نبزية بشار بن برد

يف مدل عقبة بن سلم دراسة ربليلية مفارنة

أحمد مختار البزرة/ د

أستاذ األدب المشارك بكلية اللغة العربية

:دواعي الدراسة

دراسة اآلثار األدبية دراسة منهجية ربليلية ىي الصرح لتاريخ األدب، يف عصر أك عدة عصور، أك :كىي اؼبيداف اؼبوثوؽ لكثت من فركع علم اللغة كالسيما. لتاريخ جامع ألدب األمة

.نشوء اؼبفردات كتطور معانيها ما بت أجياال األدباء عرب العصور -

.كابتكار التاكيب ذات الدالالت الطارئة كالفريدة -

.كجهود العبقريات يف إغناء اللغة باؼبضامت الفكرية كالعاطفية اليت يبر هبا العصر -

كإذا كانت ىي األرضية للنقد األديب فهي أيضا الرصيد العملي الثرم لعلم البالغة كلعلم األسلوب اللذين يعنياف بأسس التعبت اعبديل كدقائقو كأسراره، كبالعطاء اؼبتبادؿ ما بت اللغة كاألديب يف عمليات

.التوليد كاإلبداؿ

كلن تلقى مؤرخان كبتان يف عامل األدب أك ناقدان فذان مل وبصل خربتو كعلمو من التعامل الصابر مع يفحص مبانيها، كيستكنو إوباءاهتا، كيكتشف إشاراهتا كرموزىا اػبافية حىت ينتهي إىل نظرات : النصوص

.كأحكاـ أينفو مدعومة بالدليل اؼبادم

كىي يف الدراسة اعبامعية كسيلة كمنهج الـز للطلبة اؼبتخصصت ليتعمقوا النصوص فهمان يبلغ الغور كيستخرج الدر اػبيبء، كييبصرىم دبكونات النص األديب لتتمايز ؽبم مراكز القوة من الضعف، كالتعبت اعباؼ

.اؼببدع من اآلخر الساكن احملافظ

كلن تكوف ؽبم ملكة الذكؽ اؼبصقوؿ ك التقونو السديد كاالستجابة الفنية التلقائية إال بعد مرافو مدمن لتكوين موقف موضوعي من األحكاـ على ربليل النصوص شعرا أك نثرا، فهي يف هناية اؼبطاؼ العدة كاألداة

السياسية كالفكرية كاالجتماعية كالفنية اليت اكتنفت تارىبنا األديب بتعميمات مرذبلة أك مسرفة يف الشطط .أحيانان مل تعتمد االستقصاء كالبحث التحليلي

كأدىن شبار الدراسة التحليلية للنصوص أف ييكوف الطالب الدراسي تكوينان أدبيان شخصينا يوظف فيو .إمكاناتو كذكقو

كلعل من كاجب الدارست يف اعبامعة اإلسالمية أف يقدموا مباذج تػىهدم أبناءنا إىل إحراز ىذا بقصيدة يف اؼبدح كانت - بعوف من اللو - كعسى أف يػيوىفق اللو إىل تقدن عدد منها بادئت . الغرض

تالقي عند أىل األدب حظان من االستحساف، لشاعر كاف رائد الشعر كالشعراء يف العصر العباسي األكؿ .ىو بشار بن برد

1القصيدة

"وىي من مختار صنعة بشار، وصدورىا ومما تشبو بو بالقدماء في مذاىبهم "

198/ 3: األغاني: أبو الفرج األصفهاني

ـ العال .1 حييا صاحيب أ2

كاحذرا طرؼى عينها اغبوراء ، كالداءي قبل الدكاء 3 ليملم إف يف عينها دكاءن كداء .2، ال طابى عيشي إزاء 4ـ إزاءو رب فبىش منها إلينا على رغ .3كتىصدت يف السبت يل لشقائي أسقمت ليلةي الثالثاء قليب .4مث راحت يف اغبلة اػبضراء كغداة اػبميس قد موتتت .5 5ـ خياالن أىصبتى عيت بداءإذا رأيتك يف النو : يـو قالت .6بك حىت كأنت يف اؽبواء كاستيخف الفؤادي شوقان إىل قر .7يا لىقومي دمي على ضباء فينا 6مث صدت لقوؿ ضباءى .8ميشرفاتو ال تلوما فإهنا من نساء .9

يىطرفن طىرؼى الظباء 7كأمسى من اؽبول يف عناء كأعينا امرأن جفا كده اغبي .10عرضا حاجيت عليها كقوال .11 أنسيت السرار ربت الرداء ابر أبكي عليك جهد البكاء كمقامي بذىن اؼبصلى إىل اؼبن .12ما التجت من شيمة اغبلماء كمقاؿى الفتاة عودم حبلم .13كقوؿي العدل كطوؿ اعبفاء فاتقي اللو يف فىتن شفو اغببي .14

1 . ـ1976عاشور، تونس: ت. 1/132: نصان كامال من ديواف بشار بن برد

2 (الصحاح)شدة بياض العت يف شدة سوادىا : امرأة كنبية، كحوراء صفة من اغبور: أـ العالء

3 .داناه كبالقـو نزؿ هبم: أمل باؼبكاف: ميلم

4. اسم الرجل الرقيب على تلك اؼبرأة: إزاء

5 .كناية عن امتناع النـو عليها: أصبت عيت بداء

6 .اسم امرأة كاغبماء كاألحم السوداء كاألسود: ضباء

7 .من نساء ذكات طوؿ أك ذكات شرؼ كمكانة: مشرفات

ؽ صريعان كأنو يف الفضاء أنت با عدتو فأمسى من الشو .15 قادحان يف السخاء 1حسبيك الوأمي فاذكرم كىأيوى عليك كجودم .16 2دى فأىكيف ما قلت يف الركحاء قد يسيء الفيت كال ىبيلف الوع .17فاقض كاظفر بو على الغرماء إف كعدى الكرن دينه عليو .18كافى ما بيننا كظل السراء مث قالت 3فاستهلت بعربةو .19 من اػبيلطاء4أنت سيرسيوريت يا سيليمي قومي فركحي إليو .20

كل شيءو مصتهي لفناء : بلغيو السالـ مت كقويل .21كتعزل قليب كما من عزاء فتسليتي باؼبعازؼ عنها .22كفى رفاضان يبشت مشي النساء تلقى هبا العي 5كفالةو زكراءى .23كب فضاءن موصولةن بفضاء تىغوؿي بالر 6من بالد اػبايف .24ف نداء يف الصبح أك كالنداء كللجندب اعبو 7قد ذبشمتها .25ؿ بريعانو ارتكاض النهاء اليعفور كارتكض اآل 8حت قاؿ .26ؿ مركح تغلو من الغلواء اليدين عاملة الرج 9بسبوح .27 10ؾ فتكل من حبره بدالءنبها أف تزكر عقبة يف اؼبل .28ب كما إنشقت الدجى عن ضياء تنشق عن كجهو اغبر 11مالكي .29دة كالبأس كالندل كالوفاء أيها السائلي عن اغبـز كالنج .30

1 .الوعػد: الوأم

2 .مكػاف: الركحاء

3 .شجر تتخذ منو القسي ظلو مديد، أرادت عهدان قصتا مل يدـ إال الظل: بكت، كالسراء: الدمعة، كاستهلت: العربة

4 .األصحاب الذين زبالطهم كىبالطونك: اؼبقربة إليها اؼبؤسبنة على سرىا، كاػبلطاء: السيرسورة

5 .متفرقة: كرفاضا. بقر الوحش الواحدة عيناء: متامية األطراؼ، كالعت: فالة زكراء

6 .ـبففة من تتغوؿ، أم ىبتفي فيها الركب فال يهتدم إليو التساعها: بالد اعبن، كتغوؿ: من بالد اػبايف

7 .ربملت أخطار الست فيها، كاعبندب ضرب من اعبراد إذا اشتد اغبر صوت: ذبشمتها

8. اضصرب: شدتو، كارتكض: السراب كريعانو: ضبار الوحش، كاآلؿ: ىجػع يف القيلولة، عند الظهر، كاليعفور: قاؿ

.صبع هنى آخر اؼباء الوادم: كالنهاء9 .تزداد حيوية كنشاطان، كالغلواء مصدر تغلو: نشيطة تغلو: السريعة تسبح يف مشيها كأهنا اغبوت يف اؼباء، مركح: السبوح

10 .صبع دلو يستقي بو اؼباء: الدالء

11 .يتقدـ الصفوؼ كىبرج منها منتصرنا منت الوجو: نسبة إىل جده مالك بن فهم، تنشق عن كجهو اغبرب: مالكي

كمزيدا من مثلها يف الغناء عند ابن سلم 1إف تلك اػبالؿ .31لقريب كنازح الدار ناء سيب يديو 2كخراج السماء .32عقبة اػبت مطعم الفقراء حـر اللو أف ترل كابن سلم .33كتغشما منازؿ الكرماء يسقط الطت حيث ينتثر اغبب .34ؼ كلكن يكذ طعم العطاء ليس يعطيك للرجاء كال اػبو .35يف عطاء كمركب للقاء إمبا لذة اعبواد ابن سلم .36ؿ كلكن ييهينو للثناء ال يهاب الوغى كال يعبد اؼبا .37ؿ كأخرل سم على األعداء لو يد سبطر الت 3أروبي .38ر كخال بنييت يف اغبالء كأخد مت اغبيو 4قد كساين خزا .39ع صلت اػبدين غض الفتاء أغر طويل البا 5كحباين بو .40ت بنونا كسالف اآلباء فقضى اللو أف يبوت كما ما .41 6بة أشكو فقاؿ غت قباءراح يف نعشو كرحت إىل عق .42عاجل مثلو من الوصفاء أصبت فعندم 7إف يكن منصف .43ث غاداؾ خارجا من ضراء أشم كجرك اللي 8فتنجزتو .44حت قل اؼبعركؼ خت اعبزاء فجزل اللو عن أخيك ابن سلم .45 أىل الثراء 9ذك ثراء من سرصنعتت يداه حىت كأين .46رم دموعي على اػبؤكف الصفاء ال أبايل صفح اللئيم كال تج .47ؿ بكف ؿبمودة بيضاء ككفاين أمرا على البخ .48 1ـ فظيعا كاغبية الرقشاءيشتل اغبمد بالثناء كيرل الذ .49

1 .النفع كالكفاية: السجايا كاألخالؽ، الغناء: اػبالؿ

2 .غيثها: خراج السماء

3 .العطاء: مهتز لفعل اػبت كاؼبعركؼ، كالنيل: أروبي

4 .اغبلية: ترؾ اغبالء: صبع حوراء أراد اؼبرأة اعبميلة خال: نوع من اغبرير، اغبور: اػبز

5 .القوة كالشباب: كاسع عريض، الفتاء: أعطاين فبلوكا كالضمت يف بو يعود إىل غت مذكور، صلت: حباين بو

6 .اؼبناجاة أم قاؿ علنا مصرحان : النجاء

7 .اػبادـ كالوصيف: اؼبنصف

8 .الشجر الكثت: كىف بوعده يل، أم أخذتو منو بوعده يل، كالضراء: تنجزتو

9 .اػبالص من كل شيء: السر

ؿ كيسقي الدماء يـو الدماء بالفض 2ملك يفرع اؼبنابر .50كأياد بيض على األكفاء كم لو من يد علينا كفينا .51 3ت فغيث أجش ثر السماءأسد يقضم الرجاؿ كإف شئ .52 ت رجاال عن حرمة اػبلفاءقائم باللواء يدفع باؼبو .53كإذا سار ربت ظل اللواء فعلى عقبة السالـ مقيما .54

الشاعر كالقصيدة

كاف عقبة بن سلم كايل البصرة أليب جعفر اؼبنصور، منتجعان خصبان كموردان ثريا لبشار بن برد، كجد عنده ركاجان ؼبدوبو، فأكب على ذبويده ؼبا يلقى منو من جزالة اعبائزة كالعطاء

اؼبغداؽ، كمل ينكر بشار بن برد أف الرغبة اؼبادية كانت الباعث اؼبلحاح على كثت مدوبو يف إف مدوبك عقبة بن سلم فوؽ مدائحك كل أحد؟ : "عقبة، كعلى التفوؽ فيو، إذ قاؿ لو قائل

ككاف الشعر لبشار كسيلة من ليس لو . 4"إف عطاياه إيام كانت فوؽ عطاء كل أحد: فقاؿكسيلة كسب غتىا إذ مل تكن لو موارد إضافية من إرث أك مزاكلة مهنة، ككاف العصر يتفجر

بالغت، كال يسد مطالب عيش رفةو رغدو إال ماؿه كفر، فكاف اغبافز للمدح حيويان، كمل يكن للشاعر مندكحة عن استنباط ملكة اإلبداع ليبلغ موضع الرضا الفت من فبدكحو فيصيب من اؼباؿ ما ينهض بو من شظف الفاقة كاغباجة إىل لت االغتناء، كلعلو بلغ ما أمل يف مضمارم

:الفن كالثواب، كمل يكن ما قالو يف ىذه القصيدة

ذك ثراء من سر أىل الثراء صنعتت يداه حىت كأين

كدراسة قصيدة أنشأىا حافز كباعث مادم ؿبىضه جديرة أف تكشف . غت تقرير حقيقةللنقد عن فعالية الرغبة اغباشدة يف صناعة قصيدة اؼبديح كيف رببتىا إذا كاف شبة تفاعل إهبايب

.كتبادؿه موضوعي ما بت اؼبنتج كاؼبستورد، ما بت الشاعر كاؼبمدكح

بناء القصيدة

1 .ذات النقط، كىي شديدة السم: اغبية الرقشاء

2 .يعلوىا: يفرع اؼبنابر

3 .كثت السحاب كالتهطاؿ: ثر السماء

4 .3/194: األغاين

كال . تىعد ىذه اؽبمزية يف مدح عقبة بن سلم أربعة كطبست بيتان، فهي أجنح إىل الطوؿ: تنحو قصائد اؼبدح يف العصر األموم كاإلسالمي كاعباىلي، يف الغالب، غت ىذا اؼبنحى

كعلى ىذا فالذين . فاإلطالة يف ىذا الفن مطلوبة، كبشار بن برد يست فيها على منهج مطركؽيستصدركف اؼبدح من الشعراء، باعتبارىم نقادان عمليت، أصحاب حق يف التقون كإصدار

األحكاـ كتكييف القصيدة كفاؽ مطالبهم، ؼبا ؽبم من إسهاـ مادم يف ابتعاث ىذا الشعر كاستصداره، ىؤالء اؼبمدحوف كانوا يركف أف قصيدة اؼبدح يف العصر العباسي األكؿ ال ينبغي ؽبا

.أف تقل كمان عما كانت عليو من قبل

فهل كاف ىذا العيرؼ األديب قاصران على اغبجم كالكم أك أنو ينسحب على اؽبيكل التخطيطي للقصيدة؟

اؼبقدمة : من اليست أف نلمح أف بشاران بت قصيدتو من قسمت متساكيت عدةى أبيات .فاؼبديح، كل منهما سبعة كعشركف بيتنا

ىذا التوازف الدقيق ال نكاد نقع عليو فيما نظم من قبل، فهل كانت اؼبقدمة تعدؿي أنبية كقيمة فنية عند بشار؟ " الغرض"

إف اعتاضان كميان ما على ىذه اؼبقدمة كنظائرىا ال نعثر عليو يف معرض من معارض النقد العابر أك اؼبقصود، كإف موافقة ضمنية على ىذا التناظر متحققة ما بت اؼبادح كاؼبمدكح

فما الدكافع الفنية أك الذاتية فيما كراء ىذا التعادؿ؟. كاعبمهور

.إف دراسة اؼبقدمة قد زبرج لنا مفاتيح تعليلية مقبولة

اؼبقدمة

كاؼبقدمة قسماف يتفاكتاف عدد أبيات تفاكتان ملحوظان، كالقسم األكؿ يف الغزؿ، كعدد .أبياتو اثناف كعشركف بيتان كالقسم الثاين يف كصف الصحراء، كالرحلة كالناقة، كىو طبسة أبيات

: الغزل (أ)من نافلة القوؿ أف اؼبطالع أك اؼبقدمات الذاتية الوجدانية تقليد عريق يف القصيدة العربية

القديبة، كالشك أف اؼبكانة اعبليلة اليت كانت ربتلو تلك القصيدة جعل منها مثاال وبتذل على إف عرفان . جانب من االحتاـ كااللتزاـ كبت، كخاصة قصيدة اؼبناسبات يف اؼبواقف الرظبية

مشتكان، غت معلن عنو تصروبان، إال يف كقت متأخر، ما بت الشعراء كرجاؿ اللغة كاألدب كأرباب القصور، ىو أنو ينبغي لقصيدة اؼبدح احملدثة أف تبلغ شأك قصائد اؼبدح اؼبمتازة يف

.العصور السابقة، كمن مث البد من العمل على مثاؿ أك أمبوذج متعارؼ عليو

كليست اؼبطالع الغزلية كقفان على قصائد اؼبدح يف أدبنا القدن، فهي يف اؼبفاخرات كإذا كانت القصيدة ذاتية . كالنقائض كغت ذلك من األغراض تتاكح بت اإلسهاب كاالقتضاب

اؼبضموف يف ؾبموعها تتكز حوؿ شخص الشاعر مثل معلقة امرئ القيس الالمية، فإف حظ كلكنو يتاجع إىل نسبة قليلة إذا . النسيب كالغزؿ كالنساء يغطي على نصف القصيدة أك يزيد

كاف موضوع القصيدة غت ذايت، مدحان أك فخران قبليان، أك ذاتينا متمركزنا على اعبانب العملي من .اغبياة كمعلقة عنتة اليت رفع هبا من شأنو من خالؿ مواقف البطولة كحسن البالء

كلكن قصائد اؼبدح كالفخر اليت تيعد مباذج تامة يف اعباىلية كاإلسالـ تتوافق على االبتداء كال . دبقدمة ذاتية أكثر ما تنطلق من الوقوؼ على الديار، كأحيانا من الغزؿ الصرؼ بالنساء

يسعنا أف نرفض تعليالن نقديا استقرأه ابن قتيبة يف القرف الثالث إذ رأل يف ىذه اػبطوة مىقصدان ذاتيان فىنيا معنا، فالشاعر ينبعث يف النظم من أقرب الدكاعي إليو، كىي قادرة على استمالة

.1اآلخرين ؼبا يف ىذه الدكاعي الذاتية من مشاركة كجدانية أك شجان إنساين عاـ

كاستقراء تاـ كمسح كامل ألمثاؿ ىذه اؼبقدمات يهب لنا فائدة ال يستغت عنها النقد كالتقون، كىي أف ىذه اؼبقدمات إف تكن تقليدان متبعان فإف فيما بينها تفاكتان ذاتيان كفنيان ملحوظان

تػيردي أسبابو إما إىل النموذج النفسي، أك الوضع النفسي للشاعر كتركيب ميولو كاذباىاتو، كإما إىل طابع العصر كاذباىو الفت الغالب، كإف يكن من الصعب الفصل ما بت العاملت خبطوط قاطعة

1 . ـ1977 ،3أضبد ؿبمد شاكر، ط: ، ابن قتيبة، 81- 80/ 1: الشعر كالشعراء

تيرجح تغليب أحدنبا على اآلخر يف إيثار إحدل الصورتت، الغزلية أك الطللية، على األخرل، كيقودنا االستقراء إىل تقرير . فإف ىذه اؼبقدمات يف هناية التحليل ىي نتاج ىذين العاملت معا

حقيقة تشفع ؽبا موضوعية أكيدة ىي أف الصبغة الفنية الغالبة كانت ذبنح يف أكاخر العصر اعباىلي إىل مزج متكافئ ما بت اؼبرأة كالطلل أك اقتاف متت يكشف عن ترجيح العنصر

كيف معلقة زىت بن أيب سلمى مثاؿ موافق يقرف أظباء . اإلنساين أك الذايت على اعبوامد اؼبادية: األمكنة باسم اؼبرأة قرانا يدؿ على ارتباط ال يقبل االنفصاـ كأف الدار إمبا تذكر بصاحبتها

حبومانة الدراج فاؼبتثلم أمن أـ أكىف دمنة مل تكلم

1مراجع كشم يف نواشر معصم فدار ؽبا بالرقمتت كأهنا

، كمن مث يرفع بصره حىت إف صورة ىذه الدار تنعكس لعينيو يف مرآة من معصم موشـو .كشيكنا باحثان عن اغبياة كاألحياء من العت كاآلراـ كالظعائن

:كيظهر ىذا التأليف اؼبنسق بت الطلل كاؼبرأة كشظف الصحراء معان يف المية األعشى

2كسؤايل كما ترد سؤايل ما بكاء الكبت يف األطالؿ

.فللطالؿ بيتاف كللمحبوبة كما يفصل بينهما من نائي اؼبكاف طبسة عشر بيتان

. كيتدد االقتاف يف معلقة عنتة يف كل بيت تذكر فيها الدار بل ال تذكر الدار إال باؼبرأةكلوال اضطراب اؼبعلقة ترتيبان لكانت األبيات اليت تصلح أف تكوف ؾبموعة متوالية من مقدمة

فإذا قورنت ىذه . نسيب مثاالن حسنان لضآلة العنصر اؼبكاين جبانب العنصر اإلنساين أك العاطفيالنماذج دبطلع معلقة امرئ القيس كببعض قصائده رأينا اؼبكانية تنساح يف بيتت أك ثالثةو

.متواليات انسياحان يغمر النبض الوجداين أك اإلشعاع باغبياة

كيف مطلع العصر اإلسالمي قبد شاعران ـبضرمان، أعرؽ نظمان يف اعباىلية منو يف اإلسالـ، يقدـ على رسوؿ اللو صلى اهلل عليو كسلم، بقصيدة مدح ظلت تتمتع بنموذجية فذة على

مدل العصور، ىو كعب بن زىت صاحب الربدة، كفيها قبد الشاعر أحل مقدمة غزلية خالصة .بيتان (58)بيتان من (14)مكاف اؼبقدمة الطللية أك اؼبزهبة، شغلت

1، دار اؼبعارؼ 2عبد السالـ ؿبمد ىاركف، ط : ، األنبارم أبوبكر، ت237ص : شرح القصائد السبع الطواؿ

.دبصر2 .علي ؿبمد البجاكم، القاىرة: ، أبو زيد القرشي، ت202ص . صبهرة أشعار العرب

فلمى أقدـ على ىذا التعديل كىو ييعد قصيدة يود لو تفوؽ كل شعر ليظفر بالصفح ؽبم مطالع غزلية خالصة، كلكن - كعلقمة الفحل - كاغبياة؟ ال شك أف بعض الشعراء

كما أف كعبنا ىو عماد يف - دعك عن اؼبناسبة اغبساسة - قصيدة اؼبدح ؽبا صباغ رظبي .مدرسة الصنعة كالتحكيك اليت ال هتمل اؼبراسم اؼبفضلة؟

ىل كجد كعب الغزؿ الصرؼ أحسن كقعان عند من وبيا متحضران؟ كىل أحس أف األطالؿ ظل من الصحراء ال يستهوم األنفس كال تقبل عليو األظباع إقباؽبا على الغزؿ؟

لصاحبو - إذا قورف بأقساـ القصيدة - ال نستطيع أف قبـز قاطعت، كلكن الغزؿ يشهد .أف قد توخى فيو الرقة كالقرب، كجاىد أعرابيتو على ذلك

فإف كاف يف ىذا دليل مرجح جاز لنا أف نالحظ أف مراعاة ميوؿ اعبمهور كأذكاقهم، للتأثت فيهم، بدأ يؤثر يف مضموف اؼبقدمة مادامت مادة اؼبقدمة تسمح بالتعديل أما إذا كانت

.1فال سبيل للمواءمة كالتعديل- مثل كصف الناقة - اؼبادة صحراكية طبيعةن كجبلةن

كلكن االستقراء الدقيق، كالسيما قصائد العصر األموم، ال تأذف بإصدار حكم لو صفة الشموؿ، ككثتان ما قبد أنفسنا لدل مباذج متفاكتة كيف بعضها ال يفارؽ الشاعر التصميم اعباىلي لقصيدة اؼبدح من الوقوؼ على األطالؿ كمساءلتها، كاجتياب الفالة على الناقة

الوجناء، كالتغزؿ باؼبرأة، حىت ليخيل إلينا يف بعض القصائد أف ىذه اؼبقدمة التقليدية أكىل من :الغرض األكؿ فيها، كىو اؼبدح، كمن أمثلتها قصيدة القطامي الالمية

كإف بليت كإف طالت بك الطوؿ إنا ؿبيوؾ فاسلم أيها الطلل

.2بيتان ال يشغل اؼبدح غت العشرة األختة منها" 43"إذ ىي

كلكن اؼبقدمة يف قصيدة بشار ىذه ليس فيها من حديث الديار أثارة، فهي تنتمي إىل كالشاعر ينصرؼ عن الوصف اؼبادم الذم كاف ال يفوت السابقت، من . بردة كعب بن زىت

تعدادو ؼبفاتن حسية كانت تيعد يف ذلك اليـو اؼبثلى اعبمايل األعلى، ينصرؼ إال قليالن يف اؼبطلع :إذ يذكر حور عينيها كلكنو ييعوؿ على األثر متجاكزنا يف تصويره عن اؼبؤثر

1 .كذاؾ كاف كصف الناقة يف شعر كعب صحراكيان حبتان

2 .البجاكم، ط دار هنصة مصر: ، ت643ص : انظر صبهرة أشعار العرب

ـ العالء -1 كاحذرا طرؼ عينها اغبوراء حييا صاحيب أ

ؼبلم كالداء قبل الدكاء إف يف عينها دكاء كداء - 2

إنو اإلغراء متنكر يف ىيئة ربذير، إف ينجح بإثارة الفضوؿ لدينا فلن يػيعقبى قناعةن ألنو :فضوؿ غت مدعـو بدليل مادم هبعل النظر ـبشينا حقان مثل الدليل اؼبادم يف قوؿ امرئ القيس

2 1بسهميك يف أعشار قلب ميقتل كما ذرفت عيناؾ إال لتضريب

كما ذاؾ إال ألف بشاران تنقصو خربة امرئ القيس خبفايا اؼبقاصد كبواعث السلوؾ، فغزلو .غزؿ الفن، غزؿ اغبقائق اؼبتقابلة يف الفكر ال غزؿ الوقائع كالصراع

:ككاف النابغة أقدر على اإلوباء باألثر من خالؿ الصورة اؼبادية للمؤثر

أحول أحم اؼبقلتت مقلد نظرت دبقلة شادف متببو

2نظر السقيم إىل كجو العود نظرت إليك حباجة مل تقضها

مل تطلع علينا بسربو ؼبدل التأثت كما " كالداء قبل الدكاء"كإف الصيغة اؼبنطقية احملكمة :يبدك مداه يف شعر عبرير

3قتلننا مث مل وبيت قتالناإف العيوف اليت يف طرفها حور كىن أضعف خلق اللو إنسانا يصرعن ذا اللب حىت ال حراؾ بو

من اؼبعقولية اؼبنطقية فإف اؼببالغة يف قوؿ جرير " كالداء قبل الدكاء"كعلى ما يف تقرير بشار أىي العاىة . تبعث على استمتاع مريح، كاستساؿ كجداين مستعذب، نفتقد مثلو يف بييت بشار

اليت تعوؽ الشاعر األعمى عن الصورة اػبارجية؟

ككاف . الصور البصرية اليت تنم عن تأثر حق- لفقدانو الرؤية - ما ذاؾ ببعيد إذ نفتقد يغطي على تصويره للمرئيات بصور ذات عمـو غت ؿبدكد أك إصباؿ ال تفصيل لو، كما يغطي

:على ذلك تصويره للمسموعات كقولو

4كأف حديثها شبر اعبناف كدعجاء احملاجر من معد

1 . ـ1969أبو الفضل إبراىيم، دار اؼبعارؼ دبصر : ، ت13ص : ديواف امرئ القيس

2 . ـ1976 عاشور، تونس :، ت57، 95ص : ديواف النابغة الذبياين

3 .، ط الصاكم594ص : ديواف جرير

4 .154/ 3: األغاين

:كقولو يف صوت مغنية

1ؿباسنها من ركضة كيفاع كأهنم يف جنة قد تالحقت

:ككاف يركب عناصر الصورة اؼبادية تركيبان ذىنيان خياليان من غت انطباع حسي

2كأسيافنا ليل هتاكل كواكبو كأف مثار النقع فوؽ رؤكسنا

. بيتان أك أف قبمعها من جزئيات متفرقة (22)كعبثا كباكؿ استخراج صورة ألـ العالء من كما كاف الغزؿ إال دعول كلو معركضة يف مواقف قصصية متالحقة . فقد غابت اعبزئيات أيضان

:ىي

(.7 - 3)أياـ الوصاؿ كالوفاؽ - 1

(.8)الوشاية كاعبفوة - 2

(.18 - 9)االعتذار كالوساطة - 3

(.21 - 19)مؤايستها لو من الوصاؿ - 4

(.22)تسليو عنها بالطرب - 5

أليس الغزؿ يف ؾبموع مواقفو قصة مكركرة تبدأ باغبنت إىل اؼباضي كؿباكلة استعادة الوصاؿ، فاإلخفاؽ، فاليأس كاالنصراؼ؟

. كقبد خطوط ىذه القصة يف غزليات العصر األموم كالسيما أحاديث عمر بن أيب ربيعةكاقتباس القصة الغزلية، مقدمةن لقصيدة اؼبدح، دليله على ستكرة ىذا الغزؿ مطلبان لفريق من

يدؿ على ذلك سطحية اؼبعاعبة الغزلية موقفان كمعتن كعاطفة، . الناس من العابثت كالسطحيتستخىف

يإال معت (ق - 4)كماذا يف البينت . سطحية هتش ؽبا السذاجة، كتتضى العبث اؼب

دد يف ظبطت من القوالب اللفظية :ضحل فبي

كتصدت يف السبت يل لشقائي أسقمت ليلة الثالثاء قليب - 4

مث راحت يف اغبلة اػبضراء كغداة اػبميس قد موتتت - 5 كسائر اؼبعاين الغزلية ال تربأ من السذاجة كالسطحية، كاؼبعاين الشائعة بذىن العامة تتبدل

1 .القاىرة. أبو الفضل إبراىيم: ، ت139/ 2: أمايل اؼبرتضي

2 .ؿبمود ؿبمد شاكر، القاىرة: ، اعبرجاين ت411ص : دالئل اإلعجاز

(. 7 - 6)بقوة يف البيتت كالشك أف فقداف اؼبعاناة أك التجربة اغبية، كجدانيان أك عمليان، كانت من كراء تلك

السطحية، إننا نستطيع أف نصوغ قصة تطرؼ البسطاء من الناس، كسبتع مشاعرىم كأذكاقهم عىرىضان، كلكن ليس من اليست إقناعي الكثت بأف كراء ىذه القصة ضحيةن على كجو اغبقيقة،

يف استجاع قلب احملبوبة - اعبمهور - كلقد احتاج الشاعر إىل معونة الوسطاء . كعذابان إنسانيناـه أخالقي - فلم هبد ما يستعت بو على قضيتو، شواىدى من غرامو كجواه، كغايةي ما اعتد بو التزا

ىذا االلتزاـ كاف كسيلة اعبمهور إليها كحجتهم أك حجة الشاعر . بينو كبن ؿببوبتو- كما يزعم عليها، كلقد عوؿ على ىذا االلتزاـ تعويال كأمبا يتعامل مع شخصية مثالية زبشى ـبالفة اؼببدأ

اػبلقي، كاتكأ عليو إتكاءى من مل هبد من أجيج مشاعره ما وبمل الطرؼ اآلخر على التفكر بو ربوؿ - (18)إىل البيت (13)ما بت البيت - كاالىتماـ بأمره، حىت استوىف فيها أبياتان ستة

(: 18 17)فيها اؼبسعى كالرجاء إىل حكمة خلقية ؿبضة يف البيتت فأكيف ما قلت بالركحاء قد يسيء الفىت كال ىبلف الوعد -17فاقض كاظفر بو على الغرماء إف كعد الكرن دين عليو - 18

كأم تناقض بت الدعوة إىل األخالقية اؼبثالية يف موقف ىو يف جوىره غت أخالقي؟ أليس انسحاب الفضائل على أرضية الرذائل تلويثان أك إتالفان تامان للفضيلة؟ أفليس من حقنا أف نشك

. يف سالمة نظرة الشاعر إىل القيم إذ يوظفها يف موقف ىبرج بصاحبو عن القيم؟ أمل يكن يف عملية : كيف خاسبة ىذا اؼبوقف الذم أعقب إخفاقان كليان قد يعن ؼبتسائل سؤاؿ

.اإلقناع زبليط سافر بت أخالؽ النساء كأخالؽ الرجاؿ؟أليست الفركؽ بت اعبنست متعارفة، أف اؼبنطق النسول عاطفي ذايت ال ربكمو اؼببادئ كالكلمة اؼبثالية إىل ربكم الرجولة؟ إف قوة اغبجة ال تفتح قلب اؼبرأة، كلذلك كاف بكاؤىا يف

: مستغربان (19)البيت كاف ما بيننا كظل السراء فاستهلت بعربة مث - 19

أرقت فرثت لو؟ مب استثار فيها التحنن كالتعاطف؟ أم امرأة تذرم الدموع من فرط الصبابة بعد ثالثة أبيات على األقل، من اغبكمة التوجيهية اعبافة ال تبض بقطرة من

. استعطاؼ؟ككبن . إف القصة تلفيق شاعر قصاص يركم عن غت ذبربة، كال ىدؼ لو إال امتاع اآلذاف

ال نزعم أف بشارا كاف مطالبان بقصة حب كاقعية كلكنا نؤكد أف اثنت كعشرين بيتان يف الغزؿ ىي خالية من كل رسيس كجداين صادؽ، فبا يؤكد أف الشاعر كاف غريبان عن ميداف العاشقت،

كاحملبت الصادقت، غريبان عن استشعار اغبنو الدافئ الربمء إىل اؼبرأة، كال ييظن إال أف اعبانب .اغبسي غلب على مطالب نفسو فما أبقى لالنفعاؿ اؼبتسامي موضعان يف حناياه

كال نزعم أيضان أف ذاؾ الغزؿ السطحي كاف منطليان على فبدكحو، كما كاف أمت البصرة .ليزف مقدمتو الغزلية دبعيار الصدؽ كالواقعية أك الرصيد اإلنساين اغبق

فلماذا، إذف، أعجب بالقصيدة حىت أعطاه عليها ثالثة آالؼ دينار؟ إف حجم اعبائزة فهل استهول الغزؿ رجل : يشت إىل اإلعجاب أك الرضا عن ؾبموع القصيدة ال عن اؼبدح فيها

دكلة كاف يتطلع حقان إىل بناء األؾباد؟

ال، كإمبا توخى عقبة أف تذيعى القصيدة بت الناس على اختالؼ طبقاهتم، كىذا الغزؿ الذم يتقدـ اؼبدح كيستهول الكثتين ىو مفتاح إغراءو لبقو للولوج بقصيدة اؼبدح إىل نفوس

. اػباصة كالعامةأليس ىناؾ، إذف، اتفاؽ ضمت ما بت الشاعر كاؼبمدكح على تركيج القصيدة على

.اعبمهور؟ كما حاجة األمت إىل مدح ال يضمن لو الذيوع كاالنتشار؟

كمل تعتؼ . البد، يف اغبق، أف هبد الشاعر يف اكتشاؼ خت كسائل الدعاية جاذبية .قصيدة اؼبدح الرظبية يف العصر العباسي األكؿ بوسيلة أفعل من الغزؿ

كإذا كاف اختيار ىذا الضرب من الغزؿ القصصي مقدمة يكشف عن جانبها النفعي عند .اؼبمدكح فإنو يكشف عن جوانب ذاتية كعن مؤشرات اجتماعية

.مل ىبت الشاعر القصة الغزلية للجانب الدعائي كحده لوال أف تكوف من ىول نفسو

إف شاعران ؿبافظان على القيم اػبلقية، من الصوف كالعفة، ال ينهج منهجنا يتخطى فيو اػبلق كلكن شاعران يؤزه نشوز على اؼبواضعات كعلى كل ما وباجزه عن رغباتو كأىدافو، مثل . كاآلداب

رب فبشى منها : "أليس قولو. بشار بن برد، ال يتورع عن الغواية كاإلغراء باعبرأة السافرةيف عدة أبيات دعوة سافرة كتيستان كبتا إلخراج الفتاة من اػبدر كالكن إىل الريبة ..." إلينا

كاالنزالؽ، أليس قياـ الوسطاء من رجاؿ كنساء ما بت العاشقت إضعافان غبساسية اعبمهور . تلقاء اإلخالؿ بآداب الدين كالتقاليد؟

كإذا كاف ىذا الغزؿ مطلبان كليدان لفريق من العامة، أفليس ىو مؤشران إىل رغبات مستسرة يف ذبمعات نفسية تريد أف تتفلت من ضبطة - جادان -تود أف تنطلق؟ إف بشاران يضرب دبعولو

.اػبلق العف

قد طلع على الشعراء - يف ىذه القصيدة على األقل - كبذلك يكوف بشار بن برد دبحاكلة جديدة استبدؿ فيها الوقوؼ على األطالؿ أك الغزؿ التقليدم بقصة غزلية ذات أىداؼ

عملية، كاءـ فيها ما بت ذات نفسو كالنوازع اعباؿبة يف طور اجتماعي طارئ تفاقم فيو الثراء .كسبطت البطالة

كإذا كاف بعض النقاد يرفض أف وباكم بشاران إىل األخالؽ يف شعره ىذا، كهبنح يف ؿباكمتو إىل الفن كحده فقد رأينا خلو ىذا الشعر من الرصيد اإلنساين، ككل أدب مضمونو

فمن . اإلنساين ضحل ىو أدب لفظي، كاف يتعاىل عنو الشاعر اعباىلي يف كقفاتو على األطالؿمنا ال يستشعر حزنان شاجيا عميقان يف األبيات األكىل من معلقة امرئ القيس، يهيمن على

الشاعر فيها إحساس حاد دبأساة الزكاؿ أك الفناء اإلنساين من خالؿ مواكب الظاعنت الذين يطويهم الزماف تاركان من بعدىم منازؿ مهجورة صولن لوجودىم العابر، كمن مث فقد اكبدر حزنو

:عرب دمعة صادقة يف قولو

1فهل عند رسم دارس من معوؿكإف شفائي عربة مهراقة كمن ال يشعر بالسركر اؽبادئ العميق يف غبظة التعرؼ على الديار كما تسحب كراءىا

:من تاريخ للحباب كاألصدقاء، يف التحية اؽبادئة يف بيت زىت

1 .9ص : ديواف امرئ القيس

1أ ال أنعم صباحان أيها الربع كاسلمفلما عرفت الدار قلت لربعها ككذلك تغدك الديار يف مقدمة رائية النابغة مثار ذكريات ال زببت إال إذا خبا قلب صاحبها

: اإلنساف، كمن بت الثماـ كاغبجارة السود هتل عليو أغال صور اؼباضي كأحبهاكالدار لو كلمتنا ذات أخبار فاستعجمت دار نعم ما تكلمنا

إال الثماـ كإال موقد النار فما كجدت هبا شيئا ألوذ بو كالدىر كالعيش مل يهمم بإمرار كقد أراين كنعمان الىيت معان

2ما أكتم الناس من حاجي كأسرارمأياـ زبربين نعم كأخربىا

إنو استدعاء للماضي الذم لن يعود دبا فيو من سذاجة براءة كنعمة، كإذ زاؿ كانطول .فاؼبرارة اآلف بعد الزكاؿ

ىهنا رصيد إنساين نابع من استكناه اغبياة كالوجود كعىرضية األحداث كزكاليو اإلنساف، كعلى ما جرت عليو ىذه اؼبقدمات من تقليدو دىرا طويالن فما ىي دبعارض من ألفاظ كصور،

.كما ىي خباكية من حسو إنساين رصيده اغبنت كاألسرة الغايف

ىذا : كقد يكوف مقارنة اؼبقدمة الغزلية يف قصيدة بشار دبقدمات النسيب كالغزؿ أكىلأليست اؼبفاتن اعبسدية اليت أبرزىا الشعراء يف مقدماهتم حىت على : حق، كعندىا أال يقاؿ لنا

مسامع الرسوؿ يف مسجده ينبغي أف يوجو إليها شجب قاسو على حت مل يستثر بشار بتعداد اؼبفاتن شهواتنا؟

:لو استفتينا أكال نسيب علقمة الفحل، كىو جاىلي قدن، كأكلو

3بعيد الشباب عصر حاف مشيبطحا بك قلب يف اغبساف طركب : لوجدنا فيو إطراء ػبالؿ اؼبرأة ذات اؼبنعة كالعفاؼ، للزكجة اغبافظة بالغيب ؼبا ينبغي أف وبفظ

على باهبا من أف تزار رقيب منعمة ما يستطاع كالمها كترضى غياب البعل حىت يؤكب إذا غاب عنها البعل مل تفش سره

1 .239: شرح القصائد السبع الطواؿ

2 .142ص : ديواف النابغة

3 .شرح ديواف علقمة الفحل، السيد أضبد صقر، اؼبطبعة احملمودية بالقاىرة

كىذه اػبلقية الشاـبة مفقودة يف غزؿ بشار بل ىي ؿبطمة ربطيمان عن عمدو ، كما يبدك من أدىن مقارنة، فإذا شفع علقمة نسيبو دبا ربصل لديو من رأم يف النساء مل قبد، كلو عممنا

النظرة، إال خربة مستفادة من كاقع العالئق، فإف اؼبيوؿ الفطرية من إيثار النساء غبداثة السن كسعة اغباؿ، ال تثريب عليها، ككل ما يف األمر ربذير للشيوخ أف يطمعوا يف مودة صادقة عند

.الفتيات

كدبثل ىذا الغزؿ ال هباكز الشاعر إطراء اؼبرأة الفاضلة كمراعاة التكافؤ ما بت اؼبرأة كالرجل فالغزؿ أك النسيب يتدد بت اؼبطالب الثابتة للمرأة . سنا، كما يتوجب عليو من كفاية مادية

.كاؼبؤىالت اؼبرغوبة يف الرجل، كالشك أف ىذا اؼبضموف ال ىبسر كاقعيتو أبدان

كأما عرض احملاسن، كخاصة يف قصيدة كعب بن زىت، فال يعدك أف يكوف الوصف اؼبرأة، اػبارجي تعدادنا لصفات اعبماؿ اعبسدية اؼبطلوبة، فالشاعر يعرب عن الذكؽ العاـ يف صباؿ

، كصادؼ ذكقان أك رأيان مشتكان، مل يكن غت كمىت تناءل اغبديث عن اػبصوص إىل العمـومداعبة مشاعر فطرية، غت ىادؼ إلثارة كال إغواء، فهو ال يوجو اهتاما فاحشنا إىل الشاعر إذ ال

.يسلط األضواء على امرأة ـبصوصة

كالشك أف شبة شعراء فػيتاكان كامرئ القيس كاألعشى، ييصرحوف بالكثت من اؼبغامرات العملية كالوقائع، كىذا خارج عن غرضنا إذ ال يرد غزؽبم يف مقدمة لقصيدة اؼبدح، كىو غالبان يف

أثناء قصيدة يصف فيها الشاعر أحوالو يف فراغو ساعيان كراء أكطاره كمعلقة امرئ القيس، كما ال تدخل يف نطاؽ 1- مثل رائية عمر بن ربيعة - أف قصيدة متخصصة يف ىذا الغرض

.اؼبقارنة

كمن مث لبلص إىل خصيصة ىي أف بشار بن برد يف قصيدة اؼبدح يتسم إطار القصيدة . التقليدية ؿبافظان على رسم متعارؼ عليو بت النقاد كأىل البصر بالشعر كاؼبمدكحت أنفسهم

كالوقار األديب - من جهة اؼبعاين - فاؼبدح قصيدة عليها طابع الوقار السياسي كاالجتماعي كقد التـز بشار، كما سوؼ يلتـز كثت من معاصريو كالحقيو - من جهة اػبطة كالبناء -

اإلطار العمودم شكالن خارجان كتصميما، كلكنو أحدث تبديال جذريا يف اؼبضموف، فال أطالؿ

1 .دار صادر، بتكت. ، ط120ص : ديواف عمر بن أيب ربيعة

كال غزؿ ماديان، كلكن قصة حب ذات ظاىر ربقيقي، ال تشى بتجربة كال معاناة، كىي إىل .السذاجة أقرب منها إىل التحليل اؼبعمق

:ب وصف الرحلة

كقبد يف إتباع الغزؿ حبديث الصحراء كالراحلة كالسفر دليالن آخر على استمساؾ بشار باإلطار العمودم يف قصيدة اؼبدح، كىو قسم اقتحم اؼبقدمة على الشاعر اقتحامان إذ مل يدخل

يف صميم العمل الفت من اؼبقدمة، كيبدك االنقطاع بينو كبت الغزؿ إخالالن فنيا كاف الشاعر كلعل . القدن يتخطاه كثتنا بتخلص أك كصل حسن يضعف إحساسنا باالنقطاع كفجأة النقلة

شاعران ـبضرمان ىو كعب بن زىت، كاف من الكياسة الفنية دبكاف يف ىذه الصورة اللبقة من :االنتقاؿ بعد مقدمتو الغزلية اؼبشار إليو سابقان

إال العتاؽ النجيات اؼبراسيل أمست سعاد بأرض ال يبلغها

1فيها على األين إرقاؿ كتبغيلكال يبلغها إال عذافرة فبهذين البينت عرب بنا برزخان إىل القسم الثاين من مقدمتو، فهيأنا بسلسلة من األلفاظ

على اإليغاؿ يف جواء " تبغيل - إرقاؿ - عذافرة - مراسيل - قبيات - عتاؽ "اعبديدة .شبانية

كمل يتهيأ لبشار زبلصه مرعيه على ىذا النمط إذ ختم الغزؿ ببيت . عشر بيتان يف كصف الناقة :أعلن فيو عن يأسو من احملبوب كتسليو عنو حبضور ؾبالس القصف كاللهو

كتعزل قليب كما من عزاء فتسليت باؼبعازؼ عنها -22قد يكوف ىذا البيت خاسبة أدىن إىل الواقعية إذ يلقي ظالن حقيقيان لستة شاعر مقبل على اللذة كاؼبتاع كلبيئة حضرية آخذة بأسباب من الغناء، كلكن خاسبة من ىذا الطراز منعت بشاران

كىو مل ىبطئو يف انتقالو إىل القسم الثاين من القصيدة، كىو . من لطف زبلص ليس عليو بعست :اؼبدح

فتكل من حبره بدالء نبها أف تزكر عقبة يف اؼبلك - 28

1 .9ص : ديواف كعب بن زىت

كبذلك ربقق غبديث الرحلة كالراحلة كصله حبرؼ اؼبدح كىو سائبه من قبل الغزؿ، كهبذا اػبلل يبكن إسقاط الغزؿ من غت أف يطرأ إخالؿ بنائي على القصيدة ال معت كال لفظان، أك أف

. تكوف اؼبقدمة أشبو بقصيدة ميعدة مسبقان ريكبت أك أضيفت يف أكؿ قصيدة اؼبدحكال يكاد يزيد كصف الصحراء كاؼبطية على الريبع من مادة الغزؿ كىي نسبة تغاير اؼبألوؼ يف شعر األقدمت مغايرة ظاىرة، إذ ىو يف الغالب أذىب يف الوصف كاالستقصاء، كأكثري عددى

كتشهد قصائدىم أهنم كانوا يتباركف فنيان يف إتقاف . أبيات من الوقوؼ على األطالؿ كالنسيبكليس من غرضنا الدخوؿ يف حبث . ىذا اغبيز من الوصف بتكثت اعبزئيات كاؼبشاىد كاألحداث

تعليلي ؽبذه الظاىرة يف عملنا ىذا، كلكن ال نشك أف بشارنا توخى االختصار فيو توخيان مقصودان، كاجتزأ بأبيات طبسة استكماالن غبلقات العمود الشعرم، لعلو كاف وبس إحساسان غت

كاذب أف ؾبتمع البصرة بعيد عن االستمتاع باؼبناخ الصحراكم كبالناقة كاألسفار كاألخطار، .فهو يوجز كوبث اػبطا إىل اؼبدح قبل أف يبطل جفاؼ الوصف ما رقرؽ الغزؿ من إمتاع

كاؼبتأمل يف ىذا القسم من القصيدة وبكم أف بشاران بذؿ جهدان مقصودان لتأنيسو كتنعيمو كترقيقو باالكتفاء بأقل قدر من الغريب الذم يستدعيو حديثي الصحراء، مث بإضافة ألفاظ

:مأنوسة سبازج الغريبة يف سياؽ البيت فتعدؿ من جفائها كقولو

ف رفاضان يبشت مشي النساء كفالة زكراء تلقى هبا العي - 22ف نداء يف الصبح أك كالنداء قد ذبشمتها كللجندب اعبو - 23

تضفي ظال من الرقة على " نداء يف الصبح - مشي النساء - العت : "فاأللفاظاعبندب اعبوف يا يكاد - ذبشمتها - رفاضان - زكراء - فالة "األلفاظ الضخمة اػبشنة

.ىبفي غرابتها

المدح: غرض القصيدة

تبدأ القصيدة قسمها الثاين بالبيت الثامن عشر معربنا للمدح، كاغبق أف الشاعر ركز فيو كيف البيت التاسع عشر اؼبعنيت الكبتين اللذين نسج منهما الشاعر ميالءة اؼبدح كلو، فهما نواة

:ىذا القسم، كمن صوريت الكناية يف كل منهما نعلم أف الكـر كالشجاعة قواـ حقيقة فبدكحو

ؾ فتكل من حبره بدالء نبها أف تزكر عقبة يف اؼبل - 28

ب كما انشقت الدجى عن ضياء مالكي تنشق عن كجهو اغبر - 29كؿباكلة . تعطي مضموهنا اتساعان كسطوعان - على أهنما إرث متداكؿ - ككال الصورتت

فلنوطن أنفسنا على أف . العثور على معت ثالث يضاؼ إىل سجايا اؼبمدكح لن زبرج بطائل ننساب مع الشاعر يف جدكؿ ىاتت السجيتت، ليقدـ لنا أكالن بياننا ربليلينا ؼبضموف الشجاعة

:كالكـر

ة كالبأس كالندل كالوفاء أيها السائلي عن اغبـز كالنجد - 30

كمزيدان من مثلها يف الغناء إف تلك اػبالؿ عند ابن سلم -31كمن الكـر يطلع البذؿ - البأس - فمن الشجاعة يتفرع اغبـز كالنجدة كالطاقة القتالية

كثاين البيتت رديف تقريرم ؼبا قبلو، كاإليهاـ باؼببالغة يف . كىو الوجو العملي للكـر- الوفاء - .شطره الثاين ال يكسب اؼبعت ثراء بعد التحليل الدقيق آنفنا

يفوت العد أك " كم "كيضيف بشار إىل اؼبقياس التحليلي تقديران كميان لكـر فبدكحو، كىو .اغبصر مىت قورف بالسحاب اؼبنتشر يصوب على القاصي كالداين

لقريب كنازح الدار نائي كخراج السماء سيب يديو - 32اؼبكركرة كفاءن بغرضو على حت كجد " البحر"كىو تقدير مقصود إذ مل هبد يف صورة

كبعد . تفي بقياس شدة الشجاعة كاغبمية فلم يدعمها بصورة أخرل (29)الصورة يف البيت ، كىو البذؿ التحليل كالتقدير يأيت الشاعر بالدليل، إف ىناؾ كجهان أك شاىدان عمليان للكـرالتلقائي للعفاة، ال يستخرجو سؤاؿ سائل، فيتوافد الفقراء إىل موائده كما هتتدم الطت إىل

.مساقط الرزؽ

؟ البد من علة جوىرية تبعث على كـر جم عميم كبالفكر . كما ذا بعد الدليل اؼبادم على الكـرالعلة، إىل الدقيق كالنظر اؼبتعمق الذم حلل فيو مضامت الشجاعة كالكـر ينفذ الشاعر إىل

إنو مركب جبلةن على العطاء فهو ال هبد نفسو إال إذا أعطى، فإذا : العمق النفسي ؼبمدكحويريد فضيليت اؼبمدكح (36 - 35)ففي البينت . حقق ذاتو على ىذا الوجو كانت راحتو كمتعتو

الكيربيت إىل اؼبنبع النفسي األصيل، فإذا عرفت حقيقةي العلة اليت ال تتبدؿ كال تيعصى مل تكن ، مقداران كأبعادا، موضع تساؤؿ أك غرابة .الشجاعة كالكـر

كىي آثار : كلذلك شرع بعد التعليل يوضح اآلثار النفسية كالسلوكية ؽبذا الباعث الفطرمانتصر : لقد انتصر على سلبيتت البد للكرن كالشجاع أف ينتصر عليهما: ال تستهاف عظمتها

على اػبوؼ كاعبنب، كعلى البخل كالشح، كإذ ربرر من عبودية اػبوؼ كاغبرص فهو سيد يف :اجملالت يهت مالو كما يهت عدكه

ؿ كلكن يهينو للثناء ال يهاب الوغى كال يعبد اؼبا - 37

ؿ كأخرل سم على األعداء أروبى لو يده سبطر البذ - 38

.كما ثاين البيتت إال تأكيد ألكؽبما، لتلك الثنائية اؼبتزامنة بت اػبصلتت

كؼبا أشبع ىاتت السجينت ربليالن كدليالن كبيانان آلثارنبا أتبع ذلك بالشواىد اؼبادية احملسوسة كمل يشأ الشاعر أف يتناكؿ الشواىد احملسوسة من مكاف بعيد بل . على تعدم كرمو إىل اآلخرين

من كاقع تعاملو مع اؼبمدكح، فقد رفع مستواه اؼبادم إذ مل يكن يلبس اػبز فصار اػبز لو لباسان، كمل يكن لو من ىبدمو، فأعطاه الفتياف كاعبوارم خدمان، ككانت ابنتو ال زينة ؽبا فصارت ترفل يف اغبلية، كمن صدؽ كـر فبدكحو أنو ؼبا مات خادـ الشاعر كذىب يشكو إليو سوء طالعو عوضو

.أفحل منو

كأما دليل الشجاعة فلم يذكر لنا شاىدان مشهوران من مواقفو أك كقائعو على أنو يذكر يف البيت قبل اػبتاـ أف فبدكحو رجل الدكلة األمت كموضع ثقتها كحاميها اؼبقداـ، ذكران عامنا من

:غت زبصيص

ت رجاال عن حرمة اػبلفاء قائم باللواء يدفع باؼبو - 53

.فهل كاف فيما ذكر من شواىد الكـر اؼبتصلة بشخص الشاعر قوة للمدح؟

الشك أف الدعول تقول بقوة اإلثبات، كاإلثبات يدعم الدعول إذا كاف مكافئان لنوعيتها .كدرجتها كمضموهنا حىت ال ينخذؿ عن تأييدىا

ككنا رأينا كـر اؼبمدكح سحابان يعم البعيد كالقريب، كلكن الشاعر ما أطلعنا من عوائد كمن الواضح أف العطية احملدكدة اؼبقيدة ال تصلح برىانان . إحسانو إال على ما خصو بو اؼبمدكح

أمل يكن من اػبت للشاعر لو سكت عن ىذا الربىاف؟ لقد. على كـر مطلق غت ؿبدكد

كيزيد . بدا الدليل اؼبادم ضئيالن باىتان بت يدم اإلدعاء العريض البعيد يف األبيات اؼبتقدمة عليو

أفال : يف ضعفو نوعيةي الصلة بت الشعراء كاؼبمدكحت عمومان فهي قائمة على تبادؿ اؼبنافع تنسف ىذه الشبهة القوية الدليل من قواعده؟

ما كاف أجدر بشاران بأف يلغي ىذا الدليل اؼبضعوؼ كقد أنفق يف صياغتو عشرة أبيات .، إنو موضع السقم يف القصيدة أساء ؼبا قبلو كخاس دبا بعده(48 - 39)

.أك كاف ىبفى على بشار زبلفي ىذا اؼبوضع يف قصيدتو كىو أبصر أىل عصره يف الشعر؟

ما نظن ذلك كلكن شغلو عن تدبر ىذه األبيات العشرة كموازنتها بطريف اؼبدح جشعه على ما - غلب عليو، إذ أقبل على فبدكحو كىو يريد فوؽ اعبائزة اؼبالية أعطيات إضافية كاف

منها حصولو على فىت خادـ، فدس ىذا الطلب يف ثنايا اؼبدح اؼبثايل، : حريصا عليها- يبدك كلو راعى فنو كضبط رغبتو، ككازف بت اؼبثاؿ كاؼبطلب لكانت قصيدتو أدىن . فهبط ىبوطان ذريعان

.إىل التجانس كالتواـؤ ما بت القضية كالدليل، ما بت السجايا الشاىقة كشواىدىا اؼبتواضعة

زعيمت من غطفاف فجعلهما خت العدنانت -يف معلقتو - مرةن مدح زىت بن أيب سلمى :قاطبة

1رجاؿ بنوه من قريش كجرىمفأقسمت بالبيت الذم طاؼ حولو على كل حاؿ من سحيل كمرـب يبينان لنعم السيداف كجدسبا

كمن يستبح كنزا يف اجملد يعظم عظيمت يف عليا معد ىديتما كلكنو ذكر كفاء قسمو كبرىانو بأف ىذين السيدين أعادا السالـ الذم أضاعتو اغبرب بت

عبس كذبياف أربعت سنة، كاشتياه حبير أمواؽبما حقنان للدماء، كىي مأثرة ال وبرزىا إال عظيم .النفس نبيل اؼبقصد حقان

تفانوا كدقوا بينهم عطر منشسم تداركتما عبسان كذبياف بعدما

2دباؿ كمعركؼ من األمر نسلم كقد قلتما إف ندرؾ السلم كاسعان .فإذا الوقائع تعطي الثناء مصداقية غت مدافعة

كيعود بشار باؼبدح، بعد تلك الصورة اإلثباتية للعطاء، إىل اؼبثل العليا اليت ال تزاؿ ثرينة

1 .162- 161: صبهرة أشعار العرب

2 .162- 161: صبهرة أشعار العرب

:الشجاعة كالكـر

كلعل الشاعر ييلوح ؼبمدكحو، من (49البيت )اكتسابي حسن الذكر كالتباعد عن الذـ - فإف صح . كراء ىذا البيت، بالقيمة اغبيوية لشعره فيو لينفره من الوجو اؼبضاد للمدح أال ىو الذـ

دؿ ببضاعتو أك يىذا االستشفاؼ للمرمى البعيد كاف الشاعر يقف من كراء معناه كقفة البائع اؼب

.الكمي الواثق بسالحو

كاػبطابة صفة ككسيلة (50البيت )علو كعب اؼبمدكح يف اػبطابة كضراكتو يف اغبرب - يف - قيادية، كالبيت مؤشر على حرص ذكم القيادات على أف يذكركا هبذه الفضيلة البيانية

.كبأهنم هبمعوف بت حدة السناف كبالغة اللساف- القرف الثاين اؽبجرم

(.51البيت )نشر العوائد على الشاعر كاؼبسارعة لو كلكبار الرجاؿ بالعوف -

يعود إىل اعبمع ما بت الشجاعة كالكـر يف بيت كاحد نظت ما صنع يف " 52"كيف البيت - ".38 - 36"كل من األبيات الثالثة

صورة ميدانية للشجاعة إحدل السجينت، فاػبالؿ " 53"ينسل البيت " 52"كمن البيت - الفطرية اؼبمتازة يف اؼبمدكح يوظفها صاحبها يف اغبفاظ على الدكلة، يف الوفاء باؼبسؤكليات

. كتكتسب الشجاعة يف ىذه الصورة مضمونان فخما ضخمان يوازم عظمة اؼبسؤكلية. الكربلإذ ألف فيو مرة أخرل ما بت " 54"لبيت اػبتاـ " 53 - 52"كلعلو أرىص بالبيتت –

، كل منهما يف شطرىا صيغة موفقة من التحية اؽبادئة للمعطاء : الفضيلتت األـ الشجاعة كالكـر :اؼبقداـ

كإذا سار ربت ظل اللواء فعلى عقبة السالـ مقيمان - 54

الكـر - منحدره من صلب السياؽ اؼبدحي مركز لعيمدتيو - كما نرل - كىو ختاـ .يف تقسيم معجب كإخراج متفوؽ- كالشجاعة

كلكن ىذه األبيات الستة األختة من القصيدة يشكو بعضها من قلق ملحوظ يف موضعو أك فهو لو كالرديف كبينهما كشيجة معنوية " 37"أكىل بو أف يلي البيت " 49"ترتيبو، فالبيت

ليكوف تذييالن جامعان لعشرة أبيات قبلو، كإذا " 48"أف يلي البيت " 51"متينو، كخت للبيت بعد " 53"توخينا الدقة يف التتيب كمراعاة الصلة ما بت األبيات حسن لدينا أف قبعل البيت

كال وبق لناقدو أف يعزك االضطراب يف التتيب يف . كبذلك تتالقي نظائر متشاكلة" 50"البيت ىذا القسم لشاعر حاذؽ ثاقب الفكر كالنظر مثل بشار بن الربد إذ ال سبيل إىل القطع أف ترتيب القصيدة يف ديوانو اؼبطبوع ىو التتيب الذم ركم عنو، كليس ذبنيان أف تتحمل الركاية

.شيئان من مسؤكلية اػبلل

التقويم النقدي

:عمود شعري معدل (1)

يحق لنا أن نحكم مبدئيا بأن العمل العقلي، والتأىب واالحتشاد للعمل الفني ويؤيد . وىي قصيدة رسمية ذات عمود مرسوم. يهيمن على بناء ىذه القصيدة في المدح

جانب التهيؤ واإلتقان المقصود اتخاذ النقد في عصر بشار من قصيدة المدح معيارا .1لمكانة الشاعر فال يعد من شعراء القمة إال إذا تفوق في ىذا الغرض تفوقا ظاىرا

كؼبا عرضنا أقساـ القصيدة تبت لنا التزاـ الشاعر باػبطة العامة، كاؽبيكل األساسي لعمود الشعر، كاللمسات التعديلية يف األقساـ حجمان كمضمونان، كىو تعديل يساير التطور االجتماعي

كنبهنا إىل الفصل ما بت قسمي . اآلخذ باللت كالدعة، كيواكب أك يليب اذباىات الذكؽ الناشئاؼبقدمة، كإىل الوصل بالتخلص اغبسن إىل اؼبدح، كإىل التعادؿ الكمي ما بت اؼبقدمة كاؼبدح

كإىل الغاية اؼبتوخاة من اإلطالة يف القسم الغزيل منها كىي اجتذاب اؼبسامع كاكتساب اعبمهور .كستكرة القصيدة

كيف ىذا كلو يطالعنا عمله كاع جاد كمواءمة مقصودة تراعي اعتبارات أك معايت قديبة .كحديثة معان

:صياغة فكرية فنية (2)

إف ىذه القصيدة مدينة إىل فكر الشاعر كعقلو ال إىل كجدانو كقلبو، : كال نغايل إذا قلنافال كىجدى يف الغزؿ، كال مشاعر شاغلو من إقداـ أك خوؼ أك رجاء يف كصف الست حىت أف

:الرجاء اؼبعلن عنو أسند إىل الناقة ال إىل الشاعر

ؾ فتكل من حبره بدالء ػنبها أف تزكر عقبة يف اؼبل - 28

1 .99 كرأم أيب عبيدة ص68-67انظر رأم بالؿ بن أيب بردة األشعرم يف صبهرة أشعار العرب، اؼبقدمة ص

أما اؼبدح فهل صدر من إعجاب حق بالقائد اؼبثايل أك النموذجي كىل نلمح ظالن من كالء مشفوع بدفقة من كد؟ إف أعمق بؤرة عاطفية يف القصيدة ال تتجاكز الشكر أك االعتاؼ

يبليو عليو أدب اجملاملة، كتستدعيو كقائع اؼبدح اؼبتقدمة (48 - 45)باعبميل يف األبيات .عليو

أفكاف الفكر الواعي اؼبدقق كاقفان باؼبرصاد للعواطف اؼبستجاشة؟ لو كاف يف حنايا الشاعر، إذ تغزؿ، العجة من لواعج اغبب أك مشاركة كدية غامرة، إذ مدح، تشايع الرغبة

، أك االقتاف، اؼبادية أك توجهها، لتبدت تلقائيا يف معانيو، كالشاعر بذلك راضو ألف التالـزالفكرم كالعاطفي كجو من كجوه القوة كالتأثت، كالسمو اغبق يف الشعر يف لقائهما اؼبوفق بل

.اربادنبا يف عملية النظم كاإلبداع

:الترتيب والمواالة (3)

كلكن علينا أف نرضى بالفكر كالبناء العقلي يف ىذه القصيدة نصيبان، ككذلك امتاز كل إال ما نبهنا إليو من اضطراب - قسم من أقسامها بالتتيب كالتوايل احملكم ما بت األبيات

فالقصة الغزلية تتسلسل مواقفها كفق التتيب الطبيعي جملريات - التتيب يف آخر القصيدة فساد ذات البت (7 - 3)، تذكار اؼباضي (2 - 1)ربية احملبوبة : األحداث

- 19)، النهاية اغبزينة اػبائبة (18 - 10)، الوساطة إلصالح ذات البت (9 - 8 )22.)

كعلى اإلهباز يف حديث الصحراء كالراحلة فالتتيب على الغاية من األحكاـ، ككل بيت يضيف : إضافات جزئية أساسية للمشهد العاـ يف البيت

ين رفاضان يبشت مشي النساء ػ كفالة زكراء تلقى هبا الع - 23كعناصر مادية من ( خيفة متوجسة من اػبالء)إليو عنصران نفسيان (24) كيضيف البيت

فيربزاف شخص الشاعر يف ىذا اعبو (26 - 25)أما البيتاف . القافلة كمن شيوع اآلفاؽـ الصحراء كحيواهنا كسرا هبا فيكثر فيهما توضع اعبزئيات يف أكباء اؼبشهد حىت الفسيح بت ىوا

نشأت الناقة ربمل الشاعر يف ذاؾ اؼبنطلق الفسيح قريبة من العىت ترسم (27)إذا كاف البيت .سريرىا الناشط بتتابع حركات اليدين كالرجلت

كعلى أف الشاعر مل يبل الصحراء رؤية كمنظران، كإف عاش فيها يفاعتو، فقد ظفرت أبياتو بالتتيب احملكم نتيجة جهد عقلي خالص ينتقل من العاـ إىل اػباص، كمن البسيط إىل اؼبركب،

:كيوايل ما بت العناصر أك اعبزئيات على قاعدة التجانس، كلنقرأ البيت كب فضاء موصولة بفضاء من بالد اػبايف تغوؿ بالر - 25

لنعلم أف العناصر الثالثة يف البيت وبقق ما بينها التجانس ما يشبو كالدة بعضها من .بعض يف تسلسل منظم كتوايل جزئيات الزمن

تقرير السجايا نوعان : أما اؼبدح فقد علمنا أف اؼبواالة يتحكم فيها ترتيب منطقي مينسقشواىد ؽبا - آثارىا اػبلقية كالسلوكية - علة كجودىا أك نشوئها - التدليل عليها - ككمان .تلخيص كخاسبة- كأدلة

ىل تظفر خطة أك مقالة حديثة بتتيب أرصن كمواالة أحكم؟

أليست ىذه اؼبواالة تشهد بفكر منظم يفحص اؼبعاين اؼبتوالدة أك اؼبتتابعة كيلحق كالن جبنسو كفق نسق اؼبدح الذم فصلناه؟

إىل القدرة الفكرية اػبالقة لدل الشاعر، إىل - يف اغبق - إف ىذه القصيدة مدينة أال نرل كيف . ملكة التحليل اؼبنطقي لطبيعة اغبقائق ربليالن يستويف اعبوانب كاػبصائص صبيعنا

الكـر كالشجاعة، مث ذىب فكره فيهما كل : بيتان يا اؼبدح على معنيت اثنت نبا (27)بت مذىب حىت استوؼ لو منهما مدح معجب يتقدـ بو شعراء عصره؟

:توليد المعاني (4)

حسبو شاىدان إبداعو ىذه القصيدة، كليس من "كصف بشار نفسو مرة بذكاء القلب، مظاىر فكره اػبالؽ التتيب كحده، فإنو يهتدم إليو بشيء من ترداد النظر، كفحص اؼبعاين

.لتحقيق اؼبشاكلة فيما بينهما، بل توليدي اؼبعاين بعضها من بعض أيضان كتوسيعها كطريقة عرضها

كيعتمد توليد اؼبعاين يف ىذه القصيدة على القدرة التحليلية، أال نرل أف بشاران كاف لو أف :يكتفي باؼبطلع اؼبستطرؼ

كاحذرا طرؼ عينها اغبوراء حييا صاحيب أـ العالء

كلكن قوة الفكر احمللل ال ترضى إال أف تشتق من الشطر الثاين بيتان آخر يكوف للكؿ

:رديفان كظهتنا

ؼبلم كالداء قبل الدكاء إف يف عينها دكاء كداء ىو ليدفع عن الشطر األكؿ ما قد يوىم بو " كالداء قبل الدكاء"كاالحتاس اؼبنطقي يف قولو

فلم مدل يراقب بشار معانيو كىو يفتقها، كبأية . العطف من ترتيب هبعل الدكاء قبل الداء بصتة؟

إف الرجل الذم كعى علـو عصره كثقافتو، كحضر حلقات كؾبالس علماء الكالـ يبنح شعره شبرة عقلو الالمع القادح، كلعلو هبذا التحليل الدقيق تفوؽ على األقراف، إنو ليس سهال أف تضع الثقافة العميقة يف خدمة الشعر إال من سبثلها حق سبثلها كدخلت يف صميم بنية فكره كيف

.منهج تفكته

ما بينها نتيجة فبن 1كاؼبدح يف القصيدة مليء بأمثالو ىذه التواليدات اؼبعنوية ككاف التابط :نتائجها، إف قولو

عقبة اػبت مطعم الفقراء حرـ اللو أف ترل كابن سلم - 33 :وبتاج إىل برىاف حسي، ككاف الربىاف

ب كتغشى منازؿ الكرماء ػ يسقط الطت حيث ينتثر احل - 34كىو تتبع لفركع اؼبعاين " تغشي منازؿ الكرماء"كمن الربىاف اشتق القاعدة الالزمة عنو

.ناتج عن قوة اؼبنطق التحليلي، كتوضيح الصفة دبثاؿ، كاستخالص قاعدة من اؼبثاؿ

كبذلك قدر لبشار أف يوسع قسم اؼبدح من معنيت اثنت ككأنو يف كل بيت منو يهب . جديدان، كما ىو إال الفرع األكؿ أطلع غصنا من نسغو كغبائو

:اإلحكام والربط (5)

كبشار يتوخى اإلحكاـ يف الصنعة اؼبنطقية توخي شاعر يدفع اػبلل كلو أسرؼ يف توضيح :ما ىو كاضح قاؿ

ليس يعطيك للرجاء كال - 35 اػبو

ؼ كلكن يلذ طعم العطاء

1 .(الصحاح )دائم ال ينزح : دبعت الربط ، من قوؽبم ماء متابط : التابط

، فأراد اؼبعت يف صياغة نظرية كأراد أف يبت أف الشجاعة ىي من لذة اؼبمدكح مثل الكـرخالصة عارية من كل تلوين ليقرف إليها اؼبعت الثاين كتكوف اإلعادة كصلة معنوية، ليستوم

:البيتاف يف إحداث األثر

يف عطاء كمركب للقاء إمبا لذة اعبواد ابن سلم - 36

، كإذا كاف التكرار يف البيت كمن آثار الفكر اؼبنطقي الذم يطلب الوضوح دائبان التكراري: اآلنف يراد بو حسن التأليف كالربط فهو يف مواضع كثتة حملض التأكيد مثل قولو

اؼباؿ كلكن يهينو للثناء ال يهاب الوغى كال يعبد - 38

ؿ كأخرل سم على األعداء أروبي لو يد سبطر الت - 39

33)كيتدد ىذا الغرض يف عدد من أبيات اؼبدح يكوف فيها الثاين تثبيتان للكؿ كاألبيات فهي، إذف، ظاىرة فبيزة يف القصيدة وبرص فيها بشار على استقرار اؼبعت عند السامع (39-

.كأف يبلغ األثر فيو أبعد مالو من مدل

كال تنحصر ىذه الظاىرة ما بت األبيات يف قسم اؼبدح بل قبد ؽبا نظتان يف اؼبقدمة الغزلية .كلكن التكرار فيها يطلب التطويل ال التأكيد (ق - 3)يف األبيات

:أشكال التوليد وأسبابو (6)

فهل كاف بشار هبنح لتكثت عدد األبيات يف القصيدة؟ قد حملنا ذلك يف موضعت من اؼبقدمة الغزلية، كيف مواضع متعددة من اؼبدح، ككبن، كإف كنا نرل أف بعض التكرارات مل تفد

تأكيد اؼبعت الذم بيناه، كإيراد اؼبعت يف : اؼبعت شيئان، كجدنا أف الكثت منها كانت لو فائدتافأك (34 - 33انظر البيتت )إما يف صورة ؿبسوسة من التشبيو الضمت : لبوس جديد

كقد يكوف التكرار . (52انظر البيت )أك التشبيو البليغ (38انظر البيت )االستعارة أك الكناية غت أف العودة إىل اؼبعت بالصورة اغبسية (36 - 35)إلصالح األسلوب كما بينا يف البيتت

، لتكرره يف غت موضع، ككأنو إذ صاغ اؼبعت ىو األغلب، كىو حرص من الشاعر متوخىن .صياغة نظرية أك رده يف صورة ؿبسوسة إمتاعان كتثبيتان كإظهاران عبانب االقتدار على الصور

.فما العلة كراء ىذا الصنيع؟

:من اؼبمكن رد ىذه الظاىرة إىل علة مزدكجة

منها عادة عقلية أك مسلك يف التفكت تأصل لدل الشاعر بتقليب اؼبعت على كجوىو (أ)من شىت أطرافو، أك بالصور الطريفة اليت هبد السامع متعة يف استعادة اؼبعت من خالؽبا، كلعل

نقاد عصره أعجبوا بطريقة بشار ىذه، فتمكنت من تعبته، يشهد هبذا قوؿ ابن األعرايب ؼبا :أنشده رجل بيتان ػبالد الكاتب

كليل احملب بال آخر رقدت كمل ترث للساىر

:فاستحسنو مث أنشده رجل لبشار

كما باؿ ضوء الصبح ال يتوضح خليلي ما باؿ الدجى ال يزحزح أـ الدىر ليل كلو ليس يربح أضل الصباح اؼبستقيم طريقو

كلكن أطاؿ الليل ىم مربح أظن الدجى طالت كما طالت الدجى نح بيتك ال تأكلو ىذه األبيات فإف بيتك : "فقاؿ ابن األعرايب للذم أنشده بيت خالد

.1 "طفل كىذه سباع

أكاف بشار يهيمن على الشعر كالشعراء هبذا االتساع يف اؼبعت، كهبذه اعبزالة يف األداء؟ فلم . ال يلح على ىذه الطريقة ليبقى يف مركز القوة ؟

يقنص - كما يتضح من القصيدة - كمنها العمي، عاىةه جعلت فكره ذبريديان، فهو (ب)اؼبعت يف صورتو اؼبعنوية اجملردة من اللبوس اؼبادم مث ييقويو بالصور اغبسية، كما كنا بيناه، كإف

تواتر ىذا اؼبنحى يف قصيدتو يومئ إىل عادة فكرية متأصلة ربكم أسلوبو يف النظم، كسنبت بعد إف تلك العاىة . قليل أثر ىذه العادة الذىنية التجريدية يف اللفظ إذ ىي ال ربكم اؼبعت كحده

فهو ضرير، كسائلو كمصادره : خلقت فيو باعثان نفسيان على تقليب اؼبعاين كاشتقاقها كتفريعهاأفال يتجو، إذف، بدافع من . غت بصرية، كىو مفتقر إىل اعبانب البصرم افتقاران ال حيلة لو فيو

التحدم إىل شكل من أشكاؿ التعويض يف تنويع اؼبعت الواحد يف عبارات كصور، كأمبا يقوؿ . إذا كنتم تركف اؼبعت من زاكية فأنا قادر على رؤيتو من غت زاكية: للمبصرين

: النزعة التجريدية واللغة (7)كأما أثر النزعة التجريدية يف األلفاظ فقد سبيزت باختيار األلفاظ اليت تسع اؼبعت كربيط بو

1 .، اػبطيب البغدادم114 ص 7ج: تاريخ بغداد

: لقد أراد أف وبلل الشجاعة كالكـر إىل عناصرنبا. بدقةدة كالبأس كالندل كالوفاء ػأيها السائلي عن اغبـز كالنج - 30

فاكبلت كل منها إىل غت لفظة من أظباء اؼبعاين يف ىذا الشريط الذم يركع دبا فيو من ذبانس كلو مسحنا ألفاظ ىذه القصيدة لوجدنا ألظباء . كمن دقة يف ربديد اؼبضموف- كما أشرنا -

اؼبعاين حظا كبتنا يقارب أك يكاد يوازم أظباء الذكات، يف الغزؿ أك يف اؼبدح كباستطاعتنا أف باإلضافة ؼبا سبق يف البيت - كقبتزئ من أظباء اؼبعاين . نصنف طائفة كبتة من كل من النوعت

، كد، اؽبول، جهد علم، كعد، مصت، فناء، عزاء، اػبالؿ، "دبثل - دكاء، داء، شقاء، النـوفإذا " الغناء، الرجاء، اػبوؼ، العطاء، الثناء، الصفح، الصفاء، البخل، اغبمد، الذـ، الفضل

علمنا ما كاف يبلك من ىذا - كما ىو كاقع اغباؿ - امتازت ىذه األلفاظ بدقة التوظيف . النوع من ـبزكف ثرم يقدمو ابتداءن قبل أف يشفعو دبرادؼ مادم

:الجزالة واإليقاع (8)

كاغبق أف بشار بن برد ملئ لغةن فياض الرصيد، يسكب معانيو يف لبوس من األلفاظ ا ال أصلح كال آنق، كال زبطئ األذف جرسان هبنح إىل اعبزالة يسيطر على القصيدة قيدت ؽبا قدن

من جزالة منعمة يف الغزؿ إىل فخامة مضخمة يف : من اؼبطلع إىل اػبتاـ، يتماكج كنوعية اؼبعت :اؼبدح، يف مثل قولو

ت فغيث أجش ثر السماء ػأسد يقضم الرجاؿ كإف شئ - 52كىو يتجاىف عن الغريب جهده إال إذا طلبت مادة الوصف بعض األلفاظ النائية عن

.اغبضرية كما تقتضي طبيعة البيئة الصحراكية

: فهو، إذف، يوائم بت األلفاظ كدالالهتا الصوتية، فينخفض يف لساف يف مثل قولوكتصدت يف السبت يل لشقائي أسقمت ليلة الثالثاء قليب

:كيرتفع بارتفاع أحرؼ اؼبد اؼبتواليات من ألف كياء يف قولو

ؿ كلكن يهينو للثناء ال يهاب الوغى كال يعبد اؼبا - 37كىذه اؼبشاكلة بت اؼبعاين كألفاظها كالقيم الصوتية اؼبتآلفة منها أضفت على شعره جاللة

كإف الصوت ليتماكج سباكج اؼبعت، صادرا من التاكيب اليت تتوزع البيت . راعت أدباء عصره

بإيقاع منظم، يبعث صدل موحيا باؼبعت أك بانفعاؿ الشاعر أيبا إوباء، شأف الصدل اؼبنبعث من البيت اؼبتقدـ، يف موجات ثالث متقاربة متناظرة من تراكيبو الثالثة اؼبتسقة زمنان كصيغة

.كإسنادان

كتراكيبو غنية بالقيم الصوتية عمومان، كلكل بيت إيقاعه ينثو مضمونوي، كصوري تراكيبو نثان اللفظ : ينشأ عنو تآزر تلقائي، صادر عن حسو لغوم فطرم، بت تلك األقطاب الثالثة

- كمضمونو كجرسو، كىو وبقق ىذا التآزر دبراعاة صيغ التاكيب أك اعبمل

كغالبان ما نلقى يف البيت تركيبيت، على األقل، من صيغة كقيمة - كما بينا يف البيت اؼبتقدـ : صورة صوتية موقعة إلرقاؿ ناقة مسرعة (27)موسيقية كاحدة طلبان للجرس اؼبوقع، فالبيت

ؿ مركح تغلو من الغلواء ػ بسبوح اليدين، عاملة الرجإذ يرسم، يف الزمن الواحد، اغبركة مرئية بسرعتها، كمدركة دبا ييولدىا من نشاط كاندفاع

كالتاكيب الثالثة األكىل ترسم السرعة، ككل من األكؿ كالثاين تركيب إضايف، فهما من . ذايتصيغة، كربكم التاكيب الثالثة حركة اػبفض يف " توازف، سبوح "قيمة صوتية متقاربة، كمركح

طبس كلمات متوالية كاإليقاع اؼبنتظم الذم ترسم أجزاؤه اؼبتساكية

اندفاع من ال يريد أف يقف، " الغلواء"كاندفاع فبعن من اؼبصدر " تغلو"مستقيم بوثبة من الفعل من ضم بعده فتح بعده مد فبدكد يبلغ " - غلواء"يف - يبتد بامتداد حركات ثالث متعاقبات

.بو االنطالؽ أقصاه

كالتشاكل الصويت ال يقف بو حس الشاعر عند صيغ التاكيب بل يتناكؿ اغبركؼ اليت - سبوح "يراعي االنسجاـ ما بت أصدائها كالتقارب الصويت يف حركؼ كل من اللفظيت

. فهما تشتكاف حبرفت متجاكرين ليس قبلهما حرؼ من اغبركؼ الضخمة اؼبستعلية" مركح كلكن إذا ألقت الوحشة ظالؽبا على البيت، كظهر اغبرؼ القوم اؼبوجس باػبوؼ إهباس حرؼ

:اػباء يف قولو

ب فضاء موصولة بفضاء من بالد اػبايف تغوؿ بالرؾ تتابعت، يف ضربات إيقاعية موقوتة، الغت كالضاد يف ثالثة مواضع، لتجانس اػباء يف

.القوة كاالستعالء كلتنشر يف أعقاب حركؼ اؼبد رىبة غت ؿبدكدة

- كما رأينا - كالتجانس الصويت صفة كل بيت يف قصيدة بشار هبيش غبنو حينان :كيطمئن حينا اطمئناف البيت األخت حبركؼ اؽبمس كاللت

كإذا سار ربت ظل اللواء فعلى عقبة السالـ مقيمان

.على أف التجانس الصويت، كما ينشأ عنو من إيقاع، يبلغ سبامو بالقافية

:القوافي (9)

كتبدك قافية كل بيت كأهنا حلقة اػبتاـ يف سلسلة مقدرة تقديرا، عندىا تنتهي اؼبوجة اإليقاعية، كهبا تبلغ الذركة، فإذا قافية البيت تنتسب لكل لفظة فيو فيأيت من إحكاـ القافية بالعجب العجاب، كنظرة يف األبيات الثالثة األكىل هتدم إىل أف كلمة القافية يرىص هبا ما

متحدة " حوراء"أليست الصفة : يتقدمها من الكلم إرىاصان ال يقتضي غتىا يف هناية اؼبطاؼ. سبب التخدير- أم الصفة حوراء - مث ىي " أـ العالء"دبوصوفها، كاؼبوصوؼ جزء من

يف إطار اعبملة الدعائية أمل " إزاء"أليس ؿبموال على الشطر األكؿ من البيت الثاين، ك" الدكاء"ك ".على رغم إزاء"يرىص لو

على التالـز اؼبعنوم بينهما " ندل"بعد لفظة (3)أال يدؿ إيراد كلمة كفاء يف قافية البيت أظباء اؼبعاين الدالة على الفضائل - فإنو ال كـر على اغبقيقة إال بالوفاء بو؟ كاغبق أف اؼبصادر

:تتساند يف رتل متاص حىت يكوف آخرىا القافية-

دة كالبأس كالندل كالوفاء أيها السائلي عن اغبـز كالنج كليس من غرضنا التتبع لقوايف األبيات . تنسل قافيتو من أكؿ كلمة فيو " 45"كالبيت

:كلها غت أف قافية البيت اػبامس تفاجئ اؼبستمع مفاجأة

مث راحت يف اغبلة اػبضراء كغداة اػبميس قد موتتت - 5كليس يف البيت أك ما قبلو ترشيح يقتضي ىذا اللوف دكف غته، كلعل الشاعر أراد أف

يوىم أنو وببها كىي يف حلتها اػبضراء إذ تبدك أصبل يف عينيو لتعلق نفسو هبذا اللوف، كقريب :منو البيت السابع عشر

د فأكىف ما قلت بالركحاء ػقد يسيء الفىت كال ىبلف الوع - 17

. كال يطالعنا اسم ىذا اؼبوضع من قبل كال من بعد، كال يرشح لو حديث لقاء صريحو فلماذا ىذه اؼبفاجأة بالقافية كما كاف ؼبثل شاعرنا أف ىبطئو الضعف فيها لو أحس فيها ضعفا؟

ال تعليل سول أف أراد بذكر اسم اؼبكاف إضفاء لوف الواقعية على العالقة، كلكنها ال تنزؿ . ، كاستبداؽبا بنظت آخر ال يزلزؿ بناء البيت1ؿبكمة يف مستقرىا إحكاـ القوايف األخر

:أصالة األداء (10 )

كل ما يف ىذه القصيدة ينبئ عن أصالة مربأة من الوىن، ككذاؾ الشاعر الفحل، أمل يقل إف أبيات بشار سباع هتم أف تأكل بغاث الشعر؟: ابن األعرايب

كىذه األصالة ذبعل العادم اؼبستهلك طريفان، كزبرج اؼبشاع من اؼبعاين يف حلة قشيبة، ، كلكن بشاران، بأسلوب مبدع من كىل شبة ذيوع أكسع من ذيوع كلميت الشجاعة كالكـر

وبملنا على اإلعجاب هبا كما نعجب دببتكر طارئ أليس يف أسلوب - أساليب العرض، :السؤاؿ كالتقرير يف قولو

دة كالبأس كالندل كالوفاء ػ أيها السائلي عن اغبـز كالنج - 30كمزيدان من مثلها يف العطاء إف تلك اػبالؿ عند ابن سلم - 31

لقد فقدت الفضيلتاف كأضلهما الناس كلكن الشاعر يعرؼ إنسانان : إحياء ؽبذين اؼبعنيتكاحدا ال يزاؿ كحده وبتفظ هبما، فإذا تعب الباحث عنهما كأخربه الشاعر دبكاهنما أفما دىلو

على شيء شبت؟ :منها الدعاء يف قولو: كأساليب الشاعر اليت تسهم يف حبث اؼبعاين اؽبامدة عديدة

ـ إزاءو ال طاب عيشى إزاء ػرب فبشى منها إلينا على رغ - 3 :كاالستغاثة يف قولو

يا لقومي دمي على ضباء مث صدت لقوؿ ضباء فينا - 8

مكابدة ذاتية أك ضيق يعانيو : كيف الدعاء على الرقيب أك الواشي ؿبتولن نفسي كبت. الشاعر فبن يرقبو كيفسد عليو صفاء كصالو، فاستحق الرقيب أف ييدعى عليو دبثل ما جت

1 (الالمية)انظر معلقة امرئ القيس . يف قصائد فحوؿ اعباىليت أظباء األمكنة يف القوايف يرشح ؽبا بذكر مواضع قبلها

.كمعلقة زىت بن أيب سلمي كليد

كليست اعبدة يف تركيب الدعاء الثابت اإلطار كحده كلكن يف مادة اؼبضموف اؼبوافقة للموقف ".ال طاب عيشي إزاء: "أيضان

: كلو أف تركيب االستغاثة يف البيت عراه تعديل طفيف ػببا اإلوباء اؼبعنوم الواسع الطيفصديقان : فلو استعدل فردان : كىهنا جوىر الفن" - يا لقومي دمي على ضباء"إنو استعدل قومو

أك قريبنا، لكاف ؿبتول االستغاثة غت مليء كال مشع، كلكن االستغاثة بقومو صبيعان، وبملهم عبء دمو اؼبراؽ أحيت تلك الصورة اعبماعية التارىبية الصاخبة، صورة القبيلة قاطبة يستفزىا

.الصريخ على نبأة الثأر، فتهب بالضجيج كالعجيج كالغضب

فأم حدث خطت، كأم ضحية بريئة، كأم ىوؿ مشتعل ينشره تركيب االستغاثة دبضمونو !ىذا

!إهنا األساليب اليت هبا ينفخ الشاعر العبقرم ركح اغبياة كاعبدة يف اؼبعاين كاللغة

:الخيال (11)

عدد الصور اػبيالية يف القصيدة دكف عدد نصف أبياهتا، أكثرىا التشبيو كأقلها االستعارة، كالفحص اؼبدقق ؼبفردات تلك الصور يهدم إىل مصادرىا فهي من . كال زبلو من الكنايات

:اؼبوركث الشائع قديبو كحديثو، كاالستعارة يف قولو

ؼبلم كالداء قبل الدكاء إف يف عينها دكاء كداء - 2

كمر بنا شعر " النظرة القاتلة: "مستخلصة، يف تآلف مركز، من صورتت يتداكؽبما حديث الغزؿكاعبهد الفت ىو التأليف ما بت . الشائعة على األلسن" النظرة الشافية"ك- عبرير فيها

فالطرافة يف السبك كالعرض ال . اؼبتضادين يف اللفظ اؼبتجانس يف تركيز وبكمو اؼبنطق الواضح .يف اؼبادة

كلعل بشاران كاف يستهدؼ كثتان اعبمع أك اؼبقابلة ما بت الصورتت اؼبتضادين ضربان من كذلك يقف كل من االستعارة كالتشبيو كجهان : اعبهد اإلبداعي تعويضان عن اإلبدؿ يف الصورة

:لوجو يف قولو

ؿ كأخرل سم على األعداء ػأروبي لو يد سبطر الت - 38كأسلوب التضاد طريقة من طرؽ الفكر التوضيحي ييعوؿ عليها بشار أحيانا بت أركاف

.الصورة الواحدة

كما انشقت الدجى عن ضياء مالكي تنشق عن كجهو اغبرب - 29 . فالنور بارز من الظلمة ىيكل للمشبو كاؼبشبو بو يف ىذا التشبيو التمثيلي

.كإذا كاف يف أسلوب التضاد مىسحة فنية فإف التقليدية البحتة يف غت أسلوب التضاد

ؾ فتكل من حبره بدالء ػنبها أف تزكر عقبة يف اؼبل - 28لقريب كنازح الدار ناء كخراج السماء سيب يديو - 32

كلكن الصور التقليدية يناؽبا رشاش من الفن كاغبياة إذا أضيف إليها توابع تكميلية من :نعوت مفردة أك صبلة موحية كميضخمة ؼبضموهنا مثل قولو

ت فغيث أجشى ثر السماء ػأسد يقضم الرجاؿ كإف شئ - 52 كفيما غت ذلك ال تكوف الصورة من التشبيو أك االستعارة إال استبداال باللفظ اغبقيقي،

كخراج "كال جدكل فيها إال اإلهباز بنيابة اللفظ اجملازم أحيانان عن غت لفظ حقيقي مثل :كأقوالو" السماء سيب يديو

كاف ما بيننا كظل السراء فاستهلت بعربة مث قالت - 19مشرفات يطرفن طرؼ الظباء ال تلوما فإهنا من نساء - 9

ف رفاضان يبشت مشي النساء ػكفالة زكراء تلقي هبا العي - 23كربقق ذبسيدان ماديان للمعت كصفتو معان يوائم " اؼبضموف "كلكن بعض الصور تتفوؽ يف

:نوعيتو كيقوم األثر االنطباعي اؼبقصود، كما يف قولو

ذـ فظيعان كاغبية الرقشاء ػ يشتل اغبمد كالثناء كيرل اؿيعتمد على حس دقيق يف التوافق ما بت " اغبية الرقشاء- الذـ " فالتأليف ما بت

!اؼبعنوم كالنظت كالشبيو اؼبادم، إف الذـ ينفث السم اؼبميت

كىذا ما هبعل الصورة، عند بشار، من البيت يف اؼبوضع اؼبستقر كأهنا اعبزء الطبيعي من :التعبت كلو استقلت الصورة بالبيت كلو، كقولو

ب كتغشى منازؿ الكرماء ػيسقط الطت حيث ينتثر احل - 34 : فهو الرديف الربىاين ؼبا تقدمو

عقبة اػبطت مطعم الفقراء حرـ اللو أف ترل كابن سلم - 33ذلك أف التشبيو الضمت يتفتح شاىدان كاقعيان، ال ييدفىع على الكـر العم كما يشهد لبشار دبحرزات ابتكارية تتأتى لو يف عنفواف النظم، كلكن النظر فيو يدؿ على أنو صناعة عقلية أكثر

" انتثار اغبب - كعلتو - سقوط الطت "منو خطفان خياليان، أال ترل إىل الربط ما بت الفعل كأعرؽ صوره إبداعان تتداعى من عناصر ألفى بينها التفكت كالتنسيق اؼبنطقي الواعي، أمل يعجب

:النقاد كالبلغاء بقولو

1كأسيافنا ليل هتاكل كواكبوكأف مثار النقع فوؽ رؤكسنا كىي صورة ركبها فكره البصت من عناصر يتزامني حدكثيها؟

كشبة فرؽه بت اػبياؿ اػبالؽ كاػبياؿ الفكرم، فاألكؿ يلمح الصورة يف خطفة برؽ من :اإلبداؿ كتستوم لو تامة متكاملة كقوؿ اػبنساء

يتعاكراف ميالءة اغبىضر جارل أباه فأقبال كنبا

2صقراف قد حطا على ككر كنبا كقد برزا كأهنما

كالثاين ىبطط للصورة كيهيئ عناصرنبا مث ىبرجها على نسق كنظاـ كمقارنات ؿبكومة كصور بشار اػبيالية من ىذا اؼبورد، كشبة صورة يف القصيدة جاءت كرتت يف اؼبقدمة . بالفكر

كبصياغة كاحدة كألفاظ متادفة، كليست من الصور اجملنحة إبداعان، إهنا من النوع القريب يعرب :هبا عن اإلحساس باػبفة أك فقداف الثقالة كالوزف قاؿ

بك حىت كأنت يف اؽبواء كاستخف الفؤاد شوقان إىل قر - 7

ؽ صريعا كأنو يف الفضاء أنت باعدتو فأمسى من الشو - 15

كأحسب الصورة دبضموهنا ىذا فبا كاف يدكر على ألسن العامة من الصور العفوية فنقلها ىو إىل الشعر كأمبا قد استحدثها، كأظنها ذات صلة كثيقة بذاتو، أك بإحدل عقده النفسية إذ

كاف ضخمان طواال ميثقال، كمن يدرم لعلو كاف يضيق بالسمن اؼبفرط صدران : كيشتهي النحوؿ كالرشاقة ؼبا فيهما من القبوؿ، كبعض غزلو ينم عن ىذه الرغبة اؼبكبوتة

1 .ؿبمود ؿبمد شاكر، القاىرة: ، اعبرجاين، ت96: دالئل اإلعجاز

2 .ريطة تلبسها اؼبرأة: كاؼبالءة. عدك الفرس: اغبضر. ، دار صادر، بتكت76ص : ديواف اػبنساء

1لو توكأت عليو الهندـإف يف بػيردىم جسما ناحالن فكاف يتوؽ إىل أف يستشعر نفسو خفيفان كالورقة يف مهب الريح، فتوايف ىذه الصورة تعبتان

كؽبذه الصورة أصوؿ يف اؼبوركث من التاث . رامزان إىل التوؽ اؼبستكن ما كراء الشعور الواعي .األديب، يف القرآف العظيم كيف غته

قاؿ تعاىل . كىي يف كتاب اللو يبلؤىا مضموف آخر ىو اػبوؼ كذىاب النفس من الفزعمهطعين مقنعي رؤوسهم ال ي رتد إليهم }يذكر ذؿ الكفار يـو القيامة كقد طارت قلوهبم ىوالن

ومن }كؽبا نوع اتصاؿ بعناصر من صورة أخرل من كالـ اللو . 2{ رف هم وأف دت هم ىواء ر أو ت هوي بو الرريي في مكان سحيق . 3{يشرك باللو فكأنما ر من اللماء ف تخطفو الطي

بعنصر ضمت ىو الفضاء، كذلك إذا تفرقت " طارت نفسو شعاعنا: "كما تالقي قوؿ العربنبىمهيا كرأييها كمل تتجو ألمر

: يف اػبوؼ اؼبسيطر، قاؿ قطرم بن الفجاعة4 5من األبطاؿ كوبك لن تراعي أقوؿ ؽبا كقد طارت شعاعان

.كاختالؼ اؼبضموف ال يبنع قرابة الصور كاشتقاؽ بعض من كحي بعض

يف ىذه القصيدة صنواف يف التقنية الفنية - اػبيايل - كلكن التعبت الواقعي كاجملازم ككظيفة األداء، كبذلك قبد اػبيايل تتمة طبيعية ؼبا ىو حقيقي، فهو يف اؼبوضع األمكن من البناء الفت، غت أنو ال ييشكل إبداعان فبيزان إال ندكران، كذلك لالعتداد باؼبادة التقليدية كباعبهد الفكرم

يف إخراج الصور اػبيالية، على أف التحكم الفكرم الواعي يف نػىوعي األداء الواقعي كاػبيايل جعل يف الواقعي شاعرية كجاذبية ال تقل عن اػبيايل ؼبا امتاز بو الشاعر من تدقيق يف ربديد

: األكضاع كالصفات اغبقيقية كما قاؿ يف صفة الناقةؿ مركح تغلو من الغلواء ػبسبوح اليدين عاملة الرج - 27

: كيف الفىت الوصيف

1 .151/ 3: األغاين

2 .أفئدهتم ذات فراغ ؾبوفة، يبلها اؽبواء ال اغبكمة كال اػبت. كمعت ىواء يف اآلية. (43)سورة إبراىيم اآلية

3 (.31)سورة اغبج اآلية

4 .(شعع)الصحاح

5 .دار الشركؽ بتكت. صبع كربقيق إحساف عباس122ص : ديواف اػبوارج

باع صىلتى اػبدين غض الفىتاء ػكحباين بو أغر طويل إىل اؿ - 40فهذه الصورة اؼبخططة باللفظ اغبقيقي ليست، يف سياؽ األداء، دكف الصورة اليت رظبها

:التشبيو للوصيف

ث غاداؾ خارجان من ضراء ػفتنجزتو أشم كجرك اللي - 44ككنا بيننا يف غت ىذا اؼبوضع اآلثار السلبية كاإلهبابية لعاىة العمى يف تناكلو معانيو، كىي

.آثار تنسحب على اؼبلكة اػبيالية أيضان

:لملات بديعية (12)

كأما الصنعة البديعية فهي يف بواكت إقباؽبا من جناس كطباؽ عفوم ال يكاد يشعرؾ دبوقعو لوال أنك تتحرل عنو، فهو من اقتضاء اؼبعت ال من قصد التزيت، كلذلك ال يدخل يف

الدجى - داء كدكاء "كمن يدعي على الشاعر أنو هبتلب من بعيد مثل قولو . جوىر العمل .؟"الثناء كالذـ - كالضياء

استنبطنا من القصيدة كثتا من أصوؿ اإلصدار الفت كخططو لدم الشاعر، فإذا تتابعت اعبهود على دراسة عدة قصائد لو سبثل ـبتلف فنوف شعره كأغراضو أمكن تكوين صورة

.موضوعية لبواعث اإلبداؿ كمظاىره كقيمتو الفنية عند بشار بن برد

...كاغبمد اللو رب العاؼبت

.دكاعي الدراسة: مقدمة

.القصيدة

.الشاعر كالقصيدة

. بناء القصيدة

.الرحلة (ب)لغزؿ 1 (أ): اؼبقدمة -

.(اؼبدح)الغرض -

:التقويم النقدي

.النزعة التجريدية كاللغة - 7. عمود شعرم ميعدؿ - 1

.اعبزالة كاإليقاع - 8. صياغة فكرية فنية - 2

.القوايف - 9. التتيب كاؼبواالة - 3

.أصالة األداء - 10. توليد اؼبعاين - 4

.اػبياؿ - 11. اإلحكاـ كالربط - 5

. ؼبسات بديعية12. أشكاؿ التوليد كأسبابو - 6

راجع الدراسة

.طبعة دار الكتب. أبو الفرج األصبهاين، اجمللد الثالث: األغاين (1)

ؿبمد أبو الفضل إبراىيم، : ت. أمايل اؼبرتضي، الشريف اؼبرتضي، علي بن اغبسن (2) .ـ1954القاىرة سنة . دار إحياء الكتب

.110 - 108: 1، اؼبلحق 72: 1: برككلماف (3)

. ـ1950بتكت سنة . طو اغباجرم، دار اؼبعارؼ: بشار بن برد (4)

. ـ944القاىرة سنة . دار إحياء الكتب العربية. عبد القادر اؼبازين: بشار بن برد (5)

.ـ1949بتكت سنة . عمر فركخ: بشار بن برد (6)

الشيخ ؿبمد طاىر عاشور، الشركة التونسية : ت. ديواف بشار بن برد: بشار بن برد (7) . ـ1976للتوزيع سنة

. ـ1951سنة. مكتبة النهضة اؼبصرية. ؿبمد النويهي: بشار بن برد (8)

.اػبطيب البغدادم، اجمللد السابع: تاريخ بغداد (9)

دار هنضة . صبهرة أشعار العرب، أبو زيد القرشي، ربقيق علي ؿبمد البجاكم (10) .مصر للطبع كالنشر

.القاىرة. ؿبمود ؿبمد شاكر: ت. عبد القادر اعبرجاين. دالئل اإلعجاز (11)

. ـ1969مصر . دار اؼبعارؼ. أبو الفضل إبراىيم: ت. ديواف امرئ القيس (12)

.بتكت. دار صادر. ديواف اػبنساء (13)

بتكت سنة . دار الشركؽ. د إحساف عباس. ديواف شعر اػبوارج، ربقيق كصبع (14) . ـ1982

.بتكت. دار صادر. ديواف عمر بن أيب ربيعة (15)

. ـ1950ط دار الكتب سنة. ديواف كعب بن زىت، صنعة السكرم (16)

. ـ1976تونس سنة . عاشور: ت. ديواف النابغة الذبياين (17)

.دمشق. ط النورم. ربقيق الصاكم: ديواف جرير (18)

.القاىرة. اؼبطبعة احملمدية. السيد أضبد الصقر. شرح ديواف علقمة الفحل (19)

ربقيق عبد . أبو بكر ؿبمد بن القاسم األنبارم. شرح القصائد السبع الطواؿ (20) .دار اؼبعارؼ دبصر. 2ط . السالـ ؿبمد ىاركف

. ـ1977سنة. 3ط . أضبد ؿبمد شاكر: ت. الشعر كالشعراء ابن قتيبة (21)