559: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

559

488, 485...................................................احللف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب 54.................................................................................الدعاء مخ العبادة 160, 53.........................................................................الدعاء هو العبادة 40...................................................................................الذين ال يرقون 40................................................................................ترقونالذين ال يس

503, 502, 500.........................................................السيد اهللا تبارك وتعاىل 352..........................الشرك اخلفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صالته ملا يرى من نظر رجل

344.......................................................الطعن يف النسب، والنياحـة على امليت 299........................................................الطرية شرك، الطرية شرك، الطرية شرك

292.................التوكلالطرية شرك، الطرية شرك، الطرية شرك، وما منا إال، ولكن اهللا يذهبه ب 121.........................اهللا أكرب إهنا السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل

111................................................اهللا أكرب، إهنا السنن لتتبعن سنن من كان قبلكم 464...................اللهم إنا نسألك من خري هذه الريح وخري ما فيها وخري ما أمرت به، ونعوذ

426...................... أنت، فاغفر يلاللهم إين ظلمت نفسي ظلما كثريا، وال يغفر الذنوب إال 448, 447, 446.........................................................اللهم اغفر يل إن شئت

239, 238, 236, 232, 230, 51.............................اللهم ال جتعل قربي وثنا يعبد 310........................النائحة إذا مل تتب قبل موهتا تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران،

93............................................................................................انزعها 502.........................سيدانطلقت يف وفد بين عامر إىل رسول اهللا فقلنا أنت سيدنا، فقال ال

66......................................انفذ على رسلك حىت ترتل بساحتهم مث ادعهم إىل اإلسالم 210................................................................................مبثل هذه فارموا

225..........................................................................بنوا على قربه مسجدا 457.......................................................................................بوجه اهللا

345....................................................بني الرجل وبني الشرك والكفر ترك الصالة 476........................................................................تؤمن بالقدر خريه وشره

41.................................................................تداووا عباد اهللا وال تتداووا حبرام 358, 353..........رهم، تعس عبد اخلميصة، تعس عبد اخلميلة،تعس عبد الدينار، تعس عبد الد

109, 108...............................................................................تقلد وترا

Page 560: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

560

318, 313.............ثالث من كن فيه وجد هبن حالوة اإلميان أن يكون اهللا ورسوله أحب إليه 304..........................ثالثة ال يدخلون اجلنة مدمن اخلمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر

300............................ بالسحرثالثة ال يدخلون اجلنة مدمن مخر، وقاطع الرحم، ومصدق 485...............ثالثة ال يكلمهم اهللا وال يزكيهم، وهلم عذاب أليم أشيمط زان، وعائل مستكرب،

488.............................ثالثـة ال يكلمهم اهللا، وال يزكيهم، وهلم عذاب أليم أشيمط زان 486...................مث إن بعدكم قوم يشهدون وال يستشهدون، وخيونون وال يؤمتنون، وينذرون

66............................. جيب عليهم من حق اهللا تعاىل فيهمث ادعهم إىل اإلسالم، وأخربهم مبا 498................جاء أعرايب إىل النيب فقال يا رسول اهللا هنكت األنفس، وجاع العيال، وهلكت

505..........................جاء حرب من األحبار إىل رسول اهللا فقال يا حممد إنا جند أن اهللا جيعل 234, 220.....................................................جعلت يل األرض مسجدا وطهورا

256..........رسول اهللا اليهود والنصارى؟ قال فمن؟حىت لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا 257..............................................................حىت يلحق حي من أميت باملشركني

266, 260.............................................................حد الساحر ضربه بالسيف 22................................................حق اهللا على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئا

197..........................................................................خالصا من قلبه ونفسه 432.................................................................................خدعهما مرتني

486..............................يلوهنمخـري أميت قرين مث الذين يلوهنم، مث الذين يلوهنم، مث الذين 486........................خري الناس قرين، مث الذين يلوهنم، ثـم الذين يلوهنم، مث جييء قوم تسبق

123, 56................................................................................دخل اجلنة 133, 54................................................................................دخل النار

298, 291...............ذكرت الطرية عند رسول اهللا فقال أحسنها الفأل، وال ترد مسلما، فإذا 405.....................نكمرأيت كـأين أتيت على نفر من اليهود قلت إنكم ألنتم القوم، لوال أ

403................رأيت كأين أتيت على نفر من اليهود قلت إنكم ألنتم القوم، لوال أنكم تقولون 345............................................................سباب املسـلم فسوق، وقتاله كفر

499........................................................................سبحان اهللا، سبحان اهللا 170.................مسع رسول اهللا يقول إذا رفع رأسه من الركوع يف الركعة األخرية من الفجر

232.......................إين أبرأ إىل اهللا أن يكون يلمسعت النيب قبل أن ميوت خبمس، وهو يقول 170..............شج النيب يوم أحد وكسرت رباعيته، فقال كيف يفلح قوم شجوا نبيهم فرتلت

310, 306..............صلى لنا رسول اهللا صالة الصبح باحلديبية على إثر مساء كانت من الليل،

Page 561: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

561

448...............................................................................طهور إن شاء اهللا 450....................................................................................عبدي وأميت

32......................والنيب ومعه الرجل والرجالن،عرضت علي األمم فرأيت النيب ومعه الرهط 60......................................................................................على رسلك

28, 25.....................................................................على ما كان من العمل 299....................فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهم ال يأيت باحلسنات إال أنت، وال يدفع

30......................................................فإن اهللا حرم على النار من قال ال إله إال اهللا 29, 25, 24....................فإن اهللا حرم على النار من قال ال إله إال اهللا يبتغي بذلك وجه اهللا

448, 447.....................................................................فإن اهللا ال مكره له 455...............................فإن مل جتدوا ما تكافئونه فادعوا له حىت تروا أنكـم قد كافأمتوه

109............................................................................فإن حممدا بريء منه 94.........................................................فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا

234...........................................................................فإين أهناكم عن ذلك 499......................................فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع باهللا عليك وبك على اهللا

281............................................................ تقبل له صالة أربعني يومافصدقه مل 134....................................................................................فضربوا عنقه

42........................فقام عكاشة بن حمصن فقال يا رسول اهللا، ادع اهللا أن جيعلين منهم، فقال 397..............................................................................فقد كفر أو أشرك

283....................................................................فقد كفر مبا أنزل على حممد 97............................................................................................فقطعه

205.......................فكان آخر ما قال هو على ملة عبد املطلب، وأىب أن يقول ال إله إال اهللا، 95...................................................................................... اهللا لهفال أمت

96...................................................................................فال ودع اهللا له 66.....................فلما أصبحوا غدوا على رسول اهللا كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن

482..............................................فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعرية 402.................................................................................فليـس من اهللا

10........................فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ال إله إال اهللا، وأن حممدا رسول اهللا 65................................................... تدعوهم شهادة أن ال إله إال اهللافليكن أول ما

473...............................................فمن مل يؤمن بالقدر خريه وشره أحرقه اهللا بالنار

Page 562: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

562

39................فنظرت، فإذا سواد عظيم، فقيل يل هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون اجلنة 139..............................................................فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ 364............................................................فيأتيـه ملكان فيسأالنه من ربك ؟

491.............................................................................قاتلوا من كفر باهللا 195........................ال أبو هريرة للنيب من أسعد الناس بشفاعتك ؟ قال من قال ال إله إالق

351, 348......قـال اهللا تعاىل أنا أغىن الشركاء عن الشـرك، مـن عمـل عمـال أشـرك 52.......................قال اهللا تعاىل أنا أغىن الشركاء عن الشرك، من عمل عمال أشرك فيه معي

341................................................... بكقال اهللا تعاىل إمنا بعثتك ألبتليك، وأبتلي 482, 479............قال اهللا تعاىل ومن أظلم ممن ذهب خيلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا

409..........................................قال اهللا تعاىل يؤذيين ابن آدم؛ يسب الدهر وأنا الدهر 408, 407...............قال اهللا تعاىل يؤذيين ابن آدم؛ يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار

32, 24..........................ين بقراب األرض خطايا، مث لقيتينقال اهللا تعاىل يا ابن آدم، لو أتيت 496................................قال رجـل واهللا ال يغفر اهللا لفالن، فقال اهللا من ذا الذي يتأىل

494..........................قال رجل واهللا ال يغفر اهللا لفالن، فقال اهللا من ذا الذي يتأىل علي أن 24....................قال موسى يا رب، علمين شيئا أذكرك وأدعوك به، قال قل يا موسى ال إله

300................ا كفارة ذلك؟ قال أن تقول اللهم ال خري إال خريك، وال طري إال طريكقالوا فمTD 12....رسول اهللا حني أنزل عليه وأنذر عشريتك األقربني فقال يا معشر قريش( )-0 1.633 TD0 TTj/299 0 TD0 Tc( )33 0 TD0.0009 Tc(171.............)Tj/T T6 1 Tf-1.6332f0.Dخريخري24-

ة طري ر ا ف ة 300ك ر ا ف ك

إال إال اال وال إال خري b7Tj إال/TT1 1 Tf0.2285 40.234 0 TD-0.0012 Tc<015a01bb>Tj/TT2 1 -T2 17Tf0.460a( )( )Tj 1 Tf0.2434 0 TD325434 0 TD-0.0012 Tc<015a01bb>Tj/TT2 1 -T2 1Tj7 0 TD0 T0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.2434 0 TD-0.0012 Tc<015a01bb>Tj/TT2 1 -T2 17154 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.2434 0 TD-0.0012 Tc<020f019b>Tj/TT2 1 -0..433 0 TD0 ( )Tjc( )Tj/TT1 1 Tf014434 0 TD-0.0012 Tc<020f019b>Tj/TT2 1 Tf0.9588 0 TD0 Tc( )Tj/TT1 1 Tf0.2434 0 TD<020f>Tj/TTf0.8127 0 T07 Tc-23.9101 0 TD0.19.097/TT2 1 -0..945 0/1.633 0 TD0 TTj/299 TTj/299 0 TD-45169.. T4.............ال ةإال ر ا ف ك

الإال إال ال إ

Page 563: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ
Page 564: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

564

291........................ال عدوى، وال طرية ويعجبين الفأل قالوا وما الفأل؟ قال الكلمة الطيبة 413.................................................................................ال مالك إال اهللا

437...................................ال حنصي ثناء عليك، أنـت كمـا أثنيـت علـى نفسك 318, 317, 313.........أحب إليه من ولده ووالده والناس أمجعنيال يؤمن أحدكم حىت أكون

369............................................ال يؤمن أحدكم حىت يكون هواه تبعا ملا جئت بـه�ľ �ú�÷�šقبة بعري قالدة من وتر أو قالدة إال قطعت � .......250f01be01b70197...

Page 565: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

565

288......................ملا سئل النيب عليه الصالة والسالم عن النشرة قال هي من عمل الشيطان 219....................ملا نزل برسول اهللا طفق يطرح مخيصة له على وجهه، فإذا اغتم هبا كشفها،

226...................... نزل به املوت طفق يطرح مخيصة له على وجهه،ملا نزل برسول اهللا يعين 537..................................................لوال أنا لكان عمي يف الدرك األسفل من النار

539.........................................لـوال أنـا لكـان يف الـدرك األسفل مـن النـار 402...............................................................................ليـس مـن اهللا

283....................................................................ليس منا من تطري أو تطري له 277.....................،ليس منا من تطري أو تطري له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له

345, 339.....ليـس منا مـن ضرب اخلـدود، وشـق اجليـوب ودعـا بدعـوى اجلاهلية 447....................................................................................ليعزم املسألة

501................................................................ما أحب أن ترفعوين فوق مرتليت 94...................................................................................ما أفلحت أبدا

506..............................ما السماوات السبع يف الكرسي إال كدراهم سبعة ألقيت يف ترس 506..............خردلة يف يد أحدكمما السماوات السبع واألرضون السبع يف كف الرمحن إال ك

506.................ما الكرسي يف العرش إال كحلقة من حديد ألقيت بني ظهري فالة من األرض 231......................................................ما بني بييت ومنربي روضة من رياض اجلنة

134............................................................ما كنت ألقرب ألحد شيئا دون اهللا 115............................................................ما هذه بأول بركتكم يا آل أيب بكر

93..........................................................................................ما هذه؟ 534, 524...................................................................ماء زمزم ملا شرب له

31...........................................................................ال إله إال اهللامالت هبن 133................................مر رجالن على قوم هلم صنم ال جيوزه أحد حىت يقرب له شيئا

276...........................من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه مبا يقول فقد كفر مبا أنزل على حممد 280............................من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه، ال تقبل له صالة أربعني يوما

282, 276....................ة أربعني يومامن أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه، مل تقبل له صال 280.....................................من أتى عرافا فسأله عن شيء ال تقبل له صالة أربعني يوما 280.....................................من أتى عرافا فسأله عن شيء مل تقبل له صالة أربعني يوما 282, 276............................من أتى كاهنا فصدقه مبا يقول فقد كفر مبا أنزل على حممد 6.............................. قوله تعاىل قلمن أراد أن ينظر إىل وصية حممد اليت عليها خامته فليقرأ

Page 566: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

566

304, 272, 268.............من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد 342...........................................................................من اإلميان باهللا الصرب

326, 321...من التمس رضا اهللا بسخط الناسوأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط 97........................................................................................من احلمى 93........................................................................................من الواهنة

102........................................................................من تشبه بقوم فهو منهم 96, 83...................................................................متيمة فقد أشركمن تعلق

95, 83..............................من تعلق متيمة فال أمت اهللا له، ومن تعلق ودعة فال ودع اهللا له 401............................................من حلف باهللا فليصدق، ومن حلف له باهللا فلريض

397..............................................................................من حلف بغري اهللا 397, 394................................................من حلف بغري اهللا فقد كـفر أو أشرك

402, 401...............................................................من حلف له باهللا فلريض 55......................................................................................من دون اهللا 496........................................................................ذي يتأىل علي ؟من ذا ال

300, 292...........من ردته الطرية عن حاجته فقد أشرك قالوا وما كفارة ذلك؟ قال أن تقولوا 452.......................من سأل باهللا فأعطوا ومن استعاذ باهللا فأعيذوا ومن دعاكم فأجيبوا ومن

454...........................................................................من سأل باهللا فأعطوه 260............................................................................من سحر فقد أشرك

356.................................ليصل رمحـهمن سره أن يبسط له يف رزقه وينسأ له يف أثره ف 28, 23...................من شهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له، وأن حممدا عبده ورسوله، 484, 483, 479.........من صور صورة يف الدنيا كـلف أن ينفخ فيها الـروح، وليس بنافخ

272.......من عقد عقدة مث نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه 351............................................فيه معي غريي تركته وشركهمن عمل عمال أشرك

69......................من قال ال إله إال اهللا وكفر مبا يعبد من دون اهللا، حرم ماله ودمه، وحسابه 81.................................................من قال ال إله إال اهللا، وكفر مبا يعبد من دون اهللا

81, 68........................من قال ال إله إال اهللا، وكفر مبا يعبد من دون اهللا، حرم ماله ودمه، 356..........................................................................من قتل قتيال فله سلبه

55, 43...............من لقي اهللا ال يشرك به شيئا دخل اجلنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار

Page 567: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

567

56.............................................................من لقي اهللا يشرك به شيئا دخل النار 473...............................................................من مات على غري هذا فليس مين

109, 54, 53, 43.............................من مات وهو يدعو من دون اهللا ندا، دخل النار 109.......................................................من مات وهو يشرك باهللا شيئا دخل النار

147, 146, 141, 140.........ن يطيع اهللا فليطعه، ومن نذر أن يعصي اهللا فال يعصهمن نذر أ 155, 154, 148.من نزل مرتال فقال أعوذ بكلمات اهللا التامات من شر ما خلق، مل يضره شيء

346................................................................من يرد اهللا به خـريا يصب منه 134....................نذر رجل أن يذبح إبال ببوانة فسأل النيب فقال هل كان فيه وثن من أوثان 138..................نذر رجل أن يذبح إبال ببوانة، فسأل النيب فقال هل كان فيها وثن من أوثان

498.............................................................................نستشفع باهللا عليك 498...........................................................................نستشفع بك على اهللا

506.....................هل تدرون كم بني السماء واألرض ؟ قلنا اهللا ورسوله أعلم، قال بينهما 139...............................................................هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ 138............................................هلية يعبد ؟ قالوا الهل كان فيها وثن من أوثان اجلا

218, 208..............................................................هلك املتنطعون قاهلا ثالثا 514........................................................................هم الذين ال يسـترقون

40................................................هم الذين ال يسترقون، وال يكتوون، وال يتطريون 290, 289..................................................................هي من عمل الشيطان

195, 187.................وأخرب النيب أنه يأيت فيسجد لربه وحيمده ال يبدأ بالشفاعة أوال مث يقال 67..........................................................ليهم من حق اهللا فيهوأخربهم مبا جيب ع

491.........................وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن جتعل هلم ذمة اهللا وذمة نبيه، فال 493...................وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن جتعل هلم ذمة اهللا وذمة نبيه، فال جتعل 494...................وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن ترتهلم على حكم اهللا، فال ترتهلم على

257....................يرفع إىل يوم القيامة وال تقوم الساعة حىت يلحقوإذا وقع عليهم السيف مل 57.............................................................................وأستغفرك مما ال أعلم

416.....................................................................................وإليه احلكم 461.......................................وإن أصابك شيء فال تقل لو أين فعلت لكان كذا وكذا

495, 422.............وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ال يلقي هبا باال يهوي هبا يف النار سبعني خريفا

Page 568: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

568

393, 388....................................مؤمن يب وكافروإن اهللا تعاىل قال أصبح من عبادي 410, 409..............................................................................وأنا الدهر

257, 246..............وإمنا أخاف على أميت األئمة املضلني، وإذا وقع عليهم السيف مل يرفع إىل 31..........................................................................واألرضني السبع يف كفة

505...................................واجلبال والشجر على إصبع مث يهزهن فيقول أنا امللك أنا اهللا 235.................................................................والذين يتخذون القبور مساجد

477...............................................................................والشر ليس إليك 497..........................................................................واهللا ال يغفر اهللا لفالن

225............................................................وجعلت يل األرض مسجدا وطهورا 257................................................................وحىت تعبد فئام من أميت األوثان

22...........................................وحق العباد على اهللا أن ال يعذب من ال يشرك به شيئا 489...............................ورجل جعل اهللا بضاعته، ال يشتري إال بيمينه وال يبيع إال بيمينه

258...........كلها يف النار إال واحدة، وهي اجلماعةوستفترق هذه األمة على ثالث وسبعني فرقة 244...................................................وصلوا علي، فإن صالتكم تبلغين حيث كنتم

489, 488.........................................................................وعائل مستكرب 41..............................................................................وعلى رهبم يتوكلون

241.................وعن علي بن احلسينأنه رأى رجال جييء إىل فرجة كانت عند قرب النيب فيدخل 22......................اذ أتدريوعن معاذ بن جبلقال كنت رديف النيب على محار فقال يل يا مع

14.......................وقال النيب حينما سئل أي الذنب أعظم؟ قال أن جتعل هللا ندا، وهو خلقك 195, 187................وقال له أبو هريرة من أسعد الناس بشفاعتك قال من قال ال إله إال اهللا 464........................وكان النيب عليه الصالة والسالم إذا رأى شيئا يف السماء أقبل وأدبـر،

298.................................................................................وال ترد مسلما 258, 250.......طائفة من أميت ظاهرين على احلق ال يضرهم من خذهلم إىل قيام الساعةوال تزال

258....................وال تزال طائفة من أميت على احلق منصورة ال يضرهم من خذهلم حىت يأيت 296.......................................................................................وال طرية

296, 291......................................................................وال نوء، وال غول 297..............................................................................وال هامة وال صفر

41......................................................................................وال يتطريون 40......................................................................................وال يكتوون

Page 569: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

569

299.......................................................................ولكن اهللا يذهبه بالتوكل 399............................................................ولكن قولوا ما شاء اهللا مث شاء فالن

233........................................ولو كنت متخذا من أميت خليال الختذت أبا بكر خليال 447, 445.........................................وليعظم الرغبة، فإن اهللا ال يتعاظمه شيء أعطاه

451..........................................................................وليقل سيدي وموالي 299, 294...................................................وما منا إال، ولكن اهللا يذهبه بالتوكل

305, 304.......................................................................ومصدق بالسحر 454....................................................................... فأعيذوهومن استعاذ باهللا

326........................ومن التمس رضا الناس بسخط اهللا سخط اهللا عليه وأسخط عليه الناس 96..................................................................ومن تعلق ودعة فال ودع اهللا له

455...........................................................................ومن دعاكم فأجيبوه 455................................................................ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه

496.......................................................ومن عباد اهللا من لو أقسم على اهللا ألبره 56...............................................................ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار

402...................................................................................ومن مل يرض 147...............................................................ومن نذر أن يعصي اهللا فال يعصه

451........................................................................................وموالي 112.........................................................................وحنن حدثاء عهد بكفر

500............وحيك أتدري ما اهللا ؟ إن شأن اهللا أعظم من ذلك؛ إنه ال يستشفع باهللا على أحد 297............................................ويعجبين الفأل قالوا وما الفأل؟ قال الكلمة الطيبة 500........................ن، أنا حممد عبد اهللايا أيها الناس قولوا بقولكم، وال يستهوينكم الشيطا

30.......................يا رب علمين شيئا أذكرك به وأدعوك به قال قل يا موسى ال إله إال اهللا، 30.........يا رب، كل عبادك يقولون هذا ؟ قال يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غريي

107, 98.................يا رويفع، لعل احلياة تطول بك، فأخرب الناس أن من عقد حليته، أو تقلد 200.........................، قل ال إله إال اهللا، كلمة أحاج لك هبا عند اهللا، فقاال له أترغبيا عم

172..................................................يا فاطمة بنت حممد ال أغين عنك من اهللا شيئا 195...................................يا حممد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع

182...................يا معشر قريش اشتروا أنفسكم ال أغين عنكم من اهللا شيئا، يا عباس بن عبد 29.............................................................................اهللايبتغي بذلك وجه

Page 570: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

570

505..................جيعل السماوات على إصبع واملاء والثرى على إصبع، وسائر اخللق على إصبع 409.........................................................................يسب الدهر وأنا الدهر

505...........................يطوي اهللا السماوات يوم القيامة، مث يأخذهن بيده اليمىن مث يقول أنا

Page 571: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

571

الفهرس 2.........................................................................................املقدمة

6.................................................................................كتاب التوحيد

23...............................................باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب

32..........................................يد دخل اجلنة بغري حسابباب من حقق التوح

43..................................................................باب اخلوف من الشرك

58..................................................باب الدعاء إىل شهادة أن ال إله إال اهللا

68............................................باب تفسري التوحيد وشهادة أن ال إله إال اهللا

83.........................باب من الشرك لبس احللقة واخليط وحنومها لرفع البالء أو دفعه

98...........................................................باب ما جاء يف الرقى والتمائم

112.................................................باب من تربك بشجر أو حجر وحنومها

124.................... جل وعالباب ما جاء يف الذبح لغري اهللا من الوعيد وأنه شرك باهللا

135..............................................باب ال يذبح هللا مبكان يذبح فيه لغري اهللا

141....................................................باب من الشرك النذر لغري اهللا تعاىل

149...............................................باب من الشرك االستعاذة بغري اهللا تعاىل

157....................................باب من الشرك أن يستغيث بغري اهللا أو يدعو غريه

.tβθä {: باب قول اهللا تعاىل Îô³ç„ r& $ tΒ Ÿω ß,è= øƒ s† $ \↔ ø‹ x© öΝèδ uρ tβθ à)n= øƒ ä† { ...............171

# {: باب قول اهللا تعاىل ¨L ym #sŒ Î) tí Ìh“ èù tã óΟ Îγ Î/θ è= è% (#θ ä9$ s% #sŒ$ tΒ tΑ$ s% öΝä3š/ u‘ {......183

187..........................................................................باب الشفاعة

y7Ρ {: باب قول اهللا تعاىل Î) Ÿω “ ωöκsE ô tΒ |M ö6 t7ôm r& £Å3≈ s9uρ ©! $# “ ωöκ u‰ tΒ â!$ t±o„ {..201

208..............باب ما جاء أن سبب كفر بين آدم وتركهم دينهم هو الغلو يف الصاحلني

220............باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد اهللا عند قرب رجل صاحل فكيف إذا عبده

238..باب ما جاء أن الغلو يف قبور الصاحلني يصريها أوثانا تعبد من دون اهللا تبارك وتعاىل

243. كل طريق يوصل إىل الشرك جناب التوحيد وسدهباب ما جاء يف محاية املصطفى

246..........................................باب ما جاء أن بعض هذه األمة يعبد األوثان

260................................................................باب ما جاء يف السحر

269......................................................باب بيان شيء من أنواع السحر

Page 572: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

572

277.......................................................باب ما جاء يف الكهان وحنوهم

287.................................................................باب ما جاء يف النشرة

292..................................................................باب ما جاء يف التطري

301................................................................باب ما جاء يف التنجيم

307.....................................................سقاء باألنواءباب ما جاء يف االست

š∅ÏΒ {باب قول اهللا تعاىل uρ Ĩ$Ζ9$# tΒ ä‹Ï‚ −G tƒ ÏΒ Èβρ ߊ «!$# # YŠ# y‰Ρ r& öΝåκ tΞθ ™6 Ït ä† Éb=ßs x. «! $#

{...................................................................................313

$ {اب قول اهللا تعاىل ب yϑ ¯ΡÎ) ãΝä3Ï9≡sŒ ß≈ sÜø‹ ¤±9$# ß∃ Èhθ sƒ ä† …çν u!$ uŠÏ9 ÷ρ r& Ÿξ sù öΝèδθ èù$ y‚ s? Èβθèù% s{ uρ β Î)

ΛäΖä. tÏΖ ÏΒ ÷σ•Β {......................................................................322

’ {: باب قول اهللا تعاىل n? tã uρ «!$# È≅©. uθ tG uŠ ù= sù tβθ ãΖÏΒ ÷σßϑ ø9$# {............................327

θ#) {باب قول اهللا تعاىل ãΖÏΒ r' sùr& tò6 tΒ «!$# 4 Ÿξ sù ß tΒ ù'tƒ tò6 tΒ «!$# ω Î) ãΠöθ s)ø9 $# tβρ çÅ£≈ y‚ ø9$# {.......................................................................................334

340..............................................باب من اإلميان باهللا الصرب على أقدار اهللا

349..................................................................باب ما جاء يف الرياء

354.............................................باب من الشرك إرادة اإلنسان بعمله الدنيا

باب من أطاع العلماء واألمراء يف حترمي ما أحل اهللا أو حتليل ما حرمه فقد اختذهم أربابا من 360...............................................................................دون اهللا

öΝs9 {: باب قول اهللا تعاىل r& t s? ’ n< Î) š Ï% ©!$# tβθ ßϑ ãã ÷“ tƒ öΝßγ ¯Ρ r& (#θ ãΨ tΒ#u !$ yϑ Î/ tΑ Ì“Ρé& y7 ø‹s9 Î)

{ ..................................................................................369

379.............................................باب من جحد شيئا من األمساء والصفات

tβθèù { تعاىل باب قول اهللا Ì÷è tƒ |M yϑ ÷è ÏΡ «! $# ¢Ο èO $ pκtΞρ ãÅ6ΖムãΝèδç sY ò2 r& uρ šχρ ãÏ≈ s3ø9 $# {.......................................................................................389

Ÿξ {باب قول اهللا تعاىل sù (#θ è= yè øgrB ¬! #YŠ# y‰Ρr& öΝçFΡr& uρ šχθ ßϑ n= ÷è s? {...................394

401................................................باب ما جاء فيمن مل يقنع باحللف باهللا

403...........................................................باب قول ما شاء اهللا وشئت

Page 573: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

573

408.....................................................فقد آذى اهللاباب من سب الدهر

411....................................................باب التسمي بقاضي القضاة وحنوه

414...................................باب احترام أمساء اهللا تعاىل وتغيري االسم ألجل ذلك

418................................باب من هزل بشيء فيه ذكر اهللا أو القرآن أو الرسول

÷ {باب قول اهللا تعاىل È⌡s9 uρ çµ≈ oΨø% sŒr& Zπ tΗ ôqy‘ $ ¨Ψ ÏiΒ .ÏΒ Ï‰÷è t/ u !#§ŸÑ çµ÷G ¡¡ tΒ £ s9θ à)uŠ s9 # x‹≈ yδ ’Í< {.......................................................................................423

$! {باب قوله تعاىل £ϑ n= sù $ yϑßγ9s?# u $ [s Î=≈ |¹ Ÿξ yè y_ …çµ s9 u !% x.u à° !$ yϑŠ Ïù $ yϑ ßγ9s?# u 4 ’ n?≈ yè tG sù ª!$#

$ £ϑ tã tβθ ä.Îô³ç„ {.....................................................................429

uρ â!¬ {باب قول اهللا تعاىل !$ oÿ ôœ F{$# 4 o_ ó¡çt ø: $# çνθ ãã ÷Š$$ sù $ pκÍ5 ( (#ρ â‘ sŒuρ t Ï% ©!$# šχρ ߉Ås ù= ムþ’ Îû

ϵÍ× ¯≈ yϑ ó™ r&{...........................................................................437

444..........................................................باب ال يقال السالم على اهللا

447......................................................باب قوله اللهم اغفر يل إن شئت

451.............................................................باب ال يقول عبدي وأميت

454..............................................................من سأل باهللاباب ال يرد

458.......................................................باب ال يسأل بوجه اهللا إال اجلنة

460....................................................................باب ما جاء يف اللو

464.............................................................باب النهي عن سب الريح

šχθ‘Ζ {باب قول اهللا تعاىل Ýà tƒ «!$$ Î/ uö xî Èd, ys ø9$# £ sß Ï𠧋Î= Îγ≈ yf ø9$# { ..............467

474.........................................................اب ما جاء يف منكري القدرب

481..............................................................باب ما جاء يف املصورين

487...........................................................باب ما جاء يف كثرة احللف

492......................................................باب ما جاء يف ذمة اهللا وذمة نبيه

496.......................................................باب ما جاء يف اإلقسام على اهللا

500.......................................................باب ال يستشفع باهللا على خلقه

502........................ محى التوحيد وسده طرق الشركباب ما جاء يف محاية النيب

$ {باب ما جاء يف قوله تعاىل tΒ uρ (#ρ â‘ y‰ s% ©!$# ¨, ym Íν Í‘ ô‰s% { .......................507

Page 574: التمهيد لشرح كتاب التوحيد · ﺪﻴﺣﻮﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺡﺮﺸﻟ ﺪﻴﻬﻤﺘﻟﺍ 3 ﻢﻴﺣﺮﻟﺍ ﻦﲪﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻢﺴﺑ ﺍﻮﻘﻔﺗﺎﻓ

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

574

515...............................................................................أسئلة وفوائد

543..............................................................................فهرس اآليات

555...........................................................................فهرس األحاديث

571....................................................................................الفهرس